المکاسب

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاري قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

المجلد 1

اشارة

ص: 2

کتاب المکاسب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

الجزء الأول

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات

بیروت - لبنان

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظةالطبعة الأولی

1427ه-2006م

مؤسسة النور للمطبوعات

بیروت - شارع المطار - قرب کلیة الهندسة ص.ب - 11/8645

ص: 4

* مقدمة التحقيق

الإهداء

سيدي... أبا صالح

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل خدمة الدين الحنيف

في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام. في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل أهديها أليك... يا حافظ الشريعة. يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، فأنت أولى بها ممن سواك. و لا أراها متناسية و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا. غير أن الهدايا على مقدار مهديها.

فتفضل علي يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 5

ص: 6

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

شكر و تقدير

حينما قمت بطباعة (اللمعة الدمشقية) و تصحيح هذا السفر الجليل و التعليق عليه: لم أقصد بعملي هذا سوى خدمة الدين الاسلامي الحنيف و عرضا لصفحات ناصعة عن (الفقه الجعفري).

و بعد الإخراج الى عالم الوجود بتلك الطباعة الأنيقة البديعة شاكرين اللّه عز و جل على هذه الموفقية الكاملة فقد وقع الكتاب و للّه الحمد موقع القبول و الإعجاب من رواد العلم و طلابه، و لا سيما الأعلام منهم، و على رأس هؤلاء الأفذاذ و في طليعتهم سماحة شيخنا الوالد آية اللّه (الشيخ مرتضى آل ياسين) دام ظله فقد اتحفنا بكلمته القيمة الثمينة تلك الكلمة التي جاءت مشرفة و قد تلقيناها بكل إعزاز و إكبار و إجلال و زينا بها الجزء الثالث من (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

و كان من جملة ما تفضل به سماحته علينا في الكتاب و أمرنا به:

معالجة الكتب الدراسية بمثل ما عالجنا (اللمعة الدمشقية).

فشاء اللّه عز و جل أن يحقق أمنية شيخنا المعظم دام فضله و علاه على يد ولده البار فقمت امتثالا لما أمرني بهذا العبء الثقيل فقد تم الجزء الأول من (المكاسب) بعد عناء شديد خلال ثلاثة أعوام متتالية فقدمناه

ص: 7

الى الطباعة فخرج بحمد اللّه تعالى كزميله السابق كتاب (اللمعة الدمشقية) و قد فاق وفاق شاكرين سماحة شيخنا الوالد على هذا الإفضال، و هذا اللطف الجميل. و نقدر هذه الالتفاتة الكريمة.

ثم تفضل علينا سماحته بكلمة أثمن و أثمن من زميلتها حول المكاسب فزينا بها الجزء الأول من الكتاب.

و أخيرا فأملنا الوطيد، و رجاؤنا الأكيد من سماحته دام ظله أن يجعلنا دوما تحت إرشاداته، و يتحفنا بوصاياه البالغة. و أكرم من أب رءوف.

24 محرم الحرام/ 1393

السيد محمد كلانتر

ص: 8

التقريظ للاستاذ مرتضى آل ياسين رحمه الله

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

عزيزي العلاّمة الحجة السيّد محمد كلانتر دام تأييده ابعث أليك بتحيّاتى الطيّبة راجيا من المولى جلّ شأنه ان يمدك بعونه و يجعلك فى حصنه انه العليّ القدير

و بعد فما أشدّ اغتباطى بهذا الجهود الجديد الّذي آثرتموه بجهودكم المنتجة غبّ انتهائكم من مجهودكم الأول إيثارا لمكاسب العلم التى لا يهدف إليها الاّ المتاجرون مع اللّه تعالى فى تجارة لن تبور طمعا فى ربحها الآجل و تحقيقا لنفعها العاجل المضمون عبر الأجيال و القرون و إنّى بصفتى واحدا من ابناء العلم أجدنى مدينا لكم بالشكر و الشكر الجزيل على ما عانيتم و ما زلتم تعاتون من جهود مضنية فى سبيل العلم و اهله و لا شك فى انّ المعنيين بدراسة هذا الكتاب الوحيد فى بابه سوف لا يضنّون بتثمين جهودكم تثمينا ينبع من شهورهم بزنة هذه الجهود التى هيّئت لهم اكبر المعونة على دراسة هذا الكتاب و استيعاب فوائده و مقاصده و اين كتاب ياترى احقّ بالعناية و الرعاية من هذا الكتاب الجليل الّذي لم يسبق و لم يلحق بمثيل فجزاكم اللّه عن مؤلفه الامام المرتضى خير الجزاء و لكم من دارسيه و مدرسيه اجزل الشكر و الثناء و السلام عليكم و رحمة اللّه بركاته.

6 /رجب 1390

مرتضى آل ياسين

ص: 9

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

«رَبِّ اِشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ اُحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسٰانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي» .

القرآن الكريم

ص: 10

المقدّمة

ص: 11

ص: 12

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

كنت عند اشتغالي بالكتاب و دراسته لدى أساتذتي المعروفين ألمس فيه أنه أكبر دعامة لبناء صرح الاجتهاد الحديث. و معرضا خصبا لدراسة أساليب الاستدلال الفقهي الحاضر.

فقد أنتج شيخنا (الأعظم الأنصاري) طريقة بديعة عميقة في الاستدلال خاصة به، لا تشبه طريقة القدماء المشتملة على البساطة بأي حال من الأحوال حيث عدل عن طريقة الاقتناع البدائي بفحوى الأدلة الاجتهادية الى طريقة الاستدلال المتعمق، و الأخذ بأطراف الأدلة المترامية، و دراسة متفرقاتها و جمعها، ليتخلص من التناقض الذي وقع فيه غيره ممن اكتفى بالظاهر المجرد، و الأمر الذي قد حاز معه (قصب السبق) الأوفى في طريقة هذه البديعة بما أعجب معاصريه، كما أعجز من بعده من الاستزادة عليه حتى عاد الكثيرون منهم معترفين بنبوغه و تفوقه في هذا المضمار.

و الخلاصة: أن كتابه هذا أصبح و لا يزال محط أنظار العلماء، كما أن البلوغ الى مطاوي مطالبه الدقيقة صار محكما للمشتغلين يختبر به بلوغهم درجة الاجتهاد. و من ثم فقد عكف روّاد العلم و الفضيلة على دراسته و استخراج درره و لئاليه، متسابقين متباهين

غير أن هذا الكتاب و لا يزال معقّدا التعبير في أكثر مواضعه نظرا للدقة في المعنى، و العمق في مضامينه هنا و هناك فاستدعى مثل هذا الغموض التوضيح و البيان.

ص: 13

و لذلك دعت الضرورة الى دراسة الكتاب، و مداولته مع أهل الفن و الخبرة بغية تمكّن الاستفادة منه بأفضل صورة، و أوضح طريقة.

نعم كانت أمنيتي منذ بدء عهدي بالكتاب معالجة هذه الناحية الخطيرة من هذا السفر الثمين، و حل أكبر مشكلة كانت و لا يزال طلاب العلوم الدينية يواجهونها في حياتهم الدراسية الاجتهادية.

أجل: كانت هذه الأمنية في نفسي تؤلمني كلّما فكرّت في طريقة توصلني الى هذا الهدف النبيل الذي هو في نفس الوقت خطير جدا حتى سهّل اللّه عز و جل و له الشكر على ما أنعم أخيرا لي بعض الأمور فعلفت على دراسة الكتاب دراسة عميقة ليست كسوابقها.

بل أعمق و أعمق بكثير مدونا عصارة أفكاري و شواردها حول مواضع الكتاب بأرقام الهوامش، سواء التوضيحية منها أم التحليلية حتى صارت بحمد اللّه تعالى بعد جهدنا و مجهودنا لمّة نفيسة جاهزة للإفادة و الاستفادة و مهيئة للعرض و الإخراج لروّاد الكتاب من طلاب العلوم الشرعية الساعين للاختصاص في الدراسات الفقهية و الأصولية.

هذا!! و لا أكتمك أيها القارئ العزيز إني تركت في سبيل هذه الخدمة الجليلة العظيمة جل أشغالي مع أهميتها القصوى بالنسبة لي، و سعيت بكل ما في وسعي من جهد و طاقة، و صرفتها بغية الكمال، بالرغم من علي باستحالته، اذ لا كمال لأيّ موجود يتصف بالإمكان، حيث إنه خاص بذات ذي الجلال الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال.

بل الشوق دفعني في السعي.

و جريا على القاعدة القائلة: (لا يترك الميسور بالمعسور) على أن هذا لا يمنعني من أن أؤكد رجائي الى إخواني الأعزاء، و زملائي الأجلاء

ص: 14

في ارشادي الى مواقع الاشتباه، و سأبقى شاكرا لهم هذا الفضل و الإحسان طيلة الحياة.

ثم لا يخفى ما يتطلب هذا العمل من الجهد في سبيل تحقيق أصل الكتاب و تقويم نصه، و مقابلته مع عدة نسخ، و تطبيق أحاديثه على المصادر

و لا سيما و الطباعات السابقة جلها أو كلها مشحونة بأغلاط و أخطاء هي كثيرا ما تغير وجه المراد منها، بل حتى في ألفاظ الروايات الواردة عن (الأئمة المعصومين) صلوات اللّه عليهم أجمعين.

و هذا أمر عسير مجهد عثرنا عليه بعد جهد جهيد، و تدقيق عميق يلاحظه كل من قرأ هذا الكتاب فقد وفقنا اللّه عز و جل عليه فصححنا نسخة طبق الأصل تلكم الأخطاء حتى عاد الكتاب واضح العبارة، وافي البيان، مشروح المراد، بين المقصود.

و لست مبالغا لو قلت: إن جملة واحدة من عبارات الكتاب ربما استدعت منا صرف أيام و ليالي متتالية بلغت ثلاثين يوما لأجل التدقيق و التحقيق حولها، و استخراج فحواها، ثم تثبيت النتاج بصورة واضحة في الهامش الأمر الذي يجلب عناية القراء و المطالعين بدقة فيأخذونها بعين الاعتبار، و لا يستهينون ما بذل بشأنها من تحقيق و توضيح.

و يكفي اثباتا لهذه الدعوى مراجعة سائر النسخ المطبوعة جمعاء، و مقارنتها مع طبعتنا هذه، و إن كان ذلك لا يخفى على ذوي النهى و الفضيلة.

و أراني مقصرا في تقديري مساعي سيدنا الوالد صاحب النفس الزكية حجة الاسلام و المسلمين (السيد محمد صادق الصدر) دامت بركاته و عمت إفاضاته، حيث أتعب نفسه الشريفة في مؤازرتي بهذا المضمار فجزاه اللّه خير الجزاء.

هذا!! و من الناحية المنهجية فقد جزأنا الكتاب الى اثني عشر

ص: 15

أو أربعة عشر جزء. تسهيلا لطلبة العلم و رواده في تناوله، و استصحابه لمعاهد الدرس و التحضير، جاعلين الشرح في أسفل الصفحة معلما بأرقام مرتبة على أسلوب طبعتنا (اللمعة الدمشقية).

و أخيرا فإن رجائي إزاء هذا العمل الجليل، و الخدمة الدينية الكبرى:

هو القبول لدى شعلة - و كلهم شموعها - مذهب (أهل البيت) (الإمام جعفر بن محمد الصادق) عليه و على آبائه و أبنائه الطاهرين المعصومين أفضل التحية و السلام.

السيد محمد كلانتر

الجمعة. 4 رجب 1391 ه

ص: 16

كلمة حول الشيخ الأنصاري

لا يسعني المجال أن أشرح حياة (شيخنا الأعظم الأنصاري) قدس اللّه نفسه الزكية...

و ليس باستطاعتي أن أستوفي ترجمته، أو أوفي حقه بما يليق و مكانته لأن اشتغالي بإدارة (جامعة النجف الدينية) - العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج، و سهل له المخرج - التي تستدعي بذل الفكر الجاد في إدارة شئونها، و لا سيما الأزمة المالية التي أعيش فيها، مضافا الى ما أعانيه من بعض الأمراض المؤلمة التي حرمتني الوقت الكافي، لتصفح سيرته الحافلة بكل ما تعتز به الإنسانية، علما و ورعا و تحرّجا في الدين.

لهذا و ذاك!! فإني استميح من روحانيته المقدسة العفو و العذر من القصور، أو الخلل في هذه الدراسة المتواضعة، حيث أخذت بالمثل السائر:

(ما لا يدرك كله لا يترك جله)

و في المأثور:

(لا يترك الميسور بالمعسور)

و اني بكل اعتزاز و فخر أقدم هذه الدراسة و هي من أثمن ما أتمناه في حياتي الفانية، راجيا أن تسلط بعض الأضواء على حياة (شيخنا الأعظم) الذي قل نظيره في الأجيال الماضية، و القرون الغابرة: من علمائنا الأبرار و فقهائنا العظام.

و أملي: أن يكون فيها رضا اللّه عز و جل، و إعلاء لكلمته العليا

ص: 17

و خدمة خالصة للعلم و رواده، و حافزا للأساتذة و الباحثين على البحث و التنقيب عن حياة (شيخنا الأعظم)، و غيره من علمائنا الفطاحل عطر اللّه مراقدهم.

كما آمل أن تكون لي ذكرى بعد وفاتي، لعلّني أكون ممن عناهم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بقوله: (اذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا عن ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح، أو علم ينتفع به الناس).

ص: 18

حياة الشيخ الأنصاري

اشارة

كان (شيخنا الأعظم الأنصاري) نادرة الدهر، و نابعة العصر و مثالا حيا للعلم و العمل، و نبراسا يقتدى به في الاجتهاد، و مرآة جلية للورع و التقوى، و صورة صادقة للأخلاق المحمدية السامية، و مدرسة نموذجية للتربية الاسلامية العالية، و الذي استضاء بنور علمه كل عالم، و لاذ بكنفه كل فاضل، و لا تزال الهيئة العلمية الدينية في (النجف الأشرف) و غيرها في بقية البقاع العلمية الامامية تتغذى بتراثه العلمي في (الفقه و الأصول) منذ أن نبغ و جاء الى الوجود.

ولادته:

ولد طاب ثراه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام عام 1214 في مدينة (دزفول)(1) من أبوين كريمين أصيلين في الرفعة و الشرف عريقين في الفضل و الأدب.

ص: 19


1- بكسر الدال: كلمة فارسية مركبة من كلمتين و هما: (دز) بمعنى القلعة، و فول معرب (بل) بالباء الفارسية بمعنى الجسر، اي قلعة الجسر ثم سميت المدينة باسم الجسر. و هي مدينة بهيجة ذات نهر كبير يجري من جانبها و عليه جسر ضخم في غاية الاتقان يعد من عجائب الأبنية في دوره. و المدينة هذه واقعة على أرض مسطحة واسعة الجوانب تعد من الإقليم الثالث، هواؤها حار، و ماؤها عذب، و لها نواحي خضرة و فيها بساتين كثيرة ذات فواكه متنوعة. من الرازنج و الأترج، و الليمون بقسميه: الحامض. و الحلو، و لالنكي، و فيها أراضي زراعية يزرع فيها الحنطة و الشعير و الباقلاء، من النوع الجيد الممتاز، و في الوقت الحاضر توجد بها فواكه أخرى. و قد أصبحت هذه المدينة من المدن الواسعة الكبيرة الراقية ذات شوارع و ساحات وسيعة، و كانت و لا تزال من المدن العلمية الشهيرة و فيها المدارس الدينية من القسم الداخلي يسكنها طلاب العلم و رواده. و قد أنجبت هذه المدينة علماء أماجد، و فضلاء فطاحل أصبحوا من أساطين العلم و ركائزه كصاحب المقابيس و شيخنا الأنصاري، و أمثالهما عشرات الأعلام ممن يطول بنا المقام لو ذكرناهم. و كان فيها رجال من أهل السير و السلوك و العرفان الشامخ الرفيع منهم (السيد صدر الدين الموسوي) من بني أعمامنا، و له أيادي شاسعة في هذا الميدان. و أسرة الشيخ استوطنت هذه المدينة منذ عهد قديم، و قسم من هذه الأسرة تسكن في (أهواز و أصفهان، و طهران). و لا تزال فيها الأعلام منهم آية اللّه السيد النبوي الذي هو من أسرة (سادات گوشه) و من بني أعمامنا.

اسمه و اسم أبيه و نسبه:

(الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمد أمين الأنصاري)(1).

ص: 20


1- لانتهاء نسبه الشريف الى الصحابي الشهير (جابر بن عبد اللّه) الأنصاري السلمي الخزرجي. أليك موجز من حياته: كنيته: قيل أبو عبد الرحمن، و قيل: أبو عبد اللّه، و قيل: أبو محمد. كان هذا الصحابي الجليل من قدامى صحابة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و من أجلائهم، و ممن اختص (بأهل البيت) صلوات اللّه عليهم، و كان من حوارى (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام و خواصه، و كان ممن يفضله على غيره، و شهد معه وقعة (صفين). و شهد غزوة بدر، و قيل: لم يشهد، و شهد غزوات أخرى مع (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله. أدرك جابر (الامام محمد الباقر) عليه السلام و له معه حديث حسن ذكره في (أعيان الشيعة). الجزء 15. ص 174. أليك نصه. قال استاذ العلماء (فخر المحققين الخواجا نصير الدين الطوسى) ما تعريبه: ذهب (الامام محمد الباقر) عليه السلام الى دار جابر بعد أن ابتلى بالضعف و الكبر فسأله عن حاله. فقال: أنا في حال الكبر أحب إليّ من الشباب، و المرض أحب إليّ من الصحة، و الموت أحب إليّ من الحياة. فقال (الامام الباقر) عليه السلام: أما أنا فأحب إليّ الحالة التي يختارها اللّه لي من الشباب و الكبر و المرض و العافية و الحياة و الموت. فلما سمع جابر ذلك أخذ يد الامام عليه السلام فقبلها ثم قال: صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فإنه قال: ستدرك ولدا من أولادي اسمه اسمي يبقر العلوم كما يبقر الثور الأرض. كان جابر صريح الولاء (لأهل البيت) عليهم السلام، و شديد الانقطاع إليهم، و كان ينادي بحب علي عليه السلام و يتظاهر به. و كان يتكئ على عصاه و يدور في سكك المدينة و زقاقها و يقول: معاشر الناس أدبوا أولادكم على حب (علي بن أبي طالب) فمن أبى فلينظر في شأن أمه. أدرك جابر (الامام الباقر) عليه السلام كما ذكرنا فبلّغه سلام (جده رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله حينما قال له: يا جابر إنك تدرك (محمد بن علي) فأقرأه مني السلام. و سأل جابر (الامام الباقر) عليه السلام أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة فضمن عليه السلام له الشفاعة. و كان جابر من أجلاء المفسرين. و جابر هذا قد صنع وليمة (لرسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله يوم حفر الخندق فدعا فيها (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله فجاء مع أصحابه فأكلوا عن آخرهم. و جابر أول من زار (الامام أبا عبد اللّه الحسين) عليه السلام في يوم الأربعين (1). يوم الأربعين هو مناسبة مرور أربعين يوما على مصرع (سيد الشهداء) ريحانة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، و قد قتل صلوات اللّه و سلامه عليه يوم عاشورا العاشر من المحرم الحرام عام 61 فيصادف يوم أربعينه في اليوم العشرين من صفر. جاء جابر من المدينة المنورة قاصدا (كربلاء) لزيارة قبر (الحسين) توفي في (المدينة المنورة) عام 73 بعد عمر جاوز التسعين و قيل إنه آخر صحابي مات. صلى عليه امير المدينة. عليه السلام في السنة الأولى فورد (كربلاء) في مثل هذا اليوم فاغتسل بالفرات و جاء الى القبر الطاهر فدنا إليه و وقع عليه فخر مغشيا فرش عليه الماء فأفاق، ثم قال: يا حسين فبكى ثم قال كلماته المروية في الكتب. و في مثل هذا اليوم في كل عام تأتي الشيعة من أصقاع العراق و البلاد المجاورة لها، و من البلدان الشيعية النائية: الى (كربلاء المقدسة) لزيارة المرقد الطاهر حسب الأحاديث الواردة عن (أهل البيت) في فضيلة زيارته عليه السلام في هذا اليوم. و قد عدت زيارته من علامات المؤمن. قال (الامام الحسن العسكري) عليه السلام: علامة المؤمن خمس: صلاة احدى و خمسين، و زيارة الأربعين، و التختم باليمين، و تعفير الجبين و الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. راجع (وسائل الشيعة). الجزء 10. ص 373. الباب 56 من أبواب المزار. الحديث 1. و الجزء 3. ص 42. الباب 13 من أبواب الفرائض. الحديث 29. و في الآونة الأخيرة لم تتجاوز مائة سنة أخذت الشيعة تحتفل لتخليد ذكرى هذا اليوم احتفالات هامة فتأتي (كربلاء) بمواكبها من شرق العراق و غربها و قد جاوزت المئات و نفوسها تبلغ نصف مليون و أكثر و تضرب الخيام و الفسطاط، ثم تأخذ في الخروج من ليلة الأربعين الى آخر يومه من مقرها الى الصحن الشريف و معها منتسبوها و هم لاطمون على الصدور، و تصرف المبالغ الباهظة لأجل اقامة الشعائر الإلهية من غير حساب، حيث إن (الحسين) عليه السلام أراق دمه و دم ولده و أصحابه في سبيل ابقاء الدين، و احياء كلمة اللّه العليا فتخليد ذكرى هذا اليوم بهذا الشكل تعظيم للشعائر: «وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اَللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى اَلْقُلُوبِ». لكن!! يا حبذا لو كانت هذه المواكب تأتي بصورة منظمة تحت إشراف لفيف من المرشدين العالمين، و عقلاء كاملين من أهل الفضيلة و الثقافة، و ممن يهمه أمر المجتمع الاسلامي و الانساني فيرشدون هؤلاء المجتمع الذين يجتمعون في كل عام: الى التعاليم الاسلامية، و الأحكام الإلهية من البداية الى النهاية ببيان سلس، و كلام عذب، ليتخلقوا بالخلق الفاضل

ص: 21

ص: 22

ص: 23

والده:

أما والده العظيم (الشيخ محمد أمين الأنصاري): فقد كان من أجلة العلماء العاملين، المروجين للدين الحنيف توفي بمرض الطاعون عام 1248 خارج مدينة (دزفول) فشيع جثمانه تشييعا حضره كافة الطبقات و دفن في مكان يعرف اليوم ب: (كاشفية)(1).

ص: 24


1- لاتخاذ العالم الرباني، و العارف الإلهي السيد الشريف (السيد صدر الدين الموسوي) گوشه: هذا المكان معبدا و مصلى له. كان هذا السيد العظيم أحد أعلام العلم و أقطاب العرفان، و من أسرة السادة الشريفة الشهيرة ب: (سادات گوشه) القاطنين في (دزفول) منذ عهد قديم يرجع الى القرن الخامس الهجري حينما ارتحلوا من (المدينة المنورة) و جاءوا الى (العراق)، ثم الى (ايران) و هم و (سادات كلانتر) بنو عمومة، فان (سادات كلانتر) من أولاد (السيد رشيد الدين) و هم من أولاد (السيد صدر الدين الكبير). و للسيد بالإضافة الى مقاماته العلمية: توغله في العرفان الشامخ الرفيع و قد ألف فيه كتبا نظما و نثرا، و له كتب علمية قيمة أخرى بعضها مطبوع. انتقل الى الرفيق الأعلى ليلة 15 شعبان المعظم. عام 1258 و حمل نعشه الطاهر الى (كربلاء المشرفة) و دفن هناك.

والدته

أما والدته العظيمة: فهي بنت العلامة الجليل (الشيخ يعقوب) الأنصاري.

و كانت هذه المرأة الصالحة المؤمنة عابدة تقية، مواظبة على القيام بجميع العبادات من الفرائض و النوافل، مكبة على صلاة الليل و لم تفتها من نافلته ركعة واحدة حتى أخريات حياتها.

قيل: إنها بلغت من الورع و صلابة الإيمان مقاما كانت تؤثر الانصياع للشرع الشريف في كل بادرة من بوادر حياتها.

هذا و قد نقلت عنها بوادر كثيرة تدل على عمق إيمانها.

أليك بادرتين منها:

(الأولى): أنها لم ترضع هذا المولود المبارك طيلة إرضاعها له إلا و هي متطهرة.

(الثانية): أنه كان لشيخنا الأعظم اخ اسمه (الشيخ منصور) من اهل العلم و الفضيلة و كان فقير الحال - كما هي شيمة العلماء - كثير العيال فرقّت عليه والدته فاخبرت ولدها الاكبر شيخنا الأعظم حين أن ألقت الرئاسة الامامية مقاليدها إليه، و اصبح زعيما مطلقا في الأصقاع الشيعية فدعته لمساعدته بأكثر من الرواتب الجارية على روّاد العلم و طلابه التي كان يجريها عليهم (شيخنا الأعظم) حسب احتياجاتهم.

فقالت مخاطبة له: إن أخاك ضعيف الحال، كثير العيال و راتبه المقرر لا يسد مصاريفه اليومية و انت تراه بهذه الحالة و الأموال تحت

ص: 25

تصرفك، و تتمكن من إعطائه اكثر مما تعطي الآخرين.

فلما سمع (شيخنا الأعظم) مقالة أمه ناولها مفاتيح الغرفة التي فيها الأموال قائلا لها بلهجة المؤمن الذي لم يخضع لمنطق العاطفة:

هاك يا أماه مفاتيح الغرفة و افتحيها و خذي من الدراهم البيض، و الدنانير الصفر ما شئت، و ما يكفي ولدك الفقير على أن اكون أنا في حل، و تتحملين انت تبعاته و مسئولياته.

يا أماه إن هذه الأموال التي ترينها مجتمعة عندي هي حقوق الفقراء، و ذوى الحاجات توزع عليهم على حد سواء فكلهم فيها سواسية كأسنان المشط لا تمييز بين أحد و آخر.

يا أماه إن كان لك في الغد جواب عن الزيادة التي تأخذ فيها لولدك فاعملي ما شئت، فإن ورائك حسابا دقيقا فما ذا تصنعين؟

فزعت الوالدة من هذه الكلمات، و سرت رعدة الخوف من اللّه عز و جل في جميع أوصالها، و علمت أن لها يوما عسيرا، و حسابا دقيقا لا يشابه عالم المادة و الشهوات فرفضت المفاتيح و سلمتها الى ولدها، و تابت الى اللّه تبارك و تعالى من تلك المبادرة التي لم تتدبر عواقبها في بداية الامر و تناست بؤس ولدها الفقير و إملاقه. و اعتذرت منه.

عجبا!! إن المرأة ذات العواطف، مليئة الحنان بأولادها، فهي تبذل كل ما لها من الجهود في سبيل تمشية امور أولادها، و ترفيههم و ترقيهم في المجتمع مهما بلغ الامر، و لا يوقف عن عزمها اي شيء فكيف سلّمت المفاتيح الى ولدها حين أن سمعت مقالة شيخنا البار بأمه؟

نعم: الامر هكذا، لكن الذي دعاها الى التسليم: هو إيمانها باللّه العزيز، و يقينها بيوم الحساب.

فهنيئا لهذه المرأة المؤمنة التي شعرت في الحال باليوم العسير، و الحساب

ص: 26

الدقيق، و المسئولية الصعبة الخطرة حتى رجعت عما طالبت، و لم تدنس ثوبها بالسحت و الأوساخ، و حطام الدنيا الدنيّة التي تتكالب عليها طلابها.

و بهذه الروح الطاهرة، و الملكات الفاضلة انجبت (شيخنا الأعظم) الذي هو عملاق الفقه و الأصول في الإسلام.

فقد عكف على كتبه و مصنفاته و تحقيقاته كل من نشأ من بعده من علمائنا الأعلام، و فقهائنا العظام الى عصرنا الحاضر، و الأعصار الآتية فهم عيال عليه، و مغترفون من منهله العذب.

و لتكن هذه المرأة المؤمنة الصالحة مثالا صالحا لنسائنا اليوم التي خرجن عن كل قيد، و تركن كل شيء، و نسين يوم المعاد، و كأنهن يقلن بكل صراحة و استهتار: لا جنة و لا نار، و اذا مات الانسان فقد فات فلا حساب و لا كتاب و لا عقاب.

جده لامّه

هو العالم الجليل، (الشيخ يعقوب) الأنصاري رحمه اللّه.

نال من الفضل مرتبة سامية، و درجة عالية، حتى قيل في حقه:

(ما بقي فن إلا و هو خطيبه، و لا غصن إلا و هو عندليبه).

عمه

العالم الفاضل. و الكامل البارع (الشيخ حسين الأنصاري) رحمه اللّه.

نشأته العلمية

نشأ شيخنا في أحضان هذه الأسرة الكريمة التي جمعت بين العلم و العمل و الفضل و الأدب نشأة دينية صحيحة علمية، أعتني به منذ نعومة أظفاره

ص: 27

عناية دقيقة. في تربيته و تعليمه روعي فيهما الجانب الديني و الأخلاقي رعاية بالغة.

و لم يختلط في حياته الفردية و الاجتماعية الا مع أسرته الطاهرة و المقربين إليهم.

فيوما بصحبة ابيه، و حينا بملازمة عمه و اخيه، و تارة بمعية بعض الأخيار.

إلى أن اكتمل رشده، و استقام عوده، و اشتد ساعده، و ظفر بنصيب وافر من العلم، و صار محط الأنظار، و ذاع صيته في الأقطار.

فبدأ في توجيه نفسه بنفسه حسبما يراه صالحا لشأنه، مبالغا في كسب رضا والديه، رغم ما كان يتمتع به من المقام السامي.

و ليست هذه المبالغة و المواظبة في طاعة والديه بعد بلوغه و رشده، و ارتفاع قدره و علو شأنه إلا من آثار تلك التربية الصحيحة التي تلقاها عنهما.

(بيئته):

و البيئة الرشيدة الصالحة احد المقومات للكيان التربوي التي تمد الشخص بالسلوك الحسن، و قد كانت البيئة التي عاش فيها (شيخنا الأعظم) من البيئات الإسلامية الراقية.

و من الطبيعي أن للبيئة و النشأة أثرهما الخاص في سلوك الإنسان و سعادته و شقاوته.

و كم شاهدنا في هذه الفترة القليلة من عمرنا القصير في هذه الظروف المشئومة التي نحن نعيش فيها: جملة من الأحداث المتفاوتة المتباينة التي تركت آثارا سيئة على بعض الأسر و البيوتات، نتيجة للتربية الفاسدة

ص: 28

(دراساته البدائية):

قرأ القرآن الكريم و ختمه على حفّاظه المشهورين في مسقط رأسه، ثم اخذ في تعلم الكتابة و القراءة و أصول الحساب لدى أساتذة الفن، و مهرة الوقت حتى استوفى منها نصيبها، ثم وجه هممه العالية نحو العلوم العربية من النحو و الصرف و البلاغة و العروض بالإضافة الى العلوم العقلية من المنطق و الكلام فاكب عليها و اتقنها فاصبح ذا ملكة يقتدر بها من استخراج قواعدها، و تطبيقها على صغرياتها فبلغ بذلك مرتبة سامية، و درجة عالية و نال فيها أسمى الدرجات فصار من المتضلعين بها، و كتاباه: (الرسائل و المكاسب) اكبرا شاهد على إحاطته بالقواعد العربية، و القوانين المنطقية و الكلامية.

ثم شرع في الأصول و الفقه و لمّا يكمل العقد الثاني من عمره المبارك فاخذ في دراستهما دراسة تفهم و تعمق فحضر بحث بعض الأفاضل من علماء بلدته، فاستفاد منهم حتى نال مرتبة سامية يشار إليه بالبيان. و الوصول الى هذه الدرجة الرفيعة. و هذا يدل على نبوغه المبكر.

و كان جل استفاداته في هذين العلمين على عمه الجليل الفقيه:

(الشيخ حسين الأنصاري) الذي كان من أعلام أسرته، و من أفذاذ بلدته.

أنهى (شيخنا الأعظم) دروسه العالية في الفقه و الأصول على هذا العم النبيل، و بلغ فيهما الدرجة الراقية، و ظهرت له المقدرة العلمية.

لكنه يروم البلوغ الى أقصى مراحلهما، و أسمى مراتبهما كي يصبح مجتهدا مطلقا، و محققا تحريرا، و مدرسا منطيقا فعزم على الرحيل و التغرب عن الأهل و الأولاد و الأوطان في سبيل الوصول الى هدفه الأسنى.

ص: 29

(أسفار شيخنا الأنصاري):

اشارة

(لشيخنا الأعظم) رحلات داخل (ايران) و خارجها فلنشرع بأسفاره الى خارج (ايران).

(السفرة الاولى: العراق)

سافر (شيخنا الأنصاري) بخدمة والده الجليل عام 1232 و هو في (العقد الثاني) من عمره المبارك و قد بلغ 18 عاما: لزيارة مراقد (اهل البيت) الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

خرجا من وطنهما و جاءا حتى وردا (كربلاء المشرفة).

كانت (كربلاء) بفضل بركة (الاستاذ الوحيد البهبهاني) احدى المدن العلمية الشيعية الشهيرة، و ثانية العواصم الإسلامية في معاهدها الجبارة المضاهية (للنجف الاشرف) في تقدمها العلمي. و سيرها الدراسي إن لم تفقها. و كانت مكتظة بالفطاحل، و مشحونة بالنوابغ (كالاستاذ الوحيد البهبهاني، و الشيخ يوسف البحراني، و صاحب الرياض، و صاحب الضوابط، و السيد المجاهد، و شريف العلماء)، و أمثال هؤلاء الأساطين الذين ازدهر بهم الدهر، و ابتسم بوجودهم العصر.

تشرف الشيخ بخدمة والده لزيارة (السيد المجاهد) حيث كان زعيم الحوزة العلمية، بالإضافة الى وصية عم الشيخ لهذه الزيارة فوردا مجلس درسه العامر و كان حافلا بالأفاضل فجلس والد الشيخ صدر المجلس قريبا من السيد بامر منه، و جلس (شيخنا الأنصاري) آخره بمقتضى عمره، و ادبه فبعد أن رحّب السيد المجاهد بوالد الشيخ ترحيبا حارا عاد السيد على بحثه الذي كان في جوانب صلاة الجمعة حرمة و وجوبا في (عصر الغيبة)

ص: 30

عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج. ثم الوجوب عيني أو تخييري فدار الكلام نفيا و إثباتا، و طال الحديث و النقاش الى أن ذهب السيد الى الحرمة و اذا (بشيخنا الأنصاري) الذي كان كله سكوت و إصغاء في جميع المجالات و النقاشات أفاد بالوجوب، و اخذ يفيض من الأدلة النقليّة ما أبهر السيد و الحاضرين و أعجبهم حتى مال السيد الى الوجوب بعد أن انهته تحقيقاته العلمية القيمة الى الحرمة.

ثم اخذ في تفنيد هذه المقدمات، و اتى بمقدمات اخرى أدل و أمتن من الأولى على حرمة صلاة الجمعة فازداد تعجب (السيد المجاهد) و الحاضرين، و لا سيما (شيخنا الأنصاري) في العقد الثاني من عمره المبارك و لم يكمل العشرين و قد بلغ ثمانية عشر سنة و هو محيط بجوانب المسألة.

سأل (السيد المجاهد): من هذا الشاب؟.

فاجاب والده الجليل: إنه ولدى فرحب (السيد) به ترحيب أب عطوف حنون، ثم عقب ذلك الحنان بقوله: اقر اللّه به عينك، ثم قال له: امض الى وطنك بعد أن قضيت وطرا من زيارتك، ودع ولدك هنا للاشتغال و إنهاء دراساته، فإني ارى فيه النبوغ و الوصول الى أسنى مكانة علمية.

و قد حقق اللّه تعالى هذه الفراسة من (السيد المجاهد) في حق (شيخنا الأنصاري) و لم يطل العهد به.

امتثل والد الشيخ ما امره السيد فذهب الى شأنه و ترك ولده في (كربلاء) ليستفيد من غزارة علم السيد، و مناهله العذبة الفياضة فاكب على دراساته ليلا و نهارا بحضوره معهد درسي (السيد المجاهد، و الأستاذ شريف العلماء) حيث كانا زعيمى الحوزة العلمية، إلا أن الاول أشخص و أبرز و له المرجعية العليا فاستمر الحضور الى أربعة أعوام فاستفاد من نمير منهلهما العذب

ص: 31

حتى ظهرت فيه مقدرته العلمية، و مواهبه الفذة. و كانت هذه المواهب تزداد يوما فيوما و الشيخ لازم الاستاذين ملازمة الظل حتى حدثت في (كربلاء) أيام الوالي (داود باشا)(1) فتن و اضطرابات، و دامت هذه المعارك فاضطر العلماء و الفضلاء و الطلاب و اكثر أهالي كربلاء الى المغادرة و الذهاب الى (كاظمين) فكان الشيخ ممن هاجر مع المهاجرين فحل في مدينة الكاظمين.

ص: 32


1- هذه الحادثة تسمى حادثة (ميرآخور) نسبة الى قائد الحملة (سليمان ميرآخور): و هي فارسية مركبة من كلمتين احداهما: (مير) و هو الرئيس. و ثانيتهما: (آخور) و هو الاصطبل. اي رئيس الاصطبل حيث كان سليمان اميرا على اصطبل الحكومة العثمانية في العراق. أليك خلاصة الحادثة بعد أن اغتال (داود باشا) (الوزير سعيد باشا) الوالي على العراق و قتله عام 1234: طمع في استقلال (العراق) لضعف الحكومة العثمانية فرتب جيشا مسلحا حتى استولى على (بغداد) بالعنف و الإرهاب فاصبح واليا عليها فاستتبت له الأمور، ثم استعمل الشدة و القسوة مع أهالي (بغداد) فوضع السيف فيهم فازعجهم و اقلقهم ثم طمع في بقية البلدان العراقية فبسط سطوته و صولته عليها، و لا سيما على (العتبات المقدسة) و الحلة فكاتب أهل الحلة فاجابوه و هم كارهون ولايته فارسل نحوهم جيشا فدخلوا المدينة فجعلوا أعزة أهلها أذلة فقتلوا النفوس، و خرّبوا الدور، و قطعوا الأشجار و النخيل، و هدموا سور المدينة. كان العامل الوحيد في تسلط (داود باشا) على البلاد: إحداث الفتن بين أهالي كل مدينة اخذها لكي يتمكن من السيادة عليها و قد قيل: (فرق تسد) فلما فتح الحلة القى الخلاف بينهم فتم له الاستيلاء عليها بذلك. ثم أرسل (صالح آغا الأندروني) قائم مقاما على (النجف الاشرف) (و فتح اللّه خان) متصرفا على (كربلاء)، ثم اصدر فرمانا اي (مرسوما) بنقابة السيد حسين بن مرتضى آل دراج لأشراف (كربلاء) و أبقى سدانة الروضة المقدسة الحسينية بيد سادنها القديم (السيد محمد علي ابن عباس) آل طعمة، و أبقى سدانة (الروضة المطهرة العباسية) بيد (السيد سلطان بن ثابت) آل ثابت، ثم ارسل خمسمائة جندي لحماية (كربلاء)، إلا أن متصرف اللواء أساء السلوك مع أهالي كربلاء و جرح عواطفهم. و تحدى شعورهم الديني فاخذ من الصحن الشريف ساحة اختصها له و لحاميته ملعبا لهم، مستخفا بالروضة المقدسة، ثم دخل في الإيوان الذهبي بحذائه و لم يجرأ احد على منعه، ثم جعل جواسيس على أهالي كربلاء كانوا يدخلون الدور للتجسس فينهبون ما في الدور فكرر العمل منهم فكثرت الاعتداءات حتى ضاق صدر الأهالي من أعمالهم الهمجية فشكوا و معهم أهالي الحلة و الكاظمية: الى (داود باشا)، و بلغت استغاثاتهم إليه تترى واحدة تلو اخرى. لكن الوالي الجر كسي الذي كان من المماليك و من أهل (تفليس) لم يعتن. و لا أصغى إليهم. و لم يهتم لامرهم، فاخذ النقيب و حاميته بالاعتدءات أشد و اكثر منها في الأول، و قد بلغ من اعتداءاتهم أنهم تعرضوا لاحد أنجال (الملك القاجاري) الذي جاء لزيارة المرقد الطاهر من (ايران) فسلبوا منه جميع ما معه من الأموال و التحف و المجوهرات فاطلع (عبد المجيد خان) الخليفة العثماني على الحادثة فامر حالا بإعدام هؤلاء الأشقياء. لكن المتصرف لم ينفذ الحكم فطلب النقيب و سادن الروضة من المتصرف تسليم الأشقياء و العصاة، و تنفيذ حكم الإعدام بحقهم فرفض المتصرف تسليمهم إليهم فكتب الى (داود باشا) و سعى في حق النقيب و السادن، فاخذ الوالي جانب المتصرف و اتفقا على القضاء على النقيب و السادن. اطلع أهالي (كربلاء) على ما اضمره الوالي و المتصرف للنقيب و السادن فقامت قيامتهم، و ثار الرأي العام في القضاء على المتصرف ففكروا في الانتقام منه فدعوا المتصرف الى وليمة طعام خارج المدينة في احد بساتينها في يوم معين فجاء المتصرف مع جنوده و حاميته و هم مدججون بالسلاح و العتاد، علتهم الخيلاء و الكبرياء، و نشوة الغرور، فنزل المتولي من جواده فجلس في المكان المعد له، ثم جيء بالطعام فاشتغل بالاكل فحمل عليه ثلاثون رجلا من أهالي كربلاء ببنادقهم فاصيب برصاصتين، و اخوه برصاصة فوقعا جريحين على الارض فاخرج المتصرف سيفه فاراد أن يحمل عليهم فلم يمهلوه فحمل عليه رجل فقطع راسه و راس اخيه فاخذ الأهالي راسيهما يطوفون بهما في زقاق كربلاء و أسواقها و شوارعها، فاخذ الجيش في الفرار فذهب قسم منهم الى (بغداد) و اختفي القسم الآخر، و وصل الخبر الى (داود باشا) فارسل رسولا الى (علماء كربلاء) يخبرهم بمغادرتها، لأنه يريد الانتقام من أهاليها و يجعل عاليها سافلها. أساء الخبر العلماء، لأنهم كانوا عالمين أن (داود باشا) سيرتكب ذلك لو اتيحت له الفرص، و ساعدته الظروف بفتح (كربلاء) كما فعل بأهالي (الحلة) فاجتمع العلماء بالفور في دار المرحوم (السيد محمد مهدي الشهرستاني) و استقر رأيهم على ارسال وفد من العلماء الى (داود باشا) للمفاوضة معه و يراسهم (السيد محمد مهدي القزويني) و (الشيخ موسى كاشف الغطاء) فذهبوا الى (بغداد) و اجتمعوا مع (الوالي) فجرت المفاوضات و تم الصلح بينه و بين (الكربلائيّين) بمساعدة الوزير (محمد العجمي) و مساندته، ثم طلب (السيد القزويني) من الوالي سدانة (الروضة المقدسة الحسينية) للسيد (محمد علي آل طعمة) فوافق على ذلك، ثم عين الوالي (على افندي) حاكما على (كربلاء) و فرض على أهاليها بدفع 35000 قران من الفضة ضريبة سنويا، ثم جعل (سادن الروضة) معاونا للحاكم في تمشية أموره و تسييرها، ثم خلع الوالي على سادن (الروضة المقدسة) ب: لقب (چلبي). فكل هذا الشغب و الاضطرابات مما دعت مهاجرة العلماء و الفضلاء و الأهالي من (كربلاء). و كان (شيخنا الأعظم) من المهاجرين الذين خرجوا من كربلاء و ذهبوا الى كاظمين فلم يطل العهد به من المكث هناك حتى جاء بعض الزوار من أهالي مدينته لزيارة العتبات المقدسة، حيث إن الشيعة تزور قبور أئمتهم الأطهار المعصومين في مناسبات زمنية فزاروا العتبات المقدسة عدى (كربلاء)، للاغتشاشات و الفتن الموجودة فيها من قبل (داود باشا) و بعد الزيارة تشرفوا لزيارة (شيخنا الأنصاري) فالتمسوا منه الرجوع الى وطنه فاستجاب دعوتهم و ذهب معهم، و كان الشيخ معززا مكرما طيلة السفر الى أن ورد مسقط راسه. حل الشيخ في بلده (دزفول) و بقي ما يقرب من سنتين مشتغلا بالتدريس و التحقيق، اداء رسالته الخالدة فادى ما كان واجبا عليه.

ص: 33

ص: 34

(السفرة الثانية العراق):

و بعد أن قضى (شيخنا الاعظم) سنتين في مسقط راسه مشتغلا بالبحث و التدريس عاد الى (كربلاء) للاستفادة من زعيم حوزتها العلمية (الاستاذ شريف العلماء) فدخل (كربلاء) بعد معاناة مشاق السفر،

ص: 35

و مرارة الطريق.

ثم بعد التشرف (بالحرم المقدس الحسيني) على مشرفه آلاف الثناء و التحية حضر معهد بحث استاذه (شريف العلماء) فلازمه ملازمة الظل فلم يفارقه حتى استفاد من نمير منهله العذب غاية ما يمكن.

كان (شيخنا الأعظم) ملازما لبحث استاذه فظفر بانشودته الضالة خلال عام واحد يتردد عليه.

ثم عزم (شيخنا الأعظم) بعد بقائه في كربلاء سنة كاملة:

على زيارة مرقد مولانا (امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام و الانتهال من نمير تلك (المدينة العلمية الجبارة) فدخل (النجف الأشرف) فتشرف لزيارة المرقد العلوي الطاهر، ثم حضر معهد درس فقيه الشيعة (الشيخ موسى كاشف الغطاء) المعبر عنه ب: (المصلح بين الدولتين)(1)

ص: 36


1- وجه تلقيب الشيخ موسى كاشف الغطاء ب: (المصلح بين الدولتين): أنه في أيام (سعيد باشا) الوالي على (بغداد) حدث بين الحكومتين (الإيرانية و العثمانية) حادث سبب إثارة الحرب بينهما. أليك خلاصة الحادث. جاء لفيف من (الايرانيين) لزيارة مراقد (العتبات المقدسة) حسب طقوسهم الدينية، و تقاليدهم المذهبية فلما دخلوا (العراق) حمل عليهم عسكر الأتراك فقتلوا جماعة منهم، و نهبوا أموالهم و أموال الآخرين الذين لم يقتلوا فرجع الباقون الى (كرمانشاه) و كان الوالي عليها (محمد علي ميرزا) نجل (الملك فتحعلي شاه) القاجار، حيث كان هو الوالي على كردستان الايرانية و لرستان، من قبل والده فرجع الباقون من محل الحادث و ذهبوا الى محل الشهزاده و هم يبكون و يصرخون و معهم نسائهم و حرائرهم. سأل الشهزاده عن سبب بكائهم فاخبروه بما أصابهم في الطريق من جند العثمانيين فاستشاط غضبا و زاد تعجبا و قال: يا عجبا نحن تركنا العثمانيين عما فعلوا معنا و عفونا عنهم و هم بعد على جهلهم و ظلمهم و نحن أجدر بالبدءة في التعدي، و أحرى بالإساءة معهم، فهيأ من ساعته جيشا لمحاربة الأتراك. و كانت هذه المعارك لبدامية دوما بين الحكومتين. سمع الوالي بذلك فاعدّ جيشا عرمرما لمحاربة الشهزاده فتوجه نحو خانقين، و توجه الشهزاده نحو خانقين فاشتعلت نيران الحرب بين الجيشين قريبا من خانقين و كان النصر للشهزاده، و أسر من الجيش العثماني و فيهم داود افندي الجركسي الذي صار واليا على بغداد بعد قتل واليها (سعيد باشا) ولي نعمته الذي سمي بعد ذلك داود باشا. اضطرب (سعيد باشا) الوالي و أهالي بغداد، خوفا من مجيء الشهزاده الى بغداد، و وقوع الحرب بينهما فلم يريدا إلا الاستنجاد (بالشيخ موسى) فاستنجد به فكتب هو و أهالي بغداد إليه يطلبون منه الاصلاح بين الدولتين. وردت الكتب على الشيخ فلبى دعوتهم و مسئولهم، حقنا للدماء فكتب الى الملك (فتحعلي شاه القاجار)، والى (الشهزاده) فارسل الكتابين إليهما مع ابن عمه الشيخ موسى الخضر فجاء الشيخ الى ايران و سلم الكتابين فوقعا موضع تقدير و تجليل فجرى الصلح بين الدولتين، فامر الشهزاده بزحف الجيش، و رجع الشيخ مع الممثل الوالي فرحين مسرورين و معهما التحف و الهدايا الثمينة، كما أن الوالي ارسل هدايا و تحف كثيرة للشهزاده و الملك بصحبة الشيخ و الممثل الدبلوماسي. فهذه الخدمة الانسانية لقب شيخنا الفقيه ب: المصلح بين الدولتين. راجع العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية للفقيد الراحل آية اللّه الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء.

ص: 37

فوجده بحرا زاخرا متلاطما دفاقا في الفقه، بصيرا بقوانينه، عالما بمبانيه فاستفاد منه سنة كاملة، أو اكثر، ثم عزم على مغادرة العراق فخرج حتى جاء الى مسقط راسه فحل فيها.

(السفرة الثالثة ربوع ايران):
اشارة

لم يكتف (الشيخ الأنصاري) بما استفاده من بحوثه الفقهية و الأصولية في (النجف الأشرف و كربلاء المشرفة) من أعلامهما و لم يقتصر على معلوماته هذه فحسب فهو يروم الوصول الى الهدف الاسمي فعزم على مغادرة مسقط راسه، و كانت الغاية من سفره هذا التطواف في أصقاع ايران، و التجوال في ربوعها، ليطلع على الحركة العلمية في تلك البلاد، و يجتمع مع رجالات العلم الذين اشتهروا فيها، للاستطلاع على مقامهم العلمي حتى لو كان هناك من يمكن الاستفادة منه لاستفاد كما استفاد من بحوث أفذاذ (النجف و كربلاء) و آرائهم القيمة.

لم يوقف عزمه و ارادته شيء عن سفرته هذه سوى رضى والدته الكريمة التي كانت مقدرة و مكرمة عند الشيخ غاية التقدير و الإكرام، و الشيخ يعلم أن والدته لا ترضى بسفره لو سمعت، حيث فارقته ستة أعوام في سفرتيه الى (العراق) ففكر في كيفية إرضائها فعرض عليها سفره و أنه قاصد خراسان لزيارة الامام الثامن (ابي الحسن الرضا) عليه السلام، فاطلعت والدته الحنون على سفر ولدها البار فأظهرت عدم رضاها بذلك، لعدم

ص: 38

تمكنها من مفارقته ثالثة.

و كان (شيخنا الأعظم) يطلب ضالته، و يسعى جاهدا لتحقيقها فاصر على السفر، و أحلت الأم الحنون على البقاء، لكن الشيخ لم ينثني عن عزمه فحاول إقناعها و إرضائها فاستعمل شتى الوسائل بكل ما لديه من الإمكانيات فلم تقنع و لم ترض فاصرت على بقائه عندها فطال الإلحاح من الشيخ، و كثر الإصرار من الأم، و دام الإلحاح و الإصرار أياما و أسابيع حتى اتفقا اخيرا على إيكال امرهما الى الاستخارة(1) التي هي الطريقة الوحيدة في حل كل مهمة فعزما عليها ب: (القرآن المجيد).

أخذ (الشيخ المصحف الشريف) ناويا ما اراده فقرأ المأثور ثم فتحه و اذا في يمين الصفحة المباركة: (وَ لاٰ تَخٰافِي وَ لاٰ تَحْزَنِي إِنّٰا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جٰاعِلُوهُ مِنَ اَلْمُرْسَلِينَ) (2). القصص: الآية 8.

فرح (شيخنا الأعظم) من موافقة الاستخارة لسفره و سر بذلك

ص: 39


1- مصدر باب الاستفعال من استخار يستخير. و معناه: طلب الخير من اللّه العزيز: و هو من متفردات الشيعة الامامية عند ما تكون لهم مهمة لم يعلموا بصلاحها و فسادها، و العقل متحير عندها، لعدم إحاطته بجميع جوانب المصالح و المفاسد: يستخيرون اللّه جل جلاله، لعلمه بالأمور و إحاطته بالمصالح و المفاسد.
2- إن اللّه تبارك و تعالى يحكي (لرسوله الأعظم) صلى اللّه عليه و آله عن نبيه (موسى) عليه السلام بعد أن وضعته أمه فخافت عليه من فراعنة وقتها و أنهم يقتلونه فاوحى إليها بطريق الإلهام و القذف في قلبها: أن لا تخافي منهم من القتل، فاذا خفت عليه القتل فألقيه في البحر و هو النيل و لا تخافي عليه الضيعة، و لا تحزني من فراقه إنا رادوه أليك بالقريب العاجل، و نجعله من الأنبياء و المرسلين.

سرورا بالغا، ثم فسر الآية الكريمة لوالدته الحنون فسكنت روعتها و فرحت بهذه البشارة.

و تفاءلت بالخير و الموفقية الكاملة لولدها من سفره هذا، فإن الآية الكريمة بشرت بمستقبل مشرق (لشيخنا الأعظم)، و قد تحققت هذه البشارة و أصبح (شيخنا الأنصاري) مرجعا دينيا، و زعيما علميا و قائدا روحيا بعد أن القت الزعامة الدينية مقاليدها إليه، و مؤلفا عظيما حيث خلف كتبا عكف عليها و لا يزال رواد العلم و طلابه: و منها هذا الكتاب الذي بأيدينا و نوضحه لك، و نعلق عليه.

استعد شيخنا للسفر فخطر بباله أن يصحب معه أخاه، و عرض الفكرة على اخيه (الشيخ منصور) فاستقبلها بالسرور و الشعف، فاستخار له (بالمصحف) الشريف، و اذا بالآية الكريمة: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ القصص: الآية 39.

أنس (شيخنا الانصاري) بهذه البشارة فاستعد للسفر فخرج مع اخيه من مسقط راسهما متوكلين على اللّه العزيز، قاصدين مدينة (بروجرد) حيث كان فيها احد الأعلام النوابغ، فقطعا تلك الطرق الوعرة، و الجبال الشامخات الناطحات ذات صعود و نزول و التواءات: و هي جبال (لرستان) كل ذلك للحصول على هدفه الاسمي، فبعد العناء دخلا مدينة (بروجرد)(1)

ص: 40


1- بضم الباء مدينة جميلة فرهة من مدن (ايران) ماؤها عذب، و هواؤها رطب، تعد من الإقليم الرابع، واقعة على أرض مسطحة، جوانبها وسيعة، و فيها أسواق و شوارع بديعة، و على سكانها لمحة من الجمال الطبيعي و هم من اهل الحال، و أصحاب الكمال، و فيها بساتين و حدائق كأنها (إرم) ذات العماد، و لها أراضي زراعية إنتاجها حسن جدا، و فيها الصناعات اليدوية البديعة و منها صناعة الورشو على أقسامها، و تعد هذه -

و حلا في مدرستها الدينية(1).

ص: 41


1- - الصناعة وحيدة فيها. و قد اصبحت هذه المدينة ببركة رجال الدين و رواد العلم احد المراكز العلمية الصغيرة في دورها، و لا تزال كذلك. و قد انجبت هذه المدينة رجالا و نوابغ سجلت أسماؤهم في صفحات التاريخ، و في طليعتهم (العلامة السيد بحر العلوم)، و في عصرنا زعيم الطائفة المرحوم (السيد آغا حسين الطباطبائي البروجردي) طاب ثراه صاحب المآثر العلمية، و الآثار العمرانية الخالدة. (منها): مدارسه الدينية في (النجف الأشرف و كربلاء و كرمانشاه) من القسم الداخلي. و منها: مساجده الشامخات في (زاهدان و طهران). و منها: (مسجده الأعظم) في (قم) الذي هو من أعظم المساجد و الذي يضاهي (المسجد الاقصى، و المسجد النبوي) في ضخامته و بنايته الشامخة العالية، و الذي تقام فيه الصلاة خمسة أوقات، و تدرس فيه الدروس الدينية، و تلقى فيه المواعظ و الارشادات و المسائل طيلة السنة. تشد إليها الرجال، و تهافت عليها ذوو الفضل من شتى بلاد (ايران). انتقل الى جوار ربه الكريم عام 1270-1271 في مدينة (بروجرد) و دفن بها.

حط الشيخ و اخوه رحلهما في المدرسة، و بعد يومين زار الشيخ اسد اللّه زعيم الحوزة العلمية في (بروجرد) (شيخنا الأنصاري) و اخاه في المدرسة فتصافحا و تعانقا، ثم دار بينهما الترحيب.

كانت الزيارة مجردة عن البحوث العلمية فلم يقف (الشيخ البروجردي) على مدى علمية (شيخنا الأنصاري)، و لم يكن على معرفة سابقة به فطلب من الشيخ بقائه في (بروجرد)، ليكون مدرسا لولده في مدرسته فاحس الشيخ بذلك فقال لاخيه: أين كتابات دروسك التي القيتها عليك في الطريق هاتها و قدمها للشيخ فجاء بها في ساعته و قدمها للشيخ البروجردي فاخذها و طالعها فاطلع على مدى مقام (شيخنا الأنصاري) العلمي فندم عما قاله للشيخ و اعتذر، ثم اخذهما الى داره و بقيا عنده ثلاثون يوما معززين مكرمين.

ثم عزما على المغادرة و خرجا من عنده قاصدين مدينة (اصفهان)(1)

ص: 42


1- بكسر الهمزة و سكون الصاد و ضم الفاء معرب (سپاهان): و هي كلمة فارسية مركبة من كلمتين و هما: (سپاه) بمعنى الجيش. و (هان) بمعنى المكان اي مكان الجيش حيث كانت ثكنة لاحدى الفرق الجيشية الكبرى (لملوك الفرس) الساسانيين. كانت هذه المدينة الجبارة تعد و لا تزال ثالثة المدن العلمية الاسلامية من حيث أهمية مركزيتها الثقافية. بل هي من أكبر معاهدها، و من أعظم عواصم الأدب الكبرى منذ الفتح الاسلامي، و اعتناق مواطينها للدين الحنيف، و حفلت هذه المدينة بأعظم الرجال، و نوابغ الأعلام. جاء في معجم البلدان ج 1. ص 273: (و خرج من اصبهان من العلماء و الأئمة في كل فن ما لم يخرج من مدينة من المدن:... و قد فشا فيها الخراب في هذا الوقت و قبله في نواحيها، لكثرة الفتن و التعصب بين الشافعية و الحنفية، و الحروب المتصلة بين الحزبين، فكلما ظهرت طائفة نهبت محلة الاخرى و أحرقتها و خربتها لا يأخذهم من ذلك إل و لا ذمة!). و لنعطيك نموذجا من تلك الفتن المدمرة نورد موجز ما اشار إليه ابن ابي الحديد الشافعي في شرح نهج البلاغة. قال في ج 8 ص 237 عند كلامه على خروج التتر، و تدميرهم البلاد الاسلامية و قد عاش في تلك الكارثة العظمى و عاصرها: (و لم يبق لهم إلا اصبهان، فإنهم نزلوا عليها مرارا سنة سبع و عشرين و ستمائة و حاربهم اهلها، و قتل من الفريقين مقتلة عظيمة و لم يبلغوا منها غرضا. حتى اختلف اهل اصبهان في سنة 633 و هم طائفتان: حنفية. و شافعية و بينهم حروب متصلة، و عصبية ظاهرة. فخرج قوم من أصحاب الشافعي الى من يجاورهم و يتاخمهم من ممالك التتار فقالوا لهم: اقصدوا البلد حتى نسلمه إليكم!... فنزلوا على اصفهان في سنة ثلاث و ثلاثين المذكورة و حصروها فاختلف سيفا الشافعية و الحنفية في المدينة حتى قتل كثير منهم، و فتحت أبواب المدينة فتحها الشافعية! على عهد بينهم و بين التتر أن يقتلوا الحنفية و يعفوا عن الشافعية، فلما دخلوا البلاد بدءوا بالشافعية فقتلوهم قتلا ذريعا و لم يقفوا مع العهد الذي عهدوه لهم ثم قتلوا الحنفية، ثم قتلوا سائر الناس و سبوا النساء و شقوا بطون الحبالى و نهبوا الأموال، ثم أضرموا النار فاحرقوا (أصبهان) حتى صارت تلولا من الرماد) انتهى. و قد ساعد على أهمية هذه المدينة عوامل تاريخية و جغرافية ليس هنا محل ذكرها، و قد عظمت منزلتها الدينية عند (الطائفة الامامية) منذ أن حلت فيها: (الدولة الصفوية) و اتخذتها عاصمة لهم فهي من اغنى المراكز الثقافية العالية الراقية، و منها صدرت الدورات العلمية و أعظمها: (حلية الأولياء): (المعجم الكبير للطبراني): (بحار الأنوار): في علوم (أهل البيت الأطهار). هذه الموسوعة الجبارة التي تعد من أعظم الكتب الاسلامية المؤلفة لحد الآن، و الحاوية لشتى علومها فبالأحرى أن يقال لها: (دائرة المعارف) و قد انجبت هذه المدينة الجبارة المئات من الأفذاذ أمثال (شيخنا البهائي) الذي بفضله نشرت على العالم تعاليمه القيمة، و إرشاداته الثمينة هذه آثاره الخالدة، و خرائطه الجبارة التي تبهر العقول، و التي تشع على الدهور يأتي شرح حياته في أعلام المكاسب. و هذا مولانا (الشيخ عبد اللّه التستري) مؤسس الحوزة العلمية في (اصبهان)، و صاحب المدرسة المعروفة فيها باسمه. و هذا المجلسي الاول، و المجلسي الثاني مؤلف البحار و عشرات الكتب. و هذه مساجدها الشامخة: (مسجد شاه، مسجد الشيخ لطف اللّه المسجد الجامع، مسجد السيد) و غيرها من عشرات المساجد. و هذه مدارسها العالية كأنها صرح ممرد من قوارير: (المدرسة السلطانية. مدرسة الصدر. مدرسة نادر شاه. مدرسة ملا عبد اللّه. مدرسة باقلعه، و غيرها من المدارس الدينية. و هذه بناياتها التاريخية الأثرية التي امتازت بهندستها، و التي تدهش العقول. كل هذه بفضل بركة (الدولة الصفوية) و ملوكها الذين لهم (القدح المعلى) في تأييد المذهب. و إليهم يرجع الفضل الاكبر في نشره و تشجيع العلم و التأليف، و تعظيم الشعائر، و تشييد الجوامع، و تخليد المآثر و بناية المدارس، و تشجيع العلم و رواده، و ترويج العلماء و تكريمهم و تقديمهم على كافة الطبقات، و إعطائهم مشيخة الاسلام، و مناصب الوزارة و المصاهرة معهم، و غير هذه مما يعلي شأنهم في المجتمع.

ص: 43

ص: 44

حط الشيخ و اخوه رحلهما في احدى الخانات المعدة للقادم و المسافر و كان الزعيم الديني و العلمي في (اصبهان) يوم ذاك: الفقيه العظيم السيد الشريف السيد محمد باقر الشفتي الملقب ب: (حجة الاسلام الرشتي)(1)

ص: 45


1- كان هذا السيد الجليل من مفاخر علماء الشيعة و نوابغها. أنهى دراساته البدائية و المتوسطة و قسما من الفقه و الأصول الراقي في (اصبهان)، ثم غادرها قاصدا (العتبات المقدسة) لإنهاء دراساته العالية لدى أساطين العلم، و جهابذة الفضل فحل في (كربلاء) فتتلمذ على (الاستاذ الاكبر الوحيد البهبهاني) فاستفاد من علمه الجم، و من بحره المتلاطم، ثم بعد وفاته تتلمذ على السيد بحر العلوم و صاحب الرياض و كاشف الغطاء حتى برع في الفقه و الأصول. و كان (سيدنا المترجم) له القدح المعلى في الحكمة و الفلسفة و الكلام و الحديث و الرجال و الرياضة، و الهندسة و العلوم الغريبة. و الخلاصة: أنه كان مثالا للفضيلة. ثم إن للسيد ميزة خاصة على بقية رجالات الدين في عصره: و هو تصلبه في تنفيذ أحكام الدين، و اقامة الحدود الشرعية على الجناة و المجرمين كان (سيدنا المترجم) كثير العبادة، ملتزما بالنوافل، مترنما بالأدعية و الأذكار، قائما في الأسحار، يناجي ربه في آناء الليل و أطراف النهار. له مؤلفات نافعة جيدة ليس هنا محل ذكرها. لبى نداء ربه الجليل فانتقل الى الرفيق الأعلى عام 1260 في (اصبهان) و دفن هناك في مقبرة هيأها لنفسه و هي بجنب مسجده المعروف باسمه (مسجد السيد).

كانت غاية (شيخنا الأنصاري) من سفره الى (اصبهان):

هو الوقوف على مدى علمية (السيد)، و كان للسيد معهد درس فحضره (شيخنا الأنصاري) متنكرا و الحفل مكتظ بالأفاضل، مملو بالفطاحل و السيد يلقي عليهم البحوث الفقهية و الأصولية، و كان البحث في جوانب مسألة فقهية غامضة فدار الحديث بينهم، و كثر القيل و القال فيها و كل أفاد حسب معلوماته، ثم أفاد السيد و أورد شبهة على مباني المسألة و مداركها و أراد الجواب من أفاضل حوزته.

لم يوفق أحد للجواب و السيد مطرق راسه و يريد منهم الجواب و الحل.

كان (شيخنا الأنصاري) آخذا جانب السكوت و الإصغاء الى كلمات السيد و تلامذته فالتفت الى أحد الجالسين بجنبه الذي كان من أهل الفضيلة بهدوء و وقار من غير أن يلفت أنظار الآخرين فقال: هذا جواب اشكال السيد، ثم شرع في الجواب حسب رايه الصائب، و الرجل الفاضل يصغي إليه بإمعان فاستحسنه منه فخرج (شيخنا الأنصاري) من فوره من المجلس ثم أخذ الرجل الفاضل يقرر جواب الشيخ (للسيد الاستاذ) فأصغى السيد الى الجواب الى أن أنهاه فأعجبه و تعجب منه فسأل التلميذ: من أين لك هذا الجواب؟

حيث إن السيد يعلم أن الجواب فوق مستوى ذلك التلميذ فلم يبين التلميذ حقيقة الامر، فأصر السيد و أراد منه حقيقة الامر.

لم ير التلميذ بدا إلا الاعتراف بالواقع فحكى واقع الامر فسأل السيد عن اسم الرجل فقال التلميذ: ما سألته، فالتفت السيد بذهنه الوقاد أن الجواب صدر من ناحية الشيخ، لاشتهاره بالفضيلة و المقدرة العلمية عند السيد

ص: 46

و الأوساط العلمية فأمر السيد بعض أصحابه بالفحص عنه في الفور فذهب من ساعته ليسأل عن المجيب و اذا هو بالمكان الذي وصفناه لك آنفا فجاء فاخبر السيد فقال السيد له: اذهب و أخبره بذهابنا إليه في هذا اليوم فذهب و أخبره بذلك فاعتذر الشيخ عن تشريف السيد قائلا: إن السيد من حقه أن يزار، لأنه زعيم ديني و علمي له مكانته السامية في الاجتماع.

جاء الرسول فاخبر السيد بمقالة الشيخ و ما جرى بينهما.

فقال السيد: الواجب علينا زيارته فجاء مع لمة من تلامذته الأفاضل و اذا بالشيخ و اخيه متوجهان الى دار السيد فالتقيا في الزقاق، و تعانقا في الطريق حسب الدستور الاسلامي، حيث إن المقرر فيه عند ما يجتمع الأخوان أن يتعانقا و يتصافحا، ثم تبادلت بينهما كلمات الترحيب و التحبيب فاعتذر الشيخ قائلا: إن وظيفتنا زيارتكم و التشرف بخدمتكم، فاجاب السيد إن الواجب علينا زيارتكم.

اجل!! هكذا كان شأن رجال الدين و زعمائه الأخيار، فإنهم لا يرون لأنفسهم ميزة خاصة على الآخرين مهما بلغوا من المقام، و نالوا من الجاه و لعمر الحق: إن هؤلاء هم المعنيون في قول الامام الصادق عليه السلام:

(من كان من الفقهاء حافظا لدينه، صائنا لنفسه، مخالفا لهواه، مطيعا لامر مولاه فللعوام أن يقلدوه):

و لعمرك: إنهم كانوا مخالفين لهواهم، مطيعين لامر مولاهم، فهذه و تلك نالوا المراتب السامية، و الدرجات العالية، و الرئاسة الإلهية.

إن (السيد) زعيم ديني و علمي و له مكانته المرموقة في الأوساط العلمية، و السلطات الزمنية، و المجتمعات الدينية فمن حقه أن يزار.

و (الشيخ) قادم، و لكل قادم كرامة، و من جملة إكرامه:

إعزازه بأن يزار، بالإضافة الى أن زيارته إدخال السرور في قلبه و هو

ص: 47

من المستحبات الأكيدة و قد حث عليه الشرع فالسيد ادّى وظيفته الشرعية و الشيخ أتى بالواجب العرفي فكل جاء ليزور صاحبه.

اضف الى ذلك: أن كل واحد منهما لا يرى لنفسه ميزة حتى يزار أولا، ثم يرد عليه الزيارة.

و هذا هو نكران الذات.

اخذ السيد الشيخ و اخاه الى داره ليحلاّ ضيفين عنده فاحسن ضيافتهما فبقيا عنده شهرا كاملا فاستمرت المحاورات العلمية، و البحوث الفقهية بين (السيد و الشيخ) ليل و نهار طوال أيام إقامته عند (السيد) و كانا يخوضان في المسائل الأصولية و الفقهية، و دام البحث بينهما.

كان (السيد) معجبا بآراء الشيخ الرصينة، و بكثرة إحاطته و طول باعه فألف بالمحاورات فيما بينهم، و أنس به فرغب في بقاء (الشيخ) عنده فسأله عن سبب مجيئه.

فقال: قاصدا زيارتكم، فقال (السيد): هلا بقيتم هنا.

فقال (الشيخ): إن لنا دويرة في بلدتنا لا بدّ لنا من الرجوع إليها.

فاجاب (السيد): إننا نتمكن من تهيئة دار لكم هنا.

فقال (الشيخ): إن الوالدة بالانتظار و لو اردنا البقاء في (ايران) لاخترنا (اصفهان).

كان الشيخ و اخوه في دار السيد و في ضيافته مكرمين معززين شهرا كاملا، ثم عزما على مغادرة (أصبهان) فخرجا منها قاصدين مدينة (كاشان).

كانت الغاية من سفر (شيخنا الأنصاري) الى هذه المدينة:

الاستطلاع على مدى علمية (المولى النراقي)(1) الذي كانت له الشهرة العلمية في أوساطها في الأصقاع الشيعية.

ص: 48


1- هو الفقيه الأعظم، و الفيلسوف الأكبر، و الحكيم المتأله، موسوعة الفضائل أحد أقطاب العلم و أساطينه في القرن الثالث عشر: (المولى أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي) أعلى اللّه درجاتهم، و رفع في الخلد مقامهم. ولد في قرية (نراق) من قرى (كاشان). و كاشان احدى مدن (ايران) واقعة بين (قم و أصفهان) كانت و لا تزال من المدن العظام في (ايران)، و كانت عامرة أيام (الدولة الصفوية) أكثر مما هي الآن و قد بلغت من عمرانها أن عدت من أهم بلاد ايران و كان فيها المعامل اليدوية المدهشة للعقول. منها: معمل الحرير الذي يعد إنتاجه من أجود الحرير العالمي و كان يحمل الى البلاد. و منها: معمل السجاد و سجاده من أرقى نوع السجاد الايراني و قد بلغ من جودته أن الطبقات العالية و المتوسطة تلج بذكره و تقول: (السجاد الكاشاني) و من عجيب أمر هذه المدينة أنه لا يوجد فيها بطال كلهم من أهل الحرف و الذوق. لهم أعمال يدوية أخرى منها: (صناعة الصفر) فإنهم يصنعون منه الظروف و الأواني البديعة قل نظيرها في بقية البلدان. و جوانب هذه المدينة مفتوحة و فواكهها من النوع الجيد و لا سيما البطيخ و الرمان و التين و العنب. أنجبت هذه المدينة أعلاما و أفذاذا ممن رجالات العلم كمولانا النراقي و أبيه، و مولانا الفيض الكاشاني صاحب المؤلفات القيمة. تأتي الإشارة الى حياته عند ما يذكر عنه الشيخ أقوالا في التنجيم، و غير هؤلاء الجهابذة. دراساته البدائية: أخذ أوليات دراساته في مسقط رأسه، ثم شرع في العلوم العربية من الصرف و النحو و الفصاحة و البلاغة هناك حتى أنهاها و برع فيها. ثم أخذ في المنطق و الرياضيات و الهيئة و الفلكيات لدى أساتذتها المعروفين من مهرة العصر فبلغ فيها مرتبة رفيعة، و درجة عالية قل نظيره في أقرانه و هو في حداثة من العمر. ثم بدأ في الفقه و الأصول، و الحكمة و الكلام و الفلسفة عند والده العظيم صاحب المآثر الخالدة، و المؤلفات النافعة علامة زمانه الذي هو أحد (المهادى الأربعة من الأعلام): (المولى محمد مهدي النراقي و السيد محمد مهدي بحر العلوم، و السيد محمد مهدي الشهرستاني و الميرزا مهدي الخراساني): فأكمل دراساته العالية لدى هذا العملاق و أنهاها حتى ظهرت فيه مقدرته العلمية، و بلغ مرتبة رفيعة. لكن الشاب الطموح يروم أمنى المراتب، و أعلى المعارج، حيث إن منهوم العلم لا يشبع مهما بلغ و وصل فعزم على مغادرة بلاده، و الرحيل الى العراق للاستفادة من أعلام عاصمة العلم و أساطين (الجامعة الكبرى) (في النجف الأشرف)، حيث كانت المعهد الأعلى للدراسات العالية منذ أن اتخذها (شيخ الطائفة) عاصمة لها فجاء حتى دخل (النجف الأشرف) و بعد التشرف (بالحرم المطهر العلوي): حضر معهد درس الفقيه الأعظم (الشيخ جعفر كاشف الغطاء، و العلامة السيد بحر العلوم) فاستفاد من منهليهما العذب الفياض مدة تشرفه هناك حتى نال مرتبة عظيمة في الفقه و الأصول، ثم ذهب الى كربلاء المشرفة) التي كانت ثانية العواصم العلمية بعد أن أوجد حركتها (الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني) فحضر مجلس (الأستاذ الأكبر، و السيد ميرزا مهدي الشهرستاني) و استفاد منهما حتى بلغ مرتبة قيل له بعد أساتذته: إنه (أحد أقطاب العلم) الذين يشار إليهم فرجع الى بلاده و حلّ في (كاشان) فاجتمع عنده الأفاضل فاستفادوا من نمير منهله العذب. كان (للمولى النراقي) بالإضافة إلى علمي الفقه و الأصول باع طويل في الحكمة و الفلسفة الإلهية و الرياضيات و الفلك و الأدب و الشعر. و له الاطلاع الواسع في الأديان. و خلاصة القول: أنه كان مثالا للعلم، و مرآة كاملة للفضيلة، و أصبح مفخرة من مفاخر الطائفة، و عبقريا من عباقرها. تلامذته: ربى بدوره تلامذة أفذاذا يفتخر الدهر بهم و يكفيه فخرا: أن (شيخنا الأنصاري) أحد تلكم النوابغ، و لا يسعنا المقام ذكر أسمائهم فنكتفي بهذا التلميذ العملاق (الشيخ الأنصاري) عند ذكر أساتذته. مؤلفاته: (للمولى النراقي) مصنفات جيدة قيمة قد استفاد منها الفطاحل و لا يزال علماء الطائفة عاكفين عليها. «منها»: (مستند الشيعة) في أحكام الشريعة و كتابه هذا يعطينا دروسا كاملة عن مدى تبحره في الأحكام، و تسلطه على فروع المسائل و مداركها، و غزارة علمه، و طول باعه. «و منها»: (عوائد الأيام) و الكتاب هذا عديم النظير في بابه و موضوعه، بل ليس له مثيل عند علمائنا الأعلام مع كثرة تصانيفهم و تآليفهم. «و منها»: (سيف الأمة). و الكتاب هذا رد على الرجل المسيحي (بادري) الذي دخل بذي رجال الدين، ثم حضر المعاهد العلمية التي تتشكل في المدارس الدينية و المساجد و طال حضوره زمنا لا يقل عن عشرة أعوام، و كانت الغاية من حضوره الحلقات الدراسية: الاستفادة من المعارف الاسلامية لعله يتمكن من الرد على الإسلام، ثم بعد أن قضى وطره خرج عن زي رجال الدين و رجع إلى دينه السابق و زيه كما كان عليهما من قبل فسود أوراقا أورد فيها بزعمه الباطل طعونا في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه. فالكتاب هذا رد على ذاك الطعن المزعوم. و لعمر الحق: (إن المولى النراقي) قد أتعب نفسه الشريفة بتأليفه هذا الكتاب النفيس فقد جمع من المصادر المهمة من كتب اليهود و النصارى الشيء الكثير لموضوع بحثه حتى رده بأسلوب بديع، و بكلام سلس رصين فشكر اللّه سعيه، و أجزل مثوبته. «و منها»: أسرار الحج. «و منها»: أساس الأحكام. «و منها»: عين الأصول. «و منها»: مفتاح الأحكام. «و منها»: الخزائن على غرار مشكلات العلوم لوالده العظيم و الكتاب هذا كمخلاة شيخنا البهائي. «و منها»: رسالة في مبحث اجتماع الأمر و النهي. «و منها»: معراج السعادة على غرار (جامع السعادات) لوالده العظيم في علم الأخلاق. و قد وفقنا اللّه تعالى لتصحيح (جامع السعادات) و التعليق عليه و طباعته طباعة أنيقة على الطراز الحديث ذات أسلوب بديع في ثلاثة أجزاء متناسقة، و عليه مقدمة نفيسة جدا لزميلنا المكرم العلامة الحجة (الشيخ محمد رضا المظفر) أعلى اللّه مقامه عميد كلية الفقه و مؤسسها. و قد طبع إلى الآن خمس مرات نفدت نسخها، و سيطبع إن شاء اللّه أكثر من عشرات المرات. و أما كتاب (معراج السعادة) فقد طبع عشرات المرات و هو باللغة الفارسية يبحث عن علم الأخلاق، و هو مؤلّف عظيم في بابه فقد رتب المؤلف فيه جميع المواضيع التي تخص تزكية النفس و تصفيتها، و ذكر في قبال كل فضيلة ما يضادها من الرذائل، و بين علاجها و طرق مكافحتها و قد وقع الكتاب موضع إقبال و اهتمام (الأمة المسلمة الإيرانية) و من يتكلم بلغتهم لتأثيره العميق في النفس الأمّارة و تهذيبها، و سوقها إلى الأخلاق الفاضلة و المثل العالية، و الملكات الحسنة، و إماتة ميولها السبعية، و مشتهياتها الحيوانية و تسلم عنانها، و التسلط على زمامها لأن النفس لامّارة بالسوء إلا ما رحم ربي. فقد أثر الكتاب على كثيرين ممن درسوه، و هذبوا أنفسهم و أصبحوا يمثلون الأخلاق الفاضلة و هم قدوة للآخرين. و ممن أثر الكتاب فيه أثرا عميقا صديقنا المكرم الأخ في اللّه صاحب هذه المؤسسة الإنسانية الخالدة: (جامعة النجف الدينية) التي أنفق على إنشائها بهذا الشكل الرائع الجميل كأنها صرح ممرد من قوارير من خالص ماله الحلال من غير ملل و لا سأم قربة لوجهه الكريم المقدس لا يبتغي سوى رحمته الواسعة. و قد انجبت هذه المؤسسة و للّه الحمد منذ افتتاحها عام 1382 ليلة (مبعث الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله إلى ليلتنا هذه ليلة السبت الثالث من المحرم الحرام 1392: عشرات الأفاضل من مختلف البلاد و رجعوا إلى بلادهم للإرشاد و التوجيه الصحيح، و قد وفقوا بحمد اللّه لذلك. هذا بالإضافة الى نشرها العشرات من الكتب النافعة أخلاقا، فقها أصولا، تفسيرا. هذه دورتها الثمينة: (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) في عشرة أجزاء بالطبع الحسن الجميل المزينة بالتعاليق و الشروح. هذه دورتها القيمة: (المكاسب) الذي بأيدينا و سيخرج قريبا إلى عالم الوجود إن شاء اللّه تعالى. نعم أشاد هذا المحسن الغيور المؤمن باللّه هذا الصرح الشامخ في سبيل إعلاء كلمة اللّه و إحياء شريعة سيد المرسلين صلى اللّه عليه و آله فحسب كما قال شخصه الكريم دام توفيقه و فضله: إني بنيت هذه المؤسسة سوف يخرج منها من يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: كذا، و قال: كذا و قال: كذا. عود على بدء: و (للمولى النراقي) كتب اخرى تركنا ذكرها خوفا من الإطالة و الخروج عن الموضوع. وفاته: لبى نداء ربه الجليل وافدا على مولاه الكريم ليلة الأحد الثالث و العشرين من ربيع الثاني عام 1245 بمرض الوباء، و حمل جثمانه الطاهر بعد اقامة الفواتح الى (النجف الأشرف) فدفن في الصحن الشريف خلف (القبر المقدس العلوي) بجنب والده العظيم في الإيوان المواجه (للباب الطوسي) تقريبا. كرامة ظاهرة: يقول أحد تلامذة (المولى النراقي) و هو صادق في مقالته: صادف نقل الجثمان الطاهر للاستاذ أيام الحر الشديد و من شدة الحر نزلنا في بعض المنازل للاستراحة فاخذني القلق الزائد، و الارتباك المدهش، خوفا من تفسخ الجثمان و تعفنه، ثم انتشار الرائحة الكريهة. و لكن: و ما حيلة المضطر إلا ركوبها:؟ ثم أخذنا في السير حتى جئنا (النجف الأشرف) و بعد حفر القبر و اخراج الجثمان من التابوت لم نشم إلا الرائحة الطيبة المعطرة، و الجثمان الطاهر كأنه لميت من ساعته. مع أن حمل الجثمان من (كاشان) الى (النجف الأشرف) قد استغرق زمنا جاوز الشهر الواحد. و هناك حكاية أخرى وقعت في عصرنا نقلها لي بعض الثقات و هي: أن (الحكومة العراقية) أخذت في عمارة أسس الرواق المطهر بعد أن تضعضعت و أشرفت على الخراب فحفروها شيئا فشيئا و بنوها بالحديد و الاسمنت و الطابوق المستخرج الى أن وصل البناء قرب مدفن (المولى النراقي و والده العظيم) فحفروه و اذا بجثتين رطبتين وجدتا تحت الصخرة التي فوقهما و عليها اسمهما كأنهما ماتا من يومهما و أقبرا من ساعتهما و لم يبدوا عليهما أي تغير و فسخ. فسبحان القادر على كل شيء. أجل: هكذا يصنع اللّه جل و علا بعباده الصالحين الأبرار المخلصين الأخيار كما صنع بأصحاب الكهف.

ص: 49

ص: 50

ص: 51

ص: 52

ص: 53

ص: 54

ص: 55

ورود الشيخ معهد درس المولى النراقي

ورد الشيخ و أخوه مدينة (كاشان) بعد تجرع الطريق، و معاناة السفر، و حلا في احدى مدارسها العلمية الدينية فلم يطل العهد (بشيخنا الأنصاري) في المدرسة حتى زار (المولى النراقي) حيث كان شغفا لزيارته.

دخل (الشيخ) على (المولى النراقي) في معهد درسه الشريف فعرّفه نفسه فأكرمه (المولى) و عظمه غاية الاكرام و التعظيم.

كان (المولى النراقي) حينما ورد عليه الشيخ يبحث عن إحدى المسائل الفقهية الغامضة فبعد الترحيب عاد فيها كما بدأ و الشيخ قد أخذ جانب السكوت.

لكنه مصغ الى كلماته بدقة و إمعان فوجد ضالته عند (المولى النراقي) فأخذا في البحث عن المسائل المتنوعة فقها و أصولا، و فلسفة و كلاما و دار الحديث بينهما، و خاضا فيها و الشيخ أنس بها حتى طال الكلام و كثر النقاش، و دام الحوار بينهما ساعات «و المولى النراقي» يفيض على الشيخ، و ينحدر منه الفقه و العلم كالسيل و الشيخ كله سكوت و إصغاء بدقة و إمعان، مستفيدا من بحره الفياض، و علمه الزخار.

و قد عرفت أن الغاية من تجوال الشيخ في ربوع «ايران»: هو الاستطلاع على الحركة العلمية عند رجالاتها الذين اشتهروا في تلك الأصقاع

ص: 56

فعند ما تشرف بخدمة هذا العالم الإلهي، و العارف الرباني و وجد ضالته عنده و رأى مؤهلات الاستفادة فيه موجودة فمن الطبيعي أن يحط رحله و يختار المقام عنده ليستفيد من نمير منهله العذب الفياض.

بقي الشيخ في (كاشان) أربعة أعوام مستفيدا من نمير منهل استاذه (المولى النراقي) متواليا و لم يفته يوم واحد أيام دراسته حتى استكمل مدته و استوفى طعمته.

و لعمر الحق قد استفاد من علمية هذا العملاق: ما لم يستفد ممن قبله و من هنا يعلم مدى تبحر الاستاذ في العلوم و غزارته في الفقه و الأصول فإن (شيخنا الأنصاري) بعد تتلمذه على الاستاذين (السيد المجاهد و شريف العلماء)، و بلوغه أسنى مراتب الاجتهاد حل في (كاشان) ليرتوي من هذا البحر الزخار المتلاطم عند ما وجد ضالته.

و هذا دليل على أعلمية (المولى النراقي) من الاستاذين.

و أما في العرفان الإلهي فقد كان حامل لوائه و كان ذا حظ وافر فيه فقد بلغ قمته.

عزم الشيخ بعد أن بلغ أقصى مناه على مغادرة (كاشان) فاستجاز أستاذه العظيم فشق ذلك على الأستاذ، لأنه به، و بمحاضراته العلمية.

و (لشيخنا الأنصاري) مواهب إلهية لأجلها كان يقدره أستاذه و يصعب عليه مفارقته.

و قد بلغ من تقدير الاستاذ لهذا التلميذ أن قال في حقه كلمته القيمة الثمينة: و لقد شاهدت في جميع أسفاري أكثر من خمسين مجتهدا مسلّم الاجتهاد فلم أر أحدا منهم (كالشيخ الأنصاري) في غزارة علمه، و كثرة فضله، و طول باعه.

لم ير (الأستاذ) بدا من أن يجيز تلميذه في المغادرة فأجاز له

ص: 57

ثم استجاز (شيخنا الأنصاري) من استاذه العظيم في رواية الأحاديث المروية عن (العترة الطاهرة)، حيث جرت عادة رجال العلم و روّاده منذ عهد قديم بعد وصولهم إلى أسنى مراتب الاجتهاد: الاجتهاد الذي يحصل به ملكة الاستنباط، و قوة الاستخراج: أنهم يجاز لهم من قبل أساتذتهم بشهادات في استنباط الأحكام، و رواية الأخبار الشريفة المدونة في الكتب الأربعة (الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار) و غيرها من الكتب المعتبرة عند الامامية، كما أن في عصرنا الحاضر تلامذة الجامعات في عواصم البلاد العالمية، و لا سيما الجامعات الكبرى بعد وصولهم الى دراساتهم، و اختصاصهم بعلم من العلوم: يأخذون الشهادات من الجامعة التي يدرسون فيها، و تسمى هذه الشهادة ب: (شهادة دكتورا، پرفسور الاستاذ).

أجاز (المولى النراقي) لتلميذه البار البالغ أسنى مراتب الاجتهاد اجازة وافية كاملة قل نظيرها، حتى أن هذه الإجازة تعد لدى التحقيق و التدقيق من أعظم الإجازات و الشهادات.

و نحن نورد نص الاجازة حرفيا لدواع هناك.

و لعلك أيها القارئ النبيل تلتفت إليها بذهنك الوقاد و هي:

(بسم اللّه الرحمن الرحيم) الحمد للّه الذي نور قلوبنا بأنوار المعرفة و الدراية، و أوضح لنا سبيل الرشد و الهداية.

و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا محمد منقذ الأمة من الضلالة و الغواية صلاة لا غاية لها، و لا نهاية.

و على آله المعصومين الذين كملت بهم دائرة الولاية، و بقائمهم قامت القيامة.

ص: 58

و بعد فيقول المحتاج إلى عفو ربه الباقي (أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي)، بصّره اللّه بعيوب نفسه و جعل غده خيرا من يومه، و يومه خيرا من أمسه:

إن من منن اللّه سبحانه على العباد: أن سهّل لهم سبيل الرشاد و أبان لهم طريق السداد، فجعل لحفظ دينه و إحكامه علماء مستحفظين لشرائعه و أحكامه حتى صار يتلقف الخلف عن السلف ما استودعوا من علوم (أهل بيت العصمة) و الشرف، حفظا لها من الضياع و التلف.

فكم من متغرب عن وطنه لطلب العلى، و نازح عن سكنه و مسكنه لنيل المنى، و رحلة قد جاب البلاد و تلقى من أفواه الشيوخ ما بلغهم من مشايخهم عن سادات العباد فلله درهم، إذ عرفوا من قدر العلم ما عرفوا، و صرفوا إليه من وجوه هممهم ما صرفوا.

و كان ممن جد في الطلب، و بذل الجهد في هذا المطلب، و فاز بالحظ الأوفر الأسنى، و حظى بالنصيب المتكاثر الأهنى، مع ذهن ثاقب و فهم صائب، و تحقيق دقيق، و درك غائر رشيق، و مع الورع و التقوى و التمسك بتلك العروة الوثقى البارع النبيل، و المهذب الأصيل، و الفاضل الكامل و العالم العامل حاوي المكارم و المناقب، و الفائز بأسنى المواهب، الألمعي المؤيد و السالك من طرق الكمال الأسد، ذو الفضل و النهى، و العلم و الحجى.

(الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمد أمين الأنصاري التستري)، أيده اللّه بتأييده، و جعله من كمّل عبيده، و زاد اللّه في علمه و تقاه و حياه بما يرضيه و يرضاه، و استجازني بعد ما تردّد إليّ، و قرأ عليّ و تبينت فضيلته لديّ.

و لما كان أيده اللّه سبحانه لذلك أهلا، و إنجاح مسئوله فرضا فاجزت له لا نفلا أسعد اللّه جده، و ضاعف كده وجده، أن يروي

ص: 59

عني كتاب (نهج البلاغة) في خطب (أمير المؤمنين) و (الصحيفة السجادية) في أدعية (سيد الساجدين) عليهما أفضل صلاة المصلين و (الكتب الأربعة) التي عليها المدار في تلك الأعصار (الكافي و الفقيه و التهذيب و الاستبصار) و (الكتب الثلاثة) الجامعة المتفرقات الأخبار (الوافي و الوسائل و بحار الأنوار)، و سائر كتب الحديث و التفسير و الفقه و الاستدلال و اللغة و النحو و الأصول و الرجال، و مصنفات علماء العترة أعلى اللّه مراتبهم في فراديس الجنة.

و كذا مصنفات والدي القمقام، رفع اللّه درجاته في دار السلام و ما برز مني و جرى به قلمي في التصنيف، و أفرغ عني في قالب التأليف فليرو عني جميع ذلك كيف شاء و أحب، و لمن أراد و طلب بالطرق المتصلة الى (أهل بيت العصمة) و علماء الفرقة.

فمنها: ما أخبرني به قراءة و سماعا و إجازة: الشيخ الأعظم و الأستاذ الأفخم الامام الهمام، و البحر القمقام، مكمل المعارف، و من أذعنت بفضله الخصوم، أليم المتلاطم الأمواج، الذي ملاء ذكر مفاخره جميع الفجاج العالم العابد، و العارف الزاهد، عمدة المجتهدين و أفضل المتأخرين، بل المتقدمين والدي و أستاذي مولانا (محمد مهدي بن أبي ذر النراقي) مولدا و الكاشاني رئاسة و مسكنا، و النجفي التجاء و مدفنا.

صاحب المؤلفات الوافرة و المصنفات الفاخرة، عن مشايخه الكرام و أساتيذه العظام السبعة، الذين هم في البلاد بمنزلة الكواكب السبعة في السبع الشداد:

و هم الشيخ المحدث الفاضل، و الحبر العالم العامل (الشيخ يوسف البحراني).

ص: 60

و الشيخ المجتهد المحقق، و الأستاذ المعتمد المدقق، جم الفضائل و المفاخر (آقا محمد باقر البهبهاني).

و الشيخ الفقيه الكامل، و المحدث النبيه الفاضل، الشيخ (محمد مهدي الفتوني) العاملي النجفي.

و المولى الدين التقي مولانا (محمد جعفر الكاشاني) البيدكلي.

و العالم الفاضل الرباني مولانا (محمد اسماعيل المازندراني) الأصبهاني.

و النحرير المؤيد الألمعي مولانا (محمد مهدي الهرندي) الأصبهاني.

و الفقيه الجامع المدقق، علامة الزمان، الحاج (الشيخ محمد بن الحاج محمد زمان) الكاشاني البوشابادي الأصفهاني.

أفاض اللّه عليهم شآبيب الرحمة و الغفران، و أسكنهم فراديس الجنان بطرقهم المتصلة الى رئيس المحدثين، و شيخ الاسلام و المسلمين مولانا (محمد باقر بن محمد تقي المجلسي).

أو الى ممهد قواعد الدين و مقدام المجتهدين الشيخ زين الدين الشهير ب: (الشهيد الثاني).

أو الى الشيخ الامام الهمام، العلامة (الشيخ علي بن عبد العالي) الكركي الشهير ب: (المحقق الثاني).

أو الى الامام الأعظم، و النحرير العظيم الأجل الأكمل (الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي) الشهير ب: (الشهيد الأول) طاب اللّه ثراهم، و جعل الجنة مثواهم.

و منها ما أخبرني به قراءة و سماعا و اجازة استاذي الأعظم، و شيخي المعظم، البحر المتلاطم الأمواج، الذي ملأ ذكر مفاخره جميع الفجاج ذو النور الزاهر و الفضل الباهر، و النسب الطاهر و الحسب الظاهر، و المقام الرفيع و الشأن المنيع، العالم العابد الزاهد الأوحدي، شيخنا و أستاذنا

ص: 61

(السيد محمد مهدي بن السيد مرتضى الطباطبائي النجفي) قدس اللّه نفسه الزكية، عن مشايخه العظام الفضلاء الأجلاء، (الآقا محمد باقر البهبهاني).

و الشيخ يوسف البحراني).

(و الشيخ مهدي الفتوني) المتقدم ذكرهم، و الفاضلين الكاملين (السيد حسين القزويني) و (المولى عبد النبي اليزدي) عن (المحدث المجلسي).

و منها ما أخبرني به اجازة، شيخي العالم العلم العلامة، و المجتهد الكامل الفهامة، قدوة المجتهدين و شمس فلك المعالي و الفقه و الدين الألمعي اللوذعي السيد السند (السيد علي بن محمد علي الطباطبائي الحائري) قدس اللّه تربته، و رفع في جنان الخلد رتبته عن خاله العلام (آقا محمد باقر البهبهاني) المتقدم ألقابه الشريفة.

و منها: ما أخبرني به اجازة الشيخ الفقيه و العالم النبيه، السيد الجليل، و المهذب النبيل، ذو الأخلاق الرضية، و الأوصاف المرضية كهف الأنام و ملجأ الخاص و العام (الميرزا محمد مهدي ابن أبي القاسم الشهرستاني) - نور اللّه مرقده - عن مشايخه الكرام (الآقا محمد باقر البهبهاني)، و (الشيخ يوسف البحراني)، و (الشيخ محمد مهدي الفتوني) المتقدم ذكرهم.

و منها: ما أخبرني به اجازة شيخ مشايخ عصره، و أفقه فقهاء دهره الشيخ الأعظم و البحر المعظم، الأجل الأكمل (الشيخ محمد جعفر النجفي) روّح اللّه روحه، و كثر في عالم القدس فتوحه: عن شيخيه الكاملين (الآقا محمد باقر البهبهاني، و السيد محمد مهدي الطباطبائي) المتقدم ذكرهما بطرقهم المشار إليها المتصلة الى (المحدث المجلسي) رحمه اللّه.

أو (الشهيد الثاني، أو (الشيخ علي الكركي)، أو (الشهيد الأول)

ص: 62

المتصلة طرق أولهم الى أحد الفضلاء الثلاثة المتعقب ذكرهم له.

أو الى الشيخ الأجل الأكمل الأعظم جمال الملة و الحق، و آية اللّه في العالمين (أبي منصور الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي)، الشهير ب: (العلامة الحلي) نور اللّه مرقده.

و المتصلة طرق ثانيهم إلى أحد الشيخين الكاملين المتعقب له.

و المتصلة طرق ثالثهم إلى الرابع.

أو (إلى العلامة الحلي) المتعقب ذكره له. و المتصلة طرق الرابع الى العلامة أيضا.

أو إلى أحد المشايخ العظام، الشيخ الأجل الأعظم، شيخ الطائفة و رئيسهم (الشيخ أبي جعفر الطوسي) رحمه اللّه.

و الشيخ المفخم المعظم الامام الهمام المكرم، رئيس الشيعة و أستاذهم و مرجعهم و سنادهم (الشيخ محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد).

و الشيخ العالم العامل الكامل الصدوق (الشيخ أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن بابويه القمي).

و المتصلة طرق العلامة إلى أحد المشايخ العظام المتأخر ذكرهم، المتصلة طرقهم بالأئمة الأخيار، و المعصومين الأطهار عليهم صلوات الملك الغفار.

و أعلى طرقي ما أرويه عن الوالد العلم العلامة، عن الشيخ يوسف المتقدم.

عن المولى الفاضل مولانا محمد بن فرج الشهير ب: (ملا رفيعا الجيلاني).

عن (المولى المحدث المجلسي) عن والده النقي التقي، عن الشيخ المعمر البهي (الشيخ أبي البركات الواعظ الأصفهاني).

عن (المحقق الكركي)، عن محمد بن داود، عن (الشيخ (ضياء الدين) عن والده (الشهيد الأول)، عن الشيخ (جلال الدين حسن) عن الشيخ

ص: 63

(نجم الدين أبي القاسم الشهير ب: المحقق) عن السيد فخار، عن الشيخ (أبي الفضل شاذان بن جبرائيل القمي)، عن (الشيخ أبي عبد اللّه الدورستي)، عن (شيخنا المفيد عن الصدوق).

و أعلى طرق الصدوق إلى الامام الهمام (جعفر بن محمد الصادق) عليه السلام: ما رواه عن أبيه، عن (عبد اللّه بن جعفر الحميري) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن (الامام بالحق أبي عبد اللّه) عليه السلام.

و قد أجزت له جعله اللّه من المقربين الأبرار، و حشره مع الأئمة الأطهار رواية جميع ما ذكر عن مشايخي الكرام العظام، الذين هم آبائي الروحانيون، جزاهم اللّه عني و عن العلم و أهله أحسن الجزاء.

و أشترط عليه أيده اللّه بتأييده، ما اشترط عليّ مشايخي العظام من التثبت في القول و العمل، ليطمئن من الوقوع في مهاوي العثرة و الزلل و سلوك سبيل الاحتياط المنجي عند المرور على الصراط.

و أن لا ينساني من الدعاء عند الخلوات و شرائف الأوقات، و يتفقدني في مظان الاستجابات.

و حرر ذلك بيمناه الداثرة، أوتي بها كتابه في الآخرة (أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر القمي النراقي)، أصلا، الكاشاني مسكنا في شهر شوال المكرم من شهور سنة أربع و أربعين بعد المائتين و الألف من الهجرة على هاجرها السلام و التحية...

ص: 64

هذه صورة الإجازة الصادرة عن (المولى النراقي) في حق أعظم تلميذ من تلامذته علما و ورعا.

و أنت ترى أيها القارئ النبيل مدى تعظيم الأستاذ تلميذه في إجازته هذه، و أنه كيف أثنى عليه و قدره بتلك العبارات الجميلة التي تدل على نبوغ الشيخ و عبقريته و غزارة علمه، و تفوقه على أقرانه، و هو القائل في مجالات أخرى:

و لقد شاهدت في جميع أسفاري أكثر من خمسين مجتهدا مسلم الاجتهاد و لم أر أحدا منهم (كالشيخ الأنصاري) في غزارة علمه، و كثرة فضله، و طول باعه.

صدرت هذه الكلمات من هذا العالم الفذ الإلهي في حق هذا العبقري الذي نال هذه المرتبة السامية الرفيعة بحق و استحقاق.

و إنما ذكرناها بطولها ليطلع القارئ الكريم على حقائق الأمور، و يحيط علما على الأوضاع الراهنة في تلك العصور، و ليعلم أن الأوساط العلمية في المراكز الشيعية منذ تأسيسها إلى زمن (شيخنا الأنصاري):

كانت ذات حقائق و واقعيات، و تعطي كل شخص من العلماء و الفضلاء نصيبه المفروض حسب معلوماته العلمية، و إن زود العالم بوثيقة و شهادة فإنما كانت طبق مستواه العلمي و العملي، و كانت الألفاظ الصادرة بحقه في إجازته له مطابقة للواقع، من دون أن تكون فيها مبالغة و مجازفة.

و الخلاصة: أن المقاييس كانت محفوظة مهما بلغ المستجيز، و مهما كانت مكانته الشخصية، أو البيتية فكانت الألقاب محصورة تصاغ في قوالبها لا مبذولة كدورنا هذا الذي أصبحت الألفاظ فيه ألفاظا جوفاء.

غادر (شيخنا الأنصاري) مدينة (كاشان) بعد أن أجاز له (أستاذه الأعظم) بالخروج منها، و بعد أن أتحفه بالاجازة الروايتية:

ص: 65

و هي إجازة نقل الأحاديث الشريفة بطرقه المتصلة إلى (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

و قد يظن بعض من لا خبرة له عن الواقع أن أستاذ الشيخ (المولى النراقي) لم يجز الشيخ إجازة اجتهاد و إنما أجازه إجازة رواية فحسب كما هي صريحة بذلك.

لكنه غفل عن حقيقة الحال، حيث إن الشيخ كان غنيا عن ذلك و هو أجل من أن يحتاج إلى إجازة الاجتهاد، كيف و قد بلغ منه قمته.

بالإضافة إلى أن (المولى النراقي) في إجازته هذه يصرح باجتهاده بقوله: و فاز بالحظ الأوفر الأسنى، و بقوله في مجالات اخرى:

و قد شاهدت في جميع أسفاري خمسين مجتهدا مسلم الاجتهاد فلم أر أحدا منهم كالشيخ الأنصاري في غزارة علمه، و كثرة فضله، و طول باعه.

أو بعد هذا التصريح و الاعتراف بأعلمية الشيخ عن خمسين مجتهدا مسلم الاجتهاد: يحتاج الشيخ إلى إجازة الاجتهاد؟.

لست أدري أي إجازة تكون أعظم و أصرح من هذه الكلمات في اجتهاد العالم الديني حتى يحتاج إلى أخذها كتبا.

أخذ الشيخ الاجازة مفتخرا بها، لكونها إجازة نقل الأحاديث الشريفة و لا يزال هذه شيمة العلماء و رجال الدين في أخذهم الاجازة الروايتية.

خروج الشيخ الى مدينة خراسان

خرج الشيخ و بخدمته أخوه قاصدين مدينة (خراسان)(1) للتشرف

ص: 66


1- هي إحدى (محافظات إيران) و تعد من أكبرها و أوسعها و أهمها من شتى جوانبها: جغرافيا و سياسيا و اقتصاديا. كانت هذه المحافظة قبل الاسلام من المراكز الحساسة يعتني بشأنها ملوك الفرس الأقدمين و لا سيما الساسانيين منهم. و لهذه المحافظة أقضية و نواحي كثيرة جاوزت العشرات. ليست مدينة (خراسان) ذات أهمية سياسية و دينية فحسب، بل و ذات أهمية كبرى من النواحي الأدبية و العلمية و التمدن الاسلامي قديما و حديثا. فقد أصبحت هذه المدينة العظيمة الجبارة ببركة (الامام الثامن) من بعد تشريفه لها من أعظم المعاهد الاسلامية الكبرى، و المراكز العلمية العظمى ففي الحقيقة تعد هذه المدينة من أهم (محافظات إيران)، بل تعد قلبها و لها أثرها الخاص في نفوس المسلمين بصورة عامة، و في نفوس (الشيعة الامامية) بصورة خاصة، لأنهم يرونها مدفن بضعة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، و ثامن أئمتهم فتؤمها الشيعة من أصقاع (إيران) و من الدول المسلمة المجاورة لها و النائية عنها، و تتهافت لزيارته عليه السلام و لن تجد الحرم المقدس فارغا من الزوار لا في الليل، و لا في النهار. و خلاصة الكلام أن هذه المدينة المقدسة تعد من أعظم المدن الثقافية الاسلامية منذ أن شرفها الامام الثامن (أبو الحسن الرضا) عليه السلام حينما دعاه (المأمون) سابع خلفاء العباسين لولاية العهد. و لا تزال هذه المدينة فيها الحركة العلمية الثقافية الدينية و فيها المراجع الدينيون و جم غفير من رجال الدين. اهتم (ملوك الصفويين) بعمارة هذه العتبة المقدسة اهتماما بليغا فصرفوا عليها المبالغ الباهظة و قد جاوزت الملايين فجاءوا بمهندسين و معمارين و فنانين في شتى الفنون فأخذوا في تعمير المرقد الطاهر بهندسة دقيقة فنية و استعملوا معها الذوق الحسن الجميل فبنوا حرما و أروقة واسعة عالية شاهقة ضخمة على أحسن طراز و زينوها بزخارف بديعة ثمينة نفيسة من الكاشي المعرق و الزجاج بأشكال بديعة هندسية مطعّمة بالذهب الخالص، و عليها الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة. و فوق المرقد الطاهر القبة العالية قد كسيت بالطابوق الذهبي من خالص أموال الملك (الشاه عباس) الصفوي. و للمرقد الطاهر صحنان وسيعان بديعان يحتوي كل واحد منهما على طابقين على طراز الصحن الطاهر (العلوي) صلوات اللّه عليه و فيهما غرف جميلة زينت طوارمها بالقاشي الجميل و الرخام البديع، و في الطوارم أشكال جميلة من الزجاج. و يجري في وسط الصحن الكبير نهر ماء في الليل و النهار يأتي من فوق المدينة و يدخل في آخرها. و قدموا للعتبة المقدسة من الأحجار الكريمة و الأشياء النفيسة من الذهب و الفرش مما يدهش العقول. و على أثرهم اهتم (ملوك إيران) بعد سقوط (الدولة الصفوية) من (الأفشارية و الزندية و القاجارية) بالعتبة المقدسة. ثم أخذوا في عمارة المدينة فشيدوا لها الجوامع و المدارس العلمية الدينية لرجال الدين و قد أصبحت هذه المدارس مكتظة برواد العلم و طلابه و كلها من القسم الداخلي و أوقفوا لها الأملاك الطائلة كما أنهم أوقفوا على العتبة المقدسة القرى الكثيرة العامرة، و الأراضي الزراعية، و المحلات التجارية فأصبحت وارداتها بالإضافة إلى المجوهرات النفيسة التي أهداها الملوك للعتبة المقدسة: هو الرصيد الوحيد في إيران. و قد جنت على هذه (العتبة المقدسة) بصورة خاصة، و على المدينة بصورة عامة: يد الظلم و العدوان فشنت عليها غارات و غارات فأغار على الحرم الطاهر و المواطنين الكرام النواصب اللئام، و زنادقة الكفار من (قياصرة روسيا). هذه حملة الأتراك التي هي من أهم الحوادث الدامية و المفجعة و على رأسهم الكافر الوحشي (جنكيز التتار) فقد أهلك الحرث و النسل فأخذ في القتل و النهب و الهدم و التخريب ما تقشعر منه الأبدان. لقد بالغ هذا الوحشي الوثني في إراقة دماء سكان هذه المحافظة و إبادتهم عن آخرهم و لم يقتنع بذلك حتى أمر بقتل الحيوانات، و قلع الأشجار، و هدم الدور و البنايات و جعل المدينة و سائر مدنها أطلالا و جنادل كما فعل بسائر المدن الاسلامية جمعاء. هذه حملة حفيد (جنكيز هولاكو) و هذه إن لم تكن أكثر من حملة جده الوحشي لم يكن بأقل منها فلقد قضى هذا الوحشي على المدن الاسلامية (و لا سيما مدينة بغداد). هذه حملة (شيبك خان و عبد المؤمن خان) الأوزبكيين. و خلاصة القول في هذه الحملة التي تسمى ب: (الحملة الأوزبكية) أن المدينة المقدسة لاقت من هؤلاء القساة الطغاة من الحروب و المعارك الدامية ما ترتعش من كتابتها الأيدي عند ما يأخذ الكاتب القلم و يريد أن يكتب عن حملة هؤلاء الوحوش. و يكفيك في عظم المصاب ما يصفه شاعر تلك البلاد (أنوري) و في فضاعة الواقعة في قصيدته الفارسية التي ألقاها. يقول في بيت من القصيدة ما معناه: إنك لن تجد شخصا سارا فرحا إلا عند الموت، و لن تجد بنتا باكرة إلا في رحم أمها. و هذه حملة أفغان بقيادة (محمود الأفغان) التي قضت على بلاد خراسان (و ملوك الصفوية). و هذه حملة (روسيا القيصرية) التي دخل بجيشها الكافر الحرم الطاهر بأحذيتهم، و أطلقوا النيران على القبر المقدس و اللائذين بضريحه الطاهر فقتلوا النفوس الأبرياء، و أجروا الدماء في الحرم، و نهبوا ما فيه. و هذه الحملة الأخيرة في عصرنا الحاضر التي ذهبت فيها ضحايا كثيرة بصورة مخزية مشجية، و التي سببت القضاء على حوزتها العلمية و روادها و التي سببت غلق مدارسها العلمية الدينية. و إلى هذه الحملات و الغارات أشار صاحب القبر المقدس (الامام الثامن) عليه السلام بقوله: و قبر بطوس يا لها من مصيبة ألحّت على الأحشاء بالزفرات إلى الحشر حتى يبعث اللّه قائما يفرج عنّا الغم و الكربات هذان البيتان قالهما عليه السلام عند ما أنشأ شاعر (أهل البيت) (دعبل الخزاعي) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه بمحضر الامام عليه السلام: قصيدته التائية الخالدة. هذا الشاعر العظيم الذي طالما كان يحمل خشبته على كتفه ليصلب عليها، و هو القائل: لي خمسون عاما أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك. أليك بعض القصيدة. قبور بكوفان و أخرى بطيبة و أخرى بفخ نا لها صلواتي و أخرى بأرض الجوزجان محلها و قبر بباخمرا لدى الغربات و قبر ببغداد لنفس زكيّة تضمنها الرحمن في الغرفات قبور بجنب النهر من أرض كربلاء معرسهم فها بشط فرات لما قرأ دعبل قصيدته فقال له الامام عليه السلام بعد أن أنشد البيتين: ألحقهما بقصيدتك. فقال دعبل: هذا القبر الذي بطوس قبر من؟. قال الامام عليه السلام: هو قبري. و بالرغم من ذلك كله فقد جعل اللّه عز و جل كيدهم في نحورهم و أباد ملكهم، و شتت شملهم، و أخذهم أخذ عزيز مقتدر فجعلهم أيادي سبا، و طرائق قددا، فأعاد مجدها الغابر و هم في جهنم خالدون. هذه مدارسها الدينية أصبحت مليئة برواد العلم و حملة الكتاب و حفاظه و هذه حوزتها العلمية و قد جاوز عدد طلابها الآلاف. كانت للعتبة المقدسة مكتبة ضخمة جدا جاوز عددها الآلاف نهبتها الأيادي الأثيمة، و أحرفت ما تبقى منها. و في الوقت الحاضر لها مكتبة فخمة عظيمة جدا بلغ عدد كتبها خمسين ألف مجلد و فيها من النفائس الخطية ما لا توجد في المكتبات الاسلامية. و كان بوسع هؤلاء الذين يديرون إدارة المكتبة و شئونها: أن يبتاعوا في كل سنة عددا كثيرا من الكتب: الخطية و المطبوعة في كل عام لا يقل عن خمسة آلاف مجلد من بداية تأسيسها إلى عامنا هذا عام 1393 فيبلغ عدد الكتب في خلال هذه المدة و هو خمسون عاما تقريبا: مائتان و خمسون ألف مجلد، مع ما لهذه العتبة المقدسة من الواردات السنوية من أوقافها و ما أكثرها. و قد ساعد في ترتيب هذه المكتبة و تنظيمها في الآونة الأخيرة زميلنا المكرم الفاضل السيد عبد العزيز الطباطبائي حفيد المرحوم (السيد الطباطبائي اليزدي) قدس سره. و في سفري إلى إيران عام 1390 و تشرفي بالعتبة المقدسة بصحبته زرت المكتبة و كان مديرها رجلا فاضلا أديبا من أسرة شريفة تعارفنا معه فرأينا من المصاحف الكريمة الخطية و الكتب النفيسة ما يدهش العقول. ثم بعد التجوال في الأماكن المعدة للمصاحف الكريمة، و الكتب النفيسة و القفائس الخاصة المهيأة لها: ذهبنا إلى غرفة المدير و جلسنا عنده و طال جلوسنا و دار الحديث بيننا و بينه حول الكتب الثمينة النهيبة التي نهبها أعداء الاسلام من البلدان الاسلامية، و التي أحرقتها و لا سيما من محافظة خراسان و بالأخص المدينة المقدسة. و قد أنجبت هذه المحافظة بصورة عامة، و مدينة (خراسان) بصورة خاصة المئات من الأعلام النوابغ خدموا العلم و الدين و لغة الضاد على إختلاف طبقاتهم. هذا تراثهم الخالد ملئت الآفاق، و هذه كتبهم النافعة أصبحت زينة المكتبات لا تجد بلدة اسلامية حتى البلاد الأجنبية تخلو من مصنفاتهم و لا يستغني أي عالم سنيا كان أم شيعيا من مؤلفاتهم فترى العلوم بأنواعها قد زهت على يد علمائها فهم بين فقهاء و أصوليين، و محدثين و مفسرين و حكماء و فلاسفة، و بلغاء و أدباء و شعراء، و أطباء و مؤرخين و رياضيين. هذا (شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي) المؤسس للحوزة العلمية الدينية في (النجف الأشرف) منذ أن حل فيها بعد وقوع الحوادث في (بغداد) بين (السنة و الشيعة) و هروبه منها فقد وضع (شيخ الطائفة) حجرها الأساسي، و بنى مجدها و كيانها حتى أصبحت هذه المدينة المقدسة ببركة هذا العملاق إحدى الجامعات الاسلامية و التي تعد من أكبر المعاهد العلمية الدينية و فيها المدارس الشامخات و لا تزال معمورة و ستبقى عامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج و تشد إليها الرحال من أصقاع البلاد. و كفى لهذه الجامعة فخرا أن أنجبت لحد اليوم الآلاف من أعاظم العلماء، و أساطين الفقهاء ازدان بهم الدهر، و ابتسم بهم العصر. و من هذه الجامعة انتشرت علوم الطائفة الامامية بشتى أنواعها إلى الأصقاع الشيعية، و تعتبر العاصمة للمرجعية الكبرى إلى يومنا هذا. هذه كتب (شيخ الطائفة) الثمينة، و هذه مصنفاته القيمة فقها و أصولا و رجالا و حديثا و تفسيرا، و التي لم تخل أية مكتبة من مكتبات الطائفة الامامية، بل و لا المكتبات الاسلامية منها فقد عكف عليها الأعلام منذ أن جاءت إلى عالم الوجود. و هذا نابغة الزمان، و مفخرة الأيام أستاذ الحكماء و مروج علم النجوم و الأفلاك (الخواجا نصير الدين الطوسي) صاحب الآراء المتبعة، و التصانيف القيمة الذي قال في حقه المؤرخ الشهير (جرجي زيدان) و لقد زها العلم على يد هذا الفارسي كأنه قبس منير في ظلمة مدلهمّة. و هو أول من وضع مرصدا في البلاد الاسلامية في مدينة (مراغة) من بلاد (آذربايجان)، و جمع فيها من الأعلام من أنحاء البلاد. و كانت له مكتبة ضخمة فيها من أنفس الكتب جاوز عددها أربعمائة ألف مجلد. و هذا أستاذ الحكماء، و معلم الأطباء (ابن سيناء) الذي بكتبه وجدت الحركة العلمية الطبية، و بفضلها أسست الكليات و الجامعات في البلاد الغربية و الشرقية. هذا (ابن سيناء) الذي اتفق مؤرخو الفلسفة أنه ألمع اسم في تاريخ العلم، و أكبر فيلسوف من فلاسفة المسلمين الذين برزوا في الفلسفة و الطبيعيات و الطب. هذا (ابن سيناء) الذي طار اسمه و ذاع صيته في الشرق و الغرب و استفادا من كتبه على السواء. هذا (ابن سيناء) الذي ترجمت كتبه باللغة اللاتينية و غيرها عشرات المرات. هذا (ابن سيناء) الذي أذعن بآرائه الفلسفية، و نظرياته الطبية الأوساط العلمية. هذا (ابن سيناء) الذي سيطرت آراؤه على المفكرين و الفلاسفة. و خلاصة الكلام أن (ابن سيناء) فيلسوف منهجي، و صاحب مدرسة فلسفية. ذات نظريات معينة. و طبيب عبقري اكتشف جوانبا كثيرة من العلوم الطبية. و منطقي كبير كشف عن آراء (أرسطو) المنطقية و هذبها. و رياضي فلكي و طبيعي له آثار قيمة فيها. و سياسي تولى الوزارة أيام الملك (شمس الدولة البويهي). هذا (ابن سيناء الذي بتأثير مدرسته الفكرية اقتدى الفلاسفة المتأخرون (كالمحقق الطوسي و السيد الداماد و صدر الدين الشيرازي) الذي هو أول من قال: ب: أصالة الوجود. هذا كتابه (القانون) و قد أصبح من الكتب الرسمية الدراسية في المعاهد العلمية الغربية و مرجعا هاما لطلاب الطب في (جامعات اوربا) الى وقت متأخر. و هذا الشاعر الكبير، و الفيلسوف العظيم (عمر الخيام) صاحب الآراء و النظريات في النجوم و الفلك. له الديوان المعروف المترجم بالعربية و الانكليزية و الفرنسية و الألمانية. و هذا علامة الآفاق: (السيد مير حامد حسين النيسابوري) صاحب (العبقات) هذه الموسوعة العظيمة الجبارة التي ألفت في حديث (الغدير)، و التي لم يؤلف مثلها و هي في مجلدات ضخام. و هذا (أبو حنيفة) رئيس المذهب الحنفي، و شيخ المذاهب الأربع الذي قلده أكثر من ثلاث مائة مليون مسلم سني في أنحاء البلاد، و الذي يفتخر به (اخواننا السنة) و قالوا في حقه: (الامام الأعظم). و هذا (البخاري و الترمذي و النسائي و محمد بن مسلم) أصحاب الصحاح الست التي دارت عليها علوم (إخواننا السنة). و هذا (أبو حامد الغزالي) صاحب مدرسة الفلسفة، و التصوف و مؤلف (إحياء العلوم) و عشرات الكتب. و هذا (الزمخشري) صاحب التفسير العظيم. و هذا (الحاكم النيسابوري) صاحب المستدرك. و هذا (البيهقي) مؤلف التاريخ الكبير. و هذا (السكاكي و التفتازاني) مؤلفا علم الفصاحة و البلاغة و العروض و غيرهم من الفطاحل و النوابغ الذين أصبحوا أساطين العلم و ركائزه، بهم و بعلومهم تدور رحى العلوم الاسلامية.

ص: 67

ص: 68

ص: 69

ص: 70

ص: 71

ص: 72

ص: 73

ص: 74

بزيارة مرقد الامام الثامن (أبي الحسن الرضا) عليه السلام فرحلا حتى تشرفا بزيارته فبقيا هناك أربعة أشهر مستفيضين من فيوضات تلك العتبة المقدسة على مشرفها آلاف الثناء و التحية.

لم يذكر أحد لنا أن الشيخ في سفرته هذه إلى (خراسان) تتلمذ

ص: 75

على أحد من علمائها، كما أنه لم يسجل من كتب تاريخ حياته أنه باحث أو ناظر مع علمائها.

و لعله ذاكر معهم، لكنه خفي على باحثي حياته و لم يصل إلينا.

رجوع الشيخ من خراسان إلى وطنه

غادر الشيخ و أخوه (خراسان) قاصدين الرجوع إلى وطنهما فخرجا منها فجاءا حتى دخلا (طهران) عاصمة إيران أيام (السلطان محمد شاة) القاجاري فحلا في مدرسة (مادر شاه) أم الملك، و بقيا أياما قلائل ثم غادرا (طهران) و ذهبا إلى مسقط رأسهما بعد أن جالا في ربوع (إيران) خمسة أعوام.

اطلع المواطنون الكرام من أهل مدينته على مجيء الشيخ فاستعدوا لاستقباله بتهيئة الوسائل اللائقة بمقامه العلمي و الروحي فنصبوا الخيم و الفسطاط خارج المدينة لكل طبقة فسطاطا خاصا.

جاءهم الخبر بوصول الشيخ يوم كذا فخرجوا بمختلف طبقاتهم و على رأسهم العلماء الأعلام لاستقباله و هم ينتظرون مقدمه الشريف و إذا بشيخنا الأعظم متوجه نحوهم فأحاط المستقبلون بزعيمهم الديني و أبيهم الروحي و كلهم شغف و سرور فنزل الشيخ في لفيف من عشاقه و محبيه بكل تبجيل و تكريم.

رحب (الشيخ) بالمستقبلين و دعا لهم دعاء حسنا، و أثنى عليهم ثناء جميلا بليغا، مع الشكر الجزيل.

ثم ترجل و أخوه و في صحبتهما المستقبلون إلى المدينة فحلا في دارهما و بعد هنيئة تشرف بخدمة الام الحنون الوالدة الطاهرة فقبل يديها حسب عادته المألوفة.

بقي (الشيخ) في وطنه مشغولا بالبحث و التدريس، و حل القضايا

ص: 76

و فصلها، و الاهتمام بالوظائف الشرعية كما هي رسالة رجال الدين فقام بالأمر أحسن قيام.

كان (الشيخ) بعد رجوعه من (خراسان)، و خلال توقفه في وطنه مورد حفاوة الطبقات الروحية، و إكرام الشخصيات الدينية، و إعزاز مختلف الأصناف من المواطنين العارفين بحقه.

ثم اجتمع عنده لفيف من الأفاضل الأماجد ليستفيدوا من نمير منهله العذب فأفاض عليهم من علمه الغزير، و فضله الكثير بفكره الصائب، و ذهنه الوقاد فاستفادوا من شتى جوانبه: علما و ورعا و خلقا و أدبا.

أصبح (الشيخ) وحيدا في التدريس و لا سيما بعد وفاة الفقيه الجليل (الشيخ محسن) شقيق المحقق العظيم فقيه عصره (الشيخ أسد اللّه الدزفولي) صاحب المقابيس جد (أسرة أسد اللّه) (فربى بدوره القصير جيلا من رجالات الدين في مسقط رأسه.

بالإضافة إلى اشتغاله بالتأليف و التصنيف و أداء رسالته الخالدة فقام في هذه المدة الوجيزة خير قيام.

كان الشيخ مكبا على التدريس و البحث و التنقيب إلى أن عزم على الرحيل و مغادرة وطنه، و مجاورة (النجف الأشرف) فغادر دزفول عام 1249 قاصدا (مدينة العلم) بخدمة والدته الحنون، و بخدمته عائلته الكريمة.

و حول مغادرة (الشيخ) وطنه، و مجاورة (النجف الأشرف) قصص و حكايات تروى كل يفسره حسب ذوقه.

و نحن نذكر حكايتين منها:

(إحداهما): إلى الأسطورة أقرب، و إلى الخرافة أنسب.

(ثانيتهما): إلى الواقع أصوب.

إليك الأولى؟

ص: 77

قال بعض: إنه وقع نزاع و تخاصم بين رجلين من مواطني مدينة (دزفول) فتحاكما عند (الشيخ)، حيث هو المرجع الوحيد في فصل القضايا و حلها فتشرفا بخدمته، و حكيا له الواقع فأمرهما بالذهاب و أن يأتيا صباحا فذهبا و أتيا حسب الوقت الذي قرره الشيخ لهما.

ثم توسط أحد رجال المدينة البارزين لأحد المتنازعين، حيث كانت القرابة النسبية تربط بينهما: عند (شيخنا الأعظم) فكتب له كتابا يوصيه فيه، و يؤكد على الشيخ مراعات جانبه.

وصل الكتاب إلى (الشيخ) ففتحه و قرأه فتأثر منه تأثرا شديدا و هو يخاطب نفسه.

عجبا إن أحكام اللّه أصبحت ألعوبة بأيدي رجالات البلد و متنفذيها حتى أصبحوا يتوسطون فيها. و يطلبون منا أن نحكم حسب إرادتهم و ميولهم و نترك حكم اللّه فاستشاط غضبا و من أثر الكتاب عزم على الرحيل، و مغادرة المدينة نهائيا فخرج ليلا و معه الوالدة الحنون، و العائلة الكريمة متنكرا من دون أن يخبر أحدا من أبناء بلدته.

أخذ (الشيخ) في السير ليلا حتى دخل مدينة (تستر) متنكرا.

و في الصباح اطلع المواطنون الكرام على مغادرة (الشيخ) ليلا حيث انتشر الخبر سريعا فأخذوا يسألون عن السبب حتى علموا بذلك فجاءوا خلفه من ساعته ليرجعوه إلى وطنه فدخلوا مدينة (تستر) فتشرفوا بخدمته و أرادوا منه الرجوع فأبى و اعتذر فالتمسوا منه ثانيا فأبى، فألحوا عليه ثالثا فقابلهم بمثل ما قابلهم به أولا، ثم أصروا عليه رابعا، حيث هو زعيمهم الديني، و الأب الروحي، و المصلح الأكبر فاعتذر، ثم ألحوا عليه إلحاحا شديدا و هو يأبى و يعتذر.

لم ير القوم نتيجة لإلحاحهم و إصرارهم فرجعوا من خدمته (بخفي حنين)

ص: 78

و الدموع تسكب و هم يصرخون كالمرأة الثكلى.

هذه خلاصة (الحكاية الأولى).

و أنت ترى أيها القارئ النبيل: عدم انسجامها مع المنطق و العقل و الواقع، إذ كل مدينة لا تخلو من صالح و طالح، و فاسق و فاجر حتى مدينة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله التي هي مهبط الوحي، و مركز التنزيل، فكل مدينة فيها الأسر و البيوتات و الرجال و الشخصيات لهم ميول و اتجاهات كل منهم يريد تنفيذها حسب متطلباته، سواء أ كان المسئول من رجال الدين أم الدولة.

بل هناك قضايا أغرب من هذه، و للتوسع فيها راجع كتب السير و التواريخ تجد صحة ما قلناه.

فلو بنينا على مغادرة البلاد لوجود هؤلاء المتنفذين، و لأمثال هذه القضايا البسيطة لم يبق حجر على حجر، و لأدت البلاد إلى انهيار خلقي أكثر مما يحدث و هم في البلاد، فاللازم على (شيخنا الأنصاري) و زملائه الكرام، و بقية رجال الدين الذين أوجب اللّه عليهم تبليغ الأحكام و تهذيب الأخلاق: الثبات و المقاومة حتى يتمكنوا من إصلاح المفسدين و إرشاد العوام، و توجيههم نحو الخير توجيها صحيحا.

فمغادرتهم البلاد، و تسليمها إلى هؤلاء الجهال و الفساق فرار عن مسئوليتهم الخطيرة المتوجهة إليهم. فتكون مغادرتهم في الحقيقة و الواقع هربا عن الوظائف الشرعية، و تعطيلا للأحكام الإلهية، و هو مستبعد من أمثال هؤلاء العظام الذين هم المثل العليا في التقوى و الصلاح، و التضحية و الارشاد.

إذا فهذه الحكاية إلى الأسطورة أقرب.

ص: 79

الحكاية الثانية:

قال بعض: إن السبب الذي دعا (شيخنا الأعظم) لمغادرة وطنه المألوف، و مجاورة (النجف الأشرف): هي الاستفادة الكاملة من جهابذة علمائها الأفذاذ، و نوابغها الأعلام الذين هم أساطين العلم و عليهم بنيت ركائزه، حيث كان (شيخنا الأعظم) كثير الولع بالاحاطة البالغة على المباني الفقهية و الأصولية من مصدرها، و لذا كان كلما يسمع عن شخصية علمية فذة في صقع من الأصقاع الشيعية الذي يمكن الوصول إليه: يشد الرحال نحوه، ليستفيد منه إن كان أهلا للإفادة، و إلا تركه من غير أن يشعر بذلك، أو يلتفت ذلك العالم بما قصده الشيخ كما عرفت في رحلاته و أسفاره فغادر (شيخنا الأعظم) بلاده بهذه الغاية التي هي غاية مهمة ليس فوقها غاية أخرى لمنهوم العلم، و لا سيما (شيخنا الأنصاري).

فهذه الحكاية هي القريبة للصواب.

دخل (شيخنا الأنصاري) (النجف الأشرف) عام 1249 و كان العلمان الفقيهان (الشيخ علي) كاشف الغطاء، (و الشيخ محمد حسن) صاحب الجواهر زعيمي الحوزة العلمية، غير أن الأول منهما هو المتفرد في المرجعية الكبرى و أمر التقليد.

حضر (شيخنا الأنصاري) معهد بحث هذا العملاق العظيم و اختص به، لغزارة علمه، و تبحره في الفقه و مبانيه، حيث كان يكشف القناع عن غوامض الأسرار، و يحقق لتلامذته مشكلات المسائل، و ينثر الدر و الجوهر على يدي مجتنيهما.

استفاد الشيخ من درس هذا الفقيه العظيم خمسة أعوام من عام 1249 إلى عام 1254 و هي سنة وفاة (الشيخ علي كاشف الغطاء) فبلغ

ص: 80

(شيخنا المترجم) أسنى درجة الاجتهاد، و أعلى قمة الاستنباط فأصبح غنيا عن الكل.

الاجتهاد:

اشارة

و لما انجر الكلام بنا إلى (الاجتهاد) فلا بأس بالاشارة الإجمالية إلى معناه لغة و اصطلاحا، و إلى أقسامه، ثم ذكر التقليد و المقلد فنقول و على اللّه التوفيق.

أما لغة (فالاجتهاد) مصدر باب الافتعال من اجتهد يجتهد.

و معناه: مزاولة العمل و مدارسته إن كان مشتقا من الجهد بالفتح أو استفراغ الطاقة، و بذل الوسع في عمل إن كان مشتقا من الجهد بالضم، و بهذه المناسبة يقال لمن بلغ مرتبة سامية، و درجة رفيعة: المجتهد حيث يستفرغ طاقته، و يبذل جهده في سبيل تحصيل ملكة الاستنباط.

و أما اصطلاحا أي في لسان أهل الشرع و المتشرعة فإنه مختص و معين لخصوص الملكة التي بها يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية الفرعية و يستفرغ الوسع لاستخراج كل حكم فرعي من أصله فهي المدار و القطب و المناط في تحقق الاجتهاد ليس إلا، سواء أ كان معها فعلية الاستنباط أم لا.

و هذه الملكة هي قوة تحصل بعد القدرة الكاملة، و الإحاطة البالغة على جميع منابع الأحكام، و مدارك الاجتهاد من علم اللغة و الصرف، و النحو و المعاني و البيان، و المنطق و الكلام، و التفسير و الحديث و الرجال، و علم الأصول الذي لا غنى عنه بشيء منه، إذ هو الأصل في الفقه.

(و كل الصيد في جوف الفراء)، و قليل من علم الحساب و الهيئة و الهندسة، بالإضافة إلى ما ذكرناه من علم الفقه.

و كل هذه العلوم بقدر الحاجة و الضرورة. لأن الأصل في هذه

ص: 81

المقامات: هو لطف الذوق، و صفاء القريحة، و هي منحة إلهية من قبل اللّه عز و جل فهي غرائز يهبها الباري عز اسمه لمن يشاء من عباده:

(العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يشاء)، و إلا لهذه العلوم مراحل شاسعة، و أودية واسعة لا ساحل لها، فإن الانسان كلما ازداد أنسا بها و مزاولة: ازداد تضلعا و رسوخا في معرفة الخواص و المزايا منها.

فالملكة إنما تحصل للمجتهد بعد طي هذه العلوم فبها يقتدر من الاجتهاد في الفروع و استنباطها، و ردها إلى أصولها توسط الامارات و الأصول المعتبرة شرعا في جميع الأحكام من أول (الطهارات) إلى آخر الحدود و الديات من دون فرق بين باب منها، و باب آخر.

أقسام الاجتهاد:

الاجتهاد على قسمين:

مطلق.

و متجزي.

(فالأول): هي القدرة على استنباط جميع الأحكام الشرعية الفرعية في جميع الأبواب الفقهية من الطهارات، و العبادات، و المعاملات، و العقود و الايقاعات بواسطة تلك الملكة، و القوة القدسية.

(الثاني): يطلق على من اقتدر من الاجتهاد في بعض الأحكام الشرعية، و استنباط جزء منها كالعبادات مثلا، و ذلك بواسطة الملكة أيضا.

(أما الأول) فيصح له الاجتهاد في الأحكام، و الفتوى في مهام الأمور الدينية، و يجوز للآخرين الرجوع إليه و تقليده.

بحكم العقل، حيث يحكم برجوع الجاهل الى العالم في جميع المراتب

ص: 82

من دون اختصاص بجاهل دون آخر، و بعالم دون آخر، و بدور دون دور آخر. بل في جميع الأدوار.

و بحكم النقل كما في قوله عليه السلام: إنه حجتي عليكم.

و يشترط في هذا المجتهد المطلق الذي يجوز تقليده، و يصح للآخرين الرجوع إليه بالإضافة الى ما ذكرناه من العلوم: البوع و العقل و الذكورة و الإيمان و العدالة.

(و أما الثاني): و هو المجتهد المتجزي فلا يجوز للآخرين تقليده لعدم إحاطته باستنباط جميع الأحكام، و استخراج كل حكم فرعي من أصله.

نعم يجوز له العمل فيما اجتهد و استنبط، و عليه التقليد فيما عجز عن الاجتهاد فيه.

هذا بناء على القول بإمكان التجزي في الاجتهاد كما هو مذهب المتأخرين و من سبقهم الى عصر (شيخنا الأنصاري) و هو الحق، حيث إن الاجتهاد من الأمور الاضافية و النسبية فهو ذو مراتب و درجات فيمكن للشخص الحصول التام بعد الممارسة و المزاولة في العلوم الشرعية على باب من أبواب الفقه بفروعه الكاملة فيحصل له قوة قوية جبارة التي يعبر عنها ب:

(الملكة) فبها يتمكن من الاجتهاد في فروع هذا الباب خاصة و استنباطها فهو كالطبيب الخاص الذي له الحذاقة التامة بجزء من البدن كاختصاصه بالعين، أو القلب، أو الصدر، أو الرئة، أو الفم، أو الأسنان فهذا الطبيب قد حصلت له قوة جبارة المعبر عنها ب: (الملكة) عندنا بعد الممارسة و المزاولة في علم الطب حتى أصبح اخصائيا بالقلب مثلا، و ليس له اختصاص في العين، أو الصدر.

نعم هناك طبيب حاذق له الاحاطة الكاملة بجميع البدن فهو اخصائي

ص: 83

في جميع الشئون المرتبطة بالبدن فهو كالمجتهد المطلق الذي أصبح ذو قوة جبارة قوية يتمكن بها من الحصول على جميع أبواب الفقه.

و قد أثبت العلم الحديث أقساما للمجتهدين:

(الأول): المجتهد في الأحكام الشخصية.

(الثاني): المجتهد في القوانين المدنية و له الأهمية الكبرى.

(الثالث): المجتهد في القوانين الجزائية.

(الرابع): المجتهد في القوانين الدولية العامة، أو الخاصة.

(الخامس): المجتهد في القوانين الدولية.

كما أثبت علماء الحديث أيضا أن الاجتهاد المطلق في جميع هذه المراحل محال، أو قريب منه.

و أما على القول بامتناع التجزي في الاجتهاد فليس للمتصف به مجال للاجتهاد في باب خاص و عليه التقليد.

بيان ذلك: أن الملكة الحاصلة للشخص في بعض الأحكام: هي عين الملكة الحاصلة له على الكل.

ضرورة اتحاد المبادي و استواء نسبتها الى الكل، لأن أصول الفقه و قواعده الموضوعة لتحصيل ملكة الاستنباط تستوي فيها جميع أبواب الفقه من بداية الطهارات الى نهاية الحدود و الديات من دون فرق بينها فيكاد يستحيل حصول ملكة الاجتهاد في كتاب الطهارة مثلا إلا بعد الحصول و الوقوف على جميع القواعد الممهدة للاستنباط و الاستخراج فكيف يعقل التجزئة و التفرقة بينها، لأن معرفة تلك الأصول و القواعد المقررة في ذلك الفن إما لفظية أو عقلية، و بعد الوقوف عليها جميعا.

فإما أن تحصل له ملكة الاستنباط في جميع الأحكام، أو لا تحصل

ص: 84

له في شيء من الفقه، و التفكيك في المسبب مع اتحاد السبب لا وجه له و هذه الكبرى الكلية مسلمة لا شبهة فيها.

لكن الكلام في تطبيقها على صغرياتها.

و ما قيل في امتناع التجزي: ببساطة الملكة، و أنها غير صالحة للتجزي: فضعيف جدا، بداهة صلاحية الملكة على بساطتها للشدة و الضعف، و السعة و الضيق.

فالوجه في الامتناع ما ذكرناه من وحدة السبب المقتضي لوحدة المسبب، و اطراده في أمثاله.

نعم لا ريب في تحقيق التجزي، و وقوعه في مقام فعلية الاستنباط و استحالة حصوله دفعة واحدة في جميع أبواب الفقه.

لكن هذه الاستحالة غير مانعة عن تحقق الاجتهاد حتى فيمن لم يستنبط و لو حكما واحدا.

لا يقال: إنه يستحيل عادة حصول اجتهاد مطلق للانسان إن لم يكن مسبوقا بالتجزي فإنه يلزم حينئذ الطفرة و قد ثبت استحالتها.

فإنه يقال: إنه ليس من قبيل الطفرة في شيء، بل هو من قبيل قطع المسافة بنقل الأقدام، و تتابع الخطوات للوصول الى المنزل، فإنها هي المعدات للدخول و إن حصل هو دفعة واحدة.

لكن حصوله بعد تلك المعدات.

فكذلك حصول ملكة الاجتهاد المطلق فإنها و إن حصلت دفعة واحدة إلا أن حصولها بعد تلك المزاولة و الممارسة التي هيأت النفس لقبول ذلك الفيض الإلهي، و الملكة القدسية، لأن الملكة ذات مراتب فلا يطلق الاجتهاد المطلق إلا على المرتبة العليا منها فأين هذا من الطفرة؟

ثم إن الاجتهاد لا يختص بعلم دون آخر، بل يجري في جميع العلوم

ص: 85

و الصناعات، فان الاجتهاد فيها: هو بذل الطاقة البشرية في تحصيل الفن المطلوب. و هذا يحصل في جميع العلوم.

هذا مجمل الكلام في الاجتهاد.

أما التقليد

فله اطلاقان لغة: و هو وضع القلادة في العنق و منه تقليد البعير، تقليد السيف، تقليد المصحف الكريم.

و بهذه المناسبة يقال للهدي: و تقليده:

و شرعا: و هو الأخذ بقول المجتهد و رأيه في الشرعيات فروعا متدينا به، بلا مطالبة دليل.

هذا معنى التقليد لغة و شرعا.

و أما رجوع الجاهل الى العالم في الجملة فمن ضروريات البشر و فطرياتهم الأولية في أكثر أمورهم، و لو لا ذلك للزم كون كل انسان عالما بكل شيء، و لا يكون جاهلا بشيء و هو من المستحيلات الأولية، إلا في شأن الباري عز و جل، فأصل التقليد في الجملة من البديهيات الأولية و من الأمور الفطرية التي جرت عليه سنة اللّه جل شأنه، و لا تبديل لسنة اللّه عز و جل، و لا يلزم فيه التقليد، و إلا لزم الدور أو التسلسل و كلاهما باطلان كما قرر في محله.

و لا الاجتهاد من الكتاب أو السنة، للزوم انسداد باب العلم على العامي العاجز عن الاجتهاد من الكتاب و السنة فرجوع العامي الى العالم و تقليده عنه قد ثبت في الشرعيات بالأدلة الأربعة.

أما الكتاب فقوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ »(1).

بناء على أن المراد من أهل الذكر: هم العلماء.

ص: 86


1- النحل: الآية 43.

و قوله تعالى: فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» (1)

بناء على أن وجوب إنذار المنذرين بالكسر يدل على وجوب قبول المنذرين بالفتح بطريق أولى.

و أما السنة فطوائف:

منها: ارجاع (الأئمة من أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين إلى أفراد من أصحابهم كمحمد بن مسلم و يونس بن عبد الرحمن و أضرابهم.

و منها: عمومات قولهم عليهم الصلاة و السلام: إنه حجتي عليكم.

و منها: عموم قوله عليه السلام: فللعوام أن يقلدوه.

و أما الاجماع فكاد أن يكون الأمر فوق ذلك الى حد يكون من ضروريات الدين.

و أما العقل: فلأن وجوب تحصيل الواقع على كل مكلف بالعلم أو العلمي يستلزم العسر و الحرج، بل اختلال في النظام.

و كذلك العمل بالاحتياط أيضا موجب للعسر و الحرج و اختلال النظام فيتعين الرجوع الى العالم.

ثم إن كل ما قلناه في الاجتهاد و المجتهد، و التقليد و المقلد بناء على رأي (الامامية الاثني عشرية) من أن للّه عز و جل في كل واقعة من الوقائع، و حادثة من الحوادث حتى أرش الخدش حكما من الأحكام الخمسة الوجوب، أو الندب، أو الحرمة، أو الكراهة، أو الاباحة إذ ما من عمل من أعمال المكلفين من حركة أو سكون الا و للّه عز و جل فيه حكم من تلك الأحكام.

ص: 87


1- التوبة: الآية 123.

و كذا العقود و الإيقاعات فقد ورد فيهما من الشرع حكم من الصحة أو الفساد، و كل هذه الأحكام مودعة من اللّه عز اسمه عند نبيه خاتم الأنبياء صلى اللّه عليه و آله بطريق الوحي، و الإلهام، ثم بيّن صلى اللّه عليه و آله كثيرا من هذه الأحكام للناس، و لا سيما لأصحابه الحافين به و الطائفين كل يوم بعرش حضوره.

نعم هناك أحكام لم توجد الدواعي و البواعث لبثها و بيانها، لعدم الحاجة إليها، و الابتلاء بها، أو لعدم اقتضاء المصلحة لنشرها فحكمة التدرج في التبليغ اقتضت بيان قسم من الأحكام، و كتمان جملة منها.

لكنه صلى اللّه عليه و آله أودعها عند (أوصيائه الأطهار) كل وصي يودعها عند وصيه حتى ينشره في الوقت المناسب لبثها حسب الحكمة و المصلحة من عام مخصص، أو مطلق مقيد، أو مجمل مبين فكثيرا ما يذكر صلى اللّه عليه و آله عاما ثم بعد برهة من الزمن يذكر مخصصه، و لربما لم يذكر المخصص أصلا، لحكمة اقتضت ذلك فأودعه عند أوصيائه، ليذكروه عند ما اقتضت الحكمة لنشره.

و هناك أسباب أخرى غير ما ذكرناه دعت إلى اخفاء قسم من الأحكام و عدم بيان المخصص، و المقيد، و المبين. خذ لذلك مثالا:

إن الأحاديث الصادرة عن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله في حياته الشريفة قد اختلف الصحابة في فهمها، لاختلاف مراتب فهمهم و قريحتهم الذاتية كما قال عز من قائل: انزل من السّماء ماء فسالت أودية بقدرها. فالماء نزل في وقت واحد على نسق واحد، لكن الأودية و الغدران حسب سعتها و ضيقها جرى الماء فيها فكل واد و غدير أخذ مقدار ظرفيته و استعداده من الماء المنزل من السماء.

و قد يسمع الصحابي من النبي صلى اللّه عليه و آله حكما في واقعة

ص: 88

و يسمع الآخر في تلك الواقعة حكما آخر مخالفا للحكم الأول لخصوصية في أحدهما المقتضية لتضاد الحكمين من غير التفات الآخر لهذه الخصوصية أو كان ملتفتا إليها، لكنه غفل عنها فلم ينقلها مع الحديث الذي سمعه عن النبي صلى اللّه عليه و آله فحصل التعارض و التنافي و التغاير في الأحاديث ظاهرا دون الواقع فبهذا و ذاك احتاج الناس الى الاجتهاد و النظر في الأحكام حتى نفس الأصحاب الذين كان لهم شرف الحضور فكانوا يجتهدون فيها و يفتون فيما اجتهدوا فيه حسب رأيهم و نظرهم.

و كل ما نقلناه في هذا الباب بناء على أن باب الاجتهاد كان مفتوحا من زمن النبوة الى عصر الصحابة، و الى عصرنا هذا.

نعم يختلف الاجتهاد في عصر النبوة و الصحابة و عصرنا هذا، حيث كان في العصر الأول خفيف المئونة سهل التناول، لقرب عهد الصحابة بعهد النبوة، و كثرة القرائن، و إمكان السؤال المفيد للعلم القاطع.

بخلاف عصرنا هذا، فإنه يحتاج الى مئونة زائدة.

أيها القارئ النبيل هذه لمحة خاطفة موجزة عن (الاجتهاد و المجتهد و التقليد و المقلد) تلوناها عليك، لتكون بصيرا في ذلك، و تعرف موجز القول في (الاجتهاد و التقليد).

أساتذة الشيخ:

اشارة

من البديهي أن لكل طالب علم ديني كبقية طلاب العلوم الأخرى:

دراسات بدائية، و دراسات نهائية بها يتوصل إلى أسنى المراتب، و أسمى المعارج من طلبة أي العلوم كان.

و مما لا شك فيه أن (شيخنا الأعظم) كان أحد طلاب هذه العلوم و روادها فسيرته كسيرتهم. فله دراسات أولية، و دراسات ختامية.

ص: 89

فلنشرع الآن في هاتين المرحلتين:

(الأولى): دراساته البدائية و نعني بهذه الدراسات: المقدمات الأولية الوسطى بعد الفراغ عن علوم اللغة و الأدب، و علم البلاغة و المنطق.
(الاستاذ الأول): عمه العلامة الجليل (الشيخ حسين) الأنصاري

(الاستاذ الأول): عمه العلامة الجليل (الشيخ حسين) الأنصاري(1)

فقد استفاد الشيخ جل دراساته البدائية من عمه الجليل.

أليك موجز حياته:

كان هذا الفقيه النبيل من تلامذة الفقيه العظيم الأصولي الكبير (السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض).

حضر أبحاث السيد في (كربلاء) فاستفاد من غزارة علمه، و نمير منهله حتى بلغ مرتبة رفيعة سامية من الاجتهاد فرجع الى وطنه المألوف فصار مرجعا دينيا فتصدى للإفتاء و القضاء، فبذهنه الوقاد، و عقله الجبار قام بالأمور أحسن قيام.

كان له حوزة بحث اجتمع فيها الأفاضل، و التف حوله الفطاحل فاستفادوا من غزارة علمه، و طول باعه و منهم (شيخنا الأنصاري) فقد استفاد أوليات دراساته من هذا العم الجليل فنال منه شطرا وافرا من الفقه و الأصول حتى ركز عليهما دعائهما.

لبّى نداء ربه الكريم عام 1253.

(الأستاذ الثاني): الفقيه الكبير (السيد محمد المجاهد) نجل (السيد علي صاحب الرياض).

و قد عرفت في ص 30 أن الشيخ في سفرته الأولى عند ما جاء الى (العراق) و تشرف بزيارة مرقد (الامام أبي عبد اللّه الحسين) عليه السلام تشرف

ص: 90


1- كان هذا الرجل من أبرز رجالات أسرته الكريمة، و أشهر من نبغ من هذا البيت الرفيع و قد أشرنا إليه في ص 29.

بخدمة والده لزيارة السيد في معهد درسه، و كان المجلس مكتظا بالأفاضل الفطاحل و الحوار و النقاش كان في جوانب صلاة الجمعة فأمر (السيد المجاهد) والد الشيخ بإبقاء ولده في كربلاء حين رأى منه النبوغ و المواهب فبقي الشيخ متتلمذا عنده الى أربعة أعوام حتى وقعت حادثة (داود باشا) التي ذكرناها في ص 32-35 فاضطر العلماء الى مغادرة كربلاء و منهم الشيخ فاستفاد الشيخ من علميته الجبارة الى أن بلغ مرتبة الاجتهاد.

كان السيد المجاهد أكبر أنجال (السيد صاحب الرياض) و من أسباط الأستاذ الأكبر (الوحيد البهبهاني).

حضر (السيد المجاهد) أبحاث السيد والده العظيم: الفقه و الأصول حتى نال جل المواضيع الهامة فيهما فبرزت مقدرته العلمية فنال ما نال.

يعد (السيد المجاهد) من الرعيل الأول في الفقه و الأصول، و له الرئاسة و المرجعية الكبرى.

و (للسيد المجاهد) بالإضافة الى مراتبه العلمية ملكات فاضلة و له في العبادة و الزهد جانب عظيم.

كان (السيد المجاهد) في (كربلاء) مسقط رأسه الى أن وقعت حادثة الوهابية(1) تلك الحادثة الدامية بكثرة ما تضمنت القتل و النهب و الدمار، و إراقة دماء الأبرار و الأعلام و الأخيار.

هاجر (السيد المجاهد) بعد وقوع الحادث (كربلاء) و سافر الى (ايران) فحل في اصفهان ثم بعد أيام تشرف لزيارة مرقد (الامام الثامن) عليه السلام في خراسان، ثم رجع الى أصفهان و حط رحله فيها الى أن جاءه نعي وفاة والده العظيم.

أصبح (السيد المجاهد) من الأعلام البارزين في (اصبهان).

ص: 91


1- أليك خلاصة الحادثة الدامية: ظهر في (البلاد الحجازية) رجل اسمه (محمد بن عبد الوهاب ابن سليمان التميمي) كان من أعراب نجد فنشأ و ترعر حتى أخذ في بداية عمره عن علماء (مكة و المدينة) و كانوا يتفرسون فيه الضلال و الإضلال كما أن والده كان يتفرس فيه ذلك، و يحذر الناس منه. ثم جاء الى (البصرة) فأقام فيها فتتلمذ على الشيخ (محمد مهدي البصري) و بقي هناك محصلا للعلوم ثم ذهب الى الحجاز فآل أمره الى اتباع الهوى، و الاغترار بالأباطيل و المنى فاخترع مذهبا خارجا عن فرق الاسلام بناه على أنقاض ما أسسه (ابن تيمية) الحرانى. و كانت بداية ظهوره عام 1143، لكن اشتهر أمره عام 1150 فاظهر العقيدة الزائفة في (نجد و قراها). و مما جاء به و اخترعه: تحريم الاكرام بالموتى حتى (الأنبياء و الأئمة) عليهم السلام فاظهر مذهبه فاجتمع حوله خلق كثير من أعراب تلك البلاد و نواحيها فتبعوه. كانت أصول دعواه مبنية على التوحيد، و ترك الشرك باللّه، و تحريم البناء على القبور و زيارتها، و لمسها و تقبيلها، و تحريم الصلاة عندها: و هو يريد مراقد (أئمة أهل البيت). تلكم المراقد المشرفة التي شرفها اللّه عز و جل بقوله عز من قائل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ. و من جملة ما أتى به و أفتى بذلك: وجوب هدم القبور و الأبنية القائمة عليها، و وجوب متابعة من شهر بالسيف من هذه الفئة الفتية و أن رأيه متبع حسب مقتضيات الزمن، و متطلبات الظروف، و أنه لا عبرة بقول الميت أبدا، لأن الحي أشرف منه مهما بلغ الميت. وفد بلغت به الجرأة حتى قال كلمته الشيعة: (عصاى خير من محمد، فإنها تنفع و محمد لا ينفع). اشتهر هذا المذهب ب: (المذهب الوهابي) باسم أبيه. و المذهب هذا مخالف للمذاهب الاسلامية الأخرى و يكفر فرق المسلمين و ينبزونهم بالشرك و الإلحاد. جاء هذا المبدع الجديد الى (عبد العزيز) شيخ أعراب نجد و كان حنبليا فأظهر له مذهبه فتبعه و اعتنق مذهبه. (شنشنة أعرفها من أخزم): كان الهدف الوحيد من وجوب هدم القبور: هدم قبور (الأئمة من أهل البيت) في العراق و الحجاز. جاء ابن عبد الوهاب مع (عبد العزيز السعود) الذي قوى إمارته من طريق الدين باتباعه (محمد بن عبد الوهاب). كما أن (ابن عبد الوهاب) قوى مذهبه و دعوته من طريق السيف باتباع (عبد العزيز السعود) له و انتصاره به: مع جيشه قاصدين (المدينة المنورة) حتى أتوا البقيع فهدموا القبور، و نهبوا ما في الحرم من الذخائر، ثم نهبوا النفائس (الحرم النبوي الطاهر) ثم ارتكبوا الجرائم و المآثم في المدينة ثم رجعوا الى موطنهم فبنوا في (نجد) حصنا سموه: (الدرعية) فقوي أمره شيئا فشيئا. ثم قصد الاستيلاء على (النجف الاشرف) فهجمها مرة بعد اخرى فلم يتوفق فرجعوا على أعقابهم خائبين خاسرين. ثم جاء (سعود بن عبد العزيز) بايعاز من أبيه مع جيشه الجرار و قد بلغ عددهم اثني عشر الفا قاصدين مهاجمة (كربلاء). جاء المهاجمون حتى وصلوا سور المدينة ليلا فأخذوا في ثقب ثغرة من ثغور سورها حتى تمكنوا من الدخول فدخلوها صبيحة يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام عام 1216، و قد ذهب جل أهاليها الى (النجف الأشرف) لزيارة مرقد (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام بمناسبة زيارة الغدير، لمكانة هذا اليوم عند (الشيعة الامامية)، حيث نصب في مثل هذا اليوم عام حجة الوداع (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله (عليا) صلوات اللّه عليه للإمرة و الولاية: بأمر من اللّه عز و جل في قوله عز من قائل: يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ المائدة: الآية 67. دخل المهاجم بجيشه (كربلاء) فجأة و على حين غفلة من أهلها فدهش الأهالي من كثرة الجيوش و استعدادهم فاخذوا في الفرار و هم حيارى. أخذ المهاجم في القتل و إراقة الدماء في طريقهم و أسرفوا حتى دخلوا الحرم المقدس فقتلوا كل من كان في الحرم الطاهر و لائذا به، و كانوا أكثر من خمسين رجلا و امرأة ثم بدءوا بأعمال تخريبية من هدم الأسس و الجدران، و قلع المرايا و الزجاج و الزخارف، ثم أحرقوا الصندوق المطهر جرأة على انتهاك حرمة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، و كأنهم لم يسمعوا قول اللّه عز و جل: «قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ» فهتكوا حرمة الرسول بأعمالهم الوحشية: من قتلهم اللاجئين بقبر (الحسين) عليه السلام سيد شباب أهل الجنة، و خامس أهل الكساء. لم يكتف المهاجم بذلك فأخذ في نهب النفائس و المجوهرات و السجاد الفاخر و المعلقات الثمينة، و الشمعدانات و قلع الأبواب المرصعة بالأحجار الكريمة، ثم خرج من الحرم فاخذ في قتل من كان في الصحن الشريف و قد جاوز عددهم خمسمائة شخص. ثم خرجوا من الصحن فأخذوا في قتل أهل المدينة المقدسة فعاثوا فيها فقتلوا فيها قتلا فضيعا كأنما لم يكن في قلوبهم رقة و رحمة فجعلوا سيوفهم في رقاب المؤمنين الأبرار و لم يرحموا طفلا صغيرا، و لا شيخا كبيرا، و لا مريضا زمنا، و لا مسجى و هو يعانق الموت إلا قتلوه و لم يرقبوا للمؤمنين إلا و لا ذمة. أباح المهاجمون القتل الفضيع في أهالي المدينة المقدسة ستة ساعات و قد جاوز عدد القتلى الآلاف، و بلغ عدد الجرحى عشرة آلاف. لم يقتنع العدو بقتل هؤلاء حتى جعل سيفه في رقاب العلماء حملة الكتاب و السنة، و في رقاب حفاظ القرآن الكريم، و السادات من ذرية الرسول و منهم (سادن الروضة الحسينية) متقصدين قتله. ثم قصدوا دار السيد (صاحب الرياض) والد سيدنا المترجم الذي كان من الأعلام، و من أشخص رجالات الشيعة لقتله، و قتل عائلته برمتهم. اطلع السيد على نواياهم السيئة فأخرج حالا عياله و أطفاله من داره و أرسلهم الى خارج المدينة في مكان بعيد مأمون عن أذاهم و كيدهم، و بقي هو و طفل رضيع له قد نسي أخذه معهم، لكثرة القلق و الخوف الواردين على أهل المدينة بصورة عامة، و على عائلة السيد بصورة خاصة. صعد السيد و معه طفله الرضيع الى الطابق الفوقاني و كان فيه حزمة حطب فاختفى السيد مع طفله تحت هذه الحزمة. دخل العدو دار السيد مهاجما فنهبوا ما فيها من كل شيء ثم جعلوا يجوسون الغرف و الزوايا من الدار و هم يريدون ضالتهم و هو السيد و ينادون بصوت عال: أين مير علي أين مير علي أين مير علي ففتشوا الدار عاليها سافلها، فلم يعثروا على ضالتهم، ثم صعدوا الطابق الفوقاني فلم يجدوا إلا حزمة الحطب فجعلوا يفتشون عنه و نقلوا بعض الحطب من مكان و يجعلونه في مكان آخر و السيد و طفله الرضيع تحت حزمة الحطب فأعمى اللّه أعينهم عن رؤية السيد و طفله. و من عجيب الأمر أن الطفل الرضيع لم يبك و لم يصرخ في خلال هذه المدة التي جاس العدو الدار من عاليها الى سافلها و من طبيعة الطفل البكاء و الصراخ. نعم هذه الأفعال نتيجة تجرد الانسان عن المثل الانسانية، و النواميس الأخلاقية، فإن الانسان اذا مات ضميره انتزعت الرقة و الرأفة و الشفقة و الرحمة و العطف و الحنان عن قلبه فينكر جميع القيم الانسانية فيصبح هو و السبع الضاري على حد سواء، إلا أنه من ذوات الأربع، و هو مستقيم القامة، ماش على قدميه. و لربما يكون أضر و أخطر و أفتك منه. أيها القارئ النبيل هذه عملية ارتكبها هؤلاء الذين يدعون التوحيد و يظهرون الاسلام بطائفة كبيرة من المسلمين من أهم الطوائف الاسلامية و هم لائذون بقبر (الحسين سبط الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله الذي أراق دمه في سبيل إحياء دين جده و هو حي يرزق عند اللّه و قد قال العزيز جل جلاله: «وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ». آل عمران: الآية 169. و تلك عملية (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله مع المشركين في جميع غزواته و فتوحاته في حق النساء و الأطفال و الشيوخ و المرضى و الأعرج و الأعمى حتى في حق الحيوانات و الأشجار. كان صلى اللّه عليه و آله حينما يفتح يصدر بيانا رسميا يقول فيه و يؤكد: لا يتعرض أحد من المسلمين الفاتحين أحدا من المذكورين، و كان يهتم بشأنهم، و يبالغ في الحفاظ عليهم. أيها القارئ النبيل جرد نفسك عن النعرات الطائفية و قارن بين فعله صلى اللّه عليه و آله، و بين فعلهم ثم أحكم و أنصف و إن شئت فقل: و اللّه ما هي إلا ثارات بدر و حنين كما قال ابن الزبعرى: يا غراب البين أسمعت فقل إنما تندب شيئا قد فعل إن للخير و للشر مدى و كلا ذلك وجه و قبل و كما قال يزيد بن معاوية: ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لست من خندف إن لم انتقم من بني أحمد ما كان فعل و كما قال أيضا: نعب الغراب فقلت: صح أو لا تصح فلقد قضيت من الغريم ديوني ما ذا فعل محمد حتى ينتقم منه ابن معاوية ابن آكلة الأكباد. و ما ذا كانت ديونه حتى يقضيها ابن معاوية منه. كانت هذه الحادثة أيام (علي باشا) و كان الحاكم على (كربلاء) يوم ذاك (عمر آغا) و هو رجل من النواصب يبغض (أهل البيت) و شيعتهم و قد تواطأ مع هؤلاء المهاجمين سرا قبل مجيئهم، و لما قربت فلولهم و دخلوا المدينة غادر (كربلاء) و لم يستعمل شيئا لحماية المدينة المقدسة و مقابلة العدو، و ذهب الى الهندية.

ص: 92

ص: 93

ص: 94

ص: 95

ص: 96

ص: 97

فصار مرجعا دينيا، و زعيما روحيا، و بعد أيام قلائل اجتمع عنده الأفاضل، و التف لديه الفطاحل فاستفادوا من منهله العذب، لسلاسة بيانه، و طلاقة لسانه.

كان يفسر المطالب الغامضة، و المسائل الدقيقة باسلوب حسن بديع يسهل على الطالب فهمها و أخذها فلأجله حضر معهده الشريف جميع الأعلام

بقي (السيد المجاهد) في (اصفهان) ثلاثة عشر عاما زعيما دينيا و علميا الى أن جاءه نعي وفاة والده العظيم في كربلاء عام 1232 فغادر اصفهان قاصدا كربلاء فحل فيها مرجعا عاما، و زعيما علميا فذاع صيته في الأصقاع الشيعية، و اشتهرت مكانته العلمية في الأوساط الثقافية حتى تفرد في الزعامتين. الزعامة الدينية، و الزعامة العلمية.

ربي (السيد المجاهد) بدوره تلامذة أفاضل، و علماء نوابغ أمثال (الأستاذ شريف العلماء، و ملا صالح المازندراني، و شيخنا الأعظم) و غيرهم ممن ازدان الدهر بهم.

ناهيك هذا العملاق العظيم، و العبقري الكبير (الشيخ الأنصاري) الذي عكف على مصنفاته كل من أتى بعده.

مؤلفات السيد المجاهد:

(للسيد المجاهد) مؤلفات ثمينة، و مصنفات قيمة. أليك أسماء آثاره العلمية.

1 - (المناهل) في الفقه: و هو كتاب عظيم نافع جدا، جامع للأدلة و الأقوال، حاو للفروع و الآراء.

قيل: لم يكتب مثله في الفقه.

2 - (الوسائل) في الأصول.

3 - (المصابيح) في الفقه.

ص: 98

4 - (الإصلاح) في الفقه.

5 - (جامع العبائر) هذا الكتاب مشتمل على عبارات كتب الفقهاء الراجعة الى المباحث الفقهية.

6 - (الأغلاط المشهورة) و هذا الكتاب كثير نفعه، حيث اشتمل على الأغلاط المشهورة عند الناس و قد صححها السيد بكتابه هذا بالأدلة القاطعة.

7 - (حجية الشهرة) في الأصول.

8 - (حجية المظنة) في الأصول.

9 - (الاستصحاب) في الأصول.

10 - (جامع المسائل) في الفقه.

11 - (إصلاح العمل) في العبادات.

و للسيد آثار علمية أخرى تركنا ذكرها خوف الإطالة.

وفاته:

لبى دعوة ربه الكريم في ايران بعد رجوعه من الحرب الفاشلة عام 1242 و بقي جثمانه هناك ثم نقل الى كربلاء و دفن في مقبرتهم الخاصة الواقعة في السوق المعبر عنه ب: (سوق الحرمين).

(الأستاذ الثالث): (شريف العلماء المازندراني).

قد استفاد (شيخنا الأنصاري) من غزارة علم هذا الفقيه الجبار عند سفرته الأولى، و الثانية الى العراق، و لا سيما في سفرته الثانية التي بقي فيها سنتان سنة في (كربلاء)، و سنة في (النجف الأشرف) متتلمذا عند فقيه العصر (الشيخ موسى كاشف الغطاء).

كان (الأستاذ شريف العلماء) من فحول الفقهاء، و من محققي علم الأصول، و من نوابغ الدهر، و نوادر العصر، له جزالة الكلام، و سرعة

ص: 99

الانتقال، و طلاقة اللسان، و عذوبة البيان، و الغلبة على الأقران في المسائل الفقهية و الأصولية و الكلامية، و له المهارة الخارقة في الجدل و المحاضرات.

ما ناظر أحدا إلا غلبه، و لا باحث فقيها في مسألة إلا فاقه.

و الخلاصة: أنه كان آية في الذكاء، و شعلة وهّاجة في البيان و التحقيق، قل نظيره في أقرانه مع صغر عمره.

كان للأستاذ شريف العلماء مجلسان للتدريس:

مجلس للأفاضل الأعلام الذين لم يبلغوا المراتب السامية.

و مجلس للفطاحل الذين نالوا أسمى الدرجات، و أسنى المراتب أمثال (سعيد العلماء المازندراني، و شيخنا الأنصاري، و صاحب الضوابط و ملا آغا الدربندي، و ملا اسماعيل اليزدي).

و في الحقيقة المجلس الأول لمن بلغ بداية الاجتهاد، و المجلس الثاني لمن أنهى الاجتهاد و بلغ قمته.

كان الأستاذ من تلامذة (السيد المجاهد، و صاحب الرياض) ثم استقل بالتدريس و الإفادة.

اهتم (شريف العلماء) بتربية الأفاضل، و بالغ في ذلك، و أفنى حياته الغالية في هذا الصدد حتى أنجب رجالا فطاحل، و علماء نوابغ مر ذكرهم آنفا.

لم يهتم (شريف العلماء) بعد اهتمامه بتربية الأفاضل: بالتأليف و التصنيف، و لذا لم يخلف لنا تأليفا مع غزارة علمه، و كثرة إحاطته بالمسائل الفقهية و الأصولية. و الكلامية.

نعم له كتاب واحد ألفه في مبحث أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه من مباحث علم أصول الفقه.

انتقل (الأستاذ شريف العلماء) الى الرفيق الأعلى، و جاورت روحه

ص: 100

أرواح السعداء بمرض الطاعون عام 1245 في (كربلاء)، و هو في العقد الخامس من عمره المبارك.

شيع جثمانه الطاهر بتشييع عظيم شارك فيه جميع الطبقات، و دفن في سرداب بيته الخاص، و قبره هناك معروف يزار فرضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

(الأستاذ الرابع): المحقق العظيم، الفقيه النحرير، (المولى أحمد النراقي)

الذي مر شرح حياته في صحيفة 48-58.

و قد ذكرنا أن الشيخ في جولته إلى ربوع ايران بقي في (كاشان) متتلمذا على المولى النراقي أربعة أعوام بعد أن تتلمذ على العلمين الفقيهين الأستاذين: (السيد المجاهد و شريف العلماء) خمسة أعوام، و كانا آيتين في الفقه و الأصول، و مبانيهما، و كانا محوري التحقيق و التدقيق في الحوزة العلمية (بكربلاء).

خرج الشيخ من (كربلاء) و هو مجتهد قد بلغ مراتب الاجتهاد أسماها فحضوره لدى هذا العملاق العظيم، و تتلمذه عليه أربعة أعوام دليل على تبحره في العلوم، و تعمقه في المباني الفقهية و الأصولية، و أنه بحر زخار تنفجر منه ينابيع العلوم.

و على أعلميته من العلمين المذكورين، فحضوره عنده كان حضور استفادة و استذادة، و لم يكن (شيخنا الأنصاري) مجاملا، و لا مرائيا و لا طالبا لحطام الدنيا حتى يقال: كان حضوره لأجل هذه الغايات.

و أنت ترى أن الشيخ في جولته الى البلاد المذكورة قد اجتمع مع شخصيات فذة لهم شهرتهم الخاصة في المجتمع الاسلامي، و الأوساط العلمية و باحث معهم و ناظرهم.

لكنه لم يبق عندهم و لم يستفد منهم سوى ما استفاده من هذا العملاق.

ص: 101

هذا ما أذهب إليه و أعتقده، و لكل رأيه و عقيدته

(الأستاذ الخامس): فقيه عصره، و نابغة الزمن (الشيخ موسى كاشف الغطاء).

و قد مضى في شرح حياة الشيخ ص 36: أن (شيخنا الأنصاري) تتلمذ عليه في رحلته الثانية الى (العراق) ما يقرب من سنة كاملة، أو أكثر بعد أن رجع من كربلاء و بقي في (النجف الأشرف) مستفيدا من منهله العذب فلا نعيده عليك راجع هناك.

(الأستاذ السادس): فقيه العصر (الشيخ علي كاشف الغطاء)

استقل بالبحث و التدريس و التقليد بعد وفاة أخيه فحضر معهد بحثه الأعلام و استفادوا من غزارة علمه فلم يزل يكشف لهم من غامضات الأسرار و الحجب، و ينثر عليهم من فوق أعواده، و يحقق لهم مشكلات يعجز عن الوصول إليها أولو التحقيق.

و ممن استفاد من نمير منهله العذب (شيخنا الأنصاري) فحضر مجلس درسه الميمون من عام تشرفه (بالنجف الأشرف) و هي سنة 1249 - الى عام وفاة الأستاذ و هي سنة 1254 فكانت مدة استفادته منه خمسة أعوام.

فهؤلاء الأعلام الست الذين كانوا من مفاخر الدهر، و نوابغ العصر و أساطين العلم هم أساتذة (شيخنا الأنصاري) بدوا و ختاما.

و لم أر من صرح باستاذ غيرهم للشيخ و أنه تتلمذ عليه، حتى أن زميلنا المكرم حفيد أخ (الشيخ الأعظم) الذي كتب عن حياة عمه الجليل في كتابه: (زندگانى و شخصيت شيخ مرتضى أنصاري) لم يذكر سوى ما ذكرناه لك، مع أن المؤلف قد أسهب في حياة الشيخ، و لم أهتد لحد التاريخ الى من يدلني على غيرهم، و سألت بعض الأفاضل من رجالات الحوزة العلمية في (النجف الأشرف) فلم يفيدوا أكثر مما ذكرنا.

ص: 102

نعم هناك بعض الأقوال حول تتلمذ الشيخ لدى فقيه العصر العالم الرباني (الشيخ محمد حسن) صاحب الجواهر أعلى اللّه مقامه الشريف.

و قد اختلفت كيفية النقل المذكور.

قيل: كان يحضر للاستفادة.

و قيل: كان يحضر متيمنا و متبركا بمجلس درسه الشريف، بعيدا عن حلقة الدرس، مكتفيا بسماع صوت الشيخ و همهمته الشريفة، و لهذا التباعد عن محفل الدرس ظن بعض تلامذة (الشيخ صاحب الجواهر) أنه مستعط فقير الحال يحضر للحصول على دريهمات.

و قال بعض الآخرين من تلامذته: إنه ذو فضل، فوقع النزاع بين تلامذة (الشيخ صاحب الجواهر) حول (الشيخ الأنصاري) فاستقر رأيهم على اختباره و امتحانه حتى ينكشف القناع.

و من حسن الصدف أن (الشيخ صاحب الجواهر) كان بحثه في تعارض الأخبار، و تضاربها في موضوع واحد، و هذه الأخبار تسمى ب: (الأخبار العلاجية)، و التي جمع بينها (شيخ الطائفة) بالجمع التبرعي و بعض بالمرجحات السندية، أو الخارجية، أو الجهتية، و جرت مباحثات حول المسألة فأنهى (الشيخ صاحب الجواهر) رأيه الى تقديم أدلة الأجزاء و الشرائط على أدلة إطلاق أصل الواجب.

فهنا وجد تلامذة (الشيخ صاحب الجواهر) ضالتهم فقالوا لا بد من اختبار الشيخ عن سر تقديم أدلة الأجزاء على أدلة إطلاق أصل الواجب.

فوقع انتخاب هذا الاختبار على (المحقق الرشتي) صاحب (بدائع الأفكار) و أنه يباشر الامتحان.

(جاء المحقق الرشتي) نحو (الشيخ الأنصاري) و هو يريد اختبار و لم يجتمع لحد ذلك اليوم مع (شيخنا الأنصاري) فسأله عن المسألة المبحوث

ص: 103

عنها في اليوم الماضي، و عن سر تقديم (الشيخ صاحب الجواهر) أدلة إطلاق الأجزاء و الشرائط على أدلة إطلاق أصل الواجب.

فاجاب (الشيخ الأنصاري): السر في ذلك هي الحكومة، حيث إن إطلاق دليل الجزئية حاكم على اطلاق دليل الواجب، فهو حاكم و ذاك محكوم.

فتعجب (المحقق الرشتي) لما قرعت هذه الكلمة: (الحكومة) سمعه، و أدهشه الجواب، لبعدها عن الأذهان، بالإضافة الى أنها لم تسمع لحد ذلك اليوم من العلماء القدامى الذين صنفوا في الأصول (كشيخ الطائفة، و العلامة الحلي، و صاحب المعالم، و شيخنا البهائي، و الميرزا القمي و الشيخ محمد تقي الاصفهاني، و صاحب الضوابط): هذه الكلمة و لا ذكروها في كتبهم.

علم (المحقق الرشتي) أن المختبر و الممتحن بالفتح ذو فضل غزير لا يقاس به الآخرون من تلامذة (الشيخ صاحب الجواهر).

فسأل (المحقق الرشتي) عن (الشيخ) عن معنى الحكومة و عن الحاكم و المحكوم.

فأجاب الشيخ: أن معرفة معنى الحكومة و الحاكم و المحكوم يحتاج الى بحث يستغرق ستة أشهر حتى يتبين لكم معنى الحكومة و الحاكم و المحكوم و لا يمكنني و لا يسعني في هذه العجالة إفهام هذا البحث العميق.

و لا يخفى على ذوي الدراية أن موضوعا واحدا يحتاج الى دراسة ستة أشهر فيه نوع من الأهمية البالغة.

اعترف (المحقق الرشتي) للشيخ بمقامه العلمي الرفيع بعد هذه البحوث سؤالا و جوابا، و تيقن أن منطقه فوق مستوى منطق الآخرين.

و من هنا ابتدأت علاقة (المحقق الرشتي) (بالشيخ الأنصاري)

ص: 104

علاقة التلميذ بالأستاذ فلازمه ملازمة الظل فحضر بحوثه الفقهية و الأصولية فاستفاد من منهله العذب استفادة كاملة حتى أصبح من مبرزي تلامذته و من مرموقي حوزته.

و لما انجر بنا الكلام الى (الحكومة) لا بأس بالاشارة الى تلقيب الشيخ ب: (المبتكر) الذي يعنون به: أنه المبتكر للحكومة.

فنقول: إن من يطلق كلمة المبتكر على الشيخ: يريد بذلك أن كلمة (الحكومة) في بحث الفقه و الأصول كلما توجد في كتب المتأخرين من الفقهاء و الأصوليين فهي من مبتكرات (الشيخ الأنصاري) و المؤسس لها، و الفاتح بها بابا جديدا في الأسلوب الاستدلالي، و لإن نشأ هذا الاصطلاح في عصره من قبل غيره كما يظهر من التعبير بالحكومة و الورود في (جواهر الكلام): فإنه لم يكن بهذا التحديد و السعة اللذين انتهى بهما (الشيخ الأنصاري).

و على ما ينقل عنه كان يصرح بعدم غفلة الأساطين من الفقهاء المتقدمين عن مغزى ما كان يقصده هو، و ان لم يصرحوا بهذه الكلمة في بحوثهم الفقهية، و لم يبحثوا هذا الموضوع، أي موضوع الحكومة فيها.

لكنهم أشاروا إليه، و أفادوا ما أفاده الشيخ، و لم أعثر - لحد الآن:

و هي الساعة الرابعة من ليلة الاثنين الخامس من جمادي الأولى عام 1392 و أنا جالس في غرفة ادارتي في (جامعة النجف الدينية) و القلم بيدي أكتب حياة (شيخنا الأنصاري) و قد استولى الانهيار على أعصابي:

على من سبق الشيخ من فقهائنا الأكابر أن يبحث عن الموضوع بهذا التحديد و السعة فبحق يقال: إن هذا البحث من مبتكرات الشيخ و خصائصه.

(عود على بدء):

كان الكلام حول تتلمذ (الشيخ الأنصاري) على (الشيخ صاحب الجواهر)

ص: 105

فسألت الأفاضل عن مدى صحة هذا الانتساب فلم أهتد الى ذلك.

نعم أفاد زميلنا المكرم الصديق الوفي الحجة (الشيخ محمد تقي) الجواهري الأستاذ في (جامعة النجف الدينية) حفظه اللّه تعالى و أيده: أن هناك بعض القرائن تدل على صحة هذا الانتساب: و هو تعبير (الشيخ) عن (صاحب الجواهر) ب: (شيخنا المعاصر) في قوله في كتاب (المكاسب) في باب بيع العبد المملوك الكافر: و كذا الفطري على الأقوى بل الظاهر أنه لا خلاف فيه من هذه الجهة. الى أن يقول:

و لعل من جوز بيعه بنى على قبول توبته، و تبعه على ذلك (شيخنا المعاصر)(1).

ثم عقب الزميل المعظم بقوله: إن هذا التعبير لا يطلق إلا على من كان استاذا لمن عبر عنه. هذا ما أفاده شيخنا الزميل دامت إفاضاته.

و أنت ترى أيها القارئ الكريم أن التعبير المذكور شائع الاستعمال يؤتى به للتجليل و التكريم و التعظيم عن الشخص المعبر عنه كما يقال: قال سيدنا الأستاذ: قال شيخنا الأستاذ. قال سيدنا المعاصر قال شيخنا المعاصر مع أن القائل لم يتتلمذ عليه.

و نحن بدورنا الحاضر نعبر عن الأعلام الموجودين: قال السيد الأستاذ قال الشيخ الأستاذ قال شيخنا المعاصر مع العلم بأننا لم نتلمذ على السيد الأستاذ و الشيخ الاستاذ يوما واحدا، كل ذلك في سبيل تعظيم مقامه العلمي ليس إلا.

و هذه التعابير كانت مبذولة منذ عهد قديم، و ليست جديدة الاستعمال فتعبير الشيخ عن (الشيخ صاحب الجواهر) (بشيخنا المعاصر) لا يكون دليلا على صحة الانتساب المذكور.

ص: 106


1- راجع الجزء 1 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 123-124.

نعم من هاهنا و هناك أحطنا علما أن الشيخ كان يحضر معهد درس (شيخنا صاحب الجواهر) أعلى اللّه مقامه حضور تجليل و تبجيل، و تكريم و تعظيم، حيث إن (شيخنا صاحب الجواهر) أعلى اللّه مقامه، و رفع في الخلد مكانه بالإضافة الى زعامتيه: العلمية. و المرجعية الكبرى: كان مثال الورع و التقوى، و كان من المعنيين بقوله تعالى: «إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ» فيحضر (الشيخ الأنصاري) معهد درسه الشريف لتلكم الفضائل متيمنا و متبركا بتلك النفسية التي قل نظيرها.

الى هنا نطوي الكلام عن أساتذة الشيخ.

(شيوخ اجازة الشيخ):
اشارة

المجيزون للشيخ عدد كثير لا يسع المجال لذكرهم فنكتفي بالأعلام منهم الذين كانت لهم الشهرة العلمية و الزمنية.

و قبل الخوض في ذكرهم نشرح معنى الإجازة و أقسامها لنحيط القارئ الكريم علما بها.

فنقول: الإجازة مصدر باب الإفعال من أجاز يجيز و زان أقام يقيم إقامة. و معناه لغة: الإذن و الترخيص في الشيء. يقال: أجاز زيدا لعمرو أي أذن له في الأمر الكذائي.

و يقال: أجاز لفلان أي رخص له في الشيء الفلاني.

هذا معنى الإجازة لغة.

(و أما أقسام الإجازة) فإثنان:

(الأول): اجازة اجتهاد.

(الثاني): اجازة رواية.

أما (الأول) فهو: اعطاء المجتهد المطلق الجامع لشرائط الاجتهاد و الاستنباط: الإذن في تفريغ الوسع لاستنباط الأحكام الفرعية الشرعية

ص: 107

طبق الأدلة الأربعة: الكتاب. السنة. الإجماع. العقل المعبر عنها بالدليل الاجتهادي: لمن بلغ مرتبة سامية رفيعة في الاجتهاد يتمكن بها من استنباط الأحكام الشرعية الفرعية.

و قد مضى شرح هذا الاجتهاد بقسميه: المطلق. و التجزي حينما ذكرنا الاجتهاد في الدراسات النهائية للطالب الديني التي يبلغ بها أسنى مراتب الاجتهاد، و أعلى قمة الاستنباط من ص 81-86.

و أما (الثاني) فهو: إعطاء من كان مجازا في نقل الأحاديث الشريفة المروية عن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، و الأئمة من (أهل البيت) المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين: شخصا آخر الإجازة في نقل الأحاديث المذكورة عنه بنفس الإجازة التي حازها، أي يأذن المجيز لهذا المستجيز نقل الرواية عنه إما لفظا، أو كتابة بأن يقول له: أنت مأذون في نقل الرواية عني، أو يكتب له ذلك.

أو يجيزه في نقل الأحاديث المدونة في الكتب المؤلفة في الأحاديث الشريفة مثل (الكافي. من لا يحضره الفقيه. التهذيب. الاستبصار. وسائل الشيعة بحار الأنوار الوافي مستدرك الوسائل) و بقية الكتب المؤلفة في هذا الباب.

و كذا يجيز له في نقل الأحاديث المدونة في كتب (إخواننا السنة) مثل (الصحاح الست)، و الكتب المؤلفة الأخرى بطرقهم المتصلة الى مشايخهم.

ثم إن القسم الثاني من الإجازة لا يعتبر فيه أن يكون المجيز مجتهدا جامعا لشرائط الاجتهاد، بل يكفي فيه أن يكون ذا مرتبة سامية في العلم.

نعم لا بدّ في المجيز أن يكون مجازا عن الغير في نقل الأحاديث المروية عن (الرسول الأعظم، و أهل البيت) صلوات اللّه عليه و عليهم حتى يصح له أن يجيز للآخرين.

ص: 108

هذا معنى الإجازة و أقسامها.

و للإجازة بالمعنى الثاني فوائد كثيرة ذكرها المتأخرون في كتبهم الحديثية لا يناسب المقام ذكرها.

راجع كتب الاجازة: البحار. مستدرك وسائل الشيعة. الذريعة.

الجزء الأول.

و أما الأعلام من مشايخ اجازة الشيخ فإليك أسماءهم.
(الأول): (السيد صدر الدين الموسوي العاملي)

السيد السند نابغة عصره. و نارة دهره الفقيه الكبير (السيد صدر الدين الموسوي العاملي) جد الأسرة الشريفة: (آل الصدر) القاطنين في (العراق - و ايران) و منهم سيدنا (السيد محمد صادق الصدر) امام الجماعة في (جامعة النجف الدينية).

أجاز هذا السيد الشريف (شيخنا الأنصاري) اجازة كافية كاملة لا يحتمل المقام ذكرها.

(الثاني): المولى الجليل (أحمد بن محمد مهدي) النراقي طاب ثراه.

أجاز هذا المولى الجليل (شيخنا الأنصاري) اجازة بليغة وافية.

كاملة. مر ذكرها من أولها الى آخرها في ص 58-64.

(الثالث): الفقيه العظيم (الشيخ محمد سعيد القراجه داغي)

الشهير ب: (صدتوماني) أعلى اللّه مقامه.

كان هذا المولى الجليل من مشاهير فقهائنا الكرام. تتلمذ على الأستاذ الأكبر (الوحيد البهبهاني، و العلامة السيد الطباطبائي بحر العلوم).

أجاز هذا المولى الجليل (شيخنا الأنصاري) اجازة عالية وافية مشتملة على فوائد جمة لا يسع المقام ذكرها.

كان (شيخنا الأنصاري) يعتز بهذه الإجازة، و يفتخر بها، و يعلن عنها في مجالس التدريس، و البحوث العلمية.

ص: 109

هؤلاء الأعلام الثلاثة هم مشايخ اجازة الشيخ، و له مشايخ آخرون في الاجازة تركنا أسماءهم خوف الإطالة و الخروج عن الموضوع.

(زعامة الشيخ):

اشارة

و ستعرف قريبا أن الشيخ بعد وفاة فقيه الطائفة (الشيخ صاحب الجواهر) أعلى اللّه مقامه أصبح زعيما دينيا، و مرجعا كبيرا حيث ألقت مقاليدها إليه فصفى له الجو، و خلا له الأمر.

و نحن قبل الشروع في زعامته نذكر لك على سبيل الاختصار شيئا عن المرجعية الكبرى عند (الطائفة الإمامية) لتكون بصيرا بها.

(المرجعية الكبرى):

هي قيادة الأمة الإسلامية في جميع شئونها و مجالاتها الروحية و الاجتماعية و السياسية في مفهومها الإسلامي، لا في مفهومها المتداول عند الساسة الغاشمين التي تحكي عن واقع الخديعة و المكر و الحيلة و الشيطنة التي لا عهد لها بالورع، و لا مساس لها بالتقوى، و لا صلة لها بأي معنى انساني نبيل و الرجل الإلهي يعلم هذه الوسائل و الحيل بعين ما يعلمها أولئك الغاشمون.

لكنه لم يستعملها، خوفا من الباري عز و جل، و من تبعاتها المترتبة عليها عاجلا و آجلا قال (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام:

و اللّه ما معاوية بأدهى مني و لكنّه يغدر و يفجر، و لو لا كراهيّة الغدر لكنت أدهى النّاس(1).

إن المرجعة الكبرى عند (الشيعة الإمامية) تشتمل على جوانب التشريع، و القضاء، و الإفتاء، و الحكم بما أنزل اللّه، و التوجيه، و الإرشاد لعموم المسلمين.

و من ثم فإن المجتمع الاسلامي خاضع لجميع توجيهات مركز القيادة

ص: 110


1- نهج البلاغة. الجزء 2. ص 180 شرح للأستاذ محمد عبده.

الإسلامية العليا المنصوص عليه من قبل الشارع المقدس نصا واضحا.

إما بالخصوص كما في (الرسول الأعظم) و خلفائه الاثني عشر صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين.

و إما بالعموم كما في فقهاء عصر (الغيبة الكبرى) فقد جاء النص المشهور:

(من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه).

و لهذه المرجعية الكبرى، و الزعامة الدينية العليا: التدخل في جميع أطوار شئون الأمة الاسلامية من غير استثناء، نظرا لأنها القوة العليا لتنفيذ جميع أحكام الدين، و المسيطرة على الأوضاع الاجتماعية.

و بما أن أحكام الدين شاملة لكافة مراحل الحياة، و جميع أوضاعها السياسية و الاقتصادية، و الاجتماعية، فان المرجع الديني الأعلى هو المتكفل لمراعاة هذه الشئون و الأمور بحذافيرها.

و من الطبيعي أن ذلك إنما يكون في حدود قدرته التنفيذية.

هذه هي المرجعية الصحيحة الاسلامية عند الامامية، بل و عند الأمة الاسلامية جمعاء.

و لذلك كانت مرادفة للقيادة العامة.

و هي بهذا المعنى كانت مفهومة عند طبقات الأمة الاسلامية منذ الصدر الأول الاسلامي، فكان المسلمون يراجعون قادتهم الدينيين في جميع شئون حياتهم المادية، و الروحية، و الاجتماعية، و السياسية.

ثم إن المرجعية العليا، و الزعامة الروحية الكبرى كانت متجسدة في شخص (الأئمة الأطهار) من (أهل البيت) الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

ص: 111

و هم صلوات اللّه و سلامه عليهم كانوا يعينون مراجع الامة الاسلامية في أطراف البلاد و أنحائها، فكانوا بين فقهاء يفتون الناس بما أنزل اللّه.

و بين قضاة عدول يرجع المسلمون إليهم في حل خصوماتهم.

و بين وكلاء لقبض الحقوق الشرعية و صرفها في وجوهها الشرعية.

و لو لا النص الخاص بشأنهم لم يراجع أحد من المؤمنين إليهم.

هذا في عصر حضورهم صلوات اللّه و سلامه عليهم.

و أما (في عصر الغيبة) عجل اللّه لصاحبها الفرج، فإنه ينقسم الى قسمين:

عصر (الغيبة الصغرى) و مدتها سبعون عاما و كان (للحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى له الفرج في هذه المدة نواب و سفراء وسيطين بينه، و بين شيعته في أخذ معالم دينهم، و عرض الحوادث الواقعة عليه.

و قد جاء المرسوم الخاص من ناحيته الشريفة عجل اللّه له الفرج باسم أربعة من هؤلاء السفراء، و الإرجاع إليهم.

(الأول): (عثمان بن سعيد العمري)(1) الاسدي(2)العسكري(3).

نصبه أولا (الامام أبو الحسن الهادي) عليه السلام.

ص: 112


1- بفتح العين و سكون الميم و كسر آراء: نسبة الى جده (عمرو).
2- نسبة الى بني أسد حي من أحياء العرب الشهيرة: و هم الذين دفنوا الأجساد الطاهرة في (كربلاء) بعد أن طحنت ضلوعها خيل العداء بحوافرها.
3- محلة من محلات (سامراء) سكتها عسكر (المعتصم العباسي) فسميت باسمهم.

و بعده (الامام أبو محمد الحسن العسكري) عليه السلام وكيلا على الشيعة الامامية.

قال له (الامام الحسن العسكري): انك الوكيل و الثقة المأمون على مال اللّه.

و قد حضر غسل (الامام الحسن العسكري) عليه السلام و تولى أمور تجهيزه.

كانت التوقيعات الشريفة من ناحية (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى له الفرج في الحوادث الواقعة للشيعة الامامية، و في الجواب عن أسئلتهم المتوجهة إليه صلوات اللّه و سلامه عليه: تخرج على يده يوصلها إليهم.

توفى رضوان اللّه عليه في (بغداد) و دفن هناك، و قبره في سوق الميدان قرب (السراي) مزار معروف و مشهور و بجنبه مسجد تقام فيه الصلاة.

(الثاني): من النواب: (أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد الأسدي) رضوان اللّه عليه فقام بالأمر و النيابة و السفارة بعد وفاة والده العظيم، و هو الوسيط بين (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه، و بين الشيعة الامامية في أمورهم و شئونهم، و الحوادث الواقعة لهم.

خرج المرسوم الشريف من الناحية المقدسة بقيامه مقام والده العظيم.

أليك نصه:

«إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، تسليما لأمره، و رضا بقضائه».

عاش أبوك سعيدا، و مات سعيدا فرحمه اللّه و ألحقه بأوليائه و مواليه عليهم السلام، أجزل اللّه لك الثواب، و أحسن العزاء، و رزئت و رزئنا و أوحشك فراقه و أوحشنا فستره اللّه في منقلبه.

ص: 113

كان من كمال سعادته أن رزقه اللّه ولدا مثلك يخلفه من بعده، و يقوم مقامه بأمره.

و كانت الشيعة ترجع إليه في مهام الأمور، و التوقيعات الشريفة على يده تخرج من الناحية المقدسة في الحوادث الواقعة و الجواب عن الأسئلة المتوجهة من الشيعة إليه على النحو الذي تخرج على يد أبيه.

تولى أمر الشيعة في حياة أبيه، ثم قام بالأمر مستقلا و متفردا زهاء خمسين عاما و كانت الأموال و الحقوق الشرعية تحمل من قبلهم إليه.

توفى رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه عام 304 في (بغداد)، و دفن هناك، و قبره مزار معروف مشهور في (ساحة الخلاني)، و بجنب قبره مكتبة مهمة شهيرة ب: (مكتبة الخلاني) يراجعها المطالعون أسسها زميلنا المعظم العلامة الجليل (السيد محمد الحيدري) دام توفيقه.

(الثالث من السفراء و النواب): (أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحتر النوبختي) رضوان اللّه عليه.

قام بأمر السفارة بوصية من (أبي جعفر محمد بن عثمان العمري الأسدي) بأمر من (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه.

كان هو الوسيط بين الشيعة، و بينه صلوات اللّه عليه، و كانت التوقيعات الشريفة في الحوادث الواقعة على يده تخرج، و جواب المسائل الواردة من قبل الشيعة الى (الحجة المنتظر) بيده تعطى لهم.

قال (أبو جعفر محمد بن عثمان العمري) قبل موته لجماعة من الشيعة و قد اجتمعوا عنده يسألونه عمن يكون مكانه إذا حضر أمر اللّه.

فقال: هذا (أبو القاسم الحسين بن روح) يقوم مقامي، و السفير بينكم و بين صاحب الأمر و الوكيل له، و الثقة الأمين فارجعوا إليه في أموركم و عولوا عليه في مهامكم فبذلك أمرت و قد بلّغت.

ص: 114

و كان جليل القدر و الشأن عند السنة و الشيعة، كما كان عظيم الشأن عند الخلفاء و الوزراء، و كان ذا عقل نير، و كياسة نادرة.

توفى في (بغداد) عام 306 و دفن هناك، و قبره في محلة (النوبختية) مزار معروف و يعرف المكان ب: (سوق الشورجة).

(الرابع من السفراء و النواب): (أبو الحسن علي بن محمد السمري) رضوان اللّه عليه.

قام بالأمر و السفارة و النيابة بوصية من (أبي القاسم الحسين بن روح)

خرج من الناحية المقدسة على يد السفير الثالث توقيع شريف (للسمري) أليك نصه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

يا علي بن محمد السمري عظّم اللّه أجر إخوانك فيك فإنّك ميت ما بينك و بينهم غير ستة أيّام فاجمع أمرك، و لا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة، و لا ظهور إلا بعد إذن اللّه تعالى ذكره، و ذلك بعد طول الأمد، و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا. الى آخر التوقيع الشريف.

توفى في النصف من شعبان المعظم سنة 329 و قبره في (بغداد) في سوق بياعي الأقمشة و الكماليات المعروف ب: (سوق السراي) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

و أما (عصر الغيبة الكبرى) فقد جاء فيه مرسوم عام من ناحية (الأئمة الأطهار) صلوات اللّه عليهم باسم الفقهاء العدول الذين هم حجج اللّه عنهم على الناس في دورهم.

و لا تزال (الامامية) من ذلك العهد لحد الآن يراجعون علمائهم الفقهاء في فهم الأحكام، و أخذ الدستور في سلوكهم الفردي و الاجتماعي

ص: 115

و يكون هذا الدستور الكلي، و النظام العام الصادر من العلماء في حقهم حجة شرعية فيما بينهم، و بين اللّه عز و جل.

فالعلماء هم الرصيد لهم في جميع الحوادث الواقعة في الأحكام الشرعية و لهم تقدم الحقوق المالية التي فرضها اللّه في كتابه العزيز عليهم بقوله عز من قائل: «وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ» (1).

و هذه الحقوق كانت تقدم الى (الأئمة الأطهار) عليهم الصلاة في عهدهم اذا كان الوصول إليهم ممكنا، أو الى وكلائهم لو لم يتمكنوا من ذلك فيوزعون هذه الحقوق على مواردها المعينة التي جاء في كتابه العزيز.

هذه لمحة خاطفة عن الزعامة الدينية العامة، و المرجعية العليا للشيعة الامامية منذ أن صارت و جاءت الى الوجود.

(زعامة الشيخ الأنصاري):

قد علمت أن الزعامة العلمية، و الرئاسة الدينية كانت لفقيه العصر (الشيخ موسى كاشف الغطاء) الى عام وفاته 1256، ثم استقل بالبحث و التدريس و الزعامة الدينية أخوه الفقيه الكبير (الشيخ حسن) صاحب أنوار الفقاهة الى أن أجاب دعوة ربه الكريم، ثم انتقلت الزعامة الى فقيه الطائفة (الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر) أعلى اللّه مقامه من عام 1262 الى عام 1266 و هي سنة وفاته فأصبح و له الزعامتان: العلمية. و الدينية على (الطائفة الامامية) فكان هو الوحيد فيهما فقام بهما أحسن قيام الى أن اختار اللّه عز و جل له الرحيل الى جنة عدن فبدت بوادره في ملامحه فعلم رجال الحل و العقد الساهرون على مصالح الأمة الاسلامية: أن الشيخ سينتقل الى الرفيق الأعلى فتبقى الأمة بلا زعيم فلا بد لهم من زعيم يدير شئونهم

ص: 116


1- الانفال: الآية 41.

كما عرفت في المرجعية عند الأمة الاسلامية جمعاء، و بالأخص عند (الشيعة الامامية) فاخذ القوم يفكرون في جوانب الزعامة و المرجعية فقاموا و قعدوا حتى اتفقت كلمتهم، و اجتمعت آرائهم على نجل الشيخ الفقيه (الشيخ عبد الحسين) الجواهري رحمه اللّه، حيث اجتمعت مؤهلات الزعامة فيه علما و ورعا و إدارة فمن أثرها رتبوا لجنة علمية في دار (شيخنا صاحب الجواهر) ليدار الحديث فيها في المسائل الفقهية و الأصولية التي كانت محور الاجتهاد و الاستنباط.

أجل هذه شيمة رجال الدين و علمائه منذ وصولهم الى المراتب السامية و الدرجات العالية.

انتخب القوم لفيفا من العلماء الأعلام لدخولهم في تلك اللجنة فاجتمعوا فيها عدا (شيخنا الأنصاري) لم يحضر فيها، فاخذوا في البحث و التحقيق حول المسائل.

هذه كانت ظاهرة الحال من تشكيل اللجنة العلمية في دار (الشيخ صاحب الجواهر).

لكن وراء هذه الظاهرة غاية أخرى و هي المقصودة من تشكيلها، و تلك الغاية ترشيح (الشيخ صاحب الجواهر) ولده للزعامة و الرئاسة.

علم (الشيخ صاحب الجواهر) قدس اللّه روحه بذهنه الوقاد و روحيته الطاهرة المتصلة مع العالم العلوي: بما أضمره القوم من تشكيل اللجنة.

لكنه لم يتكلم بشيء يخالف آرائهم الى أن قرب رحيله الى الفردوس الأعلى بين ساعة و أخرى، و القوم ينتظرون غايتهم التي لأجلها شكلت اللجنة و كان أملهم الوطيد: أن الشيخ سوف لا يفضل و لا يقدم على نجله في الزعامة و المرجعية أحدا، و لا يرتضي عنه بدلا.

ص: 117

و اذا (بشيخنا صاحب الجواهر) يسأل من أعضاء اللجنة و يقول بلهجة المؤمن البار: أين بقية العلماء؟.

أجابه رجال الحل و العقد: لم يبق منهم من لم يحضر.

فقال الشيخ ثانيا بلهجته: نعم هناك من لم يحضر فأجاب القوم ثانيا بمثل مقالتهم أولا.

فهنا صرح الشيخ باسم ذلك البعض فقال: أين ملا مرتضى؟ عليّ به.

طرق أسماع القوم اسم (ملا مرتضى) فأسقط في أيديهم، لأنهم علموا إرادة الشيخ.

حاول القوم شتى المحاولات لعلهم يقنعون الشيخ لترشيح ولده فلم تنتج، لأنه كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف، و لا تميله العواطف فلم ير القوم بدا إلا و أن يخبروا (ملا مرتضى) بمقالة (الشيخ صاحب الجواهر)

ذهب القوم يسألون عن (ملا مرتضى) فاخبروا أنه في (الحرم المقدس العلوي)، أو في (مسجد سهيل): و هو (مسجد سهلة) ذهب هناك يدعو اللّه لشفاء (الشيخ صاحب الجواهر) فأتوا به فدخلوا على (الشيخ صاحب الجواهر) هذا العالم الرباني الإلهي الخبير المحنك فسلم على الشيخ و على الحضار، و خص الشيخ بالتحية فرد الشيخ عليه جواب السلام و هو فرح مبتهج منبسط منشرح من لقياه، ثم قربه إليه و أجلسه عنده و هو مسجى على فراش الموت فاخذ يده و وضعها على صدره قائلا بلهجة عبد شكور: الآن طاب لي الموت، الآن ساغ لي الرحيل.

ثم خاطب الجمهور و قال: (هذا مرجعكم من بعدي)، ثم عقب كلامه مخاطبا (الشيخ الأنصاري): قلل من احتياطاتك يا شيخ فإن الشريعة سمحة سهلة، حيث كان (شيخنا الأنصاري) كثير الاحتياط في المسائل الشرعية.

ص: 118

انتقل (شيخنا الورع التقي) الى الرفيق الأعلى، و ورد ضيفا على مولاه الكريم و هو يحمل تلك الروحية الطاهرة، و النفسية السليمة، عاريا عن كل الميول و المشتهيات، مؤديا ما كان عليه من الأمانة الإلهية.

الى صاحبها و أهلها حسب وظيفته الشرعية.

أيها القارئ الكريم انظر عند هذه اللحظة الأخيرة من الحياة النزيهة التي عاشها علماؤنا الأبرار حياة طاهرة بريئة عن الأدناس و النزعات المادية و الأرضية الواطئة و الميول النفسية الرذيلة.

هذا زعيم الطائفة الأكبر في آخر لحظات حياته يفكر في مصير الزعامة الدينية الكبرى بعد مماته، فهو لا يفكر في ذويه و أولاده و قرابته و لا في حاشيته و المتقربين إليه.

و إنما يفكر في المصلحة العامة التي تعم المجتمع الاسلامي بما أنه زعيم محنك قدير، و خبير مضطلع بصير، عارف بالأمور، ينظر بنظارته البعيدة فيختار الأصلح و الأعدل و الأعلم و الأعرف بالأمور و هو (شيخنا الأنصاري).

فلا تأخذه في اللّه لومة لائم في هذا الاختيار الكريم، و لا يصرفه حب الذات و الأولاد و الأسرة، و من يلوذ به و يتقرب إليه عما يرضي اللّه تعالى و ينفع الناس، بل يتنازل عن كل نزعة من النزعات مادية و غيرها جاعلا فريضة أداء الأمانة نصب عينيه بكل إخلاص و إيمان.

و من الطبيعي أن الانسان ميّال الى الجاه، و حب الرئاسة و الزعامة.

هذه الزعامات التي يفدي في سبيل الحصول عليها الأعز و الأنفس و في بقائها، و يتلقفها الذراري و الأولاد يدا بيد، و يتنازع عليها، و تراق الدماء لأجلها حتى قال الوالد لولده الذي هو بعضه أو كله: لو نازعتني في الملك لأخذت الذي فيه عيناك.

ص: 119

و قد ورد في الخبر عن (المعصوم) عليه السلام: أن آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الجاه.

فالزعيم الديني الكبير، و الأب الروحي العظيم يضحي في سبيل المصلحة العامة التي فيها رضى اللّه تعالى بكل غال و نفيس من أهل و عشيرة و صحابة و قرابة.

هذه هي التضحية الكبرى التي قدمها علماؤنا الأبرار، و زعماؤنا الأخيار طوال التاريخ، و مدى الدهر للمجتمع الاسلامي.

فللّه درهم من أهل شرف و كرامة، و إخلاص و إيمان رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم، و على روح (شيخنا صاحب الجواهر).

بطبيعة الحال أصبح (شيخنا الأنصاري) زعيما للطائفة الإمامية بعد النص المذكور من (شيخنا صاحب الجواهر).

فرحت الطائفة بهذا القائد الديني و الأب الروحي فرحبت به و أصبحت تنتظر تسلمه مقاليد الرئاسة و شئون الزعامة.

و إذا (بشيخنا الأنصاري) معرض عن هذا المقام الشامخ الرفيع قائلا: لست أهلا للزعامة الدينية.

فتعجبت الطائفة من سماع هذه الكلمة التي قرعت آذانهم و هم يقولون: (ما عدا عما بدا).

أجل: إن الكلمة عجيبة في بابها، حيث إن (شيخنا صاحب الجواهر) بعد العلم بمؤهلات الزعامة في (شيخنا الأنصاري) قال: (هذا مرجعكم من بعدي) (و شيخنا صاحب الجواهر) رجل خبير بصير عارف بالأمور لا يفعل عبثا، و لا يترك أمرهم سدى.

أصبحت الطائفة بعد كلمة الشيخ: لست أهلا للتقليد في حيرة من أمر التقليد.

ص: 120

إن حب الاستطلاع على الأشياء و أسرارها من الغرائز الطبيعية في البشر فهذا الحب دعا الطائفة على الوقوف على سبب إعراض الشيخ عن مرجعية التقليد فسألت الشيخ عن سر ذلك و سببه.

فأجاب: أن تقليد الأعلم حسب نظري و اجتهادي واجب، و لربما هناك من هو أعلم مني فيجب تقليده.

ازداد تعجب الطائفة من سماع كلمة: و لربما هناك من هو أعلم مني حيث إن (الشيخ صاحب الجواهر) البحر الزخار العالم الإلهي صرح بأعلميته عن الموجودين، بالإضافة الى اشتهاره في الأوساط العلمية الشيعية بتفوقه على الأعلام في عصره علما عملا زهدا و لا سيما بعد صراحة استاذه العظيم (الشيخ النراقي) بقوله: و لقد شاهدت في جميع أسفاري كلها الى آخر ما قاله.

فسئلت من تعني؟

فاجاب كان يحضر معنا في معهد درس (الأستاذ شريف العلماء) في كربلاء أحد الزملاء اسمه (سعيد العلماء) المازندراني(1) و كان أدق مني في فهم البحوث الفقهية، و الاستطلاع على المسائل الأصولية و مبانيها فقد فاز درجة الاجتهاد، و حاز على أسمى مراتبه و ذهب الى (ايران)

ص: 121


1- كان هذا العالم الجليل من بلاد (مازندران) احدى محافظات (ايران) اسمه (ملا محمد سعيد) جاء الى العراق فحل (مدينة كربلاء) للاستفادة من معهد درس (الأستاذ شريف العلماء) بعد أن أنهى دراساته البدائية هناك فحضر درس (الأستاذ) حتى بلغ مراتب الاجتهاد و أسماها فرجع الى بلاده بعد تلقيبه باللقب السامي: (سعيد العلماء) فحل بلاده و لم يطل العهد به حتى أصبح زعيما دينيا بيده أزمة الأمور رتقها و فتقها يحكم و يفصل و هو الوحيد في فصل القضايا. كان لهذا العالم الجليل بالإضافة الى مكانته الاجتماعية: ميزة أخرى عن الأعلام الآخرين: و هو قربه عند مليك العصر (ناصر الدين شاه القاجاري) فاصبح موضع تجليله و تعظيمه و تكريمه و قد نال منه حظا وافرا. و هذا هو سر تفوقه على أقرانه: الناس على دين ملوكهم. انتقن الى جوار ربه الكريم و وفد ضيفا على مولاه عام 1270.

لم تقتنع الطائفة بمقالة الشيخ فأصرت على تقليده فأبى و لم يقبل فرجعت مصرة ثانية و ثالثة و هو يأبى أشد الإباء حتى اضطر الى مراسلة زميله يخبره عن الحال فدارت المراسلات فيما بينهم فكتب الشيخ الى زميله (سعيد العلماء) ما مضمونه:

قد علمت نبأ وفاة (الشيخ صاحب الجواهر) فاصبحت الطائفة في حيرة من أمر التقليد و قد راجعتني فيه فابيت، حيث أرى وجوب تقليد الأعلم و أعتقد فيك حسب معلوماتي عنك حين كنت تحضر معنا بحث (الأستاذ شريف العلماء) أنك الأعلم فالواجب على الطائفة تقليدك.

وصل الكتاب الى (سعيد العلماء) ففتحه و قرأه فاجاب بما حاصله ورد عليّ الكتاب و اطلعت على ما حواه.

أجل الأمر كما تفضلتم و ذكرتم و كنت أعلم و أدق حينما كنت هناك و مشغولا بالدراسات.

لكن هناك شيء ميزك عني: و هو استمرارك في الاشتغال بالبحث و التدريس، و التأليف و التصنيف، و تركي البحوث و الدروس، لاشتغالي بمهام الأمور من حل القضايا و فصلها فأنت أعلم مني فالواجب على الطائفة تقليدك، و تسلمك أمور الزعامة و المرجعية.

ورد الكتاب على (شيخنا الأنصاري) فقرأه و بكى، لعظم الموقف و كثرة المسئولية فما رأى بدا و حيلة إلا القبول فتشرف بساعته الى

ص: 122

(الحرم المقدس العلوي) فاستغاث الى المولى القدير و أقسمه بصاحب القبر المقدس أن يحفظه من الزلل، و يثبته على جوانب المزلق، و يعينه على القيام بالواجب

و هناك حكاية تروى حول تقبل الشيخ الزعامة الدينية. أليك نصها.

نقل لي الثقة الأمين شيخنا المكرم (الشيخ محمد حسن الجواهري) حفظه اللّه تعالى عمن يثق به عن الفقيه المرحوم (الشيخ جعفر البديري) طاب ثراه عن السيد نائب سادن الروضة المطهرة: أنه في ليلة من الليالي حسب عادته كان في الحرم الطاهر قبل الفجر لانارته و اذا بالبكاء و العويل من جانب الرجلين فتعجب المرحوم الرفيعي من هذا البكاء، بالإضافة الى أن الوقت ليس مألوفا لتشرف الزائرين.

جاء السيد النائب ليطلع على حقيقة الحال فرأى (الشيخ الأنصاري) واضعا وجهه على الضريح المقدس و يخاطب الامام عليه الصلاة و السلام بلسانه الدارج و هو يبكي بكاء الثكلى و يقول ما مضمونه: سيدي أبا الحسن مولاي أمير المؤمنين إن الموقف خطير جدا أريد منك أن تحفظني من الزلل و إلا هربت من هذه المسئولية.

نعم هكذا كان موقف علمائنا الأبرار، و زعمائنا الأخيار عند تسلمهم أمور الزعامة و المرجعية الكبرى، لعلمهم بعظم الموقف، و كثرة تبعاته و تطلباته، بالإضافة الى أن ورائهم يوما عسيرا، و حسابا دقيقا، فهؤلاء هم المعنيون بقوله تعالى «إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ» (1).

(و بعد اللّتيّا و الّتي) أصبح الشيخ زعيما دينيا ألقت الزعامة مقاليدها إليه فله الزعامتان:

(الزعامة الدينية المرجعية الكبرى):

(و الزعامة العلمية الدراسية):

ص: 123


1- فاطر: الآية.

تصدى للأولى بعد وفاة فقيه الطائفة (الشيخ صاحب الجواهر) مباشرة من عام 1266 - الى عام 1281 سنة وفاة (شيخنا الأنصاري) فأصبح وحيدا فيها قلدته (الطائفة الامامية) من شرق البلاد و غربها التي تحل فيهما (الشيعة الاثنا عشرية)، و الحقوق الشرعية ترد عليه من (الأصقاع الشيعية) من كل مكان، و لا سيما من ايران، و بلاد باكو و قوقاز و نخجوان و ايروان و لنكران و ساليان قبل قضاء (الشيوعية) على هذه البلاد السليبة التي سلبتها (روسيا المعاندة) للاسلام من ايران، و التي كانت ثرية بمعادنها و غاباتها و مياهها و مزارعها و صنائعها، و إنتاجاتها اليدوية و التي كانت تطفح بآبار النفط.

بالإضافة الى الهدايا التي كانت تقدم للمراجع الدينيين، و على رأسهم (شيخنا الأنصاري).

كانت هذه الحقوق الشرعية، و الهدايا الثمينة تأتي للشيخ و هو يضعها في زاوية من زوايا البيت طريحة فيها، اذ ليست في عصره قاصات حديدية و بنوك حكومية تودع الأموال فيها، و ليس عند الشيخ من يخاف منه نهبها

كانت هذه الأموال الطريحة التي تأتي من البلاد البعيدة و هي حق (الامام المنتظر) عجل اللّه تعالى له الفرج و حق الآخرين توزع على رواد العلم و المستحقين و ذوي الحاجات بين حين و آن بكل عطف و حنان: و عدل و انصاف.

فقد كان الطالب الديني، أو بائس الحال يأتي عند (الشيخ) فيأخذ من هذه الأموال الطريحة: مقدار ما يقضي به حاجته، و يسد به خلته من الضروريات البيتية، حذرا من تبعات الزائد لو بقي عنده فيحاسب عليه يوم القيامة.

و يصرف الزائد منها في سبل الخير و المشاريع الانسانية التي حث عليها

ص: 124

الشارع المقدس كبناء المساجد، و تشييد المدارس، و الرباطات، و الجسور و تزويج العزاب، و تجهيز الموتى من فقراء المسلمين، و فك الأسرى منهم و عتق العبيد و الإماء، و ما شابه هذه الأمور.

و هذه الحقوق الشرعية هي ضرائب أرباح التجارات التي فرضها اللّه تعالى على عباده بشروطها الخاصة المدونة في (الكتب الفقهية الامامية).

قال عز من قائل: وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ (1).

فالمسلم اذا غنم من كسبه و ربح يخرج خمس ماله حسب الآية الكريمة بالشروط المقررة في الكتب الفقهية، ثم يقدم نصفه في عصر الغيبة الكبرى (للفقهاء الامامية) الجامعين لشرائط الافتاء، و هذا النصف هو سهم اللّه و سهم الرسول و سهم ذوي القربى كما عرفت في الآية الشريفة.

و أما النصف الآخر و هو سهم اليتامى و المساكين و ابن السبيل يعطى لمن انتسب الى (هاشم بن عبد مناف) من طرف الأب، حسب الشروط المذكورة في كتاب الخمس في (الكتب الفقهية الإمامية) كما عرفت في الآية الشريفة.

(الزعامة العلمية):

و قد عرفت في حياة الفقيه (الشيخ علي كاشف الغطاء) استاذه السادس: أن (شيخنا الأنصاري) بعد هذا الأستاذ العظيم استقل بالتدريس لكنه لم يكن وحيدا في الدراسة العالية لوجود (شيخنا صاحب الجواهر) حيث كانت الزعامتان منحصرتين في شخصه الكريم فكان هو المتصدي لهما فلما لبى دعوة ربه الجليل أصبح (الشيخ الأنصاري) وحيدا في الزعامة العلمية الدراسية فكان قطب رحاها ينحدر عنه السيل فاكب على معهد

ص: 125


1- الأنفال: الآية 43.

درسه الشريف أكثر من ألف تلميذ من فطاحل العلماء فاعتنى بهم عناية زائدة فأفاض عليهم من بحره الزخار المتلاطم فبر زمن حوزة درسه الشريف أكثر من خمسمائة مجتهد مسلم الاجتهاد أصبحوا أفذاذا ازدان بهم الدهر و افتخر بهم العصر، ملئت كتبهم الآفاق، و نشرت كلماتهم في الأصقاع

كان (شيخنا الأنصاري) يملي على هؤلاء الفحول الفقه و الأصول و يحقق لهم غوامض مسائلهما، و يكشف لهم دقائق رموزهما.

و قد بالغ (شيخنا الأنصاري) في تربية العلماء و الفضلاء، و جاهد جهادا عظيما حتى تمكن بدوره أن يقدم الى المجتمع أمثال السيد الشيرازي و المحقق الرشتي، و الآشتياني، و الممقاني، و المحقق الخراساني، و النهاوندي و مئات من أضرابهم.

كان (شيخنا الأعظم) مع ما له من المقامين الشامخين الخطيرين الخطرين: الزعامة الدينية، و الزعامة العلمية: مكبا على البحث و التدريس و التأليف و التصنيف، و أجوبة المسائل الواردة عليه، و مراجعة العلماء و رواد العلم، بالإضافة الى أدائه الفرائض، و اتيانه النوافل حتى الزيارات المسنونة: زيارات (الحسين) عليه الصلاة و السلام فقد كان يزوره سلام اللّه عليه في كل مناسبة من المناسبات التي حث عليها (الأئمة الأطهار) فلم ير خلال تصديه الزعامتين غافلا مما ذكرناه لك.

و قد نقل أنه كان يداوم على قراءة ألفية (ابن مالك) عن حفظه لكي لا ينساها، ليبقى ملما بالقواعد العربية.

كانت أمور الزعامتين كلها قائمة بشخصه الكريم من دون مساعد و معاون، و هذه كلها تتنافى و الزعامتين.

و لعمر الحق: إن (شيخنا الأنصاري) كان من أعاجيب الدهر و عباقرة عصره، و مفاخر دهره، و من فلتات الطبيعة و شواذها فقد جمع

ص: 126

بين الأضداد، اذ تراه مدرسا في الحوزة حاملا ثقلها و عبأها على ظهره و هو يفيض عليهم كالسيل كأن ليس له عمل سوى الدراسة.

و تراه يدير شئون المرجعية الكبرى فيأخذ الحقوق و يقسمها على مستحقيها و يصرف الباقي في المشاريع الخيرية و سبلها بغير مساعد و معين، مع ما لهذه العملية الجبارة الشاقة من استفراغ الوقت.

و تراه يجيب عن الاستفتاءات الواردة عليه من أصقاع البلاد.

و تراه يراجع العلماء، و رواد العلم، و يعود المرضى، و في الوقت نفسه تراه يؤلف الكتب هذه الكتب الثمينة التي عكف عليها الفطاحل و أصبحت منذ أن برزت من قلمه الشريف الى يومنا هذا، و الى الأجيال الآتية: من الكتب الدراسية الرسمية فهي الوحيدة في بابها لم يسبقه الأوائل في الاتيان بمثلها، و كل من جاء بعده فمن علمه استفاد، و من بحر فيضه اغترف.

و تراه بالإضافة الى هذه كلها: عابدا ناسكا خاشعا متواضعا، خائفا من خشية اللّه، زاهدا قانعا بالقليل من حطام الدنيا، يأكل الجشب، و يلبس الخشن.

و تراه مكبا على النوافل كأن ليس له شغل عداها.

أجل: إن هذه الأمور يتنافى بعضها مع بعض.

فهذه الموفقية الجبارة ليست إلا عناية إلهية يخص بها من يشاء من عباده الأبرار، المصطفين الأخيار، و هو القائل جل شأنه: و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا.

فسبحان من أعطى له هذه الملكة الملكوتية، و النفسية القدسية.

ص: 127

(زهد الشيخ و تورعه):

دامت الزعامتان (للشيخ) خمسة عشر عاما أي من عام 1266 الى عام 1281 و هي سنة وفاته و صفى له الجوا فلم تشغل باله زخارف الدنيا: لا زبرجها، و لا نقودها، لا صفراؤها و لا بيضاؤها، و لم يغتر بإقبال الناس و تهافتهم عليه، فقد كان يعيش في الدنيا كالمسافر عاش عيشة بسيطة فكان غاية البساطة فلو يمثّل الزهد و الورع لم يتعداه فكان الرقم القياسي فيهما، فقد اقتدى بسيرة إمامه و مولاه (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام فإنه قد اكتفى من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه، فاخذ نموذجا من أعماله صلوات اللّه و سلامه عليه حتى لا يكون بينه، و بين مولاه التباين الكلي، حيث لا يمكن لأحد: الاقتداء به الاقتداء الكامل التام و هو القائل: «ألا و إنّكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد، و عفة و سداد»(1).

و هناك حكايات تروى، و قصص تحكى حول زهد الشيخ و تورعه الشديد، و كيفية تصرفه في الحقوق الشرعية قد بلغت حد التواتر المعنوي لا نرى لإنكارها موجبا، فلو أردنا ذكرها بأجمعها لطال بنا المقام، و لخرجنا عن الموضوع.

لكن طبقا للقاعدة المعروفة: (ما لا يدرك كله لا يترك جله و الميسور لا يترك بالمعسور): نذكر حكايات ثلاث، جلاء للنفس، و صفاء للقلب.

(الحكاية الأولى): كانت عائلة الشيخ في دور زعامته التي بلغت قمتها و الأموال الطائلة بين يديه: في أزمة شديدة من العيش، حيث كان الشيخ قد قرر لهم مقدارا معينا من المصاريف اليومية و المبلغ لا يكفي بحاجات البيت فاشتكت عند أحد رجال الدين الذين له منزلة عند الشيخ:

ص: 128


1- نهج البلاغة. الجزء 3 ص 70 شرح الأستاذ محمد عبده.

من قلة المقرر، و استدعت منه أن يتكلم معه لعله يزيد على المقرر شيئا قليلا ليتمكنوا عن القيام بواجبات البيت.

جاء الوسيط عند الشيخ و قص عليه و طلب منه أن يوسع، و يدر عليهم شيئا قليلا عما قرر لهم.

ذهب الوسيط و لم يسمع من الشيخ جوابا لا نفيا و لا اثباتا، حيث إن الشيخ كالجبل لا تحركه العواصف.

و في الغد جاء الشيخ الى الدار و قال لعائلته: اغسلي ثوبي ثم اجمعي لي الأوساخ في مكان معين فغسلت الثوب، و جمعت الأوساخ و جاء (الشيخ) فأخبرته بما فعلت.

فقال (الشيخ) لها: هاتها فجاء بها فقال (الشيخ) لها: اشربي هذه الأوساخ.

فقالت: و كيف لي بذلك، فإنها أوساخ و أقذار تشمئز منها النفس و ينفر منها الطبع.

فقال (الشيخ) إن هذه الأموال المكدسة عندي كهذه فهي أوساخ لأنها حقوق الفقراء لا يسوغ لي أن أتصرف فيها أكثر مما قررت لكم أنتم و الفقراء في هذا الفيء على حد سواء لا ميزة لكم عليهم.

أجل: هكذا كان يصنع (الشيخ) مع الأهل و العيال و المتقربين إليه و من يلوذ به فهم عنده كسائر المسلمين لا يرى لهم فضيلة على الآخرين إلا بالعلم و التقوى.

(الحكاية الثانية): إن أحد مقلديه و المتفانين فيه أهدى له عباءة شتوية ثمينة وحيدة في نوعها من حيث الجنس و اللون و الحياكة.

و قيل: (فروة) و كانت قيمتها ذاك اليوم تعادل ثلاثين دينارا عراقيا.

و بعد زيارة المرقد الطاهر تشرف بخدمة (الشيخ) و معه العباءة فبعد

ص: 129

تقبيل يديه الكريمتين قدمها للشيخ و وضعها على كتفيه و ذهب، ثم جاء في اليوم الثاني للصلاة خلفه فوجد الشيخ لابسا العباءة السابقة تلك العبادة التي لا تليق بمقام الزعامة العامة فسأل الشيخ عن العباءة فقال: بعتها و اشتريت بثمنها عددا من العباء.

قيل: كانت اثني عشر و وزعتها على المستحقين الذين لا يملكون عباءة شتوية في هذا الشتاء.

فقال التاجر: يا مولاي إن العباءة كانت لك و جئت بها أليك لتلبسها شخصك الكريم، لا لتبيعها و تشتري بثمنها كمية من العباءات و تفرقها على مستحقيها.

فقال الشيخ: إن ضميري لا يقبل بذلك.

(الحكاية الثالثة): إن رجلا من مقلديه قدم له مبلغا من خالص ماله لشراء دار له يسكنها ليستريح من اجارة الدار و تنقله كل عام من مكان الى مكان ثم ذهب الى (الحج).

أخذ الشيخ الدراهم و الدنانير من الرجل المحسن فبنى (مسجدا) في محلة الحويش الصغير احدى محلات (النجف الأشرف) و لا يزال المسجد أحد المساجد العامرة بالبحوث العلمية للمراجع الدينيين و الصلوات اليومية ليلا و نهارا، و بإقامة القراءات الحسينية أيام عاشوراء، و إقامة مجالس الفواتح و يسمى هذا المسجد ب: (مسجد الترك) في زماننا هذا حيث إن الترك يقيمون فيه أيام عاشوراء المآتم الحسينية منذ زمن طويل.

و قد جددت بناية هذا المسجد من قبل تجار (النجف الأشرف) المحسنين وفقهم اللّه تعالى، و هدمت بنايته القديمة من أساس.

و قال الخطيب المصقع، و الشاعر المفلق (الشيخ محمد علي اليعقوبي) رحمه اللّه في تاريخ تجديد بناية المسجد:

ص: 130

ذا مسجد أسسه المرتضى *** و قام في توطيد أركانه

و اليوم قد جدّده معشر *** حظوا من اللّه برضوانه

على الهدى أجدد أرخ (كما *** على التقى تأسيس بنيانه)

1361 ه

ثم جاء الباذل من (مكة المكرمة) فسأل الشيخ عن الدار فقال:

نعم اشتريت فجاء به و أراه المسجد.

فقال: يا مولاي قدمت المبلغ لشراء الدار، لا لبناية المسجد.

فقال الشيخ: و أية دار أحسن من هذا المكان المقدس الذي يعبد فيه اللّه عز و جل و يقدس، و نحن عما قليل نمضي و نترك الدنيا بما فيها و الدار ثم تنتقل للآخرين.

و لكن هذا باق و ثابت لا ينتقل و لا يوهب، و لا يباع و لا يشترى فسر الرجل التاجر من هذا العمل الانساني الإلهي و ازداد ايمانا بالشيخ.

(تلامذة الشيخ):

اشارة

ليس بوسعنا و هذه العجالة و كثرة الأشغال أن نستوفي تلامذة (الشيخ) إحصاء بعد أن جاوز عددهم الألف، و بلغ الذين نالوا أسنى مرتبة الاجتهاد، و أعلى درجة الاستنباط: خمسمائة مجتهد مطلق مسلم الاجتهاد و الاستنباط، فاستيعابهم يحتاج الى زمن طويل، و فراغ واسع كثير فنكتفي بذكر المشهورين منهم الذين ذاع صيتهم في الآفاق، و ملئت كتبهم و مصنفاتهم الأصقاع، و خلفوا لنا تراثهم الخالد.

فلنبدأ متبركا و متيمنا بذكر أول تلميذ له الذي أصبح بعد وفاة (الشيخ الأعظم) أكبر زعيم ديني (للشيعة الامامية) من أنجال حيدرة و البتول صلوات اللّه و سلامه عليهما: و هو (السيد المجدد الشيرازي)

ص: 131

(الأول): (السيد المجدد الشيرازي):

هو نابغة الزمان و أشهر تلامذة الشيخ على الاطلاق، و سيدهم في عصره (السيد ميرزا محمد حسن الحسيني الشيرازي).

ولد في مدينة (شيراز) إحدى محافظات (ايران) يوم الخامس عشر من جمادي الأولى عام 1230.

كان موجهه الأول، و المشرف على تربيته و دراساته خاله السيد ميرزا حسين الموسوي الشيرازي.

بدأ بالتعلم و لم يتجاوز السابعة من عمره فأتقن القراءة و الكتابة و لم يكمل العقد الأول.

ثم أخذ في العلوم العربية و أكملها حتى صار من المرموقين فيها و هو في الثالث عشر من سني عمره.

ثم اتجه الى دراسة الفقه و الأصول بهمة لا يعرف الكلل و الملل حتى أتقنهما، و بلغ فيهما مرتبة رفيعة.

ثم توجه عام 1248 لحضور بحث الأعلام من علماء الأمة في (اصفهان) التي كانت و لا تزال احدى العواصم العلمية الاسلامية في (ايران).

فحضر بحث علامتها (الشيخ محمد تقي الأصفهاني) صاحب الحاشية على المعالم، وجد الأسرة المعروفين في اصفهان ب: (مسجد شاهي) فبقي مواصلا دراسته عنده حتى توفي الشيخ محمد تقي.

ثم اختص بالعلامة الجليل (السيد حسن) البيدآبادي الشهير ب:

(المدرس) و استفاد من بحثه حتى ظهرت فيه مقدرته العلمية، و أجازه اجازة وافية كاملة.

ثم حضر بحث المحقق (الشيخ محمد ابراهيم) الكرباسي جد الأسرة الكرباسية المنتشرة (في العراق، و ايران) فاستفاد من علمه الغزير حتى أصبح ممن يشار إليه بالبنان، و بعد هذه المراجل استقل بالتدريس

ص: 132

وعد من الأفاضل في (أصفهان)، و تخرج من حوزة بحثه جماعة من الأفاضل

بقي (السيد المجدد الشيرازي) في (اصفهان) أكثر من عشر سنين، ثم عزم على الرحيل، و مغادرة ايران، للتشرف بزيارة العتبات المقدسة، و للحضور على علمائها المبرزين في مدينة العلم و معهد الدراسات الاسلامية (النجف الأشرف) فغادر (ايران) و دخل (العراق) عام 1259، فحضر بحث الفقيهين الشهيرين: (الشيخ حسن كاشف الغطاء) صاحب أنوار الفقاهة، (و الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر).

فاستفاد من علمهما الجم حتى وافاهما الأجل فاختص ببحث (الشيخ الأعظم الأنصاري)، و لازمه ملازمة الظل، و رعاه الشيخ رعاية خاصة، و اعتنى به عناية تامة بعد أن ترسم فيه النبوغ، فكان الشيخ يفضله على طلابه، و يصرح باجتهاده، و سمو فكره، فكان أحد الأعلام الأفاضل من مجموع حضار معهد الشيخ على كثرتهم. فبقي (السيد المجدد الشيرازي) ملازما لبحث الشيخ حتى عد من حواريه، و كانت جل استفاداته منه الى ان ارتحل الشيخ الى عالم الآخرة عام 1281.

فوزعت المرجعية في (الطائفة الامامية) بعد وفاة الشيخ بين العلمين الشهيرين: (السيد المجدد الشيرازي) (و السيد الكوه كمري التبريزي) فكل أخذ منها نصيبه. و نال السيد المجدد منها نصيبه الأوفر. ثم توفى (السيد الكوه كمري) عام 1299، فتفرد (السيد المجدد الشيرازي) بالمرجعية، حيث انقادت له (الطائفة الامامية) في مختلف أصقاع البلاد الشيعية.

و في عام 1288 تشرف بزيارة (البيت الحرام)، لأداء فريضة الحج في أحسن حال، فنوى أن يقيم في (المدينة المنورة) مجاورا قبر (الرسول و الآل) صلى اللّه عليه و آله فلم تتم له الرغبة، ثم حاول

ص: 133

أن يجاور قبر (الامام أبي الحسن الرضا) عليه السلام فلم تتيسر له الأمور.

و في عام 1291 قصد زيارة مرقد (سيد الشهداء) عليه الصلاة و السلام لزيارة النصف من شعبان، و من هناك يذهب الى (سامراء) لزيارة مرقد (الامامين) عليهما السلام، و السكنى هناك.

لكن الغاية و الحقيقة من سفره هذا: الابتعاد عن (النجف الأشرف) و عن الزعامة فيها، لأمر جرى بينه و بين احدى الشخصيات الشهيرة في (النجف الأشرف). لا أرى لنقله مناسبا و الأمر مشهور يعرفه كل من اطلع على حياة هذا السيد الجليل.

خرج (السيد المجدد الشيرازي) من (النجف الأشرف) قاصدا زيارة (الحسين) عليه السلام.

لكنه يروم مغادرة المدينة قاصدا الاقامة في (سامراء) من غير أن يظهر ذلك لأحد.

دخل مدينة (سامراء) آخر يوم من شعبان عام 1291 فنوى الإقامة فيها عشرة أيام ليصوم نهار شهر (رمضان المبارك)، و يتشرف بزيارة الحرم المطهر في الليل، لئلا يخلو الحرم الطاهر في شهر رمضان المبارك حيث كان يغلق الحرم بعد فريضة العشاء اذا لم يتشرف بزيارته أمثال (سيدنا المترجم)، لقلة الشيعة هناك، و كانوا يعدون بالأنامل.

مضى شهر (رمضان المبارك) و سيدنا المترجم في (سامراء) و تلامذته ينتظرون مقدمه الشريف و هم جاهلون عن حقيقة الحال.

ذهبت أيام و ليال و السيد في (سامراء) الى أن طال الأمد فكتب إليه بعض الخواص من تلامذته يستفسره عن سبب تأخره فعند ذلك أبدى لهم رأيه، و أخبرهم بعزمه على سكنى (سامراء).

و على أثر ذلك الحق به خواص أصحابه، و المبرزون من تلامذته

ص: 134

(كالعلامة النوري، و المولى فتح اللّه، و الشيخ فضل اللّه النوري) شهيد (الحكومة الدستورية) المشروطة على يد (يفرم خان الأرمني).

ثم بعد انتشار النبأ أخذ طلاب الحوزة في (النجف الأشرف) و أعلامها في الذهاب الى (سامراء) شيئا فشيئا حتى بلغ عدد المهاجرين الآلاف فأصبحت (سامراء) التي كانت قرية صغيرة، و ناحية تابعة ل:

قضاء (دجيل) يقصدها الزائرون من البلاد الاسلامية لزيارة مرقد (الامامين العسكريين) فحسب عاصمة علمية كبيرة من أكبر العواصم العلمية الشيعية، و من أعظم المعاهد الدراسية بفضل هذا الزعيم الديني فعمرت (سامراء) ببركة الوافدين إليها، فصارت مكتظة برجال الدين و نوابغ العلماء كالسيد حسن الصدر، و السيد اسماعيل الصدر، و السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، و السيد محمد الاصفهاني، و السيد ميرزا اسماعيل الشيرازي ابن عم السيد المجدد الشيرازي، و المحقق الخراساني، و الحاج محمد حسن كبه، و أضراب هؤلاء الأعلام الذين ملئوا الآفاق علما و آثارا.

فلما رأى (السيد الشيرازي) كثرة الوافدين الى (سامراء) بنى لهم مدرستين، و لا تزالا قائمتين يسكنهما طلاب الدين و تسمى باسم (مدرسة الامام الشيرازي)، و بنى للمعيلين من الأعلام الأفاضل دورا كثيرة لسكنى عوائلهم فيها، و سميت تلك الدور ب: (الباغجة).

أجل أصبحت (سامراء) ذات أهمية علمية كبرى تشد إليها الرحال من كل صقع و مكان، فصارت في مدة قصيرة كعبة الوفاد، و مطاف الرواد فنشطت الحركة العلمية بفضل (السيد المجدد الشيرازي) بالإضافة الى الحركة الأدبية.

كان (السيد المجدد الشيرازي) يحب الشعر، و يحرض الأدباء بانشاده، و يعطي الصلات و الجوائز لمن يقرض الشعر، و من أجله قصده

ص: 135

الشعراء المفلقون و على رأسهم الشاعر الشهير العصامي (السيد حيدر الحلي) قدس اللّه روحه، و العلامة الجليل (السيد ميرزا اسماعيل) ابن عم سيدنا المترجم، و والد المرحوم (السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي).

فكان رحمه اللّه بالإضافة الى مراتبه العلمية التي بلغ أسناها يقرض الشعر جيدا و أشعاره مزدوج بالعرفان الشامخ، و من أشعاره:

(القصيدة الميلادية) التي قالها في ميلاد (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في اليوم الثالث عشر من شهر رجب الأصب.

و هذه القصيدة العصماء التي هي من أروع القصائد، و التي قيلت في حق الامام عليه السلام ألقيت في (سامراء) في حفل كريم يضم جمعا غفيرا من العلماء الفطاحل، و الشعراء الأفاضل و على رأسهم (السيد المجدد الشيرازي)، فلما ألقيت و قرأت استحسنها (السيد الشيرازي) و الحاضرون معجبون بها.

قيل: إن (السيد المجدد الشيرازي) من كثرة شغفه بالقصيدة و افتتانه بها لما ألقيت في المجلس قام و قعد واضعا يديه على رأسه و هو يقول: اي و اللّه اي و اللّه.

و أنا في دوري و لا أزال شغوفا بالقصيدة هذه و قد حفظتها.

و في محاضراتي التاريخية التي القيها في كل أسبوع على طلاب جامعتنا (جامعة النجف الدينية) القيتها عليهم، و رغبتهم بقراءتها و حفظها، و جعلت لكل من يحفظها و يليقها على زملائه في قاعة المحاضرات جائزة و قد حفظها عدد كثير و ألقوها بنفس المكان و فازوا بالجائزة المقررة لهم.

و من كثرة حبي بها أذكرها عن آخرها.

أليك القصيدة:

رغد العيش فزده رغدا *** بسلاف منك تشفي سقمي

ص: 136

طرب الصب على وصل الحبيب *** و هنا العيش على بعد الرقيب

فني من أكؤس الراح النصيب *** و أتني توما بها لا مفردا

فالهنا كل الهنا في التوأم

آتني الصهباء نارا ذائبة *** كلّلتها قبسات لاهبة

و اسقنيها و الندامى قاطبة *** فلعمري إنها ري الصدا

لفؤاد بالتصابي مضرم

ما أحيلى الراح من كف الملاح *** هي روح هي روح هي راح

فأدرها في غدو و رواح *** كذكاء تتجلى صر خدا

رصّعتها حبب كالأنجم

حبذا آناء أنس أقبلت *** أدركت نفسي بها ما أملت

وضعت أم العلى ما حملت *** طاب أصلا و تعالى محتدا

مالكا ثقل ولاء الأمم

آنست نفسي من الكعبة نور *** مثل ما آنس موسى نار طور

يوم غشّى الملأ الأعلى سرور *** قرع السمع نداء كندا

شاطئ الوادي طوى من حرم

ولدت شمس الضحى بدر التمام *** فانجلت عنا دياجير الظلام

ناد: يا بشرا كم هذا غلام *** وجهه فلقة بدر يهتدى

بسنا أنواره في الظلم

هذه فاطمة بنت أسد *** أقبلت تحمل لاهوت الأبد

فاسجدوا ذلا له فيمن سجد *** فله الأملاك خرت سجدا

اذ تجلى نوره في آدم

كشف الستر عن الحق المبين *** و تجلى وجه رب العالمين

ص: 137

و بدا مصباح مشكاة اليقين *** و بدت مشرقة شمس الهدى

فانجلى ليل الضلال المظلم

نسخ التأبيد من نفي ترى *** فأرانا وجهه ربّ الورى

ليت موسى كان فينا فيرى *** ما تمناه بطور مجهدا

فانثنى عنه بكفي معدم

هل درت أم العلى ما وضعت *** أم درت ثدي الهدى ما أرضعت

أم درت كف النهى ما رفعت *** أم درى رب الحجى ما ولدا

جلّ معناه فلمّا يعلم

سيد فاق علا كلّ الأنام *** كان اذ لا كائن و هو امام

شرّف اللّه به البيت الحرام *** حين اضحى لعلاه مولدا

فوطى تربته بالقدم

إن يكن يجعل للّه البنون *** و تعالى اللّه عما يصفون

فوليد البيت أحرى أن يكون *** لولي البيت حقا ولدا

لا عزيز لا و لا ابن مريم

هو بعد المصطفى خير الورى *** من ذرى العرش الى تحت الثرى

قد كست علياءه أم القرى *** غرة تحمي حماها أبدا

حيث لا يدنوه من لم يحرم

سبق الكون جميعا في الوجود *** و طوى عالم غيب و شهود

كل ما في الكون من يمناه جود *** إذ هو الكائن للّه يدا

و يد اللّه مدر الأنعم

سيد حازت به الفضل مضر *** بفخار فسما كل البشر

وجهه في فلك العليا قمر *** فبه لا بالنجوم يهتدى

نحو مغناه لنيل المغنم

ص: 138

هو بدر و ذراريه بدور *** عقمت عن مثلهم أم الدهور

كعبة الوفاد في كل الشهور *** فاز من نحو فناها وفدا

بمطاف منه أو مستلم

ورثوا العلياء قدما من قصي *** و نزار ثم فهر و لؤيّ

لا يبارى حيهم قط بحي *** و هم أزكى البرايا محتدا

و إليهم كل فخر ينتمي

أيها المرجى لقاه في الممات *** كل موت فيه لقياك حياة

ليتما عجل لي ما هو آت *** علّني ألقى حياتي في الردى

فائزا منه بأوفى النعم

كان (السيد المجدد الشيرازي) من حسنات الدهر، و من مفاخر الطائفة الامامية قل نظيره في الأوائل و الأواخر، و كان ذا عقلية جبارة و كان شعلة وهاجة في الذكاء، محنكا بأمور الدنيا، بصيرا بها، خبيرا بادارتها، عارفا بكيفية ادارة شئونها كأنما ولد و عاش في الدنيا مرتين.

فجاء مرة للتعلم و الارتحال.

و أخرى لتطبيق ما تعلم.

و الى هذا المعنى يشير الشاعر الفارسي (سعدي الشيرازي):

مرد هنر هنربيشه را *** عمر دو بايست در اين روزگار

تا بيكى تجربه آموختن *** با دگرى تجربه آرد بكار

أي أن الرجل الكيس العاقل صاحب المهنة و الصناعة لا بدّ له من الحياة في هذه الدنيا مرتين.

مرة لاكتساب التجارب.

و أخرى لإعمال التجارب.

و كفى في عقليته الجبارة مواقفه المشهورة في (سامراء) نجاه أعداء

ص: 139

الدين، حيث أرادوا التدخل في شئون الطائفتين، طمعا منهم في الاستيلاء على بلاد الاسلام لا شفقة منهم على الشيعة، أو اخواننا السنة.

و لا يسعنا المقام لذكر القضايا الواقعة في دور زعامته فنحيل الأمر الى ما كتبه الأعلام في حياة (سيدنا المجدد الشيرازي).

و لم أبالغ لو قلت: إنه لم يأت لحد التاريخ في رجالات الشيعة الامامية من رجال الدين، و الذين تصدوا لهذا المنصب الخطر الخطير، مع تلك الظروف الحرجة التي عاش فيها (السيد المجدد الشيرازي): من يضاهي هذا الزعيم المحنك الخبير البصير و موقفه مع (السيد جمال الدين) معروف و مشهور.

و له موقف خاص حول تحريم (التنباك التبغ) بعد اعطاء امتيازاته من قبل سلطان الوقت (ناصر الدين شاه القاجار) الى (الحكومة البريطانية) و الموقف هذا أشهر من أن يذكر.

ألّف تلميذه المحقق (الشيخ حسن الكربلائي التستري) رسالة كبيرة حول موضوع تحريم (التنباك) باللغة (الفارسية) في غاية البداعة و الرصانة و بسط القول فيه، و شرحه شرحا وافيا حافلا للموضوع بدوا و ختاما فرغ من تأليفه عام 1310.

و لبعض أصحاب (سامراء) و الخصيصين (للسيد المجدد الشيرازي) مبالغات كثيرة حول تحريم (التنباك) حتى قال بعضهم: إن تحريمه كان بأمر من (الامام الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.

و حيث إنا لم نؤمن بذلك أصلا تركنا ذكره، و نحيل أمره الى القراء الكرام و هم الحاكمون في الموضوع نفيا و إثباتا.

(مدى علمية السيد المجدد الشيرازي):

و أما غزارة علمه و تحقيقه فحدث عن البحر و لا حرج و يوقفك

ص: 140

على شيء منه ما نشره تلامذته الذين هم أساطين العلم و الدين: من نظرياته و آرائه في العلوم في بطون الدفاتر.

لم يخلف (السيد المجدد الشيرازي) لنا من آثاره العلمية شيئا و لو كتيبا صغيرا مع غزارة علمه، و دقة نظره، و كثرة تحقيقه في المسائل الأصولية و الفقهية، و له ابتكارات خاصة في المسائل الهامة الأصولية و الفقهية و إليه ينتسب مبحث الترتب، و اللباس المشكوك.

قيل: إنه سئل (السيد المجدد الشيرازي) عن سبب ذلك.

فأجاب: بعد (الرسائل و المكاسب) لا ينبغي لأحد تأليف كتاب في الفقه و الأصول و لذا أمر بإلقاء كل ما كتبه من بحوثه العلمية، و آرائه القيمة و نظرياته الصائبة في نهر دجلة (سامراء).

نعم هناك تقريرات لبعض تلامذته المحققين من دروسه الملقاة عليهم خلال توقفه في (سامراء).

إليك أسماء من كتبوا تقريراته:

(الأول): للمحقق المدقق الشيخ (أسد اللّه الزنجاني) طاب ثراه و هو بخطه الجيد جدا.

(الثاني): له أيضا و بخطه النفيس جدا.

(الثالث): للمحقق النحرير و المدقق الشهير (السيد محمد الأصفهاني الطباطبائي) في الزكاة.

و هذه خطية أيضا نفيسة جدا و هذه الكتب الثلاثة موجودة في مكتبتنا مكتبة (جامعة النجف الدينية) أهداها مع كتب أخرى ثمينة نجله الجليل العلامة المرحوم الشيخ ميرزا علي الزنجاني طاب ثراه في عام 1391 و أثبتناها في فهرس المكتبة و سجلناها باسم المرحومين تغمدهما الله برحمته.

(الرابع): للمحقق (الشيخ حسن الكربلائي التستري) صاحب

ص: 141

الرسالة الدخانية التي أشرنا إليها. هذا ما اطلعنا عليه من تقريرات بحثه الشريف.

و لعل هناك تقريرات أخرى عند بعض تلاميذه لم تصل إلينا و ذهبت مع ما ذهب من الكتب المخطوطة الأخرى النفيسة، أو هي في مكتبات الغرب قد بيعت أو نهبت.

(آثاره العمرانية):

قد عرفت في حياة (السيد المترجم: أنه بنى مدرستين في (سامراء) لطلاب العلم و رواده بعد أن اكتظت بالعلماء، و لا تزالا قائمتين تسميان باسمه.

و بنى سوقا كبيرا لمواطني (سامراء) بعد أن ازدحمت بالنفوس.

و له الجسر الذي بناه على نهر دجلة (سامراء) و وصل به ضفتي دجلة، صرف عليه عشرة آلاف ليرة ذهبية عثمانية عام 1306.

(وفاته):

لبى (السيد المجدد الشيرازي) دعوة ربه الكريم يوم الرابع و العشرين من شعبان المعظم سنة 1312 و هي نهاية حياته الشريفة التي قضاها في سبيل إعلاء كلمة الدين فرضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

كان لوفاته رنة حزن و أسى عميقة في نفوس المسلمين عامة، و الطائفة الامامية خاصة.

شيع جثمانه الشريف حملا على الرءوس و الأعناق من سامراء الى مثواه الأخير (النجف الأشرف) و دفن في مقبرته الخاصة جنب باب الصحن الشريف (باب الطوسي) على يمين الخارج من الصحن الشريف.

و كان يستقبل جثمانه الطاهر في كل مدينة و قرية من أهاليها المسلمين الغيارى بكل إعزاز و إكرام.

ص: 142

(الثاني): من تلامذة الشيخ (الشيخ جعفر) نجل المرحوم (الملا حسين التستري).
اشارة

كان فقيها عظيما، و محدثا جليلا، و خطيبا بارعا، و واعظا متعظا

ولد في مدينة (تستر) من أبوين كريمين.

غادر مسقط رأسه متوجها نحو (النجف الأشرف) في عنفوان شبابه لأجل التلمذ على علمائها الأعلام، و أساتذتها الكرام بعد إنهاء دراساته البدائية لدى أعلام مدينة (تستر).

حل في (النجف الأشرف)، و تتلمذ على الفقيهين (الشيخ راضي النجفي، و الشيخ الأنصاري) الى أن ظهرت مقدرته العلمية، و بلغ مرتبة سامية و درجة رفيعة في الاجتهاد حتى صار من مشاهير العلماء الذين يشار إليهم بالبنان، و اعترف بفضله و قابليته زملاؤه الكرام من معهد درس استاذيه.

استقل بالتدريس و التأليف بعد وفاة أستاذه (الشيخ الأنصاري) ثم أخذ في الوعظ و الارشاد بكل اخلاص و ايمان.

فكان يرقى المنبر في (الصحن الشريف العلوي) في شهر (رمضان المبارك) المصادف أيام تموز قبل تسعين عاما عند باب الطوسى و يجتمع تحت منبره مئات النفوس، لسماع بحثه و وعظه من مختلف الطبقات و كان لكلامه تأثير عميق في النفوس، و كان مسيطرا عليها و على أفكار الناس و أفئدتهم.

و المعروف عنه: أنه لم يكن يعظ بشيء دون أن يطبقه على نفسه من قبل حتى يكون تأثيره على الناس آكد على قاعدة:

إن الكلام اذا خرج من القلب دخل في القلب، و اذا خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان.

ص: 143

(أسفاره):

سافر الى (ايران) عام 1302 قاصدا زيارة مرقد الامام الثامن (أبي الحسن الرضا) عليه السلام، و بعد تشرفه و رجوعه الى عاصمة البلاد (طهران) أقام الجماعة في (مسجد الشاه) فحضر صلاته أهالي العاصمة برمتهم من مختلف الطبقات فكانوا يتسارعون و يتسابقون في المسجد للصلاة خلفه، ثم بعد الصلاة يرقى المنبر موجها و مرشدا بكل صراحة و وضوح.

و مما يحكى عنه حول وعظه و إرشاده، و مدى تأثيره في النفوس:

أنه رقى المنبر يوما في (طهران) في (مسجد الشاه) و المسجد مكتظ بمختلف الطبقات حتى من رجال الدولة، و قواد الجيش، و الشخصيات البارزة من البلاط.

فقال: أيها الناس إن الأولين و الآخرين قالوا: عليكم بالتوحيد.

و أنا أقول: عليكم بالشرك فتعجب الناس من سماع هذه الكلمة الغريبة التي قرعت آذانهم، حيث لم يسمعوا مثل هذه الكلمة من رجال الدين و ممثليه.

ثم قال بعد هنيئة: أيها الناس إن لم تكن أعمالكم الصادرة في الليل و النهار للّه عز و جل فعلى الأقل أشركوه فيها، و لا تجعلوا كلها للسمعة و الرياء

علم الحضار مقصود الشيخ و ما أراده من كلمته: عليكم بالشرك.

أثرت هذه الموعظة البالغة في نفوس الناس و أخذت مفعولها سريعا

نعم: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها، فانها اذا خرجت من القلب أثّرت على القلب، و اذا خرج من الفم لا يتعداه.

أخذ (السلطان ناصر الدين شاه القاجاري) في اعزاز الشيخ و تجليله و تبجيله و تكريمه بعد أن تشرف بخدمته و رأى منه الحقيقة و الواقعية فاعتنى به عناية بالغة.

ص: 144

(مؤلفاته):

(لشيخنا التستري) مؤلفات ثمينة، و مصنفات جيدة في الفقه و الأصول، و المنبر (الحسيني) عليه الصلاة و السلام.

له رسالة في الفقه في العبادات، و المعاملات تسمى ب: (مجمع المسائل) في مقدمتها رسالة صغيرة في (أصول الدين) بقلم سلس، و بيان عذب و الرسالة فارسية طبعت في مدينة (بروجرد) و عليها حواشي المرحوم (السيد الطباطبائي البروجردي) أعلى اللّه مقامه و هي موجودة في مكتبتنا (مكتبة جامعة النجف الدينية).

و له كتاب نفيس في مقتل (سيد الشهداء) عليه الصلاة و السلام يسمى ب: (الخصائص الحسينية).

و الكتاب هذا عديم النظير في موضوعه يذكر فيه أسرار الشهادة و القضايا الواقعة في (الطف). و قد رتب الكتاب على مجالس يذكر فيها خروج (الحسين) عليه الصلاة و السلام من البداية الى يوم استشهاده و مصرعه. طبع الكتاب أربع مرات.

انتقل (شيخنا التستري) الى الرفيق الأعلى بعد رجوعه من (ايران) قاصدا (النجف الأشرف) في قرية (كرند) ليلة العشرين من صفر المظفر عام 1303، و حمل جثمانه الطاهر على الرءوس و الأكتاف من هناك حتى مثواه الأخير (النجف الأشرف)، و دفن في الصحن المطهر في الحجرة المتصلة ب: (ساباط الصحن) الطرف الأيمن من الداخل من (باب الطوسي) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

و المعروف أن في ليلة وفاته تناثرت النجوم.

و (لشيخنا التستري) أولاد و أحفاد في مدينة (تستر) جلهم كانوا علماء أفاضل.

ص: 145

و نجله الجليل (الشيخ محمد كاظم) كان من تلامذة (المحقق الخراساني) و من مراجع التقليد.

و حفيده العلامة (الشيخ محمد تقي) من الأفاضل له تآليف قيمة:

منها: كتاب قضاء (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و منها: (قاموس الرجال) في أحد عشر جزء. و كتب بخطه رسالة في جواز السهو على (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، تأييدا لما ذهب إليه (شيخنا الصدوق)، وردا على ما أفاده (شيخنا المفيد) في رد (الصدوق) و طبع بالأفسيت و ألحقه بالجزء الحادي عشر من كتابه (قاموس الرجال).

ليته لم يكتب و لم يطبع.

(الثالث من تلامذة الشيخ): المحقق المدقق (الشيخ ميرزا حبيب اللّه الرشتي).

كانت ولادته في قرية (رانكوى) من قرى (گيلان) التابعة لمحافظة (جيلان اى رشت) عام 1234.

كان والده (ميرزا علي خان) من أهالي مدينة (قوجان) التابعة ل: محافظة (خراسان)، و من المزارعين المثرين المعروفين بالورع و الصلاح، فاعتنى به عناية زائدة فاعدّ له العدة في نشأته و تربيته تربية صالحة صحيحة دينية فتعلم القرآن و الكتابة و الإنشاء الفارسي في وقت قصير عند معلمه الخاص الذي هيأه له والده.

كان هذا المعلم يغذيه المعرفة، و يبعث فيه روح الفضيلة و الرشاد و الإنسانية أثناء تعليمه له الكتب العربية و الفارسية.

فاستفاد هذا الشاب الطموح خلال مدة تعلمه من هذا الأستاذ الطاهر فوائد علمية جمة بالإضافة الى الفوائد الخلقية.

ص: 146

برز (شيخنا المترجم) في العلوم العربية على يد هذا الأستاذ حتى أصبح من اللامعين فيها و عند ما رأى الوالد نبوغ ولده، و تورعه و صلاحه مالت نفسه الكريمة أن يدخله في زي رجال الدين، شوقا منه الى العلوم الإسلامية فبعثه الى مدينة (قزوين) التي كانت و لا تزال احدى المدن العلمية القديمة و فيها مدارس شامخة هيأت لرجال الدين و رواد العلم من قبل المحسنين الأخيار. و قد انجبت هذه المدينة منذ الفتح الاسلامي علماء. فقهاء محدثين مؤرخين. لغويين. جغرافيين. راجع كتب التاريخ.

و قبل مغادرته مدينة (كيلان) زوّجه والده فهيأ له جميع اللوازم البيتية: من أثاث و نقود، فغادر بلاده و رحل الى (قزوين) و تتلمذ على يد العالم الفاضل (الميرزا عبد الكريم الايرواني) في الفقه و الأصول بعد أن قضى و طرا منهما في مدينته، فاخذ في النبوغ يوما فيوما حتى برزت فيه مقدرته العلمية فبلغ المراتب السامية في الفقه و الأصول و هو في العقد الثالث من سني عمره المبارك.

ثم استجاز والده للذهاب الى كعبة الوفاد، و محط الرحال، مدينة العلم المعهد الاسلامي الكبير (النجف الأشرف) فاجاز له فجاء مع العائلة نحو (العراق) فحل في (النجف الأشرف) فتتلمذ على فقيه العصر:

(الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر).

ثم على (الشيخ الأنصاري) بعد أن اختبره في محفل درس (الشيخ صاحب الجواهر) عند ما تعرض لمسألة تعارض الأخبار في موضوع واحد، و سر تقديم (الشيخ صاحب الجواهر) بعضها على بعض، و جواب (الشيخ الأعظم) أنه من باب الحكومة، و قد مضى شرح ذلك في ص 104

فاختص (بالشيخ الأنصاري)، و لازمه ملازمة الظل فلم يترك درسه

ص: 147

و بحثه أيام حياة (الشيخ)، و لم يفته درس واحد من جميع دروس أستاذه العظيم، و صرح بذلك أثناء بحوثه بعد وفاة استاذه.

بلغ (شيخنا المترجم) مرتبة رفيعة في الاجتهاد.

كان (شيخنا المترجم) مستفيدا من غزارة علم أستاذه، الى أن فرق بينهما (غراب البين).

استقل (شيخنا المترجم) بالتدريس و البحث و التحقيق و لا سيما بعد وفاة زميله الكريم (السيد حسين الكوه كمري) التبريزي الآتي ذكره فأصبح زعيم الحوزة العلمية في (النجف الأشرف). فكان القائد الوحيد لها بعد ارتحال (السيد المجدد الشيرازي) الى (سامراء) لا يعارضه أحد في مجالات العلم و التدريس، بل كان هو المزاحم الأول لزميله (السيد المجدد الشيرازي) في التدريس فانتهى له دور التحقيق و التدقيق فربى تلامذة أفاضل، و علماء أماجد.

كان معهد درسه الشريف حافلا بالعلماء فابتعد كل البعد عن الزعامة و المرجعية و التقليد و كان يتجنب هذه الأمور كلما يعرض عليه أمر التقليد فصرف همته العالية نحو التدريس و التأليف بكل عناية و تمحيص، و لذلك ترك لنا تراثا خالدا تدل على مبلغ ما كان عليه من علو الإدراك، و سمو المعرفة و دقة الفهم.

كان (شيخنا المترجم) على جانب عظيم من الورع و التقوى، و يكفي في ذلك: أنه لما جاء نبأ وفاة والده غادر (العراق) قاصدا (ايران) للحصول على فريضته: من تركة والده الطائلة.

فدخل مدينته، و مسقط رأسه بعد السنين المتطاولة فرأى صراع إخوته فيما بينهم على التركة فآثر الرجوع الى (النجف الأشرف) من دون أن يأخذ فلسا واحدا منهم.

ص: 148

كان (شيخنا المترجم) يعيش خلال تشرفه في (النجف الأشرف) من والده، و لا يقبل درهما و لا دينارا من أحد.

(فشيخنا المترجم) جمع بين مرتبتي العلم و العمل.

(آثاره العلمية):

(لشيخنا المترجم) مؤلفات ثمينة نافعة:

منها: بدائع الأفكار في علم الأصول.

منها: رسالة في الغصب في الفقه.

و هناك حكايات تنقل حول بساطة (شيخنا المترجم)، و حيث لا نؤمن بها تركنا ذكرها. فهي الى الأساطير أقرب.

كانت نهاية حياته الغالية التي قضاها في البحث و التدريس و التأليف في اليوم الرابع عشر من جمادى الثانية عام 1312 قبل وفاة زميله المكرم (السيد المجدد الشيرازي) ب: شهرين. و دفن بمقبرته الخاصة على يسار الداخل الى (الصحن الشريف) من باب السوق الكبير المتصلة بمقبرة فقيه (أهل البيت) المرحوم (السيد أبو الحسن الأصفهاني).

(الرابع من تلامذة الشيخ): الفقيه الكبير: (السيد حسين الكوه كمري) التبريزي.

ولد (سيدنا المترجم) في قرية (كوه كمر) من قرى (تبريز) في محافظة (آذربايجان) في بيت عز و كرم، و أصالة و شرف.

و من هذه الدوحة الطاهرة المرحوم (السيد محمد الحجة) المرجع الديني السابق في (قم) من بني عمومة السيد المترجم.

قرأ القرآن الكريم و الإنشاء العربي و الفارسي في مسقط رأسه، ثم شرع في العلوم العربية و المنطق لدى أساتذة قريته فنال فيها نصيبا وافرا.

ثم أخذ في الفقه و الأصول فقصد مدينة (تبريز) حيث كانت

ص: 149

و لا تزال احدى المدن العلمية و قد أنجبت علماء أفاضل فغادر قريته فحل في (تبريز) فتتلمذ على يد علامتها الشهير (الميرزا أحمد امام الجمعة) و ولده (الميرزا لطف علي): السطوح فأكملها و أتقنها حتى بلغ مرتبة سامية، و درجة عالية رفيعة فيهما فعد من الأفاضل يشار إليه بالبنان.

ثم عزم على مغادرة (ايران) قاصدا (العتبات المقدسة) فجاء و حل في (كربلاء) يوم أن كانت مكتظة بالفطاحل و النوابغ فتتلمذ على الأعلام (كالأستاذ شريف العلماء المازندراني، و السيد ابراهيم القزويني صاحب الضوابط، و الشيخ محمد حسين الأصفهاني صاحب الفصول) فاستفاد من بحوثهم حتى ظهرت فيه مقدرته العلمية.

ثم توجه نحو (النجف الأشرف) للاستفادة من معهد العلمين الفقيهين (الشيخ علي كاشف الغطاء، و الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر) فحضر بحثهما فاختص (بشيخنا الأعظم الأنصاري)، و صار من حواريه بعد أن كانت حوزه درسه حافلة بالأفاضل الأعلام، فلازمه ملازمة الظل فكانت جل استفاداته منه، فأصبح من مبرزي تلامذته يشار إليه بالبنان.

و (لسيدنا المترحم) موقف مشرف مع (الشيخ الأعظم) تنبئ عن علو نفسه، و سمو خلقه، و طهارة ضميره.

و خلاصة الموقف: أن (السيد المترجم) كان له بحث في (الجامع الهندي) مشتملا على الأفاضل الأعلام.

و كان (لشيخنا الأعظم) معهد درس في نفس المكان. فسأل (السيد المترجم) يوما عن تلامذته: من هذا الباحث؟

فقيل له: (الشيخ مرتضى الأنصاري) فاصغى الى بحثه و مقالته فوجده ذا تحقيقات عميقة، و مطالب دقيقة فطوى الكتاب و قال لتلامذته:

تعالوا معي نحضر بحث هذا الشيخ فذهب نحو محفل درسه و جلس، فلما

ص: 150

رأوا ذلك ذهبوا معه و جلسوا مصغين لبحث هذا الشيخ العظيم مع استاذهم الروحاني المقدس مع هن و هن في نفوس بعض تلامذته فبقي السيد مستفيدا من بحث الشيخ الى أن وافاه الأجل، نعم هكذا كان رجال الدين.

استقل السيد بالتدريس و البحث، و انحصرت الدراسة به، و بزميله (المحقق الرشتي) بعد أن غادر (السيد المجدد الشيرازي) (النجف الأشرف) و تشرف (بسامراء).

و من خصائص (السيد المترجم) أن حياته كلها كانت دراسة و بحثا حتى في العطلات المتعارفة عند رواد العلم في (النجف الأشرف).

تخرج من محفل درسه الشريف عدد كثير من الأفاضل الأعلام حملوا مشعل التدريس و التحقيق بعده:

و بعد وفاة الشيخ الأعظم رجع أهالي (آذربايجان) و من يتكلم باللغة التركية في الأصقاع الشيعية في أمر التقليد الى هذا السيد الجليل فنال حظا وافرا من المرجعية الدينية.

و لسيدنا المترجم آثار علمية. منها: تقريرات بحث شيخه الأعظم و لم تطبع من آثاره إلا رسالته العملية التي وضعها لمقلديه.

قيل السبب في ذلك: رداءة خطه جدا، حيث لا يقرأ، و لا يمكن لأحد قراءة خطه.

ابتلى السيد المترجم أخريات حياته بمرض (الزمانة) فأقعده في داره و لم يتمكن من الخروج، ثم اشتد به المرض حتى منعه عن التدريس.

أخبر (السلطان ناصر الدين شاه القاجاري) بمرض السيد فأرسل بعثة طبية من أطبائه إليه و أكد عليهم معالجته فجاءوا الى (النجف الأشرف) فباشروه، و بذلوا غاية الجهد في المباشرة و المعالجة.

و لكن و هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟.

ص: 151

انتقل السيد الشريف الى دار البقاء و لحق بأجداده الطاهرين يوم الثالث و العشرين من رجب المرجب عام 1299 و دفن في داره الخاصة الواقعة في محلة العمارة قرب (مسجد الشيخ صاحب الجواهر).

و قبره لا يزال معروفا و مشهورا.

(الخامس من تلامذة الشيخ): الفقيه النبيل: (الشيخ محمد حسن) المامقانى نجل المرحوم الشيخ عبد اللّه

ولد (شيخنا المترجم) عام 1238 في مدينة (مامقان) احدى مدن (آذربايجان) التابعة (لإيران) قديما قبل أن تسلبها (روسيا) الطاغية من (ايران) في عام 1228 الهجري.

جاء به والده عام ولادته الى (كربلاء)، حيث كانت معهدا دراسيا كما عرفت.

بقي الوالد الجليل في (كربلاء) مشتغلا بدراسته فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى توفى فيها بمرض الطاعون عام 1246 فتكفل تربية (شيخنا المترجم) العلامة الشهير (الشيخ محمد حسين الأصفهاني) صاحب الفصول بوصية من والده فكان تحت رعايته حتى عام 1255 و هي سنة وفاة (صاحب الفصول) و التحاق روحه بالرفيق الأعلى فتوجه (شيخنا المترجم) الى (النجف الأشرف) لإكمال دراساته الأولية التي بدأ بها في (كربلاء) على بعض أفاضلها.

فحل في (النجف الأشرف) مشتغلا بالدراسة حتى عام 1258، ثم رجع الى مسقط رأسه (مامقان)، و فيها أخذ يتجول في بعض المدن متطلعا و باحثا حتى عاد الى (النجف الأشرف) ثانية عام 1270 و التحق ببحث درس (السيد الكوه كمري) في الأصول، و الشيخ راضي النجفي و الشيخ حسن كاشف الغطاء في الفقه فاستفاد من هؤلاء الفطاحل الأعاظم و لا سيما من (السيد الكوه كمري) حتى عد من أفاضل تلامذة بحثه

ص: 152

و كتب تقريرات بحوثه كلها و قد بلغت ثمانية مجلدات سماها: (بشرى الوصول الى علم الأصول).

وقعت التقريرات موضع إعجاب العلماء الأفاضل و قد استنسخت مرارا و اعتمد عليها المجتهدون و المدرسون، و هذا يكشف عن مدى علمية (شيخنا المترجم) التي وصل إليها.

ثم التحق (شيخنا المترجم) بمحفل درس الشيخ الأعظم و اختص به و استفاد منه غاية ما يمكن استفادة التلميذ من استاذه خلال السنوات الأخيرة. أي من عام 1273 - الى عام وفاة استاذه 1281.

و كان (شيخنا المترجم) على جانب عظيم من الورع و التقشف الأمر الذي أبعده عن البهرجة، و زينة الحياة الدنيا، و التصرف بالأموال التي كانت ترد عليه من شتى الأقطار: في غير مواردها الشرعية، و مصارفها المعينة المحدودة.

ترك (شيخنا المترجم) مؤلفات جليلة نافعة أهمها حاشيته على (المكاسب) المسماة ب: (غاية الآمال).

كانت نهاية عمره الشريف في اليوم التاسع من المحرم الحرام عام 1323 و دفن في داره في محلة العمارة، و قبره هناك معروف.

(السادس من تلامذة الشيخ): الشيخ المحقق المدقق (المولى محمد كاظم الخراساني).

ولد (شيخنا المترجم) عام 1255 في مدينة (خراسان) احدى محافظات (ايران) و التي هي من أهمها.

كان والده العلامة (الشيخ حسين من أهالي (هرات) التي كانت من أهم مدن (خراسان): من الأفاضل.

هاجر والد (شيخنا المترجم) من مدينته قاصدا (خراسان) فحل

ص: 153

فيها مستوطنا بها، اشتغل (شيخنا المترجم) في طلب العلم فاعتنى به والده عناية زائدة، و أحاطه برعاية كاملة فتولى دراساته الأولية بنفسه فكان هو الموجه الأول لطلبة العلم، و شوقه نحو دراسات العلوم الاسلامية فنال قسطا وافرا من العلوم العربية و الميزان، و شطرا من الفقه و أصوله لدى والده الجليل.

ثم توجه عام 1277 - الى (بيهق القديمة) (و سبزوار) الحالية احدى مدن (خراسان) التي كانت من المراكز العلمية، و لا تزال. و فيها المدارس الدينية، و كانت من المدن المهمة قبل حملة الكافر الوحشي (جنگيز التتار) لعنه اللّه تعالى عدد أنفاس الخلائق: على البلاد الإسلامية فحل فيها و بقي سنة كاملة يتتلمذ لدى العارف الرباني، و الحكيم الإلهي (الميرزا هادي السبزواري) صاحب المنظومة المعروفة في الحكمة فاستفاد من بحثه، ثم رجع الى (خراسان) فبقى فيها مدة مستفيدا من أعلامها

ثم توجه نحو (طهران) عاصمة (ايران) لتحصيل الحكمة و الفلسفة التي كان لهما سوق رائج في العاصمة و لهما رواد و طلاب فمكث فيها سنة كاملة مستفيدا من بحث علامتها الشهير: (المولى حسين الخوئي). فنال مرتبة رفيعة فيهما.

ثم توجه نحو معهد العلوم الإسلامية: (النجف الأشرف) للاستفادة من زعيم الحوزة (الشيخ الأعظم) فحل في (النجف الأشرف)، و بعد الاستقرار حضر بحث (الشيخ الأنصاري)، و انضم الى تلامذته و كان بحثه الشريف حول حجية الظنون الخاصة، و منها: (الخبر الواحد) فاستمر على الاستفادة منه: الى أن انتقل شيخه الأستاذ الى جوار ربه الكريم، و وفد على ربه الجليل، و كانت مدة استفادته منه: ما يقرب من أربع سنين، و رغم قصر هذه المدة فقد كانت استفاداته منه فيها عظيمة

ص: 154

جدا تدل على مقدرة علمية في شخصية الأستاذ، و نبوغ لامع في ذهن التلميذ.

ثم واصل دراساته على أبرز تلامذة (الشيخ الأعظم) (السيد المجدد الشيرازي) بعد مهاجرته (النجف الأشرف) و السكنى في (سامراء) فاقتبس من علمه العزير، و نال منه مرتبة سامية في الدراسة و التحصيل.

ثم استقل (شيخنا المترجم) بعد وفاة العلمين الفقيهين (السيد المجدد الشيرازي، و المحقق الرشتي) بالبحث و التدريس فاجتمعت حوله عدة من الأفاضل الفطاحل فأفاض عليهم من علمه الغزير، ثم ازداد تلاميذه الى أن جاوز عددهم الآلاف، فكان هو الوحيد و المحور في البحث و التدريس و كان له بيان عذب، و كلام سلس في إلقاء محاضراته و بحوثه على تلامذته.

و قد أنجب محفل بحثه الشريف علماء فطاحل ازدان بهم الدهر.

اشتهر (شيخنا المحقق الخراساني) بالأصول حتى عدت محاضراته و تحقيقاته فيه من النوع الراقي.

و كتابه (كفاية الأصول): يغنيك عن الإثناء عليه، و يعطيك درسا كاملا عن مدى تبحره في علم الأصول، فقد تعرض لهذا الكتاب لأهمية: نوابغ هذا العلم و أقطابه، و علقت عليه شروح كثيرة تعد بالعشرات.

و (للمحقق الخراساني) فعاليات أخرى بالإضافة الى نشاطاته العلمية الجبارة.

منها: موقفه إلهام تجاه الانقلاب الحكم الإداري في (ايران)، و الذي أدى الى تشكيل (حكومة دستورية)، أي (حكومة مشروطة) و قد أصبحت هذه الحكومة الفتية ذات أنظمة و قوانين و أحكام خاصة تسمى ب:

(قانون أساسي مجلس شورى ملى ايران).

ص: 155

و بعد هذا الانقلاب و النصر و الغلبة للحزب (الحكومة الدستورية الفتية) خالف مليك ايران (محمد علي شاه) القاجاري الحكومة الدستورية، و أمر الجيش بضرب المجلس و رجاله فثار عليه الحزب حتى ألجأه الى الفرار فهرب و التجأ الى (السفارة الروسية) فتحصن هناك فخلعه نواب المجلس النيابي حالا عن الملوكية بحجة أنه لا يحق للمليك أن يلتجأ الى سفارة أجنبية و عين ولده (أحمد شاه) مكانه و هو طفل صغير و جعلوا أحد رجال الأسرة المالكة من الشخصيات اللامعة من بني أعمام الملك الجديد (عضد السلطنة) وصيا على العرش.

و من نشاطاته: تأسيسه (المدرسة العلوية) في (النجف الأشرف)

و من نشاطاته: نشره الثقافة العامة بمختلف صورها و أشكالها الأمر الذي أدى الى وضع حد لتصرفات حكام (ايران) في (العهد القاجاري) المعبر عنهم ب: (حكام الاستبداد).

و من نشاطاته: موقفه المشرف مع حكومة روسيا القيصرية الطاغية عند اعتدائها على بلاد (ايران) الشرقية، و مهاجمتها مدينة (خراسان) المقدسة الآمنة، و دخولهم الحرم الشريف، و قتلهم الزوار الوافدين ببنادقهم و رشاشاتهم بقسوة شديدة في إثرها أبرق المترجم تلك البرقية الهامة التي كان لها صداها في العالم، و البرقية تشتمل على ثمانمائة كلمة أبرقها الى (نيقلا) نفسه يهدده و يطلب منه بسحب جيشه عن (ايران) و تخلية البلاد التي احتلتها و البلاد هذه كانت مطمعا (للحكومة الروسية)، دوما و تتربص الدوائر عليها دائرة السوء لفصلها.

استلم (نيقلا) البرقية فأمر بانسحاب جيشه عن (ايران) من فوره خوفا

ص: 156

من صدور الفتوى بالجهاد من هذا القائد الديني للمسلمين فتقع الحرب بين الحكومتين.

و من نشاطاته: برقيته الى (السلطان عبد الحميد خان) و التي أدت الى خلعه، و انقلاب الحكم في بلاده الى (الحكم الدستوري).

و (للمحقق الخراساني موقف آخر خلاصته: أنه بعد استقرار الأمن في (ايران) و تشكيل (المجلس النيابي) في (طهران)، و اجتماع (النواب) في المجلس بدت اختلافات فيما بينهم حول القوانين التي وضعوها (للحكومة الدستورية) فعلم شيخنا المحقق بذلك و عرف مغزاها فعزم الى مغادرة (العراق) و الذهاب الى (ايران) للاطلاع على الأوضاع فأعلن بالسفر في اليوم المعين.

لكن المنية عاجلته فمات وقت الفجر بالسكتة القلبية، فشاءت الأقدار أن تقضي على حياة شيخنا المحقق في ظروف تمس الحاجة إليه، فكم للّه عز و جل من إشاءات و ارادات هو أعلم بسرها و حكمتها، و مصالحها و مفاسدها لا تصل إليها عقولنا القاصرة: و هو القائل عز من قائل:

«إني أعلم ما لا تعلمون».

(آثاره العلمية):

لشيخنا المحقق الخراساني: مؤلفات نافعة:

منها: كفاية الأصول في جزءين:

(الأول): في مباحث الألفاظ.

(الثاني): في الأدلة العقلية و الأصول العملية.

و قد عرفت أن الكتاب عظيم في بابه، قليل النظير في أسلوبه و قد علق عليه تعاليق قيمة و شروح جيدة تعد بالعشرات:

منها: شرحنا عليه في خمسة أجزاء المسمى ب: (دراسات في أصول الفقه)

ص: 157

و قد طبع من شرحنا جزءان. الجزء 1-2، و خرجا الى عالم الوجود، و أصبحا و للّه الحمد موضع إعجاب رواد العلم و طلابه و تناولتهما أيدي الأفاضل.

و سوف نطبع إن شاء اللّه تعالى في القريب العاجل بقية الأجزاء و نقدمها الى القراء الكرام.

و منها: تعليقته على الرسائل.

و منها: تعليقته على المكاسب.

و منها: رسالة في الفقه: (اللمعات النيرة).

كل هذه مطبوعة موجودة لدى رواد العلم.

انتقل (شيخنا المحقق الخراساني) الى رحمة ربه الكريم و انطوت حياته الغالية في صبيحة يوم الثلاثاء الثامن عشر من ذي الحجة الحرام (يوم الغدير) عام 1329، و دفن في مقبرته الخاصة في (الصحن الشريف) على يسار الداخل من باب السوق الكبير جنب زميله (المحقق الرشتي)

(السابع من تلامذة الشيخ): المحقق الشهير (الميرزا محمد حسن الآشتياني).

ولد شيخنا المترجم في قصبة (آشتيان) من ضواحي (طهران) عام 1248. و كان فيها نشأته البدائية. فتعلم القراءة و الكتابة هناك الى أن أنهاها و لم يكمل الثالث عشر من سني عمره.

ثم توجه نحو (بروجرد) لدراسة العلوم العربية، حيث كانت احدى المدن العلمية فتتلمذ على أساتذتها حتى أتقنها، و برع فيها، و نال حظا وافرا منها.

ثم شرع في الفقه و الأصول حتى أكمل السطوح و أنهاها، و بلغ فيها مرتبة سامية، و درجة عالية راقية.

ص: 158

ثم توجه نحو (النجف الأشرف) للاستفادة من أساتذتها الأفذاذ و الارتواء من منهلهم العذب.

فحل في (النجف الأشرف)، و بعد الاستقرار التحق بمحفل بحث (الشيخ الأعظم الأنصاري) فلازمه و اختص به حتى عد من أجلاء تلامذته، و مشاهير مقرري بحثه الى أن وافى استاذه الأجل.

و لم يطل العهد به بعد وفاة استاذه العظيم حتى غادر (النجف الأشرف) قاصدا (طهران)، و ما أن حل فيها حتى أصبح زعيمها الأوحد، حيث أدار شئونها، و دبر أمورها بحكمة.

كان (شيخنا المترجم) مهابا عند الحكومة و رجالها تقدره السلطات الزمنية غاية التقدير، و كان (السلطان ناصر الدين شاه القاجاري) يكبره و يجلله و يرعاه.

كان (شيخنا المترجم) يعد في الرعيل الأول من رجالات الدين في (ايران)، و لا سيما عاصمتها (طهران)، و كان له شأن و مكانة عند كافة الطبقات، و بالأخص عند (الدولة القاجارية).

و كانت الهيئة العلمية بمختلف طبقاتها: من علمائها، و أئمة جماعتها و وعاظها، و مدرسيها تهابه و تقدره.

و له الحظ الأوفى، و السهم الأوفر، و القدح المعلّى في تنفيذ الحكم بتحريم التنباك، و إلغاء الامتيازات الدخانية من (السيد المجدد الشيرازي) و في الحقيقة هو المؤثر الأول، و لولاه لم يحكم (السيد المجدد الشيرازي) بذلك و بعد هذا الحكم ارتفع شأنه و ذاع صيته حتى أصبح هو الوحيد في أصقاع (ايران) على الأغلب.

و لأولاده و أحفاده مكانتهم شعبا و حكومة حتى في عصرنا الحاضر إن هذا لشيء عجيب.

ص: 159

(لشيخنا المترجم) مؤلفات نافعة:

(منها): حاشيته على الرسائل المسماة ب: بحر الفوائد في حاشية الرسائل.

(و منها): كتاب القضاء مبسوط مستوفى.

(و منها تقريرات بحث أستاذه الأعظم (الشيخ الأنصاري).

انتقل الى دار البقاء و الخلود عام 1319 حمل جثمانه الى (النجف الأشرف) و دفن عند زميله الفقيه العظيم (الشيخ جعفر التستري) تحت الساباط على يمين الداخل من (باب الطوسي).

(الثامن من تلامذة الشيخ): الأصولي التحرير، أشهر مقرري بحث أستاذه (الشيخ الأنصاري) (الميرزا أبو القاسم كلانتر)

نجل المرحوم محمد علي خان النوري الطهراني

ولد (شيخنا المترجم) في (طهران) عام 1236 و بها نشأ و تعلم القراءة و الكتابة.

ثم توجه لطلب العلوم الدينية فنال منها قسطا غير يسير، ثم توجه الى (أصبهان) ثالثة العواصم العلمية الإسلامية لطلب العلم مع عمه فبقي هناك يطلب العلم فوفق لاستيعاب المقدمات و الدراسات الأولية فضبطها بذكائه المفرط، و حافظته العجيبة.

ثم قصد (النجف الأشرف) لاستفادة العلوم فمكث فيها مدة غير طويلة فغادرها لأسباب ليس هنا محل ذكرها، قاصدا (طهران).

ورد العاصمة فاستمر في دراسته على أعلامها في مدرسة (خان المروي) و هي احدى المدارس العلمية الدينية التي بنيت لرواد العلم و طلابها و لا تزال يسكنها طلبة العلوم الدينية، و لها أوقاف خاصة هامة يشرف عليها حفيد الميرزا الآشتياني: العلامة الحاج ميرزا باقر الآشتياني.

ص: 160

استفاد (شيخنا المترجم) من العلامة الجليل الشيخ عبد اللّه الزنوزي و بقية أعلام العاصمة.

كان الشيخ الزنوزي ذا اطلاع واسع في الحكمة و الفلسفة، بل كان خصيصا فيهما، و له منهما القدح المعلى.

أخذ (شيخنا المترجم) من هذا الحكيم الإلهي نصيبه الأوفر حتى ظهرت فيه مقدرته العلمية.

ثم تتلمذ على العلامة الجليل (الشيخ جعفر الكرمانشاهي) في الفقه و الأصول.

ثم غادر (ايران) قاصدا (العتبات المقدسة) فحل في (كربلاء) فحضر بحث الفقيه (صاحب الضوابط) فاستفاد من محفل بحثه مدة من الزمن حتى بلغ مرتبة رفيعة، و درجة سامية.

ثم غادر (العراق) قاصدا (ايران) فمكث فيها أياما قلائل فرجع الى (العراق) قاصدا مدينة العلم (النجف الأشرف) فحل فيها زمنا طويلا بلغ عشرين سنة، فحضر محفل بحث (الشيخ الأعظم) و لازمه ملازمة الظل فاستفاد من بحثه الشريف، و نهل من منهله العذب حتى أصبح من أعلام مجلس درسه، و فضلاء حوزته، و مشاهير مقرري بحوثه فقها و أصولا

له تحقيقات أنيقة، و بيانات رشيقة.

و كتابه (مطارح الأنظار) في تقريرات بحث (أستاذه الأعظم) أكبر شاهد، و أصدق دليل على تبحره في علم الأصول، و تضلعه في قواعده حيث استوعب فيه جميع بحوث أستاذه لم تفته كلمة واحدة من البداية الى النهاية، و من كتابه هذا استفاد بعض الأعلام، و أدرج مطالبه الهامة في كتابه، مؤيدا نظرياته.

رجع (شيخنا المترجم) الى (طهران) فحل فيها عام 1277 للقيام

ص: 161

بالوظائف الشرعية فقام بها أحسن ما يتطلبه المقام.

أصبح (شيخنا المترجم) مدرسا في (طهران) لا يضاهيه أحد في الدراسة، و إلقاء المحاضرات و البحوث.

كان له محفل بحث يحضره الأفاضل و الأعلام يلقي عليهم نتائج أفكاره الراقية التي استفادها من استاذه الأعظم فتخرج عليه جمع غفير ازدهرت بهم العاصمة.

و (لشيخنا المترجم) آثار علمية نفيسة تدل على طول باعه، و غزارة علمه، و كثرة عقله، و سمو أدبه.

و (لشيخنا المترجم) أحفاد في (طهران) من أهل العلم و الفضيلة يعرفون أخيرا ب: (الميثمي).

كانت آخر حياته الغالية التي كانت مليئة بالفضائل، و حافلة بالمكارم في (طهران) بنفس اليوم و الشهر الذي ولد فيه و هو اليوم (الثالث) من ربيع الأول عام 1292 و دفن في صحن (السيد عبد العظيم الحسني) عليه السلام المعروف هناك ب: (شاه عبد العظيم) في مقبرة المفسر الشهير:

(الشيخ أبو الفتوح الرازي الخزرجي).

و (كلانتر) كلمة فارسية بحتة مركبة من كلمتين: (كلان) بمعنى العظيم و الكبير.

و (تر) بمعنى أفعل التفضيل و المقصود منه الرجل العظيم الكبير الذي له الرئاسة و الزعامة، حيث كان جده لأمه زعيم المدينة.

(العاشر من تلامذة الشيخ): الأصولي البارع، المحقق الناقد (الشيخ هادي الطهراني).

ولد (شيخنا المترجم) في مدينة (طهران) عاصمة (ايران) يوم العشرين من شهر اللّه الأعظم عام 1253.

ص: 162

تعلم القراءة و الكتابة هناك، ثم شرع في العلوم العربية، و المنطق و سافر لهذه الغاية الى (أصفهان)، فهناك تعلم الدراسات الأولية على أساتذتها المشهورين فاكملها حتى تبرز فيها.

ثم توجه نحو دراسة الفقه و الأصول فاستفاد من بحوث علمائها الأفذاذ القديرين الذين يشار إليهم بالبنان، و على رأس هؤلاء الفطاحل الفقيه الجليل الجامع بين المعقول و المنقول (السيد حسن المدرس).

و العلامة الشهير (السيد محمد الشهشهاني) حتى ظهرت فيهما مقدرته العلمية فبلغ مرتبة سامية.

ثم غادر (أصفهان) قاصدا مسقط رأسه (طهران) فحل فيها و بقي أياما قلائل.

ثم ذهب الى مدينة العلم (النجف الأشرف) للاستفادة من محفل درس الأستاذ (الأعظم الشيخ الأنصاري) فحضر بحثه الشريف، و استفاد منه حتى أصبح من تلامذته البارزين اللامعين.

ثم عاد الى وطنه و لم يطل العهد به إلا و قد رجع الى (العراق) فحل في (كربلاء) فحضر معهد بحث العلامة (الشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين).

ثم رجع الى وطنه فبقي أياما قلائل.

ثم عاد الى (العراق) فحل في (النجف الأشرف) مستفيدا من محفل درس (الشيخ الأعظم الأنصاري) الى أن وافى استاذه الأجل.

و بعد هذه الأسفار و الرحلات في طلب العلم، و تتلمذه على الأعلام و لا سيما (شيخنا الأعظم): صلب عوده، و اشتد عظمه، و برز نضجه فاستقل بالتدريس و التأليف فصار مجلس بحثه مجموعة الأفاضل يتنافس عليه الفطاحل، يموج بطلاب العلم و رواده.

ص: 163

كان (شيخنا المترجم) ذا نبوغ ذاتي اشتهر به شهرة عظيمة في الأوساط العلمية فذاع صيته.

و أظن و إن كان الظن لا يغني من الحق شيئا: أن هذه الشهرة العلمية في أوساطها هي التي سببت إثارة موجة من الشكوك ضده، و بث الدعايات حوله فقيل في حقه: ما قيل.

ربى (شيخنا) بدوره رغم تلك الدعايات تلامذة فضلاء مستفيدين من آرائه القيمة، و أفكاره الجيدة، معجبين بها، مقدرين لها.

(لشيخنا المترجم) آثار علمية بعضها مطبوع.

(منها): تعليقته على (الرسائل).

كانت آخر حياته الثمينة يوم العاشر من شوال المكرم عام 1321 في (طهران)، و حمل جثمانه الى (النجف الأشرف) و دفن في الصحن الشريف في احدى الحجرات الجنوبية قرب (الباب السلطاني).

(الحادى عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه الورع: (الشيخ محمد طه نجف).

ولد (شيخنا المترجم) عام 1241 في مدينة (النجف الأشرف) في بيت فضل و شرف.

نشأ (شيخنا المترجم) نشأة صحيحة اسلامية على يد والده العلامة الجليل (الشيخ مهدي نجف).

تعلم القراءة و الكتابة في (النجف الأشرف).

ثم شرع في العلوم العربية و المنطق على أحد أساتذتها البارعين:

(العلامة الشيخ عبد الرضا الطفيلي) حتى فاز بها.

ثم أخذ في الفقه و الأصول البدائي فتتلمذ على خاله العلامة (الشيخ جواد نجف)، و على العلامة (الشيخ محسن خنفر) فأكملهما، و برع فيهما

ص: 164

ثم شرع في دراسة الفقه الراقي، و الأصول العالي فتتلمذ على المحقق الفقيه (السيد حسين الكوه كمري) الذي مضى شرح حياته في ص 149-152 فنال فيهما درجة عالية.

و بعد هذا اختص (بشيخنا الأعظم) فاستفاد منه استفادة كاملة حتى بلغ مراتب الاجتهاد، و صار من الأعلام المشهورين يشار إليه بالبنان

كان (شيخنا المترجم) متفوقا في الفقه و الأصول رغم كونه متعدد الجوانب.

له الاطلاع الواسع في الحديث و الرجال، و الأدب و الشعر، فكان فيها ذا معرفة كاملة.

استقل في التدريس و صار من الرعيل الأول، مضافا الى مرجعيته في الفتيا و التقليد فكان له منهما الحظ الأوفر.

و كان (شيخنا المترجم) على جانب من الصبر، و التقوى و الخلق العالي.

لشيخنا المترجم آثار علمية في الفقه، و الأصول.

و له تعاليق و شروح على بعض الكتب، و أشهر مؤلفاته: كتابه في علم الرجال المسمى ب: (إتقان المقال في علم الرجال).

و قد اعتنى بهذا الكتاب حتى عند ما فقد البصر فخرج كتابا كثير الفائدة

تخرج من معهد بحثه الشريف جمع من العلماء، و رجال المعرفة.

كان آخر حياته يوم الثالث عشر من شوال عام 1323، و دفن في الصحن الشريف في مقبرتهم الخاصة بجنب أستاذه (الشيخ الأنصاري) في غرفة مستقلة.

(الثاني عشر من تلامذة الشيخ): المحقق الأصولي (الميرزا عبد الرحيم) النهاوندي.

ص: 165

ولد (شيخنا المترجم) عام 1237 في مدينة (نهاوند) احدى مدن (ايران) التي وقعت فيها المعركة الدامية بين المسلمين، و جيوش الفرس حتى كان النصر النهائي للمسلمين، و يقال لهذا النصر: (فتح الفتوح) حيث انتهت الحرب الى غلبة المسلمين على أكثرية بلاد ايران، و الى فرار (يزدجرد) آخر الملوك الساسانيين.

أصله من (شيراز) انتقل الى (نهاوند) جده لأبيه (الحاج ميرزا محمد علي) بعد صدور مرسوم ملكي من قبل (السلطان محمد شاه القاجاري) بتعينه حاكما على (نهاوند) فاستوطن هناك، و اتخذ هذه المدينة مقرا له فولد شيخنا المترجم و والده في (نهاوند) فاشتهر ب: (النهاوندي).

اعتنى جده و والده بتربيته. فنشأ شيخنا المترجم نشأة صحيحة دينية

قرأ القرآن المجيد، و تعلم الكتابة في مسقط رأسه فاتقنهما.

ثم مالت نفسه الى تعلم العلوم العربية و المنطق فقرأها على أساتذتها حتى أكملها فصار من البارزين فيها.

و رغبة (شيخنا المترجم) الى الدراسات الاسلامية الصحيحة دليل على أصالة تربيته، و تشبعه بروح العقيدة الصحيحة.

و قد مضى في حياة الشيخ في ص 28 أن للبيئة، و التربية و النشأة أثرها العظيم في سعادة الانسان و شقائه.

ثم شرع في دراسة الفقه و الأصول للبدائية لدى أفاضل (نهاوند) فأكملهما فنال فيهما مرتبة رفيعة سامية.

و بعد هذه المراحل توجه نحو (النجف الأشرف) للاستفادة من معهد بحث (شيخنا الأعظم) فحضر بحث (الشيخ الأنصاري) و واظب عليه و داوم فلم يفته درس من بحوثه فبرز و نبغ حتى صار من أعلام تلامذته و أفذاذ خريجي مدرسته، و كان مورد عناية (الشيخ الأعظم).

ص: 166

استقل (شيخنا المترجم) بالبحث و التدريس بعد وفاة (أستاذه الأعظم) فاجتمع حوله جمع غفير من الأفاضل فأفاض عليهم من تحقيقاته الرشيقة حتى خرج من معهد بحثه عدد غير يسير من رجال العلم.

غادر (شيخنا المترجم) (العراق) عام 1289. قاصدا (ايران) فاختار (طهران) عاصمتها موطنا، و بعد أيام قلائل توجه الى خراسان لزيارة مرقد (الامام الثامن) عليه السلام فتشرف هناك سنة كاملة ثم عاد الى (طهران) و كان مورد تقدير و تقديس و حفاوة بالغة من عامة الناس.

شرع في البحث و التدريس في (مدرسة خان مروي) كما أقام الجماعة فيها.

ربّى شيخنا المترجم خلال فترة اقامته في (طهران) و هي اثنا عشر عاما عددا كثيرا من الأفاضل.

ترك (شيخنا المحقق) آثار علمية فقد اكثرها، و ضاع جلها.

كان آخر حياته الشريفة في العشرة الأولى من ربيع الثاني عام 1304، في (طهران).

حمل جثمانه الى (النجف الأشرف) و دفن في وادي السلام على طريق (النجف و الكوفة) تجاه (كلية الفقه) بنايتها الجديدة.

كان على قبره صخرة مكتوب عليها اسمه.

هدم قبره و سوي مع الأرض بعد توسيع الشارع العام.

(الثالث عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه الاخلاقي (الآخوند ملا حسين قلي) الهمداني.

ولد (شيخنا المترجم) عام 1239 في قرية (شوند) من قرى (همدان).

كانت نشأته البدائية، و قراءاته الأولية هناك.

ص: 167

ثم أرسله والده الى (طهران) لدراسة المقدمات و السطوح، حيث كانت بعد أن اتخذها (ملوك قاجار) عاصمة لملكهم: من المدن العلمية الراقية، و فيها المدارس الدينية الشامخة من القسم الداخلي بنيت لرجال العلم و رواده، و لا تزال يسكنها طلاب العلم من رجال الدين.

و لهذه المدارس أوقاف خاصة تصرف أرباحها على طلابها، و في سائر شئونها اللازمة.

شرع (شيخنا المترجم) في المقدمات و السطوح حتى أكملها و أنهاهما فصار من البارزين فيها.

ثم أخذ في الفقه و الأصول الراقي فتتلمذ على العلامة (الشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين) مدة من الزمن فاستفاد من علمه الغزير.

ثم غادر (طهران) قاصدا (سبزوار) للاستفادة من معهد بحث الحكيم الإلهي (الحاج ميرزا هادي السبزواري) صاحب المنظومة في الحكمة الإلهيات و الطبيعيات فقرأ عليه قسما وافرا من الحكمة، ثم رجع الى مسقط رأسه (شوند).

كان (شيخنا المترجم) خلال هذه الأسفار طالبا مجدا متتبعا مدركا بشكل يثير الإعجاب و التنبؤ بمستقبل زاهر.

لم يطل العهد بشيخنا المترجم في (شوند) حتى غادرها قاصدا (النجف الأشرف)، و الالتحاق بمعهد بحث (الشيخ الأعظم) فحل فيها، و بعد أيام قلائل حضر درسه فاستفاد من بحوثه القيمة فلازمه ملازمة الظل حتى تسنى له أن يكتب من تقريرات بحوثه الفقهية و الأصولية الشيء الكثير كما أنه واصل دراساته الأخلاقية، و الكمالات النفسانية لدى استاذها الشهير (السيد علي التستري) أعلى اللّه مقامه.

كان (شيخنا المترجم) ناهلا من بحر علوم استاذه الى أن التحق

ص: 168

الأستاذ بالرفيق الأعلى، فاستغنى و لم يلحق بعد ببحث أي علم من الأعلام و اكتفى بما استوعبته ذاكرته، و تقريراته.

كان شيخنا المترجم مبتعدا عن عالم المرجعية و التقليد و لتصدي الفتيا معرضا عنها، عزوفا عن بهارجها، مفضلا الانزواء و الابتعاد عن مخاطرها

و كانت داره مقصد الخواص من أهل العلم و الفضيلة، و طلابه الأفذاذ

و مصدر بحوث تقريراته الخاصة المستفادة من (أستاذه الأعظم) مضافا الى تدريب جملة من فضلاء الحوزة، و تهذيب أخلاقهم و هم الدين أصبحوا من فرسان هذه الحلبة و ميدانها، حيث كان مثالا عاليا في الأخلاق الفاضلة، فادوا الرسالة بما أملاه عليهم بما اقتضته الأمانة العلمية، و شرف الانسانية في هذا السبيل.

كانت آخر حياته الغالية في (كربلاء) عند زيارته مرقد الامام الشهيد أبي عبد اللّه الحسين عليه الصلاة و السلام يوم الثامن و العشرين من شعبان المعظم عام 1311، و دفن هناك في الصحن الشريف.

(الرابع عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه الجليل (الحاج ميرزا حسين الخليلي) الطهراني.

ولد شيخنا المترجم في (النجف الاشرف) عام 1230 في بيت فضيلة و شرف.

تعلم القرآن المجيد و الكتابة فيها، ثم أخذ في دراسة العلوم العربية و المنطق على والده العلامة (الحاج ميرزا خليل) جد الأسرة الخليلية في (العراق و ايران)، ثم على أخيه العالم (الحاج ميرزا علي الطهراني) حتى أكملها و أنهاها و برز فيها.

ثم شرع في الفقه و الأصول البدائي فاتقنهما، و برع فيهما و صار من اللامعين.

ص: 169

ثم حضر معهد بحث الشيخ الفقيه (صاحب الجواهر) فاستفاد من علمه الزاخر الى أن ارتحل الى الرفيق الأعلى.

ثم حضر بحت (الشيخ الأعظم) و لازمه مستفيدا من أبحاثه القيمة حتى لبى الأستاذ دعوة ربه الكريم.

و بعد هذا استقل بالتدريس و التحقيق مدة غير يسيرة.

كان بحث (شيخنا المترجم) من الأبحاث الفقهية البحتة المعروفة بالفقه المجرد فكان فيه مثال الأستاذ البارع المفكر الموجه.

كان ذا احاطة واسعة بالفروع الفقهية، و كان له عذوبة الكلام و سلامة البيان في التدريس حضر بحثه عدد كثير فاستفادوا منه، و تخرجوا من حوزة درسه.

كان (شيخنا المترجم) و زميلاه (المحقق الخراساني، و الشيخ عبد اللّه المازندراني) واضعو الحجر الأساسي لتأسيس الحكم الدستوري في ايران.

و له القدح المعلى في هذا الانقلاب، و تثبيت أركانه فكان ينظم المجالس و الحفلات في مدرسته (مدرسة الخليلي).

كان (شيخنا المترجم) أشد زميليه حماسة في هذه النهضة فهو الغارس بذرتها، و المفتى بوجوبها.

لكن المنية عاجلته و اختطفته فاقتطف ثمارها زميله (المحقق الخراساني) بعد أن أينعت، و نضجت ثمارها، و حان قطافها، ففتح (المجلس الشورى) في ايران باسم المحقق الخراساني.

(لشيخنا المترجم) مؤلفات في الفقه و الأصول و الرجال كلها مخطوطة و له (ذريعة الوداد في منتخب نجاة العباد) طبعت مرارا.

كانت نهاية حياته في مسجد السهلة يوم الجمعة العاشر من شوال

ص: 170

عام 1326 عن عمر جاوز التسعين، و حمل جثمانه من المسجد الى مثواه الأخير (النجف الأشرف) على الأكتاف مشيا، و دفن في مقبرته الخاصة المهيأة لنفسه قبل موته، و المقبرة متصلة بمدرسته الواقعة في محلة العمارة على رأس عقد السلام الشهيرة ب: «مدرسة الخليلي».

(الخامس عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه النبيل (الشيخ عبد الحسين) نجل الفقيه الأكبر (الشيخ صاحب الجواهر).

ولد (شيخنا المترجم) في (النجف الأشرف)، و ترعرع في رحابها الطاهر.

تعلم القرآن المجيد، و الكتابة فيها.

ثم عكف على دراسة العلوم العربية و الدينية على اختلاف أنواعها و مراتبها حتى أحرز مرتبة سامية، و مركزا خطيرا له شأن فى الأوساط العلمية

ثم حضر معهد بحث (الشيخ الأنصاري) فاستفاد منه حتى صار من مشاهير تلامذته.

كان (شيخنا المترجم) متجملا بمزايا غراء، و قيم روحية سامية ارتفعت به الى قمة العظمة، و ذروة المجد و السؤدد، لاجلها كان مورد تجليل أستاذه الأعظم و تكريمه.

انتهت إليه رئاسة بيته بعد وفاة والده العظيم.

و له نوايا طاهرة تدل على سلامة نفسه من جملتها: القيام باتمام عمل والده العظيم في ايصال الماء من الكوفة الى (النجف الأشرف) عن طريق النهر الذي أمر والده بحفره، و قد بذل السعي و الجهد في هذا السبيل و تم قسم منه على يده.

ص: 171

لكن المنية عاجلته فاختطفته فتوقف هذا العمل الانساني، و تلاشى ذلك المشروع الحيوي بموته.

انتقل (شيخنا المترجم) الى دار البقاء ليلة احدى و عشرين من جمادى الأولى عام 1373، و دفن في مقبرتهم الخاصة بجنب والده الراحل الطاهر (الشيخ صاحب الجواهر).

(السادس عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه الكامل، الأديب الفاضل (الشيخ ابراهيم بن صادق العاملي)

ولد (شيخنا المترجم) في قرية (الطيبة) من قرى (جبل عامل) للجمهورية اللبنانية عام 1221.

تعلم القراءة و الكتابة في مسقط رأسه، ثم أخذ في دراسة العلوم العربية فقرأها حتى برع فيها، و أصبح على عهد والده شاعرا أديبا.

ثم شرع في دراسة في الفقه الأصول، و بقية العلوم: الاسلامية بعد وفاة والده عام 1252.

ثم هاجر الى معهد العلوم الاسلامية (النجف الأشرف) عام 1253 فحضر بحث العلامة الجليل الشيخ حسن كاشف الغطاء، و الشيخ محمد كاشف الغطاء و الشيخ مهدي كاشف الغطاء فبلغ في الفقه و الأصول مرتبة سامية.

ثم تتلمذ على (شيخنا الأنصاري) فصار على جانب عظيم في الفقه و الأصول فعلا صيته، و تقدمت سمعته، و ظهرت مقدرته العلمية.

ثم رجع الى بلاده جبل عامل ليقوم بواجبه الديني في الدعوة و التوجيه

ص: 172

و الارشاد فنال هناك من الاحترام و التقديس حدا عاليا قل نظيره في أقرانه من معاصريه.

لكن المنية لم تمهله بعد رجوعه الى وطنه إلا قليلا فاختطفته سريعا فتوفى عام 1283، و دفن بالنبطية.

ترك (شيخنا المترجم) آثار فقهية و أدبية.

(السابع عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه العامل، و الزاهد العابد الفاضل الشربياني.

ولد (شيخنا المترجم) عام 1248 في مدينة (شرابيان) من أعمال (آذربايجان).

قرأ القرآن الكريم و تعلم الكتابة هناك فاتقنهما، ثم توجه لدراسة العلوم العربية و الأدبية فاتمها فبلغ منها حظا وافرا، و بعد هذه المراحل غادر وطنه قاصدا (تبريز) لمواصلة دراساته العالية يوم أن كانت (تبريز) و لا تزال احدى المدن العلمية في (ايران)، فيها مدارس دينية لطلاب العلم و رواده فتتلمذ على أساتذتها الأفذاذ في الفقه و الأصول حتى برز فيهما و يشار إليه بالبنان.

ثم غادر (تبريز) عام 1273 قاصدا (العراق) للتلمذ على أعلام (مدينة العلم النجف الأشرف) و فحول علمائها، و كبار أساتذتها، فالتحق بحوزة بحث (شيخنا الأنصاري) فحضر بحثه الشريف و واصل دراسته و لازمه ملازمة الظل، و لم يتركه حتى ارتحل (أستاذه الأعظم) الى الرفيق الأعلى.

ص: 173

أصبح (شيخنا المترجم) من أفاضل طلاب معهد أستاذه الأعظم و بعد وفاة (السيد الكوه كمري) استقل بالبحث و التدريس، و أصبح مرجعا للشيعة في التقليد و الفتيا.

كان (شيخنا المترجم) مورد عناية (ملوك ايران و البلاط العثماني) و لا سيما الثاني حيث كانوا يحترمونه غاية الاحترام، و قد أجيز له أن يتكلم كل يوم مع الخليفة العثماني بأربعين كلمة مجانا.

كانت آخر حياته الشريفة يوم الجمعة السابع عشر من شهر اللّه الأعظم وقت الفجر عام 1322 في (النجف الأشرف) و دفن في مقبرته الخاصة في الحجرة الملاصقة (بالصاباط) خلف الرواق الشمالي.

و هناك حكاية مشهورة إليك خلاصتها في عام 1375 الهجري أمرت (الحكومة العراقية) بترميم الحرم المطهر العلوي، و الرواق الشريف و الغرف المتصلة بالرواق، و من جملة الغرف مدفن شيخنا المترجم فحين ذاك و جدوا جثته الطاهرة سليمة طرية كأنها دفنت في يومها من دون تغير.

له آثار علمية. منها: حاشيته على الرسائل و المكاسب، و له كتاب في الصلاة، و رسالة عملية لمقلديه.

(الثامن عشر من تلامذة الشيخ): الفقيه الورع (الشيخ آغا حسن النجم آبادي).

حضر (شيخنا المترجم) معهد بحث (الشيخ الأنصاري) مدة من الزمن و لم يفارقه أيام تشرفه في (النجف الأشرف) حتى صار من أجلاء تلامذته.

ص: 174

أصبح (شيخنا المترجم) من الفقهاء الكبار، مضافا إلى أنه كان بجانب عظيم من الورع و التقوى.

و يكفي شاهدا على ذلك: أنه رجع إليه الناس في التقليد بعد وفاة (الشيخ الأنصاري) فرفضه و ابتعد عن مخاطره، و أرجعهم الى (السيد المجدد الشيرازي).

لشيخنا المترجم آثار فقهية كلها مخطوطة.

كانت آخر حياته في (النجف الأشرف) عام 1282 - و دفن فيها و هناك تلامذة آخرون و ما أكثرهم لا يسع المقام لذكرهم.

(مدى علمية شيخنا الأعظم):

لا يشك أحد من علمائنا الأبرار و فقهائنا الكرام ممن أتوا بعد (شيخنا الأنصاري) أنه كان غزير العلم، طويل الباع، دقيق الفكر، عميق النظر، عظيم الضبط، واسع الاطلاع، سريع الانتقال، قليل الخطأ ذا احاطة واسعة بالمسائل الفقهية و الأصولية، واقفا على رموزها و مزاياها، عالما بمبادئ الفروع و أحكامها، عارفا بكيفية دخوله فيها و خروجه منها، يصدق عليه المثل الساري:

(هو ابن بجدتها)

تراه يأخذ في المسألة فقهية و أصولية فيحللها تحليلا علميا، و يناقشها نقاشا دقيقا بذكر مقدمات متينة، و مبادي رصينة بآرائه القيمة، و أفكاره الجيدة، و يركزها في الأذهان ببيان عذب، و كلام سلس، بجمل موجزة غير مخل و لا ممل، يخال الطالب أنها سليمة عن كل نقص، و صحيحة من كل عيب.

ص: 175

ثم يأخذ في النقاش العلمي حول تلك المقدمات فيفندها بآراء جديدة أسد و أمتن من الأولى، فيأتي بالأدلة على متانة هذه المقدمات و صحتها و يثبت للمسألة خلاف ما أثبته لها أولا، مؤيدا رأيه الجديد بأقوال الآخرين

ثم يشرع في هدم هذه المقدمات التى بنى عليها المسألة، و يؤيدها بأقوال الآخرين، و يناقش تلك المقدمات مناقشة دقيقة فيأتي بمطالب رصينة لا تشابه الأولى و الثانية فيخوض فيها، و يجول يمنة و يسرة، مستشهدا بالآيات و الأخبار، و مؤيدا بكلمات الأعلام من الفقهاء و اللغويين فيتراءى للباحث فيها أن الإشكال قد ارتفع بحذافيره، لأن هذه المقدمات الجديدة هي الصغرى الكبرى من الشكل الأول فهي بديهية الانتاج.

و اذا به يهدمها، و يؤسس مباني جديدة أخرى فيأتي بمقدمات الى الواقع أقرب، مستدلا أيضا بالآيات و الأخبار يذكرهما واحدة بعد أخرى كأنما دماغه الجبار (دماغ الكتروني) وضع للاستدلال بالآيات و الأخبار، و نقل الأقوال و الإجماعات الى أن يتجاوز الهدم و البناء، و النقض و الإبرام: الآحاد.

و لمزيد الاطلاع نحيطك علما.

خذ لذلك مثالا نموذجيا.

يقول فى النوع الثاني مما يحرم التكسب به لتحريم ما يقصد به:

و هو على أقسام:

(الأول): ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام.

منها: هياكل العبادة.

ص: 176

(الثاني): ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة.

و هو (تارة) على وجه يرجع الى بذل المال في مقابل المنفعة المحرمة (و أخرى) على وجه يكون الحرام هو الداعي الى المعاوضة لا غير فهنا مسائل ثلاث.

(الأولى): بيع العنب على أن يعمل خمرا، و الخشب على أن يصنع صنما أو صليبا.

(الثانية): يحرم المعاوضة على الجارية المغنية.

(الثالثة): يحرم بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا.

يأخذ الشيخ في المسألة، و يأتى بأدلة المثبتين، ثم يناقشها فيأتي بأدلة النافين فيعارضها بما هو أقوى منها، و لا سيما (المسألة الثالثة): و هو بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا، فيحقق تحقيقا دقيقا أنيقا، ثم يدخل في الإعانة و أقسامها، و مفهومها.

و ستأتي الاشارة إليها و الى أقسامها.

ثم يشرع في النقص و الإبرام و ايراد ما أفاده (المحقق الأردبيلي) في هذا المقام، و بالأخص ما ذكره حول الإعانة: من أنه لا بدّ في تحققه خارجا من أحد الأمرين لا محالة على سبيل منع الخلو.

إما القصد، و إما الصدق العرفي.

ثم يأخذ في التعليق على ما أفاده (المحقق الأردبيلي) و يناقشه، فيوافقه ثم يخالفه.

كل هذه المناقشات، و الموافقات، و المخالفات مع أدلتها، و الأقوال التي قيلت فيها.

ص: 177

أليك مثالا آخر.

يخوض الشيخ في السحر فيشرح معناه اللغوي و موارد استعمالاته و أقسامه، و الاشارة الى مصدره، و حقيقته، و تأثيره، و الفرق بينه و بين المعجزة، و بينها و بين الشعبذة كما شرحناه مفصلا، و علقنا عليه تعاليق كثيرة و أشبعنا الكلام فيه، و ستقف عليها إن شاء اللّه في الجزء الثاني.

إليك مثالا آخر.

يأخذ الشيخ في مسألة الغناء فيقول: لا خلاف في حرمته في الجملة ثم يذكر الأخبار الدالة على حرمته، و ينقل عن الإيضاح دعوى تواترها

ثم يشرع في نقاشها و خدشها و يقول: إن الأخبار المذكورة قسم منها يدل على كون الغناء من مقولة الكلام.

و قسم منها يدل على أنه من مقولة الصوت.

ثم يؤيد هذا النقاش و الخدشة بأحاديث أخرى بعضها دال على أنه من مقولة الكلام.

ثم يذكر حقيقة الغناء و مفهومه من تعاريف اللغويين، و من تعاريف الفقهاء، و الجمع بين التعريفين.

ثم يقول: هل الغناء مجرد ترجيع الصوت و إن لم يكن مطربا أو الترجيع مع الإطراب و هي الكيفية الحاصلة للانسان المخرجة له عن الحالة الطبيعية و التوازنية كما شرحناه شرحا وافيا و ستقف عليه ان شاء اللّه.

ثم يذكر ما أفاده (صاحب الحدائق، و المحقق الكاشانى، و المحدث الأسترآبادي) و النقاش معهم.

ثم يذكر ما أفاده (المحقق الكاشانى) في الجمع بين الأخبار المتضاربة الواردة في الغناء جوازا و منعا: بحمل المانع منها على الفرد الشائع من الغناء في العصرين: (الأموي و العباسي).

و الجواز منها على الفرد الغير الشائع في العصرين.

ص: 178

ثم يذكر ما فيه من خروج المراثي عن الغناء بعروض الشبهة فيها من حيث أصل الحكم تارة، و من حيث الموضوع أخرى، و من حيث اختصاص الحكم ببعض أفراد الموضوع، لا جميعها ثالثة فيأخذ (شيخنا الأعظم) في المسألة و يحللها تحليلا علميا، و يناقشها نقاشا دقيقا يزيل الشبهة بحذافيرها، سواء أ كانت في الحكم أم في الموضوع أم ببعض أفراد الموضوع فيعطي المسألة حقها، و يخرج عن عهدتها.

ثم يذكر موارد استثناء الغناء و أنه جائز في بعض الموارد في الشرع و أن خروج هذه الموارد هل هو خروج موضوعي، أو حكمي؟

ثم يذكر الأخبار الواردة في جواز قراءة القرآن الكريم بالصوت الحسن، ثم يذكر الأخبار الواردة في النهي عن مطلق الغناء، سواء أ كان في القرآن أم في غيره.

ثم يجمع بين هاتين الطائفتين.

خذ لذلك مثالا آخر:

يقول (شيخنا الأعظم) في المسألة الرابعة عشر في (الغيبة):

إنها حرام بالأدلة الأربعة فيذكرها، ثم يشرح الغيبة إعلالا، فيقول:

إنه اسم مصدر لاغتاب، و المصدر الاغتياب، و بالفتح مصدر غاب.

ثم يذكر ما ورد عن أهل اللغة في تعريف الغيبة، و ما أفاده الفقهاء في تحديدها و تعريفها.

ثم يقارن بين التعريفين فيذكر الأخبار الواردة في تعريف الغيبة.

ثم يذكر موضوع النزاع في الغيبة هل هي الغيبة المجردة عن قصد الانتقاص، أم لا بدّ في حرمتها من قصد الانتقاص؟

ثم يذكر أن المراد من العيب هل الجلي، أم الخفي؟

و هل المحرم كلاهما، أو الخفي منهما؟

ص: 179

ثم يذكر أن المراد من الذكر في تعريف الغيبة هل الذكر باللسان كما هو المنصرف منه، أو مطلق الذكر، فيختار أن المراد مطلق الذكر فيؤيد مختاره بالأخبار.

ثم يأخذ في كفارة الغيبة الماحية لأثرها و هو العقاب الأخروي فيشبع الكلام فيها.

ثم يذكر موارد جواز الغيبة و استثنائها الى آخر ما يذكره في هذه المسألة.

خذ لذلك مثالا آخر: يدخل في تعريف البيع لغة و يقول: إنه مبادلة مال بمال، ثم يستشهد بكلام (صاحب المنير) ثم يستظهر اختصاص المعوض بالعين و يؤيده باستقرار اصطلاح الفقهاء، ثم يستدرك ذلك بقوله:

نعم ربما يستعمل في كلمات بعضهم في نقل غيرها، ثم يستظهر الاستدراك المذكور من كثير من الأخبار، و يذكر قسما منها.

ثم يقول: أما العوض فلا اشكال في كونها منفعة و يستشهد على ذلك بمواضع من (القواعد و التذكرة و جامع المقاصد) ثم يقول: و لا يبعد عدم الخلاف فيه، ثم يستدرك عدم البعد بقوله: نعم نسب الى بعض:

الخلاف فيه، ثم يذكر وجها لهذا الاستدراك بقوله: و لعله لما اشتهر في كلامهم من أن البيع نقل الأعيان، ثم يستظهر الوجه المذكور بقوله:

و الظاهر ارادتهم بيان البيع نظير قولهم: إن الإجارة لنقل المنافع.

ثم يدخل في عمل الحر، ثم يذكر الحقوق الأخرى فيقسمها على قسمين ثم يقول: و لا ينتقض ببيع الدين على من هو عليه.

ثم يفرق بين الحق و الملك، ثم يستظهر عدم وجود حقيقة شرعية و لا متشرعية في البيع، ثم يذكر اختلاف الفقهاء في تعريف البيع فينقل عن المبسوط و التذكرة ما عرف البيع به.

ص: 180

ثم يقول: في هذا التعريف مسامحة، ثم يؤيد هذه المسامحة بقوله:

و حيث إن في هذا التعريف مسامحة واضحة: عدل آخرون الى تعريفه:

بالإيجاب و القبول الدالين على الانتقال.

ثم استشكل على هذا التعريف و قال: إن البيع لما كان من مقولة المعنى، دون اللفظ المجرد، أو بشرط قصد المعنى: عدل جامع المقاصد عن تعريفه و قال: إن البيع هو نقل العين بالصيغة المخصوصة.

ثم أورد على تعريف جامع المقاصد: بأن النقل بالصيغة أيضا لا يعقل انشاؤه بالصيغة.

هذا بالإضافة الى أن النقل ليس مرادفا للبيع، و لذا صرح في التذكرة بأن ايجاب البيع لا يقع بلفظ نقلت، و جعل النقل من الكنايات.

ثم قال: و لا يندفع الاشكال الوارد على تعريف صاحب جامع المقاصد بأن المراد من البيع نفس النقل الذي هو مدلول الصيغة، لأنه إن أريد بالصيغة خصوص بعت لزم الدور، و إن أريد بها ما يشمل ملكت وجب الاقتصار على مجرد التمليك و النقل.

ثم قال: و الأولى في تعريف البيع أن يقال: إن البيع إنشاء تمليك عين بمال.

ثم قال: و لا يرد على هذا التعريف شيء من الايرادات الواردة على التعريف السابق.

ثم قال: نعم يبقى على هذا التعريف أمور:

ثم ذكر تلك الأمور واحدا بعد آخر بقوله: منها و منها و منها و منها و منها، مع ذكر الجواب عن كل واحد من هذه الأمور.

ثم ذكر حقيقة المصالحة في الجواب عن الاشكال الخامس الوارد على تعريفه البيع: بأنه إنشاء تمليك عين بمال.

ص: 181

ثم ذكر الفرق بين المصالحة و التمليك: بأن طلب المصالحة من الخصم لا يكون اقرارا له، بخلاف طلب التمليك من الخصم، فإنه اقرار له.

ثم ذكر ما أفاده (الشيخ الكبير كاشف الغطاء) في موارد استعمالات البيع بالمعنى الذي عرفه (الشيخ الأنصاري) و قد أنهاها الى ثلاثة.

ثم أخذ في الاشكال على هذه الموارد المستعمل فيها لفظ البيع واحدا بعد آخر: و هكذا أسهب الكلام فيه، و في جميع أبواب الكتاب من البداية الى النهاية: من الكذب، و الولاية و أقسامها، و جواز أخذ الأجرة على الواجبات، و عدم جوازه، و جوائز السلطان، و الخراج، و المقاسمة و البيع، و المعاطات، و بيع الفضولي و أقسامه، و ما أفاده المحقق المدقق (الشيخ أسد اللّه التستري) من الاشكالات الواردة على بيع الفضولي و ما أجاب عنها (شيخنا الأعظم)، ثم ما أفاده حول الخيارات و أقسامها

أيها القارئ الكريم امعن النظر في جميع هذه المسائل، و طالعها مطالعة تفهيم و تفهم، و دارسها دراسة تحليل و تفكر: فإنك لتجد (شيخنا الأعظم) وحيدا في بابه، فريدا فيما أتى به، لم يسبقه الأولون، و لم يلحقه الآخرون فسبحان من أعطاه هذه العقلية الجبارة.

و يكفيك في غزارة علميته الجبارة: أنه لقب ب: (المؤسس).

أليك وجه تلقيبه بهذا اللقب السامي.

كنت عند اشتغالي بدراسة الكتابين: (المكاسب و الرسائل) كثيرا ما كان يطرق سمعي كلمة: (المؤسس) من أساتذتي الكرام و غيرهم من أساتذة علمي الأصول و الفقه و هم يعنون بذلك (شيخنا الأنصاري) فسألت هؤلاء الأساتذة و الآخرين عن سبب هذا التلقيب السامي الرفيع و المناسبة التي استدعت هذا الامتياز و التبجيل (بشيخنا الأنصاري) في حين

ص: 182

أن هناك فقهاء أكابر، و أصوليين أعاظم سبقوا (شيخنا المترجم) في التأليف و التصنيف في علمي الفقه و الأصول (كشيخ الطائفة و العلامة و ولده فخر المحققين، و الشيخ البهائي، و صاحب المعالم، و صاحب القوانين و صاحب الفصول، و صاحب الضوابط، و صاحب الحاشية على المعالم و في طليعة هؤلاء الأعلام الأفذاذ الأستاذ الأكبر (الوحيد البهبهاني) الذي بث الأصول في كربلاء، و لولاه لكان المسلك الأخباري مسيطرا على البلاد و متفشيا و منتشرا فيها، و (شريف العلماء المازندرانى، و صاحب الرياض و المولى النراقي، و الفقيه الأعظم الشيخ جعفر كاشف الغطاء) و من شاكلهم

فهناك جهود صرفت في تنقيح هذه القواعد، و ليال سهرت في تحرير هذه الضوابط، قبل أن يجلل (شيخنا الأنصاري) ساحة الحياة، و عرصة الوجود، و ينورها بوجوده الكريم، و قبل قدومه الى هذه الديار، و تشرفه بالعتبات المقدسة، و قبل تتلمذه لدى جهابذة الفن. و أساتذة العلم.

فما الذي دعا اختصاص (شيخنا الأنصاري) بهذا اللقب السامي و تسميته بهذه السمة الرفيعة؟

ثم سألت سيدنا الأستاذ (السيد البجنوردي) دام ظله فأفاد ما حاصله

إن السر الوحيد في ذلك، و السبب الذي دعا تلقيب (الشيخ الأنصاري) بهذا اللقلب السامي: أن البحوث و مقدماتها: من أصول و غيره و إن كانت قد هذبتها أقلام و هي نتائج أفكار و أفهام من ذي قبل.

لكنها لم تكن ذات أساليب فنية حديثة، و لم يكن سير الاستدلال منتهجا نهجه الطبيعي.

و كانت الأفكار الثمينة مبعثرة على صفحات خطتها أقلام كريمة كعقد (لؤلؤ منتظم) انتشرت لآليه الوضّاءة في ظلمة ليل ديجور.

ثم جاء (شيخنا الأعظم الأنصاري) في مثل هذه الظروف فكرّس

ص: 183

جهوده في نظم هذه اللئالي و ترتيبها في أحسن ترتيب، و تنضيدها على أكمل تنضيد، و تهذيبها على أجمل تهذيب، فتناول القواعد العلمية، و أفرغها في قوالب حكمية، و عرضها بأساليب رصينة، و زاد عليها أكثر من الزيادة و بذل جهوده في تمحيصها و تنقيحها، لتخرج من بوتقة التمحيص برّاقة لمّاعة ذات بياض ناصع لألاء.

و الخلاصة: أن (شيخنا الأعظم) كان آية من آيات اللّه الباهرة و معجزة بشرية في عالم التفكير و الإنتاجات الفكرية البديعة، كان لا يركز فكره في موضوع من المواضيع العلمية إلا و قد أفرغه في قالب قشيب و استخرج من مطاوي أبحاثه الأعاجيب، فلم يدع فكرة إلا و هو كان صائغها

فإن كانت لها سابقة نقّحها و هذّبها و زاد عليها و طرح حشوها حتى يخيل أنها شيء جديد، و لا غرو في ذلك بعد أن كانت الفكرة في المباحث الفقهية و الأصولية مبعثرة مشوهة مكدرة قبل ذلك، و قد أصبحت لمّاعة ناصعة بيضاء مشرقة في (مختبر شيخنا الأعظم) الفكري.

و الغريب أن (شيخنا الأعظم) أتى من بنات فكره: بالشيء الكثير مما لم تكن لها سابقة في عالم الوجود، فأتى بها و أبدعها بفكرته الصائبة و عمق نظرته الراسخة بما قد بهر به العقول، و عجز عنه الفحول: من أساطين الفكر في عالمي الفقه و الأصول.

و قد أصبح فهم مراد (شيخنا الأعظم) دليلا على النبوغ: الأمر الذي يدل على عظم أفكاره الصائبة في تهذيب القواعد العلمية، و تحرير المسائل الفقهية و الأصولية، و تفريغها في قوالب متينة رصينة قد لا تشبه أوضاعها السابقة.

و محصل الكلام: أن (لشيخنا الأعظم) الفضل الكبير، و اليد البيضاء في هذا الترتيب و التنظيم و التنقيح، و التفريغ.

ص: 184

فبهذه المناسبة يقال لشيخنا الأعظم: المؤسس، المرتب، المنظم.

و لعمر الحق: إنه لجدير أن يلقب بهذه الألقاب السامية، و السمات العالية.

و كفاه فخرا: أن آرائه و نظرياته في علم الفقه و الأصول: هو المتبع في المعاهد العلمية الشيعية، و كلماته هو المحور في الحلقات الدراسية الى يومنا هذا، و ستبقى محورا ما دامت الحوزات العلمية باقية إن شاء اللّه تعالى.

(آثاره العلمية):

لشيخنا الأعظم مؤلفات كثيرة، و مصنفات ثمينة لا يهمنا ذكرها حيث لا يزيد ذلك في تعظيمه، و لا تركها يوجب تنقيصه.

بل المهم و الذي نحن بصدده ذكر كتابين من مؤلفاته الذين هما وحيدان في بابهما، خطيران في موضوعهما.

و هما: (المكاسب، و الرسائل)، حيث ذكر في الأول عصارة الفقه، و شوارد الأقوال و الآراء من أهل المذاهب الخمسة، و أهل الفتوى فقها استدلاليا.

و ذكر في الثاني عصارة الأصول، و زبدة الأقوال و الآراء فيها.

بالإضافة الى تأسيس قواعد جديدة رصينة متينة كل ذلك بصب المطالب الغامضة، و العناوين الفقهية و الأصولية الهامة، في قوالب ألفاظها العذبة الرصينة المناسبة لها، و التي أتى بها ببنات فكره الشيء الكثير مما لم تكن لها سابقة في عالم الوجود، مما قد بهر به العقول، و عجز عنه الفحول: من أساطين الفكر في عالمي الفقه و الأصول.

أجل: إنهما وحيدان في بابهما منذ خرجا من قلمه الشريف و هو عام 1275 الى عصرنا هذا و هو عام 1393، حيث عكف عليهما العلماء الأفاضل

ص: 185

و الفقهاء الأماجد الذين ازدان بهم الدهر، و ازدهر بهم العصر درسا و بحثا و تدريسا.

و لعظمهما علق عليهما النوابغ من الفقهاء الأكابر، و الأصوليين الأماجد ممن هو آية في التحقيق، و علم في التدقيق: التعاليق القيمة، و الحواشي الثمينة التي جاوزت العشرات.

نعم: إنهما وحيدان خطيران، حيث صارا مدار الاجتهاد، و مناط الاستنباط، و قد أصبحا من الكتب الدراسية الرسمية منذ ظهرا الى عالم الوجود يتناولهما الطلاب جيلا بعد جيل بكل إعزاز و إكرام، و اجلال و إكبار، و يعتنون بهما عناية زائدة: دراسة و بحثا و تدريسا، و تراهم لا يدرسونهما عند كل أحد، بل لدى أساتذة مختصين بهما، عارفين برموزهما عالمين بما حواه الكتابان.

و يكفيك في عظم الكتابين: أن طلابهما لهم ميزة خاصة على سائر طلاب الحوزات العلمية.

و نحن عند وضعنا نظاما خاصا ل: (جامعة النجف الدينية) عند افتتاحها، و تقسيم المراحل الدراسية فيها الى أربعة مراحل:

(المرحلة الأولى): الصرف و النحو.

(المرحلة الثانية): المنطق و المعاني و البيان.

(المرحلة الثالثة): المعالم و القوانين و اللمعة و الشرائع.

(المرحلة الرابعة): المكاسب و الرسائل و الكفاية: جعلنا لكل مرحلة من هذه المراحل راتبا معينا:

و جعلنا للمرحلة الثانية أكثر ما للمرحلة الأولى، و هكذا للثالثة أكثر ما للثانية.

و جعلنا للمرحلة الرابعة أكثر ما للمراحل الثلاث بأجمعها، حيث

ص: 186

إن الكتابين يقربان الطالب للوصول الى مراتب الاجتهاد، لأنهما مفتاح بابه، و المدخل الرئيسي الوحيد له. فلطلابهما ميزة خاصة على بقية الطلاب

و لا يخفى أن هذا البذل و العطاء كان في الدور الذي كنا في رغد من العيش في يوم كان باني (جامعة النجف الدينية) و الباذل عليها المحسن الكبير (الحاج محمد تقي اتفاق) حفظه اللّه تعالى يدر عليها شهريا من خالص ماله.

لا في مثل هذه الأيام التي نعيش فيها و نحن في أزمة مالية شديدة حيث أصيب الباذل الشريف في الآونة الأخيرة بنكبة مالية منذ ستة أعوام

نسأل اللّه عز و جل بفضله وجوده و كرمه أن يفرج عنه، و عن كل مكروب بالقريب العاجل ان شاء اللّه تعالى.

و كثيرا ما كان يدور الحديث بيني و بين أساتذتي عند اشتغالي بدراسة الكتابين: عن عظمهما، و عظم مصنفهما الجليل فيقول أحدهم: و هو المرحوم (السيد علي القوجاني) طاب ثراه: إن فهم ما أدرجه (الشيخ الأنصاري) في الكتابين لصعب جدا، ليس بوسع كل أحد الوقوف على مطالبهما الغامضة.

و يقول الثاني منهم و هو المرحوم سيدنا الأستاذ (السيد يحيى اليزدي) المدرسي أعلى اللّه مقامه: ليس بإمكان أحد أن يأتي مثل الكتابين، و يصنف على منهاجهما، و لن تلد أم الدهر شيخا أنصاريا ثانيا و الدهر لضنين حتى يؤلف مثل الكتابين.

و أفاد رحمه اللّه أن بعض الأكابر من الأعلام الذي هو آية في التحقيق كثيرا ما كان يقول: إن الاعتراض على مطالب الكتابين دليل على عجز المعترض عن دركها، و عن الوصول الى مغزى مراد الشيخ و مقصوده.

و قال سيدنا الأستاذ (السيد الشاهرودي) دام ظله حين كنت أحضر

ص: 187

معهد بحثه الشريف في الفقه و الأصول صباحا و ليلا في (جامع الأنصاري):

فهم عبارات (المكاسب و الرسائل) يحتاج الى مطالعات دقيقة عميقة و مباحث كثيرة كل ذلك بعد الفراغ عن المقدمات الأولية، و الوصول إليها

و قال سيدنا الأستاذ (السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي) أعلى اللّه مقامه حين كنت أحضر معهد درسه الميمون صباحا في مقبرة (السيد المجدد الشيرازي) بداية نبوغه و طلوعه.

و في (جامع الأنصاري) أخيرا: هيهات أن يأتي الزمان بمثل (شيخنا الأنصاري) ليؤلف كتابا مثل (المكاسب و الرسائل).

و قال (العلامة النوري) أعلى اللّه مقامه في كتابه.

(مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 3. ص 392: ما هذا لفظه:

و قد عكف على كتبه و مؤلفاته و تحقيقاته كل من نشأ بعده من العلماء الأعلام، و الفقهاء الكرام الذين صرفوا هممهم، و بذلوا مجهودهم، و حبسوا أفكارهم فيها و عليها، و هم بعد ذلك معترفون بالعجز عن بلوغ مرامه فضلا عن الوصول الى مقامه جزاه اللّه تعالى عن الاسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.

و لنختم الكلام حول كتاب (المكاسب) ما أفاده شيخنا المعظم (الشيخ مرتضى آل يسن) دام ظله في كلمته القيمة التي زين بها الجزء الأول من الكتاب. أليك نصها:

و أي كتاب يا ترى أحق بالعناية و الرعاية من هذا الكتاب الجليل الذي لم سبق و لم يلحق بمثيل.

و أما ما قيل في حق (شيخنا الأنصاري) و عظمته فكثير جدا لا يسع المقام لذكرها فلنكتف بما أفاده صديقنا الوفي الراحل العظيم العلامة الجليل الحجة (الشيخ محمد رضا المظفر) أعلى اللّه مقامه.

ص: 188

في مقدمة (جامع السعادات) ص 1:

و كفاه فخرا. أي (المولى أحمد النراقي) أن الشيخ أحد تلامذته و أنه أحد أساتذته.

هذا مع أن (المولى النراقي) أحد أقطاب العلم و العلماء في القرن الثالث عشر، و كان من مفاخر الشيعة الامامية، صاحب الآراء القيمة و التصانيف الجيدة النافعة انتهى ما أفاده.

و ما أظن أن صديقنا الراحل (الشيخ المظفر) يكون مغاليا في أقواله و كتاباته يوما ما.

فالكلمات هذه سواء أ كانت حول شخصية (الشيخ الأنصاري) أم حول مؤلفاته: تدل على عظمة الشيخ و جلالة قدره، و سمو تفكيره و علو مقامه.

و (لشيخنا الأعظم) تأليفات أخرى كلها قيمة نافعة، فيها تحقيقات أنيقة، و تدقيقات رشيقة، و مباني علمية تدل على احاطته الكاملة و تبحره في المسائل الأصولية و الفقهية، و غيرها.

إليك أسماء كتبه الأخرى:

رسالة في التقية ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في الرضاع ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في القضاء عن الميت ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في المواسعة و المضايقة ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في العدالة ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في المصاهرة ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

ص: 189

رسالة في قاعدة لا ضرر و لا ضرار ملحقة ب: المكاسب مطبوعة

رسالة في الخمس

رسالة في الزكاة

رسالة في الصلاة

رسالة في الخلل في الصلاة

رسالة في الارث

رسالة في التيمم

رسالة في قاعدة التسامح في أدلة السنن

مناسك الحج

حاشية على مبحث الاستصحاب من كتاب القوانين

حاشية على ترجمة نجاة العباد

حاشية على حاشية بغية الطالب(1)

كتاب الطهارة(2)

كتاب في علم الرجال(3)

أصول الفقه(4)

رسالة في الرد على من قال بأن الأخبار قطعية الصدور

رسالة في القرعة

رسالة في المتعة ردا على من حرمها.

حواشي متفرقة على العوائد لاستاذه النراقي.

ص: 190


1- بغية الطالب للشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء، و حاشية البلغة لولده الأكبر الفقيه المتبحر الشيخ موسى.
2- طبع هذا الكتاب مكررا.
3- الكتاب موجود في خزانة مكتبة الامام الرضا عليه السلام.
4- يقول صاحب الذريعة في المجلد 2. ص 210: الكتاب موجود في مكتبة آية اللّه المجدد الشيرازي في مدرسته بسامراء.

ملكات (شيخنا الأنصاري) الفاضلة:

كان (شيخنا الأنصاري) يتحلى بصفات فاضلة قل نظيرها في غيره و في الحقيقة لو كانت تمثل في عصره لما عدت شخصه الكريم.

و هناك حكايات تروى حول أخلاقه الكريمة جاوزت العشرات ليس مجال لذكرها بعد أن أحطنا القارئ النبيل علما بأدبه المتواضع عند ذكر حياته.

أيها القارئ النبيل أمعن النظر في جميع مسائل الكتاب (المكاسب) و ما برز من قلمه الشريف في جميع مؤلفاته و مصنفاته بما فيها من الأقوال و الآراء، و النقاش و الحوار، و النقض و الإبرام، و الهدم و البناء: فإنك لن تجد من (شيخنا الأنصاري) إساءة أدب الى صاحب القول و الرأي و إن كان رأيه مخالفا للمشهور، أو لرأيه مهما بلغ الرأي.

سواء أ كان القول و الرأي لعالم شيعي أم سني.

نعم يوجد في (المكاسب) من بدايته الى نهايته موضعان يقول (شيخنا الأنصاري) فيهما:

بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا.

بعض من يدعي التحصيل، من دون أن يصرح باسمهما.

أما الموضع الأول. إليك نص عبارته:

(المسألة الثالثة عشر) في الغناء، و أما الثاني فهو الاشتباه في الموضوع ما ظهر من بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا تقليدا لمن سبقه من أعياننا:

من منع صدق الغناء في المرائي.

ص: 191

و أما الموضع الثاني فليس ببالي حتى أذكره، و لعلي اطلع عليه أثناء التصحيح و نشير إليه إن شاء اللّه.

و هذا شيء عجيب، فانك لو صفحت الكتب المؤلفة في المواضيع المتعددة من أي فرقة و طائفة كان مؤلفوها: لوجدت الحملات و الهجمات بعضهم على بعض هذا يطعن ذاك، و ذاك يطعن هذا.

و أعجب من ذلك كله أنك لن تجد فيما ألفه (شيخنا الأنصاري) و لا سيما (المكاسب و الرسائل) رأيا خاصا حول احدى المسائل التى ذكرها و ناقشها مع كثرة الحوار و النقاش في جوانب مسائل الكتاب.

ثم إن كان له رأي، أو ميول تجاه أحد الأقوال و الآراء أفاده بلفظ:

الأقوى. الأولى. الأحوط. الأنسب. الذي ينبغي أن يقال، من غير جزم و بت.

كل هذه تدل على سمو نفسه الكريمة، و تربيته الصحيحة التربية الاسلامية التي ربي عليها (شيخنا الأنصاري)، و ملكاته الفاضلة.

فلله دره، و عليه أجره و مثوبته، و رحم اللّه والديه برحمته الواسعة و أسكنه و أسكنهما فسيح جنته.

نعم هكذا تكون حياة العظماء، فإنها مدارس حية يجب أن تتخذ منها الدروس، و تستوحى منها العضات و العبر، و تستنتج منها المناهج الوضاءة للسير على ضوئها، و الاستنارة بنورها.

إن للماضين من علمائنا تاريخا مجيدا تجد فيه كثيرا من النقاط الهامة سببت الاعتزاز لنا، و يجب علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، و نضعها أمامنا و أمام النشء الجديد حتى يكون له نبراسا يستضيء منه، و يعمل به.

و من المؤسف جدا أن شبابنا المثقف الذين قضوا، أو يقضون سني حياتهم في الدراسة في المدارس و الكليات و الجامعات: لا يعرفون عن حياة عظمائهم

ص: 192

الذين خدموا الدين بأرواحهم و أقلامهم و مهجهم الشيء القليل.

أجل يعرفون عن علماء الغرب أكثر مما يعرفونه عن عباقرة الاسلام الذين عاشوا في وطنه.

و مما يزيدني أسفا أن الأغلب من أبناء زماننا لا يعرفون عن تاريخ حياة منقذ البشر (رسول الانسانية) صلى اللّه عليه و آله شيئا، لا عن سيرته و سريرته، و لا عن أعماله و أحكامه، و لا عن غزواته و سرياته.

أما آن لهؤلاء الشباب، و لأوليائهم اليقظة عن نومتهم هذه.

(المحشون على المكاسب و الرسائل):

و على ضوء ما ذكرناه في حياة الشيخ في ص 177-182 فقد اتضح لك مدى علمية (شيخنا الأعظم) و غزارتها، و ان كل ما برز من قلمه الشريف الى عالم التدوين فقد وقع محط أنظار الفطاحل، و مستقى أفكار الأعاظم: من أعلامنا اللامعين في الفقه و الأصول، فقد كرسوا جهودهم الجبارة لفهم مطالبه الغامضة، و إدراك مسائله المشكلة، و حل عقده الرصينة.

و لن تراني مبالغا لو قلت: إن القدامى من علمائنا الأعلام الذين ألفوا في الفقه و الأصول: لم تكن كتبهم بمثابة كتب (الشيخ) من حيث الدقة و المتانة، و الجودة و الغزارة لو أمعنت النظر، و رجعت البصر، و أجلت الفكر، و جردت نفسك عن العواطف، و إن أبيت.

فهذه كتب القدامى، و هذه كتب (شيخنا الأعظم) فاجعلها بين يديك، و طالعها بدقة و إمعان، ثم قارن بينها و بينها، ثم اجعل شخصك حكما نرضى بحكومتك.

و عسى أن يخيل للقارىء الكريم أن كلمتي هذه جرت على عادة بعض الكتاب في مبالغاتهم في من يترجمون له.

ص: 193

لكنني أقول كلمتي هذه و أودعها للأجيال الآتية، ليشهدوا على صدق مقالتى.

و لست متفردا في مقالتي هذه هاؤم اقرءوا كلمات النوابغ من الأعلام من الذين يبعثهم اللّه لتجديد المذهب ممن تأخر عنه: بين يديك طالعها بامعان فتجدها شاهد صدق على صحة ما ادعيناه.

ثم إن عظم الكتابين و لا سيما المكاسب هو الذي دعا الشخصيات اللامعة الذين يضن بهم الزمان إلا في الفترات المتقطعة: أن يعلقوا عليهما تعاليقهم القيمة، و آراءهم الصائبة، و نظرياتهم الرصينة.

و المعلقون على (المكاسب) كثيرون لا يمكننا إحصاءهم. لكننا نذكر اللامعين منهم في الفقه و الأصول:

(الأول): (المحقق الرشتي).

مضى شرح حياته في ص 146-148.

له تعليقة على (المكاسب) مطبوعة سماها: غاية الآمال.

(الثاني): المحقق المامقاني،

و قد سبقت ترجمته في ص 152-153 له تعليقة على (المكاسب) مطبوعة.

(الثالث): الفقيه الكبير و المحقق العظيم مولانا (الحاج آغا رضا الهمداني)

تتلمذ هذا العالم الرباني على (السيد المجدد الشيرازي) فاستفاد من نمير منهده العذب حتى بلغ قمة الاجتهاد، و وصل الى ذروة الاستنباط ثم رجع الى (النجف الأشرف) فاستقل بالتدريس فحضر بحثه الشريف الأعلام فأفاض عليهم ببيان عذب و كلام سلس حتى ربى بدوره نوابغ، ثم بعد وفاة أستاذه (السيد المجدد الشيرازي) صارت له المرجعية في التقليد الى حد ما.

له آثار خالدة تدل على غزارة علمه، و طول باعه، و كثرة احاطته

ص: 194

بالمسائل الفقهية و الأصولية أصبحت في تناول أيدي الأعلام لا يستغني منها المجتهد.

منها: مصباح الفقيه في شرح شرايع الاسلام خرج منه الى عالم الوجود: كتاب الصلاة. كتاب الطهارة. كتاب الخمس. كتاب الزكاة فقد أبدع المصنف في هذه الكتب في صب المطالب في قوالبها الرصينة المتينة قل نظيره في الكتب الفقهية المطولة فلله دره.

و منها: حاشيته على (المكاسب) مطبوعة، ابتلى أخريات حياته المليئة بالفضائل بمرض السل فذهب الى سامراء فانتقل الى جوار ربه الكريم يوم 28 صفر عام 1326 و دفن في (الرواق المطهر من مرقد العسكريين) صلوات اللّه عليهما في الجهة الشرقية عليه رضوان اللّه تبارك و تعالى.

(الرابع): فقيه العلويين (السيد محمد كاظم الطباطبائي) اليزدي

تتلمذ (سيدنا المترجم) على (السيد المجدد الشيرازي) حتى بلغ من مرتبة الاجتهاد أسناها، و وصل من مدارج الاستنباط أعلاها.

كان آية نادرة في الفقه، و بحرا متلاطما في فروعه، له معهد درس مشحون بالأفاضل، مكتظ بالنوابغ انجبت حوزة بحثه الشريف عشرات الفطاحل فربى بدوره علماء أماجد، و فضلاء أكابر.

اصبح و له الزعامتان:

الزعامة المرجعية قلدته الطائفة الامامية من شرق البلاد الشيعية و غربها.

و الزعامة العلمية فانحصرت الحوزة العلمية في (النجف الأشرف) في شخصه الكريم فهو الممثل لها يحضرها الفحول من الفقهاء.

له موقف مشهور ضد الانقلاب الدستوري في (ايران) حاز الرقم القياسي في الجانب السلبي.

له مؤلفات قيمة جيدة:

ص: 195

منها: (العروة الوثقى) و هي موسوعة فقهية عظيمة تشتمل على العبادات و المعاملات، و فروع عباداتها أكثر من فروع معاملاتها.

و كتابه هذا يدل على غزارة علمه و أنه بحر متلاطم، و من عظمه علق عليه اللامعون من الأعلام، و النابغون من المراجع الأفذاذ، و لا يزال يعلق عليه: و هو في تناول أيدي المجتهدين، و قد طبع عشرات المرات.

و منها: حاشيته على (المكاسب) مطبوعة.

و له مدرستان ضخمتان من القسم الداخلي مشهورتان باسمه:

(مدرسة السيد الكبرى. و مدرسة السيد الصغرى).

بنيت الأولى في حياته: و هي واقعة في محلة الحويش، و بنايتها ضخمة عالية جدا: و هي من القسم الداخلي.

و بنيت الثانية بعد وفاته على يد نجله العلامة السيد أسد اللّه الطباطبائي اليزدي: و هي واقعة في محلة العمارة.

انتقل الى ربه الكريم بعد عمر جاوز التسعين يوم 27 رجب المرجب عام 1337 و دفن في احدى حجرات الصحن الشريف قرب (باب الطوسي).

(الخامس): الفقيه النبيل (الميرزا محمد تقي الشيرازي)

صاحب الثورة العراقية آلت المرجعية العليا في التقليد إليه بعد وفاة المرحوم (السيد الطباطبائي اليزدي).

تتلمذ في الدراسات العالية على الفقيه العظيم (المولى فاضل الأردكاني) ثم ذهب مع زميله المحقق (السيد محمد الاصفهاني الطباطبائي) الى سامراء فتتلمذا على (السيد المجدد الشيرازي) فبلغ الاجتهاد المطلق، و بعد وفاة سيده الأستاذ جاء الى (كربلاء) فاستوطنها و من هناك انبثقت الثورة العراقية

له تعليقة على (المكاسب) مطبوعة.

لبى نداء ربه الكريم عام 1338 في كربلاء و دفن في الصحن الشريف.

ص: 196

(السادس): المجاهد العظيم المحقق الشهير (الشيخ محمد جواد البلاغي)

من اسرة عريقة شريفة نجفية ولد في النجف الأشرف عام 1282.

و تتلمذ على نوابغ عصره: (الشيخ محمد طه نجف، و الشيخ آغا رضا الهمداني، و المحقق الخراساني، و السيد محمد الهندي، و الميرزا محمد تقي الشيرازي) حتى نال درجة الاجتهاد، و بلغ مرتبة الاستنباط، و صار من نوابغ الدهر و حسنات العصر، و ممن خدموا العلم و الدين بقلمهم الشريف.

له الأيادي البيضاء على الأمة الاسلامية جمعاء بردوده على النصارى و أهل الملل و النحل و الأديان.

و محصل الكلام: أنه كان عديم النظير في (القرن الرابع عشر) و كتابه الرحلة المدرسية في ثلاثة أجزاء يعطيك دروسا كاملة عن مدى غزارة علمه، و طول باعه، و كثرة تضلعه في الأديان، و كان عارفا باللسان العبري. طبع الكتاب مرتان. و ترجم باللغة الفارسية.

و له مؤلفات ثمينة أخرى نافعة جدا.

منها: آلاء الرحمن في تفسير القرآن طبع منه مجلد واحد.

و منها: الهدى الى دين المصطفى في مجلدين طبعا في صيدا.

و منها: أنوار الهدى في الرد على الماديين.

و منها: نصائح الهدى و الدين في الرد على البهائية.

و منها: رسالة التوحيد و التثليث.

و منها: أعاجيب الأكاذيب.

و منها: التعليقة على (المكاسب) مطبوعة:

و لشيخنا المترجم مجاهدات عظيمة في إعلاء كلمة الاسلام أبدى البطولة فيها فيشكر على ذلك ببقاء الاسلام.

لبى دعوة ربه الكريم، و التحق بالرفيق الأعلى بعد عمر جاوز

ص: 197

السبعين يوم 22 شعبان المعظم عام 1352 في (النجف الأشرف) و دفن في احدى حجرات الصحن الشريف في الجنوب الغربي رضوان اللّه عليه.

(السابع): المحقق الخراساني له تعليقة على الرسائل، و تعليقة على المكاسب

و قد تقدمت ترجمته في ص 153-158.

(الثامن): الفقيه الأصولي و الحكيم الإلهي (الشيخ محمد حسين الأصفهاني).

تتلمذ في الدراسات العالية على (المحقق الخراساني) 13 عاما و اختص به الى أن توفى، و تتلمذ على العلامة المحقق (السيد محمد الاصفهاني) و بعد وفاة أستاذه الخراساني استقل بالتدريس فحضر عليه كثير من مشاهير علمائنا المعاصرين الذين استقلوا بعده بالتدريس و هم من أعلام العصر، و مراجع الدهر.

كان (شيخنا المترجم) من زمرة النوابغ القلائل الذين يضن بهم الزمان، و من الشخصيات اللامعة في الفقه و الأصول فقد كرس أيامه لكل مكرمة، و كان له في الفلسفة القدح المعلى، تتلمذ في الفلسفة على الفيلسوف الشهير الحكيم العارف (الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي).

له كتب مفصلة.

(منها): شرحه على الكفاية و قد طبع في جزءين.

(و منها): منظومة في الفلسفة العالية تسمى: تحفة الحكيم مطبوعة.

(و منها): تعليقته على (المكاسب) مطبوعة في مجلدين.

(و منها): ارجوزة في مدح النبي و الآل و مراثيهم عليه و عليهم الصلاة و السلام.

انتقل الى جوار ربه الكريم بالموت الفجأة فجر الخامس من شهر ذي الحجة الحرام عام 1361 مأسوفا على تلك الشعلة الوهاجة.

و دفن في الغرفة المتصلة بالمأذنة الشمالية.

ص: 198

(التاسع): الفقيه المتكلم. الأصولي البارع المرحوم (الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء) طاب ثراه.
اشارة

كان (شيخنا المترجم) من هبات الدهر، و حسنات القدرة، له اطلاع دقيق واسع بمختلف العلوم الاسلامية و العربية.

(ميلاده):

ولد في (النجف الأشرف) عام 1294 في بيت علم و شرف و مجد و كرم.

(أسرته):

ينحدر من أسرة عريقة في مجدها العلمي، أصيلة في شرفها الروحي ينتهي نسبه الشريف الى صاحب (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام و حواريه و خواصه من أصحابه (مالك الأشتر النخعي) رضوان اللّه عليه الذي قال في حقه مولاه: كان لي كما كنت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فهو ابن علي صاحب (الحصون المنيعة) ابن محمد الرضا ابن الفقيه العظيم المصلح بين الدولتين الشيخ موسى نجل الشيخ الكبير الفقيه الأكبر (الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء) قدس اللّه أسرارهم.

(دراساته):

أخذ أوليات دراساته في (النجف الأشرف) فأنهاها حتى أصبح من الأفاضل المرموقين، ثم شرع في الفقه و الأصول لدى أستاذتهما فتتلمذ على أساطين العلم كالمحقق الخراسانى، و السيد الطباطبائي اليزدي، و الفقيه العظيم الحاج آغا رضا الهمدانى، و الأصولي البارع الميرزا أحمد الشيرازي فاستفاد من هؤلاء الأعلام طيلة ملازمته لهم غاية ما يمكن للتلميذ الاستفادة من أستاذه فصار من أعلام الفقه و الأصول.

ثم أخذ في الحكمة و الفلسفة المتعالية فتتلمذ على جهابذتهما كالفيلسوف

ص: 199

الكبير الميرزا محمد باقر الإصطهباناتى، و الحكيم المتأله الشيخ علي محمد النجف آبادي فاستفاد من نمير منهلهما العذب حتى بلغت مقدرته العلمية فيهما.

كان (شيخنا المترجم) موضع تقدير أساتذته و تجليلهم و تكريمهم لما يجدون فيه من النبوغ المبكر، و العلم الغزير على حداثة سنه.

و هذا هو الذي سبب اعتماد (السيد الطباطبائي اليزدي) عليه فكان موضع ثقته في المسائل الفقهية حتى أصبح هو المشرف عليها.

كانت حياة (شيخنا المترجم) مليئة بالمكارم و الفضائل فحياته كلها عمل دائب مستمر في جميع مجالاتها، لا تراه فارغا منها فدرّس و ألّف و ردّ و خطب و جاهد و سافر.

(لشيخنا المترجم) مواقف مشهورة ذات دوي هائل و له فيها كلمات لا يستطيع انسان غيره أن يقولها، أو يحررها في تلك المواقف الحرجة هو قائلها لا غير.

(لشيخنا المترجم) رحلات كثيرة خارج العراق:

منها: رحلته الى (الديار المصرية) قبل الحرب العالمية الأولى فدخل القاهرة و مكث فيها تسعة أشهر فلازم (الأزهر الشريف) فكتب و حاضر و فسر، ثم عرج على أقطار بلاد الشام فبقي هناك فترة طويلة مفيدا و مستفيدا فيها.

و منها: الى (فلسطين) و له الكلمة القيمة الخالدة حين رقى المنبر في (المسجد الأقصى الشريف) بعد أن أمّ المسلمين في الصلاة و اقتدى به المسلمون برمتهم.

قال: بني الاسلام على دعامتين: كلمة التوحيد. و توحيد الكلمة ثم أخذ في الخطابة فكشف عن كل ما يدبر ضد المسلمين.

و منها: رحلاته الى (ايران) أكثر من مرة.

ص: 200

(آثاره العلمية):
اشارة

(لشيخنا المترجم) آثار خالدة نافعة جدا فقد خلف لنا تراثا ثمينة ليس بوسع كل أحد أن ينسج على منوالها.

هذا شرحه المهم (للعروة الوثقى) لاستاذه (السيد اليزدي) و كان يلقيه في محاضراته اليومية على طلابه الذين يحيطون به تحت منبره في معهد درسه الشريف.

هذه حاشيته على (المكاسب) و هي عندنا.

و هذان الكتابان لا يزالان مخطوطين و محفوظين في خزانة كتبه الموجودة في مكتبته الخاصة التي أوقفها في حياته على مدرسته العلمية و هي و المدرسة تحت ادارة و اشراف و تولية نجله الشريف الشاب المهذب الموفق الأخ في اللّه (الشيخ شريف) كاشف الغطاء حفظه اللّه تعالى و أيده لما يحب و يرضى و هو أهل لذلك.

و هذا: تحرير المجلة كتاب فقهي عظيم في خمس مجلدات وضعه ردا و مناقشة على كتاب (مجلة الأحكام) التي هي في الفقه الاسلامي و كان يدرس في كلية الحقوق العراقية.

و في هذا الكتاب تظهر شخصية هذا العالم الفقيه المتبحر، و الجهبذ الفذ المتتبع، و من هذا الكتاب يظهر لك آراؤه السديدة، و نظرياته الصائبة.

و هذا الكتاب مطبوع و قد نفدت نسخها.

و هذا كتابه: الفردوس الأعلى.

و هذا كتابه: أصل الشيعة و أصولها.

و قد طبع الكتاب أكثر من مرة، و ترجم بلغات متعددة.

و قد خدم شيخنا الراحل بكتابه هذا (الطائفة الامامية) قل نظيره في الأوائل، و له أيادي بيضاء على الطائفة.

ص: 201

و هذا كتابه: الدين و الاسلام في ثلاثة أجزاء طبع منها جزءان، و الثالث مخطوطة.

و هذا كتابه: الإنجيل و التوضيح جزءان يناقش فيهما الإنجيل.

و هذه: المراجعات الريحانية في ثلاثة أجزاء طبع منها جزءان و الثالث مخطوط.

الأول: من هذه الأجزاء مساجلات علمية على مستوى رفيع بين (شيخنا الراحل)، و الأستاذ (أمين الريحاني).

و الثاني منها رد على المؤرخ الشهير (جرجي زيدان) على كتابه:

(تاريخ آداب اللغة العربية) الذي صدر في أربع مجلدات.

و الثالث منها رد على الدكتور (طه حسين) في نظرياته و آرائه و مفترياته...

و هذا كتابه: (المثل العليا في الاسلام لا بحمدون).

و هذا كتابه: (الأرض و التربة الحسينية) و هو جواب عن السؤال الذي وجه إليه حول سجود (الطائفة الامامية) على التربة الحسينية.

و الكتاب هذا و ان كان صغيرا في حجمه، لكنه جليل في موضوعه وحيد في بابه فقد كشف (شيخنا الراحل) القناع عن هذه العويصة المشكلة التي طال ما كان الناس يحملون على الطائفة حملاتهم و هجماتهم غفلة عن حقيقة الحال.

(لفت نظر):

قد يظن بعض من لا خبرة له و لا تتبع: أن (شيخنا الراحل) كان أديبا خطيبا فحسب، و أنه ليس بفقيه.

و هذا ظن فاسد ليست الغاية منه إلا النيل من كرامة (الحسين)

ص: 202

هذا البحر الزاخر الذي لم يكرر الزمن شخصية في الأعصر المتأخرة علما و همة و سداد رأى منه.

و أظن أن هذا جهل منه، أو تجاهل.

و الثاني أولى عند أهل البصرة.

(وفاته):

التحق بالرفيق الأعلى عام 1373 عند ما قصد ايران للاصطياف في مصيف كرند، فحل هناك فوافاه الأجل فحمل جثمانه الشريف الى (النجف الأشرف) و دفن في مقبرته الخاصة التي أعدها لنفسه قبل وفاته في قلب الوادي و وفد على ربه الكريم.

كان لنبأ وفاته أثر عميق في نفوس المسلمين و الأوساط العلمية و الأندية الأدبية.

(العاشر): المحقق الفقيه الشيخ موسى الخونساري طاب ثراه.

كان (شيخنا المترجم) أحد الأعلام في (النجف الأشرف) و كان ممن يرجى له الزعامة الدينية لو لا أن المنية عاجلته و سبقته.

كان (شيخنا المترجم) من تلامذة (المحقق النائيني) و من خواصه و حواريه و قد حضر أبحاثه و دروسه و لازمه ملازمة الظل حتى أصبح من المجتهدين المرموقين و ذا منزلة رفيعة عنده.

كان له حوزة درس يحضر فيها الأفاضل فربى بدوره فضلاء أماجد جاوز عددهم العشرات.

له حاشية على المكاسب سماها: منية الطالب في حاشية المكاسب كلها تقرير بحوث درس استاذه (المحقق النائيني).

و حاشيته هذه من أحسن الشروح و أغناها و قد جعلها في جزءين:

الأول من المكاسب المحرمة حتى شروط المتعاقدين. و الثاني من الخيارات

ص: 203

الى آخر قاعدة لا ضرر الملحقة بالمكاسب، و قد طبع الجزءان أصبح الكتاب موضع اهتمام الأعلام.

انتقل الى ربه الكريم عام 1363 في (النجف الأشرف) و دفن في الصحن الشريف في احدى حجراته بجنب استاذه (المحقق النائيني) رحمة اللّه تعالى عليه و عليه.

(الحادي عشر): المحقق البارع الفقيه الكامل (الشيخ ميرزا فتاح) التبريزي الشهير ب: (شهيدي) قدس سره.

كان (شيخنا المترجم) من مواليد عام 1296 ولد في مدينة (تبريز) في بيت علم و فضل.

كان والده من الأعلام و الشخصيات الدينية العلمية البارزة هناك يلقب ب: شيخ الاسلام.

أخذ أوليات دراساته في (تبريز) ثم شرع في السطوح المتوسطة فأنهاها حتى برز فيها و ظهرت مقدرته العلمية.

ثم عزم على الرحيل الى (العراق) للاستفادة من فطاحل معهد مدينة العلم (النجف الأشرف) فجاء فحل فيها فحضر مجلس درس العلمين:

(السيد الطباطبائي اليزدي، و المحقق الخراساني) لدى الأول الفقه، و الثاني الأصول الى أن وافاهما الأجل، ثم اختص بفقيه (أهل البيت السيد أبي الحسن الاصفهاني) قدس سره فلازمه ملازمة الظل فاستفاد من نمير منهله العذب حتى بلغ مرتبة رفيعة من الاجتهاد، و درجة سامية من الاستنباط و أصبح يشار إليه بالبنان، و صار من حوارى استاذه الأعظم و ذا منزلة شامخة عالية عنده، و كان سيده الأستاذ يعتني به عناية زائدة بالغة، و من اعتنائه البالغ له أرسله الى بلاده ليكون المرجع فيها.

ص: 204

كان (لشيخنا المترجم) مجلس درس في (النجف الأشرف) يحضره الأفاضل و كان الأكثر منهم من طلاب العرب، يلقي عليهم محاضراته باللغة العربية، فاستفادوا من أبحاثه القيمة.

رجع (شيخنا المترجم) الى وطنه فحل في (تبريز) عام 1360 محترما مجللا، و له فيها زعامة التدريس و المرجعية.

له مؤلفات ثمينة نافعة:

(منها): شرحه على المكاسب في جزءين مطبوعين سماه:

(هداية الطالب الى أسرار المكاسب).

و هذا الشرح تعليقي كبقية الشروح على الكتاب.

أصبح الشرح هذا في متناول أيدي الأفاضل أكثر من زملائه.

انتقل الى جوار ربه الكريم في مدينة (تبريز) عام 1372 و دفن هناك رضوان اللّه عليه.

(الثانى عشر): الفقيه البارع الحاج ميرزه على الايروانى طاب ثراه.

كان (شيخنا المترجم) من الأعلام و قد سبق سبقا بعيدا في العلوم بأفكاره الناضجة، و آراءه الناجعة، و زبدة المخض، و لباب التفكير.

قرأ (الرسائل و المكاسب) على المدرس الشهير (الشيخ حسن) التويسركاني فأنهاهما و أتقنهما، و اذ شارف الفراغ من السطوح طفق يختلف الى أندية الدروس العالية خارجا لدى العلمين (السيد الطباطبائي) اليزدي و المحقق الخراسانى، الفقه عند الأول، و الأصول عند الثانى. ثم اختص بالثانى فيهما فقرأ الأصول دورة كاملة، و دورة اخرى الى آخر الاستصحاب

ثم استفاد منه كتبا فقهية.

ص: 205

و بعد وفاته اندفع الى المذاكرة مع جماعة من الأفاضل لم يكن استفادته منها أقل من تتلمذه على أساطين العلم.

ثم هبط ردحا من الزمن الى (الكاظمية) فحضر فيها درس العلامة (السيد ابراهيم الدرودي) الخراسانى من تلامذة (السيد المجدد الشيرازي)

كانت (لشيخنا المترجم) حوزة بحث في السطوح العالية برهة من الزمن، ثم تركها نهائيا فعاد يلقي دروسه على طلابه في الفقه و الأصول خارجا فباحث فيهما دورات كاملة غير مرة، و لا سيما في الأصول.

(لشيخنا المترجم) مؤلفات نافعة كثيرة:

(منها): شرحه على كفاية الأصول في جزءين.

(منها): حاشيته على (المكاسب) مطبوعة.

انتقل (شيخنا المترجم) الى رحمة ربه الكريم عصر الجمعة ثاني عشر ربيع الأول عام 1354 في كربلاء ثم نقل جثمانه الى (النجف الأشرف) فدفن في احدى حجرات الصحن الشريف على يسار الداخل من باب السوق الكبير.

(الثالث عشر): فقيه العصر و زعيم الطائفة المرحوم (السيد محسن الحكيم) قدس سره.
(ميلاده):

ولد في (النجف الأشرف) عام 1306 في بيت علم و شرف و مجد و حسب.

(نسبه):

ينتهي نسبه الشريف الى (الامام السبط أبى محمد الحسن المجتبى) عليه السلام الامام الثانى للطائفة الامامية بواسطة السيد ابراهيم طباطبا جد (السادة الطباطبائية) القاطنة في (العراق و ايران).

و لهذه الأسرة الشريفة: (السادة الطباطبائية) رجال من الأعلام

ص: 206

و الأفذاذ. ناهيك (السيد بحر العلوم، و صاحب الرياض، و السيد المجاهد و السيد اليزدي، و السيد البروجردي، و سيدنا المترجم)، و عشرات النوابغ من الأساطين الذين كانوا من حسنات الدهر، و مفاخر العصر، و بيت الحكيم و بيت بحر العلوم ينتمون الى السيد مراد شاه الساكن في قرية زوارة من قرى اصفهان قبل أربعة قرون، و هذه القرية مليئة بالسادة الطباطبائية حتى قيل لا يوجد فيها غيرهم، و لا تزال مسكنهم، و منها هاجروا الى (اصفهان و بروجرد و آذربايجان و كربلاء و النجف الأشرف).

(أسرته):

ينتمي (سيدنا المترجم) الى (بيت الحكيم) البيت الذي له الشرف بخدامة العتبة المقدسة: (الروضة الحيدرية) ثلاثمائة عام منذ أن جاء جدهم الأعلى (السيد مير علي الطباطبائي) الحكيم بصحبة (الشاه عباس الصفوي) الى (العراق) لزيارة العتبات المقدسة.

كان السيد مير علي الطباطبائي طبيبا خاصا (للشاه الصفوي) و يسمى الطبيب الخاص في البلاط الملكي الايراني في العصور الغابرة: (حكيم باشى).

كان هذا اللقب يعين بإرادة ملكية من البلاط الملكي لمن يكون طبيبا خاصا للملك.

جاء المير علي الطباطبائي الحكيم جد سيدنا المترجم بصحبة (الشاه الصفوي) الى (النجف الأشرف) لزيارة المرقد الطاهر مرقد جده (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام و معه حاشية البلاط، و العلماء و الوزراء.

بقي (الشاه الصفوي) متشرفا بزيارة جده (أمير المؤمنين) مستفيضا من بركات تلك العتبة المقدسة أياما و ليال الى أن عزم على الرحيل الى بلاده و عاصمة ملكه (أصفهان).

رأى (الشاه الصفوي) أن مدينة العلم و معهد الدراسات الكبرى

ص: 207

خالية عن الطبيب المباشر لمرض أهاليها الكرام فآثر على حياته و صحته صحة قاطني مدينة جده فامر ببقاء السيد مير علي الطباطبائي الحكيم في (النجف الأشرف) ليكون طبيبا لأهاليها: بالإضافة الى خدامته (للروضة الحيدرية) ما دام في الحياة فخلعه بهذا المنصب السامي الرفيع فأصدر له (فرمانا) بذلك، حيث كانت هذه الوظيفة الشريفة تعين بالفرامين من الملوك و العظماء.

و رأيت في أحد الكتب المطبوعة لم يحضرني اسم الكتاب الآن:

أن (الشاه الصفوي) قال له: حكيم باشى در نجف أشرف باش اى ابق في (النجف الأشرف).

كان الجد الأعلى (لسيدنا المترحم) متشرفا بخدامة (الروضة الطاهرة) الى أن وافاه الأجل، ثم انتقلت هذه الخدامة الى ولده و أعقابه، و لديهم فرامين من قبل الملوك الصفوية، و لا تزال موجودة في بيت الحكيم.

(أوليات دراساته):

شرع (سيدنا المترجم) بعد قراءة القرآن الكريم في العلوم العربية و المنطق و قسم من الأصول كالقوانين و المعالم، و قسم من الفقه كالشرائع و اللمعة الدمشقية لدى أخيه الجليل العلامة السيد محمود رحمه اللّه، حيث كان هو الموجه الأول و المرشد له، ثم شرع في السطوح المتوسطة فتتلمذ في الرسائل على العلامة الشيخ صادق الجواهري فأنهاها فظهرت فيها مقدرته العلمية، ثم حضر معهد بحث (المحقق الخراساني) قبل وفاته بثلاثة أعوام ثم تتلمذ على الأصولي البارع (الشيخ آقا ضياء العراقي) دورتين كاملتين فاستفاد من أبحاثه الأصولية فائدة تامة فكتب دورة كاملة من محاضراته و دراساته الملقاة على تلامذته، و في الحقيقة كانت جل استفاداته من هذا المحقق الأصولي.

ص: 208

ثم تتلمذ على الفقيه الجليل (الشيخ علي الجواهري) في الفقه خمسة أعوام مكبا على الاستفادة من نمير منهله العذب، و بعد وفاته حضر معهد بحث المحقق الشهير (الميرزا النائيني) و كانت محاضراته في الفقه في الخيارات فاستفاد منه فائدة جمة.

أصبح (سيدنا المترجم) بعد دراساته و تتلمذه على هؤلاء الأعلام الأفذاذ طيلة هذه الأعوام من البارزين اللامعين يبدو عليه النبوغ، و يتفرس فيه العبقرية.

أخذ (سيدنا المترجم) في البحث و التدريس، و التأليف و التصنيف فكانت له حوزة بحث يحضره الأفاضل دامت الدراسة له الى أخريات حياته فكان يلقي عليهم المسائل الفقهية و الأصولية ببيان عذب، و كلام سلس فاستفاد رواد العلم و عشاقه من محاضراته و بحوثه القيمة.

أمّ (سيدنا المترجم) بلفيف من المؤمنين في الصحن الشريف بعد وفاة (العلامة النائينى) عام 1355 في مكانه يوم وفاته لصلاة المغرب و العشاء فاقتدى به خواصه و محبوه و من له صلة دينية به.

و من هنا أخذ (سيدنا المترجم) في الظهور يوما فيوما فاصبح و له الشهرة العلمية و القدسية في الحوزة العلمية في (النجف الأشرف) و في بقية الحوزات العلمية.

كانت الزعامة الدينية و المرجعية الكبرى للطائفة الامامية لفقيه (أهل البيت السيد أبي الحسن الاصفهاني) قدس سره و قد أصبح متفردا فيها و مثلت في شخصه الكريم و قد بلغ حدا حتى قال شيخنا الفقيه الراحل (الشيخ محمد رضا آل ياسين) طاب ثراه في حقه: دخل اسم (السيد الأصفهاني) في جميع الدور و البيوت الشيعية كدخول اسم (الامام جعفر الصادق)

ص: 209

عليهما السلام(1).

التحق (السيد الاصفهاني) بالرفيق الأعلى، و جاورت روحه الطاهرة أرواح السعداء فوزعت المرجعية بين أعلام الطائفة فكان لكل منهم نصيبه المفروض، غير أن (السيد البروجردي) حظى بالسهم الأوفر.

لبى (السيد البروجردي) دعوة ربه الكريم و ورد ضيفا على مولاه الجليل: (تلك الأيّام نداولها بين النّاس) فوزعت المرجعية كسابقتها بين رجال الطائفة فكان لسيدنا المترجم الحظ الأعلى.

دامت الزعامة (لسيدنا المترجم) أعواما فقام بها أحسن قيام، و أدار شئونها خير ادارة. كل ذلك بعقليته الجبارة، و فكره الصائب، و ذوقه السليم، وسعة الصدر التي هي آلة الرئاسة كما قال (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام: آلة الرئاسة سعة الصدر.

(آثاره العلمية):

(لسيدنا المترجم) آثار علمية هامة خالدة نافعة جدا.

(منها): شرحه على (العروة الوثقى) للسيد الطباطبائي) اليزدي المسمى ب: (مستمسك العروة).

و شرحه هذا يعطيك درسا كاملا عن مدى تبحر مؤلفه العظيم، و غزارة علمه، و طول باعه، و كثرة اطلاعه، و احاطته الكاملة على المباني الفقهية.

و قد جاء (سيدنا المترجم) في شرحه هذا ببيان سلس، و كلام عذب، مراعيا فيه جانب الإطناب الممل، و الإيجاز المخل، و قد أصبح موضع إعجاب الأعلام الأفذاذ، و في متناول أيدي الأفاضل الكرام، و لكثرة رواده و عشاقه طبع لحد الآن ثلاث مرات.

ص: 210


1- نقل لنا هذا النص سيدنا الثقة الأمين الجليل (السيد محمد صادق الصدر) امام الجماعة في (جامعة النجف).

طبع الكتاب في أربعة عشر جزء طباعة انيقة حسنة.

(و منها): حقائق الأصول في شرح كفاية الأصول في جزءين و قد طبع الجزءان.

(و منها): منهج الفقاهة في شرح المكاسب في جزءين، طبع الجزء الأول، و الثاني مخطوط.

و (لسيدنا المترجم) مؤلفات أخرى لا يسع المقام لذكرها.

و (لسيدنا المترجم) مشاريع هامة أخرى.

(منها): مدرسته الخالدة المسماة ب: (مدرسة دار الحكمة) بنيت هذه المدرسة على طراز حسن جميل و هندسة بديعة، و صرفت عليها المبالغ الباهظة، أشرف على بنايتها المهندسون و المعمارون، و لفيف من التجار و من له خبرة بالبناء.

و المدرسة هذه ذات طوابق ثلاث شامخة البناء، و قد أصبحت مليئة بالأفاضل، مكتظة برواد العلم.

و هي من القسم الداخلي و تحت إشراف زميلنا المكرم الفاضل المبجل (السيد محمد رضا الحكيم) فقام بإدارتها أحسن قيام حفظه اللّه تعالى و حفظ به هذا المشروع الانسانى الى ظهور (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى له الفرج.

و (منها): مكتبته العامة: المكتبة التي أصبحت مليئة بالكتب النفيسة الثمينة: الخطية و المطبوعة.

و هذه المكتبة تحتوي على دورات نفيسة تربو على ثلاثين ألف مجلد عدا المخطوطات.

زودت هذه المكتبة بالكتب العلمية و الثقافية و لها جناح خاص للمطالعين و فيها وسائل الراحة لهم و للمؤلفين فهي من المكتبات الواسعة النطاق.

ص: 211

و لهذه المكتبة فروع كثيرة في أنحاء العراق، و لكل واحد منها اسم:

فرع مكتبة (آية اللّه الحكيم).

و حظت هذه المكتبة بنسخة خطية نفيسة من جواهر الكلام (لشيخنا صاحب الجواهر) قدس اللّه روحه الطاهرة بخط يديه الكريمتين.

(وفاته):

انتقل الى جوار ربه الكريم، و وفد ضيفا على مولاه الجليل مساء يوم الاثنين 26 ربيع الأول عام 1390 في بغداد، و نقل جثمانه الطاهر على طريق كربلاء الى (النجف الأشرف) بتشييع مهيب، و دفن في مثواه الأخير الذي هيأه لنفسه في حياته و هو بجنب مكتبته.

و لمقبرته بابان: باب على دورة الصحن الشريف، و باب على الجامع الهندي رحمه اللّه برحمته الواسعة،

(وفاة شيخنا الأنصاري):

لقد وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة.

التحق (شيخنا الأنصاري) بالرفيق الأعلى: و اتصلت روحه مع أرواح السعداء.

ارتحل (شيخنا الأنصاري) الى عالم البقاء، و وفد ضيفا على مولاه الكريم ملبيا دعوة ربه الجليل: يٰا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي وَ اُدْخُلِي جَنَّتِي.

فارق (شيخنا الأنصاري) هذه الدنيا الدنية ليلة الثامن عشر من جمادى الثانية عام 1281، و بموته اندك البنيان الشامخ المرصوص، و الطود الاشم، و سكن ذاك القلب العظيم، و العقلية الجبارة، و خمد صوت العلم المدوّي، و اطفئت شعلة الفقه و الأصول الوهاجة، أطفئ السراج المنير

ص: 212

الذي كان ينير بعلمه المعهد الدراسي لمدينة العلم، و المعاهد العلمية الشيعية الكبرى.

مات (شيخنا الأنصاري) و بموته طويت تلك الراية العالية التي كانت تخفق على طلاب العلم و الدين، تلك الراية التي استمرت على الخفوق في سماء المجد و العظمة، تلك الراية التي تطاول السماء فخرا مدة تربو على ثلاثين سنة، تلك الراية التي لها المرجعية الكبرى، و الزعامة العظمى تلك الراية التي عليها المعول في حل المشكلات العلمية، تلك الراية التي يستظل بظلالها رواد العلم و الحقيقة.

انتقل (شيخنا الأنصاري) الى جنة عدن بمرض الإسهال فلما حضرته الوفاة و بدت فيه بوادر الرحيل بين آونة و أخرى وجه نحو القبلة فانحرف بنفسه عنها، ثم وجه نحوها ثانية فحول عنها. ثم وجه ثالثة فانحرف عنها فتعجب الحضار من عمل (شيخنا الأنصاري): لأنهم يعتقدون فيه بالإضافة الى علمه و مقامه الشامخ: أنه من الأولياء، و من المصطفين الأخيار فانحرافه عن القبلة حالة الاحتضار مع وجوب الاستقبال يتنافى و تلك المرتبة فلما ذا ينحرف؟

لم يفت (الشيخ الأنصاري) و هو صاحب تلك الذهنية الوقادة، و الروحية الطاهرة، مع أنه في أخريات لحظات حياته، و في حالة الاحتضار:

ما يجول في أذهان الحاضرين.

فقال مخاطبا لهم: كل منا يعمل بتكليفه انتم مكلفون بتوجيهي نحو القبلة، و أنا مكلف بالانحراف عنها، حيث إني مبتلى بالإسهال فلا يجوز للمؤمن استقبال القبلة و هو في تلك الحالة.

ما مضت دقائق و ثوينات و روح (شيخنا الأنصاري) ترفرف في الجنان و جاورت أرواح السعداء.

ص: 213

خرج (شيخنا الأنصاري) من الدنيا نقي الثوب عن حطامها لم يدنسه بشيء من زخارفها و زبرجها.

خلف (شيخنا الأنصاري) تركة تعادل قيمتها ثلاثة دنانير من (العملة العراقية).

لم تمر على وفاة (شيخنا الأنصاري) دقائق إلا و قد سرى الحزن و البكاء و العويل بين سكان مدينة العلم و معهدها الأكبر على اختلاف طبقاتهم فدخلوا داره مهرعين مسرعين.

أخرج الجثمان الظاهر جثمان أبلته العبادة من داره على رءوس رواد العلم و أبنائه البار كلهم عويل و بكاء فغسل و كفن و صلي عليه و جدد به العهد مع مولاه، ثم أقبر في مثواه الأخير بجوار مولاه (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في الحجرة المتصلة بباب القبلة على يسار الداخل في الصحن الشريف.

قام رجل من بيت شرف و كرم بفاتحة تتناسب و شخصية الشيخ ستة أيام بلياليها في (النجف الأشرف).

اذيع نبأ وفاة (شيخنا الأنصاري) في الأصقاع الشيعية ذاك النبأ المؤلم الذي اهتز لهوله كل أحد فخيم على البلاد السكوت، و أصيبت برجة عنيفة فعاد صخبها الى سكون، و ضجيجها الى هدو، و حركتها الى وقوف و نشاطها الى عكوف، و ابتسامها الى وجوم، و بشرها الى عبوس.

اقيمت الفواتح في البلاد كلها من شتى طبقاتهم على روحه الطاهرة دامت أياما و أسابيع.

قيلت مراثي كثيرة في وفاة (الشيخ الأنصاري) جاوزت العشرات بالعربية و الفارسية: لا يسع المقام لذكرها انتخبنا منها ثلاثة أبيات قالها المرحوم (الشيخ محمد علي كمونة) جد أسرة كمونة كربلاء.

ص: 214

ما قيل في وفات تاريخ الشيخ الانصاري

إليك الأبيات:

لو لم يكن سلمان خير زاهد *** لقلت سلمان بزهده اقتدى

من الصلاح وجهه كأنه *** وجه الصباح بهجة اذا بدا

من المعزي أحمدا بالمرتضى *** بالمرتضى من المعزي أحمدا

و ما قيل في مادة تاريخ وفاته أكثر. أليك المنتخب منها:

مذ توفى المرتضى رب الورى *** و بكى الدين عليه أسفا

قلت: إن اللّه قد أسكنه *** من جنان الخلد أرخ (غرفا)

1281

أيها القارئ النبيل:

الى هنا نطوي الكلام عن حياة (الشيخ الأنصاري) بدوا و ختاما.

و لعلنا و فينا و للّه الحمد بعض ما كان يجب علينا عن حياة هذا الراحل العظيم من شتى جوانبها.

و قد فرغت من تسويد هذه الأسطر ليلة السبت السابع عشر من ربيع المولود عام 1393 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) في الساعة الرابعة من الليل حامدين اللّه و شاكرين له على هذه الموفقية

السيّد محمّد كلانتر

ص: 215

ما قيل في تاريخ شروع المكاسب

تفضل علينا سيدنا الأجل الشاعر المفلق الحسيب النسيب صديقنا الوفي (السيد محمد الحسينى الحلي) دام فضله و علاه بأبيات في تاريخ البداية في شرح المكاسب.

كم لنشر النوى قاس *** يت خطوبا و متاعب

فعلى جامعة العلم *** شعاع الحق لاهب

و بشرح اللمعة الغراء *** فيض الفضل ساكب

و لهذي خطوة فيها *** الى القمة واثب

لذوي التحقيق أرخ

طاب توضيح المكاسب

1390

و تفضل علينا ولدنا العزيز و قرة عيننا النبيل الشيخ حسن المصري اللبناني أحد طلاب (جامعة النجف الدينية) و لا يزال فيها حفظه اللّه تعالى و وفقه لما يحب و يرضى: بأبيات في تاريخ الكتاب. أليك تمامها:

سطّرت للآتين أحرف حكمة *** نوّرت للأجيال دربا شاحبا

خلّدت للتاريخ علما زاكيا *** أورثت للأبناء نورا لاحبا

من (لمعة) خدمت شريعة أحمد *** أو روضة غنّاء تفتن راهبا

أو (جامع جمع السعادة) و الهنا *** و علا بأخلاق ففاق كواكبا

فيها (دراسات) تكامل عقدها *** درا تضيء المشرقين مواهبا

و جواهرا علقتها بمحرم *** فزهى الربيع الخصب عسجد ساكبا

إذ ذاك طرا للمكاسب أرخوا *** (بزغ الهدى يعلو فجاز مكاسبا)

1390 ه

ص: 216

مصادر البحث

زندگانى و شخصيت (شيخ مرتضى أنصاري): للشيخ مرتضى أنصاري ذكرى (الشيخ الأنصاري): للشيخ محمد علي الطبسي

مجلة النجف: السيد هادي فياض

بحار الأنوار: للمجلسي

أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين

روضات الجنات: للسيد محمد باقر الخونساري

سفينة البحار: للشيخ عباس القمي

الكنى و الالقاب: للشيخ عباس القمي

الذريعة: للشيخ آغابزرك الطهراني

مدينة الحسين: للسيد محمد حسن آل طعمة

تاريخ كربلاء: للسيد عبد الجواد الكليدار

بستان السياحة: للشيروانى

دليل خراسان: الدكتور علي شريعتي

أعلام الزركلى: للزركلي

الامام السيد أبو الحسن: بقلم أحد الأفاضل

مقدمة الجواهر: للشيخ المظفر

مقدمة جامع السعادات: للشيخ المظفر

شهداء الفضيلة: للشيخ الأميني

الامام الحكيم: للسيد أحمد الحسينى

تاريخ آداب اللغة العربية: لجرجي زيدان

ص: 217

تاريخ اصفهان: للجابري

شرح نهج البلاغة: لابن أبي الحديد

العبقات العنبرية: للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

ماضي النجف و حاضرها: للشيخ جعفر محبوبة

المصلح المجاهد: عبد الرحيم محمد علي

مالك الأشتر: للسيد محمد تقي الحكيم

نهج البلاغة:

ص: 218

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 1

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

ص: 2

حقوق طبع هذا الکتاب الشریف محفوظة

ل: جامعة النجف الدینية

تم الکتاب تحقیقاً و تصحیحاً

بقلم : السیّد محمّد کلانتر،عمید جامعة النجف الدینية

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين، و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين.

ص: 5

ص: 6

و ينبغي أولا التيمن بذكر بعض الأخبار الواردة على سبيل الضابطة للمكاسب

اشارة

في المكاسب (1).

و ينبغي أولا التيمن بذكر بعض الأخبار الواردة على سبيل الضابطة للمكاسب، من حيث الحل و الحرمة:

فنقول - مستعينا باللّه تعالى -: روى في الوسائل (2)

++++++++++

(1) جمع مكسب: وزان مفعل من الكسب.

إما مصدر ميمي بمعنى الكسب، كالمقتل بمعنى القتل.

و إما اسم مكان: لمحل الكسب و التجارة.

و الأول: و هو المعنى المصدري الميمي ليق بمراد الفقيه و العلم، حيث إن الفقيه من شأنه البحث عن أفعال المكلفين، دون الأعيان الخارجية، فإنها متعلقات أفعالهم و هي خارجة عن موضوع البحث.

و معنى الكسب: المعاوضة على الشيء بالربح و الفائدة.

(2) مؤلف شريف، و مصنف عظيم في أحاديث (أهل البيت) عليهم صلوات اللّه و سلامه أجمعين، يشتمل على مدارك فقه (الشيعة الامامية):

من أول الطهارات إلى آخر الحدود و الديات.

أخذت هذه الأحاديث من الكتب الأربعة: (الكافي... من لا يحضره الفقيه... التهذيب... الاستبصار). و سائر الكتب المعتمدة التي تربو على مائة و ثمانين كتابا، مع ذكر الأسانيد و أسماء الكتب في مقدمة الكتاب.

ص: 7

..........

++++++++++

- هذا المؤلف الشريف الذي حوى تمام أحاديث الأحكام من أول الطهارات إلى آخر الحدود و الديات كالبحر لا يساجل، و لمؤلفه فضل كبير. و أيادي بيضاء على (الطائفة الامامية) بتأليفه هذه الموسوعة العظيمة الشريفة فجزاه اللّه عن الاسلام و أهله خير ما يجزى العاملون.

1 - طبع الكتاب في (ايران) على الحجر أكثر من مرة في ثلاث مجلدات ضخام بالقطع الكبير.

2 - و طبع أخيرا و ليس آخرا في (طهران) في عشرين جزء مع تعليقات تحت إشراف لجنة من أفاضل الحوزة العلمية ب: (قم) و على رأسهم فضيلة العلامة زميلنا المكرم (الميرزا عبد الرحيم الرباني) الشيرازي دام فضله و علاه.

و الكتاب خرج بحمد اللّه من الطبع على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع. و قد أصبح في متناول أيدي رواد العلم و طلابها يستفيدون منه و أراحوا النفوس من مطالعة الطباعة القديمة فجزى اللّه الكريم:

المعلق، و المصحح، و الناشر، و الساعي، و الطابع، عن الاسلام و أهله خير ما يجزي العاملين.

و لما كان الكتاب موسوعة عظيمة، حافلة بجميع أسانيد الفقه، من أول الطهارات إلى آخر الحدود و الديات: كان أملنا وطيدا بهؤلاء الأفاضل الأماجد الذين اتعبوا نفوسهم الشريفة، و كرسوا جهودهم الثمينة، و صرفوا أوقاتهم الغالية في سبيل إخراج هذه الموسوعة العظيمة الجبارة إلى عالم الوجود، بهذا الشكل الحسن الجميل: ببذل جهود أكثر حول الكتاب تحقيقا و تعليقا، حيث إنه مشتمل على أحاديث حمة، بعضها غامض و صعب جدا لا يمكن غض النظر عنه، و ابقاؤه على ما هو عليه، و لا سيما -

ص: 8

..........

++++++++++

- نحن في ظروف تتطلب الدقة في مثل هذه التحقيقات و التعليقات.

كما فعلنا ذلك في (اللمعة الدمشقية)، حين أقدمنا على طباعتها و التعليق عليها، و في (المكاسب) هذه التي ستقف على موارد كثيرة من جوانبها التي علقنا عليها.

ثم إن بعض المفردات من بعض الأحاديث يحتاج إلى توضيح أكثر و تفسير أعمق لو بقي على ما هو عليه لاختل المعنى في مفاهيم ألفاظ الحديث و أفاد خلاف ما أراده الإمام عليه السلام كما ستعرف ذلك أثناء التعليق على (المكاسب)، و سنشير إلى تلك المواضيع إن شاء اللّه.

و من المؤسف جدا أن هؤلاء الأفاضل الكرام الذين تحملوا المشاق في سبيل إخراج هذه الموسوعة الهامة التي تدور عليها (رحى الشيعة الامامية) في الأحكام الفقهية إلى عالم الوجود بالشكل الذي وصفناه لم يمعنوا النظر الدقيق حول أحاديث الكتاب التي تتطلب التوضيح و التفسير، بل إما أنهم جعلوها على علاتها من دون أي تحقيق و تفسير كما كان الأمر قبل ذلك.

أو علقوا عليها تعليقا بسيطا لا يشفي العليل، و لا يروي الغليل.

هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى: اننا أثناء تصحيحنا (اللمعة الدمشقية)، و هذا الكتاب الذي بأيدينا: و هو (المكاسب) في إخراج أحاديثهما، و عرضها على (الوسائل): راينا اخلالا في الحديث لا ينسجم معناه مع المراد مما أفادوه في الكتابين.

فعرضناه على مصادره و اذا بالاختلاف الفاحش بين المصادر، و بين المنقول في الوسائل، و سنشير إلى تلك الموارد إن شاء اللّه حرفيا حتى يطلع -

ص: 9

..........

++++++++++

- القارئ الكريم.

فبهذا و ذاك نرجو من هؤلاء الأفاضل الأماجد - الذين خدموا العلم و الدين بإخراج هذه الموسوعة الجبارة إلى عالم الوجود، و لهم أيادي مشكورة ممدوحة تجاه (الشيعة الامامية) - إعادة طباعتها من جديد و إحياء هذا التراث الخالد العظيم، مع تحقيقاتهم القيمة، و شروحهم الثمينة و إبداء آرائهم و نظرياتهم الغالية حول بعض الأحاديث و ما أكثره.

كما أننا نؤكد رجاءنا من هؤلاء الأفاضل الذين يجاهدون في إحياء المشاريع الدينية التي بأيديهم، أو بأيدي آخرين من الكتب التي هي من امهات الكتب الشيعية و أصولها، و التي أصبحت تدور عليها رحى الدراسة (الامامية): أن يعلقوا عليها تعليقا وافيا ان لم تطبع لحد الآن.

أو طبعت لكنها من غير تحقيق و تدقيق، أو حققت لكنها تحقيق يسير: اعادة طباعتها ثانية.

ثم رجائي منهم أن يرشدوا اولئك الذين قاموا بطباعة تلك الكتب النفيسة، أو في صدد طباعتها إلى النقاط التي ذكرناها، و لا سيما عرض الأحاديث على مصادرها حرفيا و تطبيقها معها.

كما أني أرجو ممن يتصدى لطباعة هذه الكتب أن لا يكون هدفه منها: (التجارة الدنيوية) التي تبور.

بل هدفه الاسمي: التجارة الأخروية التي لن تبور. و اللّه هو الموفق و المؤيد و المعين.

إليك نموذجا من تلك الأحاديث التي يستدل الشيخ بها اشارة في عدم الانتفاع بالميتة و أجزائها التي تحلها الحياة من ذي النفس السائلة:

إليك نص عبارة الشيخ في (المكاسب).

ص: 10

..........

++++++++++

- قال في المسألة الخامسة من المسائل الثمان في «النوع الأول» في الاكتساب بالأعيان النجسة:

(الخامسة: يحرم المعاوضة على الميتة، و أجزائها التي تحلها الحياة من ذي النفس السائلة على المعروف من مذهب الأصحاب.

و في (التذكرة) - كما عن المنتهى و التنقيح -: الاجماع عليه.

و عن (رهن الخلاف): الإجماع على عدم ملكيتها.

و يدل عليه مضافا إلى ما تقدم من الأخبار: ما دل على أن الميتة لا ينتفع بها). انتهى كلام الشيخ.

و المراد من (ما الموصولة) في قوله: ما دل: الحديث المروي عن (الفتح بن يزيد الجرجاني) عن (أبي الحسن) عليه السلام الذي استدل به الشيخ: على عدم جواز الانتفاع بالميتة و أجزائها التي تحلها الحياة.

قال: كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها ذكيا.

فكتب عليه السلام: لا ينتفع من الميتة بإهاب(1) و لا عصب(2)، و كل ما كان من السخال الصوف إن جز، و الشعر و الوبر و الإنفحة(3) و القرن، و لا يتعدى إلى غيرها إن شاء اللّه.ة.

ص: 11


1- بكسر الهمزة و الهاء وزان كتاب.
2- بفتح العين و الصاد: هي الأطناب و العروق المنتشرة في البدن المتصل بعضها ببعض تكون مصدرا للحركة و الحس في بدن الانسان بقدرة الباري عز و جل.
3- بكسر الهمزة و سكون النون و فتح الفاء و الحاء: شيء يستخرج من بطن الجدي قبل أن يطعم غير اللبن فيعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن و هو المعروف عند العامة: بالمجبنة.

..........

++++++++++

- هذا نص الحديث المروي في (وسائل الشيعة) الجزء 16 ص 448 الباب 33 الحديث 1.

فالواو في «و كلّ ما كان من السخال» إن جعلناها عاطفة على المجرور في قوله عليه السلام: بإهاب و لا عصب فسد المعنى، حيث يلزم اتحاد الحكم: و هو عدم جواز الانتفاع بالميتة و أجزائها في المعطوف: و هي الأشياء المذكورة، و في المعطوف عليه و هو الإهاب و العصب.

فيكون المعنى هكذا: لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب، و لا بهذه الأشياء، مع أن الأمر ليس كذلك، حيث ان الإمام عليه السلام في مقام إعطاء حكم جديد للمعطوف: و هو جواز الانتفاع بهذه الأشياء من الصوف و الشعر، و الوبر، و الإنفحة، و القرن، و أن هذه الأشياء مما ينتفع بها و ليس حكمها حكم المعطوف عليه في عدم الانتفاع بها:

و القرينة على ذلك صراحة قوله عليه السلام: و لا يتعدى إلى غيرها أي لا يتعدى جواز الانتفاع من هذه الأشياء إلى غيرها من بقية أجزاء الميتة فالواو استينافية، لا عاطفة حتى يتوهم الاتحاد فيجري الفساد.

ثم إن مما يزيد في الطين بلة: عدم اعراب صحيح لكلمة (الصوف) لأنه إن جعلنا الصوف منصوبة خبرا لكان اختل المعنى، حيث يكون هكذا

و كل ما كان من السخال: الصوف فالجملة غير مستقيمة المعنى.

و إن جعلناها مرفوعة لا يدرى سبب رفعها هل على الابتداء؟ أو على الخبر؟.

فان كان على الخبر للمبتدإ المقدم: و هو قوله: (و كل ما كان):

لا ينسجم المعنى كما ترى.

و إن كان على الابتداء بقي بلا خبر.

ص: 12

..........

++++++++++

- ثم إن كلمة: (و كل ما كان) مرفوعة على الابتداء تحتاج إلى الخبر بناء على جعل الواو استينافية فأين الخبر؟

فهذه و تلك مما جعلتنا نشك في كون تمام ألفاظ الحديث صادرة عن الامام عليه السلام فراجعنا (الوسائل) ثانيا فرأينا الحديث مرويا عن (الكافي، و التهذيب و الاستبصار) فطبقناه عليها فوجدنا مطابقة (الوسائل) مع (الكافي و الاستبصار)، إلا في كلمة (من الجارة) حيث إنها موجودة في الكتابين داخلة على كلمة (الصوف)، و ليست موجودة في (الوسائل)، مع أنها لازمة كما عرفت.

ثم طبقنا الحديث على (التهذيب) فرأينا الاختلاف الواضح بين الوسائل، و بينه فاطمأن القلب، و سكن الفؤاد. إليك نص الحديث.

عن (الفتح بن يزيد الجرجاني) عن (أبي الحسن) عليه السلام.

قال: كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها ذكيا.

فكتب عليه السلام: لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب، و كل ما كان من السخال من الصوف - إن جز - و الشعر و الوبر و الإنفحة و القرن:

ينتفع بها، و لا يتعدى إلى غيرها إن شاء اللّه.

راجع التهذيب الطبعة الثانية طباعة (النجف الأشرف) الجزء 9 ص 76 الحديث 58.

فالحديث هنا مشتمل على كلمة (من الجارة) التي هي بيان (لما الموصولة) في قوله عليه السلام: و كل ما كان، و وجودها لازم لكلمة (الصوف)، إذ لو لاها لاختل المعنى و الإعراب كما عرفت.

و كذلك مشتمل على جملة: (ينتفع بها) و هي لازمة أيضا، لأنها مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المقدم و هو قوله: (و كل ما كان)، إذ لو لم تكن -

ص: 13

..........

++++++++++

- موجودة بقي المبتدأ بلا خبر، حيث إن الواو استينافية، و لا يصح جعلها عاطفة، لفساد المعنى كما عرفت.

فعلى ضوء ما ذكرنا تحصل: أن الواو هنا استينافية، لا عاطفة، للزوم الفساد المذكور كما نبهنا عليه.

ثم إن كلمة (و كل ما) في أغلب النسخ مكتوبة متصلة، أي هكذا (و كلما)، و الصحيح أن تكتب منفصلة كما اثبتناه لك، لأن «ما» هنا موصولة و مضاف إليه، لكلمة (كل) التي يراد منها العموم، و ليست جزء للكلمة كما في قولنا، كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا فهذا الحديث أحد الأحاديث التي لم تفسر، و لم يعلق عليها.

و سيمر عليك و ما أكثر هذه الأحاديث أثناء التعليق على (المكاسب) ما فسرناه من الأحاديث، و طبقناها على المصادر المنقول عنها، و سنشير الى تلك الأحاديث حرفيا ان شاء اللّه.

3 - و طبع (الكتاب) في (القاهرة) على الحروف في دار العهد الجديد للطباعة كامل مصباح.

على نفقة الشريف فضيلة السيد مرتضى الكشميري، صاحب (مكتبة النجاح) (في النجف الأشرف).

و قد خرج منه لحد الآن خمسة أجزاء.

و على الكتاب مقدمة للاستاذ (محمد عبد المنعم الخفاجي)، الاستاذ بكلية اللغة العربية بالأزهر: أحببت أن أذكر شطرا منها، ليكون القارئ الكريم على بصيرة من عظم الكتاب.

إليك نموذجا منها.

و الكتاب و مستدركه في أصول مصادر (فقه الامامية): و هو -

ص: 14

..........

++++++++++

- مرجع خصب نافع غاية النفع في الوقوف على أسرار التشريع، و دقائق الأحكام، و جوامع السنن.

و مذهب (الامام جعفر بن محمد الصادق) عليه السلام هو أحد المذاهب الفقهية الموروثة، و إليه ترجع الشيعة الامامية في أحكامها، و فقه تشريعها.

و يعتمد المذهب الشيعي على رواية الأئمة عن الرسول صلوات اللّه و سلامه عليه: من الذين رووا الحديث النبوي، و فهموا اشاراته، و عدّوا رواة عن جدهم الأعظم صلى اللّه عليه و آله لأحكام الشريعة، و أسرار الدين، و يجمع الشيعة الامامية بذلك على فقه واحد: هو فقه أئمتهم المأخوذ من الكتاب و السنة.

و انما سمي (بالفقه الجعفري)، لأن «الامام جعفر الصادق» وجد مجالا أكبر و أوسع لنشر فقهه، و دوّن عنه تلاميذه أصولا في الفقه فعن «الامام جعفر بن محمد» يأخذون.

و الجزء الأول من كتاب (وسائل الشيعة)، يبحث في مقدمة العبادات، و في الطهارة، و كيفية الوضوء في استقصاء و دقة و عمق و احاطة، و تحليل و تفصيل، و سوف تليه أجزاء عديدة في سائر أبواب الفقه الشيعي و أحكامه.

و هذا الفقه يتلاقى مع المذاهب الأربعة في كثير، و يختلف عنها في قليل.

و من مثل هذا الاختلاف: اشتراط (الامامية)، شاهدين عدلين في وقوع الطلاق فلا يقع بدونهما.

لقوله تعالى: «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» (1)2.

ص: 15


1- الطلاق: الآية 2.

و الحدائق (1) عن الحسن بن علي بن شعبة،

++++++++++

- و هم لا يوقعون طلاق الثلاث بلفظ واحد، أو تتابعا في مجلس واحد، و لا ينعقد عندهم الطلاق بالحلف.

و من مثل الاختلاف أيضا زواج المتعة حيث يحله الشيعة، و يحرمه غيرهم، و يعتمد الشيعة على قوله تعالى: «فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (1).

على أن الذي يجيزه (الشيعة الامامية) من هذا الزواج: هو زواج المرأة الخالية من الموانع الشرعية، و يلزم فيه عقد و مهر، و يترتب عليه ميراث الولد، و عدة الزوجة بانقضاء المدة، أو الانفصال.

انتهى موضع الحاجة.

أما المؤلف فيأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(1) (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة)

كل ما يقال في حق الكتاب فهو كواصف الشمس.

(و صفات ضوء الشمس تذهب باطلا).

و مختصر القول: أن الكتاب موسوعة فقهية، و مجموعة عظيمة، و مدونة كبيرة، من أجل الموسوعات، و أكبر المجموعات، حافلة بمهام المسائل، طافحة بأمهات الدلائل، مليئة بالآراء و الأقوال، حاوية بالأحاديث و الأخبار، جامعة للفرائض و السنن و الآداب، محتشدة بالفروع و الأحكام

فهو جامع مبسوط لم يعمل مثله في بابه في كتب الأصحاب.

ألف الكتاب ليستغني طلاب العلم و رواده عن كتب الفقه و الحديث و الاستدلال كما قال مؤلفه في مقدمات الكتاب:

و يكفيك في عظم الكتاب ما اثنى عليه الأعلام الأفذاذ.

قال المحقق الفذ العلامة الحبر (الحجة الاميني) رحمه اللّه في كتابه -2.

ص: 16


1- النساء: الآية 22.

..........

++++++++++

- شهداء الفضيلة ص 316: و كتابه الحدائق الدائر السائر بين الفقهاء ينم عن غزارة علم مؤلفه، و تضلعه في العلوم، و تبحره في الفقه و الحديث كما يشف كتابه (لؤلؤة البحرين) عن سعة اطلاعه على أحوال الرجال

و قال (المحقق الخونساري) في روضات الجنات المجلد 2 ص 341 342: الحدائق الناضرة من التصانيف الفاخرة الباهرة التي تلذ بمطالعتها النفس، و تقر بملاحظتها العين.

و قال (المحدث القمي) في كتابه (الفوائد الرضوية) من ص 713 إلى ص 716 في حق المؤلف و كتابه: صاحب التصانيف الرائعة النافعة الجامعة التي احسنها كتاب: (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) و هو كتاب جليل في الغاية، كثير النفع.

و قال مترجم حياة (شيخنا الراحل) في مقدمة (الطبعة الأولى):

و من حملة ما افرغه في قالب التصنيف، و ألفه في غاية الإحكام و الترصيف:

هو كتاب (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة): و هو لعمري كتاب حوى ما لم يحوه كتاب، و مؤلف جمع ما لم يجر في خطاب، فصل المسائل فتفصل، و طول الدلائل فتطول، فكم فيها من أزهار نكات تزرى على زهر الروض المطلول، و أنوار أبحاث يخجل عندها نور الربيع.

الى ان يقول: فهو كتاب جامع للأدلة و الأقوال، حاو للفروع الكثيرة. حسن الترتيب، يشتمل على أبحاث لطيفة، و مسائل شريفة.

طبع هذا السفر الجليل في (ايران) على الحجر في ست مجلدات ضخام

و طبع اخيرا و ليس آخرا إن شاء اللّه في (النجف الأشرف) على الحروف طباعة أنيقة جميلة ذات روعة و جمال في (مطبعة النجف).

و عليه تعليقات قيمة نفيسة لزميلنا المكرم فضيلة العلامة المفضال الحجة -

ص: 17

حديث تحف العقول

في كتاب تحف العقول (1) عن مولانا الصادق صلوات اللّه و سلامه عليه حيث سئل عن معايش العباد فقال: جميع المعايش كلها من وجوه المعاملات فيما بينهم مما يكون لهم فيه المكاسب (2)

++++++++++

- (الشيخ محمد تقي الإيرواني) دامت فضائله و بركاته على نفقة محب الخير و الفضيلة (الشيخ علي الآخوندي) وفقه اللّه لما يحب و يرضى في خمسة و عشرين جزءا.

صدر منه الى الأسواق لحد الآن خمسة عشر جزءا، و سيخرج الباقي ان شاء اللّه بالقريب العاجل.

أما المؤلف فيأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(1) (تحف العقول من آل الرسول) صلى اللّه عليه و عليهم أجمعين كتاب نفيس جليل مبسوط، كثير الفائدة، اعتمد عليه الأصحاب رضوان اللّه عليهم، و الكتاب مشتمل على جمل وافية من الأحاديث (النبوية و أئمة أهل البيت)، و مواعظهم الشافية، و النصائح الإلهية البالغة.

طبع الكتاب أخيرا في (طهران) عام 1376 على الحروف طباعة أنيقة بديعة عليها تعاليق قيمة نفيسة من زميلنا المكرم الأخ (علي أكبر الغفاري) أصبحت موضع إعجاب الأفاضل وفقه اللّه تعالى لما يحب و يرضى.

و أما المؤلف فيأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(2) طبقنا الحديث على (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 54 الى ص 58 الباب 2 من أبواب جواز التكسب بالمباحات الحديث 1.

و على (الحدائق الناضرة) فرأينا فرقا شاسعا بين المذكور هنا و بين المصدرين، ثم طبقناه على مصدره الأصلي (تحف العقول) فوجدنا الاختلاف فيه أكثر فأكثر.

و ذكر موارد الاختلاف حرفيا في الهوامش يوجب فصلا طويلا بين التعاليق، و مطالب الكتاب، و لربما أدى ذكرها الى صفحات، و تركها و ابقاؤها على ما هي عليه يتنافى و ما بنينا عليه من عرض الأحاديث -

ص: 18

..........

++++++++++

- المذكورة في الكتب الدراسية، و بقية الكتب التي يراد طباعتها:

على مصادرها و تطبيقها عليها، و التعليق عليها إن كانت محتاجة إليه: فانحصر العلاج بذكر الحديث الشريف بداية و نهاية عن مصدره الأصلي. ليكون القارئ النبيل بصيرا بموارد الاختلاف.

بالإضافة الى فوائد جمة في ذكر الحديث الشريف.

و قبل ذكر الحديث الشريف عن مصدره الاصلي (تحف العقول) لا بدّ من الفات أنظار قرائنا الكرام الى نقاط هامة في جوانب الحديث ليكونوا على بصيرة بالاشكالات الواردة عليه، ثم نشرع في الجواب عنها.

أليك تلك النقاط.

(الاولى): أن الحديث أصبح موضع نزاع و نقاش بين الفقهاء من حيث الصحة و السقم، لكونه ضعيف السند بالارسال، و لا سيما أنه مروي بلفظ سأله سائل فلم يدر من السائل، و من المسئول.

(الثانية): أن الحديث لم يذكر في (الكتب الأربعة): (الكافي.

من لا يحضره الفقيه. التهذيب. الاستبصار) مع أن المؤلف كان معاصرا (لشيخنا الصدوق).

و بالإضافة الى أن (الشيخ الصدوق) لم يرو عنه. كما أن المؤلف لم يرو عنه أيضا.

فهذا و ذاك مما يوجب الشك في صحة الحديث.

(الثالثة): أن الحديث مشتمل على اضطراب في التعبير، و تشويش في الضمير، و قلق في التذكير و التأنيث، حيث ذكر فيه التذكير موضع التأنيث، و التأنيث موضع التذكير، و الجمع مكان المفرد، و المفرد موضع الجمع، و (من) الموضوعة للعاقل مستعملة مكان (ما) الموضوعة -

ص: 19

..........

++++++++++

- لغير ذوي العقول، و بالعكس، و تكرر معنى واحد في جمل متعددة.

كل هذه الأمور موجبة للإخلال في الفصاحة و البلاغة الموجب للشك في صدور تمام ألفاظ الحديث عن الامام عليه السلام، لاستبعاد كون مثل هذا الحديث المشتمل على ذلك الخلل صادرا عمن هو مصدر الفصاحة و البلاغة و معدنهما، و الذي لغته تابعة للغة القرآن الكريم، هذا القرآن الذي أعجز الانس و الجن عن اتيان آية بمثلها (وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) : الإسراء: الآية 88.

(الرابعة): أن الحديث مع ضعف سنده لإرساله كيف جعله شيخنا الأعظم في مختلف فروع مسائل كتابه (المكاسب) من أوله الى آخره مصدرا لها، حتى جعله كقاعدة كلية لتلك الفروع و المسائل و كبرى لتلك الصغريات، و يتمسك به فيها، مع عدم صلاحيته للحجبة و الاستدلال به رأسا كما هو مذهب سيدنا الأستاذ (السيد الخوئي) دام ظله:

من ترك الحديث الضعيف المرسل، و ان عمل به المشهور، نظرا الى أن الشهرة لا تكون حجة، لا مستندا للحكم، و لا جابرا للضعف، و لا مرجحا للمتعارضين.

هذه هي النقاط الأربع الحساسة المتوجهة نحو الحديث، و التي أوجبت الشك في صدور كله عن الامام عليه السلام، و لا سيما الثلاثة الاول.

و أليك الجواب عن الاولى، و الثالثة، و الرابعة.

(أما الجواب عن الاولى) فنقول: إن القدامى من علمائنا الأعلام الى زمان (شيخ الطائفة) و ما بعده عدا (شيخنا الشهيد الثاني):

يرون العمل بالخبر الضعيف، و أنه حجة اذا عمل به المشهور، و يعبر عنه: ب (الشهرة العملية) التي وقعت محل النزاع في كونها جابرة -

ص: 20

..........

++++++++++

- لضعف الرواية أم لا.

و معنى العمل بالشهرة: استناد القدماء بالحديث الضعيف و جعله مدركا للحكم الإلهي من دون ان يكون هناك مدرك آخر غيره

لكننا نقول: وافى لنا الجزم به بهذا اللون.

هذا في الشهرة العملية.

و أما الشهرة الفتوائية و الروايتية فلا كلام في عدم انجبار الرواية الضعيفة بهما، لأن رواة الحديث الضعيف و إن كانوا كثيرين لا ترفع عنه الضعف، و مجرد مطابقة الفتوى لمضمون الحديث الضعيف لا تصلح جبرا.

(أما الجواب عن الثالثة) فنقول: إن الاضطراب الواقع في التعبير و التشويش الموجود في الضمير نشأ عن نقل الراوى الحديث بالمعنى، حيث لم يسجل ألفاظه حرفيا. و نفس تعابيره في مجلس التخاطب، و إنما أثبت ما حوته ذهنيته الوقادة من المطالب الملقاة عليه بعد مفارقته مجلس الامام عليه السلام، و من ثم وقع التشويش المذكور في الضمائر، و الاضطراب في التعبير في مقام التعبير، و نقل الحديث، و لا سيما و الحديث مطول و مذيل لا يمكن ضبط ألفاظه حرفيا.

إن قلت: أ ليس هناك أحاديث مطوّلة، و خطب مذيلة، و أدعية مفصلة كدعاء كميل، و الصحيفة السجادية على منشئها آلاف التحية، و دعاء الصباح، و دعاء عرفة، و أدعية أخرى مأثورة، و ما أكثرها:

و هذه خطب (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في النهج، و خطب اخرى أثبتها الرواة بنفس التعابير، و بعين الألفاظ الواردة عن الامام عليه السلام، من غير تشويش في الألفاظ و تغيير في المعنى.

قلت: نعم الامر كما تقول.

ص: 21

..........

++++++++++

- لكن قرائح الناس حسب فطرتهم الذاتية، و خلقتهم الأولية مختلفة فهناك ذوو القريحة الوقادة، و الذهنية القوية الوهّاجة كانوا يحفظون الحديث و الأدعية و الخطب و القصائد بألفاظها اذا ألقيت عليهم مرة واحدة فكان يملي تلك الأحاديث، و الخطب، و الأدعية و القصائد الملقاة عليه بعد ذلك بنفس التعبير، و بتلك الألفاظ كأن ذهنه (مسجلة اتوماتيكية) و من بين هؤلاء الأفذاذ و على رأسهم (عبد اللّه بن عباس) حبر الامة خريّت هذه الصناعة فانه كان يملي كل ما يخطبه (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام، و كلما يخطب، و يرقى المنبر و لم تفته كلمة واحدة منها و له كلمته المشهورة: فو اللّه ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون (أمير المؤمنين) عليه السلام بلغ منه حيث اراد

و خلاصة القصة: أن (أمير المؤمنين) عليه السلام قام خطيبا في (مسجد الكوفة) فألقى خطبته المشهورة (الخطبة الشقشقية) و حين بلوغه عليه الصلاة و السلام: (و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز) فقام إليه رجل من أهل السواد فناوله كتابا فجعل ينظر فيه فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس:

يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت.

فقال عليه الصلاة و السلام:

هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرّت.

راجع نهج البلاغة المجلد الاول ص 68 شرح ابن ابي الحديد طباعة دار العربية الكبرى ب: (مصر) عام 1329.

(أما الجواب عن الرابعة).

فنقول: إن (الشيخ الاعظم الانصاري) لم يستدل بهذا الحديث -

ص: 22

..........

++++++++++

- فيما استدل به كدليل أساسي مستقل للمسألة، و إنما أخذ منه تأييدا في الأكثر

و لا شك أن الخبر الضعيف يصلح تأييدا و إن لم يصلح دليلا.

على أن المواضع التي تمسك بها الشيخ من هذا الحديث في الأكثر تكون مؤيدة بنصوص معتبرة عامة، أو خاصة فصارت تلك النصوص كالقرينة على صحة صدور هذه الرواية، أو جملة منها إن لم تكن دليلا على صحة جميع جمل الحديث.

ثم إن الشيخ ممن يرى حجية الخبر الضعيف إذا عمل به المشهور من العلماء، لأن عملهم هذا يجبر ما في الحديث من ضعف، نظرا إلى أن حجية الخبر منوطة بالسيرة العقلائية التي تعتمد على كل خبر محفوف بقرائن الصدق و الاعتماد.

(و أما الجواب عن الثانية) فلم أوفق له لحد الآن، حيث إن الحديث لم يوجد في الكتب الاربعة، و لم يرو (شيخنا الصدوق) عنه مع كونه معاصرا له، و هو لم يرو عنه.

و كذلك بقية الأعلام الذين كانوا في عصره، أو جاءوا بعده بقليل لم يرووا الحديث عنه، و لم يذكروه في كتبهم.

هذه غاية ما يمكن أن يقال في الذب عن الحديث، و الدفاع عن حريمه و عن الايرادات الواردة عليه حسب معلوماتنا القاصرة.

و أما الحديث الشريف فمنقول في (تحف العقول) طباعة (طهران) عام 1373 من ص 331 إلى ص 338.

أليك نصه:

جوابه عليه السلام عن جهات معايش العباد، و وجوه إخراج الأموال:

سأله سائل فقال: كم جهات معايش العباد التي فيها الاكتساب -

ص: 23

..........

++++++++++

- و التعامل بينهم، و وجوه النفقات؟.

فقال عليه السلام: جميع المعايش كلها من وجوه المعاملات فيما بينهم مما يكون لهم فيه المكاسب أربع جهات من المعاملات.

فقال له: أكل هؤلاء الأربعة حلال، أو كلها حرام، أو بعضها حلال، و بعضها حرام.

فقال عليه السلام: قد يكون في هؤلاء الأجناس الأربعة حلال من جهة، و حرام من جهة.

و هذه الأجناس مسميات معروفات الجهات.

فأول هذه الجهات الأربعة: الولاية، و تولية بعضهم على بعض فأول ولاية: الولاة، و ولاة الولاة إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه.

ثم (التجارة) في جميع البيع و الشراء بعضهم من بعض.

ثم (الصناعات) في جميع صنوفها.

ثم (الإجارات) في كل ما يحتاج إليهم من الاجارات.

و كل هذه الصنوف تكون حلالا من جهة، و حراما من جهة.

و الفرض من اللّه على العباد في هذه المعاملات: الدخول في جهات الحلال منها، و العمل بذلك الحلال، و اجتناب الجهات الحرام فيها.

تفسير معنى الولاية.

و هي (جهتان):

(فاحدى الجهتين) من الولاية: ولاية ولاة العدل الذين أمر اللّه بولايتهم، و توليتهم على الناس، و ولاية ولاته، و ولاة ولاته إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه.

ص: 24

..........

++++++++++

- (و الجهة الأخرى) من الولاية: ولاية ولاة الجور، و ولاة ولاته إلى أدناهم بابا من الأبواب التي هو وال عليه.

فوجه الحلال من الولاية: ولاية الوالي العادل الذي أمر اللّه بمعرفته و ولايته، و العمل له في ولايته، و ولاية ولاته، و ولاة ولاته بجهة ما أمر اللّه به الوالي العادل بلا زيادة فيما انزل اللّه به، و لا نقصان منه، و لا تحريف لقوله، و لا تعد لأمره إلى غيره فاذا صار الوالي والي عدل بهذه الجهة فالولاية له، و العمل معه، و معونته في ولايته، و تقويته: حلال محلل و حلال الكسب معهم.

و ذلك: أن في ولاية والي العدل، و ولاته إحياء كل حق، و كل عدل، و إماتة كل جور و فساد، فلذلك كان الساعي في تقوية سلطانه و المعين له على ولايته ساعية الى طاعة اللّه، مقويا لدينه.

و أما وجه الحرام من الولاية: فولاية الوالي الجائر، و ولاية ولاته الرئيس منهم، و اتباع الوالي فمن دونه من ولاة الولاة إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه، و العمل له، و الكسب معه بجهة الولاية لهم: حرام و محرم، معذب من فعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لأن كل شيء من جهة المئونة معصية كبيرة من الكبائر.

و ذلك: إن في ولاية الوالي الجائر: دروس(1) الحق كله و إحياء الباطل كله، و إظهار الظلم و الجور و الفساد، و إبطال الكتب و قتل الأنبياء و المؤمنين، و هدم المساجد، و تبديل سنة اللّه و شرائعه فلذلك حرم العمل معهم، و معونتهم، و الكسب معهم، إلا بجهة الضرورة

نظير الضرورة إلى الدم و الميتة.ه.

ص: 25


1- مصدر درس يدرس: أي عفا و نمحى و ذهب أثره.

..........

++++++++++

- و أما تفسير التجارات في جميع البيوع، و وجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له.

و كذلك المشتري الذي يجوز له شراؤه مما لا يجوز له فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد، و قوامهم به في أمورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون و يشربون و يلبسون و ينكحون، و يملكون.

و يستعبدون من جهة ملكهم، و يجوز لهم الاستعمال له من جميع جهات المنافع التي لا يقيمهم غيرها من كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كله حلال بيعه و شراؤه، و إمساكه، و استعماله و هبته و عاريته.

و أما وجوه الحرام من البيع و الشراء، و كل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله و شربه، أو كسبه أو نكاحه، أو ملكه أو إمساكه، أو هبته أو عاريته.

أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد: نظير البيع بالربا لما في ذلك من الفساد.

أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير، أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير، أو جلودها، أو الخمر، أو شيء من وجوه النجس.

فهذا كله حرام و محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله، و شربه و لبسه، و ملكه و إمساكه و التقلب فيه بوجه من الوجوه، لما فيه من الفساد فجميع تقلبه في ذلك حرام.

و كذا كل بيع ملهو به، و كل منهي عنه مما يتقرب به لغير اللّه أو يقوى به الكفر، و الشرك من جميع وجوه المعاصي، أو باب -

ص: 26

..........

++++++++++

- من الأبواب يقوى به باب من أبواب الضلالة، أو باب من أبواب الباطل أو باب يوهن به الحق فهو حرام محرم: حرام بيعه و شراؤه و إمساكه و ملكه و هبته و عاريته، و جميع التقلب فيه، إلا في حال تدعو الضرورة إلى ذلك.

(و أما تفسير الاجارات):

فاجارة الانسان نفسه، أو ما يملك، أو يلي أمره من قرابته أو دابته، أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الاجارات أن يؤجر نفسه أو داره أو أرضه، أو شيئا يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع.

أو العمل بنفسه و ولده و مملوكه، أو أجيره من غير أن يكون وكيلا للوالي، أو واليا للوالي فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر نفسه، أو ولده أو قرابته، أو ملكه أو وكيله في اجارته، لأنهم وكلاء الأجير من عنده ليس هم بولاة الوالي.

نظير الحمال الذي يحمل شيئا بشيء معلوم إلى موضع معلوم فيجعل ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه، أو بملكه، أو دابته، أو يؤاجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه، أو بمملوكه أو قرابته، أو بأجير من قبله.

فهذه وجوه من وجوه الإجارات حلال لمن كان الناس ملكا أو سوقة، أو كافرا، أو مؤمنا فحلال إجارته، و حلال كسبه من هذه الوجوه.

فأما وجوه الحرام من وجوه الاجارة. نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم عليه أكله أو شربه، أو لبسه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء أو حفظه. أو لبسه، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا -

ص: 27

..........

++++++++++

- أو قتل النفس بغير حل، أو عمل التصاوير و الأصنام و المزامير، و البرابط و الخمر و الخنازير و الميتة و الدم، أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه من غير جهة الاجارة فيه.

و كل أمر منهي عنه من جهة من الجهات فمحرم على الانسان اجارة نفسه فيه أو له، أو شيء منه أو له، إلا لمنفعة من استأجرته كالذي يستأجر الأجير يحمل له الميتة ينحيها عن أذاه، أو أذى غيره و ما أشبه ذلك.

و الفرق بين معنى الولاية و الإجارة، و إن كان كلاهما يعملان بأجر:

أن معنى الولاية أن يلي الانسان لوالي الولاة، أو لولاة الولاة فيلي أمر غيره في التولية عليه، و تسليطه، و جواز أمره و نهيه، و قيامه مقام الوالي إلى الرئيس، أو مقام و كلائه في أمره، و توكيده في معونته، و تسديد ولايته، و إن كان أدناهم ولاية فهو وال على من هو وال عليه يجري مجرى الولاة الكبار الذين يلون ولاية الناس في قتلهم من قتلوا، و إظهار الجور و الفساد.

و أما معنى الاجارة فعلى ما فسرنا من اجارة الانسان نفسه، أو ما يملكه من قبل أن يؤاجر لشيء من غيره فهو يملك يمينه، لأنه لا يلي أمر نفسه و أمر ما يملك قبل أن يؤاجره ممن هو آجره.

و الوالي لا يملك من أمور الناس شيئا، إلا بعد ما يلي أمورهم و يملك توليتهم، و كل من آجر نفسه، أو آجر ما يملك نفسه، أو يلي أمره من كافر، أو مؤمن، أو ملك، أو سوقة على ما فسرنا مما تجوز الاجارة فيه فحلال فعله و كسبه.

ص: 28

..........

++++++++++

- (و أما تفسير الصناعات):

فكل ما يتعلم العباد، أو يعلمون غيرهم من صنوف الصناعات مثل الكتابة و الحساب، و التجارة و الصياغة. و السراجة و البناء، و الحياكة و القصارة و الخياطة، و صنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني و أنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد التي منها منافعهم، و بها قوامهم، و فيها بلغة جميع حوائجهم. فحلال فعله و تعليمه، و العمل به و فيه لنفسه، أو لغيره.

و ان كانت تلك الصناعة، و تلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد، و وجوه المعاصي، و يكون معونة على الحق و الباطل: فلا بأس بصناعته و تعليمه: نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد من تقوية معونة ولاة ولاة الجور.

و كذلك السكين و السيف و الرمح و القوس، و غير ذلك من وجوه الآلة التي قد تصرف الى جهات الصلاح، و جهات الفساد، و تكون آلة و معونة عليهما: فلا بأس بتعليمه و تعلمه، و أخذ الأجر عليه و فيه، و العمل به و فيه لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق، و محرم عليهم فيه تصريفه الى جهات الفساد و المضار: فليس على العالم و المتعلم اثم و لا وزر، لما فيه من الرجحان في منافع جهات صلاحهم، و قوامهم به و بقائهم، و انما الإثم و الوزر على المتصرف بها في وجوه الفساد و الحرام.

و ذلك إنما حرم اللّه الصناعة التي حرام هي كلها التي يجيء منها الفساد محضا: نظير البرابط و المزامير، و الشطرنج.

و كل ملهو به و الصلبان و الأصنام، و ما أشبه ذلك من صناعات أشربة الحرام، و ما يكون منه و فيه الفساد محضا، و لا يكون فيه و لا منه شيء من وجوه الصلاح: فحرام تعليمه و تعلمه و العمل به، و أخذ الأجر عليه -

ص: 29

..........

++++++++++

- و جميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات كلها، إلا أن تكون صناعة قد تنصرف الى جهات المنافع.

و إن كان قد يتصرف بها و يتناول بها وجها من وجوه المعاصي فلعله لما فيه من الصلاح: حلّ تعلمه و تعليمه و العمل به، و يحرم على من صرفه الى غير وجه الحق و الصلاح.

فهذا تفسير بيان وجه اكتساب معايش العباد، و تعليمهم في جميع وجوه اكتسابهم وجوه اخراج الأموال و إنفاقها.

أما الوجوه التي فيها إخراج الأموال في جميع وجوه الحلال المفترض عليهم وجوه النوافل كلها: فأربعة و عشرون وجها.

منها: سبعة وجوه على خاصة نفسه، و خمسة وجوه على من تلزمه نفسه، و ثلاثة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الدين.

و خمسة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الصلات.

و أربعة أوجه مما تلزمه فيها النفقة من وجوه اصطناع المعروف.

فأما الوجوه التي تلزمه فيها النفقة على خاصة نفسه: فهي مطعمه و مشربه و ملبسه و منكحه و مخدمه، و عطاؤه فيما يحتاج إليه من الإجراء على حرمة متاعه، أو حمله أو حفظه.

و معنى يحتاج إليه: من نحو منزله، أو آلة من الآلات يستعين بها على حوائجه.

و أما الوجوه الخمس التي تجب عليه النفقة لمن تلزمه نفسه: فعلى ولده و والديه و امرأته و مملوكه لازم له ذلك في حال العسر و اليسر.

و أما الوجوه الثلاثة المفروضة من وجوه الدين: فالزكاة المفروضة الواجبة في كل عام، و الحج المفروض، و الجهاد في إبّانه و زمانه.

ص: 30

..........

++++++++++

- و أما الوجوه الخمس من وجوه الصلات و النوافل: فصلة من فوقه و صلة القرابة، و صلة المؤمنين، و التنفل في وجوه الصدقة و البر و العتق.

و أما الوجوه الأربع: فقضاء الدين، و العارية، و القرض، و إقراء الضيف: واجبات في السنة

(ما يحل للانسان أكله):

فأما ما يحل و يجوز للانسان أكله مما أخرجت الأرض فثلاثة صنوف من الأغذية.

صنف منها جميع الحب كله من الحنطة و الشعير و الأرز و الحمص و غير ذلك من صنوف الحب و السماسم و غيرها. كل شيء من الحب مما يكون فيه غذاء الانسان في بدنه و قوته فحلال أكله.

و كل شيء تكون فيه المضرة على الانسان في أكله فحرام أكله، إلا في حال الضرورة.

و الصنف الثاني مما أخرجت الأرض من جميع صنوف الثمار كلها مما يكون فيه غذاء للانسان و منفعة له و قوته به: فحلال أكله و ما كان فيه المضرة على الانسان في أكله فحرام أكله.

و الصنف الثالث جميع صنوف البقول و النبات، و كل شيء تنبت الأرض من البقول كلها مما فيه منافع الانسان، و غذاء له: فحلال أكله.

و ما كان من صنوف البقول. فما فيه المضرة على الانسان في أكله نظير بقول السموم القاتلة، و نظير الدفلي(1)، و غير ذلك من صنوف -ر.

ص: 31


1- بكسر الدال، و سكون الفاء، و فتح اللام: هو نبت زهره اعتيادي كالورد الأحمر.

..........

++++++++++

- السم القاتل فحرام أكله.

و أما ما يحل أكله من لحوم الحيوان فلحوم البقر و الغنم و الإبل و ما يحل منه من لحوم الوحوش، و كل ما ليس فيه ناب، و لا مخلب

و ما يحل من أكل لحوم الطير كلها، ما كانت له قانصة: فحلال أكله.

و ما لم يكن له قانصة فحرام أكله، و لا بأس بأكل صنوف الجراد.

و أما ما يجوز أكله من البيض فكل ما اختلف طرفاه فحلال أكله و ما استوى طرفاه فحرام أكله.

و ما يجوز أكله من صيد البحر من صنوف السمك: ما كان له قشور فحلال أكله، و ما لم يكن له قشور فحرام أكله.

و ما يجوز من الأشربة من جميع صنوفها: فما لا يغير العقل كثيره فلا بأس بشربه.

و كل شيء منها يغير العقل كثيره فالقليل منه حرام.

و ما يجوز من اللباس.

فكلما أنبتت الأرض فلا بأس بلبسه، و الصلاة فيه، و كل شيء يحل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكي منه، و صوفه و شعره و وبره.

و إن كان الصوف و الشعر و الريش و الوبر من الميتة، و غير الميتة ذكيا فلا بأس بلبس ذلك، و الصلاة فيه.

و كل شيء يكون غذاء الانسان في مطعمه و مشربه، أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه و لا السجود، إلا ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قبل أن يصير مغزولا، فاذا صار غزلا فلا تجوز الصلاة عليه إلا في حال ضرورة.

أما ما يجوز من المناكح فأربعة وجوه. نكاح بميراث، و نكاح -

ص: 32

أربع جهات (1) و يكون فيها (2) حلال من جهة، و حرام من جهة.

فأول هذه الجهات الأربع الولاية (3) ثم التجارة (4) ثم الصناعات (5) ثم الإجارات (6).

++++++++++

- بغير ميراث، و نكاح اليمين، و نكاح بتحليل من المحلّل له من ملك من يملك.

و أما ما يجوز من الملك، و الخدمة فستة وجوه: ملك الغنيمة، و ملك الشراء، و ملك الميراث، و ملك الهبة، و ملك العارية، و ملك الأجر.

فهذه وجوه ما يحل، و ما لا يجوز للانسان انفاق ماله، و إخراجه بجهة الحلال في وجوهه، و ما يجوز فيه التصرف و التقلب من وجوه الفريضة و النافلة.

(1) أي أربعة أقسام: الولاية، التجارة، الصناعة، الإجارة.

(2) أي في هذه الأقسام الأربعة المذكورة.

(3) بكسر الواو و فتحها و هي الإجارة و السلطنة، و منها قوله تعالى: «هُنٰالِكَ اَلْوَلاٰيَةُ لِلّٰهِ» (1).

(4) و هو البيع و الشراء لغرض الربح و المنفعة.

(5) جمع صناعة بكسر الصاد و فتحها: و هو العلم الحاصل بمزاولة العمل كالخياطة، و الكتابة، و النجارة و الصياغة، و البناية، و ما شاكل ذلك مما يكون في فعله نفع للمجتمع.

و المراد من الصناعة هنا: مزاولة العمل نفسه، لا العلم الحاصل منه المعبر عنه بالملكة و الاقتدار على العمل، أو القوة القاهرة.

(6) جمع اجارة: و هو تمليك المنفعة من المؤجر، و تملك المنفعة من المستأجر بعوض معين معلوم.

و إنما جيئت الاجارة بلفظ الجمع، لتعدد الأعيان المستأجرة فيها -4.

ص: 33


1- الكهف: الآية 44.

و الفرض من اللّه تعالى على العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال، و العمل بذلك، و اجتناب جهات الحرام منها.

فاحدى (1) الجهتين من الولاية ولاية ولاة العدل (2) الذين أمر اللّه بولايتهم على الناس.

و الجهة (3) الأخرى ولاية ولاة الجور (4) فوجه الحلال من الولاية ولاية الوالي العادل، و ولاية ولاته (5) بجهة ما أمر به الوالي العادل بلا زيادة و نقيصة (6) فالولاية له، و العمل معه، و معونته و تقويته حلال محلّل.

و أما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الحائر، و ولاية ولاته

++++++++++

- كما يقال: البيوع باعتبار تعدد الأعيان المبيعة.

(1) أي جهة الحلال من الولاية.

(2) و هم (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام: «الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»(1).

و قد أمر اللّه عز و جل بذلك في قوله: «أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ» (2).

(3) و هي جهة الحرام من الولاية.

(4) بأن يكون الانسان واليا من قبل ولاة الجور و الظلم.

(5) بأن يكون واليا عن الوالي المنصوب من قبل (الإمام المعصوم) عليه السلام.

(6) بأن يقوم الوالي، أو والي الوالي بالجهة التي عيّنها من فوقه كما لو عيّن الإمام عليه السلام له جباية الأموال، أو القضاء و الحكم بين الناس، أو الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، أو إقامة صلاة الجماعة و الجمعة، أو حاكما على مدينة، أو قطر، أو أميرا على جيش.8.

ص: 34


1- النساء: الآية 59.
2- النساء: الآية 58.

و العمل لهم (1) و الكسب لهم (2) بجهة الولاية معهم حرام محرم معذب فاعل ذلك على قليل من فعله، أو كثير، لأن كل شيء من جهة المعونة (3) له معصية كبيرة من الكبائر.

و ذلك (4) أن في ولاية والي الجائر دروس (5) الحق كله، و إحياء الباطل كله، و إظهار الظلم و الجور و الفساد، و إبطال الكتب، و قتل الأنبياء، و هدم المساجد، و تبديل سنة اللّه و شرائعه (6) فلذلك (7) حرم العمل معهم و معونتهم، و الكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة

++++++++++

(1) من الأعمال السالفة الذكر.

(2) أي كسب المال لمصالحهم إما بالتجارة، أو الجباية، أو غير ذلك.

و الباء في بجهة الولاية معهم: ظرفية، أي المحرم ما لو كان في هذه الجهة، فالكسب و العمل يكون حراما أيضا.

فهذه الجملة متفرعة على الولاية المحرمة.

(3) أي للوالي الجائر، أو والي الوالي الجائر.

(4) تعليل للولاية المحرمة.

(5) مصدر درس يدرس درسا. وزان نصر ينصر نصرا و معناه: الاضمحلال و الاندراس.

(6) جمع شريعة و هي السنة، و المراد بها ما شرّع اللّه لعباده من السنن و الأحكام.

(7) تعليل لحرمة ولاية الوالي الجائر، و والي الوالي الجائر. أي و لأجل أن ولاية والي الجائر مستلزمة لهذه الإضرار و المفاسد من اندراس الحق، و إحياء الباطل كله، و إظهار الظلم و الجور، و غير ذلك: يحرم التصدي لمثل هذه الولاية.

و لا يخفى: أن اتصاف الوالي الجائر، أو والي واليه بالصفات -

ص: 35

إلى الدم و الميتة (1).

و أما تفسير التجارات في جميع البيوع و وجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له، و كذلك المشتري (2) الذي يجوز له شراؤه مما لا يجوز فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد، و قوامهم (3) به في أمورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيرها مما يأكلون و يشربون و يلبسون، و ينكحون، و يملكون و يستعملون من جميع المنافع التي لا يقيمهم غيرها، و كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فهذا كله حلال بيعه و شراؤه و إمساكه و استعماله و هبته و عاريته.

و أما وجوه الحرام من البيع و الشراء فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله، و شربه، أو كسبه، أو نكاحه، أو ملكه

++++++++++

- المذكورة غير مستلزم لاتصافه بها اتصافا كليا فعليا، بل يكفي اتصافه بها اتصافا جزئيا، فحينئذ يكون شريكا مع الوالي الجائر في المظالم.

نعم تصديه لهذا المنصب موجب لاتصافه بتلك الصفات كليا.

(1) أي إذا اضطر إلى ولاية الجائر فانه يجتهد جهده في أن يعمل بالشرع، و لا يخالفه ما أمكن.

كذلك إذا اضطر إلى أكل الميتة، أو الدم فانه ينبغي أن يكتفي منهما بما يسد الرمق، و يدفع غائلة الجوع، أو يدفع الهلاك عن نفسه أو عمن يتصل به.

(2) الظاهر أنه بصيغة الفاعل بقرينة قوله عليه السلام: يجوز للبائع.

(3) بالرفع عطفا على قوله عليه السلام: «مما هو غذاء للعباد» أي مما هو قوام للعباد. فيكون من عطف العام على الخاص، لإفادة التعميم في المطلوب.

ص: 36

أو إمساكه، أو هبته، أو عاريته، أو شيء (1) يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا، أو بيع الميتة، أو الدم، أو لحم الخنزير، أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش، أو الطير، أو جلودها، أو الخمر أو شيء من وجوه النجس، فهذا كله حرام محرّم، لأن ذلك كله منهي عن أكله و شربه، و لبسه و ملكه و إمساكه و التقلب (2) فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام.

و كذلك كل مبيع ملهوّ به (3)، و كل منهي عنه مما يتقرب به لغير اللّه عز و جل، أو يقوى به الكفر و الشرك (5) في جميع وجوه المعاصي (6) أو باب يوهن به الحق (7) فهو حرام محرّم بيعه و شراؤه و إمساكه، و ملكه و هبته، و عاريته، و جميع التقلب فيه (8) إلا في حال تدعو الضرورة فيه إلى ذلك (9).

++++++++++

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله عليه السلام: «فكل أمر»، أي فكل شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد فهو حرام و منهي عنه.

(2) أي الاستعمالات في ذلك الشيء.

(3) كآلات القمار و الشطرنج.

(4) كاتخاذ الدور و الأماكن للعبادة الباطلة لغير ذاته المقدسة.

(5) كبيع السلاح لأعداء الدين.

(6) أي أية معصية كانت.

(7) تفسير لما سبق من الجمل.

(8) أي جميع استعمالاته.

(9) أي إلى استعمالاته و التقلب فيه.

ص: 37

و أما تفسير الإجارات (4) (*) فاجارة الانسان نفسه، أو ما يملك أو يلي أمره من قرابته (1) أو دابته أو ثوبه (2) بوجه الحلال من جهات الإجارات أن (3) يؤجر نفسه، أو داره، أو أرضه، أو شيئا يملكه فيما

++++++++++

أي الإجارات المحللة بقرينة قوله عليه السلام فيما يأتي: و أما وجوه الحرام من وجوه الاجارة.

(1) بيان للجملة الأخيرة: و هو قوله عليه السلام: (أو يلي أمره) فهو من قبيل اللف و النشر الغير المرتب، لأن المناسب أن يؤتى بالمثال للجملة الأولى و هو قوله عليه السلام: (أو ما يملك) ثم الاتيان بالجملة الأخيرة و هو قوله عليه السلام: (أو يلي أمره) و هذا دليل نقل الحديث بالمعنى.

(2) الدابة و الثوب مجروران عطفا على مدخول (من الجارة) أي من دابته و ثوبه فهما بيانان للجملة الأولى في قوله عليه السلام: (أو ما يملك) أي يؤجر الانسان ما يملكه كالدابة و الثوب، و غيرهما.

ثم إن اجارة الانسان قرابته، أو ما يملكه على قسمين:

(الأول): اجارته لهم بعقد واحد.

(الثاني): اجارة كل واحد منهما بعقد مستقل و على حدة.

(3) في (الوسائل و الحدائق و تحف العقول) أن يؤجر كما هنا و أغلب نسخ الكتاب.

لكن في بعض نسخ (المكاسب) و بعض شروحها (أو يؤجر) حتى قال (الشيخ المامقاني) رحمه اللّه في تعليقته على المكاسب في هذا المقام: إن أو هنا بمعنى الواو، و أن الجملة معطوفة على الاسم الصريح في قوله عليه السلام: اجارة الانسان نفسه، أو داره، أو أرضه.

ثم إن معنى هذه الجملة إلى آخر قوله عليه السلام: أو مملوكه أو أجيره قد استفيد من الجملة السابقة عليها: و هو قوله عليه السلام:

ص: 38

ينتفع به من وجوه المنافع، أو العمل بنفسه (1)، و ولده و مملوكه و أجيره من غير أن يكون (2) وكيلا للوالي، أو واليا للوالي فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر (3) نفسه، أو ولده (4)، أو قرابته (5)، أو ملكه

++++++++++

- فاجارة الانسان نفسه، أو ما يملك، أو يلي أمره من قرابته، أو دابته أو ثوبه فالتكرار دليل نقل الحديث بالمعنى، كما ذكرناه لك في النقاط الأربعة المذكورة في بداية الحديث.

(1) العمل بنفسه أعم من أن يكون الانسان هو المباشر للعمل، أو غيره مباشرا له.

(2) يحتمل أن يكون اسم كان (المستأجر).

و يحتمل أن يكون اسمها (المؤجر) أي من غير أن يكون المستأجر أو المؤجر وكيلا عن الوالي الجائر.

(3) هذه الجملة: يؤجر نفسه تفسير لقوله عليه السلام: فلا بأس أن يكون أجيرا، أي يؤجر الانسان نفسه مباشرة، أو تسبيبا.

(4) بضم الواو و سكون اللام و ضم الدال: جمع ولد بفتح الواو و اللام: يراد منه: الصبي الذي لم يبلغ الحلم.

و كذا المراد من ولد الولد: الصغار منهم حتى يجوز للأب، أو الجد اجارة ابنه، أو حفيده.

(5) بفتح القاف: هم أقرباء الرجل ممن له التصدي في الايجار عنهم بولاية، أو وصاية إذا كانوا صغارا، أو وكالة.

و لا يخفى عدم صحة اجارة الانسان أقربائه إلا إذا كان وليا عليهم أو وصيا، أو وكيلا عنهم كما عرفت، لعدم تسلطه عليهم.

ثم ان تفسير الأقرباء بولد الرجل خلاف ظاهر الحديث، حيث قد تقدم ذكر ولد الرجل آنفا كما عرفت في الهامش 4، فلا معنى لتكرارهم -

ص: 39

أو وكيله (1)، في اجارته، لأنهم (2) وكلاء الأجير،

++++++++++

- ثانيا، و التكرار هذا قرينة على أن الحديث منقول بالمعنى كما ادعيناه في الدفاع عن الايرادات الواردة على الحديث.

(1) بنصب وكيله فهو عطف على قوله عليه السلام: أن يؤجر نفسه.

و المراد من الوكيل: من يقوم بالعمل من موكله، أي يؤجر الانسان موكله الذي وكله في الإجارة بالوكالة عنه.

(2) هذه الجملة: (لأنهم وكلاء الأجير) من الجمل المعقدة المحتاجة الى التفسير و قد فسرها المحشّون و المعلقون على الكتاب تفاسير مختلفة أليك تفسيرها حسب الإمكان.

اطلاق الوكلاء على هؤلاء المذكورين و فيهم من هو تحت ملكه أو ولايته: من عبيد أو أولاد: اطلاق توسعي فالمراد من التعليل المذكور:

لأنهم وكلاء الأجير: أن هنا فرقا بين من يقوم بالعمل الاجاري من باب أنه فرد من أفراد ولاة أهل الجور، أو من المنصوبين عنهم فيه.

و بين الرجل الأجنبي في العمل بأجرة معينة من دون أن يكون واليا أو منصوبا عن السلطان، أو يكون في زمرتهم كهؤلاء المذكورين الذين يقومون بالعمل من قبل انسان فلهذا الانسان القيام بالعمل مباشرة أو توكيلا للغير، أو ولاية على الغير.

و يعبر عن هذا الانسان القائم بالعمل مباشرة، أو توكيلا للغير:

ب: المقاول، أو المتعهد في اللسان الدارج، و في عصرنا الحاضر.

و المقاول هذا يتقبل الأعمال الكبيرة: من بناية الدور، و تعبيد الطرق و مد الجسور، و تبليط الشوارع و الأزقة، و مد الأنابيب و الكهرباء مع المواد و العمل، أو العمل فقط تحت شروط و قيود و تعهدات رسمية:

من حيث المواد و البناء و العمل كما و كيفا.

ص: 40

من (1) عنده، ليس هم بولاة الوالي (2) نظير الحمال الذي يحمل شيئا

++++++++++

- فالحاصل: أن الامام عليه السلام في مقام اعطاء السائل درسا كاملا من هذه الاجارة، حيث إنه عليه السلام يقصد من هذه الجملة: لأنهم وكلاء الأجير من عنده: الشخص المقاول، أو المتعهد الذي يتقبل عملا بالمقاولة و التعهد، أو فقل ب: القنطرات بالاجارة لنفسه، أو لأحد المذكورين من المستأجر الذي يقال له: المقاول له، أو المتعهّد له، ثم يوكّل هؤلاء المذكورين في إنجاز العمل الذي تقبّله لأن يقوم به بشخصه أو أحد المذكورين و لو فضولة، لعلمه بأنهم لا يرفضون العمل الذي تقبّله لهم.

(1) بكسر الميم حرف جر و (عند) بمعنى قبل، و معنى العبارة أن هؤلاء المذكورين يكونون وكلاء الأجير من قبله كما عرفت شرحه في الهامش 2 ص 40.

(2) الظاهر أن هذه الجملة: (ليسوا هم بولاة الوالي) مرفوعة محلا خبر ثان لقوله عليه السلام: (لأنهم وكلاء الأجير)، أي و لأن هؤلاء المذكورين ليسوا بولاة الوالي الجائر، بل وكلاء الأجير الذي يقال له: المقاول، أو المتعهد.

و يحتمل أن تكون الجملة منصوبة محلا على أن تكون حالا لضمير الجمع في (لأنهم) أي حال كون هؤلاء المذكورين ليسوا بولاة والي الجور.

و يحتمل أن تكون الجملة مرفوعة محلا صفة لضمير الجمع في (لأنهم).

و جعل هذه الجملة مرفوعة، أو منصوبة محلا دليل على أن المراد من الأجير في قوله عليه السلام: لأنهم وكلاء الأجير: هو المقاول او المتعهد.

و إنما أتى عليه السلام بهذه الجملة: (ليسوا هم بولاة الوالي) -

ص: 41

معلوما بشيء معلوم (1)، فيجعل (2) ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه، أو بملكه (3)، أو دابته، أو يؤاجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه، أو بمملوكه، أو قرابته، أو بأجير من قبله (4) فهذه وجوه من وجوه الاجارات حلالا لمن كان من الناس ملكا، أو سوقة (5) أو كافرا أو مؤمنا فحلال اجارته، و حلال كسبه من هذه الوجوه.

فأما وجوه الحرام من وجوه الاجارة نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله، أو شربه (6) أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء (7) أو حفظه، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا (8)، أو فى قتل النفس

++++++++++

- حتى لا يتخيل أن الأجير من قبل الوالي الجائر و هم وكلاء هذا الوالي و لذا قال عليه السلام: (لأنهم وكلاء الأجير من عنده).

(1) أي بمبلغ معلوم كدينار مثلا.

(2) في (تحف العقول، و الوسائل و المكاسب) و بقية المصادر التي بأيدينا (فيجعل)، و الظاهر أن الصواب: (فيحمل).

(3) كما اذا كانت له سيارة، أو طيارة، و ان أمكن ادخالهما في الدابة

(4) أي يكون الانسان وكيلا في اجارة الغير. فالغير الذي هو الموكل أجير، و الوكيل مؤجر من قبل هذا الغير.

(5) بضم السين و سكون الواو، و فتح القاف: الرعية، و من كان دون الملك.

(6) أو لبسه كما إذا كان الملبوس من الحرير الخالص للرجال أو جلد الميتة.

(7) أي الشيء المحرم أكله، أو شربه.

(8) أي من دون أن يكون في هدمها مصلحة، فلو كان في الهدم مصلحة كتجديد بنائه، أو توسيعه، أو إخراج المنافذ الصحية له -

ص: 42

بغير حق (1) أو عمل التصاوير (2) و الأصنام، و المزامير (3) و البرابط (4) و الخمر (5) و الخنازير (6) و الميتة (7) و الدم (8)، أو شيء (9) من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه من غير جهة الاجارة فيه.

++++++++++

- فلا حرمة فيه.

(1) بخلاف ما إذا كان القتل بحق كالقصاص، فانه لا حرمة فيه

(2) أي عمل التصاوير المحرمة كصناعة تماثيل ذوات الأرواح.

(3) بفتح الميم جمع مزمار بكسر الميم و سكون الزاى: آلة غناء يزمر بها.

و المراد من عمل المزامير صناعتها و استعمالها.

(4) بفتح الباء جمع بربط، بفتح الباء و سكون الراء وزان جعفر:

آلة غناء يضرب بها.

و المراد من عمل البرابط: صناعتها و استعمالها.

(5) بأن يؤجر نفسه لعمله و ايجاده، و شربه، و بيعه.

(6) بفتح الخاء جمع خنزير بكسره بأن يؤجر نفسه لبيعها، أو أكلها.

(7) بأن يؤجر نفسه لبيع الميتة و أكلها.

(8) بأن يؤجر نفسه لبيع الدم و أكله.

و لا يخفى أن الخنازير و الميتة و الدم معطوفات على التصاوير في قوله عليه السلام: أو عمل التصاوير، أي يؤاجر نفسه لعمل هذه الأمور.

(9) بالجر عطفا على مدخول (في الجارة) في قوله عليه السلام:

أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد، أي يؤاجر نفسه في شيء من وجوه الفساد، كشرب البول النجس، أو أكل مال الغير الذي كان الأكل و الشرب عليه محرما قبل اجارة نفسه لهذا العمل، لأن حرمته ذاتية.

و هذا معنى قوله عليه السلام: كان محرما عليه من غير جهة الاجارة.

ص: 43

و كلّ (1) أمر منهي عنه من جهة من الجهات فمحرّم على الانسان اجارة نفسه فيه (2)، أو له (3)، أو شيء منه (4)، أو له (5)

++++++++++

(1) بالرفع مبتدأ خبره (فمحرم عليه) و الواو استئنافية و دخول الفاء على الخبر هنا لأجل كون المبتدأ في معنى الشرط و إنما أتى عليه السلام بهذه الجملة المستأنفة، لعدم استفادة حرمة الاجارة على المحرمات من جميع الجهات. من الجملة السابقة.

و معناها: أن اجارة الانسان نفسه لايجاد محرم في الخارج كشرب الخمر مثلا تكون محرمة.

(2) أي في هذا الأمر المنهي عنه من جهة من الجهات.

(3) أي لأجل غرض ايجاد المنهي عنه في الخارج كما لو آجر نفسه لحمل العنب بشرط أن يجعله خمرا.

فنفس الاجارة واقعة على الفعل المباح و هو حمل العنب.

لكن الغاية المترتبة عليها: و هو جعل العنب خمرا محرمة فالاجارة تكون محرمة أيضا بسبب تلك الغاية.

(4) بجر شيء عطفا على مدخول (في الجارة) في قوله عليه السلام:

اجارة نفسه فيه. فالمعنى: أنه يحرم على الانسان اجارة نفسه في ايجاد بعض المنهي عنه كما في (عامل المطبعة) فإنه يرتب الحروف للكتب المفيدة التي لا تضر بالدين.

و يرتب الحروف للكتب المضلة و المضرة للدين فاجارة نفسه لهذا القسم من ترتيب الحروف حرام.

(5) أي لغرض ايجاد الحرام.

فتمام هذه الأقسام من الاجارات، سواء أ كان فيها ايجاد تمام المنهي عنه أم بعضه، و سواء أ كان الغرض من الاجارة ترتب تمام المنهي عنه -

ص: 44

إلا (1) لمنفعة من استأجرته كالذي يستأجر الأجير يحمل له الميتة ينحيها (2) عن أذاه (3)، أو أذى غيره، و ما أشبه ذلك إلى أن قال: و كل من آجر نفسه، أو ما يملك، أو يلي أمره من كافر، أو مؤمن، أو ملك أو سوقة على ما فسرناه مما تجوز الاجارة فيه فحلال محلّل فعله و كسبه.

و أما تفسير الصناعات فكل ما يتعلم العباد، أو يعلّمون غيرهم من أصناف الصناعات مثل الكتابة و الحساب، و التجارة و الصياغة و البناء و الحياكة و السراجة (4) و القصارة (5) و الخياطة، و صنعة (6) صنوف التصاوير

++++++++++

- أم بعضه: حرام.

هذه غاية ما يمكن في توجيه هذه الجملة من الحديث الشريف.

(1) استثناء من قوله عليه السلام: فمحرم على الانسان اجارة نفسه فيه، أو له، أو شيء منه، أو له.

فالمعنى: أن الاجارة اذا كانت لمنفعة مباحة للمستأجر نفسه، أو لغيره فانها جائزة لا محالة كما مثل لها بحمل الميتة لدفع أذاها عن نفسه، أو غيره

(2) أي يبعدها حتى لا يتأذى هو، أو غيره منها.

(3) المصدر مضاف إلى الفاعل، أي من تأذي شخصه.

(4) بكسر السين و تخفيف الراء: حرفة السراج، اي من يصنع السرج للفرس و البغل و الحمير.

(5) بكسر القاف و تخفيف الصاد: حرفة القصار، اي من يبيّض الثياب و ينقيها من الأوساخ، و هو بياض خاص كما في عصرنا الحاضر حيث يبيضون ثيابهم بمسحوق خاص بعد غسلها، و ازالة الوساخة عنها.

(6) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله عليه السلام: مثل الكتابة اي و مثل صنعة أقسام التصاوير.

ص: 45

ما لم تكن (1) مثل (2) الروحاني، و أنواع (3) صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد منها منافعهم، و بها قوامهم (4) و فيها بلغة (5) جميع حوائجهم فحلال فعله و تعليمه و العمل به (6) و فيه (7) لنفسه (8)، او لغيره و ان كانت تلك الصناعة، و تلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد و وجوه المعاصي، و تكون معونة على الحق و الباطل (9) فلا بأس بصناعته

++++++++++

(1) اي التصاوير.

(2) بضم الميم و الثاء: جمع مثال، وزان سرج و سراج، و حجب و حجاب، فهو منصوب، بناء على أنه خبر لكان في قوله عليه السلام:

لم تكن.

و المراد من المثل: الهياكل التي تمثل ذوات الأرواح كالحيوانات و الحشرات.

و المعنى: انه يجوز تعليم صنعة التصاوير اذا لم تكن على نحو التماثيل.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله عليه السلام: مثل الكتابة اي و مثل أنواع صنوف الآلات.

(4) كآلات الكتابة و الطباعة و النجارة و البناية، و أثاث البيت.

(5) بضم الباء و سكون اللام و فتح الغين بمعنى الكفاية من العيش.

و المراد منها هنا: مقدار الكفاية من الحوائج الضرورية البيتية.

(6) اي استعمال تلك الآلة.

(7) اي ايجاد تلك الآلة تسبيبا، أو مباشرة.

(8) الجار و المجرور متعلق بقوله عليه السلام: فحلال أي فحلال فعله و تعليمه، و العمل به لغيره.

(9) أما الحق فكاستعمال السكين مثلا في الحوائج الضرورية الحياتية و أما الباطل فكاستعماله في قتل الانسان ظلما.

ص: 46

و تقلبه (1) نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد تقوية و معونة (2) لولاة الجور.

و كذلك السكين (3) و السيف و الرمح و القوس، و غير ذلك من وجوه الآلات التي تصرف الى وجوه الصلاح، و جهات الفساد و تكون آلة و معونة عليهما (4) فلا بأس بتعليمه و تعلمه، و اخذ الأجر عليه و العمل به (5) و فيه (6) لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق (7) و محرّم عليهم تصريفه الى جهات الفساد و المضار فليس على العالم، و لا المتعلم إثم و لا وزر، لما فيه (8) من الرجحان في منافع جهات صلاحهم، و قوامهم و بقائهم، و انما الإثم و الوزر على المتصرف فيه في جهات الفساد و الحرام

++++++++++

(1) مرجع الضمير في صناعته و تقلبه: (فاعل تلك الصناعة، و تلك الآلة) فالمصدر مضاف الى فاعله، اي فلا بأس بصناعة الانسان هذه الآلة التي قد يستعان بها على وجوه الفساد و المعاصي.

و كذا لا بأس باستعمال الانسان هذه الآلة أيضا.

(2) تقوية و معونة منصوبتان على المفعول لأجله، اي نظير الكتابة التي تكون لغرض تقوية الجور، و معونتها على الفساد.

(3) اي و كذلك لا بأس باستعمال السيف و السكين و أمثالهما مما يستعمل للفساد تارة، و للصلاح اخرى.

(4) اي على الفساد و الصلاح كما علمت آنفا.

(5) اي استعمال تلك الآلة التي قد يستعان بها على الحرام.

(6) اي ايجاد تلك الآلة في الخارج تسبيبا، أو مباشرة.

(7) اي سواء أ كان مسلما أم كافرا.

(8) تعليل لعدم وجود الإثم و المعصية لمن يتعلم صنعة الآلة، أو يستعملها أو يعلّم الغير.

ص: 47

و ذلك (4) (*) انما حرم اللّه الصناعة التي هي حرام كلها التي يجيء منها الفساد محضا (1) نظير البرابط و المزامير و الشطرنج (2)، و كل ملهو به و الصلبان (3) و الأصنام (5) (*)، و ما اشبه ذلك من صناعات الأشربة الحرام

++++++++++

(*) تعليل ثان لعدم وجود الإثم و الوزر في تعلم تلك الآلة، و تعليم الغير.

(1) اي ليس فيها أية جهة من جهات الصلاح.

(2) بكسر الشين و فتحها، و الكسر اكثر، بناء على تعريبه: كلمة فارسية معربة (شش رنگ) اي ذات الوان ستة، لأن هذا اللعب له ستة اصناف من القطع التي يلعب بها، فكل قطعة لها لون خاص، و اسم مخصوص

أليك اسماءها:

(الأول): الشاه و هو الملك.

(الثاني): الفرزان. و هي الملكة.

(الثالث): الفيل و هو الحيوان المعروف.

(الرابع): الفرس و هو الحيوان المعروف.

(الخامس): الرخ طائر كبير و همي: جمعه رخاخ: و هي القطعة من قطع الشطرنج.

(السادس): البيذق هو الماشي راجلا و منه بيذق الشطرنج.

(3) بضم الصاد و سكون اللام: جمع (صليب): و هو هيكل مربع يكون على شكل خطين متقاطعين اتخذه النصارى رمزا و شعارا لهم لأنهم يزعمون أنها الخشبة التي صلب عليها (عيسى بن مريم) عليهما السلام هكذا شكله: +.

(*) بفتح الهمزة جمع (صنم) و هو الذي يصنع من الحجر او الصفر مصورا.

ص: 48

و ما يكون منه و فيه (1) الفساد محضا، و لا يكون منه، و لا فيه شيء من وجوه الصلاح: فحرام تعليمه و تعلّمه و العمل به، و أخذ الأجرة عليه و جميع التقلب (2) فيه من جميع وجوه الحركات، إلا أن يكون (3) صناعة قد تصرف إلى جهة المنافع، و ان كان قد يتصرف فيها و يتناول بها وجه من وجوه المعاصي فلعلة ما فيه من الصلاح حل تعلّمه و تعليمه، و العمل به و يحرم على من صرفه إلى غير وجه الحق و الصلاح.

فهذا تفسير بيان وجوه اكتساب معايش العباد، و تعلمهم في وجوه اكتسابهم الى آخر الحديث المنقول عن تحف العقول المشار إليه في ص 23 الى 33.

و حكاه (4) غير واحد عن رسالة المحكم،

++++++++++

- بخلاف الوثن فإنه يصنع من الخشب، أو الحجر، أو الفضة أو الذهب غير مصوّر.

(1) الفرق بين الأول: و هو (ما يكون منه الفساد محضا).

و بين الثاني: و هو (ما يكون فيه الفساد محضا):

هو أن الأول منشأ للفساد و مقدمة له، و ليس في وجوده الفساد.

و أن الثاني علة تامة للفساد، و في وجوده الفساد.

مثال الأول: (السينما و التلفزيون) فإنهما منشئان للفساد، و مقدمتان له، و ليس في وجودهما الفساد.

مثال الثاني: (الخمر و الأصنام و الأفلام الخلاعية) فإن فيها الفساد و أنها علة تامة له.

(2) أي جميع استعمالاته

(3) أي ذلك الشيء.

(4) أي حكى حديث تحف العقول كثير من الأعلام.

ص: 49

و المتشابه (1) للسيد قدس سره.

فقه الرضا

و في الفقه (2) المنسوب إلى مولانا الرضا صلوات اللّه.

++++++++++(1) هذه الرسالة (لعلم الهدى السيد المرتضى) أعلى اللّه مقامه ذكرها الاستاذ (رشيد الصفار) في مقدمة (ديوان المرتضى) ص 120 بقوله: رسالة في المحكم و المتشابه منقول من تفسير النعماني.

و ذكرها أيضا (صاحب الحدائق) في (لؤلؤة البحرين) ص 322

و ذكرها (العلامة المجلسي) في (بحار الأنوار في مجلد القرآن)

و ذكرها (صاحب الذريعة إلى تصانيف الشيعة) في الجزء 4 ص 120

و ذكرها (العلامة النوري) في (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3 ص 120.

و كل هؤلاء الأعلام يذكرون الكتاب عن (تفسير النعماني) عند شرح حياته.

و الكتاب طبع (بإيران) الطبعة الحجرية سنة 1312.

أما المؤلف فيأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(2) (فقه الرضا):

اختلفت الآراء و الأقوال حول الكتاب في صحة انتسابه إلى الإمام الرضا عليه السلام، و نفيه عنه:

1 - ذهب العلامة المجلسي، و والده العظيم(1)، و السيد بحر العلوم -

ص: 50


1- بحار الأنوار الطبعة الحديثة: الجزء الأول ص 11-12. بل قيل: إن المجلسيين أظهرا الكتاب، و لم يكن قبل ذلك أثر منه.

..........

++++++++++

- و الفاضل الهندي و صاحب الحدائق: و صاحب الرياض، و الوحيد البهبهاني: إلى صحة الانتساب، و أنه من منشئاته عليه السلام.

و قد حقق شيخنا النوري في مستدرك وسائل الشيعة: المجلد 3 ص 336-361 تحقيقا مسهبا، و أثبت صحة الانتساب إليه عليه السلام.

2 - ذهب صاحب الوسائل، و صاحب تحفة الأبرار، و صاحب الفصول، و صاحب الروضات، إلى أن المؤلّف مجهول.

3 - و ذهب صاحب رياض العلماء، - و ينقل هذا الرأي عن شيخه الاستاذ - و السيد حسين القزويني: إلى أنه رسالة علي بن موسى بن بابويه القمي (والد الصدوق) إلى ولده، و انتسابه إلى الرضا عليه السلام نشأ من اشتراك اسمه مع اسم الإمام عليه السلام(1).

4 - و أخيرا ذهب المحقق البارع سيدنا السيد حسن الصدر إلى عدم صحة الانتساب، و ألّف في ذلك رسالة مستقلة سمّاها: فصل القضاء في الكتاب المشتهر ب: فقه الرضا.

و أثبت أن الكتاب هو نفس كتاب «التكليف» لمحمد بن علي الشلمغاني - الذي وردت التوقيعات الشريفة من الناحية المقدسة بلعنه -

و دليله على ذلك ملخصا: أن الشلمغاني قد تفرد بنقل أحاديث لم توجد في أي كتاب من كتب الحديث، و لأجل ذلك حينما عرض كتابه «التكليف» إلى باب الحجة أبي القاسم حسين بن روح النوبختي، قال في حقه: إن أحاديثه صحيحة إلا موضعين أو ثلاثة منها.39

ص: 51


1- اعتمدنا في نقل هؤلاء الأعلام على: «المستدرك: المجلد 3 ص 336-339

و سلامه عليه (1).

اعلم يرحمك اللّه أن كل مأمور به (2) على العباد، و قوام لهم في أمورهم من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون و يشربون و يلبسون و ينكحون، و يملكون و يستعملون فهذا كله حلال بيعه و شراؤه و هبته و عاريته.

و كل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله و شربه و لبسه و نكاحه و إمساكه بوجه الفساد مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير و الربا و جميع الفواحش، و لحوم السباع و الخمر، و ما أشبه ذلك فحرام ضار للجسم (3) انتهى.

حديث دعائم الإسلام

و عن دعائم الإسلام للقاضي نعمان المصري عن مولانا الصادق عليه السلام إن الحلال من البيوع كلما كان حلالا من المأكول و المشروب، و غير ذلك مما هو قوام للناس، و يباح لهم الانتفاع، و ما كان محرما أصله منهيّا عنه لم يجز بيعه و لا شراؤه (4) انتهى.

++++++++++

- و قد عثر سيدنا السيد الصدر على هذه المواضع الثلاثة - في باب الشهادات و تحديد الكر، و إجزاء غسل الرجلين في الوضوء عند نسيان المسح - في الكتاب المشتهر ب: فقه الرضا، و استنتج من ذلك كله أن الكتاب هو نفس كتاب «التكليف» للشلمغاني.

(1) راجع (مستدرك الوسائل)، الجزء 2، ص 425، الباب 2 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

(2) في المصدر: مما هو منّ.

(3) في المصدر: و فساد للنفس.

(4) راجع (دعائم الإسلام)، الجزء 2، طبعة (مصر) سنة 1385، تحقيق (آصف بن علي أصغر فيضي) ص 18، رقم الحديث 23.

ص: 52

النبوي المشهور

و في النبوي المشهور إن اللّه إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه (1).

إذا عرفت ما تلوناه، و جعلته في بالك متدبرا لمدلولاته.

++++++++++

- لكن المذكور هنا مخالف مع مصدره.

إليك نص الحديث المذكور هناك:

عن (جعفر بن محمد) عليهما السلام أنه قال: الحلال من البيوع كل ما هو حلال من المأكول و المشروب، و غير ذلك مما هو قوام للناس و صلاح و مباح لهم الانتفاع به.

و ما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه، و لا شراءه.

و أما دعائم الإسلام فموسوعة في الأحاديث المأثورة عن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام في معرفة الحلال و الحرام، و القضايا و الأحكام في الفقه (الشيعي الامامي).

و كل ما في الكتاب من الأحاديث مطابقة لما في الكتب الأربعة (الكافي من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار).

الّف الكتاب أيام (الدولة الفاطمية) بمصر، و نال مصنفه بذلك مرتبة سامية رفيعة عندهم، و حاز شهرة عظيمة في شرق البلاد و غربها.

كان المصنف شيعيا اماميا فأظهر الحق تحت ستار التقية، و كانت السلطة المذهبية للإسماعيلية في تلك الديار، حيث كانت ملوك الفاطميين معتنقين للمذهب.

اعتمد علماء (الطائفة الإمامية) على الكتاب و أثنوا عليه، و على مؤلفه ثناء بليغا.

و طبع الكتاب أولا في عام 1370 بمصر مع مقدمة محتوية على حياة المؤلف بقلم (الدكتور محمد كامل حسين).

(1) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2، ص 427. الباب 6.

الحديث 8.

ص: 53

أقسام المكاسب

اشارة

فنقول: قد جرت عادة غير واحد على تقسيم المكاسب إلى محرم و مكروه و مباح (1)، مهملين (2) للمستحب و الواجب، بناء على عدم وجودهما في المكاسب، مع إمكان التمثيل للمستحب بمثل الزراعة و الرعي مما ندب إليه الشرع (3)، و للواجب بالصناعة،

++++++++++

(1) أي مكسب حرام، و مكسب مكروه، و مكسب مباح.

(2) حال للفقهاء المستفاد من قوله قدس اللّه روحه: و قد جرت عادة غير واحد.

(3) أليك الأحاديث الواردة في الزراعة عن يزيد بن هارون الواسطي قال: سألت (جعفر بن محمد) عليهما السلام عن الفلاحين.

فقال: هم الزارعون كنوز اللّه في أرضه، و ما في الأعمال شيء أحب إلى اللّه من الزراعة، و ما بعث اللّه نبيا إلاّ زرّاعا، إلا ادريس عليه السلام فإنه كان خياطا.

الوسائل طبعة (طهران) سنة 1382. الجزء 12. ص 25 الحديث 3.

و عن سيابة عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: سأله رجل فقال له: جعلت فداك اسمع قوما يقولون: إن الزراعة مكروهة.

فقال له: ازرعوا و أغرسوا فلا و اللّه ما عمل الناس عملا أحل و لا أطيب منه الى آخر الحديث.

نفس المصدر. الجزء 13، ص 193، الحديث 1.

و الأخبار الواردة في استحباب الزراعة كثيرة راجع نفس المصدر تجد هناك بابا مستقلا فيه.

و أما الأخبار الواردة في استحباب الرعي، إليك بعضها:

عن محمد بن عطية قال: سمعت (أبا عبد اللّه) عليه السلام يقول:

إن الله عز و جل أحبّ لأنبيائه من الأعمال: الحرث. و الرعي، لئلا -

ص: 54

الواجبة (1) كفاية خصوصا إذا تعذر قيام الغير به (2) فتأمل (3).

و معنى حرمة الاكتساب حرمة النقل و الانتقال (4) بقصد ترتب

++++++++++

- يكرهوا شيئا من قطر السماء.

البحار: الطبعة القديمة للمرحوم الحاج محمد حسين أمين الضرب الجزء 23 ص 19. الباب 10.

و عن عقبة عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: ما بعث اللّه نبيا قط حتى يسترعيه الغنم، و يعلّمه بذلك رعيه الناس.

نفس المصدر. الجزء 5. ص 18.

و قال صلى اللّه عليه و آله: ما من نبي إلا و قد رعى الغنم.

قيل: و أنت يا رسول اللّه؟ قال: و أنا.

نفس المصدر. الجزء 14. ص 683. باب أحوال الأنعام.

(1) كالواجبات الكفائية التي تتوقف عليها حياة البشر.

(2) أي بالواجب فحينئذ يجب على المكلف القيام بتلك الصناعة.

(3) اشارة الى إمكان الخدشة في تمثيل الواجب من المكاسب:

بالواجبات الكفائية، لأنها حينئذ واجبات بالعناوين الثانوية، و كلامنا إنما هو في الواجب الذاتي، و لا مثال له في المكاسب.

اللهم إلا في مثل الولاية للإمام عليه السلام.

و يحتمل أن يكون اشارة الى إمكان الخدشة في استحباب الزراعة و الرعي، لأن استحبابهما انما يصح لو كان لأجل التكسب و التعيش بهما و هو ممنوع، لاحتمال كون الاستحباب لأجل الرفاهية و التوفير على الناس و الرفق على البهائم، و الرخص في أسعار الزراعة.

(4) أي نقل المكلف العين الى غيره، سواء أ كان بقصد البيع أم الهبة أم غيرهما، و الانتقال من لوازم النقل فهو مطاوع لصيغة النقل -

ص: 55

الأثر المحرم (1)

و أما حرمة أكل المال في مقابلها (2) فهو متفرع على فساد البيع لأنه مال الغير وقع في يده بلا سبب شرعي و ان قلنا بعدم التحريم (3) لأن ظاهر أدلة تحريم بيع مثل الخمر منصرف الى ما لو أراد ترتيب الآثار المحرمة (4)، أما لو قصد الأثر المحلل فلا دليل على تحريم المعاملة إلا (5) من حيث التشريع.

فالاكتساب المحرم أنواع

اشارة

و كيف كان فالاكتساب المحرم أنواع، نذكر كلا منها في طي مسائل.

++++++++++

- مثل الكسر و الانكسار فاذا حرم النقل لا يحصل الانتقال و ان قصده المكلف(1) لا توجد هذه الكلمة في أغلب النسخ: و الظاهر زيادتها، لعدم اختلال المعنى على تقدير عدم وجودها، لأنك عرفت أن الأثر و هو النقل و الانتقال لا يترتبان بعد الحكم بحرمة الاكتساب.

(2) أي في مقابل الأعيان التي قصد نقلها على الوجه المحرم.

(3) أي بعدم تحريم النقل من يد الى يد اخرى.

و لا يخفى: أن عدم تحريم النقل انما هو في بعض الموارد، لا في كلها كما اذا لم يقصد المشتري من شراء الخمر الشرب، بل يقصد الإتلاف أو المداواة.

(4) مثل الشرب، أو الإشراب.

(5) الظاهر: أن (الشيخ) رحمه اللّه ناظر الى أن مثل هذه المعاملة لا تكون محرمة ذاتا، لعدم الدليل عليها.

نعم إنها مشكوكة من حيث إمضاء الشارع لها فإسنادها إليه تشريع محرم، و داخل في قوله عز من قائل: «قُلْ آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللّٰهِ تَفْتَرُونَ» (1).

ص: 56


1- يونس: الآية 59.
النوع الأول الاكتساب بالأعيان النجسة عدا ما استثني
اشارة

الأول (1) الاكتساب بالأعيان النجسة عدا ما استثني،

فيه مسائل ثمان
اشارة

و فيه (2) مسائل ثمان.

المسألة الأولى يحرم المعاوضة على بول غير مأكول اللحم بلا خلاف
اشارة

(الأولى). (3) يحرم المعاوضة على بول غير مأكول اللحم بلا خلاف ظاهر، لحرمته (4)، و نجاسته (5)، و عدم (6)، الانتفاع به منفعة محللة مقصودة فيما عدا (7) بعض أفراده، كبول الإبل

++++++++++

(1) صفة للنوع، أي النوع الأول الاكتساب بالأعيان النجسة سواء أ كانت نجاستها ذاتية أم عرضية.

(2) أي و في النوع الأول.

(3) أي المسألة الأولى من المسائل الثمان.

(4) تعليل لحرمة المعاوضة على بول غير مأكول اللحم، و مرجع الضمير: الشرب.

(5) بالجر عطفا على مدخول (لام الجارة) أي و لنجاسة بول غير مأكول اللحم، فهو دليل ثان لحرمة المعاوضة على هذا البول.

(6) بالجر عطفا على مدخول (لام الجارة) أيضا، أي و لعدم وجود الانتفاع في هذا البول منفعة محللة مقصودة عند العقلاء، فهو دليل ثالث لحرمة المعاوضة على هذا البول.

و المراد من المعاوضة عليه: تبادل العين و الثمن عليه كالبيع، و الصلح و الهبة المعوضة.

و يظهر من كلامه رحمه اللّه: أن الهبة غير المعوضة، و التمليك المجاني و الهدية لا تكون محرمة، لأنها غير معاوضة.

(7) استثناء من الحكم الكلي الذي أفاده في البول: (و هي حرمة المعاوضة عليه)، فالمعنى: أنه يستثنى من البول المحرم بيعه: بعض أفراد هذا البول إن كان فيه منفعة محللة مقصودة كالتداوي به لبعض الأمراض -

ص: 57

الجلاّلة (1)، أو الموطوءة.

فرعان
الأول ما عدا بول الإبل من أبوال ما يؤكل لحمه المحكوم بطهارتها

فرعان: الأول ما عدا بول الإبل من أبوال ما يؤكل لحمه المحكوم بطهارتها (2) عند المشهور إن قلنا بجواز شربها اختيارا كما عليه: جماعة من القدماء و المتأخرين، بل عن المرتضى دعوى الإجماع عليه فالظاهر (3) جواز بيعها.

و إن قلنا بحرمة شربها كما هو مذهب جماعة أخرى، لاستخباثها ففي جواز بيعها قولان، من (4) عدم المنفعة المحللة المقصودة فيها

++++++++++

- كما هو المتعارف عند العطارين، فيبذل في شرائه و المعاوضة عليه الدراهم و الدنانير.

(1) الإبل الجلاّلة، و البهيمة الموطوءة مثالان لما يحرم المعاوضة على بولهما، لا أنهما مثالان للمستثنى في قوله: فيما عدا بعض أفراده.

و لا يخفى: أن ذكر الإبل الجلاّلة إنما هو للمثال، و إلا فكل جلاّل من الأنعام الثلاثة حكمه كذلك.

و الكلام في البهيمة الموطوءة أيضا كذلك. و لا يخفى أيضا: أن حرمة الإبل الجلاّلة، و البهيمة الموطوءة حرمة عرضية، لا ذاتية، لأنهما في الأصل قبل أكل العذرة في الجلاّلة، و قبل الوطي في الموطوءة محللتان تجوز المعاوضة عليهما، لكن بسبب العارض و هو الأكل، أو الوطي حرمت المعاوضة عليهما، كما حرمت على الكلب و الخنزير حرمة ذاتية.

(2) أي طهارة أبوال ما يؤكل لحمه.

(3) جواب للشرط المتقدم في قوله رحمه اللّه: (إن قلنا بجواز شربها اختيارا).

(4) دليل لعدم جواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه، مع الحكم بطهارة تلك الأبوال

ص: 58

و المنفعة (1) النادرة لو جوّزت المعاوضة لزم منه جواز معاوضة كل شيء.

و التداوي (2) بها لبعض الأوجاع لا يوجب قياسه على الأدوية و العقاقير، لأنه يوجب قياس كل شيء عليها (3) للانتفاع به في بعض الأوقات، و من أن (4) المنفعة الظاهرة و لو عند الضرورة المسوغة للشرب (5)

++++++++++

(1) دفع وهم. حاصل الوهم: أن للأبوال منافع نادرة في بعض الأحيان و هذه المنافع هي الموجبة لجواز بيعها.

فأجاب (الشيخ) رحمه اللّه عن الوهم بما حاصله: أن المنفعة النادرة لو كانت مجوزة للبيع لسرى هذا الملاك في كل شيء محرم بيعه و لجاز المعاوضة عليه اذا كان فيه منفعة نادرة محلّلة و لو منفعة ما، لأنه ما من شيء إلا و له منفعة نادرة محلّلة.

(2) دفع وهم آخر. حاصل الوهم: أن أبوال ما يؤكل لحمه قد يتداوى بها في بعض الأحيان كالأدوية و العقاقير فكما أن المعالجة بالأدوية و العقاقير موجبة لجواز بيعها و المعاوضة عليها، كذلك فيما نحن فيه، فإن هذا التداوي موجب لجواز بيع الأبوال، و المعاوضة عليها.

فأجاب (الشيخ) رحمه اللّه بما حاصله: إن وجود منفعة نادرة في الأبوال في بعض الأحيان لا يوجب قياسها على الأدوية و العقاقير التي منافعها مخصوصة بصورة الاضطرار، لأنه لو جاز هذا القياس لم يبق شيء يحرم بيعه بعد إمكان فرض منفعة و لو كانت نادرة في كل شيء على الإطلاق.

(3) أي على الأدوية و العقاقير لو قلنا بالتداوي بالأبوال في بعض الأحيان.

(4) دليل لجواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه، مع الحكم بطهارة تلك الأبوال.

(5) كما إذا انحصر العلاج في دفع المرض بأبوال ما يؤكل لحمه -

ص: 59

كافية في جواز البيع.

و الفرق (1) بينها، و بين ذي المنفعة الغير المقصودة: حكم العرف بأنه لا منفعة فيه، و سيجيء الكلام في ضابطة المنفعة المسوغة للبيع

نعم (2) يمكن أن يقال: إن قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه

++++++++++

- أو توقفت حياة الانسان على شربها كما لو لم يوجد هناك ماء.

(1) مبتدأ خبره قوله: حكم العرف به.

دفع وهم حاصل الوهم: أنه ما الفرق بين هذه الأبوال التي لها منفعة ظاهرة و لو عند الضرورة فيحكم بجواز بيعها، و المعاوضة عليها.

و بين الأبوال التي لها منافع غير مقصودة فلا يحكم بجواز بيعها، و صحة المعاوضة عليها.

فأجاب (الشيخ) رحمه اللّه: أن الفارق بين هذه و تلك: نظر العرف، حيث يرى منفعة العقاقير و البول التي هي مخصوصة بحالة الاضطرار: منفعة ظاهرة مقصودة عقلائية، و لا يرى في تلك المنفعة منفعة ظاهرة مقصودة للشيء بقول مطلق.

و مرجع الضمير في (بينها): أبوال ما يؤكل لحمه التي يجوز بيعها و صحة المعاوضة عليها.

(2) استدراك عما أفاده (شيخنا الأنصاري) رحمه اللّه في جواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه إن قلنا بجواز شربها اختيارا.

خلاصة الاستدراك: أن الحديث الوارد عن النبي صلى اللّه عليه و آله (إن اللّه إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه) المذكور في (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 426 الحديث 2، و الحديث المذكور في (دعائم الاسلام) المشار إليه في الهامش 4 ص 52 في قوله عليه السلام: و ما كان محرّما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه و لا شراؤه: يدلان على أن القاعدة في المنع عن بيع -

ص: 60

إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه (1). و كذلك الخبر المتقدم عن دعائم الإسلام (2) يدل على أن ضابطة المنع تحريم الشيء اختيارا، و إلا فلا حرام إلا و هو محلل عند الضرورة، و المفروض حرمة شرب الأبوال اختيارا و المنافع الأخر غير الشرب لا يعبأ بها جدا فلا ينتقض بالطين (3) المحرّم أكله، فان المنافع الأخر للطين أهم و أعم من منفعة الأكل المحرم.

++++++++++

- الشيء: هو تحريم بيع ما يحرم في حالة الاختيار، لا في حالة الاضطرار و لا كلام في جواز شربه في هذه الحالة، و إنما يحرم شرب هذه الأبوال اختيارا، فإذا حرم استعمال الشيء اختيارا حرمت المعاوضة عليه مطلقا.

لا يقال: إن لأبوال ما يؤكل لحمه منافع أخر غير الشرب كالتداوي بها. فهذه المنافع هي الموجبة لجواز بيعها، و المعاوضة عليها.

فإنه يقال: إن هذه المنافع المزعومة لا تعد منافع، بل منافعها الشرب فحسب، لأن منفعة كل شيء بحسبه

(1) المشار إليه في الهامش 1 ص 53.

(2) المشار إليه في الهامش 4 ص 52.

(3) دفع وهم حاصل الوهم: أن الطين مما يحرم أكله، و لكن يجوز بيعه و المعاوضة عليه، لوجود منافع أخرى فيه.

فهذه المنافع هي التي أوجبت جواز بيعه، فالملاك بعينه موجود في هذه الأبوال فلم لا يجوز بيعها، و المعاوضة عليها.

فأجاب (الشيخ) رحمه اللّه بما حاصله: إن الأكل ليس من المنافع المهمة و الغالبة في الطين، بل الأكل لا يعد من منافعه أصلا، و إنما منافعه المهمة: كونه من المواد البنائية.

إذا لا تنتقض الأبوال بالطين فهي باقية على حرمة بيعها، و عدم جواز المعاوضة عليها.

ص: 61

بل لا يعد الأكل من منافع الطين فالنبوي (1) دال على أنه إذا حرّم اللّه شيئا بقول مطلق (2) بان قال: يحرم الشيء الفلاني (3) حرم (4) بيعه لأن تحريم عينه إما راجع إلى تحريم جميع منافعه، أو الى تحريم أهم منافعه التي يتبادر عند الاطلاق بحيث يكون غيره (5) غير مقصود منه (6).

و على التقديرين (7) يدخل الشيء (8) لأجل ذلك (9) فيما لا ينتفع به منفعة محللة مقصودة، و الطين لم يحرم كذلك (10)، بل لم يحرم إلا بعض منافعه الغير المقصودة منه و هو الأكل، بخلاف الأبوال فإنها حرمت

++++++++++

(1) المشار إليه في الهامش 1 ص 53.

(2) أي ورد التحريم فيه مطلقا، من دون أن يقيد بقيد الأكل أو الشرب، أو استعمال آخر.

بل التحريم ورد هكذا: هذا الشيء حرام فحينئذ يحرم بيعه في جميع الحالات: سواء أ كان التحريم راجعا إلى جميع منافعه أم إلى أهمها.

(3) هذه الجملة: و هو (بأن قال: يحرم الشيء الفلاني) هو التحريم المطلق في قوله: إذا حرّم اللّه شيئا بقول مطلق.

(4) جواب (إذا الشرطية) في قوله: إذا حرم اللّه شيئا.

(5) أي غير المتبادر، و المتبادر هي المنافع المهمة.

(6) أي من الإطلاق، بل المقصود هي المنافع المهمة.

(7) و هما: رجوع تحريم العين الى جميع المنافع.

أو رجوع التحريم الى أهم المنافع.

(8) و هو الشيء المحرم في قوله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه.

(9) و هو التحريم المطلق الذي لم يقيد بقيد، لا بقيد الأكل، و لا بقيد الشرب، و لا بغيرهما.

(10) أي بقول مطلق، بل إنما حرم مقيدا بالأكل كما دل عليه -

ص: 62

كذلك (1) فيكون التحريم راجعا الى شربها، و غيره (2) من المنافع في حكم العدم.

و بالجملة فالانتفاع بالشيء حال الضرورة منفعة محرمة في حال الاختيار لا يوجب جواز بيعه.

و لا ينتقض (3) أيضا بالأدوية المحرّمة في غير حال المرض لأجل

++++++++++

- النص، دون منافعه الأخر: و هي المنفعة العمرانية.

راجع (الكافي) طبعة (طهران) سنة 1379، الجزء 6 ص 265 الحديث 4. أليك نصه:

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: إن اللّه عز و جل خلق آدم من الطين فحرّم أكل الطين على ذريته.

(1) أي جميع منافعها المقصودة، و غيرها بقول مطلق كما عرفت.

(2) أي و غير الشرب من منافعها الأخرى كالتداوي، فإنها لا تعد منافع.

(3) دفع وهم حاصل الوهم: أن الأدوية المضرة للبدن يحرم شربها حالة الصحة و الاختيار، لكن يجوز شربها حالة المرض و الاضطرار فيجوز بيعها، و المعاوضة عليها في تلك الحالة، فلم لا تقولون بجواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه حالة الاضطرار، فعدم جواز بيعها منتقض بالأدوية في تلك الحالة، فإنها جائزة الاستعمال فيجوز بيعها مطلقا، نظرا لذلك.

فأجاب رحمه اللّه بما حاصله: إن جواز بيع الأدوية في تلك الحالة ليس لأجل الضرورة و اقتضائها حتى يقال بصحة بيع أبوال ما يؤكل لحمه في تلك الحالة.

بل الجواز لأجل تبدل عنوان الإضرار بعنوان النفع و الفائدة. فنفس التبدل هو الموجب لجواز بيعها في تلك الحالة، و الأبوال ليس فيها ذلك -

ص: 63

الاضرار، و لأن (1) حلية هذه في حال المرض ليست لأجل الضرورة بل لأجل تبدل عنوان الإضرار بعنوان النفع.

و مما ذكرنا (2) يظهر أن قوله عليه السلام في رواية تحف العقول المتقدمة (3) و كل شيء يكون فيه الصلاح من جهة من الجهات: يراد به جهة الصلاح الثابتة حال الاختيار، دون الضرورة.

و مما ذكرنا (4) يظهر حرمة بيع لحوم السباع، دون شحومها، فان الأول (5) من قبيل الأبوال، و الثاني (6) من قبيل الطين في عدم حرمة

++++++++++

- التبدل حتى يقال بصحة بيعها، و جواز المعاوضة عليها.

(1) جواب عن الوهم المذكور: أي حلية الأدوية المضرة حالة الصحة التي هي مقيد حال المرض.

(2) و هو انصراف حرمة الشيء بقول مطلق الى منافعه المتبادرة عند الإطلاق كما في قوله عليه السلام: إن اللّه اذا حرّم شيئا بقول مطلق حرّم ثمنه، أي جميع منافعه، سواء أ كانت في حالة الاضطرار أم في حالة الاختيار.

(3) المشار إليها في ص 24 الى 37.

(4) و هو انصراف حرمة الشيء بقول مطلق الى منافعه المتبادرة عند الإطلاق كما في قوله عليه السلام: إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه أي جميع منافعه.

(5) و هو لحوم السباع، فإنها من قبيل الأبوال، حيث إن تحريم الأبوال كان بقول مطلق.

فكذلك لحوم السباع، فإن التحريم فيها بقول مطلق أيضا.

(6) و هي شحوم السباع، فإن المحرم أكلها، دون بقية الاستعمالات الأخرى فإنها جائزة، فكما أن الطين له منافع أخرى أهم و أعم من منفعة -

ص: 64

جميع منافعها المقصودة منها.

و لا ينافيه (1) النبوي: لعن اللّه اليهود حرّمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها، لأن الظاهر أن الشحوم كانت محرّمة الانتفاع على اليهود بجميع الانتفاعات، لا كتحريم شحوم غير مأكول اللحم علينا (2). هذا (3).

و لكن (4) الموجود من النبوي في باب الأطعمة

++++++++++

- الأكل، بل الأكل كما عرفت لا يعد من منافعه.

كذلك الشحوم فإن لها منافع أخرى هي المتبادرة منها. كالتداوي و الإطلاء، و صناعة الصابون، دون الأكل.

(1) أي و لا ينافي الحديث الثامن في (مستدرك الوسائل) المجلد 2 ص 427، الباب: 6 عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله: (لعن اللّه اليهود حرّمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها): ما قلناه سابقا في الشحوم:

من أنها كالطين في حلية سائر منافعها المذكورة التي هي المتبادرة منها، دون الأكل. فعليه يجوز بيعها.

(2) حيث إن تحريم شحوم غير مأكول اللحم علينا ليس بقول مطلق حتى يشمل جميع الانتفاعات بها، بل المحرم منها بعضها: و هو الأكل، دون الاستعمالات الأخرى.

بخلاف اليهود، حيث إن التحريم عليهم كان بقول مطلق حتى الاستعمالات الأخرى.

(3) أي خذ ما تلوناه عليك: من أن تحريم الشحوم علينا ليس بقول مطلق حتى الاستعمالات الأخرى من سائر منافعها، و اجعل هذه الفائدة في بالك و خاطرك.

(4) استدراك عما أفاده (الشيخ) رحمه اللّه في الهامش 2:

من أن تحريم شحوم غير مأكول اللحم علينا ليس بقول مطلق.

ص: 65

عن الخلاف (1) إن اللّه اذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه.

و الجواب (2) عنه مع ضعفه، و عدم الجابر له سندا، و دلالة (3)

++++++++++

- خلاصة الاستدراك: أن بقية الحديث المشار إليه في الهامش 2 ص 65 المذكورة في (الخلاف) الجزء 2، كتاب الأطعمة ص 543-544 في ذيل المسألة 19: إن اللّه إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه: ينافي جواز بيع الشحوم فلا يجوز المعاوضة على بقية الانتفاعات الأخرى.

(1) أحد كتب (شيخ الطائفة) و هي موسوعة في الفقه المقارن يحتوي على ما ذهب إليه أرباب المذاهب الأربعة الإسلامية: الحنفي، الشافعي المالكي، الحنبلي.

و على فقه (أهل البيت) الذين أذهب اللّه عنهم الرجس، و مقارنته للمذاهب المذكورة مع الدليل الواضح.

(2) بالرفع مبتدأ خبره قوله: لزوم تخصيص الأكثر، أي الجواب عن الحديث المذكور المشار إليه في الهامش 1 ص 65 مع أنه ضعيف من حيث السند، لكونه مقطوعا مرسلا: لزوم تخصيص الأكثر و هو غير جائز و تأتي الإشارة إلى معنى لزوم تخصيص الأكثر في الهامش 1 ص 67.

(3) بالنصب بناء على كونه تمييزا، كما أن سندا منصوب على التمييز أي و مع ضعف الحديث من حيث الدلالة أيضا.

و اللام في لقصورها تعليل لضعف الحديث دلالة، أي و لقصور دلالة الحديث المذكور على المدعى و هي (حرمة جميع انتفاعات شحوم السباع بقول مطلق)، لأن الحديث دال على حرمة أكل الشيء، لا على حرمة جميع الانتفاعات بقول مطلق فالدليل لا يلائم المدعى، فالحديث ضعيف من حيث الدلالة أيضا.

ص: 66

و لقصورها: لزوم (1) تخصيص الأكثر.

الثاني بول الابل يجوز بيعه اجماعا

الثاني بول (2) الابل يجوز بيعه اجماعا على ما في جامع المقاصد (3) و عن إيضاح النافع (4) إما لجواز (5) شربه اختيارا كما يدل عليه قوله عليه السلام في رواية الجعفري: أبوال الابل خير من ألبانها، و إما (6)

++++++++++

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المقدم و هو قوله: و الجواب: أي الجواب عن الحديث المذكور: لزوم تخصيص الأكثر.

و معنى لزوم تخصيص الأكثر: أن العمل بالحديث المذكور مستلزم لرفع اليد عن أكثر الأشياء، حيث إن أكثر الأشياء محرم الأكل، و مع ذلك يجوز بيعه، لتسالم العرف عليه، فكيف يمكن لنا العمل بالحديث المذكور فهذا: و هو لزوم تخصيص الأكثر مما يوهن صدور الحديث بالإضافة إلى الإيرادات الواردة عليه: من كونه ضعيف السند، و ضعيف الدلالة كما عرفت.

(2) أي الفرع الثاني من الفرعين المشار إليهما في ص 58 عند قوله: فرعان

(3) فقه استدلالي مشتمل على مجلدين في (شرح قواعد الأحكام) أما المؤلف فيأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) أحد الكتب الفقهية في شرح (المختصر النافع).

يأتي شرح حياة المؤلف في (أعلام المكاسب).

(5) أي جواز بيع بول الإبل إما لأجل جواز شربه اختيارا بدلالة رواية الجعفري: (أبوال الإبل خير من ألبانها).

راجع (وسائل الشيعة) الطبعة الجديدة. الجزء 17. ص 87. الحديث 3.

(6) هذا هو الشق الثاني لجواز بيع بول الإبل، أي جواز بيع بول -

ص: 67

لأجل الإجماع المنقول لو قلنا بعدم جواز شربها، إلا لضرورة الاستشفاء كما يدل عليه رواية سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بول الإبل و البقر و الغنم ينتفع به من الوجع هل يجوز أن يشرب؟

قال: نعم لا بأس به (1).

و موثقة (2) عمار عن بول البقر يشربه الرجل، قال: إن كان محتاجا إليه يتداوى بشربه فلا بأس، و كذلك بول الإبل و الغنم.

لكن (3) الإنصاف أنه لو قلنا بحرمة شربه اختيارا أشكل الحكم

++++++++++

الإبل إما لأجل الإجماع المنقول إن قلنا بعدم جواز شرب أبوال الإبل إلا لضرورة الاستشفاء كما يدل على جواز الشرب لضرورة الاستشفاء قوله عليه السلام: (نعم لا بأس به) في جواب السائل عن بول الإبل و البقر و الغنم و أنه ينتفع به من الوجع: هل يجوز له أن يشرب؟

(1) نفس المصدر. ص 88. الحديث 7.

(2) أي و يدل على عدم جواز شرب أبوال الإبل اختيارا أيضا قوله عليه السلام في رواية عمار: إن كان محتاجا إليه يتداوى به يشربه و كذلك أبوال الإبل و الغنم.

راجع نفس المصدر. ص 87. الحديث 1.

(3) لما كان مستند جواز بيع أبوال الإبل هي الأخبار الواردة في جواز شربها و هي مختلفة.

إذ بعضها يدل على جواز شربها حالة الاختيار كما في رواية الجعفري المشار إليها في الهامش 5 ص 67.

و بعضها يدل على جواز الشرب حالة الاضطرار فقط كما في رواية سماعة المشار إليها في الهامش 1: و موثقة عمار المشار إليها في الهامش 2 -

ص: 68

بالجواز (1) إن لم يكن اجماعيا كما يظهر من مخالفة العلامة (2) في النهاية و ابن سعيد (3) في النزهة.

قال في النهاية: و كذلك البول يعني يحرم بيعه و ان كان طاهرا للاستخباث (4) كأبوال البقر و الابل، و ان انتفع به في شربه للدواء، لأنه (5) منفعة جزئية نادرة فلا يعتد به انتهى (6).

++++++++++

- أفاد (الشيخ) قدس سره: أنه بناء على القول بجواز شرب أبوال الإبل حالة الاضطرار فقط: يشكل الحكم بجواز بيع الأبوال مطلقا حالة الاضطرار و الاختيار.

هذا أي عدم جواز البيع مطلقا إذا لم يكن هناك إجماع في البين على جواز البيع حتى في حالة الاختيار.

و قد أفاد (العلامة) قدس سره في (النهاية)، و ابن سعيد في النزهة مخالفتهما للإجماع.

(1) أي بجواز بيع أبوال الابل.

(2) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) تعليل لحرمة بيع أبوال الابل و البقر و الغنم، أي حرمة البيع لأجل خباثته.

(5) تعليل لقوله: و إن انتفع به في شربه للدواء، أي هذه المنفعة نادرة فلا يعتد بها.

(6) أي ما أفاده (العلامة) رحمه اللّه في النهاية.

ص: 69

أقول: بل لأن المنفعة المحللة للاضطرار و ان كانت كلية لا تسوّغ (1) البيع كما عرفت (2).

المسألة الثانية يحرم بيع العذرة النجسة من كل حيوان على المشهور

الثانية (3) يحرم بيع العذرة النجسة من كل حيوان على المشهور بل في التذكرة (4)

++++++++++

(1) هذه الجملة: (لا تسوّغ البيع) مرفوعة محلا خبر لأن في قوله: بل لأن المنفعة المحللة للاضطرار.

(2) في الهامش 1 ص 59 عند قوله: و المنفعة النادرة لو جوزت المعاوضة.

(3) اي المسألة الثانية من المسائل الثمان.

(4) موسوعة كبيرة في الفقه المقارن على المذاهب الخمسة: الحنفي و الشافعي، و المالكي، و الحنبلي، و الجعفري (للعلامة الحلي) قدس اللّه روحه طبع الكتاب في (ايران) على الحجر.

و قد وفقنا اللّه تبارك و تعالى لطباعتها أخيرا في (النجف الأشرف) (مطبعة النجف) على الحروف طباعة أنيقة جميلة بديعة مع التحقيقات و التعليقات و رتبناه على أربعين جزء حسب تجزئتنا و قد صدر منها ستة أجزاء في قسمين:

القسم الأول في ثلاثة أجزاء.

و القسم الثاني في ثلاثة أجزاء أيضا.

لكن إقدامى على بناية (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) إن شاء اللّه تعالى، ثم القيام بإدارة شئونها بعد الافتتاح لحد التاريخ: منعاني عن إكمال بقية أجزائها.

و لعل المولى القدير عز و جل بفضله و كرمه وجوده يمن عليّ فيوفقني في القريب العاجل بتصحيح ما تبقى من الأجزاء فعرضها على الطباعة، ثم تقديمها الى رواد العلم و طلابه.

ص: 70

كما عن الخلاف (1) الاجماع على تحريم بيع السرجين النجس.

و يدل عليه (2) مضافا الى ما تقدم من الأخبار (3) رواية يعقوب ابن شعيب: ثمن العذرة من السحت (4).

نعم في رواية محمد بن المصادف لا بأس ببيع العذرة (5).

و جمع الشيخ بينهما (6)

++++++++++

- فبهذه الخدمة الإنسانية، و المشروع المقدس نحيي تراثنا الخالد، و كنوزنا الفكرية الأثرية في هذا العصر المتطلع للعلم حتى نقدمه للمجتمع الإسلامي ليعرف أبناء زماننا ما خلفه لنا السلف الصالح من روائع الآثار، و بدائع الأفكار، و ليس ذلك على اللّه بعزيز.

(1) مر شرح الكتاب في الهامش 24 من ص 5.

(2) اي على تحريم بيع العذرة النجسة

(3) و هو الحديث المروي عن (تحف العقول) المشار إليه في الهامش 24-37.

و الحديث المروي عن (دعائم الاسلام) المشار إليه في الهامش 4 ص 52

و الحديث النبوي المشار إليه في الهامش 1 ص 53.

(4) (وسائل الشيعة) الطبعة الجديدة. الجزء 12 ص 126 الباب 40 الحديث 1.

(5) نفس المصدر ص 126-127 الحديث 3.

(6) اي بين الحديثين المختلفين نفيا و إثباتا.

و هما: رواية (يعقوب بن شعيب) المشار إليها في الهامش 4 الدالة على حرمة بيع العذرة.

و رواية (محمد بن المصادف) المشار إليها في الهامش 5. الدالة على جواز بيع العذرة.

ص: 71

بحمل الأول (1) على عذرة الانسان، و الثاني (2) على عذرة البهائم و لعله (3) لأن الأول نص في عذرة الانسان، ظاهر في غيرها، بعكس الخبر الثاني (4) فيطرح ظاهر كل منهما (5) بنص الآخر.

و يقرب هذا الجمع (6) رواية سماعة قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر عن بيع العذرة فقال: إني رجل أبيع العذرة فما تقول؟ قال: حرام بيعها و ثمنها (7).

++++++++++

- و هاتان الروايتان واردتان في موضوع واحد: و هي العذرة، و حكمها مختلف، إذ في احدهما: المنع، و في الثانية: الجواز.

(1) اي الحديث الأول المشار إليه في الهامش 1 ص 71.

(2) اي و بحمل الحديث الثاني المشار إليه في الهامش 5 ص 71.

(3) اي و لعل وجه حمل (شيخ الطائفة) الحديثين المشار إليهما في الهامش 4-5 من ص 71 بحمل احدهما على عذرة الانسان،

و بحمل الاخر على عذرة البهائم: إنما كان لاجل صراحة الحديث الأول في عذرة الانسان، و ظهوره في عذرة البهائم.

فلهذا حرم بيعها و ثمنها.

و صراحة الحديث الثاني في عذرة البهائم، و ظهوره في عذرة الانسان، فلهذا جوز بيعها، و حلّ ثمنها.

(4) و هو المشار إليه في الهامش 5 ص 71، حيث إنه صريح في عذرة البهائم، و ظاهر في عذرة الانسان كما عرفت في الهامش 3.

(5) اي و من الحديثين المشار إليهما في الهامش 4-5 من ص 71.

(6) و هو جمع (شيخ الطائفة) الذي كان جمعا دلاليا من طرح ظاهر كل منهما بنص الآخر كما عرفت في الهامش 3.

(7) نفس المصدر ص 126 الحديث 2.

ص: 72

و قال: لا بأس ببيع العذرة (1)، فان الجمع بين الحكمين (2) في كلام واحد (3) لمخاطب واحد يدل على أن تعارض الأولين (4) ليس إلا من حيث الدلالة (5) فلا يرجع

++++++++++

(1) المصدر السابق، الحديث 2.

(2) و هما: النفي و الإثبات في قوله عليه السلام: حرام بيعها و ثمنها و لا بأس ببيع العذرة.

(3) أي متكلم واحد و هو الامام عليه السلام، حيث أفاد في مجلس واحد لمخاطب واحد حكمين متناقضين: النفي و الإثبات في قوله عليه السلام:

حرام بيعها و ثمنها، و لا بأس ببيع العذرة.

(4) و هما: الحديث الأول المشار إليه في الهامش 4 ص 71 في قوله عليه السلام: ثمن العذرة سحت، و الحديث الثاني المشار إليه في الهامش 5 ص 71 في قوله عليه السلام: لا بأس ببيع العذرة.

(5) و هو الجمع بين النفي و الاثبات.

و حاصل كلام الشيخ: إن اشتمال الكلام على حكمين متناقضين جامعين بين النفي و الاثبات كما في الهامش 7 ص 72 و ص 73 مع صدورهما من متكلم واحد لمخاطب واحد في موضوع واحد: يدل على أن تعارض الحديثين المشار إليهما في الهامش 4، 5 ص 71 من باب تعارض الدلالة، و هو الجمع بين النفي و الاثبات، فلا بد من العلاج فيهما بطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر كما ذكرناه في الهامش 3 ص 72، لتقدم الجمع الدلالي على المرجحات الخارجية، أو السندية، أو الجهتية، لأن العمل به مستلزم للجمع بين الخبرين، بخلاف الرجوع الى المرجحات، فان العمل بها موجب لطرح أحد الخبرين.

و المراد من المرجحات السندية: ما اذا كان رجال أحد الخبرين -

ص: 73

فيه (1) الى المرجحات السندية، أو المرجحات الخارجية، و به (2) يدفع ما يقال: من (3) أن العلاج في الخبرين المتنافيين على وجه التباين الكلي (4) هو الرجوع الى المرجحات الخارجية، ثم التخيير (5)، أو التوقف (6)

++++++++++

- أعدل، أو أوثق من الآخر.

و من المرجحات الخارجية: القرائن الدالة على أن أحد الخبرين صادر عن (الامام) عليه السلام.

و من المرجحات الجهتية: هو العلم بصدور أحدهما تقية فلا يؤخذ به دون الآخر كما أفاده بعض الأجلة.

(1) أي في مثل هذا التعارض كما عرفت في الهامش 4، 5 ص 71.

(2) أي و بورود النفي و الإثبات في الحديث الواحد من متكلم واحد لمخاطب واحد. في موضوع واحد كما في رواية سماعة المشار إليها في الهامش 7 ص 72 يدفع ما يقال.

(3) من بيانية بيان للقيل.

(4) و هو المشتمل على النفي و الإثبات كما عرفت في الهامش 7 ص 72، و الهامش 1 ص 73.

(5) المراد من التخيير: هو الأخذ بمضمون أحد الحديثين المتعارضين إذا كانت المرجحات المذكورة متساوية. فحينئذ ليس له الرجوع إلى الآخر بعد الأخذ بأحدهما.

هذا إذا كان التخيير ابتدائيا بمعنى عدم الرجوع إلى أحدهما ثانيا بعد اختيار أحدهما ابتداء.

و أما إذا لم يكن التخيير ابتدائيا فيمكن أن يكون التخيير استمراريا حدوثا و بقاء.

(6) و هو عدم العمل بأي الخبرين.

ص: 74

لا إلغاء ظهور كل منهما (1)، و لهذا (2) طعن على من جمع بين الأمر و النهي بحمل الأمر على الإباحة، و النهي على الكراهة.

و احتمل السبزواري (3) حمل خبر المنع (4) على الكراهة.

و فيه (5) ما لا يخفى من البعد، و أبعد منه (6) ما عن المجلسي (7):

من احتمال حمل خبر المنع على بلاد لا ينتفع به (8)، و الجواز

++++++++++

(1) أي كل من الخبرين المتعارضين بنص الآخر كما أفاده الشيخ رحمه اللّه في الجمع الدلالي.

بل الرجوع إلى المرجحات الخارجية من السندية، أو الجهتية.

(2) أي و لأجل أن المرجع في مثل هذا التعارض: هي المرجحات الخارجية، لا الجمع الدلالي - طعن هذا القائل بالرجوع إلى المرجحات الخارجية: على من جمع بين الأمر و النهي الواردين في كلام واحد: بحمل الأمر على الاباحة، و النهي على الكراهة: بأنه لا مجال لهذا الجمع بعد إمكانه بينهما بالرجوع الى المرجحات الخارجية.

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) أي حديث منع بيع العذرة في قوله عليه السلام: ثمن العذرة سحت المشار إليها في الهامش 4 ص 71.

(5) أي في حمل (المحقق السبزواري) رحمه اللّه حديث المنع على الكراهة ما لا يخفى من البعد.

وجه البعد: أن كلمة (سحت) صريحة في الحرمة فلا مجال لحملها على الكراهة.

(6) أي من احتمال (المحقق السبزواري).

(7) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(8) الظاهر رجوع الضمير الى (العذرة) و هي مؤنثة فلا وجه -

ص: 75

على غيرها (1).

و نحوه (2) حمل خبر المنع على التقية، لكونه مذهب أكثر العامة (3)

++++++++++

لتذكيره، و فعل السهو من النساخ.

(1) أي و حمل أخبار الجواز على البلاد التي ينتفع بها.

وجه الأبعدية: أن ظاهر هذا القول التبعيض في الأحكام، لأن الحكم بجواز بيع العذرة في مدينة، و عدم جوازه في الأخرى موجب لتبعيض الأحكام: و هو غير جائز، إذ الأحكام مشتركة بين الكل.

(2) أي و نحو قول (شيخنا العلامة المجلسي) رحمه اللّه في البعد أو الأبعدية: هذا القول.

وجه البعد أو الأبعدية: وجود قول في بيع عذرة الانسان عن (إخواننا السنة) و إن كان القول نادرا، و هذا كاف لنا في المنع من الحمل على التقية، أو تضعيف الحمل عليها.

(3) راجع (الفقه على المذاهب الأربعة) الطبعة الخامسة الجزء 2 ص 232. إليك نص العبارة.

الحنفية قالوا: لا يصح بيع الخمر و الخنزير و الدم الى قوله: و لا ينعقد بيع العذرة فإذا باعها كان البيع باطلا إلا إذا خلطها بالتراب فإنه يجوز بيعها إذا كان لها قيمة مالية كأن صارت سباخا(1) انتهى ما في المصدر.

(و للشيخ الأنصاري) قدس سره رسالة في التقية ملحقة (بالمكاسب) نطبعها إن شاء اللّه تعالى مع (المكاسب) فهناك نتكلم حول الموضوع.ر.

ص: 76


1- بكسر السين وزان كلاب من سبخ يسبخ من باب تعب يتعب جمعه سبخات. وزان كلمة و كلمات. و هي الأرض المالحة يعلوها الملوحة، و لا تكاد تنبت إلا بعض الأشجار.

و الأظهر ما ذكره الشيخ رحمه اللّه (1) لو اريد التبرع (2) بالحمل لكونه (3) أولى من الطرح، و إلا فرواية الجواز (4) لا يجوز الأخذ بها من وجوه لا تخفى (5).

ثم إن لفظ العذرة في الروايات ان قلنا: إنه ظاهر في عذرة الانسان كما حكي التصريح به عن بعض أهل اللغة (6) فثبوت الحكم (7)

++++++++++

(1) و هو الجمع الدلالي كما ذهب إليه (شيخ الطائفة) رحمه اللّه من طرح ظاهر كل من الحديثين المتعارضين بنص الآخر.

(2) المراد من الحمل التبرعي: هو عدم وجود شاهد عليه من الأخبار.

(3) أي الحمل التبرعي، لأنه اذا دار الأمر بين طرح الحديثين المتعارضين، و بين الجمع بينهما متبرعا. فالجمع أولى من الطرح.

(4) و هي المروية عن (محمد بن مصادف) المشار إليه في الهامش 5 ص 71.

(5) (الأول) مخالفة الشهرة في الرواية.

(الثاني): مخالفة الشهرة في الفتوى.

(الثالث): عدم التكافؤ في السند.

(6) لم نعثر على تصريح من أهل اللغة في الكتب التي بأيدينا من لسان العرب، و تاج العروس، و نهاية ابن الأثير، و صحاح الجوهري، و مجمع البحرين، و القاموس، و متن اللغة، و مصباح اللغة: باختصاص العذرة بعذرة الانسان، و لذا قال (شيخنا الأنصاري): كما حكي التصريح به عن بعض أهل اللغة فأتى بلفظ المجهول و الحكاية.

نعم إن المتبادر من العذرة عرفا هي عذرة الانسان، و التبادر علامة الحقيقة.

(7) و هو عدم جواز بيع العذرة النجسة في غير عذرة الانسان.

ص: 77

في غيرها بالأخبار العامة المتقدمة (1)، و بالإجماع المتقدم (2) على السرجين النجس.

و استشكل في الكفاية في الحكم (3) تبعا للمقدس الأردبيلي (4) رحمه اللّه إن لم يثبت الإجماع (5): و هو (6) حسن، الا أن الإجماع

++++++++++

(1) و هي رواية (تحف العقول) المشار إليها في ص 24-37 من ص 2 في قوله عليه السلام: أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام.

و رواية (فقه الرضا) عليه السلام المشار إليها في الهامش 5 من ص 5 في قوله عليه السلام:

و كل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله و شربه و لبسه.

و رواية (دعائم الإسلام) المشار إليها في الهامش 8 من ص 5 في قوله عليه السلام: و ما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه و لا شراؤه.

و الخبر النبوي المشهور المشار إليه في الهامش 9 من ص 5 في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه.

(2) في قول (المصنف): كما عن الخلاف الإجماع على تحريم بيع السرجين النجس.

(3) و هي حرمة بيع العذرة النجسة.

(4) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(5) أي ان ثبت الإجماع على حرمة بيع العذرة فلا اشكال، و ان لم يثبت فالأخبار المتقدمة المذكورة الدالة على حرمة البيع ضعيفة يكون الحكم معها مشكلا.

(6) أي التشكيك في الحكم من (المحقق السبزواري) حسن لضعف الأخبار المستدل بها على حرمة بيع العذرة النجسة كما عرفت.

ص: 78

المنقول (1) هو الجابر لضعف سند الأخبار العامة السابقة (2).

و ربما يستظهر من عبارة الاستبصار (3) القول بجواز بيع عذرة ما عدا الانسان (4) و فيه نظر (5).

++++++++++

(1) و هو المنقول عن (تذكرة الفقهاء) المنقول عن (الخلاف) لأنه مؤيد لمضمون الأخبار الضعيفة فيكون عندنا دليلان:

احدهما: الأخبار المذكورة.

ثانيهما: الإجماع المنقول عن التذكرة فاحدهما يكون مسندا للآخر.

و لا يخفى: أن الصالح لجبر الرواية الضعيفة: الشهرة العملية و هذا على خلاف فيه.

و أما الشهرة الفتوائية، أو الإجماع المنقول فلا جبران لها، لأن الاجماع المنقول ليس إلا الحكاية عن هذه الشهرة، و هو ليس بحجة لوجوه مذكورة في محلها فراجعها هناك.

اذا كيف يمكن ضم ما ليس بحجة الى ما ليس بحجة.

(2) و هي المشار إليها في الهامش 1 ص 78.

(3) راجع (الاستبصار) طبعة (النجف الاشرف) عام 1376 الجزء 3 ص 56 باب النهي عن بيع العذرة

(4) و ان كانت نجسة

(5) اي فيما استظهره الشيخ في الاستبصار نظر:

وجه النظر: أن المراد من عذرة غير الانسان التي حمل الشيخ رواية الجواز عليها: هي عذرة ما يؤكل لحمه فقط فلا يعم عذرة غير الماكول من سائر الحيوانات، و لو كان لكلامه اطلاق يشمل حتى غير المأكول اللحم فتصريحه في التهذيب و المبسوط و الخلاف بجواز بيع عذرة البهائم من الابل و البقر و الغنم تارة، و عدم جواز بيع العذرة و سرجين ما لا يؤكل -

ص: 79

فرع الأقوى جواز بيع الأرواث الطاهرة التي ينتفع بها منفعة محللة مقصودة (1).

و عن الخلاف (2) نفي الخلاف فيه.

و حكي أيضا عن المرتضى رحمه اللّه الاجماع عليه (3).

و عن المفيد (4) حرمة بيع العذرة و الأبوال كلها إلا بول الابل.

و حكي عن سلار (5) أيضا، و لا أعرف مستندا لذلك (6) إلا دعوى أن تحريم الخبائث في قوله تعالى: وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبٰائِثَ (7) يشمل تحريم بيعها (8)،

++++++++++

- لحمه: قرينة على إرادة المقيد من المطلق فحينئذ لا مجال للاستظهار المذكور لجواز بيع عذرة غير الانسان مطلقا حتى غير مأكول اللحم.

و فيما أفاده (شيخنا الأعظم) نظر، لأن المتبادر من العذرة: عذرة الانسان، و التبادر مانع من إرادة العموم منها حتى عذرة الحيوانات:

في الأخبار الواردة.

كما أن المتيقن من مورد الاجماع الدال على حرمة بيع العذرة: هي عذرة الانسان.

(1) كالطبخ. و الخبز، و التسميد في الزرع و الشجر.

(2) أي كتاب (الخلاف) ففيه يجوز بيع الأرواث الطاهرة.

(3) أي على جواز بيع الأرواث الطاهرة.

(4) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(5) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(6) أي لتحريم بيع العذرة و الأبوال كلها حتى الطاهرة.

(7) الأعراف: الآية 157.

(8) أي بيع الأرواث الطاهرة بجميع استعمالاتها.

ص: 80

و قوله (1) عليه الصلاة و السلام: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه و ما تقدم (2) من رواية دعائم الاسلام و غيرها (3).

و يرد على الأول (4) أن المراد بقرينة مقابلته (5) لقوله تعالى:

يُحِلُّ لَهُمُ اَلطَّيِّبٰاتِ (6): الاكل، لا مطلق الانتفاع، و في النبوي (7) و غيره

++++++++++

(1) بالنصب عطفا على المستثنى في قول (المصنف): إلا دعوى أي و إلا قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه المتقدم.

في الهامش 2 من ص 60-61، حيث إن تحريم الأكل يستلزم حرمة البيع.

(2) منصوب محلا عطفا على المستثنى في قول المصنف: إلا دعوى أي و إلا ما تقدم من رواية دعائم الاسلام المشار إليها في ص 52 في قوله عليه السلام: و ما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه و لا شراؤه.

(3) بالجر عطفا على مدخول (من الجارة) أي و من غير رواية دعائم الاسلام و هي رواية (فقه الرضا) عليه السلام المشار إليه في ص 52 في قوله عليه السلام: و كل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله و شربه و لبسه.

(4) و هو الاستدلال بالآية الشريفة المذكورة في ص 80 الدالة على تحريم الخبائث.

(5) اي مقابلة تحريم الخبائث: هو تحريم الاكل، لا مطلق الانتفاعات، لقرينة الآية المقابلة لها: يُحِلُّ لَهُمُ اَلطَّيِّبٰاتِ ، حيث إن المراد من حلية الطيبات: حلية اكلها

(6) الأعراف: الآية 157.

(7) اي و يرد على الرواية المشار إليها في الهامش 1.

و على غيرها و هي الرواية المشار إليها في الهامش 3 ص 52

و على الرواية المشار إليها في الهامش 2-3

ص: 81

ما عرفت من أن الموجب لحرمة الثمن حرمة عين الشيء بحيث يدل على تحريم جميع منافعه، أو المنافع المقصودة الغالبة، و منفعة الروث ليست هي الأكل المحرم فهو كالطين المحرم كما عرفت سابقا (1).

المسألة الثالثة يحرم المعاوضة على الدم بلا خلاف

الثالثة (2) يحرم المعاوضة (3) على الدم بلا خلاف: بل عن النهاية (4) و حاشية الارشاد لفخر الدين، و التنقيح: الإجماع عليه (5) و يدل عليه الأخبار السابقة (6).

فرع و أما الدم الطاهر اذا فرضت له منفعة محللة (7)

++++++++++

(1) في ص 61 عند قول المصنف: فلا ينتقض بالطين المحرم أكله.

(2) اي المسألة الثالثة من المسائل الثمان.

(3) المعاوضة اعم من البيع و الصلح، و الهبة المعوضة

(4) كتاب في (الفقه الجعفري) (لشيخ الطائفة) طبع أخيرا على الحروف في (بيروت) طباعة دار الكتاب العربي عام 1390 ه في مجلد واحد

(5) أي على حرمة المعاوضة على الدم.

لا يخفى أن المتيقن من الإجماع القائم على حرمة المعاوضة: هو الدم النجس.

(6) المشار إليها في حديث (تحف العقول) ص 23-33 و في فقه (الرضا) المشار إليه في ص 52، و في (دعائم الاسلام) المشار إليه في ص 52، و النبوي المشار إليه في ص 53.

(7) مبني على عدم المالية لما لا منفعة له كحبة الحنطة مثلا.

و يبقى الكلام في حق الاختصاص لهذه المالية التي لا منفعة له.

فإن قلنا ببقائه، و جواز التنازل عنه بالعوض المعين، و قلنا:

ص: 82

كالصبغ (1) لو قلنا بجوازه (2) ففي جواز بيعه وجهان أقواهما: الجواز لأنها عين طاهرة ينتفع بها منفعة محللة.

و أما مرفوعة الواسطي المتضمنة لمرور أمير المؤمنين عليه السلام بالقصابين و نهيهم عن بيع سبعة: بيع الدم و الغدد و آذان الفؤاد و الطحال الى آخرها (3)

++++++++++

إن التنازل بالعوض يعد معاوضة فلا شك في جعله عوضا و معوضا، و ثمنا و مثمنا في المبيع، لأنه كسائر الحقوق الاختصاصية التي يجوز المعاوضة عليها (كالسرقفلي) الذي أفتى بجواز المعاوضة عليه بعض المراجع من الآيات العظام في عصرنا الحاضر، و فيه رواية تأتي الإشارة إليها.

(1) بفتح الصاد و سكون الباء مصدر صبغ يصبغ بالحركات الثلاث:

وزان منع يمنع، و ضرب يضرب، و نصر ينصر، و المراد منه: تلوين الثوب أو الجدار أو الخشب أو الكراسي أو البساط.

(2) أي بجواز الصبغ بالدم الطاهر.

الظاهر عدم الفائدة لهذا القيد و هو قوله: (لو قلنا بجوازه) لأن التشكيك في الجواز انما هو في الدم النجس، لا الطاهر، فإنه لا كلام في جواز المعاوضة عليه. إلا عن بعض و هو العلامة طاب ثراه كما يأتي التصريح منه في المتن.

(3) أي إلى آخر المرفوعة راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 437 الباب 31 من أبواب الأطعمة المحرمة - الحديث 2.

أليك نص الحديث:

عن (يحيى الواسطي) رفعه الى مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

قال: مر (أمير المؤمنين) عليه السلام بالقصابين فنهاهم عن بيع -

ص: 83

فالظاهر إرادة حرمة البيع للأكل (1)، و لا شك في تحريمه (2)، لما سيجيء

++++++++++

- سبعة أشياء: نهاهم عن بيع الدم، و الغدد(1)، و آذان الفؤاد(2)و الطحال(3) و النخاع(4)، و الخصي(5)، و القضيب(6).

(1) لا لسائر الانتفاعات الأخر.

(2) أي في تحريم البيع للأكل خاصة.ن.

ص: 84


1- بضم الغين. و فتح الدال الأولى: جمع غدة بضم الغين و فتح الدال المشددة: و هي القطعة من اللحم الصلبة بين الجلد و اللحم. و في عرف الأطباء: جهاز يفرز سائلا ينقي الدم و يصلحه.
2- بفتح الألف الممدودة: جمع أذن بضم الهمزة و سكون الذال أو ضمها: جزء من أجزاء القلب في جوف الحيوان. و الفؤاد هو القلب: جمعه أفئدة أضيف الآذان الى الفؤاد، حيث إنه جزء منه.
3- بكسر الطاء وزان كتاب: غدة إسفنجية خلقت في جوف الانسان و الحيوان على جانب اليسار: جمعه أطحلة بفتح الهمزة و سكون الطاء و كسر الحاء، و طحل بضم الطاء و الحاء، و طحالات بكسر الطاء.
4- مثلثة النون نخاع نخاع نخاع: مادة بيضاء تمتد من أعلى الرقبة الى انتهاء الظهر داخل الفقرات: جمعه نخع وزان فعل بضم النون و الخاء و سكون العين.
5- بضم الخاء: جمع خصية بضم الخاء و سكون الصاد، و فتح الياء: عضو في أسافل الانسان و الحيوان، و في الحيوان يعرف ب: (البيضة) بفتح الباء و سكون الياء و فتح الضاد.
6- بفتح القاف، و كسر الضاد: آلة الذكورة في الانسان و الحيوان: جمعه قضبان.

من أن قصد المنفعة المحرمة في المبيع موجب لحرمة البيع، بل بطلانه.

و صرح (1) في التذكرة بعدم جواز بيع الدم الطاهر، لاستخباثه و لعله لعدم المنفعة الظاهرة فيه غير الأكل المحرم (2).

المسألة الرابعة لا اشكال في حرمة بيع المني لنجاسته، و عدم الانتفاع به اذا وقع في خارج الرحم

الرابعة (3) لا اشكال في حرمة بيع المني لنجاسته، و عدم الانتفاع به اذا وقع في خارج الرحم و لو وقع فيه (4) فكذلك لا ينتفع به المشتري لأن الولد نماء الأم في الحيوانات عرفا، و للأب (5) في الانسان شرعا

++++++++++

(1) أي (العلامة الحلي) قدس اللّه نفسه.

(2) و يظهر عدم المنفعة من تعليله في قوله: لاستخباثه.

و لا يخفى منع ذلك، لعدم انحصارها في الأكل.

(3) أي المسألة الرابعة من المسائل الثمان.

(4) أي و كذلك لا فائدة للمشتري في المني اذا وقع في الرحم.

(5) أي الولد نماء للأب في الانسان و تابع له شرعا، بل عرفا، لأنه يقال في العرف: إنه مني الأب.

ثم لا يخفى: أن في عصرنا الحاضر ينتفع من مني الذكور من الحيوانات بتزريقها في رحم الإناث منها فيحملن منه و هذا هو المسمى: ب (اللقاح الاصطناعي)

و هذا أمر سائغ شرعا و لا كلام فيه.

لكن الكلام في تزريق مني الانسان الأجنبي في رحم المرأة الأجنبية بطريق الإبر الموجودة في العصر الحاضر.

سواء أ كان هذا التزريق برضى من الزوج و الزوجة أم برضى أحدهما أم بعدم رضاهما.

و هذا التزريق قد أفتى الفقهاء من العصر بتحريمه.

ص: 85

..........

++++++++++

- و وجه الحرمة قوله تعالى: «وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» (1).

و قوله تعالى: «وَ اَلْحٰافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ اَلْحٰافِظٰاتِ» (2).

بناء على تعميم الملاك في حفاظة الفرج، و عدم اختصاصها بعدم المساحقة مع الأجنبية، أو بعدم الزنا، أو بأي طريق آخر يتنافى و الاحتفاظ.

و من البديهي أن إدخال مني الرجل الأجنبي في رحم المرأة الأجنبية بطريق الإبرة و ان كان برضى من الزوج: ينافي حفاظة الفرج.

ثم إن الولد المتكوّن من هذا المني قد يقال بالتحاقه بصاحب المني فيتوارثان، لعدم زناء في البين.

و قد يقال بالاحتياط من جانب إرث الولد المتكوّن من مني الأجنبي بمعنى أنه لو كان هناك أولاد صغار من صاحب المني فالمصالحة على الإرث هو الاحتياط.

و كذلك لو كان من الولد المتكوّن أولاد صغار فمات فيحتاط الرجل الأجنبي الذي تكوّن من منيه الولد في أخذ الارث من الولد: بالمصالحة مع الصغار.

و أما إرث الولد من الأم، و إرث الأم من الولد فلا كلام فيه.

و أما إرث الولد من زوج الأم، و إرث زوج الأم من الولد فلا لعدم وجود ظاهرة شرعية في البين حتى يستحقا التوارث.

و لما انجر بنا الكلام الى (اللقاح الاصطناعي) أحببت أن أذكر شطرا من كيفية تكوين الجنين في الرحم، و ما جعل اللّه الحكيم عز و جل في رحم المرأة و داخلها من البويضات، و ما خلق اللّه جل شأنه في مني الرجل من الحيوانات الحية و عددها فراجعت الأخ العزيز الأستاذ (الدكتور -5.

ص: 86


1- النور: الآية 31.
2- الأحزاب: الآية 35.

..........

++++++++++

- موسى الأسدي) حفظه اللّه فكتب لنا هذا المقال الذي ننشره: أليك نصه:

هناك فترة تتراوح بين خمسة أيام الى ثمانية أيام و التي تتوسط المدة الزمنية ما بين نهاية العادة الشهرية المنتهية عند المرأة البالغة و بداية العادة الشهرية التالية و تدعى هذه الفترة في المصطلح الطبي ب (فترة التبويض) ففي خلال هذه الفترة تتكون البويضة و تنضج في احدى مبيضي الأنثى أو في كليهما أحيانا. و بعد نضجها نضجا كاملا فتقذف في الأنبوب الواصل ما بين المبيضين و الرحم. و في هذا الأنبوب تتم عملية التلقيح.

فأثناء عملية المواقعة ما بين الرجل و المرأة. فان الرجل يقذف مادة سائلة أشبه بالمادة المخاطية في مهبل المرأة و أن كمية هذه المادة عند كل قذفة و عملية جماع تتراوح ما بين السنتيمترين الى أربعة سنتمترات مكعبة، أي ما يقارب حجم ملعقة الشاي الاعتيادية الى ملعقة كوب الحليب الاعتيادية. و هذه المادة السائلة تحتوي على عدد كبير جدا من الحيوانات المنوية يتراوح عددها من 200 مليون الى 300 مليون حيوان منوي. و هذه الحيوانات المنوية هي في حالة حركة دودية سريعة و مستمرة تسبح في هذا السائل. و بعد أن تقذف في مهبل الأنثى فانها تستمر في هذه الحركة متجهة الى عنق الرحم تتسابق مع بعضها و ان معظم هذه الحيوانات تموت في طريقها و لم يبق منها إلا عدد قليل يصل الى الأنبوب الواصل ما بين المبيض و الرحم لكي تتم عملية تلقيح البويضة الناضجة كما أسلفنا و من الجدير بالذكر أن من بين هذا العدد الهائل من الحيوانات المنوية فان حيوانا واحدا فقط يقوم بتلقيح البويضة و يدخل فيها و يمتزج مع محتوياتها لكي يتكون الجنين.

و بعد فترة زمنية تتحرك البيضة الملقحة لكي يستقر في جدار الرحم و بعد سلسلة تطورات في داخل الرحم تتكون المشيمة التي تغذي الجنين و يستمر -

ص: 87

..........

++++++++++

- بالنمو و التطور حتى الشهر التاسع من بداية التلقيح فيكون الجنين كامل النمو و جاهزا للطلق و الولادة.

هناك بعض الأمراض و العاهات التي تصيب الحيوانات المنوية للرجل مما تجعلها غير قادرة على القيام بوظيفتها المذكورة أعلاه و عملية التلقيح مما يجعل الذكر حينذاك ما يسمى (بالعقيم).

لقد اكتشف بعض الأطباء طريقة اصطناعية للتلقيح و قد سميت (بعملية التلقيح الاصطناعي). و تتم هذه العملية بجمع المادة السائلة المنوية من الرجل و زرقها بحقن خاصة في عنق الرحم للمرأة التي ترغب بتربية الأطفال. و قد نجحت هذه العملية في كثير من الحالات. و عادة تؤخذ هذه المادة من رجل آخر غير زوج المرأة الشرعي و قد حرّم الشرع الإسلامي هذه الطريقة باعتبارها عملية أشبه بالزنا و ان كانت العملية لم تتم بالمواقعة الاعتيادية بين ذلك الرجل و المرأة الذي لم يكن زوجها.

هذا و من المعلوم من الناحية الفسلجية (أي علم وظائف الأعضاء) ان عملية الجماع و المواقعة الجنسية ما بين الرجل و زوجته تكون مصحوبة بنوع خاص من الرعشة و الانفعالات العاطفية و هذه ما تسمى (بالشهوة الجنسية) التي يشترك فيها الرجل و المرأة في آن واحد و على حد سواء. و قد يعتقد البعض ان عملية تلقيح المرأة من قبل الرجل و الحمل و انجاب الطفل لا يتم إلا بوجود هذه الرعشة أو الشهوة الجنسية. غير أن عملية التلقيح الاصطناعي عبارة عن عملية علاج و تداوي تتم بحقن السائل المنوي في رحم المرأة كما تزرق أي ابرة علاجية في جسم أي انسان. و قد نجحت هذه العملية في معظم الحالات. و طبعا ان هذه العملية لا تكون مصحوبة مطلقا بأي شعور و انفعالات جنسية من قبل المرأة بتاتا. و هذا ما يؤكد لنا أن الشهوة الجنسية و شعور المرأة بهذه اللذة ليس لها أي علاقة بنجاح عملية التلقيح أو فشلها.

ص: 88

لكن الظاهر أن حكمهم بتبعية الأم (1) متفرع على عدم تملك المني و الا (2) لكان بمنزلة البذر المملوك يتبعه الزرع فالمتعين (3) التعليل بالنجاسة.

لكن قد منع بعض من نجاسته اذا دخل عن الباطن الى الباطن (4).

و قد ذكر العلامة من المحرمات بيع عسيب (5) الفحل و هو ماؤه

++++++++++

(1) أي بتبعية الولد للأم، فالمصدر مضاف الى المفعول، و الفاعل محذوف.

و لا يخفى عدم تمامية هذه الظاهرة بل يكفي في كونه نماء للأم شرعا:

حكم العرف بذلك.

(2) أي و إن كان المني يتملّك كان حكمه حكم البذر المملوك في أنه اذا زرع في ارض الغير يكون لصاحب الزرع

و لا يخفى أنه من أظهر مصاديق القياس الفاسد، ل. ن تملك الزارع الزرع إنما هو لأجل الأخبار الواردة في ذلك فلا يجوز قياس المني به.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17 ص 310. الحديث 1.

أليك نصه عن عقبة بن خالد قال: سألت (أبا عبد اللّه) عليه السلام عن رجل اتى ارض رجل فزرعها بغير اذنه حتى اذا بلغ الزرع جاء صاحب الارض فقال «زرعت بغير اذني فزرعك لي و عليّ ما أنفقت أله ذلك أم لا؟

فقال: للزارع زرعه، و لصاحب الأرض كراء ارضه.

(3) أي المتيقن من حرمة بيع المني تعليله بنجاسته، لا بعدم وجود المنفعة فيه.

(4) فبناء على هذا القول لا يصح الحكم بحرمة بيع المني اذا لم يكن هناك تعليل آخر غير التعليل بنجاسته.

(5) بفتح العين و سكون السين مصدر عسب يعسب وزان ضرب يضرب ضربا: و هو ماء الفحل قبل دخوله في رحم الانثى، سواء أ كان الفحل فرسا أم بقرا أم إبلا أم غنما.

ص: 89

قبل الاستقرار في الرحم، كما أن الملاقيح (1) هو ماؤه بعد الاستقرار كما في جامع المقاصد (2)، و عن غيره، و علل في الغنية (3) بطلان بيع ما في أصلاب الفحول: بالجهالة (4)، و عدم القدرة على التسليم (5).

++++++++++

- و يطلق العسب على نسل الفحل أيضا. يقال: قطع اللّه عسبه، اي ماءه و نسله.

و يطلق على الكراء و الاجر الذي يؤخذ من صاحب الانثى قبال هذه العملية: و هي طروقة الفحل، و ركوبه على الأنثى، و يقال للفحل: فحل الضراب. يقال: عسب الفحل الناقة يعسبها عسبا اذا طرقها و ركب عليها.

و يقال: عسب الفحل يعسبه أي اكراه، و هذه العملية: و هو اخذ الكراء تجاه الطروقة، و الركب مكروه في الأحاديث الشريفة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 77 الباب 12 الحديث 1-2-3.

(1) وزان مصابيح. مفاتيح. مكاتيب جمع منتهى الجموع: هو ماء الفحل بعد أن يدخل في رحم الانثى.

(2) موسوعة فقهية في شرح القواعد (للمحقق الكركي).

الثناء على الكتاب:

قال (صاحب الجواهر): من كان عنده (جامع المقاصد) و الوسائل، و الجواهر لا يحتاج بعدها الى كتاب آخر، للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية.

(3) موسوعة فقهية للسيد (ابي المكارم ابن زهرة الحلبي).

(4) أي بسبب جهالة المبيع كما و كيفا، مع اشتراط كون المبيع معلوما.

و لا يخفى أن معلومية كل شيء بحسبه، و معلومية المني هنا وجوده.

(5) دليل ثان على بطلان بيع المني الذي في صلب الفحل.

ص: 90

الخامسة تحرم المعاوضة على الميتة و أجزائها
اشارة

الخامسة (1) تحرم المعاوضة على الميتة و أجزائها التي تحلها الحياة من ذي النفس السائلة (2) على المعروف من مذهب الأصحاب.

و في التذكرة كما عن المنتهى (3) و التنقيح الإجماع عليه، و عن رهن الخلاف الإجماع على عدم ملكيتها.

و يدل عليه (4) مضافا الى ما تقدم من الأخبار (5): ما دل (6) على أن الميتة لا ينتفع بها، منضما (7) الى اشتراط وجود المنفعة المباحة

++++++++++

- بيان ذلك: أن البائع لا يكون قادرا على تسليم المني الى المشتري يدا بيد، مع اشتراط القدرة على التسليم في المبيع.

و قد عرفت أن تسليم كل شيء بحسبه، فتسليم المني هنا دخوله في الرحم و ليس الإعطاء يدا بيد الى المشتري هو التسليم، لأن المشتري إنما يقدم على ما يصلح للقاح، و هذا منطبق على القطرة فما فوق مما يعلم وجوده.

و الظاهر: عدم التفات (شيخنا الأنصاري) لهذا التعليل، حيث ذكره بطريق النقل.

(1) أي المسألة الخامسة من المسائل الثمان.

(2) النفس السائلة: هو الدم القوي الخارج بتدفق عن العروق عند قطعها.

(3) موسوعة فقهية «للعلامة الحلي» قدس اللّه روحه.

(4) أي على عدم ملكية الميتة و أجزائها. فبناء على عدم الملكية: لا يقع البيع عليها، لأنه لا بيع إلا في ملك، و يبقى الكلام في حق الاختصاص

(5) و هي رواية تحف العقول. فقه الرضا. دعائم الإسلام. النبوي المشهور التي مضت الإشارة إليها.

(6) المشار إليه في ص 11-12 فقد أشبعنا الكلام هناك فراجع.

(7) أي حال كون الحديث الدال على أن الميتة لا ينتفع بها يضم -

ص: 91

في المبيع، لئلا (1) يدخل في عموم النهي عن أكل المال بالباطل (2) و خصوص عدّ ثمن الميتة من السحت في رواية السكوني (3).

نعم (4) قد ورد بعض ما يظهر منه الجواز (5) مثل رواية صيقل قال: كتبوا الى الرجل عليه السلام جعلنا اللّه فداك إنا قوم نعمل السيوف و ليست لنا معيشة و لا تجارة غيرها و نحن مضطرون إليها و إنما غلافها من جلود

++++++++++

- الى اشتراط وجود المنفعة المباحة في المبيع.

كأن (الشيخ) رحمه اللّه يشير بهذا الانضمام الى تشكيل قياس منطقي و هو (الشكل الأول) هكذا:

الصغرى: الميتة لا منفعة فيها.

الكبرى: و كل ما لا منفعة فيه لا يجوز بيعه.

النتيجة: فالميتة لا يجوز بيعها.

و الصغرى هنا موجبة معدولة المحمول.

و لا يخفى منع الصغرى هنا، لما سيأتي من المصنف: جواز عمل الدلاء، و أغمدة السيوف من الميتة.

(1) تعليل لاشتراط المنفعة المحللة في المبيع.

(2) في قوله تعالى: «وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» (1)

(3) (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 62. الحديث 5.

أليك نص الحديث عن السكوني عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام.

قال: السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب، و ثمن الخمر، و مهر البغي و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن.

(4) هذا عدول عن قوله رحمه اللّه في الميتة: إنها لا منفعة فيها.

(5) أي جواز بيع الميتة بسبب وجود المنفعة المحللة فيها.8.

ص: 92


1- البقرة: الآية 188.

الميتة، من البغال و الحمير الأهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها و شراؤها و بيعها و مسها بأيدينا و ثيابنا و نحن نصلي في ثيابنا، و نحن محتاجون الى جوابك في هذه المسألة، يا سيدنا لضرورتنا إليها؟

فكتب عليه السلام: اجعلوا ثوبا للصلاة الى آخر الحديث (1) و نحوها رواية أخرى بهذا المضمون (2)، و لذا (3) قال في الكفاية و الحدائق: إن الحكم (4) لا يخلو عن اشكال.

++++++++++

(1) (التهذيب). الجزء 6 ص 376 الحديث 221

لا يخفى أن الحديث في جميع نسخ التهذيب الطبعة القديمة و الحديثة مذكور بلفظ (و إنما علاجنا من جلود الميتة)

لكن الموجود في نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا بطبعائها المختلفة (و إنما غلافها من جلود الميتة).

(2) نفس المصدر أليك نص الحديث.

و كتبت إليه: جعلت فداك و قوائم السيف التي تسعى السفن اتخذها من جلود السمك، فهل يجوز لي العمل بها و لسنا نأكل لحومها؟

فكتب عليه السلام: لا بأس به.

(3) أي و لأجل وجود هاتين الروايتين المشار إليهما في الهامش 1-2 قال (المحقق السبزواري في: (كفاية الفقيه)، و (المحدث البحراني) في: (الحدائق الناضرة).

(4) و هو عدم جواز استعمال جلود الميتة.

بل نمنع عدم الجواز، لوجود تلك الروايتين المشار إليهما في الهامش 1-2 الدالتين على جواز استعمال جلود الميتة

ص: 93

و يمكن أن يقال: إن مورد السؤال (1) عمل السيوف و بيعها و شراؤها لا خصوص الغلاف مستقلا، و لا في ضمن السيف على أن يكون جزء (2) من الثمن في مقابل عين الجلد، فغاية ما يدل (3) عليه: جواز (4) الانتفاع بجلد الميتة بجعله (5) غمدا للسيف، و هو (6) لا ينافي عدم جواز

++++++++++

(1) اي سؤال صيقل من (الامام عليه السلام).

(2) بالرفع اسم كان خبره قوله: (في مقابل).

و المعنى: أن الثمن لم يقع موزعا على المبيع كله: و هو السيف و غلافه الذي يصنع من جلود الميتة حتى يقع جزء من الثمن في مقابل الغلاف الذي هو جزء من المبيع.

بل الثمن كله وقع إزاء السيف وحده.

(3) فاعل يدل اجعلوا ثوبا للصلاة الذي هو جواب الامام عليه السلام عن مكاتبة صيقل، و الضمير في عليه يرجع الى ما الموصولة.

و كلمة فغاية مبتدأ خبره قوله: جواز الانتفاع، أي فغاية ما يدل جواب الامام عليه السلام عليه: جواز الانتفاع بجلد الميتة.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المقدم و هو قوله فغاية كما عرفت.

(5) الباء في بجعله بيانية لكيفية جواز الانتفاع بجلد الميتة.

(6) أي جواز الانتفاع بجلد الميتة المستفاد من رواية صيقل لا ينافي عدم جواز معاوضة جلد الميتة بالمال.

و لا يخفى أن رواية صيقل المشار إليها في الهامش 1 ص 91 صريحة في السؤال عن البيع و الشراء عن جلود الميتة في قوله: فيحل لنا عملها و شراؤها -

ص: 94

معاوضته (1) بالمال، و لذا (2) جوّز جماعة منهم الفاضلان (3) في مختصر النافع (4)، و الارشاد (5) على ما حكي عنهما: الاستقاء (6) بجلد الميتة لغير الصلاة، و الشرب مع عدم قولهم (7) بجواز بيعه، مع أن الجواب (8)

++++++++++

- و بيعها، و جواب الامام عليه السلام و هو قوله: اجعلوا ثوبا للصلاة تقرير للعمل و البيع و الشراء التي هو مورد سؤال صيقل فكيف خفي على الشيخ ذلك فقال بعدم المنافاة بين جواز الانتفاع بجلود الميتة، و عدم جواز المعاوضة عليها بالمال.

(1) مرجع الضمير: جلد الميتة.

(2) أي و لأجل أن رواية صيقل تدل على جواز الانتفاع بجلد الميتة لا على جواز المعاوضة عليه، و قد عرفت الإشكال في ذلك في الهامش ص 92.

(3) هما: (المحقق و العلامة الحليان) أعلى اللّه مقامهما.

(4) أي (مختصر النافع) و هو مختصر (شرائع الاسلام) للمحقق الحلي.

و هي مجموعة فقهية حاوية على كل أبواب الفقه طبع الكتاب على الحجر ب (ايران).

و قبل سنوات طبع في (القاهرة) على نفقة وزارة الأوقاف المصرية هناك و وزع مجانا.

(5) مجموعة فقهية مسهبة من دون استدلال (للعلامة الحلي).

(6) بالنصب مفعول لقوله: جوز جماعة: أي جوز جماعة الاستقاء

(7) أي مع عدم قول هؤلاء الجماعة بجواز بيع جلد الميتة، و ذلك لعدم استفادته من رواية (صيقل)، لإجمال جواب الامام عليه السلام و إبهامه كما هو كذلك عند (الشيخ) رحمه اللّه.

(8) أي جواب (الامام) عليه السلام في رواية صيقل في قوله:

ص: 95

لا ظهور فيه في الجواز، إلا من حيث التقرير الغير الظاهر في الرضا (1) خصوصا (2) في المكاتبات المحتملة للتقية هذا.

++++++++++

- اجعلوا ثوبا للصلاة لا ظهور له في جواز بيع جلود الميتة.

(1) حيث إن تقريره عليه السلام أعم من الرضا، سواء أ كان في المكاتبات أم في غيرها، اللهم إلا اذا كانت هناك قرينة دالة على أن تقريره كاشف عن رضاه فهناك يكون حجة.

و لا يخفى أن تقرير الامام عليه السلام ظاهر في الرضا، و لذا جعلوه من أقسام السنة، حيث قالوا في تعريف السنة: إنها عبارة عن قول المعصوم، و فعله، و تقريره.

(2) بيان آخر للقول بعدم كشف التقرير عن الرضا في هذا الفرض.

و هو احتمال كون صدور التقرير للتقية.

بيان ذلك: أن المكاتبات الصادرة من الشخصيات البارزة و لا سيما مثل (أئمة أهل البيت) عليهم صلوات اللّه الذين كانوا تحت المراقبة الشديدة من السلطات الزمنية و الوقتية: من الممكن أن تقع في أيدي الأعداء فتتخذ وسيلة لإيذائهم و اضطهادهم.

اذا فلا تكون المكاتبات الدالة على تقرير الامام و رضائه حجة.

هذه خلاصة ما يفهم من (الشيخ) قدس اللّه روحه في عدم حجية التقرير الصادر بالمكاتبات.

و لا يخفى فيما أفاده (الشيخ) رحمه اللّه في هذا المقام.

بيان ذلك: أن (صيقل) بعد صدور الجواب من الامام عليه السلام قد عمل به، و استمر على صنع أغلفة السيوف من جلد الميتة، لكنه جعل ثوبا لصلاته، و طهّر ما أصاب بدنه.

فصيقل كان أعرف بالتقية منا، لعلمه بموقف الامام عليه السلام -

ص: 96

..........

++++++++++

- فلو كان هناك تقية لم يرو الرواية، و لم يدم على عمله.

و لكن هناك رواية أخرى في المقام عن الامام (أبي جعفر الجواد) عليه السلام تدل بظاهرها على عدم جواز العمل بجلود الميتة.

أليك نصها عن (قاسم الصيقل) قال: كتبت الى (الرضا) عليه السلام إني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي فاصلي فيها.

فكتب إليّ: اتخذ ثوبا لصلاتك.

فكتبت الى (أبي جعفر الجواد) عليه السلام كنت كتبت الى أبيك عليه السلام بكذا و كذا فصعب عليّ ذلك فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية.

فكتب إليّ: كل أعمال البر بالصبر يرحمك اللّه، فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس.

راجع (الوسائل). الجزء 2، ص 1050-1051. الحديث 4.

(و في التهذيب)، الجزء 2، ص 358، الحديث 15 هكذا:

فإن كان مما تعمل بدل (ما تعمل).

و لا يخفى عدم دلالة الكتابة على عدم جواز العمل بجلود الميتة، لأن الراوي انما انتقل الى جلود الحمر الوحشية الذكية لصعوبة اتخاذ الثوب للصلاة.

و الدليل على ذلك أمره عليه السلام له بالتصبر و الطمأنينة في قوله:

(كل أعمال البر بالصبر يرحمك اللّه) فاخذ الثوب للصلاة التي هي من أعمال البر الشاقة تحتاج الى الصبر.

و أما قوله عليه السلام: فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس فمعناه: أنه لا بأس أن لا تتخذ ثوبا للصلاة، لأن ما تعمله ذكي طاهر.

ص: 97

و لكن (1) الإنصاف أنه اذا قلنا بجواز الانتفاع بجلد الميتة منفعة مقصودة كالاستقاء بها للبساتين و الزرع اذا فرض عده (2) مالا عرفا فمجرد النجاسة لا يصلح علة لمنع البيع لو لا الاجماع على حرمة بيع الميتة بقول مطلق (3)، لأن المانع (4) حرمة الانتفاع في المنافع المقصودة، لا مجرد (5) النجاسة.

و ان (6) قلنا: إن مقتضى الأدلة حرمة الانتفاع بكل نجس، فان

++++++++++

(1) رد على الفاضلين (المحقق و العلامة، و جماعتهما، حيث جوزوا الانتفاع بجلد الميتة، و لم يجوزوا بيعه في قول (الشيخ الأنصاري) نقلا عنهما:

و لذا جوز جماعة منهم الفاضلان في المختصر النافع، و الارشاد: الاستقاء بجلد الميتة لغير الصلاة و الشرب، مع عدم قولهم بجواز بيعه.

(2) أي عد جلد الميتة مالا.

لا اشكال في عده مالا عرفا، لترتب الفوائد الكثيرة عليه حتى كان في العهد السابق و قبيل زماننا تصنع منه الأحذية القوية في بلاد (خراسان) الشهيرة ب: (ساغري) و كانت قوية جدا تدوم زمنا طويلا.

(3) أي حتى في الاستقاء للبساتين و الزرع.

(4) أى الذي يصلح أن يكون مانعا لعدم جواز بيع جلد الميتة:

هي حرمة الانتفاع بالنجس.

(5) فإن مجرد النجاسة لا يكون مانعا عن بيع جلود الميتة.

(6) الواو استينافية و إن شرطية جوابها قوله: فإن هذا.

و المراد من الأدلة: رواية تحف العقول، و الفقه المنسوب الى (الامام الرضا (عليه السلام، و رواية دعائم الاسلام، و النبوي المشهور، و غيرها من الأخبار الواردة في المقام التي مضت الاشارة إليها في ص 49 الى 53.

و المعنى أنه إن قلنا: إن مقتضى الأخبار المذكورة: هي حرمة الانتفاع بكل نجس حتى في الاستقاء بطل ما قلناه آنفا: من جواز بيع جلود الميتة:

ص: 98

هذا (1) كلام آخر سيجيء ما فيه (2) بعد ذكر النجاسات.

لكنا (3) نقول: اذا قام الدليل الخاص على جواز الانتفاع منفعة مقصودة بشيء من النجاسات فلا مانع من صحة بيعه، لأن ما دل على المنع عن بيع النجس من النص (4) و الإجماع (5) ظاهر في كون المانع حرمة الانتفاع، فإن رواية تحف العقول المتقدمة قد علل فيها المنع عن بيع شيء من وجوه النجس بكونه منهيا عن أكله و شربه الى آخر ما ذكر فيها.

و مقتضى رواية دعائم الإسلام المتقدمة أيضا إناطة (6) جواز البيع و عدمه بجواز الانتفاع و عدمه.

++++++++++

- بتعليل أنها ذوات منافع في قولنا: و لكن الإنصاف أنه اذا قلنا بجواز الانتفاع بجلد الميتة منفعة مقصودة كالاستقاء إلى آخره.

(1) أي القول بأن مقتضى الأدلة حرمة الانتفاع بكل نجس له بحث آخر.

(2) أي في هذا المبنى الذي هي حرمة الانتفاع بكل نجس.

(3) توجيه للاستدراك الذي أورده على كلام (المحقق و العلامة) في قوله: و لكن الإنصاف.

و خلاصة التوجيه: مذكورة في المتن.

(4) و هي الأخبار المشار إليها في الهامش 6 ص 98.

(5) و هو الإجماع المدعى في التذكرة نقلا عن الخلاف.

(6) خبر للمبتدإ المقدم في قوله: فمقتضى، أي مقتضى حديث تحف العقول، و رواية دعائم الإسلام: توقف جواز بيع جلود الميتة و عدم جوازها: على جواز الانتفاع و عدمه. بمعنى أن الجواز و العدم دائران مدار جواز الانتفاع و عدمه، فان جاز الانتفاع جاز البيع، و ان لم يجر لم يجز.

ص: 99

و أدخل ابن زهرة في الغنية النجاسات فيما لا يجوز بيعه من جهة عدم حلّ الانتفاع بها (1).

و استدل (2) أيضا على جواز بيع الزيت النجس بان النبي صلى اللّه عليه و آله أذن في الاستصباح به (3) تحت السماء قال: و هذا (4) يدل على جواز بيعه، لذلك (5) انتهى.

فقد ظهر من أول كلامه و آخره (6) أن المانع من البيع منحصر في حرمة الانتفاع و أنه يجوز مع عدمها (7)، و مثل ما ذكرناه عن الغنية

++++++++++

(1) أي بالنجاسات فاناط عدم جواز البيع على عدم جواز الانتفاع بها.

فمفهوم قوله: أنه لو كان هناك انتفاع بالنجاسات لجاز بيعها:

أن الجواز و العدم دائران مدار الانتفاع و عدمه.

(2) أي ابن زهره في الغنية على دعواه: من عدم جواز بيع النجاسات، لكونها لا ينتفع بها.

(3) أي بالزيت النجس.

راجع (سنن البيهقي) الجزء 9 ص 354. إليك نص الحديث:

سئل (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و سلم عن الفأرة تقع في السمن، أو الزيت قال: استصبحوا به، و لا تأكلوه.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16، ص 461-462. الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحديث 1-2-3-5.

(4) أي اذن النبي صلى اللّه عليه و آله في الاستصباح بالزيت النجس

(5) أي لأجل الاستصباح به

(6) أي من أول كلام ابن زهرة و آخره.

(7) أي يجوز بيع النجس مع عدم حرمة الانتفاع.

ص: 100

من الاستدلال (1) كلام الشيخ في الخلاف في باب البيع حيث ذكر النبوي الدال على اذن النبي صلى اللّه عليه و آله في الاستصباح.

ثم قال (2) و هذا يدل على جواز بيعه انتهى (3).

و عن فخر الدين في شرح الإرشاد و الفاضل المقداد في التنقيح الاستدلال على المنع عن بيع النجس بأنه محرم الانتفاع، و كل ما كان كذلك لا يجوز بيعه (4).

نعم ذكر في التذكرة شرط الانتفاع (5) و حليته بعد اشتراط الطهارة.

++++++++++

(1) أي من استدلال ابن زهرة على جواز بيع ما ينتفع به و ان كان نجسا.

(2) أي (الشيخ) في الخلاف قال: و هذا (أي اذن الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بالانتفاع بالزيت النجس في الاستصباح به تحت السماء.

راجع (الخلاف) طبعة طهران الثانية سنة 1377. الجزء 1 ص 588.

(3) أي ما أفاده (الشيخ) رحمه اللّه في الخلاف في هذه المسألة

(4) أي كل ما كان محرم الانتفاع لا يجوز بيعه.

هذا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: النجس يحرم الانتفاع به.

الكبرى: و كل ما يحرم الانتفاع به لا يصح بيعه.

النتيجة: فالنجس لا يصح بيعه.

(5) خلاصة ما ذكره (العلامة) رحمه اللّه في التذكرة: أن جواز بيع كل شيء يشترط فيه شيئان:

الأول: طهارة المبيع.

الثاني: وجود المنفعة المحللة.

و هذا مخالف لما ذهب إليه نجله الكريم فخر الدين. و الفاضل المقداد.

ص: 101

و استدل (1) للطهارة بما دل على وجوب الاجتناب عن النجاسات و حرمة الميتة، و الانصاف امكان إرجاعه (2) الى ما ذكرناه فتأمل (3).

و يؤيده (4) انهم أطبقوا على بيع العبد الكافر، و كلب الصيد و علله (5) في التذكرة بحل الانتفاع به، ورد من منع عن بيعه (6) لنجاسته:

بأن النجاسة غير مانعة،

++++++++++

- راجع (التذكرة) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 15 في الفصل الرابع في المسألة الأولى عند قوله: يشترط في المعقود عليه: الطهارة الأصلية.

و ص 19 في المسألة الخامسة عند قوله: يجوز بيع كل ما فيه منفعة لأن الملك سبب لإطلاق التصرف، و المنفعة المباحة كما يجوز استيفاؤها يجوز أخذ العوض عنها.

فالشرطان و هما: طهارة المبيع، و وجود المنفعة المحللة ذكرهما في مكانين الصفحة 15-19.

(1) أي العلامة رحمه اللّه.

راجع نفس المصدر ص 15 المسألة الأولى.

(2) أي يمكن ارجاع استدلال العلامة في طهارة المبيع الى ما ذكرناه:

و هو كون حرمة بيع النجس إنما هو لأجل عدم الانتفاع به.

(3) وجه التأمل: أن ظاهر كلامه في التذكرة مخالف لما ذكرناه.

(4) أي و يؤيد ارجاع استدلال العلامة في اشتراط طهارة المبيع الى ما ذكرناه: أن الفقهاء منا أطبقوا على جواز بيع العبد الكافر و كلب الصيد.

(5) أي و علل (العلامة) في التذكرة إطباق الفقهاء على جواز بيع العبد الكافر، و كلب الصيد.

(6) أي عن بيع العبد الكافر، و كلب الصيد.

ص: 102

و تعدى (1) الى كلب الحائط و الماشية و الزرع، لأن المقتضي و هو النفع موجود فيها (2).

و مما ذكرنا من قوة جواز بيع جلد الميتة لو لا الاجماع (3) اذا (4) جوزنا الانتفاع به في الاستقاء: يظهر حكم جواز المعاوضة على لبن اليهودية المرضعة بان يجعل تمام الأجرة، أو بعضها في مقابل اللبن، فان نجاسته لا تمنع عن جواز المعاوضة عليه.

فرعان
الفرع الأول: أنه كما لا يجوز بيع الميتة منفردة، كذلك لا يجوز بيعها منضمة الى مذكى

فرعان: الأول: أنه كما لا يجوز بيع الميتة منفردة، كذلك لا يجوز بيعها منضمة الى مذكى، و لو باعها (5) فان كان المذكى ممتازا (6) صح البيع فيه، و بطل في الميتة كما سيجيء في محله.

++++++++++

- و الباء في قوله: بأن بيانية لكيفية رد العلامة - من منع بيع العبد الكافر، و كلب الصيد لنجاستها.

(1) أي العلامة في التذكرة الى جواز بيع الكلاب المذكورة، لعدم مانعية النجاسة عن بيعها.

راجع (تذكرة الفقهاء) الجزء 7 ص 15.

(2) أي في كلب الحائط و الماشية و الزرع.

(3) أي لو لا الاجماع على عدم جواز البيع.

(4) اذا شرطية قيد لقوله: جواز بيع الميتة أي من قوة جواز بيع الميتة إذا جوزنا الانتفاع به لو لا الاجماع على عدم جواز بيعه: يظهر حكم جواز المعاوضة على لبن اليهودية: و بعين الملاك، و وحدة المناط يحتمل جواز المعاوضة على لبن المرضعة المسيحية و المجوسية.

(5) أي الميتة منضمة بالمذكى.

(6) أي معلوما عن غير المذكى.

ص: 103

و ان كان مشتبها بالميتة (1) لم يجز بيعه أيضا، لأنه لا ينتفع به منفعة محللة، بناء على وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين (2) فهو (3) في حكم الميتة من حيث الانتفاع فأكل المال بإزائه (4) أكل المال بالباطل كما أن أكل كل من المشتبهين في حكم أكل الميتة.

و من هنا (5) يعلم أنه لا فرق في المشتري بين الكافر المستحل للميتة و غيره (6)، لكن (7) في صحيحة الحلبي، و حسنته (8) اذا اختلط المذكى

++++++++++

- أي في كتاب البيع في مسألة ما لو باع ما يقبل التملك، و ما لا يقبل التملك.

(1) كأن كان هناك عدة ذبائح اشتبه المذكى بالميتة.

(2) هذا في الشبهة المحصورة، و كان كل الأطراف محلا للابتلاء.

(3) أي هذا المذكى المشتبه بالميتة في حكم الميتة: في وجوب الاجتناب عنها فيترتب على ذلك عدم وجود منفعة محللة في هذا المذكى، ثم يترتب عليه عدم جواز المعاوضة على هذا المذكى المشتبه بالميتة.

(4) أي بإزاء هذا المذكى المشتبه.

(5) أي و من أن حكم المذكى المشتبه بالميتة حكم الميتة.

(6) أي و بين الكافر غير المستحل لها.

(7) استدراك عما أفاده آنفا: من عدم الفرق في المشتري بين كونه مسلما أو كافرا.

يقصد الشيخ من هذا الاستدراك إعطاء حكم جديد: و هو الفرق بين المشتري، فإن كان مستحلا للميتة يجوز بيع المذكى المشتبه بالميتة منه. و ان كان غير مستحل لها فلا يجوز بيع المذكى المشتبه بالميتة منه.

(8) أي صحيحة الحلبي، و حسنته صريحتان في الفرق بين المشتري.

ص: 104

بالميتة بيع ممن يستحل الميتة، و حكي نحوهما عن كتاب علي بن جعفر (1)

و استوجه (2) العمل بهذه الأخبار (3) في الكفاية و هو (4) مشكل

++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 67-68 باب 7 الحديث 1-2 تجد الفرق بين المشتري اذا كان ممن يستحل الميتة فيجوز بيعها منه.

و بين من لا يستحل فإنه لا يجوز بيعها منه.

إليك نص الصحيحة عن الحلبي قال: سمعت (أبا عبد اللّه) عليه السلام يقول: اذا اختلط الذكي و الميتة باعه ممن يستحل الميتة و أكل ثمنه. نفس المصدر الحديث 2.

إليك نص الحسنة عن الحلبي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام أنه سئل عن رجل كان له غنم و بقر، و كان يدرك الذكي منها فيعزله و يعزل الميتة فاختلطت الميتة و الذكية فكيف يصنع به؟

قال: يبيعه ممن يستحل الميتة و يأكل ثمنه، فانه لا بأس به نفس المصدر الحديث 1.

فهذه الصحيحة و الحسنة صريحتان في الفرق بين المشتري كما عرفت آنفا.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 308-309 تجد تعاليقنا في هذا الباب.

(1) نفس المصدر ص 67 الحديث 6.

(2) أي (المحقق السبزواري) في كتابه (كفاية الفقيه) أفاد أن العمل بهذه الأخبار موجه.

(3) و هي حسنة الحلبي و صحيحته، و نحوهما عن كتاب (علي بن جعفر) عليهما السلام.

(4) أي العمل بهذه الأخبار المذكورة في الهامش 3

أو العمل بتوجيه (المحقق السبزواري) في الكفاية مشكل.

ص: 105

مع أن المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه يرمى بهما (1).

و جوّز بعضهم البيع بقصد بيع المذكى.

و فيه (2) أن القصد لا ينفع بعد فرض عدم جواز الانتفاع بالمذكى لأجل الاشتباه.

نعم لو قلنا بعدم وجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة، و جواز (3) ارتكاب أحدهما جاز البيع بالقصد المذكور (4) و لكن لا ينبغي القول به (5) في المقام (6)، لأن الأصل في كل واحد

++++++++++

وجه الاشكال: هو تنجز العلم الاجمالي هنا، للقطع بوقوع المعاوضة على الميتة كما وقعت على المذكاة، و المفروض أن المعاوضة على لحوم الميتة غير جائز.

(1) أي بالمذكاة و الميتة جميعا اذا اشتبه احداهما بالأخرى.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 427 الحديث 2.

(2) أي و في هذا القول: و هو جواز البيع بقصد المذكى.

(3) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: نعم لو قلنا بعدم وجوب الاجتناب أي و لو قلنا بجواز ارتكاب احدهما.

(4) و هو البيع بقصد المذكى، بناء على وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، و جواز ارتكاب أحدهما.

نعم يلزم في المقام عدم قصد بيع الميتة أصلا حتى يصح البيع.

(5) أي بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

(6) و هو اشتباه المذكى بالميتة، لأن الأصل في اشتباه المذكى بالميتة عدم تذكيته، و هذه قاعدة مسلمة عند الفقهاء فيما اذا اشتبه المذكى بالميتة يجري فيه: أصالة عدم تذكيته فهو خارج عن عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

ص: 106

من المشتبهين (1) عدم التذكية غاية الأمر العلم الاجمالي بتذكية أحدهما و هو (2) غير قادح في العمل بالأصلين و إنما يصح القول بجواز ارتكاب أحدهما (3) في المشتبهين اذا كان الأصل في كل منهما الحل (4) و علم إجمالا بوجود الحرام فقد يقال هنا (5) بجواز ارتكاب أحدهما (6) اتكالا على أصالة الحل، و عدم جواز ارتكاب الآخر (7) بعد ذلك حذرا عن ارتكاب الحرام

++++++++++

- بخلاف الشك في طهارة شيء و نجاسته، فان الأصل الجاري فيه:

هي الطهارة.

(1) و هما: اشتباه المذكى بالميتة.

(2) أي العلم الاجمالي بتذكية أحدهما لا يكون مضرا بالأصلين الأصيلين.

و هما: أصالة عدم التذكية في هذا اللحم المشتبه بالميتة.

و أصالة عدم التذكية في هذا اللحم الآخر المشتبه بالميتة.

(3) أي أحد المشتبهين.

(4) أي حلية الشيء، أو طهارته كما اذا اشتبه مائع بالخمر، فإنه يجوز لنا ارتكاب أحدهما و ان علم اجمالا بوجود الحرام الواقعي في احدهما بناء على القول بعدم وجوب الموافقة القطعية، و الاكتفاء بحرمة المخالفة القطعية، لكن لا يجوز لنا ارتكاب كليهما، للزوم المخالفة القطعية حينئذ.

(5) أي فيما اذا كان الأصل الجاري في المشتبهين الحلية، أو الطهارة كما علمت في الهامش 4.

(6) أي أحد المشتبهين، لجواز جريان أصالة الحل فيه.

(7) و هو الطرف الثاني، للزومه المخالفة القطعية، فان ارتكاب الآخر بعد ارتكاب الأول لازمه المخالفة القطعية و هو غير جائز.

ص: 107

الواقعي، و إن كان هذا الكلام (1) مخدوشا في هذا المقام (2) أيضا (3).

لكن القول به (4) ممكن هنا، بخلاف ما نحن فيه (5)

++++++++++

(1) و هو جواز ارتكاب أحد المشتبهين في الشبهة المحصورة.

(2) أي فيما اذا كان الأصل الجاري فيه الحلية، أو الطهارة كما عرفت في الهامش 4 ص 107.

(3) أي كما أن ارتكاب أحد المشتبهين فيما اذا كان الأصل الجاري فيه عدم التذكية، أو الحرمة مخدوش، إما لعدم جريان الأصول في أطراف المعلوم بالإجمال، لكون العلم الإجمالي كالتفصيلي في أنه علة تامة لتنجز الحكم الشرعي.

و إما لتساقط الأصول بعد الجريان في الأطراف للمعارضة، حيث إن أصل عدم الحرمة في هذا الطرف معارض لأصل عدم الحرمة في الطرف الآخر فيسقطان معا فيجب الاجتناب عن الجميع.

راجع في جوانب الموضوع (كتاب الرسائل) لشيخنا الأنصاري.

المبحث العلم الإجمالي، فان الكتاب مشتمل على أبحاث أصولية هامة و هي كما يلي.

مبحث القطع، مبحث الظن، مبحث الشك، مبحث البراءة، مبحث الاحتياط، مبحث الاستصحاب، مبحث التعادل و التراجيح فإنه قدس اللّه نفسه قد أشبع الكلام في هذه المواضيع، و أنهى التحقيق الى قمته و ذروته.

و نحن ان شاء اللّه بعد طباعة الكتاب (المكاسب) عازمين على تحقيق (الرسائل)، و اخراجه الى عالم الطباعة و الوجود

(4) أي القول بجواز ارتكاب أحد المشتبهين في الشبهة المحصورة فيما اذا كان الأصل فيه الحلية، أو الطهارة.

(5) و هو ما اذا كان المشتبهان من جهة التذكية، و عدم التذكية -

ص: 108

لما ذكرنا (1) فافهم (2).

و عن العلامة حمل الخبرين (3) على جواز استنقاذ مال المستحل للميتة بذلك (4) برضاه.

++++++++++

- و ما نحن فيه: و هو اشتباه المذكى بالميتة، و اشتباه المرأة المحللة بالمحرمة من صغريات المسألة، و الأصل في مثله عدم التذكية، و حرمة الأكل و حرمة الوطي في المرأة المشتبهة، و لا تأتي فيه أصالة الحل.

(1) و هو أن الأصل في هذه الموارد عدم التذكية، و عدم الحلية.

(2) أي الفرق بين المقامين و هما: مقام اشتباه المذكى بالميتة، و المرأة المحللة بالمحرمة: أن الأصل فيه عدم التذكية، و عدم الحلبة.

و مقام اشتباه المائع بالخمر: أن الأصل فيه الحلية و الطهارة.

(3) و هما: صحيحة الحلبي، و حسنته المشار إليهما في الهامش 8 ص 104.

(4) أي بالبيع له برضاه فكأن البيع هنا وقع صوريا.

لا يقال: إن وقوع البيع صوريا مع المستحل موجب لعدم جواز أخذ المال منه للميتة.

فإنه يقال: إن المستحل لما كان راضيا باعطاء المال بإزاء هذه الميتة جاز للبائع أخذ المال.

و من الممكن أن المستحل لو خير بين أخذ المذكى و الميتة لأختار الميتة على المذكى اذا كانت أقل ثمنا منه، فلا مجال للإشكال المذكور.

و لا يخفى أن اختيار المستحل الميتة على المذكى اذا كانت أقل ثمنا منه فيما اذا كان منشأ موت الحيوان: عدم تذكيته على النحو المقرر في الشريعة الاسلامية كما اذا اصيبت بطلقة نارية، أو وقع عليها الجدار، أو غرقت في الماء، أو تردّت في بئر، و غير ذلك.

و أما اذا كان المنشأ في موتها المرض فمن الواضح و الطبيعي أن المستحل -

ص: 109

و فيه (1) أن المستحل قد يكون ممن لا يجوز الاستنقاذ منه إلا بالأسباب الشرعية كالذمي.

و يمكن حملهما (2) على صورة قصد البائع المسلم أجزاءها التي لا تحلها الحياة من الصوف و العظم و الشعر و نحوها.

و تخصيص (3) المشتري بالمستحل، لأن (4) الداعي له على الاشتراء اللحم أيضا، و لا يوجب ذلك (5) فساد البيع ما لم يقع العقد عليه (6).

و في مستطرفات السرائر (7) عن جامع البزنطي صاحب الرضا

++++++++++

- لا يقدم على شراء مثل هذه الميتة، لأن النفوس تشمئز منها مهما كانت و تنفر منها مهما بلغت صفتها، اللهم إلا بعض النفوس الدنية و الخبيثة التي تستحل الميتات فلعلها تقدم على أكلها بدون اشمئزاز و نفورة.

(1) أي و في حمل (العلامة) الخبرين المشار إليها في الهامش 8 ص 104 على جواز الاستنقاذ.

(2) أي حمل الخبرين المشار إليهما في الهامش 8 ص 104.

(3) دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه لو كان المراد من الخبرين: قصد البائع الأجزاء التي لا تحلها الحياة فلما ذا خصّ البيع بالمشتري المستحل في الخبرين المذكورين؟

(4) هذا جواب عن الوهم و حاصل الجواب: أن الداعي لشراء المستحل هو اللحم أيضا، لا الأجزاء التي لا تحلها الحياة فقط.

(5) و هو قصد اللحم من المشتري المستحل.

(6) أي على اللحم خاصة.

(7) باب (من السرائر)، و السرائر موسوعة فقهية من أول الطهارة الى آخر الحدود و الديات. طبع الكتاب على الحجر في (ايران)

ص: 110

عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها (1) و هي أحياء يصلح له أن ينتفع بما قطع.

قال: نعم يذيبها و يسرج بها، و لا يأكلها و لا يبيعها (2).

و استوجه في الكفاية العمل بها (3) تبعا لما حكاه الشهيد عن العلامة في بعض أقواله، و الرواية شاذة ذكر الحلي بعد ايرادها أنها من نوادر الأخبار

و الاجماع منعقد على تحريم الميتة و التصرف فيها على كل حال (4) إلا أكلها للمضطر.

أقول: مع أنها (5) معارضة بما دل على المنع

++++++++++

(1) بفتح الهمزة جمع ألية بفتحها أيضا.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 67. الباب 6. الحديث 6.

(3) أي بالرواية المشار إليها في الهامش 2.

(4) سواء أ كان بنحو الهبة، أم البيع، أم الأكل.

(5) مرجع الضمير: الرواية المشار إليها في الهامش 2، و مرجع الضمير في موردها: الأليات المقطوعة عن الأغنام الحية.

و كلمة معارضة بصيغة المفعول.

هذا هو الإشكال الأول من الشيخ على الرواية المشار إليها في الهامش 2.

و خلاصة الإشكال: أن الرواية المذكورة تعارضها رواية أخرى تدل على المنع من إسراج الأليات المقطوعة من الأغنام الحية. أليك نص الحديث 2.

عن الحسن بن علي قال: سألت (أبا الحسن) عليه السلام فقلت له: جعلت فداك إن أهل الجبل(1) تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها.ت.

ص: 111


1- المراد من أهل الجبل إما سكانه، أو الذين عندهم الأغنام و البقر. و المراد من تثقل: كثرة الأليات.

من موردها، معللا (1) بقوله عليه السلام: أ ما علمت أنه يصيب الثوب

++++++++++

- قال: هي حرام.

قلت: فنستصبح بها؟

قال: أ ما تعلم أنه يصيب اليد و الثوب و هو حرام.

راجع نفس المصدر. الجزء 16. ص 359. الحديث 2.

و لا يخفى عدم دلالة الرواية على حرمة استعمال الدهن النجس المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام في الاسراج حتى تكون معارضة لتلك.

بل تدل على حرمة الاصابة باليد و الثوب، حيث إن الامام عليه السلام علل عدم جواز استعمال الدهن المتخذ من الأليات: باصابته اليد و الثوب بقوله عليه السلام: أ ما علمت أنه يصيب اليد و الثوب و هو حرام.

فالحاصل أن الرواية هذه لا تعارض تلك الدالة على جواز استعمال الدهن المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام فلو فرضنا استعمال الدهن المذكور بنحو لا يصيب اليد و الثوب كما في عصرنا الحاضر، حيث يتخذ بواسطة الآلات و المكائن الكهربائية فالحكم بحرمة الاستعمال مشكل، فكيف تكون معارضة كما أفادها الشيخ بقوله: مع أنها معارضة بما دل على المنع.

نعم غاية ما في الباب دلالة الرواية على الكراهة و أين الحرمة المدعاة من الكراهة؟

و مرجع الضمير في من موردها: الأليات، و في و هو حرام:

الإصابة: و هو مصدر باب الإفعال، و ليست التاء تاء تأنيث ليحتاج الى التطابق.

(1) بصيغة الفاعل منصوب على الحالية للامام، أي حال كون الامام عليه السلام يعلل حرمة الإسراج بالدهن المتخذ من الأليات المقطوعة بإصابته اليد و الثوب.

ص: 112

و اليد و هو حرام، و مع الإغماض (1) عن المرجحات: يرجع (2) الى عموم ما دل على المنع عن الانتفاع

++++++++++

(1) عطف على قوله: مع أنها معارضة بما دل على المنع.

هذا اشكال ثان من الشيخ على الرواية الأولى الدالة على جواز استعمال الدهن المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام و هي أحياء.

و خلاصة الإشكال: أن بين الروايتين المشار إليهما في الهامش 2 من ص 111، و الهامش 1 من ص 112: تباينا كليا.

اذ الاولى تدل على الجواز صريحا، و الثانية تدل على المنع صريحا مع أنهما وردتا في واقعة واحدة عن امام واحد عليه السلام فلا يمكن الحكم بسقوطهما، لأن الامام عليه السلام في مقام بيان الحكم، و إعطائه للسائل

و لا يمكن الجمع بينهما جمعا دلاليا شرعيا كما هي طريقة (شيخ الطائفة) في الخبرين المتعارضين اذا لم تكن قرينة على تقديم احدهما على الآخر كما في ثمن العذرة سحت، و لا بأس بثمن العذرة. و قد مر شرحه في الهامش 5 من ص 73.

و لا يمكن الرجوع الى المرجحات الخارجية: السندية أو الجهتية، حيث لا نذهب إليها، و إلا لكان الأخذ بالثانية هو المتعين، لأنها أقوى سندا من الأولى.

و لا يخفى: أننا راجعنا مصادر الروايتين فظهر أن الأولى أقوى سندا من الثانية، حيث إنها تنتهي الى البزنطي و الرواية عنه قوية.

بالإضافة إلى ما علمت في ص 112: من عدم دلالة الرواية على المعارضة عند قولنا في ص 112: و لا يخفى.

(2) بصيغة المجهول اي مع ما ذكرنا من الايرادات على الرواية من كونها معارضة بغيرها، و مع قطع النظر عن المرجحات: يرجع حينئذ إلى عموم ما دل على منع الانتفاع بالميتة مطلقا أي جميع تقلباته و استعمالاته.

و المراد من العموم في قوله: يرجع إلى عموم: رواية (تحف العقول) المشار إليها في ص 23-33.

ص: 113

بالميتة مطلقا (1)، مع أن الصحيحة (2) صريحة في المنع عن البيع، الا أن يحمل (3) على إرادة البيع من غير الإعلام بالنجاسة.

الفرع الثاني أن الميتة من غير النفس السائلة يجوز المعاوضة عليها إذا كانت مما ينتفع بها

الثاني (4) أن الميتة من غير النفس السائلة يجوز المعاوضة عليها إذا كانت مما ينتفع بها، أو ببعض أجزائها كدهن السمك الميتة للإسراج و التدهين، لوجود المقتضي (5)

++++++++++

- و رواية فقه الرضا عليه السلام المشار إليها في ص 52.

و رواية دعائم الاسلام المشار إليها في ص 52.

و النبوي المشهور المشار إليه في ص 53.

و أما وجه الرجوع إلى العمومات المذكورة: هو عدم إمكان الجمع بين الروايتين المذكورتين، لما بينهما من التباين الكلي.

و عدم إمكان الحكم بسقوطهما، لأن الامام عليه السلام في مقام إعطاء الحكم الشرعي للسائل و بيانه له.

و عدم إمكان الأخذ باحدهما بسبب المرجحات الخارجية التي ذكرت آنفا، لأن الشيخ لم يذهب الى المرجحات و لم يعتبرها.

فعلى ضوء ما ذكرنا تحصل: أنه مع الإشكالات الواردة على الرواية المذكورة الدالة على جواز استعمال الدهن المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام الحية: أن المرجع الوحيد في المنع عن استعماله: هي العمومات المذكورة آنفا، حيث إنها صريحة في حرمة الانتفاع بالميتة مطلقا باي نحو من استعمالاته

(1) اي باي نحو من استعمالاته كما عرفت آنفا.

(2) و هي صحيحة البزنطي المشار إليها في الهامش 3 ص 111، حيث يقول الامام عليه السلام فيها: (و لا يأكلها و لا يبيعها) فجملة و لا يبيعها صريحة في المنع عن بيع هذا الدهن المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام و هي أحياء.

(3) أي يحمل منع بيع الدهن المتخذ من الأليات المقطوعة من الأغنام في قوله عليه السلام: و لا يبيعها: على بيعها من غير إشعار و إعلام للمشتري.

(4) اي الفرع الثاني من الفرعين في قوله في ص 103: فرعان.

(5) و هي المنفعة المحللة المقصودة عند العقلاء.

ص: 114

و عدم المانع (1) لأن أدلة عدم الانتفاع بالميتة مختصة بالنجسة (2).

و صرح بما ذكرنا جماعة و الظاهر أنه مما لا خلاف فيه.

السادسة يحرم التكسب بالكلب الهراش و الخنزير البريين

السادسة (3) يحرم التكسب بالكلب الهراش (4) و الخنزير البريين إجماعا على الظاهر المصرح به (5) في المحكي عن جماعة، و كذلك أجزاؤهما

نعم لو قلنا بجواز استعمال شعر الخنزير و جلده جاء فيه ما تقدم في جلد الميتة (6).

++++++++++

(1) و هو وجود النجاسة.

(2) المراد من الأدلة: الرواية الواردة في (التهذيب) الجزء 9 ص 76. الحديث 58 و قد اشير، إليها في ص 11-12 مفصلا فراجع فإن المنع عن بيع الميتة في قوله عليه السلام: (لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب) في نفس المصدر: مخصوص بالميتة النجسة، لأن السائل يسأل عن الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكيّ. فجواب الامام عليه السلام له: لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب دليل على أن المراد من الميتة الميتة النجسة، فالإهاب و العصب من الميتة الطاهرة لا يحرم الانتفاع بها.

(3) اي المسألة السادسة من المسائل الثمان.

(4) الهراش بكسر الهاء: الخصام و القتال.

يقال للكلب اذا لم يأت منه سوى التواثب و الفساد: كلب هراش اي كلب تحرش و خصام.

و المراد منه هنا: الكلب السائب و هو الكلب الموجود في الأزقة و الطرقات و الشوارع

(5) مرجع الضمير: الظاهر في قوله: و الظاهر المصرح به.

(6) راجع (المسألة الخامسة) من ص 91-98 في الهامش فقد أشبعنا الكلام هناك فراجع.

ص: 115

السابعة يحرم التكسب بالخمر و كل مسكر مائع و الفقاع

السابعة (1) يحرم التكسب بالخمر و كل مسكر مائع و الفقاع (2) إجماعا نصا و فتوى.

و في بعض الأخبار يكون لي على الرجل الدراهم فيعطيني بها خمرا فقال: خذها ثم أفسدها، قال علي: و اجعلها (3) خلا.

و المراد به (4) إما أخذ الخمر مجانا ثم تخليلها (5)، أو أخذها و تخليلها لصاحبها، ثم أخذ الخل وفاء عن الدراهم (6).

++++++++++

(1) أي المسألة السابعة من المسائل الثمان.

(2) بضم الفاء و تشديد القاف: شراب متخذ من الشعير.

و في بعض الأخبار: هي خمرة استصغرها الناس.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17 ص 292 الباب 28 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث 1.

(3) نفس المصدر ص 297 الباب 31 الحديث 6.

(4) أي المراد بالأخذ: في قول الامام عليه السلام: خذها و أفسدها

(5) أي معنى تخليل الخمر: أن يصيرها الآخذ خلا.

(6) و هي الدراهم التي كانت في ذمة المدين فيكون الخل عوضا عنها فتسقط ذمة المدين عن الدين المذكور بأخذ الدائن الخل عوضا عن الدراهم في الصورة الأولى: و هو أخذ الخمر مجانا ثم تخليلها.

لكن الظاهر أنه يشكل الحكم حينئذ بسقوط ذمة المدين بسبب صيرورة الخمر خلا، لأن الخمر حينما أخذها الدائن لم تكن قابلة للتملك، لا للدائن و لا للمدين، و بعد قابليتها للتملك بسبب صيرورتها خلا أصبحت ملكا جديدا حادثا في يد الدائن فكيف تسقط ذمة المدين بما لم يمكن تملكه قبل هذا فعليه تبقى الذمة مشغولة بالدراهم.

نعم في الصورة الثانية: و هو أخذ الدائن الخمر و تخليلها لصاحبها -

ص: 116

الثامنة: يحرم المعاوضة على الأعيان المتنجسة الغير القابلة للطهارة

الثامنة (1): يحرم المعاوضة على الأعيان المتنجسة الغير القابلة للطهارة (2) اذا توقف منافعها المحللة المعتد بها على الطهارة، لما تقدم من النبوي: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه، و نحوه المتقدم عن دعائم الإسلام.

و أما التمسك بعموم قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول):

أو شيء من وجوه النجس.

ففيه نظر، لأن الظاهر من وجوه النجس: العنوانات النجسة، لأن ظاهر الوجه هو العنوان.

نعم يمكن الاستدلال على ذلك (3) بالتعليل المذكور

++++++++++

- باجرة بإزاء التخليل مثلا: يمكن الحكم بتفريغ الذمة المدينة بعد تلك العملية:

و هي صيرورة الخمر خلا.

فالحاصل: أن الظاهر: هو التفكيك بين الصورتين: و هما: الحكم باشتغال الذمة في الصورة الأولى. و الحكم بالتفريغ في الصورة الثانية.

اللهم إلا أن يقال: إن الأمر في الصورة الأولى كذلك، حيث إن الدائن قد أخذ الخمر للتخليل فبعد صيرورتها خلا يحسبها عوضا عن طلبه فتسقط ذمة المدين.

و أما تخليل الخمر مجانا، أو مع العوض فليس له مدخلية في سقوط ذمة المدين، و عدمه.

نعم لو أعطى المدين الخمر له للتخليل مجانا و بلا عوض و قال:

إن الخل له فلا تسقط ذمة المدين عن الدين.

(1) أي المسألة الثامنة من المسائل الثمان و هي خاتمتها.

(2) كالمياه المضافة المتنجسة.

(3) أي على حرمة المعاوضة على الأعيان المتنجسة غير القابلة للطهارة

ص: 117

بعد ذلك (1) و هو قوله عليه السلام: لأن (2) ذلك كله محرّم أكله و شربه و لبسه إلى آخر ما ذكر.

ثم اعلم أنه قيل بعدم جواز بيع المسوخ من أجل نجاستها.

و لما كان الأقوى طهارتها لم يحتج الى التكلم في جواز بيعها هنا.

نعم لو قيل بحرمة البيع لا من حيث النجاسة كان محل (3) التعرض له ما سيجيء: من أن كل طاهر له منفعة محللة مقصودة يجوز بيعه.

و سيجيء ذلك في ذيل القسم الثاني مما لا يجوز الاكتساب به لأجل عدم المنفعة فيه.

و أما المستثنى من الأعيان المتقدمة فهي أربعة تذكر في مسائل أربع
اشارة

و أما المستثنى من الأعيان المتقدمة فهي أربعة تذكر في مسائل أربع:

المسألة الأولى: يجوز بيع المملوك الكافر

(الأولى) (4): يجوز بيع المملوك الكافر (5)، أصليا كان أم مرتدا مليا بلا خلاف ظاهر، بل ادعي عليه الاجماع، و ليس ببعيد كما يظهر للمتتبع في المواضع المناسبة لهذه المسألة كاسترقاق الكفار، و شراء

++++++++++

(1) أي بعد قوله عليه السلام: أو شيء من وجوه النجس.

(2) التعليل المذكور يكون علة منصوصة و بمقتضاها يسري الحكم الى المتنجسات فتكون قرينة على أن المراد من أو شيء من وجوه النجس:

ما يعم المتنجس غير القابل للطهارة.

(3) بالنصب خبر كان حيث إنه ظرف، و اسم كان (ما الموصولة) في قول المصنف: ما سيجيء.

(4) أي المسألة الأولى من المسائل الأربعة المستثناة من الأعيان النجسة.

(5) للكفر أسباب فالكفار على أقسام:

(أحدها): نكران الخالق و وجود الصانع، و القول بتعطيل الكون.

(ثانيها): الإشراك باللّه عز و جل مع الاعتراف بوجود الصانع.

(ثالثها): إنكار الرسالة الخاصة مع الاعتراف بوجود الخالق -

ص: 118

..........

++++++++++

- و الأنبياء عدا نبوة سيد المرسلين صلى اللّه عليه و آله.

(رابعها): إنكار إحدى ضروريات الدين الحنيف، مع الاعتراف بوجود الخالق، و نبوة الأنبياء بأجمعهم، و الأحكام التي جاء بها (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، إلا أنه منكر لاحدى الضروريات كالصلاة أو الصوم أو الحج مثلا.

(فالأول) يسمى: الملحد. الزنديق. المنكر. الطبيعي المعطل.

(و الثاني) يسمى: المشرك، أي الكافر المشرك، حيث إنه ليس منكرا للإله جل جلاله، بل يعترف به.

لكن مع القول بوجود الشريك له.

و إنما أخذ الشريك له زعما منه أنه الوسيط بينه، و بين الخالق في القرب المعنوي قال عز من قائل: «مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اَللّٰهِ زُلْفىٰ» (1).

(و الثالث) يسمى: اليهودي. المسيحي. المجوسي.

(و الرابع) يسمى: منكر الضروري.

ثم الكافر إما أصلي متولد من أبوين كافرين.

و إما مرتد.

و المرتد إما ملي كمن كان كافرا، ثم أسلم فأخذ الاسلام دينا و ملة و اعتنق به، ثم رجع الى الكفر، و الى ضلالته.

و إما فطري و هو المولود عن أبوين مسلمين، أو أحدهما مسلما و الآخر كافرا ثم رجع عن الاسلام و اتخذ الكفر دينا و ملة.

و هنا قسم ثالث من المسلمين حكم عليهم بالكفر من حيث النجاسة -3.

ص: 119


1- الزمر: الآية 3.

بعضهم من بعض. و بيع العبد الكافر اذا أسلم على مولاه الكافر (1) و عتق الكافرة و بيع المرتد، و ظهور كفر العبد المشترى على ظاهر الاسلام (2) و غير ذلك.

و كذا الفطري على الأقوى (3)، بل الظاهر: أنه لا خلاف فيه (4) من هذه الجهة، و إن كان فيه كلام: من (5) حيث كونه في معرض

++++++++++

- و غيرها: و هم النواصب و الخوارج.

ثم إن هؤلاء الكفار بأقسامهم قابلون للطهارة بالاسلام اذا أسلموا حتى المرتد الفطري الذي ولد عن أبوين مسلمين، أو أحدهما مسلم، فإنه قابل للطهارة إن تاب و قبلت توبته على القول الأصح، لوجوب قتله بعد الارتداد، سواء تاب أم لم يتب، و تقسيم أمواله بين ورثته و بينونة زوجته عنه بمجرد الارتداد.

راجع حول المرتد الفطري الكتب الفقهية الامامية.

(1) أي أسلم على ضرر مولاه الكافر: بمعنى أنه أسلم ليضر مولاه فإن المولى يجبر حينئذ على بيعه حتى لا يستولي عليه، لعدم جواز استيلاء الكافر على المؤمن لقوله تعالى: «وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (1).

(2) بأن أظهر الاسلام، ثم اشتري فظهر كفره بعد ذلك.

فمن جميع هذه الموارد يستظهر جواز بيع المملوك الكافر.

(3) أي و كذا يجوز بيع العبد المرتد الفطري، لشمول العمومات له

(4) أي في المرتد الفطري من هذه الجهة: و هو كونه مرتدا فطريا

(5) من بيانية تبين وجه الاشكال في بيع العبد المرتد الفطري.1.

ص: 120


1- النساء: الآية 141.

التلف، لوجوب قتله (1) و لم نجد من تأمل فيه (2) من جهة نجاسته عدا ما يظهر من بعض الأساطين (3) في شرحه على القواعد، حيث احترز بقول العلامة: «ما لا (4) يقبل التطهير من النجاسات: عما يقبله (5) و لو بالاسلام كالمرتد و لو عن فطرة على أصح القولين فبنى (6) جواز بيع المرتد على قبول توبته، بل بنى جواز بيع مطلق الكافر على قبوله للطهر بالاسلام.

و أنت خبير بأن حكم الأصحاب بجواز بيع الكافر نظير حكمهم

++++++++++

(1) سواء قلنا بقبول توبته أم لا.

و لا يخفى أن الكلام بعينه جار في المرتد الملي في المرتبة الثالثة أو الرابعة اذا استتيب و لم يتب، فإنه يجب قتله.

فما الفرق بينهما من هذه الجهة؟

(2) أي في جواز بيع العبد المرتد الفطري من حيث نجاسته، بل التأمل من جهة كونه في معرض التلف، لأنه واجب القتل.

(3) هو (الشيخ الكبير كاشف الغطاء) في شرحه على مكاسب قواعد العلامة.

(4) هذه الجملة: ما لا يقبل التطهير من النجاسات مقول قول العلامة

(5) هذه الجملة: عما يقبله محل احتراز (كاشف الغطاء).

و مرجع الضمير في يقبله: الطهارة و هو مصدر، أي احترز (كاشف الغطاء) عن النجس الذي يقبل الطهارة و لو بسبب اسلامه، لأن مبنى جواز بيع المرتد و إن كان فطريا هو قبوله الطهارة، و لو كان السبب في طهارته الإسلام، فإنه بعد أن أسلم جاز بيعه.

(6) أي علق (كاشف الغطاء) جواز بيع العبد المرتد الفطري على قبول توبته، و قبول توبته بالاسلام.

ص: 121

بجواز بيع الكلب (1)، لا من حيث قابليته للتطهير نظير (2) الماء المتنجس و أن اشتراطهم قبول التطهير (3) إنما هو فيما يتوقف الانتفاع به على طهارته (4) ليتصف (5) بالملكية، لا مثل الكلب و الكافر المملوكين (6) مع النجاسة إجماعا (7).

++++++++++

(1) هذا رد على بعض الأساطين أي جواز بيع العبد المرتد الفطري و عدم جوازه مثل الكلب فكما أن جواز بيعه متوقف على الانتفاع و عدمه على عدم الانتفاع، لا على الطهارة.

كذلك العبد المرتد فجواز بيعه، و عدم جوازه متوقف على الانتفاع و العدم لا أنه متوقف على الطهارة حتى يقال: يجوز بيعه، لأنه قابل للطهارة و لو بالاسلام.

(2) مثال للشيء الذي يتوقف قابلية بيعه على الطهارة، فإن جواز بيع الماء المتنجس متوقف على قبول طهارته.

(3) أي و أن اشتراط الفقهاء قبول المبيع الطهارة.

(4) كالماء المتنجس، و الأطعمة المتنجسة، لا الكلب و الكافر فإن الانتفاع بهما غير متوقف على طهارتهما.

(5) مرجع الضمير في ليتصف: (ما الموصولة) في قوله: إنما هو فيما يتوقف الانتفاع به، و اللام بمعنى حتى، أي حتى يتصف الشيء بالملكية.

و المعنى: أن الذي لا يتصف بالانتفاع لا يتصف بالملكية. فلا يصح بيعه. فالانتفاع بالشيء مما لا بدّ منه.

(6) حيث إن الانتفاع بهما غير متوقف على الطهارة فيتصفان بالملكية فيصح بيعهما.

(7) اجماعا قيد للكلب و الكافر المملوكين في قوله: لا مثل الكلب -

ص: 122

و بالغ تلميذه (1) في مفتاح الكرامة (2) فقال: أما المرتد عن فطرة فالقول بجواز بيعه ضعيف جدا، لعدم قبول توبته فلا يقبل التطهير (3) ثم ذكر (4) جماعة ممن جوز بيعه (5) الى أن قال (6): و لعل من جوز بيعه بنى على قبول توبته. انتهى (7). و تبعه على ذلك (8) شيخنا

++++++++++

- و الكافر المملوكين، أي إن الكلب و الكافر مملوكان إجماعا، مع أنهما نجسان فالنجاسة غير مانعة للتملك، لأن الملاك في صحة البيع هو الانتفاع

(1) أي تلميذ (كاشف الغطاء): و هو (السيد محمد جواد العاملي)

(2) (موسوعة فقهية) عظيمة من أول الطهارات الى آخر الحدود و الديات في شرح قواعد العلامة.

هذا الكتاب لم يسمح الزمان بمثله في استيفاء أقوال الفقهاء، و آرائهم و مواقع الشهرة و إجماعاتهم، و التنبيه على الخلل الواقع في عدة من أقوالهم مع دقة التتبع و عدم الاكتفاء بالنقل.

و خلاصة الكلام: أن الكتاب عديم النظير في موضوعه بين مصنفات علمائنا الأعلام.

(3) راجع مفتاح الكرامة الجزء 4 كتاب المتاجر ص 12.

(4) أي صاحب (مفتاح الكرامة) في نفس المصدر.

(5) أي بيع المرتد، سواء أ كان فطريا أم مليا اذا استتيب ثلاث مرات: أو أربع و لم يتب.

(6) أي صاحب (مفتاح الكرامة).

(7) أي ما قاله صاحب (مفتاح الكرامة).

(8) أي على جواز بيع الكافر و المرتد اذا كانا قابلين للطهارة بقبول توبتهما.

ص: 123

المعاصر (1).

أقول: لا إشكال و لا خلاف في كون المملوك المرتد عن فطرة ملكا

++++++++++

(1) المراد به (صاحب الجواهر) رحمه اللّه في كتابه (جواهر الكلام) راجع المجلد 5 ص 3 الطبعة القديمة على الحجر سنة 1322-1325.

أليك نص عبارته: «أما المرتد عن فطرة فالمتجه عدم جواز التكسب به، بناء على عدم قبول توبته ظاهرا و باطنا).

فإنه رحمه اللّه لم يرتب جوار بيع المرتد على جواز الانتفاع به. بل على قبوله الطهارة.

و أما (جواهر الكلام) فموسوعة فقهية عظيمة في الفقه الاستدلالي في شرح (شرائع الاسلام)، و دورة كاملة حاوية لجميع أبواب الفقه من أول الطهارات الى آخر الحدود و الديات في ستة مجلدات ضخام طبع في (ايران) على الحجر مكررا.

و أخيرا على الحروف في (النجف الأشرف) في (مطبعة النجف) على نفقة محب الخير الحاج الشيخ علي الآخوندي في أربعين جزء صدر منه لحد الآن واحد و عشرون جزء، و ستصدر إن شاء اللّه تعالى بقية أجزائه في القريب العاجل.

و الكتاب عظيم في سعة مسائله و فروعه، و كثرة إحاطته بأقوال الفقهاء، و آراء العلماء، و أدلتهم و مناقشتها، مع بعد النظر، و دقة التحقيق

و للكتاب ميزات خاصة على بقية الكتب الفقهية:

منها: أن جميع ما في الكتاب على نسق واحد، و أسلوب فارد ابتداء و انتهاء، لأنه رحمه اللّه أنهاه بالسعة التي ابتدأه بها و هذا شيء عجيب لم يتهيأ لكل أحد.

و منها: أنه كامل في أبواب الفقه، و حافل بجميع كتبه.

ص: 124

و مالا لمالكه (1): و يجوز له الانتفاع به بالاستخدام، ما لم يقتل، و إنما استشكل من استشكل في جواز بيعه: من حيث كونه في معرض القتل

++++++++++

- و منها: استغناء الفقيه به عن سائر الكتب الفقهية، و عدم استغناء الفقيه عنه بالكتب الفقهية الأخرى، لحصول الاطمئنان للمجتهد في استنباط الأحكام الشرعية منه اذا رجع إليه، و ليس كذلك لو رجع الى بقية الكتب الفقهية.

و الدليل على ذلك وجود الكتاب عند الفقيه مهما كلفه الأمر: و مهما بلغت حالته المالية و الاقتصادية.

و منها: احتواء الكتاب على الفروع الفقهية النادرة التي لا يوجد مثلها في أية موسوعة من الموسوعات الفقهية مع كثرتها و روعتها في التحقيق و التدقيق.

و الخلاصة: أن الكتاب جامع لأمهات المسائل الفقهية و فروعها فلعمر الحق: إن (الجواهر) جواهر بجميع ما تعطي هذه الكلمة من دلالة فهو اسم لمسماه.

فهذه الميزات هي سر خلود الكتاب، و سر تفوقه على بقية الموسوعات الفقهية المؤلفة، و سر بقائه مرجعا للفقهاء من يوم تأليفه الى زماننا هذا

و سيبقى ان شاء اللّه تعالى الى ظهور (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى له الفرج.

مؤلف الكتاب (شيخنا صاحب الجواهر) أعلى اللّه مقامه.

(1) أي حين الارتداد.

و أما اذا كان المملوك في زمان لا تجري فيه الحدود الإلهية كعصرنا الحاضر، أو كان العبد المملوك المرتد في مكان بعيد عن الاسلام و المسلمين أو كان في بلاد الكفر فالتكسب به جائز، لوجود الانتفاع به في حالة -

ص: 125

بل واجب الإتلاف شرعا (1).

فكأن الإجماع (2) منعقد على عدم المنع من بيعه من جهة عدم قابليته للطهارة بالتوبة.

قال في الشرائع: و يصح رهن المرتد و ان كان عن فطرة (3).

و استشكل (4)

++++++++++

- عدم جريان الحد عليه، سواء قلنا بقبول توبته أم لا، لأن الملاك في جواز بيعه و عدمه: وجود الانتفاع: و هو حاصل في حالة عدم جريان الحد عليه.

(1) فإن دمه مباح لكل من علم بارتداده، لقول (الامام الصادق) عليه السلام: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الاسلام، و جحد محمدا صلى اللّه عليه و آله و كذّبه، فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه الى آخر الحديث. راجع (الكافي) الجزء 7 ص 257 الحديث 11.

(2) أي الاجماع القائم على عدم قابلية المرتد الفطري للطهارة لا يكون مانعا من بيعه، بل المانع كونه في معرض التلف، لوجوب قتله، سواء قلنا بقبول توبته أم لا.

(3) راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 77.

(4) أي استشكل (الشهيد الثاني) على جواز بيع العبد المرتد الفطري في المسالك و قال: إن عدم الجواز لأجل أنه في معرض التلف لكونه واجب القتل فلا يترتب على شرائه فائدة توجب بذل المال في سبيله و إزائه فتسقط ماليته، و ليس إشكاله على جواز بيع العبد المرتد الفطري من حيث إنه نجس.

إليك نص عبارته في المسالك.

أما الفطري فيشكل فيه الصحة، لأنه لا تقبل توبته، و يجب إتلافه شرعا فتنتفي الغاية المترتبة على الرهن: و هي الوثيقة.

ص: 126

في المسالك من جهة وجوب إتلافه، و كونه (1) في معرض التلف.

ثم اختار (2) الجواز، لبقاء ماليته الى زمان القتل.

و قال في القواعد (3): و يصح رهن المرتد و ان كان عن فطرة على إشكال (4).

++++++++++

- و وجه جواز بيعه: بقاء ماليته حالة الرهن. و تعرضه للتلف لا يمنع عن رهنه فهو كالمرض. فكما أن المرض لا يمنع من رهن المريض، كذلك ارتداد العبد عن فطرة لا يمنع من رهنه.

و أما (المسالك) فموسوعة فقهية كاملة في الفقه الاستدلالي النظري في شرح (شرائع الاسلام) في جزءين مطبوعين على الحجر ب: (ايران).

مؤلف الكتاب: (شيخنا الشهيد الثاني) رحمه اللّه.

(1) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من جهة أي و من كون العبد المرتد الفطري في معرض التلف، لوجوب قتله و ان قبلت توبته.

و المقصود من ذكر هذه الأقوال: بيان أنها تأييد لما ذهب إليه (شيخنا الأعظم): من أن المانع من بيع العبد المرتد الفطري: هو عدم ماليته، لكونه في معرض التلف، لا أن المانع من بيعه نجاسته كما أفاده بعض، حيث إن عدم مانعية النجاسة عن بيعه اجماعي.

(2) أي اختار (الشهيد الثاني) بعد القول بذلك: جواز المعاوضة على العبد المرتد الفطري، راجع المسالك المجلد 1. ص 231.

(3) موسوعة فقهية في الفقه الامامي جامع لأبوابه من أول الطهارة الى آخر الحدود و الديات، كثير الفروع و المسائل، و عليه شروح مفيدة.

مؤلف الكتاب: (آية اللّه العلامة الحلي).

(4) هذا القيد و هو على اشكال: للمرتد الفطري، أي يصح رهن -

ص: 127

و ذكر في جامع المقاصد: أن منشأ الإشكال (1) أنه (2) يجوز بيعه فيجوز رهنه بطريق أولى (3)، و من (4) أن مقصود البيع حاصل

++++++++++

- العبد المرتد الفطري على إشكال في ذلك.

(1) أي منشأ اشكال العلامة في جواز رهن العبد المرتد الفطري عند قوله: و يصح رهن العبد المرتد على إشكال: شيئان.

(2) دليل لجواز رهن العبد المرتد الفطري: ببيان أنه اذا جاز البيع جاز الرهن عليه بطريق أولى.

(3) و لعل وجه أولوية جواز الرهن: أن في البيع خروجا للمبيع عن ملك البائع الى ملك المشتري، و قطع العلقة الملكية و المالكية عن هذا الملك رأسا.

بخلاف الرهن فإن علقة الملكية و المالكية موجودة فيه، لأنه وثيقة الى أمد محدود يرجع الى صاحبه بعد أداء الدين فليست حقيقته خروج الملك عن الملكية فيرجع الى ما كان بطبعه الأولي، فاذا قلنا بجواز بذل المال ازاء ما يخرج عن الملك رأسا، مع كونه في معرض التلف كما في بيع العبد المرتد فجواز بذل المال ازاء ما لم يخرج عن الملك كما في الرهن: يكون بطريق أولى، لعدم صدق الأكل بالباطل هنا.

(4) دليل لعدم جواز الرهن على العبد المرتد الفطري.

و خلاصة الدليل: أن المقصود من البيع هي المبادلة، أي مبادلة مال بمال، و هذا المعنى حاصل في بيع العبد المرتد و ان كان المبيع موقت الانتفاع و آني الحصول، لكونه في معرض التلف بسبب وجوب قتله فورا، سواء قبلت توبته أم لا.

و أما الرهن فإن المقصود منه هي الوثيقة على حصول الدين فيلزم أن تكون الرهينة صالحة البقاء الى المدة المؤجلة في الرهن حتى يتمكن المرتهن -

ص: 128

و أما مقصود الرهن فقد لا يحصل بقتل الفطري حتما، و الآخر (1) قد لا يتوب، ثم اختار (2) الجواز.

و قال في التذكرة: المرتد إن كان عن فطرة ففي جواز بيعه نظر ينشأ من (3) تضاد الحكمين.

++++++++++

- من الحصول على ما دفعه الى الراهن، و هو الدين، و المفروض أن العبد المرتد الفطري مشكوك البقاء، حيث إنه فى معرض التلف في كل آن و حين فلا يصح للمرتهن اقدامه على شيء مشكوك البقاء.

(1) و هو المرتد الملي، حيث يجوز أن لا يتوب عند استتابته فيكون في معرض التلف فيجب قتله حينئذ فلا يصح رهنه، لعدم ترتب فائدة الرهن و هي الوثيقة على رهنه، فهو كالمرتد الفطري، لكن مع فرق:

و هو أن الملي اذا استتيب و تاب تقبل توبته فلا يقتل فيصح رهنه.

و أما الفطري فيقتل حالا، سواء قبلت توبته أم لم تقبل.

(2) أي (المحقق الثاني) بعد أن ذكر منشأ اشكال العلامة في ذلك اختار جواز الرهن على العبد المرتد الفطري فالملي بطريق أولى.

(3) دليل لعدم جواز بيع المرتد الفطري.

و خلاصة الدليل: أن الحكم بوجوب قتل المرتد الفطري فورا، سواء قلنا بقبول توبته أم لا: مع الحكم بجواز بيعه حكمان متضادان لا يجتمعان اذ وجوب القتل معناه أنه لا مالية له، و جواز بيعه معناه له المالية.

و لا يخفى أن تضاد الحكمين أمر بدوي يتراءى في بادئ الأمر.

لكن بعد التأمل الدقيق يمكن رفعه.

بيان ذلك: أن العبد المرتد الفطري يمكن أن يكون ذا أعمال صناعية أو يدوية لها أهميتها في المجتمع الانساني يستفاد منها، أو يكون مختصا في بعض العلوم و الفنون لا يعلمها غيره فحينئذ يجوز شراؤه لهذه الغايات -

ص: 129

و من (1) بقاء الملك، فان كسبه لمولاه.

أما عن غير فطرة (2) فالوجه صحة بيعه، لعدم تحتم قتله (3) ثم ذكر (4) المحارب الذي لا تقبل توبته،

++++++++++

- و المنافع فيشترى لأجلها، ثم بعد أخذ النتيجة و استفادة المعلومات منه يقدّم الى الحاكم الشرعي لاجراء الحد عليه فعليه لا يكون هناك حكمان متضادان لا يمكن اجتماعهما حتى لا يجوز بيعه.

(1) دليل لجواز بيع العبد المرتد الفطري.

و خلاصة الدليل: أن ملكية العبد المرتد الفطري باقية لمولاه قبل القتل، و كل منفعة تكون للعبد: و منها كسبه ترجع لمولاه، و بقاء الملك معناه صحة بيعه: و تضاد الحكمين المذكورين يقتضي عدم صحة بيعه.

و المراد من المولى هنا المشتري الجديد في قوله: فإن كسبه لمولاه.

(2) و هو المرتد الملي.

(3) لجواز توبته بعد الاستتابة، و رجوعه الى الإسلام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. القسم الأول. ص 27.

و لا يخفى أن صحة بيع العبد المرتد الملي فيما اذا كان البيع قبل الاستتابة، و أما اذا كان بعدها و لم يتب فالحكم بصحة بيعه مشكل، لوجوب قتله فيكون كالمرتد الفطري.

(4) أي العلامة في نفس المصدر.

و المحارب بصيغة الفاعل من باب المفاعلة، و هو الذي يجرد السلاح على الناس لإخافتهم، فمن كان هذا عمله يحد إما بالقتل، أو الصلب أو قطع يده اليمنى و رجله اليسري، أو النفي من الأرض الى بلاد أخرى لقوله تعالى:

ص: 130

لوقوعها (1) بعد القدرة عليه.

و استدل (2) على جواز بيعه بما يظهر منه جواز بيع المرتد عن فطرة و جعله (3) نظير المريض المأيوس عن برئه.

نعم منع (4).

++++++++++

- «إِنَّمٰا جَزٰاءُ اَلَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاٰفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ اَلْأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي اَلدُّنْيٰا وَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذٰابٌ عَظِيمٌ» (1).

راجع حول المحارب (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 9 من ص 290 الى ص 302.

(1) أي لوقوع توبة المحارب بعد القدرة و الاستيلاء عليه فلا تفيد التوبة في رفع الحد عنه فيكون في معرض الخطر، لوجوب الحد عليه حينئذ باحدى الكيفيات الأربعة المذكورة.

(2) أي العلامة في نفس المصدر استدل على جواز بيع العبد المحارب

و خلاصة الاستدلال أن المحارب نظير العبد المرتد الفطري في جواز الانتفاع به الى زمن القتل، فكما أنه يجوز الاستفادة من المرتد من بداية شرائه الى زمن إجراء الحد عليه، لأن الملاك و المناط في جواز البيع و عدمه هو الانتفاع و عدمه.

فكذلك المحارب يجوز بيعه لهذه الجهة بوحدة الملاك من دون فرق بينهما

(3) أي و جعل العلامة صحة بيع الكافر المحارب نظير العبد المريض الذي لا يرجى شفاؤه. راجع نفس المصدر.

(4) أي العلامة.3.

ص: 131


1- المائدة: الآية 33.

في التحرير (1) و الدروس (2) عن بيع المرتد عن فطرة، و المحارب اذا وجب قتله: للوجه المتقدم (3).

و عن التذكرة، بل في الدروس: أن بيع المرتد عن ملة أيضا مراعى بالتوبة (4).

و كيف كان فالمتتبع يقطع بأن اشتراط قابلية الطهارة (5) انما هو فيما يتوقف الانتفاع المعتد به (6) على طهارته، و لذا (7) قسّم في المبسوط

++++++++++

(1) (التحرير): موسوعة فقهية استدلالية في (فقه الامامية) جامع لأبواب الفقه (للعلامة الحلي).

طبع الكتاب في (ايران) على الحجر منذ عهد قديم.

(2) موسوعة فقهية في (فقه الامامية) لشيخنا الشهيد الأول.

طبع الكتاب على الحجر ب: (ايران).

(3) و هو لزوم تضاد الحكمين: جواز البيع، و وجوب القتل.

و هما ضدان لا يجتمعان.

(4) أي جواز بيعه متوقف على التوبة، و رجوعه الى الاسلام.

فإن تاب و رجع جاز بيعه، و إن لم يتب وجب قتله.

فحكمه حكم المرتد الفطري في عدم جواز بيعه، لوجوب قتله حينئذ راجع نفس المصدر.

(5) أي في مطلق المبيع، من دون اختصاصها بالمرتد.

(6) المعتد به على قسمين: قسم يكون بتعدد أفراد الانتفاع و إن كان في آحاده غير معتد بها.

و قسم يكون معتدا به و ان كان واحدا، لأنه في نظر العقلاء ذو أهمية

(7) أي و لأجل أن اشتراط قابلية الطهارة إنما هو فيما يتوقف على الانتفاع المعتد به.

ص: 132

المبيع الى آدمي و غيره، ثم اشترط الطهارة في غير الآدمي. نعم استثنى الكلب الصيود (1).

المسألة الثانية يجوز المعاوضة على غير كلب الهراش في الجملة

الثانية (2) يجوز المعاوضة على غير (3) كلب الهراش في الجملة (4) بلا خلاف ظاهر، إلا ما عن ظاهر اطلاق العماني (5) و لعله (6) كاطلاق

++++++++++

(1) الصيود بفتح الصاد و ضم الياء على زنة فعول و هو من صيغ المبالغة و بمعنى الفاعل، أي الكلب الصائد. قال ابن مالك في ألفيته:

فعال أو مفعال أو فعول بكثرة عن فاعل بديل

(2) أي المسألة الثانية من المسائل الأربعة المستثناة من الأعيان النجسة

(3) و هو كلب الحائط، و الصيد، و الماشية، و الزرع.

و أما الهراش فقد تقدم شرحه في ص 115. في الهامش 4.

(4) انما قيد غير كلب الهراش بقوله: (في الجملة)، للاختلاف في بعض أفراد غير كلب الهراش: في جواز المعاوضة عليه.

(5) حيث إنه لم يستثن جواز بيع الكلاب الأربعة عن كلب الهراش و أبقاها على عدم الجواز كما قال بعدم الجواز في الهراش.

(و أما العماني) فهو (الحسن بن علي بن أبي عقيل الحذّاء).

(6) أي و لعل هذا الإطلاق و هو عدم استثناء الكلاب الأربعة في كلام (العماني) كإطلاق كثير من الأخبار: في أن ثمن الكلب سحت و لم يقيد بكلب دون كلب.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 62 الباب 5 من أبواب تحريم أجرة الفاجرة الحديث 5 و ص 63 الحديث 9.

أليك نص الحديث 5. عن السكوني عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام

قال: السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب الى آخر الحديث.

و أليك نص الحديث 9 عن (جعفر بن محمد) عن آبائه في وصية -

ص: 133

كثير من الأخبار، بأن ثمن الكلب سحت محمول (1) على الهراش، لتواتر (2) الأخبار، و استفاضة نقل الإجماع على جواز بيع ما عدا كلب الهراش

++++++++++

- النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام.

قال: يا علي من السحت ثمن الميتة، و ثمن الكلب إلى آخر الحديث فهذان الحديثان، و غيرهما مما ورد في المقام في نفس المصدر مطلقة لا تخص كلبا دون كلب.

و راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 426-427 الباب 5 الحديث 1-6.

(1) خبر لقوله: و لعله أي و لعل الإطلاق في كلام (العماني) في الكلب محمول على (الكلب الهراش) كما حمل الكلب الوارد في الأخبار المشار إليها في الهامش 6 ص 133: على كلب الهراش أيضا.

(2) اللام تعليل لحمل الكلب الوارد في الأخبار المطلقة المشار إليها في الهامش 6 ص 133: على كلب الهراش.

و تعليل أيضا لحمل إطلاق كلام العماني على كلب الهراش.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 63 الحديث 7-8. و ص 83 الحديث 1-3-5-6-7. أليك الحديث 7 من ص 63 عن أبي بصير عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام في حديث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: ثمن الخمر، و مهر البغي، و ثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت. و أليك الحديث 8 من نفس الصفحة.

و عن (محمد بن علي بن الحسين) قال: قال عليه السلام:

أجر الزانية سحت، و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت.

فالحديثان مقيدان يقيدان تلك المطلقات المشار إليها في الهامش 6 ص 133 و يخصصانها بكلب الهراش، دون مطلق الكلب.

ص: 134

في الجملة (1).

ثم إن ما عدا كلب الهراش على أقسام:

(أحدها) كلب الصيد السلوقي. و هو المتيقن من الأخبار (2) و معاقد الاجماعات الدالة على الجواز.

(الثاني) (3) كلب الصيد غير السلوقي، و بيعه جائز على المعروف من غير ظاهر اطلاق المقنعة و النهاية (4).

و يدل عليه (5) قبل الاجماع المحكي عن الخلاف و المنتهى و الإيضاح و غيرها (6) الأخبار (7) المستفيضة:

(منها) (8) قوله عليه السلام في رواية القاسم بن الوليد: قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد؟

++++++++++

(1) سبق المراد من التقييد بقوله: في الجملة في الهامش 4 ص 133.

(2) و هي الأخبار المشار إليها في الهامش 2 من ص 134.

(3) أي القسم الثاني من أقسام كلب غير الهراش.

(4) فإن ظاهر هما اختصاص الجواز بكلب الصيد السلوقي.

و لا يخفى أن ذهاب الشيخ الى اختصاص جواز بيع الكلب الصيود:

بكلب الصيد السلوقي لا يدل على عدم جواز اقتناء كلب الصيد غير السلوقي.

(5) أي على جواز بيع الكلب غير السلوقي.

(6) أي و غير هذه الكتب الثلاثة مما نقل الاجماع فيها.

(7) بالرفع فاعل لقوله: و يدل، أي و يدل على جواز بيع الكلب غير السلوقي: الأخبار المستفيضة الآتية بقوله: منها و منها و منها.

(8) أي من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع كلب الصيد و شرائه.

ص: 135

قال: سحت، و أما الصيود فلا بأس به (1).

(و منها) (2) الصحيح عن ابن فضال عن أبي جميلة عن ليث قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب الصيود يباع؟

قال عليه السلام نعم و يؤكل ثمنه (3).

(و منها) (4) رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن كلب الصيد؟ قال: لا بأس به، و أما الآخر فلا يحل ثمنه (5)

(و منها) (6) ما عن دعائم الاسلام للقاضي نعمان المصري عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لا بأس بثمن كلب الصيد (7).

(و منها) (8) مفهوم رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 83 الباب 14 من أبواب تحريم بيع الكلاب. الحديث 1.

(2) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الكلب الصيود و شرائه.

(3) (التهذيب) الجزء 6 ص 365. الحديث 137.

(4) أي و من تلك الاخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الكلب الصيود و شرائه.

(5) (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 83 الباب 14. الحديث 5.

(6) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع كلب الصيد

(7) (دعائم الاسلام) طباعة مصر دار المعارف عام 1383 الجزء 2 ص 19. الحديث 28.

(8) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الكلب الصيود و شرائه مفهوم رواية أبي بصير.

و المراد من المفهوم: مفهوم الوصف الواقع في قوله عليه السلام:

ص: 136

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: ثمن الخمر و مهر البغي، و ثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت (1).

(و منها) (2) مفهوم رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت، و لا بأس بثمن الهرة (3).

و مرسلة الصدوق (4) رحمه اللّه و فيها: ثمن الكلب الذي ليس بكلب

++++++++++

- عليه السلام: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت، فإن مفهومه: ثمن الكلب الذي يصيد ليس بسحت.

ثم إن الظاهر و المتراءى من كلام (شيخنا الأعظم) أن الوصف له مفهوم و أنه حجة، حيث يستدل بمفهوم هذه الرواية على صحة جواز بيع كلب الصيد و شرائه، مع أنه قدس سره لا يقول بأن للوصف مفهوما حتى يكون حجة فهو يقول: إن الوصف لا يفيد المفهوم أي ليس له مفهوم فانكاره راجع الى الصغرى: و هو أن الوصف ليس له مفهوم لا الى الكبرى: و هو أن المفهوم ليس بحجة، بل هو معترف بهذه الكبرى الكلية، لكنه منكر لوجود مفهوم للوصف.

فعلى ظاهر كلامه يجوز أخذ الثمن على كلب الصيد فيصح بيعه و شراؤه و المعاوضة عليه.

(1) (التهذيب) الجزء 7 ص 135. الحديث 7.

(2) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع كلب الصيد و شرائه.

(3) نفس المصدر الجزء 6 ص 356 الحديث 38.

(4) بالرفع عطفا على كلمة مفهوم في قوله: و منها مفهوم، أي و من تلك الأخبار المستفيضة مفهوم مرسلة الصدوق.

ص: 137

الصيد سحت (1).

ثم إن دعوى انصراف هذه الأخبار (2) كمعاقد (3) الإجماعات المتقدمة: الى السلوقي (4) ضعيفة (5)

++++++++++

(1) (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3 ص 105. الحديث 83.

(2) و هي المشار إليها في الهامش 8 ص 135 و الهامش 3-5-7 من ص 136، و الهامش 1-3-4 من ص 137.

أي دعوى انصراف الأخبار المذكورة الواردة في جواز بيع الكلب الصيود، و نفي البأس عن ثمنه: الى كلب الصيد السلوقي الذي هو نوع خاص من الكلاب، و له هيئة غير هيئة بقية الكلاب و هو منسوب الى قرية سلوق التي هي من قرى اليمن: ضعيفة.

ثم إن المراد من الانصراف: انصراف المعنى من اللفظ فقط، من دون وجود قرينة على ذلك.

(3) تشبيه من الشيخ، أي دعوى انصراف الأخبار المذكورة الى كلب الصيد السلوقي كدعوى انصراف الاجماعات المنقولة الى كلب الصيد السلوقي فكما أن تلك الدعوى ضعيفة و باطلة ليس لها شاهد.

كذلك هذه ضعيفة باطلة ليس لها شاهد.

و معاقد: جمع معقد بفتح الميم و سكون العين و فتح القاف: و هو اللفظ الدال على الحكم الذي انعقد عليه الاجماع كما في قولك: بيع النجس لا يصح اجماعا لو فرض انعقاد الاجماع عليه فتكون هذه الجملة معقدا لهذا الاجماع: و دلالتها على الاجماع لفظية.

(4) الجار و المجرور متعلق بقوله: انصراف، أي دعوى انصراف الأخبار المذكورة الى الكلب السلوقي كادعاء انصراف الاجماعات المنقولة إليه.

(5) خبر لاسم إن في قوله: ثم إن دعوى.

ص: 138

لمنع (1) الانصراف، لعدم (2) الغلبة المعتد بها على فرض

++++++++++

(1) أي انصراف تلك الأخبار المستفيضة التي ذكرها الشيخ بقوله:

منها و منها و منها: الى كلب الصيد السلوقي.

(2) تعليل لمنع الانصراف المدعى.

و خلاصة التعليل: أن للانصراف منشأين:

(أحدهما): غلبة الوجود في الخارج لبعض المصاديق، و قلة الوجود بالقياس الى بعضها الآخر في كل لفظ له شمول، و يدعى أن اللفظ متى استعمل انصرف الى ما هو أكثر وجودا في الخارج، دون النادر القليل المصداق، و ليس لهذا الانصراف سبب إلا الكثرة الوجودية، و إلا الغلبة الخارجية لهذا دون هذا فيجعل ذلك كبرى كلية منطبقة على أي مورد كثر فيه الفرد الموجود في الخارج، و قل فيه الطرف الآخر، لانصراف اللفظ الى ما ثبت له الغلبة في الوجود، دون الفرد النادر القليل.

خذ لذلك مثالا:

لفظ (العامل) ينصرف الى من يباشر العمل بيده كالبناية و النجارة و الحياكة و الخياطة و الكتابة و الطباعة و ما ضاربها، و لا يشمل المهندس و المعمار و المقاول و من يريد العمل، مع أنهم عمال، و ليس هذا الانصراف إلا لغلبة الوجود في الخارج.

(الثاني) كثرة استعمال اللفظ المطلق في بعض مصاديقه، و قلة استعماله في البعض الآخر بحيث لو اريد باستعماله، أي استعمال اللفظ المطلق:

المصداق الآخر لوجب على المستعمل نصب قرينة على المراد.

خذ لذلك مثالا:

لفظ الكلب و الخنزير ينصرفان الى البريين متى اطلقا و استعملا في حين أن الكلب و الخنزير البحريين من المصاديق قطعا فيحمل دليل النجاسة -

ص: 139

..........

++++++++++

- الواردة فيهما على البريين، دون البحريين، و ليس لهذا الحمل سبب ظاهر سوى الانصراف المذكور إليهما، دون الآخرين

و السبب الوحيد المبرر للحمل على بعض أفراد اللفظ: هي الغلبة الاستعمالية، دون الوجودية.

و لو فرض أن وجود الكلب البري أقل، و البحري أكثر وجودا إلا أن الاستعمال في البرى أكثر، لعدم مساعدة الاستعمال في البحري:

لكان الأخذ بالأول و هو البري حتميا بتيا، و الثاني معرضا عنه، و ليس هذا الانصراف إلا من ناحية كثرة استعمال لفظ الكلب فيه، دون القسم الآخر.

اذا عرفت منشأ الانصراف فنقول تطبيقا لتلك الكبرى المتقدمة في المنشأ الأول: و هي الغلبة الوجودية الخارجية لبعض الأفراد: إن الكلب الصيود الذي نطقت به الأخبار الدالة على جواز بيعه، و حلية ثمنه منصرف الى الكلب السلوقي الذي هو قسم خاص من الكلاب ينسب الى قرية من نواحي (اليمن)، حيث إن أكثر كلابها صيود معلّم، أو لكون كل كلب يؤخذ منها يسمى بالسلوقي، و عليه فيبقى غير السلوقي من الصيود تحت عموم المنع فالقائل بانصراف الصيود الى السلوقي قد جعل منشأ انصراف الصيود الى السلوقي و حمل روايات جواز بيعه، و حلية ثمنه: كثرة الوجود و غلبة الصيود السلوقي: هو المصداق المنصرف إليه اللفظ ليس إلا، مع أن للكلب الصيود مصاديق أخرى، حيث إن كلب الصيود السلوقي من صغريات تلك الكبرى الكلية التي هي غلبة الوجود الخارجي.

هذه غاية ما أفيد في المقام من دعوى الانصراف و ان المراد من الكلب الصيود هو الكلب الصيود السلوقي.

لكن لما كان الاستدلال بالانصراف مخدوشا صغرى و كبرى تصدى -

ص: 140

..........

++++++++++

- الشيخ للرد عليه و أفاد بمنع الصغرى أولا

و حاصل المنع: أننا نمنع الصغرى: و هي غلبة الوجود، بناء على تسليم كون غلبة الوجود منشأ للانصراف، حيث ليس هناك غلبة معتد بها في وجود السلوقي خارجا حتى ينصرف اللفظ إليه. مع أنه لا بدّ من وجود الغلبة حتى تكون منشأ للانصراف كما هو المدعى فاذا لم يكن هناك غلبة يعتد بها كيف يمكن دعوى انصراف لفظ الكلب الصيود في الأخبار:

إلى الكلب الصيود السلوقي. لاحتمال أن كل كلب يؤخذ من تلك القرية يسمى سلوقيا و ان لم يكن صيودا معلّما فيكفي في منع هذه الغلبة المدعاة هذا الاحتمال.

هذا في منع الصغرى.

و أما منع الكبرى: و هو كون غلبة الوجود منشأ للانصراف.

فخلاصة المنع: أننا لا نذعن بكون غلبة الوجود وحدها منشأ للانصراف اذا لم يكن هناك غلبة استعمال اللفظ في الفرد المدعى انصرافه إليه، بل لا بدّ من وجود غلبة الاستعمال مع غلبة الوجود حتى يصح دعوى الانصراف.

و فيما نحن فيه لم يكن غلبة الاستعمال موجودة حتى يقال بالانصراف.

فالحاصل أنه تارة نمنع وجود غلبة معتد بها حتى يمكن دعوى الانصراف في المقام، و هذا هو المعبر عنه بمنع الصغرى.

و أخرى نمنع كون غلبة الوجود وحدها من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف، و هذا هو المعبر عنه بمنع الكبرى.

و الى انكار الصغرى و الكبرى أشار الشيخ بقوله: لمنع الانصراف لعدم الغلبة المعتد بها على فرض تسليم كون مجرد غلبة الوجود من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف.

ص: 141

تسليم (1) كون مجرد غلبة الوجود من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف.

++++++++++

- ثم إن الشيخ يمنع ثانيا عن التطبيق الصغروي أيضا: بعدم إمكان تأتي الكبرى المدعاة و تطبيقها في مثل قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي لا يصيد المشار إليه في الهامش 2 من ص 137.

و مثل قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت المشار إليه في الهامش 4 من ص 137.

و حاصل المنع: أن ادعاء الانصراف في مثلهما مما سلب عنهما صفة الاصطياد يستلزم منه الجمع بين الضدين، إذ كيف يمكن أن يقال بانصراف الكلب الصيود الى الكلب السلوقي الصيود الذي سلب منه صفة الاصطياد كما هو مقتضى منطوق التقييد فلا مجال لدعوى الانصراف المذكور في هاتين الجملتين من الروايتين.

هذا ما أفاده الشيخ من عدم المجال للانصراف فيهما.

لكن ما أفاده لا يتأتى في الروايتين، بل يأتي في الرواية المشار إليها في الهامش 2 من ص 137، حيث لم يثبت صفة الاصطياد للكلب حتى ينصرف الى كلب مخصوص، و انما فيه نفي الصفة.

و أما الرواية المشار إليها في الهامش 4 ص 137 فلا مجال للإشكال فيها حيث إنه عليه السلام نفى كونه كلب صيد، لا أنه نفى الصيد نفسه فالانصراف المذكور في الأخبار و الإجماعات المنقولة على فرض صحته يأتي في الكلب الصيود المنفي عنه صفة الاصطياد فالمعنى على تقدير الانصراف و صحته:

(ثمن الكلب الذي ليس بسلوقي سحت).

(1) أي و بعد التسليم بأن غلبة الوجود من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف، و قد عرفت شرح هذا في ص 141 عند قولنا: و أما منع الكبرى.

ص: 142

مع (1) أنه لا يصح في مثل قوله: ثمن الكلب الذي لا يصيد أو ليس بكلب الصيد، لأن مرجع التقييد (2) الى إرادة ما يصح عنه سلب صفة الاصطياد.

و كيف كان (3) فلا مجال لدعوى الانصراف، بل يمكن أن يكون مراد المقنعة و النهاية من السلوقي مطلق (4) الصيود، على ما شهد به (5)

++++++++++

(1) أي مع أن الانصراف المذكور لا يصح.

هذا إضراب و ترق من الشيخ بعد تسليمه بأن غلبة الوجود وحدها من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف.

و قد عرفت خلاصة الإضراب و الترقي في ص 142 عند قولنا: ثم إن الشيخ يمنع ثانيا عن التطبيق الصغروي أيضا.

(2) و هو تقييد الكلب في الحديثين المشار إليهما في الهامش 2 ص 137 في قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت، و الهامش 4 ص 137 في قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت.

و كلمة لأن تعليل من الشيخ في عدم تطبيق الصغروي أيضا على الحديثين.

و قد عرفت في ص 142 عند قولنا: إن الشيخ يمنع ثانيا: شرح هذا التعليل.

(3) أي سواء أ كانت استفادة الإطلاق من الروايات، أم من قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي لا يصيد، أو ليس بكلب الصيد.

(4) أي سواء أ كان الكلب سلوقيا أم غيره.

(5) أي شهد بعض الفحول أن السلوقي يطلق على مطلق كلب الصيود في بعض الأحيان، سواء أ كان من قرية السلوق أم لا، فشهادة هذا البعض -

ص: 143

بعض الفحول: من (1) إطلاقه عليه أحيانا.

و يؤيد (2) بما عن المنتهى، حيث إنه بعد ما حكى التخصيص (3) بالسلوقي عن الشيخين (4) قال: و عنى بالسلوقي كلب الصيد، لأن سلوق قرية باليمن، أكثر كلابها معلّمة فنسب الكلب إليها، و إن كان هذا الكلام من المنتهى يحتمل لأن يكون مسوقا لإخراج غير كلب الصيد من الكلاب السلوقية (5)، و أن المراد بالسلوقي خصوص الصيود، لا كل سلوقي.

لكن الوجه الأول (6) أظهر فتدبر (7).

(الثالث) (8) كلب الماشية و الحائط: و هو البستان

++++++++++

- على أن المراد من السلوقي مطلق الصيود تكفي في عدم مجال لدعوى الانصراف المذكور.

(1) من بيانية لما أفاده بعض الفحول.

و مرجع الضمير في اطلاقه: السلوقي، و في عليه: مطلق الكلب الصيود.

و قد عرفت شرح ما أفاده بعض الفحول في الهامش 5 من ص 143.

(2) أي و يؤيد هذا الاطلاق.

(3) أي تخصيص كلب الصيد بالكلب السلوقي.

(4) و هما: الشيخ المفيد، و الشيخ الطوسي.

(5) أي المراد من الكلب السلوقي الكلب الذي يصيد، لا مطلق الكلاب السلوقية و إن لم تكن معلّمة.

(6) و هو مطلق الكلب الصيود و إن لم يكن سلوقيا.

و وجه الأظهرية: انتساب مطلق كلب الصيد الى السلوق.

(7) لعله اشارة الى الوجه الذي ذكرناه في الأظهرية.

(8) أي القسم الثالث من أقسام الكلب غير الهراش.

ص: 144

و الزرع (1).

و الأشهر بين القدماء على ما قيل: المنع (2)، و لعله استظهر ذلك (3) من الأخبار الحاصرة لما يجوز بيعه في الصيود المشتهرة بين المحدثين كالكليني و الصدوقين و من تقدمهم، بل و أهل الفتوى كالمفيد و القاضي و ابن زهرة و ابن سعيد و المحقق، بل ظاهر الخلاف و الغنية الإجماع عليه.

نعم المشهور بين الشيخ و من تأخر عنه الجواز (4) وفاقا للمحكي عن ابن الجنيد قدس سره، حيث قال: لا يأس بشراء الكلب الصائد و الحارس للماشية و الزرع ثم قال: لا خير في الكلب فيما عدا الصيود و الحارس.

و ظاهر الفقرة الأخيرة (5) لو لم يحمل على الأولى (6):

++++++++++

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: كلب الماشية، أي كلب الزرع.

(2) أي منع جواز المعاوضة على الكلاب المذكورة.

(3) أي و لعل الشأن في منع المعاوضة على الكلاب المذكورة: هي الأخبار المستفيضة التي ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها و منها. و قد أشرنا إليها في ص 135-136-137 فإنها تحصر جواز بيع الكلاب في الكلاب السلوقية الصيودة لا غير. و بهذه المناسبة غير عنها (شيخنا الأنصاري):

ب: (الأخبار الحاصرة).

(4) أي جواز بيع الكلاب الثلاثة المذكورة.

(5) المراد من الفقرة الأخيرة: هو قول (ابن الجنيد): لا خير في الكلب فيما عدا الصيود و الحارس.

(6) المراد من الأولى الفقرة الأولى: الواقعة في قول ابن الجنيد:

لا بأس بشراء الكلب الصائد و الحارس للماشية و الزرع.

مقصود الشيخ من هذه العبارة: (و ظاهر الفقرة الأخيرة لو لم يحمل -

ص: 145

جواز (1) بيع الكلاب الثلاثة و غيرها كحارس الدور و الخيام.

و حكي الجواز (2) أيضا عن الشيخ و القاضي في كتاب الاجارة و عن سلار و أبي الصلاح و ابن حمزة و ابن ادريس، و أكثر المتأخرين كالعلامة و ولده السعيد و الشهيدين و المحقق الثاني و ابن القطان في المعالم و الصيمري و ابن فهد، و غيرهم من متأخري المتأخرين.

عدا قليل وافق المحقق كالسبزواري و التقي المجلسي، و صاحب الحدائق و العلامة الطباطبائي في مصابيحه، و فقيه عصره في شرح القواعد.

++++++++++

- على الأولى): أن لفظ الحارس في الجملة الثانية التي عرفتها في الهامش 5 من ص 145 مطلق غير مقيد بقيد، حيث قال ابن الجنيد:، فيما عدا الصيود و الحارس.

و لفظ الحارس في الجملة الأولى التي عرفتها في الهامش 6 ص 145 مقيد بقيد الماشية و الزرع، حيث قال ابن الجنيد: و الحارس للماشية و الزرع فحينئذ تكون الظاهرتان مختلفتين، حيث إن ظاهر الفقرة الأخيرة جواز بيع الكلاب الثلاثة، و غيرها من كلاب حارس الدور و الخيام.

و ظاهر الفقرة الأولى: عدم جواز بيع كلب البستان و الدور و الخيام فلدفع هذا الاختلاف لا بدّ من حمل الفقرة الأخيرة على الجملة الأولى، أي نقيد الجملة الأخيرة التي هي مطلقة بالجملة الأولى التي هي مقيدة فاذا قيدنا الجملة الأخيرة بالجملة الأولى: ارتفع الاختلاف.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المقدم و هو قوله: و ظاهر الفقرة الأولى أي ظاهر الفقرة الأخيرة جواز بيع الكلاب الثلاثة و غيرها من كلب حارس الدور و الخيام لو لم تحمل على الفقرة الأولى.

و قد عرفت شرح هذه العبارة بقولنا: مقصود الشيخ.

(2) أي جواز بيع الكلاب الثلاثة.

ص: 146

و هو (1) الأوفق بالعمومات المتقدمة المانعة، إذ لم نجد مخصصا لها (2) سوى ما أرسله في المبسوط من أنه روي ذلك يعني جواز البيع في كلب

++++++++++

(1) أي عدم جواز بيع الكلاب الثلاثة: و هو كلب الماشية، و الزرع و الحائط كما أفاده المحقق و تبعه على ذلك (السبزواري، و التقي المجلسي و صاحب الحدائق، و العلامة الطباطبائي، و صاحب كشف الغطاء): هو الأوفق للعمومات المتقدمة التي تمنع عن بيعها.

و المراد من العمومات المتقدمة المانعة: هو قوله عليه السلام: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت المشار إليه في ص 137.

و قوله عليه السلام: و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت المشار إليه في ص 137.

فهذان الحديثان صريحان في عدم جواز بيع الكلاب الثلاثة، سوى كلب الصيد من بقية الكلاب.

و هكذا بقية الأخبار المستفيضة التي ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها و منها و اشير إليها في ص 135-136-137.

ثم لا يخفى عدم وجود الملازمة بين المنع من جواز بيع الكلاب الثلاثة.

و بين جواز اتخاذها لغاية عقلائية أخرى، و في جواز اقتنائها رواية أليك نصها:

عن أبي رافع عن النبي صلى اللّه عليه و آله في حديث أنه رخص في اقتناء كلب الصيد، و كل كلب فيه منفعة مثل كلب الماشية، و كلب الحائط، و كلب الزرع الى آخر الحديث.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة) الجزء 2 ص 430، الباب 12 الحديث 7.

(2) أي لم نعثر على مخصص لهذه العمومات المذكورة سوى مرسلة الشيخ في المبسوط.

ص: 147

الماشية و الحائط المنجبر قصور سنده (1) و دلالته (2) لكون (3) المنقول مضمون الرواية، لا معناها، و لا ترجمتها (4). باشتهاره بين المتأخرين (5)

++++++++++

- راجع (المبسوط) طبعة (طهران). الجزء 2 ص 166. أليك نص عبارته:

و روي أن كلب الماشية. و الحائط كذلك، أي يجوز بيعها.

(1) مرجع الضمير: (ما الموصولة) في قوله: سوى ما أرسله لما كانت المرسلة المذكورة قاصرة من حيث السند و الدلالة المسببين لوهنها أراد الشيخ أن يزيل هذا الوهن عنها فقال: إن قصور سند المرسلة و قصور دلالتها منجبر باشتهارها بين المتأخرين.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه: و هي كلمة سنده، أي المرسلة المذكورة منجبر قصور دلالتها باشتهارها بين المتأخرين كما عرفت آنفا.

(3) تعليل لقصور دلالة المرسلة، لا لقصور سندها.

و أما علة قصور السند فلحذف أسنادها.

(4) الفرق بين النقل بالمضمون، و النقل بالمعنى، و الترجمة: أن النقل بالمضمون: هو الحكم المستفاد من الرواية.

و النقل بالمعنى: هو نقل ما في الرواية تماما و خلاصته بألفاظ غير الألفاظ الصادرة عن الامام عليه السلام، لكن بنفس الألفاظ العربية.

و أن النقل بالترجمة: هو نقل ما في الرواية بألفاظ أجنبية كنقل الرواية بالفارسية مثلا.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: المنجبر أي المرسلة المذكورة في (المبسوط) منجبر قصور سندها، و قصور دلالتها باشتهارها بين المتأخرين كما عرفت فهذا الاشتهار يكفينا عن ضعف المرسلة.

ص: 148

بل (1) ظهور الاتفاق المستفاد من قول الشيخ في كتاب الاجارة:

إن (2) أحدا لم يفرق بين بيع هذه الكلاب و اجارتها بعد ملاحظة الاتفاق على صحة إجارتها (3)، و من قوله (4) في التذكرة: يجوز بيع هذه الكلاب عندنا

++++++++++

(1) هذا ترق من انجبار المرسلة باشتهارها بين الأصحاب، أي ضعف المرسلة المذكورة علاوة على انجبارها باشتهارها بين الأصحاب: منجبر أيضا باتفاق الفقهاء على صحة اجارة الكلاب المستفاد هذا الاتفاق من قول الشيخ: إن أحدا لم يفرق بين صحة اجارة الكلاب، و بين بيعها، فعدم الفرق بالاتفاق المذكور مما يجبر الضعف.

(2) هذه الجملة: إن أحدا لم يفرق بين بيع الكلاب و اجارتها:

مقول قول (شيخ الطائفة) كما عرفت.

(3) كأن (شيخنا الأنصاري) يدعي الملازمة بين صحة اجارة الكلاب الثلاثة، و بين صحة بيعها فقال: بعد ملاحظة الاتفاق.

و خلاصة الدعوى: أن صحة اجارة كل شيء متوقفة على تملك ذلك الشيء فاذا كان ملكا للمكلف صح جميع التصرفات فيه، و من جملتها اجارته فاجارة الكلاب دليل على أنها تملك. اذ لو لا ذلك لما صحت الاجارة فاذا صحت الاجارة صح البيع، لوحدة الملاك و المناط.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: هذه الكلاب مما تصح اجارتها:

الكبرى: و كل ما تصح اجارته يصح بيعه:

النتيجة: فالكلاب المذكورة يصح بيعها:

(4) عطف على قوله: المستفاد من قول الشيخ، أي ظهور الاتفاق المذكور مستفاد من قول العلامة في التذكرة أيضا.

ص: 149

و من المحكي (1) عن الشهيد في الحواشي: أن أحدا لم يفرق بين الكلاب الأربعة (2).

فتكون هذه الدعاوى (3) قرينة على حمل كلام من اقتصر على كلب الصيد: على المثال لمطلق ما ينتفع به منفعة محللة مقصودة (4).

كما يظهر ذلك (5) من عبارة ابن زهرة في الغنية، حيث اعتبر أولا في المبيع أن يكون مما ينتفع به منفعة محللة مقصودة ثم قال: و احترزنا بقولنا: ينتفع به منفعة محللة: عما يحرم الانتفاع به، و يدخل في ذلك (6) كل نجس إلا ما خرج بالدليل من بيع الكلب المعلم للصيد، و الزيت النجس

++++++++++

(1) عطف على قوله: المستفاد، أي الاتفاق المذكور مستفاد أيضا من المحكي عن (شيخنا الشهيد) في جملة حواشيه.

(2) و هو كلب الصيد، و كلب الماشية، و كلب الزرع، و كلب الحائط.

(3) و هو قول (شيخ الطائفة) في كتاب الاجارة: إن أحدا لم يفرق بين بيع هذه الكلاب، و اجارتها.

و قول (العلامة في التذكرة): يجوز بيع هذه الكلاب عندنا

و المحكي عن (الشهيد) في حواشيه: أن أحدا لم يفرق بين الكلاب الأربعة.

(4) لا على وجه الانحصار حتى لا يجوز بيع بقية الكلاب.

(5) و هو أن الاقتصار على كلب الصيد إنما هو لأجل المثال لا للانحصار.

(6) أي و يدخل فيما يحرم الانتفاع به: النجس، سواء أ كان ذاتيا أم عرضيا. بقرينة قول (شيخنا الأنصاري): و الزيت النجس لفائدة الاستصباح، فإن نجاسة الزيت عرضية، لا ذاتية.

ص: 150

لفائدة الاستصباح تحت السماء.

و من المعلوم (1) بالإجماع و السيرة جواز الانتفاع بهذه الكلاب منفعة محللة مقصودة أهم من منفعة الصيد فيجوز بيعها (2)، لوجود القيد الذي اعتبره فيها. و أن المنع من بيع النجس منوط بحرمة الانتفاع (3) فينتفي بانتفائها.

و يؤيد ذلك (4) كله: ما في التذكرة: من أن المقتضي لجواز بيع

++++++++++

(1) هذا الكلام من (شيخنا الأنصاري)، لا من متعلقات كلام (ابن زهرة).

(2) مرجع الضمير: الكلاب الثلاثة، و مرجع الضمير في اعتبره:

(ابن زهرة)، و المراد من القيد: المنفعة المحللة المقصودة.

فالمعنى: أن الاجماع، و السيرة قائمان على جواز الانتفاع بهذه الكلاب من زمن (الرسول الأعظم و أئمة أهل البيت) صلى اللّه عليهم أجمعين الى عصرنا هذا.

و مما لا شك فيه أن هذا الانتفاع أهم من منفعة الصيد.

و هذا القيد و هو الانتفاع الذي هو أهم مستفاد من كلام (ابن زهرة) في جواز بيع هذه الكلاب بقوله: و احترزنا بقولنا: ينتفع به منفعة محللة.

(3) هذه الجملة: و أن المنع من بيع النجس منوط بحرمة الانتفاع من كلام (شيخنا الأنصاري)، لا من كلام ابن زهرة.

مقصوده: أن منع (ابن زهرة) عن بيع النجس إنما هو لأجل عدم الانتفاع به، أما لو كان الانتفاع به ممكنا لجاز بيعه أيضا، فالجواز و العدم دائران مدار الانتفاع و عدمه، فان وجد جاز البيع، و إلا فلا.

(4) و هو ما أفاده (ابن زهرة) من أن جواز بيع الكلاب المذكورة و عدمه دائران مدار الانتفاع و عدمه.

ص: 151

كلب الصيد أعني المنفعة موجود في هذه الكلاب.

و عنه (1) رحمه اللّه في مواضع اخر أن تقدير الدية لها (2) يدل على مقابلتها بالمال، و إن ضعف الأول (3) برجوعه الى القياس

++++++++++

(1) أي و عن (العلامة) في كتبه الفقهية الأخرى.

(2) أي لهذه الكلاب الثلاثة.

أليك توضيح ما أفاده العلامة في الاستدلال على جواز البيع.

استدل رحمه اللّه بأمرين:

(الأول): وجود المنفعة العقلائية المحللة المقصودة في هذه الكلاب و هذا يكفي في اندراج الموضوع تحت قاعدة: (كل ما فيه منفعة محللة مقصودة جاز بيعه.

(الثاني): أن الشارع المقدس قدر لهذه الكلاب الدية، و التقدير منه لها دليل على احترامه لهذه الكلاب، و اهتمامه بها، و أنه لم يجعلها هدرا و لذلك قدر لها تقديرا ماليا فاذا ثبتت ماليتها في الشرع جاز بيعها، نظرا الى اندراجه تحت قاعدة: (المال ما يبذل بإزائه المال).

(3) هذا رد على الدليل الأول للعلامة: و هو (أن المقتضي لجواز بيع كلب الصيد أعني المنفعة موجود في هذه الكلاب.

و خلاصة الرد: أن الحكم بجواز بيع الكلاب الثلاثة من باب القياس لأنه قيست الكلاب في جواز بيعها على كلب الصيد في وجود المنفعة فيه المعبر عنها بالمقتضي فالقدر الجامع بين المقيس و هي الكلاب الثلاثة، و المقيس عليه و هو كلب الصيد: هو وجود المنفعة المحللة المعبر عنها بالمقتضي. و هذا قياس باطل، لعدم كونه منصوص العلة.

و كأن الايراد المذكور غير مرضي عند الشيخ فلذا عبر عنه بصيغة المجهول و قال: و ان ضعف الأول.

ص: 152

و الثاني (1) بأن (2) الدية لو لم تدل على عدم التملك

++++++++++

- ثم لا يخفى أن الشيخ قدس سره أفاد في تضاعيف كلماته في الكتاب أن المنفعة المحللة موجبة لمالية الشيء، و من الواضح أن للكلاب الثلاثة منفعة محللة موجبة لماليتها، و بذل المال بإزائها.

اذا فلا قياس في البين حتى يقال ببطلان الدليل الأول.

بل هنا تشخيص فرد مما يجوز بيعه باعتبار وجود المصحح فيه و قد قيل مرارا و تكرارا: الجواز و العدم دائران مدار الانتفاع و عدم الانتفاع فان وجد جاز البيع، و إلا فلا.

(1) بالرفع عطف على قوله: و ان ضعف الأول، أي و ان ضعف الدليل الثاني للعلامة: و هو قوله: إن تقدير الدية للكلاب الثلاثة تدل على أنها تقابل بالمال.

(2) الباء بيانية لكيفية رد الدليل الثاني للعلامة.

و خلاصة الرد: أن تقدير الدية من الشارع للكلاب المذكورة لا يكون دليلا على ماليتها و أنها تقابل بالمال.

بل التقدير المذكور دليل عدم ماليتها في نظر الشارع فجعل الدية لها كجعلها للحر، مع أنه لا يملك.

خذ لذلك مثالا:

لو قتل الحر فديته ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم إذا كان رجلا و خمسمائة دينار، أو خمسة آلاف درهم لو كان المقتول امرأة.

و هكذا خمسمائة دينار، أو خمسة آلاف درهم لو قطعت احدى يديه.

و ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم لو قطعت يداه.

و مائتان و خمسون دينارا، أو ألفان و خمسمائة درهم لو كانت المقطوعة واحدة و كانت يد امرأة.

ص: 153

..........

++++++++++

- و خمسمائة دينار و خمسة آلاف درهم لو كانت كلتاهما.

و هكذا في بقية الأعضاء و الجوارح كل منها قدر لها في الشرع دية معينة على حدة للرجل و المرأة، مع أن الحر لا يقابل بالمال و لا يملك.

و أما المملوك فليس له دية خاصة معينة لو جني عليه، حيث لم يقدر له الشارع دية معينة، بل يؤخذ من الجاني على العبد بقدر قيمته على قدر النسبة في دية الحر مقابل الجناية.

خذ لذلك مثالا:

لو جني على احدى عيني العبد فذهبت فديتها نصف قيمته.

كما كانت هذه الدية للعين الواحدة في الحر، سواء أ كان المملوك رجلا أم امرأة.

و هكذا لو قطعت احدى يديه فديتها نصف قيمته.

و كذا بقية أعضائه و جوارحه فلها من الدية بنسبة ما في دية الحر فجعل الدية للعبد لا يكون دليلا على أنه لا يملك و لا يبذل بإزائها المال.

فالخلاصة أن جعل الدية من الشارع لا يكون دليلا على أن المجعول له يملك كما أن عدم الجعل لا يكون دليلا على عدم تملك المجعول له كما عرفت في الحر و العبد، حيث إن الأول لا يملك و لا يقابل بالمال و قد قدر له الدية من الشارع.

و الثاني يملك و يقابل بالمال، و لكن قدر له الدية من الشارع و يقابل بالمال.

ثم إن قول العلامة: إن تقدير الدية للكلاب المذكورة دليل على ماليتها و أنها تقابل بالمال، لو كان صحيحا لكان الواجب على المشتري حينئذ دفع قيمة الكلاب مهما بلغت، لا الدية.

ص: 154

و إلا (1) لكان الواجب القيمة كائنة ما كانت: لم تدل (2) على التملك لاحتمال (3) كون الدية من باب تعيين غرامة معينة لتفويت شيء ينتفع به لا لإتلاف مال كما في إتلاف الحر (4).

و نحوهما (5) في الضعف دعوى انجبار المرسلة (6) بدعوى (7) الاتفاق

++++++++++

- اذا فتقدير الدية لها دليل على عدم تملكها، و أنها لا تقابل بالمال.

(1) مركبة من إن و لا النافية، لا أنها بسيطة و كلمة استثناء و معناها: أن جعل الدية لو دل على الملكية و المالية للكلاب لكان الواجب دفع قيمتها كما عرفت في الهامش 2 ص 153-154.

و جملة: و إلا لكان الواجب القيمة كائنة ما كانت: جملة معترضة بين الشرط و هو قوله: لو لم تدل، و بين الجزاء و هو قوله: لكان الواجب القيمة كانت ما كانت: لم تدل.

(2) جواب للو الشرطية في قوله: و بأن الدية لو لم تدل.

و المعنى أن الدية لو لم تدل على عدم التملك لم تدل على التملك أيضا فكلا احتمال طرفي القضية على حد سواء.

(3) تعليل لعدم دلالة الدية على التملك و المقابلة بالمال.

(4) حيث إن الدية ثابتة للحر لو قتل، أو أصيبت أحد أعضائه و جوارحه.

(5) أي و نحو هذين الدليلين و هما:

وجود المنفعة المحللة المقصودة في الكلاب الثلاثة كوجودها في كلب الصيد.

و تقدير الدية من الشارع للكلاب الثلاثة.

(6) و هي مرسلة الشيخ المذكورة في المبسوط.

(7) الجار و المجرور متعلقان بقوله: انجبار المرسلة، أي دعوى -

ص: 155

المتقدم عن الشيخ و العلامة و الشهيد قدس اللّه أسرارهم، لوهنها (1) بعد الإغماض عن معارضتها بظاهر عبارتي الخلاف و الغنية: من الإجماع على عدم جواز بيع غير المعلم من الكلاب: بوجدان (2) الخلاف العظيم من أهل الرواية و الفتوى.

نعم (3) لو ادعى الإجماع أمكن

++++++++++

- انجبار المرسلة بدعوى الاتفاق المتقدم عن الشيخ أيضا.

(1) مرجع الضمير: الدعوى، و اللام تعليل لضعف الدعوى المدعاة أي ادعاء انجبار ضعف المرسلة بدعوى اتفاق الشيخ على عدم الفرق بين اجارة الكلاب الثلاثة، و بين بيعها: ضعيفة، لوهن هذه الدعوى لأمرين:

(الأول): معارضتها بعبارة الخلاف و الغنية الدالة على عدم جواز بيع غير الكلب المعلّم من الكلاب في نقل الشيخ عنهما في ص 145 بقوله بل ظاهر الخلاف و الغنية الإجماع عليه.

(الثاني): وجود الخلاف العظيم من أهل الرواية و الفتوى في عدم جواز بيع الكلاب عدا المعلّم، حيث قالوا بصحة الاجارة في الكلاب و لم يقولوا بجواز بيعها.

و المراد من أهل الرواية: المحدثون، و من أهل الفتوى: المجتهدون كما أفاد هذا المعنى (شيخنا الأنصاري) بقوله: المشتهرة بين المحدثين كالكليني، و الصدوقين، بل و أهل الفتوى كالمفيد و القاضي.

(2) الجار و المجرور متعلقان بقوله: لوهنها، أي سبب وهن دعوى الشيخ الاتفاق على عدم الفرق بين الاجارة و البيع المشار إليها في الهامش 2 ص 149: وجود الخلاف العظيم من أهل الرواية و الفتوى في عدم جواز بيع الكلاب، حيث قالوا: بصحة الاجارة في الكلاب المذكورة و لم يقولوا بجواز بيعها.

(3) استدراك عما أفاده آنفا من أن دعوى انجبار المرسلة المذكورة -

ص: 156

منع و منها (1) بمجرد الخلاف و لو (2) من الكثير، بناء (3) على ما سلكه بعض متأخري المتأخرين في الإجماع: من كونه منوطا بحصول الكشف من اتفاق جماعة و لو خالفهم أكثر منهم.

++++++++++

- بدعوى اتفاق الشيخ على عدم الفرق بين صحة اجارة الكلاب و بيعها ضعيفة لوهنها بوجود المخالف.

و خلاصة الاستدراك أنه يمكن رفع الوهن عن الاتفاق المذكور مع وجود المخالف: بأنه لو كان الشيخ مدعيا الاجماع بدلا عن الاتفاق لم يعتن حينئذ بوجود المخالفين و ان كانوا كثيرين، بناء على أن الملاك في حجية الاجماع هو كشفه عن رأي المعصوم عليه السلام.

و كلمة ادعى بصيغة المعلوم. و الفاعل (شيخ الطائفة) كما عرفت

(1) مرجع الضمير: الدعوى المذكورة، أي أمكن رفع الوهن عن الدعوى المذكورة كما عرفت.

(2) كلمة لو هنا وصلية، أي رفع الوهن عن الدعوى المذكورة كان ممكنا لو أبدل الشيخ لفظ الاتفاق المذكور بكلمة اجماع و لو كان المخالف كثيرا.

(3) تعليل لكون المخالفة الموجودة من العلماء لا تضر بالاجماع لو أبدل الشيخ لفظ الاتفاق بلفظ الاجماع و لو كانت من الكثيرين.

و خلاصة التعليل: أنه بناء على مسلك بعض متأخري المتأخرين و هو (الشيخ أسد اللّه التستري) صاحب المقابيس: من أن الملاك في حجية الاجماع هو كشفه عن قول المعصوم عليه السلام فعليه لا يضر مخالفة الآخرين بالاجماع و ان كانوا كثيرين، حيث إن المناط في الحجية هو قول المعصوم في الواقع و نفس الأمر، لا اتفاق الكل و اجماعهم حتى يضر مخالفة الآخرين بدعوى الاجماع، فمخالفة الآخرين و ان كانوا كثيرين لا يعتنى به -

ص: 157

مع أن دعوى الإجماع ممن لم يصطلح الإجماع على مثل هذا الاتفاق لا يعبأ بها عند وجدان الخلاف.

و أما شهرة الفتوى بين المتأخرين فلا تجبر الرواية (1)، خصوصا مع مخالفة كثير من القدماء (2)، و مع كثرة ظاهر العمومات (3) الواردة في مقام الحاجة (4)، و خلو (5) كتب الرواية المشهورة عنها حتى أن الشيخ لم يذكرها في جامعيه (6).

++++++++++

- ثم لا يخفى عدم اختصاص هذا المبنى بصاحب المقابيس، بل قد سبقه في ذلك (علم الهدى السيد المرتضى) الذي هو من متقدمي المتقدمين.

(1) يمكن أن تكون الألف و اللام للجنس فالمراد من الرواية مطلق الرواية و يمكن أن تكون للعهد فتكون اشارة الى المرسلة المذكورة في المبسوط التي رواها الشيخ فيه بقوله: و قد روى أصحابنا أنه يستصبح به.

فالمعنى أن الشهرة الفتوائية لا تكون جابرة لضعف سند الرواية كما عرفت في الجواب عن الايرادات الواردة على حديث (تحف العقول) عند قولنا: و أما الشهرة الفتوائية في ص 21

(2) في عدم جواز بيع الكلاب الثلاثة.

(3) و هي الأخبار المستفيضة الدالة على عدم جواز بيع الكلاب الثلاثة و قد ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها و منها في ص 135-137.

(4) و هو وقت خطاب الامام عليه السلام في مقام التشريع، مع أنه لم يرد منه عليه السلام في وقت البيان سوى جواز بيع كلب الصيد.

(5) بالجر عطفا على مدخول مع، أي و مع خلو كتب الأحاديث عن المرسلة المذكورة في المبسوط.

(6) و هما: (التهذيب و الاستبصار).

ص: 158

و أما حمل كلمات القدماء على المثال (1) ففي غاية البعد (2).

و أما كلام ابن زهرة المتقدم (3) فهو مختل على كل حال، لأنه استثنى الكلب المعلّم عما يحرم الانتفاع به، مع (4) أن الإجماع على جواز الانتفاع بالكافر. فحمل كلب الصيد على المثال لا يصحح كلامه.

إلا أن يريد (5) كونه مثالا و لو للكافر أيضا، كما أن استثناء

++++++++++

(1) و هو استثناء كلب الصيد بقولهم: إن كلب الصيد يجوز بيعه حيث حمله بعض على أنه من باب المثال، لا من باب الانحصار حتى لا يجوز بيع ما عداه.

(2) وجه البعد: أن مبنى الفقهاء على بيان جزئيات المسائل الفقهية فكيف يستثنون عن الكلب المحرم بيعه خصوص كلب الصيد لا غير.

(3) في الهامش 5 من ص 150 عند قول المصنف: كما يظهر ذلك من عبارة (ابن زهرة) في الغنية، حيث اعتبر أولا في المبيع أن يكون مما ينتفع به منفعة محللة مقصودة.

(4) هذا اشكال آخر على الاجماع المتقدم في كلام (ابن زهرة).

و خلاصة الاشكال: أن الاجماع قائم على جواز بيع العبد الكافر لأنه مما ينتفع به فكان اللازم على (ابن زهرة) استثناءه أيضا، و لا يخصه ببقية الكلاب فكما استثنى كلب الصيد و كلب الماشية و الزرع و الحائط عن بيع النجس.

كذلك كان عليه استثناء العبد الكافر منه أيضا، مع أنه لم يستثنه.

و من المحتمل أن عدم استثنائه للعبد الكافر لأجل وضوحه.

ثم إن الخبر في قوله: مع أن الاجماع كلمة قائم و قد حذفت كما عرفت في قولنا: و خلاصة الاشكال أن الاجماع قائم.

(5) أي (السيد ابن زهرة) من استثنائه كلب الصيد من حرمة -

ص: 159

الزيت من باب المثال لسائر الأدهان المتنجسة (1).

هذا و لكن الحاصل من شهرة الجواز (2) بين المتأخرين بضميمة أمارات (3) الملك في هذه الكلاب يوجب الظن بالجواز حتى في غير هذه الكلاب مثل كلاب الدور و الخيام، فالمسألة (4) لا تخلو عن إشكال

++++++++++

- بيع النجس: أنه من باب المثال، لا أن الكلب المعلم هو المستثنى من بيع النجس فقط و فقط فحينئذ يشمل الكلاب الثلاثة.

(1) في أنها اذا تنجست يجري عليها حكم الزيت في جواز بيعها.

(2) أي جواز بيع الكلاب الثلاثة.

(3) أي نضم أمارات الملك الى الشهرة المحققة بين المتأخرين في صحة جواز بيع الكلاب الثلاثة فبهذه الضميمة يتم المطلوب: و هو جواز البيع.

و أمارات الملك أربعة:

(الأولى): الكلاب الثلاثة ذات منفعة مقصودة.

(الثانية): كونها ذات دية مقدرة شرعا لو أتلفها شخص.

(الثالثة): مرسلة الشيخ المتقدمة في ص 48.

(الرابعة): دعوى الاتفاق المذكور من (شيخ الطائفة) المتقدمة المذكورة في المبسوط في عدم الفرق من الفقهاء بين اجارة الكلاب الثلاثة و بين بيعها فالمعنى أن شهرة جواز الاجارة، مع ضميمة هذه الإمارات الدالة على أن الكلاب تملك: يوجب الظن بجواز بيع الكلاب الثلاثة

(4) و هو جواز بيع هذه الكلاب.

و من الممكن أن ما أفاده (شيخنا الأنصاري): من أن شهرة الجواز بين المتأخرين، مع ضميمة أمارات الملك الموجب للظن بجواز بيع الكلاب المذكورة: يشمل الكلاب التي تلاحق المجرمين، و تدل عليهم، و الكلاب التي تقود الأعمى.

ص: 160

و إن كان الأقوى بحسب الأدلة (1) و الأحوط في العمل: هو المنع (2) فافهم.

الثالثة: الأقوى جواز المعاوضة على العصير العنبي اذا غلى و لم يذهب ثلثاه و ان كان نجسا

(الثالثة): (3) الأقوى جواز المعاوضة على العصير العنبي اذا على (4) و لم يذهب ثلثاه و ان كان نجسا، لعمومات البيع و التجارة (5) الصادقة عليه، بناء على أنه مال قابل للانتفاع به بعد طهارته بالنقص (6) لأصالة بقاء ماليته (7)، و عدم (8) خروجه عنها بالنجاسة.

++++++++++(1) و هي الأدلة المتقدمة المعبر عنها بالأخبار الحاصرة التي تحصر جواز بيع الكلب في الكلب الصيود لا غير: و هي المذكورة بقوله:

منها و منها.(2) أي منع بيع الكلاب الثلاثة.

(3) أي المسألة الثالثة من المسائل الأربعة المستثناة من الأعيان النجسة

(4) بأن صار أسفله أعلاه، و أعلاه أسفله.

(5) و هو قوله تعالى: «أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ» (1).

و قوله تعالى: «تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» (2).

فان هذه العمومات تشمل العصير العنبي بعد الغليان و قبل ذهاب ثلثيه في أنه بيع و تجارة.

(6) و هو ذهاب ثلثيه.

(7) و هو الاستصحاب، فإن العصير قبل الغليان كان مالا مملوكا و بعد الغليان و قبل ذهاب ثلثيه يشك في زوال ماليته و ملكيته فتستصحبان في هذه الحالة أيضا فتصح المعاوضة عليه.

(8) بالجر عطفا على مدخول (لام الجارة) أي و لأصالة عدم خروج العصير العنبي المغلي عن المالية بسبب نجاسته بالغليان و قبل ذهاب ثلثيه

ص: 161


1- البقرة: الآية 275.
2- النساء: الآية 29.

غاية الأمر أنه مال معيوب قابل لزوال عيبه، و لذا (1) لو غصب عصيرا فأغلاه حتى حرم و نجس (2) لم يكن في حكم التالف، بل وجب عليه رده، و وجب عليه غرامة الثلثين. و أجرة (3) العمل فيه حتى يذهب الثلثان كما صرح به في التذكرة، معللا لغرامة الأجرة بأنه رده معيبا و يحتاج زوال العيب الى خسارة، و العيب من فعله (4) فكانت الخسارة عليه.

نعم ناقشه في جامع المقاصد في الفرق بين هذا (5)، و بين ما لو غصبه عصيرا فصار خمرا، حيث حكم فيه (6) بوجوب غرامة مثل العصير لأن المالية قد فاتت تحت يده فكان عليه ضمانها كما لو تلفت.

لكن لا يخفى الفرق الواضح بين العصير اذا غلى (7)، و بينه اذا صار خمرا (8)، فإن العصير بعد الغليان مال عرفا و شرعا، و النجاسة انما تمنع من المالية اذا لم تقبل التطهير، كالخمر فإنه لا تزول نجاستها إلا بزوال موضوعها (9)، بخلاف العصير، فإنه تزول نجاسته بنقصه، نظير

++++++++++

(1) أي و لأجل أنه مال معيوب قابل لزوال العيب.

(2) أي أحدث فيه العيب بالغليان و لم يذهب ثلثاه.

(3) أي و وجب عليه اجرة العمل: و هو غليانه حتى يذهب ثلثاه.

(4) أي من فعل الغاصب.

(5) و هو (ما لو غصب العصير و أغلاه و لم يذهب ثلثاه).

(6) أي في الفرض الثاني: و هو (ما لو غصب عصيرا فصار خمرا)، حيث حكم (المحقق الثاني) في جامع المقاصد بوجوب الغرامة.

(7) كما في الفرض الأول: و هو (ما لو غصب عصيرا فأغلاه حتى حرم و نجس).

(8) كما في الفرض الثاني و هو (ما لو غصب عصيرا فصار خمرا)

(9) كما اذا صارت خلا.

ص: 162

طهارة ماء البئر بالنزح (1).

و بالجملة فالنجاسة فيه، و حرمة الشرب عرضية تعرضانه في حال متوسط بين حالتي (2) طهارته، فحكمه حكم النجس بالعرض القابل للتطهير.

فلا يشمله (3) قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول):

++++++++++

(1) كما اذا وقع في البئر ما يوجب نجاسة مائها، و له مقدر شرعي كالعصفور مثلا، فإنه بعد نزح المقدر منها: و هي دلاء يطهر الباقي.

و أما إذا لم يكن لما وقع فيها مقدر فينزح جميع ماء البئر، ثم يطهر الماء الذي يجري فيه بعدا.

و لا يخفى أن ما أفاده (شيخنا الأنصاري) في الفرق الواضح بين الفرض الأول المشار إليه في الهامش 5 ص 162، و الفرض الثاني المشار إليه في الهامش 6 ص 162: ليس اشكالا على ما أفاده (المحقق الثاني في جامع المقاصد)

بل بيانا لوجه الفرق بينهما.

و لا يخفى أيضا أن ما أفاده (شيخنا الأنصاري) من الفرق الواضح بين الفرضين بالبيان المذكور: ليس بواضح، فإن العصير اذا صار خمرا يكون قابلا للطهارة لو انقلب خلا إما بنفسه، أو بعلاج خارجي، و تزداد قيمته أيضا، بالإضافة الى أن العرف لا يرى فرقا في الطهارة بين ذهاب الثلثين في العصير و بين انقلاب الخمر خلا.

بل يقول: إن هذا الخل عين ذاك الخمر، و لذا تكون زيادة قيمته لصاحبه الذي غصب منه العصير.

(2) و هما: قبل الغليان. و بعده و بعد ذهاب ثلثيه.

(3) أي لا يشمل العصير العنبي قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): أو شيء من وجوه النجس، حيث إن المراد من النجس الذي -

ص: 163

أو شيء من وجوه النجس، و لا يدخل (1) تحت قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه، لأن الظاهر منها (2) العنوانات النجسة و المحرمة بقول مطلق، لا (3) ما تعرضانه في حال دون حال

++++++++++

- كانت نجاسته ذاتية، لا ما كانت عرضية كالعصير الذي غلى فإنه صار نجسا بسبب الغليان.

(1) أي و لا يدخل العصير العنبي أيضا تحت قوله صلى اللّه عليه و آله.

(2) أي لأن الظاهر من العمومات المتقدمة التي منها قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): أو شيء من وجوه النجس: العنوانات النجسة التي نجاستها ذاتية كالكلب و الخنزير و الخمر و الدم و المني.

و كذا الظاهر من عموم قوله صلى اللّه عليه و آله: (إن اللّه إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه): المحرّم المطلق الذي يكون جميع انتفاعاته نجسة محرّمة كما في العذرة و الميتة و الدم و المني، فإن الانتفاع بهذه الأشياء محرّم و نجس في كل حال ما دام يصدق عليها العنوان الخاص: و هو الدم حال كونه دما، و المني حال كونه منيا.

(3) أى و ليس المراد من ظاهر العمومات المذكورة المتقدمة و التي ذكرنا شطرا منها: النجاسة العرضية، و الحرمة العرضية اللتان تعرضان الشيء في حال دون حال كما في الجلاّل فإنه يقال: نجس و حرام أكله ما دام كونه جلاّلا، و طاهر و حلال أكله ما دام لم يكن الحيوان متصفا بتلك الصفة، بان استبرء في المدة المقررة له: و هو اربعون يوما للابل و ثلاثون يوما للبقر، و عشرة أيام للغنم، و ثلاثة أيام للدجاجة.

فنجاسة العصير ليست ذاتية، بل بواسطة الغليان فهي عرضية قابلة

ص: 164

فيقال: يحرم في حال كذا، و ينجس في حال كذا.

و بما ذكرنا (1) يظهر عدم شمول معقد إجماع التذكرة على فساد بيع نجس العين للعصير (2)، لأن (3) المراد بالعين هي الحقيقة، و العصير

++++++++++

- و كذلك حرمة شربه ليست ذاتية، بل لأجل نجاسته، و بزوالها تزول الحرمة.

فالحاصل: أن الكلام في النجاسات الذاتية التي نجاستها و حرمة شربها أو أكلها ذاتية، لا ما كانت النجاسة و الحرمة فيها عرضية تعرضان على الشيء في حال، دون حال.

(1) و هو أن المراد من وجوه النجس في رواية (تحف العقول)

و في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه:

العنوانات النجسة أي الأعيان النجسة، لا النجاسة العرضية التي تعرض على الشيء في حال دون حال.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 القسم الأول ص 15 عند قوله: و لو باع نجس العين كالخمر و الميتة و الخنزير لم يصح اجماعا، فإن الإجماع المذكور في التذكرة لا يشمل العصير إذا غلى و لم يذهب ثلثاه، لأن نجاسته عرضية، و الكلام في النجاسات الذاتية، فالعصير بعد ذهاب ثلثيه قابل للطهارة، لكن الغاصب يغرم اجرة الثلثين الذاهبين لصاحب العصير.

(3) تعليل لعدم شمول معقد إجماع التذكرة للعصير العنبي الذي غلى و لم يذهب ثلثاه.

و خلاصة التعليل: أن المراد من العين في قول العلامة: نجس العين:

النجاسة الحقيقية التي نجاسته ذاتية كما عرفت.

ص: 165

ليس كذلك (1).

و يمكن أن ينسب جواز بيع العصير الى كل من قيد الأعيان النجسة المحرم بيعها بعدم قابليتها للتطهير.

و لم أجد مصرحا بالخلاف (2). عدا ما في مفتاح الكرامة:

من أن الظاهر المنع (3)، للعمومات المتقدمة (4)، و خصوص بعض الأخبار، مثل قوله عليه السلام: و ان غلى فلا يحل بيعه (5).

و رواية أبي كهمس: اذا بعته قبل أن يكون خمرا و هو حلال فلا بأس (6).

++++++++++

(1) لأنه ليس من الحقائق النجسة التي نجاستها ذاتية، بل النجاسة عارضة له في حالة متوسطة بين حالتي الطهارة و هي حالة غليانه.

و أما قبل الغليان، و بعد ذهاب ثلثيه: و هما حالتا الطهارة فطاهر.

(2) أي قائلا بحرمة بيع العصير إذا غلى و لم يذهب ثلثاه.

(3) أي منع بيع العصير إذا غلى و لم يذهب ثلثاه.

(4) و هي رواية تحف العقول، و فقه الرضا، و خبر دعائم الاسلام و النبوي المشهور التي مضت الاشارة إليها من ص 49 إلى ص 53.

(5) (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 169-170. الباب 59 من أبواب جواز بيع العصير الحديث 6.

(6) نفس المصدر ص 169. الحديث 2.

و لا يخفى أن هذا الحديث في المصدر منقول عن ابي بصير ص 169 الحديث 2، لا عن ابي كهمس

و أما حديث ابي كهمس فمذكور في نفس المصدر بنفس المكان الحديث 6.

ص: 166

و مرسل ابن الهيثم اذا تغير عن حاله و غلى فلا خير فيه (1)، بناء على أن الخير (2) المنفي يشمل البيع.

و في الجميع نظر (3)، أما (4) في العمومات فلما تقدم.

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 17 ص 226 الباب 1 من أقسام الخمر المحرمة الحديث 7.

(2) و هي كلمة خير في قوله عليه السلام في مرسلة ابن الهيثم:

لا خير فيه.

فتحصل من مجموع ما ذكر: أن الأدلة القائمة على حرمة بيع العصير العنبي اذا غلى و لم يذهب ثلثاه خمسة أمور:

(الأول): العمومات المشار إليها في الهامش 4 ص 166.

(الثاني): عدم كونه مالا.

(الثالث): أنه من النجاسات، و قد ثبت أنه لا يجوز بيع النجس و هذا أحدى صغريات تلك الكبرى الكلية.

(الرابع): الروايات الخاصة التي اشرنا إليها في الهامش 5-6 ص 166 و الهامش 1 ص 167.

(الخامس): دلالة بعض الأخبار على أن العصير خمر.

قال صلى اللّه عليه و آله: الخمر من خمسة: العصير من الكرم.

و قال عليه السلام: في جواب السائل عن البختج: خمر لا تشربه.

هذه هي الأدلة القائمة على حرمة بيع العصير العنبى.

(3) أي و في جميع ما استدل به على حرمة بيع العصير العنبي من العمومات، و خصوص بعض الأخبار الدالة على الحرمة نظر.

(4) من هنا أخذ (الشيخ) في الرد على العمومات المتقدمة

و خلاصته أن المراد من وجوه النجس في تلك العمومات: الأعيان النجسة التي نجاستها ذاتية، لا ما كانت عرضية كما في العصير إذا غلى -

ص: 167

و أما الأدلة الخاصة (1) فهي مسوقة للنهي عن بيعه بعد الغليان نظير بيع الدبس و الخل من غير اعتبار إعلام المكلف (2).

و في الحقيقة هذا النهي (3) كناية عن عدم جواز الانتفاع ما لم يذهب ثلثاه، فلا يشمل بيعه بقصد التطهير، مع إعلام المشتري، نظير (4) بيع الماء النجس.

و بالجملة فلو لم يكن إلا استصحاب ماليته (5)

++++++++++

- و لم يذهب ثلثاه، حيث إن نجاسته تذهب بذهاب ثلثيه.

(1) و هي المشار إليها في الهامش 5-6 ص 166 و الهامش 1 ص 167.

و خلاصة الرد: أن مصب النهى الموجود في هذه الأخبار: عدم جواز الانتفاع بهذا العصير ما لم يذهب ثلثاه، لا مطلقا حتى و لو طهر بعد ذهاب ثلثيه، ففي الحقيقة أن النهي مقيد بصورة عدم الإعلام.

و أما لو اخبر البائع المشتري و قصد تطهيره بذهاب ثلثيه فلا مانع من بيعه فهو نظير بيع الدبس و الخل من غير إعلام المكلف بنجاسته.

فكما أنه لا يجوز بيع هذا من غير إعلام، كذلك لا يجوز ذلك بغير إعلام.

(2) المراد منه المشتري.

(3) و هو النهي الوارد في الروايات الخاصة التي اشرنا إليها في الهامش 5-6 ص 166 و الهامش 1 ص 167.

(4) أي بيع العصير النجس مثل بيع الماء النجس في أنه يشترط جواز بيعه بشرط إعلام المشتري.

(5) وجه الاستدلال بالاستصحاب: أن العصير العنبي قبل الغليان -

ص: 168

و جواز (1) بيعه كفى.

و لم أعثر على من تعرض للمسألة (2) صريحا، عدا جماعة من المعاصرين

نعم قال المحقق الثاني في حاشية الارشاد في ذيل قول المصنف:

و لا بأس ببيع ما عرض له التنجيس مع قبولها التطهير بعد الاستشكال (3) بلزوم عدم جواز بيع الأصباغ المتنجسة بعدم قبولها التطهير، و دفع ذلك بقبولها له بعد الجفاف: و لو (4) تنجس العصير و نحوه (5) فهل يجوز بيعه على من يستحله؟ فيه اشكال (6).

++++++++++

- كان طاهرا له مالية يبذل بإزائه المال، و بعد الغليان و نجاسته يشك في ذهاب ماليته للنجاسة العرضية فتستصحب تلك المالية.

(1) بالجر عطفا على مدخول الاستصحاب، أي و لو لم يكن إلاّ استصحاب جواز بيعه.

خلاصة الاستصحاب: أن العصير قبل الغليان كان جائز البيع و بعد الغليان يشك في زوال الجواز، لكونه صار نجسا فيستصحب الجواز.

(2) أي مسألة عصير العنبي.

(3) أي بعد الإيراد على العلامة.

(4) هذه الجملة: و لو تنجس العصير و نحوه فهل يجوز بيعه على من يستحله: مقول قول (المحقق الكركي).

(5) المراد من نحوه: المائع المتنجس، و عصير الزيت اذا غلى و لم يذهب ثلثاه.

(6) الإشكال هنا بمعنى الالتباس، و حيث كانت المسألة ذات وجهين التبس على الفقيه الفتيا إلا بعد التأمل العميق، و ترجيح احد الوجهين.

أما وجه الجواز: فيما أن المستحل لا يرى في مذهبه و دينه نجاسة للعصير و نحوه فلذا جاز بيعه عليه.

ص: 169

ثم ذكر أن الأقوى العدم (1)، لعموم «وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ (2)» انتهى.

و الظاهر أنه أراد (3) بيع العصير للشرب من غير التثليث، كما يظهر من ذكر المشتري، و الدليل (4)

++++++++++

- و أما وجه عدم الجواز فللعمومات المتقدمة المشار إليها في الهامش 4 ص 166

و للأخبار الخاصة المشار إليها في الهامش 5-6 ص 166 و الهامش 1 ص 167.

(1) أي عدم جواز بيع العصير بعد الغليان، و قبل ذهاب الثلثين على من يستحله.

(2) المائدة: «الآية 2».

(3) أي المحقق اراد من قوله: فيه اشكال: الإشكال في بيع العصير اذا غلى و تنجس للشرب، لا أنه استشكل في بيعه على من يطهره بإذهاب ثلثيه.

(4) أي دليلنا على ما قلناه من أن إشكال المحقق في بيع العصير إنما هو لأجل الشرب، لا على من يطهره: شيئان:

(الأول): تعبيره عن المشتري بمن يستحل العصير في قوله:

فهل يجوز بيعه على من يستحله؟ فإن المستحل لهذا العصير النجس إنما يقدم على شرائه للشرب، لا لأجل تطهير، باذهاب ثلثيه.

(ثانيهما): ذكره الدليل و هو قوله تعالى: وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ ، فإن بيعه للشرب هي الإعانة على الإثم و العدوان لا بيعه للتطهير فتعبيره عن المشتري بمن يستحل، و استدلاله بالآية المذكورة قرينتان على أن اشكال المحقق في بيع العصير المغلي على المستحل انما هو لأجل أنه يشربه و الشرب محرم، فيكون البيع اعانة على الإثم فيحرم.

ص: 170

فلا (1) يظهر منه حكم بيعه على من يطهره

الرابعة يجوز المعاوضة على الدهن المتنجس
اشارة

(الرابعة) (2) يجوز المعاوضة على الدهن المتنجس على المعروف من مذهب الأصحاب.

و جعل هذا (3) من المستثنى عن بيع الأعيان النجسة مبني على المنع من الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل، أو (4) على المنع من بيع المتنجس و إن جاز الانتفاع به نفعا مقصودا محللا.

و إلا (5) كان الاستثناء منقطعا، من حيث إن المستثنى منه ما ليس

++++++++++

(1) الفاء تفريع على قوله: و الظاهر أن المحقق اراد بيع العصير أي بعد أن قلنا: إن اشكال المحقق في بيع العصير على من يستحله لأجل شربه. فلا ظهور لكلامه في بيعه على من يطهره بإذهاب ثلثيه.

(2) أي المسألة الرابعة من المسائل الأربعة المستثناة من الأعيان النجسة

(3) و هو المتنجس الذي خرج جواز الانتفاع به بدليل خاص كما هو الحكم في نجس العين. و يأتي الاشارة إليه في الأخبار.

و لا يخفى أن الاستثناء هنا شبه متصل، حيث إن المستثنى منه و هو النجس نجاسته ذاتية، و المستثنى و هو الدهن المتنجس نجاسته عرضية فلا يكون الاستثناء متصلا تماما، بل شبه متصل بفرض عنوان عام يشمل النجس و المتنجس: و هو (ما ليس فيه منفعة محللة مقصودة).

(4) عطف على قوله: مبني على المنع من الانتفاع، أي استثناء الدهن المتنجس إما مبني على المنع من الانتفاع بالمتنجس.

و إما مبني على المنع من بيع المتنجس مطلقا، و ان جاز الانتفاع به نفعا مقصودا محللا.

(5) أي و ان لم نقل: إن استثناء الدهن المتنجس مبني على المنع من الانتفاع بالمتنجس.

ص: 171

فيه منفعة محللة مقصودة (1) من النجاسات و المتنجسات.

و قد تقدم أن المنع عن بيع النجس فضلا عن المتنجس، ليس إلا من حيث حرمة المنفعة المقصودة، فاذا فرض حلها (2) فلا مانع من البيع.

و يظهر من الشهيد الثاني في المسالك خلاف ذلك (3)، و أن جواز بيع الدهن للنص، لا لجواز الانتفاع به، و إلا (4) لاطرد الجواز في غير الدهن أيضا.

++++++++++

- أو على المنع من بيع النجس مطلقا فالاستثناء يكون منقطعا لا محالة لعدم وجود قدر جامع بين المستثنى و هو الدهن المتنجس الذي نجاسته عرضية و المستثنى منه و هو النجس الذي نجاسته ذاتية.

(1) و الدهن المتنجس فيه منفعة محللة مقصودة كما هو المفروض في لسان الأخبار، فالاستثناء يكون منقطعا، بناء على أن المستثنى المنقطع ما ليس من جنس المستثنى منه و يكون خارجا عنه موضوعا.

و لا يخفى: أن المستثنى منه قد اختلف في كلام الشيخ ففي أول المسألة أفاد أن المستثنى منه هي الأعيان النجسة بقوله: و جعل هذا من المستثنى عن بيع الأعيان النجسة.

و هنا أفاد أنه ما ليس فيه منفعة محللة بقوله: من حيث إن المستثنى منه ما ليس فيه منفعة محللة مقصودة.

(2) أي حل المنفعة المقصودة.

(3) أي خلاف ما قلناه: و هو أن جواز بيع الدهن المتنجس إنما هو لأجل وجود المنفعة المحللة المقصودة فيه.

(4) أي و إن كان جواز بيع الدهن المتنجس لأجل وجود المنفعة المحللة المقصودة لا للنص: لاطرد الجواز في غير الدهن أيضا.

ص: 172

و أما حرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل فسيجيء الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.

و كيف كان (1) فلا اشكال في جواز بيع الدهن المذكور، و عن جماعة الإجماع عليه في الجملة (2).

و الأخبار (3) به مستفيضة.

(منها) (4): الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: جرذ مات في سمن، أو زيت، أو عسل؟

قال عليه السلام: أما السمن و العسل فيؤخذ (5) الجرذ و ما حوله و الزيت يستصبح به (6).

و زاد في المحكي عن التهذيب أنه يبيع ذلك الزيت، و يبينه لمن اشتراه ليستصبح به (7).

++++++++++

- و لا يخفى أنه لا مانع من الاطراد المذكور اذا كان في الشيء منفعة محللة مقصودة يبنى العرف و العقلاء على الانتفاع منه.

(1) سواء أ كان الاستثناء متصلا أم منقطعا.

(2) معنى قوله في الجملة: أن الاجماع قائم لا محالة، إما للجواز المطلق، أو لأجل الاستصباح.

(3) هذه الأخبار هو المراد من النص الذي أشار إليه المصنف بقوله آنفا: للنص، أي ورود الأخبار بجواز بيع الدهن المتنجس بلغ حد الاستفاضة بحيث تفيد الشياع و التواتر.

(4) أي من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الدهن المتنجس.

(5) أي يطرح الجرذ و ما حوله من السمن و العسل.

(6) (الكافي) الجزء 6 ص 261. الحديث 2.

(7) هذه الجملة: أنه يبيع ذلك الزيت و ينبه لمن اشتراه ليستصبح به -

ص: 173

و لعل الفرق بين الزيت و أخويه (1) من جهة كونه مائعا غالبا بخلاف السمن و العسل، و في رواية اسماعيل الآتية إشعار بذلك (2).

(و منها) (3): الصحيح عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الفأرة و الدابة تقع في الطعام و الشراب فتموت فيه؟

قال عليه السلام: ان كان سمنا أو عسلا أو زيتا، فإنه ربما يكون (4) بعض هذا، فان كان الشتاء فانزع ما حوله و كله.

و ان كان الصيف فادفعه حتى يسرج به (5).

++++++++++

- منقولة عن التهذيب بالمعنى، و في المصدر هكذا.

و أما الزيت فتستصبح به، و قال في بيع ذلك الزيت: تبيعه و تبينه لمن اشتراه ليستصبح به.

راجع (التهذيب) الجزء 9 ص 85. الحديث 94.

(1) و هما: العسل و السمن و هو دهن الطعام المعبر عنه بالدهن الحيواني أو الحر.

و الزيت ما يخرج من النباتات، و قد يطلق على ما يستخرج من الحيوانات كزيت السمك.

(2) أي بالفرق الذي قلناه: و هو أن الزيت مائع غالبا، بخلاف السمن و العسل، فإنهما جامدان، و لهذا لا يستعمل الزيت إلا في الاستصباح لأنه يتنجس بوقوع الجرذ فيه.

(3) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الدهن المتنجس

(4) يحتمل أن تكون كلمة: (يكون) ناقصة و اسمها: المتنجس أي يكون المتنجس بعض ما ذكر من المتنجسات.

و يحتمل أن تكون تامة و اسمها كلمة بعض.

(5) المصدر السابق ص 86. الحديث 96.

ص: 174

(و منها) (1): ما عن أبي بصير في الموثق عن الفأرة تقع في السمن أو في الزيت فتموت فيه؟

قال عليه السلام: ان كان جامدا فلطرحها و ما حولها، و يؤكل ما بقي

و ان كان ذائبا فأسرج به و أعلمهم إذا بعته (2).

(و منها) (3): رواية اسماعيل بن عبد الخالق، قال: سأله سعيد الأعرج السمان و أنا حاضر عن السمن و الزيت و العسل تقع فيه الفارة فتموت كيف يصنع به؟

قال عليه السلام: أما الزيت فلا تبعه إلا أن تبين له فيبتاع للسراج و أما الأكل فلا. و أما السمن فان كان ذائبا فكذلك (4)، و إن كان جامدا و الفارة في أعلاه فيؤخذ ما تحتها و ما حولها، ثم لا بأس به (5) و العسل كذلك (6) ان كان جامدا (7).

++++++++++

- و لا يخفى أن هذه الصحيحة صحيحة الحلبي، لا صحيحة سعيد الأعرج و الحديث مذكور في المصدر نفسه.

و في الوسائل مع اختلاف يسير فراجع.

(1) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الدهن المتنجس.

(2) نفس المصدر الجزء 7 ص 129. الحديث 33.

(3) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على جواز بيع الدهن المتنجس.

(4) أي لا يؤكل و لكن يباع للإسراج.

(5) أي لا بأس بأكله بعد الأخذ من جوانبه و طرحه.

(6) أي العسل مثل السمن في الأخذ من جوانبه و طرحه ان كان جامدا، و يؤكل الباقي.

و إن كان ذائبا فلا يؤكل، و لكن يباع للإسراج.

(7) (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 66 الباب 6 من أبواب جواز -

ص: 175

الإشكال يقع في مواضع
اشارة

اذا عرفت هذا فالاشكال في مواضع:

الأول أن صحة بيع هذا الدهن هل هي مشروطة باشتراط الاستصباح به صريحا أو يكفي قصدهما لذلك أو لا يشترط أحدهما

(الأول): أن صحة بيع هذا الدهن (1) هل هي مشروطة باشتراط الاستصباح به صريحا، أو يكفي قصدهما (2) لذلك، أو لا يشترط احدهما (3).

ظاهر الحلي في السرائر الأول (4)، فانه بعد ذكر جواز الاستصباح بالأدهان المتنجسة جمع قال: و يجوز بيعها بهذا الشرط (5) عندنا.

و ظاهر المحكي عن الخلاف الثاني (6)، حيث قال: جاز بيعه لمن يستصبح به تحت السماء: دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم.

و قال أبو حنيفة: يجوز مطلقا (7) انتهى.

و نحوه (8) مجردا عن دعوى الاجماع عبارة المبسوط

++++++++++

- بيع الزيت. الحديث 5.

(1) أي الدهن المتنجس.

(2) أي قصد البائع و المشتري بيعه للاستصباح.

(3) أي لا قصد الاشتراط الصريح، و لا قصد الاستصباح.

(4) و هو: أن صحة البيع مشروطة باشتراط الاستصباح تحت السماء

(5) أي بشرط الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء عند البيع و المراد من الجواز هنا: الحكم الوضعي و هي صحة المعاملة، و تملك كل من البائع و المشتري الثمن و المثمن.

(6) و هي كفاية قصد الاستصباح دون الاشتراط بالاستصباح تحت السماء

راجع الخلاف الطبعة الثانية سنة 1377 الجزء الأول ص 588.

(7) سواء اشتراط الاستصباح أم لا، و سواء قصد الاستصباح أم لا.

راجع (الفقه على المذاهب الأربعة) الطبعة الخامسة. الجزء 2. ص 232

(8) أي و نحو المحكي عن الخلاف عبارة المبسوط -

ص: 176

و زاد (1) أنه لا يجوز بيعه إلا لذلك.

و ظاهره (2) كفاية القصد، و هو ظاهر غيره ممن عبر بقوله: جاز بيعه للاستصباح، كما في الشرائع و القواعد و غيرهما.

نعم (3) ذكر المحقق الثاني ما حاصله: أن التعليل راجع الى الجواز يعني يجوز لأجل تحقق فائدة الاستصباح: بيعه.

و كيف كان (4) فقد صرح جماعة بعدم اعتبار قصد الاستصباح.

و يمكن أن يقال باعتبار قصد الاستصباح اذا كانت المنفعة المحللة

++++++++++

- راجع (المبسوط). الطبعة الجديدة. الجزء 2. ص 167.

(1) أي الشيخ في المبسوط، أليك نص عبارته في المصدر.

يجوز بيع الزيت النجس لمن يستصبح به تحت السماء، و لا يجوز إلا لذلك.

(2) أي و ظاهر كلام الشيخ: كفاية القصد في صحة البيع من دون مدخلية اشتراط الاستصباح به تحت السماء عند البيع.

(3) استدراك عما أفاده آنفا: من أن التعليل الوارد في كلمات الفقهاء بقولهم: جاز بيعه للاستصباح: لكون قصد الاستصباح معتبرا في المبيع.

و خلاصة الاستدراك: أن المحقق الثاني أفاد أن التعليل الوارد في كلمات الفقهاء راجع الى جواز بيع الدهن المتنجس للاستصباح، لا لاعتبار قصد الاستصباح في صحة بيعه كما استفاده الفقهاء، سواء أ كان بيعه بقصد ذلك أم لم يكن.

(4) أي سواء قلنا: إن التعليل الوارد في كلمات الفقهاء لاعتبار قصد الاستصباح أم لجواز البيع، و سواء أ كان البيع للاستصباح أم لغيره من المنافع الموجودة فيه.

ص: 177

منحصرة فيه (1)، و كان من منافعه النادرة التي لا تلاحظ في ماليته كما في دهن اللوز و البنفسج و شبههما (2).

و وجهه (3): أن مالية الشيء إنما هي باعتبار منافعه المحللة المقصودة منه، لا باعتبار (4) مطلق الفوائد غير الملحوظة في ماليته.

و لا (5) باعتبار الفوائد الملحوظة المحرمة، فاذا فرض أن لا فائدة في الشيء محللة ملحوظة في ماليته فلا يجوز بيعه على الاطلاق (6)، لأن الإطلاق ينصرف الى كون الثمن بإزاء المنافع المقصودة منه (7)، و المفروض

++++++++++

(1) أي في الاستصباح، و كان الاستصباح من منافعه النادرة.

(2) حيث إن الاستصباح ليس من منافعهما المتعارفة.

لكن لما صارا نجسين و كان الاستصباح بهما ممكنا جاز بيعهما لذلك بقصد الاستصباح في تلك الحالة.

(3) أي وجه اعتبار القصد في حالة نجاسة الدهن عند انحصار فائدته في هذه الحالة في الاستصباح فقط.

(4) أي ليست مالية الشيء باعتبار مطلق الفوائد الغير الملحوظة فيها كالاستصباح بدهن اللوز و البنفسج، فان الاستصباح بدهنهما ليس من فوائدهما العرفية.

(5) أي و ليست مالية الشيء باعتبار الفوائد الملحوظة المحرّمة.

فالحاصل: أن مالية الشيء إنما هي باعتبار منافعها المحللة المقصودة عند العرف و العقلاء، لا باعتبار الفوائد النادرة غير المقصودة عند العقلاء و لا باعتبار الفوائد الملحوظة المحرّمة.

(6) أي لا يجوز بيع الشيء النجس من دون تقييده ببعض منافعه حيث إن الاطلاق ينصرف الى المنافع الملحوظة و المفروض حرمتها.

(7) كاستعمال دهن اللوز في السعال، و تليين المزاج.

ص: 178

حرمتها (1) فيكون أكلا للمال بالباطل (2).

و لا على قصد (3) الفائدة النادرة المحللة، لأن قصد الفائدة النادرة لا يوجب

++++++++++

- و استعمال دهن البنفسج في الأنف، فاذا بيعا حالة النجاسة مطلقا من دون تقييدهما بقيد الاستصباح انصرف البيع الى تلك المنافع. بمعنى أن المشتري يشتريه للاستعمال في السعال، و التليين، و الأنف، لا للإسراج فلا بد من تقييد المبيع في هذه الحالة للإسراج حتى لا ينصرف البيع الى تلك المنافع المحرّمة بسبب النجاسة.

(1) أي و الحال أن المفروض حرمة هذه المنافع المذكورة في حالة النجاسة.

(2) أي يكون هذا البيع في هذه الحالة من دون تقييده بالاسراج بيعا باطلا فاكل ثمنه أكل للمال بالباطل فيشمله قوله تعالى: «وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» (1).

(3) عطف على قوله: فلا يجوز بيعه على الاطلاق، أي لا يجوز بيعه على قصد الفائدة النادرة المحللة أيضا كالاستصباح من دهن اللوز و البنفسج المتنجسين. فعليه لا يجوز بيعهما.

و لا يخفى أن هذه المنفعة النادرة المحللة و هو الاستصباح إنما كانت نادرة في حال حلية تلك المنافع المقصودة، و لما حرمت تلك المنافع بسبب نجاستها أصبحت هذه المنفعة النادرة هي البارزة، و تلك المنافع هي النادرة و ساقطة و ملغاة في نظر الشارع بحيث لا يرى لها قيمة و مالية.

و من البديهي أن العقلاء لا يتلفون الشيء بمجرد زوال منافعه المقصودة اذا كانت هناك جهة يمكن الاستفادة منها، و مما لا شك فيه أن دهن اللوز و البنفسج بعد أن صارا نجسين يمكن الاستفادة منهما -8.

ص: 179


1- البقرة: الآية 188.

كون الشيء مالا (1).

ثم اذا فرض ورود النص الخاص على جواز بيعه كما فيما نحن فيه (2) فلا بد من حمله (3) على إرادة صورة قصد الفائدة النادرة، لأن أكل المال حينئذ (4) ليس بالباطل بحكم الشارع، بخلاف صورة عدم

++++++++++

- بطريق آخر: و هو الاستصباح فلا يسقطان عن المالية رأسا فيجوز بذل المال بإزائه فلا يكون البيع أكلا للمال بالباطل كما أفاد (شيخنا الأنصاري) من أن المنفعة النادرة ملغاة في نظر الشارع، لأنها محرمة فبذل المال بإزائه بذل للمال بإزاء الباطل.

نعم يلزم في هذه الحالة تقييد المبيع بهذه المنفعة و هو الاستصباح

(1) و لا يخفى أن ما ذهب إليه (شيخنا الأنصاري): (من أن المنفعة النادرة لا توجب مالية الشيء) محل نقاش، فإن ذهاب المنافع الكثيرة المقصودة من دهن اللوز و البنفسج بعد نجاستهما لا يصير سببا لذهاب ماليتهما بعد أن يوجد لهما منفعة نادرة محللة مقصودة كالاستصباح مثلا.

فكيف يمكن أن يقال: إن الفائدة النادرة لا توجب كون الشيء مالا.

(2) و هو الدهن المتنجس، حيث ورد فيه النص الخاص بجواز الاستصباح به تحت السماء.

(3) أي حمل هذا النص الخاص الوارد في جواز بيع الدهن المتنجس للاستصباح على صورة قصد الاستصباح.

(4) أي حين أن قصد من بيع الدهن المتنجس الفائدة النادرة التي ورد النص في جوازها لا يكون أكل المال أكلا بالباطل بحكم الشارع، حيث إنه حكم بجواز هذه المنفعة النادرة، فيجوز بذل المال بإزائها.

ص: 180

القصد (1)، لأن المال في هذه الصورة مبذول في مقابل المطلق (2) المنصرف الى الفوائد المحرّمة فافهم (3).

و حينئذ (4) فلو لم يعلم المتبايعان جواز الاستصباح بهذا الدهن، و تعاملا من غير قصد الى هذه الفائدة (5) كانت المعاملة باطلة، لأن المال (6) مبذول مع الاطلاق في مقابل الشيء باعتبار الفوائد المحرّمة.

ثم لو علمنا عدم التفات المتعاملين (7) الى المنافع أصلا: أمكن صحتها

++++++++++

(1) و هو عدم قصد المنفعة النادرة بأن أوقع البيع مطلقا من دون قصد الاستصباح، فإن في هذه الحالة لا يجوز بيعه.

(2) الذي هو البيع من دون قصد الاستصباح.

(3) لعله اشارة الى ما قلناه سابقا في الهامش 1 ص 180 من أن المنفعة النادرة توجب مالية الشيء بعد حرمة منافعه الكثيرة المقصودة.

و النص الوارد في جواز بيع الدهن المتنجس بعد وجود المنفعة النادرة فيه انما جاء مؤيدا لكون المنفعة النادرة موجبة لمالية الشيء، لا أنه تعبد محض.

(4) أي و حين أن لم يقصد البائع المنفعة النادرة، و من دون أن يقيده بقيد الاستصباح و لا يعلم المشتري بذلك.

(5) و هو الاستصباح.

(6) و هو الثمن و قد عرفت أن بذل المال بإزاء المنفعة المحرّمة من دون قصد المنفعة النادرة، و بنحو الإطلاق باطل، لشمول قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه.

(7) أي لو علمنا عدم التفات البائع و المشتري لا الى المنافع الكثيرة المقصودة المحللة حالة الطهارة بأن لم يقصد المنافع المحرمة و لا المحللة أصلا بأن أوقعا البيع من دون قصد إليهما أو الى إحداهما.

ص: 181

لأنه مال واقعي شرعا قابل لبذل المال بإزائه، و لم يقصد به (1) ما لا يصح بذل المال بإزائه من المنافع المحرّمة.

و مرجع هذا (2) في الحقيقة الى أنه لا يشترط (3) إلا عدم قصد المنافع المحرّمة فافهم (4).

و أما فيما كان الاستصباح منفعة غالبة بحيث كان مالية الدهن باعتباره (5) كالأدهان المعدة للإسراج فلا يعتبر في صحة بيعه

++++++++++

- و لا الى المنافع النادرة المقصودة غير المتعارفة من الشيء: لأمكن صحة مثل هذه المعاملة.

و لا يخفى أن هذا رجوع عن اعتبار قصد الفائدة النادرة كما أفاده بقوله: و حينئذ فلو لم يعلم المتبايعان جواز الاستصباح بهذا الدهن الى آخر قوله

(1) أي بهذا البيع الذي لم يلتفت المتعاملان الى المنافع أصلا.

(2) أي و مرجع إمكان صحة مثل هذه المعاملة التي لم يلتفت المتعاملان الى المنافع أصلا.

(3) أي في المبيع.

(4) لعله اشارة الى أن الشارع لو أجاز المعاملة من دون أن يقيدها بقيد خاص. أو عدم قصد خاص: فلا معنى لاشتراط قصد المنافع النادرة عند البيع، و لا لاشتراط عدم القصد الى شيء. لأن القصد و عدم القصد لا دخل لهما في مالية الشيء، و عدم ماليته.

هذا تمام الكلام فيما اذا كان للشيء منفعة نادرة كما في دهن اللوز و البنفسج، فان الاستصباح بهما نادرة جدا. و لا يستفاد منهما إلا حالة نجاستهما، لأنهما لم يكونا معدين للإسراج قبل النجاسة، لكنهما لما صارا نجسين و سقطت منافعهما الغالبة المحللة جاز أخذه للإسراج.

(5) أي باعتبار الاستصباح، فإن شراء الناس إنما هو لأجله.

ص: 182

قصده (1) أصلا، لأن الشارع قد قرر ماليته العرفية بتجويز الاستصباح به و ان فرض حرمة سائر منافعه (2)، بناء (3) على أضعف الوجهين (4):

من وجوب الاقتصار في الانتفاع بالنجس على مورد النص.

++++++++++

(1) أي قصد الاستصباح أبدا، لأنه ليس من منافعه النادرة حتى يحتاج بيع الدهن المتنجس الى قصده.

و هذا هو الفارق بين هذه الأدهان، و بين دهن اللوز و البنفسج.

(2) كطلي السفن و الأجرب، و تصبينه.

(3) بالنصب على المفعول المطلق التأكيدي، أي فرض حرمة سائر منافع المتنجس غير الاستصباح مبني على القول بأن الأصل في الانتفاع بالمتنجس هي الحرمة.

و هذا الأصل أضعف من الأصل الآخر الذي هي الحلية في الانتفاع بالمتنجس، و الشيخ يختار أصل الحلية في الانتفاع بالمتنجس، حيث يعبر عن الحرمة بالأضعف.

و المراد من الوجهين هما: أصل الحرمة. و أصل الحلية فالشيخ يقول: حرمة سائر المنافع مبنية على أن الأصل في الانتفاع بالمتنجس هي الحرمة.

و أما لو كان الأصل هي الحلية فالانتفاع بسائر المنافع جائز لا مانع منه

(4) و قد عرفت الوجهين. و كلمة من بيانية تبين أضعف الوجهين أي أضعف الوجهين هو وجوب الاقتصار في الانتفاع بالنجس الذي يراد منه المتنجس على مورد النص: و هو الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء.

ص: 183

و كذا (1) اذا كان الاستصباح منفعة مقصودة مساوية لمنفعة الأكل المحرم كالألية و الزيت و عصارة السمسم (2)، فلا يعتبر قصد المنفعة المحللة (3) فضلا عن اشتراطه (4)، اذ يكفي في ماليته (5) وجود المنفعة المقصودة المحللة.

غاية الأمر كون حرمة منفعته الأخرى المقصودة نقصا فيه (6) يوجب الخيار للجاهل.

++++++++++

(1) أي و كذا لا يشترط قصد الاستصباح في الموارد المذكورة اذا كان الاستصباح من المنافع المقصودة المتساوية. كما أنه لا يشترط في المنافع الغالبة قصد الاستصباح أيضا.

(2) أي اذا تنجست هذه الأشياء و هي الألية و الزيت، و عصارة السمسم.

و المراد من الألية: الألية المذابة، كما أن المراد من الزيت عصارة الزيتون.

(3) و هو الاستصباح بهذه الأشياء المذكورة، لأن للأليات المذابة منفعتين، منفعة الأكل: و هو المحرم، و منفعة الاستصباح: و هو المحلّل فكلتا المنفعتين متساويتان.

(4) مرجع الضمير: الاستصباح، أي فضلا عن اشتراط الاستصباح الذي هي المنفعة المحللة في البيع، لأنه اذا لم يكن أصل القصد معتبرا فلا وجه لاعتبار اشتراط الاستصباح.

(5) مرجع الضمير: الدهن المتنجس، أي يكفي في مالية الدهن المتنجس الذي هو ذو منفعة محرمة كالأكل، و منفعة محللة كالاستصباح و المنفعتان متساويتان لا ترجيح لإحداهما على الأخرى.

(6) أي في الشيء المبيع الذي هو المتنجس فهذا النقص هو الموجب -

ص: 184

نعم يشترط عدم اشتراط المنفعة المحرمة: بان (1) يقول: بعتك بشرط أن تأكله، و إلا (2) فسد العقد بفساد الشرط، بل يمكن الفساد (3) و ان لم نقل بإفساد الشرط الفاسد، لأن مرجع الاشتراط (4) في هذا

++++++++++

- لخيار المشتري الجاهل بالنقص.

فتحصل من مجموع ما ذكر أن للشيء ثلاثة أنواع من المنافع:

(الأول) المنفعة النادرة القليلة جدا كالاستصباح من دهن اللوز و البنفسج. فهذا يحتاج الى قصد الاستصباح في صحة معاملته.

(الثاني) منفعة غالبة كالاستصباح من الأدهان المعدة للإسراج فهذا لا يحتاج الى قصد الاستصباح في المبيع أصلا فضلا عن اشتراطه.

(الثالث) تكون المنفعة المحللة و المحرمة متساويتين كمنفعة الأكل.

و منفعة الاستصباح. و هذه لا تحتاج الى قصد المنفعة المحللة في البيع فضلا عن اشتراطها.

(1) الباء بيان لاشتراط المنفعة المحرمة، أي اشتراط المنفعة المحرّمة عبارة عن قول البائع وقت البيع: بعتك بشرط أن تأكله.

(2) أي و ان اشترط البائع عند البيع المنفعة المحرمة بأن قال: بعتك بشرط أن تأكله فسد العقد و بطل البيع، حتى لو لم نقل: إن الشرط الفاسد مفسد للعقد.

(3) أي فساد العقد رأسا من دون توقفه على أن الشرط الفاسد مفسد

(4) أي اشتراط البائع وقت البيع المنفعة المحرمة: و هو قوله:

بعتك بشرط أن تأكله في الفرض المذكور: و هو أن للشيء منفعتين متساويتين: الحلية، و الحرمة كالأكل. و الاستصباح كما عرفت: يكون مرجعه الى تعيين المنفعة المحرمة على المشتري فيجب على المشتري صرف المبيع المشترى و استعماله في المنفعة المحرمة حسب اشتراط البائع.

ص: 185

الفرض الى تعيين المنفعة المحرّمة عليه، فيكون (1) أكل الثمن أكلا بالباطل، لأن حقيقة النفع العائد الى المشتري بإزاء ثمنه هو النفع المحرّم فافهم (2).

بل (3) يمكن القول بالبطلان بمجرد القصد و ان لم يشترط في متن العقد.

و بالجملة فكل بيع قصد فيه منفعة محرمة بحيث قصد أكل الثمن أو بعضه بإزاء المنفعة المحرّمة كان باطلا، كما يومي الى ذلك: ما ورد

++++++++++

(1) الفاء تفريع على القول بأن مرجع اشتراط المنفعة المحرمة اذا كان للشيء منفعتان: محللة. و محرمة: الى تعيين المنفعة المحرمة على المشتري أي نتيجة هذا الاشتراط أن يكون البيع فاسدا، لأنه يجب على المشتري بموجب الشرط استعمال المبيع في المنفعة المحرمة. و الى هذا أشار الشيخ بقوله: لأن حقيقة النفع العائد الى المشتري بإزاء ثمنه هو النفع المحرم فيكون أكل الثمن أكلا بالباطل. حيث إن مقتضى الشرط المذكور:

كون المال بإزاء الشيء المحرم استعماله: فيشمله قوله صلى اللّه عليه و آله:

إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه.

(2) لعله اشارة الى أن الشرط الفاسد لا يعين على المشتري ايجاد الحرام في الخارج، و الزام البائع لا يكون ملزما له، حيث إن الشرط بذاته مبغوض عند الشارع.

(3) أي يمكن أن يقال ببطلان البيع بمجرد قصد المتعاقدين المنفعة المحرمة

ثم بناء على هذا الامكان هل العقد يكون باطلا بمجرد قصد أحدهما المنفعة المحرّمة، أو يبطل بالنسبة الى من قصدها.

ص: 186

في تحريم شراء الجارية المغنية و بيعها (1).

و صرح في التذكرة بأن الجارية المغنية اذا بيعت بأكثر مما يرغب فيها لو لا الغناء فالوجه التحريم (2) انتهى.

ثم إن الأخبار المتقدمة (3) خالية عن اعتبار قصد الاستصباح، لأن موردها (4) مما يكون الاستصباح فيه منفعة مقصودة منها كافية في ماليتها العرفية

++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 86. الباب 16 من أبواب تحريم بيع المغنية. الحديث 1-2.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. القسم الأول الجزء 7. ص 21.

و أما وجه التحريم فلكون بعض الثمن وقع في مقابل المنفعة المحرمة و هي الغناء كما أفاده شيخنا الأعظم بقوله: و بالجملة فكل بيع قصد فيه منفعة محرمة بحيث قصد أكل الثمن، أو بعضه بإزاء المنفعة المحرمة كان باطلا.

(3) و هي الأخبار المستفيضة المشار إليها في الهامش 6 ص 173 و الهامش 5 ص 174، و الهامش 2-7 ص 175.

(4) أي مورد هذه الأخبار الواردة في الزيت و السمن و التي أشرنا إليها آنفا: هي المنفعة المقصودة.

و من الواضح أن الاستصباح منفعة محللة مقصودة متعارفة لا تحتاج الى القصد عند البيع.

بخلاف دهن اللوز و البنفسج فإن الاستصباح بهما حال النجاسة لا يكون منفعة محللة مقصودة متعارفة فلا بد من قصد الاستصباح بهما عند بيعهما في تلك الحالة.

ص: 187

و ربما يتوهم من قوله عليه السلام في رواية الأعرج المتقدمة (1):

نبينه لمن يشتريه فيبتاع للسراج: اعتبار (2) القصد.

و يدفعه (3) أن الابتياع للسراج إنما جعل غاية للإعلام: بمعنى أن المسلم اذا اطلع على نجاسته فيشتريه للإسراج، نظير (4) قوله عليه السلام في رواية معاوية بن وهب: يبينه لمن اشتراه ليستصبح به.

++++++++++

(1) و هي المشار إليها في الهامش 7 ص 175.

و خلاصة التوهم: أن قوله عليه السلام: فيبتاع للسراج يستفاد منه وجوب اعتبار قصد الاسراج و الاستصباح في هذا الدهن المتنجس فما أفيد من عدم اعتبار قصد الاستصباح بتعليل أن الأخبار المتقدمة المشار إليها في ص 173-174-175 خالية عن اعتبار قصد الاستصباح: غير مفيد، لصراحة قوله عليه السلام: فيبتاع للإسراج في اعتبار القصد.

(2) نائب فاعل لقوله: يتوهم، أي يتوهم اعتبار القصد.

(3) هذا جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصته: أن المسلم اذا اطلع على نجاسة الدهن بإعلام البائع له فيقدم على شرائه للإسراج، لا لشيء آخر و هو الأكل، حيث يعلم أن أكل النجس حرام لا يجوز للمسلم الإقدام عليه، فالاسراج جعل غاية للإعلام بمعنى أن الامام عليه السلام يأمر البائع أن ينبه المشتري بنجاسة الدهن حتى لا يستعمله لغير الاستصباح فلا يكون قوله عليه السلام: فيبتاع للسراج غاية للبيع حتى يقال بوجوب اعتبار قصد الاسراج وقت البيع.

بعبارة أخرى أن المقصود من قوله عليه السلام: فيبتاع للسراج:

أن يعلمه كي يسرج به، لا أن يبيعه ليسرج به حتى يكون الاسراج غاية للبيع فيفهم منه وجوب اعتبار قصد الاستصباح.

(4) أي قوله عليه السلام: فيبتاع للسراج نظير قوله عليه السلام -

ص: 188

الثاني: أن ظاهر بعض الأخبار وجوب الإعلام فهل يجب مطلقا أم لا؟

(الثاني) (1): أن ظاهر بعض الأخبار (2) وجوب الإعلام فهل يجب مطلقا (3) أم لا؟.

و هل وجوبه نفسي (4)، أم شرطي (5) بمعنى اعتبار اشتراطه في صحة البيع؟.

الذي (6) ينبغي أن يقال: إنه لا اشكال في وجوب الإعلام ان قلنا

++++++++++

- في رواية معاوية بن وهب المشار إليه في الهامش 7 ص 173: ينبه لمن اشتراه ليستصبح به، حيث إن الاستصباح جعل غاية للتنبيه، لا للبيع و الاشتراء.

(1) أي الموضع الثاني من المواضع التي يقع فيها الاشكال.

(2) و هو الحديث 2-7 ص 175، حيث إن فيهما الأمر بالاعلام على البائع للمشتري حين البيع.

(3) سواء علمنا بأن المشتري يأخذه للاستصباح أم لم نعلم بذلك.

أولا يجب في بعض الموارد كما اذا علمنا أن المشتري يريده للاستصباح فقط فهنا لا يحتاج البيع له الى الاعلام أصلا.

(4) أي وجوب الإعلام غير مرتبط بالمعاوضة بمعنى أن وجوب الاعلام هنا تكليفي تعبدي يترتب على تركه العقاب الأخروي، و ليس المراد من النفسي هنا ما يقابل الغيري.

(5) أي وجوب الاعلام وضعي: بمعنى اشتراطه في صحة المعاوضة بحيث اذا لم يعلم بطل البيع.

و الباء في قوله: بمعنى اعتبار تفسير للوجوب الشرطي، لا للوجوب النفسي.

(6) كلمة الذي مرفوعة محلا مبتدأ خبره جملة: أنه لا اشكال -

ص: 189

باعتبار اشتراط الاستصباح في العقد، أو تواطئهما (1) عليه من الخارج لتوقف (2) القصد على العلم بالنجاسة.

و أما اذا لم نقل باعتبار اشتراط الاستصباح في العقد فالظاهر وجوب الاعلام وجوبا نفسيا (3) قبل العقد، أو بعده، لبعض الأخبار المتقدمة (4)

و في قوله عليه السلام: بينه لمن اشتراه ليستصبح به (5) اشارة

++++++++++

- في وجوب الاعلام، و ليست مجرورة على أنها صفة لكلمة البيع في قوله:

لصحة البيع.

و المعنى: أنه إن اعتبرنا قصد الاستصباح و اشتراطه في المبيع فلا بد من اعتبار وجوب الاعلام بالنجاسة هنا، لأن البيع متوقف على القصد و القصد متوقف على الاخبار بالنجاسة.

و لا يخفى أنه لو قلنا باعتبار القصد في المبيع، و وجوب الإعلام بالنجاسة بالتقرير الذي بيناه: يكون وجوب الاعلام شرطيا الذي هو توقف صحة البيع على الاعلام بالنجاسة.

و أما اذا لم نقل باعتبار قصد الاستصباح و اشتراطه فلا بد من القول بوجوب الاعلام نفسيا، لا وجوبا شرطيا كما علمت آنفا معنى الوجوب النفسى

(1) أي تواطؤ البائع و المشتري خارج العقد على الاستصباح.

(2) أي لتوقف قصد الاستصباح على العلم بالنجاسة كما عرفت في الهامش 1.

(3) و هو الوجوب التكليفي البحث الذي عرفت معناه، لا الوجوب الشرطي الذي يكون الاعلام شرطا في صحة المعاوضة.

(4) و هو الحديث 2-7 من ص 175.

(5) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 66. الباب 6 من باب جواز -

ص: 190

الى وجوب الاعلام، لئلا يأكله (1)، فإن الغاية للإعلام ليس هو تحقق الاستصباح، اذ لا ترتب بينهما (2) شرعا، و لا عقلا، و لا عادة، بل الفائدة (3) حصر الانتفاع فيه. بمعنى عدم الانتفاع (4) به في غيره.

فقيه (5) اشارة الى وجوب إعلام الجاهل بما يعطي اذا كان الانتفاع الغالب به (6) محرّما، بحيث يعلم عادة وقوعه في الحرام لو لا الاعلام فكأنه (7) قال: أعلمه لئلا يقع في الحرام الواقعي بتركك الاعلام.

++++++++++

- بيع الزيت. الحديث 4.

(1) فيكون وجوب الاعلام وجوبا نفسيا.

و لا يخفى أن في قوله عليه السلام: بينه لمن اشتراه في الحديث المشار إليه في الهامش 5 ص 190 اشارة الى أن الاعلام أعم من أن يكون قبل العقد أو بعده.

(2) أي لا ملازمة بين الاعلام، و الاستصباح شرعا، و لا عقلا و لا عادة، لإمكان حصول الاعلام من دون الاستصباح، أو حصول الاستصباح من دون الاعلام، أو حصول كليهما فالنسبة بينهما عموم و خصوص من وجه.

(3) أي فائدة الاعلام حصر الانتفاع في الاستصباح لا غير.

(4) أي حرمة الانتفاع بالدهن المتنجس في غير الاستصباح كالأكل مثلا فيكون الوجوب هنا وجوبا نفسيا.

(5) أي ففي قول الامام عليه السلام: «بينه لمن اشتراه ليستصبح به»

(6) أي اذا كان الانتفاع الغالب بالدهن المتنجس محرما كما اذا كان الدهن المتنجس دهن اللوز، أو البنفسج، فان الانتفاع الغالب فيهما هي الاستعمالات الخارجية، دون الأكل.

(7) أي فكأن الامام عليه السلام قال: أعلمه لئلا يقع في الحرام الواقعي بسبب تركك الاعلام.

ص: 191

و يشير الى هذه القاعدة (1) كثير من الأخبار المتفرقة الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم، أو الموضوع في المحرمات، مثل ما دل على أن من أفتى بغير علم لحقه وزر من عمل بفتياه (2)، فإن اثبات الوزر للمباشر من جهة فعل القبيح الواقعي، و حمله (3) على المفتي من حيث التسبيب و التغرير

و مثل قوله عليه السلام: ما من امام صلى بقوم فيكون في صلاتهم تقصير (4) إلا كان عليه أوزارهم (5).

++++++++++

(1) أي يشير الى وجوب الاعلام لئلا يقع المشتري في الحرام الواقعي كثير من الأخبار المتفرقة في أبواب متعددة.

(2) هذه احدى الروايات الواردة في أبواب متفرقة الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم، أو الموضوع.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 9. الباب 4 من باب عدم جواز القضاء و الافتاء بغير علم. الحديث 1.

(3) أي و حمل الوزر الوارد في الحديث: على المفتي لأجل أنه سبّب وقوع المكلف في الحرام الواقعي.

(4) أي التقصير الذي يأتي من قبل الامام كما يشير الى هذا المعنى الحديث الآتي.

(5) هذه ثانية الروايات الدالة على حرمة تغرير الجاهل بالحكم أو الموضوع

راجع (بحار الأنوار) طباعة المرحوم (الحاج محمد حسن) أمين الضرب(1) (الأصفهاني). الجزء 18 ص 360. السطر 38.ب)

ص: 192


1- وجه التسمية: أنه كان مشرفا على العملة الايرانية الرائجة في أيام (السلطان ناصر الدين شاه القاجار) من سك الدراهم الفضية و الدنانير الذهبية، حيث يسمى هذا العمل ضربا فسمي ب: (أمين الضرب)

و في رواية أخرى فيكون في صلاته و صلاتهم تقصير إلا كان إثم ذلك عليه (1).

و في رواية أخرى لا يضمن الامام صلاتهم إلا أن يصلي بهم جنبا (2)

و مثل رواية أبي بصير المتضمنة لكراهة أن تسقى البهيمة، أو تطعم ما لا يحل للمسلم أكله أو شربه (3)، فإن في كراهة ذلك (4) في البهائم إشعارا بحرمته بالنسبة الى المكلف.

و يؤيده (5): أن أكل الحرام و شربه من القبيح و لو في حق

++++++++++

(1) نفس المصدر السطر 37.

و لا يخفى أن وزر المصلين على الامام يتصور فيما اذا كان جنبا و صلى بهم و هم لا يعلمون بجنابة الامام.

أما في صورة علمهم بذلك و اقتدائهم به فالوزر عليهم.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 5 ص 434 الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة. الحديث 6.

(3) نفس المصدر الجزء 17 ص 246-247. الباب 10 من أبواب أنه لا يجوز سقي الخمر صبيا. الحديث 5.

و لا يخفى أن المنقول خلاصة الحديث.

(4) و هو السقي و الإطعام للبهائم. فالكراهة تكون مشعرة لحرمة السقي و الإطعام للمكلف.

(5) أي و يؤيد هذه الحرمة: و هو عدم جواز إطعام الجاهل، أو سقيه بما لا يحل للمسلم: أن أكله، أو شربه يعد من القبيح.

و من المسلم أن كل قبيح يجب تركه، و عدم الإقدام عليه فالحرام بما هو حرام قبيح و ان كان المقدم عليه جاهلا به.

ص: 193

الجاهل. و لذا (1) يكون الاحتياط فيه مطلوبا مع الشك، إذ لو كان للعلم دخل في قبحه (2) لم يحسن الاحتياط

و حينئذ (3) فيكون إعطاء النجس للجاهل المذكور إغراء بالقبيح و هو (4) قبيح عقلا.

بل قد يقال: بوجوب الإعلام و ان لم يكن منه (5) تسبيب، كما لو رأى نجسا في يده (6) يريد أكله. و هو (7) الذي صرح به (العلامة) رحمه اللّه في أجوبة المسائل المهنائية، حيث سأله السيد المهنّأ: عمن رأى في ثوب المصلي نجاسة؟

فأجاب بأنه يجب الاعلام، لوجوب النهي عن المنكر.

لكن اثبات هذا (8) مشكل.

++++++++++

(1) أي و لأجل قبح الحرام على الجاهل يطلب الاحتياط في ترك الأكل لو كان الأكل مشكوك الحرمة.

(2) أي في قبح الأكل لم يحسن الاحتياط في ترك الحرام المشكوك.

(3) أي و حين أن كان أكل الحرام قبيحا و لو للجاهل.

(4) أي الإغراء بالقبيح قبيح.

(5) أي من المكلف تسبيب في استعمال الحرام.

(6) أي في يد الجاهل بمعنى أن المكلف العالم لو رأى نجسا في يد المكلف الجاهل بالنجاسة و يريد أكله وجب عليه إعلامه، مع أن العالم لم يكن سببا لأكل النجس.

(7) أي وجوب الإعلام على العالم للجاهل بالحرام.

(8) و هو وجوب الإعلام على العالم للجاهل بالحرام: غير معلوم لأن الجاهل حين جهله غير مخاطب فلا يكون مكلفا فلا يوجد منكر هناك حتى يجب الإعلام به على العالم به إن قلنا بوجوب دفع المنكر.

ص: 194

و الحاصل: أن هنا (1) أمورا أربعة:

«أحدها»: أن يكون فعل الشخص علة تامة لوقوع الحرام في الخارج كما اذا أكره غيره على المحرم (2).

و لا إشكال في حرمته، و كون وزر الحرام عليه، بل أشد لظلمه.

«و ثانيها»: أن يكون فعله سببا (3) للحرام كمن قدّم الى غيره محرما، و مثله ما نحن فيه (4) و قد ذكرنا أن الأقوى فيه (5): التحريم لأن استناد الفعل الى السبب أقوى (6) فنسبة فعل الحرام إليه (7) أولى، و لذا (8) يستقر الضمان على السبب، دون المباشر الجاهل بل قيل: إنه لا ضمان ابتداء إلا عليه (9).

++++++++++

(1) أي في مورد وجوب الإعلام، و تحمل الوزر لو لم يعلم.

(2) كشرب الخمر مثلا، سواء علم المكره بالفتح بالخمر أم لا.

(3) أي جزء سبب لايجاد الحرام، و الجزء الآخر: إقدام الجاهل على استعمال الحرام.

(4) أي و مثل ما كان الفعل سببا للحرام: ما نحن فيه: و هو بيع الدهن المتنجس من غير إعلام البائع المشتري أنه نجس.

(5) أي فيما نحن فيه و هو بيع الدهن المتنجس من غير الإعلام.

(6) من استناد الفعل الى المباشر.

(7) أي الى السبب أولى من استناد الفعل الى المباشر.

(8) أي و لأجل أن استناد الفعل الى السبب أقوى: يتوجه الضمان على من قدم الى الغير طعاما مغصوبا فأكله الغير، دون الآكل، و لذا لو رجع المغصوب منه على الآكل رجع الآكل على من غرّه و أخذ منه ما غرمه لصاحب الطعام.

(9) أي إلا على الغاصب بمعنى أن المغصوب منه ليس له حق الرجوع -

ص: 195

«الثالث»: أن يكون (1) شرطا لصدور الحرام، و هذا يكون على وجهين:

«أحدهما»: أن يكون من قبيل ايجاد الداعي على المعصية، إما لحصول الرغبة فيها كترغيب الشخص على المعصية، و إما لحصول العناد من الشخص حتى يقع في المعصية كسب آلهة الكفار الموجب لإلقائهم في سب الحق عنادا، أو سب آباء الناس الموقع لهم في سب أبيه.

و الظاهر: حرمة القسمين (2)، و قد ورد في ذلك عدة من الأخبار (3)

++++++++++

- على الآكل ابتداء و إنما له حق الرجوع على المسبب و هو الغاصب.

و أما حق الرجوع من المغصوب منه على الآكل إن لم يدفع الغاصب:

فلأجل عدم جواز إتلاف مال المسلم هدرا.

(1) أي فعل الشخص يكون شرطا في صدور الحرام و الشرط جزء من العلة بحيث لولاه لما صدر المعلول.

و الفرق بين الشرط، و السبب: أن الشرط ما لا يلزم من وجوده وجود المشروط، و لكن يلزم من عدمه عدم المشروط كالوضوء، فإن من وجوده لا يلزم وجود الصلاة، لكن من عدمه يلزم عدمها.

و السبب ما يلزم من وجوده وجود المسبب، و من عدمه عدمه.

كالنار، حيث إنها سبب للإحراق متى وجدت إن لم يكن هناك مانع و يلزم من عدمها عدمه.

(2) و هما: ترغيب الشخص على المعصية و إثارة الشخص على المعصية.

(3) أي في حرمة سبّ آباء الناس.

راجع (أصول الكافي). الجزء 2. ص 360. الحديث 2-3-4 فإن هذه الأحاديث تدل على حرمة سب الناس، أو آبائهم الموجب نسب أبيه.

ص: 196

«و ثانيهما» (1): أن يكون بايجاد شرط آخر غير الداعي كبيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا، و سيأتي الكلام فيه.

«الرابع» (2): أن يكون من قبيل عدم المانع.

و هذا يكون تارة مع الحرمة الفعلية في حق الفاعل (3) كسكوت الشخص عن المنع من المنكر و لا اشكال في الحرمة (4) بشرائط النهي عن المنكر.

و أخرى مع عدم الحرمة الفعلية بالنسبة الى الفاعل كسكوت العالم

++++++++++

- أليك نص الحديث الثاني.

عن أبي بصير عن (أبي جعفر) عليه السلام.

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسق و قتاله كفر.

و أما الدليل الدال على حرمة سبّ آلهة الكفار فقوله عز من قائل:

«وَ لاٰ تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ فَيَسُبُّوا اَللّٰهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» (1) .

(1) أي الوجه الثاني من الأمر الثالث الذي كان فعل الشخص شرطا في صدور الحرام: هو ترغيب الغير في ايجاد الحرام كمن يرغّب شخصا بشراء العنب ليعمله خمرا، ثم يبيعه العنب لصنع ما رغّبه فيه.

(2) أي الأمر الرابع من الأمور الأربعة أن يكون فعل الشخص.

(3) كما إذا كان الفاعل عالما بحرمة الفعل و هو يقدم على ارتكابه.

(4) أي في حرمة السكوت، و عدم إيجاد المانع من الفعل اذا كانت الحرمة فعلية في حق الفاعل، و كانت شرائط النهي عن المنكر متوفرة موجودة حتى يجوز له النهي عن المنكر.8.

ص: 197


1- الأنعام: الآية 108.

عن إعلام الجاهل (1) كما فيما نحن فيه (2) فإن صدور الحرام (3) منه مشروط بعدم إعلامه، فهل يجب دفع الحرام بترك السكوت أم لا؟

فيه (4) إشكال.

إلا اذا علمنا من الخارج (5) وجوب دفع ذلك (6) لكونه فسادا قد أمر بدفعه كل من قدر عليه، كما لو اطلع على عدم إباحة دم من يريد الجاهل قتله (7)، أو عدم إباحة عرضه له، أو لزم من سكوته ضرر مالي قد أمرنا بدفعه عن كل أحد.

فانه يجب الاعلام و الردع لو لم يرتدع بالإعلام، بل الواجب هو الردع و لو بدون الإعلام ففي الحقيقة الاعلام بنفسه غير واجب (8)

++++++++++

(1) فإن الحرمة بالنسبة الى الفاعل غير فعلية.

(2) و هو بيع الزيت المتنجس الى من لا يعلم بنجاسته.

(3) كأكل الدهن المتنجس.

(4) أي في وجوب دفع الحرام على العالم بالحرام اذا لم يكن الجاهل به مشغولا بالحرام لكنه يريده: إشكال، لأن الحرمة في حقه غير محققة بعد فلا عقاب على الفعل ما لم يشتغل به.

(5) أي من الأدلة الخاصة سوى المطلقات و العمومات، و أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(6) أي دفع المنكر الواقعي.

(7) فإنه يجب على العالم بذلك منعه عن ذلك، لأن الدماء و الفروج و الأموال لها أهميتها في الاسلام بصورة خاصة، و في المجتمع الانساني بصورة عامة فيجب على العالم بعدم إباحة الدم، أو الفرج، أو المال:

أن يمنع الجاهل بذلك و هو يريد ارتكاب هذه الأمور من باب الارشاد.

(8) بل وجوبه من باب أنه مقدمة للردع فوجوبه مقدمي غيري.

ص: 198

و أما فيما تعلق بغير الثلاثة (1) من حقوق اللّه فوجوب دفع مثل هذا الحرام مشكل (2)، لأن الظاهر من أدلة النهي عن المنكر (3) وجوب الردع عن المعصية.

فلا يدل على وجوب إعلام الجاهل بكون فعله معصية.

++++++++++

(1) المراد من الثلاثة: الدماء. و الفروج. و الأموال.

و المراد من كلمة غير: هي حقوق اللّه المحضة.

و كلمة من بيانية تبين غير الثلاثة.

(2) أي وجوب دفع مثل هذا الحرام و هي حقوق اللّه المحضة على العالم بالحرمة، و إعلامه الجاهل بالحرمة المقدم على ارتكاب الحرام مشكل، حيث إن الواجب عليه بيان الأحكام، لا الموضوعات الخارجية فعلى الفقيه أن يقول: الدم نجس. الخمر حرام. الغيبة حرام. أما هذا بول، و هذه خمر. و هذه غيبة فليس بواجب عليه.

فاذا همّ المكلف أن يشرب خمرا و هو لا يعلم بكونها خمرا فلا يجب على الفقيه ردعه عن ذلك لئلا يقع في الحرام الواقعي.

نعم لو همّ بشرب الخمر عالما بكونها خمرا و هو لا يعلم حكمها و هي الحرمة فعلى الفقيه منعه و ردعه عن ذلك إرشادا، لأنه مكلف ببيان الأحكام.

(3) من جملة الأدلة القائمة على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قوله تعالى: «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ» (1).

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 2 من ص 409 الى ص 420.4.

ص: 199


1- آل عمران: الآية 104.

نعم وجب ذلك (1) فيما اذا كان الجهل بالحكم، لكنه (2) من حيث وجوب تبليغ التكاليف ليستمر التكليف الى آخر الأبد بتبليغ الشاهد الغائب فالعالم في الحقيقة مبلغ عن اللّه ليتم الحجة على الجاهل و يتحقق فيه قابلية الإطاعة و المعصية.

ثم إن بعضهم استدل على وجوب الإعلام (3) بأن النّجاسة عيب خفي فيجب إظهارها (4).

و فيه (5): مع أن وجوب الاعلام على القول به ليس مختصا بالمعاوضات بل يشمل مثل الاباحة و الهبة من المجانيات أن (6) كون النجاسة عيبا ليس إلا لكونه منكرا واقعيا و قبيحا، فإن ثبت ذلك حرم الإلقاء فيه مع قطع النظر عن مسألة وجوب إظهار العيب، و إلا (7) لم يكن عيبا فتأمل (8).

++++++++++

(1) أي الاعلام و الردع.

و لا يخفى أن الوجوب هنا من باب المقدمة لتبليغ الأحكام الإلهية و ليس وجوبه نفسيا استقلاليا.

(2) أي حتى يتبين في حق الجاهل بعد تبليغ العالم له أن له أهلية الطاعة اذا امتثل، و عدم الأهلية اذا عصى و تمرد.

(3) أي في بيع الدهن المتنجس.

(4) أي إظهار النجاسة من قبل البائع.

(5) أي و في هذا الاستدلال.

(6) هذا وجه الاشكال و النظر في الاستدلال.

(7) أي و إن لم تكن النجاسة منكرا واقعيا و قبيحا.

(8) يمكن أن يقال بالفرق بين ما يتقاضى بإزائه المال كالبيع و الهبة المعوضة و الصلح فإنه يجب الاعلام من قبل البائع:

ص: 200

الثالث»: المشهور بين الأصحاب وجوب كون الاستصباح تحت السماء

«الثالث» (1): المشهور بين الأصحاب وجوب كون الاستصباح تحت السماء، بل في السرائر: أن الاستصباح به (2) تحت الظلال محظور بغير خلاف. و في المبسوط: أنه روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف (3).

لكن الأخبار المتقدمة (4) على كثرتها و ورودها في مقام البيان ساكتة

++++++++++

- و بين ما لا يتقاضى بإزائه المال، فإنه لا يجب فيه الاعلام.

(1) أي الموقع الثالث من المواقع التي يقع فيها الاشكال.

(2) أي بالدهن المتنجس تحت الظلال ممنوع.

ثم لا يخفى أن المقصود من الظلال مطلق السقف فيشمل الخيمة و الفسطاط، و بيت الشعر، و ما يصنع من السعف و الآجام، و لا اختصاص له بالسقف المبني.

(3) راجع (المبسوط). الجزء 6. ص 283.

أليك نص العبارة.

و أما إن كان مائعا فالكلام في السمن و الزيت و الشيرج و البذر و هذه الأدهان كلها واحد فمتى وقعت الفأرة فيه فقد نجس كله.

و يجوز عندنا و عند جماعة الاستصباح به في السراج، و لا يؤكل و لا ينتفع به في غير الاستصباح.

و فيه خلاف.

و روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء، دون السقف.

و هذا يدل على أن دخانه نجس غير أن عندي أن هذا مكروه.

(4) و هي الأخبار المستفيضة المشار إليها في الهامش 6. ص 173 و الهامش 5 ص 174. و الهامش 2-7. ص 175.

ص: 201

عن هذا القيد، و لا مقيد لها (1) من الخارج عدا ما يدّعى من مرسلة (2) الشيخ المنجبرة بالشهرة المحققة، و الاتفاق (3) المحكي.

لكن لو سلم الانجبار (4) فغاية الأمر دورانه (5) بين تقييد المطلقات المتقدمة (6)، أو حمل الجملة الخبرية (7) على الاستحباب، أو الارشاد لئلا (8) يتأثر السقف بدخان النجس (9) الذي هو نجس، بناء

++++++++++

- فالأحاديث الواردة في المقام التي أشرنا إليها كلها مطلقة ليس فيها أي اشعار بالاستصباح تحت السقف كما قيد الأصحاب رضوان اللّه عليهم الاستصباح بكونه تحت السقف، و كذا بقية الأحاديث المذكورة في المصدر فانها مطلقات ليس فيها ما يشعر بالقيد المذكور.

(1) أي لهذه الأحاديث المطلقة التي أشرنا إليها.

(2) المذكورة في (المبسوط) فإن فيها (يستصبح به تحت السماء).

(3) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بالشهرة أي و بالاتفاق المحكي في السرائر حيث قال (ابن ادريس) فيه:

إن الاستصباح به تحت السماء محظور بغير خلاف.

(4) و هو انجبار مرسلة الشيخ بالشهرة المحققة، و بالاتفاق المحكي عن (السرائر).

(5) أي دور ان الانجبار.

(6) و هي الأحاديث التي أشرنا إليها آنفا، فانه ليس فيها أي إشعار بالاستصباح تحت السقف كما عرفت.

(7) و هو يستصبح به في قوله: و روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف. على الاستحباب تعبدا، أو للإرشاد.

(8) تعليل لحمل الأمر على الارشاد، لا لحمله على الاستحباب.

(9) أي بدخان الزيت النجس، فالمضاف إليه و هو الزيت محذوف -

ص: 202

على ما ذكره الشيخ من دلالة المرسلة على نجاسة الدخان النجس، اذ قد لا يخلو (1) من أجزاء لطيفة دهنية تتصاعد بواسطة الحرارة، و لا ريب أن مخالفة الظاهر في المرسلة، خصوصا بالحمل على الارشاد دون الاستحباب أولى (2)، خصوصا (3) مع ابتناء

++++++++++

- و الدخان نجس أيضا لأنه متكوّن من النجس.

(1) أي الدخان النجس المتصاعد.

(2) خلاصة هذه العبارة: أنه يدور الأمر بين العمل بظاهر المرسلة الدالة على جواز الاستصباح بالدهن النجس تحت السماء فقط.

و بين العمل بتلك المطلقات التي أشرنا إليها آنفا الدالة على جواز الاستصباح بالدهن المتنجس من دون تقييده تحت السماء.

فلا شك أن مخالفة ظاهر المرسلة و رفع اليد عنها، و العمل بالمطلقات المذكورة أولى من تقييد الاستصباح به تحت السماء، و لا سيما تتأكد هذه الأولوية و تكون أقوى لو حملنا الجملة الخبرية الواقعة في المرسلة و هو قوله:

و روى أصحابنا: أنه يستصبح به تحت السماء: على الأمر الارشادي لا على الأمر المولوي الإلزامي فقوله: خصوصا معناه: و لا سيما تتأكد الأولوية لو فعلنا هكذا.

(3) هذا تأكيد ثان لأولوية مخالفة ظاهر المرسلة المذكورة و رفع اليد عنها.

و خلاصته: أن تقييد الدهن المتنجس بالاستصباح به تحت السماء مبني إما على ما ذكره الشيخ من أن المرسلة المذكورة تدل على نجاسة الدخان، بناء على أنه من أجزاء لطيفة دهنية تتصاعد بواسطة الحرارة.

و إما على أن وجوب الاستصباح به تحت السماء تعبد محض من باب ورود دليل خاص في الأخبار على ذلك: و هي المرسلة المذكورة -

ص: 203

التقييد إما (1) على ما ذكره الشيخ من دلالة الرواية (2) على نجاسة الدخان المخالفة للمشهور، و إما (3) على كون الحكم تعبدا محضا: و هو (4) في غاية البعد.

و لعله لذلك (5) أفتى في المبسوط بالكراهة مع روايته للمرسلة.

++++++++++

- في (المبسوط) المشتملة على الجملة الخبرية: و هي جملة يستصبح به في قوله:

و روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء.

(1) هذا هو الشق الأول لابتناء تقييد الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء. و قد أشرنا إليه في الهامش 3 ص 203.

(2) و هي المرسلة المذكورة في المبسوط.

و كلمة المخالفة مجرورة. بناء على أنها صفة للنجاسة، أي نجاسة الدخان مخالفة للمشهور حيث إنهم لا يقولون بنجاسته.

(3) هذا هو الشق الثاني لابتناء تقييد الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء و قد أشرنا إليه في الهامش 3 ص 203.

(4) أي استفادة الحكم و هو وجوب الاستصباح به تحت السماء من الجملة الخبرية الواردة في المرسلة المذكورة بقوله: و قد روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء: بعيد.

وجه البعد عدم استفادة الحكم من الجملة الخبرية، لعدم استفادة الأمر منها هذا بناء على ما أفاده الشيخ.

و أما بناء على ما أفاده صاحب الكفاية من أن دلالة الجملة الخبرية على الحكم آكد من دلالة الأمر و صيغة افعل عليه فاستفادة التعبد منها واضح.

(5) أي و لعل (شيخ الطائفة) لأجل كون نجاسة الدخان مخالفة للمشهور، و لأجل أن الحكم و هو الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء تعبد محض: أفتى بكراهة الاستصباح به تحت السقف، مع ذكره -

ص: 204

و الانصاف أن المسألة (1) لا تخلو عن اشكال، من (2) حيث ظاهر الروايات البعيدة عن التقييد، لإبائها (3) في أنفسها عنه، و إباء المقيد (4) عنه.

و من (5) حيث الشهرة المحققة، و الاتفاق المنقول، و لو رجع

++++++++++

- المرسلة في المبسوط.

(1) أي مسألة وجوب الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء لا تخلو عن اشكال، حيث إن الروايات الواردة في الوجوب بعيدة عن تقييد الاستصباح تحت السماء.

(2) دليل لجواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السقف.

و المراد من الروايات هي المطلقات التي أشرنا إليها في الهامش 1 ص 204.

فالأحاديث كلها آبية عن التقييد المذكور و هو الاستصباح به تحت السماء.

(3) تعليل لبعد الروايات المذكورة عن التقييد، أي لإباء تلك الروايات المذكورة بنفسها و حد ذاتها عن التقييد كما عرفت آنفا فالاطلاق فيها قوي فلا يشترط فيها الاستصباح تحت السماء.

(4) بصيغة الفاعل و المراد منه: المرسلة المذكورة في المبسوط، أي و لإباء المقيد الذي هي المرسلة المدعى أنها تقيد تلك المطلقات، لأن ظاهرها يدل على نجاسة السقف، و نجاسة السقف و الدخان أول الكلام.

و كلمة إباء مجرورة عطفا على مدخول (لام الجارة) أي و لإباء المقيد التي هي المرسلة عن تقييد المطلقات.

فالحاصل: أن التقييد إما من ناحية الأخبار المذكورة فهي مطلقة آبية عنه.

و إما من ناحية المرسلة فهي آبية عنه أيضا.

(5) دليل لعدم جواز الاستصباح تحت السقف.

ص: 205

الى أصالة البراءة حينئذ (1) لم يكن إلا بعيدا عن الاحتياط، و جرأة على مخالفة المشهور.

ثم إن العلامة في المختلف فصل بين ما اذا علم بتصاعد شيء من أجزاء الدهن، و ما اذا لم يعلم. فوافق المشهور في الأول (2): و هو (3) مبني على ثبوت حرمة تنجيس السقف، و لم يدل عليه دليل. و إن (4) كان

++++++++++

- ببيان أن الشهرة الفتوائية، و الاتفاق المذكور يقيدان تلك المطلقات و يخصصان جواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء

(1) أي لو رجعنا الى أصالة البراءة حين التعارض بين المطلقات المذكورة.

و بين دليل عدم جواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السقف و هي المرسلة المروية في المبسوط لا يلزم محذور: سوى أن العمل بأصالة البراءة في المقام يكون مخالفا للاحتياط، و بعيدا عن الايمان، و جرأة على مخالفة المشهور.

(2) و هو عدم جواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السقف اذا علم بتصاعد شيء من أجزاء الدهن اللطيفة مع الدخان بواسطة الحرارة كما ذهب إليه المشهور.

و أما اذا لم يعلم بذلك فلا مانع من الاستصباح به تحت السقف.

(3) أي موافقة المشهور: و هو عدم جواز الاستصباح به تحت السقف مبني على عدم جواز تنجيس السقف.

و الواو في و لم يدل عليه دليل حالية و الجملة في محل النصب أي و الحال أنه لم يدل دليل على حرمة تنجيس السقف.

(4) هذا عدول من الشيخ عما أفاده آنفا من عدم وجود دليل يدل على حرمة تنجيس السقف.

ص: 206

ظاهر كل من حكم بكون الاستصباح تحت السماء تعبدا (1)، لا لنجاسة الدخان، معللا (2) بطهارة دخان النجس: التسالم (3) على حرمة التنجيس، و إلا (4) لكان الأولى تعليل التعبد به، لا بطهارة الدخان كما لا يخفى.

++++++++++

- و خلاصة العدول: أنه و إن كان منشأ حكم القائلين بوجوب الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء: هو التعبد الذي استفيد من مرسلة الشيخ المذكورة في المبسوط، و ليس الحكم بذلك بواسطة نجاسة الدخان، اذ القائل بالاستصباح تحت السماء يقول بطهارة دخان النجس فليس هناك شيء يوجب تنجيس السقف.

لكن الفقهاء اتفقوا و تسالموا على حرمة تنجيس السقف فهذا الاتفاق و التسالم هو الذي سبّب القول بالاستصباح بالدهن النجس تحت السماء فحسب.

(1) خبر لكان في قوله: بكون الاستصباح، أي كون الاستصباح تحت السماء تعبدا.

(2) حال لمن الموصولة في قوله: و ان كان ظاهر، أي و إن كل من حكم أي حال كون من حكم بكون الاستصباح تحت السماء علّل.

(3) بالنصب خبر لكان في قوله: و ان كان ظاهر، أي و إن كان ظاهر كل من حكم بكون الاستصباح تحت السماء تعبدا، لا لنجاسة الدخان:

التسالم على حرمة التنجيس.

و لا يخفى تحقق هذا التسالم لو كان السقف طاهرا.

و أما اذا كان نجسا فلا معنى للقول بكون الاستصباح لا بد و أن يكون تحت السماء و حرمة تنجيسه، و لا سيما بعد البناء بطهارة دخان النجس، فان القول في الاستصباح تحت السماء إنما هو لأجل حرمة تنجيس السقف للتسالم المذكور

(4) أي و إن لم يكن دليل القائلين بحرمة تنجيس السقف بدخان -

ص: 207

الرابع: هل يجوز الانتفاع بهذا الدهن في غير الاستصباح
اشارة

«الرابع» (1): هل يجوز الانتفاع بهذا الدهن (2) في غير الاستصباح بأن يعمل صابونا، أو يطلى به الأجرب، أو السفن؟ قولان (3) مبنيان على أن الأصل في المتنجس (4) جواز الانتفاع (5)

++++++++++

- المتنجس: هو التسالم و الاتفاق المذكور من الفقهاء: لكان الأولى و الأنسب في القول بحرمة تنجيس السقف: هو التعبد، لأن الحكم المترتب و هي حرمة تنجيس السقف على الأمر التعبدي و هو الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء المستفاد من الجملة الخبرية المذكورة في مرسلة الشيخ بقوله:

و قد روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء: تعبدي أيضا، لأن حرمة تنجيس السقف لو ثبتت لكانت أمرا تعبديا لاستفادتها من التسالم و الاتفاق الحاصل من الفقهاء، لا لوجود دليل على حرمة تنجيس مطلق الأشياء سوى المسجد و المصحف، و أسماء اللّه عز و جل، و الأنبياء و الأئمة الطاهرين و الصديقة الطاهرة سلام اللّه عليهم أجمعين، و سوى الساتر في الصلاة و هو منحصر به و الوقت مضيق لا يسع تطهيره، و ما عدا هذه المذكورات ليس لنا دليل على حرمة تنجيسه.

(1) أي الرابع من المواقع التي يقع فيها الاشكال.

(2) و هو الدهن المتنجس.

(3) قول بجواز الانتفاع بالدهن المتنجس في غير الاستصباح، و قول بعدم الجواز.

(4) أي مطلق المتنجس، لا خصوص الدهن المتنجس.

(5) أي مطلق الانتفاع، لا خصوص الاستصباح تحت السماء.

فالمعنى: أن الأصل الأولي و هي أصالة الاباحة في الأشياء هل هو جواز مطلق الانتفاع، سواء أ كان الاستصباح أم غيره.

أم الانتفاع الخاص و هو الاستصباح تحت السماء فقط؟ -

ص: 208

إلا ما خرج بالدليل كالأكل و الشرب، و الاستصباح (1) تحت الظل أو (2) أن القاعدة فيه المنع عن التصرف إلا ما خرج بالدليل كالاستصباح تحت السماء، و بيعه ليعمل صابونا على رواية ضعيفة تأتي.

كلمات الفقهاء في المسألة

و الذي صرح به في مفتاح الكرامة هو الثاني (3)، و وافقه بعض

++++++++++

- فإن قلنا: إن الأصل الأولي في الأشياء و منها مطلق المتنجس:

هو جواز مطلق الانتفاعات فلا شك في جواز الانتفاع بالدهن المتنجس لغير الاستصباح.

(1) الأكل و الشرب و الاستصباح تحت السقف أمثلة لما خرج بالدليل الخاص الخارجي عن تحت قاعدة جواز الانتفاع بالمتنجس.

(2) هذا هو الشق الثاني للأصل الأولي في الأشياء، أي و إن قلنا:

إن الأصل الأولي في الأشياء و منها مطلق المتنجس: هو عدم جواز الانتفاع بها إلا ما خرج بالدليل كالاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء: فلا شك في عدم جواز الانتفاع بالدهن المتنجس إلا للاستصباح به تحت السماء.

و المراد من التصرف هو الانتفاع.

و لا يخفى أن هذا الأصل مبني على قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): أو شيء من وجوه النجس و سيأتي قريبا.

أو مبني على وجوب الاحتياط فيما لا دليل عليه.

(3) و هو عدم جواز الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل كالاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء.

راجع (مفتاح الكرامة)، الجزء 4، كتاب المتاجر. ص 22.

عند ذكر الدهن المتنجس.

ص: 209

مشايخنا المعاصرين (1)، و هو ظاهر جماعة من القدماء كالشيخين (2) و السيدين (3)، و الحلي (4)، و غيرهم.

قال في الانتصار (5): و مما انفردت به الإمامية أن كل طعام عالجه أهل الكتاب و من ثبت كفرهم بدليل قاطع لا يجوز أكله، و لا الانتفاع به (6)

++++++++++

(1) و هو (صاحب الجواهر) رحمه اللّه.

(2) و هما: (الشيخ المفيد. و الشيخ الطوسي).

(3) و هما: (السيد المرتضى. و السيد ابن زهرة أبو المكارم).

(4) و هو: (ابن ادريس) صاحب السرائر.

(5) كتاب في الفروع الفقهية (للسيد المرتضى علم الهدى) ألّفه رحمه اللّه حينما شنّع بعض علماء (إخواننا السنة) على الشيعة في المسائل الفقهية. فأثبت أن لهم فيها موافقا من فقهاء سائر المذاهب، و أن لهم على هذه الفروع حجة قاطعة من الكتاب و السنة.

طبع الكتاب في (ايران) مرتين: المرة الأخيرة سنة 1315 راجع كتاب الذبائح من الانتصار ص 107، أليك نص عبارته.

و مما انفردت به الامامية أن كل طعام عالجه الكفار من اليهود و النصارى و غيرهم ممن ثبت كفرهم بدليل قاطع فهو حرام لا يجوز أكله و لا الانتفاع به، و قد دللنا على هذه المسألة في كتاب الطهارة (من الانتصار) حيث دللنا أن سئور الكفار نجس لا يجوز الوضوء به و استدللنا بقوله تعالى: «إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ» (1) و استقصيناه.

(6) المراد به مطلق الاستعمالات، و من هنا يظهر أن الأصل عند (السيد المرتضى) عدم جواز الانتفاع بكل متنجس و من جملته الدهن المتنجس إلا ما خرج بالدليل و هو الاستصباح به تحت السماء.8.

ص: 210


1- التوبة: الآية 28.

و اختلف (1) باقي الفقهاء في ذلك

++++++++++

(1) هذه الجملة: و اختلف باقي الفقهاء تكملة كلام (السيد المرتضى) في الانتصار.

و المراد من باقي الفقهاء: فقهاء (إخواننا السنة).

و لعل المراد منهم من كانوا في عصره، حيث إنهم اختلفوا في طهارة أهل الكتاب في ذلك العصر.

و أما فقهاء المذاهب الأربعة فلم يختلفوا في عدم نجاسة أهل الكتاب و غيرهم.

راجع في هذا الأخير الفقه على (المذاهب الأربعة). الجزء الأول طباعة مطابع دار الكتاب العربي بمصر من ص 13 الى ص 19، حيث يعدد النجاسات و لم يذكر منها الكفار، بل يقول: إن نجاستهم معنوية في قوله تعالى: «إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ» .

و لا يخفى أن قوله تعالى: نجس أبلغ و أصرح في النجاسة مما اذا قيل:

نجس بكسر الجيم، لأنه يدل هذا على عين النجاسة، بخلاف الثاني، حيث إنه يدل على المتلوث بالنجاسة.

و يقول في طهارة الميتة و عدم الفرق بينها في المسلم و الكافر:

و منها: ميتة الآدمي و لو كافرا، لقوله تعالى: «وَ لَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ» و تكريمهم يقتضي طهارتهم أحياء و أمواتا انتهى كلامه.

ثم لا يحفى أننا (الطائفة الامامية) نقول بنجاسة غير أهل الكتاب عموما من دون استثناء، و من أي فرقة كانوا.

كما أننا نقول بنجاسة فرق المسلمين المحكومين بكفرهم كالخوارج و النواصب.

ص: 211

و قد دلّلنا (1) على ذلك في كتاب الطهارة، حيث دلّلنا على أن سؤر الكفار نجس.

و قال في المبسوط (2) في الماء المضاف: إنه مباح التصرف فيه بأنواع التصرف ما لم تقع فيه نجاسة، فان وقعت فيه نجاسة لم يجز استعماله على حال (3).

و قال (4) في حكم الماء المتغير بالنجاسة: إنه لا يجوز استعماله إلا عند الضرورة، للشرب لا غير (5).

++++++++++

- و أما أهل الكتاب فقد اختلفوا في طهارتهم و نجاستهم (فالسيد المرتضى) و كثير من فقهائنا أفتوا بنجاستهم.

و أفتى السيد الحكيم طاب ثراه بطهارتهم الذاتية و أنهم ليسوا كالكلب و الخنزير و بقية النجاسات العشرة التي نجاستها ذاتية.

لكن بشرط اجتنابهم عن النجاسات الذاتية العشرة.

ثم لا يخفى أن الحكم بنجاستهم لا يلازم الاجتناب من معاشرتهم، و عدم التردد عليهم، و البيع و الشراء معهم، و الاعتماد عليهم، و الاشتراك معهم في الكسب و التجارة.

(1) من دلّ يدل دلالة. يقال: دلّه على الشيء أي أرشده و هداه و معناه هنا: الإثبات، أي و أثبتنا في كتاب الطهارة من الانتصار على نجاسة الكفار.

(2) راجع المبسوط. الطبعة الجديدة. الجزء 1 ص 5.

(3) أي لا في الاستصباح و لا في غيره.

(4) أي (السيد المرتضى) في (كتاب الانتصار).

(5) أي من دون انتفاعات أخرى.

ص: 212

و قال في النهاية: و إن كان ما حصل فيه الميتة مائعا لم يجز استعماله و وجب إهراقه (1) انتهى. و قريب منه عبارة المقنعة.

و قال في الخلاف (2) في حكم السمن و البذر و الشيرج و الزيت اذا وقعت فيه فأرة: إنه جاز الاستصباح به، و لا يجوز أكله، و لا الانتفاع به بغير الاستصباح، و به قال الشافعي.

و قال قوم من أصحاب الحديث: لا ينتفع به بحال، لا باستصباح و لا غيره، بل يراق كالخمر.

و قال أبو حنيفة: يستصبح به و يباع لذلك مطلقا.

و قال ابن داود: إن كان المائع سمنا لم ينتفع به، و إن كان غيره من الأدهان لم ينجس بموت الفأرة فيه و يحل أكله و شربه.

دليلنا (3): اجماع الفرقة، و أخبارهم (4).

و في السرائر في حكم الدهن المتنجس: أنه لا يجوز الادهان به

++++++++++

(1) راجع (النهاية) طباعة (بيروت) عام 1390 هجري ص 588

(2) راجع الخلاف طبعة (طهران). (طباعة تابان). الجزء 2 ص 543. المسألة 19.

و لا يخفى أن عبارة الخلاف هنا منقولة بالمعنى.

ثم إن في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا الخطية و المطبوعة (وقعت). و في الخلاف: (ماتت) و هو الصحيح كما اثبتناه.

(3) هذا دليل (شيخ الطائفة) رحمه اللّه لعدم جواز الانتفاع بالدهن المتنجس سوى الاستصباح به تحت السماء.

(4) و هي الأحاديث المشار إليها في الهامش 7 ص 173. و الهامش 5 ص 174. و الهامش 3-7. ص 175.

ص: 213

و لا استعماله في شيء من الأشياء، عدا الاستصباح تحت السماء، و ادعى (1) في موضع آخر: أن الاستصباح به تحت الظلال محظور بغير خلاف.

و قال ابن زهرة بعد أن اشترط في المبيع أن يكون مما ينتفع به منفعة محللة: و شرطنا (2) في المنفعة أن تكون مباحة، تحفظا (3) من المنافع المحرمة، و يدخل في ذلك (4) كل نجس لا يمكن تطهيره عدا ما استثني من بيع الكلب المعلّم للصيد، و الزيت (5) النجس للاستصباح به تحت السماء و هو (6) إجماع الطائفة.

ثم استدل (7) على جواز بيع الزيت بعد الاجماع بأن النبي صلى اللّه

++++++++++

(1) أي (ابن ادريس) في موضع آخر من السرائر.

(2) بالفعل الماضي، و هذه الجملة: (و شرطنا في المنفعة أن تكون مباحة) الى آخرها مقول قول ابن زهرة.

(3) منصوب على المفعول لأجله، أي اجتنابا عن المنافع المحرمة لأن وجود المنافع المحرمة في الشيء لا يوجب جواز البيع، لعدم وجود مالية فيه حتى يجوز بيعه.

(4) أي و يدخل فيما لا يجوز بيعه كل نجس لا يمكن تطهيره، سواء أ كانت نجاسته ذاتية أم عرضية.

(5) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: من بيع الكلب أي و عدا ما استثني من بيع الزيت المتنجس.

(6) هذا من كلمات ابن زهرة أي شرط المنفعة المحللة في المبيع اجماع الشيعة الإمامية على ذلك.

(7) أي (ابن زهرة) بعد أن ذكر الاجماع المذكور بقوله: و هو اجماع الطائفة.

ص: 214

عليه و آله و سلم أذن في الاستصباح به تحت السماء (1) قال (2): و هذا يدل على جواز بيعه لذلك. انتهى (3).

الأقوى جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدليل.
اشارة

و لكن الأقوى وفاقا لأكثر المتأخرين جواز الانتفاع (4) إلا ما خرج بالدليل.

و يدل عليه (5) أصالة الجواز، و قاعدة (6) حل الانتفاع بما في الأرض.

++++++++++

(1) الظاهر أن مراد ابن زهرة رحمه اللّه من اذن النبي صلى اللّه عليه و آله: هي مرسلة الشيخ المروية في المبسوط.

(2) أي قال (ابن زهرة) أن اذن النبي صلى اللّه عليه و آله للاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء يدل على جواز بيعه للاستصباح به تحت السماء.

و هذا صريح من السيد ابن زهرة في أن الأصل في المتنجسات منع الانتفاعات، إلا ما أخرجه الدليل و هو الاستصباح به تحت السماء.

(3) أي ما أفاده (السيد ابن زهرة).

هذه خلاصة الأقوال و الآراء من الذين قالوا بعدم جواز الانتفاع من المتنجس إلا ما أخرجه الدليل كالاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء فقط.

(4) أي جواز مطلق الانتفاع من مطلق المتنجس، إلا ما أخرجه الدليل: و هو الأكل و الشرب.

و المراد بالدليل: الرواية. أو الاجماع.

(5) أي و يدل على جواز الانتفاع المطلق من مطلق المتنجس: أصالة الإباحة في كل شيء شك في حرمته.

(6) أي و يدل على جواز الانتفاع المطلق من مطلق المتنجس: قاعدة -

ص: 215

و لا حاكم عليها (1) سوى ما يتخيل من بعض الآيات و الأخبار

++++++++++

- حل الانتفاع بما في الأرض المستفادة من مقتضى الآية الكريمة: «خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً» (1).

(1) أي و لا حاكم على قاعدة أصالة الإباحة، و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض عدا بعض الآيات الكريمة، و الأخبار الشريفة، و الاجماعات المتقدمة التي تخيل الخصم أنها حاكمة على تلك القاعدتين.

و معنى الحكومة عند الفقهاء و الأصوليين: أن الرواية الحاكمة تأتي بموضوع تعتبره من الموضوع العام الوارد حكمه في الشرع، كما في بعض الأخبار:

إن الفقّاع هو الخمر بعينها.

راجع (الكافي) طباعة (طهران) عام 1379. الجزء 6. ص 423 الحديث 4. فيدخل حكم هذا الفرد و هو الفقّاع تحت عموم حرمة الخمر في قوله تعالى: «إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ» (2).

أو تأتي بموضوع تخرجه عن العام موضوعا كما في قوله عليه السلام:

«لا شك لكثير الشك، لا رباء بين الوالد و الولد: في الطرفين و لا رباء بين الزوج و الزوجة في الطرفين، و لا رباء بين المولى و العبد في طرف المولى، و لا رباء بين المسلم و الكافر الحربي من طرف المسلم، فإن دليل لا شك لكثير الشك يخرج هذا الشك عن موضوع الشكوك الواردة في الصلاة من أن الشاك بين الثلاث و الأربع مثلا يبني على الأربع في أي حالة كان.

و كذا دليل لا رباء بين الوالد و الولد يخرج هذا الفرد من الربا -0.

ص: 216


1- البقرة: الآية 29.
2- المائدة: الآية 90.

و دعوى الجماعة المتقدمة (1) الإجماع على المنع.

و الكل (2) غير قابل لذلك.

الاستدلال على المنع بالآيات و الجواب عنه

أما الآيات (3) فمنها: قوله تعالى: «إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ

++++++++++

- و بقية الأفراد المذكورة عن موضوع حرمة الرباء المطلق.

بعبارة اخرى: أن المراد من الحكومة: تحكيم أحد الدليلين و تقديمه على الآخر. لكونه يوسع موضوع دليل المحكوم توسعا تعبديا، لا بالتكوين الوجداني.

كما في قوله عليه السلام: إن الفقاع هو الخمر بعينها فيكون الدليل الموسع حاكما على الدليل الموسّع فيه فهو محكوم و ذاك حاكم.

أو يضيق موضوع دليل المحكوم تضييقا تعبديا كما عرفت في قوله عليه السلام: لا شك لكثير الشك.

(1) كالسيد المرتضى في الانتصار، و الشيخ في الخلاف و المبسوط و ابن ادريس في السرائر، و ابن زهرة في الغنية، حيث ادعوا الإجماع على منع بيع الدهن المتنجس لغير الاستصباح به تحت السماء.

(2) و هي الآيات و الأخبار و الإجماع المتقدم، فإن هذه الأدلة الثلاثة غير قابلة للحكومة على قاعدة أصالة الإباحة، و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض جميعا.

(3) أي الآيات التي تمسك بها الخصم على كونها حاكمة على أصالة الإباحة، و قاعدة حل الانتفاع فمنها الآية المذكورة.

كيفية الاستدلال: أن القائل بوجوب الاجتناب عن مطلق المتنجس و منه الدهن المتنجس لغير الاستصباح: يستدل بمقتضى التفريع في الآية الكريمة الذي هو قوله عز من قائل: فاجتنبوه: أن الدهن المتنجس -

ص: 217

وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ» دل بمقتضى التفريع: على وجوب اجتناب كل رجس.

و فيه (1): أن الظاهر من الرجس: ما كان كذلك في ذاته

++++++++++

- من الرجس و الرجس واجب الاجتناب. لأن صيغة أفعل و ما في معناها للوجوب.

فهنا يشكل قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: الدهن المتنجس من الرجس.

الكبرى: و كل ما كان من الرجس يجب الاجتناب عنه.

النتيجة: فالدهن المتنجس يجب الاجتناب عنه.

و لا يخفى منع ايجاب الصغرى، أي ليس الدهن المتنجس من أفراد الرجس حتى يكون من صغريات الكبرى الكلية المسلمة: و هو كل ما كان من الرجس يجب الاجتناب عنه.

(1) من هنا أخذ الشيخ في رد الاستدلال بالآية المذكورة فقال:

و في الاستدلال بالآية الكريمة على حكومتها على قاعدة أصالة الاباحة و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض: اشكال.

وجه الاشكال: أن المتبادر من الرجس هي النجاسة الذاتية كنجاسة الخمر و الخنزير و الكلب و الدم و المني، لا ما كانت نجاسته عرضية كالمتنجسات: و منها الدهن المتنجس، فان المتنجسات بعمومها ليست من أفراد النجس، و من وجهه حتى تشمله الآية الكريمة فاجتنبوه، حيث إنها تختص بالعناوين النجسة فالكبرى الكلية: و هو كل ما كان من الرجس يجب الاجتناب عنه لا تشمل ما نحن فيه.

و هذا هو المراد من قولنا في بقية الهامش 3 من هذه الصفحة:

و لا يخفى منع ايجاب الصغرى.

ص: 218

لا ما عرض له ذلك. فيختص (1) بالعناوين النجسة، و هي النجاسات العشر، مع أنه (2) لو عم المتنجس لزم

++++++++++

(1) أي الرجس في قوله تعالى: «فَاجْتَنِبُوهُ» مختص بالنجاسات الذاتية و هي النجاسات العشر.

أليك النجاسات العشر:

1 - الدم 2 - المني من ذي النفس السائلة، سواء أ كان آدميا أم غيره بريا كان أم بحريا و إن أكل لحمه 3 - الميتة من ذي النفس السائلة 4 - الكلب 5 - الخنزير البريان و أجزاؤهما و إن لم تحلهما الحياة 6 - الكافر، سواء كان أصليا أم مرتدا. فطريا أم مليا 7 - المسكر المائع بالأصالة 8 - الفقاع 9 - البول 10 - الغائط من غير مأكول اللحم، سواء أ كان بالأصل كالكلب و الخنزير و السباع أو بالعارض كالحيوان الجلال الذي يأكل العذرة، و موطوءة الانسان، و الشارب لبن الخنزيرة فهذه الأصناف الثلاثة يحرم أكل لحمها، إلا الجلاّل، فإنه اذا استبرء في المدة المعينة جاز أكله بعد الاستبراء.

(2) هذا اشكال ثان من الشيخ على القول بتعميم الرجس و شموله للمتنجسات.

و خلاصة الاشكال: أن لازم القول بالتعميم: تخصيص أكثر أفراد العام و خروجها عن تحت حكمه.

و من الواضح أن خروج أكثر أفراد العام عن تحت حكمه الى حد لا يبقى منه سوى فرد، أو فردين أمر مستهجن مستبشع.

خذ لذلك مثالا.

لو قال شخص لآخر: بع كل زمان هذا البستان، ثم قال:

إلا الرمان الشرقي، ثم قال: إلا الرمان الغربي، ثم قال: إلا الرمان -

ص: 219

أن يخرج عنه (1) أكثر الأفراد، فإن (2) أكثر المتنجسات لا يجب الاجتناب عنه.

مع (3) أن وجوب الاجتناب ثابت فيما كان رجسا من عمل الشيطان

++++++++++

- الجنوبي، ثم جعل يستثني الى حد لم يبق في البستان من الرمان إلا رمان واحد، أو اثنان فيأتي هنا الاستهجان المستقبح، و التخصيص المستبشع.

ففيما نحن فيه لو قلنا بشمول الرجس للمتنجسات أيضا بالإضافة الى النجاسات الذاتية: لزم تخصيص أكثر أفراد المتنجس، لأنه لا يجب الاجتناب عن أكثر أفراد المتنجس، سوى ما يبتلى به في شربه، أو أكله أو عباداته المشروطة بالطهارة.

و أما سائر أفراد المتنجسات التي لا تعتبر فيها الطهارة عند الاستعمال فلا يجب الاجتناب عنها و هي لا تحصى فيلزم تخصيص الأكثر لو قلنا بشمول الرجس للمتنجسات: و هو أمر مستهجن مستبشع.

(1) أي عن هذا العموم: و هو عموم لفظ الرجس كما عرفت في الهامش 2 من ص 219-220.

(2) تعليل لخروج أكثر أفراد العام عن تحت العموم لو أريد من الرجس العموم كما عرفت الخروج في الهامش 2 ص 219 عند قولنا: خذ لذلك مثالا.

(3) اشكال ثالث من الشيخ على أن الرجس لا يعم المتنجسات.

و خلاصته: أن وجوب الاجتناب ثابت فيما كان من أعمال الشيطان و أعمال الشيطان لا تخلو من أحد الأمرين لا محالة:

إما أن يراد منها: مخترعاته و مفتعلاته.

و إما أن يراد منها: إغرائه كالمعاصي التي تصدر من الانسان، حيث إنها تكون بسببه و إغرائه.

و من الواضح أن الدهن المتنجس و بقية المتنجسات الأخرى ليست -

ص: 220

يعني من مبتدعاته، فيختص وجوب الاجتناب المطلق بما كان من عمل الشيطان، سواء أ كان نجسا كالخمر، أم قذرا معنويا مثل الميسر.

و من المعلوم (1) أن المائعات المتنجسة كالدهن و الطين و الصبغ و الدبس اذا تنجست ليست من أعمال الشيطان.

و إن أريد (2) من عمل الشيطان: عمل المكلف المتحقق في الخارج

++++++++++

- من مخترعات الشيطان و بدعه.

بل هو أمر عرضي حكم الشارع بنجاسته فلا تشمله الآية الكريمة فالدهن المتنجس و بقية المتنجسات الأخرى خارجة عنها خروجا موضوعيا فعليه يختص وجوب الاجتناب المطلق في قوله تعالى: فاجتنبوه بما كان من مخترعات الشيطان و أعماله سواء أ كان عمل الشيطان نجسا ذاتيا كالخمر التي هي من مخترعات الشيطان أم نجسا معنويا مثل الميسر.

(1) هذا راجع الى الأمر الأول من الأمرين: و هو نفي كون المائعات المذكورة، و كل مائع متنجس من مخترعات الشيطان و قد عرفته في بقية الهامش 3 ص 221.

ثم إن الظاهر زيادة كلمة المتنجسة في قوله: المائعات المتنجسة بقرينة قوله: اذا تنجست، حيث إن الشيء اذا صار نجسا فلا يتنجس ثانيا فالصواب أن يقال: إن المائعات اذا تنجست.

(2) هذا راجع الى الأمر الثاني: و هو نفي كون المائعات المتنجسة من إغواء الشيطان.

و خلاصة ما أفاده الشيخ: أنه لو أريد من عمل الشيطان عمل المكلف الذي يصدر منه و يتحقق في الخارج حتى يكون المراد من الخمر و الميسر و الأزلام و الأنصاب المذكورة في الآية الكريمة: استعمالها على النحو الخاص و هو الشرب و اللعب، و إخراج الحصص حسب عادات أهل الجاهلية.

ص: 221

بإغوائه ليكون المراد بالمذكورات (1) استعمالها على النحو الخاص (2) فالمعنى: أن الانتفاع بهذه المذكورات رجس من عمل الشيطان كما يقال في سائر المعاصي: إنها من عمل الشيطان. فلا (3) تدل أيضا على وجوب الاجتناب عن استعمال المتنجس إلا اذا ثبت كون الاستعمال رجسا و هو أول الكلام.

و كيف كان (4) فالآية لا تدل على المطلوب.

++++++++++

- فالمعنى أن الانتفاع بهذه الأمور رجس من عمل الشيطان و أنه المصدر لها يجب الاجتناب عنه كما يقال في سائر المعاصي: إنها من عمل الشيطان مع أن المكلف هو القائم بها، و الموجد لها في الخارج.

لكن لما كان هو السبب نسبت تلك الأعمال الصادرة إليه: فلا تدل أيضا الآية الكريمة على وجوب الاجتناب عن كل متنجس.

اللهم إلا أن يقال: إن نفس الاستعمال رجس يجب الاجتناب عنه و هذا أول الكلام و لا يمكن اثباته بهذه الآية.

(1) و هي اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ كما عرفت.

(2) و هو الشرب و اللعب و اخراج الحصص كما عرفت.

(3) جملة فلا تدل جواب لإن الشرطية في قوله: و أن أريد من عمل الشيطان.

و الفاعل في لا تدل: الآية الكريمة، أي فلا تدل الآية الكريمة على المعنى الثاني أيضا كما لا تدل على المعنى الأول و قد عرفت كلا المعنيين.

(4) أي أى شيء أريد من الرجس في الآية الكريمة، سواء أريدت النجاسة الذاتية منها أم العرضية فهي لا تدل على المطلوب:

و هي حرمة استعمال المتنجس بنحو مطلق.

ص: 222

و من بعض ما ذكرنا (1): يظهر ضعف الاستدلال على ذلك (2) بقوله تعالى: «وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ» (3)، بناء على أن الرجز هو الرجس و أضعف (4) من الكل: الاستدلال بآية تحريم الخبائث، بناء

++++++++++

(1) و هو أن المتبادر من الرجس النجس الذاتي، لا العرضي كما فيما نحن فيه.

(2) أي على حرمة استعمال المتنجس.

وجه الضعف: أن المتبادر من الرجز: ما كانت نجاسته ذاتية لا ما كانت عرضية.

(3) المدثر: الآية 5.

(4) أي و أضعف من الاستدلال بالآيات الكريمة المذكورة على حرمة استعمال المتنجسات: الاستدلال بقوله تعالى: «وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبٰائِثَ» (1).

كيفية الاستدلال: أن المتنجسات بأجمعها من الخبائث و منها الدهن المتنجس، و التحريم المطلق و هو و يحرّم يفيد تحريم عموم الانتفاعات بأي نحو كانت و منها الانتفاعات المترتبة على الدهن المتنجس.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: إن المتنجسات من الخبائث.

الكبرى: و كل خبيث يجب الاجتناب عنه.

النتيجة: فالمتنجسات يجب الاجتناب عنها.

و من المتنجسات الدهن المتنجس يجب الاجتناب عنه.

هذا ما أفاده الخصم حول حكومة الآيات الكريمة المذكورة على قاعدتي أصالة الإباحة، و حلّ الانتفاع بما في الأرض جميعا.7.

ص: 223


1- الأعراف: الآية 157.

على أن كل متنجس خبيث. و التحريم المطلق يفيد عموم الانتفاع.

إذ لا يخفى (1) أن المراد هنا: حرمة الأكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات.

الاستدلال بالأخبار و الجواب عنه

و أما الأخبار (2) فمنها (3): ما تقدم في رواية تحف العقول، حيث

++++++++++

(1) هذا رد على من استدل بالآية الكريمة المذكورة على حرمة استعمال المتنجس بقول مطلق.

و خلاصته: أن الظاهر و المراد من التحريم في قوله تعالى: و يحرم عليهم الخبائث هو التحريم من حيث الأكل، لا مطلق الاستعمالات إذ حرمة استعمال كل خبيث بحسب المناسب له فالمناسب هنا هو الأكل بقرينة قوله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمُ اَلطَّيِّبٰاتُ» ، حيث إن المراد من الحلية حلية الأكل فلا يكون المتنجس من صغريات تلك الكبرى الكلية و هو وجوب الاجتناب عن كل خبيث.

(2) من هنا يأخذ الشيخ في ذكر الأخبار الدالة على حكومتها على قاعدتي أصالة الاباحة، و حل الانتفاع بما في الأرض بناء على زعم الخصم: و هذه الأخبار كثيرة قد ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها، و ذكر بعضها متفرقة.

(3) أي و من تلك الأخبار ما في رواية (تحف العقول) المشار إليها في ص 23-33 في قوله عليه السلام: أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام و محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله و شربه و إمساكه و التقلب فيه بوجه من الوجوه.

كيفية الاستدلال بالرواية من طريقين:

(الأول): جملة وجوه النجس، حيث إن الدهن المتنجس من وجوه النجس فهو حرام محرم يجب الاجتناب عنه.

ص: 224

علّل النهي عن بيع وجوه النجس بأن ذلك كله محرم أكله و شربه و إمساكه و جميع التقلب فيه. فجميع التقلب في ذلك حرام.

و فيه (1) ما تقدم من أن المراد بوجوه النجس: عنواناته المعهودة، لأن الوجه هو العنوان، و الدهن ليس عنوانا للنجاسة.

++++++++++

- (الثاني): تعليل الامام عليه السلام لأن ذلك كله منهي عن أكله و شربه و لبسه و إمساكه و التقلب فيه، إذ من جملة التقلب في النجس استعمال المتنجس، و الانتفاع به.

و هذا النوع من الاستعمال و الانتفاع منهي عنه.

(1) أي و في الاستدلال برواية تحف العقول نظر و اشكال.

أما الاستدلال بجملة وجوه النجس فقد عرفت أن المراد من وجوه النجس: هي العنوانات النجسة التي نجاستها ذاتية، لا ما كانت نجاسته عرضية كالدهن المتنجس، و المائعات المتنجسة، فإن هذه ملاقية للنجاسة و ليست عنوانا و وجها لها، فما نحن فيه أجنبي عن الوجوه النجسة فلا يشمله حديث تحف العقول.

و أما الاستدلال بالتعليل الوارد في قوله عليه السلام: لأن ذلك كله منهي عنه أكله و شربه و جميع التقلب فيه فيلزم بالإضافة الى أن المراد من وجه النجس النجاسة الذاتية، لا النجاسة العرضية: تخصيص الأكثر، إذ كثير من المتنجسات كما عرفت التي لا يتوقف استعمالها على الطهارة كالملابس و الفراش و ما شاكلهما يجوز استعمالها، و لا يجب الاجتناب عنها.

و قد عرفت معنى لزوم تخصيص الأكثر في الهامش 2. ص 219-220.

و الى كلا الاستدلالين أشار الشيخ إليهما مع ردهما بقوله: من أن المراد بوجوه النجس: عنواناته المعهودة، لأن الوجه هو العنوان، و الدهن ليس عنوانا للنجاسة.

ص: 225

و الملاقي (1) للنجس و ان كان عنوانا للنجاسة، لكنه ليس وجها من وجوه النجاسة في مقابلة غيره، و لذا (2) لم يعدوه عنوانا في مقابل العناوين النجسة. مع ما عرفت من لزوم تخصيص الأكثر، لو أريد به المنع عن استعمال كل متنجس.

++++++++++

- و بقوله: مع ما عرفت من لزوم تخصيص الأكثر لو أريد به المنع عن استعمال كل متنجس.

فالحاصل أن الحديث بكلتا جملتيه لا يشمل ما نحن فيه: و هو الدهن المتنجس، و سائر المائعات المتنجسة فما نحن فيه أجنبي عن المقام.

(1) المراد به الدهن المتنجس، و سائر المائعات المتنجسة.

إن قلت: إن الشيخ أفاد آنفا أن الدهن المتنجس ليس عنوانا للنجاسة، و أفاد حالا أن الملاقي للنجس و إن كان عنوانا للنجاسة فهذا تهافت منه.

قلت: ليس هنا تهافت كما توهم، بل إنما قال: و الملاقي للنجس و إن كان عنوانا للنجاسة لأمر: و هو أنه قد ورد في الأخبار أن الملاقي للنجس نجس، فينتج أن الدهن المتنجس من العناوين النجسة فأراد الشيخ أن يبطل هذه النتيجة فقال: الملاقي للنجس و ان كان عنوانا للنجس كما هو لسان الخبر، لكنه ليس وجها من وجوه النجاسة بحيث يكون في قبال النجاسات الذاتية و أنه إحداها، بل هو أحد مصاديق المتأثر بسائر النجاسات

(2) أي و لأجل أن الملاقي للنجس ليس عنوانا للنجاسة، بل هو فرعها و أحد مصاديق المتأثر بسائر النجاسات: لم يجعله الفقهاء من العناوين المستقلة في باب النجاسات في قبال العناوين النجسة بحيث يقال: من النجاسات الملاقي للنجس، بل قالوا بأجمعهم: النجاسات عشرة و عدوها واحدة بعد أخرى و لم يعدو ملاقي النجاسة من النجاسات.

ص: 226

و منها (1): ما دل على الأمر بإهراق المائعات الملاقية للنجاسة و إلقاء ما حول الجامد من الدهن و شبهه و طرحه، و قد تقدم بعضها في مسألة الدهن (2)، و بعضها الآخر متفرقة مثل قوله: يهريق المرق (3) و نحو ذلك (4).

++++++++++

- و المراد من كلمة غيره في قوله: في مقابلة غيره: سائر النجاسات أي ليس الملاقي للنجس وجها من وجوه النجس في مقابل سائر النجاسات كما عرفت.

(1) أي و من تلك الأخبار التي استدل بها الخصم على حكومتها على قاعدة أصالة الحلية، و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض جميعا و أنه يجب الاجتناب عن كل متنجس.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 16. ص 462. الباب 43 من أبواب إن الفأرة و نحوها. الحديث 2.

(3) نفس المصدر. ص 463. الباب 44. من أبواب إن القدر اذا طبخت. الحديث 1.

و في المصدر: يهراق بصيغة المجهول.

كيفية الاستدلال بالأحاديث: أنه لو كان الانتفاع بهذه المتنجسات جائزا بأي نحو من الانتفاعات و لو باطعام الأطفال، أو سقي الدواب لم يأمر الامام عليه السلام بإهراقها فالأمر بالاهراق يدل على وجوب الاجتناب عن كل متنجس من دون اختصاصه بالدهن المتنجس، لعدم القول بالفصل.

(4) أي و نحو هذه الأحاديث الآمرة بإهراق المرق النجس، و المائعات الملاقية للنجاسة: الأخبار الواردة في إهراق الإنائين المشتبهين أحدهما طاهر و الآخر نجس في جواب السائل عن رجل معه إناءان: فيهما ماء وقع -

ص: 227

و فيه (1): أن طرحها كناية عن عدم الانتفاع بها في الأكل فإن ما أمر بطرحه من جامد الدهن و الزيت يجوز الاستصباح به اجماعا فالمراد اطراحه من ظرف الدهن، و ترك الباقي للاكل.

الإجماعات المدعاة على المنع، و النظر في دلالتها

و أما الاجماعات (2) ففي دلالتها على المدعى نظر يظهر من ملاحظتها

++++++++++

- في أحدهما قذر ما يدري أيهما هو و حضرت الصلاة، و ليس يقدر على ماء غيرهما؟

فقال عليه السلام: يهريقهما جميعا و يتيمم.

راجع نفس المصدر. الجزء 1. ص 116. الباب 8 من أبواب نجاسة ما نقص عن الكر، الحديث 140، و ص 113. الحديث 2.

فالحديثان صريحان في إهراق الماء الطاهر المشتبه بالماء النجس، و أنه لا يجوز استعمالهما، للعلم الاجمالي بنجاسة أحدهما فيكون منجزا فيهراقان فلو كان الانتفاع بالماء المشتبه جائزا و لو بسقيه للأطفال لما أمر عليه السلام بإهراقه.

(1) أي و في الاستدلال بهذه الأخبار التي استدل بها الخصم على أنها حاكمة على القاعدتين المذكورتين: اشكال.

و خلاصة الاشكال: أن طرح المائعات و الجامدات الواردة في الروايات المذكورة عبارة عن عدم جواز الانتفاع بها في الأكل، لا في مطلق الانتفاعات بدليل أن ما أمر بطرحه من جامد الدهن يجوز الاستصباح به اجماعا. فالطرح الوارد كناية عن عدم أكل المطروح، و ليس المراد معناه الحقيقي: و هو عدم الاستفادة و الانتفاع به رأسا و أساسا.

(2) من هنا يأخذ الشيخ في رد الاجماعات التي استدل بها الخصم على حكومتها على القاعدتين المذكورتين كاجماع السيد، و الشيخ و ابن زهرة و ابن ادريس فقال: و في دلالة الاجماعات المذكورة على المدعى: و هي -

ص: 228

فإن (1) الظاهر من كلام السيد المتقدم أن مورد الاجماع هو نجاسة ما باشره أهل الكتاب، و أما (2) حرمة الأكل و الانتفاع فهي من فروعها المتفرعة

++++++++++

- حرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما أخرجه الدليل نظر و اشكال يظهر من ملاحظة تلك الاجماعات بإمعان و نظر، و أنها ليس كما تصورها الخصم.

(1) هذا وجه النظر في الاجماعات المذكورة.

و خلاصته: أما إجماع السيد الذي ذكره في (الانتصار) إنما هو في نجاسة ما باشره أهل الكتاب، لا في عدم جواز الانتفاع عما باشروه و الحال أن الكلام في هذا، دون ذاك. فالسيد لم ينقل اجماعا من الطائفة على عدم جواز الانتفاع بما باشره أهل الكتاب، و لم ينقل اجماعا في كلامه السابق إلا في نجاسة ما باشره أهل الكتاب.

و لا يخفى أن ما أفاده الشيخ في عدم دلالة كلام السيد على عدم جواز الانتفاع بما باشره أهل الكتاب: خلاف ظاهر كلامه و صريحه فإنه قال في كلامه المتقدم: و مما انفردت به الامامية أن كل طعام عالجه أهل الكتاب و من ثبت كفرهم بدليل قاطع لا يجوز أكله، و لا الانتفاع به

فجملة و لا الانتفاع به صريحة في أن ما باشره أهل الكتاب لا يجوز الانتفاع به، حيث إنها معطوفة على قوله: لا يجوز أكله، أي و مما انفردت به الامامية أن كل طعام عالجه أهل الكتاب لا يجوز الانتفاع به.

فكيف أفاد (شيخنا الأعظم) لا أن معقد الاجماع حرمة الانتفاع بالنجس.

(2) أي و أما حرمة الأكل و الشرب فهو متفرع على القول بنجاسته أهل الكتاب، فإن ثبتت نجاستهم فلا اشكال في حرمة أكل ما باشروه بناء على أن كل متنجس يحرم أكله و شربه.

و أما اذا لم تثبت فلا يحرم الأكل و الشرب مما باشروه.

ص: 229

على النجاسة، لا أن (1) معقد الإجماع حرمة الانتفاع بالنجس، فإن (2) خلاف باقي الفقهاء في أصل النجاسة في أهل الكتاب. لا (3) في أحكام النجس.

و أما (4) إجماع الخلاف فالظاهر أن معقده ما وقع الخلاف فيه

++++++++++

(1) أى و ليس معقد اجماع السيد حرمة الانتفاع بالمتنجس.

(2) تعليل من (شيخنا الأنصاري) على صدق مقالته: و هو أن معقد اجماع السيد هي نجاسة ما باشروه أهل الكتاب فقط، لا حرمة الانتفاعات الأخرى.

و خلاصة التعليل: أن اختلاف باقي فقهاء السنة في قول السيد:

و اختلف باقي الفقهاء في ذلك: يكفي في صحة ما ادعيناه، حيث إن كثيرا من فقهائهم في عصر السيد كما عرفت في الهامش 1 من ص 211 يقولون بطهارة أهل الكتاب فالسيد إنما ادعى اجماع الطائفة على نجاسة ما باشره أهل الكتاب في قبال هؤلاء الذين يقولون بطهارة أهل الكتاب، لا أنه ادعى الإجماع على عدم جواز الانتفاع بما باشره أهل الكتاب.

(3) أي و ليس معنى اختلاف باقي الفقهاء: أن فقهاء السنة مخالفون معنا فيما يترتب على النجس من الأحكام.

(4) هذا رد على الإجماع المدعى من الشيخ في (كتاب الخلاف) عند قوله: دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم.

و خلاصته: أن الشيخ في الخلاف أفتى بجواز الاستصباح بالدهن المتنجس، و بحرمة سائر الانتفاعات به فكانت فتواه مشتملة على جانبين:

الإثبات. و النفي.

(الأول): جواز الاستصباح بالدهن المتنجس.

ص: 230

..........

++++++++++

- (الثاني): حرمة سائر الانتفاعات بهذا الدهن من الأكل و البيع و الاستعمال.

ثم نقل أقوال سائر الفقهاء في جواز الاستصباح به و عدمه، و جواز بيعه لأجل الاستصباح و عدمه، ثم ادعى الاجماع على مذهبه بقوله: دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم.

لكن مصب اجماعه المدعى: على ما وقع بينه، و بين سائر الفقهاء من الخلاف: هو جانب الاستصباح فقط، دون الجانب الثاني من فتواه و هي حرمة سائر الانتفاعات بهذا الدهن المتنجس، فإنه اذا كانت دعواه الإجماع واقعة عقيب دعواه مباشرة كانت مشتملة على كلا جزئيها.

لكن دعواه وقعت بعد نقل الأقوال من (علماء إخواننا السنة) فلا تشمل سوى موضع الخلاف: و هو جانب الاستصباح فقط، فإن الشيخ نقل في مسألة الدهن المتنجس أقوالا أربعة:

(الأول): قول (الشيعة الإمامية): و هو جواز الاستصباح بالدهن المتنجس، و حرمة سائر الانتفاعات به، و وافق (الشيعة الشافعية). و هذا القول قول بالتفصيل.

(الثاني): عدم الانتفاع بالدهن المتنجس لا في الاستصباح و لا في غيره.

ذهب الى هذا القول بعض أصحاب الحديث.

(الثالث): جواز الاستصباح بالدهن المتنجس، و عدم جواز الانتفاع بسائر انتفاعاته الأخرى.

ذهب الى هذا القول (أبو حنيفة) و هو موافق لمذهب الشيعة الامامية حيث إنه جوز الاستصباح بهذا الدهن: و جوز بيعه لذلك، و لم يجوز -

ص: 231

..........

++++++++++

- الانتفاعات الأخرى، فانه لو جوز بيع هذه الانتفاعات أيضا لجوز بيع الدهن المتنجس مطلقا من غير تقييده بالاستصباح.

(الرابع): الفرق بين السمن، و غيره من الأدهان الأخرى فمنع الانتفاع بالسمن مطلقا: الاستصباح و غيره، و جوز الانتفاع بالأدهان الأخرى مطلقا: الاستصباح و غيره.

و هذا القول قول داود. انتهى ما أفاده الشيخ في الخلاف.

هذه هي الأقوال التي ذكرها الشيخ في الخلاف.

و أنت ترى أيها القارئ النبيل أن الخلاف قد وقع في كلا الجانبين من الدعوى، سواء أ كانت في الاستصباح أم في الانتفاعات الأخرى فنقل الشيخ الاجماع يشمل الجانبين. و هما: جواز الاستصباح بالدهن المتنجس.

و حرمة سائر انتفاعاته الأخرى. و لا اختصاص لشمول هذا الاجماع بجانب واحد: و هو جواز الاستصباح بالدهن المتنجس فقط، فإنه كما عرفت قال: اذا ماتت فأرة فيه جاز الاستصباح به و لا يجوز أكله و لا الانتفاع به بغير الاستصباح، ثم قال: دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم فنقله الاجماع يشمل جانبي المسألة.

فما أفاده (شيخنا الأعظم الأنصاري) من اختصاص الاجماع بجانب واحد بقوله: فإن الثاني: (و هو الاجماع المدعى ابتداء) يشمل الأحكام كلها (المذكورة من البيع و الأكل و الاستعمال).

و الأول: (و هي دعوى الاجماع على محل النزاع و هو الدهن المتنجس لا يشمل إلا الحكم الواقع مورد الخلاف: محل تأمل كما عرفت آنفا.

ص: 232

بينه، و بين من ذكر من المخالفين (1)، إذ (2) فرق بين دعوى الاجماع على محل النزاع (3) بعد تحريره، و بين دعواه ابتداء على الأحكام المذكورات (4) في عنوان المسألة، فإن الثاني (5) يشمل الأحكام كلها و الأول (6) لا يشمل إلا الحكم الواقع مورد الخلاف، لأنه (7) الظاهر من قوله: دليلنا إجماع الفرقة. فافهم و اغتنم (8).

و أما إجماع السيد (9) في الغنية فهو في أصل مسألة تحريم بيع النجاسات، و استثناء الكلب المعلم، و الزيت المتنجس، لا فيما ذكره:

من أن حرمة بيع المتنجس من حيث دخوله فيما يحرم الانتفاع.

++++++++++

(1) المراد من المخالفين (علماء إخواننا السنة) فإنهم يخالفون (الامامية) في نجاسة أهل الكتاب كما عرفت في الهامش 1، ص 211.

(2) تعليل من (الشيخ الأنصاري) لعدم شمول اجماع الشيخ في الخلاف جانبي المسألة. و قد عرفت شرحه في الهامش 4. ص 230 و 231-232.

(3) و هو عدم جواز الانتفاع بالدهن المتنجس لغير الاستصباح.

(4) و هو البيع و الأكل و الاستعمال كما عرفت.

(5) و هو الاجماع المدعى ابتداء.

(6) و هو الاجماع المدعى على محل النزاع بعد تحريره كما عرفت

(7) أي الحكم الواقع مورد الخلاف هو الظاهر من قول (الشيخ) في (كتاب الخلاف) بقوله: دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم.

(8) أي افهم هذه النقطة الحساسة و اغتنمها حتى لا يشتبه عليك الأمر و قد عرفت أن اجماع الشيخ يشمل جانبي الخلاف الواقع في المسألة و لا اختصاص له بجانب واحد في ص 232 عند قولنا: و أنت ترى أيها القارئ.

(9) هذا رد على اجماع (السيد ابن زهرة).

ص: 233

نعم هو قائل بذلك (1).

و بالجملة فلا ينكر ظهور كلام السيد في حرمة الانتفاع بالنجس الذاتي و العرضي، لكن دعواه الاجماع على ذلك (2) بعيدة عن مدلول كلامه جدا، و كذلك لا ينكر كون السيد (3) و الشيخ قائلين بحرمة الانتفاع بالمتنجس، كما هو ظاهر المفيد، و صريح الحلي (4)، لكن دعواهما الاجماع على ذلك (5) ممنوعة عند المتأمل المنصف.

ثم على تقدير تسليم دعواهم الاجماعات (6) فلا ريب في وهنها بما

++++++++++

(1) أي (السيد ابن زهرة) قائل بعدم جواز الانتفاع بالمتنجس.

(2) أي على حرمة الانتفاع بالنجس الذاتي و العرضي.

(3) الظاهر أن المراد من السيد (ابن زهرة)، حيث إنه القائل بعدم جواز الانتفاع بالمتنجس كما أفاده الشيخ بقوله: (نعم هو قائل بذلك) أي قائل بعدم جواز الانتفاع بالمتنجس كما عرفت.

و ليس المراد من السيد (السيد المرتضى علم الهدى) كما توهم فإن (السيد المرتضى) حسب ما أفاد الشيخ لا يقول بحرمة الانتفاع بالمتنجس في قوله: لا أن معقد الاجماع حرمة الانتفاع بالنجس.

نعم يكون المراد من السيد السيد المرتضى حسب ما اعترضناه على (الشيخ الأنصاري) بقولنا: و لا يخفى أن ما أفاده الشيخ في عدم دلالة كلام السيد

(4) و هو (ابن ادريس) صاحب السرائر.

(5) أي على حرمة الانتفاع بالمتنجس.

(6) أي لو سلمنا أن إجماعاتهم المدعات تدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس.

لكن نقول: إنها موهونة بخلافها مما يظهر من أكثر الفقهاء المتأخرين حيث أفتوا بجواز الانتفاع بالمتنجس، و حصروا حرمة الانتفاع بالمتنجس -

ص: 234

يظهر من أكثر المتأخرين: من قصر حرمة الانتفاع على أمور خاصة.

قال (1) في المعتبر في أحكام الماء القليل المتنجس: و كل ماء حكم بنجاسته لم يجز استعماله الى أن قال: و نريد بالمنع عن استعماله: الاستعمال في الطهارة، و إزالة الخبث، و الأكل و الشرب، دون غيره. مثل بلّ الطين. و سقي الدابة انتهى (2).

أقول: إن بلّ الصبغ. و الحناء بذلك الماء داخل في الغير، فلا يحرم الانتفاع بهما.

و أما العلامة فقد قصر حرمة استعمال الماء المتنجس في التحرير و القواعد و الارشاد على الطهارة، و الأكل و الشرب (3).

و جوز في المنتهى الانتفاع بالعجين النجس في علف الدواب، محتجا

++++++++++

- في أمور خاصة كالأكل و الشرب، و ما يتوقف استعماله على الطهارة.

فلا يكون مثل هذا الإجماع الذي يخالفه أكثر المتأخرين الموجب لوهنه كاشفا عن قول المعصوم عليه السلام، و لا موجبا للحدس القطعي، حيث إن المتأخرين حصروا عدم جواز الانتفاع بالمتنجس على أمور خاصة مثل الأكل و الشرب كما عرفت.

(1) أي قال المحقق.

هذا أوان الشروع في نقل أقوال المتأخرين في انحصار حرمة الانتفاع بالمتنجس: على أمور خاصة كالأكل و الشرب، و على أمور متوقفة على الطهارة، لا مطلقا.

(2) فكلامه صريح في حرمة الانتفاع بالمذكورات فقط.

(3) فكلامه أيضا صريح في حرمة الانتفاع بالمذكورات فقط.

و كلمة قصر بتخفيف الصاد من القصر: و هو الحصر.

ص: 235

بأن (1) المحرم على المكلف تناوله، و بأنه (2) انتفاع فيكون سائغا، للأصل و لا يخفى أن كلا دليليه (3) صريح في حصر التحريم في أكل العجين المتنجس.

و قال الشهيد في قواعده: النجاسة (4) ما حرم استعماله في الصلاة و الأغذية. ثم ذكر ما يؤيد المطلوب (5).

و قال في الذكرى في أحكام النجاسة. تجب إزالة النجاسة عن الثوب

++++++++++

(1) الباء بياتية لجواز الانتفاع بالعجين المتنجس في تعليف الدواب.

هذا هو الدليل الاول للعلامة في جواز الانتفاع بالمتنجس في غير ما يتوقف على الطهارة، و الشرب و الأكل.

و المعنى: أن المحرم على المكلف: هو تناول العجين المتنجس و أكله دون تعليفه للدواب.

(2) دليل ثان للعلامة في جواز الانتفاع بالمتنجس.

و خلاصته: أن التعليف بالعجين المتنجس نوع من الانتفاع و الاستفادة و هذا امر سائغ بأصالة الإباحة في الأشياء، و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض فلا مانع من تعليف الدواب بالعجين المتنجس.

(3) و هما: انحصار حرمة الانتفاع بالمتنجس في الأكل، دون سائر الانتفاعات الأخرى، و أن الانتفاعات الأخرى جائزة للاصل.

(4) سواء أ كانت ذاتية أم عرضية.

(5) و هو حصر الحرمة في استعمال النجس اعم من أن تكون النجاسة ذاتية، أو عرضية: في الصلاة و الأغذية.

ص: 236

و البدن (1)، ثم ذكر المساجد (2) و غيرها، الى أن قال: و عن كل مستعمل في أكل، أو شرب، أو ضوء تحت ظل (3)، للنهي عن النجس و للنص. انتهى.

و مراده بالنهي عن النجس: النهي عن أكله (4).

و مراده بالنص: ما ورد عن النهي عن الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السقف (5).

++++++++++

(1) راجع حول نجاسة الثوب و البدن (وسائل الشيعة). الجزء 2 ص 1025. الباب 19. باب وجوب إزالة النجاسة. الأحاديث.

(2) أي ذكر تحريم تنجيس المساجد، و وجوب تطهيرها.

و المراد من غيرها: المصحف الكريم و المشاهد المشرفة و أسماء اللّه تعالى و الأنبياء و الأئمة المعصومين و الصديقة الطاهرة صلوات اللّه عليهم اجمعين.

راجع نفس المصدر، الجزء 3 ص 504. الباب 24 من أبواب أحكام المساجد. الحديث 1-2.

(3) بأن يستعمل في الإضاءة تحت السقف.

(4) راجع نفس المصدر. الجزء 16. ص 496-497. الباب 66 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحديث 1.

(5) راجع نفس المصدر. الجزء 12. ص 66-67. الباب 6 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث.

و لا يخفى أن الأحاديث الواردة في المقام كلها مطلقة ليس فيها أي تقييد و إشعار بالاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء كما عرفت في الهامش 4 ص 201-202.

ص: 237

فانظر الى صراحة كلامه (1) في أن المحرم من الدهن المتنجس بعد الأكل و الشرب: خصوص الاستضاءة تحت الظل. للنص (2).

و هو (3) المطابق لما حكاه المحقق الثاني في حاشية الارشاد عنه قدس سره في بعض فوائده: من (4) جواز الانتفاع بالدهن المتنجس في جميع ما يتصور من فوائده.

و قال المحقق و الشهيد الثانيان في المسالك، و حاشية الارشاد عند قول المحقق و العلامة قدس سر هما: تجب إزالة النجاسة عن الأواني: إن هذا (5) اذا استعملت فيما يتوقف استعماله على الطهارة كالأكل و الشرب.

و سيأتي عن المحقق الثاني في حاشية الارشاد في مسألة الانتفاع بالأصباغ المتنجسة: ما يدل على عدم توقف جواز الانتفاع بها على الطهارة.

و في المسالك في ذيل قول المحقق قدس سره: و كل (6) مائع نجس عدا الأدهان قال (7): لا فرق في عدم جواز بيعها (8) على القول

++++++++++

(1) اي كلام (الشهيد الأول) في الذكرى.

(2) هو المشار إليه في الهامش 4. ص 237.

(3) أي هذا التصريح من (الشهيد الأول) هو المطابق لما حكاه (المحقق الكركى) في حاشية الارشاد عن الشهيد.

(4) من بيانية (لما الموصولة) في قوله: لما حكاه، أي المحكي عبارة عن جواز الانتفاع بالدهن المتنجس لغير الاستصباح.

(5) هذه الجملة: إن هذا إذا استعملت فيما يتوقف مقول قول (المحقق الكركى).

(6) هذه الجملة: و كل مائع نجس كلام المحقق صاحب الشرائع.

(7) أي (الشهيد الثاني).

(8) مرجع الضمير: و كل مائع نجس، أي لا فرق في عدم جواز -

ص: 238

بعدم قبولها (1) للطهارة بين صلاحيتها للانتفاع على بعض الوجوه و عدمه (2) و لا بين (3) الإعلام بحالها، و عدمه على ما نص عليه الأصحاب.

و أما الأدهان المتنجسة بنجاسة عارضية كالزيت تقع فيه الفأرة فيجوز بيعها لفائدة الاستصباح بها، و انما خرج (4) هذا الفرد بالنص، و إلا (5) فكان ينبغي مساواتها لغيرها من المائعات المتنجسة التي يمكن الانتفاع بها في بعض الوجوه (6).

++++++++++

- بيع كل مائع نجس.

و التأنيث باعتبار أن المراد من كل مائع: المائعات النجسة. و كذا مرجع الضمير في قبولها. و صلاحيتها و بحالها: كل مائع. و التأنيث كما ذكر

(1) أي بناء على القول بعدم قبول كل مائع نجس الطهارة.

(2) بالجر عطفا على مدخول بين، أي لا فرق بين صلاحيتها للانتفاع، و بين عدم صلاحيتها للانتفاع.

(3) أي و لا فرق أيضا على القول بعدم قبول كل مائع نجس الطهارة:

بين إعلام البائع بنجاسة كل مائع نجس، و عدم الإعلام.

(4) أي خروج الاستصباح بالأدهان المتنجسة عن الأصل المذكور:

و هو عدم جواز بيع كل مائع نجس: إنما هو لأجل النص. راجع نفس المصدر. الجزء 12. ص 66. الباب 6. الحديث 2.

(5) أي و لو لا النص المذكور على جواز الاستصباح بالدهن المتنجس لكانت الأدهان المتنجسة مساوية مع بقية المائعات المتنجسة في عدم جواز الانتفاع بها، و أنها كانت داخلة تحت العموم المذكور: من عدم جواز بيع كل مائع نجس: حيث إنه يمكن الانتفاع من المائعات المتنجسة في بعض المقامات، و بعض الموارد.

(6) و قد سبقت الاشارة الى أن المائعات المتنجسة يجوز الانتفاع بها

ص: 239

و قد ألحق بعض الأصحاب ببيعها للاستصباح: بيعها ليعمل صابونا أو يطلى بها الأجرب، و نحو ذلك (1).

و يشكل (2) بأنه خروج عن مورد النص المخالف للأصل، فإن جاز لتحقق المنفعة فينبغي مثله في المائعات النجسة (3) التي ينتفع بها كالدبس يطعم للنحل، و نحوه. انتهى.

++++++++++

(1) كالتداوي بها مثلا.

(2) أي الحكم بجواز بيع الأدهان المتنجسة لغير الاستصباح كالتطلية و التصبين، و إلحاقها ببيعها للاستصباح مشكل.

و الباء في قوله: بأنه خروج بيانية تبين وجه الاشكال.

و خلاصته: أن الحكم بجواز الانتفاعات المذكورة في الأدهان المتنجسة خارج عن مورد النص: حيث إن النص الوارد يخص الانتفاع بالدهن المتنجس بالاستصباح فقط فالانتفاعات المذكورة خارجة عن مورده.

بالإضافة الى أن النص المخرج للاستصباح عن الأصل الذي هو عدم جواز بيع المتنجسات خلاف للأصل المذكور.

فكيف يجوز الحكم بجواز الانتفاعات المذكورة من الأدهان المتنجسة و هي داخلة تحت الاصل المذكور؟

(3) أي فإن قيل بجواز بيع الأدهان المتنجسة لسائر الانتفاعات المذكورة لأجل ثبوت المنفعة فيها.

قلنا: ينبغي القول بجواز البيع في بقية المائعات المتنجسة التي فيها منافع كثيرة غير الأكل و الشرب، لوحدة المناط فيهما، لا القول باختصاص الجواز ببيع الأدهان المتنجسة لغير الاستصباح.

و هذا معنى قوله: فينبغي مثله في المائعات النجسة.

ص: 240

و لا يخفى ظهوره (1) في جواز الانتفاع بالمتنجس، و كون (2) المنع من بيعه لأجل النص: يقتصر على مورده.

و كيف كان (3) فالمتتبع في كلام المتأخرين يقطع بما استظهرناه (4) من كلماتهم.

و الذي أظن و ان كان الظن لا يغني لغيري شيئا: أن كلمات القدماء ترجع الى ما ذكره المتأخرون (5)، و أن المراد بالانتفاع (6) في كلمات القدماء الانتفاعات الراجعة الى الأكل و الشرب، و اطعام الغير، و بيعه على نحو بيع ما يحل أكله (7).

++++++++++

(1) أي ظهور (كلام الشهيد الثاني) في المسالك.

(2) بالجر عطفا على مدخول (في الجارة) في قوله: في جواز الانتفاع أي و لا يخفى ظهور كلام (الشهيد الثاني) في المسالك أيضا:

في أن المنع عن بيعه لغير الاستصباح لأجل النص الوارد.

و جملة: (لأجل النص) منصوبة محلا خبر لكان.

و جملة: (يقتصر) نتيجة لقوله: و لا يخفى. و المعنى: أنه بعد ظهور كلام الشهيد في أن سبب منع الدهن المتنجس لغير الاستصباح هو النص: يقتصر حينئذ على مورد النص و هو الاستصباح فقط.

(3) أي سواء أ كان كلام الشهيد و من ذكرناه قبله ظاهرا في جواز الانتفاع بالأدهان المتنجسة في غير الأكل و الشرب أم لم يكن ظاهرا.

(4) و هو جواز الانتفاع بالأدهان المتنجسة في غير الاكل و الشرب.

(5) و هو جواز الانتفاع بالأدهان المتنجسة.

(6) أي الانتفاع المحرم الذي يقول به القدماء: يقصدون به الأكل و الشرب، لا الانتفاعات الاخرى.

(7) أي من دون إعلام و تنبيه كما أنه الامر فيما يحل أكله و شربه.

ص: 241

ثم لو فرضنا مخالفة القدماء (1) كفى موافقة المتأخرين في دفع الوهن عن الأصل و القاعدة (2) السالمين عما يرد عليهما.

ثم إن على تقدير جواز غير الاستصباح من الانتفاعات فالظاهر جواز بيعه لهذه الانتفاعات (3)، وفاقا للشهيد و المحقق الثاني قدس سرهما.

قال الثاني (4) في حاشية الارشاد في ذيل قول العلامة: إلا الدهن للاستصباح: إن (5) في بعض الحواشي المنسوبة الى شيخنا الشهيد أن الفائدة لا تنحصر في ذلك (6). إذ مع فرض فائدة أخرى للدهن (7) لا تتوقف

++++++++++

(1) أي مخالفة مذهب القدماء لمذهب المتأخرين، و أنهم يقصدون من حرمة الانتفاع: حرمة الانتفاع المطلق: من الأكل و الشرب و التطلية و التصبين و تطعيم النحل.

(2) و هما: قاعدة أصالة الاباحة في الأشياء، و قاعدة حل الانتفاع بما في الأرض جميعا السالمين عما يرد عليهما، سوى الآيات و الأخبار و الاجماعات التي استدل الخصم بحكومتها عليهما، و قد عرفت الرد على تلك الأدلة الثلاثة عن شيخنا الأعظم مشروحا بقوله: أما الآيات. و أما الأخبار، و أما الاجماعات.

هذا تمام الكلام في الانتفاع بالمتنجسات نفيا و اثباتا.

(3) و هو التدهين و التصبين و التطلية و تطعيم النحل لأنها منافع مقصودة عقلائية توجب مالية الشيء.

(4) أي المحقق الثاني.

(5) هذه الجملة: (إن في بعض الحواشي) مقول قول المحقق الثاني.

(6) أي في الاستصباح فقط.

(7) أي للدهن المتنجس الذي لا يتوقف الانتفاع منه على طهارته -

ص: 242

على طهارته، يمكن بيعه لها كاتخاذ الصابون منه. قال (1) و هو مروي و مثله (2) طلي الدواب أقول (3): لا بأس بالمصير الى ما ذكره شيخنا و قد ذكر أن به رواية. انتهى.

أقول: و الرواية اشارة الى ما عن الراوندي في كتاب النوادر بأسناده عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام. و فيه سئل عليه السلام عن الشحم يقع فيه شيء له دم فيموت؟

قال عليه السلام: تبيعه لمن يعمله صابونا إلى آخر الخبر (4).

++++++++++

- بحيث يمكن أن يباع لتلك المنفعة غير المتوقفة على الطهارة فحينئذ جاز بيعه لتلك الفائدة.

(1) أي المحقق الثاني قال: اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس ورد في الرواية. و يأتي الاشارة الى الرواية.

(2) أي و مثل اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس في الجواز طلي الدواب و السفن.

(3) الفاعل في أقول: (المحقق الكركى)، أي قال المحقق لا بأس بما ذهب إليه شيخنا الشهيد من جواز الانتفاع بالدهن المتنجس باخذ الصابون منه، و طلي السفن به.

(4) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2. ص 427. الباب 6 الحديث 7.

و في المصدر: عن الزيت.

و في المصدر فقال.

إلى هنا كان الكلام حول جواز الانتفاع بالدهن المتنجس للاستصباح و التصبين، و غيرهما من الانتفاعات الأخرى عدا الأكل و الشرب.

ص: 243

حكم بيع غير الدهن من المتنجسات

ثم لو قلنا بجواز البيع في الدهن لغير (1) المنصوص من الانتفاعات المباحة فهل (2) يجوز بيع غيره من المتنجسات المنتفع بها في المنافع المقصودة المحللة كالصبغ و الطين (3) و نحوهما، أم يقتصر على المتنجس المنصوص:

و هو الدهن. غاية الأمر التعدي من حيث غاية البيع الى غير الاستصباح؟ اشكال (4).

++++++++++

(1) و هو طلي السفن و الدواب و الأجرب، و استعماله في الأوجاع.

و المراد بالمنصوص هو الاستصباح به تحت السماء، و اتخاذ الصابون منه

(2) من هنا شروع في المتنجسات الأخرى من المائعات غير الدهن.

و خلاصة الكلام: أنه لو قلنا بجواز بيع الدهن المتنجس لغير الاستصباح و التصبين فرضا فهل يجوز بيع سائر المائعات المتنجسة التي لها منافع مقصودة محللة.

أو يقتصر على المتنجس المنصوص الذي هو الدهن فقط و فقط.

نعم يتعدى من الاستصباح و التصبين الى منافعه الأخرى التي عرفتها مشروحا.

و هذا معنى قوله: غاية الأمر التعدي من حيث غاية البيع إلى غاية الاستصباح.

(3) أي المتنجسين، و المراد من نحوهما: الحبر المتنجس مثلا، فإنه يجوز الانتفاع به للكتابة، إلا في المصحف الكريم و أسماء اللّه تعالى، و الأنبياء و الأئمة الطاهرين، و الصديقة الطاهرة عليهم صلوات اللّه أجمعين.

(4) جواب لهل الاستفهامية في قوله: فهل يجوز بيع غيره، أي في جواز بيع غير الدهن المتنجس من بقية المائعات المتنجسة اشكال، و ان كان لها نفع.

و خلاصة الكلام أن بعد النص الوارد في جواز بيع الدهن المتنجس -

ص: 244

من (1) ظهور استثناء الدهن في كلام المشهور في عدم جواز بيع ما عداه، بل عرفت من المسالك نسبة عدم الفرق بين ما له منفعة محللة و ما ليست له: الى نص الأصحاب (2).

و مما (3) تقدم في مسألة جلد الميتة: من أن الظاهر من كلمات جماعة من القدماء و المتأخرين كالشيخ في الخلاف. و ابن زهرة و العلامة و ولده و الفاضل المقداد و المحقق الثاني و غيرهم: دوران المنع عن بيع النجس مدار جواز الانتفاع به و عدمه، إلا ما خرج بالنص، كأليات الميتة مثلا

++++++++++

- للاستصباح و التصبين لنا تعديان عن مورد النص.

(أحدهما): التعدي من الاستصباح و التصبين إلى سائر الانتفاعات الأخرى عدا الأكل و الشرب كما عرفت.

(ثانيهما): التعدي من الدهن المتنجس إلى سائر المائعات المتنجسة فعلى القول بجواز التعدي الأول هل يجوز التعدي إلى الثاني أولا؟

قيل بالجواز، لأن المدار في الجواز و العدم: الانتفاع و عدم الانتفاع فإن قلنا بوجود الانتفاع جاز التعدي.

و ان لم نقل لم نقل بالتعدي كما هو ظاهر كلمات جماعة من القدماء

و قيل بالعدم، لظهور استثناء الدهن في كلام المشهور: في عدم جواز ما عداه، حيث قالوا: لا يجوز بيع للتنجس إلا الدهن، سواء أ كان له منفعة محللة أم لا كما عرفت ذلك من نسبة (شيخنا الشهيد الثاني) إلى نص الأصحاب.

(1) دليل لعدم جواز التعدي من الدهن المتنجس الى المائعات المتنجسة كما عرفت عند قولنا: و قيل بالعدم، لظهور استثناء الدهن.

(2) عرفت ذلك في آخر هامش 4، ص 245 بقولنا: سواء أ كان له منفعة.

(3) هذا دليل لجواز التعدي من الدهن المتنجس الى سائر المائعات -

ص: 245

أو مطلق نجس العين على ما سيأتي (1) من الكلام فيه.

و هذا (2) هو الذي يقتضيه استصحاب الحكم قبل التنجس: و هي (3) القاعدة المستفادة من قوله عليه السلام في رواية تحف العقول: إن كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك كله حلال.

و ما (4) تقدم من رواية دعائم الاسلام من حل بيع كل ما يباح الانتفاع به.

و أما قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوهُ ، و قوله تعالى: وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ

++++++++++

- المتنجسة كما عرفت في ص 245 عند قولنا: قيل بالجواز، لأن المدار في الجواز و العدم: الانتفاع و عدم الانتفاع.

(1) في قوله: بقي الكلام في حكم نجس العين من حيث أصالة حلّ الانتفاع.

(2) أي جواز بيع المتنجس هو مقتضى الاستصحاب، لأن المتنجس قبل نجاسته كان جائز البيع، و بعد نجاسته يشك في جواز بيعه فيستصحب الجواز، و يحكم بصحة المعاملة.

(3) مرجع الضمير: كلمة استصحاب، و التأنيث باعتبار الخبر، بناء على القاعدة المعروفة: اذا دار الأمر بين المرجع و الخبر فمراعات الخبر أولى كقوله تعالى: «فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي» (1)أي الاستصحاب المذكور مستفاد من قوله عليه السلام: إن كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات. فإن تطعيم النحل، أو تطلية المسفن و الأجرب فيه نوع من الصلاح فيشمله قوله عليه السلام: فذلك كله حرام.

(4) مجرور محلا عطفا على مدخول من الجارة في قوله: المستفادة -8.

ص: 246


1- الانعام: الآية 78.

فقد عرفت أنهما لا تدلان على حرمة الانتفاع بالمتنجس (1)، فضلا عن حرمة البيع على تقدير جواز الانتفاع.

و من ذلك (2) يظهر عدم صحة الاستدلال فيما نحن فيه بالنهي في رواية تحف العقول عن بيع شيء من وجوه النجس بعد ملاحظة تعليل المنع فيها بحرمة الانتفاع.

++++++++++

- من قوله، أي جواز بيع المتنجس الذي له منفعة مستفاد أيضا من قوله عليه السلام في دعائم الاسلام المشار إليه في ص 52: إن الحلال من البيوع كل ما كان حلالا من المأكول و المشروب و غير ذلك مما هو قوام الناس و يباح لهم الانتفاع.

و لا شك أن تطلية السفن، و تطعيم النحل، و تدهين الأوجاع بالدهن المتنجس مما فيه الانتفاع و يباح لهم فيشمله قوله عليه السلام: إن الحلال من البيوع كل ما كان يباح لهم.

(1) لأن المراد من الرجس: النجس الذاتي الذي نجاسته ذاتية لا ما كانت عرضية كما فيما نحن فيه.

و كذا المراد من الرجز الذي فسر بالرجس: ما كان نجسا ذاتيا لا ما كانت نجاسته عرضية.

(2) أي و من عدم دلالة الآيتين على حرمة الانتفاع بالمتنجس يظهر عدم صحة الاستدلال على ما نحن فيه و هو جواز الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدليل: بالنهي الوارد في حديث تحف العقول المشار إليه في ص 24-37.

وجه الظهور: أن المراد من وجه النجس: العنوان النجس الذي كانت نجاسته ذاتية، لا ما كانت عرضية كما فيما نحن فيه، و لا سيما بعد تعليل الامام عليه السلام المنع بحرمة الانتفاع، اذ من الواضح أن مفهوم -

ص: 247

و يمكن حمل كلام من أطلق المنع عن بيع النجس (1) إلا الدهن (2) لفائدة الاستصباح: على إرادة (3) المائعات النجسة التي لا ينتفع بها في غير الأكل و الشرب منفعة محللة مقصودة من أمثالها.

و يؤيده (4) تعليل استثناء الدهن لفائدة الاستصباح: نظير استثناء

++++++++++

- الرواية: أنه اذا لم يحرم الانتفاع جاز البيع.

و قد عرفت أن الجواز و العدم دائران مدار الانتفاع و العدم، فان جاز جاز البيع، و إلا فلا.

(1) بأن قال: لا يجوز بيع المتنجس بأي نحو من الأنحاء و ان كان له منفعة محللة مقصودة إلا ما أخرجه الدليل كالاستصباح و التصبين بالدهن المتنجس.

(2) هذا هو المستثنى عن بقية المتنجسات لأجل الدليل.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: حمل كلام، أي و يمكن حمل كلام من قال بعدم جواز بيع المتنجس بصورة عامة مطلقة كما عرفت في قولنا: بأن قال: لا يجوز بيع المتنجس بأي نحو من الأنحاء: على إرادة المائعات المتنجسة التي لا ينتفع بها إلا في الأكل و الشرب، و ليس لهذه المائعات المتنجسة منفعة محللة مقصودة عقلائية فمثل هذه هو المراد من المنع المطلق في قول من يقول: لا يجوز بيع المتنجس بأي حال، لا المتنجس الذي له نفع مقصود عقلائي غير الأكل و الشرب كالاستصباح بالدهن المتنجس، و التصبين به.

(4) أي و يؤيد الحمل المذكور تعليل الفقهاء استثناء الدهن المتنجس عن عدم جواز بيع النجس: بقولهم: لفائدة الاستصباح، و التعليل هذا ظاهر في أن عدم جواز بيع المستثنى منه الذي هي بقية المائعات المتنجسة لأجل عدم فائدة تترتب عليها سوى الأكل و الشرب الذين ثبتت حرمتهما -

ص: 248

بول الابل للاستشفاء (1)، و ان احتمل (2) أن يكون ذكر الاستصباح لبيان ما يشترط أن يكون غاية للبيع (3).

قال في جامع المقاصد في شرح قول العلامة قدس سره: إلا (4)

++++++++++

- بخلاف الدهن المتنجس، حيث له فائدة أخرى غير الأكل و الشرب و هو الاستصباح و التصبين به فالدهن المتنجس استثناء منقطع خارج عن المستثنى منه فلا يشمله حكم بقية المتنجسات المائعة التي ليس لها منفعة سوى الأكل و الشرب.

(1) حيث إن استثناء شرب بول الابل عن بقية الأبوال الطاهرة التي لا يجوز بيعها، لكونها محرمة الشرب: إنما هو لعلة الاستشفاء به فلا يكون داخلا في تلك الأبوال حتى يشمله حكمها، لأنه ليس لها منفعة سوى الشرب و هو محرم فالاستثناء منقطع خارج عن المستثنى منه، فما نحن فيه نظير هذا.

(2) الغرض من ذكر هذا الكلام: أنه لما كان من شرط المبيع أن يكون مما يتمول حتى يصح بذل المال إزائه: أراد أن يذكر الشيخ قاعدة كلية جديدة يجعلها كبرى لتنطبق على صغرياتها، و تلك القاعدة: (هو أن كل ما كان فيه فائدة محللة عند الشرع، و مقصودة عند العقلاء جاز بيعه).

و حيث إن للدهن المتنجس فائدة محللة مقصودة عند العرف و العقلاء و هو الاستصباح به تحت السماء فتنطبق عليه تلك الكبرى الكلية، لأنها احدى صغرياتها، فعليه لا نحتاج الى استثنائه عن بيع المائعات المتنجسة الى الروايات المذكورة.

(3) أي لصحة البيع.

(4) هذه الجملة: إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح تحت السماء -

ص: 249

الدهن لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة:

قال (1): و ليس المراد بخاصة بيان حصر الفائدة في الاستصباح كما هو (2) الظاهر، و قد (3) ذكر شيخنا الشهيد في حواشيه أن في رواية (4) جواز اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس

++++++++++

- خاصة مقول قول العلامة.

(1) هذه الكلمة زائدة، لأنها ذكرت أولا بقوله: قال في جامع المقاصد فلا معنى لذكرها ثانيا، و قد تكرر في تضاعيف الكتاب و ما أكثرها و جملة: و ليس المراد مقول قول (صاحب جامع المقاصد).

و المراد من الخاصة: كلمة خاصة الواقعة في قول العلامة: الا الدهن المتنجس لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة.

و المعنى: أنه ليس المراد من هذه الكلمة انحصار فائدة الدهن المتنجس تحت السماء فقط و فقط حتى لا يجوز استفادة بقية المنافع الأخرى منه كالطلي و صناعة الصابون.

(2) أي عدم انحصار الفائدة في الدهن المتنجس في الاستصباح هي المستفادة من ظاهر كلام العلامة.

(3) هذه الجملة: (و قد ذكر شيخنا الشهيد) من كلام صاحب (جامع المقاصد) جاء بها تأكيدا لما أفاده حول كلمة خاصة.

و الجملة منصوبة محلا على الحالية، أي و كيف يمكن القول بانحصار فائدة الدهن المتنجس في الاستصباح فقط و الحال أن (شيخنا الشهيد) ذكر أن هناك رواية تصرح بجواز صناعة الصابون من الدهن المتنجس و قد ذكرنا الرواية في الهامش 4. ص 243.

(4) بالتنوين على صيغة التنكير و الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر مقدم لاسم أن، و اسم أن كلمة جواز في قوله: جواز اتخاذ.

ص: 250

و صرح (1) مع ذلك بجواز الانتفاع به فيما يتصور من فوائده به كطلي الدواب.

إن قيل (2): إن العبارة تقتضي حصر الفائدة، لأن الاستثناء في سياق النفي يفيد الحصر، فإن المعنى في العبارة إلا الدهن المتنجس لهذه الفائدة.

++++++++++

(1) أي (شيخنا الشهيد) مع وجود الرواية بجواز صناعة الصابون من الدهن المتنجس صرح بجواز الانتفاع من الدهن المتنجس في طلبي الدواب به، مع أن الطلي خارج عن مورد الرواية

و إنما صرح بجواز ذلك، لوجود هذا الانتفاع فيه، فالمدار في جواز البيع و عدمه: الانتفاع و عدمه.

(2) هذا اعتراض من لسان المحقق الكركي على ما أفاده هو: من أن كلمة خاصة في عبارة العلامة ليست لحصر فائدة الدهن المتنجس في الاستصباح.

و خلاصة الاعتراض: أن عبارة (العلامة في القواعد) مشتملة على النفي و الإثبات، حيث قال هناك: لا يجوز بيع النجس إلا الدهن المتنجس لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة فالاستثناء قد وقع عقيب النفي و هو قوله: لا يجوز بيع الدهن.

و من المقرر و المسلم عند أهل البيان: أن الاستثناء بعد النفي يفيد الحصر كقوله تعالى: «وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ» ، و كقولك:

و ما زيد إلا شاعر ففيما نحن فيه يفيد أن الدهن المتنجس ليس فيه فائدة سوى الاستصباح به تحت السماء خاصة أي فقط و فقط بمعنى عدم جواز استعماله في شيء آخر فلا يمكن التعدي من الاستصباح الى غيره من سائر المنافع المترتبة عليه، كما أنه لا يتعدى من الدهن المتنجس الى بقية المائعات -

ص: 251

قلنا (1): ليس المراد ذلك، لأن الفائدة (2) بيان لوجه الاستثناء:

أي إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح. و هذا (3) لا يستلزم الحصر.

و يكفي (4) في صحة ما قلنا تطرق الاحتمال في العبارة المقتضي لعدم الحصر انتهى (5).

++++++++++

- المتنجسة و ان فرض لها منافع أخرى.

اذا كيف يقال: إنه ليس المراد من كلمة خاصة بيان حصر فائدة الدهن المتنجس في الاستصباح فقط.

(1) هذا جواب عن الاعتراض المذكور.

و خلاصته: أنه ليس مقتضى عبارة العلامة حصر فائدة الدهن المتنجس في الاستصباح فقط و فقط و ان كان الاستثناء في سياق النفي يفيد الحصر لأن الغرض من ذكر الفائدة و هو الاستصباح: بيان وجه استثناء دهن المتنجس عن قاعدة عدم جواز الانتفاع بالنجس، و ذكر بيان وجه الاستثناء لا يستلزم الحصر المذكور، فعليه يجوز التعدي من الاستصباح الى فائدة أخرى مترتبة على الدهن المتنجس كالطلي، و صناعته صابونا.

(2) الألف و اللام للعهد الذكرى أي الفائدة المذكورة في كلام (العلامة) في القواعد بقوله: لتحقق الاستصباح.

(3) أي ذكر بيان وجه الاستثناء لا يستلزم الحصر المذكور كما عرفت

(4) هذا من كلام (المحقق الكركي) جاء به تأييدا لما ذهب إليه من أن كلمة (خاصة) الواقعة في كلام (العلامة) ليست تفيد الحصر أي و يكفي لصحة هذه الدعوى مجيء احتمال ذلك: و هو عدم إرادة الحصر و قد اشتهر حديثا و قديما: أنه اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

و كلمة تطرق مرفوعة على الفاعلية لقوله: و يكفي.

(5) أي ما أفاده (المحقق الثاني) في جامع المقاصد حول عبارة -

ص: 252

و كيف كان (1) فالحكم بعموم كلمات هؤلاء (2) لكل مائع متنجس مثل الطين و الجص المائعين و الصبغ و شبه ذلك محل (3) تأمل.

و ما نسبه في المسالك من عدم فرقهم (4) في المنع عن بيع المتنجس بين ما يصلح للانتفاع به، و ما لا يصلح فلم يثبت صحته (5)، مع ما عرفت (6) من كثير من الأصحاب: من إناطة الحكم في كلامهم مدار

++++++++++

- (العلامة) في القواعد.

(1) أي سواء أ كانت كلمة خاصة للحصر المذكور أم لا، و سواء أ كانت اللام في الاستصباح للعلة أم للغاية.

(2) بأن يقال: إن كلمات الفقهاء في المنع عن بيع المتنجس و استعماله عام تشمل جميع المائعات، ثم خرج من هذا العموم الدهن المتنجس للاستصباح خاصة، و التصبين به.

(3) خبر للمبتدإ المقدم في قوله: فالحكم بعموم

(4) أي من عدم فرق الفقهاء.

(5) أي صحة ما ادعاه (الشهيد الثاني) من عدم الفرق من الفقهاء بين ما يصلح للانتفاع، و بين ما لا يصلح له في أن المتنجس في كلتا حالتيه لا يجوز بيعه.

(6) هذا ترق من الشيخ فيما ادعاه من عدم صحة النسبة المذكورة من (الشهيد الثاني) الى الفقهاء.

و خلاصة الترقي أنه بالإضافة الى عدم ثبوت النسبة المذكورة:

أن الأصحاب بأجمعهم أناطوا و علقوا جواز بيع المتنجس، و عدم جوازه:

على الانتفاع و عدمه، فإن وجد الانتفاع جاز البيع، و إلا فلا. فحينئذ كيف يمكن القول بصحة نسبة عدم الفرق بين ما يصلح الانتفاع، و بين ما لا يصلح له في عدم جواز بيعه.

ص: 253

الانتفاع، و لأجل ذلك (1) استشكل المحقق الثاني في حاشية الارشاد فيما ذكره العلامة بقوله: و لا بأس (2) ببيع ما عرض له التنجيس، مع قبول الطهارة، حيث (3) قال: مقتضاه: أنه لو لم يكن قابلا للطهارة لم يجز بيعه.

++++++++++

(1) أي و لأجل هذا الدوران و الاناطة.

(2) هذه الجملة: (و لا بأس ببيع ما عرض له التنجيس مع قبوله الطهارة): مقول قول العلامة في الارشاد.

(3) تعليل من (الشيخ الأنصارى) لبيان وجه اشكال المحقق الثاني على عبارة العلامة. و الفاعل في قال المحقق.

و خلاصة الاشكال: أن مفهوم عبارة العلامة و لا بأس ببيع ما عرض له التنجيس مع قبوله الطهارة: (أنه لو لم يكن قابلا للطهارة لم يجز بيعه) و هذا المفهوم بإطلاقه يشمل الأصباغ المتنجسة، لأنها لا تقبل الطهارة عند الأكثر، فلا يجوز بيعها، بناء على ما أفاده العلامة، مع أن الظاهر من كلمات الأصحاب جواز بيع الأصباغ المتنجسة في تلك الحالة و هي حالة النجاسة، حيث يستفاد منها صبغ القصور و الدور و البيوت و الحديد و الأخشاب بألوان مختلفة حسب الأذواق و السليقة، و لا سيما في عصرنا الحاضر فمفهوم ما أفاده العلامة مخالف لظاهر أكثر الفقهاء: من جواز بيع الأصباغ المتنجسة، مع أنه أناط جواز بيع النجس، و عدمه على الانتفاع و عدم الانتفاع بالنجس.

هذه خلاصة الاعتراض الوارد على العلامة من (المحقق الكركي) في شرحه على الارشاد.

ثم أجاب عن الاعتراض دفاعا عن العلامة بما حاصله: أن الأصباغ المتنجسة قابلة للطهارة أيضا و لو بالمآل و المرجع، و ذلك عند جفافها -

ص: 254

و هو (1) مشكل، إذ الأصباغ المتنجسة لا تقبل التطهير عند الأكثر و الظاهر جواز بيعها، لأن منافعها لا تتوقف على الطهارة.

اللهم (2) إلا أن يقال: إنها تؤل الى حالة يقبل معها التطهير لكن بعد جفافها، بل ذلك (3) هو المقصود منها فاندفع الاشكال (4).

أقول (5): لو لم يعلم من مذهب العلامة دوران المنع عن بيع

++++++++++

- ورش الماء عليها فالمطلوب في الواقع و نفس الأمر هي حالة جفافها، لا أنها مائعة و هي في أوانيها الخاصة، فانها حينئذ لا ينتفع بها ما لم تصبغ بها المذكورات حتى تستلذ النفوس بها فعليه جاز بيعها، و لا يلزم المحذور المذكور على عبارته مفهوما.

(1) هذا اشكال المحقق أي هذا المفهوم و المقتضى بإطلاقه مشكل حيث يشمل الأصباغ المتنجسة و قد عرفت شرحه في الهامش 3. ص 254.

ثم المراد من الأصباغ المتنجسة: الأعم من المستعملة في الشعر و الثياب و الأقمشة و الدور و الأخشاب، و لا اختصاص لها باصباغ الأخشاب

(2) هذا دفاع المحقق عن العلامة، و عدوله عن اشكاله على عبارته و قد عرفت كيفية الدفاع في الهامش 4. ص 254-255 فلا نعيده.

(3) أي الجفاف هو المقصود الأولي الأصلي من الأصباغ المتنجسة لا نفس الأصباغ بما هي أصباغ كما عرفت في بقية الهامش 4. ص 255.

(4) هذه العبارة: فاندفع الاشكال (من المحقق الثاني)، أي بناء على قبول الأصباغ المتنجسة الطهارة بعد الجفاف ارتفع الاشكال المذكور عن عبارة العلامة، و لا يكون تنافي بين مذهبه و حكمه.

(5) هذا كلام (شيخنا الأعظم الأنصاري): يقصد به أن العلامة من زمرة الفقهاء القائلين بجواز بيع المتنجس، حيث قال: مع ما عرفت من كثير من الأصحاب من اناطة الحكم في كلامهم مدار الانتفاع.

ص: 255

المتنجس مدار (1) حرمة الانتفاع: لم يرد على عبارته اشكال، لأن (2) المفروض حينئذ التزامه بجواز الانتفاع بالأصباغ مع عدم جواز بيعها.

إلا (3) أن يرجع الاشكال الى حكم العلامة و أنه مشكل على مختار

++++++++++

- و خلاصة كلامه: أن المحقق الثاني لو لم يكن عالما و عارفا بمذهب العلامة في توقف جواز بيع المتنجس و عدمه: على وجود الانتفاع و عدمه:

لم يورد اشكالا على عبارته.

لكنه لما كان عارفا بذلك، و عالما بمذهبه من اناطة جواز البيع و عدم الجواز على الانتفاع و العدم: أو رد عليه الاشكال المذكور: من أن حكم العلامة بعدم جواز بيع الأصباغ المتنجسة، لأنها ليست قابلة للطهارة مناف لمذهبه من الاناطة المذكورة، لأن المفروض بعد الاناطة التزام العلامة بالانتفاع من الأصباغ المتنجسة، لأن لها منافع كثيرة، و كل ما كان له منفعة محللة مقصودة جاز بيعه، فالكبرى الكلية تنطبق على صغرياتها، و منها ما نحن فيه و هي الأصباغ المتنجسة القابلة للانتفاع.

(1) هذه الكلمة: ظرف لكلمة دوران، أي يدور جواز بيع المتنجس، و عدم جوازه مدار الانتفاع و عدمه كما عرفت.

(2) تعليل من الشيخ لعدم ورود الاشكال من المحقق على عبارة العلامة لو لم يكن عالما بمذهبه: و هو اناطة الجواز و العدم على الانتفاع و العدم، أي المفروض حين عدم علم المحقق الثاني بالاناطة المذكورة، و عدم معرفته بالملازمة بين جواز الانتفاع، و جواز البيع: التزام العلامة بجواز الانتفاع بالأصباغ المتنجسة، مع أنه لم يجوز بيعها، لعدم قبولها الطهارة فيكون مذهبه مع حكمه متنافيين فيرد الاشكال المذكور.

(3) استدراك من الشيخ عما أفاده آنفا من أن المحقق الثاني لو لم يعلم -

ص: 256

..........

++++++++++

- من مذهب العلامة اناطة الحكم على الانتفاع و عدمه: لم يورد اشكالا على عبارة العلامة.

لكنه كان عارفا بمذهبه فاورد الاشكال المذكور.

و خلاصة الاستدراك: أنه اذا أرجعنا اشكال المحقق على عبارة العلامة الى حكمه. و هو عدم جواز بيع المتنجس اذا لم يقبل الطهارة: توجه الاشكال و هو تنافي حكم العلامة بعدم جواز البيع مع مذهبه و هو جواز الانتفاع من الأصباغ المتنجسة، حيث أدار الجواز و العدم على الانتفاع و العدم اذ يقول المحقق: كيف يجوز للعلامة الحكم بجواز الانتفاع ثم يحكم بعدم جواز بيع الأصباغ؟ فيكون حكمه بذلك مشكلا على مختار المحقق الثاني حيث يرى الملازمة بين جواز الانتفاع من المتنجس الذي منها الأصباغ و بين جواز بيعه.

و هذا معنى قول الشيخ: و أنه مشكل على مختار المحقق الثاني.

و أما اذا أرجعنا اشكال المحقق على كلام العلامة فلا يرد الاشكال المذكور.

لكن الحكم بعدم الملازمة بين جواز الانتفاع من الأصباغ المتنجسة و بين جواز بيعها: مشكل على مذهب المتكلم و هو المحقق، حيث إنه يرى الملازمة بين جواز الانتفاع من الأصباغ المتنجسة، و بين جواز بيعها.

فتحصل من مجموع ما ذكر أنه في صورة علم المحقق بمذهب العلامة من إناطته جواز البيع و عدم الجواز على الانتفاع و عدمه يرد اشكاله عليه حيث إن حكمه بعدم جواز بيع الأصباغ المتنجسة لعدم قبول طهارتها:

مناف لحكمه بأن الأصباغ قابلة الانتفاع، و يكون مذهب العلامة و حكمه -

ص: 257

المحقق، لا الى كلامه (1)، و أن الحكم مشكل على مذهب المتكلم (2) فافهم (3).

ثم إن (4) ما دفع به الاشكال من جعل الأصباغ قابلة للطهارة إنما ينفع في خصوص الأصباغ.

و أما مثل بيع الصابون المتنجس فلا يندفع الاشكال عنه بما ذكره.

++++++++++

- مشكل على مختار المحقق، لأنه يرى الملازمة بين جواز البيع، و جواز الانتفاع.

و أما في صورة عدم علمه بمذهب العلامة فلا يرد إشكاله له على عبارة العلامة، لكن حكم العلامة بعدم الملازمة المذكورة مشكل على مذهب المحقق حيث إنه قائل بالتلازم المذكور.

(1) أي لا الى كلام العلامة كما عرفت شرح هذه العبارة آنفا.

(2) و هو المحقق الثاني و قد عرفت شرح العبارة آنفا.

(3) لعله اشارة الى أن اشكال المحقق على عبارة العلامة: الى تضاد مذهبه مع حكمه و تناقضهما، لا الى أن رأى العلامة مناقض لرأي المحقق حيث إن مخالفة رأي مجتهد لمجتهد آخر كثير جدا فلا يرد اشكال على مثل هذه المخالفة.

(4) هذا اشكال من الشيخ على المحقق الكركي.

و خلاصته أن دفاع المحقق عن عبارة العلامة بان الأصباغ قابلة للطهارة، لأنها تؤل الى الجفاف و الجفاف قابل للطهارة برش الماء عليه إنما يفيد في الأصباغ فقط.

و أما الصابون المتنجس فلا يندفع الاشكال عنه حيث إنه غير قابل للطهارة فيكون حكمه بعدم جواز بيعه لعدم قبوله الطهارة مع أنه مما ينتفع به منافيا لمذهبه.

ص: 258

و قد تقدم منه سابقا (1) جواز بيع الدهن المتنجس ليعمل صابونا بناء على أنه من فوائده المحللة، مع (2) أن ما ذكره من قبول الصبغ التطهير بعد الجفاف محل نظر، لأن المقصود من قبوله الطهارة: قبولها قبل الانتفاع و هو مفقود في الأصباغ، لأن الانتفاع بها و هو الصبغ قبل الطهارة.

و أما ما يبقى منها بعد الجفاف و هو اللون فهي نفس المنفعة، لا الانتفاع مع أنه (3) لا يقبل التطهير، و إنما القابل هو الثوب.

بقي الكلام في حكم نجس العين من حيث أصالة حل الانتفاع به في غير ما ثبتت حرمته (4).

أو أصالة العكس (5).

++++++++++

(1) أي من (المحقق الثاني) في قوله: و قد ذكر (شيخنا الشهيد) في حواشيه: أن في رواية جواز اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس.

و قد أشرنا الى الرواية في الهامش 4. ص 243.

(2) هذا اشكال آخر من الشيخ على المحقق الثاني فيما أفاده من قبول الأصباغ المتنجسة الطهارة بجفافها و قد ذكر الاشكال بقوله: لأن المقصود و مرجع الضمير في قبوله: المتنجس.

(3) أي مع أن نفس اللون لا يقبل الطهارة، لأنه من الأعراض.

(4) كالأكل و الشرب، و اللبس في الصلاة.

(5) و هي حرمة الانتفاع بنجس العين إلا ما أخرجه الدليل كالأكل عند المجاعة، و الشرب عند احتمال الضرر النفسي كشرب الخمر عند العطش الذي يخاف منه الموت بقدر رفع الضرورة، و خطر الهلاك.

ص: 259

بقي الكلام في حكم نجس العين من حيث أصالة حل الانتفاع به من غير ما ثبتت حرمته أو أصالة العكس

فاعلم أن ظاهر الأكثر أصالة حرمة الانتفاع بنجس العين، بل ظاهر فخر الدين في شرح الارشاد، و الفاضل المقداد: الاجماع على ذلك (1) حيث استدلا على عدم جواز بيع الأعيان النجسة بأنها محرمة الانتفاع، و كل ما هو كذلك (2) لا يجوز بيعه.

قالا: أما الصغرى (3) فإجماعية.

و يظهر من الحدائق في مسألة الانتفاع بالدهن المتنجس في غير الاستصباح نسبة ذلك (4) الى الأصحاب.

و يدل عليه (5) ظواهر الكتاب و السنة مثل قوله تعالى: حُرِّمَتْ

++++++++++

(1) أي على أصالة حرمة الانتفاع بالأعيان النجسة.

(2) أي كل ما كان محرم الانتفاع لا يجوز الانتفاع به.

و هنا يشكل قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: الأعيان النجسة محرمة الانتفاع.

الكبرى: و كل ما كان محرم الانتفاع لا يجوز بيعه.

النتيجة: فالأعيان النجسة لا يجوز بيعها.

(3) و هو أن الأعيان النجسة محرمة الانتفاع.

(4) أي نسبة حرمة الانتفاع بالأعيان النجسة الى فقهاء الشيعة و أصحابها و هذه النسبة تدل على إجماعهم على ذلك.

(5) أي و يدل على حرمة جواز الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة ظاهر قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ» (1).

وجه الظهور: أن المراد من التحريم حرمة جميع الانتفاعات المتصورة في الأعيان النجسة و منها البيع و الشراء، لقوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه فلا يختص التحريم بمنفعة معينة.

ص: 260


1- المائدة: الآية 3.

عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ ، بناء على ما ذكره الشيخ و العلامة من إرادة جميع الانتفاعات

و قوله تعالى (1): إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ : الدال على وجوب اجتناب كل رجس:

و هو نجس العين.

و قوله تعالى (2): وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ ، بناء على أن هجره لا يحصل إلا بالاجتناب عنه مطلقا.

و تعليله عليه السلام (3) في رواية تحف العقول حرمة بيع وجوه النجس بحرمة الأكل و الشرب و الإمساك، و جميع التقلبات فيه.

++++++++++

(1) أي و يدل على حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة ظاهر قوله تعالى: «إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ» (1).

وجه الظهور أن الأمر و هو قوله عز من قائل: فاجتنبوه يدل على وجوب اجتناب كل شيء يكون رجسا و نجسا من دون اختصاصه بشيء لانه مطلق لا يخص شيئا دون شيء.

(2) أي و يدل على حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة ظاهر قوله تعالى: «وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ» (2).

وجه الظهور: أن وجوب الهجر، و ترك الرجز المستفاد من الأمر لا يتحقق مفهومه في الخارج إلا بترك جميع أفراده، و اجتناب جميع أنواعه و أصنافه: و منها البيع و الشراء، و لا اختصاص له بمنفعة معينة.

هذا بناء على تفسير الرجز بالرجس كما تقدم.

(3) أي و يدل على حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة: ظاهر - 5

ص: 261


1- المائدة: الآية 92
2- المدثر: الآية 5

و يدل عليه (1) أيضا كل ما دل من الأخبار و الاجماع على عدم جواز بيع نجس العين، بناء (2) على أن المنع من بيعه لا يكون إلا مع

++++++++++

- تعليل الامام عليه السلام في رواية (تحف العقول) في قوله: أو شيء من وجوه النجس فهذا كله حرام محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله و شربه و لبسه و إمساكه و التقلب فيه.

وجه الظهور أن الامام عليه السلام علل حرمة شيء من وجوه النجس بأن النجس منهي عن أكله و شربه و لبسه و إمساكه و جميع التصرفات فيه بأي نحو من الأنحاء: و منها البيع و الشراء فلا يخص التحريم بشيء دون شيء فكما أن أكله و شربه و لبسه حرام، كذلك أقسام التصرفات فيه حرام.

(1) أي و يدل على حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة كل ما ورد من الأخبار و الاجماع على حرمة بيع نجس العين.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 164. الباب 55.

من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة الأحاديث.

و ص 167. الباب 57. الحديث 1.

و ص 166. الباب 56. الحديث 1-2.

أليك نص الحديث 1 من ص 167. الباب 57 عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن بعض أصحابنا عن (الرضا) عليه السلام.

قال: سألته عن نصراني أسلم و عنده خمر و خنازير. و عليه دين هل يبيع خمره و خنازيره و يقضي دينه؟.

قال: لا.

فالحديث هذا و بقية الأحاديث المذكورة في المصدر كلها تدل بالصراحة على عدم جواز الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة، فالمنع من بيع النجس لا يكون إلا مع حرمة الانتفاع به بنحو مطلق.

ص: 262

حرمة الانتفاع به هذا (1).

و لكن التأمل يقضي بعدم جواز الاعتماد في مقابلة أصالة الإباحة على شيء مما ذكر.

أما (2) آيات التحريم و الاجتناب و الهجر فلظهورها في الانتفاعات المقصودة في كل نجس بحسبه: و هي في مثل الميتة الأكل، و في الخمر الشرب، و في الميسر اللعب به، و في الأنصاب (3) و الأزلام ما يليق بحالهما.

و أما (4) رواية تحف العقول فالمراد بالامساك و التقلب فيه: ما يرجع

++++++++++

- و مثل هذا يعبر عنه بالدليل الإني الذي هو الانتقال من المعلول و هي حرمة البيع الى العلة: و هي حرمة الانتفاعات.

(1) أي خذ هذه الوجوه التي ذكرها القائل بحرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة من الآيات و الأخبار و الاجماع و اجعلها في ذكرك حتى تعرف مدى صحتها عند ما يرد عليها الشيخ.

(2) من هنا يشرع الشيخ في رد الاستدلال بالآيات الكريمة واحدة تلو أخرى فقال: أما آية حرمت، و آية فاجتنبوا، و آية فاهجر فهي ظاهرة في الانتفاعات المقصودة في كل شيء بحسبه الى آخر ما ذكره.

(3) بفتح الهمزة و سكون النون جمع نصب بضم النون و الصاد: هي الأصنام التي كانت العرب تعبدها زمن الجاهلية.

و أزلام بفتح الهمزة و سكون اللام جمع زلم بفتح الزاء و اللام وزان جمل. و بضم الزاء و فتح اللام وزان صرد: هو السهم قبل أن يجعل فيه الريش.

و ميسر بفتح الميم و سكون الياء و كسر السين آلة القمار.

(4) هذا رد على خبر تحف العقول الذي استدل به القائل بحرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة.

ص: 263

الى الأكل و الشرب، و إلا فسيجيء الاتفاق على جواز إمساك نجس العين لبعض الفوائد.

و ما دل (1) من الاجماع و الأخبار على حرمة بيع نجس العين قد يدّعى اختصاصه بغير ما يحل الانتفاع المعتد به.

++++++++++

- و خلاصة الرد أنه ليس المراد من الإمساك النجس و التقلب فيه جميع التقلبات و الاستعمالات و الانتفاعات.

بل المراد منهما الإمساك و التقلب الذين يكون مرجعهما الى الأكل و الشرب لا الى مطلق الانتفاعات.

و الدليل على ذلك اتفاق الفقهاء على جواز إمساك نجس العين لبعض الفوائد كما صرح الشيخ و العلامة بذلك في قولهما على ما سيأتي في قول الشيخ:

و قال في المبسوط: إن سرجين ما لا يؤكل لحمه. و قال العلامة في التذكرة:

يجوز اقتناء الأعيان النجسة و الاحتفاظ بها.

و الى هذا المعنى أشار الشيخ بقوله: و إلا فسيجيء.

(1) هذا رد على الإجماع و الأخبار المستدل بهما على حرمة الانتفاع المطلق.

و المراد من الإجماع نسبة (صاحب الحدائق) حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة الى الأصحاب الظاهرة هذه النسبة على وجود الاجماع.

و المراد من الأخبار: ما أشرنا إليها في الهامش 2. ص 262.

و خلاصة الرد أحد الأمرين:

(الأول): أن الإجماع و الأخبار المستدل بهما على حرمة الانتفاع المطلق إنما يدلان على حرمة المنفعة غير المحللة، و غير معتد بها.

و أما إذا كانت المنفعة محللة معتدا بها فلا يشملانها فيجوز بيع مثل هذه المنفعة.

ص: 264

أو (1) يمنع استلزامه لحرمة الانتفاع، بناء على أن نجاسة العين مانع مستقل عن جواز البيع من غير حاجة الى ارجاعها الى عدم المنفعة المحللة.

و أما توهم (2) الاجماع فمدفوع بظهور كلمات كثير منهم في جواز

++++++++++

- (الثاني): عدم الملازمة بين حرمة بيع الأعيان النجسة، و بين جواز الانتفاع بها، إذ من الممكن جواز الانتفاع بنجس العين مع حرمة بيعه فلا ملازمة بينهما، بناء على أن نجاسة العين بشخصها مانع مستقل و على حدة عن جواز البيع من دون احتياج إلى سبب آخر: و هو أن النجاسة توجب عدم وجود المنفعة في الشيء.

و عدم وجود المنفعة سبب لعدم جواز بيع نجس العين فيثبت التلازم بين عدم جواز البيع، و بين عدم جواز الانتفاع فاذا ثبت بالإجماع و الأخبار عدم جواز بيع نجس العين ثبت عدم جواز الانتفاع به.

فالحاصل أنه لا بدّ من الالتزام بأحد الأمرين المذكورين في رد الإجماع و الأخبار المستدل بهما، و القول بأنهما لا يدلان على حرمة مطلق الانتفاعات حتى المحللة المعتد بها.

ثم إن تفريد الضمير في قوله: قد يدعى اختصاصه مع أن المرجع الأخبار و الإجماع فيقتضي تثنيتهما: باعتبار الدليل، أي يدعى اختصاص دليل كل من الإجماع و الأخبار.

و أما تذكير الخبر و هو قوله: مانع مستقل مع أن المبتدأ مؤنث فبتأويل الوصف.

(1) هذا هو الأمر الثاني لرد الإجماع و الأخبار المستدل بهما على حرمة الانتفاع المطلق بالأعيان النجسة. و قد عرفت كيفية الرد آنفا.

(2) هذه مناقشة من (الشيخ) رحمه اللّه في أصل وجود الإجماع لمدعى من صاحب (الحدائق).

ص: 265

الانتفاع في الجملة (1).

قال في المبسوط: إن سرجين ما لا يؤكل لحمه، و عذرة الانسان و خرء الكلاب لا يجوز بيعها، و يجوز الانتفاع بها في الزروع و الكروم و أصول الشجر بلا خلاف انتهى.

و قال العلامة في التذكرة: يجوز اقتناء الأعيان النجسة لفائدة، و نحوها في القواعد، و قرره على ذلك (2) في جامع المقاصد، و زاد عليه قوله:

لكن هذه (3) لا تصيرها مالا بحيث يقابل بالمال.

و قال في باب الأطعمة و الأشربة من المختلف: إن شعر الخنزير يجوز استعماله مطلقا (4) مستدلا بأن نجاسته لا تمنع الانتفاع به، لما فيه من المنفعة الخالية عن ضرر عاجل و آجل (5).

و قال الشهيد في قواعده: النجاسة ما حرم استعماله في الصلاة و الأغذية للاستقذار (6)،

++++++++++

- كما أن قوله: و ما دل من الإجماع و الأخبار: مناقشة في دلالة الإجماع على تقدير وقوعه.

(1) أي بنحو (الموجبة الجزئية) بمعنى جواز بعض الانتفاعات من الأعيان النجسة.

(2) أي على جواز اقتناء الأعيان النجسة لفائدة.

(3) أي هذه الفائدة لا تجعل الأعيان النجسة من الأموال حتى تقابل بالمال فتباع و توجر.

(4) أي سائر الانتفاعات غير المشروطة بالطهارة.

(5) أي الإضرار الدنيوية و الأخروية.

(6) تعليل لحرمة استعمال النجاسة في الصلاة و الأغذية، فإن قسما -

ص: 266

و للتوصل (1) بها الى الفرار.

ثم ذكر (2) أن قيد الأغذية لبيان مورد الحكم.

و فيه (3) تنبيه على الأشربة كما أن في الصلاة تنبيها على الطواف (4) انتهى.

و هو (5) كالنص في جواز الانتفاع بالنجس في غير هذه

++++++++++

- من النجاسات قذرة كالدم، و المني، و العذرة، و الخرء. فهذه تمنع استعمالها في الصلاة و الأغذية.

(1) هذا تعليل للقسم الأخر من النجاسات التي ليست قذرة، و لكن يحرم استعمالها أيضا في الصلاة و الأغذية، أي حرمة استعمال هذا القسم في الصلاة و الأغذية إنما شرعت لأجل الفرار منها، و البعد عنها، لئلا يتضرر بها الانسان.

(2) أي (الشهيد الأول) في قواعده ذكر أن قيد الأغذية انما هو لبيان مورد الحكم و هي حرمة استعمال النجس، بمعنى أن الأغذية إنما ذكرت لكونها اعم من المأكل و المشرب.

(3) أي و في ذكر الأغذية تنبيه على أنها اعم من المأكل و المشرب.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 9. ص 445. الباب 38 من أبواب الطواف كتاب الحج. الحديث 6. أليك نصه.

عن أبي حمزة عن (أبي جعفر) عليه السلام أنه سئل: انسك المناسك و هو على غير وضوء؟.

فقال: نعم إلا الطواف في البيت، فان فيه صلاة.

و كلمة انسك فعل ماض فاعله المكلف.

(5) أي ما ذكره (الشهيد الأول) في قواعده مثل النص في أنه لا يحتمل الخلاف، بخلاف الظاهر: حيث إنه يحتمل الخلاف فيه. -

ص: 267

الأمور (1).

و قال الشهيد الثاني في الروضة عند قول المصنف في عداد ما لا يجوز بيعه من النجاسات: و الدم قال: و ان فرض له نفع حكمي (2) كالصبغ و أبوال و أرواث ما لا يؤكل لحمه و ان فرض لهما نفع (3)، فإن (4) الظاهر أن المراد بالنفع المفروض للدم و الأبوال و الأرواث هو النفع المحلل و إلا (5) لم يحسن ذكر هذا القيد في خصوص هذه الأشياء، دون سائر

++++++++++

(1) الأمور عبارة عن الصلاة و الطواف و الطعام و الشراب.

كما أن المراد من غير هذه الأمور: سائر الانتفاعات التي يمكن الاستفادة منها.

(2) النفع الحكمي: هو ما لا يزيد في الشيء عينا، أو قيمة.

أو المراد منه ما لا نفع فيه نفعا معتدا به عند العقلاء.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 209.

هناك تجد أن العبارة المنقولة هنا للشهيدين، و أن العبارة منقولة بالمعنى تقريبا.

(4) من هنا كلام (شيخنا الأنصاري).

(5) أي و ان لم يكن المراد من النفع في قول (الشهيد الثاني):

(و ان فرض له نفع): النفع المحلل بأن أراد حرمة كل نفع لم يحسن ذكر القيد و هي كلمة نفع في (و إن فرض له نفع)، حيث إن المفروض أن في سائر النجاسات ليس نفع محللا حتى يصح بيعها. فيكون ذكر القيد لغوا، فصونا للقيد عن اللغوية لا بدّ من حمله على النفع المحلل.

و لا يخفى: أن (الشهيد الثاني) في نفس المصدر، ص 207 ذكر القيد و هو (و إن فرض له نفع) في الحشيشة أيضا عند قوله: (و ضابطها -

ص: 268

النجاسات، و لا ذكر خصوص الصبغ (1) للدم، مع أن الأكل هي المنفعة المتعارفة المنصرف إليها الاطلاق في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ وَ اَلدَّمُ ، و المسوق لها (2) الكلام في قوله تعالى: أَوْ دَماً مَسْفُوحاً .

و ما ذكرنا (3) هو ظاهر المحقق الثاني، حيث حكى عن الشهيد أنه حكى عن العلامة: جواز الاستصباح بدهن الميتة.

ثم قال (4): و هو بعيد، لعموم (5) النهي عن الانتفاع بالميتة فإن (6) عدوله عن التعليل بعموم المنع عن الانتفاع بالنجس: الى ذكر

++++++++++

- المسكر و ان لم يكن مائعا كالحشيشة ان لم يفرض لها نفع آخر و قصد ببيعها المنفعة المحللة).

و المراد بالأشياء في قوله: في خصوص هذه الأشياء: الدم و الأبوال و الأرواث التي ذكرها عن اللمعة الدمشقية.

(1) التي هي المنفعة الحكمية للدم.

(2) أي أن المسوق للمنفعة المتعارفة في قوله تعالى: هو الأكل.

(3) و هو أن الأصل في الأعيان النجسة: جواز الانتفاع بها عند قوله: و لكن التأمل يقضي بعدم جواز الاعتماد في مقابلة أصالة الإباحة على شيء مما ذكر. و قد مر ذكره في ص 263.

(4) أي قال المحقق الثاني: إن جواز الاستصباح بدهن الميتة بعيد.

(5) تعليل لبعد جواز الاستصباح بدهن الميتة. ببيان أن النهي الوارد في عدم الانتفاع من الميتة عام يشمل حتى الانتفاع بدهنها للاستصباح.

(6) هذا كلام (شيخنا الأنصاري).

و خلاصته: أن لنا في عدم جواز الانتفاع بدهن الميتة عمومين: عموم -

ص: 269

خصوص الميتة يدل على عدم العموم في النجس (1).

و كيف كان (2) فلا يبقى بملاحظة ما ذكرنا وثوق بنقل الاجماع المتقدم (3) عن شرح الارشاد و التنقيح الجابر (4) لرواية تحف العقول

++++++++++

- عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقا حتى الدهن منها.

و عموم عدم جواز الانتفاع بالنجس مطلقا، سواء أ كان ميتة أم غيرها، و المحقق إنما استدل على بعد جواز الاستصباح بدهن الميتة: بعموم النهي الوارد في الميتة في عدم جواز الانتفاع بها، و عدل عن الاستدلال بعموم النهي الوارد عن الانتفاع بمطلق النجس، فعدوله عن هذا العموم إلى ذلك العموم، و الاستدلال بخصوص النهي الوارد في الميتة: دليل على أنه لا يقول بعدم جواز الانتفاع بمطلق النجس الوارد في النجس، و كيف يجوز له ذلك و هو من القائلين بأن الأصل في النجس: جواز الانتفاع إلا ما أخرجه الدليل: و هي الميتة فلا يصح الاستدلال بعموم مطلق النجس على عدم جواز الانتفاع بالنجس، لعدم تمامية الدليل عنده.

و أما عموم عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقا حتى في دهنها فإنما هو لأجل النص العام الوارد فيها المقبول عنده، و لو لاه لما صح الاستدلال به أيضا

(1) أي على عدم ثبوت هذا العموم عنده كما عرفت آنفا.

(2) سواء أ كانت عبارة المحقق تدل على ذلك أم لا.

(3) و هو نقل الإجماع على عدم جواز الانتفاع بالنجس: و هو الإجماع المنقول عن (فخر الدين) في شرح الارشاد، و (الفاضل المقداد) بقوله: و أما الصغرى فاجماعية.

(4) بالجر صفة للإجماع.

و المراد من الجبران: أن رواية (تحف العقول) لما كانت ضعيفة -

ص: 270

عن جميع التقلب في النجس، مع احتمال أن يراد من جميع التقلب (1):

جميع أنواع التعاطي (2)، لا الاستعمالات (3).

و يراد (4) من إمساكه: إمساكه للوجه المحرم.

و لعله للاحاطة بما ذكرنا (5) اختار بعض.

++++++++++

- السند لا بدّ لها من جابر و الجابر لها هو الاجماع فيكون مؤيدا لها فالحكم بمضمونها أقوى.

بعبارة أخرى أن العمل يكون حينئذ بالخبر المنجبر ضعفه بالاجماع لا بالاجماع.

(1) و هو التقلب المذكور في رواية (تحف العقول).

(2) أي كما يحرم النجس، كذلك يحرم هبته و إجارته. و الوصية به و الصلح عليه. و جعله مهرا و صداقا للمرأة، و كذلك جعله ثمنا لأي مبيع كان.

(3) أي لا أنه يراد من جميع التقلب فيه: الاستعمالات و الانتفاعات المحللة.

(4) أي و مع احتمال أن يراد من إمساكه الوارد في رواية (تحف العقول): الامساك على الوجه المحرم للتعاطي به، و المعاوضة عليه.

(5) من تأويل الأخبار الواردة التي يدعى دلالتها على عدم جواز الانتفاع بالأعيان النجسة و قد اشير إليها في الهامش 2. ص 262. كما و أشير الى التأويل المذكور في ص 264 عند قولنا: و خلاصة الرد أحد الأمرين.

و من نقل الأقوال على جواز الانتفاع بالأعيان النجسة في نقض الاجماع المدعى عن (صاحب الحدائق).

و قد عرفت الأقوال و هي ما ذكرت في المبسوط، و التذكرة، و المختلف و القواعد، و جامع المقاصد، و قواعد (الشهيد الأول) و في (الروضة البهية) -

ص: 271

الأساطين (1) في شرحه على القواعد جواز الانتفاع بالنجس كالمتنجس لكن مع تفصيل لا يرجع الى مخالفة في محل الكلام (2).

فقال: و يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة و المتنجسة (3) في غير ما ورد النص بمنعه كالميتة النجسة التي لا يجوز الانتفاع بها فيما يسمى استعمالا عرفا (4)

++++++++++

- من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 209.

(1) هو (الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء).

(2) و هو أن الأصل في النجس و المتنجس: جواز الانتفاع بهما الا ما خرج بالدليل.

(3) هذا الكلام تصريح من شيخنا الكبير (كاشف الغطاء) في أن الأصل في النجس كما هو في المتنجس: جواز الانتفاع به الا ما خرج بالدليل.

و المراد من النص ما ورد في (الوسائل) الجزء 16. ص 452 الباب 34 من أبواب الأطعمة و الأشربة. الحديث 1-2. أليك نص الحديث الأول، و الثاني.

عن علي بن أبي المغيرة قال: قلت (لأبي عبد اللّه) عليه السلام الميتة ينتفع منها بشيء؟

فقال: لا؟

و عن أبي الحسن عليه السلام: لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب و قد مر شرح الحديث في ص 12-13-14 فراجع.

فهذان الحديثان صريحان في عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقا فخرجت عن الأصل المذكور: و هو (جواز الانتفاع بالنجس.

(4) هذا هو التفصيل الذي أشار إليه (شيخنا الأنصاري) بقوله:

مع تفصيل لا يرجع الى مخالفة في محل الكلام، أي الانتفاع بالميتة -

ص: 272

للأخبار (1) و الإجماع (2).

و كذا (3) الاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال.

و ما دل (4) على المنع من الانتفاع بالنجس و المتنجس مخصوص (5)

++++++++++

- على نوعين: (الأول): ما يسمى في العرف استعمالا. (الثاني): ما لم يسم في العرف استعمالا كالايقاد بها فالشيخ فصل في الانتفاع.

(1) و قد أشير إليها في الهامش 3. ص 272. الحديث 1-2.

(2) و هو الإجماع المدعى في قول (صاحب الحدائق) في ص 260.

(3) هذا مثال لما خرج أيضا عن المختار المذكور، أي و كذا خرج الاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال و هو السقف عن المختار المذكور.

و هو جواز الانتفاع بالأعيان النجسة و المتنجسة.

و لا يخفى أن الروايات مطلقة و خالية عن لزوم الاستصباح تحت السماء و عدم جواز الاستصباح تحت الظل، سوى مرسلة الشيخ.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن الأدلة الواردة في منع الانتفاع بالنجس و المتنجس عامة تشمل جميع الانتفاعات.

(5) هذا جواب (الشيخ الكبير كاشف الغطاء) عن الوهم المذكور و خلاصته أحد الأمرين:

(الأول): أن المنع المذكور مخصوص بالدليل.

(الثاني): أن المنع عن تلك الانتفاعات من باب عدم مبالاة المباشر بالدين بحيث اذا تلوثت ملابسه، أو أدواته لا يعتني بها، و لا يطهرها فيما يشترط فيها الطهارة كالصلاة.

ص: 273

أو منزل على الانتفاع الدال على عدم الاكتراث (1) بالدين، و عدم المبالات.

و أما من استعمله ليغسله (2) فغير مشمول للأدلة فيبقى (3) على حكم الأصل انتهى.

و التقييد (4) بما يسمى استعمالا في كلامه رحمه اللّه لعله لاخراج مثل الايقاد بالميتة، و سد ساقية الماء بها، و إطعامها لجوارح الطير (5).

و مراده (6) سلب الاستعمال المضاف الى الميتة عن هذه الأمور، لأن

++++++++++

(1) مصدر باب الافتعال من اكترث يكترث اكتراثا.

و معناه: عدم الاعتناء و الاهتمام.

و المبالاة مصدر باب المفاعلة من بالى يبالي و معناه: الاهتمام بالشيء.

(2) المراد من الغسل هنا: غسل محل تلاقي النجس بعد الاستعمال و ليس المقصود من الغسل غسل نفس الميتة، لأنها لا تقبل الطهارة.

و أما المتنجس فإنه قابل للطهارة.

(3) أي هذا النوع من الاستعمال و هو غسل محل تلاقي الميتة بعد الاستعمال لا تشمله الأدلة الدالة على المنع من الانتفاع بالنجس، بل هو باق على حكم الأصل: و هو جواز الانتفاع بالنجس و المتنجس.

(4) أي تقييد شيخنا الكبير الاستعمال بما (يسمى استعمالا عرفا).

(5) الأمثلة الثلاثة لما لا يسمى استعمالا عرفا، فإن ايقاد الميتة و إطعامها لجوارح الطير، و سد الساقية بها ليست استعمالا عرفا فهي خارجة عن الانتفاع بالنجس و المتنجس.

(6) أي و مراد (الشيخ الكبير) من أن هذا النوع من الاستعمال بالأمور المذكورة لا يسمى استعمالا عرفا: سلب الاستعمال عن الأمور -

ص: 274

استعمال كل شيء إعماله في العمل المقصود منه عرفا، فان إيقاد الباب و السرير لا يسمى استعمالا لهما.

لكن يشكل (1) بأن المنهي عنه في النصوص الانتفاع بالميتة الشامل

++++++++++

- المذكورة، لأن الباب إنما صنع ليستعمل في التحفظ عن البرد، و الحر و السارق و الغبار عرفا، لا للايقاد.

و كذلك السرير، فإنه صنع لينام عليه، لا للإيقاد به.

(1) هذا اشكال من الشيخ الأنصاري على ما افاده (كاشف الغطاء) في التفصيل الذي ذكره بقوله: فيما يسمى استعمالا عرفا.

و خلاصة الاشكال أن الذي ورد عنه النهي في النصوص المشار إليها في الهامش 3. ص 272: هو الانتفاع بالميتة كما في الحديث 1-2 من نفس الهامش و الانتفاع عام يشمل حتى الاستعمال الغير المعهود المتعارف فليس المنهي عنه في النصوص لفظ الاستعمال حتى يقال: إن الايقاد بالميتة، و سد ساقية الماء بها، و إطعامها لجوارح الطير ليس استعمالا عرفا.

فما افاده من التفصيل بين ما يسمى استعمالا عرفا فيحرم الانتفاع به في الأعيان النجسة.

و ما لا يسمى استعمالا عرفا كالأمور المذكورة جاز الانتفاع بها، حيث لا يقال لاستعمال الميتة في الأمور المذكورة استعمال عرفا، لأنها ليست مقصودة: مشكل كما عرفت.

و الدليل على أنه مشكل: أنه قدس سره قيد الانتفاع بما يسمى استعمالا حتى يمكن تقسيم الاستعمال إلى المتعارف و إلى غيره ليمكنه إخراج الأمور المذكورة عن حريم النزاع.

و هذا معنى قول الشيخ: و لذا قيد هو قدس سره الانتفاع بما يسمى استعمالا.

ص: 275

لغير الاستعمال المعهود المتعارف في الشيء. و لذا قيد هو قدس سره الانتفاع بما يسمى استعمالا.

نعم (1) يمكن أن يقال: إن مثل هذه الاستعمالات لا تعد انتفاعا تنزيلا (2) لها منزلة المعدوم، و لذا (3) يقال للشىء: إنه مما لا ينتفع به

++++++++++

(1) استدراك عما افاده آنفا من أن الانتفاع اعم من الاستعمال فيشمل حتى الاستعمالات المذكورة من الميتة و قد ذكر الشيخ الاستدراك في المتن.

(2) منصوب على المفعول لأجله تعليل للاستدراك المذكور، و أن مثل هذه الاستعمالات لا تعد انتفاعا.

(3) تعليل لكون الاستعمالات المذكورة لا تعد انتفاعا و أنها بمنزلة المعدوم.

و خلاصة التعليل: أنه كثيرا ما يقال للشيء إنه ليس قابلا للانتفاع مع أنه قابل للانتفاع في الأمور المذكورة.

خذ لذلك مثالا.

الباب المندرس الذي لا يستفاد منه للدار، أو الغرفة يقال له: ليس مما ينتفع به، مع أنه قابل للإيقاد به في الطبخ، و كذلك اللحم الجائف النتن يقال له: ليس قابلا للأكل مع أنه قابل لاطعام جوارح الطير فالمنهي عنه في الرواية المذكورة في الهامش 3. ص 272 هو الانتفاع من الميتة بالمنافع المقصودة عند العقلاء و هو الأكل، لا التسميد و لا الايقاد، و لا إطعام جوارح الطير فهذه الانتفاعات لا تسمى انتفاعا عرفا.

و نظير هذا اشتراء اللحم للطيور و السباع لمن كانت عنده حيوانات فهذه أغراض خاصة شخصية، لا نوعية فهذه الأغراض لا تكون سببا لعد العرف لها انتفاعا.

ص: 276

مع قابليته للأمور المذكورة فالمنهي عنه هو الانتفاع بالميتة بالمنافع المقصودة التي تعد عرفا غرضا من تملك الميتة لو لا كونها ميتة و إن كانت قد تملك لخصوص هذه الأمور كما قد يشترى اللحم لإطعام الطيور و السباع، لكنها أغراض شخصية، كما قد يشترى الجلاّب (1) لإطفاء النار، و الباب للإيقاد و التسخين به (2).

قال العلامة في النهاية في بيان أن الانتفاع ببول غير المأكول:

في الشرب للدواب: منفعة جزئية لا يعتد بها.

قال: إذ كل شيء من المحرمات لا يخلو من منفعة كالخمر للتخليل و العذرة للتسميد، و الميتة لأكل جوارح الطير، و لم يعتبرها الشارع (3) انتهى.

ثم (4) إن الانتفاع المنفي في الميتة و إن كان مطلقا في حيز النفي

++++++++++

(1) معرب كلاب أصلها مركب من كلمتين: (إحداهما) كل بالكاف الفارسية و هو الورد (و الثانية) آب و هو الماء، أي ماء الورد.

ثم لا يخفى عليك أن الغالب في لغة الفرس و لا سيما سكان (شمال ايران) و من على (بحر قزوين) تقديم المضاف إليه على المضاف في استعمالاتهم كما هنا، حيث قدم الورد على الماء جريا على عادتهم المألوفة.

(2) مع أن الجلاب و الباب لم يوضعا لهذه الغاية عرفا، بل وضع الجلاب ليستعمل في الشرابت، و الاستعمالات الخارجية مثل التطيب.

و كذا الباب وضع ليستعمل في الغرف و الدور و المحلات.

(3) أي لم يعتبر الشارع هذه المنافع منافع لتقابل بالمال عرفا حتى يصح بيعها.

(4) أي الانتفاع المنفي في النص المشار إليه في الهامش 3. ص 272 الحديث 1-2.

ص: 277

إلا أن اختصاصه بما ادعيناه من الأغراض المقصودة من الشيء، دون الفوائد المترتبة عليه، من دون أن تعد مقاصد: ليس من جهة انصرافها الى المقاصد حتى يمنع انصراف المطلق في حيز النفي.

بل (1) من جهة التسامح و الادعاء العرفي،

++++++++++

- هذا دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه يستفاد من دعوى اختصاص الانتفاع المذكور في الرواية: بالأغراض العقلائية المقصودة عند العرف: أن هذا الاختصاص من باب الانصراف مع، أنه لا يوجد انصراف هنا حتى يقال به، لأن كلمة ينتفع الواقعة في حيز النفي في قوله عليه السلام: لا ينتفع من الميتة:

مطلقة ليس فيها أي شيء يشعر الى المنافع العقلائية فقوله عليه السلام:

لا ينتفع عام يشمل حتى الفوائد المترتبة على الميتة و إن لم تكن مقصودة عند العقلاء فتشمل الأمور المذكورة فمن أين يمكن دعوى الانصراف الى المنافع المقصودة العقلائية؟.

(1) هذا جواب الشيخ عن الوهم المذكور.

و خلاصة الجواب: أن الانتفاع المنفي في النص المذكور و إن كان مطلقا و واقعا في حيز النفي المقتضي للعموم و الشمول الأفرادي حتى الأمور المذكورة: لكننا ندعي اختصاص الانتفاع بالمنافع العقلائية. و المقاصد العرفية من غير شموله للفوائد المترتبة على الميتة و إن لم تكن مقصودة عند العقلاء.

لكن هذا الاختصاص ليس من باب الانصراف كما توهمه الخصم بل من باب فهم العرف ذلك و تسامحهم في ذلك الموجب لعدم ظهور للفظ الانتفاع في الفوائد المترتبة المذكورة على الميتة، و ادعاء العرف بأن هذه الفوائد ليست منافع، تنزيلا لها منزلة المعدوم، و أنها ليست منافع -

ص: 278

تنزيلا (1) للموجود منزلة المعدوم، فإنه (2) يقال للميتة مع وجود تلك الفوائد فيها: إنها مما لا ينتفع به.

و مما ذكرنا (3) ظهر الحال في البول و العذرة و المني، فإنها مما لا ينتفع بها و ان استفيد منها بعض الفوائد كالتسميد (4) و الإحراق

++++++++++

- فالحاصل: أن الاختصاص المدعى ليس من باب الانصراف و أنه المنشأ لذلك، بل هو من باب فهم العرف، حيث يفهمون أن المقصود من المنافع هي المنافع المقصودة عند العرف و العقلاء، و ادعائهم أن تلك الفوائد ليست منافع مقصودة.

(1) منصوب على المفعول لأجله تعليل لاختصاص الانتفاع بالميتة بالمنافع المقصودة عند العرف و العقلاء كما عرفت الآن.

(2) تعليل لتنزيل الموجود منزلة المعدوم، و قد عرفت شرح هذا التعليل في الهامش 1. ص 278 عند قولنا: و ادعاء العرف بأن هذه الفوائد ليست بمنافع.

(3) من اختصاص كلمة الانتفاع بالمنافع المقصودة عند العقلاء و العرف، و أن الاختصاص المذكور ليس من باب الانصراف حتى يرد علينا التوهم المذكور، بل من باب التسامح العرفي و فهمه ذلك.

(4) عد تسميد العذرة من الفوائد الغير المقصودة عند العقلاء أمر عجيب، حيث إن قوام الزرع و الشجر و لا سيما الفواكه و بعض الأثمار الصيفية و الشتوية من التسميد بالقاذورات، و لذا كلما كان تسميد الزرع و الأشجار أزيد كان الانتاج منها أكثر فاستفادة الزراع و أهل البساتين من السماد قديما و حديثا كان أمرا عقلائيا مقصودا عند أهل العرف و العقلاء، و لذا في عصرنا الحاضر تهتم الحكومات باستخراج (السماد الكيماوي) من القاذورات بانواعها و قد استوردت مكائن خاصة لهذا الاستخراج و نصبتها في مدن معينة -

ص: 279

كما هو (1) سيرة بعض الجصاصين من العرب كما يدل عليه (2) وقوع السؤال في بعض الروايات عن الجص يوقد عليه العذرة، و عظام الموتى و يجصص به المسجد.

فقال الامام عليه السلام: إن الماء و النار قد طهراه (3).

بل في الرواية (4) إشعار بالتقرير فتفطن.

++++++++++

- و انتجت و أخذه أهل المزارع و الأشجار و الخضروات و البقول و أصبح الانتاج منها ضعف الانتاج في الأدوار القديمة بكثير فكيف أفاد شيخنا الأعظم أن التسميد بالعذرة من المنافع الغير المقصودة عند العرف و العقلاء.

(1) أي إحراق العذرة.

(2) أي على أن إحراق العذرة.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 2. ص 1099. الباب 81 من أبواب طهارة ما احالته النار. الحديث 1.

(4) و هي المشار إليها آنفا، أي في الرواية المذكورة إشعار بتقرير الامام عليه السلام على هذا الانتفاع من إحراق العظام و العذرة، و بامضائه جواز هذه الفوائد من الأعيان النجسة.

و لا يخفى أنه ليس المراد من العظام عظام موتى الانسان حتى يقال:

كيف يقرر الامام عليه السلام بجواز الانتفاع بها باحراقها، مع أن حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا.

بل المراد عظام موتى الحيوانات. بالإضافة الى أن عظام موتى الانسان ما كانت مطروحة على وجه الأرض حتى يتمكن الجصاصون من جمعها و الانتفاع بها بإحراقها في كورهم، و لا كان المسلمون ينبشون القبور و يستخرجون عظام الموتى للانتفاع بها في كورهم.

و الى هذا المعنى الذي ذكرناه لك أشار شيخنا الأعظم بقوله: فتفطن

ص: 280

و أما ما ذكره (1) من تنزيل ما دل على المنع من الانتفاع بالنجس على ما يؤذن بعدم الاكتراث بالدين، و عدم المبالاة، لا من استعمله ليغسله:

فهو تنزيل بعيد (2).

نعم (3) يمكن أن ينزل على الانتفاع به على وجه الانتفاع بالطاهر بأن يستعمله على وجه يوجب تلويث بدنه و ثيابه، و سائر آلات الانتفاع كالصبغ بالدم، و أن بني على غسل الجميع (4) عند الحاجة الى ما يشترط فيه الطهارة.

و في بعض الروايات اشارة الى ذلك (5) ففي الكافي بسنده عن الوشاء، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: جعلت فداك إن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها؟

فقال: حرام هي

فقلت: جعلت فداك فنستصبح بها؟

++++++++++

(1) أي (الشيخ الكبير كاشف الغطاء).

(2) لعل وجه البعد: أن التفصيل بين المكترث بالدين و عدمه و حمل روايات المنع على هذا دون ذاك: لم يستفاد من الروايات المذكورة لعدم دلالتها باحدى الدلالات الثلاث، بل هي مطلقة من هذه الجهة.

(3) أي ينزل المنع عن الانتفاع بالنجس و المتنجس على نحو الانتفاع بالطاهر في عدم المبالاة باصابة اليد و الثوب و البدن.

(4) و هي الآلات، و الثياب، و اليد، و البدن.

(5) أي الى تنزيل الانتفاع بالنجس و المتنجس على نحو الانتفاع بالطاهر في عدم الاعتناء و المبالاة به لو أصاب الثوب أو البدن أو اليد -

ص: 281

فقال: أ ما علمت أنه يصيب اليد و الثوب و هو حرام (1):

بحملها (2) على حرمة الاستعمال على وجه يوجب تلويث البدن و الثياب.

و أما حمل الحرام (3) على النجس كما في كلام بعض فلا شاهد عليه و الرواية (4) في نجس العين فلا ينتقض بجواز الاستصباح بالدهن المتنجس لاحتمال (5) كون مزاولة نجس العين مبغوضا للشارع،

++++++++++

(1) (الكافي) طبعة (طهران). الجزء 6. ص 255.

الحديث 3.

فقول الامام عليه السلام: أ ما علمت أنه يصيب اليد و الثوب:

يستفاد منه أن المنتفعين بالنجس و المتنجس كانوا يعاملون معهما معاملة الطاهر حيث قال: أ ما علمت؟

(2) أي بحمل هذه الرواية على حرمة استعمال النجس على نحو يوجب إصابة اليد، و الثوب، و البدن.

بخلاف ما اذا لم يوجب الاستعمال الاصابة.

(3) أي حمل الحرام الوارد في الرواية المشار إليها في الهامش 1 في قوله عليه السلام: و هو حرام: على النجس لا قرينة صارفة تصرف الحرام الى النجس في نفس الرواية.

(4) أي الرواية المشار إليها في الهامش 1 واردة في نجس العين الذي نجاسته ذاتية، لا في المتنجس الذي نجاسته عرضية فلا مجال للانتقاض بجواز الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء، لخروجه عن الموضوع.

(5) تعليل لكون الرواية المشار إليها في الهامش 1 واردة في نجس العين، لا في المتنجس.

و المزاولة مصدر باب المفاعلة من زاول يزاول.

ص: 282

كما يشير إليه (1) قوله تعالى: وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ .

ثم إن منفعة النجس (2) المحللة، للأصل، أو النص قد تجعله مالا عرفا، إلا أنه منع الشرع عن بيعه كجلد الميتة اذا قلنا بجواز الاستقاء به لغير الوضوء (3) كما هو مذهب جماعة: مع القول بعدم جواز بيعه، لظاهر

++++++++++

- و معناه المداولة، و المقصود منه هنا مطلق الاستعمال و الممارسة. هذا بحسب معناه العرفي.

و أما بحسب معناه اللغوي فهو المعالجة و المحاولة.

(1) أي يشير الى أن مزاولة نجس العين مبغوضا عند الشارع الآية الكريمة، حيث إن الرجز هو الرجس، و الرجس ما كان نجسا ذاتيا.

(2) أي جواز الانتفاع بنجس العين إما لأجل الأصل الأولى المعبر عنه بأصالة الاباحة: و هو جواز الانتفاع بالأعيان النجسة ما لم يرد فيها نهي، أو لأجل النص الوارد في ذلك.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 67. الباب 6 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث. أليك نص الحديث 6:

عن جامع البزنطي صاحب (الرضا) عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي أحياء أ يصلح أن ينتفع بما قطع؟

قال: نعم يذيبها و يسرج بها، و لا يأكلها و لا يبيعها.

فالامام عليه السلام صرح بجواز الانتفاع بإليات الغنم المقطوعة: باذابتها و الاستفادة منها باسراجها.

لكن مع ذلك منع عن بيع مثل هذه الأليات.

(3) و هكذا الاستعمالات الأخرى المتوقفة على الطهارة كالشرب و الأكل.

ص: 283

الاجماعات المحكية (1)، و شعر (2) الخنزير اذا جوزنا استعماله اختيارا.

و الكلاب (3) الثلاثة اذا منعنا عن بيعها.

فمثل هذه (4) أموال لا تجوز المعاوضة عليها، و لا يبعد جواز هبتها (5)

++++++++++

(1) سبق من (شيخنا الأنصاري) الاشارة الى الاجماعات المذكورة في ص 211-212-213-214.

(2) بالجر عطفا على مدخول (الكاف الجارة) في قوله: كجلد الميتة أي و كشعر الخنزير، حيث إن المنفعة المحللة فيه لأجل النص، أو الأصل الأولي الذي هي أصالة الاباحة، إلا أن الشارع منع عن بيعه و إن جوزنا استعماله في حالة الاختيار.

(3) بالجر عطفا على مدخول (كاف الجارة) في قوله: كالميتة أي و كالكلاب الثلاثة، حيث إن الشارع منع عن بيعها مع جواز الانتفاع بها، لأصالة الاباحة في الأشياء: و هو جواز الانتفاع بالنجس و المتنجس إلا ما خرج بالدليل كالأكل و الشرب.

أو لأجل النص الوارد في جواز الانتفاع بهذه الكلاب.

و مرجع الضمير في بيعها يحتمل أن يكون الميتة و شعر الخنزير و الكلاب الثلاثة.

و يحتمل أن يكون الكلاب الثلاثة فقط.

(4) أي مثل الميتة و شعر الخنزير و الكلاب الثلاثة تعد أموالا عرفا و يجوز الانتفاع منها، لكن لا يجوز المعاوضة عليها، لأن الامام عليه السلام منع عن بيعها كما عرفت آنفا.

(5) أي هبة الميتة و شعر الخنزير و الكلاب الثلاثة.

الظاهر أن المراد من الهبة: الهبة الغير المعوضة، حيث إنه لا يبذل بإزائها المال.

ص: 284

لعدم المانع مع وجود المقتضي (1). فتأمل (2).

و قد لا تجعله (3) مالا عرفا، لعدم ثبوت المنفعة المقصودة منه له و ان ترتب عليه (4) الفوائد كالميتة التي يجوز إطعامها لجوارح الطير و الايقاد بها، و العذرة للتسميد، فإن الظاهر أنها لا تعد أموالا عرفا كما اعترف به جامع المقاصد في شرح قول العلامة. و يجوز اقتناء الأعيان النجسة لفائدة.

++++++++++

- و أما الهبة المعوضة فالاشكال فيها كما في البيع من حيث عدم جواز هبتها، لأنه يبذل بإزائها المال.

(1) أي مع وجود المقتضي في الهبة الغير المعوضة: و هو الانتفاع المحلل المقصود عند العرف و العقلاء.

(2) لعل الأمر بالتأمل: أن وجود المانع عن هبة الميتة و شعر الخنزير و الكلاب الثلاثة: هي رواية (تحف العقول) في قوله عليه السلام:

و جميع التقلب. و من الواضح أن الهبة نوع من التقلب، بناء على تفسير التقلب بجميع أقسام التعاطي التي من جملتها الهبة.

و يحتمل أن يكون اشارة الى عدم وجود المقتضي، حيث إن الانتفاعات العرضية لا تقابل بالمال.

و الى هذا أشار (شيخنا الأنصاري) بقوله: و قد لا تجعله مالا عرفا.

(3) مرجع الضمير: النجس. و فاعل لا تجعله: المنفعة، أي و قد لا تجعل المنفعة العرضية في النجس: النجس مالا.

كما أنه المرجع في منه و له، أي لعدم ثبوت المنفعة المقصودة من هذا النجس لهذا النجس.

(4) كلمة إن هنا وصلية: و مرجع الضمير في عليه: النجس -

ص: 285

و الظاهر ثبوت حق الاختصاص في هذه الأمور الناشئ (1) إما عن الحيازة (2)، و إما عن كون،

++++++++++

- أي و ان ترتب على هذا النجس فوائد أخرى كاطعام جوارح الطير، و سد السافية، و ايقاد النار بالميتة.

لكن هذه الفوائد لا تجعل هذا النجس مالا عرفا حتى يبذل بإزائها المال.

و مرجع الضمير في أنها: الفوائد المذكورة.

(1) بالجر صفة لكلمة حق في قوله: ثبوت حق، و حق مجرور باضافة ثبوت إليه.

(2) مصدر حاز يحوز و اسم الفاعل منه حائز.

و له مصدر ثان حوزا و هو أجوف واوي وزان قال يقول. و معناه:

أخذ الشيء من المرافق العامة المشتركة بين الكل كالماء من البحر، أو النهر و السمك منهما، و كحيوانات البر.

و كذلك الكلأ النابت، و المعادن المخزونة تحت الأرض كالنفط و الأحجار الكريمة الثمينة، و الذهب و الفضة، و ما شابهها.

و كذلك المعادن التي فوق الأرض كالملح و أحجار الجبال، و الرمل و الطين، و غيرها.

و هذه الأشياء تملك بالحيازة اذا لم تكن في الأراضي المملوكة.

ثم إن للحيازة معنى آخر: و هو أخذ الشيء المعرض عنه و قد كان للغير قبلا كالطعام، أو الخشبة وجدا في البر و قد أعرض عنهما صاحبه أو أشياء أخرى غيرهما.

و هذه الحيازة توجب الإباحة فقط.

ص: 286

أصلها (1) مالا للمالك كما لو مات حيوان له، أو فسد لحم اشتراه للأكل على وجه خرج عن المالية.

و الظاهر (2) جواز المصالحة على هذا الحق بلا عوض، بناء على صحة هذا الصلح، بل (3) دفع العوض، بناء على أنه لا يعد ثمنا لنفس العين حتى يكون سحتا بمقتضى الأخبار.

++++++++++

- فعلى هذا لو حاز شخص ميتة مطروحة معرضا عنها لا يملكها و لا تقابل بالمال، لكنها توجب حق الاختصاص.

و معنى حق الاختصاص: أن للحائز الاستفادة بها، و له أن يمنع غيره عن الاستفادة منها. و له أن يبيحها لمن يشاء.

(1) أي أصل الأعيان النجسة.

(2) أى الظاهر من اطلاق أدلة الصلح جواز المصالحة على حق الاختصاص الحاصل للانسان من هذه الأعيان النجسة إما بالحيازة أو على أن أصلها أموال لمالكها

بناء على أن الأعيان النجسة لا تقابل بالمال، حيث إن الصلح عبارة عن تنازل كل من الطرفين للآخر عن بعض حقوقه.

و قد ذكرنا أقسام الصلح في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4. من ص 173 الى ص 194 فراجع.

و لا يخفى أنه سيجيء من الشيخ قريبا على أن الأعيان النجسة تقابل بالمال بواسطة حق الاختصاص.

(3) أي بل يجوز المصالحة على حق الاختصاص في مقابل دفع عوض، بناء على أن هذا المال المصالح عليه لا يقع بإزاء العين النجسة فلا يعد ثمنا لها، بل وقع بإزاء حق الاختصاص فلا يكون سحتا حينئذ فلا تشمله أخبار السحت الواردة في الأعيان النجسة.

ص: 287

قال (1) في التذكرة: و تصح الوصية بما يحل الانتفاع به من النجاسات كالكلب المعلّم، و الزيت النجس، لإشعاله، تحت السماء، و الزبل (2) للانتفاع بإشعاله، و التسميد به، و جلد (3) الميتة إن سوغنا الانتفاع به.

++++++++++

- راجع أخبار السحت (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 126.

الباب 40 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث.

أليك نص الحديث الأول:

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: ثمن العذرة من السحت فصريح الحديث أن الثمن اذا وقع في مقابل العذرة بأن بذل بإزائها يكون من السحت.

أما اذا وقع في مقابل شيء آخر كحق الاختصاص كما فيما نحن فيه فجاز المصالحة عليه.

(1) الاستشهاد بقول العلامة تأييد لكلامه في جواز وقوع المصالحة على حق الاختصاص، فان تعليل العلامة بقوله: لثبوت الاختصاص فيها دليل و تأييد على صحة ما ادعاه الشيخ.

ثم إن المراد من الزيت النجس في كلام العلامة: الزيت المتخذ من الأليات المقطوعة، أو المتخذ من حيوان نجس العين.

و المراد من إشعاله: الاستصباح به.

(2) بالجر عطفا على مدخول (كاف الجارة) في قوله: كالكلب المعلم أي و كالزبل: و هو بكسر الزاى و سكون الباء السرجين من كل حيوان له نفس سائله و لم يؤكل لحمه.

(3) بالجر عطفا على مدخول (كاف الجارة) في قوله: كالكلب المعلم أي و كجلد الميتة.

ص: 288

و الخمر (1) المحترمة، لثبوت الاختصاص فيها، و انتقالها من يد الى يد بالارث، و غيره. انتهى (2).

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مدخول (كاف الجارة) في قوله: كالكلب المعلم أي و كالخمر المحترمة، فان هذه الأشياء المذكورة من الكلب المعلم و الزيت النجس و الزبل و جلد الميتة و الخمر المحترمة مما تصح الوصية به على مذهب العلامة، مع أنها أعيان نجسة، لثبوت حق الاختصاص في المذكورات، و لانتقال هذه الأعيان النجسة من يد شخص الى يد شخص آخر بالارث.

بعبارة أخرى: أن انتقال هذه النجاسات من يد الى يد أخرى انما تكون بسبب انتقال حق الاختصاص الى الشخص على النحو الطولي و الترتب بحيث لو لم ينتقل الحق لم تنتقل هذه النجاسات الى الباذل و تبقى على ملكه

و المراد من الخمر المحترمة: الخمر المتخذة للتخليل كما اذا اريد اتخاذ الخل من العنب، فانه في بعض مراحله يكون خمرا، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بالملكية، و كذا لا يمكن القول بإراقتها أيضا.

فبهذا و ذاك نستدل على وجود حق الاختصاص الذي يقابل بالمال و لهذا عبر عن هذا القسم من الخمر بالخمر المحترمة.

و هناك فرد آخر للخمر المحترمة: و هي حياة المريض المتوقفة على شربها و هي منحصرة في كمية تحفظ حياته بها. فهذه مما يقابل بالمال و يعوض عنها لحق الاختصاص.

(2) أي ما أفاده العلامة في هذا المقام.

راجع (تذكرة الفقهاء) الطبعة الحجرية. كتاب الوصية. الفصل الرابع. المطلب الأول. المسألة الأولى.

ص: 289

و الظاهر: أن مراده (1) بغير الارث: الصلح الناقل.

و أما اليد الحادثة بعد إعراض اليد الأولى فليس انتقالا (2).

لكن الإنصاف أن الحكم (3) مشكل، نعم لو بذل مالا على أن يرفع يده عنها ليحوزها الباذل: كان حسنا (4) كما يبذل الرجل المال على أن يرفع اليد عما في تصرفه من الأمكنة المشتركة كمكانه من المسجد و المدرسة

++++++++++

(1) أي مراد العلامة في قوله: و غيره: و هو الصلح الناقل الواقع على الأعيان الخارجية، دون المنافع، فان الصلح على المنافع لا يكون ناقلا للعين فيها.

و كذلك الهبة، لتحقق نقل الحق بالهبة.

(2) بل هي يد جديدة يترتب عليها حق جديد فالحيازة تحدث بسبب بذل الباذل يدا جديدة تكون مسبّبة عن حق جديد.

(3) و هو الصلح على الهبة، أو انتقال النجاسات من يد الى يد بالارث مشكل.

وجه الاشكال: أن قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول):

فجميع التقلب في ذلك حرام عام يشمل حتى الصلح و الانتقال من يد الى أخرى، بناء على أن المراد من التقلب جميع أنواع التعاطي و الصلح و الانتقال من أنواع التعاطي.

و مرجع الضمير في عنها و ليحوزها: النجاسات المذكورة من الكلب المعلم، و الزيت النجس و الزبل، و جلد الميتة، و الخمر المحترمة.

(4) وجه الحسن: أن البذل في مقابل رفع اليد عن المذكورات ليس معاوضة على الشيء، لأن المال وقع بإزاء الإعراض عنها، لا بإزاء المذكورات، و قد عرفت أن اليد الحادثة بعد اليد الأولى ليست انتقالا.

ص: 290

و السوق (1).

و ذكر بعض الأساطين (2) بعد إثبات حق الاختصاص: أن دفع شيء من المال لافتكاكه (3): يشك في دخوله تحت الاكتساب المحظور فيبقى على أصالة الجواز.

ثم إنه يشترط في الاختصاص بالحيازة قصد الحائز للانتفاع (4) و لذا (5) ذكروا أنه لو علم كون حيازة الشخص للماء و الكلاء لمجرد العبث: لم يحصل له حق، و حينئذ (6) فيشكل الأمر فيما تعارف في بعض البلاد من جمع العذرات حتى اذا صارت من الكثرة بحيث ينتفع بها

++++++++++

(1) و كذا من يتخذ مكانا في (العتبات المقدسة)، و الأماكن العامة المهيئة لمجالس الوعظ و الارشاد كالحسينيات: يكون أولى من الآخرين بهذا المكان، لثبوت حق الاختصاص له.

(2) و هو (الشيخ الكبير كاشف الغطاء) في الأعيان النجسة.

و خلاصة ما أفاده: أنه بعد أن ثبت حق الاختصاص في الأعيان النجسة فلو دفع شخص لصاحبها، أو لمن حازها مالا ليرفع اليد عنها و ينفصل عن المذكورات: و أخذها: يشك حينئذ في دخول هذا المال المدفوع بإزاء حق الاختصاص تحت الاكتساب الممنوع المنهي عنه فيبقى المال على أصالة الجواز فلا مانع من التصرف فيه.

(3) بمعنى الانفصال كما عرفت آنفا.

(4) بخلاف ما لو حاز الشخص الشيء للعبث و اللعب و أمور أخرى غير عقلائية، أو غير شرعية، فإنه لا يثبت فيه حق الاختصاص كما يصرح بذلك (شيخنا الأعظم الأنصاري).

(5) تعليل للزوم قصد الانتفاع في الحيازة حتى يثبت حق الاختصاص.

(6) أي و حين أن قلنا باشتراط قصد الانتفاع في الحيازة.

ص: 291

في البساتين و الزرع بذل له مال فاخذت منه (1)، فان (2) الظاهر المقطوع أنه لم يحزها للانتفاع بها، و انما حازها لأخذ المال عليها.

و من المعلوم أن أخذ المال فرع ثبوت الاختصاص المتوقف (3) على قصد الانتفاع المعلوم انتفاؤه في المقام.

و كذلك لو سبق الى مكان من الأمكنة المذكورة من غير قصد الانتفاع منها بالسكنى (4).

نعم (5) لو جمعها في مكانه المملوك فبذل له المال على أن يتصرف في ذلك المكان بالدخول لأخذها: كان حسنا.

كما أنه لو قلنا بكفاية مجرد الحيازة في الاختصاص و ان لم يقصد

++++++++++

(1) أي تلك القاذورات المجتمعة من جامعها.

(2) تعليل لوجه الاشكال في دفع المال ازاء القاذورات المجتمعة التي لم يحزها الجامع للانتفاع بها، بل حازها لاخذ المال عليها. فلا يثبت له حق الاختصاص.

(3) كلمة المتوقف مجرورة نعت لكلمة الاختصاص، كما أن كلمة المعلوم مجرورة نعت لكلمة القصد.

(4) بأن أخذ غرفة في احدى المدارس الدينية المعدة للدراسة لأجل الحصول على أوقافها السنوية، أو الشهرية، أو لأغراض اخرى.

و كمن سبق في المسجد و أخذ مكانا لا للعبادة و الصلاة.

بل لغاية أخرى كاخذ مبلغ ممن يريد الصلاة في المسجد فاثبات حق الاختصاص لمن كانت هذه صفته مشكل

(5) استدراك عما أفاده آنفا من الاشكال في بذل المال إزاء القاذورات المجتمعة لأخذ المال في قبالها، لا للانتفاع بها، بناء على اعتبار قصد الانتفاع في الحيازة.

ص: 292

الانتفاع بعينه، أو قلنا بجواز المعاوضة على حق الاختصاص كان أسهل (1).

++++++++++

- و خلاصة الاستدراك: أنه يمكن القول بصحة أخذ المال لمن جمع القاذورات بأن يقال: إن أخذه يكون ازاء التصرف في ملكه بسبب الدخول فيه لأخذ القاذورات المجتمعة هناك، لا أنه أخذه ازاء القاذورات، و بهذا التمحل يرتفع الاشكال.

(1) أي كان الأمر أسهل فلا نحتاج الى التمحل المذكور: بل نقول:

قد بذل المال إزاء حق الاختصاص الحاصل لجامع العذرة و القاذورات من جمعها.

ص: 293

ص: 294

الفهارس

اشارة

ص: 295

ص: 296

فهرس الجزء الأول من المكاسب

7 تعريف الوسائل

11 تفسير الحديث

15 كلمة الاستاذ الخفاجي

17 تعريف الحدائق

18 تعريف تحف العقول

19 النقاط الهامة

20 الجواب عن النقاط

23 حديث تحف العقول

50 رسالة المحكم و المتشابه

51 فقه الرضا عليه السلام

52 حديث دعائم الاسلام

53 حديث النبوي المشهور

54 أقسام المكاسب

57 الأعيان النجسة

58 فرعان

59 أبوال ما يؤكل لحمه

65 الحديث النبوي

67 بول الإبل

69 أبوال ما يؤكل لحمه

71 بيع العذرة

75 الجمع بين الخبرين المتعارضين

81 الأرواث الطاهرة

82 حرمة المعاوضة على الدم

83 الدم الطاهر

84 النهي عن بيع سبعة أشياء

85 حكم المني

86 اللقاح الصناعي

87 تكوين الجنين

89 عسيب الفحل

91 الميتة و أجزاؤها

93 جواب الامام عليه السلام

97 حديث آخر حول الميتة

99 مقتضى الأدلة

100 جواز بيع الزيت النجس

101 الملاك في المبيع

103 عدم جواز بيع الميتة منضمة

104 وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين

105 في الفرق بين المشتري

106 جواز بيع الميتة منضمة بقصد المذكى

107 في المشتبهين

109 في حمل الخبرين

110 تخصيص المشتري بالمستحل

111 في أليات الغنم

114 جواز المعاوضة على الميتة من غير

ص: 297

النفس السائلة

115 الميتة و أجزاؤها

116 حرمة التكسب بالخمر و كل مسكر

117 الأعيان المتنجسة

118 عدم جواز بيع المسوخ

118 جواز بيع المملوك الكافر

119 أقسام الكفار

123 المرتد الفطري

125 في المملوك المرتد

127 في رهن المرتد

131 في العبد المحارب

133 المعاوضة على غير كلب الهراش

135 في كلب الصيد

136 الأخبار المستفيضة

138 دعوى انصراف الأخبار

139 منع انصراف الأخبار

139 تحقيق في معنى الانصراف

145 في كلب غير الصيد

152 في تقدير الدية للكلاب

152 تحقيق حول استدلال العلامة

153 في النقاش مع دليلي العلامة

154 تحقيق حول الحر و العبد

157 في الدفاع عن وهن الاتفاق

158 اطلاق الاجماع على الاتفاق

159 في الرد على الأدلة

160 جواز المعاوضة على العصير

167 في الاشكال على أدلة الجواز

171 في المعاوضة على الدهن المتنجس

173 في الأحاديث المستفيضة

173 في الاستصباح بالأدهان المتنجسة للاستصباح

177 في اعتبار قصد الاستصباح و عدمه

179 الملاك في مالية الشيء

181 المعاوضة على الدهن المتنجس

183 في الاستصباح بالدهن المتنجس

185 عدم جواز شرط المنفعة المحرمة

187 عدم اعتبار قصد الاستصباح

189 وجوب الإعلام

195 الأمور الأربعة

199 وجوب الردع عن المعصية

201 في الاستصباح تحت السماء

203 الدخان النجس

205 إباء الأخبار عن التقييد

208 في جواز الانتفاع بالدهن النجس لغير الاستصباح و عدمه

209 في الأصل الأولي

ص: 298

211 فيما أفاده السيد المرتضى

212 فيما أفاده الشيخ في المبسوط

213 في المائعات المتنجسة

217 في أدلة الخصم

219 في رد أدلة الخصم

229 في رد الاجماع المدعى من الخصم

235 في رد الاجماعات المنقولة

237 في وجوب إزالة النجاسة

239 جواز بيع الدهن المتنجس للاستصباح

241 جواز الانتفاع بالأدهان المتنجسة

245 هل يجوز بيع المتنجسات غير الدهن المتنجس

246 في أدلة الجواز

247 في عدم دلالة الآيات على حرمة الانتفاع بالمتنجس

249 تأسيس قاعدة جديدة

251 في كلام المحقق الكركي

253 في المائعات المتنجسة

255 في الأصباغ المتنجسة

257 تحقيق في اشكال المحقق

261 في حرمة الانتفاع بنجس العين

263 في رد الاستدلال بالآيات

265 في رد الاجماع و الأخبار

267 في كلام الشهيد الثاني

269 تحقيق في النفع

271 في المراد من جميع التقلب

273 في جواز الانتفاع بالنجس و المتنجس

275 تفسير كلام الشيخ كاشف الغطاء

277 في المقصود من الانتفاع بالنجس و المتنجس

279 في عدم الانتفاع بالأعيان النجسة

281 تحقيق حول الانتفاع بالنجس و المتنجس

283 المنفعة المحللة قد توجب المالية

285 المنفعة العرضية قد لا توجب المالية

287 ثبوت حق الاختصاص في الأعيان النجسة

289 في كلام المحقق الكركي

291 في رد الاستدلال بالآيات

293 في الأصباغ المتنجسة

ص: 299

فهرس تعليقات الجزء الاول من المكاسب

7 تعريف المكسب

7 تعريف الوسائل

8 كلمة مع المصححين للوسائل

9 احتياج بعض الأحاديث الى التفسير

11 نموذج من الأحاديث التي لم يعلق عليها

12 تفسير الحديث

15 كلمة الاستاذ الخفاجي حول الوسائل

16 تعريف الحدائق الناضرة

18 تعريف تحف العقول

19 النقاط الهامة حول حديث (تحف العقول)

20 الجواب عن النقاط الهامة

23 حديث تحف العقول

40 تفسير جملة: لأنهم وكلاء الاجير

48 تعريف الشطرنج

50 تعريف رسالة المحكم و المتشابه

50 تعريف فقه الرضا عليه السلام

53 تعريف دعائم الاسلام

54 الأخبار الواردة في استحباب الزراعة

54 الأخبار الواردة في استحباب رعي الغنم

67 معنى لزوم تخصيص الاكثر

70 كلام حول (تذكرة الفقهاء) للعلامة

73 كلام حول الجمع بين (الخبرين المتعارضين)

77 كلام حول العذرة

84 شرح ما يحرم بيعه من الحيوان بعد ذبحه

85 في تزريق مني الأجنبي في رحم المرأة

86 في حكم اللقاح الاصطناعي

88 اكتشاف بعض الأطباء طريقة صناعية للتلقيح

92 تشكيل قياس منطقي من الشكل الاول

101 قياس منطقي من الشكل الاول

105 الأحاديث الواردة في الفرق بين المشتري

108 كلمة حول ارتكاب احد المشتبهين

111 الإشكال الاول من الشيخ على الرواية

112 الإشكال الثاني من الشيخ على الرواية

116 كلام حول اخذ الخل بعد ان كان خمرا عن دراهم في الذمة

118 أسباب الكفر

119 أقسام الكفار

ص: 300

124 تعريف جواهر الكلام

128 كلام حول الرجس

129 كلام حول جواز بيع المرتد الفطري

130 كلام حول المحارب

133 الأخبار الواردة في كلب غير الهراش

134 في الأخبار الواردة في أن ثمن الكلب سحت

137 كلام حول مفهوم الوصف

138 كلام حول الانصراف

139 كلام حول منشأ الانصراف

145 الأخبار الحاصرة

145 كلام حول الجملتين في عبارة (ابن الجنيد)

148 في الفرق بين النقل بالمضمون، و النقل بالمعنى، و الترجمة

152 توضيح ما أفاده العلامة

153 رد دليلي العلامة

156 في ضعف انجبار المرسلة بدعوى الاتفاق

160 في أمارات الملك

167 الأدلة القائمة على حرمة بيع العصير العنبي اذا غلا و لم يذهب ثلثاه

179 كلام حول المنفعة النادرة في دهن اللوز و البنفسج

185 أقسام المنفعة

192 الروايات الواردة حول حرمة تغرير الجاهل بالحكم، أو الموضوع

208 في مفاد الاصل الاولي

210 كلام حول كتاب الانتصار

210 ما ذكره (السيد المرتضى) في الانتصار

211 ما ذكره صاحب (الفقه على المذاهب الأربعة)

211 كلام حول نجاسة غير اهل الكتاب

212 كلام حول اهل الكتاب

216 كلام حول الحكومة

218 قياس منطقي من الشكل الاول

219 كلام حول النجاسات العشر

223 قياس منطقي من الشكل الاول

226 في المراد من العنوان النجس

227 في الأخبار الواردة بإراقة الماء في الإنائين المشتبهين

230 في اشتمال دعوى شيخ الطائفة على جانبى: الإثبات و النفي

231 الأقوال في مسألة الدهن المتنجس

237 في الأخبار الواردة في الاستصباح

245 لنا تعديان عن مورد النص

ص: 301

251 اعتراض المحقق على كلام العلامة

252 جواب عن الاعتراض المذكور

252 تأييد المحقق لكلام العلامة

253 في اشكال (الشيخ الأنصاري) على دعوى (الشهيد الثاني)

253 ترق من (الشيخ الأنصاري) على دعوى (الشهيد الثاني)

254 اشكال المحقق الثاني على عبارة (العلامة)

254 دفاع المحقق عن الاشكال المذكور

255 كلام (الشيخ الأنصاري) حول كلام المحقق الكركي

256 استدراك من (الشيخ الأنصاري) عما اورده على المحقق

258 اشكال (شيخنا الأنصاري) على (المحقق الكركي)

260 قياس منطقي من الشكل الاول

264 خلاصة رد الإجماع و الأخبار

268 في معنى النفع الحكمي

269 في وجود العمومين

272 تفصيل من (الشيخ كاشف الغطاء) في الانتفاع من الأعيان النجسة و المتنجسة

273 في الوهم و الجواب عنه

275 في اشكال (شيخنا الأنصاري) على (الشيخ كاشف الغطاء)

276 استدراك عما أفاده الشيخ في كون الانتفاع اعم

277 تحقيق في لفظ الجلاب

278 و هم و الجواب عنه

279 الإشكال على (شيخنا الأنصاري) في عده التسميد بالعذرة من المنافع النادرة

280 المراد من العظام في كلام الراوي

285 وجه الامر بالتأمل

286 كلام حول الحيازة

287 في معنى حق الاختصاص

287 في جواز المصالحة على حق الاختصاص

288 الثمن اذا وقع في مقابل حق الاختصاص ليس سحتا

288 ما افاده (العلامة) حول حق الاختصاص

ص: 302

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

اللّهم لك الحمد على نعمك و آلائك

فقد تم بحمد اللّه تعالى الجزء الاول من (كتاب المكاسب) بعد عناء كثير مقابلة و تصحيحا و تعليقا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان، بعد سهر ليالي و أيام بذلت في سبيل إخراج هذا التراث الخالد فقه (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام في ليلة الثلاثاء آخر ليلة من المحرم. عام 1393 في مكتبة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور الحجة البالغة عجل اللّه تعالى له الفرج، بعد أن كان الشروع في الكتاب يوم الرابع عشر من جمادي الأولى عام 1390.

و قد خرج بحمد اللّه تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع.

و إني لأرى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و نسألك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء من الكتاب، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للأمة الاسلامية جمعاء، إنك ولي ذلك و القادر عليه.

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 303

ص: 304

فهارس شرح المكاسب

اشارة

1 - الآيات الكريمة

2 - الأحاديث النبوية الشريفة

3 - الأعلام

4 - الأمكنة و البقاع

5 - الكتب

ص: 305

ص: 306

1 - الآيات الكريمة
- أ -

أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 161

أُحِلَّ لَكُمُ اَلطَّيِّبٰاتُ 224

أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ 34

إِنَّمٰا جَزٰاءُ اَلَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاٰفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ اَلْأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي اَلدُّنْيٰا وَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذٰابٌ عَظِيمٌ 131

إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ 216، 217، 261

إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ 210، 211

أَوْ دَماً مَسْفُوحاً 269

- ت -

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 161

- ح -

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ 261

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ وَ اَلدَّمُ 269

- خ -

خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً 216

- ف -

فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فٰارِقُوهُنَّ 15

فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي 246

فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 16

- ق -

قُلْ آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللّٰهِ تَفْتَرُونَ 56

- و -

وَ اَلْحٰافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ اَلْحٰافِظٰاتِ 86

ص: 307

وَ اَلرُّجْزَ فَاهْجُرْ 223، 246، 261، 283 وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 179

وَ لاٰ تَسُبُّوا اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ فَيَسُبُّوا اَللّٰهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ 197

وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ 170

وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ 199

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سبيلا 120

وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً 20

وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ 251

وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبٰائِثَ 80، 223، 224

وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ 86

ص: 308

2 - الأحاديث النبوية الشريفة
- أ -

إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه 53، 60 81، 117، 164، 181، 186

- ل -

لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها 65

- م -

من السحت ثمن الميتة 134

ص: 309

3 - الأعلام
- أ -

الأئمة، أهل البيت (ع) 34، 53 66، 151، 208

ابراهيم: علي بن ابراهيم الراوية 262

ابن أبي الحديد 22

ابن أبي المغيرة: علي 272

ابن ادريس: 146، 202، 210، 214 217، 228، 234

ابن أبي عبد اللّه: عبد الرحمن 137

ابن الجنيد 145، 146

ابن حمزة 146

ابن داود 213

ابن زهرة الحلبي: أبو المكارم 90، 100 101، 145، 150، 151، 159 210، 214، 215، 217، 228 233، 234

ابن سعيد 69، 145

ابن شعيب: يعقوب 71

ابن عباس: عبد اللّه 22

ابن عبد الخالق: اسماعيل 174، 175

ابن العلامة الحلي: فخر الدين، فخر المحققين 101، 245، 246، 260، 270

ابن علي: الحسن 111

ابن فضال 136

ابن فهد 146

ابن القطان 146

ابن مالك 133

ابن وهب: معاوية 173، 188، 189

ابن الهيثم 167

أبو بصير 134، 136، 166، 175 193، 197

أبو جعفر الجواد (ع) 97، 197

أبو جميلة 136

أبو حمزة 267

أبو حنيفة 176، 213، 231

أبو الحسن موسى (ع) 11، 12، 13 20، 21، 23، 24، 36، 38 41-45، 64، 111، 112، 115

ص: 310

116، 142، 143، 243

أبو رافع 147

أبو الصلاح 146

أبو عبد اللّه (ع) 54، 55، 63، 68 72، 73، 89، 91، 92، 94 95، 96، 133، 134، 135، 136 137، 147، 165، 173، 174 175، 188، 190، 191، 192 209، 224، 290

أبو كهمس 166

الآخوند، الآخوندي: الشيخ علي 18، 124

الأردبيلي: المقدس 78

الأسدي: د. موسى 87

الأعرج: سعيد 174، 175، 188

أمير المؤمنين، علي (ع) 21، 22 83، 106، 134، 136

أمين الضرب: محمد حسين 55، 192

الأميني: عبد الحسين 16

الايرواني: محمد تقي 18

- ب -

الباقر، محمد بن علي (ع) 134، 267

بحر العلوم 51

البحراني: المحدث 93

البزنطي 113، 114

البهبهاني: الوحيد 51

- ت -

التستري: أسد اللّه 157

التقي 146، 147

- ج -

الجرجاني: الفتح بن زيد 11، 13

- ح -

حسين: د. محمد كامل 53

الحلبي 104، 105، 109، 175

الحلي: العلامة 69، 70، 85، 89 91، 95، 98، 99، 101، 102 103، 109، 111، 127، 130 131، 132، 146، 149، 150 152، 153، 154، 156، 165 169، 176، 194، 206، 235 237، 242، 245، 249-258 261، 264، 266، 277، 285 288-290

ص: 311

الحلي: المحقق 95، 98، 99، 147 255-258، 270

الحكيم: محسن 212

- خ -

الخفاجي: محمد عبد المنعم 14

الخونساري: المحقق 17

- د -

داود 232

- ر -

الراوندي 243

الربانى: الميرزا عبد الرحيم 8

الرضا - الامام - (ع) 51، 98 110، 112، 113، 118، 262، 283

- س -

السبزواري: المحقق 75، 78، 93 105، 146، 147

السكوني 92، 133

سلار 80، 146

سماعة 72

سيابة 54

- ش -

الشافعي 213

شعبة: الحسن بن علي 16

الشلمغانى 51، 52

الشهيدان 146

الشهيد الأول 132، 150، 156 236، 238، 239، 242، 243 250، 251، 259، 266، 267

الشهيد الثانى 20، 126، 127، 172 238، 241، 242، 245، 253 268

- ص -

صاحب تحفة الابرار 51

صاحب الجواهر: محمد حسن 90، 124 125، 210

صاحب الحدائق: يوسف البحرانى 51 146، 147، 264، 265، 271 273

صاحب الذريعة: آغابزرك 50

صاحب الروضات: محمد باقر 51

ص: 312

صاحب الرياض: علي الطباطبائي 51

صاحب الفصول: محمد حسين 51

صاحب الوسائل: الحر العاملي 51

الصادق. الامام (ع) 15، 18، 52 53، 54، 60، 78، 126، 133 158، 167، 216، 217، 225 227، 228، 235، 246، 247 261، 262، 272، 278، 280 282، 283، 288

الصدر: حسن 51، 52

الصدوق 19، 23، 137

الصدوقان 145، 156

الصديقة: فاطمة (ع) 237، 208

الصفار: رشيد 50

صيقل 92، 94، 95، 96

الصيمري 146

- ط -

الطباطبائي: العلامة 146، 147

الطوسي: شيخ الطائفة 20، 66، 72 77، 82، 113، 144، 149 150، 155-160، 172، 177 183، 186، 202، 204، 206 207، 208، 210، 213، 217 218، 219، 220، 221، 224، 225 226، 228-234، 245، 249 253، 256، 257، 261، 263، 264 265، 273، 275، 276، 278 287، 288

- ع -

العاملي: محمد جواد 123

عطية: محمد بن 54

علي: الراوية 116

العمانى: الحسن بن علي 133، 134

- غ -

الغفاري: علي أكبر 18

- ف -

فيضي: آصف بن علي أصغر 52

- ق -

قاجار: ناصر الدين شاه 192

القاسم بن وليد 135

القاضي: نعمان المصري 52، 56، 136 145، 146

ص: 313

القزويني: حسين 51

القمي: علي بن موسى 51

القمي: المحدث 17

- ك -

كاشف الغطاء: جعفر 121، 123 147، 272، 273، 275، 281 291

الكليني 145، 156

- ل -

ليث 136

- م -

المجلسي 50، 75، 76، 146، 147

المحقق الثانى 69، 90، 129، 146 162، 163، 177، 238، 242 243، 245، 252، 254، 255 256، 257، 258، 259

محمد، النبي الأعظم (ص) 5، 55، 60 65، 100، 101، 119، 126 134، 137، 147، 150، 164 167، 186، 215

المرتضى: السيد 50، 80، 158، 210 211، 212، 217، 228، 229 230، 233، 234

مريم: عيسى بن 48

المصارف: محمد بن 71، 77

المفيد 80، 144، 145، 156، 210 234

المقداد: الفاضل 101، 245، 260 270

المنتظر الحجة (ع) 125

موسى بن جعفر (ع) الامام: أبو الحسن 272، 281

المهنّأ: السيد 194

- ن -

النوبختي: حسين بن روح 51

النوري 50، 51

- و -

الواسطي: يحيى 83

والد المجلسي: محمد تقي 50

الوشاء 281

- ه -

الهندي: الفاضل 51

ص: 314

4 - الأمكنة و البقاء
- أ -

ايران 8، 17، 50، 70، 110 124، 127، 210، 213، 277

- ب -

بحر قزوين 277

بيروت 82، 213

- خ -

خراسان 98

- س -

سلوق - قرية - 138، 140، 143 144

- ط -

طهران 8، 18، 23، 54، 63 101، 148، 216، 282

- ق -

القاهرة 14، 95

قم 8

- م -

مسجد الكوفة 25

مصر 22، 52، 53، 95، 136

- ن -

النجف الأشرف 13، 14، 17، 70 79، 124

- ي -

اليمن 138، 140، 144

ص: 315

5 - الكتب
- أ -

الارشاد 101، 235، 245، 260 270

الاستبصار 7، 13، 19، 53، 79 158

أصول الكافي 196

ألفية ابن مالك 133

الانتصار 210، 211، 217، 229

الايضاح 135

- ب -

بحار الأنوار 50، 54، 192

- ت -

تاج العروس 77

التحرير 132، 235

تحف العقول 18، 19، 23، 38 42، 49، 71، 78، 82، 91 98، 99، 113، 117، 158 163، 166، 224، 225، 246 247، 261، 262، 263، 270 272، 285، 290

التذكرة 11، 70، 79، 85، 91 99، 101، 102، 103، 129 130، 132، 149، 150، 151 165، 187، 236، 238، 266 271، 288، 289

تفسير النعمانى 50

التقية (كتاب) 76

التكليف 51، 52

التنقيح 82، 91، 101، 270

التهذيب 7، 13، 19، 53، 93 97، 115، 136، 137، 158 173، 174

- ج -

جامع البزنطي 110، 283

جامع المقاصد 90، 128، 163، 249 250، 252، 266، 271، 285

ص: 316

جواهر الكلام 124، 125

- ح -

حاشية الارشاد 82، 238، 242، 254

الحدائق 16، 17، 38، 50، 51 93

- خ -

الخلاف 66، 71، 79، 80، 101 135، 145، 156، 176، 213 217، 220، 232، 233، 245

- د -

الدروس 132

دعائم الاسلام 5، 60، 71، 78 81، 82، 91، 98، 99، 113 136، 166، 246

ديوان المرتضى 50

- ذ -

الذريعة 50

- ر -

روضات الجنات 17

الروضة البهية 271

الرياض 51

- س -

السرائر 110، 176، 202، 210 213، 217، 234

سنن البيهقي 100

- ش -

الشرائع 95، 124، 126، 127، 177

شرح الشرائع 67

شرح القواعد 146

شهداء الفضيلة 17

- ص -

صحاح الجوهري 77

- ع -

علي بن جعفر (كتاب) 105

- غ -

الغنية 90، 100، 145، 150، 156 217، 233

ص: 317

- ف -

فصل القضاء 51

فقه الرضا (ع) 50، 78، 81، 82 91، 98، 166

الفقه على المذاهب الأربعة 176، 211

- ق -

القاموس 77

القواعد 127، 177، 236، 251 253، 266، 271

- ك -

الكافي 7، 13، 19، 53، 63 126، 173، 216، 281، 282

كفاية الفقيه 93، 105

- ل -

لسان العرب 77

اللمعة الدمشقية 9، 105، 131، 199 287

لؤلؤة البحرين 17، 50

- م -

المبسوط 147، 148، 155، 158 176، 177، 201، 202، 204 205، 206، 207، 212، 217 264، 266، 271

المتاجر 123

متن اللغة 77

مجمع البحرين 77

المحكم و المتشابه 49

المحكي 173، 176

المختصر النافع 67، 95

المختلف 145، 206

المسالك 127، 172، 238، 241 245، 253

مستدرك الوسائل 50، 51، 52، 53 60، 65، 106، 134، 147 243

مصباح اللغة 77

المصابيح 146

المعالم 146

مفتاح الكرامة 123، 166، 209

المقابيس 157

ص: 318

المنتهى 91، 135، 144

من لا يحضره الفقيه 7، 19، 53، 138

الموثق 175

- ن -

النزهة 69

النوادر 243

النهاية 69، 77، 82، 213

نهج البلاغة 22

- و -

وسائل الشيعة 7، 9، 12، 13، 15 18، 38، 42، 51، 54، 67 71، 83، 90، 97، 100، 105 108، 111، 116، 133، 134 136، 166، 175، 187، 190 192، 193، 227، 237، 262 267، 272، 280، 283، 288(1)

ص: 319


1- وضع هذه الفهارس الثمينة لهذا الكتاب الجليل الأخ العزيز، الأخ في الدين الأستاذ عبد الرحيم محمد علي حفظه اللّه تعالى و سدد خطاه، و هو عمل مشكور، و شكر واضعها ما دمت في الحياة.

المجلد 2

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

الإهداء

سيدي... أبا صالح

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل خدمة الدين الحنيف في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام. في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل أهديها إليك... يا حافظ الشريعة. يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا. غير أن الهدايا على مقدار مهديها.

فتفضل علي يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 5

ص: 6

هياكل العبادة

ص: 7

ص: 8

تتمة المكاسب المحرمة

النوع الثّاني مما يحرم التكسب به: ما يحرم لتحريم ما يقصد به

اشارة

النوع الثّاني (1) مما يحرم التكسب به: ما يحرم لتحريم ما يقصد به (2): و هو (3) على أقسام:

القسم الأوّل: ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام
اشارة

الأوّل: ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا الحرام (4) و هي امور:

++++++++++

(1) أي من الاكتساب المحرم، حيث كان النوع الأوّل: هو الاكتساب بالأعيان النجسة.

(2) مرجع الضمير: (ما الموصولة) في قوله: لتحريم ما يقصد أي الاكتساب بعمل يئول إلى فعل محرم حرام كصنع الصنم المنجر إلى العبادة الباطلة، و صنع آلات القمار و الطرب المنجر إلى اللعب بها.

(3) أي الاكتساب بعمل يئول إلى فعل محرم على أقسام.

(4) كصنع الصنم و آلات القمار و الطرب، حيث إن الأوّل لا يترتب عليه سوى العبادة الباطلة، و الثاني لا يترتب عليه إلا اللعب المحرم كما عرفت آنفا.

ص: 9

منها هياكل العبادة

منها. (1) هياكل العبادة (2) المبتدعة كالصليب و الصنم بلا خلاف ظاهر، بل الظاهر الإجماع عليه

++++++++++

(1) أي من تلك الأمور التي لا يقصد من وجودها إلا الحرام:

هياكل العبادة و هي الصور و التماثيل التي صنعت للعبادة الباطلة.

و المراد من المبتدعة: اختراعات الشيطان و بدعة التي هو السبب في صناعتها.

(2) هي الأصنام و الأوثان التي تتخذ آلهة من دون اللّه عز و جل و كانت تعبد من غير حجة و لا دليل.

كانت الأمم الغابرة و لا سيما العرب بصورة عامة عدا بني هاشم و قليل من العرب تعبد الأصنام و الأوثان و لا يزال بعض الطوائف الهندية يعبدونها

و ربما يفرق بوجه عام بين كلمة (الصنم و الوثن): بأن الصنم ما يصنع من الحجر أو الخشب أو الصفر أو النحاس أو الذهب و يصور على الورق و الجدران بالأقلام و الريش.

أي للصنم فردان: فرد مجسم و فرد مصور.

و الوثن يصنع من الخشب، أو الحجر، أو الفضة، أو الذهب غير مصور، أي للوثن فرد واحد و هو التجسيم و التمثيل، و لا يصور بالأقلام و الريش.

و قد أشرنا إلى هذا الفرق في الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 48-49.

كان لعبادة الأوثان في بداية وجودها شأن عظيم، و قد تطور الأمر على مر العصور و الأعوام حتى أصبحت عبادة الأصنام و الأوثان منتشرة -

ص: 10

..........

++++++++++

- في البلاد، عدا (بلاد فارس) فإنها كانت تعبد النيران و تقول ب: إلهين:

إله خير و إله شر.

لا نعلم بالضبط بداية عبادة هذه الأصنام و الأوثان و تحديدها تاريخيا.

و ربما يوجهها البعض: بأن الوثنية ألصقت بنفس الانسان من غيرها من أشكال العبادات.

و السبب في ذلك: أن الانسان في حالته الأولية الساذجة فطر على تجسيد ميوله و عواطفه، و تجسيم خيالاته و مدركاته فيريد أن يرمي بنظره إلى الإله الذي يتوجه إليه و يعبده، ليتقرب إليه كما قال العزيز:

«مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اَللّٰهِ زُلْفىٰ» (1) .

و هذه النظرية ذهب إليها قسم من المتصوفة بعين الدليل، فإنهم حالة الصلاة و عند قراءة (إياك نعبد) يوجهون الخطاب إلى مرشدهم المتصورة صورته في أذهانهم.

صادف في بعض أسفاري اجتماعي مع بعض هؤلاء المتصوفين و كان يقول لصاحبه: لا بد لك من توجيه الخطاب حالة الصلاة في (إياك نعبد) الى المرشد.

كان هذا القائل أحد نواب المرشد.

فقلت له: أيها الأخ المسلم إن كنت مسلما هذا كفر باللّه العظيم لأنه شرك صريح و كيف تقول به و أنت تدعي الإسلام و الإيمان باللّه و برسوله الكريم.

ثم جرى الحوار و النقاش بيننا و دام حتى انتهى السفر و هو على ضلالته.

ص: 11


1- الزمر: الآية 3.

..........

++++++++++

- عود على بدء:

و قد اتخذت الأصنام و الأوثان هياكل للعبادة بعد أن كان الساميون يعبدون الأحجار بصورة عامة.

و هذه الأحجار تعرف بالنصب و الجمع أنصاب و كان يراق عليها القرابين، و يطاف حولها، و يجعلونها رمزا من شعائر العبادة، و لم يقنعوا بذلك حتى كانوا يحملونها معهم في أسفارهم.

و أما الأصنام و الأوثان التي يعبدها العرب كانت مختلفة.

فبعضها كالتماثيل منحوتة مثل هبل و أساف و نائلة.

و هكذا شأن الأصناف الأخرى التي كانت محيطة بالكعبة المكرمة.

و كان قسم من هذه الأصنام تصنع من الخشب.

كما كان كثير منها مجرد أحجار غير منحوتة، اذ بعض العرب متى وجدوا حجرا متميزا له لون، أو حجم معجبين به أقاموه وثنا.

جاء الدين الحنيف (الاسلام) محاربا للوثنية و الأصنام، و مكافحا و مطاردا لها أين وجدها و دفع الآخذين به لمحوها من البيئة التي شاء بها بمقتضى أصوله الأولية فلم يمض عليها بضع و عشرون سنة حتى كان النصر النهائي له فأبادها عن آخرها.

و كانت القبائل العربية تختلف في أخذها الأصنام و الأوثان: فكان سواع لهذيل، و ود لكلب، و يغوث لمذحج و قبائل من اليمن، و النسر لذي كلاع بأرض حمير، و يعوق لهمدان، و اللات لثقيف، و العزى لقريش و جميع بني كنانة، و مناة للأوس و الخزرج و غسان.

كان هبل من أعظم أصنام العرب و كان في الكعبة، و أساف و نائلة كانا على الصفا و المروة. -

ص: 12

و يدل عليه مواضع من رواية تحف العقول المتقدمة في مثل قوله عليه السلام:

و كل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه.

و قوله عليه السلام: أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد.

و قوله عليه السلام: و كل منهي عنه مما يتقرب به لغير اللّه.

و قوله عليه السلام: إنما حرم اللّه الصناعة التي حرام هي كلها مما يجيء منها الفساد محضا نظير المزامير و البرابط، و كل ملهوبه، و الصلبان و الأصنام إلى أن قال: فحرام تعليمه و تعلمه، و العمل به، و أخذ الأجرة عليه، و جميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات إلى آخر الحديث (1).

++++++++++

- و لأبي سفيان كلمته المشهورة حينما كان يحارب (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و يحث الناس على محاربته.

أعل هبل أعل هبل.

فقال الرسول صلى اللّه عليه و آله في جوابه: اللّه أعلى و أجل.

كانت العرب في الجاهلية يصورون جدران الكعبة بأربابهم و قد ملؤها.

و خلاصة الكلام: أن أهل الأرض يوم أن قام (الرسول الأعظم) يدعوهم ليهديهم من الضلالة إلى الهدى: مللا متفرقة، و أهواء منتشرة و طوائف متشتتة بين مشبه للّه بخلقه. و بين ملحد في اسمه، أو مشير الى غيره أو عابد نيران، أو عاكف على أصنام و هم في حيرة و ضلال فجاء رسول الانسانية فجمع شمل الأمم، و هذب نفوسهم، و وحّد عبادتهم و وضع لهم من أصول العبادات ما يمنع عنهم عدوى الأمم الوثنية فأصبح عمل تلك الهياكل نحتا و تصويرا من محظورات الدين الاسلامي.

(1) أي حديث (تحف العقول) الذي مضى في ج 1، ص 23-33.

ص: 13

هذا كله مضافا (1) الى أن أكل المال في مقابل هذه الأشياء أكل له بالباطل.

و إلى قوله (2) صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه، بناء على أن تحريم هذه الأمور تحريم لمنافعها الغالبة، بل الدائمة فإن الصليب من حيث إنه خشب بهذه الهيئة لا ينتفع به إلا في الحرام و ليس (3) بهذه الهيئة مما ينتفع به في المحلل و المحرم، و لو فرض ذلك (4) كان منفعة نادرة لا يقدح في تحريم العين بقول مطلق الّذي هو المناط في تحريم الثمن.

نعم (5) لو فرض هيئة خاصة مشتركة بين هيكل العبادة، و آلة

++++++++++

(1) أي و يدل على حرمة مثل الهياكل المبتدعة بالإضافة إلى ما ذكرناه من حديث تحف العقول: أن أكل المال إزاء هذه الأشياء أكل له بالباطل.

(2) أي و يدل على حرمة مثل الهياكل المبتدعة بالإضافة إلى ما ذكرناه من حديث تحف العقول: قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه المشار إليه في ج 1، ص 3.

(3) أي و ليس الصليب بهيئته الخاصة موضوعا للمنافع المحرمة و المحللة حتى يراد منه كلتا المنفعتين.

(4) أى و لو فرض أن الصليب بتلك الهيئة موضوعة لما ينتفع به في المحلل و المحرم: كانت تلك المنفعة المحللة التي فرضناها للصليب منفعة نادرة لا تضر في الاطلاق الموجود في حرمة الصليب، حيث إن حرمة الانتفاع و الاكتساب من هذا الصليب بهذه الهيئة مطلقة و لو فرض أنها موضوعة لما ينتفع بها في المحلل و المحرم.

و هذا الاطلاق هو المناط و الملاك في تحريم الثمن.

(5) استدراك عما أفاده آنفا من أن الصليب من حيث إنه خشب -

ص: 14

أخرى لعمل محلل بحيث لا تعد منفعة نادرة فالأقوى جواز البيع بقصد تلك المنفعة المحللة كما اعترف به في المسالك.

فما (1) ذكره بعض الأساطين من أن ظاهر

++++++++++

- و بهذه الهيئة لا ينتفع به الا في الحرام، و ليس بهذه الهيئة موضوعا لما ينتفع به في المحلل و المحرم حتى يصح بذل المال بإزائه.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو فرضنا أن هناك هيكلا خاصا مشتركا موضوعا بين هيكل العبادة، و بين هيكل آخر لعمل آخر محلل بحيث يعد هذا العمل الآخر من المنافع الكثيرة المتعارفة و المتداولة بين الناس:

فلا مانع اذا من جواز بيع هذا الهيكل بقصد تلك المنفعة المحللة الكثيرة المترتبة على ذلك الشيء.

هذا ما أفاده الشيخ في هذا الاستدراك.

و لكن لا يخفى عليك أن الكلام في صناعة الشيء المحرم، لا في بيعه و ان كان البيع أيضا محرما فما أفاده قدس سره ناظر إلى بيع هذا الهيكل المشترك بين هيكل العبادة، و آلة أخرى بحيث لا تعد الآلة الأخرى من المنافع النادرة القليلة.

(1) تفريع من (شيخنا الأنصاري) على ما أفاده من الاستدراك بقوله:

نعم لو فرض هيئة خاصة مشتركة بين هيكل العبادة و آلة أخرى لعمل محلل بحيث لا تعد منفعة نادرة: فالأقوى جواز البيع بقصد تلك المنفعة المحللة.

و خلاصة التفريع أن بعض الأساطين و هو (الشيخ كاشف الغطاء) أفاد في هذا المقام أن ظاهر الأخبار المذكورة المشار إليها في ص 13-14 و الإجماع المشار إليه في ص 10: عدم الفرق بين قصد الجهة المحللة غير -

ص: 15

..........

++++++++++

- النادرة، و قصد الجهة غير المحللة: في عدم جواز بيع الهياكل و صناعتها، لأن نفس الهيكل بما هو هيكل مبغوض عند الشارع، سواء أ كان هناك جهة محللة غير نادرة أم جهة محرمة.

و لما كان ما أفاده (بعض الأساطين) مخالفا للاستدراك المذكور أراد (شيخنا الأنصاري) أن يعالج كلامه فقال: إنه لا بد من حمل كلامه على أحد الأمرين لا محالة.

(الاول): أن يحمل قوله: لا فرق بين الجهة المحللة و غيرها:

على المنفعة المحللة التى لا دخل للهيئة الخاصة و لا ربط لها بها أصلا و أبدا.

بمعنى أن الثمن يدفع بإزاء المادة فحسب.

و هذا الدفع و إن كان صحيحا، لصحة بيع المادة و هو الخشب مجردة عن الهيكل.

لكنه فاسد في الواقع و نفس الأمر، حيث إن المعاملة قد وقعت خارجا على نفس الهيكل بما هو هيكل مجردا عن المادة الخشبية، لا على المادة فيلزم حينئذ: أن ما وقع لم يقصد، لأن المعاملة الواقعة على المادة ليس مقصودا للمتعاملين، و ما قصد لم يقع، لأن المعاملة المقصودة على نفس الهيكل لم يقع، بل وقع على المادة، و هذا لا يجوز، لأن العقود تابعة للمقصود.

(الثاني): أن يحمل قوله: لا فرق بين الجهة المحللة و غيرها.

على المنفعة النادرة بأن يقال: إن المراد من غيرها هي المنفعة النادرة التى للهيكل دخل في بذل المال بإزائها بحيث لو لا الهيكل لم يدفع الثمن إزاء تلك المنفعة النادرة فحينئذ تكون هذه المنفعة النادرة معدومة في نظر الشارع و مبغوضة عنده فتكون المعاملة باطلة.

اذا عرفت هذا فلا يكون ما ذكره بعض الأساطين بعد الحمل -

ص: 16

الإجماع (1) و الأخبار (2) أنه لا فرق بين قصد الجهة المحللة و غيرها فلعله (3) محمول على الجهة المحللة (4) التى لا دخل للهيئة فيها، أو النادرة (5) التي مما للهيئة دخل فيه.

نعم ذكر (6) أيضا وفاقا لظاهر غيره، بل الأكثر أنه لا فرق بين قصد المادة و الهيئة.

++++++++++

- مخالفا لما أفاده (شيخنا الأنصاري) من الاستدراك المذكور.

(1) و هو الإجماع المشار إليه في ص 10 بقوله: بل الظاهر الإجماع عليه

(2) و هي المذكورة في ص 13 في قوله عليه السلام:

أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد.

و قوله عليه السلام: و كل منهي عنه مما يتقرب به لغير اللّه.

و قوله عليه السلام: إنما حرم اللّه الصناعة التي حرام هي كلها مما يجيء منه الفساد محضا نظير المزامير و البرابط.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه.

(3) جملة (فلعله محمول) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ في قوله: فما ذكره.

و قد عرفت الحمل المذكور في ص 16 عند قولنا: الأوّل و الثاني.

(4) هذا هو الحمل الأوّل الذي عرفته في ص 16 عند قولنا:

الأوّل أن يحمل.

(5) هذا هو الحمل الثاني الذي عرفته في ص 16 عند قولنا:

الثاني أن يحمل.

(6) أي ذكر بعض الأساطين في حرمة بيع هياكل العبادة: أنه لا فرق بين قصد المادة أو الهيئة، بمعنى أن بيع هياكل العبادة محرم على كل حال، سواء قصد من البيع المادة، أم الهيئة.

ص: 17

أقول: (1) إن أراد بقصد المادة كونها هي الباعثة على بذل المال

++++++++++

(1) من هنا أخذ الشيخ في النقاش العلمي مع الشيخ الكبير (كاشف الغطاء).

و خلاصته: أن قصد المادة على ثلاثة أقسام:

(الأوّل): أن تكون المادة التي هو الخشب أو الذهب أو الحديد أو الرخام، أو أي شيء آخر: هي الموجبة و الداعية و الباعثة لبذل المال إزاء الصنم حسب الأمر و نفس الواقع و إن كانت المعاوضة واقعة على الصنم حسب الظاهر.

(الثاني): أن يكون المبيع نفس المادة و شخصها، أي المال بذل إزاء شخص الذهب، أو الحديد، أو الرخام لا غير من دون ملاحظة الهيكل و مدخليته فيها.

(الثالث): أن تكون المادة في ضمن المبيع بأن وقع العقد على المجموع المركب الذي منه مادة هياكل العبادة، بمعنى أن المبيع ليس شخص المادة مستقلا و على حدة، بل هي مع شيء آخر كبيع وزنة حطب التي منها مادة الهياكل و الثمن بذل بإزاء المجموع.

اذا عرفت هذه الأقسام فاعلم أنه لا اشكال في بطلان القسم الأوّل و فساد المعاوضة عليه كما أفاده بعض الأساطين بقوله: من أن ظاهر الإجماع و الأخبار أنه لا فرق بين قصد الجهة المحللة و غيرها لأن الباعث و السبب لبذل المال إزاء الصنم هي المادة التى يعبر عنها بالمعنون و إن كان عنوان المبيع هي الصورة و الهيكل بحسب الظاهر.

إلا أن المعنون مندك في العنوان و مضمحل فيه بحيث لا يرى العرف إلا الهيكل المتشكل بهذا الشكل فالبيع حينما يقع على شخص الهيكل و الصورة بما له من المادة و الهيئة و الأوصاف، لا على خصوص المادة مجردة عن الهيكل -

ص: 18

..........

++++++++++

- أو الصورة مجردة عن المادة، أو على كلتيهما فهذا القسم نظير وقوع المعاوضات العرفية على الأموال في وقوعها عليها بما لها من المادة و الهيئة و الأوصاف.

خذ لذلك مثالا:

إن البائع حينما يبيع الدار يبيعها بما فيها من المواد الأولية البنائية كالطابوق و الجص و السمنت و الحديد و الخشب و الزجاج و غير ذلك.

و بما لها من الهيئة البنائية و هو الوجود الخارجي.

و بما فيها من الأوصاف من الغرف و الحمام و المطبخ و المرافق الصحية و الحديقة، فكل هذه المذكورات ملحوظة حال البيع فيقع البيع على الدار بهذه، و بكل ما يتقوم به مالية الشيء من المادة و الهيئة و الأوصاف.

كذلك ما نحن فيه، حيث إن البيع وقع على الصنم، أو الصليب بما لها من المواد و الهيئة و الأوصاف من دون فرق بين هذه العناوين المحرمة و بين تلك الأموال العرفية الخارجية، فالقدر المتيقن و المسلم من الأدلة الناهية التي هو الإجماع و الأخبار المذكورين هذا الفرد لا غير فالمعاوضة عليه باطلة و فاسدة فيكون أكل المال أكلا بالباطل.

(و أما القسم الثاني): و هو كون المبيع شخص المادة و نفسها مجردة عن الصورة و الهيكل من دون أن يقع شيء من الثمن إزاء الهيكل: فالظاهر عدم فساد المعاوضة و بطلانها، لعدم شمول الإجماع و الأخبار لهذا القسم من المعاوضة التى لوحظ فيها شخص المادة من دون مدخلية الشكل و الهيكل فيه فهو نظير المعاوضة الواقعة على طن من النحاس ثم وجد فيه صنم، أو صليب أو أواني ذهبية مكسورة فليس للمشتري فيها خيار العيب، حيث إن المبيع -

ص: 19

بإزاء ذلك الشيء و ان كان عنوان المبذول بإزائه الثمن هو ذلك الشيء فما استظهره من الإجماع و الأخبار حسن، لأن بذل المال بإزاء هذا الجسم المتشكل بالشكل الخاص من حيث كونه مالا عرفا بذل للمال على الباطل (1).

و إن أراد بقصد المادة كون المبيع هي المادة، سواء تعلق البيع بها بالخصوص (2) كأن يقول: بعتك خشب هذا الصنم، أو في ضمن مجموع مركب (3) كما لو وزن له وزنة حطب فقال: بعتك فظهر فيه

++++++++++

- نفس المادة التى هو النحاس، لا الصنم، أو الصليب، أو الأواني الذهبية أو الفضية.

(و أما القسم الثالث): و هو كون المبيع المادة في ضمن المجموع المركب كما في طن من الحطب و فيه صنم، أو صليب: فهذا خارج أيضا عن حريم النزاع فلا يشمله الإجماع و الأخبار فلا تكون المعاوضة باطلة و فاسدة، لأن الهيكل لم يلحظ في المبيع أصلا فلا يقع شيء من الثمن إزاءه فالملحوظ هنا نفس المادة من دون مدخلية الهيكل فيها أبدا.

فالحاصل أن الملحوظ في المبيع إما نفس الهيكل بما هو هيكل و شكل خاص، أو المادة: و هي إما تلاحظ بالاستقلال أو في ضمن المجموع المركب.

لا إشكال في بطلان المعاوضة في الأوّل.

و أما الثاني و الثالث فلا يشملهما الإجماع و الأخبار المذكورين و قد عرفت شرح أقسام الثلاثة آنفا فلا نعيده عليك.

(1) هذا هو القسم الأوّل.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) هذا هو القسم الثالث.

ص: 20

صنم أو صليب فالحكم ببطلان البيع في الأوّل (1)، و في مقدار الصنم في الثاني (2) مشكل، لمنع شمول الأدلة لمثل هذا الفرد، لأن المتيقن من الأدلة المتقدمة حرمة المعاوضة على هذه الأمور نظير المعاوضة على غيرها من الأموال العرفية: و هو ملاحظة مطلق ما يتقوم به مالية الشيء من المادة و الهيئة و الأوصاف.

و الحاصل أن الملحوظ في البيع قد يكون مادة الشيء من غير مدخلية الشكل ألا ترى أنه لو باعه وزنة نحاس فظهر فيها آنية مكسورة: لم يكن له خيار العيب، لأن المبيع هي المادة.

و دعوى (3) أن المال هي المادة بشرط عدم الهيئة مدفوعة (4) بما صرح به من أنه لو اتلف الغاصب لهذه الأمور ضمن موادها.

++++++++++

(1) المراد من الأوّل هو القسم الثاني الذي كان المبيع شخص المادة مستقلا و قد عرفته في الهامش 1. ص 18.

(2) المراد من الثاني هو القسم الثالث الذي كان المبيع هي المادة في ضمن المجموع المركب و قد عرفته في ص 20.

و المراد من هذا الفرد في قوله: لمثل هذا الفرد: القسم الثاني و الثالث.

(3) هذه الدعوى راجعة إلى ما أفاده الشيخ: من أن الملحوظ في البيع قد يكون مادة الشيء من غير مدخلية الشكل.

و حاصل الدعوى: أن هذه المواد إنما تقابل بالثمن ما لم تتشكل بهذه الأشكال و الهياكل.

و أما اذا تشكلت بها فتسقط عن المالية فلا تصح المعاوضة على موادها حينئذ فالبذل بإزائها باطل.

فما افاده: من أن الملحوظ في البيع قد يكون مادة الشيء غير مفيد.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و دعوى، و جواب -

ص: 21

و حمله (1) على الاتلاف تدريجا تمحل (2).

++++++++++

- من الشيخ عن الدعوى المذكورة.

و خلاصة الجواب: أن الفقهاء صرحوا بضمان الغاصب مواد هذه الهياكل لو أتلف الصور و الهياكل فلو لم يكن لموادها المتشكلة بالهياكل الخاصة مالية لما صح التصريح بالضمان من الفقهاء، لأنه لو كان المال هي المادة بدون الهيئة كان اتلاف المادة في ضمن الهيئة غير موجب للضمان فالتصريح بالضمان دليل على أن قاعدة: (من اتلف مال الغير فهو له ضامن) تشمله.

(1) أي حمل الإتلاف على الإتلاف التدريجي.

هذا دفاع عن الدعوى المذكورة: من أن المواد انما تقابل بالمال ما لم تتشكل بالأشكال و الهياكل الخاصة فاذا تشكلت بها سقطت المواد عن المالية فلا يجوز بذل المال حينئذ.

و خلاصة الدفاع: أن تصريح الفقهاء بضمان المواد لو اتلف الغاصب هذه الهياكل إنما هو لأجل حصول الإتلاف تدريجا.

بمعنى أنه يحصل إتلاف الهيئة أولا ثم يحصل إتلاف المادة ففي الحقيقة يكون ضمان المواد بعد ذهاب الصورة و الهيكل فالضمان لم يتعلق بالمواد في ضمن الهيكل حتى يكون للهيكل دخل في ضمان المواد ثم يقال: لو اتلف الغاصب الهياكل ضمن المواد.

و الدليل على ذلك أن الغاصب لو اتلف الهيكل آنا و دفعة لم يحصل الضمان فالضمان إنما هو لأجل الإتلاف التدريجي.

(2) هذا جواب من الشيخ عن الدفاع المذكور.

و خلاصته أن الدفاع المذكور بحمل الإتلاف على الإتلاف التدريجي. -

ص: 22

و في محكي التذكرة أنه اذا كان لمكسورها (1) قيمة و باعها صحيحة لتكسر و كان المشتري ممن يوثق بديانته فإنه يجوز بيعها (2) على الأقوى انتهى.

و اختار ذلك (3) صاحب الكفاية و صاحب الحدائق و صاحب الرياض نافيا عنه (4) الريب.

و لعل (5) التقييد في كلام العلامة بكون المشتري ممن يوثق بديانته:

لئلا يدخل في باب المساعدة على المحرم، فان دفع ما يقصد منه المعصية غالبا مع عدم وثوق بالمدفوع إليه تقوية لوجه من وجوه المعاصي فيكون (6)

++++++++++

(1) اي لمكسور هياكل العبادة و الصليب التى هي العناوين المحرمة.

هذا تأييد جاء به الشيخ لما ذهب إليه من جواز بيع مواد هذه الأشياء بقصد المادة.

(2) و مرجع الضمير في بيعها و باعها: الهياكل و الصلبان.

(3) و هو جواز بيع الصنم و الصليب بهيئتهما اذا كان المشتري ممن يوثق بديانته.

(4) مرجع الضمير: جواز البيع، اي حال كون كل واحد من هؤلاء الأعلام نفى البأس عن جواز بيع الهياكل و الصلبان لكن بشرط أن يكسرها المشتري، أو يكون ممن يوثق بديانته.

(5) اي و لعل تقييد العلامة المشتري بقوله: ممن يوثق بديانته احتراز عن دخول الأمور المذكورة: من الصنم و الصليب في المساعدة على الحرام لو لم يكن المشتري ممن يوثق بديانته.

و قد ذكر المصنف علة دخول الأمور المذكورة في المساعدة على الحرام بقوله: فإن دفع ما يقصد به.

و المراد من المدفوع إليه المشتري.

(6) أي بيع الأمور المذكورة إلى المشتري الذي لا يوثق بديانته.

ص: 23

باطلا كما في رواية تحف العقول.

لكن فيه (1) مضافا إلى التأمل في بطلان البيع لمجرد الاعانة على الإثم:

أنه يمكن الاستغناء عن هذا القيد بكسره (2) قبل أن يقبضه إياه، فإن الهيئة غير محترمة في هذه الأمور كما صرحوا به في باب الغصب.

بل قد يقال بوجوب إتلافها فورا، و لا يبعد أن يثبت، لوجوب حسم مادة الفساد.

++++++++++

(1) أي في تقييد العلامة المشتري بمن يوثق بديانته اشكال.

و خلاصة الاشكال شيئان:

(الأوّل): عدم الالتزام بكون مجرد صدق الإعانة على الإثم في المبيع الى المشتري الذي لا يوثق بديانته موجبا لبطلان المعاوضة، اذ في أغلب البيوع يصدق الاعانة على الإثم و لا تصدق الحرمة عليها، لأن النهي فيها قد تعلق بأمر خارج عن حقيقة البيع و ماهيته، فالنهي في هذه البيوع نظير تعلق النهي بالبيع وقت النداء فكما أن النهي هناك لا يوجب البطلان لتعلقه بأمر خارج عن حقيقة المعاوضة.

كذلك النهي فيما نحن فيه لا يوجب البطلان، لوحدة الملاك.

(الثاني): أنه يمكن الاستغناء عن القيد المذكور: و هو كون المشتري ممن يوثق بديانته: بكسر الأمور المذكورة قبل أن يتسلمها المشتري فبهذا التسلم يندفع المحظور، لأن هيكل الصنم و الصلبان لا احترام لها حتى يوجب كسره الضمان.

(2) مرجع الضمير يحتمل أن يكون: المبيع الذي يراد منه الأمور المذكورة من الصنم و الصليب.

و يحتمل أن يكون المشتري فالمصدر حينئذ يكون مضافا إلى الفاعل و المفعول و هو الصنم و الصليب محذوف.

ص: 24

و في جامع المقاصد (1) بعد حكمه بالمنع عن بيع هذه الأشياء:

و ان أمكن الانتفاع على حالها في غير محرم: منفعة لا تقصد منها.

قال: و لا أثر، لكون رضاضها الباقي بعد كسرها مما ينتفع به في المحلل و يعد مالا، لأن بذل المال في مقابلها و هي على هيئتها بذل له في المحرم الذي لا يعد مالا عند الشارع.

نعم (2) لو باع رضاضها الباقي بعد كسرها قبل أن يكسرها و كان

++++++++++

(1) يقول (المحقق الكركي) في هذا المقام: إن بيع الصنم و الصليب ممنوع على كل حال و ان قلنا بوجود الانتفاع المحلّل لهما كجعلهما زينة في الأماكن المعدة للزينة.

أو قلنا: إن لرضاضهما بعد كسرهما نفع يمكن الانتفاع بها كما توهم ذلك و بنى المتوهم صحة المعاوضة عليهما: على تلك الرضاض و القطعات المكسورة في الواقع و نفس الأمر، لا على نفس الصورة و الهيكل حتى يقال بمنع المعاوضة و بطلانها.

و خلاصة دليل (المحقق الكركي) على المنع: أن المنفعة المحللة كجعل الصنم و الصليب زينة لا تعد منفعة منهما، بل هي في نظر الشارع من المنافع المعدومة.

و هكذا رضاض الصليب و الصنم و قطعاتهما بعد الكسر لا اثر لها في نظر الشارع و لا تعد مالا حتى يصح بذل المال بإزائهما، كما لا يصح البذل بإزائهما لو جعلا زينة، لأن المال يبذل بإزائهما بما لهما من الهيكل و الهيئة فاذا بدل المال كذلك كان بذلا ازاء الباطل فيكون اكله محرما.

(2) هذا استدراك من (المحقق الكركي) عما افاده من عدم جواز بيع الصنم و الصليب و هما على هيئتهما باعتبار رضاضهما بعد كسرهما.

و خلاصة الاستدراك أنه يجوز القول بصحة بيع رضاضهما بعد كسرهما -

ص: 25

المشتري موثوقا به و أنه يكسرها: أمكن القول بصحة البيع.

و مثله (1) باقي الأمور المحرمة كأواني النقدين و الصنم انتهى (2).

++++++++++

- و قبل أن يكسرا، و ذلك اذا كان المشتري ممن يوثق بديانته، و يعرف أنه من الذين اذا اشتراهما يكسرهما فحينئذ حاز بيعهما و هما على تلك الصورة و الحالة.

(1) اي و مثل الصنم و الصليب في عدم جواز بيعهما و ان كان لرضاضهما نفع: أواني الذهب و الفضة و ان كان لرضاضها نفع، لوحدة الملاك في الموضعين.

(2) اي ما افاده (المحقق الكركي) في هذا المقام.

ص: 26

القمار

ص: 27

ص: 28

منها القمار

و منها: (1) آلات القمار بأنواعه بلا خلاف ظاهرا.

و يدل عليه (2) جميع ما تقدم في هياكل العبادة (3).

++++++++++

(1) اي و من الأمور التي لا يقصد من وجودها على نحوها الخاص إلا الحرام: آلات القمار على اختلاف أنواعها و أقسامها، سواء أ كانت قديمة أم حديثة.

و قمار بكسر القاف مصدر باب المفاعلة من قامر يقامر مقامرة و قمارا و معناه: اللعب بالمراهنة، سواء أ كان الرهن على المال أم على العروض فكل لعب يراهن عليه يقال له: قمار و مقامرة.

و مصدر الثلاثي المجرد قمر بفتح القاف و سكون الميم.

(2) مرجع الضمير: التحريم المستفاد من المقام، و ليس مرجعه القمار، لعدم انسجام المعنى كما هو واضح، و كذا ليس مرجعه الحرمة لعدم التطابق بينه و بين الضمير، مع وجوب التطابق.

(3) في قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): و كل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه المشار إليه في ص 13.

و قوله عليه السلام: أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد المشار إليه في ص 13.

و قوله عليه السلام: إنما حرّم اللّه الصناعة التي حرام هي كلها مما يجيء منها الفساد محضا نظير المزامير و البرابط، و كل ملهوبة و الصلبان و الأصنام المشار إليه في ص 13.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه اذا حرّم شيئا حرّم ثمنه المشار إليه في ص 14.

ص: 29

و يقوى هنا (1) أيضا جواز بيع المادة قبل تغيير الهيئة.

و في المسالك أنه لو كان لمكسورها (2) قيمة و باعها صحيحة لتكسر و كان المشتري ممن يوثق بديانته ففي جواز بيعها (3) وجهان:

و قوّى في التذكرة الجواز مع زوال الصفة (4)،

++++++++++

(1) أي في آلات القمار قبل أن تتغير هيئتها، و كان المشتري ممن يوثق بديانته.

الظاهر أن وجه القوة في آلات القمار: عدم وجود المبغوضية فيها إلى حد وجودها في الصنم و الصليب، حيث إنهما مبغوضان في نظر الشارع و قد اسقطهما عن المالية و ان كان لرضاضهما نفع بعد الكسر فانه لا يجوز بيعهما على تلك الحالة إلاّ و أن يكسرا قبل البيع ثم يباع رضاضهما.

بخلاف آلات القمار فإنه يجوز بيعها قبل كسرها و تغيير هيئتها اذا كان المشتري ممن يوثق بديانته كما قيد العلامة المشتري بذلك.

(2) أي لمكسور آلات القمار.

(3) أي بيع آلات القمار وجهان:

وجه للجواز. و وجه للعدم.

أما وجه الجواز فلوقوع المعاوضة على رضاضها و قطعاتها في الحقيقة و نفس الأمر فبذل المال إزاء مكسورها كما هو الفرض في المسألة، لا بإزاء هيئتها الممنوعة شرعا.

و أما وجه عدم الجواز فلوقوع البيع على المتلبس بالهيئة الباطلة شرعا و الحكم تابع للاسم فالهيئة كانت باقية إلى حين البيع فالمال بذل إزاء تلك الهيئة فيكون البذل اكلا للمال بالباطل.

(4) و هي الهيئة. أليك نص عبارته:

ما اسقط الشارع منفعته لا نفع له فيحرم بيعه كآلات الملاهي مثل -

ص: 30

و هو (1) حسن و الأكثر أطلقوا المنع (2) انتهى (3).

أقول: إن أراد (4) بزوال الصفة زوال الهيئة فلا ينبغي الاشكال في الجواز، و لا ينبغي جعله محلا للخلاف بين العلامة و الأكثر.

ثم إن المراد بالقمار مطلق المراهنة بعوض فكل ما أعدّ لها (5)

++++++++++

- العود و الزمر، و هياكل العبادة المبتدعة كالصليب و الصنم، و آلات القمار كالنرد و الشطرنج ان كان رضاضها لا يعدّ مالا، و به قال الشافعي.

و إن عدّ مالا فالأقوى عندي الجواز مع زوال الصفة المحرمة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة القسم الأوّل الجزء 7 ص 21 و يحتمل أن يريد العلامة بالزوال: زوال آلة من آلات القمار بحيث ترك استعمالها في اللعب بها في القمار لمجيء نوع آخر من آلات القمار مكانها.

و يحتمل أن يريد بالزوال: الزوال بعد البيع، و تسلم المشتري المبيع.

(1) هذا كلام (الشهيد الثاني) اي ما أفاده (العلامة) في جواز بيع آلات القمار بزوال هيئتها حسن.

(2) هذا كلام (الشهيد الثاني) في المسالك، اي اكثر الفقهاء من الامامية قالوا بعدم جواز بيع آلات القمار مطلقا، سواء أريد من البيع زوال صفتها أم لا.

(3) اي ما افاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(4) اي العلامة.

(5) مرجع الضمير المراهنة.

و في منه: (ما الموصولة) في قوله: فكل ما اعد.

و المراد من الخصوصيات: الأشكال الهندسية و الورود، و صور ذوات الأرواح و غيرها التى ترسم في أوراق اللعب المعروفة عند أهل اللعب بالأوراق. -

ص: 31

بحيث لا يقصد منه على ما فيه من الخصوصيات غيرها حرمت المعاوضة عليه.

و أما المراهنة بغير عوض فسيجيء أنه ليس بقمار.

نعم (1) لو قلنا بحرمتها لحق الآلة المعدة لها حكم آلات القمار مثل ما يعملونه شبه الكرة يسمى عندنا: الطوبة (2) و الصولجان.

++++++++++

- و كلمة غير في قوله: غيرها مضمومة، بناء على أنها نائب فاعل لقوله: لا يقصد.

و حاصل المعنى: أن القمار عبارة عن مطلق المراهنة بالعوض فكل شيء أعدّ للمراهنة و فيه تلك الخصوصيات من الأشكال الهندسية و النقوش و الورود، و صور ذوات الأرواح كما في الأوراق الموضوعة: تحرم المعاوضة عليه، لقوله تعالى عزّ من قائل: «إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (1)

و أما وجه تسمية القمار بالميسر فلاجل تيسر اخذ المال للفائز بعد الغلبة من أحد الطرفين من دون تعب و مشقة.

(1) أي نعم لو قلنا أيضا بحرمة المراهنة بغير عوض كما قلنا في المراهنة بعوض.

و كلمة الآلة منصوبة هنا على المفعولية.

و كلمة حكم الآلات مرفوعة على الفاعلية فاعل لقوله: لحق الآلة و المعنى: أنه إن قلنا بحرمة المراهنة بغير عوض فيلحق آلاتها حكم آلات القمار على العوض: من الحرمة، و عدم صحة المعاوضة عليها.

و مرجع الضمير في لها: المراهنة بغير عوض،

(2) تسمى في اللسان الدراج (طوبة) و في غيره: الكرة.

ص: 32


1- المائدة:: الآية 90.
منها اللّهو

ص: 33

ص: 34

و منها (1): آلات اللهو على اختلاف أصنافها، بلا خلاف.

لجميع ما تقدم في المسألة السابقة (2) و الكلام في بيع المادة كما تقدم (3).

و حيث إن المراد بآلات اللهو ما أعدّ له: توقف على تعيين معنى اللهو، و حرمة مطلق اللهو، إلا أن المتيقن منه: ما كان من جنس المزامير و آلات الأغاني، و من جنس الطبول.

و سيأتي معنى اللهو و حكمه.

منها: أواني الذهب و الفضة

و منها (4): أواني الذهب و الفضة اذا قلنا بتحريم اقتنائها، و قصد المعاوضة على مجموع الهيئة و المادة لا المادة فقط.

++++++++++

(1) اي و من الامور التى لا يقصد من وجودها على نحوها الخاص إلا الحرام: آلات اللهو.

(2) و هي مسألة آلات القمار فكل ما دل على حرمة تلك المسألة من الأدلة يأتي هنا، من دون فرق بينهما.

و قد اشرنا إلى تلك الأدلة من أولها إلى آخرها في الهامش 3 من ص 29 فراجع و لا نعيدها عليك.

(3) أي من حيث جواز بيعها على هيئتها بشرط إزالة صورها اذا كان المشتري ممن يوثق بديانته فكل ما قيل هناك يأتي هنا.

(4) أي و من الأمور التي لا يقصد من وجودها على نحوها الخاص -

ص: 35

منها: الدراهم

و منها (1): الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس اذا لم يفرض على هيئتها الخاصة منفعة محللة معتد بها مثل التزيين، أو الدفع إلى الظالم الذي يريد مقدارا من المال كالعشّار (2) و نحوه،

++++++++++

- إلا الحرام: أواني الذهب و الفضة.

يقصد (الشيخ الأنصاري) من كلامه هذا: أن منشأ حرمة بيع الأواني الذهبية و الفضية شيئان: و هما: حرمة اقتنائها، و قصد المعاوضة على مجموع الهيئة و المادة معا فاذا تحقق الأمران تحققت الحرمة.

و أما اذا انتفى احدهما انتفت الحرمة كما إذا لم نقل بحرمة الاقتناء أو وقعت المعاوضة على المادة فقط: فقد انتفت الحرمة، لأن المركب و هي الحرمة ينتفي بانتفاء أحد جزئيه.

و أما استعمال نفس الأواني فهو محرم لا محالة، سواء قلنا بحرمة اقتنائها أم لم نقل.

(1) أي و من الأمور التي لا يقصد من وجودها على نحوها الخاص إلا الحرام: الدراهم الخارجة.

و المراد من الدراهم الخارجة: الدراهم المزيفة و التي ليست من العملة المتداولة المسكوكة بالسكة المقبولة عند الحكومات المحلية، بل أنما صيغت من قبل أصحابها لأجل الغش.

(2) و هو آخذ. العشر من الأموال الداخلة في البلاد، و الخارجة عنها.

و يطلق هذا الاسم على (الماكس)، و في اللهجة الدارجة يقال له:

(الكمركجي).

ص: 36

بناء على جواز ذلك (1). و عدم وجوب إتلاف مثل هذه الدراهم و لو بكسرها من باب دفع مادة الفساد كما يدل عليه (2) قوله عليه السلام في رواية الجعفي مشيرا إلى درهم: اكسر هذا، فإنه لا يحل بيعه و لا انفاقه.

++++++++++

- و المراد من غير العشار آخذ الضرائب على الأموال و الحيوانات و المزارع و الأشجار و العقار و المعادن و الأودية و الصحاري، و رءوس الجبال و الغابات و البحار و الأنهار و الشطوط و المحلات و الدور و غير ذلك الى ما شاء اللّه.

(1) أي إعطاء الدراهم المغشوشة و المزيفة إلى الظالم الذي يأخذ العشر و المكس بناء على جواز دفعه إليه. لكونه لا يستحق من الانسان شيئا

و أما بناء على أن الظالم يتعاطى بهذه الدراهم المزيفة مع الآخرين و هم يدفعونها إلى الغير و هكذا فلا يجوز الدفع إليه، لاشتغال ذمة الدافع لهم.

هذا بالإضافة إلى أن الدافع يعرض نفسه للخطر الموجب لهلاكه اذا اطلع الظالم على هذه المكيدة و الخديعة فعدم جواز الدفع إليه آكد.

هذا اذا كان المراد من الظالم الدولة، و أما اذا أريد منه السراق أو قطاع الطريق فالحكم أيضا كذلك، لوحدة الملاك في صورة تعاطيهم مع الآخرين كما تأتي الاشارة إلى ذلك من عندنا في الحديث الآتي.

(2) أي على كسر الدراهم المزيفة من باب دفع مادة الفساد و قلعها:

قوله عليه السلام: اكسر هذا فالتشبيه في قوله: كما يدل عليه لوجوب إتلاف الدراهم المغشوشة و كسرها، لا لعدم وجوب الإتلاف.

و كلمة مشيرا منصوبة على الحالية، أي حال كون الامام عليه السلام أشار إلى درهم مغشوش فقال: اكسرها.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 473. الباب 10 -

ص: 37

و في رواية موسى بن بكر: قطعه بنصفين، ثم قال: ألقه في البالوعة حتى لا يباع بشيء فيه غش (1).

و تمام الكلام فيه (2) في باب الصرف ان شاء اللّه.

و لو وقعت (3) المعاوضة عليها جهلا فتبين الحال،

++++++++++

- من أبواب الصرف. كتاب التجارة. الحديث 5.

و لا يخفى أن الإنفاق المحرم الوارد في قوله عليه السلام: و لا إنفاقه عام يشمل حتى إعطاء هذه الدراهم المزيفة للظالم، و السارق، و قاطع الطريق.

(1) نفس المصدر. ص 209. الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5. أليك نص الحديث:

عن موسى بن بكر قال: كنا عند (أبي الحسن) عليه السلام فاذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر إلى دينار فاخذه بيده ثم قطعه بنصفين.

ثم قال لي: ألقه في البالوعة حتى لا يباع شيء فيه غش.

فالحديث أيضا يدل على عدم جواز اعطاء الدراهم المزيفة إلى الظالم و السارق، و قطاع الطريق.

(2) أي في غش الدراهم.

(3) هذه مسألة فقهية متفرعة على الدراهم المغشوشة.

و خلاصتها: أن المعاوضة لو وقعت على الدراهم المزيفة، سواء وقعت ثمنا أم مثمنا جهلا بكونها دراهم مزيفة فلا تخلو المسألة من أحد الأمرين:

(الأوّل): وقوع عنوان المعاوضة على الدراهم المنصرف اطلاقها الى الدراهم المسكوكة بسكة السلطان و التي هي رائجة بين الناس فهذا لا إشكال في بطلان المعاوضة عليها، لأنها وقعت على الدراهم الرائجة بين الناس و التي هي مضروبة بسكة السلطان، ثم ظهر أنها غيرها. -

ص: 38

..........

++++++++++

- و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: بطل البيع.

و لا يخفى أن الظاهر وقوع المعاوضة على كلي الدراهم المنصرف إطلاقها إلى المسكوكة بسكة السلطان.

لكن البائع سلم إلى المشتري الدراهم المغشوشة فحينئذ اشتغلت ذمته بدراهم أخرى صحيحة يلزمه تبديلها بها، لا أن المعاوضة باطلة من رأسها

و نظير ما نحن فيه بيع الدينار الكلي، و إعطاء المشتري دينارا راجعا الى الغير مثلا، فإن المعاوضة هنا صحيحة تحتاج إلى تبديل الدينار بدينار آخر فحسب، لاشتغال ذمة البائع به.

(الثاني): وقوع عنوان المعاوضة على شخص الدراهم المزيفة مجردة عن كونها مضروبة بسكة السلطان، و من دون قصد العنوان.

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: فالظاهر صحة البيع.

لكن للمشتري خيار العيب اذا كانت مادة الدراهم التي هي الفضة أو الذهب مغشوشة بغير الذهب و الفضة من مواد أخرى كما أفاد الشيخ بقوله: مع خيار العيب.

و أما اذا كان الغش مجرد تفاوت في السكة بأن وقعت المعاوضة على الليرة الحميدية ثم ظهر أنها مجيدية فللمشتري خيار التدليس إن اختار الارش كما أفاده الشيخ بقوله: فهو خيار التدليس.

و أما اذا اختار الفسخ فالمعاوضة باطلة، لتبعض الصفقة.

ثم لا يخفى عليك: أن الجهل بكون الدراهم، أو الدنانير مزيفة له صور ثلاث:

(الأولى): جهل البائع بالغش فيما اذا وقعت الدراهم ثمنا. -

ص: 39

لمن صارت إليه.

فان وقع عنوان المعاوضة على الدرهم المنصرف اطلاقه إلى المسكوك بسكة السلطان بطل البيع.

و ان وقعت المعاوضة على شخصه من دون عنوان فالظاهر صحة البيع مع خيار العيب ان كانت المادة مغشوشة.

و إن كان الغش مجرد تفاوت السكة فهو خيار التدليس فتأمل (1).

و هذا (2) بخلاف ما تقدم من الآلات،

++++++++++

- (الثانية): جهل المشتري بالغش فيما اذا وقعت الدراهم مثمنا.

(الثالثة): جهل كليهما بالغش فيما اذا وقعت الدراهم ثمنا، أو مثمنا.

(1) لعل الأمر بالتأمل أنه لا تدليس هنا حتى يكون له خيار، لأن التدليس عبارة عن إظهار البائع للمشتري خلاف الواقع، و فيما نحن فيه لم يظهر البائع للمشتري إلا حقيقة الأمر و الواقع، و مجرد زعم المشتري كون المبيع قسما خاصا لا يوجب خيار التدليس.

(2) دفع و هم:

حاصل الوهم: أنه ما الفرق بين هذه المعاوضة التي وقعت على الدراهم المزيفة و التى لم تكن مشيرة إلى الدرهم السلطاني و قد حكمتم بصحتها في القسم الثاني.

و بين المعاوضة التي وقعت على آلات القمار و هياكل العبادة و قد حكمتم ببطلانها في المسألة السابقة، إذ الصورة التي ألقاها الشارع ان لم تكن معتبرة أصلا بحيث لا يبذل بإزائها المال، بل المال يبذل بإزاء المادة فقط فالصحة تسري في الدراهم المغشوشة، و هياكل العبادة من دون فرق بينهما لأن ماهية الصنم كماهية الدرهم و هي المادة فيبذل بإزائها المال عرفا.

و أما ان اعتبرنا الصورة و الهيئة بأن قلنا: إن المال يبذل بإزائها: -

ص: 40

فإن (1) البيع الواقع عليها لا يمكن تصحيحه بامضائه من جهة المادة فقط

++++++++++

- كان اللازم بطلان المعاملة في الصنم و الدراهم المغشوشة.

فكيف فرقتم بين الموضعين و قلتم بصحة المعاوضة في الدراهم في القسم الثاني و ببطلانها في هياكل العبادة.

هذه خلاصة الوهم.

(1) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أنه فرق واضح بين الموضعين، اذ المبيع في الموضع الأوّل و هو الصنم نفس المادة المجردة عن الهيئة، حيث إن المعاوضة قد وقعت عليها لا غير، من دون أن يقع شيء من الثمن إزاء الهيئة، مع أن لهيئة الصنم دخلا في المالية، و لذا يبذل بإزائها المال أكثر مما يبذل إزاء الدرهم، مع أن الذهب في الدنانير و الصنم، أو الفضة شيء واحد لا فرق بين هذا الذهب و ذاك، و لا بين هذه الفضة و تلك.

و ليست المادة و الصورة من قبيل الخل و الخمر حتى يقع جزء من الثمن في مقابل المادة، و جزء منه في قبال الهيئة فيقال بصحة ما وقع في مقابل المادة و ببطلان ما وقع بإزاء الهيئة كما كان الأمر كذلك في الخل و الخمر، حيث إنه قد وقع جزء من الثمن إزاء الخل فالمعاوضة صحيحة، و جزء منه وقع إزاء الخمر فالمعاوضة باطلة.

فلا يمكن التفكيك بين المادة و الهيئة، لأن الهيئة من قبيل القيد للمادة فهي جزء عقلي لا خارجي حتى يقابل بالمال فكما لا يجوز التفكيك بين القيد و المقيد.

كذلك لا يجوز بين الهيئة و المادة فلا يمكن للمشتري تصحيح هذه المعاوضة و إمضائها كما صح له امضاء المعاوضة على الخل و استرداد ما وقع من الثمن إزاء الخمر. -

ص: 41

و استرداد ما قابل الهيئة من الثمن المدفوع كما لو جمع (1) بين الخل و الخمر لأن (2) كل جزء من الخل و الخمر مال لا بدّ أن يقابل في المعاوضة بجزء من المال ففساد المعاملة باعتباره (3) يوجب فساد مقابله من المال لا غير.

بخلاف المادة (4) و الهيئة، فإن الهيئة من قبيل القيد للمادة جزء عقلي لا خارجي تقابل بمال على حدة، ففساد المعاملة باعتباره (5) فساد لمعاملة المادة حقيقة و هذا الكلام مطرد في كل قيد فاسد بذل الثمن الخاص لداعي وجوده (6).

++++++++++

- بخلاف الصورة الأولى: و هي المعاوضة على الدراهم المغشوشة، فإن الصورة لا دخل لها اصلا في المادة فالمعاوضة قد وقعت على نفس الذهب في الدينار، و على نفس الفضة في الدرهم، كما أن المال سابقا يبذل بإزاء الفضة و الذهب الخاليين عن السكة بنفس السعر و القيمة.

(1) المراد من الجمع بين الخمر و الخل: بيعهما بصفقة واحدة.

(2) تعليل لصحة المعاوضة على ما قابل الخل، و بطلانها على ما قابل الخمر كما عرفت في الهامش 1. ص 41.

(3) أي باعتبار الجزء الفاسد: و هو وقوع قسم من الثمن مقابل الخمر كما عرفت في الهامش 1. ص 41.

(4) كما في بيع الصنم و الصليب. و قد عرفت شرحه في الهامش 1. ص 41.

(5) أي فساد هذه المعاملة باعتبار قيد الهيئة، فإن المعاوضة قد وقعت على المادة المتشكلة بالهيئة ففساد الهيئة يسري في فساد المادة كما عرفت في الهامش 1. ص 41.

(6) كما في الصنم و الصليب، و آلات القمار، حيث إن الهيئة في هذه الأمور و ما شاكلها جزء عقلي للشيء الخارجي لا يمكن التفكيك بينهما

ص: 42

القسم الثّاني ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
اشارة

القسم الثّاني (1) ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة: و هو تارة على وجه يرجع الى بذل المال في مقابل المنفعة المحرمة كالمعاوضة على العنب مع التزامهما أن لا يتصرف فيه إلا بالتخمير (2).

و اخرى على وجه يكون الحرام هو الداعي إلى المعاوضة لا غير كالمعاوضة على العنب مع قصدهما (3) تخميره.

++++++++++

(1) أي القسم الثاني مما يحرم التكسب به: ما يقصد به المتعاملان المنفعة المحرمة.

(2) لا يخفى أن التخمير ليس من المنافع التي تأتي من ناحية العنب و انما هو تغيير صورة العنب، فالتعبير عنه بالمنفعة لا يخلو عن إشكال و مسامحة و إن كان نفس التخمير حراما و شرطه موجبا لبطلان البيع.

نعم من لوازم التخمير: المنافع المحرمة: و هو الشرب.

و لعل اطلاق (الشيخ الأنصاري) المنفعة على التخمير مجاز بعلاقة الأوّل.

(3) في هذا التعبير مسامحة، لأن قصد التخمير من المشتري لا من البائع، لأنه لا يباشر التخمير، نعم البائع عالم بكون المشتري يأخذ العنب لذلك.

و الفرق بين الأوّل: و هو بذل المال في مقابل المنفعة المحرمة كالمعاوضة على العنب مع التزامهما أن لا يتصرف فيه إلا للتخمير. -

ص: 43

و الأول (1) إما أن يكون الحرام مقصودا لا غير كبيع العنب على أن يعمله خمرا، و نحو ذلك (2).

و إما أن يكون الحرام مقصودا مع الحلال بحيث يكون بذل المال بإزائهما كبيع الجارية المغنية بثمن لوحظ فيه وقوع بعضه بإزاء صفة التغني (3).

فهنا مسائل ثلاث:
اشارة

فهنا (4) مسائل ثلاث:

المسألة الأولى: بيع العنب على أن يعمل خمرا، و الخشب على أن يعمل صنما، او آلة لهو أو قمار

(الأولى): بيع العنب على أن يعمل خمرا، و الخشب على أن يعمل صنما، او آلة لهو أو قمار، و إجارة المساكن ليباع أو يحرز فيها

++++++++++

- و بين الثاني: و هو بذل المال على وجه يكون الحرام هو الداعي الى المعاوضة لا غير كالمعاوضة على العنب مع قصدهما تخميره: هو أن المشتري في الأوّل يكون ملزما أمام البائع بالتخمير، بحيث لو لم يقدم على عمل الخمر استرجع البائع عين ماله لو كانت موجودة، أو ما يماثلها قيمة لو كانت مفقودة.

و في الثاني لا يكون المشتري ملزما أمام البائع بشيء من ذلك، و لا يمكن للبائع إجراء مثل هذا الأمر ضد المشتري.

(1) و هو بذل المال في مقابل المنفعة المحرمة كالمعاوضة على العنب مع التزامهما أن لا يتصرف فيه إلا للتخمير.

(2) كبيع العنب إلى المسلم مشروطا ببيعه للمحارب الكافر.

(3) بحيث لو لا صفة التغني لما دفع المشتري الزيادة.

و الفرق بين الأوّل و هو كون الحرام مقصودا لا غير.

و بين الثاني و هو كون الحرام مقصودا مع الحلال: أن الأوّل يقع ثمنه كله بإزاء المنفعة المحرمة.

و أن الثاني يقع بعض الثمن بإزاء المنفعة المحرمة و هو التغني.

(4) أي فيما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة.

ص: 44

الخمر، و كذا اجارة السفن و الحمولة (1) لحملها.

و لا إشكال في فساد المعاملة فضلا عن حرمته، و لا خلاف فيه.

و يدل عليه (2) مضافا إلى كونها اعانة على الإثم، و إلى (3) أن الالزام و الالتزام بصرف المبيع في المنفعة المحرمة الساقطة في نظر الشارع أكل و ايكال (4) للمال بالباطل: خبر (5) جابر.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر.

قال: حرام أجرته (6). فإنه إما مقيد بما اذا استأجره لذلك.

++++++++++

(1) بفتح الحاء و ضم الميم و سكون الواو: ما يحمل عليها الأموال و المنقولات من الحيوانات و السيارات و القاطرات و العربات أي و كذا اجارة الحمولة لحمل الخمر، أو بيع العنب ليعمل خمرا، أو الخشب ليصنع صنما، أو صليبا، أو آلة لهو او قمار.

(2) أي على فساد المعاوضة و حرمتها بالإضافة إلى أن هذه المعاوضة

(3) أي و يدل على فساد المعاوضة بالإضافة.

(4) الأكل يكون من ناحية البائع حيث يأخذ الثمن إزاء المبيع الذي يحرم اكله.

كما أن الإيكال من جانب المشتري حيث يعطي الثمن للبائع ازاء ما يأخذه منه و يحتمل أن يكون من الجانبين.

(5) بالرفع فاعل يدل في قوله: و يدل عليه، أي و يدل على فساد المعاوضة بالإضافة إلى ما ذكرناه من الايرادات و الاشكالات: خبر جابر.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 125. الباب 39 من أبواب ما يكتسب به كتاب التجارة. الحديث 1.

و في المصدر حرام اجره. فالحديث المذكور إما مقيد بقيد الاستئجار -

ص: 45

أو يدل عليه بالفحوى، بناء على ما سيجيء من حرمة العقد مع من يعلم أنه يصرف المعقود عليه في الحرام.

نعم (1) في مصححة ابن أذينة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر سفينته، أو دابته لمن يحمل فيها أو عليها الخمر و الخنازير؟

قال: لا بأس.

لكنها (2) محمولة على ما اذا اتفق الحمل من دون أن يؤخذ ركنا

++++++++++

- لبيع الخمر في البيت أو يدل على الحرمة بالفحوى و هو مفهوم الأولوية.

و وجه الأولوية: أنه اذا كان اجارة البيت لمن يعلم أنه يعمل فيه الخمر حراما فحرمة اجارته بشرط أن يعمل فيه الخمر بطريق اولى

(1) استدراك عما افاده آنفا من حرمة بيع العنب على أن يعمل خمرا، و الخشب على أن يعمل صنما، أو آلة لهو، أو قمار، أو اجارة المساكن ليباع، أو يحرز فيها الخمر، و كذا اجارة السفن و الحمولة لحملها مستدلا بخبر جابر في قوله عليه السلام: حرام اجرته.

و خلاصة الاستدراك: أن مصححة: ابن اذينة الواردة في نفس المصدر ص 126. الحديث 2 تنفي البأس عن إجارة المذكورات في قوله عليه السلام: لا بأس.

اذا يقع التعارض بين الخبر و الصحيحة، مع أنهما وردا عن امام واحد في موضوع واحد: و هي اجارة الدار، أو السفن، أو الدابة ليباع فيها الخمر أو يحمل عليها الخنزير.

فما العلاج في هذا التضارب و التعارض.

(2) هذا جواب عن التعارض المذكور.

و خلاصة الجواب: أن كلا من خبر جابر، و صحيحة ابن اذينة له -

ص: 46

..........

++++++++++

- نص و ظاهر اذا يطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر، و يؤخذ بالمتيقن فيعمل به.

فنص خبر جابر فيما لو بيع العنب، أو آجرت الدار، أو السفينة أو الدابة على نحو الركنية و الجزئية كأن يقول البائع، أو المؤجر في متن العقد و ضمنه، أو التواطؤ الخارجي: بعتك العنب لتصنعه خمرا أو آجرتك السفينة لتحمل فيها الخمر، أو آجرتك الدابة لتحمل عليها الخمر.

أو يكون خبر جابر نصا فيما لو كان البيع، أو الاجارة على نحو الشرطية في متن العقد و ضمنه، أو التواطؤ الخارجي كأن يقول البائع أو المؤجر: بعتك العنب بشرط أن تصنعه خمرا، أو آجرتك الدار أو السفن لتحمل فيها الخمر.

و أما ظاهر خبر جابر فيما لو كان البيع، أو الاجارة على نحو الاتفاق لا في متن العقد و ضمنه، أو التواطؤ الخارجي بأن اتفق عمل التخمير أو حمل الخمر في السفينة، أو على الدابة بعد العقد.

و أما نص الصحيحة ففيما لو كان بيع العنب، أو اجارة الدار لذلك لا على نحو الشرطية و الركنية، في متن العقد، أو خارجه.

بل كانت المذكورات على نحو الاتفاق و بعد العقد.

و أما ظاهر الصحيحة ففيما لو كانت المذكورات على نحو الشرطية و الجزئية في متن العقد و ضمنه، أو التواطؤ الخارجي.

إذا عرفت النص و الظاهر من كل منهما فاعلم أن ظاهر خبر جابر يطرح بنص الصحيحة أي حرمة البيع و الاجارة المستفادة من ظهور خبر جابر تطرح بنص الصحيحة، أي لا بأس بالبيع، أو الإجارة اذا كانا على نحو الاتفاق و بعد العقد، لا على نحو الركنية و الشرطية حتى يقال بصحة -

ص: 47

أو شرطا في العقد، بناء على أن خبر جابر نص فيما نحن فيه (1)، و ظاهر في هذا (2)، عكس الصحيحة: فيطرح ظاهر كل بنص الآخر فتأمل (3).

++++++++++

- المعاوضة و الإجارات.

و ظاهر الصحيحة يطرح بنص خبر جابر، أي عدم البأس المستفاد في بيع العنب، و الإجارات المذكورة على نحو الشرطية، أو الركنية في الصحيحة يطرح بنص خبر جابر فيقال بحرمة البيع و الإجارات المذكورة على النحو المذكور.

فاذا طرحنا ظاهر كل منهما بنص الآخر نأخذ بالمتيقن: و هي حرمة البيع و الإجارات على نحو الركنية و الشرطية.

هذا طريق الجمع بين الخبرين المتعارضين. و يسمى هذا الجمع بالجمع الدلالي كما مر نظيره في الجمع بين قوله عليه السلام: ثمن العذرة سحت و قوله عليه السلام: لا بأس ببيع العذرة في ج 1. ص 72-73.

و إلى هذا الجمع أشار الشيخ بقوله: لكنها محمولة على ما لو اتفق الحمل من دون أن يؤخذ ركنا أو شرطا في العقد بناء على أن خبر جابر نص فيما نحن فيه، و ظاهر في هذا عكس الصحيحة فيطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر.

(1) المراد من ما نحن فيه: هو أخذ المحرم شرطا، أو ركنا في متن العقد، أو التواطؤ الخارجي كما عرفت.

(2) المراد من هذا: ما اذا اتفق المحرم بدون الشرطية و الركنية للعقد كما عرفت.

(3) و لعل وجه الأمر بالتأمل: أن الجمع الذي ذكرناه ليس جمعا عرفيا حتى يسقط التعارض، بل التعارض باق على ما كان فلا بد من إعمال المرجحات الخارجية.

ص: 48

مع أنه لو سلم التعارض (1) كفت العمومات المتقدمة.

و قد يستدل أيضا فيما نحن فيه (2) بالأخبار المسئول فيها عن جواز بيع الخشب ممن يتخذه صلبانا، أو صنما.

مثل مكاتبة ابن اذينة عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا؟

قال: لا (3).

++++++++++

(1) هذا طريق آخر لعدم التعارض بين الخبرين المذكورين.

و خلاصته: أنه لا نسلم التعارض بين الخبرين، حيث لا يوجد التكافؤ بينهما حتى يقال بالتعارض، لأن خبر ابن اذينة صحيحة، و خبر جابر ليس بصحيحة فكيف جاز لغير الصحيحة معارضة الصحيحة.

و على فرض التسليم، و القول بأنهما متكافئان، و أنه لا ترجيح للصحيحة على خبر جابر، أو أن التعارض بينهما كلي لا يمكن الجمع بينهما فيسقطان.

نقول: تكفينا العمومات الواردة في المقام: و هي رواية (تحف العقول) المتقدمة في ص 17.

و رواية دعائم الاسلام المتقدمة في ص 17.

و رواية فقه الرضا المتقدمة في ص 17.

و رواية النبوي المتقدمة في ص 17.

فبناء على هذه العمومات لا يجوز بيع العنب لمن يعلم أنه يصنعه خمرا و الخشب لمن يعلم أنه يصنعه صنما أو صليبا.

(2) و هو عدم جواز بيع العنب لمن يعمله خمرا، أو الخشب لمن يصنعه صنما أو صليبا، أو آلة لهو و لعب كالقمار، و عدم جواز اجارة السفن على أن يحمل فيها الخمر.

(3) أي لا تبع.

ص: 49

و رواية عمرو بن الحريث عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أو الصنم.

قال: لا (1).

و فيه (2) أن حمل تلك الأخبار على صورة اشتراط البائع المسلم

++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 127. الباب 41 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

(1) أي لا تبع.

راجع نفس المصدر. الحديث 2.

و في المصدر هكذا: سألته عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب و الصنم؟

قال: لا.

(2) أي و في الاستدلال بالخبرين و هما: مكاتبة ابن اذينة.

و رواية عمرو بن حريث على ما نحن فيه: و هو عدم جواز بيع العنب ليعمل خمرا، أو الخشب ليصنع صنما أو صليبا، و اجارة البيت ليباع فيه الخمر، و السفن ليحمل فيها الخمر و الخنزير، و الحمولة ليحمل عليها الخمر و الخنازير: نظر و اشكال.

وجه النظر: أن حمل الخبرين المذكورين على صورة اشتراط البائع المسلم الخشب ليصنعه صلبانا، أو صنما.

و اشتراط البائع المسلم التوت ليصنعه صليبا أو صنما: بعيد جدا.

حيث لا فائدة دنيوية للمسلم البائع تترتب على اشتراط بيع العنب ليعمل خمرا، و الخشب ليصنع صنما أو صليبا فغرض البائع من العنب أو الخشب بيعهما، لا جعل العنب خمرا، و الخشب صنما، فلا يحمل مكاتبة ابن اذينة، و رواية عمرو بن حريث: على صيرورة العنب خمرا و الخشب صنما.

ص: 50

على المشتري، أو تواطئهما على التزام صرف المبيع في الصنم و الصليب بعيد (1) في الغاية.

و الفرق (2) بين مؤاجرة البيت لبيع الخمر فيه، و بيع الخشب على أن يعمل صليبا أو صنما لا يكاد يخفى، فإن (3) بيع الخمر في مكان و صيرورته دكانا لذلك منفعة عرفية يقع الاجارة عليها من المسلم كثيرا كما يؤجرون البيوت لسائر المحرمات.

بخلاف جعل العنب خمرا، و الخشب صليبا، فإنه لا غرض للمسلم

++++++++++

(1) و قد عرفت وجه البعد في الهامش 2. ص 50 عند قولنا: وجه النظر:

أن حمل الخبرين.

(2) دفع و هم: حاصل الوهم: أنه ما الفرق بين مؤاجرة البيت لبيع الخمر، و بين بيع الخشب على أن يعمل صنما، أو صليبا، حيث لا يستبعد الجواز العرفي في الأوّل، و يستبعد في الثاني.

(3) هذا جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أن الفرق بينهما واضح لا يكاد يخفى، فإن في إجارة البيت لبيع الخمر و جعله محلا لذلك منفعة عرفية يترتب عليها حصول الدراهم و الدنانير.

و من الطبيعي أن الانسان يقدم على حصول ذلك، سواء أ كان مسلما أم غير مسلم.

و ما أكثر المسلمين قديما و حديثا في إقدامهم على هذه الأمور المحرمة.

بخلاف بيع العنب ليعمل خمرا، أو الخشب ليصنع صنما أو صليبا فإنه لا فائدة في اشتراط ذلك للبائع المسلم، إذ غرض البائع بيع سلعته.

اللهم إلا ان تكون نفسه شريرة تحب الشر و الفساد.

ص: 51

في ذلك غالبا يقصده في بيع عنبه، أو خشبه فلا يحمل عليه (1) موارد السؤال.

نعم لو قيل في المسألة الآتية (2) بحرمة بيع الخشب ممن يعلم أنه يعمله صنما، لظاهر هذه الأخبار (3): صح (4) الاستدلال بفحواها على ما نحن فيه.

++++++++++

(1) أي لا تحمل موارد السؤال التي هي مكاتبة ابن اذينة.

و رواية عمرو بن حريث: على صيرورة العنب خمرا، و الخشب صنما أو صليبا في بيع المسلم عنبه أو خشبه.

(2) و هي المسألة الثالثة الآتية قريبا، حيث إن (شيخنا الأنصاري) ذهب إلى حرمة بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا بقصد ذلك، و كذا حرمة بيع الخشب لمن يعلم أنه يصنعه صنما أو صليبا بقصد ذلك، لظهور الأخبار الآتية: و هي مكاتبة ابن اذينة، و رواية عمرو بن الحريث: في الحرمة حيث إن الامام عليه السلام يقول في جواب المكاتبة، و عمرو بن حريث بعد سؤالهما عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا، و عن التوت ابيعه ممن يصنع الصليب، أو الصنم: (لا).

(3) و هي الآتية التي ذكرناها في الهامش 2.

(4) جواب ل: (لو الشرطية) في قوله: نعم لو قيل في المسألة الآتية.

أي لو قلنا في المسألة الآتية بحرمة بيع العنب ممن يعمله خمرا بقصد أن يعمله، و بيع الخشب بقصد أن يعمله صنما أو صليبا لأجل ظاهر الخبرين المذكورين في الهامش 2: صح الاستدلال بمفهومهما على ما نحن فيه: و هي حرمة بيع العنب بشرط أن يجعله خمرا، و بيع الخشب بشرط أن يصنعه صنما أو صليبا.

أما وجه دلالة فحوى الخبرين على ما نحن فيه: هو أن الخبرين لما -

ص: 52

لكن ظاهر هذه الأخبار (1) معارض بمثله، أو بأصرح منه كما سيجيء.

ثم إنه يلحق بما ذكر من بيع العنب و الخشب على أن يعملا خمرا أو صليبا: بيع (2) كل ذي منفعة محللة على أن يصرف في الحرام، لأن حصر الانتفاع بالبيع في الحرام (3) يوجب كون أكل الثمن بإزائه أكلا للمال بالباطل.

++++++++++

يدلان على حرمة بيع العنب ممن يعمله خمرا، أو الخشب بقصد أن يصنعه صنما أو صليبا فبالأولى و الأحرى أن يدلا على حرمة بيع العنب بشرط أن يعمله خمرا في متن العقد، أو التواطؤ الخارجي.

و كذا حرمة بيع الخشب بشرط أن يصنعه صنما أو صليبا في متن العقد أو التواطؤ الخارجي.

(1) و هي مكاتبة ابن اذينة، و رواية عمرو بن حريث: يعارض بمثلهما من الروايات الآتية في المسألة الثالثة، و تلك الروايات هو خبر ابن اذينة، و رواية ابي كهمس المعبر عنها بالأخبار المستفيضة في تعبير الشيخ بقوله: منها.

(2) بالرفع فاعل لقوله: يلحق، أي يلحق بما ذكر من حرمة بيع العنب بشرط أن يعمله خمرا، و الخشب بشرط أن يصنعه صنما أو صليبا:

كل شيء له منفعة محللة مقصودة يقصد منه: المنفعة المحرمة لا غير، أي بشرط أن يصرف فيها فقط و فقط مثل بيع السكين الموضوع لاستفادة المنافع المحللة منه كرفع الحاجيات البيتية، و الضرورية لقتل انسان محقون الدم بشرط القتل، أو كبيع السيف الموضوع لمحاربة الأعداء و الكفار لمن يقتل به انسانا محقونا الدم.

(3) و هو بشرط أن يقتل بالسكين إنسانا محقون الدم لا غير، أي -

ص: 53

ثم إنه لا فرق بين ذكر الشرط المذكور (1) في متن العقد.

و بين التواطؤ عليه خارج العقد، و وقوع العقد عليه (2) و لو كان فرق فإنما هو في لزوم الشرط، و عدمه (3)، لا فيما هو (4) مناط الحكم هنا.

و من ذلك (5) يظهر أنه لا يبنى فساد هذا العقد على كون الشرط الفاسد مفسدا، بل الأظهر فساده و ان لم نقل بإفساد الشرط الفاسد، لما (6) عرفت من رجوعه في الحقيقة إلى أكل المال في مقابل المنفعة المحرمة.

++++++++++

- لا يبيعه الا لأجل ذلك.

(1) و هو بيع العنب بشرط أن يعمله خمرا، و الخشب بشرط أن يصنعه صنما، أو صليبا.

(2) أي على الشرط المذكور بعد التواطؤ الخارجي.

(3) حيث يكون الشرط المذكور لازما اذا كان في متن العقد، و غير لازم اذا كان في الخارج و بعد التواطؤ.

(4) أي و ليس فرق فيما هو مناط الحكم و علته، حيث إن المناط الذي هو حصر الانتفاع في المحرم كبيع العنب بشرط أن يعمله خمرا، و الخشب بشرط أن يصنعه صنما، و السكين بشرط أن يقتل به محقون الدم: واحد في الصورتين و هما: شرط الحرام في متن العقد، و شرط الحرام في خارجه.

بل الفرق انما هو في اللزوم و عدمه في الصورتين.

و المراد من الحكم: هي الحرمة و الفساد.

(5) أي و من عدم الفرق بين الشرط المحرم، سواء أ كان في متن العقد أم في خارجه من حيث مناط الحكم و علته: يظهر عدم توقف العقد المشترط بالشرط الفاسد: على أن الشرط الفاسد مفسد أم لا، بل العقد المذكور فاسد و ان لم نقل بإفساد الشرط الفاسد.

(6) تعليل لعدم توقف العقد المذكور على كون الشرط الفاسد مفسدا. -

ص: 54

و قد تقدم الحكم بفساد المعاوضة على آلات المحرم (1): مع كون موادها أموالا مشتملة على منافع محللة، مع أن الجزء (2) أقبل للتفكيك

++++++++++

- و خلاصة التعليل: أن مآل هذا العقد و رجوعه في الحقيقة إلى اكل المال في مقابل المنفعة المحرمة: و هو استعمال المبيع في المحرم فيكون الأكل اكلا للمال بالباطل فتفسد المعاوضة.

(1) كآلات القمار و اللهو على ما هي عليه من الهيئة و الهيكل، مع أن لها مواد قابلة للانتفاع المحلل و المقصود عند العقلاء كما ذكرناها في الهامش 1 ص 30، فالمعاوضة على هذه الآلات مع ما لها من المواد القابلة للانتفاع باطلة فكيف ببيع العنب بشرط أن يعمل خمرا، أو الخشب بشرط أن يصنع صنما أو صليبا، مع أنه ليس للعنب و الخشب بهذا الشرط الحرام منفعة اخرى.

(2) المراد من الجزء: الهيئة، و من الجزء الآخر: المادة.

و المراد من الشرط: الشرط الحرام، و من المشروط: المبيع المقيد بقيد الحرام.

يقصد الشيخ من هذه العبارة: (مع أن الجزء أقبل للتفكيك بينه و بين الجزء الآخر من الشرط و المشروط): أن الآلات المحرمة المذكورة قابلة للتفرقة و التجزئة بين موادها و صورها و هياكلها: بأن تكسر بعد الشراء فيستفاد من موادها التي هي الأخشاب و الحديد.

بخلاف الشرط و المشروط، فإنه لا يمكن التفكيك بينهما، و مع ذلك لا يجوز الفقهاء شراء الآلات المحرمة.

و لا يخفى عليك أن اطلاق الجزء على الهيئة، خلاف ما افاده الشيخ سابقا: من أن الهيئة من قبيل القيد فكما أنه لا يمكن التفكيك بين القيد و المقيد، كذلك لا يمكن التفكيك بين الهيئة و المادة. راجع ص 42

ص: 55

بينه، و بين الجزء الآخر من الشرط و المشروط (1).

و سيجيء أيضا في المسألة الآتية (2) ما يؤيد هذا أيضا ان شاء اللّه

المسألة الثانية يحرم المعاوضة على الجارية المغنية

(المسألة الثانية) (3) يحرم المعاوضة على الجارية المغنية، و كل (4)

++++++++++

(1) و هو بيع العنب بشرط أن يعمله خمرا كما عرفت آنفا.

(2) و هي المسألة الثالثة من المسائل الثلاث، فإن في هذه المسألة ما يؤيد فساد المعاوضة من غير احتياج إلى القول بأن الشرط الفاسد مفسد للعقد.

(3) أي من المسائل الواقعة في قوله: فهنا مسائل.

(4) بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله: يحرم المعاوضة على الجارية أي و يحرم المعاوضة على كل عين مشتمله على صفة يقصد منها الحرام.

كالغناء في الجارية، فإنها من الصفات التي لها طلاّ بها فتكون مطلوبة بالذات لاستلذاذ الطبيعة البشرية و استيناسها من الأغاني و الأناشيد بألحانها الخاصة و نغماتها الجاذبة، حيث إن الانسان خلق موسيقى الطبع، و لهذا ترى الأم الحنون حينما تروم تنويم ولدها تقرأ له بنغمتها الخاصة بعض الكلمات أو الأشعار فيأخذ الطفل في النوم فينام، فلو قصد من الجارية المغنية الصفة المحرمة و هي الغناء، و وقعت المعاوضة عليها بهذه الصفة بطلت المعاوضة لوقوع بعض الثمن إزاء الصفة المحرمة.

و أما اذا لم يقصد من الجارية تلك الصفة المحرمة فلا تبطل المعاوضة بمجرد كون العين مشتملة على تلك الصفة، لأنه يمكن أن يقصد منها الصفة المحرمة و هي الغناء. و الصفة المحللة و هو الجمال، أو الفراش أو الخدمة البيتية فبطلان المعاوضة في مثل هذه العين المشتملة على الصفة المحرمة و الصفة المحللة مشروط بشرطين.

(الأوّل): قصد احد المتبايعين، أو كليهما الصفة المحرمة. -

ص: 56

عين مشتملة على صفة يقصد منها الحرام اذا قصد منها ذلك، و قصد اعتبارها في البيع على وجه يكون دخيلا في زيادة الثمن كالعبد الماهر في القمار أو اللهو و السرقة اذا لوحظ فيه هذه الصفة، و بذل بإزائها شيء من الثمن لا ما كان على وجه الداعي.

و يدل عليه (3) ان بذل شيء من الثمن بملاحظة الصفة المحرمة أكل للمال بالباطل.

++++++++++

- (الثاني): قصد اعتبار تلك الصفة المحرمة في البيع بمعنى أن لوجودها في العين دخلا في زيادة الثمن بحيث لولاها لم تبذل زيادة المال إزاء العين كمائة دينار علاوة على اصل قيمة الجارية المغنية، أو العبد الماهر في القمار أو اللهو أو السرقة.

بخلاف ما اذا كانت الصفة المحرمة هي الموجبة و الباعثة لشراء العين لكن لا يبذل بإزائها شيء من الثمن علاوة على اصل القيمة، لأنها لا تكون دخيلة في زيادة الثمن فحينئذ لا تبطل المعاوضة على ذلك. و هذا معنى قول الشيخ: لا ما كان على وجه الداعي.

فالحاصل: أنه اذا كانت الصفة المحرمة دخيلة في العين بحيث يبذل بإزائها الثمن زيادة على اصل قيمة العين فالمعاوضة باطلة.

و أما اذا لم تكن دخيلة في زيادة الثمن فلا تبطل المعاوضة و ان كانت هي الباعثة و الموجبة للشراء.

(3) أي على بطلان المعاوضة في الصورة الأولى: و هو كون الصفة المحرمة دخيلة في زيادة الثمن بحيث يبذل بإزائها شيء من الثمن.

و عدم بطلان المعاوضة في الصورة الثانية: و هو كون الصفة المحرمة هي الباعثة و الموجبة للشراء من دون أن تكون دخيلة في زيادة الثمن.

ص: 57

و التفكيك (1) بين القيد و المقيد: بصحة العقد في المقيد، و بطلانه في القيد بما قابله من الثمن غير معروف عرفا، لأن (2) القيد أمر معنوي

++++++++++

(1) دفع و هم:

حاصل الوهم: أنه يمكن القول بصحة المعاوضة في الصورة الأولى و عدم القول ببطلان العقد رأسا.

بيان ذلك: أن في الجارية المغنية، و العبد الماهر في القمار، أو السرقة شيئين:

القيد و هو الغناء و المهارة في القمار و السرقة.

و يعبر عن هذا القيد بالصفة المحرمة.

و المقيد: و هي الجارية المغنية و العبد الماهر في السرقة و القمار. فاذا كان للمبيع شيئان جاز التفكيك بينهما: بأن يفكك بين القيد و المقيد فالمشتري حينما يقدم على الشراء يبذل المال ازاء هذين الشيئين فما وقع من الثمن ازاء الصفة المحرمة و هو القيد بطل العقد.

و ما وقع منه ازاء المقيد و هي نفس الجارية، و نفس العبد الماهر صح العقد فللمشتري استرجاع بعض ثمنه الذي وقع ازاء الصفة المحرمة فكل مبيع مشتمل على شيئين جاز التفكيك بينهما و صح العقد.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و حاصل الجواب: أن التفكيك بين القيد و المقيد في المبيع المشتمل على الشيئين: غير معروف عند العرف، لأن القيد أمر معنوي ليس له وجود خارجي حتى يوزع عليه شيء من الثمن ثم يقابل به فيقال بصحة العقد فيما قابل الجارية المغنية، أو العبد الماهر في القمار أو السرقة بما هما كذلك و المعبر عنه بالمقيد، من دون صفة الغناء و المقامرة و السرقة. -

ص: 58

لا يوزع عليه شيء من المال و ان كان يبذل المال بملاحظة وجوده، و غير (1) واقع شرعا على ما اشتهر: من أن الثمن لا يوزع على الشروط فتعين بطلان العقد رأسا.

و قد ورد النص بأن ثمن الجارية المغنية سحت (2)، و أنه قد يكون للرجل الجارية تلهيه و ما ثمنها إلا كثمن الكلب (3).

++++++++++

- و ببطلان العقد فيما قابل الصفة المحرمة: و هي الغناء و السرقة و المقامرة المعبر عنها بالقيد.

(1) بالرفع عطفا على قوله: غير معروف، أي التفكيك بين القيد و المقيد غير معروف، و غير واقع شرعا، بناء على المشهور عند الأصحاب من أن الثمن لا يوزع على الشروط.

هذا تأييد من الشيخ على ما ذهب إليه: من أن التفكيك بين القيد و المقيد غير معروف.

و خلاصة التأييد: أنك ترى أن البيوع الجائزة المشتملة على الشروط و القيود لو لم يعمل بها في الخارج لا يفرض لها جزء من الثمن اذا لم يف البائع، أو المشتري بشروطهما المقررة في المبيع.

بل لهما إما خيار الفسخ برد العقد جملة، أو قبول العقد جملة أيضا و عدم جعل شيء من الثمن إزاء الشروط المتخلفة دليل على عدم صحة التفكيك بين القيد و المقيد.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 87. الباب 16 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4-5. و الحديث هنا منقول بالمعنى.

(3) نفس المصدر. ص 88. الحديث 6. أليك بقية الحديث:

و ثمن الكلب سحت، و السحت في النار.

ص: 59

نعم (1) لو لم تلاحظ الصفة أصلا في كمية الثمن فلا اشكال في الصحة و لو لوحظت من حيث إنه صفة كمال قد تصرف إلى المحلل فيزيد لاجلها الثمن.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن التفكيك بين القيد و المقيد غير معروف فلا يمكن القول بصحة العقد في المقيد، و بطلانه في القيد.

و خلاصة الاستدراك: أن الصفة التي هي الغناء أو المهارة في المقامرة و السرقة المعبر عنها بالقيد لو لم تلاحظ في كمية الثمن و مقداره أصلا بمعنى عدم بذل شيء من الثمن ازاءه، و كانت المنفعة المحللة كثيرة معتدا بها:

فلا اشكال في صحة المعاوضة على مثل هذه العين المتصفة بصفة محرمة لأن العين لها صفة محللة معتد بها غير تلك الصفة المحرمة فيكون بذل المال ازاء تلك المنفعة المحللة المعتد بها فلا يكون أكلا للمال بالباطل.

و أما اذا لوحظت و كانت المنفعة المحللة نادرة بالنسبة إلى تلك المنفعة المحرمة فوجهان:

وجه بإلحاقها بالعين في عدم جواز بذل المال ازاءها، لأنها نادرة بالنسبة إلى المنفعة المحرمة.

و وجه بعدم إلحاقها بالعين، لأن المقابل بالمبذول هو الموصوف و لا ضير في زيادة ثمنه بملاحظة تلك المنفعة النادرة.

و الشيخ اختار الثاني، لأن أكل المال لا يعد أكلا بالباطل.

فتحصل من مجموع ما ذكرنا: أن العين المشتملة على الصفة المحرمة و المحللة: لا بد و أن تكون المنفعة المحللة منفعة معتدا بها بحيث يجوز بذل المال ازاءها، لا منفعة نادرة غير معتد بها حتى لا يجوز بذل المال ازاءها فالمنفعة المحللة مثل نفس العين في اشتراط كونها ذات منفعة محللة كثيرة معتد بها.

ص: 60

فإن كانت (1) المنفعة المحللة لتلك الصفة مما يعتد بها فلا اشكال في الجواز.

و ان كانت نادرة (2) بالنسبة إلى المنفعة المحرمة ففي إلحاقها بالعين في عدم جواز بذل المال إلا لما اشتمل على منفعة محللة غير نادرة بالنسبة الى المنفعة المحرمة، و عدمه، لأن المقابل بالمبذول هو الموصوف، و لا ضير في زيادة ثمنه بملاحظة المنفعة النادرة: وجهان (3).

أقواهما الثاني (4)، اذ لا يعد أكلا للمال بالباطل، و النص (5) بأن ثمن المغنية سحت مبني على الغالب.

المسألة الثالثة: يحرم بيع العنب ممن يعمله خمرا بقصد أن يعمله

(المسألة الثالثة) (6): يحرم بيع العنب ممن يعمله خمرا بقصد أن يعمله، و كذا بيع الخشب بقصد أن يعمله صنما أو صليبا، لأن فيه

++++++++++

(1) أشرنا إلى هذا الشق بقولنا: و كانت المنفعة المحللة كثيرة معتدا بها.

(2) أشرنا إلى هذا الشق بقولنا: و أما اذا لوحظت و كانت المنفعة المحللة نادرة غير معتد بها بالنسبة إلى تلك المنفعة المحرمة.

(3) ذكرنا الوجهين بقولنا: وجه بإلحاقها بالعين. و وجه بعدم إلحاقها بالعين.

(4) أشرنا إلى هذا الاختيار بقولنا: و الشيخ اختار الثاني.

(5) و هو الذي أشرنا إليه في الهامش 2. ص 59، حيث إن الغالب في الجارية المغنية أن تستعمل في المنافع المحرمة: و هي مجالس الرقص و الأغاني فقوله عليه السلام: ثمن الجارية المغنية سحت: اشارة إلى المعنى الذي ذكرناه الذي هو الغالب من منافع الجارية، و لو لا انصراف منافع الجارية المغنية:

الى منافعها المحرمة لما كان ثمنها حراما.

(6) أي من المسائل الواقعة في قوله: فهنا مسائل

ص: 61

اعانة على الاثم و العدوان، و لا إشكال و لا خلاف في ذلك (1).

أما لو لم يقصد ذلك (2) فالأكثر على عدم التحريم، للأخبار المستفيضة.

منها: خبر ابن اذينة قال: كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل له كرم أ يبيع العنب و التمر ممن يعلم أنه يجعله خمرا، أو مسكرا.

فقال عليه السلام: إنما باعه حلالا في الإبّان (3) الذي يحل شربه

++++++++++

(1) أي في حرمة بيع العنب لمن يعمله خمرا، و الخشب لمن يصنعه صنما.

إن قلت: إن هذه المسألة عين المسألة الأولى التي هو بيع العنب لمن يعمله خمرا، و الخشب لمن يصنعه صنما فلما ذا أفردها و جعلها مسألة مستقلة؟

قلنا: فرق بين المسألتين، حيث إن الأولى شرط فيها الحرام في ضمن المعاوضة و المعاملة، أي بيع العنب بشرط أن يعمل خمرا، و الخشب بشرط أن يصنع صنما، أو صليبا.

بخلاف الثانية، حيث إن الحرام كان داعيا على المعاوضة، لا أنه شرط في ضمن المعاوضة فتكون المسألة الثالثة اذا مغايرة للمسألة الأولى.

(2) أي لو لم يقصد البائع من بيعه العنب التخمير، أو من بيعه الخشب صناعة الصنم أو الصليب، بل باعه للمشتري كما يبيع العنب لغيره ممن لا يعمله خمرا، و لا يصنع الخشب صنما و الغرض من البيع انفاق تجارته و ان كان عالما بأن المشتري يصرف العنب في الخمر، و الخشب في الصنم: كانت المعاوضة صحيحة، لبناء أكثر الفقهاء على ذلك، حيث دلت الأخبار المستفيضة الآتية على صحتها.

(3) بكسر الهمزة و فتح الباء المشددة: يطلق على الشيء عند أوانه و بدايته.

ص: 62

أو أكله فلا بأس ببيعه (1).

و رواية أبي كهمس قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام إلى أن قال: هو ذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم أنه يصنعه خمرا (2).

الى غير ذلك (3) مما هو دونهما في الظهور.

و قد تعارض تلك (4) بمكاتبة ابن اذينة عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا.

قال: لا (5).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 169. الباب 59 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 5.

و مرجع الضمير في شربه و أكله: العنب.

و المراد من شرب العنب: شرب عصيره.

(2) نفس المصدر. الحديث 6.

و في المصدر عن ابن أبي كهمس بالسين.

(3) أي و غير هذين الحديثين من الأحاديث الواردة في المقام التي يكون ظهورها فيما نحن فيه: و هو بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا أقل من الحديثين.

راجع المصدر السابق. الحديث 1-2-3-4-7-8.

(4) أي يعارض الحديثان المذكوران بمكاتبة ابن اذينة.

و برواية عمرو بن الحريث الآتيتين.

(5) نفس المصدر. ص 127. الباب 41. الحديث 2.

وجه معارضة مكاتبة ابن اذينة، و رواية عمرو بن حريث مع خبر ابن اذينة.

و رواية أبي كهمس: أنهما صريحتان في عدم جواز -

ص: 63

و رواية عمرو بن حريث عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أو الصنم؟

قال: لا (1).

و قد يجمع (2) بينهما و بين الأخبار المجوزة بحمل المانعة: على صورة اشتراط جعل الخشب صليبا، أو صنما، أو تواطئهما عليه.

++++++++++

- بيع الشيء لمن يعلم أنه يصرفه في سبيل الحرام، حيث يقول الامام عليه السلام في جواب السائل عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا: لا.

و يقول في جواب السائل عن التوت ابيعه ممن يصنع الصليب، أو الصنم: لا فنستكشف من هذين الحديثين الصريحين في النهي: عدم جواز بيع العنب لمن يعلم أنه يصنعه خمرا، و الخشب لمن يصنعه صليبا، أو صنما فيكونان معارضين لخبر ابن اذينة، و رواية أبي كهمس.

(1) نفس المصدر. ص 127. الباب 42. الحديث 2.

(2) أي و يمكن الجمع بين الخبرين المانعين، و بين الحديثين السابقين الدالين على الجواز: بأن يقال: إن مكاتبة ابن اذينة، و رواية عمرو بن حريث المعبر عنهما بالأخبار المانعة التي تمنع بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا و الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صنما: تحمل على صورة اشتراط البائع في ضمن العقد، أو خارجه يجعل العنب خمرا، و الخشب صنما.

و يقال: إن خبر ابن اذينة، و رواية أبي كهمس المشار إليهما في ص 63 المعبر عنهما بالأخبار المجوزة التي تجوز بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا و الخشب ممن يصنعه صنما: تحمل على صورة عدم اشتراط صرف المبيع في الحرام.

فبهذا الجمع تدفع المعارضة المذكورة، و المضاربة المفروضة فلا يبقى اشكال في البين.

ص: 64

و فيه (1) أن هذا في غاية البعد، إذ لا داعي للمسلم على اشتراط صناعة الخشب صنما في متن بيعه، أو خارجه ثم يجيء و يسأل الامام عليه السلام عن جواز فعل هذا في المستقبل و حرمته.

و هل يحتمل أن يريد الراوي بقوله: أبيع التوت ممن يصنع الصنم

++++++++++

- و لا يخفى أن الجمع المذكور لما كان غير مرضي عند (شيخنا الأنصاري) أفاد: و فيه أن هذا في غاية البعد، إذ لا داعي للمسلم في اشتراط المحرم في متن العقد، أو خارجه، لعدم وجود فائدة في الاشتراط المحرم تعود إليه.

و قد أورد قدس اللّه روحه نفس الاشكال على بيع العنب بشرط أن يعمل خمرا، و الخشب بشرط أن يصنع صنما أو صليبا عند ما استدل على حرمة بيع العنب على أن يعمل خمرا في المسألة الأولى من المسائل الثلاث:

بالحديثين المذكورين و هما: مكاتبة ابن اذينة. و رواية عمرو بن حريث.

ثم قال: لو قيل: بالفرق بين مؤاجرة البيت ليعمل فيه الخمر أو ليصنع فيه الصنم، أو الصليب؟

فأجاب أن الفرق ظاهر، حيث إن في اجارة البيت لصنع العنب خمرا، و الخشب صنما فائدة و نفعا تعود للمالك و المؤجر. و كم لهؤلاء الملاك المسلمين نظائر في ذلك.

بخلاف بيع العنب بشرط أن يعمله خمرا، و الخشب بشرط أن يصنعه صنما، فإنه لا فائدة فيه تعود إلى البائع المسلم.

اذا تبقى التضارب و التطارد على حاله.

(1) أي و في هذا الحمل نظر و اشكال.

و قد عرفت وجه النظر آنفا بقولنا: و لا يخفى أن الجمع المذكور لما كان غير مرضي عند الشيخ.

ص: 65

و الصليب أبيعه مشترطا عليه، و ملزما في متن العقد، أو قبله: أن لا يتصرف فيه إلا بجعله صنما؟

فالأولى حمل الأخبار المانعة: على الكراهة (1)،

++++++++++

(1) معنى حمل النهي على الكراهة: هو التصرف في المعنى الذي وضع له لفظ النهي بأن يراد من النهي معناه المجازي الذي هو النهي التنزيهي الارشادي، لا معناه الحقيقي الذي هو طلب ترك الفعل مع المنع من فعل ضده المعبر عنه بالنهي المولوي الإلزامي المترتب على فعله العقاب.

إذا عرفت هذا فاعلم أن الشيخ أخذ في الجمع بين الأخبار المتضاربة هنا طريقا آخر غير ما ذكره هو و شرحناه لك آنفا بقولنا: و يمكن الجمع.

و ذلك الطريق: احد الأمرين لا محالة على سبيل منع الخلو.

(الأوّل): حمل النهي الوارد في الأخبار المانعة: و هي رواية ابن اذينة، و رواية عمرو بن حريث المشار إليها في ص 63-64: على النهي التنزيهي الإرشادي المعبر عنه ب: الكراهة الذي هو المعنى المجازي له. اذ معناه الحقيقي هو النهي المولوي الإلزامي الحتمي، فصرفه عن هذا المعنى و يراد منه المعنى المجازي كما عرفت.

(الثاني): إبقاء النهي على معناه الحقيقي من دون أن يتصرف فيه، و يراد منه معناه المجازي.

لكن نلتزم بالحرمة في جانب بيع الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صنما أو صليبا، لظهور الأخبار المانعة في هذا التحريم.

و نلتزم بجواز البيع في مسألة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا لورود أخبار كثيرة بالجواز في قبال الأخبار المانعة.

و قد عرفت الأخبار المجوزة في ص 63.

فبهذا الحمل، أو الالتزام يرتفع الاشكال بحذافيره.

ص: 66

لشهادة (1) غير واحد من الأخبار على الكراهة كما أفتى به جماعة.

و يشهد له (2) رواية الحلبي عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا.

فقال: بيعه ممن يصنعه خلاًّ أحب إليّ، و لا أرى به بأسا، و غيرها (3).

أو الالتزام (4) بالحرمة في بيع الخشب ممن يعمله صليبا أو صنما لظاهر تلك الأخبار، و العمل في مسألة بيع العنب و شبهها: على الأخبار المجوزة.

++++++++++

- و قد أشار الشيخ إلى كليهما بقوله: فالأولى حمل الأخبار المانعة:

على الكراهة، أو الالتزام بالحرمة في بيع الخشب.

(1) تعليل لحمل الأخبار المانعة على الكراهة.

(2) أي و يشهد لحمل الأخبار المانعة على الكراهة: رواية الحلبي.

هذه أحدى الروايات الشاهدة على حمل النهي الوارد في الأخبار المانعة:

على الكراهة.

راجع المصدر السابق. ص 170. الحديث 9.

(3) أي و غير رواية الحلبي من الأخبار الواردة في المقام الدالة على كراهة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا، و بيع الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صنما.

راجع نفس المصدر. الحديث 4-5-6-7-10 فإنك تجد الأحاديث الواردة تدل على الكراهة فتكون شاهدة على أن المراد من النهي الوارد في الأخبار المانعة: النهي التنزيهي الارشادي، لا النهي المولوي الإلزامي.

(4) هذا هو الأمر الثاني من الأمرين المذكورين و قد أشرنا إليه في الهامش 1. ص 66 بقولنا: الثاني إبقاء النهي على معناه الحقيقي.

ص: 67

و هذا الجمع (1) قول فصل لو لم يكن (2) قولا بالفصل.

++++++++++

(1) و هو حمل النهي الوارد في الأخبار المانعة: على احد الأمرين:

إما على الكراهة، أو الالتزام بالحرمة في جانب بيع الخشب، لا العنب.

و المعنى: أن هذا الحمل الذي بيناه لك، و الذي صار سببا للجمع بين الأخبار المتضاربة: هو الحل الوحيد لقطع النزاع بين الأخبار المذكورة الدال بعضها على عدم الجواز مطلقا في العنب و الخشب.

و الدال بعضها على الجواز مطلقا في الخشب و العنب كما أشرنا الى الأخبار المجوزة و المانعة في ص 62-63-64.

(2) أي ان لم يكن الجمع المذكور قولا بالفصل أي قولا ثالثا المعبر عنه بالقول بالتفصيل.

و لا يخفى أن القول بالجمع المذكور هو القول بالتفصيل، حيث يكون مفصلا بين القائلين بالجواز مطلقا في العنب و الخشب، و بين المانعين مطلقا في الخشب و العنب كما عرفت في الجمع.

ثم إنه لا مانع من القول بالفصل اذا ساعد الدليل على ذلك كما هنا حيث إن الأخبار الدالة على جواز بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا ظاهرة فيه.

و الأخبار الدالة على منع بيع الخشب لمن يعلم أنه يصنعه صليبا أو صنما ظاهرة فيه.

و لعل السر في جواز بيع العنب، و عدم جواز بيع الخشب: هي مبغوضية الشرك بكل مظاهره، و عدم اغتفاره.

بخلاف غيره من الآثام و المعاصي، فإنها تغتفر.

و إليه ينظر قوله عز من قائل: «إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ» . النساء: الآية 48. -

ص: 68

و كيف كان (1) فقد يستدل على حرمة البيع ممن يعلم أنه يصرف المبيع في الحرام: بعموم النهي على التعاون على الإثم و العدوان (2).

و قد يستشكل في صدق الإعانة، بل يمنع، حيث لم يقع القصد الى وقوع الفعل من المعان (3)، بناء على أن الإعانة هو فعل بعض مقدمات فعل الغير بقصد حصوله (4) منه، لا مطلقا (5).

و أوّل من أشار إلى هذا (6) المحقق الثاني في حاشية الارشاد في هذه

++++++++++

- هذا بالإضافة إلى أن الواجب علينا العمل بما كان حجة علينا و ان لم نعرف وجه ذلك، و قد ثبتت الحجة بورود التفصيل بين العنب فجاز بيعه، و بين الخشب فلا يجوز بيعه.

(1) أي طريق الجمع بين الأخبار المتضاربة، سواء أ كان بنحو الحمل على الكراهة. أو ابقاء النهي على ما كان.

(2) في قوله تعالى: وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ . المائدة: الآية 2.

حيث إن النهي الوارد في قوله عز من قائل: عام يشمل حرمة البيع ممن يعلم أنه يصرف المبيع في الحرام، سواء أ كان المبيع خشبا أم عنبا فاذا علمنا أن المشتري يصرف الخشب في الصنم و الصلبان، و العنب في الخمر و المسكر حرم بيعه، للنهي المذكور.

(3) و هو المشتري، أي لم يقصد البائع ببيعه الخشب أو العنب:

صدور المعصية من المشتري حتى يصدق الإعانة على الإثم فيحرم بيعه.

(4) أي بقصد حصول الفعل من الغير.

(5) أي و ليست الإعانة مجرد حصول بعض مقدمات المعصية و لو من دون قصد حصول الفعل من الغير.

(6) أي إلى هذا الاشكال: و هو عدم صدق الإعانة من دون قصد البائع صدور المعصية من المشتري في مسألة بيع الخشب لمن يصنعه صنما و بيع العنب يعمله خمرا.

ص: 69

المسألة، حيث إنه بعد حكاية القول بالمنع مستندا إلى الأخبار المانعة (1) قال: و يؤيده (2) قوله تعالى: «وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ» .

و يشكل (3) بلزوم عدم جواز بيع شيء مما يعلم عادة التوصل به الى محرم لو تم هذا الاستدلال فيمنع معاملة أكثر الناس.

و الجواب (4) عن الآية المنع من كون محل النزاع معاونة،

++++++++++

(1) المشار إليها في ص 63-64.

(2) أي المحقق الثاني قال: و يؤيد المنع قوله تعالى.

(3) اشكال من (المحقق الثاني) على من استدل بالآية الكريمة على حرمة بيع العنب و الخشب ممن يعملهما خمرا و صنما من باب صدق الإعانة على الأثم عليهما و ان لم يقع الفعل من المعان في الخارج.

و خلاصة الإشكال: أن الاستدلال بالآية الشريفة على حرمة البيع لو تم لزم المنع عن معاوضة أكثر الناس في معاملاتهم المتداولة فيما بينهم طوال حياتهم، حيث إن التاجر الذي يستورد الأقمشة و الطعام و الضروريات الحياتية: يشتريها المؤمن و الكافر، و الفاسق و الشارب، و مرتكب المحرمات و الجرائم، فعلى القول بحرمة بيع العنب و الخشب لصدق الإعانة عليهما يحرم الاستيراد و أي عمل اثباتي، و لازم هذا القول وقوف سير جل الأعمال و بوقوفها تختل النظم الاجتماعية.

فكيف يمكن القول بحرمة البيع في المذكورات.

فما نحن فيه: و هو بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا، و الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صنما لا يكون ممنوعا.

(4) هذا رد من (المحقق الثاني) على المستدل بالآية الكريمة على حرمة بيع العنب و الخشب ممن يعلم أنه يعمله خمرا و صنما.

و خلاصة الرد: أننا نمنع أن يكون بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا و الخشب ممن يصنعه صنما من مصاديق الإعانة على الاثم و أفرادها و ان كانت -

ص: 70

مع (1) أن الأصل الإباحة، و انما يظهر المعاونة مع بيعه لذلك (2) انتهى (3).

و وافقه (4) في اعتبار القصد في مفهوم الاعانة جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب الكفاية و غيره، هذا (5).

و ربما زاد بعض المعاصرين (6) على اعتبار القصد: اعتبار وقوع

++++++++++

- الكبرى: و هي حرمة الإعانة على الاثم مسلمة، لكنها لا تنطبق على صغرياتها و منها ما نحن فيه.

(1) هذا رد ثان من (المحقق الكركي) على من استدل بحرمة بيع العنب لمن يعمله خمرا، و الخشب لمن يصنعه صنما، أي و بالإضافة الى أن ما نحن فيه ليس من أفراد الإعانة على الاثم و من مصاديقها:

أن الأصل الاولي: و هي أصالة الإباحة في الأشياء حاكمة على الأخبار المانعة التي ذكرناها لك فلا يبقى مجال للتمسك بها، و القول بحرمة بيع العنب لمن يعمله خمرا، و الخشب لمن يصنعه صنما.

(2) أي و يظهر صدق الاعانة على الإثم لو بيع العنب لأجل أن يعمله خمرا، و الخشب لأجل أن يصنعه صنما، لا مطلقا و لو لم يقصد ذلك، فمجرد البيع لمن يعلم أن المشتري يصرف المبيع في الحرام لا يصدق عليه الإعانة.

(3) أي ما افاده (المحقق الثاني) حول جوانب المسألة.

(4) أي و وافق (المحقق الثاني) جماعة.

(5) أي خذ ما ذكرناه لك في مسألتنا هذه.

(6) و هو المولى (محمد مهدي النراقي)، فإنه اعتبر في تحقق مفهوم الإعانة في الخارج شيئين:

(احدهما): قصد الإعانة.

(ثانيهما): وقوع المعان عليه في الخارج فهو بالإضافة إلى اعتبار

ص: 71

المعان عليه في تحقق مفهوم الإعانة في الخارج، و تخيل أنه لو فعل فعلا بقصد تحقق الاثم الفلاني من الغير و لم يتحقق منه لم يحرم من جهة صدق الاعانة، بل من جهة قصدها، بناء (1) على ما حرره: من حرمة الاشتغال بمقدمات الحرام بقصد تحققه، و أنه لو تحقق الفعل كان حراما من جهة القصد إلى المحرم، و من جهة الإعانة.

و فيه (2) تأمل، فإن حقيقة الإعانة على الشيء هو الفعل بقصد حصول الشيء، سواء حصل أم لا.

و من اشتغل ببعض مقدمات الحرام الصادر عن الغير بقصد التوصل إليه فهو داخل في الاعانة على الاثم، و لو تحقق الحرام لم يتعدد العقاب

++++++++++

- قصد الاعانة اعتبر تحقق المعان عليه في الخارج فلو لم يتحقق في الخارج لم يحرم الإعانة من ناحية صدق الإعانة، حيث إنه لم يتحقق الفعل في الخارج حتى يصدق الاعانة حتى يحرم، بل يحرم الفعل من جهة قصد الإعانة. و الفاعل في تخيل: المولى النراقي.

(1) تعليل من (الشيخ) لما افاده (المحقق النراقي): من ثبوت الحرمة في الفعل المقدمي من جهة قصد الاعانة و ان لم يتحقق الفعل المعان عليه في الخارج.

و خلاصة التعليل: أن الاشتغال بمقدمات فعل الحرام بقصد تحققه في الخارج حرام و ان لم يتحقق المعان عليه في الخارج، لكون هذا الفعل تجريا، و التجري قبيح ذاتا فتثبت الحرمة من هذه الناحية، لا من ناحية صدق الإعانة.

(2) أي و فيما أفاده (المحقق النراقي): من اعتبار وقوع المعان عليه في الخارج بالإضافة إلى اعتبار قصد الإعانة: تأمل و اشكال.

و قد أفاد وجه التأمل الشيخ بقوله: فإن حقيقة الإعانة. -

ص: 72

و ما أبعد ما بين ما ذكره المعاصر (1)، و بين ما يظهر من الأكثر من عدم اعتبار القصد (2)، فعن المبسوط الاستدلال على وجوب بذل الطعام لمن يخاف تلفه بقوله صلى اللّه عليه و آله: من أعان على قتل مسلم

++++++++++

- و خلاصته: أن مفهوم الإعانة، و ماهيتها عبارة عن تهيؤ مقدمات الفعل و إعدادها بقصد حصولها في الخارج، سواء حصل الفعل أم لا، و لهذا يقال: اعانه بكذا و كذا على كذا و كذا و لربما لم يتوفق الفاعل لذلك.

فهذه حقيقة الإعانة و مفهومها.

ثم إنه بناء على ما افاده (المولى النراقي) من اعتبار وقوع المعان عليه في الخارج و أنه اذا لم يتحقق لم يحرم من جهة صدق الإعانة، بل من جهة قصدها و أنه تجر: يلزم تعدد العقاب في صورة وقوع المعان عليه في الخارج، أي عقاب لقصد الإعانة. و عقاب لتحقق المعان عليه في الخارج كما افاده بقوله: (و أنه لو تحقق الفعل كان حراما من جهة القصد إلى المحرم و من جهة الإعانة) مع أنه لو تحقق الحرام في الخارج لم يتعدد العقاب.

(1) من اعتبار وقوع المعان عليه في الخارج علاوة على اعتبار قصد الإعانة.

(2) أي عدم اعتبار قصد الإعانة اصلا، فإن ابين القولين بونا بعيدا، حيث إن (المولى النراقي) يقول علاوة على اعتبار القصد:

اعتبار وقوع المعان عليه في الخارج حتى يتحقق مفهوم الإعانة.

و الأكثر يقولون بعدم اعتبار قصد الإعانة في مفهوم الإعانة كما افاده (شيخ الطائفة و العلامة و المحقق الثاني و الاردبيلي و صاحب الحدائق و صاحب الرياض): من صدق الإعانة بدون قصدها في موارد كثيرة ذكرها الشيخ بقوله: فعن المبسوط و التذكرة و الحدائق و الرياض.

ص: 73

و لو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة اللّه (1).

و قد استدل في التذكرة على حرمة بيع السلاح من أعداء الدين:

بأن فيه اعانة على الظلم (2).

و استدل المحقق الثاني على حرمة بيع العصير المتنجس ممن يستحله:

بأن فيه اعانة على الاثم (3).

و قد استدل المحقق الأردبيلي على ما حكي عنه من القول بالحرمة في مسألتنا (4): بأن فيه اعانة على الإثم.

و قد قرره على ذلك (5) في الحدائق فقال: إنه جيد في حد ذاته

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 19. ص 9. الباب 2 من أبواب القصاص في النفس. الحديث 4. و في المصدر كلمة مؤمن بدل مسلم.

و (سنن ابن ماجة). الجزء 2. ص 874 الحديث 2620.

و المراد بشطر كلمة بعض الكلمة. فالحديث يدل على صدق الإعانة مع أنه لم يكن هناك قصد الإعانة على قتل من ليس له طعام ليسد به رمق الحياة، بناء على ما افاده (الشيخ).

(2) فإن بيع السلاح لأعداء الدين ليس فيه قصد الإعانة معهم.

لكن يصدق الإعانة على ما افاده العلامة.

(3) فإن بائع العصير لمستحله لا يقصد الإعانة على الاثم، لكنه يصدق الاعانة على ما افاده (المحقق الكركى).

(4) و هي المسألة الثالثة من المسائل الثلاث: و هي مسألة بيع العنب ممن يعمله خمرا، و الخشب ممن يصنعه صنما، فإن البائع لا يقصد الاعانة على الاثم، لكن يصدق الاعانة على ما افاده (المحقق الاردبيلي).

(5) أي ارتضى (صاحب الحدائق) بمقالة (المحقق الاردبيلي) -

ص: 74

لو سلم من المعارضة بأخبار الجواز (1).

و في الرياض بعد ذكر الأخبار السابقة الدالة على الجواز.

قال: و هذه النصوص (2) و ان كثرت و اشتهرت و ظهرت دلالتها بل ربما كان بعضها صريحا (3).

لكن في مقابلتها (4) للأصول، و النصوص المعتضدة بالعقول اشكال انتهى (5).

و الظاهر أن مراده (6) بالأصول: قاعدة حرمة الإعانة على الاثم

++++++++++

- في صدق الاعانة على الاثم ببيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا و ان لم يقصد الاعانة.

(1) و هي الأخبار الدالة على جواز بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا و الخشب ممن يصنعه صنما، و قد اشير إليها في ص 63-64.

(2) و هي أخبار الجواز المشار إليها في ص 62-63.

(3) كخبر ابن اذينة المشار إليها في ص 63.

و رواية أبي كهمس المشار إليها في ص 63.

(4) أي مقابلة أخبار الجواز للأصول التي هي قاعدة: حرمة الاعانة على الاثم، و قاعدة: حكم العقل بوجوب التوصل إلى دفع المنكر مهما امكن: اشكال و نظر، اذ كيف يمكن لأخبار الجواز أن تقابل هذه الأصول المسلمة، و القواعد المقررة، فإن بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا أو الخشب ممن يصنعه صنما منكر يجب دفعه بحكم العقل، و على طبق هذا الحكم العقلي وردت الأخبار المانعة.

(5) اي ما أفاده صاحب الرياض.

(6) أي مراد صاحب الرياض من الأصول و العقول.

و قد عرفت الأصول و العقول آنفا.

ص: 75

و من العقول حكم العقل بوجوب التوصل إلى دفع المنكر مهما أمكن.

و يؤيد ما ذكروه من صدق الاعانة بدون القصد: اطلاقها (1) في غير واحد من الأخبار.

ففي النبوي المروي في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه (2).

و في العلوي الوارد في الطين المروي أيضا في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: فان أكلته و مت فقد أعنت على نفسك (3).

و يدل عليه (4) غير واحد مما ورد في أعوان الظلمة و سيأتي (5).

و حكي أنه سئل بعض الأكابر فقيل له: اني رجل خياط أخيط

++++++++++

(1) أي وردت الاعانة في الأخبار مطلقة من دون أن تكون مقيدة بقصد الاعانة فهذا الاطلاق دليل على عدم اعتبار قصد الاعانة في تحقق مفهوم الاعانة خارجا.

(2) هذه احدى الروايات التي ورد فيها لفظ الاعانة مطلقة من دون اعتبار قصد الاعانة.

(راجع (الكافي). الجزء 6. ص 266. الحديث 8.

(3) هذه ثانية الروايات التي ورد فيها لفظ الإعانة مطلقة من دون اعتبار قصد الاعانة.

راجع نفس المصدر. الحديث 5.

(4) أي و يدل على أن الإعانة لا يعتبر في تحقق مفهومها قصد الاعانة: الأخبار الواردة في أعوان الظلمة.

(5) أي في باب الولاية من قبل الجائر، حيث إن الأخبار هناك وردت بكثرة كلها خالية عن اعتبار قصد الإعانة في تحقق مفهومها خارجا.

ص: 76

للسلطان ثيابه فهل تراني بذلك (1) في أعوان الظلمة؟

فقال (2) له: المعين لهم من يبيعك الإبر و الخيوط.

و أما أنت فمن الظلمة أنفسهم (3).

و قال المحقق الأردبيلي في آيات أحكامه في الكلام (4) على الآية:

الظاهر أن المراد بالاعانة على المعاصي مع القصد، أو على الوجه الذي يصدق أنها اعانة مثل أن يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إياها.

أو يطلب القلم لكتابة ظلم فيعطيه إياه، و نحو ذلك (5) مما يعد معونة عرفا، فلا تصدق (6) على التاجر الذي يتجر لتحصيل غرضه: أنه

++++++++++

(1) أي بخياطتي للسلطان ثيابه أعد من أعوان الظلمة.

(2) أي بعض الأكابر قال للسائل.

(3) فالاعانة صادقة هنا و ان لم يكن قصد من المعين في إعانة الظلمة

(4) أي في الاشكال على تحقق الاثم الوارد في الآية الكريمة:

وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ : فيما اذا لم يكن هناك قصد الإعانة.

(5) كما اذا طلب الظالم شخصا من زيد ليظلمه فأتى به، فإن في هذه الموارد يصدق الإعانة عرفا، حيث يقول العرف: إن هذا العمل يعد اعانة على الظلم، لأن إعطاء العصا، و القلم و الشخص للظالم يكون ظلما حتى مع عدم قصد المعطي الاعانة على الظلم، و لا تخلو هذه الموارد عن الاعانة.

فالمحقق الاردبيلي يعتبر في صدق الإعانة في الخارج أحد الأمرين لا محالة:

إما قصد الإعانة على الاثم. أو الصدق العرفي.

(6) أي الإعانة على الاثم.

ص: 77

معاون للظالم العاشر (1) في أخذ العشور، و لا على الحاج الذي يؤخذ منه المال ظلما (2)، و غير ذلك (3) مما لا يحصى.

فلا (4) يعلم صدقها على بيع العنب ممن يعمله خمرا، أو الخشب

++++++++++

(1) وزان فاعل و المراد منه: الذي يأخذ العشر من أموال الناس و يقال له في العصر الحاضر: آخذ الضريبة.

(2) حيث إن التاجر غرضه من التجارة: إنفاق سلعته، و الحاج غرضه من السفر إلى (مكة المكرمة): أداء فريضته التي أوجبها اللّه عز و جل عليه، و ليسا قاصدين، بذلك إعانة الظالم في ظلمه، و ان كان لازم اخذ العشر و الضريبة من التاجر و الحاج زيادة قوة شوكة الظالم و قوته.

(3) كالبناء و النجار و القصاب و البقال و ما ضارع هذه الحرف مما يؤخذ عليها الضريبة و العشر، فإن هؤلاء من أهل الحرف لا يقصدون من عملهم هذا الاعانة على الاثم و العدوان، لأن عملهم لو كان يعد إعانة على الاثم لأجل أنه يسبب اخذ العشر و الضريبة فلازمه رفع اليد عن تلك الأعمال الضرورية المستلزمة للحياة.

و من الواضح أن رفع اليد عنها مستلزم لاختلال النظام الاجتماعي بمعنى عدم وجود من يخبز، أو يبني أو يخيط، و هكذا بقية الأعمال لترتب العقاب الأخروي عليها لو قلنا بصدق الاعانة عليها.

(4) الفاء تفريع على ما افاده آنفا من أن الاعانة لا تصدق على التاجر الذي يتجر لتحصيل غرضه فلا يقال له: إنه معاون الظالم العاشر. الى آخر ما ذكره، أي بناء على ما ذكرناه فلا يعلم صدق الاعانة على بيع العنب ممن يعمله خمرا، أو الخشب ممن يعمله صنما مع علم البائع بذلك.

ص: 78

ممن يعمله صنما، و لذا (1) ورد في الروايات الصحيحة جوازه. و عليه (2) الأكثر و نحو ذلك (3) مما لا يخفى انتهى كلامه (4) رفع مقامه.

++++++++++

(1) أي و لاجل عدم صدق الاعانة على بيع العنب ممن يعمله خمرا أو الخشب ممن يصنعه صنما وردت أخبار كثيرة في جواز بيعه لمن هذه صفته.

(2) أي و على جواز بيع العنب أكثر الفقهاء.

(3) أي و نحو جواز بيع العنب و الخشب لمن يعلم أنه يعمل العنب خمرا، و الخشب صنما: جواز بيع بقية الأشياء كبيع الحديد لمن يعمله سيفا ليقتل به انسانا محقون الدم فكما يجوز ذلك جاز هذا.

(4) أي كلام (المحقق الاردبيلي) في آيات الأحكام.

و لما انجر بنا الكلام إلى الاعانة فلا بأس بارسال العنان بذكر تعريفها ثم بيان أقسامها.

فنقول مستعينا باللّه: أما تعريفها فهي المساعدة على الشيء.

يقال: فلان أعان فلانا على ظلمه أي ساعده على الاثم و العدوان.

و أما أقسامها فأربعة.

(الأوّل): قصد الاعانة، و وقوع المعان عليه و هي المعصية في الخارج، فهذا هو القدر المتيقن من الاعانة.

(الثاني): عدم قصد الاعانة، و عدم وقوع المعان عليه في الخارج و هذا هو القدر المتيقن من عدم صدق الاعانة.

(الثالث): قصد الاعانة، لكن مع عدم تحقق الفعل المعان عليه في الخارج كمن أعطى العصا لزيد ليضرب بها عمرا.

لكنه لم يضربه، أو باع الخشب لمن يصنعه صنما، أو العنب ليعمله خمرا، لكنه لم يصنعه و لم يعمله فالظاهر أن هذا القسم لا يصدق عليه

ص: 79

..........

++++++++++

- الاعانة، لعدم وجود اثم و معصية هناك حتى يقال: إن إعطاء العصا و بيع الخشب و العنب إعانة على الاثم.

نعم يمكن أن يقال: بقبح هذا الفعل، و صدق التجري عليه و أن الفعل هذا ناشئ عن سوء سريرته، و خبث باطنه.

و هذا هو التجري الذي نقول بقبحه.

(الرابع): وقوع الفعل في الخارج من غير قصد الاعانة كما لو أوجد شخص مقدمات في الخارج و جاء شخص آخر فاستفاد من هذه المقدمات فاوجد بها معصية في الخارج، من دون أن يقصد الشخص الأوّل من تهيئة تلك المقدمات ترتب معصية عليها.

فهذا القسم هو محل الخلاف بين الفقهاء الأعاظم.

فقال بعض بصدق الاعانة هنا و ان لم تقصد.

و قال بعض بعدم صدق الاعانة مع عدم قصد الاعانة عند ما أوجد المقدمات.

و ذهب جل من العلماء الفطاحل و منهم سيدنا الأستاذ (السيد البجنوردي) دام ظله حينما كنت أحضر معهد بحثه الخارج: الى التفصيل المذكور:

و هو الفرق بين المقدمة التي تكون من مبادي الإرادة، و قبل إرادة الآثم الاتيان لذلك الفعل المحرم.

و بين المقدمة التي تكون بعد تحقق إرادة الآثم و عزمه على الفعل المحرم، أي تكون هذه المقدمة هو الجزء الأخير و العلة التامة لوقوع الفعل في الخارج.

أما المقدمة التي تكون من المبادي الارادية، و قبل إرادة الآثم لذلك الفعل المحرم فلا تعد اعانة على الاثم.

ص: 80

و لقد دقق (1) النظر، حيث لم يعلق صدق الاعانة على القصد و لا أطلق القول بصدقه بدونه. بل علقه بالقصد، أو بالصدق العرفي و ان لم يكن قصد

++++++++++

- و أما المقدمة التي تكون بعد تحقق إرادة الآثم، و عزمه على الفعل فلا شك في صدق الاعانة عليها، سواء قصد الاعانة بها أم لم يقصد.

أما القول الثاني و هو عدم صدق الاعانة مع عدم القصد إليها فقد ذهب إليه (شيخنا الأنصاري) بقوله:

لكن أقول: لا شك في أنه اذا لم يكن مقصود الفاعل من الفعل وصول الغير إلى مقصده، و لا إلى مقدمة من مقدماته، بل يترتب عليه الوصول من دون قصد الفاعل فلا يسمى اعانة كما في تجارة التاجر بالنسبة الى أخذ العشور، و مسير الحاج بالنسبة إلى أخذ المال منه ظلما.

(1) أي (المحقق الأردبيلي) قد دقق النظر في الاعانة و أمعن فيها حيث لم يعلق صدق الاعانة على قصد الاعانة فقط بحيث يكون القصد قيدا لتحقق مفهوم الاعانة، و مقوما له.

و لا اطلق القول في الاعانة بحيث يقول: إن الاعانة تصدق على كل حال و ان لم يكن هناك قصد الاعانة اصلا و ابدا، و من دون أن يكون للقصد في تحقق مفهوم الاعانة خارجا، اذ ربما يكون للقصد دخل في تحقق مفهومه في بعض الموارد كما اذا لم يكن هناك صدق عرفي.

بل علقه على القصد، أو على الصدق العرفي و ان لم يكن قصد.

فتحصل من مجموع ما افاده (المحقق الاردبيلي): أنه يعتبر في صدق الاعانة أحد الأمرين لا محالة كما عرفت في الهامش 5 ص 77.

(الأوّل): قصد الاعانة على الاثم.

(الثاني): أو الصدق العرفي و ان لم يكن قصد.

ص: 81

لكن أقول: لا شك في أنه اذا لم يكن مقصود الفاعل من الفعل وصول الغير إلى مقصده، و لا إلى مقدمة من مقدماته.

بل يترتب عليه الوصول من دون قصد الفاعل فلا يسمى اعانة كما في تجارة التاجر بالنسبة إلى أخذ العشور، و مسير الحاج بالنسبة إلى أخذ المال ظلما.

و كذلك لا اشكال فيما اذا قصد الفاعل بفعله و دعاه إليه وصول (1) الغير إلى مطلبه الخاص: فإنه يقال: إنه اعانة على ذلك المطلب، فإن كان عدوانا مع علم المعين به صدق الاعانة على العدوان.

و إنما الاشكال فيما اذا قصد الفاعل بفعله وصول الغير إلى مقدمة مشتركة بين المعصية و غيرها (2)، مع العلم بصرف الغير اياها إلى المعصية كما اذا باعه العنب، فإن مقصود البائع تملك المشتري له و انتفاعه به فهي اعانة له بالنسبة إلى أصل تملك العنب، و لذا (3) لو فرض ورود النهي

++++++++++

- و قد أشار إلى أحد الأمرين بقوله: الظاهر أن المراد بالاعانة على المعاصي مع القصد، أو على الوجه الذي يصدق أنها اعانة.

(1) بالرفع فاعل لقوله: و دعاه، أي و لا إشكال أيضا في أن الفاعل لو قصد بفعله و دعاه وصول الغير إلى الحرام الذي هو مطلبه الخاص:

يصدق عليه الاعانة، و يقال له: إنه اعانة على الإثم و المعصية.

كما أنه لا إشكال في عدم صدق الاعانة على التاجر الذي يتجر، و الحاج الذي يسير في حجه.

(2) كما في العنب فإنه مشترك بين الحرام و هو التخمير، و بين الحلال و هو الأكل، مع علم البائع بأن المشتري يصرفه في الحرام.

(3) أي و لاجل أن شراء العنب الذي هو مشترك بين المعصية و الطاعة -

ص: 82

عن معاونة هذا المشتري الخاص في جميع أموره، أو في خصوص تملك العنب حرم بيع العنب عليه مطلقا (1)، فمسألة بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا نظير اعطاء السيف، أو العصا لمن يريد قتلا أو ضربا، حيث ان الغرض من الاعطاء: هو ثبوته (2) بيده و التمكن منه، كما أن الغرض من بيع العنب تملكه (3) له فكل من البيع و الاعطاء بالنسبة إلى أصل تملك الشخص (4) و استقراره في يده (5) اعانة، إلا أن الاشكال في أن العلم

++++++++++

- اعانة للمشتري على أصل تملك العنب، لا على أصل الحرام الواقعي الذي هو التخمير.

(1) أي سواء خمّر العنب أم لا، حيث إن تمليك العنب لمن هذه صفته إعانة على الاثم.

(2) المراد من الثبوت: استقرار السيف، أو العصا في يد الظالم و تسلطه عليهما، و الثبوت و الاستقرار شرط الحرام أي من مقدماته، فإن القتل يحصل بالسيف، و الضرب بالعصا: و هما محرمان فيكون الثبوت و الاستقرار من مقدماتهما فيحرمان.

(3) المصدر مضاف إلى الفاعل و هو المشتري، و مرجع الضمير في له: العنب أي تملك المشتري العنب هو الغرض من بيع العنب لا غير.

(4) راجع إلى قوله: فكل من البيع.

(5) راجع إلى قوله: فكل من الإعطاء أي اعطاء السيف أو العصا إلى الظالم هو الموجب لاستقرارهما في يده و تسلطه عليهما ليقتل أو يضرب.

كما أن بيع العنب لمن يعمله خمرا هو الموجب لتملك المشتري العنب ليعمله خمرا، فالتمليك و الاعطاء موجبان للإعانة على الإثم بلا شك و ريب.

ص: 83

بصرف ما حصل باعانة البائع و المعطي في الحرام هل يوجب صدق الإعانة على الحرام أم لا؟

فحاصل محل الكلام هو أن الاعانة على شرط الحرام (1) مع العلم (2) بصرفه في الحرام هل هي إعانة على الحرام أم لا؟

فظهر (3) الفرق بين بيع العنب، و بين تجارة التاجر، و مسير الحاج و أن (4) الفرق بين اعطاء السوط للظالم، و بين بيع العنب لا وجه له

++++++++++

(1) و هو تملك المشتري العنب، و استقرار العصا في يد الظالم.

(2) أي مع علم بايع العنب للخمار، و علم معطي العصا للظالم.

و مرجع الضمير في بصرفه: العنب في المبيع، و العصا في إعطائها للظالم، أي و مع علم بايع العنب أن المشتري يصرف العنب في التخمير و مع علم معطي العصا للظالم أن الظالم يصرفها في الضرب.

(3) الفاء تفريع على ما افاده بقوله: فحاصل محل الكلام أي بعد أن ثبت أن محل النزاع في الاعانة على شرط الحرام مع علم البائع بصرف المبيع في الحرام هل يعد إعانة على الاثم أم لا: ظهر. الفرق بين بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا، أو الخشب ممن يصنعه صنما.

و بين تجارة التاجر، و مسير الحاج إلى مكة المكرمة، حيث إن الأوّل يصدق عليه الاعانة على الاثم فيحرم.

و إن الثاني لا يصدق عليه الاعانة على الاثم فلا يحرم و ان استلزمت التجارة، و المسير إلى الحج إعطاء الضريبة إلى الدولة.

(4) عطف على قوله: فظهر الفرق، أي و ظهر مما ذكرنا في قولنا:

فحاصل محل الكلام: عدم الفرق أيضا بين إعطاء السوط للظالم، و بين بيع العنب لمن يعلم أنه يصنعه خمرا، من حيث إن كليهما اعانة على الاثم أو ليسا باعانة على الاثم.

ص: 84

و أن اعطاء السوط اذا كان اعانة كما اعترف به فيما تقدم من آيات الأحكام:

كان بيع العنب كذلك كما اعترف (1) به في شرح الارشاد، فاذا بنينا (2) على أن شرط الحرام حرام مع فعله توصلا إلى الحرام كما جزم به بعض:

++++++++++

- هذا رد على (المحقق الأردبيلي) حيث فرق بين إعطاء السوط للظالم، و بين بيع العنب ممن يعمله خمرا فقال بحرمة الأوّل قطعا، و بعدم حرمة الثاني.

و حاصل الرد: أنه لا فرق بين المقامين، فإن كان إعطاء السوط يعد إعانة على الاثم كما اعترف هو رحمه اللّه بقوله: و نحو ذلك مما يعد معونة: كان بيع العنب كذلك، أي يعد اعانة على الاثم كما اعترف بهذا المعنى (الشهيد الأوّل) في شرح الارشاد، و حكم بكون البيع ممن يعلم أنه يعمله خمرا إعانة على الاثم.

(1) الفاعل في اعترف الشهيد الأوّل، و مرجع الضمير في به:

الاعانة كما عرفت آنفا.

(2) أي اذا بنينا على أن ايجاد الحرام في الخارج بقصد توصل المشتري الى الحرام الواقعي الذي هو التخمير حرام: يدخل ما نحن فيه الذي هو بيع العنب ممن يعمله خمرا، و الخشب ممن يصنعه صنما في الاعانة على الاثم لأن البيع يكون حينئذ اعانة على التملك المحرم: و هو تملك المشتري العنب مع قصد البائع توصل المشتري إلى الحرام الواقعي كما جزم و قطع بدخول ما نحن فيه في الاعانة على الاثم بعض الأعلام.

و لا يخفى عليك: أن قصد البائع توصل الغير إلى الحرام الواقعي غير اشتراط البائع على مشتري العنب أن يعمله خمرا، فإن هذا قد مضى شرحه في المسألة الأولى من المسائل الثلاث.

و الفرق بينهما: أن المسألة الأولى اذا خولف شرطها يمكن أن يعاقب -

ص: 85

دخل ما نحن فيه في الاعانة على المحرم فيكون بيع العنب اعانة على تملك العنب المحرم، مع قصد التوصل به إلى التخمير و ان لم يكن اعانة على نفس التخمير، أو على شرب الخمر.

و ان شئت قلت: إن شراء العنب للتخمير حرام كغرس العنب لاجل ذلك (1) فالبائع انما يعين على الشراء المحرم.

نعم (2) لو لم يعلم أن الشراء لأجل التخمير لم يحرم و ان علم أنه سيخمّر العنب بإرادة جديدة منه.

و كذا (3) الكلام في بايع الطعام على من يرتكب المعاصي، فإنه لو علم ارادته من الطعام المبيع التقوّي به عند التملك على المعصية:

حرم البيع منه.

++++++++++

- البائع المشتري، أو يأخذ عينه المبيعة اذا كانت موجودة، و مثلها أو قيمتها ان كانت مفقودة.

بخلاف المسألة الثالثة، فإنه ليس فيها أية مسئولية لو لم يقدم المشتري على التخمير.

(1) أي لأجل التخمير فكما أن غرس العنب للتخمير حرام، كذلك بيعه لأجل التخمير حرام من غير فرق بينهما، لأن البائع يقصد بذلك توصل المشتري إلى الحرام الواقعي كما عرفت. و قد عرفت آنفا: أن شرط الحرام حرام.

(2) استدراك عما افاده: من أن بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا حرام.

و قد ذكر الاستدراك الشيخ في المتن فلا نعيده.

(3) أي و كذا يأتي الكلام في بايع الطعام لمن يتقوى به على المعصية فإن البائع لو علم أن المشتري إنما يشتريه لأجل التقوي به على المعصية -

ص: 86

و أما العلم بأنه يحصل من هذا الطعام قوة على المعصية يتوصل بها إليها فلا يوجب التحريم. هذا (1).

و لكن (2) الحكم بحرمة الاتيان بشرط الحرام توصلا إليه قد يمنع

++++++++++

- يحرم البيع عليه، لأنه اعانة على الاثم و المعصية.

و أما اذا لم يعلم ذلك حال الشراء لم يحرم بيعه على المشتري، و إن علم أنه سيحصل للمشتري بشرائه هذا الطعام التقوي على المعصية لو اكله في المستقبل.

و بعبارة أخرى أن حرمة البيع دائرة مدار العلم في الحال الحاضر فان كان موجودا حرم، و إلا فلا.

هذا في الطعام المقوي الذي يحصل بسببه قوة على المعصية.

و أما الأدوية فإنها كالطعام المقوي فاذا علم البائع بكونها موجبة للتقوي على المعصية يحرم بيعها على المشتري لذلك، و أما اذا لم يعلم فلا يحرم.

(1) أي خذ هذا المطلب الذي ذكرناه لك متمشيا مع ما افاده (المحقق الاردبيلي): من عدم توقف صدق الاعانة على قصد الاعانة و من عدم اطلاق القول بصدق الاعانة من دون احتياجه إلى قصد الاعانة بحيث لا يكون القصد دخيلا اصلا.

(2) استدراك عما افاده (شيخنا الأنصاري) رحمه اللّه: من احتمال كون تملك العنب لعاصر الخمر، و تمكن الظالم من العصا أو السيف حراما.

و خلاصة الاستدراك: أن ايجاد شرط الحرام و هو تملك العنب بشرط الحرام الواقعي الذي هو التخمير.

أو استقرار السيف، أو العصا في يد الظالم بشرط الحرام الواقعي الذي هو القتل أو الضرب ليس بحرام، بل هو مقدمة له، و مقدمة الحرام ليس بحرام على القول الأكثر.

ص: 87

إلا من حيث صدق التجري، و البيع (1) ليس اعانة عليه و ان كان اعانة على الشراء، إلا أنه في نفسه ليس تجريا، فإن (2) التجري يحصل بالفعل المتلبس بالقصد.

و توهم (3) أن الفعل مقدمة له فيحرم الاعانة.

++++++++++

(1) الواو للحال، أي و الحال أن البيع لمثل هذا المشتري المتجري الذي لم يقع بعد في الحرام ليس اعانة على التجري و ان كان اعانة على الشراء

و كذلك إعطاء السيف للظالم، و العصا له ليس اعانة على التجري و ان كان اعانة على التسلط و الاستقرار.

و المراد من التجري هنا: معناه اللغوي و هو الكشف عن سوء سريرة الفاعل، و خبث باطنه، لا التجري الاصطلاحي عند الأصوليين:

و هو الاقدام على فعل الشيء و ايجاده بزعم أنه معصية كما اذا شرب مائعا بقصد أنه خمر ثم تبين خلافه فلا عقاب على فعله هذا، بل العقاب على سوء قصده.

فالحاصل أن البيع في حد نفسه ليس تجريا، حيث إن حقيقة التجري هو الفعل المتلبس بالقصد، و البيع و ان كان فعلا من الأفعال، لكن ما لم يتلبس به إلى التوصل إلى التخمير الذي هو الحرام الواقعي: لم يتصف بالتجري فالقصد قد يوجد و قد لا يوجد فصدق الإثم دائر مدار اتصافه بالقصد، فإن اتصف صدق، و إلا فلا.

(2) تعليل لعدم كون البيع في حد نفسه تجريا و ان كان إعانة على الشراء. و قد عرفت التعليل بقولنا: حيث إن حقيقة التجري هو الفعل المتلبس بالقصد.

(3) خلاصة التوهم: أن البيع بقصد التخمير مقدمة للتجري إلى الحرام الواقعي و هو التخمير فيكون البيع مصداقا للإعانة على التجري المحرم -

ص: 88

مدفوع (1) بأنه لم يوجد قصد إلى التجري حتى يحرم، و إلا (2) لزم التسلسل. فافهم (3).

++++++++++

- فيتصف بالتجري المحرم فيحرم، لكونه إعانة على المحرم.

بعبارة اخرى أن التجري مركب من البيع، و قصد التوصل إلى الحرام الواقعي كما هو تعريف التجري: من أنه الفعل المتلبس بالقصد أي قصد الحرام الواقعي فالاثم مركب من الفعل و القصد.

و من الواضح أن الاعانة على أحد جزئي المركب اعانة على المركب لا محالة فتحرم الاعانة عليه فيحرم البيع، لأنه مصداق للإعانة.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و توهم.

هذا جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصة الجواب: أنه لم يوجد من ناحية البائع قصد لتجري المشتري نحو الحرام الواقعي و هو التخمير حتى يقال بحرمة البيع لكونه مقدمة للحرام فالاعانة على أحد جزئي المركب اعانة على المركب.

(2) أي و إن قلنا بحرمة البيع بدون قصد التجري من البائع نحو هذا التجري الذي هو الشراء: لزم التسلسل في حرمة البيع، لأنه لو قلنا بحرمة بيع العنب من قبل البائع لمن يعمله خمرا لكونه تجريا على التجري الذي هو الشراء: يلزم القول بالتجري في بايع العنب لهذا البائع و ان لم يقصد التجري، و هكذا في البائع البائع البائع إلى أن يلزم التسلسل فدفعا لهذا المحذور نقول بعدم وجود التجري من دون قصد فلا يكون بيعه حراما لأنه لم يقصد ايقاع المشتري بالتجري.

(3) لعله اشارة إلى الفرق بين البائع المباشر، و البائع قبله، حيث يصدق التجري على المباشر، دون البائع قبله.

و يحتمل أن يكون اشارة إلى بطلان الملازمة المذكورة و هو لزوم -

ص: 89

نعم (1) لو ورد النهي بالخصوص (2) عن بعض شروط الحرام كالغرس للخمر دخل الاعانة عليه (3) في الاعانة على الاثم.

++++++++++

- التسلسل، لاحتمال أن يكون البائع هو صاحب الكرم و غارس العنب.

(1) استدراك عما أفاده آنفا من عدم حرمة بيع العنب إلى المشتري المتجري، لعدم التجري من البائع و إلا لزم التسلسل كما عرفت في الهامش 2، ص 89.

و خلاصة الاستدراك: أنه اذا ورد نهي بالخصوص عن بعض شروط الحرام كالغرس للتخمير كما ورد الحديث بلعن غارس العنب: دخل الاعانة على الغرس في الاعانة على الحرام فيكون بيع العنب من البائع للمشتري الذي يعمله خمرا حراما، لكونه تجريا على التجري، ففي الحقيقة قوله:

نعم استثناء عن الحكم الأولى: و هو عدم حرمة بيع العنب ممن يبيعه الى الخمّار.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 165. الباب 55 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 4.

أليك نص الحديث عن جابر عن (أبي جعفر عليه السلام):

قال: لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في الخمر عشرة.

غارسها. و حارسها. و عاصرها. و شاربها. و ساقيها. و حاملها. و المحمولة عليه. و بايعها. و مشتريها. و آكل ثمنها.

و المراد من الغرس غرس العنب بقرينة اضافة الغرس إلى الخمر في قوله صلى اللّه عليه و آله: غارسها، فان الخمر لا تغرس.

(3) جواب ل: (لو الشرطية) في قوله: نعم لو ورد.

و مرجع الضمير في عليه: الشرط الحرام أي دخل الاعانة على الشرط الحرام الذي هو الغرس للتخمير في الاعانة على الاثم لو ورد نهي خاص عن بعض شروط الحرام.

ص: 90

كما أنه لو استدللنا (1) بفحوى ما دل على لعن الغارس على حرمة التملك للتخمير حرم الاعانة عليه أيضا بالبيع.

فتحصل مما ذكرناه (2): أن قصد الغير لفعل الحرام معتبر قطعا في حرمة فعل المعين، و أن (3) محل الكلام هي الاعانة على شرط الحرام

++++++++++

(1) دليل آخر على حرمة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا، و الخشب ممن يصنعه صنما.

و خلاصة الدليل: أنه يمكن القول بأولوية حرمة تملك العنب للتخمير بفحوى حرمة غرسه: ببيان أن تملك العنب من المقدمات القريبة للتخمير و الغرس من المقدمات البعيدة له.

و لا شك في حرمة غرسه للتخمير، فاذا كان الغرس للتخمير حراما مع أنه من المقدمات البعيدة، فحرمة تملكه الذي هو من المقدمات القريبة بطريق أولى، لأن تمليكه موجب للتخمير المحرم.

(2) و هو أن الاعانة على الاثم لا تصدق ما لم يكن قصد من المشتري للحرام الواقعي الذي هو التخمير.

بعبارة اخرى أن قصد المشتري في الاقدام على الحرام دخيل في تحقق مفهوم حرمة اعانة البائع على تملك المشتري العنب بحيث اذا لم يقصد الحرام من شرائه العنب لم تتحقق الحرمة في حق البائع، فثبوت الحرمة في حقه دائر مدار قصد المشتري، فان ثبت القصد منه تحققت الحرمة في حق البائع و إلا فلا.

(3) هذه الجملة: (و أن محل الكلام) مرفوعة محلا عطفا على قوله: أن قصد الغير لفعل الحرام معتبر، أي فتحصل أيضا مما ذكرناه أن محل النزاع، و محور الكلام في كون الإعانة حراما أم لا: هي الاعانة على شرط الحرام بقصد البائع تحقق الشرط الحرام الذي هو التخمير -

ص: 91

بقصد تحقق الشرط، دون (1) المشروط، و أنها (2) هل تعد اعانة على المشروط فتحرم أم لا فلا تحرم ما لم تثبت حرمة الشرط من غير جهة التجري (3)، و أن مجرد بيع العنب ممن يعلم أنه سيجعله خمرا من دون العلم (4) بقصده ذلك من الشراء ليس محرما أصلا، لا من جهة

++++++++++

- حيث إن البيع اعانة على التملك، و التملك شرط للحرام الواقعي الذي هو التخمير، فهذا هو محل النزاع بين الفقهاء في أن مثل هذه الاعانة تعد حراما أم لا.

(1) أى و ليس محل النزاع بين الفقهاء هو قصد المعين الذي هو البائع بقصد تحقق المشروط الذي هو التخمير، فإن هذا خارج عن حريم النزاع لأنه لو قصد البائع من بيع العنب للخمار مع علمه بصرفه في التخمير الاعانة على تملك المشتري حتى يحصل التخمير في الخارج حرم البيع قطعا من دون شك.

(2) عطف على قوله: و أن محل الكلام، أي و أن محل الكلام في أن الاعانة على شرط الحرام بقصد تحقق الشرط هل تعد اعانة على المشروط المحرم حتى تحرم هذه الاعانة كما تحرم الاعانة على نفس المشروط ابتداء.

أو لا تعد اعانة على المشروط المحرم حتى لا تحرم الاعانة على شرط الحرام.

(3) أي يبقى الكلام في أن المعين على الشرط الحرام هل يصدق عليه التجري و يقال له: إنه متجر كما يصدق على المشتري الخمّار أنه متجر أو لا يصدق؟.

فإن صدق تحرم الاعانة من ناحية التجري، حيث إن الفعل هذا كاشف عن سوء سريرة العبد و خبث باطنه.

و إن لم يصدق فلا حرمة فالحرمة دائرة مدار صدق التجري و عدمه.

(4) أي من دون علم البائع بقصد المشتري من أنه يريد الشراء للتخمير.

ص: 92

الشرط (1)، و لا من جهة المشروط (2).

و من ذلك (3) يعلم ما فيما تقدم عن حاشية الارشاد: من أنه لو كان بيع العنب ممن يعمله خمرا اعانة: لزم المنع عن معاملة أكثر الناس.

ثم إن محل الكلام فيما يعد شرطا للمعصية الصادرة عن الغير، فما تقدم من المبسوط: من حرمة ترك بذل الطعام لخائف التلف مستندا إلى قوله صلى اللّه عليه و آله: من أعان على قتل مسلم (4) الى آخر الحديث: محل تأمل (5)

++++++++++

(1) و هو تمليك البائع العنب للمشتري، التمليك الذي يكون سببا للتخمير كما عرفت آنفا.

(2) و هو التخمير الذي هو مسبب عن شراء العنب كما عرفت آنفا.

(3) أي و من أجل أن مجرد بيع العنب ممن يعلم أنه سيجعله خمرا من دون علم البائع بقصد المشتري أنه يريد العنب للتخمير ليس حراما لا من جهة الشرط، و لا من جهة المشروط: يعلم الاشكال فيما أفاده (المحقق الكركى): من أنه لو تم الاستدلال بالآية الكريمة: وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ في صدق الاعانة في بيع العنب لمن يعلم أنه سيجعله خمرا: لمنع معاملة أكثر الناس.

وجه الاشكال أن الملازمة المذكورة: و هو منع معاملة أكثر الناس لو صدق الاعانة على بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا بناء على الاستدلال بالآية المذكورة: إنما تتم اذا قصد البائع من شرط الحرام وصول المشتري الخمار إلى الحرام الواقعي الذي هو التخمير، مع أن الأمر ليس كذلك، لعدم كون معاملات أكثر الناس من باب الاعانة على الشرط الحرام لأجل الوصول الى الحرام الواقعي حتى يحرم المعاملة.

(4) و قد أشير إلى الرواية و تمامها في ص 73-74.

(5) لأن من يترك إطعام الجائع غير معين على موت الجائع، و حرمة -

ص: 93

إلا (1) أن يريد الفحوى، و لذا (2) استدل في المختلف بعد حكاية ذلك عن الشيخ بوجوب حفظ النفس مع القدرة، و عدم (3) الضرر.

ثم إنه يمكن التفصيل في شروط الحرام المعان عليها بين ما ينحصر فائدته و منفعته عرفا في المشروط المحرم (4) كحصول العصا في يد الظالم المستعير لها من غيره لضرب أحد، فإن ملكه (5) للانتفاع بها في هذا

++++++++++

- ترك الطعام إنما جاءت من ناحية عدم الاحتفاظ بحياة الجائع هذا الاحتفاظ الذي كان واجبا على كل أحد، لا من ناحية الاعانة.

و كلامنا إنما هو في الفعل الذي يعد شرطا لصدور المعصية عن الغير.

(1) أي اللهم إلا أن تقصد حرمة الاعانة بفحوى الرواية الواردة في قوله صلى اللّه عليه و آله: من أعان على قتل مسلم و لو بشطر كلمة.

ببيان: أن الاعانة على شطر كلمة موجبة لقتل المسلم اذا كانت حراما يجب تركها فبطريق الأولى يكون عدم إطعام المؤمن الموجب لهلاكه حراما و واجب الترك.

(2) أي و لاجل هذه الأولوية المستفادة من فحوى الرواية: استدل العلامة في المختلف بعد حكاية وجوب بذل الطعام لمن يخاف عليه التلف المستفاد من قوله صلى اللّه عليه و آله: من أعان على قتل مسلم و لو بشطر كلمة.

(3) بالجر عطفا على مدخول مع، أي و مع عدم توجه ضرر الى المكلف لو بذل الطعام إلى الجائع.

و أما إذا توجه ضرر نحوه فلا يجب عليه بذل الطعام.

(4) أي في تحقق المشروط المحرم.

(5) بكسر الميم مصدر مضاف إلى الفاعل: و هو الظالم، أي ملك الظالم للعصا في زماننا الذي فشا فيه الظلم و الجور ليس إلا لضرب مظلوم.

ص: 94

الزمان تنحصر فائدته عرفا في الضرب، و كذا من استعار كأسا ليشرب الخمر فيه.

و بين (1) ما لم يكن كذلك كتمليك الخمّار للعنب، فإن منفعة التمليك و فائدته غير منحصرة عرفا في الخمر حتى عند الخمّار فيعد الأوّل (2) عرفا إعانة على المشروط المحرم، بخلاف الثاني (3).

و لعل من جعل بيع السلاح من أعداء الدين حال قيام الحرب من المساعدة على المحرم، و جوز بيع العنب ممن يعمله خمرا كالفاضلين في الشرائع و التذكرة و غيرهما، نظر إلى ذلك (4).

و كذلك المحقق الثاني (5)، حيث منع من بيع العصير المتنجس

++++++++++

(1) هذا هو الشق الثاني من التفصيل المذكور، اذ الشق الأوّل هو قوله: بين ما تنحصر فائدته و منفعته عرفا في المشروط المحرم أي و بين ما لم تكن منفعته منحصرة في الحرام، حيث إنه من الممكن أن يأكله أو يهبه، أو يبيعه.

(2) و هو ما كانت منفعته منحصرة كالعصا في يد الظالم للضرب أو الكأس في يد الشارب للشرب، فإن إعطاء مثل هذا بطريق الهبة أو البيع حرام.

(3) و هو ما لم تكن منفعته منحصرة في الحرام كما مثلنا لك في الهامش 1

(4) أي إلى أن فائدة السلاح منحصرة في الحرام، حيث إنه لا يستفاد منه حالة الحرب إلا القتل فبيعه للأعداء حرام في تلك الحالة.

بخلاف العنب، فإن فائدته لا تنحصر في التخمير و لو بيع للخمار اذ من الممكن أن يأكله.

(5) أي و كذلك (المحقق الثاني) نظر إلى أن انحصار الفائدة في المحرم يوجب المنع عن البيع.

ص: 95

على مستحله، مستندا (1) الى كونه من الاعانة على الاثم، و منع من كون بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا من الاعانة، فإن تملك المستحل للعصير منحصر فائدته عرفا عنده في الانتفاع به حال النجاسة.

بخلاف تملك العنب (2).

و كيف كان (3) فلو ثبت تميز موارد الاعانة من العرف (4) فهو، و إلا (5) فالظاهر مدخلية قصد المعين.

نعم (6) يمكن الاستدلال على حرمة بيع الشيء ممن يعلم أنه يصرف

++++++++++

(1) حال للمحقق، أى حال كون (المحقق الثاني) استند في منع بيع العصير المتنجس إلى مستحله: الى أنه اعانة على الاثم، لانحصار فائدته في الشرب لا غير اذا كان المشتري ممن يستحل شربه.

(2) فإن فائدته ليست منحصرة في التخمير كما عرفت.

(3) أي سواء أ كانت فائدة الشيء منحصرة في الحرام أم لم تكن.

(4) بأن قال: هذا من الاعانة على الاثم، و هذا ليس من الاعانة على الاثم.

(5) أي و ان لم يثبت تميز موارد الاعانة على الاثم فالظاهر أن قصد المعين الذي هو البائع معتبر في صدق تحقق مفهوم الاعانة على الاثم.

(6) استدراك عما افاده: من أن بيع العنب ممن يعلم أنه يصرف في الحرام ليس حراما.

و خلاصة الاستدراك: أن بيع كل شيء يعلم صرفه في الحرام يكون محرما من باب وجوب دفع المنكر كوجوب رفعه حتى لا يتحقق في الخارج.

و ما نحن فيه و هو بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا من هذا القبيل فيمنع عن بيعه، لأن بيعه لمن هذه صفته منكر يجب دفعه.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

ص: 96

المبيع في الحرام بأن (1) دفع المنكر كرفعه واجب، و لا يتم إلا بترك البيع فيجب.

و إليه (2) أشار (المحقق الأردبيلي) رحمه اللّه، حيث استدل على حرمة

++++++++++

- الصغرى: ترك بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا دفع للمنكر.

الكبرى: و كل ما كان دفعا للمنكر فهو واجب.

النتيجة: فترك بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا واجب.

(1) الباء بيانية لكيفية وجوب دفع المنكر. و قد عرفت الكيفية آنفا

(2) أي و إلى وجوب دفع المنكر أشار (المحقق الأردبيلي)، حيث استدل على وجوب ترك بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا بعد أن افاد أن أدلة النهي عن الاعانة على الاثم تعم حتى بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا: بأدلة النهي عن المنكر و قال: إن بيع العنب ممن هذه صفته منكر يجب دفعه، لشمول أدلة النهي عن المنكر له.

و أما أدلة النهي عن المنكر فثلاثة: العقل، و الآيات الكريمة و الأخبار الشريفة.

(أما الأوّل) فبما أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لطف فالعقل يحكم بوجوبهما فهنا قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

(الصغرى: إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لطف.

(الكبرى: و كل ما كان لطفا وجب بحكم العقل اتيانه.

النتيجة: فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب الاتيان عقلا.

و معنى أنهما لطف: أنهما مما يقربان الانسان إلى الطاعة، و يبعدانه عن المعصية من غير أن يبلغا حد الإلجاء، و لا ريب في ذلك.

و أما وجوب اللطف فلأنه مما يحصل به الغرض، و يلزم من عدم وجوبه عدم الغرض. -

ص: 97

..........

++++++++++

- لا يقال: إن الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر ليسا واجبين عقلا بل هما واجبين شرعا، حيث إنهما تخصصا، و لو كانا عقليين لم يتخصصا و قد نرى أنهما خصصا: لعدم وجوبهما على اللّه عز و جل، فإنه لو كانا واجبين عليه تعالى لفعلهما، و لو فعلهما لكان اللازم عدم تخلف مفعوله عن فعله البتة.

و نحن نرى بالعيان كثيرا من الناس قد تخلفوا عن الطاعة فيظهر أنه تعالى لم يفعل.

اذا ثبت أنهما واجبان شرعا على العباد بعضهم لبعض.

فإنه يقال: إن اللطف الواجب على اللّه تعالى: أن يكمل نفوس العباد، و يرشدهم إلى منافع الصلاح، و يحذرهم عن مساقط الهلكة:

ببعث الرسل، و إنزال الكتب، و تبليغ الأحكام على النحو المتعارف و لا دليل على وجوب اللطف عليه تعالى بأزيد من ذلك عقلا و لا نقلا.

أما عقلا فلأن العقل يحكم بأن الذي ينبغي عليه تعالى أن يرسل الرسل و ينزل الكتب لارشاد الناس إلى مناهج السعادة و الصلاح، و لا يحكم بأزيد من ذلك.

و أما البعث على الاطاعة خارجا، و المنع عن المعصية فهو غير واجب عليه تعالى، بل هو خلاف حكمة التكليف، لأن حكمة التبليغ بلوغ الانسان الى الدرجات العالية، و السعادات الأبدية.

و أما نقلا فلا دليل على أزيد من ذلك، لا من الآيات، و لا من الروايات. و على هذا فلا يلزم من نفي وجوب اللطف بهذا المعنى أي بمعنى البعث على الطاعة خارجا، و الزجر عن المعصية محذور أصلا.

هذا دليل العقل على وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. -

ص: 98

بيع العنب في المسألة بعد عموم النهي عن الاعانة: بأدلة النهي عن المنكر.

و يشهد بهذا (1) ما ورد من أنه لو لا أن بني أمية وجدوا من يجبي (2) لهم الصدقات، و يشهد جماعتهم ما سلبوا حقنا (3) دل على مذمة الناس

++++++++++

- و أما الآيات فكثيرة منها قوله تعالى: «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ» .

آل عمران: الآية 104.

و أما الأحاديث الشريفة فكثيرة جدا فلو راجعها القارئ الكريم في مظانها، و اطلع عليها لارتعشت فرائصه.

راجع (الكافي. من لا يحضره الفقيه. التهذيب. الاستبصار.

وسائل الشيعة. بحار الأنوار. الوافي).

قال صلى اللّه عليه و آله: لتأمرون بالمعروف، و لتنهون عن المنكر أو ليسلطن اللّه شراركم على خياركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

(بحار الأنوار). الطبعة الحجرية. المجلد 21. ص 116.

راجع حول الموضوع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 2 من ص 409 إلى ص 413.

(1) أي و يشهد بما استدل به (المحقق الأردبيلي) من أن دفع المنكر واجب: بأدلة النهي عن المنكر.

(2) بفتح ياء المضارعة و سكون الجيم و كسر الباء من جبى يجبي جباية معناه جمع المال و الخراج.

يقال: فلان جبى المال أي جمعه، اسم الفاعل منه جاب. وزان عاص رام طاغ، جمعه جباة. وزان عصاة رماة طغاة.

(3) (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 144. الباب 47 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.

ص: 99

في فعل ما لو تركوه لم يتحقق المعصية من بني أمية فدل (1) على ثبوت الذم لكل ما لو ترك لم يتحقق المعصية من الغير. و هذا (2) و ان دل بظاهره على حرمة بيع العنب و لو ممن يعلم أنه سيجعله خمرا مع عدم قصد ذلك (3) حين الشراء إلا أنه لم يقم دليل على وجوب تعجيز من يعلم أنه سيهم بالمعصية، و انما الثابت من النقل و العقل القاضي بوجوب اللطف (4):

وجوب ردع من همّ بها، و أشرف عليها بحيث لو لا الردع لفعلها، أو استمر عليها.

ثم إن الاستدلال المذكور (5) انما يحسن مع علم البائع بأنه لو لم يبعه لم تحصل المعصية (6)، لأنه حينئذ قادر على الردع.

++++++++++

(1) أي الحديث المذكور دل على ثبوت الذم و اللوم للناس في فعل ما لو تركوه لم تتحقق المعصية من بني أمية، لأن تحقق المعصية من بني أمية كان متوقفا على فعل الناس فحينما حبوا لهم الخراج و الضرائب تحققت المعصية فلو تركوا الجباية لم تتحقق المعصية، فبالملازمة العقلية يدل الحديث على ثبوت الذم لكل ما لو ترك لم تتحقق المعصية من الغير، و من جملة ما لو ترك لم تتحقق المعصية: بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا.

(2) أي الحديث المذكور و ان دل بالدلالة الالتزامية كما عرفت آنفا

(3) أي مع عدم قصد المشتري حين إقدامه على شراء العنب:

أن يجعله خمرا.

(4) قد عرفت معنى قاعدة اللطف آنفا في الهامش 2. ص 97.

(5) و هو وجوب دفع المنكر.

(6) بأن كان العنب منحصرا عنده و لا يوجد عند غيره فهنا يحسن الاستدلال بوجوب دفع المنكر، لأن البائع حين علم بأنه لو لم يبع العنب -

ص: 100

أما لو لم يعلم (1) ذلك، أو علم بأنه يحصل منه المعصية بفعل الغير فلا يتحقق الارتداع بترك البيع كمن يعلم عدم الانتهاء بنهيه عن المنكر.

و توهم (2) أن البيع حرام على كل أحد فلا يسوغ لهذا الشخص فعله

++++++++++

- للخمار لم تحصل المعصية التي هو التخمير في الخارج فيكون قادرا على الردع فيجب من باب النهي عن المنكر.

(1) خلاصة هذا الكلام: أن البائع تارة يعلم أن المشتري يرتدع عن ايجاد المعصية في الخارج لو ترك بيع العنب له كما لو كان العنب منحصرا عنده: فقد عرفت أن هذا يجب عليه أن لا يبيع لهذا المشتري، لوجوب دفع المنكر.

و اخرى لا يعلم ذلك، أو يعلم بأن صدور المعصية يحصل في الخارج لا محالة و لو لم يبعه العنب كما اذا يبيعه شخص آخر ففي هاتين الصورتين لا يتحقق الارتداع من المشتري في الخارج لو ترك بيع العنب، فلا يجب عليه ترك بيع العنب من باب وجوب دفع المنكر، لعدم الارتداع من المشتري حتى يقال لو لم يبعه لم يحصل المنكر.

فهاتان الصورتان الأخيرتان نظير من يعلم أنه لو نهى زيدا عن ارتكاب المعصية لم يرتدع فلا يجب عليه النهي عن المنكر.

فكما أنه لا يجب على العالم بالمعصية نهي مرتكبها، كذلك لا يجب في الصورتين.

و الانتهاء مصدر المزيد فيه فهو مطاوع نهى، و معناه: الزجر و المنع إما بالفعل، أو القول.

و الارتداع مصدر المزيد فيه فهو مطاوع ردع. و معناه: الكف.

(2) خلاصة هذا التوهم: أن بيع العنب لمن يعلم أنه يعمل العنب خمرا حرام على كل حال، و على كل أحد سواء حصل الارتداع بتركه -

ص: 101

معتذرا بأنه لو تركه لفعله غيره.

مدفوع (1) بأن ذلك فيما كان محرما على كل واحد على سبيل الاستقلال فلا يجوز لواحد منهم الاعتذار بأن هذا الفعل واقع لا محالة و لو من غيرى فلا ينفع تركي له.

++++++++++

- بيع العنب للمشتري أم لا يحصل، و سواء انحصر البيع في شخصه أم وجد بايع آخر، فلا يجوز للبائع بيع العنب لمثل هذا المشتري الذي يعمله خمرا.

و لو باعه معتذرا بأني لو تركت البيع لباعه غيري فلا يحصل الارتداع:

فقد عصى و اثم فتشمله الآية الكريمة و لا تعاونوا على الإثم.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و توهم.

و الباء في قوله: بأن ذلك بيانية لكيفية دفع التوهم المذكور.

و خلاصة الدفع أن التوهم المذكور و هي حرمة بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا: على كل احد و على كل حال: إنما يتم لو كان النهي متوجها إلى كل فرد من أفراد المكلفين بنحو الاستقلال بأن اريد من كل مكلف عدم ايجاده الفعل في الخارج فحينئذ لا يجوز لأحد من المكلفين الاعتذار بأن هذا العمل واقع في الخارج لا محالة و ان لم افعله فلا ينفع تركي له.

لكن الأمر ليس كذلك، حيث إن النهي قد توجه نحوهم مجتمعين بحيث يكون للهيئة الاجتماعية دخل في ايجاد الشيء بنحو الاجتماع فعدم تحقق التخمير في الخارج متوقف على ترك بيع العنب من جميع باعة العنب بنحو الاجتماع، و بهيئتهم الاجتماعية، لا على شخص واحد حتى يقال: إن بيع العنب حرام على كل أحد، و على كل حال، سواء وجد من يبيع العنب أم لا، و سواء ارتدع المشتري بترك البائع أم لا، فما نحن فيه نظير الأمر برفع شيء ثقيل لا يمكن رفعه منفردا، بل لا بد في رفعه من لفيف مجتمعين -

ص: 102

أما اذا وجب على جماعة شيء واحد كحمل ثقيل مثلا بحيث يراد منهم الاجتماع عليه (1)، فاذا علم واحد من حال الباقي عدم القيام به، و الاتفاق (2) معه في ايجاد الفعل كان قيامه بنفسه بذلك الفعل لغوا فلا يجب.

و ما نحن فيه (3) من هذا القبيل، فان عدم تحقق المعصية من مشتري العنب موقوف على تحقق ترك البيع من كل بائع فترك المجموع (4) للبيع سبب واحد لترك المعصية، كما أن بيع واحد منهم على البدل شرط لتحققها (5)

++++++++++

- فلو علم أحد المكلفين برفع الثقيل أن الباقين منهم لا يقوم بالواجب و لا يمتثل الأمر سقط التكليف الذي هو الرفع، حيث إن رفع الثقيل لا يمكن إلا بنحو الاجتماع فالهيئة الاجتماعية دخيلة في هذا الرفع فقيام الفرد للرفع يكون لغوا.

(1) مرجع الضمير في عليه: حمل ثقيل في قوله: بحمل ثقيل، كما أنها المرجع في به.

(2) بالجر عطفا على مدخول عدم، أي و اذا علم واحد من حال الباقين عدم اتفاقهم معه في رفع الشيء الثقيل سقط عنه التكليف و لا يجب عليه الرفع كما عرفت آنفا.

(3) و هو بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا من باب أن المطلوب فيه اتفاق الكل، و اجتماعهم على عدم بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا كما في رفع الشيء الثقيل، فلو وجد من يبيع العنب للخمار لا يحرم على الآخر بيعه له.

(4) أي المجموع بهيئتهم الاجتماعية سبب واحد، و علة تامة لحصول ترك المعصية في الخارج الذي هو التخمير، لا ترك واحد من باعة العنب كما عرفت.

(5) أي لتحقق المعصية في الخارج الذي هو التخمير كما عرفت.

ص: 103

فاذا علم واحد منهم (1) عدم اجتماع الباقي معه في تحصيل السبب (2) و المفروض أن قيامه منفردا لغو سقط وجوبه (3).

و أما (4) ما تقدم من الخبر في اتباع بني امية فالذم (5) فيه إنما هو على اعانتهم بالأمور المذكورة في الرواية.

++++++++++

(1) أي من باعة العنب.

(2) و هو ترك بيع العنب حتى لا يوجد التخمير في الخارج.

(3) أي وجوب ترك البيع، كما أن القيام منفردا بحمل الشيء الثقيل يسقط اذا امتنع الباقون و الآخرون عن حمله كما عرفت.

(4) هذا دفع اشكال.

و حاصل الاشكال أنه لو سلمنا أن النهي عن بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا قد توجه إلى الجميع على نحو الاجتماع بحيث يكون للهيئة الاجتماعية دخل في هذا النهي، و أنه من قبيل الأمر المتوجه نحو رفع الشيء الثقيل في كون الهيئة الاجتماعية لها دخل في الرفع.

لكن ما تقولون في الرواية المتقدمة في ص 99 في قوله عليه السلام:

لو لا أن بني امية وجدوا من يجبي لهم الصدقات، و يشهد جماعتهم ما سلبوا حقنا، حيث إن الذم متوجه إلى كل فرد فرد على حدة و مستقلا لا بنحو الاجتماع.

(5) هذا جواب الاشكال.

و حاصل الجواب: أن الذم الوارد في الرواية انما هو بالنسبة إلى اعانة الناس بني امية في الأمور المذكورة التي هي جباية الأموال و الضرائب و حضور الجماعات و المجالس، و ملازمة السفر معهم.

و مما لا شك فيه أن مثل هذه الأمور محرم فعله، و المساعدة في تحققها في الخارج، و قد وردت أخبار كثيرة في تحريم كون الرجل من أعوان الظلمة -

ص: 104

و سيأتي (1) تحريم كون الرجل من أعوان الظلمة حتى في المباحات (2) التي لا دخل لها برياستهم، فضلا عن مثل جباية الصدقات، و حضور الجماعات و شبهها مما هو من أعظم المحرمات.

و قد تلخص مما ذكرنا: أن فعل ما هو من قبيل الشرط (3) لتحقق المعصية من الغير من دون قصد توصل الغير به إلى المعصية غير محرم، لعدم

++++++++++

- حتى في الأمور المباحة التي لا دخل لها في رياستهم، فضلا عما له دخل في سلطنتهم و رياستهم، و تقوية لشوكتهم كجباية الأموال و الصدقات و الضرائب و حضور الجماعات، و ملازمة السفر معهم التي تعد هذه الأمور من أعظم المحرمات.

فالحاصل أن الذم المتوجه في الرواية إلى كل واحد واحد: إنما هو لأجل هذه الأمور بحيث لولاها لما توجه الذم فالرواية لا تكون مؤيدة لما نحن فيه: و هي حرمة بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا كما استدل بها الخصم.

(1) أي في المسألة الثانية و العشرين.

(2) كبيع الدور لهم لسكناهم، و خياطة الملابس، و الخدمات المنزلية و الشخصية التي لا مساس لها في سلطنتهم، و تقوية ملكهم و شوكتهم.

(3) كايجاد تمليك العنب للمشتري الذي يعلم أنه يعمله خمرا، من دون قصد البائع توصل المشتري بسبب هذا الشراء و البيع إلى الحرام الواقعي الذي هو التخمير فإيجاد مثل هذا التمليك، و اعداد مثل هذه المقدمات التي لا يقصد البائع منها صدور الحرام الواقعي من المشتري غير محرم، لعدم كون مثل هذه المقدمات عند العرف اعانة على الاثم، سواء أ كانت فائدة البيع منحصرة في الحرام أم مشتركة بينه و بين الحلال. كما أفاد هذا المعنى الشيخ بقوله: مطلقا.

ص: 105

كونه (1) في العرف اعانة مطلقا، أو على التفصيل الذي احتملناه أخيرا (2).

و أما ترك هذا الفعل (3) فان كان سببا يعنى علة تامة لعدم المعصية من الغير كما اذا انحصر العنب عنده وجب، لوجوب الردع عن المعصية عقلا و نقلا (4).

و أما لو لم يكن سببا، بل كان السبب تركه منضما إلى ترك غيره فان علم أو ظن، أو احتمل قيام الغير بالترك وجب قيامه به (5) أيضا.

و ان علم أو ظن عدم قيام الغير سقط عنه (6) وجوب الترك، لأن

++++++++++

(1) تعليل لكون فعل ما هو من قبيل الشرط المجرد عن قصد توصل الغير به إلى المعصية: ليس اعانة على الاثم.

و في جميع نسخ الكتاب الموجودة عندنا (لعدم كونها) بتأنيث الضمير و الصحيح تذكيره كما أثبتناه، حيث إن مرجعه كلمة فعل في قوله:

إن فعل ما هو من قبيل الشرط. و السهو من النساخ.

(2) و هو الذي أفاده بقوله: بين ما تنحصر فائدته و منفعته عرفا في المشروط المحرم كحصول العصا في يد الظالم المستعير لها من غيره لضرب أحد، فان ملكه للانتفاع بها في هذا الزمان تنحصر فائدته عرفا في الضرب.

و بين ما لم يكن كذلك كتمليك الخمار العنب.

(3) و هو ترك بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا.

(4) و هي أدلة الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر كما ذكرناها لك في الهامش 2. من ص 97.

(5) أي بالترك و هو ترك بيع العنب ممن يعمله خمرا كما عرفت في الهامش 1 ص 102 مفصلا عند قولنا: و خلاصة الدفع أن التوهم المذكور.

(6) أي سقط عن هذا البائع الذي علم عدم قيام الغير معه: ترك بيع العنب، لأن الهيئة الاجتماعية دخيلة في الترك.

ص: 106

تركه بنفسه ليس برادع حتى يجب.

نعم هو (1) جزء للرادع المركب من مجموع تروك أرباب العنب.

لكن يسقط وجوب الجزء اذا علم بعدم تحقق الكل في الخارج.

فعلم مما ذكرناه في هذا المقام (2) أن فعل ما هو شرط للحرام الصادر من الغير يقع على وجوه:

(أحدها): أن يقع من الفاعل قصدا منه لتوصل الغير به الى الحرام (3) و هذا لا اشكال في حرمته، لكونه اعانة.

(الثاني): أن يقع منه من دون قصد لحصول الحرام، و لا لحصول ما هو مقدمة له مثل تجارة التاجر بالنسبة إلى معصية العاشر (4)، فانه لم يقصد بها تسلط العاشر عليه الذي هو شرط لأخذ العشر.

و هذا لا اشكال في عدم حرمته.

(الثالث): أن يقع منه بقصد حصول ما هو من مقدمات حصول

++++++++++

(1) أي ترك هذا البائع بيع العنب للخمار جزء للرادع الذي هو مركب من مجموع تروك باعة العنب بيعهم العنب للخمار.

فاذا لم تحصل تلك التروك بأجمعها من الجميع سقط وجوب ترك بيع العنب عن هذا البائع الخاص المنفرد، لعدم حصول ترك التخمير من ترك بيعه العنب، لوجود الآخرين و بيعهم العنب له.

(2) و هو مقام بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا.

(3) أي الحرام الواقعي الذي هو التخمير.

(4) و هو آخذ الضرائب.

ص: 107

الحرام عن الغير (1) لا (2) لحصول نفس الحرام منه و هذا (3) قد يكون من دون قصد الغير التوصل بذلك الشرط إلى الحرام كبيع العنب من الخمار المقصود منه تملكه للعنب الذي هو شرط لتخميره، لا نفس التخمير مع عدم قصد الغير أيضا التخمير حال الشراء.

و هذا أيضا لا اشكال في عدم حرمته.

و قد يكون (4) مع قصد الغير التوصل به إلى الحرام اعني التخمير حال شراء العنب.

و هذا أيضا على وجهين: أحدهما: أن يكون ترك هذا الفعل من الفاعل (5) علة تامة لعدم تحقق الحرام من الغير.

و الأقوى هنا وجوب الترك، و حرمة الفعل (6).

++++++++++

(1) و هو المشتري الخمار.

و لا يخفى أن الفاعل في أن يقع في الموارد الثلاثة في قوله: أحدها أن يقع، الثاني أن يقع، الثالث أن يقع: كلمة فعل في قوله: فعلم مما ذكرناه في هذا المقام: أن فعل ما هو شرط للحرام، أي يقع الفعل الذي هو شرط للحرام تارة كذا، و ثانيا كذا، و ثالثا كذا.

(2) أي و ليس غرض البائع من ايجاد مقدمات حصول الحرام:

حصول نفس الحرام الواقعي الذي هو التخمير.

(3) و هو الوجه الثالث الذي أفاده بقوله: الثالث أن يقع منه بقصد حصول ما هو من مقدمات حصول الحرام.

(4) أي الوجه الثالث الذي عرفته في ص 107.

(5) و هو بايع العنب.

و المراد من العلة التامة انحصار العنب عند البائع لا غير.

(6) و هو البيع.

ص: 108

و الثاني أن لا يكون كذلك (1)، بل يعلم عادة، أو يظن بحصول الحرام من الغير من غير تأثير لترك ذلك الفعل.

و الظاهر عدم وجوب الترك حينئذ، بناء على ما ذكرنا من اعتبار قصد الحرام في صدق الاعانة عليه مطلقا، أو على ما احتملناه من التفصيل (2).

ثم كل مورد حكم فيه بحرمة البيع من هذه الموارد الخمسة (3) فالظاهر

++++++++++

(1) أي لا يكون ترك بيع العنب علة تامة لعدم تحقق الحرام الواقعي في الخارج، كما اذا لم ينحصر العنب عنده فلا يكون واجبا على البائع ترك بيع العنب، لأنه لا بدّ من اعتبار قصد الحرام حتى يتحقق مفهوم الاعانة على الإثم، اذ لو لا القصد لم يصدق مفهوم الاعانة حينئذ.

و من الواضح أن بيع العنب اذا لم يكن منحصرا عنده لا يوجد حرام حتى يكون البيع حراما، لعدم قصد الحرام مع اعتبار القصد في تحقق مفهوم الاعانة كما أفاد الشيخ بقوله: و الظاهر عدم وجوب الترك حينئذ.

و المراد من الاطلاق في قوله: مطلقا: سواء انحصرت الفائدة أم لا.

(2) و هو ما ذكره من الفرق بين ما تنحصر فائدته و منفعته عرفا في المشروط المحرم كحصول العصا في يد الظالم، و بين ما لم يكن كذلك كتمليك الخمار.

و قد أشرنا إلى هذا التفصيل في الهامش.

(3) أليك الموارد الخمسة.

(الأوّل): وقوع فعل ما هو شرط للحرام من الفاعل بقصد توصل الغير و هو المشتري إلى الحرام الواقعي و هو التخمير.

(الثاني): وقوع فعل ما هو شرط للحرام من الفاعل من دون قصد توصل الغير إلى الحرام الواقعي.

ص: 109

..........

++++++++++

- (الثالث): وقوع فعل ما هو شرط للحرام من الفاعل بقصد حصول ما هو من مقدمات الحرام من الغير و هو المشتري من دون قصد حصول نفس الحرام الأصلي من المشتري.

(الرابع): كون ترك بيع العنب من الفاعل علة تامة لعدم صدور المعصية في الخارج.

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: و هذا أيضا على وجهين: أحدهما أن يكون ترك هذا الفعل من الفاعل علة تامة لعدم تحقق الحرام من الغير.

(الخامس): عدم كون ترك بيع العنب من البائع علة تامة لعدم وقوع المعصية في الخارج.

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: و الثاني أن لا يكون كذلك، بل يعلم عادة، أو يظن.

(أما الأوّل): فلا اشكال في حرمته، لكونه اعانة على الاثم لكن المعاوضة صحيحة، لتعلق النهي بأمر خارج عنها، لا نفس المعاوضة حتى يحرم.

(و أما الثاني): فلا اشكال في عدم حرمته.

(و أما الثالث): فلا اشكال في عدم حرمته أيضا.

(و أما الرابع): فلا اشكال في حرمته، و وجوب ترك الفعل لكن المعاوضة صحيحة، لتعلق النهي بأمر خارج عنها.

(و أما الخامس): فالظاهر عدم وجوب ترك الفعل، فالحرمة في القسم الأوّل و الرابع تكون تكليفية، لا وضعية حتى لا يملك البائع الثمن و المشتري المثمن، لأن النهي انما ورد على شيء خارجي: و هي حرمة الاعانة -

ص: 110

عدم فساد البيع، لتعلق النهي بما هو خارج عن المعاملة اعني الاعانة على الاثم، أو المسامحة (1) في الردع عنه.

++++++++++

- على الاثم، و لم يرد على أركان المعاوضة: و هو البائع و المشتري، و الثمن و المثمن.

أما العوضان فلم يتعلق بهما نهي أصلا حتى يوجب النهي عن المعاوضة مع قطع النظر عن الاعانة ليسبب بطلان البيع.

و أما البائع و المشتري فالمفروض وجدان شرائط البيع فيهما: من البلوغ و العقل، و الاختيار، فليس هنا نهي يتعلق بأحد هذه الأركان حتى يوجب فساد المعاوضة.

نعم اذا كان هناك نهي تعلق بأحد الأركان الأربعة فلا اشكال في بطلان المعاوضة و فسادها كالنهي عن كون البائع و المشتري مجنونين أو صغيرين، أو محجورين، أو مكرهين، و كالنهي عن كون الثمن مزيفا مغشوشا، أو مجهولا، و كالنهي عن كون المثمن أحد الأعيان النجسة.

فلو كان البائع، أو المشتري صغيرين، أو مجنونين، أو مكرهين أو محجورين، أو كان الثمن مزيفا أو مجهولا.

أو كان المثمن أحد الأعيان النجسة بطلت المعاوضة و فسدت.

(1) هذا هو الشق الثاني لتعلق النهي بما هو خارج عن المعاملة أي ورود النهي إما لأجل مسامحة البائع في بيعه، حيث كان الواجب و اللازم عليه أن يردع المشتري بأن لا يبيعه فبيعه له مسامحة منه فورد النهي بهذه المسامحة، فيكون متعلق النهي أمرا خارجا عن حقيقة المعاوضة، و ذاك الخارج هي المسامحة، كما أن النهي هناك كان لأجل الاعانة على الاثم.

و الحاصل: أن تعلق النهي إما لأجل الاعانة على الاثم. -

ص: 111

و يحتمل الفساد (1)، لإشعار قوله عليه السلام في رواية تحف العقول المتقدمة بعد قوله: و كل بيع ملهو به، و كل منهي عنه مما يتقرب به لغير اللّه أو يقوى به الكفر و الشرك في جميع وجوه المعاصي، أو باب يوهن به الحق فهو حرام محرم بيعه و شراؤه و إمساكه إلى آخر حديث تحف العقول بناء (2) على أن التحريم مسوق لبيان الفساد في تلك الرواية كما لا يخفى.

لكن في الدلالة (3) تأمل، و لو تمت (4) لثبت الفساد مع قصد المشترى خاصة للحرام، لأن الفساد لا يتبعض.

++++++++++

- و إما لأجل مسامحة البائع، و كلاهما خارجان عن حقيقة المعاوضة و ماهيتها.

(1) أي فساد مثل هذه المعاوضة التي تعلق النهي فيها بأمر خارج عن حقيقتها و ماهيتها، لأجل إشعار رواية (تحف العقول) المشار إليها في ج 1 من ص 23-33 في قوله عليه السلام: أو باب يوهن به الحق: على الفساد و بطلان المعاوضة التى هي الحرمة الوضعية، اذ مما لا شك فيه أن بيع العنب لمن يعلم أنه يعمله خمرا باب يوهن به الحق، و يفتح مجالا للآخرين فيسري الفساد شيئا فشيئا فيندرس الدين و أحكامه.

(2) تعليل لفساد مثل هذه المعاوضة التي تعلق النهي فيها بأمر خارج عن حقيقتها أي التحريم الوارد في رواية (تحف العقول) مسوق لبيان فساد المعاوضة و بطلانها و هي الحرمة الوضعية كما عرفت.

(3) أي في دلالة الرواية على الفساد الذي هي الحرمة الوضعية تأمل و اشكال، حيث إن فيها كلمة حرام محرم، و لا قرينة فيها على الفساد و البطلان باحدى الدلالات الثلاث.

(4) أي لو تمت الدلالة المذكورة في الرواية باحدى الدلالات الثلاث:

على البطلان لثبت الفساد مع قصد المشتري خصوص الحرام الواقعي، بخلاف -

ص: 112

القسم الثّالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأنا بمعنى أن من شأنه أن يقصد منه الحرام
اشارة

القسم الثّالث (1) ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأنا (2) بمعنى أن من شأنه أن يقصد منه الحرام.

++++++++++

- ما اذا لم يكن قصد من المشتري في التوصل إلى الحرام، فإن بطلان المعاوضة و فسادها لا يأتي في هذه الصورة و ان قصد البائع الحرام، لعدم وقوع الفساد على الثمن خاصة دون المثمن.

أو على المثمن خاصة دون الثمن. و هذا معنى قوله: لأن الفساد لا يتبعض.

و لا يخفى أن عدم البطلان في صورة عدم قصد من المشتري في التوصل الى الحرام انما يصح لو كان القصد من المشتري دخيلا في البطلان كما في مورد يوهن به الحق، أو يقوي به الكفر، حيث إن القصد معتبر من المشتري.

و أما مثل كل بيع ملهو به، أو ما يتقرب به لغير اللّه كبيع آلات القمار، و الغناء، و هياكل العبادة فليس قصد المشتري دخيلا في صحة المعاوضة و بطلانها، فإن المعاوضة على هذه الأشياء باطلة، سواء قصد المشتري التوصل بها إلى الحرام أم لا، لأن الأشياء المذكورة موضوعة للحرمة في نظر الشارع فالمعاوضة عليها فاسدة.

(1) أي القسم الثالث من النوع الثاني الذي يحرم التكسب به لتحريم ما يقصد به.

(2) المراد منه: الامكان، أي يمكن أن يقصد استعماله في الحرام و ان كان يتأتى منه المنافع المحللة.

ص: 113

و تحريم هذا مقصور على النص، اذ لا يدخل ذلك (1) تحت الاعانة خصوصا مع عدم العلم بصرف الغير له في الحرام كبيع السلاح من أعداء الدين، مع عدم قصد (2) تقويهم، بل و عدم العلم باستعمالهم لهذا المبيع الخاص في حرب المسلمين، إلا أن المعروف بين الأصحاب حرمته (3) بل لا خلاف فيها،

و الأخبار بها مستفيضة
اشارة

و الأخبار بها (4) مستفيضة.

منها: رواية الحضرمي

منها (5): رواية الحضرمي قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له حكم السراج: ما ترى فيمن يحمل إلى الشام من السروج و أداتها؟

قال: لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله انتم في هدنة، فاذا كانت المباينة حرم عليكم أن تحملوا إليهم السلاح و السروج (6).

++++++++++

(1) أي لا يدخل مثل هذا القسم الذي من شأنه و امكانه أن يقصد استعماله في الحرام تحت قاعدة حرمة الاعانة على الاثم، لعدم صدق الاعانة عليه فليس من صغريات تلك الكبرى الكلية: و هي حرمة الاعانة على الاثم.

(2) أي من البائع. فلو كان البائع يقصد ذلك حرم البيع عليه.

(3) أي حرمة بيع السلاح لأعداء الدين، سواء أ كان في أيام الحرب أم في غيرها.

(4) أي الأخبار بحرمة بيع السلاح لأعداء الدين في أيام الحرب قد وردت بكثرة بلغت حد التواتر.

(5) أي من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب.

(6) راجع (الكافي). طبعة (طهران). عام 1382. الجزء 5 ص 112. الحديث 1.

و في المصدر: فيمن يحمل السروج إلى الشام. -

ص: 114

و منها: رواية هند السراج

و منها (1): رواية هند السراج قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

أصلحك اللّه (2): إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فابيعه منهم فلما عرّفني اللّه هذا الأمر (3) ضقت بذلك، و قلت: لا أحمل إلى أعداء اللّه.

فقال لي: احمل إليهم و بعهم فإن اللّه يدفع بهم عدونا و عدوكم يعني الروم، فاذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك (4).

++++++++++

- و المراد من المباينة معناها الأعم من حال الحرب، و حال المقاطعة:

و هو المعبر عنها في عصرنا الحاضر ب: (المقاطعة السياسية) فلا تخص حال الحرب.

فبيع السلاح لأعداء الدين اذا كانت بينهما مباينة حرام، سواء أ كانت هناك حرب أم مقاطعة سياسية، خوفا من استعدادهم و تهيؤهم للحرب مرة ثانية فتتقوى شوكتهم و صولتهم فيخشى النصر و الغلبة لهم.

(1) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب.

(2) هذه الجملة: أصلحك اللّه كانت شائعة في تلك العصور يخاطب بها العظماء في افتتاح خطاباتهم للتكلم معهم. و معناها: اختار اللّه عز و جل لك ما هو صلاحك.

(3) المراد محبة (أهل البيت) و ولاؤهم عليهم الصلاة و السلام.

و كلمة ضقت بصيغة المتكلم: معناها الشدة و المشقة، أي اشتد عليّ حمل السلاح إلى أعداء الدين بعد أن عرفني اللّه ولايتكم و محبتكم.

(4) نفس المصدر. الحديث 2.

ص: 115

و صريح الروايتين (1) اختصاص الحكم (2) بصورة قيام الحرب بينهم و بين المسلمين بمعنى وجود المباينة في مقابل الهدنة، و بهما (3) تقيد المطلقات جوازا، أو منعا، مع امكان دعوى ظهور بعضها في ذلك (4).

مثل مكاتبة صيقل (5): أشتري السيوف و أبيعها من السلطان أ جائز لي بيعها؟

++++++++++

(1) و هما: رواية الحضرمي. و رواية هند السراج.

(2) و هو عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين.

(3) أي و بهاتين الروايتين الدالتين على عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب تقيد الأخبار المطلقة الواردة في هذا المقام جوازا أو منعا بمعنى أن الأخبار الدالة على جواز بيع السلاح لأعداء الدين مطلقا حال الحرب، و حال الهدنة تقيد بهاتين الروايتين، أي يجوز حال الهدنة فقط.

و أما حال الحرب فلا يجوز بتاتا.

و الأخبار التي تدل على عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين مطلقا حال الحرب، و حال الهدنة تقيد بهاتين الروايتين أي لا يجوز بيع السلاح لهم حال الحرب، و أما حال الهدنة فيجوز بيع السلاح لهم.

(4) أي ظهور بعض تلك المطلقات جوازا، أو منعا في التقييد.

(5) هذه احدى الروايات المطلقة الدالة على جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب، و حال الهدنة فتقيد برواية الحضرمي، و هند السراج فيراد من الجواز: الجواز حال الهدنة فقط.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 70. الباب 8 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 5.

و المراد من السلطان الوارد في الحديث إما السلطان الكافر، أو المسلم -

ص: 116

فكتب لا بأس به.

منها رواية علي بن جعفر

و رواية (1) علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن حمل المسلمين إلى المشركين التجارة.

قال: اذا لم يحملوا سلاحا فلا بأس.

منها ما في وصية النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام

و مثله (2) ما في وصية النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام:

++++++++++

- فان كان الكافر فعدم جواز بيع السلاح له حالة الحرب واضح.

و هكذا لو كان المراد منه السلطان المسلم، لأن الغرض من شراء السلاح التقوي على الظلم بمعناه الأعم. و منه القتل و هذا المعنى بعينه موجود في السلطان المسلم، لتمكنه من المسلمين، و تسلطه عليهم.

(1) نفس المصدر. الحديث 6.

هذه ثانية الروايات المطلقة الدالة على عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب، و حال الهدنة فتقيد برواية الحضرمي، و هند السراج فيراد من الجواز الجواز حال الهدنة فقط.

و لا يخفى عدم دلالة هذه الرواية على عدم الجواز مطلقا منطوقا بل عدم الجواز فيها يستفاد مفهوما، فإن الامام عليه السلام قال: اذا لم يحملوا سلاحا فلا بأس، فمفهومه: أنه اذا حملوا سلاحا ففيه بأس، سواء أ كان الحمل حال الحرب أم حال الهدنة.

(2) المصدر السابق ص 71.

هذه ثالثة الروايات المطلقة الدالة على عدم جواز بيع السلاح للأعداء حالة الحرب، و حالة الهدنة، حيث قال صلى اللّه عليه و آله: كفر باللّه العظيم من هذه الأمة من باع السلاح من أهل الحرب فتقيد برواية الحضرمي و هند السراج فيراد منها عدم الجواز حال الحرب، لا مطلقا.

ص: 117

يا علي كفر باللّه العظيم من هذه الأمة عشرة أصناف: و عد منها بايع السلاح من أهل الحرب.

فما عن حواشي الشهيد من أن المنقول أن بيع السلاح حرام مطلقا في حال الحرب و الصلح و الهدنة، لأن فيه تقوية الكافر على المسلم فلا يجوز على كل حال: شبه (1) الاجتهاد في مقابل النص، مع (2) ضعف دليله كما لا يخفى.

ثم إن ظاهر الروايات (3) شمول الحكم لما اذا لم يقصد البائع المعونة

++++++++++

- و لا يخفى أن المراد من أهل الحرب إما الكفار، أو الظالم و إن كان مسلما.

لكن ظهور الحديث في الكفار أولى، لأنهم أهل الحرب فهم أعداء للمسلمين يتربصون بهم الدوائر (عليهم دائرة السوء).

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فما عن (حواشي الشهيد) و المراد بالنص رواية حكم السراج الدالة على الجواز حالة الهدنة.

و رواية هند السراج الدالة على الجواز حالة الهدنة.

(2) أي مع أن دليل (الشهيد) بعدم الجواز حالة الحرب و حالة الهدنة: بالإضافة إلى أنه اجتهاد في مقابل النص الذي ذكرناه لك:

ضعيف، حيث إنه قال: (المنقول أن بيع السلاح حرام) و لا يعلم حال المنقول، و لا الناقل.

(3) و هي رواية الحضرمي، و رواية هند السراج، و رواية النبوي و مفهوم رواية علي بن جعفر، أي ظاهر هذه الروايات شمول حرمة بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب و ان لم يكن البائع قاصدا إعانتهم و مساعدتهم حيث لم يكن فيها قيد و شرط في جوانب حرمة البيع حتى تخص المنع بصورة دون أخرى.

ص: 118

و المساعدة أصلا، بل صريح مورد السؤال في روايتى الحكم و الهند: هي صورة عدم قصد ذلك (1)، فالقول (2) باختصاص البيع بصورة قصد المساعدة كما يظهر من بعض العبائر: ضعيف جدا.

و كذلك (3) ظاهرها الشمول لما اذا لم يعلم باستعمال أهل الحرب للمبيع في الحرب، بل يكفي مظنة ذلك (4) بحسب غلبة ذلك، مع قيام الحرب بحيث يصدق حصول التقوي لهم بالبيع.

و حينئذ (5) فالحكم مخالف للأصول صير إليه،

++++++++++

(1) أي رواية الحضرمي، و هند السراج صريحتان في عدم اعتبار قصد الاعانة و المساعدة من البائع، بالإضافة إلى الظهور المذكور.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من ظهور الروايات في شمول حرمة بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب و ان لم يكن البائع قاصدا ببيعه المساعدة، أي بناء على ما ذكرناه فما أفاده بعض الأعلام: من أن عدم جواز البيع مختص بصورة قصد البائع مساعدة الأعداء، فاذا لم يقصد ذلك جاز له البيع حال الحرب: ضعيف جدا.

وجه الضعف صراحة رواية الحضرمي، و هند السراج في صورة عدم قصد المساعدة، فمع هذه الصراحة لا يبقى مجال للاختصاص المذكور.

(3) أي و كذا ظاهر الروايات المذكورة شمول عدم جواز بيع السلاح لأعداء الدين حال الحرب و ان لم يعلم البائع استعمال الأعداء السلاح في الحرب.

(4) أي الظن باستعمال الأعداء السلاح حال الحرب يكفي في عدم جواز البيع لهم و ان لم يعلم البائع استعمال الأعداء السلاح في الحرب.

(5) أي و حين أن شملت الروايات المذكورة الواردة في المقام: عدم جواز بيع السلاح للأعداء حتى صورة عدم علم البائع باستعمال الأعداء -

ص: 119

للأخبار (1) المذكورة، و عموم (2) رواية تحف العقول المتقدمة فيقتصر (3)

++++++++++

- السلاح في الحرب: يكون الحكم: و هو عدم جواز البيع مخالفا للأصول المقررة، و القواعد المسلمة، اذ هي تدل على جواز بيع كل شيء. و منها جواز بيع السلاح للأعداء حال الحرب في صورة عدم العلم باستعمالهم لها في الحرب.

لكن انما صير إلى هذه المخالفة، لوجود الأخبار المذكورة هنا و التي لم تذكر.

فهذه الأخبار، و عموم رواية (تحف العقول) في قوله عليه السلام:

أو يقوي به الكفر، أو باب يوهن به الحق سببت مخالفة تلك الأصول و القول بعدم جواز البيع.

ثم إن المراد بالأصول المسلمة قوله تعالى: «أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ» و «تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» و الأصل العقلائي الأولي و هي أصالة الإباحة في الأشياء.

(1) اللام في الأخبار تعليل لوجه المصير إلى الحكم المذكور: و هي حرمة بيع السلاح للأعداء، و ان لم يعلم البائع استعمال الأعداء السلاح في الحرب.

(2) بالجر عطفا على مدخول (لام الجارة) في قوله: للأخبار المذكورة فهو تعليل ثان للمصير إلى الحكم المذكور: و هي حرمة بيع السلاح للأعداء، و ان لم يعلم البائع استعمال الأسلحة في الحرب، أي المصير إلى الحكم المذكور المخالف للأصول المسلمة: هو عموم رواية (تحف العقول) المشار إليه في الهامش 1 ص 123.

و مرجع الضمير في إليه: الحكم المذكور المخالف للأصول.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده آنفا من أن الحكم المذكور: و هي حرمة -

ص: 120

فيه على مورد الدليل: و هو السلاح، دون ما لا يصدق عليه ذلك (1) كالمجن (2) و الدرع (3) و المغفر (4)،

++++++++++

- بيع الأسلحة للأعداء مخالف للأصول، لكن صير إليه لأجل الأخبار المذكورة، و عموم رواية (تحف العقول)، أي فبناء على أن الحكم المذكور مخالف للأصول لا بدّ من الاقتصار على مورد الدليل، و مورد الدليل الوارد في عدم جواز بيع السلاح للأعداء: هي الأسلحة المعدة للقتل، أو الجرح كالسيف و الرمح و السهم و الخنجر و المدية.

و في عصرنا الحاضر تشمل الأسلحة و البنادق، و المدافع و الصواريخ و الطائرات، و السفن الحربية، و كل آلة من الآلات القتالة، فلا يجوز التعدي من هذه الآلات الحربية التى ذكرناها: الى غيرها: من المجن و الدرع و المغفرة، لأن لسان الأخبار المانعة عن بيع السلاح الشاملة لمن لا يعلم باستعمال الأعداء السلاح في الحرب: هو لفظ السلاح.

و من الواضح أن هذه الكلمة لا تشمل المجن و الدرع و المغفرة.

بل تنحصر في الآلات الحربية القتالة الجارحة.

(1) و هو السلاح، فإن المجن و الدرع و المغفر لا يصدق عليه السلاح كما عرفت.

(2) بكسر الميم و فتح الجيم، و تشديد النون: كل شيء يقي الانسان من العدو حال الحرب، و يصونه عن أثر السلاح.

(3) بكسر الدال و سكون الراء: قميص يصنع من زرد الحديد يلبس وقاية من سلاح العدو حال الحرب: جمعه دروع.

(4) بكسر الميم و سكون الغين و فتح الفاء: زرد يلبس تحت القلنسوة وقت الحرب.

و الزرد شبه درع يجعل تحت القلنسوة و يتدلى منه خلف الرقبة.

ص: 121

و ساير ما يكن (1) وفاقا للنهاية، و ظاهر السرائر، و أكثر كتب العلامة و الشهيدين (2) و المحقق الثاني، للأصل (3)، و ما (4) استدل به في التذكرة من رواية محمد بن قيس.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفئتين من أهل الباطل تلتقيان أبيعهما السلاح؟

قال: بعهما ما يكنهما: الدرع و الخفين، و نحو هذا (5).

++++++++++

(1) أي و سائر الأشياء التي تحفظ الانسان في الحرب عن اصابة السلاح له.

و كنّ و زان مدّ مضارعه يكن وزان يمد معناه الحفظ و الصيانة و الوقاية، يقال: كنّ فلان الشيء، أي ستره و حفظه.

(2) عطفا على قوله: وفاقا، أي و وفاقا للشهيدين.

(3) تعليل لخروج المجن و الدرع و المغفر، و سائر ما يكن الانسان عن الاصابة عن مورد الدليل، أي جواز بيع المذكورات للأعداء حال الحرب لأجل الأصل الموجود الذي عرفته في ص 120.

(4) مجرور محلا عطفا على مدخول (لام الجارة) في قوله: للأصل أي خروج المذكورات لأجل الأصل، و لأجل استدلال العلامة في التذكرة برواية (محمد بن قيس).

(5) راجع تذكرة العلامة من طبعتنا الحديثة. الجزء 8. ص 217.

و أما الأخبار فراجع (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 70.

الباب 8 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 3: فإن هذه الرواية صريحة في جواز بيع كل ما يكن الانسان و يصونه في الحرب عن الاصابة.

و المراد من نحو هذا: المجن. و المغفر و ما ضاربهما من الوسائل التي تحفظ الانسان عن الاصابة في الحرب.

ص: 122

و لكن (1) يمكن أن يقال: ان ظاهر رواية تحف العقول اناطة الحكم (2) على تقوي الكفر، و وهن الحق.

و ظاهر قوله عليه السلام في رواية هند: من حمل إلى عدونا سلاحا

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده آنفا: من أن عدم جواز بيع السلاح للأعداء و إن لم يعلم استعماله في الحرب: مخالف للأصول المذكورة فيقتصر فيه على مورد الدليل: و هو السلاح فقط، دون ما لا يصدق عليه اسم السلاح كالمجن و المغفر، و الدرع.

كما استدل على جواز بيع غير السلاح مما يكن في الحرب (العلامة) برواية محمد بن قيس كما عرفت في ص 122.

و حاصل الاستدراك: أن حرمة بيع السلاح للأعداء في الأخبار المذكورة متوقفة و منوطة على وهن الحق، و تقوية الكفر، كما هو صريح قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): أو باب يوهن به الحق أو يتقوى به الكفر و قد مر في ج 1. ص 23-33.

أو على الاستعانة بالسلاح كما هو صريح رواية هند السراج في قوله عليه السلام: من حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به فهو مشرك. و قد ذكر الحديث في ص 115.

فاذا كان الملاك ما ذكرناه فهو بعينه موجود فيما يكن الذي هو الدرع و المجن و المغفر و السرج، لأنها مما يتقوى به الكفر، و يوهن به الحق، و يستعان به للحرب فيحرم حينئذ بيعه للأعداء حال الحرب أيضا بعين الملاك، و لا تختص الحرمة بالسلاح فقط.

(2) المراد من الحكم: الحرمة كما عرفت.

ص: 123

يستعينون به علينا: أن (1) الحكم منوط بالاستعانة و الكل (2) موجود فيما يكن أيضا كما لا يخفى.

مضافا (3) الى فحوى رواية الحكم المانعة عن بيع السروج.

و حملها (4) على السيوف السريجية لا يناسبه صدر الرواية، مع

++++++++++

(1) جملة أن الحكم مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و ظاهر قوله عليه السلام.

(2) و هو تقوي الكفر، و باب يوهن به الحق، و الاستعانة.

(3) أي و بالإضافة إلى ما ذكرناه: من وجود الملاكات الثلاث المذكورة في الهامش 2: فيما يكن: لنا دليل آخر على حرمة بيع ما يكن للأعداء حال الحرب: و هو مفهوم رواية حكم السراج المراد منها رواية الحضرمي.

بيان ذلك: أن قوله عليه السلام: حرم عليكم أن تحملوا إليهم السلاح و السروج يدل على حرمة حمل السروج التي توضع على ظهور الخيول و البغال: و هي ما لا يكن الانسان و لا يحفظه عن اصابة السلاح في الحرب

فاذا كانت مثل هذه محرما بيعها على الأعداء فبالطريق الأولى يكون بيع ما يكن الأعداء في الحرب عن الاصابة كالمجن و الدرع و المغفر حراما.

(4) دفع و هم:

حاصل الوهم: أن المراد من السروج في رواية حكم السراج:

السيوف السريجية المنسوبة إلى رجل اسمه سريج، لا السروج التي تصنع و توضع على ظهور الخيول حتى يقال بوجود مفهوم الوصف لها، و أنه حجة.

ثم يستدل بالمفهوم على حرمة بيع ما يكن للأعداء حال الحرب.

فالرواية آبية عن السروج التي تصنع و توضع على الظهور.

فاجاب (شيخنا الأنصاري) رحمه اللّه عن هذا التوهم بما حاصله:

أن هذا التفسير للسروج لا يتلاءم و صدر الرواية، حيث إن في صدرها: -

ص: 124

كون (1) الراوي سرّاجا.

و أما رواية (2) محمد بن قيس فلا دلالة لها،

++++++++++

- السروج و أداتها، و لا شك أن الأداة الواردة في الحديث: هي لوازم السروج من الركاب، و اللجام، و الرسن، و السيوف السريجية المنسوبة الى الرجل ليس لها أداة كهذه حتى يقال: ان المراد منها: السيوف السريجية المنسوبة إلى الرجل. فتعين أن المقصود من السروج: ما يوضع على ظهر الخيل.

و لا يخفى: أن للسيوف السريجية أداة و هي الغمد، و الحمائل و المقبض.

اذا يمكن أن يراد من السروج: السيوف السريجية.

فلا مفهوم لهذه الرواية حتى يستدل به على حرمة كل شيء يكن الانسان عن أثر السلاح في الحرب بطريق أولى.

نعم يمكن أن يقال: بمنافاة التفسير لذيل الرواية و هو قوله عليه السلام أن تحملوا إليهم السروج و السلاح، حيث إن لفظ السلاح يشمل السيوف أيضا، سواء أ كانت سريجية أم غيرها.

اذا فالذيل ينافي تفسير السروج بالسيوف السريجية فقد يفهم من فحوى الرواية حرمة بيع ما يكن للأعداء أيضا.

(1) مقصود (الشيخ): أن مقتضى هذه المهنة و هي صناعة السروج:

تفسير السروج بمعناها اللغوي الأولي، لا حملها على السيوف المنسوبة الى رجل اسمه سريج، أو سرج.

(2) هذا رد على العلامة، حيث استدل برواية محمد بن قيس على خروج ما يكن و يقي الانسان عن الاصابة في الحرب عن الروايات الدالة على حرمة بيع السلاح للأعداء حال الحرب التى اشير إليها في الهامش 5 ص 122. -

ص: 125

على المطلوب (1)، لأن مدلولها بمقتضى أن التفصيل (2) قاطع للشركة:

الجواز (3) فيما يكن، و التحريم في غيره، مع كون الفئتين من أهل الباطل فلا بد من حملها (4) على فريقين محقوني الدماء، اذ لو كان كلاهما

++++++++++

- و خلاصة الرد: أن سياق رواية محمد بن قيس غير سياق تلك الروايات فإن مورد هذه الرواية فئتان من أهل الباطل، و مورد تلك الروايات محاربة الكفار مع المسلمين فاحدى الطائفتين على الحق، و الاخرى على الباطل

فمورد رواية محمد بن قيس هو الذي أوجب عدم اشتراكها مع الروايات المذكورة و عدم اتحادها مع تلك في الحكم: و هو جواز بيع ما يكن للأعداء حال الحرب.

اذا فلا مجال للاستدلال برواية محمد بن قيس على التفصيل المذكور:

و هو جواز بيع ما يكن للأعداء، و عدم جواز بيع السلاح لهم فيما نحن فيه لخروج ما نحن فيه عن الرواية موضوعا، إذ موضوع هذه الرواية كما عرفت فئتان من أهل الباطل، و موضوع تلك فئتان احداهما مسلمة، و الأخرى كافرة فيختلف حكمهما فيبقى ما نحن فيه على عدم جواز البيع للأعداء حال الحرب مطلقا في السلاح، و فيما يكن.

(1) و هو جواز بيع ما يكن للأعداء حال الحرب كما عرفت آنفا.

(2) و هو جواز بيع ما يكن، و عدم جواز بيع السلاح في قوله عليه السلام: بعهما ما يكنهما: الدرع و الخفين و نحو هذا كما عرفت.

(3) بالرفع خبر لاسم إن في قوله: لأن مدلولها بمقتضى أن التفصيل أي مدلول هذه الرواية الجواز، و مدلول تلك الروايات عدم الجواز لاختلاف الموضوع فيهما كما عرفت.

(4) مقصود الشيخ من هذه الجملة: فلا بد من حملها: أنه بعد أن قلنا بعدم المجال للاستدلال برواية محمد بن قيس على ما نحن فيه: و هو -

ص: 126

أو أحدهما مهدور الدم لم يكن وجه للمنع من بيع السلاح على صاحبه.

فالمقصود (1) من بيع ما يكن منهما: تحفظ كل منهما عن صاحبه

++++++++++

- جواز بيع ما يكن، و عدم جواز بيع السلاح للأعداء حال الحرب، لخروج ما نحن فيه عن موضوع الرواية: فلا بد من حمل الرواية اذا اريد الاستدلال بها لا محالة: على فئتين محقونتي الدماء حتى يصح عدم جواز بيع السلاح لهم حال الحرب، اذ لو لا هذا الحمل لما كان لعدم جواز بيع السلاح للأعداء وجه إذا كانت الفئتان من أهل الباطل مهدوري الدم، أو احداهما.

هذا ما أفاده الشيخ من لزوم الحمل على فئتين محقونتي الدماء لو أريد الاستدلال بالرواية على جواز بيع ما يكن للأعداء حال الحرب.

و لا يخفى أنه بعد صراحة الرواية في كون الفئتين من أهل الباطل لا مجال للحمل المذكور، بالإضافة إلى عدم وجود قرينة حالية، أو مقالية على الحمل.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ من أن موضوع رواية محمد بن قيس تختلف عن موضوع تلك الروايات كما عرفت، أي فبناء على ما ذكرنا يكون المقصود من الرواية جواز بيع ما يكن إلى الفئتين اللتين من أهل الباطل، ليتحفظ كل منهما عن صاحبه.

ثم إن في المسألة صورا ثلاثة:

(الأولى): كون الطائفتين محقوني الدم.

(الثانية): كونهما مهدوري الدم.

(الثالثة): إحداهما محقونة الدم، و الأخرى مهدورة الدم.

أما الصورة الأولى فلا اشكال في عدم جواز بيع السلاح لهما..

لكن يجوز بيع ما يكن لهما.

(و أما الصورة الثانية): فيجوز بيع السلاح لكلا الفريقين. -

ص: 127

و تترسه (1) بما يكن. و هذا (2) غير مقصود فيما نحن فيه، بل تحفظ أعداء الدين عن بأس المسلمين خلاف مقصود الشارع.

فالتعدي عن مورد الرواية إلى ما نحن فيه يشبه القياس مع الفارق (3).

و لعله لما ذكر (4) قيّد الشهيد فيما حكي عن حواشيه على القواعد:

++++++++++

- (و أما الصورة الثالثة): فيجوز بيع السلاح لمحقون الدم.

و أما المهدور الدم فلا يجوز بيع السلاح له.

(1) بفتح التائين المنقوطتين مصدر باب التفعل من تترّس يتترس تترسا يقال: تترّس فلان أي اتخذ الوقاية و التحفظ عن الضرر.

(2) أي جواز بيع ما يكن للفئتين من أهل الباطل غير مقصود ممّا نحن بصدده: و هو أنه هل يجوز بيع ما يكن للكفار المحاربين مع المسلمين أم لا يجوز؟ فالشارع لا يجوّز بيع ما يكن للأعداء حال الحرب، لكون البيع موجبا لتحفظهم و تقويتهم على المسلمين. و هذا خلاف مقصوده اذ مقصود الشارع خذلانهم أمام المسلمين، فلا يجوز التعدي عن مورد الرواية: و هو جواز بيع ما يكن للفئتين من أهل الباطل إلى الكفار، بل يقتصر على موردها: و هما: الفئتان من أهل الباطل، و قد عرفت التفصيل.

(3) اذ لا جامع بين مورد الرواية، و بين ما نحن فيه، لاختلاف موضوعهما، اذ موضوع الرواية فئتان من أهل الباطل، و موضوع ما نحن فيه احدى الفئتين مسلمة، و الأخرى كافرة فليس هناك قدر جامع بينهما كما عرفت فيكون قياسا مع الفارق.

(4) و هو اختلاف مورد الرواية مع ما نحن فيه، و عدم وجود قدر جامع بينهما.

ص: 128

اطلاق (1) العلامة جواز بيع ما يكن بصورة (2) الهدنة، و عدم قيام الحرب.

ثم إن مقتضى (3) الاقتصار على مورد النص عدم التعدي إلى غير أعداء الدين كقطاع الطريق، إلا (4) أن المستفاد من رواية تحف العقول:

++++++++++

(1) مصدر منصوب على المفعولية لقوله: قيّد.

و كلمة جواز منصوبة على أنها مفعول للمصدر و هو اطلاق، أي و لاجل اختلاف مورد الرواية، مع ما نحن فيه قيد (الشهيد الأوّل) قدس سره الإطلاق الوارد في كلام العلامة في جواز بيع ما يكن للأعداء: بصورة الهدنة، لا مطلقا، فإن العلامة اطلق القول بجواز بيع ما يكن و لم يقيده بصورة الهدنة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 8. ص 217 عند قوله: و يجوز بيع ما يكن من النبل لأعداء الدين.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: قيد، أي قيد الشهيد اطلاق الجواز الوارد في كلام العلامة بصورة الهدنة كما عرفت.

(3) أي مقتضى الروايات المذكورة الواردة في عدم جواز بيع السلاح للأعداء حال الحرب: عدم التعدي منهم إلى غيرهم: من قطاع الطريق فيجوز بيع السلاح لهم، حيث إن رواية الحضرمي و هند السراج و علي بن جعفر، و مكاتبة صيقل تصرح بعدم جواز بيع السلاح لأعداء المسلمين حتى لا ينصروا على الاسلام و المسلمين فتقوى شوكتهم.

و أما قطاع الطريق فخارجون عن مورد الروايات.

(4) استدراك عما أفاده آنفا من عدم التعدي عن مورد الروايات الى قطاع الطريق.

و خلاصة الاستدراك: أن الملاك الموجود في رواية (تحف العقول) المشار إليها في ج 1 ص 23-33: و هو قوله عليه السلام: أو يقوى به الكفر -

ص: 129

اناطة الحكم بتقوى: الباطل، و وهن الحق فلعله يشمل ذلك (1).

و فيه (2) تأمل.

ثم إن النهي في هذه الأخبار (3) لا يدل على الفساد فلا مستند

++++++++++

- أو باب يوهن به الحق بعينه موجود في بيع السلاح لقطاع الطريق، لأن البيع لهم يكون سببا لتقوية الكفر، و توهين الحق فعليه يمكن أن تشمل الروايات المذكورة قطاع الطريق فلا يجوز بيع السلاح لهم.

(1) أي قطاع الطريق كما عرفت.

(2) أي و في شمول رواية (تحف العقول) قطاع الطريق بملاحظة وحدة الملاك المذكور: تأمل، حيث إن بيع السلاح على القطاع لا يكون فيه وهن للحق، و لا قوة للباطل بذلك المعنى الموجود في الأعداء.

نعم يمكن القول بتعدي الحكم من الأعداء: و هو عدم جواز بيع السلاح إلى القطاع من باب أن البيع لهم اعانة على الإثم، و على الفساد فيشمله قوله تعالى: وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ .

و قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): أو وجه من وجوه الفساد، و لا شك أن بيع السلاح للقطاع فيه فساد عظيم، و أي فساد أعظم من إراقة الدماء، و نهب الأموال، و هتك النواميس و الأعراض، و إيجاد القلق و الاضطراب و الإرهاب في المسلمين.

(3) و هي رواية الحضرمي المشار إليها في ص 114، و رواية هند السراج المشار إليها في ص 115، و مكاتبة صيقل المشار إليها في ص 116، و رواية (علي بن جعفر) المشار إليها في ص 117 و وصية النبي لعلي صلوات اللّه و سلامه عليهما المشار إليها في ص 118.

و هذه الروايات لا تدل على فساد المعاوضة و بطلانها الذي هو الحكم الوضعي، بل يدل على الحكم التكليفي فقط، لتعلق النهي بأمر خارج: -

ص: 130

له (1) سوى ظاهر خبر تحف العقول الواردة في بيان المكاسب الصحيحة و الفاسدة و اللّه العالم.

النوع الثّالث مما يحرم الاكتساب به: ما لا منفعة فيه محللة معتدا بها عند العقلاء

النوع الثّالث مما يحرم الاكتساب به: ما لا منفعة فيه محللة معتدا بها عند العقلاء و التحريم في هذا القسم (2) ليس إلا من حيث فساد المعاملة، و عدم تملك الثمن، و ليس كالاكتساب بالخمر و الخنزير.

و الدليل على الفساد في هذا القسم (3) على ما صرح به في الايضاح:

كون أكل المال بإزائه أكلا بالباطل.

++++++++++

- و هو تقوي الكفر، و وهن الحق. و هذا أمر خارج عن حقيقة المعاوضة و ماهيتها فلم يتعلق النهي الوارد في الأخبار المذكورة بذات المعاوضة حتى يدل على فسادها.

(1) أي لفساد المعاوضة المذكورة سوى ظاهر رواية (تحف العقول) في قوله عليه السلام: و كل منهي عنه، أو وجه من وجوه الفساد.

(2) و هو الذي يحرم الاكتساب به، لعدم وجود المنفعة المحللة المقصودة فيه، أي الحرمة الواردة في هذا النوع حرمة وضعية تدل على فساد المعاوضة فقط، و ليس فيها حرمة تكليفية. كما يوجد الحكمان: الوضعي و التكليفي في بيع الخمر و الخنزير و ما ضاربهما.

(3) و هو النوع الثالث، أي الدليل على فساد المعاوضة فيه: هو -

ص: 131

و فيه (1) تأمل، لأن منافع كثيرة من الأشياء التى ذكروها في المقام يقابل عرفا بمال و لو قليلا بحيث لا يكون بذل مقدار قليل من المال بإزائه سفها. فالعمدة (2) ما يستفاد من الفتاوى و النصوص: من عدم اعتبار الشارع المنافع النادرة، و كونها في نظره كالمعدومة.

قال (3) في المبسوط: إن الحيوان الطاهر على ضربين:

++++++++++

أكل المال بالباطل، لعدم وجود منفعة محللة مقصودة فيه حتى يبذل بإزائها المال ففي الحقيقة بذل المال ازاء اللاشيء، فتملك البائع الثمن يكون من دون مملك شرعي.

(1) أي في منشأ فساد المعاوضة في النوع الثالث: و هو كون أكل المال أكلا بالباطل تأمل.

و خلاصة وجه التأمل: أن الأمثلة التي ذكرها الفقهاء للنوع الثالث لها منافع كثيرة تقابل بالمال، و يبذل المال بإزائها عرفا و لو كان الذي يقابل بالمال قليلا فلا يكون المال أكلا بالباطل لو بذل ازاء المذكورات.

(2) أي العمدة و المنشأ في حرمة الاكتساب بالمذكورات، و فساد المعاوضة عليها: هي النصوص الواردة في المقام: و الفتاوى الصادرة من الأصحاب الدالتين على عدم اعتبار الشارع هذه المنافع الموجودة في المذكورات التي تعد منافع نادرة، لأن هذه المنافع في نظره كالمعدومة فاذا ثبت من النصوص و الفتاوى عدم اعتبار الشارع مثل هذه المنافع: ثبت أن بذل المال ازاءها يكون بذلا للباطل فيكون أكله حراما.

راجع حول النصوص الواردة في المقام (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 61. الباب 5 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1-2-5 6-7-8-9-12.

(3) هذا تأييد لما أفاده الشيخ من أن المستفاد من الفتاوى و النصوص: -

ص: 132

ضرب ينتفع به. و الآخر لا ينتفع به إلى أن قال: و إن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد و الذئب، و سائر الحشرات مثل الحيات و العقارب، و الفأر و الخنافس و الجعلان (1)، و الحداءة (2) و الرخمة (3)، و النسر (4) و بغاث (5) الطير، و كذلك الغربان (6) انتهى.

++++++++++

- أن المنافع النادرة الموجودة في الأسود و النسور و السباع و ما ضاربها غير معتبرة في نظر الشارع، و أنها ملغاة عن المالية رأسا.

(1) بكسر الجيم و سكون العين: جمع جعل بضم الجيم و فتح العين وزان صرر: نوع من الخنافس يجمع الجعر اليابس و يدخره في بيته

(2) بكسر الحاء و فتح الدال و الهمزة: جمعه حدا بكسر الحاء:

طائر خبيث من جوارح الطيور. و له جمعان آخران: (حدآء) بالمد.

و (حدان) بالنون.

(3) بفتح الراء و الخاء: طائر من طيور الجوارح الكبيرة و هي وحشية الطباع: جمعه رخم بضم الراء و سكون الخاء.

(4) مثلثة النون، و الفتح أشهر و أفصح: طائر من طيور الجوارح حاد البصر، و من أشد الطيور و أرفعها طيرانا، و أقواها جناحا، تخافه كل الجوارح، و هو أعظم من العقاب، له منقار منعقف في طرفه، و له أظفار، لكنه لا يقدر على جمعها.

له كنى مخصوصة: أبو الأبرد، أبو الاصبع، أبو مالك، أبو المنهال أبو يحيى، و الأنثى يقال لها: أم أقشم: يجمع على نسور و أنسر و نسار.

(5) مثلثة الباء: جمع بغاثة مثلثة الباء: طائر أبيض، بطيء الطيران أصغر من الحداءة: يطلق على كل طائر عظيم ليس له مخلب و منقار منعقف.

(6) بكسر الغين و سكون الراء: جمع غراب بضم الغين.

و الغراب أربعة أنواع: -

ص: 133

و ظاهر الغنية الإجماع على ذلك (1) أيضا.

و يشعر به (2) عبارة التذكرة، حيث استدل على ذلك بخسّة تلك الأشياء، و عدم نظر الشارع إلى مثلها في التقويم، و لا يثبت يد لأحد عليها.

++++++++++

- (أسود): يسكن الجبال و الخربات.

(أبقع): و هو المشتمل على البياض و السواد مثل الأبلق في الحيوان (زاغ) و هو أصغر من الغراب ريش بطنه و ظهره أبيض.

(غداف) بضم الغين و فتح الدال: غراب كبير ضخم الجناحين أصغر من غراب الزرع: جمعه غدفان بكسر الغين و سكون الدال.

راجع حول هذه الحيوانات (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. من ص 373-375.

(1) أي على أن ما لا منفعة فيه لا يجوز بيعه، فالجواز و العدم عنده دائران مدار وجود الانتفاع و عدمه، فان وجد جاز البيع، و إلا فلا.

(2) أي بهذا الاجماع المذكور في الغنية.

و خلاصة الاستدلال على عدم جواز بيع الأعيان المذكورة: أنها خسيسة، و ما كانت خسيسة لا يهتم الشارع بها فلا مالية لها عنده حتى تتقوم و يبذل بإزائها المال فيكون أكل المال أكلا بالباطل.

ثم أفاد العلامة في المقام: أنه لا تثبت يد لأحد على هذه الأعيان لو وضعت عليها و صارت في تصرفاته، لعدم ماليتها.

ثم قال: إن الخواص الموجودة فيها، و التى سببت كونها منافع لا تعد مالا، و إن عدت هذه الخواص منافع فلا يجوز بذل المال ازاءها.

ثم قال: و كذا عند (الشافعي)، أي لا يجوز بيع هذه الأشياء عند الشافعي أيضا، فقوله: عند الشافعي دليل على أن المسألة اجماعية عند (الشيعة الامامية) و متفق عليها.

ص: 134

قال: و لا اعتبار بما ورد في الخواص من منافعها، لأنها لا تعد مع ذلك مالا، و كذا عند الشافعي انتهى (1).

و ظاهره (2) اتفاقنا عليه.

و ما ذكره (3) من عدم جواز بيع ما لا يعد مالا مما لا اشكال فيه.

++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 17.

ص 20-21.

و المراد من قوله في المصدر: لا تعد مع ذلك مالا: أن هذه الأشياء مع تلك الخواص الموجودة فيها لا تعد أموالا.

(2) أي ظاهر قول (العلامة) في المصدر المذكور: و كذا عند الشافعي يعطي اتفاق (الامامية) على ذلك، لأن معنى و كذا عند الشافعي أن الامامية متفقة على ذلك كما عرفت.

(3) من هنا كلام (الشيخ) يريد النقاش مع العلامة فيما استدل به على عدم جواز بيع الأعيان المذكورة، لكونها خسيسة لا فائدة فيها يبذل بإزائها المال.

و خلاصة النقاش: أن الكلام تارة فيما لا مالية له عند العقلاء.

و أخرى فيما عدوه من مصاديق ما لا مالية له و من صغرياته.

(أما الأوّل): فلا كلام و لا اشكال عند أحد من الفقهاء في عدم جواز بيعه اذا ثبت أنه لا مالية له، لأن بذل المال ازاءه بذل للمال ازاء اللاشيء فيكون أكله أكلا بالباطل، لأن المبذول ليس له مالية مقصودة عند العقلاء حتى يبذل بإزائه المال، فما يأخذه البائع لا يصير ملكا له.

(و أما الثاني) فهو محل الكلام و الحوار بين الفقهاء، إذ جعل الأشياء المذكورة من صغريات تلك الكبرى الكلية المسلمة: و هو عدم -

ص: 135

و انما الكلام فيما عدوه من هذا (1).

قال (2) في محكي إيضاح النافع. و نعم ما قال: جرت عادة الأصحاب بعنوان هذا الباب (3)، و ذكر (4) أشياء معينة على سبيل المثال.

فإن كان ذلك (5) لأن عدم النفع مفروض فيها فلا نزاع.

و ان كان (6) لأن ما مثّل به لا يصح بيعه، لأنه محكوم بعدم

++++++++++

- جواز بيع ما لا مالية له: محل الخلاف، فبعض أفاد كونها من صغريات المسألة و بعض أفاد عكس ما أفاده هذا.

إذا يكون النزاع صغرويا، لا كبرويا.

(1) أي من صغريات تلك الكبرى الكلية كما عرفت آنفا.

(2) من هنا أخذ الشيخ في نقل كلمات الأعلام فيما ادعاه: من أنه لا نزاع في الكبرى الكلية، بل النزاع في جعل الأشياء المذكورة من مصاديقها و صغرياتها.

(3) و هو باب ما لا منفعة له الذي صيغ النوع الثالث له.

(4) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بعنوان هذا الباب، أي و جرت عادة الأصحاب في النوع الثالث بذكر أشياء معينة على سبيل المثال.

و المراد من الأشياء: الأسود و النسور، و الغربان و الجعلان، و الذئاب و الحشرات، و الديدان، و الحيات و العقارب.

(5) أي عدم جواز بيع الأشياء المذكورة.

هذا راجع إلى أن الكبرى التى ذكرناها مسلمة لا نزاع فيها، اي إن كان منع بيع المذكورات لأجل عدم وجود منفعة فيها فعدم جواز بذل المال مما لا اشكال و لا نزاع فيه، حيث إن بذل المال ازاءه بذل ازاء اللاشيء

(6) اسم كان يرجع إلى عدم جواز بيع الأشياء المذكورة. هذا راجع -

ص: 136

الانتفاع فالمنع متوجه في أشياء كثيرة انتهى.

و بالجملة فكون الحيوان من المسوخ، أو السباع، أو الحشرات لا دليل على كونه كالنجاسة مانعا.

فالمتعين فيما اشتمل منها (1) على منفعة مقصودة للعقلاء: جواز البيع

++++++++++

- الى منع كون الأشياء المذكورة من صغريات تلك الكبرى الكلية و من مصاديقها.

و خلاصته: أن منع بيع المذكورات ان كان لأجل عدم الانتفاع بها فهو أوّل الكلام، اذ مجرد كون حيوان من المسوخ، أو من الحشرات لا دليل على أنها مثل الأعيان النجسة في عدم جواز بيعها، لأن هذه الحيوانات و الحشرات إن كان لها منافع محللة مقصودة عند العقلاء فلا شك في جواز بيعها، و المعاوضة عليها، و بذل المال ازاءها.

و من الواضح أن لهذه الحيوانات و الحشرات منافع مقصودة عند العقلاء و هي لا تحصى.

خذ لذلك مثالا:

إن العقارب اذا اجتمعت في مكان كالقارورة مثلا، و بقيت هناك مدة من الزمن إلى أن يؤخذ منها دهن، فهذا الدهن يستفاد به للقروح و الجروح، و لدغ العقارب كما هو المعروف.

و كذلك النسر، فإنه يؤخذ و يعلّم و يدرّب على الصيد فيصطاد به الغزلان.

و هكذا بقية الحيوانات، فإن لها قابلية للتعلّم و التدرب فمع وجود هذه المنافع كيف يمكن أن يقال بعدم وجود مالية لهذه الحيوانات و الحشرات و أنها ليست قابلة لبذل المال ازاءها.

(1) أي من هذه الحيوانات و الحشرات المشتملة على منفعة مقصودة عند العقلاء.

ص: 137

فكل ما (1) جازت الوصية به لكونه مقصودا بالانتفاع للعقلاء فينبغي جواز بيعه إلا ما دل الدليل على المنع فيه تعبدا.

و قد صرح (2) في التذكرة بجواز الوصية بمثل الفيل و الاسد، و غيرهما من المسوخ و الموذيات، و ان منعنا عن بيعها.

و ظاهر هذا الكلام (3) أن المنع من بيعها على القول به للتعبد لا لعدم المالية.

ثم إن ما تقدم منه (4) قدس سره: من أنه لا اعتبار بما ورد في الخواص من منافعها، لأنها لا تعد مالا مع ذلك: يشكل بأنه اذا

++++++++++

(1) يريد الشيخ أن يستدل بجواز الوصية بالحيوانات و الحشرات:

على جواز بيعهما، بالإضافة إلى ما أفاده قبلا من الأدلة.

و خلاصة ما أفاده: أن الفقهاء صرحوا بجواز الوصية بالحيوانات و الحشرات، لكونهما مشتملتين على منافع مقصودة عند العقلاء.

و من الواضح أن هذه المنافع موجودة فيهما لو بيعتا فيجوز بيعهما لوحدة الملاك.

(2) هذه احدى تصريحات الفقهاء على جواز الوصية بالحيوانات و الحشرات جاء بها الشيخ تأييدا لمذهبه من جواز بيع الحيوانات و الحشرات

راجع (تذكرة الفقهاء). الطبعة الحجرية. كتاب الوصية. الفصل الرابع في الموصى به. المطلب الأوّل في الوصية بالمال.

(3) أي ظاهر كلام العلامة بقوله: و ان منعنا عن بيعه: أن منشأ عدم جواز بيع مثل الفيل و الأسد و غيرهما هو التعبد المحض ليس إلا و لو لا التعبد لسرى الجواز في بيعها، لوحدة الملاك في الوصية و البيع؛ و هو وجود المنافع المحللة المقصودة فيها، و ليس وجه المنع عدم وجود مالية فيها.

(4) أي من العلامة في قوله: و لا اعتبار بما ورد في الخواص -

ص: 138

اطلع العرف على خاصية في احدى الحشرات معلومة بالتجربة، أو غيرها فأي فرق بينها، و بين نبات من الأدوية علم فيه تلك الخاصية؟

و حينئذ (1) فعدم جواز بيعها، و اخذ (2) المال في مقابلها بملاحظة

++++++++++

- من منافعها، لأنها لا تعد مع ذلك مالا. و قد مضت هذه العبارة في ص 135.

يقصد الشيخ بقوله: ثم إن ما تقدم منه: الاشكال على العلامة.

و خلاصة الاشكال: أن العرف اذا اطلع على خواص مهمة في الحشرات و الحيوانات بأي طريق كان، سواء أ كان بواسطة التجربة أم بواسطة المبادي العلمية الاكتشافية كما في عصرنا الحاضر: فلما ذا لم تكن هذه الخواص منشأ لمالية الحيوانات و الحشرات.

كما صارت هذه الخواص المكتشفة في النباتات المتخذة منها الأدوية و العقاقير منشأ لمالية الأدوية. و قد تبذل الملايين من النقود ازاءها كل يوم و شهر و عام، لأنها الوحيدة المستعملة في معالجة الأمراض و العاهات.

فهل هناك فرق بين هذه الخواص و تلك الخواص فيجوز بذل المال ازاء خواص النباتات الموجودة في الأدوية، و لا يجوز بذل المال ازاء الخواص الموجودة في الحيوانات و الحشرات؟ تلك اذا قسمة ضيزى.

(1) أي و حين أن اطلع العرف على خاصية معينة لإحدى الحشرات كاطلاعه على خاصية معينة للأدوية و العقاقير فعدم جواز بيع هذا الشيء الذي أصبح ذا خاصية معينة: يحتاج إلى دليل خاص، لأنه لا مبرر لخروجه عن الجواز بعد أن كان الملاك فيه، و في العقاقير و الأدوية واحدا.

(2) بالجر عطفا على مدخول (جواز) أي و عدم جواز أخذ المال في مقابل هذا الشيء الذي له خاصية معينة يحتاج إلى دليل خاص. -

ص: 139

تلك الخاصية يحتاج إلى دليل، لأنه حينئذ (1) ليس أكلا للمال بالباطل.

و يؤيد ذلك (2) ما تقدم في رواية التحف: من أن كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك حلال بيعه إلى آخر الحديث.

و قد أجاد في الدروس حيث قال (3): ما لا نفع فيه مقصودا للعقلاء كالخشار (4) و فضلات الانسان.

++++++++++

- و مرجع الضمير في بيعها. و مقابلها: احدى الحشرات التي لها خاصية معينة كما عرفت في الهامش 4 من ص 138-139.

(1) أي لأنه حين أن صارت احدى الحشرات ذات خاصية معينة لا يكون أكل المال بإزائها أكلا للمال بالباطل، بل هو أكل للمال في مقابلة منفعة محللة مقصودة عقلائية، و فائدة ثابتة كالمنفعة الثابتة في الأدوية و العقاقير.

(2) أي و يؤيد أن المال هنا ليس أكلا للمال بالباطل: عموم قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): (كل شيء يكون فيه الصلاح من جهة من الجهات)، و لا شك أن احدى الحشرات، أو الأشياء المذكورة التي وجدت فيها خاصية معينة تكون ذات مصلحة فيشملها العموم المذكور، لأن كلمة (شيء) في الرواية جنس الأجناس يشمل حتى الحشرات.

(3) أي قال في موضوع ما لا يصح بيعه باعتبار عدم مالية ما لا نفع فيه مقصودا للعقلاء. فمفهومه أن الذي فيه نفع مقصود للعقلاء، جاز بيعه، فأناط الجواز و العدم مدار الانتفاع و عدمه.

(4) بضم الخاء الردي من كل شيء.

و في بعض نسخ الكتاب بالحاء المهملة.

و جملة: ما لا نفع فيه في قول صاحب الدروس: مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم المذكور في الدروس

ص: 140

و عن التنقيح ما (1) لا نفع فيه بوجه من الوجوه كالخنافس و الديدان

و مما ذكرنا (2) يظهر النظر فيما ذكره في التذكرة من الإشكال في جواز بيع العلق الذي ينتفع به لامتصاص (3) الدم،

++++++++++

(1) كلمة (ما الموصولة) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قول صاحب التنقيح و هو الفاضل المقداد.

(2) أي عن (الدروس و التنقيح): يظهر الاشكال على ما أورده العلامة في التذكرة: على جواز بيع العلق و الديدان ببيان أنهما قليلا الانتفاع فيشبهان بما لا منفعة فيه فلا يجوز بذل المال ازاءهما، لكونه بذلا ازاء الباطل فيشملهما عموم قوله تعالى: «وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» البقرة: الآية 188.

و أما وجه نظر الشيخ على ما أورده العلامة على العلق و الديدان:

أن العلق له فائدة تامة عقلائية مقصودة: و هو امتصاص الدم الزائد من الانسان احتفاظا عن السكتة القلبية، و عن فساد الدم حتى لا يبتلى بالأمراض الجلدية، فليست هذه فائدة نادرة لا تعد عند العقلاء من الفوائد و أما ديدان القز فلها فائدتان:

(احداهما) قبل موتها: و هو خروج الابريسم من فمها.

(و ثانيتهما) بعد موتها: و هو اصطياد السمك بها اذا جعلت في شص فالفوائد المترتبة على العلق و الديدان فوائد عامة مقصودة للعقلاء ليست بنادرة حتى لا يصح بيعهما فهما خارجتان عما لا نفع فيه.

اذا يشملهما جواز البيع في كلام صاحب الدروس و التنقيح.

و لا يخفى أن هذا الجواز بعينه جار في ذباب النحل.

(3) هذا وجه نظر الشيخ على العلامة في اشكاله على جواز بيع العلق و الديدان. -

ص: 141

و ديدان (1) القز التي يصاد بها السمك، ثم استقرب (2) المنع فقال، لندور الانتفاع فيشبه ما لا منفعة فيه، اذ (3) كل شيء فله نفع ما انتهى.

أقول: و لا مانع من التزام جواز بيع كل ما له نفع ما.

و لو فرض الشك في صدق المال على مثل هذه الأشياء (4) المستلزم

++++++++++

- و قد عرفته آنفا بقولنا: و أما العلق فله فائدة تامة.

و أما ديدان القز فلها فائدتان.

(1) بالجر عطفا على كلمة البيع الواقعة في قوله: في جواز بيع العلق، أي و مما ذكرنا يظهر النظر فيما ذكره العلامة في التذكرة من الاشكال على جواز بيع الديدان.

(2) أي العلامة في التذكرة استقرب منع بيع الديدان و العلق.

ببيان أن المنفعة الموجودة فيهما نادرة لا توجب ماليتهما حتى يبذل بإزائها المال فيشبهان ما لا منفعة فيه من حيث عدم جواز بيعهما، لكون أكل المال فيهما أكلا للمال بالباطل.

(3) تعليل من العلامة لكون المنفعة النادرة في لعلق و الديدان لا توجب ماليتهما و خلاصته: أنه لو كانت المنفعة النادرة فيهما موجبة لماليتهما ليصح بذل المال ازاءهما: لأصبح كل شيء في العالم له مالية يصح بذل المال ازاءه لأن له منفعة نادرة فتكون موجبة لماليته.

(4) و هي الأشياء التي لها المنافع النادرة.

و كلمة المستلزم مرفوعة صفة للشك في قوله: و لو فرض الشك.

و حاصل ما أفاده الشيخ في عدم المانع من جواز بيع كل ما له منفعة نادرة: أن الشك في مالية الأشياء التي فيها المنافع النادرة مستلزم للشك في كونها من أفراد البيع و مصاديقها فتكون الشبهة مصداقية فلا يمكن إلحاقها بالكبرى الكلية: و هو عموم قوله تعالى: «أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ» و جعلها -

ص: 142

للشك في صدق البيع: أمكن (1) الحكم بصحة المعاوضة عليها، لعمومات (2)

++++++++++

- من مصاديقها، بل لا بد في صحة معاوضة هذه الأشياء من ادراجها تحت قاعدة كلية أخرى غير هذه الكبرى الكلية كما هو الحكم في الشبهات المصداقية.

خذ للشبهات المصداقية مثالا:

اذا اشتبه المتولد من طاهر و نجس العين كالشاة و الكلب بحيث لا يصدق اسم احدهما عليه عرفا، فإنه حينئذ لا يمكن إلحاقه بالكلب من حيث النجاسة حتى يعامل معه معاملة الكلب من حيث الأكل و الشرب و الاستعمال للاشتباه في كونه مصداقا للكلب.

و لا يمكن إلحاقه بالشاة من حيث الطهارة حتى يعامل معه معاملة الشاة من حيث الأكل و الشرب و الاستعمال، للاشتباه في كونه من مصاديق الشاة.

ففيما نحن فيه بعد الشك في صدق المالية على هذه الأشياء التى منافعها نادرة نشك في كونها من أفراد البيع فلا يمكن إلحاقها بأفراد البيع و القول بأنها داخلة تحت تلك الكبرى الكلية «أحلّ اللّه البيع» فلا يصح التمسك في حلية بيعها بهذه القاعدة الكلية، للاشتباه في كونها من مصاديقها.

اذا نرجع في صحة معاوضة هذه الأشياء و حليتها: الى عمومات أخرى نتمسك بها في المقام التي لم يعتبر في تحققها خارجا صدق البيع.

و قد أشار الشيخ إلى تلك العمومات بأسرها، و نحن نشير إلى كل واحد منها برقم خاص عند ما يذكرها.

(1) جواب ل: (لو الشرطية) في قوله: و لو فرض الشك أي لو فرض الشك في صدق كون الأشياء من أفراد البيع أمكن دخول هذه الأشياء تحت عمومات أخرى غير عموم أحل اللّه البيع.

(2) هذه بداية الشروع في ذكر العمومات التي أفادها الشيخ، و يقصد -

ص: 143

التجارة و الصلح (1) و العقود (2)،

++++++++++

- من ذكرها الحاق الأشياء التي لها منافع نادرة بها حتى تصح المعاوضة عليها.

فمن تلك العمومات: عموم التجارة في قوله تعالى: «إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» .

كيفية الاستدلال: أن المعاوضة على هذه الأشياء التي فيها منافع نادرة نوع تجارة فتشملها الآية الكريمة، لأن جميع شرائط التجارة المعتبرة في المتعاقدين موجودة في هذه المعاوضة، سوى صدق المالية عليها و هي غير معتبرة فيها، لأنها ليست كالبيع المعتبر في تحقق مفهومه خارجا المالية حيث قال صاحب المصباح المنير في تعريف البيع: إنه مبادلة مال بمال.

(1) هذا ثاني العمومات التي يقصد الشيخ من ذكرها لتصح المعاوضة على ما له منفعة نادرة.

و العموم في الصلح قوله صلى اللّه عليه و آله: و الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا.

و قوله عليه السلام: الصلح جائز بين المسلمين.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 164. الباب 3. من أحكام الصلح. الحديث 2-1.

فإن المعاوضة على ما له منفعة نادرة اذا وقعت بعنوان الصلح يشمله ذاك العموم.

(2) هذا ثالث العمومات التي يقصد الشيخ من ذكرها ليلحق ما له منفعة نادرة يشك في ماليته بهذا العموم، لتصح المعاوضة عليه، أي و يشمل ما نحن فيه عموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، حيث إن المعاوضة على ماله منفعة نادرة يشك في ماليته: عقد من العقود الواقعة في الخارج، و جميع -

ص: 144

و الهبة (1) المعوضة، و غيرها (2)، و عدم (3) المانع، لأنه ليس إلا أكل المال بالباطل، و المفروض عدم تحققه هنا.

++++++++++

- مقتضيات العقد من شرائط المتعاقدين موجود فيه، و المانع مفقود، سوى المالية في المعوض و هو غير معتبر في مفهوم العقد.

(1) هذا رابع العمومات التي يقصد الشيخ من ذكرها ليلحق ما له منفعة نادرة يشك في ماليته بها، لتصح المعاوضة عليه أي و يشمل ما نحن فيه عموم قول (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في الهبة المعوضة:

من وهب هبة يريد بها عوضا كان له الرجوع فيها إن لم يعوض، فمفهوم الرواية: أن من عوّض في الهبة ليس له الرجوع فيها.

و كذلك قوله عليه الصلاة و السلام: و الهبة جائزة حيزت أو لم تحز إلا لذوي القرابة، و للذي يثاب في هبة.

و مراده عليه السلام من و للذي يثاب: الواهب الذي يعوض عن هبة.

راجع نفس المصدر. ص 341. الباب 9 من أحكام الهبات. الحديث 1 فهذان الحديثان يشملان ما نحن فيه لو وقعت المعاوضة على ما لا منفعة فيه بأن يهبه ما لا نفع فيه بشرط أن يهبه الآخر شيئا من المال.

(2) بالجر عطفا على مجرور (لام الجارة) في قوله: لعمومات التجارة، أي و لغير عمومات التجارة من العمومات الاخرى الدالة على صحة معاوضة هذه الأشياء المذكورة التي لها نفع نادر.

(3) بالجر عطفا على مجرور (لام الجارة) في قوله: لعمومات التجارة، أي و نحكم بصحة المعاوضة على هذه الأشياء التي لها نفع نادر لعدم وجود مانع من ذلك، لأن المانع المتصور: هو أكل المال بالباطل حيث إن النفع فيها نادر و قليل جدا فلا يوجب بذل المال بإزائها.

و قد علمت أن المفروض الالتزام بمالية هذه الأشياء و ان كان نفعها -

ص: 145

فالعمدة (1) في المسألة: الاجماع على عدم الاعتناء بالمنافع النادرة:

و هو (2) الظاهر من التأمل في الأخبار أيضا مثل ما دل على تحريم بيع ما يحرم منفعته الغالبة، مع اشتماله على منفعة نادرة محللة. مثل قوله صلى اللّه عليه و آله: (لعن اللّه اليهود حرّمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها) (3) بناء على أن للشحوم منفعة نادرة محللة على اليهود، لأن (4) ظاهر تحريمها

++++++++++

- قليلا فلا يكون المال أكلا بالباطل، فالمقتضي لبذل المال بإزائها موجود و هي العمومات المذكورة و المانع عن صحة المعاوضة عليها مفقود.

(1) أي العمدة و الأساس في مسألة حرمة الاكتساب بما لا نفع فيه الذي هو المقصود من النوع الثالث: هو الاجماع على عدم الاعتبار و الاعتناء بالمنفعة النادرة القليلة، لا الآيات المذكورة، و لا الأخبار الواردة التي تمسك بها الخصم، فإن الإجماع قائم على أن المنفعة النادرة لا توجب بذل المال ازاء الشيء الخسيس القليل.

(2) أي عدم الاعتناء و الاهتمام بالمنافع النادرة الخسيسة هو ظاهر الأخبار الواردة عن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام أيضا لمن تأمل و تعمق في هذه الأخبار.

(3) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 427. الحديث 1 و بقية الحديث: إن اللّه اذا حرم على قوم أكل شيء حرم ثمنه.

هذا أحد الأحاديث الدالة على عدم اعتناء الشارع بالمنفعة النادرة لأنها معدومة عنده ليست قابلة لبذل المال ازاءها.

ثم لا يخفى عليك أن الاستدلال بالحديث على المدعى: و هو عدم اعتناء الشارع بالمنفعة النادرة مبني على أن للشحوم منفعة نادرة محللة على اليهود كتصبينها، و لو لا البناء المذكور لما صح الاستدلال به على المدعى.

(4) تعليل لأن للشحوم منفعة نادرة محللة على اليهود. -

ص: 146

عليهم تحريم أكلها، أو سائر منافعها المتعارفة فلو لا أن النادر (1) في نظر الشارع كالمعدوم لم يكن وجه للمنع عن البيع (2) كما لم يمنع الشارع عن بيع ما له منفعة محللة مساوية للمحرمة في التعارف و الاعتداد، إلا أن يقال:

المنع فيها (3) تعبد، للنجاسة، لا من حيث عدم المنفعة المتعارفة. فتأمل (4).

++++++++++

- و خلاصة التعليل: أن منشأ تحريم الشحوم على اليهود: أحد الأمرين:

إما الأكل، لأنه المناسب له.

و إما سائر المنافع المتعارفة عندهم، لا جميعها حتى النادرة كمنفعة التصبين مثلا.

(1) أي المنفعة النادرة كالتصبين، و لو لا انها كانت في نظر الشارع معدومة و غير معتبرة لم يكن هناك دليل لمنع بيع الشحوم.

(2) و هي المنافع الكثيرة المتعارفة.

(3) أي اللهم إلا أن يقال:

استدراك عما أفاده من أن منشأ تحريم الشحوم على اليهود أحد الأمرين:

و خلاصة الاستدراك: أنه يمكن أن يقال: إن علة التحريم و منشأه هو التعبد المحض و هي النجاسة، لا عدم مالية المنفعة النادرة التى لم يعتبرها الشارع.

(4) لعل وجه التأمل: أن النجاسة لا تكون مانعة عن البيع، إذ كثير من الأشياء النجسة يباح بيعها، فالمانع عن البيع هو عدم مالية المنفعة النادرة في الشحوم.

و قد تقدم من الشيخ التصريح بجواز بيع النجس.

راجع الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 263. عند قوله: و لكن التأمل يقضي بعدم جواز الاعتماد في مقابل أصالة الاباحة:

على شيء مما ذكر.

ص: 147

و أوضح من ذلك (1) قوله عليه السلام في رواية تحف العقول في ضابط ما يكتسب به: و كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فذلك كله حلال بيعه و شراؤه إلى آخر حديث تحف العقول إذ لا يراد منه مجرد المنفعة، و إلا (2) يعم الأشياء كلها.

و قوله (3) في آخره: إنما حرم اللّه الصناعة التي يجيء منها الفساد

++++++++++

(1) أي و أوضح من الحديث النبوي الدال على أن المنفعة النادرة لا تعد منفعة، و أنها في نظر الشارع معدومة: قوله عليه السلام في رواية (تحف العقول): يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات.

وجه الأوضحية أنه لا يراد من كلمة الصلاح مجرد المنفعة النادرة القليلة حتى يصح بذل المال ازاءه، بل المراد منها المنافع المتعارفة المتداولة فإن هذه فيها الصلاح للعباد يصح لهم بذل المال ازاءها، و لو كانت المنفعة النادرة هو المراد من الصلاح لعم الصلاح كل الأشياء، إذ ما من شيء إلا و له منفعة نادرة، فعليه يصح بذل المال ازاء كل شيء له منفعة نادرة و ليس الأمر كذلك.

ثم لا يخفى أنه يمكن أن يقال بعدم أوضحية رواية (تحف العقول) على المطلوب من الحديث النبوي، لأن التنوين في كلمة جهة تنوين تنكير و هو يشمل حتى المنفعة النادرة القليلة.

(2) أي و ان اريد من الصلاح المنفعة النادرة لعم الصلاح الأشياء كلها كما عرفت في الهامش 1.

(3) عطف على قوله: و أوضح من ذلك، أي و أوضح من الحديث النبوي الدال على أن المنفعة النادرة لا اعتبار لها عند الشارع: قول الامام عليه السلام في آخر حديث (تحف العقول) الذي ذكرناه في الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 23-33.

ص: 148

محضا نظير كذا و كذا إلى آخر ما ذكره، فإن كثيرا من الأمثلة المذكورة هناك لها منافع محللة، فإن الأشربة المحرمة كثيرا ما ينتفع بها في معالجة الدّواب، بل المرضى فجعلها (1) مما يجيء منه الفساد محضا: باعتبار (2) عدم الاعتناء بهذه المصالح، لندرتها (3)، إلا أن الاشكال في تعيين المنفعة النادرة، و تميزها عن غيرها (4) فالواجب الرجوع في مقام الشك إلى أدلة التجارة (5)، و نحوها (6) مما ذكر.

++++++++++

(1) مرجع الضمير: الأشربة المحرمة.

(2) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله:

فجعلها أي جعل الأشربة المحرمة من الأشياء التي يجيء منها الفساد محضا:

باعتبار عدم الاعتناء بهذه المصالح، لأنها نادرة في نظر الشارع لا يلتفت إليها فلا مالية لها حتى يبذل بإزائها المال.

(3) تعليل لعدم الاعتناء بهذه المصالح التى كثيرا ما ينتفع بها في معالجة الدواب و المرضى، أي عدم الاعتناء بهذه المصالح لأجل ندرتها.

(4) و هي المنافع المتعارفة غير النادرة.

(5) و هو قوله تعالى: «إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» و قوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» .

(6) أي و نحو أدلة التجارة، و أدلة العقود: العمومات الواردة في الصلح و الهبة المعوضة التى ذكرناها في الهامش 1-2. ص 144. و قلنا، إنه عند الشك في كون المنفعة النادرة من مصاديق البيع يرجع إلى هذه العمومات المذكورة، لا إلى قاعدة أحل اللّه البيع، لكونها شبهة مصداقية.

و لا يخفى أننا لم نعرف لحد الآن المقصود من المنفعة النادرة هل المراد منها التافهة، أو المهمة، إذ قد تكون المنفعة النادرة مهمة جدا كما اذا استعملت في معالجة المريض، و الأمثلة التي ذكرها (شيخنا الأنصاري) -

ص: 149

و منه (1) يظهر أن الأقوى جواز بيع السباع، بناء على وقوع التذكية عليها (2)، للانتفاع البين بجلودها، و قد نص في الرواية على بعضها (3) و كذا (4) شحومها و عظامها.

++++++++++

- تعم كلا الطرفين: المنفعة النادرة التافهة. و المنفعة النادرة المهمة، و ان كان الأقوى و القدر المتيقن منها: المنافع النادرة التافهة.

(1) أي و مما ذكرنا سابقا من أن الشك في كون المنفعة النادرة من مصاديق البيع موجب للرجوع إلى عمومات التجارة و العقود، و إلى عمومات الصلح و الهبة، لا إلى عموم أحل اللّه البيع، لأنها شبهة مصداقية.

(2) لا يخفى أنه بناء على وقوع التذكية على السباع تكون المنفعة كثيرة فيها، لا نادرة فحينئذ تخرج عن الشبهة المصداقية، و تدخل في أفراد البيع فتشملها أدلته: و هو قوله تعالى: أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

(3) أى على بعض هذه المنافع.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 16. ص 388. الباب 3 من أبواب الأطعمة المحرمة. الحديث 4.

أليك نص الحديث:

قال: سألته عن لحوم السباع و جلودها.

فقال: أما لحوم السباع، و السباع من الطير و الدواب فإننا نكرهها.

و أما جلودها فاركبوا عليها، و لا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه.

و لا يخفى أن عدم جواز الصلاة في جلود السباع، و السباع من الطير لأجل أنها جلود ما لا يؤكل لحمه.

و المراد من بعضها بعض المنافع: و هو الركوب على جلود السباع و افتراشها و النوم عليها، و لبسها في غير حالة الصلاة.

(4) أي و كذا شحوم السباع و عظامها فلها فوائد يرجع في حلية بيعها -

ص: 150

و أما لحومها فالمصرح به في التذكرة عدم الجواز (1)، معللا بندور المنفعة المحللة المقصودة منه (2) كاطعام الكلاب المحترمة، و جوارح الطير.

و يظهر (3) أيضا جواز بيع الهرة: و هو (4) المنصوص في غير واحد من الروايات، و نسبه (5) في موضع من التذكرة إلى علمائنا، بخلاف القرد، لأن المصلحة المقصودة منه: و هو حفظ المتاع نادر.

++++++++++

- الى العمومات المذكورة: من التجارة و الصلح و الهبة المعوضة، و غيرها كما عرفت.

(1) أي عدم جواز بيعها.

(2) أي من لحم السباع، و المراد من الكلاب المحترمة: كلب الصيد و الماشية و الزرع و الحائط فإطعام لحوم السباع لهذه الكلاب منفعة نادرة.

و كذا اطعامها لجوارح الطير اذا كانت محترمة بأن كانت معلّمة.

(3) أي مما ذكرنا من أن الشك في كون المنفعة النادرة من مصاديق البيع، و أن المرجع هي العمومات المذكورة: يظهر جواز بيع الهرة.

و المنفعة النادرة في الهرة: هو أخذها في البيت لقتل الحيات و العقارب و سائر الهوام و الفأرة.

(4) أي جواز بيع الهرة هو المنصوص في الأخبار الواردة.

راجع نفس المصدر. الجزء 12. ص 83. الباب 14 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 3. أليك نص الحديث.

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت ثم قال: لا بأس بثمن الهرة.

(5) أي جواز بيع الهرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 17 عند قوله: الخامس لا بأس ببيع الهرة عند علمائنا.

ص: 151

ثم اعلم أن عدم المنفعة المعتد بها يستند تارة إلى خسة الشيء (1) كما ذكر من الأمثلة في عبارة المبسوط. (راجع ص 132)

و أخرى إلى قتله كجزء يسير من المال لا يبذل في مقابله مال كحبة حنطة.

و الفرق أن الاول (2) لا يملك و لا يدخل تحت اليد كما عرفت من التذكرة (3)، بخلاف الثاني (4) فانه يملك، و لو غصبه غاصب كان عليه مثله إن كان مثليا (5)، خلافا للتذكرة فلم يوجب شيئا (6) كغير المثلي.

++++++++++

(1) بأن تكون المنافع تافهة لا فائدة فيها.

(2) و هي المنافع الخسيسة التافهة التي لا فائدة فيها، فإنها لا تكون ملكا لأحد لو وضعت اليد عليها، لا بالحيازة و لا بغيرها.

(3) راجع نفس المصدر. ص 21 عند قوله: لخستها، و عدم التفات نظر الشرع إلى مثلها في التقويم، و لا تثبت الملكية لأحد عليها.

(4) و هي المنافع القليلة كجزء يسير من المال كحب حنطة.

(5) لأن الضمان بالمثل و المثلي متوفر.

(6) أي قال بعدم الضمان في الشيء القليل اليسير لو غصبه غاصب ثم تلف، سواء أ كان المغصوب مثليا أم قيميا.

كما أن الجزء الصغير اليسير القيمي اذا غصب و تلف لا ضمان له:

لعدم قيمة له حتى يضمن.

راجع نفس المصدر. ص 20 عند قوله: فإن اخذت وجب الرد فإن تلفت فلا ضمان، لأنه لا مالية لها.

ص: 152

و ضعّفه (1) بعض بأن اللازم حينئذ عدم الغرامة فيما لو غصب صبرة تدريجا.

و يمكن (2) ان يلتزم فيه كما يلتزم في غير المثلي. فافهم (3).

++++++++++

(1) أي ضعّف بعض الفقهاء ما ذهب إليه العلامة: من عدم الضمان في المثلي القليل، كما ذهب إلى عدم الضمان في القيمي القليل.

و الباء في قوله: بأن اللازم بيان لوجه الضعف.

و خلاصة وجه الضعف: أن لازم قول العلامة من عدم الضمان في المثلي القليل كحب حنطة: أن الانسان لو غصب صبرة من طعام أو شيئا آخر تدريجا ثم أتلفه: عدم ضمان لهذه الصبرة المغصوبة شيئا فشيئا ثم التالفة، مع أنه لم يقل أحد بذلك حتى العلامة نفسه.

(2) دفاع من (شيخنا الأنصاري) عن (العلامة) في الاشكال الوارد عليه من بعض الفقهاء، حيث ضعّف دليله.

و خلاصة الدفاع: امكان الالتزام بضمان هذا المثلي الذي غصب شيئا فشيئا و تدريجا بما التزمناه: من ضمان القيمي القليل لو غصبه شيئا فشيئا فاجتمع عنده حتى صدق أنه مال

فكما أن هذا المقدار من القيمي القليل الذي اجتمع عند الغاصب شيئا فشيئا حتى صار مالا يصدق عليه اسم المالية، و اصبح الغاصب ضامنا له.

كذلك من غصب شيئا مثليا من صبرة تدريجا حتى اجتمعت عنده يكون ضامنا لهذا المثلي الذي سرق و غصب تدريجا ثم تلف فهو مثل القيمي القليل الذي اجتمع شيئا فشيئا ثم تلف.

(3) لعله اشارة إلى أن هذا الدفاع لا يكون ردا على المضعف، حيث إنه يقول: إن لازم قول العلامة عدم الضمان في المغصوب تدريجا مهما بلغ

ص: 153

ثم إن منع حق الاختصاص في القسم الأوّل (1) مشكل، مع عموم قوله صلى اللّه عليه و آله: من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحق به (2)، مع عد (3) أخذه قهرا ظلما عرفا.

++++++++++

(1) و هو عدم جواز بذل المال في مقابل الشيء الذي لا منفعة فيه لخسته، لعدم تعلق الغرض العقلائي و الرغبة العقلائية فيه.

(2) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 3. ص 149. الباب 41 الحديث 4، فالحديث عام يشمل ما لا مالية فيه، سواء أ كان قليلا أم خسيسا فيثبت حق الاختصاص، و يتفرع عليه حق الضمان.

(3) هذه الجملة: مع عد اخذه قهرا ظلما عرفا من العبارات المحتاجة إلى التفسير إعرابا و معنى.

أليك التفسير إعرابا: كلمة مع منصوبة على الظرفية و قيد لقوله:

مشكل، و مضافة إلى كلمة عد، و هي مضافة إلى الضمير، و مرجع الضمير في أخذه: القسم الأوّل: و هو ما لا مالية فيه لخسته.

و كلمة قهرا منصوبة على أنها مفعول مطلق لقوله: أخذه، و كلمة ظلما منصوبة على أنها مفعول ثان لقوله: أخذه، و كلمة عرفا منصوبة على الظرفية، أي في العرف.

و أما معنى العبارة فهكذا: أي منع حق الاختصاص في القسم الأوّل و هو ما لا مالية فيه لخسته مشكل، لأن العرف يرى أن أخذ هذا الشيء الخسيس من صاحبه بالقهر يعد من الظلم.

ص: 154

النوع الرّابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه

اشارة

النوع الرّابع (1) ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه (2)، و هذا النوع و ان كانت أفراده هي جميع الأعمال المحرمة القابلة لمقابلة المال بها في الإجارة و الجعالة و غيرهما (3)، إلا أنه جرت عادة الأصحاب بذكر كثير مما من شأنه الاكتساب به من المحرمات، بل و لغير ذلك مما لم يتعارف الاكتساب به كالغيبة و الكذب (4) و نحوهما.

و كيف كان (5) فنقتفي آثارهم بذكر أكثرها في مسائل مرتبة بترتيب حروف أوائل عنواناتها إن شاء اللّه.

++++++++++

(1) أي النوع الرابع من الاكتساب المحرم.

(2) أي لا تكون حرمته لاجل ترتب شيء آخر عليه و من باب المقدمة، بل حرمته نفسية ذاتية.

(3) من الصلح و البيع و الهبة المعوضة، و غيرها من المعاوضات المالية.

(4) فإن الغيبة و الكذب، و نحوهما من النميمة و التشبيب مما لم يتعارف الاكتساب بها، و لم توضع للاكتساب.

(5) أي سواء جرت العادة في الاكتساب بالأشياء المذكورة في النوع الرابع أم لم تجر العادة بالاكتساب بها فنحن نقتفي آثارهم، و نقتدي بهم، و نذكر ما ذكروه بعنوان المكاسب المحرمة و ان كان قسم منها غير -

ص: 155

..........

++++++++++

- موضوعة للاكتساب بها كالنميمة و التشبيب، و الكذب و الغيبة، و السحر و الشعوذة و نذكر كل واحد من هذه المواضع في مسألة مستقلة حسب أوائل عنواناتها مثلا نذكر الغيبة في حرف الغين، و التميمة في حرف النون، و السحر في حرف السين، و التنجيم في حرف التاء. و هكذا.

ص: 156

تدليس الماشطة

ص: 157

ص: 158

المسألة الأولى تدليس الماشطة

المسألة الأولى تدليس الماشطة (1) المرأة التي يراد تزويجها، أو الأمة التي يراد بيعها حرام (2) بلا خلاف كما عن الرياض.

و عن مجمع الفائدة (3) الاجماع عليه، و كذا (4) فعل المرأة ذلك بنفسها.

قال في المقنعة: و كسب المواشط (5) حلال اذا لم يغششن، و لم يدلسن

++++++++++

(1) بصيغة المؤنث اسم فاعل من باب المفاعلة من ماشط يماشط مماشطة.

و معناه: احتراف المرأة المشاطة، أي تزيين الماشطة المرأة التي يقصد زواجها حينما تخطب، ليرغب في تزوجها.

أو تتزين هي، لتحصل الرغبة في تزوجها.

و كذلك الامة تتزين، ليرغب في شرائها.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: تدليس الماشطة، أي تدليس الماشطة حرام.

(3) كتاب في الفقه للمولى (المقدس الأردبيلي).

(4) أي تدلسن نفسها بيديها عند ما تخطب، ليرغب إليها من يخطبها أو تدلس حتى يرغب إليها و ان لم تخطب فهذا العمل حرام أيضا، لأنه تدليس، اذ هذه العملية لا تختص بالماشطة.

(5) جمع ماشطة وزان كواعب كوارث جمع كاعبة كارثة.

ص: 159

في عملهن فيصلن (1) شعور النساء بشعور غيرهن من الناس، و يشمن (2) الخدود، و يستعملن ما لا يجوز في شريعة الاسلام، فإن وصلن شعرهن بشعر غير الناس لم يكن بذلك بأس انتهى.

و نحوه بعينه عبارة النهاية.

و قال في السرائر في عداد المحرمات: و عمل المواشط بالتدليس: بأن يشمن الخدود و يحمرنها (3)، و ينقشن بالأيدي و الأرجل، و يصلن شعر النساء بشعر غيرهن، و ما جرى مجرى ذلك (4) انتهى.

و حكي نحوه عن الدروس و حاشية الارشاد.

++++++++++

(1) هذه الجملة: فيصلن شعور النساء بشعور غيرهن: تفسير للتدليس و الغش من النساء اللاتي يردن الزواج، ليرغب إليهن الرجال.

(2) فعل مضارع اسند إلى نون النسوة من وشم يشم وشما وزان وعد يعد وعدا أعلّ مضارعه إعلال يعد، إذ اصله يوشم.

و معناه: تغريز البدن بالإبرة مع وضع غبار عليه ليكتسب البدن به لونا خاصا يشبه الخضرة ليتراءى زينة حسب بعض الأذواق كما هي العادة عند نساء القرى و الأرياف، و بئست الأذواق هذه.

نعم لو كانت الوشمة الصناعية على بعض أماكن البدن كالخد و الشفتين و الذقن و المنحر: لكانت مما يحسن المرأة، و لها طلابها.

(3) فعل مضارع اسند إلى نون النسوة من باب الإفعال.

و كذلك ينقشن فعل مضارع اسند إلى نون النسوة من باب التفعيل.

(4) أي و ما جرى مجرى تحمير الوجه، و تلوينه، و تنقيشه، و ايصال الشعر من العمليات التي تخص النساء، و توجب تجميلهن و تزيينهن.

ص: 160

و في عد و شم الخدود من جملة التدليس تأمل (1)، لأن الوشم في نفسه زينة.

++++++++++

(1) مرفوع على أنه مبتدأ مؤخر خبره قوله: و في عد وشم الخدود و وجه التأمل: أن وشم الخد عبارة عن ايجاد خال صناعي في احد الخدين و من المعلوم أن هذه العملية مما يوجب حسنا و جمالا و بداعة في معاني المرأة و ملامحها المطلوبة فيها كثرة التحسنات و التجملات. فاذا أوجد الوشم خالا صناعيا فيها فقد حدث فيها بسببه جمال صناعي، و حسن صوري: بالإضافة الى ملامحها الطبعية.

و كم للشعراء من أهل الذوق و العرفان غزليات حول هذه الوشمة الطبيعية اذا كانت موجودة في الانسان.

قال شاعرنا الكبير المرحوم (السيد رضا الهندي) أعلى اللّه مقامه في قصيدته الرائية الشهيرة ب: (الكوثرية) في مدح (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام:

أ مفلّج ثغرك أم جوهر *** و رحيق رضا بك أم سكّر

قد قال لثغرك صانعه: *** إنّا أعطيناك الكوثر

***

و الخال بخدّك أم مسك *** نقّطت به الورد الأحمر

أم ذاك الخال بذاك الخد *** فتيت الند على مجمر

***

عجبا من جمرته تذكو *** و بها لا يحترق العنبر

فمثل هذا الخال الصناعي، سواء أ كان من عمل الماشطة أم من فعل المرأة بنفسها لنفسها.

و سواء أ كان على الخد أم على الشفة أم على المنحر أم على الذقن: -

ص: 161

و كذا التأمل (1) في التفصيل بين وصل الشعر بشعر الانسان، و وصله

++++++++++

- لا يكون تدليسا و غشا، حيث إنه من الأمور الظاهرة التي تتراءى، و لا يكون مخفيا على أحد و لا سيما لونه يختلف مع لون الخال الطبيعي، فالمرأة التي تقصد خطبتها مثل هذه المرأة ترى الخال على خدها و ليست بعمياء حتى يكون هذا العمل تدليسا و غشا، و قد عرفت أن الخفاء و الإخفاء هو المأخوذ في مفهوم لفظ الغش و التدليس.

ثم إن هذا الخال بعد وجوده يكون من الأمور الثابتة في خد المرأة أو في أي مكان آخر من أماكن تحسينها و تجميلها حتى الموت، و ليس يذهب بعد الزواج و الخطبة حتى يكون تدليسا و غشا.

هذا بالإضافة إلى أن الوشم بنفسه من الأمور المحسنة في المرأة كما عرفت، و لذا اعترف (شيخنا الأعظم الأنصاري) قدس اللّه سره بذوقه الطبيعي بقوله: لأن الوشمة بنفسه زينة.

و هذا أمر طبيعي لا ينكره كل من كان من أهل الذوق.

اللهم إلا أن يكون من أهل العناد و اللجاج.

نعم هناك نقوش تحصل بواسطة الوشم في بدن المرأة على صدرها و ظهرها و بطنها و يديها من المنكب إلى رءوس الأصابع، و رجليها يستعملها نساء البوادي و القرى حسب عقولهن القاصرة. اعتقادا منهن أنها زينة و جمال لهنّ مع أنها تشوه منظرهن الطبيعي.

و لا يخفى أن هذا النوع من الوشم لا يعد غشا و تدليسا أيضا، لأنه غير خفي على المرأة التي تخطب مثل هذه المرأة المستوشمة، لظهوره في بدنها

و قد عرفت أن الخفاء و الإخفاء مأخوذ في مفهوم الغش و التدليس.

(1) أي و كذا يأتي التأمل في التفصيل بين وصل شعر الانسان بشعر المرأة في كونه تدليسا. -

ص: 162

بشعر غيره، فإن ذلك لا مدخل له في التدليس و عدمه.

إلا أن يوجه الأوّل (1) بأنه قد يكون الغرض من الوشم حدوث نقطة خضراء في البدن حتى يتراءى بياض سائر البدن و صفاؤه أكثر مما كان يرى لو لا هذه النقطة.

و يوجه الثاني (2) بأن شعر غير المرأة لا يلتبس على الشعر الأصلي للمرأة فلا يحصل التدليس به، بخلاف شعر المرأة (3).

و كيف كان (4) يظهر من بعض الأخبار المنع عن الوشم، و وصل الشعر بشعر الغير.

و ظاهرها المنع و لو في غير مقام التدليس ففي مرسلة ابن أبي عمير عن رجل عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: دخلت ماشطة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال لها: هل تركت عملك، أو أقمت عليه؟

++++++++++

- و بين وصل شعر غير الانسان من الحيوانات المذكورة بشعر المرأة في كونه ليس تدليسا.

(1) و هو وشم الخدود بتغريز الإبرة في بدن المرأة.

(2) و هو التفصيل بين وصل شعر المرأة بشعر امرأة أخرى فتدليس.

و بين وصل شعر غير الانسان من الحيوانات بشعر المرأة فلا يكون تدليسا.

(3) حيث إن وصل شعر امرأة بشعر امرأة أخرى يحصل به التدليس لشباهته بشعر المرأة نفسها.

(4) أي سواء أ كان المراد من وصل الشعر: وصل شعر المرأة أم غيرها، و سواء أ كان يعد هذا الوصل تدليسا أم لا: فظاهر بعض الأخبار الآتية المنع عن هذا الوشم، و عن وصل هذا الشعر و ان لم يكن في مقام التدليس و الغش.

ص: 163

فقالت: يا رسول اللّه أنا أعمله إلا أن تنهاني عنه فانتهي عنه.

فقال: افعلي فاذا مشطت فلا تجلي الوجه بالخرقة، فإنها تذهب بماء الوجه، و لا تصلي شعر المرأة بشعر امرأة غيرها.

و أما شعر المعز فلا بأس به بأن يوصل بشعر المرأة (1).

و في مرسلة الفقيه: لا بأس بكسب الماشطة ما لم تشارط، و قبلت ما تعطى، و لا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها.

و أما شعر المعز فلا بأس بأن يوصله بشعر المرأة (2).

و عن معاني الأخبار بسنده عن علي بن غراب عن (جعفر بن محمد) عن آبائه عليهم السلام قال: لعن (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله النامصة و المنتمصة، و الواشرة و الموتشرة، و الواصلة و المستوصلة، و الواشمة و المستوشمة.

قال الصدوق: قال علي بن غراب: النامصة التي تنتف (3) الشعر

++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 94. الباب 19 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 2.

و لا يخفى أن الحديث في المصدر، و في الكافي. الجزء 5. ص 119 الحديث 2، و في التهذيب. الجزء 6. ص 359-360. الحديث 152 ليس فيه جملة: و أما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة.

نعم إنها موجودة في مرسلة الفقيه، فلعل التكرار من اشتباه نساخ المكاسب.

(2) راجع (من لا يحضره الفقيه). الجزء 3 ص 98. الحديث 26

(3) من باب ضرب يضرب، و معناه: النزع، يقال: نتف شعره أو ريشه أي نزعه.

ص: 164

و المنتمصة التي يفعل ذلك بها، و الواشرة التي تشمر أسنان المرأة و تفلجها (1) و تحددها، و الموتشرة التي يفعل ذلك بها، و الواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، و المستوصلة التي يفعل ذلك بها، و الواشمة التي تشم و شما في يد المرأة، أو في شيء من بدنها: و هو أن تغرز بدنها، أو ظهر كفها (2) بإبرة حتى تؤثر فيه ثم تحشوها بالكحل، أو شيء من النورة

++++++++++

(1) من باب منع يمنع، و معناه: التباعد.

يقال: فلجت أسنانه، أي تباعدت.

و المقصود من الواشرة: أنها تصنع بأسنان المرأة عملية توجب رفع الاتصالات الموجودة بينها، و بهذه العملية تزيد حسنا و كمالا في ملامحها الطبيعية حسب نظرياتها.

و حيث إن هذه العملية المذكورة تسبب رفع الغلاف المعبر عنه (بالميناء) الذي هو فوق الأسنان، و بهذا الرفع تتوقف عملية المضغ و تحدث تلفا في الأسنان: نهى (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله:

عن الاقدام عليها.

(2) و لا يخفى أن الوشم على ظهر الكف، أو مكان آخر من البدن عدا الخدين و الشفة، و المنحر و الذقن موجب للتشويه في البدن، و كراهة المنظر، بالإضافة إلى الأذى الذي يلحق المرأة في العملية هذه كما عرفت

و من المحتمل أن الغبار الذي يوضع على البدن و يدخل فيه بسبب الإبرة يوجب تسمما في الدم، أو تضررا فيه فيجري هذا الدم المتسمم في العروق فيحدث أضرارا فيه.

و لعل من جملة علة التحريم هذا.

و كم لهذه الأحكام من العلل قد خفيت علينا و لم تبلغها عقولنا القاصرة -

ص: 165

فتخضر، و المستوشمة التي يفعل بها ذلك (1).

و ظاهر بعض الأخبار كراهة الوصل و لو بشعر غير المرأة مثل ما عن عبد اللّه بن الحسن قال: سألته عن القرامل.

قال: و ما القرامل؟

قلت صوف تجعله النساء في رءوسهن.

قال: ان كان صوفا فلا بأس، و ان كان شعرا فلا خير فيه من الواصلة و المستوصلة (2).

و ظاهر بعض الأخبار الجواز مطلقا (3) ففي رواية سعد الإسكاف قال: سئل (أبو جعفر) عليه السلام عن القرامل التي تضعها النساء في رءوسهن يصلنه بشعورهن.

قال: لا بأس على المرأة بما (4) تزينت به لزوجها.

++++++++++

- و لعل الأجيال القادمة تكتشف لنا أسرارها.

و في هذا الحديث الشريف من الحكم و الأسرار التي هي من أعلام النبوة و دلائلها الواضحة: ما لا يخفى على القارئ النبيل.

(1) (معاني الأخبار). الطبعة الحروفية (بطهران) عام 1379 ص 249-250.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 95. الباب 19 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 5. فجملة: لا خير فيه في قوله عليه السلام:

دالة على الكراهة.

(3) أي سواء أ كان شعر المرأة أم غيرها.

(4) فكلمة (ما الموصولة) تدل على العموم، أي سواء أ كان ما تتزين بها صوفا أم شعرا.

ص: 166

قال: فقلت له: بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لعن الواصلة و المستوصلة.

فقال: ليس هناك (1) انما لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم الواصلة التى تزني في شبابها فاذا كبرت قادت النساء إلى الرجال فتلك الواصلة (2).

و يمكن الجمع بين الأخبار (3) بالحكم بكراهة وصل مطلق الشعر كما

++++++++++

(1) اي ليس مقصوده صلى اللّه عليه و آله كما ذهب وهمك:

من أن الواصلة هي المرأة التي تصل شعر المرأة، أو شعر غيرها بشعر امرأة اخرى.

بل المراد من الواصلة: المرأة الزانية في شبابها، و القوادة في كبرها بأن تقود النساء للرجال اذا كبرت.

(2) نفس المصدر. ص 94. الحديث 3.

(3) اي الجمع بين هذه الأخبار الدال بعضها على جواز وصل شعر المرأة بشعر امرأة اخرى، كما في رواية سعد الإسكاف في قوله عليه السلام:

لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها.

و بين الأخبار الدال بعضها على المنع، سواء أ كان المنع بصورة التحريم كما في مرسلة ابن أبي عمير في قوله صلى اللّه عليه و آله: و لا تصلي شعر المرأة بشعر امرأة غيرها.

أم كان المنع بصورة الكراهة كما في رواية عبد اللّه بن الحسن في قوله عليه السلام: و ان كان شعرا فلا خير فيه: من الواصلة و المستوصلة.

و طريق الجمع بين هذه الأخبار الواردة في موضوع واحد: أن نحكم بكراهة وصل مطلق الشعر، سواء أ كان من المرأة أم من غيرها كما في رواية عبد اللّه بن الحسن، فإن كلمة شعرا في قوله عليه السلام: و ان كان شعرا فلا خير -

ص: 167

في رواية عبد اللّه بن الحسن، و شدة (1) الكراهة في الوصل بشعر المرأة

و عن الخلاف و المنتهى الاجماع على أنه يكره وصل شعرها بشعر غيرها رجلا كان (2)، أو امرأة.

و أما ما (3) عدا الوصل مما ذكر في رواية،

++++++++++

- فيه تدل على مطلق الشعر، سواء أ كان الشعر شعر المرأة أم شعر غيرها.

و نحكم بشدة الكراهة في وصل شعر المرأة بشعر امرأة أخرى كما في مرسلة ابن ابي عمير في قوله صلى اللّه عليه و آله: و لا تصلي شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، فلا يراد من النهي معناه الحقيقي الذي هو طلب ترك ايجاد الفعل مع المنع من الفعل.

اذا لا منافاة بهذا الجمع بين هذه الأخبار الدال بعضها على الجواز و بعضها على المنع كما عرفت.

(1) بالجر عطفا على مدخول (باء الجارة) في قوله: بكراهة أي و بالحكم بشدة الكراهة في وصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها كما عرفت آنفا

(2) اسم كان يرجع إلى (غير) في قوله: وصل شعرها بشعر غيرها، أي يكره وصل شعر المرأة بشعر غيرها، سواء أ كان الغير رجلا أم امرأة.

(3) دفع وهم. حاصل الوهم: أنه في الجمع بين هذه الأخبار الدال بعضها على الجواز، و بعضها على المنع: حكمتم بكراهة وصل مطلق الشعر كما في رواية عبد اللّه بن الحسن.

و بشدة الكراهة كما في مرسلة ابن ابي عمير: بمعنى أن الأخبار المانعة تحمل على الكراهة.

فما تحكمون في رواية معاني الأخبار في قوله عليه السلام: لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله النامصة و الواشرة، و الواشمة، و الواصلة، حيث -

ص: 168

معاني الأخبار فيمكن (1) حملها أيضا على الكراهة، لثبوت (2) الرخصة

++++++++++

- إن الرواية المذكورة تدل على حرمة الأمور الأربعة التي منها الواصلة:

و هي المرأة التي تصل شعر امرأة بشعر امرأة اخرى، لشمول اللعن هذه الأمور الأربعة.

اذا يبقى التضارب بين الأخبار الواردة في المقام على حاله.

(1) هذا جواب عن الوهم المذكور:

و حاصله: أنه يمكن حمل ما عدا الوصل و هو النمص و الوشر و الوشم على الكراهة أيضا كما حملنا رواية معاني الأخبار على الكراهة.

و الدليل على ذلك: ثبوت جواز هذه الأشياء في رواية (سعد الإسكاف) في قوله عليه السلام: لا بأس على المرأة بما تزينت لزوجها، بناء على افادة كلمة ما الموصولة العموم، فيكون هذا العموم موجبا لحمل ما عدا الوصل على الكراهة أيضا.

و الخلاصة: أن نظم الكلام في الجميع من النامصة و الواشرة و الواشمة و الواصلة واحد، فإن كان الحكم في الواصلة الكراهة ففي الجميع الكراهة و ان لم يكن كذلك فظاهره حرمة الجميع، لمكان اللعن، و اللعن بغير مرتكب الحرام لا يليق. و مرجع الضمير في حملها: (ما الموصولة) في قوله: ما عدا الوصل، و التأنيث باعتبار معنى ما الموصولة، أي و يمكن حمل ما عدا الوصل: و هو النمص و الوشم و الوشر على الكراهة كما عرفت.

(2) اللام تعليل لامكان حمل ما عدا الوصل على الكراهة، أي الدليل على إمكان حمل المذكور: ثبوت جواز مطلق الزينة، سواء أ كانت وصلا أم نمصا أم و شرا أم و شما: للمرأة لزوجها كما عرفت فمن نفي البأس عن مطلق الزينة للمتزوجة نستكشف الكراهة فيما عدا الوصل من الأمور -

ص: 169

من رواية سعد الإسكاف في مطلق الزينة، خصوصا مع صرف الامام (1) للنبوي الوارد في الواصلة عن ظاهرها المتحد سياقا (2) مع سائر ما ذكر

++++++++++

- الثلاثة المذكورة في الحديث النبوي المشار إليه في الهامش 3 ص 168، فيحمل اللعن هنا على غير الطرد و الابعاد: و هي الكراهة.

(1) هذه العبارة: (خصوصا مع صرف الامام) لتأكيد الحمل المذكور، أي و يكون الحمل على الكراهة مؤكدا خصوصا مع صرف الامام كلمة الواصلة الواردة في الحديث النبوي: عن معناها الظاهري.

ببيان: أن السائل يسأل الامام عن القرامل التي يضعها النساء في رءوسهن فيقول الامام عليه السلام: لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها، ثم يقول السائل في مقام الاستغراب و الاستعجاب من جواب الامام: بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: لعن الواصلة و المستوصلة.

فأجاب الامام عليه السلام: ليس هناك إنما لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الواصلة التي تزني في شبابها، فاذا كبرت قادت النساء إلى الرجال فصرف الامام عليه السلام كلمة الواصلة عن معناها الظاهري الذي هو وصل شعر امرأة بشعر امرأة اخرى، و حملها على معناها الغير الظاهري التي هو زناء المرأة في شبابها، و قيادتها النساء إلى الرجال اذا كبرت:

قرينة على الحمل المذكور: و هو الحمل على الكراهة كما عرفت.

(2) و قد عرفت معنى اتحاد السياق في الهامش 1. ص 169 عند قولنا:

و الخلاصة أن نظم الكلام في الجميع من النامصة و الواشمة، و الواشرة و الواصلة واحد.

ص: 170

و لعله (1) أولى من تخصيص الرخصة بهذه الأمور (2)، مع أنه (3)

++++++++++

(1) أي و لعل حمل ما عدا الواصلة و هو النمص و الوشم و الوشر على الكراهة: أولى من ارتكاب التخصيص في عموم الرخصة و الجواز المستفاد من كلمة (ما الموصولة) في قوله عليه السلام: لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها، فاذا لم نحمل ما عدا الواصلة على الكراهة نضطر الى تخصيص العام، و رفع اليد عن عمومه، و القول بعدم جواز تزيين المرأة لزوجها بالمذكورات.

و قد قيل قديما و حديثا: إنه اذا دار الأمر بين التخصيص و غيره فعدم التخصيص أولى، ففيما نحن فيه الحمل على الكراهة أولى من التخصيص المذكور، لأن التخصيص موجب لصرف العام عن عمومه، و استعماله في الخصوص فيكون مجازا.

ثم لا يخفى أن هذا الحمل يكون بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة و هو النمص و الوشم و الوشر.

و أما بالنسبة إلى الواصلة فقد عرفت أن الامام عليه السلام قد صرفها عن ظاهرها، و أراد منها خلاف معناها الظاهري، و لو لا الصرف المذكور لكانت تحمل على الكراهة أيضا، و لا سيما أنها متحدة سياقا مع زميلاتها كما عرفت في الهامش 1 من ص 169.

(2) و هو النمص و الوشم و الوشر و الوصل كما عرفت آنفا.

(3) هذا تنازل من الشيخ.

و خلاصة التنازل: أنه لو لم نحمل ما عدا الواصلة على الكراهة و نغض النظر عن صرف الواصلة عن ظاهرها، و خصصنا عموم جواز تزيين المرأة لزوجها بالأمور الأربعة المذكورة بأن قلنا: إنه يجوز للمرأة أن تتزين لزوجها بما شاءت و شاء، عدا تزيينها بالأمور الأربعة: النامصة و الواشمة -

ص: 171

لو لا الصرف لكان الواجب إما تخصيص الشعر بشعر المرأة، أو تقييده (1) بما اذا كان هو، أو إحدى أخواته (2) في مقام التدليس فلا دليل على تحريمها (3) في غير مقام التدليس كفعل (4) المرأة المزوجة ذلك لزوجها، خصوصا (5) بملاحظة ما في رواية على بن جعفر عن اخيه عليه السلام

++++++++++

- و الواشرة، و الواصلة، و قلنا: إن المراد من الواصلة هو معناها الظاهري و هو وصل شعر المرأة بشعر امرأة اخرى: فلا بد لنا من القول بأحد الأمرين لا محالة على سبيل منع الخلو:

إما تخصيص حرمة وصل الشعر بوصل شعر امرأة اخرى.

و إما تقييد الوصل و احدى زميلاته الأخرى الواردة في الرواية:

بالوصل الذي تكون المرأة في مقام الغش و التدليس لا مطلقا حتى و إن لم تكن في مقام الغش و التدليس.

(1) أي تقييد الشعر المراد منه حرمة وصله بامرأة اخرى كما عرفت آنفا.

(2) أي أخوات الواصلة: و هو النمص و الوشم و الوشر.

(3) أي على تحريم الأمور الأربعة المذكورة بنحو مطلق و لو لم تكن المرأة في مقام الغش و التدليس.

(4) مثال للمنفي و هو أن المرأة اذا لم تكن في مقام التدليس و الغش لم يحرم عليها ما ذكر من الأمور الأربعة كالمرأة المتزوجة، فإن كل ما تصنعه من الزينة لزوجها حلال كما عرفت في الهامش 1 ص 169 و الهامش 1 ص 171.

و كذلك المرأة غير المتزوجة اذا لم تكن في مقام التدليس لا يحرم عليها ما ذكر، حيث إن الملاك و المناط في التحريم: هو الغش و التدليس في مقام التزويج.

(5) هذه العبارة: (خصوصا بملاحظة رواية علي بن جعفر) عن أخيه عليهما السلام: جاء بها الشيخ تأكيدا لمدعاه: و هو عدم وجود -

ص: 172

عن المرأة تحف (1) الشعر عن وجهها.

قال: لا بأس (2)، و هذه (3) أيضا قرينة على صرف اطلاق لعن

++++++++++

- دليل على تحريم الأمور الأربعة المذكورة بنحو مطلق.

و خلاصة التأكيد: أن جواب الامام عليه السلام للسائل عن المرأة تحف عن وجهها الشعر: (لا بأس) كما في الرواية المشار إليها في الهامش 2 يدل على عدم تحريم ما تفعله المرأة من الأمور الأربعة المذكورة اذا لم تكن في مقام التدليس فتحمل الأمور المذكورة على الكراهة.

(1) بصيغة المعلوم من حفّ يحف حفا. وزان مدّ يمد مدا.

و معناه: ازالة الشعر عن وجه المرأة بأي نحو كان سواء أ كان بنحو النتف أم بنحو آخر كوضع طوز خاص، أو معجون خاص على الوجه ليأخذ كل ما في الوجه ليجعله حسنا ليزداد في جمال المرأة كما في عصرنا الحاضر.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 95. الباب 19 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 8.

(3) أي حديث (علي بن جعفر) عليهما السلام قرينة على صرف اطلاق لعن النامصة عن ظاهره في النبوي: بإرادة المرأة المدلسة و الغشّاشة منها، لا مطلق النامصة، فاللعن الوارد هناك راجع إلى مثل هذه المرأة التي كانت في مقام الغش و التدليس، لا من تصل شعر امرأة بشعر امرأة اخرى.

كما أن رواية سعد الإسكاف قرينة على أن المراد من الواصلة الواردة فى الحديث النبوي المشار إليه في ص 164: المرأة الزانية في شبابها، و القائدة للنساء إلى الرجال في كبرها.

ص: 173

النامصة في النبوي عن ظاهره: بإرادة (1) التدليس، و الحمل (2) على الكراهة.

نعم قد يشكل الأمر (3) في وشم الأطفال من حيث إنه ايذاء لهم بغير مصلحة، بناء على أن لا مصلحة فيه لغير المرأة المتزوجة إلا (4)

++++++++++

(1) الباء في بإرادة التدليس بيانية لكيفية صرف اطلاق اللعن عن ظاهره كما عرفت.

(2) هذا هو الشق الثاني للنامصة، اذ شقها الأوّل صرف اللعن الوارد فيها: الى أن المرأة اذا كانت في مقام الغش و التدليس، لا مطلقا.

و المعنى: أنه اذا لم نقصد الصرف المذكور من اطلاق كلمة اللعن الوارد في النامصة عن ظاهره: بحمله على المدلسة و الغشّاشة فلا بد من حمل النامصة على الكراهة.

(3) و هو الحكم بكراهة الوشم في بدن الأطفال، لأنه ايذاء لهم فيكون حراما: بالإضافة إلى عدم وجود مصلحة في هذه العملية للأطفال.

بخلاف المرأة، فانها اذا كانت مزوجة و أرادت التزيين لزوجها بالوشم جاز لها ذلك، لوجود المصلحة في هذه العملية لها: و هو إيجاد الروعة الموجب لازدياد الجمال فيها الذي هو أمر مستحسن مطلوب، و لا سيما اذا كان الزوج ممن يرغب إلى هذه الأمور.

و إلى المعنى الذي ذكرناه اشار الشيخ بقوله: بناء على أن لا مصلحة فيه لغير الزوجة المزوجة.

(4) هذا الاستثناء راجع إلى الوشم، و ليس متعلقا بالمرأة المتزوجة فان التدليس لا يتصور في حقها بعد الزواج، حيث إنها تقدم على العملية لزوجها، لا لأجل انها تدلس.

و المعنى أنه لا مصلحة للوشم في المرأة غير المتزوجة إلا اذا كانت في مقام -

ص: 174

التدليس بإظهار شدة بياض البدن و صفائه بملاحظة النقطة الخضراء الكدرة في البدن.

لكن الانصاف أن كون ذلك (1) تدليسا مشكل، بل ممنوع، بل هو (2) تزيين للمرأة من حيث خبط البياض بالخضرة، فهو تزيين، لا موهم لما ليس في البدن واقعا من البياض و الصفاء.

نعم مثل نقش الأيدي و الأرجل بالسواد يمكن أن يكون الغالب فيه إرادة ايهام بياض البدن و صفائه (3).

و مثله (4) الخط الأسود فوق الحاجبين، أو وصل الحاجبين بالسواد لتوهم طولهما و تقوسهما.

++++++++++

- الغش و التدليس، لأنها بهذه العملية تقصد اظهار شدة بياض بدنها و صفائه ليرغب إليها حتى تخطب.

(1) أي الوشم بذاك المعنى: و هو تغريز البدن، أو الوجه بالإبرة لإظهار شدة البياض في البدن و صفائه بواسطة تلك النقط الخضراء التي توجد من تغريز الإبرة بعد ذر النيل، و بثه على البدن.

(2) أي الوشم بالمعنى الذي ذكرناه لك مفصلا.

(3) فتكون العملية هذه تدليسا.

(4) أي و مثل نقش الأيدي و الأرجل: نقش الحواجب بالسواد لترى المرأة أنها ذات حاجب، حيث إن بعض النساء حواجبهن قليلة جدا فهذه العملية تسبب خطا هلاليا تشبه الحواجب الطبيعية فتكون موجبة للتدليس و غشا فتحرم.

ثم إن المراد من فوق الشعر: نفس الحاجبين، لا الفوق بمعناه الحقيقي: و هو أعلى الحاجبين، لأن تسويد فوق الحاجبين بهذا المعنى مشوه لمنظر المرأة فتنتج عكس المطلوب.

ص: 175

ثم إن التدليس بما ذكرنا (1) انما يحصل بمجرد رغبة الخاطب أو المشتري و ان علما أن هذا البياض و الصفاء ليس واقعيا، بل حدث بواسطة هذه الأمور فلا (2) يقال: إنها ليست بتدليس،

++++++++++

(1) و هو الوصل و النمص و الوشم و الوشر.

خلاصة هذا الكلام: أن التدليس بهذه الأمور انما يحصل بمجرد رغبة الخاطب: و هو الرجل الذي يريد أن يتزوج امرأة.

أو المشتري الذي يريد أن يشتري أمة و ان كان الخاطب و المشتري عالمين بأن البياض و الصفاء الذين في بدن المرأة ليسا واقعيين، بل حصلا بواسطة الأمور المذكورة.

و لكن مع ذلك يصدق التدليس، لأن الملاك هو حصول الرغبة بالمرأة، أو الأمة و قد حصلت بهذه الأمور المذكورة.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ: من أن التدليس يحصل بمجرد رغبة الخاطب، أو المشتري من أثر وجود الأمور المذكورة في المرأة أو الأمة و ان كان الخاطب و المشتري عالمين بمنشإ البياض و الصفاء.

و خلاصة التفريع: أنه بعد القول بحصول التدليس بمجرد الرغبة بالمرأة المخطوبة، أو الأمة المشتراة: لا مجال لأن يقال: إن البياض و الصفاء كانا ظاهرين على الخاطب و المشتري، غير خفيين عليهما فلا يصدق الغش و التدليس، لأن موردهما الجهل، و هنا كان الخاطب، و المشتري عالمين بهما.

فإنه يقال: إنك قد عرفت أن الغش و التدليس يحصلان بمجرد الرغبة و الميل إلى المرأة، أو الأمة و ان كان منشؤهما ظاهرين و معلومين، فالعلم و الجهل لا مدخل لهما في صدق التدليس و عدمه، لأن الملاك حصول الرغبة و الميل إلى المرأة و الأمة و قد حصلت.

و لا يخفى فيما أفاده الشيخ، حيث ان التدليس هو كتمان العيب -

ص: 176

لعدم (1) خفاء اثرها على الناظر، و حينئذ (2) فينبغي ان يعد من التدليس لبس المرأة، أو الأمة الثياب الحمر أو الخضر الموجبة لظهور بياض البدن و صفائه و اللّه العالم.

ثم إن المرسلة المتقدمة عن الفقيه (3) دلت على كراهة كسب الماشطة

++++++++++

- و اخفاؤه كما عرّف في اللغة بقولهم: دلّس البائع أي كتم عيب ما يبيعه على المشتري، فاذا كان الكتمان و الإخفاء مأخوذا في مفهومه فكيف يمكن أن يقال بصدق التدليس فيما اذا كان الخاطب، أو المشتري عالمين بالأمور المذكورة.

(1) اللام تعليل لقوله: فلا يقال: إنها ليست بتدليس.

و قد علمت خلاصة التعليل بقولنا: لا مجال لأن يقال: إن البياض و الصفاء كانا ظاهرين.

(2) أي و حين أن قلنا: إن الملاك في تحقق مفهوم التدليس هو مجرد الرغبة و الميل إلى المرأة، أو الأمة و ان كان الخاطب و المشتري عالمين بمنشإ حصول البياض و الصفاء.

و لا يخفى أن لبس المرأة الثياب الخضر و الحمر لا يكون من التدليس اذ التدليس كما عرفت هو كتمان العيب و رفعه بالأمور المذكورة ليتراءى للخاطب، أو المشتري خلاف ذلك، و مجرد لبس الثياب المذكورة كيف يكون تدليسا و لذا قال قدس سره: و اللّه العالم.

اللهم إلا ان يقال: إن نفس النتيجة المترتبة على الوشم و النمص و الوصل و الوشر: و هو ظهور البياض و الصفاء في البدن لتحصل الرغبة للخاطب، أو المشتري: تترتب على لبس الثياب الخضر و الحمر.

(3) في قوله عليه السلام: لا بأس بكسب الماشطة اذا لم تشارط -

ص: 177

مع شرط الاجرة المعينة و حكي الفتوى به (1) عن المقنع و غيره.

و المراد بقوله عليه السلام: اذا قبلت ما تعطى (2): البناء على ذلك

++++++++++

- و قبلت ما تعطى و قد أشير إليها في الهامش 2. ص 164.

(1) أي بكراهة كسب الماشطة اذا شرطت اجرة معينة.

(2) أي هذه الجملة: (اذا قبلت ما تعطى) الواردة في مرسلة الفقيه التي اشرنا إليها في الهامش 2 ص 164: يراد منها بناء المرأة الماشطة من أوّل الأمر و قبل الشروع في العمل: على ان تقبل و ترضى بكل ما يعطى لها حتى انتهاء العمل، من دون ان يحصل لها تبدل رأي في الأثناء.

و لا يخفى ان هنا صورا أربعة:

(الأولى): اشتراط الماشطة الاجرة المعينة حين الشروع في العمل و تبقى ثابتة على ذلك حتى انتهاء العمل.

(الثانية): عدم اشتراط الماشطة حين العمل، و قبولها ما يعطى لها بعد انتهاء العمل.

(الثالثة): اشتراطها حين العمل و قبولها ما يعطى لها بعد العمل.

(الرابعة): بناء الماشطة على قبولها ما يعطى لها حين العمل.

لكنها تعدل عن ذلك بعد العمل.

(أما الصورة الأولى): فتلحقها الكراهة قطعا.

(و أما الصورة الثانية): فلا تلحقها الكراهة قطعا.

(و أما الصورة الثالثة): فيمكن لحوق الكراهة بها و ان قبلت ما يعطى لها. لأنها شارطت الاجرة المعينة.

و يمكن عدم لحوق الكراهة بها، لأنها خلاف الأصل، لكون الكراهة مقيدة بقيدين: الاشتراط. و عدم قبول ما يعطى لها.

و فيما نحن فيه تقبل ما يعطى لها فانتفى أحد القيدين: و هو عدم قبول -

ص: 178

حين العمل، و إلا (1) فلا يلحق العمل بعد وقوعه ما يوجب كراهته.

ثم إن أولوية (2) قبول ما يعطى، و عدم مطالبة الزائد: إما لأن

++++++++++

- ما يعطى لها فبانتفاء احد القيدين تنتفي الكراهة.

(و أما الصورة الرابعة): و هو عدم اشتراط الماشطة الاجرة المعينة حين العمل، و مطالبتها الاجرة المعينة بعد العمل فلا كراهة فيها أيضا لوقوع الفعل ابتداء من غير كراهة فلا يأتي بعد الوقوع ما يوجب كراهة الفعل.

(1) أي و ان تكن بانية بعد العمل فلا كراهة من بداية العمل.

(2) و هي المفهومة من مرسلة الفقيه في قوله عليه السلام: و قبلت ما تعطى، لأن قبول الماشطة ما يعطى لها، و عدم مطالبة الأزيد من ذلك يكون أولى من مطالبتها الزائد.

ثم إن منشأ الأولوية احد الأمرين:

إما لأن الغالب عند عامة الناس عدم نقص اجور الماشطة و الختّان و الحجّام عن اجرة المثل المتداولة عند اغلب الناس، لأنهم يتوقعون أزيد مما يستحقون، و لا سيما من أهل الثروة و المروءة و الجاه فلا معنى لإعطائهم اقل مما هو المتعارف و المتداول، اذ ربما يبادرون إلى هتك العرض لو اعطوا قليلا و أقل من اجرة المثل.

و إما لأجل ان المشارطة و المعاملة و المماكسة في هذه الأمور لا يناسب شأن عامة الناس فضلا عمن له شأن في المجتمع الانساني، فعليه يعطى لهؤلاء الأصناف اجورهم الواقعية التي لا تقل عن اجرة المثل.

و قد أشار إلى الأمر الأوّل (شيخنا الأنصاري) بقوله: إما لأن الغالب عدم نقص ما يعطى لهم.

و إلى الأمر الثاني بقوله: و إما لأن المشارطة في مثل هذه الأمور لا يليق بشأن كثير من الأشخاص.

ص: 179

الغالب عدم نقص ما تعطى عن اجرة مثل العمل، إلا أن مثل الماشطة و الحجام و الختان و نحوهم كثيرا ما يتوقعون أزيد مما يستحقون خصوصا من أولى المروءة (1) و الثروة (2).

و ربما يبادرون (3) الى هتك العرض اذا منعوا.

و (4) لا يعطون ما يتوقعون من الزيادة أو بعضه، إلا استحياء و صيانة للعرض.

و هذا لا يخلو عن شبهة فأمروا في الشريعة الاسلامية بالقناعة بما يعطون

++++++++++

(1) و هم ذوو الوجاهة و الشرف و ان لم يكونوا أثرياء بالفعل.

(2) و ان لم يكونوا من أهل الشرف و الوجاهة و البيوتات الرفيعة.

(3) اي يسابق الحجام، و الختّان، و الماشطة في هتك الأعراض اذا لم يعطوا اكثر مما يتوقعون من حقهم فكيف يعطون أقل من اجرة المثل

و منعوا بصيغة المجهول و نائب فاعله واو الجمع المراد منهم الأصناف الثلاثة المذكورة.

(4) الواو استئنافية و ليست بعاطفة، و الفعل مجهول و نائب فاعله:

واو الجمع.

أي الحجّام و الختّان و الماشطة لا يعطون الزائد إلا استحياء من المعطي، و حفظا لكرامته و شرفه، و خوفا من هتك عرضه فيكون الزائد غصبا و حراما، و أكلا بالباطل، و قد أشار الشيخ إلى أن أكل المال يكون باطلا في هذه الصورة بقوله: و هذا لا يخلو عن شبهة.

و المراد من العرض هنا: معناه الأعم: و هو كل شيء تمس به كرامة الرجل و شخصيته، أو تمس كرامته البيتية و العائلية.

و ليس المراد من العرض الزوجة، او الأخت او الأم او البنت فقط، فإن هذه يعبر عنها: ب: (الناموس) تارة، و بالعرض اخرى.

ص: 180

و ترك (1) مطالبة الزائد فلا (2) ينافي ذلك جواز مطالبة الزائد، و الامتناع عن قبول ما يعطى اذا اتفق كونه دون اجرة المثل.

و إما (3) لأن المشارطة في مثل هذه الأمور لا يليق بشأن كثير

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بالقناعة أي فأمروا في الشريعة الاسلامية بترك مطالبة الزائد من أهل الشرف و الوجاهة.

(2) الفاء تفريع على قوله: فأمروا.

هذا دفع وهم: حاصل الوهم: أن الأصناف المذكورين من الحجام و الختان و الماشطة لو كانوا مأمورين من قبل الشريعة الاسلامية بالقناعة بما يعطون، و بترك اخذ الزائد من أهل الشرف و المروءة فكيف يجوز لهم اخذ الزائد و مطالبته فهذا تناف بين الأمرين و تهافت.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور بقوله: اذا اتفق كونه دون اجرة المثل.

و خلاصة الجواب: أنه لا منافاة بين ورود الأمر بالقناعة في الشريعة الاسلامية في حق الأصناف المذكورين، و أخذهم بما اعطوا.

و بين مطالبة الزائد و اخذه، حيث إن القناعة بما اعطوا فيما اذا كان مطابقا لاجرة المثل.

و مطالبة الزائد فيما اذا كان ما اعطوا أقل من اجرة المثل فهنا يطلب حقه المقرر، دون الزائد عنه.

و كلمة و الامتناع: مجرورة عطفا على المضاف إليه في قوله: جواز مطالبة الزائد، أي و لا ينافي الأمر بالشريعة في حق هؤلاء جواز الاقتناع عن اخذ الزائد كما عرفت.

(3) هذا هو الأمر الثاني لمنشإ أولوية قبول ما تعطى الماشطة و الأمر الأوّل هو عدم نقص ما تعطى الماشطة من اجرة المثل. و قد عرفت الأمرين -

ص: 181

من الأشخاص، لأن المماكسة (1) فيها خلاف المروءة، و المسامحة (2) فيها قد لا تكون مصلحة، لكثرة طمع هذه الأصناف فأمروا (3) بترك المشارطة و الاقدام على العمل بأقل ما يعطى، و قبوله.

++++++++++

- في الهامش 2. ص 179 عند قولنا: إما لأن الغالب، و إما لأجل.

(1) مصدر باب المفاعلة من ماكس يماكس مماكسة.

و معناه: استحطاط الثمن، و استنقاصه من المشتري.

يقال: ماكس الرجل أي استحط الثمن و استنقصه و طلب أهل الشرف و الرفعة حط الثمن و نقصه من أهل هذه الحرف و المهن في الأمور المذكورة: خلاف شرفهم و مروءتهم، لأنه منقصة في حقهم فلا يقدمون على ذلك فلا ينقصون حق أهل الحرف المذكورة.

(2) أي و مسامحة أهل الشرف و الرفعة في اجرة هذه الأمور مع أهل الحرف المذكورة بأن لا يعاملونهم و لا يقاطعونهم قد لا تكون مصلحة لهم حيث إن اطماعهم كثيرة لا حد لها فلربما ينجر ترك المقاطعة معهم إلى هتكهم و الاساءة إليهم من قبل اهل الحرف، لانحطاط نفسية اهل هذه الحرف.

و المراد من المسامحة المسامحة الموجبة لازدياد اطماعهم، و إلا فنفس المسامحة في حد ذاتها مطلوبة من الانسان، لأنها خلق انساني يستحسنها العقلاء، و لا سيما من أهل الشرف و الرفعة.

(3) الفاء تفريع و نتيجة على ما أفاده الشيخ من أن المسامحة و ترك المقاطعة مع أهل الحرف المذكورة قد لا تكون مصلحة لهم.

و كلمة و الإقدام مجرورة عطفا على مدخول (باء الجارة) في قوله: بترك المشارطة.

و هنا يقدر فعل مجهول نظير الفعل المجهول الأوّل و هو امروا.

ص: 182

و ترك (1) مطالبة الزائد مستحب للعامل و ان وجب على من (2) عمل له إيفاء تمام ما يستحقه من اجرة المثل فهو (3) مكلف وجوبا

++++++++++

- و المعنى: أن أهل الشرف و الرفعة امروا بترك المشارطة و المماكسة مع أهل الحرف المذكورة من قبل الشارع.

كما أن أهل الحرف المذكورة امروا من قبل الشارع بالإقدام على اعمالهم المذكورة عند ما تتطلب الحاجة، و أخذهم المال القليل قبال عملهم. هذا من دون ان يتكلموا شيئا، أو يطالبوا زائدا على ما اعطوا.

(1) الواو استئنافية لا عاطفة. و كلمة ترك مرفوعة على الابتدائية خبرها قوله: مستحب، أي و ترك مطالبة اهل الحرف المذكورة زيادة الاجرة و اكثر مما اعطوا من الذين يعطون الاجرة: أمر مستحب مطلوب مرغوب قد حث عليه الشرع.

(2) المراد من من الموصولة: الأعم من أهل الشرف و الوجاهة و غيرهم، و لا اختصاص له باهل الشرف، إذ الاختصاص بالمذكورين يتنافى و الشريعة الاسلامية: إنّ اكرمكم عند اللّه اتقاكم. و الشيخ أجل من ان يقصد ذلك.

و عمل بصيغة المجهول نائب فاعله الضمير المستتر العائد إلى من الموصولة

(3) مرجع الضمير: (من الموصولة) في قوله: و ان وجب على من عمل له، أي الذين عملت لهم العملية المذكورة يجب عليهم أداء حق اهل الحرف، و ايفاؤهم ما يستحقون من اجرة المثل، لأن فعل المسلم محترم فاشتغلت ذمتهم بالعمل الذي قام به اهل الحرف لهم، فلا تبرأ إلا بالأداء و الايفاء.

ص: 183

بالايفاء، و العامل (1) مكلف ندبا بالسكوت، و ترك (2) المطالبة، خصوصا على ما يعتاده هؤلاء (3) من سوء الاقتضاء.

أو (4) لأن الأولى في حق العامل قصد التبرع بالعمل، و قبول ما يعطى على وجه التبرع (5)،

++++++++++

(1) و هم اهل الحرف الثلاثة، أي يستحب لهم السكوت عما اعطوا و لم يطالبوا بالزائد.

(2) بالجر عطفا على مدخول (باء الجارة) في قوله: بالسكوت، أي العامل مكلف بترك مطالبة الزائد عما اعطي عن اجرة المثل اذا كانت اجرة المثل مساوية لما اعطي كما عرفت ذلك في الهامش 2. ص 181.

(3) و هم اهل الحرف الثلاث.

و المراد من سوء الاقتضاء: سوء التصرف من هؤلاء عند مطالبة حقهم، حيث انهم متعودون على الكلمات الخشنة البذية التى لا يناسب صدورها لصاحب العمل، و لا سيما اذا كان من أهل الشرف و الرفعة و المروءة.

(4) هذا وجه آخر لأمر الشارع أهل الحرف الثلاثة المذكورة حين إقدامهم على الأمور المذكورة: بسكوتهم عن مشارطة الأجرة و عدم مطالبتهم الزائد من اجرة المثل.

و قد ذكر الشيخ الوجه في المتن فلا حاجة إلى ذكره.

(5) يحتمل أن يراد من التبرع الثاني: التبرع من قبل صاحب العمل الذي هو عامة الناس، سواء أ كانوا من أهل الشرف أم لا. أي و لأن الأولى في حق صاحب العمل ان يقصد التبرع أيضا في اعطائه المال لأهل الحرف الثلاثة المذكورة، و لا يقصد من الإعطاء عوضية المال عن عمل اهل الحرف المذكورة، كما ان اهل الحرف يقصدون التبرع في عملهم. -

ص: 184

أيضا فلا (1) ينافي ذلك ما ورد من قوله عليه السلام: لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه (2).

++++++++++

- و يحتمل أن يراد به: العامل بدليل كلمة أيضا، أي كما أن الأولى من العامل قصد التبرع في العمل، كذلك الأولى منه قبول ما يعطى له و اخذه على وجه التبرع، لا على وجه ان المال في قبال عمله.

لكن الاحتمال الأوّل أولى كما لا يخفى على المتأمل الخبير.

(1) دفع و هم: حاصل الوهم: أنه كيف يمكن الجمع بين قصد التبرع من أهل الحرف الثلاث، و بين قوله عليه السلام: لا تستعملن أجيرا حتى تقاطعه، حيث إن الامام عليه السلام امر بمقاطعة اجرته حين إرادة استئجاره و استعماله في العمل، فكيف يمكن الجمع بين التبرع، و الحديث الشريف.

فاجاب رحمه اللّه عن الوهم المذكور ما حاصله: أنه ليس فيما نحن فيه اجير حتى يصدق عليه الحديث الشريف، ليتنافى جمعه مع قصد التبرع، حيث إن العامل يقصد التبرع من العمل من بداية العمل إلى نهايته، و صاحب العمل الذي هم الناس من اهل الشرف و الرفعة و الثروة و غيرهم يقصد التبرع في الإعطاء لهم، لا أنه يقصد الأخذ تجاه العمل و بإزائه فليس هنا اجير و مستأجر حتى يصدق الحديث فيمتنع جمعه مع التبرع، بل كلاهما قاصدان التبرع، و الحديث انما ورد في مقام الاجارة.

(2) (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 245. الباب الثالث من أحكام الاجارة. الحديث 1.

و في المصدر: حتى يقاطعوه.

و الحديث طويل. أليك نصه:

عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: كنت مع الرضا عليه السلام -

ص: 185

..........

++++++++++

- في بعض الحاجة فأردت ان انصرف إلى منزلي.

فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المغيب(1) فنظر إلى غلمانه يعملون في الطين، اواري(2) الدواب و غير ذلك و اذا معهم أسود ليس منهم.

فقال: ما هذا الرجل؟

قالوا: يعاوننا و نعطيه شيئا.

قال: قاطعتموه على اجرته؟

قالوا: لا، هو يرضى منا بما نعطيه، فاقبل عليهم يضربهم بالسوط و غضب لذلك غضبا شديدا فقلت: جعلت فداك لم تدخل على نفسك(3)؟ -

ص: 186


1- المراد منه: غياب الشمس و غروبها، أي الامام عليه السلام دخل داره عند غياب الشمس و غروبها. و في بعض مصادر كتب الحديث الذي عرضنا عليه الحديث المذكور كلمة (المعتب) بدل المغيب فعليه يحتمل ان يكون علما لشخص كان خادما للامام عليه السلام: أي دخل مع خادمه الدار.
2- راجعنا جميع كتب اللغة التى بأيدينا: القاموس. تاج العروس مجمع البحرين. لسان العرب. نهاية ابن الأثير. مادة اور و أر فما وجدنا معنى مناسبا لهذه الكلمة المستعملة هنا، ثم راجعنا بعض أهل القرى و الأرياف من عرب العراق من أهالي (الفرات الأوسط) فسألناه عن معناه فاجاب هكذا: أوارى اناء يصنع من الطين ثم يفخر عليه النار ليتصلب و يصير خزفا فيحلب فيه ألبان الجاموس و البقر و بقية الدواب و لا سيما الجاموس. فالكلمة إما بفتح الهمزة، أو بكسرها، أو بضمها بعد ان لم يكن لها مصدر.
3- أي لم تؤذي نفسك بعدم مقاطعة العامل.
المسألة الثانية تزين الرجل بما يحرم عليه من لبس الحرير و الذهب حرام

المسألة الثانية (1) تزين الرجل بما يحرم عليه من لبس الحرير و الذهب حرام لما ثبت

++++++++++

- فقال: إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ان يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه على اجرته.

و اعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على اجرته إلا ظن انك قد نقصته اجرته، و اذا قاطعته ثم اعطيته اجرته حمدك على الوفاء.

فإن زدته حبة عرف ذلك لك، و رأى انك قد زدته.

و انما ذكرنا الحديث عن آخره لنضعه بين يدي القارئ النبيل ليعلم مدى اهتمام الدين الاسلامي الحنيف بالعامل، و انه المدافع الوحيد عن حقوقه و المعترف بقيمته الانسانية، و إن له كرامته في المجتمع الانساني.

و ليس العامل كإحدى الأدوات المستعملة لقضاء الحاجات، و الآلات المنتجة لضروريات الحياة، بالإضافة إلى انه آلة وحيدة الانتاج، و لا فرق بينه، و بينها في الاستعمال و الاستثمار سوى انه آلة ناطقة، و تلك آلات و أدوات صامتات كما يقوله بعض المبادي: الانسان اكبر رأسمال.

و معنى قوله هذا: الانسان مادة و آلة مادية: انه وضع للانتاج فقط و ليس له أية كرامة و قيم انسانية.

ثم إن عدم تطبيق القوانين الاسلامية ليس نقصا في الاسلام حتى يحمل العابثون حملاتهم الشنيعة على الاسلام و انما هو من ناحية المسلمين، فالاسلام شيء و المسلمون شيء آخر يجب ان لا يخلط احدهما بالآخر، فان كثيرا من التعاليم الاسلامية لم يلتزم بها المسلمون.

(1) أي المسألة الثانية من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به -

ص: 187

في محله (1) من حرمتها على الرجال، و ما (2) يختص بالنساء من اللباس كالسوار (3)، و الخلخال، و الثياب المختصة بهن في العادات (4) على ما ذكره في المسالك.

و كذا العكس اعني تزين المرأة بما يخص الرجال كالمنطقة (5) و العمامة

++++++++++

- لكونه عملا محرما في نفسه: تزين الرجل.

و في نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا: تزيين الرجل، و الصحيح ما اثبتناه، حيث إن التزيين مصدر باب التفعيل و هو متعد و معناه: صدور الزينة بفعل شخص في حق شخص آخر.

و التزين مصدر باب التفعل و هو لازم، و معناه: صدور الزينة من الانسان لنفسه: و هو المعنى هنا.

و لعل السهو من النساخ.

(1) أي في كتب الصلاة من الكتب الفقهية و متونها.

(2) مجرور محلا عطفا على مدخول (باء الجارة) في قوله: بما يحرم أي و تزين الرجل بما يختص بالنساء حرام أيضا.

(3) بكسر السين و ضمها: جمعه سور و أسورة و أساور: و هي حلية كالطوق تلبسها المرأة في زندها، أو معصمها.

و الخلخال بفتح الخاء و سكون اللام: شيء يصنع من الذهب، أو الفضة تلبسه نساء العرب، و لا سيما أهل القرى و الأرياف يجعلنه في أسفل ساقهن.

(4) إما من حيث اللون، أو من حيث تفصيل الثوب للخياطة.

(5) بكسر الميم و سكون النون: ما يشد به الوسط. و يقال لها:

النطاق بكسر النون: و هو الحزام.

و لا يخفى عدم اختصاص الحزام بالنساء في ذلك الزمان.

ص: 188

و يختلف (1) باختلاف العادات.

و اعترف غير واحد بعدم العثور على دليل لهذا الحكم (2) عدا النبوي المشهور المحكي عن الكافي و العلل لعن اللّه المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال (3).

و في دلالته (4) قصور، لأن الظاهر من التشبه تأنث الذكر، و تذكر الأنثى، لا مجرد لبس احدهما لباس الآخر، مع عدم قصد التشبه.

و يؤيده (5) المحكي عن العلل أن عليا عليه السلام رأى رجلا به

++++++++++

(1) أي تزين الرجال بما يختص بالنساء، و تزين المرأة بما يختص بالرجال حسب العادات باختلاف الزمان و المكان.

(2) و هي حرمة لبس الرجال ما يخص النساء، و حرمة لبس النساء ما يخص الرجال.

(3) (الكافي). الجزء 8. ص 69. الحديث 27.

و لا يخفى عدم احتياج هذا إلى دليل، لأن النفوس السليمة تستقبحه.

(4) أي و في دلالة الحديث النبوي على الحكم المذكور: و هي حرمة تزين الرجال بما يختص بالنساء، و تزين النساء بما يختص بالرجال: قصور حيث إن المراد من التشبه تأنث الذكر بأن يؤتى به كما يؤتى بالنساء، و تذكر الانثى: بأن تدلك امرأة فرجها بفرج امرأة حتى ينزل ماؤهما.

و يقال لهذه العملية: المساحقة.

و ليس المراد من التشبه، التشبه باللبس: بأن تلبس المرأة لباس الرجل، و يلبس الرجل لباس المرأة.

(5) أي و يؤيد ما قلناه: من أن المراد من المتشبهين و المتشبهات:

هو تأنث الذكر، و تذكر الانثى بالمعنى الذي ذكرناه، لا مجرد التشبه بلبس كل منهما ما يختص بالآخر: الحديث الآتي.

ص: 189

تأنث في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال له: اخرج من مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول: لعن اللّه إلى آخر الحديث (1).

و في رواية يعقوب بن جعفر الواردة في المساحقة إن فيهن قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: لعن اللّه المتشبهات بالرجال من النساء إلى آخر الحديث (2).

و في رواية ابي خديجة عن ابي عبد اللّه عليه السلام لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال و هم المخنثون، و اللائي ينكحن بعضهن بعضا (3).

نعم في رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: عن رجل يجر ثيابه قال: إني لأكره أن يتشبه بالنساء (4).

و عنه عن آبائه عليهم السلام كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء. و ينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها (5)

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 211. الباب 87 من أبواب تحريم تشبه الرجال بالنساء. الحديث 2.

(2) نفس المصدر. الجزء 14. ص 262. الباب 24 من أبواب النكاح المحرم. الحديث 5. أليك بقية الحديث: و لعن اللّه المتشبهين من الرجال بالنساء.

(3) نفس المصدر. الحديث 6.

(4) نفس المصدر. الجزء 3. ص 354. الباب 13 من ابواب أحكام الملابس. كتاب الصلاة. الحديث 1.

(5) نفس المصدر. ص 355. الحديث 2.

ص: 190

و فيهما (1) خصوصا الأولى بقرينة المورد ظهور في الكراهة، فالحكم (2) المذكور لا يخلو عن اشكال.

ثم الخنثى يجب عليها ترك الزينتين المختصتين بكل من الرجل و المرأة كما صرح به جماعة، لأنها يحرم عليها لباس مخالفه في الذكورة و الأنوثة (3) و هو (4) مردد بين اللبسين فيجتنب عنهما مقدمة، لأنهما له من قبيل المشتبهين المعلوم حرمة احدهما.

++++++++++

(1) أي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و رواية أبي عبد اللّه عن آبائه عن رسول اللّه صلى اللّه عليهم أجمعين ظاهرتان في كراهة تشبه الرجال بالنساء، و النساء بالرجال في لبس كل منهما ما يختص بالآخر، و ليس فيهما ما يدل على أن التشبه باللباس حرام و لا سيما الرواية الأولى: و هي رواية سماعة. حيث إن موردها في سؤال الراوي جر الثياب.

و من الواضح أن جر الثياب الذي هو من جملة التشبه بالنساء و خصائصهن ليس حراما قال الشاعر:

كتب القتل و القتال علينا *** و على الراقصات جر الذيول

فيستفاد من كراهة جر الثياب كراهة تشبه احدهما بما يختص بالآخر.

و كلمة ظهور مرفوعة بالابتداء خبره قوله: و فيهما، أي و في الروايتين ظهور في الكراهة كما عرفت.

(2) و هي حرمة تشبه الرجال بالنساء، و النساء بالرجال في الملابس لأن الروايتين ظاهرتان في الكراهة كما عرفت.

(3) فان كان انثى يحرم عليها لبس ما يختص بالرجال.

و ان كان ذكرا يحرم عليه لبس ما يختص بالنساء.

(4) أي و الحال ان الخنثى مردد بين اللبسين، لأنه مشكل يجب عليه -

ص: 191

و يشكل (1) بناء على كون مدرك الحكم حرمة التشبه: بأن الظاهر من التشبه صورة علم المتشبه.

++++++++++

- الاجتناب عن كلا اللبسين من باب المقدمة، اذ اللباسان من قبيل المشتبهين المعلوم حرمة احدهما كالاناءين المشتبهين المعلوم نجاسة احدها بالاجمال فلا يجوز ارتكاب احدهما، للأمر بإهراقهما في الأخبار كما عرفت في الجزء الأوّل من المكاسب من طبعتنا الحديثة في الهامش 4 من ص 227-228.

فكذلك الخنثى المشكل يجب عليها الاجتناب عن اللباسين، و لا يجوز له لبس احدهما، للعلم الاجمالي بأنه إما ذكر فيحرم عليه لباس الانثى و إما انثى فيحرم عليها لباس الذكر.

هذا اذا لم يلزم العسر و الحرج عليه.

و أما اذا لزم ذلك فلا يجب عليه الاجتناب عنهما.

(1) أي و يشكل وجوب ترك اللباسين عليه اذا كان مدرك وجوب الاجتناب هي حرمة تشبه الرجال بالمرأة بما يختص بها، و حرمة تشبه المرأة بالرجال بما يختص بهم، لأن الظاهر من التشبه المحرم هو علم المتشبه علما تفصيليا، و الخنثى لا علم له تفصيلا في هذا المقام حتى يجب عليه الاجتناب عن اللباسين، لأنه خنثى مشكل.

و من هنا يعلم ان العلم الاجمالي لا يكون مؤثرا.

ص: 192

التّشبيب

ص: 193

ص: 194

المسألة الثالثة التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة

المسألة الثالثة (1) التشبيب بالمرأة المعروفة (2) المؤمنة (3) المحترمة (4): و هو كما في جامع المقاصد ذكر محاسنها، و اظهار شدة حبها بالشعر (5)،

++++++++++

(1) أي (المسألة الثالثة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: التشبيب و هو مصدر باب التفعيل من شبّب يشبّب.

و معناه لغة: ذكر محاسن المرأة و أوصافها و ملامحها في الشعر كما هو المعروف عن الأدباء عند ذكرهم التشبيب، حيث إنهم يذكرون محاسن المرأة التي تعلق عشقهم بها في الشعر، سواء أ كانت المرأة مؤمنة أم لا و سواء أ كانت معروفة أم لا، و سواء أ كانت متزوجة أم لا.

و شرعا كما أفاده الشيخ في المتن نقلا عن جامع المقاصد.

(2) المراد منها: المشهورة بأن يعرفها السامع عند ما يتشبب الشاعر بها أنها زوجة فلان، أو بنت فلان، أو اخت فلان.

(3) المراد منها: المؤمنة باللّه الكريم، و برسوله العظيم، و بما جاء به صلى اللّه عليه و آله.

(4) المراد منها: من لا تكون زانية، و لا معروفة بالعمل المنافي للعفة، أو التي لا تكون خفيفة غير مبالية بسترها.

(5) الجار و المجرور متعلقان بقوله: ذكر محاسنها، أي ذكر محاسنها بالشعر.

و انما قيد صاحب (جامع المقاصد) التشبيب بالشعر، لأن التشبيب -

ص: 195

حرام (1) على ما عن المبسوط و جماعة.

كالفاضلين (2) و الشهيدين و المحقق الثاني.

و استدل عليه (3) بلزوم،

++++++++++

- في عرف الأدباء: هو ذكر محاسن المحبوب، و إظهار الشوق إليه بالشعر لا غير.

و إلا فالتشبيب في النثر امر ممكن أيضا، لترتب تلك الأمور المذكورة في الشعر: على التشبيب في النثر، فالملاك واحد فلا وجه لاختصاص الحرمة في الشعر.

و لعل وجه الاختصاص: أن القدر المتيقن من حرمة التشبيب هي حرمته في الشعر كما عرفت في اصطلاح الادباء.

ثم إنه يمكن القول بعدم اختصاص التشبيب بالمرأة، بل يشمل التشبيب بالغلام أيضا، لترتب تلك المفاسد المذكورة في التشبيب بالمرأة على التشبيب بالغلام من دون فرق بينهما فنفس الدليل جار هنا فيلحقه ما يلحق التشبيب بالمرأة، لوحدة الملاك.

و من هنا يعلم أن الدليل اعم من المدعى الذي هي حرمة التشبيب بالمرأة.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: التشبيب.

(2) و هما: (المحقق. و العلامة).

(3) أي على أن التشبيب حرام بأمور خمسة.

(الأوّل): أنه موجب لفضحها و اشتهارها بين المجتمع الانساني

(الثاني): أنه موجب لهتك حرمتها عند المجتمع الانساني.

(الثالث): أنه موجب لإيذائها.

(الرابع): أنه موجب لاغراء الفساق بها. و ميلهم إليها. -

ص: 196

تفضيحها (1)، و هتك حرمتها، و ايذائها، و اغراء الفساق بها، و ادخال النقص (2) عليها و على أهلها، و لذا (3) لا ترضى النفوس الأبية ذوات

++++++++++

- (الخامس): أنه موجب لادخال النقص عليها و على اسرتها.

فكل واحد من هذه الأمور موجب لحرمة التشبب فكيف اذا اجتمعت الأمور كلها، أو أكثرها.

و قد ذكر الأمور الخمسة الشيخ بقوله: بلزوم تفضيحها، و هتك حرمتها، و ايذائها، و اغراء الفساق بها، و ادخال النقص عليها.

(1) مصدر باب التفعيل: الظاهر عدم اتيان هذا المصدر بمعنى كشف المساوئ و العيوب الذي هو المقصود هنا.

نعم جاء فضح و افتضح بهذا المعنى و يقال فضحه فضحا، أي كشف مساوئه، و يقال: افتضح الرجل أي انكشفت مساوئه. فعليه كان اللازم أن يقال: بلزوم فضحها، أو افتضاحها.

(2) المراد منه: الوهن المستلزم لعدم رغبة أهل الشرف و الحمية و الغيرة على الاقدام على التزوج بها ان كانت غير متزوجة.

و ان كانت متزوجة يوجب التشبيب تنفر زوجها عنها، و التفرقة بينهما و ربما يوجب تعبيرها.

(3) أي و لأجل أن التشبيب مستلزم للأمور المذكورة لا ترضى النفوس الأبية من ذوات الغيرة و الحمية: أن يصف واصف بالشعر، أو النثر بنحو المعاشقة احدى بناتها، أو أخواتها، أو محارمها.

و كلمة غيرة بفتح الغين و سكون الياء و فتح الراء مصدر غار يغار و زان عاف يعاف: أجوف يائي.

و على الألسن بكسر الغين: و هو غلط مشهور.

ص: 197

الغيرة و الحمية أن يذكر ذاكر عشق بعض بناتهم و أخواتهم، بل البعيدات (1) من قراباتهم.

و الانصاف أن هذه الوجوه (2) لا تنهض لاثبات التحريم، مع كونه (3) أخص من المدعى، إذ قد لا يتحقق شيء من المذكورات

++++++++++

(1) أي اهل الغيرة و الحمية لا يرضى بذكر البعيدات من أقاربه و أرحامه بالتشبيب، فضلا عن القريبات منهن.

(2) و هو الفضح و الهتك و الإيذاء و الاغراء و إدخال النقص عليها أي الأمور المذكورة لا تقوم دليلا على حرمة التشبيب.

و لا يخفى أنه بعد تحقق الأمور المذكورة لا وجه للحكم بعدم حرمة التشبيب، لبداهة حرمة كل واحد من الأمور المذكورة شرعا.

نعم لو قلنا بعدم التسليم بحرمة ما ذكر من الأمور المذكورة: توجه عدم حرمة التشبيب.

أو قلنا بعدم إحداث التشبيب أحد هذه الأمور.

لكن أنى لنا بذلك، مع أن كل واحد من الأمور المذكورة سبب مستقل للتحريم شرعا، و أن التشبيب موجب لحدوث الأمور المذكورة.

(3) اشكال ثان من الشيخ على أن الأمور المذكورة لا تنهض دليلا على حرمة التشبيب.

و خلاصة الاشكال: أن الدليل الذي هي الأمور الخمسة المذكورة أخص من المدعى الذي هي حرمة التشبيب بالمرأة المؤمنة المعروفة المحترمة لأنه قد لا يتحقق شيء من المذكورات في التشبيب أصلا كما اذا شبب بالمرأة المذكورة بينه و بين نفسه بحيث لا يطلع عليه أحد، فلا يترتب هنا أي شيء من المذكورات فيصدق التشبيب، دون المذكورات فصار الدليل أخص من المدعى، فلا ملازمة بين وجود التشبيب و وجود المذكورات.

ص: 198

في التشبيب، بل (1) و أعم منه من وجه، فإن (2) التشبيب بالزوجة قد يوجب اكثر المذكورات.

و يمكن أن يستدل عليه (3) بما سيجيء من عمومات حرمة اللهو و الباطل

++++++++++

(1) أي بل النسبة بين الدليل المذكور الذي هي الأمور الخمسة و بين المدعى و هي حرمة التشبيب: عموم و خصوص من وجه، أي لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما في تشبيب الرجل بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة، فإن الأدلة و التشبيب مجتمعتان.

و أما مادة الافتراق من جانب التشبيب بأن تكون الأدلة موجودة و التشبيب غير موجود فكما في تشبيب الرجل بزوجته، فإن مقتضى الأدلة أنه حرام، لكن الفقهاء أفتوا بالجواز.

و أما مادة الافتراق من جانب الأدلة بأن يكون التشبيب موجودا و الأدلة غير موجودة فكما في تشبيب الرجل بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة بينه و بين نفسه من غير أن يطلع عليه احد، فالتشبيب موجود، و الأدلة غير موجودة.

(2) تعليل لكون النسبة بين الأدلة و التشبيب عموما و خصوصا من وجه و قد عرفت النسبة آنفا.

(3) أي على تحريم التشبيب: العمومات الواردة في الأحاديث الدالة على حرمة اللهو و الباطل: و هو قوله عليه السلام: و اجتنب الملاهي.

و قوله عليه السلام: و كل ما ألهى عن ذكر اللّه فهو الميسر.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 234-235. الباب 100 من أبواب تحريم استعمال الملاهي. الحديث 9-15-8.

فإن هذه العمومات تشمل التشبيب بالأمور المذكورة، حيث إن ذكر -

ص: 199

و ما (1) دل على حرمة الفحشاء.

++++++++++

- محاسن المرأة المؤمنة المعروفة المحترمة و ملامحها بالشعر يكون من اللهو بالباطل و مما يلهي عن ذكر اللّه عز و جل.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

الصغرى: إن التشبيب بالمرأة المؤمنة من اللهو بالباطل و مما يلهي عن ذكر اللّه.

الكبرى: و كل ما كان من اللهو بالباطل و يلهي عن ذكر اللّه فهو حرام.

النتيجة: إن التشبيب حرام.

(1) بالجر محلا عطفا على مدخول (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء.

أي و يمكن الاستدلال على تحريم التشبيب بما دل على حرمة الفحشاء بقوله تعالى: «وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ» (1).

كيفية الاستدلال: أن التعرض بالمرأة المؤمنة بذكر ملامحها و محاسنها بالشعر سبب لتأذيها و فضحها، و اغراء الفساق بها، و ادخال النقص عليها.

و من الواضح أن الامور المذكورة كلها من أقسام الفحشاء و المنكر و الظلم و أفرادها فيشملها ما يشمل الفحشاء و المنكر و الظلم.

و كذلك يمكن الاستدلال على التحريم بقوله عليه السلام: سلاح اللئام قبيح الكلام، اي الأفراد اللئيمة سلاحهم الكلمات القبيحة البذيئة، و لا شك أن التشبيب بالكيفية المذكورة من الكلمات القبيحة المستهجنة.

راجع الحديث (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 78.

ص 185. الحديث 14.

و كذلك يمكن الاستدلال على تحريم التشبيب بقوله صلى اللّه عليه و آله: -

ص: 200


1- النحل: الآية 90.

و منافاته (1) للعفاف المأخوذ في العدالة، و فحوى (2) ما دل على حرمة ما يوجب و لو بعيدا تهييج القوة الشهوية بالنسبة إلى غير الحليلة

++++++++++

- إن اللّه حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء، لا يبالي بما قال و لا بما قيل له.

(أصول الكافي). طبعة (طهران). الجزء 2 ص 323. الحديث 3.

كيفية الاستدلال: أن التشبيب بالمرأة المؤمنة بالكيفية المذكورة نوع من الفحش فيشمله قوله صلى اللّه عليه و آله: إن اللّه حرم الجنة على كل فحاش بذي.

ثم لا يخفى أنه ليس المراد من تحريم الجنة على من كانت هذه صفاته:

التحريم الأبدي، بل المراد: التحريم الموقت إلى وقت محدود معين بعد أن طهر من الذنوب.

(1) عطف على مجرور (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء فهو مجرور محلا.

هذا دليل آخر على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بالكيفية المذكورة: بأن التشبيب ينافي العفاف المطلوب في العدالة و المشروط فيها بمعنى أنه مسقط للعدالة.

(2) عطف على مجرور (باء الجارة) في قوله: (بما سيجيء) فهو مجرور محلا.

هذا دليل آخر على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بالكيفية المذكورة: بفحوى ما دل على حرمة أي شيء يوجب إثارة الشهوة بالنسبة إلى غير زوجته.

و مما لا شك فيه: أن التشبيب بذكر ملامح المرأة المؤمنة المعروفة -

ص: 201

مثل ما دل عن المنع عن النظر، لأنه سهم من سهام ابليس (1)، و المنع (2)

++++++++++

- و ذكر أوصافها مما يوجب إثارة القوة الشهوية نحوها، و إثارة القوة الشهوية حرام فالتشبيب حرام أيضا.

فهنا يشكل قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

الصغرى: التشبيب بالكيفية المذكورة مثير للشهوة و مهيج لها.

الكبرى: و كل شيء يكون مثيرا للشهوة و مهيجا لها فهو حرام.

النتيجة: فالتشبيب حرام.

ثم المراد من الفحوى: الأولوية المستفادة من الأحاديث الشريفة و الآيات الكريمة الآتيتين.

(1) في قوله عليه السلام: النظرة سهم من سهام ابليس مسموم و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة.

و قوله عليه السلام: النظرة سهم من سهام ابليس مسموم، من تركها للّه عز و جل لا لغيره اعقبها اللّه أمنا و ايمانا يجد طعمه.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 138. الباب 104.

كتاب النكاح أبواب مقدماته و آدابه. الحديث 1. و ص 139. الحديث 5.

فهذان الحديثان من الأحاديث الدالة على حرمة التشبيب بالفحوى و هي الأولوية.

كيفية الأولوية: أن المناط في حرمة النظر إلى الأجنبية: إثارة الشهوة، و تهييجها نحوها، و هذا بعينه مع الزيادة موجود في التشبيب بالمرأة المؤمنة بالكيفية المذكورة، اذ ذكر محاسن المرأة الأجنبية و ملامحها مما يثير الشهوة أكثر و أكثر من النظر إليها بطريق أولى.

(2) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء -

ص: 202

عن الخلوة بالأجنبية، لأن ثالثهما الشيطان، و كراهة (1) جلوس الرجل في مكان المرأة حتى يبرد المكان. و برجحان (2) التستر عن نساء أهل الذمة

++++++++++

- فهو دليل آخر على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بفحوى الأخبار المانعة عن الخلوة بالأجنبية.

راجع نفس المصدر. ص 133. الباب 99. كتاب النكاح و مقدماته الأحاديث. أليك نص الحديث الأوّل:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مما اخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله البيعة على النساء أن لا يحتبين، و لا يقعدن مع الرجال في الخلاء

كيفية الاستدلال: أن المناط في حرمة الخلاء مع الأجنبية إثارة الشهوة و تهييجها. و هذا بعينه موجود في التشبيب بالأجنبية بالكيفية المخصوصة و أكثر، و بطريق أولى.

(1) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء فهو دليل آخر على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بفحوى الأخبار الواردة في كراهة جلوس الرجل في مكان المرأة قبل أن يبرد.

راجع نفس المصدر. ص 185. الباب 145. الحديث 1.

كيفية الاستدلال بعينها في الهامش 2. ص 202-203.

(2) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: (بما سيجيء) فهو دليل آخر على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بفحوى الأخبار الواردة في رجحان تستر النساء المسلمات عن نساء أهل الذمة.

راجع نفس المصدر. ص 133. الباب 98. الحديث 1.

كيفية الاستدلال: أن المناط في كراهة كشف المرأة المسلمة محاسنها -

ص: 203

لأنهن يصفن لأزواجهن، و التستر (1) عن الصبي المميز الذي يصف ما يرى و النهي (2) في الكتاب العزيز بقوله تعالى: فَلاٰ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ اَلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (3)، و عن (4) أن يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مٰا يُخْفِينَ

++++++++++

- و ملامحها بين يدي اليهودية و النصرانية: إثارة الشهوة لرجالهن حينما يصفن تلك الملامح لهم فهذا بعينه موجود في التشبيب بالمرأة المحترمة بالكيفية المذكورة بنحو أكثر.

(1) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء فهو دليل آخر، على حرمة التشبيب، أي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بفحوى الأخبار الواردة في تستر المرأة عن الصبي المميز الذي يصف ما يرى. بمعنى أنه يدرك الحسن و القبح و الجمال و الملامح فيصفها لهم.

راجع نفس المصدر. ص 172. الباب 130. الحديث 2.

كيفية الاستدلال كما في الاستدلال بالأخبار المذكورة في الهامش 1-2 ص 203.

(2) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بما سيجيء فهو دليل آخر على حرمة التشبيب، اي و يمكن الاستدلال على حرمة التشبيب بالآية الكريمة.

كيفية الاستدلال بالآية: أن المناط في حرمة ترقيق المرأة صوتها في الألفاظ التي تتكلم بها مع الأجنبي: هي اثارة شهوته و تهييجها نحوها و هذا الملاك بعينه موجود في التشبيب بالمرأة المؤمنة المعروفة العفيفة بالكيفية الخاصة بنحو أشد و أكثر.

(3) الأحزاب: الآية 32.

(4) أي و استدل أيضا على حرمة التشبيب بالآية الناهية عن ضرب النساء أرجلهن على الأرض لتسمع قعقعة الخلخال الذي في أرجلهن.

كيفية الاستدلال: أن ضرب الأرجل بالأرض لإسماع الرجال قعقعة -

ص: 204

مِنْ زِينَتِهِنَّ (1) الى غير ذلك (2) من المحرمات و المكروهات التي يعلم منها حرمة ذكر المرأة المعينة المحترمة بما يهيج الشهوة عليها خصوصا (3) ذات البعل التي لم يرض الشارع بتعريضها للنكاح بقوله: ربّ راغب فيك.

++++++++++

- الخلخال موجب لاثارة الشهوة و تهييجها من الرجل نحو المرأة الضاربة برجلها على الأرض، و هذا الملاك بنحو أشد و أكثر موجود في التشبيب بالمرأة المؤمنة المعروفة بالكيفية الخاصة.

(1) النور: الآية 31.

(2) اي و غير هذه الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة التي يدل بعضها على الحرمة كما في أخبار النظر إلى الأجنبية المشار إليها في الهامش 1 ص 202.

و بعضها على الكراهة كما في الأخبار المشار إليها في الهامش 1 ص 203.

(3) اي و تتأكد حرمة التشبيب بالمرأة اذا كانت ذات بعل التي لم يرض الشارع أن يقال لها: ربّ راغب فيك، حيث إن الكلمة هذه تثير الشهوة فيها كما تثير في الرجل.

فكيف بالتشبيب بالكيفية المذكورة التي تثير الشهوة أكثر و أكثر.

هذه خلاصة ما أفاده (الشيخ) حول تحريم التشبيب من الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة التي تلوناها عليك واحدة تلو الأخرى و قد اشبعنا الكلام فيها و للّه الحمد.

و من المحتمل أنه يريد أن يعطينا دراسا كاملا، و قاعدة كلية حول التشبيب: و هو أن كل ما يكون مثيرا للشهوة، و موجبا لتهييجها نحو المرأة الأجنبية فهو حرام.

و من البديهي أن التشبيب بالمرأة الأجنبية بالكيفية المذكورة أشد إثارة للقوة الشهوية، و أكثر تهييجا لها فهو حرام لا ريب فيه.

ص: 205

نعم (1) لو قيل بعدم حرمة التشبيب بالمخطوبة قبل العقد، بل مطلق من يراد تزوجها: لم يكن (2) بعيدا، لعدم جريان اكثر ما ذكر (3) فيها، و المسألة (4) غير صافية عن الاشتباه و الاشكال.

ثم إن المحكي عن المبسوط و جماعة جواز التشبيب بالحليلة بزيادة الكراهة عن المبسوط، و ظاهر الكل جواز التشبيب بالمرأة المبهمة: بأن يتخيل امرأة و يتشبب بها.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن التشبيب بالكيفية المذكورة حرام.

و خلاصة الاستدراك: أن التشبيب اذا كان من الخطيب الذي خطب الفتاة المعينة و قبلت خطبته في حق الخطيبة: لم يكن حراما، لعدم جريان ما ذكر من الأدلة في حرمة التشبيب: من الايذاء، و الاغراء، و ادخال النقص عليها، و هتك الحرمة و الفضح فحالها كحال زوجة الرجل في جواز التشبيب بها، بناء على ما أفاده الفقهاء.

و قد عرفت أن الفقهاء صرحوا بجواز التشبيب بها، مع أن مقتضى الأدلة المذكورة عدم جوازه، لجريانها في حقها بتمامها.

(2) جواب ل (لو الشرطية) اي لم يكن جواز التشبيب بعيدا كما عرفت.

(3) و هي الاغراء و الايذاء و الهتك، و ادخال النقص عليها، و الفضح في الخطيبة كما عرفت.

لكن بناء على ما أفاده الشيخ في ذكر الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة حول تحريم التشبيب: من أنه اثارة الشهوة و تهييجها: يكون التشبيب في الخطيبة و الزوجة حراما، لوحدة الملاك في الكل.

(4) اي مسألة التشبيب بالكيفية المذكورة في المرأة الأجنبية، لأن تشخيص موارد الحلال و الحرام منه مشكل.

ص: 206

و أما المعروفة عند القائل دون السامع، سواء علم السامع اجمالا أنه (1) يقصد معينة أم لا: ففيه اشكال (2).

و في جامع المقاصد كما عن الحواشي (3) الحرمة في الصورة الأولى (4)

و فيه (5) اشكال من جهة اختلاف الوجوه المتقدمة للتحريم.

++++++++++

(1) اي القائل و هو المشبّب.

(2) لأنه اذا كان الملاك في تحريم التشبيب إثارة الشهوة نحو الأجنبية سواء أ كانت في جانب القائل أم السامع: فالظاهر حرمته.

و اذا كان الملاك إثارة الشهوة نحو الأجنبية في جانب القائل و هو المشبّب فقط فالظاهر أيضا حرمة التشبيب في جانب القائل فقط.

و أما السامع فلا، لعدم معرفته بها حتى يجري في حقه ما ذكر من وجوه التحريم.

(3) اي حواشي (الشهيد الأوّل) على الارشاد.

(4) و هو علم السامع علما اجماليا بأن القائل يقصد امرأة معينة.

لكن هو لا يعرفها.

و الصورة الثانية هو عدم علم السامع اجمالا بأن القائل يقصد امرأة معينة.

و ليس المراد من الصورة الأولى المرأة المعروفة عند القائل، بل المراد كما عرفت هو علم السامع اجمالا بأن المشبّب يقصد امرأة معينة مجهولة عنده كما قال الشيخ: سواء علم السامع اجمالا أنه يقصد معينة أم لا.

(5) أي و في جريان الحرمة في الصورة الأولى كما أفاده صاحب (جامع المقاصد) نقلا عن حواشي الشهيد، اشكال.

وجه الاشكال: أن منشأ تحريم التشبيب إن كان ما ذكره الفقهاء: -

ص: 207

و كذا (1) اذا لم يكن هنا سامع.

و أما اعتبار الإيمان (2) فاختاره في القواعد و التذكرة، و تبعه بعض الأساطين (3)، لعدم احترام غير المؤمنة.

و في جامع المقاصد كما عن غيره حرمة التشبيب بنساء أهل الذمة (4)

++++++++++

- من الأدلة المذكورة فلا موجب لحرمة هذا التشبيب، لعدم معرفة السامع بالمرأة المشبّب بها حتى تصدق الأمور المذكورة في حقها.

و ان كان منشأ التشبيب ما ذكره الشيخ: من اثارة الشهوة و تهييجها نحو السامع، أو القائل كما استفاد هذا المعنى من الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة: فلا اشكال في حرمة التشبيب.

فالحاصل أنه لما لم يكن منشأ التحريم في التشبيب معلوما يشكل الحكم بالحرمة.

(1) أي و كذا يأتي الاشكال في حرمة التشبيب اذا كان المشبّب وحده، و ليس هناك احد يسمع التشبيب حتى يترتب عليه شيء مما ذكر في وجه التحريم.

فعلى ما ذهب إليه الأصحاب في ذكر أدلة حرمة التشبيب لا يكون التشبيب هنا حراما، لعدم وجود سامع هنا يسمع حتى يترتب عليه أحد الأمور المذكورة.

و على ما أفاده الشيخ من أنه موجب لإثارة الشهوة يكون حراما و ان لم يكن هناك سامع.

(2) و هو الاعتراف بذاته المقدسة، و برسوله الأعظم، و بما جاء به صلى اللّه عليه و آله.

(3) و هو (الشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء).

(4) و هم أهل الكتاب الخاضعون لأحكام الاسلام، طبقا للشروط -

ص: 208

لفحوى حرمة النظر إليهن، و نقض (1) بحرمة النظر إلى نساء أهل الحرب، مع أنه صرح بجواز التشبيب بهن.

و المسألة (2) مشكلة من جهة الاشتباه،

++++++++++

- المقررة في كتاب الجهاد في الكتب الفقهية في حقهم.

أو كونهم تحت حماية الحكومات الاسلامية فتشترط عليهم الحكومات شروطا خاصة، سوى تقيدهم بالأنظمة الاسلامية و قوانينها، و يؤخذ عليهم عدم إخلالهم بالأمن العام، و عدم تجسسهم عن أحوال المسلمين.

ثم إن هذه الأمور غير محتاجة إلى الاشتراط، لخروجهم عن ذمة الاسلام اذا أخلوا بها، أو تجسسوا عن أحوال المسلمين.

و الدليل على حرمة التشبيب بنساء أهل الذمة: هي الفحوى المراد منها الأولوية، فإن حرمة النظر إليهن اذا كانت لأجل أنهن في ذمة الاسلام و حماه فحرمة التشبيب المثير للشهوة نحوهن أولى، لكونهن في حمى الاسلام و ذمته فالملاك هنا أقوى.

(1) أي نقضت الأولوية المذكورة المعبر عنها بالفحوى: بحرمة النظر الى نساء أهل الحرب و هم الكفار المحاربون، مع أنه يجوز التشبيب بنسائهم فاذا كان الملاك في حرمة التشبيب بنساء أهل الذمة هي حرمة النظر فلما ذا لم يكن التشبيب بنساء أهل الحرب حراما مع حرمة النظر إليهن فنفس الأولوية المذكورة موجودة.

(2) أي مسألة حرمة التشبيب مشكلة، من حيث عدم العلم بمنشإ الحرمة، حيث إن منشأها كما عرفت محل الخلاف عند الفقهاء، و عند الشيخ.

فإن كان الملاك هي الأمور الخمسة المذكورة من الايذاء، و الاغراء و ادخال النقص عليهن و الهتك بها، و الفضح فلا اشكال في عدم صدق الحرمة، لعدم صدق أكثرها، فلا احترام لنساء أهل الحرب فتتوسع -

ص: 209

في مدرك (1) أصل الحكم

و كيف كان (2) فاذا شك المستمع في تحقق شروط الحرمة (3) لم يحرم عليه الاستماع كما صرح به في جامع المقاصد.

و أما التشبيب بالغلام (4) فهو محرم على كل حال (5) كما عن الشهيدين و المحقق الثاني، و كاشف اللثام، لأنه فحش محض فيشتمل على الإغراء بالقبيح (6).

و عن المفاتيح أن في اطلاق الحكم (7) نظرا و اللّه العالم.

++++++++++

- دائرة التشبيب من حيث الحلية فلا تدخل نساء أهل الحرب في مفهوم التشبيب، لخروجهن موضوعا عنه.

و ان كان الملاك ما ذكره الشيخ من اثارة الشهوة و تهييجها فلا اشكال في صدق الحرمة، فتدخل نساء أهل الحرب في موضوع التشبيب و مفهومه فتضيق دائرته فتكون نساء أهل الحرب، و النساء المؤمنات المعروفات المحترمات على حد سواء، لوحدة الملاك في الجانبين.

(1) المراد من المدرك: دليل حرمة التشبيب.

و المراد من الحكم: حرمة التشبيب.

(2) أي سواء قلنا: إن مدرك حرمة التشبيب ما أفاده الفقهاء:

من الأمور الخمسة المذكورة أم ما أفاده الشيخ: من إثارة الشهوة و تهييجها.

(3) و هي أسباب الحرمة أيا كانت.

(4) أي بالغلام المعين المعروف.

(5) سواء أ كان مؤمنا أم لا، و سواء أ كان عفيفا أم لا. و سواء أ كان نقي الثوب أم لا.

(6) لأنه موجب للاتصال معه، و التردد عليه، و لربما أدى التشبيب بالغلام إلى مقدمات محرمة تترتب عليها معاصي كبيرة كثيرة عظيمة، بالإضافة الى تلك الأمور المترتبة على التشبيب بالمرأة فيكون التشبيب بالغلام أقبح.

(7) أي أفاد صاحب المفاتيح أن الحكم بحرمة التشبيب بالغلام بنحو مطلق و بأي حال مشكل.

ص: 210

التّصوير

ص: 211

ص: 212

المسألة الرابعة تصوير ذوات الأرواح حرام اذا كانت الصورة مجسمة

المسألة الرابعة (1) تصوير (2) ذوات الأرواح حرام اذا كانت الصورة مجسمة بلا خلاف فتوى و نصا (3).

و كذا مع عدم التجسم وفاقا لظاهر النهاية، و صريح السرائر، و المحكي عن حواشي الشهيد، و الميسية (4)، و المسالك،

++++++++++

(1) أي من النوع الرابع الّذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه.

(2) المراد منه: تصوير الشكل و الهيئة ممن له الروح، أو مما له الروح.

ثم إن التصوير على قسمين: مجسم و هي التماثيل التي تمثل الانسان أو الحيوان.

و غير مجسم و هي التي تنقش على الأحجار و الأوراق و الأخشاب، و تري هيئة الأشياء كما هي عليها.

(3) تأتي الاشارة إليها قريبا.

(4) كتاب في الفقه (للشيخ عبد العالي الكركي) الميسي. نسب الكتاب الى مدينة المؤلف (ميس) بفتح الميم: و هي من بلاد (جبل عامل) من بلاد (لبنان) الواقعة في المنطقة الجنوبية عدد سكانها 4000 آلاف نسمة تقريبا كلهم شيعة اثنا عشرية تبعد عن (بيروت) 160 كيلومتر.

ص: 213

و إيضاح النافع (1)، و الكفاية، و مجمع البرهان (2) و غيرهم (3)، للروايات المستفيضة، مثل قوله عليه السلام: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم (4).

و قوله (5) عليه السلام: و ينهى عن تزويق البيوت.

قلت: و ما تزويق البيوت؟.

قال: تصاوير التماثيل.

و المتقدم (6) عن (تحف العقول): و صنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني.

++++++++++

(1) في (شرح الشرائع) للعلامة (الشيخ ابراهيم بن سليمان القطيعي).

(2) (للمحقق الأردبيلي).

(3) أي و غير هؤلاء الأعلام من أساطين العلم.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 322. الباب 46 من أبواب لباس المصلي. كتاب الصلاة. الحديث 2.

(5) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: مثل قوله، أي و مثل قوله عليه السلام: و ينهى عن تزويق البيوت.

راجع نفس المصدر. ص 560. الباب 3 من أحكام المساجد.

الحديث 1.

(6) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: أي و مثل ما تقدم في رواية (تحف العقول) التي ذكرناها في الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 23-33.

ثم إن المراد من الروحاني في قوله عليه السلام: مثال الروحاني:

تصاوير ذوات الأرواح كالانسان و الحيوان و الحشرات.

و لا يخفى عليك أنه يمكن أن يراد من التصاوير في الرواية: التصاوير -

ص: 214

و قوله (1) عليه السلام في عدة أخبار: من صوّر صورة كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ.

و قد يستظهر اختصاصها (2) بالمجسمة، من حيث إن النفخ في الروح

++++++++++

- المجسمة التي تصنع من الأحجار و الفلزات، و عدم اختصاصها بالصور المتخذة بالأقلام التي يعبر عنها في عصرنا الحاضر ب: (الريش)، أو التصاوير المتخذة بالأدوات الموجودة حاليا.

و القرينة على ذلك كلمة و صنعة صنوف، حيث إن هذه الكلمة تستعمل في صناعة الجسميات، لا في التصاوير المتخذة بالريش و الأقلام فعليه لا تختص حلية التصاوير بالتصاوير المنقوشة.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: مثل قوله، أي و مثل قوله عليه السلام: في عدة أخبار: من صوّر صورة.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 220. الباب 94 من أبواب تحريم عمل الصور. الحديث 6.

(2) أي اختصاص الرواية الأخيرة بتصوير المجسمات.

و كلمة من بيانية لوجه الظهور. و قد ذكر الشيخ وجه ظهور اختصاص الرواية الأخيرة بتصوير المجسمات من ذوات الأرواح.

و حاصل الاستظهار: أن المراد من النفخ في قوله عليه السلام:

أن ينفخ فيها: ايجاد الروح في الصورة التي صورها الانسان.

و من المعلوم أن ايجاد الروح إنما يتصور في الجسميات التي لها وجودات خارجية كالمنحوت من الرخام، أو الأحجار، أو الصخور، أو التي تصاغ في قوالب كالتماثيل الصنيعة في عصرنا الحاضر.

و ليس المراد من النفخ ايجاد الروح في الصور المنقوشة على الأوراق و الجدران و الحيطان و الصخور، حيث إنها لا قابلية للنفخ فيها حتى يؤمر به.

ص: 215

لا يكون إلا في المجسمة، و إرادة (1) تجسم النقش مقدمة للنفخ ثم النفخ فيه: خلاف الظاهر.

و فيه (2): أن النفخ يمكن تصوره في النقش بملاحظة محله،

++++++++++

(1) دفع و هم من المستظهر القائل باختصاص الرواية الأخيرة في التصوير بالجسميات من ذوات الأرواح.

حاصل الوهم: أنه من الامكان أن يأمر اللّه تعالى يوم القيامة المصور الذي صور بالقلم، و الريش على الأوراق، أو الأحجار، أو الحيطان تلك الصور: تجسيم الصور أولا، ثم نفخ الروح في تلك الأجسام فتجسيم الصور مقدمة لنفخ الروح فيها.

اذا لا تكون الرواية مختصة بنفخ الروح في التصوير بالجسميات فما استظهره القائل بالاختصاص غير ظاهر.

فاجاب المستظهر ما حاصله: أن التوهم المذكور خلاف ظاهر لفظ النفخ، حيث إنه موضوع لايجاد الروح فاستعماله في تجسيم الصور المنقوشة على الأوراق و الحيطان أولا، ثم نفخ الروح فيها ثانيا مجاز، و هو خلاف وضع اللفظ.

و لا يخفى عليك أن هذه الرواية قرينة على ما ادعيناه آنفا: من أنه يمكن أن يراد من التصاوير الواردة في (تحف العقول): التصاوير الجسميات و عدم اختصاصها بالنقوش بالأقلام و الريش، و بالأدوات المستحدثة.

(2) هذا اشكال من الشيخ على الاستظهار المذكور، أي و في هذا الاستظهار نظر و اشكال.

وجه النظر: أن نفخ الروح في الآخرة في الصور المنقوشة على الأوراق و الحيطان بالقلم و الريش امر ممكن باعتبار محل الصور المنقوشة، حيث -

ص: 216

بل (1) بدونها كما في أمر الامام عليه السلام الأسد المنقوش على البساط بأخذ الساحر في مجلس الخليفة (2)،

++++++++++

- إن محلها قابل للنفخ فلا مانع من تعلق الأمر به في الآخرة فيقال للمصور:

انفخ فيها بهذا اللحاظ.

اذا لا تختص الرواية بالتصوير في الجسميات من ذوات الأرواح، بل تعم حتى المنقوشة بالريش و القلم على الأوراق و الجدران.

هذه خلاصة وجه النظر.

و مرجع الضمير في محله: النقش.

(1) هذا ترق من الشيخ عما أفاده من امكان نفخ الروح في الصور المنقوشة باعتبار محله.

و خلاصة الترقي: أننا و إن قلنا بإمكان نفخ الروح باعتبار محله، لكننا نقول بذلك حتى بدون واسطة المحل كما في أمر الامام عليه السلام الأسد المنقوش على الستر باخذه الساحر.

(2) إليك خلاصة الحادث.

كل أحد يعلم عداء (العباسيين) (للأئمة من أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام كزملائهم (آل أمية) فكانوا يستعملون شتى الأساليب للقضاء عليهم حتى الموت ليستريحوا منهم.

و من (أئمة أهل البيت الامام موسى بن جعفر) عليهما الصلاة و السلام كان في عصر الخليفة العباسي (هارون الرشيد) و كان عليه السلام معذبا من قبله فجاء به من (المدينة المنورة) الى (بغداد) فسجنه في سجن لا يميز بين ليله و نهاره، و هو مقيد بالقيود و السلاسل.

ما كانت هذه الأعمال الهمجية تشفي غليل الخليفة فكان دوما يتربص الدوائر لمس كرامته عليه السلام.

ص: 217

..........

++++++++++

- فمن جملة ما ارتكبه للقضاء على الامام عليه السلام: أنه أمر أحد رجال حاشيته أن يأتوا له برجل يعمل عملا يبطل بواسطة تلك العملية أمر الامامة التي كانت منصبا إلهيا (لأئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام ليخجل الامام عليه السلام أمام المجتمع و السذج من الناس، ليحط من كرامته و ليفند دعوى الامام للامامة حسب زعمه الباطل، و نحن نذكر لك الحادث بتمامه.

أليك نص الحديث.

عن ابن الوليد عن الصفار و سعد معا عن ابن عيسى عن الحسن عن أخيه عن أبيه عن (علي بن يقطين).

قال: استدعى (هارون الرشيد) رجلا يبطل(1) به أمر (أبي الحسن موسى بن جعفر) عليهما السلام، و يخجله في المجلس فانتدب له رجل معزّم(2) فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا(3) على الخبز فكلما

ص: 218


1- الفاعل في يبطل (هارون الرشيد). و الباء في به سببية، أي يبطل هارون الرشيد بسبب الرجل الساحر الذي يعمل السحر ليخجل الامام موسى بن جعفر) عليهما السلام امام المجتمع.
2- بصيغة الفاعل من عزّم يعزم تعزيما من باب التفعيل. يقال: عزم الراقي أي قرأ العزائم، و الراقي اسم فاعل من رقى يرقي رقيا و رقيا و رقية، جمعه: رقى و رقيات و رقيات بالتشديد. و معناه الاستعانة بالأسباب غير العادية التي تفوق قوى الطبيعة للحصول على أمر يوجب نفعا، أو إضرارا للطرف الآخر، فالمعزم هو الذي يقرأ الأوراد المتداولة بين السحرة المعبر عنها بالأسباب غير العادية التي تفوق القوى الطبيعية حتى يتمكن من الإضرار بالطرف الآخر، أو نفعه.
3- المراد منه المكر و الخديعة.

أو بملاحظة (1) لون النقش الذي هو في الحقيقة أجزاء لطيفة من الصبغ.

++++++++++

- رام(1) خادم (أبي الحسن) عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه فاستفز(2) هارون الفرح و الضحك لذلك(3).

فلم يلبث (أبو الحسن) عليه السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور(4).

فقال له: يا أسد اللّه خذ عدو اللّه.

قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم فخر (هارون) و ندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم، و طارت عقولهم خوفا من هول ما رأوه. فلما أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون:

أسألك بحقي عليك لما سألت أن ترد الرجل.

فقال: إن كانت عصا موسى ردّت ما ابتلعته من حبال القوم و عصيّهم فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل. فكان ذلك أعمل الأشياء في افاقة نفسه(5).

(1) عطف على قوله: إن النفخ يمكن تصوره في النقش، أي و يمكن تصور النفخ أيضا بملاحظة لون النقش، حيث إنه ذو أجزاء لطيفة حاصلة من نقش الصبغ تشكل جسما لطيفا قابلا لنفخ الروح فيها.

ص: 219


1- من رام يروم روما فهو أجوف واوى و زان قال يقول.
2- معناه حدوث الانبساط و النشاط في الانسان بسبب الفرح و الضحك.
3- أي لأجل الخجل و الاستهانة الواردين على الامام عليه السلام بواسطة عملية الساحر و هو طيران الرغيف من يد خادم الامام.
4- جمع ستر و يجمع على أستار أيضا.
5- راجع (بحار الأنوار) الطبعة الحجرية طباعة الكمباني (امين الضرب). الجزء 11. ص 242. آخر الصحيفة.

و الحاصل: أن مثل هذا (1) لا يعد قرينة عرفا على تخصيص الصورة بالمجسم.

و أظهر من الكل (2): صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر فقال: لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان، فإن ذكر الشمس و القمر قرينة على إرادة مجرد النقش.

و مثل قوله عليه السلام: من جدد قبرا، أو مثل مثالا فقد خرج عن الإسلام (3)، فإن (4) المثال و التصوير مترادفان على ما حكاه

++++++++++

(1) و هو الأمر بنفخ الروح في الصورة في قوله عليه السلام: كلفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ.

(2) أي و أظهر من جميع الروايات المذكورة في شمولها للصور المجسمات و غيرها: صحيحة محمد بن مسلم.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 220. الباب 94 من أبواب ما يكتسب به، كتاب التجارة. الحديث 3. فإن ذكر الشمس و القمر قرينة على إرادة مجرد النقش من دون المجسمات: فكيف يمكن القول باختصاص الصورة في الرواية بالمجسمات ذوات الأرواح.

(3) نفس المصدر. الجزء 3. ص 562. الباب 3. الحديث 10

فالحديث هذا يدل على إرادة النقوش من التصوير. و ليس له اختصاص بالمجسمات.

(4) هذا دفع و هم.

حاصل الوهم: أن كلامنا في الصور و النقوش، و الحديث مشتمل على كلمة مثّل و هو يختص بالمجسمات و التماثيل فلا يكون دليلا على تحريم الصور من النقوش.

فاجاب الشيخ عن الوهم ما حاصله: أن المثال و الصور مترادفان بمعنى -

ص: 220

كاشف اللثام عن أهل اللغة، مع (1) أن الشائع من التصوير و المطلوب منه: هي الصور المنقوشة على أشكال الرجال و النساء، و الطيور و السباع دون الأجسام المصنوعة على تلك الأشكال (2).

و يؤيده (3) أن الظاهر: أن الحكمة في التحريم هي حرمة التشبه بالخالق

++++++++++

- أنه لا فرق بينهما، لاطلاق كل واحد منهما على الآخر فالمثال في قوله صلى اللّه عليه و آله: من مثل مثالا يشمل الصور و النقوش فيحرم تصويرها لعدم اختصاص المثال بالأجسام المصنوعة، أو المنحوتة على أشكال الرجال و النساء.

(1) هذا ترق من الشيخ.

و حاصله: أنه بالإضافة إلى ما أفاده (كاشف اللثام) من أن الصور و المثال مترادفان كل يصدق على الآخر، من دون اختصاص المثال بالمجسمات:

أن الشائع في الصور و النقوش، و المطلوب فيها خارجا: هي الصور المنقوشة على أشكال الرجال و النساء، و الطيور و السباع، دون الأجسام المصنوعة من الأشكال المذكورة.

فعليه لا مجال لشمول كلمة مثالا في قوله صلى اللّه عليه و آله:

من مثل مثالا: الأجسام المصنوعة، أو المنحوتة، بل يخص الصور و النقوش

(2) و هي أشكال الرجال و النساء، و الطيور و السباع.

(3) أي و يؤيد أن المراد من تصوير ذوات الأرواح هي الصور و النقوش، لا التماثيل و المجسمات: ظاهر حكمة تحريم تصوير ذوات الأرواح فتلك الحكمة بعينها موجودة في نفس الصور و النقوش.

و خلاصة التأييد: أن السر و الحكمة في التحريم: هو عدم تشبه الانسان بالخالق في صنيعته و خليقته بذاته المقدسة، هذه الخليقة التي خلقها على أحسن صورة، و أجمل منظر، و أبدع هيكل، ركب فيه الأعضاء -

ص: 221

..........

++++++++++

- و الجوارح فجعلها في مستقرها و مكانها، ثم خلق فيه الملامح و المعاني كلا بحسبه.

و إلى هذه الصنيعة و الخليقة العجيبة أشار بقوله عز من قائل:

فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ ، المؤمنون: الآية 14.

فلو صور المصور مثل صنيعة الباري و خليقته من ذوات الأرواح بالتجسيم و أتى بمثلها في الإبداع بما لها من الأعضاء و الأشكال و الجوارح: المعجبة للناظر مناظرها، و التي تعجز الآخرين عن الاتيان بمثلها، و التي يقبلها الذوق السليم، و الطبع الرقيق الخفيف: فقد حصل التشبه بذاته المقدسة في الخلق.

و كذا لو صور و نقش و أتى بما يعجب الناظر في صنيعة الباري في الإبداع و الإعجاز فقد حصل التشبه بذاته المقدسة جلت عظمته و آلاؤه

و من الواضح أن المادة لا دخل لها في تصوير الانسان و الحيوان فالتشبه يحصل في ضمن أي شيء كان، سواء أ كان في ضمن النقوش أم في ضمن التجسيم و التماثيل، لأن تعجب الناظر بالصور و التماثيل لم يأت من قبل المواد، حتى يقال باختصاصه بالمجسمات، بل جاء من قبل البداعة و الفن و الاختراع التي استعملها المصور في صنيعته بما لها من الأعضاء و الأشكال اللطيفة الرقيقة التي جاءت وفقا للذوق السليم، و الطبع الرقيق فعليه يثبت التحريم في النقوش أيضا.

هذه خلاصة ما افيد في سر حكمة التحريم.

و لا يخفى: أن الحكمة المذكورة غير مسلمة، لأن لازمها أن الشارع إنما حرم تصوير ذوات الأرواح بالتجسيم حتى لا يتمكن أحد من اتيان مثل صنيعته و خليقته فيحصل التشبه به لو أتى مثلها. -

ص: 222

في إبداع الحيوانات، و أعضائها على الأشكال المطبوعة (1) التي يعجز

++++++++++

- و معنى هذا: أن العبد قادر على الاتيان بمثل صنيعته و خليقته، لكن يعجزه الباري عز و جل عن الاتيان بمثلها بواسطة التحريم الشرعي، لئلا يحصل التشبه به، مع أن المخلوق أضعف من أن يقابل الخالق في اتيان مثل خليقته و أعجز من أن يصنع مثل صنيعته، و كيف يتمكن من ذلك، و أنّى له التشبه بمن هو خالق الكائنات و السماوات بغير عمد نراها.

بل صنيعته هذه تري عظمة الخالق الذي اعطي صانعها هذا الدماغ و هذه الفكرية الجبارة التي أمكنت المصور في أن يصنع هذه الصنيعة، و يأتي مثلها على نحو يعجب منظرها الناظر.

فالحكمة في تحريم صور ذوات الأرواح غير ما أفاده الشيخ ظاهرا.

و إن أبيت و قلت: إن السر في التحريم: هو ما ذكره الشيخ لا غير.

قلنا: فما رأي الفقهاء في تصوير الأشجار و الأودية و الصحاري و الشمس و القمر، و النجوم و الجبال، و السحاب و الأنهار التي يصورها المصورون على أحسن شكل، و أبدع منظر و هي تشبه صنيع الباري عز و جل من تمام الجهات، سوى الحركة و الحياة، و لو أمعنت النظر في هذه التصاوير لرأيت أن الفنانين في العصر الحاضر قد بلغوا في الاعجاز قمته.

ثم إن الأخبار الواردة عن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام في جواز تصوير الأشياء المذكورة كثيرة.

و قد تقدم بعضها في ص 220: و هي صحيحة محمد بن مسلم.

و دعوى اختصاص حرمة التشبه بتصوير ذوات الأرواح: بالصور المجسمة بعيدة جدا.

(1) و هي التي تكون وفقا للذوق السليم، و الطبع الرقيق الخفيف.

ص: 223

البشر عن نقشها (1) على ما هي عليه، فضلا عن اختراعها، و لذا (2) منع بعض الأساطين عن تمكين غير المكلف من ذلك.

و من المعلوم أن المادة لا دخل لها في هذه الاختراعات (3) العجيبة فالتشبه انما يحصل بالنقش و التشكيل لا غير (4).

و من هنا (5) يمكن استظهار اختصاص الحكم بذوات الأرواح،

++++++++++

(1) مرجع الضمير: الحيوانات و الأعضاء في قوله:

كما و أنهما المرجع في اختراعها في ابداع الحيوانات و اعضائها.

(2) أي و لأجل أن اختراع هذه الصورة موجبة للتشبه بالخالق من حيث الابداع منع (شيخنا الكبير) عن تهيئة أسباب التصوير لغير المكلف.

و الاختراع مصدر باب الافتعال و معناه الابداع في الشيء و ايجاده بنحو يعجب الناظر منظره.

(3) و هو تصوير الانسان و الحيوان و الشجر، و بقية المخلوقات على نحو يعجب الناظر إليها، فإن المادة لا دخل للإعجاب بها حتى ينحصر التشبه في صنيعة المجسمات و التماثيل كما عرفت آنفا في ص 222 عند قولنا:

و من الواضح.

(4) الظاهر زيادة كلمة لا غير، حيث إن التشبه غير منحصر في النقوش، بل يحصل في المجسمات أيضا، بالإضافة إلى أن كلامه في التشبه بالمجسمات، و منها يريد أن يستدل على حصول التشبه بالصور و النقوش.

اللهم إلا أن يقال: إن المراد من الأشكال التماثيل و المجسمات.

(5) أي و من أنه قلنا: إن السر في حكمة تحريم التصوير هو التشبه بالخالق، و التشبه انما يحصل بالنقوش و الأشكال: يمكن أن يقال باختصاص الحكم و هي حرمة التصوير: بذوات الأرواح من الانسان و الحيوان، و عدم شموله للأشجار و الصحاري و الأودية و البوادي و الجبال.

ص: 224

فإن (1) صور غيرها كثيرا ما يحصل بفعل الانسان للدواعي الأخر غير قصد التصوير، و لا يحصل به تشبه بحضرة المبدع تعالى عن التشبيه، بل كل ما يصنعه الانسان من التصرف في الأجسام فيقع (2) على شكل واحد من مخلوقات اللّه تعالى، و لذا (3) قال كاشف اللثام (4) على ما حكي عنه في مسألة كراهة الصلاة في الثوب المشتمل على التماثيل (5) أنه لو عمت الكراهة لتماثيل ذي الروح و غيرها: كرهت (6) الثياب ذوات الأعلام

++++++++++

(1) تعليل لاختصاص الحرمة بذوات الأرواح لا غير من دون تعميمها الى المذكورات.

و خلاصة التعليل: أن تصوير غير ذوات الأرواح من المذكورات انما يحصل لدواعي أخرى مثل جعلها زينة في البيوت، و الأماكن العامة و المتاحف الدولية، و ليس داعي المصور من ايجادها التشبه بحضرة الخالق جل جلاله حتى يحرم تصويرها.

(2) الظاهر زيادة الفاء في كلمة فيقع، حيث إنها ليست تفريعا على شيء. و جملة يقع مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فكل ما.

و في أغلب النسخ الموجودة عندنا توجد الفاء.

(3) أي و لأجل أن كل ما يفعله الانسان لا يخلو من أن يقع على شكل من مخلوقات الباري عز و جل.

(4) شرح (لقواعد العلامة) كان فقيه العصر (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره يعتمد عليه اعتمادا بالغا.

(5) و هي الصور و النقوش التي تمثل في الخارج أحد مخلوقات الباري عز و جل.

(6) جواب ل: (لو الشرطية) في قوله: لو عمت الكراهة.

و خلاصة ما أفاده صاحب (كشف اللثام): أنه لو عمت الكراهة -

ص: 225

لشبه الأعلام بالأخشاب و القصبات و نحوها، و الثياب (1) المحشوة، لشبه طرائقها المخيطة بها، بل الثياب (2) قاطبة، لشبه خيوطها بالأخشاب

++++++++++

- الصلاة في الثوب المشتمل على التماثيل، سواء أ كانت التماثيل من ذوات الأرواح أم من غيرها: لكرهت الثياب المشتملة على الأعلام التي هي نقوش و رسوم تطرز، أو تطبع على الأقمشة الحريرية و الصوفية المختصة بالنساء، و الستائر قديما و حديثا، لشبه هذه الأعلام بالأخشاب و القصبات التي هي من صنع الباري عز و جل فيحصل التشبه بالخالق من حيث الابداع و الاعجاز بتلك الخصوصيات اللطيفة الدقيقة في الأخشاب و القصبات.

و المراد بالأخشاب: أبدان الأشجار و أغصانها، و بالقصبات: ما تنبت في الآجام و المستنقعات.

(1) بالرفع عطفا على فاعل كرهت و هي الثياب في قوله: كرهت الثياب، أي لو عممنا التماثيل و قلنا: إن المراد منها ذوات الأرواح و غيرها لكرهت الثياب المحشوة التي تجعل بينها و بين بطانتها مقدار من القطن أو الصوف، أو الخرق، لشباهة طرائق هذه الثياب المحشوة المخيطة بتلك الأخشاب و القصبات التي هي مخلوقات الباري عز و جل فيحصل التشبه بالخالق عز و جل من حيث الإبداع و الإعجاب فيها.

و طرائق جمع طريقة. و المراد منها: هي الدروب المعوجة التي يوجدها الخياط في الثياب توسط الخيط، أو الابريسم فحينئذ تشبه هذه الاعوجاجات و الدروب أبدان الأشجار فيحصل التشبه بالخالق كما عرفت.

و مرجع الضمير في طرائقها: الثياب.

(2) برفع الثياب عطفا على فاعل كرهت و هي الثياب في قوله:

كرهت الثياب، أي لو عممنا التماثيل و قلنا: إن المراد منها اعم من ذوات الأرواح و غيرها لكرهت الثياب قاطبة و ان لم تكن مشتملة على طرائق و دروب معوجة كثياب النساء، فإن نفس الخيوط في الثياب تشبه الأخشاب -

ص: 226

و نحوها انتهى (1).

و ان كان ما ذكره لا يخلو عن نظر كما سيجيء هذا (2).

و لكن (3) العمدة في اختصاص الحكم بذوات الأرواح: أصالة

++++++++++

- و القصبات و ان لم تكن الثياب مشتملة على التطريز و الاعوجاجات فيحصل حينئذ التشبه بالخالق من حيث الابداع و الاعجاز بتلك الأشكال اللطيفة البديعة الرقيقة.

و كلمة قاطبة منصوبة على الحالية و معناها: الجميع أي لو عممنا التماثيل لكرهت الثياب جمعاء، من دون اختصاصها بثياب النساء كما عرفت.

و مرجع الضمير في خيوطها: الثياب في قوله: بل الثياب قاطبة و مرجع الضمير في نحوها: الأخشاب.

و المراد من نحوها: القصبات و جميع ما خلق اللّه عز و جل.

(1) أي ما أفاده صاحب (كشف اللثام) حول التصوير و التماثيل.

(2) أي خذ ما ذكرناه عن صاحب (كشف اللثام) و ما أفاده في هذا المقام.

(3) و حيث كان الاستظهار المذكور في قوله: و من هنا يمكن استظهار اختصاص الحكم: غير مرضي عنده أفاد أن العمدة في اختصاص الحكم المذكور و هي الحرمة بتصاوير ذوات الأرواح: هي أصالة الاباحة في الأشياء خرج منها تصوير ذوات الأرواح، للأخبار الكثيرة التى ذكرناها لك الدالة على حرمته، و بقي غيرها تحت حكم أصالة الاباحة، فالعمدة و الأساس في الاختصاص هو هذا لا غير فعند الشك في شمول تلك المطلقات الواردة التي أشير إليها في ص 212-213 لغير ذوات الأرواح: نجري أصالة الاباحة في الأشياء في غير ذوات الأرواح، للاقتصار على القدر المتيقن منها: و هي حرمة تصوير ذوات الأرواح، سواء أ كانت في الصلاة أم في غيرها.

ص: 227

الإباحة، مضافا (1) الى ما دل على الرخصة. مثل صحيحة محمد بن مسلم السابقة.

و رواية (2) التحف المتقدمة.

و ما (3) ورد في تفسير قوله تعالى: «يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ

++++++++++

(1) أي بالإضافة إلى إن لنا دليلا آخر على عدم حرمة تصوير غير ذوات الأرواح: و هي الأخبار المجوزة مثل صحيحة (ابن مسلم) التي أشير إليها في ص 220.

فخلاصة الكلام: أن لنا دليلين في اختصاص حرمة التصوير بذوات الأرواح، و عدم شمول المطلقات المذكورة لغير ذوات الأرواح.

(أحدهما): أصالة الاباحة في الأشياء عند الشك في الحرمة.

(ثانيهما): الأخبار المجوزة مثل صحيحة ابن مسلم الواردة في رخصة تصوير غير ذوات الأرواح من الأشجار و الجبال و الصحاري و الأودية و السحاب في قوله عليه السلام: ما لم يكن شيئا من الحيوان، فإن قوله هذا: صريح في اختصاص الحرمة بذوات الأرواح.

(2) أي و مثل رواية (تحف العقول) المشار إليها في الجزء الأوّل من المكاسب ص 23-33 في قوله عليه السلام: ما لم يكن مثل الروحاني فإن قوله عليه السلام صريح في اختصاص حرمة التصوير بذوات الأرواح.

(3) أي و مثل تفسير الامام عليه السلام قوله تعالى: «يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ» ، حيث فسره: أنه ليس المراد من التماثيل هنا تماثيل الرجال و النساء.

لكنها تماثيل الشجر و شبهه، فإن تفسيره التماثيل بتماثيل الشجر و شبهه صريح في جواز تصوير غير ذوات الأرواح، لأنه لو كانت هذه أيضا حراما لكان الامام عليه السلام يبين الحرمة فيها، حيث إنه في مقام البيان -

ص: 228

مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ» في قوله عليه السلام: و اللّه ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنها تماثيل الشجر و شبهه (1)، و الظاهر شمولها (2) للجسم و غيره، فيها (3) يقيد بعض ما مر من الاطلاق، خلافا لظاهر جماعة، حيث

++++++++++

- و لا يجوز تأخيره عن وقته كما ثبت في علم الأصول.

و المراد من شبهه: تصوير الصحاري و الأودية و السحاب و الجبال و كل ما خلق اللّه عز و جل.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 219. الباب 94 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

(2) أي شمول هذه الأخبار المجوزة الدالة على جواز التصوير:

التصاوير المجسمة من غير ذوات الأرواح كالأشجار و الأنهار و الجبال و الأودية و الصحاري.

و التصاوير غير المجسمة من النقوش و الريش.

(3) أي و بهذه الأخبار المجوزة تقيد تلك المطلقات الدالة على عدم جواز التصوير مطلقا، سواء أ كان من المجسمات أم من غيرها، من ذوات الأرواح أم من غيرها.

و قد عرفت الأخبار المجوزة: و هي صحيحة ابن مسلم، و رواية تحف العقول، و ما ورد في تفسير الامام عليه السلام الآية الكريمة.

و قد عرفت الأخبار المطلقة في ص 214 في قوله عليه السلام في جواب السائل عن تزويق البيوت: تصاوير التماثيل، حيث إن تصاوير التماثيل مطلقة تشمل ذوات الأرواح و غيرها، المجسمات و غيرها.

و في قوله صلى اللّه عليه و آله: من جدّد قبرا، أو مثل مثالا المشار إليه في ص 220، فإنه يشمل ذوات الأرواح و غيرها. المجسمات -

ص: 229

إنهم بين من يحكى عنه تعميمه الحكم (1) لغير ذي الروح، و لو لم يكن مجسما، لبعض الاطلاقات اللازم (2) تقييدها بما تقدم.

مثل قوله عليه السلام: و ينهى عن تزويق البيوت (3).

و قوله (4) عليه السلام: من مثّل مثالا إلى آخر الحديث.

و بين (5) من عبر بالتماثيل المجسمة، بناء على شمول التمثال لغير

++++++++++

- و غيرها، لكنه يقيد بالأخبار المجوزة التي ذكرناها لك فيرفع اليد عن اطلاقها.

(1) و هي حرمة التصاوير لذوي الأرواح و غيرها، سواء أ كانت مجسمة أم غيرها.

و هذا التعميم لأجل وجود بعض الأخبار المطلقة التي أشير إليها آنفا كما أفاده القائل بقوله: لبعض الاطلاقات، فاللام في لبعض تعليل من القائل بتعميم الحرمة.

(2) هذه الجملة: (اللازم تقييدها بما تقدم) من كلمات (الشيخ الأنصاري) يقصد بها تقييد هذه المطلقات بما تقدم من الأخبار المجوزة التي أشرنا إليها آنفا.

(3) هذه احدى الروايات المطلقة و قد اشير إليها في ص 214.

(4) هذه ثانية الروايات المطلقة التي أشير إليها في الهامش ص 220.

(5) هذا هو القول الثاني المخالف لمن خص حرمة التصوير بذوات الأرواح. اذ القول الأوّل هو تعميم الحرمة بذوات الأرواح و غيرها و بالمجسمات و غيرها في قول الشيخ: خلافا لظاهر جماعة، حيث إنهم بين من يحكى عنه تعميمه الحكم لغير ذي الروح و لو لم يكن مجسما.

بخلاف القول الثاني، فإنه خص تحريم التصوير بالمجسمات فقط، سواء أ كانت حيوانا أم غيره كما أفاده الشيخ بقوله: فخص الحكم.

ص: 230

الحيوان كما هو كذلك (1) فخص الحكم بالمجسم، لأن (2) المتيقن من المقيدات للاطلاقات، و الظاهر (3) منها بحكم غلبة الاستعمال و الوجود:

النقوش لا غير.

++++++++++

(1) هذه الجملة: كما هو كذلك (للشيخ الأنصاري) يؤيد القول الثاني، أي أن كلمة تمثال الواردة في الحديث تشمل الحيوان و غيره من المجسمات.

(2) تعليل لاختصاص حرمة التصوير بالتماثيل المجسمة فقط، سواء أ كانت حيوانا أم غيره.

و المقيدات بصيغة الفاعل و المراد منها الأحاديث المجوزة المرخصة التي ترخص تصوير غير ذوات الأرواح التي أشير إليها في ص 220 أي القدر المسلم و المتيقن من هذه الأخبار المجوزة المعبر عنها بالمقيدات: هو جواز تصوير النقوش بالقلم و الريش.

(3) بالنصب عطفا على اسم إن و هو قوله: لأن المتيقن.

و مرجع الضمير في منها: المقيدات فهو دليل ثان لاختصاص حرمة التصوير بالمجسمات، سواء أ كانت حيوانا أم غيره.

و خلاصة هذا التعليل: أن الظاهر من هذه المقيدات: هو جواز تصوير النقوش بالريش و القلم.

و منشأ هذا الظهور شيئان: غلبة الاستعمال. و غلبة الوجود، أي كثرة استعمال التصاوير في النقوش، و قلة استعمالها في البعض الآخر، و غلبة الوجود في الخارج لبعض المصاديق، و قلة الوجود بالقياس إلى بعضها الآخر.

و قد عرفت معنى غلبة الوجود، و كثرة الاستعمال في الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 139-140 فراجع فلا نعيده عليك.

ص: 231

و فيه (1) أن هذا الظهور لو اعتبر لسقط الاطلاقات عن نهوضها لإثبات حرمة المجسم فتعين (2) حملها على الكراهة، دون التخصيص بالمجسمة.

++++++++++

(1) أي و في استظهار أن المراد من المقيدات المذكورة في ص 220 هي النقوش لا غير بحكم غلبة الاستعمال، و غلبة الوجود نظر.

وجه النظر: أنه لو قلنا بصحة هذا الاستظهار الناشئ عن غلبة الاستعمال، و غلبة الوجود، و حكمنا بكون المراد من المقيدات هى النقوش لا غير: يلزم عين ذلك في المطلقات المذكورة في ص 214-220 الدالة على حرمة التصاوير و التماثيل بقول مطلق في النقوش و غيرها، في المجسمات و غيرها. بمعنى أنه لا بدّ من حمل المطلقات على النقوش لا غير كما حملنا المقيدات عليها، لوحدة الملاك فيها: و هي غلبة الاستعمال، و غلبة الوجود فتسقط حينئذ هذه المطلقات عن اطلاقها فلا تنهض لإثبات حرمة المجسمات فيقع التعارض بين المقيدات المذكورة الدالة على جواز التصوير في النقوش بالقلم و الريش.

و بين هذه المطلقات الساقطة عن قيامها على الحرمة في المجسمات و اختصاصها بالنقوش، فبحكم التعارض تحمل هذه الاطلاقات على الكراهة في النقوش.

اذا فلم يرد حكم للمجسمات في الأحاديث الواردة فتخرج المجسمات عن الحرمة، مع أن القائل باختصاص حرمة التصوير بالمجسمات، و جوازه في النقوش بحكم تلك الأخبار المقيدة لا يقول بذلك، و لا يلتزم به.

(2) عرفت وجه التعين في الحمل على الكراهة آنفا: و هو وقوع التعارض بين الأخبار المجوزة، و الأخبار المطلقات الساقطة عن النهوض و القيام لاثبات حرمة التصوير في المجسمات.

ص: 232

و بالجملة (1) التمثال في الاطلاقات المانعة مثل قوله صلى اللّه عليه و آله:

++++++++++

(1) هذا أيضا رد على الاستظهار المذكور: و هو حمل المقيدات التي هي الأخبار المجوزة و المرخصة: على النقوش فقط، و تخصيص المطلقات الواردة في الحرمة: على المجسمات، دون غيرها.

و خلاصة هذا الاجمال: أن التماثيل الواردة في الاطلاقات المذكورة في ص 214 في قوله عليه السلام: تصاوير التماثيل.

و في ص 220 في قوله صلى اللّه عليه و آله: من مثل مثالا و التي تمنع عن عمل التصاوير و التماثيل إن كانت ظاهرة في شمول الحكم و هي الحرمة للمجسمات فقط دون النقوش: كان الأمر كذلك في الأدلة المرخصة الدالة على جواز عمل التصاوير و التماثيل اذا لم تكن حيوانا، فإنها تدل على جواز العمل في المجسمات أيضا.

فمثل قوله عليه السلام: و صنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثال الروحاني.

و قوله عليه السلام في صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 220:

لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان.

و قوله عليه السلام في تفسير الآية الكريمة المشار إليها في ص 228:

و اللّه ما هي تماثيل الرجال و النساء، و لكنها تماثيل الشجر و شبهه:

دال على جواز عمل التصاوير و التماثيل في المجسمات اذا لم تكن حيوانا. من دون اختصاصها بالنقوش كما كانت تلك المطلقات الواردة في الحرمة تدل على حرمة عمل التصاوير و التماثيل في المجسمات فقط، من دون فرق بين هذه المطلقات، و بين تلك المرخصات في حمل كل منهما على المجسمات لا حمل الأخبار المرخصة المذكورة على النقوش فقط، و حمل المطلقات الواردة في الحرمة على المجسمات، و غيرها.

ص: 233

(من مثّل مثالا، إن كان ظاهرا في شمول الحكم للمجسم: كان كذلك في الأدلة المرخصة لما عدا الحيوان كرواية تحف العقول، و صحيحة محمد ابن مسلم، و ما في تفسير الآية.

فدعوى (1) ظهور الاطلاقات المانعة: في العموم، و اختصاص المقيدات المجوزة بالنقوش: تحكم.

ثم إنه لو عممنا الحكم (2) بغير الحيوان مطلقا، أو (3) مع التجسم

++++++++++

(1) الفاء تفريع على قوله: و بالجملة التمثال.

و قد عرفت معنى هذا الاجمال آنفا.

و أما معنى التفريع فخلاصته كما عرفت آنفا، أن الاستظهار المذكور الموجب لحمل المقيدات: على النقوش هو الموجب لحمل المطلقات المذكورة على النقوش أيضا فدعوى ظهور المطلقات في الأعم من النقوش و المجسمات تحكم و تعسف لوحدة الملاك فيها: و هي غلبة الاستعمال، و غلبة الوجود.

(2) أي لو عممنا تحريم التصوير بغير الحيوان أيضا بأن شاركنا غير الحيوان في تحريم تصويره بالحيوان، سواء أ كان التصوير الذي يحكي غير الحيوان مجسما أم نقشا كما أفاده الشيخ بقوله: حيث إنهم بين من يحكى عنه تعميم الحكم لغير ذي الروح و لو لم يكن مجسما، و بين من عبر بالتماثيل المجسمة.

(3) أي لو عممنا الحكم الذي هو التحريم بغير الحيوان أيضا، لكن خصصناه بالمجسم، دون النقوش فعلى كلتا الحالتين يكون المراد من غير الحيوان، سواء أ كان مجسما أم لا، أم مجسما فقط: مخلوق الباري عز و جل على هيئة خاصة معجبة للناظر.

و مرجع الضمير في به في قوله: إن المراد به: غير الحيوان.

ص: 234

فالظاهر أن المراد به: ما كان مخلوقا للّه سبحانه على هيئة خاصة معجبة للناظر على وجه تميل النفس إلى مشاهدة صورتها (1) المجردة عن المادة أو معها.

++++++++++

- و كلمة معجبة بصيغة الفاعل مجرورة على أنها صفة للهيئة، أي الهيئة المعجبة.

ثم لا يخفى أن في مسألة تصوير ذوات الأرواح صورا أربعة:

(الأولى): التحريم مطلقا: المجسمات و النقوش من ذوات الأرواح و غيرها.

(الثانية): الجواز مطلقا: المجسمات و النقوش، سواء أ كانت من ذوات الأرواح أم من غيرها.

(الثالثة): التفصيل بين التجسم فحرام مطلقا، سواء أ كان ذا روح أم لا.

و بين النقوش فحلال مطلقا، سواء أ كانت من ذوات الأرواح أم لا.

(الرابعة): التفصيل بين ذوي الروح فحرام مطلقا، سواء أ كان مجسما أم منقوشا.

و بين غير ذي الروح فحلال مطلقا، سواء أ كان مجسما أم منقوشا.

(1) أي صورة تلك الهيئة الخاصة المعجبة التي تعجب الناظر إليها بحيث تميل النفس إلى مشاهدة صورتها.

ثم إن ميلان النفس إلى الصورة تارة يكون مع المادة بمعنى أن النفس تميل إلى الصورة بما لها من المواد كما في تماثيل الأشجار و الحيوانات المنحوتة من الصخور و الرخام و مواد أخرى تصاغ منها التماثيل.

و أخرى بلا مادة أي تميل النفس إلى الصورة فقط كما في النقوش الحاكية عن المخلوقات.

ص: 235

فمثل (1) تمثال السيف و الرمح، و القصور و الأبنية و السفن مما هو مصنوع للعباد و إن كانت في هيئة حسنة معجبة: خارج.

و كذا (2) مثل تمثال القصبات و الأخشاب، و الجبال و الشطوط

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده (شيخنا الأنصاري) آنفا: من أن المراد من غير الحيوان في صورة تعميم الحرمة: ما كان مخلوقا للّه تعالى أي بناء على ذلك فالأشياء المذكورة خارجة عن حريم النزاع فلا يشملها الحكم و هي الحرمة، لأنها ليست مخلوقة للّه عز و جل على هيئة خاصة معجبة بحيث تعجب الناظر إليها، و تميل النفس إلى تلك الصورة بما لها من المادة أو مجردة.

(2) أي و كذا مثل هذه الأشياء خارجة عن حريم النزاع.

و القصبات بفتح القاف و الصاد جمع: قصبة بفتح القاف و الصاد أيضا تنبت في الآجام، و الأخشاب تنبت في الغابات.

و الشطوط جمع شط و هو شاطئ النهر، و شاطئ البحر.

لكن الشيخ أراد منها الأنهار العريضة.

و المعنى أن تصوير آجام القصبات، و غابات الأخشاب، و شواطئ الأنهار و البحار و الجبال خارج عن محل النزاع و حريمه، لأن الملاك في الحرمة ما كان مخلوقا للّه على هيئة خاصة بحيث يعجب الناظر إليها فلا تشمل أدلة التحريم هذه و إن كانت مخلوقة للّه تعالى، حيث إنها ليست على هيئة معجبة للناظر إليها بحيث تميل النفس و ترغب إلى مشاهدتها، بخلاف المخلوقات الأخرى، فإنها تتصور على هيئة خاصة تعجب الناظر إليها، و تميل النفس الى النظر إليها.

ص: 236

مما خلق اللّه، لا على هيئة معجبة للناظر بحيث تميل النفس إلى مشاهدتها و لو بالصور الحاكية لها، لعدم شمول الأدلة (1) لذلك كله.

هذا كله (2) مع قصد الحكاية و التمثيل، فلو دعت الحاجة إلى عمل شيء يكون شبيها بشيء من خلق اللّه و لو كان حيوانا من غير قصد الحكاية فلا بأس قطعا.

و منه (3) يظهر النظر فيما تقدم عن كاشف اللثام.

++++++++++

(1) أي أدلة حرمة التصوير من الآيات و الأخبار لما ذكرناه من تمثال القصبات و الأخشاب و الجبال و الشطوط.

(2) أي ما قلناه من حرمة تصوير ذوات الأرواح من المجسمات اذا كان المصور في مقام قصد الحكاية و التمثيل عما هو في الخارج: بأن يقصد المصور من عمله هذا كونه ممثلا لما هو في الخارج، و حاكيا عنه كما هو عليه خارجا.

(3) أي و من اشتراط قصد التمثيل و الحكاية عما هو في الخارج يظهر الاشكال فيما أفاده صاحب (كشف اللثام) في قوله في مسألة كراهة الصلاة في الثوب المشتمل على التماثيل: إنه لو عممت الكراهة لتماثيل ذي الروح و غيرها: كرهت الثياب ذوات الأعلام، الى آخر ما نقله عنه الشيخ.

وجه ظهور الاشكال: أنه لم يكن قصد الحكاية من حياكة الثياب المتصفة بالأعلام موجودا عند الحياكة، فبناء على اعتبار القصد في الحكاية و التمثيل فما استشكله صاحب (كشف اللثام) بقوله: لو عمت الكراهة لتماثيل ذي الروح و غيرها كرهت الثياب ذوات الأعلام: غير وارد.

ص: 237

ثم إن المرجع (1) في الصورة إلى العرف فلا (2) يقدح في الحرمة نقص بعض الأعضاء، و ليس فيما ورد (3) من رجحان تغير الصورة بقلع عينها، أو كسر رأسها: دلالة على جواز تصوير الناقص.

++++++++++

(1) أي المرجع و المناط في أن هذه الصورة صورة حيوان، أو بعض حيوان. أو أنها مجسمة حيوان، أو مجسمة بعض حيوان: هو العرف فهو الحاكم في ذلك فقط.

فإن حكم العرف أنها صورة حيوان حرمت، سواء أ كانت الصورة بالنقش أم بالتجسيم على كلا القولين.

و إن لم يحكم عليه أنه صورة حيوان و لو كان بعضه فلا حرمة فيه سواء أ كانت الصورة نقشا أم مجسمة على كلا القولين أيضا.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده من أن المناط و المرجع في كون الصورة صورة حيوان، أو بعض حيوان هو العرف.

أي بناء على المناط المذكور فلا يضر في حرمة التصوير نقص بعض الأعضاء في الصورة كالأنف أو اليد أو العين أو الأذنين، لحكم العرف ببقاء اسم الصورة على هذا الناقص فالحرمة ثابتة على كل حال و لا محالة.

(3) أي في الأحاديث الواردة عن أئمة (أهل البيت) عليهم السلام حول جواز إبقاء التصاوير في البيوت: ما يدل على جواز تصوير الناقص كتصوير انسان ليس له يد، أو رجل، أو عين، أو رأس.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 564. الباب 4 من أبواب أحكام المساكن. كتاب الصلاة. الحديث 3.

أليك نص الحديث:

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: لا بأس بأن يكون التماثيل -

ص: 238

و لو صور بعض أجزاء الحيوان (1) ففي حرمته نظر، بل منع و عليه (2) فلو صور نصف الحيوان من رأسه إلى وسطه، فإن قدّر الباقي موجودا بأن فرضه إنسانا جالسا لا يتبين ما دون وسطه حرم.

و إن قصد النصف (3) لا غير لم يحرم، إلا مع صدق الحيوان على هذا النصف.

و لو بدا له (4) في إتمامه حرم الاتمام، لصدق التصوير بإكمال الصورة لأنه (5) ايجاد لها، و لو اشتغل،

++++++++++

- في البيوت اذا غيرت رءوسها منها، و ترك ما سوى ذلك.

راجع نفس المصدر. الحديث 7.

(1) كاليد، أو الرجل، أو الرأس مثلا.

(2) أي و على أن تصوير بعض الحيوان غير محرم.

(3) المراد من النصف هنا: النصف الفوقاني بقرينة قوله: إلا مع صدق الحيوان. فهذه القرينة لا تشمل النصف التحتاني، فإن قصد تصوير النصف الفوقاني، ثم صوره و صدق أن هذا انسان. أو أسد أو فيل، أو فرس، أو ثور و ما شابه ذلك فقد حرم، و مع عدم الصدق لا حرمة له.

(4) بدا هنا بمعنى التصميم، لا بمعنى الظهور، أي لو صمم بعد اتمام عمل النصف أن يكمل الصورة إلى آخرها، أو صمم أن يعمل شيئا يري أن نصفه الباقي مفروض الوجود: حرم الاكمال في الصورة الأولى، و هذه العملية في الصورة الثانية.

(5) تعليل لحرمة الاتمام، أي لأن إكمال الصورة، أو تصميم عملية تري نصفه الباقي مفروض الوجود: ايجاد للصورة بتمامها فيحرم الاكمال أو تصميم العملية المذكورة.

ص: 239

بتصوير حيوان (1) فعل حراما حتى (2) لو بدا له في اتمامه.

و هل (3) يكون ما فعل حراما من حيث التصوير، أولا يحرم

++++++++++

(1) أي حيوان كامل الخلقة: كان العمل حراما من بدايته.

(2) حتى هنا للترقي، و بدا بمعنى الصرف و العدول و كلمة في بمعنى عن، أي نفس الاشتغال بتصوير حيوان حرام حتى لو صرف و عدل عن اتمام ذلك التصوير.

بيان ذلك: أن المصور لو اشتغل بتصوير حيوان تام الخلقة و وصل الى نصفه، ثم عدل و انصرف عن الاتمام، فعدوله عن الاتمام لا يوجب رفع الحرمة عن العملية المذكورة التي شرع فيها، فالحرمة ثابتة في حقه و إن عدل عن الإكمال، حيث إن العملية المذكورة كانت محرمة من البداية فالعدول لا يؤثر في رفع الحرمة.

(3) هذا من متممات قوله: حتى و لو بدا له في إتمامه.

و خلاصة هذا الكلام أنه بعد القول بثبوت الحرمة في الفرض المذكور:

و ان عدل و انصرف عن العملية المذكورة، حيث كانت العملية محرمة بداية: هل منشأ ثبوت الحرمة المذكورة نفس التصوير و ان عدل عن إكماله و إتمامه.

أو نفس التجري وجهان؟:

وجه بأن المنشأ في الحرمة نفس التصوير و ان لم يكمل الصورة و عدل عن إتمامها، لأن معنى حرمة الفعل عرفا ليس إلا الاشتغال به و قد اشتغل المصور به عامدا قاصدا فلا تتعلق الحرمة بالإكمال، و لا عدم الحرمة بعدم الإكمال.

و وجه: أن المنشأ في حرمة مثل هذا التصوير الذي بني على إكماله ابتداء مع العدول عنها في الأثناء بعد أن أكمل النصف: هي نفس التجري -

ص: 240

إلا من حيث التجري وجهان؟: من (1) أنه لم يقع إلا بعض مقدمات الحرام بقصد تحققه، و من (2) أن معنى حرمة الفعل عرفا ليس إلا حرمة الاشتغال به عمدا (3) فلا تراعى الحرمة (4) بإتمام العمل.

و الفرق (5) بين فعل الواجب المتوقف استحقاق الثواب على إتمامه.

++++++++++

- دون العمل، لأنه لم يقع من المصور سوى بعض مقدمات الحرام بقصد تحققه في الخارج و لم يقع كله، و هذا البعض لم يكن حراما، فالحرمة إنما جاءت من ناحية التجري. بمعنى أن العمل هذا كاشف عن سوء سريرة المكلف و خبثه، سواء أكمله أم عدل عن الإكمال، لأنك عرفت أن التجري هو الفعل المتلبس بالقصد أي قصد الحرام، و فيما نحن فيه كان المصور من بداية العمل قاصدا للحرام و ان بدا له الإتمام.

(1) دليل لكون الحرمة في هذا العمل الناقص هو التجري كما عرفت آنفا.

(2) دليل لكون الحرمة في هذا العمل الناقص هي نفس العمل و إن لم يكمل كما عرفت.

(3) أي عامدا قاصدا.

(4) أي حرمة عمل التصوير لا يتوقف على إتمام العمل و إكماله، فنفس التصوير بمجرد الشروع فيه محرم و ان لم يكمل و يتم.

(5) دفع و هم حاصل الوهم: أن الفقهاء في الواجبات يقولون بتوقف الثواب على إكمالها و إتمامها كالصلاة، و الصوم، و الحج بحيث لو لم تكمل و لم تتم لا يثاب المكلف عليها، لكنهم في المحرمات يقولون بترتب العقاب عليها بمجرد الشروع فيها و ان لم تكمل، فما هذا الفرق؟

ص: 241

و بين الحرام: هو (1) قضاء العرف، فتأمل (2).

بقي الكلام في جواز اقتناء (3) ما حرم عمله من الصور،

++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور حاصله: أن الفارق بين الواجبات و المحرمات في ترتب العقاب على المحرمات بمجرد الشروع، و بتوقف حصول الثواب في الواجبات على الإكمال و الإتمام: هو العرف، فإنه قاض بأن الثواب لا يحصل في الخارج إلا بعد اتيان آخر جزء منه.

و كلمة هو ضمير فصل جيء به للتأكيد، و ليس بمبتدإ ثان حتى تكون الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ الأوّل و هو قوله: و الفرق كما يتوهمه البعض.

(2) لعل وجه التأمل: المناقشة في قضاء العرف و حكمه بالفرق.

نعم مما لا شك فيه أن الواجبات لا يتحقق وجودها في الخارج إلا بعد إكمالها و إتمامها، و به يحصل الامتثال.

لكن هل جاء هذا من قبل الشارع أم من قبل العرف؟

و إن كان هناك واجبات قد نص الشارع على إكمالها و إتمامها كالصلاة و الصوم و الحج حتى يثاب المكلف عليها.

(3) مصدر باب الافتعال من اقتنأ يقتنئ و معناه: الاحتفاظ، أي بقي الكلام في احتفاظ هذه الصورة المحرم فعلها، سواء أ كانت مجسمة أم غيرها كالنقوش بشرط قصد الحكاية و التمثيل عن ذوات الأرواح كما عرفت في الهامش 2 من ص 237.

و المجسمة أعم من أن تكون لذوات الأرواح أم لغيرها فالمحكي عن شرح الارشاد (للمحقق الأردبيلي) أن المستفاد من الأخبار الصحيحة عدم حرمة اقتناء الصور و احتفاظها.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 317. الباب 45 من أبواب لباس المصلي. كتاب الصلاة. الحديث 1.

ص: 242

و عدمه (1) فالمحكي عن شرح الارشاد للمحقق الأردبيلي: أن المستفاد من الأخبار الصحيحة، و أقوال الأصحاب: عدم حرمة إبقاء الصور انتهى. و قرره (2) الحاكي على هذه الاستفادة.

و ممن اعترف بعدم الدليل على الحرمة (3) المحقق الثاني في جامع المقاصد مفرعا على ذلك (4) جواز بيع الصور المعمولة، و عدم لحوقها بآلات اللهو و القمار، و أواني النقدين.

و صرح في حاشية الارشاد بجواز النظر إليها.

++++++++++

- أليك نصه:

عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن التماثيل في البيت.

فقال: لا بأس اذا كانت عن يمينك و عن شمالك و عن خلفك أو تحت رجليك.

و ان كانت في القبلة فألق عليها ثوبا.

فالرواية هذه صريحة في جواز اقتناء الصور أيّا كانت.

و راجع نفس المصدر. ص 318. الحديث 5-6-8-10-11 12-17، حيث إنها مثل الحديث المذكور في جواز اقتناء ما حرم عمله من الصور.

(1) أي و عدم جواز اقتناء ما حرم عمله من الصور.

(2) أي و أمضى و أثبت عدم حرمة اقتناء ما يحرم عمله من الصور من حكى هذه الاستفادة من الأخبار الصحيحة التى أشير إليها آنفا.

و من أقوال العلماء و الأصحاب: عن شرح الارشاد.

(3) أي عدم حرمة اقتناء الصور.

(4) أي حال كون المحقق الثاني فرّع على عدم حرمة اقتناء الصور

ص: 243

لكن ظاهر كلام بعض القدماء حرمة بيع التماثيل و ابتياعها (1).

ففي المقنعة (2) بعد أن ذكر فيما يحرم الاكتساب به الخمر و صناعتها و بيعها.

قال: و عمل الأصنام و الصلبان و التماثيل المجسمة و الشطرنج و النرد و ما أشبه ذلك حرام، و بيعه و ابتياعه حرام انتهى.

و في النهاية و عمل الأصنام و الصلبان و التماثيل المجسمة و الصور و الشطرنج و النرد، و ساير أنواع القمار حتى لعب الصبيان بالجوز، و التجارة فيها و التصرف فيها، و التكسب بها محظور (3) انتهى، و نحوها (4) ظاهر السراير.

و يمكن أن يستدل للحرمة (5) مضافا إلى أن الظاهر من تحريم عمل الشيء مبغوضية وجود المعمول ابتداء و استدامة: بما تقدم في صحيحة ابن مسلم من قوله عليه السلام: لا بأس ما لم يكن حيوانا (6) بناء

++++++++++

(1) أي و حرمة شرائها.

(2) (لشيخنا المفيد) قدس سره.

(3) أي ممنوع في الأحاديث الواردة عن (أئمة أهل البيت) عليهم السلام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 119. الباب 35 من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة، الأحاديث. أليك نص الحديث السادس.

عن السكوني عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام.

قال: كان ينهى عن الجوز يجيء به الصبيان من القمار: أن يؤكل و قال: هو سحت.

(4) أي و مثل النهاية ظاهر السرائر.

(5) أي حرمة اقتناء ما حرم عمله من الصور.

(6) مرت الاشارة إليها في ص 220.

ص: 244

على أن الظاهر من سؤال الراوي عن التماثيل سؤاله عن حكم الفعل المتعارف المتعلق بها (1) العام البلوى: و هو الاقتناء.

و أما نفس الايجاد (2) فهو عمل مختص بالنقاش ألا ترى أنه لو سئل عن الخمر فأجاب بالحرمة، أو عن العصير فأجاب بالإباحة انصرف (3)

++++++++++

- وجه الاستدلال بالصحيحة على تحريم اقتناء الصور اعم من أن تكون نقوشا، أو مجسمات: أن السائل لم يخصص مورد السؤال عن التماثيل في قوله: سألت (أبا عبد اللّه) عليه السلام عن تماثيل الشجر و القمر بيعها، أو شرائها، أو اقتنائها، أو صنعتها، أو النظر إليها، بل عمم في السؤال. فجوابه أيضا عام يشمل صنعها، و اقتناءها، و بيعها و شراءها و النظر إليها.

فقوله عليه السلام: لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان: يشمل جميع ما ذكرناه.

و يمكن أن يناقش في دلالة الصحيحة المذكورة على حرمة الاقتناء:

باحتمال أن الراوي إنما يسأل عن التماثيل حالة الصلاة، لا عن مطلق الحالات.

(1) مرجع الضمير: التماثيل كما عرفت.

(2) و هي صناعة التماثيل و إيجادها في الخارج.

(3) و لا يخفى أن الانصراف المذكور في الخمر و العصير لأجل وجود القرينة: و هو أنهما من المائعات، و من المعلوم أن المائعات موضوعة للشرب كما هي الحال في قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ» ، حيث إن المراد من تحريم الميتة هو أكلها، فالأكل مستفاد هنا من القرائن الحالية و المقامية، و الكلام في المجرد عن القرينة: بمعنى أن الانصراف لا بدّ أن يستفاد من نفس الكلام.

ص: 245

الذهن إلى شربهما، دون صنعتهما، بل ما نحن فيه (1) أولى بالانصراف لأن صنعة العصير، و الخمر يقع من كل أحد (2)، بخلاف صنعة التماثيل (3).

و بما (4) تقدم من الحصر في قوله عليه السلام في رواية تحف العقول:

إنما حرم اللّه الصناعة التي يجيء فيها الفساد محضا، و لا يكون منه و فيه شيء من وجوه الصلاح إلى قوله عليه السلام: يحرم جميع التقلب فيه فإن ظاهره (5) أن كل ما يحرم صنعته: و منها التصاوير يجيء منها الفساد

++++++++++

(1) و هو انصراف السؤال عن التماثيل إلى اقتنائها، أي انصراف السؤال عن التماثيل إلى اقتنائها أولى من انصراف الخمر و العصير إلى شربهما حيث إنه من المحتمل أن يكون السؤال عنهما سؤالا عن صناعتهما و شربهما.

بخلاف السؤال عن التماثيل فلا يحتمل سوى السؤال عن الاقتناء.

(2) أي من الشارب و غيره.

(3) فإنه لا يتمكن على صناعتها إلا أفراد يعدون من مهرة الفن.

(4) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل للحرمة. أي و يمكن أن يستدل على حرمة اقتناء التماثيل بما تقدم من الحصر في قوله عليه السلام: إنما حرّم اللّه الصناعة التي يجيء فيها الفساد محضا، و لا يكون منه و فيه شيء من وجوه الصلاح، و جميع التقلب فيه.

وجه الاستدلال: أن الإمام عليه السلام حصر الحرمة في الصناعة التي يأتي منها الفساد محضا، و حرم جميع الاستعمالات و التعاطي التي تترتب على هذه الصناعة التى منها اقتناء صور ذوات الأرواح، لأن ظاهر هذا الحصر: أن كل ما يحرم صنعته يحرم جميع التعاطي و الاستعمالات فيه: و منها الاقتناء.

(5) مرجع الضمير: الحصر المذكور في قوله عليه السلام: إنما حرم اللّه كما عرفت.

ص: 246

محضا: يحرم (1) جميع التقلب فيه بمقتضى ما ذكر في الرواية بعد هذه الفقرة (2).

و بالنبوي (3) لا تدع صورة الا محوتها، و لا كلبا الا قتلته، بناء

++++++++++

(1) جملة الفعل و الفاعل مرفوعة محلا خبر لاسم أن في قوله: أن كل ما يحرم، و جملة: أن كل ما يحرم مرفوعة محلا خبر لأن في قوله:

إن ظاهره.

(2) بكسر الفاء و سكون القاف و فتح الراء و زان سدرة احدى خرز الظهر. جمعها: فقر. فقرات. فقرات.

و المراد منها في اصطلاح الكتّاب و المؤلفين: قطعة من كلام يراد منها الاشارة إلى بعضه.

فيقال: الفقرة الأولى، الفقرة الثانية، الفقرة الثالثة، و هكذا تشبيها للكلام الواحد بفقرات الظهر من حيث التماسك، و الاتصال و الوحدة بعضها ببعض.

(3) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل أي و يكن أن يستدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: بالحديث النبوى في قوله صلى اللّه عليه و آله:

يا علي لا تدع صورة إلا محوتها، و لا كلبا إلا قتلته.

وسائل الشيعة. الجزء 3. ص 562. الباب 3 من أبواب أحكام المساكن. كتاب الصلاة. الحديث 8.

كيفية الاستدلال: أن كلمة الصورة الواردة في الحديث مطلقة تشمل النقوش و المجسمات، و ذوات الأرواح و غيرها، و الاقتناء و غيره، فالأمر بمحو الصورة أيا كانت دليل على حرمة الاقتناء، لأن وجوب محو الصورة لا يتلاءم مع جواز اقتنائها.

ص: 247

على إرادة الكلب الهراش (1) المؤذي الذي يحرم اقتناؤه.

و ما عن (2) قرب الأسناد بسنده عن علي بن جعفر عليه السلام عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن التماثيل هل يصلح أن يلعب بها؟ قال: لا.

و بما (3) ورد في إنكار أن المعمول لسليمان على نبينا و آله و عليه

++++++++++

(1) أي قتل الكلب الوارد في الحديث يراد منه: كلب الهراش حيث إن ما عداه من الكلاب الأربعة لا يجب قتلها، بل ربما يكون قتلها حراما اذا كانت مما تملك، و كانت القتل بدون رضا صاحبها فيوجب قتل بعضها الدية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 10. ص 323-325.

(2) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل، أي و يمكن أن يستدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: بما ورد في (قرب الأسناد) عن (علي بن جعفر) عن أخيه عليهما السلام قال: سألته عن التماثيل هل يصلح أن يلعب بها؟

قال: لا.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 221 الباب 94. من أبواب ما يكتسب به. الحديث 10.

وجه الاستدلال: أن اللعب هنا مطلق يشمل الاقتناء أيضا، بناء على أن الاقتناء نوع من اللعب فدل الحديث على حرمة اقتناء الصور و التماثيل.

(3) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل للحرمة، أي و يمكن أن يستدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: بالحديث الوارد في (وسائل الشيعة) الجزء 3. ص 561. الباب 3. من أبواب أحكام المساكن. كتاب الصلاة -

ص: 248

السلام هي تماثيل الرجال و النساء، فإن الانكار إنما يرجع (1) الى مشية سليمان للمعمول كما هو ظاهر الآية، دون (2) أصل العمل فدل (3) على كون مشيّة وجود التمثال من المنكرات التي لا يليق بمنصب النبوة.

++++++++++

- الحديث 4-6 في قوله عليه السلام: و اللّه ما هي تماثيل الرجال و النساء و لكنها تماثيل الشجر و شبهه.

كيفية الاستدلال: أن السائل لما سأل عن قوله عز و جل: «يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ» كأنما استفاد أن (سليمان بن داود) على نبينا و آله و عليه السلام شاء و أراد من الجن صناعة تماثيل الرجال و النساء. فأراد الامام عليه السلام أن يزيل هذا الاشتباه عن السائل، و يبين له أن إشاءة سليمان ما كانت ذلك، بل شاء تماثيل الشجر، لأن تماثيل الرجال و النساء مما لا يليق بمقام النبوة، و منصب الرسالة فأنكر الامام عليه السلام ذلك، و فسر التماثيل بتماثيل الشجر.

(1) أي رجوع انكار الامام عليه السلام إلى اشاءة سليمان و أنه ما أراد من التماثيل تماثيل الرجال و النساء كما توهمه السائل: هو ظاهر الآية الكريمة في قوله تعالى: «يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ)

(2) أي ليس إنكار الامام عليه السلام إلى أصل العمل الذي هو اشاءة سليمان عليه السلام، فان أصل الإشاءة مما لا ينكر، لأنه عليه السلام شاء من الجن محاريب و تماثيل.

لكنه لم يشأ تماثيل الرجال و النساء، حيث إنه مما لا يليق بمقام النبوة و الرسالة، و إنما شاء تماثيل الأشجار، فهذه الإشاءة مما لا ينكر.

(3) أي قول الامام عليه السلام دل على أن إشاءة سليمان بتماثيل الرجال و النساء عمل منكر لا يليق و مقام الرسالة و النبوة.

ص: 249

و بمفهوم (1) صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها، و ترك ما سوى ذلك.

و رواية (2) المثنى عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن عليا عليه السلام

++++++++++

(1) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل، أي و يمكن الاستدلال على حرمة اقتناء الصور و التماثيل بمفهوم ما ورد في نفس المصدر. ص 564 الحديث 3 في قوله عليه السلام: لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها بأن كسرت، أو فقئت: احدى عينيها، و نحو ذلك، فمفهوم اذا غيرت رءوسها: أنه اذا لم تتغير رءوسها بالعملية المذكورة بأن لم تكسر، أو لم تفقأ: لم يجز اقتناؤها في البيوت، لأن في الاقتناء من دون التغيير بأسا، بناء على حمل البأس على الحرمة.

و يحتمل أن يراد من البأس معناه الأعم من الحرمة و الكراهة، إذا لا دلالة لمفهوم الحديث على حرمة الاقتناء.

(2) عطف على قوله: و يمكن الاستدلال أي و يمكن أن يستدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: بالحديث الوارد في المصدر نفسه ص 561 الباب 3 من أبواب أحكام الصلاة. كتاب الصلاة. الحديث 3 في قوله عليه السلام: إن عليا عليه السلام كره الصور في البيوت. بضميمة الحديث الوارد في الوسائل الجزء 12. ص 447. الباب 15. من أبواب الرباء. الحديث 1 من أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال.

و كيفية الاستدلال: أن الكراهة الواردة في قوله عليه السلام:

إن عليا عليه السلام كره الصور في البيوت محمولة على الحرمة بقرينة قوله عليه السلام: إن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال، فاقتناء الصور في البيوت لو كان حلالا لما كان عليه السلام يكرهها فكراهته للصور: معناها تحريمه لها، لا أنه يراد من الكراهة معناها الحقيقي و هي -

ص: 250

يكره الصور في البيوت.

بضميمة ما ورد في رواية أخرى مروية في باب الرباء أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال.

و رواية (1) الحلبي المحكية عن مكارم الأخلاق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أهديت إليّ طنفسة من الشام فيها تماثيل طائر فامرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر.

++++++++++

- المرجوحية، لوجود القرينة الصارفة عن ذلك و هو قوله عليه السلام: إن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال.

(1) عطف على قوله: و يمكن أن يستدل، أي و يمكن أن يستدل لحرمة اقتناء الصور: بالحديث الوارد في نفس المصدر ص 565، الباب 4 من أبواب أحكام المساكن. كتاب الصلاة. الحديث 7 عند قوله عليه السلام اهديت إليّ طنفسة(1) من الشام عليها تماثيل طائر، فامرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر.

كيفية الاستدلال: أن الامام عليه السلام امر بتغيير الصورة التي كانت في القطيفة، مع أنها ليست من المجسمات، بل كانت من النقوش من ذوات الأرواح، فأمره عليه السلام بتغيير الصورة يدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل في البيت، سواء أ كانت من المجسمات أم من غيرها.

هذه خلاصة الأدلة التي اقيمت على حرمة اقتناء الصور و التماثيل في البيوت و غيرها من ذوات الأرواح، سواء أ كانت مجسمة أم لا.

و هي تسعة.

ص: 251


1- بفتح الطاء و سكون النون و ضم الفاء و فتحها، و بكسر الطاء و سكون النون و كسر الفاء. من طنفس يطنفس طنفاسا و هي البساط، و الحصير، و الثوب.

هذا (1) و في الجميع (2) نظر: أما الأوّل (3) فلأن الممنوع هو ايجاد الصورة، و ليس وجودها مبغوضا حتى يجب رفعه.

++++++++++

- (الأوّل): مبغوضية وجود هذا العمل ابتداء و استدامة.

(الثاني): صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 220.

(الثالث): كلمة الحصر الوارد في رواية (تحف العقول) المشار إليها في ص 246 في قوله عليه السلام: إنما حرم اللّه الصناعة.

(الرابع): النبوي المتقدم المشار إليه في ص 247.

(الخامس): رواية قرب الأسناد المشار إليها في ص 248.

(السادس): حديث مشيئة (سليمان بن داود) عليهما السلام المشار إليه في ص 248.

(السابع): مفهوم صحيحة زرارة المشار إليه في ص 250.

(الثامن): رواية المثنى المشار إليها في ص 250.

(التاسع): رواية الحلبي المشار إليها في ص 251.

(1) أي خذ هذه الأدلة و كيفية الاستدلال بها على حرمة اقتناء الصور من ذوات الأرواح.

(2) أي و في جميع ما استدل بها على حرمة الاقتناء من الأخبار المذكورة في ص 220-247-248-250-251.

و حتى في قول الشيخ في ص 244: مضافا إلى أن الظاهر من تحريم عمل الشيء مبغوضية وجود الشيء ابتداء و استدامة: نظر.

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في جميع ما افيد في هذا المقام بقوله:

أما الأوّل.

(3) هذا هو النظر على أوّل دليل اقيم على حرمة اقتناء الصور -

ص: 252

نعم (1) قد يفهم الملازمة من سياق الدليل، أو من خارج،

++++++++++

- و التماثيل: و هو قوله: مضافا إلى أن الظاهر من تحريم عمل الشيء مبغوضية وجود المعمول ابتداء و استدامة.

وجه النظر: أن كل شيء اذا كان ايجاده ممنوعا بداية: لازمه أن يكون إخراجه إلى عالم الوجود و انشاؤه في الخارج مبغوضا أيضا بداية لا أن يكون وجوده و اقتناؤه مبغوضا بعد صنعه و إيجاده، اذ لا ملازمة بين مبغوضية أصل الايجاد ابتداء.

و بين مبغوضية الوجود و هو الإبقاء، فبناء على عدم الملازمة بين ذاك و هذا فلا دليل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: من أن الظاهر من تحريم عمل الشيء مبغوضيته ابتداء و استدامة.

(1) استدراك عما افاده آنفا: من عدم ظهور تحريم عمل الشيء في مبغوضيته ابتداء و استدامة.

و خلاصة الاستدراك: أن الملازمة العقلية بين مبغوضية عمل الشيء اذا كانت صناعته حراما ابتداء.

و بين اقتناء الشيء استدامة: موجودة لا محالة، سواء استفدنا الملازمة العقلية من سياق الدليل و لفظه و هي حرمة صناعة عمل الشيء أم من الخارج.

الظاهر عدم وجود الملازمة العقلية بين مبغوضية عمل الشيء اذا كان ايجاده حراما ابتداء، و بين حرمة وجوده بعد العمل حتى يقال بوجوب رفعه، بل ربما كان الايجاد حراما، إلا أنه بعد الايجاد تنتفي الحرمة.

نعم لو دل الدليل من الخارج، أو الداخل على وجود الملازمة ثبتت الملازمة المذكورة بالعرض.

و المراد من الدليل الداخلي سياق الدليل الدال على الحرمة ابتداء و استدامة.

ص: 253

كما (1) أن حرمة ايجاد النجاسة في المسجد يستلزم مبغوضية وجودها فيه المستلزم لوجوب رفعها.

و أما الروايات (2) فالصحيحة الأولى غير ظاهرة في السؤال عن الاقتناء لأن عمل الصور مما هو مركوز في الأذهان حتى أن السؤال عن حكم اقتنائها بعد معرفة حرمة عملها، اذ لا يحتمل حرمة اقتناء ما لا يحرم عمله (3).

++++++++++

(1) تنظير لفهم الملازمة بين حرمة ايجاد الشيء ابتداء.

و بين مبغوضية الشيء المعمول استدامة من دليل خارجي، فإن حرمة ايجاد النجاسة في المسجد ملازمة لحرمة وجودها فيه، و هذه الملازمة موجبة لوجوب رفع النجاسة عن المسجد لو وجدت فيه بالدليل الخاص الخارجي و هو وجوب ازالة النجاسة عن المسجد.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 504. الباب 24 من أبواب أحكام المساجد. الحديث 1-2.

(2) هذه بداية الشروع في الرد على الأحاديث التي اقيمت على حرمة اقتناء الصور و التماثيل من ذوات الأرواح.

و خلاصة الرد: أن صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 220 ليس لها ظهور في السؤال عن اقتناء الصور كما ادعى الخصم حتى يقال:

إن مفهوم قوله عليه السلام: لا بأس ما لم يكن حيوانا: أنه اذا كان التمثال حيوانا من ذوات الأرواح ففي اقتنائه بأس.

بل لما كان عمل التصاوير و صناعتها مركوزا في الأذهان، و متعارفا عند الناس فالسؤال يكون عن أصل صناعة هذه الصور و التماثيل، لا عن الاقتناء، لأن السؤال عن حكم اقتناء الصور بعد أن عرف المكلف أن عملها و صناعتها حرام، فاذا عرف ذلك فحينئذ يقدم على السؤال عن اقتنائها.

(3) مرجع الضمير: (ما الموصولة) في قوله: ما لا يحرم عمله -

ص: 254

و أما الحصر (1) في رواية تحف العقول فهو بقرينة الفقرة السابقة منه الواردة في تقسيم الصناعات إلى ما يترتب عليه الحلال و الحرام، و ما لا يترتب عليه إلا الحرام: اضافي (2) بالنسبة إلى هذين،

++++++++++

- أي لا معنى للسؤال عن جواز اقتناء التماثيل ما لم يسأل عن أصل عمل التصاوير من حيث الحرمة و الحلية، فالسؤال عن الاقتناء متفرع على السؤال عن أصل العمل كما عرفت آنفا.

(1) اي في قوله عليه السلام: إنما حرم اللّه الصناعة التي يجيء الفساد محضا.

هذا رد على من استدل برواية (تحف العقول): على تحريم اقتناء الصور و التماثيل.

و خلاصة الرد: أن الامام عليه السلام لما قسم الصناعات إلى ما يستعمل في الحلال و الحرام.

و إلى ما لا يستعمل إلا في الحرام: اراد أن يبين أن القسم الثاني هو المعنى و المقصود من الحصر لا غير، لا القسم الأوّل، حيث إنه خارج عن تحت الحصر المذكور في الرواية، فالحصر إنما وقع على الصناعة التي ليس لها إلا جهة الحرام فقط فيكون معناه: أن صناعة هذا الشيء حرام لا حرمة جميع التقلبات و الاستعمالات فيه حتى الاقتناء، فحينئذ لا يصح الاستدلال بحرمة اقتناء الصور بهذه الرواية.

بالإضافة إلى أن القدر المتيقن من الحرمة الواردة هو صنع الصور و التماثيل، لا اقتناؤها.

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و أما الحصر، اي الحصر المذكور في رواية تحف العقول اضافي بالنسبة إلى هذين القسمين: و هما الصناعات المترتبة عليها الحلال و الحرام. و الصناعات المترتبة عليها الحرام فقط.

ص: 255

القسمين (1) يعني لم يحرم من القسمين إلا ما ينحصر فائدته في الحرام و لا يترتب عليه إلا الفساد.

نعم (2) يمكن أن يقال: إن الحصر وارد في مساق التعليل و إعطاء (3) الضابطة للفرق بين الصنائع،

++++++++++

(1) و هما القسمان المذكوران آنفا بقولنا: و هما الصناعات المترتبة

(2) استدراك عما افاده آنفا من أن كلمة إنما في رواية (تحف العقول) واردة في سياق الحصر الإضافي.

و خلاصة الاستدراك: أنه يمكن أن يقال: إن كلمة إنما ليست مساقة للحصر اصلا، لا الاضافي و لا الحقيقي، بل إنما سيقت للتعليل و إعطاء ضابطة كلية، و قاعدة عامة للصنائع المحرمة، و ليست بيانا لحرمة خصوص القسم المذكور و هي حرمة الصناعات التي تستعمل في الحرام فقط

و تلك الضابطة و القاعدة: أن كل ما كان من الصنائع فيه جهة صلاح فقط، أو جهة حلال و حرام: فهو حلال صنعه، و جميع التقلبات و الاستعمالات فيه، و من تلك التقلبات و الاستعمالات اقتناؤه.

و كل ما كان من الصنائع فيه جهة حرام فقط فهو حرام صنعه، و جميع التقلبات و الاستعمالات فيه: و منها اقتناؤه، فيظهر من هذه الضابطة الكلية و القاعدة العامة: أن اقتناء الصور و التماثيل حرام، لعدم جهة صلاح فيه ابدا، لأنه لو كان فيه جهة صلاح لما حكم الشارع بحرمة التصاوير و التماثيل فمن هذا الحكم نستظهر إنيّا إلى حرمة الاقتناء، اي ننتقل من العلة التي هي عمل التصاوير و التماثيل إلى المعلول و هي حرمة الاقتناء.

(3) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: في مساق التعليل اي أن الحصر المذكور في رواية تحف العقول مساق لإعطاء ضابطة كلية، و قاعدة عامة كما عرفت آنفا.

ص: 256

لا لبيان (1) حرمة خصوص القسم المذكور.

و أما (2) النبوي فسياقه ظاهر في الكراهة كما يدل عليه عموم الأمر بقتل الكلاب.

و قوله (3) عليه السلام في بعض هذه الروايات: و لا قبرا إلا سويته

++++++++++

(1) اي و ليس الامام عليه السلام في مقام أن يفيد أن كلمة إنما للحصر حتى يقال: ان الحصر هنا اضافي و ليس حقيقيا، اي إنما الحرمة الواردة في الرواية بالنسبة إلى الصناعة التي لا يترتب عليها سوى الحرمة لا الصناعة التى يترتب عليها الحلال و الحرام فليس الامام عليه السلام في مقام بيان خصوص القسم الثاني حتى نحتاج إلى التمحل المذكور.

(2) هذا رد على من استدل على حرمة اقتناء الصور بالحديث النبوي في قوله صلى اللّه عليه و آله: يا علي لا تدع صورة الا محوتها، و لا كلبا إلا قتلته.

و خلاصة الرد: أن النهي الوارد في الحديث مسوق في الكراهة ظاهرا، و لا دلالة فيه على حرمة الاقتناء كما ادعاها الخصم من الأمر بمحو صورة الكلاب.

و القرينة على ذلك قوله صلى اللّه عليه و آله: و لا كلبا الا قتلته حيث إن قتل الكلاب مطلقا و فيها كلب الزرع و الماشية و الحائط و البستان ليس يواجب حتى يأمر صلى اللّه عليه و آله بقتلها، فالحديث المذكور سياقه سياق الكراهة، لا الحرمة.

و مرجع الضمير في قوله: كما يدل عليه: فسياقه ظاهر في الكراهة.

(3) بالرفع عطفا على قوله: و يدل، أي و يدل على كون سياق الحديث ظاهرا في الكراهة، لا الحرمة: قوله صلى اللّه عليه و آله أيضا في بعض هذه الروايات الواردة في محو الصور و التماثيل، و قتل الكلاب: و لا قبرا -

ص: 257

و أما رواية (1) علي بن جعفر فلا تدل إلا على كراهة اللعب بالصورة و لا نمنعها، بل (2) و لا الحرمة اذا كان اللعب على وجه اللهو.

و أما (3) ما في تفسير الآية فظاهره رجوع الانكار إلى مشيّة سليمان

++++++++++

- إلا سويته، فإن تسوية القبور ليس بواجب فارتفاعها يكون مكروها.

فكذلك حفظ الصورة الكلاب يكون مكروها، فلا دلالة للحديث المذكور على حرمة اقتناء الصور و التماثيل بهاتين القرينتين: و هما الأمر بقتل الكلاب.

و الأمر بتسوية القبور.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 562. الباب 3 من أبواب أحكام المساكن من كتاب الصلاة. الحديث 8.

(1) المشار إليها في ص 248.

هذا رد على المستدل بالرواية المذكورة على حرمة اقتناء الصور بقوله عليه السلام جوابا للسائل عن التماثيل هل يصلح أن يلعب بها: لا.

و حاصل الرد: أن الرواية أجنبية عن الاقتناء، و لا ربط لها به لأن الراوي في مقام السؤال عن اللعب بالصور، لا عن اقتنائها و الامام عليه السلام اجابه طبقا لسؤاله فقال: لا و النهي يدل على كراهة اللعب بالصور و نحن لا نمنع هذه الكراهة، و نعترف بها.

(2) هذا اضراب و ترق عما أفاده حول دلالة النهي على الكراهة.

و حاصله: أنا لا نمنع دلالة النهي هنا على حرمة اللعب بالصور أيضا اذا كان اللعب بها على وجه اللهوى فضلا على الكراهة.

لكن هذا خارج عما نحن فيه، حيث إن الكلام في الاقتناء للصور لا في اللعب بها، بل الرواية تدل على جواز اقتناء الصور، لأن السؤال عن اللعب بها بعد الفراغ عن جواز الاقتناء.

(3) أي الآية الكريمة و هي: «يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ -

ص: 258

على نبينا و آله و عليه السلام لعملهم. بمعنى اذنه فيه، أو إلى تقريره (1) لهم في العمل.

و أما الصحيحة (2) فالبأس فيها محمول على الكراهة لأجل الصلاة

++++++++++

- مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ» .

هذا رد على من استدل بتفسير الامام عليه السلام الآية: على حرمة اقتناء الصور و التماثيل.

و حاصل الرد: أن ظاهر تفسير الامام عليه السلام الآية الكريمة يرجع إلى إنكاره لمشية سليمان عليه السلام و ارادته تماثيل الرجال و النساء من الجن، حيث إن الناس كانوا يزعمون أن سليمان أمر الجن بصناعة تماثيل الرجال و النساء فأراد الامام عليه السلام أن يبطل زعم هؤلاء فأنكر ذلك و بيّن للسائل أن سليمان ما أراد من الجن ذلك، و لا أذن لهم، بل أراد منهم تماثيل الشجر و نحوه فتفسير الامام عليه السلام لا يدل على حرمة الاقتناء حتى يستدل به، فإنكاره راجع إلى هذا، لا إلى الاقتناء.

(1) أي انكار الامام عليه السلام إما إلى مشية سليمان، أو إلى تقرير سليمان و إمضائه عمل الجن.

فالخلاصة أن انكار الامام عليه السلام لا ربط له بالاقتناء أصلا فهو إما راجع إلى مشية سليمان ذلك من الجن، أو إلى تقريره لهم.

(2) أي صحيحة زرارة المشار إليها في ص 250 في قوله عليه السلام:

لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها، و ترك ما سوى ذلك في جواب السائل عن التماثيل.

هذا رد على من استدل بمفهوم هذه الصحيحة: على حرمة اقتناء الصور و التماثيل: و هو البأس اذا لم تتغير رءوس التماثيل.

و خلاصة الرد: أن البأس المستفاد من الرواية مفهوما كما استدل به -

ص: 259

أو مطلقا، مع دلالته (1) على جواز الاقتناء، و عدم (2) وجوب المحو.

و أما (3) ما ورد من أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال فمحمول

++++++++++

- الخصم: محمول على الكراهة، لا على الحرمة، لأن البأس أعم من التحريم.

فالمعنى أنه لا كراهة في اقتناء الصور و التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها، و تركت ما سوى ذلك.

بخلاف ما اذا لم تتغير و بقيت على حالتها، فإن في بقائها و اقتنائها كراهة، و هذه الكراهة إما لأجل حالة الصلاة، أو مطلقا في الصلاة و غيرها

فليس في الصحيحة ما يدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل في البيوت كما ادعاه الخصم.

(1) هذا ترق من الشيخ و خلاصته: أنه و ان قلنا: إن البأس المذكور في الصحيحة يدل على الكراهة.

لكن نقول: إنه يدل على الجواز، اذ كل مكروه جائز.

(2) بالجر عطفا على مدخول (على الجارة) أي و مع دلالة البأس المنفي في الحديث على عدم وجوب محو الصور، لدلالته على الكراهة الدالة على الجواز كما عرفت الحديث في ص 250.

(3) هذا رد على من استدل على حرمة اقتناء الصور: برواية المثنى المروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: إن عليا عليه السلام كره الصورة في البيوت.

مع ضميمة قوله عليه السلام: إن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال كما عرفت في وجه الاستدلال في الهامش 2. ص 250.

و حاصل الرد: أن الحلال هنا محمول على المباح الذي هو المتساوي طرفاه: و هو الفعل و العدم المعبر عنه بالمباح بالمعنى الأخص، لأنه عليه السلام كان يكره المكروه قطعا، و لا يراد من الحلال معناه الحقيقي و هو الأعم -

ص: 260

على المباح المتساوي طرفاه، لأنه عليه السلام كان يكره المكروه قطعا.

و أما رواية (1) الحلبي فلا دلالة لها على الوجوب أصلا.

و لو سلم (2) الظهور في الجميع فهي معارضة بما هو أظهر و أكثر

++++++++++

- من المباح و الكراهة حتى يقال: إن قوله عليه السلام: يكره الصورة في البيوت: يدل على الحرمة.

(1) المشار إليها في ص 251.

هذا رد على من استدل على حرمة اقتناء الصور و التماثيل برواية الحلبي المروية عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام في قوله: أهديت إليّ طنفسة من الشام عليها تماثيل طائر فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر.

و خلاصة الرد كما أفاده الشيخ: أن الأمر الوارد في الرواية في قوله عليه السلام: فأمرت به فغير رأسه ليس فيه دلالة على الوجوب أصلا.

و لا يخفى أن الأصوليين بأجمعهم قالوا في الأوامر: إن مادة (أمر) أي الألف و الميم و الراء، و كل فعل مشتق من هذه المادة يدل على الوجوب لا محالة و لا كلام فيه، و إنما الكلام في صيغة افعل و ما في معناها هل أنها تدل على الوجوب أم لا؟

و العجب أن الشيخ أفاد بعدم دلالة الأمر الذي هو بصيغة امرت هنا:

على الوجوب، مع أن المأمور استفاد منه الوجوب، و لذا قال عليه السلام:

فغير رأسه، و معنى أمرته: أوجبته عليه.

و لعل الشيخ أراد من عدم دلالته على الوجوب: عدم وجوبه على غير من أمره الامام من سائر المكلفين، فعليه لا يبقى مجال للاستدلال بالرواية على حرمة اقتناء الصور و التماثيل.

(2) هذا تنازل من الشيخ بعد أن أفاد بعدم دلالة الأخبار المذكورة على حرمة الاقتناء. -

ص: 261

مثل صحيحة الحلبي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ربما قمت أصلي و بين يدي الوسادة فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا.

++++++++++

- و خلاصة التنازل: أنه لو سلمنا ظهور الأخبار المذكورة في ص 244 و 246-247-248-250-251 على حرمة اقتناء الصور و التماثيل.

لكنها معارضة بأخبار أخرى أظهر منها.

و كلمة معارضة بصيغة المفعول، أي الأخبار المذكورة تعارضها أخبار أخرى ظهورها في جواز اقتناء الصور و التماثيل أكثر و أشد من ظهور تلك في الحرمة.

(1) هذه احدى الروايات الواردة في جواز الاقتناء التي هي أظهر من تلك الروايات الدالة على حرمة الاقتناء.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 461. الباب 32 من أبواب مكان المصلي. كتاب الصلاة. الحديث 2.

كيفية كون الصحيحة أظهر من تلك الروايات: أن الامام عليه السلام قال: فجعلت عليها ثوبا. أي حالة الصلاة فلو لا جواز الاقتناء لما كان الامام عليه السلام يجعل الثوب على الصور و التماثيل حالة الصلاة، بل كان عليه أن لا يدخلها في داره، مع العلم بأنه عليه السلام لم يقدم على المكروه فكيف بالحرام.

و هل جعل الثوب من قبل الامام عليه السلام على الصور و التماثيل حالة الصلاة لرفع الكراهة في تلك الحالة؟.

بقي الكلام في أن جعل الامام الثوب على التماثيل حالة الصلاة هل كان على نحو الاستحباب، أو الوجوب؟

أما الصحيحة فساكتة عن ذلك، و ليس فيها ما يدل على وجوب الستر في تلك الحالة، بل غاية ما هناك أنها تدل على رفع الكراهة. -

ص: 262

و رواية (1) علي بن جعفر عن اخيه عليه السلام عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل طير، أو سبع أ يصلى فيه؟

قال: لا بأس.

و عنه (2) عليه السلام عن اخيه عن البيت فيه صورة سمكة، أو طير يعبث به اهل البيت هل يصلى فيه؟

قال: لا حتى يقطع رأسه و يفسد.

و رواية (3) ابي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوسادة

++++++++++

- و أما فعله عليه السلام: و هو جعل الثوب على التمثال فلا يدل على وجوبه على المكلف حالة الصلاة، لأن فعله أعم من الوجوب و الاستحباب.

أو لأن وجود الصورة أمام المصلي مكروه ففعله هذا يدل على الاستحباب في حقنا.

(1) هذه ثانية الروايات التي هي أظهر على جواز اقتناء الصور و التماثيل من دلالة زميلاتها على الحرمة.

راجع المصدر. ص 464. الباب 32 من أبواب لباس المصلي.

الحديث 13.

(2) هذه ثالثة الروايات التي هي أظهر على جواز اقتناء الصور و التماثيل من زميلاتها الدالة على الحرمة. راجع المصدر. ص 464 الحديث 12.

و الرواية منقولة عن (علي بن جعفر).

و لا يخفى أن كلمة يعبث به أهل البيت دالة على أن المراد من الصور:

التمثال و المجسمة بقرينة قوله عليه السلام حتى يقطع رأسه، ثم إن الحديث منقول بالمعنى.

(3) هذه رابعة الأحاديث التي هي أظهر على جواز اقتناء الصور -

ص: 263

و البساط يكون فيه التماثيل.

قال: لا بأس به يكون في البيت.

قلت: ما التماثيل؟

فقال: كل شيء يوطأ فلا بأس به.

و سياق (1) السؤال مع عموم الجواب يأبى عن تقييد الحكم بما يجوز عمله كما لا يخفى.

++++++++++

- و التماثيل من زميلاتها الدالة على الحرمة.

راجع المصدر. ص 564. الباب 4 من أبواب أحكام المساكن.

الحديث 2.

و جملة: يكون في قوله عليه السلام: (لا بأس به يكون في البيت) منصوبة بأن المقدرة.

(1) دفع و هم:

حاصل الوهم: أن السؤال في الرواية يدل على جواز اقتناء الصور المنقوشة على الوسادة و البساط فقط، من غير دلالتها على جواز اقتناء التماثيل من ذوات الأرواح كما هو المدعى.

و القرينة على الاختصاص المذكور قول السائل: سألت (أبا عبد اللّه) عليه السلام عن الوسادة و البساط يكون فيه التماثيل.

و من الواضح أن الوسادة و البساط لا تكون فيهما إلا الصور المنقوشة بالقلم و الريش، و أما التماثيل فخارجة.

فاجاب (الشيخ) عن الوهم المذكور: ما حاصله: أن سياق السؤال في الرواية عام يشمل حتى صور ذوات الأرواح، من دون اختصاصه بنقش غير ذوات الأرواح، و الجواب الّذي هو نفي البأس عن وجود التماثيل في البيت أيضا يكون عاما يشمل حتى ذوات الأرواح، من دون -

ص: 264

و رواية (1) اخرى لأبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

إنّا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفرشها.

++++++++++

- اختصاص جواز الاقتناء بالنقوش بالقلم و الريش فقط فسياق السؤال و الجواب آبيان عن اختصاص جواز الاقتناء بالصور المنقوشة بالقلم و الريش.

و أما استفادة العموم من جواب الامام عليه السلام فمن كلمة (كل) الواردة في قوله عليه السلام: كل شيء يوطأ فلا بأس، حيث انها موضوعة للعموم.

ثم إن الظاهر من كلمة يوطأ في قول الامام عليه السلام: كل شيء يوطأ: خروج تماثيل المجسمات، لأنها لا يمكن وضعها تحت الأقدام في البيوت و غيرها لتوطأ، و لا سيما اذا كانت من القطع الكبار، فإنها توضع في أماكن مخصوصة للزينة كما هو المتعارف و المشاهد في القصور و الدور الراقية، و المتاحف و الوزارات، و غيرها.

فمن الصعب جدا أن تجعل هذه التماثيل التي تبذل عليها المبالغ الباهظة في أماكن مبذولة يوطأ عليها.

اللهم إلا أن يراد من التجسيم معنى عاما وسيعا: و هو ما كانت الصورة بارزة و ان كان بروزها قليلا فحينئذ يشملها فلا مجال للاشكال.

(1) هذه خامسة الأحاديث التي هي أظهر على جواز الاقتناء من تلك الأخبار الدالة على حرمة اقتناء الصور و التماثيل.

راجع المصدر. الجزء 12. ص 220. الباب 94. الحديث 4.

أما كيفية أظهريتها فقوله عليه السلام: (لا بأس بما يبسط منها و يفترش و يوطأ) في جواب السائل عن البساط تفرش في البيت و فيها التماثيل فإن نفي البأس عن هذه التماثيل من الامام عليه السلام صريح في جواز اقتنائها و الاحتفاظ بها.

ص: 265

قال: لا بأس بما يبسط و يفرش و يوطأ، و انما يكره منها ما نصب على الحائط و على السرير.

و عن قرب الأسناد (1) عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال:

سألته عن رجل كان في بيته تماثيل، أو في ستر و لم يعلم بها و هو يصلي في ذلك البيت، ثم علم ما عليه؟ قال عليه السلام: ليس عليه فيما لم يعلم شيء (2) فاذا علم فلينزع الستر، و ليكسر رءوس التماثيل: فإن ظاهره أن الأمر بالكسر لأجل كون البيت مما يصلى فيه، و لذلك (3) لم يأمر عليه السلام بتغيير ما على الستر و اكتفى بنزعه.

++++++++++

- و قوله عليه السلام في هذه الرواية: و إنما يكره منها ما نصب على الحائط و السرير: يقصد المجسمات من ذوات الأرواح و غيرها التي تصنع من الحجر أو الخشب، أو فلز آخر.

(1) هذه سادسة الأحاديث التي هي أظهر على جواز اقتناء الصور و التماثيل من زميلاتها الدالة على حرمة الاقتناء.

راجع نفس المصدر. الجزء 3. ص 321. الباب 45 من أبواب لباس المصلي. كتاب الصلاة. الحديث 20.

و أما وجه أظهرية الرواية على جواز اقتناء الصور من تلك الأخبار الدالة على حرمة اقتناء الصور: أمر الامام عليه السلام بنزع الستر عن محله و بكسر رءوس التماثيل بعد علم المصلي بوجود الستر و التماثيل في محل الصلاة و لم يأمره بتغيير ما على الستر و انما اكتفى بنزعه فقط، فلو كان الاقتناء حراما لم يكتف بذلك، بل أمره بإعدامه و محوه عن الوجود مطلقا حال الصلاة و غيرها.

(2) بالرفع اسم ليس، أي ليس شيء عليه فيما لم يعلم.

(3) أي و لأجل أن البيت كان مما يصلى فيه، و أن الأمر بنزع الستر كان لأجل الصلاة: أمر الامام عليه السلام بنزعه فقط، من دون أن يأمر بشيء آخر.

ص: 266

و منه (1) يظهر أن ثبوت البأس في صحيحة زرارة السابقة، مع عدم تغيير الرءوس انما هو لاجل الصلاة.

و كيف كان (2) فالمستفاد من جميع ما ورد من الأخبار الكثيرة في كراهة الصلاة في البيت الذي فيه التماثيل الا اذا غيرت، أو كانت بعين واحدة، أو القي عليها ثوب: جواز (3) اتخاذها.

و عمومها (4) يشمل المجسمة و غيرها.

و يؤيد (5) الكراهة: الجمع بين اقتناء الصور و التماثيل في البيت

++++++++++

(1) أي و من أجل أن الامام عليه السلام لم يأمر بتغيير الستر، بل بنزعه فقط: يظهر في صحيحة زرارة المشار إليها في ص 250 المستدل بمفهومها على حرمة اقتناء الصور: أن ثبوت البأس اذا لم تتغير رءوسها انما هو لأجل الصلاة في ذلك المكان الذي فيه التماثيل، و لو لا الصلاة لم يكره ذلك.

(2) أي سواء أ كان تغيير رءوس التماثيل لأجل الصلاة أم للعموم.

(3) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فالمستفاد، أي فالمستفاد من جميع الأخبار الواردة المذكورة في كراهة الصلاة في البيت الذي فيه التماثيل اذا لم تتغير رءوسها: جواز اتخاذ الصور و التماثيل الذي هو الاقتناء في البيوت.

و مرجع الضمير في اتخاذها: التماثيل.

(4) أي عموم تلك الأخبار المشار إليها في ص 262-263-264-265 و 266 الواردة في كراهة الصلاة في البيوت التي فيها التصاوير: يشمل المجسمة و غيرها من ذوات الأرواح و غيرها.

(5) أي و يؤيد كراهة اقتناء الصور و التماثيل في البيوت، لا حرمته:

الجمع بين الصورة، و البول، و الكلب في الرواية في قول (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام: انا لا ندخل.

وجه التأييد: أنه لا كلام في كراهة اقتناء الكلب، و اجتماع البول -

ص: 267

و اقتناء الكلب، و الإناء المجتمع فيه البول في الأخبار الكثيرة مثل ما روي عنهم عليهم السلام مستفيضا عن جبرئيل على نبينا و آله و عليه السلام أنّنا لا ندخل بيتا فيه صورة انسان، و لا بيتا يبال فيه، و لا بيتا فيه كلب (1).

و في بعض (2) الأخبار اضافة الجنب إليها. و اللّه العالم بأحكامه.

++++++++++

- في الإناء في البيت، لورود الأخبار الكثيرة بذلك المعبر عنها بالأخبار المستفيضة.

و من الواضح: أنه ذكر اقتناء التماثيل و الصور في سياق ذكر البول و الكلب الذين كان اقتناؤهما مكروها فيكون اقتناء الصور مكروها أيضا لوحدة لسياق، من دون فرق بينه، و بين البول و الكلب.

و القول بحرمة اقتناء الصور، و كراهة اقتناء الكلب و البول: يتنافى و وحدة السياق، ثم إن اقتناء ذوات الأرواح من الكلاب و غيرها في البيوت لا يكون حراما فكيف يكون اقتناء صورها في البيوت حراما.

و الظاهر: أن الحكمة في حرمة اقتناء التماثيل و الصور من ذوات الأرواح: كون الاقتناء يشبه عبادة الأصنام و الأوثان التي تعبد من دون اللّه جل جلاله، فإن الانسان اذا اقتنى التماثيل مالت نفسه إلى العناية البالغة بها و بصيانتها، فتكون هذه الأهمية البالغة نوع عبادة.

و المراد من المستفيضة: الأخبار الواردة في مورد واحد، لكنها لم تبلغ حد التواتر.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 465. الباب 33 من أبواب مكان المصلي، كتاب الصلاة. الحديث 3.

(2) أي إلى هذه الثلاثة: و هي كراهة اقتناء الكلب و البول و التماثيل في البيوت: اضيفت الجنابة إليها، أي أن جبرئيل عليه السلام لا يدخل بيتا فيه كلب، أو إناء جمع فيه بول، أو الصور و التماثيل، أو الذي يكون جنبا.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 3. ص 465. الباب 33 من أبواب كراهة الصلاة. الحديث 6.

ص: 268

التطفيف

ص: 269

ص: 270

المسألة الخامسة التطفيف حرام

المسألة الخامسة (1) التطفيف حرام ذكره في القواعد في المكاسب (2)، و لعله (3) استطرادا، و المراد (4) اتخاذه كسبا بأن ينصب نفسه كيّالا، أو وزّانا فيطفف للبائع، و كيف (5) كان فلا اشكال في حرمته.

و يدل عليه (6) الأدلة الأربعة.

++++++++++

(1) أي المسألة الخامسة من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: التطفيف.

و هو مصدر باب التفعيل من طفّف يطفف تطفيفا.

و المراد به هنا: عدم ايفاء الكيل و الوزن من البائع و المشتري. بمعنى أن البائع يعطي للمشتري أقل مما يستحقه من المبيع.

و المشتري يعطي للبائع أقل مما يستحقه البائع.

(2) أي في المكاسب المحرمة.

(3) أي و لعل ذكر التطفيف إنما هو من باب الاستطراد.

(4) أي المراد من التطفيف أخذه كسبا و شغلا.

(5) أي سواء أ كان ذكر التطفيف من باب الاستطراد أم لكونه اتخذ كسبا أم اتخذ الكيل و الوزن كسبا.

(6) مرجع الضمير: الحرمة، و كان اللازم تأنيثه، لوجوب التطابق.

و يحتمل أن يكون المرجع: عدم الاشكال، أو التطفيف حرام.

و المراد من الأدلة الأربعة: الكتاب و السنة و الاجماع و العقل.

أما الكتاب فقوله تعالى: «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ اَلَّذِينَ إِذَا اِكْتٰالُوا عَلَى اَلنّٰاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَ إِذٰا كٰالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ» (1).

ص: 271


1- المطففين: الآية 1-2-3.

ثم إن البخس في العدّ (1) و الذرع يلحق به حكما و إن خرج عن موضوعه.

++++++++++

- و أما الأحاديث فإليك نصّ بعضها:

عن سعد بن سعد عن (أبي الحسن) عليه السلام قال: سألته عن قوم يصغرون القفيز إن يبيعون بها.

قال: أولئك الذين يبخسون الناس أشيائهم.

هذا اشارة إلى قوله تعالى: «وَ لاٰ تَبْخَسُوا اَلنّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ» (1).

و عن الحلبي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام.

قال: لا يصلح للرجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر.

و المراد من المصر: المدينة التي يكتال فيها، لا بلاد مصر المعروفة الواقعة في شمال قارة إفريقيا.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 258. الباب 6 من أبواب عقد البيع و شروعه. الحديث 1-2.

و أما الإجماع فمن الأمة الاسلامية كافة.

و أما العقل فحكمه بقبح ذلك، لأنه ظلم و الظلم قبيح عقلا.

(1) كالجوز و البيض و البرتقال في بعض البلدان.

و كذلك الذراع الذي يقع على النسيج، سواء أ كان من الحرير أم من الصوف.

و كذلك الأراضي التي تقاس بالذراع و الهكتار و الدونم و المشارة و الجريب.

ثم لا يخفى أن هذين يلحقان بالتطفيف حكما و هي الحرمة، لا من حيث الموضوع، فإنهما خارجان عنه، لعدم صدق المكيل و الموزون المفسر بهما التطفيف في الآية الكريمة.

ص: 272


1- الأعراف: الآية 85.

و لو وازن الربوي (1) بجنسه فطفّف في أحدهما، فإن جرت المعاوضة

++++++++++

- و إلى هذا المعنى أشار المصنف بقوله: و إن خرج العد و الذرع عن موضوع التطفيف.

(1) المراد من الربوي كل شيء يوزن أو يكال كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب، و غيرها بقرينة قول الشيخ: و لو وازن الربوي بجنسه.

و طفف بصيغة المعلوم من باب التفعيل و هو متعد في نفسه غير محتاج الى حرف الجر و قد عدي بحرف الجر هنا، و السهو من النساخ.

و المراد من التطفيف هنا إعطاء شيء موزون في مقابل شيء موزون من جنسه، أو إعطاء شيء مكيل في قبال شيء مكيل من جنسه ناقصا عما أخذه من المكيل أو الموزون.

ففي هذه الصورة و هو اعطاء الناقص و الأخذ زيادة عما أعطى: لا تخلو المعاوضة فيها من أحد الأقسام الثلاثة:

(الأوّل): وقوعها على وزن معلوم كلي كأن يقول البائع: بعتك وزنة عنبر بوزنة رز نعيمة، أو بعتك الصبرة المعلومة الوزن بصبرة معلومة الوزن، ثم دفع البائع الموزون ناقصا عن المقدار المعين الذي وقعت المعاوضة عليه.

ففي هذه الصورة تقع المعاوضة صحيحة، لأنها وقعت على الكلي لا على الشخصي حتى تكون باطلة.

لكن تبقى ذمة البائع مشغولة للمشتري بمقدار الناقص، و هذا نظير ما لو باع دينارا ثم ظهر أنه مغشوش، فإن البيع صحيح، لكن الذمة تبقى مشغولة بدفع دينار آخر، بخلاف ما لو باع دينارا شخصيا، فإن البيع باطل، لوقوع المعاوضة على شخص الدينار.

و إلى هذا القسم أشار الشيخ بقوله: اشتغلت ذمته بما نقص. -

ص: 273

..........

++++++++++

- (الثاني): وقوعها على عين معينة شخصية بأن قال البائع: بعتك هذه الصبرة المعينة التي وزنها الف طن ازاء تلك الصبرة المعينة التي وزنها ألف طن، ثم دفع البائع الموزون المعين إلى المشتري على أنه ذلك الموزون المعين الذي تعاقدا عليه، لكنه كان ناقصا عن الوزن المعين و تسلم المشتري الموزون باعتقاده أنه ذلك الوزن المعين.

ففي هذه الصورة فسدت المعاوضة في الطرفين: في طرف البائع.

و في طرف المشتري، للزوم الرباء، لكون المعاوضة شخصية وقعت على شخص الوزن المعين الذي ظهر ناقصا.

و هذا نظير وقوع المعاوضة على شخص الدينار المعين الخارجي.

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: فسدت المعاوضة في الجميع، للزوم الرباء.

(الثالث): وقوع المعاوضة على الشخص المعنون بكونه مقدارا معينا بأن يقول البائع: بعتك هذه الصبرة من الحنطة التى مقدارها من بهذه الصبرة من الحنطة التي مقدارها من، ثم بعد الدفع إلى المشتري ظهر أن المشار إليه ليس مساويا لذلك المقدار الذي تعاقدا عليه.

ففي هذه الصورة لا يبعد القول بصحة المعاوضة، لكلية العنوان الذي هو الف كيلو، لكنه دفع ناقصا فتبقى ذمته مشغولة إلى حين الأداء.

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: لم يبعد الصحة.

و وجهها: أن المعاوضة وقعت على الكلي، دون الشخصي بمعنى أن المعتبر حينئذ هو العنوان الذي هو كلي المبيع الذي هو المقصود في البيع فعند عدم مطابقة شخص المدفوع للعنوان لا يوجب عدم الوفاء بالمبيع.

لكن تبقى ذمة الدافع مشغولة بالناقص كما كان كذلك في القسم الأوّل نعم لو قلنا: إن الاعتبار في هذه الصورة بالشخص المشار إليه، و أنه -

ص: 274

على الوزن المعلوم الكلي (1) فيدفع الموزون على أنه بذلك الوزن اشتغلت

++++++++++

- هو المقصود بالبيع: فلا شك في بطلان المعاوضة و فسادها، للزومها الرباء فيكون كالقسم الثاني.

ثم إن للشيخ في هذا القسم رأيا آخر أفاده بقوله: و يمكن ابتناؤه على أن لاشتراط المقدار إلى آخر ما ذكره.

و خلاصة ما أفاده: أن صحة المعاوضة في القسم الثالث الذي وقعت على شخص المعنون المشار إليه، ثم ظهر أن المشار إليه ليس مساويا للمقدار المعين الذي تعاقد المتعاملان عليه: مبتنية على القول بثبوت قسط من العوض ازاء المقدار الناقص من المقدار المعين.

كما أن بطلان المعاوضة مبتن على القول بعدم ثبوت قسط من العوض إزاء المقدار الناقص.

بعبارة أخرى أنه إن قلنا: إن لشرط المقدار المعين في المبيع قسطا من العوض بحيث لو تخلف الشرط سقط من العوض بمقدار ما كان المقدار المعين ناقصا: صحت المعاوضة، و إلا بطلت.

خذ لذلك مثالا:

لو باع زيد عشرة كيلوات من الحنطة بعشرة كيلوات من الحنطة الموجودة عند عمرو، ثم بعد التسليم تبين أن حنطة زيد ناقصة كيلوا عن المقدار المعين.

فعلى القول بثبوت قسط من العوض ازاء هذا الناقص صحت المعاوضة لأنه ينقص من العوض الذي هو الثمن بمقدار هذا الناقص.

و على القول بعدم ثبوت قسط من العوض ازاء هذا الناقص بطلت المعاوضة.

(1) و قد عرفت معنى الوزن المعلوم الكلي في القسم الأوّل عند قولنا: -

ص: 275

ذمته بما نقص، و إن جرت على الموزون المعين باعتقاد المشتري أنه بذلك الوزن فسدت المعاوضة في الجميع، للزوم الربا.

و لو جرت عليه على أنه بذلك الوزن يجعل ذلك عنوانا للعوض فحصل الاختلاف بين العنوان و المشار إليه: لم يبعد الصحة.

و يمكن ابتناؤه (1) على أن لاشتراط المقدار مع تخلفه قسطا من العوض أم لا فعلى الأوّل (2) يصح، دون الثاني (3).

++++++++++

- كأن يقول البائع: بعتك وزنة رز عنبر بوزنة رز نعيمة إلى آخر ما ذكرنا.

(1) أي ابتناء القسم الثالث.

و قد عرفت معنى الابتناء مشروحا في القسم الثالث عند قولنا: ثم إن للشيخ في هذا القسم رأيا آخر.

و مرجع الضمير في تخلفه: المقدار المعين الذي تعاقد عليه المتعاقدان.

(2) و هو أن لتخلف الشرط مقدارا و قسطا من العوض.

و قد عرفت شرح هذا في القسم الثالث عند قولنا: بعبارة أخرى أنه إن قلنا.

(3) و هو عدم ثبوت قسط من العوض لتخلف الشرط.

و قد عرفت شرح البطلان عند قولنا: كما أن بطلان المعاوضة.

ص: 276

التّنجيم

ص: 277

ص: 278

المسألة السادسة التنجيم حرام
اشارة

المسألة السادسة (1) التنجيم حرام و هو كما في جامع المقاصد الإخبار (2) عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية، و الاتصالات الكوكبية.

++++++++++

(1) أي المسألة السادسة من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: التنجيم و هو مصدر باب التفعيل من نجّم ينجم تنجيما: و معناه لغة كما يزعمون: معرفة حظوظ الناس، و مصيرهم بحسب حركات النجوم و سيرها.

يقال: نجّم فلان أي نظر في حظوظ الناس و مصيرهم بحسب حركات النجوم و سيرها، و كل من يفعل ذلك يقال له: المنجم.

(2) بل هو في الواقع: النظر في الحركات الفلكية، و الاتصالات الكوكبية لمعرفة أحكام النجوم: من اقتضاء حركاتها الوقائع الكونية، و الأمور الأرضية فيكون الإخبار بذلك بعد النظر في النجوم.

و المراد من الحركات الفلكية: حركات السيارات السبع: من القمر و الشمس و المشتري و زحل و عطارد و الزهرة و المريخ، بناء على مذهب القدماء حيث قالوا: ان مركز العالم: هي الأرض، و أن الأجرام و الكواكب كلها تدور حول الأرض.

و أما عند المتأخرين و الاكتشافات الجديدة فهي تسعة بإضافة (أورانوس. و نبتون) و الأرض بدلا عن الشمس.

و مركز الكل: الشمس، و الكل يدور حول الشمس، و هذا الدوران يسبب وجود الليل و النهار، و الفصول الأربعة، و السنة الشمسية و القمرية.

ص: 279

و توضيح المطلب يتوقف على الكلام في مقامات:
اشارة

و توضيح المطلب (1) يتوقف على الكلام في مقامات:

المقام الأوّل: الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب

(الأوّل) (2): الظاهر أنه لا يحرم الإخبار عن الأوضاع الفلكية المبتنية على سير الكواكب كالخسوف الناشئ عن حيلولة الأرض بين النيرين (3)، و الكسوف (4) الناشئ عن حيلولة القمر، أو غيره (5)

++++++++++

- و يعبر عن هذه المجموعة ب (المجموعة الشمسية).

و المراد من الاتصالات الكوكبية: هو اقتراب الكواكب بعضها من بعض.

أو ابتعاد بعضها من بعض، و دورانها حول الشمس.

و يحتمل أن يراد من الاتصالات الكوكبية: ما يرى متصلا منها على الكرة الأرضية، مع أنها ليست متصلة، حيث ان بينها تباعدا كثيرا يقدر بمئات من السنين الضوئية، أو الألوف.

و لكل من الاقتراب و الابعاد حكم خاص عند المنجمين.

(1) أي توضيح التنجيم و أحكامه.

(2) أي المقام الأوّل من المقامات.

(3) و هما: الشمس و القمر بأن تحول الأرض بينهما فتنتج هذه الحيلولة خسوفا في القمر بوقوع ظل من الأرض عليه فلا يرى نوره.

(4) بالجر عطفا على مجرور (كاف الجارة) في قوله: كالخسوف أي و كالكسوف الناشئ عن حيلولة القمر بين الأرض و الشمس فيكون جرم القمر مانعا عن رؤية الشمس، أو جرمها كلا، كما في الكسوف الكلي، أو بعضا كما في الكسوف الجزئي.

(5) أي غير الكسوف و الخسوف: من الأوضاع الفلكية.

أو المقصود حيلولة غير القمر من الكواكب بين الأرض و الشمس.

ص: 280

بل يجوز الإخبار بذلك (1) اما جزما اذا استند إلى ما يعتقده برهانا، أو ظنا اذا استند إلى الامارات و قد اعترف بذلك (2) جملة ممن أنكر التنجيم:

منهم السيد المرتضى، و الشيخ أبو الفتح الكراجكي فيما حكي عنهما في رد الاستدلال على اصابتهم في الأحكام بإصابتهم في الأوضاع ما حاصله:

إن (3) الكسوفات، و اقتران الكواكب، و انفصالها من باب الحساب، و سير الكواكب، و له أصول صحيحة، و قواعد سديدة.

و ليس (4) كذلك ما يدعونه عن تأثير الكواكب في الخير و الشر

++++++++++

(1) أي بالأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية اما بنحو القطع و اليقين كما اذا كان الإخبار مستندا إلى دليل قطعي.

و إما بنحو الظن كما اذا كان مستندا إلى أمارات صحيحة، و قواعد سديدة.

(2) أي و قد اعترف بالأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية (السيد المرتضى و الشيخ الكراجكي) اذا كان مستند الإخبار بها دليلا قطعيا، أو ظنيا كالإمارات الصحيحة، و القواعد السديدة.

مع أنهما ينكران إصابة المنجمين في إخبارهم عن الأحكام النجومية كموت زيد، أو مجيء عمرو.

(3) هذا دليل (السيد المرتضى و الشيخ الكراجكي) على إصابة المنجمين في إخبارهم عن الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية.

و خلاصة الاستدلال: أن إخبارهم بذلك مبتن على قواعد سديدة و أمارات صحيحة، و حسابات دقيقة فخطأهم في ذلك قليل جدا.

(4) هذا رد من (السيد و الشيخ الكراجكي) على المنجمين في عدم إصابة إخبارهم عن الأحكام النجومية.

ص: 281

و النفع و الضرر، و لو لم يكن الفرق بين الأمرين (1) إلا الإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات، و ما يجري مجراها (2) فلا يكاد يبين فيها خطأ

++++++++++

- و خلاصة الرد: أن ما يدعيه المنجمون في الإخبار عن الأحكام النجومية كموت زيد، و مجيء عمرو، و غناء جعفر، و فقر صادق ليس مبتنيا على قواعد سديدة، و أمارات صحيحة، و حسابات دقيقة حتى لا يخطأون في ذلك، بل إصابتهم في ذلك قليل جدا بحيث لا يتفق ذلك، و لو اتفقت الإصابة في واقعة من الوقائع فقد يتفق أكثر منه من المخمن الذي يخبر عن الأشياء بالحدس و الظن، من دون أن يكون إخباره بذلك مبتنيا على أصول صحيحة، و قواعد سديدة، و حسابات دقيقة.

فهذا هو الفارق بين تصديق المنجمين في إخبارهم عن الأوضاع الفلكية.

و بين عدم تصديقهم في إخبارهم عن الأحكام النجومية.

(1) و هما: إصابة المنجمين في إخبارهم عن الأوضاع الفلكية.

و عدم إصابتهم في إخبارهم عن الأحكام النجومية.

(2) مرجع الضمير في مجراها: الكسوفات.

أى و ما يجري مجرى الكسوفات كإخبارهم عن الأمطار الغزيرة و البرد القارص، و الحر الهجير الخارجين عن الاعتدال الطبيعي.

و يعبر عن هذه الإخبارات في عصرنا الحاضر ب: (الأنواء الجوية) فإن الإخبار عن الكسوفات، و الأنواء الجوية لا يوجد فيه الخطأ، لابتنائه على قواعد سديدة، و أصول صحيحة، و حسابات دقيقة كما عرفت.

و إنما عبر (السيد المرتضى) بكلمة و لا يكاد، لأن إصابتهم في الأوضاع الفلكية لا تكون دائمية، بل غالبية بمعنى أنها بالمائة تسعون، بخلاف الإخبار عن الأحكام النجومية فخطأهم بالمائة مائة كما نرى في التقاويم المتعارفة -

ص: 282

و أن الخطأ الدائم المعهود إنما هو في الأحكام حتى أن الصواب فيها (1) عزيز، و ما يتفق فيها من الاصابة قد يتفق من المخمن أكثر منه، فحمل (2) أحد الأمرين على الآخر بهت و قلة دين و حياء انتهى المحكي من كلام السيد رحمه اللّه.

و قد أشار إلى جواز ذلك (3) في جامع المقاصد مؤيدا ذلك بما ورد من كراهة السفر، و التزويج في برج العقرب.

++++++++++

- الدارجة في عصرنا الحاضر: من الإخبار و التنبؤات بما سيقع من وقوع حادثة في صقع من الأصقاع و هي لا تقع.

و لو اتفق الإصابة في ذلك فإنه قليل جدا قد يتفق مثلها أكثر من المخمن الذي يقول في الأشياء بالحدس و الظن من دون أن يكون ما يقوله مبتنيا على أصول صحيحة، و قواعد سديدة، و حسابات دقيقة.

و كلمة مخمن بصيغة الفاعل من باب التفعيل من خمن يخمن تخمينا.

و في بعض نسخ (المكاسب) منجمين بدل مخمنين و هو غلط و الصحيح ما أثبتناه و السهو من النساخ، لعدم مناسبته لذكر المنجمين، حيث إن البحث فيهم.

(1) مرجع الضمير: الأحكام.

(2) المراد من الحمل هنا: القياس، و من الأمرين: إصابة إخبار المنجمين عن الأوضاع الفلكية، و عدم إصابة إخبارهم عن الأحكام النجومية أي قياس إصابة أقوالهم في إخباراتهم عن الأحكام النجومية: بإصابة أقوالهم عن الأوضاع الفلكية خروج عن الدين، و جرأة على اللّه و على الرسول و دليل على قلة دين القائس، و قلة حيائه.

(3) أي إلى جواز الإخبار عن الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية.

و كلمة مؤيدا حال للمحقق الكركي، أي حال كون (المحقق الكركي) -

ص: 283

..........

++++++++++

- أيد جوار الإخبار عن الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية بالأخبار الواردة في كراهة السفر، و التزوج اذا كان القمر في برج العقرب.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 266. الباب 11 من أبواب آداب السفر إلى الحج. الحديث 1، أليك نصه:

عن محمد بن حمران عن أبيه عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال:

من سافر، أو تزوج و القمر في العقرب (أي في برج العقرب) لم ير الحسنى.

فالحديث صريح في تأثير الكواكب في الخير و الشر على نحو الموجبة الجزئية.

و قد ذكرنا في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة في الجزء الخامس ص 89. في الهامش 3: شرحا مفصلا حول تأثير الكواكب عند البحث عن موضوع النكاح و الزواج، و أنه لا يناسب وقوعه و القمر في برج العقرب.

و هنا نعيد ما ذكرناه هناك تتميما للفائدة.

فنقول: قد تصور القدماء في السماء صورا و أشكالا: بعضها تامة، و بعضها ناقصة، و خصصوا بكل شكل عدة من الكواكب المرصودة البالغ عددها (102).

أو (1022) اذا تركنا الثلاثة التي تركها (بطليموس)، لغاية صغرها، و التي أدرجها: (الخواجا عبد الرحمن الصوفي)، و وزعوا من هذه الكواكب (917) كوكبا داخلة في هذه الصور، أي تحوي عليها الخطوط الموهومة على أطراف هذه الصور، و الباقي و هو (105) كوكبا خارجة عنها، و واقعة قريبة من أطرافها.

و يقال للقسم الأوّل: داخلة الصور. -

ص: 284

..........

++++++++++

- و للقسم الثاني: خارجة الصور.

و إنما فعلوا ذلك لغرض تعيين مواقع تلك الكواكب عند الحساب فاذا أخبروا عن كوكب قالوا: الكوكب الواقع على رأس الصورة الفلانية أو على ذنبها. أو على قلبها، تشخيصا للكوكب. و موقعيته من السماء.

هذا اذا كانت داخلة الصورة.

و أما اذا كانت خارجة الصورة فقالوا: الكوكب الواقع قريبا من رأس الصورة، أو رجلها، و هكذا.

و هذه الصور مجموعة تبلغ (48) صورة منها: واحدة و عشرون صورة واقعة على شمال منطقة البروج.

و خمس عشرة صورة على جنوب المنطقة.

و اثنتا عشرة على نفس المنطقة.

و تفصيل هذه الصور و الكواكب الواقعة فيها، أو قريبة منها خارج عن نطاق هذه التعليقة.

و الذي يهمنا هي الاشارة إلى الصور الواقعة على منطقة البروج التي هو المناط لدورة الشمس و القمر و مدارهما.

(الأولى): خلال سنة. أي 365 يوما و ربع.

(الثانية): خلال شهر. أي سبعة و عشرون يوما و سبع ساعات و 43 دقيقة.

و لكن حيث إن الشمس تتزحزح في هذه المدة عن مكانها الأوّل عند اقترانها مع القمر في أوّل الشهر القمري فتتقدم شيئا قليلا، فلا بد للقمر أن يسير حتى يلتقي مع الشمس ثانية لينتهي شهرا كاملا، و بذلك

ص: 285

..........

++++++++++

- يتم الشهر القمري في (29 يوما) و (12 ساعة) و (44 دقيقة).

و أليك التفصيل:

(منطقة البروج): مدار و همي مائل عن دائرة معدل النهار أو عن المدار الاستوائي نحوا من 23/5 درجة.

و قسموا هذا المدار إلى اثني عشر جزء، كل جزء برج، و خصصوا لكل فصل من الفصول الأربعة ثلاثة بروج.

(الأوّل): (برج الحمل). و فيه (13 كوكبا) و الخارجة 5.

(الثاني): (برج الثور) و فيه (32 كوكبا) و الخارجة 11.

(الثالث): (برج الجوزاء). و فيه (18 كوكبا) و الخارجة 8.

(الرابع): (برج السرطان). و فيه (9 كواكب) و الخارجة 4.

(الخامس): (برج الأسد) و فيه (27 كوكبا) و الخارجة 8.

(السادس): (برج السنبلة) و فيه (26 كوكبا) و الخارجة 6.

(السابع): (برج الميزان) و فيه (8 كواكب) و الخارجة 9.

(الثامن): (برج العقرب) و فيه (21 كوكبا) و الخارجة 3.

(التاسع): (برج القوس) و فيه (31 كوكبا).

(العاشر): (برج الجدي) و فيه (28 كوكبا).

(الحادي عشر): (برج الدلو) و فيه (42 كوكبا) و الخارجة 3.

(الثاني عشر) (برج الحوت) و فيه (34 كوكبا) و الخارجة 4.

هذه هي البروج الاثنا عشر يقطعها القمر في شهر، كل يوم (13 درجة) و (3 دقائق) و (54 ثانية)، و لذلك يتم دورته. أي الأبراج الاثنا عشر كلها في (27 يوما) و (7 ساعات) و (43 دقيقة). -

ص: 286

..........

++++++++++

- و بما أن كل برج ثلاثون درجة فيحل القمر في كل برج ضيفا أقل من ثلاثة أيام. أي يومين و ربع تقريبا.

*** و قد ذكر المنجمون القدامى لحلول القمر في كل برج آثارا خاصة لا يزالون معتقدين بها، و لا يمكننا - نحن - إنكارها رأسا اذا كان اللّه عز و جل قد جعل ذلك علامة، أو مؤثرا باذنه تعالى.

كما لا يمكن لأحد إنكار ما للآثار الجوية من تأثيرات في مزاج العناصر السفلية: من معادن و نبات. و حيوان.

فهذه الشمس الوهاجة لها تأثيرها الكبير في عالمنا السفلي من تحويلات في المناخ و النفوس، و الأحوال و الأوضاع، و التكوين. و الفساد:

ما لا يمكن حصره.

كما أن لطلوع بعض الكواكب مثل (السهيل) و نورها تأثيرا على نضج بعض الفواكه، أو تلوينها.

كما كان للقمر و سيره الشهري تأثير في الطبيعة: من جزر و مدّ و تأثير في مزاج الانسان في عادة النساء الشهرية المرتبطة بالأشهر القمرية كمال الارتباط.

اذن فلا مجال لإنكار ما لهذه التحولات الجوية من التأثير في العالم السفلي: عالم الانسان و الحيوان، و النبات و الجماد.

فذكروا لانتقال القمر إلى برج العقرب آثارا منها: ازدحام الهموم على قلوب الناس. و وقوع الفتن و المنازعات، و كثرة السرقات، و عدم انسجام الأمور، و التأخر في الأعمال، و وفور الأمراض.

لكن تكثر المياه و لا سيما الأمطار، و لعلها تضر بالمزروعات. -

ص: 287

لكن ما ذكره السيد رحمه اللّه عن الاصابة الدائمة في الاخبار عن الأوضاع (1)، محل نظر، لأن خطأهم في الحساب في غاية الكثرة

++++++++++

- راجع في ذلك: التنبيهات المظفرية - (محمد قاسم بن مظفر) ص 213.

هذه خلاصة القول في تأثير الكواكب في الخير و الشر في الجملة على نحو الموجبة الجزئية.

فلو لم يكن لها تأثير في الأوضاع السفلية لم يكن مجال لذم (الامام الصادق) عليه السلام: السفر و الزواج في تلك الحالة: و هو كون القمر في برج العقرب.

(1) أي في الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية بقوله: و لو لم يكن إلا الإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات، و ما يجري مجراها فلا يكاد يبين فيها الخطأ: محل نظر و اشكال.

و أما وجه النظر: فهو أن خطأ المنجمين في إخباراتهم عن الأوضاع الفلكية كثيرة بحيث يكون إصابتهم في ذلك قليلا جدا فلا يجوز الاعتماد و الاتكال على أقوال العدول منهم في الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية فضلا عن الفساق منهم، لأن حساباتهم في الأوضاع الفلكية مبتنية على أمور نظرية اكتسابية غير حسية بديهية، و هذه الأمور النظرية الاكتسابية أيضا مبتنية على أمور اكتسابية نظرية أخرى فكيف يمكن الاعتماد على أقوالهم؟

نعم لو كانت حساباتهم مبتنية على أمور بديهية ضرورية جاز الاعتماد على أقوالهم في ذلك.

هذا ما أفاده الشيخ من وجه النظر على ما أفاده (السيد المرتضى) لكن يمكن أن يقال: إن رأي (السيد المرتضى) في إصابة المنجمين في إخباراتهم عن الأوضاع الفلكية راجع إلى المنجمين الحذاق الذين كانوا -

ص: 288

و لذلك (1) لا يجوز الاعتماد في ذلك على عدولهم، فضلا عن فساقهم لأن حساباتهم (2) مبتنية على أمور نظرية (3) مبتنية على نظريات أخرى إلا (4) فيما هو كالبديهي مثل إخبارهم بكون القمر في هذا اليوم في برج العقرب، و انتقال الشمس عن برج إلى برج في هذا اليوم، و إن كان يقع الاختلاف بينهم فيما يرجع إلى تفاوت يسير.

++++++++++

- من مهرة الفن، و نوابغ عصره الذين لهم اليد الطولى في موضوع النجوم بحيث لا يحصل لهم الخطأ في الأوضاع الفلكية.

(1) أي و لأجل أن خطأ المنجمين في الحساب عن الأوضاع الفلكية كثير جدا.

و قد عرفت معنى ذلك آنفا.

(2) في جميع نسخ (المكاسب) حسابهم و الصحيح حساباتهم كما أثبتناه، ليصح اتيان الخبر مؤنثا كما هنا في قوله: مبتنية.

و السهو من النساخ.

(3) أي اكتسابية غير حسية كما عرفت في الهامش 3 ص 281.

(4) هذا استثناء من (السيد المرتضى) يقصد بذلك صحة أقوال المنجمين و إصابتهم في إخباراتهم عن الأوضاع الفلكية، و الاتصالات الكوكبية اذا كانت مبتنية على أمور بديهية ضرورية، ثم مثل (السيد المرتضى) لذلك بإخبارهم عن أن القمر في اليوم الفلاني في برج العقرب، و أن الشمس في اليوم الفلاني تنتقل من برج إلى برج آخر، فإن هذه الاخبارات صحيحة لا يقع فيها الخطأ. و إن كان فيها اختلاف يسير فيما بين المنجمين، كأن يقول أحدهم: إن القمر يدخل في برج العقرب في الليلة الفلانية في الساعة الثالثة، و الآخر يقول بنفس الليلة، لكن في الساعة الرابعة.

ثم أفاد (السيد المرتضى) في جواز الاعتماد على أقوالهم في الأوضاع -

ص: 289

و يمكن الاعتماد في مثل ذلك على شهادة عدلين منهم اذا احتاج الحاكم لتعيين أجل دين، أو نحوه (1).

المقام الثاني يجوز الاخبار بحدوث الأحكام عن الاتصالات و الحركات المذكورة

الثاني (2) يجوز الاخبار بحدوث الأحكام عن الاتصالات و الحركات المذكورة: بأن يحكم بوجود كذا في المستقبل عند الوضع المعين: من القرب و البعد و المقابلة، و الاقتران بين الكوكبين اذا كان على وجه الظن المستند الى تجربة محصلة، أو منقولة في وقوع تلك الحادثة بإرادة اللّه عند الوضع الخاص (3) من دون اعتقاد ربط بينهما (4) أصلا، بل (5) الظاهر

++++++++++

- الفلكية، و الاتصالات الكوكبية بشهادة عدلين منهم اذا احتاج الحاكم الشرعي في تعيين أجل دين بقوله: و يمكن الاعتماد في ذلك.

(1) مثل حلول أمد مضروب.

(2) أي المقام الثاني من المقامات التي أشار إليها (شيخنا الأنصاري) بقوله: و توضيح المطلب يتوقف على الكلام في مقامات: جواز الإخبار بحدوث الأحكام.

(3) المراد من الوضع الخاص هو اقتران الكواكب و النجوم بعضها من بعض، و ابتعاد بعضها عن بعض، و مقابلة بعضها مع بعض.

لكن من دون اعتقاد ربط بين هذا الوضع الخاص، و بين الحادثة الفلانية التي ستقع في المستقبل، بمعنى أن الوضع الخاص الذي ذكرناه ليس له أي تأثير في الحوادث الواقعة، بل التأثير يكون من اللّه عز و جل

(4) أي بين الوضع الخاص الذي ذكرناه، و بين وقوع الحوادث في المستقبل كما عرفت آنفا.

(5) هذا ترق عما أفاده (شيخنا الأنصاري): من جواز الإخبار بحدوث الأحكام عن الاتصالات و الحركات الفلكية عند الوضع الخاص في المستقبل على وجه الظن. -

ص: 290

حينئذ جواز الاخبار على وجه القطع اذا استند إلى تجربة قطعية، إذ لا حرج على من حكم قطعا بالمطر في هذه الليلة، نظرا إلى ما جربه من نزول كلبه عن السطح إلى داخل البيت مثلا كما حكي أنه اتفق ذلك لمروج هذا العلم، بل محييه نصير الملّة و الدين (1)، حيث نزل في بعض أسفاره على طحّان له طاحونة خارج البلد فلما دخل منزله صعد السطح، لحرارة الهواء فقال له صاحب المنزل: أنزل و نم في البيت، تحفظا من المطر فنظر المحقق إلى الأوضاع الفلكية فلم ير شيئا فيما هي مظنة للتأثير في المطر.

فقال صاحب المنزل: إن لي كلبا ينزل في كل ليلة يحس المطر فيها الى البيت فلم يقبل منه المحقق ذلك و بات فوق السطح فجاءه المطر في الليل و تعجب المحقق.

ثم إن (2) ما سيجيء في عدم جواز تصديق المنجم يراد به غير

++++++++++

- و خلاصة الترقي أنه يجوز الاخبار بذلك على وجه القطع و اليقين أيضا اذا كان مستند الاخبار هي التجربة القطعية بشرط أن لا يكون هناك اعتقاد ربط و تأثير بين الوضع الخاص، و وقوع الحوادث، لا بنحو العلة التامة، و لا بنحو الاقتضاء.

(1) يأتي شرح حياة هذا العملاق العظيم في (أعلام المكاسب).

(2) يقصد الشيخ من قوله: ثم إن ما سيجيء: دفع و هم.

و حاصل الوهم: أنكم قلتم بجواز الاخبار في الأحكام عن الاتصالات الكوكبية، و الحركات الفلكية بوقوع كذا في المستقبل بنحو القطع و الجزم اذا كان مستند الاخبار التجربة القطعية فما تقولون فيما يأتي قريبا: من عدم جواز تصديق المنجم مطلقا لا بنحو الظن و لا بنحو القطع.

فأجاب الشيخ عن الوهم المذكور: ما حاصله: أن عدم جواز -

ص: 291

هذا (1). أو ينصرف (2) الى غيره، لما عرفت من معنى التنجيم.

المقام الثالث: الاخبار عن الحادثات، و الحكم بها مستندا إلى تأثير الاتصالات المذكورة فيها بالاستقلال، أو بالمدخلية

الثالث (3): الاخبار عن الحادثات، و الحكم بها مستندا إلى تأثير

++++++++++

- تصديق قول المنجم مطلقا يراد به أحد الأمرين: إما الاخبار الذي ليس مستنده التجربة القطعية.

و إما الاخبار الذي يكون على نحو الربط و التأثير بنحو العلة التامة أو الاقتضاء.

و أما اذا كان منشأ الاخبار هي التجربة القطعية، أو عدم ربط و تأثير للوضع الخاص الذي ذكرناه في الحوادث العلوية: فلا إشكال في تصديق المنجم حينئذ بالكيفية المذكورة.

(1) أي غير التجربة القطعية هذا هو الأمر الأوّل.

(2) هذا هو الأمر الثاني الذي أشرنا إليه بقولنا: و اما الاخبار الذي يكون على نحو الربط و التأثير.

(3) أي المقام الثالث من المقامات التي أشار إليها (شيخنا الأنصاري) بقوله: و توضيح المطلب يتوقف على الكلام في مقامات: هو الاخبار عن وقوع الحوادث في المستقبل عند الوضع المعين الذي هو اقتران النجوم أو ابتعادها، أو اقترانها.

و يكون منشأ هذا الإخبار هو الربط و التأثير إما بنحو الاستقلال الذي هي العلة التامة، أو بنحو المدخلية التي هو الاقتضاء.

و مثل هذا الحكم يعبر عنه في عرف المنجمين ب: (التنجيم) فهو حرام نصا و فتوى.

و كلمة مستندا في قوله: مستندا إلى تأثير الاتصالات منصوبة على الحالية لكلمة و الحكم، أي حال كون الاخبار المذكور مستندا إلى تأثير الاتصالات كما عرفت.

ص: 292

الاتصالات المذكورة فيها بالاستقلال، أو بالمدخلية و هو المصطلح عليه بالتنجيم: فظاهر الفتاوى و النصوص حرمته مؤكدة فقد أرسل المحقق في المعتبر عن النبي صلى اللّه عليه و آله أنه من صدّق منجّما أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى اللّه عليه و آله (1): و هو يدل على حرمة حكم المنجم بأبلغ وجه.

و في رواية نصر بن قابوس عن الصادق عليه السلام أن المنجم ملعون و الكاهن ملعون، و الساحر ملعون (2).

و في نهج البلاغة أنه عليه السلام لمّا أراد المسير إلى بعض أسفاره فقال له بعض أصحابه: إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم.

فقال عليه السلام له: أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التى من سار

++++++++++

(1) هذه احدى الروايات الدالة على حرمة الاخبار عن وقوع الحوادث في المستقبل عند الوضع الخاص بنحو العلة، أو الاقتضاء.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 104. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 11.

فالحديث هذا يدل بالملازمة على حرمة حكم المنجم، إذ لو لم يكن حكمه حراما لم يكن تصديقه حراما فمن حرمة التصديق نحكم بحرمة حكم المنجم فدلالة الحديث على الحرمة تكون أبلغ وجه.

(2) هذه ثانية الروايات الدالة على حرمة إخبار المنجم عن وقوع الحوادث في المستقبل عند الوضع الخاص.

إما بنحو الاستقلال المعبر عنه بالعلة التامة.

أو بنحو المدخلية المعبر عنها بنحو الاقتضاء.

راجع نفس المصدر. ص 103. الحديث 7.

ص: 293

فيها صرف عنه السوء، و تخوّف من الساعة التى من سار فيها حاق به الضر فمن صدّق بهذا (1) فقد كذّب القرآن، و استغنى (2) عن الاستعانة باللّه في نيل المحبوب، و دفع المكروه.

الى أن قال عليه السلام: أيها الناس إياكم و تعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بر أو بحر، فإنها تدعو إلى الكهانة، و المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر، و الساحر كالكافر، و الكافر في النار، سيروا على اسم اللّه (3).

++++++++++

(1) و هو أن المنجم يهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، لأن لازم تصديق قوله: تكذيب القرآن، لأن اللّه عز و جل يقول: «يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتٰابِ» (1)

فلو كان للكواكب و النجوم تأثير بالاستقلال، أو بنحو المدخلية و الاقتضاء في الأوضاع العلوية و السفلية لكان اللازم تكذيب القرآن.

(2) تعليل ثان لعدم تأثير الكواكب و النجوم في الأوضاع العلوية اذ التعليل الأوّل تكذيب القرآن.

أي لو كان للكواكب و النجوم تأثير بالاستقلال، أو بنحو الاقتضاء لكان اللازم الاستغناء عن اللّه عز و جل في الوصول إلى ما يحبه الانسان و في الدفع عما يكرهه، و هذا هو الكفر باللّه تعالى.

(3) (نهج البلاغة). الجزء 1. ص 124-125. طباعة مصر شرح الاستاذ محمد عبده. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

و شرح (ابن أبي الحديد). الجزء 6. ص 199. طباعة دار احياء الكتب العربية. مصر، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.

ص: 294


1- الرعد: الآية 39.

و قريب منه (1) ما وقع بعينه بينه، و بين منجم آخر نهاه عن المسير أيضا.

فقال عليه السلام له: أ تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى.

قال: إن حسبت علمت.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: من صدّقك على هذا القول (2) فقد كذّب القرآن، قال اللّه: إنّ اللّه عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدري نفس ما ذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت، إنّ اللّه عليم خبير (3).

ما كان محمد صلى اللّه عليه و آله يدّعي ما أدعيت (4)، أ تزعم أنك

++++++++++

(1) أي و قريب من كلام الامام عليه السلام الذي أشرنا إليه آنفا في ص 294.

(2) و هو علم المنجم بما في بطن الدابة التي هي حامل لو حسب لأن لازم تصديق دعوى المنجم تكذيب قوله تعالى: «وَ يَعْلَمُ مٰا فِي اَلْأَرْحٰامِ» لأنه عز اسمه خص معرفة هذا العلم بذاته المقدسة و لم يعلم عليه أحدا فكيف يعقل معرفة المنجم بذلك.

و في عصرنا الحاضر مع هذه الاكتشافات العجيبة، و الاشعات الكهربائية لم يتمكنوا من الوصول إلى معرفة ما في الأرحام أ هو ذكر أم أنثى.

(3) لقمان: الآية 34.

(4) مقصود (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام:

أن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله مع غض النظر عن درجة الرسالة، و مرتبة النبوة لا يدعي علم ما في الأرحام.

نعم يمكنه علم ذلك من قبل ربه الجليل بواسطة الالهام، أو إخبار -

ص: 295

تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء و الساعة التي من سار فيها حاق (1) به الضر، من صدّقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة

++++++++++

- جبرائيل، و ليس ذلك على اللّه جل جلاله بعزيز، و قد قال عز شأنه:

«تِلْكَ مِنْ أَنْبٰاءِ اَلْغَيْبِ نُوحِيهٰا إِلَيْكَ» (1) .

و قوله جل شأنه: «عٰالِمُ اَلْغَيْبِ فَلاٰ يُظْهِرُ عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ» (2).

ثم إن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله يطلع خلفاءه المعصومين صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين على ما أتاه جبرائيل من الأنباء الغيبية.

و لا يخفى أن استشهاد مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام بالآية الكريمة: و عنده علم الساعة: يدل على أن الألف و اللام في الساعة في قوله للجنس، لا للعهد الذهني الدالة على الساعة المعروفة في الأذهان و هو يوم القيامة، و يوم الحشر. لأنه عليه السلام قال: أ تزعم أنك تهدي الى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، و أن الساعة التي لو سار فيها حاق به الضر، فإن اللّه عز و جل كما يعلم علم الساعة أي قيامها يعلم كل ساعة و ما يحدث فيها، فعلى هذا البناء فمن صدّق المنجم بما يقول فقد كذّب القرآن، لأنه نسب إلى المنجم علم ما يحدث في ساعات الدنيا بمقتضى علم النجوم.

مع أن ظاهر القرآن يخص علم ذلك باللّه عز و جل.

(1) فعل ماض معلوم من حاق يحيق حيقا و زان باع يبيع بيعا.

أجوف يائي. معناه هنا: الإحاطة. أي أحاط به الضر. -

ص: 296


1- هود: الآية 49.
2- الجن: الآية 26-27.

باللّه في ذلك الوجه، و أحوج إلى الرغبة أليك في دفع المكروه عنه (1).

و في رواية عبد الملك بن أعين المروية عن الفقيه قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة، فاذا نظرت إلى الطالع و رأيت الطالع الشر جلست و لم أذهب فيها.

و اذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة.

فقال لي: تقضي؟

قلت: نعم.

قال: احرق كتبك (2).

++++++++++

- و كلمة: أحوج في قوله عليه السلام: و أحوج إلى الرغبة فغل ماض معناها: الاحتياج و الافتقار.

و كلمة (الرغبة): معناها: الابتهال و التضرع.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 269-270. الباب 14 من أبواب آداب السفر إلى الحج و غيره، الحديث 4.

(2) نفس المصدر. ص 268-269. الحديث 1.

و لا يخفى أن الأمر بإحراق الكتب لا يدل على حرمة النظر في الطالع.

نعم يدل على مرجوحية ذلك: و هي أعم من الحرمة و الكراهة.

ثم إن النظر في الطالع لدفع الشر عن نفسه يتنافى و التوكل على اللّه تعالى، لأنه عز و جل يقول في كتابه العزيز: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّٰهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً» (1).

فاللّه تعالى هو يقي المتوكل عليه من السوء و الضرر، و هو يصرف عنه المكروه.

ص: 297


1- الطلاق: الآية 3.

و في رواية مفضل بن عمرو المروية عن معاني الأخبار في قوله تعالى:

وَ إِذِ اِبْتَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ (1).

قال: و أما الكلمات فمنها: ما ذكرناه.

و منها: المعرفة بقدم بارئه و توحيده و تنزيهه عن التشبيه حتى النظر الى الكواكب و القمر و الشمس و استدل بأفول (2) كل واحد منها على حدوثه و بحدوثه على محدثه، ثم اعلمه عز و جل أن الحكم بالنجوم خطأ (3).

++++++++++

- بخلاف الاعتماد على الطالع فإن اللّه يكله عليه، و لربما أخطأ المنجم و الناظر في علم النجوم.

و كلمة (تقضي): يأتي فيها احتمالان:

(الأوّل): كونه فعل مضارع معلوم بتقدير همزة الاستفهام.

و معناه: الحكومة و القضاوة. أي أ تحكم بين الناس في حوائجهم في طالع الخير و الشر بعلمك هذا؟

(الثاني) كونه فعل مضارع معلوم أيضا و معناه: الجزم و الاعتقاد أي أ تعتقد بعلمك في طالع الخير و الشر.

(1) البقرة: الآية 124.

(2) بضم الهمزة و الفاء و زان فعول من أفل يأفل افولا اسم فاعله آفل. و معناه: الغياب.

يقال: أفل النجم أفل فلان أي غاب، و منه قوله تعالى: «فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لاٰ أُحِبُّ اَلْآفِلِينَ» (1)، أي الغائبين.

(3) (معاني الأخبار). طبعة طهران سنة 1379. ص 127.

و في المصدر: بأفول كل منها على حدثه، و بحدثه على محدثه.

ص: 298


1- الأنعام: الآية 76.

ثم إن مقتضى الاستفصال (1) في رواية عبد الملك المتقدمة بين القضاء بالنجوم بعد النظر، و عدمه (2): أنه لا بأس بالنظر اذا لم يقض به بل أريد به (3) مجرد التفاؤل إن فهم الخير، و التحذر بالصدقة إن فهم الشر

كما يدل عليه (4) ما عن المحاسن عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمرو ابن اذينة عن سفيان بن عمر قال: كنت أنظر في النجوم و أعرفها، و أعرف الطالع فيدخلني من ذلك (5) شيء فشكوت ذلك إلى أبي الحسن عليه السلام

فقال: اذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أوّل مسكين ثم امض فإن اللّه عز و جل يدفع عنك (6).

++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام: (تقضي) بتقدير همزة الاستفهام فإن التفصيل بين ما اذا كان يحكم بعلمه فحرام و يجب إحراق كتبه.

و بين ما اذا لم يحكم بعلمه فليس بحرام، و لا يجب احراق كتبه.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه بين: أي و بين عدم القضاء و الحكم بعلمه، فإنه ليس بحرام، و لا يجب إحراق كتبه.

و جملة (أنه لا بأس بالنظر) مرفوعة محلا خبر لقوله: إن مقتضى الاستفصال.

(3) أي بالنظر إلى النجوم: مجرد التفاؤل بالخير ان أريد به الخير

(4) أي كما يدل على معنى التفاؤل بالخير ان أريد بالنظر الخير.

و على معنى التحذر إن أريد بالنظر الشر فيدفعه بالصدقة: ما ورد في المحاسن عن الامام عليه السلام.

(5) أي يدخل في قلبي من علم النجوم حينما اعمل به شيء من القلق و الترديد و التشكيك في عقيدتي الدينية.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 273. الباب 15 من أبواب آداب السفر إلى الحج و غيره. الحديث 3.

ص: 299

و لو حكم بالنجوم على جهة أن مقتضى الاتصال الفلاني، و الحركة الفلانية: الحادثة الواقعية و إن كان اللّه يمحو ما يشاء و يثبت: لم يدخل أيضا في الأخبار الناهية (1)، لأنها ظاهرة في الحكم على سبيل البت كما يظهر من قوله عليه السلام: فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة باللّه في دفع المكروه (بالصدقة و الدعاء، و غيرهما من الأسباب (2) نظير

++++++++++

(1) أي الناهية عن تعلم علم النجوم، لأن هذه الأخبار ظاهرة في الحرمة لو حكم على سبيل القطع و الجزم بأن قال: إن الحادثة الفلانية ستقع قطعا.

كما يظهر هذا المعنى من قول (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام الذي مضت الاشارة إليه في ص 294 في قوله: فمن صدّقك بهذا فقد استغنى عن الاعانة باللّه.

و يحتمل أن يراد من الحكم في قول (شيخنا الأنصاري): لأنها ظاهرة في الحكم: ما يقابل الوضع، أي ما يرجع إلى الأحكام الفلكية دون الأوضاع الفلكية، و قد سبق الفرق بينهما في الهامش 3-4 ص 281.

(2) هذه الجملة: (بالصدقة و الدعاء و غيرهما من الأسباب) من كلمات (شيخنا الأنصاري)، لا من كلمات الامام عليه السلام، و لذا جعلناها بين القوسين في المتن.

و مرجع الضمير في غيرهما: الصدقة و الدعاء، أي غير هذين: و هي الصلاة لدفع المكروه، فإنه يستحب لدفع المكروه ركعتان من الصلاة كما أن الصلوات على (الرسول الأعظم و أهل بيته الكرام) صلى اللّه عليه و عليهم أجمعين يدفع المكروه.

ص: 300

تأثير نحوسة الأيام الواردة في الروايات (1)، ورد نحوستها بالصدقة، إلا أن جوازها (2) مبني على جواز اعتقاد الاقتضاء في العلويات للحوادث السفلية، و سيجيء انكار المشهور لذلك (3) و ان كان يظهر ذلك من المحدث الكاشاني.

++++++++++

(1) راجع المصدر السابق. ص 272. الباب 15 من أبواب استحباب افتتاح السفر بالصدقة.

أليك الحديث الأوّل: عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال (أبو عبد اللّه) عليه السلام: تصدق و اخرج أيّ يوم شئت.

و مرجع الضمير في نحوستها: الأيام.

(2) مرجع الضمير: نحوسة الأيام، و المراد من الجواز الإمكان.

يقصد الشيخ من هذه العبارة: (إلا أن جوازها): كيفية إمكان نحوسة الأيام، مع أن الأيام عبارة عن الزمان المعين الذي هي أربعة و عشرون ساعة المتولد هذا المقدار من دوران الأجرام و الكواكب حول الشمس:

فقال: إن نحوسة الأيام مبنية و متوقفة على القول بتأثير الأسباب العلوية في الحوادث السفلية بنحو المدخلية المعبر عنها بالاقتضاء، إذ ليس في هذا التولد أية نحوسة حتى يقال بنحوسة الأيام، فعلى هذا المبنى تدفع نحوسة الأيام بالصدقة الواردة في الأخبار.

فالاعتقاد بهذا المقدار من التأثير في الكواكب مما أنكره المشهور.

(3) أى لتأثير الكواكب و النجوم في الحوادث السفلية على نحو المدخلية و الاقتضاء كما عرفت آنفا.

لكن يظهر من (المحدث الكاشاني) امكان تأثير الكواكب و النجوم في الحوادث السفلية على نحو الاقتضاء.

ص: 301

و لو اخبر (1) بالحوادث بطريق جريان العادة على وقوع الحادثة عند الحركة الفلانية من دون اقتضاء لها أصلا فهو أسلم.

قال في الدروس (2): و لو اخبر بأن اللّه تعالى يفعل كذا عند كذا (3) لم يحرم، و ان كره. انتهى.

++++++++++

- و إلى ذهاب (المحدث الكاشاني) بذلك أشار (شيخنا الأنصاري) بقوله: و ان كان يظهر ذلك.

(1) أي المنجم و الناظر في الكواكب و النجوم لو اخبر بوقوع الحوادث السفلية عند الحركة الفلانية كاقتران النجوم، أو ابتعادها، أو تقابلها:

على نحو الصدفة و جريان العادة، من دون أن يقول بمدخلية الكواكب و النجوم في وقوع الحوادث السفلية: كان اعتقاده هذا أسلم إلى النجاة من أن يقول بنحو الاقتضاء.

(2) هذا استشهاد من (شيخنا الأنصاري) على دعواه: من أن الناظر في الكواكب لو اخبر بوقوع الحوادث السفلية عند الحركة الفلانية على نحو الصدفة، و جريان العادة: أسلم إلى النجاة.

و خلاصة ما أفاده (الشهيد في الدروس): أن الناظر في النجوم انما يخبر بوقوع الحادثة الفلانية عند الحركة الفلانية التي هو اقتران النجوم أو ابتعادها، أو تقابلها مستندا وقوعها إلى جعل اللّه عز و جل، لا بتأثير من الكواكب: فحينئذ لم يحرم هذا النوع من الإخبار في الشريعة الاسلامية حيث لم يسند نسبة وقوع الحوادث السفلية إلى تأثير الكواكب العلوية فيها بنحو الاقتضاء و المدخلية، و ان كره ذلك شرعا.

و لا يخفى عليك عدم وجه للكراهة بعد أن لم يسند الحوادث الواقعة الى غير اللّه عز و جل.

(3) المراد من كذا: الوضع الخاص و هو اقتران النجوم، أو ابتعادها أو تقابلها كما عرفت آنفا.

ص: 302

المقام الرابع: اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات و الربط يتصور على وجوه:
اشارة

الرابع (1): اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات و الربط يتصور على وجوه:

++++++++++

(1) أي المقام الرابع من المقامات التي أشار إليها (شيخنا الأنصاري) بقوله: و توضيح المطلب يتوقف على الكلام في مقامات: هو اعتقاد ربط الحركات العلوية بالكائنات التي هي الموجودات في جميع العوالم.

بمعنى أن الموجودات في جميع العوالم تكون متأثرة بالحركات الفلكية و أنها هي المؤثرة في سير الموجودات و حوادثها.

و هذا النوع من التأثير على وجوه.

(الأوّل): القول باستقلال الحركات العلوية بالكائنات على نحو العلية التامة التي هو امتناع تخلف المعلول عن العلة عقلا. بمعنى أنه كلما وجدت العلة وجد المعلول.

ففيما نحن فيه تكون الحركات الفلكية مؤثرة في الكائنات الموجودة بنحو العلة و المعلول.

و القائل بهذا النوع من الربط كافر كما أفاده (شيخنا الأنصاري).

و قد أخذ الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط الواردة عن الأعلام.

فقال: قال السيد المرتضى فيما حكي عنه: و كيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام التنجيم و قد أجمع المسلمون قديما و حديثا على تكذيب المنجمين.

و لا يخفى أن مراد (السيد المرتضى) من قوله: بطلان أحكام التنجيم: هو اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات على نحو الاستقلال الذي هي العلة و المعلول: من امتناع تخلف المعلول عن العلة، فإن مثل هذا الاعتقاد باطل قطعا، لأن معناه أن المؤثر هي الحركات الفلكية لا غير و أن اللّه عز و جل ليس له أية مدخلية في التأثير، لا بنحو العلة -

ص: 303

الأوّل: الاستقلال في التأثير

الأوّل: الاستقلال في التأثير بحيث يمتنع التخلف عنها امتناع تخلف المعلول عن العلة العقلية، و ظاهر كثير من العبارات كون هذا كفرا.

قال السيد المرتضى رحمه اللّه فيما حكي عنه: و كيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام التنجيم و قد أجمع المسلمون قديما و حديثا على تكذيب المنجمين و الشهادة بفساد مذهبهم، و بطلان أحكامهم.

و معلوم من دين الرسول ضرورة تكذيب ما يدعيه المنجمون و الازراء (1) عليهم، و التعجيز لهم.

و في الروايات عنه صلى اللّه عليه و آله ما لا يحصى كثرة (2).

++++++++++

- و لا بنحو الاقتضاء، فمثل هذا الاعتقاد كفر باللّه العظيم، و ثبت في الشريعة الاسلامية تكذيب ما يدعيه المنجمون، و وجوب الإهانة بهم و الشهادة بفساد مذهبهم.

(1) مصدر باب الإفعال من أزرى يزرى إزراء. و معناه الإهانة و العيب. يقال: فلان أزرى بفلان أي أهانه و عابه بذكر معايبه كما عرفت آنفا.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 104. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث.

أليك نص الحديث 11.

عن جعفر بن الحسن المحقق في المعتبر، و العلامة في التذكرة. و الشهيدين قالوا:

قال (النبي) صلى اللّه عليه و آله: من صدّق كاهنا، أو منجما فهو كافر بما انزل على محمد صلى اللّه عليه و آله.

و أليك نص الحديث 9:

عن (أبي جعفر) عليه السلام عن آبائه عن (النبي) صلى اللّه عليه و آله -

ص: 304

و كذا عن علماء أهل بيته (1) و خيار أصحابه.

و ما اشتهر بهذه الشهرة (2) في دين الاسلام كيف يفتي بخلافه منتسب الى الملة، و مصل إلى القبلة، انتهى (3).

و قال العلامة (4) في المنتهى بعد ما أفتى بتحريم التنجيم: و تعلم النجوم

++++++++++

- أنه نهى عن عدة خصال: منها النظر في النجوم.

(1) المراد بهم: (الأئمة الاثنا عشر المعصومون) صلوات اللّه عليهم.

راجع المصدر السابق. ص 103. الأحاديث.

أليك نص الحديث السابع:

عن نصر بن قابوس قال: سمعت (أبا عبد اللّه) عليه السلام يقول:

المنجم ملعون، و الكاهن ملعون، و الساحر ملعون، و المغنية ملعونة، و من آواها ملعون، و آكل كسبها ملعون.

(2) و هو أن المنجم ملعون، و أن مذهبه باطل.

و خلاصة ما أفاده (السيد المرتضى) في هذا المقام: أن المنجمين بعد أن وردت في حقهم تلك الأخبار الصادرة عن (الرسول الأعظم و علماء أهل بيته) صلى اللّه عليهم أجمعين: في تكذيب ما يدعونه، و إدخال النقص عليهم، و ابطال أحكامهم في الحركات العلوية، و الاتصالات الكوكبية و نسبة العجز إليهم، و أنهم أصغر من ذلك، و أنهم كذّابون: كيف يجوز لمن يصلي إلى القبلة، و ينسب نفسه إلى الملة المسلمة: أن يفتي خلاف ذلك بأن يقول: بصدق دعواهم و مقالتهم، و صحة أحكامهم.

(3) أي ما أفاده (السيد المرتضى) في هذا المقام.

(4) هذا استشهاد ثان من الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط في النجوم من الأعلام.

و قد ذكر الشيخ ما أفاده العلامة فلا نعيده.

ص: 305

مع اعتقاد أنها مؤثرة، أو أن لها مدخلا في التأثير في النفع و الضر:

و بالجملة كل من اعتقد ربط الحركات النفسانية و الطبيعية بالحركات الفلكية، و الاتصالات الكوكبية كافر. انتهى (1).

و قال الشهيد 2 رحمه اللّه في قواعده: كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم، و موجدة له فلا ريب أنه كافر.

و قال (3) في جامع المقاصد: و اعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم

++++++++++

- و المراد من قول العلامة: و إنها مؤثرة: الاستقلال في التأثير على نحو العلة و المعلول بحيث يمتنع تخلف المعلول عن العلة متى وجدت العلة فيكون تأثير الكواكب في اصطلاح المنجمين بهذا النحو من الربط.

و المراد من قوله: أو أن لها مدخلا: الاقتضاء.

و المراد من قوله: الحركات النفسانية: الحركات التي تعرض على الانسان باختياره كالزواج و السفر و الانتقال إلى دار جديدة، و الزراعة و البناء و الخياطة، و ما شاكلها.

و المراد من الحركات غير الاختيارية: الحركات العارضة للانسان كالصحة و المرض، و اليقظة و النوم، و الحياة و الموت.

(1) أى ما أفاده العلامة في هذا المقام.

(2) استشهاد ثالث من الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط في النجوم: من الأعلام. و قد ذكر الشيخ ما أفاده (الشهيد الأوّل).

(3) استشهاد رابع من الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط في النجوم: من الأعلام. و قد ذكر الشيخ ما أفاده صاحب (جامع المقاصد).

ص: 306

تأثيرا في الموجودات السفلية و لو على جهة المدخلية (1) حرام.

و كذا تعلم النجوم على هذا النحو (2)، بل هذا الاعتقاد في نفسه كفر نعوذ باللّه. انتهى (3).

و قال (4) شيخنا البهائي: ما زعمه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية: إن زعموا أنها هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال، أو أنها شريكة في التأثير فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده، و علم النجوم المبتني على هذا كفر.

و على هذا (5) حمل ما ورد في الحديث عن التحذير من علم النجوم

++++++++++

(1) أي و لو على جهة الاقتضاء و المدخلية المعبر عنها بجزء العلة.

(2) و هو القسم الحرام من علم النجوم بأن يتعلم منها متى تكون تأثيراتها و أيها لها الاستقلال في التأثير، و أيها لها المدخلية فيه على نحو الاقتضاء و أي شيء يمنع عن تأثير الكواكب، فان هذا النحو من الاعتقاد في النجوم كفر باللّه العظيم و قد أمرنا بالاستعاذة منه.

(3) أي ما أفاده صاحب جامع المقاصد في هذا المقام.

(4) استشهاد خامس من الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط في النجوم من الأعلام.

و خلاصة ما أفاده (شيخنا البهائي) في هذا المقام: أن المنجمين لو يقولون بارتباط ما يحدث في الكرة الأرضية: من الخصب و الرخاء و الرخص و الغلاء، و الشدة و الفرج، و السعة و الضيق، و العمار و الخراب و العدل و الظلم، و الظفر و الهزيمة: بالأجرام العلوية. و الكواكب السماوية على نحو العلية و المعلول، أو على نحو الاقتضاء و المدخلية فهو كفر باللّه العظيم، و شرك له.

(5) أي و على نحو العلة و المعلول، و الاقتضاء و المدخلية في ارتباط -

ص: 307

و النهي عن اعتقاد صحته. انتهى.

و قال في البحار (1): لا نزاع بين الأمة في أن من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم و الخالقة لما فيه من الحوادث و الخير و الشر فإنه يكون كافرا على الاطلاق (2)، انتهى (3).

و عنه (4) في موضع آخر أن القول بأنها علة فاعلية بالارادة (5)

++++++++++

- الحوادث السفلية بالحوادث العلوية ورد النهي عن اعتقاد الصحة في النجوم في الأحاديث الشريفة.

راجع (بحار الأنوار). الجزء 58. ص 291-292.

(1) هذا استشهاد سادس من الشيخ في نقل الكلمات الدالة على كفر القائل بهذا النوع من الربط في النجوم من الأعلام.

(2) المراد من الاطلاق هنا: هو الكفر المطلق بمعنى أن يكون الانسان كافرا بكل الشرائع و الأديان، و بتمام الأحكام، لا أنه كافر ببعضها كمن أنكر نبوة «الرسول الأعظم» صلى اللّه عليه و آله فمثل هذا لا يقال له الكافر المطلق و ان كان حكمه من حيث النجاسة، و بعض الأحكام الأخرى حكم الكافر المطلق، لكنه لا يسمى كافرا مطلقا من تمام الجهات.

(3) أي ما أفاده «العلامة المجلسي» في كتابه «بحار الأنوار» المصدر المذكور.

(4) أي عن «العلامة المجلسي» في موضع آخر من كتابه.

(5) الظاهر من تقييد العلة الفاعلية بالارادة الاختيارية: لإخراج المنجم الذي لا يعتقد بما ذكر، بل اعتقد أن اللّه عز و جل خلق الكواكب و جعل لها خواصا تكون منشأ للحوادث السفلية.

كما أنه جعل في الأدوية و العقاقير، و الأدعية و الأذكار خواصا تترتب عليها الآثار عند استعمالها و قراءتها.

ص: 308

و الاختيار و إن توقف تأثيرها على شرائط أخرى (1) كفر، و مخالفة لضرورة الدين (2).

بل ظاهر الوسائل نسبة دعوى ضرورة الدين على بطلان التنجيم، و القول بكفر معتقده إلى جميع علمائنا، حيث قال: قد صرح علماؤنا بتحريم علم النجوم، و العمل بها، و بكفر من اعتقد تأثيرها، أو مدخليتها في التأثير

++++++++++

- و أعتقد أن الكواكب كالآلة الصماء بزيادة شعور و ادراك.

(1) المراد من توقف تأثير الحركات الكوكبية على شرائط اخرى: أن الحوادث السفلية المتولدة من الحركات الفلكية التي هو اقتران بعض النجوم ببعض، أو افتراق بعضها عن بعض، أو صعود بعضها، أو نزول بعضها أو تحول بعضها من برج إلى برج آخر: و إن توقفت على شرائط أخرى مثل وقوع الحوادث السفلية في الساعة الفلانية من الأسبوع الفلاني، أو وقوعها في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني، أو وقوعها في الشهر الفلاني من السنة الفلانية.

فمن يقول بأن الكواكب علة فاعلية بالارادة و الاختيار فقد كفر باللّه العظيم.

(2) القول بأن الكواكب حية مريدة مختارة مؤثرة في العالم الأرضي خطأ، لكنه لا يوجب الكفر.

اللهم إلا أن يعتقد أن الكواكب واجبة الوجود بالذات، و ليس فوقها مؤثر، أو اعتقد ان اللّه عز و جل لا يقدر على منعها من التأثير.

فمن ذهب إلى مثل هذه المقالة فهو كافر لا شك في كفره.

و الدليل على أن من اعتقد أن الكواكب حية مختارة مريدة مؤثرة لا يكون كافرا و مخالفا لضرورة الدين: أن «الشهيد الأوّل» قدس سره قال في القواعد كما حكى عنه المؤلف بقوله:

ص: 309

و ذكروا أن بطلان ذلك من ضروريات الدين، انتهى (1).

++++++++++

- و ان اعتقد أن الكواكب تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ، اذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي، أو نقلي.

فالخلاصة: أن القول بكون القائل بالكيفية المذكورة مخالف لضرورة الدين كما ترى.

و لما انجر الكلام إلى هنا لا بأس بذكر أقسام العلل:

فنقول: إن العلل الموجودة في الخارج أربعة:

«الأولى»: العلة الفاعلية: و هي التي توجد الأشياء و تصنعها في الخارج كالنجار و البناء و الخياط، و بقية أرباب الحرف و الصناعات الذين هم العلة في ايجاد الكراسي و الأبواب، و الدور و الملابس مثلا بواسطة أدوات النجارة و البناية و الخياطة.

«الثانية»: العلة المادية: و هي عبارة عن مواد الأشياء الأولية التي تتركب منها الأشياء كالخشب و الطابوق، و الجص و المسمار، و الخيط و الابرة، و الحديد و السمنت و الأقمشة، و غيرها من المواد.

«الثالثة»: العلة الصورية و هي عبارة عن هيئة الأشياء التي صنعت من تلك المواد كصورة الدار و هيئتها، و هيئة الكرسي، و هيئة الملابس مثلا.

«الرابعة»: العلة الغائية: و هي عبارة عن الغاية التى صنعت لأجلها تلك الأشياء كالسكنى في الدار، و الجلوس على الكرسي، و لبس الملابس.

فهذه هي العلل الأربعة التي بوجودها توجد الأشياء في الخارج.

(1) راجع «وسائل الشيعة». الجزء 12. ص 101. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به. في هامش عنوان الباب المشار إليه بالنجمة. -

ص: 310

بل يظهر من المحكى عن ابن أبى الحديد: (1) أن الحكم كذلك عند

++++++++++

- أليك نص عبارة صاحب الوسائل.

قد صرح علماؤنا بتحريم تعلم علم النجوم، و العمل به، و صرحوا بكفر من اعتقد بتأثير النجوم، أو مدخليتها في التأثير، و ذكروا أن بطلان ذلك من ضروريات الدين، و نقلوا الاجماع على ذلك.

فممن صرح بما ذكرناه: (الشيخ المفيد و المرتضى) في الدرر و الغرر (و الشيخ الشهيد في قواعده و دروسه، (و العلامة) في التذكرة و المنتهى و القواعد و التحرير، (و الشيخ علي) في شرح القواعد، (و الشهيد الثاني) في شرح الشرائع (و المحقق) في المعتبر (و الكراجكي) في كنز الفوائد و غيرهم، و لا يظهر منهم مخالف في ذلك على ما يحضرني. انتهى ما أفاده هناك.

(1) راجع شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد). الطبعة المصرية طباعة دار إحياء الكتب العربية. عيسى البابي الحلبي و شركاؤه. تحقيق أبو الفضل ابراهيم. الجزء السادس. ص 212-213. أليك نص عبارته:

و أما الأمور الكلية الحادثة لا بإرادة الحيوان و اختياره فقد يكون لكلامهم فيه وجه من الطريق الذي ذكرها: و هي تعلق كثير من الأحداث بحركة الشمس و القمر، إلا أن المعلوم ضرورة من دين رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إبطال حكم النجوم، و تحريم الاعتقاد بها، و النهي و الزجر عن تصديق المنجمين، و هذا معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الفصل:

فمن صدّقك بهذا فقد كذّب القرآن، و استغنى عن الاعانة باللّه.

ثم أردف ذلك و آكده بقوله: كان يجب أن يحمد المنجم دون الباري تعالى، لأن المنجم هو الذي هدى الانسان إلى الساعة التي ينجح فيها -

ص: 311

علماء العامة أيضا، حيث قال في شرح نهج البلاغة: إن المعلوم ضرورة من الدين ابطال حكم النجوم، و تحريم الاعتقاد بها، و النهي و الزجر عن تصديق المنجمين، و هذا معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام: فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، و استغنى عن الاستعانة باللّه، انتهى.

ثم لا فرق في أكثر العبارات المذكورة (1) بين رجوع الاعتقاد المذكور إلى انكار الصانع (2) جل ذكره كما هو مذهب بعض المنجمين.

و بين تعطيله (3) تعالى عن التصرف في الحوادث السفلية بعد خلق الأجرام العلوية على وجه تتحرك على النحو المخصوص (4)، سواء قيل

++++++++++

- و صدّه عن الساعة التي يخفق و يكدي فيها فهو المحسن إليه إذا، و المحسن يستحق الحمد و الشكر.

و ليس للباري سبحانه إلى الانسان في هذا: الاحسان المخصوص شيء فوجب ألا يستحق الحمد على ظفر الانسان بطلبه.

لكن القول بذلك و التزامه كفر محض.

انتهى ما قاله (ابن أبي الحديد) في المصدر المذكور.

(1) أي عن (السيد المرتضى و العلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و شيخنا البهائي و صاحب الوسائل و ابن أبي الحديد) في تأثير الكواكب بنحو العلة، أو الاقتضاء.

(2) هذه هي (الفرقة الأولى) الذين هم من أشد الكفرة.

(3) هذه هي (الفرقة الثانية) الذين هم من أشد الكفرة.

لكن الفرق بينهما: أن الأولى منكرة للصانع رأسا، دون الثانية حيث إنها مقرة بوجود الصانع.

لكن مع تعطيل وجوده عن كل شيء.

(4) المراد من النحو المخصوص: دوران الأفلاك بعضها فوق بعض -

ص: 312

بقدمها (1) كما هو مذهب بعض آخر أم قيل بحدوثها (2)، و تفويض التدبير إليها كما هو المحكي عن ثالث منهم.

و بين (3) ان لا يرجع إلى شيء من ذلك: بأن يعتقد أن حركة

++++++++++

- و اقتران بعضها ببعض، و افتراق بعضها عن بعض، و صعودها و نزولها كما عرفت.

(1) أي بقدم الأجرام العلوية بمعنى أنها قديمة كوجود الخالق عز و جل.

(2) أي بحدوث هذه الأجرام، و تفويض الأمر و النهي إليها، لكن مع القول بوجود الصانع.

هذه هي (الفرقة الثالثة) الذين هم من أشد الكفرة.

(3) هذا هو الشق الثاني لعدم الفرق، أي و لا فرق أيضا في أكثر العبارات المذكورة عن علمائنا الامامية و علماء السنة كابن أبي الحديد المعتزلي في أن الاعتقاد المذكور بتأثير الكواكب لا يكون ناشئا عن إنكار الصانع بل مستلزم لوجوده فهو كافر أيضا.

لكن كفره ليس بدرجة كفر الفرق الثلاث الأوّل الذين ذكرناهم في الهامش 2-3 ص 212، و الهامش 2 من هذه الصفحة.

ثم لا يخفى عدم وجود ما أفاده الشيخ: من عدم الفرق في كفر المنجمين بين أن يرجع إلى اعتقادهم بتأثير الكواكب العلوية في الحوادث السفلية إلى انكار الصانع.

و بين عدم رجوع اعتقادهم بذلك إلى إنكاره: في عبارات العلماء التي ذكرها الشيخ في ص 304-305-306-307-308-309-312.

بل كل من صرح بكفرهم يقول: لو كان المنجم يعتقد تأثير النجوم و الكواكب العلوية في الحوادث السفلية بنحو العلة التامة، أو بنحو المدخلية فهو كافر.

ص: 313

الأفلاك تابعة لإرادة الخالق تعالى، و مجبولة على الحركة على طبق اختيار الصانع جل ذكره كالآلة (1).

أو بزيادة أنها مختارة باختيار هو عين اختياره (2) تعالى عما يقول الظالمون.

لكن (3) ما تقدم في بعض الأخبار: من أن المنجم بمنزلة الكاهن

++++++++++

و أما اذا لم يعتقد ذلك، بل اعتقد أنها كالآلة تتحرك بحركة من هي بيده يديرها كيف شاء و متى أراد، ليس لها أي تأثير في الحوادث السفلية لا بنحو العلة التامة، و لا بنحو المدخلية و الاقتضاء، سوى زيادة الشعور و الادراك: فليس بكافر كما عرفت عند ذكر الشيخ عبارات العلماء في ص 304 و 305-306-307-308-309-312.

(1) هذه هي (الفرقة الرابعة) التي حكم بكفرها، بناء على عدم الفرق بين عبارات العلماء التي ذكرها الشيخ في كفر الفرق الثلاث الأوّل و هذه الفرقة.

و قد عرفت خلاف ذلك في ص 313 عند قولنا: و لا يخفى.

(2) هذه هي (الفرقة الخامسة) التي حكم بكفرها، بناء على عدم الفرق بين عبارات العلماء التي ذكرها الشيخ في كفر الفرق الثلاث الأوّل و هذه الفرقة.

و قد عرفت خلاف ذلك في ص 313 عند قولنا: و لا يخفى.

و جملة: تعالى عما يقول الظالمون راجعة إلى الفرق الثلاث الأوّل التى أشرنا إليها في الهامش 2-3. ص 312، و الهامش 2 ص 313.

و إلى الفرقة الرابعة و الخامسة التي أشرنا إليهما في الهامش 1-2 من هذه الصفحة

و ليست مختصة بالفرق الثلاث الاول، حيث إن الفرق الخمس بأجمعهم كافرة على ما أفاده الشيخ، إلا أن الفرقة الرابعة و الخامسة من الدرجة النازلة في الكفر.

(3) استدراك عما أفاده الشيخ في كفر المنجمين بصورة مطلقة، سواء أ كانوا من الفرق الثلاث الأوّل أم من الفرقة الرابعة و الخامسة. -

ص: 314

الذي هو بمنزلة الساحر الذي هو بمنزلة الكافر: من (1) عدا الفرق

++++++++++

- و خلاصة الاستدراك: أنه و إن قلنا بعدم الفرق في كفر المنجمين بين الفرق بأجمعهم.

لكن قول الامام (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في (نهج البلاغة) المذكور في ص 294: و المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر و الكافر في النار يخص الفرقة الرابعة و الخامسة المشار إليهما في الهامش 1-2 ص 314 دون الفرق الثلاث الأوّل، فان هذه الفرق الثلاث من أشد الكفرة، لا أنهم بمنزلة الكفرة فمن كلمة بمنزلة يستفاد الاختصاص المذكور.

و لا يخفى أن الحديث المذكور عن نهج البلاغة كما اشير إليه ورد بلفظ كالكاهن، كالساحر، كالكافر، أي بكاف التشبيه و هنا ذكره الشيخ بلفظ بمنزلة الكافر، بمنزلة الساحر فهو منقول بالمعنى.

(1) بفتح الميم موصولة و مرفوعة، بناء على أنه خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: لكن ظاهر بعض الأخبار، أي ظاهر بعض الأخبار الواردة في كفر المنجمين كما في «نهج البلاغة»: اختصاصه بالفرقة الرابعة و الخامسة كما عرفت.

و كلمة «أول»: بضم الهمزة و فتح الواو، و سكون اللام جمع أوّل بفتح الهمزة و الواو المشددة و هم الفرق الثلاث المذكورة. أليك أسماءهم:

«الفرقة الأولى»: المنجمون المنكرون لوجود الصانع الذين يقولون:

إن المؤثر في الكون هي الكواكب و النجوم لا غير بنحو العلة التامة.

«الفرقة الثانية»: المنجمون القائلون بوجود الصانع، لكنهم يقولون بتعطيل وجوده عز اسمه، و أنه لا يتصرف في الحوادث السفلية و الأوضاع الفلكية، و أنها المدبرة للأشياء، و أن الكواكب و النجوم قديمة بقدم وجوده

«الفرقة الثالثة»: المنجمون القائلون بوجود الصانع وجودا عاطلا كالفرقة الثانية، لكنهم يقولون: إن الأجرام العلوية من الكواكب و النجوم مستحدثة و ليست بقديمة كما هو قول الفرقة الثانية.

ص: 315

الثلاث الأوّل، اذ الظاهر عدم الاشكال في كون الفرق الثلاث من أكفر الكفار، لا بمنزلتهم.

و منه (1) يظهر أن ما رتبه عليه السلام على تصديق المنجم: من كونه

++++++++++

(1) أي و مما ذكرناه في الاستدراك المذكور بقولنا: لكن ما تقدم: من أن الحديث المروي في «نهج البلاغة» مختص بكفر الفرقة الرابعة و الخامسة المشار إليهما في الهامش 1-2، ص 314، لوجود كلمة بمنزلة، و لا يشمل الفرق الثلاث الأوّل، لأنهم من أشد الكفرة، لا بمنزلة الكفرة:

يظهر أنه يراد من الملازمة المذكورة في قوله عليه السلام: فمن صدقك بهذا القول فقد كذب القرآن و استغنى عن الاعانة باللّه: إبطال قول المنجمين لأن لازم تصديق قول المنجم بما يخبر تكذيب القرآن، و موجب للاستغناء عن اللّه عز و جل في جلب الخير، و دفع الشر، و التالي و هو تكذيب القرآن باطل و كذا المقدم: و هو تصديق المنجم.

فهنا قياس منطقي مركب من المقدم و التالي هكذا:

المقدم: تصديق المنجم في مقالته تكذيب القرآن، و استغناء عن اللّه

التالي: و كل تكذيب القرآن، أو الاستغناء عن اللّه باطل.

النتيجة: فتصديق المنجم في مقالته باطل.

و هذا الاستدلال و هو بطلان التالي مستلزم لبطلان المقدم: طريقة يستعمل في المحاورات العلمية لكل من يستدل على انهاء بطلان التالي إلى شيء يكون بديهي البطلان.

و هذا الشيء البديهي البطلان منشأه:

«تارة»: العقل. بمعنى أن بداهة بطلانه حكم العقل. -

ص: 316

..........

++++++++++

- «و ثانية»: الشرع. بمعنى أن بداهة بطلانه حكم الشرع.

«و ثالثة»: الحس. بمعنى أن بداهة بطلانه حكم الحس.

«و رابعة»: العادة. بمعنى أن بداهة بطلانه حكم العادة.

أما العقل فكما في قولك:

المقدم: لو لم يكن الصانع واجب الوجود لتوقف وجوده على صانع آخر، و هلم جرا فيلزم الدور، أو التسلسل.

التالي: و كل دور و تسلسل باطل بديهي البطلان.

النتيجة: فعدم كون وجود الصانع واجب الوجود باطل.

فمنشأ الحكم ببطلان عدم كون وجود الصانع واجب الوجود: العقل لانتهائه إلى ما هو بديهي البطلان و هو الدور، أو التسلسل المستلزم لبطلان المقدم.

فكما أن العقل يحكم ببطلان اجتماع النقيضين، و ارتفاعهما.

كذلك يحكم ببطلان الدور و التسلسل.

و أما الشرع فكما عرفت في قولك:

المقدم: تصديق المنجم في مقالته تكذيب للقرآن، و استغناء عن اللّه

التالي: و كل تكذيب للقرآن باطل.

النتيجة: فتصديق المنجم باطل، لانتهاء بطلان التالي إلى بطلان المقدم فالشرع يحكم هنا ببطلان التالي و هو تكذيب القرآن المستلزم لبطلان المقدم و هو تصديق قول المنجم.

و أما الحس فكما في قولك:

ص: 317

تكذيبا للقرآن، و كونه (1) موجبا للاستغناء عن الاستعانة باللّه في جلب

++++++++++

- المقدم: تصديق القائل: إن الظلام ينتشر عند بزوغ الشمس مكذب للحس، حيث إن الحس يحكم بانتشار النور عند بزوغ الشمس

التالي: و كل مكذب للحس باطل بديهي البطلان.

النتيجة: فتصديق القائل بتلك المقالة باطل.

فمنشأ الحكم ببطلان التالي الذي هو تكذيب الحس المستلزم لبطلان المقدم: و هو انتشار الظلام عند بزوغ الشمس: هو الحس، حيث إنه نرى بالحس و الوجدان أن النور ينتشر عند بزوغ الشمس، لا الظلام.

و أما العادة فكما في قولك:

المقدم: لو تحرك زيد من (كربلاء) في الساعة الخامسة من النهار لكان في (النجف الأشرف) في الساعة السابعة.

التالي: و حيث لم يكن في الساعة المقررة في (النجف الأشرف): تبين أنه لم يتحرك من كربلاء في الساعة الخامسة.

النتيجة: فعدم كونه في (النجف الأشرف) دليل على عدم تحركه من (كربلاء).

فمنشأ الحكم ببطلان التالي الذي عدم كونه في (النجف الأشرف) المستلزم لبطلان المقدم الذي هو عدم تحرك زيد من كربلاء: هي العادة المعبر عنها بالملازمة العادية.

فالخلاصة ان الحكم ببطلان التالي المستلزم لبطلان المقدم في الأمثلة الاربعة بسبب انهاء التالي إلى ما هو بديهي البطلان منشأه إما العقل، أو الشرع، أو الحس أو العادة.

و إلى هذا المنشأ أشار الشيخ بقوله: كما هي طريقة كل مستدل من انهاء بطلان التالي إلى ما هو بديهي البطلان.

(1) بالجر عطفا على مدخول (من الجارة) في قوله: من كونه -

ص: 318

الخير، و دفع الشر: يراد (1) منه ابطال قوله بكونه مستلزما لما هو في الواقع مخالف للضرورة: من تكذيب القرآن، و الاستغناء عن اللّه، كما هي طريقة كل مستدل من انهاء بطلان التالي إلى ما هو بديهي البطلان عقلا (2) أو شرعا، أو حسا، أو عادة، و لا يلزم (3) من مجرد ذلك الكفر و إنما يلزم ممن التفت إلى الملازمة و اعترف باللازم، و إلا (4) فكل من أفتى بما هو مخالف لقول اللّه واقعا إما لعدم تفطنه لقول اللّه، أو لدلالته يكون مكذبا للقرآن.

++++++++++

- تكذيبا للقرآن، أي و من كون تصديق المنجم موجبا للاستغناء عن اللّه عز و جل كما عرفت.

(1) فعل مضارع مجهول مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله:

إن ما رتبه الامام، أي ما رتبه الامام من الملازمة المذكورة التي ذكرناها لك في الهامش 1 ص 316 يراد منه ابطال قول المنجم كما عرفت آنفا.

(2) و قد عرفت معنى انهاء بطلان التالي إلى شيء بديهي البطلان عقلا أو شرعا، أو حسا، أو عادة في الهامش 1 ص 316-317-318.

(3) أي و لا يلزم من مجرد تصديق المسلم المنجم: كفر المصدق لأن التصديق بما هو تصديق مجرد عن ترتب تكذيب القرآن عليه لا يكون موجبا للكفر.

نعم تصديقه للمنجم موجب للكفر لو كان المصدق بالكسر ملتفتا الى التالي الذي هو تكذيب القرآن و معترفا به.

(4) أي و إن كان مجرد تصديق المنجم موجبا لكفر المصدق من دون أن يكون المصدق ملتفتا إلى الملازمة المذكورة، و معترفا باللازم الذي هو تكذيب القرآن: يلزم أن يكون كل من أفتى بما هو مخالف لقول اللّه عز و جل في الواقع و نفس الأمر من دون أن يكون المفتي ملتفتا إلى ذلك -

ص: 319

و أما قوله صلى اللّه عليه و آله: فمن صدق منجما أو كاهنا فقد كفر بما انزل على محمد صلى اللّه عليه و آله (1) فلا يدل أيضا على كفر المنجم و انما يدل على كذبه فيكون تصديقه تكذيبا للشارع المكذب (2) له.

و يدل عليه (3) عطف، أو كاهن عليه.

++++++++++

- مكذبا للقرآن. و موجبا لكفره، مع أن الأمر ليس كذلك.

اللهم إلا أن يكون المفتي ملتفتا إلى ذلك، أو يلتزم به، أي يفتي و لو كانت فتواه مخالفة لقول اللّه عز و جل.

ثم لا يخفى عليك: أن منشأ مخالفة فتوى الفقيه لقول اللّه عز و جل أحد الأمرين:

إما عدم تفطنه بذلك.

و إما عدم دلالة قول اللّه عز و جل على خلاف ما أفتى به.

و قد أفاد الأمرين الشيخ بقوله: إما لعدم تفطنه لقول اللّه، أو لدلالته و كلمة أو لدلالته معطوفة على المضاف إليه في قوله: إما لعدم تفطنه أي و إما لعدم تفطن الفقيه لدلالة قول اللّه عز و جل على خلاف ما أفتى به.

و جملة يكون في قوله: يكون مكذبا للقرآن مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و إلا فكل من أفتى.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 104. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به، كتاب التجارة. الحديث 11.

(2) بصيغة الفاعل و بالجر صفة للشارع. أي أن الشارع يكذب المنجم بعد تكذيب المنجم للشارع لو صدق فيما يقوله.

(3) أي و يدل على أن مجرد تصديق المنجم لا يدل على كفر المنجم و انما يدل على كذبه المستلزم هذا التصديق لتكذيب الشارع الأعظم صلى اللّه عليه و آله: عطف الكاهن على المنجم في قوله: من صدق منجما -

ص: 320

و بالجملة فلم يظهر من الروايات (1) تكفير المنجم بالمعنى الذي تقدم للتنجيم في صدر عنوان المسألة (2) كفرا حقيقيا، فالواجب الرجوع فيما يعتقده المنجم إلى ملاحظة مطابقته لأحد موجبات الكفر من (3) انكار الصانع، أو غيره مما علم من الدين بديهة.

و لعله (4) لذا اقتصر الشهيد فيما تقدم من القواعد في تكفير المنجم على من يعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم، و موجدة له، و لم يكفر

++++++++++

- أو كاهنا فقد كفر بما انزل على محمد صلى اللّه عليه و آله، حيث إن الكاهن ليس بكافر، إذ رب كاهن يكون مؤمنا كالكاهن الذي اخبر بمقدم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله. فحكم المعطوف عليه و هو المنجم حكم المعطوف و هو الكاهن.

(1) المشار إليها في ص 293 إلى 299.

(2) أي في المقام الرابع من مسألة التنجيم في قوله: الرابع اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات.

و الربط يتصور على وجوه:

الأوّل: الاستقلال في التأثير.

(3) من بيانية لاحد موجبات الكفر.

أي موجبات الكفر عبارة عن انكار الصانع، أو غير ذلك.

كما لو أنكر ضروريا من ضروريات الدين.

(4) أي و لعل لأجل أن الواجب علينا في المنجم: الرجوع إلى ما يعتقده فان كان ما يعتقده موجبا لانكار الصانع، أو ضروري من ضروريات الدين فكافر، و إلا فلا: اقتصر (الشهيد الاول) في قواعده في تكفير المنجم: على من يعتقد أن الكواكب مدبّر لهذا العالم بقوله: كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة له فلا ريب أنه كافر.

ص: 321

غير هذا الصنف كما سيجيء تتمة كلامه السابق (1).

و لا شك (2) أن هذا الاعتقاد انكار اما للصانع، و إما لما هو ضروري الدين من فعله تعالى: و هو ايجاد العالم و تدبيره.

بل الظاهر من كلام بعض اصطلاح لفظ التنجيم في الأوّل (3).

قال السيد (4) شارح النخبة: إن المنجم من يقول بقدم الافلاك و النجوم، و لا يقولون بمفلك (5)، و لا خالق، و هم فرقة من الطبيعيين

++++++++++

(1) في قوله الآتي في ص 331: و ان اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الاعظم فهو مخطئ، اذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي أو نقلي.

(2) هذا كلام (شيخنا الانصاري) أي و لا شك في أن من اعتقد أن المدبر لهذا العالم هي الكواكب منكر للصانع، أو لضروري من ضروريات الدين و إن كان يقر و يعترف بوجود الصانع و انه الخالق للكون إلا أن المؤثر في الاوضاع السفلية هي الكواكب فهذا الاعتقاد مخالف للضرورة.

(3) أي التنجيم صار علما في اصطلاح بعض الفقهاء في الاول:

و هو انكار الصانع فاذا قيل: المنجم يراد منه منكر الصانع.

(4) و المراد به «السيد عبد اللّه» حفيد المحدث «السيد نعمة اللّه الجزائري» رحمهما اللّه يأتي شرح حياته في أعلام المكاسب.

و النخبة للمحدث الجليل «المولى فيض الكاشاني» يأتي شرح حياته في أعلام المكاسب.

(5) بضم الميم و فتح الفاء. و كسر اللام المشددة على صيغة الفاعل و زان معلم مدرس: هو صانع الفلك، أي لا يعترفون بوجود صانع لهذه الافلاك و العوالم.

ص: 322

يستمطرون بالأنواء (1)، معدودون من فرق الكفر،

++++++++++

(1) بفتح الهمزة و سكون النون: جمع نوء بفتح النون و سكون الواو و هي النجوم هنا، أي يطلبون المطر من النجوم التي لها تأثير في الأوضاع السفلية حسب زعمهم و اعتقادهم.

قال (شيخنا الصدوق): أخبرني محمد بن هارون الزنجاني عن علي ابن عبد العزيز عن أبي عبيد أنه قال: سمعت من عدة من أهل العلم يقولون: إن الأنواء ثمانية و عشرون نجما معروفة المطالع في السنة كلها:

من الصيف و الشتاء، و الربيع و الخريف يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، و مطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته و كلاهما معلوم مسمى.

و انقضاء هذه الثمانية و العشرين كلها مع انقضاء السنة، ثم يرجع الأمر إلى النجم الأوّل مع استيناف السنة المقابلة.

و كانت العرب في الجاهلية اذا سقط منها نجم و طلع آخر قالوا:

لا بد أن يكون عند ذلك رياح و مطر فينسبون كل غيث إلى ذلك النجم الذي يسقط فحينئذ يقولون: مطرنا بنوء الثريا و الدّبران(1) و السماك(2)و ما كان من هذه النجوم فهذه هي الأنواء واحدها نوء.

و إنما سمي نوء، لأنه اذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق بالطلوع و هو ينوء نوء، و ذلك النهوض هو النوء فسمي النجم به.

و كذلك كل ناهض ينتقل بابطاء فانه ينوء عند نهوضه.

قال اللّه تعالى: «لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ» (3). -

ص: 323


1- بفتح الدال و الباء: منزل للقمر و هو يشتمل على خمسة كواكب في برج الثور
2- بكسر السين علم لكوكب نير يقال له: سماك الرامح، لان امامه كوكبا صغيرا يقال له: راية السماك و رمحه.
3- القصص: الآية 75.

في مسفورات (1) الخاصة و العامة، يعتقدون في الانسان أنه كسائر الحيوانات يأكل و يشرب و ينكح ما دام حيا فاذا مات بطل و اضمحل، و ينكرون جميع الأصول الخمسة (2)، انتهى (3).

ثم قال (4) رحمه اللّه: و أما هؤلاء الذين يستخرجون بعض أوضاع (5) السيارات، و ربما يتخرصون عليها باحكام مبهمة متشابهة ينقلونها تقليدا لبعض ما وصل إليهم من كلمات الحكماء الأقدمين، مع صحة عقائدهم الاسلامية فغير معلوم دخولهم في المنجمين الذين ورد فيهم من المطاعن ما ورد، انتهى (6).

أقول (7) فيه مضافا إلى عدم انحصار الكفار من المنجمين فيمن ذكر، بل هم على فرق ثلاث كما أشرنا إليه.

++++++++++

راجع سفينة البحار. الجزء 2. ص 614. عند كلمة نوء.

(1) بصيغة المفعول جمع سفر بكسر السين و سكون الفاء.

و هي الكتب. يقال: مسفور مكتوب أي كتاب مكتوب.

(2) و هو التوحيد و العدل و النبوة و الامامة و المعاد.

(3) أي ما أفاده (السيد عبد اللّه الجزائري) في هذا المقام.

(4) أي (السيد عبد اللّه الجزائري).

(5) أي بعض أوضاع الكواكب السيارة كحركاتها و اتصالاتها و صعودها و نزولها، و اقترانها و انفصالها.

(6) أي ما أفاده (السيد عبد اللّه الجزائري) في هذا المقام ثانيا.

(7) من هنا بداية ايراد الشيخ على مقالة السيد عبد اللّه الجزائري و خلاصة الايراد: أن الكفار من المنجمين ليسوا منحصرين في القسم الّذي ذكره بقوله: إن المنجم من يقول بقدم الأفلاك و النجوم، و لا يقولون بمفلك، و لا خالق و هم فرقة من الطبيعيين إلى آخر قوله.

بل الكفار منهم هم الفرق الثلاث الذين ذكرناهم و أشرنا إليهم -

ص: 324

و سيجيء التصريح به (1) من البحار في مسألة السحر: أن النزاع المشهور بين المسلمين في صحة التنجيم، و بطلانه: هو المعنى الذي ذكره أخيرا (2).

و كما عرفت في جامع المقاصد (3).

++++++++++

- في الهامش 2-3 ص 312، و الهامش 2 ص 313 فالقسم الأوّل لا شك في كفرهم و لا شك في خروجهم عن محل النزاع و حريمه.

بل النزاع بين الفقهاء في القسم الثاني من المنجمين الذين ذكرهم السيد عبد اللّه الجزائري بقوله:

و أما هؤلاء الذين يستخرجون بعض أوضاع السيارات، و ربما يتخرصون عليها بأحكام مبهمة متشابهة ينقلونها تقليدا لبعض ما وصل إليهم من كلمات الحكماء الأقدمين، مع صحة عقائدهم الاسلامية إلى آخر ما ذكره، فإن هذا القسم من المنجمين الذين تصح عقائدهم الاسلامية وقع محل النزاع، و معركة الآراء بين فقهاء المسلمين في أنهم كفار أم لا، لا القسم الأوّل.

و قد صرح (العلامة المجلسي) كما في البحار بان الكفار من المنجمين ليسوا منحصرين في القسم الأوّل، بل هم فرق ثلاث كما ذكرناهم في الهامش 2-3 ص 312، و الهامش 2 ص 313.

(1) أي بعدم انحصار كفار المنجمين في القسم الذي ذكره (السيد عبد اللّه الجزائري).

(2) أي ذكره (السيد عبد اللّه الجزائري) أخيرا بقوله: و أما هؤلاء الذين يستخرجون بعض أوضاع السيارات إلى آخر ما ذكره و ليس محل النزاع الفرق الثلاث الأوّل، فانهم خارجون عن حريم النزاع، لأنهم من أشد الكفرة.

(3) أي عرفت في قول جامع المقاصد: من أن الكفار غير منحصرين -

ص: 325

و المطاعن الواردة في الأخبار المتقدمة (1)، و غيرها كلها أو جلها على هؤلاء (2)، دون المنجم بالمعنى الذي ذكره أولا (3).

و ملخص الكلام أن ما ورد فيهم من المطاعن (4) لا صراحة فيها بكفرهم، بل ظاهر ما عرفت خلافه (5).

++++++++++

- في القسم الذي ذكره (السيد عبد اللّه الجزائري).

أليك نص عبارته كما نقلها عنه الشيخ في ص 307.

و أعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية و لو على جهة المدخلية حرام. (أي على جهة الاقتضاء و جزء العلة).

و كذا تعلم النجوم على هذا النحو، بل هذا الاعتقاد في نفسه كفر نعوذ باللّه.

فعبارة جامع المقاصد صريحة في عدم انحصار كفار المنجمين بالقسم الأوّل في كلام (السيد عبد اللّه الجزائري).

(1) و هي المشار إليها في ص 293 إلى 299.

(2) و هم المنجمون من القسم الثاني الذي ذكره السيد عبد اللّه الجزائري بقوله: و أما هؤلاء الذين يستخرجون بعض أوضاع السيارات إلى آخر قوله.

(3) أي ذكره (السيد عبد اللّه الجزائري) أولا بقوله: إن المنجم من يقول بقدم الأفلاك و النجوم، و لا يقولون بمفلك إلى آخره، فان هذا خارج عن محل النزاع و حريمه.

(4) أي ما ورد في الأخبار المشار إليها في ص 293 إلى 299:

من المطاعن في حق المنجمين هو القسم الثاني في قول (السيد عبد اللّه الجزائري) لا القسم الأوّل، حيث إن القسم الاول من أشد الكفرة.

(5) عند قول (شيخنا الأنصاري) في ص 321: (و بالجملة فلم يظهر -

ص: 326

و يؤيده ما رواه في البحار عن محمد و هارون ابني سهل (1) النوبختي أنهما كتبا إلى أبي عبد اللّه عليه السلام نحن ولد (2) نوبخت المنجم و قد كنا كتبنا أليك هل يحل النظر فيها (3)؟ فكتب نعم و المنجمون (4)

++++++++++

- من الروايات): تكفير المنجم بالمعنى الذي تقدم للتنجيم في صدر عنوان المسألة حيث إن مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام قال:

فانها تدعو إلى الكهانة، و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر، و الكافر في النار، و لم يقل عليه السلام: المنجم كافر.

و كذا قول (الامام الصادق) عليه السلام: إن المنجم ملعون عام لا يدل على كفره كفرا حقيقيا.

و قد أشرنا إلى الحديث في ص 293.

(1) و لا يخفى أن المذكور في كتب الرجال و الأحاديث (أبو سهل ابن نوبخت) و كل من ذكر الرجل ذكره مصدرا بالكنية. و كأنه سقطت هنا كلمة أبي عن سهل في الكتب الموجودة بايدينا.

(2) بضم الواو و سكون اللام جمع ولد بفتح الواو و اللام، و هو أعم من الذكر و الأنثى، لأن المراد منه: المولود.

و كلمة ولد هنا مرفوعة على الخبرية للمبتدإ المتقدم و هو نحن.

و (نوبخت) كلمة فارسية بحتة مركبة من كلمتين. و هما:

(نو) بمعنى الجديد.

(و بخت) بمعنى الحظ، أي الحظ الجديد. و يأتي شرح حياة (بني نوبخت) في (أعلام المكاسب).

(3) أي في النجوم المتصيد من كلمة المنجم في قول (محمد و هارون ابني نوبخت): نحن ولد نوبخت المنجم.

(4) هذه الجملة: و المنجمون يختلفون ليست من قول الامام عليه السلام

ص: 327

يختلفون في صفة الفلك فبعضهم يقولون: إن الفلك فيه النجوم و الشمس و القمر إلى ان قال (1): فكتب عليه السلام: نعم ما لم يخرج من التوحيد،

الثاني أنها تفعل الآثار، المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم

الثاني (2) أنها تفعل الآثار،

++++++++++

- بل هي من كلام ابني نوبخت، و الواو في و المنجمون حالية و الجملة في محل النصب على أن تكون حالية، أي و الحال أن المنجمين مختلفون في تفسير الأفلاك.

(1) أي (العلامة المجلسي) قال:

فكتب عليه السلام: نعم يجوز للانسان تعلم علم النجوم اذا لم يكن تعلمه موجبا لخروجه عن الدين.

راجع (بحار الأنوار). الطبعة الحديثة. الجزء 58. ص 250 الحديث 36.

و للحديث صلة أليك نصها:

معلق بالسماء و هو دون السماء، و هو الذي يدور بالنجوم و الشمس و القمر و السماء، فانها لا تتحرك و لا تدور، و يقولون: دوران الفلك تحت الأرض، و أن الشمس تدور مع الفلك تحت الأرض، و تغيب في المغرب تحت الأرض، و تطلع بالغداة من المشرق.

ثم إن المراد من الخروج عن التوحيد: هو القول بأن الأفلاك و النجوم علة تامة للآثار و الحوادث، أو لها مدخلية بنحو الاقتضاء، بناء على أنها جزء العلة.

(2) أي الوجه الثاني من الوجوه المتصورة في اعتقاد ربط الحركات الفلكية بالكائنات: أن النجوم.

ص: 328

المنسوبة إليها (1) و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله بعضهم على ما ذكره العلامة و غيره.

قال العلامة في محكي شرح فص الياقوت: اختلف قول المنجمين على قولين:

أحدهما: قول من يقول: انها حية مختارة.

الثاني: قول من يقول: انها موجبة (2). و القولان باطلان.

و قد تقدم عن المجلسي رحمه اللّه أن القول بكونها فاعلة بالارادة و الاختيار و إن توقف تأثيرها على شرائط أخر (3) كفر و هو (4) ظاهر

++++++++++

- خلاصة هذا الوجه: أن للنجوم اختيارا و إرادة عين إرادة اللّه و اختياره و أنها فاعلة باشاءته و كلما تصدر منها فهي صادرة عن أمره، فهي كالآلة الا أنها ذات شعور، و ان الآثار من الكسوف و الخسوف، و الرخاء و الغلاء، و الحر و البرد، و غير ذلك من فعلها.

لكن بإرادة من اللّه عز و جل و اشاءته فهو المعطي لهذه النجوم و الافلاك هذه القوة و الفعالية و هو المؤثر الأعظم.

و ليس المعنى أن النجوم و الأفلاك لها المدخلية بنحو العلة الناقصة في التأثير حتى تكون شريكة مع اللّه كما يمكن أن يستفاد هذا المعنى من قول شيخنا الشهيد: و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم، حيث إن كلمة الأعظم أفعل تفضيل.

(1) مرجع الضمير: النجوم كما أنها المرجع في قوله: أنها.

و الواو في و اللّه الأعظم حالية.

(2) أي مقتضية لوجود تلك الآثار.

(3) مضى شرح كلام (شيخنا العلامة المجلسي) في ص 308-309.

(4) أي الكفر المذكور بهذه الكيفية: و هو أن الكواكب فاعلة -

ص: 329

أكثر العبارات المتقدمة.

و لعل وجهه (1) أن نسبة الأفعال التي دلت على ضرورة الدين على استنادها الى اللّه تعالى كالخلق و الرزق، و الاحياء و الاماتة، و غيرها (2) الى غيره تعالى: مخالف لضرورة الدين.

لكن ظاهر (3) شيخنا الشهيد في القواعد العدم، فانه بعد ما ذكر الكلام الذي نقلناه منه سابقا.

++++++++++

- بالارادة و الاختيار من عندها: ظاهر أكثر العبارات المتقدمة عن (السيد المرتضى و العلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و شيخنا البهائي) أعلى اللّه مقامهم.

(1) أي و لعل وجه كفر من اعتقد بالاعتقاد الذي ذكره (شيخنا العلامة المجلسي).

(2) أي و استناد غير الافعال التي دلت ضرورة الدين على استنادها الى اللّه تعالى: الى غيره تعالى.

(3) استدراك عما أفاده الشيخ آنفا نقلا عن (العلامة المجلسي) من كفر من اعتقد أن الكواكب علة فاعلية بالارادة و الاختيار و ان توقف تأثيرها على شرائط أخرى.

و خلاصة الاستدراك: أن (الشهيد الأوّل) بعد أن قال: كل من اعتقد في الكواكب انها مدبرة لهذا العالم، و موجدة له فلا ريب أنه كافر: أفاد ثانيا أن الانسان لو اعتقد ان الكواكب تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الاعظم فهو مخطئ، اذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي، أو نقلي.

فظاهر هذا الكلام عدم القول بكفر هؤلاء الذين ينسبون الآثار الواقعة في الخارج إلى الكواكب.

مع قولهم: إن المؤثر الاعظم هو اللّه سبحانه و تعالى، و ان كانوا -

ص: 330

قال: و ان اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم فهو مخطئ، إذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي أو نقلي. انتهى.

و ظاهره (1) أن عدم القول بذلك، لعدم المقتضي له و هو الدليل، لا لوجود المانع منه: و هو انعقاد الضرورة على خلافه فهو ممكن غير معلوم الوقوع.

و لعل وجهه (2) أن الضروري عدم نسبة تلك الأفعال إلى فاعل

++++++++++

- مخطئين في مقالتهم هذه، حيث لا حياة لهذه الكواكب ثابتة، لعدم دليل عقلي، أو نقلي على ذلك.

(1) أي و ظاهر كلام (الشهيد الاول) في قوله: و ان اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه هو المؤثر الاعظم إلى آخر قوله: أن عدم القول بثبوت حياة للكواكب، و أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه سبحانه هو المؤثر الأعظم: لأجل عدم المقتضي الذي هو الدليل الخارجي على ذلك ليس إلا، لا لأجل وجود المانع على ذلك: و هو قيام الضرورة و انعقادها على خلاف ذلك: بأن يقال: قامت الضرورة و انعقدت على أن الكواكب ليس لها أي تأثير في الأوضاع السفلية، اذ القول بكون الكواكب تفعل الآثار المنسوبة إليها، و أنها ذات حياة و اختيار، و أن اللّه تعالى هو المؤثر الأعظم أمر ممكن ذاتا، لكن غير معلوم الوقوع.

(2) أي و لعل وجه إمكان هذا القول و هي نسبة وقوع الآثار الى الكواكب مع القول بأن اللّه تعالى هو المؤثر الأعظم: أن الثابت و من الضروري عدم نسبة تلك الآثار و الأفعال إلى فاعل مختار بالاختيار الاستقلالي المغاير لاختيار اللّه تعالى.

و بعبارة أخرى أن الضرورة قائمة على بطلان نسبة الافعال إلى فاعل -

ص: 331

مختار باختيار مستقل مغاير لاختيار اللّه كما هو (1) ظاهر قول المفوضة.

++++++++++

- مستقل بالاختيار يغاير اختيار اللّه عز و جل كما هو مذهب المفوضة من اليهود و من يقول بمقالتهم، حيث يقولون: إن اللّه فوض تدبير خلقه إلى مخلوقه و سلب القدرة عن نفسه و أعطاها لغيره. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

و أما نسبة الآثار الواقعة في الحوادث السفلية إلى فاعل مختار غير مستقل في اختياره لا يخالف اختيار اللّه عز و جل، و ان حكم هذا الفاعل المختار الذي هي الكواكب حكم الآلة الصامتة، لكن بالإضافة إلى زيادة الشعور و قيام الاختبار به، حيث ان الآلة ليست لها هذه الزيادة، بخلاف الكواكب فلها هذه الزيادة: فلم تقم الضرورة على خلافها، و لا على بطلانها فان من ينسب وقوع الآثار إلى الكواكب الحية المختارة لا يقول باستقلالها في اختيارها و ارادتها.

بل يقول: إن اختيارها عين اختيار اللّه عز و جل و مشيته و ارادته بحيث يصدق أن ما يقع في الخارج فعل الكواكب و فعل اللّه تعالى.

(1) أي نسبة الأفعال و الآثار إلى فاعل مختار مستقل بالارادة هو مذهب المفوضة.

و قد عرفت شرح هذه العبارة عند قولنا: كما هو مذهب المفوضة من اليهود و من يقول بمقالتهم.

ثم لا يخفى أن تشبيه الكواكب و النجوم بالآلة في قوله: حتى يكون كالآلة ليس من تمام الجهات حتى من ناحية عدم اختيار و إرادة للكواكب من نفسها.

بل التشبيه من بعض الجهات، و هو عدم الاستقلال و الاختيار للكواكب.

و أما الاختيار و الإرادة بإرادة اللّه و اختياره عز و جل فثابت للكواكب. -

ص: 332

أما استنادها (1) الى الفاعل بإرادة اللّه المختار (2) بعين مشيّته و اختياره حتى يكون كالآلة بزيادة الشعور (3) و قيام الاختيار به بحيث

++++++++++

- إذا فلا مانع من استناد تلك الآثار إلى الكواكب مع أن المؤثر الأعظم هو اللّه تعالى، كما تسند الأفعال الصادرة من الانسان إليه، مع أن مصدر الأفعال هو اللّه تعالى شأنه.

فيصح أن يقال: إن هذه الآثار في الحوادث السفلية من فعل الكواكب، لأنها قائمة بها، و من فعل اللّه تعالى، لأنه المصدر الحقيقي لها و الفاعل في ايجادها كما عرفت في ص 332 عند قولنا: و أما نسبة الآثار الواقعة في الحوادث السفلية إلى فاعل مختار غير مستقل.

(1) أي استناده هذه الآثار و نسبتها إلى الفاعل المختار.

و قد عرفت شرح هذه العبارة عند قولنا: و أما نسبة الآثار الواقعة في الحوادث السفلية في ص 332.

ثم لا يخفى عليك أن المعجزات الصادرة عن (الأنبياء و الأئمة الهداة المعصومين) صلوات اللّه عليهم أجمعين من هذا القبيل، فان ما يختارونه في بعض المقامات بالمناسبات و الاقتضاءات الوقتية و الزمنية: عين اختيار اللّه عز و جل و ارادته و مشيته، و لا يكون اختيارهم مغايرا لاختيار اللّه تعالى، أو بدون ارادته و اشاءته.

و كيف يمكن القول بذلك و هم صنائع اللّه و عباده لا يسبقونه بالقول و هم بامره يعملون، الا انهم عباد مكرمون.

(2) بالجر صفة لكلمة الفاعل في قوله: أما استنادها إلى الفاعل و ليست صفة لكلمة اللّه في قوله: بإرادة اللّه.

(3) هذان القيدان: بزيادة الشعور. و قيام الاختيار به راجعان -

ص: 333

يصدق أنه فعله و فعل اللّه: فلا (1)، إذ المخالف للضرورة انكار نسبة الفعل إلى اللّه تعالى على وجه الحقيقة، لا (2) اثباته لغيره أيضا بحيث يصدق أنه فعله.

نعم ما ذكره الشهيد رحمه اللّه من عدم الدليل (3) عليه حق، فالقول به (4) تخرص، و نسبة فعل اللّه إلى غيره بلا دليل و هو قبيح.

++++++++++

- الى الفاعل المختار المراد به الكواكب في قوله: أما استنادها إلى الفاعل بإرادة اللّه المختار.

(1) جواب لقوله: و أما استنادها إلى الفاعل المختار، أي استناد الآثار الواقعة في الحوادث السفلية إلى الكواكب بالمعنى الذي ذكرناه لها آنفا لا مانع لهذا الاستناد و النسبة، لعدم وجود مانع هنا كما عرفت في ص 332.

(2) أي و ليس اثبات الفعل لغير اللّه مع اثباته للباري، و أنه المؤثر الأعظم مخالفا لضروري الدين، فالمخالف للضرورة كما عرفت في الهامش 2 ص 331-332 هي نسبة الفعل إلى الغير فقط من دون نسبته إلى اللّه تعالى.

(3) أي ما ذكره (الشهيد الأوّل) من عدم وجود الدليل العقلي و النقلي على وجود اختيار و إرادة للكواكب و النجوم، مع أن المؤثر الحقيقى هو اللّه عز و جل كما عرفت في ص 331 عند قوله: و ان اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها.

(4) أي القول بان الكواكب هي التي توجد الحوادث السفلية بأمر اللّه تعالى، لكن اللّه هو المؤثر الأعظم: تخرص بالغيب، أو لازمه نسبة هذا الأثر الذي هو فعل اللّه عز و جل إلى الغير: و هي النجوم و الكواكب مع أنه ليس لهذا القول، و لهذه النسبة دليل عقلي أو نقلي.

و كلمة تخرص مصدر من باب التفعل من تخرص يتخرص تخرصا. -

ص: 334

و ما ذكره قدس سره كان مأخذه ما في الاحتجاج (1) عن هشام ابن الحكم قال: سأل الزنديق أبا عبد الله عليه السلام فقال: ما تقول فيمن يزعم ان هذا التدبير الّذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة (2)

قال عليه السلام: يحتاجون (3) الي دليل أن هذا العالم الأكبر

++++++++++

- معناه: الافتراء الرجم بالغيب و خلاف الواقع

راجع مصادر اللغة مادة (خرص)

(1) راجع الاحتجاج طباعة (النجف الأشرف) مطبعة النعمان عام الطباعة 1384. الجزء 2. من ص 72 إلى ص 100.

و الحديث طويل مشتمل على فوائد جمة يسأل الزنديق المصرى عن (الامام الصادق) عليه السلام عن أشياء كثيرة و الامام عليه السلام يجيب عنها:

و من جملة الاسئلة: ما ذكره (شيخنا الأعظم) في هذين السطرين مع اختلاف يسير في بعض الكلمات مع المصدر تركنا ذكره و أوكلنا أمره الى القارئ النبيل.

(2) و هي الشمس و القمر، و زحل و المريخ و المشترى و عطارد و الزهرة بناء على رأى القدماء.

(3) الفاعل في يحتاجون كلمة (من الموصولة) في قول السائل:

ما تقول فيمن يزعم، و هي موضوعة للعموم، أى هؤلاء الذين يزعمون أن تدبير العالم تدبير النجوم: يحتاجون إلى دليل لأنهم في مقام الإثبات

و جملة أن مع اسمها و خبرها في محل الجر، بناء على أنها مضاف إليه لكلمة دليل.

و المراد من العالم الاكبر: العالم العلوي بما فيه من ألوف العوالم كما قال (الامام الباقر) عليه السلام: -

ص: 335

و العالم الأصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك (1)، و تدور حيث دارت متبعة (2) لا تفتر، و سائرة لا تقف.

++++++++++

- «لعلك ترى أن اللّه عز و جل إنما خلق هذا العالم الواحد، و ترى أن اللّه عز و جل لم يخلق بشرا غيركم، بل و اللّه لقد خلق تبارك و تعالى ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم، و أولئك الآدميين».

راجع خصال (الشيخ الصدوق). ص 615. الحديث 54. طباعة (النجف الأشرف). منشورات المطبعة الحيدرية. عام 1391.

و المراد من ألف ألف عالم مليون عالم.

كما ان المراد من ألف ألف آدم مليون آدم.

أيها القارئ الكريم، و المثقف النبيل المفتخر باكتشاف الغربيين حيث تقول: إن الغربيين قد اكتشفوا بحفرياتهم و أجهزتهم العلمية الأخيرة:

أن هناك جماجم من البشر، و عظاما من الحيوانات تدل على أنها ترجع الى ملايين من السنين، و أن هناك عوالم غير هذا العالم المرئي.

هذا إمامنا الخامس عليه السلام من (أئمة أهل البيت) عليهم السلام قد أخبر عن تلك العوالم، و عن أولئك الآدميين قبل ثلاثة عشر قرنا و قبل أن يشرف علماء الغرب ساحة الوجود!!.

و كم (لأئمة أهل البيت) عليهم السلام من هذه التنبؤات في أحاديثهم الشريفة المروية عنهم في كتب الأحاديث فراجع كي تستفيد من هذه الكنوز و التراث الخالد.

(1) بضم الفاء و سكون اللام جمع ملك بفتح الفاء و اللام: و هي المدارات حول الشمس.

(2) في المصدر متعبة بتقديم التاء على العين فهي بصيغة المفعول -

ص: 336

ثم قال: و ان كل نجم منها موكّل (1) مدبر فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال (2) الى آخر الخبر.

++++++++++

- من أتعب يتعب إتعابا من باب الافعال، أي الكواكب تكون في تعب دائم، و مع ذلك لا تفتر عن دورانها و سيرها.

و اطلاق التعب على الكواكب مجاز، لانها لا تحس بالالم حتى تتعب و التعب فرع الاحساس إلا على القول بأنها حية.

و في بعض (نسخ المكاسب) متبعة بتقديم الباء على العين و هي بصيغة المفعول أيضا من اتبع يتبع اتباعا، بمعنى الاتباع، أي يتبع الباري عز و جل بعضها ببعض.

و في أغلب نسخ المكاسب (سبعة).

و كلمة تفتر فعل مضارع من فتر يفتر فتورا وزان قعد يقعد قعودا و جلس يجلس جلوسا.

أي لا تضعف، و لا تكل هذه الكواكب من الحركة، و السير و الدوران. فسبحان الخالق لها.

(1) بصيغة المفعول.

و المدبر بصيغة الفاعل، و المعنى: أن هذه الأفلاك و الأنجم التي أودع اللّه العزيز فيها القوى القاهرة الجبارة موكّلة من قبله جل و علا لتدبر شئون هذه العوالم العلوية و السفلية، أي لكل نجم من النجوم قوى قاهرة و كلّها اللّه عز و جل فيها.

و يمكن أن يكون المراد من الموكل و المدبر: الملائكة المستحفظين لهذه العوالم.

(2) أي لا تدور و لا تسير من برج إلى برج. -

ص: 337

و الظاهر أن قوله: بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين يعني في حركاتهم لا أنهم مأمورون بتدبير العالم بحركاتهم (1) فهي مدبرة (2) باختياره المنبعث عن أمر اللّه تعالى.

نعم (3) ذكر المحدث الكاشاني في الوافي،

++++++++++

يقصد الامام عليه السلام بذلك أن الحادث لا يمكن أن يكون مدبرا للكون، لأنه مخلوق و المدبر لا بدّ و أن يكون أزليا، و تغير الكواكب من حال إلى حال، و من برج إلى برج يمنع أزليتها فهو دليل على حدوثها

(1) كما قالت المفوضة من اليهود: إن اللّه عز و جل فوض تدبير الكون إلى الكواكب، و سلب القدرة عن نفسه و أعطاها لها.

(2) بصيغة الفاعل. و الفاء هنا تفسير للمنفي و هو تدبير العالم، لا للنفي و هو قوله: لا انهم مأمورون: و المعنى: أنه ليست الكواكب التي هي بمنزلة العبيد مأمورين في تدبير العالم باختيارهم المنبعث ذلك التدبير عن أمر اللّه تعالى

و يحتمل أن تكون الفاء تفريعا على النفي و هو قوله: لا أنهم مأمورون و المعنى: أن هذه الكواكب مع أنها ليست مدبرة للعالم فهي التي تدبر باختيار اللّه تعالى.

و كلمة المنبعث في قوله: فهي مدبرة باختيارها المنبعث صفة للتدبير أي التدبير المنعوت بأمر اللّه.

(3) استدراك عما أفاده (الشيخ الأنصاري) من نفي الاختيار و التدبير للكواكب لا بنحو الاستقلال، و لا بنحو الآلية.

و خلاصته: أن الشيخ (الفيض الكاشاني) قائل بنوع من التدبير و الاختيار للكواكب لا بالاستقلال.

و ليس (الشيخ الأنصاري) هو القائل بذلك حتى يكون استدراكه عن نفي التدبير و الاختيار للكواكب.

ص: 338

في توجيه البداء (1) كلاما.

++++++++++

(1) لقد سجل (شيخنا الأنصاري) كلمة (البداء) و هو يبحث عن موضوع التنجيم عارضا مذهب (المحقق الكاشاني) في البداء: و هو ثبوت الحياة و العلم و الإرادة في النجوم و الأفلاك و الكرات.

راجع الجزء الأوّل من المجلد الأوّل من الكافي. ص 112.

و قد اكتفى (شيخنا الأنصاري) بتسجيل لفظ البداء دون أن يفسرها نظرا لخروجها عن موضوع بحثه: و هي مسألة التنجيم.

و لما كان موضوع البداء موردا للنقض و النقد على (الطائفة الامامية) القائلين به، لذلك كان يلزمنا الإلمام به، درء للحملات. العنيفة القاسية التي شنتها و لا تزال الأقلام على (الشيعة الامامية) في موضوع البداء.

و قد كتبنا حول البداء من شتى جوانبه و أسهبنا الكلام فيه.

لكن ذكره في هذه التعليقة موجب للخروج عن الموضوع، فلذلك أفردناه في رسالة مستقلة عرضناها للطبع و ستقف عليها إن شاء اللّه.

فنذكر هنا موجز القول فيه:

فنقول: بداء بالمد مصدر لفعل ثلاثي مجرد: و هو بدا مضارعه يبدو.

و معناه: الظهور و الابانة يقال: بدا لزيد الأمر الفلاني أي ظهر له و بان بعد أن كان مستورا و مجهولا.

و منه قوله تعالى: «وَ بَدٰا لَهُمْ سَيِّئٰاتُ مٰا كَسَبُوا» أي ظهر لهم جزاء كسبهم.

و قوله تعالى: «وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اَللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ» أي ظهر لهم من أفعال اللّه تعالى ما لم يكن في حسبانهم.

و منه قول الشاعر:

بدا لي منها معصم حين جمّرت *** و كف خضيب زينت ببنان

-

ص: 339

..........

++++++++++

- فالبداء في الانسان أن يبدو له رأي في الشيء بعد أن لم يكن له ذلك الرأي سابقا، و ذلك بان يتبدل عزمه في العمل الذي يريد القيام به و يقدم عليه، حيث يحدث له رأي جديد بغير رأيه السابق و علمه به فيبدو له تركه بعد أن كان بانيا على فعله و ايجاده.

أو يبدو له فعله بعد أن يريد تركه، و ذلك لجهله بالمصالح و المفاسد التي وصل إليهما بعدا.

و البداء بهذا المعنى يستحيل في ذاته المقدسة، و لا طريق إلى وجوده المقدس تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

و (الشيعة الامامية) تتبرأ من القول بالبداء بهذا المعنى كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.

و هكذا ائمتهم (أئمة أهل البيت) عليهم السلام يتبرءون منه، لتعلق علم اللّه جل اسمه بالأشياء كلها منذ الأزل، و أن الأشياء برمتها يكون لها تعين علمي في علم اللّه الأزلي، لأن اللّه تبارك و تعالى عالم بذاته المقدسة التي هي علة العلل، و مادة المواد، و العلم بالعلة مستلزم للعلم بالمعلول و هي الموجودات بأسرها.

و على هذا البناء تصح مقالة الفيلسوف الخالد (المحقق الطوسي) قدس سره حيث قال: إن صفحة الأعيان بالنسبة إلى اللّه تعالى كصفحة الأذهان بالنسبة إلى النفس الناطقة.

فكما أن النفس الناطقة عالمة بجميع الصور الذهنية، لأنها مخلوقات لها.

كذلك صفحة الأعيان بالنسبة إلى اللّه تعالى فهي مخلوقة له، و لهذا يكون علمه تعالى بالموجودات حضوريا، لا حصوليا.

و العلم الحضوري عبارة عن انكشاف الشيء لدى العالم بحقيقته و ذاته -

ص: 340

..........

++++++++++

- لا بصورته و نفسه، فاللّه تبارك و تعالى عالم بجميع الأشياء.

و هذا هو المعنى و المقصود بقوله تعالى: «لاٰ يَعْزُبُ عَنْهُ علمه مِثْقٰالُ ذَرَّةٍ» .

فالبداء بالمعنى المذكور تتبرأ منه (الشيعة الامامية).

و كذا أئمتهم (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

قال (إمامنا الصادق) عليه السلام: من زعم ان اللّه تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر باللّه العظيم(1).

و قال عليه السلام: من زعم أن اللّه عز و جل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرءوا منه(2).

و قال عليه السلام: ما بدا للّه في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له(3).

فالبداء الواقع هو البداء المتعلق بالتكوينيات كالنسخ المتعلق بالتشريعيات.

فكما أن النسخ جائز، كذلك البداء، فهذا في أفق التكوين، و ذاك في افق التشريع، فالبداء يقع في القضاء غير المحتوم المعبر عنه ب: (لوح المحو و الاثبات).

و أما المحتوم فلا يقع فيه.

و البداء يقع في صفات الفعل، لا في صفات الذات، لأن البداء قابل للتجدد و التغير، و لو كان من صفات الذات و هو متغير: لزم -

ص: 341


1- عقائد الشيعة للمرحوم الشيخ محمد رضا المظفر ص 22.
2- (بحار الأنوار). الطبعة الحديدة. الجزء 4. ص 106.
3- (أصول الكافي). الجزء 1. ص 148. الحديث 9. منشور (مكتبة الصدوق). عام الطباعة 1381.

ربما يظهر منه مخالفة المشهور (1) حيث قال (2):

++++++++++

- أن تكون الذات قابلة للتجدد و التغير و هو ممتنع في حقه تعالى.

كما أن البداء لا يتعلق بالفعل بعد تحققه و وقوعه في الخارج، لأنه مع وقوعه كيف يمكن أن يتصور فيه التغير و التجدد.

بل البداء يتعلق بالفعل قبل تحققه و وقوعه في الخارج.

و الفرق بين صفات الذات، و صفات الفعل: أن الأولى التي هو العلم و القدرة و الحياة و السمع و البصر: لا يصح سلبها عن اللّه تعالى مطلقا فلا يقال: إن اللّه عالم و ليس بعالم، و ان اللّه قادر و ليس بقادر، و ان اللّه حي و ليس بحي، و ان اللّه سميع و ليس بسميع، و ان اللّه بصير و ليس ببصير.

بخلاف الثانية، فانها يصح سلبها من الباري عز و جل فيقال: إن اللّه يرزق زيدا، و لا يرزق عمرا، إن اللّه اراد لهذا العلم، و لم يرد لذلك العلم، و غير ذلك من صفات الأفعال.

ثم البداء بالمعنى الذي قلناه: و هو تعلقه بالقضاء غير المحتوم: هو النسخ التكويني كما يقال للنسخ: البداء التشريعي، و لا فرق بينهما سوى تعلق الأوّل في التكوينيات، و الثاني بالتشريعيات.

كما قال الحكيم الإلهي و الفيلسوف الخالد (المحقق الداماد) قدس سره البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع.

هذا موجز القول في البداء، راجع ما كتبناه عنه في رسالتنا المستقلة (البداء) و لا تغفل، فانه يفيدك جدا، لأنها مشتملة على فوائد جمة.

(1) فان المشهور قائل بعدم اختيار و إرادة للكواكب في تأثيرها في الحوادث السفلية، و لا علم لها بما حدث و يحدث في العوالم.

(2) أي المحقق الفيض الكاشاني.

من هنا بداية نقل الشيخ كلام (المحقق الكاشاني) الدال على مخالفته للمشهور.

ص: 342

فاعلم ان القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة، لعدم تناهي تلك الأمور، بل انما تنقش فيها الحوادث شيئا فشيئا و جملة فجملة مع اسبابها و عللها على نهج مستمر و نظام مستقر فان ما يحدث في عالم الكون و الفساد انما هو من لوازم حركات الأفلاك المسخرة للّه، و نتائج بركاتها فهي تعلم أنه كلما كان كذا كان كذا. انتهى موضع الحاجة (1).

و ظاهره (2) أنها فاعلة بالاختيار لملزومات الحوادث.

و بالجملة فكفر المعتقد بالربط على هذا الوجه الثاني (3) لم يظهر من الأخبار (4)، و مخالفتها (5) لضرورة الدين لم يثبت أيضا، إذ ليس المراد (6) العلية التامة. فكيف و قد حاول (المحدث الكاشاني) بهذه

++++++++++

(1) راجع (الوافي). الجزء الأوّل من المجلد الأوّل: ص 112 فكلامه المنقول عن المصدر صريح في أن الكواكب لها علم بما حدث و يحدث، و أنها فاعلة بالاختيار، و لها إرادة.

(2) أي و ظاهر كلام (المحقق الكاشاني) حيث يقول: فان ما يحدث في عالم الكون و الفساد انما هو من لوازم حركات الأفلاك، و نتائج بركاتها

(3) و هو أن الأفلاك مختارة في حركاتها، و أنها ذات إرادة.

لكن اختيارها و ارادتها عين إرادة اللّه عز و جل و اختياره، و أن اللّه هو المؤثر الأعظم.

(4) المشار إليها في ص 293 إلى ص 299.

(5) أي و مخالفة هذا النوع من الاعتقاد بالنجوم.

(6) أي ليس مراد القائل بأن للكواكب اختيارا و إرادة، و أن ما يحدث في عالم الكون و الفساد انما هو من لوازم حركات الأفلاك: أن الكواكب علة تامة للحوادث بحيث كلما وجدت العلة وجد المعلول.

ص: 343

المقدمات اثبات البداء (1).

الثالث استناد الأفعال إليها كاسناد الاحراق إلى النار

الثالث (2) استناد الأفعال إليها كاسناد الاحراق إلى النار.

و ظاهر كلمات كثير ممن تقدم (3) كون هذا الاعتقاد كفرا، إلا أنه قال شيخنا المتقدم (4) في قواعده بعد الوجهين الأولين:

و أما (5) ما يقال: من استناد الأفعال إليها كاستناد الاحراق إلى النار

++++++++++

(1) أي بمعناه الثلاثي المجرد الذي يقول به (الشيعة الامامية)

(2) أي الوجه الثالث من وجوه ربط الحركات الفلكية بالكائنات:

استناد الأفعال و الآثار إلى الكواكب العلوية.

(3) (كالسيد المرتضى، و العلامة، و الشهيدين، و المحقق الثاني و شيخنا البهائي، و ابن أبى الحديد) في اطلاقاتهم المذكورة هنا.

راجع ما ذكره (شيخنا الأعظم) عنهم في عنوان هذه المسألة و أثنائها من ص 304 إلى ص 311.

(4) و هو (الشهيد الأوّل) حيث قال بعد ذكره الوجهين و هما:

اعتقاد أن الكواكب مدبرة لهذا العالم، و موجدة له.

و اعتقاد أن الكواكب تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّه هو المؤثر الأعظم

(5) هذه الجملة: و أما ما يقال من استناد الأفعال مقول قول الشهيد الأوّل بعد ذكره الوجهين.

و الغرض من هذا القيل: أن اسناد ما يقع من الحوادث السفلية الى الحركات العلوية: اسناد مجازي، و أن ربطها بها يكون ربطا عاديا لا ربطا عقليا حقيقيا الذي هو ربط المعلول بالعلة بحيث كلما وجدت العلة وجد المعلول.

فهو من قبيل استناد الإحراق إلى النار، و نمو الأشجار إلى الماء و الهواء، و الشفاء و الصحة و المرض و العافية إلى خواص الأدوية و العقاقير: -

ص: 344

و غيرها من العاديات بمعنى ان اللّه تعالى أجرى عادته انها اذا كانت على شكل

++++++++++

- في كونه ربطا عاديا فقط، و ليست الآثار و الخواص المذكورة من لوازمها الطبيعية، و من نوع العلة و المعلول.

فما يقع في العالم السفلي: من رخاء أو غلاء، أو حرب أو موت أو سلم، أو غير ذلك من الحوادث ثم تنسب إلى الكواكب العلوية عند ما تكون الكواكب على هيئة خاصة: تكون النسبة و الربط مجازا و ربطا عاديا لأن اللّه تعالى هو الموجد لهذه الآثار في النجوم و الكواكب، و هو المعطي تلك الخواص للأدوية و العقاقير، و النار و الماء و الهواء، أي أجرى اللّه تعالى عادته في الكواكب بأن تكون لها تلك الآثار عند ما تكون على هيئة خاصة، و شكل مخصوص، و وضع خاص فتنسب إليها.

كما أجرى عادته في النار و الماء و الهواء، و الأدوية و العقاقير بأن تكون لها تلك الخواص و الآثار فتنسب إليها و تسمى تلك الآثار و الخواص:

ب: (المسببات)، و الكواكب و الماء و الهواء و الأدوية و العقاقير ب: الأسباب.

فالحاصل أن الاسناد المذكور يكون اسنادا مجازيا كإسناد المؤمن الإنبات إلى الربيع في قوله: (أنبت الربيع البقل)، و الربط يكون ربطا عاديا ليس بلازم لها ملازمة طبيعية عقلية حقيقية كالعلة و المعلول.

ثم لا يخفى أن ما أفاده القيل: من أن اسناد الأفعال و الآثار الى الكواكب و النجوم كاسناد الاحراق إلى النار، و غيرها: من الأمور العاديات، و قرر الشهيد ما أفاده القيل: لازمه نفي الاقتضاء من النار و الماء، و الأدوية و العقاقير من العاديات.

و من المعروف أن اللّه عز و جل أودع في المذكورات قوة و خاصية توجد مفعولاتها، و لا مانع من الالتزام بما هو المعروف.

ص: 345

مخصوص، أو وضع مخصوص يفعل (1) ما ينسب إليها، و يكون ربط المسببات (2) بها كربط مسببات (3) الأدوية و الأغذية بها مجازا: باعتبار الربط العادي، لا الربط العقلي الحقيقي (4) فهذا لا يكفر معتقده (5)

لكنه مخطئ و ان كان أقل خطأ من الأوّل، لأن (6) وقوع هذه

++++++++++

(1) بصيغة المعلوم الفاعل فيها: اللّه عز و جل.

(2) المراد بها الحوادث الواقعة في العالم السفلي.

و مرجع الضمير في بها: الكواكب.

(3) المراد من المسببات الصحة و الشفاء.

و مرجع الضمير في بها: الادوية.

و المعنى كما عرفت آنفا: أن ربط الآثار و الحوادث السفلية بالكواكب كربط الشفاء و الصحة بالادوية و العقاقير: من أن الربط ربط عادي، و ليس ربطا عقليا حقيقيا، و يعبر عن الشفاء و الصحة في الادوية و العقاقير بالمسببات و عن الادوية و العقاقير بالاسباب.

و كذلك عن الآثار و الحوادث السفلية بالمسببات، و عن الكواكب بالاسباب.

(4) و هي العلية و المعلول كما عرفت.

(5) أي معتقد الربط العادي و ان كان مخطأ، لكن خطؤه أقل من الاول و هو القول بأن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم على نحو العلية و المعلول.

(6) تعليل لكون المعتقد بالربط العادي مخطأ.

و خلاصة التعليل: أن وقوع الآثار و الحوادث السفلية من الكواكب ليس ملازما لها دائما، و لا أكثري الملازمة، اذ كثيرا ما يخطئ المنجم فعدم الملازمة بين وقوع الآثار و الحوادث و بين الكواكب عند وضعها -

ص: 346

الآثار عندها ليس بدائم، و لا اكثري. انتهى (1).

و غرضه (2) من التعليل المذكور: الاشارة إلى عدم ثبوت الربط العادي، لعدم ثبوته بالحس كالحرارة (3) الحاصلة بسبب النار و الشمس و برودة القمر (4)، و لا بالعادة (5) الدائمة، و لا الغالبة (6)،

++++++++++

- الخاص: من التقارب و التباعد و الصعود و النزول عند ما يخبر المنجم بوقوع الحوادث عن هذه الاتصالات الخاصة: دليل على أن الربط ربط عادي لا ربط عقلي حقيقي.

و لو كان ربطا عقليا حقيقيا لما وقع الخطأ، لاستحالة تخلف المعلول عن العلة.

(1) أي ما أفاده (الشهيد الأوّل) في هذا المقام.

(2) أي و غرض (الشهيد الأوّل) من التعليل المذكور في قوله:

لأن وقوع هذه الأشياء ليس بلازم، و لا بأكثري.

(3) مثال لما ثبت ربطه بالحس، فان الحرارة الحاصلة من النار أو الشمس محسوسة.

(4) مثال آخر لما ثبت ربطه بالحس، فان البرودة الحاصلة للقمر محسوسة في الليالي المقمرة.

و حاصل ما أفاده الشهيد: أن ربط الحوادث السفلية بالكواكب العلوية ليس ربطا عاديا محسوسا، لأنه لو كان الربط ربطا عاديا محسوسا لكان دائميا، أو أكثريا، لكنه ليس كذلك.

(5) أي و ليس ربط الحوادث السفلية بالكواكب ربطا دائميا المعبر عنه باللازم كما عرفت آنفا.

(6) أي و ليس ربط الحوادث السفلية بالكواكب العلوية ربطا أغلبيا المعبر عنه بالأكثرية كما عرفت آنفا.

ص: 347

لعدم (1) العلم بتكرر الدفعات كثيرا حتى يحصل العلم أو الظن، ثم على تقديره (2) فليس فيه دلالة على تأثير تلك الحركات في الحوادث فلعل الأمر بالعكس، أو كلتاهما (3) مستندتان إلى مؤثر ثالث فيكونان من المتلازمين في الوجود.

و بالجملة فمقتضى ما ورد من أنه أبى اللّه أن يجري الأشياء إلا

++++++++++

(1) تعليل لعدم كون ربط الحوادث السفلية بالكواكب ربطا دائميا و لا ربطا أكثريا، و لا ربطا حسيا.

و خلاصته: أنا لا نعلم بتكرر وقوع الحوادث و كثرتها، و كذا لا نظن بتكرر وقوعها و كثرتها.

ثم على فرض العلم، أو الظن بتكرر وقوع الحوادث و كثرتها فليس في هذه التكررات و الكثرة دليل على تأثير تلك الحركات الخاصة في النجوم و الكواكب: على الحوادث السفلية، بل يمكن أن يكون الأمر بالعكس بأن تكون الحوادث السفلية قد أثرت في الكواكب العلوية.

(2) أي على تقدير العلم، أو الظن بتكرر الدفعات و كثرتها كما عرفت آنفا.

(3) و هما: حركات الكواكب العلوية، و الحوادث السفلية.

بمعنى انهما معلولتان لعلة ثالثة، لا حركات الكواكب العلوية علة للحوادث السفلية، و لا الحوادث السفلية علة للحركات الكوكبية.

بل العلة في الحوادث شيء ثالث فليكن ذلك هو اللّه عز و جل، فعدم انفكاك الحركات الكوكبية عن الحوادث السفلية في الخارج ليس لأجل علية الحركات للحوادث، بل من باب أنهما متلازمان في الوجود لذلك المؤثر الأعظم. بمعنى أنهما يوجدان في آن واحد.

ص: 348

بأسبابها (1): كون كل حادث مسببا (2).

و أما أن السبب هي الحركة الفلكية أو غيرها فلم يثبت، و لم يثبت أيضا كونه (3) مخالفا لضرورة الدين.

بل في بعض الأخبار ما يدل بظاهره على ثبوت التأثير للكواكب مثل ما في الاحتجاج عن أبان بن تغلب في حديث اليماني الذي دخل على أبي عبد اللّه عليه السلام و سماه باسمه الذي لم يعلمه أحد و هو سعد.

فقال له: يا سعد و ما صناعتك؟

قال: إنا من أهل بيت ننظر في النجوم إلى أن قال عليه السلام: ما اسم النجم الذي اذا طلع هاجت الابل فقال: ما أدري.

قال: صدقت.

قال: ما اسم النجم الذي اذا طلع هاجت البقر، قال: ما أدري قال: صدقت.

فقال: ما اسم النجم الذي اذا طلع هاجت الكلاب؟

قال: ما أدري.

++++++++++

(1) راجع (أصول الكافي). الجزء 1. ص 183. الحديث 7 الباب معرفة الامام و الرد إليه. أليك نص الحديث:

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام أنه قال: أبى اللّه أن يجري الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شيء سببا، و جعل لكل سبب شرحا، و جعل لكل شرح علما، و جعل لكل علم بابا ناطقا: عرفه من عرفه، و جهله من جهله ذاك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و نحن.

(2) أي له سبب خاص.

(3) أي و لم يثبت أيضا أن القول بكون منشأ الحوادث السفلية هي الحركات الكوكبية.

ص: 349

قال: صدقت.

فقال: ما زحل عندكم؟

فقال سعد: نجم نحس.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تقل هذا، فانه نجم امير المؤمنين و هو نجم الأوصياء و هو النجم الثاقب الذي قال اللّه تعالى: النجم الثاقب (1).

و في رواية المدائني المروية عن الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إن اللّه خلق نجما في الفلك السابع فخلقه من ماء بارد، و خلق ساير النجوم الجاريات من ماء حار و هو نجم الأوصياء و الأنبياء و هو نجم أمير المؤمنين يأمر بالخروج من الدنيا و الزهد فيها، و يأمر بافتراش التراب و توسد اللبن، و لباس الخشن، و أكل الجشب، و ما خلق اللّه نجما أقرب الى اللّه تعالى منه، الى آخر الخبر (2).

و الظاهر (3) ان امر النجم بما ذكر من المحاسن كناية عن اقتضائه لها.

الرابع أن يكون ربط الحركات بالحوادث من قبيل ربط الكاشف و المكشوف

الرابع (4) أن يكون ربط الحركات بالحوادث من قبيل ربط الكاشف

++++++++++

(1) راجع (الاحتجاج) طباعة مطبعة النعمان (النجف الأشرف) عام 1386. الجزء 2. ص 100.

(2) (بحار الأنوار). الجزء 58. ص 248. الحديث 29.

و روضة الكافي. الجزء 8. ص 257. الحديث 369.

(3) أي الظاهر من قوله عليه السلام: نجم يأمر بالخروج من الدنيا و الزهد فيها، و يأمر بافتراش التراب إلى آخر الحديث: كناية عن أن النجم له هذه الاقتضاءات.

(4) أي الوجه الرابع من أقسام وجوه ربط الحوادث السفلية بالكواكب العلوية.

ص: 350

و المكشوف (1).

و الظاهر أن هذا الاعتقاد لم يقل أحد بكونه كفرا.

قال شيخنا البهائي رحمه اللّه بعد كلامه المتقدم (2): الظاهر في تكفير من قال بتأثير الكواكب، أو مدخليتها: ما هذا لفظه:

و ان قالوا: إن اتصالات تلك الأجرام و ما يعرض لها من الأوضاع علامات (3) على بعض حوادث هذا العالم (4) مما يوجده اللّه سبحانه بقدرته و ارادته كما أن حركات النبض و اختلافات اوضاعه علامات يستدل بها الطبيب على ما يعرض للبدن: من قرب الصحة و اشتداد المرض و نحوه.

و كما يستدل باختلاج بعض الأعضاء على بعض الأحوال المستقبلة فهذا لا مانع منه، و لا حرج في اعتقاده.

و ما روي في صحة علم النجوم و جواز تعلمه (5) محمول على هذا المعنى (6). انتهى.

++++++++++

(1) بمعنى أن الحركات العلوية تكشف عن الحوادث السفلية، أي أنها تقع بأسباب أخرى.

لكن الحركات العلوية تدلنا عليها.

(2) في قوله: ما زعمه المنجمون: من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إلى آخره.

(3) أي دلالات و اشارات.

(4) و هو العالم السفلي.

(5) (بحار الأنوار). ص 250. الحديث 35-36.

و ص 275 الحديث 66-67-69.

(6) و هو ان تلك الحركات علامات على الحوادث السفلية كدقات النبض على الصحة و المرض.

ص: 351

و ممن يظهر منه خروج هذا (1) عن مورد طعن العلماء على المنجمين ما تقدم من قول العلامة رحمه اللّه: إن المنجمين بين قائل بحياة الكواكب و كونها فاعلة مختارة.

و بين من قال: إنها موجبة (2).

و يظهر ذلك (3) من السيد رحمه اللّه، حيث قال بعد اطالة الكلام في التشنيع عليهم ما هذا لفظه المحكي: و ما فيهم أحد يذهب إلى أن اللّه تعالى أجرى العادة: بان يفعل عند قرب بعضها من بعض، أو بعده:

أفعالا من غير أن يكون للكواكب انفسها تأثير في ذلك.

قال: و من ادعى منهم هذا المذهب (4) الآن فهو قائل بخلاف

++++++++++

(1) أي خروج القول بأن الكواكب علامات و اشارات على الحوادث الأرضية، و ليست هي الفاعلة و المختارة.

بل هي كحركات النبض يستدل بها الطبيب على ما يعرض على البدن:

من قرب الصحة، أو اشتداد المرض.

(2) أي أسباب فقط من دون أن تكون فعالة مختارة.

و الشاهد في كلام العلامة، حيث إنه لم يذكر القسم الرابع: و هو أن الكواكب علامات و اشارات من أقسام المنجمين، و لو كانوا منهم لذكرهم و ذكر أقوال الفقهاء فيهم.

(3) أي خروج القسم الرابع من أقسام ربط الحوادث السفلية بالكواكب العلوية عن مورد طعن العلماء.

وجه الظهور: أن قوله: ما فيهم أحد يذهب إلى آخره دليل على الخروج.

(4) و هو عدم تأثير للكواكب نفسها في الحوادث السفلية.

ص: 352

ما ذهب إليه القدماء و منتحل (1) بهذا المذهب عند اهل الاسلام انتهى (2)

لكن ظاهر المحكي عن ابن طاوس، انكار السيد رحمه اللّه لذلك (3) حيث ذكر (4) أن للنجوم علامات و دلالات على الحادثات، لكن يجوز للقادر الحكيم تعالى أن يغيرها بالبر و الصدقة و الدعاء، و غير ذلك من الأسباب (5)، و جوّز تعلم علم النجوم، و النظر فيه، و العمل به

++++++++++

(1) من انتحل ينتحل انتحالا. من باب الانفعال.

و معناه هنا: الانتساب. يقال: انتحل زيد الإسلام. أي انتسب إليه، أي و من ادعى من المنجمين خلاف ما يدعيه القدماء منهم: من تأثير الكواكب في الحوادث السفلية بنحو العلة التامة، أو المدخلية: يريد نسبة نفسه إلى الاسلام و المسلمين في مقالتهم: من عدم تأثير للكواكب في الحوادث السفلية، و يقصد المماشاة و المجاملة مع المسلمين، و إلا فليس من المنجمين من يذهب إلى هذا المذهب.

و في بعض نسخ (المكاسب): و متجمل فهو من تجمل يتجمل تجملا من باب التفعل.

و معناه: أن هذا المنجم الذي يقول في الكواكب خلاف ما ذهب إليها القدماء منهم: يقصد تحسين نفسه و تجميلها و تزيينها عند المسلمين كي ينال بذلك تقربه إليهم.

(2) أي ما أفاده (السيد المرتضى علم الهدى) في هذا المقام.

(3) و هو ان اللّه تعالى أجرى العادة بأن يفعل عند قرب بعض الكواكب، أو بعدها أفعالا من غير تأثير للكواكب نفسها، فان (السيد المرتضى) أنكر هذا المقدار من التأثير أيضا.

(4) أي (السيد ابن طاوس).

(5) كصلة الرحم، و زيارة مرقد (الرسول الأعظم و الأئمة -

ص: 353

اذا لم يعتقد أنها مؤثرة، و حمل (1) أخبار النهي على ما اذا اعتقد انها كذلك.

ثم أنكر (2) على علم الهدى تحريم ذلك، ثم ذكر (3) لتأييد ذلك أسماء جماعة من الشيعة كانوا عارفين به. انتهى (4).

و ما ذكره (5) رحمه اللّه حق، إلا أن مجرد كون النجوم دلالات

++++++++++

- من أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين، و اطعام الفقراء و اكسائهم، و بناية الدور لهم، و المساجد و الرباط، و المستشفيات، و المرافق الصحية، و تزويج العزاب منهم، و غير ذلك من الوجوه البرية.

(1) أي (السيد ابن طاوس) حمل الأخبار الناهية عن تعلم علم النجوم و النظر إليه المشار إليها في ص 393 إلى ص 399: على ما اذا اعتقد المنجم استناد الأفعال إلى الكواكب بنحو العلة و المعلول بحيث يمتنع تخلف المعلول عن العلة متى وجدت العلة.

(2) أي (السيد ابن طاوس) على (السيد المرتضى) تحريم علم النجوم بالمعنى الذي ذكره هو: من أنها علامات و دلالات صرفة، و ليس لها تأثير في الحوادث السفلية.

(3) أي (السيد ابن طاوس) ذكر تأييدا لما ذهب إليه: من أن النجوم علامات و دلالات على الحوادث السفلية: أسماء جماعة من أعلام (الشيعة الامامية) القائلين بكون النجوم علامات و دلالات على الحوادث السفلية، دون أن يكون لها تأثير في الأوضاع السفلية.

(4) أي ما أفاده (السيد ابن طاوس) رحمه اللّه في هذا المقام.

(5) أي (السيد ابن طاوس).

من هنا يأخذ الشيخ في النقاش مع السيد (ابن طاوس) فيما أورده على (السيد المرتضى).

و خلاصة النقاش: ان الذهاب إلى كون النجوم علامات و دلالات -

ص: 354

و علامات لا يجدي مع عدم الإحاطة بتلك العلامات و معارضاتها، و الحكم (1) مع عدم الاحاطة لا يكون قطعيا، بل و لا ظنيا.

و السيد علم الهدى انما أنكر من المنجمين أمرين:

أحدهما: اعتقاد التأثير، و قد اعترف به (2) ابن طاوس.

و الثاني: غلبة الإصابة في أحكامهم كما تقدم منه ذلك في صدر المسألة (3)، و هذا (4) أمر معلوم بعد فرض عدم الاحاطة بالعلامات و معارضاتها.

و لقد أجاد شيخنا البهائي أيضا حيث أنكر الأمرين (5) و قال بعد

++++++++++

- على الحوادث السفلية: لا يفيد في المقام، مع عدم احاطة المنجمين بتلك العلامات و الدلالات، مع معارضة بعضها مع بعض، لأن حكمهم بوقوع الحادثة الفلانية في اليوم الفلاني من السنة الفلانية مع عدم الإحاطة لا يكون قطعيا، بل و لا ظنيا.

و (السيد المرتضى) أنكر على المنجمين الأمرين المذكورين و هما:

اعتقاد التأثير. و غلبة الإصابة في أحكامهم.

و (السيد ابن طاوس) موافق مع (السيد المرتضى) في عدم تأثير الكواكب في الحوادث السفلية.

(1) أي حكم المنجمين بوقوع الحوادث السفلية.

(2) أي (السيد ابن طاوس) قد اعترف بالأمر الأوّل: و هو انكار اعتقاد التأثير للكواكب في الحوادث السفلية.

(3) أي في صدر عنوان المسألة في ص 281 عند قوله: إن الكسوفات و اقتران الكواكب فراجع.

(4) أي انكار غلبة الإصابة في الأحكام بعد فرض عدم احاطة المنجمين بتلك العلامات و الدلالات: معلوم.

(5) و هما: اعتقاد التأثير للكواكب في الحوادث السفلية. و غلبة -

ص: 355

كلامه المتقدم في انكار التأثير، و الاعتراف بالامارة و العلامة.

اعلم أن الأمور التي يحكم بها المنجمون من الحوادث الاستقبالية أقسام لها أصول، بعضها مأخوذة من أصحاب الوحي سلام اللّه عليهم.

و بعضها يدعون لها التجربة.

و بعضها مبتن على امور متشعبة لا تفي القوة البشرية بضبطها، و الاحاطة بها كما يؤمئ إليه (1) قول الصادق عليه السلام: كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به، و لذلك (2) وجد الاختلاف في كلامهم، و تطرق الخطأ الى بعض أحكامهم، و من اتفق له الجري على الأصول الصحيحة صح كلامه، و صدقت احكامه لا محالة، كما نطق به الامام الصادق عليه السلام (3)

و لكن هذا (4) أمر عزيز المنال لا يظفر به الا القليل، و اللّه الهادي

++++++++++

- اصابة المنجمين في الحوادث السفلية.

(1) أي إلى أن الأمور التي يحكم بها المنجمون على أقسام:

بعضها مبتن على التجربة و الحس.

و بعضها مبتن على أمور متشعبة: قول (الامام الصادق) عليه السلام كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 102. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

(2) أي و لأجل أن علم النجوم مبتن على أمور متشعبة لا تفي القوة البشرية بضبطها، و الإحاطة بها: وجد الاختلاف الكثير في كلام المنجمين فيما يخبرون عنها.

(3) في قوله عليه السلام: كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به.

(4) و هو الجري على الأصول الصحيحة، و القواعد الرصينة.

ص: 356

الى سواء السبيل. انتهى (1).

و ما أفاده رحمه اللّه أولا (2) من الاعتراف بعدم بطلان كون الحركات الفلكية أمارات و علامات، و آخرا (3): من عدم النفع في علم النجوم إلا مع الإحاطة التامة: هو (4) الذي صرح به الامام الصادق عليه السلام في رواية هشام الآتية بقوله: إن أصل الحساب حق، و لكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق (5).

و يدل أيضا على كل من الأمرين (6) الأخبار المتكثرة.

فما يدل على الأوّل: و هو ثبوت الدلالة و العلامة في الجملة، مضافا الى ما تقدم من رواية سعد المنجم (7) المحمولة بعد الصرف عن ظاهرها الدال (8)

++++++++++

(1) أي ما أفاده (شيخنا البهائي) رحمه اللّه في هذا المقام.

(2) أي (شيخنا البهائي) في قوله في ص 351: و ان قالوا:

إن اتصالات تلك الأجرام.

(3) أي و ما أفاده (شيخنا البهائي) أخيرا عند قوله في ص 356:

اعلم أن الأمور.

(4) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و ما أفاده، أي ما أفاده شيخنا البهائي صريح قول الامام الصادق عليه السلام: كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به.

(5) نفس المصدر. ص 102. الحديث 2.

(6) و هما: أن النجوم علامات و دلالات. و أن الخطأ في علم النجوم كثير، إلا مع الاحاطة التامة الكاملة.

(7) المشار إليها في ص 349.

(8) بالجر صفة لكلمة: الظاهر.

ص: 357

على سببية طلوع الكواكب لهيجان الابل و البقر و الكلاب: على كونه (1) أمارة و علامة عليه: المروي (2) في الاحتجاج عن رواية الدهقان (3) المنجم الذي استقبل أمير المؤمنين حين خروجه إلى النهروان (4)،

++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: المحمولة.

و مرجع الضمير في كونه: الطلوع، و في عليه: الهيجان.

و معنى العبارة: أن الذي يدل على أن النجوم علامات و دلالات:

الحديث المروي في الاحتجاج عن الدهقان، بالإضافة إلى دلالة حديث سعد المنجم بعد صرفه عن ظاهرها الدال على أن طلوع الكواكب سبب للهيجان: و حمله على أن طلوع النجم علامة للهيجان، لا سبب له.

(2) بالرفع فاعل لقوله: فما يدل على الأوّل، أي الحديث المروي في الاحتجاج يدل على ثبوت العلامة و الدلالة.

(3) اسم فارسي معرب و مركب من كلمتين و هما: (ده) بمعنى القرية. و (گان) بالكاف الفارسية بمعنى الرئيس الأمير، أي رئيس القرية و أميرها.

(4) بفتح النون و العامة تكسرها هو اسم فارسى معرب، مركب من كلمتين: و هما: جوب بمعنى النهر. و روان بمعنى الجاري، أي النهر الجاري.

و هي كورة واسعة بين (بغداد و واسط) من الجانب الشرقي.

حدها الأعلى متصل ببغداد، و فيها عدة بلاد.

منها: إسكاف، و جرجرايا، و الصافية، و ديرقنيّ(1).

و في هذه المدينة كانت وقعة الخوارج المارقين عن الدين لعنهم اللّه

ص: 358


1- (معجم الأدباء). الجزء الخامس. ص 325. طباعة دار صادر دار بيروت.

فقال له (1) يومك هذا يوم صعب قد انقلب منه كوكب، و انقدح من برجك النيران و ليس لك الحرب بمكان.

فقال عليه السلام له: ايها الدهقان المنبئ عن الآثار (2) المحذر عن الأقدار (3).

ثم سأله عن مسائل كثيرة من النجوم فاعترف الدهقان بجهلها إلى ان قال عليه السلام له:

أما قولك: انقدح (4) من برجك النيران فكان الواجب أن تحكم به لي، لا عليّ.

++++++++++

الذين خرجوا على (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام، و كانوا اثني عشر الف فرجع منهم ثمانية آلاف و تابوا، و بقيت أربعة آلاف قتلوا عن آخرهم و نجا منهم تسعة كما أخبر عليه السلام بذلك في قوله: نقتلهم و لا يقتل منا عشرة، و لا يسلم منهم عشرة(1).

(1) أي قال دهقان المنجم (لأمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام:

يومك هذا الذي خرجت فيه إلى قتال الخوارج.

(2) جمع أثر و هي الحوادث السفلية التي تقع في الأرض المرتبطة بالأوضاع الفلكية و النجومية.

(3) جمع قدر، و المراد منه ما يقدره اللّه عز و جل لعباده، و يقضي لهم، و يحكم ما يريد.

(4) من باب الانفعال مطاوع قدح، و معناه هنا الخروج، أي خرج من برجك النيران.

ص: 359


1- (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة). الجزء 4. ص 137 طباعة طهران.

أما نوره و ضياؤه فعندي، و أما حريقه و لهبه فذهب عني فهذه مسألة عميقة فاحسبها إن كنت حاسبا (1).

و في رواية اخرى أنه عليه السلام قال له: احسبها ان كنت عالما بالأكوار (2) و الأدوار.

قال (3): لو علمت هذا لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة (4).

++++++++++

(1) (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 58. ص 221 الحديث 2.

(2) بفتح الهمزة و سكون الكاف جمع كور بفتح الكاف و سكون الواو كما أن أدوار جمع دور بنفس الوزن في المفرد و الجمع.

و المراد بهما هنا: النجوم و الكواكب، أي لو كنت ايها الدهقان عالما بالنجوم فأخبر عما اسألك.

(3) أي الدهقان المنجم (لأمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و كلمة علمت في الموضعين بصيغة المتكلم

لا أن الأوّل بصيغة الخطاب، و الثاني بصيغة التكلم كما افاده الشيخ الشهيدي طاب ثراه في تعليقته على المكاسب، لأنه لا معنى لأن يقول المنجم الدهقان للامام عليه السلام مخاطبا له: لو علمت أنت لعلمت أنك تحصي، حيث إن السؤال متوجه إلى الدهقان.

بل المعنى أني لو كنت عالما بما تسأله عني لكنت اعلم أنك تحيط بعدد العقد الموجودة في قصب هذه الآجام، و ما فيها من آحاد القصب

(4) راجع نفس المصدر. ص 231-232، ذيل الحديث 13.

و أجمة بفتح الهمزة و كسر الجيم و فتح الميم مفرد: جمعه آجام. و هو المكان النابت فيه القصب.

ص: 360

و في الرواية الآتية لعبد الرحمن بن سيابة هذا حساب اذا حسبه الرجل و وقف عليه عرف القصبة التي في وسط الأجمة، و عدد ما عن يمينها، و عدد ما عن يسارها، و عدد ما خلفها، و عدد ما امامها حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة (1).

و في البحار وجد في كتاب عتيق عن عطاء قال: قيل لعلي بن أبي طالب عليه السلام: هل كان للنجوم أصل؟

قال: نعم نبي من الأنبياء قال له قومه: إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق و آجالهم فأوحى اللّه عز و جل إلى غمامة (2) فامطرتهم و استنقع حول الجبل ماء صاف (3).

ثم اوحى اللّه عز و جل إلى الشمس و القمر و النجوم أن تجري في ذلك الماء.

ثم أوحى اللّه عز و جل إلى ذلك النبي أن يرتقي هو و قومه على الجبل فقاموا على الماء.

حتى عرفوا بدء الخلق و آجاله، بمجاري الشمس و القمر و النجوم و ساعات الليل و النهار، و كان أحدهم يعرف متى يموت، و متى يمرض و من ذا الذي يولد له، و من ذا الذي لا يولد له فبقوا كذلك برهة من دهرهم.

++++++++++

(1) (الكافي). الجزء 8. ص 195. الحديث 233 طباعة طهران. عام 1377.

(2) بفتح الغين جمعها: غمائم. و معناها: السحاب.

(3) بصيغة الفاعل من صفا يصفو صفوا. وزان دعا يدعو.

و هو زان رام باغ قاض، و تنوينه تنوين عوض عن الياء كما هي القاعدة في الناقصات.

ص: 361

ثم إن داود قاتلهم على الكفر فاخرجوا على داود عليه السلام في القتال من لم يحضر أجله، و من حضر أجله خلفوه في بيوتهم فكان يقتل من أصحاب داود و لا يقتل من هؤلاء أحد.

فقال داود: رب اقاتل على طاعتك، و يقاتل هؤلاء على معصيتك يقتل أصحابي و لا يقتل من هؤلاء أحد فأوحى اللّه عز و جل إليه: إني علمتهم بدء الخلق و آجالهم، و انما أخرجوا أليك من لم يحضره أجله و من حضر أجله خلفوه في بيوتهم فمن ثمّ يقتل من أصحابك و لا يقتل منهم أحد.

قال داود عليه السلام: رب على ما ذا علمتهم؟

قال: على مجاري الشمس و القمر و النجوم، و ساعات الليل و النهار.

قال: فدعا اللّه عز و جل فحبس الشمس عليهم فزاد النهار و لم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط حسابهم.

قال علي عليه السلام: فمن ثم كره النظر في علم النجوم (1).

++++++++++

(1) (بحار الأنوار)، الجزء 58. ص 236، الحديث 17 الطبعة الجديدة.

و في المصدر اختلاف يسير.

و الحديث هذا من المراسيل و اردئها، حيث وجد في كتاب قديم لم يذكر اسمه، بالإضافة إلى عدم الاحتياج إلى ذكره تماما. و قد ذكرت أحاديث كثيرة هنا في باب النجوم.

و العجب من (شيخنا الأنصاري) أنه كيف ذكره في كتابه هذا و هو العالم الفذ النحرير خريت هذه الصناعة.

و أما نقل (شيخنا العلامة المجلسي) اعلى اللّه مقامه الحديث و أمثاله في كتابه (بحار الأنوار) فعلى مبناه من جمعه الأحاديث مهما كانت صفتها: -

ص: 362

و في البحار أيضا عن الوافي بالاسناد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن النجوم، فقال: لا يعلمها الا أهل بيت من العرب و أهل بيت من الهند (1).

و بالإسناد عن محمد بن سالم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام.

قوم يقولون: النجوم أصح من الرؤيا و ذلك كانت صحيحة حين لم ترد الشمس على يوشع بن نون، و أمير المؤمنين عليه السلام فلما رد اللّه الشمس

++++++++++

- صحيحة كانت أم سقيمة، حفظا من الضياع و التلف، و لذا سمى كتابه ب: (بحار الأنوار) حيث ان في البحر يوجد الغث و السمين.

و ليس غرضه من تدوين الأحاديث تدوين الصحيح منها لا غير

ثم إن هناك رايا اذهب إليه: و هو أن اللجنة المقررة لجمع الأحاديث و تدوينها في هذه الموسوعة العظيمة الجبارة لم تعرض الأحاديث على (شيخنا العلامة المجلسي) حتى يلاحظها و يقرر مصيرها.

و عدم العرض عليه إما لكثرة مشاغل (شيخنا المجلسي) و هو الحق كما لا يخفى على من طالع حياة هذا العملاق العظيم و قد ذكرناها في (اعلام المكاسب).

أو لحسن ظن (شيخنا العلامة المجلسي) بالهيئة المشرفة على الموسوعة فإن رجال اللجنة المشرفة كانوا من الصلحاء البسطاء لا يحتملون الكذب و الجعل و الافتعال في نقلة الأحاديث، و لا سيما اذا كان احد سلسلة الرواة من الثقات و العدول فهنا كان يوقف عزمهم من التعرض لصحة الحديث و سقمه فمن هنا و هناك كان (شيخنا المجلسي) يعتمد على اللجان المقررة لموسوعته هذه.

(1) نفس المصدر. ص 243، الحديث 23.

ص: 363

عليهما ضل فيها علوم علماء النجوم (1).

و خبر يونس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك اخبرني عن علم النجوم ما هو؟ قال: هو علم من علوم الأنبياء.

قال: فقلت: كان علي بن أبي طالب عليه السلام: يعلمه قال:

كان أعلم الناس به (2).

و خبر ريان بن الصلت قال: حضر عند ابى الحسن الرضا عليه السلام الصباح بن نصر الهندي و سأله عن النجوم فقال: هو علم في أصل صحيح ذكروا أن اوّل من تكلم في النجوم ادريس عليه السلام، و كان ذو القرنين بها ماهرا، و أصل هذا العلم من عند اللّه عز و جل (3).

و عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النجوم احق هي؟

فقال: نعم إن اللّه عز و جل بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل فاخذ رجلا من العجم فعلمه فلم يستكملوا ذلك، فاتى بلد الهند فعلم رجلا منهم

++++++++++

(1) نفس المصدر، ص 242، الحديث 22.

كان اللازم على (شيخنا الأعظم الأنصاري) ذكر هذا الحديث و ما قبله و ما بعده في الأمر الثاني: و هي كثرة الخطأ و الغلط في حساب المنجمين كما يصرح بعيد هذا بقوله: و أما ما دل على كثرة الخطأ، لا ذكر الحديث و ما قبله و ما بعده في الأمر الأوّل: و هو اثبات أن النجوم دلالات و علامات للحوادث.

(2) نفس المصدر. ص 235. الحديث 15.

(3) نفس المصدر. ص 245. الحديث 26.

و فيه فشابوا الحق بالكذب.

ص: 364

فمن هناك صار علم النجوم بها (1).

و قد قال (2) قوم: هو علم من علوم الأنبياء خصوا به لأسباب شتى فلم يستدرك المنجمون الدقيق منها فشاب (3) الحق بالكذب، الى غير ذلك (4) مما يدل على صحة علم النجوم في نفسه.

و أما ما دل على كثرة الخطأ و الغلط في حساب المنجمين
اشارة

و أما ما دل (5) على كثرة الخطأ و الغلط في حساب المنجمين فهي كثيرة

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 271. الحديث 58.

(2) من هنا إلى قوله: شاب الحق بالكذب من حديث (ريان بن الصلت) المشار إليه في ص 364. و ليس من حديث معلي بن خنيس المشار إليه في ص 364.

(3) من شاب يشوب، و زان قال يقول اجوف واوي معناه الخلط يقال: شاب الشيء أي خلطه. و المراد هنا: أن علم النجوم صحيح و قد أعطي الأنبياء لكن المنجمين لم يصلوا إلى اصله و حقيقته و تمامه، بل اخذوا منه شيئا يسيرا فخلطوا الحق بالكذب.

(4) أي إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على صحة علم النجوم.

و لا يخفى عليك ان نقاش (شيخنا الأنصاري) مع (السيد ابن طاوس) كان حول ثبوت الدلالة و العلامة للنجوم و الكواكب، حيث قال: و ما يدل على الاول: و هو ثبوت الدلالة و العلامة.

و ليس حول الأخبار الدالة على صحة علم النجوم حتى يقول:

الى غير ذلك مما يدل على صحة علم النجوم.

(5) أي و أما الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير إلا مع الإحاطة التامة الكاملة الواسعة.

هذا هو الامر الثاني الذي افاده الشيخ بقوله: و يدل على كل من الأمرين.

ص: 365

منها ما تقدم في الروايات السابقة

منها (1) ما تقدم في الروايات السابقة مثل قوله عليه السلام في الرواية الأخيرة: فشابوا الحق بالكذب (2).

و قوله (3) عليه السلام: ضل فيها علماء النجوم.

و قوله (4) عليه السلام في تخطئة ما ادعاه المنجم من أن زحل عندنا كوكب نحس: إنه كوكب امير المؤمنين عليه السلام و الأوصياء، و تخطئة امير المؤمنين عليه السلام للدهقان الذي حكم بالنجوم بنحوسة اليوم الذي خرج فيه أمير المؤمنين عليه السلام.

و منها خبر عبد الرحمن بن سيابة

و منها (5) خبر عبد الرحمن بن سيابة قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ان الناس يقولون: ان النجوم لا يحل النظر فيها و هي تعجبني، فان كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضر بديني و ان كانت لا تضر بديني فو اللّه إني لاشتهيها و اشتهي النظر فيها.

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير إلا مع الإحاطة التامة: الرواية السابقة: و هي رواية معلى بن خنيس.

(2) و قد عرفت أن هذه الجملة من رواية ريان بن الصلت المشار إليه في ص 364.

(3) بالجر عطفا على قوله: مثل قوله عليه السلام: أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير مثل قوله عليه السلام:

(راجع (بحار الأنوار)، الجزء 58. ص 242-243.

الحديث 22.

(4) بالجر عطفا على قوله: مثل قوله، أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير مثل قوله عليه السلام.

راجع نفس المصدر، ص 221. الحديث 2.

(5) أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 101-102. الحديث 1.

ص: 366

فقال: ليس كما يقولون لا يضر بدينك.

ثم قال: إنكم تنظرون في شيء كثيره لا يدرك، و قليله لا ينتفع به الى آخر الخبر.

و منها خبر هشام

و منها (1) خبر هشام قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: كيف بصرك بالنجوم؟ قلت: ما خلفت بالعراق ابصر بالنجوم مني.

ثم سأله عن أشياء لم يعرفها.

ثم قال: فما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب و في هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، و يحسب هذا لصاحبه بالظفر فيلتقيان فيهزم احدهما الآخر فأين كانت النجوم؟

قال: فقلت: لا و اللّه لا اعلم ذلك.

قال: فقال عليه السلام: صدقت إن اصل الحساب حق، و لكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم.

منها المروي في الاحتجاج

و منها (2) المروي في الاحتجاج عن ابى عبد اللّه عليه السلام في حديث أن زنديقا قال له: ما تقول في علم النجوم؟

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير.

راجع نفس المصدر. ص 102. الحديث 2.

(2) أي و من تلك الأخبار الدالة على أن الخطأ في علم النجوم كثير راجع (الاحتجاج). الجزء 2. ص 95. السطر 4-5.

و لا يخفى عليك أنا طبقنا الأحاديث كلها على مصادرها المذكورة هنا فوجدنا الاختلاف فيها يسيرا.

و بعضها منقول بالمعنى، فمن اراد تطبيقها حرفيا فليراجع تلك المصادر.

لكن الأحاديث جلها مراسيل لا فائدة في نقلها، و قد ذكر (شيخنا الأنصاري) -

ص: 367

قال عليه السلام: هو علم قلّت منافعه، و كثرت مضاره لأنه لا يدفع به المقدور، و لا يتقى به المحذور إن اخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز عن القضاء، و ان اخبر هو بخير لم يستطع تعجيله، و ان حدث به سوء لم يمكنه صرفه، و المنجم يضاد اللّه في علمه بزعمه انه يرد قضاء اللّه عن خلقه الى آخر الخبر، الى غير ذلك من الاخبار الدالة على ان ما وصل إليه المنجمون اقل بقليل من أمارات الحوادث من دون وصول إلى معارضاتها.

و من تتبع هذه الاخبار (1) لم يحصل له ظن بالاحكام المستخرجة منها، فضلا عن القطع.

نعم (2) قد يحصل من التجربة المنقولة خلفا عن سلف الظن، بل

++++++++++

- في صدر عنوان البحث أخبارا راجعة إلى الموضوع تشفي العليل، و تروي الغليل، فلما ذا عاد على بدء؟

و لعل السر في نقله قدس اللّه روحه هذه الأخبار كما أورد الطائفة الأولى قبل هذه: تثبيتا للامرين و هما: ثبوت الدلالة و العلامة و ثبوت كثرة الخطأ و الغلط في حساب المنجمين فرام قدس سره بالطائفة الأولى تثبيت الأمر الأوّل، و بالثانية تثبيت الأمر الثاني.

(1) و هي التي ذكرناها لك آنفا، و التي لم نذكرها لك فهي موجودة في نفس المصادر فراجع.

(2) استدراك عما افاده من عدم حصول الظن بالأحكام المستخرجة من الكواكب و النجوم فضلا عن القطع في قوله: و من تتبع هذه الأخبار.

و خلاصة الاستدراك أنه يمكن ندرة و قلة حصول الظن من التجاريب المنقولة عن السلف السابق عند اقتران الكواكب بعضها مع بعض -

ص: 368

أو العلم بمقارنة حادث من الحوادث لبعض الأوضاع الفلكية.

فالأولى: التجنب عن الحكم بها (1)، و مع الارتكاب (2) فالأولى:

الحكم على سبيل التقريب، و أنه لا يبعد أن يقع كذا عند كذا (3) و اللّه المسدد (4).

++++++++++

- صعودها، أو نزولها: بوقوع الحادثة الفلانية على نحو الموجبة الجزئية لا الكلية.

(1) أي عن إسناد الحوادث الواقعة إلى النجوم و الكواكب عند وضعها الخاص: من الاقتران و الصعود و النزول.

(2) أي و لو اسند وقوع الحوادث إلى النجوم و الكواكب فالأولى أن ينسب إليها على نحو التقريب بأن يقول المنجم: إنه ليس ببعيد أن تقع الحادثة الكذائية عند وضع خاص للنجوم، لا أن يسندها إليها على نحو الجزم و القطع: بأن تكون الحوادث وليدة لها على نحو العلية و المعلول أو المدخلية.

(3) كناية عن الأوضاع الفلكية و هي اتصالاتها و صعودها، و نزولها و قربها و بعدها.

كما أن كذا الأولى كناية عن الحوادث السفلية.

(4) هذه الجملة يقصد بها الهداية إلى الصواب، و إلى طريق الحق

ص: 369

ص: 370

حفظ كتب الضّلال

ص: 371

ص: 372

المسألة السابعة حفظ كتب الضلال حرام في الجملة

المسألة السابعة (1) حفظ كتب الضلال حرام في الجملة (2) بلا خلاف كما في التذكرة و المنتهى (3)

و يدل عليه (4) مضافا إلى حكم العقل بوجوب قطع مادة الفساد و الذم (5) المستفاد من قوله تعالى: وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ

++++++++++

(1) أي (المسألة السابعة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: حفظ كتب الضلال.

(2) أي لا على نحو الموجبة الكلية، و في جميع الحالات حتى في حالة الرد على تلك الكتب، أو عدم تأثيرها على المطالع، أو شرائها للتقية فإن في جميع هذه الحالات لا يحرم احتفاظها.

(3) أي و كما عن المنتهى أن حفظ كتب الضلال حرام في الجملة.

(4) أي على تحريم حفظ كتب الضلال.

(5) بالجر عطفا على مجرور (الى) في قوله: مضافا إلى حكم العقل أي و مضافا إلى الذم المستفاد من قوله تعالى: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ) لقمان: الآية 6.

كيفية الاستدلال: أن اللّه تعالى ذم مشتري لهو الحديث الذي هو الكلام بالباطل، و الذم يدل على التحريم، اذ لو لاه لما كان للذم معنى و من المعلوم: أن كتب الضلال من قبيل لهو الحديث، لكونه مشتملا على الكلام الباطل فيكون شراؤها و بيعها و اقتناؤها حراما.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

ص: 373

الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه، و الأمر (1) بالاجتناب عن قول الزور: قوله (2) عليه السلام فيما تقدم من رواية تحف العقول: إنما حرم اللّه تعالى الصناعة التي يجيء منها الفساد محضا إلى آخر الحديث.

++++++++++

- الصغرى: كتب الضلال من لهو الحديث:

الكبرى: و كل ما كان من لهو الحديث فهو حرام.

النتيجة: فكتب الضلال حرام بيعها و شراؤها و اقتناؤها.

(1) بالجر عطفا على مجرور (الى) في قوله: مضافا إلى حكم العقل، أي و مضافا إلى الأمر بالاجتناب من الزور في قوله تعالى:

(وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ) الحج: الآية 30.

كيفية الاستدلال: أن اللّه سبحانه و تعالى يأمر بالاجتناب عن قول الزور وجوبا، بناء على أن صيغة افعل و ما في معناها للوجوب، و من الواضح أن كتب الضلال مشتملة على الزور و البهتان فيجب الاجتناب عنها بكل ما يحقق مصداق الاجتناب في الخارج: من البيع و الشراء و الاحتفاظ.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأوّل هكذا:

الصغرى: كتب الضلال من الزور.

الكبرى: و كل ما كان من الزور يجب الاجتناب عنه و لو بعدم الاحتفاظ به.

النتيجة: فكتب الضلال يجب الاجتناب عنها و لو بعدم الاحتفاظ بها.

(2) بالرفع فاعل يدل في قوله: و يدل عليه، أي و يدل على حرمة احتفاظ كتب الضلال مضافا إلى ما ذكرناه: من حكم العقل، و من ذم المستفاد من قوله تعالى، و من الامر بالاجتناب عن قول الزور في قوله تعالى: قول الامام عليه السلام في رواية (تحف العقول): إنما حرم اللّه تعالى الصناعة التي يجيء منها الفساد محضا.

كيفية الاستدلال: أن الصناعة الواردة في الحديث يراد منها: التقلب -

ص: 374

بل (1) قوله عليه السلام قبل ذلك: أو ما يقوى به الكفر في جميع وجوه المعاصي، أو باب يوهن به الحق إلى آخره.

و قوله (2) عليه السلام في رواية عبد الملك المتقدمة، حيث شكا الى الامام الصادق عليه السلام أني ابتليت بالنظر في النجوم: أ تقضي؟ قال: نعم.

++++++++++

- بجميع شئونه التي منها تجليد كتب الضلال، و طباعتها، و كتابتها و تصحيحها و الاحتفاظ بها، و تعليمها، و تعلمها، و قراءتها فالحديث يشمل الاحتفاظ بكتب الضلال الذي هو نوع من التقلب المراد من الصناعة.

ثم لا يخفى ان البيع و الاهداء ليسا من أقسام الصناعة فلا يشملهما الحديث.

لكن الحرمة فيهما ثابتة من ناحية قوله عليه السلام: أو ما يقوى به الكفر، و لا شك أن الاحتفاظ بها، و بيعها مما يقوى بها الكفر.

و كذلك من ناحية قوله عليه السلام: أو باب يوهن به الحق و لا شك ان الاحتفاظ بكتب الضلال، و بيعها مما يوهن بها الحق.

(1) بل هنا للترقي، أي بل يدل على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال قوله عليه السلام قبل هذه الجملة: أو ما يقوى به الكفر، و مما لا شك فيه: أن الاحتفاظ بكتب الضلال لمن ليس له عقيدة راسخة ثابتة في الدين موجب لاضلاله، و باعث لخروجه عن السداد و طريق الحق.

(2) بالرفع عطفا على فاعل قوله: و يدل، أي و يدل على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال مضافا إلى ما ذكرناه: من حكم العقل و الذم و الاجتناب المستفادين من الآيات الكريمة، و مضافا إلى قول الامام عليه السلام في رواية (تحف العقول): قوله عليه السلام في رواية عبد الملك: -

ص: 375

قال: احرق كتبك (1)، بناء على أن الأمر للوجوب دون الارشاد للخلاص (2) من الابتلاء بالحكم بالنجوم.

و مقتضى (3) الاستفصال في هذه الرواية: أنه اذا لم يترتب على إبقاء كتب الضلال مفسدة لم يحرم.

++++++++++

- أحرق كتبك، بناء على أن الأمر بالإحراق للخلاص منها، حيث كان يعمل بها و يحكم طبق الموجود فيها فتكون موجبة لإضلاله و إفساده، فكتب الضلال من هذا القبيل، حيث انها موجبة للإضلال و الإفساد.

(1) مرت الاشارة إلى الحديث في ص 297.

(2) تعليل لإحراق الكتب، أي احراق كتب التنجيم لأجل الخلاص من الحكم بالنجوم حتى لا يحكمون بها،

(3) من هنا يريد الشيخ يخصص حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال فيما اذا كانت مضلة و مفسدة، لا مطلقا و لو لم يترتب عليها الاضلال و الإفساد أي و مقتضى التفصيل المذكور الذي هي حرمة علم النجوم لو حكم بها و قضى.

و عدم الحرمة لو لم يحكم بها و لم يقض في رواية عبد الملك في قوله عليه السلام: أ تقضي فقال: نعم.

فقال عليه السلام: أحرق كتبك: أنه اذا لم يترتب على احتفاظ كتب الضلال إضلال و مفسدة لم يكن الاحتفاظ بها حراما، لعين الملاك الموجود في كتب التنجم، حيث إن حرمة كتب التنجيم كانت مترتبة على الحكم بها، لا مطلقا حتى و لو لم يقض بها.

و كلمة: و مقتضى مبتدأ خبره: أنه اذا لم يترتب.

ص: 376

و هذا (1) أيضا مقتضى ما تقدم من اناطة التحريم بما يجيء منه الفساد محضا.

نعم (2) المصلحة الموهومة، أو المحققة النادرة لا اعتبار بها فلا يجوز الابقاء (3) بمجرد احتمال ترتب مصلحة على ذلك، مع كون الغالب ترتب المفسدة.

و كذلك (4) المصلحة النادرة غير المعتد بها.

++++++++++

(1) و هو عدم حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال اذا لم يترتب عليها إضلال و مفسدة: مقتضى الحديث المتقدم عن (تحف العقول)، حيث إنه عليه السلام اناط حرمة الصناعة على الصناعة التي يجيء منها الفساد محضا، لا مطلقا و لو لم يأت منها الفساد، فكما أن الحرمة هناك منوطة على الفساد محضا.

كذلك حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال متوقفة على الإضلال و الإفساد فإن صدق الإضلال و الإفساد صدقت الحرمة، و إلا فلا.

(2) استدراك عما افاده آنفا من إناطة التحريم و توقفه على الفساد المحض.

و خلاصة الاستدراك: أن الفساد المحض يمكن أن يأتي منه في بعض الأحيان مصلحة نادرة.

فاجاب الشيخ رحمه اللّه: أن المصلحة النادرة التي تعد قليلة جدا أو المصلحة الموهومة لا اعتبار بها اصلا، و لا تعد مصلحة في عالم الاعتبار فهذه المصلحة لا تكون موجبة و باعثة للاحتفاظ بكتب الضلال و إبقائها.

(3) أي إبقاء كتب الضلال و الاحتفاظ بها كما عرفت آنفا.

(4) أي و كذلك لا اعتبار بالمصلحة النادرة التي لا يعتد بها.

ص: 377

و قد تحصل من ذلك (1) أن حفظ كتب الضلال لا يحرم إلا من حيث ترتب مفسدة الضلالة قطعا، أو احتمالا قريبا.

فان لم يكن كذلك (2)، أو كانت المفسدة المحققة معارضة بمصلحة

++++++++++

(1) مقصود الشيخ: أن كتب الضلال بما هي كتب ضلال دون أن يترتب عليها الإضلال و الإفساد لا يكون احتفاظها حراما كما عرفت:

أن الملاك في الحرمة هو الإفساد و الإضلال.

فاذا تحقق الاضلال و الافساد ثبتت الحرمة، و إلا فلا.

ثم إن لعدم ترتب الإضلال و الإفساد صورا أربعة.

(الأولى): أن لا يكون في الاحتفاظ إضلال و إفساد اصلا و ابدا.

(الثانية): ان تكون المفسدة الموجودة في الاحتفاظ معارضة بمصلحة أقوى كالمطالعة فيها للرد عليها، فمصلحة الرد أقوى من مفسدة الاحتفاظ.

(الثالثة): أن تكون المفسدة المتوقعة و محتملة الوقوع معارضة بمصلحة متوقعة أقوى كوقوع هذه الكتب في يد شخص يحتمل أن يطالعها فيرد عليها.

و يحتمل أن تقع في يد شخص تضله فمفسدة الاحتفاظ المتوقعة معارضة بمصلحة متوقعة أقوى فتكون مقدمة على تلك المفسدة.

(الرابعة): أن تكون المفسدة المتوقعة معارضة بمصلحة متوقعة أقرب وقوعا من المفسدة المتوقعة.

ففي جميع هذه الصور لا يحرم الاحتفاظ بكتب الضلال.

(2) أي لم يترتب على الاحتفاظ اضلال و مفسدة اصلا.

هذه هي الصورة الأولى.

ص: 378

أقوى (1) أو عارضت المفسدة المتوقعة مصلحة أقوى (2)، أو أقرب (3) وقوعا منها فلا دليل على الحرمة إلا (4) أن يثبت اجماع، أو يلزم بإطلاق عنوان معقد نفي الخلاف الذي لا يقصر عن نقل الإجماع، و حينئذ (5)

++++++++++

(1) هذه هي الصورة الثانية.

(2): هذه هي الصورة الثالثة.

(3): هذه هي الصورة الرابعة.

(4) هذا استثناء مما افاده آنفا: من عدم حرمة حفظ كتب الضلال في الصور الأربعة.

و خلاصة الاستثناء: أنه اذا ثبت اجماع على حرمة حفظ كتب الضلال و ان لم يترتب عليها الإضلال و الإفساد.

أو التزمنا بإطلاق معقد نفي الخلاف الذي ذكره (شيخنا الأنصاري) في صدر العنوان بقوله: حفظ كتب الضلال حرام في الجملة بلا خلاف:

بأن قلنا هكذا: حفظ كتب الضلال محرم بلا خلاف، فإن هذا الإطلاق يشمل حرمة احتفاظ كتب الضلال و ان لم يترتب عليها الإضلال و الإفساد ففي هذين الموردين و هما: ثبوت الإجماع على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال.

أو الالتزام بإطلاق معقد نفي الخلاف الذي لا يقل عن نقل الإجماع:

نحكم بحرمة الاحتفاظ بها في الصور الأربعة المذكورة.

(5) أي و حين ثبوت الإجماع، أو الالتزام بإطلاق معقد نفي الخلاف كما عرفت آنفا.

مقصود الشيخ: أنه بعد ثبوت الاجماع، أو الالتزام بالإطلاق لا بد من تنقيح عنوان مسألة الاحتفاظ بالكتب، أي نستكشف عن ملاك الحرمة فيها، و نستفهم أن المناط أي شيء في ذلك.

ص: 379

فلا بد من تنقيح هذا العنوان، و ان المراد بالضلال ما يكون باطلا في نفسه فالمراد (1) الكتب المشتملة على المطالب الباطلة، أو أن المراد به مقابل الهداية فيحتمل أن يراد بكتبه ما وضع لحصول الضلال، و ان يراد ما أوجب الضلال و ان كانت مطالبها حقة كبعض كتب العرفاء و الحكماء المشتملة على ظواهر منكرة يدعون أن المراد غير ظاهرها فهذه أيضا كتب ضلال على تقدير حقيتها.

++++++++++

- فإن قلنا: ان الملاك في تحريم حفظ كتب الضلال نفس الكتب بما هي كتب ضلال، سواء ترتب عليها الإضلال و الافساد أم لا:

فيكون الاحتفاظ محرما مطلقا و في جميع الموارد حتى الصور الأربعة.

و إن قلنا: إن الملاك في التحريم هو ترتب الإضلال و الإفساد بمعنى أنه إذا أضلت الكتب و أفسدت القارئ و المطالع فيها فيحرم احتفاظها حينئذ بخلاف ما ذا لم تضل و لم تفسد فلا يكون الاحتفاظ بها حراما، فالحرمة و عدمها تدور مدار الإضلال و عدمه، فإن ثبت الإضلال ثبتت الحرمة، و إلا فلا فالحاصل أنه إن نقحنا عنوان مسألة حفظ كتب الضلال باحدى الكيفيتين ثبت أحد الحكمين المذكورين: من الحرمة المطلقة و إن لم يترتب على الاحتفاظ إضلال و إفساد. أو الحلية في صورة عدم ترتب الإضلال و الإفساد.

(1) الفاء تفريع على ما افاده الشيخ في تحرير محل هذه المسألة و تنقيحها. أي بعد أن علمت ما ذكرناها في تنقيح المسألة و تحريرها:

فالمراد من الكتب إما كتب الضلال بما هي كتب ضلال فيحرم اقتناؤها حينئذ و ان لم يترتب عليها الإضلال و الإفساد.

أو يراد من الضلال ما قابل الهداية فحينئذ له احتمالان.

(الأوّل): أن يراد من الكتب الضلال: الكتب التي وضعت

ص: 380

ثم الكتب السماوية المنسوخة غير المحرفة لا تدخل في كتب الضلال (1)

و أما المحرفة كالتوراة و الإنجيل على ما صرح به جماعة فهي داخلة في كتب الضلال بالمعنى الأوّل (2) بالنسبة إلينا، حيث انها لا توجب للمسلمين بعد بداهة نسخها ضلالة.

نعم توجب الضلالة لليهود و النصارى قبل نسخ دينهما، فالأدلة المتقدمة لا تدل على حرمة حفظهما.

قال رحمه اللّه في المبسوط في باب الغنيمة من الجهاد: فان كان في المغنم كتب نظر فيها، فان كانت مباحة يجوز اقرار اليد عليها مثل كتب

++++++++++

- لحصول الضلال لقرائها من بداية التأليف، بمعنى أنها ألفت لهذه الغاية.

(الثاني): الكتب التي توجب الاضلال و الإفساد و ان لم تكن مؤلفة لهذه الغاية من بداية التأليف و إن كانت مطالبها حقة إلا أنها موجبة للإضلال لمن طالعها، أو قرأها ككتب العرفاء و الفلاسفة المشتملة على ظواهر منكرة يدعون أن المراد منها غير ظاهرها.

و إلى هذين الاحتمالين من الشق الثاني افاد (شيخنا الأنصاري) بقوله: فيحتمل أن يراد بكتبه ما وضع لحصول الضلال، و أن يراد ما اوجب الضلال و إن كانت مطالبها حقة.

(1) لأنها كتب آلهية سماوية كالقرآن الكريم.

(2) و هو ما كان باطلا في نفسه و ان لم يترتب عليه الإضلال و الإفساد بالنسبة إلينا، فهذه الكتب لا يكون اقتناؤها محرما، لعدم شمول الأدلة المتقدمة: و هي الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة التي ذكرناهما واحدة تلو أخرى، و حكم العقل بوجوب قطع مادة الفساد.

و إلى هذا اشار الشيخ بقوله: فالأدلة المتقدمة لا تدل على حرمة حفظها.

ص: 381

الطب و الشعر و اللغة و المكاتبات (1) فجميع ذلك غنيمة.

و كذلك المصاحف، و علوم الشريعة كالفقه و الحديث و نحوه، لأن هذا مال يباع و يشترى كالثياب.

و ان كانت كتبا لا يحل إمساكها كالكفر و الزندقة و ما أشبه ذلك فكل ذلك لا يجوز بيعه و ينظر فيه.

فان كان مما ينتفع بأوعيته كالجلود و نحوها، فانها غنيمة.

و ان كان مما لا ينتفع بأوعيته (2) كالكاغد فانها تمزّق و تحرق

++++++++++

(1) و هي الكتب المؤلفة لإنشاء الرسائل إلى الأهل و الأصحاب و الأصدقاء و الملوك و الأمراء.

أو المراد منها الكتب المشتملة على رسائل بعض الشخصيات كرسائل (الصاحب بن عباد الطالقاني و ابن العميد) رحمهما اللّه برحمته الواسعة.

(2) بفتح الهمزة و سكون الواو جمع وعاء بكسر الواو: و هي الظروف التي كانت تصنع من الجلود و غيرها لأجل حفاظة القرآن الكريم، و كتب الحديث و الدراسة في العصور الغابرة حتى عصرنا و هي تشبه (الأغلفة النايلونية) التي تصنع في عصرنا الحاضر.

و المعنى: أنه كما لا يستفاد من نفس أوراق الكتب في الغنيمة، كذلك لا يستفاد من هذه الأوعية و الأغلفة فحينئذ تمزق أو تحرق: لأن الأوعية صنعت من غير الجلود.

بخلاف الصورة الأولى التي كانت الأوعية من الجلود فإنها لا تحرق لإمكان الاستفادة منها كما يستفاد من الجلود كما افاده الشيخ بقوله: فان كان مما ينتفع بأوعيته كالجلود و نحوها فانها غنيمة.

و لا يخفى أن الأوعية اذا كانت من جلود الميتة و علم أنها منها يأتي فيها ما تقدم في أجزاء الميتة.

ص: 382

اذ (1) ما من كاغد إلا و له قيمة، و حكم التوراة و الإنجيل هكذا كالكاغد فانه يمزق، لأنه كتاب مغيّر مبدّل. انتهى (2).

و كيف كان (3) فلم يظهر من معقد نفي الخلاف إلا حرمة ما كان موجبا للضلال: و هو الذي دل عليه الأدلة المتقدمة.

نعم ما كان من الكتب جامعا للباطل في نفسه من دون أن يترتب عليه ضلالة لا يدخل تحت الأموال فلا يقابل بالمال، لعدم المنفعة المحللة المقصودة فيه.

++++++++++

- راجع الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 91 إلى ص 103

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن هذه الكتب التي لا يستفاد بأوعيتها و أغلفتها لأنها ليست بجلود: مشتملة على الأوراق و هي قابلة الانتفاع، و لا أقل من جعلها ظروفا يوضع فيها الرز و البقول و الحبوب و ما شابهها فحينئذ يصح بذل المال إزائها، لوجود تلك المنفعة المحللة.

فأجاب الشيخ عن هذا الوهم ما حاصله:

أن الكلام في المنفعة المحللة المعتد بها، لا في المنفعة النادرة غير المعتدة و إلا فلا شك في الانتفاع بكل ورق يوجد في العالم من دون اختصاص بورق هذه الكتب.

(2) أي ما افاده (شيخ الطائفة) في هذا المقام.

راجع المبسوط. الجزء 2. ص 30، السطر 11-14 طباعة (طهران)

(3) أي سواء قلنا: إن المراد من كتب الضلال: الكتب التي في حد ذاتها كتب ضلال و ان لم يترتب عليها الإضلال و الافساد.

أم الكتب التي يترتب عليها الإضلال و الإفساد ففي كلا الحالين لم يظهر من معقد نفي الخلاف الذي ذكره (شيخنا الأنصاري) بقوله: -

ص: 383

مضافا (1) الى آيتي لهو الحديث، و قول الزور أما وجوب اتلافها فلا دليل عليه (2).

و مما ذكرنا (3) ظهر حكم تصانيف المخالفين في الأصول و الفروع و الحديث و التفسير و أصول الفقه و ما دونها من العلوم (4)، فان المناط في وجوب الاتلاف جريان الأدلة المتقدمة، فان الظاهر عدم جريانها في حفظ

++++++++++

- حفظ كتب الضلال حرام في الجملة بلا خلاف، إلا حرمة اقتناء الكتب التي موجبة للإضلال و الإفساد، لأنها القدر المتيقن من الأدلة المتقدمة من الآيات و الأخبار، و حكم العقل بوجوب قطع مادة الفساد فالتي ليست كذلك تخرج عن دائرة الحرمة فلا تشملها الأدلة المذكورة.

(1) أي بالإضافة إلى أن مثل هذه الكتب التي جامعة في حد نفسها للباطل لا تدخل تحت الأموال حتى يبذل بإزائها المال: أن آيتي لهو الحديث و قول الزور المشار إليهما في ص 373-374 تشملانها.

(2) أي وجوب إتلاف كتب الضلال.

(3) من أن المناط في حرمة كتب الضلال من حيث البيع و الشراء و الاقتناء: هو الإضلال و الإفساد.

فالكتب المؤلفة من قبل غير الطائفة الامامية في شتى العلوم لا تشملها الأدلة المتقدمة الدالة على حرمة الاقتناء، لعدم وجود الإضلال و الإفساد فيها

(4) كالكتب المؤلفة في كرامات المتصوّفة و العرفاء و رؤسائهم، و التي ألفت في فضائل (بني امية و بني العباس)، فإنها لا توجب الإضلال لعلم كل احد بكذبها، و أنها من وضع القصاصين، و أعداء الدين فالأدلة المتقدمة من الكتاب و الأخبار، و دليل العقل لا تشملها.

فالحاصل أن حرمة الاقتناء و عدمها دائرة مدار جريان الأدلة و عدم الجريان، فان جرت تأتي الحرمة، و إلا فلا.

ص: 384

شيء من تلك الكتب، إلا القليل مما ألّف في خصوص اثبات الجبر (1) و نحوه (2) و اثبات تفضيل الخلفاء (3)، أو فضائلهم،

++++++++++

(1) فإن الكتب المؤلفة في الجبر من الكتب المضلة المترتب عليها الإضلال و الافساد، اذ لازم ذلك بطلان العقاب و الثواب.

(2) كالكتب المؤلفة في الاختيار المطلق كما ذهب إليه اليهود و من يقول بمقالتهم في التفويض، فإنها موجبة للإضلال.

(3) على سيدنا (امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام، لأنها توجب إضلال السذج و البسطاء من سواد الناس، لعدم علمهم بواقع الحال.

و من الواضح و البديهي في دين الاسلام: أن (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام أفضل الصحابة أجمع دينا و علما و عبادة و زهدا و شرفا و شجاعة و كرما و تقوى و حنانا و عطفا و عفوا فهو موسوعة الصفات الكاملة الانسانية التي يتجلى بها الانسان و مرآتها.

بالإضافة إلى سابقيته في الاسلام فهو أوّل الناس اسلاما و ايمانا برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فلم يعبد صنما قط منذ نعومة أظفاره، و هو الوليد في البيت، و الشهيد فيه فمبدؤه فيه، و منتهاه إليه، و هو الوليد على الفطرة، أي على العصمة.

و لو لاه لما استقام الاسلام في الوجود.

قال صلى اللّه عليه و آله في (حرب الخندق) حينما تقابل الشرك و الايمان و حينما كان يعين مصيرهما: إما الشرك و هو الذل و الخزي و الهوان للإسلام و إما الايمان و هو النصر و الفتح النهائي للإسلام و قد فعل اللّه العزيز هذا النصر النهائي على يد من أحبه و أحبه رسوله و هو يحبهما:

اللهم قد برز الايمان كله إلى الشرك كله.

فبهذه و تلك يفضل (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام على الامة -

ص: 385

و شبه ذلك (1).

و مما ذكرنا (2) أيضا يعرف وجه ما استثنوه في المسألة من الحفظ للنقض و الاحتجاج على أهلها، أو للاطلاع على مطالبهم، ليحصل به التقية أو غير ذلك (3).

و لقد أحسن جامع المقاصد حيث قال: إن فوائد الحفظ كثيرة.

و مما ذكرنا (4) يعرف أيضا حكم ما لو كان بعض الكتاب موجبا للضلال، فان الواجب رفعه (5) و لو بمحو جميع الكتاب، إلا أن يزاحم

++++++++++

- جمعاء مدا (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، فلا مجال لتفضيل الصحابة عليه.

و هذا من ضروريات مذهبنا نحن (الشيعة الامامية).

(1) كالكتب المؤلفة في التشنيع على (الشيعة الإمامية) أو في التشنيع على القول بوجود (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه.

(2) من ان المناط في حرمة كتب الضلال: الإضلال و الإفساد:

تعرف وجه استثناء الفقهاء اقتناء كتب الضلال للرد عليها، أو للاحتجاج بها على مؤلفيها، أو للاطلاع على محتوياتها ليكون بصيرا بها، ليلزم جانب التقية قولا و عملا عند الخوف على النفس، أو المال، أو العرض.

ففي جميع هذه الحالات لا يحرم اقتناؤها، بل يجب حفظها لتلك الغايات.

(3) من المصالح التي يعرفها البصير حسب ظروفه، و بيئته التي يعيش فيها.

(4) من أن المناط في حرمة بيع كتب الضلال و شرائها و اقتناءها:

هو الاضلال و الافساد.

(5) أي رفع هذا البعض الموجب للإضلال.

ص: 386

مصلحة وجوده لمفسدة وجود الضلال (1).

و لو كان باطلا في نفسه كان خارجا عن المالية (2). فلو (3) قوبل بجزء من العوض المبذول يبطل المعاوضة بالنسبة إليه.

ثم ان الحفظ المحرم (4) يراد منه الأعم من الحفظ بظهر القلب و النسخ، و المذاكرة، و جميع ما له دخل في بقاء المطالب المضلة.

++++++++++

(1) فإنه حينئذ لا يمحى البعض، بل يبقى في ضمن الكل، حيث ان مصلحة بقاء الكل أقوى من مصلحة إتلاف البعض.

(2) أي لا يبذل بإزائها المال، لعدم عده من الأموال حتى يبذل بإزائها المال.

(3) الفاء تفريع على ما افاده من خروج الكتاب عن المالية لو كان الكتاب باطلا في نفسه.

و خلاصة التفريع: أنه في صورة خروج الكتاب عن المالية فلو وقع الكتاب في قبال جزء من الثمن بأن باع زيد شيئا مع الكتاب مجتمعا بصفقة واحدة لوقع جزء من الثمن إزاء هذا الكتاب الذي هو أحد جزئي المبيع:

فحينئذ يبطل البيع بالنسبة إلى هذا الجزء الذي قوبل بالثمن، و صح الباقي.

(4) الوارد في كتب الضلال يراد منه معناه الأعم من الحفظ في الصدر، أو استنساخ الكتاب، أو مذاكرته ببيان مطالبه: أو أي شيء يكون سببا في إبقاء الكتاب، و ليس المراد من الحفظ اقتناء الكتاب فقط حتى يخرج ما ذكرناه من بقية ماله دخل في بقاء الكتاب عن مفهوم الاحتفاظ فيحل ابقاؤه.

ص: 387

ص: 388

الرّشوة

ص: 389

ص: 390

المسألة الثامنة الرشوة حرام.
اشارة

المسألة الثامنة (1) الرشوة حرام.

و في جامع المقاصد و المسالك: أن على تحريمها اجماع المسلمين.

و يدل عليه الكتاب و السنة (2).

++++++++++

(1) أي (المسألة الثامنة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الرشوة.

و الرشوة مثلثة الراء و سكون الشين و فتح الواو من رشا يرشو رشوا وزان دعا يدعو دعوا فهو ناقص واوي.

و معناه لغة: إعطاء الحاكم، أو غيره ممن بيده الرتق و الفتق، و الحكم و الفصل شيئا من المال المعبر عنه بالجعل بضم العين، جمعه: رشى بضم الراء و كسرها، يقال: رشا زيد عمروا اي أعطاه شيئا من المال بإزاء عمل ما.

و في الاصطلاح: الرشوة: إعطاء الجعل للقاضي ليحكم له، سواء أ كان المعطي على حق أم على باطل.

(2) أما الكتاب فقوله تعالى: «وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهٰا إِلَى اَلْحُكّٰامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوٰالِ اَلنّٰاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» .

البقرة: الآية (188).

و أما الأحاديث الدالة على حرمة الرشوة فتأتي الإشارة إليها قريبا.

ص: 391

و في المستفيضة (1) أنه كفر باللّه العظيم، أو شرك.

ففي رواية الأصبغ بن نباته عن (أمير المؤمنين) عليه السلام قال:

أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب اللّه عنه يوم القيامة و عن حوائجه و ان أخذ هدية كان غلولا (2)، و ان أخذ الرشوة،

++++++++++

(1) أي و في الأحاديث المستفيضة التي لم تبلغ حد التواتر.

راجع (وسائل الشيعة) ج 18. ص 162 الباب 8 من أبواب آداب القاضي. الحديث 3-8.

(2) بضم الغين و زان فعول مصدر غلّ يغلّ: و هي الخيانة و السرقة.

و الفرق بين المصدر و هو غلول بضم الغين و اللام، و بين الغلول بفتح الغين: أن الأوّل نفس العمل، و الثاني: الشيء الذي يقام به العمل

و معناه: اخذ الشين خيانة و سرقة.

و اسم كان يرجع إلى الأخذ المتصيد من قوله: و إن اخذ.

و لا يخفى أنه قد تكرر ذكر الغلول في الحديث و المراد منه الخيانة في المغنم و السرقة من الغنيمة قبل القسمة.

يقال: غلّ من المغنم يغل غلولا فهو غال، و كل من خان في شيء خفية فقد غلّ، و سميت غلولا، لأن الأيدي فيها مغلولة أي ممنوعة كأنما قد جعلت فيها غل.

و الغل هي الحديدة التي تجعل في يد الأسير و تجمعها إلى عنقه.

و يقال لها: جامعة أيضا، و منه حديث (صلح الحديبية) لا إغلال و لا إسلال، و الإغلال هي الخيانة، أو السرقة الخفية.

راجع (نهاية ابن الأثير). الجزء 3. ص 380 طباعة دار إحياء الكتب العربية) عام 1383. مادة غلّ. -

ص: 392

فهو مشرك (1).

و عن الخصال (2) في الصحيح عن عمار بن مروان قال: كل شيء غلّ من الامام فهو سحت و السحت أنواع كثيرة:

منها: ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة.

و منها: أجور القضاة، و أجور الفواجر، و ثمن الخمر، و النبيذ المسكر، و الربا بعد البينة.

فأما الرشى يا عمار في الأحكام فان ذلك الكفر باللّه العظيم و برسوله

و مثلها: رواية سماعة عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام (3).

و في رواية يوسف بن جابر لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا

++++++++++

- و الفرق بين الهدية و الرشوة: أن الأولى إعطاء الشيء للحاكم و القاضي دون أن يشترط عليه أن يحكم له.

و الثانية: هو إعطاء الشيء للحاكم و القاضي بشرط الحكم له.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 63. الباب 5 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 10.

(2) (الخصال). ص 300. الحديث 26.

و لا يخفى أن جملة كل شيء غلّ من الامام فهو سحت لا يوجد في المصدر و الخصال مؤلف شريف نفيس في الأحاديث الشريفة المروية عن (العترة الطاهرة لشيخنا الصدوق) اعلى اللّه مقامه.

جمع (المصنف) في الكتاب الخصال المحمودة و المذمومة.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 18 ص 162. الباب 8 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 3.

ص: 393

احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة (1).

و ظاهر هذه الرواية سؤال الرشوة لبذل فقهه فتكون ظاهرة في حرمة أخذ الرشوة للحكم بالحق، أو للنظر (2) في أمر المترافعين ليحكم بعد ذلك بينهما بالحق من غير أجرة.

و هذا المعنى (3) هو ظاهر تفسير الرشوة في القاموس بالجعل.

و إليه (4) نظر المحقق الثاني، حيث فسر في حاشية الارشاد الرشوة بما يبذله المتحاكمان.

و ذكر في جامع المقاصد: أن الجعل من المتحاكمين للحاكم رشوة

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 163. الحديث 5.

و المراد من قوله عليه السلام: احتاج الناس إليه لفقهه: احتياجهم الى الحكام و القضاة للحكم فيما بينهم.

(2) أي يأخذ الرشوة للنظر في دفاترهم و أوراقهم.

و استشعار أن الحق في أي جانب، لا أنه يأخذ الرشوة للحكم، بل يأخذها لمقدمات الحكم، و يعبر عمن ينظر في امر المتحاكمين ب: (حاكم التحقيق) أو المحقق في عصرنا الحاضر.

و عن النظر نفسه: التحقيق فاخذ الرشوة لهذا النظر و التحقيق حرام أيضا.

(3) و هو اخذ المال بإزاء النظر إلى المسألة ظاهر القاموس.

راجع (القاموس المحيط). الجزء 4. ص 334.

طباعة مطبعة السعادة بمصر. سنة 1332 مادة رشا عند قوله:

و الرشوة مثلثة: الجعل.

(4) أي إلى هذا المعنى المذكور للرشوة في القاموس، و إلى أنه مطلق الجعل.

ص: 394

و هو صريح الحلي أيضا في مسألة تحريم أخذ الرشوة مطلقا (1) و إعطائها إلا اذا كان على إجراء حكم صحيح فلا يحرم على المعطي هذا (2).

و لكن عن مجمع البحرين: قلّما تستعمل الرشوة إلا فيما يتوصل به الى ابطال حق، أو تمشية باطل (3).

و عن المصباح (4): هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد.

و عن النهاية (5): أنها الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، و الراشي الذي يعطي ما يعينه على الباطل، و المرتشي الآخذ، و الرائش هو الذي يسعى بينهما ليزيد لهذا، أو ينقص لهذا.

و مما يدل على عدم عموم الرشى لمطلق الجعل على الحكم: ما تقدم في رواية عمار بن مروان من جعل الرشاء في الحكم مقابلا لأجور القضاة (6)

++++++++++

(1) سواء أ كانت على الحق أم على الباطل.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك حول الرشوة.

(3) راجع (مجمع البحرين) طبعة (مطبعة الآداب) في النجف الأشرف. الجزء 1. ص 184 عند قوله: و الرشوة بالكسر ما يعطيه الشخص للحاكم و غيره.

(4) أي (المصباح المنير) في غريب الشرح الكبير.

(5) أي (نهاية ابن الأثير). طباعة (مصر)، عام 1306.

الجزء 2. ص 87 عند قوله: و الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة.

(6) حيث إن الامام عليه السلام عدّ الرشوة من الكفر في قوله:

(فأما الرشى في الأحكام يا عمار فإن ذلك الكفر باللّه العظيم، و لم يعد أجور القضاء من الرشوة.

بل عدها من السحت في قوله عليه السلام: و السحت أنواع، منها -

ص: 395

خصوصا (1) بكلمة أما.

نعم لا يختص بما يبذل على خصوص الباطل، بل يعم ما يبذل لحصول غرضه: و هو الحكم له حقا كان أو باطلا.

و هو (2) ظاهر ما تقدم عن المصباح و النهاية.

و يمكن حمل رواية يوسف بن جابر (3): على سؤال الرشوة للحكم للراشي حقا أو باطلا.

أو يقال (4): إن المراد الجعل فاطلق عليه الرشوة تأكيدا للحرمة

++++++++++

- اجور القضاة، فقوله عليه السلام: و منها اجور القضاة على عدم عموم الرشى لمطلق الجعل على الحكم.

(1) أي خصوصا كلمة أما في قوله عليه السلام: فأما الرشى في الأحكام فإنها تدل على عدم عموم الرشى لمطلق الجعل على الحكم حيث إنها تؤكد المغايرة بين أجور القضاة و الرشوة.

(2) أي العموم، المذكور: و هو سواء أ كان ما يبذل له باطلا أم حقا: ظاهر تعريف (المصباح المنير) المشار إليه في ص 395.

و ظاهر النهاية المشار إليه في ص 395.

(3) و هو المشار إليه في ص 393 في قوله عليه السلام: فسألهم الرشوة. أي و يمكن حمل الرواية على سؤال الرشوة لخصوص الحكم فقط للراشي، سواء أ كان الحكم المرتشى عليه حقا أم باطلا.

فحرمة اخذ الرشوة من جهة الحكم لا غير، و لولاها لم تحرم.

(4) هذا هو الشق الثاني لحرمة اخذ الرشوة، أي و يمكن أن يقال:

إن المراد من الرشى في قوله عليه السلام: (فأما الرشى في الأحكام يا عمار): هو الجعل الذي يعبر عنه بحق السعي. -

ص: 396

و منه (1) يظهر حرمة أخذ الحاكم للجعل من المتحاكمين، مع تعين الحكومة عليه كما يدل عليه قوله عليه السلام: احتاج الناس إليه لفقهه.

و المشهور المنع مطلقا (2)، بل في جامع المقاصد دعوى النص و الإجماع

++++++++++

- و أما إطلاق الرشوة عليه في قوله عليه السلام: فأما الرشى في الأحكام فهو من باب تاكيد الحرمة، و تغليظ الحكم، و تقبيح الفعل، و لو لا هذه الجهات لم يطلق عليه الرشوة.

(1) أي و من حديث يوسف بن جابر يظهر حرمة اخذ الحاكم الجعل من المتحاكمين في صورة تعين الحكم عليه، و عدم وجود آخر للحكم بين المتحاكمين.

وجه الظهور: أن الامام عليه السلام علق الحكم و هي حرمة اخذ الرشوة على تعين الحكم على الحاكم في قوله عليه السلام: و رجلا أحتاج الناس إليه لفقهه، بناء على أن الاحتياج دليل تفرد القاضي في الحكم و عدم وجود قاض آخر.

فمن هذا التعليق تستظهر حرمة اخذ الجعل للحكم اذا كانت القضاء منحصرا فيه.

و مرجع الضمير في عليه في قوله كما يدل عليه: الظهور.

(2) أي المشهور قائل بعدم جواز اخذ الجعل للحاكم مطلقا، سواء أ كان الحاكم منحصرا أم متعددا.

و المراد من النص: رواية يوسف بن جابر المشار إليه في ص 393.

و رواية عمار بن مروان المشار إليها في ص 393.

و المراد من الاجماع: الاجماع المدعى في قوله: و في جامع المقاصد أن على تحريمه اجماع المسلمين. -

ص: 397

و لعله (1) لحمل الاحتياج في الرواية على الاحتياج إلى نوعه و لاطلاق (2) ما تقدم في رواية عمار بن مروان: من جعل أجور القضاة

++++++++++

- و سنشير في الهامش 1 إلى كيفية دلالتهما على ما ذهب إليه صاحب (جامع المقاصد): من حرمة اخذ الجعل مطلقا، سواء أ كان الحاكم منفردا أم متعددا.

(1) أي و لعل صاحب جامع المقاصد انما ذهب إلى حرمة أخذ الجعل مطلقا لأجل حمله الاحتياج الوارد في رواية يوسف بن جابر المشار إليها في ص 393: على الاحتياج إلى نوع الفقيه، لا إلى شخصه في قوله عليه السلام: و رجلا احتاج الناس إليه لفقهه، فاذا اريد من الفقيه نوعه و هو الذي يحكم لهم في الخصومات فيحرم عليه اخذ الجعل و ان كان الحاكم متعددا.

(2) هذا دليل ثان من (الشيخ الأنصاري) لما ذهب إليه صاحب (جامع المقاصد): من حرمة أخذ الجعل مطلقا، سواء أ كان الحاكم متعددا أم منفردا فهو عطف على الدليل الأوّل، أي و لعل صاحب (جامع المقاصد) إنما ذهب إلى حرمة أخذ الجعل مطلقا لأجل اطلاق رواية (عمار بن مروان).

كيفية الاستدلال: ان قوله عليه السلام: فأما الرشى في الأحكام يا عمار فهو الكفر باللّه العظيم: مطلق يشمل الحاكم المتعين عليه الحكم كما اذا كان منحصرا في شخصه.

و المتعدد و هو الذي لم يتعين الحكم عليه كما اذا كان الحكام متعددين ففي الرواية لم يقيد عليه السلام الرشوة في الأحكام بحاكم مخصوص.

بل اطلق و قال: فأما الرشى في الأحكام، فمن هذا الاطلاق نستكشف حرمة أخذ الجعل مطلقا، سواء أ كان الحاكم منفردا -

ص: 398

من السحت، بناء على أن الأجر في العرف يشمل الجعل و ان كان بينهما فرق عند المتشرعة (1).

++++++++++

- أم متعددا.

و كلمة من في قوله: من جعل أجور القضاة بيان لقوله: ما تقدم أي ما تقدم عبارة من جعل أجور القضاة من السحت.

(1) أي و ان كان بين الجعل و الأجر فرق عند الفقهاء، حيث إن الأجر يقع إزاء العمل المستأجر، و عمل المتبرع.

بخلاف الجعل، حيث إنه لا يقع في قبال العمل المتبرع به، و ان كان وقوعه غير لازم في الخارج كقول القائل: من رد علي ضالتي فله علي كذا، أو من اخذ حقي من خصمي فله علي كذا، أو اذا قيل لرجل معين:

لو رددت ضالتي فلك عندي دينار.

فعلى هذا تكون النسبة بين الأجر و الجعل العموم و الخصوص المطلق أي كلما صدق الجعل صدق الأجر.

و ليس كلما صدق الأجر صدق الجعل. فالأخص من جانب الجعل.

ثم إن الجعل بالفتح مصدر. و بالضم اسم مصدر.

يقال: جعلت كذا جعلا و جعلا.

و الجعل بالضم الذي هو اسم المصدر عبارة عما تقرر إعطاؤه على العمل.

و قال في (مجمع البحرين) في مادة جعل: الجعل بضم الجيم و إسكان العين: ما يجعل للإنسان على عمل يعمله.

و كذلك الجعالة بفتح الجيم و العين.

و قيل: هي بالكسر.

و تعريفه في اللغة: أن الجعل ما يجعل للانسان على عمل. -

ص: 399

و ربما يستدل على المنع (1) بصحيحة ابن سنان قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ على القضاء الرزق من السلطان.

قال عليه السلام: ذلك السحت (2).

و فيه (3) ان ظاهر الرواية كون القاضي منصوبا من قبل السلطان الظاهر، بل الصريح في سلطان الجور، اذ ما يؤخذ من العادل لا يكون سحتا قطعا، و لا شك ان هذا المنصوب غير قابل للقضاء فما يأخذه سحت من هذا الوجه.

و لو فرض كونه (4) قابلا للقضاء لم يكن رزقه من بيت المال أو من جائزة السلطان محرما قطعا فيجب اخراجه عن العموم.

++++++++++

- و في الشرع على ما قرره الفقهاء و اهل العلم: صيغة ثمرتها تحصيل المنفعة بعوض، مع عدم اشتراط العلم بالعوض و العمل.

(1) أي على منع أخذ القاضي الجعل.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 161-162، الباب 8 من أبواب آداب القاضي. الحديث 1.

(3) أي و في الاستدلال بالصحيحة المذكورة على منع أخذ القاضي الجعل إزاء الحكم: نظر و اشكال، اذ الظاهر من الصحيحة، بل صراحتها:

أن المراد من السلطان في قول السائل: يأخذ على القضاء الرزق من السلطان: هو السلطان الجائر، فالمنصوب من قبله غير قابل للحكم و الإفتاء، لسقوط عدالته بقبوله هذا المنصب من قبله حيث ان الشارع لم يعتبر هذا المنصب المتلقى من السلطان الجائر، فما يأخذه يكون سحتا.

(4) أي لو فرض كون هذا القاضي المنصوب من قبل السلطان الجائر قابلا للقضاء و الافتاء: بأن استأذن من الامام العادل عليه السلام -

ص: 400

إلا (1) أن يقال: إن المراد الرزق من غير بيت المال.

و جعله على القضاء بمعنى المقابلة قرينة على إرادة العوض.

و كيف كان فالأولى في الاستدلال على المنع ما ذكرناه.

++++++++++

- في تصديه لهذا المنصب: فلا يكون ارتزاقه من بيت المال، أو اخذه الجوائز من هذا السلطان محرما، لخروج هذا القاضي المنصوب من قبل الجائر بسبب استيذانه من الامام عليه السلام عن تحت العمومات الواردة في عدم جواز اخذ القاضي الأجر على القضاء في قوله عليه السلام: فأما الرشى في الأحكام يا عمار فان ذلك الكفر باللّه العظيم المشار إليه في ص 393.

و في قوله عليه السلام: ذلك السحت في جواب السائل عن قاض بين قريتين يأخذ على القضاء الرزق من السلطان المشار إليه في ص 400.

و في قوله عليه السلام: لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من نظر الى فرج امرأة لا تحل له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا احتاج الناس لفقهه فسألهم الرشوة المشار إليه في ص 393 فمثل هذا القاضي خارج عن تحت تلك الكبرى الكلية، و ليست من صغرياتها.

(1) هذا استثناء عما افاده من أن ما يأخذه القاضي المنصوب من قبل السلطان الجائر يمكن أن يكون جائرا و لا يكون سحتا بفرض كونه مستأذنا في ذلك عن المعصوم عليه السلام.

و خلاصة الاستثناء: أنه لو قلنا: إن المراد من الرزق الوارد في قوله عليه السلام: يأخذ على القضاء الرزق من السلطان: الرزق من غير بيت المال بأن يأخذه من المتحاكمين تجاه حكمه لهما: اتجهت الحرمة لكون ما يأخذه حينئذ سحتا لا مبرر له.

و القرينة على أن المراد من الرزق الرزق الذي يأخذه من المتحاكمين تجاه حكمه:.

ص: 401

خلافا لظاهر الغنية، و المحكي عن القاضي الجواز (1).

++++++++++

- جعل الامام عليه السلام الرزق في قبال الحكم و القضاء أي ما يأخذه عوض عن الحكم الذي عليه.

كما افاد هذا المعنى الشيخ بقوله: و جعله على القضاء بمعنى المقابلة قرينة على إرادة العوض.

أي سواء قلنا: إن المراد من الرزق الرزق من بيت المال أم الرزق الذي يأخذه عوضا عن الحكم بين المتحاكمين:

فالأولى في الاستدلال على منع اخذ الرشوة على الحكم: ما ذكرناه من الروايات المتقدمة.

و هي رواية اصبغ بن نباتة المشار إليها في ص 392 في قوله عليه السلام:

و ان اخذ رشوة فهو مشرك.

و رواية عمار بن مروان المشار إليها في الهامش في قوله عليه السلام:

فأما الرشى في الأحكام يا عمار فان ذلك الكفر باللّه العظيم.

و رواية سماعة المشار إليها في ص 393.

و رواية يوسف بن جابر المشار إليها في ص 393 في قوله عليه السلام:

و رجلا احتاج الناس إليه لفقهه، بناء على حمل الاحتياج على الاحتياج النوعي، لا الاحتياج الشخصي.

هذا بناء على أن المراد من قوله: ما ذكرناه الأخبار.

و يحتمل أن يكون المراد من ما ذكرناه التفصيل المتقدم في قوله:

ان كان القاضي منصوبا من قبل السلطان الجائر فلا يجوز له اخذ المال.

و إن كان منصوبا من قبله، لكنه استأذن عن الامام المعصوم عليه السلام فيجوز له الأخذ من بيت المال، أو من جوائز السلطان.

(1) أي جواز اخذ الحاكم الجعل على الحكم. -

ص: 402

و لعله (1) للأصل، و ظاهر (2) رواية حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من استأكل (3) بعلمه افتقر.

فقلت: إن في شيعتك قوما يتحملون علومكم، و يبثونها في شيعتكم فلا يعدمون (4) منهم البر و الصلة و الإكرام.

فقال عليه السلام: ليس أولئك بمستأكلين إنما ذاك (5) الذي يفتي بغير علم، و لا هدى من اللّه، ليبطل به الحقوق، طمعا في حطام الدنيا الى آخر الخبر (6).

++++++++++

- و كلمة الجواز مرفوعة على أنها نائب فاعل لقوله: المحكي.

(1) أي و لعل جواز اخذ الجعل الذي ذهب إليه صاحب المقنعة و القاضي ابن البراج لاجل أصالة الاباحة في الأشياء، حيث إن العقلاء يبنون على الاباحة في كل الأشياء ما لم يرد نهي من الشارع.

(2) بالجر عطفا على مدخول (لام الجارة) في قوله: للأصل أي و لعل جواز اخذ الجعل الذي ذهب إليه صاحب المقنعة و القاضي للأصل، و لظاهر رواية حمزة بن حمران.

(3) من باب الاستفعال من استأكل يستأكل استئكالا و زان استخرج يستخرج استخراجا: معناه طلب الأكل و المقصود منه هنا: الاسترزاق أي من استرزق بعلمه.

(4) فعل مضارع معلوم من عدم يعدم و زان علم يعلم، معناه وصول الشيء القليل إلى الانسان، أي لا يصل لهؤلاء الذين يبثون علوم (الأئمة من أهل البيت) صلوات اللّه عليهم في الشيعة إلا الشيء القليل.

(5) أي المستأكل هو القاضي الذي يفتي بغير علم.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 102-103. الباب 11 من أبواب آداب القاضي. الحديث 12.

ص: 403

و اللام في قوله: ليبطل به الحقوق إما للغاية (1) أو للعاقبة (2).

و على الأوّل (3) فيدل على حرمة أخذ المال في مقابل الحكم بالباطل

++++++++++

(1) لام الغاية: ما كان مدخولها مقصودا للانسان كقولك: جئت (النجف الأشرف) للدراسة الدينية فالدراسة التي هو مدخول اللام هي الغاية المقصودة للانسان.

فمعنى كون اللام في الحديث في قوله عليه السلام: ليبطل به الحقوق للغاية: أن المقصود من الافتاء بغير علم: هو إبطال حقوق الآخرين ليأخذ المال، و حطام الدنيا في مقابل هذه الفتوى التي تبطل حقوق الآخرين.

(2) لام العاقبة: ما كان مدخولها غير مقصود للانسان، بل المدخول نتيجة للسابق في الكلام كما في قوله تعالى: «فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً» . القصص: الآية 8.

فكون وجود موسى عليه السلام عدوا لآل فرعون و حزنا لهم الذي هو مدخول اللام ليس مقصودا لآل فرعون من اخذه، بل المقصود من أخذه أن يكون لهم ولدا و عونا.

لكن عاقبة الالتقاط اصبحت ذلك، فالمدخول نتيجة لهذا الالتقاط الذي سبق في الكلام.

فمعنى لام العاقبة في الحديث: أن عاقبة الفتوى بغير علم: هو إبطال حقوق الآخرين، مع أن هذا ليس مقصودا.

(3) و هو كون اللام للغاية أي بناء على ذلك فالحديث يدل على حرمة أخذ المال في مقابل الحكم بالباطل، حيث إن الامام عليه السلام في مقام الذم.

ص: 404

و على الثاني (1) فيدل على حرمة الانتصاب للفتوى من غير علم طمعا في الدنيا.

و على كل تقدير (2) فظاهرها حصر الاستيكال المذموم فيما كان لأجل الحكم بالباطل، و مع عدم معرفة الحق فيجوز الاستيكال مع الحكم بالحق

و دعوى (3) كون الحصر اضافيا بالنسبة إلى الفرد الذي ذكره على حرمة

++++++++++

(1) و هو كون اللام للعاقبة: أي بناء على ذلك فالحديث يدل على حرمة انتصاب القاضي للفتوى من غير علم.

(2) أي سواء أ كانت اللام للغاية، أم للعاقبة فظاهر الرواية المشار إليها في ص 403.

(3) دفع و هم حاصل الوهم: أن الحصر في قوله عليه السلام:

إنما ذاك الذي يفتي بغير علم اضافي، و أنه من باب حصر الصفة على الموصوف.

و قبل الخوض في ذكر الوهم و حاصله لا بأس بالاشارة الاجمالية الى أقسام الحصر، لارتباطه بالمقام، ثم الشروع في الوهم و الجواب عنه

فنقول: الحصر إما حصر الصفة على الموصوف، أو حصر الموصوف على الصفة.

و كل واحد منهما إما حصر حقيقي، أو إضافي فهذه أربعة أقسام.

(الأوّل): حصر الصفة على الموصوف كقولك: و ما خاتم النبيين إلا محمد صلى اللّه عليه و آله، أو و ما شاعر إلا زيد، فإن حصر الخاتمية في (الرسول الأعظم). و الشاعرية في زيد حصر الصفة على الموصوف.

(الثاني): حصر الموصوف على الصفة كقوله تعالى:

«وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ اَلرُّسُلُ» (1) .

و ما زيد إلا شاعر. -

ص: 405


1- آل عمران: الآية 144.

السائل (1) فلا يدل إلا على عدم الذم،

++++++++++

- فحصر محمد صلى اللّه عليه و آله في الرسالة، و زيد في الشاعرية حصر الموصوف في الصفة.

(الثالث): و هو الحصر الحقيقي كالمثال الأوّل.

(الرابع): الحصر الاضافي كالمثال الثاني، فان للرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله صفات غير الرسالة. لا تنحصر فيها، لكن القوم لما أرادوا منه صلى اللّه عليه و آله أشياء على خلاف نواميس الطبيعة البشرية فأنزل اللّه سبحانه و تعالى: وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ اَلرُّسُلُ .

و كذلك زيد لا تنحصر صفاته في الشاعرية، اذ من الممكن أن يكون له الكرم و الشجاعة و البلاغة، و هكذا.

اذا عرفت هذا فاعلم أن هنا وهما حاصله: أن الحصر في قوله عليه السلام: إنما ذاك الذي يفتي بغير علم من باب حصر الصفة على الموصوف، و أن الحصر إضافي فلا يقتضي رفع الذم عن غيرهم: و هم الذين يفتون بعلم و عدل و هدى.

بل يختص رفع الذم بالذين يبثون علوم: (أئمة أهل البيت) عليهم السلام فقط، فالامام عليه السلام إنما حصر الذم بالذين يفتون بغير علم، و رفع الذم عن الذين يبثون علوم (أهل البيت).

و أما الذين يفتون بعلم و عدل، و يحكمون بالحق فيجوز لهم الاستيكال كما افاده الشيخ بقوله: و يجوز لهم الاستيكال.

و يمكن شمول الرواية لمثل هذا القاضي الذي يحكم بالعلم و العدل اذا كان منصوبا من قبل السلطان الظالم فيحرم عليه الأخذ حينئذ فحكمه حكم القاضي الذي يحكم بغير علم و عدل

(1) و هو الذي يتحمل علوم (الأئمة) عليهم السلام ليبثها في شيعتهم كما عرفت في الهامش آنفا.

ص: 406

على هذا الفرد (1)، دون كل من كان غير المحصور فيه (2)، خلاف (3) الظاهر.

و فصل في المختلف فجوز أخذ الجعل و الأجرة مع حاجة القاضي و عدم تعيين القضاء عليه، و منعه (4) مع غناه.

++++++++++

(1) و هو الذي يبث علوم (الأئمة) في الشيعة كما عرفت في الهامش

(2) و هم الذين يفتون بغير علم، أي عدم الذم متوجه إلى الذين يبثون علوم (الأئمة) في الشيعة، لا إلى الذين يفتون بغير علم، فإن هؤلاء يتوجه نحوهم الذم في قوله عليه السلام: انما ذاك الذي يفتي بغير علم: أى إنما المستأكل هو الذي افتى بغير علم، لا الذي افتى بعلم، و قضى بالحق و الهدى.

(3) بالرفع خبر للمبتدإ المقدم في قوله: و دعوى.

هذا جواب عن الوهم المذكور. و خلاصته:

أن دعوى الحصر الاضافي هنا خلاف الظاهر، لأن كلمة إنما موضوعة للحصر الحقيقي، لا الحصر الاضافي حتى يقال: إن عدم الذم منحصر بالنسبة إلى الذين يبثون علوم الأئمة في شيعتهم، و الذم منحصر في الذين يفتون بغير علم.

و أما القضاة الذين مع الحق فالرواية ساكتة عنهم.

فقول الامام عليه السلام في جواب السائل: إنما ذاك الذي يفتي بغير علم يحصر الاستيكال في القضاة الذين يفتون بغير علم فقط.

و أما غيرهم من الذين يفتون بعلم و هدى و عدل فغير مذمومين فلا تشملهم الرواية في عدم جواز الأكل من بيت المال، بل يجور لهم الأكل و الاستيكال.

(4) أي منع العلامة جواز أخذ القاضي الأجر اذا كان غنيا فجواز أخذ الأجر عند العلامة مقيد بقيدين:

ص: 407

أو عدم (1) الغنى عنه.

و لعل اعتبار عدم تعين القضاء، لما تقرر عندهم من حرمة الأجرة على الواجبات العينية، و حاجته لا تسوغ أخذ الأجرة عليها (2)، و إنما

++++++++++

- (الأوّل): احتياجه إلى الارتزاق بحيث لا يكون له مورد غير ذلك.

(الثاني): عدم تعين القضاء عليه، فمفهوم القيد الأوّل: يفيد عدم جواز أخذ القاضي الجعل لو كان غنيا و ان كان القضاء عليه غير متعين.

و مفهوم القيد الثاني: يفيد عدم جواز أخذ القاضي الجعل و ان كان فقيرا.

كما أنه قيد عدم جواز الأخذ بقيدين أيضا: غنى القاضي بعدم احتياجه إلى المال. و انحصار القضاء فيه.

و لا يخفى أن عدم جواز أخذ القاضي الجعل في هذه الصورة مبني على وجود بيت مال للمسلمين حتى يرتزق منه.

أو وجوب اعانته على المسلمين، أو هناك طريق آخر للارتزاق.

و إما اذا لم يكن احد المذكورات موجودا، و ليس له مورد يعيش به.

فالحكم بعدم جواز أخذه الجعل مشكل، إذ معناه أنه يضحي بحياته و حياة عائلته في سبيل ذلك.

لكن الجواب عن هذا واضح، حيث ان الضرورات تبيح المحظورات فاذا بلغ الأمر إلى هذا الحد جاز له أخذ الجعل للتعيش، لا للحكم، فإن الأخذ للحكم لا يجوز على كل حال.

(1) هذا هو الفرد الثاني من فردي عدم جواز اخذ القاضي الأجر من بيت المال. و قد عرفته آنفا.

(2) أي على الواجبات العينية.

ص: 408

يجب على القاضي و غيره رفع حاجته من وجوه اخر (1).

و أما اعتبار الحاجة (2) فلظهور اختصاص أدلة المنع (3) بصورة الاستغناء كما يظهر (4) بالتأمل في روايتي يوسف و عمار المتقدمتين، و لا مانع من التكسب بالقضاء من جهة وجوبه الكفائي كما هو أحد الأقوال في المسألة الآتية في محلها ان شاء اللّه.

و أما الارتزاق من بيت المال فلا اشكال في جوازه للقاضي مع حاجته

++++++++++

(1) كما شرحناه لك في الهامش ص 408.

و لا يخفى أن القضاء ليس امرا عباديا متوقفا على قصد القربة حتى لا يجوز أخذ الاجرة عليه، بل هو من الواجبات التوصلية.

لكن عدم الجواز فيه لأجل الأخبار الواردة في ذلك المنصرفة الى الرشوة، ليكون الحكم في صالح أحد المتحاكمين.

أو في ضرر احدهما، ما لم يحكم خلاف الحق.

(2) و هو احتياج القاضي إلى الارتزاق، و عدم وجود مورد له ذلك

(3) و هي الأخبار الواردة في ذلك، و قد اشير إليها في ص 392-394.

(4) أي يظهر اختصاص أدلة المنع بصورة استغناء القاضي عن المال من روايتي يوسف و عمار المشار إليهما في ص 393.

و لا يخفى عدم ظهور الروايتين في اختصاص المنع بصورة الاستغناء لمن تأملهما دقيقا، حيث يقول صلى اللّه عليه و آله في رواية يوسف بن جابر: و رجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة، فالسؤال هنا عام سواء أ كان في صورة الاحتياج أم في صورة الاستغناء.

و أما رواية عمار فقوله عليه الصلاة و السلام:

فأما الرشى في الأحكام فان ذلك الكفر باللّه. فهو عام أيضا ليس فيها أي اشارة إلى اختصاص المنع بصورة الاستغناء.

ص: 409

بل مطلقا (1) اذا رأى الامام المصلحة فيه، لما سيجيء من الأخبار الواردة.

في مصارف الأراضي الخراجية.

و يدل عليه ما كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر (2) من قوله عليه السلام: و أفسح له، أي للقاضي بالبذل ما يزيح علته و تقل معه حاجته إلى الناس (3).

و لا فرق (4) بين أن يأخذ الرزق من السلطان العادل، أو من الجائر لما سيجيء من حلية بيت المال لأهله و لو خرج من يد الجائر.

و أما ما تقدم في صحيحة ابن سنان (5) من المنع من أخذ الرزق من السلطان فقد عرفت الحال (6) فيه.

++++++++++

(1) أي سواء أ كان محتاجا أم لا اذا رأى الامام عليه السلام المصلحة في ارتزاق القاضي الغني من بيت المال.

(2) يأتي شرح حياته في اعلام المكاسب.

(3) راجع (نهج البلاغة) شرح الشيخ محمد عبده. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. طبع مصر. الجزء 3. ص 105 عند قوله عليه السلام: و افسح له في البذل ما يزيل علته و تقل معه حاجته إلى الناس.

و شرح (ابن أبي الحديد) الجزء 4. ص 58. طباعة دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان.

(4) أي في حالة القضاء، و جواز اخذ الرزق من بيت المال.

(5) المشار إليها في ص 400 عند قوله عليه السلام في جواب السؤال عن القاضي أنه يأخذ الرزق من السلطان: ذلك السحت.

(6) من أن القاضي المنصوب من قبل السلطان الجائر غير قابل للقضاء بين الناس، لأنه بقبوله هذا المنصب من قبل الجائر يخرج عن العدالة و لا يليق لهذا المنصب.

ص: 410

و أما الهدية و هي ما يبذله على وجه الهبة (1) ليورث المودة الموجبة للحكم له حقا كان أو باطلا و إن لم يقصد المبذول (2) له الحكم الا بالحق اذا عرف و لو من القرائن أن الباذل قصد الحكم له على كل تقدير فيكون الفرق بينها (3)، و بين الرشوة: أن الرشوة تبذل لأجل الحكم، و الهدية تبذل لإيراث الحب المحرك له على الحكم على وفق مطلبه فالظاهر حرمتها (4) لأنها رشوة، أو بحكمها بتنقيح المناط.

و عليه (5) يحمل ما تقدم من قول أمير المؤمنين عليه السلام: و إن أخذ «يعني الوالي» هدية كان غلولا (6)، و ما ورد من أن هدايا العمال

++++++++++

(1) من دون أن يشترط الحكم له، أو على خصمه.

(2) و هو الحاكم فإنه و ان لم يقصد الحكم للباذل و المهدي، بل يقصد الحكم طبق الحق، سواء أ كان له أم عليه.

لكن مع ذلك يحرم على الحاكم أخذ الهدية.

(3) أي بين الهدية.

(4) أي حرمة مثل هذه الهدية لأنها رشوة، أو بحكمها، بناء على وحدة الملاك و تنقيح المناط، حيث إن الرشوة إنما تعطى لأجل أن الحاكم يحكم للراشي و يصالحه و ان كان محقا، خوفا من أنه لو لم يعط للقاضي لعله يرتشى من خصمه.

و هذا الملاك بعينه موجود في الهدية، لأنها تعطى لايجاد المحبة في الموهوب له، و لازم ايجاد المحبة في الموهوب له أن يحكم الحاكم لصالح الواهب لا محالة

(5) أي و على جلب المحبة للحكم في الهدية.

أو و على تنقيح المناط.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 63-64. الباب 5 من أبواب تحريم أجر الفاجرة. الحديث 10. -

ص: 411

غلول (1)، و في آخر سحت (2).

و عن عيون الأخبار عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير قوله تعالى: أَكّٰالُونَ لِلسُّحْتِ قال: هو الرجل يقضي لأخيه حاجته، ثم يقبل هديته (3).

و للرواية (4) توجيهات تكون الرواية على بعضها محمولة على ظاهرها

++++++++++

- و جملة: (يعني الوالي) التي جعلناها بين القوسين في المتن ليست من الحديث، بل جملة تفسيرية جاء بها الشيخ لتفسير فاعل أخذ.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 163. الحديث 6.

و في المصدر هدية الأمراء.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 62. الحديث 2-5. و ص 63. الحديث 9.

(3) نفس المصدر. ص 64، الحديث 11.

(4) و هي رواية (عيون الأخبار) أي هذه الرواية تحتاج إلى توجيهات.

أما وجه احتياجها إلى توجيهات فلأن ظاهر تفسير الامام عليه السلام آية أكاّلون للسحت: بمن يأخذ الهدية عن أخيه بعد أن انجز له حاجته: يرينى؟؟؟ امرا عجيبا، اذ كيف يمكن أن يعد آخذ الهدية بمجرد أخذها من الأكّالين للسحت، مع أننا نرى بالعيان كثيرا من الناس يعطون الهبات و الهدايا بكل طيب و إخلاص لمن يقضي لهم الحاجات و قد جرت سيرة الناس و ديدنهم على ذلك، فتعبير الامام عليه السلام عن الهدية بالسحت، و عن آكلها بأكال السحت ظاهرة عجيبة تحتاج الى التوجيه و التأويل، لعدم وجود مبرر لذلك.

و قد ذكر الشيخ توجيهين لذلك على سبيل منع الخلو في المتن.

أليك خلاصتهما.

(الأوّل): أن يقال: إن عد مثل هذه الهدية التي تؤخذ بعد قضاء -

ص: 412

من التحريم (1).

و على بعضها محمولة على المبالغة (2) في رجحان التجنب عن قبول الهدايا من أهل الحاجة إليه، لئلا يقع (3) في الرشوة يوما.

++++++++++

- الحاجة لأخيه: من السحت، و آكلها من الأكالين للسحت اذا كان على وجه الاشتراط بأن يشترط من يقضي الحاجة لأخيه معه: أن لي كذا من المال لو قضيته لك فحينئذ لا شك في حرمة مثل هذا الاشتراط و حرمة هذه الهدية و أنها من السحت، و آكلها من الأكالين للسحت.

(الثاني): أن يكون تعبيره عليه السلام عن مثل هذه الهدية بالسحت و عن آكلها بأكال السحت، لحث الناس عن الاجتناب البالغ عن أكل مثل هذه الهدايا في قبال الحاجة التي تقضى، و لئلا يتورطوا في الحرام شيئا فشيئا حتى لا يشاب عمل قاضي الحاجة بما يحبط أجره عند اللّه عز و جل و أنه لا ينبغي للمسلم بما هو مسلم من اخيه المسلم تجاه عمل يقوم له، اذ مقتضى الأخوة الاسلامية أن لا يأخذ من أخيه شيئا حتى تتوثق عراها اكثر و أشد من سابقها، و ان كان يستحب لصاحب الحاجة إعطاء شيء لمن قضى حاجة.

فالحاصل أن التعبير عن مثل هذه الهدية بالسحت، و عن آكلها بأكال السحت محمول على أحد الأمرين المذكورين لا محالة.

(1) هذا هو التوجيه الأوّل الذي ذكرناه بقولنا: الأوّل أن يقال

(2) هذا هو التوجيه الثاني الذي ذكرناه بقولنا: الثاني أن يكون تعبيره.

(3) أي آخذ الهدية بعد قضاء الحاجة لأخيه المؤمن.

و كلمة من في قول الشيخ: من التحريم بيانية لكلمة توجيهات في قوله: و للرواية توجيهات -

ص: 413

و هل تحرم الرشوة في غير الحكم؟ بناء على صدقها (1) كما يظهر مما تقدم عن المصباح (2) و النهاية (3) كأن يبذل له مالا على أن يصلح أمره عند الأمير (4)، فان كان أمره (5) منحصرا في المحرم، أو مشتركا بينه و بين المحلل (6) لكن بذل على اصلاحه حراما، أو حلالا فالظاهر (7)

++++++++++

- و اللام في قوله: لئلا يقع تعليل للمبالغة في رجحان التجنب عن قبول الهداية.

أي لئلا يقع القاضي في الرشوة يوما ما بسبب أخذه الهدية كما ورد عن المعصوم عليه السلام من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.

(1) أي بناء على صدق الرشوة في غير الحكم أيضا.

و أما بناء على عدم الصدق فلا يحرم أخذها.

(2) في قوله: الرشوة: ما يعطيه الشخص للحاكم، أو غيره في ص 395 و لا يخفى ان الذي يفيد في المقام هو الصدق العرفي، لا التعريف اللغوي و الصدق العرفي ممنوع.

(3) في قوله: إنها الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة في ص 395.

(4) مثال للرشوة في غير الحكم.

(5) أي أمر معطي الرشوة لغير الحكم كان منحصرا عند الأمير.

(6) كأن كان هناك مال مشترك بينه و بين شخص آخر فيروم الاستيلاء عليها فيعطي المال لزيد ليستخلصها له، سواء أ كان هذا الذي يبذله لزيد مالا حراما أم حلالا.

(7) أي الظاهر حرمة هذا الشيء الذي يعطيه للشخص في سبيل اصلاح امره الذي كان عند الأمير و كان محرما لا غير، أو مشتركا بين الحلال و الحرام، لأنه من باب الأكل بالباطل، لا من باب أن المأخوذ رشوة، لعدم الدليل على كون الرشوة في غير الحكم حراما، سوى بعض الاطلاقات المتقدمة: -

ص: 414

حرمته لا لأجل الرشوة، لعدم (1) الدليل عليها، عدا بعض الإطلاقات المنصرف إلى الرشى في الحكم، بل (2) لأنه أكل للمال بالباطل فتكون الحرمة هنا لأجل الفساد (3) فلا يحرم القبض في نفسه، و انما يحرم التصرف لأنه باق على ملك الغير.

++++++++++

- و هي رواية أصبغ بن نباتة المشار إليها في ص 392 عند قوله عليه السلام:

و إن اخذ رشوة فهو مشرك، حيث إن كلمة رشوة هنا مطلقة تشمل الرشوة المبذولة في سبيل الحكم، و الرشوة المبذولة في سبيل اصلاح الأمر عند الأمير.

لكننا نقول: إن الاطلاق المذكور منصرف إلى الرشوة المبذولة في سبيل الحكم فقط، و لا تشمل الرشوة المبذولة في سبيل اصلاح الأمر فلا تكون حرمة مثل هذا المبذول من باب الرشوة، بل من باب أكل المال بالباطل. كما أفاده (شيخنا الأنصاري) بقوله: بل لأنه أكل للمال بالباطل.

(1) أي لعدم الدليل على الرشوة.

تعليل لكون المبذول في سبيل اصلاح الأمر ليس رشوة.

أي ليس لنا دليل على ذلك سوى بعض الاطلاقات.

و قد عرفت بعض الاطلاقات و الجواب عنه آنفا.

(2) أي بل الدليل على حرمة مثل هذه الرشوة: أنه من باب اكل المال بالباطل كما عرفت.

(3) المراد من الفساد هنا: استيلاء الآخذ على مال الغير بدون مملك شرعي فحرمة هذا المال لأجل ذلك لا غير، و لذا يبقى المال على ملك -

ص: 415

نعم (1) يمكن أن يستدل على حرمته بفحوى اطلاق ما تقدم في هدية الولاة و العمال.

و أما بذل المال على وجه الهدية الموجبة لقضاء الحاجة المباحة فلا حظر فيه كما يدل عليه ما ورد في أن الرجل يبذل الرشوة ليتحرك من منزله فيسكنه.

قال: لا بأس به (2).

++++++++++

- مالكه يجب على القابض رده إليه، و عدم جواز التصرف فيه فيبقى عنده أمانة شرعية، لأن مثل هذا النوع من القبض لا يكون مملكا للعين.

و أما قبضه المال ابتداء فلا يحرم عليه شرعا، لأن القبض بأمر من المعطي

(1) استدراك عما افاده آنفا من عدم حرمة بذل هذا المال في نفسه لعدم الدليل على حرمته.

و خلاصة الاستدراك: أنه يمكن الاستدلال بحرمة هذا المال بفحوى اطلاق ما تقدم في هدية الولاة في قوله عليه السلام: و ان اخذ يعنى الوالي هدية كان غلولا.

و بفحوى إطلاق هدية العمال في قوله عليه السلام: إن هدايا العمال غلول، و قد اشير إلى الحديث الأوّل في ص 392، و إلى الحديث الثاني في ص 411 ففحوى الحديثين يدل على حرمة أخذ مثل هذه الهدية التي تبذل في غير الحكم الشرعي من باب مفهوم الأولوية.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 207. الباب 85 من أبواب ما يكتسب به. كتاب التجارة. الحديث 2.

و في المصدر: على أن يتحول من منزله بدل ليتحرك.

أليك نص الحديث:

عن (محمد بن مسلم) قال: سألت (أبا عبد اللّه عليه السلام) عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحول من منزله فيسكنه. -

ص: 416

..........

++++++++++

- قال: لا بأس به.

و مرجع الضمير في منزله: الرجل الباذل كما أن فاعل يسكنه في قوله:

ليسكنه: الرجل الباذل.

و يحتمل أن يكون مرجع الضمير في منزله: الرجل المبذول له.

ثم لا يخفى أن اطلاق الرشوة على إعطاء شيء لشخص ليحمله على ما يريد صحيح و قد نص عليه (صاحب المصباح) بقوله:

هي ما يعطيه الشخص للحاكم، أو غيره ليحكم له، أو يحمله على ما يريد، فعليه يحتمل أن تكون الرشوة هنا كالأجر فيعطي الباذل المبلغ للنازل في المنزل ليتحول عنه: و ذلك بأن يأتي شخص إلى ساكن الدار أو المحل فيغريه بمال ليخرج حتى يحل محله.

ثم إن (شيخنا الأنصاري) حمل المنزل على المنزل المشترك بين المسلمين كالمدرسة و المسجد و السوق و غيرها من الأماكن العامة.

و كأن الشيخ استفاد هذا الحمل من صاحب (وسائل الشيعة)، حيث قال في المصدر نفسه: الظاهر أن المراد من المنزل: المنزل المشترك بين المسلمين كالأرض المفتوحة عنوة، أو الموقوفة على طائفة خاصة.

لكن الظاهر عدم اختصاص المنزل الوارد في الرواية بما ذكره (شيخنا الأنصاري) تبعا (لصاحب الوسائل)، حيث إن كلمة المنزل عامة تشمل كل ما يصلح للنزول و السكنى فيه، سواء أ كان دارا أم حانوتا أم رباطا أم مدرسة، أم شيئا آخر، و لا اختصاص له بما ذكر، و سواء أ كان خصوصيا أم عموميا.

ثم إنه من المحتمل قويا استفادة جواز أخذ (السرقفلي) الذي هو إعطاء مبلغ إلى النازل في المنزل و الساكن فيه حتى يرفع اليد عن ذلك -

ص: 417

..........

++++++++++

- و عن حق سكناه الشرعي: من الحديث الشريف حيث إن الحديث يصرح بجواز دفع المكلف مبلغا إلى الساكن في المنزل ليفرغه و يرفع اليد عنه حتى يسكنه هو، فعليه يجوز دفع مبلغ أيضا إلى النازل في الحانوت، أو المعمل أو أي مكان آخر ليسكنه هو، بناء على أن المراد من المنزل معناه الأعم و هو مكان النزول و محله، سواء أ كان دارا أم حانوتا أم مدرسة أم رباطا و لا اختصاص له بالمدرسة، أو الرباط، أو الحسينيات، أو الأمكنة العامة.

و ليس في الحديث ما يدل على الاختصاص المذكور المستفاد من كلام الشيخ تبعا لصاحب (وسائل الشيعة).

و في العصور الغابرة يعبر عن ذلك المبلغ (بالرشوة).

و في عصرنا الحاضر (بالسرقفلي).

ثم إن الساكن ان رفع اليد عن المنزل بمعناه الأعم و افرغه للدافع فهو المطلوب، و إلا استرجع ما دفعه إليه.

ثم لو بقيت للساكن في المنزل مدة دفع الباذل مبلغا آخر للساكن عوضا عن تلك المدة الباقية إما بعنوان مال الاجارة ان كان للساكن حق الاجارة و إما بعنوان المصالحة.

و لو لم يكن للساكن حق الاجارة فالمتعين المصالحة.

هذا ما يمكن استفادته من الحديث الشريف حول اصل جواز أخذ (السرقفلي).

بالإضافة إلى إمكان القول: بأن دفع مبلغ إلى الساكن في المنزل أو الحانوت ليرفع اليد عنه: يكون تجاه حق السبق المعبر عنه (بحق الاختصاص)، حيث إن الساكن قد أوجد فيه كيانا خلال مدة سكناه فيه حتى صارت له شهرة محلية يقصد إليه من كل أنحاء المدينة، و لربما بلغت -

ص: 418

..........

++++++++++

- الشهرة إلى حد يقصدون المحل من أنحاء البلاد فبهذه الشهرة يثبت له حق الاختصاص، و اذا ثبت حق الاختصاص جاز بذل المال ازائه مهما كلف الأمر كما يبذل المال في كثير من الموارد التي تثبت فيها حق الاختصاص

و قد مضى من الشيخ في الجزء الأوّل من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 290 إلى 293: التصريح بجواز بذل المال للشخص على أن يرفع اليد عما في تصرفه من الأمكنة المشتركة: من المسجد و المدرسة و السوق لثبوت حق الاختصاص في تلك.

و كذا في هذا الجزء ص 154 عند قوله: ثم إن منع حق الاختصاص.

فالحاصل: أنه جرت سيرة العقلاء و ديدنهم قديما و حديثا في سبيل تمشية أمورهم، و جلب المنافع لهم: بصرف أموال طائلة، و مبالغ باهظة

و من الموارد التي تصرف عليها الأموال: المحلات و المعامل و البنايات.

و أما كيفية أخذ السرقفلي فقد ذكرها الأعلام من الفقهاء العظام و منهم سيدنا الشريف آية اللّه (السيد الميلاني) دام ظله في رسالته: (أحكام خصم الكمبيالات) من ص 23 إلى ص 29 فراجع هناك تستفيد مطالب هامة

ثم إن (صاحب الوافي) أفاد في المقام في كتابه (الوافي). الجزء من المجلد 2. ص. الباب، الحديث: أن الساكن كان غاصبا و عاصيا فلم يخرج من المنزل الا بدفع الرشوة إليه.

لكن ما افاده قدس سره يأباه لحن الحديث ظاهرا، فإن المتبادر الى الذهن أن الباذل له رغبة في النزول في المنزل، و يرى أن ليس له المنازعة إلا أن يعطيه شيئا حتى يرفع اليد عن ذلك، فليس في الحديث ما يشعر على ما افاده صاحب الوافي.

فعلى ضوء ما ذكرنا يمكن القول بحلية أخذ (السرقفلي) من هذا الحديث الشريف.

ص: 419

و المراد المنزل المشترك (1) كالمدرسة و المسجد و السوق، و نحوها (2).

و مما يدل على التفصيل في الرشوة بين الحاجة المحرمة و غيرها (3):

رواية الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام و سأله حفص الأعور فقال: إن عمال السلطان يشترون منّا القرب و الاداوة (4) فيوكلون الوكيل حتى يستوفيه منا فنرشوه حتى لا يظلمنا (5).

فقال: لا بأس بما تصلح به مالك، ثم سكت ساعة ثم قال: اذا انت رشوته يأخذ منك أقل من الشرط (6)؟

قلت: نعم.

++++++++++

(1) أي المشترك بين المسلمين كما عرفت في ص 417.

(2) من الرباط و الحسينيات، و المجالس المعدة للارشاد و الوعظ و التبليغ، و المحلات و المعامل و البنايات.

(3) فلا يجوز في الأوّل، و يجوز في الثاني.

(4) بكسر الهمزة مفرد: جمعه أداوى و زان فتاوى: و هي المطهرة تصنع من الجلود.

و قرب بكسر القاف، و فتح الراء جمع قربة بكسر القاف و سكون الراء:

و هي آلة يستسقى بها و هي معروفة.

و لا يخفى أنه يظهر من العبارة: أن عمال السلطان كانوا يدفعون ثمن القرب و الأداوى سلفا: على مقدار معلوم، و عدد معلوم، و حجم معلوم.

(5) أي حتى لا يأخذ منا اكثر من المقرر كما أو كيفا بأن يقول:

إن هذه القرب و الأداوي ليست بالصفات المذكورة في المقاولة، و أشباه هذه الإيرادات و الاشكالات.

(6) خذ لذلك مثالا.

عامل قائد الجيش مع أحد الخياطين المعروفين: خياطة ملابس -

ص: 420

قال: فسدت رشوتك (1).

++++++++++

- معلومة كما و كيفا و عددا لجنوده: بأن ذكر في المقاولة الأوصاف المقررة فيما بينهما: بأن تخيط بالخياطة (الرومية) و هي التي تكون ذات (درزين).

أو بالخياطة (الفارسية) و هي التي تكون ذات (درز) واحد.

أو تفصل الملابس من نوع خاص من الأقمشة، و غير ذلك من المواصفات المقررة، و بعد ذلك تسلم عامل قائد الجيش من الخياط خلاف المقرر فيما بينهما كما و كيفا.

(1) (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 409-410. الباب 37 من أبواب أحكام العقود. الحديث 1.

أي كانت رشوتك فاسدة فما تعطيه له حرام، و ما يأخذه منك بهذا العنوان فهو حرام لا يملكه، لوقوع الرشوة ازاء العمل الذي هو اقل من المواصفات المقررة في المقاولة المتفق عليها.

ثم إن من الممكن أن يستفاد من هذه الرواية التي سندها قوي لكونه متصلا إلى طريق (شيخ الطائفة) المتصل طريقه إلى (الحسن بن محمد بن سماعة)(1): تملك الدولة الأموال، و صحة معاملاتها في الخارج مع الناس، و صحة معاملة الناس معها: على نحو الموجبة الجزئية، لأن الامام عليه السلام سأل الرجل عن كيفية دفعه الرشوة إلى عمال السلطان بقوله: اذا انت رشوته يأخذ منك أقل من الشرط.

فأجاب الرجل السائل: نعم، أي إنما نرشو عمال السلطان لأجل أن يأخذوا منا القرب و الأداوى بأقل من الشروط المقررة فيما بيننا.

فقال الامام عليه السلام: فسدت رشوتك، فحكم الامام بفساد الرشوة في قبال العمل الذي يعمله صانعي القرب و الأداوي: من إعطاء -

ص: 421


1- راجع جامع الرواة. الجزء 1. ص 225. حرف الحاء.

و مما يعد من الرشوة، أو يلحق بها: المعاملة المشتملة على المحاباة (1)

++++++++++

- القرب و الأداوى لعمال السلطان أفل من المواصفات المقررة فيما بينهم:

دليل على تملك الدولة الأموال، و صحة معاملتها مع الناس، و معاملة الناس معها، لأنه لو كانت لا تملك لا مجال للحكم بفساد الرشوة، و وجوب إعطاء المقرر و دفعه إلى عمال السلطان بعد أن قال عليه السلام أولا في جواب السائل: لا بأس بما تصلح به مالك.

نعم لا يصح أن يقال بصحة معاملاتها بنحو الموجبة الكلية، اذ للدولة أموالى غصبية، و معاملات فاسدة كاخذها الضرائب من الخمور و المومسات و الربا، و ما شابه هذه.

(1) بضم الميم مصدر باب المفاعلة من حابى يحابي محاباة و زان كافى يكافي مكافاة، ناجى يناجي مناجاة.

و اصل حابى حبوا من الحبوة بمعنى العطية قلبت واوه الفا طبقا للقاعدة المشهورة: من أن الواو اذا كانت حرف علة قلبت الفا.

و معناه: إعطاء المبيع إلى المشتري بأقل من ثمنه المتعارف في السوق:

بأن يبيعه بدرهم و قيمته في السوق عشرة دراهم و يباع كذلك.

و إنما يبيعه بدرهم من القاضي للغاية التي قصدها و هو الحكم له بحيث لولاه لم يبعه بدرهم، و هذا نوع تمحل للفرار عن الرشوة.

ثم إن لهذه المعاملة المحاباتي صورا ثلاثة.

(الاولى): أن يقصد المحابي من المعاملة المحاباة فقط أي لا يقصد من هذه المعاملة التي تكون المحاباة في ضمنها سوى المحاباة.

لا شك في فساد هذه المعاملة، لأن المحابي لا يقصد من إعطاء السلعة بأقل من سعرها المقرر الا لأجل حكم القاضي له، و لو لاه لم يقدم على ذلك ابدا. -

ص: 422

كبيعه من القاضي ما يساوي عشرة دراهم بدرهم، فإن لم يقصد من المعاملة إلا المحاباة التي في ضمنها (1)، أو قصد (2) المعاملة لكن جعل المحاباة لأجل الحكم له: بأن كان الحكم له من قبيل ما تواطئا عليه من الشروط غير المصرح بها في العقد فهي الرشوة.

و إن قصد أصل المعاملة (3) و حابى فيها لجلب قلب القاضي فهو

++++++++++

- (الثانية) أن يقصد المحابي من إعطاء السلعة للقاضي بأقل من سعرها المقرر: المعاملة بدوا، لكنه جعل النقص الذي هي المحاباة لأجل أن يحكم القاضي له.

لا شك في فساد هذه المعاملة أيضا، لنفس الملاك الذي ذكرناه في الصورة الأولى.

و قد اشار الشيخ بفساد الصورتين بقوله: فهي الرشوة.

(الثالثة): أن يقصد المحابي من إعطائه السلعة إلى القاضي بأقل من سعرها المقرر: أصل المعاملة، لكنه انما يعطيه انقص من السعر المقرر لأجل جلب توجه القاضي و قلبه نحوه، من دون أن يقصد ذلك في ضمن المعاملة كما في الصورة الأولى، أو لأجل الحكم له كما في الصورة الثانية.

أفاد الشيخ أن هذه الصورة هدية ملحقة بالرشوة ففساد المعاملة فيها وجه قوي بقوله: و في فساد المعاملة المحابي فيها وجه قوي.

(1) هذه هي الصورة الأولى، أي المحاباة تكون في ضمن المعاملة.

و قد عرفت شرح هذه العبارة في الصورة الأولى.

(2) هذه هي الصورة الثانية، أي المحاباة يكون لأجل حكم القاضي له و قد عرفت شرح هذه العبارة في الصورة الثانية.

(3) هذه هي الصورة الثالثة، أي يكون المقصود من هذه النقيصة -

ص: 423

كالهدية ملحقة بالرشوة.

و في فساد المعاملة المحاباة فيها وجه قوي.

ثم إن كل ما حكم بحرمة أخذه (1)،

++++++++++

- المعاملة فقط، دون مدخلية للمحاباة فيها ابدا.

و قد عرفت شرح هذه العبارة في الصورة الثالثة.

(1) مرجع الضمير: (ما الموصولة) في قوله: ثم إن كل ما حكم و خلاصة هذا الكلام: أنه في كل مورد حكمنا بحرمة أخذ الشيء كما في الجعالة الباطلة، و الأجر الباطل فيما اذا قال شخص: كل من سرق مال زيد فله عندي جعالة قدرها دينار.

أو قال لزيد: لو ضربت فلانا لكان لك عندي أجر قدره دينار واحد فان آخذ الدينار في الموردين يجب عليه رده إلى صاحبه إن كان الدينار موجودا.

أو وجب عليه رد مثله، أو قيمته لو كان تالفا.

و كذلك الأمر في الرشوة التي تعطى للقاضي في مقابل الحكم الذي يحكمه للراشي، فانه يجب على القاضي رد عين الشيء المأخوذ لو كانت موجودة، أو مثلها، أو قيمتها لو كانت تالفة، لأن هذه الرشوة في الحقيقة هي الجعالة الباطلة، فكما انه يجب على آخذ الجعالة الباطلة رد عينها أو مثلها، أو قيمتها إلى صاحبها.

كذلك في الرشوة.

هذا اذا كانت الرشوة في مقابل الحكم بأن قصد الراشي إعطاءه للقاضي لأجل أن يحكم له، أي كانت الغاية ذلك كما في الصورة الأولى و الثانية، و هكذا في الصورة الثالثة كما أفاد الفساد و البطلان الشيخ فيها بقوله: و في فساد المعاملة المحاباة فيها وجه قوي.

ص: 424

وجب على الآخذ رده (1) و ردّ بدله مع التلف اذا قصد مقابلته بالحكم كالجعل و الأجرة حيث حكم بتحريمها.

و كذا الرشوة، لأنها حقيقة جعل على الباطل، و لذا (2) فسره في القاموس بالجعل.

و لو لم يقصد بها (3) المقابلة، بل أعطى مجانا ليكون داعيا على الحكم و هو المسمى بالهدية: فالظاهر عدم ضمانه، لأن (4) مرجعه إلى هبة مجانية فاسدة، اذ (5) الداعي لا يعد عوضا، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

++++++++++

(1) الواو هنا بمعنى أو، أي أورد مثلها او قيمتها كما عرفت.

هذا اذا قصد من اعطاء الرشوة للقاضي مقابلتها للحكم الذي يحكمه له القاضي: بأن كانت الغاية من الإعطاء هو ذلك كما في الصورة الأولى و الثانية.

(2) تعليل لأن الرشوة في الحقيقة جعل، أي و لأجل أن الرشوة جعل فسر صاحب القاموس الرشوة بالجعل.

(3) أي و لو لم يقصد الراشي بالرشوة مقابلتها للحكم، بل أعطاها مجانا ليكون داعيا على الحكم.

(4) تعليل لعدم ضمان مثل هذه الرشوة التي لم تكن في قبال الحكم بل كانت هدية.

و خلاصة التعليل: أن مآل هذا الإعطاء إلى هبة مجانية فاسدة لا غير فلا يضمن الآخذ لو تلفت، لا بالمثل و لا بالقيمة.

(5) دفع و هم حاصل الوهم: أنه كيف يمكن القول بعدم الضمان مع أن المعطي انما أعطى للقاضي ليكون ما أعطاه له في قبال حكم القاضي له، و داعيا له على الحكم فقصد الداعي كان ملحوظا من بداية الأمر فيكون الداعي عوضا عن الهبة ففي الواقع وقع الداعي في قبال الحكم له فيثبت الضمان.

ص: 425

و كونها (1) من السحت إنما يدل على حرمة الأخذ، لا على الضمان.

و عموم (2) على اليد مختص بغير اليد المتفرعة على التسليط المجاني

++++++++++

- فاجاب الشيخ عن الوهم: ما حاصله: أنه كيف يمكن جعل الداعي عوضا عن الهبة، لأنه يلزم اتحاد العوض و المعوض فعليه لا يعد الداعي عوضا فثبت أن مرجع هذه الهبة إلى الهبة الفاسدة مجانا، و قد حقق في محله:

أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده كالبيع، و ان كل ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده كالهبة غير المعوضة، فان صحيحها لا يضمن فكذلك فاسدها.

(1) دفع و هم حاصل الوهم: أن الهدية فسرت بالسحت كما في تفسير (مولانا أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام قوله تعالى: «أَكّٰالُونَ لِلسُّحْتِ» حيث قال عليه السلام: هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثم يقبل هديته فاذا كانت الهدية هو السحت فلازمه بقاؤها على ملكية صاحبها فيجب ردها إليه فهي في يده امانة شرعية كما عرفت في ص 412 حول توجيهات الرواية.

فأجاب الشيخ رحمه اللّه عن الوهم ما حاصله: أن الهدية في هذه الموارد و هي الهدية المجانية و إن كانت سحتا كما في تفسير الامام عليه الصلاة و السلام و يحرم أخذها، بناء على التوجيه المذكور للرواية في ص 412-413.

لكنها ليست موجبة للضمان. لإعراض صاحب المال عنها، و تسليطه الموهوب له عليها.

(2) دفع و هم ثان حاصل الوهم: أنه سلمنا أن هذه الهدية هدية مجانية و بلا عوض.

لكن في عين الحال لا يكون الموهوب له مالكا لها، لوجوب ردها بمقتضى عموم قاعدة: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي): الى صاحبها فيضمنها -

ص: 426

و لذا (1) لا يضمن بالهبة الفاسدة في غير هذا المقام.

و في كلام بعض المعاصرين أن احتمال عدم الضمان في الرشوة مطلقا (2) غير بعيد، معللا بتسليط المالك عليها (3) مجانا، و لأنها (4) تشبه المعاوضة، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

++++++++++

- لو تلفت في يده و تحت تصرفه.

فاجاب (الشيخ) رحمه اللّه عن الوهم المذكور: ما حاصله:

ان الاستدلال بعموم قاعدة (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) على الضمان مخدوش، لأنها مختصة بغير التسليط المجاني، و هنا قد سلط الواهب الموهوب له على المال من دون عوض و مقابل، و لذا لا يضمن، لأن صحيح الهبة لا يضمن ففاسدها كذلك.

(1) أي و لأجل أن الواهب قد سلط الموهوب له على ماله مجانا و بلا عوض لا يضمن بالهبة الفاسدة في غير مقام الرشوة، كما لو وهب شخص ماله لآخر رجاء أن يقوم له ببعض الأعمال المحرمة و لم يشترط عليه ذلك حين الإعطاء فالموهوب له لا يضمن هذا المال لو تلف عنده، سواء قام بالعمل المحرم أم لم يقم.

(2) أي سواء أ كانت الرشوة بعنوان الجعل أم بعنوان الهدية، و سواء أ كانت الهدية مشروطة أم لا.

(3) أي على الرشوة.

تعليل من بعض المعاصرين لاحتماله عدم الضمان في الرشوة. في المقامات المذكورة.

و خلاصة التعليل: أن مالك الرشوة الذي دفعها إلى الشخص فقد سلطه عليها تسليطا مجانا و بلا عوض فلا ضمان على القابض عند التلف.

(4) أي و لأن الرشوة.

ص: 427

و لا يخفى ما بين تعليله (1) من التنافي،

++++++++++

- تعليل ثان من بعض المعاصرين لاحتماله عدم الضمان في الرشوة المبذولة في المقامات المذكورة.

و خلاصة التعليل: أن الرشوة في مثل هذه المقامات شبيهة بالمعاوضات الخارجية في كونها موجبة للضمان، فان إعطاء رشوة لزيد مثلا لانجاز عمل في الخارج بعد نوع معاوضة فتضمن.

لكن لما كانت الرشوة باطلة فاسدة فلا تكون مضمونة، لأنك قد عرفت أن الضمان و عدمه في المعاوضات دائر مدار كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

و فيما نحن فيه: و هو اعطاء الرشوة لانجاز العمل فاسد من أصله، فلا يضمن.

(1) هذه العبارة: و لا يخفى ما بين تعليله من التنافي قد ذكرت في نسخ (المكاسب) مختلفة.

ففي بعضها هكذا: و لا يخفى ما بين تعليله من التنافي كما هنا.

و في بعضها: و لا يخفى ما بين تعليله من التنافي.

و في بعضها: و لا يخفى ما في تعليله من التنافي.

فعلى القراءة الأولى: و هو تعليليه: يكون المراد من تعليليه: التعليل الأوّل لبعض المعاصرين في قوله: تسليط المالك عليها مجانا.

و التعليل الثاني في قوله: لأنها تشبه المعاوضة، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

و أما وجه التنافي بين التعليلين: ان التعليل الأوّل فرض فيه الرشوة مجانا و بلا عوض شيء في قبالها فلا ضمان فيها.

و أن التعليل الثاني شبه الرشوة بالمعاوضة، و من المعلوم أن المعاوضة من شأنها أن لا تكون مجانية ففيها الضمان، فإذا يحصل التنافي بين التعليلين. -

ص: 428

لأن (1) تشبيهه الرشوة بالمعاوضة يستلزم الضمان، لأن المعاوضة الصحيحة توجب ضمان كل منهما (2) ما وصل إليه بعوضه الذي دفعه فيكون مع

++++++++++

- و أما على القراءة الثانية: و هو ما بين تعليله: يكون المراد أن صدر التعليل: و هو قوله: بتسليط المالك مجانا: يتنافى و ذيل التعليل: و هو قوله: و لأنها تشبه المعاوضة، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده لأن معنى تسليط المالك عليها مجانا: أن الرشوة ليست معاوضة، و ليست بإزاء شيء فلا ضمان فيها.

و معنى أنها تشبه المعاوضة: ان الرشوة معاوضة، و وقعت بإزاء شيء فتكون عوضا فيثبت الضمان فيها.

فاذا يحصل التنافي بين صدر التعليل و ذيله كما عرفت.

و أما على القراءة الثالثة: و هو لا يخفى ما في تعليله من التنافي:

يكون المعنى أنه بين المدعى: و هو عدم الضمان في الرشوة مطلقا كما في قوله: إن احتمال عدم الضمان في الرشوة مطلقا غير بعيد.

و بين التعليل بقوله: و لأنها تشبه المعاوضة، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده: تناف و تنافر، حيث إن المدعى يصرح بعدم الضمان في الرشوة مطلقا، سواء أ كانت بعنوان الجعل أم بعنوان الهدية.

و التعليل يصرح بالضمان، فهو معنى التنافي.

ثم إن الأولى في عبارة الشيخ أن تكون هكذا: و لا يخفى ما في تعليله من التنافي.

(1) تعليل لوجه التنافي بين تعليليه، أي لأن تشبيه بعض المعاصرين الرشوة بالمعاوضة. و قد عرفت وجه التنافي آنفا.

(2) معنى هذه العبارة: أن كل واحد من المتعاملين في المعاوضة الصحيحة يضمن عوض ما وصل إليه.

فلو وصل الثمن من المشتري إلى البائع قبل أن يوصل إليه المثمن فقد -

ص: 429

الفساد (1) مضمونا بعوضه الواقعي: و هو المثل، أو القيمة، و ليس في المعاوضات ما لا يضمن العوض بصحيحه حتى لا يضمن بفاسده.

نعم (2) قد يتحقق عدم الضمان في بعض المعاوضات بالنسبة إلى غير العوض كما أن العين المستأجرة غير مضمونة في يد المستأجر بالاجارة فربما يدعى أنها غير مضمونة اذا قبض بالاجارة الفاسدة.

لكن (3) هذا كلام آخر و الكلام في ضمان العوض بالمعاوضة الفاسدة.

++++++++++

- ضمن البائع المثمن للمشتري.

و هكذا لو وصل المثمن من البائع إلى المشتري قبل أن يوصل إليه الثمن فقد ضمن المشتري الثمن للبائع.

(1) أي مع فساد المعاوضة بأن لم تكن شرائطها موجودة فيها.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من أن كلما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و خلاصة الاستدراك: أنه يمكن ادعاء أن بعض المعاوضات الصحيحة لا تضمن أعيانها كما في الاجارة، فان العين المستأجرة لو تلفت في يد المستأجر بلا تفريط و تعد منه لا يكون ضامنا لها.

كذلك فاسد الاجارة، فانه لو تلفت العين فيها بلا تفريط و تعد من المستأجر لا يكون ضامنا لها كما لو استأجر مسجدا، أو حسينية و هو لا يعلم بوقفيتهما، أو استأجر دارا مجهولة المدة، فان العين في الصور المذكورة لا تكون مضمونة، لعدم الضمان في صحيحها.

(3) هذا جواب عن الاستدراك المذكور، أي عدم ضمان العين المستأجرة في الاجارة الصحيحة و الفاسدة لو تلفت عند المستأجر: خارج عما نحن فيه، لأن الكلام في ضمان العوض، لا في أمر آخر بمعنى أن كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده يأتي في العوض لا في أمر آخر، و الاجارة قد تعلقت بالمنفعة التي هو المعوض، لا بالعين حتى تجري القاعدة المذكورة فيها.

ص: 430

و التحقيق (1) أن كونها معاوضة، أو شبيهة بها وجه لضمان العوض فيها، لا لعدم الضمان.

فروع في اختلاف الدافع و القابض.

فروع (2) في اختلاف الدافع و القابض.

لو ادعى (3) الدافع أنها هدية ملحقة بالرشوة في الفساد و الحرمة و ادعى القابض (4) انها هبة صحيحة لداعي القربة، أو غيرها (5):

++++++++++

(1) من هنا يريد الشيخ أن يرد على ما أفاده بعض المعاصرين:

من عدم الضمان في الرشوة مطلقا في قوله: و في كلام بعض المعاصرين:

ان احتمال عدم الضمان في الرشوة مطلقا غير بعيد: أي الحق في المقام أن الرشوة اذا كانت شبيهة بالمعاوضة كما أفاده بعض المعاصرين بقوله:

لأنها تشبه المعاوضة: فهو دليل لضمان العوض فيها، لأن المعاوضات توجب الضمان و الرشوة منها كما أفادها المعاصر فتضمن لو تلفت.

(2) هذه الفروع متفرعة على قبض القاضي المال من الدافع.

(3) هذا هو الفرع الأوّل، أي لو ادعى الدافع أن الذي دفعته للقاضي و ان كانت بعنوان الهدية، لكن المقصود منها الرشوة.

و انما يدعي هذه الدعوى ليترتب عليها شيئان:

الحكم الوضعي و هو الفساد الموجب لرد المال إلى صاحبه.

و الحكم التكليفي و هي الحرمة الموجبة لعدم جواز تصرف القاضي في هذا المال.

(4) و هو القاضي، فانه يدعي هذه الدعوى حتى لا يضمن المال لو تلف عنده.

(5) من الدواعي الصحيحة التي لا يترتب عليها الفساد عند قبض المال عليها.

ص: 431

احتمل تقديم الأوّل (1)، لأن الدافع أعرف بنيته، و لأصالة الضمان في اليد اذا كانت الدعوى بعد التلف (2).

و الأقوى تقديم الثاني (3)، لأنه يدعي الصحة.

و لو ادعى (4) الدافع انها رشوة: أو أجرة على المحرم (5) و ادعى القابض كونها هبة صحيحة احتمل أنه كذلك (6)، لأن الأمر يدور بين الهبة الصحيحة، و الاجارة الفاسدة.

و يحتمل العدم (7)، اذ لا عقد مشترك هنا اختلفا في صحته و فساده (8)

++++++++++

(1) و هو الدافع الذي يدعي أن المدفوع إلى القاضي و ان كان بعنوان الهبة، لكنها كان في الواقع رشوة.

(2) كما هو المفروض في المسألة.

(3) و هو قول من يدعي أنها هبة صحيحة، لتقديم مدعي الصحة على مدعي الفساد.

(4) هذا هو الفرع الثاني.

(5) كدفع الأجرة لقتل شخص محقون الدم، أو لضربه كذلك أو اهانته.

(6) أي يحتمل تقديم قول الثاني: و هو دعواه أنها هبة صحيحة لأنه يدعي الصحة، و ذاك يدعي الفساد، و مدعي الصحة مقدم على مدعي الفساد، لحمل أفعال المسلم على الصحة.

(7) أي عدم تقديم قول الثاني الذي يدعي الصحة.

(8) حيث إن أحدهما يدعي الاجارة، و الثاني يدعي الهبة، فبين الاجارة و الهبة تباين لا جامع بينهما حتى يقال بتقديم قول مدعي الصحة على من يدعي الفساد.

ص: 432

فالدافع منكر لأصل العقد الذي يدعيه القابض (1)، لا لصحته (2) فيحلف على عدم وقوعه، و ليس هذا (3) من مورد التداعي كما لا يخفى.

++++++++++

(1) حيث يدعي القابض انها هبة، و الدافع ينكر أصل العقد.

(2) أي و ليس الدافع منكرا لصحة العقد الذي يدعيه القابض ليكون مدعيا للفساد حتى يقدم قول القابض الّذي يدعي الصحة، ثم تتوجة يمين نحو الدافع، طبقا للقاعدة المقررة: اليمين على من أنكر

بل الدافع منكر أصل هذا العقد الذي يدعيه الآخذ فيحلف على عدم وقوع العقد.

و الفاء في قوله: فيحلف بمعنى حتى، أي حتى يحلف الدافع كما عرفت

(3) أي الفرع الثاني ليس من مورد التداعي، حتى تتوجه اليمين عليهما ثم تسقط الدعوى، حيث ان التداعي فيما اذا اختلف زيد و عمرو في العين المبيعة: بأن قال البائع: بعتك هذا الثوب، و قال المشتري:

بعتني ذاك الثوب فكل واحد منهما يدعي غير ما يدعيه الآخر، و ينكر كل منهما ما ادعاه الآخر فحينئذ يحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر أي نفي بيع الآخر له فيرجع كل شيء إلى صاحبه: الثمن للمشتري، و المبيع للبائع

و هذا الفرع خارج عنه موضوعا.

و الظاهر أن خروجه عنه لأجل أن احدى الدعويين لا تكون مشتملة على أمر شرعي كما هو الملاك في باب التداعي: و هي دعوى الدافع أن المبذول للقابض رشوة، أو أجرة على محرم، فان هذه الدعوى لو كانت ذات أثر شرعي لكان هو الضمان، و المفروض أن الضمان يأتي بعد بطلان -

ص: 433

و لو ادعى (1) أنها رشوة. و القابض أنها هدية فاسدة لدفع الغرم عن نفسه (2)، بناء على ما سبق: من أن الهدية المحرمة لا توجب الضمان ففي تقديم الأوّل (3)، لأصالة الضمان في اليد، أو الآخر (4) لأصالة عدم سبب الضمان، و منع أصالة الضمان وجهان:

++++++++++

- دعوى القابض بحلف الدافع لانكاره الهبة فلا يبقى مجال لإسناد الضمان الى دعوى القابض.

و لا يمكن أن يأتي الضمان من كلتا الدعويين على نحو الاستقلال، لعدم جواز اجتماع سبين تامين على مسبب واحد.

و لا يمكن أن يقال: إن كلا من الدعويين يؤلفان سببا واحدا للضمان

و لا يخفى أن ما أفاده الشيخ من خروج الفرع المذكور عن باب التداعي مبني على اشتراط وجود أثر شرعي في كل من الدعويين كما عرفت.

لكن الاشتراط المذكور ممنوع، فيصح أن يكون المورد من باب التداعي فحينئذ يحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر فيرجع المبذول الى الباذل.

(1) هذا هو الفرع الثالث.

(2) حيث إن الهدية الصحيحة لا ضمان فيها، و الفاسدة كذلك، بناء على أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) و هو مدعي الرشوة الذي هو الدافع، لأصالة الضمان في اليد لأن الدافع و القابض متفقان على أن المال كان للدافع، ثم صار إلى القابض فتستصحب ملكية الدافع فتشمل الضمان قاعدة: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

(4) أي و في تقديم قول الآخر و هو القابض الذي يدعي كونها هدية فاسدة، لأصالة عدم وجود سبب للضمان، اذ المدعي يدعي أن المدفوع -

ص: 434

أقواهما الأوّل (1)، لأن عموم خبر على اليد يقضي بالضمان، إلا (2) مع تسليط المالك مجانا. و الأصل (3) عدم تحققه.

و هذا (4)،

++++++++++

- رشوة حتى يثبت سبب الضمان، و الأصل عدم كونه رشوة فلا يثبت سبب الضمان.

و لا يخفى أنه في صورة جريان الاستصحاب على الفرض الأوّل و هو تقديم قول الدافع لم يبق مجال لجريان هذا الأصل، لأنه عند تعارض الأصل و الاستصحاب يقدم الاستصحاب، حيث إنه من الأصول المحرزة المقدمة على هذا الأصل، فهو برزخ بين الأصل و الإمارة.

(1) و هو الضمان، لأنه كما عرفت أن المتسالم بين الدافع و القابض:

أن المال للدافع فحينئذ تأتي قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

(2) هذا اشكال على عموم على اليد ما أخذت.

و خلاصة الاشكال أن الدافع سلط القاضي على ماله تسليطا مجانيا فليس هنا تصرف من تلقاء نفسه حتى اذا تلف يكون ضامنا، فلا مجال لجريان قاعدة عموم على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

(3) هذا جواب عن الاشكال.

و خلاصة الجواب: أن الأصل الأولي العقلائي: و هو بناء العقلاء على أن الانسان حينما يدفع مالا إلى الآخر: لا يدفعه مجانا و بلا عوض بل يكون ازاء شيء آخر فحينئذ لا مجال للقول بأن الدافع سلط القاضي على ماله مجانا و بلا عوض.

(4) هذا دفع و هم.

حاصل الوهم: أنه بناء على هذا الأصل الأولى الذي مقتضاه الضمان -

ص: 435

حاكم على أصالة عدم سبب الضمان فافهم (1).

++++++++++

- يقع التعارض بينه، و بين أصالة عدم سبب الضمان الذي مقتضاه عدم الضمان

و قد أشار إلى هذا الأصل الشيخ بقوله: لأصالة عدم سبب الضمان فحينئذ يتساقطان فلا مجال لاثبات الضمان بالأصل العقلائي.

فأجاب الشيخ عن الوهم المذكور بأن الأصل العقلائي حاكم على أصالة عدم سبب الضمان فيثبت الضمان على كل حال.

(1) اشارة على أن المطلب دقيق فتعمق فيه، و دقق النظر.

ص: 436

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث النبوية الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأمكنة و البقاع

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

ص: 437

ص: 438

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

5 الإهداء

19 هياكل العبادة

11 الأصنام و الأوثان

17 ما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء)

18 تحقيق حول قصد المادة

21 الملحوظ حالة البيع

23 ما أفاده (العلامة) حول مكسور الهياكل

25 ما افاده (المحقق الكركي) حول الأصنام و الصلبان

29 آلات القمار

31 مناقشة الشيخ مع العلامة

35 آلات اللهو

35 أواني الذهب و الفضة

36 الدراهم المغشوشة

39 أقسام المعاوضة على الدراهم المزيفة

41 و هم و الجواب عنه

43 في المعاوضة على العنب

45 بيع العنب على ان يعمل خمرا

ص الموضوع

47 في الخبرين المتعارضين

49 الاستدلال بالأحاديث

51 في الفرق بين مؤاجرة البيت و بيع الخشب

53 في إلحاق ماله منفعة ببيع العنب

55 عدم توقف فساد العقد على كون الشرط الفاسد مفسدا

57 حرمة المعاوضة على الجارية المغنية

59 التفكيك بين القيد و المقيد غير معروف

61 في أقسام الصفة الملحوظة في المبيع

63 في الأخبار المتعارضة

65 في الإشكال على الجمع المذكور

67 في الأخبار المجوزة

69 الإشكال في صدق الإعانة

71 في اعتبار قصد الاعانة و عدمه

73 البون البعيد بين ما ذكره النراقي و الاكثر

75 معارضة الأخبار المجوزة للأصول و حكم العقل

ص: 439

ص الموضوع

77 ما افاده المحقق (الاردبيلي) حول الاعانة

81 تأييد من الشيخ لما افاده (المحقق الاردبيلي)

83 بيع العنب للخمار نظير اعطاء السيف للقاتل

85 البناء على أن الشرط الحرام حرام

87 العلم بحصول القوة من الطعام على المعصية لا يوجب تحريم بيعه

89 بيع العنب لو كان مقدمة للحرام لزم التسلسل

91 اعتبار قصد الغير لفعل الحرام

93 لزوم منع المعاملة مع اكثر الناس لو كان بيع العنب للخمار حراما

95 التفصيل في الشروط المعان عليها

97 تشكيل الصغرى و الكبرى

99 الاستدلال بأدلة النهي عن المنكر

101 علم البائع بارتداع المشتري و عدم علمه

103 فيما اذا كانت الهيئة الاجتماعية دخيلة في إيجاد الشيء و عدمه

ص الموضوع

105 في أعوان الظلمة

107 أقسام ما هو شرط للحرام

111 تعلق النهي بامر خارج

113 ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأنا

115 الكلام في بيع السلاح للأعداء

119 عدم اعتبار قصد المساعدة في حرمة بيع السلاح

121 الكلام حول ما يصدق عليه السلاح

123 في إناطة الحكم على تقوي الكفر

125 في رد الاستدلال برواية محمد بن قيس

127 المقصود من بيع ما يكن

129 مقتضى الاقتصار عدم التعدي الى قطاع الطريق

131 حرمة بيع ما لا منفعة فيه

133 الحيوان الطاهر على ضربين

135 نقاش الشيخ مع العلامة

141 ايراد الشيخ على ما ذكره العلامة في التذكرة.

143 عمومات أدلة التجارة و الصلح و العقود

ص: 440

ص الموضوع

145 العمومات الدالة على صحة المعاوضة

147 المنفعة النادرة كالمعدومة عند الشارع

149 الاشكال في تعيين المنفعة النادرة

151 جواز بيع الهرة دون القرد

154 اشكال بعض الفقهاء على ما افاده العلامة

155 اقتداء الخلف بالسلف في ذكر الاكتساب المحرم

159 تدليس الماشطة

161 التأمل في عد و شم الخدود من الغش

163 توجيه التفصيل الوارد في الحديث

165 حديث معاني الأخبار

167 تفسير الواصلة الواردة في النبوي

169 حمل ما عدا الوصل على الكراهة

171 الحمل على الكراهة أولى من التخصيص

173 رواية علي بن جعفر قرينة على الصرف

175 الإشكال في كون تغريز البدن بالإبرة من الغش

177 دلالة المرسلة على كراهة كسب الماشطة

ص الموضوع

179 الملاك في أولوية قبول ما يعطى للماشطة

181 عدم المنافاة بين ترك مطالبة الزائد و مطالبة الزائد

183 استحباب ترك مطالبة الزائد

185 توجيه الحديث الشريف

187 تزين كل من الرجل و المرأة بما يخص الآخر

189 تفسير المتشبهين من الرجال و النساء

191 في تكليف خنثى المشكل

195 التشبيب

197 أدلة حرمة التشبيب

199 النسب بين التشبيب و الأدلة

203 الاستدلال بفحوى الحديث بحرمة التشبيب

205 لا يجوز أن يقال لذات البعل:

ربّ راغب فيك

207 ما افاده المحقق الكركي حول التشبيب

209 الإشكال في التشبيب من حيث المدرك

213 تصوير ذوات الأرواح

215 الأحاديث الواردة في حرمة التصوير

ص: 441

ص الموضوع

217 امر الامام الاسد المنقوش باخذ عدو اللّه

219 امكان الأمر بالنفخ باعتبار محله

221 في حكمة حرمة تصوير ذوات الأرواح

223 تأييد لكون السر في حرمة التصوير التشبه بالخالق

225 اختصاص حرمة التصوير بذوات الأرواح

227 اصالة الاباحة هي العمدة في حرمة غير ذوات الأرواح

229 الأدلة المرخصة

231 القدر المسلم من المقيدات

233 الرد على الاستظهار المذكور

235 المراد من الحديث الشريف

237 مناقشة الشيخ مع صاحب كشف اللثام

239 في تصوير بعض أجزاء الحيوان

241 الفرق بين فعل الواجب و بين الحرام

243 دلالة الأخبار و اقوال الفقهاء على عدم حرمة الاقتناء

ص الموضوع

245 الاستدلال على الحرمة بصحيحة محمد بن مسلم

247 الاستدلال على الحرمة بالحديث النبوي

249 الاستدلال على الحرمة بتفسير الامام

251 الاستدلال على الحرمة برواية الحلبي

253 امكان استفادة الملازمة من سياق الدليل أو الخارج

255 مناقشة الشيخ في الاستدلال بالأحاديث

263 وجود أحاديث تدل على جواز اقتناء الصور

267 المستفاد من مجموع الروايات جواز اتخاذ الصور

271 التطفيف

273 لو وازن الربوي بجنسه فطفف

275 أقسام المعاوضة على الربوي

279 في التنجيم

281 في الإخبار عن الأوضاع الفلكية

283 خطأ المنجمين في إخبارهم عن الأحكام

ص: 442

ص الموضوع

285 تأثير الكواكب في العوالم السفلية

287 منطقة البروج

289 كثرة خطأ المنجمين

291 المقام الثاني في كيفية الإخبار عن الحوادث

293 المقام الثالث في كيفية الإخبار عن الحوادث

295 محاورة الامام عليه السلام مع منجم عصره

297 سؤال الامام الصادق عليه السلام المنجم عن كيفية حكمه بالنجوم

299 دفع الشر بالصدقة

301 رد نحوسة الأيام بالصدقة

303 المقام الرابع في كيفية ربط الحركات الفلكية بالكائنات

305 ما افاده السيد المرتضى في المنجمين

307 ما افاده شيخنا البهائي في المنجمين

309 ما افاده صاحب وسائل الشيعة في المنجمين

311 ما افاده ابن ابي الحديد المعتزلي في المنجمين

313 ما افاده الشيخ حول عبارات الأعلام

ص الموضوع

315 استدراك من الشيخ عما افاده حول عبارات الأعلام

317 منشأ الشيء الذي يكون بديهي البطلان

321 لا ظهور للروايات المتقدمة في كفر المنجمين

323 كلام شارح النخبة في المنجم

325 ما افاده (العلامة المجلسي) في البحار في التنجيم

327 تأييد من الروايات في عدم صراحتها في كفر المنجمين

329 ما أفاده الأعلام في التنجيم

331 كلام (الشهيد الأوّل) في النجوم

333 استناد الآثار بعين مشية اللّه و ارادته

335 خبر الاحتجاج مأخذ كلام الشهيد الأوّل

337 محاورة الامام الصادق عليه السلام مع الزنديق المصري

339 تحقيق حول البداء

343 ما افاده المحقق الكاشاني حول النجوم و الكواكب

ص: 443

ص الموضوع

345 بيان كيفية استناد الآثار إلى الكواكب

347 عدم ثبوت الربط العادي للكواكب

349 دلالة بعض الأحاديث على ثبوت التأثير للكواكب

351 ما افاده شيخنا البهائي حول النجوم

353 ما افاده السيد ابن طاوس حول النجوم

355 نقاش الشيخ مع السيد ابن طاوس

357 ما افاده شيخنا البهائي صريح قول الامام

359 محاورة امير المؤمنين مع الدهقان المنجم

361 الأحاديث الدالة على صحة النجوم

365 ما افاده الامام عليه السلام في اصل النجوم

367 استدراك من الشيخ عما افاده حول عبارات الأعلام

369 رأى الشيخ حول الحكم بالنجوم

373 الاحتفاظ بكتب الضلال

375 في الاستدلال بالأحاديث

377 في المصلحة الموهومة و النادرة

379 التعارض بين المفسدة المتوقعة و مصلحة اقوى

381 الكتب السماوية غير المنسوخة لا تدخل في كتب الضلال

ص الموضوع

383 في الكلام حول أوعية كتب الضلال و أغلفتها

385 في الكتب المؤلفة في اثبات الجبر

387 في حكم الكتاب لو كان بعضه موجبا للإضلال

391 في الرشوة

393 في الأحاديث الواردة في الرشوة

395 تصريح العلماء بحرمة اخذ الرشوة

397 حرمة أخذ الجعل من المتحاكمين

399 تحقيق حول رواية عمار بن مروان

401 تحقيق حول أخذ الرزق من السلطان

403 في مدرك صحة اخذ الجعل

405 دلالة الحديث على حصر الاستيكال المذموم في الأكل بالباطل

407 تفصيل من العلامة في جواز أخذ الجعل

409 تحقيق حول جواز اخذ القاضي الأجر

411 تحقيق حول الهدية و الفرق بينها و بين الرشوة

413 توجيهات حول الحديث

415 تحقيق حول بذل الرشوة في غير الحكم

ص: 444

ص الموضوع

417 استفادة جواز أخذ السرقفلي من الحديث الشريف

421 في دلالة الحديث على تملك الدولة للأموال

422 فيما لو قصد من الرشوة المحاباة

425 لو لم يقصد من الرشوة مقابلتها للحكم

ص الموضوع

427 ما أفاده بعض المعاصرين في عدم الضمان للرشوة

429 ما أورده الشيخ على عبارة بعض المعاصرين

431 فروع ثلاثة

433 في اختلاف الدافع و القابض

ص: 445

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

10 تحقيق حول الأصنام و الأوثان و الفرق بينهما

15 ما افاده الشيخ كاشف الغطاء في الأصنام

18 نقاش علمي من الشيخ فيما افاده الشيخ كاشف الغطاء و صور قصد المادة

24 منشأ الاشكال على ما أفاده العلامة

25 ما أفاده المحقق الكركي حول رضاض الأصنام و الصليب

29 ما أفاده العلامة في آلات الملاهي

32 تحقيق حول القمار

36 فيما افاده الشيخ حول أواني الذهب و الفضة

38 المسألة الفقهية المتفرعة على الدراهم المغشوشة

38 في صور الجهل بالدراهم المغشوشة

40 دفع و هم

41 الجواب عن الوهم المذكور

43 المسامحة في التعبير

ص الموضوع

46 في وقوع التعارض بين الخبر و الصحيحة

46 الجواب عن التعارض

50 النظر في الاستدلال بالخبرين

51 دفع و هم و الجواب عنه

55 فيما أفاده الشيخ في الفرق بين الجزء و الشرط

56 العين اذا كانت مشتملة على صفة

56 في اشتراط الصفة المحرمة بشرطين

58 دفع و هم و الجواب عنه

59 تأييد من الشيخ فيما ذهب إليه

60 استدراك عما أفاده الشيخ في التفكيك

62 في الاشكال و الجواب عنه

63 معارضة المكاتبة و الرواية، مع خبر ابن اذينة و الرواية

64 الجواب عن المعارضة

65 الاشكال على بيع العنب و الخشب و الجواب عنه

66 معنى حمل النهي على الكراهة

ص: 446

ص الموضوع

68 في الجمع بين الأخبار المتعارضة

70 إشكال المحقق الثاني على الاستدلال بالآية

70 رد من المحقق الثاني على ما استشكله

71 رد من المحقق الثاني على المستدل بحرمة بيع العنب

71 ما اعتبره المحقق النراقي في نحقق مفهوم الاعانة

72 الاشكال على ما أفاده المحقق النراقي

78 في عدم صدق الإعانة على الحرام في استيراد التجار

81 أقسام الإعانة

84 في ظهور الفرق بين بيع العنب و بيع الخشب

84 في ظهور الفرق بين إعطاء السوط و بين بيع العنب

85 في الرد على ما افاده المحقق الاردبيلي

85 في الفرق بين المسألة الأولى و الثالثة

88 المراد من معنى التجري

88 خلاصة التوهم

ص الموضوع

89 جواب التوهم

89 المراد من قوله: فافهم

90 استدراك من الشيخ عما أفاده

91 التمسك بالأولوية في حرمة بيع العنب

92 تعيين محل النزاع بين الفقهاء

93 الاشكال على ما أفاده المحقق الكركي

96 استدراك من الشيخ عما افاده

96 تشكيل قياس منطقي من الشكل الأوّل

97 أدلة النهي عن المنكر

98 في القيل و دفعه

101 خلاصة التوهم

102 خلاصة دفع التوهم

104 الاشكال و الجواب عنه

109 الموارد الخمسة

115 المراد من المباينة في الرواية

116 تقييد الأخبار المطلقة بالمقيدة

116 المراد من السلطان الوارد في الرواية

119 عمومية الأحاديث الواردة في حرمة بيع السلاح

120 المراد بالأصول المسلمة

ص: 447

ص الموضوع

121 شموا السلاح في عصرنا الحاضر الأسلحة المستحدثة

123 استدراك من الشيخ عما افاده

124 دليل آخر على حرمة بيع ما يكن

124 دفع و هم

124 الجواب عن الوهم

125 رد على العلامة في استدلاله برواية محمد بن قيس

126 مقصود الشيخ من جملة: فلا بد من حملها

127 للمسألة صور ثلاث

129 استدراك من الشيخ عما افاده

130 التأمل في شمول رواية تحف العقول

132 التأمل في منشأ فساد المعاوضة

134 في استدلال العلامة على عدم جواز بيع الأعيان المذكورة

135 نقاش الشيخ مع العلامة فيما افاده

137 منع كون الأعيان المذكورة من صغريات الكبرى الكلية

139 اشكال من الشيخ على العلامة فيما افاده

ص الموضوع

141 اشكال من الشيخ على ما استشكله العلامة على العلق و الديدان

142 ما افاده الشيخ في عدم المانع من بيع كل ماله منفعة نادرة

143 في الشبهات المصداقية

143 في العمومات الواردة

147 استدراك من الشيخ عما افاده في منشأ تحريم الشحوم

148 وجه أوضحية حديث تحف العقول

149 التمسك بالعمومات الواردة في الصلح و الهبة المعوضة

150 الحديث الوارد في لحوم السباع و جلودها

153 وجه تضعيف العلماء ما ذهب إليه العلامة

153 دفاع من الشيخ الأنصاري عن العلامة

153 الإشارة إلى وجه فافهم

154 تفسير جملة قهرا ظلما عرفا اعرابا و معنى

161 ابيات من القصيدة الكوثرية

ص: 448

ص الموضوع

161 تحقيق حول الخال الصناعي

162 التأمل في التفصيل بين وصل شعر الانسان بشعر المرأة و وصله بشعر غيرها

165 تحقيق حول فلج الاسنان

165 تحقيق حول الوشم على ظهر الكف

167 في الجمع بين الأحاديث المتضاربة

168 و هم

169 جواب الوهم

170 تحقيق حول جملة: خصوصا مع صرف الامام

171 تحقيق حول دوران الأمر بين التخصيص و غيره

171 تنازل من الشيخ

172 تأكيد من الشيخ لمدعاه

173 رواية على بن جعفر قرينة على صرف اطلاق النامصة عن ظاهره

174 الشق الثاني للنامصة

176 تحقيق حول التدليس بالوشم و الوشر و النمص و الوصل

176 خلاصة التفريع

ص الموضوع

178 الصور الأربعة

179 منشأ الأولوية احد الأمرين

180 المراد من العرض

181 و هم و الجواب عنه

182 في معنى مسامحة اهل الشرف و الرفعة

184 المراد من التبرع

185 و هم و الجواب عنه

185 الحديث الوارد في الاجير

186 تحقيق حول لفظة أداوى

187 تحقيق حول الاجير

195 في معنى التشبيب لغة و شرعا

196 سر وجه اختصاص التشبيب بالشعر

196 الأمور الخمسة

198 اشكال من الشيخ في عدم نهوض الأمور الخمسة للحرمة

199 النسبة بين المدعى و الدليل

200 تشكيل قياس منطقي من الشكل الأوّل

200 الاستدلال على حرمة التشبيب بآية النهي عن الفحشاء

200 الاستدلال على حرمة التشبيب بالحديث النبوى

ص: 449

ص الموضوع

201 الاستدلال على حرمة التشبيب بمنافاته للعفاف

201 الاستدلال على حرمة التشبيب بفحوى الأخبار

202 تشكيل قياس منطقي من الشكل الأوّل

204 الاستدلال على حرمة التشبيب بآية النهي عن الترقيق

204 الاستدلال على حرمة التشبيب بآية النهي عن ضرب الأرجل

205 اعطاء الشيخ درسا كاملا و قاعدة كلية حول التشبيب

206 استدراك من الشيخ عما افاده

207 اشكال من الشيخ على ما افاده صاحب جامع المقاصد

208 الاشكال في حرمة التشبيب اذا لم يكن سامعا

208 المراد من اهل الذمة

209 نقض الأولوية

209 تشخيص مسألة التشبيب مشكل

213 مدينة ميس

214 المراد من التصاوير

ص الموضوع

215 الاستظهار من الرواية في اختصاص الحرمة بتصوير المجسمات

216 و هم و الجواب عنه

216 اشكال من الشيخ على الاستظهار المذكور

217 ترق من الشيخ عما افاده في امكان نفخ الروح

217 أمر الامام عليه السلام باخذ الاسد عدو اللّه و خلاصة الحادثة

220 و هم و الجواب عنه

221 ترق من الشيخ

221 سر الحكمة في تحريم تصوير ذوات الأرواح

222 في الإشكال على السر و الحكمة المذكورة

225 تعليل لاختصاص تحريم التصوير بذوات الأرواح

226 خلاصة ما افاده صاحب اللثام في الثياب المشتملة على التصاوير

227 أصالة الإباحة و الأخبار الواردة هما الاساس و العمدة في التحريم

230 الأحاديث المطلقة الدالة على حرمة التصوير

ص: 450

ص الموضوع

23 تعليل لاختصاص تحريم التصوير بالمجسمات فقط

231 تعليل ثان للاختصاص المذكور بالاستظهار

232 اشكال من الشيخ على الاستظهار المذكور

233 رد ثان على الاستظهار المذكور

235 الصور الأربعة في مسألة تصوير ذوات الأرواح

236 تفريع على ما أفاده شيخنا الأنصاري

236 خروج آجام القصب و غابات الاخشاب عن محل النزاع

237 اشكال من الشيخ ما أفاده صاحب كشف اللثام

240 منشأ ثبوت الحرمة

241 و هم

242 الجواب عن الوهم

245 وجه الاستدلال بالصحيحة

245 وجود القرينة على انصراف الخمر و العصير إلى الشرب

246 الاستدلال بحديث تحف العقول على حرمة اقتناء الصور

ص الموضوع

247 تحقيق حول لفظة الفقرة

247 الاستدلال بالحديث النبوي على حرمة اقتناء الصور

248 الاستدلال بحديث علي بن جعفر على حرمة اقتناء الصور

248 الاستدلال بتفسير الامام عليه السلام آية و يعملون له ما يشاء على حرمة اقتناء الصور

250 الاستدلال بمفهوم الحديث على حرمة اقتناء الصور

250 الاستدلال بمفهوم الحديث على حرمة اقتناء الصور

251 الاستدلال بالحديث الوارد على حرمة اقتناء الصور

252 الأدلة القائمة على حرمة الاقتناء

252 اشكال من الشيخ على أوّل دليل من الأدلة المذكورة

253 استدراك من الشيخ عما أفاده

254 اشكال من الشيخ على الصحيحة

255 اشكال من الشيخ على حديث تحف العقول

256 استدراك من الشيخ عما أفاده

ص: 451

ص الموضوع

257 رد من الشيخ على المستدل بالحديث النبوي على حرمة الاقتناء

258 رد من الشيخ على المستدل بالحديث على حرمة الاقتناء

258 اضراب و ترق من الشيخ

259 رد من الشيخ على المستدل بتفسير الامام على حرمة الاقتناء

259 رد من الشيخ على المستدل بالصحيحة على حرمة الاقتناء

260 ترق من الشيخ

261 رد من الشيخ على المستدل برواية الحلبي

261 في الاشكال على الشيخ فيما أفاده في الأمر

261 في الدفاع عن الاشكال

261 تنازل من الشيخ

262 الروايات الواردة في جواز اقتناء الصور

264 و هم و الجواب عنه

265 استفادة العموم من كلمة كل

265 استظهار من الرواية في خروج تماثيل المجسمات عن الرواية

ص الموضوع

265 الحديث الخامس الدال على جواز الاقتناء

266 الحديث السادس الدال على جواز الاقتناء

266 وجه أظهرية الرواية على جواز الاقتناء

267 تأييد من الشيخ على كراهة اقتناء الصور و وجه التأييد

271 تحقيق في معنى التطفيف

271 دلالة الأدلة الأربعة على حرمة التطفيف

271 الآيات

272 الأحاديث. الإجماع. العقل

273 المراد من الربوي

273 المعاوضة الربوية على أقسام ثلاث

273 القسم الأوّل

274 القسم الثاني و الثالث

275 رأي آخر للشيخ في القسم الثالث

279 تعريف التنجيم

279 المراد من الحركات الفلكية عند القدماء و عند المتأخرين

ص: 452

ص الموضوع

281 خلاصة دليل السيد المرتضى و الشيخ الكراجكي على اصابة المنجمين في إخبارهم

281 رد السيد المرتضى و الشيخ الكراجكي على المنجمين في ادعائهم إصابة إخبارهم عن الأحكام

282 في الأنواء الجوية

283 المراد من الحمل: القياس

284 تصوير القدماء في السماء صورا و أشكالا

285 خارجة الصور

286 منطقة البروج

287 الآثار الخاصة لكل برج

288 اشكال من الشيخ على السيد المرتضى فيما أفاده مع وجه النظر

289 فيما أفاده السيد المرتضى عن الأوضاع الفلكية

290 المراد من الوضع الخاص

290 ترق من الشيخ عما أفاده

291 و هم و الجواب عنه

292 المقام الثالث من المقامات المشار إليها

293 الروايات الدالة على حرمة الإخبار عن وقوع الحوادث

ص الموضوع

294 تعليل ثان لعدم تأثير الكواكب

295 مقصود أمير المؤمنين عليه السلام من أن محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلّم لا يدعي علم الغيب

296 في المراد من استشهاد الامام عليه السلام بالآية الكريمة

297 عدم دلالة الأمر بالاحراق على حرمة النظر في الطالع

298 تحقيق حول كلمة تقضي

301 تحقيق حول نحوسة الأيام

302 استشهاد من الشيخ الأنصاري على دعواه من كلام الشهيد

303 المقام الرابع من المقامات المشار إليها

303 أقسام تأثير ربط الحركات العلوية بالكائنات

305 خلاصة ما افاده السيد المرتضى في التنجيم

306 المراد من قول العلامة: إن الكواكب مؤثرة.

307 استشهاد خامس من الشيخ بكلام الشيخ البهائى

308 استشهاد سادس من الشيخ

ص: 453

ص الموضوع

308 المراد من الكفر المطلق

309 المراد من توقف تأثير الحركات الكوكبية

309 القول بحياة الكواكب لا يوجب الكفر

310 أقسام العلل

311 نص عبارة صاحب الوسائل

311 نص عبارة ابن أبي الحديد

312 الفرقة الأولى و الثانية من الكفار الذين هم من أشد الكفرة

313 الفرقة الثالثة من الكفار الذين هم من أشد الكفرة

313 عدم الفرق بين عبارات العلماء في تكفير المنجمين

314 الفرقة الرابعة و الخامسة من المنجمين

314 استدراك من الشيخ عما أفاده

315 الفرق الثلاث

316 ما يظهر من الاستدراك المذكور

316 تشكيل قياس منطقي مركب من المقدم و التالي

316 منشأ بطلان الشيء البديهي أحد الأمور الأربعة إما العقل أو الشرع أو الحس، أو العادة

ص الموضوع

317 تشكيل قياس منطقي من المقدم و التالي من حكم العقل

317 تشكيل قياس منطقي من المقدم و التالي من حكم الشرع

318 تشكيل قياس منطقي من المقدم و التالي من حكم الحس

318 تشكيل قياس منطقي من المقدم و التالي من حكم العادة

320 منشأ مخالفة فتوى الفقيه أحد الأمرين

321 موجبات الكفر

323 تحقيق حول الأنواء

324 ما أفاده السيد عبد اللّه الجزائري

324 ايراد الشيخ على ما أفاده السيد عبد اللّه الجزائري

327 عدم ظهور من الروايات المتقدمة في تكفير المنجمين بالمعنى المتقدم

327 تفسير لفظة نوبخت

328 خلاصة الوجه الثاني من الوجوه المتصورة في الربط

330 استدراك من الشيخ عما أفاده نقلا عن العلامة المجلسي

ص: 454

ص الموضوع

331 ظاهر كلام الشهيد الأوّل

331 بيان وجه امكان نسبة وقوع الآثار الى الكواكب

331 بعبارة اخرى

335 سؤال الزنديق المصري عن الامام الصادق عليه السلام

335 الحديث المنقول

335 اخبار الامام الباقر عليه السلام عن العوالم و الآدميين

335 كلمة مع القارئ الكريم

337 تفسير الحديث الشريف

338 مراد الامام عليه السلام عن عدم التغير في النجوم

338 استدراك من الشيخ عما افاده

339 تحقيق حول البداء

344 تحقيق حول عبارة الشهيد

345 ما يقع في العالم السفلي

347 ما أفاده الشهيد الأوّل في الربط

353 ما أفاده السيد ابن طاوس

353 تحقيق حول كلمة انتحل

358 تحقيق حول لفظة دهقان

358 تحقيق حول لفظة النهروان

ص الموضوع

362 تحقيق حول الحديث

362 كلام مع الشيخ الأنصاري

362 دفاع عن شيخنا العلامة المجلسي

367 كلمة حول الأحاديث الواردة

368 استدراك من الشيخ عما أفاده

373 الاستدلال بالآيات على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال

374 تشكيل قياس منطقي من الشكل الأوّل

374 الاستدلال بآية فاجتنبوا على حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال

374 تشكيل قياس منطقي من الشكل الأوّل

374 الاستدلال برواية تحف العقول على حرمة الاحتفاظ

375 الاستدلال بحديث احرق كتبك على حرمة الاحتفاظ

376 تخصيص الشيخ حرمة الاحتفاظ بكتب الضلال فيما اذا كانت مضلة

377 استدراك من الشيخ عما أفاده

378 صور أربعة لعدم ترتب الاضلال

379 استثناء من الشيخ عما أفاده

ص: 455

ص الموضوع

379 في تنقيح الملاك و المناط في حرمة الاحتفاظ

380 تفريع من الشيخ عما افاده

381 المراد من الكتب السماوية

382 المراد من المكاتبات

382 المراد من الأدعية

383 و هم و الجواب عنه

384 الكتب المؤلفة في كرامات المتصوفة

385 كلمة حول الكتب المؤلفة في الجبر و الاختبار

385 كلمة حول الامام أمير المؤمنين عليه السلام

387 تفريع من الشيخ على ما أفاده

391 تحقيق في الرشوة لغة و اصطلاحا

391 دلالة الأدلة الأربعة على حرمة الرشوة: الكتاب، الأحاديث

392 تحقيق حول لفظة غلّ

398 توجيه لما ذهب إليه صاحب جامع المقاصد

398 دليل ثان من الشيخ الأنصاري لما ذهب إليه جامع المقاصد

400 الاشكال في الاستدلال بالصحيحة

ص الموضوع

400 فيما لو كان القاضي المنصوب من قبل السلطان مستأذنا من الامام

401 استثناء من الشيخ عما افاده

402 الأولى في الاستدلال على المنع بالروايات المتقدمة

404 تحقيق حول لام الغاية، و لام العاقبة

405 و هم

405 تحقيق حول أقسام الحصر

407 الجواب عن الوهم المذكور

407 عدم جواز أخذ القاضي الأجر مقيد بقيدين عند العلامة

412 توجيهات للرواية

417 في نص صاحب المصباح حول الرشوة

417 في حمل (الشيخ الأنصاري) المنزل على المنزل المشترك بين المسلمين

417 كلام حول عدم تمامية الحمل المذكور

417 استفادة جواز أخذ السرقفلي من الحديث

418 استفادة جواز أخذ السرقفلي

ص: 456

ص الموضوع

من حق الاختصاص

419 ما افاده الأعلام من الفقهاء حول السرقفلي

419 ما افاده صاحب الوافي حول الساكن في الدار

419 عدم تمامية ما افاده صاحب الوافي

420 تمثيل حول مقاولة عمال السلطان مع أهل الحرف

422 في معاملة المحاباتي

422 الصور الثلاثة لمعاملة المحاباتي

422 في بطلان الصور الثلاثة

424 في ضمان ما دفع في الصور الثلاثة

424 في وجوب رد عين ما دفع في الصور الثلاثة، أو مثله أو قيمته لو كانت تالفة

424 تعليل لعزم الضمان في الرشوة اذا بذلت في غير الحكم

425 و هم

426 الجواب عن الوهم

426 و هم و الجواب عنه

426 و هم

427 الجواب عن الوهم

ص الموضوع

427 تعليل لعدم الضمان في مثل هذه الرشوة

427 ما افاده بعض المعاصرين في عدم الضمان

428 تحقيق حول عبارة بعض المعاصرين في لزومها التنافي

429 تحقيق حول عبارة الشيخ

430 استدراك من الشيخ عما أفاده

430 الجواب عن الاستدراك

431 رد من الشيخ على ما أفاده بعض المعاصرين

431 الفروع الثلاثة المترتبة على قبض القاضي الرشوة

434 في خروج الفروع الثلاثة عن باب التداعي

435 في جريان الاستصحاب

435 في الاشكال على جريان اصل آخر

435 الاشكال على قاعدة: و على اليد

435 الجواب عن الاشكال

435 و هم

436 الجواب عن الوهم

ص: 457

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ - أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 12، 142، 143، 150

أَكّٰالُونَ لِلسُّحْتِ 412، 426

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ 183

إِنَّ اَللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ وَ يُنَزِّلُ اَلْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي اَلْأَرْحٰامِ وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ مٰا ذٰا تَكْسِبُ غَداً وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اَللّٰهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 295

إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ 68

إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 32

ت - تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 120

تِلْكَ مِنْ أَنْبٰاءِ اَلْغَيْبِ نُوحِيهٰا إِلَيْكَ 296

- ح - حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ 245

ع - عٰالِمُ اَلْغَيْبِ فَلاٰ يُظْهِرُ عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ 286

ف - فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً 404

فَلاٰ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ اَلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ 204

فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لاٰ أُحِبُّ اَلْآفِلِينَ 298

ل - لاٰ يَعْزُبُ عن علمه مِثْقٰالُ ذَرَّةٍ 341

لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ 323

ص: 458

- م - مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اَللّٰهِ زُلْفىٰ 11

ن - اَلنَّجْمُ اَلثّٰاقِبُ 350

و - وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ 374

وَ إِذِ اِبْتَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ 298

وَ بَدٰا لَهُمْ سَيِّئٰاتُ مٰا كَسَبُوا 339

وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اَللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ 339

و عن أن يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مٰا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ 205

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 141

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهٰا إِلَى اَلْحُكّٰامِ 391

وَ لاٰ تَبْخَسُوا اَلنّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ 272

وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ 69، 70 77، 92، 102

ص الموضوع

وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ 99

وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ اَلرُّسُلُ 405، 406

وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ 374

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّٰهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً 297

وَ يَعْلَمُ مٰا فِي اَلْأَرْحٰامِ 295

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ اَلَّذِينَ إِذَا اِكْتٰالُوا عَلَى اَلنّٰاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذٰا كٰالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ 371

وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ 200

ي - يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ 228، 229، 249، 259

يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتٰابِ 294

ص: 459

4 - فهرس الاحاديث النبوية الشريفة

- أ - إن اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه 17

إن اللّه حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء، لا يبالي بما قال و لا بما قيل له 201

ر - ربّ راغب فيك 205

ل - لا تدع صورة إلا محوتها و لا كلبا إلاّ قتلته 247

ص الموضوع

لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر أو ليسلطن اللّه شراركم على خياركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم 99

لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها و اكلوا ثمنها 146

م - من جدّد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الاسلام 220، 229، 234

من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما انزل على محمد 304

و - و لا كلبا إلا قتلته 257، 249، 252

ص: 460

5 - فهرس الأعلام

- أ -

آل عمران 405

آل فرعون 404

الأعور: حفص 420

أبان بن تغلب 349

ابن الأثير 391، 395

ابن أبي الحديد 294، 311-313 344، 410

ابنا نوبخت (محمد و هارون) 327 328

ابن البراج: القاضي 402، 403

ابن طاوس 353، 354

ابن العميد 382

ابن عيسى 218

ابن الوليد 218

أبو بصير 263، 265

أبو خديجة 190

أبو سفيان 13

أبو سهل بن نوبخت 327

أبو الفضل ابراهيم: محمد 294، 311

أبو كهمس 53، 63، 64، 75

ادريس عليه السلام 364

اذينة: عمرو بن اذينة، أو أبو أذينة 46

49، 50، 52، 53، 62-66، 75 299

الأردبيلي: المقدس 73، 74، 79 81، 85، 87، 97، 99، 159 214، 242، 243

إساف (صنم) 12

الأشتر: مالك 410

أعين: عبد الملك بن اعين 297، 298

امين الضرب 219

أوس (قبيلة) 12

الأئمة، أهل البيت عليهم السلام 115

146، 217، 218، 223، 238، 244 267، 296، 300، 304، 305

ص: 461

333، 336، 340، 341، 354 393، 403، 406، 407

- ب -

البابي الحلبي: عيسى 311

الباقر: الامام ابو جعفر عليه السلام 90 115، 335، 166-171، 238 243، 246، 249، 250، 304

البجنوردي: السيد 80

بطليموس 284

بكر: موسى بن بكر 38

بنو أمية - آل أمية 99، 100، 104 217، 384

بنو العباس 384

بنو كنانة (قبيلة) 12

البهائي 307، 312، 330، 344 351، 355، 357

- ث -

ثقيف (قبيلة) 12

- ج -

جابر: يوسف بن جابر 393، 396 398، 402، 409

جبرائيل 268، 296

الجزائري: عبد اللّه 322، 324-326

الجزائري: نعمة اللّه 322

جعفر: علي بن جعفر 117، 118 129، 130، 172، 173، 248 258، 263، 266

جعفر: يعقوب بن جعفر 190

الجعفري: سليمان بن جعفر 185

الجعفي: جابر 37، 46-49، 90

- ح -

الحجاج: عبد الرحمن بن الحجاج 301

الحجة عليه السلام 386

الحريث: عمرو بن الحريث 50، 52 53، 63-66

الحسن 218

الحسن: عبد اللّه بن الحسن 166-168

ص: 462

الحضرمي 114، 116، 117، 119 124، 129، 130

الحلبي 67، 251، 252، 261 262، 272

الحلي: العلامة 23، 24، 30، 31 73، 122، 123، 125، 129 134، 135، 138، 139، 141 142، 153، 225، 304-306 311، 312، 329، 330، 344 352، 395، 407

حمدان: محمد بن حمدان 284

حمران: حمزة بن حمران 403

حمير 12

- خ -

خزرج (قبيلة) 12

خنيس: معلى بن خنيس 364-366

- د -

الداماد: المحقق 342

داود عليه السلام 362

داود: سليمان بن داود عليهما السلام 248 249، 252، 258، 259

- ذ -

ذو القرنين 364

ذو كلاع (قبيلة) 12

- ر -

الرسول الاعظم - ص - 13، 14، 17 29، 73، 93، 114، 117، 144 146، 154، 163-165، 167 168، 170، 190، 200، 203، 214 229، 233، 247، 257، 293 295، 300، 304، 305، 308 311، 320، 322، 349، 385 386، 393، 401، 405، 406، 409

الرشيد: هارون 217، 218، 219

الرضا: الامام ابي الحسن - ع - 185 364، 412

- ز -

زرارة: 250، 252، 259، 267

ص: 463

الزنجاني: محمد بن هارون 321

زين العابدين: الامام علي بن الحسين عليه السلام 144

- س -

سالم: محمد بن سالم 363

السراج: حكم 118، 119، 124

السراج: هند 115-119، 123 129، 132

سعد 218

سعد الاسكاف 167، 169، 170 173

سعد بن سعد 272

السكوني 244

سماعة 393، 402

سماعة: الحسن بن محمد بن سماعة 421

سواع (صنم) 12

سيابة: عبد الرحمن بن سيابة 361

- ش -

الشافعي 134، 135

الشهيدان (محمد بن مكي العاملي و زين الدين الجبعي) 122، 196، 210، 304 312، 330، 344

الشهيد الاول (محمد بن مكي العاملي) 85 118، 128، 129، 207، 302 321، 329، 330، 331، 334 344، 345، 347

الشهيد الثاني (زين الدين الجبعي) 31، 311 الشهيدي: الشيخ 360

شيخ الطائفة: الطوسي 73، 381 383، 421

الشيطان 10

- ص -

صاحب التنقيح 141

صاحب جامع المقاصد 306، 307

صاحب الجواهر 225

صاحب الحدائق 23، 73، 74

صاحب الدروس 140، 141

صاحب الرياض 23، 73، 75

صاحب القاموس 425

صاحب كشف اللثام 227، 237

ص: 464

صاحب الكفاية 23، 71

صاحب المصباح 417

صاحب المفاتيح 210

صاحب الوافي 419

صاحب وسائل الشيعة 417، 418

الصادق: الامام أبي عبد اللّه عليه السلام 13، 17، 29، 37، 39، 45 46، 48، 52، 62-65، 76 120، 123-126، 131، 148 151، 163، 177، 178، 190 191، 203، 214، 215، 220 228، 230، 233، 243-246 249، 251، 252، 254 255، 257، 259-266، 272 284، 288، 293، 297، 301 305، 327، 328، 335، 336 338، 341، 349، 350، 356 357، 363، 366-368، 375 393-400، 403، 416

الصدوق 164، 323، 336، 393

الصفار 218

الصوفي: الخواجا عبد الرحمن 284

الصلت: ريان بن الصلت 364، 365 366

الصيرفي 420

صيقل 116، 129، 130

- ط -

الطالقاني: الصاحب بن عباد 382

الطوسي: الخواجا نصير الدين 291 340

- ع -

عبد الحميد: محمد محيي الدين عبد الحميد 294، 410

عبد العزيز: علي بن عبد العزيز 323

عبد الملك 375، 376

عبده: محمد عبده 410

العزى (صنم) 12

علي: امير المؤمنين عليه السلام 117 145، 161، 189، 202، 250، 251 260، 261، 292، 295، 296 300، 311، 312، 315، 316

ص: 465

319، 320، 327، 350، 358 359، 360، 362، 363، 364 366، 385، 410، 411، 412 426

علي: الشيخ 311

عمر: سفيان بن عمر 299

عمير: ابن ابى عمير 163، 167 168، 299

عمرو: مفضل بن عمر 298

- غ -

غراب: علي بن غراب 164

غسان (قبيلة) 12

- ف -

الفاضلان (المحقق الاول و العلامة) 95، 196

- ق -

قابوس: نصر بن قابوس 293، 305

قريش (قبيلة) 12

القطيفي: ابراهيم بن سليمان 214

قيس: محمد بن قيس 122، 123 125، 127

- ك -

الكاشاني: المحدث 301، 302، 322 338، 339، 342، 343

كاشف الغطاء: جعفر 18

الكاظم: الامام ابو الحسن عليه السلام 38، 172، 217، 218، 219 248، 258، 263، 267، 272 299، 420-422

الكراجكي: أبو الفتح 281، 311

الكركي: المحقق الثاني 25، 26 69-71، 73، 74، 93، 95، 96 122، 196، 210، 243، 283 312، 313، 330، 344، 394 كلب (قبيلة) 12

- ل -

اللات (صنم) 12

ص: 466

- م -

المجلسي: العلامة 308، 325، 328 329، 330، 362، 363

المحقق الأوّل (أبو القاسم جعفر بن حسن) 293، 304، 311

محمد: جعفر بن محمد 164

المدائني 350

مذحج (قبيلة) 12

المرتضى: السيد 281-283، 288 289، 303-305، 311، 312 330، 344، 352-355

مروان: عمار بن مروان 393، 395 396-398، 401، 402، 409

مسلم: محمد بن مسلم 220، 223 228، 229، 233، 234، 243 244، 252، 254، 416

المظفر: محمد الرضا 341

مظفر: محمد بن قاسم مظفر 288

المفيد 244، 311

مناة (صنم) 12

المنجم: سعد 357، 358

المنجم: الدهقان 358-360

موسى عليه السلام 404

الميلاني: السيد 419

- ن -

نائلة (صنم) 12

نباتة: اصبغ بن نباتة 402، 415

النراقي: المولى محمد مهدي 71-73

النسر (صنم) 12

نون: يوشع بن نون 363

- و -

ود (صنم) 12

- ه -

هبل (صنم) 12، 13

هذيل (قبيلة) 12

هشام 357، 367

الهندي: سيد رضا 161

الهندي: الصباح بن نصر 364

ص: 467

- ي -

يعوق (صنم) 12

يغوث (صنم) 12

يقطين: علي بن يقطين 218

يوسف عليه السلام 340

يوشع عليه السلام 364

اليهود 147، 332، 338، 381 385

ص: 468

6 - الأمكنة و البقاع

- أ -

إسكاف 358

ب -

بغداد 217، 358

بيروت 213، 410

ج -

جبل عامل 213

جرجرايا 358

د -

دير متىّ 358

ش -

الشام 114

- ص -

الصافية 358

الصفا 12

ط -

طهران 114، 201، 298، 361 383

ع -

العراق 186، 367

ف -

فارس 10

الفرات الاوسط 186

ك -

الكعبة 12، 23

ص: 469

- ل -

لبنان 213

م -

المدينة المنورة 217

المروة 12

مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله 190

مصر 294، 394، 395، 410

مكة المكرمة 78

ميس 213

- ن -

النجف الأشرف 318، 335، 336

404

النهروان 358

و -

واسط 358

ه -

همدان 12

الهند 363، 364

ي -

اليمن 12

ص: 470

7 - الشعر

- ر -

أ مفلج ثغرك أم جوهر *** و رحيق رضا بك أم سكر

قد قال لثغرك صانعه *** إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ اَلْكَوْثَرَ

و الخال بخدك أم مسك *** نقطت به الورد الأحمر

أم ذاك الخال بذاك الخد *** فتيت الند على مجمر

161

- ل -

(كتب القتل و القتال علينا) *** (و على الراقصات جر الذيول)

191

ن -

بدا لي منها معصم حين جمرت *** و كف خضيب زينت ببنان

339

ص: 471

8 - الكتب

- أ -

الاستبصار 99

الاحتجاج 350:349، 367

الإنجيل 381، 383

ب -

بحار الأنوار 99، 200، 219، 308 325، 328، 341، 350، 351 360-363

ت -

التحرير 311

تحف العقول 13، 14، 24، 29 49، 112، 120، 121، 123 129-131، 140، 148، 214 216، 228، 246، 252، 255 256، 374، 375، 377

التذكرة 13، 31، 73، 74، 95 122، 129، 135، 138، 141 142، 151، 208، 304، 311 373

التنبيهات المظفرية 288

التنقيح 41

التوراة 381، 383

التهذيب 99، 164

ج -

جامع الرواة 421

جامع المقاصد 25، 195، 207، 210 243، 283، 306، 325، 326، 386 391، 397، 398

ح -

حاشية الارشاد 69، 243، 394

ص: 472

الحدائق 73، 74

الحواشي 207، 213

خ -

الخصال 336، 393

د -

الدروس 140، 141، 302

دعائم الاسلام 49

ر -

الرياض 73، 75

س -

السرائر 122، 160، 213، 244

سنن ابن ماجة 74

ش -

الشرائع 95

شرح الإرشاد 242، 243

شرح الشرائع 214، 311

شرح القواعد 311

ع -

علل الشرائع 189

عيون الأخبار 412

غ -

الغنية 134، 402

ف -

فص الياقوت 329، 402

فقه الرضا عليه السلام 49

ق -

القاموس المحيط 394، 425

القرآن الكريم 294-296، 311

312، 316-320، 381، 382

ص: 473

قرب الاسناد 266، 248، 252

القواعد 208، 225، 271، 311

قواعد الشهيد 306، 309، 311، 321 330، 344

ك -

الكافي 76، 99، 114، 164، 189 201، 339، 341، 349، 350 361

كاشف اللثام 210، 221، 225، 237

الكفاية 214

كنز القواعد 311

الكوثرية 161

ل -

اللمعة الدمشقية 99، 134، 248، 284

م -

المبسوط 73، 93، 132، 196 206، 381، 383

مجمع البحرين 395، 399

المحاسن 299

المسالك 213، 391

مستدرك وسائل الشيعة 146، 154

المصباح 395، 396، 414

معاني الأخبار 166، 168، 298

المعتبر 304، 311

معجم الادباء 358

المقنعة 403

مكارم الأخلاق 251

منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة 359

المنتهى 305، 311، 373، 374

من لا يحضره الفقيه 99، 264

الميسية 213

ن -

النافع 214

النخبة 322

النهاية 122، 213، 244، 391 395، 396، 414

نهج البلاغة 294، 311، 312، 315 316، 410

ص: 474

- و -

الوافي 99، 338، 343، 363، 419

وسائل الشيعة 37، 38، 45، 50 59، 63، 64، 74، 90، 99 112، 116، 132، 150، 164 166، 173، 190، 199، 202 214، 215، 220، 229، 238 242، 244، 247، 248، 250 258، 262، 268، 272، 284 293، 297، 299، 304، 309 310، 311، 320، 356، 366 392، 393، 400، 403، 411 412، 416، 421

ص: 475

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

يا من دلّ على ذاته بذاته، و تنزّه عن مجانسة مخلوقاته، و جلّ عن ملائمة كيفياته.

يا من قرب من خطرات الظنون، و بعد عن لحظات العيون، و علم بما كان قبل أن يكون.

يا من أرقدني في مهاد أمنه و أمانه، و أيقظني إلى ما منحني من مننه و إحسانه.

لقد تم بحمد اللّه تعالى و له الشكر على ما أنعم الجزء الثاني من المكاسب في ليلة الأحد العاشر من شعبان المعظم عام 1393 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج بعد عناء كثير مقابلة و تصحيحا و تعليقا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان، و بعد سهر ليالي و أيام بذلت في إخراج هذا التراث الخالد: فقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم.

و كان الشروع فيه يوم الأحد الأوّل من شهر صفر المظفر 1393.

و قد خرج بحمد اللّه تبارك و تعالى على طراز حسن جميل، و أسلوب رائع بديع، و يتلوه الجزء الثالث إن شاء اللّه تعالى أوله: سب المؤمنين.

و اني لأرى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا القبر (المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة الجزيلة، و نسألك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء من الكتاب، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للأمة الاسلامية جمعاء، إنك ولي ذلك، و القادر عليه.

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 476

المجلد 3

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الإهداء

سيدي... أبا صالح هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرين عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك... يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 3

ص: 4

السّباب

ص: 5

ص: 6

تتمة في المكاسب المحرمة

تتمة النوع الرابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه

المسألة التاسعة: سب المؤمنين حرام فى الجملة

(التاسعة) (1):

(سب المؤمنين حرام فى الجملة) (2) بالأدلة الأربعة (3)، لأنه ظلم و إيذاء و اذلال.

ففي رواية أبي بصير عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر، و اكل

++++++++++

(1) أي المسألة التاسعة من النوع الرابع الذي يحرم التكسب به لكونه عملا محرما في نفسه: سب المؤمنين

(2) التقييد بذلك لإخراج بعض صور السب كما يأتي الاشارة إليها في المستثنيات.

(3) و هي الكتاب، و الأحاديث، و العقل، و الإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لاٰ نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ عَسىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لاٰ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لاٰ تَنٰابَزُوا بِالْأَلْقٰابِ بِئْسَ اَلاِسْمُ اَلْفُسُوقُ بَعْدَ اَلْإِيمٰانِ» (1).

و أما الأحاديث فقد ذكرها الشيخ و تأتي الاشارة إليها قريبا.

و أما الإجماع فعلى تحريمه المسلمون.

و أما العقل فكما ذكره الشيخ أيضا: من أن السب ايذاء و اذلال للمؤمن و كلاهما ظلم و الظلم قبيح بحكم العقل فالسب قبيح عقلا.

ص: 7


1- الحجرات: الآية 11.

لحمه معصية، و حرمة ماله كحرمة دمه (1).

و في رواية السكوني عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة (2).

و في رواية أبي بصير عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: جاء رجل من تميم الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال له: أوصني فكان فيما أوصاه: لا تسبوا فتكتسبوا العداوة (3).

و في رواية ابن الحجاج عن (أبي الحسن) عليه السلام في رجلين يتسابان.

قال: البادي منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يعتذر الى المظلوم (4).

و في مرجع الضمائر اغتشاش (5)، و يمكن الخطأ من الراوي.

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 610. الباب 158 من أبواب أحكام العشرة. كتاب الحج. الحديث 3.

(2) نفس المصدر. ص 611. الحديث 4.

(3) نفس المصدر. ص 610. الحديث 2.

(4) نفس المصدر. ص 610. الحديث 1.

(5) الظاهر عدم الاغتشاش في الضمائر، لعدم وجود ضمائر كثيرة مختلفة من حيث المرجع حتى يحصل الاغتشاش. أليك نص الحديث:

عن عبد الرحمن بن الحجاج عن (أبي الحسن موسى) عليه السلام في رجلين يتسابان.

قال: البادي منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يعتذر الى المظلوم.

فالحديث مشتمل على ثلاثة ضمائر: ضمير وزره. و ضمير صاحبه -

ص: 8

و المراد و اللّه اعلم: أن مثل وزر صاحبه عليه، لإيقاعه (1) اياه في السب من غير أن يخفف (2) عن صاحبه شيء، فان اعتذر (3) الى المظلوم عن سبه و ايقاعه اياه في السب برأ من الوزرين (4).

++++++++++

- و ضمير عليه، و كل واحد منها يرجع الى (البادي) أي وزر البادي الذي بدأ بالسب، و وزر صاحبه أي صاحب البادي الذي هو المسبوب:

على البادي.

و الفاعل في ما لم يعتذر: البادي.

و المعنى: أن ذنب سب المظلوم على البادي، لأنه بدأ بالسب، و بعد سبه سبّه المظلوم فهو السبب الوحيد في سب المظلوم له، و ايقاعه في هذه المعصية، اذ لو لا سب البادي له لما سبّ المظلوم البادي فحينئذ يثبت على البادي ذنبان: ذنب سبه لأخيه، و ذنب صاحبه الذي سبه.

ثم إن الذنب لا يخفّف عن البادي حتى يتوب، و توبته اعتذاره الى المظلوم، فاذا اعتذر إليه غفر ذنباه، و برئت ذمته من الوزرين و هما:

وزره. و وزر صاحبه.

(1) و إيقاع مصدر باب الإفعال من أوقع يوقع ايقاعا أصله إوقاع قلبت الواو ياء حسب القاعدة المعروفة من أنه اذا كانت الواو ساكنة و قبلها مكسور تقلب ياء، و هو مضاف الى الفاعل الذي هو البادي بالسب و كلمة و اياه مفعوله المراد منه صديق البادي.

(2) بصيغة المجهول، و المراد من صاحبه هنا: البادي الظالم.

و مرجع الضمير في صاحبه: المعتدى عليه الذي هو المظلوم.

(3) أي البادي الظالم.

(4) و هما: وزر الظالم البادي الذي سب صاحبه. و وزر صاحبه.

ص: 9

ثم ان المرجع في السب الى العرف (1)، و فسره في جامع المقاصد بإسناده (2) ما يقتضي نقصه إليه مثل الوضيع و الناقص.

و في كلام بعض آخر: ان السب و الشتم بمعنى واحد (3)

و في كلام ثالث: ان السب أن تصف الشخص بما هو إزراء (4) و نقص، فيدخل في النقص كل ما يوجب الأذى (5) كالقذر (6) و الحقير

++++++++++

(1) أي ليس للسب قاعدة كلية تعرف حتى تطبق على صغرياتها و أفرادها، بل مرجعه الى العرف فهو الحاكم في ذلك.

(2) مرجع الضمير: الساب، و الإسناد مصدر مضاف الى الفاعل و مفعوله (ما الموصولة) في قوله: ما يقتضي.

أي قال المحقق الثاني في (جامع المقاصد): السب عبارة عن إسناد البادي الذي هو الساب شيئا الى غيره يوجب نقصه كأن يقول في حقه:

يا وضيع. يا ناقص. يا حمار يا حقير.

(3) أي كل منهما يطلق على الآخر في اللغة يقال: سب زيد عمرا أي شتمه، و يقال: شتم زيد عمرا أي سبه.

(4) بكسر الهمزة مصدر باب الافعال من أزرى يزرى إزراء فهو ناقص يائي يقال: أزرى عليه أى عابه و وضع من حقه و أهانه و أدخل عليه النقص.

(5) الأولى تقييد الأذى بالأذية النوعية لا الشخصية، فإنه لو وجد شخص لم يتأذ من السب فلا يجوز لأحد أن يسبه، لأن الملاك الأذية النوعية، لا الأذية الشخصية.

(6) في جميع النسخ الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة: كالقذف و الصحيح ما اثبتناه، و السهو من النساخ. -

ص: 10

و الوضيع و الكلب و الكافر و المرتد، و التعبير بشيء من بلاء اللّه تعالى كالأجذم (1) و الأبرص (2).

ثم الظاهر أنه لا يعتبر في صدق السب مواجهة (3) المسبوب.

نعم يعتبر فيه قصد الإهانة و النقص، فالنسبة بينه و بين الغيبة عموم

++++++++++

- و العجب من بعض الأفاضل أنه مع اشرافه على طباعة الكتاب كيف خفي عليه تصحيح هذه الأغلاط.

(1) له اطلاقان.

(أحدهما): على من قطعت يده يقال: رجل مجذوم، و امرأة جذماء. أي مقطوع اليد، و مقطوعة اليد.

(ثانيهما): على المرض الخبيث: و هو الجذام اعاذنا اللّه و المسلمين من شره: و هو داء يسبب تساقط لحم الانسان و تناثره، و يبس الأعضاء نستجير باللّه الكريم.

و ربما يوجب في آخر مرحلة من مراحله تقطع الأعضاء، و انفصال بعضها عن بعض.

و هذا المرض أعاذنا اللّه منه مرض عفن مزمن تطول مدة سيره و هو من الأمراض السارية.

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: فرّ من المجذوم فرارك من الاسد.

(وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 431. الباب 28 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 2.

(2) البرص مرض يحدث في الجسم بقعا بيضاء يقال رجل ابرص و امرأة برصاء. و جمعه: برص بضم الباء و سكون الراء.

(3) أي حضوره عند الساب فيحرم سب المؤمن و لو في غيبته.

ص: 11

و خصوص من وجه (1).

و الظاهر تعدد العقاب في مادة الاجتماع (2)، لأن مجرد ذكر الشخص بما يكرهه لو سمعه و لو لغير قصد الإهانة غيبة محرمة، و الإهانة محرم آخر.

ثم انه يستثنى من المؤمن: المظاهر بالفسق، لما سيجيء في الغيبة:

من أنه لا حرمة له (3).

++++++++++

(1) أي لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو ذكر زيد عمرا في غيابه بقصد الإهانة و النقص و قال فيه: رأيت عمرا المجذوم فمقالته هذه سب و غيبة، لأنه ذكره بقصد الإهانة، و ورود النقص عليه.

و أما مادة الافتراق من جانب السب بأن يصدق السب و لا يصدق الغيبة كأن يقول له في حضوره: يا اجذم متقصدا الإهانة، و ادخال النقيصة عليه.

و أما مادة الافتراق من جانب الغيبة بأن يصدق الغيبة و لا يصدق السباب كأن يقول عن شخص بما يكرهه و ان لم يقصد الإهانة: فلان لم يحضر دروسه مثلا.

هذا اذا لم يكن غرضه من هذا التعريض حثه و ترغيبه على دراسته و اشتغاله، و الا فهو جائز و ان تأثر اذا كان للقائل صلة خاصة مع المقول فيه كالأستاذ و الوالد، و من في مقامه، أو أحد أرحامه، أو صديقه.

(2) أي في مادة اجتماع الغيبة و السب كما مثلناه لك فيكون للرجل الساب الصادق في حقه أنه ساب و مغتاب: عقابان: عقاب للسب و عقاب للغيبة.

و قد علل الشيخ لاستحقاق العقابين بقوله: لأن مجرد ذكر الشخص

(3) أي لا حرمة لغيبة المتجاهر بالفسق. -

ص: 12

و هل يعتبر في جواز سبه (1) كونه من باب النهي عن المنكر فيشترط بشروطه أم لا؟

ظاهر النصوص (2) و الفتاوى

++++++++++

- فكذلك يستثنى من حرمة سباب المؤمن سبه لو كان متظاهرا بالفسق و الفجور.

و لا يخفى أن جواز سب المتجاهر بالفسق مبني على استفادة العلة الواردة في غيبة المتجاهر.

(1) أي جواز سباب هذا المتظاهر مبني على شرائط وجوب النهي عن المنكر لو كان السب من باب النهي عن المنكر: بأن يأمن الضرر عليه و يحتمل ارتداع المتجاهر عن فسقه.

و لا يخفى أن (شيخنا الأنصاري) أفاد أو لا أن المرجع في صدق السب:

العرف في قوله: ثم ان المرجع في السب الى العرف.

و أفاد اخيرا أن المعتبر في السب قصد الاهانة في قوله: نعم يعتبر فيه قصد الاهانة و النقص لكون الغالب منها من موارد الصدق العرفي، لا أنه منحصر في ذلك.

و لا يخفى عدم صدق السباب اذا اجتمعت الشرائط لو اعتبرنا ما اعتبره الشيخ: و هو قصد الإهانة، لأن الساب يريد بسبه ارتداع المسبوب من دون قصد الإهانة.

نعم لو علم أن المتجاهر لا يرتدع الا بالإهانة جاز له ذلك.

و هل يشترط في جواز سب المتظاهر علم الساب بعدم ارتداع المسبوب فيما اذا نهاه بمجرد الكلام، أو لا يشترط؟

(2) و هي الأخبار الواردة في جواز غيبة المتجاهر بالفسق.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 604-605 - الباب 154. -

ص: 13

كما في الروضة: الثاني (1)، و الأحوط الأول (2).

و يستثنى من ذلك (3) المبتدع أيضا، لقوله صلى اللّه عليه و آله:

++++++++++

- من ابواب احكام العشرة كتاب الحج. الحديث 4 في قوله عليه السلام:

فلا حرمة له و لا غيبة.

و راجع (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة الجزء 75. ص 260.

الحديث 59 في قوله عليه السلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له.

فهذان الحديثان، و كذا بقية الأحاديث الواردة في المصدرين في هذا المقام مطلقة ليس فيها اشتراط جواز غيبته من باب النهي عن المنكر حتى يشترط بشروطه.

و المراد من الفتوى: فتوى (الفقهاء الامامية)، حيث يجوزون غيبة المتجاهر بالفسق من دون اعتبار كونه من باب النهي عن المنكر حتى يشترط بشروطه.

(1) و هو عدم اشتراط جواز السب بشروط النهي عن المنكر حتى يشترط بشروطه.

(2) و هو اعتبار شروط النهي عن المنكر في جواز السب. فيشترط فيه ما يشترط في النهي عن المنكر: من احتمال التأثير، و عدم وقوعه في الضرر.

راجع (الروضة البهية) في شرح (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 9. ص 175 عند قول الشارح. و هل يشترط مع ذلك جعله على طريق النهي فيشترط بشروطه، أم يجوز الاستخفاف به مطلقا؟ ظاهر النص و الفتوى: الثاني.

و الاول أحوط.

(3) أي و يستثنى من حرمة سباب المؤمن: المبتدع كما استثني منها -

ص: 14

اذا رأيتم أهل البدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم، و اكثروا من سبهم و الوقيعة فيهم (1).

و يمكن أن يستثنى من ذلك (2) ما اذا لم يتأثر المسبوب عرفا بأن لا يوجب قول هذا القائل في حقه مذلة و لا نقصا كقول الوالد لولده أو السيد لعبده عند مشاهدة ما يكرهه: يا حمار، و عند غيظه: يا خبيث و نحو ذلك (3)، سواء لم يتأثر بذلك (4): بأن لم يكرهه أصلا أم تأثر به، بناء (5) على أن العبرة بحصول الذل و النقص فيه عرفا.

++++++++++

- المتظاهر بالفسق و المتجاهر به.

و المراد من المبتدع: من أدخل في الدين ما ليس منه، و أخرج من الدين ما كان منه، مع كونه عالما بذلك، و مستلزما لإنكار احدى ضروريات الدين.

هذا اذا كان مدعيا للايمان، و الا يكون مرتدا.

(1) (الوافي). المجلد 1. ص 56. الحديث 4

فالحديث شامل لجواز سبابهم، و جواز اغتيابهم.

و الوقيعة وزان فعيلة من وقع يقع وقوعا بالتخفيف: و معناه: السب و الاغتياب و التعييب.

يقال: وقع فلان في فلان. اي سبه، أو عابه، أو اغتابه.

(2) أي من حرمة سباب المؤمن.

(3) مثل يا أحمق، يا بليد، يا مجنون.

(4) أي بالسب.

(5) تعليل للجملة الثانية و هو قوله: أم تأثر به، أي تأثر و تأذى نفسيا، لكنه مع ذلك لا يكون هذا السب حراما، لأن الملاك في حرمته هو ايجاد النقص و الذل الخارجي في الانسان عرفا: بان يحكم العرف بذلك -

ص: 15

و يشكل الثاني (1) بعموم أدلة حرمة الإيذاء.

نعم لو قال السيد ذلك (2) في مقام التأديب جاز، لفحوى (3) جواز الضرب.

و أما الوالد فيمكن استفادة الجواز في حقه مما ورد من مثل قولهم عليهم السلام: أنت و مالك لأبيك (4). فتأمل (5).

مضافا (6) الى استمرار السيرة بذلك.

الا أن يقال: ان استمرار السيرة انما هو مع عدم تأثر السامع و تأذيه بذلك

++++++++++

- و قول الوالد لولده، أو السيد لعبده: يا أحمق، يا حمار لا يوجد نقصا و لا ذلا في الولد و العبد عرفا، لأنه مهما بلغ الأمر فهو أعلى منهما مرتبة بالإضافة الى أن الوالد و السيد لهما حق ذلك.

(1) و هو استثناء سب الوالد ولده، أو السيد عبده من حرمة سب المؤمن في صورة تأثر الولد من سب والده له.

(2) أي السب و الشتم.

(3) و هي الأولوية العرفية، فان الضرب اذا جاز فالسب بطريق أولى يجوز.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 197. الباب 78 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 8.

(5) لعله اشارة الى عدم استفادة جواز سباب الوالد الولد من الحديث المذكور، اذ غاية ما يستفاد منه أن وجود الولد و ماله لأجل وجود الأب و من بركته أما جواز سبه و شتمه فلا يستفاد منه.

(6) أي بالإضافة الى أن سيرة المسلمين جرت على سباب الوالد ولده من صدر الاسلام الى يومنا هذا.

ص: 16

و من هنا (1) يوهن التمسك بالسيرة في جواز سب المعلم للمتعلم فإن السيرة انما نشأت في الأزمنة السابقة: من عدم تألم المتعلم بشتم المعلم لعد نفسه أدون من عبده، بل ربما كان يفتخر بالسب، لدلالته (2) على كمال لطفه.

و أما زماننا هذا الذي يتألم المتعلم فيه من المعلم مما لم يتألم به من شركائه

++++++++++

و هنا صور ثلاث.

(الأولى): علم الوالد بعدم حصول نقص في ولده من سبه له بناء على استفادة ذلك من أخبار (أئمة أهل البيت) عليهم السلام في قولهم:

انت و مالك لأبيك، و من السيرة المستمرة كما عرفت.

(الثانية): علمه بحصول النقص في ولده بسبه له.

(الثالثة): شكه في حصول النقص في ولده.

أما الصورة الأولى فلا اشكال في عدم حرمته.

و أما الصورة الثانية فيمكن القول بالجواز و العدم.

و أما الصورة الثالثة فإن قلنا بجواز سب الوالد ولده فيجوز بطريق أولى.

و ان لم نقل فهل هنا مجال لأصالة البراءة عن الحرمة و القول بالجواز عند فقد الدليل الاجتهادي أم لا؟

(1) أي و من احتمال أن السيرة في سباب الوالد ولده إنما جرت لاجل عدم تأثر الوالد بالسب، و عدم تأذيه به، و علم الوالد بذلك.

(2) أي لدلالة هذا السب من قبل المعلم على كمال لطف الأستاذ بالتلميذ.

ص: 17

في البحث: من (1) القول و الفعل فحل ايذائه (2) يحتاج الى الدليل و اللّه الهادي الى سواء السبيل.

++++++++++

(1) بيان (لما الموصولة) في قوله: مما لا يتألم أي ما لم يتألم به من قبل زملائه و شركائه في الدرس: عبارة عن الأقوال و الأفعال الصادرة منهم في حقه.

(2) أي حلية ايذاء التلميذ بسب الاستاذ له أمام تلامذته، أو مطلقا:

مشكل يتوقف جوازه على دليل خاص غير السيرة المجوزة لذلك، حيث كان التلميذ فخورا بذلك في العصور الغابرة.

و أما في عصر الشيخ الى عصرنا هذا فلا يمكن التمسك بالسيرة، المذكورة لتأذي التلميذ بالسب. فلا يجوز سبه، فالسيرة بعكس ذلك.

و المراد من السب: الكلمات البسيطة كقوله له: يا غبي. يا بليد أنت قليل الإدراك، و ليس المراد من السب: الكلمات البذيئة التي لا يجوز التلفظ بها لاي شخص، فضلا عن الأعلام و الأساتذة.

و حيث انجر بنا الكلام الى هنا فلا بأس باشارة اجمالية الى كيفية دراسة الطالب الديني بداية اشتغاله بالعلوم الدينية، و عند تلبسه الملابس الكريمة: (العمة الشريفة).

فنقول: بما أن الطالب الديني عند تلقيه العلوم الدينية يتزيى يزي رجال الدين و يتعمم بالعمة الشريفة الميمونة المباركة التي هي من أفخر الملابس و أشرفها حيث انها ترمز الى عمة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم و أهل بيته الكرام، و صحبه العظام: فله ميزة خاصة عن بقية الناس بهذه العمّة و الزي.

بالإضافة الى معلوماته التي هو السبب الوحيد في تفضيله على المجتمع الانساني، حيث للعلم شرافته الذاتية، و لا يدانيه أي شيء، و لذا ترى -

ص: 18

..........

++++++++++

- الجاهل يتأذى من انتسابه الى الجهل لو قيل له: يا جاهل فهو ينسب نفسه الى العلم مع ما هو عليه من الجهل.

فبهذه و تلك لا بد أن يمتاز عن الآخرين بمزية خاصة: و هي الأخلاق الفاضلة، و الملكات الكاملة التي يعبّر عنها ب: (المثل العليا) حتى يتطابق الظاهر و الواقع فيقتدي به الآخرون، و يكون أسوة حسنة لهم، ليتمكن من توجيههم، و إرشادهم إرشادا صحيحا، اذ لو كان عاريا منها لم يتمكن من التوجيه و الارشاد، لأن فاقد الشيء لا يكون معطيا للشيء.

و من البديهي أن الانسان يحتاج في أدوار حياته الأولى الى مرشد و موجه يوجهه نحو الأخلاق الفاضلة، و لا سيما اذا كان قرويا بدويا عاش بعيدا عن المدينة و فضائلها، اذ من الطبيعي و الفطرى أن الانسان ذو نفس أمّارة سبعية وحشية، ميالة نحو الشرور و الرذائل فبالطبع يحتاج الى مرشد و موجه يرشده و يوجهه نحو الخير، و الملكات الفاضلة.

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّٰارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاّٰ مٰا رَحِمَ رَبِّي (1).

و مما لا شك فيه أن طرق الخير و الوصول إليها، و الى المملكات الفاضلة مذكورة في علم الأخلاق، لكونه هو الوحيد لمعالجة تلك الرذائل و دفعها و هو الاساس لاكتساب الفضائل.

فعليه يجب على الطالب الديني قبل كل شيء، و قبل اشتغاله بالعلوم:

قراءة شيء من علم الأخلاق، و مراجعته الكتب المؤلفة في هذا الباب من علمائنا القدامى الأبرار، و لا اقل من كتاب (منية المريد في آداب المفيد و المستفيد) (لشيخنا الشهيد الثاني) عطر اللّه مرقده هذا الكتاب الذي هو صغير حجمه، كثير نفعه، ليستفيد منه كيفية العشرة مع المجتمع2.

ص: 19


1- يوسف الآية 52.

..........

++++++++++

- الذي يعيش معهم، و لا اقل مع أبناء نوعه و زملائه في المدرسة التي يسكنها و في خارجها، و بالاخص مع استاذه الذي يربيه و يخرجه من الجهل الى العلم و من الظلمة الى النور فهو أحد الآباء الثلاث الذين قال في حقهم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله في الحديث المشهور المتداول على ألسن الناس: آباؤك ثلاث:

أب ولّدك:

أب علّمك:

أب زوّجك:

و بقراءته علم الأخلاق يخرج عن الهمجية الوحشية، و السبعية الضارية التي جبلت عليها الطبائع البشرية، و النفوس الشريرة الخبيثة، و بقراءته علم الأخلاق و العمل به يصبح انسانا كاملا يستحق أن يقال له: انسان و ليست الانسانية بالاكل و الشرب و اللبس و الدار و البياض و السواد، و النطق و البيان، اذ لو كان كذلك لكان أبو لهب و من شاكله من زملائه انسانا.

قال العزيز جل شأنه: تَبَّتْ يَدٰا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ (1).

و من الواضح أن توجيه الطالب الديني الى دراسة علم الأخلاق يتوقف على ارشادات أساتذة الحوزات العلمية و من يهمه امرها، فإن من الواجب و الضروري عليهم أن يفرضوا على الطالب الدينى قبل اشتغاله بالمقدمات الأولية: دراسة علم الأخلاق كما كان القدامى من رجالاتنا الأخيار و علمائنا الأبرار ملتزمين بذلك.

و مقدمة (معالم الأصول) أكبر شاهد على صدق مقالتنا.

و كم ألفوا كتبا في الأخلاق.2.

ص: 20


1- اللهب: الآية 2.

..........

++++++++++

- هذا (ابن مسكويه الرازي الامامي) اوّل من صنف في علم الأخلاق ثم تبعه على غرار ذلك (شيخنا النراقي) فنسج على منواله فالف (جامع السعادات)، و اقتدى به ولده (المحقق النراقي) فصنف (معراج السعادة) باللغة الفارسية.

و قد أصبح الكتابان و لهما سوق رائج، و قد طبع الأول بعد أن أقدمنا على تصحيحه و التعليق عليه خمس مرات، و طبع الثاني عشرات المرات.

و رأينا من المناسب ذكر بعض الأحاديث الشريفة المروية عن (أئمة أهل البيت) الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا الواردة في كيفية عشرة التلميذ مع أستاذه، و الأستاذ مع تلميذه، تنبيها لطلاب عصرنا الحاضر و لا سيما الشباب الجدد منهم الذين دخلوا الحوزات العلمية قريبا، و تزيوا بالزي المبارك.

أليك نموذجا من تلك الأحاديث الشريفة.

عن اسماعيل بن الفضل عن ثابت بن دينار الكمالي عن (سيد العابدين علي بن الحسين بن علي ابي طالب) عليهم الصلاة و السلام.

قال: حق سائسك(1) بالعلم: التعظيم له، و التوقير لمجلسه، و حسن الاستماع له، و الإقبال عليه، و ان لا ترفع عليه صوتك، و لا تجيب احدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب له، و لا تحدث في مجلسه احدا و لا تغتاب عنده احدا، و أن تستر عيوبه، و تظهر مناقبه، و لا تجالس -ب.

ص: 21


1- اسم فاعل من ساس يسوس سياسة، اجوف واوي معناه: المدبر. المتولي. يقال: ساس زيد عمرا، أي دبر امره و تولاه. و المراد منه هنا: المؤدب.

..........

++++++++++

- له عدوا، و لا تعادي له وليا، فاذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّه تعالى بأنك قصدته، و تعلمت علمه للّه جل اسمه، لا للناس.

راجع (بحار الأنوار) الطبعة الحديثة. الجزء 2. ص 42. الحديث 6.

و قال مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام:

في الحديث المشهور المعروف: من علمني حرفا كنت له عبدا.

و قال (الامام أبو عبد اللّه الصادق) عليه السلام:

تواضعوا لمن طلبتم منه العلم، و لا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم(1).

و أما ما ورد في حق التلميذ فاليك الحديث الشريف.

قال عليه السلام: و حق رعيتك بالعلم أن تعلم أن اللّه عز و جل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، و فتح لك من خزانته، فإن احسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك اللّه عز و جل من فضله، و إن انت منعت الناس من علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم منك كان حقا على اللّه عز و جل أن يسلبك العلم و بهاءه، و يسقط من القلوب محلك(2).1.

ص: 22


1- (جامع أحاديث الشيعة). المجلد 1. ص 4. الباب 1 المقدمات. الحديث 19.
2- (تحف العقول) طباعة طهران چاپخانه حيدرى عام 1376 ص 261.

السّحر

ص: 23

ص: 24

المسألة العاشرة: السحر
اشارة

(العاشرة) (1):

(السحر) فهو حرام في الجملة (2) بلا خلاف. بل هو ضروري (3) كما سيجيء.

++++++++++

(1) أي (المسألة العاشرة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: السحر.

(2) التقييد بذلك، لاخراج السحر الذي يستعمل لدفع السحر فإنه جائز و ليس بحرام.

(3) أي عند (الطائفة الامامية) و كذا عند (علماء إخواننا السنة)

و المراد من الضروري هنا: أن وضوح كون السحر حراما في الشريعة الاسلامية كوضوح حرمة قتل النفس المحرّمة، و أكل المال بالباطل، و أمثال ذلك من المحرمات التي قامت الضرورة من الدين الحنيف عليها.

و ستأتي الاشارة الى هذا من الايضاح و غيره كما افاده الشيخ بقوله:

كما سيجيء.

ثم اعلم أن (شيخنا الأنصاري) ذكر السحر من شتى جوانبه و أسهب الكلام فيه.

لكنه لم يتعرض لتلك الجوانب مرتبة و منظمة و وافية كما هو ديدن غالب المؤلفين و المصنفين عند ما يكتبون عن موضوع تراهم لا يراعون جانب الترتيب، و السحر احد المواضيع التي لم تراع فيه هذه الناحية، لأنه كان من المناسب أولا أن يتعرض لتعريف السحر، ثم بيان موارد اطلاقاته -

ص: 25

و الأخبار بالحرمة مستفيضة (1).

(منها) (2): ما تقدم: من أن الساحر كالكافر.

(و منها) (3): قوله عليه السلام: من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر، و كان آخر عهده بربه، وحده أن يقتل إلا أن يتوب (4).

و في رواية السكوني عن (الصادق) عليه السلام قال: قال رسول اللّه

++++++++++

- و استعمالاته، ثم بداية وجوده، ثم مكان وجوده، ثم ذكر حكمه في الشريعة الاسلامية: من حيث الحلية و الحرمة، ثم التعرض لآثاره و عدمها، ثم الفرق بين السحر و المعجزة، و بين السحر و الشعوذة، ثم ذكر أقسامها

فهذه مراحل لا بد من ذكرها حسب الترتيب كما ذكرناها نحن، غير أن ذكرها كذلك يوجب الفصل الطويل بين هذه التعاليق، و بين متن الكتاب.

و الفصل هكذا يوجب الخروج عن الموضوع.

فعليه التجأنا أن نتبع الشيخ فيما ذكره فجعلنا تعليقة كل مرحلة من المراحل المذكورة حسب ما افاده الشيخ و إن كان غير مرتب و غير حاو لها.

(1) أي الأخبار بكون حرمة السحر ضرورية كثيرة قد بلغت حد الاستفاضة بحيث تفيد الشياع و التواتر.

(2) أي من تلك الأخبار المستفيضة التي دلت على حرمة السحر.

من هنا أخذ الشيخ في ذكر الأخبار المستفيضة فقال: فمن جملتها ما تقدم في ص 294 من الجزء الثاني من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة فراجع.

(3) أي و من تلك الأخبار المستفيضة قوله عليه السلام: من تعلم شيئا من السحر.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 107. الباب 25 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 7.

ص: 26

صلى اللّه عليه و آله: ساحر المسلمين يقتل، و ساحر الكفار لا يقتل.

قيل: يا رسول اللّه لم لا يقتل ساحر الكفار؟

قال: لأن الشرك أعظم من السحر، و لأن السحر و الشرك مقرونان (1).

و في نبوي آخر: ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر. و مدمن سحر و قاطع رحم (2)، الى غير ذلك من الأخبار (3).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 106. الحديث 2.

(2) نفس المصدر. ص 107. الحديث 6.

(3) راجع نفس المصدر من ص 103 الى ص 108

ثم لا يخفى عليك أن لسان هذه الأحاديث المروية في المصدر و غيره من المصادر التي نذكرها لك مختلف فبعضها يدل على كفر الساحر.

و بعضها يدل على وجوب قتله.

و بعضها يدل على حرمة تعلم السحر.

و بعضها يدل على أن الساحر ملعون.

و بعضها يدل على عدم دخول الساحر الجنة.

و بعضها يدل على أن السحر من الكبائر.

و بعضها يدل على أن اجر الساحر من السحت.

فهذه طوائف سبع نذكرها عن آخرها، لكي تكون بصيرا على حقيقة الأمر.

(الطائفة الأولى). الدالة على كفر الساحر:

قال عليه السلام: المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر، و الكافر في النار. نفس المصدر. ص 104. الحديث 8.

(الطائفة الثانية) الدالة على وجوب قتل الساحر.

قال صلى اللّه عليه و آله: ساحر المسلمين يقتل، و ساحر الكفار لا يقتل -

ص: 27

..........

++++++++++

- قيل يا رسول اللّه: لم لا يقتل ساحر الكفار.

قال: لأن الشرك أعظم من السحر، لأن السحر و الشرك مقرونان نفس المصدر. ص 106. الحديث 3.

و قال (امير المؤمنين) عليه السلام: من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر، و كان آخر عهده بربه، وحده أن يقتل.

المصدر السابق ص 107، الحديث 7.

(الطائفة الثالثة) الدالة على حرمة تعلم السحر:

قال عليه السلام: من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر نفس المصدر. ص 107. الحديث 7.

(الطائفة الرابعة) الدالة على أن الساحر ملعون:

قال عليه السلام: المنجم ملعون، و الكاهن ملعون، و الساحر ملعون نفس المصدر. ص 103. الحديث 7.

(الطائفة الخامسة) الدالة على عدم دخول الساحر الجنة

قال صلى اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، و مدمن سحر، و قاطع رحم. نفس المصدر. ص 107. الحديث 6.

(الطائفة السادسة): الدالة على أن السحر من الكبائر؛

قال عليه السلام عند عده المعاصي الكبيرة: و السحر، لأن اللّه عز و جل يقول: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ (1).

راجع (أصول الكافي). الجزء 2. ص 285-286. الحديث 24 الطبعة الثانية عام 1381.2.

ص: 28


1- البقرة: الآية 102.

..........

++++++++++

- (الطائفة السابعة) الدالة على أن اجر الساحر من السحت.

قال عليه السلام؛ من السحت ثمن الميتة، و أجر الساحر

(مستدرك وسائل الشيعة): المجلد 2. ص 434. الباب 22. الحديث 4.

و هناك روايات أخرى تدل على حرمة السحر غير ما ذكرناه لك.

راجع المصادر المذكورة تجدها هناك.

و أما الجواب عن هذه الطوائف فنقول:

(أما الطائفة الأولى) الدالة على كفر الساحر فلا يمكن الاخذ بظاهرها، بداهة عدم جريان أحكام الكفر على مثل هذا الساحر المعبر عنه في الأحاديث بأنه كالكافر، فإن معنى أن الساحر كالكافر: أنه مرتد عن الاسلام و خارج عنه فيكون حكمه حكم المرتد: من بينونة زوجته عنه بمجرد الارتداد، و أنها تعتد عدة الوفاة، و أنه تقسم تركته بين وراثه، و أنه نجس يجب الاجتناب عنه.

و هكذا بقية أحكام الارتداد، مع أننا نرى أن ساحر المسلمين لا يترتب عليه شيء من الأحكام المذكورة، لأنه مسلم مقر بالشهادتين.

و قد قرر في محله: أن كل من يقر بالشهادتين فهو مسلم محقون الدم و المال و العرض، و الساحر مقر بالشهادتين فلا يترتب عليه أحكام الكفر.

ثم ان الامام عليه السلام قد شبه الساحر بالكافر في قوله: الساحر كالكافر، و لم يقل: الساحر كافر فكيف يحكم بكفره و يترتب عليه أحكام الكفر.

نعم لو لم يعتقد بالاسلام و كان منكرا للشهادتين فحينئذ يحكم بكفره لا من باب السحر، بل من باب أنه مرتد فطري، أو ملي.

فالحاصل أن الحكم بكفر الساحر، و ترتب آثار الكفر عليه مشكل -

ص: 29

..........

++++++++++

- فلا بد من توجيه الروايات الواردة في كفره.

فنقول: إن للكفر اطلاقين:

كفر مطلق من تمام الجهات فهذا له أحكام خاصة في الشريعة الاسلامية تترتب عليه أحكام الكفر بأسرها.

راجع الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. الهامش 5 من ص 118 الى ص 120 فهناك ذكرنا أسباب الكفر و أقسام الكفار.

و كفر جهتي اي من جهة صدور معصية خاصة من المعاصي من المكلف يقال له: الكافر فهو كافر من هذه الجهة، لا أنه كافر باللّه و برسوله و بأنبيائه، و بما جاءوا به.

و لهذا النوع من الكفر الجهتي اطلاقات كثيرة في الأحاديث الشريفة المروية عن طرق (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة كقوله عليه السلام.

و أما الرشا في الأحكام فهو الكفر باللّه العظيم.

و كقوله عليه السلام: و أما اللواط فما دون الدبر، و أما هو فهو الكفر باللّه العظيم.

و كقوله عليه السلام: تارك الصلاة كافر.

و كقوله تعالى: وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ

اذا عرفت ما ذكرناه لك من إطلاقات الكفر فاعلم أن المراد من الكافر في الأحاديث الشريفة الواردة في الساحر: يراد منه الإطلاق الثاني للكفر:

لا الإطلاق الأول.

(و أما الطائفة الثانية) الدالة على وجوب قتل الساحر فهي ضعيفة الأسناد لا يصح الركون إليها، و معارضة للكتاب العزيز، و السنة القطعية الدالتين على عدم جواز قتل المسلم المقر بالشهادتين إلا في موارد صرح -

ص: 30

..........

++++++++++

- الكتاب بقتله كالزنا و القتل و الإفساد في البلاد.

لكن المشهور عند الأصحاب، و المعروف لدى الأعلام وجوب قتل الساحر، حتى قال (صاحب الرياض) في كتاب الحدود: إن مقتضى اطلاق النص و الفتوى عدم الفرق في هذا الحكم بين مستحل السحر، و بين عدم مستحله و قد صرح به بعض الأصحاب، و ان حكي عن بعض تقييده بالمستحل، إلا أنه لا وجه له بعد اطلاق النص انتهى كلامه.

و المراد من النص الحديث الذي ذكرناه عن الوسائل. الجزء 12 ص 106. الحديث 3. و ص 107. الحديث 7.

و قد افتى الشهيدان بوجوب قتل الساحر مطلقا و ان لم يستحل السحر.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 9. ص 195.

و فتوى المشهور على وجوب قتل الساحر، بناء على مسلكهم:

من أن عمل الأصحاب بالخبر الضعيف جابر لضعفه.

و هذا المسلك كان معمولا به الى زمان شيخنا الأنصاري و بعده إلا قليل من المتأخرين و منهم سيدنا الاستاذ (السيد الخوئي) دام ظله، فإنهم لا يرون عمل الأصحاب جابرا لضعف الخبر.

و ممن لا يعمل بالخبر الضعيف و لا يرى العمل به جابرا لضعفه (شيخنا الشهيد الثاني).

لكن في موضوع السحر افتى بوجوب قتله و ان لم يكن مستحلا للسحر.

راجع نفس المصدر، و نفس الصحيفة.

ثم إنه بناء على وجوب قتل الساحر يقتل من كان عمله السحر و مهنته ذلك، لا من تعلم السحر، أو كان في مقام التعلم، فإنه لا يجوز قتله و ان كان قد فعل حراما، لعدم اطلاق الساحر عليه ما لم يعمل بذلك. -

ص: 31

..........

++++++++++

- ثم إن المعارضة بين الأخبار المذكورة، و الكتاب الكريم ليست على وجه التباين الكلي، بل النسبة بينهما العموم و الخصوص من وجه فإن المسلم قد يكون ساحرا و قد لا يكون.

كما أن الساحر قد يكون مسلما و قد لا يكون.

و أما في مورد الاجتماع كما اذا كان الساحر مسلما فيقدم الكتاب العزيز لا محالة فلا يعمل بالأخبار الدالة على وجوب قتل الساحر.

و أما بقية الطوائف من الأخبار التي ذكرناها لك فلا بد من أن ينظر فيها و يؤخذ بمقتضاها و نحن نلتزم بها.

و ما ورد في قتل الساحر لا ينافي ما ثبت في محله: من احترام دم المسلم بالأدلة الأربعة، لما ثبت في كتاب الحدود: من اقامة دليل خاص عليه فيكون مخصصا لتلك الأدلة.

لكن الالتزام بها مطلقا حتى في مورد لم يكن السحر مضرا و مؤذيا لا يخلو من اشكال، فإن الحرمة تختص بالسحر المضر، أما الذي لا إضرار فيه فلا يكون حراما. و قد قدمنا لك الأحاديث الدالة على حرمة السحر المضر.

فعلى ضوء ما ذكرناه لك من الأحاديث ظهر أن هذه الطوائف من الأحاديث بين ما لا اطلاق له، و بين ما هو ضعيف السند فالقدر المتيقن من مورد تلك الأحاديث: هو السحر المضر على المبنى الذي ذكرناه لك.

و بعبارة اخرى: أن الروايات الواردة في المقام بين ما هو ضعيف لا ينهض دليلا على الحرمة مطلقا و لو لم يكن في السحر اضرار.

و بين ما يجب تقييد مطلقاته بصورة الإضرار و شبهه، فإن مجرد صرف الشيء عن وجهه، و إراءة ما ليس له واقع بصورة الواقع من دون ترتب -

ص: 32

ثم ان الكلام هنا يقع في مقامين
اشارة

ثم ان الكلام هنا يقع في مقامين (1).

المقام الأول في المراد بالسحر
اشارة

(الأول) (2) في المراد بالسحر: و هو لغة على ما عن بعض أهل اللغة: ما لطف (3) مأخذه و دق.

++++++++++

- شيء. محرم عليه كما هو تعريف السحر: لا حرمة فيه.

اللهم الا أن يقال بحرمة السحر تعبدا كما ادعاه بعض فلا كلام لنا مع القائل هذا.

لكن القول بذلك مبني على أن لحرمة السحر موضوعية خاصة و ان لم يترتب عليه أثر بالنسبة الى الغير أصلا.

أو مبني على أن الحرمة فيه طريقية لأجل حصول الأثر بالنسبة الى الغير خيرا كان، أو شرا.

(1) من هنا يريد الشيخ أن يدخل في موضوع السحر من حيث التعريف و موارد استعمالاته و اطلاقاته و أقسامه، و حكم الأقسام من حيث الحلية و الحرمة، و نواحيه الاخرى فحصر كل هذه في مقامين.

فنحن نذكر كل ما افاده الشيخ في المقامين مشروحا مفصلا بحوله و قوته متبعين اثره.

(2) أي المقام الأول من المقامين.

يذكر الشيخ في هذا المقام معاني السحر لغة، و موارد استعمالاته و اطلاقاته.

و هي ثمانية ذكر منها أربعة و ترك الباقي.

و نحن نذكر ما ذكره الشيخ حسب ترتيبه، ثم نأتي بالأربعة الأخرى

(3) هذا المعنى الأول للسحر لغة.

و المراد من ما لطف مأخذه و دق: أن السحر كالشيء اللطيف الدقيق الخفي من حيث كونه لا يدرك بالعين.

فكما أن الشيء الدقيق لا يدرك بالعين.

ص: 33

و عن بعضهم (1): أنه صرف الشيء عن وجهه.

و عن ثالث: أنه الخديعة (2).

++++++++++

- كذلك السحر لا يدرك بالعين، لكونه دقيقا لطيفا خفيا.

و لا يخفى أن هذا تعريف بالأعم كتعريف اللغويين سعدانة: بأنها نبت. اذ من الواضح جدا أنه ليس كل ما كان مأخذه لطيفا دقيقا خفيا يعد من السحر، فإن كثيرا من المخترعات الحديثة المدهشة في عصرنا الحاضر كالطائرات و الراديوات و اللاسلكيات و التلفزيونات و الصواريخ، و الأقمار الصناعية، و القنابل الذرية و السفن الفضائية و النفاثات و الإذاعات و الأشعات و غيرها من الآلات الدقيقة، و الأدوات الخفية:

مأخذها دقيق و لطيف جدا و قد بلغت الدقة و اللطافة و الخفاء فيها قمتها حيث لا يعرف دقتها و لطافتها و خفاءها إلا مخترعوها.

فهل هذه من السحر؟

كلا ثم كلا.

(1) هذا ثاني معاني السحر الذي استعمل فيه.

و معنى صرف الشيء عن وجهه: صرفه عن ظاهره.

يقال: سحر زيد الشيء أي صرفه عن ظاهره.

و من هذا المعنى قوله تعالى: بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (1).

و قوله تعالى: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّٰ رَجُلاً مَسْحُوراً (2).

(2) هذا ثالث معاني السحر الذي استعمل فيه.

و المراد منه المكر و الخديعة.

يقال: سحر زيد عمرا أي مكره و خدعه.

ص: 34

و عن رابع: أنه إخراج الباطل في صورة الحق (1).

++++++++++

(1) هذا رابع معاني السحر، أي ابراز ما لم يكن له حقيقة و واقعية بصورة الحق و الواقع كما في أعمال السحرة.

و سيأتي شرح واف لهذا المعنى.

هذه هي الموارد الأربعة التي ذكرها الشيخ.

(الخامس): الجذب يقال: الطبيعة ساحرة أي جاذبة.

و يقال: زيد سحر الناس بأخلاقه أي جذبهم إليه بأخلاقه الفاضلة.

و من هذا المعنى قوله صلى اللّه عليه و آله: و إنّ من البيان لسحرا أي بعض أنواع الكلام له جاذبية يجذب السامع و مشاعره نحو الكلام.

راجع (أمالي الصدوق) طباعة المطبعة الحيدرية. عام 1389 ص 554.

و (بحار الأنوار) الطبعة الحديثة. الجزء 77. ص 159.

و (المجازات النبوية) طباعة مصطفى البابي بمصر عام 1356 رقم الحديث 89.

و (مجمع الأمثال). الجزء 1. ص 243. رقم المثل 1294. طباعة مطبعة السعادة بمصر. عام 1379.

و ذكر (أبو عبيدة) في وجه تسمية (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بعض البيان سحرا: امرين.

(الأول): أن بعض البيان لدقته و لطفه يستميل القلوب الى المتكلم و يوجهها نحوه.

(الثاني): أن القادر على البيان العذب قادر على تحسين ما يكون قبيحا، و تقبيح ما يكون حسنا فهو يشبه السحر.

راجع (تاج العروس). الجزء 3. ص 257-258 مادة سحر و بمعنى الجذب كانت قريش تنجذب الى القرآن الكريم حينما يسمعونه -

ص: 35

و قد اختلفت عبارات الأصحاب في بيانه (1).

قال العلامة رحمه اللّه في القواعد و التحرير: إنه كلام يتكلم به أو يكتبه، أو رقية (2) أو يعمل شيئا تؤثر (3) في بدن المسحور، أو قلبه

++++++++++

- من فم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

(السادس): الغذاء يقال: سحر زيد عمرا بالطعام و الشراب أي غذّاه بهما.

(السابع): الفساد يقال: سحر المطر الطين و التراب أي افسدهما.

(الثامن): الاستمالة يقال: سحر زيد عمرا أي استماله.

هذه هي الموارد الأربعة التي لم يذكرها الشيخ.

فصار المجموع ثمانية.

راجع كتب اللغة حول المعاني بأجمعها مادة سحر.

(1) أي في حقيقة السحر و ماهيته سعة و ضيقا بمعنى أنه ما المراد من السحر المحرم في الأخبار الواردة في السحر.

هل المراد منه كل ما أفاده الأصحاب من أقسامه حتى النميمة حتى تتوسع دائرته.

أو المراد منه فرد خاص فتتضيق دائرته.

(2) بضم الراء، و سكون القاف، و فتح الياء و زان مدية مشتقة من رقى يرقى رقيا و رقيا و رقية: و هي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى و الصرع مثلا، و غير ذلك، أي يقرأه الانسان على صاحب المرض المذكور.

و قد تأتي الرقية للإضرار البدني، أو العقلي.

(3) بصيغة المؤنث. و الفاعل يرجع الى المذكورات و هي الكلام و الكتابة، و الرقية و العمل، أي تؤثر المذكورات في بدن المسحور، أو -

ص: 36

أو عقله من غير مباشرة (1).

و زاد في المنتهى: أو عقدا (2).

و زاد في المسالك: أو أقساما (3)، أو عزائم يحدث بسببها ضرر على الغير.

و زاد في الدروس: الدخنة (4) و التصوير و النفث، و تصفية النفس.

++++++++++

- قلبه الى آخر ما ذكره الشيخ عن العلامة.

و المراد من عمل الشيء في قوله: أو يعمل شيئا: ما يعمله بعض السحرة: من إحراق عظام الموتى في المقابر، و اللعب بجثثهم.

(1) أي من دون أن يتصدى شخص الساحر للاتصال بالمريض و من دون أن يعالجه بالأدوية و العقاقير المألوفة و المتعارفة.

(2) بضم العين و فتح القاف و زان صرد: فهو جمع عقدة بضم العين و سكون القاف و فتح الدال.

و المراد من العقد هنا: هي العقد التي تعقدنها النفاثات الساحرات و يأخذن خيطا و يتكلّمن بكلمات ثم يعقدن عليه، ثم ينفثن على تلك العقدة أي كلما تقرأ الساحرة شيئا من الرقية و العوذة فتعقد عقدة ثم تنفث فيها، أي تبصق عليها.

و من هذا المعنى قوله تعالى: وَ مِنْ شَرِّ اَلنَّفّٰاثٰاتِ فِي اَلْعُقَدِ (1).

(3) بفتح الهمزة جمع قسم: و هو اليمين باللّه، و يغيره.

و العزائم جمع عزيمة: و هي الرقى.

و قد تقدم معناها مشروحا في الهامش 2. ص 36.

(4) بضم الدال و سكون الخاء و فتح النون وزان دمية.

و المراد منها: التدخين ببعض المواد للإضرار بالغير في أماكن مخصوصة -4.

ص: 37


1- العلق: الآية 4.

و يمكن أن يدخل جميع ذلك (1) في قوله في القواعد: أو يعمل شيئا.

نعم ظاهر المسالك، و محكي الدروس: أن المعتبر في السحر الإضرار (2).

++++++++++

- و أوقات معينة مع قراءة رقية.

و التصوير عبارة عن تصوير شخص. إما تنقيشا، أو تجسيما يراد به الإضرار بالغير ثم يعمل الساحر في عضو مخصوص من أعضائه العملية التي يريد إضرار المسحور بها.

و النفث هو التفل اي يتفل الساحر بعد قراءة الرقى، و العوذة في العقد التي يعقدها.

و المراد من تصفية النفس: قهرها و اذلالها و مخالفتها بالرياضات المحرمة مثل ما يرتكبه مرتاضو الهند: من أعمال شاقة غريبة كالوقوف على احدى رجليه مدة من الزمن، أو المشي زحفا على الأيدي و الأرجل الى مسافة بعيدة، أو التمرغ على ألواح فيها مسامير، و غير ذلك من الأفاعيل العجيبة.

و لا يخفى أن تصفية النفس بالطرق المذكورة لا تلائم الشرع و لا توافقه، لأنها غير شرعية.

(1) أي يدخل جميع ما ذكر: من الدخنة، و التصوير، و النفث و التكلم و الرقية و الأقسام و الكتابة، و تصفية النفس في قول العلامة في القواعد:

أو يعمل شيئا، لشمول لفظ الشيء المذكورات.

(2) أي أخذ في مفهوم السحر الذي هو موضوع الحكم بالحرمة: الإضرار بمعنى أن السحر ما يضر بالآخرين فيكون ما لا ضرر فيه ليس بحرام أو ليس بسحر حتى يكون حراما.

أما مسألة إبطال السحر بالسحر، أو النفع للغير فسيجيء البحث عنه في المتن و نتكلم حوله.

ص: 38

فإن أريد من التأثير في عبارة القواعد (1)، و غيرها: خصوص الإضرار بالمسحور فهو (2)، و إلا (3) كان أعم.

ثم إن الشهيدين رحمهما اللّه عدا من السحر: استخدام (4) الملائكة

++++++++++

(1) أي في قول العلامة في القواعد: أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله.

(2) أي يكون ما اراده (الشهيدان) في المسالك و الدروس من الاضرار في مفهوم السحر هو بعين ما اراده العلامة في القواعد بقوله:

أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور ان كان مراد العلامة من التأثير:

خصوص الإضرار بالمسحور.

(3) أي و ان لم يرد العلامة من التأثير خصوص الإضرار.

بل أراد به الجامع الأعم منه و من النفع، أي مطلق التأثير.

(4) هذه العبارة: استخدام الملائكة و استنزال الشياطين ليست للشهيدين، بل هي (للشهيد الثاني) مذكورة في (شرح اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3: ص 215.

و لعلها مذكورة في احد الكتب الفقهية (للشهيد الأول) غير اللمعة كالدروس و البيان و الذكرى و الألفية.

ثم إن لنا مع (شيخنا الشهيد الثاني) قدس اللّه روحه نقاشا أدبيا و هو أنه كيف يمكن لبشر و هو من العالم السفلي أن يتصرف في الملائكة الذين هم من العالم العلوي و هم عباد مكرمون يسبحون اللّه عز و جل و يقدسونه، و يهللونه و يكبرونه، و هم محروسون بحراسة اللّه جل و علا.

بالإضافة الى أن الساحر فاسق ان لم يكن كافرا كما عرفت من الأخبار التي تلوناها عليك، فأنى لهذا الساحر الفاسق التصرف في هؤلاء الأرواح المجردة الحافين بعرشه، و المحدقين بكرسيه و لوحه و قلمه.

ص: 39

و استنزال الشياطين في كشف الغائبات، و علاج المصاب (1).

و استحضارهم (2)، و تلبيسهم (3) ببدن صبي، أو امرأة،

++++++++++

- قال اللّه عز من قائل: إِنَّ عِبٰادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطٰانٌ (1).

فاذا كان الشيطان ليس له السلطة و السلطنة على عباد اللّه الصالحين مع ما لديه من السلطة و السلطنة فكيف لأبالسة الانس السلطة و السلطنة و الاقتدار على ملائكته المقربين، و كيف يتصرف الساحر الفاسق بهم فيستخدمهم؟

هذا اذا كان الساحر فاسقا.

و أما اذا كان كافرا من اصله فالاشكال أشد و أكثر و أشكل.

نعم يصح استخدام الملائكة (للأنبياء العظام، و الرسل الكرام و الأئمة من اهل البيت) ذوي النفوس القدسية الذين لهم الولاية التكوينية و التصرفات في العوالم العلوية و السفلية بإرادة من اللّه جل شأنه و إشاءته ببركة اسمه الأعظم، و مثل هذا خارج عن السحر حكما و موضوعا.

و الظاهر أن ما افاده مثل هؤلاء الأعلام الأفذاذ في هذا المقام قد اخذوه عن غيرهم عفوا، ثم ارسلوه على علاته.

(1) بأن اصيب الانسان بمرض الجنون.

و المراد من كشف الغائبات: سؤال السحرة عن الأجنة و الشياطين عن مستقبل شخص مفقود، أو عن مال مسروق، أو عن السارق، و غيرها من الأمور.

(2) بالنصب عطفا على قوله: استخدام الملائكة، أي عد الشهيدان من أنواع السحر: استحضار الملائكة و الشياطين من قبل الساحر.

(3) بالنصب أيضا عطفا على قوله: استخدام الملائكة، أي عد الشهيدان -2.

ص: 40


1- الحجر: الآية 42.

و كشف (1) الغائبات على لسانه.

و الظاهر أن المسحور فيما ذكراه (2) هم الملائكة و الجن و الشياطين.

و الإضرار بهم يحصل بتسخيرهم، و تعجيزهم من المخالفة له، و إلجائهم الى الخدمة.

و قال في الإيضاح: إنه (3) استحداث الخوارق.

إما بمجرد التأثيرات النفسانية (4) و هو السحر.

++++++++++

- من أنواع السحر: تلبيس الملائكة، و الشياطين ببدن صبي، أو امرأة عند ما يلبسون ببدنهما لعلاج المجنون، أو المصروع بواسطة الساحر.

(1) بالنصب عطفا على قوله: استخدام الملائكة، أي عد الشهيدان من أنواع السحر: كشف الغائبات على لسان صبي بواسطة الساحر.

(2) و هما: الشهيدان، أي الظاهر أن المسحور هنا: هم الملائكة و الجن و الشياطين، فإن الساحر يسحرهم لإرادته فيكونون هم المسحورون فيطيعون إرادته فيضطرون لخدمته: و امتثال أوامره.

(3) أي السحر في تعريف صاحب الايضاح عبارة عن استحداث خوارق الطبيعة و العادة كجعل الحبال حيات و أفاعي، أو الصخور العظيمة متحركة تمشي، أو الصحراء الرملاء بحرا، و غير ذلك من الأمور المدهشة الخارقة للعادة.

ثم إن صاحب الإيضاح ذكر لهذا الاستحداث أسبابا، و سمى كل واحد منها باسمه الخاص، و نحن نذكر كل واحد من تلك الأسباب باسمه الخاص عند ما ينقل عنه الشيخ.

(4) هذا أحد الأسباب للاستحداث المذكور، أي سببه التأثيرات النفسية.

و المراد من التأثيرات النفسية: أن الساحر بسحره يؤثر على المسحور -

ص: 41

أو (1) بالاستعانة بالفلكيات فقط و هى دعوة الكواكب، أو بتمزيج (2)

++++++++++

- بحيث يرى أشياء عجيبة خارقة للعادة كوجود بحر عظيم في غرفته تجري فيه السفن و البواخر، و كاستيلاء خوف شديد عليه، أو فرح بالغ، أو حب مفرط، و أمثال هذه الأمور العجيبة الخارقة للعادة.

و يسمى هذا النوع من الاستحداث بالسحر.

ثم لا يخفى عليك: أن صاحب الإيضاح جعل مجرد التأثيرات النفسانية المعبر عنها بالسحر قسما من السحر، مع أن المقسم لا يكون قسما للشىء فلا يقال في تقسيم الكلمة الى الاسم و الفعل و الحرف: الكلمة إما كلمة أو اسم، أو فعل، أو حرف، لأنه يلزم جعل المقسم قسما للشيء و هو غير معقول.

(1) هذا ثاني الأسباب للاستحداث المذكور، أي السبب لذلك:

الاستعانة بالفلكيات التي هي الأجرام السماوية: من النجوم و الكواكب و الكرات فتكون هذه الأجرام سببا للاستحداث المذكور، فإن الساحر إنما يفعل الأعاجيب الخارقة للطبيعة بالاستعانة بهذه الأجرام السماوية.

و يسمى هذا النوع من الاستحداث بدعوة الكواكب.

هذا بناء على أن للنجوم و الكواكب حياة و إرادة و اختيارا.

(2) هذا ثالث الأسباب للاستحداث المذكور: أي سبب الاستحداث:

تمزيج القوى السماوية التي هي النجوم و الكواكب بالقوى الأرضية التي هي الدوائر المعروفة عند السحرة، و المربعات و المثلثات المشتملة على الحروف و الأعداد المشيرة إلى القوى العلوية التي هي النجوم و الأفلاك.

فالساحر يمزج تلك القوى بهذه القوى فتتولد منهما الأمور الخارقة للعادة و الطبيعة.

و يسمى هذا النوع من الاستحداث بالطلسمات.

ص: 42

القوى السماوية بالقوى الأرضية و هي الطلسمات.

أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة (1) و هي العزائم، و يدخل

++++++++++

(1) هذا رابع الأسباب للاستحداث المذكور، أي سبب الاستحداث:

الاستعانة بالأرواح الساذجة: و هي الأرواح المجردة.

و هي على قسمين:

قسم ليس لها أبدان اصلا كالملائكة و الشياطين.

و قسم لها أبدان، لكنها تفارقها بعد فترة و حين: و هي أرواح البشر عند مفارقتها الأبدان بموته فهي باقية خالدة الى أن يشاء اللّه عز و جل و لا يمكن أن يعتريها الزوال و الفناء وقوعا إلا في فترة قليلة: و ذلك عند قيام يوم الدين بفناء العوالم كلها و ما فيها كما قال عز من قائل:

يوم نطوي السّماء كطي السجل للكتب فلا يبقى شيء حتى الأرواح فتفنى فلا حس و لا محسوس، و هو القائل عز اسمه: لمن الملك اليوم فليس هناك من مجيب فيقول الباري عز و جل: اَللّٰهُ اَلْوٰاحِدُ اَلْقَهّٰارُ (1).

و بعد ذلك تحيى الأرواح، و تعاد الأشياء كما بدأها مدبرها.

و أما عروض الفناء للأرواح بالإمكان الذاتي فممكن، لأنها من الممكنات و كل شيء ممكن قابل للفناء: و هو الفارق بين ما كان وجوده ممكنا، و ما كان وجوده واجبا. فلا يقال: كيف لا يعتريها الفناء و الزوال.

و يسمى هذا النوع من الاستحداث: بالعزائم.

لما ذكر (شيخنا الأنصاري) عن الايضاح من أنواع السحر الاستعانة بالأرواح الساذجة رأينا من المناسب ذكر شيء حول استحضار الأرواح، و عن مدى صحته، ليقف القارئ الكريم على حقيقة هذه -6.

ص: 43


1- المؤمن: الآية 16.

..........

++++++++++

- العويصة المشكلة التي طالما وقعت معركة الآراء بين الشرقيين و الغربيين على اختلاف أديانهم و مذاهبهم.

فنقول متوكلين على اللّه جل و علا: أفاد الاستاذ (محمد فريد وجدي) في كتابه (دائرة المعارف). الطبعة الثالثة. عام 1356. في المجلد 3.

في مادة (روح). ص 365:

فتح اللّه للناس الى عالم الروح نافذتين:

نافذة من علم التنويم المغناطيسي(1).

و نافذة من علم المباحث النفسية فكان ما ظهر منهما كافيا لإقامة ما لا يحصى من الأدلة المحسوسة على وجود الروح، و صحة الخلود و هي أكاد عقبة في سبيل الدين.

فالتنويم المغناطيسي هو تنويم صناعي يحدثه المتفرغون لهذا العلم فيقع المنوم في نوم عميق فتظهر منه خوارق تثبت أن له روحا متميزة عن المادة.

و أما استحضار الأرواح فهو فن توصل إليه (علماء أوربا و أمريكا) يستحضرون به الأرواح من عالمها فتظهر أمامهم بشكل باهر فتكلمهم و تثبت لهم بكل دليل أنها روح فلان الميت كما سيمر عليك.

و كلا هذين الفنين كان معروفا في أقدم عهود الحكمة فقد كان يعرفه (المصريون القدماء، و الآشوريون، و الهنود، و الرومان).

و لكنه كان لا يتعدى الهياكل و المعابد، و لم يشتغل به الا رجال الدين.

و ينكر أكثر الشرقيين خطورة هاتين المسألتين، تأثرا ببعض الكتب الإلحادية التي ظهرت بالعربية في هذه السنين.

و لكن عذرهم في ذلك، و عذر أولئك المؤلفين أنهم جميعا لم يطلعوا -س.

ص: 44


1- انظر نوم من هذا القاموس.

..........

++++++++++

- على آثار هذه الحركة التي يقول عنها الكاتب الفرنسي الطائر الصيت (جول بوا) في جريدة (الطان) الصادرة في 21 يونية 1904:

إن ما حدث من أنواع الشفاء بالتنويم مما يكاد يعد معجزة، و ما حصل من الفوائد من فن التلقين بالاستهواء، و ما يشاهد من مزايا الاعتقاد و ثبات الإرادة، و المحاورات المدهشة بواسطة (التلباتيا)، و مسائل الأفكار، و ظهور شبح الانسان في مكان بينما يكون هو في محله لم يتحرك و استخراج القوة الحيوية من الجسد (أنظر نوم) و قد توصلوا الى رسمها و قياسها و ما يراه الرائي من الغيوب في النوم، و الإنباء بالامور المستقبلة و الخوارق الحاصلة من الوسطاء و الفقراء و الهنود التي هي في الغالب صحيحة صادقة، كل هذا يتكون منه مجموع هائل من حوادث و مشاهدات يستحيل على الانسان أن يزدريها، و أن لا يعبأ بها.

يقول هؤلاء الأعلام: مثل هذا القول في (اوروبا) بعد أن كانوا بالأمس لا يعتقدون بشيء فيقابل الشرقي المفتون هذه الأقوال بالسخرية و الاستهجان كأنه أعرق منهم في التشكك، أو أبعد مدى منهم في التعلق بالمادة و هو لا يدري أنه بتكذيبه بما اصبح الشغل الشاغل لكثير من (علماء أوروبا) يمثل اقبح و أغلظ أدوار المفتونين المسلوبي الإرادة و الاستقلال.

يقول (جول بوا) في (جريدة الطان) الشهيرة في وسط (باريس):

إن جمعيات المباحث النفسية في (لوندرة و نيويورك، و ألمانيا، و ايطاليا و روسيا) مؤلفة من طبيعيين، و أطباء، و كيمياويين، و عمرانيين، و فلاسفة مهتمين غاية الاهتمام بهذه المسائل الجذابة التي طالما هزأ بها المستهزءون، و ازرى بها الزارّون.

و قد تأسست في (باريس) نواد مخصصة للمباحث النفسية -

ص: 45

..........

++++++++++

- (الفزيولوجية) حصلت من علماء النفس الرسميين على مساعدين مثل (دارسو نفال، و بوشار، و ميزير، و بويسون، و متشنيكوف، و بيريه و جيار، و سوللي برودوم).

و بذلك فقد أصبح مستقبل هذه المباحث بملاحظة هذه العقول الكبيرة سائرا على دستور علمي، و مأمونا عليه من الخطأ

الى أن يقول الاستاذ في نفس المصدر ص 374:

بقي علينا أن نورد شيئا من مذهب استحضار الأرواح.

فنقول: (إثبات الروح بمذهب استحضار الارواح) قد أجهز هذا المذهب على المذهب المادي، و اتم تقويض(1) دولته، و نسف(2)صروحه، و تذريتها(3) في ذيول السافيات.ر.

ص: 46


1- مصدر باب التفعيل من قوض يقوض. و معناه: الهدم و التخريب.
2- بفتح النون و سكون السين مصدر نسف ينسف من باب (ضرب يضرب). و معناه: القلع والدك. يقال: نسف البناء أي قلعه من أصله. و صروح: بضم الصاد و الراء جمع مفرده صرح و هو القصر الرفيع الضخم المرتفع.
3- بفتح التاء و سكون الذال مصدر باب التفعيل من ذرى يذري و معناه: تفريق الهواء التراب، أو الحب في الفضاء. و الذيول بضم الذال و الياء و سكون الواو. و السافيات: جمع سافية. و المراد منها هنا: الرياح و الأهوية و إنما قيل لها: السافيات، لكونها تذر التراب و تنقله من مكان الى آخر.

..........

++++++++++

- و إنا موردون عن هذا المذهب كلمة موجزة تاركين الخوض فيه لمؤلّف قد وضعناه و نشرناه باسم (على أطلال المذهب المادي).

يقول أشياع هذا المذهب: ان الحد الفاصل بين الأحياء و الأموات ليس على ما يظنه الناس من الخطورة، فان الموت ليس في ذاته إلا انتقالا من حال مادي جسدي الى حال مادي آخر، و لكن ارق منه و ألطف كثيرا، فإنهم يعتقدون أن للروح جسما ماديا شفافا لطيفا ألطف من هذه المادة جدا، و لذلك لا تسري عليه قوانينها.

و يقولون: إن الانسان بعد الموت مباشرة يكون في عالمنا هذا بين أيدينا و عن أيماننا و شمائلنا، و لا يزالون كذلك مدة تختلف باختلاف درجتهم الروحية، ثم ينتقلون الى حال أرقى من هذا و إن كانوا لا يبرحون هذا العالم، فان العالم في نظرهم اختلاف حالات و مقامات، لا اختلاف جهات و مكانات.

و يقولون: ان الروح و هي على حالها الأول بعد خروجها من الجسد يمكن مكالمتها، بل و رؤيتها مجسمة بواسطة شخص يكون فيه الاستعداد لأن يقع في خدر عام عند ارادته تحضير الروح فتستفيد الروح من استعداده فتكلم الناس بفمه بلغات يجهلها كل الجهل، و تنبئ عن أمور للحاضرين:

من أقاربها و خاصتها لا يدري الواسطة منها شيئا، بل تكشف من أسرار العلم و الفلسفة و الرياضيات العويصة ما يجهله الواسطة و السامع، و لا يدركه على سطح الأرض إلا نفر يسير، و قد تستولى على يده و تكتب و عينه مغمّضة: صحفا و رسائل.

و قد تظهر بجسم مادي محسوس بينما يكون الواسطة ملقى أمام المجربين مكتوفا على كرسيه.

ص: 47

..........

++++++++++

- و سبب ربطه هكذا: أن الذين يبحثون في هذه الامور المدهشة من العلماء ملحدون ماديون لا يعتقدون بشيء، و لأجل أن يثقوا من صدق مشاهداتهم التي تهدم لهم كل مقررات فلسفتهم لا يرضون في حالة تجسد الروح، إلا أن تكون الغرفة مغلقة، و الفرش مفتشة، و الواسطة مربوطة على كرسيه بأربطة متينة، مسمّرة أطرافها بالأرض، و لا يكتفون بذلك أيضا، بل منهم من وضعه في قفص حديدي، و وضع كرسيه على سطح مائي، و أوصل بيده سلكا كهربائيا متصلا (بجلوانومتر). انظر هذه الكلمة، ليسجل عليه كل حركة و كل نفس، و لم يكتف بذلك، بل أرصد له من يراقبه من إخوانه العلماء، و رغما عن ذلك كله تظهر الروح مجسمة تبتدئ أولا بشكل سحابة منيرة، ثم تأخذ في التشكل شيئا فشيئا حتى تصير شكل انسان منير، ثم تتكاثف حتى تصير دما و لحما و عظما أمام أعينهم فتقف أمامهم، و تطوف حولهم عالية بقدميها عن الأرض قليلا، لابسة هيئة عربية بدوية متمثلة بشرا سويا.

و لكن شوهد أن جسمها يكون لينا لدرجة أن الانسان لو ضغط يدها بين اصبعيه تنبعج يدها بينهما حتى يتلاقيا كأنها عجين ذو قوام متماسك.

و لكن شوهد أن لها نبضا و قلبا و تنفسا، و كل ما للجسم الحي فلما تسأل من أين لها هذا الجسد؟ تقول: استعرته من جسم الواسطة.

و في الواقع اذا وزنت الواسطة وجد أن جسمها قد نقص نصف وزنه و قد شوهد ان الجزء الأسفل من الواسطة تلاشى بالمرة و صار لا وجود له فلما ذهبت الروح عاد إليها.

هذه الأمور جربت في كل عاصمة، الى آخر ما يقوله الاستاذ حول الاستحضار.

راجع المصدر الى آخر مبحث الروح، فإن فيه فوائد جمة تفيدك -

ص: 48

و يدخل فيه (1) النيرنجات، و الكل (2) حرام في شريعة الاسلام، و مستحله كافر انتهى (3).

++++++++++

- في الوقت الحاضر فقد نقل أقوالا حول الاستحضار عن العلماء و الأساتذة الكبار مفيدة جدا فليس بوسعنا ذكر تمامها.

(1) يحتمل إرجاع الضمير الى (استحداث خوارق العادة) الذي وقع في تعريف السحر على مذهب صاحب الايضاح بقوله: إنه (استحداث الخوارق).

و يحتمل ارجاعه الى القسم الأخير من أفراد السحر و هو قوله: على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة، أي و يدخل في استحداث خوارق العادة أو في الاستعانة بالأرواح الساذجة: النيرنجات.

و النيرنجات: جمع نيرنج و هو معرب (ني رنك) و الكلمة هذه فارسية بحتة: مركبة من كلمتين: و هما (ني) بمعنى النفي، و (رنك) بمعنى اللون و الصبغ، فكأنما مهرة هذه العملية يصنعون أعمالا عجيبة خارقة للعادة ليس لها حقيقة و واقعية فيقال لها: نيرنج أي بلا لون و صبغ، كما يقال بالفارسية للحناء الذي لا لون له: بي رنك.

و أما معنى النيرنج هنا فقد أفاده الشيخ بقوله: و فسر النيرنجات في الدروس. الى آخر قوله.

(2) أي كل هذه الأقسام الأربعة و هي: مجرد التأثيرات النفسانية و الاستعانة بالفلكيات، و تمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية، و الاستعانة بالأرواح الساذجة التي هي أسباب و علل للاستحداث المذكور: حرام في الشريعة الاسلامية، و مستحل هذه الأقسام كافر.

(3) أي ما افاده صاحب الإيضاح في هذا المقام.

ص: 49

و تبعه على هذا التفسير (1) في محكي التنقيح، و فسر النيرنجات في الدروس بإظهار (2) غرائب خواص الامتزاجات، و أسرار النيرين (3).

++++++++++

(1) أي تفسير صاحب الايضاح السحر بانه استحداث خوارق العادة إما بمجرد التأثيرات النفسانية، أو الاستعانة، بالفلكيات، أو تمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية، أو الاستعانة بالأرواح الساذجة.

(2) الباء في باظهار غرائب خواص بيانية و تفسيرية لمعنى (النيرنجات أي النيرنجات عبارة عن اختلاط شيء مع شيء آخر كما كان بعض الناس في الأزمنة السابقة في بعض البلدان يأخذون نوعا من النباتات و العقاقير و يجعلونه معجونا، ثم يمزجون هذا المعجون مع معجون آخر متخذا من نباتات أخرى فيحصل من اختلاط هذين النوعين من المعجون و مزجهما بالآخر: خاصية يستفاد منهما.

ثم يجعلون هذا المعجون الممتزج و المختلط على رأس انسان مثلا، أو بدنه فيصير عاشقا، أو مجنونا، و غير ذلك من العوارض، فهذا يسمى عندهم بالنيرنج.

فهو محرم فعله، و تعليمه، و تعلمه لهذه الغاية.

(3) هذا فرد ثان للنيرنجات بناء على تفسير (الشهيد الاول) في الدروس و المراد من النيرين: الشمس، و القمر.

و المراد من أسرارهما: هي الدوائر التي يصنعها أهل الطلسمات:

من المربعات و المثلثات، و غيرهما، و يجعلون فيها الأرقام و الحروف، و تسمى هذه الدوائر و المربعات عندهم ب: (شرف الشمس) يستعملونها لأغراض مختلفة، منها نافعة، و منها مضرة.

و تسمى هذه بالنيرنج أيضا، فالمستعمل منها للإضرار حرام فعله و تعليمه و تعلمه.

و المستعمل منها للنفع حلال فعله و تعليمه و تعلمه.

ص: 50

و في الايضاح أما ما كان على سبيل الاستعانة بخواص الأجسام السفلية فهو علم الخواص (1).

أو الاستعانة بالنسب الرياضية (2) فهو علم الحيل، و جر الأثقال

++++++++++

(1) أي خواص الأشياء و آثارها.

و هذا العلم مركب من علوم كثيرة: من علم خواص النباتات و من علم خواص الحيوانات، و من علم خواص المخلوقات الأرضية و البحرية و الهوائية، و غيرها من المخلوقات الموجودة التي لا يمكننا ذكرها هنا و هي لا تخفى على المتأمل النبيل، و الخبير البصير.

و هذا العلم يعبر عنه في عصرنا الحاضر ب: العلوم، أو علم الأشياء أو علم الكيمياء.

و قد ألف العلماء قديما و حديثا: من المسلمين و غيرهم كتبا كثيرة في هذا العلم.

و من تلك الكتب (مخزن الأدوية) بالفارسية، و (تحفة حكيم مؤمن) بالفارسية، و (تذكرة أولى الألباب) للرحالة الشهير الشيخ داود الإنطاكي(1)الضرير المتوفى عام 1029.

كل هذه الكتب موضوعة في علم الطب و خواص الأدوية و النباتات و البقولات.

(2) (النسب الرياضية) هو علم يبحث فيه عن قواعد و اصول لو اطلع عليها القارئ و مارسها ممارسة عميقة لاستطاع و تمكن على إظهار أمور غريبة عجيبة توسط حركات و آلات خاصة.

و لهذه النسب الرياضية فردان:

(احدهما): يسمى علم الحيل.).

ص: 51


1- يأتي شرح حياته، و حياة (حكيم مؤمن) في (أعلام المكاسب).

و هذان (1) ليسا من السحر. انتهى (2).

و ما جعله (3) خارجا قد أدخله غيره.

++++++++++

- (ثانيهما) يسمى علم جر الأثقال.

و قد ذكر مؤلف كتاب (نفائس الفنون في عرائس العيون) في الجزء 3. ص 557-559. طباعة طهران. عام 1379 فيه عنهما شرحا وافيا.

فراجع هناك كي تستفيد فوائد هامة حول العلمين و غيرهما.

و ليس بوسعنا ذكر كل ما في الكتاب هنا، و لا سيما الكتاب باللغة الفارسية و اعتمد فيها على اصطلاحات فارسية بحتة فترجمتها الى العربية مشكلة.

لكن نذكر لك منه مثالين حتى تكون على بصيرة.

أليك المثال الاول مترجما.

خذ البورق الكابلي و الخل، و شيئا من زبد البحر فاخلط بعضها ببعض خلطا جيدا، ثم أطل بعد الخلط احد أصابع يديك أو رجليك ثم اجعل على أي اصبع من أصابعك مقدارا من النفط ثم أوقده بالنار فترى الاصبع موقدا عوضا عن الشمع و السراج و الإصبع لا يحترق.

أليك المثال الثاني.

ترى مهرة هذا الفن يأخذون شيئا من الطلق المذاب، ثم يطلون به أيديهم و أرجلهم ثم يدخلون في النار، أو يأخذون النار بأيديهم من دون أن تحترق الأيدي، أو تؤثر النار على أرجلهم و أيديهم

(1) أي علم الحيل و جر الأثقال.

(2) أي ما افاده (صاحب الإيضاح).

(3) أي علم الحيل، و علم جر الأثقال الذين جعلهما (صاحب الايضاح) خارجين عن علم السحر و موضوعه بقوله: و هذان ليسا من السحر:

فقد أدخلهما غيره في السحر: و هو الفاضل المقداد بقوله: إنه عمل يستفاد -

ص: 52

و في بعض الروايات دلالة عليه (1)، و سيجيء المحكي (2) و المروي.

و لا يخفى أن هذا التعريف (3) أعم من الأول (4)، لعدم (5) اعتبار مسحور فيه، فضلا عن الإضرار ببدنه، أو عقله.

++++++++++

- منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأسباب خفية، فإن هذا التعريف يشمل علمي الخواص و الحيل كما افاده الشيخ بقوله: و هذا يشمل علمي الخواص و الحيل.

(1) أي و في بعض الروايات الواردة في المقام دلالة على دخول علم الحيل، و علم جر الأثقال في موضوع السحر.

و لعل المراد من بعض الروايات: رواية الاحتجاج في سؤال الزنديق عنه عليه السلام و جوابه عليه السلام له بقوله: و لكل معنى حيلة.

و سيجيء الاشارة الى رواية الاحتجاج في ص 60.

(2) المراد من المحكي ما يحكيه الشيخ عن الفاضل المقداد في قوله:

كما في التنقيح إنه عمل يستفاد منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة.

و المراد من المروي رواية الاحتجاج الآتية في ص 60

(3) و هو تعريف (صاحب الايضاح) بقوله: أما ما كان على سبيل الاستعانة بخواص الأجسام السفلية الى آخر قوله، فهذا اعم من التعريف الاول:

و هو تعريف العلامة في القواعد و المنتهى، و الشهيد الثاني في المسالك، حيث اعتبرا الإضرار في مفهوم السحر بقولهما: ببدنه أو عقله، بالإضافة الى اعتبار وجود شخص يقع عليه السحر.

(4) و هو تعريف العلامة كما عرفت آنفا.

(5) تعليل من الشيخ في أن تعريف الإيضاح اعم من تعريف (العلامة و الشهيد الثاني). و قد عرفت في الهامش 3 شرح ذلك.

ص: 53

و عن الفاضل المقداد في التنقيح: أنه (1) عمل يستفاد منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة (2) بأسباب خفية.

و هذا (3) يشمل علمي الخواص و الحيل.

و قال في (البحار) بعد ما نقل عن أهل اللغة أنه (4) ما لطف و خفي سببه: إنه (5) في عرف الشرع مختص بكل أمر مخفي سببها، و يتخيل على غير حقيقته، و يجري مجرى التمويه و الخداع. انتهى (6).

أن السحر على أقسام
اشارة

و هذا (7) أعم من الكل، لأنه ذكر بعد ذلك ما حاصله: أن السحر

++++++++++

(1) أي السحر.

(2) هذه الأفعال الغريبة: هو المنشأ لعلم الحيل، و علم خواص الأشياء كما عرفت في الهامش 2 من ص 51-52.

(3) هذه العبارة: و هذا يشمل علمي الخواص و الحيل: من كلام (الشيخ الانصاري)، أي تعريف الفاضل المقداد السحر بأنه عمل يستفاد منه ملكة نفسانية الى آخره يشمل علمي الخواص و الحيل، و ليست من كلام الفاضل المقداد.

و قد عرفت علمي الخواص و الحيل في الهامش 2 من ص 51-52.

(4) أي السحر، و قد مضى شرح موارد استعمالات السحر و اطلاقاته في الهوامش ص 33-34-35-36 فراجع.

(5) هذه الجملة: (إنه في عرف الشرع) مقول قول (العلامة المجلسي) اعلى اللّه مقامه في (بحار الأنوار).

راجع المصدر. الطبعة الجديدة. الجزء 59. ص 277 عند قوله:

اعلم أن لفظ السحر في عرف الشرع مختص بكل امر.

(6) أي ما افاده (العلامة المجلسي) رحمه اللّه في هذا المقام في المصدر.

(7) أي تعريف (العلامة المجلسي) السحر اعم من تعريف صاحب -

ص: 54

..........

++++++++++

- الايضاح و الفاضل المقداد، لأنه قدس سره ذكر بعد تعريفه السحر بقوله:

إنه ما لطف و خفي سببه: أقساما ثمانية للسحر في كتابه (بحار الأنوار) نفس المكان، فذكره الأقسام دليل على أن تعريفه السحر اعم من تعريف صاحب الايضاح، و الفاضل المقداد، لأن جل الأقسام خارجة عن موضوع السحر.

ثم لا يخفى عليك أن (شيخنا العلامة المجلسي) قدس سره بعد نقله تعريف السحر عن أهل اللغة أفاد أن السحر في عرف الشرع مختص بكل امر مخفي سببه، و يتخيل على غير حقيقته، و يجري مجرى التمويه و الخداع.

و حيث كان ظاهر عبارته و لا سيما جملة: (معنى التمويه و الخداع) يعطينا درسا عن أن السحر لا حقيقة و لا واقعية له: رأينا من المناسب بسط الكلام في هذا الموضوع، و ذكر كلمات الأصحاب من الشيعة و السنة ليكون القارئ النبيل على بصيرة من السحر أليك خلاصة الأقوال:

اعلم أن جل الامامية كما سنتلو عليك أسماءهم ذهبوا الى أن السحر ليس له حقيقة واقعية، و موضوع واقعي و قالوا: إن السحر عبارة عن إظهار ما لا واقع له بصورة واقعية كما في صيرورة الصحراء الرملاء بحرا، و البحر صحراء رملاء.

و استدلوا على ذلك بالآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة.

أما الآيات فقوله تعالى: فَإِذٰا حِبٰالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ (1).

و قوله تعالى: فَلَمّٰا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ اَلنّٰاسِ وَ اِسْتَرْهَبُوهُمْ -6.

ص: 55


1- طه: الآية 66.

..........

++++++++++

- وَ جٰاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (1)

و أما الأحاديث فمنها قوله عليه السلام: إن الحبال و العصي لم تنقلبا عن واقعهما و حقيقتهما، و لم تنقلبا أفاعي و حيات، بل بقيتا على صورتهما الواقعية، لكنهم سحروا أعين الناس.

و هذا المعنى هو المتبادر من السحر عند العرف متى اطلق و استعمل مجردا عن القرينة.

و كذلك هو المتبادر عند جملة من اللغويين.

راجع: (المصباح المنير. مقاييس اللغة. مفردات اللغة، و غيرها من كتب اللغة مادة سحر.

و أما علماء (اخواننا السنة) فقد اختلفوا في ذلك.

فمنهم من قال: إن السحر له حقيقة واقعية.

و منهم من قال: إنه ليس له حقيقة واقعية.

فنحن نذكر لك خلاصة الأقوال من الطرفين، سواء أ كانوا شيعة أم سنة.

قال (الشيخ في الخلاف). الجزء 3. ص 161-162:

مسألة 14 السحر له حقيقة، و يصح منه أن يعقد و يرقى و يسحر و يقتل و يمرض و يكدع(2) الأيدي، و يفرق بين الرجل و زوجته، و يتفق له أن يسحر -ج.

ص: 56


1- الأعراف: الآية 116.
2- من كدع يكدع وزان منع يمنع معناه: الدفع: أي الساحر يعمل عملا يدفع به أيدي المسحور و أرجله عما يريد أن يفعله. و في بعض نسخ الخلاف كوع بالواو وزان منع يمنع أيضا. و معناه: الالتواء و الاعوجاج.

..........

++++++++++

- بالعراق رجلا بخراسان فيقتله عند أكثر اهل العلم (كأبي حنيفة و أصحابه و مالك و الشافعي).

و قال (أبو جعفر الأسترآبادي) من أصحاب (الشافعي): السحر لا حقيقة له و إنما هو تخييل و شعوذة، و به قال (المغربي) من أهل الظاهر.

و هو(1) الذي يقوي في نفسي.

و يدل على ذلك قوله تعالى مخبرا عن قصة فرعون و السحرة: «فَإِذٰا حِبٰالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسىٰ» .

و ذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهيئة الحيات، و طلوا عليها الزيبق و أخذوا الموعد على وقت تطلع فيه الشمس حتى اذا وقعت على الزيبق تحركت فخيل لموسى أنها حيات تسعى و لم يكن لها حقيقة فكان هذا في أشد وقت السحر فألقى موسى عصاه فابطل عليهم السحر فآمنوا به.

و أيضا فإن الواحد منا لا يصلح أن يفعل في غيره و ليس بينه و بينه اتصال، و لا اتصال بما اتصل بما فعل فيه فكيف يفعل من هو ببغداد فيمن هو بخراسان و أبعد منها.

و لا ينفي هذا قوله تعالى: «وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ» لأن ذلك لا يمنع منه و إنما الّذي منعنا منه أن يؤثر التأثير الّذي يدعونه فأما أن يفعلوا ما يتخيل عنده أشياء فلا يمنع منه.

و رووا عن عائشة أنها قالت مكث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ستة أشهر.خ.

ص: 57


1- هذا رأي الشيخ.

..........

++++++++++

- و في رواية أخرى أياما يخيل إليه أنه يأتي النساء و لا يأتيهن.

و روى زيد بن أرقم قال: سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله رجل من اليهود و اشتكى من ذلك أياما فأتاه جبرئيل فقال له: إن رجلا من اليهود سحرك و عقد لك عقدا في بئر كذا فبعث عليا عليه السلام فأخرجه و كلما حلّ عقدا وجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله راحة، فلما حلّ الكل فكأنما نشط من عقال. و هذا نص.

و هذه أخبار أحاد لا يعمل بها في هذا المعنى، و قد روي عن (عائشة) أنها قالت: سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلم يعمل فيه السحر.

و هذا يعارض ذلك. انتهى ما أفاده الشيخ في هذا المقام.

و قال العلامة: و الأقرب أنه لا حقيقة له و إنما هو تخيل.

راجع القواعد.

و قال فخر المحققين: و اعلم أن الحق عندي أنه لا تأثير له و لا حقيقة.

و قال سيدنا الاستاذ (السيد السبزواري) دام ظله و علاه: إن القول بأن السحر ليس له حقيقة و واقعية بنحو مطلق غير صحيح. اذ كيف يمكن القول بذلك مع وجود الآثار الكثيرة للسحر، و الآثار فرع وجود الشيء، فإن الشيء اذا لم يكن موجودا لم يترتب عليه الآثار.

نعم بعض أفراد السحر لا واقع له كما في الكتاب العزيز في قوله تعالى: «يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ .

و قوله تعالى: «سَحَرُوا أَعْيُنَ اَلنّٰاسِ وَ اِسْتَرْهَبُوهُمْ» . فإنه لا يمكن التمسك بهما على عدم جواز حقيقة و واقعية للسحر بنحو مطلق.

و قال في (نيل الأوطار): قال المازري: مذهب أهل السنة و جمهور -

ص: 58

..........

++++++++++

- علماء الأمة الى إثبات السحر، و أن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء خلافا لمن انكر ذلك و أنكر حقيقته، و أضاف ما يقع منه الى خيالات باطلة لا حقائق لها.

و قد ذكره اللّه تعالى في كتابه و ذكر أنه مما يتعلم و ذكر ما فيه اشارة الى أنه مما يكفر به، و أنه يفرق بين المرء و زوجه و هذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له.

راجع (نيل الأوطار). الجزء 7. ص 188. الطبعة الثانية سنة 1371.

إن قلت: بناء على القول بعدم حقيقة و واقعية للسحر فما يقول هؤلاء في مثل التفرقة بين المرء و زوجه، و كدع الأيدي و الأرجل في المسحور و قتله، و زوال عقله، و ما شاكل هذه الامور و ما اكثرها.

قلنا: إن القائل بعدم حقيقة للسحر لا ينكر هذه الأفعال و يعترف بها، لكنه يقول: إن هذه آثار السحر و خواصه، لا أنها نفس السحر و ان للسحر حقيقة و واقعية، و فرق بين كون الشيء له واقع و حقيقة، و بين كون الشيء ذا اثر: و من الممكن أن يترتب على السحر الذي لا واقع له أمر واقعي له حقيقة يعبر عنه بالأثر.

و قد يتفق ترتب الأثر على شيء ليس له حقيقة و واقعية كما في الرائي شبحا من بعيد في ليل مظلم فيتخيل أنه اسد مفترس فيخاف منه فيرتب عليه آثار الخوف من وقته فيضطرب و يرتبك، و ربما بلغ الخوف به الى حد يقضي على حياته، مع أنه في الواقع و نفس الأمر ليس هناك اسد مفترس.

و مثل هذه الاتفاقات كثيرة جدا، فإنه قد يترتب على الامور الخيالية التي لا واقع لها: الآثار الواقعية.

اذا فترتب الآثار الواقعية على السحر كتصرف الساحر في عقل -

ص: 59

..........

++++++++++

- المسحور و بدنه، و التفرقة بين المرء و زوجه، و كدع الأيدي و الأرجل ليس بعجيب و لا ببعيد.

فتحصل من مجموع ما ذكر: أن الساحر يعمل عملا خفيا بالأسباب المستورة فيصرف الشيء عن وجهه و ظاهره بالتمويه و الخديعة فيبرز للناس الأمور العجيبة، و الأشكال المخيفة بصورة الأمر الواقعي، و تقليبها عن صورتها الواقعية الى صورة اخرى فيريهم البر بحرا، و البحر برا و الإنسان حيوانا، فيتخيل الناظر و المشاهد أنه يتصرف في الأمور الكونية و ليس الامر كذلك.

و الدليل على أن الساحر لا يتمكن من أن يتصرف في الأمور الكونية و أنه أصغر من ذلك: احتجاج (الامام الصادق) عليه السلام مع (الزنديق المصري) في جملة ما سأله عنه.

أليك خلاصة الاحتجاج.

سأل الزنديق المصري (الامام الصادق) عليه السلام:

أ فيقدر الساحر أن يجعل الانسان بسحره في صورة الكلب، أو الحمار؟

فقال عليه السلام: هو أعجز من ذلك، و أضعف من أن يغير خلق اللّه، إن من أبطل ما ركبه اللّه و صوره و غيره فهو شريك اللّه في خلقه تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

و لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم و الآفة و الأمراض.

راجع (الاحتجاج): الجزء 2. ص 82.

الى هنا كان الكلام حول السحر من حيث إن له حقيقة واقعية أم أنه خيال محض، و توهم صرف؟.

و قد عرفت الحال فيه.

ص: 60

..........

++++++++++

- و أما الكلام في مدى تأثير السحر فنقول:

إن من المسلمات البديهية التي لا شبهة فيها أن للسحر اثرا عجيبا في الخارج، و هناك قصص و حكايات خارقة للعادة تروى حول تأثير السحر لا يسعنا المجال لذكرها في هذا المختصر.

و كان لمهرته و رواده سوق رائج في العصور الماضية، و القرون الغابرة

و كم شاهدنا و سمعنا قضايا عديدة حول تأثير السحر، و عرفت في ثنايا ما ذكرناه لك: آثار السحر: من الجنون و القتل، و كدع الأيدي و الأرجل و جعل البحر صحراء، و الصحراء الرملاء بحرا، و التفرقة بين المتحابين بين المرء و زوجه، و غير ذلك من التأثيرات.

و يكفيك في مدى تأثير السحر في الخارج قوله تعالى: وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ. وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ (1)

و قوله تعالى: فَإِذٰا حِبٰالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ (2).

و قوله تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ اَلنّٰاسِ (3).

و قوله تعالى: وَ مِنْ شَرِّ اَلنَّفّٰاثٰاتِ فِي اَلْعُقَدِ (4).4.

ص: 61


1- البقرة: الآية 102.
2- طه: الآية 66.
3- الاعراف: الآية 116.
4- الفلق: الآية 54.

على أقسام (1):

++++++++++

- أ فبعد صراحة هذه الآيات الكريمة يبقى مجال لإنكار تأثيرات السحر في الخارج؟

فما ذا بعد الحق إلاّ الضلال.

(1) من هنا بداية الشروع في أقسام السحر.

اعلم أن (شيخنا العلامة المجلسي) أعلى اللّه مقامه ذكر هذه الأقسام بتمامها في كتابه (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 59. من ص 277 الى 297 و قد أسهب الكلام فيها و أطال.

و (شيخنا الأنصاري) ذكر تلك الأقسام عن آخرها، غير أنه اختصرها جدا.

لكننى أظن و ان كان الظن لا يغني من الحق شيئا: أن هذا النوع من الاختصار مخل بالمقصود، لاحتياج الأقسام الى شرح أبسط.

و نحن تبعا (لشيخنا الأنصاري) نذكر الأقسام، لكوننا من المعلقين عليها، لكن لا كما ذكره (العلامة المجلسي) هناك، و لا كما ذكره (شيخنا الأنصاري) هنا، بل أخذنا طريقا وسطا كما قال صلى اللّه عليه و آله:

خير الأمور أوساطها، و كما قال الشاعر:

حب التناهي شطط *** خير الامور الوسط

فاللازم علينا أولا البحث عن جهات ثلاث:

(الاولى): البحث عن مكان السحر.

(الثانية): البحث عن زمان وجود السحر.

(الثالثة): البحث عن الكلدانيين.

أما البحث عن الاولى فمما لا شك فيه و لا ريب: أن مكان السحر كان في العراق في مدينة (بابل: الحلة الفيحاء) التي كانت عاصمة للكلدانيين. -

ص: 62

الأول: سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر

الأول (1): سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر،

++++++++++

- و هي الآن احدى المحافظات المهمة في (العراق).

قال عز من قائل: (وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ) . البقرة: الآية 102.

و أما البحث عن الثانية فلا شك أيضا أنه وجد السحر في عصر (الكلدانيين) الذين عاشوا في (العراق)، و أسسوا فيها دولة دامت مدتها 87 عاما (626-539. ق م)، و راج السحر في عصرهم و بلغ قمته.

و أما البحث عن الثالثة فيأتي شرحها في حياة الكلدانيين.

(1) أي القسم الأول من أقسام السحر الثمانية.

و أما الكلدانيون فإليك مختصر حياتهم:

جاء في كتاب (الري و الحضارة) في (وادي الرافدين). الجزء الأول (للدكتور أحمد سوسة) ص 313-314. طباعة مطبعة الأديب البغدادية سنة 1969: ما نصه.

الكلدانيون هم قوم من الأقوام السامية الذين نزحوا من جزيرة العرب.

و الرأي الغالب بين علماء التاريخ القدامى أنهم جاءوا الى القسم الجنوبي من (العراق) من الجزيرة العربية الشرقية، أي من ساحل الخليج في جنوب الجزيرة العربية، و ذلك في أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، ثم زحفوا نحو الشمال حتى وصلوا الى (منطقة بابل).

و يقول الأب (انستانس الكرملي) في (مجلة لغة العرب) السنة الثانية العدد 578: إن كلدة شيخ عربي مؤسس (دولة الكلدان).

و قد ظهر منهم في (بابل) (الامير الكلداني. نبوبلاصر) فأسس سلالة مستقلة في عام 626 قبل الميلاد عرفت (بالسلالة البابلية) الأخيرة (أو المملكة الكلدانية)، و قد تمكن (نبوبلاصر) بمساعدة تلك الماديين -

ص: 63

..........

++++++++++

- (كي أخسار) من الاستيلاء على (نينوى) سنة 612 قبل الميلاد بعد حملات شديدة، و مقاومة عنيفة.

و قد اشتهر بين ملوك الدولة الكلدانية. (نبوخذنصر الثاني) ابن (نبوبونصر) و قد حكم هذا 43 سنة قضاها في تعمير (بابل) العاصمة و معابدها.

و من حملاته حملته على مملكة (يهوذا) و فتح (اورشليم) و أسر ملكها (يهويافين) مع عشرة آلاف شخص من أهالي المدينة:

و هذا هو السبي البابلي الاول الذي وقع عام 597 قبل الميلاد.

ثم ثارت مملكة (يهوذا) في زمن (صدقيا) فحمل عليها (نبوخذنصر)، و فتح (اورشليم) ثانية، و خرب هيكل سليمان، و نقل خزانته الى بلاد بابل، و أسر اربعين الف شخص من اليهود، و نقلهم الى بابل. و كيش. و نيبور.

و هذا هو السبي البابلي الثاني و كان ذلك سنة 586 قبل الميلاد.

و يقول الدكتور (جايمس هنري براستد) في كتابه (العصور القديمة) ص 136:

أنشأ (الكلدانيون في سنداباد) بابل الجديد امبراطورية تاريخها على قصره يشغل الفصل الثالث من تاريخ ما بين الرافدين، و كان (الكلدانيون) آخر من تسلط على بلاد بابل من الساميين فاعادوا بنيان مدينة بابل التي كانت خربة و جعلوها عاصمة مملكتهم، و دعوا البلاد باسمهم فصار اسمها (كلدية) و كانت تشتمل على جميع أراضي (الهلال الخصيب).

كان (نبوخذنصر) اعظم ملوك الكلدانيين، و ملك في بابل من عام 604 الى 561 قبل الميلاد (أي كانت مدة ملكه ثلاثة و اربعين عاما -

ص: 64

..........

++++++++++

- كان ملكه موصوفا بمجالي الابهة، و مظاهر القوة فحسب من أفذاذ الرجال في تاريخ الشرق:

و يؤيد ذلك ما جاء عنه في التوراة:

و كانت (مصر) بين حين و آخر تحرض سكان البلاد الغربية على شق عصا الطاعة، و ايقاد نيران الفتن فحمي عليهم غضب (نبوخذنصر) و عاقب الأمم الغربية عقابا شديدا، و لا سيما اليهود سكان مملكة يهوذا الصغيرة الذين اجلى منهم كثيرين الى بابل بعد ان دمر عاصمتهم (اورشليم) تدميرا سنة 586 قبل الميلاد.

و يقول المؤلف المذكور في نفس المصدر ص 128: و لقد نجح الكلدانيون في علم الفلك نجاحا يذكر، و كانوا قبلا مولعين بعلم التنجيم لكشف أسرار الغيب بمراقبة الأجرام السماوية فثابروا عليه، و تعمقوا فيه فكانت نتيجة مثابرتهم أنه ولد لهم علم الفلك فقسموا بعد ذلك (خط الإستواء) الى 360 درجة، و رتبوا للكواكب مجاميع اثني عشر دعوا كل مجموع منها برجا و سموها منطقة البروج، و هذه هي أول مرة وضعت فيها خريطة الأجرام السماوية.

كان الكلدانيون يحسبون السيارات الخمس المعروفة في ذلك العهد:

و هي: (عطارد، الزهرة، المريخ، المشترى، زحل) قوات ذات سلطة خصوصية على أحوال البشر فحسبوها آلهتهم الخمسة، و قد وصلت إلينا أسماء تلك الآلهة فاذا هي أسماء السيارات، إلا أن (الأوروبيين) غيروها إلى أسماء رومانية فصارت (عشتاروت) أي الزهرة: آلهة الحب.

و صار سيار الإله العظيم مرودخ: المشتري.

و هكذا قل في بقيتها، و تقدم المنجمون في أرصادهم تقدما محسوسا -

ص: 65

..........

++++++++++

- و بلغوا في الرصد درجة عظيمة من التدقيق حتى توصلوا الى معرفة الأنباء بالكسوف و الخسوف، و وصلت أرصادهم هذه إلى اليونان فاطلقوا عليها علم الفلك الذي ابلغوه درجة تذكر من الترقي، و لا تزال بقايا صناعة التنجيم بادية في أحاديثنا العادية فنذكر في كلامنا بين وقت و آخر طوالع السعد و النحس انتهى.

و لهذه الدولة من الآثار و العجائب ما يبهر العقول.

منها: الجنائن المعلقة التي شيدها (نبوخذنصر) ثاني ملوك الكلدانيين كما عرفت.

و هذه الجنائن المعلقة يعدها اليونان من عجائب الدنيا السبع، و كانت تتوج القصر الملكي فتزيده بهاء و جمالا، و تظل على باب (عشتاروت) فتكسب ألوانه رونقا.

و كان الملك مع أميرات قصره يختلف الى هذه الجنائن، ترويحا للنفس، و تمتعا للنظر بما يكشف لهم من جمال المدينة و أريافها فصارت (مدينة بابل) كمدن (آشور و مصر) ذات آثار عظيمة الاعتبار.

و من آثار هذا الملك تكبير عاصمة ملكه (بابل) و تحسينها فشيد فيها المباني الضخمة التي فاقت بفخامتها، و اناقة منظرها الخارجي و الداخلي ما شاده أسلافه الآشوريون، مع أنه أخذ كثيرا من هندسة مبانيهم الجميلة البديعة، و جدد في القسم الجنوبي من المدينة في رحاب الهيكل العظيم هياكل آلهة البابليين القدامى. انتهى.

و لا تزال هذه الآثار باقية و (حكومة الجمهورية العراقية) تصرف عليها مبالغ باهظة في سبيل بقائها و الاحتفاظ بها، و اصبحت من الأماكن الأثرية يأتيها السياح من كل صقع و مكان لمشاهدتها، و قد شاهدتها و رايتها -

ص: 66

و هم (1) قوم كانوا يعبدون الكواكب، و يزعمون أنها المدبرة لهذا العالم.

و منها (2) تصدير الخيرات و الشرور و السعادات و النحوسات ثم ذكر (3) أنهم على ثلاثة مذاهب:

++++++++++

- و كان معي لفيف من زملائنا من اهل العلم من طلاب (جامعة النجف الدينية) و أساتذتها.

و هذه الآثار تبعد عن الحلة بستة كيلومترات على يسار الذاهب من الحلة الى (بغداد)، و فيها (اسد بابل)، و لم يبق من تلك القصور سوى أطلال و جنادل. فسبحان من ملكه لا يزول.

(1) اى الكلدانيون.

(2) اى و من جملة التدبيرات لهذا العالم قول الكلدانيين: إن النجوم هو مبدأ الخيرات و الشرور، و السعادات و النحوسات، و كل ما يقع في العالم السفلي من بركات النجوم و نتائجها.

(3) اى (العلامة المجلسي) في نفس المصدر الذي ذكرناه لك ذكر أن الكلدانيين في عبادتهم للكواكب و النجوم ذهبوا الى ثلاثة مذاهب لأن كيفية عبادتهم لهذه الكواكب العلوية، و الأجرام السماوية كانت مختلفة

(المذهب الأول): أنها غير مخلوقة، بل هي واجبة الوجود في ذواتها، و أنها غير محتاجة بهذية ذواتها و صفاتها الى موجد و مدبر و خالق و علة فهي المدبرة لهذا العالم، و أنها المصدر للخيرات و السعادات و النحوسات و الشرور، فكل أثر يوجد في العوالم العلوية، و السفلية معلول بها.

فالكلدانيون كانوا يعبدون الكواكب، و يستنجدون بها، و يستخدمونها و يزعمون أنها المدبرة لهذا العالم، و منها تصدير الخيرات و الشرور و السعادات -

ص: 67

..........

++++++++++

- و النحوسة، و هم الذين بعث اللّه تعالى إليهم (ابراهيم) عليه السلام لإبطال مقالتهم، و هؤلاء هم (الصابئة الدهرية).

(المذهب الثاني): أن الكواكب مخلوقة بقدم خالقها، و أنها ليست واجبة لذاتها، بل لها خالق و علة تؤثر فيها، و أنها ليست مصدرا لتلك الآثار بالاستقلال.

و استدلوا على ذلك بأن الأفلاك و الكواكب أجسام بلا ريب.

و من الضروري و البديهي: استحالة كون الجسم واجبا لذاته، لأن كل جسم مركب، و كل مركب مفتقر الى كل واحد من أجزائه فله مؤثر.

و هذه الأجسام الفلكية، و الأجرام الكوكبية لا بدّ لها من مؤثر، و ذلك المؤثر إما أن يكون حادثا أو قديما، فان كان حادثا افتقر الى مؤثر اخر.

و هكذا الى أن يلزم التسلسل و هو محال.

و إن كان المؤثر قديما فإما أن يكون كل ما لا بد منه في مؤثريته حاصلا في الأزل، أو ليس كذلك.

فان قلنا: إن كل ما لا بدّ منه في مؤثريته كان حاصلا في الأزل لزم أن يكون الأثر واجب الترتب عليه في الأزل، لأن الأزل لو لم يكن واجب الترتب عليه فهو إما ممتنع الترتب عليه فهو ليس بمؤثر قطعا و قد فرضناه مؤثرا. فهذا خلف.

و إن كان ممكن الترتب عليه، و ممكن اللاترتب عليه أيضا، فلنفرض تارة مصدرا للأثر بالفعل، و اخرى غير مصدر له بالفعل، الى آخر ما ذكره هناك فراجع المصدر.

(المذهب الثالث): أن الكواكب حادثة مخلوقة حية، لكنها -

ص: 68

..........

++++++++++

- فعالة مختارة في جميع أعمالها و أفعالها فوض هذا الاختيار المطلق إليها خالقها و أنه أعطاها هذه القوة العالية النافذة فرتق الأمور و فتقها بيده و هو العاطل عن كل شيء. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

و استدلوا على أنها أحياء بوجهين:

(الأول): أنه لا شك في كون الحياة اشرف من الجماد. فكيف يحسن في الحكمة البالغة الإلهية خلق الحياة في الأجسام الخسيسة مثل أبدان الديدان و الخنافس، و إخلاء هذه الأجرام الشريفة النورانية الروحانية عن الحياة.

(الثاني): أن الأفلاك و الكواكب متحركة بالاستدارة، فحركتها أما أن تكون طبيعية، أو قسرية، أو ارادية.

أما الطبيعية فلا، لأن المهروب عنه بالطبع لا يكون بعينه مطلوبا بالطبع، و كل نقطة فرضنا الفلك متحركا عنها، فإن حركته عنها هي عين حركته إليها فيستحيل كون تلك الحركة طبيعية.

و إما القسرية أيضا فلا، لأن الحركة القسرية تكون على خلاف الطبيعة، فالطبيعية لما بطلت بطل كون الحركة قسرية، فلما بطل القسمان ثبت الثالث: و هو أن حركة الأفلاك و الكواكب ارادية. فتثبت أن الأفلاك و الكواكب أجرام حية عاقلة.

ثم إن الوقوف على الطبائع العلوية و السفلية مما لا يفي به وسع البشر و طاقة النفس الناطقة، لوجوه أربعة:

(أولها): أنه لا سبيل الى إثبات الكواكب إلا بواسطة القوة الباصرة، و لا ارتياب أنها عن ادراك الصغير من البعيد قاصرة، فإن أصغر كوكب مما في القدر السابع من الفلك الثامن و هو الذي يمتحن به حدة -

ص: 69

..........

++++++++++

- البصر: مثل كرة الأرض بضعة عشر مرة، و أن كرة الأرض أعظم من عطارد كذا الف مرة، فلو تكوكب الفلك الأعظم بكواكب على قدر الكواكب الصغيرة المذكورة من الثوابت فلا شك أن الحس لا يدركه و البصر لا يعتمد عليه، فضلا عما يكون في مقدار (عطارد) أو أصغر منه.

(ثانيها): أن الكواكب التي نراها ليست بأسرها مرصودة بل المرصودة منها الف و اثنان و عشرون، و البواقي غير مرصودة.

و الدليل على ذلك ما ثبت بالدلالة أن المجرة ليست إلا أجرام كوكبية صغيرة جدا مرتكزة في فلك الثوابت على هذا السمت المخصوص، و ظاهر أن الوقوف على طبائعها متعذر.

(ثالثها): أن هذه الكواكب المرصودة مما لم يحصل الوقوف التام على طبائعها، لأن أقوال الاحكاميين ضعيفة. قليلة الحاصل، و لا سيما في طبائع الثوابت.

(رابعها): أنا على تقدير معرفتنا طبائع هذه الكواكب على بساطتها لكنه لا يمكننا الوقوف على طبائعها حال امتزاجها إلا على سبيل التقريب البعيد عن التحقيق.

ثم إنا نعلم أن الحوادث الواقعة في هذا العالم لا تصدر عن طبائعها البسيطة، و إلا لدامت هذه الحوادث بدوام الطبائع، بل إنما تحصل عن امتزاجاتها.

و من البديهي أن هذه الامتزاجات غير متناهية فلا سبيل الى الوقوف عليها على سبيل القياس.

ص: 70

..........

++++++++++

- اذا عرفت الوجوه الأربعة المذكورة فقد ثبت لك تعذر الوقوف على طبائعها الفعالة.

و أما القوى المنفعلة فالوقوف التام عليها كالمتعذر، لأن القبول التام لا يتحقق إلا مع شرائط مخصوصة في القابل: من الكم و الكيف و الوضع و الاين، و سائر المقولات، و المواد السفلية غير ثابتة على حالة واحدة بل هي دوما في الاستحالة و التغير و ان كان لا يظهر بالحس.

فعلى ضوء ما ذكرنا لك ظهر أن الوقوف التام على أحوال القوى الفعالة السماوية و الارضية المنفعلة غير حاصل للبشر، و لو حصل ذلك لاحد لوجب أن يكون ذلك الشخص عالما بجميع التفاصيل الحاصلة من الماضية و الآتية، و أن يكون متمكنا من إحداث جميع الامور التي لا نهاية لها.

و على هذا الظهور لا يبعد أن يكون في السماوات كواكب كثيرة فعالة و ان كنا لا نعرف وجودها، فضلا عن أن نعرف طبائعها، و لهذا نقل صاحب كتاب (تنكلوشا) عن سيد البشر: أنه بقي في الفلك وراء الكواكب المرصودة كواكب لم ترصد، إما لفرط صغرها، أو لخفاء آثارها و أفعالها.

هذا ما ذهب إليه الكلدانيون حول الكواكب و الافلاك، و مقالتهم في تدبيرها للعالم السفلي بشتى ألوانه و أشكاله، و في استناد كل حادثة تقع فيه إليها.

ثم إنهم كانوا يستخدمون الكواكب و الافلاك، و كان لهم باسم كل كوكب صنم يعبدونه في مدائنهم، و لهم شأن كبير في ذلك، و لذا أطلق اسم السحرة عليهم، و قيل لهم: سحّار، و لعملهم: السحر، لعظم العمل -

ص: 71

فمنهم من يزعم أنها الواجبة لذاتها الخالقة للعالم.

و منهم من يزعم أنها قديمة، لقدم العلة المؤثرة فيها.

و منهم من يزعم أنها حادثة مخلوقة فعالة مختارة فوّض خالقها أمر العالم إليها.

و الساحر عند هذه الفرق (1) من يعرف القوى الغالبة الفعالة

++++++++++

- لكن على ضوء بياننا المتقدم في معنى السحر في المقام الأول من ص 33 الى 36: ظهر لك أن السحر عبارة عن صرف الشيء عن وجهه و ظاهره على طريق التمويه و الخديعة بدون أن يكون له واقع موضوعي، و أما استخدام الافلاك و النجوم و الإخبار بما يقع، و التصرف في الانواء الجوية: خارج عن السحر موضوعا و حكما، فلو تمكن إنسان بواسطة معلوماته التصرف في المذكورات لم يكن عمله هذا يعد من السحر، و لا يقال للمتصرف: إنه ساحر.

بل لا دليل على حرمة عمله هذا.

اللهم إلا أن يقال: إن العملية المذكورة مستلزمة لترك الواجبات و اتيان المحرمات و هو أول الكلام.

نعم الاعتقاد بأن الكواكب مدبرة للعالم و موجدة لها بالاستقلال الذاتي أو بنحو المدخلية و الاقتضاء: كفر باللّه العظيم، و قائلها كافر كما حكم بذلك العلماء الاعلام و منهم (العلامة المجلسي) في كتابه (بحار الانوار) نفس المكان.

(1) أي الفرق الثلاث الذين ذكرناهم بقولنا: المذهب الأول. المذهب الثاني. المذهب الثالث. أليك خلاصة ما قالته الفرق الثلاث.

(الفرقة الاولى): تقول: إن الكواكب واجبة الوجود لذاتها.

(الفرقة الثانية): تقول: إن الكواكب مخلوقة، لكنها قديمة يقدم خالقها.

ص: 72

بسائطها و مركباتها، و يعرف ما يليق بالعالم السفلي: معداتها (1) ليعدها و عوائقها (2) ليرفعها بحسب الطاقة البشرية فيكون متمكنا من استحداث ما يخرق العادة (3).

الثاني سحر أصحاب الأوهام و النفوس القوية.

الثاني (4) سحر أصحاب الأوهام و النفوس القوية.

++++++++++

- (الفرقة الثالثة): تقول: إن الكواكب مخلوقة حادثة، لكنها مدبرة فعالة مختارة في أفعالها، و أن الباري عز و جل فوض أمر العالم إليها.

و قد أشار الشيخ الى الفرقة الأولى بقوله:

فمنهم من يزعم أنها الواجبة لذاتها الخالقة للعالم.

و الى الفرقة الثانية بقوله: و منهم من يزعم أنها قديمة، لقدم العلة المؤثرة فيها.

والى الفرقة الثالثة بقوله: و منهم من يزعم أنها حادثة مخلوقة فعالة مختارة فوض خالقها امر العالم إليها.

(1) جمع معد بصيغة الفاعل في المفرد أيضا.

أصله: معدد وزان مكرم بدالين، أدغمت الأولى في الثانية، بناء على قاعدة الصرفيين.

و معناه: التهيئة، أي يعرف الساحر تلك القوى المهيئة لما يريد إحداثه من الخوارق من تلك القوى العالية الفعالة، و أيها تصلح لذلك.

(2) جمع عائق من عاق يعوق عوقا. و معناه: المانع، أي يعرف الساحر الموانع من تلك القوى.

و بعبارة أخرى أن الساحر يعرف المقتضي من تلك القوى، و المانع منها.

(3) من الأفعال العجيبة.

(4) اي (القسم الثاني) من الأقسام الثمانية للسحر: سحر أصحاب الأوهام، و النفوس القوية: -

ص: 73

..........

++++++++++

- و خلاصة الكلام فيه: أنه بناء على أن الإنسان هي النفس فلم لا يجوز أن يقال: إن النفوس مختلفة.

فبعضها تكون لذاتها قادرة على هذه الحوادث الغريبة التي تقع في العالم السفلي، و مطلعة على الأسرار الغائبة عنا فهذا الاحتمال مما لم يقم دليل على فساده، سوى الوجوه المتقدمة، و قد بان بطلانها.

و يؤيد ذلك وجوه أربعة.

(الأول): أن الجذع لو وضع على الأرض ترى الانسان يتمكن من المشي عليه بالطمأنينة و الوقار من غير اي خوف و ارتباك.

و أما اذا وضع هذا الجذع على ركيزين كالجسر و كان تحته هاوية تراه يخاف من المشي عليه، لاحتمال سقوطه في الهاوية التي تحته، و ليس ذلك إلا لاجل الوهم و التخيل الذي ارتكز في قوته المتخيلة. فكلما قوي ذلك أوجب خيال السقوط أكثر فاكثر.

(الثاني): أن الأطباء اجمعوا على نهي المرعوب عن النظر إلى الأشياء الحمر، و كذا المصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان و الدوران و ما ذاك إلا لاجل أن النفوس خلقت مطيعة للأوهام.

(الثالث) قال الشيخ الرئيس في الشفاء نقلا عن (ارسطو) في طبائع الحيوان: إن الدجاجة اذا تشبهت كثيرا بالديك في الصوت، و في الجواب معه نبت على ساقيها مثل الشيء النابت على ساق الديك، و ما ذاك إلا لمتابعة الأحوال الجسمانية، للأحوال النفسانية.

(الرابع): أجمعت الأمم على أن الأدعية مظنة للاجابة، و أجمعوا أيضا على أن الدعاء اللساني الفارغ عن المطلب النفساني قليل البركة عديم الأثر فهذا دليل على أن للنفوس آثارا.

ص: 74

..........

++++++++++

- إذا عرفت هذه الأمور فاعلم أنه لا مانع من تسلط بعض النفوس على بعض النفوس بحيث يجعله تحت ارادته و قيادته و تسخيره للقيام بحركات و أعمال من دون إرادة منه، لأن النفس قد تكون قوية جدا، و قد تكون ضعيفة.

فاذا كانت قوية مستعلية على البدن شديدة الانجذاب الى عالم السماوات تصير كأنها روح من الأرواح السماوية فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم: و منها التسلط على بعض النفوس.

بخلاف ما إذا كانت النفس ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا تكون لها أي تصرف إلا في هذا البدن، فاذا أراد الانسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها الى بدن آخر اتخذ تمثال ذلك الغير، و وضعه عند الحس ليشتغل الحس به فيتبعه الخيال عليه، و أقبلت النفس الناطقة عليه فقويت التأثيرات النفسانية، و التصرفات الروحانية عليه، و لذا اتفق الكل على أن المزاول لهذه الأعمال لا بدّ له من الانقطاع عن المألوفات و المشتهيات، و تقليله الغذاء، و الانقطاع عن مخالطة الخلق، فكلما كانت هذه الأمور أتم كان ذلك التأثير أقوى.

ثم إن هذه القوة قد تحصل بطرق و أسباب شرعية كالرياضيات و المجاهدة مع النفس في الامور المباحة، و الموارد المشروعة: من تقليله الغذاء و الانقطاع عن مخالطة الخلق.

و قد تحصل بأسباب غير مشروعة.

فاذا حصلت القوة للنفس من طريق شرعي، و من ناحية الرياضات و المجاهدات و العبادات و الإخلاص، و الانقطاع عن الاستعانة بغير ذات اللّه تعالى و تقدس: يكون لها تأثير في الامور التكوينية، و صرفها عن وجهها -

ص: 75

الثالث: الاستعانة بالأرواح الأرضية

الثالث (1): الاستعانة بالأرواح الأرضية و قد أنكرها بعض الفلاسفة و قال بها الأكابر منهم و هي في أنفسها مختلفة.

فمنهم خيرة و هم مؤمنو الجن.

++++++++++

- صرفا حقيقيا كجعل الماء الجاري راكدا، و الماشي واقفا، و نحو ذلك.

لكن هذه القوة و التأثير تخص النفوس الطيبة الطاهرة المعصومة من كل شيء (كالأئمة الهداة المعصومين) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.

نعم قد تحصل للنفس بالرياضيات تلك الملكة و الاقتدار.

لكنها محدودة الى حد تؤثر في الامور التكوينية، و تتصرف فيها كما علمت آنفا.

و لا يخفى عليك أن مثل هذا النوع من التصرف في النفوس، و التأثير في الامور التكوينية لا تسمى سحرا، و لا دليل على حرمته اصلا، بل لا شبهة في مطلوبيته في الشريعة المقدسة الاسلامية إذا كان ناشئا من الطرق الشرعية و الرياضيات المشروعة، و المجاهدات النفسانية.

فهذا القسم خارج عن السحر موضوعا و حكما.

(1) أى (القسم الثالث من الاقسام الثمانية للسحر: الاستعانة بالأرواح الأرضية).

اعلم أن المراد من الأرواح الأرضية هو الجن.

و قد اختلفوا في وجوده فأنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة و المعتزلة.

و أثبته الأكابر من الفلاسفة، إلا أنهم سموها بالأرواح الأرضية من غير أن يكون لها أعيان ظاهرة.

ثم إن هذه الأرواح الأرضية مختلفة.

(منها): خيرة.

(و منها): شريرة، فالخير منهم مسلمو الجن، و الشريرة منهم كفار الجن و شياطينهم.

ص: 76

..........

++++++++++

- ثم قال هؤلاء: إن هذه الارواح جواهر قائمة بذاتها و أنفسها لا متحيزة و لا حالة في المتحيز و هي قادرة عالمة مدركة للجزئيات، و اتصال النفوس الناطقة بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية، إلا أن القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضية: اضعف من القوة الحاصلة لها بسبب اتصالها بتلك الأرواح السماوية.

أما ان الاتصال بها اسهل، فلأن المناسبة بين نفوسنا و هذه الأرواح الأرضية أرسل، فإن المشابهة و المشاكلة بينها أتم و أشد من المشاكلة بين نفوسنا و بين الأرواح السماوية.

و أما ان القوة الحاصلة بسبب الاتصال بالأرواح السماوية أقوى فلأن نسبة الأرواح السماوية الى الأرواح الأرضية كنسبة الشمس إلى الشعلة و البحر إلى القطرة، و السلطان إلى الرعية، فالاتصال بالأرواح الأرضية و الاستعانة بها يحصل بأعمال سهلة قليلة: من الرقى و الدخن و التجريد و الانقطاع فيسمى بالسحر.

و لا يخفى أن هذا القسم خارج عن السحر حكما و موضوعا.

أما حكما فلعدم الدليل على حرمة تسخير الجن في نفسه.

نعم ربما قد يكون تسخيرهم مقدمة لامور غير مشروعة.

و هذا أمر آخر لا ربط له فيما هو المقصود.

و أما موضوعا فلما عرفت: من أن السحر لا حقيقة له و لا واقع.

بخلاف التسخير، حيث إن له الواقعية و الحقيقة، و ليس مجرد خيال، بل له مقدمات واقعية محسوسة.

و الحاصل: أن الانسان بما أنه أشرف الموجودات فله استخدام ما دونه -

ص: 77

و شريرة و هم كفار الجن و شياطينهم.

الرابع: التخيلات الآخذة بالعيون

الرابع (1): التخيلات الآخذة بالعيون مثل راكب السفينة يتخيل

++++++++++

- من الجن و الحيوانات، بل و لو فرض أن تسخير الجن موجب لإيذائهم فلا دليل على حرمته.

إلا أن يقال: إن الإيذاء بنفسه قبيح عقلا فلا يجوز ارتكابه حتى في الجن و الحيوانات.

(1) اى (القسم الرابع) من الأقسام الثمانية للسحر: التخيلات و الأخذ بالعيون.

أعلم أن هذا النوع تارة يكون من وقوع الخلط في المحسوسات، أي محسوسات الانسان، لأن أخطاء البصر كثيرة كما في راكب السفينة حين ينظر إلى الشاطئ، فانه يرى السفينة واقفة و الشاطئ متحركا، و كما في القطرات النازلة ترى خطا مستقيما، و الذبالة(1) التي تدار بسرعة تري دائرة، و القبة فوق الماء ترى كالإجاصة، و الشخص الصغير يرى في العدسات الكبيرة عظيما، و كبخار الأرض الذي يريك قرص الشمس عند طلوعها عظيما، فاذا فارقته و ارتفعت صغرت.

و أما رؤية العظيم من البعيد صغيرا فظاهر.

فهذه الأشياء قد هدت العقول إلى أن القوة الباصرة قد تبصر الشيء على خلاف ما هو عليه في الجملة.

(و اخرى) يكون بسبب توقف القوة الباصرة توقفا تاما إذا ادركت المحسوس في زمان له مقدار.

و أما إذا أدركت المحسوس في زمان صغير قصير جدا، ثم أدركت بعده محسوسا آخر، و هكذا فإنه يختلط البعض بالبعض، و لا يتميز بعض -

ص: 78


1- بضم الذال المعجمة:

نفسه ساكنا و الشط متحركا.

++++++++++

- المحسوسات عن البعض الآخر.

خذ لذلك مثالا: الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها خطوطا كثيرة بألوان مختلفة ثم أدرتها، فإن الحس يرى تلك الألوان لونا واحدا يختلف عن تلك الألوان كأنه مركب من كل تلك الألوان.

(و ثالثة) يكون بسبب كثرة الخطأ في الأبصار كما أنها ترى شيئا متحركا و هو في الحقيقة ساكن.

أو ترى شيئا كبيرا و هو في الحقيقة صغير، و هكذا كما في الناظر في المرآة، فإنه ربما يقصد من النظر إليها القذاة التي في عينه فيراها و لا يرى ما هو أكثر منها، أو أكبر منها إن كان بوجهه اثر، أو بجبهته أو بسائر أعضائه التي تقابل المرآة.

و ربما يقصد الناظر رؤية سطح المرآة هل هو مستو أولا، فلا يرى شيئا مما في المرآة.

و لا يخفى عليك أن هذا القسم لا يقال له السحر أيضا، بل هو نوع من الشعوذة، لأن المشعوذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أذهان الناظرين به و يأخذ عيونهم إليه حتى إذا استقر عنهم الشغل بذلك الشيء و التحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة، و حركة خفيفة فيبقى ذلك العمل خفيا فيوقع الخطأ في أبصار الناظرين.

أو يشغل نفوسهم بشيء حتى لا يشعروا بشيء آخر.

ثم إن دخول الشعوذة في السحر من حيث الحكم و هي الحرمة غير معلوم، إذ لا دليل على حرمة مثل هذه الأعمال السريعة المتولدة من حركة الأعضاء و خفة اليد.

ص: 79

الخامس: الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على نسب الهندسة كرقاص يرقص

الخامس (1): الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على نسب الهندسة كرقاص يرقص، و فارسان يقتتلان.

++++++++++

(1) أي (القسم الخامس من الأقسام الثمانية للسحر: الأعمال العجيبة) اعلم أن الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات الهندسية المركبة على النسب الرياضية كراكب الفرس و بيده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب البوق من غير أن يمسه أحد من الناس.

أو كفارسين يقتتلان فيقتل أحدهما الآخر، و نحو ذلك من الصور الصناعية التي تصورها أهالي الهند و الروم من الصور العجيبة الغريبة، بحيث لا يفرق الناظر بينها، و بين الانسان، حتى أنهم يصورونها ضاحكة و باكية و يفرقون بين ضحك السرور، و ضحك الخجل، و ضحك الشامت.

فهذه الوجوه من لطيف أمور التخايل.

و من هذا القبيل تركيب صندوق الساعات، و علم جر الأثقال و الأجسام العظيمة بأن يجر شيئا ثقيلا عظيما بآلات خفيفة صغيرة كما في عصرنا الحاضر، حيث إنه توزن الحمولة الثقيلة، و الأجسام الكبيرة التي تبلغ أطنانا عديدة: بآلات صغيرة جدا.

و لا يخفى أن هذا القسم ليس من السحر أيضا، فإنه خارج عنه موضوعا و حكما.

أما موضوعا فلأن لهذه الأعمال العجيبة حقيقة و واقعية موضوعية من أسباب معلومة لو اطلع عليها كل احد قدر عليها، و تمكن من صناعتها لكن الاطلاع عليها عسير جدا لا يصل إليها إلا الفرد النادر فهي ليست مقدور كل أحد فيحسبها البسطاء أنها من باب السحر، و لذا كانوا يعدون عمل (ارجعانوس)، أو (ارجمانوس) الموسيقي في هيكل أورشليم العتيق عند تجديده اياه: من باب السحر.

ص: 80

..........

++++++++++

- و خلاصة القصة: أنه اجتاز بفلاة من الأرض فوجد فيها فرخا من فراخ البراصل: و هو الطائر العطوف يصفر صفيرا حزينا خلاف صفير سائر البراصل فكانت البراصل تأتيه بلطائف الزيتون فتطرحها عنده فيأكل بعضها، و يفضل بعضها عن حاجته، فوقف هذا الموسيقار هناك و تأمل حال هذا الفرخ، و علم أن في صفيره المخالف لصفير البراصل ضربا من التعطف و التوجع حتى ترق له الطيور، و تأتيه بما يأكله فعمل عند ذلك آلة تشبه الصفارة إذا استقبل الريح بها أدت ذلك الصفير و لم يزل يجرب ذلك حتى اطمأن و وثق بها و جاءته البراصل بالزيتون كما كانت تأتي الى ذلك الفرخ، لأنها ظنت أن هناك فرخا من جنسها، فلما صح له ما أراد اظهر النسك، و عمد الى هيكل اورشليم، و سأل عن الليلة التي دفن فيها (استرخس) فاخبر أنه دفن في أول ليلة من آب، فأخذ صورة من زجاج مجوف على هيئة البرصلة و نصبها فوق ذلك الهيكل، و جعل فوق تلك الصورة قبة و امرهم بفتحها في أول آب فكان يظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الريح في تلك الصورة، و كانت البراصل تجيء بالزيتون حتى كانت تمتلئ القبة كل يوم من ذلك الزيتون، و اعتقد الناس أنه من كرامات ذلك المدفون هناك.

و لا يخفى أن هذا القسم ليس من السحر أيضا، لأنه خارج عنه موضوعا و حكما.

أما خروج هذه الأعمال العجيبة عن السحر موضوعا، فلأن لها واقعية موضوعية تشاهد بالعيان من أسباب و أدوات.

و أما خروجها عنه حكما. فلأن صنع هذه الأعمال الغريبة، و الصنائع العجيبة من قبيل صنع الصواريخ العابرة للقارات، و صنع -

ص: 81

السادس: الاستعانة بخواص الأدوية

السادس (1): الاستعانة بخواص الأدوية مثل أن يجعل في الطعام

++++++++++

- الأقمار التي تدور حول الأرض، و صنع الطائرات و النفاثات و القطارات و السفن الفضائية، و ما شاكل هذه الأمور كما عرفت في ص 34: فهي ليس بحرام بعناوينها الأولية، بل هي في حد ذاتها حسنة جدا اذا لم تستعمل في القتل و التخريب.

(1) اى القسم السادس من أقسام السحر الثمانية: (الاستعانة بخواص الأدوية) لتقوية الأعصاب، أو الموجبة للتبليد، أو الموجبة لإزالة العقل إذا تناوله الانسان تبلد عقله، و قلت فطنته.

و مما لا شك و لا شبهة فيه: أن للأدوية خواصا و آثارا كالمغناطيس حيث يجذب الحديد، و كل شيء فيه مادة الحديد، فكما أن للمغناطيس هذا الجذب و الانجذاب، كذلك للأدوية هذه الخاصية و الأثر.

و لا يخفى عليك: أن هذه الخاصية و الأثر لا تعد سحرا، حيث إن السحر لا حقيقة له و لا واقعية، و هذه لها حقيقة و واقعية فهي خارجة عن السحر موضوعا و حكما.

أما موضوعا فلأن لها واقعا موضوعيا و هي أسرار اكتشفها علم الطب و الكيمياء.

و أما خروجها عنه حكما فمعلوم أيضا، لأن ما يستفيد منه البشر فهو جائز، و ما كان منه مضرا فهو حرام، لا لكونه سحرا، بل لأجل انه مضر

فلو قلنا بحرمة هذه الخواص لزم القول بحرمة علم الطب، مع أن حسنه و وجوب تعلمه أصبح من الضروريات و الواضحات.

نعم لا يجوز استعمال هذه الخواص فيما يوجب الإضرار بالانسان و هذا امر آخر لا ربط له بالسحر.

ص: 82

بعض الأدوية المبلدة، أو المزيلة للعقل، أو الدخن (1) المسكر، أو عصارة البنج المجعول في الملبس (2). و هذا (3) مما لا سبيل الى انكاره، و أثر المغناطيس (4) شاهد.

++++++++++

(1) مصدر دخن يدخن فهو لازم، و لذا كان المناسب اتيان مصدر المتعدي و هو التدخين.

و المراد من دخن المسكر: الدخان المتصاعد من الحشائش المسكرة التي إذا بلغت الانف، أو العين تتغير حالة الانسان.

(2) بصيغة المفعول: نوع من الحلويات تصنع في الأفراح.

و يسميه العرف الحاضر في (العراق): المصقول - الملبس.

و انما سمي ملبسا، لأنه يصنع من السكر و في جوفه لوز، أو شيء آخر فيغطى و يلبس بحلقة من السكر. و شكله بيضوي.

(3) أي الاستعانة بخواص الأدوية مما لا سبيل الى إنكاره، لأنه شيء بديهي حسي لا يشك فيه أحد.

فهذه الخواص الموجودة فيها كالخاصية الموجودة في المغناطيس، فكما أن المغناطيس فيه أثر يجلب الحديد و الفولاذ و النيكل بمجرد وجودها في أي مكان من دون شك و ترديد.

كذلك الأدوية و العقاقير، فان لها خاصية و أثرا طبيعيا قد أودعها اللّه عز و جل في طبيعتها يشفي المريض لو شربها، أو المصاب بالجرح لو استعملها.

(4) (المغناطيس) كلمة يونانية تستعمل بالقاف عند اللهجة الدارجة و بالغين حسب وضعه اللغوى.

و يذكر له خواص و فوائد أخرى غير الجاذبية:

(منها): أنه لو حمل الانسان معه مقدارا و ان كان قليلا زادت قوة -

ص: 83

السابع: تعليق القلب

السابع (1): تعليق القلب: و هو أن يدعي الساحر أنه يعرف الكيمياء (2) و علم السيمياء، و الاسم الأعظم حتى يميل إليه العوام، و ليس له أصل.

++++++++++

- حافظته و ذاكرته و لم ينس شيئا حفظه أبدا.

(و منها): أنه يفيد لرفع وجع الظهر و الرجلين.

و يقال: إن أصله و معدنه من تخوم البحار.

(1) أى القسم السابع من أقسام السحر الثمانية: (تعليق القلب بالأدعية).

و المراد من تعليق القلب: جلب مدعي الكيمياء الطرف المقابل نحوه، و إلفات نظره إليه بحيث يتشوق تشوقا بالغا مفرطا للحصول على ما يدعيه القائل فبدعواه هذه يسحر الطرف المقابل.

و هذا الشوق المفرط إنما يقال له: السحر، لكونه أثرا مجلوبا للعمل السحري و مسببا عنه، فاطلاق السحر عليه من باب اطلاق اسم السبب على مسببه، أو لأن مدعى الاسم الأعظم يسخر الجن به و أنهم يطيعونه و ينقادون له في أكثر الأمور، يجلب انتباه من يسمع هذه الدعلوى و الأباطيل، فالرجل الضعيف يعتقد أنها حق يتوجه بكله نحوه فيحصل في نفسه نوع من الرعب و المخافة، فاذا حصل الخوف له ضعفت القوى النفسانية فيه فيتمكن هذا الساحر حينئذ أن يفعل و يتصرف في السامع ما شاء حسب ارادته و رغبته.

و لا يخفى أن هذه الدعاوى كذب و إغراء للجهل، لكنها غير داخلة في موضوع السحر، بل هي الخديعة، و لا شك في حرمتها، لا لكونها سحرا، بل لأنها ايذاء و إضرار.

هذا مضافا الى أنه لو كان يعد استمالة القلب و تعلقه بالساحر سحرا لكان كل استمالة للقلب سحرا، مع أنه لم يلتزم بهذا أحد.

(2) الكيمياء في اصطلاح القدماء عبارة عن تحويل بعض المعادن الخسيسة الى معادن

ص: 84

..........

++++++++++

- ثمينة كتحويل النحاس ذهبا، أو فضة على ما يدعون.

و لها شخصيات معروفة، و رجالات مشهورة طال ما يتتبعون الحصول عليها، و قد صرفوا أموالا طائلة، و أوقاتا ثمينة في سبيل معرفتها، و كرسوا جهودهم و أوقاتهم في طريقها ثم رجعوا (بخفي حنين).

بل أفنوا حياتهم على ذلك من غير نتيجة، و قد شاهدنا بعضهم.

نعم هناك بعض الرجال يدعون الوصول إليها.

و أما الكيمياء في عصرنا الحاضر فيطلق على معرفة خواص الأشياء و طبائع الأجسام الأرضية، و كيفية تحليلها و تركيبها.

و يعد هذا العلم من العلوم الحديثة العهد و لم يتجاوز ثلاثة قرون.

أليك مختصرا منه:

(الأول): نشوء علم الكيمياء.

يعتبر علم الكيمياء من العلوم التي لها تأثير خطير في حياة الانسان و تقدمه، و كلما ارتقى الانسان في سلم التطور و الحضارة: ازداد تدخل الكيمياء في مختلف مجالات الحياة، و لا شك أن أول تقدم أحرزه هذا العلم هو اكتشاف النار. فقد كان الانسان القديم ضمن انتفاعه بالنار في طهي طعامه، أو تدفئة نفسه مثلا قد أحس بوجود بعض الفلزات و وصل الى كيفية صنع الآجر و الزجاج.

و مهمة علم الكيمياء هي دراسة و تحليل التغيرات الكيمياوية التي تطرأ على المواد، أو دراسة تركيب المواد المختلفة و خواصها.

و كذلك دراسة المواد الجديدة الناتجة عن تركيب مادتين، أو أكثر مع بعضهما تركيبا كيميائيا تختلف فيه هذه المواد الجديدة عن المواد الأصلية اختلافا جذريا، كما يهتم هذا العلم بكيفية تحضير مواد جديدة، و التعرف -

ص: 85

..........

++++++++++

- على الركائز التي توضح تكوين المواد و كيفية تحضيرها.

(الثاني): الكيمياء قديما:

تشير الآثار القديمة و الدلائل الى أن الآشوريين و المصريين القدماء و الصينيين قد عرفوا أشياء كثيرة عن هذا العلم، و ان معلوماتهم هذه قد حصلت بعد مرور أعوام طويلة و ضمن تجارب طويلة أيضا.

فقد عرف المصريون القدامى قبل 3500 سنة كيفية تحضير عدد من الأصباغ الطبيعية، و عرفوا كذلك بعض الفلزات كما توضح ذلك الاهرام، و صنعوا الزجاج و الفخار.

و المشهور أن لفظة «كيمياء» مأخوذة من الاسم القديم الذي كان يطلق على مصر و هو (خيميا) و معناه الأرض السوداء فهي ليست يونانية كما يتوهم البعض.

و أتقن الفينيقيون صنعة الدباغة فكانوا يصنعون الدروع و الخيم و قرب الماء من الجلد.

أما العرب المسلمون فقد أحرزوا تقدما ملحوظا في هذا العلم خلال العصور الوسطى، و ساهموا بدرجة كبيرة في تطوير هذا العلم و نموه.

فقد اتقنوا بعض العمليات الكيمياوية مثل الترشيح و التسامي و التكثيف و صنعوا كثيرا من الأدوات و الأجهزة، و أسسوا المختبرات الكيمياوية و قدموا موادا جديدة و كان من أشهرهم:

(الأول): (جابر بن حيان الكوفي): و هو يعد من أعظم الكيميائيين و تخرج في الكيمياء على يد (الامام جعفر بن محمد الصادق) عليهما السلام. أسس مختبرا في الكوفة، و قد استطاع تحضير حامض النتريك، و حامض الهيدروكلوريك، و حامض الكبريتيك و سماه -

ص: 86

..........

++++++++++

(زيت الزاج) و هو أول من نوّه باستعمال الميزان في التجارب الكيميائية و اهميته، و ذكر طرقا مختلفة لتنقية الفلزات.

(الثاني): (أبو بكر محمد بن زكريا الرازي): كان له مختبر مجهز بكثير من الأدوات و الأجهزة الكيميائية كالبوارق و الدوارق و المعوجات و الأفران و الحمامات المائية و الرملية و أجهزة الترشيح.. الى آخره.

و هو أول من أشار الى أهمية التجربة و المشاهدة للحصول على الحقائق الكيميائية و قد حضّر جملة من المواد الكيميائية منها أو كسيد الزرنيخ و الجبس.

(الثالث): الكيمياء الحديثة:

كانت نظرية ارسطو في العناصر الأربعة هي السائدة في العالم حتى نهاية القرن السابع عشر الميلادي، و كان علماء الكيمياء لا يزالون يعتقدون بإمكانية تحويل الفلزات. و كانت آراؤهم في ذلك العصر مزيجا من الخرافات و الحقائق العلمية. و كان هذا العلم يعتبر من الأسرار و العلوم الغريبة.

و كانت الأوضاع على هذا النمط حتى بزغ نجم الكيميائي الانكليزي (روبرت بويل عام 1627-1691)، حيث عارض الأفكار السخيفة بشجاعة نادرة، و ساهم في تقدم هذا العلم بصورة كبيرة.

و اذا اعتبر (ديكارت) أبو الفلسفة الحديثة، فإن الكيميائي الفرنسي (لافوازيه عام 1743-1794) لا شك يعتبر أبو الكيمياء الحديثة لقد أعلن هذا العالم بصراحة أن التجربة مضافة الى أخذ النتيجة بصورة صحيحة و دقيقة هو أساس هذا العلم، كما أكد على الأهمية القصوى لاستعمال الميزان في التجارب الكيميائية، لقد أثبت (لافوازيه) بالتجربة أن عملية الاحتراق ما هي إلا تركيب و تفاعل المادة مع الهواء الخالص (الاوكسجين)

و هناك أعلام كثيرون ساهموا في تقدم هذا العلم و تطوره مثل -

ص: 87

الثامن: النميمة

الثامن (1): النميمة. انتهى الملخص منه.

++++++++++

(هنري كافنديش، ولر، دوي، بريستلي، مدام كوري، برزيلبوس) و غيرهم.

(الرابع): أن للكيمياء فروعا عديدة أهمها:

1 - الكيمياء العضوية.

2 - الكيمياء غير العضوية.

3 - الكيمياء الفيزيائية.

4 - الكيمياء التحليلية.

5 - الكيمياء الحياتية.

(1) أي القسم الثامن من أقسام السحر الثمانية: النميمة و هو عمل يوجب التفرقة بين الشخصين فهي نتيجة السحر في بعض الموارد كما قال عز من قائل: «فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ» (1).

و لا يخفى أن هذه العملية و ان كانت محرمة في نفسها، لأنها موجبة للتفرقة بين المتحابين، و لربما بلغت القتل و المعارك الدامية، و المفاسد العظيمة و هي من الصفات الرذيلة، و لعظمها عبر عنها الباري عز و جل أنها أشد و أكبر من القتل في قوله عز من قائل: «وَ اَلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ اَلْقَتْلِ وَ اَلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ اَلْقَتْلِ» (2).

لكن مجرد كونها نتيجة السحر في التفرقة لا يجعلها من السحر فهي خارجة عنه موضوعا و ان كانت محرمة هي في نفسها.

و لعل القائل بأنها من السحر يرى فيها نوعا من الخفة و الدقة و اللطافة.

ص: 88


1- البقرة: الآية 102.
2- البقرة: الآية 191-217.

و ما ذكره (1) من وجوه السحر بعضها قد تقدم عن الايضاح و بعضها (2) قد ذكر فيما ذكره في الاحتجاج: من حديث الزنديق الذي

++++++++++

- لكنك عرفت: ان الدقة و اللطافة و الخفة لا تكون سحرا، إذ كثير من الاختراعات و الصناعات العجيبة في عصرنا الحاضر فيها من الدقة و اللطافة ما يبهر العقول، فإن الراديوات و الطيارات و التلفاز و اللاسلكي و السفن الفضائية من ألطف الاختراعات و أدقها، و لا يمكن الاطلاع عليها إلا لأهلها المخترعين.

هذا تمام الكلام في الأقسام الثمانية من السحر ذكرناها عن مصدرها موجزا.

راجع (بحار الأنوار). الجزء 59. ص 277 الى 297 فقد أسهب الكلام (شيخنا العلامة المجلسي) عطر اللّه مرقده في هذه الأقسام فشكر اللّه مساعيه، و أجزل مثوبته.

و لعمري إنه العلامة النحرير الفذ غواص بحار علوم (أئمة أهل البيت) عليهم السلام.

(1) أي ما ذكره (العلامة المجلسي) من الأقسام الثمانية للسحر فقد تقدم بعضها: و هو القسم الثاني الذي هو سحر أصحاب الأوهام، و النفوس القوية في قول صاحب الايضاح: «إما بمجرد التأثيرات النفسانية في ص 41».

(2) أي و بعض ما تقدم من هذه الأقسام الثمانية: و هو القسم السادس الذي هي الاستعانة بخواص الأدوية في ص 82 عند قوله: السادس: قد ذكر في جواب (الامام الصادق) عليه السلام (للزنديق المصري) حينما يسأله عن السحر بقوله: أخبرني عن السحر ما أصله؟

فقال عليه السلام: منها بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء.

ص: 89

سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسائل كثيرة.

منها ما ذكره بقوله: أخبرني عن السحر ما أصله، و كيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه و ما يفعل.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: إن السحر على وجوه شتى.

منها: بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء فكذلك علماء السحر احتالوا لكل صحة آفة، و لكل عافية عاهة، و لكل معنى حيلة.

و نوع آخر منه خطفة (1) و سرعة و مخاريق (2) و خفة (3).

و نوع آخر منه ما يأخذه أولياء الشياطين منهم (4).

قال (5): فمن أين علم الشياطين السحر؟

قال (6): من حيث علم الأطباء الطب. بعضه بتجربة (7) و بعضه بعلاج.

++++++++++

(1) بفتح الخاء، و سكون الطاء، و فتح الفاء: أخذ الشيء بسرعة يقال خطفه خطفة أي أخذه و سلبه بسرعة.

و المقصود منه هنا: الحركات السريعة الموهمة.

(2) بفتح الميم جمع مخرقة بفتح الميم و سكون الخاء و فتح الراء معناها هنا: الكذب و الاختلاق و افتعال الحركات غير الواقعية بقوة السرعة.

(3) المراد منها: الحركات الخفيفة جدا بحيث لا ترى و هو المعبر عنها بالشعوذة.

(4) أي من الشياطين.

(5) أي الزنديق المصري.

(6) أي الامام الصادق عليه السلام.

(7) المراد من التجربة: هو استعمال الأدوية و العقاقير في الأمراض حتى يظهر مفعولها.

ص: 90

قال (1): فما تقول في الملكين هاروت و ماروت، و ما يقول الناس:

إنهما يعلمان الناس السحر.

قال (2): إنما هما موضع ابتلاء، و موقف فتنة، و تسبيحهما (3) اليوم: لو فعل الانسان كذا و كذا لكان كذا.

و لو تعالج بكذا و كذا لصار كذا فيتعلمون (4) منهما ما يخرج عنهما فيقولان لهم: إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم و لا ينفعكم.

قال (5): أ فيقدر الساحر على أن يجعل الانسان بسحره في صورة كلب، أو حمار أو غير ذلك؟

قال (6): هو أعجز من ذلك، و أضعف من أن يغير خلق اللّه

++++++++++

- و المراد من العلاج: هو الاختبار و التحليل، و ليس معناه: المداواة فقط، فإن ذلك يحصل بالتجربة.

(1) أي الزنديق.

(2) أي الامام الصادق عليه السلام قال: ان هاروت و ماروت كانا موضع اختبار و امتحان.

(3) المراد من تسبيح الملكين: الترنم الّذي هو المعنى المجازي له كما أن المسبح للّه عز و جل يكون مترنما له، أي بتسبيحه له يكون مقدسا و منزها له.

و معنى تسبيحهما: أن الملكين و هما: هاروت و ماروت اللذان نزلا ب: (بابل) كان ترنهما: أن الانسان لو فعل في هذا اليوم كذا و كذا لكان كذا و لو يعالج بكذا و كذا لصار كذا.

(4) أى الناس يتعلمون من الملكين ما يخرج من فمهما.

(5) أي الزنديق المصري.

(6) أي (الامام الصادق) عليه السلام.

ص: 91

إن (1) من أبطل ما ركّبه اللّه تعالى و صوره و غيّره فهو شريك اللّه في خلقه. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم و الآفة و الأمراض و لنفى البياض عن رأسه، و الفقر عن ساحته.

و إن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين (2)، و يجلب العداوة بين المتصافين، و يسفك بها الدماء، و يهدم بها الدور، و يكشف بها الستور، و النمام شر من وطأ على الأرض بقدمه فاقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب، إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاءه الطبيب فعالجه بغير ذلك فأبراه. الى آخر الحديث (3):

ثم لا يخفى أن الجمع (4) بين ما ذكر في معنى السحر في غاية

++++++++++

(1) أي أن الساحر و نظيره لو فرض محالا أنه قادر على أن يغير خلق اللّه، و يصوره بصورة أخرى غير صورته الأولية: لكان شريكا مع اللّه عز و جل في القدرة على الخلق. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

(2) بصيغة الجمع، و كذا في كلمة المتصافين.

و يحتمل بصيغة التثنية في المقامين.

(3) راجع (الاحتجاج). الجزء الثاني. ص 81-82 مطبعة النعمان النجف الأشرف عام 1386.

و لا يخفى أن هذه الجمل في ضمن أسئلة كثيرة وجهها الى (الامام الصادق) عليه السلام (الزنديق المصري).

(4) أي الجمع بين ما ذكره الأعلام كالعلامة المجلسي، و صاحب الإيضاح، و بقية الفقهاء حول السحر و أفراده و صغرياته و كبرياته في غاية الإشكال، لأن صاحب الإيضاح أخرج ما يتولد له من خواص الأجسام -

ص: 92

الاشكال، لكن المهم بيان حكمه (1)، لا موضوعه.

المقام الثاني في حكم الأقسام المذكورة

المقام الثاني (2) في حكم الأقسام المذكورة.

++++++++++

- السفلية من أفراد السحر و جعله من علم الخواص، و قد أدخله غيره في السحر كما عرفت في الهامش 3 من ص 52-53.

و كذلك أخرج صاحب الإيضاح من السحر ما يجيء من الاستعانة بالنسب الرياضية. فسماه علم الحيل، و جر الأثقال في قوله في ص 52:

و هذان ليسا من علم السحر، و قد أدخله غيره في السحر.

و كذلك نرى تعاريف مختلفة للسحر فمن تعريف عام كما أفاده (شيخنا العلامة المجلسي) في ذكره الأقسام الثمانية للسحر.

و من تعريف خاص كما سبق ذلك في تعريفاتهم السحر في ص 33-36.

فيا ترى أي التعاريف أقرب إلى الصواب.

و لا يخفى أن السحر ليس من اختصاص الفقهاء، و لذا تراهم اختلفوا في تعريفه، و المرجع في ذلك و تعيين موضوع السحر: هي الأحاديث الواردة في المقام. راجع المصادر المذكورة من ص 26 الى 33.

(1) و هي الحرمة، أو عدمها.

ثم لا يحفى أيضا أن موضوع السحر ليس بالمجهول المطلق.

بل هو مردد بين السعة و الضيق.

فإن ضيقنا دائرته كما هو القدر المتيقن و المسلم اختص الحكم به.

و إن وسعنا دائرته شملت الحرمة جميع أفراد السحر، حيث إن أهل الشرع قد اختلفوا في تعريف السحر، و لذا قال (شيخنا الأنصاري):

ثم لا يخفى أن الجمع بين ما ذكر في معنى السحر في غاية الاشكال.

و لو كان السحر مجهولا مطلقا لما أمكن معرفة حكمه.

(2) من المقامين اللذين ذكرهما الشيخ في ص 33 بقوله: ثم إن

ص: 93

فنقول: أما الأقسام الأربعة المتقدمة من الايضاح (1) فيكفي في حرمتها، مضافا (2) الى شهادة المحدث المجلسي رحمه اللّه في البحار بدخولها في المعنى المعروف للسحر عند أهل الشرع فتشملها الاطلاقات:

دعوى (3) فخر المحققين في الايضاح كون حرمتها من ضروريات الدين و ان مستحلها كافر، و دعوى (4) الشهيدين في الدروس و المسالك:

++++++++++

(1) في قوله: إنه استحداث الخوارق. راجع ص 41 الى 43.

(2) مقصود الشيخ من هذه العبارة: و يكفي في حرمتها مضافا إلى شهادة المجلسي: أن لنا دليلين آخرين بالإضافة إلى الأدلة المذكورة و هي الاطلاقات الواردة في الأخبار في حرمة السحر بنحو مطلق التي تشمل الأقسام الأربعة المذكورة عن الايضاح:

و هما: شهادة (المحدث المجلسي) بدخولها فيه.

راجع (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة. الجزء 59. ص 277 عند قوله:

و اعلم أن لفظ السحر مختص بكل أمر مخفي.

و دعوى (فخر المحققين) أن حرمة الأقسام الأربعة من ضروريات الدين، و أن مستحلها كافر في قوله: و الكل حرام في شريعة الاسلام.

(3) مرفوعة على أنها فاعل لقوله: فيكفي، أي فيكفى دعوى (فخر المحققين) على الحرمة في دخول الأقسام الأربعة المذكورة في السحر.

و مرجع الضمير في بدخولها فيشملها: الأقسام الأربعة.

(4) عطف على قوله: دعوى فخر المحقّقين، أي و يكفي دعوى (الشهيد الأول) في الدروس، و (الشهيد الثاني) في المسالك أيضا على حرمة الأقسام الأربعة المذكورة: قوله: إن مستحله يقتل.

و في بعض النسخ: (و هو ظاهر الدروس أيضا) فحكم بقتل مستحلها.

ص: 94

أن مستحله يقتل. فإنا و ان لم نطمئن بدعوى الاجماعات المنقولة، إلا أن دعوى ضرورة الدين مما يوجب الاطمينان بالحكم، و اتفاق (1) العلماء عليه في جميع الأعصار.

نعم ذكر شارح النخبة (2) أن ما كان من الطلسمات مشتملا على أضرار، او تمويه على المسلمين، أو استهانة بشيء من حرمات اللّه كالقرآن و أبعاضه و أسماء اللّه الحسنى، و نحو ذلك فهو حرام بلا ريب، سواء عد من السحر أم لا.

و ما كان للاغراض كحضور الغائب، و بقاء العمارة، و فتح الحصون للمسلمين، و نحوه فمقتضى الأصل جوازه.

++++++++++

- و الظاهر زيادة احدى العبارتين، و لذا شطبنا على الثانية.

ثم إن المراد من الضروري من الدين: عدم تمامية ايمان المسلم الا بالتصديق به كالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة و الخمس، و غيرها من فروع الدين التي ثبتت في الدين.

(1) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله: بالحكم أي دعوى ضرورة الدين في قول (فخر المحققين) مما يوجب الاطمئنان بالحكم و مما يوجب الاطمئنان باتفاق العلماء على حرمة السحر في جميع الأعصار.

هذا ما ينبغي أن يحمل عليه كلام الشيخ، حتى لا يحصل فيه التناقض فإن الشيخ بعد عدم اطمينانه بالإجماعات المنقولة في قوله: فانا و إن لم نطمئن بدعوى الاجماعات لا يمكنه أن يطمئن باتفاق العلماء في جميع الأعصار إلا من هذا الطريق: و هي دعوى ضرورة الدين من فخر المحققين.

(2) و هو المحدث المعروف السيد عبد اللّه حفيد المحدث الجليل (السيد نعمة اللّه الجزائري).

و النخبة للمولى الجليل (الفيض الكاشاني) صاحب الوافي.

ص: 95

و يحكى (1) عن بعض الأصحاب، و ربما يستندون في بعضها (2) الى أمير المؤمنين عليه السلام، و السند غير واضح.

و ألحق في الدروس تحريم عمل الطلسمات بالسحر، و وجهه غير واضح (3) انتهى.

و لا وجه أوضح من دعوى الضرورة من فخر المحققين (4)، و الشهيدين قدس سرهما.

و أما غير تلك الأربعة (5)، فإن كان مما يضر بالنفس المحترمة

++++++++++

(1) أي جواز هذا النوع من السحر من بعض الفقهاء.

(2) أي في بعض صور السحر الجائزة كما لو كان فيه نفع

راجع (تفسير الصافي). الجزء 2. ص 868. طباعة طهران المطبعة الاسلامية في حديث سحر الرجل النبي.

و (القرآن فضائله و آثاره). ص 215. طباعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف عام 1387.

(3) إلا إذا كان في السحر استهانة ببعض المقدسات الدينية كالقرآن و أبعاضه و أسماء اللّه الحسنى.

(4) راجعنا الايضاح. الجزء الأول. ص 405-406-407 طباعة المطبعة العلمية بقم سنة 1387 فلم نجد هذه الجملة: (من ضروريات الدين) التي يذكرها (شيخنا الأنصاري).

و لعل الشيخ يقصد من الضرورة في قول (فخر المحققين) هذه الجملة:

(و كل ذلك محرم في شريعة الاسلام، و مستحله كافر).

و معنى عبارة الشيخ: أنه لا دليل لنا أوضح و أوجه على حرمة كل سحر من ادعاء (فخر المحققين) الضرورة على الحرمة.

(5) و هي الأقسام الثمانية التي ذكرها) شيخنا المجلسي) و ذكرناها -

ص: 96

فلا اشكال أيضا في حرمته، و يكفي في الضرر صرف نفس المسحور عن الجريان على مقتضى ارادته (1) فمثل احداث حب مفرط في الشخص يعد سحرا.

روى الصدوق في الفقيه في باب عقاب المرأة على أن تسحر زوجها بسنده عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لامرأة سألته: أن لي زوجا و به غلظة عليّ و اني صنعت شيئا لأعطفه عليّ: اف لك كدّرت البحار، و كدرت الطين و لعنتك الملائكة الأخيار، و ملائكة السماوات و الأرض.

قال: فصامت المرأة نهارها، و قامت ليلها، و حلقت رأسها، و لبست المسوح (2) فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه و آله فقال: ان ذلك (3)

++++++++++

- لك عن آخرها.

و المراد من الأربعة ما ذكره صاحب الايضاح في ص 41-43 بقوله: إنه استحداث الخوارق إما بمجرد التأثيرات النفسانية، أو بالاستعانة بالفلكيات فقط أو بتمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية، أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة.

(1) المقصود من هذه العبارة: أن الساحر يصنع عملا يؤثر في بدن المسحور و أعضائه بحيث يوقف المسحور عن حركاته الطبيعية. بأن يحدث شللا في احدى يديه، أو رجليه، أو شفتيه، أو يوجد لكنة في لسانه

(2) بضم الميم و السين و سكون الواو جمع مسح بكسر الميم و سكون السين: ثوب ينسج من الشعر يلبس فوق البدن تقشفا، و قهرا للجسد.

(3) و هي ما فعلت المرأة من صيام نهارها، و قيام ليلها الى الصبح و حلق رأسها، و لبسها المسوح.

ص: 97

لا يقبل منها (1)، بناء على أن الظاهر من قولها: صنعت شيئا: المعالجة بشيء غير الأدعية و الصلوات و نحوها، و لذا (2) فهم الصدوق منها السحر، و لم يذكر في عنوان سحر المرأة غير هذه الرواية.

++++++++++

(1) من لا يحضره الفقيه. الجزء 3. ص 282. الحديث 1. طباعة مطبعة النجف. عام 1387.

هذا الحديث كما تراه من الأحاديث الضعاف و من أردئها، لاشتماله على عقوبات هامة جدا: من قيام الليل، و صوم النهار، و حلق الرأس و لبس المسوح في قبال شيء تافه جدا: و هو صنع المرأة شيئا لتجلب رضى زوجها، و عطفه نحوها، لما به من الشدة و الغلظة، مع أنه لا يستفاد من عملها هذا: العمل المحرم و هو السحر، حيث إن العمل مطلق لا يدل على كونه سحرا، و على فرض أنها عملت سحرا لم تعمل سحرا محرما: و هو الذي يضر في بدن المسحور، أو عقله كما هو الملاك في حرمته، و صرح الشيخ بذلك في ص 99.

و على فرض أن عملها كان من السحر، و أن الأدلة المطلقة تشمل هذا النوع من السحر الذي يصنع لجلب رضى الزوج فلما ذا لا تقبل توبتها مع أنها صنعت ما صنعت من الأعمال الشاقة الموجبة للمثوبة لقبول توبتها.

فهل يا ترى أنها اشركت باللّه الكريم حتى لا يقبل منها كل ذلك و تدخل في عموم الآية الكريمة: إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ (1).

و الذي يسهل الخطب أن الحديث مروي عن السكوني و هو من المجاهيل.

(2) أي و لاجل أن ظاهر قول المرأة: صنعت شيئا: هي المعالجة بغير الأدعية و الصلوات: استفاد (شيخنا الصدوق) من المعالجة السحر و لم يذكر في الفقيه في عنوان سحر المرأة سوى هذه الرواية.6.

ص: 98


1- النساء: الآية 116.

و أما ما لا يضر (1) فإن قصد به دفع ضرر السحر، أو غيره من المضار الدنيوية، أو الاخروية فالظاهر جوازه مع الشك في صدق اسم السحر عليه، للاصل (2)، بل فحوى (3) ما سيجيء من جواز دفع الضرر بما علم كونه سحرا، و إلا (4) فلا دليل على تحريمه، إلا أن يدخل في اللهو، أو الشعوذة.

نعم (5) لو صح سند رواية الاحتجاج صح الحكم بحرمة جميع ما تضمنته

++++++++++

(1) أي من غير تلك الأقسام الأربعة المذكورة في ص 41-43.

(2) تعليل لجواز مثل هذا النوع من السحر الذي شك في صدق اسم السحر عليه.

و المراد من الأصل هي اصالة الإباحة في الأشياء المعبر عنها بالأصل الاولي العقلائي الجاري في الأشياء عند الشك في حرمتها: و هو الجواز.

(3) أي بل يدل على جواز مثل هذا النوع من السحر بالإضافة إلى أصالة الاباحة: مفهوم الأخبار المجوزة للسحر إذا كان لدفع ضرر السحر كما سيجيء في قول الشيخ: بقي الكلام في جواز دفع ضرر السحر بالسحر في ص 103.

(4) أي و ان لم يعلم أن الذي يدفع به ضرر السحر من السحر فلا دليل على كون هذا العمل محرما.

اللهم إلا أن يقال: إن هذا العمل داخل في العمل اللهوى و في الشعوذة فيكون محرما من هذه الناحية، و دون اثبات هذا خرط القتات.

(5) استدراك عما أفاده آنفا: من عدم وجود دليل على حرمة السحر الذي يعمل لدفع ضرر السحر.

و خلاصة الاستدراك: أن سند رواية الاحتجاج التي اشير إليها -

ص: 99

و كذا (1) لو عمل بشهادة من تقدم كالفاضل المقداد، و المحدث المجلسي رحمهما اللّه: بكون جميع ما تقدم من الأقسام داخلا في السحر:

اتجه الحكم بدخولها (2) تحت اطلاقات المنع عن السحر.

لكن الظاهر استناد شهادتهم الى الاجتهاد (3)، مع معارضته (4) بما تقدم من الفخر: من اخراج علمي الخواص و الحيل من السحر.

++++++++++

- في ص 90 لو كان صحيحا: صح لنا الحكم بحرمة جميع أقسام السحر، حيث إن قوله عليه السلام في نفس الرواية: إن السحر على وجوه شتى: يشمل أقسام السحر بتمامها و منها السحر الذي لا يقصد منها دفع الضرر، و ليس هو في حد ذاته مشتملا على ضرر.

(1) أي و كذا يصح لنا الحكم بحرمة جميع أقسام السحر و منها السحر الذي لا يقصد منه دفع الضرر إذا عملنا بشهادة (الفاضل المقداد) في قوله في ص 54: و هذا يشمل علمي الخواص و الحيل.

و بشهادة (العلامة المجلسي) في قوله في ص 55: إنه في عرف الشرع مختص بكل أمر مخفي سببه، و يتخيل على غير حقيقته، و يجري مجرى التمويه و الخديعة.

(2) أي بدخول تمام الأقسام من السحر و منها السحر الذي لا يقصد منه دفع الضرر: تحت الإطلاقات المشار إليها في ص 63-88.

(3) المراد من الاجتهاد هنا التصرف في المعنى اللغوي للسحر.

(4) أي مع معارضة اجتهادهم بما تقدم عن (فخر المحققين) من إخراجه علمي الخواص و الحيل عن السحر في ص 51 بقوله: و أما ما كان على سبيل الاستعانة بخواص الأشياء السفلية فهو علم الخواص، أو الاستعانة بالنسب الرياضية فهو علم الحيل، و جر الأثقال، و هذان ليسا من السحر.

ص: 100

و ما تقدم (1): من تخصيص صاحب المسالك، و غيره السحر بما يحدث ضررا (2)، بل عرفت تخصيص العلامة له (3) بما يؤثر في بدن المسحور أو قلبه، أو عقله.

فهذه شهادة من هؤلاء على عدم عموم لفظ السحر لجميع ما تقدم من الأقسام.

و تقديم (4) شهادة الاثبات لا يجري في هذا الموضع، لأن الظاهر استناد المثبتين الى الاستعمال (5)، و النافين (6) الى الاطلاع على كون

++++++++++

(1) أي و مع معارضة اجتهاد هذين العلمين بما تقدم.

(2) فما لا يحدث ضررا يكون خارجا عن مفهوم السحر موضوعا فلا تشمله اطلاقات حرمة السحر كما فيما نحن فيه، حيث يعمل السحر و لا يقصد به الضرر، و لا يكون مشتملا على مفسدة.

(3) أي للسحر بمعنى أن (العلامة) قدس اللّه روحه خصص السحر بما يؤثر في بدن المسحور، أو عقله، أو قلبه، و ما لم يكن كذلك لم يكن سحرا.

(4) دفع وهم حاصل الوهم: أن شهادة المثبت في الدعاوى مقدمة على شهادة النافي فليكن هنا كذلك، فمن يقول: إن هذا النوع يعد من السحر يقدم قوله على من يقول: إن هذا النوع ليس من السحر.

فاجاب الشيخ عن الوهم: أن القائل بأن هذا العمل المعين يعد سحرا يستند في ذلك الى إطلاق لفظ السحر عليه لغة، و ليس له دليل غير ذلك و هذا لا يكفي في الاثبات، بل يحتاج الى أزيد من ذلك، اذ يمكن أن يكون إطلاق لفظ السحر عليه مجازا فاذا لا يقدم قوله على النافي.

(5) أي استعمال السحر في الأقسام الثمانية المذكورة كما عرفت.

(6) أي و لأن الظاهر من استناد النافين لبعض أقسام السحر -

ص: 101

الاستعمال مجازا، للمناسبة.

و الأحوط الاجتناب عن جميع ما تقدم من الأقسام (1) في البحار.

بل لعله (2) لا يخلو عن قوة، لقوة (3) الظن من خبر

++++++++++

- مما مر عليك: الى علمهم بان استعمال السحر على هذا البعض و اطلاقه عليه مجاز، لأن الاستعمال اعم من الحقيقة، و المناسبة بين المعنى المجازي و الحقيقي: هو خرق العادة، و مخالفة الطبيعة.

(1) و هي الأقسام الثمانية التي ذكرناها لك في ص 63-88.

و لا يخفى أن ثبوت الحرمة للسحر بنحو العموم اذا لم يرد به دفع ضرر صحيح.

و أما اذا اريد به ذلك جاز كما افاده الشيخ في ص 99 بقوله: فالظاهر جوازه، للاصل.

(2) أي لعل الاجتناب عن جميع الأقسام المذكورة للسحر لا يخلو عن قوة.

(3) تعليل لكون الاجتناب عن جميع الأقسام لا يخلو عن قوة.

و المراد من خبر الاحتجاج ما مرت الاشارة إليه في ص 90 في قول الإمام عليه السلام: إن السحر على وجوه شتى:

منها بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء.

و كذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة، و لكل عافية عاهة

و نوع آخر منه: خطفة و سرعة و مخاريق و خفة.

و نوع منه: ما يأخذه أولياء الشياطين منهم: فإن الإمام عليه السلام في قوله هذا يعطينا درسا كاملا، و قاعدة كلية تنطبق على جميع الأقسام المذكورة للسحر.

ثم لا يخفى أن (شيخنا الأنصاري) رحمه اللّه قد شكك في صحة رواية الاحتجاج، في ص 99 بقوله نعم لو صح سند رواية الاحتجاج صح الحكم بحرمة جميع ما تضمنته.

فكيف يقول هنا: لقوة الظن بخبر الاحتجاج فما عدا عما بدا؟

ص: 102

الاحتجاج، و غيره.

بقي الكلام في جواز دفع ضرر السحر بالسحر.

بقي الكلام في جواز دفع ضرر السحر بالسحر.

و يمكن أن يستدل له (1) مضافا الى الأصل بعد دعوى انصراف الأدلة (2) الى غير ما قصد به غرض راجح شرعا: بالأخبار (3).

منها (4) ما تقدم في خبر الاحتجاج.

++++++++++

(1) أي لجواز دفع ضرر السحر بالسحر.

يقصد الشيخ أنه يمكن أن يستدل على جواز دفع ضرر السحر بالسحر بثلاثة أدلة.

(الأول) أصالة الاباحة، و هي من الاصول الأولية العقلائية يستباح بها كل ما لم تثبت حرمته، و دفع ضرر السحر بالسحر مما لم يرد فيه نهي، و لم يقم على حرمته دليل فهو مباح بهذا الأصل.

(الثاني) انصراف ادلة حرمة السحر على فرض اطلاقها الى ما لم يكن فيه غرض عقلائي مشروع، أما ما اشتمل على غرض عقلائي كانقاذ مؤمن مسحور مشرف على الهلاك فان اطلاقات أدلة حرمة السحر على فرض اطلاقها لا تشمل هذا الفرد من السحر.

(الثالث) الأخبار الواردة في هذا الباب و هي كثيرة، و قد ذكرها الشيخ بقوله منها، و منها، و منها في ص 26-27.

(2) أي أدلة حرمة السحر كما عرفتها آنفا.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: يستدل، أي و يستدل على جواز دفع ضرر السحر بالسحر: بالأخبار الواردة في المقام، بالإضافة الى وجود أصالة الإباحة في الأشياء، و بالإضافة الى دعوى انصراف أدلة حرمة السحر إلى غير هذا النوع من السحر كما عرفت آنفا.

(4) اى من تلك الأخبار الدالة على جواز دفع ضرر السحر بالسحر: -

ص: 103

و منها (1) ما في الكافي عن القمي عن أبيه عن شيخ من أصحابنا الكوفيين قال: دخل عيسى بن شقفي على أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر، و كنت آخذ عليه الأجر و كان (2) معاشي و قد حججت منه (3) و قد منّ اللّه عليّ بلقائك

++++++++++

- بخبر الاحتجاج المشار إليه في ص 91 في قوله عليه السلام في جواب سؤال (الزنديق المصري): إنهما موضع ابتلاء، و موقف فتنة: تسبيحهما اليوم: لو فعل الانسان كذا و كذا لكان كذا و كذا، و لو يعالج بكذا و كذا لصار كذا.

مقصود الامام عليه السلام من هذه الجمل و اللّه العالم: أن الملكين:

هاروت و ماروت يقولان: إن بعض العمليات لها اثرها الخاص لو يفعلها الانسان و يرتكبها لأدت الى توليد بعض الأمراض و العاهات و الإضرار في انسان آخر، فلو تعالج هذه الأمراض و العاهات بكذا و كذا، أي تدفع هذه الأمراض بسحر آخر: لذهبت تلك الإضرار و العاهات بأسرها، و لسلم منها و نجا، فالامام عليه السلام جوز دفع السحر بالسحر: حيث إنه لم ينف أصل السحر، و لم يقل: إنه كذب و ليس له وجود اصلا، بل قال في جواب السائل عن الملكين: فما تقول في الملكين هاروت و ماروت و ما يقول الناس: إنهما يعلمان السحر: إنهما موضع ابتلاء، و موقف فتنة إلى آخر ما ذكرناه لك.

(1) أي و من تلك الأخبار الدالة على جواز دفع ضرر السحر بالسحر.

(2) اسم كان مستتر يرجع الى الأجر الذي كان يأخذه الساحر، أي كان طريق ارتزاقي و إعاشتي من عملي السحرى هو الاجر الذي آخذه ممن أعمل له السحر.

(3) أي من هذا المال الذي أخذته تجاه عملي السحري.

ص: 104

و قد تبت الى اللّه عز و جل من ذلك فهل لي في شيء من ذلك مخرج؟

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: حلّ و لا تعقد (1).

و كأن الصدوق رحمه اللّه في العلل أشار الى هذه الرواية (2)، حيث قال: روي أن توبة الساحر أن يحل و لا يعقد (3).

و ظاهر المقابلة بين الحل و العقد (4) في الجواز و العدم: كون كل منهما بالسحر، فحمل الحل على ما كان بغير السحر: من الدعاء و الآيات و نحوهما كما عن بعض: لا يخلو عن بعد (5).

++++++++++

(1) الشاهد في قوله عليه السلام: حلّ و لا تعقد، حيث يدل على جواز دفع السحر بالسحر، فإن الامام عليه السلام امر بحل ما عقده غيره من السحرة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 105-106. الباب 25 الحديث 1.

(2) و هي المروية في (الكافي) التي رويناها عن الوسائل، و قد اشير إليها في ص 104.

(3) علل الشرائع، ص 546، الباب 338، الحديث 6. طباعة المطبعة الحيدرية، عام 1385.

(4) أي في قوله عليه السلام: حلّ و لا تعقد، فكما أن العقد يكون بسبب السحر، كذلك الحل يكون بسبب السحر، فكلا العملين منشؤهما واحد، من دون فرق بينهما.

(5) وجه البعد: أن السائل من السحرة، و لعله لا يعرف من الآيات و الأدعية، و خواصهما شيئا، بالإضافة الى أن سياق الكلام هو السحر بقرينة قول السائل: و هل لي في شيء من ذلك مخرج؟

ص: 105

و منها (1) ما عن العسكري عن آبائه عليهم السلام في قوله تعالى:

«وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ» قال: كان بعد نوح قد كثرت السحرة و المموهون (2) فبعث اللّه ملكين الى نبي ذلك الزمان يذكر ما يسحر به السحرة، و يذكر ما يبطل به سحرهم، و يرد به كيدهم فتلقاه (3) النبي عن الملكين و أداه الى عباد اللّه بأمر اللّه. و أمرهم أن يقضوا (4) به على السحر، و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس.

و هذا (5) كما يقال: إن السمّ ما هو، ثم يقال للمتعلم: هذا السم فمن رأيته سمّ فادفع غائلته بهذا، و لا تقتل بالسم.

الى أن قال: و ما يعلمان من أحد ذلك السحر و إبطاله حتى يقولا للمتعلم: إنما نحن فتنة و امتحان للعباد، ليطيعوا اللّه فيما يتعلمون من هذا

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار الدالة على جواز دفع السحر بالسحر.

(2) بصيغة الفاعل من موه يموه تمويها من باب التفعيل معناه: التلبيس و هو إظهار ما ليس له حقيقة بصورة الواقع كما في طلاء الحديد، أو النحاس بالذهب، أو الفضة.

(3) مرجع الضمير: ما يبطل به سحرهم، أي أخذ النبي و تعلم ما ذكره الملكان من كيفية ما يبطل به سحر السحرة.

(4) في كثير من النسخ أن يقفوا به، و الصحيح ما اثبتناه.

(5) أي تعلم السحر و استعماله للإبطال، و عدم جواز استعمال ما تعلمه في السحر: نظير السم القتال اذا سئل عنه أن السم ما هو؟ فاجيب السائل المتعلم أن السم هذا فاذا رأيت شخصا سمّ فادفع غائلته بهذا السم، أي عالجه بهذا السم، و ارفع عنه الالم و خطر الموت، لكن لا يجوز لك أن تقتل بالسم احدا.

ص: 106

و يبطل به كيد السحرة، و لا تسحروهم فلا تكفر باستعمال هذا السحر و طلب الإضرار، و دعاء الناس الى أن يعتقدوا أنك تحيي و تميت، و تفعل ما لا يقدر عليه الا اللّه عز و جل، فإن ذلك كفر.

قال اللّه عز و جل: فيتعلمون (1) ما يضرهم و لا ينفعهم، لأنهم اذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به، و يضروا به فقد تعلموا ما يضر بدينهم و لا ينفعهم الى آخر الحديث (2).

و في رواية محمد بن الجهم عن مولانا الرضا عليه السلام في حديث قال:

أما هاروت و ماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به عن سحر السحرة فيبطلوا به كيدهم و ما علما أحدا من ذلك شيئا حتى قالا:

إنما نحن فتنة فلا تكفر فكفر قوم باستعمالهم لما امروا بالاحتراز عنه، و جعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء و زوجه قال اللّه تعالى: و ما هم بضارين به من أحد إلا باذن اللّه، يعني بعلمه (3).

هذا (4) كله مضافا الى أن ظاهر أخبار الساحر إرادة من يخشى

++++++++++

(1) اي طلاب السحر يتعلمون من الملكين السحر الذي يضر الناس.

(2) (عيون أخبار الرضا). الجزء 1، ص 217. الباب 27 الحديث 1 طباعة (جابخانه دار العلم قم) عام 1377

(3) وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 107. الباب 25 باب تحريم تعلم السحر. الحديث 4.

فجملة: علما الناس السحر ليحترزوا به عن سحر السحرة تدل على جواز استعمال السحر لدفع ضرر السحر و ابطاله.

(4) أي ما ذكرناه لك من الأخبار الدالة على جواز استعمال السحر لدفع ضرر السحر: بالإضافة الى أن الأخبار المانعة و الناهية عن تعلم السحر كلها تدل على السحر الذي يراد به الضرر، لا مطلق السحر، فالسحر الذي -

ص: 107

ضرره كما اعترف به بعض الأساطين، و استقرب (1) لذلك جواز الحل به بعد أن نسبه الى كثير من أصحابنا.

لكنه مع ذلك كله (2) فقد منع العلامة في غير واحد من كتبه و الشهيد رحمه اللّه في الدروس، و الفاضل الميسي، و الشهيد الثاني من حل السحر به.

و لعلهم حملوا ما دل على الجواز (3) مع اعتبار سنده: على حالة

++++++++++

- يستعمل لدفع الضرر و إبطاله ليس فيه ضرر على شخص حتى تشمله تلك الأخبار الدالة على ذم الساحر في قولهم عليهم السلام في ص 26-28: الساحر كالكافر، و أن ساحر المسلمين يقتل، و ساحر الكفار لا يقتل.

و أن الساحر ملعون، و أن الساحر لا يدخل الجنة، حيث إن الأخبار الدالة على جواز استعمال السحر إنما هي لدفع ضرر السحر:

(1) أي استقرب بعض الأساطين و هو (الشيخ الكبير كاشف الغطاء) لأجل ظهور أخبار ذم الساحر في الساحر الذي يضر: جواز عمل السحر لحل السحر بعد أن نسب الجواز الى كثير من الفقهاء الامامية.

(2) أي و مع هذه الأدلة الثلاثة: و هو أصل الإباحة، و دعوى انصراف أدلة الحرمة الى السحر المضر، و وجود الأخبار المذكورة المشار إليها في ص 103-107: الدالة على جواز استعمال السحر لدفع ضرر السحر بالسحر: فقد منع العلامة و الشهيدان، و الفاضل الميسى حل السحر بالسحر فيكون استعماله محرما.

(3) أي و لعل منع هؤلاء الأعلام من جواز حل السحر بالسحر مع اعتبار سند الروايات المذكورة: لأجل حملهم هذه الأخبار على حالة الضرورة، و حالة انحصار سبب الحل، و عدم افادة كل شيء:

من الوسائل كالنذر، و الدعاء، و الدواء، فانه يتمسك حينئذ بجواز تعلم السحر لدفع السحر ليس الا.

ص: 108

الضرورة، و انحصار سبب الحل فيه، لا (1) مجرد دفع الضرر مع امكانه بغيره: من الأدعية و التعويذات، و لذا (2) ذهب جماعة منهم الشهيدان و الميسي و غيرهم الى جواز تعلمه، ليتوقى به من السحر، و يدفع به دعوى المتنبي.

و ربما حملت أخبار الجواز الحاكية لقصة هاروت و ماروت: على جواز ذلك (3) في الشريعة السابقة.

و فيه (4) نظر.

++++++++++

(1) أي لا أنه يجوز استعمال السحر لدفع السحر حتى لو أمكن دفعه بالطرق المذكورة.

(2) تعليل لجواز تعلم السحر لدفع ضرر السحر، لا لإمكان دفع ضرر السحر بغير السحر: من الأدعية و التعويذات أي و لاجل جواز اعمال السحر لدفع ضرر السحر اجاز هؤلاء الأعلام تعلم السحر.

و المتنبي بصيغة الفاعل من تنبأ يتنبأ تنبؤا من باب التفعل و هو الذي يدعي النبوة، و يأتي بالسحر بدل المعجزة.

(3) أي على جواز دفع ضرر السحر بالسحر، و جواز تعلمه ليتوقى به من السحر عند الضرورة.

(4) أي في هذا الحمل اشكال و نظر.

وجه النظر ظاهرا: أن خبر الاحتجاج المشار إليه في ص 90.

يصرح بأن السحر كالطب، و الساحر كالطبيب، و الطب لا يخص شريعة دون أخرى، و الاسلام قد امضى الطب و المعالجة به.

و لا يخفى أن ما تنظر به الشيخ في حمل أخبار جواز دفع السحر بالسحر لا يجري في رواية الامام العسكري عليه السلام المشار إليها في ص 106، لأنها ظاهرة فيما حملت عليه: و هو الجواز في الشريعة السابقة.

ص: 109

ثم الظاهر أن التسخيرات (1) بأقسامها داخلة في السحر على جميع تعاريفه.

و قد عرفت أن الشهيدين مع اخذ الاضرار في تعريف السحر: ذكرا أن استخدام الملائكة و الجن من السحر.

++++++++++

- و لعل وجه النظر: أن الجواز في الشريعة السابقة لا ينافي جوازه في شريعتنا المقدسة إذا دلت عليه روايات اخرى. مثل رواية عيسى بن شقفي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام حيث يقول له: حلّ و لا تعقد في جواب السائل.

و المقصود به الحل، و نقض ما عقده ساحر آخر.

(1) أي تسخير الملائكة، و الجن، و الشياطين داخل في موضوع السحر بجميع تعاريف الفقهاء التي مضت الاشارة إليها كما في تعريف العلامة في القواعد و التحرير و المنتهى في قوله: إنه كلام يتكلم به، أو يكتبه أو رقية، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله من غير مباشرة. راجع ص 36-37.

و كما في تعريف المسالك زيادة على قول العلامة: أو أقسام و عزائم يحدث بسبها ضرر على الغير. راجع ص 37.

و كما في الدروس زيادة على المسالك: الدخن، و التصوير، و تصفية النفس. راجع ص 37.

و كما في الدروس أيضا: أن المعتبر في السحر: الإضرار. راجع ص 38.

و كما في الايضاح: السحر استحداث الخوارق إلى آخر ما ذكره الشيخ عنه. راجع ص 41 الى 43.

و لا شك أن تسخير الملائكة، و الجن، و الشياطين لو صح يكون من خوارق العادات. -

ص: 110

و لعل وجه دخوله (1) تضرر المسخر بتسخيره.

و أما سائر التعاريف (2) فالظاهر شمولها لها، و ظاهر عبارة الايضاح أيضا دخول هذه (3) في معقد دعواه الضرورة على التحريم، لأن الظاهر دخولها في الأقسام، و العزائم و النفث.

++++++++++

- و كما عن الفاضل المقداد في التنقيح: إن السحر عمل يستفاد منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأسباب خفية. راجع ص 54.

و التسخيرات داخلة في القسم الثالث من الاقسام الثمانية للسحر التي ذكرها (العلامة المجلسي) (في البحار): و هي الاستعانة بالأرواح الأرضية الى أن يقول: و هي في أنفسها مختلفة.

فمنهم خيرة: و هم مؤمن الجن.

و الشريرة: و هم كفار الجن و شياطينهم. راجع ص 76-78.

(1) أي و لعل وجه دخول تسخير الملائكة و الجن في السحر لأجل تضرر المسحور: و هو الملائكة، أو الجن بتسخير الساحر.

(2) اى التي ذكرها الفقهاء في تعريف السحر من اعتبارهم الإضرار في مفهوم السحر كلها تشمل التسخيرات المذكورة.

و قد ذكرنا لك جميع التعاريف المذكورة في ص 36-54.

(3) أي دخول التسخيرات المذكورة بتمام أقسامها: في قول صاحب الايضاح في ص 49: و الكل حرام في الشريعة الاسلامية، و مستحله كافر، لان الظاهر من كلامه دخول التسخيرات المذكورة في الأقسام الثمانية التي ذكرها (شيخنا العلامة المجلسي).

و لا يخفى عدم وجود كلمة الأقسام و النفث في الايضاح.

ص: 111

و يدخل في ذلك (1) تسخير الحيوانات: من الهوام (2) و السباع و الوحوش، و غير ذلك (3)، خصوصا (4) الانسان.

و عمل السيمياء (5) ملحق بالسحر اسما (6)، أو حكما (7) و قد صرح بحرمته (8) (الشهيد) في الدروس.

و المراد به على ما قيل: احداث خيالات (9) لا وجود لها في الحس يوجب تأثيرا في شيء آخر.

++++++++++

(1) أي في حرمة التسخيرات.

(2) بفتح الهاء و الواو، و تشديد الميم جمع هامة، وزان دواب جمع دابة: و هي الحشرات السامة القتالة كالحية و الأفعى.

كما أن الصوام جمع صامة: و هي الحشرات ذات السم، و ليست بقتالة كالعقرب.

(3) أي غير الهوام من الحيوانات البحرية.

(4) أي و لا سيما تسخير الانسان.

(5) و هو علم الحيل السحرية. و يقال له: علم الخيالات.

و هي ملكة يقتدر بها على إراءة مثالات خيالية لا حقيقة لها في الخارج و موضوع هذا العلم: الروح في الروح، أي روح عالم السيمياء تؤثر في روح الطرف المقابل، و سيميا تنسب الى سيمون الساحر.

(6) أي من حيث التعريف، فإن تعريفه: و هو ما لطف مأخذه و دق يشملها.

(7) أي من حيث الحكم التكليفي: و هي الحرمة، فإن حكم السحر الذي هي الحرمة تشمل السيميا.

(8) أي بحرمة السيميا.

(9) المراد من الخيالات: الأشياء التي لا وجود لها في الخارج فهي -

ص: 112

..........

++++++++++

- أوهام و تخيلات صرفة لا حقيقة لها اصلا.

و هناك حكاية تروى حول مدى هذه الأوهام و التخيلات الصرفة.

يقال: إن رجلا كان يتخيل الاسد و هو جالس في غرفته فقال:

إنه دخل المدينة، ثم بعد دقائق قال: دخل السوق، ثم بعد لحظة قال:

دخل الزقاق لذي داري فيه، ثم بعد ثواني قال: دخل الدار، ثم بعد ذلك قال: دخل الغرفة ففزع و صاح و صرخ و قال: جاء الأسد يحمل علي فاغمي، ثم بعد الإفاقة فقد شعوره و أصبح مجنونا.

ص: 113

ص: 114

الشعبذة

ص: 115

ص: 116

المسألة الحادية عشرة الشعوذة

(الحادية عشرة) (1) (الشعوذة) و هي حرام بلا خلاف: و هي الحركة السريعة (2) بحيث يوجب على الحس الانتقال من الشيء الى شبهه كما تري النار المتحركة على الاستدارة دائرة (3) متصلة، لعدم ادراك السكونات (4) المتخللة بين الحركات.

++++++++++

(1) أي المسألة الحادية عشرة من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الشعوذة.

و هي بفتح الشين و سكون العين، و فتح الباء و الذال المعجمة وزان فعلل: و هي و الشعبذة مصدران لفعلل و هي اللعبة المعروفة التي تحصل بالخفة في اليد بحيث تري الانسان بسبب هذه الخفة الأشياء على غير ما هي عليها: و هي من الألعاب المشهورة.

(2) هذا تعريف للشعوذة كما عرفت.

(3) هذه الدائرة تتولد من استدارة الآلة التي فيها النار، و في الواقع ليست هناك دائرة موجودة، و إنما ولدت من سرعة تدوير اليد للآلة فهي مثال للشيء الذي لا واقع له كالشعبذة.

(4) المراد بالسكونات: الفراغ الموجود بين الحركات بحيث لا يرى هذا الفراغ بسبب سرعة اليد و حركتها.

كما هو الشأن في المراوح الكهربائية الموجودة في عصرنا الحاضر فإن سرعة الحركة بسبب الكهرباء لا تعطي مجالا لرؤية تلك الفراغات الموجودة بين أجنحة المراوح.

ص: 117

..........

++++++++++

- و لما انجر بنا الكلام إلى موضوع السحر و الشعوذة رأينا من المناسب أن نذكر على سبيل الاجمال: الفارق بين السحر و المعجزة، و بين الشعوذة و السحر.

فنقول: على ضوء ما ذكرنا لك في ص 36 الى 43 في حقيقة السحر و معناه:

ظهر لك الفرق بين المعجزة و السحر، حيث إن المعجزة أمر واقعي حقيقي و لها واقع موضوعي.

لكنها خارجة عن نظام الطبيعة و سيرها و قد تقع دفعة واحدة خارقة للطبيعة و مقدماتها.

بعبارة أخرى أن الإعجاز في الشيء عبارة عن انطواء جميع المقدمات الطبيعية فيه لو كانت له مقدمات كذلك، و ايجاد ذلك الشيء الذي له تلك المقدمات الطبيعية دفعة واحدة.

بمعنى أن ذلك الشيء لو فرض وجوده في الخارج بدون إعجاز لكان ايجاده على جميع تلك المقدمات الطبيعية الطولية بسيرها الطبيعي و طيها.

خذ لذلك مثالا: لو أراد النبي بطريق الاعجاز أن يجعل الحبوب أشجارا، أو الأحجار الطينية أحجارا كريمة ثمينة دفعة واحدة من دون تهيئة مقدماتها الطبيعية: من سير الزمن، و حرارة الشمس، و تأثير الماء و الهواء، مع أن صيرورة الحبوب أشجارا، و الأحجار لؤلؤا بسيره الطبيعي لا يمكن بدون طي مقدماتها الطبيعية التي يتوقف وجودها على مرور أعوام و أزمان حتى تتكون و تتحجر و تتصلب و تتشكل باشكالها المختلفة.

و هكذا جعل شيء شيئا آخر بدون مسانخة بينه، و بين مقدماته الطبيعية لا يمكن بدون طي تلك المقدمات الطبيعية: من سير الزمن و ما شاكله.

و من هذا القبيل صيرورة العصا ثعبانا في يد موسى عليه السلام -

ص: 118

..........

++++++++++

- و الأسد المنقوش في الستار حيوانا مفترسا بامر (الامامين: الامام أبي الحسن موسى بن جعفر، و الامام علي بن موسى الرضا) صلوات اللّه عليهم أجمعين في مجلس (هارون و المأمون) حقيقة و واقعا، لا تخييلا و ابهاما و خداع بصر.

و خلاصة الكلام: ان المعنى الجامع للإعجاز: هو أن الإعجاز خارق للعادة و الطبيعة و على خلاف نواميسها، و اقتدار نفساني عن اللّه تبارك و تعالى: على التصرفات في التكوينيات مقرونة بالتحدي: و هو إظهار النبوة أو الامامة، و السحر تصرف خارجي أو خيالي، لارتباط النفس بالأرواح الخبيثة، أو الامور الباطلة فهذا هو الفارق بين السحر و الإعجاز حيث إن الإعجاز له حقيقة موضوعية واقعية يحكم في نواميس. الطبيعة و يخرجها عن سيرها الطبيعي، و لأجل ذلك كان خارجا عن قوة البشر و فوق طاقاته، لأن البشر لا يمكن أن يفعل شيئا على خلاف النواميس الطبيعية مهما بلغ من الرقي و العلو و ان كان فوق حد التصور، لأن غايته أن يعلم القوانين الطبيعية و سير نواميسها ثم يفعل شيئا على مقتضى تلك القوانين، و سير نواميسها الطبيعية، و ليس له أن يحكم على تلك النواميس و القوانين.

و السحر ليس له حقيقة واقعية موضوعية، و ليست خارجة عن قدرة البشر: إذ له أن يتعلمه و يترتب عليه الآثار، لأنه ليس على خلاف نواميس الطبيعة.

و من هنا ظهر لك: أن الاعجاز يمتاز عن السحر بنقطتين:

(الاولى): أن الاعجاز ذو حقيقة واقعية، بخلاف السحر، فانه لا واقع موضوعي له كما عرفت.

(الثانية): أن الاعجاز باقتدار إلهي على التصرف في التكوينيات -

ص: 119

..........

++++++++++

- و على خلاف نواميس الطبيعة و قوانينها، و لأجل ذلك كان خارجا عن حد طاقة البشر، بخلاف السحر، فانه تصرف خارجي بواسطة ارتباطات النفس بالارواح الخبيثة، أو الامور الباطلة: بالإضافة الى أنه ليس على خلاف نواميس الطبيعة، و سير نظامها، غاية الأمر أن له مأخذا دقيقا لطيفا خفيا كغيره من الامور التي لها هذا المأخذ، و لا يمكن الوصول إليه إلا بتلك المقدمات الطبيعية، و سير نظامها بشتى ألوانها و أشكالها فما ذكرناه هو الفارق بين السحر و المعجزة.

و للسحر أسباب اخرى غير ما ذكرناها.

و أما الفارق بين السحر و الشعبذة: هو أن الشعبذة عبارة عن الخفة في اليد، و السرعة في الحركة، بمقدماتها الطبيعية المخفية على الناظرين فان المشعوذ بعد التدريب في هذا العمل يصير حاذقا في اتيان الامور العادية و الأفعال المتعارفة بسرعة غريبة بحيث يأخذ حواس الناظرين إليها و يوجههم نحوه.

ثم يعمل عملا آخر بسرعة كذلك، و بحركة خفيفة فيظهر للناظرين غير ما نظروا إليه أولا، و لذلك يتعجبون منه و يعتقدون أنه أتى بهذه الحركات بدون مقدماتها، لكنهم غافلون عن حقيقة الحال: و هو أنه أتى بتلك العملية بواسطة الحركة السريعة بواسطة مقدماتها الطبيعية فهو لم يفعل أمرا خارقا للعادة، و خلافا لنواميس الطبيعة، بل يفعل الأشياء بمقدماتها الطبيعية على وفقها، و لكن بسرعة تامة، و بفن خاص فيقع مورد الاعجاب.

و هذه السرعة و الخفة في الحركة موجبة لوقوع الاشتباه في حواس الناظرين فيتخيلون أن لها واقعية و حقيقة و هي لا واقعية و لا حقيقة لها.

فالنتيجة: أن الشعوذة تمتاز عن السحر بنقطة واحدة: و هو -

ص: 120

و يدل على الحرمة بعد الاجماع مضافا الى أنه من الباطل و اللهو:

دخوله في السحر في الرواية المتقدمة عن الاحتجاج (1) المنجبر وهنها بالاجماع (2) المحكي.

++++++++++

- أن الشعوذة عبارة عن الحركات السريعة التي هي من الأسباب التكوينية لحصول المسبب.

و لكن الناظر حيث لا يلتفت إليها يراها خارقة للعادة و على خلاف نواميس الطبيعة.

فظهر لك من مجموع ما ذكرناه لك في الامور الثلاثة: المعجزة.

السحر. الشعوذة: الفرق بين كل واحد منها

إذ (الاولى): هو الاقتدار الإلهي الذي يعطيه لمن يشاء من عباده الصالحين: على التصرف في التكوينيات بانطواء مقدماتها مقرونة مع التحدي، فهي خارجة عن المقدمات الطبيعية و سير نظامها.

و (الثاني): لا واقع موضوعي له، لكنه ليس خارجا عن مقدمات الطبيعة، و سير نظامها، بل هو على وفق الطبيعة.

و (الثالث): كذلك ليس له واقع موضوعي غير أنه يحصل بمقدمات خفيفة، و حركات سريعة خفية على الناظر.

(1) المشار إليها في ص 90-92 في قوله عليه السلام: و نوع آخر منه خطفة و سرعة، و مخاريق و خفة.

(2) و هو الاجماع المدعى بقوله في ص 117: الشعوذة حرام بلا خلاف.

و لا يخفى ان انجبار ضعف الخبر و وهنه بالاجماع فيما اذا أورث قول المجمعين الاطمئنان بصدور الخبر عن انجباره بذلك.

و أما اذا لم يحصل الاطمئنان بذلك فصرف موافقة معقد الاجماع لمضمون خبر ضعيف: غير مفيد للانجبار.

ص: 121

و في بعض التعاريف المتقدمة (1) للسحر ما يشملها.

++++++++++

- هذا بالإضافة الى أن الشيخ نفسه قدس سره لا يقول بحجية الاجماع المنقول أيضا.

(1) المراد من التعاريف المتقدمة ما ذكره (العلامة المجلسي) من الأقسام الثمانية للسحر، فإن القسم الرابع منها: و هي التخيلات و الأخذ بالعيون مثل راكب السفينة يتخيل نفسه ساكنا، و الشط متحركا:

يشمل الشعوذة، لأن المشعوذ بواسطة السرعة و الخفة في الحركة يأخذ عيون الناظرين فيتخيلون أنه يعمل أشياء حقيقة.

ص: 122

الغشّ

ص: 123

ص: 124

المسألة الثانية عشرة الغش

(الثانية عشرة) (1) (الغش) حرام بلا خلاف، و الأخبار به متواترة نذكر بعضها متيمنا.

فعن النبي صلى اللّه عليه و آله بأسانيد متعددة: ليس من المسلمين من غشهم (2).

و في رواية العيون بأسانيد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: ليس منا من غش مسلما، أو ضره أو ماكره (3).

و في عقاب الأعمال عن النبي صلى اللّه عليه و آله: من غش مسلما في بيع، أو شراء فليس منا، و يحشر مع اليهود يوم القيامة، لأنه من غش الناس فليس بمسلم الى أن قال: و من غشنا فليس منا قالها ثلاثا، و من غش

++++++++++

(1) أي المسألة الثانية عشرة من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الغش.

و هو بفتح الغين مصدر غش يغش معناه: اظهار خلاف ما أضمره و بمعنى الخدعة جاء أيضا يقال: غشه أي خدعه. و اسم الفاعل منه غاش.

و المراد منه هنا المعنى المصدري أي فعله يكون حراما.

و بكسر الغين اسم مصدر من الغش:

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 208. الباب 86 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 2.

(3) نفس المصدر. ص 211. الحديث 12.

و ماكر فعل ماض من باب المفاعلة. و معناه الخديعة.

ص: 125

أخاه المسلم نزع اللّه بركة رزقه، و أفسد عليه معيشته، و وكله الى نفسه (1).

و في مرسلة هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام: أنه قال لرجل يبيع الدقيق: اياك و الغش، فان من غش غشّ في ماله، فان لم يكن له مال غشّ في اهله (2).

و في رواية سعد الاسكاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: مرّ النبي صلى اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلا طيبا، فأوحى اللّه إليه أن يدس يده في الطعام ففعل فأخرج طعاما رديا فقال لصاحبه: ما أراك إلا و قد جمعت خيانة و غشا للمسلمين (3).

و رواية موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام: أنه أخذ دينارا من الدنانير المصبوبة بين يديه فقطعها نصفين ثم قال: القه في البالوعة حتى لا يباع بشيء: فيه غش (4).

و قوله: فيه غش جملة ابتدائية (5)، و الضمير في لا يباع راجع الى الدينار.

و في رواية هشام بن الحكم قال: كنت أبيع السابري في الظلال

++++++++++

(1) راجع عقاب الأعمال (لشيخنا الصدوق)، ص 211، الحديث 11.

(2) حيث إن المال الذي يؤخذ بغش له أثر وضعي يؤثر فيمن يأكله و إن كان جاهلا، فالمال المغشوش كالسم الذي يؤثر في آكله و إن لم يعلم الآكل أنه سم.

راجع (وسائل الشيعة)، الجزء 12. ص 209. الباب 86 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 7.

(3) نفس المصدر. ص 209. الحديث 8.

(4) نفس المصدر. الحديث 5

(5) أي جملة مستقلة لا ربط لها بالجملة الاولى.

ص: 126

فمر بي أبو الحسن فقال لي: يا هشام ان البيع في الظلال غش و الغش لا يحل (1).

و في رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري طعاما فيكون أحسن له و أنفق له أن يبلّه من غير أن يلتمس زيادته.

فقال: ان كان بيعا لا يصلحه إلا ذلك، و لا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه زيادة: فلا بأس و ان كان انما يغش به المسلمين فلا يصلح (2).

و روايته الاخرى قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عنده لونان من الطعام سعرهما بشيء، و أحدهما أجود من الآخر و يخلطهما جميعا ثم يبيعهما بسعر واحد.

فقال: لا يصلح له أن يغش المسلمين حتى يبينه (3).

و رواية داود بن سرحان قال: كان معي جرابان (4) من مسك أحدهما رطب، و الآخر يابس فبدأت بالرطب فبعته، ثم أخذت اليابس أبيعه فإذا أنا لا اعطى باليابس الثمن الذي يسوى، و لا يزيدوني على ثمن الرطب فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك أ يصلح لي أن أنديه (5)؟

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 208. الحديث 3.

(2) نفس المصدر. الباب 9 من أبواب أحكام العيوب. ص 421 الحديث 3.

(3) نفس المصدر. ص 420-421. الحديث 2.

(4) بكسر الجيم تثنية الجراب بكسر الجيم أيضا: و هو وعاء من إهاب شاة يوعى فيه الحب و الدقيق، و نحوهما.

(5) فعل المتكلم مع الوحدة من باب التفعيل من ندى يندي تندية:

معناه بل الشيء اليابس بالماء. يقال: نديت الشيء أي بللته.

ص: 127

قال: لا، إلا أن تعلمهم.

قال: فنديته، ثم أعلمتهم.

قال: لا بأس (1).

ثم إن ظاهر الأخبار (2): هو كون الغش بما يخفى كمزج اللبن بالماء، و خلط الجيد بالرديء في مثل الدهن.

و منه (3): وضع الحرير في مكان بارد ليكتسب ثقلا، و نحو (4) ذلك.

++++++++++

(1) نفس المصدر ص 421 الحديث 4.

(2) و هي الأخبار المشار إليها في ص 125-128، حيث يدل كلها على أن الغش عبارة عن خلط الصحيح و مزجه بالمعيب المخفي كما في قوله صلى اللّه عليه و آله لبايع الطعام: ما أرى طعامك إلا طيبا، ثم اوحى اللّه إليه أن يدس يده في الطعام ففعل فاخرج طعاما رديا.

فقال لصاحبه: ما اراك إلا و قد جمعت خيانة و غشا للمسلمين.

(3) أي و من مصاديق الغش و أفراده وضع الحرير في مكان بارد ليكتسب ثقلا بواسطة البرودة المؤثرة فيه.

(4) كبل الحطب أو الطعام، أو الفحم، و غير ذلك لترى هذه الأشياء جيدة جديدة، فإن هذه العملية تعد غشا فيكون المبيع من مصاديق الغش و أفراده فتشمله أدلته.

ثم لا يخفى عليك أن (شيخنا الأنصاري) مثل للغش الخفي الذي لا يلتفت إليه، و لا يعلم به إلا البائع بثلاثة أمثلة.

(الأول): مزج اللبن بالماء، فان هذا المزج لا يعلم إلا من قبل البائع فهذا غش.

(الثاني): مزج الردي بالحبة كخلط الدهن النباتي بالدهن الحيواني فإن هذا الخلط لا يعرف إلا من قبل البائع، و هذا أيضا غش.

ص: 128

و أما المزج و الخلط بما لا يخفى فلا يحرم، لعدم انصراف الغش إليه.

و يدل عليه (1) مضافا الى بعض الأخبار المتقدمة: صحيحة ابن مسلم

++++++++++

- الثالث: وضع الحرير في مكان بارد ليكتسب ثقلا بتوسط البرودة المؤثرة في الثقل ليأخذ البائع ثمنا أكثر من المشتري عند الوزن.

و هذا غش لا يعرف إلا من قبل البائع.

و لكن لا يخفى أن مشتري الحرير إن كان من أهل المعرفة بهذه الامور كما هو الحق فبمجرد اللمس و الرؤية يتفطن إلى ثقل الحرير فيعلم أنه وضع في مكان بارد ليكتسب ثقلا فلا يقدم على شرائه في تلك الحالة.

و من المعلوم أن الذي يقدم على شراء مثل هذه الأجناس الظريفة النفيسة الغالية: لا يكون من السذج و البسطاء، حتى لا يميز بين الحرير الثقيل الوزن و خفيفه، فعليه يكون المثال خارجا عن مصاديق الغش بالعيب الخفي الذي لا يعلم الا من قبل البائع.

بخلاف الأولين فإنهما من مصاديق الغش بالعيب الخفي.

(1) أي و يدل على أن الخلط و المزج بالعيب غير الخفي لا يعد غشا و أنه ليس من أفراد الغش و مصاديقه: صحيحة محمد بن مسلم في قوله عليه السلام: اذا رؤيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردي، فإنها صريحة في أن العيب اذا رؤي و كان ظاهرا فلا بأس ببيعه.

و كلمة صحيحة فاعل يدل في قوله: و يدل.

هذا بالإضافة إلى دلالة بعض الأخبار المتقدمة على جواز بيع المعيب الذي لا يكون عيبه مخفيا و مستورا كما في قوله عليه السلام: إن البيع في الظلال غش المشار إليه في ص 126، فان مفهومه أن المبيع المعيب إذا كان عيبه غير خفي لا يكون غشا.

ص: 129

عن أحدهما عليهما السلام: أنه سئل عن الطعام يخلط بعضه ببعض، و بعضه أجود من بعض.

قال: اذا رؤيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الرديء (1).

و مقتضى (2) هذه الرواية، بل رواية الحلبي الثانية، و رواية سعد الاسكاف: أنه لا يشترط في حرمة الغش: كونه مما لا يعرف إلا من قبل البائع، فيجب (3) الأعلام بالعيب غير الخفي،

++++++++++

(1) راجع نفس المصدر. ص 420، الحديث 1.

(2) مبتدأ خبره قوله: إنه لا يشترط، أي مقتضى الرواية المذكورة آنفا و هي صحيحة محمد بن مسلم.

و رواية الحلبي الثانية المشار إليها في ص 127.

و رواية سعد الإسكاف المشار إليها في ص 126: عدم اشتراط حرمة الغش: بكونه لا بد و أن لا يعرفه إلا البائع، أي غير مقيد بهذا القيد فلو كان يعرفه المشتري يحرم الغش أيضا، لكن الحرمة في هذه الصورة من ناحية قصد الغش من قبل البائع، لا من باب أنه غش، لعدم صدق الغش هنا حيث يعلمه المشتري، و قد علمت أن المزج و الخلط بما لا يخفى غير حرام لعدم انصراف الغش إليه كما صرح بذلك في قوله في ص 129: و أما المزج و الخلط بما لا يخفى إلى آخره.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده من عدم تقييد حرمة الغش بكونه لا يعرفه إلا البائع، أي بناء على ما ذكرناه: من عدم الاشتراط فلو كان المشتري عالما بالعيب فيجب على البائع الإعلام بالعيب غير الخفي أيضا.

و لا يخفى أن الحكم بوجوب الإعلام بالعيب غير الخفي مناف لما أفاده آنفا: من عدم حرمة الخلط و المزج بما لا يخفى مستدلا على ذلك بعدم انصراف الغش إليه، و بصحيحة محمد بن مسلم، فعليه يلزم التناقض و التهافت فدرأ للتناقض يحمل كلامه على ما إذا تعمد البائع الغش و التدليس -

ص: 130

إلا (1) أن تنزل الحرمة في موارد الروايات الثلاث: على ما اذا تعمد الغش برجاء التلبيس على المشتري، و عدم التفطن له و ان كان من شأن ذلك العيب ان يتفطن له، فلا تدل الروايات على وجوب الاعلام اذا كان العيب من شأنه التفطن له فقصّر المشتري، و سامح في الملاحظة.

ثم إن غش المسلم إنما هو ببيع المغشوش عليه مع جهله، فلا فرق

++++++++++

- برجاء عدم التفات المشتري بذلك، لتقصيره في الفحص و التجسس.

و الدليل على ذلك: استثناء الشيخ من هذا الوجوب في قوله:

إلا أن تنزل الحرمة في موارد الروايات الثلاث على صورة تعمد المشتري.

(1) أي إلا أن تحمل الحرمة الواردة في الروايات الثلاث: و هي صحيحة محمد بن مسلم، و رواية الحلبي الثانية، و رواية سعد الاسكاف استثناء عما أفاده من وجوب الإعلام في العيب غير الخفي كما عرفت آنفا.

ثم لا يخفى عليك أنه تحصل من مجموع ما أفاده الشيخ في مسألة الغش أن للخلط و المزج صورا ثلاثة:

(الأولى): الخلط و المزج بشيء لا يمكن للمشتري الوقوف عليه أبدا كخلط الذهب بمادة صفرية، أو الفضة بمادة رصاصية.

أو خلط الدهن الحيواني بالدهن النباتي.

أو خلط الابريسم الطبيعي بالابريسم الصناعي.

أو خلط اللبن بالماء.

و يعبر عن هذا الخلط بالخلط المخفي.

لا شك في حرمة هذا الخلط، لكونه غشا و من أقوى مصاديقه و أفراده فتشمله أدلة حرمة الغش المتقدمة فيجب على البائع الإعلام به و لو باعه بدون الاعلام فسد البيع و لم يملك البائع الثمن، و لا المشتري المثمن.

و الى هذا الفساد و الحرمة الذين هما: الحرمة الوضعية و الحرمة التكليفية أشار الشيخ بقوله في ص 128: ثم ظاهر الأخبار هو كون الغش بما يخفى -

ص: 131

..........

++++++++++

(الثانية): الخلط و المزج بشيء غير خفي على المشتري، بل العيب فيه ظاهر و بيّن كخلط الجيد بالرديء كما في خلط الحنطة الشمالية بالحنطة الجنوبية.

و يعبر عن هذا الخلط بالخلط غير الخفي.

لا شك في عدم حرمة هذه المعاوضة، و عدم فسادها، لعدم صدق الغش عليه، لخروجه عنه موضوعا و حكما، فلا تشمله الأدلة المتقدمة فلا يجب على البائع الإعلام.

و الى هذا أشار الشيخ بقوله في ص 129: و أما الخلط و المزج بما لا يخفى فلا يحرم لعدم انصراف الغش إليه.

(الثالثة): الخلط بشيء غير خفي على المشتري.

لكن الالتفات إليه لا يمكن إلا بالدقة و الفحص و التجسس.

فقد أفاد الشيخ بوجوب الاعلام على البائع في هذه الصورة بقوله في ص 130: إنه لا يشترط في حرمة الغش: كونه مما لا يعرف إلا من قبل البائع فيجب الاعلام بالعيب غير الخفي.

و قد عرفت الاشكال فيما أفاده بقولنا في ص 130: ثم لا يخفى أن الحكم بوجوب الاعلام.

ثم لا يخفى عليك أنه لا يستفاد من الأخبار المتقدمة الواردة في حرمة الغش: اختصاص الحرمة بالمشتري المسلم، فعليه لو كان المشتري غير مسلم يحرم الغش في حقه أيضا.

و لدليل على ذلك قوله عليه السلام في مرسلة هشام المشار إليها في ص 126 إياك و الغش، فان من غش غشّ في ماله.

و قوله عليه السلام: من غش الناس فليس بمسلم المشار إليه في ص 125 -

ص: 132

بين كون الاغتشاش بفعله، أو بغيره، فلو حصل اتفاقا، أو لغرض وجب الاعلام بالعيب الخفي.

و يمكن (1) أن يمنع صدق الأخبار المذكورة إلا على ما اذا قصد التلبيس.

و أما ما هو ملتبس في نفسه (2) فلا يجب عليه الاعلام.

++++++++++

- فان المرسلة، و الحديث ليس فيهما كلمة مسلم حتى تختص الحرمة بالمسلم فقط.

نعم في بعض الأخبار المتقدمة الواردة في المقام كلمة مسلم في قوله صلى اللّه عليه و آله في ص 125: ليس منا من غش مسلما.

لكن مع وجود الحديثين المذكورين لا مجال للاختصاص.

(1) كأنما هذا عدول عما أفاده من وجوب الإعلام على البائع في العيب الخفي إذا حصل اتفاقا، أو لغرض عقلائي صحيح.

و حاصل العدول: أن الأخبار المذكورة في الغش إنما تدل على وجوب الإعلام في العيب الخفي إذا كان من قصد البائع التلبيس و الإخفاء على المشتري

و أما إذا كان العيب ملتبسا فيه من بادئ الأمر و لم يكن من فعل البائع أبدا، و ليس من قصده التلبيس فلا يجب عليه الإعلام، لعدم شمول الأخبار المذكورة مثل هذا الفرد من العيب الخفي، حيث عرفت أن قصد التلبيس مأخوذ في مفهوم الغش.

لكن الإنصاف أن سكوت البائع مع علمه بما هو ملتبس في نفسه و جهل المشتري بذلك: يعد من موارد الغش عرفا فيجب الاعلام و ان لم يكن البائع قاصدا التلبيس.

(2) أي من غير فعل البائع و قصده كما عرفت آنفا.

ص: 133

نعم يحرم عليه (1) إظهار ما يدل على سلامته من ذلك، فالعبرة (2) في الحرمة بقصد تلبيس الأمر على المشتري، سواء أ كان العيب خفيا أم جليا كما تقدم (3)، لا بكتمان (4) العيب مطلقا، أو (5) خصوص الخفي و ان لم يقصد التلبيس.

++++++++++

(1) أي يحرم على البائع في هذه الحالة: اظهار ما يدل على سلامة المبيع فقط، و أما وجوب الاعلام فلا.

و مرجع الضمير في سلامته: المبيع المشتمل على العيب الخفي الذي ليس من قبل البائع، و لا من قصده التلبيس.

و مرجع اسم الاشارة: العيب.

(2) أي الاعتبار في حرمة الغش دائر مدار قصد التلبيس من قبل البائع، فإن قصد التلبيس صدق الغش المحرم، و ان لم يقصد فلا حرمة في البين.

(3) في ص 131 في قوله: فلا تدل الروايات على وجوب الإعلام اذا كان العيب من شأنه التفطن له.

(4) أي لا يكون الاعتبار و الملاك في حرمة الغش: كتمان العيب على المشتري مطلقا حتى في صورة عدم قصد البائع تلبيس الأمر على المشتري.

بل الملاك في حرمة الغش هو قصد تلبيس الأمر، و إخفاء العيب على المشتري. فيكون الغش مقيدا بهذا القيد فتنتفي الحرمة عند انتفاء قصد الغش، و تثبت عند وجوده.

(5) أي و ليس الاعتبار و الملاك في حرمة الغش أيضا خصوص العيب المخفي و ان لم يقصد البائع تلبيس الأمر، و إخفاء العيب على المشتري بل الملاك و الاعتبار في الحرمة: هو قصد البائع الغش، و تلبيس الأمر سواء أ كان العيب خفيا أم جليا.

ص: 134

و من هنا (1) منع في التذكرة: من كون بيع المعيب مطلقا مع عدم الاعلام بالعيب غشا.

و في التفصيل (2) المذكور في رواية الحلبي اشارة الى هذا المعنى حيث إنه عليه السلام جوّز بلّ الطعام بدون قيد الاعلام اذا لم يقصد به (3) الزيادة و ان حصلت به، و حرّمه مع قصد الغش.

++++++++++

(1) أي و من أجل أن قصد تلبيس الأمر على المشتري، و إخفاء العيب عليه مأخوذ في مفهوم حرمة الغش: منع العلامة قدس اللّه نفسه صدق الغش على المعيب لو لم يعلم به البائع و لم يكن من قصده الغش و تلبيس الأمر على المشتري، و إخفاء العيب عليه.

(2) و هو جواز بل الطعام اذا لم يقصد البائع به الزيادة.

و عدم جواز بل الطعام مع قصد الغش في قوله عليه السلام في ص 127:

إن كان بيعا لا يصلحه الا ذلك، و لا ينفقه غيره، من غير أن يلتمس فيه زيادة فلا بأس.

و ان كان إنما يغش به المسلمين فلا يصلح: اشارة إلى أن قصد التلبيس، و اخفاء الأمر على المشتري معتبر في حرمة الغش، فان وجد صدق الغش، و إلا فلا.

(3) مرجع الضمير في به في الموضعين: البل.

و كلمة إن في قوله: و ان حصلت وصلية.

و المعنى: أنه يجوز بل الطعام و ان حصلت الزيادة بسبب البل و لا يحتاج الى الاعلام اذا لم يكن قصد البائع من البل الزيادة.

و أما إذا قصد ذلك فلا ريب في حرمته.

فالحاصل أن جواز البل و حرمته دائران مدار قصد الزيادة، و عدم القصد، فإن قصدت حرم، و الا فلا.

ص: 135

نعم يمكن أن يقال في صورة تعيب المبيع بخروجه عن مقتضى خلقته الأصلية بعيب خفي أو جلي: أن التزام البائع بسلامته عن العيب مع علمه به غش للمشتري كما لو صرح باشتراط السلامة، فان العرف يحكمون على البائع بهذا الشرط، مع علمه بالعيب: أنه غاش (1).

ثم إن الغش (2) يكون باخفاء الأدنى في الأعلى

++++++++++

(1) جملة: أنه غاش منصوبة محلا على أنه مفعول لقوله: يحكمون أي يحكمون العرف أن هذا البائع غاش.

(2) يروم الشيخ أن يجعل الغش مقسما و يرتب عليه الأقسام الأربعة المذكورة في قوله: ثم إن الغش.

و الأقسام الأربعة كما يلي:

(الأول): إخفاء الأدنى في الأعلى كمزج الجيد مع الردي كما في رواية سعد الإسكاف.

(الثاني): اخفاء غير المقصود في المقصود كادخال الماء الذي هو غير مقصود في اللبن الذي هو المقصود من البيع.

(الثالث): اظهار صفة جيدة في المبيع و هو غير موجودة فيه كبيع الحنطة الجنوبية باسم الحنطة الشمالية المطلوبة في المجتمع.

أو بيع الرز النعيمة باسم الرز العنبر.

و يسمى هذا القسم بالتدليس.

(الرابع): اظهار المبيع على غير جنسه كبيع المموه على أنه ذهب أو فضة.

أو بيع الدينار باسم الدينار الذهبي و هو ليس بذهب.

هذه هي الأقسام الأربعة المذكورة في كلام الشيخ.

ص: 136

كمزج (1) الجيد بالردي.

أو (2) غير المراد في المراد كادخال الماء في اللبن.

أو (3) باظهار الصفة الجيدة المفقودة واقعا و هو التدليس.

أو (4) باظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المموه على أنه ذهب أو فضة.

ثم إن في جامع المقاصد ذكر في الغش بما يخفى بعد تمثيله له بمزج اللبن بالماء: وجهين (5) في صحة المعاملة و فسادها:

من (6) حيث إن المحرم هو الغش، و المبيع عين مملوكة ينتفع بها.

++++++++++

أما حكمها من حيث الحلية و الفساد فالقسم الأول و الثاني و الثالث تصح المعاوضة عليها.

و أما الرابع فلا تصح المعاوضة عليه، و إن وقعت فهي فاسدة، لأن ما وقع العقد عليه و هو الدينار الغير الذهبي لم يقصد، و ما قصد و هو العقد على الدينار الذهبي لم يقع.

هذه هي الأقسام الأربعة للغش.

(1) هذا هو القسم الأول من الأقسام الأربعة.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) هذا هو القسم الثالث.

(4) هذا هو القسم الرابع.

(5) مفعول ذكر أي ذكر صاحب جامع المقاصد وجهين للمعاوضة المغشوشة بما يخفى: أحدهما الصحة. ثانيهما الفساد.

(6) دليل لصحة المعاوضة المغشوشة بما يخفى.

و خلاصته: أن حرمة الغش في هذه الصورة تكليفية، لا وضعية حتى تفسد المعاوضة و لا يملك المتعاملان ما دفعه الى الآخر.

ص: 137

و من (1) أن المقصود بالبيع هو اللبن، و الجاري عليه العقد هو المشوب.

ثم قال (2) و في الذكرى في باب الجماعة ما حاصله: أنه (3) لو نوى الاقتداء بامام معين على أنه زيد فبان عمرا (4):

++++++++++

و لا شك أن القدر المتيقن من الحرمة: هي الحرمة التكليفية، لا الوضعية.

ثم إن العين المغشوشة باقية على ملك صاحبها و قابلة للنفع و الانتفاع بها و لم تسقط عن الملكية بسبب الغش العارض عليها.

(1) دليل لفساد المعاوضة المغشوشة بما يخفى.

و خلاصته: أن المقصود الاولي الذاتي في البيع هو اللبن الخالص من كل شائبة و هو لم يقع، و الذي وقع و هو اللبن المشوب بالماء لم يكن مقصود المتعاملين فيلزم حينئذ أن ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد و الحال أن العقود تابعة للقصود فالمعاوضة باطلة، لأنها لم تكن بإزاء الشيء المتسالم عليه من الطرفين.

(2) أي قال (المحقق الثاني في جامع المقاصد): إن (الشهيد الأول) قال في (الذكرى) فجملة و في الذكرى مقول قول المحقق الثاني.

(3) هذه الجملة: أنه لو نوى الاقتداء بامام معين على أنه زيد فبان عمرا: حاصل قول الشهيد الأول في الذكرى.

(4) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا الخطية و المطبوعة فبان عمرا بالنصب إلا في نسخة (طاهر خوشنويس) المطبوعة في (تبريز) عام 1387: بالرفع.

و الصحيح النصب، لعدم دليل صحيح على الرفع، حيث إن الفاعل في بان مستتر يرجع الى زيد في قوله: فنوى الاقتداء بامام معين على أنه زيد أي فظهر أن المقتدى به الذي هو زيد كان عمرا.

لكن يبقى الكلام في نصب عمرا فنقول: نصبه إما على التمييز -

ص: 138

أن في (1) الحكم نظرا.

و مثله (2) ما لو قال: بعتك هذا الفرس فاذا هو حمار

و جعل (3) منشأ التردد تغليب الاشارة

++++++++++

- أو على الحالية، أو على تقدير كان بناء على أنه خبر له، أي كان المقتدى به عمرا.

(أما الأول) فمشكل، لأن التمييز لا بدّ أن يكون نكرة، و عمرو معرفة فلا يصح وقوعه تمييزا.

(و أما الثاني) فمشكل أيضا، لأن شرط الحال أن تكون نكرة و مشتقة و هنا لا يوجد الشرطان، لأن عمرا معرفة و جامد، و ان أمكن تأويله إلى المشتق كما في قولك: اجتهد وحدك، أي منفردا.

لكن التأويل المذكور لا يتأتى في عمرو فتعين الثالث و هو تقدير كان و القرينة على ذلك هو نصب كلمة عمرا كما علمت عند قولنا: فظهر أن المقتدى به كان عمرا.

(1) هذه الجملة: (إن في الحكم نظرا) مقول قول (الشهيد الأول) في الذكرى.

و المعنى: أن في صحة صلاة من اقتدى بزيد ثم ظهر أنه عمرو و في بطلانها نظرا و اشكالا يأتي وجه النظر في الهامش 3.

(2) أي و مثل الاقتداء بزيد ثم ظهر أنه عمرو في الصحة و الفساد:

قول القائل: بعتك هذا الفرس ثم ظهر أنه حمار، فانه يأتي فيه كلا الوجهين: الصحة و الفساد.

(3) اى جعل صاحب المقاصد هذا منشأ النظر و الإشكال في الاقتداء بزيد ثم بان أنه عمرو.

و في بيع الفرس ثم بان أنه حمار: أي جعل صاحب جامع المقاصد -

ص: 139

..........

++++++++++

- و خلاصة النظر و الإشكال: أن لنا في مثل هذه المقامات: أمرين الإشارة. و الوصف.

فان غلبنا جانب الإشارة على الوصف في الاقتداء بهذا الامام المعين:

بأن نوى الاقتداء بالشخص الموجود بتخيل أنه زيد، ثم بان أنه عمرو صحت الصلاة، لأن الاقتداء وقع على شخص الحاضر، سواء أ كان زيدا أم عمرا.

و إن غلبنا جانب الوصف على الإشارة: بأن نوى الاقتداء بشخص زيد المرتكز في ذهنه فاشار حين الاقتداء إلى ذلك المرتكز في ذهنه الموصوف بكونه زيدا: بطلت الصلاة و وجب الإعادة، لأن الوصف مأخوذ في الاقتداء حين الصلاة.

هذا كله في الصلاة.

و أما في البيع فكذلك.

فإن غلبنا جانب الإشارة على الوصف في بيع الفرس بهذا المبيع الموجود بتخيل أنه فرس ثم بان أنه حمار صحت المعاوضة، لأن البيع وقع على شخص المبيع الموجود، سواء أ كان فرسا أم حمارا.

و إن غلبنا جانب الوصف على الإشارة: بأن قصد المشتري الشراء على شخص الفرس المرتكز في ذهنه فأشار حين البيع الى ذلك المرتكز الموصوف بكونه فرسا: بطلت المعاوضة، لأن المشتري قصد من الشراء كلي الفرس الذي ينطبق على هذا الفرد المرتكز في ذهنه فالإشارة وقعت على العنوان الذي هو كلي الفرس.

ثم لا يخفى عليك أن التردد و النظر كلمتان تستعملان عند الفقهاء في مقام التوقف من الفتوى إذا لم يكن هناك ترجيح لاحدهما بالنسبة -

ص: 140

أو الوصف. انتهى (1).

و ما ذكره (2) من وجهي الصحة و الفساد جار في مطلق العيب لأن المقصود (3) هو الصحيح، و الجاري عليه العقد هو المعيب.

و جعله (4) من باب تعارض الاشارة و الوصف مبني على إرادة الصحيح من عنوان المبيع فيكون قوله: بعتك هذا العبد بعد تبين كونه

++++++++++

الى الآخر كما إذا كان للمسألة وجهان أى دليلان لكل من الصحة و الفساد فيقال في المسألة تردد، أو نظر.

(1) أي ما أفاده صاحب (جامع المقاصد) نقلا عن (الشهيد الأول) في الذكرى.

(2) أي ما ذكره (المحقق الثاني) من وجهي الصحة و الفساد في ص 137-138 قوله: من حيث إن المحرم هو الغش و المبيع عين مملوكة ينتفع بها، و من أن المقصود بالبيع هو اللبن الجاري عليه العقد هو المشوب: جار في مطلق العيب و في كل بيع، و لا اختصاص له بهذا العيب، و لا بهذا البيع.

(3) أي المقصود الأولي العقلائي في جميع البيوع و المعاوضات: هي المعاوضات الصحيحة التي يترتب عليها النقل و الانتقال، و فيما نحن فيه يلزم خلاف ذلك، لأن ما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع كما عرفت.

(4) مصدر مضاف الى المفعول، و الفاعل و هو (الشهيد الأول) محذوف، و المصدر مرفوع على الابتداء، و خبره قوله: مبني.

و مرجع الضمير في و جعله: إما منشأ التردد، و إما بيع اللبن الممزوج بالماء.

و المعنى: أن جعل (الشهيد الأول) منشأ التردد في الذكرى، أو جعله بيع اللبن الممزوج من باب تعارض الاشارة و الوصف: مبني على إرادة العقود و الايقاعات الصحيحة من جميع عناوين المبيع، أي يراد من كل

ص: 141

..........

++++++++++

- بيع. يقع في الخارج: هو المبيع الصحيح.

بيان ذلك: أن عنوان المبيع أى شيء كان: هو ما ينطبق على المبيع الصحيح بماله من الأجزاء و الشرائط.

خذ لذلك مثالا: إن الكتاب، و القلم، و القرطاس، و اللباس و الدار، و الأثاث، و الأنعام، و الحبوبات، و الفواكه، و الخضروات و الألبان، و اللحوم، و البساط و أدوات العمل، و الماكينات و ما شاكل هذه الأشياء كلها ذوات عناوين تنطبق على معنوناتها الصحيحة و المعيبة.

يقال: كتاب صحيح، كتاب معيب، أي ممزق، أو ردي الطبع أو ردي الورق، أو ردي التجليد غير مطابق للذوق و الفن.

و هكذا يقال: حبوب جيدة، حبوب رديئة، أو فاكهة جيدة أو رديئة.

فهذه الأوصاف تصدق على الأعيان الخارجية في غير موارد المعاوضة من دون شبهة.

أما في المعاوضات و البيوعات فلا يعلم الأمر هل هو كذلك، اى العناوين المذكورة تنطبق على الاعم من الصحيحة و الفاسدة. أو على خصوص الصحيحة؟

فجعل الصحة و الفساد في الفرض المذكور من باب تعارض الاشارة و الوصف مبني على إرادة الصحيح من المعنونات المذكورة فقط، دون الاعم من الصحيح و الفاسد في المبيع.

بعبارة أخرى: أن تعارض الاشارة و الوصف لا يمكن أن يصار إليه إلا إذا قلنا: إن المعاوضة إنما يقصد من عنوانه: الصحيح فقط مثلا -

ص: 142

أعمى بمنزلة قوله: بعتك هذا البصير (1).

و أنت خبير بأنه ليس الأمر كذلك (2) كما سيجيء في باب العيب.

++++++++++

إذا قيل: بعتك هذا الشيء يراد منه: العنوان الصحيح عند الاطلاق.

فلو فرض أن الشيء في الواقع و نفس الأمر معيب فالاشارة انما وقعت على المعيب في قول البائع: بعتك هذا الشيء.

و المفروض أن المراد من عنوان المبيع هو الصحيح فوق التعارض بين الإشارة و الوصف الذي هو العنوان.

فإن قدمنا جانب الإشارة حكمنا بصحة البيع، لأن الشيء المشار إليه هو المبيع، و الايجاب و القبول وقعا على هذا المبيع بعينه بتوسط الاشارة.

و إن رجحنا جانب الوصف الذي هو العنوان المتبادر منه الصحيح حكمنا ببطلان البيع، و فساد المعاوضة، لأن العنوان لا يتبادر منه عند البيع إلا الصحيح فما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع.

(1) و هو الأعمى.

(2) أي لا يتبادر الصحيح من عنوان المبيع في جميع معاملاتهم و معاوضاتهم حتى يكون المقام داخلا في تعارض الاشارة و العنوان حتى يقال بتغليب أحدهما على الآخر فلو غلبنا جانب الاشارة صحت المعاوضة.

و لو غلبنا جانب الوصف فسدت المعاوضة كما سيجيء البحث عن هذا في باب العيب: من أن إرادة الصحيح لا تكون جزء مقوما في المبيع حتى يدل البيع على فساد المبيع لو ظهر خلافه.

بل وصف الصحة في البيع مأخوذ على نحو الشرطية أي شرط ضمني في العقد و إن لم يصرح به، فما وقع عليه التعامل و التعاوض يبقى على عنوانه الأعم: من الصحيح و الفاسد فلا تكون المعاوضة باطلة و فاسدة.

نعم تكون موجبة للخيار عند تبين خلافه، فللمشتري إما رفع اليد عن المعاوضة. أو إبقاؤها.

ص: 143

بل وصف الصحة ملحوظ على وجه الشرطية، و عدم (1) كونه مقوما للمبيع كما يشهد به العرف و الشرع (2).

ثم (3) لو فرض كون المراد من عنوان المشار إليه هو الصحيح

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور باء الجارة في قوله: بأنه ليس الأمر كذلك، أي و أنت خبير أيضا بعدم كون وصف الصحة مقوما للمبيع بحيث أخذ فيه على نحو الجزئية كما عرفت آنفا عند قولنا: في الهامش 2 ص 143 لا تكون جزء مقوما في المبيع، لشهادة العرف و الشرع بذلك.

(2) أما شهادة العرف فواضح، لصحة إطلاق العنوان على المعنون صحيحا، كان أو معيبا، أو أعم منهما.

و أما شهادة الشرع فأخبار خيار العيب في المقام كافية كما يأتي التصريح بها إن شاء اللّه في بابه، فلو كانت الصحة مأخوذة في العنوان على نحو الجزئية، و أنها مقومة لها لما كان للخيار عند ظهور الخلاف وجه في الأخبار الواردة فيه.

(3) هذا تنازل من الشيخ عما أفاده آنفا: من أنه لا يكون الصحيح مرادا في عنوان البيع، و مقوما له على نحو الجزئية.

و خلاصة التنازل: أنه لو فرضنا ذلك و سلمنا أن الصحيح هو المراد في البيع ليس الا، بناء على أن الصحة مقومة في المبيع: لم يكن منع و اشكال في تقديم جانب العنوان: و هو الوصف على الاشارة، فلو ظهر الخلاف فسد البيع.

لكن لا من باب تعارض الوصف و الاشارة هنا، بل من باب أن البائع قصد الوصف و هو بيع الفرس خاصة بما أنه فرس، دون الاشارة فيلزم ما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع، لأن (المحقق الثاني) رحمه اللّه بعد أن فرض أن المقصود الأولي الأصلي من المبيع هو البيع الصحيح و هو -

ص: 144

لم يكن اشكال في تقديم العنوان على الاشارة بعد ما فرض رحمه اللّه أن المقصود بالبيع هو اللبن، و الجاري عليه العقد هو المشوب، لأن ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، و لذا (1) اتفقوا على بطلان الصرف فيما اذا تبين أحد العوضين معيبا من غير الجنس.

و أما (2) التردد في مسألة تعارض الاشارة و العنوان: فهو (3) من جهة

++++++++++

- اللبن الخالص من الماء فقد وقع العقد في فرضه على هذا الفرد المرتكز في الذهن، فلو لم يقع الفرد المرتكز لزم المحذور المذكور: و هو ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

(1) أي و لأجل تقديم العنوان الذي هو الوصف على الاشارة فيما كان المراد من عنوان المشار إليه هو الصحيح: اتفق الفقهاء على بطلان بيع الصرف لو تبين أن أحد العوضين معيب و مزور، و أنه من غير جنس النقود المضروبة كما لو كان احدهما ذهبا، و الآخر نحاسا، لأن الصحة جزء مقوم للمبيع فيلزم: ما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع.

(2) دفع و هم: حاصل الوهم: أنه لو فرض عدم الاشكال في تقديم العنوان على الاشارة فيما لو أريد الصحيح من البيع، و فرض أن المراد من عنوان المشار إليه هو الصحيح في العقود و الايقاعات الخارجية فلما ذا يقع التعارض بين الاشارة و الوصف حينئذ؟

(3) هذا جواب عن الوهم المذكور:

و حاصل الجواب: أن التعارض المذكور لو سلم إنما هو لأجل اشتباه المقصود الأولي بالذات من البيع، أو الاقتداء بزيد، حيث لا يدرى مقصود البائع، أو المقتدي.

و منشأ هذا الاشتباه: هي الدلالة اللفظية في قولك: بعتك هذا الكتاب، أو اقتديت بهذا الامام، فإن هذه الدلالة مرددة بين كون متعلق -

ص: 145

اشتباه ما هو المقصود بالذات بحسب الدلالة اللفظية، فإنها (1) مرددة بين كون متعلق العقد أولا و بالذات هي العين الحاضرة، و يكون اتصافه (2) بالعنوان مبنيا على الاعتقاد.

و كون متعلقه (3) هو العنوان و الاشارة إليه باعتبار حضوره.

++++++++++

- العقد الصادر من البائع هي العين الحاضرة فقط، سواء أ كانت كتابا أم ثوبا حتى يكون المبيع مجردا عن اتصافه بالعنوان الذي هو الكتاب بعينه و إنما اتصف بالعنوان لكون البائع معتقدا ذلك فحينئذ اذا تبين خلافه و ظهر أن المبيع ثوب صح العقد، لتعلقه بالعين الحاضرة مجردة عن اتصافه بالعنوان.

و هكذا في الاقتداء، فإن قولك: اقتديت بهذا الامام مردد بين كون متعلق الاقتداء الواقع من المقتدي هو الشخص الحاضر، سواء أ كان زيدا أم عمرا حتى يكون الاقتداء مجردا عن اتصافه بالعنوان الذي هو زيد بالخصوص و إنما اتصف بالعنوان بناء على اعتقاد المصلي أنه زيد، فحينئذ لو ظهر خلافه و أن المقتدى به عمرو لا زيد صحت صلاته.

(1) أي الدلالة اللفظية كما عرفت في الهامش 3. ص 145.

(2) أي اتصاف متعلق العقد، أو الاقتداء بالعنوان.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه و هي كلمة (بين) في قوله:

بين كون متعلق العقد.

هذا هو الشق الثاني لتردد الدلالة اللفظية، إذ شقه الأول: هو كون متعلق العقد الصادر من البائع هي العين الحاضرة، أي أن الدلالة اللفظية مرددة بين كون متعلق العقد الصادر من البائع هو شخص العنوان الذي هو الكتاب بعينه و الاشارة إليه في قول البائع: بعتك هذا الكتاب باعتبار حضوره أي باعتبار حضور المبيع، فهو قد قصد شخص الكتاب الذي -

ص: 146

أما على تقدير العلم بما هو المقصود بالذات، و مغايرته للموجود الخارجي كما فيما نحن فيه: فلا يتردد أحد في البطلان (1).

++++++++++

- هو العنوان بذاته، لا مجردا عن العنوان فيكون المبيع باطلا عند ظهور خلافه لو تبين أنه ثوب.

و هكذا في الصلاة، فان الدلالة اللفظية في قولك: اقتديت بهذا الامام مرددة بين قصد المقتدى به و هو شخص زيد لا غير المعبر عنه بالعنوان و الاشارة إليه باعتبار حضور شخص زيد، فالمقصود الأولي و بالذات هو شخص زيد فلو تبين خلافه و ظهر أن المقتدى به هو عمرو بطلت الصلاة لكونه ناويا شخص زيد لا غير.

فخلاصة الكلام: أن منشأ التعارض بين الاشارة و الوصف هي الدلالة اللفظية المرددة بين هذا، و ذاك فهو المنشأ لهذا التعارض لا غير لجهلنا بالمقصود الأولي و بالذات من متعلق العقد و القصد في البيع و الاقتداء و لو لا الجهل لم يكن أي تعارض بينهما.

الى هنا كان كلامنا في صورة الجهل و الاشتباه بالمقصود الأولي الذاتي.

و أما في صورة العلم بالمقصود الأولي الذاتي كما نبه عليه الشيخ بقوله:

أما على تقدير العلم بما هو المقصود بالذات:

فخلاصته: أنه في صورة العلم بمقصود البائع من المبيع، و بمقصود المقتدي من الاقتداء لو تبين مغايرة المقصود مع الموجود الخارجي فلا شك في بطلان المعاوضة، و بطلان الصلاة فيما نحن فيه و هي مسألة الاقتداء بزيد لو تبين أن المقتدى به عمرو، و مسألة بيع الفرس لو ظهر أنه حمار، لأن ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

(1) أي في بطلان العقد، و بطلان الاقتداء كما عرفت آنفا.

ص: 147

و أما وجه تشبيه مسألة الاقتداء (1) في الذكرى بما يتعارض فيه الاشارة و الوصف في الكلام مع عدم الاجمال في النية فباعتبار (2)

++++++++++

(1) مقصوده: أنه حينما يشبه شيء بشيء آخر لا بدّ لهذا التشبيه من قدر جامع بينهما و هو المعبر عنه (بوجه الشبه) حتى يصح التشبيه و إلا يكن هناك قدر جامع لا يصح التشبيه.

خذ لذلك مثالا.

لو أردنا أن نشبه زيدا بالأسد في الشجاعة و الفروسة و قلنا: زيد كالأسد فلا بد هناك من قدر جامع بين زيد و الأسد حتى يصح تشبيهه به و ذاك القدر الجامع هي الشجاعة، فلو كان زيد خاليا عنها لما صح التشبيه

و فيما نحن فيه لما شبهت مسألة الاقتداء بمسألة تعارض الاشارة و الوصف كبيع الفرس ثم ظهر أنه حمار: فلا بد له من قدر جامع بينهما حتى يصح تشبيه أحدهما بالآخر مع أنه لا اجمال في النية أبدا، لاعتقاد المقتدي أن الامام زيد فنوى الاقتداء به فظهر بعد الصلاة أنه عمرو فكيف تشبه هذه المسألة بمسألة تعارض فيها الاشارة و الوصف، حيث إنه لا بدّ أن يكون فيها اجمال و ترديد من حيث المتعلق حتى يصدق التعارض و قد عرفت أن ما نحن فيه ليس فيه اجمال و ترديد.

(2) جواب لوجود وجه الشبهة بين مسألة الاقتداء، و مسألة تعارض الاشارة و الوصف: و هو بيع الفرس.

و خلاصة الجواب: أن وجه الشبه بينهما موجود: و هو عروض الاشتباه للناوي بعد الصلاة و ان لم يكن هناك اجمال في النية حين الاقتداء و هذا القدر كاف في وجه التشبيه و القدر الجامع بين المسألتين.

و لا يخفى عليك أن (الشهيد الأول) قدس سره في الذكرى شبه مسألة بيع الفرس بمسألة الاقتداء بزيد في قوله: و مثله ما لو قال: بعتك -

ص: 148

عروض الاشتباه للناوي بعد ذلك (1) فيما نواه، اذ (2) كثيرا ما يشتبه

++++++++++

- هذا الفرس فاذا هو حمار، فالمشبه به هو الاقتداء، و المشبه هي مسألة بيع الفرس.

فكيف أفاد الشيخ: و أما وجه تشبيه مسألة الاقتداء في الذكرى بما يتعارض فيه الاشارة و الوصف؟

فهذا يكون من باب عكس التشبيه كما يقال: الاسد زيد.

و لا يخفى ما في المثال من البداعة و اللطافة، حيث شبه تبين الحمار بتبين إمام الجماعة لو كان زيدا.

و المراد من قوله: في الكلام المقام أي في هذا المقام.

و جملة: مع عدم الاجمال في النية منصوبة محلا على الحالية أي و الحال أنه لا اجمال في النية. و قد عرفت كيفية عدم الاجمال آنفا مع جوابها.

(1) أي بعد الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) تعليل لعروض الاشتباه للناوي بعد الصلاة.

و خلاصة التعليل: أن المأموم تارة يخطر بباله و في ذهنه الصفات المميزة للامام من الاسم، أو الوصف، أو النسب فنوى الاقتداء به مقيدا بتلك الصفات و المميزات معتقدا حضوره المعتبر في امام الجماعة فيكون الامام المقتدى به هو المعنون بذلك العنوان: و هي الصفات المذكورة من الاسم أو الوصف، أو النسب، فلو ظهر الخلاف بعد ذلك بطلت صلاته لكون المأموم ناويا شخصا معينا هكذا صفاته.

أو خطر بباله أنه نوى الاقتداء بالشخص الحاضر مجردا عن اتصافه بالعنوان الذي هو زيد لا غير، و انما عنونه بذلك العنوان و هي الصفات المذكورة من الاسم، أو الوصف، أو النسب بناء على اعتقاد المصلي أنه زيد و قد أحرز عدالته فيه فحينئذ لو ظهر الخلاف بعد ذلك لم تبطل صلاته.

ص: 149

على الناوي أنه خطر في ذهنه العنوان (1)، و نوى الاقتداء به، معتقدا لحضوره (2) المعتبر في امام الجماعة فيكون الامام هو المعنون بذلك العنوان (3) و إنما اشار إليه معتقدا لحضوره.

أو (4) أنه نوى الاقتداء بالحاضر و عنونه بذلك العنوان (5) لإحراز معرفته بالعدالة، أو تعنون (6) به بمقتضى الاعتقاد (7) من دون اختيار هذا (8).

ثم إنه قد يستدل على الفساد (9) كما نسب الى المحقق الاردبيلي رحمه اللّه: بورود (10) النهي عن هذا البيع فيكون المغشوش منهيا عن بيعه كما اشير إليه في رواية قطع الدينار، و الأمر بإلقائه في البالوعة، معللا

++++++++++

(1) و هي الصفات المذكورة: من الاسم، أو الوصف، أو النسب كما عرفت آنفا.

(2) أي لحضور الامام في ذهنه كما عرفت آنفا.

(3) و هي الصفات و المميزات المذكورة كما عرفتها آنفا.

(4) هذا هو الشق الثاني لعروض الاشتباه للناوي، إذ شقه الأول قوله: و نوى الاقتداء به معتقدا لحضوره، و قد عرفت الشق الثاني بقولنا: أو خطر.

(5) و هي الصفات المذكورة آنفا.

(6) أي الامام المقتدى به تعنون بذلك العنوان الذي هي الصفات المذكورة آنفا.

(7) أي اعتقاد المأموم الذي اقتدى بالامام

(8) أي من دون اختيار هذا الامام المعين.

(9) أي فساد مطلق المعاملة المغشوشة من هنا عود على بدء.

(10) من هنا استدلال (المحقق الاردبيلي) على فساد مطلق المعاوضة المغشوشة.

ص: 150

بقوله: حتى لا يباع بشيء، و لأن نفس البيع غش منهي عنه.

و فيه (1) نظر، فان (2) النهي عن البيع لكونه مصداقا لمحرم هو

++++++++++

- و قد استدل على ذلك بأمرين:

(الاول): ورود النهي الخاص عن البيع المغشوش، و أيد هذا النهي بأمر الامام عليه السلام قطع الدينار المزيف بنصفين، و القائه في البالوعة و تعليله عليه السلام ذلك بقوله: حتى لا يباع بشيء: فيه غش، لأنه لو لم يقطع بنصفين و لم يلق في البالوعة: أصبح محلا للتعاطي فيباع و يشترى فيشتريه آخر و يبيعه ثالث، و الثالث برابع و هكذا فتترتب عليه الأيادي المتعاقبة، فتكون المعاوضات كلها فاسدة، لوقوعها على شخص الدينار المغشوش الذي ورد النهي عن بيعه، فصونا عن وقوع مثل هذه المعاوضة الفاسدة في الخارج أمر عليه السلام بقطعه، و القائه في البالوعة.

و قد مضت الاشارة الى الحديث في ص 126.

و قد أشار الشيخ الى هذا الاشكال بقوله في ص 150: بورود النهي عن هذا البيع فيكون المغشوش منهيا عن بيعه.

(الثاني): أن نفس هذا البيع المشتمل على التزوير و التزييف غش و الغش منهي عنه.

و قد أشار الشيخ الى هذا الاشكال بقوله: و لأن نفس البيع غش منهي عنه.

(1) أي و في استدلال (المحقق الأردبيلي) على فساد المعاوضة المغشوشة و بطلانها بالدليلين المذكورين نظر و اشكال.

(2) هذا وجه الاشكال و النظر في الاستدلال الثاني: و هو أن نفس البيع غش، و انما قدمه على الدليل الأول، ليدرج خبر الدينار في نفي الأخبار

و خلاصة وجه النظر: أن تعلق النهي بمثل هذا البيع المزيف انما كان لاجل أن الدينار المغشوش اصبح مصداقا للحرام الذي هو الغش.

ص: 151

الغش لا يوجب فساده (1) كما تقدم في بيع العنب على من يعمله خمرا.

و أما النهي (2) عن بيع المغشوش لنفسه فلم يوجد في خبر.

++++++++++

- و مثل هذا النهي لا يوجب فساد المعاوضة و بطلانها.

و قد تقدم نظير هذا في بيع العنب على من يعمله خمرا في الجزء الثاني من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 62 و هنا قد أشار بقوله في ص 153:

كما تقدم عند قوله: أما لو لم يقصد ذلك فالاكثر على عدم التحريم للأخبار المستفيضة.

فكما أن النهي هناك لا يوجب فساد المعاوضة التي كانت مصداقا للاعانة المحرمة، لأن البائع لم يقصد من بيع العنب للخمار التخمير، بل باعه له كما يبيعه لغيره ممن لا يعمله خمرا.

كذلك فيما نحن فيه لا يوجب النهي فساد المعاوضة.

نعم إن النهي المذكور يدل على الحرمة التكليفية فقط.

(1) أي فساد هذا البيع و هو بيع الدينار المغشوش كما عرفت آنفا.

(2) هذا وجه النظر على الدليل الأول: و هو ورود النهي عن هذا البيع في الأخبار.

و خلاصته: أن النهي لم يتعلق بنفس المبيع المغشوش في رواية من الروايات، بل تعلق بالغش نفسه، و أنه حرام كما ذكرنا الأحاديث في حرمة الغش في صدر العنوان في ص 125-128.

بل المتدبر في الأخبار الواردة في المقام يحكم بافادتها الصحة و ان فعل محرما حتى قال بعض الأعلام بصحة المعاوضة مع المعصية و هي الحرمة التكليفية.

فالحاصل أنه لم يوجد في الأخبار نهي عن بيع المغشوش نفسه.

بل الموجود فيها هو النهي عن الغش.

و هذا مما لا كلام في بطلانه و فساده.

ص: 152

و أما خبر الدينار (1) فلو عمل به لخرجت المسألة عن مسألة الغش لأنه اذا وجب اتلاف الدينار و إلقائه في البالوعة كان داخلا فيما يكون المقصود منه حراما.

نظير آلات اللهو و القمار، و قد ذكرنا ذلك فيما يحرم الاكتساب به لكون المقصود منه محرما فيحمل الدينار على المضروب من غير جنس النقدين، أو من غير الخالص منهما لاجل التلبيس على الناس، و معلوم أن مثله بهيئته لا يقصد منه إلا التلبيس فهي آلة الفساد لكل من دفعت إليه

++++++++++

(1) هذا رد على خبر الدينار الذي ذكره (المحقق الاردبيلي) مؤيدا لما أفاده من ورود النهي في الأخبار عن بيع المغشوش.

و حاصل الرد: أنه لو عملنا بالخبر المذكور و استدللنا به في المقام لخرج ما نحن فيه و هي حرمة المعاوضة على الدنانير و الدراهم المزيفة عن موضوع الغش، لأن وجوب اتلاف الدينار، و إلقائه في البالوعة في قوله عليه السلام: فاقطعه نصفين، و ألقه في البالوعة: دليل على أن المراد من الدينار المذكور في الحديث: ما كان من غير جنس الذهب و الفضة: بأن كان من النحاس المحض، أو الصفر المحض.

أو المضروب من غير الخالص من الذهب و الفضة: بأن كان مضروبا من الخليط من الصفر و الذهب، أو النحاس و الفضة.

و حينئذ يدخل الدينار في موضوع ما لا يقصد منه سوى الحرام و يخرج عما نحن بصدده و هو مزج اللبن بالماء فيصير كآلات اللهو و القمار في كونها لا يقصد منها سوى الحرام، و قد علمت في الجزء الثاني من المكاسب ص 29-30 أن الاكتساب بها محرم عند قول الشيخ: و منها آلات القمار بأنواعها بلا خلاف ظاهرا، فيكون حكم هذا الدينار حكمها في حرمة الاكتساب به، لأنه لا يقصد من هذه المعاوضة إلا التلبيس، فهي آلة الفساد لكل من دفعت إليه.

ص: 153

و أين هو من اللبن الممزوج بالماء و شبهه؟

فالاقوى حينئذ (1) في المسألة صحة البيع في غير القسم الرابع.

++++++++++

(1) هذه فتوى الشيخ في مسألة الغش، أي حين أن قلنا: إن خبر الدينار لا يدل على النهي، و ليس في الأخبار الموجودة بأيدينا نهي يدل على الفساد: فالأقوى في مسألة الغش صحة البيع و المعاوضة في القسم الأول و الثاني و الثالث من الأقسام الأربعة المذكورة في الهامش 2 من ص 136.

ثم بعد القول بالصحة نعمل بمقتضى القواعد الفقهية عند تبين الغش و الخلاف.

و قد ذكر الشيخ تلك القواعد و هي كما يلي:

(الاولى): (خيار التدليس): فيما اذا كان الغش في وصف مفقود في المبيع كما في القسم الثالث.

(الثانية): (خيار العيب): فيما اذا كان الغش من قبيل مزج غير المراد بالمراد كما في القسم الثاني.

(الثالثة): (تبعض الصفقة): فيما اذا كان الغش في اخفاء الأدنى في الأعلى كما في القسم الأول.

ثم في صورة تبعض الصفقة و الفسخ بالنسبة الى المغشوش ينقص من الثمن بمقدار الناقص اذا كان الناقص و المغشوش مما لا يتمول كالتراب.

و أما اذا كان مما يتمول بطل البيع بالنسبة إليه، لأن ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع.

هذا تمام الكلام في القسم الأول و الثاني و الثالث من الأقسام الأربعة المذكورة للغش.

و أما القسم الرابع: و هو اظهار المبيع بغير جنسه كبيع الدينار بعنوان الذهب و هو ليس بذهب فالمعاوضة عليه باطل، لأن ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع.

ص: 154

ثم العمل على ما تقتضيه القاعدة (1) عند تبين الغش.

فان كان (2) قد غش في إظهار وصف مفقود كان فيه خيار التدليس (3).

و إن كان (4) من قبيل شوب اللبن بالماء فالظاهر هنا خيار العيب (5) لعدم خروجه (6) بالمزج عن مسمى اللبن فهو لبن معيوب.

و إن كان (7) من قبيل التراب الكثير في الحنطة كان له حكم تبعض الصفقة (8)، و ينقص من الثمن بمقدار التراب الزائد (9)، لأنه غير متمول

++++++++++

(1) أي القاعدة الفقهية كما عرفت آنفا.

(2) أي البائع الغاش.

(3) هذه احدي القواعد الفقهية في صورة تبين الغش و قد عرفتها في الهامش 1 من ص 154 عند قولنا: الأولى.

(4) أي الغش.

(5) هذه ثانية القواعد الفقهية في صورة تبين الغش و قد عرفتها في ص 154 عند قولنا: الثانية.

(6) تعليل لثبوت خيار العيب فيما اذا كان الغش من قبيل مزج غير المراد بالمراد.

(7) أي الغش.

(8) هذه ثالثة القواعد الفقهية عند تبين الغش، و قد عرفتها في ص 154 عند قولنا: الثالثة.

(9) و قد عرفت معناه في ص 154 عند قولنا: ثم في صورة تبعض الصفقة.

ثم إن الصفقة بفتح الصاد و سكون الفاء من صفق يصفق صفقا.

و معناه ضرب احدى اليدين على الأخرى.

ص: 155

و لو كان (1) شيئا متمولا بطل البيع في مقابله.

++++++++++

- قال في (مجمع البحرين) في مادة صفق: يقال: صفقت له بالبيعة صفقا أي ضربت بيدي على يده، و كانت العرب اذا أوجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه.

ثم استعملت الصفقة في العقد فقيل: بارك اللّه لك في صفقة يدك.

و قال (الأزهري): تكون الصفقة للبائع و المشتري. انتهى.

و أما وجه تسمية المعاوضة بتبعض الصفقة، فلاجل أن الغاية من المعاوضة انتقال المثمن كله الى المشتري مقابل الثمن كله، و انتقال الثمن كله الى البائع مقابل المثمن كله.

و لما لم يتحقق هذا في المعاوضة المغشوشة، بل تحقق انتقال بعض المثمن إلى المشتري، و بعض الثمن إلى البائع: سميت المعاوضة بتبعض الصفقة.

(1) أي و لو كان المغشوش.

ص: 156

الغناء

ص: 157

ص: 158

المسألة الثالثة عشرة الغناء
اشارة

(الثالثة عشرة) (1) (الغناء) لا خلاف في حرمته،

++++++++++

(1) أي المسألة الثالثة عشر من النوع الرابع من المكاسب المحرمة:

الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الغناء.

و هو بالمد و الكسر وزان (كساء):

و لما كانت مسألة الغناء من المسائل الفقهية العويصة التي لم تنقح لحد الآن حتى تميز صغرياتها، و من الفروع التي وقعت معركة الآراء بين الفقهاء الأعاظم، و العلماء الأكابر قديما و حديثا: فذهب كل منهم إلى مذهب مخالف للآخر حتى صار هذا الاختلاف موجبا للتشكيك في صغريات هذه المسألة و مصاديقها فقال بعض: هذا الغناء مشيرا إلى فرد خاص ليس حراما، و مقصوده أن هذا الفرد ليس من أفراد الغناء أصلا حتى تشمله أدلة الحرمة، لأنه ليس من صغريات تلك الكبرى الكلية التي حرمتها ثابتة و مسلمة.

و ليس مقصوده من نفي الحرمة عدم حرمة الغناء في حد نفسه، إذ كيف يمكن ذلك و قد أصبحت حرمته من المسلمات الأولية البديهية عند المسلمين، لكن بعد تشخيص موضوعه و مفهومه: رأينا من الواجب بسط الكلام فيه أكثر و أكثر.

فنقول و باللّه التوفيق: و قد كثرت الأقوال و الفتاوى في المسألة.

إليك خلاصة تلك الأقوال و الفتاوى.

ص: 159

..........

++++++++++

- قال بعض الفقهاء: الغناء المحرم: ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي.

و قال ثان: الغناء مد الصوت المشتمل على ترجيع مطرب.

و قال ثالث: الغناء ترجيع الصوت و ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان، لا مجرد تحسين الصوت خاليا عن ترديده في الحلق، فان هذا النوع من الصوت يعد حسنا و قد حث عليه الشرع في قراءة القرآن الكريم و الأدعية المأثورة به.

و قال رابع: الغناء ترجيع الصوت المذكور مع الإطراب الموجب لخروج الانسان عن حالته الطبيعية التي كان عليها قبل هذا الطرب و الغناء

و قال خامس: الغناء هو الإطراب الموجب لخروج الانسان عن حالته الطبيعية، سواء أ كان مع هذا الإطراب ترجيع أم لا.

ثم هؤلاء القائلون بالإطراب اختلفوا في معنى الإطراب.

قال بعض: هو مجرد ايجاد الفرح و السرور في النفس بحيث يستلذ الانسان من سماع تلك الأصوات و الأغاني و الأناشيد.

و قال ثان: الإطراب خفة تعتري الانسان لشدة حزن، أو سرور.

و قال ثالث: الاطراب ايجاد صفة في النفس توجب إثارة الشهوة فيها، و تهييجها، و تحريك عضلات الانسان نحو ميول النفس كأغاني الاذاعات و أنا شيدها التي أفسدت أخلاق مجتمعنا في بلادنا حتى أصبح المذياع يعد من الحاجيات الضرورية البيتية للانسان، و ما ذاك إلا لأجل تلك الأغاني و الأناشيد المهيجة، و لا تشترى إلا لهذه الغاية الفاسدة فقد ترى كثيرا من الناس و هم فقراء لا يملكون بساطا خلقا ينامون عليه و يحفظون به أنفسهم من الحر و البرد و الهوام، و قذارة الأرض.

ص: 160

..........

++++++++++

- لكنهم يملكون المذياع مهما بلغ الأمر.

و مما يجب على الحكومات الاسلامية: أن تمنع اذاعاتها و برامجها عن هذه الأغاني الخلاعية، الشهوية التي أفسدت أخلاق شبابنا و شاباتنا و قضت عليهم و على مستقبلهم، و مستقبل الأجيال منهم.

و لا سيما و أنه تقرن الأغاني بالقرآن الكريم و هو هتك للقرآن، و لمن أنزل عليه، و هتك القرآن كفر عظيم، فالواجب على البلاد الاسلامية تجنبها عن مثل هذه الأغاني و محافظتها على طابعها الاسلامي في الاذاعات، و وسائل الاعلام فقراءة القرآن من جهة، و إذاعة الأغاني من ناحية أخرى لا توسم الاذاعات بالطابع الاسلامي، فإن البلاد غير الاسلامية التي تذيع بالعربية أيضا تفعل ذلك.

إذا فما الفارق بين هذه البلاد و تلك فقد هتك القرآن فيها كما هتك هنا، و انتشرت الموبقات فيها كما انتشرت في غيرها.

ثم الظاهر: أن اختلاف الفقهاء في مصاديق الغناء و صغرياتها ناشئ عن اختلافهم في مفهومه، حيث لم يشخص لحد الآن موضوعه و مفهومه عندهم كما رأيت في الأقوال التي ذكرناها لك.

و الاختلاف هذا جاء من ناحية اختلاف اللغويين في تعريف الغناء حيث إنهم عرفوه بتعاريف مختلفة، و تعابير متعددة.

راجع كتب اللغة في هذه المادة: تجد الاختلاف الشاسع هناك.

و أما التحقيق في المقام فنقول: إن حقيقة الغناء و ماهيته: هو الصوت المطرب و هي كيفية نفسانية تحصل في الانسان و قد تهيج شهوته، و تثير رغباته و تخرجه عن حالته الطبيعية المتوازنة الأولية التي كان عليها قبل استماع هذه الأغاني، و تستلذ النفس من سماعها، و ليس الغناء هو مجرد مد -

ص: 161

..........

++++++++++

- الصوت و ترجيعه خاليا عن الاطراب المذكور، بل لا بدّ من كونه مطربا بتلك الصفة التي وصفناها لك، فاذا كان بتلك الحالة المعبر عنها بالخفة في تعريف اللغويين الغناء فتشمله الحرمة.

و عسيت أن تسأل عن رأي الشيخ حول التحقيق المذكور.

أليك نص عبارته

قال: و الطرب على ما في الصحاح خفة تعتري الانسان لشدة حزن أو سرور.

و قال: و عن الأساس للزمخشري: خفة لسرور، أوهم.

ثم قال: و هذا القيد هو المدخل للصوت في أفراد اللهو، و هو الذي أراده الشاعر بقوله: (أطربا و أنت قنسري). أي شيخ كبير.

و قال نقلا عن صاحب (جامع المقاصد) ليس مجرد مد الصوت محرما و ان مالت إليه النفوس ما لم ينته الى حد يكون مطربا بالترجيع المقتضي للاطراب.

و قال: و من اكتفى بذكر الترجيع كما في القواعد أراد به المقتضي للاطراب.

الى أن يقول: فبالجملة فمجرد مد الصوت لا مع الترجيع المطرب و لو كان مع الترجيع لا يوجب كونه لهوا.

هذه هي الأقوال التي ذكرها الشيخ حول الغناء مع رأيه الخاص بقوله: و بالجملة فمجرد الى آخره و هي صريحة في التحقيق الذي ذكرناه لك.

و تأتي الاشارة الى شرح هذه الأقوال قريبا عند تعاليقنا عليها ان شاء اللّه.

ثم إن للشيخ رأيا خاصا حول الغناء: و هو الشأني الاقتضائي أي من شأنه أن يكون مطربا و مقتضيا للاطراب لو لم يمنعه مانع.

ص: 162

..........

++++++++++

- و انما أفاد هذا دون الغناء الفعلي، لأنه رأى عدم حصول تلك الحالة المعبر عنها بالخفة المخرجة للانسان عن حالته الطبيعية لكثير من الناس لأسباب نذكرها عند ما يذكر الشيخ الأقوال، فيلزم تخصيص الأكثر و خروجه عن تحت العام، و هو مستهجن و قبيح، فعليه اضطر الى القول بالشأني الاقتضائي، لا الفعلي فتصرف في معنى الطرب فقسمه إلى قسمين:

فعلي. و شأني.

ثم أيد كلامه بما أفاده (الشهيد الثاني) في تعريف الغناء زيادة على التعريف المشهور بقوله: أو ما يسمى في العرف غناء كما يأتي التصريح بذلك قريبا.

و أيد كلامه أيضا بقول صاحب (مفتاح الكرامة) حيث قال:

إن الاطراب في تعريف الغناء غير الطرب المفسر عند اللغويين: بخفة تعتري الانسان لشدة سرور.

و انما أفاد هذا صاحب مفتاح الكرامة فرارا من المحذور المذكور الذي أشرنا إليه آنفا، فلو لم يكن الغناء هي الخفة التي تعتري الانسان لشدة سرور، أو حزن بحيث تخرج الانسان عن حالته الطبيعية المتوازنة: لما كان (الشيخ، و صاحب مفتاح الكرامة، و الشهيد الثاني)، و غيرهم من الأعلام و الفطاحل يتصرفون في معنى الطرب.

و الحاصل: أن الغناء هي الخفة الحاصلة للانسان بسبب سرور أو حزن، و لا يختص حصوله من السرور.

قال (ابن قتيبة) يقول الناس: الطرب هو السرور، و هو غير صحيح.

و إنما الطرب خفة تصيب الانسان تبعث على الحزن، أو السرور.

قال النابغة الجعدي: -

ص: 163

في الجملة (1)،

و الأخبار بها مستفيضة
اشارة

و الأخبار بها مستفيضة (2)، و ادعى في الايضاح تواترها (3).

منها: ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور

(منها) (4): ما ورد مستفيضا في تفسير قول الزور في قوله تعالى:

++++++++++

- و أراني طربا في إثرهم طرب الواله(1) أو كالمختبل(2)هذا من ناحية اللغة.

و أما من ناحية العرف، فإن الغناء الباعث على الحزن، أو البكاء أو إثارة الأشجان اذا اقترن بالصوت اللهوي، أو بالكلام الباطل فلا شك أنه من أجلى مصاديق الغناء المحرم، و لذا ترى (شيخنا الأعظم) يتوقف و يتورع عن التمادي في ترديد الصوت، و ترجيعه في مراثي (سيد الشهداء) عليه الصلاة و السلام التي استثنيت من حكم الغناء.

(1) القيد لاخراج بعض أفراد الغناء كما اذا وقع في الأعراس أو المراثي الحسينية، و ستأتي الاشارة الى استثنائهما قريبا.

(2) أي الأخبار في حرمة الغناء كثيرة شائعة بلغت حد الشياع.

و كلمة (مستفيضة) اسم مفعول من استفاض يستفيض استفاضة من باب الاستفعال. معناه: الشياع يقال للأحاديث الكثيرة الواردة في موضوع واحد نافية كانت، أو مثبتة: أخبار مستفيضة، أحاديث مستفيضة ما لم يصل الى حد التواتر.

(3) مصدر باب التفاعل، وزان تضارب من تواتر يتواتر تواترا.

معناه: كثرة الأخبار الواردة في موضوع واحد نفيا أو اثباتا حتى يحصل من كثرتها القطع بصدور بعضها.

(4) أي من تلك الأخبار المستفيضة التي ادعى في الايضاح تواترها الدالة على حرمة الغناء.

ص: 164


1- بصيغة الفاعل مشتق من و له يله. معناه: الحزن الشديد، يقال: و له فلان أي حزن حزنا شديدا.
2- بصيغة الفاعل من اختبل يختبل من باب الافتعال. و معناه: إفساد العقل، يقال: اختبل أي أفسد عقله.

وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ (1)، ففي صحيحة زيد الشحام (2)، و مرسلة ابن أبي عمير (3)، و موثقة أبي بصير المرويات عن الكافي (4).

و رواية عبد الأعلى المحكية عن معاني الأخبار (5).

و حسنة هشام المحكية عن تفسير القمي رحمه اللّه: تفسير قول الزور بالغناء (6).

منها: ما ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث

(و منها) (7): ما ورد مستفيضا في تفسير لهو الحديث كما في صحيحة ابن مسلم (8).

++++++++++

(1) الحج: الآية 30.

(2) أي صحيحة زيد الشحام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 225. باب 99 من أبواب ما يكتسب به. كتاب التجارة. الحديث 2.

(3) نفس المصدر ص 227. الحديث 8.

(4) (فروع الكافي) الجزء 6. ص 431 طباعة مؤسسة دار الكتب الاسلامية عام 1379.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 229. الحديث 20 من باب 99.

(6) نفس المصدر. ص 230. الحديث 26.

(7) أي من تلك الأخبار المستفيضة في حرمة الغناء التي بلغت حد التواتر.

(8) نفس المصدر ص 226. الحديث 6.

أليك نص الحديث عن محمد بن مسلم عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: سمعته يقول:

الغناء مما وعد اللّه عليه النار.

ص: 165

و رواية مهران بن محمد (1).

و رواية الوشاء (2).

و رواية حسن بن هارون (3)، و رواية عبد الأعلى السابقة (4).

منها: ما ورد في تفسير الزور

(و منها) (5): ما ورد في تفسير الزور في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ (6) كما في صحيحة ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام تارة بلا واسطة (7) و اخرى بواسطة أبي الصباح الكناني (8).

++++++++++

- و تلا هذه الآية: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً) (1).

(1) نفس المصدر. الحديث 7

(2) نفس المصدر. ص 227. الحديث 11.

(3) نفس المصدر. ص 228. الحديث 16.

(4) المشار إليها في ص 165.

(5) أي و من تلك الأخبار المستفيضة التي ادعى في الايضاح تواترها.

(6) فرقان: الآية 72.

(7) نفس المصدر. ص 226. الحديث 5.

أليك نص الحديث المروي عن الامام (أبي عبد اللّه) عليه السلام بلا واسطة في قول اللّه عز و جل: وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ .

قال: هو الغناء، أي قال الامام عليه السلام: الزور هو الغناء.

(8) نفس المصدر. ص 226. الحديث 3.

هذه هي الأخبار المستفيضة الدالة على حرمة الغناء في الجملة، و التي ادعى في الإيضاح تواترها.

ص: 166


1- لقمان: الآية 6.

و قد يخدش (1) في الاستدلال بهذه الروايات: بظهور الطائفة الاولى (2) بل الثانية (3) في أن الغناء من مقولة الكلام (4)، لتفسير

++++++++++

(1) فعل مضارع مجهول من خدش يخدش خدشا وزان ضرب يضرب ضربا معناه لغة: حدوث الجرح في الجسم يقال: خدش زيد عمرا أي أحدث في بدنه الجرح أوجب الدية.

و أما معناه في الحديث: فهو جرح الدليل، أو عيبه بحيث لا ينهض على تمام المطلوب كما في هذه الروايات المستدل بها على حرمة الغناء بنحو مطلق، فالمقصود من هذه الخدشة: الاشكال في دلالة الأحاديث المذكورة على حرمة مطلق الغناء، بل هي تدل على حرمة الغناء المشتمل على الكلام اللهوي الباطل، أو لا ينهض مطلقا كما في موارد اخرى.

(2) و هي المستفيضة الواردة في تفسير قول الزور في قوله تعالى:

و اجتنبوا قول الزور في صحيحة زيد الشحام المشار إليها في ص 165.

و مرسلة ابن أبي عمير المشار إليها في ص 165، و موثقة أبي بصير المشار إليها في ص 165، و رواية عبد الأعلى المحكية عن معاني الأخبار المشار إليها في ص 165، و حسنة هشام المشار إليها في ص 165.

(3) أي الطائفة الثانية و هي المستفيضة الواردة في تفسير لهو الحديث و هي صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 165.

و رواية مهران بن محمد المشار إليها في ص 166.

و رواية الوشاء المشار إليها في ص 166.

و رواية الحسن بن هارون المشار إليها في ص 166.

و رواية عبد الاعلى السابقة المشار إليها في ص 165.

(4) معنى كون الغناء من مقولة الكلام: أن الغناء هو المركب من الألفاظ و الحروف و ما ينطق به بالفم، و اللسان، و الشفة، و الحلق -

ص: 167

قول الزور به (1).

و يؤيده (2) ما في بعض الأخبار: من أن قول الزور أن تقول للذي يغني: أحسنت.

++++++++++

- و ليس الغناء هو الصوت المجرد الخالي عن الألفاظ و الحروف، فلا يقال للحن الأوتار مجردا عن الكلام: إنه غناء محرم، لأن لحن الأوتار بما هو لحن من دون كونه مشتملا على كلام لا يكون حراما من حيث الغناء.

نعم حرام من حيث كونه آلة لهو.

و الدليل على كون الغناء من مقولة الكلام تفسير قول الزور بالغناء في الأحاديث المشار إليها في ص 165.

ثم إن الظاهر من الآية الكريمة: اجتناب المرء عن قول الزور و التكلم به فقط.

لكن يمكن دلالة الآية على حرمة استماعه أيضا، و العمل به:

بأن يقال: يجب الاجتناب عن قول الزور بجميع أنحائه: تكلما باللسان عملا بالجوارح. و استماعا بالاذن، فيكون مفاد الآية الكريمة هكذا:

و اجتنبوا قول الزور بعدم صدوره منكم، و اجتنبوه من غيركم بعدم استماعه منه، و اجتنبوا العمل به.

(1) أي لتفسير قول الزور في الأحاديث الشريفة بالغناء كما عرفت.

(2) أي و يؤيد أن الغناء من مقولة الكلام: ما ورد في بعض الأخبار:

من أن من قول الزور: أن يقال للمغني: احسنت. أليك نص الحديث.

عن حماد بن عيسى عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام.

قال: سألته عن قول الزور.

قال: منه قول الرجل للذي يغني: احسنت.

ص: 168

و يشهد له (1) قول علي بن الحسين عليهما السلام في مرسلة الفقيه الآتية في الجارية التي لها صوت: لا بأس لو اشتريتها فذكّرتك الجنة:

يعني بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء.

++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة)، الجزء 12. ص 229. الباب 99 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 21.

وجه التأييد أن الامام عليه السلام عد من جملة قول الزور قول الرجل للمغني: احسنت، و مما لا شك فيه أن كلمة أحسنت تصدر باللسان فصدورها من اللسان دليل على أنها من مقولة الكلام، و قد عرفت آنفا أن قول الزور فسر بالغناء، و قول الزور من مقولة الكلام فيثبت المطلوب: و هو كون الغناء من مقولة الكلام المحرم فالغناء المحرم هو الغناء الصادر باللسان، لا مطلق الغناء و ان لم يكن صادرا باللسان كما يأتي التصريح من الشيخ في قوله:

في ص 170 فيختص الغناء المحرم.

(1) أي الشاهد على أن الغناء من مقولة الكلام قول (الامام زين العابدين) عليه السلام في جواب السائل عن شراء جارية لها صوت: لا بأس عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة يعني بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء.

راجع (وسائل الشيعة)، الجزء 12. ص 86. الباب 16 من أبواب تحريم بيع المغنية و شرائها. الحديث 2.

وجه الشهادة: أن تذكير الجارية التي لها صوت مخصوص بألحانها و نغماتها: الجنة بقراءة ما ذكر: لا يمكن تصويره إلا باداء الألفاظ و الكلمات الصادرة باللسان.

و من المعلوم أن صدورها باللسان يجعله من مقولة الكلام.

ص: 169

و لو جعل التفسير (1) من الصدوق: دل على الاستعمال أيضا.

و كذا (2) لهو الحديث، بناء على انه من اضافة الصفة الى الموصوف فيختص (3) الغناء المحرم: بما كان مشتملا على الكلام الباطل فلا تدل على حرمة نفس الكيفية و هو لم يكن في كلام باطل.

++++++++++

(1) المراد من التفسير جملة: (يعني بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء) الواردة في الحديث المذكور أي ان جعلنا هذه الجملة بتمامها من قول (شيخنا الصدوق) أعلى اللّه مقامه، لا من قول (الامام) عليه السلام فتدل أيضا على أن الغناء من مقولة الكلام.

(2) أي و يشهد أيضا على ان الغناء من مقوله الكلام جملة: (لهو الحديث) في الخبر الوارد عن محمد بن مسلم عن (أبي جعفر) عليه السلام.

أليك نص الحديث.

قال: سمعته يقول: الغناء مما وعد اللّه عليه النار، و تلا هذه الآية:

وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ .

نفس المصدر ص 226. الباب 99 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 6.

ثم إن دلالة لهو الحديث على أن الغناء من مقولة الكلام بناء على كونها من قبيل إضافة الصفة الى الموصوف، أي الحديث اللهوي كما تقول جرد قطيفة حامض الخل. يابس الخبز. بارد الماء أي قطيفة جرد الخل الحامض، الخبز اليابس، الماء البارد.

و الظاهر ان المراد من لهو الحديث ما يوجب اللهو، لا الحديث عن اللهو مجردا عن إحداث اللهو في الإنسان.

(3) الفاء تفريع و نتيجة على ما تقدم في الأخبار المذكورة في ص 165:

من أن الغناء من مقولة الكلام، أي بناء على ما ذكرنا من الأخبار فيختص -

ص: 170

..........

++++++++++

- الغناء المحرم بالغناء الذي يكون مشتملا على الكلام الباطل.

و حاصل الاستنتاج: أن تلك الأخبار الدالة على أن الغناء من مقولة الكلام: دلت على أن الغناء المحرم الذي ثبتت حرمته من تلك الأحاديث: هو الغناء الحاصل في ضمن شيئين:

و هما: كونه في ضمن الكلام.

و كون الكلام كلاما باطلا لهويا فاذا انتفى أحد الجزءين: بأن انتفى الكلام الباطل اللهوي: بأن كان في ضمن كلام صحيح عقلائي كقراءة القرآن به، أو الأدعية، أو المناجاة الواردة، أو الخطب و المواعظ الحسنة:

لا يكون التغني بهذه حراما.

أو انتفى الكلام بأن كان في ضمن ترديد الصوت كالألحان المألوفة و المتعارفة عند أهل الفن: لا يكون الغناء أيضا حراما، فالغناء المحرم ما كان حاصلا في ضمن الشيئين.

ثم لا يخفى عليك أن الطرق الغنائية و كيفياتها تختلف عند أهل الفن و الألحان.

فمنها: ما يوجب الضحك.

و منها: ما يوجب البكاء.

و منها: ما يوجب النوم كما فعل هذه الأقسام الثلاثة (المعلم الثاني الفارابي) في مجلس أحد الأمراء.

و منها: ما يوجب الحماس.

و منها: ما يوجب الطرب.

و منها: ما يوجب الحزن.

و منها: ما يوجب الفرح.

ص: 171

و منه (1) تظهر الخدشة في الطائفة الثالثة،

++++++++++

- فهل يا ترى أن ما يوجب الحزن، سواء أ كان على صدور الذنب منه أم على الأمور الأخروية، أم على قتل (الأئمة الهداة المعصومين): حرام؟

و هل يا ترى أن الغناء الموجب للحماس في سبيل الجهاد، أو الخدمات الدينية، أو على انقاذ مؤمن حرام؟.

و هل يا ترى أن الغناء الموجب للبكاء خوفا من اللّه تعالى.

أو على ما أسرف على نفسه من الذنوب حرام؟

و هل يا ترى أن الغناء الموجب للفرح حرام؟

فبناء على ما استنتجه الشيخ من تلك الأخبار المتقدمة ليست الأقسام و الأنواع المذكورة الموجبة للحماسة، و البكاء خوفا من اللّه، و انقاذ المؤمن حراما.

و الدليل على ذلك قول (شيخنا الأنصاري): (فلا تدل على حرمة نفس الكيفية و لو لم تكن في كلام باطل).

هذا ما استفدناه من استنتاج (شيخنا الأنصاري) الذي هو صريح كلامه في الغناء المحرم.

و لكن لا يخفى: أنه إذا قلنا: ان الغناء في متفاهم العرف: ما ناسب الآلات اللهوية التي يستعملها أهل الفسوق، و الألحان الخاصة: من دخول النساء على الرجال، و شرب الخمور، و غيرها مما ينسجم معه التغني كما يصرح الشيخ بذلك في قوله: و بالجملة فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق إلى آخر كلامه: فلا اشكال في حرمة هذا الغناء أيضا و ان لم يكن مشتملا على كلام باطل في المقام.

إلا ان يقال بمنع صدق اللحن الفسوقي على هذا النوع من الغناء.

(1) أي و مما ذكرناه من الخدشة في الطائفة الأولى. -

ص: 172

حيث (1) إن مشاهد الزور التي مدح اللّه تعالى من لا يشهدها: هي مجالس التغني بالأباطيل من الكلام.

فالانصاف (2) أنها لا تدل على حرمة

++++++++++

و الثانية. من الأخبار: يظهر الخدشة في الطائفة الثالثة من الأخبار المشار إليها في ص 166 التي فسر فيها الزور في قوله تعالى: (وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ) : بالغناء أيضا.

(1) هذا وجه الخدشة في الطائفة الثالثة من الأخبار.

خلاصة الخدشة: أن اللّه تبارك و تعالى اثنى على الذين لا يحضرون مجالس الزور التي يغنى فيها بالكلام الباطل، فاذا لم يكن الغناء الذي فسر الزور به مشتملا على الكلام الباطل لم يكن حراما، و لم يكن الحضور في تلك المجالس مبغوضا للّه تبارك و تعالى، فالزور إنما فسر بالغناء لاشتماله على الكلام الباطل اللهوي، لا لأجل اشتماله على الصوت المجرد عن الكلام

أو المشتمل على الكلام غير اللهوي: فهذه الطائفة من الأخبار لا تدل أيضا على حرمة مطلق الغناء.

ثم إن الشهود هنا بمعنى الحضور كما في قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (1) أي و من حضر منكم شهر رمضان المبارك، و لم يكن مسافرا فليصمه.

(2) الفاء نتيجة الخدشة في الطائفة الثالثة من الأخبار. أي الانصاف أن هذه الطوائف الثلاث من الأخبار المذكورة لا تدل على حرمة نفس الكيفية: و هو الصوت المجرد عن الكلام أو الصوت المشتمل على الكلام غير الباطل.

فهذه صراحة ثانية من الشيخ في كون الغناء المحرم و الذي ثبتت حرمته مركبا من الشيئين المذكورين في ص 171.5.

ص: 173


1- البقرة: الآية 185.

نفس الكيفية إلا (1) من حيث اشعار لهو الحديث بكون لهو الحديث على اطلاقه مبغوضا للّه تعالى.

++++++++++

- فالاشكال و الخدشة على الطوائف الثلاث من الأخبار على نسق واحد من غير فرق بين أية طائفة منها، سواء أ كانت في المناجاة أم في الأدعية فكل ذلك لا علاقة له بتحريم الغناء و تحليله طالما كانت كيفية الألحان باطلة و كانت من الملاهي التي تلهي عن ذكر اللّه عز و جل، و عن العبادة.

و هكذا اللهو اذا كان حراما ففي أي صورة برز فهو حرام.

هذا ما أفاده الشيخ في هذا المقام من حرمة مطلق الزور، و مطلق اللهو.

لكن الإنصاف: أن الغناء المشتمل على القرآن الكريم، أو الأدعية المأثورة، أو مصائب (الحسين) و مدائح (الرسول و أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام: لا يقال له: لهو و زور.

اللهم إلا أن تثبت حرمة هذه المذكورات بالنص، أو الاجماع القطعي فيصير الغناء حينئذ حراما مطلقا.

أو إذا صدق على المذكورات اللحن الفسوقي الذي هو موضوع للغناء.

أما الاستشعار من الأخبار المذكورة في حرمة الغناء بنحو مطلق حتى في المذكورات فمحل كلام.

(1) الغرض من هذا الاستثناء هو الفرق في الخدشة في الطوائف الثلاث من الأخبار المذكورة الدالة على كون الغناء حراما

بيان ذلك: أن الطائفة الثانية من الأحاديث المشار إليها في ص 167 التي فسرت الغناء بلهو الحديث جعلت الغناء من مصاديق لهو الحديث و لا اشكال في أن لهو الحديث من مصاديق اللهو المطلق فيكون الغناء من مصاديق اللهو المطلق أيضا فتشمله الآية الكريمة: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ) ، حيث انها تشعر -

ص: 174

و كذا (1) الزور بمعنى الباطل،

++++++++++

- بأن مطلق اللهو مبغوض عند اللّه عز و جل، فنستنتج من هذه الآية الكريمة مبغوضية مطلق الغناء، سواء أ كان في الكلام أم في الصوت الذي فيه ترديد الألحان.

بخلاف الطائفة الاولى و الثالثة، فإنهما لا تدلان على مبغوضية مطلق الغناء.

هذا ما افاده الشيخ في الفرق في الخدشة بين هذه الطوائف الثلاث من الأخبار.

و فيما استشعره نظر، حيث إن الذم المتوجه في الآية الكريمة جاء بسبب الإضلال المترتب على الشراء، لا على الشراء وحده مجردا عن الإضلال فمن اشترى لهو الحديث لا لذلك لا تشمله الآية الشريفة فلا تدل على مبغوضية مطلق الغناء، فالخدشة في الطائفة الثانية من الأخبار بنحو الخدشة في الطائفة الاولى و الثالثة.

و تفسير الامام عليه السلام لهو الحديث بالغناء ليس معناه الحرمة المطلقة و لو لم يترتب عليه اضلال، بل على تقدير الاضلال به، و لا شك أن هذا القسم من الاضلال مبغوض للّه تعالى، لأن الامام عليه السلام يشير في تفسيره الغناء بلهو الحديث الى الآية الشريفة، و قد عرفت أنها توجه الذم إلى من يشتري لهو الحديث للإضلال، لا مطلقا.

إذا فالطائفة الثانية من الأخبار تدل على أن الغناء المحرم: ما كان في الكلام اللهوي الباطل.

(1) أي و كذا يمكن الخدشة في الطائفة الأولى من الأخبار المشار إليها في ص 165 التي فسرت قول الزور بالغناء، حيث إن الآية الشريفة تشعر بكون مطلق قول الزور مبغوضا للّه تعالى، بناء على أن المراد من قول الزور مطلق الباطل، سواء أ كان في الكلام المشتمل على الغناء أم في الكيفية -

ص: 175

و ان (1) تحققا في كيفية الكلام، لا في نفسه (2) كما اذا تغنى في كلام حق من قرآن، أو دعاء، أو مرثية (3).

و بالجملة (4) فكل صوت يعد في نفسه مع قطع النظر عن الكلام المتصوت به لهوا و باطلا فهو حرام.

++++++++++

- و طريقة الأداء من الألحان.

لكن لا يخفى ما في هذا الاستشعار أيضا، حيث إن ما جاء في تفسير الزور في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ ، و قوله تعالى:

وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ بالغناء ليس المقصود منه مبغوضية مطلق الزور و لو كان في غير الكلام.

نعم يمكن أن يقال بمبغوضية مطلق الزور الذي فسر بالغناء في الآية الأولى، حيث فيها كلمة الزور فقط، لا القول الزور فيدل على أن الغناء في الكيفية زور أيضا فيحرم فيكون الغناء من مقولة الكيف حينئذ فيخرج عن كونه من مقولة الكلام.

(1) ان هنا وصلية، أي و ان تحقق الزور و الباطل في الألحان المخصوصة في كيفية الكلام، لكن مع ذلك أن الأخبار المذكورة لا تدل على حرمة نفس الكيفية.

(2) أي و ليست الأخبار الواردة في حرمة الغناء ناظرة إلى الكلام نفسه كما عرفت في ص 171.

(3) هذه الأمثلة الثلاثة لحصول الغناء في كيفية الكلام، لا في نفس الكلام، اللهم إلا أن يقال: ان شرط حصول الغناء و صدقه مفقود: و هو كونه كلاما باطلا و لهوا.

(4) هذه نتيجة ما استشعره الشيخ من الروايات المذكورة في تفسير الآيات المتقدمة: من أن مطلق اللهو، و مطلق الزور مبغوضان عند الشارع -

ص: 176

و مما يدل على حرمة الغناء من حيث كونه لهوا و باطلا و لغوا: رواية عبد الأعلى و فيها ابن فضال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الغناء و قلت: إنهم يزعمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رخص في أن يقال:

جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحيكم.

فقال (1): كذبوا إن اللّه تعالى يقول: مٰا خَلَقْنَا اَلسَّمٰاءَ وَ اَلْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لاٰعِبِينَ لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى اَلْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ اَلْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ (2).

++++++++++

- فالكيفية اذا كانت لهوا و باطلا فباي مضمون حدثت تكون محرمة، سواء أ كانت في العزاء أم في الرثاء أم في الدعاء أم في القرآن أم في التوبة

و الظاهر أن هذا عدول من الشيخ عما أفاده آنفا: من أن الأخبار المذكورة تدل على أن الغناء من مقولة الكلام، و أن الحرمة لا تحصل فيه إلا اذا حصل الغناء في الكلام اللهوي الباطل.

و كلمة لهوا و باطلا منصوبة على المفعولية لقوله: يعد.

و جملة (فهو حرام) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو فكل صوت أي فكل صوت يعد لهوا و باطلا فهو حرام مع قطع النظر عن الكلام الذي يتصوت و يتغنى به، سواء أ كان ما يتغنى به قرآنا أم دعاء أم رثاء أم مناجاة أم غير ذلك.

(1) أي الامام عليه السلام قال في جواب السائل عن ترخيص (الرسول الأعظم) صلّى اللّه عليه و آله التغني بالجملات المذكورة.

(2) الأنبياء: الآية 18.

و جملة: وَ لَكُمُ اَلْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ محل استشهاد الامام عليه السلام في استنكاره على من افترى على (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله في نسبته جواز التغني إليه.

ص: 177

ثم قال: (1) قال: ويل لفلان مما يصف، رجل لم يحضر المجلس (2) الى آخر الخبر (3)، فإن الكلام المذكور

++++++++++

(1) فاعل قال الراوي أي قال الراوي: قال الامام عليه السلام:

ويل لفلان مما يصف (الرسول صلّى اللّه عليه و آله) في ترخيصه الغناء

(2) هذه الجملة: (رجل لم يحضر المجلس) ليست من قول الراوي بل من قول الامام عليه السلام.

و يقصد عليه السلام بكلمة ويل توبيخ من زعم أن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله رخص الغناء بتلك الكلمات، لأن كلمة ويل دعاء على الرجل الزاعم مما يصف، و يسنده إليه صلّى اللّه عليه و آله.

و كلمة رجل مرفوعة لمبتدإ محذوف: و هي كلمة هو، أي هو رجل لم يحضر المجلس.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 228. الباب 99 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 15.

الغرض من ذكر هذا الحديث ان الشيخ بعد أن عدل عن كون الغناء من مقولة الكلام اللهوي الباطل، و قال: إنه من مقولة الكيفية فهو يحصل في ضمن كل شيء كلاما كان، أو كيفية: أراد أن يؤيد ما أفاده فاستدل بهذا الحديث.

و خلاصة الاستدلال أن الإنكار الشديد من الامام عليه السلام حول الترخيص الصادر عن (الرسول الأعظم) صلّى اللّه عليه و آله في اللحن المخصوص بالجملات المذكورة حسب زعمهم: يدل على كونه لأجل التغني و لو لا ذلك لما كان الامام عليه السلام ينكر ذلك أشد الإنكار.

و لا يخفى أنه ليس في الرواية ما يشعر بلحن خاص رخص فيه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

ص: 178

..........

++++++++++

- و الظاهر من السؤال: أن الترخيص كان في نفس الكلمات و الجمل مع قطع النظر عن أدائها بكيفية خاصة، و لحن مخصوص في القراءة في الأعراس.

و هذا مما يوهن دلالة الرواية على الاستدلال المذكور: من أن الانكار الشديد من الامام عليه السلام إنما كان لأجل أن الناس كانوا يزعمون جواز التغني به.

ثم إن الرواية المذكورة مشتملة على ابن فضال و هو: (علي بن الحسن بن فضال) و هو فطحي المذهب. أي يقول بامامة عبد اللّه بن (الامام الصادق) عليه السلام و بعده و لا يقول بامامة (الامام موسى بن جعفر) عليهما السلام فلم يكن إماميا اثنى عشريا، و هذا مما يوجب الطعن فيه، و الطعن فيه موجب للوهن في روايته.

و لذا التفت الشيخ إلى هذه الناحية فقال: و فيها أي في سلسلة رواة الرواية (ابن فضال).

لكن لا يخفى أن اشتمال الحديث على (ابن فضال) لا يوجب الطعن فيه، حيث إنه كان عالما فقيها ممدوحا موثقا، و قد التزم أصحابنا الامامية بالعمل بالرواية التي في سلسلة رواتها من كان موثقا و ان لم يكن اماميا كما هو الملاك في الموثقة، و لا سيما أن (شيخ الطائفة) قد صرح في العدة على ما حكي عنه: ان الطائفة عملت بروايات (ابن فضال).

و لما انجر بنا الكلام الى هنا لا بأس باشارة اجمالية إلى أقسام الحديث كي يكون القارئ الكريم بصيرا بالأخبار.

إليك الاشارة:

(الأول الصحيح): و هو ما كان جميع رواة سنده اماميين ممدوحين -

ص: 179

المرخص فيه (1) بزعمهم ليس بالباطل و اللهو اللذين يكذب الامام عليه السلام

++++++++++

- بالتوثيق الى أن يصل سند الحديث الى الامام عليه السلام:

(الثاني الحسن): و هو ما كان جميع رواته اماميين ممدوحين بغير التوثيق كلا، أو بعضا مع توثيق الباقي.

(الثالث الموثق): و هو ما كان كلهم، أو بعضهم غير اماميين مع توثيق الكل، و قد يسمى بالقوي أيضا.

و قد يطلق على ما كان رجاله اماميين مسكوتا عن مدحهم و ذمهم.

(الرابع الضعيف): و هو ما كان راوي الحديث غير موثوق به من جهة كذبه، أو جهالته، أو رميه، أو إرساله، أو غير ذلك.

(الخامس الموقوف): و هو الخبر المجهول الراوي، أو مقطوع السند.

(السادس المرسل): و هو خبر محذوف السند.

(السابع المتواتر): و هو خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه من غير احتمال تواطئهم على الكذب.

(الثامن الآحاد): و هو خبر نفر لا يحصل منه العلم القطعي.

(التاسع المستفيض): و هو الخبر الذي لا يصل إلى حد التواتر.

و قد أشرنا الى هذه الأقسام كلها في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 64 في الهامش 1-2-4-5-6-7-8.

(1) و هي الجمل المذكورة عن (الرسول الأعظم) صلّى اللّه عليه و آله:

جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحيكم، فإن هذه الجمل ليس فيها ما يوصف بالباطل و الزور حتى يقال: إنه غناء و قد رخصه (الرسول الأعظم) صلّى اللّه عليه و آله فينكره الامام أشد الإنكار.

بل إنكاره الشديد لأجل تغني الناس بهذه الجمل بلحن خاص و نغمات مطربة.

ص: 180

رخصة النبي صلى اللّه عليه و آله فيه، فليس الإنكار الشديد، و جعل ما زعموا الرخصة فيه من اللهو بالباطل إلا من جهة التغني به.

و رواية (1) يونس قال: سألت الخراساني صلوات اللّه عليه عن الغناء و قلت: إن العباسي زعم أنك ترخص في الغناء.

++++++++++

(1) عطف على قوله: و مما يدل على حرمة الغناء، أي و مما يدل على حرمة الغناء أيضا: رواية يونس.

خلاصة الدلالة: أن الرواية تدل على مبغوضية الغناء من ناحيتين:

(الأولى): الانكار الشديد من الامام عليه السلام حين أخبره يونس عن مقالة العباسي بترخيصه عليه السلام الغناء. فقال عليه السلام:

كذب الزنديق، و عبر عن الزاعم بالزنديق و التعبير هذا يدل على غاية مبغوضية الغناء، و أن أقل مراتبها الحرمة فلذا رماه الامام عليه السلام بالزندقة، اذ لو كان ما نسبه إليه شيئا مباحا و إن كان كاذبا لا يصح رميه بالزندقة.

اللهم الا أن يقال: إن العباسي كان زنديقا قبل نسبة الامام له و أنه كان متلبسا بالزندقة فالامام عليه السلام وصفه بما كان فيه، لا أن العباسي صار زنديقا بسبب نسبة الكذب الى الامام عليه السلام.

(الناحية الثانية): أن الغناء عد من الباطل في تقرير الامام عليه السلام لجواب الراوي للامام حينما سأله عليه السلام: فأين يكون الغناء فقال الراوي: مع الباطل.

فقال عليه السلام: حسبك فقد حكمت.

و لا شك أن المكروهات مهما بلغ الأمر فيها، و مهما اشتدت الكراهة لا توصف بالباطل، و لا يصح التعبير عنها به، فالموصوف بالباطل هو الغناء المحرم. فهنا يشكل قياس منطقي هكذا:

ص: 181

فقال: كذب الزنديق ما هكذا قلت له سألني عن الغناء فقلت له:

إن رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الغناء:

فقال له: يا فلان اذا ميز اللّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء؟

قال: مع الباطل.

++++++++++

- الصغرى: الغناء من الباطل.

الكبرى: و كل باطل فهو حرام.

النتيجة: فالغناء حرام.

ثم إن المراد بالخراساني (الامام الرضا) عليه السلام و إنما سماه الراوي بهذا اللقب للتقية، حيث كان الامام عليه السلام في المراقبة الشديدة من السلطات الزمنية يوم ذاك، حتى أن الواردين عليه، و الناقلين عنه الأحكام الشرعية، و الأحاديث الشريفة: كانوا تحت الضغط الشديد الزمني.

و من هنا يعرف مدى موقف (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام تجاه شيعتهم، و موقف شيعتهم منهم، و موقف السلطات الحاكمة معهم و مع شيعتهم، و أن الأئمة عليهم السلام و شيعتهم كيف تمكنوا من بث معالم الدين، و أحكام سيد المرسلين صلى اللّه عليه و آله في أرجاء البسيطة و أن شيعتهم كيف تمكنوا من الوصول إليهم، و أخذ معالم دينهم منهم.

و هذا الضغط الشديد هو السر في تشريع التقية عند (الشيعة الامامية) منذ تكونت، حيث كانوا محاربين من الهيئات الحاكمة، فالسبب الوحيد في تشريعها هذا لا غير.

و من المؤسف جدا أن (اخواننا السنة) يهاجمون على الشيعة الامامية:

باخذهم التقية، و يشنعون عليهم، و جعلوها حصنا حصينا لهم في حملاتهم و هجماتهم عليهم غافلين عن سر أخذهم بها.

ص: 182

فقال عليه السلام: حسبك فقد حكمت (1).

و رواية (2) محمد بن أبي عباد و كان مستهترا بالسماع، و بشرب النبيذ.

قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع.

قال: لأهل الحجاز فيه رأي، و هو في حيز الباطل و اللهو أ ما سمعت اللّه عز و جل يقول: و اذا مروا باللغو مروا كراما.

++++++++++

(1) هذه الجملة: (فقد حكمت) من الامام عليه السلام يخاطب بها السائل، أي و قد حكمت أنت بقولك: مع الباطل: بحرمة الغناء طال ما كان في عداد الباطل.

و المراد من حكمت: قضيت، أي قضيت أنت بقولك هذا فلا تحتاج إلى الجواب عن الحكم التكليفي للغناء من حيث الحرمة، أو الحلية.

و الحديث مروي في (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 227 باب 99 من أبواب ما يكتسب به كتاب التجارة الحديث 13.

(2) عطف على قوله: و مما يدل على حرمة الغناء، أي و مما يدل أيضا على حرمة الغناء: رواية محمد بن أبي عباد.

وجه الدلالة: أنه عليه السلام بعد سؤال الراوي عن حكم الغناء:

أجاب و هو في حيز الباطل و اللهو، و هذا القدر يكفي في حرمة الغناء.

ثم استدل الامام عليه السلام على حرمة الغناء بالآية الكريمة في قوله عز من قائل: وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً (1).

وجه الاستدلال: أن اللّه عز و جل اثنى على الذين يمرون باللغو فيعرضون عنه، و وصفهم بالكرام، و الثناء و الوصف دليلان على أن اللغو مبغوض عنده، و باطل لديه.

هذا بناء على أن الغناء من اللغو. -7.

ص: 183


1- الأنبياء: الآية 27.

..........

++++++++++

- و لا يخفى: أن للغو اطلاقات.

(منها): ما لا يقصد منه و لا يعتنى به، سواء أ كان في الكلام أم في غيره، و معنى ذلك: عدم الفائدة فيه بحيث لا يصلح للانتفاع.

(و منها): الترك يقال: لغيت هذا أي تركته.

(و منها): التكلم من غير الروية و الحكمة و التبصر كما في تكلم كثير من الناس، حيث إنهم يتكلمون كيف شاءوا من غير روية، و تدبر و تفكر و تبصر، و من دون الملاحظات الوقتية و الزمنية، و الموقعية.

(و منها): الباطل، و الفحش، و الكذب، و السقط، يقال:

لغيت الشيء، أي ابطلته.

ثم إنه لم نجد في كتب اللغة أن اللغو جاء بمعنى الغناء و الكذب و اللهو.

نعم قال في (تاج العروس) في مادة لغو: اللغو الباطل عن الامام البخاري، و به فسرت الآية (وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً) .

ثم إن قوله عليه السلام: لأهل الحجاز فيه رأي معناه: أنهم افتوا بحلية الغناء.

ثم إن اللغو المذكور في الآية الكريمة التي استشهد بها الامام عليه السلام: اعم من فحش الكلام فيشمل كل ما هو مبغوض، سواء أ كان من القول أم من الصوت غير أن للباطل و اللهو درجات صعودا و نزولا.

و الحديث مذكور في نفس المصدر. ص 229. الباب 99. الحديث 19.

و كلمة مستهترا في الحديث بصيغة الفاعل من باب الاستفعال معناه:

متابعة الهوى بحيث لا يبالي الانسان بما يفعله، و لا يراعي جانب الدين أو المحيط الاجتماعي في أفعاله.

ص: 184

و الغناء من السماع كما نص عليه في الصحاح (1).

و قال أيضا: جارية مسمعة أي مغنية.

و في رواية الأعمش (2) الواردة في تعداد الكبائر قوله: و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه كالغناء و ضرب الأوتار.

++++++++++

- و كلمة نبيذ وزان فعيل بمعنى المفعول أي المنبوذ و هو: ما ينبذ من التمر و العنب و غيرهما في الماء ليعمل شرابا مسكرا، ثم صار يطلق على الشراب نفسه.

(1) قال في الصحاح في مادة (غني): الغناء بالفتح النفع و بالكسر: السماع.

و قال في مادة (سمع): المسمعة المغنية و هنا بمعنى المسموع و هي الاغنية المسموعة.

و المراد بالسماع في قول الراوي: و كان مستهترا بالسماع.

و في قوله: سألت الرضا عليه السلام عن السماع: هو الغناء.

و المراد من المسئول في قوله: سألته عن السماع: السؤال عن حكم الغناء من حيث الحلية و الحرمة.

(2) عطف على قوله: و مما يدل على حرمة الغناء، أي و في رواية الاعمش جملة تدل على حرمة الغناء و هي: (و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه كالغناء، و ضرب الأوتار)، حيث إن الامام عليه السلام كان في مقام عد الكبائر فذكر هذه الجملة التي تستفاد منها حرمة الغناء.

و لا يخفى أن الجملة لا تدل على الحرمة، حيث إنها لم تعطف على الجمل الافتتاحية التي افتتحها الامام عليه السلام في مقام عد الكبائر

بل هي جملة مستأنفة مستقلة صريحة في الكراهة، حيث يقول عليه السلام:

(و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه مكروهة كالغناء، و ضرب الأوتار). -

ص: 185

و قوله (1) عليه السلام و قد سئل عن الجارية المغنية قد يكون للرجل جارية تلهيه: و ما ثمنها إلا كثمن الكلب.

و ظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حيث

++++++++++

- راجع (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة، الجزء 10. ص 229.

السطر 14 تجد صحة ما قلناه.

فكلمة مكروهة تقابل محرمة المذكورة في عداد الكبائر فهما متضادتان

و لا يمكن أن يقال: إن الكراهة في الرواية في هذه الجملة ليست بمعناها الحقيقي الاصطلاحي، و هو ترك الفعل مع جواز الاتيان به بل يراد منها معناها المجازي: و هي الحرمة، لأنها طالما وقعت مقابلة للحرمة لا يراد منها: الحرمة.

و اظن و ان كان الظن لا يغني من الحق شيئا: ان الشيخ قدس اللّه روحه الطاهرة فاتته كلمة (مكروهة) و لم تلفت نظره الشريف إليها فاعتقد أن جملة و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه معطوفة على قوله عليه السلام:

و الكبائر محرمة.

(1) عطف على قوله: و مما يدل على حرمة الغناء أي جواب الامام عليه السلام للسائل عن الجارية المغنية: و ما ثمنها الا ثمن الكلب يدل على حرمة الغناء، حيث عبر عليه السلام عن ثمن الجارية المغنية بثمن الكلب.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 88. الباب 16 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 6.

إليك نص الحديث.

(قد تكون للرجل جارية تلهيه و ما ثمنها إلا ثمن كلب) فالمذكور هنا مخالف للمصدر.

ثم إن كيفية الاستدلال بالحديث غامض جدا، حيث إن الامام عليه السلام -

ص: 186

اللهو و الباطل فالغناء و هي من مقولة الكيفية (1) للاصوات كما سيجيء ان كان (2) مساويا للصوت اللهوي و الباطل كما هو الأقوى و سيجيء.

++++++++++

- لم يصرح بنوع اللهو في قوله: الجارية تلهيه. هل هو الغناء، أو ضرب الأوتار، أو الرقص، أو الألعاب الغريبة.

أو المراد بقوله: تلهيه: المكر و الخديعة، أو غير ذلك من الامور المحتملة في كلمة (تلهيه)

فالرواية بنفسها لا تدل على حرمة الغناء، و ليس هناك قرينة دالة على أن الغناء هو المقصود من اللهو.

لكن الشيخ قدس سره من كثرة تورعه و تقواه حمل اللهو في الرواية على الغناء الذي ثبتت حرمته بلا خلاف.

اللهم إلا أن يقال: إن كلمة المغنية في قول الراوي: سئل أبو الحسن عليه السلام عن شراء المغنية: قرينة واضحة على ان المراد من تلهيه:

هو الغناء.

(1) هذا تصريح من الشيخ في أن الغناء من مقولة الكيفية و عدول منه عما أفاده: من أن الغناء من مقولة الكلام في ص 170 في قوله:

(فيختص الغناء بما كان مشتملا على الكلام الباطل)، و هنا أفاد أن الغناء من مقولة الكيفية للاصوات اذا وجد في ألحان مخصوصة، أو كيفية مطربة كألحان أهل الفسوق و العصيان: بمقتضى ما ذكر في الروايات التي يذكرها الشيخ.

(2) اسم كان مستتر يرجع الى الغناء، أي اذا كان الغناء مساويا مفهوما مع مفهوم الصوت اللهوي و الباطل.

و المراد بالصوت اللهوي: هي الألحان المخصوصة، و نغمات مشهورة عند أهل الفسوق و المعاصي.

ص: 187

..........

++++++++++

- و الغرض من تقييد الصوت باللهوي و الباطل: أنه لو لم يقيد بذلك لم يكن مجرد اخراج الصوت من دون أن يكون مشتملا على اللهو و الباطل حراما، إذ الكيفية المخصوصة بألحان خاصة، و نغمات معروفة لا بدّ أن تكون بالصوت اللهوي و الباطل.

و قد عرفت في صدر عنوان المسألة عند ما أفاد الشيخ أن الغناء من مقولة الكلام: تقييده الكلام بالباطل في قوله في ص 170: (فيختص الغناء المحرم بما كان مشتملا على الكلام الباطل).

ثم إن الشيخ بعد أن قال: إن الغناء من مقولة الكيفية اللهوية أفاد أن احتمالات النسبة بين الغناء، و الصوت اللهوي ثلاثة:

(الأول): التساوي و هو صدق أفراد الغناء على الكيفية اللهوية و صدق أفراد الكيفية اللهوية على أفراد الغناء كما في قولك:

الصغرى: كل غناء صوت لهوي.

الكبرى: و كل صوت لهوي غناء.

النتيجة: التساوي.

و الى هذا أشار الشيخ بقوله: ان كان مساويا للصوت.

(الثاني) الأعم و الأخص مطلقا.

و هذا على قسمين:

(الأول): أن يكون العموم في جانب الغناء، و الخصوص في جانب الصوت اللهوي كما في قولك:

الصغرى: بعض الغناء صوت لهوي.

الكبرى: و كل صوت لهوي غناء.

النتيجة: بعض الغناء ليس بصوت لهوي.

ص: 188

فهو (1) و ان كان (2) أعم وجب تقييده بما كان من هذا العنوان

++++++++++

- و الى هذا أشار الشيخ بقوله: و ان كان أعم.

(الثاني): أن يكون العموم في جانب الصوت اللهوي و الخصوص في جانب الغناء كما في قولك:

الصغرى: بعض الصوت اللهوي غناء.

الكبرى: و كل غناء صوت لهوي

النتيجة: بعض الصوت اللهوي ليس بغناء

و الى هذا أشار الشيخ بقوله: و ان كان أخص وجب التعدي.

فالضابط و القاعدة الكلية في أخذ النسب ملاحظة مفهوم القضيتين.

خذ لذلك مثالا:

اذا قلت: ان الانسان أخص من الحيوان معناه أن الصدق من طرف الانسان كلي، دون الحيوان أي كلما صدق الانسان صدق الحيوان، و ليس كلما صدق الحيوان صدق الانسان، بل بعض الحيوان انسان، و بعضه ليس بإنسان.

ففيما نحن فيه و هو الغناء و الصوت اللهوي اذا قسنا مفهوم الغناء مع مفهوم الصوت اللهوي و اضفناه إليه و قلنا: إن الأول أخص من الثاني معناه أن كل غناء صوت لهوي و لا عكس أي ليس كل صوت لهوي غناء بل بعضه غناء، و بعضه ليس بغناء كما عرفت.

(1) جواب لان الشرطية في قوله: ان كان مساويا أي ان كان الغناء مساويا للصوت اللهوي كما عرفت فهو المطلوب و المراد.

(2) أي و ان كان الغناء أعم من الصوت اللهوي وجب تقييده بالغناء الذي يكون ملهيا كما عرفت آنفا في بيان النسب.

ص: 189

كما أنه (1) لو كان أخص وجب التعدي منه الى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو.

و بالجملة (2) فالمحرم هو ما كان من لحون أهل الفسوق و المعاصي التي ورد النهي عن قراءة القرآن (3) بها،

++++++++++

(1) أي كما أن الغناء لو كان أخص من الصوت اللهوي كما عرفت في ص 189: وجب التعدي منه الى مطلق الصوت الخارج من الحلق على نحو اللهو: بمعنى أنه لو كانت هناك أصوات خاصة و نغمات معروفة يصدق عليها اللهو، و لا يصدق عليها الغناء وجب تعميم الحرمة على تلك الأصوات، و لا يقتصر في الحكم بالحرمة على مصداق الغناء فقط، لأن الملاك في الحرمة هو اللهو.

و هذا معنى أخصية الغناء في قوله: لو كان أخص

ثم المراد من وجوب التعدي في قوله: وجب التعدي: وجوب التعدي في الحكم الذي هي الحرمة لا وجوب التعدي الى الموضوع.

(2) أي و خلاصة الكلام: أن الغناء المحرم: ما كان من لحون أهل الفسوق، و أصوات أهل المعاصي.

(3) مرجع الضمير: الألحان و الأصوات.

أي و قد ورد النهي عن قراءة القرآن بألحان أهل الفسوق و العصيان كرواية (عبد اللّه بن سنان) عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال:

قال (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و إياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر، فانه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم.

راجع (اصول الكافي). الجزء 2. ص 614. الحديث 3.

ص: 190

سواء أ كان (1) مساويا للغناء أم اعم، أو أخص،

كلمات اللغويين و الفقهاء في معنى الغنى و الطرب

مع ان الظاهر انه ليس الغناء إلا هو (2) و ان اختلفت فيه عبارات الفقهاء و اللغويين (3).

فعن (4) المصباح ان الغناء الصوت.

++++++++++

(1) أي سواء أ كان اللهو مساويا مع الغناء، أم كان اللهو أعم من الغناء، و الغناء أخص مطلقا، أم كان اللهو أخص من الغناء، و الغناء أعم مطلقا كما عرفت شرح الأقسام في ص 188-189.

(2) مرجع الضمير (ما الموصولة) في قوله: فالمحرم ما كان أي مع ان الظاهر: أن الغناء المحرم ليس إلا ما كان من ألحان أهل الفسوق و نغمات أهل العصيان.

(3) كما يذكر الشيخ عن اللغويين تعاريف الغناء بعيد هذا.

(4) من هنا اخذ الشيخ في ذكر التعاريف المختلفة في الغناء بين اللغويين.

فقال نقلا عن المصباح: (ان الغناء الصوت) أي الغناء هو الصوت، و الصوت هو الغناء من غير فرق بينهما، فعلى هذا التعريف يكون الغناء من مقولة الأصوات.

و لا يخفى ان تعريف الغناء بالصوت تعريف بالمجهول، لأنه ان أراد بالصوت الصوت المطلق الذي يخرج من الفم أصبح جميع ما يتكلم به الانسان يوميا: من الغناء و هذا لا يقوله أحد.

و ان كان المراد بالصوت صوتا مخصوصا فلا بد من تعريفه حتى يصح التعريف به.

و ان كان المراد بالصوت الغناء لزم الدور، لأنه في قوة قولك:

الغناء غناء و هذا معنى توقف الشيء على نفسه.

ص: 191

و عن (1) آخر: أنه مد الصوت.

و عن النهاية (2) عن الشافعي: انه تحسين الصوت و ترقيقه.

و عنها (3) أيضا: أن كل من رفع

++++++++++

(1) هذا تعريف ثان للغناء عن بعض اللغويين يخالف تعريف المصباح مخالفة جزئية، حيث ضيق دائرة الغناء على الاحتمال الأول في معنى الصوت و وسعه على الاحتمال الثاني في معنى الصوت.

و المراد من مد الصوت استطالته، فان المد لا يمكن وقوعه إلا من الحلق بنحو الاستطالة.

(2) هذا تعريف ثالث للغناء عن ابن الأثير يخالف التعريفين بعض الخلاف.

(3) هذا تعريف رابع للغناء عن ابن الأثير في النهاية أيضا يخالف التعاريف الثلاثة.

ثم لا يخفى أن النسبة بين تعريف صاحب المصباح على الاحتمال الأول الذي ذكرناه بقولنا: لأنه ان أراد بالصوت الصوت المطلق و بين تعريف الآخر: العموم و الخصوص المطلق. بمعنى أن العموم في جانب تعريف صاحب المصباح، أي كلما صدق مد الصوت صدق الصوت المطلق، حيث عرّف صاحب المصباح الغناء بقوله: الغناء الصوت

و ليس كلما صدق الصوت المطلق صدق مد الصوت.

و أما على الاحتمال الثاني الذي قلنا: و ان كان المراد بالصوت الصوت الخاص فلا يدل في تعريفه: فلم نفهم المقصود منه حتى يتعين النسبة بين التعريفين.

و أما النسبة بين تعريف الآخر، و تعريف صاحب النهاية فعموم و خصوص من وجه، اذ له مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

ص: 192

صوتا و والاه (1) فصوته عند العرب غناء.

++++++++++

أما مادة الاجتماع فكما اذا كان هناك مد الصوت و ترقيقه و تحسينه.

أما مادة الافتراق من جانب مد الصوت بأن كان هو موجودا و ذاك ليس بموجود كما اذا كان مد الصوت غير مشتمل على الترقيق و التحسين.

و أما مادة الافتراق من جانب الترقيق و التحسين بأن كان هو موجودا و ذاك غير موجود كما اذا كان هناك صوت رقيق محسن من غير مد.

اللهم إلا أن يقال: إن التحسين و الترقيق ملازمان لمد الصوت فتكون النسبة اذا العموم و الخصوص المطلق بمعنى أنه كلما صدق تحسين الصوت و ترقيقه صدق مد الصوت.

و ليس كلما صدق مد الصوت صدق تحسينه و ترقيقه.

و أما النسبة بين تعريف صاحب المصباح، و تعريف صاحب النهاية نقلا عن الشافعي: فالعموم و الخصوص المطلق على الاحتمال الأول في قولنا في الهامش 4. ص 191: لأنه إن أراد بالصوت الصوت المطلق

و أما النسبة بين تعريف صاحب النهاية، و تعريف الشافعي فالعموم و الخصوص من وجه له مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما اذا كان هناك صوت مرفوع متصل مع الترقيق و التحسين فحينئذ يصدق التعريفان.

و أما مادة الافتراق من جانب الترقيق و التحسين فكما اذا كان هناك الترقيق موجودا، و الصوت المرفوع المتصل غير موجود.

و أما مادة الافتراق من جانب الصوت المرفوع المتصل فكما اذا كان هناك الصوت المرفوع موجودا، و الترقيق المرفوع المتصل غير موجود.

(1) معناه: المتابعة. يقال: زيد والى عمرا، أي تابعه.

و المقصود منه هنا: أن كل من رفع صوته و تابع بعضه بعضا -

ص: 193

و كل (1) هذه المفاهيم مما يعلم عدم حرمتها، و عدم صدق الغناء عليها فكلها اشارة الى المفهوم المعين عرفا.

و الأحسن (2) من الكل: ما تقدم من الصحاح.

++++++++++

- يصدق عليه أنه غناء.

و هذا رأي صاحب النهاية، كما أن التعاريف المتقدمة تمثل آراءهم الخاصة، اذا لا يمكن الأخذ بهذه التعاريف لأنه لم يقم من الخارج دليل على الأخذ بها، و بهذه الآراء.

و الدليل على أن هذه التعاريف آراءهم الخاصة: اختلاف نفس اللغويين في تعريف الغناء كما عرفت، كما أن تعريف الفقهاء الغناء يمثل آراءهم الخاصة، لعدم وجود مفهوم خاص عرفي للغناء عند العرب حتى يتفقوا على تعريف واحد.

نعم يمكن أن يقال: إن الفقهاء أرادوا في تعاريفهم المختلفة هذا المعنى العرفي من الغناء فعند الشك في التوصل الى المعنى العرفي لا يحكم بحرمة الغناء اذا لم تحرز القيود المأخوذة في تعريف كل من الفقهاء، و اللغويين.

(1) أي كل هذه المفاهيم و التعاريف المذكورة للغناء من اللغويين:

من أنه الصوت، أو مد الصوت، أو تحسينه و ترقيقه، أو رفع الصوت مع التوالي: مما يعلم عدم حرمتها بقول مطلق، لعدم صدق الغناء عليها فكلها خارجة عن المفهوم العام الكلي: و هي حرمة الغناء، للشك في كونها من صغريات تلك الكبرى الكلية لأن كل هذه المفاهيم اشارة الى المفهوم المعين: و هي ألحان أهل الفسوق، و نغمات أهل المعاصي التي يحصل الغناء بها.

(2) أي الأحسن من جميع التعاريف الواردة في الغناء: تعريف صاحب الصحاح في ص 185 عند قوله: و الغناء من السماع، و قوله:

جارية مسمعة، أي مغنية.

ص: 194

و يقرب منه (1) المحكي عن المشهور بين الفقهاء: من أنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب.

++++++++++

- ثم لا يخفى أن ما أفاده الشيخ من أن الأحسن من الكل ما تقدم من الصحاح: دليل على ما قلناه: من عدم جواز الاعتماد على أقوال أهل اللغة، و ان تلك المفاهيم التي ذكرها اللغويون و الفقهاء في تعريف الغناء كلها تمثل آراءهم الخاصة، و نظرياتهم الشخصية، اذ في كل صقع من أصقاع العالم اصطلاح خاص في الغناء.

و من الواضح أن عند كل قوم من العرب عرف خاص في الغناء فالملاك و المناط في حرمة الغناء: الغناء الشائع الرائج المتعارف في عصر أئمة (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الذين وردت منهم الأحاديث في الغناء.

و لا شك أن الغناء له مفهوم عرفي في عصرهم.

و أما وجه أحسنية تعريف الصحاح عن تعريف الآخرين: فلاجل انطباقه تماما على ما يلزم الغناء من لحن فسوقي، و نغمات خاصة، حيث إن السماع معروف عند الفساق و غيرهم: يقال: فلان مستهتر بالسماع و شرب النبيذ أي بالغناء و الشرب.

و قد ورد التعبير بذلك في رواية (محمد بن أبي عباد) المشار إليها في ص 183 مستهترا بالسماع.

(1) أي من قول (صاحب الصحاح).

و كلمة من بيانية للمحكي المشهور، و مرجع الضمير في أنه: الغناء.

و المراد من ترجيع الصوت: ترديده في الحلق و ادارته و خفضه و رفعه.

يقال: فلان رجّع صوته أي ردّده في الحلق، فعليه ينطبق تعريف المشهور الغناء: بانه مد الصوت المشتمل على الترجيع -

ص: 195

و الطرب على ما في الصحاح خفة (1) تعتري الانسان لشدة حزن أو سرور.

و عن الأساس (2) للزمخشري خفة لسرور، أو هم.

و هذا القيد (3) هو المدخل للصوت في أفراد اللهو.

++++++++++

- المطرب: على السماع و هو قوله: جارية مسمعة أي مغنية.

و هما ينطبقان تماما على اللحن الفسوقي و ما عليه أهل المعاصي من اللهجات الغنائية.

و أما الترجيع بمعنى تحسين الصوت في القراءة فهو حسن مأمور به و منه قول القائل: فلان رجّع في القرآن، أي حسّن صوته فيه:

(1) أي حالة نفسانية تعرض الانسان بها يفقد الانسان حالته المتوازنة و الطبيعية كما عرفت في ص 161.

(2) أي أساس اللغة في تعريف الغناء حيث قال: إن الغناء خفة منشئوها السرور، أو الهم.

أيها القارئ الكريم هذه تعاريف اللغويين فليقولوا ما شاءوا حول تعريف الغناء طال ما كان العرف في خلافهم، فانه لا يفهم من الطرب إلا السرور، و به تحصل الخفة، و هذه الخفة يجب اعتبارها في الطرب المحرم، لأنه القدر المتيقن.

(3) و هي الخفة المأخوذة في تعريف الطرب في قول صاحب الصحاح و أساس اللغة هو المدخل لهذا النوع من الصوت الذي كان مشتملا على الترجيع: في أفراد اللهو.

و لا يخفى ان المراد من اللهو: الملهو به، أي يوجب اللهو للمستمع إليه، و ان كان يوجب اللهو لمن يصدر منه أيضا.

ص: 196

و هو (1) الذي اراده الشاعر بقوله: أطربا و انت قنّسري أي شيخ كبير و الا (2) فمجرد السرور و الحزن لا يبعد عن الشيخ الكبير.

و بالجملة (3) فمجرد مد الصوت لا مع الترجيع المطرب، أو و لو مع الترجيع لا يوجب كونه لهوا، و من اكتفى بذكر الترجيع (4) كالقواعد اراد به المقتضي للاطراب.

++++++++++

- و تسمية مثل هذا لهوا باعتبار كونه سببا له فهو من قبيل تسمية السبب باسم المسبب.

(1) أي السرور البالغ حد الخفة التي تعتري الانسان و تخرجه عن حالته الطبيعية المتوازنة. هو الذي أراده الشاعر العجاج بقوله:

(أطربا و أنت قنّسري *** و الدهر بالانسان دوّاري)(1)

أي أ تطرب طربا موجبا للخفة التي يصدر منها تلك الحالة و أنت شيخ كبير

(2) أي و ان لم يكن المراد من الطرب هي الخفة التي يتولد منها الحالة الخاصة فمجرد السرور و الحزن لا يكونان بعيدين عن الشيخ الكبير فالمقصود من الطرب هي الخفة التي تحصل للانسان، و تخرجه عن حالته الطبيعية المتوازنة التي كان عليها قبلها.

و طبيعي ان مثل هذه الحالة صدورها قبيح عن الشيخ الكبير، و لذا قال: اطربا و انت قنسري.

(3) اي و خلاصة الكلام: أن مجرد مد الصوت من دون ترجيع و ترديد فيه على الألحان المعروفة عند أهلها لا يوجب كونه لهوا محرما.

هذه هي التعاليق التي أشرنا إليها في ص 162 بقولنا: سيجيء الاشارة إليها قريبا.

(4) اي من دون قيد الاطراب كما افاده العلامة رحمه اللّه في القواعد -ة.

ص: 197


1- راجع مغني اللبيب. المجلد الثاني: ص 681. و المجلد الأول ص 18. طباعة مطبعة المدني القاهرة.

قال في جامع المقاصد في الشرح: ليس مجرد مد الصوت محرما و ان مالت إليه النفوس ما لم ينته الى حد يكون مطربا بالترجيع (1) المقتضي للاطراب انتهى.

ثم ان المراد (2) بالمطرب ما كان مطربا في الجملة بالنسبة الى المغني

++++++++++

في تعريف الغناء معرضا عن تعريف المشهور في الغناء حيث قالوا: انه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب: اراد من الترجيع الترجيع المطرب بالصفة التي وصفناها و هي الخفة التي تعتري الانسان.

(1) هذا القيد توضيحي، حيث ان الإطراب لا يخلو من الترجيع اذ الترجيع من مقومات الاطراب و لوازمه التي لا ينفك عنه، لأن كل اطراب ترجيع، و بعض الترجيع ليس اطرابا.

كما أن الشجرة من مقومات الثمرة، فلو قلت: قطعت ثمرة من الشجرة يكون القيد توضيحيا، حيث لا توجد ثمرة من غير الشجرة حتى تقيد بالشجرة.

و كلمة المقتضي نعت للترجيع أي الترجيع المقتضي للاطراب.

(2) أي مقصود كل من أخذ قيد الاطراب في تعريف الغناء (كالمحقق الثاني) في كتابه (جامع المقاصد) بقوله: الى حد يكون مطربا بالترجيع: هو الغناء المطرب في الجملة و لو كان الاطراب مرة واحدة، أو أطرب شخصا واحدا.

أو الإطراب الشأني الاقتضائي أي من شأنه أن يكون مطربا و ان لم يطرب بالفعل، سواء حصلت له الخفة المفسّر بها الطرب عند اللغويين أم لا فالحرمة ثابتة في حق كل من استمع الغنى أم تغنى به بتلك الألحان المخصوصة المعروفة عند أهل الفسوق و المعاصي.

و إنما التزم الشيخ بأحد الأمرين المذكورين، فرارا عن المأزق الذي -

ص: 198

..........

++++++++++

- يقع الفقيه فيه لو اعتبرت الفعلية في الاطراب.

و المأزق هو خروج كثيرين عن تعريف الغناء، لعدم عروض تلك الحالة و هي الخفة لهم، و خروجهم عن الحالة الطبيعية المتوازنة فلا تشملهم الحرمة الثابتة في الغناء فيلزم حينئذ تخصيص تلك الكبرى الكلية، فصونا عن التخصيص أفاد الشيخ أحد الأمرين المذكورين لا محالة.

ثم إن عدم عروض الخفة في حق كثيرين منشأه أمور أربعة:

(الأول): قبح الصوت، فانه لا تؤثر في المستمع، أو المغني مهما كانت صفة الغناء، و مهما بلغت نغماته و ألحانه و حركاته الخاصة.

(الثاني): المرض الموجب لسلب الصحة و العافية عن الانسان بحيث ينزعج عن سماع الأغاني فضلا عن الالتذاذ و السرور المعبر عنهما بالخفة.

أو هناك سانحة نفسانية: من اضطراب في الفكر، أو تشويش في البال، أو قلق في القلب بحيث لا يبقى له مجال لعروض تلك الخفة.

(الثالث): النقص الخلقي في الانسان كما اذا كان فاقد الحس فان النغمات الخاصة لا تؤثر فيه.

(الرابع): وجود القوة القاهرة في الانسان بها يتمكن من السلطة على أعصابه، و السيطرة على نفسه الأمارة، و على زمامها حتى لا يؤثر عليه أية نغمة من نغمات الغناء، و أي لحن من ألحانه.

هذه هي الأمور الموجبة لخروج اكثر أفراد الناس عن تحت تلك الكبرى الكلية: و هي حرمة الغناء.

فعلى ضوء ما ذكرنا ظهر لك وجه اختيار الشيخ الشأنية و الاقتضائية في الاطراب، بناء على أخذ الاطراب قيدا في الغناء.

ص: 199

او المستمع، او ما كان (1) من شأنه الاطراب و مقتضيا له لو لم يمنع عنه مانع (2): من جهة قبح الصوت او غيره (3).

و أما لو اعتبر الاطراب فعلا (4)،

++++++++++

- وجه الظهور: أنه لما رأى تفسير الطرب في اللغة بالخفة التي تعتري الانسان.

و رأى من جانب آخر أن (المحقق الثاني) قيد الغناء بكونه مطربا.

و رأى أن فعلية الاطراب لا تنسجم مع كثير من الناس، لعدم حصول تلك الحالة لهم، للموانع المذكورة.

و رأى عدم الفرق بين الاطراب و الطرب من حيث المعنى، لأن الاطراب ايجاد تلك الخفة بمعونة مد الصوت و تحسينه و ترجيعه، و الطرب نفس الخفة فنتيجتهما واحدة و هو حصول الخفة للانسان: فاضطر الى القول بشأنية الاطراب و اقتضائيته من غير تصرف في معنى الطرب حتى تبقى القاعدة الكلية على حالها من دون أن تنخرم فهذه و تلك أوجبت القول بشأنية الاطراب و اقتضائيته.

(1) هذا هو الشق الثاني للمراد من الاطراب المتخذ في تعريف الغناء كما عرفت شرحه آنفا، اذ شقه الأول: هو الاطراب في الجملة.

(2) أي عن الاطراب، و كلمة من في قوله: من جهة القبح بيانية لمانعية الشيء عن الاطراب، و قبح الصوت أحد الموانع الأربعة المذكورة.

(3) أي أو غير قبح الصوت: من المرض أو القلق، أو الاضطراب أو النقص الخلقي، أو وجود قوة قاهرة قوية غالبة على الأعصاب و النفس الأمارة كما عرفت في ص 199.

(4) أي لو قيد الاطراب المتخذ في تعريف الغناء من اللغويين و الفقهاء: بالفعلية يلزم المحذور المذكور.

ص: 200

خصوصا (1) بالنسبة الى كل أحد، و خصوصا (2) بمعنى الخفة لشدة السرور، أو الحزن فيشكل (3)، لخلو اكثر ما هو غناء عرفا عنه.

و كأن هذا (4) هو الذي دعا الشهيد الثاني الى أن زاد في الروضة و المسالك بعد تعريف المشهور: قوله: أو ما يسمى في العرف غناء.

و تبعه (5) في مجمع الفائدة و غيره.

(1) منصوب على الاختصاص أي و نخص ورود الاشكال المذكور:

و هو خروج أكثر الناس عن تحت الكبرى الكلية: بالنسبة الى كل فرد و قد عرفت كيفية الخروج في ص 199.

(2) منصوب على الاختصاص أي و نخص ورود الاشكال المذكور لو اريد من الغناء الخفة و هي تلك الحالة التي وصفناها لك.

(3) جواب للو الشرطية، أي فيشكل لو اريد الفعلية في الاطراب و قد عرفت وجه الاشكال في ص 199.

(4) أي كأن المأزق المذكور و هو خروج الكثر الناس عن تحت الكبرى الكلية، و لزوم التخصيص فيها: حث (الشهيد الثاني) على زيادة أو ما يسمى في العرف غناء في تعريف الغناء: أي قال (الشهيد الثاني) إن الغناء هو مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، أو ما يسمى في العرف غناء و ان لم يطرب.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 212.

(5) أي و تبع (الشهيد الثاني) في هذه الزيادة (صاحب مجمع الفائدة) للخلاص عن المأزق المذكور.

و كلمة غيره يجوز قراءته بالجر عطفا على قوله: في (مجمع الفائدة) أي و في غير مجمع الفائدة.

ص: 201

و لعل هذا (1) أيضا دعا صاحب مفتاح الكرامة الى زعم أن الاطراب في تعريف الغناء غير الطرب المفسّر في الصحاح بخفة لشدة سرور، أو حزن

++++++++++

- و يجوز قراءته بالرفع عطفا على فاعل و تبعه، أي و تبع (الشهيد الثاني) في الزيادة المذكورة في تعريف الغناء غير صاحب مجمع الفائدة أيضا.

(1) أي المأزق المذكور.

و خلاصة ما أفاده صاحب (مفتاح الكرامة) في هذا المقام:

ان المحذور المذكور: و هو لزوم تخصيص اكثر افراد الغناء لو اعتبرنا الفعلية في الاطراب: إنما يلزم لو فسر الطرب الواقع في تعريف الفقهاء الغناء بقولهم: الغناء المحرم ما يكون مطربا بالترجيع: بمثل تفسير اللغويين الغناء بقولهم: الغناء هي الخفة التي تعتري الانسان لشدة سرور أو حزن

لكننا نقول بالفرق و التغاير بين الطربين في تفسيرهما، فان الطرب الواقع في تعريف الفقهاء غير الطرب المفسر بخفة في تعريف اللغويين، لأن الطرب الحاصل من الاطراب هو السرور و الالتذاذ من مد الصوت و ترجيعه و تحسينه و تكييفه،

و هذا أعم من الخفة المفسّرة عند اللغويين.

بعبارة اخرى أن بين الطرب الواقع في تعريف الفقهاء، و الواقع في تعريف اللغويين العموم و الخصوص المطلق، فالطرب في تعريف الفقهاء اعم، و في تعريف اللغويين أخص اي كلما صدق الثاني صدق الأول و ليس كلما صدق الأول صدق الثاني فهنا قياس منطقي هكذا:

الصغرى: بعض الطرب الفقهي طرب لغوي.

الكبرى: و كل طرب لغوي طرب فقهي.

النتيجة: بعض الطرب الفقهي ليس بطرب لغوي.

و مما لا شك فيه ان الطرب الفقهي يحصل لكل احد فتحصل الحرمة -

ص: 202

و ان توهمه (1) صاحب مجمع البحرين و غيره من أصحابنا.

و استشهد (2) على ذلك مما في الصحاح: من أن التطريب في الصوت مده و تحسينه.

++++++++++

- في حق من استمع الغناء المطرب بهذا الاطراب، سواء حصلت له الخفة المفسّرة بالطرب لغة أم لا.

و حصول الطرب الفقهي لكل احد امر طبيعي حسي ليس قابلا للانكار، و من ادعى عدم حصول الالتذاذ و السرور من استماع تلك الأغاني بتلك الصفة الخاصة فقد كذب في دعواه فهو كمدعي عدم الالتذاذ من الجمال الطبيعي.

فكما انه كاذب في دعواه هذه، كذلك كاذب في دعواه تلك.

و ان شئت فقل: إنه حمار بصورة انسان.

و هذا أجدر و أحرى من أن يقال في حقه: إنه كاذب.

و الى هذا المعنى أشار (شيخنا البهائي) أعلى اللّه مقامه في منظومته:

كل من لم يعشق الوجه الحسن *** قرب الجل إليه و الرسن

و ما أجدر بشيخنا البهائي لو أبدل لفظ الوجه الحسن بالصوت الحسن.

هذه خلاصة ما ذهب إليه صاحب (مفتاح الكرامة) في الفرق بين الطرب الفقهي، و الطرب اللغوي لو اعتبرنا الفعلية في الإطراب في تعريف الفقهاء الغناء.

(1) أي و ان توهم صاحب (مجمع البحرين) و قال بمقالة المشهور:

من أن الطرب الواقع في تعريف الفقهاء هو الطرب المفسّر عند اللغويين بالخفة الحاصلة للانسان لشدة سرور أو حزن

(2) هذا هو الاستشهاد الأول من صاحب (مفتاح الكرامة) على دعواه.

ص: 203

و ما عن المصباح (1) من أن طرّب في صوته مده و رجعه.

و في القاموس (2) الغناء ككساء من الصوت ما طرب به، و أن التطريب الاطراب كالتطرب و التغني.

++++++++++

- و خلاصته: أن صاحب (الصحاح) قال في مادة طرب:

إن التطريب في الصوت مده و تحسينه، و لم يقل: التطريب هي الخفة الحاصلة للانسان.

هذا بناء على أن التطريب و الاطراب شيء واحد.

فكما أن الاطراب هو مد الصوت و تحسينه، و كذلك التطريب هو مده و تحسينه.

(1) أي و استشهد صاحب (مفتاح الكرامة) أيضا على صحة دعواه بقول المصباح.

هذا استشهاد ثان و خلاصة الاستشهاد: أن (صاحب المصباح) قال في مادة طرب: طرّب في صوته مدّه و رجّعه، و لم يأخذ الخفة في تعريفه طرّب فيكون الاطراب نظير التطريب.

بناء على ان التطريب و الاطراب شيء واحد كما عرفت.

(2) أي و استشهد صاحب (مفتاح الكرامة) أيضا على صحة دعواه بقول صاحب القاموس.

هذا استشهاد ثالث و خلاصته: أن صاحب القاموس قال في مادة غني: الغناء ككساء من الصوت ما طرب به.

و قال في مكان آخر: التطريب: الاطراب كالتطرب و التغني فكما ان التطرب و التغني شيء واحد.

كذلك التطريب و الاطراب شيء واحد، فصاحب القاموس لم يأخذ -

ص: 204

قال (1) رحمه اللّه: فتحصل من ذلك ان المراد بالتطريب و الاطراب غير الطرب بمعنى الخفة لشدة حزن او سرور كما توهمه (2) صاحب مجمع البحرين و غيره من أصحابنا فكأنه قال في القاموس (3) الغناء من الصوت ما مدّ و حسن و رجع فانطبق على المشهور (4) اذ الترجيع

++++++++++

في تعريف التطريب الخفة، فكذلك لا تأتي الخفة في الاطراب، بناء على أنهما شيء واحد.

ثم لا يخفى عليك أن في بعض نسخ المكاسب، بل في أكثرها هكذا:

التطريب و الاطراب مع الواو.

و الصحيح ما أثبتناه: و هو التطريب الاطراب على غرار مبتدأ و خبر أي التطريب الاطراب.

أو على أنه خبر لمبتدإ محذوف أي التطريب هو الاطراب، و لا معنى للواو هنا حتى تجعل عاطفة، لعدم وجود معطوف عليه حتى تعطف الجملة عليه.

و القرينة على ذلك قول صاحب القاموس: كالتطرب و التغني أي التطرب التغني.

هذه خلاصة الاستشهادات من صاحب (مفتاح الكرامة) و قد أخذ الشيخ في نقضها واحدا واحدا.

(1) أي قال (صاحب مفتاح الكرامة) فقد تحصل من مجموع ما ذكره صاحب (الصحاح و المصباح و القاموس).

(2) أي كما توهم صاحب (مجمع البحرين) فقال: إن الطرب في تعريف الفقهاء نفس الطرب في تعريف اللغويين و هي الخفة.

(3) أي في مادة غني و طرب.

(4) و هو تعريف الفقهاء الغناء بأنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب -

ص: 205

تقارب ضروب حركات الصوت و النفس فكان (1) لازما للاطراب و التطريب. انتهى كلامه (2).

و فيه (3) ان الطرب اذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري و الزمخشري هو ما يحصل للانسان من الخفة: لا جرم يكون المراد

++++++++++

- اذا تطابق التعريفان، حيث إن الترجيع عبارة عن تقارب أقسام حركات الصوت و النفس.

و تقارب حركات الصوت رفعه و تنزيله و ايقافه و ارساله و تطويره و تحسينه و تغليظه و تخفيفه و تشديده.

و أما تقارب ضروب حركات النفس فجذبه و رفعه و ايقافه و ارساله فهذه الكيفيات بهذه الخصوصيات اذا تلاءمت و توافقت تحدث في الصوت ما يجذب الاستماع إليه، و ربما احدثت خفة في النفس: من تزايد اللذة و الطرب.

(1) أي الصوت الصادر بهذه الكيفية من ضروب حركاته، و حركات النفس: من لوازم التطريب و الاطراب أي التطريب و الاطراب عبارتان عن هذه الكيفيات و الخصوصيات.

(2) أي كلام (صاحب مفتاح الكرامة) حول الاطراب المأخوذ في تعريف الغناء كما أفاده صاحب (جامع المقاصد).

(3) من هنا يريد الشيخ أن يناقش (صاحب مفتاح الكرامة):

فيما أفاده من الفرق بين الطرب الذي في الاطراب في تعريف الفقهاء الغناء و بين الطرب المفسّر عند اللغويين بالخفة.

فقال: و فيما أفاده نظر و اشكال.

هذا هو الاشكال الأول.

وجه النظر: أن الجوهري في (الصحاح) فسّر الطرب بقوله: -

ص: 206

..........

++++++++++

- خفة تعتري الانسان لشدة خوف او سرور كما عرفت في ص 196.

و الزمخشري قال في أساس اللغة: الطرب خفة لسرور أو هم كما عرفت في ص 196 فحينئذ يلزم ان يكون المراد بالتطريب و الاطراب ايجاد هذه الحالة فيكون معنى التطريب و الاطراب و الطرب واحدا: و هي الخفة التي تعتري الانسان.

لكن الطرب نفس الخفة، و التطريب و الاطراب ايجاد لها بواسطة مد الصوت و تحسينه و ترجيعه و تكييفه، و إلا لو كان المراد من الطرب المفسّر عند اللغويين غير الطرب الواقع في تعريف الفقهاء في قولهم:

الغناء مد الصوت الى حد يكون مطربا مع الترجيع: لزم أن يكون الطرب مشتركا لكلا المعنيين بالاشتراك اللفظي، مع أن أحدا من اللغويين، أو الفقهاء لم يذكر معنى آخر للطرب غير الخفة، فلو كان هناك معنى آخر لصرحوا به حتى يشتق منه التطريب و الإطراب الدالان على السرور و الالتذاذ كما هو مدعى صاحب (مفتاح الكرامة)، فعدم التصريح به دليل على عدم الوجود.

فالقول بأن التطريب و الإطراب لا يراد منهما الخفة التي هو معنى الطرب:

لازمه الاشتراك اللفظي في الطرب: بأن يكون موضوعا للخفة الحاصلة للانسان مستقلا، و للسرور و الالتذاذ مستقلا و بوضع آخر و هو خلاف الاصل، للزومه التعدد في الوضع و الأصل عدمه كما قرر في محله، حيث إن الاشتراك اللفظي هو وضع اللفظ لكل واحد من المعاني بوضع مستقل على حدة من غير أن يلاحظ فيه المعنى الأول حين الوضع للثاني، أو يلاحظ المعنى الثاني حين الوضع للاول كما في وضع العين للباصرة، و النابعة و الذهب، و الفضة، و غيرها، فإن لفظ العين قد وضعت لكل واحد من معانيها وضعا مستقلا على حدة لا ربط لكل واحد من الأوضاع -

ص: 207

..........

++++++++++

- بالآخر فلكل معنى وضع استقلالي.

بخلاف الاشتراك المعنوي، حيث إن اللفظ يوضع له أولا للقدر الجامع بين الأفراد، ثم يوضع لكل فرد من الأفراد.

خذ لذلك مثالا: لفظ الانسان وضع للحيوان الناطق الذي هو القدر المشترك بين أفراده و الجامع لها و هم محمد. علي. حسن. حسين، ثم وضع لكل واحد من المذكورين.

و انما سمي معنويا، للحاظ معنى كلي له جامع بين الأفراد حين الوضع و هو الحيوان الناطق.

و لما انجر بنا الكلام الى الاشتراك و أقسامه لا بأس بارسال عنان القلم في هذا الباب مزيدا للاطلاع فنقول:

اذا استعمل اللفظ في معنيين و دار الأمر بين كونه من باب الاشتراك اللفظي، أو من باب الحقيقة و المجاز: بأن يكون اللفظ في احدهما حقيقة و في الآخر مجازا يقدم الثاني، اذا الاشتراك اللفظي خلاف الأصل، حيث يلزم تعدد الوضع كما عرفت.

ثم ان كان المعنى الحقيقي و المجازي معلوما فهو المطلوب، و ان اشتبه الحقيقي من المجازي يشكل الامر، لأن أصالة الحقيقة في كل منهما معارضة بالآخر فيتبعه سقوط الاصلين، ثم يتبعه الرجوع الى الأصول العملية الشرعية.

خذ لذلك مثالا:

لفظ الكتاب يستعمل فيما يؤلّف و يصنّف في شتى المواضيع و الواقع بين الدفتين.

و يستعمل في الرسائل المتبادلة بين الشخصين، فاذا دار الأمر بين أن يكون الاستعمال في كلا المعنيين حقيقة على نحو الاشتراك اللفظي -

ص: 208

بالاطراب و التطريب ايجاد هذه الحالة (1)، و إلا (2) لزم الاشتراك اللفظي به مع انهم (3) لم يذكروا للطرب معنى آخر ليشتق منه لفظ التطريب و الاطراب.

++++++++++

- و بين ان يكون في احدهما حقيقة، و في الآخر مجازا: فلا شك أنه يؤخذ بالثاني، و يرفض الأول، لمخالفته للاصل، حيث يحتاج الى تعدد الوضع و الاصل عدمه كما عرفت.

و معنى الأخذ بالثاني جعل مشكوك الحقيقة منهما مجازا، فاذا شك في كون أيهما حقيقة ليترتب حكم المجاز على الآخر: تعارض. الأصل فيهما و سقط فيرجع الى ما تقتضيه الاصول الشرعية، فاذا بلغنا من المولى أمر بارسال كتاب.

فان علمنا المعنى الحقيقي منهما فهو المطلوب، و الا فأصالة البراءة محكمة، لأنه من باب التخيير في أفراد الطبيعة الواحدة، بعد عدم وجود الدليل على الجمع بين الأفراد، و عدم وجود الدليل على تعيين فرد دون فرد آخر.

اذا فيحكم بالتخيير و سقوط الذمة باتيان أحد افراد الطبيعة ففي المثال المتقدم فردان لم يقم دليل على تعيين احدهما بالخصوص فالمكلف يكون مخيرا باتيان احدهما.

(1) و هي الخفة التي تعتري الانسان كما عرفت في ص 161.

(2) أي و ان لم يكن المراد من التطريب و الاطراب ايجاد الخفة المذكورة لزم أن يكون الطرب مشتركا لفظيا كما عرفت آنفا.

(3) أي مع ان اللغويين لم يذكروا معنى آخر غير الخفة للطرب كما ذكره (صاحب مفتاح الكرامة: من السرور و الالتذاذ.

ص: 209

مضافا (1) الى ان ما ذكر في معنى التطريب من الصحاح و المصباح انما هو للفعل القائم بذي الصوت (2) لا الاطراب القائم بالصوت (3) و هو المأخوذ في تعريف الغناء عند المشهور، دون فعل الشخص (4)

++++++++++

(1) أي بالإضافة الى الايراد الأول يلزم ايراد ثان على (صاحب مفتاح الكرامة)، حيث نقل عن صاحب (المصباح و الصحاح):

أن التطريب هو الاطراب، و التطريب في الصوت مده و تحسينه، يقال:

طرّب في صوته أي مده و رجعه فالاطراب كذلك.

و خلاصة الايراد: أنه فرق بين التطريب و الاطراب، حيث ان الأول من فعل صاحب الصوت القائم بشخص المطرب، لأن المد و الترجيع و التحسين صفات قائمات بالصوت الذي هو فعل الانسان، يقال: فلان طرّب في صوته، أي رجعه و حسنه و كيفه و أداره في حلقه فهذه صفات كلها قائمة بالشخص.

و الثاني و هو الاطراب صفة قائمة بنفس الصوت، فان الاطراب إيجاد الطرب الذي هي الخفة، ففرق واضح بين التطريب و الاطراب فكيف يقال: ان التطريب هو الاطراب و ينسب هذا الاتحاد الى الصحاح و المصباح.

(2) و هو صاحب الصوت.

(3) و هو نفس الصوت، فان الصفة القائمة بالصوت الموجبة للاطراب هو المأخوذ في تعريف الغناء عند المشهور، دون فعل الشخص و هو الترجيع و التحسين و المد، فان هذه صفات قائمة بالشخص لم تؤخذ في تعريف الغناء، ففرق بين التطريب و الاطراب كما عرفت.

(4) الذي هي صفة قائمة بذي الصوت كما عرفت عند قولنا:

صفة قائمة بنفس الصوت.

ص: 210

فيمكن (1) ان يكون معنى تطريب الشخص في صوته ايجاد سبب الطرب بمعنى الخفة بمد الصوت و تحسينه و ترجيعه كما ان تفريح الشخص ايجاد سبب الفرح بفعل ما يوجبه فلا ينافي (2) ذلك ما ذكر في معنى الطرب.

و كذا (3) ما في القاموس من قوله: ما طرب به يعني ما أوجد به الطرب

مع أنه (4) لا مجال لتوهم كون التطريب بمادته بمعنى التحسين و الترجيع

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ من الفرق بين التطريب و الاطراب:

من أن الأول من صفات الشخص و ذوي الصوت، و الثاني من الصفات القائمة بالصوت، أي يمكن أن يكون معنى تطريب الشخص في صوته:

ايجاد سبب الطرب الذي هو الاطراب، فان مد الصوت و تحسينه و ترجيعه أسباب لايجاد الطرب الذي هي الخفة.

(2) أي لا ينافي ما ذكرناه في معنى التطريب و الاطراب عن الصحاح و المصباح من الفرق بينهما: ما ذكراه في معنى الطرب: من أنه هي الخفة التي تعتري الانسان لشدة سرور أو حزن، لأن التطريب إيجاد الطرب بواسطة تلك الأسباب: من المد و الترجيع و التحسين، و الطرب هي الخفة فلا منافاة بينهما.

(3) أي و كذا لا منافاة فيما ذكرناه من الفرق في معنى التطريب و الاطراب: مع ما ذكره صاحب القاموس في معنى الغناء من أنه ما طرب به يعني ما أوجد به الطرب.

(4) ايراد ثالث من الشيخ على ما أفاده (صاحب مفتاح الكرامة)

و خلاصة الايراد: أن مادة التطريب و مصدر اشتقاقها و هي الطاء و الراء و الباء في قولك: (طرب) الذي هو الثلاثي المجرد: لا تدل على الترجيع و التحسين و المد، و لم يصرح بذلك في كتب اللغويين أيضا -

ص: 211

اذ لم يتوهم أحد كون الطرب بمعنى الحسن و الرجوع، أو كون التطريب هو نفس المد فليست هذه الأمور إلا أسبابا للطرب يراد ايجاده من فعل هذه الأسباب.

هذا كله مضافا (1) الى عدم امكان إرادة ما ذكر: من المد و التحسين و الترجيع من المطرب في قول الاكثر: إن الغناء مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب كما لا يخفى.

++++++++++

- أي لم يلاحظ هذا المعنى في نفس المادة التي هو مبدأ اشتقاق التطريب الذي هو من باب التفعيل حين الوضع حتى يقال: إن التطريب يدل على التحسين و الترجيع، لأن مادته تدل على ذلك، اذ لم يتوهم أحد من اللغويين أن المادة بمعنى الحسن و الرجوع حتى يسري هذا المعنى في المشتق فالمشتق لا يدل على ذلك بواسطة المادة.

و كذلك لا يدل بواسطة الهيئة على المد و التحسين و الترجيع، اذ ليست هذه الامور إلا أسبابا لايجاد الطرب، بمعنى ان الطرب الذي هي الخفة يراد ايجاده و حصوله في الخارج من فعل هذه الامور بواسطة التطريب و الاطراب، و هذا معنى قول الشيخ: أو كون التطريب هو نفس المد.

(1) ايراد رابع من الشيخ على ما أفاده صاحب (مفتاح الكرامة)

و خلاصة الايراد: أنه بالإضافة الى ما أوردنا عليه من الاشكالات الثلاثة: يرد عليه أيضا: أن المد و التحسين و الترجيع لا يمكن أن يراد من المطرب الواقع في تعريف اكثر الفقهاء الغناء: بأنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب، لتصريحهم بأن الطرب هي الخفة الحاصلة في نفس المغني أو السامع، و ان الاطراب صفة للغناء المسبب للخفة، فلو كان معنى الطرب هو مد الصوت و تحسينه و ترجيعه لما صح أخذه قيدا في قبال ذلك، لأن المفروض أن الطرب هو الترجيع و المد فيكون ذكره ثانيا لغوا -

ص: 212

مع أن (1) مجرد المد و الترجيع و التحسين لا يوجب الحرمة قطعا لما مر (2) و سيجيء (3).

فتبين (4) من جميع ما ذكرنا أن المتعين حمل المطرب في تعريف الاكثر للغناء: على الطرب بمعنى الخفة.

++++++++++

- فلا محالة يقصدون بالقيد المذكور معنى آخر و هي الخفة المذكورة.

اذا لا يمكن حمل كلام الفقهاء على ما ذهب إليه صاحب (مفتاح الكرامة) من أن الطرب هو مد الصوت و تحسينه و ترجيعه و ترقيقه فيكون الطرب حينئذ مجرد صوت خرج من الفم من دون أن يحدث في الانسان كيفية خاصة المعبر عنها بالخفة فيلزم ان يكون هذا حراما، مع أنه لم يقل أحد بحرمة مجرد المد و الترجيع كما صرح بعدم الحرمة صاحب (جامع المقاصد) في ص 198 عند نقله عنه: ليس مجرد مد الصوت محرما و ان مالت إليه النفوس ما لم ينته الى حد يكون مطربا بالترجيع المقتضي للاطراب.

(1) عرفت شرح هذا آنفا عند قولنا: مع أنه لم يقل أحد بحرمة

(2) أي في قول صاحب (جامع المقاصد) في ص 198 كما اشرنا إليه آنفا.

(3) في أثناء البحث عند قوله: حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو، و قوله: فكل صوت يكون لهوا بكيفيته، و معدودا من ألحان أهل الفسوق و المعاصي و ان فرض انه ليس بغناء.

و قوله: ثم إن المرجع في اللهو العرف، و الحاكم بتحققه هو الوجدان.

(4) أي و على ضوء ما ذكرنا في مطاوي المباحث السابقة من نقل كلمات الأصحاب و اللغويين، و الاستشهاد بالآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة: تبين و ظهر أن القدر المتيقن من الغناء الذي يصدر وفقا للحون أهل المعاصي و الفسوق بسببها تحدث في الانسان خفة تخرجه عن حالته الطبيعية المتوازنة.

ص: 213

و توجيه (1) كلامهم بإرادة ما يقتضي الطرب، و يعرض له (2) بحسب وضع نوع ذلك الترجيع، و ان لم يطرب شخصه لمانع: من غلظة الصوت، و مج (3) الاسماع له.

و لقد أجاد في الصحاح حيث فسّر الغناء بالسماع و هو المعروف عند أهل العرف (4)، و قد تقدم (5) في رواية محمد بن أبي عباد المستهتر بالسماع.

++++++++++

(1) بالرفع عطفا على خبر إن في قوله: فتبين من جميع ما ذكرناه أن المتعين، أي و أن المتعين أيضا توجيه كلام الفقهاء في الغناء المأخوذ فيه الطرب: بأن لا يبقى على ظاهره.

خلاصة ما أفاده الشيخ في هذا المقام بعد اكتفائه بالطرب الشأني الاقتضائي: أن آراء الفقهاء في الغناء متحدة معه، لأن الطرب المأخوذ في تعريف الفقهاء الغناء بأنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يحمل على الطرب الاقتضائي الشأني، لا الطرب الفعلي حتى يلزم المحذور المذكور:

و هو خروج أكثر الناس عن تحت تلك الكبرى الكلية، لعدم عروض الخفة لهم، للامور الأربعة المذكورة، فلا يلزم تبعيض الحكم و هي الحرمة في حق من تعتريه تلك الحالة، و عدم الحرمة في حق من لا تعتريه، بل الحرمة شاملة للجميع فتتوسع دائرة الغناء.

بخلاف الإطراب الفعلي، فان دائرته تتضيق.

(2) أي و يعرض للغناء اقتضاء الطرب و شأنية بحسب وضع ذلك الترجيع و نوعه.

(3) وزان مد يمد معناه التنفر يقال: مجّ الصوت أي تنفر منه و كرهه

(4) أي السماع اسم للغناء عرفا فكلما عبر عنه في العرف يراد منه الغناء.

(5) أي في ص 183 عند قوله: و كان مستهترا بالسماع، و بشرب النبيذ.

ص: 214

و كيف كان (1) فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو، فان اللهو كما يكون بآلة من غير صوت كضرب

++++++++++

(1) أي سواء اريد من الغناء المحرم: الاقتضائي الشأني أم أريد الفعلي، أم عبر عنه بالسماع كما في الصحاح، أم شيء آخر غير هذه:

فالمحصل من الأخبار الواردة في الغناء المشار إليهما في ص 181-186، و من الآيات الكريمة التي اشير إليها في ص 164-168: هي حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو.

بعبارة اخرى أن الحرمة المستفادة من الأخبار و الآيات مقيدة بقيدين:

و هما: كون الصوت مشتملا على الترجيع.

و كون الصوت صادرا على سبيل اللهو.

و أما إذا كان الصوت مشتملا على الترجيع مجردا عن اللهو فلا تشمله الحرمة، لانتفاء المركب بانتفاء أحد جزئيه.

و إنما قيد الصوت بكونه لهوا، لأن اللهو كما يكون بالآلة المجردة عن الصوت كالضرب بالأوتار.

كذلك يكون بالصوت في الآلة كالتغني بالمزامير و القصب.

و كذلك يكون بالصوت المجرد عن الآلة المرجع فيها على سبيل اللهو.

فالصوت المحرم هو الصوت اللهوي المكيف بكيفية خاصة: من الترجيع و التحسين، و أنه من ألحان أهل الفسوق و المعاصي.

أليك أقسام اللهو.

(الأول): كون اللهو بالآلة المجردة عن الصوت.

(الثاني): كون اللهو بالصوت بتوسط الآلة.

(الثالث): كون اللهو بالصوت المجرد عن الآلة.

ص: 215

الأوتار و نحوه (1)، و بالصوت في الآلة كالمزمار و القصب (2) و نحوهما فقد يكون بالصوت المجرد (3) فكل صوت يكون لهوا بكيفية (4)، و معدودا من ألحان أهل الفسوق و المعاصي فهو حرام و ان فرض أنه ليس بغناء.

و كل ما لا يعد لهوا (5) فليس بحرام و ان فرض صدق الغناء عليه فرضا غير محقق، لعدم الدليل على حرمة الغناء إلا من حيث كونه باطلا و لهوا و لغوا و زورا.

ثم إن اللهو يتحقق بامرين

ثم إن اللهو يتحقق بامرين:

(أحدهما): قصد التلهي و ان لم يكن لهوا (6).

(الثاني): كونه لهوا في نفسه عند المستمعين و ان لم يقصد به التلهي (7).

++++++++++

(1) هذا هو القسم الأول.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) هذا هو القسم الثالث.

(4) و هو اللحن المخصوص المعبر عنه بترجيع الصوت و تحسينه و ترقيقه بحيث يعد من ألحان أهل الفسوق و المعاصي.

(5) أي ما لا يعد لهوا و ان فرض صدق الغناء عليه فرضا محالا فليس بحرام، لأن الملاك في الحرمة: كون الغناء لهوا و باطلا و لغوا و زورا كما عرفت من الآيات و الأخبار المتقدمة في ص

(6) كما اذا كان في حالة غضب، أو الم، أو هم و يريد أن يتناسى ذلك فيقرأ القرآن، أو الدعاء بقصد التلهي من دون أن تكون نفس القراءة لهوا.

(7) كما إذا قصد القاء اللحن على المستمعين، ليفهم أنه يحسنه من دون -

ص: 216

ثم إن المرجع في اللهو الى العرف

ثم إن المرجع في اللهو الى العرف (1)، و الحاكم بتحققه هو الوجدان (2)، حيث يجد الصوت المذكور مناسبا لبعض آلات اللهو

++++++++++

- قصد التلهي، لكن اللحن عند المستمعين يعد غناء فهذا يكون حراما أيضا لأنه صوت لهوي غنائي.

(1) فما يراه العرف مصداقا للصوت اللهوي فهو حرام، و ما لا يراه مصداقا له فليس بحرام.

و أما عند اختلاف العرف بأن يراه البعض صوت لهو و غناء، و البغض الآخر لا يراه كذلك، سواء أ كانت وجهة الاختلاف من جهة الأمكنة أم من جهة الازمنة أم من جهة الطبقات، فإن اعتبرنا الصدق النوعي فلا ريب في حرمة ذلك، و الا اختص الحكم بموارد الصدق فقط:

فالمرجع حينئذ الأخذ بالمتيقن اذا كان هناك قدر جامع بين الموارد المختلفة: من عموم و خصوص مطلقين، أو عموم و خصوص من وجه.

و أما إذا لم يكن قدر جامع في البين فلا بأس بالتمسك باصالة الجواز.

و أما إذا كان بين مفاهيم الغناء في العرف تباين كلي، و كان الحرام منحصرا فيها غير خارج عنها وجب الاجتناب عن الجميع، للعلم الاجمالي بذلك، لأن الشبهة محصورة يجب الاجتناب عنها.

(2) قال في (مجمع البحرين) في مادة وجد: الوجدان من القوى الباطنة، و كل ما يدرك بالقوى الباطنة يسمى ب: الوجدانيات فالوجدان قوة مدركة بحيث تقتنع النفس بها، و لا تحتاج معها الى برهان.

و عليه فالوجدان فعل القوى، و رؤيتها للشيء، لا أنه في قبالها و أنه شيء آخر.

فمقصود الشيخ أن الحاكم بتحقق اللهو في الخارج: هو الوجدان الذي هو من القوى الباطنة، و من الامور البديهية التي لا تحتاج معها -

ص: 217

و الرقص (1)، و لحضور (2) ما يستلذ القوى الشهوية: من كون المغني جارية، أو امرد، أو نحو ذلك (3).

و مراتب الوجدان المذكور مختلفة في الوضوح و الخفاء (4) فقد يحس

++++++++++

- إلى برهان، فلهوية الشيء تدرك بالقوى الباطنة البديهية.

و لا يخفى أن الوجدان بهذا المعنى الذي يعبر عنه في عرفنا الحاضر ب: الضمير بالكسر و أما بالضم فهو من مصادر وجد بمعنى الإصابة و الحصول.

(1) أي الوجدان تارة يجد الصوت المناسب للهو، أو الرقص فيحكم بكونه لهوا فيكون الصوت المناسب منشأ لحكم الوجدان يكون احدهما غناء و لهوا.

(2) أي الوجدان اخرى يجد عند حضور ما تستلذه القوى الشهوية من غناء الجارية الحسناء، أو الولد الامرد الجميل: لهوا.

هذه من الضمائم التي تتضاعف معصية اللّه عز و جل بها، لا أنها من مقومات مفهوم الغناء المعبر عنه ب: الصوت اللهوي بحيث لولاها لما تحقق المفهوم و المصداق.

(3) كما إذا كان الغناء مشتملا على الغنج و الدلال، أو وصف المضاجعة، و الملاعبة، أو كان الغناء مشتملا على الأدب المكشوف، بناء على اصطلاح أدبائنا المعاصرين بحيث يغري المستمعين على الحرام، أو كان مشتملا على مدح الشراب، أو أي محرم آخر من الأسباب المغرية بالحرام

(4) قد عرفت في الهامش من ص 217: أن الوجدان من الأمور البديهية الواضحة، و من القوى الباطنة التي لا تحتاج معها إلى برهان فعليه لا يكون الوجدان من الامور الخفية حتى تختلف مراتبه في الوضوح و الخفاء «كما قيل في المثل: إن توضيح الواضحات من أشكل المشكلات».

ص: 218

بعض الترجيع من مبادي الغناء و لم يبلغه (1).

++++++++++

- و هذه المراتب تكون في الشك و الظن فكيف أفاد الشيخ رحمه اللّه أن مراتب الوجدان تختلف في الوضوح و الخفاء؟

نعم يمكن أن يقال: إن الوجدان يختلف باختلاف الأشخاص سرعة و بطء، اذ من الأشخاص من يحكم وجدانه بسرعة، و بعض يحكم ببطء و هذا لا يصير سببا لاختلاف مراتب الوجدان وضوحا و خفاء، فهو كالظن و الشك و القطع.

فكما أن بعض الأفراد يسرع في الظن أو الشك، أو القطع، و بعضا يبطئ في ذلك.

كذلك الوجدان له السرعة و البطء.

لا يقال: اذا كان الوجدان يختلف باختلاف الأشخاص فما المرجع في تشخيص الغناء إذا؟

فإنه يقال: على كل انسان أن يعمل بوجدانه، لأنه لا يمكن أن يكلف بالعمل على وجدان الآخرين، و حكم الوجدان حكم القطع في حجيته كما فصل مشروحا في محله.

راجع (الرسائل) في حجية القطع (لشيخنا الأعظم الأنصاري).

نعم إذا كان الوجدان من قبيل قطع القطاع فلا يكون حجة، كما لا يكون قطع القطاع حجة.

(1) معنى هذه الجملة: (فقد يحس بعض الترجيع من مبادئ الغناء و لم يبلغه): أن وجد ان بعض الأشخاص يرى الترجيع من مبادئ الغناء، لكنه لم يصل الى حد الغناء فلا يكون الترجيع حراما، لأن مبادئ الشيء لا يكون منه، إلا بناء على أن مقدمة الحرام حرام فيكون حينئذ حراما.

ص: 219

لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل

و ظهر مما ذكرنا (1) أنه لا فرق بين استعمال

++++++++++

- و وجدان بعض آخر لا يرى ذلك من مبادئ الغناء أصلا.

و وجدان بعض آخر يرى الترجيع من مبادئ الغناء و أنه وصل الى حده (1) أي مما أفاده الشيخ قدس سره في قوله: فالغناء من مقولة الكيفية للأصوات كما سيجيء تحقيقه في محله.

و في قوله: فالمحرم هو ما كان من لحون اهل الفسوق و المعاصي.

و في قوله: مع أن الظاهر أن الغناء ليس إلا ما كان من لحونهم و إلا: فهو خارج موضوعا عن مفهوم الغناء.

و في استشهاده رحمه اللّه مما في (جامع المقاصد بقوله: ليس مجرد مد الصوت محرما و ان مالت إليه النفوس ما لم ينته الى حد يكون مطربا بالترجيع.

و ما نقله عن (صاحب مفتاح الكرامة).

و في قوله: فكل صوت يكون لهوا بكيفية، و معدودا من ألحان أهل الفسوق و المعاصي فهو حرام.

و في قوله: فكيف كان فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه.

و في قوله: فليست هذه الامور إلا أسبابا للطرب يراد ايجاده من فعل هذه الأسباب.

فمن جميع هذه الآراء و الأقوال ظهر لك أنه لا فرق بين استعمال الكيفية المذكورة التي هو الصوت اللهوي المرجع في كلام حق أو باطل.

و ظهر لك أيضا أن كل ذلك إنما ذكره تأييدا لرأيه: و هو عدم حرمة الغناء المجرد عن الوصفين.

و هما: كون الصوت مشتملا على الترجيع.

و كون الصوت صادرا على سبيل اللهو.

ص: 220

هذه الكيفية (1) في كلام حق أو باطل، فقراءة (2) القرآن و الدعاء

++++++++++

(1) المراد من هذه الكيفية الصوت اللهوي المرجع، سواء أ كان في كلام حق أم باطل.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الغناء هي الكيفية الخاصة التي هو الصوت المرجع اللهوي، لا المضمون فقط.

و خلاصة التفريع: أنه بعد الاحاطة بحقيقة الغناء و ماهيته لا يجوز التغني حتى في قراءة القرآن و الأدعية و الأوراد و الأذكار و المناجاة و الابتهال الى اللّه عز و جل، و مدائح (الرسول. و أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم.

هذا ما استفدناه من كلام الشيخ هنا، و من تفريعه قوله: (فقراءة القرآن و الدعاء و المراثي بصوت يرجّع فيه على سبيل اللهو لا اشكال في حرمتها، و لا في تضاعف عقابها، لكونها معصية في مقام الطاعة و استخفافا بالمقروء، و المدعو و المرثى)، لانه لا يطاع اللّه من حيث يعصى لكن للخدشة فيه مجال.

أما حرمة قراءة القرآن فلورود النص الخاص بها بالألحان المخصوصة كما في رواية (عبد اللّه بن سنان) الآتية في ص 238 عند قوله عليه السلام:

(اقرءوا القرآن بألحان العرب، و إياكم و لحون أهل الفسق و الكبائر).

و المراد من لحون أهل الفسق اللحون التي تكون بصوت يرجع فيها على سبيل اللهو.

و أما الأدعية و الأذكار و الأوراد و المراثي فاذا قرأت بالألحان الفسوقية فحرام أيضا، و إلا فلا.

ثم لا يخفى أن هناك ألحانا خاصة المعبر عنها بأناشيد تنشد في ساحة الحرب في سبيل الجهاد مع أعداء الدين توجد حماسة و نشاطا و تفانيا في قتال -

ص: 221

و المراثي بصوت يرجع فيه على سبيل اللهو لا اشكال في حرمتها و لا في تضاعف (1) عقابها، لكونها معصية في مقام الطاعة، و استخفافا بالمقرو و المدعو و المرثى (2).

++++++++++

- الكافرين فما رأي الشيخ في هذا المورد و أضرابه؟

هل أنه خارج موضوعا عن صدق الغناء عليه، أو أنه داخل و قد حكم باستثنائه لمصلحة الحرب في قتال المشركين فتكون أهم في نظر (المشرع الأعظم) فتندك تلك المفسدة في قبال هذه المصلحة؟

و لعل هذه الوجوه أقرب لنظر الشيخ قدس سره.

اللهم إلا أن يقال: إن اللحن الحماسي و ما يرتجز به المجاهد في سبيل اللّه في ساحة الحرب له لون خاص ليس من ألوان ألحان الفساق المناسب لها، و التي تهيج الشهوة و تثيرها، إذ كيف تأتيه تلك الحالة و هو بصدد كسح الفساد، و قمع أصل الفسق، و لو فرض أن اللحن الحماسي في الجهاد لحن غنائي فسقي فله حكمه من الحرمة، لعدم المنافاة بين حرمة ذلك و وجوب الجهاد عليه في ميدان الحرب بشروطه الخاصة، كما أن المجاهد يحرم عليه غيبة المؤمن في ساحة الحرب أثناء جهاده مع العدو فهل يتوهم أحد هنا سقوط حكم الغيبة و هي الحرمة من هذا المجاهد، لكونه في ميدان الحرب يجاهد ضد العدو، و ان فرض بعيدا أن الجهاد متوقف على غيبة المؤمن، فالغيبة لها حكمها، و الجهاد له حكمه.

(1) أي من يقرأ القرآن و الأدعية و المراثي بتلك الكيفيات و الألحان يعاقب ضعف من يقرأ الباطل و البهتان و الزور بالغناء فيتضاعف العذاب على هذا دون ذاك.

(2) المراد بالمرثى الامام عليه السلام، و بالمدعو اللّه عز و جل -

ص: 222

و من أوضح تسويلات (1) الشيطان أن الرجل المتستر قد تدعوه نفسه لاجل التفرج (2) و التنزه و التلذذ الى ما يوجب (3) نشاطه، و رفع الكسالة عنه: من الزمزمة (4) الملهية فيجعل ذلك (5) في بيت من الشعر المنظوم في الحكم و المراثي، و نحوها (6) فيتغنى به، أو يحضر

++++++++++

- و بالمقرو القرآن و الدعاء، أي القراءة بتلك الألحان تكون هتكا و استخفافا باللّه عز و جل، و بالامام عليه السلام، و بالقرآن.

(1) مصدر باب التفعيل من سول يسول تسويلا: معناه: التزيين و التحسين. يقال: سول بي الشيطان، أي زين الشيء، و سولت له نفسه أي زينت للانسان، اذ الشيطان و النفس الأمارة يزينان و يحسنان الباطل و المعصية للانسان فيرتفع قبحهما في نظره فيقدم على قراءتهما.

و المراد من المتستر من كان حييا و متجنبا عما يشينه.

(2) الفرج بفتحتين: انكشاف الشدة و الهم، و التنزه بمعنى طلب النزهة.

و التلذذ مصدر باب التفعل: معناه: اللذة، أي طلب الفرج و طلب الخروج الى المنتزه، و طلب اللذة.

(3) الجار و المجرور متعلقان بقوله: تدعوه نفسه

(4) و هو الترنم بصوت ملائم.

(5) أي قد يجعل الانسان ما يوجب نشاطه في بيت من الشعر: بأن تكون له زمزمة ملهية.

(6) أي و نحو الشعر المنظوم في الحكم و المراثي: الأشعار الواردة في مدائح المعصومين عليهم السلام التي يتغنى بها، فإن قراءتها بكيفية خاصة من الزمزمة الملهية حرام أيضا.

هذا من (شيخنا الأنصاري) رحمه اللّه عجيب جدا، حيث أفاد سابقا: أن مجرد المد و الترجيع، و التحسين لا يوجب الحرمة قطعا ما لم يكن -

ص: 223

عند من يفعل ذلك (1).

و ربما يعد (2) مجلسا لأجل إحضار

++++++++++

بقصد اللهوية فكيف يحكم هنا ان مجرد الزمزمة لتناسي بعض ما يضايقه من امور الدنيا، و يلاقيه منها حرام، هل التناسي حرام؟ اللهم لا

أم مجرد المد و الترجيع من دون الإطراب الفعلي، أم الشأني الاقتضائي كما أفاده هو رحمه اللّه.

و لعل الشيخ قدس سره يريد بالتسويل الشيطاني: أن الشيطان يوقع الانسان في المعصية شيئا فشيئا و تدريجا و إن كانت المبادي مجرد مد الصوت و تحسينه و هما ليسا بحرامين، لكنهما يجران الانسان إلى الحرام الواقعي لا محالة فيهلك من حيث لا يعلم.

و يدل على ذلك الحديث الشريف النبوي صلى اللّه عليه و آله.

إن الامور ثلاثة: أمر بين رشده فيتّبع، و أمر بين غيه فيجتنب و شبهات بين ذلك، فمن اجتنب الشبهات نجى من المحرمات، و من اقتحم الشبهات هلك من حيث لا يعلم. (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 118 الباب 12 من أبواب صفات القاضي. الحديث 23.

(1) كما لو فرض أنه لا يحسن الزمزمة، أو لا يعرف ما يكون صالحا للقراءة.

(2) بضم الياء و كسر العين: فعل مضارع معلوم فعل ماضيه أعدّ أصله اعدد وزان اكرم فهو من باب الإفعال نقلت الفتحة إلى العين، و أدغمت الدال الأولى في الثانية على القاعدة المشهورة.

و المضارع المعلوم أصله يعدد وزان يكرم نقلت الكسرة إلى العين اجتمعت الدالان. أدغمت الأولى في الثانية فصار يعد.

ص: 224

أصحاب الألحان (1)، و يسميه مجلس المرثية فيحصل له بذلك (2) ما لا يحصل له من ضرب الأوتار من النشاط (3) و الانبساط.

و ربما يبكي في خلال ذلك، لأجل الهموم المركوزة في قلبه الغائبة عن خاطره: من فقد ما يستحضره (4) القوى الشهوية، و يتخيل أنه بكى في المرثية، و فاز بالمرتبة العالية، و قد أشرف على النزول الى دركات الهاوية، فلا ملجأ إلا الى اللّه من شر الشيطان، و النفس الغاوية.

عروض بعض الشبهات في الحكم أو الموضوع أو اختصاص الحكم ببعض الموضوع
اشارة

و ربما يجري على هذا (5) عروض الشبهة في الأزمنة المتأخرة في هذه المسألة فتارة من حيث أصل الحكم و اخرى من حيث الموضوع.

++++++++++

(1) ليس المراد من أصحاب الألحان: المغنين، بل المراد من يحسن الألحان من غير ان يكون من أهل الغناء.

(2) أي بسبب إحضار أصحاب الألحان.

و هنا مجال للنقاش: و هو أنه هل حصول النشاط و الانبساط من دون أن يكون موجبا لخروج الانسان عن التوازن و حالته الطبيعية حرام؟

فالجواب لا؟

اللهم إلا أن يقال: إن المتبادر من اعداد المجلس للألحان: الحان أهل الفسوق فيحرم الانبساط و النشاط، لحرمة مقدمة الحرام بناء على حرمتها.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: فيحصل أي فيحصل له من النشاط ما لا يحصل له من ضرب الأوتار.

(4) الظاهر ما تسحسنه القوى الشهوية، لا ما تستحضره كما لا يخفى على المتأمل العارف.

(5) أي على الحكم بحرمة مسألة الغناء عروض الشبهة.

و عروض الشبهة على أقسام ثلاثة.

(الأول): عروضها لأجل اشتباه الحكم بمعنى أن الموضوع معلوم

ص: 225

..........

++++++++++

- و معين إلا أن الحكم غير معلوم كما اذا علمنا أن هذا الشيء المعين غناء لا شبهة فيه.

لكن نشك في حرمته فالشبهة هنا حكمية و تحريمية.

فالمرجع فيها عند الاصوليين البراءة، و عند المحدثين التحريم.

و منشأ هذه الشبهة فقد الدليل المعتبر، أو اجمال الدليل، أو معارضته بما دل على خلافه، أو غير ذلك مما حرر في علم الاصول.

راجع فرائد الاصول (لشيخنا الأنصاري) فإنه قدس اللّه نفسه قد اشبع الكلام في هذا الموضوع.

(الثاني): عروضها في موضوع الحكم بمعنى أن الحكم معلوم و معين لكن الموضوع غير معين و معلوم كما اذا علمنا حرمة الغناء و قطعنا بها إلا أننا نشك في تعيين موضوعه و تحديد مصداقه.

بعبارة اخرى أن الشك في صغريات الغناء و مصاديقه، لا في الكبرى الكلية و هي الحرمة القطعية.

فهذا يسمى بالشبهة الموضوعية المصداقية، فلا يجوز في مثله التمسك بالعمومات الدالة على حرمة الغناء.

(الثالثة): يكون عروض الشبهة بعد ثبوت الحكم و الموضوع بمعنى أننا نعلم بحرمة الغناء، و نشخص موضوعه و مصداقه.

لكننا نقول بعدم جريان الحرمة في جميع مصاديق الغناء و أفراده بل تختص الحرمة ببعض الأفراد و المصاديق.

هذه هي الأقسام الثلاثة لجريان عروض الشبهة في الغناء.

و قد أشار الشيخ الى كل واحد منها بقوله: فتارة من حيث أصل الحكم، و اخرى من حيث الموضوع، و ثالثة من اختصاص الحكم ببعض الموضوع.

ص: 226

و ثالثة من اختصاص الحكم ببعض الموضوع.

أما الأول أي ما كان الموضوع معلوما، و الحكم غير معلوم

أما الأول (1) فلانه حكي عن المحدث الكاشاني أنه خص الحرام منه بما اشتمل على محرم من خارج مثل اللعب بآلات اللهو، و دخول الرجال

++++++++++

(1) المراد من الأول: ما كان الموضوع معلوما، و الحكم غير معلوم.

من هنا بداية الشروع من الشيخ في بيان عروض الشبهة من حيث الحرمة في مسألة الغناء لبعض الأعلام من المجتهدين.

و من هؤلاء الأعلام: (المحدث الكاشاني) أعلى اللّه مقامه.

و خلاصة ما أفاده هذا العملاق في هذا المقام: أن الغناء بما هو غناء مجرد عن الأمور الخارجية الطارئة عليه كاختلاط النساء بالرجال، و اصطكاك الجنسين من غير المحارم بالنسب و السبب كما كان المتعارف في العصرين:

(الاموي و العباسي): من تشكيل مجالس للاغاني فيؤتى بالمغنيات فتأخذ في التغني فيدخل عليهن الرجال الأجانب فيتكلمن بالأباطيل مما يثير الشهوة و يسبب تهييجها، و يغري بالمحرمات من التشبيب بالفتيان و الفتيات.

و هذا هو المعبر عنه في عصرنا الحاضر: بالأدب المكشوف الذي يؤدي بصاحبه الى السقوط في هوة الجهل: و يجلب عليه الويلات ماديا و معنويا و خلقيا فمثل هذا الغناء المقترن مع أحد الامور المذكورة يكون محرما.

و لولاها لما كان الغناء في حد نفسه مع قطع النظر عما ذكر محرما فاذا اتصف بأحد المذكورات جاءت الحرمة له من ناحيته لا من ناحية التغني.

ثم أيد (المحدث الكاشاني) مدعاه بما يستفاد من الأخبار الواردة في حرمة الغناء التي ذكرناها في صدر العنوان.

فقال: المستفاد هو اختصاص الحرمة بالغناء المتعارف في العصرين المذكورين.

ثم استدل على صحة دعواه بالتعليل المذكور في الحديث الوارد -

ص: 227

على النساء، و الكلام بالباطل، و إلا فهو (1) في نفسه غير محرم.

و المحكي من كلامه في الوافي (2) أنه بعد حكاية الأخبار التي يأتي بعضها.

++++++++++

- في جواز التغني في الأعراس، و عند ما تزف العروس الى بيت بعلها.

أليك نص الحديث:

قال (أبو عبد اللّه الصادق) عليه السلام: أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس، ليست بالتي يدخل عليها الرجال.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 84. الباب 15 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

فجملة: (ليست بالتي يدخل عليها الرجال) تعليل لجواز أخذ المغنية اجرها عند ما تغني في الأعراس، و تزف العروس الى بيت بعلها حيث إن الامام عليه السلام حصر الحرمة في غناء المغنيات التي يدخل عليهن الرجال فيختلطن معهم، فيترتب على مثل هذا الدخول و الاختلاط المفاسد المهمة كما في عصرنا الحاضر.

و لو لا هذه الجهة، و الجهات الاخرى المذكورة لما كان الغناء في نفسه حراما.

ثم أفاد (شيخنا المحدث الكاشاني) أن الأخبار الناهية عن أخذ المغنيات أجور الغناء، و عن تعليم الغناء و تعلمه، و الاستماع إليه: كلها ناظرة الى تلك الأغاني المزدوجة مع تلك المحرمات المذكورة: من دخول الرجال على النساء، و من تكلمهن بالأباطيل، و لعبهن بالملاهي.

(1) مرجع الضمير الغناء. و المعنى ان الغناء اذا كان مجردا عن المحرمات المذكورة لا يكون محرما.

(2) راجع الوافي الجزء 10 من المجلد 3. ص 32-35. -

ص: 228

قال: (1) الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة فيه: اختصاص حرمة الغناء، و ما (2) يتعلق به من الأجر و التعليم و الاستماع، و البيع

++++++++++

- أما الكتاب هذا فمؤلف نفيس، و مصنف عظيم في ثلاثة مجلدات ضخام في الأحاديث المروية عن (الرسول الاعظم و أهل بيته الكرام) صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين المودعة في الكتب الأربعة: (الكافي من لا يحضره الفقيه التهذيب الاستبصار).

بالإضافة الى ما في الكتاب من فوائد جمة لا يستغني عنها رواد العلم و طلابه فشكر اللّه سعي مؤلفه، و اسكنه فسيح جنته.

أما مؤلف الكتاب فشيخنا البحاثة علامة زمانه المشتهر في الآفاق (المحقق الكاشاني) عطر اللّه مرقده يأتي شرح حياته مفصلا عن شتى جوانبها في (أعلام المكاسب).

(1) أي قال (المحدث الكاشاني) في نفس المصدر: ان الأخبار الواردة في الغناء يظهر منها اختصاص الحرمة بالغناء الموجود في العصرين لا مطلق الغناء حتى المجرد عن المحرمات المذكورة.

(2) أي و يظهر من الأخبار الواردة في الغناء ان حرمة متعلقات الغناء: من أخذ الاجرة عليه، و اعطاء الاجرة للمغني، و اعداد المجالس له، و تمكين الغير من ذلك، و التشويق إليه: راجعة الى الغناء الذي كان في العصر (الاموي و العباسي).

ص: 229

و الشراء كلها مما كان على النحو المعهود المتعارف في زمن بني امية، و بني العباس: من دخول الرجال عليهن، و تكلمهن بالأباطيل (1)، و لعبهن بالملاهي (2): من العيدان (3) و القصب و غيرهما (4)، دون ما سوى (5)

++++++++++

(1) جمع باطل: و هو ما كان مخالفا للحق كما علمت.

(2) جمع ملهى بكسر الميم: و هي آلات اللهو.

(3) جمع عود: آلة يضرب بها فتحدث أصواتا مطربة يستحسنها أهل الطرب و يستذوقها.

و القصب نبات ساقه أنابيب و كعوب و لها ثقوب معينة محدودة حسب تعيين مهرة هذا الفن يصنع منه آلة لهو: تخرج منها أصوات مطربة إذا نفخ فيها، فعليه لا يقال: لعب بالقصب، و إنما يقال: نفخ بالقصب.

و ربما يقارن بذلك ألحان من الغناء كما قال المولوي المثنوي:

بشنو از ني چون حكايت مى كند *** و از جدائيها شكايت مى كند

و ليست هذه الحكاية الا ما يقرنه النافخ في القصب.

(4) أي غير العيدان و القصب كالمذياع و التلفاز في عصرنا الحاضر حيث إنهما يريان الانسان، و يسمعانه كل ما تهواه نفسه الامارة: من ضروب الألحان و الأوتار، و مختلف الرقصات المؤدية بالناظر، أو السامع الى الخروج عن حد الاستقامة، و التوازن الطبيعي.

(5) أي و ما سوى هذا الغناء المصاحب لاختلاط الرجال بالنساء:

من الغناء المجرد عن الاختلاط، و المجرد عن الكلام بالباطل، و المجرد عن اللعب بالعيدان و القصب، و المجرد عن المذياع و التلفاز، و من أي أنواع الغناء لا يكون محرما.

راجع نفس المصدر. ص 35.

ص: 230

ذلك من أنواعه كما يشعر به (1) قوله عليه السلام: ليست بالتي يدخل عليها الرجال الى أن قال (2): و على هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة لذكر الجنة و النار، و التشويق إلى دار القرار، و وصف نعم اللّه الملك الجبار، و ذكر العبادات، و الترغيب في الخيرات، و الزهد في الفانيات و نحو ذلك كما اشير إليه (3) في حديث الفقيه بقوله: فذكرتك الجنة (4) و ذلك (5) لأن هذا كله ذكر اللّه.

++++++++++

(1) هذا تأييد من (المحدث الكاشاني) لما ادعاه من أن الغناء في حد نفسه ليس حراما لو لم يقترن باحد الامور المذكورة.

و حاصل التأييد أن التعليل الوارد عن الامام عليه السلام في جواز التغني في الأعراس، و عند زفّ العروس الى بيت بعلها في قوله: و ليست بالتى يدخل عليها الرجال: مشعر بما قلناه.

و قد عرفت كيفية التأييد و مصدر الحديث في ص 228.

(2) اي صاحب الوافي في المصدر نفسه قال: فبناء على ما ذكرنا في الغناء: من عدم حرمته لو كان مجردا عما ذكر.

(3) اي الى أن الغناء المجرد عن المحرمات المذكورة ليس بحرام

(4) راجع نفس المصدر. ص 84. الحديث 2. الباب 16.

(5) تعليل من (صاحب الوافي) لعدم الباس بالتغني بالأشعار المتضمنة لذكر الجنة و النار، و التشويق الى دار القرار، و وصف نعم اللّه الملك الجبار، و ذكر العبادات، و الترغيب في الخيرات، و الزهد في الفانيات

و خلاصة التعليل: أن التغني بما ذكر خارج موضوعا عن مصاديق الغناء المحرم و ان اشتمل على الترديد و الترجيع بنحو خاص، لأن الغناء المحرم ما كان على النحو المتعارف في العصرين المذكورين.

و قد عرفت كيفية في ذلك ص 228.

ص: 231

و ربما تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم الى ذكر اللّه.

و بالجملة (1) فلا يخفى على أهل الحجى بعد سماع هذه الأخبار (2) تمييز حق (3) الغناء عن باطله (4) و ان اكثر ما يتغنى به المتصوفة في محافلهم

++++++++++

(1) اي كيف ما كان القول في حرمة الغناء.

(2) و هي الأخبار الواردة في حرمة الغناء التي مضت الاشارة الى قسم منها في صدر العنوان، و التي ذكرها في الوافي المصدر الذي اشرنا إليه.

(3) هو من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف كما يقال: باطل الكلام اي الكلام الباطل فالمقصود غناء الحق.

و المعنى أن بعد ذكر الأخبار الواردة في تحريم الغناء يعرف اهل العقول الناضجة و يتمكن من تمييز غناء الحق و تشخيصه عن غناء الباطل

و المراد من (غناء الحق) الغناء الذي يذكر الجنة، و يحذر الانسان من نار الجحيم، و الهادي الى معرفة الباري عز و جل، و المخوّف من عقابه و المشوق الى نعيمه، و الغارس في القلوب الطاهرة، و الضمائر الصافية حب الفضائل، و كره الرذائل.

و قد يقال: ان الغناء بتلك الصفات له تاثير في النفوس اعمق من تاثير النطق العادي، فان كان هذا صدقا فلا شك في كون هذا الغناء من الغناء الحق.

(4) مرجع الضمير: الغناء و هو أيضا من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف، اي الغناء الباطل. و معنى الغناء الباطل ما كان فيه زور او افك.

ص: 232

من قبيل الباطل. انتهى (1).

أقول (2): لو لا استشهاده بقوله: ليست بالتي يدخل عليها الرجال

++++++++++

(1) اي انتهى ما افاده (المحدث الكاشاني) في هذا المقام.

راجع نفس المصدر.

و لما كان ظاهر كلامه عدم اعترافه بحرمة الغناء بنحو مطلق، و في جميع الموارد، و في أي موضوع تحقق.

بل يقول بحرمته مقيدا و مشترطا باحد الامور المذكورة: فتصدى (الشيخ) للجواب عن هذه الظاهرة فاخذ في النقاش العلمي معه، و تحليل كلامه تحليلا دقيقا، لأن ما افاده مخالف للنصوص المتضافرة، فان حرمة الغناء بالمغنى الذي فسرناه لك و أفاده (شيخنا الأنصاري): كادت تكون اجماعية.

و قد وردت أخبار كثيرة في حرمة ما تلوناها عليك، و التي لم نذكرها اشرنا إليها فراجع مصدرها.

(2) هذه بداية الشروع من (الشيخ) في النقاش مع (المحدث الكاشاني) و خلاصته أنه من الممكن تطبيق كلامه على ما ذهبنا إليه في الغناء: من ان المحرم منه هو الصوت اللهوي الذي يناسبه اللعب بالملاهي و هي العيدان و القصب، و التكلم بالأباطيل، و اختلاط الرجال بالنساء في مجالس الانس و السهرات، لالتذاذ السمع من أغانيهن و أصواتهن الخلاعية، و لحظ البصر من رؤيتهن و جمالهن، فان الاختلاط و التكلم بالأباطيل، و اللعب بالملاهي تسبب اثارة الشهوة و هيجانها، و لازم هذه الاثارة و الهيجان التذاذ السمع من الأغاني، و البصر من الزنا بمعناه الاعم، لا خصوص المضاجعة و المقاربة و هما عاملان وحيدان، و مؤثران قويان للالتذاذ المذكور.

و الى هذا المعنى يشير قوله تعالى عز من قائل: إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ -

ص: 233

..........

++++++++++

وَ اَلْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (1) .

فمقالته كمقالتنا، و مذهبه كمذهبنا في حرمة الغناء من غير فرق بيننا و بينه

لكن استشهاده بتعليل الامام عليه السلام الوارد في الحديث بقوله:

ليست بالتي يدخل عليها الرجال: على حلية الأغاني في الأعراس، و زفّ العروس الى بيت بعلها: يتنافى و ظاهر كلامه الذي طبقناه على ما ذهبنا إليه، حيث ان الاستشهاد المذكور ظاهر في التفصيل في الحرمة بين افراد الغناء و مصاديقه بمعنى أن بعض أفراده يكون محرما كما اذا اقترن باحد المحرمات المذكورة: من الاختلاط، و التكلم بالأباطيل، و اللعب بالملاهي

و بعض أفراده ليس بحرام كما اذا اقترن بتذكير الجنة و النار، و التشويق الى دار القرار، و وصف نعم اللّه الملك الجبار، و غيرها مما ذكرنا.

و ليس الاستشهاد المذكور ظاهرا في التفصيل في مفهوم الغناء الذي هو القدر الجامع بين أفراده و مصاديقه، بمعنى أنه نوعان: لهوي محرم و غير لهوي غير محرم.

و الدليل على أن الاستشهاد المذكور راجع الى التفصيل في أفراد الغناء و مصاديقه، و ليس راجعا الى التفصيل في الغناء نفسه: أن صوت المغنية في الاعراس، و عند زفّ العروس الى بيت بعلها مما لا شك في كونه على سبيل اللهو و اللعب، مع انه جائز و حلال لا اشكال فيه، فاستثناؤه إنما هو لاجل النص الوارد، و ليس الاستثناء من قبيل تنويع الدليل بمعنى هذا حرام، و ذاك حرام ليصح التفصيل المذكور، فلو كان التفصيل من (المحدث الكاشاني) راجعا الى الغناء نفسه لما جاز التغني في الأعراس لأنه غناء لهوي.8.

ص: 234


1- الاسراء: الآية 38.

أمكن بلا تكلف تطبيق كلامه على ما ذكرناه: من أن المحرم هو الصوت اللهوي الذي يناسبه اللعب بالملاهي، و التكلم بالأباطيل، و دخول الرجال على النساء، لحظ السمع و البصر: من (1) شهوة الزنا، دون مجرد الصوت الحسن الذي يذكر امور الآخرة، و ينسي شهوات الدنيا.

إلا أن استشهاده (2) بالرواية: ليست بالتي يدخل عليها الرجال ظاهر في التفصيل بين أفراد الغناء، لا من حيث نفسه (3)، فان (4) صوت المغنية التي تزف العرائس: على سبيل (5) اللهو لا محالة، و لذا (6) لو قلنا باباحته فيما يأتي كنا قد خصصناه بالدليل.

++++++++++

- هذه خلاصة ما افاده الشيخ في النقاش مع (المحدث الكاشاني).

(1) من بيانية لحظ السمع و البصر اي حظ السمع عبارة عن التذاذه من الأغاني الخلاعية، و حظ البصر عبارة عن التذاذه من الزنا بمعناه الأعم.

(2) اي استشهاد (المحدث الكاشاني) بالرواية و هو قوله عليه السلام:

ليست بالتي يدخل عليها الرجال كما عرفت في ص 231.

(3) و قد عرفت معنى هذا في ص 234.

(4) تعليل لكون التفصيل المذكور ليس في الغناء نفسه.

و قد عرفت التعليل في ص 234 عند قولنا: إن صوت المغنية.

(5) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر لأن في قوله: فان صوت

(6) تعليل من (الشيخ الأنصاري) لما ذهب إليه: من أن صوت المغنية في الأعراس إنما هو على سبيل اللهو لا محالة، أي و لأجل أن صوت المغنية في الأعراس لهوي فلو قلنا باباحته فيها فلا بد من القول بخروجه عن تحت تلك الكبرى الكلية: و هي حرمة الغناء، و تخصيصه بدليل خاص حكما، لا موضوعا.

ص: 235

و نسب (1) القول المذكور الى صاحب الكفاية أيضا.

و الموجود (2) فيها بعد ذكر الأخبار المتخالفة جوازا و منعا في القرآن

++++++++++

(1) أي نسب (المحدث الكاشاني) القول المذكور: و هو أن الغناء في حد ذاته ليس حراما لو لم يقترن بأحد المحرمات المذكورة: و هو التكلم بالأباطيل، و اللعب بالملاهي، و اختلاط النساء بالرجال، ليستلذ السمع بالأغاني، و البصر بشهوة النساء.

(2) من هنا بداية شروع (الشيخ) في نقل عبارة صاحب (كفاية الفقيه) حتى يتضح لك مدى صحة النسبة المذكورة إليه.

و خلاصة النقل: أن الموجود في المصدر: هي كيفية طريق الجمع بين الأخبار المتضاربة في هذا المقام التي يدل بعضها على المنع من التغني مطلقا، سواء أ كان التغني بالقرآن أم بغيره.

(راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 226. الباب 99 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 6.

إليك نص الحديث عن ابن أبي عمير عن علي بن اسماعيل عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن (أبي جعفر) عليه السلام.

قال: سمعته يقول: الغناء مما وعد اللّه عليه النار و تلا هذه الآية:

(وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ) (1) .

فالحديث هذا مطلق يدل على حرمة الغناء في القرآن و غيره من دون تقييده بالقرآن، أو غيره.

و بعض الأخبار، يدل على جواز التغني مطلقا. سواء أ كان التغني بالقرآن أم بغيره.6.

ص: 236


1- لقمان: الآية 6.

..........

++++++++++

- راجع نفس المصدر. الجزء 4. ص 858. الباب 24 من أبواب قراءة القرآن. الحديث 1.

إليك نص الحديث.

عن (أبي بصير) قال: قلت (لأبي جعفر) عليه السلام: إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال: إنما ترائي بهذا أهلك و الناس.

فقال: يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين(1) تسمع أهلك و ترجع بالقرآن صوتك، فإن اللّه عز و جل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا.

فالتعليل في قول الامام عليه السلام: فإن اللّه عز و جل يحب الصوت الحسن دال على جواز الترجيع الذي هو الغناء، بناء على تفسير الترجيع بالغناء مطلقا، سواء أ كان بالقرآن أم بغيره، لأن العلة توسع في بعض المقامات كما تضيق.

فلا يقال: إن المورد الوارد فيه العلة هو القرآن لا غير، و غير القرآن لا يكون مشمولا للوارد و يكون خارجا عنه.

هذه هي الأخبار المتضاربة و قد جمع بينهما صاحب (كفاية الفقيه) باحد الأمرين لا محالة إذا لم يمكن الرجوع الى المرجحات الخارجية، أو السندية أو الجهتية المعبر عنها بالمرجحات الداخلية.

(الأول): تخصيص الأخبار المانعة عن التغني مطلقا سواء أ كان بالقرآن أم بغيره: بغير القرآن بأن نقول: إن الحرمة مختصة بغير القرآن -ض.

ص: 237


1- المراد من ما بين القراءتين: هي القراءة بالصوت المتوسط لا العالي، و لا المنخفض.

..........

++++++++++

- و أنه لا يجوز قراءته بنحو التغني.

و حمل الأخبار الدالة على ذم التغني بالقرآن: على قراءة القرآن على سبيل اللهو و اللعب كما كان هذا النحو من القراءة مألوفا و متعارفا بين الفساق في أغنيتهم.

و أما إذا قرأ لا على سبيل اللهو و اللعب فتلك الأخبار لا تشمل هذا المورد.

و يؤيد هذا الحمل رواية عبد اللّه بن سنان عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و إياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر، فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم.

(وسائل الشيعة): الجزء 4. ص 858. الباب 24 من أبواب قراءة القرآن. الحديث 1.

فالحديث هذا يدل على حرمة التغني بالقرآن إذا كان بنحو اللهو الذي هو من ألحان أهل الفسوق، بخلاف ما إذا كان بنحو ألحان العرب و أصواتها فان الترجيع بالقرآن لا بأس به، و مطلوب في حد نفسه.

(الثاني): حمل الأخبار المانعة من التغني على الفرد الشائع في العصرين:

(الاموي، و العباسي)، حيث كان الشائع في عصريهما اختلاط الجواري بالرجال في مجالس الفجور و الخمور، و اللعب بالملاهي، و التكلم بالأباطيل و إسماعهن الرجال، دون مطلق الغناء الذي لا يوصف بالمذكورات فإنه غير محرم، فالمفرد المعرف باللام و هو الغناء الوارد في الأخبار: يحمل على الأفراد الشائعة في العصرين.

و لا يخفى أن الجمع الثاني عين الجمع الذي أفاده (المحدث الكاشاني) -

ص: 238

..........

++++++++++

- رحمه اللّه في الأخبار المانعة و المجوزة كما عرفت في ص 227-228 عند قوله: اختصاص حرمة الغناء و ما يتعلق به من الأجر و التعليم و الاستماع و البيع و الشراء كلها مما كان على النحو المتعارف في زمن (بني امية و بني العباس) إلى آخر ما أفاده هناك.

ثم إن وجوه الجمع بين هذه الأخبار المتضاربة ترتقى الى خمسة أقوال

(الأول): الفرق بين ما كان من ألحان أهل الفسوق و غيرها.

(الثاني): الفرق بين تحسين الصوت و ترجيعه اذا لم يؤد الى الخفة.

و بين ما إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى الخفة.

(الثالث): الفرق بين ما كان شايعا في ذلك الزمان، و بين غيره.

(الرابع): صرف الأخبار المانعة الى القرآن، و الأخبار المجوزة إلى غير القرآن.

(الخامس): الفرق بين ما كان من الغناء زورا و باطلا، و لغوا و لهوا، و مثيرا للشهوات، و مغريا للمعاصي.

و بين ما لم يكن كذلك فمحرم في الأول، دون الثاني.

ثم إن النسبة بين هذه الأقوال كثيرة، و ذكرها خارج عن موضوع الهوامش، لكن لا تخلو عن فائدة.

(الأول) أن النسبة بين الأول و هو ألحان أهل الفسوق، و بين الثاني و هو ما أدى الى الخفة: التساوي، لأن ما يوجب الخفة هو بعينه ما يصدر من ألحان أهل الفسوق.

و أما النسبة بين الأول و هو ألحان أهل الفسوق و الثاني: و هو ترجيع الصوت و تحسينه إذا أدى الى الخفة - فهو التساوي أيضا، اذ كل غناء يكون من ألحان أهل الفسوق و العصيان: هو الغناء المؤدي الى الخفة. -

ص: 239

..........

++++++++++

- و كل غناء أدى الى الخفة هو بعينه الغناء الصادر من ألحان أهل الفسوق و العصيان.

و أما النسبة بين الأول: و هي ألحان أهل الفسوق و المعاصي.

و الثالث: و هو الغناء الشائع في العصرين: (الاموي و العباسي) عموم من وجه: لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو كان الغناء من ألحان أهل الفسوق، و من الفرد الشائع في العصرين.

و أما مادة الافتراق من جانب الشياع كما اذا كان من ألحان أهل الفسوق و لم يكن من الفرد الشائع في العصرين.

و أما مادة الافتراق من جانب الألحان فكما لو كان شعر في المديح أو الرثاء، أو المناجاة و الابتهال الى اللّه عز و جل، و لكن بالوضع الشائع في العصرين.

و أما النسبة بين الأول: و هي الألحان، و الرابع: و هو صرف الأخبار المانعة عن التغني الى القرآن و انحصارها فيه - العموم المطلق في الأخير، و الخصوص المطلق في الأول، أي أن كل غناء في غير القرآن مباح، سواء أ كان من ألحان أهل الفسوق أم لا.

و ليس كل غناء في القرآن مباحا، سواء أ كان من ألحان أهل الفسوق أم لا.

بل بعض الغناء بالقرآن مباح اذا لم يكن من ألحان أهل الفسوق و المعاصي:

و أما النسبة بين الأول: و هي الألحان، و بين الخامس: و هو الغناء الزوري اللهوي الباطلي اللغوي: العموم و الخصوص من وجه، لهما مادة اجتماع و مادتا افتراق.

ص: 240

..........

++++++++++

أما الاجتماع فكما اذا كان الغناء من ألحان أهل الفسوق و كان زورا و لغوا و باطلا، و لهوا.

و أما مادة الافتراق من جانب الالحان فكما لو كان ما يقرأ لحنا حسنا، لكن لم يكن على نحو ألحان أهل الفسوق و المعاصي.

و أما مادة الافتراق من جانب الزور و الباطل فكما لو كان الغناء من ألحان اهل الفسوق و المعاصي، لكن في كلام حق غير باطل و غير زور.

و أما النسبة بين الثاني: و هو ترجيع الصوت و تحسينه اذا ادى الى الخفة، و الثالث: و هو الغناء الشائع في العصرين: العموم و الخصوص من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو كان الغناء من الفرد الشائع في العصرين، و كان مؤديا الى الخفة.

و أما مادة الافتراق من جانب الغناء الشائع فكما لو أدى الغناء الى الخفة و لم يكن من الفرد الشائع من اختلاط الرجال مع النساء.

و أما مادة الافتراق من جانب عدم الأداء الى الخفة فكما لو كان الغناء من الفرد الشائع من اختلاط النساء مع الرجال، لكنه لم يؤد الى تلك الحالة و هي الخفة.

و من الممكن ادعاء التساوي بين هذه النسبة بأن يقال: كل غناء يوجب الخفة كان شايعا في العصرين.

و كل غناء كان شايعا في العصرين كان موجبا لتلك الحالة و هي الخفة.

ثم إن النسبة بين الثاني: و هو ترجيع الصوت و تحسينه اذا كان -

ص: 241

..........

++++++++++

- مؤديا الى الخفة، و بين الرابع: و هو صرف الأخبار المانعة الى القرآن و غيرها الى غيره: العموم من وجه: لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو كان الغناء قرآنا و أدى الى الخفة.

و أما مادة الافتراق من جانب الخفة، فكما لو كان الغناء مؤديا الى الخفة و لم يكن قرآنا.

و أما مادة الافتراق من جانب القرآن فكما لو كان قرآنا و لم يؤد الى الخفة.

و أما النسبة بين الثاني: و هو ترجيع الصوت و تحسينه المؤدي الى الخفة و الخامس: و هو الغناء الزوري اللغوى الباطلي اللهوى: فعموم من وجه لها مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو ادى الغناء الى الخفة و كان زورا و لغوا و باطلا

أما مادة الافتراق من جانب الخفة كما لو كان الغناء مؤديا الى الخفة و لم يكن زورا و باطلا.

و أما مادة الافتراق من جانب الزور و الباطل فكما لو كان الغناء زورا و باطلا و لم يؤد الى الخفة.

و أما النسبة بين الثالث: و هو الغناء الشائع في العصرين، و الخامس و هو الغناء اللهوي الزوري الباطلي اللغوي: العموم من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو كان الغناء من الغناء الشائع و كان زورا و باطلا و لغوا.

أما مادة الافتراق من جانب الشائع فكما لو كان الغناء من الفرد الشائع: من اختلاط النساء بالرجال، و الكلام بالأباطيل، لكنه لم يكن -

ص: 242

و غيره: أن (1) الجمع بين هذه الأخبار (2) يمكن بوجهين (3).

أحدهما: تخصيص تلك الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن.

و حمل (4) ما يدل على ذم التغني بالقرآن: على قراءة تكون على سبيل اللهو كما يصنعه الفساق في غنائهم.

و يؤيده (5) رواية عبد اللّه بن سنان المذكورة اقرءوا القرآن بألحان العرب و اياكم و لحون أهل الفسوق و الكبائر، و سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء.

++++++++++

- زورا و باطلا.

و أما مادة الافتراق من جانب الزور و اللهو فكما لو كان الغناء زورا و باطلا و لم يكن من فرد الشائع.

و أما النسبة بين الرابع: و هو صرف الأخبار المانعة عن التغني الى القرآن و غيرها الى غيره، و الخامس: و هو الغناء اذا كان زورا و باطلا و لهوا هو التباين، لأن كل ما كان محظورا في الرابع كان مباحا في الخامس و ليس كل ما كان مباحا في الرابع كان محظورا في الخامس الا إذا كان زورا و باطلا.

هذه غاية ما يمكن أن يقال في النسب الموجودة بين الأقوال الخمسة.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و الموجود فيها.

(2) و هي الأخبار المتعارضة كما عرفتها في ص 236-237.

(3) و قد عرفت الوجهين، و معنى التخصيص في ص 237-238.

(4) و قد عرفت معنى هذا الحمل في ص 238.

(5) اشرنا الى وجه التأييد، و الى مصدر الرواية في ص 238.

ص: 243

و ثانيهما (1) أن يقال: و حاصل ما قال (2): حمل الاخبار المانعة على الفرد الشائع في ذلك الزمان (3).

قال (4): و الشائع في ذلك الزمان الغناء على سبيل اللهو: من الجوارى و غيرهن في مجالس الفجور و الخمور، و العمل بالملاهي، و التكلم بالباطل و اسماعهن الرجال فحمل المفرد المعرف (5) يعني لفظ الغناء: على تلك الأفراد

++++++++++

(1) أي ثاني الوجهين من طريق الجمع بين الأخبار المتعارضة.

و قد عرفت هذا الوجه في ص 238.

(2) أي صاحب الكفاية فيها.

(3) أي زمن (الأمويين. و العباسيين).

(4) أي صاحب الكفاية و هو (المحقق السبزواري).

(5) أى المعرف بالألف و اللام كما في قولك: رجل: الرجل.

و في كتاب الكتاب. فلفظة ال تارة تكون للجنس كما تقول:

الكتاب خير رفيق، العقل يحكم بحسن العدل، و قبح الظلم.

و اخرى تكون للعهد و هي الاشارة الى ما كان معلوما بين المخاطب و المتكلم كما في قوله عز من قائل: «كَمٰا أَرْسَلْنٰا إِلىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصىٰ فِرْعَوْنُ اَلرَّسُولَ» .

و العهد إما ذهني كما في قولك: اكرم العالم، حيث كان معهودا بينك، و بين مخاطبك.

أو ذكري كالآية الكريمة.

و المراد من المعرّف هنا: العهد الذهني، أي الموضوع للعهد الذهني المعلوم خارجا، و ليس المراد من المعرف العهد الذكري، حيث لم يتقدم له ذكر في الكلام.

ص: 244

الشائعة في ذلك الزمان غير (1) بعيد.

ثم ذكر (2) رواية علي بن جعفر الآتية، و رواية اقرءوا القرآن المتقدمة (3)، و قوله (4): ليست بالتي يدخل عليها الرجال مؤيدا

++++++++++

- و المعنى: ان الغناء أو الصوت المستعمل في الاخبار: يراد منها الفرد المعهود بين الامام عليه السلام، و الراوي عهدا ذهنيا، فحمل هذا الفرد المعهود على الفرد الشائع في العصرين و هو اختلاط النساء بالرجال في مجالس الفسق و الفجور، و اللهو و الطرب، و سهر الليالي في المعاصي: غير بعيد.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فحمل المفرد المعرّف بالألف و اللام على الفرد الشائع.

و لا يخفى بعد هذا، حيث ورد هذا المفرد المعرف في الأخبار المجوزة للغناء فهل يراد منه الفرد الشائع في ذاك الزمان؟

اللهم إلا أن يقال: إن لفظ الجواز يدل على أن المراد من الغناء في الأخبار المجوزة غير الفرد الشائع.

(2) أي صاحب الكفاية و هو (المحقق السبزواري) ذكر رواية (علي بن جعفر).

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 85. الباب 15 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 5.

(3) المشار إليها في ص 238.

(4) أي و قول الامام عليه السلام: المشار إليه في ص 231 عن أبي بصير.

فهذه الروايات الثلاث: و هي رواية (علي بن جعفر).

و رواية عبد اللّه بن سنان القائلة: اقرءوا القرآن.

و رواية أبي بصير القائلة: ليست بالتي يدخل عليها الرجال: مؤيدة لحمل الغناء المعرف باللام على الفرد الشائع في العصرين: (الاموي و العباسي)

ص: 245

لهذا الحمل.

قال (1): إن فيه إشعارا بأن منشأ المنع في الغناء هو بعض الامور

++++++++++

(1) أي قال (صاحب الكفاية): إن في قول الامام عليه السلام:

و ليست بالتي يدخل عليها الرجال اشعارا بأن منشأ تحريم الغناء هو اقترانه بالامور المحرمة المذكورة: من اختلاط الرجال بالنساء إلى آخر ما ذكر بحيث لو لاها لم يحرم الغناء.

و المراد من المنشأ حكمة التشريع، لا العلة.

و الفرق بين حكمة التشريع، و علة التشريع: هو أن الأولى لا يلزم أن يدور الحكم و هو الوجوب، أو الحرمة مدار الحكمة وجودا و عدما:

بحيث كلما وجدت الحكمة وجد الحكم كعدة الطلاق مثلا، حيث إنها شرعت صيانة لعدم اختلاط المياه، مع أن المرأة العقيم التي عليها العدة لم تحمل حتى يجب عليها العدة، لعدم اختلاط المياه.

بخلاف الثانية اعني العلة، فإن الحكم فيها يدور مدار العلة وجودا و عدما بحيث إنه كلما وجدت العلة وجد المعلول كالخمر، فإنه متى وجدت صفة الإسكار وجدت الحرمة، سواء أ كان في الخمر المتخذ من العنب أم من غيره، فلا ينقض الحكم بمدمن الخمر الذي لا يؤثر فيه الإسكار، لأن الصفة لا تزال موجودة، لكن المانع من تأثيرها هو الإدمان.

ثم لا يخفى أن الظاهر من كلام المحدث (الكاشاني و السبزواري) أنهما قد استظهرا أن منشأ المنع من حرمة الغناء: هو بعض الامور المحرمة كاختلاط الرجال بالنساء، و التكلم بالأباطيل، و اللعب بالملاهي

و لا يخفى أن هذا من تحصيل الحاصل لا تحتاج الحرمة فيه إلى بيان الامام عليه السلام.

ص: 246

المحرمة المقترنة به كالالتهاء (1)، و غيره الى أن قال (2).

++++++++++

(1) مصدر باب الافتعال من التهى يلتهي معناه: الانشغال عن الشيء يقال: التهى عن الشيء أي انشغل، أو غفل عنه فهو فعل لازم مطاوع ألهى تقول: ألهيته فالتهى كما تقول: فرقته فتفرق، و أعليته فاعتلى و أنجزته فتنجز.

و قد ذكر أهل اللغة أن الفعل المطاوع بالكسر لا بدّ أن يكون لازما.

لكن ما ذكروه قاعدة محزومة بقولهم: استجزته فاجازني و استجرته فأجارني.

و مرجع الضمير في غيره: الالتهاء و المراد من الغير: الحضور في تلك المجالس من دون ان يلتهي بتلك المحرمات و يتلبس بها، و على هذا المعنى يكون المراد بالالتهاء: التلبس.

(2) أي قال صاحب الكفاية في الأخبار المانعة عن الغناء: إن في تلك الأخبار إشعارا بكون تحريم الغناء لأجل كونه لهوا و باطلا فلذا منع و حرم و لو لا هذا لما كان حراما في حد ذاته.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 226. الباب 99 من أبواب ما يكتسب به كتاب التجارة. الحديث 6-7 و ص 227. الحديث 11 و ص 228. الحديث 16، و ص 229. الحديث 20، و ص 226. الحديث 6 أليك نص الحديث.

عن محمد بن مسلم عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: سمعته يقول:

الغناء مما وعد اللّه عليه النار و تلا هذه الآية: وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ (1).6.

ص: 247


1- لقمان: الآية 6.

إن في عدة من أخبار المنع عن الغناء إشعارا بكونه لهوا باطلا.

و صدق ذلك (1) في القرآن و الدعوات و الاذكار المقروة بالأصوات الطيبة المذكرة للجنة، المهيجة للشوق الى العالم الأعلى محل تأمل.

على (2) أن التعارض واقع بين أخبار الغناء، و الأخبار الكثيرة المتواترة الدالة على فضل قراءة القرآن و الأدعية و الاذكار بالصوت الحسن مع عمومها لغة، و كثرتها، و موافقتها للاصل.

++++++++++

(1) أي و صدق اللهو و الباطل على قراءة القرآن و الدعوات و الأذكار بالصوت الحسن الجميل الذي يذكر الإنسان للشوق إلى العالم الآخرة و يهيجه إلى الدرجات الرفيعة: محل تأمل و اشكال فلا يصح الركون إليه.

(2) هذا ترق من الشيخ عما أفاده من التأمل و الاشكال في صدق اللهو و الباطل على قراءة القرآن و الأدعية بالصوت الحس الجميل.

و خلاصة الترقي: أنه بالإضافة إلى التأمل المذكور هناك اشكال آخر:

و هو وجود أخبار كثيرة متضافرة بلغت حد التواتر دالة على فضل قراءة القرآن بالصوت الحسن الجميل تعارض تلك الأخبار المانعة فصونا عن السقوط عند التعارض تقدم أخبار الجواز على المنع.

و قد ذكر الشيخ لتقدم هذه الأخبار على تلك وجوها ثلاثة في المتن على سبيل الاختصار بقوله: مع عمومها لغة، و كثرتها، و موافقتها للأصل

و نحن نذكرها بنحو أبسط مما أفاده قدس سره.

(الوجه الأول) عموم الأخبار المجوزة لقراءة القرآن بالصوت الحسن الجميل لغة، فإن الصوت الحسن الجميل موضوع لغة لكل شيء يقرأ به سواء أ كان في الغناء أم في القرآن أم في الأدعية، و ليس له اختصاص بواحد دون آخر.

(الثاني): كثرة الأخبار الواردة في جواز قراءة القرآن و الأدعية -

ص: 248

و النسبة بين الموضوعين (1) عموم من وجه فاذا لا ريب في تحريم

++++++++++

- و الأذكار بالصوت الحسن الجميل. راجع نفس المصدر.

(الثالث): موافقة الأخبار المجوزة للاصل و هي أصالة الحلية التي هي من الاصول العقلائية الموضوعة للتمسك بها عند الشك في حلية الشيء و حرمته، و من أفراد هذا الشيء المشكوك الغناء.

هذه هي الوجوه الثلاثة التي أفادها الشيخ في صورة ترجيح أخبار الجواز المعارضة لأخبار المنع على أخبار المنع.

(1) و هما: أخبار حرمة الغناء مطلقا التي يشمل اطلاقها حتى قراءة القرآن و الأدعية و الاذكار.

و أخبار الجواز الدالة على فضل قراءة القرآن الشامل اطلاقها حتى اللحن الغنائي، فإن بين هذه الاخبار عموما و خصوصا من وجه أي لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما إذا قرئ القرآن بلحن الغناء فإنه تصدق عليه الطائفتان من الأخبار: طائفة الجواز. و طائفة المنع.

و أما مادة الافتراق من جانب أخبار حرمة الغناء كالتغني بغير القرآن من الاشعار و غيرها، دون الاذكار و الادعية و الاوراد فإن أخبار الجواز لا تنطبق عليها.

و أما مادة الافتراق من جانب أخبار القرآن و الادعية و الاذكار كما إذا قرأت المذكورات بلحن غير غنائي: بأن قرأت بلحن عبادي يذكر الجنة و نعيمها، و النار و جحيمها فإن أخبار الحرمة لا تنطبق عليها.

ثم لا يخفى أن في مادة الاجتماع يقع التعارض بين الطائفتين فتسقطان -

ص: 249

الغناء على سبيل اللهو و الاقتران بالملاهي و نحوهما (1).

ثم إن ثبت اجماع في غيره (2)، و الا (3) بقي حكمه على الإباحة و طريق الاحتياط (4) واضح انتهى (5).

أقول: لا يخفى أن الغناء على ما استفدناه من الاخبار (6) بل و فتاوى (7) الاصحاب،

++++++++++

- فيرجع إلى أصالة الحلية الحاكمة على أخبار المنع الخارجة موضوعا فهي من قبيل التخصص، لا من قبيل التخصيص.

(1) أي غير اللهو و الملاهي: و هي المزمار. و البربط. و العود.

(2) أي إن ثبت اجماع على تحريم الغناء الذي لا يكون على سبيل اللهو، أو غير مقترن بالاختلاط مع النساء فنأخذ به و نحكم بحرمته، و إلا فالقاعدة التمسك بأصالة الحل.

(3) أي و ان لم يثبت اجماع على حرمة هذا النوع من الغناء المجرد من الاختلاط فلا نحكم بحرمته، بل الرجوع الى أصالة الحل هو المتعين.

(4) هذا من كلمات) المحقق السبزواري) صاحب الكفاية.

فكأنه يتنازل عما ذهب إليه: من عدم حرمة الغناء بصورة عامة و أن حرمته مقيدة في الغناء الشائع في العصرين و يقول: إن الامتناع عن كل ما فيه شبهة من اللهو، أو الباطل هو طريقة الاحتياط، لقوله عليه الصلاة و السلام: اخوك دينك فاحتط لدينك.

(5) أي ما أفاده صاحب الكفاية في هذا المقام.

(6) و هي المشار إليها في ص 164-166.

(7) في جميع نسخ الكتاب كلمة فتاوى بدون الواو، و الظاهر احتياجها إليها كما اثبتناها، لأنه ان لم تكن موجودة تكون كلمة بل للإضراب، أي الاضراب عن الأخبار، و استفادة كون الغناء من الملاهي من فتاوى الاصحاب و الحال -

ص: 250

و قول أهل اللغة (1): هو من الملاهي نظير ضرب الاوتار، و النفخ في القصب و المزمار، و قد تقدم التصريح بذلك (2) في رواية الاعمش الواردة في الكبائر فلا (3) يحتاج في حرمته إلى أن يقترن بالمحرمات الاخر

++++++++++

- أن الشيخ يريد اثبات أن الغناء من الملاهي من الأخبار، و من فتاوى الأصحاب مجتمعين.

و المراد من فتاوى الأصحاب: ما أفاده (شيخنا الأنصاري) بقوله:

و يقرب منه المحكي عن المشهور بين الفقهاء: من أنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب.

(1) و هم: الجوهري و الزمخشري و مجمع البحرين و القاموس المشار إليهم في ص 191-192، فكلهم صرحوا: بأن الغناء مثل الضرب بالأوتار و النفخ في القصب و المزمار، فكما أن الضرب بهذه الآلات يعد من اللهو.

كذلك الغناء يعد لهوا، سواء اقترن بهذه الآلات أم لا.

(2) أي بأن الغناء مثل الضرب بالأوتار، و النفخ في القصب و المزمار في رواية الأعمش عند قوله عليه السلام: و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه كالغناء و ضرب الأوتار.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11 ص 46 من أبواب جهاد النفس الحديث 36.

(3) لفاء تفريع و نتيجة على ما أفاده: من تقدم التصريح بكون الغناء مثل الضرب بالأوتار، و النفخ في القصب و المزمار في رواية الأعمش أي و بعد هذا التصريح لا تحتاج حرمة الغناء الى اقترانه بمحرمات اخرى مثل اختلاط النساء بالرجال، و الكلام بالأباطيل، و الضرب بالأوتار و النفخ بالقصب و المزمار، فالرواية هذه صريحة في حرمة الغناء بما هو غناء و ان لم يقترن بشيء مما ذكر.

ص: 251

كما هو (1) ظاهر بعض ما تقدم من المحدثين المذكورين.

نعم لو فرض كون الغناء موضوعا لمطلق الصوت الحسن (2) كما يظهر من بعض ما تقدم في تفسير معنى التطريب: توجه ما ذكراه، بل لا اظن احدا يفتي بإطلاق (3) حرمة الصوت.

++++++++++

(1) هذا تشبيه بالعكس يريد الشيخ أن يشبه حرمة الغناء باقترانه بأحد المذكورات على مذهب المحدّثّين.

و ليس غرضه تشبيه حرمة الغناء الواردة في رواية الأعمش باقترانها بأحد المذكورات، أي كما كانت حرمة الغناء على مذهب المحدثين مقيدة بكونها مقترنة بأحد المذكورات، حيث قال (المحدث الكاشاني) في ص 229:

الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة فيه: اختصاص حرمة الغناء و ما يتعلق به من الأجر و التعليم، و البيع و الشراء بما كان على النحو المتعارف في زمن (بني امية و بني العباس).

و حيث قال (المحدث السبزواري): إن الغناء في حد ذاته لا يكون حراما إلا اذا اقترن بالملاهي، و الكلام بالباطل، و اختلاط الرجال بالنساء.

(2) أي أعم من لحن فسوقي، و كيفية لهوية، و لحن ترجيعي غير لهوي كما يظهر هذا المعنى: و هو أن الغناء موضوع للاعم من كونه موجبا للخفة أولا من (صاحب مفتاح الكرامة): عند قوله: إن معنى التطريب كما عن بعض أهل اللغة مد الصوت و ترجيعه و تحسينه فحينئذ يتوجه ما ذكره (المحدث الكاشاني. و المحدث السبزواري): من أن المحرم من الغناء ما كان على النحو الشائع في العصرين: (الاموي و العباسي) فالمعرّف بالألف و اللام و هو الغناء يحمل على هذا الفرد الشائع، فتكون حرمته منوطة و متوقفة على الاقتران بالمحرمات المذكورة.

(3) أي و ان لم يكن مقرونا بأحد المحرمات المذكورة.

ص: 252

و الأخبار بمدح الصوت الحسن، و أنه من أجمل الجمال، و استحباب القراءة و الدعاء به، و أنه حلية (1) القرآن، و اتصاف (2) الأنبياء و الأئمة به: في غاية الكثرة، (3).

++++++++++

(1) أي و ان الصوت الحسن زينة القرآن الكريم، فعليه لا مانع من قراءة القرآن و الدعاء بالصوت الحسن، لأن قراءة المذكورات بالصوت الحسن لا يعد من الغناء فهي خارجة عن موضوعه قطعا، و يثاب صاحبها اذا قرأت المذكورات بالصوت الحسن الجميل.

(2) بالجر عطفا على المجرور في قوله: بمدح الصوت، أي الأخبار الواردة باتصاف الأنبياء و الأئمة من (أهل البيت) بالصوت الحسن الجميل كثيرة.

و كان النبي داود عليه السلام متصفا بذلك، و بجودة التلاوة قال اللّه تعالى: «وَ لَقَدْ آتَيْنٰا دٰاوُدَ مِنّٰا فَضْلاً يٰا جِبٰالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ اَلطَّيْرَ» . السبأ: الآية 10.

و كذلك (الامام السجاد) عليه السلام موصوفا بحسن الصوت فكان عند ما يقرأ القرآن الكريم و يسمع صوته يقف على بابه كل من يدخل في الزقاق فيستمع صوته.

(3) هذه الجملة: (في غاية الكثرة) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله: و الأخبار و الجملة هذه بما فيها من المبتدأ و الخبر منصوبة محلا على الحالية لفاعل أظن في قول الشيخ: بل لا أظن أحدا يفتي بإطلاق حرمة الصوت الحسن.

و المعنى أنه كيف يظن بافتاء أحد من الفقهاء بحرمة الصوت الحسن بقول مطلق و ان لم يبلغ حد الغناء: و الحال ان الأخبار بمدح الصوت -

ص: 253

..........

++++++++++

- الحسن، و انه من أجمل الجمال، و أنه حلية القرآن و انه يستحب قراءة القرآن و الدعاء به، و اتصاف كل نبي و امام به: في غاية الكثرة.

راجع حول استحباب قراءة القرآن بالصوت الحسن، و قراءة الدعاء به، و أنه من أجمل الجمال.

(وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 858. الباب 24 من أبواب قراءة القرآن. الأحاديث أليك نص الحديث 3:

عن (أبي عبد اللّه عليه السلام) قال: قال (النبي) صلى اللّه عليه و آله: لكل شيء حلية. و حلية القرآن الصوت الحسن.

و نص الحديث 4 عن (أبي عبد اللّه عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام احسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقاءون يمرون فيقفون ببابه يسمعون قراءته.

و أما حديث أن الصوت الحسن من أجمل الجمال.

فاليك نصه عن (أبي بصير) عن (أبي عبد اللّه عليه السلام) قال: قال (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله: ان من أجمل الجمال الشعر الحسن، و نغمة الصوت الحسن.

(اصول الكافي). الجزء 2. ص 615. الحديث 8.

و لا يخفى أن الشعر هنا بفتح الشين لا بكسرها.

و المراد منه شعر الرأس في المرأة، و شعر الوجه في الرجل.

أما وجه كون الشعر في وجه الرجل من أجمل الجمال فبديهي، حيث إن الرجل حين انبات الشعر على وجهه يكون و قورا حسنا ذا ابهة.

و بهذه المناسبة يقال للحية: محاسن فالشعر على وجهه زينة. كما -

ص: 254

و قد جمعها (1) في الكفاية بعد ما ذكر ان غير واحد من الأخبار يدل على جواز

++++++++++

- كما أن الشعر في وجه المرأة عيب و نقص لها، حيث انه موجب لتشويه خلقتها و تنفر بعلها عنها.

و لعلك رأيت صور بعض نوابغ الغرب و الشرق و علمائهم الكبار الذين هم القدوة لأبناء زماننا، و اسوة لمجتمعنا: أنها متحلية باللحى.

و أما كون الشعر في رأس المرأة زينة فهو أيضا امر وجداني بديهي غير قابل للانكار، و لا أظن أنه يوجد شيء بعد ملامحها الطبيعية أجمل لها من شعر رأسها، و لا سيما اذا نشرته و ارسلته على متنيها و كتفيها بالكيفية الخاصة المعروفة عندهن، و بالأخص بالعملية التي يعملنها في العصر الحاضر و التي يستذوقها أهل الذوق السليم.

و الى هذا الجمال الطبيعي يشير امرؤ القيس في قوله:

و فرع(1) يزين المتن أسود فاحم *** اثيث(2) كقنو(3) النخلة المتعثكل

غدائره(4) مستشزرات(5) الى العلى *** تضل العقاص(6) في مثنى و مرسل

(1) اي صاحب الكفاية جمع الاخبار الدالة على جواز قراءة القرآن -ر.

ص: 255


1- يراد منه الشعر الكثير يقال: فرع شعره اي كثر.
2- من أث يأث اثاثا و اثوثا معناه الشعر الملتف الكثير.
3- أي عنقود النخلة كعنقود العنب، و المتعثكل صفة للقنو.
4- جمع غديرة يراد منها الشعر المظفور من المرأة.
5- من استشزر يستشزر معناها الفتل يقال: استشزر الحبل أي فتله
6- بكسر العين من عقص ضفيرة الشعر.

الغناء في القرآن، بل استحبابه، بناء على دلالة الروايات على استحباب حسن الصوت و التحزين (1) و الترجيع به.

++++++++++

- بالصوت الحسن، و بكل لحن بعد أن ذكر أن غير واحد من الأخبار يدل على جواز الغناء في القرآن.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 858. الباب 24 من أبواب قراءة القرآن. الأحاديث.

(1) المراد بالتحزين قراءة شيء بكيفية خاصة على نحو الترجيع و ترديد الصوت توجب الحزن في الانسان كما في إنشاء شاعر (ائمة أهل البيت) عليهم السلام (دعبل الخزاعي) رحمه اللّه برحمته الواسعة حينما أمره (الامام الثامن) عليه السلام عند ما دخل عليه فأنشأ قصيدته التائية الخالدة.

منها:

بكيت لرسم الدار من عرفات *** و اذريت دمع العين بالعبرات

و فكّ عرى صبري و هاجت صبابتي *** رسوم ديار أقفرت و عرات

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

الى آخر القصيدة فبكى الامام عليه السلام و أهل بيته بكاء عاليا.

و كما في استشهاد (الامام الهادي) عليه السلام لما ادخل على الخليفة العباسي (المتوكل) الذي كان شديد الانحراف عن (علي أمير المؤمنين) و اولاده عليهم السلام و كان بيده كأس من الخمر فناولها للامام عليه السلام و قال له و هو في حالة السكر: اشرب.

فقال له الامام عليه السلام: ما خامر لحمي و دمي.

فقال (المتوكل): انشدني شعرا.

فقال عليه السلام: إني قليل الرواية في الشعر.

ص: 256

و الظاهر (1) أن شيئا منها لا يوجد بدون الغناء على ما استفيد من كلام أهل اللغة و غيرهم على ما فصلناه في بعض رسائلنا. انتهى (2).

و قد صرح (3) في شرح قوله صلى اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بألحان العرب: أن اللحن هو الغناء.

++++++++++

- فقال المتوكل: لا بدّ من ذلك.

فانشد عليه السلام:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم *** غلب الرجال فلم تنفعهم القلل

و استنزلوا بعد عز عن معاقلهم *** الى مقابرهم يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا *** اين الاسرّة و التيجان و الحلل

اين الوجوه التي كانت محجبة *** من دونها تضرب الاستار و الكلل

فافصح القبر عنهم حين ساءلهم *** تلك الوجوه عليها الدود تنتقل

فبكى هذا القاسي العاتي بكاء عاليا حتى ابتلت لحيته.

فهل كان انشاد الامام عليه السلام للمتوكل العباسي، و انشاد دعبل للامام الرضا عليه السلام على نحو الصوت الغنائي الموجب لحصول الخفة في الانسان؟

حاشا ثم حاشا و كلا.

فالحاصل أن جواز قراءة القرآن، أو الأدعية بالصوت الحسن كان يحمل: على النحو المتعارف الشائع عند (الرسول و الأئمة) و أصحابهم الكرام

(1) هذه الكلة: (و الظاهر) لصاحب الكفاية.

و مرجع الضمير في (منها): الامور الثلاثة: و هو حسن الصوت و التحزين، و الترجيع.

(2) اي ما أفاده صاحب الكفاية فيها.

(3) اي صاحب الكفاية.

ص: 257

و بالجملة (1) فنسبة الخلاف إليه في معنى الغناء أولى من نسبة التفصيل إليه، بل ظاهر اكثر كلمات المحدث الكاشاني أيضا ذلك (2)، لأنه (3) في مقام نفي التحريم عن الصوت الحسن المذكر لامور الآخرة المنسي لشهوات الدنيا.

نعم بعض كلماتهما (4) ظاهرة فيما نسب إليهما: من التفصيل في الصوت

++++++++++

(1) اي اي شيء قيل في الغناء من التفاسير و الآراء.

و الفاء في قوله: فنسبة الخلاف تفريع على ما افاده آنفا في قوله:

نعم لو فرض كون الغناء موضوعا لمطلق الصوت.

اي فنسبة الخلاف في معنى الغناء الى (المحدث السبزواري) أولى من نسبة التفصيل المذكور: و هو جواز التغني اذا خلا و تجرد عن المحرمات المذكورة: من دخول النساء على الرجال، و التكلم بالاباطيل، و اللعب بالملاهي.

و عدم جواز التغني لو اقترن باحد المذكورات إليه، لانه يقول:

إن الغناء موضوع لمطلق الصوت الحسن الجميل، و لا اختصاص له بالخفة الحاصلة للانسان الموجبة لخروجه عن حالته الطبيعية، و الاختلال التوازني فمفهوم الغناء عنده أوسع دائرة و نطاقا كما يشير الى هذا المعنى قوله:

و على هذا فلا بأس بالتغني بالاشعار المتضمنة لذكر الجنة و النار، و التشويق الى دار القرار، و وصف نعم الملك الجبار.

فكلامه ظاهر في أن للغناء أنواعا اخرى غير ما يوجب الخفة.

(2) اي أن المحدث الكاشاني يقول بمقالة المحدث السبزواري:

من أن مفهوم الغناء أوسع دائرة و نطاقا.

(3) تعليل من الشيخ لاتحاد مذهب المحدث الكاشاني مع مذهب المحدث السبزواري.

(4) اي كلمات المحدثين ظاهرة في التفصيل المنسوب إليهما: -

ص: 258

اللهوي الذي ليس هو عند التأمل تفصيلا، بل قول (1) بإطلاق جواز الغناء، و أنه لا حرمة فيه أصلا و إنما الحرام ما يقترن به من المحرمات فهو (2) على تقدير صدق نسبته إليهما في غاية الضعف لا شاهد له يقيد الاطلاقات الكثيرة المدعى تواترها، إلا (3) بعض الروايات التي ذكراها.

منها (4): ما عن الحميري بسند لم يبعد (5) في الكفاية الحاقة بالصحاح عن علي بن جعفر عن أخيه عليهما السلام قال: سألته عن الغناء في الفطر و الاضحى و الفرح.

++++++++++

- و هي حرمة الغناء المقترن باحد المحرمات المذكورة، و عدم حرمته اذا لم يقترن بها.

(1) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا كلمة قولا منصوبة و هي بالرفع كما اثبتناه، و هو خبر لمبتدإ محذوف، اي بل هو قول بإطلاق الغناء عند التأمل.

(2) اي هذا الظهور الدال على نسبة التفصيل الى (المحدثين) على فرض صدقها ففي غاية الضعف لا شاهد له من الأخبار تقيد تلك الاطلاقات الكثيرة الدالة على حرمة الغناء بقول مطلق، سواء أ كان من الفرد الشائع أم لا، و قد ادعى صاحب الايضاح تواتر هذه المطلقات كما سبق في اوّل بحث الغناء عند قول الشيخ في ص 164: و ادعى في الايضاح تواترها.

(3) استثناء من عدم وجود الشاهد من الأخبار على التفصيل المذكور

(4) اي من تلك الروايات التي تصلح أن تكون شاهدا على التفصيل المذكور.

(5) بصيغة المعلوم من باب التفعيل اي لم يبعد في الكفاية الحاق خبر الحميري بالصحاح.

ص: 259

قال: لا بأس به ما لم يعص (1) به.

و المراد به ظاهرا ما لم يصر الغناء سببا للمعصية و لا مقدمة للمعاصي المقارنة له.

و منها (2): ما في كتاب علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر و الأضحى و الفرح؟ قال: لا بأس ما لم يزمر به (3).

و الظاهر أن المراد بقوله: ما لم يزمر به ما لم يلعب (4) معه بالمزمار، أو ما لم يكن

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 85. الباب 15 من ابواب ما يكتسب به كتاب التجارة. الحديث 5.

و الشاهد في قوله عليه السلام: ما لم يعص به، حيث يصلح شاهدا للتفصيل المذكور: و هو أن الغناء المحرم ما كان يعص اللّه به كما كان هو الشائع في العصرين: (الاموي. و العباسي) لا ما كان منه مذكرا للجنة و النار الى آخر ما ذكره، فان هذا لا يكون حراما.

(2) اي و من تلك الاخبار التي تصلح لأن تكون شاهدا على التفصيل المذكور.

(3) نفس المصدر. و نفس الحديث.

و لا يخفى أن في (الوسائل) ما لم يؤمر به و هو غلط و الصحيح ما لم يزمر به.

و الشاهد في قوله عليه السلام: ما لم يزمر به، حيث يصلح شاهدا على التفصيل المذكور.

و يزمر بصيغة المجهول جاء مخففا من زمر يزمر وزان نصر ينصر و جاء مشددا من باب التفعيل وزان صرف يصرف.

(4) المراد باللعب هنا: هو النفخ بالمزمار. فقد عبر الشيخ عنه باللعب

ص: 260

الغناء بالمزمار، و نحوه من آلات الأغاني (1).

و رواية (2) أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كسب المغنيات فقال: التي يدخل عليها الرجال حرام، و التي تدعى الى الأعراس لا بأس به: و هو (3) قول اللّه عز و جل: وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ .

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس، ليست بالتي يدخل عليها الرجال (4) فان ظاهر الثانية (5) و صريح الاولى (6): أن حرمة الغناء منوطة بما يقصد

++++++++++

(1) بأن كان الغناء بآلات اخرى، غير الآلات الموضوعة للغناء.

(2) بالرفع عطفا على قوله: منها، أي و من تلك الروايات التي تصلح لأن تكون شاهدا على التفصيل المذكور: رواية أبي بصير.

(3) اي الغناء المحرم و هو الذي يدخل عليها الرجال هو المعني في قوله تعالى: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ) (1).

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 84. الباب 15 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

و الشاهد في دلالة الرواية على جواز التغني في الأعراس، بناء على التفصيل الذي ذكره (المحدث الكاشاني و صاحب الكفاية) في الغناء من أن المحرم منه ما كان على النحو الشائع في العصرين، لا ما كان مذكرا للجنة و نعيمها.

(4) نفس المصدر. ص 85. الحديث 3.

(5) و هو عن كتاب (علي بن جعفر) المشار إليه في ص 260.

(6) و هي رواية الحميري المشار إليها في ص 259، حيث فيها: -6.

ص: 261


1- سورة لقمان: الآية 6.

منه، فان كان المقصود اقامة مجلس اللهو حرم، و إلا فلا.

و قوله (1) في الرواية: و هو قول اللّه: اشارة الى ما ذكره من التفصيل

و يظهر منه (2) أن كلا الغناءين من لهو الحديث، لكن يقصد باحدهما ادخال الناس في المعاصي، و الاخراج عن سبيل الحق، و طريق الطاعة (3)، دون الآخر (4).

و أنت (5) خبير بعدم مقاومة هذه الأخبار للاطلاقات، لعدم ظهور يعتد به في دلالتها (6)، فان الرواية الاولى (7) لعلي بن جعفر ظاهرة

++++++++++

- ما لم يعص به اي لم يعص بالغناء: بأن اقترن مع احد المحرمات المذكورة

(1) اي و قول الامام عليه السلام في الرواية المشار إليها في ص 261:

و هو قول اللّه اشارة الى التفصيل المذكور: من حرمة الغناء اذا اقترن بما ذكر من المحرمات المذكورة، و عدم حرمته اذا لم يقترن بذلك.

(2) اي و يظهر من استشهاد الامام عليه السلام بالآية الكريمة في الرواية المشار إليها في ص 261: أن كلا الغناءين:

و هما: الغناء الذي يقترن مع أحد المحرمات المذكورة، و الغناء الذي يكون في الأعراس.

(3) و هو الغناء المتعارف في العصرين: (الاموي. و العباسي).

(4) و هو الغناء في الاعراس.

(5) من هنا بداية الشروع من الشيخ في الرد على من استدل بالأخبار الصالحة لتقييد المطلقات الدالة على حرمة مطلق الغناء التي اشير إليها في ص 164-166 فقال: و أنت خبير بعدم.

(6) أي في دلالة تلك الأخبار التي استدل بها الخصم على المطلوب.

(7) هذا رد على الرواية الاولى و هي رواية الحميري المشار إليها -

ص: 262

في تحقق المعصية بنفس الغناء فيكون المراد بالغناء مطلق الصوت المشتمل على الترجيع و هو قد يكون مطربا ملهيا فيحرم (1)، و قد لا ينتهي الى ذلك الحد فلا يعصى به (2).

و منه (3) يظهر توجيه الرواية الثانية لعلي بن جعفر عليه السلام فان معنى قوله (4): لم يزمر به لم يرجّع فيه ترجيع المزمار، أو أن المراد من الزمر التغني على سبيل اللهو.

و أما رواية أبي بصير (5) مع ضعفها سندا بعلي بن أبي حمزة البطائني

++++++++++

- في ص 259 و التي قد استدل بها الخصم على صلاحيتها لتقييد تلك المطلقات.

و خلاصة الرد: أن في الرواية جملة: ما لم يعص به و ظاهرها أن الغناء على قسمين: قسم يكون مطربا و ملهيا بحيث يوجب وقوع الانسان في المعصية فهذا حرام.

و قسم لا يكون ملهيا و مطربا فلا يوجب وقوع الانسان في المعصية فهذا ليس بحرام فعلى هذه الظاهرة لا يصح التمسك بالرواية.

(1) هذا هو القسم الاول.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) أي و من هذا الظهور الذي ادعاه الشيخ في الحديث الأول لعلي بن جعفر: يظهر توجيه الرواية الثانية لعلي بن جعفر، حيث ان فيها لم يزمر به، و معنى عدم التزمير عدم الترجيع الذي هو التغني على سبيل اللهو، و الغناء اذا كان على سبيل اللهو يكون حراما.

(4) أي قول الامام عليه السلام في نفس الرواية.

(5) هذا رد على الرواية الثالثة التي استدل بها الخصم على صلاحيتها للتقييد و قد اشير إليها في ص 261.

و خلاصة الرد: انها بالإضافة الى ضعف سندها، لانتهائها -

ص: 263

فلا تدل الا على كون غناء المغنية التي يدخل عليها الرجال (1) داخلا في لهو الحديث في الآية و عدم دخول غناء التي تدعى الى الأعراس (2) فيه

و هذا لا يدل على دخول ما لم (3) يكن منهما في القسم المباح

++++++++++

- الى علي بن أبي حمزة البطائني و هو واقفي وقف على إمامة (الامام موسى بن جعفر عليهما السلام) و لم يقل بامامة (الامام علي بن موسى الرضا) عليهما السلام(1): أنها لا تدل على دخول الغناء الذي لم يكن من القسمين و هما: الغناء في الأعراس. و عناء النساء اللاتي يدخل عليها الرجال:

في القسم المباح.

فالحاصل: أن الرواية تقسم الغناء الى ثلاثة أقسام:

(الأول): الغناء في الأعراس.

(الثاني): غناء النساء اللاتي يدخل عليها الرجال.

(الثالث): الغناء الذي ليس منهما.

فالامام عليه السلام أباح القسم الأول، و حرم الثاني.

و أما الثالث فلم يذكر في كلامه ما يدل على حكمه: من حرمة أو جواز.

(1) هذا هو القسم الأول.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) هذا هو القسم الثالث أي دخول غناء المغنية التي يدخل عليها الرجال في لهو الحديث في قوله تعالى: وَ مِنَ اَلنّٰاسِ ، و عدم دخول غناء المغنية في الأعراس في الآية لا يصير دليلا على ان القسم الثالث داخل في القسم المباح.0.

ص: 264


1- قال الشيخ المامقاني رحمه اللّه في حق الرجل: يؤخذ بما روى ما لم يعارضه الصحيح. راجع كتابه تنقيح المقال في علم الرجال. المجلد 2. ص 260.

مع كونه (1) من لهو الحديث قطعا، فاذا فرضنا أن المغني يغني بأشعار باطلة فدخول هذا (2) في الآية أقرب من خروجه.

و بالجملة (3) فالمذكور في الرواية تقسيم غناء المغنية باعتبار ما هو الغالب من انها (4) تطلب للتغني إما في المجالس المختصة بالنساء كما

++++++++++

(1) أي مع كون القسم الثالث داخلا في لهو الحديث قطعا، حيث إنه لو فرضنا أن مغنيا يغني بأشعار باطلة فلا شك في دخوله في لهو الحديث في الآية الكريمة قطعا.

هذا مبني على ما ذهب إليه الشيخ: من أن لهو الحديث يشمل كل غناء، سواء أ كان في الأعراس أم في الاختلاط، أم في غيرهما كما فيما نحن فيه.

لكنه خرج الغناء في الأعراس عن تحت العموم، للنص الخاص.

(2) أي فدخول القسم الثالث الذي لم يكن من القسم الأول و الثاني و هو مشتمل على أشعار باطلة: تحت الآية الشريفة: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ) : أقرب من خروجه منها.

(3) أي و خلاصة الكلام.

هذا اعتذار من الشيخ عن عدم ذكر الامام عليه السلام حكم القسم الثالث الذي لا يدخل في القسم الأول و الثاني.

و خلاصة الاعتذار أن عدم الذكر لوضوح حكمه، و استغنائه عن البيان بعد استشهاده عليه السلام بالآية، و من المعلوم خارجا دخول مطلق الغناء في لهو الحديث و منه القسم الثالث.

و أما إباحة القسم الثاني و هو غناء المغنية في الأعراس فلورود النص الخاص بخروجه.

(4) مرجع الضمير المغنية، و تطلب بصيغة المجهول.

ص: 265

في الأعراس، و إما للتغني في مجالس الرجال (1).

نعم (2) الانصاف أنه لا يخلو من إشعار بكون المحرم هو الذي يدخل فيه الرجال على المغنيات.

لكن المنصف لا يرفع اليد عن الاطلاقات (3) لاجل هذا الاشعار خصوصا (4) مع معارضته بما هو كالصريح في حرمة غناء المغنية و لو لخصوص مولاها كما تقدم من قوله عليه السلام: قد يكون للرجل الجارية

++++++++++

(1) كما في العصرين (الاموي. و العباسي)، و عصرنا.

(2) استدراك عما أفاده من أن المذكور في الرواية تقسيم غناء المغنية باعتبار ما هو الغالب.

و خلاصة الاستدراك: أن الرواية مشعرة بأن الغناء المحرم هو الذي يحصل بالضرب بالأوتار، و النفخ بالقصب. و في مجالس الاختلاط.

(3) و هي الاطلاقات الدالة على حرمة الغناء بقول مطلق، سواء أ كان في الاختلاط و الضرب و النفخ أم في غيرها.

فمع هذه الاطلاقات لا يؤخذ بذلك الاشعار فتشمل حتى القسم الثالث و قد ذكر الشيخ الاطلاقات في ص 164-166.

(4) هذا ترق من الشيخ، أي و بالإضافة الى تلك المطلقات التي لا يمكن رفع اليد عنها: لنا رواية معارضة لذلك الاشعار فهي تصرح بحرمة الغناء المطلق و لو كان من الجارية لمولاها و هو قوله عليه السلام في ص 186 في جواب السائل عن الجارية تلهي الرجل: و ما ثمنها إلا ثمن الكلب فان جوابه هذا عام يشمل جميع أنواع الغناء و ان كان من الجارية لمولاها و قد عرفت ما ذكرناه حول هذا الحديث في ص 186.

ص: 266

تلهيه، و ما ثمنها الا ثمن الكلب (1). فتأمل (2).

و بالجملة (3) فضعف هذا القول بعد ملاحظة النصوص أظهر من أن يحتاج الى الإظهار.

و ما ابعد ما بين (4) هذا، و بين ما سيجيء من فخر الدين: من عدم تجويز الغناء في الاعراس، لأن الروايتين (5) و ان كانتا نصين في الجواز

++++++++++

(1) و المراد من الكلب هنا كلب الهراش، لا كلب الزرع و الماشية و الحائط و البستان، فان هذه ذوات أثمان تصح المعاوضة عليها.

(2) لعل المراد من التأمل إمكان إرادة الإلهاء المقارن لضرب الأوتار و النفخ في القصب من الإلهاء في سؤال الراوي، لا الإلهاء بالغناء المجرد عنهما فحينئذ لا تدل الرواية على حرمة مطلق الغناء فلا تصح لمعارضة ذاك الاشعار: و هو أن المراد من الغناء المحرم هو الغناء الذي يدخل الرجال على المغنيات.

(3) أي و مجمل القول و خلاصته في المقام: أن ما أفاده (المحدث الكاشاني و المحدث السبزواري) ضعيف جدا بعد التأمل و التعمق في الأخبار المانعة عن الغناء مطلقا التي اشير إليها في ص 164-166.

(4) و هو قول المحدثين المذكورين.

(5) و هما روايتا أبي بصير المشار إليها في ص 261 و ان كانتا صريحتين في جواز الغناء في الأعراس، حيث يقول عليه السلام في احداهما: و التي تدعى الى الاعراس لا بأس به.

و يقول في الثانية: أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأمن.

فهاتان الروايتان صريحتان في جواز الغناء في الأعراس.

ص: 267

الا أنهما لا تقاومان الأخبار المانعة، لتواترها (1).

و أما ما ذكره (2) في الكفاية من تعارض أخبار المنع للاخبار الواردة في فضل قراءة القرآن فيظهر فساده عند التكلم في التفصيل.

++++++++++

(1) المراد هو التواتر المعنوي، لا اللفظي، فان التواتر على قسمين لفظي و معنوي:

(الأول): ما اذا اتحدت ألفاظ المخبرين في خبرهم كما لو اخبر جماعة بموت زيد لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فانه يترتب حينئذ على وفاته الأحكام الشرعية: من تقسيم ماله، و بينونة زوجته، و أداء ديونه و غير ذلك.

(الثاني): ما اذا تعددت ألفاظ المخبرين في خبرهم بصور كثيرة لكن يشمل كل خبر من المخبرين على معنى مشترك بين تلك الألفاظ بالتضمن أو الالتزام، و يسمى هذا القسم بالتواتر المعنوي، كما لو اخبر زيد أن عمرا قتل بكرا، ثم اخبر آخر أن عمرا قضى على حياة عمران، ثم أخبر ثالث ان عمرا اعدم موسى، ثم اخبر رابع أن عمرا افنى عيسى، ثم أخبر خامس أن عمرا أهلك يحيى، ثم اخبر سادس أن عمرا ذبح زكريا، و هكذا.

فمجموع هذه الأخبار توجب القطع بصدور القتل من عمرو بالتضمن و ان كانت ألفاظ المخبرين متعددة.

و لا يخفى أن ثبوت شجاعة (مولانا امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في غزواته و حروبه و فتوحاته مما ورد بالتواتر من هذا القسم.

و كما أن الأقوال في تأليف السيد المرتضى، أو شيخ الطائفة، أو العلامة أو غيرهم من العلماء الفطاحل بأنهم صنفوا عشرات الكتب، أو المئات منها: هو التواتر المعنوي، و يثبت انهم ذوو علم غزير.

(2) هذا رد على صاحب (كفاية الفقيه) المستدل بأخبار معارضة -

ص: 268

و أما الثاني: و هو الاشتباه في الموضوع

و أما الثاني (1): و هو الاشتباه في الموضوع فهو ما ظهر من بعض من لا خبرة (2) له من طلبة زماننا تقليدا لمن سبقه من أعياننا: من منع صدق الغناء في المراثي و هو عجيب، فانه إن أراد (3) أن الغناء مما يكون لمواد الألفاظ دخل فيه فهو تكذيب للعرف و اللغة.

أما اللغة فقد عرفت (4).

++++++++++

- لأخبار المنع: على صلاحيتها لتقييد تلك المطلقات فقال: يظهر فساد هذه المعارضة عند الكلام عن التفصيل الآتي بيانه بقوله: و أما الثالث و هو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع.

(1) و هو عروض الشبهة من حيث الموضوع بعد تشخيص الحكم فيه.

و قد ذكره الشيخ في ص 225 عند قوله: و اخرى من حيث الموضوع

كما في المراثي، فانها على ما قيل: لا تدخل في الغناء فهي خارجة عنه موضوعا بعد العلم بأن الغناء حكمه الحرمة.

(2) اي من لا اطلاع له في خصوص الغناء من حيث تشخيصه و تعيينه

و ليس المقصود أن هذا البعض ليس له اي خبرة و اطلاع في الفقه و مسائله، و أنه عار عنه و عن أحكامه.

و هذا احد الموردين الذين اشرنا إليهما في حياة (الشيخ الانصاري) في الجزء الاول من المكاسب ص 191 عند قولنا: نعم يوجد في (المكاسب) من بدايته الى نهايته موضعان يقول.

(3) اي ان اراد هذا البعض الذي لا اطلاع له و لا احاطة في موضوع الغناء.

(4) فان تعاريف الغناء في كتب اللغة تدل على أن الغناء من الكيفيات الصوتية، و لا دخل له بمادة خاصة.

راجع كتب اللغة. الصحاح. المصباح النهاية. تاج العروس -

ص: 269

و أما العرف (1) فلانه لا ريب في أن من سمع من بعيد صوتا مشتملا على الإطراب المقتضي للرقص، أو ضرب آلات اللهو: لا يتأمل في اطلاق الغناء عليه الى أن (2) يعلم مواد الألفاظ.

و ان اراد (3) أن الكيفية التي يقرأ بها للمرثية لا يصدق عليها تعريف الغناء فهو تكذيب للحس (4).

و أما الثالث: و هو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع

و أما الثالث (5): و هو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع

++++++++++

- القاموس. لسان العرب. مجمع البحرين مادة غني.

(1) حيث ان العرف لا يفهم من الغناء الا الكيفية الخاصة، و الألحان المخصوصة، لا بألفاظه و مواده، فالكيفية على أية مادة وقعت تعتبر غناء سواء أ كانت تلك المواد فاسدة أم صالحة، فالمواد الرثائية بلحن الغناء غناء عند العرف.

لكن لو فرض الشك في الصدق العرفي فما العمل في ذلك هل يقال:

ان الاصل الاباحة، او الحاقة بالأعم الأغلب.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: لا يتأمل اي لا ينتظر سامع هذا الصوت في اطلاق الغناء عليه حتى يعلم مواد الالفاظ المشتملة على الصوت و تشخيصها عند عدم اطلاعه على الغناء.

(3) اي و ان اراد هذا البعض الذي لا اطلاع له في موضوع الغناء أن الكيفية الغنائية اذا قرئت بها المراثي لا تكون مشمولة لتعريف الغناء لعدم صدق الغناء عليه.

(4) حيث ان العرف انما يحكم بذوقه و حسه، و لا يتبع في ذلك الفقهاء و اللغويين.

فما افاده (شيخنا الانصاري) من أنه تكذيب للحس لا يخلو من تأمل (5) اي الثالث من أقسام عروض الشبهة التي ذكرناها -

ص: 270

فقد حكى في جامع المقاصد قولا لم يسم قائله: باستثناء (1) الغناء في المراثي نظير (2) استثنائه في الأعراس، و لم يذكر (3) وجهه.

++++++++++

- في ص 226: هو عروضها لجميع أفراد الغناء و مصاديقها.

ففي الحقيقة هذا تضييق لدائرة دليل حرمة الغناء، و اختصاصها بالبعض بعد الفراغ عن تشخيص موضوع الغناء.

ثم ان الفرق بين هذا و ما قبله و هو القسم الثاني الذي كان عروض الشبهة في الموضوع: ان تعريف الغناء يشمل الثالث غير ان الحرمة لا تشمله فهو مستثنى من الحكم.

بخلاف الثاني فانه مستثنى من اصل الموضوع فيكون غير داخل في تعريف الغناء و ان كانت النتيجة واحدة و هي إباحة المراثي بالغناء و بألحان خاصة.

(1) اي استثناء الغناء مقول قول صاحب (جامع المقاصد).

و المراد من الاستثناء الاستثناء من الحكم و هي الحرمة، لا من الموضوع كما عرفت آنفا.

(2) اي استثناء المراثي عن حكم الغناء نظير استثناء الغناء في الأعراس من حيث الحكم.

(3) اي لم يذكر صاحب (جامع المقاصد) وجها لاستثناء الغناء في المراثي كما ذكر الفقهاء وجها لاستثنائه في الأعراس: و هو أنه موجب للافراح، و باعث للآخرين على التأهل و الازدواج الذي هو في حد نفسه امر مطلوب و مرغوب في الاسلام.

قال صلى اللّه عليه و آله: من تزوج فقد احرز ثلثي دينه فليتق اللّه في الثلث الآخر.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 7. ص 5 الباب 1 من ابواب مقدمات النكاح. الحديث 11-12.

ص: 271

و ربما وجّهه بعض (1) من متأخري المتأخرين، لعمومات (2) أدلة

++++++++++

(1) بالتنوين على وجه التنكير اي ربما وجه بعض متأخري المتأخرين استثناء جواز الغناء في المراثي بالعمومات الواردة في الابكاء، فانها تشمل الغناء بالمراثي.

و المراد من متأخري المتأخرين العلامة و من أتى بعده من أعلام الطائفة

كما ان المراد من القدماء (شيخ الطائفة).

و يحتمل ان يراد من متأخري المتأخرين (صاحب المستند)، حيث أيد هذا القول و هو جواز التغني في المراثي كما جاز في الأعراس.

(2) تعليل لاستثناء جواز الغناء في المراثي عن تحت تلك الكبرى الكلية: و هي حرمة الغناء بنحو مطلق.

و المراد من العمومات ما ذكر في (بحار الأنوار) الطبعة الحديثة الجزء 44. ص 278. الأحاديث.

أليك الحديث الأول:

عن علي بن فضال عن ابيه قال: قال (الرضا) عليه السلام:

من تذكر مصابنا و بكى لما ارتكب بنا كان معنا في درجتنا يوم القيامة.

و من ذكر بمصابنا فبكى و أبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون.

و من جلس مجلسا يحيي فيه امرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

فالحديث هذا عام يشمل البكاء و الابكاء بالغناء و غيره، فمن هذا العموم يستدل هذا البعض على جواز الغناء بالمراثي.

ثم لا يخفى أن بين عمومات حرمة الغناء، و عمومات أدلة الابكاء و الرثاء عموما و خصوصا من وجه، اي لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو كان هناك إبكاء بلحن غنائي فيقع التعارض بين أدلة حرمة الغناء، و بين أدلة جواز الإبكاء بلحن غنائي فتسقط أدلة -

ص: 272

الإبكاء و الرثاء، و قد أخذ (1) ذلك مما تقدم عن صاحب الكفاية:

من الاستدلال بإطلاق أدلة قراءة القرآن.

و فيه (2) أن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات

++++++++++

- الغناء، و أدلة استحباب الإبكاء في مورد الاجتماع فيرجع الى البراءة العقلية و النقلية المعبر عنها باصالة الحل.

و يمكن أن يقال بتقديم الثانية على الاولى اذا كانت أدلة جواز الابكاء اصح سندا، أو أقوى دلالة من أدلة حرمة الابكاء.

أو كانت أدلة جواز الإبكاء عمومات، و أدلة حرمة الإبكاء اطلاقات فتقدم العمومات على الاطلاقات.

و أما مادة الافتراق من جانب الغناء كما لو كان هناك غناء ليس فيه إبكاء فتأتي أدلة حرمة الغناء.

و أما مادة الافتراق من جانب البكاء كما لو كان هناك بكاء لسماع رثاء ليس فيه غناء فتأتي أدلة الجواز.

(1) أي أخذ هذا الموجه التوجيه المذكور: و هو تعارض إطلاقات أدلة حرمة الغناء مع إطلاقات أدلة استحباب البكاء و المراثي، و حكومة الثانية على الأولى، أو تساقطهما في مادة الاجتماع، و الرجوع الى أدلة البراءة:

من صاحب الكفاية فيما تقدم عنه في ص 248 في جواز قراءة القرآن الغناء، لأصالة الحل عند عدم ثبوت الاجماع على المنع، أو اختصاص حرمة الغناء بالمقترن بالمحرمات المذكورة، أو على سبيل اللهو.

(2) اي و فيما افاده و وجّهه هذا البعض: من أن خروج الغناء في المراثي عن تحت الكبرى الكلية: و هي حرمة الغناء بنحو مطلق إنما هو لاجل العمومات الموجودة في البكاء و الابكاء: نظر و اشكال.

وجه النظر كما افاده الشيخ: أن المرثية للحسين عليه الصلاة و السلام -

ص: 273

خصوصا التي (1) تكون من مقدماتها، فان مرجع أدلة الاستحباب الى استحباب ايجاد الشيء بسببه المباح، لا بسببه المحرم (2) الا ترى أنه لا يجوز ادخال السرور في قلب المؤمن و اجابته بالمحرمات كالزنا و اللواط و الغناء.

++++++++++

- امر مستحب في حد نفسه و ذاته، و الغناء امر محرم في الشريعة الاسلامية فأدلة الاستحباب لا تقاوم أدلة المحرمات و لا سيما اذا كانت المحرمات من مقدمات الاستحباب كما اذا سرق زيد مال عمرو ليتصدق به، أو سرق مركوبا ليعتمر عليه، أو يزور المراقد المقدسة، أو يغني ليدخل السرور في قلب المؤمن، و غير ذلك، ففي مثل هذه الموارد لا تعارض بين أدلة الاستحباب و أدلة الحرام الواقعي الذي لا يضعضعه شيء حتى يقال بتقديم أدلة الاستحباب على أدلة الحرمة، فأدلة المستحبات منصرفة عن كل مستحب يسبب الحرام أو يلازمه الحرام.

(1) صفة للمحرمات، و مرجع الضمير في من مقدماتها: (المستحبات) اي و لا سيما المحرمات التي تكون من مقدمات المستحبات كالتغني لادخال السرور في قلب المؤمن مثلا، فان أدلة هذا النوع من المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات، و لا تعارضها حتى تقدم عليها.

(2) كما فيما نحن فيه، حيث ان ايجاد المراثي التي هي مستحبة في حد نفسها يكون ناشئا بسبب المحرم و هو الغناء فليس لأدلة مثل هذا النوع من المستحبات مقاومة لأدلة الحرام حتى تقدم عليها

راجع حول أدلة الاستحباب (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة الجزء 74. ص 283. الباب. 2: تجد الأحاديث الواردة في هذا الباب صريحة في استحباب إدخال السرور في قلب المؤمن و اجابته

لكننا بعد المراجعة لم نجد في تلك الأحاديث عموما، أو اطلاقا يتوهم شمولها للمحرمات، لأنها وردت غالبا في الحوائج الضرورية، و ليس لها -

ص: 274

و السر في ذلك (1) أن دليل الاستحباب إنما يدل على كون الفعل

++++++++++

- شمول للكماليات، فضلا عن المحرمات.

أليك الحديث الاول:

عن (ابي عبد اللّه) عليه السلام قال: أوحى اللّه عز و جل الى داود) عليه السلام ان العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحه جنتي

قال: فقال داود: يا رب و ما تلك الحسنة.

قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا بتمرة.

قال: فقال داود عليه السلام: حق لمن عرفك ان لا يقطع رجاءه منك

أبو البختري عن (جعفر) عن ابيه عليهما السلام قال: سئل (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله اي الأعمال أحب الى اللّه؟

قال: إتباع سرور المسلم.

قال: و قيل: يا رسول اللّه و ما اتباع سرور المسلم.

قال: شبعة جوعه، و تنفيس كربته، و قضاء دينه.

فهذان الحديثان، و بقية الأحاديث المذكورة في المصدر ليس فيها اطلاق، او عموم يشمل المحرمات حتى يستدل بها على جواز ارتكابها.

(1) اي السر في كون أدلة الاستحباب لا تقاوم أدلة المحرمات و لا تعارضها حتى تكون حاكمة عليها: ان الفعل المستحب كالصوم و الصلاة المستحبين، و زيارة المراقد المقدسة، و مواصلة الاخوان، و إدخال السرور في قلب المؤمن لو خلي و طبعه: لكان خاليا عما يوجب لزوم احد طرفيه

بعبارة أخرى: أن الفعل المستحب لو ترك على ما هو عليه من دون أي لحاظ شيء آخر معه: لم يطرأ عليه ما يوجب الإلزام فعلا أو تركا

و كلمة و طبعه منصوبة على المعية اي لو خلي مع طبيعته الأولية من دون لحاظ شيء آخر معه.

ص: 275

لو خلي و طبعه خاليا عما يوجب لزوم أحد طرفيه، فلا (1) ينافي ذلك طرو عنوان من الخارج يوجب لزوم فعله أو تركه كما اذا صار مقدمة لواجب (2)، أو صادفه عنوان محرم (3). فاجابة المؤمن، و ادخال السرور في قلبه ليس في نفسه شيء ملزما لفعله، أو تركه (4)، فاذا

++++++++++

- يقال: خلّى عنه اي تركه و أطلقه.

و كلمة خاليا منصوبة خبر لقوله: على كون الفعل اي كون الفعل خاليا عما يوجب الالزام لو خلي و طبعه الأولي كما عرفت.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن دليل الاستحباب إنما يدل على كون الفعل لو خلي و طبعه الأولي خاليا عما يوجب لزوم احد طرفيه اي فبناء على كون المستحب راجح الفعل جائز الترك فلا منافاة لعروض ما يسبب وجوب هذا المستحب و الزامه كما لو كان الفعل مقدمة لانقاذ نفس محترمة، فان المستحب يصير واجبا حينئذ، للعروض المذكور.

و كذلك لا منافاة لعروض ما يسبب حرمة هذا المستحب كما اذا صارت الصدقة التي يستحب اعطاؤها اعانة على الإثم بأن يشرب بها الآخذ الخمر أو يلعب بها القمار، فان المستحب يصير حراما حينئذ، للعروض المذكور

(2) هذا مثال للمستحب الذي عرضه الوجوب كما عرفت.

(3) هذا مثال للمستحب الذي عرضته الحرمة كما عرفت.

(4) لأن الاجابة و إدخال السرور في قلب المؤمن جائز بالمعنى الاعم الذي يجتمع مع الوجوب و الاستحباب و الاباحة و الكراهة

كما ان الرجحان بالمعنى الاعم يجتمع مع الوجوب و الاستحباب، و ذلك لأن الجواز اذا اتصف بالرجحان تردد بين الوجوب و الاستحباب، فاذا اشتد الرجحان الى حد الالزام بالفعل فقد اختص بالوجوب، و إن لم يشتد فقد اختص بالاستحباب.

ص: 276

تحقق (1) في ضمن الزنا فقد طرأ عليه عنوان ملزم لتركه، كما أنه اذا أمر به (2) الوالد، أو السيد طرأ عليه عنوان ملزم لفعله.

و الحاصل أن جهات الأحكام الثلاثة اعني الاباحة و الاستحباب و الكراهة لا تزاحم جهة الوجوب أو الحرمة، فالحكم (3) لهما مع اجتماع جهتيهما

++++++++++

- و أما إن خلا الجواز من الرجحان فان اتصف بالمرجوحية فهي الكراهة و ان لم يتصف بها فهي الاباحة.

و أما ان اتصف بالمرجوحية الى حد يوجب الترك و يلزمه فهي الحرمة

(1) اي اجابة المؤمن و إدخال السرور في قلبه اذا تحقق في ضمن عمل محرم فقد وجب تركه، لأنه تعنون بعنوان محرم و هو الزنا مثلا كما عرفت في ص 276 عند قولنا: و كذلك لا منافاة

(2) كما انه اذا امر الوالد ولده باجابة المؤمن، و إدخال السرور في قلبه يصير الفعل واجبا، لأنه تعنون بعنوان واجب كما عرفت في ص 276 عند قولنا: فلا منافاة لعروض ما يسبب وجوب المستحب.

(3) تعليل لعدم مزاحمة جهات الأحكام الثلاثة لجهتي الوجوب أو الحرمة، اي عدم المزاحمة لاجل أن جهة الوجوب، أو الحرمة أقوى من تلك الجهات فلا مقاومة لهاتين الجهتين.

ثم ان المراد من جهات الأحكام الثلاثة: الشيء الذي يسبب استحباب الشيء او كراهته، أو اباحته المعبر عنه بلسان الفقهاء بالمناط و الملاك، و في اصطلاح الآخرين بالعلل.

كما أن المراد من جهتي الحرمة و الوجوب: ما يسبب وجوب الشيء أو حرمته و هي المحبوبية الملزمة للفعل في الوجوب، و المبغوضية الملزمة للترك في الحرمة.

و خلاصة الكلام: أنه في صورة اجتماع جهة الوجوب أو الحرمة مع -

ص: 277

مع احدى (1) الجهات الثلاث.

و يشهد لما ذكرنا: من عدم تأدي المستحبات في ضمن المحرمات:

قوله صلى اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بألحان العرب، و إياكم و لحون أهل الفسوق و الكبائر، و سيجيء بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم (2)، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم (3).

++++++++++

- احدى تلك الجهات الثلاثة تقدم جهة الوجوب، أو الحرمة، لعدم مقاومة تلك الجهات الثلاث معهما، فلا غلبة لاحدى الجهات الثلاث على جهة الوجوب أو الحرمة، لأن الحكم لهما دوما فلا ظرف للمستحب عند مصادفته مع الحرام، او الواجب.

(1) المراد من احدى الجهات الثلاث: جهة الاباحة أو الاستحباب أو الكراهة كما عرفت آنفا.

(2) بفتح التاء جمع ترقوة و هو مقدم الحلق في أعلى الصدر، حيث يترقى فيه النفس.

و المراد من لا يجوز في قوله صلى اللّه عليه و آله: لا يجوز تراقيهم عدم التعدي من مقدم حلق القاري.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 858. الباب 24 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 6.

و المراد من شأنهم: (مثلهم) اي من يتعجب بأصوات هؤلاء و ألحانهم فهو مثل هؤلاء الذين قلوبهم مقلوبة.

و المراد من القلوب المقلوبة: القلوب المنصرفة عن اللّه عز و جل و المتوجهة الى الشيطان المارد اعاذنا اللّه و المؤمنين من شره.

ص: 278

قال في الصحاح: اللحن واحد الألحان و اللحون، و منه (1) الحديث اقرءوا القرآن بلحون العرب و قد لحن في قراءته اذا طرّب بها و غرّد (2) و هو ألحن الناس اذا كان أحسنهم (3) قراءة، أو غناء. انتهى.

و صاحب الحدائق جعل اللحن في هذا الخبر (4) بمعنى اللغة أي بلغة العرب، و كأنه اراد باللغة اللهجة (5)، و تخيل (6) أن ابقاءه على معناه يوجب ظهور الخبر في جواز الغناء في القرآن.

++++++++++

(1) اي و من هذا الجمع قوله صلى اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بلحون العرب، حيث ان اللحون في الحديث جمع لحن.

(2) قد سبق في ص 204 معنى طرب و قلنا: إنه تحسين الصوت و ترجيعه.

و التغريد مصدر باب التفعيل من غرد يغرد معناه: رفع الصوت و ترجيعه و التطريب به.

(3) اي المراد من ألحن أحسن اي لحنه من أحسن الألحان.

و قوله: انتهى: اي انتهى ما في الصحاح.

(4) اي في قوله صلى اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بلحون العرب فانه بمعنى اللغة. اي اقرءوا القرآن بلغة العرب: من قراءة الحاء حاء لا هاء و من قراءة العين عينا لا الفا، و غيرهما من حروف التهجي التي لا بد و ان تخرج من مخارجها، و تؤدى بصفاتها.

(5) اي لهجة الانسان التي جبل عليها.

(6) اي تخيل صاحب الحدائق انه لو أبقى اللحن على معناه: و هو ترجيع الصوت و تطريبه لفهم منه جواز قراءة القرآن بالغناء، فلذا اضطر الى التصرف في معناه فجعله بمعنى اللغة حتى لا يستشكل في ذلك.

و قال في (مجمع البحرين) في مادة (لحن): اللحن واحد الألحان، و اللحون اللغات. -

ص: 279

و فيه (1) ما تقدم: من أن مطلق اللحن اذا لم يكن على سبيل اللهو ليس غناء.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: و إياكم و لحون أهل الفسوق نهي عن الغناء في القرآن.

ثم إن في قوله: لا يجوز تراقيهم اشارة الى أن مقصودهم ليس تدبر معاني القرآن، بل هو مجرد الصوت المطرب.

و ظهر مما ذكرنا (2) أنه لا تنافي بين حرمة الغناء في القرآن و ما ورد من قوله عليه السلام: و رجع بالقرآن صوتك، فان اللّه يحب الصوت الحسن (3)، فان (4) المراد بالترجيع ترديد الصوت في الحلق

++++++++++

- و منه الخبر: اقرءوا القرآن بلحون العرب، (اي بلغة العرب).

و كأن (صاحب الحدائق) قد اخذ منه هذا المعنى، حيث توفى شيخنا الطريحي عام 1085، و توفى شيخنا البحراني صاحب الحدائق عام 1186، و يأتي شرح حياتهما في (اعلام المكاسب).

(1) اي و فيما تخيله (صاحب الحدائق): من أن إبقاء اللحن على معناه يوهم تجويز الغناء في القرآن فلا بد من التصرف في معناه بتفسيره باللغة اي اقرءوا القرآن بلغة العرب حتى لا يتوهم ذلك: اشكال و نظر.

و قد ذكر وجه الاشكال الشيخ في المتن بقوله: من أن مطلق اللحن.

(2) اي في الجواب عن تخيل (صاحب الحدائق): من أن مطلق اللحن اذا لم يكن على سبيل اللهو ليس غناء.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 24.859 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 5.

و الحديث في المصدر مروي عن (الامام ابي جعفر الباقر) عليه السلام

(4) تعليل لعدم التنافي بين الخبرين المذكورين، اي المراد من الترجيع -

ص: 280

و من المعلوم أن مجرد ذلك لا يكون غناء اذا لم يكن على سبيل اللهو (1) فالمقصود من الأمر بالترجيع أن لا يقرأ كقراءة عبائر (2) الكتب عند المقابلة.

لكن مجرد الترجيع لا يكون غناء، و لذا (3) جعله نوعا منه في قوله صلى اللّه عليه و آله: يرجعون القرآن ترجيع الغناء.

و في محكي شمس العلوم (4) أن الترجيع ترديد الصوت مثل

++++++++++

- في قوله عليه السلام في الحديث المشار إليه في ص 237: و رجع بالقرآن صوتك: هو ترديد الصوت في الحلق.

(1) بل الغناء كما عرفت في ص 161 كيفية خاصة تعتري الانسان توجب خروجه عن حالته الطبيعية، و اختلال التوازن.

(2) وزان فواعل جمع عبارة معناه الظهور. يقال: عبر عما في نفسه اي تكلم و اظهر.

و لما كان في كلمة (العبارة) معنى الإظهار اطلقت على الكلام المظهر للمعنى و مقصود الشيخ: أن قراءة القرآن لا بدّ أن يكون لها ميزة خاصة على بقية القراءات من حيث تحسين الصوت و تلحينه بلحن جيد و لا تكون قراءتها كقراءة عبارات الكتب عند ما تقابل.

(3) اي و لاجل أن مجرد الترجيع لا يكون غناء جعل (الرسول الاعظم) صلى اللّه عليه و آله ترجيع القرآن نوعا من الغناء في قوله: يرجعون القرآن ترجيع الغناء.

(4) قال زميلنا الفاضل السيد عبد العزيز سبط المرحوم (السيد الطباطبائي اليزدي) قدس سره: كتاب شمس العلوم، و دواء كلام العرب من الكلوم مؤلف في علم اللغة في ثمانية عشر جزء.

مؤلفه: (نشوان بن سعيد الحميري) اليماني المتوفى عام 573.

و محل الشاهد في الحكاية عن كتاب شمس العلوم: هو أن الترجيع -

ص: 281

ترجيع أهل الألحان و القراءة و الغناء. انتهى (1).

و بالجملة (2) فلا تنافي بين الخبرين، و لا بينهما (3)، و بين ما دل

++++++++++

- ترديد الصوت فاستشهد شيخنا الأنصاري. بهذه الجملة تأييدا لما أفاده:

من أن مجرد الترجيع لا يكون غناء.

(1) اي المحكي عن شمس العلوم.

(2) اي اي شيء قلنا في الترجيع، و أي شيء فسرناه و فسرنا الغناء فلا منافاة بين الخبرين المذكورين.

و هما: الحديث النبوي المشار إليه في ص 281 في قوله صلى اللّه عليه و آله:

يرجعون القرآن ترجيع الغناء.

و الحديث المروي عن (الامام ابي جعفر الباقر) عليه السلام المشار إليه في ص 237 في قوله: و رجع بالقرآن صوتك، فان اللّه عز و جل يحب الصوت الحسن، فان ظاهر الحديث الأول يدل على تحريم الترجيع بالقرآن

و ظاهر الحديث الثاني يدل على جوازه فيقع التعارض و التنافر بين الحديثين حسب ما استفاده (صاحب الحدائق)، و لذا قام في الدفاع عنه بالحمل المذكور.

و قد عرفت عدم التعارض بينهما كما أفاده الشيخ في ص 280 في قوله:

فان المراد بالترجيع ترديد الصوت.

(3) أي و كذا لا منافاة أيضا بين الحديثين المذكورين، و بين الأحاديث الدالة على حرمة مطلق الغناء حتى في القرآن الكريم في ص 164-166.

أما عدم منافاة الحديث النبوي للاحاديث فظاهر، حيث إنه يوافقها في عدم الجواز اذا بلغ الترجيع حد الغناء.

و أما عدم منافاة الحديث المروي عن الامام (أبي جعفر) عليه السلام للاحاديث المذكورة فظاهر أيضا، حيث إن جواز الترجيع بالقرآن -

ص: 282

على حرمة الغناء حتى في القرآن كما تقدم زعمه (1) من صاحب الكفاية في بعض ما ذكره: من عدم اللهو في قراءة القرآن و غيره، تبعا (2) لما ذكره المحقق الأردبيلي رحمه اللّه، حيث (3) انه بعد ما وجه استثناء

++++++++++

- محمول على الترجيع الذي لم يبلغ حد الغناء.

(1) أي زعم التنافي بين أخبار الجواز، و بين أخبار المنع عند قوله في ص 243: و يمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين، و قد عرفت الوجهين في نفس الصفحة.

فلا وجه لما زعمه من التنافي بين تلك الطائفتين، و لجوئه الى الجمع بينهما: بحمل المانعة على الغناء الشائع في العصرين.

و بحمل المجوزة على الفرد غير الشائع في العصرين.

و من في قوله: من عدم اللهو بيان (لما الموصولة) في قوله:

في بعض ما ذكره، أي ما ذكره صاحب الكفاية سابقا عبارة عن عدم اللهو في قراءة القرآن و غير القرآن اذا ذكرت بها الجنة و نعيمها، و النار و جحيمها.

(2) منصوب على المفعول لاجله، اي ما ذكره (صاحب الكفاية) لاجل متابعته (للمحقق الاردبيلي).

(3) حيث هنا تعليلية اي تعليل من الشيخ لما افاده من تبعية صاحب الكفاية (للمحقق الاردبيلي) فيما ذكره من التنافي بين الأحاديث و لجوئه الى الجمع المذكور.

و خلاصة التعليل أن (المحقق الاردبيلي) حسّن استثناء المراثي و الادعية و الأذكار من الغناء حكما و قال بعدم حرمتها، لأن دليل مدعي الحرمة الاجماع و الأخبار.

أما الاجماع فلا دلالة له على التحريم، لأنه قائم على حرمة الغناء فقط، لا على مطلق الغناء و ان كان في القرآن و المراثي و الأذكار. -

ص: 283

..........

++++++++++

- أما الأحاديث فانها بالإضافة الى سقم سندها: لم تكن صريحة في الحرمة مطلقا فلا يصح الاستدلال بها.

ثم أيد استثناء المراثي عن الغناء حكما بمطلوبية البكاء و مرغوبيتها و فيها الثواب العظيم، و لا شك أن الغناء معين على البكاء و التفجع، و قد كان الرثاء متعارفا مألوفا من زمن المشايخ العظام (الشيخ الصدوق و الشيخ الكليني و الشيخ المفيد و شيخ الطائفة) الى زماننا هذا في بلاد المسلمين فلم يحصل منهم منع على ذلك، فلو كان الغناء في المراثي حراما لحصل المنع من المشايخ العظام و لا سيما كانت كلمتهم مسموعة في عصرهم فعدم صدور المنع دليل على الجواز.

ثم أيد أيضا استثناء المراثي عن الغناء بجواز النياحة، و جواز اخذ الاجرة عليها، و من المعلوم ظاهرا أن النياحة لا توجد في الخارج إلا بطريق الغناء

راجع حول أخبار جواز النياحة، و جواز اخذ الاجرة عليها (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 88-92. الباب 17 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1-7. و باقي الأحاديث.

أليك نص الحديث 7. ص 90 عن ابي بصير قال: قال (ابو عبد اللّه) عليه السلام: لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت.

و عن يونس عن (ابي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال لي ابي:

يا جعفر اوقف لي من مالي كذا و كذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى ايام منى. الحديث 1. ص 88.

ثم استدل على استثناء المراثي عن الغناء حكما بدليل آخر: و هو أن الغناء إنما حرم لأجل الطرب الذي يوجد به و هي الخفة الحاصلة من السرور

و من الواضح أن المراثي لا طرب فيها حتى تحصل منها تلك الحالة. -

ص: 284

..........

++++++++++

- و قد عرفت في ص 161 أن العرف لا يفهم من الغناء إلا الطرب الذي هي الخفة.

أما الغناء المثير للحزن فلا يسميه العرف غناء و لا سيما بعد ان قلنا:

إن المرجع في تشخيص الغناء هو العرف لا الفقهاء، لبعدهم عن ذلك غاية البعد، و أنى لهم تشخيص ذلك و لم يحضروا مجالس الغناء و لم يستمعوه فلا يمكنهم تشخيصه فما افاده (المحقق الاردبيلي) من تسمية المراثي غناء كما تراه.

هذه خلاصة ما استدل به المحقق المذكور على استثناء المراثي من الغناء حكما و هي أربعة:

(الاول): مطلوبية البكاء و التفجع.

و من الواضح أن الغناء معين على ذلك فيجوز التغني في المراثي لكونه يوجب البكاء و التفجع.

(الثاني): كون التغني بالمراثي متعارفا من زمن المشايخ العظام الى زماننا من غير نكير من احدهم.

(الثالث): جواز النياحة، و جواز اخذ الاجرة عليها مع كونها لا تحصل الا بالغناء ظاهرا.

(الرابع): أن حكمة تشريع حرمة الغناء كونه موجبا للطرب الذي يحصل منه الخفة و السرور و الوجد البالغ و هذه لا تحصل في المراثي.

ثم لا يخفى عليك أن التأييد المذكور يشمل خصوص المراثي لا غير و لا يشمل قراءة القرآن و الأدعية و الأذكار.

أما التوجيه المذكور فيشمل المراثي و غيرها: من القرآن و الأدعية و الأذكار كما هو غير خفي على المتأمل البصير.

ص: 285

المراثي و غيرها من الغناء: بأنه (1) ما ثبت الإجماع إلا في غيرها.

و الأخبار (2) ليست بصحيحة صريحة في التحريم مطلقا: أيد (3) استثناء المراثي: بان البكاء و التفجع مطلوب مرغوب و فيه ثواب عظيم و الغناء معين على ذلك، و أنه متعارف دائما في بلاد المسلمين من زمن المشايخ (4) الى زماننا هذا من غير نكير.

ثم أيده (5) بجواز النياحة، و جواز أخذ الأجرة عليها.

و الظاهر أنها لا تكون الا معه (6)، و بان (7) تحريم الغناء للطرب

++++++++++

(1) الباء في قوله: بأنه ما ثبت الاجماع بيان لتوجيه استثناء المراثي كما عرفت في ص 283 عند قولنا: أما الاجماع.

(2) اي الأخبار الواردة في حرمة الغناء ليست صحيحة السند و لا صريحة في الحرمة بنحو مطلق كما عرفت.

(3) اي (المحقق الاردبيلي) كما عرفت آنفا.

و الباء في قوله: بأن البكاء بيان لتأييد استثناء المراثي.

(4) المراد منهم: (الشيخ الصدوق. الشيخ الكليني. الشيخ المفيد شيخ الطائفة) كما عرفت في ص 284 عند قولنا: من زمن المشايخ العظام و مرجع الضمير في انه متعارف: الرثاء المتصيد من المقام.

(5) اي أيد (المحقق الاردبيلي) استثناء المراثي من الغناء بجواز النياحة، و جواز اخذ الاجرة عليها.

(6) مرجع الضمير الغناء اي لا تكون النياحة إلا مع الغناء كما عرفت في ص 284 عند قولنا: و من المعلوم ظاهرا.

(7) هذا دليل آخر (للمحقق الاردبيلي) جاء به لاستثناء المراثي من الغناء و قد اشرنا إليه في ص 284 عند قولنا: و هو أن الغناء إنما حرم لاجل الطرب الذي يوجد به.

ص: 286

على الظاهر، و ليس في المراثي طرب بل ليس الا الحزن. انتهى.

و أنت خبير (1) بأن شيئا مما ذكره لا ينفع في جواز الغناء على الوجه الذي ذكرناه (2).

أما (3) كون الغناء معينا على البكاء و التفجع فهو ممنوع، بناء على ما عرفت (4): من كون الغناء هو الصوت اللهوي، بل (5) و على ظاهر تعريف المشهور: من الترجيع المطرب، لأن (6) الطرب الحاصل منه ان كان سرورا فهو مناف للتفجيع لا معين له.

و ان كان حزنا فهو على ما هو المركوز في النفس الحيوانية من فقد

++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ الرد على ما افاده (المحقق الاردبيلي) في استثناء المراثي عن الغناء حكما واحدا بعد آخر.

(2) و هو الصوت اللهوي المثير للشهوة، و المخرج للانسان عن حالته الطبيعية، و اختلال التوازن من أصوات المزامير و العيدان و القصب، و غيرها من آلات العصر الحاضر مثل (البيانو و آلة الموسيقي).

(3) هذا رد على دليله الاول المشار إليه في ص 284 عند قولنا:

و لا شك أن الغناء معين على البكاء و التفجع.

(4) اي في طي كلماته من بداية الشروع في الغناء في ص 187-188.

(5) بل هنا للترقي، و كلمة من في قوله: من الترجيع المطرب بيان لتعريف المشهور.

و المعنى: أنه بناء على ما عرفت في كلماتا حول الغناء، بل على ما عرفت من تعريف المشهور الغناء بأنه الترجيع المطرب: أن الغناء هو الصوت اللهوي، و هذه الكيفية في اي شيء حصلت يصدق بها الغناء، سواء أ كانت في المراثي أم في شيء آخر.

(6) تعليل لعدم كون الغناء معينا على البكاء كما افاده (المحقق الاردبيلي)

ص: 287

المشتهيات النفسانية (1)، لا على ما أصاب سادات (2) الزمان، مع أنه (3) على تقدير الاعانة لا ينفع في جواز الشيء كونه مقدمة لمستحب، او مباح بل لا بدّ من ملاحظة عموم دليل الحرمة له (4)،

++++++++++

(1) كالمال. و البنين. و الجاه، أو فقد الأحبة.

(2) المقصود منهم: (المعصومون الأربعة عشر) عليهم الصلاة و السلام الذين اصيبوا بالقتل، و السم، و التشريد.

(3) هذا تنازل من الشيخ و تسليم منه (للمحقق الاردبيلي) حول ما افاده من ان الغناء يعين على البكاء.

اي و على فرض أن الغناء يعين على البكاء في المرائي على ما أصاب سادات الزمان

لكن حرمته لا تزول اذا كانت مقدمة للبكاء المستحب كالبكاء على الحسين عليه السلام فكيف بالمباح، فالشيء المحرم الذي وقع مقدمة للمستحب أو المباح يبقى على حرمته.

(4) هذه العبارة لا تخلو من تعقيد و غموض. أليك تفسيرها.

إن الشيخ رحمه اللّه بعد ان أفاد أن الشيء المحرم اذا وقع مقدمة للمستحب أو المباح كالامثلة المتقدمة في ص 274: لا يصير جائزا و لا يتصف به: توجه إليه سؤال: و هو أنه فما هو المرجع في هذه الحالة؟

فاجاب أن المرجع في هذه الحالة عموم دليل الحرمة فنلاحظ ذلك العموم و نقيسه.

فان كان عموم الدليل يشمل حتى ما لو وقع الحرام مقدمة للمستحب أو المباح فنحكم بحرمته، و لا مجال ابدا لجواز مثل هذا الحرام الواقع مقدمة للمستحب، أو الحرام.

و ان كان عموم دليل الحرام لا يشمل هذا الحرام الذي وقع مقدمة للمستحب، أو المباح فنحكم باباحته، لاصالة الاباحة في الأشياء،

ص: 288

فان كان (1) فهو و إلا (2) فيحكم باباحته، للاصل.

و على أي حال (3) فلا يجوز التمسك في الاباحة بكونه مقدمة لغير حرام، لما عرفت (4).

ثم إنه يظهر من هذا (5) و ما ذكر أخيرا: من أن المراثي ليس فيها طرب: أن نظره الى المراثي المتعارفة لأهل الديانة التي لا يقصدونها الا للتفجع، و كأنه لم يحدث في عصره المراثي التي يكتفي بها أهل اللهو و المترفون من الرجال و النساء بها عن حضور مجالس اللهو، و ضرب العود

++++++++++

- و مرجع الضمير في له: الشيء المحرم الذي وقع مقدمة للمستحب، أو المباح كما عرفت آنفا.

(1) أي فان كان عموم دليل الحرمة كما عرفت آنفا

(2) اي و إن لم يكن عموم دليل الحرمة على نحو يشمل مثل هذا الحرام الواقع مقدمة للمستحب، أو المباح كما عرفت آنفا.

(3) اي سواء أ كان الغناء معينا على البكاء أم لا فلا يجوز التمسك في إباحة الغناء في المرائي: يكون الغناء مقدمة لشيء غير محرم و هو البكاء

(4) تعليل لعدم جواز التمسك في إباحة الغناء في المراثي، اي لها عرفت من كون الغناء غير معين على البكاء، بل على ما هو المرتكز في النفس:

من فقد المشتهيات النفسية.

أو لما عرفت سابقا في الغناء من بداية المبحث الى الآن: من ان دليل حرمة الغناء عام يشمل حتى المراثي.

(5) اي من هذا الجواب الذي ذكرناه ردا على ما افاده (المحقق الاردبيلي) من أن الغناء معين على البكاء.

و المراد من و ما ذكر أخيرا: ما ذكره (المحقق الاردبيلي): من أن المراثي ليس فيها طرب.

ص: 289

و الأوتار و التغني بالقصب و المزمار كما هو الشائع في زماننا الذي قد اخبر النبي صلى اللّه عليه و آله بنظيره في قوله: يتخذون القرآن مزامير كما أن زيارة سيدنا و مولانا أبي عبد اللّه عليه السلام صار سفرها من أسفار اللهو و النزهة لكثير من المترفين.

و قد اخبر النبي صلّى اللّه عليه و آله بنظيره (1) في سفر الحج، و أنه يحج أغنياء امتي للنزهة، و الأوساط للتجارة، و الفقراء للسمعة (2)، و كان

++++++++++

(1) اي زيارة (بيت اللّه الحرام) اصبحت نظير زيارة مرقد (سيد الشهداء) عليه الصلاة و السلام من حيث كونها للنزهة و السمعة و الرياء

ما ذا يقول (شيخنا الانصاري) لو كان حاضرا في عصرنا هذا و يرى بام عينيه أن بعض الناس كيف اتخذوا زيارة البيت نزهة و سمعة و تجارة و قد بلغ الأمر الى حد حتى اصبح الجل من الحجاج يتاجرون فيصحبون معهم الراديوات و المسجلات، و ادوات الملاهي و ما شاكلها.

كما أن في زيارة الحسين عليه الصلاة و السلام يصحب بعض المشاة معهم الراديوات و المسجلات خلال أيام سيرهم.

و المصيبة العظمى أن النساء اصبحن يذهبن الى زيارة الحسين عليه الصلاة و السلام في زيارة الاربعين ماشيات على اقدامهن و هن معرضات عن قول اللّه عز و جل: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لاٰ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجٰاهِلِيَّةِ اَلْأُولىٰ (1).

و عن قول (الرسول الاعظم) صلى اللّه عليه و آله: ليس على المرأة الجمعة و الجماعة و مسجد المرأة بيتها.

أما من آمر يأمر بالمعروف: أما من ناه ينهى عن المنكر؟

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 278. الباب 49 -2.

ص: 290


1- الأحزاب: الآية 32.

كلامه (1) صلى اللّه عليه و آله كالكتاب العزيز واردا في مورد، و جاريا في نظيره.

و الذي اظن أن ما ذكرناه في معنى الغناء المحرم: من أنه الصوت

++++++++++

- من أبواب جهاد النفس. الحديث 22.

و تفسير القمي. الجزء 2. ص 306. طباعة مطبعة النجف عام 1387

و تفسير البرهان. الجزء 4. ص 184 سورة محمد صلى اللّه عليه و آله الآية 18. طباعة طهران مطبعة آفتاب.

و تفسير الصافي الجزء 2 ص 567. چاپ اسلامية عام 1384.

(1) أي كلام (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله كقسم من الآيات الكريمة في كونها واردة موردا خاصا، إلا أنها شاملة موارد أخرى غير ذاك المورد.

قال عليه السلام: لو أن الآية اذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم و ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، و لكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات و الأرضون، و لكل قوم آية يتلونها هم منها: من خير أو شر.

(الوافي). الجزء 5 من الجلد 2. ص 272.

و مما يدل على أن الكتاب العزيز وارد في مورد خاص، و جار في نظيره: صحيح فضيل بن يسار و فيه قال عليه السلام: تجري آي القرآن كما تجري الشمس و القمر، كلما جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما تكون على الأحياء.

راجع (جامع أحاديث الشيعة) لسيد الطائفة (السيد البروجردي) قدس سره المجلد 1. ص 27. المقدمات. الباب 4. الحديث 88.

ص: 291

اللهوي: أن هؤلاء (1) و غيرهم غير مخالفين فيه، و أما ما لم (2) يكن

++++++++++

(1) المراد من هؤلاء: (المحدث الكاشاني، و المحدث الأسترآبادي و المحقق الأردبيلي).

و المراد من غيرهم: من يقول بمقالتهم: من أن الغناء هو الصوت اللهوي أي هؤلاء و غيرهم ممن لم نذكرهم من الأعلام لم يختلفوا معنا في تعريف الغناء حسب ما نقلناه لك.

(2) أي و أما الغناء الذي لم يكن على جهة اللهو المناسب لسائر آلات اللهو فلا دليل على حرمته و لو فرضنا شمول الغناء لمثل هذا الغناء، لأن الأخبار المطلقة الواردة في تحريم الغناء التي ذكرناها في ص 178-185 منزلة على تقييد الحرمة باللهو و الباطل و لا سيما مع انصرافها بأنفسها من دون احتياجها إلى القرائن: إلى الغناء اللهوي الباطل، لا إلى كل غناء كما في أخبار المغنية المنصرفة إلى هذا الفرد.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 86، الباب 16 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 3. إليك نص الحديث.

عن (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف في توقيع صدر منه أرواحنا فداه الى سفيره (محمد بن عثمان) العمري رضوان اللّه عليه و فيه: و ثمن المغنية حرام.

فالحديث مطلق يشمل كل غناء، سواء أ كان لهوا أم غيره.

لكن الاطلاق عند التأمل منصرف الى الغناء اللهوي.

و أليك الحديث السادس في ص 88 عن الوشاء قال: سئل الامام (أبو الحسن الرضا) عليه السلام عن شراء المغنية.

قال: قد تكون للرجل جارية تلهيه و ما ثمنها إلا ثمن كلب و ثمن الكلب سحت، و السحت في النار.

ص: 292

..........

++++++++++

- الشاهد في المغنية الواقعة في سؤال الراوي، حيث إنها مطلقة تنصرف الى المغنية التي تغني باللهو و الباطل، و القرينة على ذلك قوله عليه السلام:

قد تكون للرجل جارية تلهيه.

لكن الانصاف أن الغرض غير واقع، لأن العرف اذا رآه غناء رأى مناسبة الآلات اللهوية معه، بل و مناسبة الرقص و غيره.

و هذا كاشف عن لهوية الغناء بالطبع، لكن الشيخ اعلى اللّه مقامه انما فرض ذلك ليثبت أن الغناء المحرم من اللهو فيدور معه حيث دار.

و لا يخفى أنه قد تكرر من (شيخنا الانصاري) تثبيتا لمفهوم الغناء المحرم الذي هو الصوت اللهوي: تعابير مختلفة في الغناء.

(تارة) بأنه ما يكون مناسبا و منسجما مع آلات اللهو، اي مع تلك الانغام الغنائية، و الألحان الخاصة بحيث اذا تقارن الصوت مع الألحان، و الأنغام المطربة الموسيقية انسبك كل منهما مع الآخر، و تبدلا الى شيء واحد طبيعي و هو بالطبع يناسب الرقص، و غيره مما يثير الشهوات.

(و ثانية) كما في ضمن بعض كلماته في تحقيق اللهو: إن الصوت اللهوي حيث يجد ما كان مناسبا لبعض آلات اللهو كما في ص 270.

(و ثالثة) بأن المرجع في صدق الغناء: هو العرف، لأنه لا ريب في أن من سمع من بعيد صوتا مشتملا على الاطراب المقتضي للرقص أو لضرب الآلات: لا يتأمل في إطلاق الغناء عليه، اي على هذا الصوت المشتمل على الاطراب المقتضي للرقص، سواء أ كانت المادة المتغنى بها حقا أم باطلا كما في ص 270.

هذا ما حققه (شيخنا الأنصاري) في جوانب الصوت اللهوى و جعله ميزانا و معيارا له، و بتحققه يتحقق الحكم و هي الحرمة.

ص: 293

..........

++++++++++

- و لذا أورد على بعض من لا خبرة له من الطلبة المانع من صدق الغناء في المراثي بقوله رحمه اللّه في ص 269: ان اراد أن الغناء مما يكون لمواد الألفاظ دخل فيه فهو تكذيب للعرف و اللغة.

أما اللغة فقد عرفت في تعريف الغناء من للغويين في ص 191-192.

و أما العرف فكما عرفت في ص 270 من أنه لا ريب عند احد أنه من سمع من بعيد صوتا مشتملا على الاطراب المقتضي للرقص، و ضرب آلات اللهو لا يتأمل في اطلاق الغناء عليه الى أن يعلم مواد الألفاظ.

فنحصل من هذا و ذاك أن المعيار و الميزان في تحقق موضوع الغناء المحرم في الشريعة الاسلامية: الصدق العرفي و مناسبة تقارن الصوت اللهوي مع الآلات اللهوية و هي في عصر الشيخ لعلها لا تتجاوز العيدان، و النفخ في القصب، و بعض أقسام الطبول و الدف.

و أما في عصرنا الحاضر فقد اتسعت و تغيرت دائرة اللهو و كيفياته و تضخمت أعداده كما يخبر بذلك مهرة هذا الفن فقد اخترعت في هذا العصر آلات تحدث الأنغام حسب كل صوت يناسبه فتكون الآلات تابعة للصوت بعد أن كان الصوت تابعا للآلات.

فكيف كان فقد بان المقصود من اعتبار المناسبة للآلات اللهوية مع الصوت اللهوي: و هي بنفسها كمفهوم الغناء من حيث كون مرجعها العرف

اذا لا منافاة بين الصوت اللهوي و اعتبار المناسبة، لاقتران الآلات اللهوية مع الصوت، و كلام (شيخنا الأعظم) لا ينفي ما كانت الآلات اللهوية تابعة للصوت اللهوي، أو كان هو تابعا لها.

كما أن كلامه لا ينفي الآلات التي تحدث في عصر بعد عصر بعد أن كان العرف هو المرجع الوحيد في تشخيصه المناسبات التي ينسجم معها -

ص: 294

على جهة اللهو المناسب لسائر آلاته فلا دليل على تحريمه لو فرض شمول الغناء له، لأن (1) مطلقات الغناء منزلة على ما دل على اناطة الحكم فيه باللهو و الباطل: من الأخبار (2) المتقدمة، خصوصا مع انصرافها في أنفسها (3) كأخبار المغنية: الى هذا الفرد.

بقي الكلام فيما استثناه المشهور:
اشارة

بقي الكلام فيما استثناه المشهور: و هو أمران:

أحدهما: الحداء بالضم كدعاء صوت يرجع فيه للسير بالإبل.

(احدهما): الحداء (4) بالضم كدعاء صوت يرجع فيه للسير بالإبل.

++++++++++

- الصوت اللهوي، و تطبيق الموارد كلها عليها.

(1) تعليل لعدم وجود دليل على حرمة مثل هذا الغناء.

و قد عرفت التعليل في ص 292.

(2) اي التنزيل المذكور مستفاد من الأخبار كما عرفت في ص 178-185.

(3) اي و لا سيما مع انصراف هذه الأخبار بأنفسها و ذاتها من دون قرينة خارجية الى الفرد المعين و هو الغناء اللهوي الباطل كما عرفت في ص 292-293.

(4) بضم الحاء وزان دعاء صباء معناه السوق.

قال ابن الاثير: و في الحديث الدعاء تحدوني عليها خلة واحدة اي تبعثني و تسوقني عليها خصلة واحدة و هو من حدو الابل، فانه من اكبر الأشياء على سوقها و بعثها.

راجع النهاية. الجزء 1. ص 355 مادة حدأ.

و لا يخفى عليك أن أول من أوجد الحداء (قصي) الجد الرابع (للرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

ص: 295

و في الكفاية أن المشهور استثناؤه (1) و قد صرح بذلك (2) في شهادات الشرائع و القواعد، و في الدروس (3).

++++++++++

(1) اي استثناء الحداء من الغناء.

(2) اي باستثناء الحداء من الغناء.

راجع (شرايع الاسلام). الطبعة الجديدة طباعة مطبعة الآداب (النجف الأشرف). الجزء 4. ص 124 أليك نص عبارته.

(الخامسة) مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يفسق فاعله و ترد شهادته، و كذا مستمعه، سواء استعمل في شعر أم قرآن، و لا بأس بالحداء به.

فقوله: (و لا بأس بالحداء به) أي بالغناء فهذا استثناء للحداء عن الغناء حكما بمعنى أنه كان داخلا ثم اخرج فالاستثناء متصل.

لكن الظاهر أن الاستثناء منقطع، لا متصل فخروجه عن الغناء خروج موضوعي لا حكمي، لعدم مساعدة العرف على ذلك، و لا سيما اذا رجعنا الى ما جعله الشيخ ميزانا و معيارا للصوت اللهوي: و هو تناسبه مع آلات اللهو و هي النغم و الايقاع، و من الواضح عدم تناسب للحداء مع آلات اللهو الموجودة في العصور الماضية، و عصرنا الحاضر.

و لا يخفى أن التصريح المذكور ليس في (القواعد) و إنما هو في (جامع المقاصد في شرح القواعد) المجلد الاول. كتاب المتاجر في المكاسب المحرمة في الغناء أليك نص عبارته: و استثنى من الغناء الحداء

(3) أي و صرح (الشهيد الأول) في الدروس باستثناء الحداء من الغناء فالجملة ليست عطفا على كتاب الشهادات حتى يخيل أن الشهيد استثنى الحداء من الغناء في كتاب الشهادات من الدروس.

ص: 296

و على تقدير (1) كونه من الأصوات اللهوية كما يشهد به (2) استثناؤهم اياه عن الغناء بعد أخذهم الاطراب في تعريفه (3) فلم أجد ما يصلح لاستثنائه مع تواتر الأخبار بالتحريم (4)، عدا رواية نبوية ذكرها

++++++++++

(1) من هنا بداية مناقشة الشيخ مع المشهور فيما افادوه و خلاصتها:

أنه بعد فرض كون الحداء من الأصوات اللهوية كما هو الحق و الثابت لشهادة المشهور أنفسهم استثناء الحداء من الغناء، مع العلم بأن الغناء قد اخذ في مفهومه الإطراب كما دلت عليه الأدلة المتقدمة، و ليس الإطراب إلا الصوت اللهوي فلا معنى لاستثناء الحداء من الغناء، لأنه على هذا الفرض يكون غناء فيكون محرما.

فالشيخ في الحقيقة يشكل قياسا منطقيا من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: (الحداء من الغناء) لأنه من الأصوات اللهوية.

الكبرى: (و كل غناء حرام) لأنه اخذ في مفهومه الاطراب.

النتيجة: (فالحداء حرام).

هذا ما افاده الشيخ في هذا المقام ردا على ما افاده المشهور.

لكنك قد عرفت في ص 296 أن الاستثناء منقطع لا متصل اذا يكون خروج الحداء عن الغناء و استثناءه منه خروجا موضوعيا، لا حكميا.

(2) اي يكون الحداء من الأصوات اللهوية.

(3) اي في تعريف الغناء، حيث قالوا في ص 195-196: إن الغناء هو الاطراب

و حملة فلم اجد جواب لقوله: و على تقدير اي و على التقدير المذكور فلم اجد ما يصلح لاستثناء الحداء عن الغناء.

(4) الظاهر المتراءى أن المراد بالتحريم تحريم الحداء، اي لتواتر الأخبار على حرمة الحداء.

لكن يرد على هذه الظاهرة اشكالان.

ص: 297

في المسالك (1) من تقرير النبي صلى اللّه عليه و آله لعبد اللّه بن رواحة حيث حدا للابل و كان حسن الصوت.

++++++++++

- (الاول): أنه اذا كانت أخبار تحريم الحداء متواترة فما الحاجة في تحريمها الى تشكيل قياس منطقي من الشكل الاول كما عرفت في ص 297 كما استفدنا هذا القياس من قول الشيخ و اشرنا إليه.

و ما الحاجة الى القول بأن الحداء على فرض كونه من الأصوات اللهوية فهو محرم.

(الثاني): أن الأخبار المتواترة المدعاة على حرمة الحداء لم نعثر عليها في كتب الأحاديث التي بأيدينا.

اذا فالمراد بالتحريم تحريم الغناء اي لتواتر الأخبار على حرمة الغناء كما عرفت هذا التواتر من الأخبار المتقدمة في ص 164-166.

لكن يخالف هذا المراد قول الشيخ: عدا رواية نبوية، فان الرواية تدل على حلية الحداء فيستفاد من هذا الاستثناء أن هناك روايات تدل على الحرمة.

(1) راجع مسالك الأفهام في شرح شرايع الاسلام.

الجزء 2. كتاب الشهادات في الكلام على اشتراط العدالة في الشاهد أليك نص عبارته.

إلا الحداء بالمد. و هو الشعر الذي يحث الابل على الاسراع في السير و سماعه مباحان، لما فيهما من إيقاظ النوّام، و تنشيط الابل للسير و قد روي انه قال صلى اللّه عليه و آله لعبد اللّه بن رواحة(1): (حرك بالقوم) فاندفع يرتجز و كان يجيد الحداء.).

ص: 298


1- يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

و في دلالته و سنده ما لا يخفى (1).

الثاني: غناء المغنية في الأعراس اذا لم يكتنف بها محرم آخر:

(الثاني) (2): غناء المغنية في الأعراس اذا لم يكتنف (3) بها محرم آخر: من التكلم بالأباطيل، و اللعب بآلات الملاهي المحرمة، و دخول الرجال على النساء.

و المشهور استثناؤه، للخبرين المتقدمين (4) عن أبي بصير في أجر المغنية التي تزف العرائس، و نحوهما ثالث عنه (5) أيضا.

و إباحة الأجر لازمة لاباحة الفعل (6).

و دعوى (7) أن الأجر لمجرد الزف لا للغناء عنده مخالفة (8) للظاهر.

++++++++++

(1) أما الخدشة في الدلالة فان فيها فاندفع يرتجز، و من المعلوم أن الرجز غير الحداء.

و أما السند فالرواية مرسلة لا حجية فيها.

(2) اي الامر الثاني من الامرين الذين استثناهما المشهور.

(3) بمعنى الانضمام اي اذا لم ينضم مع غناء المغنية في الاعراس شيء من المحرمات المذكورة في قول المصنف.

(4) في ص 261 و هما: قوله عليه السلام: و التي تدعى الى الاعراس لا بأس به.

و قوله عليه السلام: اجر المغنية التى تزف العرائس ليس به بأس.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 84. الباب 15 من أبواب تحريم كسب المغنية. الحديث 2.

(6) و هو الغناء في الأعراس.

(7) دفع و هم.

حاصل الوهم: أن الاجرة تدفع الى المغنية لاجل أنها تزف العروس الى بيت بعلها، لا الى غنائها حتى تدل إباحة الاجرة على إباحة الفعل و هو الغناء.

(8) جواب عن الوهم المذكور.

ص: 299

لكن في سند الروايات (1) أبو بصير و هو غير صحيح، و الشهرة (2) على وجه يوجب الانجبار غير ثابتة، لأن المحكي عن المفيد - رحمه اللّه - و المرتضى و ظاهر الحلبي، و صريح الحلي (3) و التذكرة و الايضاح (4) بل كل من لم يذكر الاستثناء (5) بعد التعميم: المنع (6).

لكن الانصاف أن سند الروايات (7) و ان انتهت الى أبي بصير إلا أنه لا يخلو من وثوق، فالعمل بها (8) تبعا للاكثر غير بعيد و إن كان الأحوط كما في الدروس الترك (9) و اللّه العالم.

++++++++++

- و حاصله: أن هذه الدعوى باطلة، لكونها مخالفة لظاهر الروايات الثلاث المروية عن ابي بصير، حيث ان ظاهرها أن الأجرة انما دفعت للمغنية لأجل غنائها، لا لأجل زفّ العروس الى بيت بعلها، فان الزف أمر مربوط الى اهل العروس و زميلاتها.

(1) اي الروايات الثلاث المروية عن ابي بصير.

(2) بناء على ما افاده القدماء: من أن اشتهار الحديث فيما بينهم جابر لضعف سند الرواية كما عرفت في الدفاع عن حديث تحف العقول المشار إليه في الجزء الاول من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 20-21.

(3) و هو (ابن ادريس) رحمه اللّه.

(4) (لفخر المحققين في شرح القواعد).

(5) اي كل واحد من الفقهاء لم يذكر الغناء في الأعراس بعد تعميم حرمته بنحو مطلق فالمحكي عنه منع الغناء في الاعراس.

(6) مرفوع بناء على أنه خبر لقوله: لأن المحكي.

(7) اي الروايات الثلاث المشار إليها في ص 299.

(8) اي بالروايات الثلاث: حيث ان الجل من الفقهاء عملوا بها.

(9) أي ترك الغناء في الأعراس.

ص: 300

الغيبة

ص: 301

ص: 302

المسألة الرابعة عشرة الغيبة حرام بالأدلة الأربعة.
اشارة

(الرابعة عشرة) (1) الغيبة حرام بالأدلة الأربعة.

و يدل عليه (2) من الكتاب قوله تعالى: وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ فجعل المؤمن (3) أخا،

++++++++++

(1) أي (المسألة الرابعة عشرة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الغيبة.

و هي بكسر الغين و سكون الياء و فتح الباء وزان حيلة. اسم مصدر من اغتاب يغتاب اغتيابا، و بالفتح مصدر غاب بغيب معناه: الوقيعة بشخص في غيابه بذكر ما يعيبه و يؤذيه.

هذا معناه من حيث اللغة و هي محرمة بالأدلة الأربعة: الكتاب و السنة و العقل و الاجماع، و يأتي الاشارة الى كل واحد منها بالتفصيل في محله.

(2) أي على تحريم الغيبة.

(3) الحجرات: الآية 12.

من هنا يأخذ الشيخ في الاستدلال بالآيات الكريمة على حرمة الغيبة فالآية هذه اولى الآيات.

و أما القدر الجامع بين الرجل المغتاب بالفتح، و الأخ الميت المعبر عنه بوجه التشبيه في الآية الكريمة: فلاجل أن اللّه عز و جل جعل المؤمنين -

ص: 303

..........

++++++++++

- اخوة في قوله عز من قائل: (إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (1) فأصبح المغتاب بالفتح أخا للمغتاب بالكسر، و كذا العكس فيحصل بهذه الاخوة الدينية في ذمة كل واحد منهما الحقوق المقررة في الاسلام التي تأتي الاشارة إليها و من جملة تلك الحقوق أن لا يغتاب كل منهما الآخر.

و بما أن الأخ النسبي يكره أكل لحم أخيه النسبي حال كونه ميتا و يشمئز منه.

كذلك الأخ الايماني لو اغتاب أخاه المؤمن في غيابه كأنما يأكل لحمه ميتا، لأن المغتاب بالفتح لا يعلم ما ذا قال في حقه المغتاب بالكسر فيكون المغتاب بالفتح في حكم الميت، و عرضه الذي هي كرامته و احترامه بمنزلة لحمه.

و هناك أحاديث كثيرة حول أن المؤمن أخ المؤمن.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 583. الباب 13 من أبواب أحكام العشرة. الأحاديث. أليك نص الحديث 5:

عن سليمان الجعفري عن (أبي الحسن) عليه السلام.

قال: يا سليمان إن اللّه خلق المؤمنين من نوره، و صبغهم برحمته و أخذ ميثاقهم لنا بالولاية، فالمؤمن أخ المؤمن لابيه و أمه، أبوه النور، و أمه الرحمة.

فاذا أخذ الأخ المؤمن في غيبة أخيه المؤمن فقد أكل لحمه ميتا و هو يكره الأكل في تلك الحالة فبهذا و ذاك شبه المغتاب بالفتح بالأخ الميت.

و لما انجر بنا الكلام الى الغيبة هذه الصفة الرذيلة الخسيسة التي هي من أردأ الرذائل و أخسها، و التي توجب الأحقاد و الضغائن: رأينا -0.

ص: 304


1- الحجرات: الآية 10.

..........

++++++++++

- من المناسب ذكر شيء حولها حسب ما يناسب المقام.

فنقول و باللّه التوفيق و التسديد: إن سر اهتمام الدين الحنيف الاسلامي بالنهي عن الغيبة بتعابير مختلفة في شتى المجالات وجوه ثلاث:

(الأول): أن المغتاب بالكسر حينما يشرع في غيبة اخيه المؤمن و يوقع فيه يقصد بغيبته له اظهار معايبه و نواقصه اذا كانت فيه، ليسقطه في المجتمع الانساني حتى ينظر إليه نظرة احتقار.

و من الواضح و البديهي أن لكل فرد يعيش على وجه البسيطة محاسن و معايب، إذ الكمال المطلق مختص لمن هو مستجمع لجميع الصفات فحينئذ لا بدّ من الاحتفاظ على معايبه للاستفادة من محاسنه، فاذا اغتيب في المجتمع الانساني فقد سقط رأسا فكأنه قتل و اعدم و قضي عليه فيذهب ما كان يرجى منه من الخدمات الاجتماعية هباء منثورا، لاجتناب المجتمع عنه بسبب هذا السقوط و الاحتقار.

(الثاني): أن الغيبة توجد البغضاء و الشحناء و العداء في قلب المغتاب بالفتح عند ما يسمع أن فلانا اغتابه.

و لربما توجب توارث هذه في الأعقاب فيلزم من ذلك التباعد و التفارق بين المغتاب بالفتح، و المغتاب بالكسر و هذه صفة مذمومة منهية في الاسلام.

و نشاهد بالعيان في عصرنا الحاضر الذي شاع فيه الفساد، و كثرت فيه الغيبة حتى اصبحت يتفكه بها كل أحد: آثار هذه الصفة الرذيلة.

(الثالث): أن الدين الحنيف الاسلامي دوما يحافظ على ستر معايب الناس و نواقصهم، و يحث المسلمين على ذلك، و يوبخهم على اشاعتها و جعل لمشيعها عذابا أليما في قوله عز من قائل: (إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ -

ص: 305

..........

++++++++++

- أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ) (1).

كل هذا الحفاظ و الستر و التوبيخ لأجل عدم تجري الناس على معاصي اللّه عز و جل، حيث إن المعصية قبل ارتكابها يهابها كل أحد، فاذا اشيعت زالت هيبتها عن نفوس الناس فيرتفع قبحها في المجتمع فيرتكبها كل احد.

خذ لذلك مثالا: إن المجتمع الذي نعيش فيه لو لم يتسرب فيه شرب الخمر و لم يقدم عليه احد لكبرت هذه المعصية في أنظار المجتمع فلم يرتكبها احد، لأنه يراها كبيرة عظيمة فيخافها فيتجنب عنها مهما بلغ الأمر.

بخلاف ما اذا اقدم على شربها و لو مرة واحدة و اشيع خبر الشرب في الأندية و المجالس بأن قيل: فلان يشرب الخمر ثم تداولته الألسن شيئا فشيئا الى أن يفشى هذا النقل الى عامة الناس فتزول صولة هذه المعصية و قبحها فيقدم على شربها.

و لربما يقدم على شربها بغير حرج و خوف من كان يتحرج قبل ذلك من ارتكابها لزوال قبح الشرب بعد إشاعته، و كسر صولته.

فاذا شاع الشرب و كثر ترتبت عليه المفاسد الكثيرة الخطرة أهمها فساد الأخلاق بكل معنى الكلمة، و اذا فسدت الأخلاق فعلى الانسانية السلام، و على البلاد العفا كما نشاهد هذه المفاسد في عصرنا المشئوم.

و قس على ذلك فعلل و تفعلل من بقية المحرمات.

هذه هي الوجوه التي خطرت ببالي في سر اهتمام الدين الحنيف الاسلامي بالنهي عن الغيبة.9.

ص: 306


1- النور: الآية 19.

و عرضه (1) كلحمه، و التفكه (2) به أكلا، و عدم (3) شعوره بذلك بمنزلة حالة موته.

و قوله (4) تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ .

++++++++++

- و لعل هناك وجوها اخرى أسد و أمتن مما ذكرناه يقف عليها القارئ الكريم اثناء مطالعاته هذه.

(1) بكسر العين و سكون الراء وزان عرس جمعه أعراض وزان أعراس و هو منصوب عطفا على قوله: فجعل، اي جعل اللّه عز و جل عرض المؤمن كلحمه في أنه لا يؤكل بمعنى أن عرض المؤمن لا بدّ أن لا يدنس بشيء من السوء.

و المراد من العرض معناه العام: و هو كل شيء يمس كرامته و شخصيته، سواء أ كان ما يمس كرامته يمته أم يمت غيره ممن ينتسب إليه

(2) بنصب و التفكه عطفا على قوله: فجعل، اي فجعل اللّه عز و جل التفكه بالمؤمن بمنزلة اكل لحمه ميتا.

و التفكه مصدر باب التفعل معناه: التلذذ يقال: تركت القوم يتفكهون بعرض فلان اي يتلذذون باغتيابه به.

(3) بالنصب عطفا على قوله: فجعل.

و مرجع الضمير في شعوره المغتاب بالفتح، و مرجع الاشارة الغيبة.

و المعنى: أن الباري عز و جل جعل عدم التفات الأخ المؤمن المغتاب بالفتح، و عدم شعوره بالغيبة بمنزلة موته، لكونه غائبا عن المغتاب بالكسر فغيابه يعد نوعا من الموت فكما أن الميت لا يدري بما يقع في العالم بعد موته، كذلك المغتاب بالفتح لا يدري بما يقال في حقه.

(4) بالرفع عطفا على فاعا قوله: و يدل، اي و يدل على حرمة الغيبة قوله تعالى أيضا: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1).2.

ص: 307


1- همزة: الآية 2.

..........

++++++++++

قال في (مجمع البحرين) في مادة همز: أصل الهمز الغمز و الوقيعة في الناس و ذكر عيوبهم، و الهمز لا يكون إلا باللسان.

و الغمز بمعنى الاشارة بالعين أو الحاجب، أو كليهما، و المقصود من الهمز هنا: ذكر الانسان شخصا بما فيه من المعايب و النواقص.

و الوقيعة: اغتياب الناس و ذكر معايبهم، أو اختلاق المعايب لهم أو سبهم و شتمهم.

و قال في مادة لمز: لمزه يلمزه و يلمزه و همزه يهمزه و يهمزه اذا عابه، و الهمز و اللمز: العيب على الناس، و الحقد عليهم.

و منه قوله تعالى: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» .

و قال (الليث): الهمزة هو الذي يعيبك في وجهك، و اللمزة هو الذي يعيبك بالغيب.

و قيل: اللمز: ما يكون باللسان و العين و الإشارة.

و أما وجه الاستدلال بالآية الكريمة فهو أنه بعد أن ثبت أن الهمز و اللمز عبارتان عن ذكر معايب الناس، سواء أ كان باللسان أم بالاشارة فقد ذم الباري عز و جل كل من يلمز و يهمز أخاه.

و الويل كلمة تطلق على الهلاك و الدمار فاطلق على عاقبة كل من يهمز و يلمز أخاه المؤمن.

و قيل: إن الويل واد في جهنم لو أرسلت فيها الجبال لذابت من شدة حرها.

و قال في (الصحاح) في مادة (ويل): ويل كلمة وزان (ويح) إلا أنها كلمة عذاب.

فعلى هذا التعريف يكون قوله تعالى: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) -

ص: 308

و قوله (1) تعالى: لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ .

و قوله تعالى (2): إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ .

++++++++++

- تهديدا بأشد أنواع العذاب في الآخرة، مع الذم الشديد في الدنيا.

(1) بالرفع عطفا على فاعل قوله: و يدل، أي و يدل على حرمة الغيبة قوله تعالى: (لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ) (1).

و إنما عبر عنها بعدم الحب، لشدة مبغوضية الغيبة، و قوة كراهتها.

و لا ريب أن المبغوضية لامر ما من قبل الشارع المقدس في مثل هذه الامور التي يترتب عليها تلك المفاسد: يوجب حرمته فينهى عباده بمختلف التعبيرات: من حيث الشدة و التأكيد بمقتضى مراتب المبغوضية عن ارتكابها.

و المبغوض المتصف بالحرمة في موردنا: هو الجهر بالسوء من القول يقال: جهر بالشيء أي اعلنه و كشفه فالجهر بالسوء معناه كشفه و اعلانه.

و الجار و المجرور في قوله عز من قائل: من القول متعلق ب: لا يحب اللّه فالمعنى و اللّه العالم: لا يحب اللّه من القول ما كان جهرا بالسوء، أي كاشفا عن السوء و معلنا به، لأن الكشف لا يكون إلا عن أمر مخفي مستور.

كما أخذ هذا المعنى في مفهوم الغيبة و عرفت به.

(2) بالرفع عطفا على فاعل قوله: و يدل، أي و يدل على حرمة الغيبة قوله تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا بناء على تفسير الفاحشة بالغيبة كما في بعض الأخبار.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 598. الباب 152 -8.

ص: 309


1- النساء: الآية 148.

و يدل عليه (1) من الأخبار ما لا يحصى.

فمنها (2): ما روي عن النبي صلى اللّه عليه و آله بعدة طرق:

أن الغيبة أشد من الزنا، و أن الرجل يزني فيتوب و يتوب اللّه عليه، و أن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه (3).

++++++++++

- من أبواب تحريم اغتياب المؤمن. الحديث 6.

و المراد من الفاحشة: ما يشتد قبحه من الذنوب.

و المعنى أن كل من يحب شيوع ما يصدر من الذنوب القبيحة من الذين آمنوا: له عذاب أليم، سواء أ كان مباشرة كمن يشرع بشخصه في اغتياب المؤمن أم تسبيبا كمن يحرض الآخرين على اغتيابه.

ثم إن التسبيب له طرق عديدة و لا سيما في عصرنا هذا، فان وسائل البث و النشر الى ما شاء الشيطان.

(1) أي على تحريم الغيبة.

(2) أي من تلك الأخبار الدالة على حرمة الغيبة و التي بلغت ما لا يحصى الحديث النبوى.

(3) (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 598. الباب 122 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 9.

و (احياء العلوم) الجزء 3. ص 142. طباعة (مصر المكتبة التجارية الكبرى) في الآفة الخامسة عشر.

لما كان الحديث هذا مشتملا على كلمة أشد و هي صيغة أفعل التفضيل.

و هي لا تنسجم و المفاسد المترتبة على الزنا التي سنشير إليها.

و كذا العقاب الدنيوي و هي الحدود الثمانية المقررة في حق الزاني حسب مراتب الزنا، مع أنه لم يقرر حد للغيبة.

فيتوجه حينئذ سؤال أنه كيف يعقل أن تكون الغيبة أشد فسادا و عقابا -

ص: 310

..........

++++++++++

من الزنا، ان كان المراد من الاشدية الفساد، أو العقاب؟

فنقول: الظاهر أن المقصود من أشدية الغيبة من الزنا الأشدية الشخصية، أي يكون عقاب الشخص المغتاب بالفتح في الآخرة أشد من عقاب الزاني، لأن المرتكب للغيبة يروم الطعن في اخيه، و ادخال النقص عليه، و اشاعة سره في المجتمع الانساني كما عرفت في ص 305-306 في سر اهتمام الشارع بالنهي عن الغيبة، و لذا قال صلى اللّه عليه و آله في ص 310:

و أن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه.

بخلاف الزنا، فإن الزاني اذا تاب تاب اللّه عنه فتوبة الزاني لا تتوقف على شيء.

و ليس معنى أشدية الغيبة من الزنا: أنه اذا دار الأمر بين الغيبة و بين الزنا فالزنا مقدم عليها، اذ كيف يعقل ذلك و قد يكون الزنا بذات محرم، و بذات بعل، و كرها فيكون عقاب الزنا باحدى المذكورات أشد و اعظم من الزناء بغيرها، و لذا يقتل الزاني بذات المحرم، و بالمرأة الأجنبية كرها، و الذمي بالمسلمة، و يجمع بين الجلد و القتل.

و كذا يجوز للرجل أن يقتل زوجته و الزاني بها اذا رآهما كالميل في المكحلة اذا لم يترتب على قتلهما فساد.

راجع حول الحدود المقررة للزاني (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 9 من ص 11 الى ص 140.

بخلاف الغيبة، فانه لم يقرر في حق المغتاب بالكسر حد شرعي مهما كانت نوعية غيبته.

و أما المفاسد المترتبة على الزنا فكثيرة جدا

(منها): أن الزنا موجب لتكثير أولاد الحرام.

ص: 311

و عنه صلى اللّه عليه و آله: أنه خطب يوما فذكر الربا و عظّم شأنه فقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا اعظم من ستة و ثلاثين زنية و أن أربى الربا عرض الرجل المسلم (1).

و عنه صلى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه

++++++++++

- (و منها): أنه موجب لقتل المرأة لو اطلع عليها أهلها و اسرتها اذا كانت من بيت شرف و مجد و اباء.

(و منها): أنه موجب لقطع النسل كما في عصرنا الحاضر، حيث يستعمل شتى الأساليب لمنع الحمل: من الابر و الحبوب، و غيرهما، مع كونه مبغوضا في الشريعة الاسلامية، و عكسه و هو تكثير النسل ممدوح و مطلوب حتى قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: تناكحوا تناسلوا حتى أباهي بكم الأمم و لو بالسقط.

راجع حول الموضوع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 34. الباب 17 من أبواب مقدمات النكاح. الحديث 2.

(و منها): كثرة الفساد، و انهيار الأخلاق، و انحطاط المجتمع و ما أكثر هذه المفاسد.

(و منها): و هو أهم المفاسد ترتب الآثار السيئة الوضعية على أولاد الزنا المتكونة من ماء الزاني.

راجع حول هذه الآثار الأحاديث الواردة عن (أئمة أهل البيت).

(1) الحديث هذا مروي عن طرق إخواننا السنة و سنده متصل إلى انس بن مالك.

راجع (إحياء العلوم) الجزء 3. ص 144 في الآفة 15.

و مروي في كتبنا متصلا الى انس بن مالك أيضا.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 106. الحديث 26.

و جاء بهذا المضمون عن (أئمة أهل البيت) عليهم السلام بلفظ -

ص: 312

..........

++++++++++

- أشد من سبعين زنية و بلفظ ثلاثين و عشرين زنية كلها بذات محرم في بيت اللّه:

أحاديث اخرى.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 423. الباب 8 من أبواب تحريم الربا. الحديث 5-6 و ص 427 الحديث 19 و ص 428 الحديث 21-22.

و هناك روايات أخرى في تعظيم عقوبة المرابي مصبها مصب هذه.

و لما كانت الأحاديث مشتملة على عظم عقوبة المرابي و أنها أشد من الزنا فيتوجه سؤال أنه كيف يعقل ذلك؟: فرأينا من المناسب بسط الكلام حول الموضوع أكثر حتى يتضح الحال، و ينكشف القناع و ان كان البحث عنه خارجا عن الموضوع، لكننا تبعا للأعاظم نذكر شيئا حسب فهمنا القاصر.

فتقول: البحث عن هذا متوقف على البحث عن نواحي ثلاث.

(الأولى): ما القدر الجامع المعبر عنه بوجه الشبهة بين الرباء و عرض المسلم.

(الثانية): ظاهر الحديث اختصاص حرمة الغيبة بالرجل مع أن الأحكام مشتركة بين الرجال و النساء.

(الثالثة): البحث عن اشدية درهم من الربا من سبعين زنية.

أما الجواب عن الأولى فإن لفظة الربا موضوعة لغة للربح و الزيادة يقال: ربا المال أي زاد و نما، و يقال: اربى الرجل أي أخذ أكثر مما اعطى زيدا عند المداينة، حيث إن الدائن يأخذ من المدين أكثر مما اعطاه فينقص من مال المدين.

و لما كان المغتاب بالكسر بغيبته اخاه كأنما يأخذ من لحمه و يأكله فبهذا الأخذ و الأكل يربو هو و ينقص من أخيه فبهذه المناسبة شبه -

ص: 313

..........

++++++++++

- (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله عرض المسلم بالربا.

و الدليل على ما قلناه ما أفاده (الشريف الرضي) في هذا المقام.

راجع (المجازات النبوية) ص 260-261. رقم الحديث 272 طباعة مطبعة مصطفى البابي عام 1356 أليك نص عبارته

و من ذلك قوله عليه الصلاة و السلام: إن من اربى الربا استطالة المرء في عرض اخيه المسلم.

و هذه استعارة، لأنه عليه الصلاة و السلام شبه تناول الانسان من عرض غيره بالذم و الوقيعة و الطعن و الكذب و النميمة أكثر مما تناوله منه ذلك الذي قدح في عرضه، و اغرق في ذمه: بالربا في الأموال: و هو أن يعطي الانسان القليل ليتجر الكثير، فإنه يستربى المال بذلك الفعل، أي يطلب نماءه و زيادته.

و اصل الربا مأخوذ من الزيادة يقولون: ربا الشيء في الماء اذا زاد و انتفخ، و منه الزيادة و الربوة و هي ما علا من الأرض و ارتفع.

و من ذلك قوله تعالى: وَ تَرَى اَلْأَرْضَ هٰامِدَةً فَإِذٰا أَنْزَلْنٰا عَلَيْهَا اَلْمٰاءَ اِهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ أي رطب ثراها، و بل و كثر نبتها.

و أما الجواب عن الناحية الثانية فنقول: إن العمومات الواردة في الأخبار في عدم جواز اغتياب المسلم تشمل المرأة.

و كذا الاجماع القائم من المسلمين على اشتراك الرجال و النساء في الأحكام.

بالإضافة الى عموم كلمة بعض الواردة في الآية الكريمة في قوله تعالى:

وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ، فإن عمومها يشمل الرجل و المرأة.

و أما الجواب عن الثالثة فنقول: إن سر اهتمام البالغ من الشارع المقدس في اشدية درهم من الربا من سبعين زنية: هو عدم وقوع هذا -

ص: 314

..........

++++++++++

- العمل غير الانساني في الخارج حتى لا يقدم على تعاطيه أحد، لأن بوقوع هذا العمل تتوقف الأعمال الاخرى الحرفية و المهنية فتنحل النظم الاجتماعية الحياتية.

بيان ذلك: أن الانسان لو جعل نقوده في المعاملات الربوية بأن عامل معها معاملة ربوية فأعطى ألف دينار لزيد على أن يأخذ منه لكل مائة دينار لمدة سنة عشرة دنانير فيصير مجموع الربح خلال المدة المعينة مائة دينار من اقراض ألف دينار، فلو اقرض ألفا آخر و أخذ ربحا بنفس النسبة يصير مجموع الربح مائتي دينار.

و هكذا الى أن يبلغ الاقراض خمسة آلاف، أو عشرة مثلا. فيصير مجموع الربح في السنة خمسمائة دينار، أو ألف دينار فيأخذ المرابي هذه الأرباح خلال السنة و يعيش بها عيشة راضية فارغ البال من كل التبعات و المسئوليات التي تحوم حول التجارة و الاكتساب حتى عن الضرائب الحكومية و قوانينها التي تخص شئون التجارة.

هذا بالإضافة إلى أن نقوده تبقى سليمة مأمونة عن الخطر و التلف و الضياع، حيث يأخذ المرابي الوثائق المالية قبال ما أقرضه فهو بأخذه الوثائق قد أمّن نقوده من التلف و الضياع و ليس يخاف عليها من كل شيء فلو فرضنا أن المدين مات، أو لم يتمكن من الأداء أخذ الدائن المرابي تلك الوثيقة و باعها و أخذ ثمنها عوضا عن طلبه، أو يأخذها لنفسه.

بخلاف التجارة فانه من الممكن أن يخسر التاجر المال فيتلف.

ثم ان هذه العملية تسري شيئا فشيئا في الآخرين الذين لهم النقود فيرابون بها، حيث يرونها عملية مريحة بسيطة فيأخذونها مهنة و حرفة لهم فحينئذ أصبحت الحرف و المهن و الأشغال متوقفة، و أسواق التجارة -

ص: 315

..........

++++++++++

- مختلة، و أبواب الاستيراد و التصدير منسدة فتأخذ البلاد في الخراب شيئا فشيئا فيأخذ أهلها في المهاجرة و المغادرة.

ثم ان هناك شيئا آخر: و هو ان الانسان لو اتجر بنقوده، و جعلها في متناول الأيدي لربح أكثر و أكثر مما يربح من المعاملة الربوية، و نتيجة هذه الزيادة زيادة العمران و الازدهار في البلاد، و التحسن في حياة العباد.

اضف الى ذلك فائدة معنوية ما ألذها و أهنأها: و هو ان الحركة التجارية توجب اعاشة الآخرين و ارتزاقهم: و هو عمل انساني مطلوب و مرغوب في حد ذاته، و عكسه: و هو حرمان المجتمع عن المزايا الحياتية، و إبقاؤهم على البؤس و الكآبة مبغوض عند الشرع و العرف، و لذا وردت أخبار كثيرة من (الرسول الأعظم و الأئمة من أهل البيت) صلوات اللّه عليهم في الزراعة و التجارة و الصناعة حتى ورد عن (المعصوم) عليه السلام:

الكاسب حبيب اللّه(1) كل ذلك في سبيل ترفية حال المجتمع، و لذا لا يجوز لمن يتمكن من الاكتساب الاستجداء و الاستعطاء، و أن يكون كلاّ و عالة على المجتمع.

و بهذه النظرية ترى الحكومات تهتم اهتماما بالغا بتكثير المزارع و المعامل و الصنائع، و بناء الدور و المحلات، و يستعملون شتى الأساليب في اكثارها و ترى الحكومات تساعد الشعب في بناية الدور، و ادخال المعامل، و تكثير المزارع: باقراضهم مبالغ طائلة الى مدة طويلة بأرباح قليلة. كل ذلك في سبيل ترفية المجتمع، و عمارة البلاد.5.

ص: 316


1- راجع الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 54-55.

..........

++++++++++

- ثم إنه من الممكن أن تترتب على المعاملات الربوية مفسدة أخرى غير ما ذكرناه: و هو أن المدين لربما لا يمكن من اداء دينه في الوقت المقرر فتأتي عليه أرباحه و هكذا فتتكدس الأرباح و تضاف على أصل الدين و لربما بلغت قيمة الوثيقة الرهنية عند الدائن فيأخذها الدائن عوضا عن طلبه و أرباحه فتولد هذه العملية حقدا و غيظا في نفس المدين، و حسرة على ما ذهب منه: من داره، أو ارضه، أو شيء آخر مما جعله وثيقة.

هذه غاية ما يمكن أن يقال حول الأحاديث الواردة في الربا في أن الدرهم منه اعظم من سبعين زنية بذات المحارم كلها في بيت اللّه الحرام.

و لو لا هذه الوجوه لتوجه اشكال أنه كيف يعقل أن يكون أكل درهم من الرباء اعظم من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت اللّه، مع أن الزاني بذات محرم يجب قتله بعد اجراء الجلد عليه فيجمع في حقه بين الجلد و القتل.

و الدليل على أن ذنب الزنا اعظم و اعظم من الرباء، و أنه لا نسبة بينهما: أن الانسان لو خير جبرا بين الزناء و بين أكل الربا فلا شك أن أكل الربا مقدم عليه، لكونه اقل محذورا منه كما هو الشأن في جميع مراتب المعاصي، فلو خير الانسان جبرا بين الزناء بذات البعل، و بين المرأة الفارغة عن الزوج فلا شك في تقديم هذه على تلك.

كما أنه لو خير جبرا بين تقبيلها و وطئها فالتقبيل مقدم عليه.

و قس على ذلك بقية المحرمات فدائما يلاحظ فيها أقل محذورا حسب الشدة و الضعف.

فعلى ضوء ما ذكرناه لك ظهر معنى أشدية أكل درهم من الرباء من الزناء بذات محرم كلها في بيت اللّه الحرام.

ص: 317

صلاته و لا صيامه أربعين صباحا إلا أن يغفر له صاحبه (1).

و عنه عليه السلام: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنة و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب خالدا في النار و بئس المصير (2).

و عنه عليه السلام: كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة فاجتنب الغيبة، فإنها إدام كلاب النار (3).

و عنه عليه السلام: من مشى في غيبة أخيه، و كشف عورته كانت أول خطوة خطاها وضعها في جهنم (4).

و روي أن المغتاب اذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة، و إن لم يتب فهو أول من يدخل النار (5).

و عنه صلى اللّه عليه و آله: أن الغيبة حرام على كل مسلم، و أن الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (6).

++++++++++

(1) (مستدرك الوسائل). المجلد 2. ص 106. الباب 132.

الحديث 35.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 8. الباب 152 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 20.

(3) نفس المصدر ص 600. الحديث 16.

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 602. الباب 152.

الحديث 21، و في المصدر في عيب أخيه.

(5) (مستدرك الوسائل). المجلد 2. ص 107. الباب 132.

الحديث 50.

(6) نفس المصدر. ص 106. الحديث 19.

و في المصدر هكذا: و الغيبة تأكل الحسنات.

ص: 318

و أكل الحسنات إما أن يكون على وجه الإحباط (1)، أو لاضمحلال ثوابها في جنب عقابه (2)، أو لأنها تنقل الحسنات الى المغتاب (3) كما في غير واحد من الأخبار (4).

و منها (5): النبوي صلى اللّه عليه و آله يؤتى بأحد يوم القيامة فيوقف بين يدي الرب عز و جل و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته فيه فيقول: إلهي ليس هذا كتابي لا أرى فيه حسناتي.

فيقال له: إن ربك لا يضل و لا ينسى ذهب عملك باغتياب الناس.

ثم يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيه طاعات كثيرة فيقول:

إلهي ما هذا كتابي فإني ما عملت هذه الطاعات.

فيقال له: إن فلانا اغتابك فدفعت حسناته أليك (6).

و منها (7): ما ذكره كاشف الريبة رحمه اللّه رواية عن عبد اللّه

++++++++++

(1) بكسر الهمزة مصدر باب الافعال. من أحبط يحبط معناه:

إبطال العمل يقال: أحبط عمله. أي أفسده و أبطله.

(2) بمعنى أن السيئات قد كثرت بحيث لا تستطيع الحسنات مقاومتها.

(3) بالفتح و هو الرجل الذي قيلت في حقه: الكلمات البذية الجارحة.

(4) يأتي الاشارة الى كل واحد من هذه الأخبار عند قوله: منها و منها، و قوله عليه السلام: و حدثني أبي عن أبيه.

(5) أي و من بعض تلك الأخبار الدالة على تنقل حسنات المغتاب بالكسر الى المغتاب بالفتح: الحديث النبوي صلى اللّه عليه و آله.

(6) نفس المصدر. ص 106. الباب 132. الحديث 31.

(7) أي و من بعض تلك الأخبار الدالة على انتقال حسنات المغتاب بالكسر الى المغتاب بالفتح.

ص: 319

ابن سليمان النوفلي الطويلة عن الصادق عليه السلام و فيها عن النبي صلى اللّه عليه و آله: أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها اولئك لا خلاق (1) لهم.

و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام انه من قال في مؤمن ما رأته عيناه، و سمعت اذناه مما يشينه و يهدم مروته فهو من الذين قال اللّه عز و جل: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ (2).

ثم ان ظاهر هذه الأخبار (3) كون الغيبة من الكبائر (4) كما ذكر

++++++++++

(1) بفتح الخاء من خلق يخلق معناه النصب أي لا نصيب و لا حظ لهم في الآخرة: من مراتب الجنة و نعيمها.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. الباب 49 من أبواب ما يكتسب به. ص 155 في أواسط الصفحة و في المصدر ما رأت عيناه.

(3) و هي المشار إليها في ص 310-320

(4) جمع كبيرة وزان فعيلة و اختلف في معنى الكبيرة.

فقيل: كل ما أوعد اللّه تعالى عليه في الآخرة من العقاب و العذاب، و اوجب عليه في الدنيا حدا: فهي كبيرة.

و قيل: كل ما نهى اللّه عنه فهي كبيرة.

و ذهب الى هذا (الشيعة الإمامية)، حيث قالوا: المعاصي كلها كبائر من حيث كانت قبائح، لكن بعضها اكبر من بعض، و ليس في الذنوب صغيرة، و إنما يكون الذنب صغيرا بالإضافة الى ما هو أكبر منه، و يستحق العقاب عليه أكثر.

ص: 320

..........

++++++++++

- و قالت المعتزلة: الصغيرة ما نقص عقابه عن ثواب صاحبه و الكبيرة ما يكبر عقابه عن ثواب صاحبه.

قالوا: و لا يعرف شيء من الصغائر، و لا معصية الا و يجوز أن تكون كبيرة، فإن في تعريف الصغائر إغراء بالمعصية، لأنه اذا علم المكلف أنه لا ضرر عليه في فعلها و دعته الشهوة إليها فعلها (1).

(1) راجع (مجمع البيان). الجزء 3. ص 38. طباعة (طهران) شركة المعارف الاسلامية.

ثم ان الكبائر على ما ذكرت في الأخبار كثيرة، أليك أسماءها.

1 - الشرك باللّه عز و جل.

2 - قتل النفس التي حرمها اللّه عز و جل.

3 - عقوق الوالدين.

4 - الفرار من الزحف.

5 - اكل مال اليتيم ظلما.

6 - اكل الرباء بعد البينة، أي بعد علم المكلف بحرمة الرباء.

7 - قذف المحصنات.

8 - الزنا.

9 - اللواط.

10 - السرقة.

11 - اكل الميتة من غير ضرورة.

12 - أكل الدم من غير ضرورة.

13 - أكل لحم الخنزير من غير ضرورة.

14 - أكل ما أهل لغير اللّه من غير ضرورة.

ص: 321

..........

++++++++++

15 - أكل السحت.

16 - البخس في المكيال.

17 - البخس في الميزان.

18 - الميسر.

19 - شهادة الزور.

20 - اليأس من روح اللّه.

21 - الأمن من مكر اللّه.

22 - القنوط من رحمة اللّه.

23 - ترك معاونة المظلومين مع القدرة على المعاونة.

24 - الركون الى الظالمين.

25 - اليمين الغموس.

26 - حبس الحقوق من غير عسر.

27 - استعمال الكبر و التجبر.

28 - الكذب.

29 - الإسراف.

30 - التبذير.

31 - الخيانة.

32 - الاستخفاف بالحج.

33 - المحاربة لأولياء اللّه عز و جل.

راجع (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة الجزء 10. ص 229.

و (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 260-261-262-263 الباب 46 من أبواب جهاد النفس. الأحاديث.

ص: 322

جماعة، بل أشد من بعضها (1).

و عدّ في غير واحد من الأخبار من الكبائر الخيانة (2).

و يمكن ارجاع الغيبة إليها (3) فأي خيانة أعظم من التفكه بلحم الأخ على غفلة منه و عدم شعوره بذلك؟

و كيف كان (4) فما سمعناه من بعض من عاصرناه: من الوسوسة في عدها من الكبائر اظهار في غير المحل فلا اشكال في المسألة (5) بعد

++++++++++

(1) أي الغيبة أشد من بعض الكبائر كأكل مال اليتيم ظلما.

(2) راجع نفس المصدر. ص 260-261. الباب 46 الحديث 33 - و ص 262. الحديث 36.

(3) اي الى الخيانة: ببيان أن الخيانة مأخوذ في مفهومها الغدر و الخديعة.

و من الواضح عدم التفات من يخان به بالخيانة، و عدم شعوره و التفاته بها و هذه العلة بعينها موجودة في الغيبة، لأن المغتاب بالفتح لا يعلم بما يقال في حقه من قبل المغتاب بالكسر فتكون غيبته نوعا من الخيانة، و أي خيانة أعظم من التفكه بلحم الاخ المؤمن في غيابه و هو لا يشعر بذلك.

(4) اي سواء أ كانت الغيبة أشد من بعض الكبائر أم لا فوسوسوه بعض المعاصرين في عد الغيبة من الكبائر ليست في محلها، لأنك عرفت في الأخبار المتقدمة في ص 310 أن الغيبة من الكبائر، و في بعضها أنها أشد من بعض الكبائر.

(5) أي و لا اشكال في حرمة الغيبة و أنها من الكبائر أو أشد من بعضها.

فمن لاحظ الأخبار الواردة في حرمة الغيبة، و في علة تحريمها يحكم بالحرمة حالا و فورا من دون توقف و وسوسة.

ص: 323

ملاحظة الروايات الواردة في الغيبة، و في حكمة (1) حرمتها في نظر الشارع.

ثم الظاهر دخول (2) الصبي المميز المتأثر بالغيبة لو سمعها، لعموم بعض الروايات المتقدمة (3)،

++++++++++

- راجع (علل الشرائع). ص 557. الباب 354. الحديث 1.

طباعة المطبعة الحيدرية عام 1385.

و (وسائل الشيعة). الجزء 8 ص 596 - الى ص 603 الباب 125 من أبواب العشرة. الحديث 2-7.

(1) عطف على الروايات الواردة، أي فلا اشكال في حرمة الغيبة بعد ملاحظة الأحاديث الواردة في حكمة تحريم الغيبة كما عرفت آنفا.

(2) إن أراد من دخول الصبي المميز في حكم الغيبة الذي هي الحرمة:

دخوله في عدم جواز اغتياب المكلف لهذا الصبي فمسلم و لا اشكال فيه.

و يدل على إرادة هذا المعنى قوله: المتاثر بالغيبة لو سمعها لأن اطلاقات عدم جواز الاغتياب تشمله كما تشمل من دونه، بناء على ما افاده (الشهيد الثاني) في (كشف الريبة) في قوله الآتي.

و إن أراد من الدخول: عدم جواز صدور الغيبة من الميز الصبي بمعنى ان المميز لا يجوز له أن يغتاب احدا فممنوع هذا، حيث إنه لم يوضع عليه قلم التكليف حتى يقال بعدم جواز الغيبة في حقه.

(3) و هي المشار إليها في ص 310 في قوله صلى اللّه عليه و آله: الغيبة أشد من الزنا، حيث انها عامة تشمل الصبي المميز في عدم جواز اغتيابه فقط.

أما عدم جواز صدور الغيبة منه فلا تشمله الرواية، لاختصاص ذلك بالرجل في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الرجل يزني فيتوب و يتوب اللّه عليه.

و المروية في ص 313 في قوله صلى اللّه عليه و آله: من اغتاب مسلما أو مسلمة، حيث انها عامة تشمل الصبي المميز، و أما غير المميز فلا تشمله. -

ص: 324

و غيرها (1) الدالة على حرمة اغتياب الناس، و أكل لحومهم، مع صدق الأخ عليه (2) كما يشهد به قوله تعالى: وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ فَإِخْوٰانُكُمْ في الدين.

++++++++++

- و المروية في ص 318 في قوله صلى اللّه عليه و آله: من اغتاب مؤمنا حيث إنها عامة تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 318 في قوله عليه السلام: كذب من زعم أنه ولد حلال: تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 318 في قوله صلى اللّه عليه و آله: من مشى في غيبة أخيه عامة تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 318 في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن المغتاب اذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة فهي عامة تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 318 في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الغيبة حرام على كل مسلم فهي عامة تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 319 في قوله صلى اللّه عليه و آله: يؤتى باحد يوم القيامة: تشمل الصبي المميز.

و المروية في ص 320 في قوله عليه السلام: من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعت اذناه لا يبعد شموله للصبي المميز.

و لئن دل عموم هذه الروايات على حرمة اغتياب الصبي المميز بمعنى عدم جواز غيبته للناس فلا بد من تخصيصها، أو تقييدها بأدلة رفع القلم في قول المعصوم عليه السلام: رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم.

(1) اي و غير ما تقدم من الروايات الواردة في المقام.

و تأتي الاشارة الى بعض هذه الروايات.

(2) اي مع صدق اسم الاخ على الصبي كما يشهد بهذا الصدق قوله -

ص: 325

مضافا (1) الى امكان الاستدلال بالآية و ان كان الخطاب للمكلفين، بناء

++++++++++

- تعالى. وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ فَإِخْوٰانُكُمْ ، حيث إن الإخوان جمع الأخ و هو عام يشمل الصبي أيضا.

و مرجع الضمير في قوله تعالى: وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ : اليتامى الواقع في قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْيَتٰامىٰ قُلْ إِصْلاٰحٌ لَهُمْ خَيْرٌ (1).

و من المعلوم أن اليتيم من لم يبلغ الحلم.

(1) اي بالإضافة الى ما ذكرناه لك من الآيات و الأخبار الواردة في حرمة الغيبة: يمكن الاستدلال على حرمة غيبة الصبي المميز بقوله تعالى:

(وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) .

كيفية الاستدلال: أن الخطاب الوارد في الآية الكريمة و ان كان راجعا الى المكلفين الذين بلغوا الرشد الشرعي و وضع عليهم قلم التكليف إلا أنه بناء على عد أطفال المؤمنين منهم من باب التغليب يدخل الصبي المميز في الآية الكريمة.

خذ لذلك مثالا.

لو قيل: أدع للمؤمنين، أو اكرم المؤمنين فدعا لأطفالهم، أو اكرمهم فلا اشكال في سقوط التكليف و صدق الامتثال بهذا الدعاء و الإكرام.

ففيما نحن فيه يجوز استعمال كلمة المؤمنين في مجموع رجالهم و نسائهم و أطفالهم تغليبا فاذا صح استعمال الجمع كذلك في الأطفال صح عدهم منهم فيصح استعمال المفرد فيهم من هذا الباب، فيطلق لفظ (المؤمن) الذي هو مفرد (المؤمنين): على طفل المؤمن تغليبا فلا يجوز اغتيابه.0.

ص: 326


1- البقرة: الآية 220.

على عد أطفالهم منهم تغليبا (1)، و امكان (2) دعوى صدق المؤمن عليه مطلقا أو في الجملة (3).

و لعله لما ذكرنا (4) صرح في كشف الريبة بعدم الفرق بين الصغير و الكبير و ظاهره (5) الشمول لغير المميز أيضا.

و منه (6) يظهر حكم المجنون، إلا أنه (7) صرح بعض الأساطين

++++++++++

(1) منصوب على المفعول لأجله أي عد أطفال المؤمنين من المؤمنين لأجل تغليب جانب الرجال المكلفين، و النساء المكلفات على الطفل المميز و الطفلة المميزة.

(2) بالجر عطفا على قوله: بناء على عد أطفالهم، اي و يصح أن يقال بعدم جواز غيبة الصبي المميز بناء على امكان دعوى صدق المؤمن على الصبي المميز مطلقا، سواء اظهر الايمان أم لا.

(3) اي اذا اظهر الايمان فقط.

(4) من امكان الاستدلال بالآية الكريمة على حرمة غيبة الصبي المميز من باب التغليب، و من امكان دعوى صدق المؤمن على الصبي المميز.

(5) اي و ظاهر كلام (الشهيد الثاني) في كشف الريبة في قوله:

لا فرق في حرمة الغيبة بين الصغير و الكبير: شمول الصغير المميز و غيره.

(6) أي و من قول (الشهيد الثاني): بين الصغير و الكبير يظهر حكم المجنون أيضا فلا يجوز غيبته، لشمول الكبير المجنون و غيره.

(7) هذا رد على ما أفاده (الشهيد الثاني) من عدم جواز اغتياب الصبي المميز و غيره و العاقل و غيره أي أفاد (شيخنا كاشف الغطاء) ان الذي لا عقل له و هو المجنون، و من لا تمييز له و هو الصبي خارج عن تحت تلك الكبرى الكلية: و هو عدم جواز غيبة المؤمن، للشك في دخول هذين الفردين تحت الكبرى الكلية، و انهما من صغرياتها فالأدلة -

ص: 327

باستثناء من لا عقل له و لا تمييز، معللا (1) بالشك في دخوله تحت أدلة الحرمة.

و لعله (2) من جهة أن الاطلاقات منصرفة الى من يتأثر لو سمع و سيتضح ذلك (3) زيادة على ذلك.

بقي الكلام في أمور:
اشارة

بقي الكلام في أمور:

الأول: الغيبة اسم مصدر لاغتاب، أو مصدر لغاب.

الأول: الغيبة اسم مصدر لاغتاب، أو مصدر لغاب.

ففي المصباح اغتابه اذا ذكره بما يكرهه من العيوب و هو (4) حق

++++++++++

- المتقدمة لا تشملهما فهنا محل جريان أصالة البراءة من حرمة غيبتهما.

و لا يخفى أنه يمكن دعوى القطع بعدم شمول الأدلة المذكورة للفردين لرفع القلم عنهما، و لذا وجه الشيخ كلام بعض الأساطين.

(1) هذا تعليل من الشيخ في توجيه استثناء (بعض الأساطين) الفردين المذكورين عن تحت تلك الكبرى الكلية اي خروجهما يمكن أن يكون لاجل انصراف تلك الاطلاقات المتقدمة الواردة في حرمة اغتياب المؤمن:

الى من يتأثر و يتأذى مما قيل في حقه لو سمعه.

و من الواضح أن المجنون الذي لا عقل له، و الطفل الذي لا تمييز له لا يتأثر بسماع ما قيل في حقه، لعدم درك المجنون معنى الكراهة و التأثر، و عدم تمييز الصبي غير المميز بذلك.

(2) مرجع الضمير: الشك، أي و لعل الشك في دخوله انما هو من جهة الانصراف الى غيره.

(3) أي يتضح لك بالقريب العاجل زيادة على ما تلوناه عليك حول الموضوع: كيفية انصراف الاطلاقات الواردة الى العاقل المميز، و أنه من المراد ممن لا يجوز غيبته.

(4) الواو حالية و الجملة منصوبة محلا حال لقوله: بما يكرهه أي -

ص: 328

و الاسم (1) الغيبة.

و عن القاموس غابه أي عابه و ذكره بما فيه من السوء.

و عن النهاية أن يذكر الانسان في غيبته بسوء مما يكون فيه.

و الظاهر من الكل (2) خصوصا القاموس المفسر لها أو لا بالعيب:

أن المراد ذكره (3) في مقام الانتقاض و المراد بالموصول (4) هو نفس النقص الذي فيه

و الظاهر (5) من الكراهة في عبارة المصباح كراهة وجوده.

و لكنه غير مقصود قطعا، فالمراد اما كراهة ظهوره و لو لم يكره وجوده كالميل الى القبائح.

و اما كراهة ذكره بذلك العيب.

و على هذا التعريف (6) دلت جملة من الأخبار مثل قوله عليه السلام و قد سأله أبو ذر عن الغيبة: انها ذكرك اخاك بما يكرهه (7).

++++++++++

- و الحال ان ما ذكره بما يكرهه يكون حقا و له واقع، لأنه اذا لم يكن ما ذكره من السوء موجودا فيه يكون افتراء و تهمة.

(1) أي اسم المصدر.

(2) أي الظاهر من جميع تعاريف أهل اللغة التي ذكرنا عنهم.

(3) أي ذكر الانسان بالسوء اذا كان في مقام الانتقاص، لا مطلقا.

(4) أي ما الموصولة في قول القاموس: بما فيه، و في قول صاحب النهاية: مما يكون فيه، و في قول صاحب المصباح: بما يكرهه.

(5) أي الظاهر من قول (صاحب المصباح): بما يكرهه من العيوب كراهة المغتاب بالفتح نسبة تلك العيوب الموجودة إليه.

(6) أي على تعريف صاحب المصباح الغيبة.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 598. الباب 152. -

ص: 329

و في نبوي آخر قال صلى اللّه عليه و آله: أ تدرون ما الغيبة؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم.

قال: ذكركم أخاكم بما يكرهه (1)، و لذا (2) قال في جامع المقاصد ان حد الغيبة على ما في الأخبار أن تقول في أخيك ما يكرهه لو سمعه مما هو فيه.

و المراد (3) بما يكرهه كما تقدم في عبارة المصنف: ما يكرهه ظهوره سواء كره وجوده كالبرص و الجذام (4) أم لا كالميل الى القبائح (5).

و يحتمل أن يراد بالموصول (6) نفس الكلام الذي يذكر الشخص به

++++++++++

- الحديث 9، فقوله صلى اللّه عليه و آله: إنها ذكرك أخاك بما يكرهه يطابق تعريف صاحب المصباح.

(1) (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 75. ص 222 فقوله صلى اللّه عليه و آله: ذكركم اخاكم بما يكرهه يطابق تعريف صاحب المصباح للغيبة.

(2) أي و لأجل أن تعاريف أهل اللغة تطابق مع الأخبار الواردة في تعريف الغيبة: عرف صاحب (جامع المقاصد) الغيبة بنفس تعريف اهل اللغة.

(3) هذه العبارة من متممات صاحب جامع المقاصد.

و المراد من المصنف (العلامة الحلي).

(4) بأن قيل في حقه: فلان ابرص، أو مجذوم.

(5) بأن قيل في حق الشخص: إنه يرتكب بعض القبائح بميل و رغبة.

(6) أي بما الموصولة في قوله صلى اللّه عليه و آله: بما يكرهه.

ص: 330

و يكون كراهته (1) إما لكونه (2) اظهارا للعيب، و اما (3) لكونه صادرا على جهة المذمة و الاستخفاف و الاستهزاء و ان لم يكن العيب مما يكره اظهاره، لكونه (4) ظاهرا بنفسه.

و إما لكونه (5) مشعرا بالذم و ان لم يقصد المتكلم الذم به كالالقاب المشعرة بالذم.

++++++++++

(1) المصدر مضاف الى المفعول و الفاعل هنا المغتاب بالفتح.

و المعنى: أن كراهة المغتاب بالفتح للكلام الذي قيل في حقه لا يخلو من أحد الأمرين.

اما لأجل نفس الكلام الذي قاله المغتاب بالكسر في حقه كأن يقال فيه: إنه طويل أو قصير أو أكول أو بدين مع وجود هذه الصفات فيه.

و إما لأجل الكلام الصادر من المغتاب بالكسر في مقام المذمة و السخرية و الاستهزاء كأن يقال في حقه: إنه اعمش أو أحول أو أعور أو أعرج مع وجود هذه الصفات فيه، و ان لم يكن ذكر هذه العيوب مما يكره اظهارها، لكونها ظاهرة جلية.

(2) هذا هو الشق الأول الذي اشرنا إليه آنفا بقولنا:

إما لأجل نفس الكلام.

(3) هذا هو الشق الثاني الذي اشرنا إليه آنفا بقولنا:

و إما لأجل أن الكلام.

(4) تعليل لقوله: و ان لم يكن العيب مما يكره اظهاره و قد عرفت التعليل آنفا بقولنا: لكونها ظاهرة جلية.

(5) هذا هو الشق الثالث لكراهة المغتاب بالفتح للكلام الذي قيل في حقه، أي الكلام الذي قيل في حق المغتاب بالفتح كان مشعرا بالذم كأن يقال له: الاعمش الأعور الأحول.

ص: 331

قال في الصحاح: الغيبة أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه.

و ظاهره التكلم بكلام يغمه لو سمعه، بل في كلام بعض من قارب عصرنا أن الاجماع و الأخبار متطابقان على أن حقيقة الغيبة أن يذكر الغير بما يكره لو سمعه، سواء أ كان (1) بنقص في نفسه، أو بدنه، أو دينه أو دنياه، أو فيما يتعلق به من الأشياء.

و ظاهره (2) أيضا إرادة الكلام المكروه.

و قال الشهيد الثاني في كشف الريبة: ان الغيبة ذكر الانسان في حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصانا في العرف بقصد الانتقاص و الذم.

و يخرج (3) على هذا التعريف ما اذا ذكر الشخص بصفات ظاهرة

++++++++++

(1) أي هذا الكلام الذي يقال في حق المغتاب بالفتح بقصد الانتقاص سواء أ كان إرادة النقص في دينه كأن يقال له: انه فطحي المذهب أو واقفي أو زيدي.

أم في بدنه كأن يقال له: انه مسلول أو ابخر الفم أو نتن الرائحة.

أم في نفسه كأن يقال له: انه ذليل حقير وضيع لئيم بخيل.

أم في شيء مما يتعلق بشخص المغتاب بالفتح كأن يقال في حقه:

ان ملابسه قذرة، أو داره غصبية، أو أصدقاؤه حمق، أو زوجته من بيت وضيع فكل هذه الصفات التي ذكرت اذا كانت بقصد الانتقاص و الذم يكون غيبة.

(2) أي و ظاهر كلام الصحاح في قوله: أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه: إرادة الكلام المكروه عند المغتاب بالفتح، لا عند المتكلم أو السامع.

(3) هذه الجملة الى قوله: مع أنه داخل في التعريف من كلام -

ص: 332

يكون وجودها نقصا مع عدم قصد انتقاصه (1) بذلك، مع انه داخل في التعريف عند الشهيد أيضا حيث عدّ من الغيبة ذكر بعض الأشخاص بالصفات المعروف بها كالأعمش و الأعور و نحوهما (2).

و كذلك (3) ذكر العيوب الجارية التي يراد شراؤها اذا لم يقصد

++++++++++

(الشيخ الأنصاري) لا من كلام الشهيد الثاني يقصد بها الاعتراض على الشهيد.

و خلاصة الاعتراض: أن لازم هذا التعريف خروج الشخص المتصف بصفات ظاهرة: عن التعريف، لأنه اذا قيل: فلان أعور، أو أعمش أو احول و لم يقصد القائل الانتقاص و المذمة لم يكن غيبة، مع أن هذا الفرد داخل في التعريف عنده، حيث إنه عد في مكان آخر في نفس المصدر من الغيبة ذكر الانسان بصفاته الظاهرة كما ذكرناها لك، فيلزم التناقض حينئذ، لأن ما أثبته و أدخله في الغيبة هنا فقد أخرجه عنها هناك.

(1) المصدر مضاف الى المفعول و هو المغتاب بالفتح و الفاعل محذوف و هو المغتاب بالكسر، أي مع عدم قصد الانتقاص من المغتاب بالكسر في حق المغتاب بالفتح كما عرفت آنفا.

(2) كالأعرج و الأعضب.

(3) أي و كذلك يخرج عن تعريف الشهيد الغيبة بقيد قصد الانتقاص:

ذكر الرجل عيوب الجارية التي يراد شراؤها، لأنها متصفة بصفات ظاهرة و البائع لا يريد قصد الانتقاص بها، بل غرضه من ذكرها بيان الواقع فهي خارجة عن الغيبة حكما حسب القيد المذكور، لا موضوعا، مع أنها داخلة في التعريف عند الشهيد حسب عده من الغيبة ذكر الرجل بصفاته المعروفة.

ص: 333

من ذكرها إلا بيان الواقع، و غير (1) ذلك مما ذكره هو، و غيره من المستثنيات.

و دعوى (2) أن قصد الانتقاص يحصل بمجرد بيان النقايص:

موجبة (3) لاستدراك ذكره بعد قوله مما يعد نقصا.

++++++++++

(1) أي و كذلك يلزم دخول غير ذلك مما ذكرناه: في التعريف مع أنه ذكر كل ذلك في مستثنيات الغيبة.

كما أن غيره أيضا ذكرها في المستثنيات.

و ستأتي الاشارة من (شيخنا الأنصاري) قريبا الى هذه المستثنيات.

(2) مبتدأ خبره قوله: موجبة.

هذه الدعوى دفع عن الاعتراض الذي أورده الشيخ على (الشهيد الثاني) و قد عرفت الاعتراض في ص 333.

و حاصل الدفع: أن الانتقاص ملازم لبيان النقائص و ذكرها، و إن لم يقصد البائع، أو الذي يذكر الانسان بصفات ظاهرة فيه: الانتقاص.

اذا فلا يلزم خروج مثل هذا الشخص، أو الجارية التي يراد شراؤها عن تعريف الغيبة بذكر قصد الانتقاص حتى يقال: إن ما خرج عن التعريف داخل في الغيبة حسب عده فيها بذكر الشخص بصفات ظاهرة.

هذه خلاصة الدفاع عن الاشكال المذكور.

(3) هذا جواب عن الدفاع المذكور.

و حاصله: أن الدفاع المذكور موجب لكون القيد المذكور و هو (قصد الانتقاص) زائدا و لغوا، لأنه لا فائدة فيه بعد قوله: مما يعد نقصا، اذ لو كان قصد الانتقاص من لوازم ذكر النقائص، سواء قصد البائع الانتقاص أم لا فلا معنى لذكره في التعريف.

فالحاصل أنه يلزم إما خروج من يذكر بالصفات الظاهرة عن التعريف -

ص: 334

و الأولى بملاحظة ما تقدم من الأخبار، و كلمات الأصحاب بناء على ارجاع الكراهة الى الكلام المذكور به لا الى الوصف: ما تقدم (1) من أن الغيبة أن يذكر الانسان بكلام يسوؤه.

++++++++++

- المذكور، و إما زيادة قصد الانتقاص و لغويته لو قلنا: ان قصد الانتقاص من لوازم ذكر النقائص.

و المراد من كلمة لاستدراك في قوله: لاستدراك ذكره: الزيادة أي لزيادة قصد الانتقاص و لغويته.

و مرجع الضمير في ذكره: قصد الانتقاص.

و في كلمة قوله: الشهيد أي لزيادة ذكر قصد الانتقاص بعد قول الشهيد: مما يعد نقصا كما عرفت آنفا.

(1) مبتدأ خبره (ما تقدم الثاني) في قوله: ما تقدم من أن الغيبة يقصد الشيخ من هذه الأولوية: أنه بعد أن اختلفت كلمات الفقهاء و اللغويين في تعريف الغيبة و ذهب كل منهم الى ما يخالفه الآخر، و لا سيما تعريف (الشهيد الثاني)، حيث يلزم منه خروج بعض الأفراد عن الغيبة بعد أن كان داخلا حسب ما أفاده في كتابه (كشف الريبة): فالأولى في تعريف الغيبة بعد ملاحظة الأخبار الواردة حول الغيبة، و امعان النظر و التعمق فيها، و بعد ملاحظة كلمات الأصحاب: أن تعريف الغيبة بتعريف صاحب (جامع المقاصد) المتقدم في ص 330. حيث قال: (إن حقيقة الغيبة أن تقول في أخيك ما يكرهه مما هو فيه)، فان منشأ ذكر الانسان بكلام يسوؤه لا يخلو من أحد الأمرين:

إما اظهار عيبه المستور من دون قصد الانتقاص

أو اظهار عيبه غير المستور بقصد الانتقاص.

و هذا على قسمين: إما بقصد التكلم بالسوء.

ص: 335

إما (1) باظهار عيبه المستور و ان لم يقصد انتقاصه.

و إما (2) بانتقاصه بعيب غير مستور إما بقصد التكلم، أو بكون الكلام بنفسه منقصا له كما اذا اتصف الشخص بالألقاب المشعرة بالذم.

نعم (3) لو ارجعت الكراهة الى الوصف الذي يسند الى الانسان تعين إرادة كراهة ظهورها فيختص بالقسم الأول: و هو ما كان اظهارا لأمر مستور.

++++++++++

- و إما كون الكلام الذي يقال في حق الرجل بنفسه منقصا كاتصاف الشخص بالألقاب المشعرة بالذم مثل الأعور و الأحول و الأعضب.

هذا ما أفاده صاحب (جامع المقاصد) حول تعريف الغيبة و هو مطابق لما ورد فيها من الأخبار، و كلمات الأصحاب، و لا يرد عليه ما ورد على تعريف الآخرين، و لا سيما ما أفاده شيخنا (الشهيد الثاني) من خروج ذكر الشخص بصفات ظاهرة: عن التعريف.

ثم لا يخفى عليك أن أحد الأمرين الذي كان منشأ لذكر الانسان بالسوء مبني على ارجاع الكراهة الواردة في الأحاديث الشريفة التي اشير إليها في ص 329، و كلمات الأصحاب التي اشير إليها في ص 330:

الى الكراهة في الكلام، أي يذكره بكلام يكره المغتاب بالفتح التكلم فيه بذلك الكلام، لا ارجاع الكراهة الى الوصف الذي في الشخص.

(1) هذا هو المنشأ الأول للغيبة الذي عرفته في ص 335.

(2) هذا هو المنشأ الثاني للغيبة الذي عرفته في ص 335.

(3) استدراك عما أفاده: من أن منشأ ذكر الانسان بالسوء أحد الأمرين، بناء على ارجاع الكراهة الى الكلام.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو ارجعنا الكراهة الواردة في الأحاديث المشار إليها في ص 329، و كلمات الأصحاب المشار إليها في ص 330: -

ص: 336

و يؤيد هذا الاحتمال (1)، بل يعينه الأخبار المستفيضة الدالة على اعتبار كون المقول مستورا غير منكشف مثل قوله عليه السلام فيما رواه العياشي بسنده عن ابن سنان: الغيبة ان تقول في اخيك: ما فيه مما قد ستره اللّه عليه (2).

و رواية داود بن سرحان المروية في الكافي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الغيبة.

قال: هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل، و تبثّ عليه أمر قد ستره اللّه تعالى عليه لم يقم عليه فيه حد (3).

++++++++++

- الى الوصف الموجود في الشخص الذي يسند إليه: تعين إرادة كراهة ظهور تلك الصفة فحينئذ يختص ذكر الانسان بكلام يسوؤه: بالقسم الأول و هو اظهار العيب المستور، أي يكون المنشأ لذكر الانسان بالسوء هو اظهار عيب مستور كأن يقال في حق الشخص: انه سارق، انه زان انه كاذب.

(1) و هو حمل الكراهة الواردة في الأحاديث المشهورة و في كلمات الأصحاب على الكراهة في الوصف الموجود في الشخص: الأخبار المستفيضة الدالة على اعتبار كون المقول مستورا غير منكشف.

و ستأتي الاشارة الى هذه الأخبار.

(2) هذه أحدى الروايات الدالة على أن المراد من الكراهة الواردة في الأخبار، و كلمات الأصحاب: الكراهة في الوصف ببيان أن المستور هي الصفة، لا الكلام فيكره المغتاب بالفتح ذكر صفته المستورة و اظهارها.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 602. الباب 152 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 22.

(3) هذه ثانية الروايات المستفيضة الدالة على أن المراد من الكراهة الواردة في الأخبار، و كلمات الأصحاب: الى الوصف، لا الى الكلام ببيان ما تقدم في الرواية الاولى.

ص: 337

و رواية أبان (1) عن رجل لا يعلمه إلا يحيى الازرق قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه.

و من ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه (2) الناس فقد اغتابه.

و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته (3).

و حسنة (4) عبد الرحمن بن سيابة بابن هاشم قال: قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الغيبة ما تقول في أخيك: ما ستره اللّه عليه.

++++++++++

- راجع (الكافي). الجزء 2. الطبعة الثانية عام 1381. ص 357 الحديث 3.

(1) المراد منه أبان بن عثمان كما أفاده صاحب (جامع الرواة) في الجزء 2. ص 325 أي أبان قد سمّى اسم الرجل، و لا يعرفه إلا يحيى الأزرق.

هذه ثالثة الروايات المستفيضة الدالة على أن المراد بالكراهة الواردة في الأخبار، و في كلمات الأصحاب: هي الكراهة في الوصف ببيان ما تقدم في الرواية الاولى.

راجع نفس المصدر. ص 358. الحديث 6.

و في المصدر: لا نعلمه بصيغة المتكلم.

(2) المراد منه العيب المستور المخفي، و هذا محل استشهاد الشيخ على ما ذكره من التأييد في رجوع الكراهة الواردة في الاخبار، و في كلمات الاصحاب: الى الوصف.

(3) البهتان أن تقول في حق الغير ما ليس فيه و يقال له: الافتراء.

(4) هذه رابعة الروايات المستفيضة الدالة على أن المراد بالكراهة -

ص: 338

و أما الامر الظاهر فيه مثل الحدة (1) و العجلة فلا (2).

و البهتان أن تقول فيه: ما ليس فيه.

و هذه الاخبار (3) كما ترى صريحة في اعتبار كون الشيء غير منكشف

و يؤيد ذلك (4) ما في الصحاح: من أن الغيبة أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه، فان كان صدقا سمي غيبة، و ان كان كذبا سمي بهتانا.

++++++++++

- الواردة في الأخبار، و في كلمات الاصحاب: هي الكراهة في الوصف ببيان ما تقدم في الرواية الاولى.

راجع نفس المصدر. ص 358. الحديث 7.

(1) بكسر الحاء صفة تعتري الانسان من الغضب و النزق.

و العجلة بفتح العين و الجيم و اللام هي السرعة.

هذه هي الروايات المستفيضة التي ذكرها الشيخ في أن المراد من الكراهة الكراهة في الوصف، حيث ان غير المنكشف هو المستور.

(2) أي لا يكون ذكر مثل الحدة و العجلة غيبة، لانهما غير مستورين بل هما ظاهران على الانسان. و قد عرفت أنه قد أخذ في مفهوم الغيبة الستر و الخفاء.

(3) و هي المستفيضة التي أشار إليها الشيخ بقوله: مثل قوله عليه السلام فيما رواه العياشي، و رواية داود بن سرحان، و رواية أبان، و حسنة عبد الرحمن.

(4) أي و يؤيد كون الغيبة عبارة عن اظهار صفة مستورة: ما ذكره الجوهري في صحاحه عند تعريف الغيبة: من أن الغيبة.

ص: 339

فان أراد من المستور من حيث ذلك المقول (1) وافق الاخبار (2).

و ان أراد (3) مقابل المتجاهر احتمل الموافقة و المخالفة.

و الملخص من مجموع ما ورد في المقام أن الشيء المقول إن لم يكن

++++++++++

(1) أي من حيث ان هذه الصفة مستورة في المغتاب بالفتح، و لم يطلع عليها أحد.

(2) و هي الاخبار المشار إليها في ص 337-339 فيكون تعريف صاحب الصحاح الغيبة بقوله: الغيبة أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه: موافقا لهذه الاخبار، حيث ان الاخبار المذكورة تصرح بأن الغيبة أن تقول في حق أخيك ما فيه مما قد ستره اللّه فالاخبار و تعريف صاحب الصحاح متوافقان و متساويان، و ليس بينهما تنافر و تطارد لان معنى الغيبة عند صاحب الصحاح: كشف عيب، أو ذنب كان مستورا.

و هذا التعريف بعينه تعريف الأخبار المذكورة آنفا للغيبة فتكون النسبة بين التعريفين التساوي.

(3) أي و ان أراد (صاحب الصحاح) من المستور في تعريف الغيبة غير المتجاهر: و هو الذي يعمل القبائح و المحرمات تحت الخفاء و الستار و لا يرضى أن يطلع على أفعاله أحد في قبال المتجاهر الذي يفعل القبائح و المحرمات متجاهرا بها لا يبالي باطلاع الناس على أفعاله القبيحة: احتمل موافقة تعريف صاحب الصحاح الغيبة مع تعريفها في الاخبار المذكورة.

و احتمل مخالفة تعريفه لتعريف الاخبار الغيبة.

أما الموافقة فقد عرفتها و عرفت النسبة بين تعريفه الغيبة، و بين تعريف الاخبار الغيبة فيما اذا كان العيب الذي ذكر به مستورا عن أعين الناس.

و أما المخالفة فكما اذا كان العيب الذي ذكر به معلوما للناس، سواء علم المغتاب بذلك أم لا، ففي هذا الفرض يكون مخالفا.

ص: 340

نقصا فلا يكون ذكر الشخص حينئذ (1) غيبة و ان اعتقد المقول فيه كونه نقصا عليه.

نظير ما اذا نفي عنه الاجتهاد و ليس ممن يكون ذلك (2) نقصا في حقه إلا أنه معتقد باجتهاد نفسه.

نعم (3) قد يحرم هذا من وجه آخر.

و ان كان (4) نقصا شرعا أو عرفا بحسب حال المغتاب.

++++++++++

(1) اي حين أن يذكر الشخص بالشيء الذي لم يكن نقصا له و كلمة ان في قوله: و ان اعتقد وصلية.

(2) اي نفي الاجتهاد عن زيد لا يكون موجبا لنقصه حتى يعد غيبة و لا يخفى أن عدم كون نفي الاجتهاد غيبة اذا لم يكن المغتاب بالكسر في مقام التعريض بالمغتاب بالفتح بالبلادة و الغباوة، و اما اذا كان في هذا المقام فهو غيبة.

(3) استدراك عما أفاده من عدم نفي الاجتهاد عن زيد غيبة، لعدم كونه نقصا.

و خلاصة الاستدراك: أن النفي المذكور و ان لم يكن حراما من هذه الناحية، لكنه حرام من جهة اخرى و هو الإيذاء، حيث إن من ينفى عنه الاجتهاد يتأذى بالطبع اذا سمع.

و قد ثبت في الاخبار متواترا حرمة ايذاء المؤمن.

(4) هذا هو الشق الثاني للمقول في حق الشخص، إذ شقه الأول عدم كون المقول نقصا في حق المغتاب بالفتح.

و خلاصة ما يقصده الشيخ أن هذا المقول المشتمل على النقص الشرعي أو العرفي الذي يراه العرف نقصا بالنسبة الى شخص، و لا يراه نقصا بالنسبة الى شخص آخر كما اذا ذهب شخص عادي الى وليمة و لم يكن

ص: 341

فان كان (1) مخفيا للسامع بحيث يستنكف عن ظهوره للناس و أراد القائل تنقيص المغتاب به فهو المتيقن من أفراد الغيبة (2).

و ان لم يرد القائل التنقيص فالظاهر حرمته، لكونه كشفا لعورة المؤمن و قد تقدم الخبر في ص 318: من مشى في غيبة أخيه و كشف عورته.

و في صحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت:

عورة (3) المؤمن على المؤمن حرام.

++++++++++

- مدعوا فانه اذا ذكره العرف و وصفه بهذه الصفة لم يكن غيبة، لانه لا يراه نقصا له.

بخلاف ما اذا كان الشخص من الوزن الثقيل فانه لو وصف بذلك يكون غيبة، لانه يراه نقصا فيه.

ثم ان هذا النقص الشرعي، أو العرفي ان كان مخفيا بحيث يستنكف المغتاب بالفتح من ذكره و اظهاره فلا يخلو من أحد أمرين:

إما أن يكون المغتاب بالكسر في مقام التنقيص و المذمة فهذا هو الفرد المتيقن و المسلم من أفراد الغيبة و من صغريات تلك الكبرى الكلية التي حرمتها ثابتة، لانها مشتملة على جهتين: و هما كشف الستر. و كون القائل في مقام التنقيص.

و إما أن لا يكون في مقام التنقيص فهذا أيضا حرام، لكون القائل في مقام كشف ما كان مخفيا و مستورا و ان لم يكن في مقام التنقيص.

و قد عرفت أن الغيبة هو كشف ما كان مستورا كما في الخبر المتقدم في ص 337-339.

(1) أي المقول المشتمل على النقص الشرعي، أو العرفي كما عرفت.

(2) لكونه مشتملا على القيدين المذكورين كما عرفت آنفا.

(3) جملة عورة المؤمن على المؤمن حرام من كلام الراوي في مقام -

ص: 342

قال: نعم قلت: تعني سفلتيه؟

قال: ليس حيث تذهب انما هي (1) اذاعة سره (2).

و في رواية محمد بن فضل عن أبي الحسن عليه السلام: و لا تذيعن عليه شيئا تشينه (3) به، و تهدم به مروته فتكون من الذين قال اللّه عز و جل في كتابه: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ (4).

و لا يقيد (5) اطلاق النهي بصورة قصد الشين

++++++++++

- السؤال، و ليست من كلام (الامام عليه السلام).

و جملة: قال نعم قول الامام عليه السلام.

(1) أي العورة المرادة هنا هي اذاعة سر المؤمن الذي كان مخفيا على الناس.

(2) (اصول الكافي). الطبعة الجديدة عام 1381. الجزء 2.

ص 358. الحديث 2.

(3) من شان يشين شينا وزان باع يبيع بيعا فهو ناقص يائي أصله شين اعلّ فيه اعلال باع من قلب الياء الفا. بناء على القاعدة المذكورة في العرف معناه: ضد الزينة و هو العيب، يقال: شان زيد فلانا اي عابه و قال فيه نقصا.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 609. الباب 157 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 4.

(5) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن قوله عليه السلام: و لا تذيعن عليه شيئا تشينه به مطلق، أي سواء قصد المغتاب بالكسر الشين -

ص: 343

و الهدم من (1) جهة الاستشهاد بآية حب شياع الفاحشة.

بل (2) الظاهر أن المراد مجرد فعل ما يوجب شياعها، مع (3) أنه لا فائدة كثيرة في التنبيه على دخول القاصد لاشاعة الفاحشة في عموم

++++++++++

- و الهدم في حق المغتاب بالفتح أم لا فيقيد هذا الاطلاق: بصورة قصد المغتاب بالكسر الشين و الهدم.

و الدليل على هذا القيد استشهاد الامام عليه السلام بآية إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ ، حيث إن الحب المستفاد من كلمة يحبون لا يكون إلا مع القصد.

اذا فالحديث لا يدل على حرمة الغيبة مطلقا، سواء قصد المغتاب الشين أم لا كما هو المدعى، بل يدل على قصد الشين فقط.

(1) كلمة من بيانية هنا بيان لقوله: بصورة قصد الشين، اي تقييد الاطلاق المذكور بصورة قصد الشين مستفاد من استشهاد الامام عليه السلام بالآية الكريمة المشتملة على كلمة يحبون.

و قد عرفت كيفية ذلك آنفا.

(2) هذا دفع الوهم.

و حاصل الدفع: أن المراد من الحب في الآية الكريمة مجرد فعل ما يوجب شياعها: سواء قصد الشين أم لم يقصد فعليه يبقى الحديث على اطلاقه فلا يقيد فيدل على حرمة الغيبة مطلقا كما هو المدعى.

و لا يخفى أن الظاهر خلاف ما أفاده الشيخ، حيث إن الحب ملازم القصد ان لم يكن نصا فيه، فيكون قوله عليه السلام: و لا تذيعن مطلقا فيقيد بصورة قصد الشين بموجب استشهاد الامام عليه السلام فلا يدل الحديث على حرمة مطلق الغيبة.

(3) هذا ترق من الشيخ عما افاده: من أن الظاهر من الحب الوارد -

ص: 344

الآية، و انما يحسن التنبيه على أن قاصد السبب قاصد للمسبب و ان لم يقصده بعنوانه.

و كيف كان (1) فلا اشكال من حيث النقل و مع الفعل في حرمته اذاعة ما يوجب مهانة المؤمن، و سقوطه عن أعين الناس في الجملة.

++++++++++

- في الآية الكريمة: هو مجرد فعل ما يوجب إشاعة الفاحشة، سواء أ كان هناك قصد أم لا.

و خلاصة الترقي أنه بعد الغض عن ذلك فلا فائدة كثيرة في التنبيه على دخول قاصد الشين في الآية، لأن قاصد الشين غير محتاج للتنبيه عليه في الدخول فهو داخل فيها على كل حال.

بل المستحسن هو التنبيه على أن قاصد السبب و هو الكلام الموجب للإهانة، سواء أ كان هناك قصد أم لا: قاصد للمسبب و هي نفس الإهانة و الانتقاص و إن لم يقصد نفس المسبب بعنوانه أم لا؟.

(1) خلاصة ما يقصده الشيخ من قوله: و كيف كان الى قوله:

مع عدم قصد القائل المذمة و الانتقاص: أنه سواء قلنا: إن قصد السبب يوجب قصد المسبب أم لا فلا اشكال في حرمة اذاعة أي شيء يوجب اهانة المؤمن، و سقوطه عن أعين الناس نقلا و عقلا.

أما النقل فمن الكتاب العزيز قوله تعالى المشار إليه في ص 343.

و من الأخبار ما تقدم في صدر المبحث في ص 318-320 و منها قول (الامام الباقر) عليه السلام) عن علي صلوات اللّه و سلامه عليه:

إنه قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه، أو سمعت اذناه مما يشينه أو يهدم مروته فهو من الذين قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا .

و إنما الاشكال في كون مثل هذه الإذاعة هل تعد غيبة أم لا؟ -

ص: 345

و انما الكلام في أنها (1) غيبة أم لا.

مقتضى الأخبار المتقدمة (2) بأسرها ذلك (3)، خصوصا المستفيضة

++++++++++

- فظاهر الأخبار المتقدمة بأسرها من المستفيضة و غيرها أن مثل هذه الإذاعة غيبة، و لا سيما المستفيضة الأخيرة و هي حسنة عبد الرحمن بن سيابة الدالة على التفصيل بين العيب الجلى و الخفي في قوله عليه السلام في ص 338:

الغيبة أن تقول في اخيك ما ستره اللّه عليه.

و أما الأمر الظاهر فيه مثل الحدة و العجلة فلا.

فهذا التفصيل صريح في أن اذاعة أي شيء من المؤمن يكون مستورا قد ستره اللّه عليه غيبة.

هذا اذا لم يكن من قصد القائل المذمة و الانتقاص.

و أما اذا قصد ذلك فلا فرق في الحرمة بين العيب الخفي و الجلي فكلاهما متساويان في الحرمة.

و كلمة اذاعة مصدر اذاع يذيع من باب الافعال.

اصله أذيع يذيع إذياعا وزان اكرم يكرم اكراما قلبت ياؤه الفا طبقا للقاعدة المعروفة معناه: البث و النشر، يقال: اذاع الشيء اي بثّه و نشره.

و الإذاعة هنا اعم من الكلام، و الاشارة و الكتابة.

و أما في عصرنا الحاضر فقد كثرت طرق الإذاعة فمنها: الصحف و المجلات و المطابع و المذياع و الأقمار الصناعية، حيث إنها تذيع الأخبار و الحوادث الواقعة و التي تقع و تبثها.

(1) مرجع الضمير اذاعة سر المؤمن و قد عرفت ذلك.

(2) و هي التي أشرنا إليها في ص 337-339.

(3) أي أن اذاعة مثل هذا السر غيبة و قد عرفت ذلك آنفا.

ص: 346

الأخيرة، فان (1) التفصيل فيها بين الظاهر و الخفي انما يكون مع عدم قصد القائل المذمة و الانتقاص.

و أما مع قصده (2) فلا فرق بينهما في الحرمة.

و المنفي (3) في تلك الاخبار

++++++++++

(1) تعليل لكون مثل اذاعة مثل هذا السر غيبة.

و قد عرفت التفصيل في ص 338-339.

(2) أي و أما مع قصد الانتقاص فلا فرق بين العيب الجلي و الخفي من حيث الحرمة، لأنه كما لا يجوز للمكلف إهانة المؤمن بالعيب الخفي بقصد الانتقاص.

كذلك لا يجوز اهانته بالعيب الجلى بقصد الانتقاص أيضا، كما عرفت عند قولنا: فظاهر الأخبار المتقدمة بأسرها من المستفيضة و غيرها.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن الأخبار المتقدمة بأسرها و لا سيما المستفيضة في مقام اثبات تحقق موضوع الغيبة في إظهار العيب الخفي المستور، و عدم تحقق موضوعها في اظهار العيب الجلي الظاهر، و ليست في مقام اثبات الحكم و هي الحرمة للأول، و عدم الحرمة للثاني كما هو الواضح لمن لاحظ تلك الأخبار كلها التي منها قوله عليه السلام في ص 337: الغيبة أن تقول في أخيك ما فيه مما قد ستره اللّه عليه.

و منها قوله عليه السلام في ص 338: الغيبة أن تقول في اخيك:

ما ستره اللّه عليه، و أما الأمر الظاهر فيه مثل الحدة و العجلة فلا.

فمجموع هذه الأخبار لمن لاحظها و تدبرها يعطيه درسا كاملا من أن المحور فيها هو بيان تحقق موضوع الغيبة ليس إلا، و لا تكون متعرضة لاثبات الحرمة في العيب الخفي، و نفيها عن العيب الجلي، فالتفصيل -

ص: 347

و ان كان تحقق (1) موضوع الغيبة دون الحكم بالحرمة، إلا (2) أن ظاهر سياقها نفي الحرمة فيما عداها أيضا.

لكن (3) مقتضى ظاهر التعريف المتقدم عن كشف الريبة عدمه

++++++++++

- المذكور في المستفيضة الأخيرة لا يشمل ما ذكره المصنف في قوله: إنما يكون مع عدم قصد القائل المذمة و الانتقاص، و أما مع قصده فلا فرق بينهما في الحرمة.

(1) بنصب هذه الكلمة، بناء على أنها خبر لكان في قوله:

و ان كان، و اسم كان مستتر يرجع الى المنفي في قوله: و المنفي أي و ان كان المنفي في تلك الأخبار المشار إليها في ص 337-338 تحقق موضوع الغيبة كما فسرناه لك في الهامش 3 ص 347 آنفا.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

حاصل الجواب: أن المنفي في تلك الأخبار المذكورة و ان كان ذلك.

لكن ظاهر سياقها نفي الحرمة عما عدا الغيبة أيضا: و هو اظهار العيب الجلي الذي لم يقصد به الانتقاص و المذمة.

(3) استدراك عما افاده الشيخ: من أن مقتضى الأخبار المتقدمة و المستفيضة أن الغيبة ما اوجبت الكشف عن عيب مستور، سواء أ كان بقصد الانتقاص أم لا فمن هذه الجهة مطلقة فإذاعة سر المؤمن يكون غيبة.

و خلاصة الاستدراك أن تعريف (الشهيد الثاني) الغيبة في (كشف الريبة) يختلف عن تعريف الأخبار المستفيضة الغيبة فبين التعريفين عموم و خصوص من وجه لهما مادة اجتماع و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع كما في كشف العيب المخفي بقصد الانتقاص فإن هذا الفرد غيبة بمقتضى تعريف الشهيد الثاني الغيبة في كشف الريبة و بمقتضى الأخبار المستفيضة.

ص: 348

لانه اعتبر قصد الانتقاص و الذم، إلا (1) أن يراد اعتبار ذلك فيما يقع

++++++++++

- و أما مادة الافتراق من جانب تعريف الشهيد بحيث تصدق الغيبة و لا تصدق بمقتضى ظاهر المستفيضة كما في ذكر العيب الظاهر بقصد الانتقاص فإن تعريف الشهيد الغيبة يصدق هنا و اما على تعريف الأخبار لها فلا يصدق كما عرفت في المستفيضة و ان كان هذا الفرد حراما أيضا بمقتضى الأخبار إلا ان الحرمة ليست من باب الغيبة، بل من باب الايذاء.

و أما مادة الافتراق من جانب تعريف الأخبار المستفيضة بحيث تصدق الغيبة بمقتضاها، و لا تصدق بمقتضى تعريف (الشهيد الثاني) كما في كشف العيب المستور بغير قصد الانتقاص فالأخبار صادقة هنا، أما تعريف الشهيد فلا.

(1) استثناء عن الاستدراك المذكور.

و خلاصته بعد أن قال الشيخ: إن بين تعريف الشهيد و الأخبار خلافا لا يكن الجمع بينهما افاد أنه يمكن الجمع بين التعريفين اذا أريد من الانتقاص الواقع في تعريف الشهيد الانتقاص في صفات لها اعتباران كما في البذل الزائد البالغ درجة الاسراف و الاعتدال، فإنه يصدق عليه المدح، لكونه صفة كرم، و يصدق عليه الذم، لكونه خرج عن حد الاعتدال و دخل في التبذير و الإسراف.

و كذا من يبالغ في الإقدام على العدو في القتال في ساحة الحرب فإن هذه الصفة بما أنها صفة شجاعة ممدوحة.

و بما أنها خارجة عن حد الاعتدال، و داخلة في التهور مذمومة.

فما نحن فيه و هي الغيبة ليست من الصفات الواجدة لاعتبارين يمكن جمع التعريفين بهما فيه.

ص: 349

على وجهين، دون ما لا يقع إلا على وجه واحد (1)، فان (2) قصد ما لا ينفك عن الانتقاص قصد له.

و ان كان (3) المقول نقصا ظاهرا للسامع، فان لم يقصد القائل الذم

++++++++++

(1) كما فيما نحن فيه الذي وصفناه لك آنفا، و كما في وصف الشخص بأنه ظالم أو عادل، فإنه لا يمكن الجمع في الشخص بين الوصفين، لأنه في حين كونه ظالما لا يكون عادلا، و في حين كونه عادلا لا يكون ظالما.

(2) تعليل لوقوع الوصف على جهة واحدة كالظلم أو العدل مثلا اي قصد ما لا ينفك عن الانتقاص قصد للانتقاص فهو ملازم له.

و قد تقدم في ص 345 عن الشيخ نظير ذلك آنفا من أن قصد السبب قصد للمسبب

(3) الواو استئنافية.

هذا هو الشق الثاني للنقص الشرعي، أو العرفي، اذ شقه الأول هو كون المقول مخفيا على السامع، و قد سبق هذا في ص 341 عند قوله:

و ان كان نقصا شرعا، أو عرفا بحسب حال المغتاب فإن كان مخفيا أي ان كان الكلام المقول في حق المغتاب بالفتح ظاهرا و مما يعلمه السامع كما اذا كان المغتاب بالفتح ناقص الخلقة كالأحول و الابكم و التمتام: فالظاهر أن هذا الفرد خارج عن الغيبة، لأن السامع عالم بالصفة: لكونها ظاهرة و القائل ليس في مقام التنقيص، و الوصف ليس من الصفات المشعرة بالذم كما في بعض الألقاب، حيث إنها مشعرة بالذم فلا يحصل هنا كراهة للمقول فيه لا من حيث الإظهار، و لا من حيث ذم المتكلم.

أما عدم كراهته من حيث الإظهار فلأنه لم يكن هناك شيء مخفي اظهره القائل حتى يكون غيبة له، بل كان ظاهرا و لم يكن مشعرا بالذم.

و أما عدم كراهته من حيث ذم المتكلم فلأن المتكلم ليس في مقام الذم و الانتقاص اصلا كما عرفت.

ص: 350

و لم يكن الوصف من الاوصاف المشعرة بالذم نظير الالقاب المشعرة به فالظاهر أنه خارج عن الغيبة، لعدم حصول كراهة للمقول فيه، لا من حيث الإظهار، و لا من حيث ذم المتكلم، و لا من حيث الإشعار.

و ان كان (1) من الأوصاف المشعرة بالذم، أو قصد المتكلم التعبير و المذمة لوجوده: فلا اشكال في حرمة الثاني (2).

بل و كذا الاول (3)، لعموم ما دل على حرمة إيذاء المؤمن و اهانته (4)، و حرمة (5) التنابز بالالقاب،

++++++++++

- و أما عدم كراهته من حيث إشعار الوصف بالذم. فلأن المفروض أن ما قاله ليس من الأوصاف المشعرة بالذم.

(1) الواو استئنافية و اسم كان مستتر يرجع الى الكلام المقول أي إن كان الكلام المقول الذي كان نقصا شرعا أو عرفا من الأوصاف المشعرة بالذم، أو قصد المتكلم التعيير و المذمة بهذا الكلام المقول و ان لم يكن الوصف مشعرا بالذم.

(2) و هو قصد المتكلم التعيير و المذمة و ان لم يكن الوصف مشعرا بالذم.

(3) و هو عدم قصد المتكلم بالوصف التعيير و المذمة، لأن الوصف مشعر بالمذمة، و ان لم يقصد القائل ذلك، لكثرة ورود الأخبار بعدم جواز ذلك.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 587. الأخبار.

أليك الحديث الأول.

عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

قال اللّه عز و جل: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن، و ليأمن غضبي من اكرم عبدي المؤمن الى آخر الحديث.

(5) بالجر عطفا على مدخول (اللام الجارة) في قوله: لعموم -

ص: 351

و حرمة (1) تعيير المؤمن على صدور معصية منه، فضلا عن غيرها.

ففي عدة من الاخبار من عيّر مؤمنا على معصية لم يمت حتى يرتكبه (2).

و انما الكلام في كونهما (3) من الغيبة، فان ظاهر المستفيضة المتقدمة

++++++++++

- أي و لعموم حرمة التنابز بالألقاب في قوله عز من قائل:

يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ. وَ لاٰ نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ عَسىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ.

وَ لاٰ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لاٰ تَنٰابَزُوا بِالْأَلْقٰابِ بِئْسَ اَلاِسْمُ اَلْفُسُوقُ (1) .

(1) بالجر عطفا على مدخول (اللام الجارة) في قوله: لعموم أي و لعموم أدلة حرمة تعيير المؤمن اذا صدرت منه معصية فضلا عن غير المعصية، أي فكيف اذا لم يصدر عنه المعصية، فإنه بطريق أولى لا يجوز تعييره.

(2) هذه احدى الروايات الدالة على حرمة تعيير المؤمن.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 596. الباب 151. الحديث 1.

(3) أي لا كلام في أن الموردين: و هما كون المقول من الأوصاف المشعرة بالذم، و القائل ليس في مقام الذم.

و كون المتكلم قاصدا التعيير و الذم، و الوصف المذكور ليس مشعرا بالذم: من المحرمات، لشمول الحرمة لهما.

لكن الكلام في أن حرمتهما من باب الغيبة، أو من باب آخر.

ظاهر الأخبار المستفيضة المذكورة في ص 337-339 أن الموردين خارجان عن الغيبة موضوعا.

و ظاهر بقية الأخبار الواردة في المقام غير المستفيضة المشار إليها في ص 329-331 أنهما من الغيبة.1.

ص: 352


1- الحجرات: الآية 11.

عدم كونهما منها (1).

و ظاهر ما عداها من الأخبار المتقدمة بناء على ارجاع الكراهة فيها (2) الى كراهة الكلام الذي يذكر به الغير، و كذلك كلام أهل اللغة عدا الصحاح على بعض احتمالاته (3): كونهما (4) غيبة.

++++++++++

(1) مرجع الضمير في منها: الغيبة كما علمت.

(2) اي في الأخبار المتقدمة.

(3) في قوله في ص 339: إن الغيبة أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه، فتعريفه هذا ذو احتمالين.

(الأول): أن يراد من المستور: من كان غير متجاهر بالذنب و المعصية.

(الثاني): أن يراد من المستور: مستور العيب.

فعلى الاحتمال الثاني لا يدخل توصيف الانسان بوصف مشعر بالذم و القائل ليس في مقام الذم: في الغيبة.

و كذلك لا يدخل توصيف الانسان بوصف ليس مشعرا بالذم و ان كان المتكلم قاصدا للذم: في الغيبة و مفهومها.

و أما على الاحتمال الاول و هو أن يراد من المستور من كان غير متجاهر بالذنب: يدخل القسمان في الغيبة، لأن التكلم خلف غير المتجاهر بمقتضى هذا التعريف غيبة و ان كان الذنب معروفا مكشوفا فيكون هذا التعريف مطابقا للاخبار المتقدمة.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و ظاهر ما عداها.

ص: 353

و العمل بالمستفيضة لا يخلو عن قوة (1)، و ان كان ظاهر الاكثر خلافه (2) فيكون (3) ذكر الشخص بالعيوب الظاهرة التي لا يفيد السامع اطلاعا لم يعلمه، و لا يعلمه عادة من غير خبر مخبر: ليس غيبة (4)

++++++++++

(1) لعل وجه القوة: مساعدة العرف على ذلك، لأن الأخبار المستفيضة يشد بعضها بعضا، و لضعف الأخبار المتقدمة الدالة بإطلاقها على دخول كلا الشقين من العيب الجلي و الخفي بأقسامهما: في الغيبة.

و لا يخفى أن الأخبار المطلقة التي أشرنا إليها الدالة على كون العيب الخفي و الجلي من الغيبة يجب أن تقيد بهذه المجموعة المستفيضة التي اسنادها معتبرة.

(2) أي و ان كان ظاهر كلمات فقهاء الامامية مخالفا لما ذهبنا إليه:

من قوة العمل بالمستفيضة الدالة على عدم كون ذكر الانسان بالصفة المشعرة بالذم، أو قصد المتكلم التعيير و الذم من الغيبة، فانهم يقولون بكونهما من الغيبة.

(3) الفاء تفريع و نتيجة للعمل بالمستفيضة.

و خلاصة النتيجة: أنه اذا ذكر الانسان بصفات ظاهرة و معلومة للسامع بحيث لا يفيده إخبار القائل، و لا يزيده على معلوماته شيئا لا في الماضي و لا في المستقبل: لا يكون غيبة، لأن الغيبة كما عرفت اظهار شيء مستور و مخفي، و لا يكون أيضا حراما من هذه الناحية.

نعم يمكن اثبات الحرمة من ناحية التعيير و المذمة، أو من جهة استنكاف المغتاب بالفتح عن هذا الذكر كما اذا قيل لعالم ديني: إنه شاعر حيث يستنكف من انتسابه الى هذا الوصف. كما عرفتها في الأخبار المشار إليها في ص 329-330.

(4) جملة ليس غيبة منصوبة محلا خبر لاسم كان في قوله: فيكون

ص: 354

فلا يحرم (1) إلا اذا ثبتت الحرمة من حيث المذمة و التعيير، أو من جهة (2) كون نفس الاتصاف بتلك الصفة مما يستنكفه المغتاب و لو باعتبار بعض التعبيرات (3) فيحرم من جهة الايذاء و الاستخفاف و الذم و التعيير.

ثم الظاهر المصرح به في بعض الروايات عدم الفرق في ذلك (4) على ما صرح به غير واحد: بين ما كان نقصانا في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه، أو داره أو دابته أو غير ذلك.

و قد روي عن مولانا الصادق عليه السلام الاشارة الى ذلك (5)

++++++++++

(1) أي هذا النوع من الذكر بصفات ظاهرة كما عرفت آنفا.

(2) هذا وجه ثان لحرمة هذا النوع من الذكر كما عرفت آنفا.

(3) كما مثلنا لك بقولنا للعالم الديني: انه شاعر.

و لا يخفى عدم تمامية هذا في الحرمة، لأن الكلام في الصفة المشهورة عند الناس و صفة الشاعرية، أو غيرها اذا كانت مشهورة و معلومة عندهم و ذكروها فما ذنبهم حتى يعد حرمة فليتركها هو حتى لا يوصف بها.

(4) أي يستفاد من صراحة بعض الأخبار الواردة في الغيبة أنه لا فرق في حرمة التعيير و الاستخفاف في العيب الخفي: بين أن يكون التعيير في خلقة المغتاب بالفتح أو في دينه، أو في داره، أو في أي شيء يتعلق به.

و كذا لا فرق في عدم الحرمة في العيب الجلي سواء أ كان في بدنه أم في ثوبه أم في مركوبه أم في داره.

راجع (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 75. ص 257 الحديث 48.

(5) أي الى عدم الفرق في حرمة التعيير.

ص: 355

بقوله: وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق (1) و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه (2).

قيل (3): أما البدن فكذكرك فيه العمش و الحول و العور (4) و القرع (5) و القصر و الطول و السواد و الصفرة، و جميع ما يتصور أن يوصف به مما يكرهه (6).

و أما النسب فبأن تقول: أبوه فاسق أو خبيث أو خسيس أو اسكاف (7)

++++++++++

(1) يجوز بفتح الخاء و سكون اللام و هي الخلقة.

و يجوز بضم الخاء و اللام و هو النعت كما جاء بهذين في الحديث المشار إليه في ص 356.

(2) المصدر السابق.

(3) أي قيل: يكون ذكر الانسان تارة بعيوبه المتعلقة في بدنه كما مثل لها (المصنف).

(4) هذه الصفات الثلاث من متعلقات العين الطارئة عليها.

(فالأول): ضعف في البصر مع سيلان الدمع.

(الثاني): انحراف احدى الحدقتين، أو كلتيهما عن وضعهما الطبيعي (الثالث): و هو الانسان ذو عين واحدة.

(5) و هو مرض يصيب الرأس فيوجب سقوط شعره و هو يختلف كثرة و قلة بحسب البلدان التي يعيش فيها الانسان من حيث الماء، فإن منشأ هذا المرض من مياه المدينة فكلما اشتد المرض أصاب الرأس أكثر.

(6) كأن يقال: انه بدين، أو هزيل، أو ذو ستة أصابع، و غير ذلك من الأوصاف العارضة في البدن.

(7) بكسر الهمزة و سكون السين صانع الحذاء.

ص: 356

أو حائك، أو نحو ذلك (1) مما يكره.

و أما الخلق (2) فبأن تقول: انه سيئ الخلق بخيل مراء (3) متكبر، شديد الغضب، جبان ضعيف القلب (4) و نحو ذلك (5).

و أما (6) في أفعاله المتعلقة بالدين فكقولك: انه سارق كذاب شارب خائن ظالم متهاون بالصلاة، لا يحسن الركوع و السجود، و لا يجتنب

++++++++++

(1) كأن يقال: إنه ختان حلاق دلال.

(2) أي و قيل: يكون ذكر الانسان تارة بعيوبه المتعلقة بخلقه.

(3) يحتمل أن يكون بفتح الميم و تشديد الراء وزان فعال من صيغ المبالغة من مارى يماري مماراة من باب المفاعلة معناه كثرة الجدال و النزاع يقال: مارى فلانا أي جادله، و منه قوله تعالى: فَلاٰ تُمٰارِ فِيهِمْ إِلاّٰ مِرٰاءً ظٰاهِراً (1).

و يحتمل أن يكون اسم فاعل من راءى يرائي مراءاة من باب المفاعلة أيضا من الرياء و الدجل. معناه: إراءة الشخص نفسه على خلاف ما هو عليه.

(4) أي ضعيف الإرادة بمعنى أنه يحجم في مقام الاقدام، و يقدم في مقام الاحجام، لا أنه ضعيف القلب مبتلى بالخفقان.

و يطلق ضعيف القلب في لسان العامة: على من يكون جبانا.

(5) كأن يقال: إنه متهور.

(6) أي و قيل: يكون ذكر الانسان ثالثة بعيوبه المتعلقة بأفعاله الراجعة الى الدين كأن يقال: ان زيدا يؤخر صلاته عن وقت الفضيلة، أو يسرع في أفعالها حتى يتمها في أقرب الأوقات.3.

ص: 357


1- الكهف: الآية 23.

من النجاسات، ليس بارا بوالديه، لا يحرس نفسه من الغيبة، و التعرض (1) لأعراض الناس.

و أما أفعاله (2) المتعلقة بالدنيا فكقولك: انه قليل الأدب، متهاون بالناس (3)، لا يرى لاحد عليه حقا، كثير الكلام، كثير الأكل نؤم (4)، يجلس في غير موضعه (5)

و أما في ثوبه (6) فكقولك: انه واسع الكم (7)، طويل الذيل (8) وسخ الثياب (9)،

++++++++++

(1) بالجر عطفا على قوله: من الغيبة. و هو عطف تفسير، أي لا يحرس نفسه من التعرض لأعراض الناس فيدخل النقص في كرامتهم و صفاتهم الحميدة العزيزة عند أهلها.

(2) اي و قيل: يكون ذكر الانسان رابعة بعيوبه المتعلقة بأفعاله الدنيوية.

(3) اي لا يرى للناس منزلة و كرامة و قدرا.

(4) بضم النون و فتح الواو و الميم مع التاء وزان ضحكة كما في بعض النسخ.

أو بفتح النون و ضم الهمزة و سكون الواو وزان أكول فهو أيضا من صيغ المبالغة.

(5) بأن يقال في حق شخص: فلان مجلسه في الذيل و هو يجلس في صدر المجلس، أو هو يجلس مع الاشراف و هو وضيع.

(6) أي و قيل: يكون ذكر الانسان خامسة بعيوبه المتعلقة بملابسه الشخصية.

(7) كناية عن سعة ردنه كما في الملابس المخيطة في الأزمنة السابقة كان يلبسها الشخصيات البارزة و لا يزال عليها بعض الرجال.

(8) كناية عن طول الطرف الأسفل من ملابسه.

(9) من باب تقديم الصفة على الموصوف اي ثيابه وسخة قذرة.

ص: 358

و نحو ذلك (1).

ثم ان ظاهر النص (2) و ان كان منصرفا الى الذكر باللسان.

لكن المراد حقيقة الذكر فهو مقابل الاغفال (3) فكل ما يوجب التذكر للشخص من القول و الفعل و الاشارة و غيرها (4) فهو (5) ذكر له و من ذلك (6) المبالغة في تهجين المطلب الّذي ذكره بعض المصنفين بحيث يفهم منها الازراء بحال ذلك المصنف، فان قولك: ان هذا المطلب بديهي البطلان تعريض لصاحبه: بانه لا يعرف البديهيات.

++++++++++

(1) كأن يقال: إن فلانا يلبس لونا لا يناسب مقامه، أو نوعا من الملابس غير اللائقة بشأنه.

(2) أي ظاهر الذكر الوارد في النص المذكور في البحار عن مولانا الصادق عليه السلام في قوله: بذكر العيب و ان كان هو الذكر الخاص و هو الذكر باللسان، لانصراف الذكر إليه.

لكن المراد منه معناه الأعم و المطلق، سواء أ كان باللسان أم بالاشارة أم بالغمز أم بغيرها، و هذا المعنى الاعم هو حقيقة الذكر و ماهيته، لأن الذكر هو تذكير الانسان. فكل شيء يذكره في غيابه و هو يكرهه فهو غيبة له.

(3) بكسر الهمزة و سكون الغين من باب الافعال معناه: الترك يقال: اغفلته اغفالا اي تركته إهمالا من غير نسيان فالذكر في مقابل هذا.

(4) و هي الكتابة و الغمز.

(5) مرجع الضمير: فكل ما يوجب، أي كل ما يوجب هذه المذكورات يكون ذكرا للمغتاب.

(6) اي و مما يوجب الذكر للشخص المبالغة في التقبيح، و الإغابة للمطلب الذي ذكره بعض المصنفين في كتابه بحيث يسقطه عن الاعتبار -

ص: 359

بخلاف (1) ما اذا قيل: انه مستلزم لما هو بديهي البطلان، لأن فيه تعريضا بأن صاحبه لم ينتقل الى الملازمة بين المطلب، و بين ما هو بديهي البطلان.

و لعل الملازمة نظرية (2) و قد وقع من بعض الأعلام بالنسبة الى بعضهم: ما (3) لا بدّ له من الحمل،

++++++++++

- كما اذا استدل هذا البعض على مدعاه برواية، أو آية، أو برهان عقلي فجاء الآخر فنقضه ورد عليه و قبحه و عابه و بالغ في ذلك بحيث يوجب استهجان القائل، و إدخال النقص و العيب عليه و الإزراء بكسر الهمزة و سكون الزاء مصدر باب الإفعال من أزرى يزري إزراء معناه: إدخال العيب على الآخر أو الاستخفاف به يقال: أزرى بأخيه أي أدخل عليه عيبا.

(1) اي بخلاف ما اذا قيل: ان الاستدلال الذي ذكره ذلك المصنف مستلزم لما هو بديهي البطلان، فإن مثل هذه المقالة لا توجب غيبة ذلك المصنف، و لا الاستهانة به، لأن عدم الانتقال الى هذه الملازمة لا يوجب الاستهجان في حق القائل، و لا الازراء به.

(2) اي و لعل الملازمة بين المطلب، و بين ما هو بديهي البطلان نظرية كسبية تحتاج الى التأمل الدقيق و التفكر العميق.

و حيث إن القائل لم يتأمل و لم يتفكر في ذلك لم تكن مثل هذه المقالة في حقه غيبة.

(3) فاعل لقوله: و قد وقع اي صدر عن بعض الأعلام في حق بعضهم في استدلالاتهم العلمية في مقام الرد بعض الكلمات القبيحة بالنسبة الى من يخالفه، و صدور هذه الكلمات عن هؤلاء الأعلام قبيح جدا و بعيد للنهاية.

ص: 360

و التوجيه (1).

أعوذ باللّه من الغرور، و اعجاب المرء بنفسه، و حسده على غيره و الاستيكال بالعلم (2).

ثم ان دواعي (3) الغيبة كثيرة، روي عن مولانا الصادق عليه السلام التنبيه عليها اجمالا بقوله عليه السلام: أصل الغيبة تتنوع بعشرة أنواع شفاء (4) غيظ، و مساعدة (5) قوم،

++++++++++

(1) أما العلاج و التوجيه لمثل هذه العثرات، و الخلاص منها أحد الأمرين لا محالة:

(الأول): علم الراد على مخالفه برضائه بالحملات و الهجمات.

(الثاني): أن يكون القول المخالف مشتملا على مفسدة كبيرة لا تتدارك إلا بالطعن عليه حتى لا يكون قوله مغريا للآخرين.

(2) هذه الامور الخمسة هي الباعثة للتحامل على الآخرين و لا سيما الحسد.

و الاستيكال بكسر الهمزة و سكون السين مصدر باب الاستفعال من استوكل معناه الاتكال على علمه لا غير من دون أن يجعل لعلم الآخرين وزنا.

(3) اي الأسباب التي تحث الانسان على غيبة اخيه المؤمن امور عشرة نذكر كل واحد منها تحت رقمه الخاص و هو المنشأ و الأساس للغيبة.

(4) هذا هو المنشأ الاول لحث الانسان على غيبة اخيه المؤمن أي الداعي عليها هو تبرير غيظه و شفائه بسبب غيبته.

(5) هذا هو المنشأ الثاني لغيبة الانسان اخاه في غيابه.

و معنى المساعدة: أن الانسان عند ما يسمع جماعة من أصدقائه و رفاقه يستغيبون زيدا يساعدهم على ذلك بتصديقهم اياهم بقوله: نعم الامر كما تقولون، وجلا منهم، فإنه لو لم يصدقهم لأعرضوا عنه و هو يهتم بصداقتهم.

ص: 361

و تصديق (1) خبر بلا كشف، و تهمة (2)، و سوء ظن (3)، و حسد (4)

++++++++++

(1) هذا هو المنشأ الثالث للغيبة، اي الداعي على ذلك: هو تصديق السامع المخبر فيما يخبر من دون فحص و تجسس عن مدى صحة الخبر فيصدق القائل بمجرد الإخبار فيرتب عليه فينقل كلامه فتكون غيبة.

(2) هذا هو المنشأ الرابع لحث الانسان على غيبة اخيه.

و معنى التهمة أن يتخيل الشخص أن فلانا يرتكب القبيح، أو يتكلم في ضده فيأخذ في اغتيابه فيتكلم حوله بما شاء الى أن يشفي غيظه، و يريح لسانه.

(3) هذا هو المنشأ الخامس للغيبة اي الداعي على الغيبة سوء الظن بالغير كما اذا ظن زيد بشخص أنه يتعاطى بعض المعاصي فيأخذ في غيبته.

و لا يخفى الفرق بين التهمة و الظن، حيث إن الأول تخيل محض و الثاني فيه نوع رجحان في ذهن المغتاب بالكسر.

(4) هذا هو المنشأ السادس للغيبة اي الداعي على الغيبة الحسد و هو من أهم الدواعي و أساسها.

و يمكن أن يقال: انه العامل الوحيد و الأساسي لحث الانسان على غيبة أخيه و هو من الصفات العزيزة التي جبل الانسان عليها، و الذي لا يسلم منه كل احد إلا من عصمه اللّه عز و جل: من الأنبياء و المرسلين، و الأئمة الهداة المهديين صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين.

و هذه الصفة الرذيلة من أشد الأمراض النفسية و أخبثها و اردئها و أرذلها و أسوئها، و كفى في خبثها و رذالتها أنها تؤدي بصاحبها الى هوة النار بالإضافة الى الاذى و الآلام التي يتحملها و يتجرعها دوما، لأن الحاسد يتأذى عن كل نعمة يراها في غيره، سواء أ كان فاقدا لها أم واجدها.

و لذا ورد في الأخبار عن (أئمة اهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين في ذم هذه الصفة الخبيثة الرذيلة ما لا يحصى منها: -

ص: 362

و سخرية (1)، و تعجب (2)، و تبرّم (3)، و تزيّن (4) الى آخر الخبر (5).

++++++++++

- ان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب اعاذنا اللّه و اخواننا المؤمنين منه بحق محمد و آله سادة السادات.

(1) هذا هو المنشأ السابع للغيبة اي الداعي على الغيبة: الاستهزاء بالآخرين كأن يقال في حق شخص مستهزأ به: انه عالم فيلسوف، أو خبير مجرب، أو سياسي محنك.

(2) هذا هو المنشأ الثامن للغيبة اي الداعي على الغيبة: التعجب كأن يقال في حق شخص متعجبا منه: انه يشرب الخمر.

و في بعض نسخ المكاسب التعجيب بمصدر باب التفعيل و هو غلط لا معنى له هنا، بالإضافة الى عدم مطابقته مع المصدر الذي طبقنا عليه الحديث.

و العجب من بعض شراح المكاسب أفاد أن التعجيب بمعنى الاضحاك.

(3) هذا هو السبب التاسع للغيبة اي الداعي عليها: هو التبرم و معناه التضجر من الشيء و السأم منه يقال: تبرم من الشيء اي سأم منه و تضجر و هو مصدر باب التفعل من تبرم يتبرم فاذا سأم الانسان من شخص و تضجر منه يأخذ في غيبته.

(4) هذا هو السبب العاشر للغيبة اي الداعي عليها: هو التزين و معناه تنزيه الانسان نفسه عن العيوب و نسبتها الى غيره بقوله عند الآخرين:

الحمد للّه الذي لم يجعلنا من المتكبرين، أو من الظالمين، أو من الطامحين في الجاه و الرئاسة، و أمثال هذه و هو يتعرض للغير المعروف عند المخاطب.

(5) (بحار الانوار) الطبعة الجديدة. ص 65 الجزء 75 ص 257 نقلا عن (مصباح الشريعة).

و في المصدر بلا كشفه بدل بلا كشف.

ص: 363

ثم ان ذكر الشخص قد يتضح كونها غيبة و قد يخفى (1) على النفس لحب، أو بغض فيرى انه لم يغتب و قد وقع في اعظمها، و من ذلك (2) ان الانسان قد يغتم بسبب ما يبتلي به اخوه في الدين لأجل أمر (3) يرجع الى نقص في فعله، أو رأيه فيذكره المغتم في مقام التأسف عليه بما يكره (4) ظهوره للغير، مع أنه (5) كان يمكنه بيان حاله للغير على وجه لا يذكر اسمه، ليكون قد احرز ثواب الاغتمام على ما أصاب المؤمن، لكن الشيطان

++++++++++

(1) اي يخفى على المستغيب أن ما يقوله في حق الآخر غيبة و الحال أنه قد وقع في غيبة عظيمة من حيث لا يشعر.

و منشأ هذا الخفاء اما الحب كما يمدح انسان شخصا بأوصاف ظنا منه أن هذه فضائل و الحال هي مثالب و مساوي.

و إما البغض كما يذكر له أمورا معتقدا أنها ليست غيبة في حقه لكثرة بغضه له.

(2) أي و من موارد خفاء الغيبة على الانسان.

(3) اي لأجل سبب و هذا السبب اما راجع الى فعل من أفعاله كأن يقول شخص في حق آخر: ساعد اللّه فلانا لا يعرف كيفية المعاشرة مع الناس، أو المعاملة.

و إما راجع الى عقله كأن يقول في حق الآخر: ساعد اللّه فلانا لا يعرف طرق الخلاص من البليات، و لا يتدبر في عواقبها و النجات منها لأن فكره لا يصل الى ذلك فمثل هذا النوع من الذكر يعد غيبة و ان كان الذاكر في مقام التأسف و التأثر.

(4) اي المغتاب بالفتح يكره ظهور مثل هذه الامور.

(5) اي مع أن المغتاب بالكسر كان بوسعه أن يذكر الغير بالامور المذكورة عند الآخر من دون أن يأتي باسمه.

ص: 364

يخدعه و يوقعه في ذكر الاسم.

بقي الكلام في انه هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب (1) أو يكفي ذكره عند نفسه؟

ظاهر الاكثر الدخول (2) كما صرح به بعض المعاصرين.

نعم (3) ربما يستثنى من حكمها عند من استثنى ما لو علم اثنان صفة شخص فيذكر احدهما بحضرة الآخر.

و أما على ما قويناه من الرجوع في تعريف الغيبة الى ما دلت عليه المستفيضة المتقدمة (4): من كونها هتك سر مستور

++++++++++

(1) اي المغتاب بالكسر.

(2) اي دخول ذكر الانسان شخصا عند نفسه مجردا عن حضور شخص آخر: في الغيبة.

و لا يخفى عدم دخول هذا في الغيبة، حيث ان المأخوذ في مفهومها:

اظهار العيب المستور عند الآخرين.

و هنا أظهر عيب الغير عند نفسه فلم يطلع على العيب سواه و هو عالم به.

(3) استدراك عما افاده الشيخ: من أن ذكر الانسان شخصا عند نفسه يكون غيبة عند الاكثر.

و خلاصة الاستدراك: أن من يستثني من الغيبة علم المخاطب بعيب الشخص الغائب يستثني هذا عن الغيبة أيضا فيكون هذا خارجا عنها موضوعا كخروج علم المخاطب بعيب الشخص الغائب.

(4) و هي التي اشير إليها في ص 337 الدالة على أن الغيبة عبارة عن هتك سر مستور عند المخاطب، فما نحن فيه لا يدخل في الغيبة مفهوما حيث اخذ فيه اظهار العيب المستور عند المخاطب.

ص: 365

فلا يدخل ذلك (1) في الغيبة.

و منه (2) يظهر أيضا أنه لا يدخل فيها ما لو كان الغائب مجهولا عند المخاطب مرددا بين أشخاص غير محصورة كما اذا قال: جاءني اليوم رجل بخيل دني ذميم، فان ظاهر تعريف الاكثر دخوله و ان خرج عن الحكم بناء (3) على اعتبار التأثير عند السامع.

و ظاهر المستفيضة المتقدمة (4) عدم الدخول.

نعم لو قصد المذمة و التعيير حرم من هذه الجهة (5) فيجب على السامع نهي المتكلم عنه، إلا اذا احتمل أن يكون الشخص متجاهرا بالفسق فيحمل فعل المتكلم على المصلحة كما سيجيء في مسألة الاستماع.

++++++++++

(1) اي ما نحن فيه و هو ذكر الانسان شخصا عند نفسه كما عرفت

(2) أي مما قويناه في المستفيضة المشار إليها في ص 354: عدم دخول مثل هذا النوع من الذكر في الغيبة أصلا، لا أنه داخل فيها موضوعا ثم خرج عنها حكما كما هو المستفاد من تعريف أكثر الفقهاء الغيبة، لأنه بناء على تعريفهم يكون داخلا فيها ثم خرج عنها حكما كما أفاد هذا المعنى الشيخ بقوله: فان ظاهر تعريف الأكثر دخوله.

(3) تعليل لدخول مثل هذا النوع من الذكر في الغيبة بناء على تعريف الأكثر.

(4) التي ذكرت في ص 337-339 عدم دخول مثل هذا في الغيبة لا حكما و لا موضوعا.

(5) في الحرمة من هذه الجهة تأمل، بل المقطوع عدم حرمتها، لعدم معرفة السامع المغتاب بالفتح، لا في الحال و لا في الاستقبال حتى يقال:

يجب على السامع نهي المتكلم عن هذا التعيير و المذمة كما أفاد هذا المعنى لشيخ بقوله: و الظاهر أن الذم و التعيير.

ص: 366

و الظاهر أن الذم و التعيير لمجهول العين لا يجب الردع عنه، مع كون الذم و التعيير في موقعهما بأن كان مستحقا لهما (1) و ان لم يستحق مواجهته بالذم، أو ذكره (2) عند غيره بالذم.

هذا (3) كله لو كان الغائب المذكور مشتبها على الاطلاق.

أما لو كان (4) مرددا بين أشخاص،

++++++++++

(1) لا يخفى أنه مع كون الشخص مجهولا عند السامع كما هو المفروض لا معنى لكون المقول فيه مستحقا للذم و التعيير، لعدم معرفة السامع شخص المقول فيه حتى يكون مستحقا للذم و التعيير.

(2) عطفا على قوله: مواجهته، و الفاعل في لم يستحق المقول فيه و مرجع الضمير في أو ذكره المقول فيه، و المراد من الغير:

مطلق السامع.

و المعنى أنه و ان لم يستحق المقول فيه ذكره عند غيره من السامعين،

(3) أي كل ما قلناه حول الغائب المجهول: من دخوله في الغيبة و عدم الدخول، و وجوب الردع، و عدمه.

(4) أي لو كان الغائب المذكور مرددا بين أشخاص محصورين بأن قيل في حقه: أحد هؤلاء العشرة مثلا متصف بالصفات الرذيلة.

ثم لا يخفى أن مثل هذا الغائب المردد بين أشخاص محصورين على قسمين:

(الأول): أن لا يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم: بأن يرضى أن يذكر هو و غيره من الأشخاص المحصورين بالسوء و يقال في حقه و حقهم:

ما يقال على وجه الايهام.

(الثاني): أن يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم حتى نفسه:

بأن لا يرضى أن ينال هو و غيره من الاشخاص المحصورين بالسوء و يقال -

ص: 367

فان كان (1) بحيث لا يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كان كالمشتبه على الاطلاق كما لو قال: جاءني عجمي أو عربي كذا و كذا اذا لم يكن الذم راجعا الى العنوان (2) كأن يكون في المثالين تعريض الى ذم تمام العجم أو العرب.

و ان كان (3) بحيث يكره كلهم ذكر واحد مبهم منهم كأن يقول:

++++++++++

- في حقه و حقهم: ما يقال على وجه الابهام.

ثم إن القسم الاول يكون على قسمين أيضا.

(الأول): أن لا يكون الذم راجعا الى العنوان، بل يكون راجعا الى شخص المغتاب المبهم المردد بين الاشخاص المحصورين كما مثلنا لك في القسم الأول، فانه لا يكون غيبة.

بخلاف ما اذا كان الذم راجعا الى العنوان، فانه حينئذ يكون غيبة فيحرم كما اذا قيل: أهل مدينة كذا، أو القبيلة الفلانية، أو العنصر الفلاني متصف بالصفة الكذائية.

(1) هذا هو القسم الأول من الغائب المردد بين أشخاص محصورين و قد أشرنا إليه في ص 367 بقولنا: أن لا يكره كلهم.

(2) و هي العربية، أو العجمية بمعنى أن الذم يكون متوجها الى جهة العربية، أو العجمية، لا الى الصفات المذمومة في الأفراد.

و قد مثل الشيخ للذم المتوجه الى العنوان بقوله: كأن يكون في المثالين تعريض الى ذم تمام العجم، أو العرب.

و المراد من المثالين: العجم أو العرب.

(3) هذا هو القسم الثاني من الغائب المردد بين أشخاص محصورين و قد أشرنا إليه في ص 367 بقولنا: أن يكره كلهم.

ص: 368

أحد ابني زيد، أو أحد أخويه كذا و كذا ففي (1) كونه اغتيابا لكل منهما، لذكرهما بما يكرهانه من التعريض، لاحتمال كونه هو المعيوب و عدمه (2)، لعدم تهتك ستر العيوب منهما كما لو قال: أحد أهل البلد الفلاني كذا و كذا و ان كان فرق بينهما (3) من جهة كون ما نحن فيه محرما من حيث الاساءة الى المؤمن بتعريضه للاحتمال، دون المثال، أو كونه (4)

++++++++++

(1) أي ففي كون القسم الثاني يعد غيبة لكل منهما، لأن القائل ذكرهما بما يكرهانه، لاحتمال كل واحد منهما أن القائل قصده و اغتابه.

أو لا يعد غيبة لكل منهما، لأن القائل لم يهتك ستر عيبهما، حيث إن هذا القول نظير قول من يقول: أحد أهل (بغداد) يشرب الخمر فكما أن هذا القول لا يكون غيبة في حق سكان بغداد، لأنه لا يصف كلهم بالصفة المذكورة، بل وصف شخصا لا يعينه.

كذلك قول القائل: ان أحد ابني زيد كذا لا يكون غيبة.

(2) بالجر عطفا على قوله: ففي كونه أي و في عدم كون القسم الثاني اغتيابا كما عرفت آنفا.

و قوله: لعدم تعليل لقوله: و عدمه، و قد عرفت التعليل آنفا.

(3) اي بين احد ابني زيد، و بين أهل البلد الفلاني.

بيان الفارق: أن الكلام المقول في حق احدهما يكون اساءة بالنسبة إليه، لأن كل واحد منهما يحتمل أنه المقصود من ذكر العيب.

بخلاف التنظير، فان ذكر واحد من أهل المدينة الفلانية اذا استغيب بصفته الشخصية لا يكون غيبة في حق الآخرين من أهل المدينة و لا اساءة إليهم.

(4) بالجر عطفا على قوله: ففي كونه اغتيابا.

هذا هو الوجه الثاني لبيان الفارق بين ما نحن فيه، و بين التنظير اذ وجه الأول كون الكلام المقول اساءة في حق احد ابني زيد. -

ص: 369

اغتيابا للمعيوب الواقعي منهما، و اساءة بالنسبة الى غيره، لأنه (1) هتك بالنسبة إليه، لأنه اظهار في الجملة لعيبه بتقليل مشاركيه في احتمال العيب فيكون الاطلاع (2) عليه قريبا.

و أما الآخر (3) فقد أساء بالنسبة إليه، حيث عرّضه لاحتمال العيب:

وجوه (4):

قال في جامع المقاصد: و يوجد في كلام بعض الفضلاء أن من شرط الغيبة ان يكون متعلقها محصورا (5)،

++++++++++

- و خلاصته: ان ذكر احد ابني زيد لا على التعيين يكون عيبة في حق الذي عيب: و هو المعيب الواقعي.

و اساءة في حق الآخر الذي لم يغتب، لأن المفروض أن القائل ذكر احد ابني زيد بالسوء، لا كليهما فحينئذ يتوجه الهتك بالنسبة الى الذي عيب في الواقع و نفس الامر، و الاساءة بالنسبة الى الغير الذي هو ثاني ولدي زيد، لأن ذكر العيب هتك إليه في الجملة، لأن القائل اظهر العيب و هو منحصر في أحد ولدي زيد و هذا الآخر لا يخرج عن تحت دائرة الحصر فيسهل للسامع الاطلاع على صاحب العيب.

(1) تعليل لكون اظهار عيب الغائب المردد بين أشخاص غيبة و قد عرفت التعليل.

(2) قد عرفت معنى الاطلاع على العيب آنفا.

و مرجع الضمير في مشاركيه المعيوب الواقعي كما عرفت.

(3) و هو الذي ليس بصاحب العيب.

(4) مبتدأ للخبر المحذوف أي في القسم الذي أشرنا إليه في ص 369.

وجوه، و قد ذكر الشيخ بعض الوجوه بقوله: و قال في جامع المقاصد.

(5) سواء أ كان الحصر في واحد أم في أشخاص معينين

ص: 370

و إلا (1) فلا تعد غيبة فلو (2) قال عن أهل بلدة غير محصورين ما لو قاله عن شخص واحد كان غيبة لم يحتسب (3) غيبة انتهى (4).

أقول (5): ان اراد ان ذم جمع غير محصور لا يعد غيبة و ان قصد انتقاص كل منهم كما لو قال: أهل هذه القرية، أو هذه البلدة كلهم كذا و كذا (6) فلا اشكال في كونه (7) غيبة محرمة، و لا وجه لإخراجه عن موضوعها، أو حكمها (8).

و ان أراد ذم المتردد بين غير المحصور لا يعد غيبة فلا بأس كما ذكرنا (9).

++++++++++

(1) أي و ان لم يكن متعلقها محصورا بأن بلغ المغتابون بالفتح من الكثرة عددا يصعب عدهم، أو الاشارة إليهم: لا يكون ذكرهم بسوء غيبة.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده (صاحب جامع المقاصد): من أن شرط الغيبة أن يكون متعلقها محصورا.

و خلاصة التفريع أنه بعد أن اشترطنا كون متعلق الغيبة محصورا فلو استغاب شخص أهل مدينة كانوا غير محصورين بمثل ما يستغيب شخصا معينا: لم يكن غيبة و ان كان ذكر الشخص المعين بالسوء غيبة.

(3) جواب ل: (لو) الشرطية الاولى كما أن جملة كان غيبة جواب للو الشرطية الثانية في قوله: ما لو قاله.

(4) أي ما أفاده (صاحب جامع المقاصد) في هذا المقام.

(5) من هنا يقصد الشيخ في النقاش مع (صاحب جامع المقاصد).

(6) بأن قال: كلهم حمق، بله مثلا.

(7) اي هذا الذم المتوجه الى أهل المدينة كلهم.

(8) و هي الحرمة كما يظهر ذلك من (صاحب جامع المقاصد).

(9) في قوله في ص 369: كما لو قال: أحد أهل البلد الفلاني كذا و كذا، فان مثل هذا القول لا يكون غيبة.

ص: 371

و لذا (1) ذكر بعض تبعا لبعض الاساطين في مستثنيات الغيبة:

ما لو علق الذم بطائفة، أو أهل بلدة، أو أهل قرية مع قيام القرينة على عدم إرادة الجمع كذم العرب أو العجم (2)، أو أهل الكوفة أو البصرة، أو بعض القرى انتهى (3).

و لو أراد (4) الأغلب ففي كونه اغتيابا لكل منهم، و عدمه (5):

ما تقدم (6) في المحصور.

++++++++++

(1) اي و لأجل أنه لو ذم شخصا في أفراد غير محصورين لم يعد غيبة ذكر بعض الأعلام تبعا للشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء.

(2) هذان مثالان لذم الجميع.

(3) اي انتهى ما قاله بعض تبعا لبعض الاساطين.

(4) هذا هو الشق الثاني من الترديد الذي قاله (الشيخ الانصاري) فيما أورده على (صاحب جامع المقاصد)

و خلاصته أنه لو أراد القائل بذمه أهل المدينة ذم أغلبها كما لو قال:

أغلب أهل المدينة الفلانية فساق فهل قوله هذا يعد غيبة أو لا؟

(5) بالجر عطفا على قوله: ففي كونه أي و في عدم كون مثل هذا غيبة.

(6) جواب للو الشرطية في قوله: و لو أراد الاغلب اي القول بكون مثل هذا الذم يعد غيبة أو لا متوقف على القول بكون المسألة السابقة التي ذكرت في ص 368 في قوله: لو قال شخص: احد ابني زيد كذا و كذا: يعد غيبة أو لا، فان قلنا بكونها غيبة قلنا هنا غيبة، و ان لم نقل إنها غيبة لم نقل هنا غيبة.

ص: 372

و بالجملة (1) فالمدار في التحريم غير المدار في صدق الغيبة، و بينهما عموم من وجه.

++++++++++

(1) اي اي شيء قلنا هناك فالمحور و المدار في تحريم ما يقال في حق الغير غير المدار في صدق الغيبة، لأن بينهما عموما و خصوصا من وجه.

أما مادة الاجتماع فكما لو كان هناك غيبة محرمة.

و أما مادة الافتراق من جانب الغيبة بأن تكون هي موجودة و الحرمة غير موجودة كما في الافراد المستثناة من الغيبة.

و أما الافتراق من جانب التحريم بأن تكون الحرمة موجودة و الغيبة غير موجودة كما اذا ذكر العيب المشهور بقصد الانتقاص.

ص: 373

ص: 374

الفهارس

اشارة

1 - الابحاث.

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأمكنة

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

ص: 375

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

5 الإهداء

7 سب المؤمن حرام

8 الأخبار الواردة في حرمة السب

9 تحقيق في الحديث الوارد في السب

10 المرجع في السب

11 عدم اعتبار مواجهة المسبوب

12 تعدد العقاب في مادة الاجتماع

13 لا يعتبر في جواز السب كونه من باب النهي.

14 استثناء المبتدع من عدم جواز السب

15 جواز سب الوالد ولده

16 الاشكال في جواز سب الوالد ولده

17 وهن التمسك بالسيرة

25 في السحر

26 الأخبار المستفيضة الدالة على حرمة السحر

33 معاني السحر

39 في المراد من التأثير في قول العلامة

41 ما أفاده الشهيدان حول السحر

ص الموضوع

43 ما أفاده صاحب الايضاح حول السحر

53 ما أفاده الشيخ حول تعريف صاحب الايضاح

54 ما أفاده العلامة المجلسي حول السحر

63 الاول سحر الكلدانيين

67 مذاهب الكلدانيّين في الأفلاك

73 في الفرق الثلاثة من عباد الكواكب

73 الثاني سحر أصحاب الأوهام

76 الثالث الاستعانة بالأرواح

78 الرابع التخيلات

80 الخامس الأعمال العجيبة

82 السادس الاستعانة بخواص الأدوية

84 السابع تعليق القلب

88 الثامن النميمة

91 احتجاج المصري مع الامام الصادق

93 في الأقسام الثمانية من السحر

95 ما ذكره شارح النخبة حول الطلسمات

97 فيما رواه الشيخ الصدوق في السحر

ص: 376

ص الموضوع 99 الكلام حول ما لا يضر من السحر

101 نقل كلمات الفقهاء حول السحر

103 هل يجوز دفع ضرر السحر بالسحر

105 ما رواه الشيخ الصدوق في جواز دفع السحر بالسحر

107 رواية الامام العسكري عليه السلام في السحر

109 حمل كلمات الفقهاء في جواز دفع السحر بالسحر على حالة الضرورة

111 شمول كلمات الفقهاء في تسخير الملائكة و الجن للسحر

117 الشعوذة

125 في الغش

127 الأحاديث الواردة في حرمة الغش

129 عدم حرمة المزج و الخلط بغير الخفي

131 حمل الحرمة الواردة في روايات الغش

133 دلالة الأحاديث على اعتبار قصد التلبيس في الغش

135 قصد التلبيس مأخوذ في مفهوم الغش

137 أقسام الغش

139 تغليب الاشارة أو الوصف منشأ التردد

ص الموضوع

141 تعارض الوصف و الاشارة

143 عدم تبادر الصحة من عنوان المبيع

145 المقصود من البيع

149 تحقيق حول عروض الاشتباه في الناوي

151 في الرد على ما استدل به المحقق الاردبيلي

155 في العمل بالقواعد الفقهية عند تبين الخلاف

159 الغناء

165 في الأحاديث المستفيضة الدالة على حرمة الغناء

167 في الخدشة في الاستدلال بالأحاديث

169 في الاستشهاد بالحديث على كون الغناء من مقولة الكلام

173 الخدشة في الطائفة الثالثة من الأخبار

177 في الاحاديث الدالة على حرمة الغناء

181 دلالة الحديثين على حرمة الغناء

183 دلالة الحديث على حرمة الغناء

185 دلالة حديث الأعمش على حرمة الغناء

187 في بيان النسب بين الغناء و الصوت اللهوي

ص: 377

ص الموضوع

191 في تعاريف اللغويين الغناء

193 في النسب بين تعريف اللغويين الغناء

195 وجه احسنية تعريف صاحب الصحاح

197 تحقيق حول الغناء

201 ما أفاده الشهيد الثاني في تعريف الغناء

203 في استشهاد صاحب مفتاح الكرامة

205 ما أفاده صاحب مفتاح الكرامة

209 في الفرق بين التطريب و الاطراب

211 التطريب غير الاطراب

213 في حمل المطرب على الاطراب

215 المحصل من الأدلة المتقدمة

217 العرف هو المرجع في اللهو

219 اختلاف مراتب الوجدان وضوحا و خفاء

221 عدم الفرق بين استعمال الصوت في القرآن، أو في غيره

223 في التسويلات الشيطانية

225 في عروض الشبهة و أقسامها

227 ما أفاده المحدث الكاشاني في عروض الشبهة

ص الموضوع

229 ما افاده المحدث الكاشاني حول الغناء

231 استدلال المحدث الكاشاني بالحديث على صدق مقالته

233 مناقشة الشيخ مع المحدث الكاشاني

243 ما افاده المحدث السبزواري حول الأخبار المتضاربة

245 ما افاده المحدث السبزواري حول الغناء

249 النسبة بين الأخبار المتضاربة في الغناء

251 ما افاده الشيخ حول الغناء

253 في الأحاديث الواردة في مدح الصوت الحسن

255 ما افاده المحقق السبزواري حول الأحاديث الواردة في القرآن

259 في الاستشهاد بالأحاديث على التفصيل المذكور

263 ما افاده الشيخ في الرد على الأحاديث

265 في أقسام الغناء

267 ما افاده فخر المحققين في الغناء

ص: 378

ص الموضوع

269 ما افاده بعض الطلبة حول المراثي

271 ما افاده المحقق الكركي حول المراثي

273 أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات

275 سر عدم مقاومة أدلة المستحبات لأدلة المحرمات

277 تقديم ملاك الحرمة أو الوجوب على ملاك الاستحباب، أو الكراهة

279 ما افاده صاحب الصحاح و الحدائق في اللحن

281 ما افاده الشيخ حول الترجيع

283 عدم المنافاة بين الخبرين المتعارضين في ترجيع القرآن

285 ما افاده المحقق الاردبيلي في استثناء المراثي عن الغناء

287 ما افاده الشيخ في رد المحقق الاردبيلي

291 كلمات الرسول الاعظم كالكتاب العزيز

293 ما افاده الشيخ في جوانب الصوت اللهوى

ص الموضوع

295 في الحداء

297 ما افاده الشيخ حول الحداء

299 في غناء المغنية في الأعراس

303 في الغيبة

307 الآيات الدالة على حرمة الغيبة

323 الغيبة من الكبائر

325 دخول الصبي المميز في الغيبة

327 ما افاده الشهيد الثاني في الصبي المميز

329 تعاريف اهل اللغة حول الغيبة

331 منشأ كراهة المغتاب بالفتح ما يقال في حقه

332 ما افاده الشهيد الثاني حول الغيبة

335 ما افاده الشيخ حول الغيبة

337 حمل الكراهة الواردة في الأخبار على الكراهة في الوصف

338 صراحة الأخبار في أن الغيبة ذكر شيء مستور

341 اذا لم يكن ذكر الشيء موجبا للنقص لم يكن غيبة

343 الأحاديث الواردة في حرمة الغيبة

345 راي الشيخ حول اذاعة ما يوجب اهانة المؤمن

ص: 379

ص الموضوع

347 الفرق بين العيب الظاهر و الخفي النسبة بين تعريف الشهيد الثاني

349 العيبة، و بين تعريف الأخبار لها

351 ما يقال في حق الرجل على أقسام دلالة الأخبار المتقدمة على أن

353 الكراهة راجعة الى الوصف

355 لا فرق في حرمة العيبة من حيث المنشأ

357 كيفية الغيبة و أقسامها

359 المراد من الذكر في قوله: ذكرك اخاك

ص الموضوع

361 دواعي الغيبة و أسبابها

365 هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب

367 ذم رجل مجهول الهوية لا يوجب الردع

369 لو قال: احد ابني زيد كذا هل يعد غيبة

371 ما اورده الشيخ على ما افاده المحقق الكركي

373 المدار في التحريم غير المدار في الغيبة

ص: 380

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 دلالة الأدلة الأربعة على حرمة سب المؤمنين

8 عدم وجود الاغتشاش في الضمائر

10 لا توجد قاعدة كلية للسب

11 للاجذم اطلاقان

11 البرص

12 النسبة بين السب و الغيبة

13 ما افاده الشيخ حول السب

14 الأخبار الواردة في جواز غيبة المتجاهر

15 المراد من المبتدع

15 الملاك في حرمة السب

16 عدم استفادة جواز سب الوالد ولده من حديث انت و مالك لابيك

17 الصور الثلاث في جواز سب الولد ولده

18 في جواز سب الاستاذ تلميذه أو عدمه

19 تحقيق حول توجيه الطالب الديني

ص الموضوع

25 تحقيق حول السحر من شتى جوانبه

27 اختلاف لسان الأخبار في السحر

30 توجيه الروايات المختلفة في السحر

32 التعارض بين الأخبار الواردة في السحر ليس على وجه التباين الكلي

33 المعاني الثمانية للسحر

36 في حقيقة السحر و ماهيته

37 المراد من العقد السحرية

37 المراد من الأقسام و العزائم و الدخنة

38 المراد من التصوير و النفث و تصفية النفس

38 الإضرار مأخوذ في مفهوم السحر

39 النقاش مع الشهيد الثاني حول تسخير الملائكة بالسحر

40 المراد من كشف الغائبات

41 معنى استحداث الخوارق

41 أسباب الاستحداث و هي خمسة

43 تحقيق حول الاستعانة بالأرواح الساذجة

ص: 381

ص الموضوع

45 تحقيق حول استحضار الأرواح

49 تحقيق حول النيرنجات

49 المراد من النيرين و أسرارهما

51 تحقيق حول الاستعانة بخواص الأشياء

51 تحقيق حول النسب الرياضية

55 تحقيق حول أن السحر هل له واقعية

57 ما افاده شيخ الطائفة حول السحر

59 ما افاده صاحب نيل الأوطار في السحر

60 احتجاج الامام الصادق عليه السلام مع الزنديق المصري

61 تحقيق حول مدى تأثير السحر

62 أقسام السحر عند العلامة المجلسي

63 حياة الكلدانيين

67 مذاهب الكلدانيين

69 أدلة الكلدانيين على حياة الكواكب

70 الوقوف على الطبائع العلوية و السفلية

71 تحقيق حول القوى المنفعلة

73 الفرق الثلاثة في عباد الكواكب

74 تحقيق حول اختلاف النفوس

ص الموضوع

75 تسلط بعض النفوس على بعض

76 القسم الثالث من أقسام السحر

77 في الاستعانة بالارواح الأرضية

78 القسم الرابع من أقسام السحر

79 في التخيلات و الاخذ بالعيون

80 القسم الخامس من أقسام السحر

81 عمل ارجانيوس الموسيقا

83 القسم السادس من أقسام السحر

84 القسم السابع من أقسام السحر

85 تحقيق حول علم الكيمياء

89 القسم الثامن من أقسام النميمة

92 في الجمع بين التعاريف المختلفة للسحر

93 السحر ليس من اختصاص الفقهاء

93 تضييق دائرة السحر و توسيعها

95 تحقيق حول عبارة الشيخ حتى لا يلزم منها التناقض

98 تحقيق حول الحديث الوارد في سحر المرأة

101 دفع و هم و جوابه

102 اشكال على الشيخ حول ما افاده في خبر الاحتجاج

ص: 382

ص الموضوع

104 تحقيق حول كلمات الامام عليه السلام

108 جواز دفع ضرر السحر بالسحر

118 تحقيق في الفرق بين السحر و المعجزة

121 تحقيق حول الفرق بين السحر و الشعوذة

128 ذكر أمثلة للغش

130 تحقيق حول روايات الغش

131 صور الخلط و المزج

136 للغش أقسام أربعة

138 دليل فساد المعاوضة المغشوشة

138 تحقيق حول اعراب فبان عمرا

140 تحقيق حول تغليب جانب الوصف أو الاشارة

142 تحقيق حول عنوان المبيع

143 عدم تبادر الصحيح من عنوان المبيع

144 شهادة العرف و الشرع بعدم كون وصف الصحة مقوما في المبيع

144 تنازل من الشيخ في عدم كون الصحيح مرادا في المبيع

145 دفع و هم و الجواب عنه

145 التردد في الدلالة اللفظية هو المنشأ في الاشتباه

ص الموضوع

147 منشأ التعارض بين الوصف و الاشارة هي الدلالة اللفظية

148 القدر الجامع بين مسألة الاقتداء و مسألة تعارض الاشارة و الوصف

149 تحقيق حول عروض الاشتباه للناوي بعد الصلاة

151 استدلال المحقق الاردبيلي على فساد مطلق المعاوضة بدليلين

151 اشكال الشيخ على الدليل الثاني

152 اشكال الشيخ على الدليل الاول

153 اشكال الشيخ على خبر الدينار الذي استدل به المحقق الاردبيلي

154 فتوى الشيخ حول الغش

154 الرجوع الى القواعد الفقهية هو المتيقن عند كشف الخلاف

154 صور القواعد الفقهية

156 تحقيق حول ببعض الصفقة

159 مقدمة صغيرة حول الغناء

160 تعاريف عن اللغويين حول الغناء

160 اللازم على الحكومات الاسلامية

161 تحقيق حول الغناء

164 تحقيق حول كلمتي المستفيضة و التواتر

ص: 383

ص الموضوع

164 تحقيق حول كلمتي و له - و اختبل

166 مصادر الاخبار المستفيضة

167 تحقيق حول كلمة الخدشة

167 تحقيق حول كون الغناء من مقولة الكلام

168 تحقيق حول حرمة استماع الزور

169 وجه تأييد كون العناء من مقولة الكلام

159 الشاهد من الاخباران الغناء من مقولة الكلام و وجه الشهادة

170 تفسير جملة: (يعني بقراءة القرآن)

170 دلالة لهو الحديث على أن الغناء من مقولة الكلام

171 استنتاج و حاصله

171 اختلاف الطرق الغنائية و أقسامها

172 تحقيق حول هذه الاقسام

173 الخدشة في الطائفة الثالثة من الاخبار و وجه الخدشة

174 الخدشة في الطوائف الثلاث من الاخبار على نسق واحد

175 الاشكال فيما استشعره الشيخ

175 الخدشة في الطائفة الاولى من الاخبار

ص الموضوع

176 نتيجة استشار الشيخ

177 عدول الشيخ عن كون الغناء من مقولة الكلام و افادته أنه من مقولة الاصوات

178 تحقيق حول كلمة ويل لفلان

178 استدلال الشيخ بالحديث على مدعاه

179 تحقيق حول ابن فضال و أقسام الحديث

181 تحقيق حول دلالة الحديث على مبغوضية الغناء من ناحيتين

181 تشكيل قياس منطقي

182 المراد من الخراساني

183 استدلال الامام على حرمة الغناء و وجه الاستدلال

184 للغو اطلاقات

185 تحقيق حول كلمة النبيذ

186 تحقيق حول حديث قد تكون للرجل جارية

188 احتمالات النسبة بين الغناء و الصوت اللهوي

190 تعاريف اللغويين للغناء

193 النسبة بين التعاريف المذكورة

ص: 384

ص الموضوع

194 عدم صحة الأخذ بتعاريف اللغويين في حرمة الغناء

195 لكل قوم عرف خاص في الغناء

197 ما اراده الشاعر من الطرب

198 القيد توضيحي

198 تقسيم الاطراب الى الفعلي - و الشأني

198 علة التزام الشيخ احد الامرين في الإطراب

199 منشأ عدم صدور الخفة لكثير من الناس

200 وجه ظهور اخذ الشيخ الشأنية في الاطراب

202 ما أفاده صاحب مفتاح الكرامة

202 الفرق بين تفسير الفقهاء و اللغويين الغناء و تشكيل قياس منطقي

203 حصول الطرب الفقهي لكل احد و الاستشهاد بشعر الشيخ البهائي

204 استشهاد صاحب مفتاح الكرامة بأقوال اللغويين

206 مناقشة الشيخ مع صاحب مفتاح الكرامة

207 تحقيق حول الاشتراك بكلا قسميه

ص الموضوع

208 الفرق بين التطريب و الاطراب

210 الايراد الثاني على صاحب مفتاح الكرامة

211 الايراد الثالث على صاحب مفتاح الكرامة

212 الايراد الرابع على صاحب مفتاح الكرامة

213 القدر المتيقن من الغناء

214 اتحاد آراء الفقهاء على ما افاده الشيخ

215 أقسام اللهو

216 مرجع اللهو العرف

217 تحقيق حول الوجدان

218 الفرق بين الوجدان بالكسر و الضم

219 لا فرق بين مراتب الوجدان

219 اختلاف مراتب الوجدان باختلاف الاشخاص

219 تحقيق حول جملة: فقد يحس بعض

221 لا فرق في استعمال الكيفية الغنائية في كلام حق أو باطل

221 الخدشة فيما افاده الشيخ

ص: 385

ص الموضوع

222 تحقيق حول الأناشيد في ساحة الحرب

223 تحقيق حول سوّل و فرج و التلذذ

223 ايراد على ما افاده الشيخ حول التغني بالأشعار في مدائح الرسول و الآل

224 مراد الشيخ من التسويل الشيطاني

225 النقاش مع الشيخ حول ما افاده في حصول النشاط

225 عروض الشبهة على أقسام ثلاثة

227 الغناء المتعارف في العصرين

228 جواز غناء المغنية في الأعراس

229 تحقيق حول (الوافي)

230 تحقيق حول العود و الملهي و القصب

231 تأييد من (المحدث الكاشاني) لمدعاه

232 تحقيق حول (غناء الحق)

233 نقاش الشيخ مع المحدث الكاشاني

235 تعليل من الشيخ حول أن صوت المغنية في الأعراس على سبيل اللهو

237 في الجمع بين الأخبار المتضاربة على رأي المحدث السبزواري

ص الموضوع

239 الأقوال في الجمع بين الأخبار المتضاربة خمسة

239 النسبة بين الأقوال الخمسة

244 تحقيق حول الألف و اللام

246 الفرق بين حكمة التشريع و علته

247 تحقيق حول كلمة النهى

247 ما افاده صاحب الكفاية في الأخبار المانعة

248 تقديم أخبار جواز قراءة القرآن بالصوت الحسن على المنع و وجوه التقديم

250 تحقيق حول كلمة فتاوى مع الواو و بدونها

251 عدم احتياج حرمة الغناء الى اقترانه بمقدمات اخرى من المحرمات

253 اتصاف الأنبياء و الأئمة بالصوت الحسن الجميل

254 المراد من الشعر الجميل شعر الرأس

255 تحقيق حول اللحية و شعر الرأس

256 المراد بالتحزين قراءة شيء بكيفية خاصة

256 بعض أشعار دعبل الخزاعي

ص: 386

ص الموضوع

257 استشهاد الامام الهادي عليه السلام ببعض الأشعار

258 تحقيق حول التفصيل المنسوب الى المحدث السبزواري

259 عدم وجود شاهد من الأخبار في التفصيل المنسوب الى المحدث السبزواري

260 الاستشهاد بالأحاديث على التفصيل

261 الاستشهاد بالأحاديث على جواز التغني في الأعراس

261 الاستشهاد بالأخبار على أن كلا الغناءين حرام

263 الغناء بكلا قسميه حرام

264 تقسيم الرواية الغناء إلى ثلاثة أقسام

265 اعتذار الشيخ عن عدم ذكر القسم الثالث من الغناء في الرواية

266 ترق من الشيخ

267 المراد من التأمل

267 روايتا أبي بصير

268 أقسام التواتر

269 في عروض الشبهة من حيث الموضوع

ص الموضوع

270 عدم فهم العرف من الغناء سوى الكيفية الخاصة

270 القسم الثالث من أقسام عروض الشبهة

271 الفرق بين القسم الثاني و الثالث من أقسام عروض الشبهة

272 المراد من متأخري المتأخرين

272 المراد من العمومات

272 النسبة بين عمومات أدلة حرمة الغناء، و عمومات ادلة الابكاء

273 توجيه بعض الأعلام عمومات أدلة حرمة الغناء، و عمومات أدلة الابكاء

273 ما اورده الشيخ على التوجيه المذكور

274 عدم وجود اطلاق في الأحاديث الواردة في المستحبات

275 تحقيق حول كلمة و طبعه

276 عدم المنافاة فيما يوجب دليل الاستحباب أو يحرمه

ص: 387

ص الموضوع

277 لا مزاحمة لجهات الأحكام الثلاثة لجهتي الوجوب، أو الحرمة

277 المراد من احدى الجهات الثلاث

277 المراد من لا يجوز، و المراد من شأنهم

277 المراد من القلوب المقلوبة

278 في تخيل صاحب الحدائق

280 نظر الشيخ فيما تخيله صاحب الحدائق

281 تحقيق حول كتاب شمس العلوم

282 عدم المنافاة بين الحديثين الواردين في جواز ترجيع القرآن، و عدم الجواز به

283 دليل مدعي حرمة الغناء في المراثي

284 مؤيدات المحقق الاردبيلي في جواز التغني في المراثي

285 ما استدل به المحقق الاردبيلي في جواز التغني بالمراثي امور أربعة

287 ما أفاده الشيخ في رد المحقق الاردبيلي

288 التنازل من الشيخ

288 في عموم دليل الحرمة

ص الموضوع

290 كلمة حول زيارة بيت اللّه الحرام و زيارة سيد الشهداء عليه السلام

291 ذكر الحديث الدال على أن كلام الرسول كالكتاب العزيز

292 الغناء الذي لا يكون مناسبا لسائر آلات اللهو لا دليل على حرمته

292 في الحديث الدال على حرمة مطلق الغنى

293 التعاريف المختلفة للغناء عن الشيخ

294 تحقيق حول ما أفاده الشيخ في الغنى

295 ما قيل من اللغويين حول الغنى

295 أول من أوجد الغناء

296 نقل كلمات الاعلام حول استثناء الحداء

297 مناقشة الشيخ مع ما أفاده الاعلام

298 تحقيق حول عبارة الشيخ في الحداء

299 في استثناء المشهور الغناء في الاعراس

299 و هم و الجواب عنه

303 تحقيق حول الغيبة

303 استدلال الشيخ بالآيات على حرمة الغيبة

304 في القدر الجامع بين المغتاب بالفتح و الاخ الميت

ص: 388

ص الموضوع

305 تحقيق حول سر اهتمام الشارع بحرمة الغيبة

307 تحقيق حول عرض المؤمن

307 تحقيق حول اغتياب المؤمن

308 تحقيق حول الهمز و اللمز و الويل

309 تحقيق حول آية لا يحب اللّه الجهر

310 المراد من الفاحشة في قوله تعالى

310 تحقيق حول الغيبة أشد من الزناء

312 في المفاسد المترتبة على الزناء دون الغيبة

313 تحقيق حول حديث الدرهم من الرباء أعظم من سبعين زنية بذات محرم في بيت اللّه الحرام من نواحي ثلاث

314 ما أفاده (السيد الرضي) حول الحديث المذكور

315 الجواب عن النواحي الثلاث

316 نظرية انسانية و فائدة معنوية

317 اهتمام الحكومات وفقا للنظرية المذكورة

317 فيما لو خير الانسان بين قبحين أحدهما أقل قبحا من الآخر

ص الموضوع

320 تحقيق حول الكبيرة

321 عدد الكبائر

323 بيان أن الخيانة من الكبائر

323 في الاخبار الواردة في أن الغيبة من الكبائر

324 في دخول الصبي المميز في عدم جواز غيبته

325 ذكر الاحاديث الشاملة للصبي المميز

326 الاستدلال بآية و لا يغتب على حرمة غيبة الصبي المميز

326 الاستدلال بكلام الشهيد الثاني في حرمة غيبة الصبي المميز

326 الرد على ما أفاده الشهيد من كلام الشيخ الكبير كاشف الغطاء

328 توجيه الشيخ كلام الشيخ الكبير في استثنائه غيبة الصبي المميز

331 تحقيق حول كراهة الانسان ما يقال في حقه

332 ما أفاده الشيخ حول تعريف الشهيد الثاني

334 دفع عما اورده الشيخ على الشهيد الثاني

ص: 389

ص الموضوع

335 الأولوية التي ذكرها الشيخ

337 في ذكر الروايات الواردة في حمل الكراهة على الكراهة في الوصف

339 تحقيق حول الحدة و العجلة

340 ما أورده الشيخ على ما ذكره صاحب الصحاح

341 كلمة حول نفي الاجتهاد

341 استدراك عما افيد حول نفي الاجتهاد

341 خلاصة ما يقوله الشيخ حول المقول في الشخص

342 في النقص الشرعي، أو العرفي بكلا قسميهما

343 وهم

344 الجواب عن الوهم

345 الترقي من الشيخ حول قصد الشين

346 كلمة حول تفسير الاذاعة

347 وهم

348 الجواب عن الوهم

348 استدراك من الشيخ

349 استثناء من الاستدراك المذكور

350 الشق الثاني للنقص الشرعي

351 الاخبار الواردة في حرمة ايذاء المؤمن

ص الموضوع

352 عموم حرمة التنابز بالالقاب

353 في تعريف الصحاح الغيبة احتمالان

354 وجه القوة في العمل بالمستفيضة

354 خلاصة النتيجة

354 منشأ ما يخفى على المستغيب

355 الاشكال على ما أفاده الشيخ

355 عدم الفرق في حرمة التعيير

356 الصفات الثلاث من متعلقات العين

356 تحقيق حول القرع

357 تحقيق حول كلمة مراء

357 معنى ضعيف القلب

357 تحقيق حول ذكر الانسان شخصا

358 تحقيق حول الالفاظ الواردة في الحديث

359 المراد من الذكر الوارد في الحديث

360 ما ذكره بعض المصنفين في حملاتهم على الآخرين

360 ذكر الملازمة لا يكون تنقيصا في حق الآخرين

361 العلاج في الخروج عن المأزق

361 معنى المساعدة

362 المنشأ 3-4-5-6 للغيبة

ص: 390

ص الموضوع

362 تحقيق حول الحسد

363 المنشأ 7-8-9-10 للغيبة

364 ما يخفى على المستغيب

364 مرجع السبب

365 استدراك عما أفاده الشيخ

366 عدم دخول بعض الانواع في الغيبة

366 التأمل في حرمة بعض أنواع الغيبة

ص الموضوع

367 الاشكال على ما أفاده الشيخ

367 أقسام الغائب المردد بين شخصين

369 بيان الفارق

369 وجه ثان لبيان الفارق

371 خلاصة التفريع

372 الشق الثاني من الترديد

373 النسبة بين الحرمة و الغيبة

ص: 391

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

كَمٰا أَرْسَلْنٰا إِلىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصىٰ فِرْعَوْنُ اَلرَّسُولَ 244

إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ 306، 309، 320 343 344، 345

إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً 234

إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ 98

إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّٰ رَجُلاً مَسْحُوراً 34

إِنَّ عِبٰادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطٰانٌ 40

إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّٰارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاّٰ مٰا رَحِمَ رَبِّي 19

إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ 304

- ب -

بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ 34

ت -

تَبَّتْ يَدٰا أَبِي لَهَبٍ 20

ف -

وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ 165

فَإِذٰا حِبٰالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسىٰ 55، 57، 61

فَلاٰ تُمٰارِ فِيهِمْ إِلاّٰ مِرٰاءً ظٰاهِراً 357

فَلَمّٰا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ اَلنّٰاسِ وَ اِسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جٰاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ 56 58

ص: 392

فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ 173

فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ 102

ل -

لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ 309

اَللّٰهُ اَلْوٰاحِدُ اَلْقَهّٰارُ 43

لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ 43

م -

مٰا خَلَقْنَا اَلسَّمٰاءَ وَ اَلْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لاٰعِبِينَ لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى اَلْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ اَلْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ 177

و -

وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ 167

وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً 183، 184

وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَشْهَدُونَ اَلزُّورَ 166 173، 176

وَ اَلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ اَلْقَتْلِ وَ اَلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ اَلْقَتْلِ 88

وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ فَإِخْوٰانُكُمْ 325، 326

وَ تَرَى اَلْأَرْضَ هٰامِدَةً فَإِذٰا أَنْزَلْنٰا عَلَيْهَا اَلْمٰاءَ اِهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ 314

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لاٰ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجٰاهِلِيَّةِ اَلْأُولىٰ وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ 303، 314، 326

وَ لَقَدْ آتَيْنٰا دٰاوُدَ مِنّٰا فَضْلاً يٰا جِبٰالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ اَلطَّيْرَ 253

وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاٰقٍ 28

وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ 57

وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ 63، 106

وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ. وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ 61

ص: 393

وَ مٰا كَفَرَ سُلَيْمٰانُ وَ لٰكِنَّ اَلشَّيٰاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ اَلنّٰاسَ اَلسِّحْرَ وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ وَ مٰا يُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰى يَقُولاٰ إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاٰ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ. وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ 61

وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ 166، 170 174، 236، 261، 265

وَ مِنْ شَرِّ اَلنَّفّٰاثٰاتِ فِي اَلْعُقَدِ 37 61

وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ 30

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْيَتٰامىٰ قُلْ إِصْلاٰحٌ لَهُمْ خَيْرٌ 326

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ 307، 308

ي -

يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لاٰ نِسٰاءٌ مِنْ نِسٰاءٍ عَسىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لاٰ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لاٰ تَنٰابَزُوا بِالْأَلْقٰابِ بِئْسَ اَلاِسْمُ اَلْفُسُوقُ بَعْدَ اَلْإِيمٰانِ 7، 352

يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ 58

يَوْمَ نَطْوِي اَلسَّمٰاءَ كَطَيِّ اَلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ 43

ص: 394

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

أ -

أب ولدك، اب علمك، أب زوجك 20

اتباع سرور المسلم 275

أ تدرون ما الغيبة: ذكركم أخاكم بما يكرهه 330

أدنى الكفر ان يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها اولئك لا خلاق لهم 320

اذا رأيتم أهل البدع من بعدى فاظهروا البراءة منهم و اكثروا من سبهم و الوقيعة فيهم 15

اف لك كدرت البحار، و كدرت الطين و لعنتك الملائكة الاخيار و ملائكة السماوات و الأرض 97

ان الدرهم يصيبه الرجل من الربا اعظم من ستة و ثلاثين زنية، و ان اربى الربا عرض الرجل المسلم 312، 314

ان الغيبة أشد من الزنا، و ان الرجل يزني فيتوب و يتوب اللّه عليه و ان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه 310

ان الغيبة حرام على كل مسلم، و ان الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب 318، 325

ان المغتاب اذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة، و ان لم يتب فهو أول من يدخل النار 318، 325

انها ذكرك أخاك بما يكرهه 330

ص: 395

- ت -

ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم و قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم 278-282

تناكحوا تناسلوا حتى اباهي بكم الامم و لو بالسقط 312

ث -

ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، و مدمن سحر، و قاطع رحم 27، 28

ذ -

ذكركم أخاكم بما يكرهه 330

س -

ساحر المسلمين يقتل و ساحر الكفار لا يقتل، لان الشرك أعظم من السحر و لان السحر و الشرك مقرونان 27

سباب المؤمن فسوق، و قتاله كفر، و اكل لحم معصية و حرمة ماله كحرمة دمه 8

سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة 8

ش -

شبعة جوعه، و تنفيس كربته، و قضاء دينه 275

غ -

الغيبة أشد من الزنا 324

ف -

فر من المجذوم فرارك من الاسد 11

ك -

كذب من زعم أنه ولد من حلال 325

ص: 396

- ل -

ليس على المرأة الجمعة و الجماعة و مسجد المرأة بيتها 290

ليس من المسلمين من غشهم 125

ليس منا من غش مسلما 133

م -

ما أرى طعامك إلا طيبا 126

ما أراك إلا و قد جمعت خيانة و غشا للمسلمين 126

من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه اربعين صباحا إلا من يغفر له صاحبه 318، 324

من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنة، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب خالدا في النار و بئس المصير 318، 325

و -

و ان من البيان لسحرا 35

ي -

يتخذ من القرآن مزامير 290

يحج اغنياء امتي للنزهة، و الاوساط للتجارة، و الفقراء للسمعة 290

يؤتى بأحد في يوم القيامة فيوقف بين يدي الرب عز و جل و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته فيه فيقول: إلهي ليس هذا كتابي لا ارى فيه حسناتي فيقال له: ان ربك لا يضل و لا ينسى ذهب عملك باغتياب الناس. ثم يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيه طاعات كثيرة فيقول: إلهي ما هذا كتابي فاني ما عملت هذه الطاعات، فيقال له: ان فلانا اغتابك فدفعت حسناته أليك 319، 325

ص: 397

5 - فهرس الأعلام

أ -

ابراهيم - ع - 68

ابن الحجاج: عبد الرحمن 8

ابن سينا: الشيخ الرئيس 74

ابن قتيبة 163

ابن مسكان 236

ابن مسكويه 21

ابن هاشم 338

أبو البختري 275

أبو حنيفة 57

أبو ذر 329

أبو الشهداء: الامام الحسين - ع - 164، 174، 273، 290

أبو بصير 7، 8، 165، 237 245، 254، 261، 263، 267 284، 300

أبو عبيدة 35

ارجعانوس، او ارحمانوس 80

الاردبيلي: المحقق 150، 151 283، 285-289، 292

ارسطو 74

ارقم: زيد بن ارقم 58

الازرق: يحيى بن الازرق 338

الازهري 156

الأسترآبادي: أبو جعفر 57

الأسترآبادي: المحدث 292

استرخس 81

اسد بابل 67

الاسكاف: سعد 30، 126

اسماعيل: علي بن اسماعيل 236

الأعمش 185، 251

الانطاكي: داود 51

اهل البيت: الأئمة - ع - 17 21، 30، 40، 172، 174، 182 195، 221، 253، 256، 257 288، 312، 316، 362، 363

ب -

البابي الحلبي: مصطفى 35

ص: 398

الباقر: الامام ابو جعفر - ع - 7، 8، 126، 170، 177، 236 237، 247، 280، 281، 282، 345

براستد: جيمس هنري 64

برزيلبوس 88

بكر: موسى بن أبي بكر 126

البروجردي: السيد 291

برودوم: سوللي 46

بريستلي 88

البطائني: علي بن أبي حمزة 263

بنو أمية 230، 239، 252

بنو العباس 230، 239، 252

بوشار 46

بويل: روبرت 87

بويسون 46

البهائي: الشيخ 103

بيريه 46

ج -

الجزائري: السيد عبد اللّه 95

الجزائري: السيد نعمة اللّه 95

الجعدي: النابغة 163

جعفر: علي بن جعفر - ع - 245، 259-263

الجعفري: سليمان 304

جول بوا 45

الجوهري 251، 339، 340

الجهم: محمد بن الجهم 107

جيار 46

ح -

الحلبي 127، 130، 131، 135 300

الحلي: ابن ادريس 300

الحلي: العلامة 36، 39، 53 58، 135، 197، 268، 330

الحكم: هشام بن الحكم 126 127، 132، 165

الحميري 259، 261، 262

الحميري: نشوان بن سعيد 281

خ -

الخزاعي: دعبل 256

ص: 399

الخوئي: السيد ابي القاسم 31

خوشنويس: طاهر 138

د -

دار سونفال 46

داود - ع - 375

دوي 88

ديكارت 87

ر -

الرازي: ابو بكر محمد بن زكريا 87

الرسول الأعظم - ص - 7، 8 11، 14، 18، 20، 26-28 35، 36، 57، 58، 62، 97 125، 126، 128، 133، 174 177، 178، 180، 182، 190 221، 222، 224، 229، 238 254، 257، 275، 278-282 290، 291، 295، 298، 310 312، 314، 316، 318-320 324، 325، 329، 330

الرشيد 119

الرضا: الامام ابي الحسن علي - ع - 14، 107، 119، 181-186 256، 257، 272، 292، 304

رواحة: عبد اللّه بن رواحة 298

ز -

الزمخشري 162، 197، 206 207، 251

زين العابدين: الامام علي بن الحسين - ع - 21، 22، 169

س -

سالم: هشام بن سالم 351

السبزواري: عبد الاعلى 58 165، 166، 167، 177

السبزواري: المحقق 244-246 250، 252، 258، 267

سرحان: داود بن سرحان 127 337، 339

ص: 400

السكوني 8، 26، 97، 98

سليمان: عبد اللّه بن سليمان، 22

سنان: عبد اللّه بن سنان 190 221، 238، 243، 245، 337، 342

سوسة: د احمد سوسة 63

سيابة: عبد الرحمن بن سيابة 338 339، 346

ش -

الشافعي: الامام 57، 192 193

الشحام: زيد الشحام 165، 167

شقفي: عيسى بن شقفي 104 110

الشهيد الأول (محمد بن مكى العاملي) 39، 50، 94، 108، 109 110، 111، 128، 139، 141 148، 296

الشهيد الثاني (زين الدين الجبعي) 19، 31، 39، 53، 94، 96، 108 109، 110، 163، 201، 202، 324 327، 332-336، 348، 349

ص -

صاحب الايضاح 52، 53، 55 259

صاحب جامع الرواة 338

صاحب جامع المقاصد 206، 213 271، 330، 335، 336، 371، 372

صاحب الحدائق 280، 282

صاحب الرياض 31

صاحب الصحاح 193-196 205، 206، 210

صاحب القاموس 205

صاحب الكفاية 236، 244-247 250، 255، 257، 259، 261 273، 283

صاحب مجمع البحرين 203، 205

صاحب مجمع الفائدة 201، 202

صاحب المسند 272

صاحب المصباح 193، 205 210، 329، 330

صاحب مفتاح الكرامة 163 202، 205-207، 209-212

ص: 401

220، 252

صاحب النهاية 192-194، 329

صاحب الوافي 231

الصادق: الامام أبو عبد اللّه جعفر عليه السلام 8، 22، 26، 29، 53 60، 86، 89-92، 97، 104 105، 110، 121، 126، 127، 132، 135، 166، 168، 169، 170، 175، 178، 179، 190، 221، 228، 231، 234، 235، 238، 245، 246، 254، 261، 263، 275، 284، 291، 292، 299، 320، 337، 339، 342-344 346، 347، 351، 355، 359، 361

صدقيا 64

الصدوق 97، 98، 105، 126، 170، 284، 286

ط -

الطباطبائي: عبد العزيز 281

الطريحي 280

الطوسي: شيخ الطائفة 56، 179 268، 272، 284، 286

ع -

عائشة 57

عباد: محمد بن أبي عباد 183، 195 214

العباسي: الزنديق 181، 182

عبد اللّه بن الامام جعفر الصادق عليه السلام 179

العسكري: الامام الحسن عليه السلام 106، 109

علي أمير المؤمنين عليه السلام 22، 26، 28، 30، 58، 96، 250 251، 256، 260، 265-268 320، 325

العمري: محمد بن عثمان 292

عمير: ابن أبي عمير 165، 236

عنان: ابان بن عنان 338، 339

العياشي 337

عيسى: حماد بن عيسى 168

ص: 402

- ف -

الفارابي: المعلم الثاني 171

فخر المحققين: علي بن يوسف 58، 94-96، 100، 300

فضال: علي بن الحسن بن فضال 179

فضل: محمد بن فضل 343

الفضل: اسماعيل بن الفضل 21

ق -

قصي: جد النبي - ص - 295

القمي 10، 165، 291

ك -

الكاشاني: المحدث 227، 228، 229، 231، 233، 234، 235، 236، 238، 246، 252، 258، 261، 267، 292

الكاشاني: الفيض 95

كاشف الغطاء: الشيخ الكبير 108 197، 327، 328، 372

الكرملي: انستاس 63

الكاظم: الامام ابو الحسن موسى عليه السلام 8، 119، 126، 127 129، 179، 187، 259، 264، 338، 343

كافنديش: هنري 88

كلدة: شيخ 63

الكليني 284، 286

الكمالي: ثابت بن دينار 21

الكتاني: أبو الصباح 166

كوري: مدام 88

الكوفي: جابر بن حيان 86

كي اخسار 64

ل -

لافوازيه 87

لر 88

م -

المازري 58

مالك: الامام 57

ص: 403

المأمون 119

المامقاني: الشيخ 264

منشينكوف 46

المتنبي 109

المتوكل 256

المثنوي: المولوي 230

المجلسي 54، 55، 62، 67 72، 89، 92، 94، 96، 100 111، 122

المحقق الثاني 10، 138، 141 144، 198، 200

محمد: مهران بن محمد 166 167

المرتضى: السيد 268، 300

مسلم: محمد بن مسلم 129، 130 131، 165-167، 170، 236 247

المصري: الزنديق 60، 89-92 104

المغربي 57

المفيد: 284، 286، 300

المقداد: الفاضل 52-55 100، 111

المنتظر عجل اللّه فرجه: الحجة 292

موسى - ع - 57، 118

ميزير 46

الميسي: الفاضل 108، 109

ن -

نبوبلاصر 63، 64

نبوخذنصر الثاني 64-66

النراقي: محمد مهدي 21

و -

وجدي: محمد فريد 44

الوشاء 166، 167

ه -

الهادي: الامام علي - ع - 256 257

هارون: حسن بن هارون 166، 167

ي -

يسار: فضيل بن يسار 291

يونس 181، 284

يهويافين 64

ص: 404

6 - فهرس الأمكنة و البقاع

أ -

المانيا 45

امريكا 44

اوربا 44، 45

اورشليم 64، 65، 80، 81

ايطاليا 45

ب -

باريس 45

البصرة 372

بغداد 67، 369

بيت اللّه الحرام 290، 317

ت -

تبريز 138

ج -

جامعة النجف الدينية 67

الجزيرة العربية الشرقية 63

الجنائن المعلقة 67

- ح -

الحلة الفيحاء (بابل) 62-67، 106

خ -

خراسان 57

خط الاستواء 65

ر -

روسيا 45

س -

ساحل خليج جنوب الجزيرة العربية 63

سنداباد 64

ط -

طهران 22، 52، 96، 291، 321

ع -

العراق (وادي الرافدين، بين النهرين) 57، 62-64، 83

ق -

القاهرة 197

ص: 405

قم 96، 107

ك -

كلدية 64

الكوفة 86، 372

كبش 64

ل -

لوندرة 45

م -

مصر (خيميا) 35، 65، 66، 86، 310

مطبعة الآداب 296

مطبعة آفتاب 291

المطبعة الحيدرية 324

مطبعة دار العلم 107

مطبعة المدني 197

مطبعة مصطفى البابي الحلبي 314

مطبعة النجف 291

المكتبة التجارية الكبرى 310

ن -

النجف الاشرف 92، 96، 98، 296

نيبور 64

نينوى 64

نيويورك 45

ه -

الهلال الخصيب 64

هيكل سليمان 64

ي -

اليونان 66

ص: 406

7 - الشعر

ت -

بكيت لرسم الدار من عرفات *** و اذريت دمع العين بالعبرات

و فك عرى صبري و هاجت صبابتي *** رسوم ديار اقفرت و عرات

مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات

256

د -

بشنو از نى چون حكايت مى كند *** و از جدائيها شكايت مى كند

230

ط -

حب التناهي شطط *** خير الامور الوسط

62

ل -

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم *** غلب الرجال فلم تنفعهم القلل

و استنزلوا بعد عز عن معاقلهم *** الى مقابرهم يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا *** اين الاسرة و التيجان و الحلل

اين الوجوه التي كانت محجبة *** من دونها تضرب الأستار و الكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم *** تلك الوجوه عليها الدود تنتقل

257

ص: 407

و اراني طربا في اثرهم *** طرب الواله أو كالمختبل

164

و فرع يزين المتن اسود فاحم *** اثيث كقنو النخلة المتعثكل

غدائره مستشزرات الى العلى *** تضل العقاص في مثنى و مرسل

255

ن -

كل من لم يعشق الوجه الحسن *** قرب الجل إليه و الرسن

203

ي -

أطربا و أنت قنسري *** و الدهر بالانسان دواري

162، 197

ص: 408

8 - الكتب

- أ -

الاحتجاج 53، 60، 92، 99، 102 109

احياء العلوم 310، 312

الاساس 196

الاستبصار 229

اصول الكافي 28، 104، 105، 165، 190، 229، 254، 337، 338، 343

أمالي الصدوق 35

الايضاح 41، 43، 50، 53، 89 92-94، 96، 97، 110، 111 259، 300

ب -

بحار الأنوار 14، 22، 25، 54 55، 62، 72، 89، 94، 102 111، 186، 272، 274، 322، 330، 355، 359، 363

ت -

تاج العروس 35، 184، 269

التحرير 36

تحف العقول 22، 300

تحفة حكيم مؤمن 51

التذكرة 300

تذكرة أولى الالباب 51

تفسير البرهان 291

تفسير الصافي 96، 291

التنقيح 50، 53، 54، 111

تنقيح المقال 264

تنكلوشا 71

التوراة 65

التهذيب 229

ج -

جامع أحاديث الشيعة 22، 291

ص: 409

جامع السعادات 21

جامع المقاصد 33، 137، 138، 141، 162، 198، 220، 271، 296، 370

ح -

الحدود 31

خ -

الخلاف 56

د -

دائرة المعارف الاسلامية 44

الدروس 37، 38، 50، 94، 111، 296، 300

ذ -

الذكرى 138، 139، 141، 148

- ر -

الرسائل 219

الروضة البهية 14، 201

الري و الحضارة 63

ش -

شرايع الاسلام 296

شرح اللمعة الدمشقية 39

الشفاء 74

شمس العلوم 281، 282

ص -

الصحاح 210، 259، 270، 279 308، 332، 339، 353

ع -

العصور القديمة 64

عقاب الاعمال 126

على اطلال المذهب المادي 47

علل الشرائع 105، 324

العيون 125

عيون أخبار الرضا 107

ف -

فروع الكافي 165

ص: 410

- ق -

القاموس 211، 251، 270، 329

القرآن فضائله و آثاره 96

القرآن الكريم 95، 96، 160 161، 169، 170، 176، 190، 196 221-223، 236-238، 240 242، 242، 245، 248، 249 253-257، 268، 273 278-283، 285، 290، 291 345

القواعد 36، 38، 39، 53، 58 197، 296

ك -

كشف الريبة 319، 324، 327 332، 335، 348

كفاية الفقيه 236، 237، 255 259، 268، 296

ل -

لسان العرب 270

اللمعة الدمشقية 14، 31، 180 201، 311

- م -

المجازات النبوية 35، 314

مجلة لغة العرب 63

مجمع الأمثال 35

مجمع البحرين 156، 217، 270 279، 308

مجمع البيان 321

مجمع الفائدة 201

مخزن الادوية 51

المسالك 37، 38، 53، 94، 101 104، 105، 108، 110، 201 203، 298

مستدرك وسائل الشيعة 209، 312 318

المصباح 191، 192، 210، 269 328، 329

مصباح الشريعة 363

المصباح المنير 56

معالم الاصول 20

معاني الأخبار 167

معراج السعادة 21

مغني اللبيب 197

ص: 411

مفتاح الكرامة 163

مفردات اللغة 56

مقاييس اللغة 56

المنتهى 37، 53

من لا يحضره الفقيه 97، 98، 229

منية المريد في آداب المفيد و المستفيد 19

ن -

النخبة 95

نفائس الفنون في عرائس العيون 52

النهاية 192، 269، 329

نيل الأوطار 58، 59

- و -

الوافي 15، 95، 228، 291

وسائل الشيعة 8، 11، 13، 16 26، 31، 105، 107، 125، 126 165، 169، 178، 183، 186، 224، 228، 236، 238، 245، 247، 251، 254، 256، 260، 261، 271، 278، 280، 284، 290، 292، 299، 304، 309، 310، 312، 313، 318، 320، 322، 323، 324، 329، 337، 343، 351، 352

ص: 412

المجلد 4

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الإهداء

سيدي... أبا صالح

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، اهديها أليك... يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 3

ص: 4

تتمة المكاسب المحرمة

تتمة النوع الرابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه

تتمة المسألة الرابعة عشر الغيبة
تتمة بقي الكلام في أمور
الثاني في كفارة الغيبة

ص: 5

ص: 6

فى كفارة الغيبة (الثاني) (1): في كفارة الغيبة الماحية لها.

و مقتضى كونها (2) من حقوق الناس توقف رفعها على اسقاط صاحبها حقه.

أما كونها من حقوق الناس فلأنه ظلم على المغتاب (3)، و للأخبار (4) في أن من حق المؤمن على المؤمن أن لا يغتابه (5)، و أن حرمة عرض المسلم

++++++++++

(1) أي من الامور التي ذكرها الشيخ في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 328 عند قوله: بقي الكلام في امور.

(2) أي مقتضى كون الغيبة.

(3) و هو المستغاب، لأن ذكره بسوء موجب لسقوطه في المجتمع الانساني فيكون ظلما قد حكم العقل بقبحه.

(4) تعليل ثان لكون الغيبة من حقوق الناس، اذ التعليل الأول هو كون الغيبة ظلما.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 546. الباب 122 من أبواب وجوب اداء حق المؤمن. الأحاديث.

هذه الرواية تدل بوضوح على أن الغيبة من حقوق الناس.

و كلمة (من) هنا للتبعيض، حيث ان حقوق المؤمنين غير منحصرة بهذا الحق فحسب، بل هناك حقوق اخرى غير هذا.

فلو خرق المؤمن هذا الحق على أخيه فلا بد أن يتحمل تبعات هذا الخرق. -

ص: 7

كحرمة دمه و ماله (1).

و أما توقف رفعها على ابراء ذي الحق فللمستفيضة المعتضدة بالأصل (2) (منها) (3): ما تقدم من أن الغيبة لا تغفر حتى يغفر صاحبها و أنها ناقلة للحسنات و السيئات.

++++++++++

- و من جملة التبعات الاعتذار إليه، و طلب العفو منه، فإن عفا فبفضله و إن سخط عليه فلحقه.

و لو لا ذلك لم يكن معنى لجعله حقا من الحقوق.

و طلب الاعتذار و العفو و إن كان ثقيلا جدا، لما يعرض الشخص من الاستكانة، لكنه يجب و يكون عقابا للمستغيب الذي هتك ستر أخيه و عرضه.

(1) نفس المصدر. ص 599-600. الأحاديث.

خلاصة الحديث: أنه كما يجب أن يصان و يحفظ دم المسلم و ماله:

كذلك يجب أن يحفظ و يصان عرضه: بأن لا تمس كرامته بسوء و لا يهتك و تحفظ معنوياته.

(2) المراد من الأصل هنا الاستصحاب، أي استصحاب اشتغال ذمة المستغيب بحق من المغتاب بالفتح حينما اغتابه فلا يسقط هذا الحق حتى يعفو عنه.

(3) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على توقف رفع الغيبة على ابراء ذي الحق حقه: ما تقدم في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 318-319.

ص: 8

(و منها) (1): ما حكاه غير واحد عن الشيخ الكراجكي بسنده المتصل الى علي بن الحسين عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: للمؤمن على أخيه ثلاثون حقا لا براءة منها إلا بادائها (2)، أو العفو الى أن قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول: إن أحدكم ليدع (3) من حقوق أخيه شيئا

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على توقف رفع الغيبة على اسقاط ذي الحق حقه، سواء تمكن من الوصول أم تعذر.

(2) أي باداء تلك الحقوق.

المراد بالاداء هنا هي المحافظة على تلك الحقوق، و عدم الاخلال بها بمعنى أن مراعاة تلك الحقوق لا يتصور إلا بادائها و المحافظة عليها.

و المراد من العفو هنا إما اسقاط الحق قبل الاعتداء عليه كما اذا قال شخص لزيد: أنت في حل من غيبتي.

و إما الاسقاط بعد الاعتداء و هو المراد هنا، حيث ان المؤمن يستغيب أخاه المؤمن فيتعلق بذلك حق له عليه في ذمته فيذهب المستغيب إليه ليطلب العفو منه.

ثم الأحرى بالأخ المسلم حين يبيح له أخوه المسلم أن يستغيبه: أن يكف عنه، و يستر عليه، و يحافظ على حرمته أكثر و أكثر.

(3) أي يترك، و المعنى أن الأخ المؤمن عند ما يستغيب أخاه المؤمن يتعلق بذمته حق للمستغاب بسبب غيبته له فيطالب المستغاب المستغيب يوم القيامة بذلك الحق فيحكم للمستغاب بذلك الحق المسبب من الغيبة و يحكم على المستغيب.

ص: 9

فيطالبه (1) به يوم القيامة فيقضى (2) له و عليه (3).

و النبوي المحكي فى السرائر و كشف الريبة: من كانت لاخيه عنده مظلمة في عرض، أو مال فليستحللها من قبل أن يأتي يوم ليس هناك درهم و لا دينار فيؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فتتزايد على سيئاته (4).

و في نبوي آخر من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة، إلا أن يغفر له صاحبه (5).

و في دعاء التاسع و الثلاثين من أدعية (الصحيفة السجادية) (6)

++++++++++

(1) الفاعل في فيطالبه المستغاب كما عرفت آنفا.

و مرجع الضمير في به: شيئا في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا، و الباء في به سببية، أي بسبب الغيبة.

(2) بصيغة المجهول بمعنى يحكم، و مرجع الضمير في له المستغاب و في و عليه المستغيب، و قد عرفت معنى هذه الجملة آنفا.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 550. الباب 122 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 24.

(4) (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 75. ص 243 السطر 9. و المراد من فليستحللها: طلب الحلية.

(5) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 106. الحديث 35.

(6) راجع (الصحيفة السجادية) طبعة افسيت من منشورات (المكتبة الاسلامية) بخط (الحاج حسن الهريسي) ص 128.

إليك نص عبارتها صلوات اللّه على منشئها.

«اللّهمّ و أيّما عبد نال منّي ما حظرت عليه و انتهك -

ص: 10

و دعاء يوم الاثنين من ملحقاتها (1): ما يدل على هذا المعنى (2) أيضا.

و لا فرق في مقتضى الأصل (3)، و الأخبار (4) بين التمكن من الوصول الى صاحبه (5)، و تعذره (6)،

++++++++++

- منّي ما حجرت عليه فمضى بظلامتي ميّتا، أو حصلت لي قبله حيّا فاغفر له ما ألمّ به منّي».

(1) أي من ملحقات (الصحيفة السجادية).

(2) و هو أن الغيبة من الحقوق في كونها متوقفة على ابراء ذي الحق.

راجع نفس المصدر. ص 224.

أليك نص عبارتها صلوات اللّه و سلامه على منشئها:

«و أسألك في مظالم عبادك عندي فأيما عبد من عبيدك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه فى نفسه أو في عرضه، أو في ماله، أو في أهله و ولده، أو غيبة اغتبته بها، أو تحامل عليه بميل أو هوى، أو أنفة، أو حميّة أو رياء، أو عصبة غائبا كان أو شاهدا، و حيّا كان أو ميتا فقصرت يدي، و ضاق وسعي عن ردّها إليه و التحلل منه فأسألك يا من يملك الحاجات و هي مستجيبة بمشيّته، و مسرعة إلى إرادته:

أن تصلّي على محمد و آل محمد و أن ترضيه عنّي بما شئت».

(3) و هو الاستصحاب المذكور في ص 8.

(4) و هي التي اشير إليها في ص 7.

(5) أي الى صاحب الحق و هو المستغاب.

(6) أي و بين تعذر الوصول الى صاحب الحق فالأخبار في هذا المقام مطلقة لا تفرق بين الحالتين: حالة امكان الوصول، و حالة تعذره في توقف رفع الغيبة على اسقاط ذي الحق حقه.

ص: 11

لأن تعذر البراءة (1) لا يوجب سقوط الحق كما في غير هذا المقام (2).

لكن (3) روى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه و آله أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته كلما ذكرته (4).

++++++++++

(1) و هو عدم امكان الوصول عند صاحب الحق حتى يمكن للمستغيب إبراء الذمة منه: لا يوجب سقوط حق المستغاب فالحق باق في ذمة المستغيب الى أن يسقطه عنه صاحبه.

(2) من موارد تعلق الحق بذمة آخر كما لو استدان شخص من زيد أو سرق، أو غصب منه، فانه يتعلق بذمة المدين، أو السارق أو الغاصب من الدائن، أو المسروق منه، أو المغصوب منه حق، و تشتغل ذمته بذلك الحق، و لا يسقط إلا بالأداء.

و كيفية الأداء: إما باعطائه حقه، أو بالاستبراء منه.

و إن كان صاحب الحق ميتا يجب دفعه الى ورثته.

فان تعذر كل ذلك بقي الحق في ذمته الى يوم القيامة.

(3) استدراك عما أفاده الشيخ آنفا من أن مقتضى الاصل و الأخبار عدم سقوط الحق بتعذر الوصول.

و خلاصة الاستدراك: أن هذا الخبر يدل على أن تعذر الوصول مسقط للحق، و يكتفى في كفارة الغيبة بالاستغفار فقط فيكون خبر السكوني خاصا يقيد به تلك الاطلاقات المتقدمة الدالة على عدم سقوط الحق، سواء تعذر الوصول الى صاحب الحق أم لا.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 605. الباب 155 الحديث 1.

لكن الحديث مروي عن حفص بن عمير لا عن السكوني، و رواة حديث حفص كلهم ثقات إلا حفص بن عمير، حيث انه لم يوثق و ان كان حسنا -

ص: 12

و لو صح سنده (1) أمكن تخصيص الاطلاقات المتقدمة به فيكون

++++++++++

- و أما رواية السكوني فمروية في نفس المصدر. ص 606. و هي واردة في وجوب رد المستغيب عن غيبة أخيه، أليك نص الحديث.

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: من ردّ عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنة.

و هناك أحاديث اخرى في وجوب الاستغفار على المستغيب.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 108. الأحاديث.

(1) أي لو صح سند حديث السكوني الدال على أن الاستغفار يكون طريقا آخر لسقوط حق المغتاب بالفتح: لصار مخصصا للمطلقات المتقدمة المعبر عنها بالمستفيضة التي ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها و منها في ص 8-9 لأنها تدل على توقف رفع الغيبة على اسقاط المغتاب بالفتح حقه المتعلق بذمة المغتاب بالكسر مطلقا، سواء تمكن المغتاب بالكسر من الوصول الى المغتاب بالفتح أم تعذر.

و لا يخفى أن الحديث المذكور مروي عن حفص بن عمير، لا عن السكوني حتى يخدش فيه فيقال: لو صح سند الحديث.

و قد عرفت أن سلسلة رواة الحديث كلهم ثقات إلا حفص بن عمير و هو حسن و ان لم يوثقه علماء الرجال.

إذا تكفي هذه الرواية الحسنة في تخصيص المطلقات المتقدمة التي جلها ضعاف.

ثم لا يخفى عليك أيضا: أن حديث حفص بن عمير مطلق أيضا لأنه دال على أن الاستغفار من المغتاب بالكسر في حق المغتاب بالفتح يكون كفارة، سواء تمكن المغتاب بالكسر من الوصول الى المغتاب بالفتح أم لا و سواء عفا صاحب الحق عن حقه أم لم يعف.

ص: 13

الاستغفار طريقا أيضا الى البراءة، مع احتمال (1) العدم أيضا، لأن (2) كون الاستغفار كفارة لا يدل على البراءة فلعله كفارة للذنب من حيث

++++++++++

- اذا يكون بين الحديث، و المطلقات المتقدمة: التعارض، لا العموم و الخصوص من وجه، فحينئذ نحتاج الى الجمع بينهما، لئلا يتساقطا عند عدم المرجح كما هو طريق التعارض.

و قد ذكر (الشيخ الانصاري) طريق الجمع و نحن نذكره عند قوله و يمكن الجمع بينهما.

(1) أي و يحتمل عدم حصول براءة المستغيب، لان مجرد كون الاستغفار كفارة للغيبة لا يدل على سقوط حق المغتاب بالفتح فذمة المستغيب مشغولة للاستصحاب.

(2) تعليل لكون الاستغفار لا يدل على براءة ذمة المستغيب.

و خلاصته: أن هنا حقين: حقا للّه عز و جل، و حقا للمغتاب بالفتح فالاستغفار يكون كفارة لحقه تعالى، لأنه تمرد عن نهيه بغيبته لاخيه فيستحق العقوبة فباستغفاره يسقط حقه عز و جل، لأنه غفّار رحيم.

و أما حق المغتاب فلا يسقط بالاستغفار فتبقى ذمة المغتاب بالكسر مشغولة الى أن يسقطها و يبرؤها المغتاب بالفتح.

و قد ثبت في محله أن الحقوق في الاسلام على قسمين: قسم مختص للّه تعالى كالصلاة و الصوم و الحج، و ما شاكلها.

و قسم مشترك بينه، و بين عباده كالسرقة مثلا، فإن السارق بسرقته يتوجه نحوه حقان: رد السرقة الى صاحبها، لأنها من حقوق الناس و قطع يده، لأنه حق اللّه عز و جل، و الغيبة من هذا القبيل.

ص: 14

كونه حقا للّه تعالى نظير (1) كفارة قتل الخطأ التي لا توجب براءة القاتل.

إلا (2) أن يدعى ظهور السياق في البراءة.

قال في كشف الريبة بعد ذكر النبويين الأخيرين المتعارضين (3):

و يمكن الجمع بينهما: بحمل (4) الاستغفار على من لم تبلغه غيبة المغتاب

++++++++++

(1) تنظير لكون الاستغفار كفارة لحق اللّه عز و جل المتعلق بذنب المغتاب بالكسر للخالق.

و خلاصته: أن في قتل الخطأ يتعلق شيئان: وجوب الكفارة و هو عتق رقبة، و وجوب دفع الدية الى ولي المقتول، فلو أعتق الرقبة التي هو حق اللّه عز و جل و لم يدفع الدية الى ولي الدم التي هي من حقوق الناس لم تسقط ذمة القاتل و لم تبرأ الى أن يدفعها إليهم، و لو مات فالى وارثه فالذمة مشغولة حتى تؤدي.

(2) استثناء عما أفاده: من أن الاستغفار الوارد في حديث السكوني كفارة لحق اللّه عز و جل، لا لحق المغتاب بالفتح.

و خلاصته: أنه لو ادعي ظهور الحديث المذكور في براءة ذمة المستغيب عن حق المستغاب فلا مجال لاحتمال عدم حصول براءة الذمة.

(3) و هما: رواية حفص بن عمير التي عبر عنها الشيخ بالخبر السكوني و روايته المحكية في (السرائر و كشف الريبة) المرويتين عن النبي صلى اللّه عليه و آله.

وجه التعارض: أن الاولى تصرح بأن كفارة الاغتياب الاستغفار.

و الثانية تصرح بأن كفارة الاغتياب وجوب استحلال المستغيب عن حق المستغاب فحفظا للسقوط لا بد من الجمع.

(4) هذا طريق الجمع.

و خلاصته: أن يحمل خبر السكوني الدال على أن الاستغفار كفارة

ص: 15

فينبغي له الاقتصار على الدعاء و الاستغفار، لأن في محالته (1) اثارة للفتنة و جلبا للضغائن.

و في حكم من لم تبلغه: من (2) لم يقدر على الوصول إليه، لموت أو غيبة

أقول (3): إن صح النبوي الأخير سندا فلا مانع عن العمل به:

++++++++++

- للغيبة و مسقطا لها: على المستغاب الذي لم تبلغه غيبة المستغيب فينبغي للمستغيب أن يكتفي بالدعاء و الاستغفار و يقتصر عليهما، لأن طلب الحلية من المستغاب موجب لاثارة الفتنة، و لجلب الأحقاد و الضغائن فيزيد في الطين بلة.

و لربما يقابله بالمثل فيتصدى لغيبته.

و يحمل الخبر النبوي الدال على وجوب الاستحلال من المستغاب:

على المستغيب الذي يمكن له الوصول الى المستغاب الذي بلغته الغيبة، و ليس له أي محذور في الاستحلال.

(1) ما رأينا في كتب اللغة التي بأيدينا أن كلمة محالة تأتي بمعنى الاستحلال، بل جاء بمعنى الحلول و النزول في المكان.

و لعل السهو من النساخ.

(2) أي حكم المستغيب الذي لم يمكن وصوله الى المستغاب للاستحلال منه إما لموت المستغاب، أو لبعد مكانه: حكم المستغاب الذي لم يطلع على الغيبة في أنه يكتفي بالدعاء و الاستغفار للمستغاب و يقتصر عليهما.

(3) من هنا كلام الشيخ.

و خلاصته أن حديث السكوني لو صح سندا فلا مانع لدينا من جعله طريقا لبراءة ذمة المستغيب عن حق المستغاب مطلقا، سواء اطلع المستغاب على الغيبة أم لا، و سواء تمكن المستغيب من الوصول الى المستغاب -

ص: 16

بجعله طريقا الى البراءة مطلقا في مقابل الاستبراء، و إلا (1) تعين طرحه و الرجوع الى الأصل، لإطلاق (2) الأخبار المتقدمة.

و تعذر (3) الاستبراء، أو وجود المفسدة فيه لا يوجب وجود مبرئ آخر.

نعم (4) أرسل بعض من قارب عصرنا عن الامام الصادق عليه السلام

++++++++++

- أم تعذر، فيكون هذا الحديث في مقابل الحديث الدال على وجوب الاستحلال و الاستبراء.

(1) أي و ان لم يصح سند الحديث المذكور فالثابت المتعين طرحه و الرجوع الى الأصل الذي هو الاستصحاب المذكور و هو بقاء حق المستغاب بذمة المستغيب فلا يسقط بالاستغفار، بل لا بدّ من الاستحلال حتى تبرأ ذمته.

(2) تعليل لوجوب طرح خبر السكوني الدال على أن كفارة الغيبة الاستغفار: أي الأخبار المتقدمة المعبر عنها بالمستفيضة المشار إليها في ص 8-9 بقوله: منها و منها و منها تصرح بعدم براءة ذمة المستغيب إلا بالاستحلال

(3) الواو استينافية و كلمة (تعذر) مبتدأ خبره: جملة (لا يوجب) و الجملة هذه رد على ما أفاده (الشهيد الثاني) في كشف الريبة في مقام الجمع بين النبويين المتعارضين المذكورين في ص 10: من أن الاستحلال موجب لاثارة الفتنة، و جلب الضغائن.

و خلاصة الرد: أن المحذور المذكور لا يكون دليلا على وجود محلل آخر و هو الاستغفار.

و كذلك تعذر الوصول الى المستغاب لا يوجب وجود مبرئ آخر و هو الاستغفار.

(4) استدراك عما أفاده: من أن إثارة الضغائن، أو عدم التمكن من الوصول الى المستغاب لا يكون دليلا على وجود مبرئ آخر و قد ذكر الاستدراك الشيخ في المتن.

ص: 17

أنك إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحل منه، و إن لم يبلغه فاستغفر اللّه له (1) و في رواية السكوني المروية في الكافي في باب الظلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: من ظلم أحدا ففاته فليستغفر اللّه له، فانه كفارة له (2).

و الانصاف (3) أن الأخبار الواردة في هذا الباب كلها غير نقية السند و أصالة البراءة تقتضي عدم وجوب الاستحلال و الاستغفار، و أصالة (4) بقاء الحق الثابت للمغتاب بالفتح على المغتاب بالكسر تقتضي عدم الخروج منه إلا بالاستحلال خاصة.

++++++++++

(1) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2 ص 105. الحديث 19.

(2) (أصول الكافي). الجزء 2. ص 334. الحديث 2.

(3) من هنا يريد الشيخ أن يحقق حول ثبوت الحق في ذمة المستغيب، و عدمه.

و خلاصة ما أفاده: أن الأخبار المستفيضة التي ذكرت في ص 8-9.

حول ثبوت الحق في ذمة المستغيب و استدل القائل بها كلها ضعيفة الاسناد لا تنهض دليلا على المدعى، فعليه لا مانع من الرجوع الى أصالة البراءة للشك في ثبوت الحق بمجرد الغيبة، و ليس في البين سوى الأخبار المستفيضة و هي ضعيفة الاسناد فلا يجب الاستحلال و الاستغفار.

و يعارض هذا الأصل أصل آخر و هو الاستصحاب فكل منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه الآخر، فان أصالة البراءة تقتضي عدم اشتغال ذمة المستغيب لا بالاستحلال، و لا بالاستغفار.

و الاستصحاب يقتضي بقاء ذمة المستغيب على الحق، و اشتغالها به فلا بد في سقوطه من أحد الأمرين: الاستحلال، أو الاستغفار.

(4) المراد منه الاستصحاب كما عرفت آنفا.

ص: 18

لكن (1) المثبت لكون الغيبة حقا بمعنى وجوب البراءة منه ليس إلا الأخبار غير (2) نقية السند، مع (3) أن السند لو كان نقيا كانت الدلالة ضعيفة، لذكر حقوق أخري في الروايات: لا قائل بوجوب البراءة منها.

و معنى القضاء (4) يوم القيامة لذيها على من عليها: المعاملة معه

++++++++++

(1) هذا اشكال على معارضة الاستصحاب للاصل الآخر.

و خلاصته: أن مدرك الاستصحاب هي الأخبار المستفيضة المذكورة و قد عرفت أنها مخدوشة الأسناد فليس له مقاومة لأصالة البراءة فلا يعارض البراءة.

(2) منصوب على الحالية للاخبار أي حال كون الأخبار غير نقية السند.

(3) اشكال ثان على عدم حجية الاستصحاب المذكور هنا.

و خلاصته: أنا لو تنازلنا عن الخدشة في الأسناد و قلنا بصحتها فلا دلالة للاخبار المذكورة على المدعى و هو وجوب الاستحلال، أو الاستغفار لوجود حقوق اخرى في روايات أخرى مع أنها لا تكون واجب الأداء فكذلك الاستحلال، أو الاستغفار الذي هو أحد الحقوق المذكورة لا يكون واجبا.

و قد اشير الى تلك الأخبار المتضمنة لتلك الحقوق في ص 9.

فتحصل من هذا الاشكال أن شيخنا الأنصاري يريد أن ينفي مقتضى الاستصحاب في المقام.

(4) أي معنى القضاء الوارد في الرواية المشار إليها في ص 10.

في قوله عليه السلام: يقضى له و عليه: أن اللّه سبحانه و تعالى يعامل مع هذا المؤمن الذي لم يؤد حقوق الاخوة الدينية في حق أخيه معاملة -

ص: 19

معاملة (1) من لم يراع حقوق المؤمن، لا العقاب (2) عليها كما لا يخفى على من لاحظ الحقوق الثلاثين المذكورة في رواية الكراجكي (3).

فالقول بعدم كونه حقا للناس بمعنى وجوب البراءة نظير الحقوق المالية لا يخلو عن قوة، و ان كان الاحتياط في خلافه (4) بل لا يخلو (5)

++++++++++

المؤمن الذي لم يراع حقوق الاخوة أصلا فلم يعطه درجة من راعى الحقوق و التزم بها و أدّاها.

و ليس معنى القضاء: أن من لم يراع حقوق الاخوة الاسلامية يعاقب يوم القيامة و يعذب عليها.

و الدليل على أن المراد من القضاء هي المعاملة المذكورة: ذكر الحقوق الاخرى الواردة في رواية الكراجكي التي اشير إليها في ص 9، فانها ليست واجبة الأداء حتى يعاقب عليها يوم الآخرة.

و مرجع الضمير في ذيها و عليها: الحقوق الواردة في الأخبار.

و المراد من كلمة ذي: صاحب الحقوق و هو المستغاب، و من كلمة من الموصولة المستغيب.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و معنى القضاء.

(2) أي و ليس المراد من القضاء العقاب الاخروي كما عرفت.

(3) التي اشير إليها في ص 9.

(4) أي في خلاف القول بأن الغيبة ليست من قبيل الحقوق المالية حتى تجري فيها أصالة البراءة.

بل قول الحق أنها من الحقوق المالية التي لا بدّ فيها من الاستحلال أو الاستغفار.

(5) أي القول بكون الغيبة نظير الحقوق المالية لا يخلو عن قرب الى الواقع و الصواب.

ص: 20

عن قرب، من (1) جهة كثرة الأخبار الدالة على وجوب الاستبراء منها (2) بل (3) اعتبار سند بعضها.

و الأحوط الاستحلال إن تيسر (4)، و إلا الاستغفار غفر اللّه لمن اغتبناه و لمن اغتابنا بحق محمد و آله الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

الثالث: فيما استثني من الغيبة، و حكم بجوازها بالمعنى الأعم.
اشارة

(الثالث) (5): فيما استثني من الغيبة، و حكم بجوازها بالمعنى الأعم.

++++++++++

(1) تعليل لكون الاحتياط المذكور قريبا للواقع و الصواب.

(2) أي من الغيبة.

(3) هذا تعليل ثان لكون الاحتياط المذكور قريبا للواقع و الصواب و خلاصته: أن سند بعض الاخبار المستفيضة الدالة على وجوب الاستحلال معتبر: و هي الصحيفة السجادية، و دعاء يوم الاثنين منها اللتين اشير إليهما في ص 10-11.

و انما أفاد هذا التعليل، لأنه قدس سره أفاد آنفا أن اسناد الأخبار المستفيضة ضعيفة فلا تنهض للمطلوب، بالإضافة الى عدم دلالتها على المدعى فهنا أراد أن يتدارك ذلك فقال: بل سند بعضها معتبر.

(4) بأن لا يترتب عليه مفسدة، أو كان ممكن الوصول الى المستغاب (5) أي الأمر الثالث من الامور الباقية التي ذكرها المصنف في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 328 بقوله: و بقي امور.

ثم إن الاستثناء هنا حكمي لا موضوعي أي المستثنى خارج عن الغيبة حكما، فعليه يكون الاستثناء متصلا، لا منقطعا.

و المراد من الجواز هنا معناه الأعم و هو الوجوب، أو الاستحباب أو الكراهة، و ان كان لكل واحد منها مميز و فصل خاص، لكن تجتمع في معنى جامع و هو كونها سائغ الفعل، و هذا معنى الجواز بالمعنى الأول المعبر عنه بالراجح.

ص: 21

فاعلم أن المستفاد من الأخبار المتقدمة (1) و غيرها: أن حرمة الغيبة لأجل انتقاص المؤمن و تأذيه منه، فاذا فرض هناك مصلحة راجعة الى المغتاب

++++++++++

- و في قبال الجواز الراجح بالمعنى الأعم المرجوح بالمعنى الأعم و هي الكراهة و الحرمة، و يجتمع الجواز بالمعنى الأعم، و المرجوح بالمعنى الأعم في الكراهة، حيث إنها حاوية للصفتين.

و للجواز بالمعنى الأعم أمثلة أليك تلك الأمثلة:

(الأول): الوجوب كما اذا توقف انقاذ نفس محترمة على غيبتها فتجب الغيبة حينئذ كما لو أراد الظالم قتل مؤمن محقون الدم فيأخذ المنقذ المتمكن من انقاذه في غيبته فيطعن فيه فيقول: انه مجنون مثلا حتى ينقذه من القتل.

(الثاني): الاستحباب كما اذا توقف انقاذ مال المؤمن على غيبة الآخذ فيشرع المنقذ بغيبته ليحفظ المال.

(الثالث): الاباحة و هو ما كان ذكره و تركه على السواء كما اذا كان شخص متجاهرا بالفسق فيجوز غيبته، و يجوز تركها اذا لم يكن في الغيبة و تركها مفسدة.

و يقال لهذا الثالث: الجواز بالمعنى الأخص أيضا كما يقال للثلاثة:

الراجح، و للحرام و المكروه المرجوح، اذ للمرجوح مرتبتان:

عليا: و هو الفعل المشتمل على المبغوضية الشديدة جدا فهذا يسمى بالحرام.

و دنيا و هو الفعل المشتمل على نوع من المبغوضية التي لم تبلغ الشدة و هذا يسمى بالمكروه.

(1) و هي الأخبار المذكورة في ص 310-320 في الجزء 3 من المكاسب و المراد من غيرها الأخبار التي لم يذكرها الشيخ و قد ذكرت في مصادرها راجع نفس المصدر.

ص: 22

بالكسر، أو بالفتح، أو ثالث دل العقل، أو الشرع على كونها (1) أعظم من مصلحة احترام المؤمن بترك ذلك القول (2) فيه: وجب (3) كون الحكم على طبق أقوى المصلحتين (4) كما هو الحال في كل معصية من حقوق اللّه (5)، و حقوق الناس (6)،

++++++++++

(1) أي المصلحة.

(2) و هي الغيبة، و الباء في بترك ذلك القول بيان لمصلحة احترام المؤمن أي مصلحة اغتياب المؤمن اعظم من مصلحة احترامه بترك الكلام البذي فيه اذا كان هناك دليل من الشرع، أو العقل يدل على ذلك

و جملة (دل العقل، أو الشرع) مرفوعة محلا نعت لقوله: مصلحة راجعة أي ليس كل مصلحة تجوز اغتياب المؤمن، بل المصلحة التي كانت من قبل الشارع، أو العقل السليم، فانه حينئذ يجب تقديم المصلحة الأقوى على الضعيف، لاندكاك الضعيف في القوي، و اضمحلاله فيه.

(3) جواب لاذا الشرطية في قوله: فاذا فرض، و قد عرفت معنى الوجوب آنفا.

(4) و هما: مصلحة اغتياب المؤمن عند وجود الدليل العقلي، أو الشرعي و مصلحة احترام المؤمن و هو ترك الكلام السيئ فيه.

(5) فانه اذا دار الأمر بين معصية صغيرة، و معصية كبيرة من معاصي اللّه عز و جل في مقام الاجبار و الاكراه تقدم المعصية الصغيرة على الكبيرة كدوران الأمر بين تقبيل المرأة الأجنبية. و بين وطئها، فان التقبيل مقدم على الوطء، لاندكاك الضعيف في القوي.

و قد تقدم بيان ذلك في الجزء 3 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 317 فراجع.

(6) كما لو اجبر الانسان على سرقة مال زيد بين القليل و الكثير -

ص: 23

و قد نبه عليه (1) غير واحد.

قال (2) في جامع المقاصد بعد ما تقدم عنه في تعريف الغيبة (3):

إن ضابط الغيبة المحرمة كل فعل يقصد به هتك عرض المؤمن، أو التفكه به (4)، أو اضحاك الناس منه (5).

و أما ما كان لغرض صحيح فلا يحرم كنصح المستشير (6)، و التظلم (7)

++++++++++

- فلا شك في تقديم القليل على الكثير، لاندكاك الضعيف في جنب القوي.

و هذه قاعدة عقلية و شرعية عند دوران مثل هذه الامور.

(1) أي على تقديم المصلحة القوية على المصلحة الضعيفة كثير من (علمائنا الامامية).

و المراد من غير واحد الكثير.

(2) من هنا يشرع (الشيخ) في ذكر أقوال العلماء في تقديم المصلحة القوية على الضعيفة فقال: قال في (جامع المقاصد)، فقول جامع المقاصد أول الأقوال.

(3) عند قوله في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 330: إن حد الغيبة على ما في الأخبار أن تقول في أخيك:

ما يكرهه لو سمعه مما هو فيه.

(4) أي بعرضه.

(5) كلمة من هنا بمعنى على أي إضحاك الناس على اخيه المؤمن بواسطة الكلمات المضحكة.

(6) كما لو استشار زيد شخصا في مصاحبة عمرو، أو التجارة معه أو المصاهرة، أو غير ذلك من الامور الدنيوية.

(7) و هي الشكاية عند الآخر ليعرف الظالم، يقال: تظلم زيد عند عمرو أي شكا عنده.

ص: 24

و سماعه (1)، و الجرح و التعديل (2)، ورد من ادعى نسبا ليس له (3) و القدح في مقالة باطلة (4) خصوصا في الدين. انتهى (5).

و في كشف الريبة (6) اعلم أن المرخص في ذكر مساوي الغير غرض صحيح لا يمكن التوصل إليه الا بها. انتهى (7).

++++++++++

(1) أي و سماع التظلم.

(2) لا معنى لذكر التعديل هنا، لأن الكلام في الغيبة و التعديل لا ينسجم معها و إنما جاء به لاجل بيان المراد من الجرح أي المراد من الجرح هو جرح الشاهد من طرف الخصم، أو جرح رواة الحديث عند المحدثين.

(3) كمن يدعي انتماءه الى علي أمير المؤمنين، أو أحد أولاده المعصومين عليهم صلوات اللّه و سلامه و هو ليس منهم.

أو يدعي نسبا ليرث منهم و هو ليس منهم، فانه يجوز غيبة مثل هذا الرجل بالقدح فيه حتى يعرفه الناس.

و لا يخفى أن الظاهر جواز غيبته في خصوص دعواه هذه، لا مطلقا.

(4) المراد من القدح في مقالة باطلة هو القدح في شخص المدعي لتلك المقالة بأن تنسب إليه الأفاعيل و الأكاذيب حتى يسقط في المجتمع و لا تميل إليه القلوب ليشق عصى المسلمين، فهذا يجوز غيبته بشتى الوسائل لكونه خطرا على الامة المسلمة.

(5) أي ما أفاده صاحب جامع المقاصد في هذا المقام.

(6) هذا ثاني الأقوال في تقديم المصلحة القوية على المصلحة الضعيفة.

(7) أي ما في كشف الريبة.

راجع المصدر. ص 41. مطبعة النعمان عام 1382. النجف الأشرف.

ص: 25

و على هذا (1) فموارد الاستثناء لا تنحصر في عدد.

الظاهر استثناء موضعين لجواز الغيبة من دون مصلحة.
اشارة

نعم الظاهر استثناء موضعين لجواز الغيبة من دون مصلحة.

أحدهما: ما اذا كان المغتاب متجاهرا بالفسق

(أحدهما): ما اذا كان المغتاب متجاهرا بالفسق، فان من لم يبال بظهور فسقه بين الناس لا يكره ذكره بالفسق.

نعم لو كان (2) في مقام ذمه كرهه (3) من حيث المذمة، لكن المذمة على الفسق المتجاهر به لا تحرم كما لا يحرم لعنه.

و قد تقدم عن الصحاح اخذ المستور في المغتاب (4).

و قد ورد في الأخبار المستفيضة جواز غيبة المتجاهر.

منها: قوله عليه السلام في رواية هارون بن الجهم: اذا جاهر الفاسق

++++++++++

(1) أي بناء على أن الغرض الصحيح الشرعي هو المجوز لترخيص الغيبة و هو الملاك و المناط فلا تنحصر مواردها في عشرة مواضع كما ذكرها الفقهاء، فأينما وجد جازت الغيبة.

(2) أي المستغيب لو كان في مقام ذم المستغاب.

(3) جواب للو الشرطية، و الفاعل في كرهه المستغاب.

و لا يخفى أنه يوجد أشخاص على وجه البسيطة لا يكرهون حتى هذا النوع من الذم، لسلب الغيرة، و كل صفة انسانية عنهم و قد بلغوا في ذلك أردأ المراتب و أرذلها.

(4) أي في تعريف الغيبة، حيث قال في ص 332 من الجزء الثالث من طبعتنا الحديثة: الغيبة أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه فالمتجاهر بالفسق ليس له ستار حتى يهتك، فبمقتضى هذا التعريف لا يكون للمتجاهر غيبة أصلا فخروجه عنها خروج موضوعي فالاستثناء منقطع.

ص: 26

بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة (1).

و قوله عليه السلام: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له (2).

و رواية أبي البختري: ثلاثة ليس لهم حرمة: صاحب هوى مبتدع و الامام الجائر. و الفاسق المعلن بفسقه (3).

و مفهوم قوله عليه السلام: من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته، و ظهرت عدالته و وجبت اخوته، و حرمت غيبته (4).

و في صحيحة ابي ابن يعفور الواردة في بيان العدالة بعد تعريف العدالة أن الدليل على ذلك أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 604-605. الباب 154 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 4.

(2) (بحار الأنوار) الجزء 75. ص 260. الحديث 59.

(3) نفس المصدر. ص 253. الحديث 33، و في المصدر المعلن الفسق.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 597. الباب 152 من أبواب العشرة. الحديث 2.

فان مفهوم لم يظلمهم هو الظلم، و مفهوم و من حدثهم فلم يكذبهم هو الكذب، و مفهوم و وعدهم فلم يخلفهم هو الخلف فاذا وصف الرجل بهذه المفاهيم فقد جازت غيبته، لعدم عدالته و مروته بهذه الصفات.

و لا يخفى أن الصفات المذكورة لا تخص المتجاهر فلو كان الشخص يظلم في الخفاء، أو يكذب: أو لا يفي بما وعد و اطلع على هذه الأعمال الآخرون جازت غيبته لهم بمقتضى اطلاق الرواية.

ص: 27

تفتيش ما وراء ذلك من عثراته (1): دل على ترتب حرمة التفتيش على كون الرجل ساترا فتنتفي (2) عند انتفائه.

و مفهوم قوله عليه السلام في رواية علقمة المحكية عن المحاسن:

من لم تره بعينك يرتكب ذنبا و لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة و الستر، و شهادته مقبولة و ان كان في نفسه مذنبا، و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية اللّه تعالى، داخل في ولاية الشيطان الى آخر الخبر (3): دل (4) على ترتب حرمة الاغتياب، و قبول الشهادة: على كونه من أهل الستر، و كونه (5) من أهل العدالة على طريق اللف و النشر (6)

++++++++++

(1) راجع (من لا يحضره الفقيه). الجزء 3. ص 24. باب العدالة. الحديث 1.

(2) أي تنتفي حرمة التفتيش عند ما لا يكون الرجل ساترا للمعاصي:

بأن كان متجاهرا بها.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 601-602. الباب 152 من أبواب العشرة. الحديث 20.

فمفهوم إن لم تره بعينك يرتكب ذنبا: ان رأته عينك يرتكب ذنبا.

و مفهوم إن لم يشهد شاهدان على الذنب فهو من أهل العدالة و الستر فشهادته مقبولة: إن شهد عندك شاهدان على ذنب زيد فليس من أهل العدالة و الستر، و شهادته مردودة.

(4) جملة دل مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و مفهوم أي مفهوم هذا الخبر دل على أن المرتكب بالذنب اذا رأته عينك.

(5) بالجر عطفا على مجرور على في قوله: على كونه.

(6) أي اللف و النشر المشوش، حيث إن الامام عليه السلام قدم أهل العدالة على أهل الستر و كان المناسب تقديم أهل الستر على أهل العدالة -

ص: 28

أو على اشتراط الكل (1): بكون الرجل غير مرئي منه المعصية، و لا مشهود عليه بها.

و مقتضى المفهوم (2) جواز الاغتياب مع عدم الشرط خرج منه (3) غير المتجاهر.

و كون (4) قوله: من اغتابه الى آخره جملة مستأنفة غير معطوفة على الجزاء خلاف الظاهر.

ثم إن مقتضى اطلاق الروايات (5) جواز غيبة المتجاهر فيما تجاهر به

++++++++++

- لأنه يقصد من جملة من لم تره بعينك يرتكب ذنبا: أن الرجل يكون متسترا في هذه الحالة.

و يقصد من جملة و لم يشهد عليه شاهدان: أن الرجل حينئذ يكون عادلا، فيكون هذا النوع من الكلام من قسم اللف و النشر المشوش.

(1) و هما: عدم رؤية العين، و عدم شهادة الشاهدين على الذنب كما أفادهما الشيخ بقوله: بكون الرجل غير مرئي منه المعصية، و لا مشهود عليه.

(2) أي مقتضى مفهوم اشتراط الوصفين المذكورين آنفا المعبر عنهما باشتراط الكل: أنه يجوز غيبة من رأته العين و شهد على الذنب شاهدان لأنه خارج عن تحت عدم جواز غيبة المؤمن.

(3) أي خرج من هذا الجواز غير المتجاهر بالفسق و المعلن به، فانه لا تجوز غيبته.

(4) أي إن قيل: إن جملة و من اغتابه إلى آخرها الواردة في رواية علقمة مستقلة لا ربط لها بالجمل السابقة في الرواية.

فانه يقال: إن هذا خلاف الظاهر، حيث ان الظاهر أنها معطوفة على سابقتها و هو الجزاء.

(5) أي مقتضى الأخبار التي اشير إليها آنفا: أن المتجاهر بالفسق -

ص: 29

و لو مع عدم قصد غرض صحيح، و لم أجد من قال باعتبار قصد الغرض الصحيح و هو ارتداعه عن المنكر.

نعم تقدم عن الشهيد الثاني (1) احتمال اعتبار قصد النهي عن المنكر في جواز سب المتجاهر، مع اعترافه (2) بأن ظاهر النص و الفتوى عدمه.

و هل يجوز اغتياب المتجاهر في غير ما تجاهر به صرح الشهيد الثاني و غيره بعدم الجواز، و حكي عن الشهيد (3) أيضا.

و ظاهر الروايات (4) النافية لاحترام المتجاهر و غير الساتر هو الجواز

++++++++++

- تجوز غيبته في الفسق الذي يتجاهر به و لو لم يكن للمستغيب غرض صحيح و هو ارتداع المتجاهر عن فسقه، و مفهومه عدم جواز غيبته فيما لم يتجاهر به.

(1) في ص 13 من الجزء الثالث من طبعتنا الحديثة عند قوله: و هل يعتبر في جواز سبه؟

(2) أي مع اعتراف (الشهيد الثاني) بأن ظاهر النص و هي الأخبار الواردة في جواز غيبة المتجاهر بالفسق التي ذكرت في ص 27-28 مطلقة ليست مقيدة بقصد الارتداع.

و كذا فتاوى العلماء الصادرة بجواز غيبة المتجاهر بالفسق مطلقة ليست مقيدة بقصد الارتداع.

(3) أي (الشهيد الأول) أنه لا يجوز غيبة المتجاهر بالفسق في غير ما تجاهر به.

(4) و هي التي ذكرت في ص 27 تصرح بالجواز مطلقا سواء أ كانت الغيبة فيما تجاهر به أم لا، فان كلمة لا في قوله عليه السلام في ص 27: الفاسق بفسقه فلا حرمة و لا غيبة له: تنفي الطبيعة أي طبيعة الغيبة، و طبيعة الاحترام، حيث انها موضوعة لنفي الجنس و الماهية.

ص: 30

و استظهره (1) في الحدائق من كلام جملة من الأعلام، و صرح به (2) بعض الأساطين.

و ينبغي الحاق ما يتستر به بما يتجاهر فيه (3) اذا كان دونه في القبح فمن تجاهر باللواط العياذ باللّه جاز اغتيابه بالتعرض (4) للنساء الأجنبيات.

و من تجاهر بقطع الطرق جاز اغتيابه بالسرقة.

و من تجاهر بكونه جلاد السلطان يقتل الناس و ينكلهم (5) جاز اغتيابه بشرب الخمر.

++++++++++

(1) أي جواز غيبة المتجاهر مطلقا.

(2) أي بجواز غيبة المتجاهر مطلقا.

(3) أي و ينبغي الحاق الذنب المستور بالذنب المتجاهر به في جواز الغيبة اذا كان الذنب المستور أقل قبحا من الذنب المتجاهر به.

و لعل دليل الشيخ على الالحاق: الأولوية، لأنه اذا جازت غيبة المتجاهر في الذنب العظيم فبطريق أولى تجوز غيبته في الذنب الخفيف.

(4) ليس المقصود من جواز التعرض أن يقال في حقه: إنه يزني مثلا، بل المراد ما دون ذلك: بأن يقال في حقه: إنه ينظر الى النساء أو يتشبب بهن، أو يعاشرهن و هن كاشفات عاريات، و إلا فنسبة الزنا إليه موجبة لحد القذف فلا تجوز.

(5) في بعض نسخ الكتاب نكّل بالنون كما اثبتناه هنا، و في بعضها بالتاء، فعلى الاول من باب التفعيل معناه اصابة النازلة يقال: نكّل بزيد اي اصابته نازلة و حينئذ يحتاج الفعل الى الباء كما مثلنا لك.

اللهم إلا أن يكون نكّل بمعنى الصرف و الابعاد يقال: نكّله عن الشيء اي ابعده و صرفه عنه فلا يحتاج الى الباء.

و على الثاني يكون من باب الافتعال من اتكل يتكل و اصله اوتكل -

ص: 31

و من تجاهر بالقبائح المعروفة جاز اغتيابه بكل قبيح.

و لعل هذا (1) هو المراد بمن ألقى جلباب الحياء، لا من تجاهر بمعصية خاصة و عدّ مستورا بالنسبة الى غيرها كبعض عمال الظلمة (2).

ثم المراد بالمتجاهر من تجاهر بالقبيح بعنوان أنه قبيح، فلو تجاهر به مع اظهار محمل (3) له لا يعرف فساده إلا القليل كما اذا كان من عمال الظلمة و ادعى في ذلك عذرا (4) مخالفا للواقع، أو غير مسموع منه لم يعد متجاهرا.

++++++++++

- و مضارعه يوتكل و المصدر اوتكال قلبت الواو الساكنة ياء ثم ابدلت الياء تاء فاجتمعت ياءان ادغمت الاولى في الثانية فصار اتكل، و معناه ايقاع الامر بهم.

(1) اي و لعل المتجاهر بالقبائح المعروفة هو المعني في قول الامام عليه السلام: من القى جلباب الحياء فلا غيبة له المشار إليه في ص 27 كما في عصرنا الحاضر، حيث يتجاهرون بالمعاصي على رءوس الأشهاد و بمرأى و مسمع من الناس و قد القوا جلباب الحياء عن اساسه، و اراحوا أنفسهم عن كل قيد و كأنهم يقولون لا حساب و لا عقاب، و لا جنة و لا نار و هم يباهون بذلك و يفتخرون به.

(2) حيث كانوا يظلمون الناس جهارا، و يرتكبون المعاصي و القبائح خفاء.

(3) اي وجه صحيح للمعصية.

(4) بأن قال: اني انما اقدمت على ذلك لأدفع عن ظلامة المؤمنين فحينئذ لا يعد متجاهرا فلا تجوز غيبته.

ص: 32

نعم لو كان اعتذاره واضح الفساد (1) لم يخرج عن التجاهر.

و لو كان متجاهرا عند أهل بلده، أو محلته مستورا عند غيرهم هل يجوز ذكره عند غيرهم؟ ففيه اشكال.

من (2) امكان دعوى ظهور روايات المرخصة فيمن لا يستنكف عن الاطلاع على عمله مطلقا، فرب متجاهر في بلده متستر في بلاد الغربة أو في طريق الحج و الزيارة، لئلا (3) يقع عن عيون الناس.

و بالجملة فحيث كان الأصل (4) في المؤمن الاحترام على الاطلاق وجب الاقتصار على ما تيقن خروجه (5)، فالأحوط الاقتصار على ذكر المتجاهر بما لا يكرهه لو سمعه، و لا يستنكف من ظهوره للغير.

++++++++++

(1) بأن يعلم عموم الناس كذب ما يدعيه المتجاهر كما اذا خالفت أفعاله أقواله.

(2) دليل لعدم جواز غيبة الرجل المستور في غير بلاده، لعدم شمول الروايات المذكورة في ص 26-28 لها، لانها ظاهرة في المتجاهر الذي لا يتحاشى عن ظهور عيبه.

و هذا معنى قوله: لا يستنكف عن الاطلاع على عمله مطلقا.

(3) تعليل لكون الانسان يمكن ان يكون متسترا في بلاد الغربة أو في طريق الحج.

و المراد من كلمة يقع في قوله: لئلا يقع: السقوط اي لا يسقط.

(4) و هي العمومات الواردة في احترام المؤمن مالا و دما و عرضا.

و هذا معنى قوله: على الاطلاق.

(5) اي خروج العيب الذي يجوز اغتيابه من جميع الجهات.

ص: 33

نعم لو تأذى من ذمه بذلك (1) دون ظهوره لم يقدح في الجواز و لذا (2) جاز سبه بما لا يكون كذبا.

و هذا (3) هو الفارق بين السب و الغيبة، حيث إن مناط الأول المذمة و التنقيص فيجوز، و مناط الثاني اظهار عيوبه فلا يجوز إلا بمقدار الرخصة.

الثاني: تظلم المظلوم و اظهار ما فعل به الظالم و ان كان متسترا به

(الثاني) (4): تظلم المظلوم و اظهار ما فعل به الظالم و ان كان (5) متسترا به كما اذا ضربه في الليل (6) الماضي و شتمه، أو أخذ ماله

++++++++++

(1) اي بذكر العيب، لكنه لا يأبى بظهور العيب، فالاذية هذه لا تقدح في جواز سب المتجاهر بالمعصية.

(2) اي و لا جل أن تأذي المتجاهر من ذكر عيبه المتجاهر به لا يقدح في جواز ذكره: جاز سبه بكلمات صادقة في حقه بأن يقال له: لا غيرة لك، لا شرف لك، لا حياء لك، لا ما اذا كانت الكلمات غير صادقة عليه

(3) اي تأذي المتجاهر من الذم بذكر عيبه، دون ظهور العيب هو الفارق بين السب و الغيبة، لأن مناط السب ادخال النقص عليه و ذمه فيجوز، و مناط الغيبة اظهار عيوب المتجاهر فلا يجوز إلا بمقدار الرخصة من الشارع، و موارد الرخصة محدودة معينة.

(4) اي الموضع الثاني من الموضعين الذين استثنيا من حرمة الغيبة من دون مصلحة: تظلم المظلوم، و المراد من التظلم هو شكوى المظلوم مما وقع عليه من الظلم من ظالم معين، أو غير معين عند ثالث.

(5) اي و ان كان الظالم الذي هو المستغاب متسترا في ظلمه.

(6) كان الأجدر أن يقول: في الليلة الماضية، حيث إن الجنس لا يمكن ارادته من الليل اذا استعمل مع الألف و اللام.

و العهد لا ينسجم، لأنه لم يتقدم منه ذكر. -

ص: 34

جاز ذكره (1) بذلك عند من لا يعلم ذلك منه، لظاهر قوله تعالى:

وَ لَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولٰئِكَ مٰا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ (2).

و قوله تعالى: لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ (3) فعلى تفسير القمي أنه لا يحب اللّه أن يجهر الرجل بالظلم و السوء و يظلم إلا من ظلم فقد اطلق له أن يعارضه بالظلم (4).

و عن تفسير العياشي عنه عليه السلام من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه (5).

++++++++++

- ثم إنه لا يلزم أن يضربه ليلا، فانه من الممكن أن يضربه متسترا في داره نهارا، أو في مكان لا يراه احد.

(1) اي جاز ذكر الظالم بما فعله من الظلم عند ثالث و هو لا يعلم بالظلامة، أو لا يعلم أن زيدا متصف بالظلم.

(2) الشورى: الآية 41-42.

الشاهد في الآية الثانية إنّما السبيل على الّذين يظلمون الناس حيث إنها تدل على ثبوت الحق للمظلوم على الظالم فيجوز له أن يسلك ايّ سبيل ضد ظالمه، و من جملة السبل الشكوى منه عند غيره.

(3) النساء: الآية 148.

الشاهد في الاستثناء و هو قوله تعالى: إلا من ظلم، حيث جوز الباري عز و جل للمظلوم أن يجهر بالسوء الذي وقع عليه و هو الظلم.

(4) راجع (تفسير القمي). الجزء الاول. ص 157 طباعة مطبعة النجف عام 1386.

و المراد من كلمة اطلق اجاز، و الفاعل في اطلق الباري عز و جل.

(5) (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 605 الحديث 6. -

ص: 35

و هذه الرواية و ان وجب توجيهها (1) إما بحمل الاساءة على ما يكون ظلما و هتكا لاحترامهم، أو بغير ذلك، إلا أنها دالة على عموم من ظلم في الآية الشريفة، و أن كل من ظلم فلا جناح عليه فيما قال في الظالم.

و نحوها (2) في وجوب التوجيه رواية اخرى في هذا المعنى محكية عن المجمع: أن الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه

++++++++++

- الظاهر ان المراد من قوله عليه السلام. فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه:

الشيء الذي يرجع الى خصوص الضيافة، لا مطلق القول.

(1) وجه احتياج الرواية الى التوجيه أن الاساءة لها مفهوم عام من جملتها اجلاس الضيف في مكان لا يليق به و بمقامه فلو اجلسه فيه فيا ترى أنه تجوز غيبته و الوقيعة فيه.

و قد ذكر الشيخ كيفية التوجيه باحد الامرين بقوله:

إما بحمل الاساءة على ما يكون ظلما كما لو سرق رب البيت من ضيفه مالا.

أو بغير ذلك كما لو استهزأ رب البيت بالضيف.

و لو لا التوجيه المذكور لاشكل التمسك بالرواية في جواز غيبة من أساء مع ضيفه بنحو العموم.

(2) اي و نحو هذه الرواية المشار إليها في ص 35 الرواية الواردة في (مجمع البيان). الجزء 3. ص 131. الآية 148.

و لا يخفى أن الرواية المذكورة في المصدر لا تحتاج الى التوجيه، حيث إن الامام عليه السلام يقول: فلا جناح عليه في أن يذكره بسوء ما فعله، اي الفعل الذي صنع به فهي مصرحة بتحديد ما يقوله المظلوم في حق الظالم، لا مطلقا، فالرواية هذه تقيد تلك الرواية المطلقة المشار إليها في ص 35 فيكون التقييد توجيها آخر للرواية.

ص: 36

في أن يذكره بسوء ما فعله.

و يؤيد الحكم (1) فيما نحن فيه: أن في منع المظلوم من هذا الّذي هو نوع من التشفي حرجا عظيما، و لأن (2) في تشريع الجواز مظنة ردع للظالم و هي مصلحة خالية عن مفسدة فيثبت الجواز، لأن الأحكام تابعة للمصالح (3).

و يؤيده (4) ما تقدم: من عدم الاحترام للامام الجائر، بناء على أن عدم

++++++++++

(1) اي و يؤيد استثناء تظلم المظلوم عن حكم الغيبة: أن منع المظلوم عن اظهار تظلمه موجب للعسر و الحرج الّذين هما منفيان في الدين في قوله عز من قائل: «وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ »(1).

(2) هذا تعليل ثان لجواز تظلم المظلوم بغيبة الظالم.

و خلاصته أن حكمة تشريع جواز تظلم المظلوم بكل ما يقوله في حق الظالم احتمال ردع الظالم عن ظلمه و هذا النوع من الاحتمال فيه مصلحة تجوز و تبرر غيبة الظالم من قبل المظلوم.

و قد سبق في الجزء 3 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 13 في جواز غيبة المتجاهر بالفسق: تقييد بعض الفقهاء جواز غيبته بقصد الارتداع.

و المراد من الردع هنا الردع عن تكرر ظلم الظالم ثانيا بالنسبة الى المظلوم خاصة، أو الاعم منه و من الآخرين.

(3) بناء على (مذهب الامامية): من أن الأحكام كلها تابعة للمصالح و المفاسد التي موجودة في نفس المأمور به و المنهي عنه، و فائدة هذه المصالح ترجع الى نفس المكلف، كما ان أضرار المفاسد كلها ترجع الى المكلف أيضا (4) اي و يؤيد استثناء جواز تظلم المظلوم بغيبة الظالم بكل ما يقوله -

ص: 37


1- الحج: الآية 78

احترامه من جهة جوره، لا من جهة تجاهره، و إلا لم يذكره في مقابل الفاسق المعلن بالفسق، و في النبوي: لصاحب الحق مقال (1).

و الظاهر (2) من جميع ما ذكر عدم تقييد جواز الغيبة بكونها عند

++++++++++

- في حق الظالم: ما تقدم ص 27 عند قوله عليه السلام: ثلاثة ليس لهم حرمة: صاحب هوى مبتدع و الامام الجائر، و الفاسق المعلن بفسقه فان استثناء الامام الجائر عن حرمة الغيبة انما كان لظلمه و جوره فيشمل تظلم المظلوم.

(1) (إحياء العلوم) الجزء 3. ص 152. طباعة المطبعة التجارية الكبرى بمصر.

(2) اي الظاهر من الآيات و الأخبار، و التعليلات و المؤيدات التي ذكرها الشيخ: عدم تقييد جواز غيبة الظالم عند من يرجى ازالة الظلم لأن الاستثناء الوارد في قوله تعالى: إلا من ظلم مطلق لا يختص بمن يرجى تدارك الظلامة، بل يجوز للمظلوم كشف ما ارتكبه الظالم عند من شاء و متى اراد.

و السر في ذلك: أن المظلوم باظهار ظلامته عند القاضي، أو عند أخيه المؤمن لعله يتمكن من اخذ حقه من الظالم إما بقهره من قبل المستمع أو نصحه و ارشاده، أو تهديده، أو بتدارك حقه و لو بعضا من الكل و لا اقل بتسليته بأن يقول المستمع للمظلوم: اصبر فان للظالم غدا يوما أشد من يومك هذا فسينتقم اللّه منه بالقريب العاجل.

فالعبارة هذه مما تقلل من اذى المظلوم من الظالم.

و هناك فائدة بدنية في جواز اظهار المظلوم ظلامته: و هو أن المظلوم لو لم يظهر ظلامته عند الآخرين لربما ابتلي بالآلام الجسمية، و الأمراض -

ص: 38

من يرجو ازالة الظلم عنه بسببه، و قواه بعض الأساطين، خلافا لكاشف الريبة (1)، و جمع (2) ممن تأخر عنه فقيدوه، اقتصارا (3) في مخالفة الأصل:

++++++++++

- الروحية فباظهاره ظلامته يفرغ ما في قرارة نفسه فترتفع عنه عقده النفسية المسبّبة من ظلم الظالم.

هذا بالإضافة الى أن اظهار الظلامة يوجب حط مقام الظالم في المجتمع فيترتب عليه آثاره: من عدم الركون إليه، و سلب الاعتماد و الثقة عنه و الاجتناب منه.

اجل هكذا كان ديدن المسلمين القدامى عند ما يرون منكرا.

و من المؤسف جدا أن في عصرنا هذا الذي اصبح المنكر معروفا و المعروف منكرا حتى بلغ الامر منتهاه، و السيل زباه: يشجع الفاسق و يستقبل الشارب، و يعامل السارق، و يرحب الظالم.

(1) حيث قال فيه: فأما المظلوم من جهة القاضي. (اي صدور الظلم منه على المظلوم) فله أن يتظلم الى من يرجو منه إزالة ظلمه، و ينسب القاضي الى الظلم.

راجع (كشف الريبة) طباعة مطبعة النعمان. (النجف الاشرف) ص 41.

(2) اي و خلافا لجمع عن علمائنا المتأخرين، حيث قيدوا جواز غيبة المظلوم الظالم برجاء ازالة الظلم عنه، لا مطلقا حتى و لو لم يحتمل الازالة

(3) منصوب على المفعول لاجله اي تقييد المتأخرين الجواز برجاء ازالة الظلم عنه لاجل الاقتصار على اليقين المخالف للاصل، فان التكلم بالسوء خلف الغير خلاف الاصل الذي هي حرمة عرض المؤمن نفسا و مالا و ما يمس كرامته فيقتصر على القدر المتيقن و هو رجاء ازالة الظلم

ص: 39

على المتيقن من الأدلة، لعدم (1) عموم في الآية، و عدم (2) نهوض ما تقدم في تفسيرها للحجية، مع (3) أن المروي عن الامام الباقر عليه السلام

++++++++++

(1) تعليل للاقتصار المذكور.

و خلاصته أن آية وَ لَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولٰئِكَ مٰا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ.

و آيه لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ:

لا تدلان على عموم الشكوى حتى عند من لا يرجى منه ازالة الظلامة.

و لا يخفى أن الآيتين الكريمتين مطلقتان من هذه الناحية فلا إشعار فيهما على الاقتصار المذكور فتشملان الشكوى حتى عند من لا يرجى منه ازالة الظلامة و التدارك، لأن الاطلاق كالعموم في الشمول الأفرادي، غير أن الشمول فيه بمقدمات الحكمة: و هو كون المتكلم في مقام البيان، لا الاجمال و الاهمال، و عدم نصب قرينة من المتكلم على خلاف الاطلاق، و عدم وجود قدر متيقن في البين فاذا تمت المقدمات حصلت النتيجة و هو الاطلاق و فيما نحن فيه المقدمات حاصلة بتمامها.

(2) تعليل ثان للاقتصار المذكور.

و خلاصته أن ما ورد في تفسير الآيتين عن القمي و العياشي أيضا لا يدل على العموم.

أما ما جاء عن القمي في تفسير آية لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ فليس بمعلوم الورود عن المعصوم عليه السلام

و أما ما جاء عن العياشي في تفسير آية إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ فغير معتبر السند.

(3) هذا ترق من (الشهيد الثاني) في كشف الريبة لمدعاه و هو الاقتصار المذكور. -

ص: 40

في تفسيرها المحكي عن مجمع البيان: أنه لا يحب اللّه الشتم في الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الانتصار به في الدين

قال (1) في الكتاب المذكور: و نظيره وَ اِنْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مٰا ظُلِمُوا

++++++++++

- و خلاصته أن صاحب (مجمع البيان) افاد فيه أن المروي عن (الامام الباقر) عليه السلام في تفسير آية لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ : أنه لا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بالشيء الذي يجوز الانتصار به في الدين اي بالكلمات التى يجوز ان يتلفظ بها شرعا، لا بالكلمات التي لا يجوز التكلم بها شرعا كأن يقول له: يا زاني يا شارب، فانها موجبة لحد القذف.

(1) و قال صاحب (مجمع البيان) نظير هذا قوله تعالى: (وَ اِنْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مٰا ظُلِمُوا ).

راجع (مجمع البيان) الجزء 3. ص 131 طباعة (طهران) عام 1382 هذا ما افاده (الشهيد الثاني) حول الاقتصار المذكور في الترقي.

و انت خبير بعدم ربط التفسير المذكور بما نحن فيه ابدا، اذ أي ربط للانتصار بما ورد في الدين مع شكوى المظلوم عن الظالم عند الغير سواء تتدارك ظلامته أم لا.

و العجب من (الشهيد و شيخنا الأنصاري) كيف غفلا عن هذه النقطة المهمة.

ثم لا يخفى عليك أن الآيات لا تدل على الاقتصار المذكور، بل تدل على الاطلاق كما عرفت، فالذي يدل على الاقتصار هو الاصل العقلائي الأولي: و هو احترام المؤمن بما له من المال و الدم و العرض، و لذا قال الشيخ: و ما بعد الآية لا يصلح للخروج بها عن الاصل الثابت المقرر

ص: 41

و ما بعد (1) الآية لا يصلح للخروج بها عن الاصل الثابت بالأدلة العقلية و النقلية (2)، و مقتضاه الاقتصار على مورد رجاء تدارك الظلم فلو لم يكن قابلا للتدارك لم تكن فائدة في هتك الظالم.

و كذا لو لم يكن ما فعل به ظلما، بل كان من ترك الأولى و ان كان يظهر من بعض الأخبار جواز الاشتكاء لذلك فعن الكافي، و التهذيب بسندهما عن حماد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السلام فشكا إليه رجلا من أصحابه فلم يلبث أن جاء المشكو فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما لفلان يشكوك؟ فقال له: يشكوني أني استقضيت منه حقي قال: فجلس أبو عبد اللّه عليه السلام مغضبا، ثم قال: فقال:

كأنك اذا استقضيت حقك لم تسىء.

++++++++++

(1) من هنا كلام (الشيخ الأنصاري) يقصد به الاقتصار على مورد يتدارك فيه الظلامة.

و المراد من بعد الآية المؤيدات التى ذكرها الشيخ بقوله: و يؤيد الحكم و يؤيده و خلاصة مقصوده: أن كل ما ذكرنا من المؤيدات للآيات الدالة على جواز تظلم المظلوم عند الغير و لو لم يتدارك ظلامته: لا يصلح لرفع اليد عن الاصل الاصيل الثابت المسلم و هو حكم العقل باحترام المؤمن دما و مالا و عرضا فالآيات و ما ذكر لها من المؤيدات لا تصير سببا للخروج عن هذا الاصل الثابت بالأدلة العقلية و النقلية، فعليه لا بدّ من الاقتصار في جواز غيبة الظالم: على مورد يتدارك فيه الظلامة.

(2) المراد من الأدلة العقلية هو حكم العقل بقبح الظلم و لا شك أن التظلم عند الغير و لو لم يتدارك ظلامته ظلم في حق الظالم.

و من الأدلة النقلية هي الأخبار المتقدمة، و الآيات الكريمة الدالة على عدم جواز تظلم المظلوم عند من لا يرجى منه تدارك ظلامته.

ص: 42

أ رأيت ما حكى اللّه عز و جل في كتابه: و يخافون سوء الحساب (1) أ ترى أنهم (2) خافوا اللّه عز و جل أن يجور عليهم، لا و اللّه ما خافوا إلا الاستقضاء (3) فسماه اللّه عز و جل سوء الحساب، فمن استقضى فقد أساء (4).

و مرسلة ثعلبة بن ميمون المروية عن الكافي قال: كان عنده قوم يحدثهم اذ ذكر رجل منهم رجلا فوقع (5) فيه و شكاه.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: و أنّى لك باخيك الكامل و أي الرجال المهذب (6)،

++++++++++

(1) الرعد: الآية 20.

(2) اى المؤمنون الذين وصفهم اللّه عز و جل في كتابه العزيز في قوله: و يخافون.

(3) مصدر باب الاستفعال من استقضى يستقضي معناه: طلب الحق

(4) (فروع الكافي) الجزء. 5 ص 100-101.

باب آداب اقتضاء الدين. الحديث 1.

(5) بفتح العين و القاف وزان حضر يحضر معناه هنا الاغتياب.

(6) المصدر السابق. الجزء 2. ص 651. باب الاغضاء. الحديث.

و أي الرجال المهذّب بعض شطر بيت تمامه:

و لست بمستبق أخا لا تلمّه *** على شعث اي الرجال المهذّب

و البيت من قصيدة (للنابغة الذبياني) يعتذر بها من (النعمان بن المنذر) ملك الحيرة عند ما سعى إليه بعض الوشاة في حقه: بأنه هجاه.

و مطلع القصيدة هكذا:

فلا تتركنّي بالوعيد كأنني *** الى الناس مطلي به القار اجرب

ص: 43

فان (1) الظاهر من الجواب أن الشكوى انما كانت من ترك الأولى الذي لا يليق بالأخ الكامل المهذّب.

و مع ذلك (2) كله فالأحوط عد هذه الصورة من الصور العشر

++++++++++

و الى هذا المعنى يشير الشاعر:

إن تجد ذنبا فسدّ الخللا *** جلّ من لا عيب فيه و علا

و لا يخفى أن الامام عليه السلام في مقام إعطاء درس كامل للانسان عن كيفية معاشرته مع أصدقائه في حياته المؤقتة: بأن يغض النظر عن زلات الإخوان و الأصدقاء، فان من اراد صديقا بلا عيب بقي بلا صديق.

(1) تعليل لجواز اشتكاء المظلوم عند الغير لترك الأولى.

و خلاصته أن جواب الامام عليه السلام: و أنّى لك باخيك الكامل و أي الرجال المهذب ظاهر في كون شكوى الرجل عنده كانت لأجل ترك الأولى.

(2) خلاصة هذا الكلام: أنه بناء على عدم دلالة آية لا يحب اللّه الجهر بالسوء من القول على جواز عموم شكوى المظلوم عند الغير و لو لم تتدارك ظلامته: فلو اشتكى المظلوم عند الغير لترك الأولى و قلنا بجواز ذلك لرواية حماد بن عيسى، و مرسلة ثعلبة بن ميمون على ذلك: فالأحوط أن يكون جواز مثل هذه الشكوى لاجل وجود غرض صحيح أقوى من مصلحة احترام المؤمن.

بعبارة اخرى أن المنشأ في خروج تلك الصور العشر المستثناة عن الغيبة هو المنشأ لخروج هذه الصورة عنها، و المنشأ هو الغرض الصحيح الشرعي الذي هو اهم من غرض احترام المؤمن فيكون حينئذ خروجها عنها خروجا حكميا لا موضوعيا. -

ص: 44

الآتية التي رخص فيها في الغيبة لغرض صحيح أقوى من مصلحة احترام المغتاب.

كما أن الأحوط جعل الصورة السابقة (1) خارجة عن موضوع الغيبة بذكر المتجاهر بما لا يكره نسبته إليه من الفسق المتجاهر به، و ان جعلها (2) من تعرض لصور الاستثناء منها.

فيبقى من موارد الرخصة لمزاحمة الغرض الأهم صور تعرضوا لها
اشارة

فيبقى (3) من موارد الرخصة لمزاحمة الغرض الأهم صور تعرضوا لها

منها: نصح المستشير

(منها) (4): نصح المستشير، فان النصيحة واجبة للمستشير فان خيانته قد تكون أقوى مفسدة من الوقوع في المغتاب.

++++++++++

(1) و هي صورة تجاهر الانسان بالذنب و المعصية، فان خروجها عن الغيبة خروج موضوعي لا حكمي، لأن المتجاهر بالفسق لا غيبة له لا حرمة له كما علمت في ص 27 أن لا النافية تنفي طبيعة الغيبة طبيعة الاحترام، فلا يحتاج في خروجه عن الغيبة الى وجود غرض صحيح شرعي اهم من مصلحة احترام المؤمن.

(2) اي و ان جعل بعض الفقهاء خروج المتجاهر بالفسق عن الغيبة خروجا حكميا بأن كان داخلا فيها ثم خرج عند ما تعرض للصور المستثناة عن الغيبة.

(3) من هنا يريد الشيخ أن يشرع في الموارد المستثناة من الغيبة فاخذ في عدها واحدة واحدة و قد أنهاها الى عشر صور، و جعل الملاك في خروجها وجود مصلحة فيها اقوى من مصلحة احترام المؤمن فيكون الملاك بمنزلة كبرى كلية تنطبق على صغرياتها عند ما وجدت، فعليه لا تنحصر الموارد في عشر صور.

(4) اي من تلك الموارد المرخصة في الغيبة: نصح المستشير.

هذه هي الصورة الاولى من الصور العشر. -

ص: 45

و كذلك النصح (1) من غير استشارة، فان من أراد تزوج امرأة و انت تعلم بقبائحها التي توجب وقوع الرجل من أجلها في الغيبة و الفساد فلا ريب أن التنبيه على بعضها و ان أوجب الوقيعة فيها (2) أولى من ترك نصح المؤمن، مع ظهور عدة من الأخبار في وجوبه (3).

منها: الاستفتاء

(و منها) (4): الاستفتاء بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان حقي

++++++++++

- ثم ان استثناء نصح المستشير عن حرمة الغيبة ليس على اطلاقه كما يستفاد من كلمات الأصحاب، لعدم اطراد التعليل المذكور في استثنائه في كل مورد، فلرب شخصية تكون اهم من شخصية المستشير، اذ ليس كل مصلحة تجوّز الوقيعة في الناس كما اذا كانت تافهة فلا بد من ملاحظة الأهم و المهم.

(1) اي يستثنى من عدم جواز الغيبة: النصح من دون استشارة كما لو راى أخاه المؤمن يريد التورط في زواج أو سفر، أو شركة أو زمالة أو حضور درس عند شخص ليس فيه صلاح فينصحه في هذه الموارد و يبين له عواقب امره، و ان استلزم الغيبة مع القيد الذي ذكرناه: و هو اذا لم يمكن نصح المستشير بغير الغيبة.

(2) اي في المرأة التي يريد الرجل تزوجها.

(3) اي في وجوب نصح المؤمن.

و لا يخفى أن القدر المتيقن من وجوب النصح: نصح المؤمن المستشير لا مطلقا و ان لم يكن في مقام الاستشارة.

نعم يجب النصح في بعض الموارد كما لو يؤول امر زيد الى التهلكة لو تركت النصيحة في حقه.

(4) اي و من تلك الموارد المستثناة لاجل الغرض الصحيح الشرعي:

الاستفتاء. -

ص: 46

فكيف طريقي في الخلاص.

هذا (1) اذا كان الاستفتاء موقوفا على ذكر الظالم بالخصوص و إلا (2) فلا يجوز.

و يمكن الاستدلال عليه (3) بحكاية هند زوجة أبي سفيان، و اشتكائها الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قولها: إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني و ولدي (4) فلم يرد صلى اللّه عليه و آله عليها غيبة أبي سفيان.

++++++++++

- هذه ثانية الموارد المستثناة.

(1) اي جواز الغيبة عند الاستفتاء مقيد بذكر الشخص الظالم بالخصوص بأن يقول: ظلمني زيد.

(2) اي و ان لم يكن الاستفتاء موقوفا على ذكر الظالم بالخصوص، بل يكفي ذكره على نحو العموم كأن يقول المستفتي: ظلمني فلان فلا يجوز للمستفتي غيبة الشخص المعين.

ثم إن افاد هذا العموم فيها، و إلا فيضيق المستفتي دائرة الغيبة شيئا فشيئا حتى تصل النوبة الى شخص الظالم: بأن يقول: شخص من أهالي المدينة ظلمني، فان افاد فهو، و إلا فيقول: رجل من خبازي المدينة ظلمني، فان افاد فهو، و إلا فيقول: من خبازي الشارع الفلاني فان افاد فبها، و إلا فيذكر اسمه بشخصه و عنوانه.

(3) اي على جواز الغيبة في الاستفتاء.

(4) الحديث هذا مروي عن طرق (اخواننا السنة).

راجع طبقات (ابن سعد) الجزء 9. ص 172.

و عن طرقنا راجع (مجمع البيان) الجزء 9. ص 276.

و (بحار الأنوار) الجزء 21. ص 98.

ص: 47

و لو نوقش في هذا الاستدلال (1) بخروج غيبة أبي سفيان عن محل الكلام: أمكن الاستدلال بصحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: جاء رجل الى النبي صلى اللّه عليه و آله فقال: إن امي لا تدفع يد لامس (2).

فقال: احبسها، قال: قد فعلت، فقال صلى اللّه عليه و آله:

فامنع من يدخل عليها، قال: قد فعلت، قال صلى اللّه عليه و آله:

فقيدها (3)، فانك لا تبرّها بشيء أفضل من أن تمنعها عن محارم اللّه عز و جل الى آخر الخبر (4).

++++++++++

(1) و هي شكاية هند زوجة ابي سفيان، حيث إن غيبته خارجة عما نحن فيه: و هي حرمة غيبة المؤمن، لأنه متى آمن حتى يقال:

لا تجوز غيبته.

أ ليس هو القائل كلمته الخالدة ببقاء الدهر و التي خرجت عن نياط قلبه، و صميم عقيدته و المنبئة عن غرائزه النفسية:

(فو الذي يحلف به ابو سفيان ما من جنة و لا نار).

فيكون خروج ابي سفيان عن حرمة الغيبة خروجا موضوعيا فلا يصح الاستشهاد بالرواية.

(2) كناية عن ان أمه تزني و لا ترد من يطلب منها الفعل الشنيع.

(3) اي اجعل القيد في رجليها حتّى لا تتمكن من الخروج عن البيت و يحتمل أن يراد عدم استطاعتها من تمكين نفسها لمن يروم العمل معها و المراد من البر الاحسان.

(4) (من لا يحضره الفقيه). الجزء 4. ص 51. الحديث 6.

وجه الاستدلال بالحديث: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لم يمنع -

ص: 48

و احتمال (1) كونها متجاهرة مدفوع (2) بالأصل.

منها: قصد ردع المغتاب عن المنكر الذي يفعله

(و منها) (3): قصد ردع المغتاب عن المنكر الذي يفعله، فإنه أولى من ستر المنكر عليه فهو في الحقيقة احسان في حقه، مضافا (4) الى عموم أدلة النهي عن المنكر.

++++++++++

الولد عن غيبة أمه فعدم منعه يدل على جواز الغيبة في الاستفتاء.

(1) دفع وهم حاصل الوهم: أن عدم ردع (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله الولد عن غيبة أمه إنما كان لتجاهرها بالفسق و هو الزنا

و قد عرفت في ص 26: أنه يجوز غيبة المتجاهر بالفسق.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن الوهم مدفوع بالاصل الذي هو حمل فعل المسلم على الصحة، لأن هذه المرأة و ان كانت فاسقة بفعلها الشنيع، إلا أنها ليست متجاهرة به، للشك في ذلك.

و يحتمل أن يراد من الاصل الاستصحاب الازلي بمعنى أنها قبل تلبسها بالفسق لم تكن متجاهرة، و في زمان تلبسها به نشك في تجاهرها به فنستصحب عدمه.

(3) اي و من الصور العشر المرخصة لجواز الغيبة لمزاحمة غرض اهم مع مصلحة احترام المؤمن: قصد ردع المغتاب.

هذه ثالثة الموارد المستثناة.

ينبغي أن تقيد هذه الصورة: بعدم إجزاء طرق اخرى في ردعه:

من النصيحة و التهديد، و أما لو افيدت هذه الطرق فلا تجوز غيبته.

(4) اي و لنا دليل آخر على استثناء ردع المغتاب بالكسر عن حريم

ص: 49

منها: قصد حسم مادة فساد المغتاب عن الناس كالمبتدع الذي يخاف من اضلاله الناس.

(و منها) (1): قصد حسم مادة فساد المغتاب عن الناس كالمبتدع الذي يخاف من اضلاله الناس.

و يدخل عليه (2) مضافا الى أن مصلحة دفع فتنة عن الناس أولى من ستر المغتاب: ما عن الكافي بسنده الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: اذا رأيتم أهل الريب (3) و البدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم، و اكثروا من سبهم، و القول فيهم و الوقيعة، و باهتوهم (4) كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام، و يحذرهم

++++++++++

- حرمة الغيبة: و هي أدلة النهي عن المنكر، فانها عامة تشمل ردع المغتاب بالكسر، للقدر الجامع بينها، و بين النهي عن المنكر.

راجع حول أدلة النهي عن المنكر (وسائل الشيعة) الجزء 11.

ص 393. الباب 1 من أبواب الأمر و النهي. الأحاديث.

(1) اي و من الصور العشر المجوزة للغيبة لمزاحمة غرض اهم من مصلحة احترام المؤمن: قصد حسم مادة الفساد و قطعها.

هذه رابعة الموارد المستثناة.

(2) اي و يدل على جواز غيبة المبتدع الذي يخاف من اضلاله بالإضافة الى ما ذكرناه.

(3) بكسر الراء و فتح الياء جمع ريبة بكسر الراء و سكون الياء و فتح الباء و المراد منه المشككون الذين يشككون في دين الناس و عقائدهم و يصدونهم عن الاعتقاد بالدين.

و البدع: جمع بدعة و هو إدخال ما ليس من الدين في الدين.

و إخراج ما في الدين عن الدين.

(4) من باهت يباهت مباهتة من باب المفاعلة.

و الظاهر: أن المراد به هنا: الزام أهل البدع و إقحامهم بالبراهين -

ص: 50

الناس، و لا يتعلموا من بدعهم: يكتب (1) اللّه لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات (2).

منها: جرح الشهود

(و منها) (3): جرح الشهود، فان الاجماع دل على جوازه

++++++++++

- القاطعة، و الحجج الواضحة حتى يجعلوهم متحيرين لا يتمكنون من الجواب كما قال العزيز عز اسمه الشريف:

(فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ) . البقرة: الآية 258.

و معنى الطمع في الاسلام اعم من أن تكون البدعة محقا للاسلام.

أو مغيرا لأركانه: بزيادة، أو نقيصة.

(1) مجزوم بفعل الامر قبله في الحديث الشريف في قوله صلى اللّه عليه و آله:

فاظهروا و اكثروا و باهتوهم، ثم حرك بالكسر، لالتقاء الساكنين.

(2) (اصول الكافي). الجزء 2. ص 375. الحديث 4.

(3) اى و من الصور العشر التى رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض اهم من مصلحة احترام المؤمن، جرح الشهود.

هذه خامسة الموارد المستثناة.

و المراد من الشهود شهود الخصم في المحكمة الشرعية بمعنى أن المدعي يأتي بشهود لصدق دعواه فيجرحهم المنكر.

ثم هل جرح الشهود يعم شهود رمضان، أو عيد الفطر، أو عيد الاضحى، أو لا؟.

و هل الاجماع هنا موجود أم لا؟

لست ادري.

اللهم إلا أن تقول بإطلاق معقد الاجماع.

و هل الوجه الّذي ذكره الشيخ لجرح الشهود يجري هنا: بأن يقال إن مصلحة عدم الحكم بشهادة الفساق أولى من مصلحة الستر على الفاسق

ص: 51

و لأن مصلحة عدم الحكم بشهادة الفساق أولى من الستر على الفاسق.

و مثله (1) بل أولى بالجواز جرح الرواة، فان مفسدة العمل برواية الفاسق أعظم من مفسدة شهادته.

و يلحق بذلك (2) الشهادة بالزنا، و غيره (3) لاقامة الحدود.

منها: دفع الضرر عن المغتاب

(و منها) (4): دفع الضرر عن المغتاب، و عليه (5) يحمل ما ورد في ذم زرارة من عدة أحاديث، و قد بين ذلك الامام عليه السلام بقوله في بعض ما أمر به عبد اللّه بن زرارة بتبليغ أبيه: اقرأ مني على والدك السلام فقل له:

إنما أعيبك دفاعا مني عنك، فان الناس يسارعون الى كل من قربناه

++++++++++

(1) اي و مثل جرح الشهود في جواز الغيبة: جرح رواة الأحاديث الواردة عن (الرسول الاعظم و اهل بيته الكرام) صلى اللّه عليهم اجمعين

(2) اي و يلحق بجرح شهود الدعوى، و شهادة الرواة: جرح شهود الزنا.

(3) اي و غير الزنا مما يوجب الحد كالسرقة و شرب الخمر فياتي المشهود عليه بالجرح ضد الشاهد، ليدفع عن نفسه الحد.

(4) اي و من الصور العشر التي رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض اهم دفع الضرر عن المغتاب بالفتح.

هذه سادسة الصور المستثناة.

كأن يقول شخص في حق شخص آخر حينما يرى أن زيدا يريد الظلم به: إنه مجنون أو سفيه أو جاهل، أو وضيع لا قدر له في المجتمع ليدفع الظلم عنه.

ثم يجب على هذا المستغيب أن يقتصر على ما يدفع الضرر عنه و لا يتعداه

(5) اي و على دفع الضرر عن المغتاب.

ص: 52

و حمدناه، لادخال الأذى عليه فيمن نحبه و نقر به، و يذمونه لمحبتنا له، و قربه و دنوه منا، و يرون (1) ادخال الأذى عليه و قتله (2)، و يحمدون كل من عيبناه (3) نحن، و انما اعيبك، لأنك رجل اشتهرت منا بميلك إلينا و أنت في ذلك (4) مذموم غير محمود الأمر (5) بمودتك لنا، و ميلك إلينا فاحببت أن أعيبك، ليحمدوا أمرك (6) في الدين بعيبك و نقصك و يكون ذلك (7) منا دافع شرهم عنك يقول اللّه عز و جل:

و أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فاردت

++++++++++

(1) اي يستحلون.

(2) بالنصب عطفا على المفعول في قوله: يرون إدخال الاذى، اي و يستحلون قتله.

(3) فعل متكلم وحده من عاب يعيب. وزان باع يبيع اجوف واوي

(4) اي في ميلك إلينا، و اشتهارك بنا.

(5) الامر هنا بمعنى الحال، و الباء في بمودتك سببية.

اي عدم تحميد القوم و تمجيدهم لك بسبب الحالة التي انت عليها:

و هي موالاتك لنا، و قربك إلينا.

(6) الامر هنا بمعنى الشأن و المرتبة في الدين.

مقصود الامام عليه السلام: أن عيبي لك لاجل أن القوم يعلوا شأنك، و يمجدوا مقامك، و منزلتك في الدين، فان هؤلاء الذين لا يوالوننا لم يحمدوا الذي يحبنا و يوالينا مهما بلغت صفته و شخصيته، و مراتبه الدينية و العلمية و العملية، فطعننا فيك لحقن دمك، و دفع الضرر و شرهم عنك فهذه و تلك دعتني أن اعيبك.

(7) اي نسبتي العيب أليك، و كلمة دافع منصوبة خبر لكان.

ص: 53

أن أعيبها و كان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا (1).

هذا التنزيل من عند اللّه، ألا و اللّه ما عابها إلا لكي تسلم من الملك و لا تغصب على يديه (2)، و لقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ (3) و الحمد (4) للّه.

++++++++++

(1) الكهف: الآية 79.

و المراد من السفينة السفينة الصحيحة.

و كلمة غصبا منصوبة على المفعول المطلق النوعي اي المبين للنوع كما في قولك: ضربت ضربا موجعا.

أو على الحالية مؤولا بالمشتق اي مغصوبة.

و ذو الحال هنا كلمة كل المضاف الى السفينة باعتبار اضافته إليها و لا يصح أن يكون حالا لكلمة كل فقط من دون هذا الاعتبار و لا للسفينة، حيث إنها مضاف إليه.

قال ابن مالك:

و لا تجز حالا من المضاف له *** إلا اذا اقتضى المضاف عمله.

(2) فكذلك أنا إنما اعيبك لكي تسلم من أعدائك.

(3) مصدر ميمي من ساغ يسوغ وزان قال يقول معناه المدخل الطريق اي ما كان للعيب في السفينة مدخل و طريق.

و إنما ذكر الامام عليه السلام جملة ليس للعيب فيها مساغ، ليثبت عدم نقص و عيب في (زرارة) فشبهه بالسفينة في ذلك.

(4) جملة: (الحمد للّه) الصادرة من الامام عليه السلام في مقام تحميد اللّه عز و جل، حيث بلغ مقصده و ما اراده في حق (زرارة بن اعين) توسط ولد زرارة بهذه الجمل.

ص: 54

فافهم (1) المثل رحمك اللّه، فانك احب الناس إليّ و أحب أصحاب أبي إليّ حيا و ميتا (2)، و انك أفضل سفن ذلك البحر القمقام (3) الزاخر و ان وراءك لملكا ظلوما غصوبا (4) يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى (5) ليأخذها غصبا و يغصب أهلها، فرحمة اللّه عليك حيّا و رحمة اللّه عليك ميتا. الى آخر الخبر (6).

و يلحق بذلك (7) الغيبة للتقية على نفس المتكلم، أو ماله أو عرضه

++++++++++

(1) الخطاب لولد زرارة، اي افهم يا بن زرارة المقارنة التي قارنت بين أبيك، و بين السفينة.

(2) حيا و ميتا حالان لزرارة، اي زرارة أحب الناس إليّ في حياته و مماته.

(3) من قمقم يقمقم قمقاما رباعي مجرد من باب دحرج يدحرج معناه البحر العظيم.

و المراد من هذا البحر العظيم هو (الامام ابو جعفر الباقر) عليه السلام و من السفن أصحابه و حواريه، و منهم (زرارة) الذي هو افضل تلك السفن.

و الزاخر من زخر يزخر زخرا وزان نصر ينصر معناه: الكثير الطافح (4) المراد منه ابو جعفر المنصور العباسي الدوانيقي، حيث كان يتتبع أصحاب (الامام الصادق) عليه السلام تحت كل حجر و مدر اينما كانوا و يريد السوء بهم كما أساء بإمامهم (ابي عبد اللّه الصادق) عليه السلام

(5) هو (الامام ابو عبد اللّه الصادق) عليه السلام.

(6) (وسائل الشيعة) الجزء 20. ص 196-197. خاتمة الكتاب

(7) اي و يلحق بجواز الغيبة لدفع الضرر: الغيبة للتقية كأن يتكلم على احد رؤساء المذهب مثلا حتى يخال أن المتكلم ليس منهم، لكي يحفظه -

ص: 55

أو على ثالث (1)، فان الضرورات تبيح المحظورات.

منها: ذكر الشخص بعيبه الذي صار بمنزلة الصفة المميزة له

(و منها) (2): ذكر الشخص بعيبه الذي صار بمنزلة الصفة المميزة له التي لا يعرف إلا بها كالأعمش و الأعرج و الأشتر (3) و الأحول، و نحوها (4)

و في الحديث جاءت زينب العطارة الحولاء الى نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (5).

و لا بأس بذلك (6) فيما اذا صارت الصفة في اشتهار يوصف الشخص بها الى حيث لا يكره ذلك صاحبها.

++++++++++

- من القتل، أو الحبس، أو من مصادرة أمواله، أو من التعرض بعرضه بمعناه الاعم، لأن النواصب و الخوارج يرون كل ذلك لازما و واجبا على (الطائفة الامامية).

(1) و هو غير المتكلم و غير المخاطب اي يخاف على ثالث في نفسه أو ماله أو عرضه فيأخذ حينئذ في غيبته تقية، لاجل الاحتفاظ عليه و على ما ذكر.

(2) اي و من الصور التي رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض اهم من مصلحة احترام المؤمن: ذكر الشخص.

هذه سابعة الصور المستثناة.

(3) بفتح الهمزة و سكون الشين و فتح التاء من شتر يشتر شترا وزان علم يعلم معناه العيب في جفن العين.

(4) كالأبرص و الأقشم.

(5) (بحار الأنوار) الجزء 60. ص 83. الحديث 1.

الشاهد في كلمة الحولاء، حيث إنها ذكرت في لسان (الامام الصادق) عليه السلام مع أنها من الصفات المميزة لزينب العطارة.

(6) اي بذكر الشخص بعيبه الذي صار بمنزلة الصفة المميزة له -

ص: 56

و عليه (1) يحمل ما صدر عن الامام عليه السلام، و غيره: من العلماء الأعلام.

لكن كون هذا (2) مستثنى مبني على كون مجرد العيب الظاهر من دون قصد الانتقاص غيبة، و قد منعنا ذلك سابقا (3)، إذ لا وجه لكراهة المغتاب، لعدم (4) كونها اظهارا لعيب غير ظاهر، و المفروض (5)

++++++++++

- بحيث لا يعرف إلا به كالاشتر الذي اصبح لقبا لبطل الاسلام و فخره مالك النخعي رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

(1) اي و على ذكر الشخص بالصفة المميزة له التي اشتهرت بها كما في ذكر الامام عليه السلام زينب العطارة بالحولاء.

و كما في قول العلماء: روى الأعمش مثلا.

(2) اي جعل الصفة المميزة استثناء حكميا.

(3) في قوله في الجزء 3 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 335:

و الأولى بملاحظة ما تقدم من الأخبار و كلمات الاصحاب، بناء على ارجاع الكراهة الى الكلام المذكور به، لا الى الوصف المنسوب إليه. ما تقدم من أن الغيبة، أن يذكر الانسان بسوء.

إما باظهار عيبه المستور، و ان لم يقصد انتقاصه.

و إما بانتقاصه بعيب غير مستور.

فعلى هذا يكون هذا النوع من الغيبة خارجا عنها موضوعا فلا يصدق عليه الغيبة.

اللهم إلا اذا قصد الانتقاص.

(4) تعليل لقوله: لا وجه لكراهة المغتاب اي لعدم كون الذكر بالعيب الظاهر الذي صار صفة مميزة للشخص: اظهارا للعيب.

(5) تعليل ثان لعدم كون ذكر هذا العيب غيبة.

ص: 57

عدم قصد الذم أيضا.

اللهم إلا أن يقال: إن الصفات المشعرة بالذم كالألقاب المشعرة به يكره الانسان الاتصاف بها و لو من دون قصد الذم بها (1)، فان اشعارها بالذم كاف في الكراهة.

منها ذكر الشخص بما لا يؤثر عند السامع شيئا لكونه عالما به

(و منها) (2): ما حكاه في كشف الريبة عن بعض من أنه اذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها فاجرى أحدهما ذكرها في غيبته ذلك العاصي جاز (3)، لأنه لا يؤثر عند السامع (4) شيئا، و ان كان الأولى تنزيه النفس و اللسان عن ذلك (5)، لغير غرض من الأغراض الصحيحة خصوصا مع احتمال نسيان المخاطب لذلك (6)، أو خوف (7) اشتهارها عنهما. انتهى (8).

++++++++++

(1) كما اذا قيل للشخص: أنف الناقة، لأن الصفات و الألقاب المشعرة بالذم كافية في كراهة الشخص و ان لم يقصد بها الانتقاص و الذم.

(2) اي و من الصور التي رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض اهم لمصلحة احترام المؤمن: علم اثنين بمعصية رجل.

هذه ثامنة الموارد المستثناة.

(3) اي جاز لاحد المشاهدين ذكر المعصية التي علم بها اثنان.

(4) و هو المشاهد الآخر الذي شاهد المعصية، لأن ذكر المعصية لا يزيد السامع علما و احاطة بها.

(5) اي عن ذكر المعصية التي شاهدها الآخر عنده.

(6) اي لتلك المعصية التي شاهدها هو و صاحبه.

(7) اي و خصوصا مع احتمال خوف الشاهدين عن اشتهار خبر المعصية عنهما.

(8) اي ما افاده الشهيد الثاني في كشف الريبة.

ص: 58

أقول: اذا فرض عدم كون ذكرهما (1) في مقام التعبير و المذمة و ليس هنا هتك ستر أيضا فلا وجه للتحريم، و لا لكونها غيبة إلا على ظاهر بعض التعاريف المتقدمة (2).

منها: رد من ادعى نسبا ليس له

(و منها) (3): رد من ادعى نسبا ليس له، فان مصلحة حفظ الأنساب أولى من مراعاة حرمة المغتاب.

منها: القدح في مقالة باطلة

(و منها) (4): القدح في مقالة باطلة و ان دل على نقصان قائلها اذا توقف حفظ الحق و اضاعة الباطل عليه (5).

و أما ما وقع من بعض العلماء بالنسبة الى من تقدم عليه منهم من الجهر بالسوء من القول فلم يعرف له وجه مع شيوعه بينهم من قديم الأيام.

ثم إنهم ذكروا موارد للاستثناء لا حاجة الى ذكرها بعد ما قدمنا

++++++++++

(1) اي ذكر شاهدي المعصية من ثالث.

(2) في تعاريف اللغويين و الفقهاء.

راجع الجزء 3 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 328-329.

(3) اي و من الصور التي رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض أهم من مصلحة احترام المؤمن: رد من ادعى.

هذه تاسعة الموارد المستثناة.

و المراد من الرد معناه الاعم من رده في المجالس، أو الجرائد، أو الكتب ليطلع الناس على كذب دعواه في الانتساب.

(4) اي و من الصور التي رخصت الغيبة فيها لمزاحمة غرض أهم من مصلحة احترام المؤمن: القدح.

هذه عاشرة الموارد المستثناة.

(5) اي على القدح في المقالة.

ص: 59

أن الضابط في الرخصة وجود مصلحة (1) غالبة على مفسدة هتك احترام المؤمن.

و هذا يختلف باختلاف تلك المصالح، و مراتب مفسدة هتك المؤمن فانها (2) متدرجة في القوة و الضعف.

++++++++++

(1) و هذه المصلحة تجعل كبرى كلية لصغرياتها اذا تحققت في الخارج فتنطبق عليها.

ثم إن المصالح و المفاسد تختلف قوة و ضعفا.

(فمنها): ما يدركه كل احد.

و (منها) ما لا يدركه كل احد، بل القليل من الناس يدرك تلك المصالح و المفاسد، فلرب مصلحة تخفى حتى على الأفذاذ و الى هذا اشار الشيخ بقوله: و هذا يختلف باختلاف تلك المصالح.

اذا فما المعيار و الميزان في تلك المفاسد و المصالح الدقيقة أو الخفية و كيف يمكن التمييز بين المصلحة القوية و الضعيفة منها، و بين القوية و الأقوى، و الضعيف و الأضعف.

فالأولى في هذه الموارد التي يصعب درك المصلحة و المفسدة: التجنب عن الغيبة و عدم الدخول فيها، و لا يجعل الميزان فيها هوى النفس و ميولها فان الشيطان يزين للانسان و يضله عن سواء الطريق. هدانا اللّه و اياكم الى الصراط المستقيم.

ثم إن المراد بالمصلحة الغالبة في قوله: وجود مصلحة غالبة:

المصالح العامة الدينية، أو الاجتماعية، أو الأخلاقية، أو السياسية.

(2) اي المصالح و المفاسد لها مراتب عليا و أعلى، و دنيا و أدنى.

ص: 60

فربّ (1) مؤمن لا يساوي عرضه شيء، فالواجب التحري في الترجيح بين المصلحة و المفسدة.

الرابع: يحرم استماع الغيبة بلا خلاف

(الرابع) (2): يحرم استماع الغيبة بلا خلاف فقد ورد أن السامع للغيبة أحد المغتابين (3).

و الأخبار في حرمته كثيرة (4)، إلا أن ما يدل على كونه (5) من الكبائر كالرواية المذكورة (6) و نحوها (7) ضعيفة السند.

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المصالح و المفاسد لها مراتب متدرجة، اى فبناء على ما ذكرناه من التدرج فرب عرض مؤمن ذي شأن في المجتمع الاسلامي لا يساويه شيء.

(2) اي الامر الرابع من الامور المذكورة في مبحث الغيبة في قول الشيخ في الجزء 3 ص 328: بقي الكلام في امور.

(3) راجع (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2 ص 108 الباب 136. الحديث 8.

و كلمة المغتابين تحتمل أن تكون بصيغة التثنية.

و تحتمل أن تكون بصيغة الجمع فيما اذا تعدد السامع.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 599-600. الباب 152 من أبواب تحريم اغتياب المؤمن، الحديث 13.

(5) اي على كون استماع الغيبة من الكبائر.

(6) و من المعلوم أن الغيبة من الكبائر فاستماعها كذلك.

(7) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: فان القائل و المستمع لها شريكان في الاثم.

ص: 61

ثم المحرم (1) سماع الغيبة المحرمة، دون ما علم حليتها (2).

و لو كان (3) متجاهرا عند المغتاب مستورا عند المستمع و قلنا بجواز الغيبة حينئذ (4) للمتكلم فالمحكي جواز الاستماع (5)، مع احتمال كونه متجاهرا (6)، إلا (7) مع العلم بعدمه.

قال في كشف الريبة: اذا سمع أحد مغتابا لآخر و هو لا يعلم المغتاب مستحقا للغيبة، و لا عدمه. قيل: لا يجب نهي القائل، لإمكان الاستحقاق فيحمل فعل القائل على الصحة (8)

++++++++++

(1) اي السماع المحرم كما في حديث: السامع للغيبة احد المغتابين أو الاستماع المحرم كما في حديث: فان القائل و المستمع لها شريكان في الاثم

(2) كما اذا كانت الغيبة من الصور العشر المستثناة، فان سماعها أو استماعها ليس بحرام.

(3) اي المستغاب كان متجاهرا بالفسق عند المغتاب بالكسر.

(4) اي حين أن كان المستغاب متجاهرا بالفسق و مستورا عند السامع

(5) استماع الغيبة، لأن المغتاب بالفتح متجاهر بالمعصية فلا يكون المستمع مأثوما في استماعه للغيبة.

(6) هذا القيد راجع الى جواز استماع الغيبة، اي الجواز مقيد بقيد التجاهر بمعنى أن المبرر لجواز استماع الغيبة: هو احتمال المستمع أن المغتاب بالفتح متجاهر، و لو لا هذا الاحتمال لما جاز له الاستماع.

(7) اي في صورة علم المستمع بأن المغتاب بالفتح لم يكن متجاهرا بالمعصية لا يجوز له استماع الغيبة و الاصغاء إليها.

(8) معنى الحمل على الصحة: عدم اتهام المتكلم بالغيبة المحرمة بل يحمل قوله على الغيبة المباحة ما دام الحمل ممكنا كما لو كان يعلم أن المستغاب متجاهر بالفسق.

ص: 62

ما لم يعلم فساده (1)، لأن (2) ردعه يستلزم انتهاك حرمته و هو أحد المحرّمين (3).

ثم قال (4): و الأولى التنزيه عن ذلك (5) حتى يتحقق المخرج (6)

++++++++++

(1) مرجع الضمير: القول، اي يجوز للمخاطب استماع الغيبة ما دام لم يعلم فساد القول، فان علم أن قول القائل في حق زيد غيبة محرمة ليس لها وجه صحيح شرعي لا يجوز له الاستماع.

فحينئذ ينهى القائل عن غيبته و إن استلزم انتهاك حرمته.

لكن الأولى في هذه الصورة: التدرج في النهي خصوصا اذا كانت الغيبة في حضور ثالث.

(2) تعليل لعدم وجوب نهي القائل عن الغيبة، حيث ان ردعه مستلزم لانتهاك حرمة القائل خصوصا اذا كانت الغيبة أمام ثالث.

لكن قد عرفت عدم استلزام ذلك لانتهاك حرمته اذا اخذ المستمع في النهي و الردع متدرجا.

(3) بالتشديد اسم مفعول و تثنية.

و المراد من المحرمين: الغيبة. و الردع المستلزم لانتهاك حرمة القائل بناء على أن القائل متلبس بالغيبة فهو حرام.

و ردعه عنها مستلزم لحرمة اخرى و هو الهتك و هو حرام آخر.

(4) اي قال (الشهيد الثاني) في نفس المصدر.

(5) اي عن استماع مثل هذه الغيبة التي لا يعلم أن المستغاب مستحق للغيبة أم لا.

(6) بضم الميم على صيغة اسم الفاعل المراد منه الاستثناء، اي حتى يعلم من الخارج استثناء هذا النوع من الغيبة.

ص: 63

منه، لعموم (1) الأدلة، و ترك (2) الاستفصال فيها، و هو (3) دليل إرادة العموم، حذرا (4) من الإغراء بالجهل،

++++++++++

(1) تعليل لوجوب العلم بتحقق المخرج لهذا الفرد عن حرمة استماع مثل هذه الغيبة.

و المراد من الأدلة: قوله صلى اللّه عليه و آله: إن السامع للغيبة أحد المغتابين.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: القائل و المستمع لها شريكان في الإثم فإن الحديثين عامان لا يفرق فيهما بين كون المستغاب مستحقا للغيبة أم لا.

و كذلك لا يفرق فيهما بين أفراد المستمع من حيث علمهم يكون المستغاب مستحقا للغيبة أم لا.

(2) بالجر عطفا على مدخول (اللام الجارة) في قوله: لعموم فهو دليل ثان لوجوب العلم بتحقق المخرج، اي و لترك التفصيل في تلك الأخبار بين المستمع الذي يعلم استحقاق المغتاب الغيبة أم لا يعلم، فان قوله صلى اللّه عليه و آله: إن السامع للغيبة احد المغتابين.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: إن القائل و المستمع لها شريكان في الاثم عام ليس فيهما التفصيل المذكور.

(3) اي ترك التفصيل في تلك الأخبار دليل على إرادة العموم من هذه الأخبار، و إرادة العموم من ترك الاستفصال: قاعدة مشهورة محرّرة في علم الاصول.

هذا اذا كان المولى في مقام بيان تمام مراده.

(4) منصوب على المفعول لأجله.

هذا تعليل لقوله: و الأولى التنبيه على ذلك.

خلاصة التعليل: أن وجه الأولوية في التنزيه عن مثل استماع هذه الغيبة التي لا يعلم السامع استحقاق المغتاب للغيبة، و لا عدم استحقاقه لها هو خوف وقوع القائل بالمأزق لو لم ينزه عن ذلك، و يكون هذا سببا -

ص: 64

و لأن (1) ذلك لو تم لتمشى فيمن يعلم عدم استحقاق المقول فيه بالنسبة الى السامع، مع احتمال (2) اطلاع القائل على ما يوجب تسويغ مقالته: و هو هدم (3) قاعدة النهي عن الغيبة. انتهى (4).

أقول (5): و المحكي بقوله: قيل: لا دلالة فيه على جواز الاستماع

++++++++++

- لإغرائه بالجهل فيصير فيه مجال و نشاط للغيبة فيستمر في غيبته.

و لربما يتعلم منه الآخرون فيأخذوا في الغيبة شيئا فشيئا.

(1) اي و لأن الحمل على الصحة في هذه الصورة: و هو عدم علم السامع باستحقاق المقول فيه الغيبة، أو عدم علم السامع بعدم استحقاق المقول فيه الغيبة: لو جرى لجرى فيما يعلم السامع عدم استحقاق المقول فيه الغيبة مع احتماله أن القائل اطلع على ما يوجب استحقاق المقول فيه الغيبة.

أو يحتمل السامع أن القائل له وجه صحيح في إباحة غيبة هذا الرجل و قد خفي عليه.

(2) اي مع احتمال السامع كما عرفت آنفا.

(3) الواو حالية اي و الحال أن تسويغ الغيبة للقائل، و عدم ردعه عن الغيبة هدم و تخريب لقاعدة وجوب النهي عن الغيبة.

(4) اي ما افاده (الشهيد الثاني) في كشف الريبة في ص 44 في هذا المقام.

(5) من هنا يريد (الشيخ) أن يناقش (الشهيد الثاني) فيما حكاه في كشف الريبة بلفظ قيل.

و خلاصة المناقشة: أن قول القيل: لا يجب نهي القائل، لإمكان الاستحقاق: لا يلازم جواز استماع الغيبة، و لا يكون مبررا له، لأن دليله و هو إمكان الاستحقاق يدل على عدم وجوب ردع القائل عن غيبته فقط، و أما جواز استماع الغيبة فلا.

ص: 65

و انما يدل على عدم وجوب النهي عنه.

و يمكن القول بحرمة استماع هذه الغيبة (1) مع فرض جوازها للقائل لأن السامع أحد المغتابين فكما أن المغتاب تحرم عليه الغيبة.

إلا إذا علم التجاهر المسوغ.

كذلك السامع يحرم عليه الاستماع إلا إذا علم التجاهر.

و أما نهي القائل فغير لازم (2) مع دعوى القائل العذر المسوغ، بل مع احتماله (3) في حقه و إن اعتقد الناهي عدم التجاهر.

نعم لو علم (4) عدم اعتقاد القائل بالتجاهر وجب ردعه.

هذا (5) و لكن الأقوى جواز الاستماع (6) اذا جاز للقائل، لأنه

++++++++++

(1) و هي الغيبة التي لا يجب النهي عنه، لاحتمال وجه صحيح لها حيث قلنا: إن أخبار حرمة استماع الغيبة لا تفصيل فيها بين علم السامع باستحقاق المقول فيه، و بين عدم علمه، و بين وجوب النهي عن الغيبة و بين عدم وجوبها.

(2) لأن نهيه عن الغيبة و هو يدعي العذر المسوغ مستلزم لهتكه و هو حرام.

(3) أي و لا سيما لا يلزم نهي القائل عن الغيبة مع احتمال العذر المسوغ في حقه.

(4) أي لو علم السامع أن القائل لا يعتقد بالتجاهر في حق المغتاب بالفتح و هو يستغيب عمرا مثلا: وجب على السامع ردع القائل حينئذ.

(5) أي خذ ما تلوناه عليك من ضروب الكلام في المتجاهر المستثنى عن حرمة الغيبة.

(6) أي استماع مثل هذه الغيبة التي نحتمل في حق القائل المبرر الشرعي في غيبته عن زيد كما لو صرح بالعذر.

ص: 66

قول غير منكر، فلا يحرم الإصغاء إليه، للأصل (1).

و الرواية (2): على تقدير صحتها (3) تدل على أن السامع لغيبة كقائل تلك الغيبة، فان كان القائل عاصيا كان المستمع كذلك فتكون دليلا على الجواز فيما نحن فيه.

نعم (4) لو استظهر منها أن السامع للغيبة كأنه متكلم بها، فإن جاز للسامع التكلم بغيبته جاز سماعها، و إن حرم عليه حرم سماعها أيضا:

لكانت الرواية على تقدير صحتها (5) دليلا للتحريم فيما نحن فيه (6)

لكنه (7) خلاف الظاهر من الرواية على تقدير قراءة المغتابين بالتثنية

++++++++++

(1) و هي أصالة البراءة عن الحرمة فيثبت جواز الإصغاء.

(2) الواو استينافية أي و أما الجواب عن الرواية المشار إليها في ص 61 في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن السامع للغيبة أحد المغتابين.

(3) حيث إنها مرسلة مقطوعة الأسناد.

(4) استدراك عما أفاده من دلالة الرواية على جواز استماع الغيبة.

و خلاصته: أن الرواية لو استظهر منها كون السامع أحد المتكلمين للغيبة و أنه منهم لكان جواز الاستماع و عدمه للسامع يدور مدار الجواز و العدم للمتكلم، فإن قلنا بالجواز للمتكلم بهذه الغيبة جاز للسامع الاستماع و إن لم نقل لم يجز له الاستماع.

(5) حيث إنها مرسلة مقطوعة الأسناد كما عرفت.

(6) و هو جواز استماع الغيبة من القائل المحتمل في حقه أن يكون معذورا في الاغتياب.

(7) أي الاستظهار المذكور و هو كون السامع أحد المغتابين خلاف الظاهر، بناء على قراءة المغتابين بصيغة التثنية. -

ص: 67

و إن كان هو الظاهر على تقدير قراءته بالجمع.

لكن هذا التقدير (1) خلاف الظاهر، و قد تقدم في مسألة التشبيب أنه اذا كان شك السامع في حصول شرط حرمته من القائل لم يحرم استماعه فراجع (2).

ثم إنه يظهر من الأخبار المستفيضة وجوب رد الغيبة.

فعن المجالس باسناده عن أبي ذر رضوان اللّه عليه عن النبي صلى اللّه عليه و آله: من اغتيب عنده اخوه المؤمن و هو يستطيع نصره فنصره نصره اللّه تعالى في الدنيا و الآخرة، و إن خذله و هو يستطيع نصره خذله اللّه في الدنيا و الآخرة (3).

و نحوها عن الصدوق باسناده عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلى اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام (4):

و عن عقاب الأعمال بسنده عن النبي صلى اللّه عليه و آله: من ردّ عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد اللّه عنه ألف باب من الشر في الدنيا

++++++++++

- و أما لو قرئ بصيغة الجمع يكون السامع أحد المغتابين كما هو الظاهر من الرواية فيحرم عليه حينئذ الاستماع و قد أشار الشيخ الى هذا المعنى بقوله:

و إن كان هو الظاهر.

(1) و هو فرض كون السامع أحد المغتابين بناء على قراءته بصيغة الجمع خلاف الظاهر.

(2) راجع الجزء الثاني من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 210 عند قول المصنف: و كيف كان فاذا شك المستمع.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 608. الباب 156. الحديث 8.

(4) نفس المصدر. ص 606. الحديث 1.

ص: 68

و الآخرة، فإن لم يرد عنه و اعجبه كان عليه كوزر من اغتابه (1).

و عن الصدوق باسناده عن الصادق عليه السلام في حديث الملاهي عن النبي صلى اللّه عليه و آله: من تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد اللّه عنه ألف باب من الشر في الدنيا و الآخرة فإن هو لم يردها و هو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة إلى آخر الخبر (2).

و لعل وجه زيادة عقابه (3): أنه اذا لم يرده تجرّأ المغتاب على الغيبة فيصر على هذه الغيبة و غيرها.

و الظاهر أن الرد غير النهي عن الغيبة، و المراد به (4) الانتصار للغائب بما يناسب تلك الغيبة، فان كان (5) عيبا دنيويا انتصر له:

بأن العيب ليس إلا ما عاب اللّه به من المعاصي التي من أكبرها ذكرك أخاك بما لم يعبأ اللّه به، و إن كان (6) عيبا دينيا وجّهه بمحامل تخرجه (7)

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 607. الحديث 5.

(2) نفس المصدر. ص 599 الى 600. الحديث 13.

(3) أي زيادة عقاب المستمع عن المستغيب في قوله صلى اللّه عليه و آله:

كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة.

(4) أي بالرد.

(5) أي إن كان ما يستغيبه عيبا دنيويا كأن يقول: إن زيدا متكبر أو سفيه، أو ليس له شرف.

و الباء في قوله: بأن العيب بيان لكيفية انتصار المستمع للمغتاب بالفتح

(6) أي ما يستغيبه كان عيبا دينيا كأن يقول: زيد متهاون في صلاته أو لا يلتزم بالشرع.

(7) الفاعل في وجّه المستمع أي وجّه المستمع العيب الديني على محامل

ص: 69

عن المعصية، فان لم يقبل (1) التوجيه انتصر له: بأن المؤمن قد يبتلى بالمعصية، فينبغي أن تستغفر له، و تهتم له، لا أن تعيره، و أن تعييرك إياه لعله أعظم عند اللّه من معصيته، و نحو ذلك (2).

ثم إنه قد يتضاعف عقاب المغتاب (3) اذا كان ممن يمدح المغتاب (4) في حضوره.

و هذا (5) و ان كان في نفسه مباحا إلا أنه اذا انضم مع ذمه في غيبته سمي صاحبه ذا لسانين يوم القيامة، و تتأكد حرمتها (6)، و لذا ورد في المستفيضة أنه يجيء ذو لسانين يوم القيامة و له لسانان من النار (7) فان لسان المدح في الحضور و إن لم يكن لسانا من نار إلا أنه إذا انضم

++++++++++

صحيحة تخرج هذه المحامل ذاك العيب الديني عن المعصية بحيث يجعله عملا صحيحا شرعيا.

(1) أي المستغيب لم يقبل من السامع المحامل الصحيحة التي أبداها فيشرع السامع حينئذ في الانتصار للمغتاب بالفتح.

و الباء في بأن المؤمن بيان لكيفية الانتصار.

(2) من الردود على القائل.

(3) بالكسر و هو المستغيب.

(4) بالفتح و هو المستغاب.

(5) و هو المدح في الحضور.

(6) أي و تتأكد حرمة مثل هذه الغيبة في حق من يمدح بالحضور و يستغيب في الغياب.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 581 الباب 143 الحديث 1.

و في المصدر: جاء بدل يجيء.

ص: 70

الى لسان الذم في الغياب صار كذلك (1).

و عن المجالس بسنده عن حفص بن غياث عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام: قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: من مدح أخاه المؤمن في وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة (2).

و عن الباقر عليه السلام: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين، و ذا لسانين يطرئ (3) اخاه شاهدا، و يأكله غائبا، إن اعطي حسده و إن ابتلى خذله (4).

و اعلم أنه قد يطلق الاغتياب على البهتان و هو أن يقال في شخص:

ما ليس فيه، و هو اغلظ تحريما من الغيبة.

و وجهه ظاهر، لأنه جامع بين مفسدتي الكذب و الغيبة (5).

و يمكن القول بتعدد العقاب من جهة كل من العنوانين (6) و المركب و في رواية علقمة عن الصادق عليه السلام: حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أنه قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع اللّه بينهما في الجنة أبدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس

++++++++++

(1) أي صار لسان المادح لسانا من نار.

(2) نفس المصدر. ص 583. الحديث 10.

(3) من باب الإفعال من أطرى يطري إطراء. معناه: المبالغة في الثناء، يقال: أطرى زيدا، أي أحسن الثناء عليه.

(4) نفس المصدر. ص 582. الحديث 2.

(5) هذا اذا كان في غيابه، و من الممكن أن يكون البهتان في الحضور فانه حينئذ يتمحض في كونه كذبا.

(6) و هما: الغيبة و البهتان.

ص: 71

فيه فقد انقطعت العصمة بينهما و كان المغتاب في النار خالدا فيها و بئس المصير (1).

خاتمة في بعض ما ورد من حقوق المسلم على أخيه.

خاتمة في بعض ما ورد من حقوق المسلم على أخيه.

ففي صحيحة مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ما عبد اللّه بشيء أفضل من أداء حق المؤمن (2).

و روي في الوسائل و كشف الريبة عن كنز الفوائد للشيخ الكراجكي عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن علي الجعابي عن القاسم ابن محمد بن جعفر العلوي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأدائها، أو العفو (3): يغفر زلته (4)، و يرحم عبرته (5)

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 601. الباب 152. الحديث 20.

(2) نفس المصدر. ص 542. الباب 122. الحديث 1.

(3) اي من جانب الاخ المسلم الذي هو صاحب الحقوق.

(4) من زلّ يزل بكسر العين و فتحها في المضارع معناه: الخطيئة هذا اوّل الحقوق.

و المراد من غفران زلته: أن المسلم اذا صدر من اخيه المسلم في حقه خطيئة: أن يعفو عنها، و لا يقابلها بالمثل حتى يكون مثله في الإساءة.

(5) هذا ثاني الحقوق، و العبرة الدمعة.

مقصود الامام عليه السلام: أن المسلم اذا أصيب بنكبة فعلى اخيه أن يسليه تسلية تتدارك بها عبرته، أو يدفع عنه ما كان سببا للعبرة.

ص: 72

و يستر عورته (1)، و يقيل (2) عثرته، و يقبل معذرته (3)، و يرد غيبته (4) و يديم نصيحته (5)، و يحفظ خلّته (6)، و يرعى ذمته (7)، و يعود (8)

++++++++++

(1) هذا ثالث الحقوق، و العورة هنا العيوب: و هو كل امر يستحيي الانسان من إظهاره، اي يستر المسلم عيب اخيه المسلم و لا يظهره في الملأ و عند كل أحد.

(2) هذا رابع الحقوق، و يقيل فعل مضارع من اقال يقيل إقالة وزان أقام يقيم اقامة من باب الافعال، معناه: اخراجه من الشدة

(3) هذا خامس الحقوق اي من علائم المسلم و صفاته أنه لو اساء إليه اخوه المسلم ثم اعتذر منه: أن يقبل عذره.

(4) هذا سادس الحقوق اي من علائم الاخوة الاسلامية أن يستنكر و يدافع عن اخيه المؤمن لو رأى من يستغيبونه: بشتى الأساليب.

(5) هذا سابع الحقوق اي من صفات المسلم و نعوته أن لا يرفع اليد عن نصيحة اخيه المسلم لو رأى منه الزلل و الخطأ و ان كررت منه النصيحة في حقه و لم يقبل منه.

(6) هذا ثامن الحقوق، و الخلة بضم الخاء و فتح اللام المشددة الصداقة أي على المسلم لو صادق اخاه المسلم الاحتفاظ بصداقته: بأن لا يؤذيه

(7) هذا تاسع الحقوق، و الذمة بكسر الذال و فتح الميم المشددة معناه العهد و الأمان أي على المسلم الاحتفاظ بالعهود و المواثيق الموجودة بينه، و بين اخيه المسلم و لا ينقضها.

(8) هذا عاشر الحقوق اي على المسلم أن يزور اخاه المسلم لو مرض و يتفقده عن مدى صحته في مرضه.

ص: 73

مرضه، و يشهد ميته (1)، و يجيب دعوته (2)، و يقبل هديته (3) و يكافي صلته (4)، و يشكر نعمته (5)، و يحسن نصرته (6)، و يحفظ حليلته (7)، و يقضي حاجته (8)، و يستنجح مسألته (9)، و يسمت

++++++++++

(1) هذا حادي عشر الحقوق، اي على المسلم ان يحضر جنازة أخيه المسلم اذا مات، أو مات منه احد منتسبيه.

(2) هذا ثاني عشر الحقوق اي اذا دعا المسلم اخاه المسلم الى وليمة أو احتفال فعليه الحضور في مجلس الوليمة و الطعام.

(3) هذا ثالث عشر الحقوق اي اذا اكرم المسلم اخاه المسلم بهدية فعليه قبولها.

(4) هذا رابع عشر الحقوق اي اذا اكرم المسلم اخاه المسلم فعلى من أكرم مجازاة المكرم إما بمثل اكرامه، أو بتقديره.

(5) هذا خامس عشر الحقوق اي على المسلم اذا انعم عليه اخوه المسلم أن يشكره قولا و عملا، و لا يقابله بالنكران و الاساءة.

(6) هذا سادس عشر الحقوق أي أن المسلم اذا رأى اخاه المسلم يصاب بظلامة يقف الى جانبه و ينصره في ظلامته لعلها ترتفع عنه.

(7) هذا سابع عشر الحقوق، و الحليلة بفتح الحاء و كسر السلام هي الزوجة: اي على المسلم أن لا يعتدي على زوجة اخيه المسلم:

بأن لا ينظر إليها، و لا يطمع فيها اذا كانت جميلة، أو ذات مال.

و هكذا يمنع الآخرين عن التعدي عليها اذا تمكن من ذلك.

(8) هذا ثامن عشر الحقوق اي يدفع المسلم عن اخيه المسلم ما يصيبه من العوز.

(9) هذا تاسع عشر الحقوق، و يستنجح فعل مضارع ماضيه استنجح -

ص: 74

عطسته (1)، و يرشد ضالته (2)، و يرد سلامه (3)،

++++++++++

- من باب الاستفعال، اي على المسلم أن يسعى في نجاح قضاء ما سأله اخوه المسلم و طلب منه اذا كان متمكنا من القضاء.

(1) هذا هو الحق العشرون، و العطسة بفتح العين و سكون الطاء معناها خروج الهواء مع الصوت من الانف بشدة و هي من باب التفعيل اي على المسلم أن يقول لاخيه المسلم اذا عطس: يرحمك اللّه.

و قد وردت روايات كثيرة في تسمية العاطس.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8

الباب 57 من باب استحباب تسمية العاطس من ص 459-466 الأحاديث.

(2) هذا هو الحق الحادي و العشرون. و معنى ارشاد الضالّة:

أن المسلم يبين الى اخيه المسلم الطرق المؤدية الى قضاء حاجته.

و يمكن أن يكون المعنى هدايته الى الطريق المستقيم في الدين اذا ضل عنه.

(3) هذا هو الحق الثاني و العشرون اي على المسلم أن يرد جواب سلام اخيه المسلم.

ثم هل المراد من السلام السلام بالنطق، أو الأعم منه و من الاشارة و هو المعبر عنه بمطلق التحية.

و كذا المراد بالرد هو الرد بالنطق، أو بمطلق الاشارة، فهنا صور اربع:

(الاولى): السلام بالنطق و الجواب بالنطق.

(الثانية): السلام بالاشارة و الجواب بالاشارة.

(الثالثة): السلام بالنطق و الجواب بالاشارة.

(الرابعة): السلام بالاشارة و الجواب بالنطق.

ص: 75

و يطيب كلامه (1) و يبرّ إنعامه (2)، و يصدق أقسامه (3)، و يوالي وليه و لا يعاديه (4) و ينصره ظالما و مظلوما (5).

فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، و أما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه

++++++++++

فرد السلام هنا اعم من النطق و الاشارة عرفا.

لكن الظاهر أن السلام اذا كان بالنطق لا يكفيه الجواب بالاشارة فيتعين عليه الجواب بالنطق أيضا.

(1) هذا هو الحق الثالث و العشرون معناه أن على المسلم أن يتكلم مع اخيه المسلم برفق و لين، و أدب و تواضع: بأن يقول لاخيه المسلم عند التخاطب: نعم سيدي، نعم مولاي، ما رأيكم ما أمركم.

(2) هذا هو الحق الرابع و العشرون، و الإنعام بكسر الهمزة مصدر باب الإفعال، و يبر بفتح العين و ضمها و كسرها في المضارع أي على المسلم لو انعم عليه اخوه المسلم تقدير تلك النعمة، و ان كانت ضئيلة.

(3) هذا هو الحق الخامس و العشرون، و أقسام بفتح الهمزة جمع قسم و هي اليمين اي لو حلف المسلم فعلى اخيه المسلم قبول يمينه و تصديقه و يحتمل أن يراد أن المسلم لو اقسم اخاه المسلم بأن قال له: اقسمت عليك باللّه الكريم جل جلاله أن لا تطلق زوجتك و هو يريد طلاقها:

أن يجيبه الى ذلك.

(4) هذا هو الحق السادس و العشرون اي على المسلم أن يوالي من يوالي اخاه المسلم، و لا يبغضه.

و الى هذا اشار (مولانا امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في قوله:

اصدقاؤك ثلاث: صديقك، و صديق صديقك، و عدو عدوك.

(5) هذا هو الحق السابع و العشرون اي اذا كان في مقام الظلم و الإيذاء

ص: 76

و لا يسلمه (1)، و لا يخذله، و يحب (2) له من الخير ما يحب لنفسه، و يكره (3) له من الشر ما يكره لنفسه.

ثم قال عليه السلام: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول: إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له (4) و عليه.

و الأخبار في حقوق المؤمن كثيرة:

و الظاهر (5) إرادة الحقوق المستحبة التي ينبغي اداؤها.

++++++++++

(1) هذا هو الحق الثامن و العشرون. و يسلم فعل مضارع يحتمل أن يكون من باب الإفعال من اسلم.

بمعنى الترك اي لا يتركه بين الأعداء حتى يصبح ذليلا مهانا.

و جملة و لا يخذله عطف تفسير لقوله: و لا يسلمه.

(2) هذا هو الحق التاسع و العشرون.

(3) هذا آخر الحقوق و هو الحق الثلاثون.

(4) اي يحكم لصاحب الحقوق يوم القيامة على المسلم الذي ترك هذه الحقوق و لم يؤدها.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 550. الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الباب 120 الحديث 24.

(5) اى الظاهر من الأخبار الواردة في الحقوق هي الحقوق المستحبة و هي الحقوق الثلاثون التي ذكرها الشيخ بتمامها و اشرنا إليه واحدا واحدا تحت رقمه الخاص.

و المراد من قوله: التي ينبغي اداؤها: أنه يترتب على تركها من المطالبة يوم القيامة، و الحكم على تاركها في صالح من هي له.

و باعتبار ما في أدائها من الفضل العظيم، و الثواب الجزيل.

ثم هل في تركها عقاب؟

ص: 77

و معنى القضاء لذيها (1) على من هي عليه: المعاملة (2) معه معاملة من أهملها بالحرمان (3) عمّا اعدّ لمن أدّى حقوق الاخوة (4).

++++++++++

- يمكن أن يقال بذلك في بعض تلك الحقوق في ظروف تستدعي وجوبها فيثبت العقاب على تركها، لاجل تلك الظروف و الملابسات.

كما اذا استوجب ترك الحق هتك أخيه المسلم، أو ايذاءه أو تحقيره أو اهانته.

(1) مرجع الضمير الحقوق، و المراد من ذي: أصحاب الحقوق و هم المسلمون.

و المراد من كلمة (من): الاخ المسلم الذي لا يؤدي تلك الحقوق و مرجع الضمير في (هي): الحقوق في (عليه): الاخ المسلم الذي لا يؤدي الحقوق التي جاء بها الاسلام.

و معنى العبارة: أنه يحكم يوم القيامة لأصحاب الحق الذين كانوا ذوي حقوق على إخوانهم المسلمين و لم يؤدوا تلك الحقوق، فيعامل مع هؤلاء التاركين للحقوق بحرمانهم عن الدرجات السامية، و المراتب العالية التى أعدت لمن ادى تلك الحقوق، و لا يحظون بها فيحرمون منها.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و معنى القضاء.

و قد عرفت معنى المعاملة آنفا.

و مرجع الضمير في (معه): الاخ المسلم التارك للحقوق.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: المعاملة.

(4) و هي الحقوق المذكورة التي جاء بها الاسلام للمجتمع البشري و التي تسبب التحابب و التوادد لو عمل بها، فالمسلمون لو كانوا عاملين بهذه القيم الانسانية لسادوا العالم برمته، و لساد الأمن و الطمأنينة و الرخاء

ص: 78

ثم إن ظاهرها (1) و ان كان عاما إلا أنه يمكن تخصيصها بالأخ العارف بهذه الحقوق المؤدي لها بحسب اليسر.

أما المؤمن المضيع لها (2) فالظاهر عدم تأكد مراعاة هذه الحقوق بالنسبة إليه (3)، و لا يوجب إهمالها مطالبته (4) يوم القيامة، لتحقق (5)

++++++++++

في الأصقاع، و لما كان يقتل بعضهم بعضا، و لما آل الامر الى هذا التفسخ في الأخلاق، و التظاهر في الفسوق و الفجور التي ادت الى انحطاط المسلمين و أما إعمال هذه الحقوق مع غير المسلمين فامر مطلوب مستحسن لكنه لا يطالب المسلم بها يوم القيامة لو لم يؤدها في حق غير المسلم.

(1) اي و ظاهر هذه الحقوق المذكورة و ان كان عاما. بمعنى أنها حقوق لكل مسلم على كل مسلم، سواء أ كان عالما بها أم لا، و مؤديا لها أم لا، و سواء قوبل بمثلها أم لا، لكن يمكن اختصاصها بمن كان عارفا بها و مؤديا لها فلو لم يؤدها سقط عنه تأكدها.

(2) أي لهذه الحقوق بالنسبة إلى أخيه المسلم.

(3) أي بالنسبة إلى هذا المضيع.

و لا يخفى أن عدم تأكد أداء الحقوق بالنسبة إلى هذا المضيع في حق أخيه المسلم: راجع الى الحقوق المذكورة، لا إلى الثواب و الفضيلة، إذ قد عرفت آنفا أن أداءها أكثر ثوابا، و أشد فضلا.

(4) المصدر مضاف الى المفعول و هو الأخ المسلم الذي أهمل الحقوق و الفاعل الأخ المسلم المضيع.

و المعنى: أن اهمال المسلم حقوق الاخوة في حق أخيه المسلم الذي ضيع حقوق الاخوة لا يوجب مطالبة المضيع المهمل يوم القيامة.

(5) تعليل لعدم حق الاخ المضيع حتى يطالب اخاه المهمل للحقوق يوم القيامة.

ص: 79

المقاصة، فان التهاتر يقع (1) في الحقوق كما يقع في الأموال.

و قد ورد في غير واحد من الأخبار ما يظهر منه الرخصة في ترك هذه الحقوق لبعض الاخوان، بل لجميعهم إلا القليل منهم.

فعن الصدوق رحمه اللّه في الخصال، و كتاب الاخوان.

و الكليني بسندهما عن أبي جعفر عليه السلام قال: قام الى أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام رجل بالبصرة فقال: أخبرنا عن الإخوان.

++++++++++

و خلاصته: أن عدم المطالبة لاجل المقاصة المحققة في حق الطرفين لأن معنى التقاص: أن يكون لزيد على عمرو حق و هو ينكره، أو لا يدفعه إليه مع وجوب الدفع فحينئذ يجوز لزيد أن يأخذ من مال عمرو قهرا من جنس حقه إن وجده، و إلا فمن غيره بمقدار ما يطلبه، و لا يحتاج الاخذ إلى مراجعة الحاكم الشرعي.

ففيما نحن فيه كان للأخ المسلم على ذمة أخيه المسلم الحقوق المذكورة بمثل ما كان لهذا على ذاك فلما لم يؤد الأخ المسلم تلك الحقوق في حق أخيه فبالمقابلة بالمثل أهمل المسلم الآخر تلك الحقوق في حق أخيه فتسقط الحقوق قهرا فيحصل التهاتر القهري.

ثم إن المقاصة مصدر باب المفاعلة من قاص يقاص أصله قاصص يقاصص وزان ضارب يضارب اجتمع الحرفان ادغم الاول في الثاني جريا عن القاعدة الصرفية، و اسم الفاعل و المفعول منه على وزان واحد و هو مقاص، و يفرق بينهما بكسر الصاد في الفاعل، و بفتحها في المفعول فيقال: مقاصص مقاصص كما في مختار، فإن الفاعل مختير، و المفعول مختير.

(1) مصدر باب التفاعل من تهاتر يتهاتر معناه: السقوط.

ص: 80

فقال عليه السلام: الإخوان صنفان: اخوان الثقة (1)، و اخوان المكاشرة (2).

فأما اخوان الثقة فهم كالكف (3) و الجناح، و الأهل (4) و المال فاذا كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك و يدك، و صاف (5) من صافاه، و عاد من عاداه، و اكتم سره و عيبه، و أظهر منه الحسن.

و اعلم أيها السائل إنهم أعز من الكبريت الأحمر (6).

++++++++++

(1) و هم الذين يثق الانسان بدينهم و صداقتهم و إخوتهم.

(2) مصدر باب المفاعلة من كاشر يكاشر معناه المجاملة أي دار أخاك ما دارك، و أضحكه ما اضحكك، و ليس في الواقع و نفس الأمر صداقة واقعية و حقيقية، و الشين في مكاشرة مفتوحة، طبقا للقياس في باب المفاعلة

(3) الغرض من تشبيه اخوان الثقة بالكف و الجناح: أن الكف كما يدفع بها المكروه، و يجلب بها النفع، و أن الجناح كما يطير به الطائر الى أعالي رءوس الجبال و قمتها.

كذلك المسلم يدفع بأخيه المسلم الثقة المكروه عن نفسه، و يجلب النفع إليه، و يطير به إلى أعالي الدرجات و قمتها.

(4) وجه تشبيه الاخ الثقة بالاهل و المال: أن الاهل كما يكونون عونا للانسان في كل مهمة و ملمة، و كما أن المال يقي الانسان من الحاجات و يبعده عن الفقر، فاخو الثقة يكون عونا لاخيه المسلم و يقيه عن احتياجاته و يبعد عنه الفقر.

(5) من الصفا، اي اصف لمن صفى لك المحبة و الوداد.

(6) يحتمل أن يراد من الكبريت الأحمر: إما الذهب الأحمر أو الياقوت الأحمر.

و لما كان كلاهما عزيزي الوجود شبه الامام عليه السلام الاخوان الثقات

ص: 81

و أما اخوان المكاشرة فانك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك (1) منهم، و لا تطلبنّ ما وراء ذلك (2) من ضميرهم، و ابذل لهم ما بذلوا لك: من طلاقة الوجه، و حلاوة اللسان (3).

و في رواية عبيد اللّه الحلبي المروية في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون الصداقة (4) إلا بحدودها فمن كانت فيه هذه الحدود

++++++++++

بالكبريت الاحمر، لقلة وجودهم، بل هم أقل من القليل.

و لعمر الحق إنه لا يوجد في عصرنا الحاضر من هؤلاء الذين وصفهم الامام عليه الصلاة و السلام حتى الفرد الواحد.

(1) اي المكاشرة: من المجالسة و المسامرة بشرط أن لا تكون المجالسة في معصية.

(2) اي ما وراء اللذة الصورية الآتية منهم: من المال و المساعدة و دفع الاذى، و غيرها.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 404. الباب 2 من أبواب العشرة. الحديث 1.

(4) الصداقة هي الصحبة الودية الخالصة من الشوائب مأخوذة من الصدق و الصفاء فكل من المتصاحبين لا بدّ أن يكون صادقا في صحبته و محبته و مداراته و مرضاته مع صاحبه، و يكون ظاهره و باطنه معه على حد سواء.

فالامام عليه السلام يتفضل ببيان ما تتحقق به الصداقة و هي الاخوة الصادقة.

فقوله عليه السلام: لا تكون الصداقة إلا بحدودها، أو شيء منها:

يشير الى أن الصداقة لها قيود و شروط خمسة فالمدعي للصداقة لا بدّ أن يكون

ص: 82

أو شيء منها فانسبه الى الصداقة، و من لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه الى شيء من الصداقة:

(فأولها): أن تكون سريرته و علانيته لك واحدة.

(و الثانية): أن يرى زينك زينه (1)، و شينك شينه.

(و الثالثة): أن لا تغيره عليك ولاية و لا مال (2).

(و الرابعة): أن لا يمنعك (3) شيئا تناله مقدرته.

++++++++++

- جامعا لتلك الشروط حتى تصدق عليه الصداقة الصحيحة، و يكون هو مصداقا حقيقيا و فردا واقعيا لها.

و يسمى هذا النوع من الصداقة: الفرد الأعلى و الاسمي لها.

و أما اذا لم تجتمع كلها فيه فعلى الأقل أن يكون متصفا ببعضها حتى يصدق عليه مفهوم الصداقة، لا أن يكون خاليا من كلها، فانه لو خلا منها بأجمعها لم يصدق عليه أنه صديق.

و لا يخفى عليك أنه ليس لازم ذلك عدم صدق الاخوة الاسلامية على الفارغ منها، لأن المؤمن اخ للمؤمن لا محالة و على كل حال و لو لم يقم بوظائف الاخوة لأن عرى الاخوة لا تنفصم.

(1) الزين مصدر زان يزين زينا وزان باع يبيع بيعا معناه: التحسين يقال: زانه اي حسنه، سواء أ كان التحسين في الماديات أم في المعنويات و الشين هي المساوي، سواء أ كانت مادية أم معنوية.

(2) مقصوده عليه السلام: أن الصديق من كان لا يحسدك فيما انعمه اللّه عليك: من المال و السلطة و السمعة و الاشتهار.

(3) الفاعل في قوله عليه السلام: أن لا يمنعك: الصديق اي لا يمنعك الصديق عما هو مقدور له مباشرة، أو تسبيبا.

و الفاعل في قوله عليه السلام: تناله: مقدرته، و مرجع الضمير -

ص: 83

(و الخامسة) و هي تجمع هذه الخصال: أن لا يسلّمك عند النكبات (1) و لا يخفى أنه اذا لم تكن الصداقة (2) لم تكن الاخوّة (3) فلا بأس بترك الحقوق المذكورة بالنسبة إليه (4).

و في نهج البلاغة لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث في نكبته، و في غيبته (5)، و في وفاته (6).

++++++++++

في تناله: كلمة شيئا، و في مقدرته الفاعل في يمنعك و هو الصديق.

(1) بفتح النون و الكاف جمع نكبة بفتح النون و سكون الكاف:

و هي المصيبة، و المقصود: أن الصديق هو الذي لا يخذلك عند المهمات و الشدائد.

و الحديث في (اصول الكافي). الجزء 2. ص 639. الحديث 6 (2) اي اذا لم يكن الصفاء و صدق النية، و الحقيقة و الواقعية موجودة لم تكن الأخوة موجودة حتى يترتب عليها تلك الحقوق، فالحقوق هذه دائرة مدار الاخوة فان وجدت ترتبت هذه، و إلا فلا.

(3) بضم الهمزة و الخاء و فتح الواو المشددة مصدر لا الاسمي.

و المراد منه هنا معناه الحدثي و هو التأخي.

(4) أي بالنسبة الى هذه الاخوّة غير الصادقة.

و لا يخفى أن الحقوق الواردة في هذه الأخبار في حق الأخ المسلم و التي ينبغي أن تراعى فقد ذهبت هباء منثورا في عصرنا، حيث لا يوجد أخ هذه صفاته و نعوته، لأن المادة اخذت مشاعرنا، و غلبت علينا حتى نسينا ذكر اللّه.

(5) بفتح الغين و سكون الياء مصدر غاب يغيب.

(6) راجع نهج البلاغة. الجزء 3. ص 184. الكلام القصير 134

ص: 84

و في كتاب الاخوان بسنده عن الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: أ رأيت من قبلكم (1) اذا كان الرجل ليس عليه رداء و عند بعض اخوانه رداء يطرحه (2) عليه؟

قلت: لا.

قال: فاذا كان ليس عنده إزار (3) يوصل إليه بعض اخوانه بفضل ازاره حتى يجد له ازارا.

قلت: لا.

قال: فضرب بيده على فخذه و قال: ما هؤلاء بإخوة الى آخر الخبر (4):

++++++++++

- طباعة مصر شرح الاستاذ (الشيخ محمد عبده). تحقيق (محمد محي الدين عبد الحميد).

مقصود الامام عليه السلام: أن من وظيفة المسلم أن لا يضيع حقوق أخيه المسلم في حالات ثلاث:

(الاولى): المحافظة على شئونه الدنيوية عند ما يصاب أخوه المؤمن بمصيبة.

(الثانية): المحافظة على غيبته بأن لا يمس كرامته حيا و ميتا.

(الثالثة): أن يحضر جنازته اذا مات، و مجلس فاتحته اذا انعقدت و تسلية ولده و أهله و عشيرته.

(1) بكسر القاف و فتح الباء و اللام ظرف مكان أي أ رأيت من عندكم؟

(2) أي يعطيه إياه.

(3) بكسر الهمزة و هي الملحفة التي يلفها الانسان به.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 414. باب استحباب مواساة الإخوان. باب 14. الحديث 1.

ص: 85

دل (1) على أن من لا يواسي (2) المؤمن ليس بأخ (3) له فلا يكون له حقوق الاخوة المذكورة في روايات الحقوق.

و نحوه (4) رواية ابن أبي عمير عن خلاد رفعه قال: ابطأ على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله رجل فقال: ما ابطأ (5) بك فقال: العرى (6) يا رسول اللّه.

فقال صلى اللّه عليه و آله: أ ما كان لك جار له ثوبان يعيرك احدهما فقال: بلى يا رسول اللّه.

++++++++++

- و المراد من فضل إزاره: الإزار الزائد عن حاجته.

مقصود الامام عليه السلام من قوله: يوصل إليه بعض اخوانه بفضل ازاره حتى يجد له إزارا: إعطاء الإزار للعاري منه بعنوان الإعارة لا بعنوان الهبة.

(1) أي الحديث المذكور.

(2) فعل مضارع من واسى يواسي مواساة من باب المفاعلة معناه:

المعاونة، يقال: واساه أي عاونه.

(3) لا يخفى أن الصديق اذا لم توجد فيه الشروط الخمسة، أو أحدها لا تنفصم عرى الاخوة بينهما و إن لم تصدق عليه الصداقة، بل الخطاب بأداء حقوق الاخوة المذكورة في الأخبار باق مستمر، فكيف أفاد الشيخ بسقوطها.

(4) أي و نحو هذا الحديث الدال على أن من لم يواسي أخاه ليس بأخ.

(5) أي ما أخّرك عن المجيء و الحضور.

(6) بفتح العين مع الياء خلاف اللبس.

ص: 86

فقال صلى اللّه عليه و آله: ما هذا لك بأخ (1).

و في رواية يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

اختبروا (2) اخوانكم بخصلتين (3) فان كانتا فيهم (4)، و إلا فاعزب (5) ثم اعزب ثم اعزب: المحافظة (6) على الصلاة في مواقيتها.

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 415. الباب 14 من أبواب العشرة. الحديث 3.

(2) أي امتحنوا.

(3) بفتح الخاء و سكون الصاد. و فتح اللام تثنية خصلة بفتح الخاء و سكون الصاد و فتح اللام. جمعه خصال بكسر الخاء معناه: الفضيلة و الرذيلة. أي تستعمل في المعنيين: الفضيلة و الرذيلة، لكنها غلبت على الفضيلة و هو المراد هنا.

(4) جواب الشرط هنا محذوف أي إن كانت الخصلتان و هما الفضيلتان موجودتين فى الانسان فهو المطلوب، و إن لم تكونا موجودتين فالابتعاد عنهم هو المطلوب.

(5) بفتح الهمزة و سكون العين و ضم الزاء المعجمة بمعنى البعد أي ابعد نفسك عن هؤلاء الذين لم تكن فيهم الخصلتان، ثم أبعد ثم أبعد و في تكرار الامام عليه السلام قوله: ثم اعزب ثم اعزب تأكيد أكيد عن قطع المعاشرة مع هؤلاء الذين يدعون الصداقة.

(6) هذه هي الخصلة الاولى من الخصلتين.

و المواقيت جمع ميقات، أصله موقات قلبت الواو الساكنة ياء على القاعدة المشهورة من أنها اذا كانت ساكنة و قبلها مكسور تقلب ياء كما هي الحال في مثيلاته ميزان ميعاد ميضاة.

و قد اشرنا إلى هذه القاعدة في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة

ص: 87

و البر (1) بالإخوان في اليسر و العسر.

++++++++++

الجزء 1. ص 215 عند هامش 3 في كلمة (ميضاة) فراجع.

مقصود الامام عليه السلام: أن الأخ المؤمن اذا حافظ على أداء صلواته الخمس في أوقاتها: بأن أدّى الصبح في وقته، و الظهر في وقته و العصر في وقته، و المغرب في وقته، و العشاء في وقته، و لا يؤخرها عن أوقاتها: بأن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس بدقائق قليلة، أو الظهر قبيل العصر بدقائق قليلة و هكذا.

و يحتمل أن يكون مقصوده عليه السلام أن من علامة المؤمن اتيان الصلوات الخمس في أول أوقات الفضيلة و هو الأرجح.

(1) هذه هي الخصلة الثانية من الخصلتين اللتين ذكرتا في الرواية المروية عن الخصال. الجزء 1. ص 47. الحديث 5 من باب الاثنين.

طباعة (النجف الأشرف) منشورات المطبعة الحيدرية:

و ما ذكره الشيخ هنا مخالف لما في المصدر.

إليك نص الرواية عن يونس بن ضبيان، و مفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خصلتان من كانتا فيه، و إلا فاعزب ثم اعزب، ثم اعزب قيل: و ما هما؟

قال: الصلاة في مواقيتها، و المحافظة عليها و المواساة.

و مذكور في (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 503. الباب 103 من أبواب العشرة. الحديث 1. عن الخصال بنفس الألفاظ.

لكن لا نعرف أن الشيخ من أين ذكر الخصلة الثانية بقوله: و البر بالإخوان في اليسر و العسر.

و لعله وجدها في رواية اخرى عن مصدر آخر لم نعثر عليها.

ص: 88

القمار

ص: 89

ص: 90

المسألة الخامسة عشرة القمار
اشارة

«الخامسة عشرة» (1) القمار و هو حرام اجماعا (2)، و يدل عليه الكتاب و السنة المتواترة.

++++++++++

(1) أي المسألة الخامسة عشرة من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: القمار.

(2) المراد به هو الإجماع المحصل لا المنقول، و المحصل يحصل للفقيه بنفسه بعد تتبع أقوال المجتهدين، و العلم بعدم الخلاف في المسألة، أو العلم بدخول الامام عليه السلام في المجمعين كما هو مبنى حجية الاجماع عند (الإمامية) أي اللعب المشتمل على المراهنة حرام، للإجماع المحصل و أما الإجماع المنقول فهو ما ينقله الفقيه عن فقهاء آخرين ثبت عندهم الإجماع.

و هذا الإجماع مختلف في حجيته.

راجع (الرسائل لشيخنا الأنصاري) فقد أسهب الكلام هناك فشكر اللّه مساعيه، و أجزل مثوبته.

ثم لا يخفى عليك أنه ذهب بعض الأعلام من علمائنا الفطاحل إلى أن الإجماع المؤيد بالسنة غير حجة و ان كان محصلا، لأنه كلما تقوى السنة ضعف الإجماع، لاحتمال استناد المجمعين في قولهم إلى السنة فلا تبقى مزية حينئذ للاجماع، لأن حجية الإجماع عند عدم وجود دليل غيره.

و أما اذا وجد غيره فهو أولى منه.

ص: 91

و هو بكسر القاف (1) كما عن بعض أهل اللغة: الرهن (2) على اللعب بشيء (3) بالآلات المعروفة.

و حكي عن جماعة أنه قد يطلق على اللعب بهذه الأشياء (4) مطلقا و لو من دون رهن، و به (5) صرح في جامع المقاصد.

و عن بعض أن أصل المقامرة المغالبة (6).

++++++++++

(1) مصدر باب المفاعلة من قامر يقامر مقامرة و قمارا.

(2) الرهن عبارة عن وضع جعل للرابح من اللاعبين، سواء أ كان الجعل من الأموال، أم من العقار، أم من الرئاسات الدنيوية، أم من الأعمال كالبناء و الخياطة و الكتابة.

و سواء أ كان من المنافع كمنافع الدور و المحلات، و ما شاكلها.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: الرهن، و بالآلات متعلق بقوله:

اللعب في قوله: على اللعب.

و المعنى: أن القمار هو الرهن بشيء من النقود، أو الأعراض بسبب اللعب بالآلات المعروفة.

(4) المراد بها هي الآلات المعروفة.

(5) اي و بهذا المعنى الذي ذكرناه عن جماعة و هو اللعب بهذه الأشياء مطلقا و لو من دون رهن صرح به صاحب (جامع المقاصد).

(6) مصدر باب المفاعلة من غالب يغالب معناها: طلب غلبة بعض على بعض في العمل.

و المراد منه هنا هو التفوق في اللعب بغير آلات القمار و ان لم يكن هناك رهن على شيء من الأموال، أو المنافع.

و هذا القول يؤيد ما ذهب إليه صاحب (جامع المقاصد).

ص: 92

فكيف كان (1) فهنا مسائل أربع، لأن (2) اللعب قد يكون بآلات القمار مع الرهن (3)، و قد يكون بدونه (4).

و المغالبة بغير آلات القمار قد تكون مع العوض (5)، و قد تكون بدونه (6).

++++++++++

(1) أي سواء قلنا: إن القمار هو الرهن بشيء على اللعب بالآلات المعروفة أم قلنا: إنه اللعب بالأشياء المذكورة مطلقا، سواء أ كان رهن أم لا و سواء أ كان أصل المقامرة المغالبة بغير آلات القمار أم لا فالمسألة لها صور أربع:

(2) تعليل لانحصار مسألة القمار في المسائل الأربع.

و خلاصة التعليل: أن الحصر هنا عقلي دائر بين النفي و الإثبات لأن اللعب لا يخلو إما أن يكون بآلات القمار، أو بغير آلات القمار، و كل واحد منهما إما أن يكون مع العوض، أو بغير عوض.

فهذه أربعة مسائل لا غير:

(الاولى): اللعب بآلات القمار مع العوض.

(الثانية): اللعب بآلات القمار بلا عوض.

(الثالثة): اللعب بغير آلات القمار مع العوض.

و يسمى هذا بالمغالبة.

(الرابعة): اللعب بغير آلات القمار بلا عوض.

و يسمى هذا بالمغالبة أيضا.

(3) هذه هي المسألة الاولى التي اشير إليها.

(4) هذه هي المسألة الثانية التي اشير إليها.

(5) هذه هي المسألة الثالثة التي اشير إليها.

(6) هذه هي المسألة الرابعة التي اشير إليها.

ص: 93

الاولى: اللعب بآلات القمار مع الرهن

(فالاولى) (1): اللعب بآلات القمار مع الرهن و لا إشكال في حرمتها، و حرمة (2) العوض، و الإجماع عليها (3) محقق، و الأخبار بها متواترة.

الثانية: اللعب بآلات القمار من دون رهن.

(الثانية) (4): اللعب بآلات القمار من دون رهن.

و في صدق القمار عليه (5) نظر، لما (6) عرفت، و مجرد (7)

++++++++++

(1) أي المسألة الاولى من المسائل الأربع.

(2) المراد من حرمة العوض الحرمة الوضعية و هو عدم تملك الغالب المال المتراهن عليه المعبر عنه في العصر الحاضر ب: (الجائزة) فلا يجوز للغالب أخذه، و لو أخذه لبقي على ملك المالك، و لو كان له نماء فلصاحبه و يجب عليه رده إليه إن كانت العين موجودة، و مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة.

(3) أي على حرمة المسألة الاولى: من الحرمة التكليفية و الوضعية قام الإجماع.

(4) أي المسألة الثانية من المسائل الأربع.

(5) أي على اللعب بآلات القمار من دون الرهن على شيء اشكال و نظر.

(6) تعليل لوجه النظر، أي لما عرفت عند قولنا: من أن القمار هو الرهن على اللعب بشيء من الآلات المعروفة، فإنه قد أخذ في صدق الرهن الشيء لغة، فاللعب بآلات القمار من دون رهن على شيء خارج عن مفهوم القمار لغة.

(7) دفع وهم: حاصل الوهم أنه قد استعمل القمار في اللعب بالأشياء المذكورة من دون الرهن على شيء و الاستعمال دليل على أن القمار حقيقة في هذا اللعب فيكون اللعب بها حراما.

فأجاب الشيخ عن هذا الوهم ما حاصله: أن مجرد استعمال القمار

ص: 94

الاستعمال لا يوجب إجراء أحكام المطلقات و لو (1) مع البناء على أصالة الحقيقة في الاستعمال، لقوة انصرافها إلى الغالب: من وجود الرهن في اللعب بها.

و منه (2) تظهر الخدشة فى الاستدلال على المطلب: بإطلاق النهى

++++++++++

في اللعب بآلاته من دون الرهن على شيء لا يوجب إجراء أحكام تلك المطلقات الواردة في حرمة القمار و هي الآيات الكريمة، و الأخبار الشريفة الدالتين على أن اللعب سواء أ كان بآلات القمار أم بغيرها: على اللعب بآلات القمار من دون رهن، لانصراف تلك المطلقات الى القمار مع الرهن على شيء و اختصاصها به.

و يمكن الخدشة في هذا الانصراف بعدم وجوده، اذ القمار هو اللعب بتلك الآلات المعدة له، سواء أ كان هناك رهن على شيء أم لا حيث نرى كثيرا من الناس يلعبون بها و يصرفون أوقاتهم عليها من دون أن يراهنوا على شيء، و الغرض من هذا اللعب استيناس النفس و ارتياحها و انشراحها حسب عقيدتهم الفاسدة، بالإضافة إلى أنهم في صدد الاختبار و الامتحان، حيث يرون هذا اللعب المجرد عن نوع كمال.

(1) هذا من متممات الجواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أنه لا نسلم أن الأصل في الاستعمال الحقيقة كما عرفت و لو سلمنا و تنازلنا عن ذلك و قلنا: إن الأصل في الاستعمال الحقيقة.

لكن مع ذلك كله لا يوجب هذا الأصل إجراء حكم تلك المطلقات على ما نحن فيه، لعدم التنافي بين القول بهذا الأصل.

و بين انصراف تلك المطلقات إلى القمار مع الرهن على شيء، لقوة انصرافها إليه فيكون هذا الفرد هو القدر المتيقن و المتعين و الغالب من القمار.

(2) أى و من قولنا: لقوة انصرافها تظهر الخدشة فيما استدل به

ص: 95

عن اللعب بتلك الآلات، بناء (1) على انصرافه إلى المتعارف: من ثبوت الرهن.

نعم (2) قد يبعّد دعوى الانصراف في رواية أبي الربيع الشامي عن الشطرنج (3) و النرد (4).

قال: لا تقربوهما.

++++++++++

الآخر على شمول المطلقات المذكورة اللعب بالآلات المعدة للقمار من دون الرهن على شيء.

و خلاصة ما استدل به الخصم أن النهي الوارد عن اللعب بآلات القمار مطلق يشمل حتى اللعب بها و لو كان مجردا عن الشيء.

و الجواب كما عرفت آنفا: من أن انصراف المطلقات إلى الفرد الغالب المتيقن قوي جدا فلا مجال لهذا الاستدلال المذكور.

(1) منصوب على المفعول لأجله أي وجه الخدشة في الاستدلال المذكور لأجل قوة الانصراف كما عرفت آنفا.

(2) استدراك عما أفاده آنفا من قوة انصراف تلك المطلقات إلى الفرد الغالب.

و خلاصته: أنه يبعد دعوى انصراف النهي الوارد في رواية أبي الربيع الشامي: إلى الفرد الغالب المتعارف من القمار، لأن معنى قوله عليه السلام في نفس الرواية: لا تقربوهما لا تزاولوا اللعب بالنرد و الشطرنج و لا تمسوهما سواء أ كان اللعب بالرهن أم بغيره، لأن من يلعب بهما و لو من دون الرهان فقد قرب إليهما و هذا القرب منهي عنه، فالحديث يشمل اللعب بكلا قسميه.

(3) مر شرحه في الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 48.

(4) بفتح النون و سكون الراء من الملاهي المعروفة قديما و حديثا -

ص: 96

قلت: فالغناء.

++++++++++

- و تعرف اليوم باسم (لعب الطاولة).

و في اللغة الدارجة في (العراق) تسمى: (الطاولي).

و اللعبة هذه عبارة عن صندوق خشبي يقسم إلى شعبتين متساويتين.

و كل شعبة مبوبة إلى اثني عشر بابا، و يوجد لذلك ثلاثون قرصا (أي پولا).

و تتميز كل خمسة عشر قرصا بلون خاص يختلف عن لون مثيلاتها.

و هناك مكعبان يصنعان من عظم العاج، أو ما شاكله، و هما مرقمان من رقم 1 إلى 6.

و اللعبة هذه تحصل بين شخصين متقابلين.

و يجلس أحدهما قبال الآخر و أمامه اثنا عشر بابا و له من الأقراص خمسة عشر قرصا فيرى اللاعب المكعبين، و يحرك بعد ذلك الأقراص التي على ضوء الأرقام التي تظهر من جراء رمي المكعبات.

راجع القاموس العصري. الطبعة العاشرة. ص 66. تأليف الياس انطوان الياس.

و قال في (مجمع البحرين) مادة (نرد): إن نرد من موضوعات (سابور بن اردشير بن بابك) ثاني ملوك الساسانيين.

و هو شبه رقعة بوجه الأرض فالتقسيم الرباعي بالكعاب الأربعة، و الأرقام المجعولة ثلاثين بثلاثين يوما، و السواد و البياض بالليل و النهار، و البيوت الاثنا عشر بالشهور، و الكعاب بالأقضية السماوية للّعب بها.

و قال (شيخنا البهائي) في كشكوله. الجزء 1. ص 436. طباعة مصر: إن (اردشير بن بابك) أول ملوك الفرس قد وضع النرد، و لذلك قيل له: (نردشير) و جعله مثلا للدنيا و أهلها فرتب الرقعة اثني عشر -

ص: 97

قال: لا خير فيه لا تقر به (1).

و الأولى الاستدلال على ذلك (2) بما تقدم في رواية تحف العقول من أن ما يجيء منه الفساد محضا لا يجوز التقلب فيه من جميع وجوه الحركات (3).

و في تفسير القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ .

قال: أما الخمر فكل مسكر من الشراب إلى أن قال: و أما الميسر فالنرد و الشطرنج، و كل قمار ميسر.

++++++++++

- بعدد شهور السنة، و المهارك ثلاثين قطعة بعدد أيام الشهر.

و الفصوص مثل الأفلاك، و رميها مثل تقلبها و دورانها.

و النقط بعدد الكواكب السيارة كل وجه منها سبعة. انتهى.

ثم اختلفوا في واضع النرد فقال بعض: وضعه (اردشير بن بابك) أول ملوك الساسانيين.

و قال آخر: وضعه (شاه بور بن اردشير) ثاني ملوك الساسانيين.

(1). (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 239. الباب 102 من أبواب تحريم اللعب بالشطرنج. الحديث 10.

(2) أي على حرمة اللعب بهذه الآلات و لو لم تكن فيها مراهنة على الشيء، و كلمة من في قوله: من أن ما يجيء بيانية لما الموصولة في قوله: بما تقدم.

(3) أي حتى الإمساك باليد، لأن هذه الآلات ليس فيها وجه من وجوه الصلاح يفيد المجتمع الانساني سوى الخسران و الإضرار، فالتقلب في هذه الآلات بأي نحو من الأنحاء حرام.

ص: 98

إلى أن قال: و كل هذا بيعه و شراؤه و الانتفاع بشيء من هذا حرام محرم (1).

و ليس المراد (2) بالقمار هنا المعنى المصدري حتى يرد ما تقدم:

من انصرافه إلى اللعب مع الرهن، بل المراد (3) الآلات بقرينة قوله:

بيعه و شراؤه، و قوله (4): و أما الميسر فهو النرد إلى آخر الحديث (5) و يؤيد الحكم (6) ما عن مجالس المفيد الثاني (7) ولد شيخنا الطوسي رحمهما اللّه بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير الميسر في أن كل

++++++++++

(1) نفس المصدر. الحديث 12.

(2) أي و ليس المراد من اللعب هنا معناه المصدري الذي هو فعل المقامرة و ايجاده حتى يقال: إنه تقدم دعوى انصراف القمار إلى المتعارف و هو اللعب بالرهن على الشيء بآلات القمار.

(3) أي بل المراد من القمار في الرواية هي نفس الآلات مجردة عن الرهن بشيء و القرينة على ذلك قول الامام عليه السلام في تفسير القمي المشار إليه في ص 98 لأنه عليه السلام اطلق القمار على الآلات، لا على المعنى المصدرى الذي هي نفس اللعب بالرهن على شيء.

(4) بالجر عطفا على مجرور الباء الجارة في قوله: بقرينة أي و لنا قرينة اخرى على أن المراد من القمار نفس الآلات و هو قول الامام عليه السلام:

و أما الميسر فالنرد و الشطرنج، حيث إنه عليه السلام اطلق الميسر على النرد و الشطرنج و هما اسمان لآلات القمار.

(5) الذي اشير إليه آنفا في تفسير القمي.

(6) و هو تعميم حرمة مطلق اللعب بآلات القمار و إن لم يكن هناك رهن على شيء.

(7) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 99

ما ألهى عن ذكر اللّه فهو الميسر (1).

و رواية الفضيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناس من النرد و الشطرنج حتى انتهيت إلى السّدر (2).

قال: إذا ميز اللّه الحق من الباطل مع أيهما يكون؟

قال: مع الباطل.

قال: و مالك و الباطل (3).

و في موثقة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الشطرنج و عن لعبة الشبيب (4) التي يقال لها: لعبة الأمير، و عن لعبة الثلاث (5).

فقال: رأيت اذا ميّز اللّه بين الحق و الباطل مع أيهما يكون؟

قلت: مع الباطل.

قال: فلا خير فيه (6).

++++++++++

(1) هذه احدى الروايات الدالة على تعميم حرمة مطلق اللعب.

راجع نفس المصدر. ص 235. الباب 100 من أبواب ما يكتسب به الحديث 15.

(2) بضم السين و فتح الدال المشددة وزان سكر هي لعبة للصبيان يخطون خطا مستديرا يلعبون به و هي فارسية مركبة من كلمتين: (سه 3) بمعنى ثلاث، و (در) بمعنى الباب أي لعبة ذات ثلاثة أبواب.

و المراد من انتهيت انهاء أسئلتي التي كانت كثيرة إلى السؤال عن السدر.

(3) هذه ثانية الروايات الدالة على تعميم الحرمة لمطلق اللعب.

راجع نفس المصدر. ص 242. الباب 104. الحديث 3.

(4) لم نجد شرحا لهذه اللعبة و سألنا بعض الأعلام من علمائنا عنها فلم يفدنا شيئا

(5) لم نجد شرحا لهذه اللعبة فهي كمثيلتها.

(6) هذه ثالثة الأحاديث الدالة على تعميم الحرمة لمطلق اللعب.

ص: 100

و في رواية عبد الواحد بن مختار عن اللعب بالشطرنج.

قال: إن المؤمن لمشغول عن اللعب (1)، فإن (2) مقتضى إناطة الحكم بالباطل و اللعب عدم اعتبار الرهن في حرمة اللعب بهذه الأشياء (3) و لا يجري (4) دعوى الانصراف هنا.

++++++++++

راجع نفس المصدر. ص 238. الباب 104. الحديث 3.

(1) هذه رابعة الأحاديث الدالة على تعميم الحرمة لمطلق اللعب.

راجع نفس المصدر. ص 239. نفس الباب. الحديث 11.

(2) هذا تعليل لتعميم الحرمة في مطلق اللعب بآلات القمار و ان لم يكن هناك رهن على شيء.

و خلاصة التعليل: أن تعلق الحكم و هي الحرمة و اناطته على الباطل في رواية الفضيل.

و على اللعب في موثقة زرارة: دليل على عدم اعتبار الرهن في مفهوم حرمة اللعب بهذه الأشياء، لأن الامام عليه السلام قال في جواب السائل عن اللعب بالأشياء المذكورة: مالك و الباطل، و لا خير فيه فعد اللعب بهذه الأشياء من الباطل، و من الامور التي لا خير فيها.

(3) و هي لعبة الشطرنج، و لعبة الشبيب، و لعبة الثلاث.

(4) أي لا مجال لدعوى الانصراف في الروايتين و هما: رواية الفضيل و موثقة زرارة: إلى الفرد الغالب الذي هو القمار بالآلات المعدة له مع الرهن على شيء بعد التعليل المذكور.

هذا ما أفاده الشيخ في التعليل و رتب عليه شيئين:

(أحدهما): عدم اشتراط المراهنة في مفهوم حرمة القمار.

(ثانيهما): عدم انصراف الروايتين إلى الفرد الغالب الذي ذكر آنفا.

لكن للخدشة فيهما مجال.

ص: 101

الثالثة: المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار

(الثالثة) (1): المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة

++++++++++

(أما في الأول) فلأن إناطة حرمة القمار على الباطل و تعلقه به في قوله عليه السلام: مالك و الباطل.

و في قوله: لا خير فيه: قرينة على أن السؤال كان عن حكم اللعب بالمراهنة، لا عن اللعب بالأشياء المذكورة، لأن اللعب بها كان معروفا فهو مفروغ عنه لا يحتاج إلى السؤال، حيث إن الكثير من الناس كانوا يلعبون بها في عصر (الأئمة من أهل البيت) عليهم السلام و يراهنون عليها، فالرهن على الشيء في اللعب بهذه الأشياء كان أمرا مسلما.

(و أما في الثاني): فلأنه يمكن دعوى انصراف الروايتين، و رواية عبد الواحد إلى ما هو الغالب المتعارف في اللعب: و هو اللعب بآلات القمار المعدة له مع الرهن بشيء.

ثم لا يخفى عليك عدم وجود كلمة اللعب في رواية الفضيل، و موثقة زرارة، و كذا في بقية الروايات التي وردت في هذا المقام حتى يناط الحكم عليه كما في قول الشيخ: فان مقتضى اناطة الحكم بالباطل و اللعب.

نعم هو موجود في قول السائل في رواية الفضيل.

(1) أي (المسألة الثالثة) من المسائل الأربع التي ذكرها الشيخ في ص 93 بقوله: فهنا مسائل أربع:.

و المراهنة من باب المفاعلة من راهن يراهن مشتق من الرهن.

و معنى الرهن وضع شيء من قبل المدين عند الدائن تأمينا للدين و يقال له: الوثيقة.

و بهذه المناسبة يخرج كل واحد من المتراهنين شيئا من النقود، أو العرض عند الرهان و يجعله عند صاحبه ليأخذه منه إذا غلب عليه و فاز.

و يقال للآخذ: المرتهن.

ص: 102

للقمار (1) كالمراهنة على حمل الحجر الثقيل، و على المصارعة، و على الطيور و على الطفرة، و نحو ذلك (2) مما عدوها في باب السبق و الرماية

++++++++++

ثم هل المراد من المراهنة معناه الأعم و هو ما فيه نفع، أو ضرر أو مختص بما فيه النفع فقط فلا يعم ايقاع ضرر بالمغلوب: من ضرب أو حبس، أو غير ذلك.

الظاهر أن مقتضى رواية لا سبق إلا في نصل، أو خف أو حافر.

و مقتضى رواية: إن الملائكة لتنفر عند الرهان، و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الريش و النصل: عموم حرمة الرهان، سواء أ كان فيه نفع أم ضرر.

(1) و لا يخفى أن هنا صورا ستا، لأن المراهنة أما أن تقع بالآلات أو بغيرها، و الاولى إما أن تكون بالآلات المعدة للمراهنة، أو بغيرها و على كلا التقديرين إما أن يراهن عليها بشيء، أو لا.

فهذه ستة صور. إليك تفصيلها:

(الصورة الاولى): المراهنة بالآلات المعدة لها من دون عوض.

(الصورة الثانية): المراهنة بالآلات غير المعدة لها من دون عوض

(الصورة الثالثة): المراهنة بالآلات المعدة لها مع العوض.

(الصورة الرابعة): المراهنة بالآلات غير المعدة لها مع العوض.

(الصورة الخامسة): المراهنة بغير الآلات مع العوض.

(الصورة السادسة): المراهنة بغير الآلات من دون عوض.

(2) كالذهاب إلى أرض مسبعة، أو السير في ظلام دامس، أو الوقوف في وجه السيل.

ثم لا يخفى أن المراهنة على هذه الامور إذا كان فيها ضرر على النفس فيجتمع فيها حرمتان: حرمة أصل العمل. و حرمة الإضرار بالنفس

ص: 103

من (1) أفراد غير ما نص على جوازه.

و الظاهر الإلحاق (2) بالقمار في الحرمة و الفساد، بل صريح بعض أنه (3) قمار.

++++++++++

و إلى هذا أشار الشيخ بقوله: و الظاهر الإلحاق بالقمار في الحرمة و الفساد.

و أما إذا كانت مأمونة على النفس ففيها حرمة واحدة و هي حرمة أصل العمل، بناء على القول بالحرمة.

(1) من بيانية (لما الموصولة) في قوله: مما عدوه أي ما عدوه عبارة عن أفراد غير المنصوص على جوازه كالمصارعة، و المغالبة بالطيور و السفن و العدو، و رفع الأحجار الثقيلة، و الذهاب إلى المقابر ليلا، و نحو هذه الامور، فإنها غير مشروعة لو تضمن السبق بها العوض، لدلالة قوله صلى اللّه عليه و آله: لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر:

على نفي مشروعية غير هذه الثلاثة.

راجع حول هذا الموضوع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

الجزء 4. ص 421-423.

(2) أي إلحاق المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار المعبر عنها بالأعمال: بالقمار في الحرمة التكليفية و هو ترتب العقاب عليها و في الحرمة الوضعية و هو عدم صحة المعاوضة و فسادها، و عدم وجوب الوفاء بالمراهنة، و عدم تملك الغالب العوض، و إن أخذه بقي في ذمته و على الآخذ وجوب رد عينه إن كانت موجودة، و مثلها، أو قيمتها إن كانت مفقودة، و إن مات وجب على الوارث رد العين، إذا كانت موجودة، و مثلها، أو قيمتها إن كانت تالفة.

و هذا معنى قوله: في الحرمة و الفساد أي في الحرمة التكليفية و الوضعية.

(3) أي هذا النوع من المراهنة على الأعمال. -

ص: 104

و صرح العلامة الطباطبائي رحمه اللّه في مصابيحه (1) بعدم الخلاف في الحرمة و الفساد (2).

و هو (3) ظاهر كل من نفى الخلاف في تحريم المسابقة فيما عدا المنصوص مع العوض.

و جعل (4) محل الخلاف فيه بدون العوض، فإن (5) ظاهر ذلك أن محل الخلاف هنا هو محل الوفاق هناك.

++++++++++

- و لا يخفى عدم احتياج حرمة هذا القسم من المراهنة إلى إطلاق القمار عليه، لشمول العمومات الواردة له كما عرفت.

(1) كتاب في فقه الإمامية للعلامة (السيد محمد مهدي بحر العلوم) رحمه اللّه و لا يزال مخطوطا.

(2) أي في الحرمة التكليفية و الوضعية، أي صرح (السيد الطباطبائي) أنه لا خلاف بين الإمامية في أن المراهنة على هذه الأعمال حرام تكليفا من حيث العقوبة، و وضعا من حيث الفساد.

(3) أي عدم الخلاف بين الإمامية في إلحاق المراهنة على الأعمال:

بالقمار ظاهر كل واحد من الفقهاء الإمامية الذين يقولون بحرمة المراهنة على غير المنصوص إذا كان مع العوض.

(4) أي و جعل (العلامة الطباطبائي) محل الخلاف في المراهنة على الأعمال بغير عوض فقال: هذا محل الخلاف بين الفقهاء الإمامية في أنه هل توجد هنا حرمة تكليفية و وضعية كما وجدتا في المراهنة على الأعمال مع العوض، أو لا توجد.

(5) تعليل لكون المراهنة على الأعمال بلا عوض هو محل الخلاف بين الفقهاء في الحرمة التكليفية و الوضعية، أي ظاهر قول (العلامة الطباطبائي) أن محل الخلاف بين الفقهاء هو المراهنة على الأعمال بلا عوض.

ص: 105

و من المعلوم (1) أنه ليس هنا إلا الحرمة التكليفية، دون خصوص الفساد.

و يدل عليه (2) أيضا قول الامام الصادق عليه السلام: إنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: إن الملائكة لتحضر الرهان في الخف و الحافر و الريش، و ما سوى ذلك قمار حرام (3).

و في رواية العلاء بن سيابة عن الامام الصادق عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه و آله: أن الملائكة لتنفر عند الرهان و تلعن صاحبه

++++++++++

كما أن حرمة المراهنة على الأعمال مع العوض هو مورد اتفاقهم و إجماعهم، لأنه ملحق بالقمار.

(1) أي بعد أن عرفت محل الوفاق و الخلاف فنقول: إن من الواضح أن في المراهنة على الأعمال بلا عوض ليس إلا الحرمة التكليفية و هو العقاب الاخروي، دون الحرمة الوضعية و هو الفساد، لعدم وجود مال هنا حتى يصدق التبادل ثم يترتب عليه عدم التملك، و ضمان المثل، أو القيمة لو تلفت العين، وردها لو كانت باقية.

(2) أي و يدل على التحريم و هي الحرمة التكليفية فقط، دون الوضعية

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 349. الباب 3 من أبواب السبق و الرماية. الحديث 3.

و الشاهد في ما سوى ذلك، حيث إنه يشمل المراهنة على الأعمال بلا عوض، لأنها لم تكن من الخف و الحافر و الريش.

ثم لا يخفى أن الحديث في المصدر مروي عن العلاء بن سيابة، و حديث إن الملائكة لتنفر عند الرهان مروي في المصدر في ص 347. الحديث 6 عن (الإمام الصادق) عليه السلام من دون إسناده إلى (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

ص: 106

ما خلا الحافر و الخف و الريش و النصل (1).

و المحكي عن تفسير العياشي عن ياسر الخادم عن الامام الرضا عليه السلام قال: سألته عن الميسر.

قال: الثفل من كل شيء.

قال: و الثفل ما يخرج بين المتراهنين: من الدراهم و غيرها (2).

و في صحيحة معمر بن خلاد كل ما قومر عليه فهو ميسر (3).

و في رواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام قيل: يا رسول اللّه ما الميسر؟

قال: كل ما تقومر به حتى الكعاب و الجوز (4).

++++++++++

(1) الشاهد في ما خلا الحافر و الخف و الريش و النصل، حيث إنه يشمل المراهنة على الأعمال بلا عوض.

(2) راجع (تفسير العياشي). الجزء 1. ص 341. الحديث 178 طباعة جابخانة قم عام 1372.

و الثفل بالثاء المفتوحة و الفاء الساكنة ما يستقر و يجتمع في أسفل الشيء و يعبر عنه ب: الترسب و الحثالة.

مقصود الامام عليه السلام: أن القمار عبارة عن الحثالة و الترسبات من كل شيء أي ما يأخذه المقامر أوساخ.

و المراد من غيرها الأشياء التي تجعل عوضا في الرهان.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 242. الباب 103. الحديث 1

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 119. الباب 35 من أبواب تحريم كسب القمار. الحديث 4.

و كعاب بكسر الكاف جمع كعب بفتح الكاف و سكون العين و هو العظم الواقع بين القدم و الساق.

ص: 107

و الظاهر أن المقامرة (1) بمعنى المغالبة على الرهن.

و مع هذه الروايات (2) الظاهرة، بل الصريحة في الحرمة،

++++++++++

و يلعب به في بعض البلدان، و يقامرون عليه.

(1) و هي الواقعة في قوله صلى اللّه عليه و آله: كل ما تقومر به.

(2) و هي التي اشير إليها في ص 106-107 الصريحة في حرمة اللعب بغير الآلات المعدة للقمار مع العوض.

من هنا يريد الشيخ أن يناقش حول ما أفاده (صاحب الجواهر) في هذه المسألة، و نحن نذكر خلاصة ما أفاده ثم النقاش.

فنقول: إن (صاحب الجواهر) أفاد في هذه المسألة بعدم وجود الحرمة التكليفية فيها و قال: إن الحرمة فيها هي الحرمة الوضعية لا غير بمعنى عدم تملك الغالب العوض من الباذل الذي هو المغلوب، و عدم جواز التصرف فيه، لأنه أكل مال بالباطل و ازاء لا شيء.

و أما العقاب الاخروي فلا، لأنه مختص باللعب بالآلات المعدة للقمار مع العوض، بالإضافة إلى الحرمة الوضعية.

ثم ترقى عن مقالته و أفاد أنه يمكن القول بجواز أخذ العوض في هذه المسألة بعنوان الوفاء بالعهد الذي هو التسالم الخارجي الواقع بين المتراهنين في أنه لو غلب أحدهما على الآخر يأخذ ما يضعه كل واحد منهما إزاء الغلبة بسبب النذر المنعقد فيما بينهما، لأن غالب المسلمين بما هم مسلمون و يدينون بدين الاسلام لا يجوز لهم أخذ العوض في المغالبة، بغير الآلات المعدة للقمار مع العوض فيحتالون في ذلك حيلة صحيحة شرعية: بأن ينذروا لصاحبهم دينارا مثلا لو غلب عليه ليأخذه كما ينذر بعين هذا صاحبه له لو غلب عليه حتى يأخذه، فما يأخذه كل واحد من المتراهنين من صاحبه يكون بطيب

ص: 108

المعتضدة (1) بدعوى عدم الخلاف في الحكم ممن تقدم: فقد استظهر بعض مشايخنا المعاصرين (2) اختصاص الحرمة بما كان بالآلات المعدة للقمار.

و أما مطلق الرهان و المغالبة بغيرها فليس فيه إلا فساد المعاملة، و عدم تملك الراهن فيحرم التصرف فيه، لأنه أكل مال بالباطل، و لا معصية (3)

++++++++++

النفس من الباذل، و بعنوان الوفاء بهذا النذر، لا أن المأخوذ يكون بعنوان أن المقامرة المذكورة أوجبت هذا الأخذ و ألزمته.

و يقال لهذا النذر: النذر الصوري، لأنه لا واقع له و لا حقيقة و لذا لا يجب الوفاء به.

هذا ما أفاده (صاحب الجواهر) في المغالبة بغير الآلات المعدة للقمار مع العوض.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحجرية. المجلد 5. ص 25.

فأجاب عنه الشيخ ما حاصله: أن مع وجود هذه الروايات الصريحة في حرمة مثل هذا الرهان.

و مع صراحة (العلامة الطباطبائي) بالحرمة، و ادعائه بعدم وجود المخالف في ذلك، و اتفاقهم على الحرمة التكليفية في مثل هذه المراهنة و أن هذا الاتفاق يكون مؤيدا لتلك الأخبار الصريحة في الحرمة: كيف أفاد شيخنا المعاصر بعدم الحرمة التكليفية، و أن الحرمة الموجودة هي الحرمة الوضعية الموجبة لفساد المعاوضة لا غير.

(1) بالجر صفة لكلمة الروايات في قوله: و مع هذه الروايات أي الروايات المذكورة المؤيدة بالاتفاق المدعى من قبل (السيد الطباطبائي) كما عرفت آنفا.

(2) المراد به (صاحب الجواهر) كما عرفت آنفا.

(3) و هو العقاب الاخروي المعبر عنه بالحكم التكليفي كما عرفت آنفا

ص: 109

من جهة العمل كما (1) في القمار.

بل (2) لو أخذ الرهن بعنوان الوفاء بالعهد الذي هو نذر له لا كفارة له مع طيب النفس من الباذل، لا (3) بعنوان أن المقامرة المذكورة أوجبته و ألزمته: أمكن (4) القول بجوازه (5).

و قد عرفت (6) من الأخبار إطلاق القمار عليه، و كونه (7) موجبا

++++++++++

(1) أي كما أن الحكمين: التكليفي و الوضعي موجودان في القمار بخلاف ما نحن فيه و هو اللعب بالآلات المعدة لغير القمار مع العوض فإن فيه الحكم الوضعي فقط كما عرفت.

(2) هذا ترق من (الشيخ صاحب الجواهر) و قد عرفته آنفا في ص 108 عند قولنا: ثم ترقى عن مقالته

(3) أي و ليس الأخذ المذكور وليد المقامرة المذكورة و أنها سبب للأخذ.

(4) جواب للو الشرطية في قوله: بل لو أخذ الرهن.

و مرجع الضمير في بجوازه الأخذ أي لو أخذ الغالب العوض المتسالم عليه من الطرفين بالعنوان المذكور أمكن القول بجوازه.

(5) انتهى ما أفاده (صاحب الجواهر) في هذا المقام.

(6) هذا إشكال ثان من (الشيخ) على (صاحب الجواهر).

و خلاصته: أن القمار قد اطلق في بعض الأخبار على مثل هذا اللعب بغير الآلات المعدة للقمار مع العوض.

كما في قوله صلى اللّه عليه و آله في ص 106: و ما سوى ذلك قمار أي ما سوى المذكورات يكون اللعب به قمار من أي نوع من أنواع اللعب كان.

(7) بالجر عطفا على مجرور من الجارة فهو في الحقيقة إشكال ثالث

ص: 110

للعن الملائكة و تنفرهم، و أنه (1) من الميسر المقرون بالخمر.

و أما (2) ما ذكره أخيرا: من جواز أخذ الرهن بعنوان الوفاء بالعهد فلم أفهم معناه، لأن العهد الذي تضمنه العقد الفاسد لا معنى لاستحباب الوفاء به، إذ لا يستحب ترتيب آثار الملك على ما لم يحصل فيه سبب تملك.

إلا (3) أن يراد صورة الوفاء بأن يملكه تمليكا جديدا بعد الغلبة في اللعب.

++++++++++

من الشيخ على صاحب الجواهر أي و قد عرفت من كون هذا اللعب موجبا للعن الملائكة كما في قوله صلى اللّه عليه و آله في ص 106: إن الملائكة لتنفر من الرهان و تلعن صاحبه.

(1) مجرور محلا عطفا على المجرور من الجارة في قوله: من الأخبار فهو في الحقيقة إشكال رابع على (صاحب الجواهر) أي و قد عرفت من أن هذا اللعب عد من الميسر المقرون بالخمر في قوله عليه السلام في ص 107 كل ما قومر عليه فهو ميسر.

و لا شك أن هذا اللعب من الألعاب التي يقامر عليها، لأن بإزائه عوض و إن لم يكن اللعب بالآلات المعدة للقمار.

(2) هذا اشكال خامس على (صاحب الجواهر).

و خلاصته: أن أسباب التملك معلومة شرعا، و ليس هنا ما يوجب التملك سوى الوفاء بالعهد الذي جاء من قبل العقد الفاسد و هو التسالم الخارجي فيما بين المتراهنين، فعليه لا معنى لاستحباب الوفاء بمثل هذا العهد، لفساد المغالبة من أساسه كما أفاد الاستحباب صاحب الجواهر بقوله:

لا كفارة له، فان الوفاء بالعهد لو كان واجبا كان في حنثه كفارة.

(3) استثناء عما أفاده من عدم وجود مملك لهذا العوض فلا معنى لهذا الوفاء.

ص: 111

لكن (1) حل الأكل على هذا الوجه جار في القمار المحرم أيضا غاية الأمر الفرق بينهما (2) بأن الوفاء لا يستحب في المحرم.

لكن الكلام (3) في تصرف المبذول له بعد التمليك الجديد لا في فعل الباذل و أنه يستحب له أو لا.

++++++++++

و خلاصته: أنه يمكن القول بالوفاء بالعهد استحبابا من باب التمليك الجديد من قبل صاحب العوض بعد مغالبة أحدهما على الآخر، فإن المغلوب يملّك العوض للغالب من طيب نفسه فيملكه فلا يكون الأكل أكلا بالباطل و مرجع الضمير في يملكه الغالب، و الفاعل فيه المغلوب كما عرفت عند قولنا: فإن المغلوب يملك العوض.

(1) استدراك عما أفاده من إمكان الوفاء بالعهد بالتمليك الجديد.

و خلاصة الاستدراك أن القول بالتمليك الجديد لازمه جريانه في القمار المحرم و هو اللعب بالآلات المعدة للقمار مع العوض، لأن المغلوب يملك العوض للغالب في هذا اللعب فلا يكون الأكل أكلا بالباطل حينئذ لوحدة الملاك.

نعم هناك فرق بين هذا القمار المحرم، و بين اللعب بالآلات غير المعدة للقمار من حيث استحباب الوفاء في الثاني، دون الأول. فلا يستحب فيه الوفاء، لعدم تسالم خارجي قبل الشروع في اللعب.

(2) و هما: اللعب بالقمار المحرم، و اللعب بغير آلات القمار و قد عرفت الفرق آنفا.

(3) أي لكن الاشكال في أن المبذول له الذي هو الغالب كيف يتصرف في هذا العوض الذي تملكه بالملك الجديد من قبل الباذل.

و لا يخفى أنه بعد هذا التمليك الحاصل من التسالم الخارجي فيما بينهما لا مجال ظاهرا في الاشكال في التصرف، حيث إن الباذل بالغ عاقل مختار

ص: 112

و كيف كان (1) فلا أظن أن الحكم بحرمة الفعل (2) مضافا إلى الفساد (3) محل إشكال، بل و لا محل خلاف كما يظهر من كتاب السبق و الرماية (4)، و كتاب الشهادات (5).

و قد تقدم دعواه (6) صريحا من بعض الأعلام.

نعم (7) عن الكافي و التهذيب بسندهما عن محمد بن قيس عن أبي جعفر

++++++++++

حر له السلطة و السلطنة على أن يملك ماله لمن شاء و هذا المغلوب أحد أولئك الذين يشاء تمليك ماله للغالب، لقوله صلى اللّه عليه و آله: الناس مسلطون على أموالهم.

(1) أي سواء قلنا في هذه المسألة بالحرمة التكليفية و الوضعية معا بحكم الأخبار، و بتصريح السيد الطباطبائي، و نقله اتفاق الفقهاء على ذلك كما في ص 105 أم قلنا بالحرمة الوضعية فقط كما أفادها (صاحب الجواهر).

(2) و هي الحرمة التكليفية.

(3) و هي الحرمة الوضعية.

(4) أي كما تظهر الحرمة التكليفية و الوضعية من كتاب (جواهر الكلام) طباعة ايران. الطبعة الحجرية. المجلد 5. ص 684.

(5) أي و كما تظهر الحرمة التكليفية و الوضعية من كتاب (جواهر الكلام) نفس الطباعة. المجلد 6. ص 448.

و لا يخفى عليك أن (شيخنا الأنصاري) يريد أن يرد على (صاحب الجواهر) في هذه المسألة من كتابه من نفس المكانين كما عرفت.

(6) أي و تقدم دعوى (السيد الطباطبائي) في ص 105 بعدم الخلاف في الحكم التكليفي و الوضعي في المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار عند قوله: و صرح العلامة الطباطبائي.

(7) استدراك عما ادعاه: من وجود الحرمة التكليفية و الوضعية

ص: 113

عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أكل و أصحاب له شاة.

فقال (1): إن اكلتموها فهي لكم، و إن لم تأكلوها فعليكم كذا و كذا فقضى (2) فيه: أن ذلك (3) باطل لا شيء في المؤاكلة في الطعام ما قل منه أو كثر، و منع غرامة فيه (4).

++++++++++

في المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار بقوله: و كيف كان فلا أظن أن الحكم.

و خلاصة الاستدراك أن حكم الامام عليه السلام بعدم الحرمة في المراهنة على أكل الشاة في الحديث الآتي مخالف لما ادعيناه:، حيث إنه عليه السلام لم يردع المتراهنين على ذلك، و عدم ردعه دليل على عدم الحكم التكليفي.

(1) أي الرجل الذي أكل و أصحاب له شاة.

(2) أي أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام.

و مرجع الضمير في فيه: المؤاكلة و هو مصدر لا يحتاج إلى المطابقة.

(3) أي الاشتراط المذكور في قول الرجل: إن اكلتموها فهي لكم.

(4) (فروع الكافي). الجزء 7. ص 428 الحديث 1.

هذا الحديث من الأحاديث المحتاجة إلى الشرح و التفسير، و من المؤسف جدا لم يعلق عليه شيء في الطباعة الجديدة التي طبعت بها كتب الأحاديث إليك الشرح:

الظاهر أن كلمة أكل في الحديث فعل ماض وزان نصر، و ليس من باب المفاعلة من آكل يؤاكل مؤاكلة كما أفاد هذا المعنى بعض الأعلام من المحشين على المكاسب، لأن باب المفاعلة له معنيان:

(الأول): المشاركة يقال: آكل زيد عمرا أي شاركه في الأكل.

(الثاني): الإطعام يقال: آكل زيد عمرا أي أطعمه، و هو في كلا

ص: 114

و ظاهرها (1) من حيث عدم ردع الامام عليه السلام عن فعل مثل

++++++++++

المعنيين متعد كما في كل ما يأتي وزان المفاعلة، و كلا المعنيين لا يصح فيما نحن فيه، لوجود الواو في قوله: أكل رجل و أصحاب له شاة و الواو لا تنسجم مع باب المفاعلة، حيث لا يقال: شارك زيد و أصحاب له في أكل شاة.

و هكذا لا يقال: اطعم زيد و أصحاب له شاة.

كما لا يقال: ضارب زيد و عمرا.

نعم الواو تأتي في باب التفاعل فيقال: تضارب زيد و عمرو.

ثم إن الواو في و أصحاب له يحتمل أن تكون عاطفة و الجملة معطوفة على فاعل أكل فتكون كلمة و أصحاب مرفوعة.

و يحتمل أن تكون بمعنى مع و كلمة أصحاب مجرورة أي أكل الرجل مع أصحاب له شاة.

و جملة: (و منع غرامة فيه) ليست من كلام (الامام أمير المؤمنين) عليه السلام، بل من كلام (الامام أبي جعفر الباقر) عليه السلام أي الامام منع غرامة في مثل هذا المؤاكلة.

و في المصادر المطبوعة بالطبعة الحديثة، و في نسخ المكاسب المطبوعة بالطبعة الجديدة هكذا: (و منع غرامته فيه) مع الضمير في غرامته، و حيث لا ينسجم المعنى، لعدم وجود مرجع للضمير في غرامته فاضطررنا بمراجعة المصادر القديمة المطبوعة بالحجر فوجدنا الجملة بلا ضمير و هو الصحيح كما أثبتناه هنا.

(1) أي ظاهر هذه الرواية.

ص: 115

هذا: أنه (1) ليس بحرام، إلا (2) أنه لا يترتب عليه الأثر.

لكن هذا (3) وارد على تقدير القول بالبطلان، و عدم (4) التحريم أيضا

++++++++++

(1) جملة: (إنه ليس بحرام) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فظاهرها أي ظاهر الرواية المذكورة يعطينا درسا عن أن المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدة للقمار ليس حراما، لعدم ردع الامام عليه السلام عن ذلك في المؤاكلة فليس هناك حكم تكليفي.

(2) استثناء من قوله: إنه ليس بحرام.

و خلاصته: أننا و إن استفدنا عدم الحرمة التكليفية في مثل هذا المراهنة و المؤاكلة من الرواية المذكورة، لكن مع ذلك لا يترتب عليه الأثر الذي هو وجوب إعطاء الغرامة على الآكلين للشاة لصاحبها على الشق الثاني: و هو عدم أكل الشاة كلها، لأن الأكل على الشق الأول: و هو أكل الشاة كلها ليس على آكليها غرامة، حيث إن الأكل كان مأذونا من قبل صاحب الشاة.

إذا أصبح الحكم بعدم الحرمة بلا أثر.

(3) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده في الاستثناء المذكور.

و خلاصته: أن عدم ترتب الأثر المذكور موجود أيضا على القول بالحرمة الوضعية: و هو بطلان العوض و فساده في المراهنة على اللعب بالآلات غير المعدة للقمار، لأن عدم جواز التصرف في العوض من لوازم البطلان و الفساد، سواء قلنا بالحرمة التكليفية و الوضعية أم بالحرمة التكليفية فقط.

و المراد بالبطلان هي الحرمة الوضعية.

(4) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بالبطلان أي الاشكال وارد على القول بعدم الحرمة التكليفية أيضا كما عرفت آنفا.

ص: 116

لأن (1) التصرف في هذا المال مع فساد المعاملة حرام أيضا. فتأمل (2).

ثم إن حكم العوض (3) من حيث الفساد حكم سائر المأخوذ بالمعاملات الفاسدة: يجب رده (4) على مالكه مع بقائه، و مع التلف فالبدل مثلا أو قيمة.

و ما ورد (5) من قيء الامام عليه السلام البيض الذي قامر به الغلام

++++++++++

(1) تعليل لبيان أن عدم جواز التصرف في العوض من لوازم القول ببطلان اللعب المذكور و فساده كما عرفت آنفا.

(2) لعل وجهه: أن عدم ردع (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام عن المراهنة المذكورة: لا يصير سندا لما ذهب إليه (صاحب الجواهر) من عدم الحرمة التكليفية في هذا القسم من المراهنة، حيث استدل بالحديث على مدعاه، لأن معنى عدم ردعه عليه السلام: هو السكوت.

و هناك أدلة اخرى أقوى منه و هي الأخبار الواردة في أن مطلق المراهنة قمار، و قد أشرنا إلى تلك الأخبار في ص 106-107 فتكون حاكمة على هذا الدليل الذي هو السكوت.

(3) و هو المال الذي يؤخذ في مثل هذا اللعب بالآلات غير المعدة للقمار.

و لا يخفى أن اطلاق العوض على المال في مثل هذا اللعب مسامحة حيث إن المال الذي يعطى للغالب يكون من باب الجائزة له، لأنه ليس بإزائه شيء سوى الفوز و الغلبة فلا معنى لاطلاق العوض عليه.

و المفروض أن مثل هذه المغالبة حرام حكما و وضعا.

(4) أي وجب رد بدل العوض التالف مثلا إذا كان العوض مثليا كالحنطة و الشعير، أو قيمة إذا كان التالف قيميا كالكتاب و السجاد و الأقمشة

(5) دفع وهم.

ص: 117

فلعله (1) للحذر من أن يصير الحرام جزء من بدنه، لا (2) للرد على المالك.

لكن (3) يشكل بأن ما كان تأثيره كذلك كيف أكل المعصوم

++++++++++

- حاصل الوهم: أنه يستفاد من الحديث الوارد في قئي الامام عليه السلام البيض الحرام وجوب رد ما تبقى من البيض في معدته، لا المثل أو القيمة كما افيد في المقام.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

و حاصله: أن الفيء المذكور ما كان لاجل رد ما تبقى من البيض الحرام في المعدة حتى يقال: إن العين لم تتلف

بل لاجل أن لا يصير الحرام جزء من بدنه بدلا عما يتحلل، حيث إن الامام عليه السلام لا يقدم على الحرام بتاتا، و لا يمكن أن تنمو أجزاء بدنه من الحرام حسب عقيدتنا (الامامية)، فالقيء إنما كان لذلك لا للرد إلى صاحب البيض.

و لا يخفى أنه لا يصدق على البيض المأكول الداخل في المعدة بقاء عينه حتى يجب الرد إلى صاحبه فلا مجال للتوهم المذكور حتى يدافع عنه بكون القي كان لأجل أن لا يصير الحرام جزء من بدنه.

(2) أي و ليس القيء لأجل رد البيض إلى صاحبه، بل لأجل أن لا يصير الحرام جزء من بدنه كما عرفت.

(3) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده: من أن القيء كان لأجل أن لا يصير الحرام جزء من بدنه.

و قبل الورود في الاشكال نذكر الحديث ثم ندخل في الإشكال أليك نصه.

عن عبد الحميد بن سعيد قال: بعث (أبو الحسن) عليه السلام غلاما يشتري له بيضا فاخذ الغلام بيضة، أو بيضتين فقامر بها فلما أتى به أكله فقال له مولى له: إن فيه من القمار.

ص: 118

..........

++++++++++

قال: فدعا بطست فتقيا فقاءه.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 119. الباب 35 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 2.

و أما الاشكال فخلاصته أن المحرمات التشريعية هي كالامور التكوينية الواقعية: في عدم تبدلها عن واقعها، و تغيرها عما هي عليها بالجهل بها.

فكما أن الامور التكوينية لا تتغير و لا تتبدل عما هي عليها، سواء أ كان الإنسان عالما بها أم جاهلا.

كذلك المحرمات التشريعية لا تتغير عما هي عليها، و لا تتبدل عن واقعها بالجهل بها.

خذ للامور التكوينية مثالا: إن الخمر بما هي خمر لها أثرها الخاص و هو الاسكار.

و كذلك السم له أثره الخاص و هو القتل، و هكذا بقية الامور التكوينية.

و هذا الأثر مما يترتب على الخمر و السم لا محالة، سواء أ كان المقدم على شرب الخمر، أو أكل السم عالما بخمرية الخمر، و سمية السم أم جاهلا بهما، لأن هذا الأثر من لوازمهما الطبيعية، و امورهما الذاتية التي لا تنفك عنهما، و لا تتبدل بالجهل بهما فيها من قبيل اللازم و الملزوم.

نعم هناك محرمات تشريعية مقيدة بالعلم بها بمعنى أن الجاهل بها لا يكلف بتركها فلو ارتكبها جهلا بها لم يعاقب، لعدم الحكم التكليفي هنا كما لو تصرف في المكان الغصيب بأن صلى فيه و هو لا يعلم بغصبيته فصلاته صحيحة لا تحتاج إلى الاعادة.

إذا عرفت هذا فنقول: كيف يصح للامام عليه السلام إقدامه

ص: 119

..........

++++++++++

على أكل البيض الحرام و هو يؤثر في البدن لا محالة أثره السيئ الذي لا ينفك عن العالم و الجاهل: من الإضرار الجسمية، و المفاسد النفسية.

اللهم إلا أن يقال: بجهل الامام عليه السلام بالحرمة.

و نسبة الجهل إليه تتنافى و اصول الامامية القائلين بعلم الامام عليه السلام بالأحكام الشرعية، و الموضوعات الخارجية.

راجع حول الموضوع (اصول الكافي) بحار الأنوار (شرح التجريد) حق اليقين (كوهر مراد) و بقية الكتب المؤلفة في علم الكلام مبحث الامامة و نحن نذكر شطرا من تلك الأدلة القطعية القائمة على عصمة الامام عليه السلام.

و قبل الخوض فيها نذكر مقدمة موجزة تمهيدية، ليكون القارئ النبيل محيطا بموضوع الامامة الذي هو أحد المواضيع المهمة.

اعلم نحن (الشيعة الامامية) نقول: إن الامامة كالنبوة في كونها منصبا إلهيا تصدر من المبدأ الأعلى من الرب الجليل، و ليست من الامور التي تناله يد الجعل و أنى للبشر من اختياره ذلك و قد قال عز من قائل:

«وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ مٰا كٰانَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ» (1) .

فالامامة جعل إلهي تتعين بواسطة (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بأمر من المولى القدير.

فكل ما نقوله في النبوة من حيث الجعل و النصب نقوله في الامامة حرفيا.

فنقول: عين (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله (عليا) صلوات اللّه عليه للامرة و الولاية بنص إلهي في حجة الوداع بعد رجوعه

ص: 120


1- القصص: الآية 68.

..........

++++++++++

من (مكة المكرمة) بقوله عز من قائل: «يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ» .

كان نصبه صلى اللّه عليه و آله عليا صلوات اللّه عليه يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام عام 10 من الهجرة بمرأى و منظر من المسلمين و قد بلغ عددهم مائة و أربعة و عشرين ألفا.

و قيل: أكثر في موضع معروف ب: (غدير خم) الواقع بين (مكة المكرمة و المدينة المنورة).

و كانت هذه الإمرة و الولاية هو الهدف الاسمي من التبليغ في الآية الكريمة، لا تبليغ بعض الأحكام الباقية كما يقول بعض (اخواننا السنة) إذ كيف يعقل ذلك و الأحكام بلغت بأسرها و لم يبق منها شيء.

و كيف يسوغ (للرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم إخفاء الأحكام الإلهية و لو واحدا منها الى اخريات حياته الشريفة و هو سبعون يوما اذا كانت نزلت من قبل.

و لما ذا كان صلى اللّه عليه و آله يخفيها على المسلمين؟

و ما ذا كان موقف المسلمين تجاه هذه الأحكام التي نزلت و لم تبلّغ من قبل (المشرع الاعظم) طوال هذه المدة حسب زعم القائل.

أ ليس هو القائل صلى اللّه عليه و آله: ما من شيء يقربكم الى الجنة إلا و قد أمرتكم به، و ما من شيء يبعدكم عن النار إلا و قد نهيتكم عنه.

أيا ترى من المعقول أن يقال: إن (المشرع الأعظم) صلى اللّه عليه و آله جمع الناس في ذلك المكان في يوم حر شديد و قد بلغ الحر

ص: 121

..........

++++++++++

حتى كان الرجل يضع رداءه تحت قدميه و فوق رأسه: لتبليغ ما تبقى من الأحكام و قد نزلت من قبل.

ثم إن قوله تعالى: «وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ» يتنافى و تبليغ الأحكام، لأنها ليست مما يخشى ذكرها حتى يعصم اللّه جل و علا (رسوله الأعظم) لو بلغها و هو يخاف الناس، لأن الأحكام مشتركة بين المسلمين و هم يستقبلون بكل رحابة و سعة صدر كل حكم يأتي به جبرائيل (للرسول الاعظم) صلى اللّه عليه و آله.

فعظم (الإمرة و الولاية) جعل (الباري) عز و جل يقول (لرسوله الاعظم) صلى اللّه عليه و آله: و اللّه يعصمك من الناس.

و قد ذكرنا شرح واقعة الغدير في الجزء السابع من (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة من ص 141-149. فراجع هناك.

اذا عرفت ما تلوناه عليك من المقدمة الموجزة.

فنقول: هناك أدلة عقلية على عصمة الامام كثيرة لا يسعنا المقام ذكرها عن آخرها. إليك أربعة منها.

(الأول): أن الامام عليه السلام لو لم يكن معصوما لم يحصل الوثوق بالشرائع و الاعتماد عليها، لأن المبلغ الذي جاء من قبل الباري عز و جل لو جاز عليه الكذب و سائر المعاصي لجاز له الكذب عمدا أو نسيانا، أو يترك شيئا مما أودع إليه، أو يأمر و ينهى من عنده.

ص: 122

..........

++++++++++

إذا كيف يبقى الاعتماد على أقواله و أفعاله.

(الثاني): أنه لو فعل المعصية و أتى بها فإما أن يجب علينا اتباعه فيها، أو لا، فإن وجب يلزم أن يكون الواجب علينا فعل ما وجب تركه و هي المعصية فحينئذ يجتمع الضدان.

و ان لم يجب اتباعه انتفت فائدة كونه إماما.

(الثالث): أن الغاية من بعث الرسل و الأنبياء هو توجيه المجتمع البشري نحو الخير و الصالح، و منعهم عن الشرور و المفاسد التي يكون نفعها لهم، و مضارهم عليهم، فبناء على هذا لا بدّ أن يكون المبلغ و الرسول و وصيه ذا ملكة قوية، و نفسية قاهرة لا يمكن له تصور المعصية معها، فكيف اتيانها حتى تؤثر أوامره و نواهيه على الآخرين.

و هذه القوة و الملكة لا تحصلان لكل أحد، بل في أفراد مخصوصين تشملهم العناية الإلهية و الرحمة الربانية التي تخص بعضا دون بعض و هم الأنبياء و الأوصياء.

فلو جوزنا المعصية على الامام عليه السلام يلزم أن يسقط محله و منزلته عند المجتمع البشري فيترتب على هذا عدم انقياد الامة له فيما يأمر به و ينهى عنه، بالإضافة الى إفشاء الفوضى فيهم اذا رأوا فيه المعصية.

و هذا يتنافى و غاية البعث: من ارسال الرسل، و انزال الكتب.

(الرابع): أنه يقبح من الحكيم أن يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطأ بعد أن قلنا: إن ارسال الرسل، و انزال الكتب واجب عقلا و لازم لطفا، مع العلم بأن اللّه عز و جل أمرنا باطاعته، و نهانا عن تمرده و معصيته و مخالفته.

هذه هي الأدلة القطعية العقلية على عصمة الامام.

ص: 123

عليه السلام له جهلا، بناء (1) على عدم إقدامه على المحرمات الواقعية غير المتبدلة بالعلم لا جهلا و لا غفلة، لأن (2) ما دل على عدم جواز الغفلة عليه في ترك الواجب و فعل الحرام: دل (3) على عدم جواز الجهل عليه في ذلك (4).

++++++++++

و هناك أدلة اخرى حول العصمة في الأنبياء و الأئمة الاطهار: من العقل و النقل ليس هنا محل ذكرها. راجع المصادر المذكورة.

و أما الأدلة النقلية من الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة فكثيرة جدا لا يسعنا المقام ذكرها فعليك في مظانها.

و تكفيك في ذلك آية التطهير في قوله عز من قائل: «إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» حيث تعلقت ارادته التكوينية باذهاب الرجس الظاهري، و القذارة المعنوية عن (أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين و ليست القذارة المعنوية، و الرجس الظاهري إلا العصمة الكبرى.

و قد ثبت في محله: أن تخلف المراد عن الإرادة في الإرادة التكوينية محال على اللّه تعالى.

و من المسلم الثابت عند المسلمين بأجمعهم أن المراد من (أهل البيت) هم الخمسة من أصحاب الكساء و التسعة المعصومون من ولد الحسين عليهم الصلاة و السلام.

(1) تعليل لأنه كيف أكل المعصوم عليه السلام البيض الحرام جهلا.

(2) تعليل لعدم اقدام الامام عليه السلام على المحرمات الواقعية.

(3) جملة دل مرفوعة محلا على أنها خبر لقوله: لأن ما دل.

(4) أى في ترك الواجب، و فعل الحرام كما عرفت آنفا.

ص: 124

اللهم (1) إلا أن يقال: إن مجرد التصرف من المحرمات العلمية و التأثير الواقعي غير المتبدل بالجهل إنما هو في بقائه و صيرورته بدلا عما يتحلل من بدنه عليه السلام، و الغرض اطلاعه عليه في أوائل وقت تصرف المعدة و لم يستمر جهله.

++++++++++

(1) استدراك من الشيخ عما أورده على الحديث المذكور: من أن المحرمات التشريعية كالامور التكوينية في تأثيرها من غير توقفه على العلم بها فكيف يقدم الامام عليه السلام على أكل البيض الحرام.

و خلاصة الاستدراك: أن عدم جواز الإقدام على الحرام مشروط بالعلم بالحرمة فما دام المكلف غير عالم بها لم يحرم عليه الإقدام، و فيما نحن فيه لم يكن الإمام عليه السلام عالما بالحرمة حتى يحرم عليه أكل الحرام.

و أما التأثير الواقعي الذي لا يتبدل و لا يتغير عما هو عليه في البيض الحرام إنا يتحقق لو بقي و صار جزء من البدن بدلا عما يتحلل من غير التفات إليه.

و المفروض أن الامام عليه السلام قد التفت إلى الحرام بواسطة أحد خدمه قبل أن يتحلل و يصير جزء من بدنه ليؤثر أثره الخارجي، و لذا طلب طستا ليتقيأه فقاءه فيه فما صار الحرام جزء من بدنه و لم يتأثر به.

و لا يخفى ما في الاستدراك، إذ لازمه نسبة الجهل إلى الامام عليه السلام بالموضوعات الخارجية و هي لا تنسجم مع اصول الامامية القائلين بعلم الأئمة بالأحكام و الموضوعات، و أن علمهم بالموضوعات تابع لإرادتهم فاذا شاءوا و أرادوا علموا، و إذا لم يشاءوا لم يعلموا.

راجع (اصول الكافي). الجزء 2 ص 258. الحديث 1-2.

ص: 125

هذا (1) كله لتطبيق فعلهم على القواعد، و إلا فلهم في حركاتهم من أفعالهم و أقوالهم شئون لا يعلمها غيرهم.

++++++++++

(1) أي ما أوردناه على الحديث كان لأجل تطبيق أفعال الأئمة و حركاتهم على القواعد الشرعية، و الأحكام الظاهرية المتعارفة بين الناس حتى لا يقال: كيف تصرفوا في الحرام و اقدموا عليه، و إلا فلهم صلوات اللّه و سلامه عليهم في أفعالهم و حركاتهم و أقوالهم شئون خاصة لا يعلمها سواهم فهم عارفون بأسرار الشريعة و جزئياتها لا تعرفها الامة الإسلامية جمعاء.

ثم إن لنا حول الحديث نقاشا آخر بالإضافة إلى ما ذكره الشيخ.

أليك خلاصته: و هو أن الحديث مشتمل على جملتين متناقضتين:

و هما: (فلما أتى به الغلام أكله. إن فيه من القمار).

(أما الاولى): فظاهرها: أن الغلام أتى بنفس البيضة المشتراة للامام إلى الامام بعد المقامرة بها، و المرابحة عليها، و بعد أن أرجعها من صاحبه الذي قامر معه، فعليه لا يوجد بيض حرام حتى لا يجوز للامام أكله، و على فرض الأكل لا يحتاج إلى القيء.

و (أما الثانية): فإنها مشتملة على كلمة من التبعيضية و مفادها أن بعض البيض حرام، لا كله، و الحرمة إنما جاءت من قبل مقامرة الغلام فيكون هذا البعض الحرام مختلطا مع الحلال الذي اشتراه الغلام للامام عليه السلام، فظاهر هذه الجملة التي هو ذيل الحديث ينافي الجملة الاولى التي هو صدر الحديث، لأن الصدر دال على أن الغلام جاء بنفس البيضة المشتراة للامام، و الذيل يدل على أن بعض البيضة المشتراة حرام.

إذا كيف التوفيق بين الصدر و الذيل.

ص: 126

الرابعة: المغالبة بغير عوض في غير ما نصّ على جواز المسابقة فيه

(الرابعة) (1): المغالبة بغير عوض في غير ما نصّ على جواز المسابقة فيه (2).

و الأكثر على ما في الرياض على التحريم (3)، بل حكي فيها (4) عن جماعة دعوى الإجماع عليه، و هو (5) الظاهر من بعض العبارات المحكية عن التذكرة.

فعن موضع منها: أنه لا يجوز المسابقة في المصارعة بعوض و بغير عوض عند علمائنا أجمع، لعموم النهي (6) إلا في الثلاثة: الخف و الحافر

++++++++++

(1) أي المسألة الرابعة) من المسائل الأربع التي قالها الشيخ في ص 93 بقوله: و كيف كان فهنا مسائل أربع.

(2) و هو الريش و الخف و الحافر و النصل.

و ما عدا هذه لا يجوز المغالبة عليه.

(3) أي على تحريم هذه المغالبة المجردة عن العوض.

(4) بل حكي في الرياض دعوى الإجماع على حرمة هذه المغالبة المجردة عن العوض.

و التأنيث في كلمة فيها باعتبار لفظ رياض، حيث إنه جمع روضة.

(5) أي و هذا الإجماع المدعى في الرياض.

(6) ما وجدنا نهيا عاما في الأخبار الواردة في المقام يدل على حرمة مطلق اللعب و المغالبة حتى يشمل ما نحن فيه و هي المغالبة بغير عوض.

نعم تتصيد الحرمة من الأخبار الواردة في المقام من دون أن يكون هناك كلمة نهي، و الحرمة المتصيدة لا يمكن الحكم بها بنحو مطلق، بل هي منصرفة إلى الفرد الغالب: و هي المغالبة بالعوض.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 119-121. الباب 35 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث. -

ص: 127

و النصل (1).

و ظاهر استدلاله (2) أن مستند الإجماع هو النهي (3) و هو (4) جار في غير المصارعة أيضا.

و عن موضع آخر (5) لا يجوز المسابقة على رمي الحجارة باليد و المقلاع (6) و المنجنيق (7)، سواء أ كان بعوض أم بغير عوض عند علمائنا

++++++++++

- و ص 237. الباب 102. الأحاديث.

(1) حيث جاز المغالبة على المذكورات، لأنها منصوصة.

(2) أي استدلال العلامة في التذكرة.

(3) و قد عرفت الإشكال في وجود هذا النهي آنفا.

ثم لا يخفى عليك أنه على فرض وجود النهي في المقام كيف يصح التمسك بهذا الإجماع المدركي إذا كان مستنده النهي، لأن (شيخنا الانصاري) قد أفاد في كتابه (الرسائل) أن مدرك حجية الإجماع إذا كانت الأخبار فهو ساقط عن الاعتبار، لأن الخبر هو المدرك حينئذ، لا الاجماع، إذ حجيته في طول حجية الخبر، لا في عرضه. راجع (الرسائل).

(4) أي النهي المدعى عمومه جاز في غير المصارعة من أفراد المغالبة أيضا.

(5) أي من التذكرة.

(6) بكسر الميم و سكون القاف اسم آلة مشتقة من قلع يقلع وزان منع يمنع ينسج من خيوط مستطيلة مدورة فيجعل في طرفيه حبل، أو شبهه ثم ترمى به الحجارة نحو الهدف.

و يسمى في اللهجة الدارجة في العراق: (معچال).

(7) بفتح الميم و سكون النون و فتح الجيم و كسر النون الثانية و سكون الياء اسم آلة حربية ترمى بها الأحجار جمعه مجانق و مجانيق.

ص: 128

و فيه (1) أيضا: لا يجوز المسابقة على المراكب (2) و السفن (3)

++++++++++

(1) أي و في كتاب التذكرة.

(2) جمع مركب بفتح الميم و سكون الراء و فتح الكاف و هو أعم مما يركب بحرا و برا.

(3) بضم السين و الفاء. وزان فعل جمع سفينة. وزان فعيلة. و هو ما يركب في الأنهر و البحار.

و يقال لها: فلك أيضا و هو بضم الفاء و سكون اللام يطلق على المفرد و الجمع. يذكر و يؤنث، قال اللّه تعالى: في الفلك المشحون فجاء به مذكرا.

و قال: و الفلك التي تجري في البحر فجاء به مؤنثا.

ثم إن للسفينة أنواعا، و لكل نوع منها اسم خاص.

أليك الأنواع مع أسمائها:

(الأول): الباخرة و هي السفينة التي تسير بالبخار.

(الثاني): الشاحنة و هي المختصة بالبضايع و الأمتعة، و هذه تتحرك بالبخار أيضا.

(الثالث): الغواصة و هي التي تسير تحت الماء بالبخار.

(الرابع): ناقلة الطائرات، أو حاملها.

(الخامس): طراد و هي من السفن الحربية.

(السادس): البارجة و هي أيضا من السفن الحربية.

(السابع): الطرادة و هي سفينة خشبية من الطراز القديم تمشي بالشراع تسير في الأنهر الصغار.

ثم لا يخفى أن حرمة المغالبة في المراكب و السفن بأقسامها بغير عوض محل منع، حيث إن المغالبة بها و التمرين عليها مما ينفع في الحرب ضد الكفار

ص: 129

و الطيارات (1) عند علمائنا.

و قال (2) أيضا: لا يجوز المسابقة على مناطحة (3) الغنم و مهارشة (4) الديك بعوض، و بغير عوض.

قال (5): و كذلك لا يجوز المسابقة بما لا ينتفع به في الحرب

++++++++++

(1) المراد منها: مربعات تصنع من الورق الخفيف تطلق في الهواء بخيوط دقيقة فترتفع فكلما أخذت في الارتفاع يمدونها بالخيط إلى حد معين و يتغالب عليها الأطفال عندنا.

و في بعض البلدان التجارية يتغالب عليها الكبار.

و أما الطائرات النارية البخارية في عصرنا الحاضر التي تطير و ترتفع في الهواء بالقوة النارية و البخارية فهي على قسمين:

حربية. و مدنية، و كلاهما يجوز عليهما المغالبة بغير عوض، لأنهما تنفعان في الحرب أيضا.

(2) أي العلامة في التذكرة.

(3) المناطحة بضم الميم مصدر باب المفاعلة من ناطح يناطح معناه:

تحريك الأغنام لينطح بعضها بعضا.

(4) بضم الميم مصدر باب المفاعلة. من هارش يهارش معناه:

تحريك الديكة بعضها على بعض للمنازعة و المحاربة.

و هذان القسمان مما لا شك في حرمتهما، سواء أ كانت المناطحة و المهارشة بعوض أم بغير عوض، لأنه إيذاء للحيوان.

ثم إن كلمة الديك هنا مفرد و هو بكسر الدال و سكون الياء. جمعه ديوك و ديكة فكان الانسب و الأولى اتيان الكلمة بصيغة الجمع، حيث إن المنازعة من باب المفاعلة و هو يحتاج الى طرفين على الأقل.

(5) أي العلامة في التذكرة.

ص: 130

وعد فيما مثل به اللعب بالخاتم و الصولجان (1)، و رمي البنادق (2) و الجلاهق (3)، و الوقوف على رجل واحدة (4)، و معرفة ما في اليد:

من الزوج و الفرد (5)، و ساير الألعاب (6)، و كذلك

++++++++++

(1) بضم الصاد. و سكون الواو. و فتح اللام مفرد جمعه: صوالجة و الهاء للعجمة، و هو عصى معقوفة الرأس يلعب بها الكرة و هي لعبة فارسية قديمة و لا تزال موجودة عند الفرس.

و هي كلمة معربة من أصلها الفارسي: (چوگان) بالجيم و الكاف الفارسيتين.

(2) بفتح الباء و النون جمع بندق بضم الباء و سكون النون و ضم الدال و هي كرات من حديد، أو رصاص، أو صخر، أو طين يتسابق بها في الرمي.

و البندقية في الأزمنة الاخيرة: آلة نارية يرمى بها الرصاص و إنما يقال لها بندقية، لرمي البندق الناري بها سابقا في بداية اختراعها.

(3) بفتح الجيم و كسر الهاء جمع: جلهق بفتح الجيم و سكون اللام و فتح الهاء: هي الكرات المصنوعة من الطين.

و يطلق على القوس الذي ترمى به هذه الكرات.

(4) كما يفعل مرتاضو الهند.

(5) كإخفاء شيء في اليد و ضمها ثم يقول للآخر: إن حزرت ما في يدي فهو لك.

و يقال له في اللسان الدارج: (حزورة) وزان فلوجة.

(6) في جميع نسخ المكاسب (الملاعب) و الصحيح ما أثبتناه، لأن ملاعب جمع ملعب و هو إما اسم مكان أو زمان و كلاهما خارجان عن المقصود لأنه ليس من شأن الفقيه البحث عنهما، و ألعاب جمع لعب و هو المعني هنا.

ص: 131

اللبث (1) في الماء.

قال (2): و جوزه بعض الشافعية، و ليس بجيد (3). انتهى (4) و ظاهر المسالك الميل الى الجواز (5)، و استجوده في الكفاية، و تبعه بعض من تأخر عنه، للأصل (6)،

++++++++++

(1) بفتح اللام و سكون الباء معناه المكث و الوقوف.

فالمغالبة على الامور المذكورة بتمامها حرام و إن لم يكن هناك رهن.

(2) أي العلامة.

راجع (تذكرة الفقهاء) الطبعة الحجرية. كتاب السبق و الرماية. البحث الثالث. المسألة العاشرة.

و مرجع الضمير في جوزه: المغالبة و التذكير باعتبار أن المغالبة مصدر أي و جوز بعض الشافعية المغالبة الذي لا ينفع في الحرب.

و في الفقه على المذاهب الأربع. الجزء 2. ص 52. كتاب الحظر و الإباحة طباعة مصر: أن القاعدة عند الشافعية جواز المسابقة بكل نافع في الحرب.

و الظاهر: أن المقصود من هذه المغالبة الرهان بالعوض.

و مقصود العلامة من تجويز بعض الشافعية المغالبة: كونه بلا عوض.

(3) هذه الجملة: (و ليس بجيد) للعلامة أي ما جوزه بعض الشافعية من المغالبة الذي لا ينفع في الحرب ليس بجيد.

(4) أي ما ذكره العلامة في التذكرة. راجع نفس المصدر.

(5) و هو جواز المغالبة في القسم الرابع الذي قال (شيخنا الأعظم) في ص 127: الرابعة المغالبة بغير عوض في غير ما نص على جواز المسابقة فيه إلى آخر ما ذكره.

(6) أي الجواز المذكور لوجود الاصل الاولي الذي هي الإباحة في الأشياء.

ص: 132

و عدم (1) ثبوت الاجماع، و عدم (2) النص، عدا ما تقدم من التذكرة (3):

من عموم النهي، و هو (4) غير دال، لأن (5) السبق في الرواية يحتمل

++++++++++

من هنا يروم الشيخ الشروع في ذكر أدلة الجواز و هي ثلاثة:

(الاول): أصالة الإباحة في المغالبة بغير عوض و هو المعبر عنه بقوله: للأصل فهو الدليل الاول.

(الثاني): عدم وجود اجماع يدل على المنع الذي هو المدعى.

(الثالث): عدم وجود النص على المنع الّذي هو المدعى.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للأصل أي و لعدم وجود اجماع.

هذا هو الدليل الثاني.

(2) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للأصل أي لعدم وجود نص.

هذا هو الدليل الثالث.

(3) و هو قوله في ص 127: لعموم النهي، فالعموم هذا يدل على الحرمة التكليفية و الوضعية.

(4) أي النهي المدعى لا يدل على المطلوب و هي حرمة المغالبة على اللعب بغير آلات القمار.

(5) تعليل لكون النهي المدعى غير دال على المطلوب.

و خلاصة التعليل: أن كلمة (لا سبق) الواردة في الرواية تحتمل أن تكون بفتح الباء كما هو المشهور عند الفقهاء فحينئذ يراد من سبق العوض أي لا عوض في كل مغالبة إلا في الأربعة المذكورة.

ص: 133

التحريك، بل في المسالك أنه (1) المشهور في الرواية.

و عليه (2) فلا تدل إلا على تحريم المراهنة، بل (3) هي غير ظاهرة في التحريم أيضا، لاحتمال إرادة فسادها، بل هو (4) الأظهر، لأن نفي العوض ظاهر في نفي استحقاقه.

و إرادة (5) نفي جواز العقد عليه في غاية البعد.

و على تقدير السكون (6) فكما يحتمل نفي الجواز التكليفي يحتمل نفي

++++++++++

فعلى هذا الاحتمال لا تدل الرواية إلا على الحرمة الوضعية فقط الذي هو الفساد فتكون نفس المراهنة محرمة.

و أما أصل العمل و هو اللعب فلا تدل الرواية عليه حتى تثبت الحرمة التكليفية.

(1) أي فتح الباء هو المشهور عند الفقهاء كما عرفت آنفا.

(2) أي و على احتمال تحريك باء سبق كما عرفت معنى الاحتمال آنفا.

(3) هذا ترق من الشيخ أي بل الرواية ليس لها ظهور في الحرمة التكليفية أصلا، لاحتمال إرادة فساد المراهنة و هي الحرمة الوضعية من الرواية.

(4) و هو عدم ظهور الرواية في الحرمة التكليفية.

(5) دفع وهم.

حاصله: أنه إن اريد من النفي في قوله صلى اللّه عليه و آله: لا سبق:

النهي فهو نهي بصورة النفي و هو أبلغ في المنع من النهي نفسه و النهى يدل على الحرمة التكليفية التي هي حرمة العقد على العوض.

و أما الجواب عن الوهم فهو أن الحديث المذكور يدل على عدم استحقاق الغالب العوض، و عدم تملكه إياه.

و أما عدم جواز العقد على مثل هذه المغالبة فلا دلالة للحديث عليه.

(6) أي و على تقدير سكون باء لا سبق يحتمل النفي أمرين:

ص: 134

الصحة، لوروده مورد الغالب: من اشتمال المسابقة على العوض.

و قد يستدل للتحريم (1) أيضا بأدلة القمار، بناء (2) على أنه مطلق المغالبة و لو بدون العوض كما يدل عليه (3) ما تقدم: من اطلاق الرواية بكون اللعب بالنرد و الشطرنج بدون العوض قمارا.

++++++++++

و هما: نفي الحكم التكليفي. و نفي الصحة المعبر عنها بالحكم الوضعي لورود هذا النفي مورد الغالب: و هو اشتمال المسابقة على العوض غالبا.

(1) أي لتحريم المغالبة بغير عوض بأدلة القمار.

(2) تعليل (مكان الاستدلال بأدلة القمار الآتية على تحريم المغالبة بغير عوض.

و خلاصة التعليل: أن القمار يطلق على كل مغالبة و لو لم يكن هناك عوض فيشمل هذا الاطلاق ما نحن فيه أيضا، لصدقه عليه، لكونه أحد أفراده و مصاديقه.

(3) أي كما تدل على أن مطلق المغالبة قمار الرواية المتقدمة.

الظاهر أن المراد من الرواية المتقدمة رواية أبي الجارود التي اشير إليها في ص.

و لكن لا يخفى أن الرواية هذه أجنبية عما نحن بصدده، لأن كلامنا في المغالبة بالأبدان و غيرها مما ذكر في المسألة الرابعة التي هو المصب لما نحن فيه، و اللعب بالنرد و الشطرنج لا ربط له بالمقام حتى يقال: إن له اطلاقا يشمل اللعب بكلا فرديه: العوض. و بغير العوض.

نعم يمكن الاستدلال بالحديث المذكور على ما نحن فيه بقوله عليه السلام:

و كل قمار ميسر، بناء على اطلاق القمار على كل مغالبة، سواء أ كان بآلات القمار أم بغيرها فحينئذ له اطلاق يشمل ما نحن فيه.

لكن الاستدلال بهذا عين الاستدلال بأدلة القمار في قوله: و قد يستدل

ص: 135

و دعوى (1) أنه يشترط في صدق القمار أحد الأمرين:

إما كون المغالبة بالآلات المعدة للقمار و إن لم يكن عوض

و إما المغالبة مع العوض و ان لم يكن بالآلات المعدة للقمار على ما يشهد به (2) اطلاقه فى رواية الرهان في الخف و الحافر: في غاية (3) البعد.

بل الأظهر أنه (4) مطلق المغالبة.

و يشهد له (5) أن اطلاق آلة القمار موقوف على عدم دخول الآلة

++++++++++

للتحريم أيضا بأدلة القمار، بناء على أنه مطلق القمار فلا يكون دليلا مستقلا في عرض الأدلة المذكورة فلما ذا أفرده (شيخنا الأنصاري) و جعله دليلا مستقلا.

(1) مبتدأ خبره قوله: في غاية البعد.

(2) أي على ما يشهد للأمر الثاني اطلاق القمار عليه في رواية الرهان في قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الملائكة لتنفر الرهان في الخف و الحافر و الريش و ما سوى ذلك قمار، فإن قوله صلى اللّه عليه و آله: و ما سوى ذلك قمار يشمل الأمر الثاني الذي هو المغالبة بغير آلات القمار مع العوض.

(3) الجار و المجرور في محل الرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله:

و دعوى كما عرفت.

و يذكر الشيخ وجه البعد عند قوله: و يشهد له.

(4) أي القمار أعم من أن يكون بالآلات المعدة للقمار أم بغيرها.

(5) هذا وجه البعد الذي ذكره الشيخ بقوله: في غاية البعد.

و خلاصة البعد: أن هناك شيئين: مغالبة مع العوض، و آلة يتوصل بها إلى ذلك.

أما الآلة فهي كلما تضاف و يقال: آلة القمار تدل على المغايرة و البينونة بين المضاف و هي الآلة، و بين المضاف إليه و هو القمار بمعنى أنهما

ص: 136

في مفهوم القمار كما (1) في ساير الآلات المضافة إلى الأعمال، حيث

++++++++++

مفهومان متغايران كل منهما مستقل لا ربط لاحدهما بالآخر، لأن مفهوم الآلة هو الورق المتداول بين المتلاعبين بما فيه من الصور و النقوش.

و القمار نفس اللعب بين الشخصين.

كما أن آلة الخياطة حينما تضاف الى الخياطة و يقال: آلة الخياطة يراد منها الابرة و الخيط و القماش، و غيرها من لوازمها الوجودية.

و أما الخياطة فيراد منها نفس العمل الذي هي الملابس مثلا.

و كما أن آلة الكتابة حينما تضاف الى الكتابة و يقال: آلة الكتابة يراد منها القلم و القرطاس و الحبر، و جميع لوازمها.

و أما الكتابة فيراد منها نفس الكلمات و الحروف الموجودة على القرطاس.

و كذا آلة الصياغة حينما تضاف إلى الصياغة و يقال: آلة الصياغة يراد منها الذهب و الفضة و التيزاب و البوقة، و غيرها من لوازمها.

و أما الصياغة فيراد منها نفس العمل الخارجي الذي هي القلادة أو المحبس، أو الظروف التي صيغت من الذهب، أو الفضة.

و هكذا آلة البناية حينما تضاف الى البناية و يقال: آلة البناية يراد منها الجص و الطابوق و السمنت و الحديد و الرمل و الحصو، و غيرها من لوازمها و أما البناية فيراد منها نفس الدار، أو المدرسة، أو القصر.

فتحصل من مجموع ما ذكر من الأمثلة أن المضاف إلى الأعمال و الحرف و كذا آلة القمار غير داخلة في مفهوم المضاف إليه و أنهما مفهومان متغايران متباينان.

هذا تمام الكلام في الآلة بجميع أقسامها حسب اضافتها الى مضاف إليها و لا سيما آلة القمار التي هو مورد البحث.

(1) تنظير لكون آلة القمار غير داخلة في مفهوم القمار. -

ص: 137

إن الآلة غير مأخوذة في المفهوم.

و قد عرفت (1) أن العوض أيضا غير مأخوذ فيه.

فتأمل (3).

و يمكن أن يستدل على التحريم (4) أيضا بما تقدم من أخبار (5) حرمة

++++++++++

و قد عرفت التنظير عند قولنا: كما أن آلة الخياطة في ص 137.

(1) الظاهر أن المراد من قوله: و قد عرفت أن العوض أيضا:

الأحاديث المتقدمة في ص 98-101، حيث إنه لم يوجد في تلك الأحاديث ما يشير إلى أن العوض داخل في مفهوم القمار فهو خارج عنه كخروج الآلة عنه أيضا، لأن للقمار أركانا أربعة: المتلاعبين و آلة اللعب، و العوض فكما أن الآلة غير داخلة في مفهوم القمار كذلك العوض غير داخل فيه.

فما ادعاه القائل باشتراط أحد الأمرين المذكورين في صدق القمار غير صحيح.

(3) لعل وجه التأمل: أن عدم دخول آلة القمار في مفهوم القمار لا يصير دليلا على عدم مدخلية العوض في مفهوم القمار، لأن العوض و الآلة من أركان القمار كما عرفت آنفا و إن كانا مخالفين له مفهوما، و إذا كان من الأركان فلا يمكن تحقق القمار في الخارج بدون الآلة و العوض بالإضافة إلى الصدق العرفي الذي هو أقوى شاهد على ذلك.

إذا يمكن صحة ما ادعاه الخصم من اشتراط أحد الأمرين المذكورين في صدق القمار.

(4) أي على تحريم المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض.

(5) في قوله عليه السلام في ص 100: ما لك و الباطل؟

و في قوله عليه السلام في ص 100: فلا خير فيه في جواب القائل:

مع الباطل.

و في قوله عليه السلام في ص 101: إن المؤمن لمشغول عن اللعب. -

ص: 138

الشطرنج و النرد، معللة (1) بكونها من الباطل و اللعب، و أن كل ما ألهى عن ذكر اللّه عز و جل فهو الميسر.

و قوله (2) عليه السلام في بيان حكم اللعب بالاربعة عشر (3):

لا تستحب (4) شيئا من اللعب غير الرهان و الرمي (5)، و المراد رهان

++++++++++

- و في قوله عليه السلام في ص 100: و كل ما ألهى عن ذكر اللّه فهو الميسر، فإن هذه الأخبار بمجموعها تدل على حرمة المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض، لأن المغالبة بما هي مغالبة باطل و اللعب يلهي الانسان عن ذكر اللّه عز و جل و ان لم يكن فيه عوض.

(1) بصيغة الفاعل منصوبة على الحالية للأخبار، أي حال كون الأخبار المذكورة تعلل حرمة هذه المغالبة بأن المغالبة من الباطل و اللعب و من الميسر كما عرفت في الأحاديث الثلاثة في ص 138.

(2) بالجر عطفا على المجرور في الباء الجارة في قوله: بما تقدم من الأخبار أي و يمكن أن يستدل على تحريم المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض بقوله عليه السلام.

(3) لعبة مشهورة عند الصبيان و هي عبارة عن صفين من النقر في كل صف سبع نقر يوضع في كل نقرة شيء يلعبون به فالمجموع يصير أربعة عشر نقرة.

راجع (مجمع البحرين) مادة عشر آخر المادة.

و ذكرنا هذه اللعبة في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

الجزء 3. ص 211.

(4) فعل مضارع مخاطب مجزوم بلا الناهية مبنية على الفتح وزان لا تمدّ، و كلمة شيئا منصوبة على المفعولية.

(5) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 235. الباب 100 الحديث 12

ص: 139

الفرس (1).

و لا شك في صدق اللهو و اللعب فيما نحن فيه (2)، ضرورة أن العوض لا دخل له في ذلك (3).

و يؤيده (4) ما دل على أن كل لهو المؤمن باطل خلا ثلاثة و عدّ منها إجراء الخيل، و ملاعبة الرجل امرأته (5).

و لعله لذلك كله (6) استدل في الرياض تبعا للمهذب في مسألتنا بما دل على حرمة اللعب.

لكن قد يشكل (7) الاستدلال فيما اذا تعلق بهذه الأفعال غرض صحيح

++++++++++

(1) أي المراد من الرهان المشروع هو الرهان على الحافر و الخف المشار إليه في الحديث المذكور في ص.

(2) و هو المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض.

(3) أي في اللهو و اللعب المذكور.

(4) أي و يؤيد حرمة المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض

(5) (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 347. الباب 10 من أبواب كتاب السبق و الرماية. الحديث 5. أليك نص الحديث:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث:

في تأديبه الفرس، و رميه عن قوسه، و ملاعبة امرأته، فإنهن حق.

(6) أي و لعل لما ذكرناه في حرمة المغالبة على اللعب بغير آلات القمار بغير عوض: من الاستدلال بالأخبار المذكورة في ص 100-131-139: استدل صاحب الرياض على حرمة المغالبة على اللعب المذكور: بكل ما دل على حرمة اللهو من دون فرق بينهما.

(7) من هنا يريد الشيخ أن يورد على ما أفاده (صاحب الرياض) و خلاصته: أن الاستدلال المذكور مشكل، حيث إنه يمكن أن يتعلق

ص: 140

يخرجه عن صدق اللهو عرفا فيمكن إناطة الحكم باللهو و يحكم في غير مصاديقه بالإباحة، إلا (1) أن يكون قولا بالفصل و هو غير معلوم.

و سيجيء بعض الكلام في ذلك (2) عند التعرض لحكم اللهو و موضوعه إن شاء اللّه.

++++++++++

غرض صحيح شرعي عقلائي بمثل هذه المغالبة في الألعاب المذكورة فيخرجها عن مصاديق اللهو و أفراده فلا تشملها أدلة اللهو فلا تكون محرمة مطلقا بل الحرمة متوقفة على صدق مفهوم اللهو، فإن صدق فهو، و إلا فيحكم باباحته كالمغالبة في الكتابة و المشاعرة و المباحثة، و ما شاكلها.

(1) استثناء عما أفاده: من أنه قد يتعلق غرض صحيح شرعي بالمغالبة المذكورة فتوقف الحرمة فيها على صدق مفهوم اللهو.

و خلاصة الاستثناء أنه اللهم إلا أن يقال: إن القول بتوقف الحرمة على صدق مفهوم اللهو قول بالتفصيل فيكون قولا ثالثا و لا يقول به أحد.

(2) أي في كون مثل هذه المبالغة حراما أم لا.

ص: 141

ص: 142

القيادة

ص: 143

ص: 144

المسألة السادسة عشرة: القيادة

«السادسة عشرة» (1) (القيادة) و هو السعي بين شخصين لجمعهما على الوطء المحرم و هي من الكبائر.

و قد تقدم تفسير الواصلة و المستوصلة بذلك (2) في مسألة تدليس الماشطة و فى صحيحة ابن سنان أنه (3) يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة و سبعون سوطا، و ينفى من المصر الذي هو فيه (4).

++++++++++

(1) أي (المسألة السادسة عشرة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: القيادة و هو مصدر قاد يقود وزان قام يقوم معناه شرعا كما أفاده المصنف: هو السعي بين شخصين لجمعهما على الوطء المحرم، سواء أ كان الجمع بين انثيين كالمساحقة أم بين ذكرين كالوطء أم بين رجل و امرأة كالزنا

(2) أي بمن يسعى للجمع بين شخصين على الوطء المحرم في الجزء 2 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 167. فراجع.

(3) كلمة (أنه) ليست من الرواية و إنما هي من الشيخ.

و مرجع الضمير: الشأن.

و يضرب بصيغة المجهول و نائب فاعله: (القواد) الواردة في كلام السائل.

(4) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 18. ص 429. الباب 5 من أبواب حد السحق و القيادة. الحديث 1.

ص: 145

..........

++++++++++

أليك نص الحديث.

عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: أخبرني عن القواد ما حده؟

قال: لا حد على القواد أ ليس إنما يعطى الاجر على أن يقود؟

قلت: جعلت فداك إنما يجمع بين الذكر و الانثى حراما.

قال: ذاك المؤلف بين الذكر و الانثى حراما.

فقلت: هو ذاك.

قال: يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة و سبعون سوطا، و ينفى من المصر الذي هو فيه.

ص: 146

القيافة؛

ص: 147

ص: 148

المسألة السابعة عشرة: القيافة

«السابعة عشرة» (1) (القيافة) و هو حرام في الجملة (2)، نسبه في الحدائق إلى الأصحاب.

و في الكفاية لا أعرف له خلافا، و عن المنتهى الإجماع.

و القائف (3) كما عن الصحاح و القاموس و المصباح هو الذي يعرف الآثار.

++++++++++

(1) أي (المسألة السابعة عشرة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: القيافة.

و هو بكسر القاف و فتح الفاء مصدر قاف يقوف وزان قال يقول اسم فاعله قائف جمعه قافة.

معناه: معرفة الآثار و العلائم في الشخص، و التي بسببها يستدل القائف على النسب فيلحق الفروع بالاصول.

و كذلك يستدل القائف بسبب الخطوط الموجودة في الكفين، أو إحداهما أو مكان معين من البدن فيخبر صاحبها عن الحوادث التي تقع عليه في المستقبل أو التي وقعت له في الماضي: من خير أو شر.

(2) التقييد لاجل أن القيافة في جميع الموارد لا يكون محرما على نحو الموجبة الكلية، بل بنحو الموجبة الجزئية كما إذا ترتب عليه أمر محرم.

(3) من هنا يريد (الشيخ) أن يذكر تعاريف أهل اللغة حول القيافة.

و المراد من الآثار العلائم الموجودة في الشخص في كفيه، أو إحداهما أو أي عضو آخر من البدن.

ص: 149

و عن النهاية و مجمع البحرين زيادة: أنه يعرف شبه الرجل بأخيه و أبيه.

و في جامع المقاصد (1) و المسالك كما عن إيضاح النافع و الميسية أنها إلحاق الناس بعضهم ببعض، و قيد في الدروس، و جامع المقاصد كما في التنقيح حرمتها بما اذا ترتب عليها محرم (2).

و الظاهر أنه (3) مراد الكل، و إلا فمجرد حصول الاعتقاد العلمي أو الظني بنسب شخص: لا دليل على تحريمه، و لذا (4) نهي في بعض الأخبار عن اتيان القائف، و الأخذ بقوله.

ففي المحكي عن الخصال ما أحب أن تأتيهم (5)، و عن مجمع البحرين

++++++++++

(1) من هنا أخذ (الشيخ) في تعريف الفقهاء للقيافة.

(2) كنفي نسب شرعي بأن يقول القائف: هذا الولد ليس ابنا لهذا الرجل.

(3) أي ترتب أمر محرم على القيافة مراد كل الفقهاء في القول بحرمة القيافة بحيث لولاه لم يكن محرما في نفسه كما أفاد هذا المعنى الشيخ بقوله:

و إلا فمجرد الاعتقاد.

(4) تعليل لحرمة القيافة فيما اذا ترتب عليه أمر محرم، أي و لأجل أن ترتب الحرمة على القيافة هو مراد الفقهاء في تحريم القيافة ورد النهي في الأخبار عن عدم الاتيان الى القائف، و الأخذ بقوله اذا ترتب عليه أمر محرم كنفي نسب شرعي، لا أنه محرم مطلقا و ان لم يترتب عليه محرم.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 108. باب 26 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 2.

و لا يخفى أنه ليس في الحديث المذكور نهي عن الاتيان الى القائف و إنما الموجود: ما أحب أن تأتيهم، و ليس هذا نهيا.

اللهم إلا أن يقال: إن النفي في قوله: ما أحب يراد منه النهي -

ص: 150

أن في الحديث لا تأخذ بقول القائف (1).

و نسب بعض أهل السنة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قضى بقول القافة (2).

++++++++++

نعم في الحديث الآتي المروي عن (وسائل الشيعة) كلمة النهي.

(1) راجع (مجمع البحرين) مادة قوف، و الحديث هذا مذكور في (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 269. الباب 14 من أبواب تحريم العمل بعلم النجوم. الحديث 2.

أليك نصه:

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: كان (أمير المؤمنين) عليه السلام يقول: لا تأخذ بقول عرّاف، و لا قائف، و لا لص، و لا أقبل شهادة فاسق إلا على نفسه.

و لا يخفى أن الحديث منقول عن كتاب (من لا يحضره الفقيه). الجزء 3.

ص 30. طباعة مطبعة (النجف الاشرف) عام 1378. الحديث 26.

لكن في المصدر: لا آخذ بدل لا تأخذ و هو الصحيح بقرينة قوله عليه السلام: و لا أقبل شهادة الفاسق.

و هذا الحديث أحد الأحاديث التي لم تنطبق على المصدر من قبل الهيئة المشرفة على تصحيح الوسائل، و التعليق على ما في الكتاب.

(2) راجع (صحيح البخاري). الجزء 8. كتاب الفرائض باب القائف. مطبوعات محمد علي صبيح و أولاده بميدان الأزهر.

أليك نص الحديث.

عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم

ص: 151

..........

++++++++++

دخل عليّ مسرورا تبرق(1) أسارير(2) وجهه فقال: أ لم تري(3)أن مجززا(4) نظر آنفا الى زيد بن حارثة و اسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.

و (سنن أبي داود). الجزء 1. كتاب الطلاق ص 526 باب القافة.

الحديث 3349. طباعة مطبعة السعادة بمصر. عام 1369.

و (سنن أبي ماجة). الجزء 2. كتاب الأحكام. ص 787. -

ص: 152


1- فعل مضارع من باب نصر ينصر أي لمع وجهه و تلألأ.
2- بفتح الهمزة جمع أسرار و هو جمع سر بكسر السين، أو ضمها و هي الخطوط الموجودة في الكف، أو الجبهة أي لمعت خطوط وجهه صلى اللّه عليه و سلم و تلألأت.
3- بفتح التاء و الراء و سكون الياء فعل مضارع مسند الى المخاطب المؤنث أصله ترين حذفت النون لدخول لم الجازمة عليها، و هذه النون تسمى نون تفعلين.
4- بضم الميم و فتح الجيم و كسر الزاي المشددة لقب عبد اللّه بن زياد الكسائي القائف المعروف، و إنما سمّي بذلك لأنه كان يجز ناصية الأسير في الجاهلية. راجع ارشاد الساري في شرح البخاري. ص 446. و أما وجه سرور رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بقول القائف: فالظاهر أن الناس كانوا يطعنون في نسب اسامة بن زيد، لكونه أسود و زيد أبيض، و لما حكم القائف بإلحاقه بزيد سرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بذلك سرورا بالغا، حيث انكشف الحال، و ازيل القناع.

..........

++++++++++

- الباب 21. باب القافة. طباعة دار احياء الكتب العربية عام 1373. تعليق محمد فؤاد عبد الباقي.

و (و صحيح مسلم). الجزء 5. ص 101-102 طباعة محمد علي صبيح و أولاده.

لكن الحديث المروي في المصادر المذكورة فيه اختلاف يسير.

أليك نص الحديث عن سنن أبي داود.

عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما مسرورا و تعرف أسارير وجهه فقال: اي عائشة أ لم تري أن مجززا المدلجي رأى زيدا و اسامة قد غطيّا رءوسهما بقطيفة و بدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.

هذا هو الحديث المروي في الكتب المذكورة.

و الظاهر أن المستفاد من الحديث عدم قضاء (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بقول القافة في الحاق اسامة بن زيد إلى زيد، لأنه لم يكن شاكا في بنوته حتى يحكم بقول القافة بعد قولهم: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.

بالإضافة إلى أن الشك لا ينسجم مع مقام النبوة التي هو منصب إلهي رباني، فالشاك كان غيره من المسلمين الذين كانوا جديدي العهد بالاسلام و لم يؤمنوا ايمانا كاملا بالرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله.

و ليس في الحديث ما يرشد الى حكم (الرسول الأعظم) بقول القافة سوى أنه دخل على عائشة مسرورا تبرق أسارير وجهه، و قد عرفت أن السر.

في سروره هو الكشف عن حقيقة الحال عند الناس، و ثبوت بنوة اسامة لزيد، حيث إن القوم حسب البيئة التي كانوا يعيشون فيها يعملون بأقوال

ص: 153

و قد أنكر ذلك (1) عليهم في أخبارنا كما يشهد به ما في الكافي عن زكريا بن يحيى بن نعمان الصيرفي قال: سمعت علي بن جعفر يحدث حسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: و اللّه لقد نصر اللّه أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال الحسن: اي و اللّه جعلت فداك لقد بغى عليه اخوته.

فقال علي بن جعفر: لي و اللّه و نحن (2) عمومته بغيا عليه.

فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟

قال: قال له اخوته و نحن أيضا: ما كان (3) فينا امام قط حائل اللون.

فقال لهم الرضا عليه السلام: هو ابني.

قالوا: فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد قضى بالقافة فبيننا و بينك القافة.

++++++++++

القافة في مثل هذه الامور، لكثرتهم في المحيط الذي عاش فيه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم.

هذا ما استفدته من الحديث فالنسبة إليهم غير صحيحة حتى تحتاج الى انكارها بالاستدلال بالحديث الآتي المروي عن طرقنا.

(1) أي حكم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بقول القائف من طرق (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

(2) عطف على قوله: فقال له اخوته اي و نحن عمومته ظلمنا الامام أبي الحسن الرضا عليه السلام و قلنا له بمثل مقالتكم له.

(3) هذه الجملة: (ما كان فينا امام قط حائل اللون) مقول قول اخوة الامام الرضا عليه السلام و أعمامه له.

و حائل اسم فاعل من حال يحول وزان قال يقول معناه اللون المتغير و المقصود منه هنا الميل الى السمرة، و قط: معناه أبدا.

ص: 154

قال: ابعثوا انتم إليهم فأما أنا فلا (1) و لا تعلموهم (2) لما دعوتموهم إليه، و لتكونوا في بيوتكم، فلما جاءوا اقعدونا في البستان و اصطف عمومته و اخوته و أخواته و أخذوا الرضا عليه السلام و ألبسوه جبة من صوف و قلنسوة منها و وضعوا على عنقه مسحاة و قالوا (3) له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه (4)

ثم جاءوا (5) بأبي جعفر عليه السلام فقالوا (6): ألحقوا هذا الغلام بأبيه فقالوا (7) ليس له هاهنا اب، و لكن هذا عم، أبيه و هذا عمه، و هذه عمته

++++++++++

(1) أي فلا أبعث الى القافة، لأني لست شاكا في بنوة ولدي محمد الجواد حتى أبعث خلف القافة فعليكم أن تذهبوا الى القافة و تأتوا بهم لكشف الحال و حقيقة المآل.

بالإضافة الى أن مقام الامامة الذي هو منصب إلهي رباني مقام شامخ رفيع لا يناله إلا من تناله العناية الإلهية فلا يتناسب و ارساله إليهم، حيث له المرجعية العليا، و الزعامة الدينية الكبرى في حل القضايا و فصلها.

فكيف يرسل الى هؤلاء القافة لحل موضوع تافه أثاره عليه اخوته و عمومته، حسدا منهم عليه.

و من الطبيعي عدم سلامة الانسان من هذه الصفة الرذيلة مهما بلغت صفته كما ورد النص بذلك في قوله صلى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة أشياء: النسيان، و ما لا يعلمون، و الحسد. الى آخر الحديث.

(2) من باب الإفعال بصيغة المضارع المعلوم بمعنى الاعلام.

(3) أي اخوة الامام و عمه و أخواته.

(4) أي كأنك فلاح تعمل في البستان عمل الفلاحين حتى لا يظهر عليك أنك من ذوي العلاقة بالموضوع.

(5) أي اخوة الامام و عمه و أخواته.

(6) أي اخوة الامام و عمه و أخواته قالوا للقافة.

(7) أي القافة قالوا جوابا لاخوة الامام الرضا عليه السلام و عمه و أخواته

ص: 155

و إن يكن له هاهنا اب فهو صاحب البستان، فان قدميه (1)، و قدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا (2): هذا أبوه.

قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت (3) ريق أبي جعفر عليه السلام ثم قلت له: أشهد أنك امامي إلى آخر الخبر نقلناه بطوله تيمنا (4).

++++++++++

(1) أي قدمي صاحب البستان الذي هو الامام الرضا عليه السلام و قدمي الامام الجواد عليه السلام.

(2) أي القافة قالوا لاخوة الامام الرضا عليه السلام و عمه و أخواته

(3) بصيغة المتكلم من مص يمص وزان مد يمد معناه شرب الشيء و جذبه برفق و لين شيئا فشيئا، و الريق لعاب الفم.

(4) راجع (اصول الكافي). الطبعة الجديدة. الجزء 1.

ص 322-323. الحديث 14. باب الاشارة و النص على أبي جعفر الثاني عليه السلام.

أيها القارئ النبيل هذا الحديث الذي ذكره (الشيخ) في هذا المقام و ذكرناه نحن تماشيا و تجاوبا مع الأعلام، اذ ربما تركه كما كان. في قرار نفسنا يوجب إثارة بعض النفوس الضعاف علينا، و لربما نوصم بالتحريف:

بالإضافة الى ضعف سنده كما صرح بذلك سيدنا الاستاذ (السيد الخوئي) دام ظله في مصباح الفقاهة. الجزء 1. ص 384: مشتمل على مطالب سخيفة جدا لا تتناسب و مقام الامامة.

و قد ذكر قسما منها المعلقون على المكاسب و منهم (سيدنا الاستاذ) في المصدر نفسه. فراجع.

و قد بلغت السخافة الى حد لا أظن أنها تخفى عليك أيها القاري النبيل لو أمعنت النظر في الحديث من صدره الى ذيله فلا تحتاج الى ذكرها و عرضها عليك و الوقت أثمن من ذكر هذه و ما ضاربها.

ص: 156

الكذب

ص: 157

ص: 158

المسألة الثامنة عشرة: الكذب
اشارة

«الثامنة عشرة» (1) (الكذب) و هو حرام بضرورة العقول (2) و الأديان (3).

و يدل عليه (4) الأدلة الأربعة إلا أن الّذي ينبغي الكلام فيه مقامان:

(أحدهما): في أنه (5) من الكبائر.

++++++++++

(1) أي (المسألة الثامنة عشرة) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الكذب.

(2) المراد من العقول: عقول الرجال من أهل الأديان المختلفة و لا اختصاص له بأهل الاسلام، أي جميع العقلاء من أهل كل ملة.

ثم إنه لا يمكن التسليم لهذا القول على اطلاقه، لأن حكم العقل بحرمة الكذب إنما هو لقبحه فيما اذا ترتب عليه من الضرر و المفسدة، فاذا لم يترتب عليه ذلك فلا يحكم بحرمته، لأن العقل لا يراه قيحا حينئذ فالحرمة العقلية دائرة مدار ترتب الضرر و عدمه، فاذا وجد وجد حكم العقل و اذا لم يوجد لم يوجد ذلك فقول (الشيخ): بضرورة العقل على اطلاقه ممنوع لأن حكم العقل ليس ناظرا الى الكذب من حيث هو هو، بل ناظر الى ترتب الضرر و المفسدة، فالاستدلال على حرمة الكذب بالعقل كما ترى

(3) أي جميع أهل الأديان حكموا بحرمة الكذب.

(4) أي على تحريم الكذب الكتاب، و الأحاديث، و الاجماع، و العقل كما تأتي الاشارة الى كل واحد منها.

(5) أي الكذب من كبائر الذنوب.

ص: 159

(ثانيهما): في مسوغاته (1).

المقام الأول أنه من الكبائر

(أما الأول) (2): فالظاهر من غير واحد من الأخبار كالمروي في العيون بسنده (3) عن الفضل بن شاذان لا يقصر عن الصحيح.

و المروى عن الأعمش في حديث شرايع الدين عده من الكبائر (4).

و في الموثقة بعثمان بن عيسى (5) أن اللّه تعالى جعل للشر أقفالا و جعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، و الكذب شر من الشراب (6).

و أرسل عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: ألا اخبركم بأكبر الكبائر:

الإشراك باللّه، و عقوق الوالدين، و قول الزور أي الكذب (7).

و عنه صلى اللّه عليه و آله: إن المؤمن اذا كذب بغير عذر لعنه سبعون ألف ملك، و خرج من قلبه نتن حتى يبلغ العرش، و كتب اللّه عليه بتلك الكذبة سبعين زنية أهونها كمن يزني مع أمه (8).

و يؤيده (9) ما عن العسكري عليه السلام: جعلت الخبائث كلها

++++++++++

(1) أي في الحالات التي يجوز الكذب فيها.

(2) و هو كون الكذب من كبائر الذنوب.

(3) أي بسند الشيخ الصدوق راجع العيون. الجزء 2. ص 126-127.

(4) بحار الأنوار. الجزء 10. ص 229. السطر 14 من الطبعة الجديدة ب: (طهران).

(5) لم يكن عثمان بن عيسى اماميا اثني عشريا، و لذا عبر عنه بالموثقة

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 572. الباب 138 الحديث 3.

(7) راجع (إحياء العلوم) للغزالي. الجزء 3. ص 135 السطر 12 و في المصدر: ألا أنبئك بدل ألا أخبركم.

(8) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 100. الحديث 15

(9) أي و يؤيد كون الكذب من كبائر الذنوب.

ص: 160

في بيت واحد و جعل مفتاحها الكذب إلى آخر الحديث (1)، فإن (2) مفتاح الخبائث كلها كبيرة لا محالة.

و يمكن الاستدلال على كونه من الكبائر بقوله تعالى: إِنَّمٰا يَفْتَرِي اَلْكَذِبَ اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِآيٰاتِ اَللّٰهِ.

فجعل الكاذب غير مؤمن بآيات اللّه كافرا بها (3)، و لذلك (4) كله اطلق جماعة كالفاضلين (5) و الشهيد الثاني في ظاهر كلماتهم: كونه من الكبائر من غير فرق (6) بين أن يترتب على الخبر الكاذب مفسدة أو لا يترتب عليه شيء أصلا.

و يؤيده (7) ما روي عن النبي صلى اللّه عليه و آله في وصيته لأبي ذر:

++++++++++

(1) (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 72. ص 263.

الحديث 46-48.

(2) هذه الجملة من كلمات (الشيخ) تعليل و بيان لوجه التأييد.

(3) أي جعل الباري عز و جل الكاذب كافرا بآيات اللّه، و الكفر بآيات اللّه من أكبر الكبائر.

(4) أي و لأجل أن الأحاديث المتقدمة، و الآية الكريمة كلها تدل على أن الكاذب ملعون و كافر بآيات اللّه: اطلق جماعة من الفقهاء الامامية أن الكذب بما هو كذب من الكبائر، سواء ترتب عليه مفسدة أم لا.

و مرجع الضمير في كونه: الكذب.

(5) و هما: المحقق و العلامة.

(6) هذا بيان للاطلاق الذي أفاده الفاضلان و الشهيد الثاني.

(7) أي و يؤيد الاطلاق الذي أفاده الفاضلان و الشهيد الثاني.

ص: 161

ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك القوم ويل له ويل له ويل له (1) فإن (2) الأكاذيب المضحكة لا يترتب عليها غالبا ايقاع في المفسدة.

نعم في الأخبار ما يظهر من عدم كونه (3) على الاطلاق كبيرة.

مثل رواية أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: إن الكذب على اللّه، و على رسوله من الكبائر (4)، فإنها ظاهرة باختصاص الكبيرة بهذا الكذب الخاص (5).

لكن يمكن حملها (6) على كون هذا الكذب الخاص من الكبائر

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 577. الحديث 4. الباب 140 و لا يخفى أن الرواية لا دلالة لها على الحرمة، و إن سلمت دلالتها على الحرمة فلا دلالة لها على أن هذا النوع من الكذب من الكبائر.

(2) تعليل لتأييد الحديث المذكور للاطلاق الذي أفاده (الفاظلان و الشهيد الثاني).

(3) أي كون الكذب.

(4) نفس المصدر. ص 575. الحديث 3. الباب 139.

(5) و هو الكذب على اللّه و رسوله فقط، لا مطلق الكذب فإن الحديث لا يدل على أن مطلق الكذب و لو لم يكن على اللّه و رسوله من الكبائر.

هذا بناء على ما فهمه (الشيخ) و استفاد من الحديث.

لكن يمكن أن يقال: إن إثبات الحكم لموضوع: لا ينفي الحكم عما عداه، خصوصا و أن الامام عليه السلام ليس في مقام عد الكبائر.

(6) أي حمل رواية أبي خديجة الدالة على اختصاص الكبيرة بالكذب على اللّه و على رسوله: على أن هذا الكذب الخاص من الذنوب الكبيرة الشديدة العظيمة التي أشد من بقية الكبائر.

ص: 162

الشديدة العظيمة.

و لعل هذا (1) أولى من تقييد المطلقات المتقدمة.

و في مرسلة سيف بن عميرة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لولده: اتقوا الكذب الصغير منه و الكبير في كل جد و هزل، فإن الرجل اذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير إلى آخر الخبر (2).

و يستفاد منه (3): أن عظم الكذب باعتبار ما يترتب عليه من المفاسد.

و في صحيحة ابن الحجاج قلت لا بي عبد اللّه عليه السلام: الكذّاب هو الذي يكذب في الشيء.

++++++++++

(1) أي حمل رواية أبي خديجة على أن الكذب الخاص أشد من الذنوب الكبيرة: أولى من تقييد المطلقات المتقدمة من الآيات و الأخبار المشار إليهما في ص 161: بأن يقال: اذا ترتب على الكذب مفسدة فهو من الكبائر، و ان لم تترتب فلا، فتقيد تلك المطلقات الدالة على أن الكذب بما هو كذب من الكبائر مطلقا، سواء ترتب عليه مفسدة أم لا: بترتب المفسدة عليه فيكون من الكبائر، و ان لم تترتب فلا.

(2) نفس المصدر. ص 576. الحديث 1. الباب 140.

و للحديث صلة. أليك الباقي:

أ ما علمتم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه اللّه صديقا، و ما يزال العبد يكذب حتى يكتبه اللّه كذّابا.

(3) أي من حديث سيف بن عميرة.

لا يخفى عدم وجود شيء في الحديث يدل على أن عظم الكذب باعتبار ما يترتب عليه من المفاسد و ان كان الواقع كذلك، حيث إن كل كذب يترتب عليه مفسدة أكبر فهو أعظم.

ص: 163

قال: لا ما من أحد إلا يكون ذاك منه (1)، و لكن المطبوع (2) على الكذب (3)، فإن قوله (4): ما من أحد إلا يكون ذاك منه يدل على أن الكذب من اللمم (5) التي تصدر من كل أحد، لا من الكبائر.

و عن الحارث الأعور عن علي عليه السلام قال: لا يصلح من الكذب جد و لا هزل، و أن لا يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له، إن الكذب يهدي الى الفجور، و الفجور يهدي الى النار، و ما زال أحدكم يكذب حتى يقال:

كذب و فجر (6) الى آخر الخبر (7).

++++++++++

(1) أي الكذب.

(2) أي المعتاد على الكذب بأن جرت عادته على أن يكذب.

(3) جملة (على الكذب) ليست خبرا لقوله عليه السلام: لكن المطبوع، لعدم تمامية المعنى، بل الخبر محذوف و هي جملة (هو الكذاب) أي المعتاد على الكذب هو الكذاب.

و القرينة على ذلك قول الراوي: الكذاب هو الذي يكذب في الشيء قال ابن مالك في هذا المقام:

و حذف ما يعلم جائز كما *** تقول زيد بعد من عندكما

و في جواب كيف زيد قل دنف *** فزيد استغني عنه اذ عرف

و الحديث مروي في المصدر السابق. ص 573. الحديث 9.

(4) أي قول الامام عليه السلام.

(5) و هي صغائر الذنوب أي الذنوب الصغيرة.

(6) مصدر الثلاثي من فجر يفجر معناه: ارتكاب المعاصي.

(7) المصدر السابق. ص 577. الباب 140. الحديث 3.

ص: 164

و فيه (1) أيضا اشعار بأن مجرد الكذب ليس فجورا.

و قوله (2): و لا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له: لا بدّ أن يراد منه النهي عن الوعد مع اضمار (3) عدم الوفاء و هو (4) المراد ظاهرا بقوله تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ.

++++++++++

(1) أي في حديث حارث الأعور.

و كلمة أيضا معناها: أنه كما يستفاد من حديث سيف بن عميرة:

أن عظم الكذب باعتبار ما يترتب عليه من المفاسد.

كذلك هنا: أن مجرد الكذب ليس فجورا، بل باعتبار ما يترتب عليه من المفاسد

(2) أي و قول الامام عليه السلام.

(3) أي مع تقدير الأب عدم الوفاء بالوعد الذي يعد به صبيه.

و لا يخفى أن المنهي عنه ليس هو الوعد المجرد عن عدم الوفاء بل هو الوعد المقيد بعدم الوفاء.

بمعنى أن الأب حينما يعد يقدر في قرار ضميره أن لا يفي بوعده.

ثم لا يخفى أيضا أن في الحديث ليس نهيا صريحا كما أفاده (الشيخ) بقوله: لا بد أن يراد به النهي، بل النهي يتصيد من النفي الصريح في قوله عليه السلام: لا يصلح من الكذب جد و لا هزل، ثم عطف عليه قوله و لا أن يعد أي و لا يصلح أن يعد أحدكم فالنهي مقتبس من النفي الذي هو المعطوف عليه فكذلك في المعطوف.

(4) أي النهي عن الوعد مع إضمار عدم الوفاء به هو المعني من الآية و معنى الآية الكريمة: لا تتكلموا بما لا تقومون به في المستقبل، فالنهي عن الوعد مع اضمار عدم الوفاء به صريح الآية الكريمة.

و الآية في سورة الصف: الآية 4.

ص: 165

بل الظاهر عدم كونه (1) كذبا حقيقيا، و أن اطلاق الكذب عليه في الرواية (2) لكونه في حكمه من حيث الحرمة، أو (3) لأن الوعد مستلزم للإخبار بوقوع الفعل كما أن سائر الإنشاءات كذلك، و لذا (4)

++++++++++

(1) أي الظاهر من أقوال الفقهاء و آرائهم: أن الوعد مع تقدير عدم الوفاء به.

(2) و هي رواية الحارث الأعور، حيث اطلق الامام عليه السلام على مثل هذا الوعد مع اضمار عدم الوفاء به: الكذب في قوله:

إن الكذب يهدي الى الفجور.

و لا يخفى أن هذا الاطلاق من باب اتحاد حكم الكذب و هي الحرمة مع الوعد الذي لا يراد انجازه.

(3) وجه ثان لاطلاق الكذب على الوعد الذي اضمر عدم الوفاء به و خلاصته: أن هذا الوعد الذي اضمر عدم الوفاء به مستلزم للإخبار عن وقوع الوعد، لأن الذي يعد يخبر في الواقع و نفس الأمر عن الانجاز و الوفاء بالوعد فاذا لم يف به فقد كذب كما في سائر الإنشاءات، فإنها مستلزمة للإخبار بوقوع الفعل في المستقبل.

فالحاصل أن صحة اطلاق الكذب على مثل هذا الوعد لأحد الأمرين لا محالة على سبيل منع الخلو.

إما لاجل اتحاد الحكم الذي هي الحرمة في الكذب و الوعد الذي اضمر فيه عدم الوفاء و اشتراكهما فيه.

و إما لاجل أن هذا الوعد مستلزم للإخبار عن وقوع الوعد و انجازه و الوفاء به في المستقبل.

(4) أي و لأجل أن سائر الإنشاءات مستلزمة للإخبار عن وقوع الفعل في المستقبل أفاد الشيخ (الكبير كاشف الغطاء) أن الكذب و إن كان

ص: 166

ذكر بعض الأساطين أن الكذب و إن كان من صفات (1) الخبر، إلاّ أن حكمه (2) يجري في الانشاء المنبئ (3) عنه كمدح المذموم (4)، و ذم الممدوح (5)،

++++++++++

من عوارض الخبر أي الخبر يتصف به كما أنه يتصف بالصدق حتى قيل حديثا و قديما: إن الخبر يحتمل الصدق و الكذب، أي الخبر بما أنه خبر من شأنه أن يعرض له الصدق و الكذب.

بخلاف الانشاء، حيث إنه لا يتصف بذلك لا بالصدق و لا بالكذب و مع ذلك كله فقد يجري حكم الكذب الذي هي الحرمة في الانشاء المنبأ عنه كما في مدح المذموم، و ذم الممدوح، و تمني المكاره، و ترجي غير المتوقع، و ايجاب غير الموجب، و ندب غير النادب، و وعد غير العازم فإن هذه الإنشاءات برمتها يجري فيها حكم الكذب من غير فرق بينها و بين الخبر.

هذا ما أفاده (الشيخ الكبير) في هذا المقام.

(1) أي من عوارض الخبر كما عرفت.

(2) و هي الحرمة التكليفية. أي حكم الكذب الذي هي الحرمة التكليفية تجري في الانشاء المخبر عنه.

(3) هذه الكلمة تحتمل كتابتها بالألف كما في أغلب نسخ (المكاسب) و معناها: الإخبار أي الإنشاء المخبر عنه كما علمت آنفا.

و تحتمل كتابتها بالياء كما أثبتناها هنا و معناها حينئذ: الإعراب و الإظهار. أي الإنشاء المظهر و المعرب عن الخبر.

(4) هذا مثال للانشاء الذي يجري فيه حكم الكذب و هي الحرمة

(5) مثال للانشاء الذي يجري فيه حكم الكذب.

ص: 167

و تمني المكاره (1)، و ترجي غير المتوقع (2)، و ايجاب غير الموجب (3) و ندب غير النادب (4)، و وعد غير العازم (5).

و كيف كان (6) فالظاهر عدم دخول خلف الوعد في الكذب، لعدم كونه من مقولة الكلام (7).

++++++++++

(1) مثال للانشاء الذي يجري فيه حكم الكذب كأن يقول المتمني:

ليتني مت، أو افتقرت.

(2) مثال للإنشاء الذي يجري فيه حكم الكذب كأن يقول المترجي:

ألا ليت الشباب يعود يوما.

(3) بصيغة المفعول أي إنشاء شيء غير واجب: بأن كان مكروها أو مستحبا، أو مباحا، أو حراما.

(4) الظاهر أن المراد من النادب المندوب، لعطف جملة و ندب على قوله: و ايجاب غير الموجب، أي إنشاء شيء غير مستحب: بأن كان حراما، أو واجبا، أو مكروها، أو مباحا.

و اذا اريد من النادب المندوب فقد استعمل اسم الفاعل في المفعول كما في قوله تعالى: لاٰ عٰاصِمَ اَلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اَللّٰهِ أي لا معصوم.

و المثال هذا للإنشاء الذي يجري فيه حكم الكذب.

(5) مثال للإنشاء الذي يجري فيه حكم الكذب اي وعد من لم يقصد الوفاء به حرام.

(6) أي اي شيء قلنا في الوعد الذي اضمر فيه عدم الوفاء به:

من أنه كذب، أو ليس بكذب.

(7) بل هو من مقولة التروك.

ص: 168

نعم هو (1) كذب للوعد بمعنى جعله مخالفا للواقع، كما أن انجاز الوعد صدق (2) له بمعنى جعله مطابقا للواقع فيقال: صادق الوعد (3) و وعد غير مكذوب.

و الكذب بهذا المعنى (4) ليس محرما على المشهور و إن كان غير واحد من الأخبار ظاهرا في حرمته (5).

++++++++++

(1) أي خلف الوعد تكذيب للوعد الذي أنشأه فيكون مخالفا للواقع و نفس الأمر.

و الباء في بمعنى تفسير لكون خلف الوعد تكذيب للوعد الذي انشأه.

(2) المراد من الصدق التصديق اي انجاز الوعد تصديق للوعد.

(3) أي يقال لهذا الانجاز: وعد صادق غير مكذوب.

(4) و هو خلف الوعد الّذي يضمر عدم الوفاء به.

(5) أي في حرمة خلف هذا الوعد الذي هو ليس من مقولة الكلام وردت أخبار كثيرة.

راجع المصدر السابق. ص 515. الباب 109 من أبواب العشرة.

الحديث 3. أليك نص الحديث:

عن هشام بن سالم قال: سمعت (أبا عبد اللّه) عليه السلام يقول:

عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له فمن أخلف فبخلف اللّه بدأ، و لمقته تعرّض، و ذلك قوله تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ» (1).

فإن قوله عليه السلام: فمن اخلف فيخلف اللّه بدأ: دال على حرمة خلف الوعد الذي يضمر عدم الوفاء به.

ص: 169


1- الممتحنة: الآية 3.

و في بعضها (1) الاستشهاد بالآية المتقدمة.

ثم إن ظاهر الخبرين الأخيرين (2) خصوصا المرسلة (3) حرمة الكذب حتى في الهزل.

و يمكن أن يراد بها (4) الكذب في مقام الهزل.

و أما نفس الهزل و هو الكلام الفاقد للقصد (5) الى تحقق مدلوله

++++++++++

و كذلك قوله عليه السلام: و لمقته تعرض دال على حرمة خلف الوعد الذي يضمر عدم الوفاء به.

(1) أي و في بعض الأحاديث المذكورة في المصدر و هو حديث هشام ابن سالم الذي استشهد الامام عليه السلام بالآية الكريمة فيه.

(2) و هما: رواية علي بن الحسين عليهما السلام المروية عن سيف ابن عميرة المشار إليها في ص 163 المعبر عنها بالمرسلة.

و رواية الحارث بن الأعور المشار إليها في ص 164.

ثم لا يخفى أن (الشيخ) عبر عن الخبرين بالأخيرين مع أن بينهما صحيحة و هي صحيحة ابن الحجاج المشار إليها في ص 163.

و وجه ذلك: أن الصحيحة لا يطلق عليها الخبر في اصطلاح أهل الحديث، و لذا قال: الخبرين الأخيرين.

(3) و هي مرسلة سيف بن عميرة.

ثم لا يخفى أن مراسيل سيف بن عميرة كلها مقبولة بالاجماع، لأنها بمنزلة الصحيحة أجمعت الصحابة على صحة ما يروى عنه.

(4) أي بحرمة الكذب حتى في مقام الهزل: الكذبة التي يؤتى بها بصورة الهزل: و هي في الواقع كذب، لا مطلق الهزل كما أفاده المصنف بقوله: فلا يبعد أنه غير محرم.

(5) بمعنى أن المتكلم لا يقصد مدلول الكلام.

ص: 170

فلا يبعد أنه غير محرم مع نصب القرينة على إرادة الهزل كما صرح به بعض و لعله (1) لانصراف الكذب الى الخبر المقصود، و للسيرة (2).

و يمكن حمل الخبرين (3) على مطلق المرجوحية.

++++++++++

(1) أي و لعل عدم حرمة الكذب الهزلي مع أنه خلاف الواقع لاجل انصراف الكذب المحرم الى الكذب المقصود من قبل المتكلم.

(2) تعليل ثان لعدم حرمة الكذب الهزلي، أي السيرة المستمرة جرت على أن الكذب الهزلي ليس محرما.

و لا يخفى أنه لم يفهم المراد من السيرة هنا.

فإن كان المراد منها سيرة العلماء فممنوعة، لعدم وصول مثل هذه السيرة إلينا في أنهم كانوا يكذبون هزلا.

و ان كان المراد منها سيرة المسلمين فحجيتها ممنوعة و قد استنكر الشيخ كرارا مثل هذه السيرة.

اللهم إلا أن يراد من السيرة سيرة عوام الناس و هي كما ترى.

(3) و هما: خبر سيف بن عميرة. و الحارث بن الاعور، فإن قوله عليه السلام في الخبر الأول: اتقوا الكذب الصغير منه و الكبير في كل جدّ و هزل: يدل على أن المراد من الكذب معناه العام و هي المرجوحية المطلقة التي لها فردان: الجد فتشمله الحرمة، و الهزل فتشمله الكراهة، حيث إن الامام عليه السلام قد جمع بين الجد و الهزل في الكذب.

و كذا قوله عليه السلام في الخبر الثاني: لا يصلح من الكذب جد و هزل: يدل على أن المراد من الكذب معناه العام و هي المرجوحية المطلقة التي لها فردان: الجد فتشمله الحرمة. و الهزل فتشمله الكراهة، حيث إن الامام عليه السلام قد جمع بين الجد و الهزل في الكذب.

ص: 171

و يحتمل غير بعيد حرمته (1)، لعموم ما تقدم خصوصا الخبرين الأخيرين (2)، و النبوي (3) في وصية أبي ذر، لأن الأكاذيب المضحكة أكثرها من قبيل الهزل.

و عن الخصال بسنده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنا زعيم (4) بيت في أعلى الجنة، و بيت في وسط الجنة، و بيت في رياض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا، و لمن ترك الكذب و ان كان هازلا، و لمن حسّن خلقه (5).

و قال أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام: لا يجد الرجل طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده (6).

++++++++++

(1) اي حرمة الكذب الهزلي، لعموم الأخبار المتقدمة: و هي رواية العيون، و الأعمش، و الموثقة، و المرسلة، و العسكري عليه السلام، و وصية النبي صلى اللّه عليه و آله لأبي ذر، و رواية أبي خديجة، و مرسلة سيف ابن عميرة، و صحيحة ابن الحجاج، و رواية الحارث بن الأعور، و الآية الكريمة في قوله تعالى: «إِنَّمٰا يَفْتَرِي اَلْكَذِبَ اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِآيٰاتِ اَللّٰهِ» . فإن الأخبار بأسرها، و الآية الكريمة مطلقة في حرمة الكذب لم تفصل بين الجد و الهزل منه.

(2) و هما: خبر سيف بن عميرة، و الحارث بن الأعور.

(3) المشار إليه في ص 161.

(4) معناه الضامن.

(5) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 568. الباب 135 من أبواب أحكام العشرة. الحديث 8.

(6) نفس المصدر. ص 577. الباب 14. الحديث 2.

ص: 172

ثم إنه لا ينبغي الاشكال في أن المغالبة في الادعاء و ان بلغت ما بلغت ليست من الكذب (1).

و ربما يدخل فيه (2) اذا كانت في غير محلها كما لو مدح انسانا قبيح

++++++++++

(1) كأن يقال: فلان صنع وليمة دعا إليها عشرة آلاف رجل و هم لم يتجاوزوا الألف.

(2) أي في الكذب اذا كانت المبالغة في غير محلها كما لو مدح شخص انسانا قبيح المنظر و قال: إن وجهه كالقمر، أو قال في حق زيد البخيل: إنه كحاتم، أو كمعن بن زائدة، أو شبه الرجل الجبان بعمرو ابن معدي كرب، أو شبه خط الردي بخط ابن مقلة، أو شبه العيي بفصاحة (قس بن ساعدة الأيادي). و هكذا.

هذا ما أفاده (الشيخ) في هذا المقام.

و لكن لا يخفى: أن هذه الأمثلة التي ذكرناها نحن تبعا للشيخ ليست من المبالغة، بل هي من الكذب الصريح الذي لا واقع له، و لا حقيقة لأن أمثال هذه الجمل إخبار عما لا واقع لها.

و أما المبالغة فقد أخذ في مفهومه وجود واقع ما.

كما أن صيغة أفعل التفضيل لا بدّ لها من وجود مبدأ التفضيل في المفضل عليه حتى يصح أن يقال: زيد أفضل من عمرو، و إلا لما صح التفضيل و يمكن أن يقال في تعريف المبالغة: إنه تكثير ما يخبر عنه، أو الزيادة في الوصف و العد كما لو بالغت في كثرة الجيش و قلت: بلغ عددهم عشرة آلاف و هم لم يبلغوا الألف، أو تقول: إن مصنفات فلان قد بلغت المئات و هي لم تتجاوز العشر.

أو يبالغ في شجاعة شخص، أو كرمه بأن يقال: بلغ عدد قتلاه

ص: 173

المنظر و شبه وجهه بالقمر، إلا إذا بني (1) على كونه كذلك في نظر المادح، فإن الأنظار تختلف في التحسين و التقبيح كالذائقات (2) في المطعومات و أما التورية و هو أن يريد بلفظ معنى مطابقا للواقع و قصد من إلقائه أن يفهم المخاطب منه خلاف ذلك مما هو ظاهر فيه (3) عند مطلق المخاطب (4)، أو المخاطب الخاص كما لو قلت في مقام انكار ما قلته في حق أحد: علم اللّه ما قلته (5) و أردت بكلمة ما: الموصولة و فهم المخاطب النافية (6).

++++++++++

الألف، أو عدد عطاياه المئات و لم يتجاوز القتلى عشرين، أو العطايا عشرا، و هكذا.

(1) بصيغة المجهول. أي يبنى من قبل السامع على أن الممدوح في نظر المادح وجهه كالقمر حقيقة، كما أن الولد في نظر الوالدين كذلك

(2) أي في كونها تختلف بحسب أذواق الناس.

ثم الظاهر أن الذائقات جمع ذائقة بقرينة المطعومات كما أن المطعومات جمع مطعوم.

و الذائقة: قوة تدرك بها الطعوم و هي من الحواس الخمس: و هي الباصرة.

السامعة. اللامسة. الذائقة. الشامة.

و أما وجه اختلاف الذائقات فمعلوم، إذ رب طعم يستحسنه انسان و يشمئز منه انسان آخر كالحلاوة و الحموضة و الملوحة.

(3) أي في اللفظ الملقى الى المخاطب.

(4) أي كل ما يسمعه، سواء أ كان واحدا، أم جماعة.

و مثال هذا يأتي في قوله: علم اللّه ما قلته.

(5) مثال لمطلق المخاطب.

(6) كما هو الظاهر من الجملة بدوا.

ص: 174

و كما لو استأذن رجل بالباب فقال الخادم له: ما هو هاهنا (1) و أشار الى موضع فارغ في البيت.

و كما لو قلت: اليوم ما أكلت الخبز (2) تعني بذلك حالة النوم أو حالة الصلاة، الى غير ذلك فلا ينبغي الاشكال في عدم كونها (3) من الكذب، و لذا (4) صرح الأصحاب فيما سيأتي من وجوب التورية عند الضرورة: بأنه يؤدي بما يخرجه عن الكذب، بل اعترض جامع المقاصد على قول العلامة في القواعد في مسألة الوديعة اذا طالبها ظالم: بأنه (5) يجوز الحلف كاذبا، و تجب التورية على العارف بها: بأن (6) العبارة لا تخلو عن مناقشة، حيث تقتضي (7) ثبوت الكذب مع التورية، و معلوم أن لا كذب معها (8).

++++++++++

(1) هذا مثال للمخاطب الخاص.

(2) هذا مثال للمخاطب الخاص أيضا.

و لا يخفى أن المثال هذا غير مقبول، حيث إن فيه كلمة (اليوم) فهو يشمل النهار كله، فليس فيه مجال لتضييق دائرته حتى يخرجه عن الكذب فاذا قصد حالة النوم فقط فقد كذب.

(3) أي في كون التورية.

(4) أي و لأجل أن التورية ليست من الكذب صرح الفقهاء بوجوب التورية عند الضرورة الى الكذب.

(5) هذه الجملة: (بأنه يجوز الحلف كاذبا). و يجب التورية على العارف بها): مقول قول (العلامة).

(6) من هنا اعتراض (صاحب جامع المقاصد) على (العلامة).

(7) أي عبارة (العلامة) تقتضي أن الكذب ثابت و ان ورّى الحالف

(8) أي الكذب مع التورية.

ص: 175

انتهى (1).

و وجه ذلك (2) أن الخبر باعتبار معناه و هو المستعمل فيه كلامه ليس مخالفا للواقع و انما فهم المخاطب من كلامه أمرا مخالفا للواقع لم يقصده المتكلم من اللفظ.

نعم (3) لو ترتبت عليها مفسدة حرمت من تلك الجهة.

اللهم (4) إلا أن يدعى أن مفسدة الكذب و هو الإغراء موجودة فيها

++++++++++

(1) أي ما أفاده (صاحب جامع المقاصد) في اعتراضه على العلامة في هذا المقام.

(2) توجيه من (الشيخ) حول ما أفاده (صاحب جامع المقاصد):

من أنه لا كذب مع التورية ردا على ما أفاده (العلامة) من ثبوت الكذب مع التورية.

و خلاصة التوجيه: أن الخبر الذي يلقيه المتكلم في قوله: علم اللّه ما قلته ليس مخالفا للواقع، حيث لم يقصد المتكلم من كلمة ما النفي حتى تكون يمينه كاذبة، بل قصد منها الموصولة أي اللّه جل و علا عالم بالذي قلته لكن المخاطب فهم النفي من كلمة ما فما ذنب القائل؟

فلا يترتب على كلامه شيء.

(3) استدراك عما أفاده: من عدم وجود الكذب مع التورية في قوله:

و معلوم أن لا كذب مع التورية.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو ترتبت على هذه التورية مفسدة حرمت التورية حينئذ من ناحية ترتب المفسدة عليها، لا من ناحية التورية، فإن التورية بما هي تورية لا مفسدة فيها.

(4) استثناء عما أفاده آنفا: من أن التورية في هذا المقام لا حرمة فيها و إنما الحرمة فيها من ناحية ترتب المفسدة عليها. -

ص: 176

و هي (1) ممنوعة، لأن الكذب محرم، لا لمجرد الإغراء.

و ذكر بعض الأفاضل (2) أن المعتبر في اتصاف الخبر بالصدق و الكذب هو ما يفهم من ظاهر (3) الكلام، لا ما هو المراد منه فلو قال: رأيت حمارا و أراد منه البليد من دون نصب قرينة فهو متصف بالكذب و ان لم يكن المراد مخالفا للواقع. انتهى (4) موضع الحاجة.

++++++++++

- و خلاصة الاستثناء أنه لو قيل: إن نفس مفسدة الكذب و هو الإغراء موجودة في التورية هذه، لأن المتكلم عند ما يوري في كلامه و يقول:

شربت الخمر و هو يقصد الخمر الطاهر، لا الواقعي فيغري المخاطب و لربما يقدم على شربها، حيث استفاد من الخمر معناها الظاهر و هو الاسكار فتحرم هذه التورية حينئذ، لاتحاد الملاك في الكذب و التورية.

(1) أي هذا القيل و هو وجود مفسدة الكذب في التورية ممنوع لوجود الفرق بين المقيس و هي التورية، و المقيس عليه و هو الكذب، اذ الكذب محرم في نفسه مجردا عن كل شيء، سواء أ كان هناك إغراء أم لا.

بخلاف التورية، فإن الحرمة فيها متوقفة على وجود الاغراء و المفسدة

(2) و هو (المحقق القمي) صاحب القوانين يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) أي من حاق اللفظ مجردا عن القرينة الحالية، أو المقالية كما لو قال زيد: رأيت حمارا و هو يقصد رجلا بليدا من دون أن ينصب قرينة على ذلك فهو كاذب في توريته هذه، و ان لم يكن مراده و هي رؤية الانسان البليد مخالفا للواقع.

(4) أي ما أفاده (المحقق القمي) في هذا المقام.

ص: 177

أقول (1): فإن أراد اتصاف الخبر في الواقع فقد تقدم أنه دائر مدار موافقة المخبر و مخالفته للواقع، لأنه معنى الخبر و المقصود منه، دون ظاهره الذي لم يقصد.

و إن أراد اتصافه عند الواصف فهو حق مع فرض جهله (2) بإرادة خلاف الظاهر.

لكن توصيفه (3) حينئذ باعتقاد أن هذا هو مراد المخبر و مقصوده

++++++++++

(1) من هنا يروم (شيخنا الأنصاري) النقاش مع (المحقق القمي) فيما أفاده: من أن الاعتبار في اتصاف الخبر بالصدق، أو الكذب هو فهم المعنى من ظاهر الكلام، لا من مراده.

و خلاصة النقاش أنه إن أراد من الاتصاف المذكور اتصاف الخبر في الواقع و نفس الامر فقد عرفت في تعريف التورية أن الصدق و الكذب دائران مدار موافقة الخبر لمراد المخبر و مخالفته للواقع، لأن هذه الموافقة و المخالفة هو معنى الخبر و المقصود منه، دون الظاهر الذي لم يقصد من الخبر فما أفاده غير مفيد.

و ان أراد من الاتصاف المذكور اتصاف الخبر عند الواصف الذي هو السامع عند ما يريد أن يصف الخبر بالصدق، أو الكذب في قوله:

رأيت حمارا قاصدا البليد فما أفاده حق، لأن هذا النوع من الخبر يكون صادقا عند المخبر الذي لم ير البليد، و كاذبا عند السامع الذي يريد أن يصف كلامه بالصدق أو الكذب، لجهل السامع بإرادة المتكلم خلاف الظاهر من قوله: ما رأيت حمارا.

(2) أي مع فرض جهل السامع بإرادة المتكلم كما عرفت آنفا.

(3) أى توصيف السامع حين جهله بمراد المتكلم كما عرفت آنفا.

ص: 178

فيرجع (1) الأمر الى اناطة الاتصاف بمراد المتكلم و إن كان الطريق إليه اعتقاد المخاطب.

و مما يدل على سلب الكذب عن التورية ما روي في الاحتجاج أنه سئل الامام الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل في قصة ابراهيم على نبينا و آله و عليه السلام: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هٰذٰا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ (2).

قال (3): ما فعله كبيرهم و ما كذب ابراهيم.

قيل: و كيف ذلك (4)؟

فقال (5): إنما قال ابراهيم: فاسألوهم إن كانوا ينطقون أي إن نطقوا

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده (المحقق القمي): من أنه لو أراد من الاتصاف اتصاف الخبر بالصدق و الكذب عند الواصف الذي هو السامع و خلاصة التفريع أنه بناء على ذلك يكون مرجع الصدق و الكذب الى توقف الاتصاف المذكور على مراد المتكلم، فإن كان قصده مطابقا للواقع فهو صدق، و ان لم يكن مطابقا للواقع فهو كذب و لو كان الطريق الى اتصاف الخبر بالصدق و الكذب هو اعتقاد المخاطب.

(2) الأنبياء: الآية 63.

هذه الآية الكريمة في جواب سؤال عبدة الأصنام من ابراهيم على نبينا و آله و عليه السلام عند ما قالوا له: أ أنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم.

(3) أي الامام الصادق عليه السلام قال في جواب السائل عنه:

ما فعله كبيرهم.

(4) أي و كيف أن ابراهيم عليه السلام لم يكذب و الحال أنه فعل هذا بآلهتهم فكيف قال: بل فعله كبيرهم هذا.

(5) أي الامام الصادق عليه السلام.

ص: 179

فكبيرهم فعل، و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا و ما كذب ابراهيم (1).

و سئل (2) أبو عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى في يوسف:

أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ (3) إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ (4).

قال (5): إنهم سرقوا يوسف من أبيه ألا ترى أنهم (6) قالوا:

نفقد (7) صواع (8) الملك، و لم يقولوا (9) سرقتم صواع الملك.

++++++++++

(1) حين أن قال: بل فعله كبيرهم هذا.

و الحديث مروي في الاحتجاج. الجزء 2. ص 104. طباعة النجف الاشرف عام 1386.

(2) أي (الامام الصادق) عليه السلام.

(3) بكسر العين و سكون الياء مؤنث الحمير.

و المراد منها: قافلة الحمير:

و لكن تطلق على كل قافلة أعم من أن تكون من الحمير، أو من الأباعر أو من غيرهما، و جمعها: عيرات و عيرات بتشديد الياء.

(4) المراد من هؤلاء السراق: اخوة يوسف عليه السلام.

(5) أي (الامام الصادق) عليه السلام.

(6) أي حاشية الملك و رجال الدولة.

(7) المراد منه هنا: الطلب. أي نطلب.

(8) بضم الصاد و كسرها: الجام الذي يشرب فيه جمعه صيعان.

(9) أي حاشية الملك و رجال الدولة لم يقولوا: سرقتم صواع عزيز مصر الذي كان ملك الديار المصرية.

الحديث في (الوسائل). الجزء 8. ص 579. الحديث 4.

ص: 180

و سئل (1) عن قول اللّه عز و جل حكاية عن ابراهيم عليه السلام:

إني سقيم.

قال: ما كان ابراهيم (2) سقيما، و ما كذب (3) إنما عنى سقيما في دينه (4) أي مرتادا (5).

و في مستطرفات السرائر من كتاب ابن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يستأذن (6) عليه فيقول للجارية: قولي ليس هو هاهنا.

فقال عليه السلام: لا بأس (7) ليس بكذب (8)، فإن سلب الكذب مبني على أن المشار إليه بقوله: هاهنا موضع خال من الدار

++++++++++

(1) أي (الامام الصادق) عليه السلام.

(2) أي ابراهيم عليه السلام.

(3) المراد من القسم هنا: المرض في البدن أي إن ابراهيم عليه السلام ما كان في بدنه و جسمه مرض حينما قال: إني سقيم.

و كذلك إنه ليس بكاذب عند ما قال: بل فعله كبيرهم هذا.

(4) المراد من دينه هنا: دين البيئة التي أرادوا فرضها على ابراهيم عليه السلام أي فكان ابراهيم سقيما في هذا الدين.

(5) بالنصب خبر ثان لكان. اي كان ابراهيم عليه السلام طالبا للحق و كلمة مرتادا اسم مفعول مشتقة من ارتاد يرتاد، يقال: ارتاد الشيء، أي طلبه.

(6) بصيغة المجهول من باب الاستفعال.

(7) اي (الامام الصادق) عليه السلام.

(8) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 58. الباب 141. من أبواب العشرة. الحديث 8.

ص: 181

إذ (1) لا وجه له سوى ذلك.

و روي في باب الحيل من كتاب الطلاق للمبسوط أن واحدا من الصحابة صحب واحدا آخر فاعترضهما في الطريق أعداء المصحوب فأنكر الصاحب أنه هو فأحلفوه فحلف لهم أنه أخوه فلما أتى النبي صلى اللّه عليه و آله قال له: صدقت المسلم أخو المسلم (2).

الى غير ذلك (3) مما يظهر منه ذلك.

أما الكلام في المقام الثاني و هي مسوغات الكذب
اشارة

أما الكلام في المقام الثاني (4) و هي مسوغات الكذب.

فاعلم أنه يسوغ الكذب لوجهين:

أحدهما: الضرورة إليه

(أحدهما): الضرورة (5) إليه فيسوغ معها (6) بالأدلة الأربعة.

قال اللّه تعالى: إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ (7).

++++++++++

(1) تعليل لقول الامام عليه السلام: ليس بكذب، أي لا وجه لنفي الامام عليه السلام الكذب عن قول القائل، سوى أن المراد بالاشارة في قوله: هاهنا. المكان الفارغ، و الموضع الخالي من الشخص المسئول عنه

(2) راجع المبسوط. الجزء 5. ص 95. طباعة طهران.

(3) أي و غير هذه الأخبار الواردة في التورية في أنها ليست كذبا راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 579-581. الأحاديث

(4) من المقامين الذين ذكرهما المصنف في ص 159 بقوله: إلا أن الذي ينبغي الكلام فيه.

و المراد من المسوغات المجوزات الشرعية.

(5) أي الحاجة و الإلجاء.

(6) أي مع هذه الحاجة و الإلجاء.

(7) هذا أول الأدلة الأربعة و هي الآيات الكريمة المستدل بها على جواز الكذب مع الضرورة و الاحتياج إليه.

ص: 182

و قال تعالى: لاٰ يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اَللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا

++++++++++

أليك تمام الآية الشريفة:

«إِنَّمٰا يَفْتَرِي اَلْكَذِبَ اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِآيٰاتِ اَللّٰهِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰاذِبُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللّٰهِ مِنْ بَعْدِ إِيمٰانِهِ إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ» (1) .

هذه الآية الكريمة نزلت في شأن الصحابي الجليل العظيم (عمار بن ياسر)(2)رضوان اللّه عليه و على والديه حين عذبه المشركون و أبويه عذابا شديدا فضيعا حتى قضوا على والديه فمضيا شهيدين و بقي (عمار) فأجبروه على سب إله (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

و خلاصه القصة: أن ياسرا كان من بني عنس بن مذحج، و كان يمانيا من بني قحطان و هو رابع الإخوة: مالك حارث عبد اللّه فقد الأخير فخرج ياسر و مالك و حارث في طلب عبد اللّه من اليمن قاصدين (مكة المكرمة) فدخلوها فوجدوه هناك.

ثم بعد أيام قلائل رجع مالك و حارث الى وطنهم المألوف و بقي ياسر مجاورا (المكة المشرفة) فتحالف مع (أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي) زعيم (بني مخزوم) فصار حليفهم فزوجه أبو حذيفة أمته (سمية) التي كانت بنت خياط.

و سمية هذه كانت بمثابة من صفاء القلب، و صحة العقل، و ملاحة الوجه، و عفة النفس، و طهارة الذيل.

ص: 183


1- النحل: الآية 106.
2- يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب) مفصلا.

منهم تقية (1).

و قوله عليه السلام: ما من شيء إلا و قد أحله اللّه لمن اضطر إليه (2) و قد اشتهر أن الضرورات تبيح المحظورات (3).

و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى (4).

و قد استفاضت، أو (5) تواترت بجواز الحلف كاذبا لدفع الضرر البدني، أو المالي عن نفسه، أو أخيه (6).

++++++++++

(1) آل عمران: الآية 28 فقوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً يدل على جواز الكذب عند خوف الضرر في حالة التقية.

(2) هذا هو الدليل الثاني من الأدلة الأربعة و هي الأخبار.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 165. الباب 12 من أبواب الإيمان. الحديث 18.

فالحديث هذا يدل على جواز الكذب عند الضرورة حالة التقية.

(3) و هي الممنوعات، سواء أ كانت شرعية أم اجتماعية أم فرعية فإن الممنوعات تباح عند الضرورة و هو الخوف في حالة التقية.

و معنى قوله: و قد اشتهر أن الضرورات تبيح المحظورات: أن هذه الجملة ليست من الأحاديث، بل هي مأخوذة من مضامين الأحاديث.

(4) راجع نفس المصدر.

(5) أو للترديد. أي إما مستفيضة تلك الأخبار، أو متواترة.

و إنما أتى (الشيخ الأنصاري) بلفظ أو، بناء على أن الأخبار اذا بلغت حد القطع تسمى متواترة و ان كانت قليلة العدد.

(6) راجع نفس المصدر. الأحاديث.

ثم كان من الأنسب إلحاق البنت و الزوجة و الاخت، و بنات الاخت بالضرر المالي. -

ص: 184

و الاجماع (1) أظهر من أن يدعى، أو يحكى.

و العقل (2) مستقل بوجوب ارتكاب أقل القبيحين (3) مع بقائه على قبحه، أو انتفاء قبحه (4)، لغلبة (5) الآخر عليه

++++++++++

- و لعل عدم ذكرها، لدخولها في الأخوة الدينية.

(1) هذا هو الدليل الثالث من الأدلة الأربعة القائمة على جواز الكذب عند الضرورة و الحاجة.

(2) القبيحان هما: الكذب و ترك المحافظة على نفسه، أو ماله أو عرضه.

فالكذب أقل قبحا من الثاني فيرتكب هذا دون ذلك، لأنه إذا دار الأمر بين ارتكاب أحد القبيحين فلا شك في جواز ارتكاب أقلهما قبحا مع بقاء هذا الأقل على قبحه من دون أن يخرج عن القبيح كما هو مذهب بعض.

(3) هذا رابع الأدلة القائمة على جواز الكذب عند الضرورة.

(4) أي أو مع انتفاء القبح عن الأقل قبحا رأسا كما هو مذهب آخرين فإنه لا يبقى للأقل قبحا قبح أصلا.

خذ لذلك مثالا لو دار الأمر بين أن يرتكب الكذب حتى ينجّي أخاه من القتل، أو يصدق فيقتل أخوه فلا شك أن الكذب هنا متعين و لا مجال للصدق، لأنه لا يبقى للكذب قبح أصلا حتى لا يجوز ارتكابه

(5) تعليل لانتفاء قبح الأقل رأسا، أي انما ينتفي القبح عن الأفل رأسا لاجل غلبة الآخر الذي هو أعظم القبيحين و أشدهما على الأقل قبحا فإن ارتكاب الصدق في المثال المذكور أعظم قبحا من ارتكاب الكذب فيغلب الأعظم على الأقل فلا يبقى للأعظم مجال في ارتكابه فيضطر الانسان الى ارتكاب الأقل، لانتفاء قبحه أصلا و رأسا.

ص: 185

على القولين (1):

و هما: كون القبح العقلي مطلق. أو في خصوص الكذب، لاجل (2) الذات فيختلف بالوجوه و الاعتبارات.

++++++++++

(1) هذه العبارة كمثيلاتها في الغموض و التعقيد فهي راجعة الى الترديد المذكور في قول الشيخ: مع بقائه على قبحه، أو انتفاء قبحه رأسا و أصلا.

و خلاصتها: أن بقاء أقل القبيحين على قبحه، أو انتفاء القبح منه رأسا و أساسا مبني على القولين:

و هما: أن القبح العقلي ذاتي بجميع أفراده فلا يرتفع بالوجوه و الاعتبار أصلا و أبدا كما قال الشيخ: في كون القبح العقلي مطلقا.

أو أن القبح العقلي منحصر في خصوص الكذب الذي يكون مقتضيا للقبح بمعنى أن مصب حكم العقل بقبح الكذب هي ذات الكذب و شخصه مع قطع النظر عن ظروفه و حالاته فيرتفع قبحه بالوجوه و الاعتبارات و العوارض الطارئة له فقبحه مقيد فلا يكون ذاتيا فيرتفع اذا تعارض ما هو أقبح منه كما قال الشيخ: أو في خصوص الكذب لاجل الذات.

فان قلنا بالقبح الذاتي يكون أقل القبيحين باق على قبحه.

و ان قلنا بالقبح العقلي المنحصر في خصوص الكذب فيرتفع القبح من أصله و أساسه.

ثم لا يخفى عليك أن النزاع هذا يجري في مطلق القبح و منه الكذب و لا اختصاص له في خصوص الكذب.

(2) معنى هذه الجملة أن الكذب مقتض للقبح لو لم يعرضه شيء من الوجوه و الاعتبار من المصلحة.

و أما اذا طرأه ذلك فلا يبقى مجال للقبح حينئذ كما عرفت.

ص: 186

و لا اشكال في ذلك (1) و إنما الاشكال و الخلاف في أنه هل يجب حينئذ (2) التورية لمن يقدر عليها أم لا.

ظاهر المشهور هو الاول (3) كما يظهر من المقنعة و المبسوط و الغنية و السرائر و الشرائع و القواعد و اللمعة و شرحها (4) و التحرير و جامع المقاصد و الرياض، و محكي مجمع البرهان في مسألة جواز الحلف لدفع الظالم عن الوديعة (5).

قال في المقنعة: من كانت عنده امانة فطالبه ظالم بتسليمها إليه و خيانة صاحبها فيها فليجحدها (6) ليحفظها على المؤتمن له عليها.

و إن استحلفه على ذلك (7) فليحلف و يوري في نفسه بما يخرجه عن الكذب الى أن قال: فان لم يحسن التورية و كانت نيته حفظ الامانة أجزأته النية و كان مأجورا. انتهى.

و قال في هذه المسألة أعني مطالبة الظالم الوديعة: فإن قنع الظالم منه بيمينه فله أن يحلف و يوري في ذلك. انتهى.

و في الغنية في هذه المسألة: و يجوز له أن يحلف أنه ليس عنده وديعة و يوري في يمينه بما يسلم به من الكذب بدليل اجماع الشيعة. انتهى.

++++++++++

(1) أي في ارتكاب أقل القبيحين على القولين المذكورين.

(2) أي حين أن اضطر الى الكذب لانقاذ نفس محترمة، أو مال محترم

(3) و هو وجوب التورية مع القدرة عليها.

(4) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4.

ص 235 عند قول المصنف: نعم يجب عليه اليمين.

(5) بأن يحلف على عدم وجود الامانة عنده.

(6) أي ينكر وجود الامانة عنده.

(7) أي على عدم وجود الامانة عنده.

ص: 187

و قال في المختصر النافع: حلف موريا.

و في القواعد: و تجب التورية على العارف بها. انتهى.

و في السرائر في باب الحيل من كتاب الطلاق لو أنكر الاستدانة خوفا من الاقرار بالابراء (1)، أو القضاء جاز الحلف (2) مع صدقه (3) بشرط التورية بما يخرجه عن الكذب. انتهى.

و في اللمعة يحلف عليه فيوري.

و قريب منه في شرحها (4).

و في جامع المقاصد في باب المكاسب تجب التورية بما يخرجه عن الكذب. انتهى.

و وجه ما ذكروه (5) أن الكذب حرام و لم يحصل الاضطرار إليه مع القدرة على التورية فيدخل (6) تحت العمومات،

++++++++++

(1) فإنه لو أقر بالاستدانة ثم ادعى بابراء الدائن له، أو قضائه يلزم بالبينة ففرارا عن ذلك ينكر الاستدانة من بداية الامر حتى لا يلزم بالبينة.

(2) أي على عدم الاستدانة أصلا، لأنه منكر و اليمين على من أنكر

(3) أي بشرط أن يكون صادقا فيما يدعيه من عدم اشتغال ذمته بالدين

(4) أي شرح (اللمعة الدمشقية) و هي الروضة البهية.

راجع نفس المصدر.

أليك عبارة الشارح: بما يخرجه عن الكذب بأن يحلف أنه ما استودعه من فلان، و يخصه بوقت، أو جنس، أو مكان، أو نحوها.

(5) و هو وجوب التورية على القادر العارف.

(6) أي يدخل قول الكاذب القادر على التورية و هو لم يفعل ذلك و ليس له اضطرار الى الكذب في العمومات الدالة على حرمة الكذب.

ص: 188

مع (1) أن قبح الكذب عقلي فلا (2) يسوغ إلا مع تحقق عنوان حسن في ضمنه يغلب (3) حسنه على قبحه (4)، و يتوقف تحققه على تحققه و لا يكون (5) التوقف إلا مع العجز عن التورية.

و هذا الحكم (6) جيد إلا أن مقتضى اطلاقات أدلة

++++++++++

و المراد من العمومات: الكتاب الكريم، و الأحاديث الشريفة الدالتين على حرمة الكذب و قد اشير إليهما في صدر عنوان البحث في ص 160-163

(1) أي و لنا دليل آخر على حرمة الكذب بالإضافة الى العمومات المذكورة و هو حكم العقل بكون الكذب قبيحا.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ من حكم العقل بقبح الكذب.

و خلاصة التفريع: أنه لا يجوز الاقدام على الكذب إلا اذا كان هناك عنوان حسن به يرتفع القبح، سواء أ كان قبحه ذاتيا أم عرضيا يختلف بالوجوه و الاعتبارات و هذا العنوان يكون في ضمن الكذب، بناء على الاقتضاء، و أن قبحه بالوجوه و الاعتبار، و الظروف و الحالات.

(3) هذه الجملة مجرورة محلا صفة لقوله: عنوان حسن أي بشرط أن يكون هذا الحسن الذي نشأ من عنوان الحسن غالبا على قبح الكذب.

(4) أي حسن الكذب متوقف على تحقق العنوان الحسن بحيث لو تحقق الحسن في الخارج تحقق حسن الكذب، و ان لم يتحقق لم يتحقق

(5) أي و لا يكون توقف حسن الكذب على تحقق العنوان الحسن إلا في صورة العجز عن التورية، و عدم القدرة عليها، لأن القدرة عليها تغني عن الكذب، سواء اتصف الكذب بالحسن الذي طرأ عليه العنوان الحسن أم لا.

(6) و هو وجوب التورية على القادر عليها.

ص: 189

الترخيص (1) في الحلف كاذبا لدفع الضرر البدني، أو المالي عن نفسه أو أخيه: عدم (2) اعتبار ذلك.

ففي رواية السكوني عن الامام الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: احلف باللّه كاذبا و نج أخاك من القتل (3).

و صحيحة اسماعيل بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل يخاف على ماله من السلطان فيحلف له لينجو به منه قال: لا بأس (4).

و سألته هل يحلف الرجل على مال أخيه كما يحلف على مال نفسه؟

++++++++++

(1) و هي الآيات التي اشير إليها في عنوان مسوغات الكذب في ص 182-183، و الأخبار التي اشير إليها في ص 184.

(2) بالرفع خبر لاسم إن في قوله: إلا أن.

و مرجع الاشارة في قوله: ذلك: التورية أي مقتضى اطلاقات تلك الآيات و الأحاديث عدم اعتبار التورية في الكذب.

(3) هذه الرواية أولى الروايات المطلقة الدالة على جواز الحلف كاذبا و ان كان قادرا على التورية من دون أن يؤخذ عدم القدرة على التورية فيها.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 16. ص 162. الحديث 4.

الباب 12 من أبواب الايمان، فإن قوله عليه السلام: احلف باللّه كاذبا، صريح بعدم وجوب التورية، و ان كان متمكنا منها.

(4) نفس المصدر. الحديث 1.

هذا الحديث ثاني الأحاديث المطلقة الدالة على جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية، فإن قول السائل: فيحلف له في مقام الاستفهام

ص: 190

قال: نعم (1).

و عن الفقيه قال: قال الصادق عليه السلام: اليمين على وجهين الى أن قال: فأما اليمين التي يؤجر عليها الرجل اذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم، أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص، أو غيره (2).

و في موثقة زرارة بابن بكير إنا نمر على هؤلاء القوم فيستحلفوننا على أموالنا و قد أدينا زكاتها.

فقال: يا زرارة إذا خفت فاحلف لهم بما شاءوا (3).

و رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: إذا حلف الرجل تقية

++++++++++

ظاهر في جواز الحلف كاذبا، سواء أ كان قادرا على التورية أم لا.

فجواب الامام عليه السلام: لا بأس يجب أن يكون مطابقا للسؤال.

(1) نفس المصدر. ص 163. الحديث 9.

هذه ثانية الروايات و هي مطلقة تدل على جواز الحلف كاذبا و ان كان قادرا على التورية، فإن قول السائل مستفهما: هل يحلف الرجل على مال أخيه صريح في جواز الحلف كاذبا و ان كان قادرا على التورية بقرينة الجملة المذكورة في الحديث و هو قول السائل: كما يحلف على مال نفسه، فإن الحلف على مال نفسه كاذبا صريح في جوازه و ان كان قادرا على التورية.

(2) نفس المصدر. ص 163. الحديث 9.

هذه ثالثة الروايات المطلقة الدالة على جواز الحلف كاذبا و ان كان قادرا على التورية، فإن قوله عليه السلام: فأما اليمين التي يؤجر عليها الرجل اذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكفارة: صريح في جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية.

(3) نفس المصدر. ص 164. الحديث 14.

ص: 191

لم يضره إذا هو اكره، أو اضطر إليه، و قال: ليس شيء ممّا حرم اللّه إلا و قد أحله لمن اضطر إليه (1)، الى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا الباب (2)، و فيما يأتي من جواز الكذب

++++++++++

- هذه رابعة الروايات المطلقة الدالة على جواز الكذب مطلقا و إن كان قادرا على التورية.

فإن قوله عليه السلام: فاحلف لهم بما شاءوا يدل على جواز الكذب مطلقا و إن كان قادرا على التورية.

(1) نفس المصدر. ص 165. الحديث 18.

هذه خامسة الروايات المطلقة الدالة على جواز الكذب مطلقا و إن كان قادرا على التورية، فإن قوله عليه السلام: لمن اضطر إليه يدل على جواز الحلف في حالة الضرورة و إن كان قادرا على التورية.

و لا يخفى عدم دلالة الحديث على ما ادعاه الشيخ: من جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية، لأن معنى الضرورة عدم إمكان التخلص من الضرر، و القادر على التورية متمكن من التخلص من الضرر.

هذا مجموع الروايات الدالة على جواز الكذب مطلقا، سواء أ كان قادرا على التورية أم لا.

(2) أي في باب جواز الحلف كاذبا.

راجع نفس المصدر. ص 162. الحديث 2-3.

و ص 163. الحديث 5-6-7-8.

و ص 164. الحديث 10.

و ص 165. الحديث 19.

فكل هذه الأحاديث مطلقة أيضا تدل على جواز الكذب مطلقا، سواء أ كان قادرا على التورية أم لا.

ص: 192

في الاصلاح (1) التي (2) يصعب على الفقيه التزام تقييدها بصورة عدم القدرة على التورية.

++++++++++

(1) أي و كذا الأحاديث الآتية في جواز الكذب في مقام اصلاح ذات البين، فإنها مطلقة تدل على جوازه مطلقا، سواء أ كان الكاذب قادرا على التورية أم لا.

(2) كلمة التي مجرورة محلا صفة للأخبار في قوله: الى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا الباب.

و حاصل الكلام: أن الأحاديث الواردة في جواز الكذب مطلقا كثيرة جدا و قد أشرنا إلى قسم منها في ص 190 - الى 292.

و الى القسم الذي لم يذكره الشيخ و قد أشرنا الى مصدره في ص 192.

و الى القسم الذي يذكر في مقام الاصلاح و ستأتي الاشارة إليه في ص 116-117.

و الى القسم الذي يذكر في جواز السب و التبري.

راجع نفس المصدر. الجزء 11. ص 476. الباب 29. الأحاديث.

أليك نص الحديث الرابع:

عن عبد اللّه بن عطا قال: قلت (لأبي جعفر) عليه السلام:

رجلان من أهل الكوفة اخذا، فقيل لهما: ابرءا عن أمير المؤمنين فبرأ واحد منهما، و أبى الآخر فخلي سبيل الذي برأ، و قتل الآخر.

فقال: أما الذي برأ فرجل فقيه في دينه.

و أما الذي لم يبرأ فرجل تعجّل الى الجنة.

ص: 193

و أما حكم العقل بقبح الكذب (1) في غير مقام توقف تحقق المصلحة الراجحة عليه (2) فهو و إن كان مسلما إلا أنه (3) يمكن القول بالعفو عنه

++++++++++

- بالإضافة الى أنها مطلقة و ليس فيها أي قيد و اشعار الى تقيد جواز الكذب بصورة القدرة على التورية.

و بالإضافة إلى أن تقييدها بصورة عدم القدرة على التورية مخالف لظاهرها، فإن ظاهرها آب عن التقييد.

و بالإضافة إلى أن تقييدها بصورة العدم على القدرة يصعب على الفقيه الالتزام به، لأن الأخبار المطلقة كثيرة جدا.

(1) دفع و هم.

حاصل الوهم: أنه في صورة عدم وجود المندوحة في البين و هي المصلحة الراجحة يحكم العقل بقبح الكذب و أنه غير جائز، و من البديهي أن القدرة على التورية لا تبقي مجالا للمصلحة، فلو كذب في هذه الصورة شمله حكم العقل بقبح الكذب، فالقول بجوازه مطلقا و إن كان قادرا على التورية مناف لحكم العقل.

(2) أي على الكذب.

(3) هذا جواب من الشيخ عن الوهم المذكور.

و حاصل الجواب: أن الأمر كما رقم و ذكر في أن العقل يحكم بقبح الكذب في هذه الصورة لا غير.

لكننا نقول: إن كثرة الأخبار الواردة في جواز الكذب التي أشرنا إليها في ص 190-192، و التي لم تذكر و أشرنا الى مصدرها في ص 192.

و التي تأتي الاشارة إليها في باب اصلاح ذات البين في ص 116-117.

و كذا التي أشرنا إليها في باب السب و التبري في ص 193: تمكننا من القول بجواز مثل هذا الكذب شرعا، و أنه معفو عنه.

ص: 194

شرعا، للأخبار (1) المذكورة كما عفي عن الكذب في الاصلاح (2) و عن السب و التبري (3) مع الاكراه، مع أنه (4) قبيح عقلا أيضا مع أن ايجاب التورية على القادر لا يخلو عن الالتزام بالعسر كما لا يخفى (5) فلو قيل بتوسعة الشارع على العباد بعدم ترتب الآثار (6) على الكذب

++++++++++

(1) اللام تعليل للقول بإمكان العفو عن مثل هذا الكذب شرعا.

و المراد من الأخبار ما أشرنا إليها آنفا فلا نعيدها عليك.

(2) أي في اصلاح ذات البين، و ستأتي الاشارة الى هذه الأخبار في الوجه الثاني من مسوغات الكذب، فالكذب لا صلاح ذات البين جائز لوجود المصلحة الراجحة فيه و هو الاصلاح، و دفع الضرر عن الأخوين المؤمنين.

(3) المراد من التبري: التبري من (اللّه، أو من رسوله الأعظم أو من الأئمة الأطهار) في حال التقية بأن يقول المتبري: إني بريء من اللّه و رسوله كما فعل ذلك (عمار بن ياسر) حينما عذبه المشركون، فالكذب جائز هنا، لوجود المصلحة الراجحة و هو دفع الضرر المتلف عن نفسه.

(4) أي مع أن السب و التبري قبيحان عقلا أيضا.

(5) إذ من الصعب جدا أن يكون الانسان ملتزما بالتورية في هذه المقامات، و ملتفتا إليها.

و لا يخفى أن ما أفاده الشيخ: من لزوم العسر لو التزمنا بوجوب التورية يختلف باختلاف الأشخاص، لاختلاف مستواهم في المعارف و الثقافة إذ رب شخص لا يلزمه العسر، و بالعكس أي رب شخص تكون التورية في حقه عسيرة، حتى على الفطن الأديب، لإمكان عدم استحضارها في الوقت.

(6) و هي العقوبات الاخروية، و التعزير في الدنيا، و عدم سقوط الكاذب عن العدالة

ص: 195

فيما نحن فيه و إن قدر على التورية كان حسنا، إلا أن الاحتياط في خلافه (1) بل هو (2) المطابق للقواعد لو لا استبعاد (3) التقييد في هذه المطلقات،

++++++++++

(1) أي في خلاف القول بعدم التورية مع القدرة عليها، فالاحتياط يقتضي أن يوري الحالف في كلامه، و لا يحلف كاذبا.

(2) أي وجوب الاحتياط و هو ترك الكذب مع القدرة على التورية هو الموافق للقواعد الفقهية، لأن كثرة المطلقات المذكورة من الآيات المشار إليها في ص 183.

و من الأخبار المشار إليها في ص 190-192.

و من الأحاديث الواردة في اصلاح ذات البين التي تأتي في ص 116-117.

و من الأحاديث التي وردت في جواز السب و التبري المشار إليها في ص 193.

و من الأخبار التي ذكرناها نحن في الهامش 2 من ص 192 التي لم يذكرها الشيخ: توجب استبعاد تقييدها بصورة القدرة على التورية.

بالإضافة إلى اباء ظاهر تلك المطلقات برمتها عن التقييد المذكور.

و بالإضافة الى صعوبة التزام الفقيه بهذا القيد، لكثرة تلك الأخبار الواردة في المقام، مع اعتضادها بقاعدة نفي العسر و الحرج.

(3) وجه استبعاد التقييد المذكور هو أن النسبة بين المطلقات المذكورة و رواية سماعة الأخيرة و ما في معناها عموم و خصوص من وجه.

بيان ذلك هو أن مقتضى المطلقات المذكورة جواز الكذب في مقام الخوف، أو الاصلاح، أو غيرهما من المصالح العقلائية، أو الشرعية، سواء بلغ الخوف، أو شيء من المصالح المذكورة حد الاضطرار أم لا، و سواء أ كان قادرا على التورية أم لا. -

ص: 196

..........

++++++++++

- و مقتضى رواية سماعة و ما في معناها حصر جواز الكذب، أو الحلف كاذبا: على صورة الاضطرار فقط الدال هذا الحصر على حرمة الكذب في غير الاضطرار.

فمورد اجتماع المطلقات مع رواية سماعة هو وجود خوف غير بالغ حد الاضطرار، أو شيء من المصالح المنتهية الى ذلك الحد.

فمقتضى المطلقات جواز الكذب و إن كان الكاذب قادرا على التورية.

و مقتضى رواية سماعة و ما في معناها عدم جواز الكذب مع القدرة على التورية، بل لا بدّ من التورية حينئذ فيتعارض كلا الاقتضائين في الحكم فيتساقطان فيرجع الى عمومات الكذب التي مقتضاها الحرمة فتجب التورية عند القدرة عليها، لدفع حرمة الكذب.

و قد اشير الى هذه العمومات في صدر العنوان في ص 160-162.

و قد عرفت غير مرة أن الشأن في كل خبرين متعارضين عند اجتماعهما هو التساقط، و الرجوع الى العمومات المعبر عنها بالاصول اللفظية، أو الرجوع الى الاصول العملية بعد اليأس عن المرجحات السندية، أو الخارجية أو الجهتية، و لا يصح الرجوع الى الاصول العملية ما دامت الاصول اللفظية موجودة.

و لا يخفى أن المراد من الاجتماع في مادة الاجتماع في قول الفقهاء هو الاجتماع من حيث المورد، لا من حيث الحكم، فإن الاجتماع من حيث الحكم يختلف مع مادة الاجتماع في مصطلح المنطقيين، إذ هذا لا يوجب التساقط و الرجوع الى الاصول اللفظية، أو العملية، بخلاف الاجتماع في عرف الفقهاء، فانه موجب للسقوط و الرجوع الى الاصول.

و أما مادة الافتراق من جانب المطلقات بأن تصدق هذه و لا تصدق -

ص: 197

لأن (1) النسبة بين هذه المطلقات، و بين ما دل كالرواية الأخيرة (2) و غيرها (3)

++++++++++

- رواية سماعة كما في جواز الكذب في مقام الخوف، سواء وصل الخوف الى مرتبة الاضطرار أم لا، لأن المطلقات عامة بالنسبة الى الاضطرار حيث لم تقيد به، و خاصة بالنسبة الى تقيدها بالخوف.

و أما مادة الافتراق من جانب رواية سماعة بأن تصدق هذه و لا تصدق المطلقات كما في جواز الكذب في مقام الاضطرار، سواء وصل الاضطرار الى مرتبة الخوف أم لا، لأن رواية سماعة عامة بالنسبة الى الخوف، حيث دلت على جواز الكذب من غير تقييده بالخوف، و خاصة بالنسبة الى تقييدها بالاضطرار.

هذا ما أفاده الشيخ في المطلقات، و رواية سماعة و ما في معناها من النسبة المذكورة.

لكن فيه تأمل كما يشير إليه بقوله: فتأمل و نحن نذكر وجه التأمل.

(1) تعليل لكون الاحتياط الذي هو ترك الكذب هو الموافق للاحتياط و قد عرفت التعليل في ص 196 عند قولنا: وجه استبعاد.

(2) و هي رواية سماعة.

(3) أي و غير رواية سماعة الدال على جواز اختصاص الكذب بصورة الاضطرار، و عدم القدرة على التورية.

راجع نفس المصدر. الجزء 11. ص 468. الحديث 2. الباب 25 من أبواب وجوب التقية.

أليك نص الحديث عن يحيى بن سالم و محمد بن مسلم و زرارة قالوا:

سمعنا (أبا جعفر) عليه السلام يقول: التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه له.

فالحديث يجوّز الكذب في صورة الضرورة، و عدم القدرة على التورية.

ص: 198

على اختصاص الجواز بصورة الاضطرار المستلزم (1) للمنع مع عدمه مطلقا (2) عموم من وجه فيرجع (3) الى عمومات حرمة الكذب. فتأمل (4).

هذا مع امكان منع الاستبعاد المذكور، لأن مورد الأخبار (5) عدم

++++++++++

(1) بالجر صفة للاضطرار أي تقييد جواز الكذب بالاضطرار مستلزم للمنع من جوازه اذا لم يكن هناك ضرورة كما عرفت عند ذكر النسبة بين المطلقات، و رواية سماعة في ص 197.

و مرجع الضمير في عدمه: الاضطرار.

(2) أي سواء أ كان مع الاضطرار خوف أم لا كما عرفت في ص 198.

(3) أي عند اجتماع المطلقات، و رواية سماعة كما عرفت في ص 197.

(4) لعله اشارة الى أنه يمكن أن يقال: إن ما ذكر من سقوط المطلقات، و رواية سماعة بالمعارضة عند اجتماعهما، و الرجوع الى عموم حرمة الكذب: إنما هو لاجل التكافؤ بين المطلقات، و رواية سماعة.

لكننا نقول بعدم التكافؤ: لأن دلالة المطلقات على جواز الكذب عند الخوف، سواء أ كان هناك ضرورة أم لا أقوى من دلالة رواية سماعة على حرمة الكذب اذا لم يكن هناك ضرورة، لأن تلك بالمنطوق، و هذه بالمفهوم.

بالإضافة الى كثرة المطلقات المذكورة فتلك و هذه هي الموجبة لترجيح المطلقات على رواية سماعة، و الحكم بجواز الكذب، و عدم الرجوع الى عمومات حرمة الكذب.

(5) و هي الأخبار المطلقات، فإنها واردة مورد الأغلب و هو نسيان التورية و الغفلة عنها عند الضرورة الى الكذب.

ص: 199

الالتفات الى التورية في مقام الضرورة الى الكذب، إذ مع الالتفات (1) فالغالب اختيارها، إذ لا داعي الى العدول عنها الى الكذب.

ثم إن أكثر الأصحاب مع تقييدهم جواز الكذب بعدم القدرة على التورية أطلقوا (2) القول بلغوية ما اكره عليه من العقود، و الايقاعات و الأقوال المحرمة كالسب (3) و التبري من دون تقييد بصورة عدم التمكن من التورية.

بل صرح بعض هؤلاء كالشهيد في الروضة و المسالك في باب الطلاق بعدم اعتبار العجز عنها (4).

بل في كلام بعض ما يشعر بالاتفاق عليه (5).

++++++++++

(1) و هو امكان التورية و القدرة عليها مع التفاته إليها ففي هذه الصورة لا يجوز تركها، و اختيار الكذب مجردا عنها.

(2) أي لم يقيدوا لغوية العقود و الايقاعات المكره عليها بصورة عدم القدرة على التورية، لأن المكره عليها سواء أ كان المكلف قادرا على التورية أم لم يكن يقع لغوا في صورة الاكراه عليه.

(3) أي كما أن جواز السب و التبري لم يقيد بصورة القدرة على التورية، لأنهما جائزان، سواء أ كان الساب أو المتبري قادرا على التورية فيهما أم لا.

(4) أي عن التورية كما عرفت.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 6. ص 21.

أليك نص عبارة (الشهيد الثاني).

و لا تشترط التورية بأن ينوي غيرها و ان أمكنت.

(5) أي على عدم اعتبار العجز عن التورية و ان كان قادرا عليها.

ص: 200

مع أنه يمكن أن يقال: إن المكره على البيع إنما اكره على التلفظ بالصيغة (1).

و أما إرادة المعنى فمما لا يقبل الاكراه، فاذا (2) أراده مع القدرة على عدم ارادته فقد اختاره، فالاكراه على البيع الواقعي يختص بغير القادر على التورية، لعدم (3) المعرفة بها، أو عدم الالتفات إليها، كما (4) أن الاضطرار الى الكذب يختص بغير القادر عليها.

و يمكن أن يفرق بين المقامين (5): بأن الاكراه إنما يتعلق بالبيع الحقيقي، أو الطلاق الحقيقي.

++++++++++

(1) و هي صيغة بعت دون إنشاء البيع، لأنه لا يقبل الاكراه.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده من أن إرادة المعنى الحقيقي من البيع أو الطلاق مما لا يقبل الاكراه.

أي فبناء على ما قلناه فلو أراد المكره المعنى الحقيقي من البيع، أو الطلاق مع القدرة على عدم ارادته بسبب القدرة على التورية و لم يور فقد وقع البيع أو الطلاق، لأنه بسبب القدرة على التورية و عدم اختياره لها فقد اختار البيع، أو الطلاق، فحينئذ يختص الاكراه على البيع الواقعي، أو الطلاق الحقيقي بصورة عدم القدرة على التورية، لأن البائع، أو الطالق لا يكون عالما بالتورية، أو لا يكون ملتفتا إليها حين وقوع البيع، أو الطلاق.

كما هي الحال في الكذب عند الاضطرار إليه أي الجواز يختص بالكاذب الذي لا يكون قادرا على التورية.

(3) تعليل للاختصاص المذكور في البيع الحقيقي، أو الطلاق الواقعي كما عرفت آنفا.

(4) تنظير للاختصاص المذكور في البيع.

(5) خلاصة هذا الكلام: أنه فرق بين المقامين.

ص: 201

غاية (1) الأمر قدرة المكره على التفصي عنه: بايقاع الصورة من دون إرادة المعنى، لكنه غير المكره عليه.

و حيث (2) إن الأخبار خالية عن اعتبار العجز عن التفصي بهذا

++++++++++

- و هما: مقام الاكراه على البيع، أو الطلاق، أو غيرهما من العقود و الايقاعات.

و مقام الاضطرار الى الكذب: من حيث وجوب التورية في البيع أو الطلاق الحقيقيين مع القدرة عليها، و عدم وجوبها في الكذب عند الاضطرار إليه و ان كان الكاذب قادرا على التورية، لأن الاكراه في البيع أو الطلاق إنما يتعلق بالبيع الحقيقي الذي هو إنشاء النقل و الانتقال فيما إذا لم يكن قادرا على التورية.

و أما اذا كان قادرا عليها فلا يتحقق الاكراه.

و كذلك الاكراه في الطلاق إنما يتعلق في الطلاق الحقيقي الذي هو إنشاء البينونة بين الزوج و الزوجة فيما اذا لم يكن قادرا على التورية.

و أما إذا كان قادرا عليها فلا يتحقق الاكراه.

(1) أي غاية الأمر هنا أن المكره بالفتح مكره على ايقاع نفس الصيغة فقط، لا على معنى البيع، لامكانه من التفصي عنه بالتورية فهو متمكن من ايقاع الصيغة مجردة عن إرادة المعنى.

(2) تعليل لكون المكره بالفتح مكره على ايقاع الصيغة فقط لا على نفس المعنى، أي و لما كانت الأخبار الواردة في هذا المقام خالية عن اعتبار العجز عن التفصي عن الاكراه بسبب القدرة على التورية في ايقاع الصيغة: فلا تعتبر التورية في ايقاع الصيغة، بل تعتبر في نفس الانشاء.

راجع حول الأخبار (وسائل الشيعة). الجزء 15. ص 285. الباب 11 من أبواب الطلاق. الأحاديث. -

ص: 202

الوجه لم يعتبر ذلك في حكم الاكراه، و هذا (1) بخلاف الكذب، فانه لم يسوغ إلا عند الاضطرار إليه، و لا اضطرار مع القدرة.

نعم (2) لو كان الاكراه من أفراد الاضطرار بأن كان المعتبر في تحقق موضوعه (3) عرفا، أو لغة العجز عن التفصي كما ادعاه بعض.

أو قلنا باختصاص رفع حكمه (4) بصورة الاضطرار بأن كان عدم

++++++++++

- و ص 291. الحديث 3.

و ص 299. الحديث 6.

و ص 355. الحديث 16: فإن هذه الأخبار خالية عن الاعتبار المذكور.

(1) أي ما قلناه: من اعتبار عدم التورية في ايقاع الصيغة في العقود أو الايقاعات بحسب الأخبار المذكورة: هو الفارق بين الكذب، حيث إنه لا يجوز إلا عند الاضطرار إليه، و لا اضطرار عند القدرة على التورية.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من عدم وجوب التورية في البيع و الطلاق الحقيقيين، و غيرهما من المعاملات، لعدم كونه مكرها على نفس المعنى.

و خلاصته: أنه لو اعتبرنا في تحقق موضوع الاكراه العجز عن التفصي عنه كما اعتبرناه في الاضطرار كما أفاده بعض الأعلام.

أو قلنا باختصاص رفع حكم الاكراه في قوله صلى اللّه عليه و آله:

و ما استكرهوا عليه في حديث الرفع: بصورة الاضطرار: بأن كان عدم ترتب الأثر على المكره عليه لأجل كونه مضطرا إليه، خوفا من الضرر المتوجه عليه: من قتل نفسه، أو نهب ماله: كان المناسب و الأولى اعتبار العجز عن التورية في الاكراه.

و من الواضح أنه مع القدرة على التورية لا اكراه في البين.

(3) أي في تحقق موضوع الاكراه كما عرفت آنفا.

(4) أي رفع حكم الاكراه كما في حديث الرفع و قد علمته آنفا.

ص: 203

ترتب الأثر على المكره عليه من حيث إنه مضطر إليه لدفع الضرر المتوعد عليه به عن النفس و المال: كان (1) ينبغي فيه (2) اعتبار العجز من التورية لعدم الاضطرار مع القدرة عليها.

و الحاصل (3) أن المكره اذا قصد المعنى (4) مع التمكن من التورية صدق على ما أوقع: أنه مكره عليه فيدخل في عموم رفع ما اكرهوا عليه.

و أما المضطر (5) فاذا كذب مع القدرة على التورية لم يصدق أنه مضطر إليه فلا يدخل في عموم رفع ما اضطروا إليه (6).

هذا كله (7) على مذاق المشهور: من انحصار جواز الكذب بصورة الاضطرار إليه حتى من جهة العجز عن التورية.

و أما (8) على ما استظهرناه من الأخبار كما اعترف به جماعة من جوازه

++++++++++

(1) جواب ل: (للو) الشرطية في قوله في ص 203: نعم لو كان الاكراه من أفراد الاضطرار.

(2) أي في تحقق الاكراه كما عرفت آنفا.

(3) أي خلاصة ما ذكر في هذا المقام.

(4) و هو إنشاء النقل و الانتقال في العقود، أو البينونة بين الزوجة و الزوج في الطلاق، و هكذا في سائر العقود و الايقاعات.

(5) أي في الكذب.

(6) و هو حديث رفع عن امتي تسعة.

(7) أي ما قلناه في الاضطرار الى الكذب بناء على مذاق المشهور:

من اعتبار العجز عن التورية.

(8) هذا رأي (الشيخ) حول جواز الكذب.

و خلاصته: أنه بناء على ما استظهرناه من الأخبار المطلقة المتقدمة -

ص: 204

مع الاضطرار إليه من غير جهة العجز عن التورية فلا فرق بينه و بين الاكراه كما أن الظاهر أن أدلة نفي الاكراه (1) راجعة الى الاضطرار، لكن من غير جهة التورية.

فالشارع رخص في ترك التورية في كل كلام مضطر إليه للاكراه عليه، أو دفع الضرر به. (2) هذا.

و لكن الأحوط التورية في البابين (3).

ثم إن الضرر المسوغ للكذب هو المسوغ لسائر المحرمات (4).

++++++++++

- في ص 190-192 من جواز الكذب عند الخوف و الاضطرار، سواء أ كان قادرا على التورية أم لا فلا يبقى حينئذ فرق بين المقامين المذكورين.

و هما: مقام الاكراه. و مقام الاضطرار، لعدم دخل التورية في تحقق مفهوم الاضطرار.

(1) و هو حديث الرفع، حيث إنه مختص بمن اضطر إليه من دون أخذ التورية في تحقق مفهوم الاضطرار.

(2) كما في الكذب لدفع الضرر النفسي، أو المالي، أو في العرض بمعناه الخاص و هي الزوجة و المحارم النسبي و السببي.

أو بمعناه العام و هي المنزلة و الجاه.

(3) و هما: باب المعاملات، سواء أ كانت في العقود أم في الايقاعات عند الاكراه عليهما.

و باب الاضطرار الى الكذب.

(4) أي حال بقية المحرمات حال الكذب، فكل شيء يسوغ هذا يسوغ تلك، لوحدة الملاك و هو الاضطرار.

ص: 205

نعم (1) يستحب تحمل الضرر المالي الذي لا يجحف، و عليه (2) يحمل قول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: علامة الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك (3).

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن الاضطرار مجوز للكذب لدفع الضرر المالي، أو البدني.

و حاصل الاستدراك: أن الضرر المالي اذا لم يكن مجحفا بحاله بمعنى أنه لا يكلفه فوق الطاقة يستحب له تحمل هذا النوع من الضرر المالي و لا يقدم على الكذب، أو أي حرام آخر.

و لا يخفى أن الضرر البدني كالمالي في استحباب تحمله فيشمله كلام مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الذي استشهد به (الشيخ) هاهنا في قوله عليه السلام: علامة المؤمن.

ثم إن الاجحاف يختلف باختلاف الأشخاص و الأزمان، إذ رب مال قليل تلفه يكون مجحفا بالنسبة الى شخص، و لا يكون مجحفا بالنسبة الى شخص آخر، لعدم تحمله له، فجواز الكذب في الأول واضح و عدمه في الثاني أوضح.

(2) أي و على عدم الاجحاف في الضرر المالي، أو البدني

(3) (نهج البلاغة) شرح محمد عبده. تحقيق (محمد محيي الدين عبد الحميد). طباعة مصر. مطبعة الاستقامة. الجزء 3. ص 261 الرقم 458.

و لا يخفى أن كلامه عليه الصلاة و السلام يشمل الضرر الكثير اذا لم يصل الى حد التبذير و الاسراف، فلذا قيد (الشيخ) الضرر بالضرر الذي لا يجحف في قوله: الضرر المالي الذي لا يجحف عليه. -

ص: 206

ثم إن الأقوال الصادرة عن أئمتنا في مقام التقية (1) في بيان

++++++++++

- ثم إن الجواز المسوغ للكذب في قول الفقهاء هل معناه الأعم و هي الاباحة و الوجوب و الندب.

أو معناه الأخص و هي الاباحة فقط و هو ما تساوى طرفاه؟.

فعلى الأول يمكن اجتماع الجواز مع الوجوب.

ثم إنه لا إشكال في وجوب الكذب اذا كان لدفع الضرر البدني أو الضرر الذي يخاف منه تلف النفس المحترمة.

و كذا لا اشكال في وجوبه إذا كان لدفع الضرر المتوجه نحو حفظ مال الغير المودع عنده.

و كذلك لا يبعد وجوبه أيضا في حفظ مال الغير و إن لم يكن عنده.

أما وجوب الكذب في سبيل حفظ مال نفسه اذا لم يصل الى حد التبذير فبعيد.

و كذلك وجوب الكذب في دفع الضرر عن نفسه إذا لم يصل الى حد التلف، أو الخوف من التلف فبعيد أيضا، و كذلك الضرر غير المتحمل عن نفسه.

و هذا معنى قوله عليه الصلاة و السلام: أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك.

و مما ذكرنا يظهر أن الجواز في كلمات الفقهاء هنا بمعناه الأعم و هي الإباحة المتساوي طرفاه.

(1) كثر التشنيع من (إخواننا السنة) على (الشيعة الامامية) القائلين بالتقية كتشنيعهم على البداء الذي هو من خصائص (الشيعة الامامية) و قد عرفت الاجمال في البداء في الجزء الثاني من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 339-342. فراجع. -

ص: 207

..........

++++++++++

- و حيث ذكر (الشيخ) هنا (التقية) فلا بأس باشارة اجمالية الى المراد منها حتى يتضح الأمر، و ينكشف القناع، و سيأتي إن شاء اللّه تعالى في (رسالة التقية) التي أفردها (الشيخ) و ألحقها بالكتاب شرح و اف حولها هناك فانتظر.

فنقول: تقيّة مصدر تقى يتقي.

و لهذه المادة مصدران آخران و هما: تقى و تقاء.

و الفعل و هو تقى بمعنى اتّقى من باب الافتعال أي اتقى يتقي اتقاء.

كما أن مصدره و هو (تقية) بمعنى الاتقاء.

و معنى التقية لغة: الحذر من الشيء و الاجتناب عنه، يقال: اتق من الشيء الفلاني أي أحذر منه و اجتنب عنه، و لا تعرض نفسك للهلكة.

فالتقية ليست إلا بمعنى الحذر عن الضرر و التجنب منه في موارد الضرر و احتماله.

و حيث كانت (الشيعة الامامية) مضطهدة في العصرين (الأموي و العباسي)، و في مختلف العصور و الأزمان، و معظم الأصقاع و البلدان: بالقتل و التشريد و التعذيب و لا سيما (العلويين) منهم، فإنهم كانوا تحت ضغط شديد، و مراقبة كثيرة من سلطات الوقت، و رجال الأمن: أمر (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الذين كان بيدهم نشر احكام جدهم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله بنص منه:

شيعتهم و مواليهم ب (التقية) بأن لا يعرضوا أنفسهم للمهالك و الإضرار التي تأتيهم من أعدائهم فيخفوا ولاءهم لهم في مواقع تصيبهم الهلكة منهم.

و لما كان تحقق هذا المعنى في الخارج لا يتأتى إلا بإخفاء مذهبهم و اتباع مذاهبهم المتبعة عندهم عملوا بالتقية.

ص: 208

..........

++++++++++

خذ لذلك مثالا:

الوضوء عندنا عبارة عن غسل الوجه من الأعلى الى الأسفل، و غسل اليدين من المرفقين الى أطراف الأصابع، و مسح بعض الرأس، و ظاهر القدمين ببلل الوضوء.

فاذا اتفق لشيعي في بلدة من البلاد الاسلامية التي يسكنها (اخواننا السنة) و يخاف على نفسه من اظهار تشيعه لو توضأ وضوءهم فيتوضأ وضوء (اخواننا السنة) تقية، حذرا من تعريض نفسه للضرر و الهلكة فيكون هذا التوضؤ هو حكم اللّه الواقعي الثانوي في حقه، و صلاته صحيحة بهذا التوضؤ.

أو يمسح على الخف، أو يفطر عند استتار القرص، أو يصوم في السفر فكل هذه الأحكام و أمثالها هي الأحكام الواقعية الثانوية في حقه.

هذا هو معنى التقية ليس إلا، و لا نعني بها سوى هذا التفسير الذي ذكرناه لك.

و بهذا المعنى قوله عز من قائل:

(لاٰ يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اَللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً) (1) .

فاللّه سبحانه و تعالى ينهى المؤمنين عن اتخاذهم الكافرين أخلاء و أصدقاء لهم من دون المؤمنين و عن معاونتهم على المؤمنين و يهدد الفاعلين على ذلك و يقول: و من يفعل ذلك فهو ليس من أولياء اللّه و اللّه بريء منه.

ثم يستثني سبحانه و تعالى حالة التقية: و هو الخوف و الضرر المتوجه

ص: 209


1- آل عمران: الآية 28.

الأحكام (1) مثل قولهم لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر (2) و نحو

++++++++++

- من الكافرين نحو المؤمنين فيقول عز من قائل: إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً.

أي اذا خفتم من الكافرين فلا بأس عليكم أن تتخذوهم أخلاء و أصدقاء و اللّه لا يكون بريئا منكم.

(1) أي الأقوال الصادرة عن (أئمة أهل البيت) في الأحكام الشرعية المخالفة لمذهبهم، و الموافقة لمذاهب (أهل السنة) إنما كانت في حالة التقية و الخوف، حيث كانت عليهم الرقابة الشديدة من سلطات الوقت من رجال الدولة في العصرين (الأموي و العباسي)، لضغطهم عليهم بواسطة رجال الأمن الذين كانوا يتجسسون لصالح الدولة ضد (الشيعة و أئمتهم)، و يوصلون أخبارهم إليهم.

بل كان هناك أناس من أعداء (أهل البيت) يتقربون الى الحكام و سلطة الوقت بإيصالهم الأخبار إليهم، للتنكيل بهم.

فالامام عليه السلام كان عالما بهذا و ذاك و لا سيما الأخير فيحس بهم عند ما يأتون في مجالسهم فاذا سئل عليه السلام عن حكم شرعي و المراقب حاضر اضطر عليه السلام الى استعمال التورية في الجواب فيجاوب على طبق المذاهب المتبعة عند (اخواننا السنة) تقية، و كان أصحاب الأئمة الهداة المعصومين يعرفون ذلك من لحنه عليه السلام.

و قد مضى بعض الشيء عن ذلك في الجزء 3 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 282.

هذا تفسير الأقوال الصادرة عن (أئمة أهل البيت) عليهم السلام في بيان الأحكام تقية.

(2) مثال لصدور بعض الأحكام الشرعية في حالة التقية. -

ص: 210

ذلك (1) و إن أمكن حمله (2) على الكذب لمصلحة، بناء (3) على ما استظهرنا

++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة). الجزء 2. ص 1055. الحديث 2.

الباب 38 من أبواب النجاسات. و الحديث منقول بالمعنى.

(1) راجع أيضا نفس المصدر. الحديث 12-13-14.

و لا يخفى أن (اخواننا السنة) يقولون بنجاسة الخمر و كل مسكر مائع بالأصالة أيضا.

راجع الفقه (على المذاهب الأربعة). الجزء الأول. ص 18.

إليك نص عبارته:

و منها المسكر المائع، سواء أ كان مأخوذا من عصير العنب أو كان نقيع زبيب، أو نقيع تمر، أو غير ذلك، لأن اللّه تعالى قد سمّى الخمر رجسا و الرجس في العرف النجس.

أما كون كل مسكر مائع خمرا فلما رواه مسلم من قوله صلى اللّه عليه و سلم: كل مسكر خمر، و كل مسكر حرام. انتهى موضع الحاجة.

فالسنة و الشيعة كلاهما يقولان بنجاسة الخمر.

لكن (اخواننا السنة) مختلفون في وجوب ازالة النجاسة عن الثوب في الصلاة بأي نجاسة تنجس فبعض يقول بالازالة، و بعض يقول بعدمها.

راجع (بداية المجتهد) لابن رشد الاندلسي.

فالحديث هذا راجع الى هذه الطائفة من (اخواننا السنة).

(2) أي حمل قول الامام عليه السلام الصادر في مقام التقية في بيان الأحكام على الكذب إنما هو لاجل المصلحة الموجودة فيه.

(3) منصوب على المفعول لأجله، و تعليل لحمل كلام الامام عليه السلام الصادر في مقام التقية: على الكذب لمصلحة. -

ص: 211

جوازه (1) من الأخبار (2).

إلا أن (3) الأليق بشأنهم عليهم السلام هو الحمل على إرادة خلاف

++++++++++

- و خلاصة التعليل: أن هذا الحمل إنما يجوز في حق الامام عليه السلام لأجل ما استظهرناه سابقا من الأخبار: من جواز الكذب لمصلحة في قوله رحمه اللّه في ص 195: كما عفي عن الكذب في الاصلاح، و عن السب و التبري مع الاكراه.

و المراد من الأخبار التي يستفاد منها هذا الاستظهار هي المطلقات المشار إليها في ص 190-192.

(1) أي جواز الكذب لمصلحة.

(2) و هي الأخبار المشار إليها في ص 190-192.

(3) استدراك عما أفاده آنفا: من أن حمل قول الامام عليه السلام في مقام التقية في بيان الأحكام: على الكذب إنما هو لأجل المصلحة الراجحة في ذلك.

و خلاصة الاستدراك: أن الولاية و الامامة كما عرفت مقام شامخ رفيع فهي كالنبوة منصب إلهي تتعين من قبل الباري عز و جل، و لا تناله يد الجعل و النصب و العزل من قبل الآخرين فعليه لا يليق بمقامهم الكذب و إن كان فيه مصلحة، لأن الكذب بما هو كذب قبيح عقلا فاذا دار الأمر بين الكذب الذي ثبت قبحه عقلا.

و بين حمل تلك الأحكام الواردة في التقية على خلاف ظواهرها:

فلا شك أن الثاني أولى، لأنه اللائق بمقامهم و شأنهم و عصمتهم و ان لم ينصب الامام قرينة على أن المراد من هذه الأحكام الصادرة في التقية خلاف ظاهرها.

و مرجع الضمير في ظواهرها: الأحكام. -

ص: 212

ظواهرها من دون نصب قرينة: بأن يريد (1) من جواز الصلاة في الثوب المذكور (2) جوازها (3) عند تعذر الغسل (4)، و الاضطرار (5) الى اللبس و قد صرحوا بإرادة المحامل البعيدة في بعض الموارد مثل أنه ذكر عليه السلام أن النافلة فريضة (6) ففزع المخاطب.

++++++++++

- و لا يخفى أنه بعد القول بأن قبح الكذب اقتضائي لا ذاتي، و أنه يختلف بالوجوه و الاعتبار فينقلب قبحه الى الحسن، للمصلحة الراجحة فيه: لا مجال لهذا الاستدراك، إذ لم يبق في الكذب قبح أصلا حتى يقال:

إن الأليق بشأنهم هو الحمل الثاني و هو الحمل على خلاف ظواهرها.

لكن المناسب لشأنهم عدم الكذب أصلا.

(1) أي الامام عليه السلام.

(2) و هو الثوب الذي أصابه الخمر الذي ورد في قول الامام عليه السلام: لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه الخمر.

(3) أي جواز الصلاة.

(4) بالفتح الذي هو المعنى المصدري.

و المراد من تعذر الغسل: تعذر الماء فحكم الامام عليه السلام بجواز الصلاة في ثوب أصابه الخمر في حالة التقية إنما يراد منه: جواز الصلاة في الثوب لتعذر غسله عند تعذر الماء فالمراد منه موجبة جزئية أي في بعض المقامات.

(5) بالجر عطفا على مجرور عند في قوله: عند تعذر الغسل. أي و عند الاضطرار إلى لبس ثوب النجس لشدة البرد.

(6) المصدر السابق. الجزء 13. ص 49. الحديث 6 من أبواب 16

ص: 213

ثم قال (1): انما اردت صلاة الوتر (2) على النبي صلى اللّه عليه و آله.

و من هنا يعلم (3) أنه اذا دار الأمر في بعض المواضع بين الحمل على التقية، و الحمل على الاستحباب كما في الأمر بالوضوء عقيب بعض ما قال العامة بكونه حدثا (4)

++++++++++

(1) أي الامام عليه السلام.

(2) و هي نافلة الليل، حيث كانت واجبة على (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، لصدق الموجبة الجزئية.

و يمكن أن تكون النافلة واجبة بنذر، أو يمين، أو عهد.

(3) أي و من حمل الأحكام الصادرة عن الامام عليه السلام: على إرادة خلاف ظواهرها.

(4) راجع نفس المصدر. الجزء 1. ص 193. الحديث 9-10 أليك نص حديث 9:

عن أبي بصير عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: اذا قبّل الرجل امرأة من شهوة، أو مسّ فرجها أعاد الوضوء.

فأمر الامام عليه السلام اعادة الوضوء على من قبّل المرأة بشهوة أو مسّ فرجها في الجملة الخبرية في قوله: أعاد الوضوء الدال على الانشاء أشد تأكيدا: يحمل على الاستحباب، لكون الوجوب محالفا لاجماع الطائفة، لأنهم لا يقولون بوجوب التوضؤ في المذكورات فورود الأمر فيها لأجل التقية، حيث إن (اخواننا السنة) يقولون بنقض المذكورات للوضوء و أن المتوضي لو فعل أحدها يجب عليه الإعادة.

راجع (الفقه على المذاهب الأربعة). الجزء الأول. ص 66-67.

ص: 214

تعين الثاني (1)، لأن التقية (2) تتأدى بإرادة المجاز، و اخفاء القرينة (3).

++++++++++

- إليك نص عبارته:

(ثانيها): مس من يشهى على تفصيل في المذاهب.

(ثالثها): مس الذكر بلا حائل، و كذا مس حلقة الدبر، أو قبّل المرأة فلو كان متوضئ و مس شيئا من هذه الأشياء انتقض وضوءه، سواء أ كان رجلا أم امرأة، و في النقض بالمس تفصيل في المذاهب.

هذا ما ذهب إليه (اخواننا السنة) في نواقض الوضوء.

و لما كانت هذه النواقض مخالفة لمذهب (أهل البيت) عليهم السلام فالسائل لما يسأل عن مثل هذه النواقض و في المجلس من رجال الدولة و الأمن حاضرا: أفاد عليه السلام باعادة الوضوء لو ارتكب أحد المذكورات فيحمل الأمر الوارد في قوله عليه السلام: اعاد الوضوء: على الاستحباب

(1) و هو الحمل على الاستحباب كما عرفت آنفا.

(2) تعليل لتعين الثاني و هو الاستحباب، دون الأول و هي (التقية).

و حاصل التعليل: أن التقية تحصل بإرادة المجاز و هو الاستحباب من الأمر الوارد في قول الامام عليه السلام: (اعاد الوضوء) فلا نحتاج إلى حمل الأمر المذكور على التقية.

(3) بالجر عطفا على مجرور الباء في قوله: بإرادة المجاز، أي و التقية تحصل باخفاء القرينة أيضا.

تعليل ثان لحمل الأمر الوارد في قوله عليه السلام: اعاد الوضوء:

على الاستحباب.

و خلاصة التعليل: أن التقية تحصل باخفاء القرينة كما تحصل بإرادة المجاز من الأمر و لو لم ينصب قرينة على ذلك فعدم نصبه عليه السلام القرينة

ص: 215

الثاني من مسوغات الكذب إرادة الاصلاح

الثاني من مسوغات الكذب إرادة الاصلاح، و قد استفاضت الأخبار بجواز الكذب عند إرادة الاصلاح.

ففي صحيحة معاوية بن عمار: المصلح ليس بكذاب (1).

و نحوها رواية معاوية بن حكم عن أبيه عن جده عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

و في رواية عيسى بن حسان في الوسائل عن الصادق عليه السلام:

++++++++++

- و اخفائها دليل على أن الأمر الوارد لا يراد منه معناه الحقيقي و هو الوجوب بل معناه المجازي الذي هو الاستحباب.

و لا يخفى أن حمل الأمر على معناه المجازي محتاج الى نصب قرينة فاذا نصبت القرينة أحدثت ظهورا في الكلام فيتعين الحمل على الاستحباب بظاهر الكلام فلا دوران بين إرادة المعنى المجازي الذي هو الظاهر من الكلام، و بين إرادة خلاف الظاهر الذي هي (التقية)، فما أفاده (الشيخ) في الدوران بين المعنيين و تعين الثاني لا يخلو عن تأمل، لأنه من المسلم عدم جواز صرف اللفظ عن معناه الحقيقي بدون نصب القرينة.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 578. الباب 141.

من أبواب العشرة. الحديث 3.

(2) نفس المصدر. ص 580. الحديث 9.

أليك نص الحديث عن معاوية بن الحكم عن أبيه عن جده عن أبي عبد اللّه عليه في حديث أنه قال له: أبلغ أصحابي كذا و كذا، و أبلغهم كذا و كذا.

قال: قلت: فإني لا أحفظ هذا فأقول ما حفظت و لم أحفظ أحسن ما يحضرني؟

قال: نعم المصلح ليس بكذاب.

ص: 216

كل كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلا كذبا في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا يريد بذلك الاصلاح، أو رجل وعد أهله و هو لا يريد أن يتم لهم (1)

و بمضمون هذه الرواية في استثناء هذه الثلاثة روايات (2).

و في مرسلة الواسطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكلام ثلاثة صدق، و كذب، و اصلاح بين الناس.

قال: قيل له: جعلت فداك ما الاصلاح بين الناس؟.

قال: تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث (3) نفسه فيقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير: كذا و كذا خلاف ما سمعت منه (4).

و عن الصدوق في كتاب الاخوان بسنده عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن الرجل ليصدق على أخيه فيصيبه عنت من صدقه فيكون كذابا عند اللّه، و أن الرجل ليكذب على أخيه يريد به نفعه فيكون عند اللّه صادقا (5).

ثم إن ظاهر الأخبار المذكورة (6)

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 579. الحديث 5.

(2) راجع نفس المصدر. ص 578. الحديث 1-2. و ص 579.

الحديث 6.

(3) من باب شرف يشرف أي تكدرت نفسه و اغتاظت.

(4) نفس المصدر. ص 579. الحديث 6.

(5) نفس المصدر. ص 580. الحديث 10.

و مرجع الضمير في فيصيبه: أخيه. أي يصيب أخاه الذي قال الرجل في حقه صادقا عنت: و هي الشدة و المشقة.

(6) و هي المشار إليها في ص 216-217.

ص: 217

عدم وجوب التورية (1).

و لم أر من اعتبر العجز عنها في جواز الكذب في هذا المقام (2).

و تقييد الأخبار المذكورة بصورة العجز عنها في غاية البعد (3) و إن كان مراعاته (4) مقتضى الاحتياط.

ثم إنه قد ورد في أخبار كثيرة جواز الوعد الكاذب مع الزوجة، بل مطلق الأهل (5) و اللّه العالم.

++++++++++

(1) أي في مقام اصلاح ذات البين.

(2) و هو مقام الاصلاح.

(3) حيث إنها صريحة بجواز الكذب من دون اعتبار العجز عن التورية بل التقييد ممتنع.

(4) أي مراعاة اعتبار العجز عن التورية.

(5) راجع نفس المصدر. ص 578. الحديث 1-2.

و ص 579. الحديث 5.

أليك نص الحديث الأول:

عن (جعفر بن محمد) عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلى اللّه عليه و آله (لعلي) عليه السلام قال: يا علي إن اللّه أحب الكذب في الصلاح و أبغض الصدق في الفساد. الى أن قال: يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب:

المكيدة في الحرب، و عدتك زوجتك، و الاصلاح بين الناس.

ص: 218

الكهانة؛

ص: 219

ص: 220

المسألة التاسعة عشرة: الكهانة

«التاسعة عشرة» (1) (الكهانة) من كهن يكهن ككتب يكتب كتابة كما في الصحاح اذا تكهن قال:

و يقال كهن بالضم كهانة بالفتح اذا صار كاهنا.

و عن القاموس أيضا الكهانة بالكسر.

لكن عن المصباح كهن يكهن كقتل يقتل كهانة بالفتح.

و كيف كان (2) فعن النهاية أن الكاهن من يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان (3).

فقد كان في العرب كهنة.

فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن يلقي إليه الأخبار.

و منهم من كان يزعم أنه يعرف الامور (4) بمقدمات و أسباب يستدل

++++++++++

(1) أي (المسألة التاسعة عشرة) من النوع الرابع الذي يحرم التكسب به لكونه عملا محرما في نفسه: الكهانة و هي بكسر الكاف معناها:

الإخبار عما سيقع في المستقبل.

(2) أي سواء أ كانت الكهانة بكسر الكاف أم بفتحها.

(3) أي الزمان المستقبل كإخبار (سطيح الكاهن) المعروف عند العرب بزوال (دولة ساسان) و فتح المدائن و كنوزها على يد المسلمين بمبعث (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و قد وقع كل ما اخبر به.

(4) أي الامور التي تقع في المستقبل بمقدمات و أسباب.

ص: 221

بها على مواقعها من كلام (1) من سأله، أو فعله، أو حاله.

و هذا (2) يخصونه باسم العراف.

و المحكي عن الأكثر في تعريف الكاهن ما في القواعد من أنه:

من كان له راي من الجن يأتيه الأخبار.

و عن التنقيح أنه المشهور (3)، و نسبه في السرائر الى القيل.

و راي على فعيل من راى يقال فلان رئيّ القوم أي صاحب رايهم.

قيل: و قد تكسر راؤه اتباعا (4).

و عن القاموس و السرائر: رأي كغني جني يرى فيخبر.

و عن النهاية يقال للتابع من الجن: راي (5) بوزن كمي.

++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلقان بقوله: يعرف. أي يعرف الكاهن جواب الامور التي تقع في المستقبل من كلام السائل الذي ألقاه على الكاهن أو يعرف جواب الامور عن أفعال السائل، و حركاته.

أو يعرف أجوبة الامور التي تقع في المستقبل عن حال السائل.

لعل المراد من حاله: قوة السائل و ضعفه، و فقره و غناه، و مرضه و صحته.

(2) أي الذي يعرف الامور الواقعة في المستقبل بمقدمات و أسباب يقال له: العرّاف و هو بفتح العين وزان فعال بالتشديد من صيغ المبالغة و النسبة.

لكن المراد منها في كثير من الموارد و منها ما نحن فيه: المبالغة.

(3) أي قال في التنقيح: إن تعريف صاحب القواعد الكهانة بكونها: من له رأي من الجن هو المشهور.

(4) أي تبعا للهمزة فيقال: رئيّ.

(5) بفتح الهمزة و كسر الراء مشتقة من الرأي.

و الصحيح أنها مشتقة من الرؤية بمعنى أن الرجل يرى جنيه. -

ص: 222

أقول: روى الطبرسي في الاحتجاج في جملة الأسئلة التي سأل الزنديق عنها أبا عبد اللّه عليه السلام قال الزنديق: فمن أين أصل الكهانة و من أين يخبر الناس بما يحدث؟

قال عليه السلام: إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه (1) فيما يشتبه عليهم من الامور بينهم فيخبرهم عن أشياء تحدث، و ذلك (2) من وجوه شتى:

فراسة (3) العين، و ذكاء (4) القلب، و وسوسة (5) النفس، و فطنة (6)

++++++++++

- فعلى الاول معناه أن الجن يعطي الانسان الرأي.

و كلمة كمي بتشديد الياء يقصد منها الشجاع غالبا.

(1) من باب الافتعال معناه جعل الكاهن حاكما في امورهم.

(2) أي إخبار الكاهن يكون وليد عوامل كثيرة.

(3) بالجر عطف بيان لقوله: من وجوه شتى.

فهذا أول الوجوه و العوامل أي منشأ الإخبار عن مستقبل الأشياء هي فراسة العين، حيث إن في بعض العيون أثرا خاصا يترتب عليه بعض الامور كالإخبار عن المستقبل.

(4) بالجر عطف بيان لقوله: من وجوه شتى.

هذا ثاني الوجوه و العوامل أي منشأ الإخبار ذكاء القلب الذي هو العقل الجبار.

(5) بالجر عطف بيان لقوله: من وجوه شتى.

هذا ثالث الوجوه و العوامل، أي منشأ الإخبار وسوسة النفس التي هو ايحاؤها للكاهن.

(6) بالجر عطف بيان لقوله: من وجوه شتى.

هذا رابع الوجوه و العوامل، أي منشأ الإخبار هي كثرة الفهم -

ص: 223

الروح مع قذف (1) في قلبه، لأن ما يحدث في الارض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان و يؤديه الى الكاهن، و يخبره بما يحدث في المنازل و الأطراف (2).

و أما أخبار (3) السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك (4) و هي لا تحجب و لا ترجم، و إنما منعت (5) من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء، و يلبس على أهل الأرض بما جاءهم من اللّه تعالى لاثبات الحجة، و نفي الشبهة (6).

++++++++++

- و سرعة الانتقال مع الحذاقة فهي مشتقة من فطن يفطن وزان ضرب يضرب و نصر ينصر، و علم يعلم.

فهذه الوجوه أسباب و مقدمات للكاهن بها يعلم الحوادث الواقعة.

(1) أي مع قذف من الشيطان في قلب الكاهن كما يستفاد هذا من قوله: فذلك يعلم الشيطان و يؤديه الى الكاهن.

و المراد من الحوادث الظاهرة: القتل و السرقة، و حضور غائب و غيبة حاضر.

(2) و هي البلاد.

و لا يخفى أنه ليس كل ما يقع في المنازل و البلاد يعلمها الشيطان.

نعم يمكن اطلاعه على بعض ذلك بنحو الموجبة الجزئية.

(3) هذه هي الحوادث الخفية المقابلة للحوادث الظاهرة.

(4) أي في الوقت الذي هو قبل الرجم لا تحجب الشياطين و لا ترجم عن مقاعد السمع.

(5) أي منعت الشياطين من الصعود إلى السماء.

(6) مقصود الامام عليه السلام: أن السبب عن منع الشياطين عن استراق السمع هو عدم اطلاعهم على أخبار السماء، لأنهم اذا اطلعوا -

ص: 224

و كان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث اللّه في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن فاذا قد زاد (1) كلمات من عنده فيخلط الحق بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر يخبر به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه، و ما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه.

فمنذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.

و اليوم إنما تؤدي الشياطين إلى كهّانها (2) إخبار (3) الناس بما (4) يتحدثون به و ما يحدثونه، و الشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في البعد (5) من الحوادث: من سارق سرق، و من قاتل قتل، و من غائب غاب (6)،

++++++++++

- عليها أخبروا الكهنة بها و اذا علم الكاهن بأخبار السماء فيخبر أهل الأرض بما سيقع في المستقبل فعند ذلك تلتبس هذه الإخبارات بإخبارات الأنبياء عند ما يوحى إليهم من قبل الباري عز و جل و يخبرون أهل الأرض بها فلا يبقى فرق بين إخبار الكاهن، و إخبار الأنبياء فيختلط الحق مع الباطل.

(1) فاعل زاد: الكاهن.

(2) بضم الكاف جمع كاهن وزان فساق جمع فاسق.

(3) بكسر الهمزة مصدر باب الافعال.

(4) المراد من (بما يتحدثون به): أقوال الناس.

و من (و ما يحدثونه): أفعال الناس و أعمالهم.

(5) بضم الباء و هو المكان البعيد، أو الزمان البعيد.

(6) أي يخبر الكاهن عن شخص السارق، و من هو، و أين المال و كذا يخبر عن شخص القاتل و مكانه و يوم قتله.

و كذا يخبر عن غياب الشخص و أين هو.

و كذا يخبر عن أشياء اخرى كالغنى، و المرض و الفقر.

ص: 225

و هم (1) بمنزلة الناس أيضا: صدوق و كذوب إلى آخر الخبر (2).

و قوله عليه السلام: مع قذف في قلبه يمكن أن يكون قيدا للأخير و هو فطنة الروح فتكون الكهانة بغير قذف الشياطين (3) كما هو ظاهر ما تقدم من النهاية (4).

و يحتمل أن يكون قيدا لجميع الوجوه المذكورة (5) فيكون المراد تركب إخبار الكاهن ممّا يقذفه الشيطان، و ما يحدث في نفسه، لتلك الوجوه و غيرها (6) كما يدل عليه قوله عليه السلام بعد ذلك: زاد كلمات من عنده فيخلط الحق بالباطل.

++++++++++

(1) أي الشياطين على قسمين: صادق، و كاذب، إذ يمكن أن يكون في الصدق فسادا فلا يمتنع وقوعه.

(2) راجع (احتجاج الطبرسي). الجزء 2. ص 81. طباعة (النجف الأشرف). مطبعة النعمان عام 1386.

(3) و لا يخفى أنه بعد قوله عليه السلام: و الشياطين تؤدي ما يحدث في البعد: من سارق سرق لا مجال لأن يقال: فتكون الكهانة بغير قذف الشياطين لأن قوله عليه السلام: و الشياطين تؤدي ما يحدث في البعض صريح في أن الكهانة وليد قذف الشياطين.

(4) في قوله في ص 221: و منهم من كان يزعم أنه يعرف الامور بمقدمات و أسباب يستدل بها على مواقعها: من كلام من سأله إلى آخر كلامه.

(5) في قوله عليه السلام في رواية الاحتجاج في ص 223: و ذلك من وجوه شتى: فراسة العين، و ذكاء القلب، و وسوسة النفس، و فطنة الروح.

اذا يكون المراد من القذف: الوجوه المذكورة.

(6) أي و غير الوجوه المذكورة في قول الامام عليه السلام.

ص: 226

و كيف كان (1) ففي قوله عليه السلام: انقطعت الكهانة دلالة ما عن المغرب: من أن الكهانة في العرب كانت قبل المبعث (2)، و قبل منع الشيطان عن استراق السمع.

لكن قوله عليه السلام: إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها إخبار الناس و قوله عليه السلام قبل ذلك: مع قذف في قلبه إلى آخر الكلمات دلالة على صدق (3) الكاهن على من لا يخبر إلا بأخبار الأرض (4) فيكون المراد من الكهانة المنقطعة: الكهانة الكاملة التي يكون الكاهن بها (5) حاكما في جميع ما يتحاكمون إليه من المشتبهات كما ذكر في أول الرواية (6).

و كيف كان (7) فلا خلاف في حرمة الكهانة.

++++++++++

(1) أي أيّ شيء قلنا في الكهانة، و بأيّ شيء فسرناها.

(2) أي مبعث (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

(3) المراد من الصدق هنا معناه المنطقي و هو صدق الكلي على أفراده

(4) الظاهر أن إخبار (سطيح وشق) الكاهنين عن مجيء (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله لا يكون من أخبار الأرض.

بل كان من أخبار السماء، فعلى هذا لا تختص الكهانة بمن يخبر عن أخبار الأرض كما هو الظاهر من كلام (شيخنا الأنصاري).

(5) الباء سببية أي الكاهن بسبب الكهانة الكاملة التي لم تنقطع قبل المبعث يكون حاكما في امور الناس عند طلبهم منه التحكيم.

(6) في قوله عليه السلام في ص 223: كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه.

و يحتكمون مصارع احتكم من باب الافتعال معناه طلب الناس من الحاكم الحكم لهم فيما يشتهون يقال: احتكم الناس الى الحاكم في الأمر قبل التحكيم.

(7) أي سواء أ كانت جملة مع قذف في قلبه قيدا للأخير و هي و فطنة -

ص: 227

و في المروي عن الخصال من تكهن، أو تكهن له فقد برأ من دين محمد صلى اللّه عليه و آله (1).

و قد تقدم رواية أن الكاهن كالساحر (2)، و أن (3) تعلم النجوم يدعو إلى الكهانة.

و روي في مستطرفات السرائر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن الهيثم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام إن عندنا بالجزيرة رجلا ربما اخبر من يأتيه يسأله عن الشيء يسرق، أو شبه ذلك فنسأله.

فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: من مشى إلى ساحر أو كاهن، أو كذاب يصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل اللّه من كتاب (4) و ظاهر هذه الصحيحة أن الإخبار عن الغائبات على سبيل الجزم محرم مطلقا، سواء أ كان بالكهانة أم بغيرها، لأنه عليه السلام جعل المخبر بالشيء الغائب بين الساحر و الكاهن و الكذاب، و جعل الكل حراما.

و يؤيدها (5) النهي في النبوي المروي في الفقيه في حديث المناهي:

++++++++++

الروح أم لجميع الوجوه المذكورة.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 108. الباب 26.

الحديث 2.

(2) راجع الجزء 2. من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 294.

(3) عطف على قوله: و قد تقدم أي و قد تقدم أيضا.

راجع نفس المصدر. ص 294.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 109. الباب 26.

الحديث 3.

(5) أي هذه الحرمة المطلقة، سواء أ كان منشئوها الكهانة أم غيرها.

ص: 228

أنه نهى عن اتيان العرّاف (1).

و قال صلى اللّه عليه و آله: من اتاه و صدقه فقد برأ بما أنزل اللّه عز و جل على محمد صلى اللّه عليه و آله (2).

و قد عرفت من النهاية: أن المخبر عن الغائبات في المستقبل كاهن و يخص باسم العراف (3).

و يؤيد ذلك (4) ما تقدم في رواية الاحتجاج من قوله عليه السلام:

لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي إلى آخر الحديث، فإن ظاهر قوله هذا أن ذلك (5) مبغوض للشارع من أي سبب كان.

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 108. الحديث 1.

(2) نفس المصدر. و نفس الصفحة و الحديث.

(3) عند قوله في ص 221: و كيف كان فعن النهاية أن الكاهن من يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان إلى آخر قوله في ص 222.

مقصود الشيخ من الاستشهاد بما في النهاية: أن يثبت أن العراف الوارد في الحديث هو الكاهن الوارد في كلام النهاية.

(4) أي حرمة الكهانة.

(5) أي الإخبار عن الغائبات في المستقبل مبغوض عند الشارع من أي سبب حصل و وجد، سواء أ كان من الكهانة، أم من السحر أم من التنجيم.

و لا يخفى أن هناك تفرسات يتفرس بها أصحابها في أوضاعهم الراهنة يتنبئون عنها في المستقبل، سواء أ كانت في السياسة، أم في التجارة أم في الاختراعات.

و قد تقع هذه الامور، مع أنها ليست من الكهانة، أو السحر، أو التنجيم فلا تكون هذه التفرسات من مصاديق قوله عليه السلام: لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي.

ص: 229

فتبين من ذلك (1) أن الإخبار عن الغائبات بمجرد السؤال عنها من غير نظر في بعض ما صح اعتباره كبعض الجفر (2) و الرمل محرم.

و لعله لذا (3) عد صاحب المفاتيح من المحرمات المنصوصة الإخبار عن الغائبات على سبيل الجزم لغير نبي، أو وصي نبي، سواء أ كان (4) بالتنجيم، أم الكهانة، أم القيافة، أم غير ذلك (5).

++++++++++

(1) أي فظهر من قولنا: إن الإخبار عن الغائبات من أي سبب حصل و وجد: أن الجواب عن الغائبات بمجرد السؤال عنها مع قطع النظر عن صحة بعض الأجوبة عن الغائبات الواقعة في الجفر و الرمل محرم.

(2) بفتح الجيم و سكون الفاء: علم تستكشف به المجهولات بواسطة الحروف الشمسية و القمرية حسب اصطلاح مهرة هذا الفن، و لهم فيه مثلثات و مربعات و مخمسات، و غيرها من الطلسمات.

ثم اشتهر أخيرا و صار اسما لعلم الحروف.

و في الحديث أملى (رسول اللّه) صلى اللّه عليه و آله على (أمير المؤمنين) عليه السلام الجفر و الجامعة.

و فسّرا في الحديث بإهاب ماعز، و إهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى ارش الخد، و الجلدة و نصف الجلدة.

و نقل عن (المحقق الشريف) في شرح المواقف أن الجفر و الجامعة كتابان لعلي عليه السلام.

و الرمل بفتح الراء و سكون الميم علم يبحث فيه عن المجهولات بخطوط تخط على الرمل.

(3) أي و لعله لأجل أن الإخبار عن الغائبات من أي سبب حصل

(4) أي الإخبار عن الغائبات.

(5) كالرمل و الجفر الذي صح اعتباره.

ص: 230

اللّهو

ص: 231

ص: 232

المسألة العشرون: اللهو

«العشرون» (1) (اللهو) حرام على ما يظهر من المبسوط و السرائر و المعتبر و القواعد و الذكرى و الجعفرية، و غيرها، حيث عللوا لزوم الإتمام (2) في سفر الصيد: بكونه محرما من حيث اللهو.

قال في المبسوط: السفر على أربعة أقسام، و ذكر الواجب (3)

++++++++++

(1) أي (المسألة العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: اللهو.

و لا يخفى أن حرمة اللهو على اطلاقها بعيد إن اريد من اللهو ما يتلهى الانسان به كما اذا كان جالسا و هو يخطط على الأرض، أو على الورق.

(2) أي إتمام الصلاة، لأن سفره سفر معصية.

لا يخفى أن اتمام الصلاة في مثل هذا السفر لأجل النص الوارد.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 5. ص 511. الباب 9.

الحديث 1، و ص 512. الحديث 5.

(3) كسفر الحج، و معالجة المرض المهلك، و أداء الدين، و إطاعة الوالدين، و ارشاد الناس اذا لم يكن في البلد أو القرية من يقوم بالواجبات الدينية و ارشادهم، و كسب القوت الواجب، و أمر الرسول الأعظم أو أحد (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم.

ص: 233

و الندب (1)، و المباح (2).

ثم قال (3): الرابع سفر المعصية، وعد من أمثلتها (4) من طلب الصيد للّهو و البطر، و نحوه بعينه عبارة السرائر.

و قال في المعتبر: قال علماؤنا: اللاهي بسفره كالمتنزه (5) بصيده

++++++++++

(1) كالعمرة المفردة اذا لم تكن عن نذر، أو عهد، أو يمين، فاذا كانت عن احداها تصير واجبة.

و كذا الحج اذا أدى حجة الاسلام.

و كزيارة (الأئمة الهداة المعصومين)، و كالاستجمام و الراحة اذا احتاج الانسان إليه، و كالسفر في قضاء حاجة الأخ المؤمن.

و الأسفار المندوبة كثيرة لا يسع المقام ذكرها فعليك تطبيق صغرياتها.

(2) و هو كل سفر لا يأتي منه المعصية و هو الجواز بالمعنى الأعم الذي يجتمع مع الوجوب و الندب و المباح.

و أما السفر المباح بالمعنى الأخص الذي يتساوى طرفاه كالسفر إلى رؤية الآثار القديمة كمشاهدة أطلال بابل، و مدائن كسرى، و تل عقرقوف و ملوية سامراء، و دور الخلفاء. و تخت جمشيد، و سد مأرب، و تدمر.

(3) أي (الشيخ) في المبسوط.

(4) مرجع الضمير: السفر و إنما جاء بالضمير مؤنثا، لأنه مضاف إلى المؤنث فاكتسب التأنيث.

قال ابن مالك في بحث الإضافة:

و ربما اكسب ثان أولا *** تأنيثا إن كان لحذف موهلا

(5) بصيغة الفاعل من باب التفعل أي من كان سفره لأجل اللهو و البطر حكمه في الصلاة و الصوم حكم من يخرج للسفر لأجل الصيد تنزها.

ص: 234

بطرا لا يترخص (1).

لنا (2) أن اللهو حرام فالسفر له معصية (3). انتهى.

و قال في القواعد: الخامس من شروط القصر (4) إباحة السفر فلا يرخص العاصي بسفره كتابع الجائر، و المتصيد لهوا. انتهى.

و قال في المختلف في كتاب المتاجر: حرّم الحلي الرمي من قوس

++++++++++

(1) أي لا يسوغ له أن يقصر في صلاته، و لا أن يفطر في صومه لما كانت جملة (لا يترخص) ناقصة لا يفهم منها المعنى فراجعنا المعتبر فرأينا العبارة هكذا:

لا يترخص في صلاته، و لا صومه.

(2) هذا دليل صاحب المعتبر.

و مرجع الضمير في له: اللهو أي دليلنا على أن اللاهي بسفره كالمتنزه:

أن اللهو حرام فالسفر لاجله يكون حراما.

(3) أي لا يقصر الصلاة في السفر من كان سفره لأجل اللهو.

و لا يخفى أن الصلوات اليومية الفرضية تقصر الرباعيات منها في السفر عندنا (الشيعة الامامية)، أي تسقط عنها الركعتان الأخيرتان.

أما الثلاثية كالمغرب، و الثنائية كالصبح فلا تقصير فيهما.

ثم إن سقوط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات في السفر مشروط بشرائط قد ذكرت كلها في كتاب الصلاة من الكتب الفقهية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 1. من ص 369 إلى ص 377.

(4) اذا كانت متابعته بالطوع و الاختيار، و كانت تأييدا للجائر.

و أما اذا كانت بالجبر فيقصر الى حد يرتفع عنه الجبر.

ص: 235

الجلاهق (1).

قال (2): و هذا الاطلاق (3) ليس بجيد، بل ينبغي تقييده (4) باللهو و البطر.

و قد صرح الحلي (5) في مسألة اللعب بالحمام بغير رهان بحرمته.

و قال (6): إن اللعب بجميع الأشياء قبيح.

و رده بعض: بمنع حرمة مطلق اللعب.

++++++++++

(1) مضى شرح الكلمة في المسألة الخامسة عشر في القمار في ص 131.

فراجع.

(2) أي العلامة في المختلف.

(3) و هي حرمة مطلق الرمي من قوس الجلاهق.

(4) أي تقييد الرمي الذي وردت عليه الحرمة في قول (الحلبي) في كتاب المتاجر: يحرم الرمي من قوس الجلاهق: باللهو الذي يأتي منه الباطل.

(5) و هو (ابن ادريس).

(6) أي (ابن ادريس).

و خلاصة استدلال (ابن ادريس) على حرمة مطلق اللعب و إن كان للارتياح: أن اللعب بكل شيء قبيح و إذا ثبت قبحه ثبت حرمة مطلق اللعب.

و لا يخفى عليك أنه لا يدرى المراد من القبح هل القبح العقلي أو العرفي؟

فإن كان العقلي فهو ممنوع، لعدم حكمه بقبح اللعب الارتياحي الذي ترتاح النفس به، لأنه لا يترتب عليه ضرر دنيوي، أو اخروي يخل بالدين، أو يصد عن ذكر اللّه، و لو ثبت تكون حرمته من باب -

ص: 236

و انتصر في الرياض للحلي: بأن (1) ما دل على قبح اللعب، و ورود الذم به من الآيات (2)

++++++++++

- الإضرار، و العقل مستقل بقبح كل شيء يأتي منه الضرر، فالحرمة من هذه الناحية، لا من ناحية اللعب فلا اختصاص له به.

و إن كان عرفيا و هو المعبر عنه ب (البيئة - المجتمع) فلا يصح الاستدلال به، لأن العرف كما هو المشاهد يجوز الظلم على الآخرين، و يحرم ما حلله اللّه، و يحلل ما حرمه اللّه عز و جل فلا ميزان و لا معيار لحكمه فلا تثبت حرمة مطلق اللعب به.

و على فرض ثبوت القبح العرفي فلا ملازمة بينه، و بين الحرمة، إذ كثير من الأشياء قبيح عرفا و ليس هناك حرمة تشملها.

و الدليل على ما قلناه: هو رد بعض الأعلام لمقالة (ابن ادريس) كما أفاده الشيخ بقوله: و رده بعض بمنع حرمة مطلق اللعب.

(1) الباء بيان لكيفية انتصار صاحب الرياض لمقالة (ابن ادريس).

(2) الظاهر أن المراد منها الآيات الواردة في سورة البقرة: الآية 32.

و سورة العنكبوت: الآية 64 - و سورة محمد صلى اللّه عليه و آله: الآية 36 و سورة الحديد: الآية 20، و سورة المائدة: الآية 60-61، و سورة الأنعام: الآية 70، و سورة الأعراف: الآية 50.

لكن عند المراجعة إليها تجد بعضها يدل على اللعب بالدين و الأنبياء و الكتب المنزلة عليهم.

و بعضها يدل على ذم الدنيا و أنها عبارة عن اللهو و اللعب و الزينة و التفاخر في الأموال و الأولاد، فكلها لا تعني اللعب الارتياحي، بل تثبت حرمة اللعب بالدين و شعائره.

و هذا عنوان ثانوي لا ربط له باللعب الارتياحي.

ص: 237

و الروايات (1) أظهر من أن يخفى، فاذا ثبت القبح (2) ثبت النهي.

ثم قال (3): و لو لا شذوذه بحيث كاد أن يكون مخالفا للاجماع لكان المصير الى قوله ليس بذلك البعيد (4). انتهى (5).

و لا يبعد أن يكون القول بجواز خصوص هذا اللعب (6)، و شذوذ القول بحرمته، مع دعوى (7) كثرة الروايات، بل الآيات (8) على حرمة مطلق اللهو: لأجل (9) النص على الجواز فيه في قوله عليه السلام:

لا بأس بشهادة من يلعب بالحمام (10).

و استدل في الرياض أيضا تبعا للمهذب (11) على حرمة المسابقة بغير

++++++++++

(1) تأتي الاشارة إليها قريبا.

(2) و قد عرفت آنفا عدم ثبوت القبح العقلي، بل الثابت هو القبح العرفي و هو لا يصح الاستدلال به فاذا لا يثبت النهي من الآيات الكريمة على حرمة مطلق اللعب.

(3) أي قال صاحب الرياض: لو لا شذوذ قول (ابن ادريس) الدال على حرمة مطلق اللعب و جميع الأشياء، لكونه مخالفا للاجماع.

(4) و أما وجه البعد فلأنه مخالف للاجماع.

(5) أي ما أفاده صاحب الرياض حول مقالة (ابن ادريس).

(6) و هو اللعب بالحمام.

(7) أي دعوى صاحب الرياض.

(8) و قد عرفت الاشكال في الآيات.

(9) الجار و المجرور منصوبة محلا خبر لكان في قوله: أن يكون أي لا يبعد كون جواز اللعب بالحمام من غير عوض لأجل النص الوارد فيه.

(10) (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 349. الباب 3. الحديث 3.

(11) أي مهذب البارع للفقيه الكامل الشيخ (ابن فهد الحلي) -

ص: 238

المنصوص على جوازه بغير عوض: بما (1) دل على تحريم اللهو و اللعب.

قال (2): لكونها (3) منه بلا تأمل. انتهى.

و الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو كثيرة جدا.

(منها) (4): ما تقدم من قوله عليه السلام في رواية تحف العقول و ما يكون منه و فيه الفساد محضا، و لا يكون منه و فيه شيء من وجوه الصلاح: فحرام تعليمه و تعلمه، و العمل به، و أخذ الاجرة عليه (5)

++++++++++

- يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

و المراد من غير المنصوص في قوله: غير المنصوص على جوازه قوله صلى اللّه عليه و آله: لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر، أو ريش.

و قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الملائكة لتنفر عند الرهان و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الخف و الريش و النصل.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. الباب 3. الحديث 4.

و ص 347. الباب 1 - الحديث 6.

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: استدل أي استدل صاحب الرياض على تحريم مطلق اللعب: بكل شيء دل على تحريم اللهو و اللعب.

و المراد من بما دل: الأخبار المستفيضة التي يذكرها الشيخ بقوله:

منها و منها و منها.

(2) أي (صاحب الرياض).

(3) أي لكون المسابقة بغير عوض من اللهو و اللعب.

(4) أي من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو.

من هنا يريد الشيخ أن يذكر الأخبار الواردة في المقام.

(5) راجع (كتاب المكاسب). الجزء 1. من طبعتنا الحديثة ص 23-33.

ص: 239

(و منها) (1): ما تقدم من رواية الأعمش، حيث عدّ في الكبائر الاشتغال بالملاهي التي تصد عن ذكر اللّه كالغناء و ضرب الأوتار (2) فإن الملاهي جمع ملهى (3) مصدرا، أو ملهي وصفا، لا الملهاة آلة (5)، لأنه لا يناسب التمثيل.

و نحوها (6) في عدّ الاشتغال بالملاهي من الكبائر: رواية العيون الواردة في الكبائر، و هي حسنة كالصحيحة بل صحيحة.

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو.

(2) راجع الجزء 3. من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 185.

و (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة. الجزء 10 ص 229.

و الأوتار جمع وتر و هي آلة من آلات اللعب تعطي صوتا مطربا عند الضرب بها.

(3) الظاهر أن المصدر لا جمع له إلا اذا كان بمعنى اسم المصدر.

(4) أي بصيغة اسم الفاعل من باب الافعال من ألهى يلهي إلهاء.

(5) أي لا يكون ملاهي جمع ملهاة بكسر الميم و سكون اللام التي هو اسم آلة من أدوات اللهو و الطرب.

و الحق أن الملاهي جمع ما يلهي أعم من أن يكون آلة، أو غيرها و الدليل على ذلك قوله عليه السلام في نفس الحديث: الاشتغال بالملاهي التي تصد عن ذكر اللّه كالغناء، و ضرب الأوتار، فإن الغناء لا يكون آلة، و ضرب الأوتار يكون باستعمال الأوتار و هي آلة.

(6) أي و نحو رواية الأعمش في عد الاشتغال بالملاهي من الكبائر:

الرواية المروية في (عيون أخبار الرضا). الجزء 2. ص 127.

ص: 240

(و منها) (1): ما تقدم في روايات القمار في قوله عليه السلام:

كل ما ألهى عن ذكر اللّه فهو الميسر.

(و منها) (2): قوله عليه السلام في جواب من خرج في السفر بطلب الصيد بالبزاة (3)، و الصقور (4): إنما خرج في لهو لا يقصر (5).

(و منها) (6): ما تقدم في رواية الغناء في حديث الرضا عليه السلام في جواب من سأله عن السماع.

++++++++++

(1) أي و من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو: ما تقدم في ص 100 فهنا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: هذا اللعب يلهي عن ذكر اللّه.

الكبرى: و كل ما يلهي عن ذكر اللّه فهو ميسر.

النتيجة: فهذا اللعب من الميسر.

ثم نقول:

الصغرى: هذا اللعب من الميسر.

الكبرى: و كل ميسر حرام.

النتيجة: فهذا اللعب حرام.

(2) أي و من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو.

(3) بضم الباء جمع باز، أو بازي هو طير من طيور الجوارح و من سباع الطيور يصاد به الطيور و الغزلان، و نحوهما.

(4) بضم الصاد و القاف و سكون الواو جمع صقر بفتح الصاد و سكون القاف هو من جوارح الطيور و سباعها يصاد به.

(5) (وسائل الشيعة). الجزء 5. ص 511. الباب 9 من أبواب صلاة المسافر. الحديث 1.

(6) أي و من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو.

ص: 241

فقال: لاهل الحجاز فيه راي قال: و هو في حيز اللهو (1).

و قوله عليه السلام في رد من زعم أن النبي صلى اللّه عليه و آله:

رخّص في أن يقال: جئناكم جئناكم حيونا نحيكم إلى آخر الحديث:

كذبوا إن اللّه يقول: لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إلى آخر الآيتين (2).

(و منها) (3): ما دل على أن اللهو من الباطل بضميمة ما يظهر منه حرمة الباطل كما تقدم في روايات الغناء (4).

ففي بعض الروايات كل لهو المؤمن من الباطل ما خلا ثلاثة: المسابقة و ملاعبة الرجل أهله إلى آخر الحديث (5):

و في رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن اللعب بالاربعة عشر، و شبهها.

++++++++++

(1) راجع ص 183 من الجزء 3. من المكاسب من طبعتنا الحديثة.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 229. الباب 99. الحديث 19.

و المراد من الآيتين هما: قوله تعالى: «لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ» .

و قوله تعالى: «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى اَلْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ اَلْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ» (1).

(3) أي و من تلك الأخبار الظاهرة في حرمة اللهو.

(4) راجع الجزء 3. من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 182-183

(5) (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 347. الباب 1 من أحكام السبق و الرماية. الحديث 5. و الحديث منقول بالمعنى.

ص: 242


1- الأنبياء: الآية 17-18.

قال: لا تستحب شيئا من اللعب غير الرهان و الرمي (1).

الى غير ذلك مما يتوقف عليه المتتبع (2).

و يؤيدها (3): أن حرمة اللعب بآلات اللهو: الظاهر أنه من حيث اللهو، لا من حيث خصوص الآلة.

ففي (4) رواية سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لما مات آدم شمت به ابليس و قابيل فاجتمعا في الأرض فجعل ابليس و قابيل المعازف و الملاهي شماتة بآدم على نبينا و آله و عليه السلام، فكل ما كان في الارض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو من ذلك (5)، فإن فيه (6)

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 12. ص 235. الباب 100. الحديث 14.

مضى شرح هذا الحديث في ص 139.

(2) راجع نفس المصدر. الأحاديث الواردة في هذا المقام.

(3) أي و يؤيد حرمة مطلق اللهو: أن الظاهر من حرمة آلات اللهو هي حرمة الالتهاء و الاشتغال، لا نفس الآلات بما هي آلات مجردة عن الالتهاء بها.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الظاهر من حرمة آلات اللهو هي حرمة الالتهاء، و يأتي شرح التفريع في التعليل الذي نذكره.

(5) أي من ذلك اللهو الصادر من تلك المعازف و الملاهي.

راجع نفس المصدر. ص 233. الباب 100. الحديث 5.

و المعازف بفتح الميم جمع معزف بكسرها اسم آلة من آلات الطرب كالطنبور و العود.

(6) أي في حديث سماعة.

هذا تعليل للتفريع المذكور و خلاصته: أن المناط و العبرة في التحريم هو حصول مطلق التلهي و الالتذاذ بسبب تلك الآلات. -

ص: 243

اشارة إلى أن المناط هو مطلق التلهي و التلذذ.

و يؤيدها (1) ما تقدم: من أن المشهور حرمة المسابقة على ما عدا المنصوص بغير عوض، فإن الظاهر أنه لا وجه لها (2) عدا كونه لهوا و إن لم يصرحوا بذلك عدا القليل منهم كما تقدم (3).

نعم صرح في التذكرة بحرمة المسابقة على جميع الألعاب كما تقدم في نقل كلامه في مسألة القمار في ص 131. هذا.

و لكن الاشكال في معنى اللهو، فإنه ان اريد به مطلق اللعب كما يظهر من الصحاح و القاموس فالظاهر أن القول بحرمته شاذ مخالف للمشهور و السيرة، فإن اللعب هي (4) الحركة لا لغرض عقلائي، و لا خلاف ظاهرا

++++++++++

و ليس المناط هي نفس الآلات مجردة عن الالتهاء بها.

(1) أي و يؤيد الحرمة المطلقة ما تقدم عن (صاحب الرياض) في المسألة الرابعة في ص 127 عند قوله: الرابعة المغالبة بغير عوض في غير ما نص على جواز المسابقة فيه، و الأكثر على ما في الرياض على التحريم بل حكي فيها عن جماعة دعوى الاجماع عليه.

(2) أي لحرمة المسابقة بغير عوض، سوى أن هذا المسابقة من أفراد اللهو و مصاديقه.

(3) أي في المسألة الرابعة في ص 140 عند قوله: و لعله لذلك كله استدل في الرياض تبعا للمهذب بما دل على حرمة اللهو، فجعل هذه المسابقة من أفراد اللهو.

فصاحب الرياض أحد القليلين القائلين بكون هذه المسابقة من أفراد اللهو، و لم يصرح أحد من العلماء بكون المسابقة بغير عوض لهوا سوى هذا.

(4) تأنيث الضمير باعتبار الخبر و هي كلمة الحركة، بناء على قاعدة

ص: 244

في عدم حرمته على الاطلاق (1).

نعم لو خص اللهو بما يكون من بطر (2) و فسر بشدة الفرح كان الأقوى تحريمه.

و يدخل في ذلك (3) الرقص و التصفيق، و الضرب بالطست (4)

++++++++++

دوران الأمر بين الخبر و المرجع فمراعاة الخبر أولى كما عرفت كرارا عنا هذه القاعدة.

(1) أي بنحو مطلق و بنحو موجبة كلية: و هو أن كل لعب في كل مكان و زمان، و بأي شيء حرام.

بل الحرمة فيه بنحو الموجبة الجزئية و هي الحرمة في الجملة فيكون من قبيل سلب العموم و نفيه، لا عموم النفي و سلبه.

(2) و هو الباطل أي لو خصصنا اللهو باللهو الذي يحصل من الباطل و فسرنا اللهو بشدة الفرح و السرور: كان الأقوى تحريم مثل هذا اللهو لأنه القدر المتيقن من أفراد اللهو.

(3) أي و يدخل في التحريم الرقص، بناء على تخصيص اللهو باللهو الحاصل من الباطل، و تفسير اللهو بشدة الفرح و السرور.

و الرقص لغة هو المشي و التنقل بتفكك و خلاعة.

و قد اختص بحركات فنية التي يقوم بها الانسان يحصل منها الفرح و السرور للناظرين.

و من أقسام الرقص تحريك اليدين مع الرأس و الرجلين، و ثني القامة الى حدود مختلفة يعرفها أهلها العارفون بها.

و يقال لهذا النوع من الرقص: المنظمة.

و التصفيق مصدر باب التفعيل معناه: الضرب بباطن الراحة على باطن الاخرى مع إحداث الصوت به.

(4) بالسين معرب (طشت) و هي كلمة فارسية، و هو إناء واسع -

ص: 245

بدل الدف، و كل (1) ما يفيد فائدة آلات اللهو.

و لو جعل مطلق (2) الحركات التي لا يتعلق بها غرض عقلائي (3) مع انبعاثها عن القوى الشهوية (4) ففي حرمته تردد.

++++++++++

- غالبا لغسل الأيدي بالإبريق صبا، و غسل الملابس بغمسها فيه، و دلكها بمواد مزيلة للأوساخ.

(1) بالرفع عطف على فاعل و يدخل و هو الرقص أي و يدخل في التحريم كل شيء يفيد فائدة آلات اللهو كالضرب بالصواني التي يجعل فيها عادة الزاد و الطعام.

و كالضرب بالصفائح الخفيفة التي قد تتخذ ظروفا للدهن و الدبس و ما شاكله، فالضرب على هذه و أمثالها التي يتخذها العوام من الناس في الأعراس و مواسم السرور بدلا عن الضرب بالآلات المعدة للضرب و الأغاني لاستفادة الطرب و الانس، و اللذائذ النفسية منها: حرام كما أفاده الشيخ.

(2) بنصب كلمة مطلق بناء على أنها مفعول ثان لكلمة جعل الذي هو فعل ماض مجهول، و نائب فاعله: اللهو و هو المفعول الاول له.

(3) كأن لا تكون تلك الحركات منشطة للبدن، أو لا تكون موجبة للاحساس بالقوة، أو الفوز بالجائزة المعينة، أو التدرب على صعود الجبال و نزولها.

(4) ليس المراد من القوى الشهوية هنا: الغرائز الجنسية.

بل المراد منها غرائز اخرى كحب الاستعلاء و الشهرة، و الانتقام و الطمع و الخيلاء، و غيرها من الصفات المذمومة، فإن هذه و أمثالها يتردد في حرمتها.

و أما الغرائز الجنسية فلا تردد في حرمتها لو كانت مرادة، فإن إعمال -

ص: 246

و اعلم أن هنا عنوانين آخرين (1): اللعب. و اللهو.

أما اللعب فقد عرفت أن ظاهر بعض (2) ترادفهما.

و لكن مقتضى تعاطفهما في غير موضع من الكتاب العزيز تغايرهما (3).

++++++++++

- هذه الغرائز غير المشروعة لا شبهة في حرمتها، فالتعبير عن الحركات التي لا يتعلق بها غرض عقلائي بالقوى الشهوية مجاز، إذ ربما تطلق القوة الشهوية على مثل هذه الحركات فيقال: شهوة الاستعلاء، شهوة الشهرة شهوة الرئاسة.

(1) الظاهر زيادة كلمة (آخرين) لأن العنوانين هما نفس اللعب و اللهو المتقدمين، من دون زيادة لهذين على ذينك.

و لعل الزيادة من النساخ.

(2) و هو (صاحب الصحاح و القاموس) حيث قالا: بترادف اللعب و اللهو كما عرفت في قولهما: في ص 244.

(3) أي مقتضى عطف اللهو على اللعب، و اللعب على اللهو في مواضع متعددة من القرآن الكريم كقوله تعالى:

«وَ مَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا إِلاّٰ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ» (1) .

«إِنَّمَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ» (2) .

«اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ» (3) .

«وَ مٰا هٰذِهِ اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا إِلاّٰ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ» (4) .

ص: 247


1- الأنعام: الآية 32.
2- (محمد صلى اللّه عليه و آله): الآية 38.
3- الحديد: الآية 19.
4- العنكبوت: الآية 64.

و لعلهما (1) من قبيل الفقير و المسكين اذا اجتمعا افترقا، و اذا افترقا (2) اجتمعا.

++++++++++

- أن يكون اللعب و اللهو متغايرين، لأن من شأن العطف هو التغاير فلا يصح أن تقول زيدا و زيدا اذا أردت شخصا واحدا.

أو تقول: رأيت و رأيت زيدا.

و ربما يتوهم صحة العطف على هذا النوع للتأكيد.

لكنه مردود، لاستغناء التأكيد عن حرف العطف بقولك: رأيت زيدا زيدا، و رأيت رأيت زيدا، و لو فرض صحة هذا النوع من العطف في كلام المخلوق فلا يصح في كلام الخالق جل شأنه، فوجود العاطف في الآيات المذكورة و غيرها الواردة في الكتاب العزيز دليل على تغايرهما قطعا.

نعم مقتضى الآيات الكريمة التغاير بينهما مفهوما، مع امكان ادعاء اتحادهما مصداقا، حيث إن اللهو من لوازم اللعب فهما متحدان خارجا.

و لعل هذا الاتحاد الخارجي أوجب لصاحب القاموس و الصحاح أن يدعيا ترادفهما.

(1) أي و لعل اللعب و اللهو نظير الفقير و المسكين: في أنه يراد من كل واحد منهما حالة اجتماعهما معنى مغايرا للآخر: بأن يراد من المسكين من هو أسوأ حالا من الفقير، و من الفقير من هو أحسن حالا من المسكين

(2) أي ذكر كل واحد منهما مستقلا و منفردا، فحينئذ يراد من الفقير الذي ذكر منفردا: معناه و معنى المسكين.

و كذا يراد من المسكين الذي ذكر منفردا معناه و معنى الفقير فاللعب و اللهو هكذا فاذا اجتمعا يراد من كل واحد منهما معنى مغايرا للآخر، و اذا ذكر كل واحد منهما مستقلا يراد منه معناهما.

ص: 248

و لعل اللعب يشمل مثل حركات الأطفال غير المنبعثة عن القوى الشهوية.

و اللهو ما تلتذ به النفس، و ينبعث عن القوى الشهوية.

و قد ذكر غير واحد أن قوله تعالى: أَنَّمَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ الى آخر الآية (1) بيان ملاذ (2) الدنيا على ترتيب تدرجه (3) في العمر.

++++++++++

(1) و هو قوله تعالى: «وَ تَفٰاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكٰاثُرٌ فِي اَلْأَمْوٰالِ وَ اَلْأَوْلاٰدِ» (1).

(2) أي ذكر كثير من العلماء من أن هذه المراتب المذكورة في الآية الكريمة: من اللعب و اللهو و الزينة و التفاخر و التكاثر في الأموال و الأولاد التي يتدرج الانسان بها الى هذه المراحل شيئا فشيئا في أدوار مختلفة التي يستغرق كل دور منها ثمان سنوات: بيان للذائذ الدنيا، و إشارة إلى أن الدنيا عبارة عن هذه المراحل و التدرجات، فإن للانسان منذ ولادته و بعد انفطامه عن الحليب إلى أن يبلغ الأربعين من عمره الذي هو منتهى نضج العقل و نبوغه: خمسة أدوار:

(الدور الأول): اللعب.

(الدور الثاني): اللهو.

(الدور الثالث): الزينة.

(الدور الرابع): التفاخر.

(الدور الخامس): التكاثر في الأموال و الأولاد.

فكلما يدخل في دور من تلك الأدوار اقتضت طبيعة الانسان بمقتضى جبلته و خلقته شيئا من المذكورات، و ملاذ بفتح الميم جمع ملذة بفتحها أيضا.

(3) أي تدرج الانسان في تلك المراحل و الأدوار كما عرفت آنفا.

ص: 249


1- الحديد: الآية 20.

و قد جعلوا لكل واحد منها (1) ثمان سنين.

و كيف كان فلم أجد من أفتى بحرمة اللعب (2) عدا الحلي على ما عرفت من كلامه (3)، و لعله يريد اللهو (4)، و إلا فالأقوى الكراهة (5).

و أما اللغو (6) فإن جعل مرادف اللهو كما يظهر من بعض الأخبار كان في حكمه.

ففي رواية محمد بن أبي عباد المتقدمة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام إن السماع في حيز اللهو و الباطل أ ما سمعت قول اللّه تعالى: و إذا مروا باللّغو مروا كراما (7).

++++++++++

(1) أي من هذه الأدوار و المراحل المذكورة فيصير المجموع بعد ضرب 5 * 8 40 عاما.

(2) أي بحرمة مطلق اللعب.

(3) و هو (ابن ادريس) صاحب السرائر في قوله في ص 236:

إن اللعب بجميع الأشياء قبيح.

(4) أي الذي يلهي عن ذكر اللّه جل جلاله، و يصد الانسان عن الإقبال و التوجه إليه كما عرفت في ص 240 في قوله عليه السلام:

و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه عز و جل.

(5) اذا لم يرد من اللعب اللهو الذي يلهي الانسان عن ذكر اللّه و يصده عنه فالظاهر أنه لا وجه لكراهته.

(6) و هو ما لا فائدة فيه من كلام أو فعل.

(7) الفرقان: الآية 72.

و الحديث مر ذكره في الجزء 3 من (المكاسب). ص 183 فاستشهاد الامام عليه السلام بالآية الشريفة دليل على أن اللهو من أفراد اللغو.

ص: 250

و نحوها رواية أبي أيوب، حيث أراد باللغو الغناء مستشهدا بالآية (1) و إن أريد به (2) مطلق الحركات اللاغية (3) فالأقوى فيها (4) الكراهة.

و في رواية أبي خالد الكابلي عن سيد الساجدين تفسير الذنوب التي تهتك العصم (5) بشرب الخمر و اللعب بالقمار، و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح، و ذكر عيوب الناس (6).

++++++++++

(1) و هي آية و اذا مروا باللغو مروا كراما.

و الحديث مروي في (وسائل الشيعة). الجزء 12. الباب 101.

الحديث 20.

و لا يخفى أن الاستدلال بالحديثين لا يثبتان ترادف اللهو و اللغو، بل يثبت بذلك كون اللهو من أفراد اللغو، أو من مصاديقه.

(2) أي باللغو.

(3) و هي التي لا ثمرة فيها.

(4) أي في مطلق الحركات اللاهية: هي الكراهة لقوله تعالى:

وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً ، أي أن المؤمنين لا يشاركون اللاغين في لغوهم.

(5) الواردة في دعاء (كميل(1) بن زياد النخعي) رضوان اللّه عليه في قوله عليه السلام: اللّهمّ اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم.

(6) استدل بجملة (و تعاطي ما يضحك الناس): على حرمة اللغو حيث عطفت على قوله عليه السلام: بشرب الخمر و قد عدّ شرب الخمر من الذنوب التي تهتك العصم فيكون ما يضحك الناس من اللغو و المزاح -

ص: 251


1- بالتصغير وزان (زبير) من أعاظم أصحاب (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام و خواصه و حواريه، و من أهل السر. يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

و في وصية النبي صلى اللّه عليه و آله لأبي ذر رضي اللّه عنه أن الرجل ليتكلم بالكلمة فيضحك الناس فيهوى ما بين السماء و الأرض (1).

++++++++++

من الذنوب التي تهتك العصم.

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 577. الحديث.

الباب 140.

و استدل بالحديث على كراهة اللغو إن اريد باللغو مطلق الحركات اللاغية، لظهور قوله عليه السلام: فيهوي ما بين السماء و الأرض في الكراهة.

ص: 252

مدح من لا يستحقّ

ص: 253

ص: 254

المسألة الحادية و العشرون: مدح من لا يستحق المدح

«الحادية و العشرون» (1) (مدح من لا يستحق المدح) أو يستحق الذم. ذكره العلامة في المكاسب المحرمة.

و الوجه فيه (2) واضح من جهة قبحه عقلا (3).

و يدل عليه (4) من الشرع قوله تعالى: وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ

++++++++++

(1) اي (المسألة الحادية و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: مدح من لا يستحق المدح أو يستحق الذم.

و المدح هذا على قسمين:

(الأول): أنه لا يستحق الذم مع عدم استحقاقه المدح.

(الثاني): أنه يستحق الذم علاوة على عدم استحقاقه المدح كما أفاده الشيخ.

و مدح من لا يستحق المدح عبارة عن ذكر الشخص بما ليس فيه من الأخلاق الفاضلة و الصفات الحميدة.

(2) أي في ذكر العلامة مدح من لا يستحق المدح، أو يستحق الذم في المكاسب المحرمة.

(3) المراد منه: أن مدح من لا يستحق المدح ترويج للباطل و ترويج الباطل قبيح عقلا، للضرر المترتب عليه، فالعقل يحكم بقبح هذا المدح.

(4) أي على تحريم مدح من لا يستحق المدح.

ص: 255

ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ (1).

و عن النبي صلى اللّه عليه و آله فيما رواه الصدوق: من عظّم صاحب دنيا و أحبّه طمعا في دنياه سخط اللّه عليه، و كان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار (2).

و في النبوي الآخر الوارد في حديث المناهي: من مدح سلطانا جائرا أو تخفف، أو تضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار (3).

و مقتضى هذه الأدلة (4) حرمة المدح طمعا في الممدوح (5).

++++++++++

(1) الهود: الآية 113.

و لا يخفى عدم دلالة الآية الكريمة على حرمة المدح، لأن المراد من الركون هو الاعتماد عليه في حوائجه، و الانضواء تحت رايته و نفوذه.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 130-131. الباب 42.

الحديث 14.

(3) المصدر السابق. ص 132-133. الحديث 1. الباب 43.

و المراد من تخفف له: التواضع للظالم احتراما له.

و المراد من تضعضع: القيام للظالم، أو يفسح له في المكان للجلوس.

(4) و هي آية وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ ، و الحديثان النبويان.

(5) و هو الظالم.

و لا يخفى أن الدليل المذكور على حرمة مدح من لا يستحق المدح أخص من المدعى، حيث إن المدعى أنه لا يجوز مدح من لا يستحق المدح و هو أعم يشمل من لم يكن ظالما، و من كان ظالما، و الأدلة التي ذكرها الشيخ من الآية و الحديثين خاصة بالظالم فقط.

و أما حرمة من لا يستحق المدح غير الظالم فلاجل ترتب الكذب عليه.

ص: 256

و أما (1) لدفع شره فهو واجب.

و قد ورد في عدة أخبار أن شرار الناس الذين يكرمون اتقاء شرهم (2).

++++++++++

(1) أي و أما مدح الظالم اتقاء شره فهو واجب كما صدر الاذن من (الأئمة المعصومين) صلوات اللّه عليهم إلى بعض شعرائهم في مدح السلاطين، و ملوك زمانهم.

(2) راجع (بحار الأنوار). الطبعة الجديدة. الجزء 75. ص 279 الحديث 1.

و ص 283. الحديث 10-13.

و ص 281. الحديث 7-8-9.

أليك نص الحديث العاشر عن ص 283:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: شرار الناس عند اللّه يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم.

و ليس المراد من اتقاء شرهم مخافة سيفهم، أو سجنهم، أو تعذيبهم فحسب.

بل المراد مطلق الشر حتى شر اللسان، و سوء الجيرة، و سوء العشرة.

ص: 257

ص: 258

معونة الظّالمين

ص: 259

ص: 260

المسألة الثانية و العشرون: معونة الظالمين

«الثانية و العشرون» (1) (معونة الظالمين) في ظلمهم حرام بالأدلة الأربعة (2) و هو من الكبائر.

فعن كتاب الشيخ ورام بن أبي فراس قال: قال عليه السلام:

++++++++++

(1) أي (المسألة الثانية و العشرون من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: معونة الظالمين، حيث عدت من المكاسب المحرمة، بناء على إمكان التكسب به كأخذ الشخص المال من الظالم ليجري ظلمه على الناس.

أو يكون معينا لمثل هذا الشخص في ظلمه.

و لا يخفى أن معونة الظالم على ظلمه حرام و لو مجانا.

(2) المراد من الأدلة الأربعة: الكتاب و السنة. و الاجماع و العقل.

أما الكتاب فقوله تعالى: «وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ» (1).

و لا شك أن الإثم و العدوان عين الظلم.

و قوله تعالى: «وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذٰاباً كَبِيراً» (2).

و قوله تعالى: «وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» (3).

و الآيات الكريمة في ذلك أكثر من أن تحصى، عليك بتلاوة القرآن المجيد.

ص: 261


1- المائدة: الآية 3.
2- الفرقان: الآية 19.
3- الشعراء: الآية 227.

من مشى الى ظالم ليعينه و هو يعلم أنه ظالم فقد خرج عن الاسلام (1).

و قال: قال عليه السلام: اذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الظلمة أين أعوان الظلمة أين أشباه الظلمة حتى من برى لهم قلما، أو لاق لهم دواة فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم (2).

و في النبوي من علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها اللّه حية

++++++++++

- لا يقال: لما ذا ذكر المصنف معونة الظالم و لم يذكر نفس الظلم؟

فإنه يقال: إن ذلك بديهي الحرمة، لأن الظلم بنفسه قبيح مخالف للعقل، و للانسانية، و للضمير، فإذا ثبتت حرمة معونة الظالم في ظلمه فحرمة أصل الظلم بطريق أولى.

و أما الأخبار في حرمة معونة الظالم فستمر عليك قريبا إن شاء اللّه.

و أما الإجماع فمما لا شك فيه فراجع الموسوعات الفقهية المطولة في هذا المقام.

و أما العقل فقد حكم بقبح الظلم مهما بلغ الأمر و ان كان قليلا، و مهما بلغت صفة المظلوم و ان كان من الحيوانات غير المؤذية، فقبحه ذاتي.

و لا شك أن الإعانة على الظلم ظلم فيشمله حكم العقل.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 131. الحديث 5. الباب 42 و المراد من الإعانة هنا: الإعانة على ظلم الظالم بقرينة قوله عليه السلام:

و هو يعلم أنه ظالم.

(2) نفس المصدر. الحديث 16.

ثم إن في النسخ الموجودة عندنا كتبت كلمة برأ بالألف و هي بالياء كما أثبتناها، حيث إن المكتوبة بالألف بمعنى عوفي و شوفي، و هذا تكتب مضمومة العين و مفتوحتها و مكسورتها هكذا برؤ برأ برئ.

و معنى (برئ) الذي نحن بصدده هو نحت القلم من رأسه للكتابة

ص: 262

طولها سبعون ألف ذراع فيسلط اللّه عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا (1).

و أما معونتهم في غير المحرمات فظاهر كثير من الأخبار حرمتها أيضا

++++++++++

- و أصله بري قلبت ياؤه ألفا. و تكتب بالياء، و تقرأ بالألف.

ثم إنه لم نعرف المقصود من أشباه الظلمة الواردة في الحديث، فإن كان المراد منهم: الأعوان فقد جاء اسمهم في الحديث، و إن كان نفس الظلمة فقد جاء في الحديث أيضا.

و يحتمل أن يراد بذلك تفسير و توضيح كلمة أعوان الظلمة: بأن يكونوا هم أيضا ظلمة.

و يحتمل أن يراد بذلك: خدمهم و بطانتهم الذين لا يباشرون الظلم بأنفسهم.

و يحتمل أن يراد بذلك: من يتمنى أن يظلم، أو يحب الظلم.

و لكن لا يتاح له ذلك.

و يحتمل أن يراد بذلك: من يفعل شيئا و هو يحب أنه يحسن صنعا.

فمن برى لهم قلما لكتابة تنفيذ الظلم فهو من أعوانهم.

و من برى لهم قلما لغير ذلك فهو من أشباه الظلمة.

و كذلك قوله عليه السلام: من لاق لهم دواة، فإنه يأتي على هذين الوجهين أيضا.

ثم إن كلمة لاق تأتي من لوق، و من ليق.

و الأول بمعنى اصلاح الدواة.

و الثاني: بمعنى جعل شيء من الإبريسم، أو الصوف، أو القماش في الدواة ليجعل عليه الحبر المائع حتى يمسكه ثم يكتب به.

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 131. الباب 42.

الحديث 14.

ص: 263

كبعض ما تقدم (1).

و قول الصادق عليه السلام في رواية يونس بن يعقوب: لا تعنهم على بناء مسجد (2).

و قوله عليه السلام: ما أحب أني عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء و أن لي ما بين لابتيها لا، و لا مدة بقلم، إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يفرغ اللّه من الحسنات (3).

++++++++++

(1) و هي الرواية الأولى.

(2) نفس المصدر. ص 129. الحديث 8، و ذلك لأن الظلمة إنما يقدمون على بناء المساجد و المدارس الدينية و الحسينيات لأجل الشهرة و الرياء و السمعة، و ليس عملهم هذا خالصا لوجه اللّه تعالى.

و مرجع الضمير في لا تعنهم: الظلمة.

(3) فروع الكافي. الجزء 55. ص 107. الحديث 7.

و العقدة: بضم العين و سكون القاف عبارة عن أخذ الحبل، أو الخيط و إدخال أحد رأسيه في الآخر ثم يجر الرأسان حتى يجتمع الخيط فتتكون العقدة من هذه العملية.

و الوكاء بكسر الواو و المد، حبل يشد به فم القربة.

و مرجع الضمير في لابتيها: (المدينة المنورة) و هو تثنية (لاب) مضارعها يلوب أصل لاب لوب أجوف واوي وزان قال معناه: الحرة و هي الأرض ذات أحجار سود.

و لابتيها: الحرتان العظيمتان اللتان تكتنفان (بالمدينة المنورة).

و جمعها: حرات و حرار.

و سرادق بضم السين: الفسطاط الذي يمتد فوق صحن البيت و يأتي بمعنى الخيمة.

ص: 264

لكن المشهور الحرمة (1)، حيث قيدوا المعونة المحرمة بكونها في الظلم.

و الأقوى التحريم (2) مع عد الشخص من الأعوان، فإن مجرد إعانتهم.

على بناء المسجد ليست محرمة (3)، إلا أنه اذا عد الشخص معمارا للظالم

++++++++++

و في المصدر: حتى يحكم اللّه بدل حتى يفرغ اللّه و هو الصحيح، حيث إن الفراغ يتصور في حق العباد، لا في حق اللّه عز و جل الذي يحاسبهم طرفة عين.

و لو فرض وجود كلمة يفرغ اللّه في بعض الروايات فمعناه: أنه عز و جل يجعل الظلمة في النار حتى ينتهي حساب المخلوقين، و لا يدعهم لشأنهم إلى وقت حسابهم.

و كلمة (لا) الاولى في قوله عليه السلام: لا و لا مدة بقلم نافية و مؤكدة لما النافية في قوله عليه السلام: ما احب أني.

ثم عطف عليه السلام و لا مدة بقلم الذي هو أهون من الفعلين الأولين و هما: العقدة، و وكي الوكاء: على الجملة السابقة و هو قوله عليه السلام:

ما احب أني عقدت أي و لا احب أني أمدهم بمدة قلم.

و الواو في (و أن لي ما بين لابتيها): حالية، أي و الحال أن لي ما بين لابتي (المدينة المنورة).

(1) أي المشهور عند أصحابنا الإمامية عدم حرمة معونة الظالمين في غير المحرمات.

(2) أي الأقوى تحريم معونة الظالمين في غير المحرمات أيضا إذا عدّ من أعوانهم و تابعيهم.

(3) لأن مجرد بناء مسجد، أو دار للمظالم لا يعدّ الباني من أعوانه بل لا بدّ في صدق ذلك كونه من تابعيه في ظلمه، فالمدار هو صدق كونه تابعا.

ص: 265

أو بنّاء له في خصوص المساجد بحيث صار هذا العمل منصبا له (1) في باب السلطان: كان محرما.

و يدل على ذلك (2) جميع ما ورد في ذم أعوان الظلمة.

و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في رواية الكاهلي: من سود اسمه في ديوان ولد سابع حشره اللّه يوم القيامة خنزيرا (3).

++++++++++

(1) اى يقال له: بنّاء الظالم، أو طباخه، أو خياطه، أو نجاره مثلا.

(2) أي على لزوم صدق المذكور: ما ورد في ذم أعوان الظلمة في قوله عليه السلام: حتى من برى لهم قلما، أو لاق لهم دواة.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 132. الباب 43.

الأحاديث. أليك بعض الحديث:

من تولى خصومة ظالم، أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له: ابشر بلعنة اللّه و نار جهنم و بئس المصير.

(3) نفس المصدر. ص 130. الحديث 9.

و قد يقال: إن كلمة سابع مقلوبة عباس الذي هو عم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، و إنما جيء بها مقلوبة تقية، أي من أثبت اسمه في ديوان (بني عباس) و صار من موظفيهم و مأموريهم، و من آخذي الصلات منهم.

و يحتمل أن تكون كلمة (سود) بالمجهول أي كتب اسمه و ان لم يقدم بنفسه على ذلك.

و المراد من كلمة (ديوان): ما تدون فيه امور الدولة من داخلية و خارجية، و أصبح يطلق على دوائر التدوين.

و أصل الكلمة: (دوّان) فابدلت الواو الاولى ياء للتخفيف بدليل جمعه على دواوين، حيث إن الجمع برد الأشياء الى أصولها.

ص: 266

و قوله عليه السلام: ما اقترب عبد من سلطان جائر إلا تباعد من اللّه (1).

و عن النبي صلى اللّه عليه و آله إياكم و أبواب السلطان و حواشيها فإن أقربكم من أبواب السلطان و حواشيها أبعدكم عن اللّه عز و جل (2).

و أما العمل له في المباحات لاجرة، أو تبرعا من غير أن يعد معينا له في ذلك (3) فضلا من أن يعد من أعوانه.

فالأولى عدم الحرمة، للأصل (4)، و عدم الدليل (5) عدا ظاهر الأخبار.

مثل رواية ابن أبى يعفور قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك ربما أصاب الرجل منا الضيق و الشدة فيدعى

++++++++++

(1) نفس المصدر. الحديث 12.

(2) نفس المصدر. الحديث 13.

فهذه الأحاديث كلها تدل على حرمة معونة الظالم و إن لم تكن الإعانة في ظلمهم.

ثم إن الأحاديث كلها أعم من المدعى، لأن المدعى حرمة الإعانة على غير المحرم، و الدليل و هي الأحاديث المذكورة تدل على مجرد القرب و النسبة، سواء أ كانت هناك اعانة أم لم تكن، فالنسبة بين الاعانة و القرب هو العموم و الخصوص المطلق على الأرجح، لأن كل إعانة يصدق فيها القرب و النسبة، و لا عكس أي ليس كل قرب يصدق عليه الإعانة.

(3) أي في المباحات.

(4) و هو بقاء الأشياء على اباحتها ما لم يرد فيها نهي.

(5) أي و لعدم وجود الدليل من الآيات، و الأخبار، و الإجماع على حرمته، فهو دليل ثان على حلية الأعمال المباحة للظالم.

ص: 267

الى البناء يبنيه، أو النهر يكريه (1)، أو المسناة (2) يصلحها فما تقول في ذلك؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أحب أني عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء و أن لي ما بين لابتيها إلى آخر ما تقدم (3).

و رواية محمد بن عذافر عن أبيه قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

يا عذافر بلغني أنك تعامل أبا أيوب، و أبا الربيع فما حالك اذا نودي بك في أعوان الظلمة.

قال: فوجم أبي فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام لما رأى ما أصابه:

اي عذافر انما خوفتك بما خوفني اللّه عز و جل به.

قال محمد: فقدم أبي فما زال مغموما مكروبا حتى مات (4).

++++++++++

(1) بفتح مضارعه من كرى يكري معناه: تنظيف النهر بالحفر و إخراج الرواسب منه.

(2) بضم الميم و فتح السين و تشديد النون بناء يبنى في وجه السيل.

(3) مرت الاشارة الى شرح هذا الحديث في ص 265.

(4) نفس المصدر. ص 128. الحديث 3. الباب 42.

و كلمة (وجم) فعل ماض مضارعه يجم وزان وعد يعد، أصله يوجم وزان يوعد اعل فيه اعلاله معناه السكوت الذي يعرض للانسان من شدة الخوف، أو الغضب، و مصدر وجم وجما وجوما.

ثم إنه ربما يتخيل أن عذافر مات بسبب هذا الخوف الذي حدث له من كلام الامام عليه السلام.

لكنه أعم من ذلك، اذ يمكن أنه عاش عشرين سنة مثلا كما يقال:

فلان لم يضحك حتى مات

و في المصدر (نبئت) بدل بلغني.

ص: 268

و رواية صفوان بن مهران الجمال قال: دخلت على أبي الحسن الأول عليه السلام فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا.

فقلت: جعلت فداك أي شيء؟

قال عليه السلام اكراؤك جمالك (1) من هذا الرجل يعني هارون (2).

قلت: و اللّه أكريته أشرا (3) و لا بطرا، و لا للصيد، و لا للهو و لكني أكريته لهذا الطريق يعني طريق مكة (4) و لا أتولاه (5) بنفسي و لكن ابعث معه غلماني.

فقال لي: يا صفوان أيقع كراؤك (6) عليهم؟

قلت: نعم جعلت فداك.

++++++++++

(1) بكسر الجيم جمع جمل منصوب على أن يكون مفعولا لقوله:

اكراؤك. و الفاعل الضمير المضاف إليه.

(2) هذه الجملة: (يعني هارون) من كلام الراوي، لا من كلام الامام عليه السلام.

(3) بفتح الهمزة و كسر الشين صفة مشبهة.

و بفتح الشين مصدر معناه: شدة الفرح و النشاط.

و البطر بفتح الباء و الطاء و هو الطغيان بالنعمة.

فإن قرأ الأشر و البطر بفتح الشين و الطاء فهما منصوبان على المفعول لأجله.

و إن قرأ بكسر الشين و الطاء فهما صفة مشبهة فنصبهما على الحالية.

(4) هذه الجملة: (يعني طريق مكة) من كلام الراوي أيضا لا من كلام الامام عليه السلام.

(5) أي لا اباشر مصاحبة الحجاج الى مكة ذهابا و إيابا بنفسي.

(6) بكسر الكاف وزان كتاب بمعنى الاجرة.

ص: 269

قال: أ تحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟

قلت: نعم.

قال: من أحب بقاءهم فهو منهم. و من كان منهم كان وروده إلى النار.

قال صفوان: فذهبت و بعت جمالي عن آخرها فبلغ ذلك الى هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك قلت: نعم.

قال: و لم؟ قلت: أنا شيخ كبير و أن الغلمان لا يقومون بالأعمال فقال: هيهات هيهات اني لاعلم من أشار عليك بهذا إنما أشار عليك بهذا موسى بن جعفر قلت: ما لي و لموسى بن جعفر.

قال: دع هذا عنك فو اللّه لو لا حسن صحبتك لقتلتك (1).

و ما ورد في تفسير الركون الى الظالم: من أن الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده في كيسه فيعطيه (2).

و غير ذلك مما ظاهره وجوب التجنب عنهم (3).

و من هنا لما قيل لبعض: إني رجل اخيط للسلطان ثيابه فهل تراني بذلك داخلا في أعوان الظلمة؟

قال له: المعين من يبيعك الابر و الخيوط، و أما أنت فمن الظلمة أنفسهم.

و في رواية سليمان الجعفري المروية عن تفسير العياشي أن الدخول في أعمالهم، و العون لهم، و السعي في حوائجهم عديل الكفر، و النظر إليهم

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 131. الحديث 17.

و في المصدر (كان مورده النار) بدل وروده.

(2) نفس المصدر. ص 133. الحديث 1. الباب 44.

(3) راجع نفس المصدر. ص 130. الحديث 13-14.

ص: 270

على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار (1).

لكن الانصاف أن شيئا مما ذكر (2) لا ينهض دليلا لتحريم العمل لهم على غير جهة المعونة (3).

أما الرواية الاولى (4) فلأن التعبير فيها في الجواب بقوله لا أحب ظاهر في الكراهة.

و أما قوله عليه السلام: إن أعوان الظلمة الى آخر الحديث (5) فهو من باب التنبيه على أن القرب الى الظلمة و المخالطة معهم مرجوح، و إلا فليس

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 138. الحديث 12.

و لا يخفى أن هذه الأخبار و ما تقدمها التي اشير إليها قبلها قد استدل بها على حرمة معونة الظالم حتى في غير الظلم.

(2) أي من جميع هذه الأخبار التي ذكرت.

(3) أي أنها تدل على حرمة اعانة الظالم في ظلمه فحسب، أو ما يؤول الى الظلم.

و أما دلالتها على حرمة مجرد العمل لهم لا على جهة الاعانة و لا سيما اذا كان العمل مباحا فغير معلوم.

(4) المشار إليها في ص 264 و هو قوله عليه السلام: ما أحب أني عقدت لهم عقدة.

هذه الرواية قد استشهد بها في موضعين:

(أحدهما): في إعانة الظالم في غير المحرمات و قد اشير إليها في ص 263.

(الثاني): في إعانة الظالم في المباحات و قد اشير إليها في ص 267.

(5) هذه الجملة ذكرت في الحديث المشار إليه في ص 264.

ص: 271

من يعمل لهم الأعمال المذكورة في السؤال (1) خصوصا مرة أو مرتين خصوصا مع الاضطرار (2) معدودا من أعوانهم، و كذلك (3) يقال في رواية عذافر، مع احتمال أن تكون معاملة عذافر مع أبي أيوب، و أبي الربيع على وجه يكون معدودا من أعوانهم و عمالهم (4).

و أما رواية صفوان (5) فالظاهر منها أن نفس المعاملة (6) معهم ليست محرمة، بل من حيث محبة بقائهم و إن لم تكن معهم معاملة (7).

و لا يخفى على الفطن العارف بأساليب الكلام أن قوله عليه السلام:

و من أحب بقاءهم كان منهم (8) لا يراد به (9) من أحبهم مثل محبة صفوان بقاءهم حتى يخرج كراءه.

++++++++++

(1) في قول السائل في نفس الرواية: ربما أصاب الرجل منا الضيق و الشدة فيدعى الى البناء يبنيه، أو النهر يكريه، أو المسناة يصلحها.

(2) كما هو المفروض في الرواية، حيث يقول السائل: ربما أصاب الرجل منا الضيق و الشدة.

و كلمة معدودا بالنصب خبر ليس.

(3) أي يقال: إن رواية ابن عذافر ظاهرة في كراهة أعمال المباحة للظالم.

و قد اشير الى هذه الرواية في ص 268.

(4) و هو الأرجح، حيث إن الامام عليه السلام يقول لابن عذافر:

إنك تعامل معهم بصيغة المضارع و هي تدل على الثبوت و الاستمرار و التعدد.

(5) المشار إليها في ص 269.

(6) أي المباحة.

(7) لأن محبة بقاء الظلمة حرام و إن لم يكن هناك معاملة معهم.

(8) في رواية صفوان المشار إليها في ص 269.

(9) أي بقوله عليه السلام: و من أحب بقاءهم كان منهم.

ص: 272

بل هذا (1) من باب المبالغة في الاجتناب عن مخالطتهم حتى لا يفضي ذلك (2) الى صيرورتهم من أعوانهم، و أن يشرب القلب حبهم، لأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها.

و قد تبين مما ذكرنا (3) أن المحرم من العمل للظلمة قسمان:

(أحدهما): الإعانة لهم على الظلم.

(الثاني): ما يعد معه من أعوانهم، و المنسوبين إليهم، بأن يقال:

هذا خياط السلطان، و هذا معماره.

و أما ما عدا ذلك فلا دليل معتبر على تحريمه.

(1) أي محبة بقائهم الى أن يخرج كراؤهم.

(2) أي حتى لا ينجر مخالطتهم الى صيرورتهم من أعوانهم.

(3) من قوله في ص 263: و أما معونتهم في غير المحرمات.

ص: 273

ص: 274

النّجش

ص: 275

ص: 276

المسألة الثالثة و العشرون: النجش

«الثالثة و العشرون» (1) (النجش) بالنون المفتوحة و الجيم الساكنة، أو المفتوحة حرام، لما في النبوي المنجبر بالإجماع المنقول عن جامع المقاصد: من لعن (2) الناجش و المنجوش و قوله صلى اللّه عليه و آله: و لا تناجشوا (3).

و يدل على قبحه العقل، لأنه غش و تلبيس و إضرار (4).

و هو (5) كما عن جماعة أن يزيد الرجل في ثمن السلعة و هو لا يريد

++++++++++

(1) أي (المسألة الثالثة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: النجش.

(2) الجار و المجرور، و العاطف و المعطوف: متعلقان بقوله:

لما في النبوي أي حرمة النجش لأجل النبوي الوارد في لعن الناجش و المنجوش، و كلمة من بيانية لما الموصولة في قوله: لما في النبوي.

و الحديث في (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 337. الباب 49 الحديث 2.

(3) نفس المصدر. ص 338. الحديث 4، راجع المغني لابن قدامة الجزء 4.

ص 190. تصحيح الدكتور محمد خليل هراس المدرس بكلية اصول الدين.

(4) إنما يصدق الإضرار لو كان النجش بأكثر من قيمته الواقعية و أما إذا كان أقل: أو مساويا فلا مجال لصدق الإضرار.

(5) أي النجش.

ص: 277

شراءها ليسمعه (1) غيره فيزيد لزيادته (2) بشرط (3) المواطاة مع البائع أو لا بشرطها (4) كما حكي عن بعض.

و حكي تفسيره (5) أيضا: بأن يمدح السلعة في البيع لينفقها (6) و يروجها، لمواطاة بينه و بين البائع، أو لا معها.

و حرمته (7) بالتفسير الثاني خصوصا لا مع المواطاة يحتاج الى دليل.

و حكيت الكراهة (8) عن بعض.

++++++++++

(1) أي ليسمع الزيادة غير الناجش.

(2) أي فيزيد الغير لزيادة الناجش.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: حرام أي حرمة النجش مشروطة بالمواطاة الخارجي مع البائع بحيث لولاه لم يحرم النجش.

(4) أي و قيل بعدم اشتراط المواطاة الخارجي في تحقق الحرمة في النجش كما أفاده بعض الأعلام.

(5) أي تفسير النجش.

(6) أي ليبيعها.

(7) أي و حرمة النجش بالتفسير الثاني و هو مدح السلعة في البيع ليبيعها مع المواطاة تارة، و أخرى بدون المواطاة.

(8) أي كراهة النجش بالتفسير الثاني له مع عدم المواطاة الخارجي

ص: 278

النّميمة

ص: 279

ص: 280

المسألة الرابعة و العشرون: النميمة

«الرابعة و العشرون» (1) (النميمة) محرمة بالأدلة الأربعة (2) و هي (3) نقل قول الغير الى المقول فيه كأن يقول: تكلم فلان فيك بكذا و كذا (4) قيل: هي من نم الحديث من باب قتل و ضرب (5) أي سعى به (6) لإيقاع فتنة، أو وحشة (7) و هي من الكبائر قال اللّه تعالى: وَ يَقْطَعُونَ مٰا أَمَرَ اَللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ

++++++++++

(1) أي (المسألة الرابعة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: النميمة.

(2) و هو الكتاب و السنة و الإجماع و العقل.

أما الكتاب و السنة فنقلهما الشيخ و يأتي الاشارة إليهما.

و أما الإجماع فهو محقق، لكون حرمة النميمة من ضروريات الدين.

و أما العقل فيحكم بحرمتها، لما فيها من المفسدة و الظلم.

(3) هذا تعريف النميمة.

(4) أي من المعايب و ما يزري به.

(5) أي يأتي وزان قتل يقتل بضم عين المضارع، و بكسرها وزان ضرب يضرب.

(6) مرجع الضمير: القائل، و كلمة سعى يحتمل قراءتها معلوما و مجهولا.

(7) بين القائل و المقول فيه.

ص: 281

وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولٰئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّٰارِ (1).

و النمام قاطع لما أمر اللّه بصلته و مفسد (2).

قيل: و هو (3) المراد بقوله تعالى: وَ اَلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ اَلْقَتْلِ (4) و قد تقدم في باب السحر (5) قوله فيما رواه في الاحتجاج من وجوه السحر: و إن من أكبر السحر النميمة بين المتحابين (6).

و عن عقاب الأعمال عن النبي صلى اللّه عليه و آله: من مشى في نميمة بين اثنين سلط اللّه عليه في قبره نارا تحرقه، و اذا خرج من قبره سلط اللّه عليه تنينا أسود ينهش (7) لحمه حتى يدخل النار (8).

و قد استفاضت الأخبار بعدم دخول النمام الجنة (9).

++++++++++

(1) الرعد: الآية 29.

(2) حيث يقول عز من قائل: «وَ يَقْطَعُونَ مٰا أَمَرَ اَللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ» .

فالنمام يقطع الصلة بين المقول عنه و المقول فيه، و يحدث العداء بينهما و أية مفسدة أعظم من هاتين المفسدتين؟

(3) أي النميمة هو المعني من قوله تعالى.

(4) البقرة: الآية 217.

(5) أي في الجزء 3 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 92.

(6) يمكن قراءته بصيغة التثنية، و بصيغة الجمع.

(7) بفتح النون مضارع نهش يأتي عين فعله مفتوحا و مضموما معناه: العض يقال: نهشه أي تناوله بيده ليعضه فيؤثر فيه و لا يجرحه.

(8) (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 618. الباب 164. الحديث 6.

(9) نفس المصدر. ص 617. الحديث 2. أليك نص الحديث:

ص: 282

و يدل على حرمتها (1) مع كراهة المقول عنه (2) لاظهار القول عند المقول فيه (3) جميع (4) ما دل على حرمة الغيبة، و تتفاوت عقوبتها (5) بتفاوت ما يترتب عليها من المفاسد.

و قيل: إن حد النميمة بالمعنى الأعم (6) كشف ما يكره كشفه

++++++++++

عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجنة محرمة على القتّاتين المشائين بالنميمة.

و راجع ص 618. الحديث 7-8-9.

(1) أي حرمة النميمة.

(2) و هو الذي يقول في حق الآخرين الكلمات السيئة.

(3) و هو الذي قيلت في حقه الكلمات السيئة.

ثم إن للنميمة أركانا ثلاثة:

(الأول): المقول عنه و هو الذي يتكلم في حق الآخرين.

(الثاني): المقول فيه و هو الذي تكلم في حقه بالسوء.

(الثالث): الناقل و هو الذي ينقل الكلمات السيئة الى المقول فيه.

(4) بالرفع فاعل يدل في قوله: و يدل على حرمتها أي و يدل على حرمة النميمة كل ما دل على حرمة الغيبة من الآيات و الأخبار التي اشير إليهما في الجزء 3 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 303-320

(5) مرجع الضمير: النميمة أي عقوبة النمام تختلف مراتبها، و تتفاوت درجاتها من حيث الشدة و الضعف باختلاف المفاسد المترتبة على النميمة فكلما اشتدت كانت عقوبتها شديدة، و عظيمة، و كلما ضعفت كانت عقوبتها خفيفة.

(6) أي تعريف النميمة بالمعنى الأعم لا بالمعنى الذي ذكره المصنف لأنه اقتصر على نقل النمام قول الغير الى شخص آخر.

ص: 283

سواء كرهه المنقول عنه أم المنقول إليه، أم كرهه ثالث (1).

و سواء أ كان الكشف بالقول أم بغيره: من الكتابة و الرمز و الايماء.

و سواء أ كان المنقول من الأعمال أم من الأقوال.

و سواء أ كان ذلك (2) عيبا و نقصانا على المنقول عنه أم لا.

بل حقيقة النميمة إفشاء السر، و هتك الستر عما يكره كشفه. انتهى (3) موضع الحاجة.

ثم إنه قد يباح ذلك (4) لبعض المصالح التي هي آكد من مفسدة افشاء السر كما تقدم في الغيبة (5).

بل قيل: إنها (6) قد تجب لإيقاع الفتنة بين المشركين، لكن الكلام في النميمة على المؤمنين (7).

++++++++++

(1) كما يقول زيد في حق شخص: كلمات سيئة، ثم يقول للسامع:

انقل ما قلته في حقه إليه. فيقول ثالث للسامع: لا تنقل ما قاله هذا الرجل في حق الآخر، فالثالث خوفا من وقوع الفتنة لا يرضى بالنقل المذكور.

(2) و هو الشيء الذي يكره كشفه.

(3) أي انتهى ما نسب الى القيل.

(4) و هو الشيء الذي يكره كشفه المقصود منه النميمة.

(5) بأن يقصد الناقل الذي هو النمام من نقله كلام الغير الى المقول فيه: نصح المقول فيه، و تحذيره من المقول عنه: بأن يقول للمقول فيه:

إن فلانا هدّدك بالقتل، أو بالعزل، أو غير ذلك حتى يتخذ الحذر منه.

(6) أي النميمة.

(7) الذين تحرم النميمة في حقهم.

و لا يخفي أن عدّ النميمة في المكاسب المحرمة بناء على ما أفاده الشيخ:

من اقتدائه بالسلف، و إلا لم يكن وجه لعدّ النميمة و الغيبة و الكذب و ما ضاربها في المكاسب المحرمة، لعدم موضوع للكسب فيها.

ص: 284

النّوح بالباطل

ص: 285

ص: 286

المسألة الخامسة و العشرون: النوح بالباطل

«الخامسة و العشرون» (1) (النوح بالباطل) ذكره في المكاسب المحرمة الشيخان و سلار و الحلي و المحقق، و من تأخر عنه.

و الظاهر حرمته من حيث الباطل يعني الكذب، و إلا (2) فهو في نفسه ليس بمحرم.

و على هذا التفصيل (3) دل غير واحد من الأخبار (4).

و ظاهر المبسوط و ابن حمزة التحريم مطلقا (5) كبعض الأخبار (6).

++++++++++

(1) أي (المسألة الخامسة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: النوح بالباطل و هو بفتح النون و سكون الواو مصدر ناح ينوح.

(2) أي النوح في حد نفسه لو لم يكن مشتملا على الباطل الذي هو الكذب لم يكن محرما، فالحرمة إنما أتاه من ناحية الكذب.

(3) و هو أن الحرمة فيه لأجل اشتماله على الكذب.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 91. الباب 17. الأحاديث.

أليك نص الحديث التاسع:

عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: لا بأس بكسب النائحة اذا قالت صدقا، فالحديث دال على التفصيل المذكور.

(5) سواء أ كان النوح حقا أم باطلا.

(6) راجع نفس المصدر. الحديث 11. أليك نصه.

عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى اللّه عليه و آله في حديث

ص: 287

و كلاهما (1) محمول على المقيد، جمعا (2).

++++++++++

المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة، و نهى عن النياحة و الاستماع إليها فالحديث يدل على التحريم مطلقا كما ذهب إليه الشيخ و سلار.

(1) أي كلا القولين و هما: قول الشيخ و سلار حيث ذهبا إلى حرمة مطلق النوح، سواء أ كان صدقا أم باطلا.

و قول بعض الأخبار المذكورة في المصدر الآنف الذكر الدال على الحرمة المطلقة.

و هذا القول مفاد قول الشيخ و سلار.

(2) منصوب على المفعول لأجله، أي حمل كلا القولين على المقيد الذي هو التفصيل بين النوح بالباطل، و النوح بالصدق: لأجل الجمع بين الأخبار المختلفة في موضوع واحد و هو النوح الدال بعضها على حرمة النوح مطلقا كما عرفت في ص 287.

و بين الجواز مطلقا كما في رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت، فإن الحديث هذا يدل على جواز النوح من غير تقييده بالصدق.

راجع نفس المصدر. ص 9. الحديث 7.

ص: 288

الولاية

ص: 289

ص: 290

المسألة السادسة و العشرون: الولاية من قبل الجائر
اشارة

«السادسة و العشرون» (1) (الولاية) من قبل الجائر و هي صيرورته واليا على قوم (2) منصوبا من قبله

++++++++++

(1) أي (المسألة السادسة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الولاية.

و هي بكسر الواو و فتحها مصدر ولي يلي، فهو معلول الطرفين و يقال له:

اللفيف المفروق، حيث توسطت اللام بين حرفي العلة و هما: الواو و الياء.

و معنى الولاية: القيام بالأمر، و التسلط عليه، و امتلاك زمام الامور.

و الولاية بهذا المعنى عام يشمل الملوك و الخلفاء.

لكن غلب معناه أخيرا و اختص بمن يرسله الملوك و الخلفاء الى أصقاع البلاد الاسلامية نيابة عنهم، لإدارة البلاد و الحكم فيها، و يسمونه: واليا.

(2) يريد الشيخ بهذا التفسير المعنى الثاني الذي ذكرناه في الولاية و شاع أخيرا: و هو ارسال الملوك و الخلفاء شخصا الى أصقاع البلاد الاسلامية نيابة عنهم لإدارة البلاد.

و كلمة صيرورة مصدر فعل لازم معناه أن يصير الشخص واليا من قبل الجائر.

و ليس معناه تصيير الجائر شخصا واليا، فإنه لو كان كذلك لكان اللازم أن يقال: تصييره.

ثم إن هذا المعنى و هو تصييره قد فهم من عبارته الأخيرة في قوله:

منصوبا من قبله.

ص: 291

محرمة (1)، لأن الوالي من أعظم الأعوان، و لما تقدم في رواية تحف العقول من قوله عليه السلام: و أما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الجائر، و ولاية (2) ولاته، و العمل لهم، و الكسب لهم (3) بجهة الولاية معهم حرام محرم (4) معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لأن كل شيء من جهة المعونة له (5) معصية كبيرة من الكبائر و ذلك (6) أن في ولاية الوالي الجائر دروس (7) الحق كله، و إحياء الباطل كله، و إظهار الظلم و الجور و الفساد، و إبطال الكتب، و قتل الأنبياء و هدم المساجد، و تبديل سنة اللّه و شرائعه، فلذلك (8) حرم العمل معهم و معونتهم، و الكسب (9) معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة الى الدم

++++++++++

(1) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: الولاية، أي الولاية بهذه الصفة محرمة.

(2) أي و هكذا ولاية ولاة الولاة فنازلا.

(3) المراد من الكسب لهم: تحصيل المال لهم بأي وجه حصل و ليس المراد من الكسب: الكسب لهم بالمعنى المعروف: و هو البيع و الشراء.

(4) هذه اللفظة تأكيد لكلمة حرام.

(5) أي للجائر.

(6) تعليل لكون الولاية من قبل الجائر معصية كبيرة من الكبائر.

(7) بضم الدال و الراء و سكون الواو مصدر درس يدرس معناه محو الشيء و اضمحلاله.

(8) أي فلأجل هذه المفاسد المترتبة على الولاية من قبل الجائر.

(9) المراد من الكسب هنا: الكسب المصطلح المعروف و هو تحصيل المال بسبب حرفة، أو صناعة.

ص: 292

و الميتة (1) إلى آخر الخبر (2).

و في رواية زياد بن أبي سلمة: أهون ما يصنع اللّه عز و جل بمن تولى لهم عملا أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه من حساب الخلائق (3).

ثم إن ظاهر الروايات (4) كون الولاية محرمة بنفسها مع قطع النظر

++++++++++

- و المراد من معهم: جعل الكسب في امور تخصهم، لتكون فوائد التكسب و نتائجه له، أو لهم، أو لكليهما.

(1) و ذلك في المخمصة و المجاعة، حفظا للنفس المحترمة بقدر ما يحصل به سد الرمق، و لا يجوز أكثر من ذلك.

(2) راجع الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 23-33.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 140. الباب 46.

الحديث 8.

(4) و هي رواية تحف العقول، و بقية الروايات الواردة في تحريم الولاية عن الجائر التي تأتي الاشارة الى كل واحدة منها في محله، فإن ظاهر الروايات بأجمعها تدل على أن حرمة الولاية عن الجائر نفسية ذاتية، و ليست من باب المقدمة.

هذا ما أفاده الشيخ من ظاهر الروايات.

و لا يخفى أن ما أفاده الشيخ محل تأمل، أما حديث (تحف العقول) الدال على حرمة الولاية عن الجائر فقد علل الامام الحرمة بدروس الحق، و إحياء الباطل، و هدم المساجد، و إبطال الكتب، و إظهار الجور و الفساد، و قتل الأنبياء، و غيرها مما في الرواية، فالحرمة فيها من باب المقدمة.

و أما حديث (زياد بن سلمة) ففيه زيادة لم ينقلها الشيخ، إليك ما لم ينقله: -

ص: 293

عن ترتب معصية عليه: من ظلم الغير، مع أن الولاية عن الجائر لا تنفك

++++++++++

- قال عليه السلام: يا زياد لئن اسقط من حالق(1) فاتقطع قطعة قطعة أحب إليّ من أن أتولي لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم إلا(2) لما ذا؟(3).

قلت: لا أدري جعلت فداك.

قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فك اسره، أو قضاء دينه.

يا زياد: فإن وليت شيئا من أعمالهم فاحسن الى إخوانك فواحدة بواحدة ففي هذه الرواية قد اباح الامام عليه السلام الدخول في الولاية من قبل الجائر فيما اذا أحسن الى اخوانه المؤمنين خدمة حسنة تجاه الخدمة التي خدم بها الجائر.

و هذا معنى قوله عليه السلام فواحدة بواحدة، فليس في الرواية ما يشعر بكون حرمة الولاية نفسية ذاتية، فلو كانت حرمتها ذاتية كيف أباح الامام عليه السلام الدخول فيها فحرمتها من باب المقدمة

ص: 294


1- وزان فاعل من حلق: و هو المكان المرتفع الشاهق.
2- استثناء من حرمة الولاية من قبل الجائر و المستثنى يأتي في قوله عليه السلام: إلا لتفريج كربة.
3- استفهام من الامام عليه السلام عن السائل فيخاطبه و يسأله عن علة الاستثناء في قوله: إلا أي لما ذا قلت: إلا؟ فقال الراوي: لا أدري جعلت فداك. فقال عليه السلام: إن ولاية الوالي الجائر محرمة إلاّ اذا ترتبت عليه الامور المذكورة: و هو تفريج كربة المؤمن، أو فك أسره، أو قضاء دينه

عن المعصية (1).

و ربما كان في بعض الأخبار اشارة الى كونه (2) من جهة الحرام الخارجي.

ففي صحيحة داود بن زربي قال: أخبرني مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام قال: كنت بالكوفة فقدم أبو عبد اللّه عليه السلام الحيرة (3)

++++++++++

فكيف يصح أن يقال: إن الولاية حرمتها نفسية ذاتية؟

(1) حيث إن الولاية عن الجائر مستلزمة للجور و الظلم غالبا.

لكن قد عرفت أن حرمتها ليست نفسية ذاتية، و أنه يجوز توليها اذا أحسن لاخوانه تجاه ما فعله للجائر كما قال عليه السلام: فواحدة بواحدة.

(2) أي كون الحكم بحرمة الولاية عن الجائر إنما هو لأجل ترتب الأعمال المحرمة عليها في الخارج بحيث لولاها لم تصدر تلك الأعمال من الوالي فبناء على هذا لا تكون حرمة الولاية نفسية ذاتية أيضا.

(3) بكسر الحاء و سكون الياء من المدن (العراقية) القديمة تبعد عن (الكوفة) ب اثني عشر (كيلومترا).

و هي تقع في شمال (الكوفة) على نهر صغير يصب في الفرات و كانت من المدن العراقية الكبيرة في العصور الغابرة.

أقام بها ملوك العرب في العصر الجاهلي من (بني نصر بن ربيعة و بني لخم)، و بنى فيها (المناذرة) بعد تنصرهم القصور الشامخة و الكنائس العالية، و الحصون المنيعة، و بقيت عامرة زاهرة الى أن فتحها (خالد بن الوليد) عام 12 هجرية.

و قد بنى فيها (النعمان بن المنذر) قصرين شهيرين عظيمين و هما: (الخورنق. و السدير) بناهما لملوك ساسان الأكاسرة، حيث كان المناذرة منصوبين من قبلهم في العراق.

ص: 295

فأتيته فقلت له: جعلت فداك لو كلمت داود بن علي، أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات.

فقال: ما كنت لأفعل، فانصرفت الى منزلي فتفكرت.

فقلت: ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم، أو أجور و اللّه لآتينه و لأعطينه الطلاق و العتاق و الأيمان المغلظة أن لا أجورنّ على أحد، و لا أظلمنّ و لأعدلن.

قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إني فكرت في إبائك عليّ، و ظننت أنك إنما منعتني و كرهت ذلك مخافة أن أظلم، أو اجور.

++++++++++

كما كان آل جفنة و هم (بنو غسان) منصوبين من قبل (قياصرة الروم) على العرب بالبلقاء.

(و الخورنق و السدير) من معمارية و مهندسية (سنمّار) المعروف.

كانت الحيرة موطن (حنين بن اسحاق) العبادي الطبيب المشهور الذي كان من قبيلة عربية نصرانية شهيرة في الحيرة.

ولد في الحيرة عام 810 ميلادي.

كان هذا العملاق طبيبا حاذقا معروفا، له: (المدخل في الطب) و له باع طويل في ترجمة الكتب اليونانية و نقلها من السريانية الى العربية فقد ترجم عن عظماء اليونان نظراء: (افلاطون و أرسطو و بقراط و جالينوس) و له كتب مهمة في الطب و غيره.

توفي عام 873 ميلادي.

كانت الحيرة مزدهرة بالعمران عهد المناذرة و لا سيما (النعمان بن المنذر) آخر ملوك اللخميين، ثم اخذت في الخراب شيئا فشيئا حينما بنيت (الكوفة) فتحول عمرانها إليها.

و هي الآن ناحية صغيرة تابعة لقضاء (أبي صخير).

ص: 296

و إن كل امرأة لي طالق، و كل مملوك لي حران ظلمت أحدا، أو جرت على أحد، و ان لم اعدل.

قال: كيف قلت؟

قلت: فاعدت عليه الأيمان فرفع رأسه الى السماء فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك (1).

بناء على أن المشار إليه (2) هو العدل، و ترك الظلم.

و يحتمل أن يكون (3) هو الترخص في الدخول.

ثم إنه يسوغ الولاية المذكورة أمران
اشارة

ثم إنه يسوغ الولاية المذكورة (4) أمران:

أحدهما: القيام بمصالح العباد

(أحدهما): القيام بمصالح العباد بلا خلاف على الظاهر المصرح به في المحكي عن بعض، حيث قال (5): إن تقلد الأمر من قبل الجائر جائز اذا تمكن معه (6) من ايصال الحق المستحقة بالاجماع (7).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 136. الباب 45 من أبواب ما يكتسب به الحديث 4.

(2) أي في قوله عليه السلام: أيسر عليك من ذلك.

و المعنى: أن نيلك الى السماء أسهل و أيسر لك من أن تعدل في ولاية الظالمين فالعدالة في ولاية الظالمين أشكل و أشكل من الوصول و الصعود الى السماء.

(3) أي المشار إليه في قوله عليه السلام: أيسر عليك من ذلك:

يحتمل أن يراد منه ترخص السائل في الدخول في الولاية.

(4) و هي الولاية من قبل الجائر.

(5) أي البعض.

(6) أي مع تقلد الولاية من قبل الجائر.

(7) الجار و المجرور متعلقان بقوله: جائز أي الولاية من قبل الجائر

ص: 297

و السنة (1) الصحيحة.

و قوله (2) تعالى: اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ.

و يدل عليه قبل الاجماع: أن الولاية إن كانت محرمة لذاتها (3) جاز ارتكابها لأجل المصالح، و دفع المفاسد التي هو أهم من مفسدة:

انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر (4).

و إن كانت (5) لاستلزامها الظلم على الغير، فالمفروض عدم تحققه هنا

++++++++++

جائز بالإجماع اذا تمكن مع الولاية من ايصال حق لمستحقه.

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بالإجماع أي الولاية من قبل الجائر جائزة بالسنة الصحيحة اذا تمكن من ايصال حق لمستحقه.

و المراد من الصحيحة صحيحة زيد الشحام الآتية في ص 300.

(2) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بالإجماع أي الولاية من قبل الجائر جائزة بقوله تعالى حكاية عن يوسف على نبينا و آله و عليه السلام: اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ أي أمينا على أموال الدولة.

الظاهر أن الاستدلال بالآية على صحة جواز الولاية من قبل الجائر اذا تمكن من ايصال الحق لمستحقه لا ربط له في المقام، حيث إن الكلام في جوازها في الشريعة الاسلامية، لا في الشرائع السابقة.

(3) كما أفاده الشيخ في قوله في ص 293: ثم إن ظاهر الروايات كون الولاية محرمة بنفسها. و قد علمت الخدشة فيه في نفس الصفحة.

(4) فإنه اذا دار الأمر بين دفع المفاسد بتوليه من قبل الجائر.

و بين أن يبتعد عن الدخول في أعوان الظلمة فلا شك في أن دفع المفاسد أولى من الابتعاد.

(5) أي إن كانت حرمة الولاية لاجل استلزامها الظلم، و الجور

ص: 298

و يدل عليه (1) النبوي الذي رواه الصدوق في حديث المناهي.

قال: من تولى عرّافة (2) قوم اتي به يوم القيامة و يداه مغلولتان الى عنقه، فإن قام فيهم بأمر اللّه تعالى اطلقه اللّه، و إن كان ظالما يهوى به في نار جهنم و بئس المصير (3).

و عن عقاب الأعمال: و من تولى عرافة قوم و لم يحسن فيهم حبس على شفير (4) جهنم بكل يوم الف سنة، و حشر و يداه مغلولتان الى عنقه فإن قام فيهم بأمر اللّه اطلقه اللّه، و إن كان ظالما هوي به في نار جهنم سبعين خريفا (5).

++++++++++

على الآخرين فالمفروض عدم تحقق الظلم في ظرف كون الوالي إنما قبل الولاية ليرفع المفاسد و المظالم عن الناس، فاذا انتفى اللازم و هو الظلم انتفى الملزوم و هي الحرمة.

(1) أي على جواز تولي الولاية عن الجائر اذا كان يرعى المصالح و يدفع المفاسد.

(2) بكسر العين مصدر عرف يعرف وزان قتل يقتل معناه: القيام بسياسة قوم، و تدبير امورهم.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 136. الباب 45 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 6.

(4) الشفير: جانب الشيء و شفته.

(5) نفس المصدر. ص 137. الحديث 7.

و الخريف السنة، إذ في كل عام خريف، و الخريف من الفصول الأربعة يقع بين الصيف و الشتاء يبدأ في منتصف آب، و يختم في منتصف تشرين الثاني.

ص: 299

و لا يخفى أن العريف سيما (1) في ذلك الزمان (2) لا يكون إلا من قبل الجائر.

و صحيحة (3) زيد الشحام المحكية عن الأمالي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: من تولى أمرا من امور الناس فعدل فيهم و فتح به، و رفع

++++++++++

و قيل: الخريف سبعون سنة كما في معاني الأخبار فسبعون خريفا يساوي 4900 عاما أي تضرب السبعين في السبعين 70 * 70 4900 عاما و قيل: الخريف الف عام، و كل عام الف سنة، فالخريف الف الف سنة. أي مليون سنة فتضرب 1000 * 1000 1000000 عاما فسبعون خريفا يساوي سبعين مليونا، أي يضرب 70 * 1000000 70000000 فالحديثان هذان يدلان على جواز ارتكاب الولاية عن الجائر لأجل المصالح، و رفع المفاسد التى هي أهم من مفسدة انسلاك الشخص في أعوان الظلمة.

(1) أغلب النسخ الموجودة عندنا كتبت كلمة سيما بدون لا، و هي مركبة من (سي و ما) فاذا استعملت هذه الكلمة لتفضيل ما بعدها لما قبلها فلا بد أن تسبقها (لا).

و إذا استعملت للمثل و المساواة فبدون لا، و الأرجح أن تكون ما زائدة كما قال (ابن جني).

فسيما في كلام (الشيخ) قد استعملت للتفضيل المذكور فلا بد أن تكون مع لا، و هو تسامح من الشيخ.

(2) و هو عصر (الامويين و العباسيين).

(3) بالرفع عطف على فاعل قوله: و يدل عليه النبوي، أي و يدل على جواز ارتكاب الولاية من قبل الجائر لأجل المصالح و دفع المفاسد:

صحيحة زيد الشحام.

ص: 300

ستره، و نظر في امور الناس: كان حقا على اللّه أن يؤمن روعته يوم القيامة و يدخله الجنة (1).

و رواية (2) زياد بن أبي سلمة عن أبي الحسن موسى عليه السلام يا زياد لأن أسقط (3) من حالق فاتقطع قطعة قطعة أحب إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم إلاّ: لما ذا.

قلت: ما أدري جعلت فداك.

قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فك أسره، أو قضاء دينه (4).

و رواية (5) علي بن يقطين إن للّه تبارك و تعالى مع السلطان من يدفع بهم عن أوليائه (6).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 140. الباب 46. الحديث 7.

و الروعة هو الخوف و الاضطراب.

و كلمة يؤمن بالتشديد من باب التفعيل وزان صرف يصرف تصريفا (2) بالرفع عطف على فاعل قوله: و يدل عليه النبوي، أي و يدل على ارتكاب جواز الولاية عن الجائر لأجل المصالح، و دفع المفاسد: رواية زياد بن سلمة.

(3) بصيغة المجهول متكلم وحده من باب الإفعال و أن ناصبة.

(4) نفس المصدر. ص 140. الباب 46. الحديث 9.

و قد مضى شرح الحديث في ص 294.

(5) بالرفع عطف على فاعل قوله: و يدل عليه النبوي، أي و يدل على جواز ارتكاب الولاية عن الجائر لأجل المصالح، و دفع المفاسد:

رواية علي بن يقطين.

(6) نفس المصدر. ص 139. نفس الباب. الحديث 1.

و في المصدر: أولياء بدل كلمة من.

ص: 301

قال الصدوق: و في آخر (1) اولئك عتقاء اللّه من النار (2).

قال (3): و قال الصادق عليه السلام: كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان (4).

و عن المقنع سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل يحب آل محمد و هو في ديوان هؤلاء (5) يقتل تحت رايتهم.

قال: يحشره اللّه على نيته (6)، الى غير ذلك (7).

و ظاهرها (8) إباحة الولاية من حيث هي مع المواساة و الإحسان بالإخوان فيكون نظير الكذب في الإصلاح (9).

++++++++++

(1) أي و في حديث آخر، و مرجع الإشارة: (من الموصولة) الواردة في الحديث في قوله عليه السلام: إن للّه تبارك و تعالى مع السلطان من يدفع.

و المراد من (من) الدافعون الذين هم في ديوان الظلمة و يدفعون عن أوليائه فهؤلاء هم عتقاء اللّه.

(2) نفس المصدر. ص 139. الحديث 2.

(3) أي و قال الصدوق: قال الامام الصادق عليه السلام.

(4) نفس المصدر. ص 139. الحديث 3.

(5) أي حكام الجور.

(6) أي إن كانت نية دخوله عند حكام الجور حسنة يريد دفع ظلامة عن اخوانه المؤمنين، أو يرفع كربتهم عنهم فيدخل الجنة.

و إن كانت نية دخوله عند حكام الجور سيئة فمات يدخل النار.

راجع نفس المصدر. ص 139. الحديث 6.

(7) راجع نفس المصدر. ص 142-143-144. الأحاديث.

(8) أي هذه الأحاديث المذكورة هنا و التي أشرنا الى مصدرها.

(9) من حيث إن قبحه لا يكون ذاتيا، بل يختلف بالوجوه و الاعتبار

ص: 302

و ربما يظهر من بعضها (1) الاستحباب.

و ربما يظهر من بعضها (2) أن الدخول أولا غير جائز إلا أن الاحسان الى الإخوان كفارة له كمرسلة الصدوق المتقدمة.

و في ذيل (3) رواية زياد بن أبي سلمة المتقدمة فإن وليت شيئا من أعمالهم فاحسن الى اخوانك فواحدة بواحدة.

و الأولى أن يقال: إن الولاية غير المحرمة.

(منها) (4): ما يكون مرجوحة (5) و هو من تولى لهم لنظام

++++++++++

فالولاية من قبل الجائر كذلك لا تكون حرمته نفسية، بل تختلف بالوجوه و الاعتبار.

(1) أي من بعض هذه الأحاديث المذكورة و هو حديث (علي بن يقطين) المشار إليه في ص 301.

و صحيحة زيد الشحام المشار إليها في ص 300.

(2) أي و ربما يستفاد من بعض الأحاديث المذكورة و هي مرسلة (الصدوق) في قوله في ص 302: و قال (الصادق) عليه السلام:

كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان: أن الدخول في أعمال الظلمة أو لا و بالذات لا يجوز، لكنه اذا دخل فكفارته قضاء حوائج الإخوان.

(3) أي و ذيل هذه الرواية أيضا يدل على أن الدخول في أعمال حكام الجور غير جائز أولا و بالذات.

و قد عرفت منا في ص 293 من عدم دلالة الرواية على حرمة الولاية حرمة ذاتية.

(4) من هنا تبعيضية، أي بعض أقسام الولاية عن الجائر.

(5) تأنيث الخبر باعتبار معنى (ما الموصولة).

ص: 303

معاشه قاصدا الإحسان في خلال ذلك الى المؤمنين، و دفع الضرر عنهم.

ففي رواية أبي بصير ما من جبّار إلا و معه مؤمن يدفع اللّه به عن المؤمنين و هو أقلهم حظا في الآخرة بصحبة الجبّار (1).

(و منها) (2): ما يكون مستحبة و هي ولاية من لم يقصد بدخوله إلا الإحسان الى المؤمنين.

فعن رجال النجاشي (3) في ترجمة محمد بن اسماعيل بن بزيع (4) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن للّه بأبواب الظالمين من نوّر اللّه به البرهان (5)، و مكّن (6) له في البلاد، ليدفع (7) بهم عن أوليائه

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 134. الباب 44. الحديث 4.

و الباء في بصحبة الجبار: سببية، أي أقلية حظ هذا الوالي الذي تولى الولاية من قبل الجائر من بقية اخوانه المؤمنين في الجنة بسبب مصاحبته للجائر، مع أنه أحسن الى اخوانه المؤمنين، و دفع الضرر عنهم.

(2) أي و بعض أقسام الولاية عن الجائر: ما تكون مستحبة.

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(5) بضم الباء و سكون الراء: الحجة و البيان فاذا قيل: البرهان على هذا الأمر: يراد منه الحجة و الدليل الساطع عليه.

يقال: برهن الشيء أي أوضحه، و أقام عليه الحجة.

و كذلك برهن عليه، و برهن عنه فقوله عليه السلام: نوّر اللّه به البرهان معناه أنه أوضح به الحجة فبان للناس كيف يجب أن يفعلوا إذا تولوا الأمر.

(6) أي جعل له القدرة على التصرف و بسط اليد في إدارة البلاد.

(7) اللام للتعليل أي مكّن اللّه عز و جل لمن هذه صفته لهذه الغاية.

ص: 304

و يصلح اللّه بهم أمور المسلمين، إليهم ملجأ المؤمنين من الضر، و إليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، و بهم يؤمن اللّه روعة المؤمنين في دار الظلمة اولئك المؤمنون حقا، اولئك أمناء اللّه في أرضه، اولئك نور اللّه في رعيته يوم القيامة، و يزهر نورهم لأهل السماوات كما يزهر نور الكواكب الدرية لأهل الأرض اولئك من نورهم يضيء يوم القيامة، خلقوا و اللّه للجنة، و خلقت الجنة لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم أن لو شاء لنال هذا كله (1).

قال: قلت: بما ذا جعلت فداك؟

قال: يكون (2) معهم فيسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا فكن منهم (3) يا محمد (4).

(و منها) (5): ما يكون واجبة و هو ما توقف الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الواجبان عليه، فإن (6) ما لا يتم الواجب إلا به واجب

++++++++++

و يحتمل أن تكون للعاقبة أي عاقبة هذا التمكين و نتيجته أن دفع اللّه بهم عن أوليائه و ذلك أن يمنع عن وصول الضرر و الشدة إليهم.

(1) و هي المراتب المذكورة في الحديث في قوله عليه السلام: من نوّر اللّه به البرهان إلى آخره.

(2) أي الشخص الذي لو شاء لنال هذه المراتب يكون مع الجائر.

(3) أي كن من هؤلاء الذين تكون لهم هذه الصفات.

(4) راجع (تنقيح المقال) للشيخ المامقاني. الجزء 2. ص 81.

(5) أي و بعض أقسام الولاية عن الجائر يكون واجبا.

(6) تعليل لوجوب ما يتوقف الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر عليه.

و خلاصته: أن الشيء الذي يتوقف عليه الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر يكون واجبا، لأن الواجب لا يحصل في الخارج و لا يوجد إلا بواسطة هذه المقدمة فتكون واجبة وجوبا مقدميا.

ص: 305

مع القدرة (1).

و ربما يظهر من كلمات جماعة عدم الوجوب في هذه الصورة (2) أيضا.

قال في النهاية: تولى الأمر من قبل السلطان العادل جائز مرغوب فيه، و ربما بلغ حد الوجوب، لما (3) في ذلك من التمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و وضع الأشياء مواقعها.

و أما سلطان الجور فمتى علم الانسان، أو غلب على ظنه أنه متى تولى الأمر من قبله أمكن التوصل الى اقامة الحدود، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و قسمة الأخماس و الصدقات في أربابها، و صلة الإخوان و لا يكون جميع ذلك (4) مخلا بواجب، و لا فاعلا لقبيح (5)، فإنه

++++++++++

(1) قيد لوجوب ما لا يتم الواجب إلا به الذي هي المقدمة أي إنما وجبت المقدمة لأجل الاقتدار و التمكن من اتيان الواجب، ففيما نحن فيه الذي هي الولاية من قبل الجائر إنما وجبت لأجل التمكن و السلطة على الواجب الذي هو الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر.

(2) و هو توقف الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر على تولي الولاية من قبل الجائر.

(3) تعليل لقوله: و ربما بلغ حد الوجوب أي وجوب الولاية لأجل ما يترتب عليه من المذكورات.

(4) أي بشرط أن لا يكون جميع ذلك: من الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و قسمة الأخماس و الصدقات في أربابها، و صلة الإخوان مخلا بواجب من الواجبات اذا تولى من قبل الجائر.

و أما إذا لزمت الولاية من قبل الجائر الاخلال بواجب من الواجبات فلا يجوز تولي الولاية.

(5) أي و بشرط أن لا يكون أحد المذكورات سببا لارتكاب قبيح

ص: 306

استحب (1) له أن يتعرض لتولى الأمر من قبله. انتهى (2).

و قال في السرائر: و أما السلطان الجائر فلا يجوز لأحد أن يتولى شيئا من الامور مختارا من قبله إلا أن يعلم، أو يغلب على ظنه إلى آخر عبارة النهاية بعينها (3).

و في الشرائع: و لو أمن من ذلك، و قدر على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر استحبت (4).

قال في المسالك بعد أن اعترف أن مقتضى ذلك (5) وجوبها:

و لعل (6) وجه عدم الوجوب كونه بصورة النائب عن الظالم

++++++++++

- اذا تولى الشخص من قبل الجائر، لأنه اذا لزمت الولاية واحدا منها فقد حرمت.

(1) هذه الجملة: (فإنه استحب له) محل استشهاد (شيخنا الأنصاري) من كلام (شيخ الطائفة) في (النهاية) على استحباب تولي الولاية من قبل الجائر اذا ترتبت عليها أحد المذكورات من الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و قسمة الأخماس إلى آخر ما ذكره.

(2) أي ما أفاده في النهاية في هذا المقام.

(3) و هي التي ذكرها الشيخ في ص 306 بقوله: و أما سلطان الجور فمتى علم الانسان

(4) أي الولاية من قبل الجائر تكون مستحبة اذا تمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(5) أي مقتضى قول المحقق في الشرائع: و قدر على الأمر بالمعروف أن تكون الولاية واجبة، لأن المكلف اذا تصدى للولاية، و تمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الواجبين ليس له عذر في عدم قبولها تجاه تلك المصلحة المترتبة على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(6) أي و لعل عدم وجوب الولاية.

ص: 307

و عموم (1) النهي عن الدخول معهم، و تسويد (2) الاسم في ديوانهم فاذا لم تبلغ (3) حد المنع فلا أقل من عدم الوجوب.

و لا يخفى ما في ظاهره (4) من الضعف كما اعترف به غير واحد

++++++++++

- من هنا يروم (شيخنا الشهيد الثاني) يوجه كلام المحقق القائل باستحباب الولاية، مع أن المكلف يكون قادرا على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بتصديه للولاية فكيف افاد الاستحباب؟

و خلاصة التوجيه شيئان:

(الاول): أن الوالي بتصديه الولاية يكون نائبا عن الظالم فنفس النيابة عن الظالم أمر مرجوح غير مطلوب.

(الثاني): عموم النهي الوارد في قبول الولاية من قبل الجائر راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 135-138. الأحاديث فانها عامة تدل على حرمة الولاية، فلعل بهذا و ذاك استفاد المحقق استحباب الولاية.

(1) بالرفع عطفا على خبر لعل فهو خبر ثان أي و لعل وجه عدم كون تصدي الولاية واجبا عموم النهي كما عرفت.

(2) بالرفع عطفا على خبر لعل فهو خبر ثالث أي و لعل وجه عدم كون تصدي الولاية واجبا تسجيل اسم الشخص في دفاتر الظلمة فيكون التسجيل موجبا لتقوية شوكتهم.

(3) أي الولاية اذا لم تبلغ حد المنع: بأن لم تترتب عليها المفاسد:

من دروس الحق، و إبطال الكتب، و هدم المساجد، و إراقة الدماء، و نهب الأموال: لم يحرم قبولها، لكنه ليس بواجب.

بخلاف ما اذا ترتب عليه شيء من المذكورات، فإنها تحرم حينئذ.

(4) أي في ظاهر توجيه (الشهيد الثاني) كلام المحقق.

ص: 308

لأن (1) الأمر بالمعروف واجب فاذا لم يبلغ ما ذكره: من (2) كونه بصورة النائب عن الظالم حد المنع فلا مانع من الوجوب المقدمي للواجب.

و يمكن توجيهه (3): بأن نفس الولاية قبيحة محرمة، لأنها توجب إعلاء كلمة الباطل، و تقوية شوكة الظالم، فاذا عارضها قبيح آخر و هو

++++++++++

(1) هذا وجه الضعف.

و خلاصته: أن الأمر بالمعروف واجب على المكلف عند اجتماع شرائطه فاذا صار واليا عن الظالم، و تمكن من الأمر بالمعروف وجب عليه القبول من باب الوجوب المقدمي و لا معنى للاستحباب.

و أما مجرد كونه نائبا عن الظالم فغير مانع عن التصدي للولاية اذا لم تبلغ النيابة حد المنع الذي هو ترتب المفاسد عليها: من هدم المساجد و إبطال الكتب، و نهب الأموال، و اراقة الدماء.

(2) من بيان لما الموصولة في قوله: ما ذكره، و قد عرفت هذا البيان آنفا.

(3) هذا توجيه من الشيخ لكلام المحقق القائل باستحباب الولاية.

و خلاصة التوجيه: أن المحقق إنما لم يذهب الى وجوب قبول الولاية لأجل سقوط الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بسبب مزاحمة قبح قبول الولاية للأمر بالمعروف، لأن الأمر دائر حينئذ بين قبيحين.

و هما: قبح ترك الأمر بالمعروف. و قبح قبول الولاية المترتب عليها المفاسد: من إراقة الدماء، و نهب الأموال، و هدم المساجد، و إبطال الحق فيتعارضان، و ليس أحدهما أقل قبحا من الآخر فللمكلف حينئذ اختيار أيهما شاء: من قبول الولاية ليتدارك مصلحة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و من ترك الولاية ليدفع المفاسد المذكورة المترتبة على قبول الولاية، مع فرض عدم كون أحدهما أقل قبحا من الآخر. -

ص: 309

ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و ليس احدهما أقل قبحا من الآخر فللمكلف فعلها (1)، تحصيلا لمصلحة الأمر بالمعروف، و تركها (2) دفعا لمفسدة تسويد اسمهم في ديوانهم الموجب لإعلاء كلمتهم، و تقوية شوكتهم.

نعم يمكن الحكم باستحباب اختيار أحدهما (3)، لمصلحة لم تبلغ حد الالزام حتى يجعل أحدهما أقل قبحا ليصير واجبا.

و الحاصل (4) أن جواز الفعل و الترك هنا ليس من باب عدم جريان

++++++++++

- و أما ذهاب المحقق الى الاستحباب فلاجل بقاء مقدار ما من ملاك الوجوب مقدارا لا يقتضي إلا الاستحباب.

(1) أي قبول الولاية كما عرفت آنفا.

و كلمة تحصيلا منصوبة على المفعول لأجله فهو تعليل لوجوب قبول الولاية كما عرفت.

(2) أي ترك الولاية.

و كلمة رفعا منصوبة على المفعول لأجله فهو تعليل لعدم قبول الولاية كما عرفت آنفا.

(3) و هو إما قبول الولاية، ليترتب عليه الأمر بالمعروف.

و إما تركها فتترتب عليها المفاسد المذكورة.

(4) أي حاصل ما ذكرناه حول توجيه كلام المحقق القائل باستحباب الولاية مع تمكن الوالي من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: أن التخيير بين قبول الولاية، و بين تركها ليس من باب عدم جريان دليل قبح قبول الولاية، و تخصيص دليل القبح بغير هذه الصورة: و هي الصورة التي يلزم من قبول الولاية التمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

بل التخيير المذكور لأجل التزاحم بين قبح قبول الولاية، و بين قبح -

ص: 310

دليل قبح الولاية، و تخصيص دليله بغير هذه الصورة، بل من باب مزاحمة قبحها بقبح ترك الأمر بالمعروف فللمكلف ملاحظة كل منهما و العمل بمقتضاه نظير (1) تزاحم الحقين في غير هذا المقام.

هذا (2) ما أشار إليه الشهيد بقوله: لعموم النهي إلى آخره.

و في الكفاية (3) أن الوجوب فيما نحن فيه حسن لو ثبت كون

++++++++++

- ك الأمر بالمعروف بترك الولاية، فهذه المزاحمة هي التي سببت القول بالتخيير المذكور.

فللمكلف حينئذ أن يلاحظ كلا من الفعل و الترك ثم يعمل بمقتضى ما يختاره منهما، لا أن التخيير من باب التخصيص.

(1) أي التزاحم و التعارض هنا: نظير تزاحم الحقين كحق المضاجعة للزوجتين بعد مرض، أو سفر، أو حبس طال أكثر من أربعة أشهر فيلاحظ الحقان، فإن كان لاحداهما مرجح شرعي يأتي إليها.

و إن لم يكن هناك مرجح فيتخير بين اتيان أيتهما شاء.

و كما في حق الدائنين حلّ دينهما في وقت واحد و هو لا يتمكن من أداء الحقين معا، فانه لا بدّ للمدين من أن يلاحظ المرجحات الخارجية فإن وجدت يعمل بها كما لو كان أحد الدائنين أفقر من الآخر، أو أحوج.

و إن لم يكن هناك مرجحات فمخير في أداء أيّهما شاء.

(2) أي التخيير الذي قلناه: من أنه من باب التزاحم بين القبيحين لا من باب التخصيص قد أشار إليه (شيخنا الشهيد الثاني) في دليله الثاني في توجيه كلام المحقق بقوله: لعموم النهي عن الدخول معهم و تسويد اسمه في ديوانهم.

(3) أي كفاية الفقيه للمحقق السبزواري.

ص: 311

وجوب الأمر بالمعروف مطلقا (1) غير مشروط بالقدرة فيجب عليه تحصيلها من باب المقدمة، و ليس بثابت (2).

و هو ضعيف (3)، لأن عدم ثبوت اشتراط الوجوب بالقدرة الحالية

++++++++++

- هذا رد على ما أفاده (الشهيد الثاني): من وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و انتصار للمحقق الحلي.

و خلاصة الرد: أن دليل وجوب الأمر بالمعروف لا يكون عاما حتى يشمل ما كان موقوفا على ارتكاب محرم كما فيما نحن فيه، حيث إن الأمر بالمعروف متوقف على تصدي الولاية من قبل الجائر و هو حرام لاستلزامه المفاسد المذكورة، بل وجوبه مقيد بصورة عدم صدور منكر منه.

بعبارة اخرى أنه مختص بصورة قدرة المكلف عليه قدرة عقلية و شرعية، و من الواضح عدم القدرة الشرعية في المقام، لأنه يزاحمه قبح التصدي عن الظالم المستلزم لتلك المفاسد المترتبة على قبول الولاية و هو حرام شرعا، فالقدرة الشرعية مفقودة في المقام.

(1) كلمة مطلقا ليست من المطلقات المصطلحة المراد منها، سواء أ كان كذا أم كذا، بل المراد منها الاطلاق في مقابل التقييد.

(2) هذه الجملة: و ليس بثابت من بقية كلام (صاحب الكفاية) أي اطلاق دليل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ليس بثابت حتى يشمل ما نحن فيه كما عرفت آنفا.

(3) هذا رد من (شيخنا الأنصاري) على ما أفاده صاحب الكفاية من اشتراط وجوب الأمر بالمعروف بالقدرة العقلية و الشرعية معا.

و خلاصته: أن عدم اشتراط الوجوب بالقدرة الحالية العرفية يكفي و لا يحتاج الى اشتراط القدرة الشرعية.

ص: 312

العرفية كاف، مع اطلاق أدلة الأمر بالمعروف السالم عن التقييد بما عدا القدرة العقلية المفروضة في المقام (1).

نعم (2) ربما يتوهم انصراف الاطلاقات الواردة الى القدرة العرفية غير المحققة في المقام، لكنه (3) تشكيك ابتدائي لا يضر بالإطلاقات.

و أضعف منه (4) ما ذكره بعض بعد الاعتراض على ما في المسالك بقوله: و لا يخفى ما فيه.

++++++++++

- بالإضافة الى سلامة أدلة وجوب الأمر بالمعروف عن الاشتراط بالقدرة الشرعية فهي مطلقة آبية عن التقييد المذكور.

(1) أي القدرة العقلية موجودة فيما نحن فيه، و لا نحتاج الى أزيد من ذلك.

(2) استدراك عما أفاده الشيخ: من أن عدم ثبوت اشتراط الوجوب بالقدرة الحالية العرفية كاف في المقام ففي الحقيقة هذا الاستدراك توهم.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو توهم و قيل: إن الاطلاقات الواردة في المقام منصرفة الى القدرة الحالية العرفية و القدرة الحالية العرفية غير محققة فما افيد من كفاية القدرة الحالية العرفية غير مفيد، لعدم وجودها.

(3) هذا جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصته: أن الانصراف المدعى انصراف بدوي يحصل للانسان في بادئ النظر و سرعان ما يزول بعد التعمق و التأمل فهو لا يضر بتلك الاطلاقات السليمة عن التقييد.

(4) أي و أضعف مما ذكره (صاحب كفاية الفقيه).

هذا انتصار من (صاحب الجواهر) لما ذهب إليه المحقق من استحباب الولاية مع التمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عند تصديه الولاية.

و خلاصة الانتصار: أن عدم وجوب تصدي الولاية عن الجائر لأجل

ص: 313

قال (1): و يمكن تقوية عدم الوجوب بتعارض ما دل على وجوب الأمر بالمعروف، و ما دل على حرمة الولاية عن الجائر، بناء على حرمتها في ذاتها، و النسبة عموم من وجه فيجمع بينهما بالتخيير المقتضي للجواز رفعا (2) لقيد المنع من الترك من أدلة الوجوب،

++++++++++

- تعارض أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع أدلة حرمة التصدي عن الجائر، بناء على كون حرمة الولاية ذاتية نفسية فتكون النسبة بين الأدلتين عموما و خصوصا من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الافتراق من جانب الولاية هو تحقق الولاية في الخارج و عدم تحقق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و أما مادة الافتراق من جانب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هو تحققهما، و عدم وجود الولاية.

و أما مادة الاجتماع فهو تحقق الولاية في ظرف تحقق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أو بالعكس و هو تحقق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في ظرف تحقق الولاية.

فهنا تتعارض أدلة وجوب الأمر بالمعروف مع أدلة حرمة الولاية بناء على أن حرمة الولاية ذاتية نفسية فيجمع بينهما بالتخيير بين قبول الولاية و عدمه، و هذا التخيير مقتض للجواز بالمعنى الأخص الذي هي الإباحة.

(1) أي (صاحب الجواهر) و قد عرفت خلاصة ما قاله آنفا.

(2) منصوب على المفعول لأجله، و تعليل للقول بالجمع بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف، و بين أدلة حرمة الولاية عن الجائر بالتخيير.

و خلاصة التعليل: أنه إنما نقدم على الجمع بين الأدلتين بالتخيير بعد غض النظر عن مفاد المنع من الترك من أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. -

ص: 314

و قيد (1) المنع من الفعل من أدلة الحرمة.

و أما الاستحباب (2) فيستفاد من خبر محمد بن اسماعيل، و غيره (3)

++++++++++

- و بعد غض النظر عن مفاد المنع من الفعل من أدلة الحرمة.

بيان ذلك: أن كل فعل يكون مطلوبا للمولى على نحو الوجوب و الالزام من لوازمه المنع من الترك، لا أن المنع من الترك جزء مفهوم الوجوب كما ذهب الى هذه المقالة (صاحب المعالم).

و كذلك أن كل فعل يكون مبغوضا للمولى على نحو الحرمة من لوازمه المنع من الفعل، لا أن المنع من الفعل جزء مفهوم الحرمة كما ذهب الى هذه المقالة (صاحب المعالم).

فالموضوع في كلا المقامين بسيط عندنا لا مركب كما أفاده صاحب المعالم.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لقيد أي الجمع المذكور لأجل رفع قيد المنع عن الفعل من أدلة الحرمة.

(2) أي استحباب الولاية في هذا المقام.

هذا من متمات كلام (صاحب الجواهر) أي و أما القول باستحباب الولاية من قبل الجائر فيما اذا قدر و تمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلاجل رواية محمد بن اسماعيل، و غيرها من الأحاديث الواردة في المقام.

و هذا الحديث شاهد صدق على المدعى و هو الجمع بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بين أدلة حرمة الولاية و تصديها عن الجائر: بالتخيير المقتضي للجواز بالمعنى الأخص الذي هي الإباحة.

راجع حديث محمد بن اسماعيل ص 304.

(3) المراد من غيره صحيحة زيد الشحام المشار إليها في ص 300

ص: 315

الذي هو أيضا شاهد للجمع، خصوصا (1) بعد الاعتضاد بفتوى المشهور و بذلك (2) يرتفع اشكال عدم معقولية الجواز بالمعنى الأخص في مقدمة

++++++++++

(1) منصوب على المفعول المطلق أي نخص الجمع المذكور بعد اعتضاده و تقويته بفتوى المشهور على استحباب تصدي الولاية من قبل الجائر.

(2) أي و بما ذكرناه: من أن الجمع المذكور المقتضي للجواز بالمعنى الأخص الذي هي الإباحة لأجل رفع قيد المنع من الترك من أدلة الوجوب و رفع قيد المنع من الفعل من أدلة الحرمة: يرتفع اشكال عدم معقولية جواز قبول الولاية مع وجوب الأمر بالمعروف.

و خلاصة الإشكال: أنه لو كان قبول الولاية مقدمة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الواجبين فكيف يكون مباحا بالمعنى الأخص و هو الجواز لأن وجوب ذي المقدمة باق على ما كان فلم يرتفع حتى يكون قبول الولاية مباحا، فلا يعقل الجواز بالمعنى المذكور أصلا و أبدا مع وجوب الأمر بالمعروف.

و أما كيفية رفع الاشكال المذكور فكما علمت و أفاده (شيخنا صاحب الجواهر) من أن رفع قيد المنع من الترك من أدلة الوجوب، و رفع قيد المنع من الفعل من أدلة الحرمة عند تعارض الأدلة و الجمع بينهما هو الموجب للقول بالجواز بالمعنى الأخص فلا يبقي هذا الرفع وجوبا في ناحية أدلة الوجوب، و لا حراما في ناحية أدلة الحرمة، حتى يقال بعدم معقولية الجواز بالمعنى الأخص في مقدمة الواجب و هو قبول الولاية.

و إلى هذا المعنى أشار (قدس سره) في الجواهر بقوله: ضرورة ارتفاع الوجوب للمعارضة، اذ عدم المعقولية مسلم فيما لم يعارض فيه مقتضى الوجوب.

راجع (جواهر الكلام). الطبعة الحجرية. المجلد 5. كتاب التجارة. ص 37-38.

ص: 316

الواجب، ضرورة ارتفاع الوجوب، للمعارضة، اذ عدم المعقولية مسلم فيما لم يعارض فيه مقتضى الوجوب. انتهى (1).

و فيه (2) أن الحكم في التعارض بالعموم من وجه هو التوقف، و الرجوع الى الأصول، لا التخيير كما قرر في محله (3)، و مقتضاها إباحة (4) الولاية، للاصل، و وجوب (5) الأمر بالمعروف، لاستقلال العقل به (6) كما ثبت في بابه.

ثم على تقدير الحكم بالتخيير (7) فالتخيير الذي يصار إليه عند تعارض

++++++++++

(1) أي ما أفاده (صاحب الجواهر) في المصدر المذكور.

(2) أي و فيما أفاده (صاحب الجواهر) في هذا المقام نظر و اشكال و قد ذكر وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(3) راجع (فرائد الاصول) المسمى بالرسائل (لشيخنا الأنصاري) مبحث التعادل و الترجيح.

(4) لا يخفى عليك أن نتيجة ما أفاده الشيخ في هذا المقام من الإباحة التي هو الجواز بعينها أفاده (صاحب الجواهر) لكن مع فرق و هو أن الأصل اذا جرى فقد أصبحت الولاية واجبة، لكونها مقدمة للواجب و هو الأمر بالمعروف و مقدمة الواجب واجبة، و لذا قال الشيخ: و وجوب الأمر بالمعروف.

(5) بالجر عطفا على مجرور اللام الجارة في قوله: للاصل أي و لوجوب.

(6) أي بوجوب الأمر بالمعروف.

و قد مضى شرح واف من شتى جوانب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في تعليقتنا على (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 2.

من ص 409-420. فراجع هناك.

(7) كما أفاده (شيخنا صاحب الجواهر) فيما نحن فيه.

ص: 317

الوجوب و التحريم هو التخيير الظاهري (1): و هو الأخذ باحدهما بالتزام الفعل أو الترك، لا التخيير الواقعي (2) للجواز واقعا و نتيجة جواز التبديل ثم المتعارضان بالعموم من وجه لا يمكن إلغاء ظاهر كل منهما مطلقا (3)

++++++++++

(1) و هو التخيير البدوي الذي اذا اختار المكلف أحدهما ليس له حق الرجوع الى الآخر، فإن التزم الفعل لا بدّ له من الاستمرار، و إن التزم الترك لا بد له من الاستمرار أيضا.

(2) أي و ليس المراد من التخيير هنا التخيير الواقعي الذي تكون نتيجته تخيير المكلف بأخذ اي الحكمين متى شاء بحيث له حق الرجوع و الانتقال إلى الآخر في أي وقت شاء و اراد كما في تخيير المسافر في الصلاة في الأماكن الأربعة: المسجد الحرام. و المسجد النبوي صلى اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة. و الحائر الحسيني على مشرفه آلاف الثناء و التحية بين القصر و التمام في كل صلاة واجبة يؤديها هناك.

بعبارة اخرى أن للمسافر اختيار القصر و التمام في صلواته اليومية في أي صلاة كانت، و أي وقت شاء، فلو أدّى صلاة الظهر قصرا و أراد اتيان العصر تماما فله ذلك، و يجوز له عكس ذلك في اليوم الثاني.

و هكذا في بقية الصلوات ما دام يصدق عليه اسم المسافر.

بخلاف التخيير الظاهري، فإن المكلف لو اختار أحدهما ليس له اختيار الآخر و الرجوع إليه.

(3) أي حتى في مادة الافتراق، بل يلغى ظاهر كل منهما في مادة الاجتماع فقط.

أما في مادة الافتراق فيبقى كل منهما على ظاهره، لوجوب إبقاء الخبرين المتعارضين على ظاهرهما في مادتي الافتراق: و هو افتراق الولاية -

ص: 318

بل بالنسبة الى مادة الاجتماع، لوجوب ابقائهما على ظاهرهما في مادتي الافتراق فيلزمك (1) استعمال

++++++++++

- عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بمعنى حصول تلك، و عدم حصول هذا.

و كذا افتراق الأمر بالمعروف عن الولاية بمعنى حصول ذاك، و عدم حصول هذه.

و لا يخفى أن (شيخنا صاحب الجواهر) لم يدّع إلغاء ظاهر كل من الخبرين المتعارضين مطلقا، حتى في مادة الاجتماع، و مادتي الافتراق.

بل يقول بإلغاء ظاهر كل منهما في مادة الاجتماع فقط.

و أما في مادتي الافتراق فلكل ظاهره كما لو كانت القدرة على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر موجودة من دون توقفهما على تصدي الولاية فيقول (صاحب الجواهر) هنا بالوجوب مع المنع من الترك.

أو كما كانت الولاية متيسرة من دون توقف الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عليها فهنا يقول بالحرمة و المنع من الفعل.

هذا ظاهر كلامه فلاحظه و طالعه دقيقا حتى يتضح الامر.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده (صاحب الجواهر) من الرجوع الى الاباحة في مادة الاجتماع بإلغاء الإلزام في الامر و النهي.

و خلاصة التفريع: أن هذا الإلغاء لا يجري إلا في مورد الاجتماع لتعارض الحرمة مع الوجوب، و أما مادتا الافتراق فباقيتان على الإلزام أمرا و نهيا فلازم هذا القول استعمال الامر الواحد في مورد واحد و هو الامر بالمعروف و النهي عن المنكر: في الإلزام و الإباحة.

و كذلك يلزم استعمال النهي الواحد في مورد واحد و هو قبول الولاية في النهي الإلزامي و الإباحة. -

ص: 319

كل من الأمر (1) و النهي (2) في أدلة الأمر بالمعروف و النهي عن الولاية في الالزام و الإباحة (3).

ثم دليل (4) الاستحباب أخص لا محالة من أدلة التحريم فتخصص

++++++++++

- و هذا اللزوم تال فاسد.

(1) و هو الامر الدال على وجوب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر كما عرفت آنفا.

(2) و هي النهي الدال على حرمة الولاية من قبل الجائر كما عرفت آنفا.

(3) كما صورناه لك في ص 319.

(4) هذا رد من الشيخ على دليل (صاحب الجواهر) الذي استدل به على مدعاه و هو استحباب تصدي الولاية من الجائر لو ترتب عليه الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و خلاصة الرد: أن الدليل الذي هي رواية محمد بن اسماعيل بن بزيع المشار إليها في ص 304 الدال على الاستحباب المذكور أخص من الأدلة الدالة على تحريم الولاية، لانها تدل على حرمتها مطلقا، سواء أ كان الوالي من قبل الجائر قادرا على الامر بالمعروف و النهي عن المنكر أم لا، و سواء أ كان قادرا على اعانة اخوانه المؤمنين أم لا؟

و دليل الاستحباب و هي الرواية المذكورة أخص من تلك الأدلة، حيث إنها تصرح بجواز قبول الولاية و استحبابها اذا تمكن الوالي من مساعدة اخوانه، و الإحسان إليهم إلى آخر ما في الرواية، فهذا الدليل يقيد تلك الاطلاقات، و يخصص تلك العمومات، و بعد هذا التقييد و التخصيص لا يعتنى بعموم أدلة التحريم فتضيق دائرة التحريم و هي موارد الإعانة و المساعدة بالإخوان، و رفع كربتهم.

ص: 320

به فلا ينظر بعد ذلك في أدلة التحريم، بل لا بدّ بعد ذلك (1) من ملاحظة النسبة بينه، و بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف.

و من المعلوم المقرر في غير مقام (2) أن دليل استحباب الشيء الذي قد يكون مقدمة للواجب لا يعارض أدلة وجوب ذلك الواجب (3)

++++++++++

(1) أي بعد تخصيص أدلة تحريم الولاية بأدلة الاستحباب لا بدّ من ملاحظة النسبة بين دليل استحباب الولاية.

و بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيرى هل النسبة بين الدليلين عموم و خصوص مطلق، أو من وجه، أو التعارض؟

و لا شك في عدم وجود التباين فلا تعارض بينهما و لا تنافي فيمكن اجتماعهما كما اذا صار المستحب مقدمة للواجب.

و ليس معنى العبارة أنه تلاحظ بعد التخصيص و التقييد النسبة بين دليل الاستحباب، و بين دليل التحريم، لأن أدلة تحريم الولاية خرجت عن عمومها بعد هذا التخصيص، و ليس لها مجال حتى ترى النسبة بينها، و بين دليل الاستحباب.

(2) أي في مقامات متعددة.

(3) كالوضوء الذي يكون مقدمة لمس القرآن الكريم اذا وجب المس بنذر، أو عهد، أو يمين، فإن هذا الاستحباب لا ينافي وجوب نفس ذي المقدمة و هو المس، لأنه أصبح حينئذ واجبا، و خرج عن الاستحباب فلا تعارض بينهما.

ففيما نحن فيه كذلك، فإن الولاية المستحبة وقعت مقدمة للواجب و هو الأمر بالمعروف فاصبحت واجبة فلا تعارض بينهما.

ص: 321

فلا وجه (1) لجعله شاهدا على الخروج عن مقتضاها، لأن (2) دليل الاستحباب مسوق لبيان حكم الشيء في نفسه، مع قطع (3) النظر عن الملزمات العرضية كصيرورته مقدمة لواجب، أو مأمورا به لمن يجب اطاعته (4) أو منذورا (5) و شبهه (6).

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن دليل استحباب الشيء اذا صار مقدمة للواجب لا يعارض أدلة وجوب ذلك الواجب أي فلا وجه لجعل دليل استحباب المقدمة و هي الولاية شاهدا على الخروج عن مقتضى أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: و هو رفع الالزام كما أفاده (صاحب الجواهر) بقوله: فيجمع بينهما بالتخيير المقتضي للجواز رفعا لقيد المنع من الترك.

(2) تعليل لعدم معارضة دليل الاستحباب مع أدلة وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(3) أي مع قطع النظر عما يعرض المستحب مما يلزم وجوبه كما لو صار منذورا، فإن المستحب يكتسب حينئذ صفة الوجوب كالتوضؤ لمس كلمات القرآن الكريم.

(4) كما لو صار المستحب مأمورا به كأمر الوالد ولده باتيانه ذلك المستحب.

(5) كما لو نذر المكلف الاتيان بالمستحب كزيارة (سيد الشهداء) عليه الصلاة و السلام.

(6) و هو العهد و اليمين كما لو قال: عاهدت اللّه أن أزور (الحسين) صلوات اللّه و سلامه عليه.

أو قال: و اللّه إني أزور (الحسين) عليه السلام في يوم عاشوراء.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. من ص 35 الى ص 57 حول النذر و شبهه.

ص: 322

فالأحسن في توجيه كلام من عبر بالجواز (1) مع التمكن من الأمر بالمعروف (2) إرادة الجواز بالمعنى الأعم (3).

و أما من عبر بالاستحباب (4) فظاهره إرادة الاستحباب العيني الذي لا ينافي الوجوب الكفائي، نظير قولهم: يستحب تولي القضاء لمن يثق من نفسه، مع أنه واجب كفائي (5)، لأجل (6) الأمر بالمعروف الواجب كفاية.

أو يقال (7): إن مورد كلامهم ما اذا لم يكن هناك معروف متروك

++++++++++

(1) أي بجواز الولاية من قبل الجائر، دون الوجوب الذي كان اللازم التعبير به عنها، دون الجواز.

(2) أي بسبب تصديه للولاية.

(3) و هو الذي يجتمع مع الوجوب، لا بمعناه الأخص و هي الإباحة.

(4) أي استحباب الولاية عن الجائر ذاتا، لتولي الأمر بالمعروف كصاحب الجواهر.

(5) أي مع أن القضاء واجب كفائي.

هذا اذا لم ينحصر به، و إلا فيصير واجبا عينيا فلا منافاة بين الاستحباب النفسي و الوجوب العيني كما مثل له الشيخ بقوله: نظير قولهم:

يستحب تولي القضاء مع أنه واجب كفائي.

(6) تعليل لكون تولي القضاء واجبا كفائيا، أي إنما صار تولي القضاء واجبا كفائيا، لكونه مقدمة للامر بالمعروف و النهي عن المنكر الّذين هما واجبان عقليان.

(7) توجيه ثان لمن عبر عن قبول الولاية: بالاستحباب اذ توجيه الأول له: الاستحباب النفسي الذي لا ينافيه عروض الوجوب كما سبق مثاله في ص 321-322 أي أو يقال: إن كلام الفقهاء المعبرين عن قبول الولاية

ص: 323

يجب فعلا الأمر به، أو منكر مفعول يجب النهي عنه كذلك (1) بل (2) يعلم بحسب العادة تحقق مورد الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر بعد ذلك (3).

و من المعلوم أنه لا يجب تحصيل مقدمتهما (4) قبل تحقق موردهما خصوصا مع عدم العلم بزمان تحققه (5).

++++++++++

بالاستحباب: يراد منه الأمر بالمعروف الذي لا حاجة إليه فعلا، و النهي عن المنكر الّذي لا حاجة إليه فعلا، لكون المسلمين و للّه الحمد!! يعملون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و إنما يتولى القضاء للاقتدار على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عند الحاجة.

(1) أي فعلا لا يوجد منكر يجب النهي عنه كما عرفت آنفا.

(2) أي يعلم و يعرف في المستقبل بحسب الزمان و المكان أن المعروف كله، أو بعضه لا يعمل في المستقبل.

و المنكر أيضا كله، أو بعضه سوف يتحقق في الخارج.

(3) أي في الزمان الآتي و المستقبل.

(4) أي مقدمة الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر في المستقبل:

و هو تولي القضاء، أو الولاية في الحاضر.

(5) أي تحقق المورد و هو ترك المعروف، و فعل المنكر.

و لا يخفى أن ما أفاده (الشيخ) من استحباب تولي القضاء، أو الولاية فيما لم يعلم الزمان مقبول.

و أما اذا علم في المستقبل أننا نحتاج الى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، حيث يكثر فيه المنكر و الفساد فهنا يمكن أن يقال: إن دفع الفساد واجب كما يجب رفعه فيجب تولي القضاء، أو الولاية من قبل الجائر

ص: 324

و كيف كان (1) فلا اشكال في وجوب تحصيل الولاية اذا كان هناك معروف متروك، أو منكر مرتكب يجب فعلا الأمر بالأول (2)، و النهي عن الثاني (3).

الثاني: مما يسوغ الولاية: الاكراه عليه بالتوعيد على تركها من الجائر

(الثاني) (4): مما يسوغ الولاية: الاكراه (5) عليه بالتوعيد (6) على تركها (7) من الجائر بما يوجب ضررا بدنيا، أو ماليا (8) عليه أو على من يتعلق (9) به بحيث يعد

++++++++++

(1) أي أي شيء قلنا: في معنى الاستحباب الذي أفاده (صاحب الجواهر).

(2) و هو الأمر بالمعروف المتروك.

(3) و هو النهي عن المنكر المرتكب.

(4) أي الأمر الثاني من الأمرين المسوغين للولاية في قوله في ص 297 ثم إنه بسوغ الولاية أمران.

(5) و هو الإجبار.

(6) أراد (الشيخ) بكلمة التوعيد التهديد و الإخافة.

لكنه لم نعثر في كتب اللغة التي بأيدينا مجيء كلمة توعيد الذي هو مصدر باب التفعيل بهذا المعنى، و قد جاء مكانها توعد مصدر باب التفعل

و له مصدران آخران: وعيد و ايعاد الذي أصله أوعاد قلبت الواو الساكنة ياء، بناء على قاعدتهم المعروفة: من أن الواو الساكنة ما قبلها مكسور تقلب ياء.

(7) أي ترك الولاية.

(8) كان اللازم تقييد الضرر البدني و المالي بما لا يتحمل عادة.

(9) أي أو يوجب ضررا بدنيا، أو ماليا، لا يتحمل عادة على من يتعلق به.

ص: 325

الإضرار (1) به إضرارا به (2) و يكون تحمل الضرر عليه (3) شاقا على النفس كالأب و الولد، و من جرى مجراهما (4).

و هذا (5) مما لا إشكال في تسويغه ارتكاب الولاية المحرمة في نفسها لعموم قوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً في الاستثناء عن عموم لاٰ يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ .

و النبوي صلّى اللّه عليه و آله (6) رفع عن امتي ما اكرهوا عليه

و قولهم عليهم السلام: التقية في كل ضرورة، و ما من شيء إلا و قد أحله اللّه لمن اضطر إليه (7).

++++++++++

(1) أي بهذا المتعلق الذي يتعلق بمن لم يقبل الولاية.

(2) أي بالشخص المتعلّق به باسم المفعول.

(3) أي على الشخص المتعلق به.

(4) كالأخ، و الحفيد، و السبط.

(5) أي الاكراه و التهديد في الولاية مما لا اشكال في كونه مجوزا للدخول في الولاية.

و المصدر في قوله: و تسويغه مضاف الى الفاعل، و مفعوله ارتكاب.

(6) بالجر عطفا على مجرور اللام الجارة في قوله: لعموم أي و للنبوي الوارد.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 470. الباب 25 من أبواب الأمر بالمعروف. الحديث 10.

و كلمة و قولهم بالجر عطف على مدخول (لام الجارة). أي لعموم قوله تعالى، و لقولهم عليهم السلام.

(7) نفس المصدر. ص 448. الحديث 2.

ص: 326

الى غير ذلك مما لا يحصى كثرة: من العمومات (1)، و ما يختص بالمقام (2).

و ينبغي التنبيه على امور
اشارة

و ينبغي التنبيه على امور:

الأول: أنه كما يباح بالإكراه نفس الولاية المحرمة كذلك يباح به ما يلزمها من المحرمات الأخر

(الأول): أنه كما يباح بالإكراه نفس الولاية المحرمة.

كذلك يباح به (3) ما يلزمها من المحرمات الاخر، و ما يتفق في خلالها (4) مما يصدر الأمر به من السلطان الجائر، ما عدا إراقة الدم (5)

++++++++++

(1) و هي العمومات الواردة في التقية. راجع نفس المصدر.

(2) و هي العمومات الدالة على خصوص تصدي الولاية من قبل الجائر.

(3) أي بهذا الاكراه و الإجبار على الولاية يباح جميع ما يلزم و يترتب على الولاية المحرمة: من محرمات اخرى اذا أمر بها السلطان كتخريب الدور لفتح الشوارع ظلما من دون تعويض، أو المساجد من دون تجديد مسجد آخر مكانه.

و لا يخفى أن إباحة هذه المحرمات لا اختصاص لها بالولاية، لأن هذه الأشياء تباح أيضا اذا امر بها شخص مقتدر ظالم جبرا.

و هذا الذي قلناه يستفاد من قوله رحمه اللّه: مما يصدر به الأمر من السلطان.

(4) و هي المحرمات التي لا تحتاج في تحقق وجودها الخارجي الى أمر السلطان، و التي تقع في ظرف الولاية و زمانها و مدتها و أيام تصديها.

(5) فإنه لا يجوز الاراقة و إن أراق السلطان دم الذي تولى الولاية و لم يمتثل امر السلطان في اراقة الدماء.

هذا اذا لم يمكن التفصي و الخلاص عن اراقة الدم.

و أما اذا تمكن من الخلاص عنه فيجوز له التصدي.

ص: 327

اذا لم يمكن التفصي عنه.

و لا اشكال في ذلك (1) و إنما الاشكال في أن ما يرجع الى الإضرار بالغير: من نهب الأموال، و هتك الأعراض، و غير ذلك من العظائم هل تباح كل ذلك بالإكراه و لو كان الضرر المتوعّد به على ترك المكره عليه أقل بمراتب من الضرر المكره عليه كما اذا خاف على عرضه (2):

من كلمة خشنة لا تليق به فهل يباح بذلك (3) أعراض الناس و أموالهم و لو بلغت ما بلغت كثرة و عظمة، أم لا بدّ من ملاحظة الضررين (4) و الترجيح بينهما؟

وجهان: من (5) اطلاق أدلة الإكراه، و أن الضرورات تبيح المحظورات (6).

++++++++++

(1) أي في جواز هذه المحرمات المترتبة على جواز الدخول في الولاية

(2) و هو الشرف و الجاه.

(3) أي بهذا الإكراه في الدخول في الولاية.

(4) و هما: إضرار الغير و إصابته بسوء، و تضرره هو من السلطان.

(5) دليل لإباحة تلك العظائم للخوف من الضرر القليل.

و المراد من أدلة الإكراه: قوله صلّى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي ما أكرهوا عليه المشار إليه في ص 326، حيث إنه يدل على حلية الولاية من قبل الجائر لو اكره الشخص عليها، و على حلية لوازمها المحرمة المترتبة عليها بلغت ما بلغت.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 468. الباب 25 من أبواب الأمر و النهي. الحديث 1-2، فإن الحديث عام يشمل الولاية المكره عليها و لوازمها المحرمة بلغت ما بلغت.

ص: 328

و من (1) أن المستفاد من أدلة الإكراه تشريعه لدفع الضرر فلا يجوز دفع الضرر بالإضرار بالغير و لو كان ضرر الغير أدون، فضلا عن أن يكون أعظم.

و إن شئت قلت: إن حديث رفع الاكراه، و رفع الاضطرار مسوق للامتنان على جنس الامة، و لا حسن في الامتنان على بعضهم: بترخيصه (2) في الإضرار بالبعض الآخر، فاذا توقف دفع الضرر عن نفسه على الإضرار بالغير لم يجز و وجب تحمل الضرر هذا (3).

و لكن الأقوى هو الأول (4)،

++++++++++

(1) دليل لعدم إباحة تلك العظائم لاجل الخوف من الضرر القليل.

و خلاصة الدليل: أن رفع الإكراه و الاضطرار إنما شرع لدفع المكلف الضرر عن نفسه، أو من يمت إليه، لا مطلقا و ان كان الدفع بالاضرار بالغير، فان قوله صلّى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي مسوق لرفع الإكراه و الاضطرار عن الامة جمعاء و من حيث المجموع، و ليس القصد منه رفع الامتنان عن الفرد حتى يجوز الإضرار بالآخرين.

و المراد من أدلة الإكراه الأحاديث المشار إليها في ص.

(2) أي بترخيص الشارع المكلف بإضراره للآخرين حتى لا يتضرر هو. و هذا مما لا يقبله العقل، و لا اتي به من سلطان.

(3) أي خذ ما تلوناه عليك حول جواز الدخول في الولاية و عدمه

(4) و هي إباحة تلك العظائم المستلزمة للدخول في الولاية.

و قد استدل (الشيخ) على ذلك بأدلة ثلاثة.

ص: 329

لعموم (1) دليل نفي الإكراه لجميع المحرمات حتى الإضرار بالغير ما لم يبلغ الدم، و عموم (2) نفي الحرج، فان الزام الغير تحمل الضرر، و ترك ما اكره عليه حرج.

و قوله (3) عليه السلام: إنما جعلت التقية لتحقن بها الدماء فاذا بلغ الدم فليس تقية، حيث إنه دل على أن حد التقية بلوغ الدم فتشرع لما عداه.

++++++++++

(1) هذا هو الدليل الأول، و خلاصته: أن قوله صلّى اللّه عليه و آله:

رفع عن امتي ما اكرهوا عليه عام يشمل جميع المحرمات و ارتكابها و إن كان فيها إضرار بالغير ما دام لم يبلغ الدم.

(2) بالجر عطفا على قوله: لعموم، أي و لعموم أدلة الحرج.

هذا هو الدليل الثاني، و خلاصته: أن قوله تعالى: «وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» عام يشمل جواز ارتكاب جميع المحرمات ما عدا الدم، لأن إلزام الغير بتحمل الضرر، و ترك ما اكره عليه حرج منفي بالآية الكريمة.

(3) بالجر عطفا على قوله: لعموم. أي و لعموم قوله عليه السلام.

هذا هو الدليل الثالث، و خلاصته: أن قوله عليه السلام: إنما جعلت التقية لتحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فليس تقية عام يشمل جواز ارتكاب جميع المحرمات ما عدا الدم، فإنه إذا بلغ الأمر حد الدم فلا تجوز التقية فيه، لأن التقية انما شرعت لأجل حقن الدماء و حفظها من كل أحد فاذا سببت اراقة دم آخر فلا تشرع.

راجع حول الحديث (اصول الكافي). الجزء 2. ص 220.

الحديث 16، و هناك أحاديث اخرى حول التقية كلها عامة فراجعها.

ص: 330

و أما ما ذكر (1): من استفادة كون نفي الإكراه لدفع الضرر فهو (2) مسلم بمعنى دفع توجه الضرر، و حدوث مقتضيه (3)، لا بمعنى (4)

++++++++++

(1) جواب عن دخل مقدر.

و خلاصة الدخل: أن ما ذكرتم في الوجه الثاني في ص 329 عند قولكم: و من أن المستفاد من أدلة الإكراه تشريعه لدفع الضرر فلا يجوز دفع الضرر بالإضرار بالآخرين: مناف لما تقولون بجواز دفع الضرر و لو بالإضرار بالآخرين، لانك كما عرفت أن رفع الإكراه امتنان من الشارع في حقن دماء المكرهين بالفتح، و دفع الضرر عن النفس بإضرار الآخرين مناف للامتنان المذكور.

(2) هذا جواب عن الدخل.

و خلاصته: أن حديث الرفع مسلم لا اشكال فيه، لأن معناه أن رفع الضرر بالإضرار بالآخرين، و إحداث مقتضى الرفع و ايجاده فيهم لا يجوز و إن اكره عليه.

بخلاف دفع الضرر عن النفس، فانه جائز و لو بالإضرار بالآخرين اذ فرق بين الرفع و الدفع، فان الاول ثابت في محله فدفعه عن النفس بالإضرار بالآخرين لا يجوز، و أن الثاني و هو الدفع لم يتحقق بعد، و لم يحل في مكان فدفع هذا عن النفس بالإضرار بالآخرين جائز بعد حصول مقتضيه و هو الإكراه.

و هذا هو الفارق بين الرفع و الدفع.

(3) أي حدوث مقتضي الرفع و ايجاده كما عرفت آنفا.

(4) أي و ليس معنى: رفع عن امتي ما اكرهوا عليه دفع ما اكرهوا عليه حتى لا يجوز و قد عرفت معنى ذلك آنفا.

ص: 331

دفع الضرر المتوجه بعد حصول مقتضيه (1).

بيان ذلك (2) أنه اذا توجه الضرر الى شخص بمعنى حصول مقتضيه فرفعه عنه بالإضرار بغيره غير لازم، بل غير جائز في الجملة، فاذا توجه ضرر (3) على المكلف باجباره على مال و فرض أن نهب مال الغير دافع له فلا يجوز للمجبور نهب مال غيره لرفع الجبر عن نفسه.

و كذلك (4) اذا اكره على نهب مال غيره فلا يجب تحمل الضرر بترك النهب لدفع الضرر المتوجه الى الغير.

و توهم أنه كما يسوغ النهب في الثاني (5)، لكونه مكرها عليه

++++++++++

(1) أي مقتضى دفع الضرر و هو الإكراه كما عرفت آنفا.

(2) أي بيان أن المراد من رفع عن امتي هو الرفع، لا الدفع و أن الأول غير جائز، و الثاني جائز، و قد عرفت شرح ذلك في ص 331.

فلا نعيده.

(3) هذا مثال لرفع الضرر عن نفسه و هو غير جائز، و قد عرفت شرحه في ص 331 عند قولنا: فان الأول ثابت في محله.

(4) هذا مثال لدفع الضرر عن نفسه و هو جائز و قد عرفت شرحه في ص 331 عند قولنا: و أن الثاني و هو الدفع لم يتحقق.

ففي هذا المثال يجوز للمكره بالفتح نهب مال الغير و إضراره لدفع الضرر عن نفسه.

و لكن لا يخفى أن جواز النهب لا يرفع ضمان مال الغير، لأن المال باق في ذمته يجب الوفاء به عند التمكن من الأداء و لو بالكسب، لأن الشارع أجاز الدفع فقط، و أما عدم الضمان فلا.

(5) و هو رفع الضرر عن نفسه كما عرفت شرحه في ص 331.

ص: 332

فترتفع حرمته.

كذلك يسوغ في الأول (1)، لكونه مضطرا إليه.

ألا ترى (2) أنه لو توقف دفع الضرر على محرم آخر غير الإضرار بالغير كالإفطار في شهر رمضان، أو ترك الصلاة، أو غيرهما ساغ له ذلك المحرم

و بعبارة اخرى الإضرار بالغير من المحرمات فكما ترتفع حرمته بالاكراه.

كذلك ترتفع بالاضطرار، لأن نسبة الرفع الى ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه على حد سواء (3).

مدفوع (4) بالفرق بين المثالين في الصغرى بعد اشتراكهما في الكبرى

++++++++++

(1) و هو دفع الضرر عن نفسه كما عرفت شرحه في ص 331.

(2) هذا تأييد من المتوهم لمدعاه: و هو جواز الإضرار بالآخرين في الصورتين و هما: رفع الضرر عن نفسه. و دفعه عنها.

(3) أي نسبة الرفع الى ما اضطروا إليه كنسبة الرفع الى ما اكرهوا عليه فكما أن الرفع هناك عام يشمل جميع أفراد الإكراه، سواء أ كان متوجها نحو المكره بالفتح أم الى الآخرين.

كذلك الرفع بسبب الاضطرار عام يشمل جميع الأفراد فليس في هذا و ذاك أي قيد و شرط.

(4) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 332: و توهم أنه أي التوهم المذكور ممنوع.

هذا جواب من الشيخ عن التوهم المذكور.

و خلاصته: أنه فرق بين المثالين و هما: المثال الأول في الفرض الأول الذي ذكره (الشيخ) بقوله في ص 332: فاذا توجه ضرر على المكلف.

و المثال الثاني في الفرض الثاني الذي ذكره (الشيخ) بقوله في ص 332:

و كذلك اذا اكره الشخص: من حيث الصغرى بعد اشتراك المثالين في الكبرى

ص: 333

المتقدمة: و هي أن الضرر المتوجه الى شخص لا يجب دفعه بالإضرار بغيره بأن (1) الضرر في الأول (2) متوجه الى نفس الشخص، فرفعه عن نفسه بالاضرار بالغير غير جائز.

و عموم (3) رفع ما اضطروا إليه لا يشمل الاضرار بالغير المضطر إليه لأنه (4) مسوق للامتنان على الامة، فترخيص بعضهم في الإضرار بالآخر لدفع الضرر عن نفسه، و صرفه الى غيره: مناف (5) للامتنان، بل يشبه

++++++++++

الكلية السالبة: و هو أن الضرر المتوجه الى شخص لا يجب دفعه بالاضرار بالغير، لأن موضوع الصغرى في الفرض الأول هو الاكراه على مال نفسه فالضرر متوجه الى الشخص أولا و بالذات و مباشرة فلا يجب رفعه بمال الغير بالإضرار به، بل لا يجوز ذلك اصلا.

بخلاف الموضوع في الصغرى في الفرض الثاني، فإنه هو الاكراه على مال الغير فالضرر أولا و بالذات متوجه الى الغير فلا يجب دفع الضرر عن الغير بإضرار نفسه.

(1) الباء بيان لفرق الصغرى في المثالين المذكورين في الفرض الأول و الثاني و قد عرفت الفرق عند قولنا: لأن موضوع الصغرى.

(2) أي في المثال الأول في الفرض الأول كما عرفت في ص 332.

(3) كما في الحديث النبوي، رفع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه المشار إليه في ص 326.

هذا جواب دخل مقدر. تقدير الدخل أن رفع عن امتي ما اضطروا إليه عام يشمل حتى الاضرار بالغير.

(4) تعليل لعدم شمول عموم ما اضطروا إليه.

(5) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فترخيص أي ترخيص البعض مناف للامتنان المذكور.

ص: 334

الترجيح بلا مرجح (1).

فعموم ما اضطروا إليه في حديث الرفع مختص بغير الاضرار بالغير من المحرمات.

و أما الثاني (2) فالضرر فيه أولا و بالذات (3) متوجه الى الغير بحسب التزام المكره بالكسر، و ارادته الحتمية، و المكره بالفتح و ان كان مباشرا إلا أنه ضعيف لا ينسب إليه توجيه الضرر الى الغير حتى يقال:

إنه أضر بالغير (4) لئلا تتضرر نفسه.

نعم (5) لو تحمل الضرر و لم يضر بالغير فقد صرف الضرر عن الغير الى نفسه عرفا، لكن الشارع لم يوجب هذا (6)، و الامتنان (7) بهذا

++++++++++

(1) بل هو ترجيح المرجوح، و لذا قال (قدس سره): بل يشبه.

(2) أي الصغرى في المثال الثاني في الفرض الثاني: هو الاكراه على مال الغير أولا و بالذات فالضرر متوجه نحو الغير مباشرة كما عرفت في ص 334 عند قولنا: بخلاف الموضوع في الصغرى في الفرض الثاني.

(3) و إنما قال: أولا و بالذات، حيث إن المكره بالفتح اذا.

لم يقم بهذا العمل فالضرر يتوجه نحوه ثانيا و بالعرض، لأن المقصود الأولي الأصلي: هو إضرار الغير، لا إضرار شخص المكره بالفتح.

(4) هذا أحد مصاديق قول الفقهاء: السبب أقوى من المباشر لنسبة الضرر الى المسبب، لا الى المباشر، لأنه لا يقال: إن المباشر أضر بالغير.

(5) استدراك عما أفاده آنفا: من أنه لا يجب إضرار نفسه اذا توجه الضرر الى الغير.

(6) أي صرف الضرر عن الغير و توجيهه إليه حتى يقي الغير بنفسه

(7) دفع وهم. -

ص: 335

على بعض الامة لا قبح فيه كما أنه لو أراد ثالث الإضرار بالغير لم يجب على الغير تحمل الضرر، و صرفه عنه الى نفسه.

هذا (1) كله مع أن أدلة نفي الحرج كافية في الفرق بين المقامين فانه لا حرج في أن لا يرخص الشارع في دفع الضرر عن أحد بالإضرار بغيره.

بخلاف ما لو الزم الشارع الإضرار على نفسه لدفع الضرر المتوجه الى الغير، فانه (2) حرج قطعا.

++++++++++

- حاصل الوهم: أن الامتنان في حديث رفع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه عام فكيف جوزتم الإضرار بالغير هنا و وقاية مال نفسه؟ فصار الامتنان على بعض و هو المكره بالفتح، دون آخر و هو المتعدى عليه فهذا ينافي تعميم الامتنان الذي شرع للامة جمعاء.

فأجاب ما حاصله: أن اختصاص الامتنان في هذا المورد دون ذاك لا قبح فيه، حيث إن الضرر لم يتوجه إليه أولا و بالذات كما عرفت بل توجه إليه ثانيا و بالعرض.

(1) أي ما ذكرناه من الأدلة على الفرق في المقامين: مقام توجه الضرر الى الغير أولا و بالذات، و الى المكره بالفتح ثانيا و بالعرض. كما في الفرض الثاني المشار إليه في ص 334.

و مقام توجه الضرر الى الشخص أولا و بالذات كما في الفرض الأول المشار إليه في ص 333: غير محتاج إليه بعد وجود أدلة نفي الحرج في قوله تعالى: (وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) : فإنها كافية في المقام، فالاستدلال بما ذكرنا أمر زائد.

(2) أي بخلاف إلزام الشارع الشخص على إضرار نفسه لدفع الضرر المتوجه الى الغير، فإنه حرج قطعا و هو منفي بقوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.

ص: 336

الثاني: أن الإكراه يتحقق بالتوعد بالضرر على ترك المكره عليه

(الثاني) (1): أن الإكراه يتحقق بالتوعد (2) بالضرر على ترك المكره عليه ضررا متعلقا بنفسه، أو ماله، أو عرضه (3)، أو بأهله ممن يكون ضرره راجعا الى تضرره و تألمه.

و أما إذا لم يترتب على ترك المكره عليه إلا الضرر على بعض المؤمنين ممن يعد أجنبيا من المكره بالفتح: فالظاهر أنه لا يعد ذلك إكراها عرفا إذ لا خوف له يحمله على فعل ما امر به.

و مما ذكرنا: من اختصاص الإكراه بصورة خوف لحوق الضرر بالمكره نفسه، أو بمن يجري مجراه كالأب و الولد صرح في الشرائع و السراير، و التحرير، و الروضة البهية (4)، و غيرها (5).

نعم (6) لو خاف على بعض المؤمنين جاز له قبول الولاية المحرمة (7)

++++++++++

(1) أي الأمر الثاني من الامور التي يجب عليها التنبيه و التي ذكرها (الشيخ) في ص 327 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور.

(2) هذا هو المصدر الصحيح لهذه المادة التي تكون بمعنى الإخافة و التهديد، و قد أشرنا إليه في ص 325 أن (توعيد) غلط، حيث لم يأت هذا المصدر لهذه المادة التي هي بمعنى التهديد.

(3) بمعناه الأعم، لا خصوص الزوجة و البنت و الاخت و الام.

(4) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 6.

ص 19-21 عند قول الماتن في شروط المطلق و الاختيار: فلا يقع طلاق المكره

(5) أي و غير هذه الكتب الثلاث.

(6) استدراك عما أفاده آنفا من قوله: و أما إذا لم يترتب على ترك المكره عليه إلا الضرر على بعض المؤمنين ممن يعد أجنبيا من المكره بالفتح فالظاهر أنه لا يعد ذلك إكراها عرفا.

(7) و هي الولاية من قبل الجائر.

ص: 337

بل غيرها (1): من المحرمات الإلهية التي أعظمها التبري من أئمة الدين (2) لقيام الدليل على وجوب مراعاة المؤمنين، و عدم تعريضهم للضرر.

مثل ما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: و لأن تبرأ (3) منا ساعة بلسانك و أنت موال لنا بجنانك (4) لتبقي على نفسك (5) روحك التي بها قوامها، و مالها (6) الذي به قيامها، و جاهها (7) الذي به

++++++++++

(1) أي و غير الولاية من محرمات اخرى.

(2) و هم: (الأئمة الاثنا عشر من أهل البيت) صلوات اللّه عليهم أجمعين.

(3) يحتمل أن يكون فعل مضارع من باب بري يبرأ وزان علم يعلم و يحتمل أن يكون من باب التفعل فمضارعه تتبرأ حذفت احدى التائين فتقرأ تبرّأ. و كلمة إن في قوله: و لئن شرطية و جوابها قوله: فإن ذلك.

(4) بفتح الجيم مفرد. جمعه: أجنان و هو القلب.

و كلمة لتبقي يحتمل أن تكون من باب التفعيل من بقي يبقي تبقية.

و من باب الإفعال من أبقى يبقي إبقاء و معناه من كلا البابين: المحافظة.

(5) المراد منها الحياة.

(6) بالنصب عطفا على قوله عليه السلام: روحها أي لتبقي مالها و المراد من المال: أعم من النقود و العرض، و ما يملكه و ما يخصه.

و مرجع الضمير في كلمة روحها و مالها، و قيامها، و جاهها و تمسكها:

النفس.

و كلمة التي صفة للروح، و مرجع الضمير في بها الروح، و في قوامها النفس، و كلمة الذي صفة للمال.

(7) بالنصب عطفا على روحها أي لتبقي جاهها، و الباء في به: للالصاق المعنوي. -

ص: 338

تمسكها، و تصون من عرف بذلك (1): من أوليائنا و إخواننا، فإن ذلك (2) أفضل من أن تتعرض للهلاك، و تتقطع به (3) عن عمل في الدين و صلاح إخوانك المؤمنين.

و إياك ثم إياك أن تترك التقية التي امرتك بها، فإنك شائط (4) بدمك و دماء إخوانك، معرض بنعمتك و نعمتهم للزوال، مذل لهم في أيدي

++++++++++

- و كلمة تمسك مصدر باب التفعل.

و يحتمل أن يكون فعل مضارع من باب الإفعال وزان اكرم يكرم و فاعله المخاطب.

و المعنى على الأول: أن النفس تطلب الجاه و لا ترضى بزواله.

و على الثاني: أن الانسان يمسك نفسه عن الظلم و الذلة.

(1) أي بالجاه.

و المراد من تصون: المحافظة. أي تحافظ على ماء وجه أوليائنا و كرامتهم.

(2) مرجع الاشارة: التبرؤ منا. أي التبرؤ منا أفضل مما ذكر.

(3) مرجع الضمير: الهلاك.

و يحتمل أن يكون المرجع: التعرض، حيث إنه موجب للفرار و هو موجب لانقطاع العمل في الدين.

(4) اسم فاعل من شاط يشيط و أصل شاط شيط. أجوف يأتي معناه: تعريض النفس للهلاك يقال: أشاط فلان بدم فلان أي عرضه للقتل، فإن الانسان لو فعل هذه الأفعال فقد عرض نفسه للقتل.

فالرواية هذه تدل على جواز قبول الولاية المحرمة من قبل الجائر لو خاف على بعض إخوانه المؤمنين.

ص: 339

أعداء دين اللّه و قد أمرك اللّه باعزازهم، فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على اخوانك و نفسك أشد من ضرر الناصب لنا، الكافر بنا إلى آخر الحديث (1).

لكن (2) لا يخفى أنه لا يباح بهذا النحو من التقية الاضرار بالغير لعدم شمول أدلة (3) الاكراه لهذا (4)، لما (5) عرفت من عدم تحققه مع عدم لحوق ضرر بالمكره بالفتح، و لا بمن يتعلق به، و عدم (6)

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 479. الباب 29. ذيل الحديث 11.

(2) استدراك عما أفاده من جواز قبول الولاية المحرمة، بل غيرها من المحرمات الإلهية التي أعظمها التبري من أئمة الدين لو خاف على بعض اخوانه المؤمنين.

(3) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه.

(4) و هو الإضرار بالغير.

(5) أي لما عرفت من عدم تحقق الإكراه هنا و هو الإضرار بالغير في قوله في ص 337: الثاني أن الإكراه بتحقق بالتوعد بالضرر على ترك المكره عليه ضررا متعلقا بنفسه، أو ماله، أو عرضه، أو بأهله ممن يكون ضرره راجعا الى تضرره.

و من المفروض أن الضرر هنا متوجه الى الغير الذي لا يمسه بأي نحو من الأنحاء فلا يتحقق الاكراه.

(6) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من عدم تحققه أي و لما عرفت من عدم جريان أدلة نفي الحرج في قوله في ص 330:

و عموم نفي الحرج، فإن الزام الغير تحمل الضرر، و ترك ما اكره عليه حرج.

ص: 340

جريان أدلة نفي الحرج، إذ لا حرج على المأمور، لأن المفروض تساوي من امر (1) بالإضرار به، و من (2) يتضرر بترك هذا الأمر من حيث النسبة إلى المأمور مثلا (3) لو امر الشخص بنهب مال المؤمن و لا يترتب على مخالفة المأمور (4) به إلا نهب مال مؤمن آخر (5) فلا حرج حينئذ (6) في تحريم نهب مال الأول، بل تسويغه (7) لدفع النهب عن الثاني قبيح بملاحظة ما علم من الرواية المتقدمة (8) من الغرض في التقية، خصوصا مع كون المال المنهوب للأول أعظم بمراتب (9)، فإنه يشبه بمن فرّ من المطر الى الميزاب (10).

++++++++++

(1) بصيغة المجهول.

(2) الواو بمعنى مع، أي مع من يتضرر.

(3) أي خذ مثالا.

(4) و هو نهب مال المؤمن الأول.

(5) و هو نهب مال المؤمن الثاني.

(6) أي حين يتوجه الضرر نحو الثاني اذا ترك المأمور نهب مال الأول

(7) أي تجويز نهب مال الأول لدفع النهب عن المؤمن الثاني قبيح لا يسوغ للمأمور فعل ذلك، لعدم توجه ضرر نحوه كما عرفت في ص 340

(8) و هي المشار إليها في ص 330، فإنه علم فيها أن الغرض من تشريع التقية صون الانسان نفسه، أو ماله، أو جاهه، أو اخوانه المؤمنين من الضرر، لا أنها شرعت لاضرار الغير، و المفروض أن المأمور هنا لا يتوجه نحوه أي ضرر من الآمر، سواء أضر بالأول أم لا، و سواء أضر بالثاني أم لا، فكيف يسوغ له الاضرار بالآخرين.

(9) أي نهب مال المؤمن الأول لدفع النهب عن مال المؤمن الثاني.

(10) هذا مثل. يضرب لمن ترك الفاسد و ذهب الى الأفسد، حيث -

ص: 341

بل اللازم في هذا المقام (1) عدم جواز الإضرار بمؤمن و لو (2) لدفع الضرر الأعظم من غيره.

نعم (3) إلا لدفع ضرر النفس في وجه مع ضمان ذلك الضرر.

و بما ذكرنا (4) ظهر أن اطلاق جماعة لتسويغ ما عدا الدم من المحرمات

++++++++++

- إن الوقوف تحت المطر ضرره أقل من القيام تحت الميزاب الذي يجري منه الماء كالسيل.

و هذا نظير قولهم: كالمستجير من الرمضاء بالنار، فإن الأرض الحامية من شدة الحر حرارتها أقل من نفس النار.

(1) و هو مقام تساوي من امر بالاضرار به مع من يتضرر بترك هذا الأمر من حيث النسبة الى المأمور، اذ الفرض أن المأمور لا يتوجه نحوه أي ضرر، سواء أضر بالأول أم لا، و سواء أضر بالثاني أم لا.

(2) أي و لو كان الاضرار بالغير موجبا لدفع ضرر أعظم من الضرر المتوجه الى الغير.

(3) استدراك عما أفاده: من عدم جواز الاضرار بالغير اذا لم يتوجه أي ضرر نحو المأمور.

و خلاصة الاستدراك: أن الاضرار بالغير جائز فيما اذا توقف عليه دفع ضرر أهم عن الاضرار بالغير كالقتل مثلا كما لو قال الظالم الجائر للمأمور: انهب مال زيد و إلا قتلت عمرا، فنهب مال زيد جائز حينئذ مع ضمان المأمور ذلك المال النهيب.

(4) و هو عدم جواز اضرار الغير اذا لم يترتب على المأمور أي ضرر من ناحية الآمر لا على نفسه، و لا على من يتعلق به:

يظهر الاشكال فيما أفاده جماعة من الفقهاء، حيث عمموا جواز الاضرار بالغير و إن كان لدفع الضرر عن بعض المؤمنين الذين ليس لهم -

ص: 342

بترتب ضرر مخالفة المكره عليه على نفس المكره، أو على أهله، أو على الأجانب من المؤمنين لا يخلو عن بحث، إلا (1) أن يريدوا الخوف على خصوص نفس بعض المؤمنين فلا اشكال في تسويغه لما عدا الدم من المحرمات، إذ (2) لا يعادل نفس المؤمن شيء فتأمل (3).

قال في القواعد: و تحرم الولاية من الجائر إلا مع التمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أو (4) مع الاكراه بالخوف على النفس أو المال، أو الأهل، أو على بعض المؤمنين فيجوز ايتمار (5) ما يأمره إلا القتل. انتهى.

++++++++++

- تعلق بالمأمور، لأن ملاك جواز الاضرار هو توجه ضرر نحو المأمور أو من يتعلق به، و هنا لا يتعلق به أي ضرر فالتعميم ليس في محله.

(1) استثناء عما أفاده من الاشكال على جماعة من الفقهاء الذين عمموا جواز الاضرار بالغير و ان كان لدفع الضرر عن بعض المؤمنين.

(2) تعليل لتسويغ ارتكاب كل محرم عدا الدم في سبيل حفظ النفس.

(3) لعل وجه التأمل: أن دم بعض النفوس أغلى و أهم من دم آخر فحينئذ يحتمل جواز إراقة دم الذي لا يكون بهذه المثابة، حفظا لعدم إراقة دم من كان أغلى و أهم.

خذ لذلك مثالا: اذا قال الظالم: اقتل زيدا و إلا قتلت عمرا و المفروض أن عمرا عالم يترتب على وجوده منافع يعد قتله ضررا في الدين.

ثم في صورة التساوي يقع التعارض.

(4) أي تجوز الولاية مع الإكراه بسبب الخوف على النفس، أو الأهل إلى آخر ما ذكره عن (القواعد).

(5) مصدر باب الافتعال من اتمر يأتمر ائتمارا قلبت همزته ياء لكونها و كسرة ما قبلها. و معناه الامتثال فهو مطاوعة أمر.

ص: 343

و لو أراد (1) بالخوف عل بعض المؤمنين الخوف على أنفسهم، دون أموالهم و أعراضهم لم يخالف ما ذكرناه (2)، و قد شرح العبارة بذلك (3) بعض الأساطين.

فقال: إلا مع الاكراه بالخوف على النفس: من تلف، أو ضرر في البدن، أو المال (4) المضر بالحال: من تلف، أو حجب (5) أو العرض (6) من جهة النفس، أو الأهل (7)، أو الخوف فيما عدا

++++++++++

(1) أي (العلامة في القواعد) بقوله: أو على بعض المؤمنين.

(2) و هو قوله في ص 343: إلا لدفع ضرر النفس، و قوله: إلا أن يريدوا الخوف على خصوص نفس بعض المؤمنين فلا اشكال في تسويغه من المحرمات ما عدا الدم، اذ لا يعادل نفس المؤمن شيء.

(3) أي بالمعنى الذي ذكرناه: و هو الخوف على نفس بعض المؤمنين دون أموالهم و أعراضهم شرح عبارة العلامة في القواعد الشيخ الكبير (كاشف الغطاء).

(4) بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله: بالخوف على النفس أي إلا مع الإكراه بالخوف على المال، فإنه حينئذ يجوز له الولاية المحرمة من قبل الجائر.

(5) بفتح الحاء و سكون الجيم: هو المنع و الحيلولة بأن يحال بينه و بين ماله.

(6) بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله: بالخوف على النفس أي إلا مع الإكراه بالخوف على العرض، فانه يجوز له الولاية المحرمة حينئذ.

(7) المراد منه: الأعم من الزوجات و البنات و الأخوات و العمات و الخالات، لا خصوص زوجته.

ص: 344

الوسط (1) على بعض المؤمنين فيجوز حينئذ (2) ايتمار ما يأمره. انتهى.

و مراده (3) بما عدا الوسط الخوف على نفس بعض المؤمنين و أهله.

و كيف كان (4) فهنا (5) عنوانان (6): الاكراه (7) و دفع الضرر للخوف عن نفسه، و عن غيره من المؤمنين من دون اكراه (8).

++++++++++

(1) و هو الخوف على المال المضر بالحال الذي اشير إليه في ص 344 و المراد من ما عدا: هو الخوف على النفس: من تلف، أو ضرر في البدن، أو الخوف على العرض من جهة النفس، أو الأهل بالمعنى الذي فسرناه في ص 344.

(2) أي حين أن يحصل للمكره بالفتح الخوف على نفسه، أو على بعض المؤمنين، أو يحصل له الخوف على ماله فقط المضر بحاله، أو يحصل له الخوف على عرضه، أو على عرض بعض المؤمنين: يجب عليه امتثال ما أمره الجائر الظالم.

(3) أي مراد بعض الأساطين الذي اشير إليه في ص 344.

(4) أي أي شيء كان مراد بعض الأساطين، و أي شيء فسرناه نحن.

(5) أي في باب تسويغ قبول الولاية المحرمة، أو مطلق المحرمات

(6) بمعنى أن لكل واحد منهما مدخلية على نحو الاستقلال و العلية التامة في تسويغ قبول الولاية المحرمة.

(7) و لا يخفى أن الإكراه الذي هو السبب الأول لتحقق الولاية المحرمة إن كان مجردا عن الضرر فكيف يسوغ الولاية المحرمة، أو مطلق المحرمات.

و إن كان مع الضرر فاتحد مع العنوان الثاني و هو دفع الضرر المخوف عن نفسه و عن غيره فليسا عنوانين مستقلين.

(8) أي من قبل الوالي الجائر: بأن يعرض عليه الولاية من غير أن يحتم

ص: 345

و الأول (1) يباح به كل محرم.

و الثاني (2) إن كان (3) متعلقا بالنفس جاز له كل محرم حتى الإضرار المالي بالغير.

لكن الأقوى استقرار الضمان (4) عليه اذا تحقق سببه، لعدم

++++++++++

عليه قبولها، لكنه يخاف من عدم قبولها: الضرر على نفسه، أو ماله أو عرضه، أو بعض المؤمنين.

(1) أي العنوان الأول من العنوانين الذين ذكرهما الشيخ بقوله في ص 345: فهنا عنوانان: الإكراه، و دفع الضرر: يباح به كل محرم من المحرمات المترتبة على قبول الولاية المحرمة.

و قد عرفت الاشكال في إباحة هذا النوع من الإكراه المجرد عن الضرر في ص 345 بقولنا: و لا يخفى.

لا يقال: إن قوله: يباح به كل محرم يشمل حتى الدم بقرينة لفظ كل الدال على العموم الوضعي، مع أن إراقة الدم لا يباح على كل صورة.

فإنه يقال: إن قوله: يباح به كل محرم لا يشمل إراقة الدماء حيث إنه مفروغ عنه ليس فيه بحث حتى يقال: إن كلمة كل تشمله لدلالتها على العموم الوضعي.

(2) أي العنوان الثاني من العنوانين في قوله في ص 345: فهنا عنوانان.

(3) اعلم أن الشيخ قسم العنوان الثاني الى ثلاثة أقسام: فهذا هو القسم الأول: و هو أن يتعلق دفع الضرر المخوف بالنفس بمعنى أن المكلف لو لم يفعل لأصابه، أو أحدا من المؤمنين ضرر متعلق بالنفس الموجب لتلفها فهنا لا اشكال في ارتكاب كل محرم و لو كان إضرارا بمال الغير عدا الدم.

(4) أي لكن في الإضرار بمال الغير في هذا القسم يضمن التالف -

ص: 346

الاكراه المانع عن الضمان، أو استقراره.

و أما الإضرار (1) بالعرض بالزنا و نحوه ففيه تأمل، و لا يبعد ترجيح النفس عليه.

و إن كان (2) متعلقا بالمال فلا يسوغ معه الاضرار بالغير أصلا حتى في اليسير من المال، فاذا توقف دفع السبع عن فرسه بتعريض حمار غيره للافتراس لم يجز.

و إن كان (3) متعلقا بالعرض ففي جواز الاضرار بالمال مع الضمان أو العرض الأخف من العرض المدفوع عنه تأمل.

++++++++++

اذا تحقق سبب الضمان الذي هو التلف، لعدم تحقق الإكراه في موضوع عدم الضمان و إنما يتحقق الاكراه في الاضرار و الإتلاف.

(1) أي كلامنا في جواز الإضرار بالغير في القسم الأول كان في الإضرار المالي.

و أما دفع الضرر اذا كان متوقفا على الإضرار بالغير بالعرض كالزنا و نحوه مثل شرب الخمر و الربا: بأن دار الأمر بين تلف النفس، و بين التعدي على عرض الغير: فجواز دفعه المتعلق بالنفس بالتعدي بعرض الغير محل تأمل كما أفاده الشيخ بقوله: ففيه تأمل.

لكن الشيخ يرجح التعدي بالعرض، و عدم الاقدام على قتل النفس لاهمية الدماء و النفوس على ارتكاب كل محرم كما في قوله: و لا يبعد ترجيح النفس.

(2) هذا هو القسم الثاني من الأقسام الثلاثة أي إن كان دفع الضرر متوقفا على الاضرار بالغير بماله و قد ذكر شرحه في المتن.

(3) هذا هو القسم الثالث من الأقسام الثلاثة أي إن كان دفع الضرر متوقفا على الاضرار بالغير بعرضه الذي هو ناموسه. -

ص: 347

و أما الإضرار (1) بالنفس، أو العرض الأعظم فلا يجوز بلا اشكال

++++++++++

- و خلاصة هذا القسم أن العرض قسمان: أخف. و أعظم.

(الأول): عرض رجل عادي ليس له في المجتمع كيان و وزن ثقيل يحاسب عليه بحيث اذا تعدي عليه لم تترتب عليه مفسدة في المجتمع (الثاني): عرض شخصية بارزة لها كيانها في المجتمع، و يحاسب عليها بحيث لو اهين عرضه اهين الدين، و تجرى الآخرون.

فالشيخ يقول في صورة دوران الأمر بين الإضرار بالغير بماله و إن ضمنه في صورة التلف، و بين الاضرار بالعرض الأخف في سبيل الدفاع عن عرضه تأمل و اشكال.

لكن لا يدرى وجه التأمل في الإضرار المالي في سبيل الدفاع عن عرضه بعد أن ذهب الى الضمان، و لا سيما أن دفع الضرر بمال الغير متعلق بالناموس فيهون عنده كل شيء حتى الدم الذي هو أعظم من المال كما في الزناء بذات البعل، حيث يجوز للزوج قتل الزاني و زوجته لو رآهما بتلك الحالة كالميل في المكحلة اذا لم يترتب على قتلهما فساد.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 9. ص 121 و كذلك لا يدرى وجه التأمل في الإضرار بالعرض الأخف في سبيل الدفاع عن عرضه الأهم من القسم الثالث بعد أن علمنا أن الشارع جعل لبعض الأعراض أهمية كما جعل لبعض الدماء أهمية، فارتكاب الإضرار المالي بالغير مع الضمان في سبيل دفع الضرر المتعلق بالعرض، أو ارتكاب التعرض بالعرض الأخف في سبيل دفع الضرر المتعلق بالعرض الأهم:

لا يخلو من قوة.

(1) هذا من متممات القسم الثالث الذي تعلق الضرر المخوف بالعرض، و قد عرفت أن دفع الضرر المتعلق بالعرض تارة متوقف

ص: 348

هذا (1).

و قد وقع في كلام بعض تفسير الاكراه بما يعم (2) لحوق الضرر قال في المسالك: ضابط (3) الإكراه المسوغ للولاية الخوف على النفس أو المال، أو العرض عليه (4)، أو على بعض المؤمنين. انتهى (5).

++++++++++

على الاضرار بالمال مع الضمان، أو بالعرض الأخف من العرض المدفوع عنه.

و اخرى متوقف على الإضرار بالنفس، أو العرض الأعظم من العرض المتعدي عليه.

أما الإضرار بالمال مع الضمان، أو بالعرض الأخف فقد مضى شرحه آنفا و أما الإضرار بالنفس، أو العرض الأعظم في سبيل الدفاع عن عرضه فلا اشكال في عدم جوازهما و الإقدام عليهما.

و الى عدم جواز الاضرار بهذا المعنى صرح الشيخ في ص 348 بقوله:

و أما الإضرار بالنفس، أو العرض الأعظم فلا يجوز بلا اشكال.

(1) أي خذ ما تلوناه عليك من المسوغ للمحرمات و أنه اثنان:

الإكراه، و دفع الضرر المخوف.

(2) أي أفاد بعض الفقهاء أن المسوغ للمحرمات هو الإكراه المتضمن للضرر فينحصر المسوغ في عنوان واحد لا في عنوانين كما أفاده الشيخ ففي الحقيقة هذا الانحصار تضييق لدائرة الإكراه.

(3) أي تعريف الإكراه، أو القاعدة الكلية في الإكراه المسوغ للولاية: هو الخوف على النفس، أو المال، أو العرض، سواء أ كان راجعا إلى شخصه أم إلى غيره من المؤمنين.

(4) مرجع الضمير: الشخص المكره بالفتح.

(5) أي ما أفاده الشهيد في المسالك.

ص: 349

و يمكن أن يريد (1) بالإكراه مطلق المسوغ للولاية، لكن صار هذا التعبير منه منشأ لتخيل غير واحد أن الإكراه المجوز لجميع المحرمات هو بهذا المعنى (2).

الثالث في اعتبار عدم القدرة على التفصي من المكره عليه و عدمه

(الثالث) (3): أنه قد ذكر بعض مشايخنا المعاصرين (4) أنه يظهر من الأصحاب أن في اعتبار عدم القدرة على التفصي من المكره عليه (5) و عدمه، أقوالا:

ثالثها: التفصيل بين الإكراه على نفس الولاية المحرمة فلا تعتبر (6) و بين غيرها (7) من المحرمات فيعتبر فيه العجز عن التفصي.

و الذي يظهر من ملاحظة كلماتهم في باب الإكراه عدم الخلاف في اعتبار العجز عن التفصي (8) اذا لم يكن حرجا و لم يتوقف على ضرر

++++++++++

(1) أي (الشهيد الثاني)، الظاهر عدم استفادة ما أفاده الشيخ:

من أن مراد الشهيد الثاني من الاكراه هو مطلق المسوغ. حيث إن كلامه صريح في الاكراه المقيد بخوف الضرر على النفس، أو المال، أو العرض.

(2) و هو مطلق المسوغ في الدخول في المحرمات.

(3) أي من الامور التي ينبغي التنبيه عليها في قوله في ص 327.

(4) و هو (صاحب الجواهر).

(5) و هو قبول الولاية.

(6) أي القدرة على التفصي من المكره عليه و الخلاص منه.

(7) أي و بين غير الولاية من المحرمات الاخرى فيعتبر فيها عدم القدرة على التفصي و الخلاص من المكره عليه.

و من هنا يعلم القولان الآخران و هما: اعتبار القدرة في الولاية و غيرها، و عدم اعتبار القدرة في الولاية و غيرها.

(8) أي اذا فرض امكان التخلص و التفصي عن التصدي الولاية -

ص: 350

كما اذا اكره على أخذ المال من مؤمن فيظهر أنه أخذ المال و جعله في بيت المال، مع عدم أخذه واقعا، أو أخذه جهرا ثم رده إليه سرا كما كان يفعله ابن يقطين.

و كما اذا أمره بحبس مؤمن فيدخله في دار واسعة (1) من دون قيد (2)، و يحسن ضيافته، و يظهر أنه حبسه و شدد عليه.

و كذا لا خلاف في أنه لا يعتبر العجز عن التفصي اذا كان فيه ضرر كثير (3).

و كأن منشأ زعم الخلاف (4) ما ذكره في المسالك في شرح عبارة الشرائع مستظهرا (5) منه خلاف ما اعتمد عليه.

قال في الشرائع بعد الحكم بجواز الدخول في الولاية، دفعا للضرر

++++++++++

- المحرمة بشرط أن لا يكون محرجا للمكره بالفتح، و لا موجبا لضرره فلا يجوز له التصدي.

و لا يخفى أنه اذا كان في التفصي حرج، أو توقف على ضرر فلا معنى لامكان التفصي، لأن هذا معنى عدم الامكان.

(1) لا خصوصية في الدار الواسعة بعد أن كان غرضه التخلص من حبسه، و لو في غرفة، أو زاوية، حيث إن للتخلص درجات و مراتب و أما إحسانه بالضيافة فلا يجب.

(2) و هو الحديد الذي يجعل في اليدين، أو الرجلين.

(3) أي في التفصي.

(4) كما حكى (الشيخ) عن (صاحب الجواهر) في وجود الخلاف على ذلك بقوله في ص 350: الثالث أنه قد ذكر بعض مشايخنا المعاصرين

(5) أي حال كون (الشهيد الثاني) مستظهرا من عبارة (صاحب الشرائع) خلاف ما اعتمد عليه هو من الرأى.

ص: 351

اليسير مع الكراهة، و الكثير (1) بدونها: اذا اكرهه الجائر على الولاية جاز له الدخول، و العمل بما يأمره، مع عدم القدرة على التفصي منه (2). انتهى قال في المسالك ما ملخصه: إن المصنف ذكر في هذه المسألة (3) شرطين: الإكراه. و العجز عن التفصي، و هما (4) متغايران، و الثاني (5) أخص.

و الظاهر أن مشروطهما (6) مختلف،

++++++++++

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه و هي كلمة اليسير في قوله:

الضرر اليسير.

و مرجع الضمير في بدونها: الكراهة أي و دفعا للضرر الكثير بدون الكراهة.

(2) أي من الجائر.

(3) و هي مسألة قبول الولاية من قبل الجائر.

و المراد من (المصنف) هو (المحقق صاحب الشرائع).

(4) أي العجز و الإكراه متغايران مفهوما، حيث إن مفهوم العجز عن التفصي أخص من الأول بمعنى أن بينهما عموما و خصوصا مطلقا أي كلما صدق العجز عن التفصي الذي هو الأخص صدق الإكراه الذي هو الأعم و ليس كلما صدق الاكراه صدق العجز عن التفصي، إذ ربما يجتمع الاكراه مع القدرة على التفصي: بأن يقبل الولاية و يتخلص من محرماتها كما كان يفعل (على بن يقطين) رضوان اللّه عليه مع الخليفة العباسي (هارون الرشيد) في أيام تصديه الوزارة.

(5) و هو العجز عن التفصي كما عرفت آنفا.

(6) أي مشروط الاكراه، و مشروط العجز عن التفصي مختلف -

ص: 352

فالأول (1) شرط في أصل قبول الولاية.

و الثاني (2) شرط للعمل بما يأمره.

ثم فرّع (3) عليه أن الولاية ان اخذت مجردة عن الأمر بالمحرم فلا يشترط في جوازه (4) الاكراه.

و أما العمل (5) بما يأمره من المحرمات فمشروط بالاكراه خاصة و لا يشترط فيه الالجاء بحيث لا يقدر على خلافه.

و قد صرح (6) به الأصحاب في كتبهم، فاشتراط العجز عن التفصي

++++++++++

- حيث إن مشروط الأول: قبول الولاية، أي يجوز قبول الولاية و إن أمكن له التفصي عما يأمره الجائر.

و مشروط الثاني و هو العجز عن التفصي: العمل بما يأمره الجائر من المحرمات و إن أمكنه التفصي.

(1) و هو الاكراه كما عرفت آنفا.

(2) و هو العجز عن التفصي كما عرفت آنفا.

(3) أي فرّع (صاحب المسالك) على ما أفاده في كلامه شرحا على عبارة الشرائع.

(4) أي في جواز قبول الولاية الاكراه، حيث إن الجائر لم يأمره بمحرم فلا مجال لاشتراط الاكراه.

(5) أي أما جواز العمل بما يأمره، سواء أ كان في الولاية أم خارجا عنها فمشروط بالاكراه خاصة، من دون اعتبار العجز عن التفصي.

(6) أي صرح الأصحاب بما قلناه: و هو أن الولاية اذا كانت مجردة عن الأمر بالمحرم فلا يشترط في جوازه الاكراه.

و اذا كانت مقرونة كفى الاكراه خاصة من دون اشتراط العجز عن التفصي.

ص: 353

غير واضح، إلا أن يريد به (1) أصل الاكراه، الى أن قال (2): إن الاكراه مسوغ لامتثال ما يؤمر به و إن قدر على المخالفة (3) مع خوف الضرر. انتهى موضع الحاجة من كلامه (4).

أقول: لا يخفى على المتأمل أن المحقق رحمه اللّه لم يعتبر شرطا زائدا (5) على الاكراه إلا أن الجائر اذا أمر الوالي بأعمال محرمة في ولايته كما هو الغالب (6) و أمكن في بعضها المخالفة واقعا و دعوى الامتثال ظاهرا كما مثلنا لك سابقا (7): قيد (8) امتثال ما يؤمر به بصورة العجز عن التفصي.

++++++++++

(1) أي يريد باشتراط العجز عن التفصي نفس الاكراه بمعنى أن مفهوم الاكراه لا يتحقق إلا مع العجز عن التفصي.

(2) أي (صاحب المسالك).

(3) و هي القدرة على التفصي.

و قوله: مع خوف الضرر قيد لقوله: مسوغ لامتثال ما يؤمر به أي أن الاكراه مسوغ لقبول الولاية من الجائر اذا كان هناك خوف الضرر.

(4) أي من كلام (صاحب المسالك).

و لا يخفى أن (شيخنا الأعظم) نقل كلام (الشهيد الثاني) بتصرف فيه. راجع المسالك.

(5) و هو العجز عن التفصي.

(6) أي كما هو الغالب في الولاية المحرمة أن تكون مقرونة بالمحرمات.

(7) في قوله في ص 351: كما اذا أمره بحبس مؤمن فيدخله في دار واسعة من دون قيد، و يحسن ضيافته، و يظهر أنه حبسه و شدد عليه.

(8) جواب لإذا الشرطية في قوله: إلا أن الجائر إذا امر الوالي، و الفاعل في كلمة قيّد: المحقق أي قيّد المحقق امتثال أمر الجائر -

ص: 354

و كيف كان (1) فعبارة الشرائع واقعة على طبق المتعارف: من تولية الولاة و امرهم في ولايتهم بأوامر كثيرة يمكنهم التفصي عن بعضها، و ليس المراد بالتفصي المخالفة مع تحمل الضرر (2) كما لا يخفى.

و مما ذكرنا (3) يظهر فساد ما ذكره (4) من نسبة عدم الخلاف المتقدم الى الأصحاب، و من أنه على القول باعتبار العجز عن التفصي لو توقف المخالفة على بذل مال كثير لزم (5).

ثم قال (6):

++++++++++

- بصورة العجز عن التفصي اذا كان عاجزا عن التخلص عن العمل باتيان المحرمات.

(1) أي سواء أ كان العجز عن التفصي معتبرا أم لا، فعبارة الشرائع جارية على طبق عبارة الفقهاء في بيان تولية الولاة و امرهم في ولايتهم.

(2) سواء أ كان الضرر المتحمل في المال أم في النفس أم في العرض

(3) و هو الخلاف في أن قبول الولاية وحدها مجردة عن المحرمات الاخرى يعتبر فيه غير الاكراه المجرد عن التفصي، أو لا يعتبر.

و أن امتثال الأوامر مشروط بالعجز عن التفصي أو لا؟

(4) أي بعض مشايخنا في قوله في ص 350: الثالث أنه قد ذكر بعض مشايخنا المعاصرين.

وجه الظهور هو وجود الخلاف بين الأصحاب كما يظهر من كلام (الشهيد الثاني) في المسالك في شرح عبارة الشرائع في ص 351 عند قوله: و كأن منشأ زعم الخلاف ما ذكره.

(5) لعل الحكم بلزوم بذل مال كثير لأجل صدق القدرة على التفصي مع امكان البذل؟

(6) أي بعض مشايخنا و هو (صاحب الجواهر).

ص: 355

و هو أحوط (1)، بل أقرب.

الرابع: أن قبول الولاية مع الضرر المالي الذي لا يضر بالحال رخصة، لا عزيمة

(الرابع) (2): أن قبول الولاية مع الضرر المالي الذي لا يضر بالحال رخصة (3)، لا عزيمة فيجوز تحمل الضرر المذكور، لأن الناس مسلطون على أموالهم.

بل ربما يستحب تحمل ذلك الضرر، للفرار عن تقوية شوكتهم.

الخامس: لا يباح بالاكراه قتل المؤمن و لو توعد على تركه بالقتل

(الخامس) (4): لا يباح بالاكراه قتل المؤمن و لو توعد على تركه بالقتل اجماعا على الظاهر المصرح به في بعض الكتب (5)، و إن كان مقتضى

++++++++++

(1) جملة: و هو أحوط، بل أقرب لم تسبق في كلام (الشيخ) عند نقله كلام بعض مشايخه المعاصرين، و إنما نقلها هنا تكملة لما نقله عنه أما وجه كون لزوم بذل المال الكثير هو الأحوط فلأنه يدفع به إضراره عن الغير، و يتخلص عما هو محتمل الحرمة، و يحضى برضى اللّه تعالى.

و أما كونه أقرب فلأن الاسلام دين السلام و العدل و المسلمون تحت رايته سواء، إلا من فضّله اللّه على الناس: من الإمامة، أو العلم أو التقوى، فلا يجوز لبعض إضرار البعض الآخر لأجل دفع الضرر عن نفسه.

(2) أي الأمر الرابع من الامور التي ذكرها الشيخ في ص 327 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور.

(3) أي جائز و ليس بواجب، و يجوز تحمل الضرر المذكور بترك الولاية، و ما أفاده الشيخ محل نقاش و غير مسلم، لأنه إن كان ضرر فيجب قبول الولاية، و إن لم يكن ضرر فيحرم كما أفاده.

(4) أي الأمر الخامس من الأمور التي ذكرها الشيخ في ص 327 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور.

(5) أي الكتب الفقهية.

ص: 356

عموم نفي الاكراه (1) و الحرج (2) الجواز، إلا أنه قد صح عن الصادقين (3) صلوات اللّه عليهما أنه إنما شرعت التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغت الدم فلا تقية.

و مقتضى العموم (4) أنه لا فرق بين أفراد المؤمنين: من حيث الصغر و الكبر، و المذكورة و الانوثة، و العلم و الجهل، و الحر و العبد و غير ذلك (5).

و لو كان المؤمن مستحقا للقتل لحد (6) ففي العموم وجهان (7):

من (8) اطلاق قولهم: لا تقية في الدماء.

++++++++++

(1) في قوله صلى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه.

(2) و هو قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .

(3) و هما: (الامام الباقر و الامام الصادق صلوات اللّه عليهما.

راجع أخبار التقية (اصول الكافي). الجزء 2. ص 220 الأحاديث

(4) أي عموم رواية انما شرعت التقية ليحقن الدم.

(5) من الفقر و الغنى، و الصحة و المرض، و العقل و الجنون.

(6) كما أنه لو علم المكره بالفتح أن المأمور الذي أمر الوالي الجائر بقتله يستحق القتل بالحد الشرعي كالزاني باحدى محارمه، أو بامرأة مكرها لها بالزنا.

(7) وجه بجواز قتل مثل هذا المؤمن بالاكراه.

و وجه بعدم الجواز.

(8) دليل لعدم إباحة دم مثل هذا المؤمن، لأن قول الفقهاء:

لا تقية في الدماء مطلق يشمل حتى دم مثل هذا المؤمن.

ص: 357

و من (1) أن المستفاد من قوله: ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فلا تقية: أن المراد الدم المحقون، دون المأمور بإهراقه.

و ظاهر المشهور الأول (2).

و أما المستحق للقتل قصاصا فهو محقون الدم بالنسبة الى غير ولي الدم (3) و مما ذكرنا (4) يظهر حكم الناصب، لأنه غير محقون الدم. و إنما

++++++++++

(1) دليل لجواز إباحة دم مثل هذا المؤمن، لأن المراد من حقن الدم في قوله عليه السلام: إنما شرعت التقية ليحقن بها الدم الدم المحقون فالذي عليه حد لا يكون محقون الدم فلا يشمله عموم المنع في الرواية.

(2) و هو عدم جواز قتله.

(3) و أما ولي الدم فله قتله و إن لم يكن اكراه و تقية هناك.

(4) من أن التقية إنما شرعت لأجل حقن الدم: يظهر حكم الناصب لأنه ليس محقون الدم، لأنه لعنه اللّه ينصب العداء (لأهل البيت) الذين حبهم فرض على العباد في قوله تعالى: قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ الشورى: الآية 23.

قال في (تاج العروس). المجلد الأول ص 487 طباعة (افست) عن الطبعة الاولى بالمطبعة الخيرية في مصر عام 1306 - الهجري في مادة (نصب):

النواصب و الناصبة و أهل النصب: هم المتدينون ببعض سيدنا أمير المؤمنين و يعسوب المسلمين (أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه و كرم وجهه، لأنهم نصبوا له أي عادوه و أظهروا له الخلاف و هم طائفة الخوارج، و أخبارهم مستوفاة في (كتاب المعالم) للبلاذري.

ص: 358

منع منه (1) حدوث الفتنة فلا اشكال في مشروعية قتله (2)، للتقية (3).

و مما ذكرنا (4) يظهر حكم دم الذمي، و شرعية التقية في إهراقه (5) و بالجملة فكل دم غير محترم بالذات عند الشارع (6) خارج عن مورد الروايتين (7) فحكم

++++++++++

(1) أي من قتل الناصب حدوث الفتنة بقتله، لأن قتله ربما يوجب إراقة دماء كثير من الشيعة.

(2) أي قتل الناصب لو اكره الانسان عل قتله.

(3) أي جواز قتل الناصب لأجل التقية، لأنه لو لم يقتله المأمور لقتله الآمر فذهب دمه هباء، و المفروض أن التقية انما شرعت ليحقن بها الدم، و الناصب ليس محقون الدم.

(4) و هو أن التقية إنما شرعت لحقن دم المسلم فاذا بلغت التقية حد الدم فلا تقية.

(5) حيث يجوز قتله و إهراق دمه فيما اذا دار الأمر بين قتل المسلم و قتل الذمي من باب الأهم و المهم، فان التقية إنما شرعت لحقن دم من كان محقون الدم بالذات كالمسلم، لا من كان محقون الدم بالعرض كالذمي، لأنه يعمل بشرائط الذمة.

(6) كالذمي، لأنه كما عرفت محقون الدم بالعرض، للعمل بشرائط الذمة.

(7) و هما: رواية (الامام الباقر) عليه السلام في قوله: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فليس تقية.

و رواية (الامام الصادق) عليه السلام في قوله: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فليس تقية.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 483. الحديث 1-2 -

ص: 359

إهراقه (1) حكم سائر المحرمات التي شرعت التقية فيها (2).

بقي الكلام في أن الدم (3) يشمل الجرح، و قطع الأعضاء أو يختص (4) بالقتل؟ وجهان:

من اطلاق (5) الدم و هو المحكي عن الشيخ.

و من عمومات (6) التقية،

++++++++++

- الباب 31 من أبواب عدم جواز التقية في الدم.

فالحديثان لا يشملان دم الذمي، حيث إن موردهما محقون الدم بالذات، و الذمي محقون الدم بالعرض، لكونه يعمل بشرائط الذمة.

(1) أي حكم إهراق دم الذمي حكم بقية المحرمات التي يجوز ارتكابها لأجل التقية التي شرعت لارتكاب المحرمات و أمثالها.

(2) أي في المحرمات.

(3) أي الدم الوارد في الرواية عن الامامين الصادقين عليهما السلام في قولهما: (ليحقن بها الدم) هل يشمل الجرح، و قطع الأعضاء بمعنى أنه اذا بلغت التقية الجرح، و قطع الأعضاء فلا تقية فلا يجوز ارتكاب هذين الفعلين أيضا كما لا يجوز قتل النفس عند بلوغ التقية إليه.

(4) أي أو أن الدم الوارد في الروايتين يختص بالقتل فقط فلا يشمل الجرح، و قطع الأعضاء فيجوز ارتكاب هذين الفعلين.

(5) هذا دليل لشمول التقية مثل الجرح و الأعضاء و الجوارح، حيث إن الدم الوارد في الروايتين في قولهما عليهما السلام: فاذا بلغ الدم فلا تقية مطلق ليس مقيدا بدم فيه ازهاق الروح فقط، بل يشمل حتى الجرح و الأعضاء فلا يجوز لأحد جرح الآخر، و لا قطع أعضائه تقية.

(6) هذا دليل لعدم شمول الدم الوارد في الروايتين الجرح و قطع الأعضاء و هو الدليل الأول. أي أن الأدلة الواردة في التقية عامة

ص: 360

و نفي (1) الحرج، و الاكراه (2)، و ظهور (3) الدم المتصف بالحقن في الدم

++++++++++

تشمل الجرح، و دم ازهاق النفس، و قطع الجوارح.

لكنه خصص دم الازهاق في قوله عليه السلام: و إذا بلغت التقية الدم فلا تقية فخرج عن تحت عموم أدلة التقية و بقي الجرح و قطع الأعضاء تحت عموم أدلة التقية فيجوز للمكره بالفتح إقدامه على الجرح، و قطع الأعضاء.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: و من عمومات التقية أي و من عمومات نفي الحرج.

هذا دليل ثان لجواز إقدام المكره بالفتح على الجرح، و قطع الأعضاء.

أي و من عموم أدلة نفي الحرج و هو قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، فان المكره بالفتح لو لم يجرح، أو لم يقطع يقع في الحرج و هو منفي.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: و من عمومات التقية أي و من عمومات أدلة نفي الإكراه.

هذا دليل ثالث لجواز إقدام المكره بالفتح على الجرح، و قطع الأعضاء، أي أدلة الاكراه و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: رفع عن امتي ما اكرهوا عليه، و ما اضطروا إليه عامة تشمل جواز إقدام المكره بالفتح على الجرح، و قطع الأعضاء.

(3) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: و من عمومات التقية أي و من ظهور الدم.

هذا دليل رابع لجواز إقدام المكره بالفتح على الجرح، و قطع -

ص: 361

المتبقي للروح و هو المحكي عن الروضة البهية (1) و المصابيح و الرياض.

و لا يخلو عن قوة (2)

خاتمة فيما ينبغي للوالي العمل به في نفسه

خاتمة (3) فيما ينبغي للوالي العمل به في نفسه، و في رعيته.

روى شيخنا الشهيد الثاني رحمه اللّه في رسالته المسماة بكشف الريبة عن أحكام الغيبة باسناده عن شيخ الطائفة عن المفيد عن جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه عن سعد ابن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه محمد بن عيسى الأشعري عن عبد اللّه بن سليمان النوفلي.

قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فاذا بمولى لعبد اللّه النجاشي (4) و قد ورد عليه فسلم و أوصل إليه كتابا

++++++++++

الأعضاء: ببيان أن الدم الوارد في الرواية المشار إليها في ص 330 في قوله عليه السلام: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم ظاهر في الدم المبقي للروح فقط، و ليس له ظهور في الجرح، و قطع الأعضاء فعليه يجوز للمكره بالفتح ارتكاب الفعلين و هما: الجرح، و قطع الأعضاء.

و المراد من الدم المتصف بالحقن الدم المحقون الذي بقيت فيه النفس.

(1) راجع (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 10. ص 28.

(2) أي القول بنفوذ الإكراه فيما دون النفس من الجراحات لا يخلو من قوة، لما ذكر من الأدلة و هي العمومات، و نفي الحرج. و نفي الاكراه، و ظهور الدم المتصف بالحقن في الدم الذي يبقي الروح.

(3) أي هذه خاتمة في مسألة الولاية عن الجائر.

(4) (عبد اللّه بن النجاشي) أبو بجير وزان زبير من بني أسد يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 362

ففضه (1) و قرأه فاذا أول سطر فيه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم (2) أطال اللّه بقاء سيدي، و جعلني من كل سوء فداء، و لا أراني فيه مكروها، فإنه ولي ذلك و القادر عليه.

اعلم سيدي و مولاي أني بليت (3) بولاية الأهواز، فإن رأى سيدي و مولاي أن يحد لي حدا، و يمثل لي مثالا (4) استدل به على ما يقربني الى اللّه عز و جل و الى رسوله، و يلخص لي (5) في كتابه ما يرى لي العمل به، و فيما ابذله (6) و أين أضع زكاتي (7)، و فيمن أصرفها، و بمن آنس، و الى من استريح (8) و بمن أثق و آمن و ألجأ إليه في سري فعسى أن يخلصني اللّه تعالى بهدايتك

++++++++++

(1) فعل ماض وزان مدّ يمد معناه فتح الكتاب، يقال: فض الكتاب أي كسر ختمه و فتحه.

(2) أي البسملة كتبت في سطر واحد.

(3) فعل ماض مجهول من بلا يبلو بلا و بلاء وزان دعا يدعو معناه: الاختيار و الامتحان. أي اختبرني اللّه تعالى بالولاية عن الجائر.

(4) المراد من أن يحد لي حدا، و يمثل لي مثالا: بيان الميزان و المعيار أي أن مولاي عليه السلام يجعل لي ميزان و معيارا في تصرفاتي بالولاية التي بليت بها.

(5) أي يختصر لي مولاي في كتابه لي بما أعمل به، و ما يجوزه لي أو يوجبه علي، أو يستحسنه لي، أو ما يرى لي العمل فيما ابذله من الأعمال

(6) أي و كيف أوزع أعمالي.

(7) أي و لمن اعطي زكوات أموالي، و من هم مستحقوها؟

(8) هذه الجملة و التي بعدها الى قوله: في سري معناها واحد أي من أجعله موضع أسراري؟

ص: 363

و ولايتك، فإنك حجة اللّه على خلقه، و امينه في بلاده، لا زالت نعمته عليك.

قال عبد اللّه بن سليمان: فاجابه ابو عبد اللّه عليه السلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم احاطك (1) اللّه بصنعه، و لطف بك بمنه و كلأك (2) برعايته، فإنه ولي (3) ذلك.

أما بعد فقد جاءني رسولك بكتابك فقرأته و فهمت جميع ما ذكرته و سألت عنه، و ذكرت أنك بليت بولاية الأهواز فسرّني ذلك، و ساءني و سأخبرك بما ساءني من ذلك و ما سرني إن شاء اللّه تعالى.

فاما سروري بولايتك، فقلت: عسى أن يغيث اللّه بك ملهوفا (4) خائفا من أولياء آل محمد صلى اللّه عليه و آله، و يعز بك ذليلهم، و يكسو بك عاريهم، و يقوي بك ضعيفهم، و يطفي بك نار المخالفين عنهم.

و أما الذي ساءني من ذلك، فإنّ ادنى ما اخاف عليك ان تعثر (5)

++++++++++

(1) فعل ماض من حاط يحوط وزان قال يقول أجوف واوي معناه المحافظة و الحراسة.

(2) فعل ماض وزان منع مضارعه يكلأ وزان يمنع معناه الحراسة، اريد من هذه الجمل الثلاث: حاطك اللّه و لطف بك بمنه و كلأك برعايته: الدعاء

(3) المراد منه هنا: المالك أي أنه عز و جل مقتدر على ذلك.

(4) بصيغة المفعول من لهف يلهف لهفا وزان منع يمنع معناه الحزين المظلوم أي تنصر محزونا مظلوما.

(5) فعل مضارع من عثر يعثر وزان منع يمنع، و علم يعلم، و شرف يشرف معناه السقوط و الكبوة، و لكن المراد منه هنا: السقوط المعنوي لا الظاهري.

ص: 364

بوليّ لنا فلا تشم رائحة حظيرة (1) القدس، فإني ملخص لك جميع ما سالت عنه إن انت عملت به و لم تجاوزه رجوت ان تسلم إن شاء اللّه تعالى.

اخبرني يا عبد اللّه ابي عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم انه قال: من استشاره اخوه المؤمن فلم يمحضه (2) النصيحة سلب اللّه لبّه (3) عنه.

و اعلم أني سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلصت ممّا أنت تخافه (4).

و اعلم أن خلاصك، و نجاتك في حقن الدماء، و كف الأذى عن أولياء اللّه، و الرفق بالرعية و التأنّي، و حسن المعاشرة، مع لين في غير ضعف (5)، و شدة في غير عنف (6).

++++++++++

(1) بفتح الحاء و كسر الظاء وزان فعيلة جمعها: الحظائر و هو الموضع الذي يحاط بسياج ليمنع داخله خارجه، و كل شيء حال بينك و بين شيء آخر فهي الحظيرة، و حظيرة القدس مكان رفيع عال في الجنة يمنع غير المستحقين من الدخول إليها، لا يدخلها إلا أهلها.

(2) من محض يمحض وزان منع يمنع معناه الاخلاص في النصيحة فلا يشويها الدرن.

(3) اللب هنا العقل الوقاد المتنور.

(4) اي تخاف من الانحراف عن امور الآخرة

(5) اي يظهر اللين بصورة لا تظهر بمظهر الضعف، فإن ظهوره بمظهر الضعف موجب لسقوطه و خذلانه عند الرعية فلا يخافونه و لا يمتثلون امره.

(6) أي من غير قساوة و غلظة، فإن الحاكم لا بدّ له من هاتين -

ص: 365

و مداراة (1) صاحبك، و من يرد عليك من رسله، و ارفق برعيتك: بان توقفهم على ما وافق الحق و العدل إن شاء اللّه تعالى.

و إياك و السعاة (2) و أهل النمائم فلا يلزقن بك منهم أحد، و لا يراك اللّه يوما و ليلة (3) و أنت تقبل منهم صرفا و لا عدلا فيسخط اللّه عليك و يهتك سترك.

++++++++++

- الصفتين: اللين بغير ضعف. و شدة في غير عنف، ليتمكن من جلب قلوبهم، و في الوقت يسيطر عليهم في آن واحد.

(1) بالجر عطفا على المجرور (بفي الجارة) في قوله عليه السلام:

في حقن الدماء أي و نجاتك في مداراة صاحبك و هو أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء العباسيين.

و النصيحة هذه لنجاته في الدنيا، كما أن النصائح المتقدمة لنجاته في الآخرة، و الباء في بأن توقفهم بيان لكيفية الرفق بالرعية، و توقفهم من باب الإفعال من أوقف يوقف ايقافا معناه: الاطلاع يقال: أوقفهم على الأمر أي أطلعهم عليه و يقال: وقف على المعنى أي أحاط به.

راجع (تاج العروس). المجلد 6. ص 270 مادة وقف.

(2) بضم السين و فتح العين جمع ساعي: و هم الوشاة الذين ينمون في حق الغير، ليبعدوه عن الأمير. يقال: سعى زيد في حق عمرو عند الأمير أي وشى به إليه.

و كلمة (إياك) تحذير معناه: الحذر أى احذر من السعاة الوشاة و نمائم جمع نميمة معناه السعاية و الوشاية أي احذر من أن تقبل من هؤلاء السعاة: السعاية و النميمة.

(3) المراد من يوما و ليلة: كل يوم و كل ليلة، فالعموم هنا عموم بدلي لوجود التنوين.

ص: 366

و احذر مكر خوزي (1) الأهواز، فإن أبي أخبرني عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام.

قال: إن الايمان لا يثبت في قلب يهودي و لا خوزي أبدا.

و أما (2) من تانس به و تستريح إليه، و تلجئ (3) امورك إليه فذلك الرجل الممتحن (4) المستبصر الأمين الموافق لك على دينك، و ميّز

++++++++++

و المراد من صرفا: التوبة، و من عدلا: الفدية، و الواو في و لا يراك اللّه حالية، و كلمة (لا) في لا يراك اللّه نفي، و يراك بمعنى ينظرك، و الواو في و لا عدلا عطف على قوله عليه السلام: و لا يراك اللّه.

و المعنى: أنه لا ينظر أليك اللّه جل جلاله في الليل و النهار و الحال أنت تقبل من هؤلاء السعاة و الوشاة توبة بعد سعايتهم و وشايتهم في حق الآخرين عندك، و كذلك لا يراك اللّه في اليوم و الليل و أنت تقبل منهم فدية أي كفارة عن ذنبهم و هي السعاية و الوشاية.

(1) بضم الخاء و سكون الواو: صنف خاص من الناس في قبال بقية الصنوف كالعربي و الفارسي و الكردي و التركي و الهندي.

و كأنما لهذا الصنف مكر و خدع و حيل كانوا يسكنون (الأهواز) قبل الاسلام الى بداية القرن الثاني و أواسطه، فالحديث لا يعم سكان الأهواز و مواطينها حديثا و قديما و لا سيما بعد الفتح الاسلامي.

(2) جواب لسؤال النجاشى بقوله: و بمن آنس.

(3) من الجأ يلجأ من باب الافعال معناه: الاعتماد يقال: الجأت ظهري أليك. أى اعتمدت في اموري عليك.

(4) و هو الرجل العارف بالامور، المحنك في الأشياء.

ص: 367

أعوانك (1)، و جرب الفريقين (2)، فإن رأيت هناك رشدا فشانك (3) و إياه

و إياك ان تعطي درهما، أو تخلع ثوبا، او تحمل على دابة (4) في غير ذات اللّه لشاعر، أو مضحك، أو ممتزح (5) إلا اعطيت مثله في ذات اللّه.

و لتكن جوائزك و عطاياك و خلعك للقواد (6) و الرسل (7) و الأجناد (8)

++++++++++

(1) جمع عون و هم الأنصار، و المعنى: أنك لا بدّ من أن تعرف من الصالح للبلاد في العمران.

(2) و هما: الصديق، و العدو

(3) كلمة شأن هنا مصدر منصوبة بفعله المحذوف من أسماء الأفعال أي وجه قصدك و ارادتك إليه.

(4) أي تعطي لشخص مركوبا.

(5) اسم فاعل من باب الافتعال و قد استعمله الامام عليه السلام بمعنى المازح.

و الفرق بينه و بين المضحك: أن الأول يتكلم بالهزليات، سواء اضحك الناس أم لا.

و الثاني يتكلم بالكلام المضحك، أو الأفعال المضحكة.

(6) وزان وعّاظ بضم القاف و فتح الواو جمع قائد: و هم رؤساء الجيش.

(7) جمع رسول وزان كتب و هم الذين يأتون من قبل السلطان او هو يرسلهم إليه.

(8) جمع جند، و له جمع آخر جنود.

ص: 368

و أصحاب الرسائل (1)، و أصحاب الشرط (2) و الأخماس (3)، و ما اردت أن تصرفه في وجوه البر و النجاح، و الفطرة و الصدقة و الحج، و الشرب و الكسوة التي تصلي فيها و تصل بها، و الهدية التي تهديها الى اللّه عز و جل و الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله من اطيب كسبك.

يا عبد اللّه اجهد أن لا تكنز (4) ذهبا و لا فضة فتكون من اهل هذه الآية.

وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لاٰ يُنْفِقُونَهٰا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ (5).

و لا تستصغرن من حلو، و لا من فضل طعام تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الرب تبارك و تعالى.

++++++++++

(1) الظاهر أنهم أصحاب البريد الذين يأتون بالكتب، أو يحملونها إلى أصحابها.

(2) بضم الشين و فتح الراء وزان صرد جمع شرطي بضم الشين و سكون الراء و هم الجنود.

(3) و هم النخبة من الأصحاب المتقدمين من الجند، و إنما سموا بالخميس، لأنهم مركبون من خمس فرق. أليك أسماءهم:

(الفرقة الاولى): المقدمة.

(الفرقة الثانية): القلب.

(الفرقة الثالثة): الميمنة.

(الفرقة الرابعة): الميسرة.

(الفرقة الخامسة): الساقة و هم الجنود المتأخرون.

(4) من كنز يكنز كنزا، معناه: الجمع و الادخار.

(5) التوبة: الآية 35.

ص: 369

و اعلم أني سمعت أبي يحدث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه سمع عن النبي صلى اللّه عليه و آله يقول لأصحابه يوما: ما آمن باللّه و اليوم الآخر من بات شبعانا و جاره جائع.

فقلنا: هلكنا يا رسول اللّه.

فقال: من فضل طعامكم، و من فضل تمركم و رزقكم و خلقكم (1) و خرقكم (2) تطفئون بها غضب الرب.

و سأنبئك بهوان الدنيا، و هوان شرفها (3) عل من مضى من السلف و التابعين.

فقد حدثني أبي محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: لما تجهّز الحسين عليه السلام إلى الكوفة أتاه ابن عباس فناشده اللّه و الرحم أن يكون (4) هو المقتول بالطف.

فقال: أنا أعلم بمصرعي منك، و ما و كدي (5) من الدنيا إلا فراقها.

++++++++++

(1) بفتح الخاء و اللام وزان فرس و هو البالي من الثياب يستوي فيه المذكر و المؤنث يقال: ثوب خلق، و جبة خلق.

(2) بكسر الخاء و فتح الراء جمع خرقة بكسر الخاء و سكون الراء و كسر القاف: القطعة من الثوب.

(3) أي عدم شرف للدنيا و أنها ليست كما يعتبرها الناس شرفا و إنما هو أمر موهوم.

(4) أي أن لا يكون هو المقتول بكربلاء.

و كلمة ناشدتك متكلم وحده من ناشد يناشد من باب المفاعلة معناها:

القسم أي أقسمت عليك باللّه.

(5) بضم الواو و سكون الكاف معناه: السعي و الجهد، و يحتمل أن يكون بفتح الواو و سكون الكاف معناه: القصد، و هذا أنسب بالمقام.

ص: 370

ألا اخبرك يا بن عباس بحديث أمير المؤمنين عليه السلام و الدنيا؟

فقال له: بلى لعمري إني أحب أن تحدثني بأمرها.

فقال أبي علي بن الحسين: سمعت أبا عبد اللّه يقول: حدثني أمير المؤمنين عليه السلام قال: إني كنت بفدك (1) في بعض حيطانها و قد صارت لفاطمة عليها السلام فإذا (2) أنا بامرأة قد قحمت (3) عليّ و في يدي مسحاة و أنا أعمل بها فلما نظرت إليها طار قلبي مما يداخلني من جمالها فشبهتها ببثينة (4) الجمحي بنت عامر و كانت من أجمل نساء قريش.

فقالت: يا بن أبي طالب هل لك أن تتزوج بي فاغنيك عن هذه المسحاة:

++++++++++

(1) بفتحتين قرية من قرى المدينة المنورة من بلاد الحجاز كانت ليهود تبعد عن المدينة مسافة يومين، و تبعد عن خيبر أقل من مرحلة.

و هي مما أفاء اللّه على رسوله صلى اللّه عليه و آله فكانت له، لأنه فتحها و أمير المؤمنين عليه السلام و لم يكن معهما أحد فزال عنهما حكم الفيء و لزمها اسم الأنفال فلما نزلت آية فآت ذا القربى حقه أي أعط (فاطمة) سلام اللّه عليها فدكا فاعطاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إياها.

كانت فدك في يد (الصديقة فاطمة) صلوات اللّه و سلامه عليها إلى أن توفى الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله ثم أخذت من يدها صلوات اللّه و سلامه عليها بالقهر و الغلبة.

(2) إذا هنا فجائية.

(3) القحم هو الدخول في الشيء بلا روية و تدبر.

(4) بضم الباء و فتح الثاء و سكون الياء و فتح النون وزان عوينة نخيلة جهينة و هي المرأة الحسناء البيضاء.

و كلمة جمحي بكسر الجيم و سكون الميم و كسر الحاء وزان هندي معناه: المعين.

ص: 371

و ادلك على خزائن الأرض فيكون لك الملك ما بقيت، و لعقبك من بعدك.

فقال لها علي عليه السلام: من أنت حتى اخطبك من أهلك؟

فقالت: أنا الدنيا.

قال لها: فارجعي و اطلبي زوجا غيري فأقبلت على مسحاتي و أنشأت أقول:

لقد خاب من غرته دنيا دنية *** و ما هي أن غرت قرونا بطائل

أتتنا على زي العزيز (1) بثينة *** و زينتها في مثل تلك الشمائل

فقلت لها: غري سواي فإنني *** عزوف (2) عن الدنيا و لست بجاهل

و ما أنا و الدنيا فإن محمدا *** أحلّ (3) صريعا بين تلك الجنادل

++++++++++

(1) يحتمل أن تكون الكلمة بالعين و الزاي و الراء في آخرها و هو العزير وزان فعيل.

و يحتمل أن تكون بالغين و راءين بينهما ياء و هو الحسن و الجمال و هذا أنسب في المقام.

و بثينة على المعنى الثاني عطف بيان لكلمة عزيز و فاعل أتت: الدنيا و إنما قال عليه السلام: أتتنا و لم يقل: أتتني، لأن الدنيا من شأنها أن تتمثل و تتزين لكل أحد.

(2) بفتح العين و ضم الزاي وزان فعول معناه: الإعراض عن الشيء بتا.

(3) بصيغة المجهول و لا يصح أن تكون بصيغة المعلوم، حيث إنها متعدية، فلا يقال: فلان أحلّ في المكان، بل يقال: حلّ فيه.

ثم لا يخفى أن هذا الشطر من البيت لا ينسجم مع قوله عليه السلام:

كنت بفدك في بعض حيطانها و قد صارت لفاطمة عليها السلام، لأن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله عند ما اقبر و الحد في التراب أخذت فدك من (الصديقة الطاهرة) عليها السلام مباشرة فلا يصح -

ص: 372

..........

++++++++++

أن يكون عمله عليه السلام بعد فقد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله

و كذلك لا يصح أن تكون هذه الواقعة في زمانه صلى اللّه عليه و آله لأنه عليه السلام يقول: فإن محمدا احلّ صريعا بين تلك الجنادل.

و قد ورد أن الامام عليه السلام كان يعمل في البساتين في (المدينة المنورة) زمن الشيخين حتى خلافة عثمان لتحصيل قوته إلى أن آلت الخلافة إليه و لم يكن يصل إليه من فدك بمقدار سد الرمق.

و الذي بسهل الخطب أن هذا الحديث المنقول هنا و المشتمل على الأبيات قد ذكر في (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 151-156. الباب 49 الحديث 1.

و لم تذكر الأبيات هناك و إنما ذكرت في التعليقة و هي تسندها الى كشف الريبة راجع المصدر. ص 82. طباعة النجف الأشرف مطبعة النعمان عام 1382 و الأبيات هذه منقولة عن الديوان المنسوب الى الامام (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و في النسبة ما لا يخفى على الناقد البصير لو لاحظ الديوان و لا سيما إذا كان من أهل الأدب و الذوق و عارفا بأساليب الفصاحة و البلاغة.

و كلمة جنادل بفتح الجيم جمع جندل بفتح الجيم و سكون النون، و فتح الدال و هي الأحجار الصغيرة.

ص: 373

و هيها اتتني بالكنوز و درّها *** و أموال قارون(1) و ملك (2) القبائل

أ ليس جميعا للفناء مصيرها *** و يطلب من خزانها بالطوائل (3)

فغري سواي إنني غير راغب *** بما فيك من ملك و عز و نائل (4)

++++++++++

(1) كان من (بني اسرائيل) و أثريائهم يضرب به المثل في الثراء.

قيل: هو ابن خالة (موسى بن عمران) عليه السلام.

و قيل: ابن عمه. و قيل: عمه.

كان جميل الصورة، و كان أقرأ للتوراة، و لم يكن في بني اسرائيل اقرأ منه.

كانت له كنوز كثيرة، و بكثرتها استطال على (بني اسرائيل) و يكفيك في عظمها و كثرتها قوله عز من قائل: وَ آتَيْنٰاهُ مِنَ اَلْكُنُوزِ مٰا إِنَّ مَفٰاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ (1).

أي أعطينا (قارون) من الخزائن و الأموال المدخرة قدر الذي تنيء مفاتحه العصبة، أي يثقل على جماعة من الناس حملها.

(2) يأتي بكسر الميم و ضمها، و المراد منه اني أملك كما يملك رؤساء القبائل و زعمائهم من الأموال.

(3) بفتح الطاء: جمع طائلة و طائل، و المقصود هنا: محاسبة خزائن الأموال يوم القيامة أشد الحساب، فيقال لهم: من أين أتيتم بهذه الأموال و فيم صرفتموها؟

(4) و هو البلوغ إلى الإرب و المنافع.

ص: 374


1- القصص: الآية 76.

فقد قنعت نفسي بما قد رزقته *** فشأنك (1) يا دنيا و أهل الغوائل (2)

فإني أخاف اللّه يوم لقائه *** و أخشى عذابا دائما غير زائل

فخرج (3) من الدنيا و ليس في عنقه تبعة (4) لاحد حتى لقى اللّه تعالى محمودا غير ملوم و لا مذموم، ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطخوا (5) بشيء من بوائقها (6).

و قد وجهت أليك بمكارم الدنيا و الآخرة.

و عن الصادق المصدق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (7)، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذنوب و الخطايا (8) كمثل أوزان الجبال، و أمواج البحار رجوت اللّه أن يتجاوز عنك جل و عز بقدرته.

++++++++++

(1) الشأن هنا: الطبيعة، يقال: من شأنه كذا أي من طبيعته كذا

(2) غوائل بفتح الغين جمع غائلة: و المراد منهم: أهل الشر و الفساد و المعنى انه اعملي يا دنيا ما يقتضيه طبعك من المكر و الخداع على اهل الشر و الفساد مع اهل الغوائل.

و كلمة (اهل) منصوبة على المعية.

(3) اي (امير المؤمنين).

(4) بفتح التاء و كسر الباء جمعها: تبعات بفتح التاء و كسر الباء تستعمل الكلمة فيما يترتب على الفعل من المفاسد و الإضرار.

و المقصود منها هنا: الظلامة و الحقوق.

(5) من باب التفعل و معناه: التلوث.

(6) بفتح الباء جمع بائقة معناه: الداهية و الشر.

(7) اي و ما وجهته إليك كان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

(8) المراد من هذه الذنوب: الذنوب التي تلازم الولاية من قبل السلطان الجائر التي لا ينفك عنها الوالي ابدا مهما كانت صفته و صفتها.

ص: 375

يا عبد اللّه: إياك أن تخيف مؤمنا، فإن أبي (محمد بن علي) عليه السلام حدثني عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه اللّه يوم لا ظل إلا ظله، و حشره في صورة الذر (1) لحمه و جسده، و جميع أعضائه حتى يورده مورده (2).

و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: من أغاث لهفانا (3) من المؤمنين أغاثه اللّه يوم لا ظل إلا ظله و آمنه من الفزع الأكبر (4)، و آمنه من سوء المنقلب (5).

و من قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى اللّه له حوائج كثيرة إحداها الجنة.

و من كسى أخاه المؤمن جبة عن عرى كساه اللّه من سندس (6)

++++++++++

و يحتمل أن تكون عامة، حيث إن اللّه تعالى يغفر الذنوب جميعا قال عز من قائل: إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ

(1) بفتح الذال إما صغار النمل، او الذرات المنتشرة في الهواء المسمات ب: هباء.

و المناسب في المقام هو المعنى الثاني، حيث يقول عليه السلام: لحمه و جسده و جميع اعضائه أي يجعل اللّه عز و جل جميع أعضاء بدنه هباء منثورا في الهواء.

أو يحشر جميع أعضاء بدنه كتلة من النمل الصغار.

(2) و هي جهنم و بئس المصير أعاذنا اللّه منها.

(3) بفتح اللام و سكون الهاء وزان سرعان و هو المكروب و المتحسر

(4) و هو الخوف الأكبر من شدة يوم القيامة و قانا اللّه من شره.

(5) و هو الدخول إلى النار أعاذنا اللّه منها.

(6) بضم السين و سكون النون و ضم الدال و سكون السين وزان برقع و هو نوع من نسيج الديباج الرقيق.

ص: 376

الجنة و استبرقها (1) و حريرها (2) و لم يزل يخوض (3) في رضوان اللّه ما دام على المكسو منها (4) سلك.

و من أطعم أخاه من جوع أطعمه اللّه من طيبات الجنة.

و من سقاه من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق (5) المختوم.

و من أخدم (6) اخاه أخدمه اللّه من الولدان المخلدين، و أسكنه مع أوليائه الطاهرين.

و من حمل أخاه المؤمن على راحلة حمله اللّه على ناقة من نوق الجنة و باهى به الملائكة المقربين يوم القيامة.

و من زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها، و تشد عضده و يستريح إليها (7) زوّجه اللّه من الحور العين، و آنسه بمن أحبه من الصديقين من أهل بيت نبيه عليهم السلام و اخوانه و آنسهم به.

و من أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه اللّه على إجازة (8) الصراط عند زلة الأقدام.

++++++++++

(1) بكسر الهمزة و سكون السين و فتح التاء و سكون الباء: هو الديباج الثخين.

(2) هو نسيج الإبريسم.

(3) أي الكاسي.

(4) أي من تلك الجبة.

و المراد من السلك: الخيط و هي كناية عن شدة الاهتمام بإكساء الفقراء.

(5) هو الشراب الخالص الذي لم يدنس من قبل أحد.

(6) المراد منه الخادم أي من أعطى خادما لأخيه المؤمن.

(7) أي تقوم الزوجة بما يوجب ارتياح زوجها.

(8) أي عبر الصراط و سلكه.

ص: 377

و من زار أخاه المؤمن في منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوّار اللّه و كان حقيقا على اللّه ان يكرم زائره.

يا عبد اللّه و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول لأصحابه يوما: معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه فلا تتبعوا عثرات المؤمنين، فإنه من تتبع عثرة مؤمن اتبع اللّه عثراته يوم القيامة، و فضحه في جوف بيته (1) و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام انه قال: اخذ اللّه ميثاق المؤمن أن لا يصدّق (2) في مقالته، و لا ينتصف (3) من عدوه على أن لا يشفى غيظه إلا بفضيحة نفسه (4) لأن كل مؤمن ملجم (5) و ذلك (6) لغاية قصيرة، و راحة طويلة.

و اخذ اللّه ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها (7) عليه مؤمن مثله يقول

++++++++++

(1) أي في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

(2) بصيغة المجهول من باب التفعيل، و المعنى أن المؤمن حينما يتكلم و يحدث حديثا لا يعتنى بحديثه، و لا يؤخذ به، و يصدق بصيغة المجهول.

(3) أي لا يؤخذ حقه من عدوه إذا بغى عليه و تعدى

(4) كناية عن أنه لا يقابل اعتداء الغير بالمثل إذا اغتاظ و غضب.

(5) بصيغة المفعول من باب الإفعال من ألجم يلجم إلجاما، معناه هنا: كف لسان المؤمن عن الكلمات البذية البشعة.

(6) تعليل و إشارة إلى ما ذكر: من الجمل المتقدمة أي عدم تصديق مقالة المؤمن، و عدم الانتصاف من عدوه، و عدم شفاء غيظه: لأجل أن أمد الدنيا قصير، لكن بإزائه راحة طويلة للمؤمن في الآخرة و إن قدر أن تجري عليه هذه الامور.

(7) أي أسهلها فهو مبتدأ خبره مؤمن أي أسهل تلك الأشياء

ص: 378

بمقالته يعيبه و يحسده، و الشيطان يغويه (1) و يمقته (2)، و السلطان يقفو (3) اثره، و يتبع (4) عثراته، و كافر (5) بالذي هو مؤمن به يرى سفك دمه دينا، و إباحة (6) حريمه غنما فما بقاء المؤمن بعد هذا؟

يا عبد اللّه و حدثني ابي عن آبائه عليهم السلام عن علي عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال: نزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن اللّه يقرؤك السلام و يقول: اشتققت (7) للمؤمن اسما من أسمائي سميته مؤمنا

++++++++++

التي قدرها للمؤمن مؤمن يقول بمثل مقالة المؤمن الأول فيبغي هذا المؤمن الثاني على المؤمن الأول، و يحسده و يريد السوء به.

و يحتمل أن يكون معنى يبغيه: المحبة أي المؤمن الأول يحب المؤمن الثاني، إلا أن الثاني يحسده و يقابله بالأذى.

(1) أي الشيطان يغوي المؤمن بمعنى أنه يهيئ له أسباب المعصية.

(2) من مقت يمقت مقتا، الظاهر أن الفاعل في يمقت المؤمن.

و مرجع الضمير: الشيطان، و الواو حالية أي و الحال أن المؤمن يمقت الشيطان و يكرهه و يبغضه.

(3) من قفا يقفو قفوا معتل اللام معناه: المتابعة أي السلطان يتبع عثرات المؤمن لينكل به.

(4) الظاهر أن الكلمة يتتبع، و لعل السهو من النساخ.

(5) بالرفع خبر ثان للمبتدإ المتقدم و هو قوله، أيسرها، أي أسهل الأشياء كافر بالشيء الذي يؤمن به المؤمن: أن يرى سفك دم مؤمن من الواجبات الدينية عنده.

(6) بالنصب عطف على المفعول في قوله: يرى سفك دمه أي و يرى هذا الكافر إباحة حريمه من الغنائم.

(7) المراد منه الاشتقاق اللفظي، لا المعنوي للفرق، في المعنى

ص: 379

فالمؤمن مني و انا منه (1)، من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة.

يا عبد اللّه و حدثني ابي عن آبائه عن علي عن النبي صلى اللّه عليهم اجمعين أنه قال يوما: يا علي لا تناظر (2) رجلا حتى تنظر في سريرته (3) فإن كانت سريرته حسنة، فإن اللّه عز و جل لم يكن ليخذل وليه (4)، و إن كانت سريرته رديّة فقد تكفيه مساويه (5)، فلو جهدت ان تعمل به اكثر مما

++++++++++

في الموضعين و هما: المؤمن في العبد، و المؤمن في اللّه، حيث إن الأول معناه الإيمان باللّه، و الثاني مشتق من الأمان، لأن اللّه عز و جل يؤمن عبده المطيع فهو من آمنه بمعنى أمنه.

(1) الظاهر أن المراد من هذه الجملة: أن المؤمن باللّه و المطيع له قريب إلى اللّه عز و جل، و اللّه سبحانه و تعالى قريب إليه قربا معنويا و قد قال عز من قائل: (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ) .

و يحتمل أن يكون المراد من أنا منه و هو مني: الحب أي أنا احبه و هو يحبني.

و هناك توجيهات و محتملات اخرى للحديث الشريف.

لكن ذكرها لا يناسب المقام فالقارئ الكريم بذهنه الوقاد يعرفها فيختارها، او احدها، او يترك الكل.

(2) اي لا تجادل.

(3) و هو ما يبطنه الرجل من خير، أو شر في ضميره.

(4) و هو الرجل المؤمن الذي يناظره المؤمن الآخر و يجادله.

و بما أن نيته حسنة فهو ولي اللّه عز و جل، و اللّه ناصره و معينه فيغلب على المجادل فلا تنفع المناظرة و المجادلة مع هذا المؤمن.

(5) اي في إذلاله و خذلانه فجدالك معه لا يزيده خذلانا و ذلة و لا ينقص من مساويه.

ص: 380

عمل به عن معاصي اللّه عز و جل ما قدرت عليه.

يا عبد اللّه و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال أنه قال: أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها اولئك لا خلاق (1) لهم.

يا عبد اللّه و حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه، و سمعت اذناه ما يشينه و يهدم مروءته فهو من الذين قال اللّه عز و جل: «إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ» (2).

يا عبد اللّه و حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال:

من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروته (3) و ثلبه (4) أوبقه (5) اللّه بخطيئته يوم القيامة حتى يأتي بمخرج (6) ممّا قال.

و من أدخل على أخيه المؤمن سرورا فقد أدخل على أهل بيت نبيه صلى اللّه عليه و آله سرورا.

و من أدخل على بيت نبيه سرورا فقد أدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله سرورا.

و من أدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم سرورا فقد سر اللّه و من سر اللّه فحقيق على اللّه أن يدخله جنته.

++++++++++

(1) أي لا نصيب لهم في الآخرة.

(2) النور: الآية 19.

(3) أي هدم معنويته و حيثيته.

(4) أي نسبة العيب إليه.

(5) من اوبق يوبق إيباقا معناه: الإهلاك، اي اهلك اللّه الرجل المغتاب بالكسر بسبب خطيئته و هي الغيبة.

(6) بصيغة الفاعل معناه: المبرر اي حتى يأتي بمبرر مما قال في حق اخيه.

ص: 381

ثم إني أوصيك بتقوى اللّه، و إيثار (1) طاعته، و الاعتصام بحبله فإنه من اعتصم بحبل اللّه فقد هدي إلى صراط مستقيم.

فاتق اللّه و لا تؤثر أحدا على رضاه و هواه، فإنه (2) وصيّة اللّه عز و جل إلى خلقه لا يقبل منهم غيرها، و لا يعظم سواها.

و اعلم أن الخلق لم يوكلوا (3) بشيء أعظم من تقوى اللّه، فإنه (4) وصيتنا أهل البيت، فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل.

قال عبد اللّه بن سليمان: فلما وصل كتاب الصادق عليه السلام إلى النجاشي نظر فيه فقال: صدق و اللّه الذي لا إله إلا هو مولاي فما عميل أحد بما في هذا الكتاب إلاّ نجا.

قال (5): فلم يزل عبد اللّه (6) يعمل به أيام حياته.

++++++++++

(1) مصدر باب الإفعال من آثر يؤثر إيثارا معناه التقديم و التفضيل يقال: آثر زيد عمرا على نفسه في الأكل أي قدمه، و منه قوله تعالى:

وَ يُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كٰانَ بِهِمْ خَصٰاصَةٌ أي و يقدمون الغير و يفضلونه على أنفسهم في أكل الطعام و لو كانوا محتاجين إليه.

و المراد من الايثار هنا تقديم طاعة اللّه على معصيته.

(2) مرجع الضمير: و إيثار طاعته أي تقديم طاعة اللّه على معصيته وصية اللّه عز و جل.

(3) فعل مضارع مجهول من الثلاثي المجرد من و كل يكل و كلا معناه: التفويض. يقال: و كل إليه الأمر اي فوضه.

(4) اي تقوى اللّه عز و جل.

(5) اي عبد اللّه بن سليمان الذي كان حاضرا في مجلس الإمام (الصادق) عليه السلام و جاء بكتاب النجاشي إلى الامام و هو راوي الحديث.

(6) اي عبد اللّه النجاشي الذي كان واليا على الأهواز من قبل المنصور.

ص: 382

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث.

2 - التعليقات.

3 - الآيات الكريمة.

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأمكنة و البقاع

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

ص: 383

ص: 384

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

3 الإهداء

7 كفارة الغيبة

9 الأحاديث الواردة في كفارة الغيبة

11 عدم الفرق بين إمكان الوصول و تعذره

13 الخدشة في سند الحديث

15 إمكان الجمع بين الحديثين المتعارضين

17 إمكان جعل الحديث طريقا للبراءة مطلقا

19 الخدشة في سند الأحاديث

21 الاستحلال من المستغاب هو الاحتياط

23 وجوب الحكم على طبق أقوى المصلحتين

25 ما ذكره صاحب كشف الريبة

27 الأحاديث الواردة في جواز غيبة المتجاهر

29 المراد من جواز غيبة المتجاهر

31 في جواز الحاق العيب المستور بالمتجاهر

33 هل يجوز ذكر المتجاهر بالفسق عند غير أهل بلده

ص الموضوع

35 في تظلم المظلوم

37 الاستدلال بالأحاديث على جواز تظلم المظلوم

39 جواز تظلم المظلوم لا يقيد بقيد

41 ما أفاده صاحب مجمع البيان في تظلم المظلوم

43 عدم جواز الاشتكاء عند من لا يرجى منه إزالة الظلامة

45 الموارد المستثناة من الغيبة

47 الاستفتاء من الصور المستثناة

49 الصور المستثناة من الغيبة

53 كلام الامام الصادق عليه السلام حول زرارة

57 في توجيه ما ورد من الأعلام في حق بعض الرواة

59 الصور المستثناة من الغيبة

61 حرمة استماع الغيبة

63 ما أفاده الشهيد الثاني في استماع الغيبة

ص: 385

ص الموضوع

65 عدم وجود دليل على جواز استماع الغيبة

67 جواز استماع الغيبة عند ما تجوز الغيبة

69 في وجوب رد الغيبة عند الإمكان

71 الأحاديث الواردة في ذم من له لسانان

73 في حقوق المسلم على أخيه المسلم

79 المراد من الحقوق الواردة

81 الأحاديث الواردة في الإخاء

83 نعوت الإخاء الديني

85 الأحاديث الواردة في الإخاء الديني

87 اختبار المؤمن بخصلتين

91 في القمار

93 أقسام اللعب

95 الخدشة في الاستدلال

97 في لعبة النرد و الشطرنج

99 تعميم حرمة اللعب بمطلق آلات القمار

101 الأحاديث الواردة في اللعب بالشطرنج

103 في المراهنة على اللعب بغير آلات القمار

105 لا خلاف فى حرمة اللعب بغير آلات القمار

ص الموضوع

107 الأحاديث الواردة في الرهان

109 ما أفاده صاحب الجواهر في اللعب بغير آلات القمار

111 ما أورده الشيخ على صاحب الجواهر

115 الاستدلال بالحديث الدال على عدم وجود الحرمة التكليفية

117 حكم العوض من حيث الفساد

125 استدراك من الشيخ عما أورده على الحديث

127 في المغالبة بغير عوض

129 ما أفاده العلامة في التذكرة حول المغالبة بغير عوض

133 ما أورده الشيخ على ما أفاده العلامة

135 الاستدلال بأدلة القمار على حرمة المغالبة بغير عوض

137 تحقيق حول عدم دخول آلة القمار في القمار

139 الاستدلال بما تقدم من الأخبار على حرمة المغالبة بغير عوض

141 ما أورده الشيخ على الأدلة المذكورة

145 القيادة

149 القيافة

ص: 386

ص الموضوع

151 ما نسب الى اخواننا السنة في القيافة

155 الحديث الوارد في القيافة عن طرقنا

159 الكذب

161 الآيات و الأخبار الدالة على حرمة الكذب

165 مجرد الكذب لا يكون حراما

167 ما أفاده الشيخ الكبير (كاشف الغطاء)

169 خلف الوعد لا يكون من الكذب

171 الكذب الهزلي ليس حراما

173 المبالغة ليست من الكذب

175 التورية ليست من الكذب

177 ما ذكره المحقق القمي حول التورية

179 ما أفاده شيخنا الأنصاري حول التورية

181 جواب الامام الصادق عليه السلام عن الأسئلة

183 في مسوغات الكذب

185 جواز الحلف كاذبا

187 في أن التورية مع القدرة عليها واجبة أم لا

189 قبح الكذب عقلي

191 اليمين على قسمين

ص لموضوع

193 ما يصعب على الفقيه الالتزام به

195 ايجاب التورية على القادر بها من المعسور

197 مقتضى الاطلاقات، و رواية سماعة

199 النسبة بين المطلقة، و رواية سماعة

201 المكره على البيع مكره على الصيغة فقط

203 جواز الكذب عند الاضطرار إليه

205 المسوغ للكذب هو المسوغ للاضطرار

207 الأقوال الصادرة عن الأئمة عليهم السلام حول التقية

213 مراد الامام عليه السلام من جواز الصلاة في الثوب النجس

215 الحمل على الاستحباب هو المتيقن

217 الأحاديث الواردة في الاصلاح

221 الكهانة

223 سؤال الزنديق عن الامام عليه السلام عن أصل الكهانة

225 جواب الامام الصادق عليه السلام عن سؤال الزنديق

227 ما أفاده الشيخ حول الحديث

229 الأحاديث الواردة في الكهانة

ص: 387

ص الموضوع

233 اللهو

235 أقوال العلماء في اللهو

237 انتصار صاحب الرياض لابن ادريس

239 الأحاديث الواردة في حرمة اللهو

245 دخول الرقص و التصفيق في التحريم

247 وجود عنوانين آخرين

249 ما أفاده الشيخ حول اللعب

251 الاستدلال بالآية و الرواية

255 مدح من لا يستحق المدح

257 مدح الظالم اتقاء شره واجب

261 معونة الظالمين

263 الأحاديث الواردة في اعانة الظالمين في غير المحرمات

265 الأقوى تحريم اعانة الظالمين في غير المحرمات

267 الأحاديث الواردة في ذم اعانة الظالمين

271 في الرد على الأحاديث الواردة في ذم أعوان الظلمة

273 المحرم من العمل للظلمة قسمان

277 النجش

281 النميمة

ص الموضوع

283 ما يدل على حرمة الغيبة: يدل على حرمة النميمة

287 النوح بالباطل

291 الولاية

293 دلالة ظاهر الروايات على حرمة الولاية بنفسها

295 دلالة بعض الأخبار ان حرمة الولاية من باب المقدمة

297 أمران يسوغان الولاية من قبل الجائر

299 الأحاديث الدالة على جواز تولي الولاية لمصلحة

307 أقوال الفقهاء في الولاية عن الجائر

309 توجيه الشيخ الأنصاري كلام المحقق

311 التخيير المذكور من باب المزاحمة

313 أضعفية ما أفاده بعض الأعلام في المقام

315 استفادة الاستحباب من حديث محمد بن اسماعيل

317 ما أورده الشيخ على صاحب الجواهر

321 ملاحظة النسبة بين أدلة التحريم و أدلة الوجوب بعد التخصيص

ص: 388

ص الموضوع

323 توجيه كلام من عبر بالجواز

325 الثاني من مسوغات الولاية

327 التنبيه على امور

329 تحقيق حول حديث الرفع

331 جواب عن دخل مقدر

333 توهم و الجواب عنه

335 رفع عن امتي مسوق للامتنان على الامة جمعاء

337 في تحقق الاكراه بالتوعد

339 الحديث الوارد في عدم جواز الاضرار بالغير

341 عدم شمول التقية الواردة في الحديث مطلق الاضرار

343 ما أفاده العلامة في القواعد حول الولاية

345 عنوانان مستقلان في تسويغ الولاية المحرمة

347 في أقسام الاضرار

349 تفسير الشهيد الثاني الإكراه المسوغ للدخول في الولاية بمعناه الأعم

ص الموضوع

351 منشأ زعم الخلاف في اعتبار القدرة على التفصي و عدمه

353 مشروط الإكراه، و مشروط العجز عن التفصي مختلفان

355 مطابقة عبارة الشرائع مع عبارة الفقهاء

357 تشريع التقية لا يفرق بين أفراد الأمة

359 الدم المحترم بالذات خارج عن مورد الروايتين

361 هل الدم يشمل الجرح و قطع الأعضاء

363 رسالة النجاشي إلى الامام الصادق عليه السلام

365 جواب الامام الصادق عليه السلام عن رسالة النجاشي

369 جواب الامام الصادق عليه السلام عن رسالة النجاشي

375 الأبيات المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام

377 جواب الامام الصادق عليه السلام عن رسالة النجاشي

ص: 389

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 الغيبة من حقوق الناس

9 المراد بالأداء هي المحافظة

10 عبارة الصحيفة السجادية

11 عبارة الصحيفة السجادية

12 موارد تعلق الحق بذمة الآخر

12 استدراك عما أفاده الشيخ

12 تحقيق حول الحديث المروي عن السكوني

14 تحقيق حول عدم دلالة الاستغفار على براءة ذمة المستغيب

15 تنظير لكون الاستغفار كفارة لحق اللّه

15 وجه التعارض بين النبويين

15 طريق الجمع بين النبويين المتعارضين

16 تحقيق حول كلمة محالة

16 جعل خبر السكوني طريقا لبراءة ذمة المستغيب

17 تعليل لوجوب طرح خبر السكوني

17 رد على الشيخ و خلاصة الرد

ص الموضوع

17 استدراك من الشيخ عما أفاده

18 تحقيق حول ثبوت الحق في ذمة المستغيب

18 معارضة الاستصحاب مع البراءة

19 اشكال على المعارضة المذكورة

19 اشكال ثان على عدم حجية الاستصحاب

19 تحقيق حول معنى القضاء الوارد في الحديث

21 تعليل حول أن الاحتياط المذكور قريب للواقع و الصواب

22 المراد من معنى الجواز

22 الأمثلة الثلاثة للجواز بالمعنى الأعم

23 في دوران الأمر بين معصية صغيرة و معصية كبيرة

24 ذكر الشيخ أقوال العلماء في تقديم المصلحة القوية على الضعيفة

25 المراد من القدح في مقالة باطلة

27 مفهوم لم يظلمهم

ص: 390

ص الموضوع

28 مفهوم إن لم تره بعينك

28 مفهوم إن لم يشهد شاهدان

29 المراد من اشتراط الكل

29 إن قيل

31 تحقيق حول كلمة و ينكلهم

32 المراد من من القي جلباب الحياء

36 وجه احتياج الرواية الى التوجيه

36 عدم احتياج الرواية الى التوجيه

37 تأييد لاستثناء المظلوم عن الغيبة

37 تعليل ثان لجواز تظلم المظلوم

37 المراد من الردع

37 متابعة الأحكام للمصالح و المفاسد

37 الظاهر من الآيات و الأخبار و المؤيدات

38 فائدة بدنية في جواز اظهار التظلم

40 تعليل للاقتصار المذكور و خلاصته

40 تعليل ثان للاقتصار المذكور و خلاصته

40 ترق من الشهيد الثاني

41 اعتراض على الشهيد الثاني و الشيخ فيما أفاداه

42 المراد من بعد الآيات

42 المراد من الأدلة العقلية و النقلية

ص الموضوع

43 تحقيق حول و أي الرجال المهذب

44 تعليل لجواز اشتكاء المظلوم

44 تحقيق حول خروج الصور العشر عن الغيبة

45 شروع الشيخ في موارد المستثناة من الغيبة

46 استثناء نصح المستشير عن الغيبة

46 القدر المتيقن من النصح

48 شكاية هند زوجة أبي سفيان

48 وجه الاستدلال بالحديث

49 و هم و الجواب عنه

49 احتمال أن يراد من الأصل الاستصحاب الأزلي

49 ثالثة الموارد المستثناة

50 رابعة الصور المستثناة

51 خامسة الصور المستثناة

51 المراد من الشهود

52 سادسة الصور المستثناة

53 مقصود الامام عليه السلام

54 المراد من السفينة

54 المراد من جملة الحمد للّه

55 في معنى القمقام و الزاخر

ص: 391

ص الموضوع

56 جواز الغيبة للتقية

56 سابعة الصور المستثناة

57 ارجاع الكراهة الى الكلام، لا الى الوصف

58 ثامنة الصور المستثناة

59 تاسعة الموارد المستثناة

60 المصالح و المفاسد تختلف قوة و ضعفا

60 المراد من المصلحة الغالبة

62 معنى الحمل على الصحة

64 المراد من الأدلة

64 تعليل و خلاصته

65 مناقشة الشيخ مع الشهيد الثاني

67 استدراك عما أفاده الشيخ

72 أول الحقوق

72 ثاني الحقوق

73 ثالث الحقوق

73 رابع الحقوق

73 خامس الحقوق

73 سادس الحقوق

73 سابع الحقوق

73 ثامن الحقوق

73 تاسع الحقوق

ص الموضوع

73 عاشر الحقوق

74 حادي عشر الحقوق

74 ثاني عشر الحقوق

74 ثالث عشر الحقوق

74 رابع عشر الحقوق

74 خامس عشر الحقوق

74 سادس عشر الحقوق

74 سابع عشر الحقوق

74 ثامن عشر الحقوق

74 تاسع عشر الحقوق

75 الحق العشرون

75 الحق الحادي و العشرون

75 الحق الثاني و العشرون

75 المراد من السلام و صوره الأربع

76 الحق الثالث و العشرون

76 الحق الرابع و العشرون

76 الحق الخامس و العشرون

76 الحق السادس و العشرون

76 الحق السابع و العشرون

77 الحق الثامن و العشرون

77 الحق التاسع و العشرون

77 الحق الثلاثون

ص: 392

ص الموضوع

78 معنى العبارة

78 الحقوق المذكورة

79 تعليل لعدم حق الأخ المضيع و خلاصته

80 معنى المقاصة

80 معنى التهاتر

81 معنى المكاشرة

81 الغرض من تشبيه اخوان الثقة بالكف و الجناح

81 وجه تشبيه أخ الثقة بالأهل و المال

81 المراد من الكبريت الأحمر

82 الصداقة هي الصحيحة الودية الخالصة

85 حالات ثلاث

87 تحقيق حول كلمة المواقيت

91 المراد من الاجماع

93 المسائل الأربعة

94 وهم و الجواب عنه

95 امكان الخدشة في الانصراف

95 متممات الجواب و خلاصته

95 الخدشة فيما استدل به الخصم و خلاصتها

96 استدراك عما أفاده آنفا و خلاصته

96 تحقيق حول لعب النرد

ص الموضوع

100 تحقيق حول لعب السّدر

100 الحديث 1-2-3 الدال على تعميم حرمة مطلق اللعب

101 الحديث 4 الدال على تعميم حرمة مطلق اللعب

101 تعليل لتعميم حرمة مطلق اللعب و خلاصته

101 عدم مجال لدعوى الانصراف

101 ترتب شيئين على ما أفاده الشيخ

101 الخدشة فيما رتبه الشيخ

102 تحقيق حول كلمة الوثيقة

103 المراد من المراهنة

103 الصور الست في المراهنة

103 اجتماع حرمتين في المراهنة

104 المراد من مما عدوه

104 الحاق المراهنة بالقمار في الحكم التكليفي و الوضعي

105 ما أفاده العلامة الطباطبائي في محل الخلاف في المراهنة

106 عدم وجود الحرمة الوضعية في المراهنة بلا عوض

108 مناقشة الشيخ فيما أفاده صاحب الجواهر

ص: 393

ص الموضوع

108 خلاصة ما ذكره صاحب الجواهر

108 ما أفاده صاحب الجواهر في المغالبة بغير عوض

110 اشكال ثان من الشيخ على صاحب الجواهر

110 اشكال ثالث من الشيخ على صاحب الجواهر

111 اشكال رابع منه عليه

111 اشكال خامس منه عليه

111 استثناء من الشيخ عما أفاده

112 استدراك من الشيخ عما أفاده و خلاصته

113 استدراك من الشيخ عما ادعاه من وجود الحرمة التكليفية و الوضعية

114 تحقيق حول كلمة أكل الوارد في الحديث

115 تحقيق حول جملة و منع غرامة فيه

116 استثناء و خلاصته

116 اشكال الشيخ على ما أفاده في الاستثناء

117 توجيه لعدم ردع الامام عليه السلام

117 أدلة اخرى أقوى من الحديث المذكور

ص الموضوع

118 وهم و الجواب عنه

118 إشكال منا على ما أفاده الشيخ في الجواب عن الوهم

118 إشكال من الشيخ على ما أفاده حول حديث القيء

118 الحديث المروي في أكل الامام عليه السلام البيض الحرام

119 تحقيق حول الأحكام الشرعية في عدم تبدلها عن واقعها

120 مقدمة موجزة تمهيدية

121 تحقيق حول الامامة الكبرى

122 أدلة عقلية حول عصمة الامام عليه السلام

125 استدراك من الشيخ عما أورده على الحديث المذكور

126 الايراد على الحديث المذكور تطبيقا لحركات الأئمة على القواعد الشرعية

126 المناقشة حول الحديث المذكور

127 عدم وجود نهي في الأخبار يدل على الحرمة

129 تحقيق حول كلمة فلك و ذكر أقسامها

ص: 394

ص الموضوع

130 المراد من الطيارات

130 المناطحة - المناهشة

131 تحقيق حول كلمة صولجان

131 تحقيق حول كلمة الملاعب

132 أدلة الجواز

132 تعليل و خلاصته

134 وهم و الجواب عنه

135 أجنبية الرواية عما نحن بصدده

136 وجه البعد و خلاصته

137 تحقيق حول عدم دخول آلة القمار في القمار

138 تنظير لكون آلة القمار غير داخلة في مفهوم القمار و وجه التأمل

140 استدلال صاحب الرياض على حرمة المغالبة بغير آلات القمار، و بغير عوض

140 ايراد الشيخ على استدلال صاحب الرياض و خلاصته

141 استثناء عما أفاده الشيخ

149 تحقيق حول القيافة

149 ما ذكره الشيخ عن تعاريف أهل اللغة حول القيافة

ص الموضوع

150 تعليل لحرمة القيافة

153 في الحديث المروي عن طرق إخواننا السنة حول القيافة

155 شرح الحديث الوارد عن طرقنا حول الامام الجواد عليه السلام:

156 الاشكال حول الحديث

159 المراد من العقول

164 تحقيق حول جملة (على الكذب)

165 تحقيق حول وعد الأب

166 وجه ثان لاطلاق الكذب على الوعد و خلاصته

167 اتصاف الخبر بالصدق و الكذب دون الانشاء

171 تحقيق حول السيرة

171 في حمل الخبرين

173 ذكر أمثلة في المبالغة

173 اشكال على الأمثلة المذكورة

176 توجيه الشيخ كلام صاحب جامع المقاصد و خلاصته

176 استدراك من الشيخ عما أفاده

176 استثناء من الشيخ عما أفاده

178 نقاش من الشيخ مع المحقق القمي

ص: 395

ص الموضوع

179 تفريع على ما أفاده المحقق القمي و خلاصته

180 المراد من العير و الصواع

181 المراد من السقم

182 دلالة الأدلة الأربعة على حرمة الكذب

182 أول الأدلة الأربعة

183 سبب نزول آية إلاّ من اكره و قلبه مطمئن بالإيمان

184 ثاني الأدلة الأربعة

184 ثالث الأدلة الأربعة و رابعها

185 ذكر مثال لانتفاء القبح رأسا على الأقل قبحا

186 تحقيق حول عبارة على القولين

189 المراد من العمومات

189 التفريع على ما أفاده الشيخ و خلاصته

190 الرواية الاولى الدالة على جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية

190 الرواية الثانية الدالة على جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية

ص الموضوع

191 الرواية 3-4 الدالة على جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية

192 الرواية 5-6 الدالة على جواز الحلف كاذبا و إن كان قادرا على التورية

193 نص الحديث الدال على جواز الكذب

194 وهم و الجواب عنه

195 المراد من التبري

195 اشكال على ما أفاده الشيخ: من لزوم العسر

196 وجوب الاحتياط و هو ترك الكذب هو الموافق للقواعد الفقهية

196 وجه استبعاد التقييد المذكور

197 مقتضى المطلقات، و رواية سماعة

197 المراد من الاجتماع في مادة الاجتماع

197 النسبة بين المطلقات، و رواية سماعة

198 وجه التأمل

201 تفريع على ما أفاده الشيح

201 الفرق بين المقامين و خلاصته

202 تعليل لكون المكره بالفتح مكره على ايقاع الصيغة فقط

ص: 396

ص الموضوع

203 استدراك من الشيخ عما أفاده و خلاصته

204 رأي الشيخ حول جواز الكذب و خلاصته

204 استدراك من الشيخ عما أفاده

207 المراد من الجواز المسوغ للكذب معناه الأعم

208 تحقيق مهم حول التقية

210 الأقوال الصادرة عن الأئمة عليهم السلام حول الأحكام الشرعية المخالفة لمذهبهم

211 نص عبارة الفقه على المذاهب الأربعة

211 تعليل لحمل كلام الامام الصادر في مقام التقية

212 استدراك من الشيخ عما أفاده

213 المراد من تعذر الغسل

214 نص الحديث 9 الراجع إلى إرادة خلاف ظاهره

214 ما أفاده في الفقه على المذاهب الأربعة

215 تعليل لتعين الثاني و هو الاستحباب دون الأول و هي التقية

ص الموضوع

216 الاشكال على ما أفاده الشيخ حول التعيين

218 الحديث الوارد في الاصلاح

221 إخبار سطيح الكاهن بزوال (دولة ساسان)

222 المراد من العرّاف

223 عوامل الإخبار عن المستقبل

223 العامل 1-2-3-4

224 مقصود الامام عليه السلام من نفي الشبهة

226 الاشكال على ما أفاده الشيخ

227 إخبار سطيح وشق الكاهنين كان من أخبار السماء

229 فرق بين التفرس، و الاخبار عن المغيبات

230 تحقيق حول الرمل و الجفر

233 الاشكال على مطلق اللهو

233 الأسفار الواجبة

234 الأسفار المندوبة و المباحة

235 كلام حول تقصير الصلوات اليومية في السفر عند (الشيعة الامامية)

236 استدلال ابن ادريس و خلاصته

ص: 397

ص الموضوع

236 المراد من القبح

237 المراد من الآيات الواردة في اللهو

237 الاشكال في الآيات المستدل بها

240 تحقيق حول كلمة الملاهي

241 تشكيل قياس منطقي من الشكل الاول

243 تعليل للتفريع المذكور

245 تحقيق حول الرقص و التصفيق

246 الضرب بالصفائح الخفيفة

246 المراد من القوى الشهوية

247 مقتضى عطف اللهو على اللعب و اللعب على اللهو و الآيات الواردة فيه

248 اللعب و اللهو نظير الفقير و المسكين

249 أدوار الحياة و مراحلها

250 مجموع أدوار الحياة

255 المدح على قسمين

256 المراد من كلمة تخفف له و تضعضع له

257 الاشكال في الدليل الدال على حرمة مدح من لا يستحق المدح

257 مدح الظالم اتقاء شره واجب

257 الحديث الوارد في ذم من يكرم اتقاء شره

257 المراد من الأدلة الأربعة

262 لما ذا لم يذكر المصنف الظلم نفسه؟

262 تحقيق حول كلمة بريء اشتقاقا و معنى

263 المقصود من أشباه الظلمة

263 تحقيق حول كلمة لاق

264 تحقيق حول كلمة عقدة. و الوكاء و لابتيها و سرادق

265 تحقيق حول كلمة لا الاولى

266 تحقيق حول كلمة سابع و سود و ديوان

267 الأحاديث الواردة في حرمة معونة الظالم و الاشكال عليها

268 تحقيق حول كلمة وجم

268 دفع تخيل

271 الاستشهاد برواية ما أحب أني عقدت في موضعين

282 تحقيق حول كلمة نهش

283 أركان النميمة

287 نص الحديث الوارد في النوح

288 الجمع بين الأخبار المتضاربة في النوح

291 تحقيق حول كلمة الولاية و كلمة تصيير

ص: 398

ص الموضوع

292 المراد من الكسب للظلمة

292 تعليل لكون الولاية من قبل الجائر مفسدة

293 ما أفاده الشيخ من ظاهر الروايات و الاشكال على الظاهرة، و أن الحرمة ليست ذاتية نفسية

294 استفهام الامام عليه السلام

295 ملازمة الولاية للجور و الظلم

295 الحكم بحرمة الولاية لأجل ترتب المفاسد عليها

295 تاريخ الحيرة

299 تحقيق حول كلمة خريف

300 تحقيق حول كلمة لا سيما

304 تحقيق حول اللام

305 تعليل و خلاصته

307 جملة فإنه استحب له محل استشهاد الشيخ الأنصاري

308 توجيه الشهيد الثاني كلام المحقق

309 ما أورده الشيخ على التوجيه المذكور و خلاصته

309 توجيه شيخنا الأنصاري كلام المحقق

310 حاصل ما ذكره الشيخ في توجيه كلام المحقق

ص الموضوع

311 التزاحم في المقام نظير تزاحم الحقين

312 رد من المحقق السبزواري على ما أفاده الشهيد الثاني

312 رد من الشيخ على ما أفاده السبزواري

313 استدراك من الشيخ عما أفاده

313 الجواب عن الاستدراك المذكور و خلاصته

313 انتصار صاحب الجواهر للمحقق

314 النسبة بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف، و بين أدلة حرمة تصدي الولاية

315 تعليل للجمع بين الأدلة و خلاصته

315 موضوع الأمر و النهي بسيط لا مركب

315 متممات كلام صاحب الجواهر

315 حديث محمد بن إسماعيل شاهد صدق على الجمع بين الأدلة

316 إشكال و خلاصته و الجواب عنه

317 اتحاد ما أفاده الشيخ مع ما أفاده صاحب الجواهر

318 المراد من التخيير و الفرق بين التخيير الظاهري و الواقعي

319 انتصار لشيخنا صاحب الجواهر

ص: 399

ص الموضوع

319 تفريع و خلاصته

320 ما أورده الشيخ على صاحب الجواهر و خلاصته

321 تحقيق حول النسبة بين دليل استحباب الولاية و بين أدلة وجوب الأمر بالمعروف بعد التخصيص

321 التمثيل بالوضوء

322 تفريع على ما أفاده صاحب الجواهر

322 تعليل لعدم معارضة دليل الاستحباب

323 تعليل لكون القضاء واجبا كفائيا

323 توجيه ثان

324 فيما أفاده الشيخ

325 تحقيق حول كلمة التوعيد

327 بالاكراه يباح جميع ما يترتب على الولاية

328 المراد من أدلة الاكراه

329 دليل عدم إباحة العظائم

330 الدليل 1-2-3 عام يشمل جميع المحرمات

331 دخل مقدر و الجواب عنه

332 الاشكال على جواز النهب

333 تأييد من المتوهم

ص الموضوع

333 نسبة الدفع إلى ما اضطروا إليه كنسبة الرفع إلى ما اكرهوا عليه

333 توهم و الجواب عنه

335 اختلاف الصغرى في المثالين

336 وهم و الجواب عنه

338 تحقيق حول كلمة تبرأ

338 تحقيق حول مفردات الحديث

339 تحقيق حول كلمة شاط

340 استدراك عما أفاده

341 المثل السائر

342 استدراك عما أفاده و خلاصته

343 وجه التأمل

344 تفسير الشيخ عبارة القواعد بنفس تفسير الشيخ الكبير كاشف الغطاء

346 تقسيم الشيخ العنوان الثاني إلى عنوانين

348 العرض قسمان

349 الاشكال على وجه التأمل

352 في النسبة بين العجز و الاكراه

355 وجه الظهور

356 وجه الأحوط و الأقرب

358 تحقيق حول النواصب

360 تحقيق حول حديث التقية

ص: 400

ص الموضوع

361 الدليل 1-2-3-4

363 تحقيق حول مفردات الحديث

364 تحقيق حول مفردات الحديث

365 تحقيق حول مفردات الحديث

366 تحقيق حول مفردات الحديث

367 تحقيق حول مفردات الحديث

367 المراد من الخوزى

369 تحقيق حول شرطة الخميس

370 تحقيق حول مفردات الحديث

371 تحقيق حول (فدك)

372 تحقيق حول مفردات الأبيات المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام

373 تحقيق حول كلمة احل

373 إشكال على البيت المنسوب

ص الموضوع

373 الخدشة في الأبيات

374 مختصر حياة قارون

374 شرح مفردات الحديث

375 شرح مفردات الحديث

376 شرح مفردات الحديث

377 شرح مفردات الحديث

378 شرح مفردات الحديث و تعليل

379 تفسير مفردات الحديث

379 تحقيق حول أن المؤمن مشتق من اسمي

380 تحقيق حول المؤمن مني و أنا منه

381 شرح مفردات الحديث

382 شرح مفردات الحديث

ص: 401

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هٰذٰا بِآلِهَتِنٰا يٰا إِبْرٰاهِيمُ 179

اِجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ اَلْأَرْضِ 298

اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ 247 إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً في الاستثناء عن عموم لاٰ يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ 184، 326

إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفٰاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ 381

إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ 376

إِنِّي سَقِيمٌ 181

أَنَّمَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ 247 249.

إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصٰابُ وَ اَلْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ 98

إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ 40

إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 124

إِنَّمٰا يَفْتَرِي اَلْكَذِبَ اَلَّذِينَ لاٰ يُؤْمِنُونَ بِآيٰاتِ اَللّٰهِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰاذِبُونَ 161، 172 183

أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ 180

- ب -

بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هٰذٰا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ 179

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى اَلْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ اَلْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ 242

- ف -

فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ 51

- ق -

قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ 358

ص: 402

- ك -

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ 165

- ل -

لاٰ يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اَللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّٰ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً 183 209، 210

لاٰ عٰاصِمَ اَلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اَللّٰهِ 168

لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ 35، 40، 41

لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ 242

- ن -

نَفْقِدُ صُوٰاعَ اَلْمَلِكِ 180

- و -

وَ آتَيْنٰاهُ مِنَ اَلْكُنُوزِ مٰا إِنَّ مَفٰاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ 374

وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً 250، 251

وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لاٰ يُنْفِقُونَهٰا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ 369

وَ اَلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ اَلْقَتْلِ 281

و أَمَّا اَلسَّفِينَةُ فَكٰانَتْ لِمَسٰاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي اَلْبَحْرِ فَأَرَدْتُ 53

وَ تَفٰاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكٰاثُرٌ فِي اَلْأَمْوٰالِ وَ اَلْأَوْلاٰدِ 249

وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ مٰا كٰانَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ 120

وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ 256

وَ لاٰ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوٰانِ 261

وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ 261

وَ لَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولٰئِكَ مٰا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا اَلسَّبِيلُ عَلَى اَلَّذِينَ يَظْلِمُونَ اَلنّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ 35، 40

وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 37 330، 336، 357، 361

وَ مَا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا إِلاّٰ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ 247

وَ مٰا هٰذِهِ اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا إِلاّٰ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ 247

وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذٰاباً كَبِيراً 261

ص: 403

وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ 380

وَ يُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كٰانَ بِهِمْ خَصٰاصَةٌ 382

وَ يَخٰافُونَ سُوءَ اَلْحِسٰابِ 43

وَ يَقْطَعُونَ مٰا أَمَرَ اَللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ 281

- ي -

يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ 169

يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ 121، (12(2)

ص: 404

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- أ -

احلف باللّه كاذبا و نج أخاك من القتل 190

أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة فيحفظها عليه 381

اذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فاظهروا البراءة و اكثروا من سبهم 50

ألا اخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك باللّه، و عقوق الوالدين، و قول الزور أي الكذب 160

أ ما كان لك جار له ثوبان يعيرك أحدهما 86

الناجش و المنجوش 277

إن الاكراه يتحقق بالتوعد بالضرب على ترك المكره عليه 340

إن الملائكة لتحضر الرهان في الخف و الحافر و الريش و ما سوى ذلك قمار حرام 106، 110

إن المؤمن اذا كذب بغير عذر لعنه سبعون الف ملك 160

- ج -

جئناكم جئناكم حيونا نحيكم 242

- ر -

رفع عن امتى ما اكرهوا عليه و ما اضطروا إليه 326، 329، 331، 332، 334 336، 340، 357، 361

رفع عن امتي تسعة أشياء: النسيان و ما لا يعلمون، و الحسد، الى آخر الحديث 155

- ك -

كل ما تقومر به حتى الكعاب و الجوز 106، 108

- ل -

لصاحب الحق مقال 38

ص: 405

- م -

ما آمن باللّه و اليوم الآخر من بات شبعانا و جاره جائع 270

ما هذا لك بأخ 87

معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه فلا تتبعوا عثرات المؤمنين 378

من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلب اللّه لبه عنه 365

من أغاث مؤمنا 376

من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه 10

من تولى عرافة قوم اتي به يوم القيامة و يداه مغلولتان الى عنقه 299

من علق سوطا بين يدي سلطان جائر 262

من فضل طعامكم، و من فضل تمركم و رزقكم و خلقكم و خرقكم تطفئون بها غضب الرب 370

من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض او مال فليستحلها من قبل 10

- و -

و عموم نفي الحرج، فان الزام الغير تحمل الضرر و ترك ما اكره عليه حرج 340

و لا تناجشوا 277

و ما استكرهوا عليه في حديث الرفع 203

- ي -

يا علي ان اللّه أحب الكذب في الصلاح و أبغض الصدق في الفساد 218

يا علي لا تناظر رجلا حتى تنظر في سريرته 380

يا محمد اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي سميته مؤمنا 379

ص: 406

5 - فهرس الأعلام

- أ -

آدم 243

ابراهيم عليه السلام 179، 180، 181

ابن بكير 191

ابن الحجاج 163، 170، 172

ابن سعد 47

ابن سنان 145، 146

ابن عباس 370، 371

ابن مالك 164

أبو أيوب 251

أبو البختري 27

أبو بصير 214

أبو الجارود 98، 135

أبو خديجة 162، 163، 172

أبو ذر 68، 161، 172، 252

أبو سفيان 47، 48

أبو الشهداء الحسين عليه السلام 322، 370

أبو صخير 296

أبو طالب 371

علي بن جعفر عليه السلام 242

اخوة الرضا عليه السلام و أعمامه 154 155

أردشير: شاه بور بن أردشير 98

أرسطو 296

اسحاق: حنين بن إسحاق 296

اسماعيل: محمد بن اسماعيل 304 315، 320

الأشعري: أحمد بن محمد بن عيسى 362

الأشعري: اسماعيل بن سعد 190

الأشعري: محمد بن عيسى 362

الأعمش 57، 160، 240

الأعور: الحارث 164، 165-166 170، 171، 172

أفلاطون 196

أهل البيت - الأئمة عليهم السلام - 21، 102، 104، 154، 208، 210 215، 233، 257، 304، 326

ص: 407

334، 338، 358، 364، 369 377، 381، 382

- ب -

بابك: أردشير بن بابك 97، 98

الباقر عليه السلام 40، 41، 55 71، 80، 85، 98، 99، 100 107، 113، 114، 115، 135 151، 155، 156، 163، 198 283، 287، 357، 359

البلاذري 358

البهائي 97

- ج -

جابر 107

جالينوس 296

جبرئيل 379

الجعابي: محمد بن علي 72

جعفر: علي بن جعفر 154، 156 242

الجعفري: سليمان 270

الجمحي: بثينة بنت عامر 371

الجهم: هارون بن الجهم 26

- ح -

حارث (عم عمار بن ياسر) 183

حارثة: زين بن حارثة 152، 153

حسان: عيسى بن حسان 216

الحسين: حسن بن الحسين بن علي ابن الحسين 154

الحلبي: عبيد اللّه 82، 236

الحلبي: ابن ادريس 235، 236 237، 238، 250، 287

الحلي: ابن فهد 238

الحلي: المحقق 312

حكم: معاوية بن الحكم 216

- خ -

خلاد: معمر بن خلاد 86، 107

الخوئي: السيد 156

- د -

داود: محمد بن أبي داود 250

ص: 408

- ذ -

الذبياني: النابغة 43

- ر -

الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله 9، 10، 11، 12، 13، 18، 21 47، 48، 49، 50، 51، 52 64، 68، 71، 72، 77، 86، 106 107، 108، 110، 113، 120 121، 122، 134، 136، 140 151، 152، 153، 154، 155 160، 162، 163، 172، 179 183، 190، 195، 203، 208 214، 218، 221، 227، 228 229، 230، 233، 242، 247 252، 256، 267، 277، 281 287، 326، 329، 340، 357 361، 363، 365، 369، 370 371، 373، 375، 376، 378 379، 380، 381

الرشيد: هارون 352

الرضا - أبو الحسن - عليه السلام 107، 111، 154، 155، 156 190، 217، 241، 242، 250 269، 304، 305

- ز -

زرارة: 52، 54، 55، 100 101، 102، 191، 198

زربي: داود بن زربي 295

زيد: اسامة بن زيد 152، 153

زين العابدين - علي بن الحسين - عليه السلام 9، 19، 163، 170 251، 295، 370، 371

الزهراء عليها السلام فاطمة 371، 373

- س -

سالم: يحيى بن سالم 169، 170 198

سطيح: الكاهن 221، 227

سقراط 296

ص: 409

السكوني 12، 13، 15، 16، 17 18، 190

سلار 287

سلمه: زياد بن أبى سلمه 293، 294 301، 303

سليمان: عبد اللّه بن سليمان 364، 382

سماعة 197، 198، 199، 243

سمية (أم عمار بن ياسر) 183

سنان: عبد اللّه بن سنان 48

سنمار 296

سيابة: العلاء بن سيابة 106

- ش -

الشامي: أبو الربيع 96

الشحام: زيد 298، 301، 303 315

شق: الكاهن 227

الشهيد الأول 30

الشهيد الثاني 17، 30، 40، 41 63، 65، 161، 200، 308 311، 312، 350، 351، 354 355، 362

شيخ الطائفة 307، 362

الشيخان 287، 373

- ص -

صاحب جامع المقاصد 25، 92 175، 176

صاحب الجواهر 108، 109، 110 111، 113، 117، 313، 312 315، 316، 317، 319، 320 322، 323، 325، 350، 351 355

صاحب الرياض 140، 239، 244

صاحب الشرائع 351، 352

صاحب الصحاح 247

صاحب القاموس 247

صاحب القواعد 222

صاحب كفاية الفقيه 313

صاحب المسالك 353، 354

صاحب المعالم 315

الصدوق 69، 80، 160، 217، 256

ص: 410

الصادق عليه السلام أبو عبد اللّه 12 13، 18، 26، 27، 28، 32 35، 36، 42، 44، 52، 53، 54 55، 56، 57، 68، 69، 71، 81 82، 83، 87، 88، 96، 100 101، 102، 106، 138، 139 146، 162، 169، 170، 179 180، 181، 184، 190، 191 192، 214، 215، 216، 217 223، 224، 226، 228، 229 238، 239، 240، 243، 257 264، 265، 266، 267، 268 269، 271، 272، 287، 288 292، 294، 295، 297، 302 303، 330، 357، 358، 359 361، 362، 364، 366، 367 368، 371، 382.

الصادقان (الباقر و الصادق) عليهما السلام 357، 360

صبيح: محمد علي 151، 153

الصيرفي: الحسين بن محمد 72

الصيرفي: زكريا بن يحيى بن نعمان 154

- ط -

الطبرسي 223

- ظ -

ظبيان بن يونس 87، 88

- ع -

عائشة 151، 153

عبد الباقي: محمد فؤاد 153

عبد الحميد: محمد محي الدين 85، 206

عبده: محمد 85، 206

عبد اللّه (عم عمّار بن ياسر) 183

عبد اللّه: سعد بن عبد اللّه 362

عثمان: الخليفة 373

عذافير (والد محمّد) 268، 272

عذافر: محمد بن عذافر 268، 272

العسكري: الحسن عليه السلام 160 172

العطارة: زينب 57

ص: 411

عطا: عبد اللّه بن عطا 193

العلامة 130، 132، 175، 176، 344

العلامة الطباطبائي: محمد مهدي بحر العلوم 105، 109، 113

علقمة 28، 71

علي - أمير المؤمنين عليه السلام 9، 25 85، 68، 71، 72، 76، 77 80، 114، 115، 117، 120، 151 152، 164، 165، 166، 172 190، 193، 206، 207، 210، 212 213، 218، 230، 251، 338 358، 365، 367، 370، 371 372، 373، 375، 376، 378 379، 380، 381

علي: محمد بن علي 376

العلوي: القاسم بن محمد بن جعفر 72

عمار: معاوية بن عمار 216

عمر: مفضل بن عمر 88

عمران: موسى بن عمران عليه السلام 374

عمير: ابن أبى عمير 86

عمير: حفص بن عمير 12، 13، 15

عميرة: سيف بن عميرة 163، 165 170، 171، 172

عيسى: حماد بن عيسى 44

عيسى: عثمان بن عيسى 160

العياشي 35

- غ -

الغزالي 160

غياث: حفص بن غياث 71

- ف -

الفاضلان (المحقق و العلامة) 161، 162

فراس: ورام بن أبى فراس 261

الفضيل 100، 101، 102

- ق -

قابيل 243

قارون 374

قولويه: جعفر بن محمد بن قولويه 362

قيس: محمد بن قيس 113

- ك -

الكابلي: أبو خالد 251

ص: 412

كاشف الغطاء: الشيخ جعفر 166 167، 344

الكاظم عليه السلام أبو الحسن موسى 270، 301

الكاهلي 266

الكراجكي 9، 20، 72

الكليني 80

- ل -

مالك (عم عمار بن ياسر) 183

المحقق 287

المحقق السبزواري 308، 309، 310 311، 313

المحقق الشريف 230

المحقق القمي 177، 178، 179

مختار: عبد الواحد بن مختار 101

المخزومي: أبو حذيفة بن المغيرة المخزومي 183

مزارم 72

مسلم: محمد بن مسلم 198

المفيد 362

المفيد الثاني 99

المنذر: النعمان بن المنذر 43، 295 296

المنصور: أبو جعفر 55، 366، 382

مهران: صفوان بن مهران 269 270، 272

ميمون: ثعلبة بن ميمون 43

- ن -

النخعي: مالك الأشتر 57

النخعي: كميل بن زياد 251

النجاشي: عبد اللّه 304، 362، 367 382

النوفلي: عبد اللّه بن سليمان 362

- و -

الواسطي 217

الوصافي 85

الوليد: خالد بن الوليد 295

- ه -

هارون 269

ص: 413

هراس: د. محمد خليل 277

الهريسى: الحاج حسن 10

هند (زوجة أبى سفيان) 47، 48

- ي -

ياسر (والد عمار) 183

ياسر: عمار بن ياسر 183، 195

يعفور: ابن أبى يعفور 27، 267

يعقوب: يونس بن يعقوب 264

يقطين: علي بن يقطين 301، 303 351، 352

يوسف عليه السلام 180، 298

ص: 414

6 - فهرس الأمكنة و البقاع

- أ -

الأزهر 151

الأهواز 363، 364، 382

- ب -

بابل 334

البصرة 80

- ت -

تخت جمشيد 334

تدمر 334

تل عقرقوف 334

- ج -

الجنة 377

- ح -

الحائر الحسيني 318

الحجاز 242

حظيرة القدس (مكان في الجنة) 365

الحيرة 295، 296

- خ -

الخورنق 295، 296

خيبر 371

- د -

دور الخلفاء 334

- س -

السدير 295، 296

- ط -

طهران 160، 182

- ع -

العراق 197، 295

- غ -

غدير خم 121

- ف -

فدك 371، 373

- ك -

الكوفة 193، 295، 296، 370

- م -

مدائن كسرى 221، 334

المدينة المنورة 121، 264، 265 371، 373

المسجد الحرام 318

مسجد الكوفة 318

ص: 415

المسجد النبوي 318

مصر 38، 85، 97، 180، 358 206

مطبعة الاستقامة 206

المطبعة التجارية 38

مطبعة دار إحياء الكتب العربية 153

مطبعة النجف 35

مطبعة النعمان 25، 39

المكتبة الاسلامية 10

مكة المكرمة 121، 183، 269، 371

- ن -

النجف الأشرف 18، 25، 39، 88 151، 226

ص: 416

7 - فهرس الشعر

- ب -

و لست بمستبق أخا لا تلمه *** على شعث أي الرجال المهذب

43

- ف -

و في جواب كيف زيد قل دنف *** فزيد استغنى عنه اذ عرف

64

- ل -

لقد خاب من غرته دنيا دنية *** و ما هي ان غرت قرونا بطائل

أتتنا على زي العزيز بثينة *** و زينتها في مثل تلك الشمائل

فقلت: لها غري سواي فانني *** عزوف عن الدنيا و لست بجاهل

و ما أنا و الدنيا فان محمدا *** أحل صريعا بين تلك الجنادل

و هبها اتتني بالكنوز و درّها *** و أموال قارون و ملك القبائل

أ ليس جميعا للفناء مصيرها *** و يطلب من خزانها بالطوائل

فغري سواي انني غير راغب *** بما فيك من ملك و عز و نائل

فقد قنعت نفسي بما قد رزقته *** فشأنك يا دنيا و أهل الغوائل

فاني أخاف اللّه يوم لقائه *** و أخشى عذابا دائما غير زائل

372-375

ص: 417

ان تجد ذنبا فسد الخللا *** جل من لا عيب فيه و علا

44

فلا تتركني بالوعيد كأنني *** إلى الناس مطلي به القار أجرب

43

و ربما اكسب ثان أولا *** تأنيثا إن كان لحذف مؤهلا

234

- م -

و حذف ما يعلم جائز كما *** تقول زيد بعد من عندكما

164

- ه -

و لا تجز حالا من المضاف له *** إلا اذا اقتضى المضاف عمله

54

ص: 418

8 - فهارس الكتب

- أ -

الاحتجاج 179، 180، 223، 226 229، 38

احياء العلوم 38، 160

ارشاد الساري 152

اصول الكافي 18، 43، 51، 82 84، 113، 120، 125، 154، 156 330، 357

إيضاح النافع 150

- ب -

بحار الانوار 10، 27، 56، 120 160، 161، 240، 257

بداية المجتهد 211

- ت -

تاج العروس 358، 366

التحرير 187، 337

تحف العقول 98، 239، 292، 293

التذكرة 130، 132

تفسير العياشي 107، 270

تفسير القمي 35، 98، 99

التنقيح 222، 305

التهذيب 113

- ج -

الجامعة كتاب لعلي عليه السلام 230

جامع المقاصد 24، 150، 175، 187 188، 277

الجعفرية 233

الجفر كتاب لعلي عليه السلام 230

جواهر الكلام 109، 113، 316

- ح -

حق اليقين 120

- خ -

الخصال 88، 228، 372

- د -

الدروس 150

- ذ -

الذكرى 233

ص: 419

- ر -

الرسائل 91، 128

رسالة التقية 208

الروضة البهية 200، 337، 362

الرياض 127، 140، 187، 237 238، 362

- س -

السرائر 10، 15، 187، 188 222، 228، 233، 337

سنن ابن ماجة 152

سنن أبي داود 152، 153

- ش -

شرح التجريد 120

شرح اللمعة 187، 188

الشرائع 187، 337، 351، 353 355

- ص -

الصحاح 149، 344

صحيح البخاري 151

صحيح مسلم 153

الصحيفة السجادية 10، 11

- ع -

العيون 160

عيون أخبار الرضا عليه السلام 240

- غ -

الغنية 187

- ف -

فرائد الاصول 317

فروع الكافي 43، 114، 264

الفقه على المذاهب الأربعة 211، 214

الفقيه 191

- ق -

القاموس 149، 222، 244

القرآن الكريم 247، 321، 322

القواعد 187، 188، 233، 335 343، 344

القوانين 177

- ك -

كتاب الاخوان 85

كشف الريبة 10، 15، 25، 39 40، 72، 362

كشكول البهائي 97

الكفاية 149

كفاية الفقيه 311، 312

كوهر مراد 120

ص: 420

- ل -

اللمعة الدمشقية 87، 104، 122 139، 187، 188، 200، 235 317، 322، 337، 348

- م -

المبسوط 182، 187، 233، 334

مجمع البحرين 97، 139، 150، 151

مجمع البرهان 187

مجمع البيان 36، 41، 47

المحاسن 28

المختصر 188

المختلف 235

المدخل في الطب 296

المسالك 150، 132، 134، 200 301، 313، 349، 352، 354 355

مستدرك الوسائل 10، 13، 18، 61

المصابيح 105، 352

المصباح 149

المعالم 358

المعتبر 233، 334

المقنعة 187

من لا يحضره الفقيه 28، 48، 151

الميسية 150

- ن -

النهاية 150، 306، 307

نهج البلاغة 84، 206

- و -

وسائل الشيعة 7، 10، 12، 27 28، 35، 55، 61، 68، 70 72، 75، 77، 82، 85، 98 106، 107، 119، 127، 139 140، 145، 150، 151، 160 162، 172، 180، 182، 184 190، 202، 211، 216، 228 238، 242، 251، 252، 256 262، 263، 266، 273، 277 282، 293، 299، 308، 326 328، 340، 351، 359

ص: 421

9 - الخاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه الذي فطر الخلائق بقدرته، و نشر الرياح برحمته، و وتد بالصخور ميدان أرضه.

أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كمال التصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له.

فقد تم بحمد اللّه تبارك و تعالى و له الشكر على ما أنعم (الجزء الرابع) من كتاب (المكاسب) في ليلة الخميس الرابع و العشرين من شهر رمضان المبارك عام 1394 ه في غرفه إدارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج بعد عناء كثير مقابلة و تصحيحا و تعليقا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان و بعد سهر ليالي و أيام بذلت في إخراج هذا التراث الخالد: فقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.

و كان الشروع فيه يوم ميلاد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله السابع عشر من ربيع الأول عام 1394 ه.

و قد جاء بحمد اللّه تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء الخامس) أوله: (السابع و العشرون هجاء المؤمن) و إني لأرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة، و نسألك التوفيق لا تمام بقية الأجزاء من الكتاب، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للأمة الاسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه عبدك

السيد محمد كلانتر

ص: 422

المجلد 5

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الإهداء

سيدي... أبا صالح

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك... يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 3

ص: 4

تتمة المكاسب المحرمة

تتمة النوع الرابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه

اشارة

هجاء المؤمن

ص: 5

ص: 6

المسألة السابعة و العشرون هجاء المؤمن

«السابعة و العشرون» (1) (هجاء المؤمن) حرام بالأدلة الأربعة (2)، لأنه (3) همز و لمز و أكل اللحم و تعبير و اذاعة سر، و كل ذلك (4) كبيرة موبقة.

++++++++++

(1) أي (المسألة السابعة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: هجاء المؤمن.

هو مصدر ثان لهجا يهجو، إذ مصدره الأول هجوا، معناه:

الشتم، و تعداد المعايب.

(2) الكتاب و السنة و الإجماع و العقل.

(3) تعليل لحرمة الهجاء من الكتاب العزيز أي الهجاء همز و لمز، و أكل لحم الأخ المؤمن فتشمله آية: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ .

و آية: «وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ» .

و قد مضت الإشارة الى معنى الهمز و اللمز في الجزء الثالث من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 308.

و الى معنى أ يحب أحدكم أن يأكل في نفس المصدر ص 304-307 فراجع.

(4) أي الهمز و اللمز، و أكل اللحم، و التعيير، و إذاعة السر من المعاصي الكبيرة التي أوعد اللّه عز و جل على مرتكبها العقاب في الآخرة كما هو الملاك في الكبيرة.

ص: 7

و يدل عليه (1) فحوى ما تقدم في الغيبة، بل البهتان (2) أيضا بناء (3) على تفسير الهجاء بخلاف المدح كما عن الصحاح فيعم (4) ما فيه من المعايب و ما ليس فيه كما عن القاموس و النهاية و المصباح، لكن مع تخصيصه فيها (5) بالشعر.

و أما تخصيصه بذكر ما فيه بالشعر (6) كما هو ظاهر جامع المقاصد فلا يخلو عن تأمل.

++++++++++

(1) أي على تحريم الهجاء كل ما ذكرناه في حرمة الغيبة.

راجع نفس المصدر. من ص 307 الى ص 320.

و كذا يدل على حرمة الهجاء كل ما تقدم في السب.

راجع نفس المصدر. ص 7-10.

(2) أي بل يدل على تحريم الهجاء كل ما تقدم في حرمة البهتان راجع نفس المصدر. ص 339-340.

(3) تعليل لكون أدلة البهتان تشمل الهجاء، أي شمول أدلة البهتان للهجاء مبني على تفسير الهجاء بخلاف المدح: بأن يقال: إن معناه الذم و القدح.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من كون معنى الهجاء خلاف معنى المدح أي فبناء على ذلك يكون معنى الهجاء أعم من معنى المدح، أي سواء أ كانت المعايب في الشخص موجودة أم لا.

(5) أي مع تخصيص الهجاء في الكتب الثلاثة بالشعر: بمعنى أن هؤلاء الأعلام و إن عمموا معنى الهجاء، لكنهم خصصوه بالشعر، دون النثر.

(6) هذا القول أفاده (صاحب جامع المقاصد)، فإنه أفاد في كتابه شيئين في الهجاء:

(أحدهما): كونه مختصا بذكر المعايب الموجودة في الشخص. -

ص: 8

و لا فرق في المؤمن بين الفاسق و غيره.

و أما الخبر (1): محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين فالمراد به (2) الخارجون عن الإيمان، أو المتجاهرون بالفسق.

و كذا يجوز هجاء الفاسق المبدع، لئلا يؤخذ ببدعه، لكن بشرط الاقتصار على المعايب الموجودة فيه، فلا يجوز بهته بما ليس فيه، لعموم حرمة الكذب (3).

و ما تقدم (4) من الخبر في الغيبة من قوله عليه السلام في حق المبتدعة: باهتوهم

++++++++++

- (ثانيهما): كونه مختصا بالشعر، دون النثر.

(1) دفع وهم حاصل الوهم: أنكم قلتم: إنه لا فرق في عدم جواز هجو المؤمن بين كونه عادلا، أو فاسقا.

لكن قوله عليه السلام في الحديث: محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين يدل على اختصاص عدم الجواز بالعدول فيخصص الخبر ذلك العموم.

و أما الحديث فلم نعثر على مصدر له في الكتب التي بأيدينا، و راجعنا بعض كتب إخواننا السنة فلم نجد له مصدرا أيضا.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن العموم باق على ما كان، و الخبر هذا لا يخصصه لأن المراد من الفاسقين في الخبر إما الخارجون عن الإيمان، و إما المتجاهرون بالفسق فلا يشمل مطلق الفساق حتى يختص عدم جواز الهجو بالعدول فلا يخصص العموم.

(3) لأن حرمة الكذب عامة تشمل عدم جواز الافتراء حتى بالفاسق.

(4) دفع وهم حاصل الوهم: أن الحديث الوارد في قول الامام عليه السلام في ص 50 في الجزء الرابع من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة:

باهتوهم كيلا يطمعوا في إضلالكم عام يشمل العيوب الموجودة في المبدع -

ص: 9

كيلا يطمعوا في إضلالكم: محمول (1) على اتهامهم، و سوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به: بأن يقال: لعله زان، أو سارق.

و كذا (2) اذا زاد ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة.

و يحتمل ابقاؤه (3) على ظاهره: بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة فإن مصلحة تنفير الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب.

و في رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

إن بعض أصحابنا يفترون و يقذفون من خالفهم.

فقال: الكف عنهم أجمل (4).

++++++++++

- و غير الموجودة فيه فكيف تقولون باختصاص الهجاء بالعيوب الموجودة فيه؟

(1) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكر في المتن فلا حاجة الى تكراره.

(2) أي و كذا يجوز ذكر معايب المبدع الواقعية مبالغة، بناء على ما أفاده الشيخ: من عدم دخوله في الكذب فلا تشمله أدلته.

(3) أي إبقاء قول الامام عليه السلام: باهتوهم على ظاهره: و هو جواز رمي المبدع بما ليس فيه.

(4) (الكافي). الجزء 8. ص 285. الحديث 431.

ص: 10

المسألة الثامنة و العشرون الهجر

الهجر

ص: 11

ص: 12

«الثامنة و العشرون» (1) (الهجر) بالضم و هو الفحش من القول، و ما استقبح التصريح به منه (2) ففي صحيحة أبي عبيدة: البذاء (3) من الجفاء و الجفاء في النار (4).

و في النبوي: إن اللّه حرم الجنة على كل فحّاش بذي قليل الحياء لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه (5).

و في رواية سماعة: إياك أن تكون فحّاشا (6).

و في النبوي: إن من شر عباد اللّه من يكره مجالسته لفحشه (7).

و في رواية: من علامات شرك الشيطان الذي لا شك فيه أن يكون

++++++++++

(1) أي (المسألة الثامنة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الهجر و هو بضم الهاء و سكون الجيم: معناه: الكلام القبيح، و بالفتح الابتعاد و القطيعة.

(2) أي من القول.

(3) بفتح الباء معناه: الفحش يقال: بذا زيد أي فحش.

و الجفاء معناه: الإعراض.

(4) (اصول الكافي). الجزء 2. ص 325. الحديث 9.

(5) نفس المصدر. ص 323. الحديث 3.

(6) نفس المصدر. ص 326. الحديث 5.

(7) نفس المصدر. ص 325. الحديث 8.

ص: 13

فحاشا لا يبالي بما قال، و لا ما قبل فيه (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

هذا آخر ما تيسر تحريره من المكاسب المحرمة (2).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 323. الحديث 1

(2) أي ما كان متعلق الاكتساب عملا محرما في ذاته و نفسه كالنوع الرابع.

و ليس المراد منها كل ما في الأنواع المذكورة: في النوع الأول و الثاني و الثالث و الخامس في الجزء 1-2-3-4-5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة.

ص: 14

الاجرة على الواجبات

ص: 15

ص: 16

النّوع الخامس مما يحرم التكسب به

اشارة

النّوع الخامس مما يحرم التكسب به

حرمة التكسب بالواجبات
اشارة

ما يجب على الإنسان فعله (1) عينا أو كفاية تعبدا أو توصلا

++++++++++

(1) أي كل شيء وجب على المكلف إتيانه يحرم أخذ الاجرة عليه ثم لا يخفى عليك أن الشيخ قسم هذا الواجب على قسمين: و قسم كلا منهما الى تعبدي و توصلي فهذه أربعة أقسام و إليها أشار الشيخ بقوله:

عينا كفاية، تعبدا أو توصلا و نحن نذكرها مشروحة:

(الأول): الواجب العيني التعبدي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه من شخص المكلف بداعي الأمر الإلهي و بقصد القربة بحيث لو لم يأت به كذلك لم يسقط الواجب عنه كالصلاة و الصوم و الحج.

(الثاني): الواجب العيني التوصلي و هو الواجب الذي لا يعتبر في اتيانه قصد القربة و بداعي الأمر الإلهي كوجوب التزوج على الأعزب و إن أتى به بقصد القربة يثاب عليه.

(الثالث): الواجب الكفائي التعبدي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه و صدوره في الخارج من أي مكلف كان بقصد القربة و داعي الأمر الإلهي: بحيث لو قام به أحد المكلفين سقط الوجوب عن الآخرين و إن لم يأت به أحد عوقب الجميع، لعدم سقوط التكليف عنهم حينئذ كتغسيل الميت و الصلاة عليه.

(الرابع): الواجب الكفائي التوصلي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه و صدوره من أي مكلف كان من غير اشتراط قصد القربة و داعي -

ص: 17

على المشهور كما في المسالك (1)، بل عن مجمع البرهان (2) كأن دليله الإجماع.

و الظاهر أن نسبته (3) الى الشهرة في المسالك في مقابل قول السيد

++++++++++

- الأمر الإلهي كتكفين الميت، و مواراته تحت الأرض، و إنقاذ الغرقى و إطعام الجائع المسكين، و حفظ النظام في اتخاذ الحرف و المهن، و توزيعها على المجتمع.

و لو أتى بهذه الامور بقصد القربة يثاب عليها.

و لا يخفى عليك أنه لا يجوز أخذ الاجرة على هذه الواجبات في الواجبات العينية التعبدية، و الكفائية التعبدية.

و أما العينية التوصلية، و الكفائية التوصلية فيجوز أخذ الاجرة عليهما.

(1) أي ادعى (الشهيد الثاني) في المسالك شهرة هذا القول:

و هي حرمة أخذ الاجرة على الواجبات.

(2) جملة بل عن مجمع البرهان من (شيخنا الأنصاري) معناها:

أنه نقل عن مجمع البرهان أن دليل الشهيد الإجماع على ذلك

(3) أي الظاهر أن نسبة (الشهيد الثاني) هذا الحكم: و هو تحريم أخذ الاجرة على الواجبات العينية، أو الكفائية، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية الى الشهرة في المسالك: لأجل ذهاب السيد الى جواز أخذ الاجرة على تجهيز الميت لغير الولي، حيث إن السيد لا يرى وجوب التجهيز على غير الولي، و هذا القول يستلزم جواز أخذ الاجرة على التجهيز لغير الولي فيكون قوله مخالفا للمشهور الذاهب الى عدم جواز أخذ الاجرة على تجهيز الميت الواجب على المكلفين، سواء أ كانوا من أولياء الميت أم لا، فاسند (الشهيد الثاني) حرمة أخذ الاجرة على التجهيز الى الشهرة لأجل ذلك.

ص: 18

المخالف في وجوب تجهيز الميت على غير الولي، لا (1) في حرمة أخذ الاجرة على تقدير الوجوب عليه.

و في جامع المقاصد الإجماع على عدم جواز أخذ الاجرة على تعليم صيغة النكاح، أو إلقائها (2) على المتعاقدين. انتهى.

و كأن لمثل هذا و نحوه (3) ذكر في الرياض أن على هذا الحكم الإجماع في كلام جماعة، و هو (4) الحجة. انتهى (5).

و اعلم أن موضوع هذه المسألة (6)،

++++++++++

(1) أي و ليس كلام السيد مخالفا لحرمة اخذ الاجرة في تجهيز الميت على غير الولي لو قيل بوجوبه عليه حتى يكون كلامه مخالفا لما ذهب إليه الإجماع: من حرمة اخذ الاجرة على الواجبات، لأنه من بداية الأمر و رأسا ينكر وجوب التجهيز على غير الولي.

(2) المراد من الإلقاء التلقين أي يقول المتعاقدان بعين ما يقوله الملقن.

(3) أي و كأن لمثل كلام (الشهيد الثاني) في المسالك، و ما نقل عن مجمع البرهان، و دعوى (صاحب جامع المقاصد) الإجماع على ذلك:

ذكر صاحب (الرياض): من أن عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات اجماعي.

(4) هذا رأي صاحب (الرياض) أي عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات هو الحق و الصحيح، بناء على مبناه: من حجية الإجماع المنقول.

(5) أي ما أفاده (صاحب الرياض) في الرياض في هذا المقام.

(6) أي موضوع البحث و محوره في مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات: هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى باذل المال حتى يصح بذل المال في قباله، لئلا تقع المعاوضة باطلة حتى يكون أكل المال أكلا -

ص: 19

..........

++++++++++

- بالباطل، فمثل هذا الواجب الذي هو محور الكلام و محل النزاع في أنه هل يجوز أخذ الاجرة عليه أم لا؟

و ليس البحث في مطلق الواجب و لو لم يكن فيه نفع يعود الى باذل المال، لأن الواجب الذي ليس فيه نفع يعود الى الباذل خارج عن إطار الكلام، و محل النزاع، لعدم وجود شيء يقابل بالمال فيكون أكل المال أكلا بالباطل فمثل الواجبات العينية التعبدية التي وجب على المكلف إتيانها مباشرة كالصلاة و الصوم و الحج لا يصح أخذ الاجرة عليها، لخروجها عن محل البحث، حيث لا يوجد فيها منفعة تعود الى الباذل.

إذا عرفت أن مدار البحث هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى الباذل فلا فرق بين الواجب العيني و الكفائي في عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

(أما الأول): كالقضاء للمدعي إذا كانت منحصرة في شخص القاضي، و ليس غيره موجودا فيبذل شخص له مبلغا، فإن في حكم القاضي للباذل منفعة تعود إلى الباذل ليحكم في صالحه.

(و أما الثاني): فتجهيز الميت، حيث إن المكلف يبذل مالا لآخر ليقوم بتجهيزه عوضا عنه حتى يسقط التكليف عنه، ففي سقوط التكليف عن الباذل ببذل المال نفع يعود إليه.

ثم لا يخفى ان بعض الأعلام أفاد في هذا المقام تعميم البحث حتى على الواجبات العينية كالصلاة و الصوم و الحج، حيث يمكن فرض نفع فيها يعود إلى الباذل المستأجر و ذلك النفع هو إطاعة اللّه عز و جل من اتيان الواجبات.

و هذا المقدار من النفع يكفي في صحة بذل المال على الواجبات العينية إذا لا يخص البحث الواجبات التي ذكرها المصنف، كما أنه يصح بذل -

ص: 20

ما اذا كان للواجب (1) على العامل منفعة تعود الى من يبذل بإزائه المال كما لو كان كفائيا و أراد (2) سقوطه منه فاستأجر غيره، أو كان (3) عينيا على العامل و رجع نفعه منه الى باذل المال كالقضاء للمدعي إذا وجب عينا.

و بعبارة اخرى (4) مورد الكلام ما لو فرض مستحبا لجاز الاستيجار

++++++++++

- المال تجاه تلك يصح بذل المال تجاه هذه، لعين الملاك، إذ لا يجب في متعلق الإجارة إلا كونه متعلقا لغرض عقلائي.

و لا شك أن اطاعة اللّه عز و جل أعظم غرض عقلائي يصح بذل المال له، فإن الباذل يقصد ببذله اقامة أوامر اللّه في البلاد حتى يتوجه الناس إليه عز و جل.

(1) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة هكذا:

ما اذا كان الواجب، و الصحيح، ما اذا كان للواجب كما أثبتناه، لعدم انسجام المعنى كما لا يخفى على النبيل الخبير الناقد البصير، و السهو من النساخ.

(2) أي الباذل أراد سقوط الواجب الكفائي عن نفسه كما عرفت في ص 20.

(3) أي أو كان الواجب عينيا كما في القضاء لو انحصر في واحد و هو المراد من العامل.

(4) حاصل قوله: بعبارة اخرى: أن مدار البحث، و محور الكلام في الواجب الذي لو فرض كونه مستحبا لجاز الاستيجار عليه و أخذ الاجرة في قباله، سواء أ كان المستحب عينيا أم كفائيا فإذا صح فرضا أخذ الاجرة على هذه المستحبات لوجود نفع فيها يعود الى الباذل: صح أخذ الاجرة على الواجبات التي فيها نفع يعود الى الباذل.

أما المستحب الكفائي فكمستحبات تجهيز الميت علاوة على واجباته

ص: 21

عليه، لا (1) أن الكلام في كون مجرد الوجوب على الشخص مانعا

++++++++++

و كرفع الأذى عن طريق المارة، و غيرهما: من المستحبات الاكيدة الواردة في الشرع.

و أما المستحب العيني فكقراءة القرآن الكريم، و زيارة المراقد الطاهرة و أقسام الحج غير حجة الاسلام، و الصوم المستحبي، و غير ذلك من المستحبات الواردة في الشرع.

(1) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة من الطباعة القديمة و الحديثة هكذا: لأن الكلام.

و الصحيح كما أثبتناه: (لا أن الكلام) لعدم انسجام المعنى في الأول كما لا يخفى على النبيل، حيث إن الشيخ قال في صدر البحث: و اعلم أن موضوع هذه المسألة: ما اذا كان للواجب على العامل منفعة تعود الى من يبذل بإزائه المال.

فمقتضى هذه العبارة: أن تكون الجملة لا أن الكلام.

أي ليس مورد البحث في الواجب بما أنه واجب، سواء أ كان فيه نفع يعود الى الباذل أم لا، لخروج ما ليس فيه نفع يعود الى الباذل عن حريم النزاع، لأن بذل المال في قباله بذل للباطل كما عرفت في ص 19 عند قولنا: ثم لا يخفى أن بعض الأعلام.

و قد عرفت أيضا أن البحث يعم حتى مثل هذه الواجبات العينية المطلوب فيها مباشرة المكلف.

ثم العجب من الشراح و المعلقين على الكتاب لم يعلقوا حول هذه العبارة شيئا و أخذوها على علاتها.

و لا شك أن هذا الغلط الفضيع جاء من قبل نساخ الكتاب المحترفين للكتابة، لأن جلهم و إن شئت قل: كلهم غير متقين.

ص: 22

عن اخذ الاجرة عليه، فمثل (1) فعل الشخص صلاة الظهر عن نفسه لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لا لوجوبها، بل لعدم وصول عوض المال الى باذله فإن النافلة (2) أيضا كذلك.

و من هنا (3) يعلم فساد الاستدلال على هذا المطلب (4): بمنافاة (5)

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ بقوله: لا أن الكلام في كون مجرد، أي بعد أن عرفت أن مورد البحث هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى باذل المال، لا مطلق الواجب العيني: فيخرج عن موضوع البحث مثل الصلاة و الصوم و الحج، حيث لا نفع فيها يعود الى الباذل و ما كان كذلك لا نزاع في عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

و قد عرفت خلاف ذلك منا.

(2) أي المستحبات التي لا نفع فيها يعود الى الباذل مثل الواجبات في عدم جواز أخذ الاجرة عليها، لاتحاد الملاك فيهما.

(3) أي و من أجل أن الملاك في عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات هو عدم وجود نفع فيها يعود الى الباذل المستأجر: يعلم فساد استدلال (صاحب الرياض) على عدم جواز أخذ الاجرة في الواجبات.

و خلاصة استدلاله: أن أخذ الاجرة على الواجبات مناف للإخلاص المطلوب في العبادات، لأن بين الأخذ و الإخلاص تنافر و تضاد، حيث إن الإخلاص يطلب إيقاع الفعل بداعي أمر المولى القدير قربة لوجهه المقدس خاليا عن جميع الشوائب، و أخذ الاجرة يطلب ايقاع الفعل تجاه الاجرة و وفاء لعقد الاجارة فهما متضادان متنافران لا يجتمعان.

(4) و هي حرمة أخذ الاجرة على الواجبات العبادية المطلوب فيها قصد الإخلاص كما عرفت آنفا.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: الاستدلال على هذا المطلب. -

ص: 23

ذلك للاخلاص في العمل، لانتقاضه (1) طردا و عكسا بالمندوب، و الواجب التوصلي.

++++++++++

- و الباء للاستعانة أي استعان (صاحب الرياض) على عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بهذا الدليل و هو الذي ذكرناه لك آنفا بقولنا في ص 23: و خلاصة استدلاله.

(1) هذا جواب من الشيخ ردا على استدلال (صاحب الرياض).

و خلاصة الجواب: أن الاستدلال المذكور لا يكون مانعا للاغيار و لا جامعا للافراد و قد قرر في محله: أن التعريف لا بد أن يكون مانعا للأغيار، و جامعا للافراد.

(أما الأول): فلأن الاستدلال المذكور منتقض بالمندوب التعبدي المشترط فيه قصد الاخلاص و القربة، حيث إنه يقول بجواز أخذ الاجرة عليه مع أن الاستدلال شامل له، لمنافاة اخذ الاجرة مع قصد الإخلاص المطلوب في المستحب التعبدي.

فبناء على مذهب صاحب الرياض: من جواز أخذ الاجرة على المستحب التعبدي يجب خروجه عن الاستدلال المذكور، مع أنه داخل فيه.

(و أما الثاني): و هو عدم كون الاستدلال جامعا للافراد، لأنه منتقض بالواجبات التوصلية التي لا يشترط فيها قصد القربة و الإخلاص فان المستدل يقول بعدم جواز أخذ الاجرة عليها، مع أن الاستدلال المذكور لا يشمله، لعدم مطلوبية قصد الاخلاص في الواجبات التوصلية حتى يتنافى أخذ الاجرة مع الاخلاص فيلزم خروجها عن القاعدة الكلية: و هو عدم جواز أخذ الاجرة، و القول بجواز أخذ الاجرة عليها، مع أنها داخلة في المدعى: و هو عدم جواز أخذ الاجرة فلا يكون الاستدلال المذكور جامعا للافراد. -

ص: 24

و قد يرد ذلك (1): بأن تضاعف الوجوب بسبب الإجارة يؤكد الإخلاص.

و فيه (2) مضافا الى اقتضاء ذلك الفرق بين الإجارة و الجعالة حيث (3) إن الجعالة لا توجب العمل على العامل:

++++++++++

- ثم لا يخفى أن الانتقاص المذكور إنما يلزم لو كان المستدل يقول بعدم جواز أخذ الاجرة في الواجبات مطلقا، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية

لكنه يمكن أن يكون استدلاله في الواجبات التعبدية فقط، إذا لا يتوجه الانتقاض المذكور عليه عكسا.

(1) أي و قد يرد استدلال (صاحب الرياض) بطريق اخرى غير ما أوردناه عليه و الراد هو صاحب (مفتاح الكرامة).

و خلاصة الرد أن الواجب بعد أخذ الاجرة عليه يتضاعف فيه الوجوب أي يصبح له وجوبان:

وجوب من قبل الأمر المولوي و هو أمر اللّه عز و جل الذي أمر عبده باتيان الفعل.

و وجوب من قبل الاجارة الذي جاء من ناحية المستأجر.

(2) أي و في هذا الرد إشكال بالإضافة إلى اقتضاء الرد الفرق بين الاجارة و الجعالة.

(3) هذا هو الفارق و خلاصته أن أداء العمل في الجعالة ليس واجبا على العامل فيجوز له رفع اليد عن العمل متى شاء و أراد و لو في أثنائه.

بخلاف الاجارة، حيث إن الأجير فيها مكلف باتيان العمل بدوا و ختاما، و لا يصح له رفع اليد أبدا، فالرد المذكور لا يشمل الجعالة فلا يتضاعف الوجوب، و لا يتأكد الإخلاص. -

ص: 25

أنه (1) إن اريد أن تضاعف الوجوب يؤكد اشتراط الإخلاص فلا ريب أن الوجوب الحاصل بالإجارة توصلي لا يشترط في حصول ما وجب به قصد القربة مع (2) أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق

++++++++++

- و المراد من الاجارة: الاجارة اللازمة.

(1) هذا هو الاشكال على الرد المذكور.

و خلاصته أن الوجوب الآتي من قبل الاجارة ليس واجبا تعبديا حتى يشترط فيه قصد الإخلاص، بل هو واجب توصلي لا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص.

إذا لا يتأكد الإخلاص.

نعم يتأكد الواجب و يتضاعف فيصبح ذا جنبتين: جنبة تعبدية من ناحية الأمر المولوي، و جنبة توصلية من قبل المستأجر.

(2) هذا اشكال آخر من الشيخ على صاحب (مفتاح الكرامة) الراد على (صاحب الرياض).

و خلاصة الاشكال: أن (صاحب الرياض) إنما يقول بمنافاة أخذ الاجرة للإخلاص لأجل ان الإخلاص لا يتعلق بالقلب، و لا يتأتى منه عند اتيان العمل حين أخذ العامل الاجرة عليه.

و ليس غرضه من عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات: أن الأخذ مناف للإخلاص المطلوب في أصل العمل، حيث إن الشارع قد اشترط الإخلاص في وجوب العمل، لأنه من الممكن أن يشترط الشارع قصد الإخلاص في اتيان العمل مع جواز أخذ الاجرة عليه.

لكن الكلام في تحقق هذا الاخلاص من العامل.

و قد عرفت أن الإخلاص لا يتأتى و لا يتعلق بقلب العامل عند أخذه الاجرة على الواجب. -

ص: 26

الإخلاص في العمل، لا (1) لاعتباره في وجوبه.

و ان اريد (2) أنه يؤكد تحقق الإخلاص من العامل فهو مخالف للواقع قطعا، لأن ما لا يترتب عليه أجر دنيوي أخلص مما يترتب عليه ذلك بحكم الوجدان.

هذا (3) مع أن الوجوب

++++++++++

- و هذا معنى منافاة أخذ الاجرة للإخلاص المطلوب في أصل العمل.

(1) أي و ليس غرض (صاحب الرياض) من عدم جواز أخذ الاجرة.

و قد عرفت معنى هذا آنفا بقولنا في ص 26: و ليس غرضه.

(2) اشكال ثان من الشيخ على (صاحب مفتاح الكرامة) فيما أفاده ردا على (صاحب الرياض) القائل بحرمة أخذ الاجرة على الواجبات لكونه منافيا للإخلاص.

و خلاصته: أن ما أفاده (صاحب مفتاح الكرامة): من أن الاجرة تؤكد الإخلاص فيتضاعف الوجوب مخالف للواقع و نفس الأمر، لأن العمل الذي لا يترتب عليه أجر دنيوي اخلاصه أشد و أقوى و آكد من العمل الذي يترتب عليه أجر دنيوي و الحاكم بذلك هو الوجدان و الضرورة.

ثم لا يخفى على الفطن البصير أن صيغة أفعل التفضيل في قول الشيخ:

أخلص لم تستعمل في معناها الحقيقي الذي هو أشد اخلاصا، لمنافاة معناه الحقيقي مع مراد الشيخ و هو انكار أصل الإخلاص في جانب العمل الذي يترتب عليه أجر دنيوي، بل معناها منسلخ منها.

(3) اشكال ثالث من الشيخ على (صاحب مفتاح الكرامة) فيما أفاده ردا على (صاحب الرياض) القائل بحرمة أخذ الاجرة على الواجبات لكونه منافيا للاخلاص. -

ص: 27

الناشئ من الإجارة إنما يتعلق بالوفاء (1) بعقد الاجارة.

و مقتضى الإخلاص المعتبر في مترتب الثواب على موافقة هذا الأمر و لو لم يعتبر في سقوطه: هو (2) إتيان الفعل من حيث استحقاق المستأجر له بإزاء ماله، فهذا المعنى (3) ينافي وجوب إتيان العبادة لأجل استحقاقه تعالى إياه، و لذا (4) لو لم يكن

++++++++++

- و خلاصته: أن لنا هنا وجوبين: وجوبا من قبل المستأجر، و وجوبا من قبل المولى، و منشأ كل واحد يخالف الآخر، لأن منشأ الأول عقد الاجارة و نفسها فهو وليد الاجارة، و منشأ الثاني هو الأمر الإلهي المولوي الذي يجب أن يؤتى من قبل انباري عز و جل بداعي أمره خالصا لوجهه المقدس، خاليا عن كل شائبة فهو وليد الأمر المولوي، فالوجوب في الأول وضعي معاملي نشأ من ناحية المعاوضة، و الوجوب في الثاني حكمي نشأ من ناحية الأمر المولوي الإلهي الذي يشترط فيه قصد القربة فاختلف المنشأ آن.

فكيف يمكن أن يقال: يتأكد الإخلاص، و تضاعف الوجوب.

(1) المراد بالوفاء هو الوفاء المتولد من الأمر في قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(2) هذه الجملة: (هو اتيان الفعل) مرفوعة محلا خبر لقوله:

و مقتضى.

(3) و هو اتيان الفعل ازاء مال المستأجر مناف لوجوب اتيان الفعل الذي هي العبادة للّه تبارك و تعالى المستحق له.

(4) تعليل للمنافاة المذكور.

و خلاصته: أنه لا يمكن الجمع بين القصدين و هما: قصد اتيان الفعل للّه تبارك و تعالى. و قصد اتيانه للمستأجر، لأن الأول يحتاج الى قصد القربة و العبودية بمعنى اتيانه لذاته المقدسة و بداعي أمره مجردا عن كل شائبة -

ص: 28

هذا العقد (1) واجب الوفاء كما في الجعالة (2) لم يمكن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض فلا إخلاص هنا حتى يؤكده وجوب الوفاء بعد الإيجاب بالإجارة، فالمانع (3) حقيقة هو عدم القدرة على إيجاد الفعل الصحيح بإزاء العوض، سواء أ كانت المعاوضة لازمة أم جائزة.

القربة في العبادات المستأجرة

و أما (4) تأتي القربة في العبادات المستأجرة، فلأن (5) الإجارة إنما تقع على الفعل المأتي به تقربا إلى اللّه، نيابة عن فلان.

++++++++++

- و الثاني يحتاج الى قصد وقوع الفعل إزاء المال الذي أخذه من المستأجر فكيف يمكن إتيانه للّه تبارك و تعالى؟

فلا يوجد إخلاص في البين حتى يؤكده فيتضاعف الوجوب.

(1) و هو العقد الحاصل بين المستأجر و الأجير.

(2) حيث إنها جائزة و ليست بلازمة.

(3) أي المانع الحقيقي عن أخذ الاجرة في الواجبات هو عدم تمكن المكلف من اتيان الفعل قربة الى اللّه تعالى بعد أن أخذ الاجرة من المستأجر على العمل، سواء أ كانت المعاوضة هنا لازمة كما في الإجارة، أم جائزة كما في الجعالة.

(4) هذا و هم حاصله: أن المانع الحقيقي عن أخذ الاجرة على الواجبات العبادية المحتاجة إلى قصد التقرب لو كان هو المنافاة بين اتيان العمل قربة الى اللّه، و بين أخذ الاجرة عليها، لكونه غير مقدور للمكلف ايجاده على الوجه الصحيح: و هو الاتيان بقصد القربة فما تقولون في الواجبات التعبدية الفائتة عن الميت كالصلاة و الصوم و الحج التي تحتاج الى قصد القربة و قد افتى الفقهاء بجواز أخذ الاجرة عليها؟

(5) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن قصد القربة في النيابة عن الواجبات التعبدية الفائتة -

ص: 29

توضيحه:

إن الشخص يجعل نفسه نائبا عن فلان في العمل متقربا إلى اللّه

++++++++++

- عن الميت أمر ممكن يتمشى فيها مع أخذ الاجرة عليها، حيث إن الواجب على الميت الذي هو المنوب عنه هو إتيان الواجب قربة الى اللّه، خالصا لوجهه المقدس، خاليا عن كل شائبة و قد وقع هذا الواجب المقيد بهذا القيد عن النائب حرفيا من دون فرق بين وقوعه من النائب، أو عن المنوب عنه، فالمنوب عنه الذي هو الميت يتقرب الى اللّه عز و جل بفعل النائب الذي وقع متقربا الى اللّه.

و الإجارة وقعت على هذا الفعل الذي كان في ذمة الميت بنحو المقرر و الأجير أتى بالفعل على النحو الّذي وقعت عليه الإجارة.

بيان ذلك: أن الشخص تارة يجعل نفسه نائبا عن الميت في عباداته الفائتة عنه قربة الى اللّه تعالى من دون أن يجعل هذه النيابة إزاء اجرة فتكون هذه النيابة و الجعل أمرا مستحبا في نفسه، لأن النيابة هذه احسان الى الميت لوصول النفع من هذه النيابة إليه، و اخرى يؤجر الشخص نفسه عن الميت في أداء عباداته الفائتة منه بعقد الإجارة فتكون هذه الإجارة واجبة يجب على الأجير اتيان العمل المستأجر وجوبا توصليا لا يحتاج الى قصد القربة، فالإجارة وقعت في مقابل هذه النيابة، و النائب يستحق هذه الاجرة بسبب تلك النيابة.

و أما أصل العمل و هي العبادة فيقع متقربا إلى اللّه تعالى خاليا عن كل شائبة و رياء و قصد اجرة فيتقرب المنوب عنه الذي هو الميت الى اللّه تعالى بسبب تقرب النائب الى اللّه تعالى، لصدور الفعل منه متقربا إليه جل شأنه فلم تقع الاجرة في مقابل نفس العبادة حتى يقال: إن أخذ الاجرة يتنافى و إتيان العبادة قربة الى اللّه تعالى. -

ص: 30

فالمنوب عنه (1) يتقرب إليه تعالى بعمل نائبه و تقربه (2) و هذا الجعل (3) في نفسه مستحب، لأنه إحسان إلى المنوب عنه، و إيصال نفع إليه.

و قد يستأجر (4) الشخص عليه فيصير (5) واجبا بالإجارة وجوبا توصليا لا يعتبر فيه التقرب، فالأجير إنما يجعل نفسه لأجل استحقاق الاجرة نائبا عن الغير في إتيان العمل الفلاني تقربا إلى اللّه فالاجرة في مقابل النيابة في العمل المتقرب به إلى اللّه التي مرجع نفعها إلى المنوب عنه.

و هذا (6) بخلاف ما نحن فيه،

++++++++++

(1) و هو الميت كما عرفت آنفا.

(2) أي و تقرب النائب الى اللّه.

(3) بفتح الجيم و المراد منه هو جعل النائب نفسه عن الميت في أداء عباداته الفائتة قربة إلى اللّه تعالى، من دون أخذ شيء تجاهه و هو الشق الأول الذي أشرنا إليه بقولنا في ص 30: إن الشخص تارة يجعل نفسه.

(4) هذا هو الشق الثاني الذي اشير إليه بقولنا في ص 30:

و اخرى يؤجر الشخص نفسه.

و مرجع الضمير في عليه: العمل.

(5) أي هذا العمل الذي وقعت عليه الإجارة.

(6) أي أخذ الاجرة في العبادات الفائتة عن الميت خلاف ما نحن فيه: و هي العبادات الواجبة على الشخص نفسه كالصلاة و الصوم و الحج التي لا يجوز أخذ الاجرة عليها، لعدم وجود نفع فيها يعود الى المستأجر و قد عرفت أنه لا بدّ في الإجارة من وجود نفع يعود إلى المستأجر حتى تصح الإجارة، فالاجرة لو اخذت وقعت في مقابل نفس العبادة المطلوب فيها قصد القربة و هو لا يتمشى و أخذ الاجرة، و أين هذا من مسألة النيابة -

ص: 31

لأن (1) الاجرة هنا في مقابل العمل تقربا إلى اللّه، لأن العمل بهذا الوجه (2) لا يرجع نفعه إلا إلى العامل، لأن (3) المفروض أنه يمتثل ما وجب على نفسه بل في مقابل نفس العمل فهو يستحق نفس العمل.

و المفروض أن الإخلاص هو إتيان العمل لخصوص أمر اللّه تعالى و التقرب يقع للعامل دون الباذل، و وقوعه (4) للعامل يتوقف على أن لا يقصد بالعبادة سوى امتثال أمر اللّه تعالى.

فإن قلت: يمكن للأجير أن يأتي بالفعل مخلصا للّه تعالى بحيث لا يكون للإجارة دخل في إتيانه فيستحق الاجرة، فالإجارة غير مانعة من قصد الإخلاص.

قلت: الكلام في أن مورد الإجارة لا بدّ أن يكون عملا قابلا لأن

++++++++++

- عن الميت في عباداته الفائتة عنه، حيث وقعت الإجارة في مقابل النيابة لا في مقابل العبادة.

(1) تعليل لكون ما نحن فيه خلاف الواجب التوصلي و هي النيابة عن الميت، و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 31: فلا يجوز أخذ.

(2) و هو كون الاجرة في مقابل العمل تقربا الى اللّه تعالى فليس فيه نفع يعود إلى المستأجر، بل يعود إلى العامل الذي هو المكلف بالعمل فالمستأجر ليس ذي نفع، و التقرب يحصل للعامل لا للباذل الّذي هو المستأجر.

(3) تعليل لعدم رجوع نفع الإجارة الى المستأجر.

و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 31: فالاجرة لو اخذت.

(4) أي و وقوع العمل الذي هي العبادة الواجبة على المكلف بشخصه و المراد من العامل هو المكلف.

ص: 32

يوفّى به بعقد الإجارة، و يؤتى به لأجل استحقاق المستأجر إياه و من باب تسليم مال الغير إليه، و ما كان من قبيل العبادة غير قابل لذلك (1).

فإن قلت: يمكن أن تكون غاية الفعل التقرب، و المقصود من اتيان هذا الفعل المتقرب به استحقاق الاجرة كما يؤتى بالفعل تقربا الى اللّه و يقصد منه حصول المطالب الدنيوية كأداء الدين، وسعة الرزق، و غيرهما من الحاجات الدنيوية (2).

قلت: فرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من الخالق الذي يتقرب إليه بالعمل.

و بين الغرض الحاصل من غيره و هو استحقاق الاجرة، فإن طلب الحاجة من اللّه تعالى سبحانه و لو كانت دنيوية محبوب عند اللّه فلا يقدح في العبادة، بل ربما يؤكدها.

و كيف كان (3) فذلك الاستدلال حسن في بعض موارد المسألة:

و هو الواجب التعبدي في الجملة (4)،

++++++++++

(1) أي لتسليم مال الغير إليه، و لاستحقاق المستأجر ذاك العمل.

(2) كما في صلاة الحاجة و الختوم المأثورة الواردة عن (الرسول الأعظم و أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

(3) أي أي شيء أوردنا على ما أورده (صاحب الرياض) فاستدلاله على أخذ الاجرة في الواجبات التعبدية بقوله: بمنافاة الاجرة للقربة المتخذة في العبادات المعبر عنها بقصد الإخلاص.

(4) تقييد الواجب التعبدي بقوله: في الجملة، لإخراج الواجب التخييري، حيث إن الوجوب فيه تعلق بالقدر الجامع بين الفردين: و هي نفس الصلاة مجردة عن إتيانها قصرا أو تماما في موارد التخيير للمسافر كبيت اللّه الحرام، و مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة -

ص: 33

إلا أن مقتضاه (1) جواز أخذ الاجرة في التوصليات، و عدم (2) جوازه في المندوبات التعبدية، فليس (3) مطردا و لا منعكسا.

++++++++++

- و الحائر الحسيني على مشرفه آلاف الثناء و التحية، حيث إنه يجوز أخذ الاجرة عليها، لأن الاجارة وقعت على أحد فرديه، لا على القدر الجامع كما لو فرضنا شخصا استأجر مسافرا ليصلي تماما في أحد أماكن التخيير ليقتدي به فالإجارة صحيحة، و الصلاة صحيحة أيضا، لعدم وقوع الإجارة على نفس الواجب الذي هو القدر الجامع بين الفردين، بل وقعت على التمام الذي هو أحد فردي الواجب التخييري الذي لم يكن متعلقا للإجارة.

و يحتمل أن يكون القيد لإخراج بعض الواجب الكفائي التعبدي كالصلاة على الميت و تغسيله حيث إن التكليف فيه توجه إلى طبيعي المكلف، دون الأفراد فالأجير بشخصه في الواجب الكفائي لم يكن العمل متوجها إليه و واجبا عليه حتى لا يصح بذل المال عليه، إذا لا منافاة بين أخذ الاجرة و اتيان الواجب.

فهذان الواجبان خارجان عن تعريف (صاحب الرياض)، لعدم منافاة أخذ الاجرة عليها مع الإخلاص المطلوب في العبادة.

إذا انحصر تعريفه في الواجبات التعبدية العينية كالصلاة و الصوم و الحج و المستحبات التعبدية المشترط فيها الإخلاص كالنوافل اليومية، حيث إنهما داخلتان في التعريف.

(1) أي مفهوم دليل (صاحب الرياض): جواز الأخذ على الواجبات الكفائية التوصلية كالحرف و المهن الواجبة كفائيا.

(2) أي و عدم جواز أخذ الاجرة على المندوبات التعبدية كالنوافل اليومية.

(3) أي و من المؤسف جدا أن تعريف (صاحب الرياض) حرمة -

ص: 34

نعم قد استدل على المطلب بعض الأساطين (1) في شرحه على القواعد بوجوه: أقواها أن التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتي، لأن (2) المملوك المستحق لا يملك و لا يستحق ثانيا.

توضيحه (3): إن الذي يقابل المال لا بدّ أن يكون كنفس المال مما يملكه المؤجر حتى يملكه المستأجر في مقابل تمليكه المال إياه فاذا فرض العمل واجبا للّه ليس للمكلف تركه فيصير نظير العمل المملوك للغير.

ألا ترى أنه إذا أجر نفسه لدفن الميت لشخص لم يجز له أن يؤجر نفسه

++++++++++

- أخذ الاجرة على الواجبات ليس مانعا للأغيار، و لا جامعا للأفراد كما عرفت في الهامش 1 ص 24.

(1) أي و (لشيخنا كاشف الغطاء) في حرمة أخذ الاجرة على الواجبات طريق آخر غير ما سلكه (صاحب الرياض).

و خلاصته: أن هناك شيئين: وجوبا و تملكا، و هما جوهران متضادان و متنافران كتضاد النور و الظلمة، و تنافر العلم و الجهل، فالوجوب في العبادة من قبل الباري عز و جل فالتملك يقع له فهو مستحقها و مالكها لا غير فاذا وقعت الإجارة عليها أصبحت مملوكة للغير فهو مالكها و مستحقها مع أنها كانت مستحقة للّه عز و جل، فيلزم حينئذ تعدد المالك، و تكثر المستحق على مملوك واحد بنحو الاستقلال كل منهما يملكه بتمامه في ظرف يملكه الآخر و هو محال فيقع التضاد و التنافر بين المالكين فيكون التضاد ذاتيا.

(2) تعليل لكون التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتيا و قد عرفته و كلمة المستحق بصيغة المفعول يراد منها العبادة التي وقعت عليها الإجارة.

(3) أي توضيح كون التضاد بين الوجوب و التملك ذاتيا: أن العبادة التي وقعت في مقابل المال من قبل المستأجر لا بدّ أن تكون من الأموال -

ص: 35

ثانيا من شخص آخر لذلك العمل (1)، و ليس (2) إلا لأن الفعل صار مستحقا للأول و مملوكا له، فلا معنى لتمليكه ثانيا للآخر مع فرض بقائه (3) على ملك الأول.

و هذا المعنى (4) موجود فيما أوجبه اللّه تعالى خصوصا فيما يرجع الى حقوق الغير (5)، حيث إن حاصل الإيجاب هنا (6) جعل الغير مستحقا لذلك العمل من هذا العامل كأحكام تجهيز الميت التي جعل الشارع

++++++++++

- حتى يصح للمؤجر تمليكها للمستأجر إذا وقعت الإجارة عليها.

و المفروض أن العبادة واجبة على المكلف فاصبحت ملكا للّه تبارك و تعالى فلا يصح إتيانها للغير: بان تقع الإجارة عليها في ظرف هي ملك له عز و جل.

فهي نظير الأعمال المستأجرة التي تقع الإجارة عليها في أنها لا يصح إتيانها للغير في ظرف هي ملك المستأجر الأول.

فهذا معنى كون التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتيا.

(1) و هو دفن الميت، لأن عمله هذا مملوك للشخص الأول و قد آجره له فلا يمكن أن يملك هذا العمل لشخص آخر.

(2) أي و ليس عدم جواز إجارة نفسه ثانيا من شخص آخر.

(3) أي مع بقاء العمل للمستأجر الأول في ظرف الذي يؤجر نفسه لذلك العمل للمستأجر الثاني، و لم يحصل فسخ من المستأجر الأول، و لا موجب من موجبات الفسخ حتى تصح الإجارة ثانيا للمستأجر الثاني.

(4) و هو تمليك ما يملكه الغير للغير.

(5) أي في الواجب الذي هو من حق الغير.

(6) المراد منه: طلب الشارع العمل على نحو الوجوب كما في تجهيز الميت.

ص: 36

الميت مستحقا لها على الحي فلا يستحقها غيره ثانيا هذا (1).

و لكن (2) الإنصاف أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن الخدشة لإمكان (3) منع المنافاة بين الوجوب الذي هو طلب الشارع الفعل

++++++++++

(1) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام و اجعله في ذكرياتك حتى تعرف حقيقة الأمر عند ما نورد على ما أفاده (الشيخ الكبير كاشف الغطاء).

(2) من هنا يريد الشيخ أن يناقش ما أفاده (كاشف الغطاء).

(3) هذا وجه المناقشة:

و خلاصته: أنه يمكن رفع التضاد و التنافي بين صفة الوجوب و التملك و منع التدافع المذكور بين الاستحقاقين:

و هما استحقاق الباري عز و جل الفعل و هي العبادة قبل وقوع الإجارة عليه.

و استحقاق العبد للفعل بعد وقوع الإجارة عليه:

ببيان أن الباري عز و جل يستحق على عبده الطاعة باتيان المأمور به بعبارة أوضح أن تملك الشارع للعبادة ليس من قبيل تملك الإنسان للشيء و استحقاقه له، لأن الإنسان إذا ملك شيئا لا يجوز له أن يملكه لآخر في ظرف تملكه لهذا الشيء، لأن تملك زيد للدار مثلا أو العمل لا يجتمع مع تملك عمرو نفس الدار، أو العمل بالاستقلال إذ تملك الأول يدفع و ينفي تملك الثاني، و كذا تملك الثاني يدفع و ينفي تملك الأول فاصبح التملكان متضادين متنافرين متحاربين.

و من هنا قيل: اجتماع مالكين على مملوك واحد بنحو الاستقلال في ظرف تملك كل منهما ما يتملكه الآخر محال ذاتا، و ممتنع وقوعا.

ص: 37

و بين استحقاق المستأجر له، و ليس استحقاق الشارع للفعل، و تملكه (1) المنتزع من طلبه من قبيل استحقاق الآدمي و تملكه (2) الذي ينافي تملك الغير و استحقاقه.

ثم إن هذا الدليل (3) باعتراف المستدل يختص بالواجب العيني (4).

و أما الكفائي (5) فاستدل على عدم جواز أخذ الاجرة عليه: بان الفعل (6)

++++++++++

(1) بالرفع عطفا على اسم ليس، أي و ليس تملك الشارع للفعل و كلمة المنتزع: صفة للتملك.

(2) بالجر عطفا على مجرور من الجارة في قوله: من قبيل اي و ليس من قبيل تملك الآدمي.

(3) و هو أن التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتي.

(4) كالفرائض اليومية و الحج و الصوم.

(5) كتجهيز الميت.

(6) المراد من الفعل آثاره و منافعه الراجعة الى المكلف كالثواب الذي يترتب على تجهيز الميت من تغسيله و تكفينه، و الصلاة عليه، و مواراته في الأرض، فان هذا الأثر الذي هو الثواب كله لمن يتصدى هذه الامور و هو شخص المؤجر لو آجر نفسه لها، و ليس فيها نفع يعود إليه فلا يدخل في ملكه و حيازته شيء منها حتى تصح الإجارة عليها و يبذل بإزائها المال.

هذا هو المراد من قوله: بان الفعل متعين له، و لو لا هذا التفسير لم يبق فرق بين الواجب العيني الذي تعين على المكلف بعينه، أو على جميع المكلفين باعيانهم.

و بين الواجب الكفائي الّذي اريد الفعل من طبيعي المكلف، لكن بنحو البدلية: بمعنى أنه لو أتى به مكلف واحد سقط عن الآخرين.

ص: 38

متعين له فلا يدخل في ملك آخر، و بعدم (1) نفع المستأجر فيما يملكه، أو يستحقه غيره، لأنه (2) بمنزلة قولك: استأجرتك لتملك منفعتك المملوكة لك، أو لغيرك.

و فيه (3) منع وقوع الفعل له بعد إجارة نفسه للعمل للغير، فإن آثار الفعل حينئذ (4) ترجع الى الغير فاذا وجب إنقاذ غريق كفاية، أو إزالة النجاسة عن المسجد فاستأجر واحدا غيره، فثواب الإنقاذ و الإزالة يقع للمستأجر دون الأجير المباشر لهما.

نعم يسقط الفعل عنه (5)، لقيام المستأجر به و لو بالاستنابة.

++++++++++

(1) دليل ثان لعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية أى و لعدم وجود نفع للمستأجر الذي هو الباذل فيما يبذله من المال بإزاء ما يملكه المكلف من الآثار الراجعة إليه كما عرفت آنفا.

(2) تعليل لعدم وجود نفع للمستأجر يعود إليه.

(3) أى و فيما استدل القائل بعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية للتنافي الذاتي بين صفة الوجوب و التملك: نظر و اشكال، و قد ذكر وجه النظر في المتن.

(4) أى حين آجر نفسه للعمل للغير.

و المراد من آثار الفعل: استحقاق الثناء في الدنيا، و الثواب في الآخرة.

(5) أى الإنقاذ، أو الإزالة يسقط عن العامل المباشر للإنقاذ أو الإزالة و إن وقع ثواب الإنقاذ، أو الإزالة للمستأجر، لأن العمل مملوك له.

ص: 39

و من هذا القبيل (1) الاستيجار للجهاد مع وجوبه كفاية على الأجير و المستأجر.

و بالجملة فلم أجد دليلا على هذا المطلب (2) وافيا بجميع أفراده عدا الإجماع الذي لم يصرح به إلا المحقق الثاني (3).

لكنه (4) موهون بوجود القول بخلافه من أعيان الأصحاب من القدماء و المتأخرين على ما يشهد به الحكاية و الوجدان.

++++++++++

(1) أى و من قبيل الواجب الكفائي التوصلي: الجهاد، فإنه واجب كفائي عبادي يجب على كافة المسلمين، فلو قام به جمع لصد العدو سقط عن الآخرين، و كذا لو استأجر أحد المسلمين شخصا للقيام بالجهاد فقام و صد العدو سقط الجهاد عن المستأجر و وقع الثواب له.

(2) و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات من حيث هي واجبات يكون ذلك الدليل وافيا و حاويا لجميع أفراد الواجب بحيث يشمل كلها حرفيا و هي أربعة:

(الأول): الواجب العيني التعبدى كالصلاة.

(الثاني): الواجب العيني التوصلي كمقدمات الحج.

(الثالث): الواجب الكفائي التعبدى كتجهيز بعض اعمال الميت كالصلاة عليه و تغسيله.

(الرابع): الواجب الكفائي التوصلي كانقاذ الغريق.

(3) عند قول الشيخ في صدر عنوان المبحث في ص 19:

و في (جامع المقاصد) الإجماع على عدم جواز أخذ الاجرة على تعليم صيغة النكاح، و القائها على المتعاقدين.

(4) أي هذا الإجماع الذي نقله صاحب (جامع المقاصد) مردود بسبب وجود كثير من المخالفين و هم من أعلام الأصحاب.

ص: 40

أما الحكاية (1) فقد نقل المحقق و العلامة رحمها اللّه و غيرهما القول بجواز أخذ الاجرة على القضاء (2) عن بعض.

فقد قال في الشرائع: أما لو أخذ الجعل من المتحاكمين (3) ففيه خلاف، و كذلك العلامة في المختلف.

و قد حكى العلامة الطباطبائي في مصابيحه عن فخر الدين و جماعة التفصيل بين العبادات و غيرها.

++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن ينقل أقوال المخالفين حكاية و ما وجده بام عينيه الذي عبر عنه وجدانا.

و خلاصة الحكاية الأولى: أن المحقق الأول قال في الشرائع: إن القضاء الذي هو فصل الخصومات و الحكم بين المتخاصمين حسب الدستور الإسلامي و الذي هو واجب كفائي على الفقهاء و المجتهدين في كل صقع و مكان:

لو اخذ تجاهه من المتحاكمين جعل ففيه خلاف أى في أخذه جوازا و عدما خلاف بين الفقهاء.

فهذا الخلاف الذي نقله المحقق دليل على عدم صحة الإجماع المدعى من قبل المحقق الثاني القائل بعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بالإجماع.

(2) أي و كذلك العلامة نقل الخلاف في المختلف.

هذه حكاية ثانية من الشيخ على وجود المخالف.

(3) هذه حكاية ثالثة من الشيخ على وجود المخالف للإجماع المدعى و خلاصتها: أن جواز أخذ الاجرة و عدمه دائر مدار العبادة و غيرها.

فان كان الواجب عباديا كالواجبات المشروط فيها قصد القربة فلا يجوز أخذ الاجرة عليها، لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد الإخلاص.

و إن كان غير عبادي كبعض تجهيز امور الميت، و كتولي القضاء و وجوب المحافظة على الأمن و النظام العام فيجوز أخذ الاجرة عليها.

ص: 41

و يكفي في ذلك (1) ملاحظة الأقوال التي ذكرها في المسالك في باب المستاجر.

و أما (2) ما وجدناه فهو أن ظاهر المقنعة بل النهاية و محكي المرتضى جواز الأجر على القضاء مطلقا (3) و ان أوّل (4) بعض كلامهما: بإرادة الارتزاق.

و قد اختار جماعة جواز أخذ الاجرة عليه (5) اذا لم يكن متعينا

++++++++++

(1) أي و يكفي في وهن الإجماع المدعى، و عدم ثبوته ما ذكره (شيخنا الشهيد الثاني) في المسالك في كتاب المتاجر من الأقوال في جواز أخذ الاجرة على الواجبات فراجع هناك.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يذكر ما رآه بام عينيه من الأقوال المخالفة للإجماع المدعى.

(3) سواء أ كان من بيت المال أم من المتقاضيين، و سواء أ كان القاضي غنيا أم فقيرا.

ثم لا يخفى عليك أن جواز أخذ الاجرة للقاضي على قسمين:

(الأول): أن يكون الأجر من بيت مال المسلمين.

(الثاني): أن يكون من المترافعين الطالبين من القاضي الحكم بينهما.

أما الأول فلا إشكال في جوازه، لتصريح الفقهاء بذلك.

و أما الثاني فقد وقع الخلاف فيه بين الفقهاء.

(4) أي و إن فسر بعض الفقهاء كلام صاحب المقنعة و النهاية، و المحكي من السيد المرتضى جواز أخذ الاجرة: بارتزاقه من بيت مال المسلمين فقط لا مطلقا.

(5) أي على القضاء إذا لم يكن القضاء على الحاكم متعينا بان لم ينحصر القضاء فيه.

ص: 42

أو تعين (1) و كان القاضي محتاجا.

و قد صرح فخر الدين في الإيضاح بالتفصيل بين الكفائية التوصلية و غيرها فجوز أخذ الاجرة في الأول.

قال في شرح عبارة والده في القواعد في الاستيجار على تعليم الفقه ما لفظه: الحق عندي أن كل واجب (2) على شخص معين لا يجوز للمكلف أخذ الاجرة عليه.

و الذي وجب كفاية فان كان مما لو أوقعه بغير نية لم يصح (3) و لم يزل الوجوب فلا يجوز أخذ الاجرة عليه، لأنه عبادة محضة، قال اللّه تعالى: (وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ ) (4) حصر (5) غرض الأمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص، و ما يفعل

++++++++++

(1) أي القضاء، لكن القاضي فقير ليس له أي سبيل في اعاشة نفسه و عائلته.

(2) المراد منه الواجب العيني التعبدي.

(3) كغسل الميت و الصلاة عليه، حيث اشترط فيهما قصد القربة.

(4) البينة: الآية 5.

(5) تعليل لكون الواجب الكفائي المشترط فيه قصد القربة عبادة محضة.

و خلاصته: أن الباري عز و جل حصر غرض الأمر الذي هو و ما امروا في انحصار غاية الفعل التي هي العبادة: في الإخلاص و العبودية أي ليس هناك غرض من هذا الأمر سوى العبودية و الإخلاص، و هذه العبودية و الإخلاص تتنافى مع أخذ الاجرة كما عرفت سابقا في استدلال صاحب الرياض في ص 23 عند قوله: و من هنا يعلم فساد الاستدلال.

و هذا معنى قوله: و ما يفعل بالعوض الذي هي الاجرة لا يكون كذلك، أي لا يحصل منه الإخلاص المطلوب في العبادة.

ص: 43

بالعوض لا يكون كذلك، و غير ذلك (1) يجوز أخذ الاجرة عليه، إلا ما نص (2) الشارع على تحريمه كالدفن. انتهى.

نعم رده (3) في محكي جامع المقاصد، لمخالفة هذا التفصيل (4) لنص الأصحاب.

أقول (5): لا يخفى أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثاني فهذا والده (6) قد صرح في المختلف بجواز أخذ الاجرة على القضاء إذا لم يتعين (7)، و قبله المحقق في الشرائع، غير أنه قيد صورة عدم التعيين بالحاجة (8)،

++++++++++

(1) أي و غير الواجب التعيني و الكفائي الذي اشترط فيه قصد القربة.

(2) أفاد (السيد الطباطبائي اليزدي) قدس سره في تعليقته على المكاسب في هذا المقام في ص 27: لم أعثر على هذا النص.

(3) أي رد (المحقق الثاني فخر الدين)

(4) و هو التفصيل بين الواجب الكفائي التعبدي، و غيره.

(5) هذا رد من الشيخ على (المحقق الثاني) و انتصار لفخر الدين و لا عجب في ذلك، فانه فخر المحققين و مفخرة الفقهاء.

(6) أي والد (فخر المحققين و هو العلامة).

(7) المراد بالتعين انحصار القضاء فيه بحيث لا يوجد غيره ففي هذه الصورة لا يجوز له أخذ الاجرة على القضاء، و يعبر عنه بالواجب العيني.

راجع حول الواجب العيني و الكفائي كتب الاصول.

و حول القضاء (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3.

من ص 61 إلى ص 121.

(8) فهنا قيدان لجواز أخذ الاجرة على القضاء.

(أحدهما): عدم انحصار القضاء عليه.

ص: 44

و لأجل ذلك (1) اختار العلامة الطباطبائي في مصابيحه ما اختاره فخر الدين من التفصيل (2).

و مع هذا (3) فمن أين الوثوق على اجماع لم يصرح به الا المحقق الثاني مع ما طعن به الشهيد الثاني على اجماعاته بالخصوص في رسالته في صلاة الجمعة.

و الذي (4) ينساق إليه النظر أن مقتضى القاعدة في كل عمل له منفعة محللة (5) مقصودة جواز أخذ الاجرة (6) و الجعل عليه و ان كان داخلا في العنوان الذي أوجبه اللّه على المكلف (7).

++++++++++

- (ثانيهما): احتياج القاضي لاخذ الاجرة: بان ليس له سبيل لاعاشة نفسه و عائلته و إن تعين القضاء عليه.

(1) أي و لأجل هذه التصريحات و الأقوال الصادرة من هؤلاء الأعلام.

(2) تقدم التفصيل عند قوله في ص 43: الحق عندي.

(3) أي و مع هذه الأقوال المختلفة للإجماع المدعى التي نقلناها لك حكاية و وجدانا فلا يبقى وثوق بالإجماع المدعى من (المحقق الثاني).

(4) من هنا يريد الشيخ أن يبدي نظره حول الموضوع.

(5) أي محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء.

(6) الواو هنا بمعنى او، أي أو الجعل.

(7) بان يكون العمل المأخوذ عليه الاجرة ينطبق عليه العنوان الذي أوجبه اللّه كما إذا بذل شخص للمصلي مالا على أن يوقع صلاته في أول الوقت، أو في مسجد معين، أو يقتدي بإمام معين إذا كان له في ذلك مصلحة عقلائية، فإن البذل في هذه الموارد وقع بإزاء المقدمات، أو المحسنات:

من أداء الصلاة في أول الوقت، أو المكان الفلاني، لا في قبال الواجب المعين و هي الصلاة نفسه حتى لا يجوز أخذ الاجرة عليها، لمنافاتها للإخلاص المطلوب في العبادة.

ص: 45

ثم ان صلح ذلك الفعل المقابل (1) بالاجرة لامتثال الإيجاب المذكور أو اسقاطه (2) به، أو عنده (3) سقط (4) الوجوب مع استحقاق الاجرة، و ان لم يصلح (5) استحق الاجرة و بقي الواجب في ذمته لو بقي

++++++++++

(1) بصيغة المفعول المراد منه الفعل الواجب، أي إن صلح العمل الذي له منفعة محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء لامتثال الواجب كما إذا كان الواجب كفائيا كدفن الميت فاستأجر شخص أحدا لدفنه عن نفسه فدفنه كذلك قاصدا به امتثال أمر الدفن: تحقق الامتثال، و سقط الواجب، و برأت ذمة الأجير و المستأجر معا، حيث إن الدفن كان واجبا عليهما كفائيا.

و يستحق الأجير الاجرة لاتيان متعلق الاجارة، لأن الأمر بالوفاء بعد الاجارة توصلي، لا يعتبر فيه قصد الامتثال.

(2) أي إسقاط الواجب بالعمل الذي أخذ عليه الاجرة كما لو استأجر ولي الميت شخصا للصلاة عليه فاتى الأجير بهذه الصلاة فسقطت عن المستأجر.

(3) أي سقط عنه المستأجر بحسب اجتهاده، أو تقليده.

(4) جواب لإن الشرطية في قوله: ثم إن صلح ذلك الفعل.

(5) أي و إن لم يصلح ذلك العمل الذي له منفعة محللة عند الشارع و مقصودة عند العقلاء لامتثال الواجب، أو إسقاطه به، لفقد شروط السقوط كما في التعبديات، حيث يعتبر فيها قصد الامتثال و القربة، كما لو استأجر شخص لفعل صلاة الظهر عن نفسه، لا عن قبل الدافع و كان الغرض من الاجارة اتيان الصلاة ليتعلم كيفيتها فاتاها الأجير بقصد أخذ الإجارة: استحق الاجرة.

لكن بقيت الصلاة في ذمته يجب عليه اتيانها إن كان الوقت باقيا و قضاؤها إن خرج الوقت، لأنه لم يقصد القربة من إتيان الصلاة و إنما -

ص: 46

وقته، و الا (1) عوقب على تركه.

و أما مانعية مجرد الوجوب من صحة المعاوضة على الفعل فلم تثبت على الإطلاق (2)، بل اللازم التفصيل، فان كان العمل واجبا عينيا تعيينيا لم يجز أخذ الاجرة، لأن أخذ الاجرة عليه مع كونه واجبا مقهورا من قبل الشارع على فعله أكل للمال بالباطل (3)، لأن عمله هذا لا يكون محترما، لأن استيفاءه (4) منه لا يتوقف على طيب نفسه، لأنه (5) يقهر عليها، مع عدم طيب النفس و الامتناع.

++++++++++

- قصد اتيانها لأخذ الاجرة.

و إما استحقاق الأجير الاجرة فلأنه مسلم عمله محترم.

(1) أي و ان لم يبق الوقت ثم لم يأت بالواجب قضاء عوقب الأجير على ترك الصلاة العائدة له.

(2) أي منع أخذ الاجرة على الواجب بنحو مطلق لم يثبت، بل بنحو الموجبة الجزئية.

(3) حيث إن بذل المال على مثل هذا العمل لا يعد عقلائيا، و ليس فيه منفعة محللة من قبل الشارع فاخذ الاجرة عليه يكون أخذا مجانا من دون مقابل شيء في تجاهه فعمله غير محترم، حيث لا يقابل بالمال بعد أن كان مقهورا عليه من قبل الشارع.

(4) مصدر باب الاستفعال مضاف إلى مفعوله، أي استيفاء الشارع العمل من المكلف لا يتوقف على طيب نفس المكلف.

و الأولى أن يقال: إن إيفاءه من قبل المكلف لا يتوقف على طيب نفسه.

(5) أي لأن المكلف مقهور على هذا العمل، و مجبور بإتيانه فلا يتوقف الاتيان على طيب نفسه.

ص: 47

و مما يشهد بما ذكرناه (1): أنه لو فرض أن المولى أمر بعض عبيده بفعل لغرض و كان (2) مما يرجع نفعه، أو بعض نفعه الى غيره فأخذ العبد العوض من ذلك الغير على ذلك العمل (3) عدّ أكلا للمال مجانا و بلا عوض.

ثم انه لا ينافي ما ذكرناه (4) حكم الشارع بجواز أخذ الاجرة على العمل بعد ايقاعه (5) كما أجاز (6) للوصي أخذ اجرة المثل، أو مقدار الكفاية (7)، لأن (8)

++++++++++

(1) و هو أن أخذ الاجرة في قبال هذا العمل مع كونه مقهورا على المكلف من قبل الشارع: أكل للمال بالباطل، حيث يكون أخذا مجانا و بلا عوض.

(2) أي ذلك الفعل الذي أمر المولى به عبده باتيانه.

(3) و هو الفعل الذي أمر المولى باتيانه كما اذا أمر خادمه بإيصال الضرير الى داره فاخذ الخادم منه أجرا في مقابل عمله.

ثم ان عدم جواز الأخذ جار أيضا في الأجير الذي كل وقته للمستأجر.

(4) و هو عدم جواز أخذ الاجرة في التعبديات العينية التعينية.

(5) أي بعد ايقاع الاجير العمل.

(6) أي الشارع.

(7) على الخلاف في المسألة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 5. ص 80.

(8) تعليل لعدم منافاة عدم جواز أخذ الاجرة لحكم الشارع بجواز أخذ الوصي اجرة المثل، أو مقدار الكفاية، أي أخذ الوصي اجرة المثل أو مقدار الكفاية، لا ينافي ما ذكرناه، لأن جواز الأخذ للوصي حكم شرعي قد ثبت بدليل خاص خارجي.

ص: 48

هذا حكم شرعي، لا من (1) باب المعاوضة.

ثم لا فرق فيما ذكرناه (2) بين التعبدى من الواجب و التوصلي مضافا (3) في التعبدى الى ما تقدم: من منافاة أخذ الاجرة على العمل للإخلاص كما نبهنا عليه (4) سابقا، و تقدم عن الفخر (5).

و قرره (6) عليه بعض من تأخر عنه.

و منه (7) يظهر عدم جواز أخذ الاجرة على المندوب اذا كان عبادة

++++++++++

(1) أي ليس أخذ الوصي اجرة المثل، أو مقدار الكفاية من باب المعاوضة و المعاملة حتى يكون منافيا لما ذكرناه: و هو عدم جواز أخذ الاجرة في التعبديات العينية التعينية.

(2) من حرمة أخذ الاجرة على الواجبات العينية التعينية، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية.

(3) أي و يزيد الإشكال في التعبدي المشروط فيه قصد القربة:

أن أخذ الاجرة مناف للإخلاص المطلوب فيه كما عرفت عند استدلال (صاحب الرياض) في ص 23 عند قوله: بمنافاة ذلك للإخلاص، لأن التعبدي لا بدّ أن يؤتى به مجردا عن جميع الشوائب و منها أخذ الاجرة.

(4) أي على هذا المنافاة.

(5) أي في قوله في ص 43: و الحق عندي أن كل واجب.

(6) أي و أثبت عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات من تأخر عنه و هو (العلامة السيد بحر العلوم) عند قول الشيخ في ص 45: و لأجل ذلك اختار (العلامة الطباطبائي) في مصابيحه ما اختاره (فخر الدين).

(7) أي و من ذهاب (فخر الدين) إلى عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات، و اثبات ذلك من قبل (العلامة الطباطبائي) في مصابيحه و من اختيارنا عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

ص: 49

يعتبر فيها التقرب (1).

و أما الواجب التخييرى فان كان توصليا فلا أجد مانعا عن جواز أخذ الاجرة على أحد فرديه بالخصوص بعد فرض كونه مشتملا على نفع محلل للمستأجر، و المفروض أنه (2) محترم لا يقهر المكلف عليه فجاز أخذ الاجرة بإزائه، فاذا تعين دفن الميت على شخص، و تردد الأمر بين حفر أحد موضعين فاختار الولي أحدهما بالخصوص، لصلابته، أو لغرض آخر (3) فاستأجر ذلك لحفر ذلك الموضع بالخصوص لم يمنع من ذلك (4) كون (5) مطلق الحفر واجبا عليه، مقدمة للدفن.

و ان كان (6) تعبديا فان قلنا بكفاية الاخلاص

++++++++++

(1) أي قصد القربة، لمنافاة قصد القربة مع أخذ الاجرة.

(2) أي المفروض أن هذا العمل المستأجر الذي يأخذ العامل الأجر على أحد فردي الواجب غير مقهور على اتيانه بالخصوصية المذكورة و الكيفية المرادة من قبل الباري عز و جل.

نعم أريد منه أصل اتيانه كيف شاء و انفق.

(3) كقرب الدفن للامام عليه السلام.

(4) خلاصة معنى هذه العبارة: أن وجوب أصل الحفر على المكلف لا يمنع من أخذ الاجرة على الكيفية المذكورة الزائدة على أصل الحفر، لأن الحفر شيء، و الخصوصية الزائدة شيء آخر خارج عن أصل مفهوم الحفر الواجب على المكلف.

(5) بالرفع فاعل لقوله: لم يمنع، أي أصل الحفر لا يمنع عن أخذ الاجرة على الكيفية الزائدة كما عرفت.

(6) أي الواجب التخييري، هذا هو الشق الثاني له، إذ شقه الأول هو الواجب التخييري التوصلي كما عرفت في مواراة الميت. -

ص: 50

بالقدر المشترك (1) و ان كان (2) ايجاد خصوص بعض الأفراد لداع غير الاخلاص فهو كالتوصلي.

++++++++++

- و خلاصة هذا الشق: أن الواجب التخييري التعبدي كالقصر و التمام في موارد الرخصة كمسجد الحرام، و مسجد النبي، و مسجد الكوفة، و الحائر الحسيني على مشرفه آلاف التحية و الثناء فلو أعطى شخص لشخص آخر مبلغا لإتيان الصلاة فيها إما قصرا، أو تماما جاز للشخص الآخر أخذ المبلغ تجاه اتيان الصلاة بالخصوصية المذكورة، لأن الاتيان هكذا يكون كالواجب التوصلي و ان كان أصل إيجاد الخصوصية المذكورة لداع غير الإخلاص، و أخذ الاجرة على هذه الخصوصية لا ينافي الإخلاص المطلوب في العبادة، لكفاية الإخلاص في نفس الصلاة و أصل العبادة المعبر عنه بالقدر المشترك بين ذينك الفردين، و الجامع بينهما، و لا نحتاج إلى أزيد من هذا، و الخصوصية المذكورة خارجة عن القدر المشترك كما عرفت بخروجها في الواجب التخييري التوصلي فالاجرة وقعت إزاء الفرد الذي هي الخصوصية المذكورة، لا إزاء القدر الجامع حتى ينافي الأخذ مع الإخلاص المطلوب في العبادة.

ثم إن في اختيار هذه الخصوصية نفع يعود الى المستأجر فلا يكون الأخذ أكلا للمال بالباطل.

(1) قد عرفت معنى القدر المشترك آنفا.

(2) إن هنا وصلية، أي و ان كان ايجاد الخصوصية المذكورة لغير داع الإخلاص كما عرفت آنفا.

هذا كله بناء على عدم مانعية اتحاد القدر المشترك مع الخصوصية المذكورة عن التفكيك بين القدر المشترك و الأفراد في القصد.

ص: 51

و ان قلنا: (1) ان اتحاد وجود القدر المشترك مع الخصوصية مانع عن التفكيك بينهما (2) في القصد كان حكمه كالتعيني.

و أما الكفائي فان كان توصليا (3) أمكن أخذ الاجرة على اتيانه لأجل باذل الاجرة فهو العامل في الحقيقة.

و ان كان (4) تعبديا لم يجز (5) الامتثال به، و أخذ الاجرة عليه.

++++++++++

(1) أي و أما بناء على أن الاتحاد المذكور مانع عن التفكيك بين القدر المشترك، و الخصوصية المذكورة فيكون حكم هذا الواجب التخييري التعبدي حكم الواجب التعبدي التعييني في عدم جواز أخذ الاجرة عليه، لعدم إمكان قصد الإخلاص و القربة في القدر المشترك، من دون قصد في الخصوصية المذكورة التي هو أحد فردي التخيير، لاتحاد القدر المشترك مع الخصوصية المذكورة خارجا.

(2) أي بين الخصوصية المذكورة، و القدر المشترك المعبر عنه بالجامع كما عرفت آنفا.

(3) كإنقاذ الغريق، و إطعام الجائع، و إكساء العريان من الواجبات التوصلية التي لا يشترط قصد القربة فيها فيجوز أخذ الاجرة عليها، و اتيان العمل لأجل الباذل: بمعنى أن ثواب الإنقاذ يرجع الى الباذل، لأن الباذل هو العامل في الإنقاذ حقيقة فالثواب له، و إن كان المباشر للإنقاذ شخص الأجير.

(4) أي الواجب الكفائي كتجهيز الميت.

(5) الظاهر أنه بصيغة المضارع المجهول من باب الإفعال من أجزأ يجزأ، أي لم يكتف الامتثال بهذا الواجب الكفائي التعبدي مع أخذ الاجرة عليه، لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد القربة و الاخلاص المطلوب في العبادة.

و يحتمل بصيغة المعلوم بمعنى الجواز مجزوما بلم الجازمة محركا بالكسر، لأن -

ص: 52

نعم يجوز النيابة (1) ان كان مما يقبل النيابة، لكنه (2) يخرج عن محل الكلام، لأن محل الكلام أخذ الاجرة على ما هو واجب على الأجير، لا (3) على النيابة فيما هو واجب على المستأجر. فافهم (4).

ثم انه قد يفهم من أدلة وجوب الشيء كفاية: كونه (5) حقا لمخلوق يستحقه على المكلفين فكل من أقدم عليه فقد أدى حق ذلك المخلوق فلا يجوز له (6) أخذ الاجرة منه، و لا من غيره ممن وجب عليه أيضا كفاية.

و لعل من هذا القبيل (7) تجهيز الميت، و انقاذ الغريق، بل و معالجة

++++++++++

- المجزوم اذا التقى بالساكنين حرك بالكسر، و الواو في كلمة و أخذ الاجرة بمعنى مع.

(1) أي على هذا الواجب الكفائي كما اذا اتخذ الولي نائبا عن نفسه لتجهيز الميت كالصلاة عليه و تدفينه، بناء على القول بوجوبه عليه ابتداء فيجوز للأجير حينئذ أخذ الاجرة على هذه النيابة.

(2) أي لكن هذا الفرد خارج عن محل الكلام، لأن محل النزاع في الواجب على الأجير حتى لا يجوز له أخذ الاجرة، لا في الواجب على الولي أولا و بالذات، و على الأجير ثانيا و بالعرض بواسطة الاجارة.

(3) أي و ليس الكلام في النيابة كما عرفت آنفا.

(4) لعله اشارة الى أن خروج النيابة عن محل النزاع انما يصح لو لم يكن الفعل واجبا على الأجير، و أما إذا كان واجبا عليه أيضا فلا يكون خارجا عن محل الكلام فلا يجوز له أخذ الاجرة.

(5) أي الواجب الكفائي كإنقاذ الغريق، أو تجهيز الميت مثلا.

(6) أى لهذا المقدم الّذي أحد أفراد المكلفين بهذا الواجب الكفائي

(7) أى من قبيل كون الواجب حقا لمخلوق أوجبه اللّه تعالى على المكلفين و الّذي يستحق هذا الحق المخلوق.

ص: 53

الطبيب لدفع الهلاك.

الإشكال على أخذ الأجرة على الصناعات التي يتوقف عليه النظام
اشارة

ثم ان هنا اشكالا مشهورا: و هو أن الصناعات التي يتوقف النظام عليها تجب كفاية، لوجوب اقامة النظام بل قد يتعين بعضها على بعض المكلفين عند انحصار المكلف القادر فيه، مع أن جواز أخذ الاجرة عليها مما لا كلام لهم فيه.

و كذا يلزم أن يحرم على الطبيب أخذ الاجرة على الطبابة، لوجوبها عليه كفاية، أو عينا (1) كالفقاهة (2).

و قد تفصي عنه بوجوه
اشارة

و قد تفصي عنه (3) بوجوه:

أحدها: الالتزام بخروج ذلك بالاجماع، و السيرة القطعيين.

(أحدها): الالتزام بخروج ذلك (4) بالاجماع، و السيرة القطعيين.

الثاني: الالتزام بجواز أخذ الأجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية

(الثاني) (5): الالتزام بجواز أخذ الاجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية (6)، و قد حكاه في المصابيح عن جماعة

++++++++++

(1) كما اذا انحصرت الطبابة في شخص و توقف معالجة المريض عليه.

(2) الظاهر أن العبارة ناقصة، و الصحيح أن يقال: و كذا تحصيل الفقاهة.

ثم إن المراد من تحصيل الفقاهة تحصيل مراتب الاجتهاد و ملكة الاستنباط فيما اذا لم يكن هناك مجتهد يجتهد في مسائل الدين، و يستنبطها.

(3) أى اجيب عن الاشكال المشهور.

(4) أى الصناعات التي يتوقف عليها نظام الكون خارجة عن تحت تلك القاعدة الكلية الكبرى المسلمة: و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات، لوجود الاجماع من المسلمين، و السيرة القطعية من لدن وجود البشر على سطح البسيطة الى يومنا هذا، و فيما بعد الى أن تقوم الساعة

(5) أى ثاني الوجوه.

(6) أى إذا كانت توصلية، فانه يجوز فيها أخذ الاجرة، لعدم -

ص: 54

و هو (1) ظاهر كل من جوز أخذ الاجرة على القضاء (2) بقول مطلق يشمل صورة تعينه عليه كما تقدم حكايته في الشرائع و المختلف عن بعض (3).

و فيه (4) ما تقدم سابقا: من أن الأقوى عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

الثالث: ما عن المحقق الثاني من اختصاص جواز الأخذ بصورة قيام من به الكفاية

(الثالث) (5): ما عن المحقق الثاني من اختصاص جواز الأخذ بصورة قيام من به الكفاية فلا يكون حينئذ (6) واجبا.

و فيه (7) أن ظاهر العمل و الفتوى جواز الأخذ و لو مع بقاء الوجوب الكفائي، بل و مع وجوبه عينا للانحصار.

++++++++++

- مطلوبية قصد الاخلاص و التقرب فيها.

(1) أى جواز أخذ الاجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية.

(2) و هو الحكم بين المتخاصمين.

و المراد من قوله: بقول مطلق: سواء تعين القضاء على شخص أم لا.

و سواء أ كان كفائيا أم تعبديا.

(3) في ص 44 عند قوله: قد صرح في المختلف بجواز أخذ الاجرة على القضاء، و مثله المحقق في الشرائع.

(4) أي و فيما أفاده المجوز: من أخذ الاجرة على الحكم بين المتخاصمين سواء تعين عليه أم لا نظر و اشكال، و قد تقدم وجه النظر في ص 53 عند قوله: ثم إنه قد يفهم من أدلة وجوب الشيء كفاية الى آخره.

(5) أي ثالث الوجوه.

(6) أي حين أن قام غيره بالكفاية يجوز له أخذ الاجرة على هذا الواجب.

(7) أي فيما قاله (المحقق الثاني) نظر و اشكال، و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

ص: 55

الرابع: ما في مفتاح الكرامة: من أن المنع مختص بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها

(الرابع): ما في مفتاح الكرامة: من أن المنع مختص بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها كأحكام الموتى (1)، و تعليم الفقه، دون ما يجب لغيره كالصنائع (2).

و فيه (3) أن هذا التخصيص (4) ان كان لاختصاص معاقد اجماعاتهم و عنوانات كلامهم فهو خلاف الموجود منها.

و ان كان الدليل يقتضي الفرق (5) فلا بد من بيانه.

الخامس: ان المنع عن أخذ الاجرة على الصناعات الواجبة لاقامة النظام يوجب اختلال النظام

(الخامس) (6): ان المنع عن أخذ الاجرة على الصناعات الواجبة لاقامة النظام يوجب اختلال النظام لوقوع أكثر الناس في المعصية بتركها (7)

++++++++++

(1) أي رابع الوجوه.

(2) حيث انها تجب لحفظ النظام وجوبا مقدميا، لا استقلاليا.

(3) أى و فيما أفاده (صاحب مفتاح الكرامة) نظر و اشكال.

(4) أى تخصيص منع أخذ الاجرة بالواجبات الذاتية.

هذا وجه النظر و خلاصته أن هذا التخصيص خلاف الموجود من معاقد الاجماعات، أو عنوانات كلامهم، لأن اجماعاتهم، و عنوانات كلامهم تصرح بعدم اختصاص حرمة أخذ الاجرة على الواجبات: بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها، و جواز أخذ الاجرة على غير المقصودة لذاتها.

(5) أى الفرق بين الواجبات المقصودة لذاتها، و الواجبات التي غير مقصودة لذاتها يحتاج الى ذكر الدليل.

(6) أى خامس الوجوه.

(7) أى بترك الصناعات الموجبة لاقامة النظام، حيث إن الخباز لو لم يخبز مثلا لبقي الناس جواعا، فيقضي عليهم الموت شيئا فشيئا و هكذا بقية الواجبات الصناعية المتوقف عليها نظام الكون، أو بترك الشاق منها.

ص: 56

أو ترك (1) الشاق منها و الالتزام بالأسهل، فانهم (2) لا يرغبون بالصناعات الشاقة، أو الدقيقة الا طمعا في الاجرة.

و زيادتها على ما يبذل لغيرها (3) من الصناعات و تسويغ أخذ الاجرة عليها (4) لطف في التكليف باقامة النظام.

و فيه (5): ان الشاهد بالوجدان أن اختيار الناس للصنائع الشاقة و تحملها فاش عن الدواعي الاخر غير زيادة الاجرة مثل عدم قابليته لغير ما يختار، أو عدم ميله إليه، أو عدم كونه شاقا عليه، لكونه ممن نشاء في تحمل المشقة ألا ترى أن أغلب الصنائع الشاقة من الكفائيات كالفلاحة و الحرث، و الحصاد، و شبه ذلك لا تزيد اجرتها على الأعمال السهلة؟

السادس: أن الوجوب في هذه الأمور مشروط بالعوض

(السادس) (6): أن الوجوب في هذه الأمور مشروط بالعوض (7).

قال بعض الأساطين بعد ذكر ما يدل على المنع عن أخذ الاجرة على الواجب:

++++++++++

(1) أى من الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(2) أى فان أكثر أهل تلك الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(3) أى لغير هذه الصناعات الموجبة لاقامة النظام: من الصناعات الخفية غير الشاقة.

(4) أى على هذه الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(5) أي و في هذا الجواب نظر و اشكال.

(6) أي سادس الوجوه.

(7) أي بشرط الشيء بمعنى أن العامل إنما أقدم على العمل بهذه الامور بشرط أن يأخذ عوضا تجاه عمله فيشمله قوله صلى اللّه عليه و آله:

(المؤمنون عند شروطهم).

ص: 57

أما ما كان واجبا مشروطا (1) فليس بواجب قبل حصول الشرط (2) فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه (3)، و لو كانت (4) هو الشرط في وجوبه، فكل ما وجب كفاية: من حرف و صناعات لم تجب إلا بشرط العوض باجارة، أو جعالة، أو نحوهما (5) فلا فرق بين وجوبها (6) العيني، للانحصار (7)، و وجوبها الكفائي، لتأخير (8) الوجوب عنها و عدمه قبلها.

كما أن بذل الطعام و الشراب للمضطر (9) إن بقي على الكفاية

++++++++++

(1) كالصناعات التي يتوقف نظام العالم عليها، حيث إنها مشروطة بالعوض كما عرفت آنفا.

(2) أي هذا الواجب المشروط لا يكون واجبا قبل أن يحصل شرطه و هو العوض.

(3) أي بهذا الواجب المشروط بالعوض قبل حصول الشرط و هو العوض.

(4) أي و لو كانت الإجارة هو الشرط في وجوب هذا المشروط فانه من قبل تحصيل الشرط و إن لم يكن واجبا.

(5) كالهبة المعوضة، و الوصية.

(6) أي بين وجوب الصناعات التي حصرت في شخص و تعينت عليها

(7) تعليل لوجوب الصناعات العينية، أي إنما صارت هذه الصناعات عينية لأجل انحصارها في الشخص، و عدم وجود من يقوم بها.

(8) تعليل لقوله: فلا مانع، أي تعلق الإجارة بالواجب المشروط قبل حصول شرطه لا مانع منه، لتأخر وجوب الصناعات عن الإجارة.

(9) و هو الذي وقع في المخمصة و المجاعة.

ص: 58

أو تعين يستحق فيه أخذ العوض على الأصح، لأن وجوبه مشروط (1) بخلاف ما وجب مطلقا بالأصالة كالنفقات (2)، أو بالعارض كالمنذور (3) و نحوه. انتهى كلامه (4) رحمه اللّه.

و فيه (5) أن وجوب الصناعات ليس مشروطا ببذل العوض، لأنه لاقامة النظام التي هي من الواجبات المطلقة، فان الطبابة، و القصد، و الحجامة

++++++++++

(1) أي بالعوض.

(2) حيث إن نفقة الزوجة و الأولاد غير مشروطة بالعوض، لأن وجوبها مطلق، بخلاف الوجوب في بذل الطعام، فإنه مشروط بالعوض.

(3) كما إذا نذر شخص بذل مال في سبيل اللّه، فإنه غير مشروط بالعوض

(4) أي كلام بعض الأساطين و هو الشيخ الكبير (كاشف الغطاء).

(5) أي و فيما أفاده بعض الأساطين نظر و اشكال و قد ذكر الشيخ وجه النظر في تمثيله بالطبابة و الفصد و الحجامة.

و لا يخفى فيما أفاده الشيخ من النظر، حيث إن الطبابة و زميليها قد تتوقف عليها الحياة فيجب على الطبيب و الفصاد و الحجام مباشرة المريض حالا، و ليس لهم الامتناع عن ذلك.

و لكن مع ذلك يجب على المريض دفع العوض، و إن لم يدفع بقي في ذمته.

و أما بقية الحرف و الصناعات المتوقفة عليها أنظمة الكون فنظم العالم يقتضي فيها بذل المال، و دفع العوض الى أربابها حتى توجد في الخارج و تدور رحاها، إذ بغير الدفع لا يمكن ايجاد الحرف و الصناعات في الخارج.

و يمكن أن يقال جدلا: إن الواجب على أهل الحوائج دفع العوض لاستجلاب أهل الحرف و الصنائع لاقامة النظام، و ليس الواجب عليهم التصدي للحرف و الصناعات ما لم يوجد العوض.

ص: 59

و غيرها (1) مما يتوقف عليه بقاء الحياة في بعض الأوقات واجبة بذل له العوض، أم لم يبذل.

السابع: أن وجوب الصناعات المذكورة لم يثبت من حيث ذاتها

(السابع) (2): أن وجوب الصناعات المذكورة (3) لم يثبت من حيث ذاتها و إنما ثبت من حيث الأمر (4) باقامة النظام: غير متوقفة على العمل تبرعا، بل يحصل به، و بالعمل بالاجرة، فالذي يجب على الطبيب لأجل احياء النفس، و إقامة النظام بذل نفسه للعمل، لا بشرط التبرع به بل له أن يتبرع به، و له أن يطلب الاجرة.

و حينئذ (5) فإن بذل المريض الاجرة وجب عليه العلاج.

و إن لم يبذل الاجرة، و المفروض أداء (6) ترك العلاج الى الهلاك

++++++++++

(1) من بقية الصناعات الواجبة المتوقف عليها نظام العالم.

(2) أي سابع الوجوه

(3) و هي التي يتوقف عليها نظام العالم كالخياطة و الخبازة و البناية.

(4) و هو الأمر المتصيد من كلام مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام: و لو كان الرجل منا يضطر الى أن يكون بنّاء لنفسه، أو نجارا أو صانعا لشيء لنفسه من جميع أنواع الصنائع، و يتولى جميع ما يحتاج إليه من اصلاح الثياب، و ما يحتاج إليه من الملك فما دونه: ما استقامت أحوال العالم بتلك، و لا اتسعوا له، و لعجزوا عنه.

(وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 244. الباب 2. الحديث 3.

(5) أي و حين يجوز للطبيب أن يتبرع بالعمل مجانا و بلا عوض و يجوز له أيضا أن يطلب الاجرة على ذلك.

(6) بفتح الهمزة و المد بمعنى الإيصال، أي المفروض ايصال ترك معالجة الطبيب الى هلاك المريض. -

ص: 60

أجبره (1) الحاكم حسبة: (2) على بذل الاجرة للطبيب، و إن كان المريض

++++++++++

- و قد يتلفظ به بعض بالكسر و تشديد الدال و هو غلط، راجع كتب اللغة مادة أدي.

(1) مرجع الضمير المريض، أي أجبر الحاكم المريض على دفع الاجرة.

(2) بكسر الحاء و سكون السين و فتح الباء، جمعها: حسب بكسر الحاء و فتح السين، و هي عبارة عن الامور التي لا يجوز تصديها لأحد في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج، بل تجب على الحاكم الشرعي المبسوط اليد، و الذي يكون جامعا لشرائط الاجتهاد و الافناء.

و تلك الامور عبارة عن نصب القيم على الصغار، و على أموالهم و أموال المجانين و السفهاء، و الحجز على مال المفلس، و الحكم ببينونة المرأة عن زوجها اذا ارتد و كان فطريا، أو فقد زوجها بعد الفحص و اليأس عنه حسب المقرر الشرعي، و الحكم بين الناس في قضاياهم الشرعية و التصرف في ثلث الميت اذا أوصى و لم يعين وصيا، و اخراج الحج الواجب عن الميت من أصل ماله و تركته.

و كذا اخراج جميع ديونه الشرعية و حقوقه الإلهية من أصل المال و التركة كالخمس و الزكاة، و النذر و الصدقات الواجبة التي كانت عليه.

و كذا اخراج ديون الناس من الأصل و التركة.

و كذا يتصدى الحاكم بإجبار من لم يؤدي حقوقه الشرعية على الأداء و أمثال ذلك من الامور العامة التي يتوقف عليها نظام العالم.

و كلمة حسبة منصوبة على المفعول لأجله أي اجبار الحاكم الشرعي الطبيب لأجل وجوب الحسبة عليه.

ص: 61

مغمى عليه دفع عنه وليه، و إلا (1) جاز للطبيب العمل بقصد الاجرة فيستحق (2) الاجرة في ماله، و إن لم يكن له مال ففي ذمته فيؤدي (3) في حياته، أو بعد مماته من الزكاة، أو غيرها (4).

و بالجملة (5) فما كان من الواجبات الكفائية ثبت من دليله وجوب نفس ذلك العنوان فلا يجوز أخذ الاجرة عليه (6)، بناء على المشهور.

++++++++++

(1) يحتمل أن تكون كلمة إلا راجعة الى الحاكم، أي و ان لم يجبر الحاكم الشرعي الطبيب على معالجة المريض الذي لم يؤد اجرة الطبيب.

و يحتمل أن تكون راجعة الى الولي، أي و ان كان المريض مغمى عليه و لم يدفع الولي اجور الطبيب باشر الطبيب المريض قاصدا أخذ الاجرة منه.

و يحتمل رجوع الاستثناء الى كلا الأمرين: و هما عدم اجبار الحاكم الطبيب. و عدم بذل الولي العوض.

و هذا الاحتمال له وجهان: عدم وجود الحاكم، أو عدم وجود الولي، ففي كلا الوجهين الطبيب يباشر قاصدا أخذ الاجرة من المريض.

(2) أي يستحق الطبيب الاجرة في مال المريض إن أصبح ذا مال.

(3) الفاء هنا بمعنى حتى أي يبقى الأجرة في ذمة المريض حتى يؤديه في حياته.

(4) من الحقوق الشرعية فيؤدي هذا الدين الذي للطبيب على المريض المتوفى: إما الحاكم الشرعي، و إما وليه من غير الزكوات.

(5) أي و خلاصة القول في أخذ الاجرة على الواجبات غير العبادية.

(6) و هو ما كان واجبا لنفسه كتجهيز الميت، حيث إنه واجب كفائي تعبدي.

ص: 62

و أما ما أمر به من باب اقامة النظام (1) فإقامة النظام تحصل ببذل النفس للعمل في الجملة (2).

و أما العمل تبرعا فلا (3)، و حينئذ (4) فيجوز طلب الاجرة من المعمول له اذا كان أهلا للطلب منه (5)، و قصدها (6) اذا لم يكن

++++++++++

(1) كالواجبات التوصلية التي ثبت عليها نظام الامور، و التي لم يثبت وجوب نفس العنوان للعنوان، أي لم يكن المأمور به مطلوبا بنفسه، و ليس له أمر مولوى، بل وجوبها من باب حفظ نظام الناس.

(2) أي سواء أ كان في بذل النفس اجرة أم لا.

(3) أى فلا يتوقف النظام بالخصوص على تبرع العمل.

(4) أى و حين أن كان اقامة النظام يحصل بمطلق بذل النفس للعمل به في الجملة.

و أما تبرع العمل فلا يتوقف عليه النظام بالخصوص.

(5) بأن كان المعمول له بالغا عاقلا غير محجور على أمواله.

بخلاف ما اذا كان مجنونا، أو غير بالغ، أو محجورا على أمواله، فإنه لا يصح أن يطلب منه.

(6) هذا شق ثان لجواز طلب الاجرة ممن يعمل له، أي فيجوز للعامل قصد الاجرة حين العمل، أو قصد الاجرة اذا كان الذي يعمل لأجله ممن لا يمكن أخذ الاجرة منه حاليا كما إذا كان غائبا و حكمت المحكمة بإعدامه و شنقه من قبل السلطة الزمنية فقام شخص المسمى في عصرنا الحاضر ب: (المحامي) للدفاع عنه فأخذ في الدفاع عنه و تبرئته أمام المحكمة حتى أبرأته فالمحامي إنما باشر في العمل قاصدا أخذ الاجرة من المحكوم ازاء عمله هذه و ان لم يكن المحكوم حاضرا عند الحكم و الدفاع عنه، لوجوب الدفاع على المحامي.

ص: 63

ممن يطلب منه كالغائب الذي يعمل فيما له عمل لدفع الهلاك عنه، و كالمريض المغمى عليه.

و فيه (1): أنه اذا فرض وجوب احياء النفس، و وجب العلاج مقدمة له فأخذ الاجرة عليه غير جائز.

فالتحقيق على ما ذكرنا سابقا (2): ان الواجب اذا كان عينيا تعينيا لم يجز أخذ الاجرة عليه، و لو كان من الصناعات فلا يجوز للطبيب أخذ الاجرة على بيان الدواء (3)، أو بعد تشخيص الدواء.

و أما أخذ الوصي (4) الاجرة على تولي أموال الطفل الموصى عليه الشامل بإطلاقه (5) لصورة تعين العمل عليه،

++++++++++

(1) أي و في الوجه السابع نظر و اشكال و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) في قوله في ص: بل اللازم التفصيل، فان كان العمل:

واجبا عينيا تعينيا لم يجز أخذ الاجرة الى آخر ما ذكره هناك.

(3) لا يبعد أن يقال بجواز ارتزاق الطبيب من بيت المال اذا كان موجودا، و من الحقوق الشرعية الاخرى اذا لم يكن موجودا.

و هذا معنى تأميم (الطب) في عصرنا الحاضر.

كما اممت الطبابة في الدول الكبرى الراقية المتمدنة بصورة حسنة راضية مرضية استفاد منه المواطنون.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه لو لم يجز أخذ الاجرة على الواجبات فكيف ساغ للوصي على توليه على أموال الأطفال القصر اخذ الاجرة، و الجواز هذا عام يشمل حتى صورة تعين الوصاية عليه؟

(5) أي بإطلاق الجواز الشامل لصورة التعين كما عرفت آنفا.

ص: 64

فهو (1) من جهة الإجماع، و النصوص المستفيضة على أن له أن يأخذ شيئا، و إنما وقع الخلاف في تعيينه (2).

فذهب جماعة إلى أن له اجرة المثل، حملا للأخبار (3) على ذلك و لأنه إذا فرض احترام عمله (4) بالنص و الإجماع فلا بد من كون العوض اجرة المثل.

و بالجملة (5) فملاحظة النصوص و الفتاوى (6) في تلك المسألة ترشد

++++++++++

(1) هذا دفع الوهم المذكور.

و خلاصته: أن خروج الوصايا عن تحت تلك الكبرى الكلية المسلمة لأجل الإجماع، و النصوص، و لولاهما لكانت باقية تحتها.

راجع حول النصوص (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 186.183 الأحاديث. إليك نص الحديث الأول من ص 183.

قيل (لأبي عبد اللّه) عليه السلام: إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام و معه خادم لهم فنقعد على بساطهم، و نشرب من مائهم و يخدمنا.

خادمهم، و ربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم.

فما ترى في ذلك؟

فقال: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، و إن كان فيه ضرر فلا.

(2) أي في تعيين مقدار أخذ الاجرة.

(3) و هي النصوص المستفيضة، فإنها حملت على أن للوصي من أموال اليتيم إذا تولى عليها أجرة المثل.

(4) أي عمل الوصي، بناء على احترام عمل المسلم.

(5) أي و خلاصة الكلام في هذا المقام.

(6) و هي جواز أخذ الوصي اجرة المثل لو تولى على أموال اليتيم.

ص: 65

إلى خروجها عما نحن فيه (1).

و أما باذل المال للمضطر

و أما باذل المال (2) للمضطر فهو إنما يرجع بعوض المبذول (3) لا باجرة البذل فلا يرد نقضا في المسألة (4).

أما رجوع الام المرضعة بعوض إرضاع اللباء مع وجوبه عليها

و أما (5) رجوع الام المرضعة بعوض إرضاع اللباء مع وجوبه عليها بناء على توقف حياة الولد عليه فهو (6) إما من قبيل بذل المال للمضطر

++++++++++

(1) و هي مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(2) المراد منه الطعام و الشراب الذي تقدم في الوجه السادس في ص 58 عند قوله: كما أن بذل الطعام و الشراب.

(3) و هو الشراب و الطعام.

و لا يخفى عدم فرق بين أن يكون أخذ الاجرة في قبال المبذول الذي هو الطعام و الشراب، أو في قبال البذل الذي هو العمل، لاتحاد المال.

(4) و هي مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(5) دفع وهم آخر:

حاصل الوهم: أنه لو لم يجز أخذ الاجرة على الواجبات فلما ذا يجب دفع الاجرة إلى الام المرضعة في أيام إرضاع ولدها اللّباء مع أن الإرضاع واجب عليها فخرجت هذه المسألة من تحت تلك الكبرى الكلية، و القاعدة المسلمة: و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات؟

و قد ذكرنا حول اللّباء شرحا وافيا في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 5. ص 454-456. فراجع هناك كي تقف على فوائد جمة لهذه المادة الحيوية التي جعلها اللّه عز و جل في ثدي الام للطفل او ان الولادة و هي ثلاثة أيام.

(6) هذا دفع الوهم.

و خلاصته: أن الام إنما تأخذ الاجرة بدل اللباء، لا بدل الرضاع -

ص: 66

و إما (1.) من قبيل رجوع الوصي باجرة المثل من جهة عموم الآية: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ . فافهم (2).

و إن كان (3) كفائيا جاز الاستيجار عليه فيسقط الواجب بفعل (4)

++++++++++

- الواجب عليها حتى يقال: كيف جاز لها أخذ الاجرة مع وجوب الإرضاع عليها في هذه المادة خلال ثلاثة أيام، لتوقف حياة الولد على اللباء.

فهذا الأخذ نظير أخذ باذل الطعام للمضطر الاجر في قبال المبذول فهو يرجع بعوضه، لا باجرة البذل، فخروج مسألة اللباء عن تحت تلك الكبرى الكلية لأجل ذلك، و لولاه لكانت داخلة تحتها.

(1.) هذا جواب ثان عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن جواز أخذ الام الاجرة من قبيل جواز أخذ الوصي اجرة المثل فكما أنه خرج بالنص كذلك خرج هذا بالنص: و هو عموم الآية الكريمة في قوله تعالى: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (1)، حيث إن الإرضاع في أرضعن عام يشمل إرضاع الحليب، و إرضاع اللباء فخرجت هذه المسألة عن تحت تلك الكبرى الكلية فالحاصل أن خروج مسألة اللباء عن تحت تلك الكبرى الكلية لأحد الأمرين المذكورين.

(2) لعله إشارة إلى ضعف الجواب الثاني عن الوهم المذكور.

و وجه الضعف: أن ظاهر الآية الكريمة أن جواز أخذ الام اجرة الإرضاع من باب العوضية، لا من باب الحكم التعبدي.

(3) هذا هو الشق الثاني من نوع الواجب في قوله: فالتحقيق على ما ذكرنا سابقا أن الواجب إذا كان عينيا أي و إن كان الواجب كفائيا.

(4) المصدر مضاف إلى مفعوله، أي بفعل الأجير العمل المستأجر -

ص: 67


1- الطلاق: الآية 7.

المستأجر عليه عنه، و عن غيره و إن لم يحصل الامتثال (1).

من هذا الباب أخذ الطبيب الأجرة على حضوره عند المريض إذا تعين عليه علاجه

و من هذا الباب (2) أخذ الطبيب الاجرة على حضوره (3) عند المريض إذا تعين عليه علاجه، فان العلاج و إن كان معينا عليه إلا أن الجمع بينه و بين المريض مقدمة (4) للعلاج واجب كفائي بينه و بين أولياء المريض فحضوره أداء للواجب الكفائي كإحضار (5) الأولياء، إلا أنه لا بأس يأخذ الاجرة عليه.

عدم جواز الأخذ في الكفائي لو علم كونه حقا للغير

نعم يستثنى من الواجب الكفائي: ما علم من دليله صيرورة ذلك

++++++++++

عليه يسقط الواجب عن المستأجر و عن غيره.

(1) بمعنى أن الأجير إنما أتى بالفعل المستأجر عليه للاجرة و المال لا لوجه اللّه تبارك و تعالى فلم يحصل الامتثال للأجير.

(2) أي من باب الواجب الكفائي.

(3) و ما سبق من الشيخ: من عدم جواز أخذ الطبيب الاجرة في قوله في ص 64: فلا يجوز للطبيب أخذ الاجرة على بيان الدواء أو تشخيص الداء: إنما كان على بيان الدواء، و تشخيص الداء.

و أما هنا فجواز أخذ الاجرة له لاجل حضوره عند المريض و هو الذي يعبر عنه باجرة القدم، و لذا يجوز له أن يقول: لا أحضر عند المريض عليّ به في المطب.

(4) منصوبة على المفعول لأجله، أي أن الجمع بين الطبيب و المريض إنما هو لأجل العلاج، و من باب أن الجمع مقدمة للعلاج.

(5) المصدر مضاف إلى الفاعل، و المفعول و هو المريض محذوف أي كما أن حضور الطبيب لدى المريض أداء للواجب واجب كفائي.

كذلك إحضار أولياء المريض الطبيب عند المريض واجب كفائي.

ص: 68

العمل حقا للغير يستحقه من المكلف (1) كما قد يدعى أن الظاهر (2) من أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا على الأحياء في التجهيز (3) فكل من فعل شيئا منه (4) في الخارج فقد أدى حق الميت فلا يجوز أخذ الاجرة عليه.

و كذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه، و ما يحتاج إليه كصيغة النكاح، و نحوها (5).

لكن تعيين هذا (6) يحتاج إلى لطف قريحة.

هذا تمام الكلام في أخذ الاجرة على الواجب (7).

و أما الحرام فقد عرفت عدم جواز أخذ الاجرة عليه (8).

++++++++++

(1) لا يخفى عدم وجود المنافاة بين صيرورة العمل حقا للغير، و بين أخذ الاجرة عليه، حيث يمكن أن يصير إيجاد هذا العمل حقا للغير سواء أ كان مع الاجرة أم بغيرها.

(2) الظاهر عدم تسليم الشيخ لهذه الظاهرة، حيث نسبها إلى قد يدعى.

(3) أي يستحق الميت هذا التجهيز من المكلفين الأحياء.

(4) أي من هذا الحق الذي هو للميت على المكلفين الأحياء المعبر عنه بالتجهيز.

(5) كصيغة الطلاق، فانه لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ الاجرة على هذه الواجبات فإنها حقوق للمسلم المكلفة على الآخرين من المسلمين.

(6) أي معرفة ما كان حقا للمسلم على المسلمين يحتاج إلى قريحة فياضة إلهية نورانية روحانية حتى يتمكن من تمييز هذه الحقوق.

(7) سواء أ كان تعبديا أم توصليا، و سواء أ كان عينيا أم كفائيا و سواء أ كان تعيينيا أم تخييريا.

(8) و قد اشير إلى هذا في رواية (تحف العقول) في الجزء الأول -

ص: 69

أما المكروه و المباح فلا اشكال في جواز أخذ الاجرة عليهما

و أما المكروه و المباح فلا اشكال في جواز أخذ الاجرة عليهما (1).

أما المستحب

و أما المستحب و المراد منه ما كان له نفع قابل لأن يرجع إلى المستأجر لتصح الاجارة من هذه الجهة (2) فهو (3) بوصف كونه مستحبا على المكلف لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لأن الموجود من هذا الفعل (4) في الخارج لا يتصف بالاستحباب، إلا مع الإخلاص الذي ينافيه إتيان الفعل، لاستحقاق المستأجر إياه كما تقدم في الواجب (5).

++++++++++

- من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 42 في قوله عليه السلام:

نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله و شربه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء إلى آخر الحديث فراجع.

(1) كزيارة القبور ليلا، و الصلاة في الحمام، و الطرق العامة و مكشوف الرأس، و كالدخول في المرحاض و هو مكشوف الرأس.

هذا إذا كان في الجواز نفع يعود إلى المستأجر الذي هو الباذل كما هو الملاك في جواز أخذ الاجرة كما ذكرنا في ص 21:

و المباح كتبليط الشوارع، و بناء المساكن، و غرس الأشجار.

(2) و هو رجوع النفع إلى المستأجر بإزاء بذل المال.

و لا يخفى أن هذه الجهة شرط في كل إجارة، و لا اختصاص لها بالاجارة في المستحبات.

(3) أي هذا المستحب.

(4) الذي هو المستحب.

(5) حيث قال في ص 28: إن أخذ الاجرة على الواجبات التعبدية مناف للإخلاص.

ص: 70

و حينئذ (1) فإن كان حصول النفع المذكور منه (2) متوقفا على نية القربة لم يجز أخذ الاجرة عليه (3) كما إذا استأجر من يعيد صلاته ندبا ليقتدي به، لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص (4)، و المفروض مع عدم تحقق الإخلاص: عدم حصول نفع منه (5) عائدا إلى المستأجر و ما يخرج بالإجارة عن قابلية انتفاع المستأجر به لم يجز الاستيجار عليه.

و من هذا القبيل (6) الاستيجار على العبادة للّه تعالى،

++++++++++

(1) أي و حين أن قلنا بعدم جواز أخذ الاجرة على المستحبات لمنافاة الاجرة للإخلاص المطلوب في كل أمر عبادي، سواء أ كان واجبا أم مستحبا.

و لا يخفى أن المستحب على قسمين: عبادي. و توصلي كالواجب فما أفاده الشيخ: من عدم جواز أخذ الاجرة في المستحبات لا ينطبق إلا على التعبدي منها، لمنافاة أخذ الاجرة مع الإخلاص المطلوب في العباديات

بخلاف التوصليات، فإن أخذ الاجرة عليها لا ينافي الإخلاص.

و ستأتي الإشارة إلى ما قلناه في قول الشيخ في ص 72: و إن كان حصول النفع غير متوقف.

(2) أي من هذا المستحب.

(3) لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد الإخلاص.

(4) أي من المصلي الذي يعيد صلاته لأجل درك الجماعة و الإعادة و الجماعة من المستحبات الأكيدة التي حث الشرع على درك الثواب العظيم و الأجر الجزيل منها.

(5) أي من هذا العمل المستحب المستأجر.

(6) أي و من قبيل ما يخرج بالإجارة عن قابلية انتفاع المستأجر به الذي قلنا لا يجوز الاستيجار عليه.

ص: 71

أصالة، لا نيابة (1)، و إهداء ثوابها إلى المستأجر، فإن (2) ثبوت الثواب للعامل موقوف على قصد الإخلاص المنفي مع الإجارة.

و إن كان (3) حصول النفع غير متوقف على الإخلاص جاز الاستيجار عليه كبناء المساجد، و إعانة المحاويج (4)، فإن من (5) بنى لغيره مسجدا عاد إلى الغير نفع بناء المسجد و هو ثوابه و إن لم يقصد البناء من عمله إلا أخذ الاجرة.

و كذا من استأجر غيره لاعانة المحاويج و المشي في حوائجهم فإن الماشي لا يقصد إلا الاجرة، إلا أن نفع المشي عائد إلى المستأجر.

و من هذا القبيل (6) استيجار الشخص للنيابة عنه في العبادات التي تقبل النيابة كالحج (7) و الزيارة،

++++++++++

(1) كأن يقال لشخص: صل صلاة الليل لنفسك و لك علي مبلغ من الدراهم ثم اهد ثوابها الراجع لك إلى والدي.

(2) تعليل لخروج العمل من الانتفاع بالإجارة.

(3) هذا هو الشق الثاني للمستحب، إذ شقه الأول قوله في ص 71:

فإن كان حصول النفع المذكور منه.

(4) بفتح الميم: جمع محتاج على غير القياس، إذ قياس جمعه بالواو و النون و هو محتاجون، لأنه صفة عاقل فجمعه على فواعيل خلاف القياس.

(5) تعليل للمستحب الذي لم يتوقف حصول النفع فيه للغير على الإخلاص.

(6) أي و من قبيل أنه إذا كان حصول النفع غير متوقف على الإخلاص جاز الاستيجار عليه.

(7) أي الحج المستحبي، حيث كان الكلام في المستحبات، و كذا الزيارة.

ص: 72

و نحوهما (1)، فإن نيابة الشخص عن غيره فيما ذكر و إن كانت مستحبة إلا أن ترتب الثواب للمنوب عنه و حصول هذا النفع له (2) لا يتوقف على قصد النائب الإخلاص في نيابته (3) بل متى جعل (4) نفسه بمنزلة الغير، و عمل العمل يقصد التقرب الذي هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النيابة انتفع المنوب عنه، سواء فعل النائب هذه النيابة بقصد الإخلاص في امتثال أوامر النيابة عن المؤمن أم لم يلتفت إليها أصلا، و لم يعلم بوجودها (5) فضلا عن أن يقصد امتثالها.

ألا ترى أن أكثر العوام الذين يعملون الخيرات لأمواتهم لا يعلمون ثبوت الثواب لأنفسهم في هذه النيابة، بل يتخيلون النيابة مجرد إحسان إلى الميت لا يعود نفع منه إلى نفسه، و التقرب الذي يقصده النائب بعد جعل نفسه نائبا: هو تقرب المنوب عنه (6)، لا تقرب النائب فيجوز أن ينوب لأجل مجرد استحقاق الاجرة عن فلان: بأن ينزّل نفسه منزلته (7)

++++++++++

(1) كالنوافل اليومية، و العمرة، و صلاة طواف المستحب، أو الطواف المستحبي المجرد عن كل شيء.

(2) أي للمنوب عنه.

(3) أي لا في عمله، فإن عمله يتوقف على القربة و الإخلاص.

(4) أي النائب متى جعل نفسه بمنزلة المنوب عنه الذي استأجر العامل لإتيان العمل له.

(5) أي بوجود أوامر النيابة.

(6) أي التقرب الذي يأتي به النائب يحصل للمنوب عنه قهرا و لا محالة و على أي حال.

(7) أي يأخذ الاجرة في مقابل هذا التنزيل، و ينزل نفسه منزلة المنوب عنه.

ص: 73

في اتيان الفعل قربة إلى اللّه، ثم إذا عرض هذه النيابة الوجوب (1) بسبب الاجارة فالأجير غير متقرب في نيابته، لأن الفرض عدم علمه أحيانا بكون النيابة راجحة شرعا يحصل بها التقرب، لكنه متقرب بعد جعل نفسه نائبا عن غيره فهو متقرب (2) بوصف كونه بدلا و نائبا عن الغير فالتقرب يحصل للغير (3).

فإن قلت (4): الموجود في الخارج من الأجير ليس إلا الصلاة

++++++++++

(1) برفع كلمة الوجوب، بناء على أنه فاعل عرض، و بنصب كلمة النيابة، بناء على أنها مفعول عرض، أي عرض الوجوب النيابة بسبب الإجارة، فالنيابة صارت واجبة بسبب الإجارة.

(2) أي النائب بواسطة الفعل الذي يأتيه عن المنوب عنه.

(3) أي قهرا كما علمت آنفا

(4) خلاصة إن قلت: أن الذي يصدر من الأجير في الخارج و يوجد منه هي الصلاة عن الميت لا غير فهي تقع متعلق الإجارة و متعلق النيابة فمتعلق الإجارة و النيابة شيء واحد في الخارج و ليسا شيئين متغايرين حتى يكون الأول و هي النيابة متعلقا للإجارة.

و يكون الثاني و هي الصلاة الخارجي موردا للقربة فالمتعلق فيهما متحد مصداقا في الخارج، و إن كان متغايرا مفهوما.

فإن أمكن الإخلاص في هذا المتعلق المتحد الخارجي لم يكن هناك منافاة لاخذ الاجرة مع قصد الإخلاص كما ادعيت أنت و قلت بالمنافاة في قولك في ص 70: فهو بوصف كونه مستحبا على المكلف لا يجوز أخذ الاجرة عليه إلى آخر قوله.

و إن لم يمكن الإخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للمنوب عنه يعود إليه كما قلت في ص 71: و ما يخرج بالإجارة -

ص: 74

عن الميت مثلا و هذا (1) متعلق الاجارة و النيابة، فان لم يمكن الاخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للميت (2)، و إن أمكن لم يناف الاخلاص لأخذ الاجرة كما ادعيت (3)، و ليست النيابة عن الميت في الصلاة المتقرب بها الى اللّه تعالى شيئا، و نفس الصلاة شيئا آخر حتى يكون الأول (4) متعلقا للإجارة، و الثاني (5) موردا للإخلاص.

قلت (6): القربة المانع اعتبارها من تعلق الاجارة هي المعتبرة

++++++++++

- عن قابلية انتفاع المستأجر به لم يجز الاستيجار عليه.

و عدم إمكان نية الإخلاص للأجير يسقط الصلاة عن الانتفاع بها للمستأجر.

(1) و هو الموجود الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) كما عرفت في قولنا في ص 74: و إن لم يمكن الإخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للمنوب عنه.

(3) أي بالمنافاة في قولك في ص 70: فهو بوصف كونه مستحبا و قد علمت كيفية المنافاة في ص 28.

(4) و هي النيابة كما علمت آنفا.

(5) و هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(6) هذا جواب من الشيخ عن الإشكال المذكور في قوله في ص: 74 فان قلت:

و خلاصة الجواب: أن الموجود الخارجي الذي هي الصلاة له اعتباران:

اعتبار تتعلق الإجارة به. و اعتبار يتعلق القربة به فيكون المتعلقان بهذين الاعتبارين متغايرين مفهوما و إن اتحدا مصداقا في الخارج.

بيان ذلك: أن الصلاة الموجودة في الخارج التي تصدر عن النائب بصفة كونه نائبا عن الغير.

ص: 75

..........

++++++++++

- تارة تكون فعلا للنائب باعتبار أنه هو المباشر لها.

و اخرى تكون فعلا للمنوب عنه باعتبار تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه، و فرضها هو.

فعلى الاعتبار الأول تتعلق الإجارة بهذه النيابة، و هذه النيابة لا تحتاج إلى قصد القربة و الإخلاص و إن كانت متحدة مع الصلاة خارجا و التي تحتاج إلى قصد القربة و الإخلاص.

و على الاعتبار الثاني تتعلق القربة بنفس الموجود الخارجي، فبهذين الاعتبارين تغاير المتعلقان مفهوما و إن اتحدا خارجا.

إذا يصح أخذ الاجرة على هذا الفعل الخارجي باعتبار أنه نيابة، لعدم منافاته للإخلاص و القربة المطلوبة في العبادات، لاختلاف المتعلقين بالاعتبارين و لذا ينقسم الموجود الخارجي الذي هو فعل النائب بالاعتبار الاول الذي هي النيابة: إلى المباح و الراجح و المرجوح.

(أما الأول): فكنيابة شخص عن شخص في أداء رسالة أو حراسة بستان، أو دار.

(و أما الثاني): فعلى قسمين: راجح لا يمنع من تركه كالمستحب و راجح يمنع من تركه كالواجب إذا وقع متعلقا للإجارة، و كوجوب الصلاة الفائتة عن الوالد إذا لم يكن هناك من ينوب عنه.

(و أما الثالث): فهو على قسمين أيضا: مرجوح لا يمنع من فعله كالمكروه. و مرجوح يمنع من فعله كالحرام.

(أما المرجوح): الذي لا يمنع من فعله كما إذا ناب شخص عن شخص ليؤدي الصلاة عنه في الحمام، أو أحد الأماكن المكروهة.

(و أما المرجوح) الذي يمنع من فعله كما إذا ناب شخص عن شخص -

ص: 76

في نفس متعلق الاجارة (1) و ان اتحد (2) خارجا مع ما يعتبر فيه

++++++++++

- ليؤدي الصلاة عنه في المكان الغصبي، أو يصوم عنه صوم وصال، أو صلاة خمس ركعات، أو أكثر.

و كذلك الموجود الخارجي بالاعتبار الثاني تترتب عليه الآثار الدنيوية:

من سقوط التكليف عن المنوب عنه بالنسبة إلى النيابة الراجحة.

و تترتب عليه الآثار الاخروية: من الثواب و العقاب على الفعل المنوب له عن المنوب عنه.

و خلاصة الكلام: أن الموجود الخارجي المتحقق في ضمن الصلاة مثلا فعلان: فعل و هي النيابة الصادرة عن النائب باعتبار أنه نائب عن الغير فيقال: فلان ناب عن فلان.

و فعل و هي الصلاة الصادرة عن النائب، لكنها في الواقع و الحقيقة كأنها صادرة عن المنوب عنه، و لذا يصح أن ينسب الفعل إليه مجازا فيقال: صلى المنوب عنه، و لا يمكن أن يقال: ناب المنوب عنه بجعل شخص نائب عنه.

فالفعل الأول تتعلق به الإجارة، و الفعل الثاني تتعلق به القربة فاختلف الفعلان في الآثار، حيث إن الأثر المترتب على الفعل الأول الذي هي النيابة: هي صحة أن يقال: زيد ناب عن فلان من حيث إنه نائب عنه.

و حيث إن الأثر المترتب على الفعل الثاني الذي هي الصلاة الخارجية هي صحة إسنادها إلى المنوب عنه مجازا فيقال: صلى المنوب عنه بالاعتبار الثاني: و هو أن الفعل كأنه صادر عن المنوب عنه في الواقع.

(1) نفس متعلق الإجارة هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) أي نفس متعلق الإجارة التي هي الصلاة و إن اتحد خارجا مع النيابة التي لا يعتبر فيها قصد القربة كما عرفت آنفا.

ص: 77

القربة (1) مما لا يكون متعلقا للإجارة.

فالصلاة (2) الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب من حيث إنها (3) نيابة عن الغير، و بهذا الاعتبار (4) ينقسم في حقه إلى المباح، و الراجح و المرجوح.

و فعل (5) للمنوب عنه بعد نيابة النائب يعني (6) تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه في هذه الأفعال (7) و بهذا الاعتبار (8) تترتب عليه الآثار

++++++++++

(1) و هي نفس النيابة عن الميت، حيث إنها لا تحتاج إلى قصد القربة كما عرفت آنفا.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ في ص 75 في قوله: قلت: القربة المانع اعتبارها من تعلق الإجارة هي المعتبرة في نفس متعلق الاجارة.

و قد عرفت نتيجة التفريع في ص 75 عند تعليقة 6.

(3) أي من حيث إن الصلاة نيابة عن الغير الذي هو المنوب عنه.

(4) أي الصلاة باعتبار كونها فعلا للنائب من حيث إنها نيابة عن الغير: تنقسم الى الراجح و المباح و المرجوح كما عرفت مفصلا في ص 76

(5) بالرفع عطف على قوله: فعل للنائب، أي الصلاة الموجودة في الخارج فعل للنائب، و فعل للمنوب عنه كما عرفت في ص 76.

(6) هذه الجملة: يعني تنزيل نفسه منزلة الغير: تفسير لقوله:

بعد نيابة النائب، أي النيابة عبارة عن تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه.

(7) و هو المباح أو الراجح أو المرجوح

(8) و هو أن الصلاة الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب من حيث إنها نيابة عن الغير، و فعل للمنوب عنه.

ص: 78

الدنيوية (1) و الاخروية (2) لفعل المنوب عنه الذي لم يشترط فيه المباشرة (3)، و الاجارة تتعلق به (4) بالاعتبار الأول، و التقرب (5) بالاعتبار الثاني، فالموجود (6) في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: نيابة (7)

++++++++++

(1) و هو سقوط التكليف عن المنوب عنه كما عرفت في ص 77

(2) و هو الثواب و العقاب المترتبين على فعل المنوب عنه الصادر من النائب الذي ينزّل نفسه منزلة الغير كما عرفت في ص 77.

(3) أي في حالة الوفاة، و إلا فالعبادات الإلهية كالصوم و الصلاة و الحج اشترط فيها المباشرة.

(4) أي بذاك الموجود الخارجي باعتبار الأول: و هو كونه فعلا للنائب: من حيث إنه نائب عن الغير كما عرفت في ص 76.

(5) أي التقرب يحصل للنائب باعتبار الثاني: و هو كون الفعل كأنه صادر عن المنوب عنه كما عرفت في ص 76.

(6) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ: من أن الصلاة الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب باعتبار الأول.

و فعل للمنوب عنه باعتبار الثاني: بمعنى أن الموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: النيابة التي تصدر عن النائب الذي هو الأجير فهذا الفعل لا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص.

و الفعل الخارجي الذي هي الصلاة التي صدرت في الواقع و نفس الأمر عن المنوب عنه فهذا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص، فالفعلان متغايران مفهوما و إن كانا متحدين مصداقا و خارجا كما عرفت في ص 76.

(7) هذا هو الفعل الأول من الفعلين، و قد اشير إليه في ص 76.

ص: 79

صادرة عن الأجير النائب فيقال: ناب عن فلان، و فعل (1) كأنه صادر عن المنوب عنه فيمكن (2) أن يقال على سبيل المجاز: صلى فلان، و لا يمكن أن يقال: ناب فلان، فكما جاز اختلاف هذين الفعلين (3) في الآثار فلا ينافي اعتبار القربة في الثاني (4)،

++++++++++

(1) هذا هو الفعل الثاني من الفعلين، و قد اشير إليه في ص 77.

(2) الفاء تفريع على قول الشيخ: و فعل كأنه صادر عن المنوب عنه أي فبناء على أن الموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: و هما النيابة، و فعل النائب الذي كأنه صدر عن المنوب عنه: يمكن أن ينسب الفعل و هي الصلاة الصادرة من النائب الى المنوب عنه مجازا فيقال:

إن المنوب عنه صلى و إن كانت الصلاة صدرت عن النائب كما عرفت في ص 77.

لكن لا يصح أن يقال: فلان ناب عن الصلاة، لعدم إمكان نيابة الانسان عن نفسه كما عرفت في ص 77.

و كلمة فلان في الموضعين كناية عن المنوب عنه.

(3) و هما: النيابة الصادرة عن زيد، و الفعل الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت في ص 77.

و المراد من الآثار أثر الفعلين أي أثر النيابة و هي صحة امكان إسناد الصلاة الى المنوب عنه مجازا في قولك: صلى المنوب عنه و إن كانت الصلاة صادرة عن النائب.

و أثر الفعل الخارجي و هو عدم صحة إمكان اسناد النيابة الى الانسان نفسه كما عرفت في ص 77.

(4) و هو الفعل الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت في ص 77.

و كلمة جواز بالرفع فاعل لقوله: فلا ينافي، و مفعوله قوله: اعتبار القربة -

ص: 80

جواز الاستيجار على الأول الذي لا يعتبر فيه القربة.

و قد ظهر مما قررناه (1) وجه ما اشتهر بين المتأخرين فتوى و عملا:

من جواز الاستيجار على العبادات للميت، و أن الاستشكال في ذلك (2) بمنافاة ذلك لاعتبار القربة فيها (3) ممكن الدفع، خصوصا بملاحظة ما ورد من الاستيجار للحج.

و دعوى خروجه (4) بالنص فاسدة،

++++++++++

- أي فلا ينافي جواز الاستيجار على النيابة اعتبار القربة في الصلاة على اعتبار الأول و هي النيابة الصادرة عن النائب.

(1) من أن الفعل الموجود الخارجي و هي الصلاة له اعتباران:

اعتبار وقوعه نيابة عن الغير يكون فعلا للنائب فتتعلق الاجارة به فلا يحتاج الى قصد القربة.

و اعتبار أن الموجود الخارجي فعل للمنوب عنه فالقربة تتعلق به كما عرفت في ص 75.

و بهذين الاعتبارين يرتفع المنافاة بين الفعلين، كما أنه يجوز اختلاف الفعلين في الآثار و قد عرفت ذلك في ص 77.

أي ظهرت مما ذكرناه علة جواز أخذ الاجرة على عبادات الميت مع أنها من الامور العبادية المحتاجة الى قصد القربة.

(2) أي و أن منشأ الإشكال في الاستيجار على عبادات الميت: هي المنافاة بين أخذ الاجرة، و بين قصد القربة و الاخلاص.

و قد عرفت عدم المنافاة بالاعتبارين المذكورين آنفا، و في ص 76.

(3) أي في عبادات الميت بالتقرير الذي عرفت آنفا.

(4) أي خروج استيجار الحج عن قاعدة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بالنص الآتي.

ص: 81

لأن مرجعها (1) إلى عدم اعتبار القربة في الحج.

و أضعف منها (2) دعوى: أن الاستيجار على المقدمات (3) كما لا يخفى، مع أن ظاهر ما ورد في استيجار مولانا الصادق عليه السلام للحج عن ولده اسماعيل كون الاجارة على نفس الأفعال (4).

عدم جواز إتيان ما وجب بالإجارة عن نفسه

ثم اعلم أنه كما لا يستحق الغير بالاجارة ما وجب على المكلف على وجه العبادة، كذلك لا يؤتى على وجه العبادة لنفسه ما استحقه الغير منه بالاجارة فلو استؤجر لاطافة صبي، أو مغمى عليه فلا يجوز الاحتساب في طواف نفسه كما صرح به في المختلف، بل كذلك لو استؤجر لحمل غيره في الطواف (5)

++++++++++

(1) أي مرجع هذه الدعوى.

(2) أي و أضعف من دعوى خروج الحج بالنص.

(3) و هي المقدمات التوصلية كالذهاب و الإياب التى لا تحتاج إلى قصد القربة، حيث إن الإجارة في الحج وقع على هذه المقدمات و هي خارجة عن نفس الحج المطلوب فيه قصد القربة، لعدم تطلبها قصد القربة.

و لا يخفى أن الدعوى الاولى أضعف من الثانية، حيث إن مآلها إلى عدم اشتراط قصد القربة في الحج و هذا باطل.

و أما الدعوى الثانية فيمكن وقوعها في الخارج: بأن يستأجر شخص على المقدمات التوصلية فقط.

(4) و هي مناسك الحج و هي امور عبادية يشترط فيها القربة لا الاستيجار على المقدمات التي هي التوصليات التي لا تشترط فيها القربة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 115. الحديث 1. الباب 1.

(5) أي في طواف الأجير، و الفرق بين حمل الصبي، أو المغمى عليه للطواف.

و بين حمل الغير: أن الأجير في الصبي، أو المغمى عليه استوجر لاطافتهما فلا يقع الطواف له. -

ص: 82

كما صرح به جماعة تبعا للإسكافي، لأن المستأجر يستحق الحركة المخصوصة (1) عليه.

لكن ظاهر جماعة جواز الاحتساب في هذه الصورة (2)، لأن استحقاق الحمل غير استحقاق الاطافة به كما لو استؤجر لحمل متاع.

و في المسألة أقوال:

قال في الشرائع: و لو حمله حامل في الطواف أمكن أن يحتسب كل منهما طوافه عن نفسه. انتهى.

و قال في المسالك: هذا إذا كان الحامل متبرعا (3)، أو حاملا بجعالة (4)، أو كان (5) مستأجرا للحمل في طوافه.

أما لو استؤجر للحمل مطلقا (6)، لم يحتسب للحامل، لأن (7)

++++++++++

- بخلاف الثاني، حيث إن الأجير لم يستأجر لاطافة الغير، بل استؤجر للحمل فقط، فالطواف يقع لنفسه.

(1) و هو الطواف.

(2) و هو استيجار الشخص لحمل الغير فقط، لا للإطافة.

(3) أي في حمل غيره في الطواف.

(4) اي ليس الحمل بعقد اجارة.

(5) أي أو كان الحامل مستأجرا لحمل الشخص في طواف نفسه.

(6) أي لو استؤجر الحامل للحمل مطلقا من غير أن يقيد بكون الحمل في طواف نفسه لم يحتسب هذا الحمل للحامل، بل يحتسب للمحمول.

(7) تعليل لعدم احتساب الطواف لو استؤجر الأجير للحمل مطلقا أي الحركة المخصوصة التي هو الطواف و الذي كان يستحقه الحامل و هو الأجير قد أصبح للمحمول الذي هو المستأجر فلا يجوز للأجير صرف هذه الحركة التي هو الطواف إلى نفسه.

ص: 83

الحركة المخصوصة قد صارت مستحقة عليه لغيره فلا يجوز صرفها الى نفسه.

و في المسألة (1) أقوال هذا (2) أجودها. انتهى (3).

و أشار (4) بالأقوال إلى القول بجواز الاحتساب مطلقا (5) كما هو (6) ظاهر الشرائع، و ظاهر القواعد على اشكال.

و القول الآخر (7) ما في الدروس: من أنه يحتسب لكل من الحامل و المحمول ما (8) لم يستأجره للحمل في طوافه. انتهى.

++++++++++

(1) أي في مسألة حمل الغير في الطواف متى يحتسب عن نفسه و متى لا يحتسب.

(2) و هو التفصيل المذكور في ص 83 بقوله: إذا كان الحامل متبرعا أو حاملا بجعالة، أو كان مستأجرا للحمل في طوافه.

(3) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(4) أي (الشهيد الثاني) إلى الأقوال التي ذكرها في المسالك بقوله:

و في المسألة أقوال.

(5) هذا هو القول الأول في المسألة، أي سواء أ كان الحامل متبرعا في حمله أم مستأجرا للحمل مطلقا أم مقيدا بكونه في طوافه أم حاملا بجعالة.

(6) أي القول الأول في المسألة هو ظاهر الشرائع و قد ذكر قول المحقق هنا بقوله في ص 83: قال في الشرائع: و لو حمله حامل في الطواف أمكن أن يحتسب كل منهما في طوافه عن نفسه، فإن هذا القول مطلق يشمل جميع مراتب الحمل.

(7) هذا هو القول الثاني في المسألة أي الطواف الذي يصدر من الحامل للحامل و المحمول.

(8) ما هنا مصدرية أي الطواف يقع لكل من الحامل و المحمول -

ص: 84

و الثالث (1) ما ذكره في المسالك من التفصيل.

و الرابع (2) ما ذكره بعض محشي الشرائع: من استثناء صورة الاستيجار على الحمل.

و الخامس (3) الفرق بين الاستيجار للطواف به، و بين الاستيجار لحمله في الطواف.

و هو (4) ما اختاره في المختلف.

و بنى فخر الدين في الايضاح جواز الاحتساب (5) في صورة

++++++++++

- و يحتسب لهما ما دام لم يستأجر الحامل من قبل المحمول على حمله في طواف نفسه، فإن الطواف في هذه الحالة لا يحتسب للأجير.

(1) هذا هو القول الثالث في المسألة أى أفاد في المسالك التفصيل في مسألة حمل الغير في الطواف، و قد عرفت التفصيل في ص 83 بقوله:

و قال في المسالك:

(2) هذا هو القول الرابع في المسألة أي القول الرابع هو استثناء صورة الاستيجار على الحمل للطواف فلا يحتسب الطواف للحامل و المحمول سواء أ كانت الإجارة مطلقة أم مقيدة بطواف الحامل أم المحمول، فهذه الصورة مستثناة من إمكان احتساب الطواف للحامل و المحمول.

و أما إذا كان الحمل بالتبرع، أو بالجعالة فالطواف يقع للحامل و المحمول.

(3) هذا هو القول الخامس في المسألة: و هو الفرق بين الاستيجار للطواف بالمحمول فالطواف لا يحتسب للحامل بل يقع للمحمول.

و بين الاستيجار لحمل الحامل المحمول لطواف نفسه، فإن الطواف يقع لكل من الحامل و المحمول إذا تراه كلاهما.

(4) أي القول الخامس مختار (العلامة) في المختلف.

(5) خلاصة ما أفاده (فخر المحققين) في هذا المقام: أن احتساب -

ص: 85

الاستيجار للحمل التي استشكل (1) والده رحمه اللّه فيها: على أن (2) ضم نية التبرد إلى الوضوء قادح أم لا.

و المسألة (3) مورد نظر و إن كان ما تقدم من المسالك (4) لا يخلو عن وجه.

أخذ الأجرة على الأذان

ثم إنه قد ظهر مما ذكرناه: من عدم جواز الاستيجار على المستحب إذا كان من العبادات: أنه (5) لا يجوز أخذ الاجرة على اذان المكلف

++++++++++

- الطواف للحامل في صورة استيجار الحامل لحمل المستأجر في الطواف متوقف على أن ضم قصد التبرد الى الوضوء مبطل للوضوء أم لا، لمنافاة القصد المذكور مع القربة المطلوبة في التوضؤ.

فإن قلنا بالبطلان قلنا ببطلان الطواف للحامل في هذه الصورة و أن الطواف يقع للمحمول فقط.

و إن قلنا بالصحة قلنا بصحة الطواف و احتسابه للحامل و المحمول.

(1) أي و قد استشكل (العلامة) احتساب الطواف للحامل و المحمول في هذه الصورة.

و قد عرفت الاشكال في كلام (شيخنا الأنصاري) في ص 84 بقوله:

و ظاهر القواعد على اشكال.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: بنى أي بنى فخر الدين هذه المسألة على مسألة جواز نية التبرد في الوضوء، كما عرفت آنفا.

(3) هذه العبارة (للشيخ الأنصاري)، لا لفخر المحققين، أي مسألة احتساب الطواف للحامل و المحمول في جميع صورها محل اشكال و نظر.

و من هنا يظهر أن الشيخ لم يقطع في المسألة من حيث حكمها.

(4) أي من التفصيل المذكور في ص 83.

(5) جملة أنه لا يجوز مرفوعة محلا فاعل لقوله: قد ظهر.

ص: 86

لصلاة نفسه (1) اذا كان مما يرجع نفع منه الى الغير لأجله (2) يصح الاستيجار كالإعلام (3) بدخول الوقت، و الاجتزاء به في الصلاة.

و كذا (4) أذان المكلف للإعلام عند الاكثر كما عن الذكرى و على الأشهر كما في الروضة (5) و هو (6) المشهور كما في المختلف و مذهب الأصحاب، إلا من شذ كما عنه و عن جامع المقاصد، و بالاجماع كما عن محكي الخلاف، بناء (7) على أنه عبادة يعتبر فيه وقوعه للّه فلا يجوز

++++++++++

(1) حيث إن الاذان للصلاة مستحب و هو من المستحبات، بناء على القول بذلك، فلا يجوز للمصلي أخذ الاجرة عليه لصلاته، لأن الأخذ يتنافى و قصد الإخلاص و القربة.

(2) أي عود النفع من الاذان لمستأجره هو الموجب لصحة بذل المال ازاءه، لأن الملاك في صحة الاجارة هو وجود نفع يعود الى المستأجر كما عرفت في ص 21.

(3) هذا تنظير لكيفية وجود نفع في الأذان يعود الى المستأجر.

و خلاصته: أن الأذان الإعلامي الذي يطلع المسلمون عليه فيتهيئون للصلاة، أو المصلي يكتفي به و لا يقول الأذان ثانيا إذا أراد الصلاة: فيه نفع يعود إلى الغير.

(4) أي و كذا لا يجوز أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي.

(5) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 217.

(6) أي عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي هو المشهور بين الأعلام من الفقهاء.

(7) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لعدم أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي، أي عدم جواز أخذ الاجرة لأجل أن الأذان أمر -

ص: 87

أن يستحقه الغير (1).

و في رواية (زيد (2) بن علي) عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه أتاه رجل فقال له: و اللّه إني احبك للّه.

فقال له: لكني ابغضك للّه.

قال: و لم؟

قال: لأنك تبغي في الأذان أجرا، و تأخذ على تعليم القرآن أجرا (3).

و في رواية حمران الواردة في فساد الدنيا و اضمحلال الدين و فيها قوله عليه السلام: و رأيت الأذان بالأجر، و الصلاة بالأجر (4).

++++++++++

- عبادي يعتبر فيه وقوعه للّه خالصا لوجهه المقدس فلا يجوز أن يستحقه الغير حتى يكون حقا له ليأخذ بإزائه الاجرة.

(1) و هو المؤذن حتى يأخذ عليه الأجر كما عرفت آنفا.

(2) هو الشهيد الشهير ابن (الامام السجاد) صلوات اللّه عليهما قتيل بني مروان يأتي شرح حياته مفصلا في (أعلام المكاسب).

(3) (من لا يحضره الفقيه): الطبعة الرابعة طباعة النجف الأشرف الجزء 3. ص 109-110. الحديث 7.

(التهذيب): الجزء 6. ص 376. الحديث 220.

(وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 114. الباب 30 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

و الحديث هذا مروي في الوسائل الطبعة الحديثة نقلا عن المصدرين مع اختلاف يسير.

و هذا أحد الأحاديث التي لم يطبق مع المصدر المنقول منه، و لم يعلق عليه من قبل الهيئة المصححة المشرفة.

(4) نفس المصدر. الجزء 11. ص 518. الحديث 6. السطر الأول.

ص: 88

و يمكن (1) أن يقال: إن مقتضى كونه عبادة: عدم حصول الثواب (2) اذا لم يتقرب به، لافساد (3) الاجارة، مع فرض كون العمل مما ينتفع به و إن لم يتقرب به.

نعم (4) لو قلنا بأن الإعلام بدخول الوقت المستحب كفاية لا يتأتى

++++++++++

(1) خلاصة الامكان: أن مقتضى كون الأذان من الامور العبادية أن يكون له حكمان: حكم تكليفي. و حكم وضعي.

أما الحكم التكليفي فهو عدم حصول الثواب للمؤذن عند ما يأخذ الاجرة، لعدم إمكان القربة حينئذ، لمنافاة الأخذ للإخلاص المطلوب في الأمر العبادي.

و أما الحكم الوضعي فهو عدم فساد الاجارة، حيث إن الأذان الإعلامي عمل ينتفع به لأداء الصلاة لمن سمعه، و لجواز الإفطار لمن كان صائما فهو يستحق الاجرة من هذه الجهة، و لو لم يقصد القربة و الاخلاص فحينئذ يبطل ما قلناه آنفا في قولنا: لا يجوز أن يستحقه الغير.

(2) هذا هو الحكم التكليفي كما عرفت آنفا عند قولنا: أما الحكم التكليفي.

(3) هذا هو الحكم الوضعي كما عرفت آنفا عند قولنا: و أما الحكم الوضعي.

أي و ليس مقتضى كون الأذان عبادة فساد الاجارة.

(4) استدراك عما أفاده: من أن الأذان الاعلامي لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لكونه من الامور العبادية في قوله: بناء على أنه عبادة يعتبر فيه وقوعه للّه فلا يجوز أن يستحقه الغير.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو قلنا بعدم حصول دخول الوقت من الإعلام -

ص: 89

بالاذان الذي لا يتقرب به صح ما ذكر (1)، لكن ليس كذلك (2) و أما الرواية (3) فضعيفة.

و من هنا (4) استوجه الحكم بالكراهة في الذكرى و المسالك، و مجمع البرهان و البحار بعد أن حكى (5) عن علم الهدى رحمه اللّه.

و لو اتضحت دلالة الروايات (6) أمكن جبر سند الاولى بالشهرة

++++++++++

- المستحبي الذي يحصل من الأذان الذي يؤخذ عليه الاجر، و الذي لا يقصد به القربة: صح ما ذكرناه: من عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الاعلامي.

(1) و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الاعلامي.

(2) أي بل الإعلام يتحقق بالأذان الإعلامي و إن لم يقصد به القربة و الدليل على ذلك عدم اشتراط العدالة في المؤذن، فلو أذن غير العادل ترتبت عليه الآثار: من الإفطار، و اقامة الصلاة.

نعم تشترط الوثاقة في المؤذن.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 618. الباب 3. الأحاديث.

(3) و هي رواية (زيد بن علي بن الحسين) صلوات اللّه و سلامه عليهم، لاشتمالها على عبد اللّه بن منيح، و حسين بن علوان و هما ضعيفان.

(4) أي و من أجل أن رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام ضعيفة لاشتمالها على الشخصين المذكورين: استوجه الشهيد الحكم بكراهة أخذ الاجرة في الأذان الإعلامي.

(5) أي (العلامة المجلسي) أعلى اللّه مقامه.

(6) و هي رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام.

و رواية حمران اللتين ذكرهما الشيخ، و الروايات التي لم يذكرها الشيخ لكنها مذكورة في المصادر التي أشرنا إليها آنفا.

و المعنى أنه لو كانت دلالة الروايات المذكورة واضحة في حرمة أخذ -

ص: 90

مع أن (1) رواية حمران حسنة على الظاهر بابن هاشم.

أخذ الأجرة على الإمامة

و من هنا (2) يظهر وجه ما ذكروه في هذا المقام: من حرمة أخذ الاجرة على الامامة، مضافا (3) إلى موافقتها للقاعدة المتقدمة:

++++++++++

- الاجرة على الواجبات، حيث إنها في الكراهة أظهر أمكن جبر ضعف سند رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام بالشهرة، فإن حرمة الأخذ مشهورة عند الفقهاء.

(1) هذا ترق من الشيخ و خلاصته أن سند رواية (زيد بن علي ابن الحسين) عليهم السلام و إن كان ضعيفا و قلنا: إن الشهرة جابرة لضعف السند.

لكن رواية حمران حسنة، لكون سندها منتهيا الى ابن أبي هاشم و هو من ثقات الامامية، و من رجال (شيخنا الكليني) فتثبت حرمة أخذ الاجرة على الواجبات بهذه الرواية، و لا نحتاج الى جبران الضعف بالشهرة.

(2) أي و من أجل أن رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام و رواية حمران، و بقية الروايات المذكورة في المصدر المشار إليه تدل على حرمة أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي الذي هو من المستحبات العبادية:

يظهر وجه حرمة أخذ الاجرة على الامامة في صلاة الجماعة: و هو اتحاد الملاك فيهما، فإن المناط في كل واحد من الأذان و الإمامة هي العبادية فاتحد الملاك.

(3) أي بالإضافة الى موافقة حرمة أخذ الجواز للقاعدة الكلية.

خلاصة هذا الكلام: أن لنا دليلا آخر على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات غير الروايات المذكورة، و اتحاد الملاك: و هو أنه قد علم سابقا أن كل أمر عبادي يطلب في تحققه في الخارج قصد الإخلاص و القربة لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لمنافاة الاجرة مع الاخلاص المطلوب في العمل فلا نفع فيه يعود الى المستأجر حتى يصح وقوعه محلا للإجارة فالمحل ليس -

ص: 91

من (1) أن ما كان انتفاع الغير به موقوفا على تحققه على وجه الاخلاص لا يجوز الاستيجار عليه، لأن شرط العمل المستأجر عليه قابليّة إيقاعه لأجل استحقاق المستأجر له حتى يكون وفاء بالعقد، و ما كان من قبيل العبادة غير قابل لذلك (2).

ثم إن من الواجبات التي يحرم أخذ الاجرة عليها عند المشهور تحمل الشهادة

ثم إن من الواجبات التي يحرم أخذ الاجرة عليها عند المشهور تحمل الشهادة بناء على وجوبه (3) كما هو أحد الأقوال في المسألة، لقوله تعالى:

(وَ لاٰ يَأْبَ اَلشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا) (4) المفسّر في الصحيح بالدعاء للتحمل (5)، و كذلك (6) أداء الشهادة، لوجوبه عينا، أو كفاية، و هو (7)

++++++++++

- قابلا لذلك فهذه قاعدة كلية قد اشير إليها أثناء البحث في ص 21.

(1) كلمة من بيان لتلك القاعدة الكلية المتقدمة آنفا.

(2) أي للوفاء بالعقد إذا وقع الفعل محلا للإجارة، لعدم إمكان القربة حينئذ.

(3) أي وجوب تحمل الشهادة كما هو أحد الأقوال في المسألة.

و معنى تحمل الشهادة: أن يدعو شخص شخصا آخر ليكون شاهدا على أداء الدين، أو الإقراض، أو الوصية، أو الوقفية، و غير ذلك من الامور التي يحتاج اثباتها عند الحاكم الشرعي الى الشاهد.

(4) البقرة: الآية 282.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 225. الحديث 1.

الباب 1 من كتاب الشهادات.

(6) أي يحرم أخذ الاجرة عليه، لوجوب الاداء عينا اذا كان الأداء منحصرا به، أو كفاية اذا كان هناك غيره يمكنه أداء الشهادة.

(7) أي عدم جواز أخذ الاجرة على أداء الشهادة لو كان واجبا عينيا أو كفائيا واضح، لأنه واجب عيني. -

ص: 92

مع الوجوب العيني واضح، و أما مع الوجوب الكفائي فلأن المستفاد من أدلة الشهادة (1) كون التحمل و الأداء حقا للمشهود له على الشاهد، فالموجود في الخارج (2) من الشاهد حق للمشهود له لا يقابل بعوض، للزوم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله (3) فيرجع الى أكل المال بالباطل.

و منه (4) يظهر أنه كما لا يجوز أخذ الاجرة من المشهود له كذلك (5)

++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن الظاهر عدم كون أداء الشهادة من الامور العبادية حتى يحتاج الى قصد القربة ثم يقال بعدم جواز أخذ الاجرة عليه لكونه منافيا للإخلاص، بل هو من الواجبات التوصلية.

و على فرض عباديته فقد صرح الشيخ بجواز أخذ الاجرة على عمل له منفعة محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء في قوله في ص 45:

و الذي ينساق إليه النظر أن مقتضى القاعدة في كل عمل له منفعة محللة مقصودة: جواز أخذ الاجرة و الجعل عليه و ان كان داخلا في العنوان الذي أوجبه اللّه على المكلف.

(1) راجع نفس المصدر: ص 231. الباب 5. الحديث 2.

(2) و هو التحمل، أو الأداء.

(3) أي من مال صاحب الحق الذي هو المشهود له و هو باطل فيكون مرجع هذا المال الى اكل المال بالباطل.

(4) أي و من كون أداء الشهادة، أو التحمل حقا للمشهود له على الشاهد.

(5) أي و كذلك لا يجوز أخذ الاجرة من بعض الشهود الذي وجب عليه أداء الشهادة لو سمعها مع جماعة إن أراد أن يستأجر شخصا آخر ليؤدي الشهادة عن نفسه.

و لا يخفى أن ما استدل به الشيخ على عدم جواز أخذ الاجرة من المشهود له -

ص: 93

لا يجوز من بعض من وجبت عليه كفاية اذا استأجره لفائدة اسقاطها عن نفسه.

ثم إنه لا فرق في حرمة الاجرة بين توقف التحمل، أو الأداء على قطع مسافة طويلة، و عدمه.

نعم لو احتاج (1) إلى بذل مال فالظاهر عدم وجوبه، و لو أمكن احضار الواقعة عند من يراد تحمله للشهادة فله أن يمتنع من الحضور و يطلب الإحضار.

حكم الارتزاق من بيت المال

بقي الكلام في شيء و هو أن كثيرا من الأصحاب صرحوا في كثير من الواجبات (2)،

++++++++++

- بقوله في ص 93: للزوم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله: لا يأتي في أخذ الاجرة من بعض الشهود الذي وجب عليه أداء الشهادة لو استأجر شخصا ليؤدي عنه الشهادة، لعدم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله، بل قابل حق الشخص بشيء من مال الغير فلا ضرر في ايقاع الاجارة من قبل الشاهد و دفع مال الأجير ليؤدي الشهادة عن نفسه، لرجوع نفع من هذه الاجارة الى المستأجر، و لا يشترط في هذه الاجارة قصد القربة حتى يقال:

بمنافاة الاخلاص لاخذ الاجرة.

(1) أي لو احتاج أداء الشهادة، أو تحملها الى بذل مال من قبل الشاهد، أو المتحمل فالظاهر عدم وجوب الأداء على مؤدي الشهادة أو على المتحمل، و له أن يطلب إحضار الواقعة عنده حتى يتحمل الشهادة، أو يؤديها و ان كان التحمل، أو الأداء حقا للمشهود له.

(2) كمباشرة القضاء، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و إشاعة الأمن في داخل البلاد، و حفظ النظام.

و لعل منها حفظ ثغور المسلمين بالمرابطة فيها.

ص: 94

و المستحبات (1) التي يحرم أخذ الاجرة عليها بجواز ارتزاق مؤديها (2) من بيت المال المعد لمصالح المسلمين، و ليس المراد (3) أخذ الاجرة، أو الجعل من بيت المال، لأن ما دل على تحريم العوض (4) لا فرق فيه بين كونه من بيت المال، أو من غيره، بل حيث استفدنا من دليل الوجوب (5) كونه (6) حقا للغير يجب أداؤه إليه عينا، أو كفاية فيكون أكل المال بإزائه

++++++++++

(1) و هو الأذان للإعلام، و إمامة الجماعة، و إقامة صلاة الجمعة و الإصلاح بين الناس.

(2) أي مؤدي الواجبات و المستحبات.

(3) أي و ليس المراد من الارتزاق الذي صرح الفقهاء بجوازه:

الارتزاق من بيت المال.

و الارتزاق عبارة عن اعطاء الامام، أو نائبه للمباشر لبعض هذه الامور المذكورة مصاريفه السنوية: من الأكل و الكسوة، و المسكن و المركوب حسب شئونه الشخصية، سواء أ كان هذا الارتزاق مساويا لاجرة المثل أم أكثر أم أقل.

(4) أي تحريم أخذ العوض بدل هذه الامور، سواء أ كان العوض باجارة أم بجعالة.

(5) و هو وجوب العمل الذي يؤديه المكلف.

(6) أي كون الواجب حقا للغير على المسلمين كما إذا انحصر أداء الحق على شخص معين كأداء الشهادة المنحصر في رجل، أو رجلين مثلا فيكون أكل المال بإزاء هذا الحق الذي للغير على المسلم بأي نحو كان هذا الأخذ، سواء أ كان على نحو الاجارة أم على نحو الجعالة فيشمله قوله تعالى:

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ .

ص: 95

أكلا له بالباطل: كان (1) اعطاؤه العوض من بيت المال أولى بالحرمة لأنه (2) تضييع له، و اعطاء مال المسلمين بإزاء ما يستحقه المسلمون على العامل بل (3) المراد أنه إذا قام المكلف بما يجب عليه كفاية، أو عينا مما يرجع الى مصالح المؤمنين و حقوقهم كالقضاء و الافناء، و الاذان و الإقامة، و نحوها و رأى ولي المسلمين المصلحة في تعيين شيء من بيت المال له (4) في اليوم أو الشهر، أو السنة من جهة قيامه بذلك الأمر، لكونه (5) فقيرا يمنعه القيام بالواجب المذكور عن تحصيل ضرورياته (6) فبعين (7) له ما يرفع حاجته و ان كان أزيد من اجرة المثل، أو أقل منه.

++++++++++

(1) جواب لحيث في قوله: بل حيث استفدنا، و هو بمعنى اذا أي اذا استفدنا من دليل الوجوب.

(2) أي لأن هذا الاعطاء إلى الشخص القائم بذلك العمل تضييع لبيت مال المسلمين.

(3) أي ليس المراد أخذ الاجرة، أو الجعل من بيت مال المسلمين بل المراد أنه اذا قام المكلف إلى آخر قوله.

(4) أي لهذا المكلف القائم بهذه الأعمال.

(5) تعليل لقوله: و رأى ولي المسلمين، أي إنما رأى ولي المسلمين المصلحة في إعطاء الشخص القائم بذلك العمل الواجب لأجل أنه فقير.

(6) هذا بالنسبة الى الواجبات التي تستوعب وقته.

و أما التي لا تستوعب فلا يشمله هذا الدليل.

(7) أي ولي المسلمين الذي هو الامام عليه السلام، أو نائبه الخاص أو العام كما في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج بهذا المكلف القائم بالأعمال المذكورة.

ص: 96

و لا فرق بين أن يكون تعيين الرزق له (1) بعد القيام، أو قبله حتى أنه لو قيل له: اقض في البلد و أنا أكفيك مئونتك من بيت المال جاز و لم يكن (2) جعالة.

و كيف كان (3) فمقتضى القاعدة (4) عدم جواز الارتزاق إلا مع الحاجة على وجه يمنعه القيام بتلك المصلحة عن اكتساب المئونة، فالارتزاق مع الاستغناء و لو بكسب لا يمنعه القيام بتلك المصلحة غير جائز (5).

++++++++++

(1) أي تعيين الرزق للمكلف المذكور سواء أ كان بعد القيام بالأعمال المذكورة أم قبله.

أما بعد القيام فواضح، حيث إنه أدى واجبه الديني فيستحق عليه الارتزاق، لأن عمله هذا منعه عن اكتساب اعاشة نفسه من طريق آخر.

و أما قبل القيام فلأن القاضي هيأ نفسه للقيام بالعمل و منع نفسه عن الاشتغال بعمل آخر لارتزاقه.

(2) أي هذا الاعطاء و الكفاية المذكورة.

(3) أي أيّ شيء قلنا في جواز ارتزاق القاضي من بيت المال.

(4) و هي قاعدة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(5) فللارتزاق من بيت المال شرطان:

(الأول): الحاجة الى أخذ المال.

(الثاني): أن لا يمكنه الكسب مع القيام بهذه المهمة الواجبة فبناء على الشرطين لو كان له كسب ضئيل لا تكفيه مئونته فعلى ولي المسلمين تكملة ارتزاقه.

و لا يخفى أن منشأ عدم التمكن من الاكتساب إما لعدم اتساع الوقت لذلك.

أو لمنافاة الاكتساب مباشرة، لمنزلته الروحية في المجتمع كما في عصرنا الحاضر كالقضاة، و الحكام، و مراجع الدين، و أئمة الجماعة.

ص: 97

و يظهر من اطلاق جماعة في باب القضاء خلاف ذلك (1).

بل صرح غير واحد بالجواز مع وجدان الكفاية.

++++++++++

(1) أي خلاف عدم جواز الارتزاق، حيث إن اطلاق جماعة من الفقهاء جواز ارتزاق القاضي من بيت المال و لو كان غنيا.

ص: 98

بيع المصحف

ص: 99

ص: 100

خاتمة تشتمل على مسائل

المسألة الأولى: صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف
اشارة

(الاولى): صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف (1).

و المراد به (2) كما صرح في الدروس: خطه (3).

و ظاهر المحكي عن نهاية الأحكام (4) اشتهارها (5) بين الصحابة حيث تمسك على الحرمة بمنع الصحابة.

و عليه (6) تدل ظواهر الأخبار المستفيضة.

ففي موثقة سماعة لا تبيعوا المصاحف، فإن بيعها حرام.

قلت: فما تقول في شرائها؟

قال: اشتر منه الدفتين و الحديد و الغلاف، و إياك أن تشتري منه

++++++++++

(1) بتثليث الميم: اسم لمجموع ما بين الدفتين من القرآن الكريم فهو علم له، و إن كان معناه لغة أعم من هذا.

(2) أي بالتحريم المتصيد من الحرمة في قوله: بحرمة بيع المصحف

(3) أي خط المصحف و هي الكتابات، لا نفس الورق و الجلد و الغلاف و الحديد.

(4) موسوعة في الفقه الامامي (لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي).

(5) أي اشتهار الحرمة.

(6) أي و على تصريح هؤلاء الأعلام بحرمة بيع المصحف الكريم.

ص: 101

الورق و فيه القرآن مكتوب، فيكون عليك حراما، و على من باعه حراما (1)

و مضمرة عثمان بن عيسى قال: سألته عن بيع المصاحف و شرائها فقال: لا تشتر كلام اللّه، و لكن اشتر الجلد و الحديد و الدفتر و قل:

أشتري منك هذا بكذا و كذا (2).

و رواها (3) في الكافي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و رواية جراح المدائنيّ في بيع المصاحف قال: لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم (4)، و الحديد (5).

و رواية عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إن المصاحف لن تشترى فإذا اشتريت فقل: إنما أشتري منك الورق و ما فيه من الأديم و حليته (6)، و ما فيه من عمل يدك بكذا و كذا (7).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 116. الباب 31. الحديث 11.

و لا يخفى أنه يمكن استفادة الحكم الوضعى و هو فساد المعاوضة في الطرفين من الحديث فلا المشتري يملك المثمن، و لا البائع يملك الثمن، فإن قوله عليه السلام: فيكون عليك حراما يدل على عدم تملك المشتري المثمن.

و قوله عليه السلام: و على من باعه حراما يدل على عدم تملك البائع الثمن.

(2) نفس المصدر. ص 114. الحديث 2.

(3) أي و روى هذه المضمرة في الكافي.

(4) بفتح الهمزة الجلد المدبوغ الذي تكتب عليه الكتب و المصاحف و الرسائل قديما.

(5) نفس المصدر. ص 115. الحديث 7.

(6) بضم الحاء و سكون اللام و فتح الياء.

(7) نفس المصدر. ص 114. الحديث 1.

ص: 102

و ظاهر قوله عليه السلام: إن المصاحف لن تشترى أنها لا تدخل في ملك أحد على وجه العوضية عما بذله من الثمن، و أنها (1) أجل من ذلك

و يشير إليه (2) تعبير الامام في بعض الأخبار بكتاب اللّه: و كلام اللّه (3) الدال على التعظيم.

و كيف كان (4) فالحكم (5) في المسألة واضح بعد الأخبار (6) و عمل من عرفت حتى مثل الحلي (7) الذي لا يعمل بأخبار الآحاد.

و ربما يتوهم هنا ما يصرف هذه الأخبار (8) عن ظواهرها.

مثل رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع المصاحف و شرائها.

++++++++++

(1) أي و أن المصاحف أجل من أن تشترى و تباع.

(2) أي إلى أن المصاحف لا تدخل في ملك أحد على وجه العوضية و أنها أجل من أن تشترى و تباع.

(3) راجع نفس المصدر. ص 114. الحديث 2-3.

(4) أي أي شيء اريد من البيع و الشراء في المصاحف.

(5) و هي الحرمة التكليفية المترتبة عليها الآثار الوضعية في مسألة بيع المصاحف.

(6) و هي التي اشير إليها في ص 101-102-103.

(7) و هو (ابن ادريس) صاحب السرائر رحمه اللّه.

و المراد من (عمل من عرفت): الجماعة الذين نقل عنهم الشيخ بقوله في ص 101 الاولى: صرح جماعة كما عن النهاية.

(8) و هي المشار إليها في ص 101-102-103: بأن تصرف ظواهرها التي هي الحرمة إلى المعنى المجازي و هي الكراهة.

ص: 103

فقال: إنما كان يوضع (1) عند القامة (2) و المنبر.

قال: كان بين الحائط و المنبر قيد (3) ممر شاة، و رجل و هو منحرف (4) فكان الرجل يأتي فيكتب البقرة، و يجيء آخر فيكتب السورة كذلك كانوا.

ثم إنهم اشتروا بعد ذلك (5).

قلت: فما ترى في ذلك؟ (6).

قال (7): اشتريه احب إليّ من أن أبيعه (8).

و مثلها رواية روح بن عبد الرحيم و زاد فيها قلت: فما ترى أن اعطي على كتابته أجرا؟

قال: لا بأس، و لكن هكذا كانوا يصنعون (9)، فإنها تدل على جواز الشراء من جهة حكايته عن المسلمين بقوله: ثم إنهم اشتروا بعد ذلك

++++++++++

(1) أي المصحف الكريم.

(2) المراد من القامة: حائط مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حيث كان بطول قامة الانسان.

(3) بفتح القاف و كسرها: و هو المقدار.

(4) هو الرجل الذي يمشي لا باتجاه جنبه، باتجاه وجهه.

(5) أي بعد أن كثرت نسخ القرآن.

(6) أي في شراء المصاحف و بيعها.

(7) أي الامام عليه السلام.

(8) نفس المصدر. ص 115. الحديث 4-8.

و الحديث هذا يدل على كراهة شراء المصاحف.

(9) نفس المصدر. ص 116. الحديث 9.

و هذا الحديث أيضا يدل على كراهة شراء المصاحف.

ص: 104

و قوله: اشتريه أحب إليّ من أن أبيعه (1)، و نفي الباس عن الاستيجار لكتابته كما في أخبار اخرى غيرها (2) فيجوز تملك الكتابة بالاجرة فيجوز وقوع جزء من الثمن بإزائها (3) عند بيع المجموع المركب منها (4) و من القرطاس، و غيرها (5).

لكن الانصاف أن لا دلالة فيها (6) على جواز اشتراء خط المصحف و إنما تدل على أن تحصيل المصحف في الصدر الأول كان بمباشرة كتابته ثم قصرت الهمم فلم يباشروها بأنفسهم، و حصّلوا المصاحف بأموالهم شراء و استيجارا، و لا دلالة فيها (7) على كيفية الشراء، و أن الشراء و المعاوضة لا بدّ أن لا تقع إلا على ما عدا الخط من القرطاس، و غيره (8).

و في بعض الروايات دلالة على أن الأولى مع عدم مباشرة الكتابة بنفسه أن يستكتب بلا شرط (9) ثم يعطيه ما يرضيه مثل رواية عبد الرحمن

++++++++++

(1) كما في الحديث المشار إليه في ص 104.

(2) أي في غير رواية روح بن عبد الرحيم.

راجع نفس المصدر. ص 116. الحديث 12-13.

(3) أي بإزاء كتابة القرآن.

(4) أي من الكتابة.

(5) أي غير الكتابة و القرطاس: من الجلد و الورق.

(6) أي في هذه الأخبار المذكورة المشار إليها في ص 104-105.

(7) أي في هذه الأخبار على كيفية الشراء: بأن كانت المعاوضة بإزاء الخط، أو الورق، أو الجلد، أو الحديد، أو الغلاف.

(8) و هو الجلد و الورق و الحديد و الغلاف.

(9) أي بلا شرط الثمن من قبل المستكتب.

ص: 105

ابن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إن أمّ عبد اللّه بن الحارث أرادت أن تكتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها و دعت رجلا فكتب لها على غير شرط فاعطته حين فرغ خمسين دينارا، و أنه لم تبع المصاحف إلا حديثا (1).

و مما يدل على الجواز (2) رواية عنبسة الوراق قال: قلت لأبي اللّه عليه السلام: أنا رجل أبيع المصاحف فإن نهيتني لم أبعها.

قال: أ لست تشتري ورقا و تكتب فيه؟

قلت: بلى و أعالجها.

قال: لا بأس بها (3) و هي (4) و إن كانت ظاهرة في الجواز إلا أن ظهورها من حيث السكوت عن كيفية البيع في مقام الحاجة إلى البيان فلا تعارض ما تقدم من الأخبار المتضمنة للبيان (5).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 116. الحديث 10. الباب 31.

(2) أي جواز بيع المصاحف.

(3) نفس المصدر. ص 115. الحديث 5.

(4) أي هذه الرواية الدالة على الجواز.

(5) أي لبيان كيفية بيع المصحف و هي الأخبار المذكورة، حيث إن فيها كيفية البيع الذي فيه تبادل المصحف، فإن في بعضها: اشتر الحديد و الورق و الدفتين، كما في ص 101.

و في بعضها: اشتر الحديد و الجلود و الدفة كما في ص 102.

و في بعضها: قل اشتر منك الورق، و ما فيه من الأديم و حليته و ما فيه من عمل يديك كما في ص 102.

و في بعضها: و بع الورق و الأديم و الحديد كما في ص 102، فإن هذه الأحاديث تتضمن الكيفية التي يجوز معها البيع.

ص: 106

و كيف كان فالأظهر في الاختيار (1) ما تقدم من الأساطين المتقدمة إليهم الاشارة.

بقي الكلام في المراد من حرمة البيع و الشراء

بقي الكلام (2) في المراد من حرمة البيع و الشراء بعد فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق المملوكة (3) مالك للأوراق و ما فيها من النقوش، فإن (4) النقوش إن لم تعد من الأعيان المملوكة،

++++++++++

(1) في كثير من النسخ الموجودة عندنا فالأظهر في الأخبار.

إلا في النسخة الموجودة عندنا و التي نعلق عليها و نعرضها للطباعة:

فالأظهر في الاختيار و هو الصحيح كما أثبتناه هنا أي المختار و المرجح عندنا في بيع المصحف الكريم و شرائه: ما اختاره الأساطين من الفقهاء:

من الحرمة، و قد أشار إلى هذا الاختيار في ص 101 بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل: الاولى صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف.

(2) أي بقي الإشكال في فهم المراد من حرمة بيع المصحف و شرائه بعد الفرض أن الكاتب الذي كان مالكا للأوراق المجردة عن الكتابة:

مالك للأوراق و ما فيها من الخطوط بعد الكتابة.

أي الكلام يدور حول حرمة بيع المصحف و شرائه في هذه الصورة.

(3) أي المملوكة للكاتب قيل الكتابة فيها.

(4) تعليل لقوله: بعد فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق التي كانت ملكا له قبل الكتابة.

و خلاصة التعليل: أن هذه الخطوط بعد الكتابة في الأوراق لها فرضان:

(الأول): أن لا تعد من الأعيان الخارجية المملوكة عرفا، حيث إنها أعراض، بل تعد من الصفات العارضة للأوراق بسببها تزيد قيمة الأوراق -

ص: 107

..........

++++++++++

- وجودا و عدما، أي إن وجدت هذه النقوش و الخطوط في الأوراق زادت قيمتها، و إن لم توجد نقصت قيمتها، ففي هذه الصورة لا حاجة لنا في بيع الخطوط إلى النهي عنها، لأنه لا يقع بإزاء الخط جزء من الثمن حتى يقع الخط في حيز البيع ليرد عليه نهي عن بيعه، لأنه ليس للخطوط وجود استقلالي ذاتي، بل وجودها قهري و تبعي للغير و هو الورق.

(الثاني): أن تعد الخطوط من الأعيان الخارجية المملوكة اى لها وجود استقلالي ذاتي خارجي.

و هذا لا يخلو من أمرين:

(الأول): بقاء الخطوط على ملك الكاتب البائع بعد بيع الورق و الجلد فحينئذ يلزم اشتراك البائع مع المشتري في المبيع، أي يكون المبيع ذا حصتين حصة للبائع و هي الخطوط.

و حصة للمشتري و هي الورق و الجلد و الغلاف.

و هذا خلاف التعاقد بين البائع و المشتري حين اقدامهما على المعاوضة اذ التعاقد الخارجي بين المتبايعين أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة و للمشتري في الثمن حصة.

(الثاني): انتقال الخطوط الى المشتري.

و هذا لا يخلو من شقين:

(الأول): أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري بجزء من العوض و الثمن فحينئذ تكون الخطوط موردا للنهي الوارد عن بيعها في قوله عليه السلام: لا تشتر كلام اللّه، و لا تشتر كتاب اللّه.

و لكن اشتر الجلد و الحديد و الدفة، لأن بيع المصحف المركب من الخط و غيره ليس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط و هو باطل. -

ص: 108

..........

++++++++++

- (الثاني) أن يكون انتقال الخطوط إلى المشتري قهرا و تبعا للورق بالشرط الضمني، لا بإزاء شيء من العوض، أي لم يجعل شيء من الثمن بإزاء الخطوط أصلا و أبدا.

بل الثمن كله قد وقع بإزاء الورق المشتمل على الخط كما يدخل بعض الأشياء في المبيع قهرا و تبعا مثل مفاتيح غرف الدار المبيعة، و مفتاح الباب الخارجي، فان دخول هذه المفاتيح في الدار المبيعة إنما هو تبعا للدار و قهرا لها، و لم يقع أي شيء من ثمن الدار بإزاء المفاتيح.

ثم إن القول بانتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق، و عدم وقوع شيء من الثمن بإزائها: لازمه الالتزام بأن المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش و هو ما قلناه من الشرط الضمني، لا الورق و النقوش أي ليس المبيع هو الورق و النقوش معا، حيث إن النقوش لا تكون مملوكة بحكم الشارع، لنهيه عن بيعها كما عرفت في قوله عليه السلام في ص 102:

لا تشتر كلام اللّه، و لا تشتر كتاب اللّه، و الحكم بانتقال النقوش الى المشتري تبعا للورق يكون حكما صوريا، لا حقيقيا، بناء على عدم التملك، لأن المشتري لا يملك الخطوط استقلالا بحكم الشارع.

و هذا معنى الحكم الصوري

و أما وجه انتقال الخطوط الى المشتري بالحكم الصوري، فلأنه بعد البناء على أن الخطوط من الأعيان الخارجية و أنها لا تملك، فلو لم نقل بانتقالها الى المشتري بالحكم الصوري يلزم تعطيل أحكام البيع، لأن من لوازم البيع جواز التصرف في المبيع بأي نحو من أنحائه: من البيع و الهبة و الوقف و الصلح، أي كل من البائع و المشتري يجوز لهما التصرف في ماله فالبائع يبيع ماله، و المشتري يشتري بماله، و بما أن الخطوط لا تملك شرعا، لنهي -

ص: 109

بل من صفات (1) النقوش التي تتفاوت قيمته (2) بوجودها، و عدمها

++++++++++

- الشارع عن بيعها كما عرفت، فلا بد من القول بالحكم الصوري حتى لا يلزم تعطيل أحكام البيع.

و على ضوء ما ذكرناه تحصل أن الخطوط إما ليس لها استقلال ذاتي خارجي، أو لها، فعلى الأول لا مجال لتعلق النهي بها، لعدم وجود لها في الخارج حتى يتعلق النهي فهي سالبة بانتفاء الموضوع.

و على الثاني إما أن يفرض بقاء الخطوط على ملكية البائع، أو لا يفرض فعلى الأول يلزم اشتراك البائع مع المشتري في المبيع و هو خلاف التعاقد اذ التعاقد فيما بين البائع و المشتري أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة.

و على الثاني إما أن يجعل جزء من الثمن بإزاء الخطوط، أو لا يجعل أصلا، فعلى الأول يتعلق النهي بالخطوط، لعدم اعتبار الشارع مالية لها فيكون بيعها منهيا عنها.

و على الثاني يلزم الحكم الصوري بملكية الخطوط، لدخولها قهرا و تبعا للورق فلا يجعل جزء من الثمن بإزائها أصلا.

و قد عرفت أنها تنتقل بالشرط الضمني، حيث إن النهي عن بيعها لا يمنع عن صحة تملكها.

و أما الحكم الواقعي فلا يجري، لعدم حكم الشارع بملكية الخطوط.

و أما الحكم الصوري في الخطوط فلأجل أن لا يلزم تعطيل أحكام المبيع فيها مع القول بأن لها وجودا استقلاليا خارجيا.

(1) أي الخطوط من صفات الورق و عوارضه.

هذا هو الفرض الأول المشار إليه في الهامش 4 ص 107 بقولنا: الأول أن لا تعد من الأعيان الخارجية.

(2) أي قيمة الورق بوجود هذه النقوش و الخطوط، و تنقص بسبب -

ص: 110

فلا حاجة الى النهي عن بيع الخط (1) فلا يقع بإزائه (2) جزء من الثمن حتى يقع (3) في حيز البيع.

و إن عدت (4) من الأعيان المملوكة، فإن فرض بقاؤها (5) على ملك البائع بعد بيع الورق و الجلد فيلزم شركته (6) مع المشتري و هو (7) خلاف الاتفاق.

++++++++++

- عدم وجودها كما عرفت آنفا في ص 108.

و مرجع الضمير في عدمها النقوش كما عرفت.

(1) لعدم وجود للخطوط في الخارج وجودا استقلاليا كما عرفت في ص 108.

(2) أي بإزاء الخط كما عرفت في ص 108.

(3) أي الخط كما عرفت في ص 108.

(4) أي النقوش و الخطوط كما عرفت في ص 108.

هذا هو الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا: الثاني أن تعد الخطوط.

(5) أي بقاء الخطوط.

هذا هو الأمر الأول من الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الأول بقاء الخطوط على ملك الكاتب.

(6) أي اشتراك البائع مع المشتري كما عرفت في ص 108.

(7) أي اشتراك البائع مع المشتري، حيث إن التعاقد الخارجي بين المتبايعين أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة و للمشتري في الثمن نصيب كما عرفت ذلك في ص 108.

ص: 111

و ان انتقلت (1) الى المشتري فإن كان (2) بجزء من العوض فهو البيع المنهي عنه (3)، لأن بيع المصحف المركب من الخط و غيره ليس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط.

و إن انتقلت (4) إليه قهرا تبعا لغيرها، لا (5) لجزء من العوض نظير (6) بعض ما يدخل،

++++++++++

(1) أي هذه النقوش و الخطوط بعد البيع.

هذا هو الأمر الثاني من الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الثاني انتقال الخطوط الى المشتري.

(2) أي انتقال الخطوط الى المشتري كان بإزاء جزء من الثمن.

هذا هو الشق الأول من الأمر الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الأول أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري.

(3) أي في الأخبار المشار إليها في قوله عليه السلام في ص 102:

لا تبع الكتاب و لا تشتره.

و في ص 102 في قوله عليه السلام: لا تشتر كلام اللّه.

(4) أي النقوش إن انتقلت الى المشتري قهرا و تبعا للورق و الجلد و الغلاف.

هذا هو الشق الثاني من الأمر الثاني المشار إليه في ص 109 بقولنا:

الثاني أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق.

(5) أي و لم تقع الخطوط بإزاء بعض الثمن.

(6) هذا تنظير لانتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق أي انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق و الجلد كانتقال بعض الأشياء في المبيع قهرا و تبعا مثل مفاتيح غرف الدار المبيعة التابعة للدار عند بيعها، و مفتاح الباب الخارجي.

ص: 112

في المبيع فهو (1) خلاف مقصود المتبايعين.

مع أن هذا (2) كالتزام كون المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش فيه، لا الورق و النقوش، فإن (3) النقوش غير مملوكة بحكم الشارع: مجرد (4) تكليف صوري، إذ لا أظن أن تعطل أحكام الملك (5) فلا تجري (6) على الخط المذكور إذا بنينا على أنه (7) ملك عرفا قد نهي عن المعاوضة عليه.

++++++++++

(1) أي انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا لا بإزاء بعض الثمن خلاف مقصود المتبايعين، حيث إن مقصودهما من البيع و الشراء دخول الورق و الخطوط و الجلد بأجمعها في المبيع، لا الورق و الجلد المجردان عن الخطوط و النقوش: بأن يقال: إن الغرض الأصلي أولا و بالذات هو الورق و الجلد، ثم ثانيا و بالعرض هي النقوش.

(2) و هو انتقال الخطوط للمشتري تبعا للورق و قهرا له، لا بإزاء جزء من الثمن.

(3) تعليل لعدم كون الورق و النقوش متعلق البيع و إنما المتعلق هو الورق وحده، لأن الخطوط لا تملك بحكم الشارع كما عرفت في ص 110.

(4) خبر لاسم إن في قوله: مع أن هذا.

و قد عرفت شرح التكليف الصوري مفصلا في ص 109.

(5) و قد عرفت وجه ذلك في ص 109 عند قولنا: فلو لم نقل بانتقالها الى المشتري بالحكم الصوري يلزم تعطيل البيع.

(6) أي أحكام الملك فتبقى الخطوط بلا مالك.

(7) أي بعد القول بعدم تعطيل الأحكام نبني و نلتزم بكون الخط ملكا عرفا قد نهي عن المعاوضة عليه شرعا.

ص: 113

بل الظاهر (1) أنه اذا لم يقصد بالشراء إلا الجلد و الورق كان الخط باقيا على ملك البائع فيكون (2) شريكا بالنسبة:

فالظاهر أنه لا مناص عن التزام التكليف الصوري (3).

أو يقال: إن الخط لا يدخل في الملك شرعا و إن دخل فيه عرفا فتأمل (4).

و لأجل ما ذكرناه (5) التجاء بعض إلى الحكم بالكراهة، و أولوية الاقتصار في المعاملة على ذكر الجلد و الورق: بترك إدخال الخط فيه

++++++++++

(1) أي الظاهر من البناء على أن الخط ملك عرفا كما عرفت في ص 111

(2) أي البائع يكون شريكا مع المشتري في المبيع بنسبة قيمة الخط و النقش إلى قيمة الجميع.

فإن كانت نسبة الخط نصفا فالاشتراك بينهما في النصف.

و إن كانت ربعا فربع.

و إن كانت ثلثا فثلث، و هكذا.

(3) و هو الحكم بدخول الخطوط في ملك المشتري قهرا و تبعا للورق كما عرفت في ص 113.

(4) لعل وجه التأمل: أن مادة الكتابة و هو الحبر قد يتفق لها مالية تبذل بإزائها المال فحينئذ يجوز احتساب قيمة المادة من الثمن فيقع بإزاء مادة الكتابة فتصح المعاوضة عليها فتخرج المعاوضة عن كونها صورية.

(5) من الاشكالات الواردة على المعاوضة بالقرآن الكريم، و أن بيعه يدور بين احتمالات أربعة كما عرفت في ص 107-109: التجأ بعض الفقهاء الى الحكم بكراهة بيع القرآن الكريم، جمعا بين الأخبار الدالة على الحرمة و هي المشار إليها في ص 101-103.

و بين الأخبار الدالة على الجواز و هي المشار إليها في ص 104-106.

ص: 114

احتراما (1) و قد تعارف إلى الآن تسمية ثمن القرآن هدية.

بيع المصحف من الكافر و تملك الكافر للمصاحف

ثم إن المشهور بين العلامة رحمه اللّه و من تأخر عنه عدم جواز بيع المصحف من الكافر على الوجه الذي يجوز بيعه من المسلم.

و لعله (2) لفحوى ما دل على عدم تملك الكافر للمسلم، و أن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه (3)، فإن (4) الشيخ رحمه اللّه قد استدل به على عدم تملك الكافر للمسلم، و من المعلوم أن ملك الكافر للمسلم إن كان علوا

++++++++++

(1) منصوب على المفعول لأجله أي ترك الإدخال لأجل احترام القرآن

(2) أي و لعل عدم جواز بيع المصحف من الكافر.

و المراد من الفحوى: هو مفهوم الأولوية.

بيان ذلك: أنه ثبت بالإجماع عدم جواز بيع العبد المسلم للكافر لأن لازم البيع تسلط الكافر و استيلاؤه و علوه عليه، و هذا الاستيلاء و العلو منفي بقوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً فيكون البيع منهيا عنه، فاذا كان البيع منهيا لأجل ذلك فبطريق أولى يكون بيع القرآن منهيا عنه، لوحدة الملاك و المناط و هو الاستيلاء و الاستعلاء

بل الملاك في القرآن أشد و أكثر، إذ ربما يمس الكافر القرآن أو يجعله في مكان لا يليق و مكانة القرآن.

و يعبر عن هذا المفهوم (بمفهوم الموافقة) و له نظائر منها قوله تعالى:

و لا تقل لهما اف.

فاذا كان الأف الذي هو أبسط الأفعال و الأعمال منهيا عنه فبطريق أولى يكون الضرب و القتل و الشتم و الهتك حراما و منهيا عنه.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 376. الباب 1 من كتاب الفرائض و المواريث. الحديث 11.

(4) تعليل للأولوية المذكورة المعبر عنها بالفحوى.

ص: 115

على الاسلام فملكه للمصحف أشد علوّا عليه، و لذا (1) لم يوجد هنا قول بتملكه، و إجباره على البيع كما قيل به (2) في العبد المسلم.

و حينئذ فلو كفر المسلم انتقل مصحفه إلى وارثه و لو كان الوارث هو الامام (3). هذا.

و لكن ذكر في المبسوط في باب الغنائم أن ما يوجد في دار الحرب من المصاحف و الكتب التي ليست بكتب الزندقة و الكفر داخل في الغنيمة و يجوز بيعها (4).

و ظاهر ذلك (5) تملك الكفار للمصاحف، و إلا (6) لم يكن وجه لدخولها في الغنيمة، بل كانت من مجهول المالك المسلم.

و إرادة غير القرآن من المصاحف بعيدة (7).

++++++++++

(1) أي و لأجل كون تملك الكافر للقرآن أشد علوا عليه لم يوجد قول بجواز بيع القرآن على الكافر، و إجبار الكافر على بيعه لو بيع عليه.

(2) أي بإجبار الكافر بيع العبد المسلم لو أسلم و مولاه كافر، فإنه يجبر حينئذ على بيعه.

(3) بأن لا يكون للميت وارث من جميع مراتب الإرث حتى ضامن الجريرة، فإن الإمام عليه السلام هو الوارث حينئذ، و به تنتهي مراتب طبقات الإرث.

(4) أي بيع هذه الكتب التي منها المصاحف الكريمة.

(5) أي و ظاهر كون هذه الكتب و منها المصاحف الشريفة داخل في الغنيمة.

(6) أي و لو لم يملك الكفار المصاحف الشريفة لم يكن وجه لدخول المصاحف في الغنائم: لأن الغنائم تملك.

(7) لأن المتبادر من المصاحف هو القرآن الكريم.

ص: 116

الظاهر أن أبعاض المصحف في حكم الكل إذا كانت مستقلة.

و الظاهر أن أبعاض المصحف في حكم الكل (1) إذا كانت مستقلة.

و أما المتفرقة في تضاعيف (2) غير التفاسير من الكتب للاستشهاد بلفظه (3)، أو معناه فلا يبعد عدم اللحوق (4)، لعدم تحقق الإهانة و العلو.

في إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء اللّه تعالى وجوه

و في إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء اللّه تعالى كالجوشن الكبير مطلقا (5)، أو مع كون الكافر ملحدا بها (6) دون المقر باللّه المحترم لأسمائه، لعدم الإهانة و العلو: وجوه.

++++++++++

(1) أي لو كانت هناك آيات من القرآن الكريم مستقلة و كانت في الغنائم يكون حكمها حكم مجموع القرآن في عدم جواز بيعها للكافر لأن القرآن اسم للجميع فيشمل بعض الآيات، لوحدة الملاك و هو التسلط و العلو من الكافر عليه.

(2) تضاعيف الشيء: ما ضعّف منه فهو اسم جمع لا مفرد له من لفظه.

نظيره في أنه لا واحد له: (تباشير الصبح) أي مقدمات ضيائه و (تعاشيب الأرض) لما يظهر من أعشابها أولا، و (تعاجيب الدهر) لما يأتي من أعاجيبه.

و المراد من التضاعيف هنا: أضعاف الكتاب و هو أثناؤه و أوساطه.

راجع حول هذه اللفظة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

الجزء 3. ص 253 عند هامش 3.

(3) أي بلفظ القرآن، أو معناه.

(4) أي عدم لحوق هذه الكتب بالمصاحف في عدم جواز بيعها من الكفار، بل يلحق بالجواز.

(5) سواء أ كان الكافر ملحدا بأسمائه تعالى أم لا.

(6) أي منكرا لذاته تعالى، و معطلا للعالم.

ص: 117

في إلحاق الأحاديث النبوية بالقرآن وجهان

و في إلحاق الأحاديث النبوية بالقرآن وجهان (1): حكي الجزم به (2) عن الكركي و فخر الدين قدس سرهما، و التردد بينهما (3) عن التذكرة.

و على اللحوق (4) فيلحق اسم النبي صلى اللّه عليه و آله بطريق أولى لأنه أعظم من كلامه، و حينئذ (5) فيشكل أن يملك الكفار الدراهم

++++++++++

(1) و هما: اللحوق فلا يجوز بيعها، و عدم اللحوق فيجوز بيعها.

أما وجه لحوق الأحاديث بالقرآن في عدم جواز بيعها فلعين الملاك الموجود في القرآن: من أن ملك الكافر للقرآن موجب لعلوه عليه و هو منفي في قوله تعالى: «وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» .

و أما وجه عدم لحوقها بالقرآن و أن البيع جائز فهو أن تعظيمها لا يبلغ تعظيم القرآن.

و هنا وجه آخر لعدم لحوقها بالقرآن و هو عدم علو الكافر على الأحاديث بسبب تملكه لها، و من المحتمل أن الأحاديث تؤدي إلى هدايته و تشرفه بدين الاسلام لو قرأها و طالعها.

(2) أي باللحوق.

(3) أي بين الإلحاق و عدمه: بتساوي الوجهين، و عدم ترجيح أحدهما على الآخر.

(4) أي بناء على لحوق الأحاديث النبوية بالقرآن في عدم جواز بيعها على الكافر: يلحق اسم (الرسول الأعظم) بالقرآن الكريم في عدم جواز بيعه للكافر بطريق أولى، لأن اسمه صلى اللّه عليه و آله أعظم من كلماته الصادرة منه، لعدم جواز مس اسمه الشريف بغير طهارة للمسلم

(5) أي و حين أن ألحقنا اسمه الشريف بالقرآن الكريم في عدم جواز بيعه إلى الكفار.

ص: 118

و الدنانير المضروبة في زماننا (1) المكتوب عليها اسم النبي صلى اللّه عليه و آله.

إلا أن يقال: إن المكتوب عليها (2) غير مملوك عرفا، و لا يجعل بإزاء الاسم

++++++++++

(1) إشارة إلى الدنانير الذهبية المسكوكة ب (طهران) أيام عاهل ايران (السلطان محمد شاه قاجار) ثالث ملوك قاجار الذي اعتلى العرش عام 1250 الهجري، فإنه أمر بضرب السكة باسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله هكذا: (شاهنشه أنبياء محمد) أي سلطان سلاطين الأنبياء و ملك ملوكهم (محمد صلى اللّه عليه و آله) و كان هذا الضرب في عهد (الشيخ الأنصاري).

و هكذا الدنانير التي ضربت في عهد ملوك الاسلام: من (الأمويين و العباسيين و الفاطميين و البويهيين). و عليه اسم (الرسول الأعظم).

و أول نقد من الدنانير الصفر، و الدراهم البيض ضرب في الاسلام.

هي الدنانير الذهبية، و الدراهم الفضية التي ضربت في عهد (عبد الملك ابن مروان) بإرشاد من الإمام أبي جعفر الباقر (محمد بن علي بن الحسين) عليهم الصلاة و السلام خامس (أئمة أهل البيت) حيث أمره بضرب السكة الاسلامية في أوزان مخصوصة، و جعل النقش عليها كلمة التوحيد و ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: بأن يجعل في وجه الدينار و الدرهم كلمة التوحيد أي (لا إله إلا اللّه) و (محمد رسول اللّه) في الوجه الآخر، و تجعل مدار الدرهم و الدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه، و السنة التي يضرب فيها.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 1. من ص 50 إلى ص 55 فقد ذكرنا الواقعة هناك بطولها.

و كلمة محمد في شاهنشه أنبياء: مبتدأ مؤخر و جملة شاهنشه أنبياء خبر مقدم قدم لإفادة الحصر كما في قوله تعالى: إيّاك نعبد، زيدا ضربت.

(2) أي اسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله المكتوب في الدنانير و الدراهم غير مملوك عرفا.

ص: 119

الشريف المبارك من حيث إنه اسمه جزء من الثمن فهو كاسمه المبارك المكتوب على سيف، أو على باب دار، أو جدار (1).

إلا أن يقال (2): إن مناط الحرمة التسليط، لا (3) المعاوضة، بل و لا التمليك (4).

و يشكل (5) أيضا من جهة مناولتها الكافر مع العلم العادي بمسه إياه خصوصا (6) مع الرطوبة.

++++++++++

(1) لا يخفى أن الاشكال الذي ذكرناه في اسمه المبارك المكتوب على الدنانير و الدراهم المضروبة: يجري في اسمه المبارك المكتوب على السيف أو على باب الدار.

(2) أي يقال: إن علة تحريم بيع الدنانير و الدراهم المكتوب فيها اسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله: هو تسليط البائع المشتري الكافر عليها، فإن قلنا بذلك فلا فرق في الحرمة بين الكتابة البارزة و الكتابة المنحوتة

ثم إنه لا اختصاص لهذا التسليط بالبيع، لأنه يحصل بالهبة و الصلح أيضا فيكونان محرمين.

(3) أي و ليست علة حرمة بيع الدنانير و الدراهم المذكورة المعاوضة حتى يقال بالفرق بين الكتابة البارزة فيحرم البيع، و بين الكتابة المنحوتة فلا يحرم، بل العلة هو التسليط كما عرفت.

(4) أي و ليست علة تحريم بيع الدنانير و الدراهم المذكورة تمليك البائع المشتري الكافر حتى يقال بالفرق بين الكتابة البارزة و المنحوتة.

(5) أي و يشكل بيع الدنانير و الدراهم المذكورة من ناحية اخرى:

و هو استلزام البيع لمناولة الكافر تلك الدراهم و الدنانير يدا بيد، و هذه المناولة تستلزم مس الكافر بيده تلك الدراهم و الدنانير المكتوب فيها اسم النبي صلى اللّه عليه و آله، و لا سيما إذا كانت يده مرطوبة، فانه تزداد الحرمة أكثر و أشد لناحيتين: ناحية المس و ناحية تنجيس الاسم المبارك.

(6) أي و لا سيما تزداد حرمة البيع مع الرطوبة كما عرفت آنفا.

ص: 120

جوائز السّلطان

ص: 121

ص: 122

المسألة الثانية: جوائز السلطان و عماله
اشارة

(الثانية) (1) (جوائز السلطان و عماله) (2) بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا، أو عوضا (3) لا يخلو (4) عن أحوال، لأنه إما أن لا يعلم أن في جملة أموال هذا الظالم مالا محرما يصلح لكون المأخوذ هو من ذلك المال.

و إما أن يعلم.

و على الثاني (5) فإما أن لا يعلم ذلك المحرّم، أو شيئا منه داخل في المأخوذ، و إما أن يعلم ذلك.

و على الثاني (6) فإما أن يعلم تفصيلا، و إما أن يعلم إجمالا.

++++++++++

(1) أي المسألة الثانية من المسائل التي ذكرها الشيخ في الخاتمة بقوله في ص 101: خاتمة تشتمل على مسائل.

(2) و هم الوزراء و الامراء و القواد و الحكام، و حكام البلاد و الولاة و كل من يخدم الدولة.

(3) كالمعاوضة بالبيع و الإجارة.

(4) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: جوائز السلطان.

(5) و هو العلم بوجود مال الحرام في أموال السلطان يصلح أن يكون المأخوذ من جملته.

(6) و هو العلم بأن مال الحرام أو شيئا منه داخل في الجائزة المأخوذة من السلطان.

ص: 123

فالصور أربع:
اشارة

فالصور أربع:

الصورة الأولى عدم العلم بأن في جملة أموال السلطان مالا محرما

أما الاولى (1) فلا إشكال فيها في جواز الأخذ، و حليّة التصرف للأصل (2)، و الإجماع، و الأخبار الآتية.

لكن ربما يوهم بعض الأخبار أنه يشترط في حل مال الجائر ثبوت مال حلال له: مثل ما عن الاحتجاج عن الحميري أنه كتب الى صاحب الزمان عجل اللّه فرجه يسأله عن الرجل يكون من وكلاء الوقف مستحلا (3) لما في يده لا يتورع عن أخذ ماله (4) ربما نزلت في قريته و هو فيها أو ادخل منزله و قد حضر طعامه فيدعوني إليه فان لم آكل عاداني عليه فهل يجوز لي أن آكل من طعامه، و أتصدق بصدقة (5) و كم مقدار الصدقة؟

و إن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فيدعوني إلى أن أنال منها و أنا أعلم أن الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده (6) فهل علي فيه شيء إن أنا نلت منها (7)؟

++++++++++

(1) أي الصورة الاولى من الصور الأربعة: و هو عدم العلم بأن في جملة أموال السلطان مالا محرما يصلح أن تكون الجوائز المأخوذة من تلك الأموال.

(2) الظاهر: أن المراد من الأصل الإباحة.

(3) المراد من مستحلا لما في يده: هو الوقف أي يستحل أكله و التصرف فيه بأقسامه، و عدم صرفه في الجهات المختصة للوقف.

(4) أي عن أخذ مال الوقف لنفسه، و صرفه لجهاته الشخصية.

(5) أي عوضا عما أكلته في دار الرجل الذي من وكلاء الوقف الذي يستحل أكل الوقف، و لا يتورع عن أخذ ماله.

(6) أي من تلك الهدية التي أهداها وكيل الوقف إلى رجل آخر.

(7) و هو الوقف، أي لا يبالي الرجل الذي من وكلاء الوقف من أخذ نماء الوقف و صرفه لجهاته الشخصية.

ص: 124

الجواب إن كان لهذا الرجل (1) مال، أو معاش غير ما في يده فكل طعامه، و اقبل برّه، و إلا (2) فلا، بناء على أن الشرط في الحلية هو وجود مال آخر (3) فاذا لم يعلم به لم يثبت الحل.

لكن هذه الصورة (4) قليلة التحقق.

الصورة الثانية علم الآخذ بوجود مال حرام للسلطان في جملة أمواله يصلح أن تكون الجائزة منه، لكنه لا يعلم تفصيلا

و أما الثانية (5) فان كانت الشبهة فيها غير محصورة فحكمها كالصورة الاولى (6).

++++++++++

(1) الذي هو من وكلاء الوقف و لا يتورع عن أخذ نماء الوقف لنفسه.

(2) أي و إن لم يكن للرجل المذكور مال سوى الوقف المذكور فلا يجوز لك أن تأكل من أمواله، أو تقبل هديته.

(وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 160. الباب 51. الحديث 15.

فقوله عليه السلام: إن كان لهذا الرجل مال، أو معاش غير ما في يده صريح في أنه يشترط في حلية مال الجائر ثبوت مال حلال في أمواله حتى يجوز أخذ جوائزه.

(3) أي مال حلال آخر غير تلك الأموال.

(4) و هي الصورة التي لا يعلم بأن للظالم مالا حلالا، إذ لا يمكن خلو أموال السلطان من المال الحلال.

(5) أي الصورة الثانية من الصور الأربعة التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 124 فالصور أربع: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام للسلطان في جملة أمواله يصلح أن تكون الجائزة منه، لكنه لا يعلم تفصيلا أن هذه الجائزة من ذاك المال الحرام.

(6) أي في عدم وجوب الاجتناب عن الجائزة المهداة من قبل السلطان.

بل له الأخذ، لأن وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة مستلزم للعسر و الحرج المنفي في قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .

ص: 125

و كذا (1) اذا كانت محصورة بين ما لا يبتلي المكلف به، و بين ما من شأنه (2) الابتلاء به كما إذا (3) علم أن الواحد المردد بين هذه

++++++++++

(1) أي و كذا لا يجب الاجتناب عن الشبهة المحصورة إذا كان بعض أطرافها خارجا عن محل الابتلاء كما إذا كان أحدهما نجس و قد اشتبه بالطاهر.

لكن أحدهما في (النجف الأشرف) و الثاني في (القاهرة) و الذي في القاهرة و هو احد أطراف الشبهة خارج عن محل ابتلاء المكلف الذي في (النجف الأشرف).

ففي هذه الصورة لا يجب الاجتناب على المكلف عن الآنية الموجودة عنده في (النجف الأشرف)، لعدم تنجز الخطاب بالتكليف هنا، فإن الخطاب بالاجتناب عن ذلك لا يحسن إلا على وجه التعليق و التقييد بقوله:

إذا اتفق لك الابتلاء بذلك كالعارية، أو التملك، أو الإباحة، و الخطاب يجب أن يكون منجزا، و خروج أحد الأطراف عن محل الابتلاء يمنع تنجز الخطاب، لاحتمال كون الخارج عن محل الابتلاء هو النجس الواقعي أو الحرام الواقعي فلا يمكن تعلق النهي به.

(2) و لا يخفى أن في العبارة تسامحا، فان شأنية الابتلاء لا تصحح الخطاب، فإن معنى الشأنية أن هذا الفرد ليس محل الابتلاء في الحال الحاضر، بل يمكن أن يكون محل الابتلاء في المستقبل و الحال أن الشبهة المحصورة لا بد أن يكون أحد أطرافها محل ابتلاء المكلف فعلا.

(3) هذا مثال للشبهة المحصورة التي أحد أطرافها محل الابتلاء فالمثال صحيح، لكن التسامح في العبارة.

و حاصل المثال أنه لو كان للسلطان جاريتان فرضا احداهما من نسائه و قد صارت أم ولد له فهي خارجة عن محل الابتلاء و أطراف الشبهة المحصورة و ثانيتهما أهداها لأحد رجال دولته و قد صارت له ثم إن المهدى له -

ص: 126

الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

و ذلك (1) لما تقرر في الشبهة المحصورة: من اشتراط تنجز تعلق التكليف فيها (2) بالحرام الواقعي بكون (3) كل من المشتبهين بحيث يكون التكليف بالاجتناب عنه منجزا لو فرض كونه (4) هو المحرّم الواقعي

++++++++++

- يعلم اجمالا أن احدى الجاريتين غصبية ففي هذه الحالة لا يجب عليه الاجتناب عن الحرام المردد بين الجارية المهداة له، و بين الجارية التي من نساء السلطان:

بترك الجارية المهداة له، لعدم تنجز العلم الإجمالي هنا و الخطاب يجب أن يكون منجزا.

و المراد من الجائزة الجارية المهداة.

و مرجع الضمير في نسائه السلطان.

(1) تعليل لعدم وجوب الاجتناب عن الطرف الواقع محلا للابتلاء أي و عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة الخارج بعض أطرافها عن محل الابتلاء: لأجل ما تقرر في الشبهة المحصورة: من أن وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين يشترط فيه تنجز التكليف عن الحرام الواقعي على كل تقدير، سواء أ كان هو محل الابتلاء أم الخارج، و الحال ليس الأمر كذلك، لأن ما خرج عن الابتلاء لا يصح فيه التكليف لو كان هو الحرام الواقعي.

(2) أي في الشبهة المحصورة الخارج بعض أطرافها عن محل الابتلاء

(3) الباء بيان لاشتراط تنجز التكليف بالحرام الواقعي على كل تقدير و قد عرفت الاشتراط المذكور، أي و يشترط في تنجز التكليف بالحرام الواقعي في العلم الاجمالي: الفعلية.

(4) أي كون كل من المشتبهين المحصورتين كما عرفت.

ص: 127

لا مشروطا (1) بوقت الابتلاء المفروض انتفاؤه في أحدهما (2) في المثال فان التكليف غير منجز بالحرام الواقعي (3) على أي تقدير، لاحتمال كون المحرم (4) في المثال هي أمّ الولد، (5) و توضيح المطلب في محله (6).

++++++++++

(1) أي لا يكون تنجز تعلق التكليف مشروطا بوقت الابتلاء و مقيدا به.

(2) أي انتفاء تنجز الفعلي في أحد المشتبهين الخارج عن محل الابتلاء كالمثال الذي ذكره الشيخ في ص 126 بقوله: كما إذا علم أن الواحد المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

(3) و هو المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولد السلطان المعدودة من خواصه و قد صارت أم ولد له، سواء علمنا الحرام الواقعي علما تفصيليا أم اجماليا.

(4) و هو المحرم الواقعي المردد بين الشيئين.

(5) و هي الخارجة عن محل الابتلاء فعلا، لعدم الطريق إليها.

لكن من المحتمل الوصول إليها يوما ما كما عرفت.

(6) أي توضيح كون شرط تنجز التكليف في العلم الاجمالي منوطا على التنجز الفعلي مذكور في محله.

راجع (فرائد الاصول الرسائل لشيخنا الأعظم الأنصاري) مبحث الاشتغال عند قوله: الثالث وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنما هو مع تنجز التكليف بالحرام الواقعي على كل تقدير إلى آخر ما أفاده هناك فقد اشبع الكلام فيه و اسهب: من حيث تنجز علم الاجمالي و عدمه و أقسامه و من خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء، و أن التنجز في أيّ قسم منها قدس اللّه نفسه الزكية.

ص: 128

ثم إنه صرح جماعة بكراهة الأخذ (1)، و عن المنتهى الاستدلال له (2) باحتمال الحرمة، و بمثل (3) قوله عليه السلام: دع ما يريبك، و قولهم (4) عليهم السلام: من ترك الشبهات نجا من المحرمات إلى آخر الحديث.

و ربما يزاد على ذلك (5): بأن أخذ المال منهم يوجب محبتهم فان القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، و يترتب عليها (6) من المفاسد ما لا يخفى.

++++++++++

(1) أي كراهة أخذ جوائز السلطان في الصورة الثانية: و هو علم الآخذ بأن للسلطان مالا محرما في أمواله، لكنه لا يعلم أن هذه الجائزة من ذلك المال المحرم.

(2) أي لكراهة أخذ جوائز السلطان باحتمال الحرمة في الأخذ، و هذا الاحتمال يكفي في الحكم بالكراهة، و الباء في باحتمال الحرمة بيان للاستدلال.

(3) أي و استدلوا على كراهة أخذ جوائز السلطان بمثل قوله عليه السلام راجع (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 127. الباب 12 من أبواب صفات القاضي. الحديث 56.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: و بمثل قوله: أي و استدلوا على الكراهة بمثل قول (الأئمة المعصومين) صلوات اللّه و سلامه عليهم

راجع (من لا يحضره الفقيه). طباعة مطبعة النجف. الجزء 3:

ص 6. الباب 9. آداب القضاء. الحديث 2.

(5) أي و ربما يزاد على الاستدلال بكراهة أخذ الجوائز من السلطان

(6) أي على هذه المحبة المتولدة من أخذ الجائزة.

و لا يخفى أن التعليل المذكور بعينه جار في الصورة الاولى أيضا: و هو عدم علم آخذ الجائزة من السلطان أن في أموال السلطان مالا محرما يصلح أن تكون الجائزة منها، بل ربما يجري في المال الحلال القطعي أيضا.

ص: 129

و في الصحيح (1): أن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله.

و ما (2) عن الامام الكاظم عليه السلام من قوله: لو لا أني أرى من ازوجه من عزاب آل أبي طالب، لئلا ينقطع نسله ما قبلتها أبدا.

ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بامور:

(منها): إخبار المجيز (3) بحليته: بأن يقول: هذه الجائزة من تجارتي، أو زراعتي، أو نحو ذلك (4) مما يحل للآخذ التصرف فيه.

و ظاهر المحكي عن الرياض تبعا لظاهر الحدائق أنه مما لا خلاف فيه (5).

و اعترف ولده (6) في المناهل: بأنه لم نجد له (7) مستندا، مع أنه

++++++++++

(1) أي و في الحديث الصحيح.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 128. الباب 42 الحديث 5.

(2) مجرور محلا عطفا على قوله: و في الصحيح اي و في الحديث الوارد عن الامام (موسى الكاظم) عليه السلام.

راجع نفس المصدر. ص 159. الحديث 11. الباب 51.

(3) و هو السلطان الجائر المعطي للجائزة ثم يخبر أنها حلال.

(4) من الوجوه المحللة لأخذ الجائزة كالإرث و الهبة.

(5) أي لا خلاف بين الفقهاء في أن إخبار المجيز بكون الجائزة من تجارتي يرفع كراهة أخذ الجوائز.

(6) أي ولد صاحب الرياض و هو (السيد المجاهد الطباطبائي) مضى شرح حياته في مقدمة الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة.

ص 90-91-98 في حياة الشيخ عند ذكر أساتذته.

(7) أي لرفع الكراهة بإخبار المجيز.

ص: 130

لم يحك (1) التصريح به إلا عن الأردبيلي، ثم عن العلامة الطباطبائي.

و يمكن (2) أن يكون المستند ما دل على قبول قول ذي اليد فيعمل بقوله (3) كما لو قامت البينة على تملكه (4).

و شبهة (5) الحرمة و إن لم ترتفع بذلك، إلا أن الموجب للكراهة

++++++++++

(1) هذه الجملة: (مع أنه لم يحك التصريح به إلا عن الأردبيلي) (لشيخنا الأنصاري، لا للسيد المجاهد).

و مرجع الضمير في أنه: الشأن، يحك بصيغة المجهول.

و مرجع الضمير في به: رفع الكراهة، أي لم يحك التصريح برفع الكراهة إلا عن (المقدس الأردبيلي و السيد الطباطبائي) فقط.

(2) من هنا كلام (الشيخ) أي يمكن أن يكون مستند رفع الكراهة

(3) معنى العمل بقوله ترتب الآخذ آثار الملكية على المأخوذ:

من جواز أنواع التصرف فيه.

(4) أي على تملك المجيز لهذه الجائزة فكما أن البينة تثبت ملكية المجيز لو قامت على ذلك.

كذلك ادعاء ذي اليد ملكية شيء يثبت ملكية ذلك الشيء.

(5) المراد من الشبهة هنا الاحتمال.

و الدليل على ذلك قول (الشيخ الأنصاري) في سياق هذا الكلام:

ليس مجرد الاحتمال، و المعنى أن احتمال الحرمة و إن لم ترتفع في الواقع و نفس الأمر إذا كان مستند قول صاحب الجائزة ما دل على قبول قوله لبقاء الاحتمال المذكور و لا سيما في عصرنا الحاضر الذي لا يبالي المسلمون في تحصيل المال من أي وجه حصل، بل نرى كثيرا من المسلمين مع علمهم بحرمة المال يقدمون على أخذه و تحصيله.

ص: 131

ليس مجرد الاحتمال، و إلا (1) لعمت الكراهة اخذ المال من كل أحد بل الموجب له (2) كون الظالم مظنة الظلم و الغصب، و غير متورع عن المحارم

نظير كراهة سئور من لا يتوقى النجاسة (3)، و هذا المعنى (4) يرتفع بإخباره، إلا إذا كان خبره كيده مظنة للكذب (5)، لكونه ظالما غاصبا فيكون خبره حينئذ كيده، و تصرفه غير مفيد إلا للإباحة الظاهرية غير المنافية للكراهة فيختص الحكم يرفع الكراهة بما إذا كان مأمونا في خبره.

و قد صرح الأردبيلي بهذا القيد (6) في إخبار وكيله.

و بذلك (7) يندفع ما يقال:

++++++++++

(1) أي و لو كان الموجب للكراهة مجرد احتمال الحرمة لاختل النظام لمجيء هذا الاحتمال في مال كل أحد فيكره أخذه، و ليس الأمر كذلك.

(2) أي لكراهة أخذ جوائز السلطان.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 1.

ص 47. التعليقة رقم 1.

(4) و هو كون الظالم مظنة للظلم و الغصب، و غير متورع عن المحارم

(5) لا يخفى أن كون يده ملوثة بالظلم و الغصب و أنه غير متورع عن المحارم لا يستلزم كون إخباراته و أقواله ملوثة بالكذب، إذ رب شخص يكون ظالما و ليس بكاذب، و رب شخص يكون كاذبا و ليس ظالما غاصبا فقد يجتمعان و قد يفترقان.

نعم يمكن تلويث الأقوال من ناحية اخرى.

(6) و هو كون وكيل الظالم مأمونا عن الكذب في أقواله.

(7) أي و بالقيد المذكور يندفع الاشكال الوارد.

هذا دفع وهم حاصله: أنه لا فرق بين اليد، و بين الإخبار في كون كل منهما مفيدا للملكية الظاهرية فلما ذا خصصتم رفع الكراهة عن جوائز -

ص: 132

من (1) أنه لا فرق بين يد الظالم و تصرفه، و بين خبره في كون كل منهما مفيدا للملكية الظاهرية غير (2) مناف للحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط فلا وجه لوجود الكراهة الناشئة عن حسن الاحتياط مع اليد، و ارتفاعها

++++++++++

- السلطان بإخبار الظالم دون تصرفاته؟

فرفع الكراهة كما يجري في إخبار الظالم.

كذلك يجري في تصرفاته من دون فرق بين الإخبار و التصرف.

(1) كلمة من بيان للإشكال المذكور الذي عبرنا عنه بالوهم و قد عرفته آنفا في الهامش 7. ص 132.

و قد أجاب الشيخ عن الوهم المذكور بالقيد المذكور: و هو كون الظالم مأمونا عن الكذب في إخباراته و أقواله

و حاصل الجواب أن القيد المذكور هو الفارق بين إخبار الظالم و بين تصرفاته، حيث ترتفع الكراهة عن أخذ جوائزه بإخباره، لكونه مأمونا عن الكذب. و لا ترتفع الكراهة عن الجائزة التي في يده، و تحت تصرفه، لعدم كونه مأمونا عن الظلم.

فلو قال الظالم: هذه الجائزة من ملكي الخاص و من مالي الحلال الذي ملكته بالوجه الصحيح الشرعي صدّق و اخذت الجائزة، لعدم الكراهة هنا، لكونه مأمونا عن الكذب.

و لا يخفى أن الظالم إذا كان مأمونا في تصرفاته اخذت الجائزة منه أيضا لوحدة الملاك و المناط في كليهما.

(2) منصوب على الحالية لكلمة الملكية الظاهرية أي حال كون الملكية الظاهرية لا تنافي الحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط الذي هو طريق النجاة.

ص: 133

مع الإخبار. فتأمل (1).

(و منها) (2): إخراج الخمس منه حكي عن المنتهى و المحقق الأردبيلي، و ظاهر الرياض هنا (3) أيضا عدم الخلاف.

و لعله (4) لما ذكر في المنتهى في وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال: أن (5) الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام، فمحتمل الحرمة

++++++++++

(1) لعل وجهه: أن في رفع الكراهة عن إخبار الظالم يجتمع سببان.

و هما: اليد. و الإخبار و اليد مؤيدة للإخبار فيكون العامل و الداعي في رفع الكراهة أقوى و آكد.

بخلاف ما إذا كانت اليد وحدها فيضعف عامل رفع الكراهة، فبهذا تحصل الكراهة في تصرفات الظالم فلا ترتفع فيها فهذا هو الموجب للفرق بين إخبار الظالم، و بين تصرفاته.

(2) أي و من الامور التي تكون موجبة لرفع كراهة أخذ جوائز السلطان إخراج خمس المأخوذ من السلطان.

(3) أي في باب إخراج الخمس من مال السلطان.

(4) أي و لعل رفع الكراهة في أخذ جوائز السلطان لأجل ما ذكره العلامة في المنتهى في وجه استحباب إخراج الخمس عن جائزة السلطان.

(5) هذا وجه ما ذكره العلامة في استحباب إخراج الخمس من جوائز السلطان.

و خلاصته أن المال الحلال المختلط مع المال الحرام القطعي الذي حرمته قطعية و مسلمة إذا كان إخراج الخمس منه موجبا لحليته و طهارته فيجوز التصرف فيه، لكون القذارة فيه عرضية جاءته من قبل الاختلاط مع المال الحرام و تلوثه به: فالمال الحلال المختلط مع المال المحتمل حرمته أولى بالحلية و الطهارة إذا اخرج خمسه، لأن معنى طهارة الشيء بالخمس جعل المال -

ص: 134

أولى بالتطهير به، فان مقتضى الطهارة بالخمس صيرورة المال حلالا واقعيا فلا يبقى حكم (1) الشبهة كما لا يبقى في المال المختلط يقينا بعد إخراج الخمس.

نعم يمكن الخدشة في أصل الاستدلال (2): بأن (3) الخمس إنما يطهر المختلط بالحرام، حيث إن بعضه حرام و بعضه حلال فكأن الشارع جعل الخمس بدل ما فيه من الحرام فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس مما فيه من الحرام (4) فكان مقدار الحلال (5) طاهرا في نفسه إلا أنه قد تلوث بسبب الاختلاط مع الحرام فصار محكوما بحكم الحرام: و هو وجوب الاجتناب، فاخراج الخمس مطهر له (6) عن هذه القذارة

++++++++++

- حلالا واقعيا من دون أن يبقى حكم الشبهة و هو وجوب الاجتناب عن هذا المال الحلال المختلط مع الحرام المحتمل كما لا يبقى حكم الشبهة في المال الحلال المختلط مع المال الحرام الواقعي بعد إخراج خمسه.

(1) المراد من حكم الشبهة هو وجوب الاجتناب كما عرفت.

(2) و هو استدلال العلامة بأولوية طهارة المال الحلال المختلط مع المال المشكوك الحرمة.

(3) الباء بيان لكيفية الخدشة في أصل الاستدلال و قد ذكرها الشيخ في المتن فلا نعيدها.

(4) أي الذي لا يعلم كميته.

(5) أي الذي لا يعلم كميته أيضا.

(6) أي لهذا المال المختلط بالحرام الواقعي القطعي فيرتفع عنه وجوب الاجتناب الذي جاء من قبل الشارع فيكون جائز التصرف، لأن قذارته عرضية نشأت من اختلاط المال الحلال بالمال الحرام الواقعي فإخراج الخمس منه تزول تلك القذارة العرضية.

ص: 135

العرضية (1).

و أما المال المحتمل (2) لكونه بنفسه حراما و قذرا ذاتيا فلا معنى لتطهيره بإخراج خمسه، بل (3) المناسب لحكم الأصل حيث جعل الاختلاط قذارة عرضية: كون (4) الحرام قذر العين، و لازمه (5) أن المال المحتمل

++++++++++

(1) إلى هنا كان الكلام في المال الحلال المختلط مع المال الحرام الواقعي.

(2) أي المال المحتمل كله حلالا، و المحتمل كله حراما كما فيما نحن فيه و هي الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر و التي ليس بعضها حلالا و بعضها حراما قد اختلطا و تلوث الحلال بالحرام و اشتبه به و سرت القذارة من الحرام إلى الحلال حتى يمكن تطهيره بإخراج الخمس منه، لأن أموال السلطان بنفسها حرام و قذر ذاتي فلا معنى لتطهيره باخراج الخمس منه.

(3) هذا ترق من الشيخ عما أفاده: من عدم إمكان المجال للأولوية في المال الحلال المختلط مع المال الحرام المحتمل.

و خلاصته: أن هنا شيئين: مقيسا عليه و هو الحلال المختلط مع الحرام القطعي المعبر عنه بالأصل الذي كانت قذارته عرضية كما عرفت.

و مقيسا و هو الحلال المختلط مع الحرام المحتمل، فالمناسب حينئذ لحكم الأصل الذي هو المقيس عليه و الذي جعل الاختلاط فيه قذارة عرضية كون الحرام قذر العين أي عين الحرام و شخصه قذرا، و لازم هذه القذارة العينية أن المال المحتمل الحرمة الذي هو المقيس غير قابل للطهارة بسبب إخراج الخمس منه فلا بد من الاجتناب عنه.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: بل المناسب.

(5) أي و لازم كون الحرام قذر العين كما عرفت.

ص: 136

الحرمة غير قابل للطهارة فلا بد من الاجتناب عنه (1).

نعم (2) يمكن أن يستأنس، أو يستدل على استحباب الخمس (3) بعد فتوى النهاية التي هي كالرواية ففيها كفاية في الحكم بالاستحباب.

و كذلك فتوى السرائر مع عدم العمل فيها (4) إلا بالقطعيات:

بالموثقة (5) المسئول فيها عن عمل السلطان يخرج فيه (6) الرجل؟

قال عليه السلام: لا (7) إلا أن لا يقدر على شيء يأكل و يشرب (8)

++++++++++

(1) أي عن هذا المال المحتمل كله حرام، أو كله حلال، لعدم وجود الحلال فيه أصلا كما عرفت آنفا.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من أن لازم كون الحرام قذر العين أن لا يكون قابلا للطهارة، و أنه واجب الاجتناب.

(3) أي لهذا المال المحتمل كله حرام، و المحتمل كله حلال.

(4) خلاصته أن فتوى (ابن ادريس) في كتابه السرائر باستحباب اخراج الخمس من المال المحتمل كله حرام، أو كله حلال مع أنه لا يعمل في السرائر إلا بالأخبار القطعية الصدور إما بالتواتر، أو بكونها محفوفة بالقرائن الخارجية، لعدم حجية أخبار الآحاد عنده.

و كذا فتوى صاحب النهاية باستحباب المذكور التي تعد فتواه فيها كالرواية من حيث الحجية: كافيتان في حجية الاستحباب المذكور.

لكن مع ذلك لنا موثقة في المقام نستدل بها على المدعى.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: يستأنس، أو يستدل أي يستدل بالموثقة على المدعى كما عرفت آنفا.

(6) أي في عمل السلطان بأن يكون عاملا عنده في شئونه الإدارية.

(7) أي لا يجوز للرجل أن يدخل في عمل السلطان.

(8) فإنه يجوز له حينئذ أن يدخل في عمل السلطان الجائر بشرط اخراج الخمس من المال المتخذ من السلطان تجاه عمله الذي قام به للسلطان.

ص: 137

و لا يقدر على حيلة (1) فان فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت (2)، فان موردها و إن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه، و بين ما يقع في اليد على وجه الجائزة (3)

و يمكن أن يستدل له (4) أيضا بما دل على وجوب الخمس في الجائزة مطلقا (5) و هي عدة أخبار مذكورة في محلها (6).

و حيث إن المشهور غير قائلين بوجوب الخمس في الجائزة حملوا تلك الأخبار (7) على الاستحباب.

ثم إن المستفاد مما تقدم: من اعتذار (8) الإمام الكاظم عليه السلام

++++++++++

(1) أي و قد انسدت عليه طرق الإعاشة جمعاء، و ليس له مدخل للارتزاق إلا الدخول في عمل السلطان.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 141. الحديث 3.

الباب 48 من أبواب ما يكتسب به.

(3) من قبل السلطان الجائر من غير بدل، أو يقع في يده بإزاء البيع، أو الشراء من السلطان.

(4) أي لاستحباب الخمس في المال المحتمل كله حلال، أو كله حرام.

(5) أي سواء أ كان معلوم الحرمة أم محتملها.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 349. الباب 8:

الحديث 5.

و ص 350. الحديث 7. و ص 351. الحديث 10.

ثم لا يخفى أن أخبار الباب بعضها بلفظ الجائزة، و بعضها بلفظ الهدية.

(7) و هي التي أشرنا إليها في الهامش 6.

(8) المراد من الاعتذار تعليل الإمام عليه السلام عن أخذه جوائز -

ص: 138

من قبول الجائزة بتزويج عزاب الطالبيين لئلا ينقطع نسلهم، و من غيره (1):

أن الكراهة ترتفع بكل مصلحة هي أهم في نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة.

++++++++++

- (هارون الرشيد) بقوله: لو لا أني أرى من أزوجه من عزّاب آل (أبي طالب).

و ليس المراد من الاعتذار معناه الظاهري، إذ لا يتصور ذلك في حق الإمام، لأن له الولاية التشريعية بقوله عز من قائل: «أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ» فله أنحاء التصرف في الأنفس و الأموال و لا سيما إذا كانت الأموال مجهول المالك كأموال الخلفاء و الملوك في العصرين: (الاموي و العباسي).

كما أن له الولاية التكوينية بقوله جل اسمه:

«إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ» (1) .

و هذه الولاية بعينها هي الولاية التكوينية في (اللّه و رسوله الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

لكن مع فرق في (اللّه و الرسول و الامام)، حيث إن الولاية في اللّه عز اسمه ذاتية، و في الرسول و الامام إفاضية تفاض عليهما من قبل المولى الجليل جل جلاله و عم نواله، لما لهما من المقام الشامخ الرفيع المعطى لهما من حضرة الرب العظيم بقوله جل جلاله: «إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» .

و الإرادة هذه إرادة تكوينية يستحيل فيها تخلف المراد عن الإرادة.

(1) أي و من غير هذا الحديث الوارد في المقام.

ص: 139


1- الآية.

و يمكن أن يكون اعتذاره (1) عليه السلام اشارة إلى أنه لو لا صرفها (2) فيما يصرف فيه المظالم المردودة (3) لما قبلها فيجب (4)، أو ينبغي أن يأخذها ثم يصرفها في مصارفها.

++++++++++

(1) أي اعتذار الامام الكاظم عليه السلام.

(2) أي لو لا قصد الإمام عليه السلام من أخذ الجائزة صرفها في مواردها و هو تزويج عزاب (آل أبي طالب).

(3) كلمة المردودة صفة للمظالم أي المظالم التى ترد إلى أهلها.

و المراد من المظالم الأموال المشتبهة المجتمعة عند الإنسان من أشخاص متعددين، أو شخص واحد لا يعرفون بشخصهم و هويتهم فتصرف هذه الأموال بعد الفحص المقرر في الشريعة الإسلامية و اليأس عن أربابها:

للفقراء صدقة عن صاحبها.

ثم هذا الصرف يكون باذن من الحاكم الشرعي.

أو تقدم للحاكم الشرعي حتى يصرفها هو بنفسه للفقراء و في مصارفهم حسب رأيه و اختياره.

ثم إن ظهر صاحبها بعد أن صرفها فالأقوال عند الفقهاء مختلفة.

فمنهم من يقول بعدم ضمان للمعطي لهذه الأموال، لأنه كان مجازا في صرفها من الشارع.

و منهم من يقول بالضمان مع أنه كان مأذونا من قبل الشارع.

(4) أي على الإمام عليه السلام إذا كانت أموال السلطان معلوم الحرمة أو ينبغي للإمام عليه السلام إذا كانت أمواله محتمل الحرمة أن يأخذ تلك الجوائز فيصرفها في مصارفها: من تزويج عزاب (آل أبي طالب)، و غيره حسب رأيه عليه السلام.

ص: 140

و هذه الفروع (1) كلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة.

و المتفق عليه (2) من صورها صورة عدم العلم بالحرام في ماله (3)

++++++++++

(1) المراد من الفروع: ما ذكره (الشيخ) في موضوع ارتفاع الكراهة في جوائز السلطان بقوله: ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بامور:

(منها): إخراج الخمس من الجائزة، فانه مطهر لها.

(و منها): إخبار شخص السلطان بحلية الجائزة أي هذه الفروع مترتبة على صورة إباحة أخذ الجائزة من السلطان الجائر، و بعد الفراغ عن اباحتها.

(2) أي المتفق عليه عند فقهائنا الإمامية من صور إباحة أخذ جوائز السلطان الجائر.

من هنا يريد الشيخ يذكر صور جواز أخذ جوائز السلطان: و هي أربعة، ثلاثة منها متفق عليها بين الفقهاء، و واحدة مختلف فيها.

فنحن نذكر كل واحدة من تلك الصور عند ما يذكرها الشيخ مع الاشارة التفصيلية من المتفق عليها و المختلف فيها.

ثم لا يخفى عليك أن هذه الصور الأربع غير الصور الأربع التي قسمها الشيخ و ذكر منها اثنتين في ص 123 بقوله: لا يخلو من أحوال، لأنه إما أن يعلم في جملة أموال هذا الظالم.

(3) هذه هي الصورة الاولى المتفق عليها بين الفقهاء في جواز أخذ الجائزة.

و لا يخفى أن الصورة هذه بعينها هي الصورة الاولى من الصور الأربع التي قسمها الشيخ و ذكرها بقوله: لا يخلو من أحوال فلا يدرى لما ذا ذكرها الشيخ و أفردها هنا مستقلة.

ص: 141

أصلا، أو العلم (1) بوجود الحرام مع كون الشبهة غير محصورة أو محصورة (2) ملحقة بغير المحصورة على ما عرفت.

و إن كانت (3) الشبهة محصورة بحيث تقتضي قاعدة الاحتياط لزوم

++++++++++

(1) هذه هي الصورة الثانية التي اتفق الفقهاء على جواز أخذ الجائزة فيها: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام في جملة أموال السلطان علما اجماليا، لكن الشبهة فيها غير محصورة بمعنى أن الحرام لا يستوعب جميع أموال السلطان، بل استوعب بعضها فهنا لا يتنجز العلم الإجمالي.

(2) هذه هي الصورة الثالثة التي اتفق الفقهاء على جواز أخذ الجائزة فيها: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام في أموال السلطان الجائر علما اجماليا و الشبهة محصورة، لكنها ملحقة بغير المحصورة كما في الثانية:

بأن كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء كما في المثال الذي ذكره الشيخ في ص 126 بقوله: و كذا لو كانت محصورة بين ما لا يبتلى المكلف به، و بين ما من شأنه الابتلاء به كما إذا علم أن الواحد المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

(3) هذه هي الصورة الرابعة و التي وقعت محل الخلاف بين الفقهاء في جواز أخذ الجائزة فيها: و هي الصورة الثالثة بعينها التي كانت الشبهة فيها محصورة.

و هذه الصورة و إن كانت قاعدة الاحتياط تقتضي فيها وجوب الاجتناب عن جميع أطراف الشبهة، لأن جميع أطراف الشبهة أصبحت محل الابتلاء و ليست خارجة عن دائرة الشبهة فالعلم الإجمالي هنا منجز للتكليف.

لكن مع ذلك كله فقد أفتى بعض الفقهاء بحلية أخذ جوائز السلطان الجائر في هذه الصورة كما ذكر ذلك (الشهيد الثاني) في المسالك -

ص: 142

الاجتناب عن الجميع (1)، لقابلية (2) تنجز التكليف بالحرام المعلوم اجمالا: فظاهر (3) جماعة المصرح به في المسالك و غيره الحل (4)، و عدم لحوق حكم الشبهة المحصورة هنا.

قال (5) في الشرائع: جوائز السلطان الجائر الظالم إن علمت حراما بعينها (6) فهو حرام، و نحوه (7) عن نهاية الأحكام و الدروس و غيرهما.

قال في المسالك: التقييد بالعين (8) اشارة إلى جواز أخذها إن علم اجمالا (9) أن في أمواله مظالم

++++++++++

- فقد أخذ الشيخ بذكر أسماء الفقهاء الذين أفتوا بذلك و قالوا بخروجها عن حكم الشبهة المحصورة.

(1) أي جميع أطراف الشبهة كما علمت.

(2) تعليل لوجوب الاجتناب عن الجميع.

و قد ذكرنا التعليل في الهامش 3 ص 142 عند قولنا: لأن جميع أطراف الشبهة.

(3) جواب للشرط المتقدم في قوله: و إن كانت الشبهة.

(4) أي حلية جوائز السلطان في هذه الصورة كما عرفت.

(5) من هنا أخذ الشيخ في نقل الأقوال الدالة على حلية جوائز السلطان في هذه الصورة، فهذا أول الأقوال.

(6) أي علما تفصيليا مانعا عن النقيض.

(7) أي و نحو ما في الشرائع، هذا ثاني الأقوال.

(8) أي تقييد صاحب الشرائع حرمة أخذ جوائز السلطان بالعين في قوله: إن علمت حراما بعينها، لأجل أن المراد من العلم العلم التفصيلي لا العلم الإجمالي.

(9) أي آخذ الجوائز إن علم اجمالا أن في أموال السلطان أموالا من المظالم و الحرام جاز له الأخذ.

ص: 143

كما هو (1) مقتضى حال الظالم، و لا يكون حكمها (2) حكم المال المختلط بالحرام في وجوب اجتناب الجميع، للنص (3) على ذلك. انتهى.

أقول (4): ليس في أخبار الباب ما يكون حاكما على قاعدة الاحتياط

++++++++++

(1) أي وجود المظالم و المال الحرام هو مقتضى حال السلطان الجائر لأن من شأنه أن يأخذ قهرا و يغصب و ينهب و يحبس و يقتل.

(2) أي حكم الجائزة المأخوذة من السلطان إن علم اجمالا أن في أمواله مظالم.

(3) تعليل لعدم وجوب الاجتناب عن جوائز السلطان الجائر و أن حكمها ليس حكم المال المختلط بالحرام و ان علم اجمالا أن في أمواله مظالم، أي لوجود النص الخاص على هذا الجواز.

أليك نص الحديث 5 المذكور في (الوسائل). الجزء 12.

ص 161-162. الباب 52 من أبواب شراء ما يأخذه الجائر.

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقة و غنم الصدقة و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

قال: فقال: ما الإبل إلا مثل الحنطة و الشعير، و غير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

و الرواية هذه و إن كانت واردة في الشراء، لكنه لا فرق بين الشراء و الجائزة، لشمول قوله عليه السلام: و غير ذلك الجائزة.

(4) من هنا يريد الشيخ النقاش مع (الشهيد الثاني) فيما أفاده:

من وجود النص على جواز أخذ جوائز السلطان و ان علم اجمالا بوجود مال حرام في جملة أمواله

و خلاصته: أنه لا يوجد في الأخبار الواردة في هذا الباب و هو باب -

ص: 144

في الشبهة المحصورة، بل هي مطلقة أقصاها (1) كونها من قبيل قولهم عليهم السلام: كل شيء لك حلال، أو كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال.

++++++++++

- جواز أخذ جوائز السلطان التي تذكر في ص 156-159: رواية تكون حاكمة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة الآمرة بوجوب الاجتناب عن أطرافها.

بل الأخبار الواردة في الباب كلها مطلقة و آبية عن حلية أخذ جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود الحرام فيها، إذ أقصى تلك الأخبار و أبعدها التي يمكن التمسك بها في المقام حسب زعم المستدل: قولهم عليهم السلام:

كل شيء لك حلال، أو كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال.

راجع حول الحديثين (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 59.

الباب 4. الحديث 1. و ص 60. الحديث 4

و هذان الحديثان و إن كانا يدلان على حلية كل شيء للمكلف حتى جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود الحرام فيها.

لكن مع ذلك كله ليس لتلك الأخبار حكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهات المحصورة فهي حصن حصين لا يضعضعها أي شيء فهي الحاكمة على تلك الأخبار.

(1) أفعل تفضيل مشتق من صيغة الفاعل قاص و هي مشتقة من قصا يقصو و زان دعا يدعو ناقص واوي: جمعه أقاص معناه البعد يقال: أقصى زيد فلانا عنه أي أبعده.

و المراد منه هنا كما عرفت آنفا عند قولنا: إذ أقصى تلك الأخبار:

أن أبعد تلك الأخبار و أقصاها الدالة على جواز أخذ جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود مال حرام في أمواله حسب زعم المدعي: الحديثان المذكوران آنفا.

ص: 145

و قد تقرر (1) حكومة قاعدة الاحتياط،

++++++++++

(1) أي في علم الاصول.

راجع (فرائد الاصول الرسائل لشيخنا الأنصاري) فقد اشيع الكلام هناك، إذ هو مبتكر قاعدة الحكومة و واضع حجرها الأساسي كما عرفت في حياته في الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 104-105 فراجع.

و لما انجر بنا الكلام إلى الحكومة لا بأس باشارة إجمالية إلى معناها ثم معنى التخصيص، ثم الفرق بين الحكومة و التخصيص، ثم معنى الورود ثم معنى التخصيص، ثم الفرق بينهما، ثم الفرق بين الورود و الحكومة.

فنقول مستعينا بواهب العطيات: الحكومة معناها حسب ما يفهم من مقصود العلماء: تقديم أحد الدليلين على الآخر تقديم سطوة و عنوة و سلطة و غلبة، و بهذه الجهة تسمى: ب (الحكومة)، و ليس تقديم دليل الحاكم على المحكوم من ناحية السند، أو من ناحية الحجية.

بل هما بعد التقديم على ما هما عليه من السند و الحجية بمعنى أنهما لا يتكاذبان في مدلولهما فلا تعارض بينهما من هذه الناحية و الجهة.

لكن التقديم من ناحية أدائية بحسب لسان الحاكم و المحكوم.

خذ لذلك مثالا:

لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء)، ثم قال: (الفاسق ليس بعالم) فالدليل الثاني يكون حاكما على الدليل الأول، لأن مفاده إخراج الفاسق عن صفة العلم تنزيلا، أي ينزل القائل الفسق منزلة الجهل و علم الفاسق منزلة عدم العلم.

و عليه فلا يبقى عموم للفظ العلماء حتى يشمل الفاسق العالم بحسب هذا الادعاء و التنزيل فلا يشمل الفاسق حكم العام، و لا يعطى له ما كان يعطى -

ص: 146

..........

++++++++++

للعلماء: من وجوب الإكرام، و أي شيء آخر يوجب امتيازه عن الآخرين.

هذا في العرفيات:

و أما في الشرعيات فقوله عليه السلام: لا شك لكثير الشك، و لا شك للمأموم مع حفظ الإمام، أو لا شك للامام مع حفظ المأموم، فإن هذه الأدلة تكون حاكمة على أدلة حكم الشك للشاك، لأن بيانها كما عرفت في المثال العرفي إخراج كثير الشك، و شك الإمام و المأموم، أو بالعكس عن إطار صفة الشك تنزيلا و ادعاء فمن حق هذه الأدلة أن لا يعطى لكثير الشك، و لا لشك الإمام و المأموم، أو بالعكس حكم الشاك: من بطلان صلاتهم، أو البناء على الأقل، أو الأكثر حسب أنواع الشك.

و أما معنى التخصيص فهي عبارة عن سلب حكم العام عن الخاص و إخراجه عن دائرة العموم، مع فرض بقاء العام على عمومه بعد التخصيص و شموله للخاص بحسب لسانه و ظهوره الذاتي فيكون دليل الخاص منافيا لعموم العام فيكونان متعارضين متكاذبين، إلا أن دليل الخاص أظهر من دليل العام فيقدم عليه، لبناء العقلاء على تقديم دليل الخاص على دليل العام فمن هنا نستكشف أن المتكلم الحكيم لما كان في مقام الجد و البيان لم يرد العموم من لفظ العام و إن كان ظاهر اللفظ العموم و الشمول، لحكم العقل بقبح ذلك من الحكيم بعد التخصيص.

خذ لذلك مثالا:

لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء) ثم قال بعد ذلك:

(لا تكرم الفاسق) فالقول الثاني يكون مخصصا للأول، لأن مفاده ليس إلا عدم وجوب اكرام الفاسق، مع بقاء صفة العلم له، و أنه عالم مع كونه فاسقا.

و أما الفرق بين الحكومة و التخصيص: أن دليل الحكومة لا يكون -

ص: 147

..........

++++++++++

- منافيا لدليل المحكوم، و ليس بينهما تناف و تعارض كما عرفت في المثال.

بخلاف دليل التخصيص، فإنه مناف لدليل العام فيكونان متنافيين متعارضين.

لا يقال: إن الحكومة و التخصيص كليهما يخرجان مدلول أحد الدليلين عن مدلول دليل الآخر فما الفرق بينهما؟

فإنه يقال: إن الاخراج في الحكومة تنزيلي على وجه لا يبقى ظهور ذاتي للعموم في الشمول كما عرفت في المثال.

و أن الإخراج في التخصيص حقيقي مع بقاء الظهور الذاتي للعموم كما عرفت في المثال.

ثم إن الحكومة على قسمين: قسم يضيق دائرة الموضوع كالأمثلة المتقدمة العرفية و الشرعية.

و قسم يوسع دائرته كما لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء) ثم قال عقيبه: (المتقي عالم) فهذا الدليل يكون حاكما على الدليل الأول و ليس فيه اخراج عن صفة العلم و العلماء.

بل في الدليل الثاني توسعة لدائرة العلم و العلماء ادعاء، ليشمل المتقي تنزيلا له منزلة العلماء، و التقوى منزلة العلم، فيعطى للمتقي ما يعطى للعلماء:

من الإكرام و التبجيل و التعظيم، و غير ذلك من الامور اللائقة بمقام العلم هذا في العرفيات.

و أما في الشرعيات فقوله عليه السلام: (الطواف في البيت صلاة) فتنزيل الطواف في البيت بمنزلة الصلاة: يعطي أن له في الثواب و الفضيلة ما لها، و أن له من الأحكام المناسبة للصلاة و التي تخصها من الشكوك.

و أما معنى الورود فهي عبارة عن خروج الشيء بالدليل عن موضوع -

ص: 148

..........

++++++++++

- دليل آخر كخروج دليل الإمارة عن أدلة الاصول العقلية، مثل البراءة و الاحتياط و قاعدة التخيير، فان دليل الإمارة وارد على تلك الأدلة و خارج عنها خروجا موضوعيا، لأن البراءة العقلية موضوعها و تحققها فقدان البيان الذي يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، فالدليل الدال على حجية الإمارة يعتبر الامارة بيانا تعبديا فاذا وجدت فلا يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، لأنها بيان تعبدا، و بهذا التعبد يرتفع موضوع البراءة العقلية الذي هو عدم البيان.

و كذا الحال في قاعدة الاحتياط، فان موضوعها و تحققها عند عدم المؤمّن من العقاب، لكنك قد عرفت أن الإمارة بمقتضى دليل حجيتها مؤمنة فيرتفع موضوع قاعدة الاحتياط الذي هو عدم المؤمن.

و هكذا قاعدة التخيير، فان موضوعها الحيرة و الدوران بين المحذورين لكنك قد عرفت أن الإمارة بمقتضى دليل حجيتها مرجحة لأحد الطرفين فيرتفع موضوع التخيير الذي هي الحيرة و الدوران بين المحذورين.

هذا معنى الورود.

لا يقال: إن بالتفسير الذي فسرتم الورود لا يبقى فرق بينه، و بين التخصص لأن التخصص خروج الشيء بالدليل عن موضوع دليل آخر خروجا حقيقيا كخروج الجاهل عن موضوع دليل (اكرم العلماء)، فان الجاهل خارج حقيقة و واقعا عن دائرة العلماء، لعدم الانسجام بين معنى العلم و الجهل فهما متضادان متنافران فبينهما تنافر كلي.

فإنه يقال: نعم الأمر كما ذكرتم، لكن هناك فرق واضح بين الورود و التخصص، فان خروج التخصص عن موضوع دليل آخر خروج تكويني أي بلا عناية تعبد من الشارع. -

ص: 149

على ذلك (1) فلا بد حينئذ (2) من حمل الأخبار (3) على مورد لا تقتضي

++++++++++

- و أما خروج دليل الورود عن موضوع دليل آخر فخروج تعبدي من الشارع فيكون الدليل الدال على التعبد واردا على الدليل المثبت لحكم موضوعه.

هذا معنى الورود، و معنى التخصص و الفرق بينهما

و أما الفرق بين الورود و الحكومة فأظن قد اتضح لك بعد هذا البيان و إن أبيت فقل: إن ورود أحد الدليلين على الآخر باعتبار كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر حقيقة.

لكن بعناية التعبد فيكون الأول واردا على الثاني.

بخلاف الحكومة، حيث إنها لا توجب خروج مدلول الحاكم حسا و على طريق الحقيقة عن موضوع مدلول المحكوم.

بل خروجه حكمي و تنزيلي بواسطة ثبوت المتعبد به اعتبارا.

هذا تمام الكلام في الحكومة و الورود، و التخصيص و التخصص و الفرق بين الحكومة و الورود و التخصيص و التخصص، و الحكومة و التخصيص و الورود و التخصص.

راجع اصول المظفر. الجزء 3. من ص 219 إلى 224

(1) أي على الأخبار المذكورة التي ذكرت في ص 145.

(2) أي حين أن قلنا بحكومة قاعدة الاحتياط على هذه الأخبار

من هنا يريد الشيخ أن يعالج هذه الأخبار، ليجمع بينها، و بين قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فيمهد طريقا للعلاج و الحل فحمل تلك الأخبار على أحد الموارد الآتية.

(3) و هي أخبار الجواز المشار إليها في ص 145.

ص: 150

القاعدة (1) لزوم الاجتناب عنه كالشبهة غير المحصورة (2)، أو المحصورة (3) التي لم يكن كل من محتملاتها موردا لابتلاء المكلف، أو على (4) أن ما يتصرف فيه الجائر بالإعطاء يجوز أخذه، حملا (5) لتصرفه على الصحيح

++++++++++

(1) و هي قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

(2) هذا أول الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور: و هو وجوب الاجتناب فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجوائز هذا الفرد.

(3) هذا ثان الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

و قد أشار الشيخ إلى هذا الفرد في ص 126 بقوله: و كذا إذا كانت محصورة.

و وجه خروجه عنها ان أحد أطراف الشبهة خارج عن محل ابتلاء المكلف كما عرفت.

(4) هذا ثالث الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة: فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

(5) تعليل لخروج المورد الثالث عن تحت حكم قاعدة الاحتياط.

و خلاصته: أن أفعال السلطان تحمل على الصحة، لكونه أحد المسلمين و المسلم بما أنه مسلم لا يقدم على الحرام.

ص: 151

أو لأن (1) تردد الحرام بين ما ملكه الجائر، و بين غيره: من قبيل (2) التردد بين ما ابتلى به المكلف، و ما لم يبتل به: و هو (3) ما لم يعرّضه الجائر لتمليكه فلا يحرم (4) قبول ما ملكه، لدوران (5) الحرام بينه و بين ما لم يعرضه لتمليكه، فالتكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي غير

++++++++++

(1) هذا رابع الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فهذا مورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

(2) هذا تنظير للحرام المردد بين ما ملكه الجائر، و بين غيره

و خلاصته: أن الحرام المراد في هذا المورد من قبيل النجس المردد بين محل ابتلاء المكلف به، و بين ما لم يبتل به.

فكما أن هناك لا يجب الاجتناب عن النجس الواقعي المردد بين ما ابتلى به المكلف، و بين ما لم يبتل به.

كذلك هنا لا يجب الاجتناب عن الحرام الواقعي المردد بين هذا و ذاك، لعدم تنجز العلم الإجمالي.

(3) تفسير لقوله: و بين غيره.

(4) أي على المكلف أخذ مثل هذه الجائزة، لعدم تنجز العلم الإجمالي كما عرفت.

(5) تعليل لعدم حرمة أخذ مثل هذه الجائزة

ثم لا يخفى عليك أن الفرق بين هذا المورد، و المورد الثالث مع أن كليهما من الشبهة المحصورة، و أن أحد أطراف الشبهة المحصورة خارج عن محل ابتلاء المكلف فهو كالشبهة غير المحصورة في الحكم، و لذا قال في ص 142: أو المحصورة ملحقة بغير المحصورة.

بخلاف المورد الرابع، فإن طرف الشبهة يكون تحت حيازة غيره.

ص: 152

منجز عليه (1) كما أشرنا إليه سابقا (2).

فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذكورة (3) كما (4) إذا

++++++++++

(1) أي على هذا المكلف.

(2) عند قوله في ص 126: و كذا إذا كانت محصورة بين ما لا يبتلى به المكلف.

(3) و هي الموارد الأربعة التي كانت خارجة عن حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة

و قد ذكرنا الموارد المذكورة في ص 141-142 تحت.

(4) هذا أول مورد داخل تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله الأخبار المذكورة الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

و كلمة (مقاصة) مضى شرحها لغة و اعلالا في الجزء 4 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 80 فراجع.

و معنى المقاصة: أن الدائن يأخذ من مال المدين بمقدار ما يطلبه عند ما ينكر المدين الدين، أو نسيه و لم يمكن للدائن اثبات دينه، أو مطالبته حتى يستوفي حقه.

و كذا عند مماطلة المدين الدائن مع يساره، و حلول وقت الدين فلا يجوز للدائن أخذ شيء من أموال السلطان الجائر عوضا عن طلبه و هو يعلم إجمالا بوجود مال الحرام في أمواله، للزوم العمل بقاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، لتنجز العلم الاجمالي هنا و إن كان يجوز للدائن أخذ شيء من أموال المدين في غير هذا المقام كما إذا كان بعض الأموال خارجا عن متناول يده فلا تشمله قاعدة الاحتياط حتى يجب الاجتناب عنه، لعدم تنجز العلم الاجمالي حينئذ فيجوز له الأخذ مقاصة.

ص: 153

أراد أخذ شيء من ماله مقاصة، أو اذن (1) له الجائر في أخذ شيء من أمواله على سبيل التخيير، أو علم (2) أن المجيز قد أجازه من المال المختلط في اعتقاده (3) بالحرام.

بناء (4) على أن اليد لا تؤثر في حل ما كلف ظاهرا بالاجتناب عنه

++++++++++

(1) هذا ثان الموارد الداخلة تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله تلك الأخبار الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، فلا يجوز للمكلف الأخذ من تلك الأموال التي تعطى له بعنوان الجائزة، لتنجز العلم الإجمالي هنا.

(2) هذا ثالث الموارد الداخلة تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله تلك الأخبار الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، فلا يجوز للمكلف التصرف في أموال الجائر و ان أجاز له التصرف، لعلم المجاز إجمالا بوجود مال حرام في جملة أموال السلطان حسب اعتقاد السلطان باختلاط مال الحرام في جملة أمواله.

(3) أي في اعتقاد الجائر كما عرفت.

(4) منصوب على المفعول لأجله و تعليل لعدم جواز التصرف من قبل الآخذ في الجائزة فهو دفع وهم في الواقع.

و حاصل الوهم: أن العلم الاجمالي في هذه الصورة منجز في حق المجيز الذي هو السلطان الجائر، لعلمه بكون أمواله مختلطا مع الحرام.

و أما الآخذ فلا تجري الحرمة في حقه، لحكومة يد المجيز على العلم الاجمالي، لكون يده يد صحة فيحمل فعله على الصحة فيجوز للمكلف أخذ الجائزة من هذه الأموال

فأجاب الشيخ رحمه اللّه عن الوهم ما حاصله: -

ص: 154

كما لو (1) علمنا أن شخصا أعارنا أحد الثوبين المشتبهين في نظره (2) فانه لا يحكم بطهارته (3)

فالحكم في هذه الصور (4) بجواز أخذ بعض ذلك (5) مع العلم بوجود الحرام فيه، و طرح قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة في غاية الاشكال، بل الضعف.

فلنذكر (6) النصوص الواردة في هذا المقام (7)، و نتكلم (8)

++++++++++

- إن يد الجائر ليست يد صحة، لعلم الآخذ بأن المجيز مأمور بالاجتناب عن أمواله فلا مجال للآخذ من حمل يده على الصحة.

(1) مثال لما إذا علم الآخذ أن المجيز قد اجازه من المال المختلط في اعتقاد الجائز.

(2) أي في نظر المعير بحيث كان مكلفا بالاجتناب عنهما، لعلمه الإجمالي بنجاسة أحدهما

(3) أي بطهارة أحد الثوبين المشتبهين في نظر المعير.

(4) و هي الصور الثلاث المذكورة في قول الشيخ في ص 153: كما إذا أراد أخذ شيء من أمواله مقاصة، أو اذن له الجائر بأخذ شيء من أمواله، أو علم الآخذ أن المجيز قد أجازه من المال المختلط بالحرام في اعتقاد المجيز.

(5) أي بعض أموال الجائر، مع علم الآخذ اجمالا بوجود الحرام في مال الجائر.

(6) من هنا يريد الشيخ أن يذكر الأخبار التي استدل بها الخصم على مقاومتها و حكومتها لقاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، ثم يأخذ في الرد عليها.

(7) و هو عدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة.

(8) أي ثم نتكلم في كمية دلالة عموم كل واحد من هذه النصوص -

ص: 155

في مقدار شمول كل واحد منها بعد ذكره حتى يعلم عدم نهوضها للحكومة على القاعدة.

فمن الأخبار التي استدل بها في هذا المقام قول الامام الصادق عليه السلام:

كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (1).

و قوله عليه السلام: كل شيء هو لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه (2).

و لا يخفى (3) أن المستند،

++++++++++

- حتى يعلم عدم قيامها و مقاومتها للحكومة على قاعدة الاحتياط.

و مرجع الضمير في نهوضها الأخبار الواردة.

و المراد من القاعدة قاعدة الاحتياط.

(1) هذه احدى الروايات المستدل بها على المدعى: و هو عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

(2) هذه ثانية الروايات المستدل بها على المدعى المذكور.

راجع حول الحديثين ص 145.

(3) من هنا أخذ الشيخ في الرد على الخبرين المستدل بهما على المدعى و خلاصة الرد: أن المدرك و المستند في مسألة جواز أخذ جوائز السلطان لو كان هذين الخبرين فالواجب علينا حينئذ أحد الامرين لا محالة.

إما الالتزام بأن الاصل و القاعدة في الشبهة المحصورة في جوائز السلطان عدم وجوب الاحتياط مطلقا، سواء أ كانت أطراف الشبهة خارجة عن محل ابتلاء المكلف أم لا، و سواء أ كانت الشبهة المحصورة دفعية أم تدريجية كما ذهب إليه قليل من المتأخرين.

و إما الالتزام بخروج جوائز السلطان فقط عن حكم قاعدة الاحتياط -

ص: 156

في المسألة (1) لو كان مثل هذا (2) لكان الواجب.

إما التزام أن القاعدة في الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتياط مطلقا (3) كما عليه شرذمة من متأخري المتأخرين.

أو أن مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب.

و على أي تقدير (4) فهو على طرف النقيض مما تقدم عن المسالك.

++++++++++

- في الشبهات المحصورة، و ابقاء هذه القاعدة على ما هي عليها، و عدم انخرامها في جميع الشبهات المحصورة.

هذا بناء على خروج هذه الجوائز عن مورد قاعدة الاحتياط عند الأصحاب، فانهم حينما يعنونون الشبهة المحصورة و يحكمون بوجوب الاجتناب فيها يخرجون جوائز السلطان عن حكمها، و يلتزمون بعدم وجوب الاجتناب عنها.

(1) أي مسألة جوائز السلطان كما عرفت آنفا.

(2) أي مثل هذين الخبرين كما عرفت آنفا.

(3) قد علمت معنى الاطلاق آنفا عند قولنا في ص 156: سواء أ كانت أطراف الشبهة.

(4) من هنا يريد الشيخ يناقش (الشهيد الثاني) فيما أفاده: من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فيجوز للمكلف أخذ جوائز السلطان و إن علم اجمالا أن في أمواله مالا حراما.

و خلاصته: أن حكمه بذلك مناقض لما تقدم عنه في المسالك، لأنه أفاد هناك بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، لتنجز العلم الإجمالي فيها.

ثم أفاد بخروج جوائز السلطان الظالم عن تحت قاعدة وجوب الاحتياط في الشبهات المحصورة، و أنه يجوز أخذ الجوائز، لعدم تنجز العلم الاجمالي -

ص: 157

..........

++++++++++

- فهذا هو التناقض و التهافت.

أما تناقض حكمه بخروج جوائز السلطان و حليتها عن قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عنها على التقدير الاول: و هو عدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة فواضح، حيث إنه لا يلتزم بعدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، بل قائل بوجوب الاجتناب عنها.

و أما تناقض حكمه بخروج جوائز السلطان و حليتها عن عنوانات الأصحاب حينما يعنونون الشبهات المحصورة، و يحكمون بوجوب الاجتناب عنها على التقدير الثاني: و هو تنجز العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة فواضح أيضا، حيث إنه، لم يقل بخروج الشبهة المحصورة عن عنوانات الأصحاب، و لم يلتزم بذلك هذا هو التناقض.

هذا ما أفاده الشيخ حول كلام (الشهيد الثاني) في المسالك.

لكن الانصاف أن ما أفاده (شيخنا الشهيد) في المسالك غير مناقض على التقدير الثاني، حيث إن خروج جوائز السلطان عن قاعدة الاحتياط إنما هو بالنص المذكور في ص 156.

و بصحيحة أبي ولاد الآتية في ص 159، فالخروج على التقدير الثاني بهذه النصوص المذكورة فهو لا ينافي اطلاقات عناوين الأصحاب في باب الشبهة المحصورة، و حكمهم بوجوب الاجتناب عنها.

هذا بالإضافة إلى أنه لم يتقدم في المقام عن الشهيد في المسالك ما يوجب التناقض، و لم يوجد في كتابه هذا التناقض.

راجع (المسالك). المجلد 2 كتاب البيع. الطبع الحجري عام 1283 ه.

ص: 158

(و منها) (1): صحيحة أبي ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم و أنا أمر به و انزل عليه فيضيفني و بحسن إليّ، و ربما أمر لي بالدراهم و الكسوة و قد ضاق صدري من ذلك (2)؟

فقال لي: كل و خذ منها فلك المهنّأ و عليه الوزر إلى آخر الخبر (3)

و الاستدلال بها (4) على المدعى لا يخلو عن نظر، لأن الاستشهاد إن كان من حيث حكمه عليه السلام بحلّ مال العامل المجيز للسائل (5) فلا يخفى أن الظاهر من هذه الرواية، و من غيرها من الروايات (6) حرمة ما يأخذه عمال السلطان بإزاء عملهم (7) له، و أن العمل للسلطان من المكاسب

++++++++++

(1) أي و من الأخبار التي استدل بها الخصم على جواز أخذ جوائز الظلمة.

(2) أي من ضيافة عامل السلطان، و اعطائه لي الدراهم و الكسوة

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 156. الباب 51 الحديث 1

(4) أي الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على المدعى: و هي إباحة جوائز السلطان الظالم.

(5) أي السائل عن الامام عليه السلام و هو الضعيف النازل على عامل السلطان.

(6) و هي الروايات الواردة في المقام.

راجع نفس المصدر. ص 135 الباب 45. الأحاديث.

(7) كما في صحيحة أبي ولاد في قوله عليه السلام: فلك المهنّأ و عليه الوزر، حيث إن الوزر لا يكون إلا إذا كان ما يأخذه العامل من السلطان حراما.

ص: 159

المحرمة، فالحكم (1) بالحل ليس إلا من حيث احتمال كون ما يعطى (2) من غير أعيان ما يأخذه من السلطان، بل مما اقترضه، أو اشتراه في الذمة.

و إما من (3) من حيث إن ما يقع من العامل بيد السائل لكونه

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ في قوله: فلا يخفى أن الظاهر من الرواية.

و خلاصة التفريع: أنه بعد القول بحرمة ما يأخذه عمال السلطان الجائر بإزاء عملهم له المستفادة من ظاهر قوله عليه السلام: و عليه الوزر فلا بد من حمل الحلية الواردة في قوله عليه السلام في الصحيحة: كل و خذ منه فلك المهنّأ: على محمل صحيح.

فنقول: للحلية احتمالان:

احتمال أن يكون ما يعطي العامل للسائل من الأموال التي اقترضها أو اشتراها في الذمة، حملا لفعله على الصحة، لا من أعيان المال المأخوذة من السلطان الجائر حتى يقال: كيف حكم الامام عليه السلام بحلية هذه الجائزة.

و لا يخفى مخالفة هذا الاحتمال المذكور لظاهر الرواية، حيث إن ما يشتريه العامل، أو ما يستقرضه في الذمة ليس فيه وزر حتى يقول الامام عليه السلام و عليه الوزر.

فالوزر الوارد في الرواية إنما يكون في أموال السلطان الجائر المشتبهة بالحرام، فالاستدلال بالرواية خارج عما نحن بصدده: و هي حلية ما يأخذه السائل من عمال السلطان.

(2) بصيغة الفاعل أي عامل السلطان

(3) هذا هو الاحتمال الثاني لحكم الامام عليه السلام بحلية ما يأخذه -

ص: 160

من مال السلطان حلال (1) لمن وجده فيتم الاستشهاد (2).

لكن فيه (3)،

++++++++++

- السائل من عمال السلطان، فيصح الاستشهاد بهذا الاحتمال بالرواية على الحلية المذكورة.

ثم لا يخفى أن الاحتمالين المذكورين يجريان في أموال السلطان أيضا إذا أعطى منها لشخص، لعين الملاك في أموال عماله، لأن إعطاءه لا يخلو من أحد الأمرين: إما من ماله بالصفة الشخصية، و إما من أموال المسلمين بصفة كونه سلطانا.

كل هذا في صورة العلم بأن المال المعطى بأية صفة من الأمرين.

و أما إذا لم يعلم فالظاهر هو الحمل على الصحة، بالإضافة إلى شمول الأحاديث الواردة في جواز أخذ جوائز السلطان لمثل هذا المال المعطى.

(1) خبر لاسم إن في قوله: إن ما يقع، و خبر كان في قوله:

لكونه الجار و المجرور في قوله: من مال السلطان.

(2) أي في الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد المذكورة في ص 159 على حلية ما يأخذه السائل من عمال السلطان.

(3) أي في الاحتمال الثاني: و هو كون المال الواقع من العامل في يد السائل من أموال السلطان حلال، اشكال و نظر.

من هنا يريد الشيخ أن يورد على الاحتمال الثاني.

و خلاصة الإيراد: أن الحكم بحلية ما يأخذه السائل من العامل غير صحيح، و الاستدلال بالصحيحة غير وجيه، لأن المال المعطى من قبل العامل للسائل إن كان من صلب مال السلطان فلا يصح للسائل أخذه لحرمة هذا المال على العامل، لكونه مشتملا على أموال محرمة.

و إن كان قد أخذه العامل من السلطان تجاه أعماله له فلا يصح أيضا -

ص: 161

مع (1) أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال على حل المشتبه المحصور الذي (2) تقتضي القاعدة (3) لزوم الاحتياط فيه (4)،

++++++++++

- أخذه للسائل، لعدم اجرة للعامل تجاه هذا العمل، لكون العمل للسلطان من المكاسب المحرمة فلا احترام لعمله حتى يكون له الاجر، فلا مجال للصحيحة بالاستدلال بها على الحلية المذكورة على كل حال.

بل للحلية طريق آخر نشير إليه في الهامش 6 ص 163.

(1) أي بالإضافة إلى الإشكال الوارد على الاحتمال الثاني هنا اشكال آخر على الاحتمال الأول: و هو إعطاء عامل السلطان الجائزة للسائل من أمواله المستقرضة، أو المشتراة.

و قد عرفت الاشكال الوارد على الاحتمال الثاني منا قبل أن يذكره الشيخ بقولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل.

و إليك خلاصة الاشكال الآخر على الاحتمال الأول: و هو عدم وجود مجال للاستدلال بالصحيحة أصلا، لأن الحلية على هذا الاحتمال مستندة إلى اليد و هي لا تحتاج إلى شيء في الاعتماد إليها كما أنها هي المعتبرة في غير هذا المورد من الاعطاءات و المعاملات: من العقود و الايقاعات، فأي مستند يكون أقوى من اليد في هذه الموارد.

فحلية أموال العامل التي تقتضي قاعدة الاحتياط وجوب الاجتناب عنها في الشبهات المحصورة: مستندة الى اليد التي هي أقوى أسباب الملكية.

(2) كلمة الذي مجرورة محلا صفة لقوله: المشتبه المحصور.

(3) المراد من القاعدة هو وجوب الاجتناب عن الحرام المشتبه في أطراف الشبهة المحصورة كما عرفت آنفا.

(4) أي في هذا المشتبه المحصور الذي تقتضي قاعدة وجوب الاجتناب لزوم الاحتياط فيه.

ص: 162

لأن (1) الاعتماد حينئذ (2) على اليد كما لو فرض مثله (3) في غير الظلمة:

أن (4) الحكم بالحل على هذا الاحتمال (5) غير وجيه، إلا (6) على تقدير

++++++++++

(1) تعليل لإسقاط الاحتمال الأول.

و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 162: لأن الحلية على هذا الاحتمال مستندة إلى اليد.

(2) أي حين أن كان اعطاء العامل الجائزة للسائل من أمواله المشتراة أو المستقرضة كما هو المفروض على الاحتمال الأول.

(3) أي مثل أموال العامل التي تعطى للسائل في احتمال أنها من أمواله المشتراة، أو المستقرضة فاليد تكون أمارة فيها: الأموال المهداة من قبل الآخرين في كون اليد فيها أمارة على أنها ملك لهم و لا تحتاج الملكية إلى غيرها.

و قد عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 1 ص 162: كما أنها هي المعتبرة في غير هذا المورد.

(4) هذا هو الاشكال الوارد على الاحتمال الثاني.

و قد عرفته عند قولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل العامل.

(5) و هو الاحتمال الثاني الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 160: و إما من حيث إن ما يقع من العامل.

(6) هذا هو الطريق الآخر لحلية ما يعطيه عامل السلطان للسائل و قد أشرنا إليه بقولنا في ص 162: بل للحلية طريق آخر.

و خلاصة هذا الطريق: أنه يمكن أن يستدل بالحلية بكون المال المعطى من قبل العامل للسائل من الخراج و المقاسمة الذين أباحهما الامام عليه السلام للشيعة الامامية.

ص: 163

كون المال المذكور من الخراج (1) و المقاسمة (2) المباحين،

للشيعة (3)،

++++++++++

(1) بفتح الخاء وزان فعال و هو المال الذي تجعله كل دولة و حكومة على مواطني البلاد حسب المقررات القانونية: على الأثمار و الغلات و السلع المستوردة، و الدور و المحلات و المستغلات، و انتاج المعامل، و أرباح المكاسب و العقار و العرصات، و تركات الميت.

و الخلاصة: أنه يجعل على كل شيء فيه ربح و فائدة، و كان يعبر عنه في العصور الماضية بالخراج.

و يسمى في عصرنا الحاضر ب (الضربية).

و هذه الضربية تؤخذ سنويا، إلا ضريبة الإرث، فإنها تؤخذ بعد وفات الانسان مباشرة كما هو المتداول عندنا في (العراق).

(2) مصدر باب المفاعلة من قاسم يقاسم و هي الحصة المقررة من الدولة على الأراضي التي تخص الحكومة و يقال لها عندنا: (الأراضي الأميرية)

و هذه الأراضي قسمان: (زراعية، و بنائية) تؤخذ لبناء الدور و المحلات.

(فالأول): ما يجعل من قبل الحكومة حصة معينة على حاصل الأرض تؤخذ عوضا من الزراعة في الأرض الراجعة لها.

(و الثاني): ما يؤخذ ربع من الأرض المشتراة عند ما يريد المشتري تثبيتها في (دائرة الطابو).

أو الحكومة تريد أن تفتح شارعا و تقع الدار، أو المحل في الشارع بعد التعويض عنها بالباقي.

(3) و هم (الشيعة الاثنا عشرية) حيث إن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام أباحوا هذين لشيعتهم، طيبا لولادتهم.

ص: 164

إذ لو كان (1) من صلب مال السلطان، أو غيره (2) لم يتجه حله لغير المالك بغير رضاه، لأن المفروض حرمته (3) على العامل، لعدم احترام عمله.

و كيف كان (4) فالرواية إما من أدلة حل مال السلطان المحمول بحكم الغلبة (5) إلى الخراج و المقاسمة.

و إما من أدلة حل المال المأخوذ من المسلم، لاحتمال كون المعطي مالكا له (6)، و لا اختصاص له (7) بالسلطان، أو عماله، أو مطلق

++++++++++

(1) أي المال الذي وقع من عامل السلطان في يد ضيفه.

و قد عرفت معنى ذلك عند قولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل العامل للسائل إن كان.

(2) أي غير مال السلطان من الأموال المشبوهة المشتملة على الحلال و الحرام.

(3) أي حرمة هذا المال الذي وقع في يد العامل و إن كان من صلب مال السلطان، لكنه وقع في يده إزاء عمله للسلطان و هذا العمل محرم فلا يستحق الاجرة عليه.

(4) أي أي شيء قلنا حول الاحتمالين، و حول حكم الامام بحلية ما يأخذه السائل من العامل فالرواية التي هي صحيحة أبي ولاد.

(5) أي بحكم غلبة الوجود، لأن أموال السلطان الجائر غالبا تحصل من الخراج و المقاسمة و هي الضرائب المقررة كما عرفت في ص 164.

(6) فحينئذ يكون الاعتماد على قاعدة اليد كما أفاده الشيخ بقوله في ص 163: لأن الاعتماد حينئذ على اليد.

(7) أي و لا اختصاص لجريان قاعدة اليد بمال السلطان، بل يجري في كل مال وجد في يد أي انسان نعلم باختلاطه بالحرام و هو محصور الأطراف

ص: 165

الظالم (1)، أو غيره (2)

و أين هذا (3) من المطلب الذي هو حل ما في يد الجائر، مع العلم اجمالا بحرمة بعضه المقتضي مع حصر الشبهة للاجتناب عن جميعه (4)؟

و مما ذكرنا (5) يظهر الكلام في مصححة أبي المعزى (6): امرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟

قال: نعم، قلت: و أحج بها؟

++++++++++

(1) و إن لم يكن سلطانا، فإنه من الممكن أن يوجد في أمواله مال حلال مشتبه بالحرام.

(2) أي أو غير الظالم ممن يوجد في أمواله مال حلال مشتبه بالحرام

(3) أي و أين هذه الحلية المطلقة المدعاة و المستدل عليها بصحيحة أبي ولاد، فإن الحلية المطلقة لا تتم إلا بعد عدم وجود الشبهة المحصورة لا فيما نحن فيه الذي أصبحت الشبهة المحصورة فيه موجودة.

(4) أي عن جميع أموال السلطان الجائر، للعلم الإجمالي بحرمة بعضها المقتضي للاجتناب عن الجميع.

(5) في جوائز عمال السلطان في ص 160: من احتمال كونها مما اقترضه أو اشتراه في الذمة، لا من عين أموال السلطان الجائر حتى يقال: لا يجوز أخذها، للشبهة المحصورة.

(6) بكسر الميم و سكون العين و فتح الزاي و بعدها ياء كنية حميد بن المثنى العجلي الكوفي الصيرفي يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

و أما المصححة فعبارة عن الحديث الذي لم يكن صحيحا عن الراوي لكن صححها من هو لا يروي إلا عن العدل الامامي.

ص: 166

قال: نعم (1).

و رواية محمد بن هشام أمرّ بالعامل فيصلني بالصلة أقبلها؟ قال: نعم، قلت: و أحج بها؟

قال: نعم و حج بها (2).

و رواية محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام جوائز السلطان ليس بها بأس (3)، الى غير ذلك من الإطلاقات (4) التي لا تشمل من صورة العلم الإجمالي بوجود الحرام إلا الشبهة غير المحصورة (5).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 156. الحديث 2.

الباب 51.

هذه احدى الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا، سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(2) نفس المصدر. ص 157. الحديث 3.

هذه ثانية الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(3) نفس المصدر. ص 157. الحديث 5.

هذه ثالثة الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(4) راجع نفس المصدر. الأحاديث.

هذه رابعة الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا، سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(5) حيث إن تلك الروايات لا تشمل الشبهات المحصورة بل تنحصر في الشبهات غير المحصورة، لأنها القدر المتيقن منها.

ص: 167

و على تقدير شمولها (1) لصورة العلم الإجمالي مع انحصار الشبهة فلا تجدي، لأن الحل فيها (2) مستند إلى تصرف الجائر بالإباحة و التمليك (3) و هو (4) محمول على الصحيح، مع أنه (5) لو اغمض النظر عن هذا

++++++++++

(1) أي و على فرض شمول تلك المطلقات المذكورة في ص 166-167 للعلم الإجمالي المنحصر في الشبهات المحصورة فلا يجدي هذا الشمول أيضا لأن الحلية في هذه الجوائز مستندة إلى إباحة المجيز للآخذ، أو تمليكها له فلا مجال للتمسك بتلك المطلقات على المدعى.

(2) أي في هذه الجوائز.

(3) أي إباحة السلطان التصرف في الجائزة للآخذ، أو تمليكها له كما عرفت.

(4) أي هذا التصرف الإباحي، أو التمليكي من الجائر محمول على التصرف الصحيحي، لكون السلطان مسلما و المسلم لا يرتكب المحرمات

و لقول (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه.

(بحار الأنوار). الطبعة الحديثة. الجزء 75. ص 99.

(5) هذا ترق من الشيخ عما أفاده: من أن حلية التصرف في الجوائز مستندة إلى إباحة الجائر التصرف في الجائزة، أو تمليكها له.

و خلاصة الترقي: أنه لو اغمضنا النظر عن حمل تصرفات السلطان على الصحة، لأنه غير مبال عن ارتكاب المحرمات، و لشمول تلك المطلقات المذكورة في ص 156 جوائز السلطان الجائر، لاختلاف موارد أمواله، حيث إن بعضها حلال، و بعضها حرام و قد اختلط الحلال بالحرام بحيث لا يمكن -

ص: 168

أو رده (1) بشمول الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات في نظره بالشبهة المحصورة (2)، و لا يجري هنا أصالة الصحة في تصرفه (3):

++++++++++

- للسلطان تشخيص الحلال عن الحرام، و لعدم إمكان جريان أصالة الصحة في تصرفات السلطان، للعلم الإجمالي بوجوب الاجتناب على المعطي في الشبهات المحصورة. فلنا طريق آخر في حلية ما يؤخذ من عمال السلطان.

و تلك الطريقة هو أن الجائزة التي في يد المكلف، و التي كانت معلومة الحرمة بالإجمال، لكونها شبهة محصورة مرددة بين ما أباحه الجائر للآخذ أو ملكه له، و بين ما بقي تحت يد السلطان: من الأموال التي لا دخل لها للشخص المجاز، لخروجها عن محل ابتلائه.

و هذا التردد هو الموجب لحلية التصرف في تلك الجوائز كالتردد الموجود في الشبهة المحصورة التي أحد أطرافها خارج عن محل ابتلاء المكلف كما في الإنائين المشتبهين أحدهما طاهر و الآخر نجس، الطاهر تحت تصرفه و هو في النجف الأشرف، و النجس خارج عن تحت تصرفه و هو في القاهرة.

فكما أن العلم الإجمالي هنا غير مؤثر، للتردد المذكور.

كذلك فيما نحن فيه غير مؤثر فيجوز للمكلف أخذ جوائز السلطان الجائر و التصرف فيها.

(1) أي رد حمل تصرفات السلطان على الصحة.

و قد عرفت كيفية الرد بقولنا في ص 168: لأنه غير مبال عن ارتكاب المحرمات

(2) و قد عرفت معنى كون الجائزة من المشتبهات بالشبهة المحصورة عند قولنا في ص 168: لاختلاف موارد أمواله.

(3) أي في تصرفات السلطان الجائر.

ص: 169

فيمكن (1) استناد الحل فيها إلى ما ذكر سابقا: من أن تردد الحرام بين ما أباحه الجائر، أو ملكه، و بين ما بقي تحت يده من الأموال التي لا دخل فيها للشخص المجاز: تردد (2) بين ما ابتلى به المكلف من المشتبهين، و بين ما لم يبتل به (3)، و لا يجب الاجتناب حينئذ (4) عن شيء منهما من غير فرق بين هذه المسألة (5)، و غيرها: من موارد الاشتباه (6)، مع كون أحد المشتبهين مختصا بابتلاء المكلف به (7).

ثم لو فرض نص مطلق (8) في حل هذه الشبهة مع قطع النظر

++++++++++

- و قد عرفت كيفية عدم جريان أصالة الصحة عند قولنا في ص 169:

للعلم الإجمالي بوجوب الاجتناب.

(1) هذا جواب ل (لو) الشرطية في قول الشيخ في ص 168: مع أنه لو أغمض النظر.

و قد عرفت الجواب عند قولنا في ص 169: فلنا طريق آخر.

(2) بالرفع خبر لاسم إن في قوله: من أن تردد.

(3) و هو الخارج عن تحت تصرفه كما عرفت عند قولنا في ص 169:

لخروجها عن محل ابتلائه.

(4) أي حين خروج بعض أطراف الشبهة المحصورة عن محل ابتلاء المكلف.

(5) و هي مسألة جوائز السلطان الجائر.

(6) من الشبهات المحصورة كما في الإنائين المشتبهين.

(7) حق العبارة أن يقال هكذا: مع كون أحد المشتبهين مختصا بعدم ابتلاء المكلف به، لأن الكلام في مثل هذه الشبهة المحصورة.

(8) أي بحيث يشمل الشبهة المحصورة التي أحد أطرافها خارج عن محل ابتلاء المكلف، و من تلك الشبهة جوائز السلطان.

ص: 170

عن التصرف (1)، و عدم (2) الابتلاء بكلا المشتبهين لم ينهض (3) للحكومة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة.

كما لا ينهض (4) ما تقدم: من قولهم عليهم السلام: كل شيء حلال إلى آخر الحديث.

و مما ذكرنا (5) يظهر أن اطلاق،

++++++++++

(1) أي تصرف الجائر و هو حمله على التصرف الصحيح، لكونه مسلما، و المسلم بما أنه مسلم و متدين لا يقدم على ارتكاب أفعال منافية للدين الحنيف!!!

(2) بالجر عطفا على مجرور (مع) أي و مع قطع النظر عن خروج أحد المشتبهين عن محل ابتلاء المكلف.

(3) جواب ل (لو) الشرطية في قوله في ص 170: ثم لو فرض نص مطلق أي ثم لو فرض نص مطلق يشمل جواز أخذ الجائزة و إن كان المال مشبوها في نظر الجائر، مع قطع النظر عن حمل تصرفه على الصحة، و مع قطع النظر عن خروج أحد المشتبهين عن محل الابتلاء: فلا ينهض مثل هذا النص المطلق للحكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهات المحصورة.

(4) أي كما أن قوله عليه السلام في ص 156: كل شيء لك حلال.

و قوله عليه السلام: كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال:

لا ينهض للحكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، بل قاعدة الاحتياط حاكمة على الخبرين، و على النص المطلق لو فرض وجوده.

(5) من عدم قيام المطلقات المذكورة في ص 156 للحكومة على قاعدة -

ص: 171

الجماعة (1) لحل ما يعطيه الجائر مع عدم العلم بحرمته عينا إن كان شاملا لصورة العلم الإجمالي بوجود حرام في الجائزة مردد (2) بين هذا (3) و بين غيره (4) مع انحصار الشبهة إنما هو (5) مستند إلى حمل تصرفه

++++++++++

- الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة و أنها هي الحاكمة عليها.

(1) و هو تصريح (صاحب الشرائع) الذي نقله الشيخ عن المسالك في ص 143 بقوله: قال في (الشرائع): جوائز السلطان الظالم ان علمت حراما بعينها فهي حرام، و نحوه عن نهاية الأحكام، و الدروس و غيرهما.

و قال في (المسالك): التقييد بالعين اشارة إلى جواز أخذها و ان علم أن في ماله مظالم كما هو مقتضى حال الظالم.

(2) بالجر صفة لقوله: حرام.

(3) و هو الذي تحت تصرف المجاز.

(4) و هو الخارج عن تحت يده و تصرفه و محل ابتلائه، و الذي هو موجود عند السلطان الجائر.

(5) جملة إنما هو مستند مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله: و مما ذكرنا يظهر أن اطلاق جماعة أي اطلاق جماعة الحل على ما يعطيه السلطان الجائر مع عدم علم الآخذ بحرمة ما يأخذه تفصيلا في الشبهات المحصورة المرددة بين ما في يده و تحت تصرفه، و بين الخارج عن محل ابتلائه، مع أن قاعدة الاحتياط آمرة بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة: إنما هو مستند إلى حمل تصرف فعل المسلم على الصحيح، حيث إنه مسلم مؤمن لا يقدم على الأفعال المنافية للدين الحنيف: و لو لا هذا الاستناد لم يصح ذلك الاطلاق، لحكومة قاعدة الاحتياط على المطلقات.

ص: 172

على الصحة.

أو على (1) عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي، لعدم (2) ابتلاء المكلف بالجميع لا (3) لكون هذه المسألة خارجة بالنص عن حكم الشبهة المحصورة (4).

++++++++++

(1) هذا هو الشق الثاني لصحة اطلاق الجماعة حلية أخذ جوائز الجائر مع العلم الاجمالي بوجود الحرام المردد بين هذا، و بين غيره في الشبهة المحصورة.

و خلاصة هذا التصحيح: أن مستند ذلك الاطلاق عدم الاعتناء بالعلم الاجمالي بالحرام المردد بين هذا، و بين غيره، لعدم ابتلاء المكلف بالجميع لخروج أحدهما عن محل ابتلائه.

(2) تعليل لعدم الاعتناء بالعلم الاجمالي، أي عدم الاعتناء بذلك لأجل عدم ابتلاء جميع أطراف الشبهة المحصورة للمكلف.

(3) أي ليس اطلاق هؤلاء الجماعة حلية أخذ الجائزة في الشبهة المحصورة لأجل أن هذه المسألة خارجة عن تحت قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة: بالنص و هي المطلقات المشار إليها في ص 166-167.

(4) لا يخفى أن (الشيخ الأنصاري) يريد أن يأول اطلاقات الأصحاب في حلية جوائز السلطان، كما أنه أوّل الأخبار المطلقة الواردة في جواز التصرف في ص 166-167، لأنها لا تقاوم للحكومة على قاعدة الاحتياط فقال: إن مستند خروجها.

إما حمل فعل السلطان على الصحة. -

ص: 173

نعم (1) قد يخدش في حل تصرف الظالم على الصحيح من حيث إنه مقدم على التصرف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على وجه (2) عدم المبالاة بالتصرف في الحرام فهو كمن (3) أقدم على ما في يده من المال المشتبه المختلط عنده بالحرام، و لم يقل أحد بحمل تصرفه حينئذ (4) على الصحيح (5)

++++++++++

- و إما عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي في الشبهة المحصورة إذا كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء.

(1) من هنا يريد الشيخ أن يخدش في صحة تصرفات الجائر أي تصرف السلطان لا يكون تصرفا صحيحا حتى يبرر جواز الأخذ، لأنه مقدم على التصرف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على نحو كاشف عن عدم مبالاته بالتصرف في الحرام

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: مقدم، أي السلطان مقدم على التصرف على وجه كاشف عن عدم مبالاته.

(3) أي السلطان الجائر الذي يعطي الجائزة حاله كحال الشخص الذي تحت تصرفه مال مختلط بالحرام و قد اشتبه عليه بحيث لا يميز بين الحلال منه و الحرام، فكما لا يحمل تصرف هذا الشخص على الصحة

كذلك لا يحمل تصرف السلطان الجائر على الصحة.

(4) أي حين أن بتصرف الشخص في الأموال المشتبهة عنده من غير مبالاة لا مجال لحمل تصرفاته على الصحة.

(5) لا يخفى أنه فرق بين الحمل على الصحة، و الحمل على الصحيح (إذ الأول) معناه: أن المعطي الجائر مؤمن و من شأن المؤمن أن يتورع عن الحرام و يتجنب عنه، و لهذا يحمل كل ما يصدر منه على الصحة مطابقا للشرع. -

ص: 174

لكن الظاهر أن هذه الخدشة غير مسموعة عند الأصحاب (1) فإنهم لا يعتبرون في الحمل على الصحيح احتمال تورع المتصرف عن التصرف الحرام، لكونه حراما.

بل يكتفون باحتمال صدور الصحيح منه و لو لدواع اخرى (2).

و أما عدم الحمل (3) فيما إذا أقدم المتصرف على الشبهة المحصورة الواقعة تحت يده فلفساد تصرفه في ظاهر الشرع (4) فلا يحمل على الصحيح الواقعي. فتأمل (5)، فإن المقام (6) لا يخلو عن اشكال.

++++++++++

- (و أما الثاني): فمعناه أن تصرفات الجائر صحيحة لدواع دنيوية أو شرعية توجب ارتكاب الصحيح من الأفعال و التصرفات، و ليست لدواعي الورع و التقوى.

فاحتمال هذه الدواعي هي التي اوجبت حمل تصرفاته على الصحيح.

(1) لما عرفت من الفرق بين الحمل على الصحيح، و الحمل على الصحة آنفا.

(2) و هي الدواعي الدنيوية، أو الشرعية كما عرفت آنفا.

(3) أي حمل فعل السلطان الجائر و غيره في اعطائه على الصحيح.

(4) حيث إنه مخاطب بالاجتناب عن الجميع في الشبهات المحصورة للعلم الإجمالي بحرمة بعضها و هو منجز في هذه الحالة فقاعدة الاحتياط تعمل مفعولها.

(5) ليس المراد من التأمل النظر و الاشكال، بل الدقة و الإمعان في المطلب، حيث إنه غامض جدا.

(6) و هو مقام العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة، و جريان قاعدة الاحتياط فيها.

ص: 175

و على أي تقدير (1) فلم يثبت من النص (2)، و لا الفتوى (3) مع شرائط (4) إعمال قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة:

++++++++++

(1) أي سواء قلنا بحمل فعل السلطان الجائر على الصحة أم لا و سواء قلنا: إن الآخذ يعلم اجمالا بوجود مال حرام مختلط مع الحلال أم المعطي.

(2) و هي المطلقات الدالة على حلية أخذ جوائز السلطان كما اشير إليها في ص 166-167.

(3) و هي فتاوى أصحابنا الامامية التي يظهر منها جواز أخذ جوائز السلطان، و يشير (شيخنا الأنصاري) إلى هذه الفتاوى بالقريب العاجل.

(4) أي اجتماع شرائط تنجز قاعدة الاحتياط.

و المراد من شرائط إعمال قاعدة الاحتياط: أركانها حتى يتوجه نحو المكلف خطاب اجتنب عن الشبهة المحصورة.

و أركانها ثلاثة:

(الأول): العلم الإجمالي للمكلف، لا التفصيلي، فإنه إذا كان هناك علم تفصيلي لا مجال لجريان قاعدة الاحتياط، لأن الاجتناب عن الحرام تكليف واقعي.

(الثاني): أن تكون الشبهة محصورة، لأنه إذا كانت غير محصورة فلا مجال لجريان قاعدة الاحتياط، للزوم العسر و الحرج بالاجتناب.

(الثالث): أن يكون جميع أطراف الشبهة محل ابتلاء المكلف فلو كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء فلا مجال لجريان القاعدة.

خذ لذلك مثالا:

إن المكلف يعلم إجمالا أن في أثاثه البيتية شيئا من الحرام و كل أثاثه محل ابتلائه، و الحرمة منحصرة في الأثاث الموجود فهنا يجب على المكلف بحكم قاعدة الاحتياط الاجتناب عن الأثاث كله، لعلمه الإجمالي بوجود -

ص: 176

عدم (1) وجوب الاجتناب في المقام (2)، و إلغاء تلك القاعدة.

و أوضح ما في هذا الباب من عبارات الأصحاب ما في السرائر حيث قال:

إن كان يعلم أن فيه (3) شيئا مغصوبا إلا أنه غير متميز العين، بل هو مخلوط في غيره من أمواله، أو غلاته التي يأخذها على جهة الخراج (4) فلا بأس أيضا بشرائه (5) منها، و قبول صلته (6) منها، لأنها (7)

++++++++++

- الحرام فيها، و أن الشبهة منحصرة، و أن جميع أطرافها محل لابتلائه.

بخلاف ما إذا كان أحد أطرافها خارجا عن محل ابتلائه، فإنه لا يجب الاجتناب.

(1) بالرفع فاعل لقوله: فلم يثبت، و المراد من المقام حلية جوائز السلطان.

(2) و هي جوائز السلطان مع العلم الإجمالي بوجود الحرام فيها.

(3) أي في مال السلطان.

(4) و قد عرفت معنى الخراج في ص 164

(5) أي بشراء الشخص من تلك الأموال و الغلات التي فيها شيء مغصوب لا يعلمه بعينه و لا يميزه

(6) المصدر مضاف إلى المفعول و الفاعل محذوف أي و قبول الشخص صلة السلطان الجائر من تلك الاموال و الغلات التي فيها شيء مغصوب لا يعرفه بعينه.

(7) تعليل من (ابن ادريس) لما ذهب إليه: من جواز شراء المكلف من أموال السلطان الجائر و غلاته، و قبول هداياه من تلك الأموال و الغلات.

و خلاصته: أن أموال السلطان و غلاته و ان كانت مشتملة على مقدار -

ص: 177

صارت بمنزلة المستهلك، لأنه (1) غير قادر على ردها بعينها. انتهى (2)

و قريب منها (3) ظاهر عبارة النهاية بدون ذكر التعليل (4).

++++++++++

- من الحرام، لكن لما كان المقدار المذكور غير ممكن التمييز و العزل لاختلاطه بالحلال بحيث أصبح مستهلكا في جنب تلك الأموال و الغلات فالحرام هذا بمنزلة قطرة ماء وقعت في البحر.

خذ لك مثالا:

إن السلطان يملك الف طن من الحنطة، و ألف طن من الشعير و ألف طن من الرز، و ألف طن من الحبوب بأقسامها الاخرى كل هذه الأطنان من المال الحلال.

و له كمية ضئيلة من الأنواع المذكورة من المال الحرام لا يعرف مقدارها و قد اختلطت بتلك الأطنان التي كانت من المال الحلال اختلاطا لا يمكنه تمييزها من الحلال حتى يتمكن من ردها إلى أصحابها فحينئذ جاز للمكلف أخذ الجوائز و الهدايا التي يعطيها السلطان له من هذه الأموال المختلطة

(1) تعليل من (ابن ادريس) لكون أموال السلطان و غلاته صارت بمنزلة المستهلك.

و قد عرفت التعليل آنفا عند قولنا في ص 177: و خلاصته: أن أموال السلطان و غلاته.

(2) أي ما أفاده (ابن ادريس) حول أموال السلطان و غلاته في السرائر:

(3) أي و قريب من عبارة (ابن ادريس) في السرائر عبارة (الشيخ في النهاية).

(4) و هو تعليل (ابن ادريس) بقوله: لأنها صارت بمنزلة المستهلك

ص: 178

و لا ريب أن الحلي (1) لم يستند في تجويز أخذ المال المردد (2) إلى النص (3)، بل إلى ما زعمه من القاعدة (4).

و لا يخفى عدم تماميتها (5)، إلا أن يريد بها (6) الشبهة غير

++++++++++

(1) و هو (ابن ادريس).

و خلاصة ما أفاده الشيخ في تحليل كلام (ابن ادريس) في هذا المقام: أن مدرك (ابن ادريس) في حلية أموال السلطان و غلاته هي القاعدة المزعومة عنده: و هو أن أموال السلطان و غلاته صارت بمنزلة المستهلك، لأنه غير قادر على ردها، لا النص الذي هو العموم المذكور في ص 145 في قوله عليه السلام: كل شيء لك حلال، و قوله عليه السلام:

كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه.

(2) أي المردد بين الحلال و الحرام.

(3) و هو العموم المذكور في الهامش 1

(4) المراد منها قول (ابن ادريس) في ص 177: لأنها صارت بمنزلة المستهلك لأنه غير قادر على ردها كما عرفت آنفا.

(5) أي عدم تمامية القاعدة المزعومة التي ادعاها (ابن ادريس) و هي لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

و وجه ذلك أن الاستهلاك المذكور لا يكون موجبا لعدم قدرة المالك على رد مال الناس المختلط مع أمواله، فما أفاده في هذا المقام بالتعليل المذكور غير صحيح.

(6) هذا تصحيح من (الشيخ) لما أفاده (ابن ادريس) في قوله في ص 177-178: لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

و خلاصة التصحيح: أنه يمكن القول بالاستهلاك المذكور الموجب لعدم قدرة المالك على رد مال الناس إذا أراد (ابن ادريس) من الشبهة -

ص: 179

المحصورة بقرينة الاستهلاك (1). فتأمل (2).

الصورة الثالثة: أن يعلم تفصيلا حرمة ما يأخذه.

(الصورة الثالثة) (3): أن يعلم تفصيلا حرمة ما يأخذه.

و لا اشكال في حرمته (4) حينئذ على الآخذ، إلا أن الكلام في حكمه (5) إذا وقع في يده.

++++++++++

- الشبهة غير المحصورة بقرينة قوله: المستهلك، فإن هذه اللفظة يراد منها معنى عام يناسب الشبهة غير المحصورة.

(1) كلمة الاستهلاك هنا يراد منها المستهلك فهي متصيدة من اسم المفعول الواقع في قول (ابن ادريس): لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

(2) لعل وجه التأمل هو أن المراد من الاستهلاك الواردة في قول (ابن ادريس) مطلق الاشتباه و إن كانت الشبهة محصورة، و حينئذ يكون مستند حل أخذ جوائز السلطان عند (ابن ادريس) هو النص المذكور في ص 145 في قوله عليه السلام: كل شيء لك حلال.

و قوله: كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه.

(3) أي من الصور الأربع التي ذكرها الشيخ في ص 101 في أخذ جوائز السلطان في المسألة الثانية من المسائل المذكورة بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل.

(4) أي في حرمة المأخوذ من السلطان الجائر حين أن يعلم تفصيلا بحرمته.

(5) أي الاشكال في حكم هذا المأخوذ من حيث الرد، و أنه ما ذا يصنع به لو أخذه؟

ص: 180

فنقول (1): علمه بحرمته إما أن يكون قبل وقوعه في يده.

و إما أن يكون بعده.

فإن كان قبله (2) لم يجز له أن يأخذه بغير نية الرد إلى صاحبه، سواء أخذه اختيارا، أم تقية، لأن أخذه بغير هذه النية تصرف لم يعلم رضا صاحبه به، و التقية تتأدى بقصد الرد.

فإن أخذه بغير هذه النية (3) كان غاصبا ترتبت عليه أحكامه.

و إن أخذه بنية الرد (4) كان محسنا، و كان في يده أمانة شرعية.

++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يذكر أقسام الصورة الثالثة و قد ذكر لها قسمين:

و هما: علم الآخذ بحرمة ما يأخذه قبل وقوعه في يده.

و علم الآخذ بحرمة ما يأخذه بعد وقوعه في يده.

(2) هذا هو القسم الأول و لهذا القسم صورتان:

(احداهما): أخذه بغير نية الرد إلى صاحبه و مالكه الأصلي.

و هذا لا يجوز، لأنه تصرف في مال الغير لم يعلم رضاه فيه.

فإن تصرف فيه ترتبت عليه أحكام الغصب: من وجوب الرد إلى صاحبه مهما بلغ الأمر، و التكاليف، حيث إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

و لا فرق في حرمة هذه الصورة بين أخذ الجائزة من السلطان اختيارا أم تقية أي خوفا على نفسه، أو عرضه، أو ماله، فإنه لو أخذ الجائزة تقية بغير نية الرد يكون غاصبا تترتب عليه أحكام الغصب، إذ التقية تحصل بقصد الرد.

(3) أي بغير نية الرد، هذه هي الصورة الاولى من القسم الأول.

(ثانيهما): أخذه بنية الرد.

(4) هذه هي الصورة الثانية من القسم الأول.

ص: 181

و إن كان (1) العلم بها (2) بعد وقوعه في يده كان كذلك.

و يحتمل قويا الضمان هنا (3)، لأنه أخذه بنية التملك، لا بنية

++++++++++

- و خلاصتها: أن الآخذ لو أخذ الجائزة من السلطان بقصد الرد إلى مالكها الأصلي كان محسنا لصاحبها، لأنه بهذا القصد قد حفظ المال من التلف و الضياع و هذا احسان يشكر عليه صاحبه، و يمدح عليه.

ثم إن المأخوذ باق في يد الآخذ أمانة شرعية أي بلا ضمان لو تلف في يده بغير تعد و تفريط، لأن الشارع قد أمره باخذه و إلى هذا المعنى أشار الشيخ بقوله في ص 181: و كان في يده امانة شرعية.

(1) هذا هو القسم الثاني من الصورة الثالثة التي كان الآخذ عالما بالحرمة.

و خلاصة هذا القسم أن الآخذ لو علم بالحرمة بعد وقوع المأخوذ في يده فلا يخلو من أحد الأمرين.

(الأول): إن كان قد أخذه لا بقصد الرد كان غاصبا، و ترتبت عليه أحكام الغصب: من وجوب الرد إلى صاحبه مهما بلغ الأمر، و التكاليف، حيث إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

(الثاني): إن كان قد أخذه بنية الرد إلى صاحبه كان محسنا، و كان في يده أمانة شرعية أي ليس له ضمان لو تلف في يده.

و إلى كلا الأمرين أشار (الشيخ) بقوله: و إن كان العلم بها بعد وقوعه في يده كان كذلك.

(2) مرجع الضمير: الحرمة، و في جميع النسخ الموجودة عندنا بتذكير الضمير، و الصحيح ما أثبتناه

(3) هذا رأي الشيخ في الأمرين المذكورين من القسم الثاني أى احتمال الضمان، أي في صورة علم الآخذ بحرمة ما يأخذه من السلطان الجائر بعد الاخذ قوي.

ص: 182

الحفظ و الرد.

و مقتضى عموم على اليد (1) الضمان.

و ظاهر المسالك عدم الضمان (2) رأسا (3) مع القبض جاهلا (4) قال (5): لأنه يد أمانة فتستصحب (6).

و حكي موافقته (7) عن العلامة الطباطبائي رحمه اللّه في مصابيحه.

لكن (8) المعروف من المسالك و غيره في مسألة ترتب الأيدي على مال

++++++++++

(1) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: على اليد ما أخذت حتى تؤدي

(2) أي في الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر عند العلم بحرمتها.

هذا رأي (الشهيد الثاني) في القسم الثاني من الصورة الثالثة التي يعلم بحرمة المأخوذ.

(3) أي سواء أخذت الجوائز بنية الرد إلى مالكها الأصلي أم لا.

(4) منصوب على الحالية للقابض الدالة عليه كلمة القبض في قول (الشهيد الثاني): مع القبض.

(5) أي (الشهيد الثاني) من هنا يريد (الشيخ) أن ينقل دليل الشهيد على عدم الضمان المأخوذ من السلطان الجائر مع العلم بحرمته.

و خلاصته: أن المأخوذ من السلطان في صورة العلم بحرمته كان في يده أمانة شرعية لا ضمان له قبل العلم بالحرمة، و بعد العلم بالحرمة عند وقوعه في يده تستصحب تلك الأمانة فلا ضمان أيضا.

(6) أي تلك الأمانة كما عرفت آنفا.

(7) أي العلامة الطباطبائي وافق (الشهيد الثاني) في مقالته: من عدم ضمان الآخذ لو علم بحرمة ما يأخذه من السلطان الجائر تفصيلا

(8) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما أفاده (الشهيد الثاني) من عدم الضمان في الصورة الثالثة: و هو علم الآخذ بحرمة ما يأخذه -

ص: 183

..........

++++++++++

- من السلطان الجائر تفصيلا بعد وقوعه في يده و يقول بالضمان و يؤيده بقول (الشهيد الثاني) و غيره.

و خلاصة الايراد: أن المعروف عن الشهيد الثاني في كتابه (المسالك) و من غيره في مسألة ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير، أو ترتب عقود متعددة عليه: هو ضمان كل واحد من هؤلاء الباعة الذين وقعت منهم العقود المتعددة و لو كانوا جاهلين بكون المبيع فضوليا.

و من الواضح أنه لا فرق بين مسألة ترتب عقود متعددة على مال الغير.

و بين مسألة أخذ الجوائز من السلطان الجائر و هو يعلم أنها من الحرام تفصيلا: في تعلق الضمان في صورة التلف.

فكما أن هناك يأتي الضمان كذلك يأتي هنا من دون فرق بين المسألتين فما جعله (الشهيد الثاني من الفرق بينهما غير واضح.

راجع المسالك. الجزء 2 كتاب الغصب.

و أما معنى ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير، أو ترتب عقود متعددة عليه فهكذا:

باع زيد مال عمرو فضولة لعبد اللّه، ثم باع عبد اللّه لعبد المطلب ثم باعه عبد المطلب لهاشم، ثم باعه هاشم لعبد مناف، ثم باعه عبد مناف لقصي و هكذا.

فهذه عقود متعددة، أو فقل أيدي متعاقبة ترتبت على مال عمرو فضولة كلها باطلة إذا لم يجزها صاحبها الأصلي.

ففي هذه الحالة يجوز للمالك الحقيقي الرجوع على كل واحد من هؤلاء الباعة باخذ عين ماله إذا كانت موجودة، أو قيمته إن كانت قيميا و العين تالفة، سواء أ كان كل واحد من الباعة عالما بكون المبيع مال زيد أم لا. -

ص: 184

الغير ضمان كل منهم و لو مع الجهل، غاية (1) الأمر رجوع الجاهل على العالم إذا لم يقدم على أخذه مضمونا (2).

و لا اشكال عندهم (3) ظاهرا في أنه لو استمر جهل القابض المنهب

++++++++++

- ثم إن رجع المالك الأصلي على البائع الأول و أخذ عينه إن كانت موجودة، و قيمته إن كانت تالفة ليس للبائع الأول حق الرجوع على الآخرين

و كذا إن رجع على أي واحد من الباعة ليس للمرجوع إليه حق الرجوع من على بعده.

ثم إن الغارم يرجع إلى من غره ممن سبقه من الباعة.

و ستأتي الاشارة مفصلا إلى ترتب أيدي متعاقبة، و عقود متعددة في كتاب البيع في مسألة تعاقب الأيدي إن شاء اللّه تعالى.

(1) أي غاية الأمر في مسألة ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير أنه في صورة جهل المشتري بكون المبيع مال عمرو ثم بان له ذلك له حق الرجوع على العالم بذلك الذي باعه فيأخذ ثمنه منه إذا لم يكن اقدامه على أخذ المبيع بقصد الضمان.

و أما إذا أخذه بذلك القصد فليس له حق الرجوع على العالم بكون المبيع مال عمرو. راجع نفس المصدر.

(2) و لا يخفى ما في هذا القيد، حيث إن فرض الكلام في الجاهل بكون المبيع مال عمرو فهو محور البحث و مناطه فالقيد المذكور يخرج الجاهل عن كونه جاهلا و يدخله في أفراد العالمين، لأن اقدامه على أخذه مقيدا بالضمان معناه أنه عالم بكون المبيع فضوليا، فلو لم يجز المالك الأصلي البيع دفع المبيع إليه إن كان موجودا، أو قيمته إن كان تالفا و هو قيمي.

(3) هذا تأييد من الشيخ لما ذهب إليه: من الضمان في صورة علم الآخذ بكون المبيع مال عمرو، أي لا اشكال عند صاحب المسالك و غيره -

ص: 185

أن تلف في يده كان للمالك الرجوع عليه.

و لا دافع لهذا المعنى (1) مع حصول العلم بكونه مال الغير فيستصحب ضمان، لا عدمه (2).

و ذكر (3) في المسالك فيمن استودعه الغاصب مالا مغصوبا: أنه يرده إليه مع الإمكان.

و لو أخذه منه قهرا ففي الضمان نظر.

++++++++++

من الفقهاء الامامية فيما لو قبض شخص شيئا من الآخر بعنوان الهبة و هو يعلم أنه مال عمرو و استمر جهله إلى أن تلف ذلك الشيء في يده فللمالك صلي الرجوع على هذا القابض الجاهل.

و هذا الرجوع هو معنى ثبوت الضمان في ذمة القابض الجاهل.

(1) هذا تأييد آخر لما ذهب إليه الشيخ: من الضمان في الصورة لثالثة، أي لا شيء موجود في المقام يمكنه دفع رجوع المالك الأصلي على القابض الجاهل مع كونه جاهلا لا يعلم بكون المبيع مال عمرو.

فكيف فيما نحن فيه: و هو علم الآخذ علما تفصيليا بكون الجوائز لمأخوذة من السلطان حراما، فإن الضمان هنا بطريق أولى، لوجود الاستصحاب في المقام، لأن الآخذ قبل حصول العلم له بالحرمة كان ضامنا و بعد الحصول يستصحب هذا الضمان، لا عدم الضمان كما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(2) أي لا عدم الضمان كما عرفت آنفا من افادة (شيخنا الشهيد الثاني) ذلك.

(3) هذا تأييد آخر من الشيخ لما ذهب إليه: من الضمان في الصورة الثالثة يذكره عن (الشهيد الثاني) عن المسالك ردا على الشهيد.

و خلاصته: أنه قال في المسالك: لو استودع الغاصب مالا مغصوبا -

ص: 186

و الذي تقتضيه قواعد الغصب أن للمالك الرجوع على أيهما (1) شاء و إن كان قرار الضمان على الغاصب. انتهى (2).

و الظاهر أن مورد كلامه (3): ما إذا أخذ الودعي المال من الغاصب جهلا بغصبه ثم تبين له، و هو (4) الذي حكم فيه هنا بعدم الضمان لو استرده الظالم المجيز، أو تلف بغير تفريط.

++++++++++

- عند شخص فلا يجوز لهذا الشخص أن يرده إلى الغاصب مع امكان عدم الرد فلو أخذه منه قهرا و ظلما ففي الضمان نظر.

إلا أن مقتضى القواعد الفقهية في باب الغصب هو جواز رجوع المالك إلى أي من الغاصب و المستودع و إن كان ثبوت الضمان على الغاصب راجع المسالك. الجزء 1 كتاب الوديعة.

فقوله: إن للمالك الرجوع على أيهما شاء تأييد لضمان الآخذ من أموال السلطان و غلاته و هو يعلم أنها من الحرام.

(1) و هما: المستودع و الغاصب كما عرفت.

(2) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(3) أي كلام الشهيد في المسالك في هذا المقام.

و لعل مبنى هذا الاستظهار ما ذكره الشهيد الثاني في المسالك في الجزء 2 في كتاب الغصب: لأن الثاني إن علم بالغصب فهو كالغاصب يطالب بكل ما يطالب به الغاصب، فاذا تلف المغصوب في يده فاستقرار ضمانه عليه حتى لو غرم لم يرجع على الأول، و لو غرم الأول رجع عليه.

(4) هذا الضمان الذي حكم به الشهيد الثاني في باب الوديعة قد حكم بعدم الضمان في باب الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر مع علم الآخذ بكونها من الحرام كما نقل عنه الشيخ عن المصدر المذكور بقوله في ص 183:

و ظاهر المسالك عدم الضمان رأسا مع انقبض جاهلا.

ص: 187

و على أي حال (1) فيجب على المجاز رد الجائزة بعد العلم بغصبيتها إلى مالكها، أو وليه (2).

و الظاهر أنه لا خلاف في كونه (3) فوريا.

نعم تسقط (4) بإعلام صاحبه به.

و ظاهر أدلة (5) وجوب أداء الأمانة وجوب الإقباض، و عدم كفاية

++++++++++

(1) أي سواء قلنا بالضمان في باب الجوائز أم لم نقل به.

(2) كما إذا كان المالك مجنونا، أو معتوها، أو طفلا، أو محجورا عليه.

أو اعطاء الجائزة إلى الحاكم الشرعي إذا لم يكن الولي موجودا.

(3) أي رد الجائزة إلى مالكها، أو وليه، أو الحاكم الشرعي.

(4) أي الفورية

(5) المراد منها الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة.

أما الآيات فقوله تعالى: إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا (1).

و قوله تعالى: فَلْيُؤَدِّ اَلَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ (2).

و أما الأحاديث فراجع (الكافي) الجزء 2. ص 104. ط 2.

و لا يخفى أن الآيتين الكريمتين، و الأحاديث الشريفة ليس فيهما دلالة على الإقباض لو اريد منه يدا بيد، و كذا لا تدلان على عدم كفاية التخلية كما يستفاد العدم من كلام الشيخ.

نعم تدلان على تسليط المالك على ماله.

ص: 188


1- النساء: الآية 57.
2- البقرة: الآية 283.

التخلية، إلا أن يدعى أنها (1) في مقام حرمة الحبس، و وجوب التمكين (2) لا تكليف الأمين بالإقباض (3).

و من هنا (4) ذكر غير واحد كما عن التذكرة و المسالك و جامع المقاصد:

أن المراد برد الأمانة رفع اليد عنها، و التخلية بينه و بينها (5).

و على هذا (6) فيشكل حملها (7) إليه، لأنه تصرف لم يؤذن (8) فيه إلا إذا كان الحمل مساويا لمكانه الموجود فيه، أو أحفظ، فإن الظاهر (9) جواز نقل الأمانة الشرعية من مكان إلى ما لا يكون أدون من الأول في الحفظ

و لو جهل (10) صاحبه وجب الفحص مع الإمكان، لتوقف الأداء

++++++++++

(1) أي أدلة وجوب رد الأمانات.

(2) و هو وجوب تسليط المالك على ماله كما قلنا.

(3) و هو التسليم للمالك يدا بيد.

(4) أي و من أن قلنا: إن ظاهر أدلة وجوب رد الأمانة و أدائها إلى صاحبها

(5) بأن يتمكن المالك من الوصول إليها إلى حين أن يقبضها.

(6) أي و بناء على أن المراد من رد الأمانة هو رفع اليد عنها و التخلية بينه و بينها.

(7) أي حمل الأمانة إلى مالكها إذا كان الحمل يوجب الخطر في الأمانة.

(8) بصيغة المجهول و نائب فاعله الشارع المقدس، أي هذا التصرف غير مأذون من قبله.

(9) أى الظاهر من هذا الاستثناء و هو قوله: إلا إذا كان الحمل.

و لا يخفى أنه ربما يجب حمل الامانة و نقلها إلى صاحبها إذا كانت التخلية متوقفة على النقل و لم يكن هناك خطر في نقلها.

(10) أي آخذ المال من الجائر مع علمه التفصيلي بكون المال حراما.

ص: 189

الواجب بمعنى التمكين، و عدم (1) الحبس: على (2) الفحص.

مضافا إلى الأمر به (3) في الدين المجهول المالك.

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور الباء في قوله: بمعنى، و الجملة هذه عطف تفسير للجملة الاولى و هو قوله: بمعنى التمكين.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: لتوقف الأداء، أي الأداء الواجب الذي هو تسليم الأمانة لصاحبها متوقف على الفحص.

(3) أي و لنا دليل آخر على وجوب الرد و هي الأخبار الواردة في المقام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 110. الحديث 2.

الباب 22 من أبواب الدين.

أليك نص الحديث:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له على رجل حق ففقد و لا يدرى أ حيّ هو أم ميت، و لا يعرف له وارث، و لا نسب، و لا بلد؟

قال: اطلبه.

قال: إن ذلك قد طال فأصّدّق به.

قال: اطلبه.

ثم لا يخفى أن الفرق بين الدين المجهول المالك، و بين ما نحن فيه و هو رد المأخوذ المعلوم حرمته تفصيلا إلى صاحبه: أن الدين المجهول حق ثابت في الذمة، و أن المال المأخوذ حقه ثابت في عين المال الموجود

ثم لا يخفى أيضا أن الحديث لا يدل على المجهول المالك، بل يدل على المفقود المالك.

ص: 190

ثم لو ادعاه (1) مدع ففي سماع قول من يدعيه مطلقا (2)، لأنه (3) لا معارض له.

أو مع الوصف (4)، تنزيلا (5) له منزلة اللقطة، أو يعتبر الثبوت (6) شرعا، للأصل (7): وجوه.

++++++++++

(1) أي حينما كان الآخذ يفحص عن صاحب المال، أو عن شخص ادعى أن المال لي.

(2) أي من دون بينة، أو توصيف من المدعي للمال الذي يدعيه

(3) هذا التعليلى لسماع قول المدعي مطلقا.

(4) أي أو مع توصيف المدعي للمال وصفا يرفع الجهالة به، بحيث يطمئن القلب، و يسكن الفؤاد فحينئذ يقبل قول المدعي فيدفع المال إليه.

(5) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لتوصيف المال وصفا يرفع الجهالة، أي فينزل هذا المال الذي تبين ملكا للغير منزلة اللقطة:

من حيث كونه مجهول المالك لا يدرى صاحبه فلا بد من توصيفه وصفا يرفع الجهالة.

(6) أي ثبوت هذا المال للمدعي.

و طريق ثبوته له أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي ثم يحضر الحاكم المدعي فيتحاكمان عنده فيجري عليهما اصول المحاكمات الشرعية: من البينة و اليمين، و رد اليمين.

(7) المراد من الأصل الاشتغال، حيث اشتغلت ذمة حامل المال بوجوب حفظه حتى يثبت مالكه فلا يعطى لمدعيه بمجرد الادعاء و عدم المعارض، و لا بمجرد توصيفه له.

و يمكن ارجاع الأصل إلى الاستصحاب، لأن حفظ المال قبل الادعاء كان واجبا عليه فبعد الادعاء نشك في رفعه عنه، فنجري الاستصحاب.

ص: 191

و يحتمل غير بعيد عدم وجوب الفحص، لإطلاق غير واحد من الأخبار (1).

ثم إن المناط (2) صدق اشتغال الرجل بالفحص نظير ما ذكروه في تعريف اللقطة.

و لو احتاج الفحص إلى بذل مال كاجرة دلال صائح (3) عليه فالظاهر عدم وجوبه على الواجد، بل يتولاه (4) الحاكم ولاية عن صاحبه و يخرج (5) عن العين اجرة الدلال، ثم يتصدق بالباقي إن لم يوجد صاحبه.

++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 144. الحديث 1 الباب 47، فإن قوله عليه السلام في المصدر: و من لم تعرف تصدقت به مطلق غير مقيد بالفحص.

(2) أي المدار في الفحص و مقداره هنا هو المدار الذي ذكره العلماء في وجوب الفحص في اللقطة حولا كاملا، لا أنه يشتغل بالفحص آناء الليل، و أطراف النهار، لأن هذا مستلزم للعسر و الحرج المنفيين في الاسلام.

(3) اسم فاعل من صاح يصيح وزان باع يبيع أجوف يائي معناه التصويت بصوت عال

(4) أي يتول بذل المال في سبيل الصائح الحاكم الشرعي: بمعنى أنه يعين الدلال من دون أن يباشره آخذ المال.

(5) بصيغة المعلوم من باب الإفعال، أي الحاكم الشرعي هو الذي يخرج اجرة الدلال عن العين التي امر بالنداء عليها.

و لا يخفى أن النداء على العين بواسطة الدلال كان متعارفا في العصور السابقة.

و في عصرنا الحاضر توجد وسائط اخرى أهم و أنفع من وسائط السابقين و هي: (الجرائد و المجلات و الراديوات و مكبرات الصوت محليا).

ص: 192

و يحتمل وجوبه (1) عليه، لتوقف الواجب (2) عليه.

و ذكر (3) جماعة في اللقطة أن اجرة التعريف على الواجد.

لكن حكي عن التذكرة أنه إن قصد (4) الحفظ دائما يرجع أمره إلى الحاكم، ليبذل اجرته من بيت المال، أو يستقرض على المالك

++++++++++

(1) أي وجوب بذل المال على الواجد، لا على الحاكم.

(2) و هو الفحص على بذل المال فبذل المال مقدمة للفحص الواجب فيكون واجبا من باب مقدمة الواجب.

(3) هذا تأييد لاحتمال وجوب بذل المال على الآخذ من باب المقدمة.

(4) أي إن قصد آخذ الجائزة بعد علمه بحرمتها أن يحفظها دائما بناء على ابقائها في يده أمانة شرعية بعد الفحص عنها حولا كاملا و اليأس عن صاحبها.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 92 إلى 96 كتاب اللقطة.

و إلى هذا المعنى أشار الامام عليه السلام في الحديث.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 350. الحديث 3-10 الباب 2 من كتاب اللقطة.

أليك نص الحديث 3:

عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام سألته عن اللقطة؟

قال: لا ترفعوها، فإن ابتليت فعرفها سنة، فإن جاء طالبها و إلا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك إلى أن يجيء طالب.

و كلمة يرجع من باب الافعال، و الفاعل في ليبذل حاكم الشرع كما هو الفاعل في قوله: أو يستقرض، أو يبيع بعضها.

ص: 193

أو يبيع بعضها إن رآه أصلح.

و استوجه ذلك (1) جامع المقاصد.

ثم إن الفحص لا يتقيد بالسنة على ما ذكره الأكثر هنا (2)، بل حده (3) اليأس، و هو مقتضى الأصل (4)، إلا أن المشهور كما في جامع المقاصد أنه إذا أودع الغاصب مال الغصب لم يجز الرد إليه، بل يجب رده إلى مالكه.

++++++++++

(1) أى ارجاع أمر الجائزة إلى الحاكم الشرعي.

(2) أي في باب جوائز السلطان.

(3) أي نهاية الفحص.

(4) الظاهر أن المراد من الأصل عند (شيخنا الأنصاري): البراءة فيما إذا حصل الياس قبل السنة: بمعنى أن المكلف بعد أن يحصل له اليأس من العثور على المالك بسبب الفحص يشك في استمرار وجوب الفحص عليه إلى تمام السنة فينفي استمرار الوجوب بأصل البراءة الذي مقتضاه براءة ذمته من وجوب الفحص.

و لكن لا يخفى أنه لو لم يحصل الياس في انتهاء السنة فمقتضى الأصل الاستصحاب الذي معناه وجوب استمرار الفحص على المكلف حتى اليأس

بيان ذلك؟ أن الأقوال الممكنة في هذا المجال خمسة:

(الأول): وجوب الفحص إلى سنة، سواء انتهت السنة قبل اليأس أم بعده.

(الثاني): وجوب الفحص إلى حد اليأس، سواء حصل اليأس قبل السنة أم بعده.

(الثالث): وجوب الفحص إلى أقصر الحدين: بمعنى الاكتفاء ببلوغ اليأس و إن كان قبل انتهاء السنة، أو بانتهائها قبل حصول اليأس.

ص: 194

فإن جهل (1) عرّف سنة ثم يتصدق به عنه، و به (2) رواية حفص بن غياث.

لكن موردها في من أودعه رجل من اللصوص دراهم، أو متاعا و اللص مسلم فهل يرد عليه؟

فقال: لا يرده، فان أمكنه أن يرده على أصحابه فعل، و إلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها (3) فيعرفها حولا، فإن أصاب صاحبها ردها عليه، و إلا تصدق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك (4) خير (5) بين الغرم و الاجر (6)، فإن اختار (7) الأجر فالأجر له، و إن اختار الغرم

++++++++++

- (الرابع): وجوب الفحص عند حصول اليأس، و انتهاء السنة و هو المعبر عنه: بتطابق الحدين.

(الخامس): وجوب الفحص إلى أطول الحدين، و هذا أوجه الأقوال و أحوطها، و هو مقتضى الاستصحاب الذي هو وجوب استمرار الفحص.

(1) بصيغة المجهول، أي إن لم يعرف صاحب الوديعة التي أودعها الغاصب عند الودعي.

(2) أي و بعدم جواز رد مال الغصب إلى الغاصب، بل لا بدّ من رده إلى مالكه إن عرفه، و إلا يعرف عن المال حولا كاملا، فإن يأس عنه تصدق به عن صاحبه، ثم الضمان.

(3) أي يجدها.

(4) أي بعد أن عرّف اللقطة سنة كاملة، و تصدق بها بعد السنة.

(5) أي صاحب الوديعة.

(6) و هو الثواب الاخروي.

(7) أي مالك الوديعة.

ص: 195

غرم (1) له و كان الأجر له.

و قد تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، بل الظالم (2) و لم يتعدوا من الوديعة المجهول مالكها إلى مطلق ما يعطيه الغاصب و لو بعنوان غير الوديعة كما فيما نحن فيه (3).

++++++++++

(1) و هو المستودع الذي اودع عنده المال المسروق المعبر عنه بالودعي و كان الأجر له.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 368. الباب 18 من أبواب كتاب اللقطة. الحديث 1.

(2) مقصود الشيخ: أن فقهاءنا رضوان اللّه عليهم تعدوا من اللص إلى مطلق الغاصب: بأن قالوا: إن الأحكام المترتبة على وديعة اللص:

من عدم جواز ردها إلى سارقها، و من وجوب التعريف عنها حولا كاملا و من وجوب التصدق بها عن صاحبها، ثم ضمان ما تصدق به: مترتبة على وديعة مطلق الغاصب، سواء أ كان سلطانا جائرا أم غيره فكل ما يترتب على تلك الوديعة يترتب على هذه من غير فرق بينهما، فلو أودع الغاصب شيئا عند شخص يجري عليها ما يجري على وديعة اللص.

لكن الأصحاب لم يتعدوا من الوديعة المجهول مالكها، سواء أ كانت من اللص أم من الغاصب الظالم: إلى مطلق ما يعطيه الغاصب، سواء أ كان ما يعطيه بعنوان الهبة أم بعنوان الجائزة أم بعنوان البيع و الشراء، أي لم تترتب الأحكام المذكورة في الوديعة المجهول مالكها: على مطلق ما يعطيه الغاصب بأي نحو من انحاء الإعطاء إن لم يكن بعنوان الوديعة.

(3) و هو وصول المال من الجائر بغير عنوان الوديعة، فإن الاصحاب لم يقولوا هنا بترتب الأحكام المذكورة في وديعة اللص عليه.

ص: 196

نعم (1) ذكر في السرائر فيما نحن فيه: أنه روي أنه بمنزلة اللقطة ففهم التعدي من الرواية (2).

و ذكر في السرائر أن إجراء حكم اللقطة فيما نحن فيه (3) ليس ببعيد كما أنه عكس في النهاية و التحرير (4) فالحقا الوديعة بمطلق مجهول المالك.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده آنفا: من عدم تعدي الأصحاب من الوديعة المجهول مالكها إلى مطلق ما يعطيه الجائر بغير عنوان الوديعة.

و خلاصته: أن (ابن ادريس) قال في السرائر: إن ما نحن فيه و هو وصول المال من الجائر بغير عنوان الوديعة بمنزلة اللقطة: من حيث وجوب التعريف عنها حولا كاملا إذا لم يعرف صاحبها، ثم التصدق بها بعد اليأس، ثم الضمان إن جاء صاحبها و لم يرض بالصدقة، لأن ابن ادريس قال: إن بهذا التنزيل رواية و مقصوده من الرواية رواية حفص بن غياث المشار إليها في ص 195 الواردة في وديعة اللص، ففهم التعدي من موردها إلى كل ما يعطيه الظالم الجائر و لو كان بعنوان غير الوديعة فتترتب الأحكام المذكورة في الوديعة عليه أيضا.

(2) و هي رواية حفص بن غياث.

(3) و هو وصول المال من الظالم و لو بغير عنوان الوديعة ملحق باللقطة في إجراء أحكامها عليه كما عرفت آنفا.

(4) أي الشيخ في النهاية، و العلامة في التحرير بعكس ذلك حكما فالحقا وديعة اللص بمطلق المال المجهول المالك فقالا: إن أحكام المجهول المالك تترتب على الوديعة، بينما كان الأمر بعكس ذلك، إذ المال المجهول المالك كان ملحقا بالوديعة.

ص: 197

و الإنصاف أن الرواية (1) يعمل بها في الوديعة، و فيما أخذ (2) من الغاصب بعنوان الحسبة للمالك، لا مطلق (3) ما أخذ منه حتى لمصلحة الآخذ، فان (4) الأقوى فيه تحديد التعريف باليأس،

++++++++++

(1) و هي رواية حفص بن غياث يعمل بها في وديعة اللص:

من حيث وجوب التعريف حولا كاملا: بمعنى أن موردها خاص بوديعة اللص فقط فلا تشمل ما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم بغير عنوان الوديعة.

(2) أي و يعمل برواية حفص بن غياث أيضا فيما يؤخذ من الغاصب لمصلحة المالك: من وجوب الفحص عن صاحبه حولا كاملا ثم التصدق به بعد الفحص، ثم الضمان إن ظهر صاحبه و لم يرض بالصدقة.

(3) أي الرواية لا تشمل مطلق ما يؤخذ من الغاصب و لو بعنوان مصلحة نفسه فلا يعمل بها في هذه الصورة.

(4) هذا نظر الشيخ حول ما يؤخذ من الغاصب لمصلحة نفسه.

و حاصل النظر: أن وجوب الفحص إلى حد اليأس هو مقتضى الاستصحاب الآمر بذلك و كان اللازم جريان هذا الاستصحاب في الوديعة و ما اخذ لمصلحة المالك.

لكن خرجنا عن هذا الأصل لوجود رواية حفص بن غياث الدالة على وجوب الفحص حولا كاملا فيهما فهي المخرجة لنا في الموردين عن الأصل المذكور.

كما أجرى هذا الأصل (شيخنا الأنصاري) بقوله في ص 194 ثم إن الفحص لا يتقيد بالسنة على ما ذكره الأكثر، بل إلى حد اليأس و هو مقتضى الأصل.

ص: 198

للأصل (1) بعد (2) اختصاص المخرج عنه: بما عدا ما نحن فيه.

مضافا (3) إلى ما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالك، مع عدم معرفة المالك كما في الرواية الواردة في بعض عمال بني امية من الأمر بالصدقة بما لا يعرف صاحبه مما يقع في يده من أموال الناس بغير حق (4).

++++++++++

(1) تعليل لوجوب الفحص إلى حد اليأس، و المراد منه هو الاستصحاب كما عرفت في ص 194

(2) هذه العبارة: (بعد اختصاص المخرج عنه بما عدا ما نحن فيه) من متممات ما أفاده الشيخ: من وجوب الفحص إلى حد اليأس فيما أخذ لمصلحة الآخذ، أي الفحص إلى حد اليأس فيما أخذ لمصلحة الآخذ بعد القول باختصاص المخرج الذي هي رواية حفص بن غياث: بالوديعة و بما اخذ لمصلحة المالك، و لولاها لقلنا بالفحص إلى حد اليأس فيهما كما عرفت آنفا.

و المراد من ما نحن فيه هو الأخذ لمصلحة الآخذ.

و من ما عدا هي الوديعة، و ما أخذ لمصلحة المالك.

و مرجع الضمير في عنه هو الأصل المراد منه الاستصحاب كما عرفت.

(3) أي لنا دليل آخر بالإضافة إلى الدليل المذكور الذي هو الاستصحاب و هذا الدليل هي الرواية الآتية في ص 203.

و خلاصته: أن الأمر بالتصدق في الرواية، و تضمين الجنة له منصرف إلى المال الذي أخذ لمصلحة غير المالك فيجب الفحص إلى حد اليأس.

(4) هذا مضمون الرواية المنصرفة إلى ما اخذ لمصلحة نفسه، فإن ما يقع في يده من أموال الناس إنما يؤخذ لمصلحة نفسه.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 144. الباب 47. الحديث 1 -

ص: 199

ثم الحكم بالصدقة (1) هو المشهور فيما نحن فيه أعني جوائز الظالم

و نسبه (2) في السرائر إلى رواية أصحابنا، فهي (3) مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة، مؤيدة (4): بأن التصدق أقرب طرق الإيصال.

++++++++++

- لا يخفى على من لاحظ الرواية عدم دلالتها على وجوب الفحص إلى حد اليأس، مع أن مصب كلام الشيخ هو وجوب الفحص إلى حد اليأس.

اللهم إلا أن يقال: إن مورد الرواية اليأس.

(1) أي بصدقة المال المجهول المالك بعد التعريف حولا كاملا في وديعة اللص، و ما أخذ من الغاصب لمصلحة المالك.

أو بعد اليأس عن صاحبه فيما اخذ من الغاصب لمصلحة الآخذ.

(2) أي نسب الحكم بالصدقة في المشهور في السرائر إلى رواية أصحابنا بقوله: و يجب عليه ردها على أربابها إن عرفهم، فإن لم يعرفهم عرّف ذلك المال و اجتهد في طلبهم، و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرض به صاحبها.

(3) هذه العبارة: (فهي مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة) من الشيخ لا من (ابن ادريس) أي رواية الأصحاب الأمر بالتصدق مرسلة، و المرسلة ضعيفة، لكن يجبر ضعفها بالشهرة المحققة عند الأصحاب.

(4) بصيغة المفعول فهي منصوبة محلا على أن تكون حالا للمرسلة أي مرسلة (ابن ادريس) مؤيدة: بالامر بالتصدق عن صاحب المال و التصدق أقرب طريق إلى ايصال الثواب إلى صاحبها، لأن في الصدقة ثوابا فهذا الثواب يرجع إليه و هذا التأييد أول المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس).

ص: 200

و ما ذكره الحلي (1): من ابقائها أمانة في يده و الوصية بها معرض (2) المال للتلف (3)، مع أنه (4) لا يبعد دعوى شهادة حال المالك للقطع برضاه (5) بانتفاعه بما له في الآخرة على تقدير عدم انتفاعه به في الدنيا. هذا (6).

++++++++++

(1) أي و ما ذكره (ابن ادريس) في كتاب السرائر: من إبقاء الوديعة في يده أمانة بقوله: فإن علم أنها غصب و لم يعرف صاحبها بعينه بقّاها عنده إلى أن يعرفه، و اجتهد في طلبه ثم يوصي به عند الموت.

(2) بصيغة الفاعل من باب التفعيل من عرّض يعرّض فهو مرفوع خبر للمبتدإ المتقدم و هو ما الموصولة في قوله: و ما ذكره، أي ما ذكره الحلي معرض المال للتلف.

(3) إذ من الممكن أن يكون ورثة الرجل أشقياء و خونة فيأكلون المال و لا يعطونها إلى الموصى بالوديعة.

(4) هذا ترق من الشيخ على ما أفاده: من أن إبقاء المال في يده امانة، ثم الوصية به معرض للتلف، أي مع أن التصدق بالمال عوضا عن صاحبه بعد اليأس مقتضى شهادة حال صاحبه، فإنه يقطع برضاه بذلك، حيث ينتفع بهذه الصدقة في الآخرة ان لم ينتفع بها في الدنيا.

(5) و لا يخفى أنه على القول بضمان المال بعد التصدق لو جاء صاحب المال فهل يضمن للورثة لو جاءوا و طلبوا المال من المتصدق بعد الصدقة؟ الصواب عدم الضمان، لأن القدر المتيقن من الضمان هو مجيء صاحب المال.

(6) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام الدقيق و كن على بصيرة من امره.

ص: 201

و العمدة (1) ما أرسله في السرائر مؤيدا (2) بأخبار اللقطة و ما (3)

++++++++++

(1) من هنا يقصد الشيخ أن يثبت الامر بالتصدق فقال: إن العمدة في جواز التصدق عن المال المجهول المالك عن صاحبه ما رواه (ابن ادريس) في السرائر مرسلا بقوله: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرضوا بما فعل.

(2) حال (لما الموصولة) في قوله: و العمدة ما أرسله أي مرسلة (ابن ادريس) التي رواها بقوله في ص 200: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه مؤيدة بأخبار اللقطة، فأخبار اللقطة أول المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) التي رواها لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم بغير عنوان الوديعة.

أليك نص الحديث الثاني:

عن الحسين بن كثير عن أبيه قال: سأل رجل (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام عن اللقطة فقال: يعرفها، فان جاء صاحبها دفعها إليه، و إلا حبسها حولا، فإن لم يجيء صاحبها، أو من يطلبها تصدّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده و كان الاجر له، و إن كره ذلك احتسبها و الاجر له.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17 ص 349. الباب 2 من أبواب اللقطة. الحديث 2.

فجوائز السلطان الجائر حكمها حكم اللقطة في وجوب الفحص عن صاحبها إن لم يعرفها، ثم التعريف، ثم التصدق عنها، ثم الضمان إن جاء صاحبها و لم يرض بها.

(3) مجرور محلا عطفا على مجرور الباء الجارة في قوله: بأخبار اللقطة هذا ثان المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) اي المرسلة المذكورة الآمرة -

ص: 202

في منزلتها، و ببعض (1) الأخبار الواردة في حكم ما في يد بعض عمال بني امية الشامل بإطلاقه لما نحن فيه: من جوائز بني امية، حيث قال له عليه السلام: اخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، و من لم تعرف تصدقت به (2).

و يؤيده (3) أيضا الأمر بالتصدق بما يجتمع عند الصياغين: من أجزاء النقدين (4).

++++++++++

- بالتصدق مؤيدة بخبر الوديعة التي هي بمنزلة اللقطة: و هي رواية حفص بن غياث الواردة في الوديعة المشار إليها في ص 195 بقوله عليه السلام: و إلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا، فإن أصاب صاحبها ردها عليه و إلا تصدق بها، فالحديث هذا مؤيد لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم من غير الوديعة و اللقطة.

ثم لا يخفى أن في أكثر النسخ الموجودة عندنا: (و ما في حكمها) و الصحيح ما أثبتناه، إذ كلمة المنزلة موجودة في الحديث كما عرفت فلا مجال لكلمة و ما في حكمها.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا ثالث المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) التي رواها بقوله في ص 200 و روى أصحابنا الآمرة بالتصدق.

(2) نفس المصدر. الجزء 12. ص 144. الحديث 1. الباب 47 من أبواب ما يكتسب به.

(3) أي و يؤيد التصدق.

هذا رابع المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

(4) و هو الذهب و الفضة، حيث إنه يجتمع عند الصاغة تراب الذهب و القضاء الذين بأيديهما من الناس. -

ص: 203

و ما ورد (1) من الأمر بالتصدق بغلة الوقف المجهول أربابه.

++++++++++

- راجع نفس المصدر. ص 484. الحديث 1. الباب 16 من أبواب الصرف.

أليك نص الحديث:

عن علي عن ميمون الصائغ قال: سألت (أبا عبد اللّه) عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟

قال: تصدق به فإما لك، و إما لأهله.

قال: قلت: فإن فيه ذهبا و فضة و حديدا فبأي شيء أبيعه؟

قال: بعه بطعام.

قلت: فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه؟

قال: نعم.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا خامس المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. الجزء 13. ص 303. الحديث 1. الباب 6 من أبواب أحكام الوقوف و الصدقات.

أليك نص الحديث الأول:

عن (أبي علي بن الراشد) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم، و لما وفّرت(1) المال خبرت أن الأرض وقف؟

فقال: لا يجوز شراء الوقوف، و لا تدخل الغلة(2) في ملك، ادفعها -

ص: 204


1- من باب التفعيل بصيغة المتكلم المعلوم. معناه هنا: وصول الأرباح و الفوائد إلى المشتري.
2- المراد من الغلة هنا: حاصلات الأرض الموقوفة و عوائدها.

و ما ورد (1) من الأمر بالتصدق بما يبقى في ذمة الشخص لأجير استأجره.

و مثله (2) مصححة يونس فقلت: جعلت فداك كنا مرافقين لقوم بمكة فارتحلنا عنهم و حملنا بعض متاعهم بغير علم و قد ذهب القوم و لا نعرفهم و لا نعرف أوطانهم و قد بقي المتاع عندنا فما نصنع به؟

قال عليه السلام: تحملونه حتى تحملوه إلى الكوفة.

قال يونس: قلت له: لست أعرفهم و لا ندري كيف نسأل عنهم؟

قال: بعه و اعط ثمنه أصحابك.

قلت: جعلت فداك أهل الولاية؟

قال: نعم

++++++++++

- إلى من أوقفت عليه.

قلت: لا أعرف لها ربا.

قال: تصدق بغلّتها.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا سادس المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. ص 110. الحديث 3. الباب 22 من أبواب الدين و القرض.

(2) أي و مثل ما ورد بالأمر بالتصدق: صحيحة يونس بن عبد الرحمن هذا سابع المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. الجزء 17. ص 357. الحديث 2 الباب 7 من أبواب اللقطة، و الحديث هذا منقول بالمعنى.

ص: 205

نعم (1) يظهر من بعض الروايات أن مجهول المالك مال الإمام عليه السلام كرواية داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه قال: قال له رجل: إني قد أصبت مالا، و إني قد خفت فيه على نفسي فلو أصبت صاحبه دفعته إليه و تخلصت منه.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: لو أصبته كنت تدفعه إليه.

فقال: اي و اللّه.

فقال عليه السلام: فأنا، و اللّه ما له صاحب غيري.

قال (2): فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره.

قال: فحلف.

قال: فاذهب فاقسمه بين إخوانك و لك الأمن مما خفت فيه.

قال: فقسمته بين إخواني (3). هذا (4).

و أما (5) ما ذكرناه في وجه التصدق: من أنه احسان، و أنه أقرب

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: عن الصدقة بقوله: ثم الحكم بالصدقة هو المشهور فيما نحن فيه أعني جوائز الظالم، و أفاد أن التصدق هو الخروج عن المأزق.

(2) أي الراوي قال: إن الامام استحلف السائل عن الأموال التي في يده.

(3) راجع (فروع الكافي). الجزء 5. ص 138. الحديث 7 من كتاب المعيشة.

(4) أي خذ ما تلوناه عليك في باب جوائز الظالم من أقوال الفقهاء فيها حسب الأخبار الواردة في المقام، و قد ذكرناها لك.

(5) من هنا يروم الشيخ أن يهدم بعض المؤيدات التي ذكرها لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

ص: 206

طرق الايصال (1)، و أن الاذن فيه حاصل بشهادة الحال (2) فلا يصلح شيء منها (3) للتأييد، فضلا عن الاستدلال (4)، لمنع جواز كل احسان (5) في مال الغائب، و منع (6) كونه أقرب طرق الايصال

بل الأقرب دفعه إلى الحاكم الذي هو ولي الغائب.

و أما (7) شهادة الحال فغير مطردة، إذ بعض الناس لا يرضى بالتصدق، لعدم يأسه عن وصوله إليه، خصوصا إذا كان المالك مخالفا أو ذميا يرضى بالتلف و لا يرضى بالتصدق على الشيعة

فمقتضى القاعدة (8) لو لا ما تقدم من النص (9) هو لزوم الدفع إلى الحاكم، ثم الحاكم يتبع شهادة حال المالك.

++++++++++

(1) الذي ذكره بقوله في ص 200: بأن التصدق أقرب طرق الايصال.

(2) الذي ذكره بقوله في ص 201: مع أنه لا يبعد دعوى شهادة الحال.

(3) أي من تلك المؤيدات المذكورة.

(4) أي المؤيدات المذكورة ليست قابلة للتأييد بالإضافة إلى الاستدلال بها

(5) الذي هي الصدقة.

(6) أي و لمنع كون هذه الصدقة التي هو احسان على ما يقال أقرب الطرق إلى حصول الثواب إلى صاحبها.

(7) هذا رد على ما ذكره من التأييد بقوله في ص 201: مع أنه لا يبعد دعوى شهادة الحال للقطع برضاه، أي برضى صاحب المال بالتصدق بماله غير مسلم.

(8) و هو أن الحاكم ولي للغائب فيدفع المال إليه.

(9) و هي النصوص الواردة في التصدق المشار إليها في ص 195

ص: 207

فإن شهدت (1) برضاه بالصدقة، أو بالإمساك عمل (2) عليها و إلا (3) تخير بينهما، لأن كلا منهما تصرف لم يؤذن فيه من المالك و لا بد من أحدهما و لا ضمان فيهما.

و يحتمل قويا تعين الإمساك (4)، لأن الشك في جواز التصدق يوجب بطلانه (5)، لأصالة الفساد.

و أما (6) بملاحظة ورود النص بالتصدق فالظاهر عدم جواز الإمساك امانة، لأنه (7) تصرف لم يؤذن فيه من المالك و لا الشارع، و يبقى الدفع إلى الحاكم.

++++++++++

(1) أي حال المالك، و التأنيث باعتبار كلمة الحال.

(2) أي الحاكم عمل على شهادة الحال في الصدقة، أو بالإمساك.

(3) أي و ان لم تشهد الحال على أحدهما تخير الحاكم بين الصدقة و بين الإمساك.

(4) أي إمساك ما وصل من الظالم، أو المودع الغاصب، و عدم جواز إعطائه صدقة عن صاحبه.

(5) وجه البطلان أن الصدقة أمر عبادي محتاج إلى قصد القربة و مع الشك في جواز التصدق لا يتأتى منه قصد القربة، فتجري أصالة الفساد، لأن العبادات توقيفية.

(6) أي ما ذكرناه حول ما وصل إليه من الظالم، أو المودع الغاصب من وجوب الإمساك كان مع قطع النظر عن ملاحظة ورود الأخبار في المقام.

و أما إذا لاحظنا ورود الأخبار في هذا الباب كما ذكرناها لك فالمتعين على من وصل إليه المال: هي الصدقة لا غير. و قد أشرنا إلى هذه الأخبار في ص 195، لأن التعين بالصدقة حينئذ من باب التعبد.

(7) أي إمساك المال بعد ورود تلك الأخبار التي أشرنا إليها آنفا -

ص: 208

و التصدق.

و قد يقال: إن مقتضى الجمع بينه (1)، و بين دليل ولاية الحاكم (2)

++++++++++

- يكون تصرفا في مال الغير من دون اذنه، و المفروض بناء على هذا القول لا يوجد اذن من الشارع فيكون محظور الإمساك أشد من محظور التصدق لأن التصدق فيه اذن من قبل الشارع، و إن كان المتصدق ضامنا لو جاء المالك و لم يرض بالصدقة.

(1) أي بين دليل التصدق و هي الأخبار المذكورة الآمرة بوجوب التصدق عن صاحب المال.

(2) و هي مقبولة (عمر بن حنظلة) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين، أو ميراث فتحا كما إلى السلطان، أو إلى القضاة أ يحل ذلك؟

فقال عليه السلام: من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا و إن كان حقه ثابتا، لأنه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه عز و جل أن يكفر بها.

قلت: كيف يصنعان؟

قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم اللّه استخف، و علينا ردّ، و الراد علينا راد على اللّه، و هو على حد الشرك باللّه عز و جل.

(التهذيب). الجزء 6. ص 218 الحديث 6. الباب 87 من كتاب القضايا و الأحكام.

فالجمع بين هذه المقبولة الآمرة بالرجوع في الحوادث إلى حكام الشريعة و منها: اللقطة، و المال المجهول المالك، و أضرابهما، و غيرها من الأخبار الواردة في الرجوع إلى حكام الشريعة في الحوادث الواقعة، و بين تلك -

ص: 209

هو التخيير بين الصدقة و الدفع إلى الحاكم، فلكل منهما (1) الولاية.

و يشكل (2) بظهور النص في تعيين الصدقة.

نعم يجوز الدفع إليه (3) من حيث ولايته على مستحقي الصدقة و كونه (4) أعرف بمواقعها.

و يمكن أن يقال: إن أخبار التصدق واردة في مقام اذن الإمام بالصدقة (5)،

++++++++++

- الأخبار الآمرة بوجوب التصدق في المال الذي جاء من قبل الظالم بغير الوديعة: هو التخيير بين الصدقة، و بين دفعه إلى الحاكم الشرعي.

(1) أي لكل من الحاكم الشرعي، و لمن وصله المال من الظالم أو الغاصب الولاية على هذا المال ولاية مستقلة في عرض ولاية الفقيه في خصوص إعطاء هذا المال صدقة عن صاحبه، و إن كانت ولاية الفقيه أوسع شمولا من ولاية من وصله المال من الظالم، لأن ولاية هذا دائرتها ضيقة، و مختصة على هذا المال فحسب، بخلاف ولاية الفقيه.

(2) أي التخيير بين الصدقة، و بين الدفع إلى الحاكم مشكل، مع ورود النص بتعين الصدقة عن صاحب المال كما في الأخبار المذكورة.

(3) أي إلى الحاكم: من حيث إنه ولي مستحق الصدقة فيده يده و الايصال إليه ايصال إلى مستحق الصدقة.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: من حيث ولايته، أي و من حيث كون الحاكم الشرعي أعرف و أبصر بمواقع الصدقة من حيث توزيعها على مستحقيها، فهو دليل ثان لجواز دفع المال إلى الحاكم لأجل أن يتصدق به عن صاحبه، فاعطاؤه له لأجل هذا لا غير.

(5) حاصل هذا أن هذه الأخبار واردة في الاذن بالصدقة من قبل الامام عليه السلام، لا أنها متعينة للصدقة.

ص: 210

أو محمولة (1) على بيان المصرف، فإنك إذا تأملت في كثير من التصرفات الموقوفة على اذن الحاكم وجدتها (2) واردة في النصوص (3)، على طريق الحكم العام (4):

++++++++++

(1) أي و يمكن أن يقال: إن أخبار التصدق الواردة في المقام محمولة على بيان مصرف المال فمن جملته التصدق به، فلا ينافي هذه الأخبار اعطاءه للحاكم، لكون هذا الإعطاء مصرفا آخر.

(2) أي تلك التصرفات.

(3) و هي مقبولة (عمر بن حنظلة)، و الحديث الثامن المذكور في نفس المصدر. ص 219، و أحاديث اخرى.

(4) المراد من (على طريق الحكم العام): أن مقبولة عمر بن حنظلة و بقية الأحاديث الواردة في المقام في ص 219 من نفس المصدر كلها تثبت الحكم للحاكم على نحو العموم في كل واقعة من الوقائع، و حادثة من الحوادث للمكلفين، و لا تحتاج إلى ورود نص خاص لكل واحدة منها.

و من تلك الحوادث و الوقائع هذه الوقائع الثلاث التي ذكرها الشيخ بقوله: كإقامة البينة و الإحلاف، و المقاصة، لأن هذه من لوازم صلاحية الحاكم الذي أعطاها الامام عليه السلام له في قوله:

من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما.

فهذا القول بمنزلة كبرى كلية تنطبق على صغرياتها و هي الحوادث الواقعة، فكأنه قال عليه السلام للحاكم: اقم البينة من المدعي فيما يدعيه و احلف المنكر، أو المدعي إذا رد المنكر اليمين، أو يجوز للمقاص بعد رفع أمره إلى الحاكم المقاصة من مال زيد بدلا عن طلبه منه.

و هكذا في جميع الحوادث الطارئة له.

ص: 211

كاقامة البينة، و الإحلاف، و المقاصة (1).

و كيف كان (2) فالاحوط خصوصا بملاحظة ما دل على أن مجهول المالك مال الامام عليه السلام (3): مراجعة الحاكم في الدفع إليه، أو استيذانه

و يتأكد ذلك (4) في الدين المجهول المالك، إذ الكلي (5)

++++++++++

- و كلمة العام في قول الشيخ: على طريق الحكم العام صفة لكلمة الحكم أي الحكم الموصوف بكونه عاما.

(1) مر شرح المقاصة لغة و شرعا في الجزء 4 من المكاسب. ص 80.

و أما كون المقاصة واقعا في طريق الحكم العام، لأنه من التصرفات الموقوفة على اذن الحاكم كما عرفت في ص 211 فقد ورد في الخبر أن المقاص الذي هو الدائن لا بد له من الرجوع إلى الحاكم الشرعي إذا أنكر المدين، و رفع أمره إليه فيطلبه الحاكم و ينذره بالاداء، فإن أدى فهو المطلوب، و إلا أجاز للدائن التقاص من المدين بقدر طلبه من ماله الذي عنده، أو عند من يتمكن منه الأخذ، فالدائن بدون مراجعة الحاكم لا يجوز له المقاصة من مال المدين فرجوعه إليه واقع في طريق الحكم الشرعي للمقاص.

(2) أي سواء أ كان من عنده المال مخيرا بين التصدق به مستقلا بناء على أن له الولاية الخاصة على ذلك ولاية عرضية في قبال ولاية الحاكم أم بين الدفع إلى الحاكم ليتصدى هو بنفسه إلى التصدق.

(3) و هي رواية داود بن أبي يزيد في قوله عليه السلام: و اللّه ما له صاحب غيري التي اشير إليها في ص 206.

(4) أي مراجعة الحاكم في الدين المجهول المالك.

(5) و هو الدين الذي انتقل إلى ذمته بعد الاستدانة، و اخذ المال من الدائن، فإن هذا الدين ينطبق على كل مال كما في البيع الكلي، و الإجارة للمدين الكلية، حيث إن البيع و الإجارة واقعان على كلي المبيع، و كلي -

ص: 212

لا يتشخص للغريم (1) إلا بقبض الحاكم الذي هو وليه، و إن كان ظاهر الأخبار الواردة فيه (2) ثبوت الولاية للمدين.

++++++++++

- الإجارة و طبيعيهما، فاذا وجد المبيع، أو الإجارة معيبا، أو ظهر مستحقا للغير لم يبطل البيع أو الإجارة، فعلى البائع أو الموجر باتيان فرد صحيح للمشتري، أو المستأجر.

(1) المراد منه هنا صاحب المال الذي هو الدائن، أي الذي في ذمة المدين لا يتعين للدائن إلا بقبض الحاكم الذي هو وليه، لكون الدائن غائبا، أو مجهول المكان، أو مجهول الهوية.

(2) أي في الدين المجهول المالك.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 109-110. الباب 22 من أبواب الدين و القرض. الأحاديث. أليك نص الحديث الثالث:

سأل حفص الأعور (أبا عبد اللّه) عليه السلام فقال: إنه كان لأبي أجير يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث.

فقال (أبو عبد اللّه) عليه السلام: تدفع إلى المساكين.

ثم قال: رأيك فيها، ثم أعاد عليه المسألة فقال له: مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة.

فقال (أبو عبد اللّه) عليه السلام: تطلب وارثا، فان وجدت وارثا، و إلا فهو كسبيل مالك.

فجملة: و إلا فهو كسبيل مالك تدل على أن للمدين ولاية على التصرف في المال المجهول المالك، لمكان كاف التشبيه فكما أن الإنسان مطلق التصرف في ماله.

كذلك المدين في الدين المجهول المالك يجوز له التصرف في هذا المال كيف شاء و لا يحتاج إلى مراجعة الحاكم.

ص: 213

ثم إن حكم تعذر الإيصال إلى المالك المعلوم تفصيلا حكم جهالة المالك (1)، و تردده بين غير محصورين في التصدق استقلالا، أو باذن الحاكم كما صرح به جماعة منهم المحقق في الشرائع، و غيره.

ثم إن مستحق هذه الصدقة (2) هو الفقير، لأنه المتبادر من اطلاق الأمر بالتصدق.

و في جواز اعطائها للهاشمي قولان:

من أنها (3) صدقة مندوبة على المالك و إن وجبت على من هي بيده إلا أنه نائب كالوكيل و الوصي.

++++++++++

(1) أي حكم المال المعلوم بالتفصيل المتعذر ايصاله إلى صاحبه: حكم المال المجهول المالك المتردد بين أشخاص غير محصورين، فكما أن هذا المال يتصدق عن صاحبه الذي هو متردد بين أشخاص غير محصورين من دون مراجعة الحاكم، أو مع المراجعة إليه.

كذلك المال المعلوم بالتفصيل المتعذر ايصاله إلى صاحبه يتصدق به عن صاحبه بالاستقلال من دون مراجعة الحاكم الشرعي، أو يطلب الإذن من الحاكم في التصرف.

(2) و هي صدقة المال المجهول المالك.

و المراد من الفقير معناه الأعم الشامل للمسكين كما في قوله عليه السلام في ص 213: تدفع إلى المساكين.

راجع المصدر السابق نفس الصفحة و الحديث.

(3) دليل لجواز اعطاء الصدقة للهاشمي، أي من أن هذه الصدقة مندوبة عن صاحب المال فيجوز للهاشمي أخذها و اكلها و إن كان اعطاؤها صدقة واجبا على من بيده الملل.

ص: 214

و من أنها (1) مال تعين صرفه بحكم الشارع، لا بأمر المالك حتى تكون مندوبة، مع (2) أن كونها من المالك غير معلوم فلعلها ممن تجب عليه.

ثم إن في الضمان لو ظهر المالك و لم يرض بالتصدق، و عدمه (3)

++++++++++

(1) دليل لعدم جواز اعطاء هذا المال صدقة للهاشمي، أي و من أن اعطاء هذا المال صدقة عن صاحبه إنما كان بأمر من الشارع فصار واجبا فاذا وجب حرم اعطاؤه للهاشمي كما يحرم عليه الأخذ من المتصدق، لأن الصدقة أصبحت حينئذ واجبة لا مندوبة فتكون محرمة على الهاشمي.

و لا يخفى عدم كفاية هذا الدليل في حرمة اعطاء هذه الصدقة للهاشمي حيث إن وجوب الإعطاء جاء من قبل الشارع إلى المدين، لا إلى المالك الأصلي، و حرمة غير الزكوات من الصدقات على الهاشمي محل تأمل، فلا بد لنا من دليل آخر يدل على الحرمة.

مضافا إلى أن الشك في الحرمة حينئذ كاف في جواز الإعطاء بمقتضى الأصل.

(2) هذا تأييد لدليل عدم جواز إعطاء الصدقة للهاشمي، أي مع امكان وقوع الصدقة من قبل الدافع، لأنه من الممكن أن يظهر المالك و لا يرضى بالصدقة فتقع هذه الصدقة حينئذ من قبل الدافع.

و لا يخفى عدم وقوع مثل هذا تأييدا لحرمة أخذ الهاشمي هذه الصدقة بعد ظهور المالك، و عدم رضائه بالصدقة، لأن الصدقة حينئذ تقع مستحبة و هو جائز اعطاؤها للهاشمي.

(3) أي و عدم الضمان مطلقا، سواء تسلم المال لمصلحة المالك أم لمصلحة نفسه.

ص: 215

مطلقا، أو بشرط عدم ترتب يد الضمان كما إذا أخذه من الغاصب حسبة (1) لا بقصد التمليك: وجوه.

من (2) أصالة براءة ذمة المتصدق، و أصالة (3) لزوم الصدقة:

بمعنى عدم انقلابها (4) عن الوجه الذي وقعت عليه.

و من (5) عموم ضمان من اتلف.

و لا ينافيه (6) اذن الشارع، لاحتمال أنه اذن في التصدق على هذا

++++++++++

(1) كما إذا تسلم المال لمصلحة المالك فلا ضمان على المتصدق لو ظهر المالك و لم يرض بالصدقة.

(2) دليل لعدم الضمان مطلقا.

(3) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من أصالة أي و من أصالة لزوم الصدقة عن صاحب المال بعد التعريف حولا كاملا و هذا دليل ثان لعدم الضمان مطلقا.

(4) أي عدم انقلاب الصدقة عما وقعت عليه و هو المالك فلا مجال لانقلابها و رجوعها إلى المالك بعد أن ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة

(5) دليل للضمان مطلقا، فان قاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن عام يشمل حتى إعطاء مثل هذا المال صدقة عن صاحبه و إن كانت الصدقة واجبة.

(6) أى لا ينافي الضمان اذن الشارع لمن بيده المال: اعطاء المال صدقة عن صاحبه، لاحتمال أنه اذن له بالضمان، لا مطلقا كما هو صريح قوله عليه السلام في رواية حفص بن غياث في ص 195 فان جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الغرم و الأجر.

ص: 216

الوجه (1) كاذنه في التصدق باللقطة المضمونة بلا خلاف، و بما (2) استودع من الغاصب.

و ليس هنا (3) أمر مطلق بالتصدق ساكت (4) عن ذكر الضمان حتى يستظهر منه عدم الضمان، مع السكوت عنه.

و لكن يضعف هذا الوجه (5): بأن ظاهر دليل الاتلاف كونها علة تامة للضمان، و ما نحن فيه ليس كذلك (6).

و ايجابه (7) للضمان مراعى بعدم اجازة المالك يحتاج إلى دليل آخر.

++++++++++

(1) و هو الضمان كما عرفت آنفا.

(2) أي و كإذن الشارع في التصدق في المال الذي أودعه الغاصب عند شخص.

(3) أي فيما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم إليه لا يوجد أمر مطلق ورد في الأخبار حتى يستظهر منه عدم الضمان.

(4) بالرفع صفة لكلمة أمر في قوله: و ليس هنا أمر.

(5) و هو التمسك بالضمان بقاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم.

(6) حيث إن الإتلاف فيما نحن فيه الذي هو وصول المال من الظالم ليس علة تامة حتى يوجب الضمان، بل يحتاج إلى شيء آخر: و هو عدم رضا صاحب المال بالصدقة لو جاء و لم يرض بها.

فالإتلاف جزء علة للضمان، لا علة تامة كما كان هناك، حيث إن المتلف هناك كان متقصدا عالما عامدا فالضمان يتحقق من دون توقفه على شيء آخر، بخلاف الضمان هنا، فإنه يتحقق بشيئين:

الإتلاف، و عدم رضا صاحب المال بالصدقة.

(7) الواو استينافية: و حاصل الاستيناف: أن المتصدق حين إعطاء -

ص: 217

إلا أن يقال: إنه ضامن بمجرد التصدق (1)، و يرتفع (2) باجازته فتأمل (3).

++++++++++

- المال صدقة عن صاحبه لم يكن ضامنا عنه، لوقوعه باذن من الشارع و ضمانه بعد مجيء صاحبه، و عدم رضائه بالصدقة يحتاج إلى دليل آخر غير قاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن، فعدم اشتغال ذمته بالضمان يستصحب حتى يأتي دليل آخر.

و هذا معنى قول الشيخ في ص 217: و ايجابه للضمان مراعى بعدم اجازة المالك يحتاج إلى دليل آخر.

و جملة يحتاج مرفوعة محلا خبر لقوله: و ايجابه، و كلمة مراعى منصوبة محلا حال لكلمة للضمان، أي حال كون الضمان يبقى مراعيا حتى يأتي صاحبه.

(1) أي حين اعطائه مال الغير صدقة عن صاحبه يتوجه نحوه الضمان فيكون الإتلاف حينئذ علة تامة للضمان، لا جزء علة.

(2) أي الضمان لو جاء مالكه و أجاز الصدقة.

(3) وجه التأمل: أن الضمان بمجرد الصدقة، و ارتفاعه لو جاء صاحبه و أجاز الصدقة و رضي بها: مخالف لظاهر الأخبار الواردة في المقام و هو وصول المال إليه من الظالم بعنوان الوديعة كرواية حفص بن غياث بناء على تعدي الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، فإن قوله عليه السلام في ص 195: و إلا تصدق بها، فان جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الغرم و الأجر إلى آخر قوله. علق الضمان بعد ظهور صاحب المال، و عدم رضاه بالصدقة، لا بمجرد التصدق.

و كذا القول بالضمان بمجرد الصدقة مخالف لظاهر كلمات الأصحاب أيضا فهذا (الشهيد الثاني) يصرح بتعليق الضمان فيما نحن فيه: على عدم -

ص: 218

هذا (1).

مع أن (2) الظاهر من دليل الإتلاف اختصاصه بالإتلاف على المالك لا الإتلاف له، و الإحسان إليه.

و المفروض أن الصدقة إنما قلنا بها، لكونها احسانا، و أقرب طرق الإيصال بعد اليأس من وصوله إليه.

و أما (3) احتمال كون التصدق مراعى كالفضولي فمفروض الانتفاء إذ لم يقل أحد برجوع المالك على الفقير مع بقاء العين.

++++++++++

- رضا صاحب المال لو ظهر و لم يرض بالصدقة في قوله: و لو ظهر بعد ذلك و لم يرض بالصدقة ضمن له المثل، أو القيمة.

و هكذا كل من قال بالضمان فيما نحن فيه.

(1) أي خذ ما ذكرناه لك من الاشكالات الواردة في المقام على القول بالضمان.

(2) هذا ترق من الشيخ عما أفاده من الايرادات الواردة على ما نحن فيه و خلاصة الترقي. أن دليل من أتلف مختص بالإتلاف الذي كان ضررا على المالك، لا إذا كان لأجل مصلحة المالك، فإن دليل من أتلف حينئذ لا يشمله، لأن الآخذ أعطى المال صدقة عن المالك ليصل الثواب إليه فهو قد أحسن إليه فلا يكون ضامنا اذا جاء صاحبه و لم يرض بالصدقة.

(3) أي القول بكون الصدقة هنا كالمعاملات الفضولية في كونها متوقفة على اجازة المالك فإن أجاز صح العقد، و إلا بطل، و للمالك الرجوع على من بيده العين، سواء أ كان البائع أم المشتري: منتف، لعدم جواز رجوع المالك على الفقير هنا لو جاء و لم يرض بالصدقة إن كانت العين في يده، و لم يقل أحد من الفقهاء بذلك.

ص: 219

و انتقال (1) الثواب من شخص إلى غيره حكم شرعي.

و كيف كان (2) فلا مقتضي للضمان و إن كان مجرد الاذن في الصدقة غير مقتض لعدمه (3) فلا بد من الرجوع إلى الأصل (4).

لكن الرجوع إلى أصالة البراءة إنما يصح فيما لم تسبق يد الضمان:

و هو (5) ما إذا أخذ المال من الغاصب حسبة (6).

و أما إذا تملكه (7) منه ثم علم بكونه مغصوبا فالاجود استصحاب الضمان في هذه الصورة (8)، لأن المتيقن هو ارتفاع (9) الضمان بالتصرف

++++++++++

(1) أي هذا لا يمنع الضمان و لا ينفيه.

(2) أي أي شيء قلنا في هذا المقام: من الضمان و عدمه، و من أن الصدقة احسان إلى المالك، و ايصال الثواب إليه أم ليس كذلك.

(3) أي لعدم الضمان.

(4) و هي البراءة.

(5) مثال و تفسير للمال الذي لم تسبقه يد الضمان، حيث إن المال اخذ لمصلحة المالك، لا لمصلحة نفسه.

(6) أي لمصلحة المالك كما عرفت آنفا.

(7) أي أخذ المال لمصلحة نفسه كما هو المفروض في المقام.

(8) و هو الأخذ لمصلحة نفسه، بناء على أن قصد التملك كاف في الضمان فاذا تصدق به يستصحب الضمان، فان جاء صاحب المال و لم يرض بالتصدق استمر الضمان.

نعم إذا جاء و رضي بالتصدق فلا مجال للضمان.

(9) الظاهر عدم مجال لكلمة ارتفاع هنا، لأنه لم يكن ضمان في هذه الصورة حتى يرتفع، فالأنسب في المقام أن يقال: لأن المتيقن هو عدم الضمان فيما لو اخذ لمصلحة المالك

ص: 220

الذي يرضى به المالك بعد الاطلاع، لا مطلقا (1).

فتبين أن التفصيل بين يد الضمان (2)، و غيرها (3) أوفق بالقاعدة (4) لكن الأوجه الضمان مطلقا (5)، إما تحكيما (6) للاستصحاب، حيث

++++++++++

(1) أي حتى لو كان الاخذ لمصلحة نفسه.

(2) و هو ما لو اخذ المال لمصلحة نفسه.

(3) و هو ما لو اخذ المال لمصلحة المالك.

(4) و هي قاعدة: من أتلف مال الغير فهو ضامن.

(5) أي سواء أخذ المال لمصلحة المالك أم لمصلحة نفسه.

(6) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لأوجهية الضمان مطلقا و المراد من تحكيم الاستصحاب تطبيق حكمه الذي هو استمرار الضمان.

ثم لا يخفى أن حكم الاستصحاب إنما يجري فيما لو اخذ المال لمصلحة نفسه، أو علم بعد الأخذ بوجود المالك، فإنه حينئذ يأتي حكم الاستصحاب حيث إنه حين الاخذ اشتغلت ذمته بالضمان في كلتا الصورتين فبعد الظهور و عدم رضاه بالصدقة يشك في الضمان فنحكّم الاستصحاب هنا على قاعدة البراءة التي هو عدم الضمان.

و أما في صورة أخذ المال لمصلحة المالك حسبة فيشكل جريان الاستصحاب و الحكم بالضمان، لعدم اشتغال ذمة الدافع بالضمان بداية الأمر لأنه اخذ المال لمصلحة المالك، ثم تصدق به باذن من الشارع، فلو ظهر و لم يرض بالصدقة يصعب الحكم بالضمان بالاستصحاب.

و قد عرفت أن هنا تجري قاعدة البراءة كما عرفت في قول الشيخ في ص 220:

و كيف كان فلا مقتضي للضمان و إن كان مجرد الاذن في الصدقة غير مقتض لعدمه فلا بد من الرجوع إلى الأصل، لكن الرجوع إلى أصلي البراءة إنما يصح فيما لم تسبق يد الضمان و هو ما لو اخذ المال من الغاصب حسبة. -

ص: 221

يعارض البراءة و لو (1) بضميمة عدم القول بالفصل.

و إما (2) للمرسلة المتقدمة عن السرائر.

++++++++++

- نعم بناء على القول بعدم الفصل نحكم بالضمان أيضا، حيث يقع التعارض بين الاستصحاب و البراءة فيقدم جانب الاستصحاب، تحكيما و تطبيقا له عليها.

(1) أى القول بالاستصحاب في الصورة المذكورة و لو كان من باب ضميمة عدم القول بالفصل بين أخذ المال من الغاصب لمصلحة المالك فلا ضمان على الآخذ

و بين أخذ المال لمصلحة نفسه فعلى الآخذ الضمان، لأن الأقوال في المقام اثنان: إما الضمان مطلقا في كلتا الصورتين، و إما عدم الضمان مطلقا في كلتا الصورتين أيضا فلا ثالث في البين.

ثم الظاهر زيادة كلمة (لو) الشرطية في قول الشيخ: و لو بضميمة عدم القول بالفصل.

و المعنى: أن القول بالضمان فيما لو اخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ: منشأه ثلاثة أشياء:

إما تحكيم جانب الاستصحاب على البراءة عند ما يتعارضان كما فيما نحن فيه، و بضميمة عدم القول بالفصل، فكأن ضميمة عدم القول بالفصل من متممات منشأ الأول.

(2) هذا هو المنشأ الثاني للقول بالضمان في صورة أخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ، أي منشأ ذلك إما مرسلة ابن اديس المتقدمة في قوله في ص 202: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرض بما فعل.

ص: 222

و إما (1) لاستفادة ذلك من خبر الوديعة إن لم (2) نتعد عن مورده إلى ما نحن فيه: من جعله (3) بحكم اللقطة.

لكن يستفاد منه (4) أن الصدقة بهذا الوجه حكم اليأس عن المالك

++++++++++

(1) هذا هو المنشأ الثالث للقول بالضمان في صورة أخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ، أي منشأ ذلك خبر الوديعة: و هو خبر (حفص بن غياث) المتقدمة، بناء على التعدي من مورد الخبر الذي هي وديعة اللص إلى وديعة مطلق الغاصب.

(2) في جميع النسخ الموجودة عندنا هكذا: إن لم نتعد عن مورده و الظاهر زيادة كلمة لم الجازمة، لأن الاستدلال بالضمان فيما نحن فيه و هو اخذ المال لمصلحة المالك إنما هو بخبر حفص بن غياث، بناء على تعدي الأصحاب عن مورده الذي هي وديعة اللص إلى وديعة مطلق الغاصب.

كما قال الشيخ في ص 196: و قد تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، و لم يتعدوا من الوديعة المجهول المالك إلى مطلق ما يعطيه الغاصب

فالحاصل أن كلمة (لم الجازمة) زائدة مخلة بالمقصود الذي نحن بصدده و هو التعدي من مورد الرواية إلى مطلق ما يعطيه الغاصب حتى يصح الاستدلال بالخبر، و إلا لا معنى لكون خبر حفص منشأ للاستدلال على الضمان فيما لو اخذ المال لمصلحة المالك، لأنه وارد في وديعة اللص.

(3) أي من جعل ما نحن فيه و هو أخذ المال لمصلحة المالك بحكم اللقطة كما صرح بذلك حديث حفص بن غياث المشار إليه في ص 195.

(4) أي من خبر (حفص بن غياث): أن وجوب التصدق بالمال عن صاحبه في حكم اليأس عن المالك.

و لو لا اليأس لما كان لوجوب التصدق عن المالك معنى.

ص: 223

ثم الضمان هل يثبت بمجرد التصدق، و اجازته (1) رافعة.

أو (2) يثبت بالرد من حينه، أو من حين التصدق (3)؟

وجوه:

من (4) دليل الاتلاف، و الاستصحاب (5).

و من (6) أصالة عدم الضمان قبل الرد.

++++++++++

(1) أي اجازة المالك إذا ظهر.

(2) أي و يثبت الضمان بسبب رد المالك الصدقة من حين الرد و عدم قبوله لها، لا من حين التصدق عن المالك.

(3) أي أو يثبت الضمان بعد الرد من حين التصدق.

(4) دليل لتعلق الضمان من حين التصدق، أي أن التصدق عبارة عن الإتلاف فكما أن الانسان لو اتلف مال الغير فهو ضامن.

كذلك اعطاؤه الصدقة عن صاحبه بمنزلة الإتلاف فهو ضامن.

(5) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من دليل الاتلاف أي و من دليل الاستصحاب فهو دليل ثان للضمان.

حاصله: أن وجود الاستصحاب يحكم بالضمان، فانه لما أخذه صار ضامنا، فاذا أعطاه صدقة عن صاحبه يشك في عدم ضمانه فتستصحب الحالة السابقة و هو الضمان.

لكن لا مجال للاستصحاب هنا إن اخذه لمصلحة المالك، إذ ليس في البداية ضمان حتى يستصحب عند مجيء صاحبه، و عدم رضاه بالصدقة

نعم لو أخذه لمصلحة نفسه ثبت الضمان في بادئ الأمر فيستصحب عند مجيء صاحبه، و عدم رضاه بالصدقة.

(6) دليل لتعلق الضمان بعد الرد.

ص: 224

و من ظاهر الرواية المتقدمة (1) في أنه بمنزلة اللقطة.

و لو مات المالك ففي قيام وارثه مقامه في اجازة التصدق و رده وجه قوي، لأن ذلك (2) من قبيل (3) الحقوق المتعلقة بتلك الأموال فيورث كغيره من الحقوق (4).

و يحتمل العدم (5)، لفرض لزوم التصدق بالنسبة إلى العين (6) فلا حق لأحد فيه (7).

و المتيقن من الرجوع إلى القيمة هو المالك (8).

و لو مات المتصدق فرد المالك فالظاهر خروج الغرامة من تركته، لأنه

++++++++++

(1) و هي رواية (حفص بن غياث) المشار إليه في ص 195 في قوله عليه السلام: فإن اختار الغرم غرم له، حيث إن ظاهره أنه لا غرم و لا ضمان قبل الرد، فهو دليل ثان لعدم الغرم، و لعدم الضمان.

(2) و هي الإجازة، أو الرد.

(3) لا مجال لكلمة قبيل، حيث إن الإجازة، أو الرد يعدان من الحقوق.

(4) كخيار الفسخ، و حق الشفعة.

(5) أي عدم قيام الوارث مقام المالك.

(6) كما هو ظاهر رواية حفص بن غياث في ص 195 في قوله عليه السلام: (و إلا تصدق بها) أي بالعين.

(7) مرجع الضمير: المال المأخوذ من الظالم بغير عنوان الوديعة لا العين حتى يقال: يجب التطابق.

(8) أي لا الوارث كما هو ظاهر الحديث المشار إليه في ص 195 في قوله عليه السلام: فان جاء صاحبها.

ص: 225

من الحقوق المالية اللازمة عليه بسبب فعله (1).

هذا (2) كله على تقدير مباشرة المتصدق له (3).

و لو دفعه إلى الحاكم فتصدق به بعد اليأس فالظاهر عدم الضمان (4) لبراءة ذمة الشخص بالدفع إلى ولي (5) الغائب، و تصرف الولي كتصرف المولى عليه (6).

++++++++++

(1) أي بسبب فعل المتصدق: و فعله هي الصدقة.

و يمكن المناقشة: بأن يقال: إن المتصدق قد تصدق بالمال بحكم من الشارع فلا حق لأحد في هذا المال حتى المالك لو لا الرواية المشار إليها في ص 195 و ثبوت حق المالك لو جاء و لم يرض بالصدقة إنما هو على المتصدق نفسه، لا على وارثه، فالقدر المتيقن من الرجوع هو وجود المتصدق في الحياة فلا حق للمالك على الوارث كما لم يكن لوارث المالك حق على المتصدق

و لا يخفى أن قول الشيخ: لأنه من الحقوق اللازمة ليس على ظاهره لأن المتصدق حين موته لم يكن في ذمته شيء حتى يغرم للمالك.

نعم لو قلنا بالضمان بمجرد التصدق أمكن التمسك بهذا الوجه.

(2) أي الضمان و عدم الضمان قبل الرد، أو بعد الرد، و جواز رجوع المالك على وارث المتصدق، أو عدمه، و جواز رجوع وارث المالك على المتصدق، أو عدمه.

(3) أي للمالك.

(4) أي على دافع المال إلى الحاكم الشرعي.

(5) و هو الحاكم الشرعي.

(6) و هو هنا صاحب المال الغائب.

ص: 226

و يحتمل الضمان (1)، لأن (2) الغرامة هنا ليست لأجل ضمان المال، و عدم (3) نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى يفرق بين تصرف الولي (4) و غيره (5)، لثبوت (6) الولاية للمتصدق في هذا

++++++++++

(1) أي ضمان الدافع الذي دفع المال إلى الحاكم الشرعي.

و لا يخفى عدم صحة هذا الاحتمال، لأنه حسب وظيفته المقررة له من الشارع في كون الفقيه هو المرجع في هذه الحوادث الواقعة قدمه إلى الحاكم، فالحاكم بعد اليأس عن صاحبه تصدى للصدقة عنه فالضمان يتوجه نحوه لو ظهر صاحب العين و لم يرض بالصدقة، لا بالدافع، و لا سيما أنه قد أخذ المال لمصلحة المالك.

(2) هذا دليل لاحتمال تعلق الضمان بالدافع في صورة دفع المال إلى الحاكم بعد التعريف حولا كاملا، و اليأس عن صاحبه.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: ليس لأجل أي و ليست الغرامة في هذه الصورة لأجل عدم نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى يقال بالفرق بين تصرف الولي الذي هو الحاكم فلا يضمن لو ظهر صاحبه و لم يرض بالصدقة.

و بين تصرف غير الولي و هو الذي دفع المال إلى الحاكم الشرعي فيضمن لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة.

(4) و هو الحاكم الشرعي المدفوع إليه المال كما عرفت آنفا.

(5) و هو الذي كان المال بيده و دفعه إلى الحاكم الشرعي كما عرفت

(6) تعليل لعدم الفرق بين تصرف الولي و غيره.

و المراد من المتصدق: واجد المال الذي دفعه إلى الحاكم.

و المراد من التصرف هو اعطاء المال إلى الحاكم.

ص: 227

التصرف، لأن (1) المفروض ثبوت الولاية له كالحاكم، و لذا (2) لا تسترد العين (3) من الفقير اذا رد (4) المالك، فالتصرف (5) لازم، و الغرامة حكم شرعي (6) تعلقت بالمتصدق كائنا من كان.

فاذا كان المكلف بالتصدق هو من وقع في يده، لكونه هو

++++++++++

(1) تعليل لثبوت الولاية للمتصدق الذي هو واجد المال و الذي دفعه إلى الحاكم.

(2) تعليل لفرض ثبوت الولاية لهذا المتصدق، و أن ولايته في هذا التصرف كولاية الحاكم الشرعي في أنها موجبة للضمان لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة، أي و لأجل أن المفروض ثبوت الولاية لهذا المتصدق، و أن ولايته كالحاكم لا تسترد العين المتصدق بها لو كانت موجودة عند الفقير لو جاء صاحبها و لم يرض بالصدقة، فعدم استردادها دليل على أن ولايته كولاية الحاكم الشرعي، فكما أن المالك ليس له الرجوع في العين إذا كانت موجودة و لم يرض بالصدقة.

كذلك المتصدق ليس له الرجوع عليها لو كانت موجودة و لم يرض بالصدقة صاحبها لو ظهر، لنفوذ تصرفه.

(3) أي العين المتصدق بها

(4) أي رد الصدقة.

(5) و هو اعطاء المال صدقة عن صاحبها بعد التعريف عنه حولا كاملا و اليأس عن صاحب المال، لعدم جواز بقاء المال عنده.

(6) أي ليس ضمان المال لأجل اتلافه، بل لأنه حكم شرعي متعلق بالمتصدق، سواء أ كان المتصدق الحاكم الشرعي أم الواجد الذي دفع المال صدقة عن صاحبه.

ص: 228

المأيوس (1) و الحاكم وكيلا: كان الغرم على الموكل (2).

و إن كان (3) المكلف هو الحاكم، لوقوع المال في يده قبل اليأس (4)

++++++++++

(1) أي بعد التعريف حولا كاملا، لأن خطاب التصدق متوجه بعد اليأس إلى المكلف الذي بيده المال، فاذا دفعه إلى الحاكم بعد التعريف و اليأس، ثم تصدق الحاكم به عن المالك وكالة عن الدافع: يكون الغارم و الضامن هو الدافع لو جاء صاحب المال و لم يرض بالصدقة، لأنه وكل الحاكم في اعطاء المال صدقة عن المالك وكالة عنه، فالحاكم نظير من كان وكيلا عن الواجد في اعطاء المال صدقة عن صاحبه.

فكما أن الوكيل عن الواجد لا يغرم لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة، كذلك الحاكم، فانه وكيل عن الواجد في اعطاء المال صدقة عن صاحبه نيابة عن الواجد.

(2) المراد منه هو واجد المال، و الذي دفعه إلى الحاكم الشرعي

(3) هذا هو الشق الثاني للمسألة في قول الشيخ في ص 228: (و الغرامة حكم شرعي تعلقت بالمتصدق كائنا من كان).

إذ شقه الأول قوله في ص 228: فاذا كان المكلف بالتصرف هو من وقع في يده.

(4) أي قبل أن يعرف الواجد المال حولا كاملا فيتوجه خطاب الصدقة حينئذ نحو الحاكم، لوقوع المال في يده قبل التعريف فهو المكلف بالفحص عن صاحبه، و بعد اليأس عنه خلال التعريف حولا كاملا يتصدق به عنه، فلو جاء و لم يرض بالصدقة يكون الحاكم هو الضامن و المسئول عن المال فهو الغارم له.

ص: 229

عن مالكه فهو المكلف بالفحص (1) ثم التصدق: كان الضمان عليه (2).

الصورة الرابعة: و هو ما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام

و أما (الصورة الرابعة) (3): و هو ما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام (4).

فإما أن يكون الاشتباه موجبا لحصول الاشاعة و الاشتراك (5).

و إما أن لا يكون (6).

و (على الأول) (7): فالقدر و المالك إما معلومان (8) أو مجهولان (9)، أو مختلفان (10).

++++++++++

(1) المراد به هو التعريف حولا كاملا كما عرفت آنفا.

(2) أي على الحاكم الشرعي كما عرفت آنفا.

(3) أى من الصور الأربع التى ذكرها الشيخ في اخذ جوائز السلطان في المسألة الثانية في ص 124 بقوله: فالصور أربع من المسائل المذكورة في ص 101 بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل.

(4) أى في الجملة: بمعنى أنه ليس كله حراما، و الآخذ غير قادر على تمييز الحرام منه.

(5) كما إذا وصلته من الظالم دار يعلم أن حصة منها مغصوبة و الحصة غير معينة، فإن هذه الحصة من الغصب موجبة لاشاعة الدار بين الظالم و صاحب الحصة.

(6) كما اذا استقر في يد الانسان من الظالم أمتعة يعلم أن بعضها مغصوبة فهنا لا يتصور الاشاعة.

(7) و هو ما إذا كان وجود الحرام في الشيء اجمالا موجبا للاشاعة

(8) بأن يعلم أن ثلث الدار التي هي لزيد مغصوبة.

(9) بأن لا يعلم القدر و المالك.

(10) بأن يكون القدر معلوما كما لو كان ثلثا مثلا و المالك مجهولا -

ص: 230

و (على الأول) (1): فلا اشكال.

و (على الثاني) (2): فالمعروف إخراج الخمس على تفصيل مذكور في باب الخمس (3).

و لو علم القدر فقد تقدم في القسم الثالث (4).

و لو علم المالك (5) وجب التخلص معه بالمصالحة (6).

و (على الثاني) (7): تتعين القرعة (8)،

++++++++++

- أو يكون القدر مجهولا و المالك معلوما.

(1) و هو ما اذا كان القدر و المالك معلومين فلا اشكال في مصير المكلف إلى وجوب ارضاء صاحب المال مهما بلغ الأمر و كلف.

(2) و هو كون القدر و المالك مجهولين.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 2:

ص 67-68.

(4) أي في الصورة الثالثة التي يعلم الآخذ تفصيلا بكون المأخوذ حراما فقد عرفت شرحها في ص 180: أن الواجب على الآخذ التعريف حولا كاملا، ثم بعد اليأس يتصدق به، فإن جاء صاحبه و لم يرض به غرم له و الأجر له.

(5) أي و جهل القدر.

(6) أي الواجب على الآخذ إرضاء صاحب المال حينئذ مهما بلغ الأمر و كلف.

(7) و هو كون الاشتباه بالحرام لا يكون موجبا للإشاعة و الاشتراك.

(8) بضم القاف و سكون الراء و فتح العين معناها لغة السهم و النصيب و شرعا تعيين نصيب كل من الشريكين، أو الشركاء بكيفية خاصة ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهية، و ذكرناها نحن في (اللمعة الدمشقية) -

ص: 231

أو البيع (1) و الاشتراك في الثمن.

و تفصيل ذلك كله في كتاب الخمس (2).

و اعلم أن أخذ ما في يد الظالم ينقسم باعتبار نفس الاخذ (3) إلى الأحكام الخمسة (4).

++++++++++

- من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 117-119 عند تعليقة 9.

إليك موجزا منها:

تكتب أسماء الشركاء، أو السهام في كل رقعة و تصان في مكان معين ثم يؤمر من لم يطلع على الصورة بإخراج الرقاع واحدة واحدة على اسم أحد المتقاسمين، أو أحد السهام.

أو تكتب أسماء السهام و أسماء الشركاء ثم يخبأ كل واحد منها في صندوق، أو كيس وحده ثم يؤتى بشخص، أو شخصين حتى يخرج كل منهما في آن واحد رقعة باسم السهام، و باسم الشخص فيعطى ذاك السهم المخرج للشريك الذي خرج اسمه مع السهم.

و هكذا يداومان على الإخراج حتى تنفذ الرقاع و تبقى رقعة واحدة لا تحتاج إلى الإخراج، لكون صاحبها معلوما.

(1) لا يخفى أن جواز البيع و مضيه هنا متوقف على اذن الحاكم الشرعي إذا كان المالك مجهولا.

(2) راجع نفس المصدر نفس الصفحة.

(3) أي مع قطع النظر عن المال المتخذ.

(4) و هي الحرمة و الوجوب و المستحب و المكروه و المباح بمعنى أن الاخذ تارة يكون حراما، و أخرى يكون واجبا، و ثالثة يكون مستحبا و رابعة يكون مكروها، و خامسة يكون مباحا.

(أما الحرام): فكما لو ترتبت على اخذ الجوائز من السلطان تقوية -

ص: 232

و باعتبار نفس المال (1) إلى المحرم و المكروه و الواجب.

(فالمحرم): ما علم كونه من مال الغير مع عدم رضاه (2) بالأخذ

(و المكروه): المال المشتبه (3).

(و الواجب): ما يجب استنقاذه من يده (4) من حقوق الناس حتى أنه يجب على الحاكم الشرعي استنقاذ ما في ذمته (5): من حقوق

++++++++++

- و شوكة للكفر، أو ترويجا للباطل، فالاخذ يكون هنا حراما

هذا إذا لم يكن الامتناع موجبا للضرر على نفسه. أو أحد اخوانه.

(و أما الواجب): فكما لو ترتب على نفسه، أو أحد اخوانه المؤمنين ضرر لو لم يأخذ جوائز السلطان.

(و أما المستحب): فكما إذا صرف الآخذ المال المأخوذ في طرق الخير، و سبل الإحسان.

هذا اذا لم يكن المال معلوم الحرمة بعينه و شخصه.

و أما إذا كان معلوم الحرمة فلا يجوز اخذه.

(و أما المكروه): كما اذ يحصل لآخذ الجائزة وهن، أو لأحد اخوانه المؤمنين.

(و أما المباح): كما اذا لم يعلم بحرمة المال، و المال مباح.

هذه هي الأقسام الخمسة المترتبة على نفس الآخذ، دون المال

(1) أي و ينقسم أخذ ما في يد الظالم و هو المال.

(2) أي مع عدم رضا صاحب المال بالأخذ.

(3) أي المشتبه بالحرام مع عدم علم الآخذ بحرمة ما يأخذه، أو عدم خوف الآخذ من الظالم على نفسه.

(4) أي من يد الظالم.

(5) أي في ذمة الظالم.

ص: 233

السادة و الفقراء و لو بعنوان المقاصة.

بل يجوز ذلك (1) لآحاد الناس، خصوصا نفس المستحقين (2) مع تعذر استيذان الحاكم.

و كيف كان (3) فالظاهر أنه لا اشكال في كون ما في ذمته من قيم المتلفات غصبا من جملة ديونه (4).

نظير ما استقر في ذمته بقرض، أو ثمن مبيع، أو صداق، أو غيرها و مقتضى القاعدة (5) كونها كذلك بعد موته فيقدم جميع ذلك على الارث و الوصية.

++++++++++

(1) أي يجوز لآحاد الناس من المسلمين استنقاذ ما في ذمة الظالم من حقوق السادة و الفقراء، و إن لم يكن الآحاد من المحتاجين.

(2) و هم السادة و الفقراء، فإنه يجوز لهم استنقاذ حقوقهم من السلطان الجائر مقاصة إن لم يمكن لهم الاستيذان من الحاكم الشرعي.

(3) أي أي شيء قلنا في هذا المقام.

(4) أي يجب على الورثة ايفاء تلك الديون من نفس التركة قبل كل شيء، و لا يجوز للورثة أخذ شيء منها.

و لا يخفى أنه إذا كانت أموال السلطان الجائر غصبية فكيف توفى ديونه من تركته بعد موته، لأن المفروض أن تركته من تلك الأموال الغصبية، فالقول بوجوب أداء ديونه، و أنها مقدمة على الوصايا و المواريث و القول بأن امواله غصبية: تهانت، و جمع بين المتناقضين.

(5) و هو وجوب تقديم أداء الديون على الوصايا و المواريث، لاستقرار ذمة الظالم بهذه الديون، كاستقرار ذمته بثمن المبيع و القرض و الصداق فكما أن أداء تلك واجب و مقدم على الوصايا و المواريث، كذلك تقديم ما في ذمته من قيم المتلفات واجب.

ص: 234

إلا (1) أنه ذكر بعض الأساطين: أن ما في يده من المظالم تالفا لا يلحقه حكم الديون في التقديم على الوصايا و المواريث، لعدم انصراف الدين إليه (2) و ان كان (3) منه، و بقاء (4) عموم الوصية و الميراث على ماله، و للسيرة (5) المأخوذة يدا بيد من مبدأ الاسلام الى يومنا هذا.

++++++++++

(1) استثناء عما أفاده: من أن ما في ذمة السلطان الجائر من قيم المتلفات غصبا من جملة ديونه: في أنه يجب اخراجها من أصل التركة لا من الثلث.

أي ذكر (الشيخ كاشف الغطاء) في هذا المقام ما يخالف القاعدة المذكورة، و أفاد بعدم اخراج ما في ذمته من الأصل، بل من الثلث.

و قد استدل على ذلك بأدلة ثلاثة نذكرها بتمامها.

(2) هذا دليله الأول، أي لعدم انصراف الدين إلى ما في يد الظالم حتى يخرج من الأصل، بل الدين ينصرف إلى ديونه الشخصية فهي التي تخرج من الأصل، و المظالم ليست من ديونه الشخصية.

(3) أي و إن كان ما في الذمة من الدين.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: و لعدم هذا دليل ثان للمدعى، أي و لبقاء عموم لوصية و المواريث على حالهما من العموم، و أنهما لا يخصّصان.

و المراد من عموم الوصية و المواريث قوله تعالى في سورة النساء في الآية 10-11.

(5) هذا دليل ثالث للمدعى أي و للسيرة المستمرة الموجودة من بداية نبوغ دين الاسلام الحنيف إلى يومنا هذا، حيث يشاهد من المسلمين معاملتهم مع تركة السلطان معاملة بقية تركة أموات المسلمين: من -

ص: 235

فعلى (1) هذا لو أوصى بها بعد التلف اخرجت من الثلث.

و فيه (2) منع عدم الانصراف، فإنا لا نجد بعد مراجعة العرف

++++++++++

- تقسيمها على الورثة، و العمل بالوصية لو أوصى بها، و اخراج الثلث منها لو أوصى به.

(1) الفاء تفريع من الشيخ على ما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) أي فعلى ضوء ما أفاده فلو أوصى السلطان بما في ذمته: من قيم المتلفات تخرج من الثلث، لا من الأصل كما نحن قلنا بخروجها من الأصل.

(2) أي و فيما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) في هذا المقام نظر و اشكال.

و قد أورد الشيخ على جميع ما أفاده الشيخ الكبير فاخذ في الإشكال على الدليل الأول: و هو عدم انصراف الدين الوارد في الآية الكريمة إلى ديون السلطان فلا يشملها عموم الآية.

و خلاصة الإشكال أن العرف هو الحاكم بيننا و بينكم في ذلك، لأنا بعد مراجعة العرف لم نر فرقا بين ما يتلفه السلطان قهرا و ظلما، و بين ما يتلفه نسيانا: في أن كلا الدينين يقضيان من أصل ماله و تركته، لا من ثلثه.

و هكذا لا نجد فرقا بين متلفات السلطان الجائر، و بين متلفات شخص آخر من المسلمين: في إخراج قيم هذه المتلفات من أصل ماله و تركته.

فاذا تدخل هذه الديون في الدين المذكور في الآية الكريمة.

ثم لا يخفى أن في جميع النسخ الموجودة عندنا عبارة الكتاب هكذا:

(و فيه منع الانصراف)، و الصحيح و فيه منع عدم الانصراف كما اثبتناه، حيث إن الشيخ الكبير يدعي عدم انصراف الدين المذكور في الآية لهذه الديون، لا أنه يدعي الانصراف حتى يمنع (شيخنا الأنصاري) الانصراف، فالعبارة تحتاج إلى كلمة عدم كما أثبتناها.

ص: 236

فرقا بين ما اتلفه هذا الظالم عدوانا، و بين ما أتلفه نسيانا، و لا بين ما أتلفه هذا الظالم عدوانا، و بين ما أتلفه شخص آخر من غير الظلمة، مع أنه لا اشكال في جريان أحكام الدين عليه (1) في حال حياته: من (2) جواز المقاصة من ماله كما هو المنصوص، و لعدم (3) تعلق الخمس و الاستطاعة

++++++++++

(1) أي على الظالم في حال حياته كما عرفت آنفا.

(2) كلمة من بيانية لجريان أحكام الدين، أي جواز المقاصة للدائن و الطالب من أموال السلطان الجائر المدين كما هو ظاهر النصوص الواردة في هذا المقام: دليل على أن ديون السلطان تخرج من أصل أمواله و تركته لا من الثلث.

راجع حول النصوص المذكورة (وسائل الشيعة). الجزء 12.

ص 157. الباب 51 من أبواب جوائز الظالم. الحديث 7.

أليك نصه: عن داود بن رزين قال: قلت (لأبي الحسن) عليه السلام إني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها، أو الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها، ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه؟

قال: مثل ذلك و لا تزد عليه.

فالحديث هذا يصرح بجواز المقاصة من مال السلطان الجائر تجاه طلبه منه.

(3) دليل ثان من الشيخ على أن ما في ذمة السلطان من جملة ديونه و أنه يجب الوفاء بتلك الديون من الأصل، لا من الثلث، و أنها مقدمة على الوصايا و المواريث.

و خلاصة الدليل: أن عدم تعلق الخمس و الزكوات و الاستطاعة و قضاء الصلوات الفائتة، و الصوم الفائت: بالتركة بعد موته دليل على أن ما في الذمة من الديون، و أنها مقدمة على المذكورات فلو لم يكن ما في الذمة من الديون لتعلقت المذكورات بالتركة.

ص: 237

و غير ذلك (1)، فلو تم عدم الانصراف (2) لزم اهمال الأحكام (3) المنوطة بالدين وجودا و عدما (4) من غير فرق بين حياته (5) و موته.

و ما ادعاه من السيرة (6) فهو ناش من قلة مبالاة الناس كما هو ديدنهم في أكثر السير التي استمروا عليها، و لذا (7) لا يفرقون في ذلك

++++++++++

(1) و هي الزكوات و الصوم و الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) كما ادعاه (الشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: لعدم انصراف الدين إليه

(3) المراد من الأحكام المتوقفة على الدين هو الأداء و الفورية، إذا كان المدين موسرا و الدائن مطالبا، و وجوب الوصية إليه عند الموت و ايصاله إلى ورثة الدائن لو مات، و غير هذه الأحكام المترتبة على الدين.

(4) كلمة وجودا و عدما منصوبة على الحالية و هما حالان لكلمة الدين، بناء على تأويل وجودا و عدما اللذين هما جامدان إلى المشتق أي موجودا و معدوما.

(5) أي حياة المدين و مماته، سواء أ كان المدين السلطان الظالم أم غيره.

(6) هذا رد على الدليل الثالث (للشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: و للسيرة المأخوذة يدا بيد.

(7) أي و لاجل أن السير المستمرة المذكورة ناشئة من عدم مبالاة الناس تراهم لا يفرقون في ترتب أحكام الدين على التالف: بين أن يكون التالف نفس الظالم، أو غيره ممن اشتغلت ذمته بحقوق الناس، لأن الناس يأخذون من الظلمة، و من غيرهم، و يتعاملون معهم، و يرثون منهم مع علمهم القطعي باشتغال ذمة الظلمة بحقوق الناس.

ص: 238

بين الظلمة، و غيرهم ممن علموا باشتغال ذمتهم (1) بحقوق الناس:

من جهة (2) حق السادة و الفقراء.

أو من جهة (3) العلم بفساد أكثر معاملاتهم و لا في انفاذ (4) وصايا الظلمة، و توريث (5) ورثتهم بين اشتغال ذممهم بعوض المتلفات، و ارش الجنايات (6)، و بين (7) اشتغالهم بديونهم

++++++++++

(1) أي ذمم الظلمة، و غيرهم.

(2) كلمة من بيانية تبين حقوق الناس.

(3) هذا هو الفرد الثاني لكيفية علم الناس باشتغال ذمم الظلمة بحقوق الناس، إذ فردها الأول هو اشتغال ذمم الظلمة بحقوق السادات و الفقراء.

و لا شك أن أكثر معاملات الظلمة فاسدة، لعدم التزامهم بأحكام الشريعة الاسلامية من حيث لوازم العقود و الإيقاعات و شرائطهما و أجزائهما.

(4) أي و لا يفرق الناس و لا يبالون فتراهم ينفذون وصايا الظلمة مع علمهم باشتغال ذممهم بديون كثيرة التي هي مقدمة على العمل بالوصايا لأن الديون تخرج من الأصل، و الوصايا تخرج من الثلث.

(5) أي و لا يبالي الناس أيضا في توريث ورثة السلطان الظالم.

فتراهم يقسمون تركته بين وراثه مع علمهم باشتغال ذمته بديون كثيرة مقدمة على التوريث.

فكل هذه الأعمال ناشئة عن السيرة المستمرة بين المجتمع الاسلامي مع أنها باطلة، فكل هذه دليل على أن السيرة في كل هذه المجالات ليست ناشئة عن اصول صحيحة تطابق الموازين الشرعية الاسلامية.

(6) أي دية الدماء.

(7) أي و لا يبالي الناس بين اشتغال ذمم الظلمة.

ص: 239

المستقرة عليهم: من معاملاتهم و صدقاتهم الواجبة (1) عليهم، و لا بين ما علم المظلوم فيه تفصيلا، و بين ما لم يعلم، فإنك إذا تتبعت أحوال الظلمة

وجدت ما استقر في ذممهم من جهة المعاوضات و المداينات مطلقا (2) أو من جهة خصوص أشخاص معلومين تفصيلا، أو مشتبهين في محصور كافيا (3) في استغراق تركتهم المانع (4) من التصرف فيها (5) بالوصية أو الإرث.

و بالجملة فالتمسك بالسيرة المذكورة (6) أوهن من دعوى عدم الانصراف (7) السابقة، فالخروج بها (8) عن القواعد المنصوصة المجمع

++++++++++

(1) كالزكوات.

(2) بأن لم يكن الأشخاص معلومين.

(3) مفعول ثان لقوله: وجدت، و مفعوله الأول: (ما الموصولة) في قوله: ما استقر، أي وجدت ما استقر في ذمم الظلمة من الدين كافية في استغراق تركتهم، و لن تصل التوبة إلى الوصايا و المواريث، إذ لهم من حقوق الناس ما لا يعلمه غير اللّه عز و جل.

(4) صفة لكلمة استغراق في قوله: كافيا في استغراق.

(5) أي في تركتهم.

(6) كما أفاده (الشيخ جعفر كاشف الغطاء) في قوله في ص 235:

و للسيرة المأخوذة.

(7) كما ادعاه (الشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: لعدم انصراف الدين إليه

(8) أي الخروج عن القواعد المنصوصة بسبب السيرة المدعاة الناشئة عن عدم مبالاة المسلمين في امورهم و تصرفاتهم مع وجود الاجماع على العمل بتلك القواعد المنصوصة: و هي الآيات الكريمة، على وجوب أداء -

ص: 240

عليها غير (1) متوجه.

المسألة الثالثة: ما يأخذه السلطان المستحل لاخذ الخراج و المقاسمة من الأراضي باسمهما
اشارة

(الثالثة) (2): ما يأخذه السلطان المستحل (3) لاخذ الخراج و المقاسمة من الأراضي باسمهما، و من الأنعام باسم الزكاة يجوز أن يقبض منه مجانا (4)، أو بالمعاوضة (5) و إن كان مقتضى القاعدة (6) حرمته لأنه (7) غير مستحق لاخذه، فتراضيه (8)

++++++++++

- الديون، و أن الأداء مقدم على المواريث و الوصايا.

راجع الآيات الكريمة في سورة النساء: الآية 10-11.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فالخروج.

(2) أي (المسألة الثالثة) من المسائل التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 101: خاتمة تشتمل على مسائل.

(3) و هو المدعي للخلافة الإسلامية بصورة شرعية (كالامويين و العباسيين و العثمانيين).

(4) باسم الجائزة و الهبة و الهدية.

(5) كما إذا باع السلطان شيئا من الخراج و المقاسمة فيجوز للمشتري قبض هذا المبيع الذي بيد السلطان و قد أخذه من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) و هو عدم جواز التصرف في مال الغير بدون رضاه، و من المعلوم أن ما يأخذه السلطان المدعي للخلافة بالاستحقاق من أهل المزارع و الأراضي لا يكون برضاهم.

(7) تعليل لكون مقتضى القاعدة حرمته، أي لعدم صحة ولاية مثل هؤلاء السلاطين المدعين للخلافة الاسلامية على هذه الأموال التي تؤخذ من أهل المزارع و الأراضي باسم الضريبة.

(8) بأن يصالح هذا السلطان مع أهل المزارع و الأراضي الحقوق المتعلقة عليهم: من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 241

مع من عليه الحقوق المذكورة (1) في تعيين شيء من ماله لأجلها (2) فاسد كما (3) إذا تراضى الظالم مع مستأجر دار الغير في دفع شيء إليه عوض الاجرة.

هذا (4) مع التراضي.

و أما إذا قهره على أخذ شيء بهذه العنوانات (5) ففساده أوضح.

و كيف كان (6) فما يأخذه الجائر باق على ملك المأخوذ منه، و مع ذلك (7) يجوز قبضه من الجائر بلا خلاف يعتد به بين الأصحاب.

و عن بعض حكاية الاجماع عليه (8).

++++++++++

(1) و هي الخراج و المقاسمة و الزكوات كما عرفت آنفا.

(2) أي لأجل تلك الحقوق: بمعنى أن ما يفرضه السلطان على صاحب الحقوق وفاء لأجل تلك الحقوق، و يتراضى عليه فاسد.

(3) تنظير لفساد مصالحة الظالم و تراضيه مع الآخرين بصورة غير مشروعة.

و خلاصة التنظير: أنه كما لا يصح تراضي الظالم مع مستأجر دار زيد على مال عوضا عن اجرة الدار ليدفعه إليه، لا إلى المؤجر، لأنه باطل و فاسد.

كذلك تراضيه مع من عليه الحقوق المذكورة: من الخراج و المقاسمة و الزكوات باطل و فاسد، لعدم صحة سلطته و ولايته، فتصرفاته كلها باطلة.

(4) أي عدم صحة ولاية السلطان المدعي للخلافة إذا كان مع تراضيه لأهل الحقوق المذكورة.

(5) و هي المقاسمة و الخراج و الزكوات.

(6) أي سواء أ كان أخذ السلطان مع التراضي أم بغيره.

(7) أي و مع أن ما يأخذه باق على ملك المأخوذ منه يجوز أخذ هذا

(8) أي على جواز أخذ هذا المال الذي باق بعد على ملك المأخوذ منه.

ص: 242

قال في محكي التنقيح، لأن الدليل على جواز شراء الثلاثة (1) من الجائر و إن لم يكن مستحقا له النصوص (2) الواردة عنهم عليهم السلام.

و الاجماع (3) و إن لم يعلم مستنده.

و يمكن أن يكون مستنده أن ذلك (4) حق للأئمة عليهم السلام و قد اذنوا لشيعتهم في شراء ذلك (5) فيكون تصرف الجائر كتصرف الفضولي (6) إذا انضم إليه (7) اذن المالك. انتهى.

++++++++++

(1) و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة.

(2) ستأتي الإشارة إلى هذه النصوص واحدا بعد آخر.

(3) بالرفع عطفا على قوله: النصوص، أي الدليل على ذلك الإجماع بالإضافة إلى النصوص المذكورة.

(4) و هي الحقوق الثلاثة: الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) أي في شراء هذه الحقوق الثلاثة من السلطان الجائر المدعي للخلافة بالاستحقاق.

(6) في احتياج صحة الشراء و المعاملة إلى الاجازة فاذا أجاز الامام عليه السلام صحت هذه المعاوضات و المعاملات، و قد ثبتت اجازة الأئمة عليهم الصلاة و السلام لشيعتهم في شراء هذه الحقوق من السلطان الجائر كما تأتي الاشارة إليها في النصوص الآتية.

(7) أي إلى شراء الحقوق الثلاثة و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة فكما أن صحة بيع الفضولي متوقفة على اجازة المالك، كذلك صحة شراء الثلاثة المذكورة متوقفة على اذن المالك.

و المراد من المالك هنا: الامام عليه السلام، و لذا قال الشيخ في ص 244:

و الأولى أن يقال: اذا انضم اذن متولي الملك.

و وجه الأولوية: أن هذه الأراضي الخراجية ملك للمسلمين، حيث -

ص: 243

أقول: و الأولى أن يقال: اذا انضم إليه اذن متولي الملك كما لا يخفى (1).

و في جامع المقاصد: أن عليه (2) اجماع فقهاء الإمامية، و الأخبار (3) المتواترة عن الأئمة الهداة عليهم السلام.

و في المسالك: أطبق عليه (4) علماؤنا و لا نعلم فيه مخالفا.

و عن المفاتيح: أنه لا خلاف فيه.

و في الرياض: أنه استفاض نقل الاجماع عليه.

و قد تأيدت (5) دعوى هؤلاء بالشهرة المحققة بين الشيخ و من تأخر عنه.

و يدل عليه (6) قبل الاجماع مضافا إلى لزوم الحرج العظيم في الاجتناب عن هذه الأموال، بل اختلال النظام، و إلى الروايات (7) المتقدمة لاخذ

++++++++++

- إنها فتحت عنوة فالامام عليه السلام بما أنه ولي المسلمين فهو المسئول عنها فيكون متوليا للملك.

و أما الأراضي التي اخذت صلحا، فهي ملك للامام عليه السلام فيصح قول صاحب التنقيح: إن الشراء متوقف على اذن المالك.

(1) و قد عرفت وجه عدم الخفاء عند قولنا: و وجه الأولوية.

(2) أي على جواز أخذ هذه الثلاثة، إما مجانا، أو بعوض.

(3) أي و على جواز أخذ الثلاثة للأخبار المتواترة عن أئمة (أهل البيت) عليهم السلام الآتية في ص 245-254.

(4) أي على جواز شراء الثلاثة المذكورة من السلطان الجائر.

(5) هذه العبارة (لشيخنا الأنصاري) أي دعوى هؤلاء الأعلام مؤيدة بالشهرة.

(6) أي على جواز أخذ الثلاثة من السلطان الجائر.

(7) أي و بالإضافة إلى الروايات المتقدمة المشار إليها في ص 145-166-167 -

ص: 244

الجوائز من السلطان، خصوصا الجوائز العظام التي لا يحتمل عادة أن تكون من غير الخراج، و كان الامام عليه السلام يأبى عن أخذها أحيانا، معلّلا بان فيها حقوق الامة: روايات (1).

(منها) (2): صحيحة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل منا يشتري من عمال السلطان من ابل الصدقة (3) غنمها و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

فقال: ما الابل و الغنم إلا مثل الحنطة و الشعير، و غير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه فيجتنب.

قلت: فما ترى في متصدق يجيئنا فياخذ منا صدقات أغنامنا فنقول:

بعناها (4) فيبيعنا إياها فما ترى في شرائها منه؟

فقال: إن كان قد أخذها و عزلها فلا بأس.

قيل له: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا

++++++++++

- الدالة على جواز أخذ الجوائز من السلطان.

(1) فاعل لقوله: و يدل أي و يدل على جواز أخذ هذه الثلاثة الروايات المذكورة بقوله: منها صحيحة الحذاء.

(2) أي من بعض تلك الروايات الدالة على جواز شراء الزكوات من السلطان الجائر.

(3) و هي الزكاة.

(4) لا يخفى أن كلمة بعناها مركبة من فعل الأمر المفرد المخاطب و من نا الذي هو المتكلم مع الغير، و هو مفعول فعل الأمر، و الهاء مفعوله الثاني و مرجعه: صدقات أغنامنا، أي نقول لهذا الجابي: بعنا هذه الصدقات.

ص: 245

و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام (1) منه؟

فقال: إن كان قد قبضه بكيل و أنتم حضور فلا بأس بشرائه منهم بغير كيل (2).

دلت هذه الرواية على أن شراء الصدقات: من الأنعام و الغلات من عمال السلطان كان مفروغ الجواز عند السائل (3) و إنما سأل أولا عن الجواز مع العلم الاجمالي (4) بحصول الحرام في أيدي العمال.

و ثانيا (5) من جهة توهم الحرمة، أو الكراهة في شراء ما يخرج (6) في الصدقة كما ذكر في باب الزكاة (7).

++++++++++

(1) و هو الطعام المكيل الذي كيل أمام صاحب الزكوات و عزل من قبل القاسم.

(2) (التهذيب). الجزء 6. ص 375. الحديث 215.

(3) أي منشأ دلالة الرواية على أن جواز اخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات كان مسلما لا يسأل عنه: هو قول السائل: و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(4) أي منشأ العلم الإجمالي بوجود الحرام في أموال السلطان: هو قول السائل أيضا و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(5) أي و سؤال الراوي ثانيا.

(6) بصيغة المعلوم من باب الإفعال، أي كراهة شراء ما يخرجه المالك لعمال السلطان منهم بعد أن يعطيهم تلك الصدقات.

ثم إن منشأ استفادتنا أن السائل توهم الحرمة، أو الكراهة: قول السائل: فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعنا فما ترى في شرائها؟

(7) راجع الكتب الفقهية. كتاب الزكاة.

ص: 246

و ثالثا (1) من جهة كفاية الكيل الأول (2).

و بالجملة ففي هذه الرواية سؤالا و جوابا (3) إشعار بان الجواز (4) كان من الواضحات غير المحتاجة إلى السؤال، و إلا لكان أصل الجواز أولى بالسؤال، حيث إن ما يأخذونه باسم الزكاة معلوم الحرمة تفصيلا (5) فلا فرق (6) بين أخذ الحق الذي يجب عليهم، و بين أخذ أكثر منه.

و يكفي قوله عليه السلام: حتى تعرف الحرام بعينه في الدلالة على مفروغية حل ما يأخذونه من الحق، و أن الحرام هو الزائد.

و المراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى من ينتقل إليه و ان كان (7) حراما بالنسبة إلى الجائر الآخذ له (8): بمعنى معاقبته (9) على أخذه

++++++++++

(1) أي و سؤال الراوي عن الإمام ثالثا.

(2) و هو كيل القاسم حين يأخذ حظه كما في قول السائل: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذاك الطعام؟

(3) كلمتي سؤالا و جوابا منصوبتان على التميز، أي من حيث سؤال الراوي، و من حيث جواب الامام عليه السلام.

(4) أي جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات

(5) حيث إن آخذي الخراج و المقاسمة و الزكوات ليسوا أهلا للأخذ فإن خلافتهم ليست صحيحة حتى يصح لهم الأخذ.

(6) أي في حرمة الأخذ من أرباب الصدقات، فالسؤال انما هو لأجل أن العمال كانوا يأخذون أكثر مما عليهم من الزكوات.

(7) أي و إن كان هذا الحلال حراما.

(8) أي لهذا المال.

(9) أي معاقبة الجائر الآخذ.

ص: 247

و ضمانه و حرمة التصرف في ثمنه.

ففي وصفه عليه السلام للمأخوذ بالحلية دلالة (1) على عدم اختصاص الرخصة بالشراء، بل يعم جميع أنواع الانتقال (2) إلى الشخص.

فاندفع ما قيل: إن الرواية (3) مختصة بالشراء فليقتصر (4) في مخالفة القواعد عليه (5).

ثم الظاهر من الفقرة الثالثة (6) السؤال و الجواب عن حكم (7) المقاسمة، فاعتراض الفاضل القطيفي (8) الذي صنف في الرد على رسالة المحقق الكركي المسماة بقاطعة اللجاج في حل الخراج رسالة زيف فيها جميع

++++++++++

(1) لا يخفى عدم وجود وصف المأخوذ بالحلية في هذه الرواية.

نعم دل على الحلية قوله عليه السلام في ص 245: لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

(2) من الهبة، و الصلح، و الجائزة، و الاجرة، و غير ذلك.

(3) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245

(4) هذه نتيجة اختصاص الرواية بالشراء.

(5) أي على الشراء، فإن القواعد الفقهية تصرح بحرمة التصرف في المال الحرام أخذا و بيعا، و شراء، و هبة و جوائز و صلحا فيقتصر على الشراء فقط كما علمت في النتيجة آنفا.

(6) و هو قول السائل في ص 245: يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام؟

(7) أي عن حلية المقاسمة و حرمتها.

(8) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 248

ما في الرسالة (1): من أدلة الجواز بعدم دلالة الفقرة الثانية (2) على حكم المقاسمة.

و احتمال كون القاسم (3) هو زارع الأرض، أو وكيله ضعيف (4) جدا.

و تبعه (5) على هذا الاعتراض المحقق الأردبيلي.

و زاد (6) عليه ما سكت هو عنه: من عدم دلالة الفقرة الاولى (7) على حل شراء الزكاة (8): بدعوى (9) أن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف

++++++++++

(1) أي في رسالة (المحقق الكركي).

(2) و هو قول السائل في الحديث المشار إليه في ص 245: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم؟

(3) الوارد في الفقرة الثالثة المشار إليها في ص 245.

(4) وجه الضعف: أن سياق الكلام يدل على أن القاسم من يأتي لتقسيم الزكاة و الخراج من قبل السلطان، بالإضافة إلى أن ظاهر اشتقاق هذه الكلمة يعطي أن المراد من القاسم من كانت القسمة حرفة له.

و هذا المعنى لا يناسب المزارع و كلمة القاسم لا تنصرف إلى الزارع أصلا فهي علم لمن يقسم الخراج.

(5) أي و تبع (الفاضل القطيفي).

(6) أي و زاد (المحقق الأردبيلي) على ما أفاده الفاضل القطيفي.

(7) و هو قول السائل في الحديث المشار إليه في ص 245: سألته عن الرجل منا يشتري من عمال السلطان من ابل الصدقة و غنمها و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(8) من عمال السلطان.

(9) الباء بيانية لعدم دلالة الفقرة الاولى المشار إليها في ص 245.

ص: 249

الحرام بعينه لا يدل إلا على جواز شراء ما كان حلالا (1)، بل مشتبها و عدم (2) جواز شراء ما كان معروفا أنه حرام بعينه، و لا يدل (3) على جواز شراء الزكاة بعينها صريحا.

نعم ظاهرها ذلك (4)،

++++++++++

(1) أي حلالا بشخصه، أو يكون لا أقل مشتبها، لا ما كان معروفا أنه حرام بعينه كالخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) بالجر عطفا على مجرور على في قوله: إلا على جواز، أي قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه لا يدل إلا على عدم جواز شراء ما كان معروفا و معلوما أنه حرام بعينه.

(3) أي و لا يدل قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه المشار إليه في ص 245 على جواز شراء خصوص الزكوات التي يأخذها السلطان من أهل الابل و الغنم و الزراعة.

فالحاصل أن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه.

له ظهوران:

ظهور على جواز شراء ما كان حلالا بشخصه، أو لا أقل يكون مشتبها.

و ظهور على عدم جواز شراء ما كان معلوما أنه حرام بعينه و شخصه.

و أما ظهوره على جواز شراء الزكوات المأخوذة من قبل السلطان من أهل الإبل و الغنم و الزكوات فلا.

هذا ما أفاده (المحقق الأردبيلي) في هذا المقام تبعا (للفاضل القطيفي) و زيادة على ذلك.

(4) أي ظاهر الرواية المشار إليها في ص 245 ذلك: و هو جواز شراء الزكوات المأخوذة من قبل السلطان من أهل الابل و الغنم و الزكوات.

ص: 250

لكن لا ينبغي الحمل عليه (1)، لمنافاته (2) العقل.

و يمكن أن يكون سبب الإجمال فيه (3) التقية.

و يؤيد عدم الحمل على الظاهر أنه (4) غير مراد بالاتفاق، إذ ليس بحلال ما أخذه الجائر فتامل (5). انتهى.

و أنت (6) خبير: بانه ليس في العقل ما يقتضي قبح الحكم المذكور

++++++++++

(1) أي حمل ظاهر هذه الرواية على هذا الجواز.

(2) أي لمنافاة هذا الحمل.

(3) أي في الحديث المشار إليه في ص 245.

و لا يخفى عدم وجود اجمال في الحديث المذكور حتى يحمل على التقية فإن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام بعينه: صريح في جواز شراء خصوص الزكوات الماخوذة من أهل الابل و الغنم و الزكوات.

(4) أي الظاهر غير مراد بالاجماع، لأن الذي يأخذه الجائر من أهل الابل و الغنم و الزكوات ليس حلالا حتى يصح شراؤه منه.

و لا يخفى أن ما أفاده (المحقق الأردبيلي) من عدم حلية ما يأخذه الظالم يصح في حق نفسه.

و أما في حق المشتري فلا، لأنه ورد الاذن الصريح في جواز شرائه منه كما في الرواية هذه، و قد عرفت الاذن كرارا.

(5) لعل وجه التأمل ما ذكرناه آنفا بقولنا: و لا يخفى.

(6) من هنا يروم الشيخ الرد على ما أفاده (المحقق الأردبيلي):

من أن حمل الرواية على الظاهر مناف لحكم العقل في قوله: لمنافاته العقل فإن العقل ليس له حكم لا في جواز شراء الزكوات، و لا في عدم جواز الشراء.

اللهم إلا أن يقال: إن أخذ الزكوات و الابل و الغنم بعنوان الضريبة -

ص: 251

و أي فارق بين هذا (1)، و بين ما أحلوه لشيعتهم مما فيه حقوقهم (2) و لا في النقل (3) إلا عمومات (4) قابلة للتخصيص بمثل هذه الصحيحة (5) و غيرها (6) المشهورة بين الأصحاب رواية و عملا، مع نقل الاتفاق

++++++++++

- من أهلها ظلم و الظلم قبيح عقلا، فلهذا يحكم بقبح الشراء.

(1) و هو الاذن في جواز شراء الزكوات من السلطان الجائر.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 378. الباب 4 من أبواب الخمس. الأحاديث.

(3) هذا رد على ما أفاده (المحقق الأردبيلي) من أن حمل الرواية على ظاهرها: و هو جواز شراء خصوص الزكوات من أهل الغنم و الابل و الزكوات: مناف للنقل.

(4) و هو قوله عليه السلام: لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره و بغير اذنه.

المصدر السابق. الجزء 17. ص 309 الباب 1 من أبواب الغصب الحديث 4.

فإن قوله عليه السلام: لا يحل لأحد عام يشمل جميع تصرفات غير المأذونة من قبل صاحب المال، و لا شك أن الغنم و الإبل و الزكوات المأخوذة من قبل السلطان الجائر لا يرضى أربابها بإعطائها إلى السلطان لو خلي و سبيله، فالشراء منه غير جائز.

(5) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245 الصريحة في جواز شراء خصوص الزكوات و الإبل و الغنم فهي تخصص تلك العمومات المشار إليها آنفا، لأنها قابلة للتخصيص بهذه، و بغيرها من الأخبار الآتية، و لا يلزم أي محذور.

(6) أي و غير هذه الصحيحة الذي يأتي الإشارة إليه في ص 253-254.

ص: 252

عن جماعة (1).

و أما الحمل على التقية (2) فلا يجوز بمجرد معارضة العمومات كما لا يخفى (3).

(و منها) (4): رواية اسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل (5) و هو يظلم.

قال: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا (6).

++++++++++

(1) أي اجماع الفقهاء على جواز شراء خصوص الإبل و الغنم و الزكاة و هم جماعة نقلهم الشيخ بقوله: و في جامع المقاصد الاجماع عليه، و عن المفاتيح لا خلاف عليه، و في الرياض أنه استفاض نقل الإجماع عليه.

(2) كما أفاده (المحقق الأردبيلي) بقوله في ص 251: و يمكن أن يكون سبب الاجمال فيه التقية.

(3) بيان ذلك: أن العمومات الواردة في عدم جواز التصرف في مال الغير بغير اذن صاحبه كما أشرنا إلى بعضها في ص 252 لا تعارض الخاص و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245، و غيرها من الأخبار المذكورة في ص 253-254 الدالة على جواز شراء خصوص الزكوات من السلطان الجائر حتى يحمل الخاص على التقية.

(4) أي و من بعض تلك الروايات الواردة في جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) و هو عامل السلطان الجائر.

و المراد من (و هو يظلم): أنه يأخذ أكثر من الحق المقرر عند الدولة.

(6) المصدر السابق الجزء 12. ص 163. الباب 53. الحديث 2.

ص: 253

وجه الدلالة (1): أن الظاهر أن الشراء من العامل شراء ما هو عامل فيه و هو الذي يأخذه من الحقوق من قبل السلطان.

نعم لو بني على المناقشة (2) احتمل أن يريد السائل شراء أملاك العامل منه (3)، مع علمه بكونه ظالما غاصبا فيكون سؤالا عن معاملة الظلمة (4).

لكنه (5) خلاف الإنصاف و إن ارتكبه صاحب الرسالة (6).

(و منها) (7): رواية أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده ابنه اسماعيل فقال: ما يمنع ابن أبي سماك (8)

++++++++++

(1) أي دلالة هذا الحديث على المراد: و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة.

(2) بأن يقال: ليس المراد شراء خصوص ما يأخذه العامل من أهل الغنم و الإبل و الزكوات.

(3) أي خصوص ما يملكه: من دار، أو عقار، أو غيرهما.

(4) و قد سبق الكلام في ذلك في باب جواز أخذ جوائز السلطان هبة و شراء و بيعا في ص 125.

ثم لا يخفى أن قوله عليه السلام في الحديث المشار في ص 253: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا: يصح أن يقع قرينة على أعم ما يملكه أو يأخذه من الناس باسم السلطان.

(5) أي هذا الاحتمال.

(6) و هو (الفاضل القطيفي).

(7) أي و من بعض تلك الروايات الدالة على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من عمال السلطان.

(8) اختلف في ضبط هذه الكلمة. -

ص: 254

ان يخرج شباب الشيعة فيكفونه (1) ما يكفيه الناس، و يعطيهم ما يعطي الناس.

قال: ثم قال لي: لم تركت عطاءك.

قلت: مخافة على ديني.

قال: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك في بيت المال نصيبا (2).

فإن ظاهره (3) حل ما يعطى من بيت المال عطاء و اجرة للعمل فيما يتعلق به (4).

بل قال المحقق الكركي: إن هذا الخبر (5) نص في الباب، لأنه عليه السلام بيّن أن لا خوف على السائل في دينه، لأنه لم يأخذ إلا نصيبه من بيت المال.

++++++++++

- قبل: بالسين المهملة و الكاف.

و قيل: بالسين المهملة و اللام.

و قيل: بالشين المعجمة و اللام.

(1) أي يساعدونه في أعماله التي تقبلها من السلطان.

مقصود الامام عليه السلام: أن هذا الرجل الذي هو في خدمة السلطان لم لم يأت بشباب الشيعة و يدخلهم في أعماله المتقبلة من قبل السلطان.

(2) نفس المصدر. الجزء 12. ص 157. الباب 51. الحديث 6

(3) أي ظاهر قوله عليه السلام: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا.

(4) في قوله عليه السلام: و يعطيهم ما يعطي الناس.

(5) و هي رواية أبي بكر الحضرمي المشار إليها في ص 254، فانها صريحة في جواز أخذ المال من السلطان الجائر.

ص: 255

و قد ثبت في الاصول تعدي الحكم بتعدي العلة المنصوصة (1).

++++++++++

(1) المراد من (العلة المنصوصة) هو كل حكم شرعي ذكر سببه و علته صريحا في الأخبار كورود النص في الأحاديث الشريفة أن علة تحريم الخمر هو الإسكار فنستكشف من هذه العلة الصريحة أن كل شيء وجد فيه الإسكار يكون شربه حراما، سواء أ كان هذا الشيء الموجود فيه الإسكار متخذا من الخل أم من الشعير أم من أي شيء آخر.

راجع حول العلة المنصوصة (وسائل الشيعة). الجزء 17. الباب 25 من أبواب الأشربة المحرمة. ص 287. الأحاديث. أليك نص الحديث 2:

عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته و يذهب سكره؟ و المراد من عاديته حدته.

فقال: لا و اللّه و لا قطرة قطرت في حب إلا اهريق ذلك الحب.

و أليك الحديث: الباب 27:

عن ابن فضال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع.

فقال: هو الخمر و فيه حد شارب الخمر.

و أليك الحديث 16 من ص 242 الباب 9.

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: حرّم اللّه الخمر لفعلها و فسادها.

و المراد من فعلها هو الإسكار.

فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على أن تحريم الخمر و الفقاع إنما هو لاجل الإسكار الموجود فيهما، فعلة التحريم هذه لا غير فكلما وجدت العلة في شيء غير الخمر و الفقاع يأتي الحكم و هي الحرمة حالا و فورا من دون احتياج ورود نص آخر في حقه. -

ص: 256

انتهى (1).

و إن تعجب منه (2) الأردبيلي رحمه اللّه فقال: أنا ما فهمت

++++++++++

- إذا عرفت هذا فاعلم أن المراد من العلة المنصوصة فيما نحن فيه و هي رواية أبي بكر الحضرمي في ص 254: هو قوله عليه السلام: (أ ما علمت أن لك في بيت المال نصيبا).

و ان ذلك: أن الامام عليه السلام لما سأل أبا بكر الحضرمي عن سبب قطعه عطاءه المقرر الذي كان يأخذه من ابن أبي سماك الذي كان عاملا من قبل السلطان.

فاجاب أبو بكر الحضرمي الامام عليه السلام عن سؤاله: مخافة على ديني.

فقال له الامام عليه السلام: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك نصيبا من بيت المال.

فجواب الامام عليه السلام للحضرمي: أما علم أن لك في بيت المال نصيبا علة منصوصة صريحة في حل ما يعطى للمسلم من بيت المال فيستنبط من هذه العلة الصريحة جواز الأخذ من بيت المال لكل مسلم، لأنه لم يأخذ حراما، بل إنما يأخذ نصيبه كما أفاده الامام عليه السلام فلا خوف على دينه من أخذه الجائزة من السلطان.

(1) أي ما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام: و هو جواز شراء الغنم و الإبل و الزكوات من عمال السلطان، لصراحة خبر الحضرمي في ذلك.

(2) أي مما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام: من أن حديث الحضرمي صريح في حل ما يعطى من بيت المال عطاء، لأنه لا خوف على دين الآخذ حيث يأخذ منه نصيبه.

ص: 257

منه (1) دلالة ما، و ذلك لأن غايته ما ذكر (2)، و قد يكون الشيء من بيت المال و يجوز أخذه و اعطاؤه للمستحقين: بأن يكون منذورا، أو وصية لهم:

بأن يعطيهم ابن أبي سماك، و غير ذلك. انتهى.

و قد تبع في ذلك (3) صاحب الرسالة، حيث قال: إن الدليل لا إشعار فيه بالخراج.

أقول: الإنصاف أن الرواية (4) ظاهرة في حل ما في بيت المال مما يأخذه الجائر.

(و منها) (5): الأخبار الواردة في أحكام تقبل (6) الخراج

++++++++++

(1) أي من خبر الحضرمي الذي استفاد منه (المحقق الكركي) حلية جواز الشراء.

(2) و هو جواز الأخذ من بيت المال لكل مكلف.

(3) أي و تبع (المحقق الأردبيلي الفاضل القطيفي): في عدم دلالة رواية الحضرمي على جواز شراء الغنم و الإبل و الزكوات من عمال السلطان، حيث قال فيها: إن الدليل الذي هي رواية الحضرمي لا يدل على المراد: و هو جواز شراء الزكوات و الصدقات من عمال السلطان.

لا يخفى أن ما في بيت المال أعم من أن يكون من الخراج أو المقاسمة، أو الزكوات، فما أفاده الفاضل القطيفي، و من تبعه على ذلك و هو (المحقق الأردبيلي): من عدم اشعار في الخبر على جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من عمال السلطان غير مقبول، إذ عوائد بيت المال و منافعه لا تنحصر بشيء خاص.

(4) و هي رواية الحضرمي.

(5) أي و من بعض تلك الأخبار الواردة في جواز شراء ما يأخذه السلطان من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) المراد من تقبل الخراج: هو تقبل شخص الخراج لنفسه: بان -

ص: 258

من السلطان على وجه يستفاد من بعضها: كون أصل التقبل مسلم الجواز عندهم.

(و منها) (1): صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جملة الحديث.

قال: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان و عن مزارعة أهل الخراج بالنصف و الربع و الثلث؟

قال: نعم لا بأس به و قد قبّل (2) رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

++++++++++

يدفع إلى السلطان مالا بإزاء ذلك الخراج و المقاسمة و الزكوات، ثم يتصدى - لجبايتها و جمعها.

و كان هذا المعنى و هو تقبل الشخص الخراج لنفسه بإزاء مال يدفعه إلى الدولة و الحكومة أمرا شائعا، و مسلم الجواز عند الأئمة من (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام و أصحابهم في زمنهم.

(1) أي و من بعض هذه الأخبار الواردة في جواز تقبل الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان: بمعنى أن الرجل يتقبل خراج الأرض فيأخذها من أهل تلك الأرض بإزاء المال الذي يدفعه إلى الحكومة و الدولة

و يحتمل أن يكون المراد من أهلها: أهل الكتاب الذين يدفعون الجزية فالرجل يتقبل هذه الجزية التي وضعت على أربابها فيأخذها من السلطان بإزاء مال يدفعه إليه.

(2) بتشديد الباء من باب التفعيل معناه: ابرام عقد التقبل و إحكامه فالتقبل يكون مطاوعة قبّل.

ص: 259

خيبر اعطاها اليهود، حيث فتحت عليه بالخبر (1) و الخبر هو النصف (2)

(و منها) (3): الصحيح عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: سألته في الرجل يتقبل خراج الرجال، و جزية رءوسهم و خراج النخل و الشجر و الآجام (4) و المصائد (5) و السمك (6) و الطير

++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله عليه السلام: و قد قبّل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، أى قبّل صلى اللّه عليه و آله بالخبر حين فتحت عليه خيبر.

و الخبر بالخاء المعجمة المضمومة و سكون الباء هو النصيب المعين من الثلث، أو النصف، أو الربع، أو الخمس، أو السدس، أو السبع أو الثمن، أو التسع، أو العشر في المزارعة حسب المقاولة فيما بينهما.

و المراد منه هنا: النصف كما أفاده الشيخ و قد مضى شرح خيبر في (المكاسب) من طبعتنا الجديدة الجزء 4. ص 371.

(2) (التهذيب). الجزء 7. ص 202. الحديث 34. الباب 19 من أبواب المزارعة.

(3) أى و من بعض هذه الأخبار الدالة على جواز تقبل الشخص الخراج من السلطان لنفسه.

(4) و هي غابات القصب.

(5) جمع مصيدة بفتح الميم و سكون الصاد و فتح الياء وزان محامد مكارم مزارع جمع محمدة مكرمة مزرعة.

و المراد من المصايد هنا المصايد البرية التي تصاد فيها الطيور و الحيوانات.

(6) المراد من السمك مصائده أي الأماكن المهيئة لصيد الأسماك.

ص: 260

و هو (1) لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا، أو يكون، أ يشتريه؟ (2) أو في أي زمان يشتريه؟، يتقبل منه؟

فقال: إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد ادرك (3) فاشتره و تقبل به (4)

و نحوها (5) الموثق المروي في الكافي و التهذيب عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي بادني تفاوت.

و رواية الفيض بن المختار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

جعلت فداك ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم أؤاجرها من أكرتي (6)

++++++++++

(1) الواو هنا حالية أي و الحال أن المتقبل لهذه الأشياء من السلطان لا يعلم أن فيها نفعا أو ضررا.

(2) أي أ يتقبل المتقبل مثل هذا الخراج الذي لا يعلم ان فيه نفعا أو ضررا.

(3) المراد من قوله عليه السلام: شيئا واحدا قد ادرك: أنه إن ظهر لك في كل واحد من المذكورات علامة الانتاج و الفائدة و آثارها فأقدم على شرائها.

(4) (من لا يحضره الفقيه). طباعة النجف الأشرف عام 1387 الجزء 3. ص 141. الباب 69. الحديث 62.

(5) أي و نحو هذه الأخبار الدالة على جواز تقبل الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان ما روي في الكافي و التهذيب.

راجع (التهذيب). طباعة النجف الأشرف عام 1380 الجزء 7 ص 203. الحديث 42. الباب 19.

(6) بفتح الهمزة و الكاف و الراء جمع أكّار بفتح الهمزة و تشديد الكاف مثل حراث وزنا و معنى.

ص: 261

على أن ما أخرج اللّه تعالى منها من شيء كان لي من ذلك النصف، أو الثلث بعد حق السلطان؟

قال: لا بأس كذلك اعامل اكرتي (1)

إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في باب قبالة (2) الأرض و استيجار أرض الخراج من السلطان ثم اجارتها للزارع بأزيد من ذلك (3).

و قد يستدل بروايات اخرى لا تخلو عن قصور في الدلالة (4).

(منها) (5): الصحيح عن جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين أبي زياد فأردت أن أشتريه فقلت: لا حتى استأذن أبا عبد اللّه عليه السلام فسألت معاذا أن يستأمره فسأله.

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 3. ص 208. الحديث 3. الباب 15 من كتاب المزارعة و المساقاة.

(2) بفتح القاف اسم لما يلتزمه الانسان من عمل و دين، و غير ذلك بإزاء عوض.

و في عصرنا الحاضر يعبر عنه ب: (المقاول).

(3) أي مما استأجره من السلطان الجائر كأن استأجر الخراج مثلا من السلطان بألف دينار، ثم آجره للزارع بألفي دينار مثلا.

راجع نفس المصدر.

(4) أي في دلالة هذه الأخبار التي استدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من السلطان.

(5) أي من بعض تلك الأخبار المستدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 262

فقال: قل له: فليشتره، فإنه إن لم يشتره اشتراه غيره (1).

و دلالته (2) مبنية على كون عين أبي زياد من الأملاك الخراجية.

و لعلها (3) من الأملاك المغصوبة من الامام، أو غيره الموقوف اشتراء حاصلها (4) على اذن الامام عليه السلام.

و يظهر من بعض الأخبار أن عين أبي زياد كانت ملكا لأبي عبد اللّه عليه السلام (5).

(و منها) (6): صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن موسى عليه السلام:

ما لك لا تدخل مع علي (7) في شراء الطعام إني أظنك ضيقا.

قال: قلت: نعم فإن شئت وسّعت علي.

قال: اشتره (8).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 162. الباب 53. الحديث 1 و كان أبو زياد من عمال السلطان.

(2) أي و دلالة صحيح جميل بن صالح على المدعى: و هو جواز شراء الخراج.

(3) أي و لعل عين أبي زياد.

(4) أي حاصل الأملاك المغصوبة من الامام.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 140-141. الباب 18 من أبواب كتاب الزكاة. الحديث 2.

(6) أي و من بعض تلك الروايات المستدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من السلطان.

(7) كان علي يشتري الطعام من السلطان و يبيعه على آخرين.

(8) نفس المصدر. ص 161. الباب 52 من أبواب -

ص: 263

و بالجملة ففي الأخبار المتقدمة (1) غنى عن ذلك.

ينبغي التنبه على امور:
اشارة

و ينبغي التنبه على امور:

الأول: أن ظاهر عبارات الأكثر، بل الكل أن الحكم مختص بما يأخذه السلطان

(الأول): أن ظاهر عبارات الأكثر (2)، بل الكل أن الحكم (3) مختص بما يأخذه السلطان (4)، فقبل أخذه الخراج لا يجوز المعاملة عليه (5) بشراء ما في ذمة مستعمل (6) الأرض، أو الحوالة عليه (7)

++++++++++

- ما يكتسب به. الحديث 1

و المراد من قوله عليه السلام: إني أظنك ضيقا: الضيق في اليد أي أنك قليل المال جدا بحيث تكون في ادارتك المعاشية ضيقا.

(1) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245، و رواية اسحاق ابن عمار المشار إليها في ص 253، و رواية أبي بكر الحضرمي المشار إليها في ص 254، و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 259، و صحيح اسماعيل ابن الفضل المشار إليها في ص 260، و موثق اسماعيل بن الفضل المشار إليه في ص 261، و رواية فضل بن مختار المشار إليها في ص 261، و صحيح جميل بن صالح المشار إليه في ص 262، و صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المشار إليها في ص 263.

(2) أي أكثر الفقهاء.

(3) و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(4) أي بعد أن أخذ السلطان الخراج و الزكوات يجوز للمكلف شراء هذا الخراج و الزكوات.

(5) أي على الخراج و المقاسمة.

(6) و هو الزارع، أو الفلاح.

(7) أي لا يجوز للمكلف أن يأخذ حوالة من السلطان على صاحب الأرض عن الخراج الذي في ذمته قبل أخذ السلطان الخراج منه.

ص: 264

و نحو ذلك (1) و به صرح السيد العميد (2) فيما حكي من شرحه على النافع (3) حيث قال:

إنما يحل ذلك (4) بعد قبض السلطان، أو نائبه، و لذا (5) قال المصنف: يأخذه. انتهى (6).

لكن (7) صريح جماعة عدم الفرق، بل صرح المحقق الثاني بالاجماع على عدم الفرق بين القبض و عدمه.

و في الرياض صرح بعدم الخلاف.

و هذا هو الظاهر من الأخبار المتقدمة (8) الواردة في قبالة الأرض و جزية الرءوس، حيث دلت على أنه يحل ما في ذمة مستعمل الأرض:

++++++++++

(1) بأن يأخذ المكلف الخراج و المقاسمة و الزكوات من مستعمل الأرض أولا، ثم يجري عليه المعاملة مع السلطان الجائر.

(2) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) أي (المختصر النافع) و هي خلاصة الشرائع (للمحقق الحلي)

(4) أي جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان.

(5) أي و لأجل أن جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات متوقف على أخذ السلطان حتى يصح شراؤها.

قال المحقق في المختصر النافع: يجوز أن يشتري من السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة و الزكاة.

فعلق المصنف جواز الشراء على ما يأخذه السلطان.

(6) أي ما أفاده السيد العميد في شرحه على (المختصر النافع).

(7) هذا الاستدراك مناف لما أفاده آنفا في صدر العنوان بقوله في ص 264: الأول أن الظاهر عبارات الأكثر، بل الكل.

(8) و هي المشار إليها في الهامش 1 ص 264.

ص: 265

من الخراج لمن تقبل الأرض من السلطان.

و الظاهر من الأصحاب في باب المساقاة، حيث يذكرون أن خراج السلطان على مالك الاشجار، إلا أن يشترط خلافه (1): اجراء (2) ما يأخذه العادل في ابراء ذمة مستعمل الارض الذي استقر عليه اجرتها (3) بأداء غيره (4).

بل ذكروا في المزارعة (5) أيضا أن خراج الأرض كما في كلام الأكثر، أو الأرض الخراجية كما في الغنية و السرائر على مالكها، و إن كان

++++++++++

(1) بأن يشترط في عقد المساقاة أن الضرائب الحكومية على الساقي و المساقاة مصدر باب المفاعلة من ساقى يساقي و هو العقد على سقي اصول الأشجار بين صاحب الماء، و صاحب الأرض التي فيها الأشجار و كل عمل يصلح الأشجار، و ينمي الأثمار بحصة معينة: من الثلث، أو الربع أو الخمس، أو غير ذلك.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4. ص 309 إلى ص 323.

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و الظاهر من الأصحاب.

(3) أي اجرة الأرض و هي ضرائب الحكومة.

(4) أي يؤدي هذه الضرائب غير صاحب الأرض و هو الساقي.

(5) مصدر باب المفاعلة من زارع يزارع: و هو عقد على الأرض يقع بين المالك و الزارع بحصة معينة من حاصل الأرض إلى أجل معلوم.

و أركان هذه المعاملة أربعة: الأرض و البذر و العامل و العوامل.

و قد ذكرنا في هذا المقام في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة في كتاب المزارعة الجزء 4 من ص 275 إلى ص 305: صورا كثيرة لها فراجعها كي تستفيد منها، فإنها مهمة جدا فلا تغفل عنها.

ص: 266

يشكل توجيهه: من جهة عدم مالك للأراضي الخراجية (1).

و كيف كان (2) فالأقوى أن المعاملة على الخراج جائزة و لو قبل قبضها (3).

و أما تعبير (4) الأكثر بما يأخذه فالمراد (5) به إما الأعم مما يبنى على أخذه و لو لم يأخذه فعلا، و إما المأخوذ فعلا.

++++++++++

(1) فكيف يقال: إن خراج هذه الأراضي على مالكها.

(2) أي أي شيء قلنا في خراج السلطان، سواء أ كانت على مالك الأرض أم على مالك الأشجار أم غير ذلك.

(3) أي قبض الخراج و تأنيث الضمير باعتبار الزكوات و المقاسمة.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم أن المعاملة على خراج السلطان لو كان جائزا قبل قبض الخراج فلم قيد أكثر الفقهاء الجواز بما يأخذه في قولهم: يجوز المعاملة على ما يأخذه السلطان الظاهر هذا الأخذ في الأخذ الفعلي، لا الأخذ مطلقا و إن كان قبل القبض؟

(5) هذا دفع الوهم المذكور.

حاصل الدفع أن القيد المذكور و هو بما يأخذه الذي يراد منه المأخوذ له فردان:

فرد يراد منه معناه العام: و هو البناء على الأخذ و إن لم يأخذه فعلا و حالا.

و فرد يراد منه معناه الخاص: و هو المأخوذ فعلا و حالا.

فاذا لا ظهور للاخذ في المعنى الخاص حتى يقال بعدم جواز المعاملة على الخراج قبل قبض السلطان لها كما قلنا بالجواز نحن.

ص: 267

لكن (1) الوجه في تخصيص العلماء العنوان به جعله (2) كالمستثنى من جوائز السلطان التي حكموا بوجوب ردها على مالكها اذا علمت حراما بعينها فافهم.

و يؤيد الثاني (3) سياق كلام بعضهم، حيث يذكرون هذه المسألة (4) عقيب مسألة الجوائز (5)، خصوصا عبارة القواعد، حيث صرح بتعميم

++++++++++

(1) كأنما هذا دفع وهم آخر.

حاصل الوهم أنه لو كان للاخذ فردان و معنيان كما قلت و ليس له ظهور و انصراف إلى المعنى الخاص فلم خصص العلماء العنوان الذي هو جواز الشراء بالأخذ الفعلي الحالي.

و مرجع الضمير في به: الأخذ كما عرفت.

(2) هذا جواب عن الوهم الآخر.

و خلاصته: أن وجه الاختصاص بالأخذ المذكور لأجل التنبيه على أن جواز شراء الخراج مستثنى من حكم المستثنى منه الذي هي جوائز السلطان حيث إن حكمها في صورة العلم بحرمتها هو عدم جواز بيعها و شرائها و هبتها و التصرف فيها بأي نحو من أنحاء التصرفات، بل لا بد من ردها إلى مالكها

بخلاف الخراج، فإنه لا حرمة لشرائها لورود النص الخاص بذلك كما عرفت في ص 259 - إلى ص 263 ورود الأخبار بذلك.

فالحاصل أن القيد المذكور لأجل ذلك لا غير فعليه يجوز شراء الخراج من السلطان قبل قبضه إياها.

(3) و هو جواز شراء الخراج من السلطان بعد وصولها في يده.

(4) و هي مسألة جواز شراء الخراج.

(5) أي جوائز السلطان: بمعنى أن الفقهاء بعد ذكر جوائز السلطان الجائر و أحكامها: من عدم جواز التصرف فيها بأي نحو من الانحاء يذكرون

ص: 268

الحكم (1) بقوله: و إن عرفت أربابه فافهم (2)

و يؤيد الأول (3) أن المحكي عن الشهيد عن حواشيه على القواعد أنه علق على قول العلامة: إن الذي يأخذه الجائر إلى آخر قوله: و إن لم يقبضها الجائر (4). انتهى (5).

الثاني: هل يختص الخراج: من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالا مغصوبا محرما

(الثاني) (6): هل يختص الخراج: من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالا مغصوبا (7) محرما: بمن ينتقل إليه فلا استحقاق للجائر في أخذه

++++++++++

الخراج و المقاسمة.

و معنى هذا: أن الخراج و المقاسمة خارجان عن حكم الجوائز و هي حرمة التصرف فيها، بل الجواز في الخراج مسلم كما عرفت آنفا في الجواب عن الوهم الثاني عند قولنا: و خلاصته أن وجه الاختصاص.

(1) و هو جواز شراء الخراج من السلطان و إن علم المشتري أربابها كما عرفت آنفا عند قولنا: لورود النص الخاص بذلك.

(2) لعله اشارة إلى أن مجرد ذكر مسألة اخرى لا يكون دليلا على أنها مخالفة للمسألة السابقة في الحكم حتى يكون تأييدا للثاني.

(3) و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة و إن كان قبل قبض السلطان لهما.

(4) هذه الجملة: (و إن لم يقبضها الجائر) تعليق (الشهيد الأول) على عبارة (العلامة) في القواعد و هو إن الذي يأخذه الجائر.

(5) أي ما أفاده (الشهيد الأول) في شرحه على القواعد في هذا المقام.

(6) أي التنبيه الثاني من التنبيهات التي أفاده الشيخ بقوله في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور

(7) أي في صورة العلم بحرمته، و مرجع الضمير في اخذه: الخراج

ص: 269

أصلا فلم يمض الشارع من هذه المعاملة إلا حلّ ذلك (1) للمنتقل إليه أو يكون الشارع قد أمضى سلطنة الجائر عليه (2) فيكون (3) منعه عنه أو عن بدله (4) المعوض عنه في العقد معه (5) حراما.

صريح الشهيدين و المحكي عن جماعة ذلك (6).

قال المحقق الكركي في رسالته (7): ما زلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الأعظم الشيخ علي (8) بن هلال رحمه اللّه أنه

++++++++++

(1) و هو جواز شراء خراج السلطان منه، و صحة تصرف المشتري فيه من دون ترتب حكم شرعي على الشراء و هي الحرمة كما كانت الحرمة تترتب على الجوائز.

(2) أي على أخذ الخراج من أهل الغنم و الابل و الصدقات.

(3) الفاء تفريع على الشق الثاني: و هو امضاء الشارع سلطنة الجائر على الخراج الذي يأخذه من الرعية في قوله: أو يكون الشارع قد أمضى.

و خلاصة التفريع: أنه بعد القول بالإمضاء من قبل الشارع معاملة الخراج فمنع السلطان الجائر و حرمانه عن الخراج، أو منعه و حرمانه عن دفع بدل الخراج إليه و هي القيمة بعد العقد و القرار معه: حرام لا يجوز ذلك.

و مرجع الضمير في منعه: السلطان، و في عنه: الخراج.

(4) أي بدل الخراج و هي القيمة كما عرفت آنفا.

(5) أي مع السلطان كما عرفت.

(6) أي حرمة امتناع الرعية عن دفع الخراج، أو بدله إلى السلطان و كلمة ذلك مرفوعة خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و صريح الشهيدين.

(7) و هي قاطعة اللجاج في حل الخراج.

(8) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 270

لا يجوز لمن عليه الخراج سرقته، و لا جحوده، و لا منعه، و لا شيء منه (1) لأن ذلك (2) حق واجب عليه انتهى (3).

و في المسالك في باب الأرضين: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لاحد جحدها (4)، و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه (5). انتهى (6).

و في آخر كلامه أيضا أن ظاهر الأصحاب أن الخراج و المقاسمة لازم (7) للجائر حيث يطلبه، أو يتوقف على اذنه. انتهى (8).

و على هذا (9) عوّل بعض الأساطين في شرحه على القواعد، حيث قال:

++++++++++

(1) أي و لا يجوز لمن عقد مع السلطان إنكار قسم من الخراج سواء أ كان قليلا أم كثيرا، بل لا بدّ من اعطاء كله إلى السلطان بعد ورود النص الخاص بذلك.

(2) أى اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات واجب على أهل الغنم و الابل و الزكوات فيجب على المالك دفعها إلى السلطان الجائر.

(3) أي ما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام في الرسالة المذكورة

(4) أي إنكار الزكوات و الخراج و المقاسمة، و عدم إعطائها للسلطان

(5) أي على عدم جواز جحد الزكوات و منعها، و عدم جواز التصرف فيها بغير اذن السلطان من الطائفة.

(6) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك في هذا المقام.

(7) أي اعطاؤه.

(8) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك في هذا المقام.

(9) أي و على القول بوجوب اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات

ص: 271

و تقوى حرمة سرقة الحصة (1) و خيانتها (2)، و الامتناع من تسليم ثمنها بعد شرائها إلى الجائر و إن حرمت (3) عليه، و دخل تسليمها في الاعانة على الاثم في البداية، أو الغاية، لنص (4) الأصحاب على ذلك و دعوى الاجماع عليه. انتهى (5).

أقول: إن اريد منع الحصة مطلقا (6) فتصرف في الأرض من دون اجرة فله (7) وجه، لأنها ملك المسلمين فلا بد لها من اجرة تصرف

++++++++++

إلى السلطان الجائر، و عدم جواز الامتناع عن تسليمها له: اعتمد (الشيخ كاشف الغطاء).

(1) أي حصة السلطان الجائر المراد منها الخراج و المقاسمة و الزكوات

(2) الظاهر أن المراد من الخيانة هنا هو الغش و التدليس أي لا يجوز لمن عليه الخراج أن يخبط الرديء بالجيد فيعطيه للسلطان بعد القول بوجوب دفع الخراج إليه.

(3) أي و إن حرمت المذكورات. و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة على السلطان الجائر.

(4) تعليل لحرمة سرقة الحصة و خيانتها.

(5) أي ما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) في شرحه على القواعد في هذا المقام.

(6) أي سواء أ كان السلطان جائرا أم عادلا.

و الفاء في فتصرف بمعنى حتى أي حتى و لو تصرف الخراج و الزكوات في عمارة الأرض و مصالحها.

(7) أي لهذا المنع الذي هي سرقة الحصة و خيانتها، لأنه بعد فرض أن الخراج تصرف في عمارة الارض و مصالحها فلا معنى لعدم إعطائها إلى السلطان.

ص: 272

في مصالحهم.

و إن اريد منعها (1) من خصوص الجائر فلا دليل على حرمته (2) لأن اشتغال ذمة مستعمل الأرض بالاجرة لا يوجب دفعها إلى الجائر.

بل يمكن القول بأنه لا يجوز مع التمكن (3)، لأنه غير مستحق فيسلم إلى العادل، أو نائبه الخاص (4)، أو العام (5)، و مع التعذر (6) يتولى صرفه في المصالح حسبة، مع أن في بعض الأخبار ظهورا في جواز الامتناء (7).

مثل صحيحة زرارة اشترى ضريس بن عبد الملك و أخوه ارزا (8)

++++++++++

(1) أي منع الزكوات و الخراج و المقاسمة و هي التي تسمّى بضريبة الارض.

(2) أي على حرمة المنع.

(3) أي مع التمكن عن عدم إعطاء الزكوات و الخراج و المقاسمة للسلطان الجائر.

(4) أي المنصوب من قبل الامام عليه السلام لخصوص أخذ الخراج مثلا.

(5) كالفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة الكبرى عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج بالقريب العاجل.

(6) أي تعذر ايصال اجرة الأرض إلى الإمام عليه السلام، أو نائبه الخاص، أو العام يتولى من بيده هذه الضرائب و الخراج صرفها في سبل الخير، و المصالح العامة.

(7) و هو جواز الامتناع عن إعطاء الخراج للسلطان الجائر.

(8) بفتح الهمزة و ضم الراء و تخفيف الزاي، و فيه لغات أخرى.

الآرز بمد الألف، و الأرز بتشديد الزاي، و الرز: و هو حب معروف -

ص: 273

من هبيرة (1) بثلاثمائة ألف درهم.

قال: قلت له: ويلك، أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال (2) فابعث به إليه (3) و احتبس الباقي:

قال: فأبى عليّ و أدّى المال (4) و قدم هؤلاء (5) فذهب أمر (6) بني امية.

قال: فقلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام.

فقال مبادرا للجواب: هو (7) له هو له.

فقلت له: إنه (8) أداها فعض (9) على اصبعه.

++++++++++

- يطبخ و يسميه (أهل العراق) باللغة الدارجة (تمن).

(1) بصيغة التصغير كان عميلا (لبني امية) و متفانيا لهم.

(2) و هو الارز الذي اشتراه ضريس بن عبد الملك من هبيرة.

(3) أي إلى الإمام عليه السلام.

(4) أي إلى هبيرة الذي باع الارز لضريس بن عبد الملك.

(5) و هم (بنو عباس) عند ما جاءوا للحكم بقيادة (أبي مسلم الخراساني)

(6) أي سقطت دولتهم و ولت.

(7) أي المال الذي أخذه ضريس بن عبد الملك من هبيرة و هو الارز له و حقه.

(8) أي ضريس بن عبد الملك أدّى ثلاثمائة الف درهم إلى هبيرة

(9) أي (الامام الصادق) عليه السلام عضّ على اصبعه بعد أن اطلع أن ضريسا أدى المبلغ إلى هبيرة.

و المراد من عض الإمام اصبعه تأسفه على ذلك تأسفا بالغا.

راجع (التهذيب). طباعة النجف الأشرف. الجزء 6 ص 337 الحديث 57.

ص: 274

فإن أوضح محامل هذا الخبر أن يكون الارز من المقاسمة (1) و أما حمله (2) على كونه من الناصب أعني هبيرة، أو بعض بني امية فيكون (3) دليلا على حل مال الناصب بعد إخراج خمسه كما استظهرها في الحدائق:

فقد ضعف (4) في محله: بمنع (5) هذا الحكم، و مخالفته (6) لاتفاق

++++++++++

(1) فعلى هذا لا يجوز إعطاء الخراج إلى السلطان الجائر، لأن المقاسمة مال المالك، و ليس للسلطان فيها حق كما قال عليه السلام: هو له هو له

(2) أي حمل خبر ضريس بن عبد الملك الدال على عدم جواز إعطاء الخراج للسلطان: على كون الارز من أموال الناصبي، لأن مالكه إما هبيرة و عداؤه و نصبه (لأئمة أهل البيت) عليهم السلام كالشمس في رائعة النهار.

و إما (بعض بني امية) و عداء آل امية (لآل هاشم) عداء ذاتي جوهري عنصري كتضاد الظلمة و النور، و الجهل و العلم، و ابليس و آدم و الحق و الباطل، و فرعون و موسى.

(3) أي يكون هذا الحمل قرينة على حلية مال الناصب بعد إخراج خمسه، كما استظهر هذه الحلية صاحب الحدائق في كتابه (الحدائق).

(4) أي هذا الحمل ضعيف، لأنه حقق في بابه: أنه لا يجوز أخذ مال الناصب، و لا يحل للآخذ التصرف فيه.

(5) الباء بيان لوجه الضعف أي حلية مال الناصب بسبب هذا الحمل ممنوعة.

(6) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بمنع أي و بمخالفة الحكم المذكور الذي هي حلية مال الناصبي لاجماع الفقهاء، حيث إنهم أجمعوا على عدم حلية مال الناصبي.

ص: 275

صحابنا كما حقق في باب الخمس (1) و إن ورد بها (2) غير واحد من الأخبار.

و أما الأمر (3) باخراج الخمس في هذه الرواية فلعله (4) من جهة

++++++++++

(1) هكذا أفاد (شيخنا الانصاري) قدس سره، و لم أعثر على هذا التحقيق في مظانه و لا سيما (الحدائق و الجواهر و اللمعة الدمشقية).

(2) أي بحلية مال الناصب وردت أخبار كثيرة.

راجع حول الأخبار (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 340.

الباب 2 من كتاب الخمس. الحديث 6.

أليك نص الحديث.

عن حفص البختري عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: خذ مال الناصبي حيث وجدته، و ادفع إلينا الخمس.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه لو كان الحمل المذكور ضعيفا، و لم يكن الخبر المذكور قرينة على حلية مال الناصب فلما ذا أمر زرارة ضريس بن عبد الملك بإخراج خمس مال المشتري من هبيرة و إعطائه للإمام عليه السلام في قوله:

ويلك، أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال و ابعث به إليه؟

و اخراج الخمس منه دليل على حلية مال الناصب و منه ابن هبيرة أو بعض بني امية.

(4) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن الأمر هنا لم يصدر عن الامام عليه السلام حتى يصح الاستدلال به، بل صدر من زرارة.

هذا أولا، و ثانيا يمكن أن يكون لاخراج الخمس سبب و هو اختلاط المقاسمة بالمال الحرام فيجب اخراج خمسه حينئذ إذا كان الحرام معلوما -

ص: 276

اختلاط مال المقاسمة بغيره: من وجوه الحرام فيجب تخميسه.

أو من جهة احتمال اختلاطه بالحرام فيستحب تخميسه كما تقدم في جوائز الظلمة (1).

و ما روي (2) من أن علي بن يقطين قال له الامام أبو الحسن موسى عليه السلام: إن كنت لا بدّ فاعلا فاتق أموال الشيعة.

قال (3): فأخبرني علي أنه كان يجبيها من الشيعة علانية و يردها عليهم في السر (4).

++++++++++

- أو يستحب الاخراج إذا كان الحرام محتملا فاختلط الحلال به.

(1) في قوله في ص 134: و لعله لما ذكر في المنتهى في وجه استحباب الخمس من هذا المال: من أن الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام فمحتمل الحرمة أولى بالتطهير.

(2) دفع وهم آخر.

حاصل الوهم: أنه لو كان دفع الخراج إلى السلطان الجائر واجبا و أنه لا يجوز سرقة حصته و خيانتها: بالامتناع عن دفعها إليه فلما ذا قال الامام عليه السلام (لعلي بن يقطين): فاتق اللّه في أموال الشيعة؟

مع أن (علي بن يقطين) ما كان يأخذ منهم سوى الخراج، بناء على الأخذ.

ثم لما ذا كان (علي بن يقطين) يأخذ منهم الخراج علانية و يردها عليهم سرا و خفية؟

فهذا دليل على أنه لا يجوز دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

(3) أي راوي هذا الحديث.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 140. الحديث 8.

الباب 46.

ص: 277

قال (1) المحقق الكركي في قاطعة اللجاج: إنه يمكن (2) أن يكون المراد به (3) ما يجعل عليهم من وجوه الظلم المحرمة.

و يمكن (4) أن يراد به وجوه الخراج و المقاسمات و الزكوات، لأنها و إن كانت حقا عليهم، لكنها ليست حقا للجائر فلا يجوز جمعه لأجله إلا عند الضرورة.

و ما زلنا (5) نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الأعظم.

++++++++++

(1) جملة قال المحقق مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله:

و ما روي.

و هذه الجملة جواب عن الوهم المذكور.

و حاصلها: أن لقول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة احتمالين:

و نذكرهما عند رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الاحتمال الاول، و خلاصته: أنه يمكن أن يكون المراد من قوله عليه السلام في ص 277: فاتق أموال الشيعة عدم جواز أخذ أموالهم بطرق الظلم و الوجوه المحرمة غير الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و أما هي فلا يشملها قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، فهي جائز الدفع إلى السلطان الجائر.

(3) مرجع الضمير قول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة كما عرفت.

(4) هذا هو الاحتمال الثاني و خلاصته يحتمل أن يكون المراد من قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة نفس الخراج و الزكوات، فانها و إن كانت حقا على الشيعة لكنه لا يجوز جمع هذه الزكوات للسلطان، لأنها ليست حقا له، إلا إذا اقتضت الضرورة جمع الزكوات للسلطان.

(5) هذا الكلام من (المحقق الكركي).

ص: 278

إلى آخر ما تقدم نقله عنه (1) عن مشايخه.

أقول (2): ما ذكره من الحمل على وجوه الظلم المحرمة مخالف لظاهر العام (3) في قول الإمام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، فالاحتمال الثاني أولى، لكن (4) بالنسبة إلى ما عدا الزكوات، لأنها (5) كسائر

++++++++++

(1) و قد ذكره الشيخ في ص 270 فى قوله: قال المحقق الكركي في رسالته.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما أفاده المحقق الكركي من الاحتمالين المذكورين في ص 278.

و خلاصته: أن الاحتمال الأول مخالف لظاهر العام الوارد في قول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، حيث إن كلمة أموال عامة تشمل جميع أموالهم، سواء أ كانت تؤخذ منهم على سبيل الظلم و الجور أم على سبيل الخراج و المقاسمة و الزكوات من دون اختصاص لها بالثاني.

فاذا اريد منها المعنى الخاص المذكور كما أفاده المحقق في الاحتمال الأول خرج العام عن عمومه.

(3) و قد عرفته آنفا.

و أما وجه الأولوية في احتمال الثاني فقد عرفته عند قولنا: حيث إن كلمة أموال عامة.

(4) أي أولوية احتمال الثاني عن الاحتمال الأول بالنسبة الى ما عدا الزكوات الذي هو الخراج و المقاسمة.

و أما الزكوات فلا يأتي هذا الاحتمال فيها، فلا يجوز أخذها و اعطاؤها للسلطان الجائر، فإنه ظلم يشمله قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة لأنها داخلة في وجوه الظلم المحرمة.

(5) تعليل لعدم شمول أولوية احتمال الثاني للزكوات، و قد عرفت

ص: 279

وجوه الظلم المحرمة، خصوصا بناء (1) على عدم الاجتزاء بها عن الزكاة الواجبة، لقوله عليه السلام: إنما هؤلاء (2) قوم غصبوكم أموالكم و إنما الزكاة لأهلها (3).

و قوله (4) عليه السلام: لا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا ينبغي

++++++++++

- التعليل عند قولنا في ص 279: و أما الزكوات.

(1) أي عدم شمول أولوية احتمال الثاني للزكوات بناء على عدم الاكتفاء بها لو اعطيت للسلطان الجائر عن الزكوات الواجبة التي يجب دفعها إلى الفقراء و المساكين: يكون أولى، لأنها إن دفعت إلى الجائر في هذه الحالة فقد ظلمنا المالك، لوجوب دفعها عليه ثانيا: مرة للسلطان.

و مرة للفقراء، و هذا ظلم فاحش.

و إن قلنا بكفاية هذه الزكوات المعطاة إلى السلطان الجائر عن الزكوات الواجبة التي لا بد من دفعها إلى من شملتهم الآية الكريمة: إنّما الصّدقات فقد ظلمنا الفقراء و المساكين، لأنه لا يجب حينئذ على المالك الدفع ثانيا.

(2) أي (بنو امية).

(3) (وسائل الشيعة) الجزء 6. ص 175 الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث 6.

و المراد لأهلها في قوله: لأهلها هم المعنيون بالآية الكريمة في قوله تعالى: إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ (1).

و من المعلوم أن (بني امية) ليسوا أهلا لأخذ الزكوات.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لقوله -

ص: 280


1- التوبة: الآية 61.

أن يزكى مرتين (1).

و فيما ذكره المحقق من الوجه الثاني (2) دلالة على أن مذهبه ليس وجوب دفع الخراج و المقاسمة إلى خصوص الجائر، و جواز (3) منعه عنه و إن نقل (4) بعد عن مشايخه في كلامه المتقدم ما يظهر منه خلاف ذلك

لكن (5) يمكن، بل لا يبعد أن يكون مراد مشايخه المنع عن سرقة

++++++++++

- عليه السلام: إنما هؤلاء، أي و لقوله عليه السلام: لا تعطوهم، فهو دليل ثان لعدم شمول الأولوية الزكوات.

(1) نفس المصدر. ص 174. الحديث 3.

(2) و هو الاحتمال الثاني في قول المحقق الكركي في ص 278: و يمكن أن يراد به وجوه الخراج و المقاسمات و الزكوات، لأنها و إن كانت حقا عليهم، لكنها ليست حقا للجائر فلا يجوز جمعه لأجله، فإن كلامه هذا صريح في عدم جواز دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

(3) بالرفع خبر ثان لأن في قوله: على أن مذهبه، أي على أن مذهبه هو جواز منع السلطان الجائر عن الخراج.

(4) أي و إن نقل المحقق الكركي بعد ذكر الاحتمالين المذكورين في ص 278 بقوله: يمكن أن يراد و يمكن أن يراد به في توجيه رواية علي ابن يقطين، و بعد ذكر كلام شيخه الأعظم: ما يظهر منه خلاف ذلك و هو جواز الدفع إلى السلطان الجائر.

(5) من هنا يريد الشيخ أن يوجه كلام شيخ المحقق الكركي و استاذه.

و خلاصته: أنه من الممكن أن يكون مراده من عدم جواز المنع عدم جواز منع الخراج عن السلطان العادل. فان السلطان العادل لا يجوز منعه من الخراج.

ص: 281

الخراج، أو جحوده (1) رأسا حتى عن نائب العادل، لا منعه (2) عن خصوص الجائر، مع دفعه إلى نائب العادل، أو صرفه (3) حسبة في وجوه بيت المال كما يشهد لذلك (4) تعليل المنع بكونه حقا واجبا عليه فإن وجوبه (5) عليه إنما يقتضي حرمة منعه رأسا (6)، لا عن خصوص الجائر. لأنه ليس حقا واجبا له (7).

++++++++++

(1) بالنصب عطفا على خبر كان فهو خبر ثان له أي و يمكن أن يكون مراد مشايخ المحقق الكركي من عدم جواز منع الخراج انكاره رأسا و أساسا حتى إلى السلطان العادل.

(2) أي و ليس مراد مشايخ المحقق الكركي من عدم جواز المنع، منع خصوص السلطان الجائر، بل يقول بجواز المنع عن السلطان الجائر إذا دفع الخراج إلى السلطان العادل، فإنه لا يجوز الدفع إلى الجائر حينئذ.

(3) أي و كذا لا يجوز دفع الزكوات إلى الجائر لو صرفها المالك في المشاريع الخيرية، و المصالح العامة حسبة.

(4) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد على ما ادعاه: من امكان أن يكون مراد مشايخ المحقق، أي و يشهد لما ادعيناه تعليل مشايخ المحقق عدم جواز المنع: بكون الدفع حقا واجبا على المكلف في قوله نقلا عنه في ص 271: لأن ذلك حق واجب عليه، و التعليل المذكور دليل على أن المراد من عدم جواز المنع ما ذكرناه: و هو عدم جواز المنع من السلطان العادل، لا مطلقا حتى من السلطان الجائر.

(5) أي وجوب دفع الزكوات على المالك.

(6) أي حتى إلى نائب العادل كما عرفت

(7) أي للجائر.

ص: 282

و لعل ما ذكرناه (1) هو مراد المحقق، حيث (2) نقل هذا المذهب عن مشايخه رحمهم اللّه بعد ما ذكره من التوجيه المتقدم بلا فصل من دون اشعار بمخالفته لذلك الوجه.

و مما يؤيد ذلك (3) أن المحقق المذكور بعد ما ذكر أن هذا يعني حل ما يأخذه الجائر من الخراج و المقاسمة مما وردت به النصوص (4) و أجمع عليه الأصحاب، بل المسلمون قاطبة.

قال (5): فإن قلت: فهل يجوز أن يتولىّ من له النيابة حال الغيبة ذلك (6) أعني الفقيه الجامع للشرائط (7).

++++++++++

(1) و هو الذي أشرنا إليه بقولنا في ص 281: و خلاصته: أنه من الممكن.

(2) تعليل لكون ما ذكرناه هو مراد المحقق الكركي، أي توجيه المحقق الكركي رواية علي بن يقطين بالاحتمالين المذكورين في ص 278 بعد نقل كلام مشايخه من دون أن يظهر منه مخالفة للتوجيه المذكور، بابداء رأي منه يخالف ما ذهب إليه مشايخه.

(3) أي مراد المحقق الكركي هو ما ذكرناه، و أنه موافق لمذهب شيخه علي بن هلال.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6 ص 173. الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة. الأحاديث.

(5) أي (المحقق الكركي).

(6) مرجع الاشارة: أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي لشرائط الفتوى و شرائط الفتوى كما يلي.

البلوغ العقل الذكورة. الايمان. العدالة. طهارة المولد و قوة الاستنباط هذه هي الشروط المجمع عليها من (الطائفة الامامية). -

ص: 283

قلنا: لا نعرف للأصحاب في ذلك تصريحا، لكن من جوّز للفقهاء حال الغيبة تولى استيفاء الحدود، و غير ذلك: من توابع (1) منصب الإمامة ينبغي له تجويز ذلك (2) بطريق أولى، و لا سيما المستحقون لذلك موجودون في كل عصر، و من تأمل في أقوال كبراء علمائنا الماضين مثل

++++++++++

أما الكتابة و الحرية و البصر فهو الأشهر بين علماء الطائفة.

ثم لا بد للمفتي من الاجتهاد في الأحكام الشرعية و اصول الفقه.

ثم الاجتهاد يتحقق بمعرفة المقدمات الست:

اللّغة. الصرف. النحو المنطق الكلام. الاصول الأربعة:

الكتاب. السنة الإجماع. دليل العقل.

راجع حول الموضوع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 6 من ص 62 إلى ص 66.

و (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 1. حياة (الشيخ الأنصاري) من ص 81-89 فقد اشبعنا الكلام حول الاجتهاد هناك.

(1) هذه التوابع و استيفاء الحدود كلها للفقيه الجامع لشرائط الافتاء حال الغيبة.

(2) أي أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و وجه الأولوية: أنه إذا كان تصدى الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء للحدود التي هي إراقة الدماء. و الجلد، و الرجم، و التعزير: جائزا فبطريق أولى تصديه لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات جائز.

و هكذا تصديه لتوابع منصب الإمامة كالحكم بكون هذا المال لزيد و ذاك لعمرو، و هذه المرأة مطلقة، و هذا الولد لهذا الرجل، و غير ذلك من لوازم منصب الإمامة إذا كان جائزا: فبطريق أولى يكون تصديه لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات جائزا.

ص: 284

علم الهدى (1) و علم المحققين نصير الملة و الدين (2)، و بحر العلوم (3) جمال الملة و الدين العلامة، و غيرهم نظر متأمل منصف: لم يشك في أنهم كانوا يسلكون هذا المسلك (4)، و ما كانوا يودعون في كتبهم إلا ما يعتقدون صحته (5). انتهى.

و حمل (6) ما ذكره: من تولي الفقيه على صورة عدم تسلط الجائر خلاف (7) الظاهر.

و أما قوله (8): و من تأمل إلى آخره فهو استشهاد على أصل المطلب

++++++++++

(1) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(2) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) و هو جواز تولي الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) و من جملة ما اودعوه في كتبهم مسألة الخراج و المقاسمة و الزكوات و الايداع هذا دليل على صحة أخذ الخراج.

(6) دفع وهم:

حاصل الوهم: أن (المحقق الكركي) لم يقصد من جواز تولي الفقيه أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات له مطلقا حتى مع وجود الحاكم الجائر بل يريد جواز تصديه في صورة عدم وجود الحاكم الجائر.

(7) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن ما ذكر خلاف ظاهر كلام المحقق في هذا المقام حيث قال: و المستحقون موجودون في كل عصر فظاهر هذه الجملة يدل على التعميم أي سواء أ كان حاكم الجور موجودا أم لا.

(8) أي قول (المحقق الكركي)

ص: 285

و هو حل ما يؤخذ من السلطان من الخراج على وجه الاتهاب، و من (1) الأراضي على وجه الاقتطاع، و لا دخل له (2) بقوله: فإن قلت: قلنا أصلا فإن علماءنا المذكورين و غيرهم لم يعرف منهم الاستقلال على أراضي الخراج بغير اذن السلطان (3).

و ممن يترأى منه القول بحرمة منع (4) الخراج عن خصوص الجائر

++++++++++

(1) عطف على قوله: و هو حل ما يأخذه السلطان من الخراج أي و حل ما يؤخذ من السلطان من الأراضي على وجه الإقطاع.

و الاقطاع عبارة عن اعطاء السلطان قطعة أرض من الأراضي التي تخص الدولة و الحكومة المعبر عنها في العصر الحاضر ب: (الاراضي الأميرية) لشخص للزراعة، ثم يقاوله في الحصة التي تفرضها عليه الحكومة و تقاولها معه إما بالثلث، أو الربع، أو الخمس، أو السدس، أو العشر مثلا.

و يقال لمن له هذه الأرض في عصرنا الحاضر (الإقطاعي).

(2) أي لا ربط لقول المحقق: و من تأمل في أقوال كبراء علمائنا الإمامية إلى آخره مع قوله في ص 283: فإن قلت: فهل يجوز أن يتولى من له النيابة حال الغيبة ذلك قلنا: لا نعرف للأصحاب إلى آخر ما قاله فإن بين مقول القولين بون شاسع لا ربط بينهما حتى يقال: إن مقول إن قلت الذي هو جواز تولي الفقيه حال الغيبة لاخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: جواز توليه في صورة عدم وجود السلطان الجائر، أو عدم تسلطه على أخذ المذكورات، لا جواز توليه مطلقا حتى في صورة وجود السلطان الجائر، أو في صورة تسلطه على اخذ الزكوات.

(3) بل كان علماؤنا يستأذنون من السلطان الجائر.

(4) أي لا يجوز لمن اتفق مع السلطان في دفع الخراج عن الأراضي الخراجية له أن يمنع عن اعطاء الخراج له.

ص: 286

شيخنا الشهيد في الدروس، حيث قال:

يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج و المقاسمة و الزكاة و إن لم يكن (1) مستحقا له.

ثم قال: و لا يجب رد المقاسمة و شبهها (2) على المالك، و لا يعتبر رضاه (3)، و لا يمنع تظلمه (4) من الشراء.

و كذا (5) لو علم أن العامل يظلم، إلا أن يعلم الظلم بعينه (6).

نعم يكره معاملة الظلمة، و لا يحرم، لقول الامام الصادق عليه السلام كل شيء فيه حلال و حرام فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه (7).

++++++++++

(1) أي السلطان الجائر.

(2) و هي الزكوات و الخراج، و الضرائب.

(3) أي رضى المالك في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(4) أي تظلم المالك المعطي للخراج لا يكون سببا لعدم جواز شراء المذكورات من السلطان الجائر.

(5) أي و كذا يجوز للمكلف شراء الخراج و الزكوات و المقاسمة و أخذها من السلطان الجائر لو علم أن عمال السلطان و جباته يظلمون الزراع و أهل الإبل و البقر و الغنم عند ما يأخذون منهم الزكوات و الخراج و المقاسمة فعلم المكلف بذلك لا يكون سببا لعدم جواز أخذ المذكورات من السلطان

(6) بأن علم مشتري الخراج و المقاسمة و الزكوات أن الذي يأخذه الجائر و يشتريه منه بعوض، أو مجانا: هو المأخوذ بعينه من المالك ظلما و عدوانا فلا يجوز له الأخذ حينئذ.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 59 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.

ص: 287

و لا فرق (1) بين قبض الجائر إياها، أو وكيله، و بين عدم القبض فلو (2) أحاله بها،

++++++++++

(1) أي لا فرق في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: بين قبض الجائر الأشياء المذكورة بنفسه، أو وكيله، و بين عدم قبضه لتلك الأشياء.

و كذا لا فرق أيضا بين قبض وكيل الجائر تلك الأشياء، و بين عدم قبضه إياها.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده آنفا: من عدم الفرق بين قبض الجائر الامور المذكورة، و بين عدم قبضه لها.

و فاعل أحاله: (الجائر)، و مرجع الضمير في أحاله: الدائن أو المشتري، أو المتهب، و الباء في بها للتعدية.

و المعنى: أنه بناء على ما ذكرناه: من عدم الفرق في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بين قبض الجائر المذكورات، و بين عدم قبضه: فلو أحال الجائر الدائن، أو المشتري على المالك و هو الذي يعطي الخراج و المقاسمة و الزكوات بأخذ المذكورات و قبل الثلاثة و هم: المحيل الذي هو الجائر، و المحال و هو الدائن، و المحال عليه و هو المالك الذي يدفع الخراج و المقاسمة و الزكوات: جاز للدائن، أو المشتري، أو المتهب أخذ المذكورات، و يحرم على المالك الامتناع من إعطائها له.

و المراد من الدائن: من كان له على ذمة الجائر طلب، إما بالبيع له أو الإفراض، أو الإتلاف من ناحية الجائر، أو الغصب فتشتغل ذمة الجائر للدائن بواسطة أحد المذكورات فيحيل الجائر المحال الذي هو الدائن على المحال عليه الذي هو المالك كما عرفت آنفا.

ثم الظاهر عدم اعتبار رضى المالك هنا إذا أحال السلطان الخراج عليه -

ص: 288

و قبل: الثلاثة (1)، أو وكله (2) في قبضها، أو باعها (3) و هي في يد المالك، أو في ذمته (4) جاز (5) التناول، و يحرم على المالك المنع.

و كما يجوز الشراء (6) تجوز سائر المعاوضات (7) و الوقف و الهبة و الصدقة و لا يحل (8) تناولها بغير ذلك. انتهى (9).

++++++++++

- لأنه بناء على عدم جواز المنع لا مجال لرضاه.

(1) المراد من الثلاثة: المحيل و المحال و المحال عليه كما عرفت.

(2) أي أو و كل الجائر الدائن، أو المشتري، أو المتهب في قبض المذكورات من المالك فلا يجوز للمالك الامتناع من إعطائها لهم.

(3) أي باع الجائر الخراج و المقاسمة و الزكوات و هي في يد المالك و لم تؤخذ بعد فلا يجوز للمالك الامتناع من إعطائها للمشتري.

(4) أي أو كانت الزكوات و الخراج و المقاسمة في ذمة المالك و لم يدفعها إلى الجائر: بأن لم يعزلها عن بقية الغلات، ثم حوّل الجائر على المالك كما عرفت آنفا فلا يجوز للمالك الامتناع من اعطائها للمحال.

(5) جواب ل (لو) في قوله: فلو أحاله، أي لو أحال الجائر بالمذكورات على المالك، أو وكله في قبضها، أو باعها، أو كانت المذكورات في ذمته جاز للمحال أخذ المذكورات.

(6) أي شراء المذكورات من الجائر كما عرفت في ص 287.

(7) كالصلح على الزكوات، أو جعلها صداقا، أو اجارتها.

(8) أي و لا يحل للمكلف أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات الراجعة للسلطان الجائر من دون الشراء، أو الحوالة، أو الوقف، أو الصدقة أو المعاوضة كما أفاد عدم الحل بغير الأسباب المملكة المذكورة (الشهيد الأول) في الدروس.

(9) أي ما أفاده الشهيد في الدروس في هذا المقام.

ص: 289

لكن الظاهر من قوله (1): و يحرم على المالك المنع: أنه عطف على قوله: جاز التناول فيكون (2) من أحكام الإحالة بها و التوكيل (3) و البيع (4) فالمراد منع المالك المحال و المشتري عنها (5).

و هذا (6) لا إشكال فيه، لأن اللازم من فرض صحة الإحالة و الشراء تملك المحال و المشتري فلا يجوز منعهما عن ملكهما.

++++++++++

(1) أي من قول الشهيد في الدروس.

(2) أي التحريم المذكور في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع الإحالة بالمذكورات: بمعنى أنه يحرم على المالك منع السلطان الجائر من الخراج و المقاسمة و الزكوات لو أحال بها على المالك.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه: و هي كلمة الإحالة، أي التحريم المذكور في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع الوكالة: بمعنى أنه يحرم على المكلف تناول الزكوات و الخراج و المقاسمة بغير الوكالة من السلطان الجائر في أخذها.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه المذكور، أي التحريم الواقع في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع البيع: بمعنى أنه يحرم على المكلف تناول الزكوات و الخراج و المقاسمة بغير البيع و الشراء من السلطان الجائر.

فالحاصل أنه لو لم يصدر من السلطان الجائر إذن في تناول المذكورات من الحوالة، أو الوكالة، أو البيع، أو غيرها من الأسباب المملكة لم يجز للمكلف تناول شيء مما ذكر.

(5) أي عن المذكورات و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة كما عرفت

(6) و هو عدم جواز منع المالك المحال و المشتري و الوكيل من قبل السلطان الجائر عن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 290

و أما قوله (1) رحمه اللّه: و لا يحل تناولها (2) بغير ذلك فلعل المراد به (3) ما تقدم في كلام مشايخ الكركي (4): من إرادة تناولها (5) بغير إذن أحد حتى الفقيه النائب عن السلطان العادل (6).

و قد عرفت أن هذا (7) مسلم فتوى و نصا، و أن الخراج لا يسقط من مستعملي أراضي المسلمين.

ثم إن ما ذكره (8): من جواز الوقف لا يناسب ذكره في جملة التصرفات فيما يأخذه الجائر (9).

++++++++++

(1) أي قول الشهيد في الدروس.

(2) أي تناول الزكوات و المقاسمة و الخراج بغير الإحالة و البيع و الشراء و الوقف و الهبة و المعاوضة.

(3) أي بقول الشهيد: و لا يحل تناولها.

(4) و هو الشيخ علي بن هلال الذي ذكر اسمه في ص 270.

(5) أي تناول المذكورات و هو الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) و هو الامام المعصوم عليه السلام من (أئمة أهل البيت).

(7) أي حرمة أخذ المذكورات بغير اذن أحد حتى الإمام العادل مسلمة عند الكل نصا و فتوى و لا اشكال فيه.

(8) أي الشهيد في الدروس بقوله: تجوز سائر المعاوضات و الوقف.

(9) حيث إن مثل الحنطة و الشعير و الفواكه و الحبوب و الدراهم و الدنانير التي لا تبقى أعيانها بالتصرف كيف يصح وقفها الغرض من الوقف بقاء عينها و تسبيل منفعتها.

نعم مثل الإبل و البقر و الغنم يصح وقفها لجواز الانتفاع بها مع بقاء عينها ما دامت باقية.

ص: 291

و ان أراد (1) وقف الأرض المأخوذة منه إذا نقلها السلطان إليه لبعض مصالح (2) المسلمين فلا يخلو عن إشكال (3).

و أما ما تقدم من المسالك: من نقل الاتفاق (4) على عدم جواز المنع عن الجائر، و الجحود فالظاهر منه أيضا ما ذكرناه: من جحود الخراج، و منعه رأسا (5)، لا عن خصوص الجائر،

++++++++++

(1) أي لو أراد الشهيد في الدروس من الوقف بقوله: تجوز سائر المعاوضات و الوقف.

(2) كبناية المساجد و المكتبات العامة، و الحسينيات و المستشفيات و دور العجزة، و محلات نزول المسافرين.

(3) وجه الإشكال أن هذه الأرض التي تعطى من قبل السلطان لتلك المصالح إما مفتوحة عنوة و قهرا، أو صلحا.

فعلى الأول هو ملك مشترك بين المسلمين قاطبة فلا اختصاص لها بأحد.

و على الثاني فهي للامام المعصوم عليه السلام فليس للآخذ من السلطان حق وقف الأرض من دون إذنه.

(فإن قلت): لم لا يجوز وقف الأرض المفتوحة عنوة و إن كانت مشتركة بين المسلمين، لأنها تصرف في مصالحهم و المذكورات احدى المصالح.

(قلنا): ليس للآخذ صلاحية ذلك، لأنه ليس وليا على المسلمين بل الولي عليهم هو الامام المعصوم عليه السلام.

(4) في قوله في ص 271: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لأحد جحدها و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه

(5) أي حتى عن الإمام المعصوم عليه السلام، أو نائبه الخاص أو العام.

ص: 292

مع تسليمه (1) إلى الفقيه النائب عن العادل، فإنه رحمه اللّه بعد ما نقلنا عنه من حكاية الاتفاق قال بلا فصل:

و هل يتوقف التصرف في هذا القسم (2) على إذن الحاكم الشرعي إذا كان (3) متمكنا من صرفها على وجهها، بناء (4) على كونه نائبا عن المستحق، و مفوضا إليه ما هو أعظم من ذلك (5)؟

الظاهر ذلك (6)، و حينئذ (7) يجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين، و مع عدم التمكن (8) أمرها إلى الجائر.

و أما جواز التصرف فيها (9) كيف اتفق لكل واحد من المسلمين

++++++++++

(1) أي مع تسليم المالك الخراج و المقاسمة للفقيه النائب عن الإمام العادل عليه السلام.

(2) و هي الخراج و المقاسمة و الزكوات و الضرائب.

(3) أي الحاكم الشرعي متمكنا من صرف المذكورات في مواردها و عالما بذلك.

(4) تعليل لتوقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي

(5) و هو إجراء الحدود من التعزير و الرجم و الجلد و القتل و الحرق و الحكم بالدفاع عن بيضة الاسلام، و الحكم بطلاق المرأة، و بينونتها عن الرجل و الحكم بأن هذا المال لزيد.

(6) و هو توقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي.

(7) أي حين أن قلنا بتوقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي.

(8) أي و مع عدم إمكان إيصال الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الحاكم الشرعي.

(9) أي في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 293

فبعيد جدا، بل لم أقف على قائل (1) به، لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر (2) و توقف التصرف على اذنه.

و بين مفوض الأمر إلى الإمام عليه السلام، و مع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه، فالتصرف بدونهما (3) لا دليل عليه. انتهى (4).

و ليس مراده (5) رحمه اللّه من التوقف التوقف على اذن الحاكم بعد الأخذ من الجائر (6)، و لا خصوص صورة عدم استيلاء الجائر على الأرض كما لا يخفى.

و كيف كان (7) فقد تحقق مما ذكرناه (8): أن غاية ما دلت عليه النصوص (9) و الفتاوى كفاية إذن الجائر في حل الخراج،

++++++++++

(1) أي بهذا النوع من التصرف: و هو أنه كيف اتفق لكل واحد من المسلمين.

(2) أي حتى عن الحاكم الشرعي.

(3) أي بدون إذن السلطان الجائر، و الحاكم الشرعي.

(4) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك.

(5) أي مراد الشهيد الثاني في المسالك من قوله: و هل يتوقف؟

(6) لأنه بعد القول بوجوب اعطاء الخراج للسلطان لا معنى لتوقف التصرف على اذن الحاكم الشرعي لخروج الطاغي عن حكم السلطان عن وجوب الدفع إلى السلطان، حيث إن قوانينه تشمل المطيع فقط.

(7) أي أي شيء قلنا في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(8) من عدم وجود قائل بالتصرف في المذكورات كيف اتفق لكل أحد من دون مراجعة أحد حتى الحاكم الشرعي.

(9) المشار إليها في صدر العنوان في ص 245 إلى 263.

ص: 294

و كون (1) تصرفه بالإعطاء و المعاوضة و الإسقاط، و غير ذلك نافذا.

و أما انحصاره (2) بذلك فلم يدل عليه دليل (3)، و لا أمارة (4) بل لو نوقش في كفاية تصرفه (5) في الحلية، و عدم (6) توقفها على اذن الحاكم الشرعي مع التمكن، بناء (7) على أن الأخبار الظاهرة

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور في، أي و كفاية إذن الجائر في كون تصرفه.

(2) أي انحصار الإذن في حلية التصرف في المذكورات في شخص الجائر.

(3) المراد منه الأخبار و غيرها، لأن الدليل أعم من الخبر.

(4) المراد منها الأخبار فقط فهو من قبيل عطف الخاص على العام

(5) أي لو نوقشت كفاية تصرف الجائر: بأن قلنا: إن تصرفه في الخراج لا يكفي في حليته للمشتري.

(6) بالجر عطفا على المجرور في قوله: في الحلية، و مرجع الضمير في توقفها: الحلية، أي لو نوقش عدم توقف الحلية على إذن الحاكم الشرعي مع تمكن الوصول إليه: بأن قلنا: إنه لا بد مع الاذن من السلطان الجائر الاذن من الحاكم الشرعي مع التمكن من الوصول إليه.

(7) تعليل للمناقشة في عدم توقف الحلية على اذن الحاكم، و خلاصة التعليل: أن الأخبار الواردة في الخراج الظاهرة في كفاية إذن الجائر من دون توقف اذنه على إذن الحاكم الشرعي منصرفة إلى عدم التمكن من الوصول إليه و قد ذكرت هذه الأخبار في صدر عنوان البحث في ص 245 إلى 263.

و أما في صورة التمكن فلا يكفي إذن الجائر فقط، بل لا بد من الرجوع إلى الحاكم، فالأخبار الواردة مقيدة بقيد عدم التمكن.

ص: 295

في الكفاية منصرفة إلى الغالب: من عدم تيسر استيذان الامام عليه السلام أو نائبه.

أمكن (1) ذلك، إلا أن المناقشة في غير محلها، لأن المستفاد من الأخبار (2) الإذن العام من الأئمة الأطهار عليهم السلام بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى إذن خاص في الموارد الخاصة منهم عليهم السلام، و لا من نوابهم (3).

هذا كله مع استيلاء الجائر على تلك الأرض، و التمكن من استيذانه و أما مع عدم استيلائه (4) على أرض خراجية، لقصور (5) يده عنها

++++++++++

(1) جواب ل (لو) الشرطية في قوله: بل لو نوقش، أي هذه المناقشة ممكنة، لكنها في غير محلها.

(2) و هي الواردة في الخراج و المقاسمة و الزكوات و قد اشير إليها في ص 241-263.

(3) فإن الامام عليه السلام قد أذن لشيعتهم في مثل هذه التصرفات التي تكون من قبل السلطان الجائر بقوله: إنا ابحنا لشيعتنا، لطيب ولادتهم

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. من ص 378 إلى ص 386.

الباب 4. الأحاديث.

(4) أي عدم استيلاء الجائر على الأراضي الخراجية، ثم إن لعدم استيلائه عليها خمسة أسباب:

(5) هذا هو السبب الأول): أي ضعف سلطته و حكومته على أصحاب الأراضي الخراجية لقصور يده عنها كما لو كانوا أقوياء أشداء مقتدرين لا يخضعون لسلطانه من بداية تشكيل دولته و حكومته.

و لقصور اليد منشئان نذكرهما في الهامش 1-2 من ص 298.

ص: 296

..........

++++++++++

(الثاني): ضعف سلطته بعد التمكن عليهم و استيلائه و نفوذه عليهم بأن طغوا عليه و هو لا يقدر على دفعهم و مقاومتهم.

(الثالث): عدم إمكان وصول السلطان إليهم، لعدم وجود الطرق الإيصالية إليهم، أو لكونهم في الجبال و الأودية الصعبة، و الصحاري البعيدة بحيث يصعب الوصول إليهم.

(الرابع): فقد سلطان الجور: بأن مات أو قتل و لم يعين أحدا مكانه فحصل الفوضى في البلاد ففي هذه الفترة امتنع كثير من أصحاب الأراضي الخراجية من إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(الخامس): أن يكون سكنى أصحاب الأراضي الخراجية في الحدود و الثغور بين دولتين كل منهما يتودد و يتحبب قربهم إليه.

ففي جميع هذه الموارد: الأقوى عدم جواز الاستيذان منه و لا يكون حكمه نافذا في حقهم.

و أما وجه عدم جواز الاستيذان، و عدم نفوذ حكمه في حقهم فللاقتصار على مورد اليقين و المقطوع به من الأخبار الواردة في كفاية إذن الجائر في حل الخراج و المقاسمة و الزكوات، إذ المتيقن منها أصحاب الأراضي الخراجية الذين تشملهم قوة سلاطين الجور و أنظمتهم فعلى هؤلاء يجب دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إليهم، و لا يجوز لهم سرقتها و يحرم على المالك منعها، و يجوز للآخرين شراؤها، و المعاوضة عليها.

و أما الذين ذكرناهم في بيان عدم استيلاء الجائر على الأراضي الخراجية فلا تشملهم تلك الأخبار الواردة في الكفاية، بل لا بدّ حينئذ من الرجوع إلى الاصول و القواعد الدالة على عدم جواز اعطاء هؤلاء الخراج و المقاسمة و الزكوات للسلطان الجائر، حيث إن الأصل يقتضي عدم التصرف في مال

ص: 297

لعدم (1) انقياد أهلها له ابتداء، أو طغيانهم (2) عليهم بعد السلطة عليهم.

فالأقوى خصوصا مع عدم الاستيلاء (3) ابتداء عدم جواز استيذانه (4) و عدم مضي إذنه فيها (5) كما صرح به (6) بعض الأساطين، حيث قال بعد بيان أن الحكم مع حضور الامام مراجعته، أو مراجعة الجائر مع التمكن.

++++++++++

الغير إلا بطيب نفسه، و مما لا شك فيه أن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الجائر يكون بغير طيب النفس.

لكن لما جاء الدليل و اخرج هذه عن عدم جواز التصرف، و أنه لا بدّ من اعطائها إلى الجائر فنقتصر على موردها: و هم الذين يمتثلون أوامره فيكون حكمه نافذا في حقهم فيجب عليهم دفع الزكوات و الخراج و المقاسمة على هؤلاء فقط.

هذه خلاصة ما أفاده الشيخ في هذا المقام.

(1) هذا هو المنشأ الأول لقصور يد الجائر على الأراضي الخراجية أي قصور اليد عبارة عن عدم انقياد أصحاب الأراضي الخراجية للسلطان الجائر في بداية الأمر بسبب ضعفه كما عرفته في السبب الأول في ص 296.

(2) هذا هو المنشأ الثاني لقصور اليد.

(3) أي استيلاء السلطان الجائر على الأراضي الخراجية.

(4) أي الاستيذان من السلطان الجائر في التصرف في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) أي في الزكوات و المقاسمة و الخراج.

(6) أي بعدم جواز الاستيذان من السلطان الجائر، و عدم مضي إذنه في الزكوات لو اذن في صورة عدم استيلائه.

ص: 298

و أما (1) مع فقد سلطان الجور، أو ضعفه (2) عن التسلط أو عدم (3) التمكن من مراجعته: فالواجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي إذ ولاية الجائر إنما ثبتت على من دخل في قسم رعيته (4) حتى يكون في سلطانه، و يكون مشمولا لحفظه من الاعداء و حمايته، فمن بعد عن سلطانهم (5)، أو كان على الحد فيما بينهم (6)، أو يقوي عليهم فخرج عن مأموريتهم (7) فلا يجري عليه (8) حكمهم، اقتصارا (9)

++++++++++

(1) هذا مقول قول بعض الأساطين و هو (كاشف الغطاء) و هو السبب الرابع لعدم استيلاء الجائر على الأراضي، و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الرابع فقد سلطان الجور.

(2) هذا هو السبب الأول لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 296 عند قولنا: الأول ضعف سلطته.

(3) هذا هو السبب الثالث لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الثالث عدم إمكان.

(4) بأن تكون الرعية مطيعة للسلطان في امتثال قوانينه.

(5) بأن كانت الرعية في الجبال و الصحاري و الأودية كما عرفت في السبب الثالث في ص 297.

(6) بأن كان في الحدود و الثغور بين دولتين و قد عرفته في السبب الخامس لعدم استيلاء الجائر في ص 297 عند قولنا: الخامس أن يكون سكنى.

(7) هذا هو السبب الثاني لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الثاني ضعف سلطته.

(8) أي على هذا الذي خرج عن سلطة حكام الجور، أو كان على الثغور و الحدود، أو قوي على الحكام.

(9) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لعدم شمول قوانين الجائر

ص: 299

على المقطوع به من الاخبار (1)، و كلام (2) الاصحاب في قطع الحكم

++++++++++

لمن خرج عن سلطة حكام الجور، بل تخص المطيعين له في الأنظمة.

(1) و هي الأخبار المجوزة لدفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الجائر و كفاية إذنه في حلية التصرف، و أنه يجب دفعها إليه.

و قد اشير إلى هذه الأخبار في ص 166-167.

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من الأخبار أي و اقتصارا على المقطوع به من كلمات الأصحاب في دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

مقصود الشيخ أن من القواعد المسلمة الفقهية، و الاصول المقررة القطعية عدم جواز التصرف في أموال الناس إلا بطيب صاحبها و رضاه المقطوع به و لا يمكن رفع اليد عن هذه القاعدة المسلمة القطعية إلا في موارد خاصة ورد النص بها في الشريعة الاسلامية.

من تلك الموارد دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات و إعطاؤها إلى السلطان الجائر، و عدم جواز سرقتها منه، و الامتناع عنها و إن كان الإعطاء و الدفع لا يحصل هنا بطيب النفس، لكنه ورد النص به، و العلماء أفتوا بوجوبه و عدم جواز سرقتها، و أنه لا يجوز التصرف فيها بغير إذنه، و لا أخذها بغير احالته، أو توكيل الغير.

و أما الذين لا يتمكن السلطان عليهم بأحد الأسباب المذكورة في ص 297 فلا تشملهم الأخبار المذكورة الآمرة بوجوب دفع الزكوات و الخراج و المقاسمة إليه.

فلا يجب على هؤلاء المتمردين من حكومته دفع المذكورات إلى السلطان الجائر، اقتصارا على المتيقن من مورد الأخبار، و كلمات الأصحاب:

و هم المطيعون لنظام السلطان، و الخاضعين لأوامره.

ص: 300

بالاصول و القواعد، و تخصيص (1) ما دل على المنع عن الركون إليهم و الانقياد لهم.

الثالث: أن ظاهر الأخبار و إطلاق الأصحاب حل الخراج و المقاسمة المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجية

(الثالث) (2): أن ظاهر،

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بالاصول أي و في قطع الحكم المذكور بتخصيص ما دل.

مقصود الشيخ من هذه العبارة أنه مما لا شك فيه أن الركون إلى الظالم و الاعتماد عليه حرام، لقوله تعالى: وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ هود: الآية 114.

و المراد من الركون هنا هي تهيئة الأسباب الموجبة لتقوية الظالم و شوكته و سلطته، و من البديهي أن إعطاء المال إلى السلطان الجائر من أقوى عوامل تقويته و شوكته فيكون الإعطاء حراما بنحو العموم.

لكن خرج عن تحت هذا العموم إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات بموجب تلك الأخبار المذكورة فيخصص هذا العموم بتلك الأخبار.

إلا أن الأخبار لا تخصص إلا القدر المتيقن: و هو المكلف المطيع لأحكام السلطان و قوانينه.

و أما العاصي الطاغي فلا تشمله الأخبار المذكورة، و يكون داخلا تحت عموم آية و لا تركنوا إلى الذين ظلموا.

فعلى ضوء ما ذكرناه لك ظهر أن الاصول القطعية و القواعد الفقهية المسلمة الآمرة بعدم جواز التصرف في أموال الناس إلا بطيب أنفسهم لا تقاوم بتلك الأخبار إلا بمقدار المتيقن منها: و هو المكلف المطيع و ما عداه خارج عن تحتها.

(2) أي الأمر الثالث من الامور التي قالها الشيخ في ص 264 و ينبغي التنبيه على امور.

ص: 301

الأخبار (1)، و إطلاق الأصحاب حل الخراج و المقاسمة المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجية و إن كانت عندنا من الأنفال (2)

++++++++++

(1) و هي التي اشير إليها في ص.

(2) جمع نفل بالتحريك. و هو في الأصل بمعنى الزيادة.

يقال: لهذا نفل على ذاك أي زيادة، و منه سميت النافلة من الصلوات نفلا، لأنها زيادة على الفرائض.

و يقال لولد الولد: نافلة، لأنه زيادة على الولد.

و منه قوله تعالى: وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً ، حيث إنه دعا ربه أن يهبه اسحاق فأعطاه هذا و يعقوب، زيادة على طلبه.

و الأنفال كل ما اخذ من دار الحرب بغير قتال، و كل أرض انجلى عنها أهلها بغير حرب و نزاع.

و من الأنفال: الأراضي التي انجلى عنها أهلها، أو سلمت للمسلمين طوعا، أو باد أهلها.

و من الانفال الآجام: و رءوس الجبال و الاودية، و صوافي ملوك أهل الحرب، و هي الاراضي الاميرية، و الاشياء المختصة بأهل الحرب من القصور، و الاثاث، و البواخر و السفن و المركوب.

و هذه الانفال (للّه و للرسول)، و لمن قام مقامه و هم (الائمة الاطهار من أهل البيت) المعصومين صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين يصرفها حيث يشاء من مصالحه و مصالح عياله.

و من الانفال: (فدك) بفتحتين. و هي قرية خارجة عن (المدينة المنورة) من قرى خيبر، بينها و بين مدينة (الرسول الاعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم يومان.

و هذه القرية فتحها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مع (أمير المؤمنين)

ص: 302

..........

++++++++++

صلوات اللّه و سلامه عليه لما نزل عليه (جبرائيل) عليه السلام فشد صلى اللّه عليه و آله سلاحه، و أسرج دابته، و شد علي عليه السلام سلاحه و أسرج دابته، ثم توجها في جوف الليل و علي لا يعلم حيث يريد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حتى انتهيا إلى (فدك).

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: يا علي تحملني أو أحملك؟ قال عليه السلام: أحملك يا رسول اللّه.

فقال رسول اللّه: يا علي أنا أحملك لأني أطول بك، و لا تطول بي فحمل عليا على كتفه ثم قام به فلم يزل يطول به حتى علا على سور الحصن فصعد علي على الحصن و معه سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فأذّن على الحصن و كبّر فابتدر أهل الحصن في باب الحصن هربا حتى فتحوه و خرجوا منه فاستقبلهم رسول اللّه بجمعهم و نزل علي إليهم فقتل ثمانية عشر من عظمائهم و كبرائهم، و ساق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ذراريهم و من بقي منهم و غنائمهم يحملونها على رقابهم إلى (المدينة المنورة).

فهذه القرية لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، غير رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فهي له و لذريته خاصة، و ليس للمسلمين فيها حق فهي من الانفال التي امتازت عن غيرها من المغنم باختصاصها (بالرسول الاعظم) يعطيها من يشاء فهي كسائر أمواله و قد أعطاها (الصديقة فاطمة) سلام اللّه عليها عند نزول الآية الكريمة (و آت ذا القربى حقّه) فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (الزهراء) سلام اللّه عليها فأعطاها فدكا

و كانت (فدك) في يد (الصديقة فاطمة) صلوات اللّه عليها في حياة الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله إلى أن ارتحل، ثم انتزعها من يدها أبو بكر حينما استولى على الخلافة بحجة أن النبي صلى اللّه عليه -

ص: 303

و هو (1) الذي يقتضيه نفي الحرج.

نعم (2) مقتضى بعض أدلتهم، و بعض كلماتهم هو الاختصاص

++++++++++

- و آله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، و شهدت بذلك عائشة و حفصة و رجل من بني نضر يقال له: اوس بن الحدثان عند أبي بكر بأن رسول اللّه قال: لا اورث(1).

(1) أي حل الخراج و المقاسمة من هذه الاراضي التي يعتقدها الجائر أراضي خراجية هو مقتضى نفي الحرج في قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، لانه لو قلنا بعدم جواز إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات من هذه الاراضي التي هي من الانفال عندنا و قد أباحها لشيعتهم أئمتهم صلوات اللّه عليهم أجمعين: لاستلزم العسر و الحرج، لان الجائر عند امتناعنا عن الإعطاء له يمنعنا عن الزراعة فاذا منعنا عن الزراعة اختل النظام فيلزم العسر و الحرج المنفيين بالآية الكريمة.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من أن المراد من الاخبار و اطلاق الاصحاب حل الخراج و المقاسمة على الاراضي التي يعتقدها الجائر أراضي خراجية و إن كانت هي أراضي الانفال عندنا.

و خلاصة الاستدراك: أن مقتضى بعض أدلة الاصحاب، و بعض كلماتهم على حل الخراج و المقاسمة: هو كون الخراج و المقاسمة و الزكوات مختصة بغير أراضي الانفال، و أما هي فلا تشملها.

و لا يعلم أن هذا المقتضى بالفتح هل هو مقصود لبعض الفقهاء الذين ذكرهم الشيخ، أو لا؟

ص: 304


1- (الدرة البيضاء) في شرح خطبة (الزهراء) سلام اللّه عليها ص 3-4.

فإن العلامة قد استدل في كتبه على حل الخراج و المقاسمة: بأن (1) هذا مال لا يملكه الزارع، و لا صاحب الأرض، بل هو حق اللّه عز و جل اخذه غير مستحقه (2) فبرأت (3) ذمته، و جاز شراؤه.

و هذا الدليل (4) و إن كان فيه ما لا يخفى من الخلل إلا أنه كاشف عن اختصاص محل الكلام (5) بما كان من الأراضي التي لها حق على الزارع (6)

++++++++++

(1) هذا استدلال (العلامة) على اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بغير أراضي الأنفال، أي بأن الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) لأن الجائر لم يكن منصوبا من قبل الباري عز و جل، و لم ينص عليه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، بل هو مدع للخلافة الباطلة فاذا اخذ الجائر الخراج برأت ذمة الدافع و جاز شراؤها.

(3) الفاء للترتيب كقولك: رأيت زيدا فسلمت عليه، أو لاقيت زيدا فكلمته فكما أن السلام و الكلام مترتبان على الرؤيا و الملاقاة.

كذلك براءة ذمة المالك تترتب على أخذ غير المستحق لهذه الأموال.

(4) أي دليل العلامة، و أليك ذلك الخلل.

(الأول): أن الخراج و المقاسمة و الزكوات لما كانت حقوقا للّه تعالى و قد أخذها غير مستحقها فكيف تبرأ ذمة الدافع، بل هذا الأخذ موجب لاشتغال ذمته، و عدم براءتها.

(الثاني): أنه كيف يجوز شراء شيء من زيد إذا لم يكن مالكا له و أنه غير مستحقه.

(5) و هي حلية الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) بأن تكون الأراضي أميرية و تحت نفوذ السلطان.

ص: 305

و ليست الأنفال كذلك (1)، لكونها مباحة للشيعة.

نعم لو قلنا: بأن غيرهم (2) يجب عليه اجرة الأرض كما لا يبعد:

أمكن تحليل ما يأخذه منهم (3) الجائر بالدليل المذكور (4) لو تم.

و مما يظهر منه الاختصاص (5) ما تقدم من الشهيد (6)، و مشايخ

++++++++++

(1) حيث إن الأنفال ابيحت للشيعة من قبل (أئمة أهل البيت) عليهم السلام، فإنها من ممتلكاتهم و مختصاتهم فلا يترتب على الشيعة حق في استعمال تلك الأراضي.

و يمكن أن يقال: إن السلطان الجائر المدعي للخلافة امام ادعائي قد أجازه (الإمام المعصوم) عليه السلام في تصرفاته في الأرض حسب دعواه فهو يرى أن الأنفال من حقوقه فيشملها اجازة الامام عليه السلام.

فما يأخذه من الخراج من أراضي الأنفال مشمولة لاجازته عليه السلام.

(2) أي غير (الشيعة الامامية) من الفرق الاخرى الذين لم تبح (أئمة أهل البيت) لهم تلك الأراضي يجب عليهم دفع اجرة أراضي الأنفال.

(3) أي ما يأخذه السلطان الجائر من غير الشيعة الإمامية.

(4) و هو دليل العلامة في قول الشيخ في ص 305: فإن العلامة قد استدل في كتبه على حل الخراج و المقاسمة و الزكوات: بأن هذا مال لا يملكه المالك

و أما عدم تمامية دليل العلامة فلوجود الخلل الموجود فيه، و قد أشرنا إلى ذلك الخلل في ص 305.

(5) أي اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بأراضي غير الأنفال

(6) عند نقله عنه في ص 271: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لأحد جحدها و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه.

ص: 306

المحقق الثاني (1): من حرمة جحود الخراج و المقاسمة، معللين ذلك (2) بأن ذلك حق عليه، فإن الأنفال لا حق و لا اجرة في التصرف فيها.

و كذا (3) ما تقدم من التنقيح، حيث (4) ذكر بعد دعوى الإجماع على الحكم: أن تصرف الجائر في الخراج و المقاسمة من قبيل تصرف الفضولي إذا أجاز المالك.

و الإنصاف أن كلمات الأصحاب بعد التأمل في أطرافها ظاهرة

++++++++++

(1) في قول المحقق الثاني في ص 270: ما زلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الاعظم الشيخ علي بن هلال.

(2) أي حرمة الجحود، و حرمة المنع من اعطائها، و حرمة التصرف فيها بغير اذن السلطان الجائر.

(3) أي و كذا يظهر اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال من قول صاحب التنقيح في نقل الشيخ عنه في ص 243: لأن الدليل على جواز شراء الثلاثة من الجائر.

وجه الظهور قول صاحب التنقيح في ص 243: إذا انضم إليه اذن المالك، حيث إن المراد من المالك المسلمون قاطبة، لان هذه الاراضي فتحت عنوة و قهرا فهي مشتركة بين المسلمين من دون فرق بينهم فيها فيحتاج التصرف فيها إلى إذن المالك، فالجائر يكون أحد المتصرفين في هذه الأراضي فيحتاج تصرفه فيها إلى إذن المالك، فهذه قرينة على أن المراد من الأراضي أراضي غير الأنفال، لأن الأنفال ملك للامام عليه السلام، لا للمسلمين و قد أباحها لشيعته فلا يحتاج التصرف فيها إلى إذنه.

فالمحتاجة إلى الإذن هي الاراضي المفتوحة عنوة و قهرا، لكونها للمسلمين.

(4) هذا وجه الظهور و قد عرفته آنفا.

ص: 307

في الاختصاص بأراضي المسلمين، خلافا لما استظهره (1) المحقق الكركي قدس سره: من كلمات الأصحاب، و إطلاق الأخبار، مع أن الأخبار (2) أكثرها لا عموم فيها، و لا اطلاق.

نعم (3) بعض الأخبار الواردة في المعاملة على الأراضي الخراجية التي جمعها صاحب الكفاية شاملة لمطلق الأرض المضروب عليها الخراج من السلطان.

++++++++++

(1) لم نعثر على هذا الاستظهار الذي نسبه الشيخ إلى المحقق من بداية كلامه إلى نهايته عند ما نقل الشيخ عنه في ص 241 بقوله: الثالثة ما يأخذه السلطان.

و لعل الاستظهار استفيد من (رسالة الخراجية للمحقق الكركي).

(2) و هي الواردة في الخراج و المقاسمة و الزكوات المشار إليها في ص 245-263

(3) استدراك عما أفاده: من أن المحقق الكركي قد استظهر من كلمات الأصحاب، و إطلاق الأخبار الواردة في الخراج المشار إليها في ص 245 - إلى 263 وجوب دفع الخراج من مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها مع أن هذا الاستظهار خلاف كلمات الاصحاب، حيث إنها صريحة في اختصاص الخراج بالأراضي الخراجية التي فتحت عنوة.

و خلاصة الاستدراك أنه يمكن أن يكون الحق مع المحقق الكركي، حيث إن خبر الفيض بن المختار الذي مر ذكره في ص 261 الوارد في الأرض في قول الراوي: أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من اكرتي إلى آخره:

عام يشمل مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها.

و كذا جواب الامام عليه السلام له في ص 262: لا بأس عام يشمل مطلق الأراضي.

ص: 308

نعم (1) لو فرض أنه ضرب الخراج على ملك غير الامام، أو على ملك الامام لا بالإمامة، أو على الأراضي التي اسلم أهلها عليها طوعا لم يدخل في منصرف الأخبار قطعا.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن خبر الفيض بن المختار شامل لمطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها.

و حاصل الاستدراك: أنه يمكن القول بعدم شمول الرواية المذكورة مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم أنفالا، بل تخص الأراضي المفتوحة عنوة: ببيان أنه لو فرضنا أن الجائر وضع الخراج و المقاسمة على ملك غير الإمام، أو ملك الإمام الذي حصل له بالهبة، أو الميراث أو الصلح، أو غير ذلك، لا أنه عليه السلام ملكه بالإمامة كالأنفال.

أو فرضنا أنه وضع الخراج على الأراضي التي صولح عليها، فإنه حينئذ يمنع دخول هذه الأملاك في منصرف تلك الرواية، و تقول بعدم شمول الأخبار الخراجية لهذه الأملاك فهذه خارجة عن تلك و لم تشملها.

و لكن لا يخفى عدم صحة هذا الفرض، لأن الأخبار الخراجية تشمل هذه الأملاك أيضا، فإنها مطلقة لا تقييد فيها تخص ما عدا هذه الأملاك.

بالإضافة إلى لزوم العسر و الحرج، و عدم استقرار النظام العالمي الذي هو الحجر الأساسي للمشاريع الحيوية في البلاد لو خصصنا الاخبار الخراجية بغير هذه الأملاك، لأنه إذا قلنا بعدم دخول هذه الأملاك في منصرف تلك الأخبار: بأنه لا يؤخذ منها الخراج لازمه عدم حصول ايجاد الطرق بين البلاد، و نفس المدن: من تعديلها و تبليطها، و عدم حصول المشاريع الزراعية من السدود، و حفر الآبار الارتوازية و الجداول، و غرس الأشجار و مكافحة الآفات و الهوام الموجبة لإضرار الأشجار و الفواكه و أثمارها.

و هكذا لازمه عدم تأسيس المشاريع الصناعية و اليدوية و الماء و الكهرباء -

ص: 309

و لو أخذ الخراج من الأرض المجهولة (1) المالك معتقدا (2) لاستحقاقه إياها ففيه (3) وجهان:

الرابع: ظاهر الأخبار و منصرف كلمات الأصحاب الاختصاص بالسلطان المدعي للرئاسة العامة و عماله

(الرابع) (4): ظاهر الأخبار (5)، و منصرف كلمات الأصحاب

++++++++++

- و المستشفيات و المستوصفات إلى غير ذلك من لوازم الحياة الأولية، فنتيجة هذا القول ايقاف الامور بدوا و نهاية، و ايجاد الخمول في البلاد، و نتيجة هذا الخمول خراب البلاد و تشتت العباد.

(1) المراد من مجهولة المالك: عدم العلم بكون هذه الأرض اخذت عنوة، أو صلحا، أو من الأنفال حتى تكون للامام عليه السلام.

(2) أي يعتقد الجائر أن هذه الأراضي المجهولة أراضي خراجية تستحق الخراج فهو يستحق الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(3) أي ففي جواز أخذ مثل هذا الخراج الذي أخذه الجائر من الأراضي المجهولة وجهان:

الجواز، و عدم الجواز.

أما وجه الجواز: فلأن القدر المتيقن من خروج الأراضي عن سيطرة الخراج هي أراضي الأنفال التي علم أنها ملك الإمام عليه السلام.

و أما ما لم يعلم فيدخل في مطلقات أخذ الخراج.

و أما وجه عدم الجواز فهو الرجوع إلى الاصول و القواعد الثابتة المقررة من عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بطيب نفسه، و الأراضي المجهولة من هذا القبيل.

(4) أي الأمر الرابع من الامور التي ينبغي التنبيه عليها التي أشار الشيخ إليها بقوله في ص 264: و ينبغي التنبيه على امور.

(5) و هي الأخبار الخراجية التي تثبت الخراج و قد اشير إليها في ص 245-264

ص: 310

الاختصاص (1) بالسلطان المدعي للرئاسة العامة و عماله فلا يشمل (2) من تسلط على قرية، أو بلدة خروجا (3) على سلطان الوقت فيأخذ منهم حقوق المسلمين.

++++++++++

(1) اي اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان المدعي للسلطنة العامة.

(2) أي فلا يشمل ظاهر الاخبار الخراجية، و منصرف كلمات الأصحاب

(3) منصوب بنزع الخافض، أي من تسلط على القرية، أو المدينة بالخروج على السلطان الجائر المدعي للرئاسة العامة و المطلقة يخرج عن حكمه فلا تشمله الأخبار الخراجية فلا يعطي له الخراج.

ثم لا يخفى أن التسلط المذكور خروجا عن حكم السلطان الجائر المدعي للرئاسة العامة لا يختص بالقرية، أو المدينة.

بل يشمل من تسلط على قطر من أقطار المملكة الاسلامية، إلا إذا كان هذا الخارج قد خرج بأمر الامام المعصوم عليه السلام.

لكنه لم يتفق لحد الآن خروج شخص بأمر الامام المعصوم.

و هنا يتوجه سؤال؟

و هو أنه إذا كان السلطان المدعي للرئاسة العامة متعددا في البلاد الإسلامية كما كانت مصر و افريقية و السودان يحكمها الفاطميون.

و الاندلس، و الجزائر و تونس و مراكش يحكمها الامويون الذين هربوا من العباسيين و سكنوا هناك، و العراق و ايران شرقها و غربها إلى حدود الصين و جميع البلاد العربية يحكمها العباسيون.

و كان كل واحد من هؤلاء الخلفاء يدعي الرئاسة العامة على كافة المسلمين لنفسه فأيهم يعد خارجا على سلطان وقته، و لأيهم يعطى الخراج و المقاسمة و الزكوات؟ -

ص: 311

نعم ظاهر الدليل المتقدم من العلامة (1) شموله له.

لكنك عرفت أنه (2) قاصر عن افادة المدعى، كما أن ظاهره (3) عدم الفرق بين السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق أخذ الخراج، و المؤمن (4) و الكافر (5) و ان اعترفا (6) بعدم الاستحقاق، إلا أن ظاهر الأخبار (7) الاختصاص بالمخالف.

++++++++++

- و الظاهر أن كل واحد منهم سلطان مستقل برأسه فيعطى الخراج و المقاسمة و الزكوات له: بمعنى أن رعية كل من الأقطار الثلاثة المذكورة تعطي الخراج لسلطانه.

(1) المشار إليه في قوله في ص 305: بأن هذا مال لا يملكه الزارع إلى آخر كلامه.

فقوله: أخذه غير مستحقه عام يشمل الخارج على سلطان الوقت أيضا

(2) أي دليل العلامة لا يشمل المدعى: و هي حلية الخراج و المقاسمة و قد عرفت ذلك في تعليقة 4 من ص 305

(3) أي ظاهر دليل العلامة.

(4) أي و بين السلطان المؤمن كعصر البويهيين و الحمدانيين.

(5) أي و بين السلطان الكافر.

(6) أي السلطان المؤمن و السلطان الكافر بعدم استحقاقهما الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي أخبار الخراج و المقاسمة و الزكوات التي اشير إليها في صدر عنوان المسألة الخراجية في ص 245-263: اختصاص أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان المخالف فحسب فلا يشمل المؤمن و الكافر.

ثم إن المراد من المخالف: المخالف اعتقادا، أو جحودا، مثل (هارون و المأمون العباسيين) الذين كانا يعتقدان الحق و يعترفان بإمام -

ص: 312

و المسألة (1) مشكلة من (2) اختصاص موارد الأخبار بالمخالف المعتقد لاستحقاق أخذه، و لا عموم فيها (3) لغير المورد فيقتصر في مخالفة القاعدة (4) عليه.

++++++++++

زمانهما و هو الامام (موسى بن جعفر و علي بن موسى الرضا) صلوات اللّه عليهما، لكنهما جحداهما، لحبهما الرئاسة و الخلافة.

و لهارون كلمته المشهورة لولده المأمون حين رأى الاهتمام الزائد و التجليل و التعظيم البالغ من والده للامام (موسى بن جعفر) عليهما السلام حينما دخل صلوات اللّه و سلامه عليه و خرج من عنده فقال له المأمون: من هذا

قال: هذا (الامام موسى بن جعفر) الذي هو أهل للخلافة و مستحقها.

فقال له: فلم تحبسه و تضغط عليه؟

قال: الملك عقيم فلو نازعتني فيه أنت لاخذت ما فيه عيناك.

(1) أي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة بالسلطان المخالف، حيث إن موارد الأخبار الخراجية التي اشير إليها في ص 241 إلى 263 تختص بالسلطان الجائر المخالف المعتقد لاستحقاقه أخذ الخراج و المقاسمة.

(2) و من المسلم المشهور بين الاصوليين أن المورد لا يخصص الوارد و هي الأخبار الواردة في الخراج، فوجود السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق الخراج في زمان صدور الأخبار لا يخصص هذه الأخبار بأن يكون حق الخراج لهؤلاء، لا لغيرهم.

(3) أي في هذه الأخبار الخراجية بحيث تشمل المؤمن و الكافر.

بل تخص المخالف المعتقد لاستحقاقه أخذ الخراج، و قد عرفت آنفا أن المورد لا يخصص الوارد.

(4) و هي الاصول و القواعد المقررة الدالة على عدم جواز التصرف

ص: 313

و من (1) لزوم الحرج، و دعوى (2) الاطلاق في بعض الأخبار المتقدمة.

مثل قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان (3).

و قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم: كل أرض دفعها أليك

++++++++++

- في مال الغير إلا بطيب نفسه، و قد خرج من هذه الاصول و القواعد:

القدر المتيقن منها بسبب الأخبار الواردة التي اشير إليها في ص 241 إلى 263 فحينئذ يقتصر في حلية أخذ الخراج و المقاسمة على الجائر المخالف المعتقد لاستحقاقه الخراج.

(1) دليل لتعميم حلية أخذ الخراج للمخالف و المؤمن و الكافر لو قلنا به، حيث يلزم العسر و الحرج للمكلف لو لم نقل بالتعميم، لأنه يتعامل مع الجائر غير المخالف لا محالة، فإذا حصرنا الحلية بالمخالف لزم ترك التعامل مع المؤمن، لعدم وجود آخر يتعامل معه

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من لزوم الحرج أي و من دعوى، هذا وجه ثان لتعميم حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات، سواء أ كان الآخذ مخالفا أم مؤمنا، حيث إن بعض الأخبار الواردة في الخراج مطلق لا تقييد فيها بالمخالف مثل صحيحة الحلبي الآتية.

(3) المصدر السابق. الجزء 13. ص 214. الباب 18. كتاب المزارعة. الحديث 3، فان قوله: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان: مطلق لا تقييد فيه، حيث إن كلمة من (السلطان) مطلقة لا تخص شخصا معينا.

ص: 314

سلطان فعليك فيما أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه (1) و غير ذلك (2).

و يمكن (3) أن يرد لزوم الحرج بلزومه على كل تقدير،

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 6 ص 129. الباب 7 من أبواب زكاة الغلات. الحديث 1، فإن قوله: كل أرض دفعها أليك سلطان مطلق لا تقييد في كلمة سلطان.

(2) أي و غير هذين الخبرين من الأخبار الواردة في المقام فانها مطلقة لا تقييد فيها.

راجع نفس المصدر و نفس الباب. الأحاديث.

(3) من هنا يقصد الشيخ أن يناقش العسر و الحرج الّذي قاله في ص 314:

و من لزوم الحرج، أي و يمكن أن يرد لزوم الحرج بلزومه على كل تقدير و على أي حال، سواء عمنا السلطان الجائر إلى المخالف و المؤمن أم لا.

ببيان أنه من العيان و المشاهد أن السلطان المؤمن في العصور الماضية و حتى العصر الحاضر يأخذ الخراج و المقاسمة من كل أرض، سواء أ كانت مفتوحة عنوة أم صلحا أم كانت من الأنفال، كما كان يأخذ أيضا ضرائب اخرى: من المكوس و الجمارك، و ضريبة الدخل و العقار، و الاستيراد و الصادرات، و غير هذه حتى بلغت الضرائب في عصرنا قمتها.

و من الواضح أن المكلف مجبور بدفع تلك و هذه الى السلطان المؤمن لا محالة و لا محيص له عنها، و لا سيما في عصرنا، و مجبور أيضا بتعامله مع الحكومة بهذه النقود المدفوعة إليه، إذ لو لم يتعامل معها لتوقفت الأعمال و اختل النظام فلو خصصنا الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان الجائر المخالف للزم العسر و الحرج بعينه هنا كما يلزم هناك حسب المدعى فانه لو لم يدفع الخراج و المقاسمة و الضرائب للسلطان المؤمن فإما أن يحبس أو تتوقف أعماله التجارية، أو يقطع ماؤه و كهرباؤه، أو لايجاز في بناية -

ص: 315

لأن (1) المفروض أن السلطان المؤمن خصوصا في هذه الأزمنة يأخذ الخراج عن كل أرض و لو لم تكن خراجية، و أنهم (2) يأخذون كثيرا من وجوه الظلم المحرمة (3) منظما إلى الخراج، و ليس (4) الخراج ممتازا عندهم عن سائر ما يأخذونه ظلما من العشور، و سائر ما يظلمون به الناس كما

++++++++++

- دار، أو ترميمها و قس على ذلك فعلل و تفعلل من المشاكل الحياتية، فالعسر و الحرج لازمان لا محالة.

(1) تعليل للزوم العسر و الحرج لا محالة و على كل حال و كل تقدير و قد عرفت التعليل آنفا.

(2) أي السلاطين المؤمنون كانوا يأخذون الخراج و المقاسمة من الأراضي الخراجية و غيرها ظلما و عدوانا.

كما كانوا يأخذون ضرائب اخرى في كل عصر و دور.

انظر تاريخ الفاطميين و الحمدانيين و البويهيين و الحسنيين في المغرب و مراكش و تونس و العلويين في طبرستان ايران و الصفويين و اليمنيين و الزندية و الافشارية و القاجارية، و ملوك هند: تجد كثرة الضرائب و كيفية جبايتها و توزيعها على البلاد في سبيل مصالحها، و سكانها، و كانت البلاد في دورهم مزدهرة بالعمران و المزارع و الصناعات حتى قال بعض رحالة الفرنسيين في احدى رحلاته عن بعض البلدان: و هذه المدينة لو لم تفق (باريس) لم تكن أقل منها، ثم يصف المدينة بما يبهر العقول، و ان أصبحت خربة في عصرنا الحاضر.

(3) و هي ضرائب الدخل و العقار و الاستيراد و الصادرات كما عرفت آنفا في ص 315.

(4) أي تلك الضرائب كانت مختلطة مع الخراج و المقاسمة و ليست منحازة عن تلك حتى يقال: إن عدم التعامل معهم لا يلزم العسر و الحرج.

ص: 316

لا يخفى على من لاحظ سيرة عمالهم فلا بد إما من الحكم بحل ذلك كله لدفع الحرج.

و إما من الحكم بكون ما في يد السلطان، و عماله من الأموال (1) المجهولة المالك.

و أما الاطلاقات (2) فهي (3) مضافا إلى امكان دعوى انصرافها (4) إلى الغالب كما في المسالك: مسوقة (5) لبيان حكم آخر كجواز ادخال أهل

++++++++++

(1) الجار و المجرور منصوب محلا خبر لكان في قوله: بكون ما.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن كلمة السلطان الواردة في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 314.

و كلمة سلطان الواردة في صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 314 مطلقة تشمل السلطان المخالف و الموافق، فعليه يجوز دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى أي سلطان كان: مؤمنا أو مخالفا.

(3) من هنا يروم الشيخ في الجواب عن الوهم المذكور.

و قد أجاب بجوابين نذكرهما تحت رقمهما الخاص.

(4) هذا هو الجواب الأول و خلاصته أن الاطلاق المذكور منصرف إلى الغالب و الغالب هو السلطان المخالف فعليه لا يبقى إطلاق حتى يشمل الموافق، إذ الإطلاق إنما يصح لو لم يكن هناك انصراف.

(5) هذا هو الجواب الثاني و خلاصته: أن الاطلاقات المذكورة إنما سيقت لبيان حكم آخر غير جواز اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى السلطان.

و الحكم الآخر هو جواز إدخال أهل الأرض الخراجية في تقبل الأرض: بأن يشتري شخص جزية أهالي الأرض الذين هم من أهل الجزية

ص: 317

الأرض الخراجية في تقبل الأرض في صحيحة الحلبي، لدفع توهم حرمة ذلك (1) كما يظهر (2) من أخبار اخرى.

و كجواز (3) أخذ أكثر مما تقبل به الأرض من السلطان في رواية

++++++++++

من السلطان بمبلغ معين بالإضافة إلى شراء الخراج منه كما في صحيحة الحلبي الدالة على جواز هذا الشراء، و هذا الجواز لأجل دفع توهم حرمة هذا الشراء.

ففي صحيحة الحلبي بيان حكمين:

أخذ الخراج عن الأرض، و أخذ الجزية عن الرءوس.

(1) أي حرمة أخذ الجزية عن الرءوس كما عرفت آنفا.

(2) أي يظهر توهم حرمة أخذ الجزية عن الرءوس من أحاديث اخرى.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 214. الباب 18 من كتاب المزارعة و المساقاة. الحديث 5.

إليك نص الحديث:

عن أبي الربيع الشامي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل؟

قال: يتقبل الأرض من أربابها بشيء معلوم إلى سنين مسماة فيعمر و يؤد الخراج، فإن كان فيه علوج فلا يدخل العلوج في قبالته، فإن ذلك لا يحل، فجملة: (فإن ذلك لا يحل) تدل على توهم حرمة أخذ الجزية.

(3) هذا فرد ثان لبيان حكم آخر أي و يمكن أن تكون الاطلاقات المذكورة لجواز أخذ الزيادة عما أخذه المكلف من السلطان الجائر: بأن يبيع ما اشتراه منه بألف دينار بألفي دينار مثلا

ص: 318

الفيض بن المختار (1)، و كغير ذلك: من أحكام قبالة الأرض و استيجارها فيما عداها من الروايات (2).

و الحاصل: أن الاستدلال بهذه الأخبار (3) على عدم الباس بأخذ أموالهم، مع اعترافهم (4) بعدم الاستحقاق مشكل.

و مما يدل على عدم شمول كلمات الأصحاب (5): أن عنوان المسألة (6) في كلامهم: ما يأخذه الجائر لشبهة المقاسمة، أو الزكاة كما في المنتهى، أو باسم الخراج و المقاسمة كما في غيره (7)

و ما يأخذه الجائر المؤمن ليس لشبهة الخراج و المقاسمة، لأن المراد بشبهتهما شبهة استحقاقهما الحاصلة في مذهب العامة (8).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 208. الحديث 3. الباب 15.

(2) نفس المصدر. ص 208. الحديث 1-2. الباب 15.

(3) و هي صحيحة الحلبي في ص 259، و رواية الفيض بن المختار في ص 261 و الروايات المشار إليها في ص 262-263.

(4) أي مع اعتراف الفقهاء بعدم استحقاق السلطان الجائر المؤمن للخراج و المقاسمة و الزكوات، و سائر الضرائب.

(5) أي للسلطان الجائر الموافق.

(6) و هي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي في غير المنتهى من الكتب الفقهية.

و لا يخفى أن الجائر المؤمن يأخذ باسم الخراج و المقاسمة و الزكوات فلا تدل كلمات الأصحاب على عدم شمول الأخبار المذكورة الجائر المؤمن فانحصر عدم شمول كلمات الأصحاب بعبارة المنتهى في قوله: لشبهة المقاسمة

(8) حيث إن (علماء اخواننا السنة) يقولون باستحقاق أخذ السلطان لهذه الضرائب و الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 319

نظير شبهة تملك سائر ما يأخذون مما لا يستحقون (1)، لأن مذهب الشيعة أن الولاية في الأراضي الخراجية إنما هي للامام، أو نائبه الخاص أو العام (2).

فما يأخذه الجائر المعتقد لذلك (3) إنما هو شيء يظلم به في اعتقاده معترفا بعدم براءة ذمة زارع الأرض من اجرتها (4) شرعا.

نظير ما يأخذه من الأملاك الخاصة (5) التي لا خراج عليها أصلا.

و لو فرض حصول شبهة الاستحقاق لبعض سلاطين الشيعة من بعض الوجوه (6) لم يدخل ذلك في عناوين الأصحاب قطعا، لأن مرادهم من الشبهة الشبهة من حيث المذهب التي أمضاها الشارع للشيعة، لا الشبهة في نظر شخص خاص، لأن الشبهة الخاصة إن كانت عن سبب صحيح كاجتهاد، أو تقليد فلا اشكال في حليته (7) له، و استحقاقه للاخذ بالنسبة إليه، و إلا (8) كانت باطلة غير نافذة في حق أحد.

++++++++++

(1) كالضرائب التي ليست خراجا و لا مقاسمة.

(2) و هو الفقيه الجامع للشرائط.

(3) أي يعتقد أن هذه الأراضي للامام عليه السلام إذا كان حاضرا و لنائبه العام إذا كان غائبا فما يأخذه ظلم و جور.

(4) المراد من الاجرة الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) من الدور و الأراضي الخاصة و المحلات و البنايات.

(6) بأن حصلت له شبهة استحقاق هذه الزكوات و الضرائب و الخراج اجتهادا، أو تقليدا.

(7) أي في حلية هذا الخراج لهذا الشخص الخاص الذي حصلت له شبهة الحلية بسبب الاجتهاد، أو التقليد.

(8) أي و إن لم تحصل لهذا الشخص سبب صحيح لشبهته مثل الاجتهاد

ص: 320

و الحاصل أن آخذ الخراج و المقاسمة لشبهة الاستحقاق في كلام الأصحاب ليس إلا الجائر المخالف.

و مما يؤيده (1) أيضا عطف الزكاة عليها، مع أن الجائر الموافق لا يرى لنفسه ولاية جباية الصدقات.

و كيف كان (2) فالذي اتخبل أنه كلما ازداد المنصف المتأمل في كلماتهم يزداد له هذا المعنى (3) وضوحا.

فما أطنب به بعض في دعوى عموم النص (4)، و كلمات الأصحاب مما لا ينبغي أن يغتر به.

و لأجل ما ذكرنا (5)، و غيره (6) فسر صاحب إيضاح النافع

++++++++++

- أو التقليد فشبهته باطلة غير نافذة في حق أحد

(1) أي و يؤيد مراد الأصحاب: من أن آخذ الخراج و المقاسمة هو السلطان الجائر المخالف لا غير: عطف الفقهاء الزكاة على الخراج و المقاسمة، لأن من مذهب الشيعة عدم جواز أخذ السلطان الزكوات و ما كان سلاطينهم يأخذونها، فالعطف هذا أقوى دليل على اختصاص الخراج و المقاسمة بالسلطان المخالف.

(2) أي سواء قلنا باختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالمخالف أم قلنا بالتعميم و شمول الجواز للسلطان الشيعي.

(3) و هو اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالمخالف.

(4) و هي الأخبار المتقدمة في ص 245-263 الواردة في الخراج و المقاسمة فقد ادعى هذا البعض بأن هذه الأخبار تعم حتى السلطان الشيعي.

(5) و هي الأخبار المتقدمة في ص 245-263 الدالة على اختصاص الخراج بالمخالف.

(6) و هي الأخبار التي ذكرت في باب الخراج و المقاسمة و لم يذكرها

ص: 321

الجائر الواقع في عبارة النافع بالمخالف.

فالقول (1) بالاختصاص كما استظهره في المسالك و جزم به في إيضاح النافع، و جعله الأصح في الرياض لا يخلو عن قوة.

فينبغي (2) في الأراضي التي بيد الجائر الموافق في المعاملة على عينها أو على ما يؤخذ عليها مراجعة الحاكم الشرعي.

و لو فرض (3) ظهور سلطان مخالف لا يرى نفسه مستحقا لجباية

++++++++++

الشيخ هنا و ذكرنا مصادرها نحن ظاهرة في اختصاص الخراج بالمخالف.

(1) الفاء تفريع على ما ذكره من قوله: و كيف كان فالذي أتخيل أي فعلى ما أتخيله فالقول باختصاص أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بالجائر المخالف كما جعل (صاحب الرياض) هذا القول أصح.

(2) الفاء تفريع على الاختصاص المذكور أي فعلى ضوء ما ذكر: من اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالجائر المخالف فلو استأجر رجل شيعي إمامي الأراضي الخراجية التي بيد السلطان الجائر الموافق.

أو اشترى غلاتها منه: فعليه أن يستأذن الحاكم الشرعي الامامي في هذه الاجارة و الشراء.

(3) هذا الفرض كما أفاده الشيخ، أو الفرع المتولد من الاختصاص المذكور كما نقوله نحن تفريع على ما أفاده الشيخ من اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان الجائر المخالف.

و خلاصته: أنه لو وجد سلطان جائر مخالف لا يرى لنفسه استحقاق أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات طبقا لمذهبه، ثم أخذ المذكورات، و بقية الضرائب المجعولة على غير الأراضي الخراجية طبقا للمقرر الحكومي من غير زيادة و نقيصة: يكون أخذه منصرفا عن تلك الأخبار الواردة في جواز أخذ السلطان الجائر الخراج و المقاسمة و الزكوات، لعدم وجود ملاك الجواز -

ص: 322

تلك الوجوه و إنما أخذ (1) ما يأخذ نظير ما يأخذه على غير الأراضي الخراجية من الأملاك الخاصة فهو (2) أيضا غير داخل في منصرف الأخبار و لا في كلمات الأصحاب فحكمه (3) حكم السلطان الموافق.

و أما السلطان الكافر فلم أجد فيه نصا.

++++++++++

- فيه: و هو اعتقاد السلطان الجائر المخالف استحقاقه لتلك الزكوات و الخراج و المقاسمة.

فلو دفع الخراج و الزكوات و المقاسمة إلى هذا السلطان فلا بد أن يكون الدفع بإجازة من الحاكم الشرعي الشيعي.

(1) أي السلطان المخالف الذي لا يرى نفسه مستحقا للخراج كما عرفت آنفا و ما يأخذ عبارة عن بقية الضرائب المقررة على الأملاك الشخصية و غيرها مما تجعله الدولة ضريبة عليه كما عرفت آنفا.

(2) أي مثل هذا السلطان المخالف الذي لا يرى نفسه مستحقا للخراج و الزكوات و المقاسمة و مع ذلك يأخذها، و يأخذ بقية الضرائب: لا يدخل تحت تلك الأخبار الواردة في الخراج و المقاسمة في ص 245-263 و اختصاصهما به

(3) الفاء نتيجة ذاك الفرض، أو الفرع حسب تعبيرنا.

و خلاصة النتيجة أنه على الفرض المذكور فلو دفع شخص الخراج و المقاسمة و الزكوات لهذا السلطان الذي لا يرى لنفسه استحقاقها فلا بد له من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الامامي.

و كذا لو اشتراها منه، أو استأجر الأراضي الخراجية منه فلا بد من الإجازة، فحكم هذا السلطان حكم السلطان الجائر الشيعي في أن الدافع لا بدّ له من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الإمامي، لعدم وجود ملاك جواز الأخذ في هذا السلطان أيضا كما عرفت في الهامش 3 ص 223 عند قولنا:

لعدم وجود ملاك جواز الأخذ فيه.

ص: 323

و ينبغي لمن تمسك بإطلاق النص و الفتوى التزام دخوله (1) فيهما.

لكن الإنصاف انصرافهما (2) إلى غيره.

مضافا (3) إلى ما تقدم في السلطان الموافق: من (4) اعتبار كون الأخذ بشبهة الاستحقاق.

و قد تمسك في ذلك (5) بعض بنفي السبيل للكافر على المؤمن

++++++++++

(1) أي دخول الكافر في اطلاق النص و الفتوى الواردين في الخراج و المقاسمة و الزكوات فيقال بجواز الدفع إليه.

(2) أي انصراف النص و الفتوى الواردين في الخراج و المقاسمة إلى غير السلطان الكافر: و هو السلطان المخالف و المؤمن.

و أما هو فخارج عنهما فلا يجوز دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إليه.

و مرجع الضمير في غيره الكافر كما عرفت.

(3) أي بالإضافة إلى أن النص و الفتوى لا ينصرفان إلى السلطان الكافر لنا دليل آخر على ذلك: و هو الملاك الذي اعتبرناه في السلطان الجائر المخالف: من أن أخذه الخراج و المقاسمة و الزكوات إنما كان لأجل شبهة الاستحقاق في حقه.

و من الواضح عدم مجيء هذه الشبهة و تصورها في حق الكافر، و بهذا الملاك قلنا بعدم جواز دفع الخراج إلى السلطان الموافق، و أنه لا بدّ للدافع إلى الموافق من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الشيعي.

(4) كلمة من بيان لما تقدم أي ما تقدم عبارة عن هذا.

و قد عرفته آنفا في ص 223 عند قولنا: و هو اعتقاد السلطان.

(5) أي في شبهة الاستحقاق و أنها لا تجري في حق الكافر.

خلاصة استدلال البعض في هذا المقام أن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات للسلطان الكافر لازمه تسلط الكافر على المسلم و اعتلاؤه عليه

ص: 324

فتأمل (1).

الخامس: الظاهر أنه لا يعتبر في حل الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ منه ممن يعتقد استحقاق الآخذ للأخذ

(الخامس) (2): الظاهر أنه لا يعتبر في حل الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ منه (3) ممن يعتقد استحقاق الآخذ (4) للأخذ، فلا فرق حينئذ (5) بين المؤمن و المخالف و الكافر، لاطلاق (6) بعض الأخبار

++++++++++

- عند ما يقدمه له، أو لجباته و هذا الاعتلاء منفي بقوله تعالى:

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) .

(1) لعل وجه التأمل: أن السبيل للكافر على المؤمنين و اعتلاءه عليهم إنما يلزم لو قلنا بولايته على التصرف، لكنا لا نعترف بذلك.

بل غاية ما نقوله في حق الوالي الكافر: أن تصرفاته ممضاة و هذا المقدار لا يلزم سبيلا و اعتلاء للكافر على المسلم حتى يقال: إنه منفي بالآية الكريمة، لعدم ثبوت ولاية له حتى يتمسك بها.

(2) أي من الامور التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 364: و ينبغي التنبيه على امور.

(3) و هو صاحب الأرض الزراعية الذي يدفع الزكوات و الخراج و المقاسمة إلى السلطان.

(4) و هو السلطان الجائر المخالف.

(5) أي حين أن قلنا بعدم اعتبار اعتقاد دافع الخراج و المقاسمة استحقاق السلطان للخراج.

(6) تعليل لعدم اعتبار اعتقاد الدافع استحقاق الآخذ أخذ الخراج.

و خلاصة التعليل: أن لفظة الرجل الواقعة في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 259 في قول الامام عليه السلام: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها مطلقة لا فرق فيها بين كون الرجل المتقبل الذي يدفع -

ص: 325


1- النساء: الآية 14.

المتقدمة، و اختصاص بعضها الآخر بالمؤمن كما في روايتي الحذاء (1) و اسحاق (2) بن عمار، و بعض روايات قبالة الأراضي الخراجية (3).

و لم يستبعد بعض (4) اختصاص الحكم (5) بالمأخوذ من معتقد استحقاق الآخذ، مع اعترافه: بأن ظاهر الأصحاب التعميم (6).

و كأنه (7) أدخل هذه المسألة: يعني مسألة حل الخراج و المقاسمة في القاعدة المعروفة:

من (8) الزام الناس بما ألزموا به أنفسهم، و وجوب المضي معهم في أحكامهم (9) على ما يشهد به تشبيه بعضهم ما نحن فيه باستيفاء الدين

++++++++++

- الخراج إلى السلطان في قبال هذا التقبل مؤمنا أو مخالفا أو كافرا.

(1) المشار إليها في ص 245 فإن كلمة نا في قول السائل: يجيئنا القاسم يدل على كون معطي الخراج مؤمنا.

(2) المشار إليها في ص 253.

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 213. الباب 18.

الأحاديث.

(4) و هو (الفاضل القطيفي) في رسالته الخراجية.

(5) و هي حلية أخذ المكلف الخراج من السلطان الجائر إذا كان قد أخذه ممن يعتقد ولايته على الخراج.

(6) أي سواء اعتقد معطي الخراج ولاية الآخذ على الارض أم لا.

(7) أي كأن الفاضل القطيفي.

(8) كلمة من بيانية للقاعدة المعروفة أي القاعدة المعروفة عبارة عن الزام كل قوم بما الزموا به أنفسهم.

(9) بمعنى أن أية فرقة من فرق المسلمين التزموا بحكم من الأحكام الاسلامية يجوز لنا أن ترتب الاثر على ذلك، و إن لم يصح ذلك في مذهبنا. -

ص: 326

من الذمي من ثمن ما باعه من الخمر و الخنزير (1).

و الأقوى أن المسألة (2) أعم من ذلك و أن الممضى فيما نحن فيه (3) تصرف الجائر في تلك الأراضي مطلقا (4).

السادس: ليس للخراج قدر معين

(السادس) (5): ليس للخراج قدر معين، بل المناط فيه ما تراضى فيه السلطان، و مستعمل الأرض، لأن الخراج هي (6) اجرة الارض فيناط برضى الموجر و المستأجر.

++++++++++

- خذ لذلك مثالا:

لو طلقت المرأة عند (اخواننا السنة) بغير شاهدين عدلين يجوز لنا بعد خروج المرأة عن عدتها نكاحها، الزاما لهم بذلك و ان كانت المطلقة بغير حضور عدلين عندنا لا يجوز نكاحها.

كما أنه يجوز لنا أن نأخذ بإرث الميت لو كان من (اخواننا السنة) و كنا نحن من عصبته، إلزاما لهم بذلك.

و هكذا أهل الذمة، فإنه يجوز لنا أن نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم.

(1) أي إذا كان الذمي الذي هو اليهودي، أو المسيحي، مدينا لمسلم فباع خمره و خنزيره جاز للدائن أن يستوفي دينه من هذا الثمن، و إن كان ثمنهما عندنا سحتا و لا يجوز استيفاء ذلك من المسلم المدين.

(2) أي مسألة حل الخراج للمكلف أعم من ذلك، أي سواء كان المعطي يعتقد استحقاق الآخذ للخراج و المقاسمة و الزكوات أم لا.

(3) و هو أخذ الخراج.

(4) أي سواء أ كان التصرف بنحو البيع أم بنحو الهبة.

(5) أي الأمر السادس من الامور التي في قول الشيخ في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور.

(6) تأنيث الضمير مع أن المرجع مذكر باعتبار الخبر. -

ص: 327

نعم لو استعمل أحد الارض قبل تعيين الاجرة (1) تعين عليه اجرة المثل و هي (2) مضبوطة عند أهل الخبرة.

و أما قبل العمل (3) فهو تابع لما يقع التراضي عليه.

و نسب ما ذكرناه (4) إلى ظاهر الأصحاب.

و يدل عليه (5) قول أبي الحسن عليه السلام في مرسلة حماد بن عيسى و الأرضون التي اخذت عنوة بخيل، أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها، و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق الخراج: النصف، أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحا و لا يضرهم إلى آخر الحديث (6).

++++++++++

- و قد ذكرنا هنا و في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة أنه إذا دار الأمر بين المرجع و الخبر فمراعاة الخبر أولى كما في قوله تعالى: فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي .

و كما في قوله عز من قائل: فَذٰانِكَ بُرْهٰانٰانِ مع أن المشار إليه في الآية الاولى: الشمس، و في الآية الثانية اليد و العصى، و من الواضح أن الشمس و اليد و العصا مؤنثات مجازية.

لكن الخبر و هو ربي، و برهانان مذكران فروعي جانب الخبر.

(1) أي قبل أن يراجع السلطان اقدم على الزراعة.

(2) أي اجرة المثل معينة عند الخبراء.

(3) و هو قبل الحرث، و نثر البذر في الأرض، فإنه متوقف على التراضي مع السلطان في قدر الخراج.

(4) و هو أنه ليس للخراج قدر معين.

(5) أي على ما ذكرناه: من أنه ليس للخراج قدّر معين.

(6) (وسائل الشيعة) الجزء 11 ص 84 الباب 41 من أبواب -

ص: 328

و يستفاد منه (1) أنه إذا جعل عليهم من الخراج، أو المقاسمة ما يضر بهم لم يجز ذلك (2) كالذي يؤخذ من بعض مزارعي بعض بلادنا بحيث لا يختار الزارع الزراعة من كثرة الخراج فيجبرونه على الزراعة و حينئذ (3) ففي حرمة كل ما يؤخذ، أو المقدار الزائد على ما تضر الزيادة عليه وجهان (4).

و حكي عن بعض أنه يشترط أن لا يزيد (5) على ما كان يأخذه المتولي له (6) الامام العادل إلا برضاه

++++++++++

- جهاد العدو. الحديث 2، فإن قوله عليه السلام: و يقوم عليها على صلح ما صالحهم الوالي يدل على أنه ليس للخراج قدر معين، بل القدر بيد السلطان و مستعمل الأرض

(1) أي من حديث حماد بن عيسى.

(2) أي تراضي السلطان مع مستعمل الأرض كما في قوله عليه السلام على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضر بهم و في قوله عليه السلام: على قدر طاقتهم.

(3) أي و حين أن فرض الوالي على الزارع أكثر من طاقته.

(4) حرمة الكل أو حلية البعض و حرمة الزائد.

أما وجه حرمة الكل فمن حيث بطلان معاملة السلطان مع الزارع في هذه الصورة.

و أما وجه حلية البعض و هو المقدار الذي أخذه السلطان من الزارع فهو أن للسلطان أن يأخذ من الزارع ما لا يضر بحاله فهذا المقدار مما أخذه حلال، و الزائد من المقدار المقرر حرام.

(5) أي الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) أي المتولي للأخذ.

ص: 329

و التحقيق أن مستعمل الأرض بالزرع و الغرس إن كان مختارا في استعمالها فمقاطعة (1) الخراج و المقاسمة باختياره، و اختيار الجائر فإذا تراضيا على شيء فهو الحق قليلا كان أو كثيرا.

و إن كان لا بدّ من استعمال الأرض، لأنها كانت مزرعة له مدة سنين و يتضرر بالارتحال عن تلك القرية إلى غيرها، فالمناط ما ذكر في المرسلة (2) من (3) عدم كون المضروب عليهم مضرا: بأن لا يبقى لهم بعد اداء الخراج ما يكون بإزاء ما انفقوا على الزرع من المال، و بذلوا له من أبدانهم الأعمال.

السابع: ظاهر اطلاق الأصحاب أنه لا يشترط فيمن يصل إليه الخراج أن يكون مستحقا له

(السابع) (4): ظاهر اطلاق

++++++++++

- و لا يخفى أن ما يأخذه السلطان العادل لا يمكن أن يتمشى في كل الأعوام و السنين، حيث إنها تختلف شدة و رخاء.

نعم إذا تساوت السنين من هذه الحيثية يصح ما أفاده الشيخ قدس سره

(1) المراد من المقاطعة: هو تعيين الخراج بين الطرفين.

(2) و هي مرسلة حماد بن عيسى المارة آنفا.

(3) كلمة من بيانية لكلمة مناط في قوله: فالمناط.

(4) أي الأمر السابع من الامور التي قال الشيخ في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور.

المقصود من التنبيه السابع: أنه لا اشكال في جواز الشراء، و جميع المعاوضات من الجائر و معه بالنسبة إلى الخراج و المقاسمة و الزكوات و إن لم يكن المشتري و المعاوض مستحقا، لعدم اعتبار الاستحقاق في المشتري و المعاوض، و لا يعتبر كونه مصرفا للخراج و المقاسمة، لدلالة اطلاقات الأخبار الواردة في الخراج و المقاسمة على ذلك.

و قد اشير إلى هذه المطلقات في صدر العنوان في ص 245 إلى 273. -

ص: 330

الأصحاب (1) أنه لا يشترط فيمن يصل إليه الخراج، أو الزكاة من السلطان على وجه الهدية، أو يقطعه الأرض الخراجية اقطاعا أن يكون (2) مستحقا له (3)، و نسبه الكركي في رسالته (4) إلى اطلاق الأخبار (5) و الأصحاب.

و لعله أراد (6) اطلاق ما دل على حل جوائز السلطان و عماله

++++++++++

- لكن الكلام فيمن يأخذ الجوائز و الهبات من السلطان الجائر، فهل يشترط في هذا الآخذ: الاستحقاق أم لا؟

ذهب الشيخ إلى عدم اشتراط الاستحقاق في الآخذ، و أنه لا يعتبر فيه أن يكون موردا للزكاة و الخراج لو وصله من السلطان على وجه الهدية أو الهبة، أو اقطاع الأرض الخراجية، و تمسك بذلك بإطلاقات الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج و المقاسمة و الزكاة، و بالأخبار الواردة في تقبل هدايا السلطان و جوائزه.

و هذه الأخبار كلها مطلقة ليس فيها أي إشعار يقيد الآخذ و المتقبل بالاستحقاق و أهلية الآخذ فهي آبية عن التقييد.

(1) أي في حكمهم بحلية الخراج.

(2) اسم يكون من الموصولة في قوله: فيمن يصل إليه فجملة يكون مع اسمها مرفوعة محلا نائب فاعل لقوله: لا يشترط فيمن يصل إليه.

(3) أي للخراج فعليه يجوز الأخذ و إن كان الآخذ غنيا.

(4) و هي رسالته المسماة ب: (قاطعة اللجاج في حل الخراج).

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 156. الباب 51 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث.

(6) أي المحقق الكركي اراد من اطلاق الأخبار، الأخبار التي أشرنا إليها في ص 166-167 الواردة في جوائز السلطان، حيث إنها أعم تدل على أن -

ص: 331

مع كونها (1) غالبا من بيت المال، و إلا (2) فما استدلوا به لأصل المسألة (3) إنما هي الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج و المقاسمة و الزكاة (4)، و الواردة في حل تقبل الأرض الخراجية (5) من السلطان، و لا ريب في عدم اشتراط كون المشتري و المتقبل مستحقا لشيء من بيت المال (6) و لم يرد خبر (7) في حل ما يهبه السلطان من الخراج حتى يتمسك بإطلاقه عدا أخبار جوائز السلطان (8)، مع أن تلك الأخبار (9) واردة أيضا

++++++++++

- الجوائز التي تصل من السلطان، أو عماله جائزة الأخذ، سواء أ كانت من الزكوات، أم من الخراج، أم غيرهما، و سواء أ كان الآخذ مستحقا أم غنيا.

(1) أي مع كون الجوائز في الأغلب من بيت المال، و لا شك أن بيت المال إما من الخراج، أو المقاسمة، أو الزكوات، أو ضرائب اخرى.

(2) أي و إن لم يرد المحقق الكركي من الإطلاقات تلك الأخبار التي أشرنا إليها في ص 166-167.

(3) و هي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان

(4) مرت هذه الأخبار في صدر عنوان المسألة في ص 245-263.

(5) ص 261.

(6) راجع نفس الأخبار المشار إليها في صدر العنوان في ص 166-167.

(7) أي لم يرد خبر خاص مطلق في حلية هبة السلطان حتى يصح لنا التمسك بإطلاقه بأن يقال: إنه مطلق لا قيد فيه يشعر على أن الآخذ يشترط فيه الاستحقاق و أهلية أخذه للخراج.

(8) المشار إليها في ص 166-167.

(9) أي أخبار جوائز السلطان وردت في أشخاص يحتمل استحقاقهم -

ص: 332

في أشخاص خاصة فيحتمل كونهم ذوي حصص من بيت المال.

فالحكم بنفوذ تصرف الجائر على الاطلاق في الخراج من (1) حيث البذل و التفريق كنفوذ تصرفه على الإطلاق فيه (2) بالقبض و الأخذ و المعاملة عليه (3) مشكل (4)

و أما (5) قوله عليه السلام في رواية الحضرمي السابقة: ما يمنع

++++++++++

- من بيت المال.

و لا يخفى أن من جملة الأخبار الواردة في حلية جوائز السلطان رواية محمد بن مسلم المشار إليها في ص 167: فإن قوله عليه السلام فيها: جوائز السلطان ليس بها بأس.

و هذه الرواية ليس فيها اشارة إلى كون الآخذ مستحقا، أو له حق فهي ليست واردة في أشخاص خاصة.

(1) من بيانية لقوله: على الاطلاق، أي الإطلاق عبارة عن البذل و التفريق كيف شاء الجائر.

(2) أي في الخراج، و الباء في قوله: بالقبض: بيانية لكيفية تصرف الجائر على الإطلاق.

(3) أي على الخراج الذي يأخذه الجائر من أرباب الأرض و المزارع

(4) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فالحكم، أي الحكم بنفوذ كلما يتصرف الجائر في الخراج مشكل.

(5) دفع وهم حاصل الوهم أنه كيف تقولون بعدم ورود رواية تدل على أن المراد من الآخذ من كان مستحقا للخراج، مع أن رواية الحضرمي المشار إليها في ص 254 تدل على أن الاستحقاق من شروط لوازم من يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات في قوله عليه السلام: أما علم أن لك -

ص: 333

ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك نصيبا من بيت المال؟

فإنما (1) يدل على أن كل من له نصيب في بيت المال يجوز له الأخذ، لا أن كل من لا نصيب له لا يجوز أخذه (2).

و كذا (3) تعليل العلامة رحمه اللّه فيما تقدم من دليله: بأن الخراج حق للّه أخذه غير مستحقه، فان هذا (4) لا ينافي امضاء الشارع لبذل الجائر اياه (5) كيف شاء.

كما أن للامام عليه السلام أن يتصرف في بيت المال كيف شاء.

فالاستشهاد بالتعليل المذكور في الرواية المذكورة (6)، و بالمذكور في كلام العلامة (7) رحمه اللّه على اعتبار استحقاق الآخذ لشيء من بيت المال

++++++++++

- نصيبا من بيت المال، فإن من له نصيب من بيت المال لا بدّ أن يكون مستحقا له.

(1) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكر في المتن.

(2) أي أخذ ما في بيت المال.

(3) أي و كذا تعليل العلامة فيما تقدم في ص 305 لا يدل على أن الاستحقاق شرط فيمن يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و قد ذكر التعليل الشيخ بقوله: بأن الخراج حق اللّه.

(4) أي دليل العلامة بأن الخراج حق للّه اخذه غير مستحقه.

(5) أي الخراج و المقاسمة و الزكوات يبذله الجائر كيف شاء و لمن اعطاه.

(6) و هي رواية الحضرمي، في قوله عليه السلام في ص 256: أما علم أن لك نصيبا من بيت المال.

(7) أي و في التعليل المذكور في كلام العلامة بقوله في ص 305:

بأن الخراج حق للّه أخذه غير مستحقه.

ص: 334

كما في الرسالة الخراجية (1)، محل نظر (2).

ثم أشكل (3) من ذلك تحليل الزكاة المأخوذة منه لكل أحد (4) كما هو (5) ظاهر اطلاقهم القول بحل اتهاب ما يؤخذ باسم الزكاة.

و في المسالك أنه يشترط أن يكون صرفه لها (6) على وجهه المعتبر

++++++++++

(1) (للمحقق الكركي)، حيث استشهد فيها أنه لا بد من الاستحقاق لآخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فالاستشهاد.

وجه النظر هو عدم وجود خبر خاص يكون مطلقا يدل على المقصود في قوله: و لم يرد خبر في حل.

(3) بصيغة أفعل التفضيل مبتدأ خبره قوله: تحليل الزكاة.

و مرجع الضمير في منه: السلطان الجائر.

و المعنى: أن الأشكل من القول الأول القائل باشتراط الاستحقاق فيمن يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: القول بحلية أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة لكل أحد، سواء أ كان مستحقا أم لا، فصاحب هذا القول أفرط في الجواز فأوسع دائرته.

كما أن القول الأول فرّط في الجواز فضيق دائرته فخصه بالمستحق فبين مفرط و مفرّط.

(4) أي سواء أ كان الآخذ مستحقا أم لا كما عرفت آنفا.

(5) أي حلية أخذ الزكوات لكل أحد: ظاهر اطلاق أقوال العلماء في حكمهم بحلية اتهاب ما يؤخذ من الزكوات.

فمن اطلاق هذا الحكم نستكشف جواز الاخذ لكل أحد.

(6) مرجع الضمير: الزكوات، و في له: آخذ الزكاة و هو السلطان الجائر. -

ص: 335

بحيث لا يعد عندهم عاصيا، إذ يمتنع (1) الأخذ منه عندهم أيضا.

ثم قال (2): و يحتمل الجواز مطلقا (3)، نظرا إلى اطلاق النص و الفتوى (4).

قال (5): و يجيء مثله في الخراج و المقاسمة، فإن مصرفهما (6)

++++++++++

- و في عندهم: (علماء اخواننا السنة) أي و يشترط في جواز أخذ الزكوات من السلطان الجائر أن تكون كيفية صرف الآخذ للزكوات مطابقة للاصول المعتبرة عند علمائهم و مذهبهم في خصوص الزكوات، بحيث لا يكون صرفه لها مخالفا لمذهبهم، فلو خالف مذهبهم في كيفية الصرف للزكوات لا يجوز أخذ الزكوات منه، لانه يعد عاصيا عندهم حسب اصول مذهبهم.

(1) أي أو يكون السلطان الجائر من الذين لا يجوز أخذ الزكوات منه حتى عند علمائهم بأن كان فاسقا فحينئذ لا يجوز أخذ الزكوات ممن هذه صفته.

(2) أي (الشهيد الثاني) في المسالك.

(3) أي سواء عد عندهم عاصيا أم لا، و سواء أ كان يمتنع الأخذ منه حتى عند علمائهم أم لا.

(4) أي اطلاق النصوص المشار إليها في ص 245-263، و اطلاق الفتوى عندنا.

(5) أي (الشهيد الثاني) قال في المسالك: و يجيء مثل ما قلناه في الزكوات من أنه يشترط في صحة أخذها أن لا تكون كيفية صرفه لها مخالفة للاصول المقررة في مذهبهم، أو لا يكون السلطان يمتنع الأخذ منه حسب مذهبهم: في الخراج و المقاسمة، من دون فرق بين الزكوات و بينهما

(6) تعليل لكون الخراج و المقاسمة مثل الزكوات في الاشتراط -

ص: 336

بيت المال و له (1) أرباب مخصوصون عندهم أيضا انتهى (2).

الثامن: أن كون الأرض خراجية: بحيث يتعلق بما يؤخذ منها ما تقدم من أحكام الخراج و المقاسمة يتوقف على امور ثلاثة.
اشارة

(الثامن) (3): أن كون الأرض خراجية: بحيث يتعلق بما يؤخذ منها ما تقدم من أحكام الخراج و المقاسمة يتوقف على امور ثلاثة.

الأول: كونها مفتوحة عنوة، أو صلحا على أن تكون الأرض للمسلمين

(الأول): كونها (4) مفتوحة عنوة، أو صلحا على أن تكون الأرض للمسلمين إذ ما عداهما (5) من الأرضين لا خراج عليها.

نعم لو قلنا بأن حكم ما يأخذه الجائر من الأنفال حكم ما يأخذه من أرض الخراج دخل ما يثبت كونه من الأنفال في حكمها (6).

فنقول (7): يثبت الفتح عنوة بالشياع (8) الموجب للعلم، و بشهادة (9)

++++++++++

- المذكور، أي لأن مصرف الخراج و المقاسمة بيت المال، كما أن مصرف الزكوات بيت المال.

(1) أي و لبيت المال عند (علماء اخواننا السنة) أشخاص مخصوصون

(2) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في هذا المقام.

(3) أي من الامور التي أشار إليها الشيخ بقوله في ص 264: و ينبغي التنبيه على امور.

(4) أي الأرض تكون من الأراضي الخراجية.

(5) أي ما عدا الأرض المفتوحة عنوة، أو صلحا من بقية الأراضي لا خراج عليها، لكونها من الأنفال، و الأنفال للامام عليه السلام.

(6) أي في حكم الأرض المفتوحة صلحا، أو عنوة في وجوب الخراج عليها.

(7) من هنا يروم الشيخ أن يثبت طرقا للفتح عنوة فحصرها في ثلاثة ثم أخذ في عدها.

(8) هذه هي الطريقة الاولى

(9) هذه هي الطريقة الثانية.

ص: 337

عدلين، و بالشياع (1) المفيد للظن المتاخم للعلم، بناء على كفايته (2) في كل ما يعسر اقامة البينة عليه كالنسب (3) و الوقف، و الملك المطلق (4)

و أما ثبوتها (5) بغير ذلك: من الامارات الظنية حتى بقول من يوثق به: من المؤرخين فمحل اشكال، لأن الأصل (6) عدم الفتح عنوة، و عدم (7) تملك المسلمين.

نعم الأصل عدم تملك غيرهم (8) أيضا،

++++++++++

(1) هذه هي الطريقة الثالثة.

(2) أي كفاية الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(3) بأن يقال: هذا ابن فلان، أو منسوب إلى هاشم، أو أنه علوي.

(4) المراد منه عدم شبهة الوقفية في الأرض أصلا و أبدا و إن لم يكن المالك معلوما.

(5) أي ثبوت المفتوحة عنوة بغير ما ذكر: من الشياع المفيد للعلم.

و شهادة عدلين، و الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(6) الظاهر أن المراد من الأصل هنا الأصل العدمي.

(7) بالرفع عطفا على خبر إن في قوله: لأن الأصل عدم الفتح أي و لأن الأصل العدمي أيضا هو عدم تملك المسلمين لهذه الأراضي، لأنها إن فتحت عنوة فهي للمسلمين.

و إن لم تفتح فهي للامام عليه السلام.

ثم لا يخفى أنه بعد اجراء الأصل العدمي في الفتح عنوة لا مجال لإجراء الأصل العدمي في عدم تملك المسلمين لتلك الأراضي.

(8) أي الأصل عدم تملك غير المسلمين و هو الإمام عليه السلام لهذه الأراضي أيضا، لأن الأرض إما مفتوحة عنوة فهي للمسلمين، و إما غير -

ص: 338

فإن فرض (1) دخولها بذلك في الأنفال و ألحقناها بأرض الخراج في الحكم فهو، و إلا (2) فمقتضى القاعدة حرمة تناول ما يؤخذ من زراعها قهرا.

و أما الزراع فيجب عليهم مراجعة حاكم الشرع فيعمل فيها (3) معهم على طبق ما تقتضيه القواعد (4) عنده: من كونه مال الامام عليه السلام أو مجهول المالك، أو غير ذلك.

و المعروف بين الامامية بلا خلاف ظاهر: أن أرض العراق فتحت

++++++++++

- مفتوحة فهي للامام عليه السلام.

و المفروض عدم ثبوت هذا و ذاك.

(1) أي إن فرض دخول هذه الأراضي التي يؤخذ منها الخراج و المقاسمة و الزكوات: في الأنفال بسبب الأصل العدمي، و بسبب أن الأصل عدم تملك المسلمين لهذه الأراضي، و ألحقنا الأنفال بالأراضي الخراجية في الحكم الذي هو وجوب دفع الخراج إلى السلطان الجائر: فهو المطلوب فيحل حينئذ أخذ الجوائز و الخراج من السلطان، و من الأراضي الخراجية.

(2) أي و إن لم تدخل هذه الأراضي في الأنفال بسبب الأصلين المذكورين فمقتضى القواعد الثابتة، و الاصول المقررة الفقهية التي هي حرمة التصرف في مال الغير إلا بطيب نفسه: حرمة تناول ما يؤخذ قهرا من الزراع فلا يجوز للمكلف أخذ الجوائز و الهدايا من السلطان الجائر.

و كذا لا يجوز للبائع أخذ ثمن مبيعه من هذا الخراج.

و كذا لا يجوز للمستأجر أخذ بدل ايجاره من هذا الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(3) أي في هذه الأراضي التي لم يثبت أنها فتحت عنوة.

(4) و هي القواعد الفقهية التي منها قاعدة حرمة تناول ما يؤخذ قهرا من الزارع.

ص: 339

عنوة، و حكي ذلك (1) عن التواريخ المعتبرة.

و حكي عن بعض العامة أنها فتحت صلحا.

و ما دل على كونها (2) ملكا للمسلمين يحتمل الأمرين (3).

ففي صحيحة الحلبي أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن أرض السواد (4) ما منزلته؟

++++++++++

(1) أي و حكي فتح أراضي العراق عنوة عن التواريخ المعتبرة.

و إنما استشهد بالتواريخ المعتبرة تأييدا لنقل الاتفاق المذكور على أن أراضي العراق فتحت عنوة، و لو لا التأييد لكان يتوجه إلى (شيخنا الأنصاري) سؤال فما عدا عما بدى؟

حيث إنه أفاد بعدم ثبوت العنوة في الأراضي المجهولة بقول المؤرخين في قوله في ص 338: و أما ثبوتها بغير ذلك من الإمارات الظنية حتى قول من يوثق به من المؤرخين فمحل اشكال.

(2) أي أراضي العراق.

(3) و هما: الفتح عنوة، أو الفتح صلحا بشرط كون الأرض ملكا للمسلمين.

(4) المراد من السواد: (أراضي العراق)، و إنما اطلق عليها (السواد) لكثرة نخيلها و مزارعها و أشجارها حتى قيل: لم توجد في عصر (العباسيين) أرض في العراق فارغة من الزراعة.

و بالغ بعض و إن كان ليس ببعيد: أن من الكوفة إلى البصرة كانت الأراضي قطعة واحدة من الأشجار و المزارع و الخضرة.

و كذلك منها إلى (بغداد) و الخضرة تشبه السواد، و العرب تسمي كل أرض كثيرة الأشجار و المزارع ب: (السواد).

ص: 340

فقال: هو لجميع المسلمين لمن اليوم مسلم، و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد (1).

و رواية أبي الربيع الشامي: لا تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة، فإنما هي فيء للمسلمين (2).

و قريب منها صحيحة ابن الحجاج (3).

و أما غير هذه الأرض (4) مما ذكر، و اشتهر فتحها عنوة فإن اخبر به عدلان يحتمل حصول العلم لهما من السماع، أو الظن المتاخم من (5) الشياع اخذ به على تأمل في الأخير (6)

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 274. الباب 21 من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة. الحديث 4.

(2) المصدر نفسه الحديث 5.

و المراد من كلمة ذمة في قوله: إلا من كانت له ذمة: أهل الكتاب الذين النزموا بشرائط الذمة عند دخول المسلمين أراضيهم، و المعاهدة معهم.

(3) المصدر نفسه. ص 161. الباب 52. الحديث 1.

(4) أي غير أرض (العراق) من بقية البلاد التي ذكروا أنها فتحت عنوة.

(5) كلمة (من) هنا نشرية أي يكون منشأ هذا الظن من الشياع بين المسلمين.

(6) و هو الظن الحاصل من الشياع: فإنه لا يفيد في المقام، بل لا بدّ من حصول العلم من الشياع.

و لا يخفى أن الظن المتاخم من الشياع هو الظن القريب من العلم فلا فرق فيهما عرفا، فعليه لا وجه لإخراجه من العلم. -

ص: 341

كما في العدل الواحد (1)، و إلا (2) فقد عرفت الاشكال في الاعتماد على مطلق الظن (3).

و أما العمل بقول المؤرخين، بناء على أن قولهم في المقام (4) نظير قول اللغوي في اللغة، و قول الطبيب، و شبههما فدون اثباته خرط القتاد (5)

++++++++++

- و قد ذكر هذا المعنى (شيخنا الأنصاري) قريبا بقوله في ص 338:

و بالشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(1) أي الاكتفاء بقول العدل الواحد في الموضوعات الخارجية لا يخلو من اشكال.

(2) أي و إن لم يخبر عدلان أن الأراضي العراقية فتحت عنوة.

(3) و من جملة مطلق الظنون قول المؤرخين الثقات فحينئذ يجوز الاعتماد عليهم.

(4) و هو أن أراضي العراق، و غيرها فتحت عنوة فيكون قولهم في ذلك حجة كحجية قول اللغويين في وضع الألفاظ.

(5) هذا مثل سائر يضرب لكل أمر مشكل صعب مستصعب، إذ كلمة (خرط) موضوعة لغة لجذب الورق من الشجر بباطن كف اليد من طرف الغصن إلى الطرف الآخر.

يقال: خرط الورق أي انتزعه من الغصن اجتذابا بكفه.

(و القتاد) شجر صلب له شوك كالإبرة.

و معنى المثال أن أخذ الشوك بباطن الكف من فوق الشجر إلى أسفله صعب و مشكل، حيث إن الشوك يدخل في الكف فيدميها و يجرحها، و مع ذلك كله تكون هذه العملية أهون و أسهل من اثبات كون أراضي العراق مفتوحة عنوة، فيقال: فدون اثباته (خرط القتاد).

و كذا كل أمر مشكل صعب جدا يقال في حقه: فدونه خرط القتاد -

ص: 342

و أشكل منه (1) اثبات ذلك باستمرار السيرة على أخذ الخراج من أرض، لأن (2) ذلك إما من (3) جهة ما قيل: من كشف السيرة عن ثبوت ذلك (4) من الصدر الأول من غير نكير، إذ لو كان شيئا حادثا لنقل في كتب التواريخ، لاعتناء أربابها بالمبتدعات و الحوادث (5)

++++++++++

- أي خرط القتاد أهون من هذا الموضوع.

(1) أي و أشكل و أصعب من اثبات الفتح عنوة بقول المؤرخين الثقات اثباته بالسيرة المستمرة على أخذ الخراج من عصرنا هذا إلى بداية العصر الاسلامي.

(2) تعليل لوجه الأشكلية و الأصعبية.

و خلاصة التعليل: أن منشأ هذا الاستمرار المدعى أحد الشيئين على سبيل منع الخلو:

(3) هذا هو المنشأ الأول أي السبب الأول للاستمرار المذكور هو كشف سيرة المسلمين من زماننا هذا إلى بداية العصر الاسلامي: من أخذ سلاطين المسلمين الخراج من الزراع من غير أن ينكر هذا الاخذ و الاستمرار أحد من المسلمين.

و يقال لهذا الاستمرار و الثبوت: (الاستصحاب القهقرائي): بمعنى أن أخذ الخراج في زماننا من المسلمات الأولية التي لا شك فيها، ثم نشك في أخذه قبل عصرنا، و قبل عصر عصرنا إلى عصر (الأئمة من أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام فنجري الاستصحاب المذكور في جميع هذه الأعصار و الأدوار.

(4) أي أخذ الخراج من هذه الأراضي المشكوكة.

(5) حيث إن موضوع التاريخ هو البحث و التحقيق عن الحوادث الواقعة، و السوانح الطارئة في الأدوار الماضية، و العهود السالفة في الأمم -

ص: 343

و إما (1) من جهة وجوب حمل تصرف المسلمين و هو أخذهم الخراج على الصحيح.

و يرد على الأول (2)، مع أن (3) عدم التعرض يحتمل كونه لأجل عدم اطلاعهم الذي لا يدل على العدم: أن (4) هذه الامارات ليست

++++++++++

- الغابرة، و تسجيل كل ما يقع في العالم

فلو كان أخذ الخراج أمرا حادثا و لم يكن في الصدر الأول لسجله التاريخ، و اثبته الذين لهم الاهتمام البالغ بتسجيل الحوادث.

(1) هذا هو المنشأ الثاني لاستمرار السيرة على أخذ الخراج.

و خلاصته: أن المسلمين بما أنهم مسلمون و متدينون بالدين و منهم السلطان الآخذ للخراج تحمل أفعالهم الصادرة منهم على الصحة، فأخذ الخراج من الزراع أحد أفعال المسلم الذي لا بدّ أن تحمل على الصحة و منشأ الحمل على الصحة هو أن الأرض المأخوذ منها الخراج مفتوحة عنوة.

(2) من هنا أخذ الشيخ في الرد على المنشأ الأول لاثبات كون بقية الأراضي مفتوحة عنوة.

و خلاصته: أن الامارات المذكورة و هي السيرة المستمرة، و حمل فعل المسلم على الصحة لا تكون أقوى من تصريحات المؤرخين الموثوقين بكون بقية الأراضي مفتوحة عنوة، حيث لا يعتنى بأقوالهم في إخباراتهم بذلك.

(3) هذا رد على ما أفاده المستدل على كون غير أراضي العراق مفتوحة عنوة: بأن أخذ الخراج لو كان أمرا حادثا و شيئا جديدا لسجله التاريخ، و لنقله لنا.

و خلاصته: أن عدم نقلهم هذا الأمر لأجل عدم اطلاعهم على ذلك و عدم علمهم به، لا لأجل أن الخراج لم يكن موجودا في العصور الماضية.

(4) جملة أن هذه الامارات مرفوعة محلا فاعل لقوله: و يرد على الأول

ص: 344

بأولى من تنصيص أهل التواريخ الذي عرفت حاله (1).

و على الثاني (2) أنه ان اريد بفعل المسلم تصرف السلطان بأخذ الخراج فلا ريب أن أخذه حرام و إن علم كون الأرض خراجية فكونها كذلك (3) لا يصحح فعله.

و دعوى (4) أن أخذه الخراج من أرض الخراج أقل فسادا من أخذه من غيرها (5) توهم (6)، لأن مناط الحرمة في المقامين واحد و هو أخذ مال الغير من غير استحقاق.

++++++++++

(1) أي حال أهل التواريخ: من عدم اعتبار قول الموثوقين منهم.

(2) هذا رد على المنشأ الثاني: و هو حمل فعل المسلم على الصحة.

(3) أي كون الأراضي خراجية لا يصحح فعل السلطان: و هو أخذه الخراج و المقاسمة و الزكوات من الزراع حتى يحمل على الصحة

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه إذا دار الأمر بين القول بكون الأرض خراجية و بين القول بأنها غير خراجية فلا شك أن القول الأول أولى، لكونه أقل فسادا و قبحا من الثاني و إن كان القول بالخراجية مشتملا على القبح و الفساد لأن اعطاء الخراج للسلطان لا يكون بطيب النفس و رضاها، لكن مما يهون الفساد على من يتعامل مع السلطان في شرائه الخراج و أخذه منه.

(5) أي من أخذ الخراج من غير الأراضي الخراجية.

(6) جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصة الجواب: أن ملاك الحرمة و مناطها في كلا القولين واحد:

و هو أخذ مال الغير من غير استحقاق، سواء قلنا بخراجية الأرض أم لا فالاخذ ظلم فاحش فلا مجال لأقلية الفساد فيه.

ص: 345

و اشتغال (1) ذمة المأخوذ منه باجرة الأرض الخراجية، و عدمه في غيرها لا يهون (2) الفساد.

نعم (3) بينهما فرق: من حيث الحكم المتعلق بفعل غير السلطان و هو من يقع في يده شيء من الخراج بمعاوضة، أو تبرع فيحل في الأرض

++++++++++

(1) دفاع عن التوهم المذكور و تأييد له.

و خلاصة الدفاع: أنه بناء على القول بخراجية الأرض تكون ذمة الزارع الذي هو المأخوذ منه الخراج مشغولة للسلطان بدفع اجرة الأرض له و عدم اشتغالها بالخراج بناء على القول بعدم كون الأرض خراجية، و هذا الاشتغال مما يهون الخطب و هو الفساد فيكون الفساد في الأرض الخراجية أقل من الأرض غير الخراجية.

(2) هذا رد من الشيخ على الدفاع المذكور.

و خلاصته: أن الدفاع لا يهون الفساد الموجود في أخذ الخراج من الزراع و هي الحرمة.

(3) استدراك عما أفاده: من أن اشتغال الذمة و عدمه لا يهون الفساد سواء قلنا بخراجية الأرض أم لا.

و خلاصته: أن هناك فرقا بين القول بخراجية الأرض، و بين القول بعدمها: و هو أن من يقع شيء من الخراج في يده بأي نحو كان الوقوع:

تبرعا، أو معاوضة: فله التصرف في هذا الشيء كيف شاء و أراد من أنحاء التصرف: من هبته و وقفه و إقراضه و بيعه.

فعلى القول بالخراجية يجوز لمن يقع في يده هذا الشيء هذه التصرفات بخلاف ما لو قلنا بعدم كونها خراجية، فإنه لا يجوز لمن يقع في يده شيء من الخراج و المقاسمة و الزكوات التصرف فيه.

ص: 346

الخراجية دون غيرها، مع (1) أنه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على الأقل فسادا إذا لم يتعدد عنوان الفساد.

كما (2) لو دار الأمر بين الزنا مكرها للمرأة، و بين الزنا برضائها

++++++++++

(1) هذا اشكال آخر على القول بوجوب حمل الفاسد على الأقل فسادا كما افيد في قوله في ص 345: و دعوى أن أخذه الخراج.

خلاصته: أنه لا دليل على وجوب هذا الحمل إن لم يكن هناك تعدد عنوان الفساد، فإنه إذا تعدد وجب الحمل على الأقل فسادا، بخلاف ما إذا لم يوجد.

(2) هذا تنظير لتعدد عنوان الفساد الموجب لحمله على الأقلية.

و خلاصته: أن الزنا بما هو زناء حرام و فيه مفاسد عظيمة دنيا و آخرة و قد عرفت هذه المفاسد في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 311-312. فراجع.

فاذا دار الأمر بين الزنا بالمرأة مكرها لها، و بين الزنا بها برضائها فلا شك أن الزنا بها برضاها أهون من الزنا بها مكرها لها، لأقلية الفساد فيه، حيث إن في الزنا مكرها لها يجتمع فسادان: الظلم: لكونها مكرهة ليست راضية، و الحرمة التكليفية.

بخلاف الزنا بها و هي راضية، فإنه ليس فيه سوى الحرمة التكليفية و هو أخف من الأول، فهنا قد تعدد العنوان و اجتمع فسادان فاختلف حكمهما، فان حكم الأول الجلد و القتل، و حكم الثاني الجلد فقط إذا لم يكن الرجل ذا امرأة يتمكن من اتيانها ليلا و نهارا، فإنه إذا كان كذلك و زنى بالمرأة و هي راضية يجلد و يرجم.

و هذا بخلاف ما نحن فيه و هو القول بكون الأرض خراجية أو ليست بخراجية، فإنه ليس فيه تعدد العنوان، و اجتماع فسادين.

ص: 347

حيث إن الظلم (1) محرم آخر غير الزنا، بخلاف ما نحن فيه (2)

مع أن (3) أصالة الصحة لا تثبت الموضوع: و هو كون لأرض خراجية.

إلا (4) أن يقال: إن المقصود ترتب آثار الاخذ الذي هو أقل فسادا: و هو حل تناوله من الآخذ و إن لم يثبت كون الأرض خراجية بحيث تترتب عليها آثار اخرى مثل وجوب دفع اجرة الأرض إلى حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر.

و مثل حرمة التصرف فيه من دون دفع اجرة أصلا، لا إلى الجائر و لا إلى حاكم الشرع.

++++++++++

(1) و هو الزنا بالمرأة مكرها لها.

(2) و هو القول بخراجية الأرض و عدمها.

(3) هذا رد آخر على المنشأ الثاني للقول بخراجية الأرض

و خلاصته: أن حمل فعل السلطان و هو أخذ الخراج على الصحة لا يثبت الموضوع: و هو كون الأرض خراجية.

(4) استدراك عما أفاده آنفا: من أن اجراء أصالة الصحة في المقام لا يثبت خراجية الأرض.

و خلاصته: أنه لو كان المراد من أصالة الصحة هو ترتب آثار الأخذ لمن يقع الخراج في يده: و هي حلية الأخذ له، و جواز تصرفه فيها بأي نحو من الأنحاء، و إن لم نقل بأن الأرض خراجية حتى ترتب عليه الآثار: من وجوب دفع اجرة الأرض إلى الحاكم الشرعي عند عدم وجود السلطان الجائر، و من حرمة التصرف فيما يأخذه من السلطان أن يقصد عدم دفع اجرة الأرض أصلا، لا إلى السلطان، و لا إلى الحاكم الشرعي:

أمكن القول بهذا الإجراء.

ص: 348

و إن (1) اريد بفعل المسلم تصرف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض.

ففيه (2) أنه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنهم لا يعلمون حال هذه الأراضي كما هو الغالب في محل الكلام، إذا نعلم بفساد تصرفهم من جهة عدم احراز الموضوع (3).

و لو احتمل (4) تقليدهم لمن يرى تلك الأرض خراجية لم ينفع (5).

++++++++++

(1) هذا توجيه آخر للمنشإ الثاني للقول بخراجية الأرض و هي أصالة الصحة في فعل السلطان.

و خلاصته: أنه لو كان المراد من أصالة الصحة هي أصالة صحة تصرف المسلمين فيما يأخذونه من الجائر من الخراج و المقاسمة و الزكوات:

من حيث إنهم مسلمون لا يرتكبون المحرمات فتكون تصرفاتهم صحيحة.

(2) هذا جواب عن التوجيه الآخر للمنشإ الثاني.

و خلاصته: أنه بعد علمنا القطعي بعدم علم المسلمين بكيفية هذه الأراضي التي بيد السلطان من حيث كونها خراجية، أو ليست بخراجية لا يبقى اعتبار بتصرفاتهم المذكورة حتى تحمل على الصحة، لأن علمهم بالكيفية المذكورة فرع علمهم بكون الأراضي مفتوحة عنوة.

(3) و هو كون الأراضي خراجية أو لا.

(4) هذا توجيه ثان لحمل تصرفات المسلمين على الصحة لو اريد من الأصالة أصالة حمل فعل المسلمين على الصحة.

(5) أي التوجيه المذكور غير مفيد، لأن حكم المجتهد بكون الأرض خراجية يفيد في حق مقلديه فقط.

و أما غيرهم فيبقى الإشكال على حاله.

ص: 349

و لو فرض (1) احتمال علمهم بكونها خراجية كان اللازم من ذلك (2) جواز التناول من أيديهم، لا من يد السلطان كما لا يخفى.

الثاني: أن يكون الفتح بإذن الإمام

(الثاني) (3): أن يكون الفتح باذن الامام، و إلا كان المفتوح مال الامام، بناء على المشهور (4)، بل عن المجمع (5) أنه كاد يكون اجماعا.

و نسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا و هي مرسلة العباس الوراق و فيها (6) أنه إذا غزى قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام عليه السلام (7).

قال في المبسوط: و على هذه الرواية (8) يكون جميع ما فتحت بعد

++++++++++

(1) هذا توجيه ثالث للمنشإ الثاني و هو حمل تصرفات المسلمين على الصحة.

و خلاصته: أنه على فرض احتمال علم آخذي الخراج من السلطان بكون الأراضي خراجية، لأنها فتحت عنوة لا يكون علمهم سببا لأخذ الخراج من السلطان، بل يكون سببا لجواز الأخذ من يد الآخذين.

(2) أي من هذا الاحتمال.

(3) أي الأمر الثاني من شرائط كون الأرض خراجية.

(4) القيد راجع إلى كون الفتح بإذن الامام عليه السلام.

(5) أي مجمع البرهان و هو للمقدس الأردبيلي.

(6) أي و في مرسلة العباس الوراق.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 369. الباب 1. الحديث 16.

(8) أي مرسلة العباس الوراق.

ص: 350

النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم إلا ما فتحت في زمان الوصي عليه السلام (1) من مال الامام. انتهى.

أقول: فيبتني حل المأخوذ منها (2) خراجا على ما تقدم من حل الخراج المأخوذ من الأنفال (3).

و الظاهر أن أرض العراق مفتوحة بالاذن (4) كما يكشف عن ذلك ما دل على أنها (5) للمسلمين.

و أما غيرها (6) مما فتحت في زمان خلافة الثاني و هي أغلب ما فتحت فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضا بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و أمره.

ففي الخصال في أبواب السبعة في باب أن اللّه تعالى يمتحن أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن، و بعد وفاتهم في سبعة مواطن عن أبيه و شيخه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين بن سعيد

++++++++++

(1) هذا لقب سام رفيع يخص (الامام أمير المؤمنين) عليه السلام و هو مشهور بين (السنة و الشيعة).

(2) أي من الأراضي التي اخذت بغير اذن الامام عليه السلام.

(3) حيث إن الأنفال للامام عليه السلام، فما اخذ عنوة بغير اذنه فهو له.

(4) أي بإذن الامام عليه السلام.

و المراد من الإذن هنا هو الإمضاء، حيث كان عليه السلام أقر الفتوحات التي وقعت في عصر الخلفاء.

(5) أي أرض (العراق).

(6) أي غير أرض (العراق) كبلاد (ايران) و بلاد (الروم)

ص: 351

عن جعفر بن محمد النوفلي عن يعقوب بن الرائد عن أبي عبد اللّه جعفر ابن أحمد بن أبي طالب عن يعقوب بن عبد اللّه الكوفي عن موسى بن عبيد عن عمر بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام:

أنه أتى يهودي أمير المؤمنين عليه السلام في منصرفه عن وقعة النهروان (1) فسأله عن تلك المواطن و فيه قوله عليه السلام:

و أما الرابعة يعني من المواطن الممتحن بها بعد النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، فإن القائم بعد صاحبه يعني عمر بعد أبي بكر كان يشاورني (2) في موارد الامور و مصادرها فيصدرها عن أمري، و يناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأى لا يعلمه أحد، و لا يعلمه أصحابي، و لا يناظرني غيره إلى آخر

++++++++++

(1) مضى شرح (النهروان) في الجزء 2 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الهامش 4 من ص 358.

(2) خلاصة القصة: أن (عمر بن الخطاب) عند ما تعتريه مشكلة في مهام الامور و أصعبها كان يستشير (الامام أمير المؤمنين) عليه السلام في كيفية حلها و الدخول فيها و الخروج عنها فالامام عليه السلام يبين له كيفية ذلك.

ثم يعترض على الامام عليه السلام فيبين الامام له أخطاءه بالطرق الصحيحة السليمة فيقتنع فيعمل برأيه عليه السلام.

(و لعمر بن الخطاب) كلمته المشهورة عند هذه المشاكل السياسية:

(لا أبقاني اللّه لمعضلة ليس لها أبو الحسن علي).

كما قال عند ما تعتريه المسائل الفقهية و هو حائر عن الحكم فيها:

(لو لا علي لهلك عمر).

و لاشتهار هاتين الكلمتين كاشتهار الشمس في رائعة النهار تركنا ذكر مصادرهما

ص: 352

الخبر (1).

و الظاهر أن عموم الامور (2) اضافي بالنسبة إلى ما يقدح في رئاسته (3) مما يتعلق بالسياسة.

و لا يخفى أن الخروج إلى الكفار، و دعاءهم إلى الاسلام من أعظم تلك الامور (4)، بل لا أعظم منه.

و في سند الرواية جماعة تخرجها عن حد الاعتبار، إلا أن اعتماد القميين (5) عليها، و روايتهم لها، مع ما عرف من حالهم لمن تتبعها (6) من أنهم لا يثبتون في كتبهم رواية في راويها ضعف إلا بعد احتفافها بما يوجب الاعتماد عليها: جابر (7) لضعفها في الجملة (8).

مضافا (9) إلى ما اشتهر من حضور

++++++++++

(1) (التهذيب). الجزء 2. ص 20 من الابواب السبعة.

(2) أي الامور المذكورة في قوله عليه السلام في ص 352: في موارد الامور

(3) أي في رئاسة (عمر بن الخطاب).

(4) و هي التي كان يشاور عمر فيها الامام عليه السلام.

(5) المراد منهم المحدثون و الروات.

(6) أي تتبع حال القميين من المحدثين و الروات منهم.

(7) خبر لأن في قوله: إلا أن اعتماد القميين.

(8) أي رواية القميين الحديث المذكور و إن كانت جابرة لضعف سندها إلا أن الجبران لا يبلغ حدا يجعل الرواية في رتبة الصحيح.

(9) هذا ترق من الشيخ عما أفاده في المقام: من أن اعتماد القميين على الرواية جابر لضعف الرواية.

و خلاصة الترقي: أن لنا دليلا آخر غير هذه الرواية المروية في الخصال و ذاك الدليل هو اشتهار حضور (الامام أبي محمد الحسن) عليه السلام -

ص: 353

أبي محمد الحسن (1) عليه السلام في بعض الغزوات، و دخول بعض

++++++++++

- في المعارك الحربية، و الفتوحات الاسلامية و هذا الحضور يكفينا في كون هذه الفتوحات كانت بإذن الإمام عليه السلام.

(1) هو (السبط الأول الامام المجتبى) عليه السلام ثاني (أئمة الاثني عشر) على (مذهب الامامية).

(ميلاده):

ولد عليه السلام ليلة النصف من شهر اللّه الأعظم شهر (رمضان المبارك) عام الثاني، أو الثالث من الهجرة.

استقبل حفيد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم دنيا الوجود في شهر هو أبرك الشهور و أفضلها فغمرت موجات من السرور و الفرح قلبه الطاهر.

أخذ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في مراسيم الولادة: من الأذان في اذنه اليمنى، و الإقامة في اليسرى.

إن أول صوت قرع سمعه هو صوت جده الأعظم (أبو الزهراء عقل الكل، و كل العقل)، نور مصباح الأزل، أول الفكر و آخر العمل، علة الموجودات، و سيد الكائنات.

كانت انشودة ذلك الصوت: اللّه أكبر لا إله إلا اللّه.

(اسمه المبارك):

سماه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله (حسنا).

حقا إنه من أحسن الأسماء و أجملها و قد اختار اللّه عز و جل هذا الاسم له، ليدل جمال لفظه على جمال معناه و حسنه.

عق له (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم يوم السابع من ولادته و حلق رأسه ثم تصدق بوزن شعره فضة على المساكين.

ص: 354

خواص أمير المؤمنين عليه السلام من الصحابة كعمار (1) في أمرهم.

++++++++++

ثم أجرى عليه الختان في سابع الولادة، لأن الختان في ذلك الوقت أطيب للطفل و أطهر له.

ثم كناه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أبا محمد، و ليس له كنية سوى هذه ألقابه كثيرة:

الزكي، السبط، المجتبى، السيد، النقي.

بويع له بالخلافة بعد وفاة (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في (الكوفة).

صالح معاوية بعد الحرب معه، و خيانة قواد جيشه.

و قد أخبر (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله عن هذا الصلح بقوله: هذان ابناي امامان قاما، أو قعدا.

و إخباره هذا لعمر الحق معجزة خالدة من صاحب الرسالة، حيث اخبر عن مستقبل سبطيه: (الحسن و الحسين): من صلح الامام الحسن مع معاوية، و قيام الحسين على جرثومة الفساد، شارب الخمور، معلن الفسوق، طاغية امية، فرخ معاوية (يزيد) القائل:

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

(وفاته):

توفي سلام اللّه عليه يوم السابع من شهر صفر عام 49 من الهجرة و دفن في البقيع بعد أن منع من الدفن بجواز جده صلى اللّه عليه و آله و سلم هدم قبره الشريف أيام احتلال (عبد العزيز السعود) الحجاز كلها، و سوي مع الأرض.

(1) يأتي شرح حياة هذا الصحابي العظيم الجليل في (أعلام المكاسب) -

ص: 355

و في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن سيرة الامام عليه السلام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي (1) إمام لسائر الأرضين إلى آخر الخبر (2).

و ظاهرها (3) أن سائر الأرضين المفتوحة بعد النبي صلى اللّه عليه و آله حكمها حكم أرض العراق.

مضافا إلى أنه يمكن الاكتفاء عن اذن الإمام المنصوص في مرسلة الوراق بالعلم (4) بشاهد الحال برضا أمير المؤمنين عليه السلام و سائر الأئمة بالفتوحات الإسلامية الموجبة لتأييد هذا الدين.

++++++++++

- و المعروف أن (عمار بن ياسر) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه صار واليا على (الكوفة) من قبل (عمر بن الخطاب).

(1) أي أرض العراق حجة لبقية الأراضي المفتوحة.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 117. الباب 69.

الحديث 2.

(3) أي و ظاهر الصحيحة.

(4) الجار و المجرور متعلق بقوله: الاكتفاء، أي نكتفي بعلمنا الحاصل من الشواهد الحالية الواقعة في عصر (الأئمة من أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام، حيث إنهم أقروا تلك الفتوحات و اعترفوا بها و لم يصدر منهم أي خلاف في العلن و الخفاء: لا في عصر أمير المؤمنين عليه السلام مع الخلفاء الثلاث، و لا في عصر الأئمة عليهم السلام مع الخلفاء (الامويين و العباسيين) فلا نحتاج في اذن الامام بالاستشهاد بمرسلة الوراق المشتملة على اذن الامام.

ص: 356

و قد ورد أن اللّه تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه (1)

مع أنه يمكن أن يقال بحمل الصادر من الغزاة من فتح البلاد على الوجه الصحيح: و هو كونه بأمر (2) الإمام عليه السلام، مع أنه يمكن أن يقال:

إن عموم ما دل من الأخبار الكثيرة (3) على تقييد الأرض المعدودة من الأنفال بكونها ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب معارض بالعموم من وجه.

++++++++++

و من البديهي أن اقرارهم و إمضاءهم لهذه الفتوحات كان لأجل تأييد الدين، و إعلاء كلمة الاسلام، و نشر تعاليمه.

(1) (التهذيب) طباعة النجف الأشرف عام 1380. الجزء 6.

ص 134. الباب 7 من كتاب الجهاد. الحديث 3.

و كلمة خلاق بفتح الخاء معناها: الحظ و النصيب، أي لا نصيب و لا حظ لهؤلاء الأقوام الذين يدافعون عن الدين الحنيف: بمعنى أن هؤلاء الأقوام لا يعملون بأحكام الدين و قوانينه و دستوره حتى يكون لهم الحظ لكنهم يؤيدون الدين، و يدافعون عنه و عن حريمه عند نزول بلية عليه.

(2) المراد من أمر الإمام رضاه كما سبق ذلك في قوله في ص 356:

برضا أمير المؤمنين و سائر الأئمة بالفتوحات الإسلامية.

(3) راجع (اصول الكافي). الجزء 1. ص 538. الحديث 1.

كتاب الفيء و الأنفال.

و (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 364. الباب 1. الأحاديث أليك نص الحديث الأول:

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة، و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

ص: 357

..........

++++++++++

و أليك بعض الحديث الثاني من نفس المصدر. الجزء 11. ص 85 الباب 41.

و الأرضون التي اخذت عنوة بخيل، أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق الخراج: النصف أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحا و لا يضرهم.

فبين هذه الأخبار، و بين مرسلة العباس الوراق المشار إليها في ص 350 في قوله عليه السلام: إذا غزا قوم بغير اذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام: عموم و خصوص من وجه، لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع إذ المرسلة خاصة من جهة اذن الامام، و عامة من جهة شمولها الأراضي و غيرها.

و أخبار الفتح خاصة من جهة اختصاصها بالأراضي.

و عامة من جهة شمولها لما كان الغزو باذن الامام،

فمادة افتراق المرسلة مع الأخبار. بأن تصدق أخبار الفتح و لا تصدق المرسلة كما لو كانت الغزوة باذن الامام و كانت الغنيمة من غير الأراضي

و مادة افتراق الأخبار مع المرسلة: بأن تصدق المرسلة و لا تصدق الأخبار كما لو اخذت الأراضي بغير حرب، و لا أوجف عليها بخيل و لا ركاب.

و مادة الاجتماع كما إذا كانت الغزوة بغير اذن الامام و كانت الغنيمة من الأراضي.

فالمرسلة تحكم بكون الغنيمة للامام عليه السلام، لأن الغزو كان بغير اذنه.

و أخبار الفتح تحكم بعدم ملكية الامام للغنيمة، لأنها فتحت بالسيف -

ص: 358

و على أن ما اخذت بالسيف من الأرضين يصرفها في مصالح المسلمين:

لمرسلة الوراق فيرجع إلى عموم قوله تعالى:

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ (1).

فيكون الباقي للمسلمين، إذ ليس لمن قاتل شيء من الأرضين نصا و اجماعا.

الثالث: أن يثبت كون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الإمام عليه السلام محياة حال الفتح

(الثالث) (2): أن يثبت كون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الامام عليه السلام محياة حال الفتح، لتدخل في الغنائم، و يخرج منها الخمس أولا على المشهور و يبقى الباقي للمسلمين، فإن كانت (3) حينئذ مواتا كانت

++++++++++

فهي ملك للمسلمين.

فهنا يقع التعارض بين المرسلة و الأخبار فتتساقطان، فيرجع إلى عموم قوله تعالى: وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ ، لأنك قد عرفت في الجزء 4 من كتاب (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 197: أن المراد من الاجتماع في مادة الاجتماع في قول الفقهاء هو الاجتماع من حيث المورد، لا من حيث الحكم فان الاجتماع من حيث الحكم يختلف مع مادة الاجتماع في مصطلح المنطقيين إذ هذا لا يوجب التساقط و الرجوع إلى الاصول اللفظية، أو العملية.

بخلاف الاجتماع في عرف الفقهاء، فانه موجب للسقوط و الرجوع إلى الاصول.

و كلمة معارض بصيغة المفعول أي عموم الأخبار المذكورة تعارضها المرسلة المذكورة كما عرفت آنفا.

(1) الأنفال: الآية 41.

(2) أي الأمر الثالث من شرائط كون الأرض خراجية.

(3) أي إن كانت هذه الأراضي حين أن فتحت بإذن الإمام عليه السلام

ص: 359

للامام عليه السلام كما هو المشهور، بل المتفق عليه على الظاهر المصرح به عن الكفاية، و محكي التذكرة.

و يقتضيه (1) اطلاق الاجماعات المحكية على أن الموات من الأنفال لاطلاق (2) الأخبار الدالة على أن الموات بقول مطلق له عليه السلام.

و لا يعارضها (3) اطلاق الاجماعات، و الأخبار الدالة على أن المفتوحة عنوة للمسلمين، لأن موارد الإجماعات (4) هي الأرض المغنومة من الكفار

++++++++++

(1) أي كون هذه الأراضي المفتوحة للامام مقتضى الإجماعات المحكية عن الفقهاء في أن الأراضي التي كانت مواتا من الأنفال، و الأنفال للامام عليه السلام.

(2) تعليل لكون أراضي الموات حين الفتح للامام عليه السلام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 364-368. الأحاديث أليك الحديث الأول من ص 264.

عن أبي حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة. و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء.

(3) أي لا يعارض هذه الإجماعات المحكية المستفادة من تلك الأخبار اجماعات اخرى، و أخبار اخرى تدل بإطلاقها على أن الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين، سواء أ كانت محياة حين الفتح أم مواتا.

راجع حول هذه الأخبار المصدر نفسه. ص 365. الباب 1.

الأحاديث.

(4) أي موارد هذه الإجماعات المخالفة لتلك الإجماعات هي الأراضي التي اخذت من الكفار بعنوان الغنيمة فيكون حكمها حكم بقية الغنائم المأخوذة

ص: 360

كسائر الغنائم التي يملكونها منهم و يجب فيها الخمس، و ليست الموات من أموالهم و إنما هي مال الامام.

و لو فرض جريان أيديهم (1) عليها كان بحكم المغصوب لا يعد في الغنيمة و ظواهر (2) الأخبار خصوص المحياة، مع (3) أن الظاهر عدم الخلاف.

نعم لو ماتت المحياة حال الفتح فالظاهر بقاؤها على ملك المسلمين.

بل عن ظاهر الرياض استفادة عدم الخلاف في ذلك (4) من السرائر

++++++++++

من الكفار في كونها للمسلمين بعد إخراج خمسها.

و أما الموات فإنها للامام عليه السلام، و ليس لأحد فيها اشتراك فحكمها مختلف عن حكم تلك الأراضي فلا تشملها الاجماعات المذكورة فلا تعارض بينها، و بين تلك الإجماعات.

(1) بمعنى أن المسلمين قد وضعوا أيديهم عليها و هي تحت تصرفهم يفعلون فيها كيف شاءوا

(2) بالنصب عطفا على اسم إن في قوله: لأن موارد الاجماعات أي و لأن ظواهر الأخبار المعاوضة الدالة على أن الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين، سواء أ كانت محياة أم مواتا تخص الأراضي المحياة، لا الموات فلا تعارض بين هذه الاخبار و تلك الأخبار الدالة على أن الأراضي الموات بقول مطلق للامام عليه السلام.

(3) هذا ترق من الشيخ و خلاصته: أن الظاهر من كلمات الأصحاب عدم الخلاف بين الفقهاء في أن الأراضي المحياة للمسلمين، و الموات للامام عليه السلام، و هذا الحكم مما لا يختلف فيه اثنان من الفقهاء.

(4) أي في أن الأراضي المحياة لو ماتت باقية على ملك المسلمين و ليس للإمام عليه السلام فيها حق.

ص: 361

لاختصاص أدلة (1) الموات بما إذا لم يجر عليه ملك مسلم، دون ما عرف صاحبه (2).

ثم إنه تثبت المحياة حال الفتح بما كان يثبت به الفتح عنوة (3) و مع الشك فيها (4) فالأصل العدم و إن وجدناها الآن محياة، لأصالة عدمها حال الفتح فيشكل (5) الأمر في كثير من محياة أراضي البلاد المفتوحة عنوة.

++++++++++

(1) و هي الأخبار الدالة على أن الموات ملك للامام عليه السلام لأنها داخلة في الأنفال و الأنفال ملك له، و قد اشير إلى هذه الأخبار في الهامش 3 ص 357.

(2) كهذه الأراضي المحياة التي كانت محياة عند الفتح و وزعت على المسلمين ثم ماتت فهي للمسلمين بلا خلاف.

(3) و طرق ثبوت كون الأراضي محياة حين الفتح منحصرة في ثلاثة امور:

(الأول): الشياع المفيد للعلم.

(الثاني): شهادة عدلين.

(الثالث): الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم على المبنى الذي أفاده الشيخ في ثبوت الفتح عنوة في ص 337 بقوله: فنقول: يثبت الفتح.

(4) أي و مع الشك في كون الأراضي محياة حين الفتح نحكم بعدم كونها محياة حين الفتح، لأنه مقتضى الأصل الذي هو الاستصحاب أي استصحاب عدم عروض الحياة لهذه الأراضي التي فتحت عنوة إلى زمان الفتح.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أنه في صورة الشك في كون الأراضي محياة حين الفتح نحكم بعدم كونها محياة أي فبناء على هذا

ص: 362

نعم ما وجد منها في يد مدع (1) للملكية حكم بها له.

أما إذا كانت بيد السلطان، أو من أخذها (2) منه فلا يحكم لأجلها (3) بكونها خراجية، لأن يد السلطان عادية على الأراضي الخراجية أيضا.

و ما لا يد لمدعي الملكية عليها (4) كان (5) مرددا بين المسلمين، و مالك خاص مردد (6) بين الإمام، لكونها (7) تركة من لا وارث له، و بين غيره فيجب مراجعة حاكم الشرع في أمرها، و وظيفة الحاكم في الاجرة المأخوذ منها (8) إما القرعة (9)، و إما صرفها في مصرف مشترك بين

++++++++++

الاستصحاب يشكل الحكم بأن الأراضي المفتوحة عنوة كانت محياة حين الفتح حتى تكون ملكا للمسلمين، لأنها مشكوكة الحياة حين الفتح.

(1) أى من ادعى أن هذه الأرض التي تحت يدي و تصرفي و ملك لي يحكم بملكيتها له.

(2) أي أخذ الأرض شخص من السلطان: بأن تقبلها منه للزراعة

(3) أي لا يحكم لأجل يد السلطان، أو يد من كانت الأرض المأخوذة من السلطان تحت تصرفه: أن هذه الأرض من الأراضي الخراجية لأن يد السلطان يد ظلم و عدوان على هذه الأراضي كما أن يده يد عادية على بقية الأراضي التي لم تكن خراجية.

(4) أي على الأراضي الخراجية.

(5) جملة كان مرفوعة محلا خبر (لما الموصولة) في قوله: و ما لا يد

(6) بالجر صفة لكلمة مالك.

(7) أي لكون هذه الأراضي تركة من لا وارث له و الامام وارث من لا وارث له.

(8) أي من هذه الأراضي المدعاة ملكيتها و ليس له يد عليها.

(9) بمعنى أنه بالقرعة تعين مصارف هذه الاجارة المأخوذة من الأراضي

ص: 363

الكل (1) كفقير يستحق الانفاق من بيت المال (2)، لقيامه ببعض مصالح المسلمين.

ثم اعلم أن ظاهر الأخبار (3) تملك المسلمين لجميع أرض العراق المسمى بأرض السواد من غير تقييد بالعامر (4) فينزل (5) على أن كلها كانت عامرة حال الفتح.

و يؤيده (6) أنهم ضبطوا أرض الخراج كما في المنتهى و غيره بعد المساحة (7) بستة، أو اثنين و ثلاثين الف الف (8) جريب.

++++++++++

(1) أي بين تمام المسلمين.

(2) لقيام هذا الفقير في مصالح المسلمين.

(3) و هي المذكورة في ص 340-341 الدالة على أن أرض العراق ملك للمسلمين.

(4) أي من غير تقييد أراضي العراق بالعمران حال الفتح.

(5) أي بناء على هذه الظاهرة المستفادة من الأخبار تحمل جميع أراضي (العراق) على أنها كانت عامرة حال الفتح فالعامرة تكون للمسلمين و الموات منها للامام عليه السلام.

(6) أي و يؤيد هذه الظاهرة.

(7) المراد من المساحة مقدار الأرض وسعتها: من حيث الطول و العرض، فقد كان هناك خبراء يعينون سعة الأرض تخمينا، و يعبرون عن هؤلاء الخبراء في عصرنا الحاضر ب: (المساحين) و هم أدق و أضبط منهم، لكثرة الوسائل الموجودة لهم.

(8) أي ستة و ثلاثون، أو اثنان و ثلاثون مليون جريب.

و الجريب حسب ما ذكره صاحب (مجمع البحرين) 60 * 60 3600 ذراعا و في القاموس الجريب 144 ذراعا.

ص: 364

و حينئذ (1) فالظاهر أن البلاد الاسلامية المبنية في العراق و هي مع ما يتبعها من القرى: من المحياة حال الفتح التي تملكها المسلمون.

و ذكر العلامة في كتبه تبعا لبعض ما عن ظاهر المبسوط و الخلاف أن حد سواد العراق ما بين منقطع الجبال بحلوان (2) إلى أطراف القادسية (3)

++++++++++

و الذراع في متداول عرف الفقهاء يراد منه من المرفق إلى رءوس الأصابع من الانسان المستوي الخلقة.

و أما بحسب السانت فيكون 45 سانتيمترا بالتحقيق.

فضرب 45 * 60 2700 * 2700 7390000 ثم ضرب الحاصل 7390000 * 36000000 267040000.

هذا مجموع مساحة ارض (العراق) حسب مساحي القدامى.

و أما بحسب تقدير مساحي العراق الجدد المقرر في الكتب الدراسية العراقية من قبل الحكومة فتكون مساحة العراق 434294 كيلومترا مربعا فيضرب 434924 * 1000 متر 434294000 مترا مربعا.

فيختلف التقديران اختلافا فاحشا.

لكن التقدير الثاني أضبط و أدق كما عرفت.

(1) أي و حين أن قلنا: إن مساحة أرض العراق 36 مليون جريب

(2) بضم الحاء و سكون اللام مدينة قديمة من المدن الايرانية واقعة في العراق العجمي فتحها العرب.

(3) من المدن العراقية وقعت فيها الواقعة المشهورة بين العرب و الفرس منها فتحت (بلاد فارس) و هزم المسلمون الفرس.

كان عدد المسلمين 16000 جنديا و رئيسهم و قائد الجيش (سعد بن أبي وقاص).

و عدد الفرس 800000 جنديا و رئيسهم و قائد الجيش (رستم).

ص: 365

المتصل بعذيب من أرض العرب عرضا، و من تخوم الموصل (1) إلى ساحل البحر ببلاد عبادان (2) طولا.

و زاد العلامة رحمه اللّه قوله: من شرقي دجلة.

فأما الغربي الذي تليه البصرة (3) فانما هو اسلامي مثل شط عثمان ابن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا مماتا فأحياها عثمان.

++++++++++

و لانتصار المسلمين على الفرس عاملان: طبيعية. و غير طبيعية و قد ذكرت هذين العاملين في محاضراتي التاريخية في (جامعة النجف الدينية) أيام الاسبوع: السبت الأحد الثلاثاء الأربعاء.

و ذكرت نقاطا مهمة أهملها التاريخ و أغفلها جهلا، أو تجاهلا (و الثاني أولى عند أهل البصرة).

و بالقريب العاجل ان شاء اللّه أقوم بطباعة هذا التاريخ المهم إذا ما سامحتني الظروف و سميت هذا التاريخ ب: (تاريخ الشيعة الامامية).

و التاريخ هذا مشتمل على قضايا مهمة وقعت في الإسلام من بداية طلوعه إلى يومنا هذا.

بالإضافة إلى حياة أجداد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى (عدنان).

(1) بفتح الميم و سكون الواو و كسر الصاد من المدن العراقية و محافظاتها المهمة الكبيرة، و كانت تلقب ب: (الحدباء) واقعة على نهر (دجلة) و بالقرب منها أنقاض (نينوى).

و تسمى في عصرنا الحاضر ب: (محافظة نينوى).

(2) من المدن (الايرانية) و مركز تكرير النفط الايراني و مرفا تصديره.

(3) بفتح الباء و سكون الصاد من المدن العراقية و محافظاتها المهمة

ص: 366

و يظهر من هذا التقييد (1) أن ما عدا ذلك كانت محياة كما يؤيده ما تقدم: من تقدير الأرض المذكورة بعد المساحة بما ذكر من الجريب (2)

فما (3) قيل: من أن البلاد المحدثة بالعراق مثل بغداد (4)

++++++++++

و مرفأ في (العراق) واقعة على (شط العرب).

و منها يصدر النفط بحرا.

و هي من المدن الاسلامية ازدهرت أيام (العباسيين).

كانت البصرة و الكوفة مهدا للدروس العربية و الاسلامية.

(1) و هو أن ما أولاها كانت سباخا مماتا.

(2) و هو ستة و ثلاثون مليون جريب.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن أرض العراق كلها فتحت عنوة.

(4) بفتح الباء و سكون الغين عاصمة العراق.

و كانت تسمى: دار السلام. الزوراء.

تقع على ضفتي دجلة بناها (أبو جعفر المنصور الدوانيقي) ثاني خلفاء العباسيين.

ازدهرت (بغداد) في عصر العباسيين و لا سيما هارون و المأمون أصبحت من العواصم العلمية الاسلامية لها صداها في العالم أجمع.

و كانت مزدهرة بصناعاتها فتحها الوحشي الكافر عدو الاسلام و البشر حفيد جنكيز الوثني (هولاكو).

و قد فعل هذا الوحشي الأفاعيل في (بغداد) ما تقشعر من ذكرها الأبدان.

ص: 367

و الكوفة (1) و الحلة (2)، و المشاهد (3) المشرفة اسلامية بناها المسلمون و لم تفتح عنوة، و لم يثبت أن أرضها (4) تملكها المسلمون بالاستغنام و التي فتحت عنوة و أخذت من الكفار قهرا قد انهدمت لا يخلو عن نظر لأن المفتوح عنوة لا يختص بالأبنية حتى يقال: إنها انهدمت، فاذا كانت البلاد المذكورة و ما يتعلق بها من قراها غير مفتوحة عنوة فأين أرض العراق المفتوحة عنوة المقدرة بستة و ثلاثين الف الف جريب (5).

++++++++++

(1) بضم الكاف و سكون الواو من المدن العراقية تقع الكوفة على ساعد الفرات.

بناها (سعد بن أبي وقاص) بعد فتح المدائن و وقعة القادسية استوطنتها قبائل عربية متعددة.

اتخذها (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام عاصمة له كانت مزدهرة بالعلم و العلماء.

و للكوفة تاريخ حافل طويل.

راجع (تاريخ الكوفة) للبراقي ص 114. و (خطط الكوفة) ص 9.

(2) بكسر الحاء و فتح اللام من محافظات العراق.

تأسست على أنقاض مدينة (بابل).

كانت من امهات العواصم العلمية الشيعية و مزدهرة بالعلماء و قد انجبت فطاحل و أعاصم كالمحقق و العلامة و فخر المحققين و ابن ادريس و بني طاوس و ابن فهد و غيرهم.

(3) هي (العتبات المقدسة): (النجف الأشرف و كربلاء و الكاظمية و سامراء).

(4) أي أرض هذه المدن المستحدثة.

(5) لأنه إذا اخرجنا المدن المستحدثة التي منها (العتبات المقدسة)

ص: 368

و أيضا من البعيد عادة أن يكون بلد المدائن (1) على طرف العراق بحيث يكون الخارج منها مما يليه و هي البلاد المذكورة (2) مواتا غير معمورة وقت الفتح، و اللّه العالم.

و للّه الحمد أولا و آخرا، و ظاهرا و باطنا، و به نستعين.

++++++++++

- يلزم أن تكون مساحة (أرض العراق) بأقل من المقرر عند القدامى ب 36000000 مليون جريب، حيث إن هذه المدن تأخذ قسما وافرا من (أرض العراق).

(1) بفتح الميم عاصمة (الأكاسرة الساسانيين) تبعد عن (بغداد) بثلاثين كيلومترا و هي واقعة في جنوب (بغداد) على جانبي دجلة فتحها (سعد بن أبي وقاص).

كانت (المدائن) تشتمل على سبعة مدن سمتها العرب: (المدائن) و تسميها الفرس: (تيسفون).

و فيها (طاق كسرى) و هذا الطاق من الأبنية العجيبة و قد مضى عليه تقريبا 1600 عام.

هدمه (أبو جعفر المنصور العباسي) بقي منه جناح واحد.

(2) و هي المدن المستحدثة.

ص: 369

ص: 370

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأمكنة و البقاع

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

ص: 371

ص: 372

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

3 الإهداء

7 هجاء المؤمن حرام

9 في جواز هجاء الفاسق المبدع

13 الهجر

17 ما يحرم التكسب به

19 في أخذ الاجرة على الواجبات

21 محور الكلام في الواجبات

23 ما أفاده صاحب الرياض في أخذ الاجرة على الواجبات

25 رد صاحب مفتاح الكرامة على صاحب الرياض

27 ما أورده الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

31 ما أورده الشيخ حول الواجبات التعبدية

33 الفرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من اللّه و المطلوب من غيره

35 استدلال كاشف الغطاء على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

ص الموضوع

37 مناقشة الشيخ مع كاشف الغطاء في استدلاله

41 اشكال من الشيخ على الإجماع المدعى من قبل المحقق الثاني

43 في الأقوال التي ذكرها الشيخ مخالفة للإجماع المدعى

49 عدم الفرق بين التعبدي و التوصلي في منافاة أخذ الاجرة

51 في أقسام الواجب التخييري

53 في أن الواجب الكفائي حق للمسلم على المسلم

55 الوجه الثالث في توجيه أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية

57 الوجه السادس في توجيه أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية

59 ما أورده الشيخ على الشيخ كاشف الغطاء

61 في اجبار الحاكم الشرعي المريض على دفع الاجرة للطبيب

ص: 373

ص الموضوع

63 ما أفاده الشيخ في الواجبات التوصلية

65 جواز أخذ الوصي الاجرة على تولي أموال الطفل بالنص و الإجماع

67 في جواز أخذ الاجرة على الواجب الكفائي

69 عدم جواز أخذ الاجرة على الواجب الكفائي إذا كان حقا للغير

71 عدم جواز أخذ الاجرة على المستحبات

73 تقرب النائب بعد جعل نفسه نائبا هو تقرب المنوب عنه

75 في عدم وصول نفع للميت إذا لم يمكن الإخلاص في العبادة

77 اتحاد متعلق الاجارة و النيابة خارجا

79 ترتب الآثار الدنيوية و الاخروية على الفعل الخارجي

81 جواز أخذ الاجرة على عبادات الميت

83 في استيجار شخص لإطافة صبي أو مغمى عليه

85 الأقوال الواردة في مسألة حمل الغير للطواف

ص الموضوع

87 لا يجوز أخذ الاجرة على الاذان الإعلامي

89 المراد من أن الأذان عبادة عدم حصول الثواب

91 لا يجوز أخذ الاجرة على العبادة

93 لا يجوز أخذ الاجرة على أداء الشهادة أو تحملها

95 لا يجوز ارتزاق مؤدي الواجبات و المستحبات

97 لا يجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع الاستغناء

101 في كيفية المعاوضة على المصحف الكريم

103 الأخبار الواردة في كيفية المعاوضة على المصحف الكريم

105 رأي الشيخ في الأخبار الواردة في شراء المصحف الكريم

107 المراد من حرمة بيع المصحف و شرائه

111 هل النقوش تعد من الأعيان أم لا

113 لزوم تعطيل الأحكام لو لم نقل بدخول النقوش

ص: 374

ص الموضوع

115 عدم جواز بيع المصحف الكريم للكافر

117 أبعاض القرآن كالقرآن في عدم جواز بيعه للكافر

119 اسم الرسول الأعظم ملحق بالقرآن في عدم جواز بيعه للكافر

123 في جوائز السلطان و عماله

125 الحديث الوارد عن الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه

127 اشتراط تنجز التكليف في الشبهة المحصورة

129 أخذ المال من السلطان موجب لمحبته

131 مستند رفع الكراهة

133 لا فرق بين يد الظالم في تصرفه و بين إخباره

135 إمكان الخدشة في استدلال العلامة

137 إمكان الاستدلال باستحباب الخمس بفتوى النهاية

139 ارتفاع الكراهة مع وجود مصلحة أقوى

141 الصورة المتفق عليها من الصور الأربع

ص الموضوع

143 الأقوال الدالة على حلية أخذ جوائز السلطان

151 الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

153 الموارد التي تشمله قاعدة الاحتياط

155 اشكال الشيخ على خروج صور الثلاث عن القاعدة

157 الالتزام بأحد الأمرين لا محالة

159 الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على المدعى

161 تمامية الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد

163 الاعتماد على اليد

165 تحقيق حول الرواية في حلية مال السلطان

167 رواية محمد بن مسلم و زرارة

169 عدم جريان أصالة الصحة في تصرفات السلطان

171 عدم نهوض الحديثين للحكومة على قاعدة الاحتياط

173 وجود العلم الاجمالي بمال الحرام

175 علة عدم حمل فعل السلطان على الصحيح.

ص: 375

ص الموضوع

177 عبارة ابن ادريس في السرائر

179 عدم تمامية قاعدة ابن ادريس

181 أقسام الصورة الثالثة

183 في الضمان و عدمه في المأخوذ من السلطان

185 الضمان في ترتب الأيدي

187 في رجوع المالك على الغاصب أو المستودع

189 المراد من رد الأمانة إلى أهلها

191 لو ادعى شخص أن المال لي

193 اجرة التعريف على الواجد

195 الوديعة مورد رواية حفص بن غياث

197 ما ذكره ابن ادريس في السرائر

199 الرواية الواردة في أموال عمال بني امية

199 في الاشكال على ما ذكره ابن ادريس

203 الأمر بالتصدق بما يجتمع عند الصاغة

205 الأمر بالتصدق بما ورد في ذمة الشخص للأجير

207 اشكال الشيخ على المؤيدات المذكورة

209 مقتضى الجمع بين الدليلين هو التخيير

ص الموضوع

211 امكان القول بوقوع أخبار التصدق في مقام الاذن

213 عدم تشخيص الكلي للغريم إلا بقبض الحاكم

215 لو ظهر المالك بعد التصدق و لم يرض به

217 التمسك بالضمان بقاعدة من أتلف

219 احتمال كون التصدق مراعى كالفضولي

221 التفصيل بين ما لو اخذ لمصلحة نفسه أو لمصلحة المالك

223 الصدقة عن صاحب المال في حكم اليأس عن صاحب المال

225 هل يقوم وارث المالك مقامه لو مات

227 احتمال ضمان الدافع لو دفع المال إلى الحاكم

229 لو كان المكلف بالتصدق الحاكم الشرعي

231 في اختلاف القدر و المالك

233 في أقسام الاخذ

235 ما ذكره الشيخ كاشف الغطاء

237 ما أورده الشيخ على كاشف الغطاء

ص: 376

ص الموضوع

241 ما يأخذه السلطان المستحل

243 النصوص الدالة على جواز شراء الزكوات و الخراج و المقاسمة

245 الأحاديث الدالة على جواز أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة

247 جواز أخذ الخراج و الزكوات و المقاسمة كان مفروغا عنه

249 ما أفاده الفاضل القطيفي في الخراج

251 بيان سبب الاجمال في الحديث

253 الأحاديث الواردة في جواز شراء الخراج و المقاسمة

257 تعجب المحقق الأردبيلي عما أفاده المحقق الكركي

259 الأحاديث الواردة في جواز تقبل الخراج من السلطان

265 عدم الفرق بين قبض السلطان الخراج و عدمه

267 المراد من تعبير أكثر الفقهاء الجواز بالمأخوذ

269 التنبيه الثاني

271 ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك

273 ما أفاده الشيخ في الخراج و المقاسمة

ص الموضوع

275 الأحاديث الدالة على جواز أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة

277 في رواية علي بن يقطين

279 في ايراد الشيخ على ما أفاده المحقق الكركي

281 تحقيق حول كلام المحقق الكركي

283 تأييد من الشيخ حول مراد المحقق الكركي

285 كلمات الأعلام حول تولي الفقيه لاخذ الخراج

287 ما أفاده الشهيد الأول في الخراج و المقاسمة

289 لا فرق بين قبض الجائر الخراج و بين وكيله

291 تحليل الشيخ كلام الشهيد الأول

293 هل يتوقف التصرف في الخراج على اذن الحاكم الشرعي

295 المناقشة في كفاية تصرف اذن الجائر

297 أسباب عدم استيلاء الجائر على أراضي الخراج

301 الامر الثالث من الامور التي ينبغي التنبيه عليها.

ص: 377

ص الموضوع

305 استدلال العلامة على عدم اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال

307 ظهور كلمات الاعلام في اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال

309 امكان عدم شمول رواية الفيض ابن المختار مطلق الاراضي

311 اختصاص الخراج بالسلطان المدعي للرئاسة العامة

313 الإشكال في مسألة الخراج

315 لزوم الحرج على كل تقدير دفع وهم و الجواب عنه

319 الاستدلال بأخبار الخراج على جواز أخذ السلطان الخراج

321 عقيدة الشيخ حول الخراج

323 عدم وجود نص في الاخبار حول السلطان الكافر

325 عدم اعتبار اعتقاد معطي الخراج استحقاق الآخذ

327 عدم تعيين مقدار للخراج في الاخبار

329 اشتراط بعض الفقهاء عدم زيادة الخراج عما يأخذه المتولي

331 مراد المحقق الكركي من اطلاق الاخبار

ص الموضوع

333 المراد من رواية الحضرمي

335 ما أفاده في المسالك حول الخراج

337 ثبوت خراجية الارض متوقف على امور ثلاثة

339 أرض العراق مفتوحة عنوة

341 الاحاديث الواردة في أن أرض العراق ملك للمسلمين

343 اثبات أن أرض العراق فتحت عنوة

345 المراد من حمل فعل المسلم على الصحة

347 دوران الامر بين الاقل فسادا و الاكثر منه

349 اشكال الشيخ على المراد من حمل فعل المسلم على الصحة

350 الأمر الثاني من شرائط كون الأرض خراجية

351 عقيدة الشيخ في أرض العراق

353 رأي الشيخ في الحديث المروي عن الخصال

355 دخول عمار بن ياسر في أمر الخليفة

357 امكان حمل الصادر من الغزاة على الوجه الصحيح

ص: 378

ص الموضوع

359 الامر الثالث من شرائط كون الارض خراجية

361 بقاء الارض المحياة على ملك المسلمين لو ماتت

ص الموضوع

363 الارض المفتوحة بيد شخص لا يحكم عليها بكونها خراجية

365 مساحة أرض العراق

367 ما قيل في البلاد المستحدثة في العراق

ص: 379

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 تعليل لحرمة الهجاء

8 تعليل لكون أدلة البهتان تشمل الهجاء

8 ما أفاده صاحب جامع المقاصد في الهجاء

9 دفع وهم

9 الجواب عن الوهم

9 دفع وهم

10 الجواب عن الوهم

13 الإشارة إلى مصادر أحاديث الهجر

17-18 تحقيق حول أقسام الواجب

18 تحقيق حول ما نسب إلى الشهيد الثاني في تحريم أخذ الاجرة على الواجبات

19-20 موضوع البحث و محوره في مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات

ص الموضوع

22 تحقيق حول عبارة الشيخ و الصحيح منها

23 خلاصة استدلال صاحب الرياض

24 رد الشيخ على ما استدل به صاحب الرياض

25 رد آخر على استدلال صاحب الرياض بطريق آخر

25 بيان الفارق بين الاجارة و الجعالة

26 اشكال الشيخ على من رد استدلال صاحب الرياض

26 اشكال ثان من الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

27 اشكال ثالث من الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

27-28 اشكال رابع من الشيخ على رد صاحب مفتاح الكرامة صاحب الرياض

28 تعليل للمنافاة المذكور

ص: 380

ص الموضوع

28-29 وهم و الجواب عنه

31 تحقيق حول اخذ الاجرة عن العبادات الفائتة عن الميت

33-34 تقييد الواجب التعبدي بقوله:

في الجملة

35-36 مسلك كاشف الغطاء في حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

37 مناقشة الشيخ مع كاشف الغطاء فيما أفاده

38 المراد من الفعل آثاره و منافعه

40 أفراد الواجب

41 نقل الشيخ أقوال المخالفين و حكاياتهم

42 جواز أخذ الاجرة للقاضي على قسمين

43 تعليل للواجب الكفائي المشترط فيه قصد القربة

44 قيدان لجواز أخذ القاضي الاجرة على القضاء

45 بذل الشخص مالا للمصلي لإيقاع صلاته في أول الوقت

46 تحقيق حول الفعل المقابل

ص الموضوع

46 تحقيق حول عدم صلاحية العمل إذا لم تكن له منفعة محللة عند الشارع

48 تعليل لعدم منافاة عدم جواز أخذ الاجرة مع جواز أخذ الوصي الاجرة

50-51 تحقيق حول الواجب التخييري التعبدي

52 أمثلة للواجبات التوصلية

56 وجه النظر في التخصيص

59 ايراد على ما أشكله الشيخ

61 تحقيق حول الحسية

62 تحقيق حول كلمة إلا في قول الشيخ

63 تحقيق حول الشق الثاني لجواز طلب الاجرة

64 تحقيق حول تأميم الطب

64 وهم

65 الجواب عن الوهم

66 وهم

66 الجواب عن الوهم

67 جواب ثان عن الوهم

67 اشارة إلى فافهم و بيان وجه الضعف

ص: 381

ص الموضوع

69 الشق الثاني من نوع الواجب

70 أمثلة لجواز أخذ الاجرة في المكروه و المباح

71 أقسام المستحب

74 خلاصة إن قلت

75 77 جواب من الشيخ عن إن قلت

79 تحقيق حول تفريع الفاء

80 تحقيق حول تفريع الفاء

81 تحقيق حول أن الفعل الخارجي له اعتباران

82 المقدمات التوصلية

84 الأقوال في مسألة حمل الغير في الطواف

85-86 ما أفاده فخر المحققين في مسألة حمل الغير في الطواف

87 تنظير لكيفية وجود نفع في الاذان

89 تحقيق في أن للاذان حكمين

89 استدراك من الشيخ

90 تحقيق حول رواية زيد بن علي ابن الحسين و حمران

91 ترق من الشيخ

ص الموضوع

91 دليل آخر على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

93 عدم كون الشهادة من الامور العبادية

93 اشكال على ما أفاده الشيخ

97 شرطان للارتزاق من بيت المال

106 كيفية ورود الأخبار في بيع المصحف الكريم

107 تحقيق حول كلمة الاختيار و أنها الصواب

107 للخطوط بعد كتابتها على الأوراق فرضان

109 تحقيق حول كيفية انتقال خطوط المصحف إلى المشتري

112 تنظير لانتقال الخطوط إلى المشتري قهرا

115 المراد من الفحوى

117 تحقيق حول كلمة تضاعيف

118 في لحوق الأحاديث بالقرآن و عدمه

119 تحقيق حول النقود الذهبية و الدنانير المسكوكة في عهد ملوك الإسلام

ص: 382

ص الموضوع

120 اشكال في بيع الدنانير من ناحية كونها مشتملة على اسم الرسول

126 تحقيق حول الشبهة المحصورة

126 مثال للشبهة المحصورة

129 اشكال على الشيخ بقولنا:

لا يخفى

131 المراد من الشبهة الاحتمال

132 وهم

133 جواب الوهم

134 وجه التأمل

134 وجه ما ذكره العلامة في استحباب الخمس من جوائز السلطان

136 تحقيق حول أن المال يحتمل كله حلالا و يحتمل كله حراما

136 تحقيق حول ما أفاده الشيخ من عدم امكان مجال للأولوية

137 تحقيق حول فتوى ابن ادريس

139 تحقيق حول كلمة اعتذار الواردة في الحديث

140 المراد من المظالم

141 المراد من الفروع

141 صور جواز أخذ جوائز السلطان

ص الموضوع

141 الصورة الاولى

142 الصورة الثانية

142 الصورة الثالثة

142 الصورة الرابعة

144 الحديث الوارد في عدم وجوب الاجتناب عن جوائز السلطان الجائر

144 نقاش من الشيخ مع الشهيد الثاني

145 تحقيق حول كلمة أقصى

146 تحقيق حول الحكومة

147 معنى التخصيص و الفرق بينه و بين الحكومة

148 الحكومة على قسمين

149 معنى الورود و الفرق بينه و بين التخصص

150 الفرق بين الحكومة و الورود

151 الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

152 رابع الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

152 تنظير للحرام المردد

152 الفرق بين المورد الرابع و الثالث

ص: 383

ص الموضوع

153 أول مورد داخل تحت قاعدة الاحتياط

153 معنى المقاصة و موارده

154 ثان الموارد الداخلة تحت قاعدة الاحتياط

154 ثالث الموارد

154 وهم

154 جواب الوهم

155 شروع الشيخ في نقل الأخبار المستدل بها من الخصم

156 رد من الشيخ على الأخبار المذكورة

157 مناقشة الشيخ مع الشهيد الثاني

158 التناقض المستفاد من كلام الشهيد الثاني

158 اشكالنا على ما أفاده الشيخ في التناقض

160 خلاصة التفريع

160 الاشكال على الاحتمال

160 الاحتمال الثاني

160 اشكال الشيخ على الاحتمال الثاني

162 بيان الاشكال الآخر على الاحتمال الأول

ص الموضوع

164 تحقيق حول الخراج

164 تحقيق حول المقاسمة

164 تحقيق حول الأراضي

168 ترق من الشيخ و خلاصته

169 طريق آخر لحلية ما يؤخذ من السلطان

172 تحقيق حول تصرفات السلطان

173 تحقيق حول صحة اطلاق الفقهاء حلية أخذ الجوائز

174 خدشة من الشيخ في صحة تصرفات الجائر

174 الفرق بين الحمل على الصحة و الحمل على الصحيح

176 أركان شرائط قاعدة الاحتياط

177 خلاصة تعليل ابن ادريس

178 خلاصة ما أفاده الشيخ في تحليل كلام ابن ادريس

179 المراد من القاعدة

179 تصحيح من الشيخ لما أفاده ابن ادريس

180 المراد من وجه التأمل

181 أقسام الصورة الثالثة

ص: 384

ص الموضوع

181 الصورة الثانية و خلاصتها

182 القسم الثاني من الصورة الثالثة

183 نقل الشيخ دليل الشهيد الثاني

184 خلاصة ايراد الشيخ على كلام الشهيد الثاني

184 تحقيق حول ترتب الأيدي

185 الاشكال على القيد الذي أفاده الشيخ

185 ذكر تأييد من الشيخ للضمان

186 تأييد آخر من الشيخ للضمان

187 ذكر مبنى الاستظهار

190 الفرق بين الدين المجهول المالك و بين ما نحن فيه

191 المراد من الأصل الاشتغال

194 المراد من الأصل عند الشيخ الأنصاري

194 الأقوال الممكنة في الفحص

196 مقصود الشيخ الأنصاري

197 استدراك و خلاصته

198 رواية حفص بن غياث و العمل بها

198 نظر الشيخ الأنصاري حول ما يؤخذ من الغاصب

ص الموضوع

199 تحقيق حول عبارة الشيخ الأنصاري

201 ترق من الشيخ على ما أفاده

202 اثبات الشيخ الأمر بالتصدق

202 الحديث المروي حول التصدق و هو أول المؤيدات للمرسلة

202 ثان المؤيدات للمرسلة

203 ثالث المؤيدات للمرسلة

203 رابع المؤيدات للمرسلة

204 حديث ميمون الصائغ

204 خامس المؤيدات

204 حديث علي بن راشد

206 استدراك من الشيخ

209 مقبولة عمر بن حنظلة

211 تحقيق حول على طريق الحكم العام

212 تحقيق حول وقوع مقاصة في طريق العام

213 سؤال حفص الأعور

214 حكم المال المعلوم بالتفصيل حكم المال المجهول

214 دليل جواز اعطاء الصدقة للهاشمي

215 دليل عدم جواز الإعطاء للهاشمي

ص: 385

ص الموضوع

215 الإشكال على الدليل بقولنا:

و لا يخفى

215 تأييد لدليل عدم جواز الصدقة للهاشمي

215 الإشكال على التأييد بقولنا:

و لا يخفى

216 دليل للضمان مطلقا

217 تحقيق حول الإتلاف

217 استيناف و حاصله

218 وجه التأمل

219 ترق من الشيخ

221 المراد من تحكيم الاستصحاب

222 تحقيق حول عدم القول بالفصل

222 المنشأ الثاني للقول بالضمان

223 المنشأ الثالث للقول بالضمان

223 زيادة كلمة لو

224 وجود الاستصحاب يحكم بالضمان

224 عدم مجال للاستصحاب

226 امكان المناقشة

227 عدم صحة الاحتمال

228 تعليل لفرض ثبوت الولاية

229 التعريف حولا كاملا

ص الموضوع

229 توجه الخطاب نحو الحاكم

231 تحقيق حول القرعة

232 الإشارة إلى الأحكام الخمسة

234 اشكال على ما أفاده الشيخ

234 وجوب تقديم أداء الديون على الوصايا

235 ما ذكره كاشف الغطاء

235 الأدلة الثلاثة لكاشف الغطاء

236 اشكال من شيخنا الأنصاري على الشيخ كاشف الغطاء في أدلته

236 تحقيق حول عبارة المتن و الصواب منها

237 حديث داود بن رزين

237 دليل ثان من الشيخ لكون ما في ذمة السلطان من الديون

238 السيرة المستمرة كاشفة عن عدم مبالاة الناس

238 فساد أكثر معاملة الظلمة

242 تنظير لفساد مصالحة الظالم

243 وجه الأولوية

245 تحقيق حول كلمة بعناها

248 وجه الضعف

ص: 386

ص الموضوع

250 ظهور ان لكلام الامام عليه السلام

251 عدم وجود اجمال في الحديث

251 وجه التأمل

251 رد من الشيخ الأنصاري على ما أفاده المحقق الأردبيلي

252 صحيحة الحذاء تخصص العمومات

256 المراد من العلة المنصوصة

258 تحقيق حول تبعية المحقق الأردبيلي للفاضل القطيفي

258 المراد من تقبل الخراج

260 تحقيق حول كلمة الخبر

266 تحقيق حول كلمة المساقاة

266 تحقيق حول كلمة المزارعة

267 وهم

267 الجواب عن الوهم

268 وهم آخر

268 الجواب عن الوهم

269 المراد من فافهم

270 تفريع و خلاصته

273 تحقيق حول كلمة الرز

276 عدم العثور على ما أفاده الشيخ

276 وهم

ص الموضوع

276 الجواب عن الوهم

277 وهم آخر

278 الجواب عن الوهم الآخر

278 الاحتمال الأول و خلاصته

278 الاحتمال الثاني و خلاصته

279 ايراد شيخنا الأنصاري على ما أفاده المحقق الكركي

279 وجه الأولوية

281 توجيه شيخنا الأنصاري كلام المحقق الكركي

282 استشهاد الشيخ على مدعاه

283 شرائط الفتوى

284 الاجتهاد

284 وجه الأولوية

285 وهم

285 الجواب عن الوهم

286 تحقيق حول الإقطاع

286 تحقيق حول عدم الربط بين كلامي المحقق

288 المراد من الثلاثة

292 وجه الإشكال

292 إن قلت قلنا

ص: 387

ص الموضوع

295 المناقشة و تعليلها

296 لعدم استيلاء السلطان خمسة أسباب

297 أسباب عدم استيلاء الجائر

300 مقصود الشيخ من القواعد المسلمة و الاصول المقررة

302 تحقيق حول الأنفال

303 تحقيق حول (فدك)

304 استدراك

305 الخلل الوارد في استدلال العلامة

306 امكان القول بأن السلطان الجائر امام ادعائي

307 وجه الظهور

308 استدراك و خلاصته

309 استدراك و خلاصته

310 وجه الجواز و وجه العدم

311 سؤال

312 المراد من المخالف

313 كلمة هارون الرشيد

315 مناقشة الشيخ

316 كلام حول ملوك الشيعة

317 وهم و الجواب عنه

318 حديث أبي الربيع الشامي

ص الموضوع

321 تأييد حول مراد الأصحاب

322 تفريع و خلاصته

322 تفريع و خلاصته

322 فرض و خلاصته

323 نتيجة و خلاصتها

324 دليل آخر على عدم مراد السلطان الكافر

325 وجه التأمل

325 تعليل و خلاصته

326 تحقيق حول القاعدة المعروفة:

الزموا الناس بما الزموا أنفسهم

328 تحقيق حول قاعدة نحوية

329 وجه حرمة الكل و وجه حلية البعض

330 المقصود من التنبيه السابع

333 دفع وهم و حاصله

337 انحصار طرق الفتح عنوة بامور ثلاثة

338 في إجراء الأصل العدمي

338 الأصل عدم تملك غير المسلمين للأراضي المفتوحة

339 صحة أخذ الخراج لو فرض دخول الأراضي المفتوحة في الأنفال

ص: 388

ص الموضوع

339 مقتضى الاصول الفقهية عدم جواز أخذ الخراج من الزارع

340 المراد من السواد

341 المراد من كلمة ذمة

341 الظن المتاخم هو الظن القريب من العلم

342 تحقيق حول المثل السائر: دونه خرط القتاد

343 المنشأ الأول للاستمرار

344 بحث حول التاريخ و موضوعه

344 المنشأ الثاني لاستمرار السيرة

344 رد الشيخ على المنشأ الأول

345 رد الشيخ على المنشأ الثاني

345 وهم و الجواب عنه

346 دفاع عن الوهم و خلاصته

346 رد من الشيخ عن الدفاع المذكور

346 استدراك و خلاصته

347 اشكال آخر

347 تنظير لتعدد العنوان

348 استدراك و خلاصته

349 توجيه آخر للمنشإ الثاني و خلاصته

349 الجواب عن التوجيه

350 توجيه ثالث للمنشإ الثاني و خلاصته

ص الموضوع

352 خلاصة القصة

352 كلمتان لعمر بن الخطاب

353 ترق من الشيخ عما أفاده و خلاصته

354 حياة الإمام أبي محمد الحسن عليه السلام

355 الحديث الوارد عن (الرسول الأعظم)

356 الاكتفاء بالعلم الحاصل من الشواهد

357 تحقيق حول كلمة خلاق

357 الحديث الوارد عن الامام الصادق

358 الحديث الثاني

358 بيان المعارضة بين الأخبار و المرسلة

360 حديث أبي حفص البختري

360 عدم معارضة الإجماعات لإجماعات اخرى

361 ترق من الشيخ و خلاصته

362 طرق اثبات كون الأرض من المحياة

364 المراد من المساحة

ص: 389

ص الموضوع

364 المراد من الجريب

365 المراد من الذراع

365 تقدير الذراع بالسانت

365 الحلوان - القادسية

366 ذكر عاملين لانتصار المسلمين

ص الموضوع

367 عبادان - بغداد

368 الكوفة - الحلة النجف الأشرف - كربلاء

368 الكاظمية

ص: 390

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ 139

إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا 188

إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ 280

إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 139

إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ 139

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 28

- ف -

فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 67

فَذٰانِكَ بُرْهٰانٰانِ 328

فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي 328

فَلْيُؤَدِّ اَلَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ 188

- و -

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ 359

وَ آتِ ذَا اَلْقُرْبىٰ حَقَّهُ 303

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 95

وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ 301

فَلاٰ تَقُلْ لَهُمٰا أُفٍّ 115

وَ لاٰ يَأْبَ اَلشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا 92

وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ 7

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً 115، 118، 325

وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 125، 304

وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ 43

وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً 302

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ 7

ص: 391

4 - الأحاديث الشريفة

- أ -

إنّ اللّه حرم الجنة على كل فحاش بذيّ قليل الحياء لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه 13

إنّ من شر عباد اللّه من يكره مجالسته لفحشه 13

- م -

من علامات شرك الشيطان الذي لا شك فيه أن يكون فحاشا لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه 14

المؤمنون عند شروطهم 57

ص: 392

5 - فهرس الأعلام

- أ -

آدم 275

آل أبي طالب 130، 139، 140

آل هاشم 275

ابليس 275

ابن الحجاج 341

ابن هاشم 91

الأردبيلي: المحقق 131، 132، 134 249، 250-253، 257، 258 350

اسحاق 302

أبو بصير 103

أبو بكر: الخليفة الأول 303، 304 352

أبو حمزة 10

أبو سفيان: معاوية بن أبي سفيان 355

أبو الشهداء: الامام الحسين (ع) 355

أبو عبيدة 13

أبو المعزى 166

أبو ولاد 159، 161، 165

أحمد: أبو عبد اللّه جعفر بن أحمد 352

الاسكافي 83

الافشاريون 316

الامويون: بنو امية 119، 139، 199 203، 241، 274، 275، 280، 311، 365

أهل البيت: الائمة عليهم السلام 33، 119، 129، 164، 243، 244 259، 275، 291، 296، 302، 304، 306، 343، 356، 357

- ب -

الباقر: الامام أبو جعفر عليه السلام 10، 119، 144، 167، 193، 245، 256، 352، 356

بحر العلوم: السيد 49

بحر العلوم: العلامة الحلي 285

البختري: أبو حفص 276، 360

بني نضر 304

البويهيون 312، 316

ص: 393

- ج -

جبرائيل 303

الجعفي: جابر 352

جنكيز خان 367

- ح -

الحارث: عبد اللّه بن الحارث 106

الحجاج: عبد الرحمن 263، 264

الحدثان: اوس بن الحدثان 304

الحذاء 245، 248، 253، 264 326

الحسنيون في المغرب 316

الحضرمي: أبو بكر 254، 255 257، 258، 264، 333، 334

حفصة: زوجة النبي صلى اللّه عليه و آله 304

الحلبي 259، 264، 314، 317، 318، 319، 325، 340

الحلي: ابن ادريس 103، 137 177، 178، 179-180، 197، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206

الحلي: المحقق 41، 55، 143، 172 265

حمران 88، 90، 91

حنظلة: عمر بن حنظلة 209، 211 256

الحمدانيون 312، 316

- خ -

الخراساني: أبو مسلم 274

الخطاب: عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني 352، 353، 356

- ر -

الرائد: يعقوب بن الرائد 352

الراشد: أبو علي بن الراشد 204

رستم 365

الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله 33، 57، 104، 118، 119، 120 139، 183، 259، 260، 302، 303، 351، 352، 354، 355، 356، 357، 366

الرضا: الامام أبي الحسن عليه السلام 313

الرشيد: هارون 312، 367

- ز -

زرارة 167، 273، 276

الزنديون 316

ص: 394

الزهراء: الصديقة فاطمة عليها السلام 303، 304، 354

- س -

السجاد: الامام علي بن الحسين عليه السلام 88

السعود: عبد العزيز 355

سعيد: أحمد بن الحسين بن سعيد 352

سماعة 13، 101، 102

سماك: ابن أبي سماك 254، 255، 257

سيابة: عبد الرحمن بن سيابة 102

- ش -

الشامي: أبو الربيع 341

الشهيد الأول: محمد بن مكي العاملي 269، 287، 289، 290، 291، 292، 306

الشهيد الثاني: زين الدين الجبعي 18 19، 42، 45، 84، 142، 157 158، 183، 187، 218، 271، 294، 336، 337

الشهيدان 270

- ص -

صاحب إيضاح النافع 321

صاحب التنقيح 307

صاحب جامع المقاصد 8، 19، 40

صاحب الرياض 19، 23-27، 33 34، 35، 43، 49، 130، 322

صاحب الكفاية 308

صاحب مفتاح الكرامة 25-27، 56

صاحب المقنعة 42

صاحب النهاية 42، 137

الصادق: الامام أبو عبد اللّه جعفر عليه السلام 9، 10، 65، 70، 88 102، 103، 106، 108، 109، 112، 129، 137، 147، 148، 156، 159، 160، 163، 171، 179، 180، 182، 190، 192، 203، 204، 206، 209، 211، 213، 214، 216، 218، 225، 247، 250، 252، 254، 257، 259، 264، 274، 281، 287، 308 314، 333، 334، 340، 357، 360

الصادق: اسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام 82، 254

صالح: جميل بن صالح 262، 263، 264

الصائغ: ميمون 204

الصفويون 316

ص: 395

- ط -

الطباطبائي: العلامة 41، 45، 49 131، 183

الطباطبائي: السيد المجاهد 130

الطوسي: أبو جعفر 101

الطوسي الخواجة: علم المحققين نصير الملة و الدين 285

- ع -

عائشة: زوجة النبي صلى اللّه عليه و آله 304

العباسيون 119، 139، 241، 274 311، 340، 356، 367

عبد اللّه: سعد بن عبد اللّه 352

عبد اللّه: عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه 106

عبد الرحمن: يونس بن عبد الرحمن 205

عبد الرحيم: روح بن عبد الرحيم 104، 105

عبد الملك: ضريس بن عبد الملك 273، 274، 275

عبيد اللّه: موسى بن عبيد اللّه 352

العثمانيون 241

عدنان: جد النبي صلى اللّه عليه و آله 366

العلامة 45، 44، 85، 86

علي 304

علي: أمير المؤمنين عليه السلام 60 88، 168، 202، 302، 303، 351، 352، 355، 356، 357

علي: زيد بن علي 88، 90، 91

علوان: حسين بن علوان 90

العلويون في طبرستان 316

عمار: اسحاق بن عمار 264، 326

العميد: السيد 265

عيسى: عثمان بن عيسى 102

- غ -

غياث: حفص بن غياث 195، 197، 198

- ف -

الفاطميون 119، 311، 316

فخر الدين (فخر المحققين): علي بن يوسف 41، 43، 44

- ق -

قاجار: محمد شاه 119

القاجاريون 316

القطيفي: الفاضل 249، 250، 254

القميان: 353

- ك -

كاشف الغطاء: جعفر (الكبير) 35، 37، 59، 235

ص: 396

الكاظم: الامام أبو الحسن موسى عليه السلام 130، 138، 140

كثير: الحسين بن كثير 202

الكركي: المحقق 118، 157، 158

الكوفي: يعقوب بن عبد اللّه 352

- م -

المأمون 312، 367

المجتبى: الإمام أبو محمد الحسن عليه السلام 353-355

المجلسي: العلامة 90

المحقق الثاني 40، 41، 44

مختار: فضل بن المختار 264

مختار: الفيض بن مختار 261، 308 309

المدائنيّ: جراح 102

المرتضى: السيد علم الهدى 90، 285

مروان: عبد الملك بن مروان 119

معاوية: يزيد بن معاوية 355

مسلم: محمد بن مسلم 167، 193، 314، 317

المقدام: عمر بن أبي المقدام 352

المنتظر: الامام صاحب الغيبة (ع) 61، 96، 124، 125

المنصور: أبو جعفر 367

منيع: عبد اللّه بن منيع 90

- ن -

النوفلي: جعفر بن محمد 352

- و -

الوراق: عباس 350، 356، 358

الوراق: عنبسة 106

وقاص: سعد بن أبي وقاص 365

- ه -

الهاشمي: اسماعيل بن المفضل 260 261، 264

هبيرة 274، 275، 276

هشام: محمد بن هشام 167

هلال: علي بن هلال 270

هولاكو 267

- ي -

ياسر: عمار بن ياسر 256

اليزدي: السيد الطباطبائي 44

يزيد: داود بن أبي يزيد 206، 212

يعقوب 302

يقطين: علي بن يقطين 277

ص: 397

6 - فهرس الامكنة و البقاع

- أ -

أرض العرب 366

الأندلس 311

ايران 351، 366

- ب -

باريس 316

البصرة 366، 367

بغداد 340، 367

البقيع 355

بيت اللّه الحرام 33، 51

- ت -

تونس 311

- ج -

جامعة النجف الدينية 366

الجزائر 311

- ح -

الحائر الحسيني 34، 51

الحجاز 355

الحدباء 366

حلوان 365

- د -

دار السلام 367

دجلة (نهر) 366، 367

- ر -

الروم 351

- ز -

الزوراء 367

- س -

السواد 340، 341، 364

السودان 311

- ش -

شرقي دجلة 366

شط عثمان بن أبي العاص 366

شط العرب 367

- ط -

طهران 119

- ع -

عبادان 366

العراق 164، 274، 340، 341 342، 344، 351، 356، 364

ص: 398

365، 367

عين أبي زياد 262، 263

- ف -

فارس (بلاد) 365

فدك 303

- ق -

القادسية 365

القاهرة 126

- ك -

الكوفة 355، 356، 367

- م -

المدينة المنورة 302، 303

مراكش 311

مسجد الكوفة 33، 51

مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله 33 51، 104

مصر 311

مطبعة النجف 129

مكة المكرمة 205

الموصل 366

- ن -

النجف الأشرف 126، 274، 357

النهروان 352

نينوى 366

ص: 399

7 - فهرس الشعر

- ل -

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

355

ص: 400

8 - فهرس الكتب

- أ -

اصول المظفر 150

الايضاح 43، 85

إيضاح النافع 322

- ب -

البحار 90، 168

- ت -

تاريخ الشيعة الامامية 366

التحرير 197

تحف العقول 69

التذكرة 101، 107، 118، 193-360

التنقيح 243، 244، 307

التهذيب 88، 209، 246، 260 261، 274، 353، 357

- ج -

جامع المقاصد 8، 9، 44، 87، 101، 107، 194، 244، 353

الجواهر 276

- ح -

الحدائق 130، 275، 276

- خ -

الخلاف 87، 365

- د -

الدروس 84، 101، 107، 143 287، 289، 290، 291، 292

- ذ -

الذكرى 87، 88

- ر -

رسالة الخراجية 308، 335

الرياض 19، 130، 134، 244 253، 261، 265

- س -

السرائر 101، 103، 107، 137 177، 197، 200، 201، 202، 266، 361

- ش -

الشرائع 41، 44، 55، 84، 85 143، 272، 265

ص: 401

- ص -

الصحاح 8

- غ -

الغنية 266

- ف -

فرائد الاصول 128، 146

فروع الكافي 206

- ق -

قاطعة اللجاج في حل الخراج 331

القاموس 8، 364

القرآن الكريم 22، 88، 101-109

القواعد 35، 43، 84

- ك -

الكافي 10، 13، 102، 188، 261

الكفاية 360

- ل -

اللمعة الدمشقية 44، 48، 66، 87 117، 119، 132، 193، 231، 266، 276، 284

- م -

المبسوط 350، 365

المختصر النافع 265، 322

المختلف 41، 55، 82، 85

مجمع البحرين 364

مجمع البرهان 88، 90، 350

المسالك 18، 42، 83، 85، 90 142، 143، 158، 172، 183، 184، 186، 187، 244، 271، 294، 322، 335

المصابيح 41، 45، 49

المصباح 8

المفاتيح 244، 253

مفتاح الكرامة 25، 26، 56

المقنعة 42

المنتهى 129، 134

من لا يحضره الفقيه 88، 129، 261

- ن -

النهاية 8، 42، 101، 107، 137 143، 178، 197

- و -

وسائل الشيعة 60، 65، 82، 88 90، 92، 102، 115، 125، 129 130، 138، 144، 145، 159، 167، 190، 192، 193، 196، 199، 202، 213، 237، 252، 256، 263، 276، 277، 280، 283، 287، 296، 318، 326، 328، 331، 341، 350، 356، 357، 360

ص: 402

9 - الخاتمة (نهاية المطاف)

و قد أنهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (بالجزء الخامس) (المكاسب المحرمة) من البداية إلى النهاية.

و لعلنا و فينا و للّه الشكر على ما أنعم بعض ما كان يجب علينا:

من توضيح عبارات الكتاب الغامضة، و شرح مفرداته حسب الوسع و الإمكان فأصبح و للّه الحمد مورد إعجاب الأعلام، و إقبال رواد العلم و الأفذاذ.

و ليعلم القارئ الكريم أني قد تركت جل اموري، و صرفت كل أوقاتي، و استهلكت أكثر طاقاتي في سبيل إحياء هذا المشروع المقدس.

و كيف كان فقد شرعنا في المشروع من بداية ربيع الأول عام 1390 ملتزمين بتحقيق محتويات الكتاب بمراجعة عدة نسخ مطبوعة و خطية.

كما التزمنا بإرجاع الأخبار إلى مصادرها بترقيم دقيق ليتسنى لمن أراد مراجعتها العثور عليها بسرعة و سهولة.

و هكذا استمر العمل فكانت به الكفاية للاستاذ و الطالب.

فكانت إرادة اللّه جل شأنه و عز اسمه أن يمن علينا بلطفه العميم و فضله الجسيم تلك الامنية حتى يبرز الأجزاء الخمسة كلها إلى الوجود.

فحمدا لك يا إلهي على ما ذلّلت أمام طريقنا كل الصعاب، و وفرت علينا كل جوانب العمل.

فنسألك اللهم و ندعوك أن تتقبله منّا بأحسن قبولك و تجعله خالصا لوجهك المقدس، عاريا عن كل ما يبعدنا عن ساحة لطفك.

ص: 403

و قد تم الجزء الخامس بحمد اللّه تبارك و تعالى في اليوم العاشر من جمادى الاولى عام 1395 في غرفة إدارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج.

و كان الشروع فيه يوم الرابع من شوال المكرم 1394.

و قد جاء بحمد اللّه تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء السادس من كتاب البيع) و أوله:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين (كتاب البيع) و هو في الأصل.

و إني لارى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية أجزاء الكتاب و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الإسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه.

في 1395/5/15 عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 404

المجلد 6

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الاهداء

سيدي. أبا صالح.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك.. يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 5

ص: 6

كتاب البيع

ص: 7

ص: 8

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين، و لعنة اللّه على أعدائهم الى يوم الدين.

كتاب البيع

اشارة

(كتاب البيع) (1)

في معنى البيع

البيع لغة

و هو في الاصل (2) كما عن المصباح المنير (3) مبادلة (4) مال بمال

+++++++++++

(1) مصدر باع يبيع اجوف يائي، و هو من الأضداد كالجون و الطهر حيث يطلق الاول على السواد و البياض، و الثاني على الطهر و الحيض.

فالبيع يطلق تارة على البيع، و اخرى على الشراء كلفظة الشراء حيث إنها من الأضداد، اذ مرة تطلق على البيع، و ثانية على الشراء.

و هذا الاطلاق و الاستعمال في كل من المعنيين على سبيل الحقيقة، لا أن في احدهما حقيقة، و في الآخر مجازا.

بعبارة اخرى أن لفظه البيع في كل من المعنيين مشتركة بالاشتراك اللفظي لكلا المعنيين.

(2) اى لفظة البيع في الوضع اللغوي.

(3) كتاب في علم اللغة يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(4) مصدر باب المفاعلة من بادل يبادل معناه التبادل بين اثنين:

بمعنى أن كل واحد من المتبادلين يأخذ ما في يد صاحبه بعد تمليك كل منهما ما يملكه للآخر.

بعبارة اخرى: أن البائع يعطي ما في يده لصاحبه ازاء ما يأخذه من المشتري من الثمن، و المشتري يعطي ما في يده لصاحبه ازاء ما يأخذه من البائع من المثمن.

ص: 9

و الظاهر (1) اختصاص المعوض بالعين، فلا (2) يعم ابدال المنافع بغيرها، و عليه (3) استقر اصطلاح الفقهاء في البيع.

نعم (4) ربما يستعمل في كلمات بعضهم في نقل غيرها.

+++++++++++

(1) اى الظاهر من لفظة البيع، لا من تعريف صاحب المصباح المنير كما اشتبه على بعض الأفاضل: أن المعوض مختص بالعين، و لا يجوز جعله منفعة.

و منشأ هذا الظهور شيئان: التبادر. و صحة السلب.

(أما الاول): فلتبادر العين من لفظة البيع عند اطلاقاتها و موارد استعمالاتها في قول القائل: بعت، فإنها متى اطلقت يراد منها بيع الأعيان لا بيع المنافع.

و قد قيل قديما و حديثا: إن التبادر من علائم الحقيقة.

(و أما الثاني): فلصحة سلب البيع عن تمليك المنفعة بعوض في قولك: بعتك منفعة الدار سنة بعشرة دنانير، فيصح أن يقال: إن بيع المنفعة ليس ببيع.

و قد قيل قديما و حديثا: صحة السلب من علائم المجاز، و عدمها من علائم الحقيقة، فاستعمال لفظة البيع في المنفعة تكون مجازا.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من الاستظهار المذكور، اى فعلى ضوء هذا الاستظهار لا تشمل لفظة البيع تبديل المنافع بغير المنافع: بأن تجعل المنافع معوضا و العين عوضا في قولك: بعتك سكنى الدار سنة كاملة بعشرة دنانير.

و كذلك لا تشمل تبديل المنافع بالمنافع في قولك: بعتك سكنى الدار سنة بسكنى الدار سنة.

(3) اى و على الاستظهار المذكور: من أن المعوض مختص بالعين

(4) استدراك عما افاده: من اختصاص المعوض بالعين

و خلاصته: أن بعض فقهاء الامامية قد استعمل لفظة البيع في تبديل المنافع: بأن جوز جعل المعوض منفعة فيصح أن يقال: بعتك منفعة الدار سنة

ص: 10

بل يظهر ذلك (1) من كثير من الأخبار كالخبر (2) الدال على جواز بيع خدمة المدبر، و بيع سكنى الدار التي لا يعلم صاحبها (3)

+++++++++++

مع وجود الاستظهار المذكور: بمعنى أنه يقول بصحة وقوع المنافع في المعوض.

(1) و هو استعمال البيع في تبديل المنافع.

(2) من هنا يروم الشيخ الاستشهاد بالأحاديث على ما أفاده: من استعمال البيع في تبديل المنافع.

راجع حول الخبر (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3. ص 72.

الحديث 7.

أليك نص الحديث:

عن ابن أبي مريم عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: سئل عن الرجل يعتق جاريته عن دبر أ يطؤها إن شاء، أو ينكحها، أو يبيع خدمتها حياته؟

قال: نعم اي ذلك شاء فعل

فالشاهد في اطلاق البيع على خدمة الجارية المدبرة.

(3) هذا ثان الأحاديث للاستشهاد المذكور.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 250. الباب 3 من أبواب عقد البيع. الحديث 5.

أليك محل الشاهد من الحديث:

قلت: يبيع سكناها، أو مكانها في يده فيقول: أبيعك سكناي و تكون في يدك كما هي في يدي؟

قال: نعم يبيعها على هذا

فالشاهد في اطلاق البيع على مبادلة المنافع.

ص: 11

و كأخبار بيع الأرض الخراجية و شرائها (1).

و الظاهر (2) أنها مسامحة في التعبير، كما (3) أن لفظة الإجارة تستعمل عرفا في نقل بعض الأعيان كالثمرة على الشجرة.

و أما العوض (4) فلا اشكال في جواز كونه منفعة (5) كما في غير

+++++++++++

(1) هذا ثالث الأحاديث للاستشهاد المذكور.

راجع نفس المصدر. ص 275. الحديث 7.

أليك نصه:

عن محمد بن مسلم قال: سألته عن شراء أرضهم.

فقال: لا بأس أن تشتريها فتكون - اذا كان ذلك - بمنزلتهم تؤدي فيها كما يؤدون فيها

فالشاهد في اطلاق الشراء على مبادلة المنافع.

(2) أي الظاهر من استعمال لفظة البيع في المنافع في الموارد الثلاثة في الأخبار المذكورة، و في غير هذه الأخبار.

و لا يخفى أن الاستعمال المذكور ليس مسامحة، حيث كان السائد في العصور الغابرة في معنى البيع معناه الأعم الذي يشمل الأعيان و المنافع ثم اختص في اصطلاح الفقهاء بمبادلة العين و هي لا تشمل المنافع.

(3) تنظير للمسامحة المذكورة، أي المسامحة المذكورة نظير المسامحة في اطلاق لفظة الاجارة الموضوعة لنقل المنافع و استعمالها في نقل الأعيان كما في بيع الثمرة على الأشجار.

(4) و هو الثمن.

(5) هذا بناء على أن العوض و المعوض يتشخصان في الخارج و معلومان.

و أما إذا لم يكونا معلومين و متشخصين فكيف يمكن تعيين العوض حتى يجعل منفعة بإزاء عين اخرى؟

ص: 12

موضع من القواعد و التذكرة و جامع المقاصد

و لا يبعد عدم الخلاف فيه (1).

نعم (2) نسب إلى بعض الأعيان (3) الخلاف فيه.

و لعله (4) لما اشتهر في كلامهم: من أن البيع لنقل الأعيان.

و الظاهر (5) ارادتهم بيان المبيع.

نظير (6) قولهم: إن الإجارة لنقل المنافع.

+++++++++++

(1) أي في وقوع المنافع عوضا.

(2) استدراك عما أفاده: من عدم وقوع الخلاف في وقوع المنافع عوضا.

(3) قيل: المراد منه (الاستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني).

و قيل: (الشيخ جعفر كاشف الغطاء) أي هذا البعض أفاد بوجود المخالف في وقوع المنافع عوضا.

(4) توجيه من الشيخ لما أفاده هذا البعض الذي هو من أعيان فقهاء الطائفة الإمامية، أي و لعل منشأ هذه المخالفة هي الشهرة الواقعة في كلمات الفقهاء: من أن لفظة البيع موضوعة لنقل الأعيان ثمنا و مثمنا.

و لا شك أن لفظة الأعيان لا تشمل المنافع، حيث إن المال قد اخذ في مفهوم البيع في جانب العوض، كما قد اخذ في جانب المعوض فلا يصح وقوع المنافع في العوض و المعوض.

(5) ردّ من الشيخ للتوجيه المذكور.

و خلاصته: أن القائل بعدم وقوع المنافع عوضا بدعوى أن البيع موضوع لنقل الأعيان: يقصد منه المبيع فقط الذي هو المعوض، لا العوض فإن المنافع لا يصح أن تقع معوضا، و أما العوض فيصح وقوع المنافع فيه:

(6) تنظير للرد المذكور.

ص: 13

و أما عمل (1) الحر فإن قلنا: إنه قبل المعاوضة عليه من الأموال (2) فلا اشكال، و إلا (3) ففيه اشكال:

+++++++++++

و خلاصته أنه كما يراد من لفظة المنافع في تعريف الفقهاء الاجارة:

بأنها موضوعة لنقل المنافع: العوض فقط اي العوض في الاجارة يصح أن يقع منفعة.

و أما المعوض فلا، فإنه لا بدّ أن يكون من الأعيان و هي النقود و الدراهم و الدنانير.

كذلك يراد من لفظة الأعيان في تعريف الفقهاء البيع: بأنه موضوع لنقل الأعيان: المعوض فقط، لا العوض اي المعوض لا يصح وقوع المنافع فيه و أما العوض فيصح وقوعها فيه كما عرفت.

(1) لما كان الكلام في البيع و قلنا: إن له عوضا و معوضا، و إنه لا بدّ أن يكون المعوض عينا فلا يصح وقوع المنافع فيه.

بخلاف العوض: فإنه يصح وقوع المنافع فيه.

و كان من جملة المنافع الأعمال الحرفية كالكتابة و البناية و التجارة و الخياطة و ما ضار بها من الأعمال الحرفية الصادرة من الانسان في الخارج:

اراد أن يذكر أنه هل يصح وقوع هذه الأعمال عوضا أولا؟

هذا بعد الفراغ عن عدم جواز وقوعها معوضا

فهنا فصل و أفاد فقال: إن عمل الانسان إن كان قبل المعاوضة عليه يعد من الأموال: بحيث يبذل بإزائه المال عرفا و يقصده العقلاء فلا اشكال في وقوعه عوضا، لأنه مال عرفا مقصود للعقلاء

(2) اي بعد من الأموال كما عرفت

(3) هذا هو الشق الثاني للتفصيل المذكور الذي افاده الشيخ اي و إن لم نقل: إن عمل الحر يعد من الأموال؛ و لا يبذل بإزائه المال ففي جعله عوضا

ص: 14

من (1) حيث احتمال اعتبار كون العوضين في البيع مالا قبل المعاوضة يدل عليه (2) ما تقدم عن المصباح (3).

و أما الحقوق (4) فإن لم تقبل المعاوضة بالمال،

+++++++++++

اشكال، لوقوع البيع على شيء تحققت ماليته و سبقت

و من الواضح أن عمل الحر قبل الشروع فيه لا يكون مالا حتى يباع و يجعل عوضا، و بعد الشروع في العمل يحصل تدريجيا اي شيئا فشيئا فهو تدريجي الحصول لا يمكن تحققه في الخارج إلا بعد إنهاء العمل كله.

فكيف يصح جعله عوضا مع اعتبار المالية في البيع، حيث اخذت في مفهومه عند تعريف صاحب (مصباح المنير) بقوله في ص 7: البيع مبادلة مال بمال.

(1) كلمة من بيان لوجه الاشكال في جعل عمل الانسان عوضا لو لم يعد مالا. و قد عرفت وجه الاشكال آنفا.

(2) اي على احتمال اعتبار كون العوضين مالا في البيع.

(3) عند نقل الشيخ عنه في ص 7 بقوله: كما عن مصباح المنير:

مبادلة مال بمال، فالمال قد اخذ في مفهوم البيع.

ثم البيع له أركان أربعة: البائع و المشتري، و العوض و المعوض

(4) بعد أن ذكر الشيخ عمل الانسان، و أنه هل يمكن أن يجعل عوضا أولا: اراد أن يذكر الحقوق المقررة من قبل الشارع، و التي ثبت أن لها كيانا من قبله، فاخذ في عد تلك الحقوق و التفصيل بينها، و اثبات أن أيا منها يصح جعله عوضا في البيع، و أيا منها لا يصح.

ثم لا يخفى عليك أن في بعض نسخ الكتاب لفظة (الاخرى) موجودة هكذا: و أما الحقوق الاخرى.

و هذا ليس بصحيح، لأنه لم يسبق من شيخنا الأنصاري قدس سره

ص: 15

كحق (1) الحضانة و الولاية (2) فلا اشكال.

و كذا لو لم تقبل النقل كحق الشفعة (3)

+++++++++++

ذكر حق من الحقوق حتى يقول: و أما الحقوق الاخرى، و لا شك أن هذه الزيادة من النساخ الذين حرفتهم الكتابة و هم اميون لا يعرفون شيئا سوى الكتابة.

(لا يقال): إن الشيخ قد ذكر عمل الحر فهو يعد حقا.

(فإنه يقال): إن عمل الحر لا يعد من الحقوق.

(1) هذا احد الحقوق التي لا يصح جعله عوضا في البيع

و الحضانة بكسر الحاء و فتحها من حضن يحضن وزان نصر ينصر فهو متعد معناها جعل الصبي في الحضن.

و يسمى تربية الطفل حضانة، للملازمة بينها و بين تربيته.

و هذا الحق ليس قابلا للمعاوضة بالمال فلا يصح جعله ثمنا و لا مثمنا و كذا ليس قابلا للنقل حتى يقابل بالمال، و البيع تمليك الغير.

(2) هذا ثان الحقوق التي ليست قابلة للمعاوضة فلا يصح جعله ثمنا و لا مثمنا في البيع، و كذا ليس قابلا للنقل حتى يقابل بالمال، و البيع تمليك الغير.

و الولاية بكسر الواو و فتحها معناها السلطة على الطفل و تولي اموره

(3) هذا ثالث الحقوق التي ليست قابلة للمعاوضة فلا يصح جعله ثمنا و لا مثمنا في البيع، و لا قابلا للنقل حتى يقابل بالمال، و البيع تمليك الغير.

و الشفعة بضم الشين و سكون الفاء و فتح العين وزان غرفة جمعها شفع وزان غرف معناها شرعا استحقاق الشريك الواحد الحصة المبيعة لشريكه في الارض، أو في الدار.

و للشفيع اخذ الشفعة فورا بعد علمه بها بالثمن المسمى في متن العقد

ص: 16

و حق الخيار (1)، لأن (2) البيع تمليك الغير.

+++++++++++

من غير أن يتعلق بالشريك شيء من المصاريف الاخرى.

(1) هذا رابع الحقوق التي ليست قابلة للمعاوضة، و لا للنقل فلا يصح أن يجعل ثمنا في البيع، للزومه تسلط المرء على نفسه.

خذ لذلك مثالا:

لو اشترى من له الخيار شيئا ممن عليه الخيار و جعل ثمن الشيء نفس الخيار الذي كان له فقد اصبح من عليه الخيار ذا حق على فسخ العقد، حيث جاءت له القدرة و السلطة على الفسخ من قبل الشارع فيلزم حينئذ تسلط الانسان على نفسه و هو غير معقول.

ثم إن الخيار بكسر الخاء اسم مصدر من الاختيار معناه تسلط احد البائعين على فسخ العقد.

و هو على قسمين:

(احدهما) يجعل من الشارع و هي ستة:

خيار المجلس، خيار العيب، خيار الحيوان، خيار الغبن، خيار الرؤية، خيار التأخير.

(ثانيهما): يجعل احد المتبايعين، أو كليهما الخيار لنفسه بواسطة الشرط في متن العقد.

و قد ذكر الشيخ جميع أقسام الخيار و أحكامه في كتاب الخيار من (المكاسب) و أسهب فيه، و نحن عند ما نقدم على طبعه إن شاء اللّه نعلق عليه حسب ما تقتضيه عباراته في الخيار قدس اللّه نفسه الزكية.

و أما الشفعة فراجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 من ص 396 الى ص 417.

(2) تعليل لعدم وقوع الحقوق المذكورة عوضا و لا معوضا في البيع

ص: 17

و لا ينتقض (1) ببيع الدين على من هو عليه، لأنه (2) لا مانع

+++++++++++

(1) اي التعليل المذكور و هو قوله: لأن البيع تمليك الغير.

خلاصة هذا النقض أنكم قلتم: إن الحقوق المذكورة لا تصح جعلها عوضا و لا معوضا في البيع، لعدم قابليتها للمعاوضة بالمال، لأن البيع تمليك الغير، و في الحقوق ليس شيء حتى يملكه الغير.

و نحن نرى بالعيان أن الفقهاء أفتوا بجواز بيع الدين على المدين و نفس العلة و المناط: و هو عدم القابلية موجودة في بيع الدين على من هو عليه الدين، مع أنه ليس شيء موجود حتى يباع و يملكه الآخر.

فما تقولون هنا؟

و أما بيع الدين على المدين فخذ لذلك مثالا:

كانت ذمة زيد مشغولة لعمرو بمبلغ يساوي مائة دينار ثم باع الدائن هذا الدين بمبلغ قدره تسعون دينارا فقبل المشتري ذلك و اشتراه منه فتسقط ذمة المدين عن الدين المذكور، لأن الدائن ببيعه طلبه هذا للمدين فقد أسقط ما في ذمته، و اذا سقط ما في ذمته فلا يبقى عليها شيء حتى يملكه الدائن للمدين و يبيعه عليه، فالقول بالجواز خرم للقاعدة المذكورة: و هو إن البيع تمليك الغير.

(2) هذا جواب من الشيخ عن الانتقاض المذكور.

و خلاصته: أن سقوط ما في ذمة المدين التي اشتغلت للدائن فرع تملكه للدين حتى يصدق السقوط فاذا ثبت التملك ثبت السقوط، و إلا فلا

ففيما نحن فيه و هو بيع الدين على من هو عليه الدين يملّك الدائن طلبه الذي بذمة زيد المدين لزيد فيتملكه المدين بعد الشراء فتبرأ ذمته عن الدين فيسقط حق الدائن فيصدق مفهوم البيع في حق المدين و لا تنخرم القاعدة الكلية أبدا فهي بحالها كما كانت عليه، لعدم المانع من اجتماع التمليك و السقوط

ص: 18

من كونه تمليكا فيسقط، و لذا (1) جعل الشهيد في قواعده الإبراء مرددا بين الإسقاط و التمليك

و الحاصل (2): أنه يعقل أن يكون مالكا لما في ذمته فيؤثر تمليكه

+++++++++++

فيصح تفرع أحدهما على الآخر كما هنا.

نعم يمكن أن يكون اجتماع التمليك و السقوط موجبا للالتباس و الاشتباه فيقال: بانخرام القاعدة المذكورة.

لكنه بعد التأمل الدقيق يرتفع الاشتباه، حيث لا مانع من اجتماع التمليك و السقوط كما عرفت آنفا.

(1) اي و لاجل أنه لا مانع من اجتماع التمليك و السقوط، و أن بيع الدين على من هو عليه: هو مفهوم البيع: جعل (الشهيد الاول):

الإبراء، اي إبراء ذمة المدين عن الدين مرددا بين التمليك و الإسقاط:

بمعنى أن الإبراء إنما يتحقق في الخارج بعد تمليك الدائن طلبه للمدين ثم إسقاط ذمته عنه، فحصوله متوقف على الامرين لا محالة بحيث لو لم يكن التمليك لم يحصل السقوط، و لو لم يحصل السقوط لم يحصل الإبراء.

ثم إنه من الإمكان أن يكون مراد (الشهيد) من جعل الابراء مرددا بين الإسقاط و التمليك: أن الابراء على قسمين:

التمليك و الإسقاط، اي معنى إبراء الدائن ذمة المدين هو تمليك الدائن المدين أولا ثم يؤثر هذا التمليك في سقوط ما في ذمة المدين فيسقط ما ذمته من الدين قهرا فلا يجتمع التمليك و السقوط حتى يقال: كيف يعقل ذلك.

(2) اي و قد تحصل من مجموع ما قلناه في حق الشفعة و الخيار و الحضانة و الولاية: من عدم وقوعها عوضا، لعدم قابليتها للمعاوضة و النقل، لاستلزام الوقوع عدم التعلل و الاستحالة المذكورة.

و من مجموع ما قلناه في إمكان بيع الدين على من هو عليه الدين

ص: 19

السقوط، و لا يعقل أن يتسلط على نفسه.

و السر (1) أن الحق سلطنة فعلية لا يعقل قيام طرفيها بشخص واحد، بخلاف الملك، فإنه نسبة بين المالك و المملوك و لا يحتاج إلى من يملك عليه حتى يستحيل اتحاد المالك و المملوك عليه فافهم (2).

+++++++++++

لإمكان تملك المدين ما في ذمته بالبيع ثم سقوط ما في الذمة عن الدين قهرا بعد التملك من دون لزوم محذور في البين: الفرق بين الحقوق المذكورة، و بين بيع الدين، حيث إنه لا يعقل جعل الحقوق المذكورة عوضا في البيع، و يعقل بيع الدين على من هو عليه الدين بعد تملك المدين ما في ذمته، و سقوط ما في ذمته بتمليك الدائن له.

(1) تعليل لامكان بيع الدين على من هو عليه، و عدم تعقل جعل الحقوق عوضا، اي العلة في ذلك.

و خلاصة التعليل: أن الحق سلطة و قدرة فعلية له طرفان و هما:

من له الحق، و من عليه الحق.

و من الواضح أنه لا بد في تحققهما في الخارج بقيامهما بشخصين فلا يمكن قيامهما بشخص واحد، و إلا لزم الاتحاد و هو مستحيل.

بخلاف الملك، فإنه نسبة بين المالك و المملوك و هذه النسبة لا تحتاج في تحققها في الخارج الى من يملك عليه حتى لا يعقل قيام طرفيها بشخص واحد سواء قلنا: إن الملكية من الامور الواقعية المتأصلة التي لها حقيقة كشف عنها الشارع، أم قلنا: إنها من الامور المجعولة المفتعلة من العرف أو الشرع فنفس علقة الملكية كافية في تحقق الملك في الخارج فلا مانع من اتحادهما، و لا يلزم استحالة.

(2) لعل المراد أن شراء بعض الحقوق كحق الشفعة و الخيار معناه إسقاطه فلا مجال لتوهم تسليط المشتري على نفسه حتى يقال: إنه امر غير معقول.

ص: 20

و أما الحقوق القابلة للانتقال كحق التحجير (1)، و نحوه (2) فهي و إن قبلت النقل و قوبلت بالمال في الصلح إلا أن في جواز وقوعها (3) عوضا في المبيع اشكالا: من (4) اخذ المال في عوضي المبايعة لغة (5) و عرفا (6)، مع (7) ظهور كلمات الفقهاء عند التعرض لشروط،

+++++++++++

(1) التحجير عبارة عن حيازة انسان ارضا من الأراضي المفتوحة عنوة المشتركة بين المسلمين تبلغ مساحتها خمسين كيلومترا فرضا، ثم يحجر جوانبه الاربعة بمقدار يصدق عليه التحجير مع قصد التحجير فيكون هذا الحائز أولى من الآخرين بهذا المكان المحجر في التصرف فليس لاحد أن يتصرف في المكان إلا باجازة الحائز و اذنه، لأن التحجير مع القصد هو الموجب للملكية الناشئة من حق الاختصاص.

و قد سبق الاشارة الى حق الاختصاص في الجزء 1 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 286-291-292، و في الجزء 2. ص 154.

(2) كحق السبق و الأولوية في الأماكن العامة مثل الحسينيات و المساجد و الحرم و الأروقة للأئمة الأطهار صلوات اللّه عليهم، و المدارس الدينية فإن شخصا لو سبق الى هذه الأماكن فهو أولى من الآخرين، و ليس لهم دفعه عن مكانه و الجلوس فيه، فلو صلى فيه الآخر بطلت صلاته.

(3) اي وقوع هذه الحقوق عوضا في المبيع كما عرفت.

(4) كلمة من بيان لكيفية ورود الاشكال في وقوع حتى التحجير و حق السبق عوضا في المبيع، و قد ذكر الشيخ الاشكال في المتن فلا نعيده.

(5) كما افاده صاحب المنير بقوله في ص 7: البيع مبادلة مال بمال

(6) حيث إنهم يفهمون من البيع أنه مبادلة مال بمال.

فالمال مأخوذ في مفهوم البيع على كل حال.

(7) اي و بالإضافة الى دلالة اللغة و العرف على اخذ المال في مفهوم

ص: 21

العوضين (1) و لما يصح أن يكون اجرة (2) في الاجارة:

+++++++++++

البيع: لنا دليل آخر على عدم جواز وقوع حق التحجير، و حق السبق عوضا في البيع و إن كانا قابلين للنقل.

و ذاك الدليل هو تصريح الفقهاء في حصر الثمن في المال في موضعين من أبواب الفقه.

(احدهما) في المبيع حيث ذكروا عند شرائط العوضين: أنه لا بدّ من كون العوضين مما يتمول.

(ثانيهما): في الاجارة، حيث قالوا: لا بد أن تكون الاجرة في الاجارة مما يتمول.

فهذا التصريح يتنافى و جعل حق التحجير، و حق السبق عوضا في المبيع، حيث إنهما ليسا مالا حتى يصح جعلهما عوضا و ان كانا قابلين للنقل.

و لا يخفى أنه بناء على كونهما قابلين للانتقال لم لا يصح جعلها عوضا؟

اللهم إلا أن يراد من المال النقود و العرض.

(1) هذا هو الموضع الاول من الموضعين الذين اشرنا إليه بقولنا:

احدهما في المبيع.

(2) هذا هو الموضع الثاني من الموضعين الذين اشرنا إليه بقولنا:

ثانيهما في الاجارة.

فعلى ضوء ما ذكره الشيخ ظهر لك أن الحقوق حسب تقسيمه على ثلاثة أقسام:

(الاول): ما لا يقبل المعاوضة بالمال فلا يصح جعله عوضا كحق الحضانة و الولاية، فإنه لا يعوض بالمال

نعم يمكن جعله مجانا كما لو طلقت المرأة و لها ولد صغير فتأخذه امرأة اخرى و تحضنه مجانا.

ص: 22

في حصر (1) الثمن في المال.

تعاريف الفقهاء و المناقشة فيها
اشارة

ثم الظاهر (2) أن لفظ البيع ليس له حقيقة شرعية (3)، و لا متشرعية

+++++++++++

(الثاني): ما لا يقبل المعاوضة و لا النقل فلا يصح جعله عوضا فلا يقابل بالمال لا مجانا و لا عوضا كحق الشفعة و الخيار، للزوم المحذور المذكور: من تسلط المرء على نفسه و هو قبيح.

(الثالث): ما يقبل الانتقال فيقابل، مجانا، و بالعوض كحق التحجير و حق السبق و الأولوية.

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: مع ظهور.

(2) اي من كلمات الفقهاء، و الأخبار.

(3) لا بأس باشارة إجمالية الى الحقيقة الشرعية و معناها.

فنقول: لا شك في وجود الحقائق اللغوية، و أن الألفاظ الموجودة باللغات المختلفة موضوعة للماهيات الخارجية.

خذ لذلك مثالا.

إن لفظة (ماء) قد وضعها الواضع العدبي للجسم السيال البارد بالطبع.

و لفظة (زيد) للهيكل الخارجي المعبر عنه بالحيوان الناطق، مع قطع النظر عن الصفات الطارئة على المسمى كالعذب، أو أنه ملح اجاج و كالسواد و البياض، و الطول و القصر، و غير هذه من الصفات.

و هكذا في بقية اللغات المنتشرة في العالم اجمع، فإن واضعها قد وضع الألفاظ المستعملة في الماهيات الموجودة لمعانيها المتداولة، بين أمته و أبناء قومه.

و لا شك أن هذا الواضع واحد يتبعه جيل من الناس من اهل لسانه و بيئته.

ص: 23

بل هو باق على معناه العرفي كما سنوضحه ان شاء اللّه تعالى.

+++++++++++

ثم الوضع إما تعييني، أو تعيني.

و الاول يحصل يجعل لفظ خاص بإزاء معنى خاص كما في وضع لفظ زيد للهيكل الخارجي و تخصيصه به.

أو معنى عام كوضع لفظ انسان بإزاء معنى عام و هو (الحيوان الناطق):

و الثاني و هو (الوضع التعيني): يحصل بكثرة استعمال اللفظ في معنى بحيث يألف الذهن منه، و يبلغ الى حد كلما ذكر اللفظ تبادر منه المعنى المذكور الذي استعمل اللفظ فيه.

ثم الوضع على أربعة أقسام

(الاول: الوضع الخاص و الموضوع له الخاص) كوضع لفظ زيد باعتبار معنى جزئي: و هو الهيكل الخارجي الخاص.

(الثاني: الوضع العام و الموضوع له العام) و هذا يكون المتصور فيه كليا بنفسه، لا بوجهه.

الثالث: الوضع العام و الموضوع له الخاص) اي يكون المتصور كليا و الموضوع له أفراد ذلك الكلي، لا نفسه.

بعبارة اخرى أن الموضوع له جزئي غير متصور بنفسه، بل بوجهه.

(الرابع: الوضع الخاص و الموضوع له العام) اي يكون المتصور جزئيا، و الموضوع له كليا لذلك الجزئي.

لا شك في استحالة قسم الرابع، لأن القول بذلك مستلزم للقول بامكان وقوع الخاص وجها و مرآة و عنوانا للعام، لأننا قلنا: إنه لا بدّ أن يتصور المعنى الموضوع له حين الوضع بنفسه، أو بوجهه، لاستحالة الحكم على المجهول.

ص: 24

..........

+++++++++++

و المفروض في هذا القسم أن المعنى الموضوع له لم يكن متصورا و إنما المتصور هو الخاص لا غير، و لو كان بنفسه و لو بسبب تصور الخاص لعد من القسم الثاني الذي هو الوضع العام و الموضوع له العام.

و لا كلام في إمكان القسم الثاني و وقوعه.

و أما القسم الثالث و هو الوضع العام و الموضوع له الخاص فهو ممكن و واقع و قد مثلوا له بالحروف الجارة، و أسماء الاشارة، و الضمائر و الموصولات، و أدوات الاستفهام.

لكن ذهب (صاحب الكفاية) إلى أن الوضع و الموضوع له و المستعمل فيه في الحروف و ما ذكر من الأسماء عام و الخصوصية إنما جاءت و نشأت من ناحية الاستعمال.

ثم أورد هو على مقالته هذه فقال: إنه بناء على ذلك لم يبق فرق بين الأسماء و الحروف فيجوز استعمال لفظة الابتداء الاسمي في من الحرفية الابتدائية، و بالعكس، و الحال أن الاسم معناه استقلالي، و الحرف معناه آلي

فأجاب عن الاشكال بعدم جواز استعمال كل منهما مكان الآخر، حيث إن الاسم وضع ليستعمل في معناه إذا لوحظ مستقلا بنفسه.

و الحرف إنما وضع ليستعمل في معناه إذا لوحظ آلة و حالة لغيره.

و قد اشبعنا الكلام في شرحنا على الكفاية (دراسات في اصول الفقه) الجزء 1. من ص 30 الى ص 38. فراجع.

ثم إن للبحث صلة طويلة لا يناسب المقام ذكرها هنا، و إنما ذكرنا هذا المختصر، ليكون القارئ الكريم على بصيرة تامة على الاصطلاحات الدارجة في الكتب الاصولية.

هذا كله في الحقائق اللغوية.

ص: 25

..........

+++++++++++

و أما الحقائق العرفية فكذلك لا شك في وجودها و تحققها في الخارج كاتفاقهم على القيام لمن ورد في المجالس مثلا.

و أما الحقائق الشرعية، أي الماهيات المختلفة المجعولة من قبله كماهية الصلاة المركبة من شروط و أجزاء بما لها من شروط و أجزاء فمما لا شك فيه أن الصلاة بالكيفية المذكورة، و كذلك بقية العبادات و المعاملات من العقود و الايقاعات بالكيفية الخاصة إنما جاءت من قبل الشارع المقدس و لم تكن بمثابة الماهيات المفتعلة من أرباب الشرائع و الأديان في الأزمنة السابقة، و العصور الغابرة و إن كانت موجودة في زمانهم و الناس مكلفون باتيانها.

خذ لذلك مثالا:

الصلاة عند الشريعة الاسلامية لها شروط و هي الطهارة: من التوضؤ بالكيفية الخاصة المذكورة في الكتب الفقهية، و إباحة الماء، و المكان، و العلم بدخول وقت الصلاة، و بالقبلة.

و أجزاء: من النية و التكبيرة و القراءة و القيام و الركوع و السجود و التشهد و التسليم فهذه الأجزاء و الشرائط اخترعها الشارع و جاء بها للناس من قبل الباري عز و جل

ثم لا شك في تبادر هذه المعاني من الصلاة، و غير هذه المعاني من غير الصلاة: من بقية العبادات و المعاملات عند اطلاقها عند المتشرعين.

فلو قال زيد لعمرو: صل يتبادر إلى ذهن عمرو الصلاة بالكيفية التي ذكرناها لك من الأجزاء و الشرائط.

و إنما الكلام في أن الشارع هل له عرف خاص كعرف أهل اللغة و عرف أهل الآفاق في وضع هذه الألفاظ لتلك المعاني بوضع خاص

ص: 26

..........

+++++++++++

مستقل على حدة: بأن قال:

أيتها الامة المسلمة إني وضعت لفظة الصلاة التي كانت موضوعة لمطلق الدعاء لهذه الماهية المركبة من الأجزاء و الشرائط.

و كذا وضعت لفظ الصوم الذي كان موضوعا لمطلق الإمساك:

للإمساك الخاص المعين زمانا و شروطا

و هكذا لفظة الزكاة التي كانت موضوعة لمطلق النماء وضعتها للنمو الخاص المعين تحت شروط و قيود خاصة.

و كذا لفظ الحج الذي كان موضوعا لمطلق القصد: وضعته للقصد الخاص تحت شروط و قيود خاصة.

و هكذا بقية الماهيات المخترعة: من العبادات و المعاملات: من العقود و الايقاعات.

و من الماهيات الموجودة في الخارج لفظة البيع و لا شك في أن الشارع قد استعمل لفظة البيع في ماهية خاصة بما لها من قيود و شرائط: من كمال المتعاقدين من حيث البلوغ و العقل و الاختيار.

و من معلومية العوضين: من حيث القدر و الجنس و الوصف بعد العلم بأن الواضع قد وضعها لمطلق مبادلة مال بمال، و للنقل و الانتقال بأي وجه حصل، سواء أ كان المتعاقدان بالغين أم لا، عاقلين أم لا، مختارين أم لا

و سواء أ كان العوضان معلومين أم لا.

إذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أن الشيخ و كثيرا من الأعلام الذين بلغوا القمة في التحقيق أنكروا الحقائق الشرعية، أي وضع الألفاظ الواردة في العبادات و المعاملات لتلك الماهيات المخترعة، و الحقائق المجعولة بالوضع التعييني بالكيفية التي ذكرناها لك.

بل الألفاظ المذكورة باقية على معانيها العرفية و هي مبادلة مال بمال من دون أن يتصوروا تلك الماهيات بما لها من شرائط و أجزاء.

ص: 27

إلا أن الفقهاء رضوان اللّه عليهم قد اختلفوا في تعريفه (1).

ففي المبسوط و التذكرة و غيرهما: انتقال عين من شخص (2) إلى غيره (3) بعوض مقدر على وجه التراضي (4).

و حيث إن في هذا التعريف مسامحة (5) واضحة عدل آخرون إلى تعريفه: بالايجاب (6) و القبول (7) الدالين على الانتقال.

+++++++++++

نعم لا شك في استعمال الشارع الألفاظ المذكورة في تلك المعاني لكنه لم يعلم كيفية استعماله لها هل كان بنحو النقل بأن قال: نقلت لفظة الصلاة مثلا الموضوعة للدعاء و وضعتها لهذه الصلاة بما لها من أجزاء و شرائط.

أو غلب هذا الاستعمال في زمانه و اشتهر حتى أفاد بغير قرينة؟

ثم لا يخفى عليك أنه بناء على ما أفاده الشيخ: من بقاء تلك الألفاظ على معانيها العرفية لو شككنا في شرطية شيء، أو جزئيته نجري أصالة البراءة.

و أما إذا قلنا بالحقيقة الشرعية فلا بد من الاتيان بها عند الشك فيها.

(1) أي في تعريف البيع.

(2) و هو البائع.

(3) و هو المشتري.

(4) أي بين المتبايعين.

(5) وجه المسامحة أن الانتقال من آثار البيع المترتبة عليه، فالبيع الذي هو النقل من قبل البائع موجب لحصول الانتقال الى المشتري بعد قبوله ذلك النقل فليس البيع هو الانتقال فهو من باب المطاوعة من باب كسرت الكوز فانكسرت.

(6) أي من قبل البائع الذي ينشأ نقل المبيع الى المشتري.

(7) أي من قبل المشتري الذي ينشأ نقل الثمن الى البائع.

ص: 28

و حيث (1) إن البيع من مقولة المعنى دون اللفظ مجردا، أو بشرط قصد المعنى (2)، و إلا (3) لم يعقل انشاؤه باللفظ: عدل جامع المقاصد إلى تعريفه (4): بنقل العين بالصيغة المخصوصة (5).

+++++++++++

(1) هذا اشكال على التعريف الثاني

و خلاصته: أن المقصود من لفظ بعت و قبلت مدلولهما و هو النقل و الانتقال، لا مجرد لفظهما مع قطع النظر عن دلالتهما على المقصود المذكور.

(2) أي و ليس البيع من مقولة اللفظ بشرط قصد المعنى من اللفظ

(3) أي و لو كان البيع من مقولة اللفظ المجرد عن قصد المعنى.

أو المركب من اللفظ و المعنى: لم يعقل إنشاء البيع باللفظ، حيث إن النقل و الانتقال لا يحصلان إلا بقصد المعنى فكيف يعقل إنشاء ذلك باللفظ المجرد، أو باللفظ مع قصد المعنى، فإن اللفظ لا ينشأ باللفظ.

ثم اعلم أن الصور الممكنة في البيع أربعة:

(الاولى): أن يكون البيع من مقولة المعنى فقط، و ليس للفظ في ايجاده مدخلية أبدا، سوى أنه معبر عن المعنى، و لذا لو أمكن التعبير عنه بغير اللفظ لجاز ذلك كما في بيع المعاطاتي.

(الثانية): أن يكون من مقولة اللفظ المجرد عن المعنى.

و هذا قطعي الانتفاء.

(الثالثة): أنه من مقولة اللفظ بشرط قصد المعنى.

(الرابعة): أنه من مقولة المعنى بشرط التعبير به عن اللفظ.

و في الصورة الثالثة و الرابعة لا يمكن تصحيح المعاطاة في البيع.

(4) أي تعريف البيع.

(5) و هو الايجاب و القبول الدالين على النقل و الانتقال بلفظ بعت و قبلت.

و هذا ينطبق على الصورة الرابعة فقط.

ص: 29

و برد عليه (1) مع (2) أن النقل ليس مرادفا للبيع، و لذا (3) صرح في التذكرة بأن ايجاب البيع لا يقع بلفظ نقلت، و جعله من الكنايات (4) و أن (5) المعاطاة عنده بيع مع خلوها عن الصيغة: أن (6) النقل بالصيغة أيضا لا يعقل انشاؤه بالصيغة.

+++++++++++

(1) أي و يرد على تعريف المحقق الكركي البيع بأنه نقل العين بالصيغة المخصوصة.

(2) اي و بالإضافة الى أن النقل ليس مرادفا للبيع، حيث إن النقل يشمل الصلح على القول بأنه عقد مستقل، و يشمل الهبة، سواء أ كانت معوضة أم لا.

(3) اي و لاجل أن النقل ليس مرادفا للبيع، حيث إنه أعم من البيع لشموله الصلح و الهبة المعوضة و غيرها.

(4) جمع كناية بكسر الكاف مصدر كنى يكني معناه في الاصطلاح التعبير عن شيء معين بلفظ غير صريح في الدلالة على ذلك الشيء المعين.

و إنما يؤتى بالكناية لغرض من الأغراض العقلائية كالايهام على السامعين مثلا.

ثم التعبير عن الشيء المعين بلفظ غير صريح قد يكون بذكر لوازم و وسائط كثيرة كقولك: زيد كثير الرماد، فإن كثرة الرماد تدل على كثرة الطبخ، و كثرة الطبخ تدل على كثرة الضيوف و الواردين، و كثرة الواردين تدل على كرم زيد وجوده الذي هو المقصود الاصلي من الكناية

(5) اي و يرد على تعريف (المحقق الكركي) أيضا أن المعاطاة عنده بيع مع أنه خال عن الصيغة.

(6) هذه الجملة (أن النقل) مرفوعة محلا فاعل لقوله: و يرد عليه، اي و يرد على المحقق مضافا الى ما ذكر من الايرادين و هما: عدم

ص: 30

و لا يندفع (1) هذا: بأن المراد من البيع نفس النقل الذي هو مدلول الصيغة، فجعله (2) مدلول الصيغة اشارة إلى تعيين ذلك الفرد (3) من النقل، لا أنه (4) مأخوذ في مفهومه حتى يكون مدلول بعت نقلت

+++++++++++

كون النقل مرادفا للبيع، و كون المعاطاة عنده بيعا: أن النقل بالصيغة لا يعقل انشاؤه بالصيغة، لدخول إنشاء الصيغة في مفهوم البيع في تعريف المحقق بقوله: (إن البيع نقل العين بالصيغة المخصوصة) و الحال أن الصيغة لا تأتي الا باللفظ فكيف يعقل إنشاء اللفظ باللفظ.

و المراد من الصيغة المخصوصة: خصوص الانشاء بلفظ بعت.

(1) اي و لا يندفع ايرادنا على المحقق: بأن البيع لا يعقل انشاؤه بالصيغة: بما ذكره الدافع.

و خلاصة ما ذكره الدافع عن الايراد: أن مراد (المحقق الكركي) من النقل في تعريفه البيع: إن البيع نقل العين بالصيغة المخصوصة: نفس النقل الذي هو مدلول الصيغة، و ليس للإنشاء دخل في مفهوم البيع حتى يرد عليه ما ذكر: من عدم تعقل إنشاء البيع بالصيغة، بل البيع يتحقق و لو من دون ذكر الصيغة كما في المعاطاة، و إنما جعل البيع مدلول الصيغة الذي ينشأ بالصيغة: إشارة الى تعيين ذلك الفرد من النقل الذي هو البيع المنشأ بالصيغة من قبل البائع.

(2) اي البيع كما عرفت آنفا.

(3) و هو البيع الذي يقع بانشاء الصيغة من قبل البائع كما عرفت آنفا

(4) اي لا أن الانشاء له دخل في مفهوم البيع و أنه مأخوذ فيه حتى يرد على المحقق ما ذكر: من أنه يلزم إنشاء نقل الصيغة بالصيغة حتى يقال: إنه غير معقول كما عرفت آنفا.

ص: 31

بالصيغة، لأنه (1) ان اريد بالصيغة خصوص بعت لزم الدور، لأن المقصود معرفة مادة بعت.

+++++++++++

(1) جواب من الشيخ عن الدفاع المذكور الذي دافع عن المحقق.

و خلاصة الرد: أن (المحقق الكركي) إن اراد من الصيغة المخصوصة في قوله: (البيع نقل العين بالصيغة المخصوصة): خصوص لفظ بعث لزم الدور، لوقوع المعرف بالفتح الذي هو لفظ البيع في قوله: البيع نقل العين معرفا بالكسر، اي عرف البيع بالبيع، كأنه قال هكذا:

البيع نقل العين بالبيع فيلزم حينئذ (الدور الباطل)، و هو توقف الشيء على نفسه.

و إن اراد من الصيغة المخصوصة في قوله: البيع نقل العين بالصيغة المخصوصة) الأعم من البيع بحيث يشمل التمليك: وجب الاقتصار على مجرد التمليك و النقل فيؤتى بالصيغة المفيدة للنقل و التمليك.

و معنى الدور هو توقف الشيء على نفسه كتوقف وجود الألف على الباء و الباء على وجود الألف، و أقسام الدور ثلاثة.

(الاول): الدور المصرح و هو توقف الشيء على نفسه بلا واسطة في البين كما عرفت في المثال المذكور عند تعريف معنى الدور، فإن توقف الألف على الباء، و الباء على الألف نتيجته توقف الشيء على نفسه بغير واسطة.

و هذا الدور باطل، لأن معنى توقف الألف على الباء: أن الباء مقدم وجودا على الألف، و معنى توقف الباء على الألف: أن الألف مقدم وجودا على الباء فالنتيجة أن الألف متوقف على الألف فيلزم خلف الفرض، حيث كان الفرض أن الألف متوقف على الباء، لا على الألف حتى يلزم توقف الشيء على نفسه.

ص: 32

و إن اريد بها (1) ما يشمل ملكت وجب الاقتصار على مجرد التمليك و النقل (2).

فالأولى تعريفه: بأنه إنشاء تمليك عين بمال

فالأولى (3) تعريفه: بأنه إنشاء تمليك عين بمال، و لا يلزم

+++++++++++

(الثاني): الدور المضمر و هو كالاول في توقف الشيء على نفسه لكنه مع الواسطة.

سواء أ كانت الواسطة واحدة كما في قولك: الألف متوقف على الباء و الباء متوقف على الجيم أم متعددة كما في قولك:

الألف متوقف على الباء، و الباء متوقف على الجيم، و الجيم متوقف على الدال.

و هذا باطل أيضا، لعين الملاك الموجود في الاول.

(الثالث): الدور المعي، و هو عدم توقف الشيء على نفسه كما في توقف احدى اللبنتين على الاخرى، فإنه لا يلزم في هذا التوقف محذور توقف الشيء على نفسه كما في الأول و الثاني.

و هذا ليس باطلا، لعدم الاستحالة الموجودة في الاولين.

(1) أي بالصيغة المخصوصة المذكورة في قول المحقق: إن البيع نقل العين بالصيغة المخصوصة.

هذا هو الشق الثاني من ايراد الشيخ على تعريف المحقق الثاني البيع في قوله: البيع هو نقل العين بالصيغة المخصوصة.

(2) اى يلغى التقييد بالصيغة في التعريف، لعدم وجود خصوصية في مدلول ملكت حتى يتقيد بها النقل، فينبغي أن يقال في تعريف البيع هكذا: البيع هو النقل أو التمليك اى الاتيان بصيغة مفيدة للنقل و التمليك.

(3) هذا كلام الشيخ و هو يروم أن يعرف البيع بتعريف مخالف للتعاريف المتقدمة فقال: فالأولى أي المناسب في تعريف البيع أن يقال:

ص: 33

عليه (1) شيء مما تقدم.

يبقى عليه امور:
اشارة

نعم (2) يبقى عليه امور:

منها: أنه موقوف على جواز الايجاب بلفظ ملكت

(منها) (3): أنه موقوف على جواز الايجاب بلفظ ملكت، و إلا لم يكن مرادفا له

و يرده (4) أنه الحق كما سيجيء

منها: أنه لا يشمل بيع الدين على من هو عليه

(و منها) (5): أنه (6) لا يشمل بيع الدين على من هو عليه،

+++++++++++

إن البيع إنشاء تمليك عين بمال.

(1) اي و لا يرد على تعريفنا البيع: بأنه إنشاء تمليك عين بمال أي اشكال من الاشكالات الواردة على تعاريف القوم.

(2) استدراك عما افاده: من عدم ورود اشكال على تعريفنا البيع: بأنه إنشاء تمليك اي نعم يبقى على تعريفنا بعض الامور ترتقى الى خمسة قد ذكرها الشيخ بقوله: منها و منها و منها و منها و منها.

(3) أي من بعض تلك الامور الواردة على تعريفنا البيع بأنه إنشاء تمليك عين بمال.

هذا هو الامر الاول من الامور الخمسة

و خلاصته أن لازم هذا التعريف جواز إنشاء البيع و ايجاده بلفظ ملكت، حيث قال: البيع إنشاء تمليك عين.

(4) اي و يرد هذا الاشكال، أن إنشاء البيع و ايجاده بلفظ ملكت هو الحق كما يأتي في قوله في ص 51: و يظهر من بعض من قارب عصرنا استعماله في معان أخر، غير ما ذكر: احدها التمليك المذكور.

(5) أي و من بعض تلك الامور:

هذا هو الامر الثاني من الامور الخمسة.

(6) أي التعريف المذكور للبيع لا يشمل بيع الدين على من هو عليه و هو المدين.

ص: 34

لأن الانسان لا يملك مالا على نفسه.

و فيه (1) مع ما عرفت و ستعرف: من تعقل تملك ما على نفسه و رجوعه (2)

+++++++++++

(1) أي و في عدم شمول تعريفنا البيع بيع الدين على من هو عليه الدين نظر و اشكال.

و النظر هذا مشتمل على دليلين.

(الاول): أنه بالإضافة الى ما عرفت في ص 18-19: من أن تملك الانسان مالا على نفسه و ما في ذمته امر معقول.

(الثاني): أنه بالإضافة الى أن هذا النوع من التملك مآله الى سقوط ما في الذمة عن الدين، لأنه نظير التهاتر القهري الذي هو عبارة عن ثبوت طلب لشخص بذمة زيد قدره مائة دينار فباع زيد للدائن مائة طن من الحنطة بمبلغ قدره مائة دينار فاشتغلت ذمة كل واحد من الدائن و المدين الذي هو البائع بمثل ما اشتغلت ذمة الآخر و هي مائة دينار، فإن الدائن اشتغلت ذمته بثمن الحنطة، و المدين اشتغلت ذمته بالدين الّذي جاء من قبل الدائن فتسقط ذمة كل واحد منهما سقوطا قهريا يسمى (بالتهاتر):

أن تمليك الدائن دينه للمدين، و تملك المدين لما في ذمته من قبل الدائن لو لم يكن امرا معقولا لم يعقل البيع اصلا و ابدا، اذ ليس للبيع لغة مفهوم سوى مبادلة مال بمال كما عرفت في تعريفه عن صاحب مصباح المنير في ص 9

و كذا ليس له مفهوم سوى النقل و التمليك و التعويض.

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من تعقل أي و من رجوع بيع الدين على من هو عليه الدين.

ص: 35

الى سقوطه عنه نظير (1) تملك ما هو مساو لما في ذمته، و سقوطه بالتهاتر (2): أنه (3) لو لم يعقل التمليك لم يعقل البيع، اذ ليس للبيع لغة و عرفا معنى غير المبادلة و النقل و التمليك، و ما يساويها من الألفاظ (4)، و لذا (5) قال فخر الدين (6): إن معنى بعت في لغة العرب ملكت غيري، فاذا لم يعقل ملكية ما في ذمة نفسه (7) لم يعقل شيء مما يساويها (8)

+++++++++++

هذا هو الدليل الثاني و قد عرفته عند قولنا في ص 35: الثاني أنه بالإضافة الى أن.

(1) هذا تنظير لإمكان تعقل تملك الانسان ما على ذمته و في نفسه و قد عرفت خلاصته في الدليل الثاني في ص 35.

(2) مصدر باب المفاعلة من تهاتر يتهاتر، و معناه السقوط القهري كما عرفت.

(3) جملة أنه لو لم يعقل مرفوعة محلا على أنها مبتدأ مؤخر خبره قوله: و فيه و قد عرفت معناه في الدليل الثاني.

(4) كالمعاوضة.

(5) أي و لاجل أنه ليس للبيع مفهوم لغة و عرفا سوى المبادلة و النقل و التمليك.

(6) هو نجل العلامة الحلي يأتي شرح حياته في أعلام المكاسب.

(7) مرجع الضمير المشتري المدين الذي يشتري طلب الدائن المستقر في ذمته بمبلغ اقل من ذلك.

(8) أي يساوي الملكية، لأن من لوازم النقل و المبادلة الملكية، بل النقل عين التمليك.

ص: 36

فلا يعقل البيع (1).

منها: أنه يشمل التمليك بالمعاطاة

(و منها) (2): أنه يشمل التمليك بالمعاطاة، مع حكم المشهور، بل دعوى الاجماع على أنها ليست بيعا.

و فيه (3) ما سيجيء: من كون المعاطاة بيعا، و أن مراد النافين نفي صحته (4).

منها: صدقه على الشراء

(و منها) (5): صدقه على الشراء، فإن المشتري بقبوله للبيع يملك ماله بعوض المبيع.

و فيه (6) أن التمليك فيه ضمني و إنما حقيقته التملك بعوض،

+++++++++++

(1) لأنك قد عرفت أنه ليس للبيع مفهوم لغة و عرفا سوى المبادلة

(2) هذا هو الامر الثالث من الامور الخمسة المذكورة الباقية على تعريف الشيخ البيع.

(3) هذا جواب عن الأمر الثالث

و خلاصته أن المعاطاة هو البيع بعينه مشتمل على كل ما يشمله البيع سوى الصيغة و هو الايجاب و القبول.

(4) أي صحة المعاطاة: بمعنى أن مرادهم من نفي البيع عن المعاطاة نفي الصحة عنه؛ لا نفي اصل بيعيته، اى المعاطاة الفاقدة للصيغة فاقدة للصحة.

(5) هذا هو الأمر الرابع من الامور الخمسة المذكورة الباقية على تعريف الشيخ البيع.

(6) هذا جواب عن الأمر الرابع.

و خلاصته: أن تمليك المشتري ماله و سلعته للبائع انما هو ضمني أي في ضمن تمليك البائع ماله للمشتري، لا تمليك استقلالي مباشري

ص: 37

و لذا (1) لا يجوز الشراء بلفظ ملكّت تقدم على الايجاب أو تأخر (2) و به (3) يظهر اندفاع الايراد بانتفاضه بمستأجر العين بعين، حيث (4) إن الاستيجار يتضمن تمليك العين بمال أعني المنفعة.

+++++++++++

لأن المشتري بقبوله المبيع ازاء ما دفعه للبائع فقد اصبح البائع مالكا للثمن فحقيقة الشراء في الواقع هو التملك بعوض و هذا لا يحتاج الى التمليك المباشري الاستقلالي.

(1) اي و لأجل أن حقيقة الشراء هو التملك بعوض.

(2) وجه عدم جواز الشراء بلفظ ملكت مشددة أنه تمليك بدوي استقلالي، لا ضمني و الحال أن الشراء تمليك ضمني.

و لا يخفى أن عدم جواز الشراء بلفظ ملكت في صورة تأخر ملكت عن الايجاب محل تأمل.

(3) أي و بما قلنا: من أن التمليك في الشراء ضمنى، لا مباشري استقلالي يظهر اندفاع النقض الوارد على تعريفنا البيع: بأنه إنشاء تمليك عين بمال.

و خلاصة النقض: أنه لو استأجر شخص عينا بعين: بأن استأجر دارا من زيد و دفع في مقابل ثمنها دارا له بمدة معينة قبال المدة المستأجرة من زيد فيصدق هنا التعريف المذكور للبيع؛ حيث إن مستأجر العين بالعين قد انشأ تمليك عين بمال فلا يكون التعريف مطردا أي مانعا للأغيار و من شأن التعريف أن يكون مانعا للأغيار و جامعا للأفراد.

(4) هذا جواب عن الانتقاض المذكور.

و خلاصته: أنه كما قلنا: إن التمليك في الشراء ضمني، كذلك التمليك في الاستيجار ضمني، لأن من يستأجر العين بالعين و يجعل العين

ص: 38

منها: انتقاض طرده بالصلح على العين بمال، و بالهبة المعوضة.

(و منها) (1): انتقاض طرده بالصلح على العين بمال، و بالهبة المعوضة.

و فيه (2) أن حقيقة الصلح و لو تعلق بالعين ليست هو التمليك على وجه المقابلة و المعاوضة، بل معناه الأصلي هو التسالم، و لذا (3) لا يتعدى

+++++++++++

ازاء العين المستأجرة يقبل منافع الدار الى مدة سنة كاملة، و بهذا القبول تصبح العين التي هو عوض عن المنافع ملكا للمؤجر الذي أجر عينه للمستأجر بإزاء عينه، فليس القبول من مستأجر العين بالعين تمليكا مباشريا للمؤجر، بل تمليك ضمني كما في الشراء.

(1) هذا هو الامر الخامس من الامور الخمسة المذكورة.

و خلاصته أن التعريف المذكور منتقض بالصلح على العين، و بالهبة المعوضة، لأنه لو صالح زيد عمرا على عين، أو وهب شيئا لعمرو بشرط أن يهب له شيئا ازاء هبته له، لصدق التعريف المذكور عليهما، حيث إن المتصالح و الواهب قد أنشئا تمليك عين بمال بعد أن اوقعا الصلح على العين، و الهبة على العين المعوضة.

إذا لا يكون التعريف مانعا للأغيار.

(2) هذا جواب عن الأمر الخامس.

و خلاصته: أن حقيقة الصلح ليست هو التمليك على وجه المقابلة و المعاوضة و إن تعلق بالعين.

بل مفهومه هو التسالم بين المتخاصمين بتنازل احدهما للآخر، فلفظ الصلح موضوع للتسالم لا غير، لا للمعنى الذي ذكره القائل.

(3) هذا دليل لكون الصلح موضوعا للتسالم بين المتخاصمين.

و خلاصته: أن الدليل على ذلك أن لفظ الصلح لا يتعدى بنفسه

ص: 39

بنفسه الى المال.

نعم هو (1) متضمن للتمليك اذا تعلق بعين، لا (2) أنه نفسه

و الذي يدلك على هذا (3) أن الصلح (4) قد يتعلق بالمال عينا، أو منفعة (5) فيفيد التمليك.

و قد يتعلق بالانتفاع (6) فيفيد فائدة العارية و هو مجرد التسليط.

و قد يتعلق بالحقوق (7) فيفيد الإسقاط، أو الانتقال.

و قد يتعلق بتقرير أمر بين المتصالحين (8) كما في قول أحد الشريكين

+++++++++++

الى المال فلا يقال: صالحتك المال، أو الدار، بل يقال: صالحتك على كذا بتعديه بحرف الجار.

(1) أي الصلح

(2) اى و ليس الصلح نفس التمليك مباشرة و استقلالا، بل يفيد التمليك ضمنا.

(3) أي الذي يرشدك الى أن مفهوم الصلح هو التسالم فهو الموضوع له للصلح، لا التمليك، بل التمليك فيه ضمني.

من هنا يروم الشيخ أن يذكر مؤيدات لمدعاه: و هو أن مفهوم الصلح هو التسالم و قد ذكر له مؤيدات خمسة.

و نحن نذكرها واحدا بعد واحد تحت رقمه الخاص.

(4) هذا هو المؤيد الاول لمدعاه.

(5) هذا هو المؤيد الثاني لمدعاه.

(6) هذا هو المؤيد الثالث لمدعاه.

(7) هذا هو المؤيد الرابع لمدعاه.

(8) هذا هو المؤيد الخامس لمدعاه.

ص: 40

لصاحبه: صالحتك على أن يكون الربح لك و الخسران عليك فيفيد مجرد التقرير، فلو كانت حقيقة الصلح هي عين كل من هذه المعاني الخمسة لزم كونه مشتركا لفظيا و هو واضح البطلان (1.) فلم يبق إلا أن يكون

+++++++++++

فرض المسألة في المؤيد الخامس هكذا:

شخصان قد اشتركا في مال قدره الف دينار مثلا، ثم اتجرا فيه و ربحا، إلا أن الربح موزع بين الناس دينا، ثم ارادا فسخ الشركة فيقول احدهما للآخر:

اعطني مالي الذي شاركته مع مالك فالربح لك و الخسران عليك اى لست أنا مسئولا عن الخسائر، كما أني لست سائلا عن الأرباح.

و إنما يقول ذلك و يقدم عليه، ليسلم ماله عن التلف فيتصالحان على ذلك و يقرران هذا الامر، و يفسخان هذه الشركة.

و قد جاء الحديث الشريف طبق هذا. أليك نص الحديث.

عن (الصادق) عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه، و كان من المال دين، و عليهما دين فقال احدهما لصاحبه:

اعطني رأس المال و لك الربح، و عليك التوى (1)

فقال: لا بأس اذا اشترطا، فاذا كان شرط يخالف كتاب اللّه فهو رد الى كتاب اللّه عز و جل.

(وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 165. الباب 4 من أحكام الصلح. الحديث(1)

(1) للزومه تعدد الوضع و الاصل عدمه كما عليه علماء العربية،

ص: 41


1- بالتاء المنقوطة مشتق من توى يتوى توى وزان هوى يهوى هوى معناه: الهلاك و التلف.

مفهومه معنى آخر: و هو التسالم فيفيد في كل موضع فائدة من الفوائد المذكورة بحسب ما يقتضيه متعلقه (1).

فالصلح على العين بعوض تسالم عليه و هو يتضمن التمليك، لا أن مفهوم الصلح في خصوص هذا المقام و حقيقته هو إنشاء التمليك.

و من هنا (2) لم يكن طلبه من الخصم اقرارا له، بخلاف طلب التمليك (3).

و أما (4) الهبة المعوضة و المراد بها هنا ما اشترط فيه العوض فليست

+++++++++++

لأن المتسالم عليه عندهم هو عدم الاشتراك في الأوضاع اللغوية.

(1) فان تعلق الصلح بالمال اقتضى تعلقه التمليك، و كذا لو تعلق بالمنفعة.

و ان تعلق بالانتفاع اقتضى العارية.

و هكذا في بقية ما تعلق به من المعاني المذكورة

(2) أي و من أن حقيقة الصلح ليست تمليك عين على وجه المقابلة و المعاوضة، بل مفهومه هو التسالم و التوافق بين المتصالحين، و تنازل من احدهما للآخر: لم يكن طلب الصلح من الخصم اقرارا منه على أن العين للخصم.

(3) حيث إن طلب التمليك من الخصم إقرار منه: بأن المتنازع فيه ملك للخصم.

(4) هذا وجه النظر من الشيخ في انتقاض التعريف المذكور للبيع بالهبة المعوضة.

و خلاصته: أن الهبة المعوضة التي اشترط فيها العوض في متن العقد نظير الهبة الغير المعوضة التي لم يشترط فيها العوض: في أنها تمليك

ص: 42

إنشاء تمليك بعوض على جهة المقابلة (1)، و إلا (2) لم يعقل تملك احدهما لاحد العوضين من دون تملك الآخر للآخر (3) مع أن ظاهرهم عدم تملك العوض بمجرد تملك الموهوب الهبة.

بل غاية الامر أن المتهب لو لم يؤد العوض كان للواهب الرجوع في هبته.

+++++++++++

مستقل يقصد بها وقوعها عوضا عما يهبه صاحبه له فقط، و ليس في هذه الهبة المعوضة حقيقة المعاوضة و المقابلة كما كانت هذه الحقيقة موجودة في البيع، حيث إن البائع بقوله: بعتك يقصد انتقال عينه الى المشتري بمجرد الايجاب، و المشتري بقوله: قبلت يقصد انتقال ماله الذي هو الثمن الى البائع بمجرد القبول، فلو تخلف احدهما عن سلعته بطل البيع.

فلو كان مفهوم الهبة المعوضة إنشاء تمليك عين بمال على جهة المقابلة و المعاوضة لما صح تعقل تملك احد العوضين، من دون تملك الواهب الآخر العوض الآخر، مع أنه يصح تملك احدهما احد العوضين من دون تملك الآخر العوض الآخر.

نعم يبقى شيء واحد في هذه الحالة و هو رجوع الواهب عن هبته لو لم يؤد المتهب العوض، فالمتهب يملك الهبة سواء دفع العوض أم لا.

(1) و لربما يكون جعل العوض مقصودا، لاجل أن تكون الهبة لازمة كما اذا وهب زيد لصديقه شيئا ثم اراد أن تكون لازمة فيطلب من الموهوب له عوضا جزئيا، ليحصل الفرض و هي الهبة المعوضة.

(2) أي و لو كانت الهبة المعوضة تمليكا بعوض على جهة المقابلة كما هو الحال في البيع كما عرفت معنى هذا عند قولنا: فلو كان مفهوم الهبة المعوضة الى آخره.

(3) لأنه بناء على أن مفهوم الهبة المعوضة هو التمليك على جهة المقابلة

ص: 43

فالظاهر (1) أن التعويض المشترط في الهبة كالتعويض الغير المشترط فيها: في (2) كونه تمليكا مستقلا يقصد به وقوعه عوضا، لا (3) أن

+++++++++++

كما يقول القائل يكون تملك كل منهما العوض متوقفا على تمليك كل منهما هبته، مع أنه لم يحصل التمليك إلا من جانب واحد فقط.

و المفروض أن الواهب لم يملك العوض بمجرد تملك الموهوب له الهبة ما دام لم يهب الموهوب له العوض الى الواهب كما هو ظاهر الفقهاء

نعم للواهب الرجوع في هبته لو لم يؤد الموهوب له العوض كما عرفت.

(1) الفاء جواب لأما في قوله: و أما الهبة المعوضة.

و قد عرفت الجواب في الهامش 4 من ص 42 عند قولنا: و خلاصته

(2) كلمة (في الجارة) بيان لوجه الشبه بين الهبة المعوضة المشترط فيها التعويض في العقد.

و بين الهبة الغير المعوضة التي لم يشترط فيها التعويض.

و قد عرفت وجه الشبه في الهامش 4 من ص 42 عند قولنا: في أنها تمليك مستقل يقصد بها.

(3) أي و ليست حقيقة المعاوضة و المقابلة مقصودة في كل من العوضين في الهبة المعوضة التي اشترط فيها العوض في متن العقد، و الهبة الغير المعوضة التي لم يشترط فيها العوض.

و قد عرفت وجه ذلك في الهامش 3 من ص 43 عند قولنا:

فلو كان مفهوم الهبة المعوضة.

ص: 44

حقيقة المعاوضة و المقابلة مقصودة في كل من العوضين كما يتضح ذلك (1) بملاحظة التعويض الغير المشترط في ضمن الهبة الاولى (2).

فقد تحقق مما ذكرنا (3) أن حقيقة تمليك العين بالعوض ليست إلا البيع، فلو قال: ملكتك كذا بكذا كان بيعا و لا يصح صلحا و لا هبة معوضة و ان قصدهما (4)، اذ (5) التمليك على جهة المقابلة الحقيقية

+++++++++++

(1) و هو أن حقيقة المعاوضة و المقابلة ليست مقصودة في كل من العوضين في الهبتين: الهبة المعوضة، و الهبة الغير المعوضة، فإن الواهب الأول الذي تصدر منه الهبة الأولى لا يقصد من هبته سوى كونها تمليكا مستقلا لا يتوقف هذا التمليك على تمليك الطرف الآخر له العوض.

كما أن الواهب الثاني في الهبة الثانية كذلك.

و يسمى الواهب في الهبة الاولى المتهب الأول.

و الواهب في الهبة الثانية المتهب الثاني.

(2) و هي الصادرة من الواهب الأول

(3) من أن مفهوم الصلح هو التسالم و التوافق، و مفهوم الهبة المعوضة و غير المعوضة هو التمليك المستقل يقصد بهذا التعويض وقوعه عوضا لا غير

و ليست حقيقة المعاوضة مقصودة في الصلح و الهبة كما كانت مقصودة في البيع.

(4) أي و إن قصد الصلح و الهبة المعوضة، و غير المعوضة من لفظ ملكتك الذي ليس صريحا فيهما، بل يقع البيع به فقط.

(5) تعليل لعدم وقوع الصلح، و الهبة المعوضة بلفظ ملكتك و ان قصدهما به؛ بل يقع البيع به.

و خلاصته: أن التمليك الواقع في قول القائل: ملكتك الدار مثلا القاصد به المقابلة الحقيقية: و هو انتقال كل من المثمن الى المشترى،

ص: 45

ليس صلحا، و لا هبة فلا يقعان به (1)

نعم (2) لو قلنا بوقوعهما بغير الألفاظ الصريحة توجه تحققهما مع قصدهما فما (3) قيل: من أن البيع هو الأصل في تمليك الأعيان بالعوض

+++++++++++

و الثمن الى البائع: ليس مفهوم الصلح، و الهبة المعوضة، و غيرها، اذ مفهوم الصلح كما عرفت هو التسالم، و مفهوم الهبة المعوضة، و غيرها هو التمليك المستقل.

(1) أي بلفظ ملكتك و ان قصد الصلح و الهبة المعوضة به.

(2) استدراك عما افاده: من عدم وقوع الصلح، و الهبة المعوضة و غيرها بلفظ ملكتك و ان قصدهما به.

و خلاصته: أنه لو قلنا بوقوع الصلح، و الهبة المعوضة، و غيرها بغير اللفظ الصريح: و هو صالحتك و وهبتك من الألفاظ الكنائية كقولك:

ملكتك فلا بد من قصد الصلح و الهبة من هذا اللفظ الغير الكنائى، لأن هذا اللفظ صالح لوقوعه في البيع و الصلح، و الهبة المعوضة، و غيرها.

بخلاف لفظة باع و أية صيغة اشتقت من هذه المادة، فإنها صريحة في البيع و لا يحتمل غيره منها.

و كذلك لفظة صالحتك، فإنها صريحة في الصلح، و لفظة وهبتك صريحة في الهبة، و لا يحتمل غيرهما منهما

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أنه لا بدّ من قصد الصلح و الهبة من لفظة ملكتك لو قلنا بوقوعهما بهما، حيث إنها صالحة للبيع و الصلح و الهبة، لأنها من الألفاظ الكنائية، و ليست تخص البيع.

و خلاصته: أنه بعد أن عرفت ذلك فلا مجال للقول باختصاص لفظة ملكتك بالبيع، و أنه عند الشك في المراد منها هل أنه البيع أو الصلح، أو الهبة تحمل على البيع، لتقدمه عليهما و ان قصد بها

ص: 46

فيقدم على الصلح و الهبة المعوضة: محل (1) تأمل، بل (2) منع، لما (3) عرفت: من أن تمليك الأعيان بالعوض هو البيع لا غير.

+++++++++++

الصلح و الهبة، لجريان الاصل العقلائي، حيث إن العقلاء يقدمون البيع على الصلح و الهبة.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فما قيل

هذا تعليل لعدم مجال للقول بذلك

وجه التعليل: أن اللفظ الكنائي صالح لارادة المعاني المتعددة منه و لا سيما اذا اريد منه معنى خاص كما في ملكتك: حيث إنه صالح لارادة البيع و الصلح و الهبة منه. و قد اريد منه الصلح و الهبة، فلم يختص بالبيع عند إرادة الصلح و الهبة منه.

(2) اى إرادة البيع من لفظة ملكتك مع قصد الصلح و الهبة ممنوعة.

هذا رأي الشيخ في قبال قول القائل بحمل لفظة ملكتك على البيع و ان اريد منها الصلح و الهبة.

و قد عرفت وجه المنع في الهامش 3 من ص 46 عند قولنا: حيث إنها صالحة لارادة معنى البيع و الصلح و الهبة، و لا سيما عند إرادة الصلح و الهبة من لفظة ملكتك.

(3) تعليل من القائل بتقديم البيع على الصلح و الهبة فيما اذا وقع تمليك شيء بلفظة ملكتك التي هي من الألفاظ الكنائية، و ليست هذه الجملة تعليلا للتأمل، أو بل منع الواقعين في كلام الشيخ كما هو الظاهر حيث وقعت بعد قوله: محل تأمل، بل منع: اذ الشيخ لا يقول بتقديم البيع على الصلح و الهبة لو وقعت معاملة بلفظة ملكتك الصالحة للجميع و لا سيما اذا قصد منها الصلح، أو الهبة.

ص: 47

نعم (1) لو اتي بلفظ التمليك بالعوض و احتمل إرادة غير حقيقته كان مقتضى الاصل اللفظي حمله على المعنى الحقيقي فيحكم بالبيع، لكن الظاهر أن الأصل بهذا المعنى (2) ليس مراد القائل المتقدم.

و سيجيء توضيحه (3) في مسألة المعاطاة في غير البيع ان شاء اللّه

بقي القرض داخلا في ظاهر الحد

بقي القرض داخلا في ظاهر الحد (4)

+++++++++++

بل القائل بذلك هو القيل، فإنه يقول بتقديم البيع في مورد يقصد بلفظة ملكتك تمليك العين في مقابل العوض.

(1) استدراك عما افاده: من عدم مجال لتقديم البيع على الصلح أو الهبة.

و خلاصته: أنه عند الاتيان بلفظة ملكتك بكذا، و احتمال إرادة المعنى الحقيقي منها و هو البيع تحمل اللفظة على المعنى الحقيقي، لأنه مقتضى الأصل اللفظي عند الشك في إرادة المعنى الحقيقي من اللفظ، أو المجازي اذا كان اللفظ غير صريح في معنى كما فيما نحن فيه، حيث إن ملكتك كما عرفت اكثر من مرة صالح للبيع و الصلح و الهبة، و أنه غير صريح في البيع.

فالأصول اللفظية حاكمة على هذا التقديم، و لا مجال لارادة الصلح أو الهبة منه، لكونهما معنى مجازيا له.

(2) و هو الأصل اللفظي، حيث إن القيل اراد من الأصل الأصل العقلائي كما عرفت في الهامش 3 من ص 46-47 عند قولنا: لجريان الاصل العقلائي.

(3) اي توضيح هذا الأصل اللفظي و أنه حاكم عند الشك، و أن البيع مقدم على الصلح و الهبة في مثل لفظة ملكتك.

(4) أي في تعريف الشيخ البيع بقوله: البيع إنشاء تمليك عين

ص: 48

و يمكن اخراجه (1): بأن (2) مفهومه ليس نفس المعاوضة، بل هو تمليك على وجه ضمان المثل، أو القيمة، لا (3) معاوضة للعين بهما و لذا (4)

+++++++++++

بمال: حيث إن القرض هو إنشاء تمليك عين لو قال: اقرضتك مائة دينار، أو ملكتك هذا و عليك عوضه.

(1) أي اخراج القرض من تعريف الشيخ البيع؛ فلا يكون التعريف شاملا للأغيار.

(2) الباء بيان لكيفية خروج القرض عن التعريف، أي مفهوم القرض ليس نفس المعاوضة الحقيقية، كما كانت هذه المعاوضة الحقيقية ملاكا في البيع.

(3) أي و ليس مفهوم القرض هي المعاوضة للعين بالمثل، أو القيمة

(4) أي و لاجل أن مفهوم القرض خارج عن مفهوم المعاوضة للعين بالمثل، أو القيمة، بل مفهومه تمليك عين على وجه ضمان المثل، أو القيمة لا يجري فيه ربا المعاوضة.

مقصود الشيخ من عدم جريان ربا المعاوضة في القرض: أن ربا البيع يشترط فيه أن يكون العوضان من المكيل، أو الموزون، أو من جنس واحد حتى يجري فيه الربا، مع أن ربا القرض محرم مطلقا، سواء أ كان العوضان عن المكيل، أم من الموزون، أم من جنس واحد، أم لم يكونا كذلك.

فحرمة الزيادة ثابتة فيه بنحو الإطلاق، لأنه يشترط في حرمة الربا النفع و الفائدة، و هذه الفائدة و النفع في أي شيء حصلت في المكيل، أو في غيره، في الموزون أو في غيره، في التجانس أو في غيره: يحصل الربا فيحرم القرض، فهذا هو السر في عدم جريان ربا المعاوضة في القرض

ص: 49

لا يجري فيه ربا المعاوضة، و لا الغرر (1) المنفي فيها، و لا (2) ذكر

+++++++++++

و ليس المقصود من عدم جريان الربا: أن الربا لا يجري في القرض كما قد يتوهم

(1) أي و لأجل أن القرض خارج عن مفهوم المعاوضة، و ليس هو نفسها، بل مفهومه تمليك عين على وجه الضمان بالمثل، أو القيمة:

لا يجري فيه الغرر المنفي في المعاوضة و هو البيع، لأن الغرر هو الخطر فلا بد في المعاوضة: من علم المتعاقدين بالمبيع، و الثمن، و القدرة على تسليم المبيع الى المشتري، و تسليم الثمن الى البائع، و هذه الشروط لا تجري في القرض، لعدم القدح بجهالة المال المقرض بالفتح كما و كيفا.

فلو استقرض زيد من عمرو مبلغا فاخذ المقرض بالكسر قبضة من الدراهم و اقرضها لزيد من غير عد صح القرض.

نعم يعتبر علم المقترض بعد القرض بالمبلغ، ليتمكن من ادائه، حتى تبرأ ذمته عن الدين بعد أن اشتغلت به، و هذا العلم لا دخل له في أصل صحة القرض.

و هكذا لو استقرض شخص من شخص آخر طعاما فاقرضه مقدارا من الطعام من دون كيل و وزن صح القرض.

نعم يعتبر علم المقترض بالمقدار حتى يتمكن من ادائه و تبرأ ذمته، و هذا لا دخل له في اصل صحة القرض كما علمت آنفا.

و لا يخفى عليك أن الفقهاء اختلفت كلماتهم في القرض المجهول فبين قائل بالصحة، و بين قائل بالبطلان.

راجع كلماتهم في الكتب الفقهية المطولة و ليس هنا محل ذكرها.

(2) أي و لأجل أن مفهوم القرض مغاير لمفهوم المعاوضة و المقاولة:

لا يشترط فيه ذكر العوض، كما اشترط ذلك في المعاوضة.

ص: 50

العوض، و لا (1) العلم به فتأمل (2)

ثم إن ما ذكرناه تعريف للبيع المأخوذ في صيغة بعت و غيره من المشتقات (3)

يظهر من بعض من قارب عصرنا استعماله في معان اخرى غير ما ذكر
اشارة

و يظهر من بعض من قارب عصرنا (4) استعماله (5) في معان اخرى غير ما ذكر

أحدها: التمليك المذكور، لكن بشرط تعقبه بتملك المشتري

(احدها (6): التمليك المذكور، لكن بشرط تعقبه (7) بتملك المشتري، و إليه (8) نظر بعض مشايخنا؛ حيث اخذ قيد التعقب بالقبول مأخوذا في تعريف البيع المصطلح (9)

+++++++++++

(1) أي و لاجل أن مفهوم القرض مغاير لمفهوم المعاوضة و المقاولة لا يشترط في القرض العلم بالعوض؛ مع أن العلم به مشروط في المعاوضة.

(2) أي فيما ذكر: من عدم جريان ربا المعاوضة، و الغرر المنفي و ذكر العوض، و العلم بالعوض، لأنه نوقش في كل واحد منها، و ليس هنا مقام ذكر المناقشة.

(3) أي من مشتقات مادة بعت: و هو باع يبيع باعوا باعا باعت بعن لا أبيع لا نبيع بعت بعنا.

(4) و هو (الشيخ الكبير كاشف الغطاء)

(5) أي استعمال لفظ البيع.

(6) من هنا شرع الشيخ في عد موارد استعمال البيع في معان اخرى فقال: احد تلك المعاني التمليك.

(7) أي تعقب التمليك يتملك المشتري: بأن يقول المشتري بعد ايجاد البيع و انشائه: قبلت

(8) أي و الى هذا المعنى الذي افاده (كاشف الغطاء): من تعقب التمليك بلفظ قبلت من قبل المشتري اشار (صاحب الجواهر).

(9) و هو إنشاء تمليك عين بمال.

ص: 51

و لعله (1) لتبادر التمليك المقرون بالقبول من اللفظ، بل (2) و صحة السلب عن المجرد، و لهذا (3) لا يقال: باع فلان ماله إلا بعد أن يكون قد اشتراه غيره (4)

و يستفاد من قول القائل: بعت مالي أنه اشتراه غيره، لا أنه أوجب البيع فقط (5)

+++++++++++

(1) أي و لعل منشأ تقييد التمليك بتعقب المشتري القبول بقوله:

قبلت هو التبادر، أي تبادر هذا المعنى من لفظة البيع عند إطلاقه متى اطلق من حاق اللفظ و سياقه، لا من القرائن الخارجية.

و قد قيل قديما و حديثا: إن التبادر علامة الحقيقة، و عدمه علامة المجاز كتبادر الحيوان المفترس من الاسد، و عدم تبادر الرجل الشجاع منه

(2) أي و لعل منشأ تقييد التمليك المذكور بتعقب المشتري القبول بقوله: قبلت هي صحة سلب البيع عن البيع المجرد عن القبول.

و قد قيل حديثا و قديما: صحة السلب علامة المجاز، و عدمها علامة الحقيقة.

و معنى صحة السلب أن يصح للانسان أن يسلب المعنى الحقيقي عن اللفظ اذا استعمل في معنى ليس معناه حقيقة كسلب الماء عن الماء المستعمل في الأمراق، و عصير الفواكه: بأن يقال: إن ماء الأمراق و ماء عصير الفواكه ليس ماء مطلقا حقيقة، بل هو من السوائل، فاطلاق الماء عليه مجاز.

(3) أي و لأجل صحة سلب البيع عن البيع المجرد عن القبول

(4) و هو المشتري: بأن يقول متعقبا للايجاب: قبلت.

(5) أي من دون أن يقول المشتري: قبلت.

ص: 52

الثاني: الاثر الحاصل من الايجاب و القبول و هو الانتقال

(الثاني (1): الاثر الحاصل من الايجاب و القبول و هو الانتقال (2) كما يظهر من المبسوط و غيره.

الثالث: نفس العقد المركب من الإيجاب و القبول

(الثالث (3): نفس العقد المركب من الايجاب و القبول (4) و إليه (5) ينظر من عرّف البيع بالعقد.

قال: بل الظاهر اتفاقهم على إرادة هذا المعنى (6) في عناوين أبواب المعاملات (7) حتى الاجارة و شبهها التي ليست في الاصل اسما لاحد طرفي العقد.

المناقشة في هذه الاستعمالات

أقول (8): أما البيع بمعنى الايجاب المتعقب للقبول فالظاهر أنه

+++++++++++

(1) أي المعنى الثاني من معان اخرى للبيع الذي استعمل فيها.

(2) المراد من الانتقال هو الاثر الحاصل من نقل المبيع الى المشتري و نقل الثمن الى البائع شرعا، لا عرفا، فإن العرف يرى الاثر من انتقال المبيع الى المشتري من دون توقفه على قبول المشتري.

(3) أي المعنى الثالث من معان اخرى للبيع الذي استعمل فيها.

(4) اي البيع يطلق على نفس الصيغة ايجابا و قبولا.

(5) أي و الى المعنى الثالث للبيع نظر من عرّف البيع بالعقد و قال:

إن البيع هو العقد، أى هي الصيغة المركبة من الايجاب و القبول.

(6) و هو المعنى الثالث للبيع: من أنه نفس العقد المركب من الايجاب و القبول.

(7) أي من اولها الى آخرها من قولهم: كتاب البيع، كتاب الاجارة، كتاب الحوالة، كتاب القرض، كتاب الرهن، كتاب الجعالة

(8) من هنا يروم الشيخ أن يناقش (كاشف الغطاء) فيما افاده:

من استعمال البيع في معان اخرى فقال ما حاصله:

ص: 53

ليس مقابلا للاول (1) و إنما هو فرد انصرف إليه اللفظ في مقام قيام القرينة على إرادة الايجاب المثمر (2) اذ لا ثمرة في الايجاب المجرد (3)

فقول المخبر: بعت إنما اراد الايجاب المقيد (4)، فالقيد (5) مستفاد من الخارج، لا أن البيع مستعمل في الايجاب المتعقب للقبول (6)

و كذلك (7)

+++++++++++

إن المعنى الاول من المعاني المذكورة للبيع ليس مغايرا للمعنى الذي نحن ذكرناه في تعريف البيع: من أنه إنشاء تمليك عين بمال حتى يجعل معنى مستقلا للبيع، بل المعنى الاول هو فرد انصرف إليه لفظ البيع بواسطة القرينة الخارجية: و هو كون العقد عبارة عن الايجاب المثمر الذي هو الانتقال الى المشتري.

و من الواضح أن هذا الاثر لا يحصل إلا بعد قول المشتري: قبلت لأنه لا ثمرة في الايجاب المجرد عن القبول.

(1) و هو تعريف الشيخ البيع: بأنه إنشاء تمليك عين بمال كما عرفت.

(2) و هو الانتقال كما عرفت.

(3) اي المجرد من القبول كما عرفت.

(4) أي بالقبول المتعقب للبيع كما عرفت.

(5) و هو القبول المتعقب للبيع كما عرفت.

(6) كما افاده الشيخ كاشف الغطاء، لأن الذي ذكره فرد انصرف إليه البيع كما عرفت آنفا.

(7) أى و هكذا لفظ نقلت و ابدلت و ملكّت مستعملة في الايجاب المتعقب للقبول من المشتري، و هذا القيد مستفاد من القرينة الخارجية التي عرفتها في ص 54 عند قولنا بواسطة القرينة الخارجية

ص: 54

لفظ النقل و الإبدال و التمليك، و شبهها (1)، مع أنه (2) لم يقل احد بأن تعقب القبول له دخل في معناها.

نعم (3) تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج في نظر الشارع، لا (4)

+++++++++++

(1) أي و شبه النقل و الإبدال و التمليك و هي الهبة المعوضة، أو بذي رحم.

(2) أي مع أن أحدا من الفقهاء لم يقل: إن تعقب القبول للايجاب له دخل في معاني الألفاظ المذكورة: و هي نقلت ابدلت ملكت وهبت

(3) استدراك عما افاده: من أنه لم يقل احد من الفقهاء: إن تعقب القبول له دخل في معاني الألفاظ المذكورة.

و خلاصته: أنه و إن قلنا بعدم دخل القبول للايجاب لكنا نقول:

إن تحقق القبول شرط للانتقال الذي هو الاثر الحاصل من الايجاب في الخارج في نظر الشارع، أو العرف بحيث اذا لم يتعقب الايجاب بالقبول و لم يقل المشتري: قبلت لم يتحقق هذا الانتقال الذي هو الأثر الحاصل من ايجاب البائع الناقل.

فتحقق الاثر دائر مدار تحقق القبول، إن تحقق تحقق الاثر، و إن لم يتحقق لم يتحقق، فلا تتحقق ملكية الدار المبيعة في قول البائع الناقل:

بعت في الخارج في نظر الشارع لو لم يقل المشتري: قبلت

(4) اي و ليس تحقق القبول شرطا للانتقال في نظر الناقل و هو البائع، حيث إن البائع بمجرد الايجاب و هو قوله: بعت يقطع اضافة الملكية المنتسبة إليه و علقتها عن نفسه، و يضيفها الى المشتري، سواء تحقق قبول في الخارج في نظر الشارع أم لا، ففي الحقيقة هو يقطع حبل الاتصال الممتد بينه، و بين الشيء المنتسب إليه عن نفسه، و يربطه إليه بمجرد الانشاء و الايجاب.

ص: 55

في نظر الناقل، اذ (1) التأثير لا ينفك عن الاثر، فالبيع (2) و ما يساويه

+++++++++++

بعبارة اخرى: أن الايجاب تأثير، و الانتقال اثر فلا يجوز التفكيك بين التأثير و الاثر؛ فكلما وجد التأثير وجد الاثر، فهما كالعلة و المعلول فكما أن العلة كلما وجدت وجد المعلول.

كذلك ما نحن فيه و هو البيع، حيث إنه كلما وجد التأثير و هو إنشاء التمليك من قبل البائع وجد الاثر و هو الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري، و تحقق في الخارج في نظر الناقل من دون توقفه على شيء خارجي و هو قبول المشتري.

(1) تعليل للنفي في قوله: لا في نظر الناقل.

و قد عرفت التعليل و التأثير و الاثر في الهامش ص 55 عند قولنا: حيث إن البائع بمجرد الايجاب.

(2) هذه العبارة: (فالبيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب، لا الكسر و الانكسار) تحتاج الى بسط كلام أكثر من زميلاتها حيث إن الغموض و التعقيد فيها أزيد.

أليك الشرح حسب فهمنا القاصر.

لما افاد شيخنا الأعظم أن تعقب القبول من المشتري ليس شرطا في تحقق النقل في الخارج في نظر الناقل ردا على ما افاده (الشيخ الكبير كاشف الغطاء): من شرطية تعقب القبول في تحقق النقل: اراد أن يفرع على كلامه فقال:

فالبيع و ما يساويه، اى فعلى ضوء ما اخترناه: من عدم شرطية القبول في تحقق النقل يكون البيع و جميع مشتقاته، و ما يساويه في هذا المعنى: و هو إنشاء تمليك عين بمال: من لفظ (ابدلت ملكّت نقلت) من قبيل الايجاب و الوجوب في نظر الناقل، لا من قبيل الكسر و الانكسار

ص: 56

معنى من قبيل الايجاب و الوجوب، لا الكسر و الانكسار

+++++++++++

الذي لا يتحقق الانكسار في الخارج إلا بعد تحقق الكسر، فليس لتعقب القبول دخل في تحقق مفهوم البيع في الخارج في نظر الناقل.

نعم في نظر الشارع يكون البيع و ما يساويه معنى من قبيل الكسر و الانكسار في الخارج.

و استدل الشيخ على أن البيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب في نظر الناقل: بأن الوجوب كما يحصل في نظر الآمر عند ما يأمر و يقول: افعل و ان لم يتحقق و لم يحصل في الخارج في نظر غيره.

و هذا التحقق الخارجي في نظر الآمر واقع لا محالة، سواء أ كان الآمر عاليا مرتفعا في نظر الغير أم لا.

كذلك الانتقال الذي هو الاثر الحاصل من إنشاء تمليك البائع يحصل في الخارج في نظر الناقل بمجرد البيع و انشائه من دون توقفه على شيء آخر الذي هو تعقب الانشاء بالقبول من المشتري، فمعنى الاسم المصدري الذي هو الانتقال حاصل في نظر الناقل لا محالة و على أي حال.

و هكذا بقية الألفاظ المساوية للبيع في المعنى الذي هو إنشاء تمليك عين: من لفظ (ملكت نقلت ابدلت) يحصل الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري بها بمجرد إنشاء النقل و الإبدال و التمليك، من دون توقفها على تعقب القبول من ناحية المشتري.

نعم إن البيع و ما يساويه معنى: من الألفاظ المذكورة يكون من قبيل الكسر و الانكسار في نظر الشارع.

فكما أن الانكسار لا يتحقق في الخارج إلا بعد تحقق الكسر.

كذلك الانتقال الذي هو الاثر و معنى الاسم المصدري لا يتحقق

ص: 57

كما تخيله (1) بعض، فتأمل (2).

و منه (3) يظهر ضعف اخذ القيد المذكور (4) في معنى البيع المصطلح (5)

+++++++++++

في الخارج في نظر الشارع إلا بعد تحقق القبول من المشتري، و تعقبه لانشاء البيع و ايجاده.

فعلى ضوء ما ذكرنا ظهر لك أن ما تخيله بعض: من أن البيع و ما يساويه معنى من قبيل الكسر و الانكسار في غير محله؛ لأن ايجاب البيع و انشاءه الذي يعبر عنه بالتأثير بمنزلة العلة، و الاثر الذي هو الانتقال بمنزلة المعلول فلا يعقل انفكاك المعلول عن العلة، و التأثير عن الاثر.

(1) أي تخيل أن البيع و ما يساويه معنى من قبيل الكسر و الانكسار

(2) الظاهر أن الامر بالتأمل لاجل غموض المطلب و تعقيده كما عرفت، لا لأجل الخدشة في اصل المطلب.

و لعمرو الحق أن الامر كذلك، حيث إن تصور كون البيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب في نظر الناقل، لا من قبيل الكسر و الانكسار، و أنه من قبيل الكسر و الانكسار في نظر الشارع امر دقيق عميق لا يمكن تصوره بسهولة.

(3) أي و من أن البيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب في نظر الناقل، لا من قبيل الكسر و الانكسار.

(4) و هو تعقب الايجاب بالقبول الذي افاده (كاشف الغطاء)

(5) و هو إنشاء تمليك عين بمال كما افاده (الشيخ الانصاري)

و أما وجه الضعف فالظاهر أن مفهوم البيع و ما وضع له هذا اللفظ عبارة عما يستعمله الموجب فيه.

و من الواضح أن هذا الموجب الذي هو الناقل لا يريد بلفظ البيع سوى

ص: 58

فضلا عن أن يجعل (1) أحد معانيه.

و أما البيع (2) بمعنى الاثر و هو الانتقال فلم يوجد في اللغة، و لا في العرف و انما وقع في تعريف جماعة، تبعا للمبسوط (3)

و قد يوجه (4) بأن المراد من البيع المحدود المصدر من المبني للمفعول اعني المبيعية، و هو (5) تكلف حسن.

+++++++++++

النقل، و لا يستعمله الا فيه، من دون التفاته الى القبول من المشتري اصلا كما أن الواضع لم يضع لفظ البيع إلا للنقل فقط.

(1) أي القيد المذكور و هو تعقب الايجاب بالقبول.

(2) هذا رد على المعنى الثاني للبيع الذي افاده (كاشف الغطاء):

من أن البيع هو الأثر الحاصل من الايجاب و القبول.

(3) حيث افاد (شيخ الطائفة) في المبسوط أن البيع هو الاثر الحاصل من الايجاب و القبول.

(4) أي ما افاده (شيخ الطائفة) في المبسوط.

و خلاصة التوجيه أن المراد من البيع الذي عرف بالأثر الحاصل من الايجاب و القبول هو معنى المصدر الذي صيغ من المبني للمفعول و هي المبيعية لا من الذي صيغ من المبني للفاعل و هي البائعية حتى يقال: لم يوجد في اللغة، و لا في العرف أن البيع بمعنى الاثر الحاصل.

و الفرق بين المبني للمفعول، و المبني للفاعل: أن النسبة المأخوذة في الاول نسبة الوقوع على المفعول، و النسبة المأخوذة في الثاني نسبة الصدور من الفاعل، و لذا فسر شيخنا الانصاري المصدر بالمبيعية.

(5) أي هذا التوجيه حسن، لكنه محتاج الى الكلفة، و المئونة الزائدة و هو تأويل البيع بالمصدر المبني للمفعول.

ص: 59

و أما البيع (1) بمعنى العقد فقد صرح الشهيد الثاني رحمه اللّه بأن اطلاقه عليه مجاز، لعلاقة السببية.

و الظاهر (2) أن المسبب هو الاثر الحاصل في نظر الشارع، لأنه المسبب عن العقد، لا (3) النقل الحاصل من فعل الموجب، لما (4)

+++++++++++

(1) هذا رد على المعنى الثالث للبيع الذي افاده (كاشف الغطاء):

و هو أن البيع هو العقد المركب من الايجاب و القبول.

و خلاصته أن اطلاق المبيع على العقد المركب مجاز بمناسبة السببية، لأن البيع مسبب عن العقد الذي هو سبب البيع فاطلق البيع على السبب فقيل: البيع هو العقد المركب من الايجاب و القبول، فليس الاطلاق اطلاقا حقيقيا حتى يكون معنى مستقلا للبيع، و يعد من احد معانيه.

(2) بعد أن افاد الشيخ أن البيع مسبب عن العقد، و العقد سبب له.

و افاد أن اطلاق البيع على العقد المركب من باب علقة السبب و المسبب، و ليس البيع نفس العقد المركب من الايجاب و القبول حتى يكون معنى مستقلا واحد معاني البيع كما افاد هذا المعنى (كاشف الغطاء) بقوله: الثالث نفس العقد المركب: اراد أن يبين أن المسبب في الواقع و نفس الامر في نظر الشارع هو الاثر الحاصل الذي هو الانتقال لا غير، لأن هذا الأثر هو المسبب عن القعد لا غير، فيكون البيع من قبيل الكسر و الانكسار، حيث لا يتحقق الانكسار ما لم يتحقق الكسر.

(3) أي و ليس المسبب هو النقل الحاصل من فعل الموجب و الذي هي صفة قائمة بفعل البائع حتى يكون البيع من قبيل الكسر و الانكسار

(4) تعليل لكون المسبب ليس هو النقل.

و حاصله أنك قد عرفت آنفا: أن النقل الذي هي صفة قائمة

ص: 60

عرفت: من أنه حاصل بنفس إنشاء الموجب، من دون توقفه على شيء كحصول (1) وجوب الضرب في نظر الآمر بمجرد الامر و ان لم يصر واجبا في الخارج في نظر غيره.

و الى هذا (2) نظر جميع ما ورد في النصوص، و الفتاوى (3):

+++++++++++

بالبايع حاصل بنفس إنشاء البائع و بايجاده البيع بقوله: بعت، من دون توقفه على شيء في الخارج فهو من قبيل حصول الضرب في نظر الآمر بمجرد امره حينما يقول: اضرب و ان لم يصر واجبا في الخارج و لم يتحقق فهو من قبيل الايجاب و الوجوب.

(1) تنظير لحصول النقل بنفس إنشاء البائع من دون توقفه على شيء و قد عرفت التنظير عند قولنا: فهو من قبيل حصول الضرب في نظر الآمر.

(2) اي و الى ان المسبب هو الاثر الحاصل الذي هو معنى الاسم المصدري في نظر الشارع، و أنه من قبيل الكسر و الانكسار تشير النصوص الواردة في المقام.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 46 الباب 11. الأحاديث.

أليك نص الحديث 4.

عن الحلبي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: أيما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى يفترقا فاذا افترقا؛ وجب البيع

فالحديث الشريف دال على أن السبب في الاثر الذي هو الانتقال هو العقد المشتمل على الايجاب و القبول في نظر الشارع، لا الايجاب المجرد عن القبول.

(3) اي و الى أن المسبب هو الاثر الحاصل الذي هو معنى الاسم المصدري تشير جميع الفتاوى الصادرة عن الفقهاء حول البيع و ما يساويه معنى من الألفاظ المذكورة في قولهم: لزم البيع: حيث يراد منه البيع

ص: 61

من قولهم: لزم البيع، أو وجب، أولا بيع بينهما، أو أقاله في البيع و نحو ذلك (1).

و الحاصل (2) أن البيع الذي يجعلونه من العقود يراد به النقل بمعنى اسم المصدر (3)، مع اعتبار تحققه في نظر الشارع المتوقف على تحقق الايجاب و القبول، فإضافة (4).

+++++++++++

المشتمل على الايجاب و القبول في نظر الشارع، لا في نظر الناقل.

(1) مثل قولهم: فسخ البيع؛ أو طلب الإقالة اي البيع المشتمل على الايجاب و القبول.

(2) أي الحاصل من جميع ما ذكرناه في البيع و ما يساويه معنى.

(3) و هو الأثر الحاصل المعبر عنه بالانتقال الذي لا يتحقق في الخارج في نظر الشارع الاّ بعد تعقب الايجاب بالقبول من المشتري كما عرفت مفصلا.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من أن البيع الذي يجعلونه من العقود يراد به النقل بمعنى اسم المصدر، اى فعلى ضوء ما ذكرنا تكون اضافة العقد الى البيع في قولهم: عقد البيع بالمعنى الذي ذكرناه و هو اسم المصدر الذي هو الانتقال: اضافة بمعنى اللام، اي سبب النقل المراد منه اسم المصدر و هو الانتقال هو العقد لا غير، اي من اضافة السبب الى المسبب

و ليست الاضافة فيه بيانية بمعنى من كاضافة خاتم الى الفضة، و اضافة الثوب الى القطن في قولهم: خاتم فضة، أو ثوب قطن أي خاتم من فضة، و ثوب من قطن، حيث يبين فيها نوعية الخاتم: من حديد، أو ذهب، أو فضة.

و نوعية الثوب: من قطن، أو صوف، أو حرير.

ص: 62

العقد الى البيع بهذا المعنى (1) ليست بيانية، و لذا (2) يقال: انعقد البيع؛ و لا ينعقد البيع.

البيع و نحوه من العقود اسم للصحيح أو الأعم

ثم إن الشهيد الثاني نص في كتاب اليمين من المسالك على أن عقد البيع، و غيره من العقود (3) حقيقة في الصحيح (4) مجاز في الفاسد (5) لوجود خواص الحقيقة و المجاز كالتبادر (6)، و صحة السلب (7).

قال: و من ثم (8) حمل الاقرار به (9) عليه (10) حتى لو ادعى إرادة الفاسد لم يسمع اجماعا، و لو كان (11) مشتركا بين الصحيح و الفاسد لقبل تفسيره باحدهما، كغيره من الألفاظ المشتركة (12)

+++++++++++

(1) و هو اسم المصدر كما عرفت آنفا.

(2) اى و لاجل أن اضافة العقد الى البيع بمعنى اسم المصدر ليست بيانية، بل سببية يقال: انعقد البيع اي تم الاثر الذي هو معنى اسم المصدر، و يقال: لا ينعقد البيع اى لم يتم الاثر الّذي هو معنى اسم المصدر

(3) كالاجارة و الصلح و الهبة و الوكالة و الجعالة و الحوالة و الكفالة

(4) اي تام الأجزاء و الشرائط، من حيث المتعاقدين و العوضين.

(5) و هو الفاقد للأجزاء و الشرائط.

(6) الذي هي علامة الحقيقة.

(7) التي هي علامة المجاز و قد عرفت معناهما في الهامش 1-2 ص 52

(8) اي و من اجل أن العقود حقيقة في الصحيح، و مجاز في الفاسد (9) اي الاعتراف بالبيع.

(10) اي على البيع الصحيح الذي يكون تام الأجزاء و الشرائط.

(11) اي عقد البيع و سائر العقود لو كان مشتركا لفظيا.

(12) كلفظة العين الموضوعة للمعاني المتعددة: من الذهب و الفضة

ص: 63

و انقسامه (1) الى الصحيح و الفاسد أعم (2) من الحقيقة، انتهى (3)

و قال الشهيد الاول في قواعده: الماهيات الجعلية كالصلاة و الصوم و سائر العقود لا تطلق على الفاسد (4) إلا الحج، لوجوب المضي فيه.

و ظاهره (5) إرادة الاطلاق الحقيقي

+++++++++++

و الميزان و العين الباكية و الجارية و الجاسوس.

فلو أقر شخص أمام الحاكم الشرعي أني عميت عين زيد فحكم الحاكم بالتقاص منه، أو بالدية و هي خمسمائة دينار لو كان صاحب العين ذكرا

ثم قال بعد الاقرار: اردت من الإعماء، إعماء العين النابعة، ليتخلص من الدية، أو التقاص قبل هذا التفسير، لأن اللفظ موضوع لكلا المعنيين بالاشتراك اللفظي.

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم أن من علائم الحقيقة تقسيم الشيء الى قسمين و هنا قسم البيع الى الصحيح الذي يكون جامعا للشرائط و الأجزاء، و الى الفاسد الذي لم تجتمع فيه الشرائط و الأجزاء.

و هذا التقسيم دليل على أن استعمال البيع فيهما استعمال حقيقي كل واحد منهما قسيم للآخر.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و انقسامه، و جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أن التقسيم المذكور أعم من الحقيقة، اي يمكن أن يكون بنحو الحقيقة، و يمكن أن يكون بنحو المجاز.

(3) أي ما افاده الشهيد الثاني في هذا المقام.

(4) اي تستعمل في الصحيح منها فقط.

(5) أي ظاهر كلام الشهيد الاول في قواعده أن المراد من قوله:

ص: 64

و يشكل ما ذكراه (1): بأن (2) وضعها للصحيح يوجب عدم جواز التمسك بإطلاق نحو أحلّ اللّه البيع، و اطلاقات أدلة سائر العقود في مقام الشك في اعتبار شيء فيها، مع أن سيرة علماء الاسلام التمسك بها (3) في هذه المقامات.

نعم (4) يمكن أن يقال: إن البيع و شبهه في العرف اذا استعمل

+++++++++++

لا تطلق، أي لا تطلق على الفاسد حقيقة، و أما مجازا فإنه يصح اطلاق الماهيات المجعولة على الفاسد.

(1) اي ما ذكره الشهيد الأول و الثاني: من أن العقود حقيقة في الصحيح، و أن الماهيات الجعلية كالصلاة لا تطلق على الفاسد.

(2) الباء بيان لكيفية الاشكال على ما ذكره الشهيدان:

و خلاصة الاشكال أن لازم القول بوضع العقود للصحيح، و لازم القول بكون الماهيات الجعلية كالصلاة و الصوم، و سائر العقود لا تطلق إلا على الصحيح: عدم صحة التمسك بالإطلاقات الموجودة كقوله تعالى:

أحلّ اللّه البيع.

و هكذا عدم صحة التمسك ببقية اطلاقات أدلة العقود لو شككنا في شرطية شيء، أو جزئيته، و أنه هل هو دخيل في الموضوع له أم لا؟

بل لا بد من الاتيان بذلك الشرط، أو الجزء عند الشك، لكون العقود و الماهيات المجعولة حقيقة في الصحيح، و لا تطلق إلا على الصحيح مع أن الفقهاء يتمسكون بهذه الاطلاقات في مقام الشك في شرطية شيء أو جزئيته.

(3) أي بهذه الاطلاقات الواردة في مقام الشك في شرطية شيء أو جزئيته كما عرفت آنفا.

(4) استدراك عما اورده على الشهيدين من الاشكال.

ص: 65

في الحاصل من المصدر الذي يراد من قول القائل: بعت عند الانشاء لا يستعمل حقيقة إلا فيما كان صحيحا مؤثرا و لو في نظر القائل.

ثم إذا كان (1) مؤثرا في نظر الشارع كان بيعا عنده، و إلا كان صورة بيع نظير بيع الهازل عند العرف.

فالبيع (2) الذي يراد منه ما حصل عقيب قول القائل: بعت عند العرف و الشرع حقيقة في الصحيح المفيد للاثر، و مجاز في غيره، إلا أن

+++++++++++

و خلاصته: أن البيع و بقية العقود لو استعملت عند العرف في المعنى الحاصل من المصدر الذي يقال له: اسم المصدر، أو نتيجة المصدر عند إنشاء البيع، أو سائر العقود: لا يراد منه، أو من سائر العقود إلا البيع الصحيح المؤثر، أو العقد الصحيح المؤثر و لو في نظر العرف:

بمعنى أن العرف يريد من البيع البيع الصحيح المؤثر الذي يترتب عليه النقل و الانتقال.

ثم إن كان هذا البيع الذي اريد منه معنى الاسم المصدري صحيحا في نظر الشارع من حيث الشروط و الأجزاء مثلا كان البيع نافذا عنده و لا يكون هناك اختلاف بين نظري الشارع و القائل.

و ان كان غير صحيح عنده: بأن لم يشتمل على الشروط و الأجزاء لم يكن نافذا عنده، و يكون من قبيل بيع الهازل عند العرف.

(1) أي البيع الذي اريد منه المعنى المصدرى كما عرفت في الاستدراك في الهامش 4 ص 65 عند قولنا: استدراك عما اورده.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن البيع الذي اريد منه المعنى المصدري لو كان مؤثرا في نظر الشارع.

و قد عرفت خلاصة التفريع في الاستدراك في الهامش 4 ص 65

ص: 66

الإفادة، و ثبوت الفائدة مختلف في نظر العرف و الشرع (1)

و أما (2) وجه تمسك العلماء بإطلاق أدلة البيع و نحوها فلأن (3)

+++++++++++

(1) فرب بيع في نظر العرف بيع و الشرع لا يراه بيعا.

فبين البيع في نظر العرف؛ و البيع في نظر الشرع عموم و خصوص مطلق، اذ كل بيع شرعي بيع عرفي، و ليس كل بيع عرفي بيعا شرعيا

(2) من هنا يريد الشيخ أن يجيب عن الاشكال الذي اورده على الشهيدين في ص 65 بقوله: و يشكل ما ذكراه.

(3) هذا هو الجواب عن الاشكال الوارد على الشهيدين فيما افاداه:

من أن العقود حقيقة في الصحيح، و أن الماهيات المجعولة لا تطلق إلا على الصحيح.

و قد عرفت الاشكال في الهامش 2. ص 65 بقولنا: و خلاصة الاشكال.

و أما الجواب فخلاصته: أن وجه تمسك الفقهاء بتلك الاطلاقات مع تصريح الشهيدين بما افاداه هو أن الخطابات الموجهة نحو المكلفين إنما وردت طبقا للعقود العرفية، فهذه الخطابات كبقية الخطابات الموجهة نحو المكلفين.

فلفظة البيع و ما يساويه معنى، و جميع العقود الواردة في الشرع تحمل على البيع الصحيح، و على العقود الصحيحة المؤثرة عند العرف.

أو تحمل على المعنى الحاصل من المصدر و هو اسم المصدر الذي يقال له: نتيجة المصدر و هو الانتقال.

فكلما وقع بيع و ما يساويه معنى في الخارج و شك في شرطية شيء أو جزئيته في كونها دخيلة في هذا البيع و ما يساويه معنى: صح لنا التمسك بتلك الاطلاقات و الأدلة على نفي شرطية الشيء، أو جزئيته.

ثم لا يخفى أن الاستدلال بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ على نفي شرطية شيء

ص: 67

الخطابات لما وردت على طبق العرف حمل لفظ البيع و شبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف (1)، أو على المصدر (2) الذي يراد من لفظ بعت فيستدل بإطلاق الحكم بحله (3)، أو بوجوب الوفاء (4) على كونه مؤثرا في نظر الشارع أيضا.

فتأمل (5)، فإن للكلام محلا آخر.

الكلام فى المعاطاة

البحث في حقيقة المعاطاة و صورها

الكلام فى المعاطاة (6) اعلم أن المعاطاة على ما فسره جماعة أن يعطي كل من اثنين عوضا عما يأخذه من الآخر.

+++++++++++

أو جزئيته أقوى من الاستدلال بآية أحلّ اللّه البيع، لأن دلالة الاولى بالعموم الوضعي؛ حيث إن العقود جمع محلى بالالف و اللام و هو يفيد العموم.

و أما الثانية فدلالتها بالإطلاق و هو يثبت بمقدمات الحكمة.

(1) حيث إنهم المخاطبون بتلك الاطلاقات و الآيات.

(2) المراد منه اسم المصدر الذي هو الحاصل من المصدر.

(3) و هي آية أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

(4) و هي آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(5) لعل وجه التأمل: أن ما ذكره الشهيد الأول و الثاني قدس سرهما:

من أن عقد البيع، و غيره: من العقود حقيقة في الصحيح مجاز في الفاسد و من أن الماهيات المفتعلة، و الأفعال المجعولة كالصلاة و الصوم، و الحج و البيع و القرض و الاجارة؛ و غيرها من الأفعال، و العقود و الايقاعات: إنما يراد صحتها بين المتشرعين، لا عند الشارع.

(6) مصدر باب المفاعلة من عاطى يعاطي معاطاة وزان هابى يهابي مهاباة، و قد فسره الشيخ فلا نعيد تفسيره.

ص: 68

و هو (1) يتصور على وجهين:

(احدهما): أن يبيح كل منهما للآخر التصرف فيما يعطيه، من دون نظر الى تمليكه (2)

(الثاني): أن يتعاطيا على وجه التمليك (3)

و ربما يذكر وجهان آخران:

(احدهما): أن يقع النقل من غير قصد البيع، و لا تصريح بالإباحة المزبورة (4)، بل يعطي شيئا ليتناول شيئا فدفعه الآخر إليه.

(الثاني): أن يقصد الملك المطلق (5) دون خصوص البيع

و يرد الاول (6) بامتناع خلو الدافع (7) عن قصد عنوان من عناوين البيع أو الاباحة، أو العارية، أو الوديعة، أو القرض، أو غير ذلك من العناوين الخاصة.

+++++++++++

(1) اي المعاطاة بالمعنى الذي فسره الشيخ

(2) أي يبيح كل واحد من المتعاطيين التصرف للآخر فيما اعطاه عوضا عما اباح الآخر التصرف له فيما اعطاه، مع بقاء كل من العينين على ملك صاحبه الاول.

و هذه الاباحة هي الاجازة في التصرف حقيقة و في الواقع.

(3) بمعنى أن كل واحد من المتعاطيين يقصد تمليك ما اعطاه لصاحبه

(4) و هي إباحة التصرف لكل واحد من المتعاطيين فيما اعطاه للآخر

(5) اى الأعم من الهبة المعوضة، و التمليك، و البيع.

(6) و هو وقوع النقل من غير قصد البيع، و لا التصريح بالإباحة

(7) و هو المعطي

ص: 69

و الثاني (1) بما تقدم في تعريف البيع (2): من أن التمليك بالعوض على وجه المبادلة هو مفهوم البيع لا غير.

نعم (3) يظهر من غير واحد منهم في بعض العقود كبيع لبن الشاة مدة، و غير ذلك: كون (4) التمليك المطلق أعم من البيع

حكم المعاطاة و أقوال العلماء في ذلك

ثم إن المعروف بين علمائنا في حكمها (5) أنها مفيدة لاباحة التصرف و يحصل الملك بتلف (6) احدى العينين

و عن المفيد و بعض العامة القول بكونها لازمة (7) كالبيع

و عن العلامة رحمه اللّه في النهاية احتمال كونها بيعا فاسدا (8) في عدم افادتها إباحة التصرف

+++++++++++

(1) أي و يرد المعنى الثاني للمعاطاة: و هو قصد التمليك المطلق من دون اي عنوان من عناوين الملكية.

(2) في ص 36 عند قوله: اذ ليس للبيع لغة و عرفا معنى.

(3) استدراك عما افاده آنفا عند قوله: من أن التمليك بالعوض على وجه المبادلة.

و خلاصته أنه يظهر من عبارات كثير من الفقهاء في تصريحاتهم في بعض العقود مثل بيع لبن الشاة، و غير لبن الشاة: كون التمليك المطلق الذي عرفت معناه آنفا أعم من البيع.

(4) بالرفع فاعل لكلمة يظهر في قوله: نعم يظهر.

(5) اي في حكم المعاطاة

(6) المراد من التلف هنا معناه الأعم: و هو التلف و الإتلاف.

(7) أي لا يتوقف على التلف، أو الإتلاف، حيث إن الملكية تحصل في المعاطاة بمجرد الاخذ و العطاء في العوضين فتكون لازمة.

(8) لعدم اشتمال المعاطاة على الصيغة.

ص: 70

و لا بد أولا من ملاحظة أن النزاع (1) في المعاطاة هل المقصود بها الإباحة، أو المقصود بها التمليك؟

الظاهر من الخاصة و العامة هو المعنى الثاني (2)

و حيث إن الحكم بالإباحة بدون الملك قبل التلف، و حصوله (3) بعده لا يجامع ظاهرا قصد التمليك من المتعاطيين نزّل (4) المحقق الكركي الاباحة في كلامهم على الملك الجائز المتزلزل، و أنه (5) يلزم بذهاب احدى العينين، و حقق ذلك (6) في شرحه على القواعد، و في تعليقه على الارشاد بما لا مزيد عليه.

لكن بعض المعاصرين (7) لما استبعد هذا الوجه (8) التجأ الى جعل

+++++++++++

(1) اى لا بد أولا من تحرير كون النزاع عند الفقهاء في أي القسمين من المعاطاة:

هل هي المعاطاة المقصود منها الاباحة المجردة عن التمليك

أو المعاطاة المقصود منها التمليك؟

(2) و هو كون المقصود من المعاطاة هي المعاطاة المفيدة للتمليك.

(3) اى و حصول الملك بعد التلف.

(4) اى حمل المحقق الاباحة على الملكية المتزلزلة، فرارا عن المأزق:

و هو الحكم بالإباحة في المعاطاة مع قصد المتعاطيين التمليك.

(5) اى الاباحة الحاصلة من المعاطاة.

(6) و هو أن المراد من الاباحة في كلام الفقهاء هي الملكية المتزلزلة التي تكون لازمة بذهاب احدى العينين.

(7) الظاهر هو (الشيخ صاحب الجواهر قدس سره).

(8) و هو كون المراد من الاباحة في المعاطاة هي الملكية المتزلزلة التي تصير لازمة بذهاب احدى العينين.

ص: 71

محل النزاع هي المعاطاة المقصود بها مجرد الاباحة، و رجح بقاء الاباحة في كلامهم على ظاهرها (1) المقابل للملك، و نزّل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه (2)، و طعن على من جعل محل النزاع في المعاطاة بقصد التمليك قائلا:

إن القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك مما لا ينسب الى أصاغر (3) الطلبة فضلا عن أعاظم الأصحاب و كبرائهم

و الإنصاف أن ما ارتكبه المحقق الثاني في توجيه الاباحة (4) بالملك المتزلزل بعيد في الغاية عن مساق كلمات الأصحاب مثل الشيخ في المبسوط و الخلاف، و الحلي في السرائر، و ابن زهرة في الغنية و الحلبي في الكافي، و العلامة في التذكرة (5) و غيرها.

+++++++++++

و أما وجه استبعاد (صاحب الجواهر) حمل الاباحة على الملكية المتزلزلة هو أنه كيف يمكن الجمع بين إرادة الملك من الاباحة، و بين القول بعدم افادة المعاطاة الملك.

(1) و هي الاباحة المجردة عن الملك.

(2) و هي الاباحة المقابلة للملك.

(3) وزان أعاظم جمع منتهى الجموع مفرده أصغر.

و يجمع أيضا على أصاغرة و أصغرون.

و طلبة بفتح الطاء و اللام و الباء جمع طالب.

و يأتي جمعه على طلاّب و طلّب و طلب.

(4) اى الواردة في كلمات الفقهاء في قولهم: المعاطاة تفيد الاباحة

(5) يأتي شرح حياة الشيخ و العلامة و ابن ادريس و ابن زهرة و ابى الصلاح الحلبي في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه.

ص: 72

بل كلمات بعضهم صريحة في عدم الملك كما ستعرف، إلا أن (1) جعل محل النزاع ما اذا قصد الاباحة دون التمليك (2) أبعد منه.

بل لا يكاد يوجد في كلام احد منهم ما يقبل الحمل على هذا المعنى (3)

و لننقل أولا كلمات جماعة ممن ظفرنا على كلماتهم، ليظهر منه بعد تنزيل الاباحة على الملك المتزلزل كما صنعه المحقق الكركي

و أبعدية جعل محل الكلام في كلمات قدمائنا الأعلام: ما لو قصد المتعاطيان مجرد إباحة التصرفات، دون التمليك (4)

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ النقاش مع ما افاده (الشيخ صاحب الجواهر)

(2) كما افاده (صاحب الجواهر) أبعد مما افاده المحقق الكركي.

أما وجه بعد كلام المحقق فمعلوم، حيث إن كثيرا من أعاظم الفقهاء الذين هم أساطين الفقه و ركائزه الأصيلة و بهم قامت أصوله و قواعده كالشيخ، و العلامة، و ابن زهرة، و ابن ادريس، و الحلبي:

لم يقولوا بالملكية اصلا حتى تحمل الاباحة على الملكية المتزلزلة، بل كلمات جلهم صريحة في عدم افادة المعاطاة الملك أصلا كما سيذكرهم (شيخنا الأعظم الانصارى).

أ فبعد هذا التصريح يبقى مجال لحمل الاباحة على الملكية المتزلزلة؟ و أما وجه أبعدية كلام (الشيخ صاحب الجواهر) عن كلمات الأصحاب فإن كلمات الفقهاء صريحة في أن المتعاطيين يقصدان من المعاطاة التمليك و قد ذكر الشيخ تلك الكلمات واحدة بعد أخرى حتى يعرف وجه أبعدية كلام (الشيخ صاحب الجواهر) بقوله: فنقول: و باللّه التوفيق قال في الخلاف

(3) و هو أن محل النزاع بين الفقهاء: ما اذا قصد الاباحة، دون التمليك.

(4) كما افاده (صاحب الجواهر)

ص: 73

فنقول و باللّه التوفيق:

قال في الخلاف: اذا دقع قطعة الى البقلي (1)، أو الشارب (2) فقال اعطني بها بقلة، أو ماء فاعطاه فإنه لا يكون بيعا

و كذلك سائر المحقرات (3) و انما يكون إباحة له (4) فيتصرف كل منهما فيما اخذه تصرفا مباحا من دون أن يكون ملكه.

و فائدة ذلك (5) أن البقلي اذا اراد أن يسترجع البقل، أو اراد صاحب القطعة أن يسترجع قطعته كان لهما ذلك (6) لأن الملك لم يحصل لهما (7)، و به (8) قال الشافعي.

و قال ابو حنيفة: يكون (9) بيعا صحيحا و ان لم يحصل الايجاب و القبول، و قال: ذلك (10) في المحقرات، دون غيرها.

+++++++++++

(1) المراد منه: بياع الحبوب

(2) المراد منه: بياع الماء و ساقيه

(3) أى و كذلك لو دفع شيئا لشراء الأشياء الحقيرة فلا يكون بيعا

(4) أى لصاحب البقل و الماء، و الأشياء الحقيرة

(5) اى و فائدة هذه الإباحة المجردة عن التمليك

(6) اى الرجوع فيما اعطاه لصاحبه فكل منهما يرجع إليه و يأخذه

(7) أى لصاحب البقل، و لصاحب القطعة، حيث إن المفروض أن المعاطاة تفيد الإباحة المجردة فقط، و هذا النوع من الإباحة لا يفيد سوى التصرف

(8) أى و بهذه الإباحة المجردة عن الملك

(9) اى المعاطاة بالنحو المذكور

(10) اى وقوع البيع المعاطاتي في الأشياء الحقيرة، دون الأشياء الجليلة راجع كتب الفقهية (لاخواننا السنة) تجد أقوالهم هناك

ص: 74

دليلنا (1) أن العقد حكم شرعي، و لا دلالة في الشرع على وجوده هنا فيجب أن لا يثبت (2)

و أما (3) الاباحة بذلك فهو مجمع عليه لا يختلف العلماء فيها، انتهى (4) و لا يخفى صراحة هذا الكلام (5)

+++++++++++

(1) هذه العبارة: دليلنا (لشيخ الطائفة) أى دليلنا نحن (الطائفة الامامية) على أن المعاطاة بالكيفية المذكورة تفيد الاباحة المجردة فقط

و المراد من العقد في قوله: إن العقد: البيع اللازم، و ليس المراد منه الايجاب و القبول اللفظيين، اذ من المسلم بين الطرفين المتنازعين عدم وجوب الايجاب و القبول اللفظيين في المعاطاة، فالنزاع إنما جاء بعد أن لم تكن هناك صيغة لفظية، فالأخذ و العطاء بالمعاطاة ليس عقدا شرعيا عند الشيخ و لا دليل لنا على أن العقد الذي هو حكم شرعي و عبارة عن البيع اللازم موجود في المعاملة المعاطاتي.

(2) اى العقد الذي هو حكم شرعي يجب أن لا يثبت في المعاملة المعاطاتي.

(3) هذا دفع وهم

حاصل الوهم أنه اذا لم يثبت العقد الّذي هو حكم شرعي في المعاملة المعاطاتي فمن اين تثبت إباحة التصرف فيما يأخذه من صاحبه.

فاجاب (شيخ الطائفة): أن إباحة التصرف فيما يأخذه من صاحبه إنما ثبت بالاجماع من العلماء الذين لا يختلفون في ذلك.

(4) أى كلام (شيخ الطائفة) حول المعاطاة.

(5) اي كلام (شيخ الطائفة) و هو قوله: فإنه لا يكون بيعا صريح في أن الملكية لا تحصل بالمعاطاة.

ص: 75

في عدم حصول الملك، و في أن (1) محل الخلاف بينه، و بين ابي حنيفة ما لو قصد البيع، لا الإباحة المجردة كما يظهر أيضا من بعض كتب الحنفية حيث إنه بعد تفسير البيع بمبادلة مال بمال قال (2):

و ينعقد بالايجاب و القبول، و بالتعاطي أيضا، فتمسكه (3) بأن العقد حكم شرعي يدل على عدم انتفاء قصد البيع، و إلا (4) لكان الأولى، بل المتعين التعليل به (5)، اذ مع انتفاء حقيقة البيع لغة و عرفا لا معنى للتمسك بتوقفه على الأسباب الشرعية (6) كما لا يخفى.

+++++++++++

(1) اي و لا يخفى أيضا صراحة كلام (شيخ الطائفة) و هو قوله:

فإنه لا يكون بيعا: في أن محل الخلاف بينه، و بين (ابي حنيفة) فهذه الجملة عطف على قوله: و لا يخفى صراحة هذا الكلام.

(2) اى قال ابو حنيفة: و ينعقد البيع بالتعاطي أيضا.

(3) اى تمسك (شيخ الطائفة) في الرد على (ابي حنيفة) بقوله:

دليلنا أن العقد حكم شرعي: يدل على أن المتعاطيين قاصدان من المعاطاة البيع الشرعي و التمليك.

(4) اي و لو كان المتعاطيان قاصدين من المعاطاة عدم البيع:

لكان الأولى و الأنسب الاستدلال بعدم قصد المتعاطيين البيع، لا الاستدلال بقوله: دليلنا أن العقد حكم شرعي.

و قد ذكر الشيخ وجه الأنسبية و الأولوية بقوله: اذ مع انتفاء حقيقة البيع فلا نعيده.

(5) اى بانتفاء قصد البيع كما عرفت عند قوله: يدل على عدم انتفاء قصد البيع، لا الاستدلال بأن العقد حكم شرعي.

(6) كما افاده (شيخ الطائفة) بقوله: دليلنا أن العقد حكم شرعي

ص: 76

و قال في السرائر بعد ذكر اعتبار الايجاب و القبول، و اعتبار تقدم الاول على الثاني ما لفظه: فاذا دفع قطعة الى البقلي، أو الى الشارب فقال: اعطني فإنه (1) لا يكون بيعا و لا عقدا، لأن الايجاب و القبول ما حصلا.

و كذلك سائر المحقرات، و سائر الأشياء محقرا كان، أو غير محقر:

من الثياب و الحيوان، أو غير ذلك، و إنما يكون (2) إباحة له فيتصرف كل منهما فيما اخذه تصرفا مباحا من غير أن يكون ملكه، أو دخل في ملكه و لكل منهما أن يرجع فيما بذله، لأن الملك لم يحصل لهما، و ليس ذلك (3) من العقود الفاسدة، لأنه لو كان عقدا فاسدا لم يصح التصرف فيما صار الى كل واحد منهما، و إنما ذلك (4) على جهة الاباحة، انتهى (5)

فإن تعليله (6) عدم الملك بعدم حصول الايجاب و القبول يدل على أن ليس المفروض ما لو لم يقصد التمليك، مع أن ذكره (7)

+++++++++++

(1) اى الدفع المخصوص بالكيفية المخصوصة.

(2) هذا الأخذ و العطاء انما يكون إباحة لكل واحد من المتعاطيين

(3) اى هذا النحو من المعاطاة.

(4) اى هذا النحو من التصرف.

(5) اى ما افاده (ابن ادريس) في هذا المقام.

(6) اى تعليل ابن ادريس لاثبات مدعاه بقوله: فإنه لا يكون بيعا، و لا عقدا، لأن الايجاب و القبول ما حصلا.

(7) المصدر مضاف الى المفعول و هو المعاطاة و الفاعل و هو (ابن ادريس) محذوف، أى مع أن ذكر (ابن ادريس) المعاطاة في مقام شروط العقد بقوله: لا يكون بيعا و لا عقدا، و ذكره هذا دليل على أن المتعاطيين يقصدان من المعاطاة التمليك.

ص: 77

في حيز شروط العقد يدل على ما ذكرناه (1)

و لا ينافي ذلك (2) قوله: و ليس هذا من العقود الفاسدة الى آخر قوله كما لا يخفى.

و قال في الغنية بعد ذكر الايجاب و القبول في عداد شروط صحة انعقاد البيع كالتراضي، و معلومية العوضين، و بعد بيان الاحتراز لكل من الشروط عن المعاملة الفاقدة له ما هذا لفظه:

و اعتبرنا حصول الايجاب و القبول تحرزا عن القول بانعقاده (3) بالاستدعاء من المشتري، و الايجاب من البائع: بأن يقول: بعنيه بالف فيقول: بعتك بالف، فإنه لا ينعقد بذلك (4)، بل لا بدّ أن يقول المشتري بعد ذلك (5): اشتريت، أو قبلت حتى ينعقد (6)

+++++++++++

(1) و هو أن المتعاطيين يقصدان التمليك من المعاطاة.

(2) أى لا ينافي ما قلناه: من أن المتعاطيين يقصدان التمليك مع ما قاله ابن ادريس: من أن المعاطاة ليس من العقود الفاسدة، حيث لا تلازم بين القولين، لأنه قد يتحقق انتفاء العقد الفاسد في ضمن وجود العقد الصحيح، و قد يتحقق في ضمن وجود العقد الفاسد.

(3) أي بانعقاد البيع بالطلب من المشتري.

(4) أى بقوله: بعه فيقول: بعتك: مقصوده أن البيع لا يقع لو تقدم القبول على الايجاب.

(5) أى بعد قوله: بعه

(6) أى ينعقد البيع

مقصوده: أن الايجاب الواقع بالكيفية المذكورة قابل للتأثير في الخارج و مقتض لوقوع الانتقال الى المشتري

لكنه موقوف على قول المشتري: قبلت، أو اشتريت

ص: 78

و احترازا (1) أيضا عن القول بانعقاده بالمعاطاة نحو أن يدفع الى البقلي قطعة و يقول: اعطني بقلا فيعطيه، فإن ذلك ليس ببيع و انما هو إباحة للتصرف.

يدل على ما قلناه الاجماع المشار إليه (2).

و أيضا فما اعتبرناه (3) مجمع على صحة العقد به، و ليس (4) على صحة مما عداه دليل، و لما (5) ذكرناه نهى صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع المنابذة (6) و الملامسة (7)

+++++++++++

(1) تعليل ثان لاعتبار الايجاب و القبول في البيع اى انما اعتبرنا حصول الايجاب و القبول لأجل الاحتراز عن وقوع البيع و انعقاده بالمعاطاة

(2) و هو أن المعاطاة لا تفيد إلا الاباحة في التصرف

(3) من شروط البيع الذي هو الايجاب و القبول، و التراضي، و معلومية العوضين فهو اجماعي اتفق الفقهاء على صحة العقد بهذه الشروط و كلمة مجمع مرفوعة خبر للمبتدإ المتقدم و هو (ما الموصولة).

(4) اى و ليس لنا دليل على صحة غير ما اعتبرناه من الشروط المذكورة للبيع.

(5) أى و لأجل ما ذكرناه: و هو اعتبار الوجوب و القبول اللفظيين

(6) مصدر باب المفاعلة من نابذ ينابذ منابذة معناه: أن يقول شخص لشخص آخر: اذا نبذت متاعك، أو نبذت متاعي فقد وجب البيع.

أو يقول: انبذ لي الثوب، أو انبذه أليك، ليجب البيع.

(7) مصدر باب المفاعلة من لامس يلامس ملامسة معناه: أن يقول احد المتبايعين: اذا لامست المبيع وجب البيع بيننا.

ص: 79

و عن بيع الحصاة (1) على التأويل الآخر (2)

و معنى ذلك (3) أن يجعل اللمس بشيء، أو النبذ له، و إلقاء الحصاة

+++++++++++

(1) بفتح الحاء مفرد: جمعه حصيات. وزان بقرة بقرات معناه:

أن يقول شخص لشخص آخر: بعتك من السلع ما تقع حصاتك عليه اذا رميت بها، أو اذا نبذت أليك الحصاة فقد وجب البيع.

كان هذا البيع متداولا في العصر الجاهلية.

و يطلق الحصى على صغار الحجارة أيضا.

راجع عن هذا النهي (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 266. الباب 12 من أبواب عقد البيع. الحديث 13

(2) حيث إن لبيع الحصاة تأويلين:

(احدهما): أن يكون البيع مجهولا عند المتعاملين ابتداء، لكنه معلوم بعد وقوع الحصاة عليه: بأن يتفق المتبايعان على أن المبيع هو الذي تقع عليه الحصاة.

و لا يخفى بطلان مثل هذا البيع، لأنه من البيع الغرري، لكونه مجهولا.

(ثانيهما): أن يكون البيع معلوما عند المتبايعين، لكن لزومه بعد وقوع الحصاة عليه فبالوقوع يلزم البيع فيصير لازما.

فالنهي الوارد في الرواية إنما هو على التأويل الاول، لكون البيع مجهولا.

(3) أي و معنى المنابذة و الملامسة، و بيع الحصاة أن يصير البيع لازما باحد المذكورات.

ص: 80

بيعا موجبا (1) انتهى (2)

فإن دلالة هذا الكلام (3) على أن المفروض من قصد المتعاطيين التمليك من وجوه متعددة:

(منها): (4) ظهور أدلته الثلاثة (5) في ذلك

(و منها): (6) احترازه عن المعاطاة و المعاملة بالاستدعاء بنحو واحد

+++++++++++

(1) بصيغة المفعول

(2) أى ما افاده ابن زهرة في الغنية في هذا المقام.

(3) أى كلام ابن زهرة الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 78: و قال في الغنية

(4) أي من تلك الوجوه المتعددة الدالة على المدعى: و هو أن المعاطاة يفيد التمليك، لا الاباحة المجردة: الأدلة الثلاثة لابن زهرة و هي كما يلي:

(5) (الاول) الاجماع الذي ادعاه في قوله في ص 79: يدل على ما قلناه الاجماع المشار إليه.

(الثاني): قوله في ص 79: فما اعتبرناه مجمع على صحته، و ليس على صحة ما عداه دليل.

(الثالث): قوله في ص 79 و لما ذكر نهي عن بيع المنابذة، و الملامسة، و بيع الحصاة.

فهذه الأدلة الثلاثة لابن زهرة تدل على أن المتعاطيين يقصدان التمليك

(6) اى و من تلك الوجوه المتعددة الدالة على المدعى: و هو أن المعاطاة يفيد التمليك: احتراز ابن زهرة عن المعاطاة و المعاملة بالاستدعاء بنحو واحد.

بيان ذلك: أن ابن زهرة قارن المعاطاة مع المعاملة في عدم وقوعها بالاستدعاء بنحو واحد، حيث قال في عدم وقوع المعاملة بالاستدعاء

ص: 81

و قال الحلبي (1) في الكافي بعد ذكر أنه يشترط في صحة البيع امور ثمانية ما لفظه: و اشترط الايجاب و القبول: لخروجه (2) من دونهما عن قبول حكم البيع الى أن قال: فان اختل شرط من هذه (3) لم ينعقد البيع، و لم يستحق التسليم و ان جاز التصرف مع اخلال بعضها (4)، للتراضي (5)، دون عقد البيع، و يصح معه (6) الرجوع. انتهى (7)

و هو (8) في الظهور قريب من عبارة الغنية.

+++++++++++

و اعتبرنا حصول الايجاب و القبول تحرزا عن القول بانعقاده بالاستدعاء

و قال في عدم وقوع المعاملة بالمعاطاة. و احترازا أيضا عن القول بانعقاده بالمعاطاة، فقارن بين المعاملة و المعاطاة على نحو واحد، فهذه المقارنة و المساواة تدل على أن المتعاطيين يقصدان التمليك، لأن التمليك هو الشائع في المعاملات فكذا المعاطاة.

(1) يأتي شرح مؤلف الكتاب و الكتاب في (أعلام المكاسب)

(2) اى لخروج البيع عن حكم البيع اذا لم يكن مشتملا على الايجاب و القبول.

(3) اى من هذه الشروط الثمانية المذكورة في الكافي للحلبي.

(4) اى بعض الشروط الثمانية.

(5) تعليل لجواز التصرف فيما انتقل الى كل واحد من المتعاملين على اختلاله بعض الثمانية اى جواز التصرف لأجل التراضي الحاصل لكل من المتبايعين مع قطع النظر عن عقد البيع.

(6) أي مع هذا التصرف يصح لصاحب السلعة الرجوع.

(7) اى عبارة صاحب الكافي.

(8) أى ما قاله الحلبي في الكافي.

ص: 82

و قال المحقق رحمه اللّه في الشرائع! و لا يكفي التقابض من غير لفظ (1) و ان حصل من الإمارات (2) ما دل على إرادة البيع. انتهى

و ذكر كلمة الوصل (3) ليس لتعميم المعاطاة لما لم يقصد به البيع،

+++++++++++

وجه الظهور: أن في صورة اختلال احد الشروط الثمانية أفاد صاحب الكافي بجواز التصرف فيما صار الى كل واحد من المتبايعين، و من المعلوم أن المتبايعين يقصدان التمليك في معاملتهما كما هو الشائع المتعارف عند الناس

فكذلك المعاملات التي تقع بغير الشروط المذكورة كالايجاب و القبول فإنهم يقصدون منها التمليك.

(1) أى لا يحصل النقل و الانتقال بغير الصيغة.

(2) و هي القرائن الحالية، أو المقالية.

(3) و هي كلمة إن الوصلية في قول (المحقق): و إن حصل من الإمارات ما دل على إرادة البيع.

مقصود الشيخ من قوله: و ذكر كلمة الوصل: أن التقابض الواقع بدون الصيغة على قسمين:

(الاول): أن لا يقصد به البيع، بل يقصد به مجرد الاباحة و هذا لا يسمى معاطاة، فهو خارج عما نحن بصدده، لعدم قصد البيع به اصلا.

(الثاني): أن يقصد به البيع و التمليك فهذا هو الّذي يسمى في عرف الفقهاء معاطاة، فالشيخ يقول: إن إن الوصلية التي ذكرها المحقق ليست لتعميم المعاطاة حتى تشمل الفرد الذي لم يقصد به البيع، ليكون مفاد إن الوصلية للترقي من الفرد الأوضح الذي هي المعاطاة المفيدة للإباحة الى الفرد الخفي الذي هي المعاطاة المفيدة للملكية.

ص: 83

بل للتنبيه على أنه لا عبرة بقصد البيع من الفعل (1)

و قال في التذكرة في حكم الصيغة: الأشهر عندنا أنه لا بد منها (2) فلا يكفي التعاطي في الجليل و الحقير مثل اعطني بهذا الدينار ثوبا فيعطيه ما يرضيه، أو يقول: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه، و به (3) قال الشافعي مطلقا: لأصالة (4) بقاء الملك، و قصور (5)

+++++++++++

بل شيخنا المحقق اراد بإن الوصلية للتنبيه على أنه لا عبرة بالبيع الصادر بالأفعال.

و أما دلالة كلام المحقق على أن المتعاطيين يقصدان من المعاطاة التمليك فواضح، حيث إنه أخرج القسم الاول من المعاوضة بغير الصيغة عن البيع بقوله: و لا يكفي التقابض من غير لفظ و ان حصل من الإمارات ما دل على إرادة البيع.

(1) المراد من الفعل وقوع المعاوضة بنحو المعاطاة كما عرفت.

(2) اى من الصيغة.

(3) هذا كلام العلامة في التذكرة اى و بما ذهبنا نحن: من اعتبار الصيغة في البيع افتى الشافعي به مطلقا، سواء أ كان البيع في الأشياء الجليلة أم في الحقيرة.

(4) هذا التعليل من العلامة، و المراد من الاصل الاستصحاب، أى اعتبار الصيغة في البيع لأجل بقاء الملكية عند الشك في زوالها بوقوع المعاملة عليها بالأفعال فتستصحب تلك الملكية الثابتة لصاحبها قبل وقوع المعاملة

(5) بالجر عطفا على مجرور اللام الجارة في قوله: لأصالة.

هذا تعليل ثان من العلامة لمدعاه: من اعتبار الصيغة في البيع أى و لقصور الأفعال عن الدلالة على المقاصد، حيث لا يعلم أن المعطي

ص: 84

الأفعال عن الدلالة على المقاصد

و عن بعض الحنفية، و ابن شريح في الجليل (1)

و قال أحمد ينعقد مطلقا (2) و نحوه قال مالك، فإنه قال: بع بما يعتقده الناس بيعا. انتهى (3)

و دلالته (4) على قصد المتعاطيين للملك لا تخفى من وجوه (5)

+++++++++++

أى شيء قصد من الإعطاء.

هل قصد التمليك، أو الإباحة المجردة؟

(1) أي فصل بعض الحنفية و ابن شريح فقال: بوقوع المعاطاة في الحقير، دون الجليل و الكثير.

(2) أى بوقوع المعاطاة في الحقير و الجليل، و القليل و الكثير.

راجع أقوال هؤلاء المذاهب من (اخواننا السنة): (المغني) طباعة مطبعة العاصمة (القاهرة) الجزء 3 ص 502.

(3) اى ما افاده العلامة في التذكرة في هذا المقام.

راجع التذكرة من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 4

(4) أى و دلالة كلام العلامة في التذكرة.

(5) أليك تلك الوجوه

(الأول): وقوع قول العلامة: فلا يكفي التعاطي بعد قوله:

الأشهر أنه لا بد منها، اذ معناه عدم كفاية التعاطي في تأثيره في المعاوضات مثل تأثير الصيغة فيها، أى أن الاثر الذي هو النقل و الانتقال المترتب على الصيغة لا يترتب على التعاطي.

و من الواضح أن استناد عدم تأثير التعاطي الى عدم كفاية المعاطاة إنما يصح في المورد الذي لو كان هناك صيغة لاثرت في النقل و الانتقال.

و ليس هذا إلا اذا قصد التمليك من المعاوضة الفعلية.

ص: 85

أدونها (1) جعل مالك موافقا لأحمد في الانعقاد من جهة أنه قال: بع بما يعتقده الناس بيعا.

+++++++++++

(الثاني): قول العلامة: اعطني بهذا الدينار ثوبا، أوخذ هذا الثوب بدينار، فإن تمثيله بالمثالين صريحان في قصد المتعاطيين التمليك، لأن الباء بهذا الدينار، و في بدينار: للمقابلة.

و من المعلوم أن باء المقابلة لا تأتي إلا في مورد قصد التمليك.

(الثالث): قوله: لأصالة بقاء الملك، فإن التمسك بالأصالة التي هو الاستصحاب لا يصح إلا في مقام الشك في حصول الملك: و الشك في حصول الملك لا يتم الا بعد فرض قصد المتعاطيين التمليك.

(الرابع): قوله: و قصور الأفعال عن الدلالة على المقاصد، فإن هذا لا ينطبق إلا على قصد المتعاطيين التمليك.

(الخامس): قوله: و قال احمد: ينعقد مطلقا، و نحوه قال مالك فإنه قال: بع بما يعتقده الناس بيعا.

و من الواضح أن الناس يقصدون في معاملاتهم و معاوضاتهم التمليك الذي هو المتعارف فيما بينهم.

فاستشهاد العلامة بكلام مالك الذي هو مخالف لمذهبه في كثير من الفروع و المسائل ناظر الى أن النزاع في كون المقصود من المعاطاة هو التمليك

(1) أى أدون تلك الوجوه المذكورة هو الوجه الخامس

وجه الأدونية: أن صاحب الجواهر نسب قصد الإباحة المجردة من المتعاطيين الى قدماء الأصحاب الذين هم من علماء الإمامية، و من الواضح أن مالك و احمد ليسا من علماء الامامية و ان كان كلامهما في هذا المقام ينظر إليه بعين الاعتبار.

ص: 86

و قال الشهيد في قواعده بعد قوله: قد يقوم السبب الفعلي (1) مقام السبب القولي (2) و ذكر أمثلة لذلك (3) ما لفظه:

و أما المعاطاة في المبايعات فهي تفيد الاباحة، لا الملك. و إن كان في الحقير عندنا.

و دلالتها (4) على قصد المتعاطيين للملك مما لا يخفى

هذا كله (5) مع أن الواقع في أيدي الناس هي المعاطاة بقصد التمليك

و يبعد فرض الفقهاء من العامة و الخاصة الكلام في غير ما هو الشائع (6)

+++++++++++

(1) و هو المعاوضة المعاطاتي بالاخذ و الإعطاء.

(2) و هي المعاوضة بالصيغة المشتملة على الايجاب و القبول اللفظيين

(3) أي للمعاوضة الفعلي الذي يقوم مقام السبب اللفظي القولي.

(4) هذه الكلمة: (و دلالتها) (للشيخ الأنصاري)

و مرجع الضمير في دلالتها: (المبايعات)، اى و دلالة كلمة المبايعات على أن المتعاطيين يقصدان التمليك مما لا يخفى، حيث إن الكلمة لا تستعمل إلا في مقام المعاوضة المملكة.

(5) اى ما ذكرناه من الأقوال من علمائنا الأعلام التي تؤيد مدعانا:

و هو أن مقصود المتعاطيين في المعاطاة التمليك: كان بحسب الظاهر، و إقناع الطرف المقابل، و أنه كيف يمكن قصد التمليك.

و أما بحسب الواقع و نفس الامر فمما لا شك فيه: أن المعاطاة الواقعة في أيدي الناس لا يقصد منها إلا التمليك لا غير، فكل معاوضة معاطاتي تقع في العالم في أيدي الناس يريد منها التمليك ليس إلا.

(6) حيث إن الشائع بين الناس هو قصد التمليك من المعاطاة.

ص: 87

بين الناس، مع أنهم صرحوا (1) بإرادة المعاملة المتعارفة بين الناس.

ثم إنك قد عرفت ظهور اكثر العبارات المتقدمة في عدم حصول الملك (2)، بل صراحة بعضها كالخلاف و السرائر و التذكرة و القواعد.

و مع ذلك كله فقد قال المحقق الثاني في جامع المقاصد: إنهم أرادوا بالإباحة الملك المتزلزل.

فقال: المعروف بين الأصحاب أن المعاطاة بيع و ان لم تكن كالعقد في اللزوم، خلافا لظاهر عبارة المفيد (3)، و لا يقول أحد من الاصحاب: إنها (4) بيع فاسد سوى المصنف في النهاية، و قد رجع عنه في كتبه المتأخرة عنها

و قوله تعالى: أحل اللّه البيع يتناولها (5)، لأنها بيع بالاتفاق حتى من القائلين بفسادها، لأنهم (6)، يقولون: هو بيع فاسد.

و قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض عام (7) إلا ما اخرجه الدليل.

+++++++++++

(1) لم نجد من صرح بذلك سوى مالك، حيث صرح فقال:

بع بما يعتقده الناس بيعا كما عرفت في ص 85.

(2) أى المعاطاة لا تفيد الملك مع قصد المتعاطيين التمليك

راجع عبارة الشهيد في ص 87 عند قوله: فهي تفيد الاباحة، لا الملك.

(3) حيث قال في ص 70: إن المعاطاة تفيد اللزوم فهي كالبيع

(4) أى المعاطاة

(5) أي يشمل المعاطاة

(6) تعليل لكون المعاطاة بيعا حتى عند القائلين بأنها بيع فاسد

(7) أي تشمل حتى المعاوضات الواقعة بالأفعال التي هي الأفعال فضلا عن المعاوضات الواقعة بالصيغة.

ص: 88

و ما يوجد في عبارة جمع من متأخري الأصحاب: من أنها تفيد الاباحة، و تلزم بذهاب احدى العينين: يريدون به عدم اللزوم (1) في أول الأمر، و بالذهاب (2) يتحقق اللزوم، لامتناع إرادة الاباحة المجردة عن اصل الملك، اذ المقصود للمتعاطيين إنما هو الملك فاذا لم يحصل كان بيعا فاسدا و لم يجز التصرف في العين.

و كافة الأصحاب على خلافه (3).

و أيضا فإن الاباحة المحضة لا تقتضي الملك اصلا و راسا فكيف يتحقق ملك شخص بذهاب مال آخر في يده.

و الأفعال لما لم تكن دلالتها على المراد بالصراحة كالأقوال، لأنها (4) تدل بالقرائن منعوا من لزوم العقد بها (5) فيجوز التراد (6) ما دام ممكنا و مع تلف احدى العينين يمتنع التراد فيتحقق اللزوم، لأن احداهما في مقابل الآخر، و يكفي تلف بعض احدى العينين، لامتناع التراد في الباقي (7) إذ هو (8).

+++++++++++

(1) أي لا يقصدون بذلك عدم الملكية

(2) أي و بذهاب احدى العينين، أو بعضها

(3) أى على خلاف ما افاده الشيخ المفيد: من أن المعاطاة تفيد اللزوم.

(4) أى الأفعال تدل على المراد بالقرائن الحالية، أو المقالية، لا أنها تدل عليها بالذات كدلالة الأقوال و الألفاظ عليها.

(5) أي بالمعاطاة.

(6) اى من الطرفين ما دام التراد ممكنا: بأن لم يتلف احد العوضين

(7) أي في الباقي من العين التالف بعضها.

(8) أى التراد في البعض.

ص: 89

موجب لتبعض الصفقة، و الضرر (1) انتهى (2).

و نحوه المحكي عنه في تعليقته على الارشاد، و زاد فيه: أن مقصود المتعاطيين إباحة مترتبة على ملك الرقبة (3) كسائر البيوع، فإن حصل مقصودهما ثبت ما قلناه (4)، و إلا لوجب أن لا تحصل إباحة بالكلية (5) بل يتعين الحكم بالفساد (6)، إذ (7) المقصود غير واقع، فلو وقع غيره (8) لوقع بغير قصد: و هو باطل

و عليه (9)

+++++++++++

(1) و كلاهما منفيان في الاسلام.

(2) أى ما افاده المحقق الكركي في (جامع المقاصد) في هذا المقام

(3) المراد منها المتاع و السلعة و الثمن.

(4) و هي الملكية المتزلزلة، و التي ثبتت بذهاب احدى العينين أو بعضها.

(5) لأن مقصود المتعاطيين التمليك، فالاباحة ليس لها مجال هنا حيث لم يقصداها حتى توجد في الخارج.

(6) أي حين أن لا تحصل الإباحة بالكلية بعد أن لم تحصل الملكية التي هو مقصود المتعاطين.

(7) تعليل لفساد المعاملة.

(8) أي غير التمليك و هي الإباحة الغير المقصودة لو وقع يلزم الاشكال المعروف (و هو ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد، مع أن العقود تابعة للقصود).

(9) أى و على القول بالملكية المتزلزلة كما افادها المحقق الكركي تتفرع ملكية النماء لكل واحد منهما، و جواز وطي الجارية المبيعة بالمعاطاة لمن صارت في يده.

ص: 90

يتفرع النماء، و جواز وطي الجارية، و من منع (1) فقد اغرب. انتهى (2)،

و الذي (3) يقوى في النفس ابقاء ظواهر كلماتهم على حالها، و اتهم يحكمون بالإباحة المجردة عن الملك في المعاطاة مع فرض قصد المتعاطيين التمليك، و أن الاباحة لم تحصل بانشائها (4) ابتداء، بل إنما حصلت كما اعترف به في المسالك: من استلزام إعطاء كل منهما سلعته مسلطا (5) عليه الاذن في التصرف فيه بوجوه التصرفات (6)، فلا يرد عليهم (7)، عدا

+++++++++++

و أما على القول بالإباحة المجردة في المعاطاة فنماء كل من المتبايعين لصاحبه و ان جاز التصرف فيه.

و أما الوطي الذي هو من لوازم الملكية، حيث إنه لا وطي إلا في ملك فلا يجوز.

(1) اى من منع الوطي فقد أغرب، لأنه بناء على افادة المعاطاة الملكية المتزلزلة كما هو راى المحقق الكركي يكون منع وطي الجارية المشتراة بالمعاطاة غريب.

(2) اى ما افاده الشهيد الاول في تعليقته على الارشاد.

(3) هذا كلام (الشيخ الأنصاري) يروم النقاش مع المحقق الكركي

(4) اي بانشاء المعاطاة.

(5) بصيغة الفاعل اى يسلط كل واحد من المتعاطيين صاحبه في التصرف فيما اعطاه بدل ما سلطه صاحبه على ما اعطاه له.

(6) أي حتى التصرفات المتوقفة على الملك كالوطي و العتق، و البيع و الوقف، مع أن هذه لا يمكن تحققها في الخارج إلا أن يكون الواطي، أو المعتق أو البائع، أو الواقف مالكا.

(7) أي على كلمات الفقهاء: و هو أن المعاطاة تفيد الاباحة مع قصد المتعاطيين التمليك.

ص: 91

ما ذكره المحقق المتقدم في عبارته المتقدمة.

و حاصله (1): أن المقصود هو الملك فاذا لم يحصل فلا منشأ لاباحة التصرف، اذ الاباحة إن كانت من المالك فالمفروض أنه لم يصدر منه إلا التمليك، و إن كانت من الشارع فليس عليها دليل، و لم يشعر (2) كلامهم بالاستناد الى نص في ذلك، مع أن الغاء الشارع للاثر المقصود (3) و ترتب غيره (4) بعيد جدا، مع أن التأمل في كلامهم يعطي إرادة الاباحة المالكية (5) لا الشرعية (6).

+++++++++++

(1) أي و حاصل ما اورده المحقق على كلمات الفقهاء: هو أن القول بافادة المعاطاة الاباحة مع قصد المتعاطيين التمليك مما لا يجتمعان، لعدم قصد الاباحة منهما، و المقصود الذي هو التمليك لم يحصل فيلزم ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد، مع أن العقود تابعة للقصود.

(2) من باب الإفعال اي و لم يدل كلام الفقهاء على أن الاباحة مستفادة من النص الوارد من الشارع، لأنه لو كان موجودا لذكره الفقهاء في كلماتهم، فعليه لا تثبت الملكية المتزلزلة.

(3) و هي الملكية المقصودة بين المتبايعين.

(4) و هي الاباحة المجردة عن الملكية.

(5) و هي التي صدرت و وقعت من جانب المتعاطيين.

و هذه الاباحة مستلزمة للاباحة الشرعية، حيث إنها بعد الاباحة المالكية، أي لو لم تكن الاباحة المالكية موجودة لم توجد الاباحة الشرعية

(6) أي الاباحة الشرعية التي هي التصرفات المجوزة من قبل الشارع للمكلف من دون توقف تصرفه على اذن المالك كحق المارة بالشروط المذكورة في الكتب الفقهية و نشير إليها قريبا.

ص: 92

و يؤيد (1) إرادة الملك: أن ظاهر اطلاقهم إباحة التصرف شمولها للتصرفات التي لا تصح إلا من المالك كالوطي و العتق و البيع لنفسه (2).

و التزامهم (3) حصول الملك مقارنا لهذه التصرفات كما اذا وقعت

+++++++++++

و الأكل من البيوتات التي ذكرت في الكتاب العزيز بقوله تعالى:

وَ لاٰ عَلَى اَلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لاٰ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوٰالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خٰالاٰتِكُمْ أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ النور: الآية 61

و كتصرف الأب في أموال ولده

(1) هذا كلام (شيخنا الانصاري) يريد أن يؤيد ما افاده المحقق الكركي أي و يؤيد إرادة الملكية المتزلزلة ظاهر اطلاقات كلمات الفقهاء في المعاطاة، حيث يقولون: إنها تفيد الاباحة المجردة، فهذا الاطلاق يشمل جميع أنواع التصرفات التي منها البيع و الوطي و الوقف و العتق و لم يخصص الفقهاء الاباحة بنوع خاص و فرد معين.

(2) كأن يبيع احد المتعاطيين ما اخذه من صاحبه على وجه التعاطي لنفسه و يأخذ الثمن له و ينتفع منه.

(3) دفع وهم

حاصل الوهم أنه نقول بمقالة المشهور و هي افادة المعاطاة الاباحة المجردة، و جواز التصرفات فيما اخذ بالمعاطاة حتى المتوقفة على الملك.

لكن نلتزم في المتوقفة على الملك بالملكية المقارنة للتصرفات المذكورة نظير تصرف من له الخيار فيما باعه أيام خياره، سواء أ كان الخيار

ص: 93

هذه التصرفات من ذي الخيار، أو من الواهب الذي يجوز له الرجوع بعيد (1).

و سيجيء ما ذكره بعض الأساطين (2): من أن هذا القول (3) مستلزم لتأسيس قواعد جديدة (4)

+++++++++++

قهريا و ذاتيا كخيار الحيوان و العيب و الغبن أم جعليا كخيار الشرط.

و كنظير تصرف الواهب في هبته قبل تصرف الموهوب له في الهبة اذا لم تكن الهبة بذي الرحم.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أن تنظير الملكية في التصرفات المذكورة بالتصرف في زمن الخيار لمن له الخيار بعيد جدا، لأن الملكية لمن له الخيار ثابتة في أيام الخيار، لكنها متزلزلة، فإن فسخ البيع زالت الملكية عنه.

و ان لم يفسخ و مضى دور الخيار ثبتت الملكية له.

و كذا الواهب إن رجع عن هبته رجع الملك له، و إن لم يرجع و تصرف الموهوب له في الهبة صار الملك له.

بخلاف ما نحن فيه، حيث إن الملكية لم تحدث و ان قصد المتعاطيين التمليك، لأنه بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة لا مجال للملكية و ان قصدها المتعاطيان.

(2) و هو الشيخ كاشف الغطاء في قول الشيخ: و لذا ذكر بعض الأساطين.

(3) و هو أن المعاطاة تفيد الاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين التمليك.

(4) تأتي ذكر هذه القواعد الجديدة في قول الشيخ منها و منها و منها و نحن نشير الى كل واحدة من هذه القواعد الجديدة برقمها الخاص.

ص: 94

لكن الانصاف أن القول بالتزامهم لهذه الامور (1) أهون من توجيه كلماتهم (2)، فإن (3) هذه الامور لا استبعاد في التزامها اذا اقتضى الاصل (4) عدم الملكية، و لم يساعد (5) عليها دليل معتبر، و اقتضى الدليل (6)؛ صحة التصرفات المذكورة.

مع أن (7) المحكي عن حواشي الشهيد على القواعد المنع عما يتوقف

+++++++++++

(1) و هي القواعد الجديدة.

(2) اي كلمات الفقهاء كما ارتكب هذا التوجيه المحقق الكركي، حيث حمل الاباحة المجردة على الملكية المتزلزلة.

(3) تعليل لكون الالتزام بالقواعد الجديدة أهون من حمل الاباحة على الملكية المتزلزلة.

و قد ذكر الشيخ لعدم استبعاد الالتزام بالقواعد الجديدة امورا ثلاثة نذكر كل واحد منها برقمها الخاص.

(4) هذا هو الامر الاول: و هو الاستصحاب اي اذا شككنا في زوال ملكية شيء اذا وقعت المعاملة عليه بالمعاطاة نستصحب الملكية السابقة المتيقنة فنلتزم في التصرفات المتوقفة على الملك في المعاملة المعاطاتي بالملكية الآنية:

(5) هذا هو الأمر الثاني: و هو عدم وجود دليل معتبر على الملكية في المعاطاة، لا من اجماع، و لا رواية، فلا بد من الالتزام بالملكية الآنية في التصرفات المتوقفة على الملك.

(6) هذا هو الامر الثالث: و هو اقتضاء الدليل الصحيح عند الفقهاء على صحة التصرفات المتوقفة على الملك.

(7) هذا ترق من الشيخ.

و خلاصته أنه كيف يمكن حمل الاباحة المجردة على الملكية المتزلزلة

ص: 95

على الملك كاخراجه في خمس، أو زكاة، و كوطي الجارية.

و صرح الشيخ في المبسوط بأن الجارية لا تملك بالهدية العارية عن الايجاب و القبول؛ و لا يحل وطؤها.

و مما يشهد على نفي البعد عما ذكرنا: من (1) ارادتهم الاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين التمليك: أنه (2) قد صرح الشيخ في المبسوط، و الحلي في السرائر، و كظاهر العلامة في القواعد بعدم حصول الملك بإهداء الهدية بدون الايجاب و القبول و لو من الرسول (3).

نعم يفيد ذلك (4) إباحة التصرف، لكن الشيخ استثنى وطي الجارية (5).

+++++++++++

مع أن (الشهيد الاول) افاد في حواشيه على القواعد بعدم صحة التصرفات المتوقفة على الملك؟

فلو كانت المعاطاة مفيدة للملكية المتزلزلة كما حمل المحقق الكركي الاباحة المجردة على ذلك لم يمنع الشهيد اخراج الخمس و الزكوات، و وطي الجارية في المأخوذ بالمعاطاة.

(1) كلمة من بيان لقوله: عما ذكرنا.

(2) جملة أن مع اسمه مرفوعة محلا فاعل لقوله: يشهد أي و مما يشهد على مدعانا: صراحة الشيخ في المبسوط.

(3) اى و ان كان الايجاب من قبل حامل الهدية، فإنه لو صدر منه الايجاب لحصل الملك، لأنه وكيل عن المالك.

(4) و هو إهداء الهدية.

(5) فإنه قال: لا يجوز وطي الجارية اذا كانت مهداة لم يحصل فيها الايجاب و القبول، حيث إن الوطي لا يجوز إلا في ملك، و المفروض أن الهدية قد صدرت بدون الايجاب و القبول، و مثلها لا يملك.

ص: 96

ثم إن المعروف بين المتأخرين أن من قال بالإباحة المجردة في المعاطاة قال: إنها ليست بيعا حقيقة (1) كما هو ظاهر بعض العبائر المتقدمة (2) و معقد اجماع الغنية (3)

و ما أبعد ما بينه (4)، و بين توجيه المحقق الثاني: من إرادة نفي اللزوم (5)، و كلاهما (6) خلاف الظاهر.

+++++++++++

(1) اذ البيع الحقيقي هو الذي يكون بالايجاب و القبول، لا بالأفعال

(2) و هي عبارة الشيخ في المبسوط في ص 96، و عبارة صاحب السرائر في ص 77 و عبارة صاحب الغنية كما عرفتها بتمامها في ص 78-79

(3) و هو قوله في ص 79: يدل على ما قلناه: الاجماع.

(4) أي بين كلام صاحب الغنية المدعي للاجماع على نفي افادة المعاطاة الملك في ص 79.

(5) أي أن الفقهاء يريدون من قولهم: المعاطاة ليست بيعا نفي اللزوم اي ليست بيعا لازما، لا نفي اصل بيعيته.

(6) و هو قول (ابن زهرة) الذي ينفي البيعية عن المعاطاة بقوله:

في ص 79 فإن ذلك ليس ببيع.

و قول المحقق من أن المقصود من الاباحة المجردة هي الملكية المتزلزلة.

أما مخالفة القول الأول للظاهر، فلأن الظاهر من البيع عند العرف هو مطلق البيع، سواء أ كان باللفظ أم بالفعل فيشمل حتى المعاطاة، لعدم أخذ اللفظ في مفهوم البيع لا عند العرف، و لا عند اهل اللغة.

فمقصودهم من أن المعاطاة ليس بيعا: أنه ليس بيعا لازما.

و أما مخالفة القول الثاني للظاهر، فلأن الظاهر من الاباحة هو مجرد إباحة التصرف فقط فمن أين جاءت الملكية حتى تحمل على الملكية المتزلزلة؟

ص: 97

و يدفع الثاني (1) تصريح بعضهم بأن شرط لزوم البيع منحصر في مسقطات الخيار فكل بيع عنده لازم من غير جهة الخيارات. و تصريح (2) غير واحد أن الايجاب و القبول من شرائط صحة انعقاد البيع بالصيغة (3)

و أما الاول (4) فإن قلنا: إن البيع عند المتشرعة حقيقة في الصحيح و لو بناء على ما قدمناه في آخر تعريف البيع: من أن البيع في العرف اسم للمؤثر منه في النقل (5)

+++++++++++

(1) و هو قول المحقق الكركي: من أن المعاطاة تفيد الملكية المتزلزلة

كيفية الدفع: أن البيع المتزلزل منحصر في ثبوت الخيار لذي الخيار و المفروض أن البيع المعاطاتي غير خياري فيكون لازما بطبعه الاولي، فمن اين يأتي التزلزل الذي افاده المحقق الكركي؟.

(2) دفع ثان لقول (المحقق الكركي) و قد ذكره الشيخ في المتن.

(3) إنما قيد البيع بالصيغة، لأن البيع تارة يقع بالصيغة و هو الايجاب و القبول اللفظيين.

و اخرى يقع بالأفعال كالمعاطاة، فالذي يقع بالصيغة لا بد في لزومه أن يقع بالايجاب و القبول اللفظيين.

و الذي يقع بالأفعال لا يشترط في لزومه الايجاب و القبول، لعدم وقوعه بالصيغة.

فعلى كل حال لا مجال للملكية المتزلزلة.

(4) اي و يدفع القول الاول و هو قول ابن زهرة الذي نفى البيعية عن المعاطاة من رأسه بقوله في ص 79: فإن ذلك ليس ببيع.

و قد ذكر الشيخ الرد في المتن فلا نعيده.

(5) و هو معنى اسم المصدر الذي افاده الشيخ بقوله في ص 62: و الحاصل أن البيع الذي يجعلونه من العقود يراد به النقل بمعنى اسم المصدر.

ص: 98

فان كان (1) في نظر الشارع، أو المتشرعة من حيث إنهم متشرعة و متدينون بالشرع صحيحا مؤثرا في الانتقال كان بيعا حقيقيا، و إلا كان صوريا، نظير بيع الهازل في نظر العرف، فيصح على ذلك (2) نفي البيعية عنه على وجه الحقيقة في كلام كل من اعتبر في صحته الصيغة (3)، أو فسره بالعقد (4)، لأنهم (5) في مقام تعريف البيع بصدد بيان ما هو المؤثر في النقل في نظر الشارع (6)

فالأقوال في المعاطاة على ما تساعده ظواهر كلماتهم ستة.
اشارة

إذا عرفت ما ذكرناه (7) فالأقوال في المعاطاة على ما تساعده ظواهر كلماتهم ستة.

+++++++++++

نعم يمكن أن يقال: إن البيع و شبهه في العرف اذا استعمل في الحاصل من المصدر الذي يراد من قول البائع: بعت عند الإنشاء: أنه لا يستعمل حقيقة إلا فيما كان صحيحا مؤثرا.

(1) اي هذا البيع الذي هو في العرف اسم للمؤثر منه و هو اسم المصدر.

(2) اي على أنه صورة بيع.

(3) بأن قال: البيع هو الايجاب و القبول اللفظيين.

(4) بأن قال: البيع هو العقد، و من الواضح أن العقد هو الايجاب و القبول.

(5) تعليل لصحة نفي البيعية عن مثل هذا البيع الذي هو في صورة البيع.

(6) و لا شك أن البيع المؤثر في نظر الشارع هو البيع المشتمل على الصيغة و هو الايجاب و القبول اللفظيين.

(7) أي في ص 71 عند قوله: و لا بد أولا من ملاحظة أن النزاع

ص: 99

اللزوم مطلقا

(اللزوم مطلقا (1) كما هو ظاهر شيخنا المفيد.

و يكفي في وجود القائل به (2) قول العلامة رحمه اللّه في التذكرة:

الأشهر عندنا أنه لا بد من الصيغة.

اللزوم بشرط كون الدال على التراضي، أو المعاملة لفظا

(و اللزوم (3) بشرط كون الدال على التراضي، أو المعاملة لفظا

حكي ذلك (4) عن بعض معاصري الشهيد الثاني، و بعض متأخري المحدثين.

لكن في عد هذا من الأقوال في المعاطاة تأمل (5).

+++++++++++

في المعاطاة المقصود بها الاباحة، أو في المقصود بها التمليك: الظاهر من الخاصة و العامة هو الثاني.

(1) هذا هو القول الاول.

و المراد من الاطلاق هو لزوم المعاطاة، سواء أ كان هناك لفظ لم يكن مشتملا على الايجاب و القبول كقول البائع: خذ هذا أم لم يكن لفظ اصلا بل وقع التعامل بالفعل.

(2) أي بكون المعاطاة لازما مطلقا قول العلامة في التذكرة: الأشهر عندنا أنه لا بدّ من الصيغة، فلفظة الأشهر تدل على أن هناك قولا غير مشهور و هو القول بلزوم المعاطاة راجع التذكرة من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 3

(3) هذا هو القول الثاني للمعاطاة أي المعاطاة يفيد اللزوم.

لكن بشرط كون الدال على التراضي، أو المعاملة لفظا.

(4) أي القول الثاني.

(5) وجه التأمل أن البيع المعاطاتي اذا وقع باللفظ فقد خرج عن كونه بيع معاطاة و دخل في البيع الواقع بالصيغة، لأن المعاطاة هو البيع المشتمل على جميع شرائط البيع سوى اللفظ، فلا معنى لتسميته

ص: 100

الملك الغير اللازم

(و الملك (1) الغير اللازم) ذهب إليه المحقق الثاني، و نسبه الى كل من قال بالإباحة، و سوغ جميع التصرفات (2)

و في النسبة ما عرفت (3)

عدم الملك مع إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك

(و عدم (4) الملك) مع إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك كما هو ظاهر عبائر كثيرة، بل ذكر في المسالك أن كل من قال بالإباحة يسوغ جميع التصرفات (5).

إباحة ما لا يتوقف على الملك

(و إباحة (6)، ما لا يتوقف على الملك)، و هو الظاهر من الكلام

+++++++++++

معاطاة اذا اشتمل على اللفظ، و لا سيما اذا لم نشترط في الايجاب و القبول لفظا خاصا.

(1) هذا هو القول الثالث للمعاطاة و هي الملكية المتزلزلة كما افادها المحقق الكركي.

(2) حتى المتوقفة على الملك.

(3) عند ما ذكر الشيخ أقوال القائلين في المعاطاة من ص 74 - الى ص 90 في رد المحقق الكركي.

(4) هذا هو القول الرابع للمعاطاة و هو عدم افادة المعاطاة الملك لكنه يفيد إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك مثل العتق و الوطي و الوقف و البيع.

(5) حتى المتوقفة على الملك كما عرفت.

(6) هذا هو القول الخامس للمعاطاة. و هو عدم افادة المعاطاة الملك، لكنه يفيد إباحة تصرف ما لا يتوقف على الملك.

أما المتوقفة على الملك مثل الوقف و البيع، و الوطي و العتق فلا يجوز التصرف فيها.

نعم يمكن الاستفادة في العبد و الجارية بشتى أنواع الاستفادة.

ص: 101

المتقدم عن حواشي الشهيد على القواعد (1)، و هو المناسب لما حكيناه عن الشيخ في إهداء الجارية من دون ايجاب و قبول (2).

(و القول (3) بعدم إباحة التصرف مطلقا) نسب الى ظاهر المبسوط و النهاية، لكن ثبت رجوعه (4) عنه في غيرها.

المشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة

و المشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة و ان قصد المتعاطيان بها التمليك، بل لم نجد قائلا به الى زمان المحقق الثاني الذي قال به (5) و لم يقتصر على ذلك (6) حتى نسبه الى الأصحاب.

نعم ربما يوهمه ظاهر عبارة السرائر، حيث قال فيه:

الأقوى أن المعاطاة غير لازمة (7).

+++++++++++

(1) في ص 95 في قوله: مع أن المحكي عن حواشي الشهيد على القواعد المنع عما يتوقف على الملك.

(2) في قوله في ص 96: و صرح الشيخ في المبسوط، و الحلي في السرائر بعدم حصول الملك بإهداء الجارية بدون الايجاب و القبول و لو من الرسول

(3) هذا هو القول السادس للمعاطاة: و هو أن المعاطاة لا يفيد الملك، و لا يفيد إباحة التصرف بجميع أنواعه، سواء أ كان التصرف متوقفا على الملك أم لا.

(4) اى رجوع العلامة عن هذا القول في غير النهاية.

(5) أي بالملك.

(6) اي على الملكية حتى نسبها الى الأصحاب، و قد عرفت الخدشة في النسبة من ص 74 - الى ص 90.

(7) فإن كلمة غير لازمة توهم الملكية، حيث إن اللزوم فرع الملكية.

لكن (ابن ادريس) لا يقصد بذلك الملكية.

ص: 102

بل لكل منهما فسخ (1)، المعاوضة ما دامت العين باقية، فإن تلفت لزمت (2)، انتهى، و لذا (3) نسب ذلك إليه في المسالك.

لكن قوله (4) بعد ذلك: و لا يحرم (5) على كل منهما الانتفاع بما قبضه، بخلاف البيع الفاسد (6): ظاهر (7) في أن مراده مجرد الانتفاع اذ لا معنى لهذه العبارة (8) بعد الحكم بالملك (9).

الأقوى حصول الملك
اشارة

و أما قوله: (10) و الأقوى الى آخره فهو اشارة الى خلاف المفيد رحمه اللّه، و العامة القائلين باللزوم.

و اطلاق (11).

+++++++++++

(1) فإن كلمة فسخ المعاوضة توهم الملكية، حيث الفسخ فرع الملكية

(2) فإن لفظة لزمت توهم الملكية، اذ اللزوم فرع الملكية.

(3) اي و لأجل أن عبارة صاحب السرائر موهمة للملكية المتزلزلة نسب الشهيد الثاني هذه الملكية الى ابن ادريس في المسالك.

(4) اى قول ابن ادريس بعد هذه الجمل.

(5) هذا مقول قول ابن ادريس بعد تلك الجمل، فإن تلك الجمل لو كانت تدل على الملك لما كان لقوله: و لا يحرم على كل منهما الانتفاع بما قبضه معنى.

(6) فإنه لا يجوز التصرف فيه، و لا يباح للبائع، و لا للمشتري أن ينتفعا من الثمن و المثمن.

(7) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: لكن قوله

(8) و هو قول ابن ادريس: و لا يحرم على كل منهما.

(9) أي بالملكية غير اللازمة.

(10) اي قول ابن ادريس.

(11) دفع وهم

ص: 103

المعاوضة عليها باعتبار (1) ما قصده المتعاطيان.

و اطلاق (2) الفسخ على الرد بهذا الاعتبار أيضا، و كذا اللزوم (3)

و يؤيد ما ذكرنا (4)، بل يدل عليه: أن الظاهر من عبارة التحرير في باب الهبة توقفها على الايجاب و القبول.

ثم قال: و هل يستغنى عن الايجاب و القبول في هدية الأطعمة؟

الأقرب عدمه (5)

نعم يباح التصرف بشاهد الحال (6).

+++++++++++

حاصل الوهم أنه اذا كان قول ابن ادريس: الاقوى أن المعاطاة غير لازمة اشارة الى مخالفة الشيخ المفيد، و اخواننا السنة القائلين باللزوم في المعاطاة: للمشهور من علمائنا القائلين بعدم افادة المعاطاة الملكية فلما ذا اطلق ابن ادريس لفظة المعاوضة على المعاطاة في قوله: بل لكل منهما فسخ المعاوضة؟

(1) جواب من الشيخ عن الوهم المذكور.

و خلاصته أن الاطلاق المذكور باعتبار قصد المتعاطيين المعاوضة من هذه المعاطاة، لا أن المعاطاة تفيد الملكية.

(2) اي و اطلاق الفسخ على المعاطاة في قول ابن ادريس: بل لكل منهما فسخ المعاوضة باعتبار ما ذكرناه في اطلاق المعاوضة على المعاطاة.

(3) اي و اطلاق اللزوم على المعاطاة في قول ابن ادريس: فإن تلفت لزمت باعتبار ما ذكرناه في اطلاق المعاوضة على المعاطاة.

(4) و هو أن المشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة حتى الملكية المتزلزلة.

(5) اى عدم الاستغناء عن الايجاب و القبول في هدية الأطعمة.

(6) و هي القرائن الحالية الدالة على أن المهدي عند ما يهدي شيئا لشخص يجيز له التصرف فيه.

ص: 104

انتهى (1).

و صرح بذلك (2) أيضا في الهدية فاذا لم يقل في الهدية بصحة المعاطاة فكيف يقول بها (3) في البيع؟

الاستدلال بالسيرة

و ذهب جماعة تبعا للمحقق الثاني الى حصول الملك.

و لا يخلو (4)، عن قوة، للسيرة (5) المستمرة على المعاملة المأخوذة بالمعاطاة معاملة الملك في التصرف فيه: بالعتق و البيع و الوطي و الايصاء و توريثه، و غير ذلك من آثار الملك.

+++++++++++

(1) ما افاده العلامة في هذا المقام.

(2) أي بعدم الاستغناء عن الايجاب و القبول اللفظين.

(3) اي بصحة المعاطاة و وقوع البيع بها.

(4) اى حصول الملك من المعاطاة كما افاده جماعة من الفقهاء، تبعا للمحقق الكركي.

من هنا يروم الشيخ أن يستدل على ما قواه من مذهب المحقق الكركي:

من افادة المعاطاة الملكية.

و قد استدل على ذلك بثلاثة امور:

(5) هذا هو (الامر الأول) و هي السيرة المراد منها سيرة المتشرعة

و خلاصة هذا الامر: أنه من عهد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم، و (الأئمة من اهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الى عصرنا هذا نرى بالعيان أن المسلمين بما أنهم مسلمون و متدينون بأحكام الاسلام يتعاملون مع البيع المعاطاتي تعامل الملك فيجرون عليه كل ما كان يجري على البيع: من الوقف و الهبة، و العتق و الوطي و التوريث، من دون توقف.

ص: 105

الاستدلال بآية أحل الله البيع

و يدل عليه (1) أيضا عموم قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، حيث

+++++++++++

و كانت هذه السيرة مستمرة في جميع الأعصار و الأزمان، و البقاع و الأصقاع، من غير نكير من احد من المسلمين.

و لم نسمع أن احدا من (أئمة اهل البيت) عليهم السلام يأمر احدا من شيعته في إجراء البيع بالصيغة، أو يحكم بعدم صحة البيع المعاطاتي و أنه لا يملك.

فهذه السيرة القطعية اكبر شاهد على أن المعاطاة يفيد الملكية.

(1) اي و يدل على ما ذهب إليه المحقق الكركي و من تبعه من الأعلام:

من أن المعاطاة تفيد الملكية.

هذا هو الامر الثاني من الامور التي استدل بها الشيخ على ما ذهب إليه: من قوة قول المحقق الكركي.

وجه الاستدلال بآية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ : أنه لا شك في كون المعاطاة احد أفراد البيع و مصاديقه، لتوفر جميع شرائط البيع فيه: من البلوغ و العقل و الاختيار و العلم بالثمن، و القدرة على التسليم، و كون المبيع مما يتمول عدا الصيغة المشتملة على الايجاب و القبول، و هي غير معتبرة في المعاطاة.

فاذا ثبت أن المعاطاة احد أفراد البيع و مصاديقه فقد دل العموم على حلية جميع التصرفات المترتبة على البيع التي منها التمليك فيها، فالمعاطاة تفيد الملكية

فهنا قياس منطقي من الشكل الاول هكذا:

الصغرى: إن المعاطاة من أفراد البيع و مصاديقه

الكبرى: و كل ما كان كذلك فهو يفيد الملكية

النتيجة: إن المعاطاة يفيد الملكية

ص: 106

إنه يدل على حلية جميع التصرفات المترتبة على البيع.

بل (1)، قد يقال: إن الآية دالة عرفا بالمطابقة على صحة البيع لا (2) مجرد الحكم التكليفي، لكنها محل تأمل (3).

و أما منع صدق البيع عليه (4) عرفا فمكابرة

و أما دعوى الاجماع في كلام بعضهم على عدم كون المعاطاة بيعا كابن زهرة في الغنية (5)

+++++++++++

(1) هذا ترق من الشيخ في المقام

و خلاصته أن الحلية في الآية الكريمة تدل على الحكم الوضعي و هو النفوذ و الصحة، و الحكم التكليفي معا، لا الحكم التكليفي فقط، لحكم العرف على أن الآية تدل على الحكم الوضعي بالمطابقة، فدلالتها على الحكم الوضعي أقوى من دلالتها على الحكم التكليفي فقط.

(2) اى و ليست الآية تدل على مجرد الحكم التكليفي كما عرفت

(3) اى دلالة الآية الكريمة على الحكم الوضعي بالمطابقة عرفا محل اشكال.

لعل وجه التأمل أن دلالة الآية الكريمة على الحكم الوضعي و هي الصحة و النفوذ بدلالة المطابقة مبنية على أن معنى أحلّ انفذ حتى تدل الآية على الحكم الوضعي، و كون احلّ بمعنى انفذ خلاف الظاهر، لأن الظاهر من احلّ هو الحكم التكليفي.

(4) أي على المأخوذ بالمعاطاة مكابرة للبداهة، و مجادلة للضرورة، و معاندة للحق، و للسيرة المستمرة، و اجماع العلماء على معاملة المعاطاة معاملة البيع في جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

(5) حيث ادعى الاجماع على عدم كون المعاطاة بيعا في قوله

ص: 107

فمرادهم بالبيع المعاملة اللازمة (1) التي هو احد العقود، و لذا (2) صرح في الغنية بكون الايجاب و القبول من شرائط صحة البيع.

و دعوى أن البيع الفاسد عندهم ليس بيعا قد عرفت الحال فيها (3)

الاستدلال بآية التجارة

و مما ذكرنا (4): يظهر وجه التمسك بقوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (5)

+++++++++++

في ص 79 يدل على ما قلناه الاجماع.

(1) اي المراد من النفي نفي اللزوم، لا نفي اصل البيعية.

(2) أي و لأجل أن المراد من النفي نفي اللزوم، لا نفي البيعية من رأسها.

(3) حيث إن سيرة المتشرعة، و الاجماع من الفقهاء دلت على أن المعاطاة بيع، و أن العرف العام و الخاص يتعاملان معه تعامل البيع في ترتب آثار الملكية عليه.

(4) و هو الحكم الوضعي الذي هو النفوذ و الصحة المستفاد من الحلية المستفادة من الآية الكريمة.

(5) وجه ظهور التمسك بالآية: أنه بعد القول بأن المعاطاة احد أفراد البيع و مصاديقه، و يجري فيه كل ما يجري في البيع من الشرائط يكون تجارة عن تراض فتشمله الآية الكريمة، لأن التجارة في الآية مستثناة عن اكل المال بالباطل في قوله تعالى: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ ، حيث إن للاكل فردين:

فردا باطلا و هي التجارة عن غير تراض

و فردا غير باطل و هي التجارة عن تراض و منها المعاطاة، لأن معنى لا تأكلوا أموالكم لا تتملكوها فيما بينكم إلا بالتجارة.

ص: 108

الاستدلال بحديث السلطنة و المناقشة فيه

و أما (1) قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الناس مسلطون على أموالهم (2) فلا دلالة فيه على المدعى، لأن (3)

+++++++++++

و من الواضح أن المتعاطيين اذا قصدا التمليك نفذ البيع و صح.

هذه هي الأدلة الثلاثة الدالة صريحا على المدعى: و هي افادة المعاطاة الملكية كما افادها المحقق الكركي.

(1) من هنا يريد الشيخ أن يرد على المستدل بالحديث النبوي المعروف إن الناس مسلطون على أموالهم.

و نحن نذكر كيفية الاستدلال ثم نأتي بالرد.

و خلاصتها أن التسلط الوارد في الحديث عام يشمل جميع أقسامه و أنواعه التي من جملتها تمليك زيد ماله لعمرو بالمعاطاة الواقعة بالفعل إزاء ما يعطيه عمرو له بالمعاطاة أيضا، مع وجود جميع شرائط التعامل المعاطاتي من شرائط المتعاقدين و العوضين.

فلو قلنا بعدم صحة المعاطاة، و أنه لا يملك لزم تحديد سلطة الانسان و سلطنته على ماله، و تضييق دائرة قدرته، و حصرها في التعامل اللفظي.

و هذا يتنافى مع العموم المذكور في الحديث.

(2) (بحار الانوار) الجزء 2. ص 271 الحديث 7.

الطبعة الحديثة.

(3) من هنا يقصد الشيخ الرد على المستدل بالحديث المذكور.

و خلاصته أن العموم المذكور في الحديث إنما يدل على أنواع السلطنة و أقسامها: من حيث تصرف المالك في ملكه من حيث البيع، و ما شاكل ذلك من مصاديق التصرف.

و أما دلالة الحديث على عموم سلطنة الانسان في ايقاع البيع بأي لفظ

ص: 109

عمومه باعتبار أنواع السلطنة فهو إنما يجدي فيما اذا شك في أن هذا النوع من السلطنة ثابتة للمالك، و ماضية شرعا في حقه أم لا؟

أما اذا قطعنا بأن سلطنة خاصة كتمليك ماله للغير نافذة في حقه، و ماضية شرعا، لكن شك في أن هذا التمليك الخاص هل يحصل بمجرد التعاطي مع القصد أم لا بد من القول الدال عليه فلا يجوز الاستدلال على سببية المعاطاة في الشريعة للتمليك بعموم تسلط الناس على أموالهم؟.

و منه (1) يظهر أيضا عدم جواز التمسك به، لما سيجيء من شروط الصيغة.

المناقشة في دلالة الآيتين

و كيف كان (2).

+++++++++++

اراد، و بأي فعل شاء فهي اجنبية عن العموم فلا يصح التمسك به في المقام

و الفرق بين الاول و الثاني: أن نتيجة العموم في الاول أنه لو شك في اصل تمكن الانسان على ماله بأنواع السلطنة و أقسامها يرفع هذا الشك بهذا العموم الذي هو بالإطلاق

بخلاف ما لو شك في أنه يتمكن من التصرف في ماله بالسبب الفعلي المعبر عنه بالمعاطاة، فإنه لا يتمسك بإطلاق هذا العموم على صحة تصرفه بالسبب الفعلي.

(1) أي و من قولنا: فلا يجوز الاستدلال على سببية المعاطاة في الشريعة للتمليك بعموم الناس مسلطون على أموالهم: يظهر أيضا عدم جواز التمسك بالعموم المذكور على نفي شرطية شيء، أو جزئيته في الايجاب و القبول اذا شككنا فيهما في باب شروط الصيغة، لعين الملاك الموجود في عدم جواز التمسك به على سببية المعاطاة للتمليك.

(2) أي أي شيء قلنا في الحديث النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم

ص: 110

ففي الآيتين (1)، مع السيرة (2) كفاية.

اللهم (3) إلا أن يقال: إنهما لا تدلان على الملك و إنما تدلان على إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك كالبيع و الوطي و العتق و الإيصاء.

و إباحة (4) هذه التصرفات إنما تستلزم الملك بالملازمة الشرعية الحاصلة في سائر المقامات: من الاجماع، و عدم القول بالانفكاك، دون (5)،

+++++++++++

(1) و هما: قوله تعالى: أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

و قوله: إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(2) و هي سيرة المتشرعة كما عرفتها

(3) هذه مداعبة من الشيخ في الواقع مع المستدل بالعموم الواردة في الحديث على افادة المعاطاة التمليك.

و ليس قوله: اللهم إلا أن يقال رجوع عن مقالته: من عدم دلالة الحديث على افادة المعاطاة التمليك و ان كان في الواقع رجوعا عن اصل مدعاه و هي افادة المعاطاة التمليك.

(4) دفع وهم.

في هذا الوهم يريد المتوهم أن يثبت الملكية للمعاطاة بقياسه المعاطاة بالبيع في افادته الملكية من بداية الامر بالملازمة بين التصرفات المطلقة، و بين الملكية

حاصل الوهم أن إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك في المعاطاة دليل على أنها تفيد الملكية من أول الامر، للملازمة بين هذه التصرفات، و بين الملكية، لأن افادة المعاطاة الاباحة التي هو اللازم هو مقتضى الآيتين فيتحقق الملزوم و هي الملكية من أول الامر.

كما أن الملكية من أول الامر هي المستفادة من العقود المنشأة بالألفاظ

(5) جواب عن الوهم المذكور.

ص: 111

المقام الذي لا يعلم ذلك (1) منهم، حيث (2) اطلق القائلون بعدم الملك إباحة التصرفات.

و صرح (3) في المسالك أن من اجاز المعاطاة سوغ جميع التصرفات

+++++++++++

و حاصله أنه فرق بين المقيس عليه الذي هي العقود المنشأة بالألفاظ

و بين المقيس و هي المعاطاة، اذ الملازمة المذكورة مختصة بالمقيس عليه و هو البيع فلا تتعدى منه الى غيره، لأنها ليست عقلية، و لا عادية بل هي شرعية محضة فتنحصر في محلها: و هو المقيس عليه، لأنها ثبتت فيه بالاجماع: من أن العقد الصادر باللفظ يفيد الملكية من اوّل الأمر أو بعدم الانفكاك بين التصرفات المذكورة؛ و بين الملكية من أول الامر في العقود المنشأة بالأقوال.

بخلاف ما نحن فيه و هو المعاطاة الذي لم يقع اجماع على الملازمة المذكورة فيه، و لا القول بعدم الانفكاك بين اللازم و الملزوم.

إذا تنحصر الملازمة الشرعية في المقيس عليه، و لا تتعدى الى غيره من المعاملات الجارية بالأفعال.

(1) و هي الملازمة المذكورة كما عرفتها.

(2) تعليل لعدم العلم بالقول بالملازمة المذكورة من الفقهاء اى عدم العلم لاجل أن القائلين بعدم افادة المعاطاة الملك اطلقوا إباحة التصرفات اي قالوا بجواز أي تصرف في المأخوذ بالمعاطاة و لو كان متوقفا على الملك.

فهذا الاطلاق كاف في عدم ثبوت تلك الملازمة فيما نحن فيه.

(3) تأييد من الشيخ لما افاده: من أن القائلين بالإباحة المجردة قد اباحوا جميع التصرفات.

ص: 112

غاية الامر (1) أنه لا بد من التزامهم بأن التصرف المتوقف على الملك يكشف عن سبق الملك عليه آنا مّا، فإن (2) الجمع بين إباحة هذه التصرفات و بين توقفها على الملك يحصل بالتزام هذا المقدار (3)، و لا يتوقف (4) على الالتزام بالملك من اوّل الامر فيقال (5): إن مرجع هذه الاباحة أيضا الى التمليك.

المناقشة في دلالة السيرة

و أما ثبوت السيرة (6) و استمرارها على التوريث فهي كسائر سيرهم

+++++++++++

(1) خلاصة هذه العبارة أن من قال بافادة المعاطاة الاباحة، و افاد جواز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك يلتزم بالملكية الآنية قبل تلك التصرفات كما في تملك الولد العمودين قبل عتقهما آنا مّا ثم يعتقان، حيث إنه لا عتق إلا في ملك.

و من ناحية اخرى أن الولد لا يملك ابويه.

فالجمع بين الاصلين المذكورين هو القول بالملكية الآنية حتى يصح العتق.

ففيما نحن فيه و هي المعاطاة نلتزم في التصرفات المتوقفة على الملك بالملكية الآنية، فالتصرفات المذكورة تكشف عن سبق الملك على هذه التصرفات.

(2) تعليل للالتزام المذكور و قد عرفته آنفا عند قولنا: خلاصة هذه العبارة.

(3) و هي الملكية الآنية.

(4) اي التصرف المتوقف على الملك لا يتوقف على الالتزام بالملكية من بداية وقوع المعاطاة.

(5) الفاء هنا بمعنى حتى اى حتى يقال.

(6) هذا رد على السيرة التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هو

ص: 113

الناشئة عن المسامحة، و قلة المبالاة في الدين مما لا يحصى في عباداتهم و معاملاتهم و سياساتهم كما لا يخفى (1)

و دعوى أنه لم يعلم من القائل بالإباحة جواز مثل هذه التصرفات المتوقفة على الملك كما يظهر من المحكي عن حواشي الشهيد على القواعد:

من منع إخراج المأخوذ بالمعاطاة في الخمس و الزكاة، و ثمن الهدي، و عدم جواز وطي الجارية المأخوذ بها (2).

و قد صرح الشيخ رحمه اللّه بالأخير (3) في معاطاة الهدايا، فيتوجه (4)

+++++++++++

افادة المعاطاة التمليك بقوله في ص 105: و لا يخلو عن قوة، للسيرة المستمرة

(1) ان كان المراد من السيرة سيرة المتشرعة كما استظهرناها بقولنا في الهامش 5 ص 105 المراد بالسيرة سيرة المتشرعة فلا مجال لهذا التحامل، حيث إنهم متدينون و ملتزمون بأحكام الاسلام لا يعصون اللّه عز و جل فيما امرهم به، و ما نهاهم عنه مهما بلغ الامر.

نعم لو كان المراد بها سيرة السوقة و من لا يهمه أمر الدين، و لا يبالي بما قيل أو يقال في حقه فيأتي ما ذكره الشيخ في حقهم.

و الظاهر أن مراد الشيخ من السيرة سيرة اهل السوق، و أهل المطامع و الذين يقدمون المادة على كل شيء، و لذا افاد ما ذكر.

و هؤلاء كما افاد في حقهم الشيخ لا يبالون عن كل شيء.

(2) اي بالمعاطاة.

(3) و هو عدم جواز وطي الجارية المأخوذة بالمعاطاة في كلامه المتقدم في ص 96

(4) الفاء تفريع على ما افاده بقوله: و دعوى أنه لم يعلم.

و خلاصته أنه بناء على عدم العلم بكون القائل بالإباحة المجردة في المعاطاة يجوّز

ص: 114

التمسك حينئذ بعموم الآية على جوازها فيثبت الملك:

مدفوعة (1) بأنه و ان لم يثبت ذلك، إلا أنه لم يثبت أن كل من قال باباحة جميع هذه التصرفات قال بالملك من اوّل الامر فيجوز (2) للفقيه حينئذ التزام إباحة جميع التصرفات مع التزام حصول الملك عند التصرف المتوقف على الملك، لا من اوّل الامر.

الأولى في الاستدلال على المختار
اشارة

فالأولى (3) حينئذ التمسك في المطلب: بأن المتبادر عرفا من حل البيع

+++++++++++

التصرفات المتوقفة على الملك: لا بدّ حينئذ من التمسك بعموم آية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ على جواز مثل هذه التصرفات، لعدم وجود شيء آخر حتى يتمسك به.

(1) مرفوعة خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و دعوى، اى الدعوى المذكورة مردودة.

و خلاصة الرد: أنه كما لم تثبت جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك

كذلك لم يثبت افادة المعاطاة الملكية من حين وقوعها و من اوّل الأمر من جانب القائل بجواز جميع التصرفات.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم ثبوت الملكية من حين وقوع المعاطاة اى فعلى ضوء ما ذكرناه لك لا بدّ للفقيه في مثل هذه التصرفات الالتزام بالملكية الآنية عند التصرف حتى تصح هذه التصرفات، لا القول بافادة الملكية من أول الامر، و حين وقوع المعاطاة.

(3) من هنا كلام (الشيخ الأنصاري) و الفاء تفريع على قوله في ص 111:

اللهم إلا أن يقال اي فعلى ضوء ما ذكر في القيل: من عدم دلالة الآيتين على افادة المعاطاة الملكية من اوّل الامر، و عدم حجية السيرة المذكورة فالأولى التمسك للمدعى بالتبادر العرفي الذي هي الملازمة العرفية بين صحة

ص: 115

صحته شرعا. هذا (1)

مع (2) امكان اثبات صحة المعاطاة في الهبة و الاجارة ببعض اطلاقاتهما

+++++++++++

المعاطاة التي هو الحكم الوضعي و هو النقل و الانتقال، و بين حلية التصرفات على الملك.

(1) اي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام من النفي و الاثبات.

(2) هذا ترق من الشيخ

و خلاصته أن لنا دليلا آخر بالإضافة الى ما ذكرناه: من الآيتين، و السيرة و التبادر العرفي: و هو الاجماع المركب.

بيان ذلك: أنه يمكن اثبات وقوع المعاطاة و صحتها في الاجارة و الهبة ببعض اطلاقاتهما.

أما اطلاق المعاطاة على الاجارة فكقوله عليه السلام:

و أما تفسير الاجارة فاجارة الانسان نفسه، أو ما يملكه، أو يلي امره:

من قرابته، أو دابته، أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الاجارة.

راجع الجزء 1 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 27

فكلمة الاجارة الواقعة في الحديث مطلقة ليست مقيدة باللفظ المشتمل على الايجاب و القبول فتقع بالمعاطاة أيضا.

و أما إطلاق المعاطاة على الهبة في الحديث. أليك نصه.

عن أبي بصير عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض قسمت أو لم تقسّم.

(وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 335. الباب 4 من أبواب الهدايا الحديث 4

فكلمة الهبة الواقعة في الحديث مطلقة ليس فيها تقييد باللفظ المشتمل على الايجاب و القبول فتقع بالمعاطاة أيضا.

ثم تتميم هذا الإمكان في البيع؛ سواء وقع باللفظ أم بالفعل الذي

ص: 116

و تتميمه (1) في البيع بالاجماع المركب هذا (2)، مع (3) أن ما ذكر:

من أن للفقيه التزام حدوث الملك عند التصرف المتوقف عليه لا يليق

+++++++++++

هو المعاطاة بالاجماع المركب: و هو أنه كل من قال بصحة وقوع المعاطاة في الاجارة و الهبة قال بصحة وقوعها في البيع من دون فصل، و وجود قول ثالث بين القولين.

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: ببعض اطلاقاتهما، أي و بتتميم هذا الإمكان في البيع بالاجماع المركب كما عرفت آنفا

(2) اي خذ ما تلوناه عليك من إمكان اثبات صحة المعاطاة في البيع بوقوعه في الاجارة و الهبة بالاجماع المركب.

(3) هذا اشكال من (شيخنا الانصاري) على ما افاده القيل:

من عدم وجود مانع للفقيه من التزامه الملكية الآنية عند التصرف في الأشياء المتوقفة على الملك.

و خلاصته أن استناد التزام الملكية الآنية الى المتفقه الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق غير مناسب له و غير لائق بمقامه.

فكيف بالفقيه الذي بلغ درجة الاجتهاد المطلق، لأن لازم هذا الالتزام تأخر السبب الذي هو التصرف عن المسبب و هي الملكية الآنية و هو غير معقول، لأن المعاطاة اذا لم تؤثر في الملكية مع أنها سبب عقلائي لها فكيف بتأثير التصرف فيها، فالقول بالالتزام المذكور لا يناسب و الفقاهة.

(إن قلت): اذا كانت الملكية الآنية لا تناسب مقام الفقاهة فكيف قال الفقهاء بالملكية الآنية في تملك الانسان عموديه اذا بيعا عليه، أو أسرهما في الحرب، حيث جوزوا ذلك و افتوا بعتقهما عليه حالا.

(قلنا): الامر كما تقول في تملك العمودين.

ص: 117

بالمتفقه فضلا عن الفقيه،

دعوى كاشف الغطاء أن القول بالإباحة يستلزم تأسيس قواعد جديدة
اشارة

و لذا (1) ذكر بعض الأساطين في شرحه على القواعد في مقام الاستبعاد (2): أن القول بالإباحة المجردة.

مع فرض قصد المتعاطيين التمليك و البيع: مستلزم لتأسيس قواعد جديدة:

(منها) (3): أن العقود و ما قام مقامها لا تتبع القصود.

+++++++++++

لكن المانع فيما نحن فيه هو تأخر السبب عن المسبب كما عرفت.

بخلاف تملك العمودين، حيث لا يلزم فيه تأخر السبب عن المسبب لأن السبب هو الاسر لو فرض أنه اسرهما في الحرب فبنفس الاسر يملكهما آنا ما ثم يعتقان عليه قهرا و حالا.

(1) اي و لأجل عدم مناسبة لاضافة الملكية الآنية للمتفقه فضلا عن الفقيه ذكر بعض الأساطين و هو (كاشف الغطاء).

(2) أي استبعاد كون الفقيه يلتزم بالملكية الآنية.

(3) أي من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بافادة الاباحة المجردة.

هذه (اولى قاعدة جديدة) افادها (كاشف الغطاء):

(و هو تخلف العقود عن القصود).

و هذه القواعد الجديدة ثمانية نشير الى كل واحدة منها برقمها الخاص عند ما يذكرها الشيخ.

و خلاصة القاعدة الأولى أن لازم القول بافادة المعاطاة الاباحة عدم متابعة العقود للقصود، لأن ما وقع و هي الاباحة لم يقصد من المتعاطيين، و ما قصد و هو التمليك الذي قصده المتعاطيان لم يقع في الخارج، فيلزم حينئذ تخلف العقود عن القصود. و هو خلاف الفرض في العقود، لأن العقود تابعة للقصود

ص: 118

(و منها) (1) أن يكون إرادة التصرف من المملكات فتملك العين أو المنفعة بإرادة التصرف بهما: (2)، أو معه (3) دفعة و ان لم يخطر ببال مالك الاول (4) الاذن في شيء من هذه التصرفات (5)، لأنه (6)، قاصد للنقل من حين الدفع، و أنه لا سلطان له بعد ذلك (7)

بخلاف (8)، من قال: اعتق عبدك عني

+++++++++++

(1) اى و من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بالإباحة.

هذه (ثانية القواعد الثمانية) الجديدة: (و هو كون الإرادة مملكة) و خلاصتها أن لازم القول بافادة المعاطاة الاباحة كون الإرادة بنفسها مملكة للعين، أو المنفعة عند ما يتصرف المتعاطيان في احداهما و هو امر غير معقول.

ثم إن الإرادة تارة تكون بنفسها مملكة من دون ضم شيء معها.

و اخرى مع الضم و هو التصرف: بأن يكون المملك مركبا منهما اى من الإرادة و التصرف.

(2) اي بالعين، أو المنفعة كما عرفت.

(3) اى مع التصرف كما عرفت ذلك.

(4) و هو الذي كان المبيع ملكا له قبل الإقدام على المعاطاة.

(5) و هي المتوقفة على الملك كالعتق و الوطي و الوقف.

(6) تعليل لعدم خطور الاذن للمالك الأول في شيء من هذه التصرفات المتوقفة على الملك.

(7) اي بعد رفع العين الى الطرف المقابل الذي اخذت منه السلعة بالمعاطاة، لأنه قطع علقة المالكية عن نفسه و أضافها الى الآخر.

(8) اى بخلاف قول القائل: اعتق عبدك عني، فإنه يحتاج

ص: 119

أو تصدق (1) بمالك عني

(و منها) (2):

+++++++++++

الى الاستجابة من مولى العبد أولا حتى يصح عتقه عنه.

فإعتاق مولى العبد عبده عن القائل استجواب له، لأن القائل:

اعتق عبدك عني يقصد التصرف الناقل الى ملكه ثم اعتاقه عنه فيكون هذا القول مخالفا لتلك الامور المتوقفة على الملك؛ لأن تلك الأمور لا تحتاج الى الاستجابة في تصرفاتها، حيث إن كل واحد من المتعاطيين عند إرادة التصرف فيها يلتزم بالملكية الآنية فيتصرف فيها.

(1) في جميع النسخ الموجودة عندنا أو تصدق بمالي عنك.

و الصحيح ما اثبتناه، لأن الجملة معطوفة على سابقتها و هو قوله:

اعتق عبدك عني.

فكما أن القائل: اعتق عبدك عني في مقام الاستجواب عن مولى العبد و ارادته منه لينقله الى ملكه ثم يعتقه عنه حتى يصح من المولى هذا الإعتاق.

كذلك في قوله: تصدق بمالك عني في مقام الاستجواب عن صاحب المال، و إرادة نقله إليه، ليصح التصدق عنه.

فالجملتان: العاطف و المعطوف على نسق واحد في الحكم و هو الاستجواب و ارادته من مولى العبد، و صاحب المال.

بخلاف ما لو كانت الجملة تصدق بمالي عنك، فإنها لا تحتاج الى الاستجواب، لأن المال راجع الى القائل يأمر المخاطب بتصدقه عنه في سبيل اللّه عز و جل، فالجملة الثانية تكون اجنبية عن الأولى لا ربط لها بها.

(2) اي و من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بافادة

ص: 120

أن الأخماس (1)

+++++++++++

المعاطاة الإباحة هذه (ثالثة القواعد الثمانية الجديدة).

و قد ذكر في هذه القاعدة ترتب مفاسد كثيرة ترتقى الى اثنتي عشرة مفسدة.

و نحن نذكرها بتمامها و نشير الى كل واحدة منها برقمها الخاص عند ما يذكرها (الشيخ الأنصاري).

(1) هذه هي (المفسدة الاولى) المترتبة على تلك القاعدة.

و خلاصتها: أن لازم القول بالإباحة المجردة تعلق الخمس بالمأخوذ بالمعاطاة:

بمعنى أنه لو اخذ شيء بالمعاطاة في مقابل شيء اخذ بالمعاطاة ثم تصرف احدهما فيما اخذه من صاحبه و لم يتصرف الآخر فيما اخذه من صاحبه، و كان المأخوذ مما قد تعلق الخمس به إما بواسطة الربح، أو بمضي الحول عليه فحينئذ يلزم تعلق الخمس بغير المملوك، لأن ما في يده ليس ملكه، حيث إن الآخر لم يتصرف فيما اخذه من صاحبه فهو ملك له كما أن ما أعطاه لصاحبه ليس ملكا له بل ملك له، لأن المعاطاة فرضا لا تفيد الملكية، بل تفيد الاباحة المجردة و لم يقل احد من الفقهاء بتعلق الخمس بغير الملك.

ثم رأينا من المناسب عند ما يذكر كاشف الغطاء الخمس و اخواته:

أن نشرح على نحو الايجاز حول كل واحد من المذكورات ما يناسب المقام فنقول:

الأخماس جمع خمس بضم الخاء و سكون الميم، أو ضمها

و الخمس جزء من خمسة أجزاء 1/5 قد فرضه اللّه عز و جل في كتابه العزيز على عباده المؤمنين بالشروط المقررة في (فقه الامامية) فهو واجب إلهي في سبعة أشياء. أليك أسماءها.

ص: 121

..........

+++++++++++

(الاول): الغنيمة و هي التي حازها المسلمون من أموال اهل الحرب في المعركة و كانت الحرب باذن (الرسول الأعظم، أو الامام) عليهم الصلاة و السلام بشرط أن لا تكون الغنيمة من سرقة، أو غيلة.

(الثاني): المعدن و هو كل ما يستخرج من الارض: بأن كانت الارض اصلا له.

(الثالث): الغوص في البحار لإخراج اللؤلؤ و المرجان و الذهب و الفضة.

(الرابع): أرباح المكاسب في التجارة و الزراعة، و غرس الأشجار

(الخامس) المال الحلال المختلط بالمال الحرام بحيث لا يميّز و لا يعلم صاحبه.

(السادس): الكنز و هو المال المدخور تحت الأرض.

(السابع): ارض الذمي المنتقلة إليه من مسلم.

و يجب اخراج الخمس من هذه الأشياء، و تقسيمه ستة أسهم حسب التقسيم الإلهي في القرآن المجيد بقوله عز من قائل:

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ . الأنفال: الآية 41

و المراد من ذوي القربى هم (الأئمة الاثنا عشر من اهل البيت) عليهم السلام.

فيعطى سهم اللّه و الرسول مع سهم ذى القربى للامام عليه السلام في حضوره و عصره، و في غيبته عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج لنوابه و هم الفقهاء الامامية الذين بلغوا درجة الاجتهاد المطلق، و لهم اهلية الإفتاء

ص: 122

..........

+++++++++++

و السهام الثلاثة الباقية تعطى لليتامى و المساكين و ابن السبيل من آل هاشم المنتسبين إليه من طرف الأب؛ طبقا للشروط المقررة في الكتب الفقهية الامامية.

و هناك رأي (للسيد المرتضى) أنه يعطى الخمس لمن انتسب الى هاشم من طرف الام.

جعل اللّه عز و جل هذه المنحة و العطية (للبيت الهاشمي) في مقابل الزكوات الواجبة التي خصها اللّه جل جلاله بالطوائف المذكورة في آية الصدقات بقوله عزّ من قائل:

إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ(1)

و ليس جعل الخمس و تشريعه في الاسلام، و اختصاصه بالبيت الهاشمي من قبل (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و تلقاء نفسه حتى يقال:

لما ذا خص ذريته بذلك؟

و هل هذا إلا تفضيل ذريته على بقية الأمم و العناصر؟ حتى يقال:

هذا يتنافى و قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ .

بل جعل الخمس منحة إلهية ربانية خصه بذرية رسوله العظيم، تكريما لهذا البيت السامي الرفيع، و تعظيما لرسوله الكريم.

و في هذا الاختصاص سر إلهي لا تصل إليه العقول إلا من كان له حظ عظيم من المعارف الإلهية، و المواهب الربانية.

ص: 123


1- التوبة: الآية 61.

و الزكوات (1)

+++++++++++

و لعل بعض السر كونه اجر الرسالة و المشاق التي تحملها صلى اللّه عليه و آله و سلم في سبيل التبليغ كما قال صلى اللّه عليه و آله: ما اوذي نبي مثل ما اوذيت

كما فرض الباري عز و جل المودة (لذوي القربى) الذين هم (أئمة أهل البيت) في قوله تعالى: قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ (1) الشورى: الآية 23.

بالإضافة الى أن الاسلام قد اجاز لغير ذرية (الرسول الأعظم) اخذ حق الامام عليه السلام الذي هو من خصائصه، و صرفه في سبل الخير و مشاريعه كما عليه ديدن الفقهاء الامامية.

فاختصاص الخمس بذريته صلى اللّه عليه و آله و سلم لا يتنافى و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا فضل لقرشي على عربي، و لا لعربي على عجمي، و لا لأسود على ابيض و قد قال عز و جل: وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ (2) النجم: الآية 3-4

(1) هذه هي (المفسدة الثانية) اي بناء على القول بالإباحة المجردة يلزم تعلق الزكاة بالمأخوذ بالمعاطاة اذا كان زكويا بعين ما ذكر في الخمس من كون التعلق يكون بمال الناس، حيث إن الآخر لم يتصرف فيما اخذه فهو باق على ملك صاحبه كما كان ذاك باق على ملك صاحبه.

و الزكوات بفتح الزاي و الكاف جمع زكاة بفتح الزاي اسم مصدر و المصدر تزكية من باب التفعيل من زكىّ يزكي معناه لغة النمو و الازدياد يقال: زكى الشيء اى نما و زاد، و يستعمل لازما كما عرفت من المثال.

ص: 124

و الاستطاعة (1)

+++++++++++

و متعديا كقولك: زكاه اى اصلحه و طهّره.

و شرعا: إخراج المكلف مقدارا معينا من ماله اذا بلغ المال الحد الشرعي المعين؛ و المقدر من قبل الشارع حسب الشروط و القيود المقررة في (الكتب الفقهية الامامية).

و يسمى هذا المقدار نصابا.

و تجب الزكاة في تسعة أشياء عند (الطائفة الامامية).

(الاول الحيوانات): الابل، البقر، الغنم.

(الثاني الغلات): الحنطة، الشعير، التمر، الزبيب.

(الثالث النقدان): الذهب، الفضة المسكوكان.

و تجب الزكاة على البالغ العاقل الحر المتمكن من التصرف فلا زكاة على المجنون و الصبي، و غير المتمكن من التصرف في ماله.

إما شرعا كالراهن و الناذر بصدقة ماله المعين و الواقف ماله المعين في سبيل اللّه.

و إما قهرا كمن سرق ماله، أو غصب، أو جحد، أو في مكان لا يدري أينه، و في أي صقع من الأصقاع، أو جاءه إرث زكوي، لكنه لم يصل إليه حتى يزكيه.

راجع حول الخمس و الزكاة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 2 كتاب الزكاة ص 11 الى 62 و كتاب الخمس ص 65 الى 89

(1) هذه هي (المفسدة الثالثة) المترتبة على القاعدة الجديدة و هي كالخمس و الزكاة في تعلقها بما في اليد بعين الملاك الموجود فيهما.

ثم الحج على ثلاثة أقسام: التمتع. القران. الإفراد

ص: 125

و الديون (1)

+++++++++++

(الأول): فرض من بعد عن مكة المكرمة بمقدار ثمانية و اربعين ميلا من الجوانب الاربعة:

الشرق. الغرب. الشمال. الجنوب.

و كل ميل كيلومترين فيضرب الاثنان في 48 ميل هكذا:

2 * 48-96 كيلومترا

و هذا المقدار يساوي ستة عشر فرسخا، حيث إن الفرسخ يساوي ستة كيلومترات.

هذا بناء على القول الأصح في فرض التمتع كما ذهب إليه الشهيدان للأخبار الصحيحة الواردة في ذلك.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 2. ص 204.

و راجع حول الأخبار (وسائل الشيعة) الجزء 5 الباب 6 ص 187

(الثاني و الثالث): فرض من لم يبعد عن مكة المكرمة بالمقدار المذكور.

(1) هذه هي (المفسدة الرابعة) اي يلزم على ذلك ترتب الديون على ما في اليد الذي هو ملك الغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

و الديون جمع دين بفتح الدال و سكون الياء مصدر دان يدين معناه لغة الإقراض الى اجل محدود، أو غير محدود.

يسمى المعطي (دائن - مقرض) و الآخذ (مدين مديون مقروض)

و يجب على المدين اداء دينه في صورة التمكن من الأداء مهما بلغ الامر و كلف فورا.

ص: 126

و النفقات (1)

+++++++++++

و لو مات المدين وجب على الوراث اداؤه من الاصل مقدما له على الارث.

و لو مات الدائن وجب على المدين دفعه الى وارثه إن كان موجودا و قريبا، و إلا الى الأبعد فالأبعد.

(1) هذه هي (المفسدة الخامسة) اي يلزم بناء على ذلك ترتب النفقة على ما في اليد الذي هو ملك الغير بالتقريب المتقدم في زميلاته.

و النفقات بفتح النون و الفاء جمع نفقه بفتح الثلاثة معناها لغة الإنفاد الإفناء و الرواج، يقال: انفق الشيء أي أنفد و فني و راج.

و موجبات النفقة ثلاثة:

(الاول): الزوجية اذا كانت بالعقد الدائم بشرط تمكينها للزوج:

باستمتاع الزوجية، و عدم نشوزها: بعصيانها له بالكلام البذي، و الخروج من الدار بغير اذنه.

و لا فرق في الزوجة بين الحرة و الأمة، و بين المسلمة و الكافرة، بناء على جواز تزويج الكافرة الكتابية دائما.

و الواجب على الزوج في هذه النفقة القيام بجميع شئون الزوجة في احتياجاتها: من الطعام و الإدام، و الكسوة و الدار و الخادمة، و وسائل التزيين و التنظيف.

و مرجع هذه الأمور من حيث الكمية و الكيفية عادة أمثالها، كل ذلك في صورة الامكان.

(الثاني): القرابة البعضية: اى يكون المنتسب بعضا من منتسبيه كالابوين فصاعدا.

ص: 127

و حق المقاسمة (1) و الشفعة (2)

+++++++++++

و الأولاد فنازلا، ذكورا كانوا أو أناثا، منتسبين لابن المنفق، أو لبنته و الأبوان و الأولاد مقدمون على بقية الأقارب.

و قيل: تجب النفقة على كل الأقارب لقوله تعالى:

وَ عَلَى اَلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ عَلَى اَلْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ . البقرة: الآية 232-233

و شرط استحقاق النفقة في غير الزوجة الفقر و العجز عن الكسب، كما أن شرط وجوب الإنفاق زيادة ماله عن قوته، و قوت زوجته عن مقدار يومه و ليلته.

و الأب مقدم على الام، و غير الام في الإنفاق على الولد.

(الثالث): الملك، سواء أ كان انسانا كالعبد أم حيوانا كالبهائم.

و الإنفاق على البهيمة عبارة عن تعليفها و سقيها و إيوائها في مكان:

من مراح و اصطبل يليق بحالها: بأن يكون الاكل و السقي و الإيواء مناسبا لحالها، فلا يطعم الابل ما يطعم الدجاج و الطير، و لا البقر ما يطعم الابل من الشوك، و هكذا.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 5 من ص 465 الى ص 486.

(1) هذه هي (المفسدة السادسة) اى يلزم على ذلك تعلق حق المقاسمة بما في اليد الّذي هو ملك الغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

و قد مضى شرح المقاسمة في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في الهامش 2 ص 164 فراجع.

(2) هذه هي (المفسدة السابعة) أي يلزم على ذلك تعلق حق

ص: 128

و المواريث (1)

+++++++++++

الشفعة بما في اليد الذي هو ملك للغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

و قد مضى شرح الكلمة في المصدر نفسه الجزء 6 في الهامش 3 ص 16 فراجع.

(1) هذه هي (المفسدة الثامنة) اى يلزم على ذلك تعلق الميراث بما في اليد الذي هو ملك الغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

و المواريث بفتح الميم جمع ميراث بكسر الميم و سكون الياء وزان ميعاد ميزان ميقات اصله موراث كزميلاته اعلّ اعلالها: من قلب الواو الساكنة ياء اذا كان قبلها مكسورا و هو مشتق من ورث يرث معناه لغة انتقال مال من شخص الى آخر بعد وفاته.

يقال: فلان ورث المال، أو المجد من فلان اي انتقل المال أو المجد إليه.

و يقال لمن انتقل إليه ذلك: الوارث، و لمن خلّف ذلك: المورث، و لنفس الشيء: الميراث. الموروث. التركة.

و شرعا انتقال مال من شخص لآخر بعد وفاته بسبب استحقاق الآخر ذلك بنسب، أو سبب.

و للارث موجبات و موانع

أما الموجبات: فاثنان

(الاول): النسب و هو الاتصال بالولادة بانتهاء احدهما الى الآخر و للنسب ثلاث طبقات طوليا، اي لا ترث المرتبة الثانية مع وجود المرتبة الأولى؛ و لا الثالثة مع وجود الثانية.

(الطبقة الاولى): الآباء و هما: الأبوان. اى الأب و الام للميت دون آبائهما.

ص: 129

..........

+++++++++++

و الأولاد و ان نزلوا.

(الطبقة الثانية): الاخوة و الأخوات للابوين، أو لأحدهما، و الأجداد و الجدات.

(الطبقة الثالثة): الأعمام و الأخوال للابوين، أو أحدهما، فلا عول و لا تعصيب عندنا.

(الموجب الثاني): السبب و هو عبارة عن الاتصال إما بالزوجية أو بالولاء.

و السبب الزوجي يجتمع مع جميع الطبقات، و لا ينفك عنها، أي الزوجة ترث مع وجود الآباء و الأولاد و الأخوة، و الأخوات، و الأجداد و الجدات و الأخوال فلا يمنع وجود هؤلاء الزوجة عن الارث فهي تأخذ نصيبها الأعلى و هو الثمن اذا كان لزوجها ولد منها، أو من غيرها.

و الربع إذا لم يكن لزوجها ولد لا منها، و لا من غيرها.

و كذا الزوج يجتمع مع جميع الطبقات المذكورة، و لا يعارضه احد من الطبقات فهو يأخذ نصيبه الأعلى إن ماتت زوجته و لم تخلف ولدا لا من زوجها الموجود، و لا من غير الموجود.

ثم الارث يقسم ستة أقسام حسب آيات الارث

أليك السهام:

النصف. الثلث. الثلثان. الربع. السدس. الثمن.

و أما أهل السهام فاليك اسماءها: النصف للبنت الواحدة، و للزوج اذا لم يكن للزوجة ولد، و للاخت الواحدة.

قال اللّه جل شأنه: وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا اَلنِّصْفُ .

ص: 130

..........

+++++++++++

وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ . إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ . النساء: الآية 10-12-175

(الثلث) فهو للام اذا لم يكن للميت ولد، و لم يكن له اخوة حاجبة للام عن الثلث.

و لكلالة الام اذا كانوا اكثر من واحد قال اللّه جل اسمه:

فَلِأُمِّهِ اَلثُّلُثُ ، فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي اَلثُّلُثِ النساء: الآية 11-12

(الثلثان) فهو للبنتين، و للاختين فصاعدا

قال اللّه تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ فَإِنْ كٰانَتَا اِثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا اَلثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ النساء: الآية 11-175

(الربع): فهو للزوج اذا كان للزوجة ولد. و للزوجة اذا لم يكن للزوج ولد قال اللّه تعالى: فَلَكُمُ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ ، وَ لَهُنَّ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ النساء: الآية 12.

(الثمن): فهو للزوجة اذا كان للزوج ولد

قال اللّه تعالى: فَلَهُنَّ اَلثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ النساء: الآية 12

(السدس): فهو للأبوين لكل واحد منهما، و للام اذا كان للميت اخوة، و لكلالة الام اذا كان واحدا.

قال اللّه عز اسمه: وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ اَلسُّدُسُ . وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ

ص: 131

..........

+++++++++++

مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ . النساء: الآية 11-12

و أما الموانع فكثيرة. إليك المختصر منها

(الكفر): بأقسامه و إن انتحل الى الاسلام كالخوارج و النواصب و الغلاة الذين يدعون الاسلام و هم كفار.

(القتل): فإن الوارث لو قتل مورثه يمنع من الارث اذا كان القتل عن عمد و قصد.

و أما اذا كان عن خطأ محض فيمنع من الدية خاصة، لا من اصل التركة.

و لا فرق في القاتل بين الصبي و المجنون، و غيرهما.

و كذا لا فرق في القاتل بين كونه مباشرا: بأن تصدى للقتل بنفسه و بين كونه مسببا بأن امر شخصا ليقتل زيدا المقصود، أو هيأ مقدمات القتل حتى انتهت الى قتل انسان مقصود.

(و الرق): اذا كان في الوارث، أو في المورّث، حيث إن أموال المورّث لمولاه.

(اللعان): فإنه مانع من الارث بين الزوجين، و بين الزوج و الولد المنفي، لأن اللعان يوجب حرمان الزوج عن إرث زوجته، و حرمان الزوجة عن إرث زوجها، و حرمان الأب عن إرث ولده، و حرمان الولد عن إرث والده.

اللهم إلا أن يكذب الأب نفسه في نفي الولد عنه فيرث الولد من أبيه حينئذ، و لا يرث الأب من ولده، لأنه نفى بنوته عن نفسه.

(الحمل): فإنه مانع عن الارث حتى ينفصل حيا، فلو سقط ميتا

ص: 132

و الربا (1)

+++++++++++

لم يرث: لقوله صلى اللّه عليه و آله: السقط لا يرث و لا يورث.

(الغيبة) المنقطعة: و هي مانعة عن نفوذ الارث ظاهرا حتى يثبت الموت شرعا.

(الارتداد): فلو ارتد مسلم واحد أبويه مسلم لا يرث من مورّثه

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 من اوّل.

الكتاب الى آخره، حيث إنه مختص بالارث.

(1) هذه هي (المفسدة التاسعة) أي يلزم بناء على ذلك تعلق الربا بما في اليد الذي هو ملك الغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

و الربا بكسر الراء و بالالف المقصورة المبدلة عن الواو مشتق من ربا يربو وزان دعا يدعو اصله ربو كاصل دعا.

معناه لغة الزيادة و الفائدة، و الزيادة هذه يأخذها المرابي.

و يقال للمعاملة المشتملة على الربا ربوي بكسر الراء.

و الربا يأتي في المكيل و الموزون بشرط الزيادة كبيع طن من الحنطة أو الشعير بطن و ربع منها مثلا.

و يأتي في النقدين: الذهب و الفضة أيضا كبيع مثقال من الذهب بمثقال و حبة مثلا: أو بيع مثقال فضة بمثقال و خمسة حبات من الفضة.

و لا يجوز التفاضل في المذكورات و ان كان مقدار ذرة حتى في الأجود و الأدون.

و حرمة الربا ثابتة في دين الاسلام و هي من الضروريات و قد أكد الشرع على حرمته تأكيدا بالغا فوق ما يتصور، و قد وردت أخبار كثيرة في حرمته ذكرنا شطرا منها، و فلسفتها في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 من ص 312 الى ص 317 فراجع، فإن فيها فوائد جمة لا تفوتك.

ص: 133

و الوصايا (1) يتعلق بما (2) في اليد، مع العلم (3) ببقاء مقابله، و عدم (4) التصرف فيه، أو عدم (5) العلم به فينفى (6)

+++++++++++

(1) هذه هي (المفسدة العاشرة) اي يلزم بناء على ذلك تعلق الوصية بما في اليد الذي هو ملك الغير بالتقرير المتقدم في زميلاتها.

و الوصايا بفتح الواو جمع وصية بفتحها أيضا و كسر الصاد و هي مشتقة من وصّى يوصي توصية من باب التفعيل، أو من اوصى يوصي ايصاء من باب الإفعال، أو من وصى يصي.

معناها لغة الوصل، حيث إن الانسان يوصل تصرفاته التي كانت في حياته الى بعد وفاته اى يبقيها كما كانت.

و شرعا تمليك عين، أو منفعة، أو تسليط على تصرف بعد الوفاة.

و هي من العقود اللازمة تحتاج الى ايجاب و قبول، و لا يشترط فيها القبول اللفظي، و لا مقارنته للإيجاب.

(2) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر لأن في قوله: و منها أن الأخماس اي لازم القول بكون المعاطاة مفيدة للاباحة المجردة هذه المفاسد التي ذكرناها بأسرها في الهوامش المذكورة.

(3) أي مع علم الآخذ ببقاء ما اخذه الآخر على ملكه كما علمت

(4) بالجر عطفا على مدخول مع اي مع علم الآخذ بعدم تصرف الآخر فيما اخذه منه.

(5) بالجر عطفا على مدخول مع اي و مع عدم علم الآخذ بأن الآخر الذي هو الطرف المقابل له قد تصرف فيما اخذه منه.

(6) اي تصرف الآخر فيما اخذه ينفى بالأصل الذي هو الاستصحاب:

ببيان أن المأخوذ لم يتصرف فيه قبل الاخذ، و بعده يشك في التصرف فنجري

ص: 134

بالأصل فيكون (1) متعلقة بغير الأملاك.

و أن صفة (2) الغنى، و الفقر (3) تترتب عليه (4) كذلك (5) فيصير (6) ما ليس من الأملاك بحكم الأملاك.

(و منها): (7) كون التصرف من جانب مملكا للجانب الآخر

+++++++++++

فيه عدم التصرف و هو الاستصحاب.

(1) الفاء تفريع و نتيجة لما افاده (كاشف الغطاء) اى نتيجة القول بالإباحة ترتب المفاسد المذكورة التي عرفتها.

(2) هذه هي (المفسدة الحادية عشر) اي يلزم بناء على ما ذكر تعلق الغنى بما في اليد الذي هو ملك الغير: بمعنى أن الانسان لو اشترى شيئا بالمعاطاة لا يجوز له اخذ الأخماس لو كان هاشميا، أو الصدقات لو كان غير هاشمي، لأنه أصبح غنيا بما في اليد، مع أنه مال الغير.

و كذا يجب عليه الحج، لكونه صار غنيا بما في اليد، مع أن ما في اليد مال الغير بالتقرير المتقدم في زميلاته.

(3) هذه هي (المفسدة الثانية عشر) اي يلزم بناء على ما ذكر تعلق الفقر بما في اليد الذي هو ملك الغير فيجوز للمتعاطي اخذ الصدقات و الأخماس، لأنه فقير لا يملك شيئا، و ما في يده مال الغير.

(4) اي على ما في اليد و هو المأخوذ بالمعاطاة كما عرفت.

(5) أي مع العلم ببقاء مقابله على ما كان عليه، و مع العلم بعدم تصرفه فيه، أو مع عدم العلم بالتصرف فيه فينفى بالاصل.

(6) الفاء نتيجة لما افاده كاشف الغطاء: من ترتب المفاسد المذكورة على القاعدة الثالثة الجديدة.

(7) اي و من تلك القواعد الثمانية الجديدة المتفرعة على القول بافادة المعاطاة الاباحة.

ص: 135

مضافا (1) الى غرابة استناد الملك الى التصرف

(و منها) (2): جعل التلف السماوي من جانب مملكا للجانب الآخر، و التلف (3) من الجانبين مع التفريط (4)

+++++++++++

هذه (رابعة القواعد الجديدة):

و هو كون التصرف من جانب مملكا للجانب الآخر.

و خلاصتها: أن لازم القول المذكور أن يكون التصرف في الماخوذ بالمعاطاة من جانب احد المتعاطيين مملكا للجانب الآخر الذي لم يتصرف فيه مع أنه لم يقل احد من الفقهاء بذلك.

(1) هذا اشكال آخر على القول بكون التصرف مملكا للجانب الآخر

و خلاصته: أن نسبة التمليك الى التصرف، و أن التصرف هو المملك غريب جدا، اذ لم يعهد من الشرع أن التصرف احد موجبات الملكية

(2) اي و من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

هذه (خامسة القواعد الثمانية الجديدة) اى يلزم بناء على القول بذلك أن يكون التلف السماوي من جانب واحد مملكا للجانب الآخر كما لو اشترى زيد من عمرو شيئا بالمعاطاة و اعطى شيئا لصاحبه بالمعاطاة أيضا ثم تلف احد المأخوذ بالمعاطاة بآفة سماوية و لم يتلف الآخر فيلزم حينئذ أن يكون التالف سببا لتملك الطرف الآخر، مع أنه لم يقل احد من الفقهاء بذلك

(3) هذا من لوازم القاعدة الخامسة اي يلزم بناء على ذلك أن التلف من الجانبين اذا كان موجبه الآفة السماوية تعيين المسمى على كل واحد من المتعاطيين، مع أنه لم يقل احد من الفقهاء بذلك.

(4) القيد لأجل اخراج التفريط من الجانبين اذا كان على النحو الطولي

ص: 136

معينا للمسمى من الطرفين، و لا رجوع (1) الى قيمة المثل حتى يكون له الرجوع بالتفاوت، و مع حصوله (2) في يد الغاصب، أو تلفه (3) فيها فالقول بأنه (4)

+++++++++++

و التعاقب، فإن التفريط لو كان كذلك لملك الطرف الثاني بمجرد تلف المأخوذ بالمعاطاة في يد صاحبه.

بخلاف ما اذا كان التفريط بنحو العرضي و في ظرف واحد، فإنه لا يوجب التملك للطرف الثاني.

(1) هذا من لوازم القاعدة الخامسة أيضا اي يلزم بناء على ذلك أن لا يكون رجوع لاحد المتعاطيين على الآخر في صورة التلف السماوي من جانب واحد، و لا لكليهما لو كان التلف من الجانبين: الى قيمة المثل حتى يكون لاحدهما، أو لكليهما حق الارش: و هو التفاوت لما بين السعرين، مع أنه لا بدّ من الرجوع الى ذلك و هو حق ثابت شرعا و عرفا.

(2) اي و مع حصول التلف.

هذا من لوازم القاعدة الخامسة أيضا اي يلزم على القول بذلك أن يكون المطالب من الغاصب في المأخوذ بالمعاطاة لو غصبه شخص و استقر في يده، أو تلف عنده.

إما القابض، حيث إنه المالك له بالمعاطاة، لأن الغصب هو السبب للملكية.

و القول بأن الغصب هو السبب للتمليك شيء عجيب و غريب، حيث لم يسمع لحد الآن أن يكون الغصب من المملكات الشرعية واحد أسبابها.

(3) أي تلف المأخوذ بالمعاطاة في يد الغاصب كما عرفت آنفا.

(4) أي القابض هو المطالب من الغاصب.

ص: 137

المطالب، لأنه يملك بالغصب: أو التلف في يد الغاصب غريب

و القول (1) بعدم الملك بعيد جدا؛ مع (2) أن في التلف القهري إن ملك التالف قبل التلف فعجيب، و معه (3)

+++++++++++

و المطالب بصيغة الفاعل.

(1) هذا هو الشق الثاني اي و إما أن يكون المطالب من الغاصب هو القابض لكن القابض لا يكون مالكا للمأخوذ بالمعاطاة، لأن المأخوذ قد غصبه الغاصب و هو تحت يده و تصرفه.

و القول بأن القابض هو المطالب من الغاصب مع عدم تملكه للمأخوذ بالمعاطاة أغرب و أعجب من سابقه و هو الشق الاول الّذي كان القابض مالكا للمأخوذ بالمعاطاة، لأنه كيف يجتمع القول بأن القابض هو المطالب من الغاصب، و القول بأن القابض لم يملك المأخوذ بالمعاطاة الذي تلف في يد الغاصب: حيث إن مطالبة القابض من الغاصب المأخوذ بالمعاطاة فرع تملكه له.

(2) هذا من لوازم القاعدة الخامسة أيضا اى يلزم على القول بذلك أن في التلف القهري و هو السماوي الذي يكون مملكا للجانب الآخر اذا تلف المأخوذ بالمعاطاة من جانب واحد، أو معينا للمسمى اذا صارت الآفة السماوية موجبة للتلف من الجانبين.

إما أن يقال بتملك القابض للمأخوذ بالمعاطاة قبل تلفه فهو عجيب لأن سبب التملك الذي هو التلف لم يتحقق بعد حتى يمكن تملك القابض له

كما أن التصرف من الطرف الآخر لم يتحقق أيضا، لأنه المفروض في المسألة.

هذا اذا كان التلف بغير تفريط.

(3) اى و إما أن يقال بتملك القابض للمأخوذ بالمعاطاة مع التلف

ص: 138

بعيد، لعدم (1)، قابليته حينئذ، و بعده (2) ملك معدوم، و مع (3) عدم الدخول في الملك يكون ملك الآخر بغير عوض.

+++++++++++

و في حينه و آن واحد من دون سبق من احدهما على الآخر فهو بعيد أيضا لعدم قابلية هذا النوع من التلف للتمليك، للزوم تقدم السبب الذي هو التلف على المسبب الذي هو التملك رتبة، و المفروض هنا خلاف ذلك، لأن التلف و التملك قد حصلا في آن واحد.

(1) تعليل لبعد تملك القابض المأخوذ بالمعاطاة حين التلف، و قد عرفته عند قولنا: لعدم قابلية هذا النوع.

(2) أى و إما أن يقال بتملك القابض للمأخوذ بالمعاطاة بعد تلفه فهذا أبعد من الأول و الثاني، و أعجب منهما، لأن بعد التلف لا يبقى شيء حتى يكون قابلا للتملك و الملكية فهو معدوم صرف لا وجود له.

فتحصل من مجموع ما ذكر أنه بناء على القاعدة الخامسة: من جعل التلف السماوي الذي هو التلف القهري من جانب مملكا للجانب الآخر:

أن تملك القابض للمأخوذ بالمعاطاة على ثلاثة أقسام.

(الأول): تملكه قبل التلف.

(الثاني): تملكه عند التلف و حينه و في آن واحد.

(الثالث): تملكه بعد التلف.

و قد عرفت الإشكال في الأقسام الثلاثة:

و كلمة (إن) في قوله: إن ملك التالف شرطية، و كلمة تلف فعل ماض فاعله القابض، و كلمة التالف منصوبة على المفعولية، و المراد من التالف هو المأخوذ بالمعاطاة، و كلمة عجيب مرفوعة خبر للمبتدإ المحذوف و هي كلمة هو أى و هو عجيب

(3) هذا من لوازم القاعدة الخامسة اى يلزم على ذلك بعد القول

ص: 139

و نفي (1) الملك مخالف للسيرة، و بناء (2) المتعاطيين

(و منها) (3): أن التصرف إن جعلناه من النواقل القهرية فلا يتوقف على النية فهو بعيد.

+++++++++++

بأن جعل التلف السماوي القهري من جانب واحد مملكا للجانب الآخر:

أن يكون تملك الآخر للمأخوذ بالمعاطاة بلا عوض لو قلنا بعدم دخول التالف في ملك القابض، لعدم تملك صاحبه الذي اخذ منه السلعة للمأخوذ بالمعاطاة في حالة التلف كما هو المفروض، و لازم التملك بلا عوض نفي الملكية عن الآخذ.

(1) اى و نفي الملكية عن الآخذ بلا عوض مخالف لسيرة المتشرعة من زمن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم الى يومنا هذا، حيث إن المتشرعين يتعاملون مع المأخوذ بالمعاطاة تعامل الملكية.

(2) بالجر عطفا على (اللام الجارة) في قوله: للسيرة اى و نفي الملكية عن الآخذ بلا عوض مناف لبناء المتعاطيين أيضا، حيث إنهما بنيا من بادئ الامر على أن كلا منهما يملك ما يدفعه الى صاحبه له.

(3) اي و من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

هذه (سادسة القواعد الثمانية الجديدة).

و خلاصتها: أن التصرف في الشيء إذا كان من النواقل القهرية غير الاختيارية فلازمه أنه لا يتوقف على النية و القصد.

لكن عدم التوقف المذكور بعيد جدا. لأنه في صورة عدم توقف التصرف على نية التملك كيف يحصل التملك، فحينئذ لا يمكن للانسان تملكه للشيء إذا كانت هذه صفته.

ص: 140

و ان أوقفناه (1) عليها كان الواطي للجارية من غيرها (2) واطئا بالشبهة، و الجاني عليها (3)، و المتلف لها (4)، جانيا على مال الغير و متلفا له (5)

+++++++++++

(1) اى و إن أوقفنا التصرف الناقل على نية التملك فلازمه أن الواطي للجارية المأخوذة بالمعاطاة من غير نية تملكها واطئا بالشبهة.

(2) أي من غير تملك الجارية حين الوطي كما عرفت.

(3) اي الجاني على الجارية المأخوذة بالمعاطاة يكون جانيا على مال الغير، فلازم هذه الجناية الضمان.

هذا من متفرعات القاعدة الخامسة من القواعد الثمانية المترتبة على القول بافادة المعاطاة الاباحة.

(4) أي المتلف للجارية المأخوذة بالمعاطاة يكون متلفا لمال الغير فلازم هذا التلف الضمان.

(5) اي لمال الغير، حيث إن الجارية بناء على القول بتوقف التصرف فيها على النية و لم ينو التصرف كان تصرفا في مال الغير.

و كذا الجناية عليها، و اتلافها.

ثم إن المراد من النواقل القهرية الامور غير الاختيارية التي تنقل الى الانسان من دون اختيار و إرادة منه كانتقال أموال الميت الى الوارث بدون اختيار الوارث و ارادته، سواء اراد أم لم يرد فتنتقل تركة الميت بعد إخراج ثلثه لو اوصى: الى الوارث.

و هكذا حق الشفعة ينتقل الى الوارث بموت المورث، فإنه من الأمور القهرية غير الاختيارية.

و كذا بقية الحقوق القابلة للانتقال، فإن ما تركه الميت: من مال، أو حق فهو للوارث.

ص: 141

(و منها) (1): أن النماء الحادث قبل التصرف إن جعلنا حدوثه مملكا له (2)

+++++++++++

(1) أي و من تلك القواعد الجديدة المتفرعة على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

هذه (سابعة القواعد الثمانية الجديدة).

حاصل هذه القاعدة أن النماء على قسمين:

متصل، و منفصل

أما الأول فلا اشكال في تبعيته للعين كما في سائر المقامات، و أنه محكوم بحكمها في أن المالك يملكه كما يملك العين من دون كلام و نزاع في البين.

و أما الثاني فهو محل الكلام في كونه تابعا للعين و محكوما بحكمها، أولا؟

(فالشيخ كاشف الغطاء) يقول لو قلنا: إن المعاطاة تفيد الاباحة المجردة لازمه أن النماء الحادث في حيازة المتعاطيين المعبر عنه بالمنفصل كالثمرة في الشجرة، و الصوف في الغنم، و الحليب في الابل و البقر و الجاموس و التفريخ في الدجاج، و نتاج الولادة في الأنعام الثلاث، و ما شابه هذه:

لا يخلو من احد الامرين على سبيل منع الخلو قبل التصرف في العين:

(الاول): أن النماء بوحده مجردا عن العين يكون ملكا للآخذ بالمعاطاة قبل أن يتصرف الطرف الآخر فيما اخذه بالمعاطاة.

فكل ما يوجد للآخذ بالمعاطاة من النماءات المذكورة فهو ملك له و ان لم يتصرف الآخر فيما اخذه من صاحبه بالمعاطاة.

(الثاني): أن يكون النماء الحادث منضما مع العين ملكا للآخذ و ان لم يتصرف الطرف الآخر فيما اخذه من صاحبه بالمعاطاة.

(2) أي للآخذ بالمعاطاة.

ص: 142

دون العين (1) فبعيد (2)، و معها (3)، فكذلك (4)، و كلاهما (5) مناف لظاهر الاكثر، و شمول (6)

+++++++++++

(1) اى النماء فقط مجردا عن العين كما عرفت عند قولنا في ص 142:

الاول أن النماء بوحده.

هذا هو الأمر الأول من الأمرين لا محالة و قد عرفته عند قولنا:

في ص 142 الأول أن النماء.

(2) اي تملك النماء مجردا عن العين بعيد.

وجه البعد أن تملك النماء فرع تملك العين و القائل بالإباحة المجردة لا يقول بتملك العين.

فكيف يمكن القول بتملك النماء و هو لم يملك العين؟

(3) اي تملك النماء مع تملك العين منضمة إليه.

هذا هو الأمر الثاني من الأمرين و قد اشرنا إليه في ص 142 عند قولنا:

الثاني أن يكون النماء.

(4) أي هذا القول بعيد أيضا كالأول.

وجه البعد أن الحدوث بما هو حدوث ليس فيه قابلية التمليك للنماء فكيف فيه قابلية تمليك الاصل و هي العين؟

(5) اى كلا الامرين و هما: أن النماء الحادث فقط مجردا عن العين ملك للآخذ، و النماء مع العين منضمة لها ملك له خلاف ظاهر اكثر أقوال الفقهاء، حيث إنهم يقولون بانحصار التملك في امرين: التصرف، أو التلف

و فيما نحن فيه لا يوجد احد الامرين، لأن الفرض أن النماء الحادث كان قبل تصرف الآخر في العين.

(6) اي شمول الاذن للنماء بواسطة الاذن في العين امر بعيد.

هذا دفع وهم يريد الشيخ أن يدفعه.

ص: 143

الاذن له خفي (1)

(و منها) (2): قصر التمليك على التصرف مع الاستناد فيه الى أن

+++++++++++

و خلاصة الوهم: أن المتعاطي حينما يبيح لصاحبه الاذن في التصرف في العين يبيح له الاذن في التصرف في النماء، فالاذن في النماء في الواقع من لوازم الاذن في العين.

و لا يحتاج الى اذن جديد حتى يقال: إن النماء الحادث ان جعلنا حدوثه مملكا له الى آخر ما قاله (الشيخ كاشف الغطاء).

فأفاد الشيخ قدس سره ردا على المتوهم أن شمول الاذن في العين الاذن في النماء امر بعيد، اذ كثيرا ما يأذن المبيح التصرف في العين من دون الاذن في النماء.

(1) الخفي هنا بمعنى البعد و ليس بمعناه الحقيقي: و هو الستر و الخفاء

(2) اي و من تلك القواعد الثمانية الجديدة.

هذه (ثامنة القواعد الجديدة) المتفرعة على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة عن الملك اى يلزم على القول بذلك حصر التمليك و قصره على التصرف في الماخوذ: بمعنى أنه إن حصل التصرف فيه حصل التمليك، و إلا فلا، فالتمليك دائر مدار التصرف، فيكون التصرف من المملكات مع الالتزام بأن اذن المالك في التصرف اذن في تمليك كل من المتعاطيين نفسه فيما اخذه من صاحبه بالمعاطاة.

هذا بالإضافة الى أن مآل الاذن من المالك و مرجعه الى أن المتصرف الذي هو المخول في تمليك نفسه من قبل صاحبه موجب و قابل.

موجب من حيث إنه يملك نفسه من قبل صاحبه.

و قابل من حيث إنه يقبل التمليك لنفسه.

ص: 144

اذن المالك فيه اذن في التمليك فيرجع الى كون المتصرف في تمليك نفسه موجبا قابلا، و ذلك (1) جار في القبض.

بل هو (2) أولى منه، لاقترانه (3) بقصد التمليك، دونه (4) انتهى (5)

المناقشة فيما ادعاه كاشف الغطاء

و المقصود (6)

+++++++++++

فيلزم حينئذ اتحاد الموجب و القابل، و اجتماعهما في شخص واحد، و هذا الاتحاد و الاجتماع غير صحيح.

(1) اى كون اذن المالك في التصرف اذن في التمليك، و أن لازم ذلك اتحاد الموجب و القابل و اجتماعهما في شخص واحد جار بعينه في القبض أيضا.

هذا دفع وهم

حاصل الوهم أنه لا يلزم اتحاد الموجب و القابل، لأن التمليك يحصل بقبض احد المتعاطيين المتاع بنفسه، لا بالتصرف حتى يلزم الاتحاد المذكور

و حاصل الدفع أن المناط الموجود في التصرف: و هو أن الاذن فيه اذن في التمليك بعينه موجود في قبض كل منهما مال الآخر من حين التعاطي لأن القبض أيضا تصرف مأذون من قبل المبيح فيتحد الموجب و القابل حينئذ.

بل القبض أولى من التصرف، لأنه مقرون بقصد المالك للتمليك.

(2) اى القبض كما عرفت آنفا.

(3) اى لاقتران القبض كما عرفت آنفا.

(4) اى دون التصرف، فإنه لا يكون مقترنا بقصد المالك للتمليك

(5) اى ما افاده الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد:

من اشكاله على المحقق الكركي في حمله الاباحة المجردة على الملكية المتزلزلة

(6) من هنا كلام شيخنا الانصاري يروم نقض ما افاده كاشف الغطاء أي المقصود من ذكر هذه القواعد الثمانية الجديدة بطولها هو استبعاد

ص: 145

من ذلك كله استبعاد هذا القول، لا (1) أن الوجوه المذكورة تنهض في مقابل الاصول (2)، و العمومات (3)، اذ ليس فيها (4) تأسيس قواعد جديدة، لتخالف القواعد المتداولة بين الفقهاء.

أما (5) حكاية تبعية العقود، و ما قام مقامها للقصود ففيها.

أولا أن المعاطاة ليست عند القائل بالإباحة المجردة من العقود، و لا من القائم مقامها شرعا، فإن تبعية العقود للقصود، و عدم انفكاكها عنها إنما هو لأجل دليل صحة ذلك العقد: بمعنى ترتب الاثر المقصود عليه

+++++++++++

حمل الاباحة المجردة على الملكية المتزلزلة.

(1) اي و ليست الوجوه المذكورة و هي القواعد الثمانية الجديدة تنهض و تقوم قبال الأصول و العمومات حتى تخصصهما.

(2) و هو استصحاب الملكية السابقة التي يشك في زوالها بالمعاملة المعاطاتي.

(3) و هي أدلة توقف التصرف في مال الناس على الملك، و دليل «على اليد ما اخذت»، و دليل «لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه»، و عدم ترتب الاثر و هو النقل و الانتقال.

(4) اى في القواعد الثمانية الجديدة.

(5) من هنا يروم (شيخنا الأنصاري) الرد على ما افاده الشيخ كاشف الغطاء في لزوم تأسيس قواعد جديدة و هي الثمانية المذكورة لو قلنا بافادة المعاطاة الاباحة المجردة، و حملها على الملكية المتزلزلة.

فاخذ الشيخ في الرد على تلك القواعد حرفيا من البداية الى النهاية فأفاد في الرد على القاعدة الاولى: و هو تخلف العقود عن القصود المشار إليها في ص 118: بطريقين:

ص: 146

فلا يعقل حينئذ (1)، الحكم بالصحة مع عدم ترتب الاثر المقصود عليه أما المعاملات الفعلية (2)، التى لم يدل على صحتها دليل فلا يحكم

+++++++++++

(الأول): الرد التحليلي العلمي.

(الثاني): الرد النقضي.

أما الاول فقال: إن تبعية العقود للقصود امر مسلم و من البديهيات التي لا يشك فيها اثنان من الفقهاء.

لكن التبعية المذكورة إنما جاءت من قبل الدليل الوارد على صحة ذلك العقد و من ناحيته، لأن معنى صحة العقد ترتب الاثر المقصود من المتعاقدين.

و ذاك الأثر هو النقل و الانتقال المراد منه معنى الاسم المصدري كما عرفت شرح ذلك مفصلا عند قولنا في الهامش 2 ص 56-57: و هو الاثر الحاصل

فاذا ثبت ترتب مثل هذا الاثر على العقد ثبتت تبعية العقود للقصود لا محالة.

و من الواضح أن الدليل الوارد على صحة العقد هو العقد الواقع بالألفاظ و الأقوال.

و أما الواقع بالأفعال فلا يدل على صحة العقد بها، لأن المعاطاة لا يكون من العقود شرعا عند من يقول بافادته الاباحة المجردة عن الملك.

و كذلك لا يكون من القائم مقام العقود، فلا يترتب ذاك الأثر عليه

(1) اي حين أن قلنا: إن تبعية العقد للقصد إنما هو لاجل دليل صحة ذلك، و قد عرفت بيانه آنفا.

(2) و هي المعاطاة العارية عن الايجاب و القبول اللفظيين كما عرفت شرح ذلك آنفا.

ص: 147

بترتب الاثر المقصود عليها كما نبه عليه الشهيد في كلامه المتقدم: من أن السبب الفعلي لا يقوم مقام السبب القولي في المبايعات (1)

نعم (2) اذا دل الدليل على ترتب اثر عليه حكم به و إن لم يكن مقصودا.

و ثانيا (3) أن تخلف العقد عن مقصود المتبايعين كثير،

+++++++++++

(1) لا يخفى أن الشيخ نقل عن الشهيد في ص 87: أن السبب الفعلي قد يقوم مقام السبب القولي، و لم ينقل عنه أن السبب الفعلي لا يقوم مقام السبب القولي فكيف افاد هنا أن السبب الفعلي لا يقوم مقام السبب القولي؟.

و هل هذا إلا التنافي بين النقلين؟

فنقول في دفع هذا التنافي المزعوم: أنه يظهر للقارىء الكريم بعد التأمل الدقيق عدم التنافي، لأن ما ذكره شيخنا الانصاري هنا من أن السبب الفعلي لا يقوم مقام السبب القولي هو لازم قول الشهيد في ص 87: (و أما المعاطاة في المبايعات فهي تفيد الاباحة، لا الملك عندنا و ان كان في الحقير) لأن معنى قوله هذا هو أن المعاطاة لا تفيد إلا الاباحة، لأنه سبب فعلي

و من المعلوم أن البيع يفيد الملكية، لأنه سبب قولي.

فالنتيجة أن المعاطاة لا تقوم مقام البيع.

(2) استدراك عما افاده آنفا في ص 147: فلا يحكم بترتب الاثر المقصود عليها.

خلاصته أنه إذا قام دليل على صحة ترتب الاثر و هو النقل و الانتقال على أي سبب من الأسباب و ان كان فعلا كالمعاطاة نحكم بصحة هذا الاثر و إن لم يكن مقصودا للمتعاطيين كالاباحة، حيث إن المقصود من المتعاطيين التمليك.

(3) هذا هو الطريق الثاني. و هو الرد النقضي على ما افاده الشيخ

ص: 148

فإنهم (1) اطبقوا على أن عقد المعاوضة اذا كان فاسدا يؤثر في ضمان كل من العوضين القيمة، لافادة العقد الفاسد الضمان عندهم فيما (2) يقتضيه صحيحه، مع أنهما (3) لم يقصدا إلا ضمان كل منهما بالآخر.

و توهم (4) أن دليلهم على ذلك قاعدة اليد مدفوع: بأنه لم يذكر

+++++++++++

كاشف الغطاء: من لزوم تبعية العقود للقصود، فاخذ شيخنا الانصاري في الموارد التي جاء فيها تخلف العقد عن القصد فعدها حرفيا.

و نحن نذكر كل واحد منها تحت رقمها الخاص عند ما يذكرها الشيخ.

(1) هذا (احد الموارد المتخلف فيها العقد عن القصد).

و المراد من عقد المعاوضة العقد المشتمل على الايجاب و القبول.

(2) كان الأنسب تبديل كلمة (فيما) بلفظة (كما)، لأنه في مقام اثبات الضمان للعقد الفاسد، فمقتضى الحال في التشبيه أن يقال: كما يقتضي هذا الضمان العقد الصحيح.

اللهم إلا أن يقال: إن الشيخ اراد من ضمان الفاسد اصل الضمان لا كيفيته.

(3) اى مع أن المتعاقدين بالعقد الفاسد غير قاصدين ضمان القيمة.

بل هما قاصدان ضمان كل منهما بالآخر: بمعنى أن البائع ضامن للمبيع اذا ظهر معيبا، أو مستحقا للغير، لا ضمان القيمة.

و كذلك المشتري ضامن للثمن لو ظهر معيبا، أو مستحقا للغير، لا ضمان القيمة، فضمان القيمة غير مقصود لهما، فما قصد و هو ضمان كل منهما بالآخر لم يقع، و ما وقع و هو ضمان القيمة لم يقصد، فتخلف العقد عن المقصود غير بعيد.

لا يخفى أن المراد من أن العقود تابعة للقصود العقود الصحية، لا الفاسدة

(4) دفع وهم

ص: 149

هذا الوجه (1) إلا بعضهم معطوفا على الوجه الاول: و هو اقدامهما على الضمان فلاحظ المسالك.

و كذا (2) الشرط الفاسد لم يقصد المعاملة إلا مقرونة به غير

+++++++++++

حاصل الوهم: أن ضمان القيمة في العقد الفاسد هو لأجل مقتضى قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي، لا لأجل أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده حتى يقال: إن القاعدة الكلية: و هو أن العقود تابعة للقصود قد انخرمت.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: أنه لم يذكر احد من الفقهاء أن سبب الضمان هنا قاعدة على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

نعم ذكر بعض الفقهاء هذه القاعدة عند ما عطفها على الوجه الاول و هو إقدام المتعاطيين على الضمان فتخيل من هذا العطف أن وجه الضمان هو هذه القاعدة.

و الباء في بأنه لم يذكر بيان لكيفية الجواب عن الوهم.

(2) (هذا ثاني الموارد التي تخلف العقد فيها عن القصد)

و خلاصته؛ أن الانسان لو شرط في ضمن العقد شرطا فاسدا كبيع الدار بشرط أن لا يستفاد منها.

أو تزويج المرأة بشرط أن لا يقاربها فلا يقع الشرط و صح العقد، لأن الشرط الفاسد غير مفسد، مع أن العاقد لم يقصد العقد إلا مقرونا بالشرط الفاسد.

فيلزم أن ما قصد و هو العقد الفاسد لم يقع، و ما وقع و هو العقد الصحيح لم يقصد.

ص: 150

مفسد عند اكثر القدماء

و بيع (1) ما يملك و ما لا يملك صحيح عند الكل.

و بيع (2) الغاصب لنفسه يقع للمالك مع اجازته على قول كثير و ترك (3) ذكر الاجل في العقد المقصود به الانقطاع يجعله دائما على قول نسبه في المسالك، و كشف اللثام الى المشهور.

+++++++++++

(1) (هذا ثالث الموارد التي تحلف العقد فيها عن القصد).

و خلاصته: أن بيع ما يملك كالغنم و البقر مثلا منضما مع ما لا يملك كالكلب و الخنزير يقع البيع صحيحا بالنسبة الى ما يملك، و لا يقع البيع صحيحا بالنسبة الى ما لا يملك.

فيلزم أن ما قصد و هو البيع جميعا و منضما لم يقع، و ما وقع و هو بيع ما يملك فقط لم يقصد.

(2) (هذا رابع الموارد التي تخلف العقد فيها عن القصد).

و خلاصته: أن بيع الغاصب، أو الفضولي لنفسه يقع للمالك اذا اجاز البائع البيع.

فيلزم أن ما قصد و هو بيع الغاصب، أو الفضولي لنفسه لم يقع و ما وقع و هو البيع للمالك بعد اجازته لم يقصد.

(3) (هذا خامس الموارد التي تخلف العقد فيها عن القصد).

و خلاصته أن ذكر المدة في العقد المنقطع المعبر عنه ب: (الزواج الموقت) مشروط في صحته و وقوعه.

فلو عقد عليها و هو يريد الزواج الموقت و ترك ذكر الاجل و هي المدة المعينة انقلب العقد الى الدائم، فيلزم حينئذ أن ما قصد و هو عقد المتعة لم يقع، و ما وقع و هو العقد الدائم لم يقصد

ص: 151

نعم (1) الفرق بين العقود، و ما نحن فيه: أن التخلف عن المقصود يحتاج الى الدليل المخرج عن أدلة صحة العقود.

و فيما نحن فيه (2) عدم الترتب (3) مطابق للاصل (4)

و أما (5) ما ذكره من لزوم كون إرادة التصرف مملكا فلا بأس

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من أن تخلف العقود عن القصود كثير كما عرفت في الأمثلة المذكورة.

و خلاصته: أنه فرق بين العقود المتخلفة عن القصود، و بين ما نحن فيه و هي المعاطاة، لأن التخلف في العقود لا يترتب عليه فساد: من بطلان المعاوضة، لقيام الدليل على صحة مثل هذا التخلف كما عرفت في الأمثلة المذكورة.

أما فيما نحن فيه: و هو المعاطاة فلمّا لم يقم دليل على صحة التخلف فيه فيحكم ببطلانه لو تخلف عن القصد، للاصل الذي هو الاستصحاب اى استصحاب كل من المتعاطيين ملكية ما اعطاه لصاحبه عند التخلف عن القصد.

كما لو تعاطيا على بيع (اللمعة الدمشقية) بالطبعة الجديدة من طبعتنا فاعطيت اللمعة المطبوعة بالطبعة القديمة مكانها فقد بطل التعاطي، لتخلفه عن القصد اذ لم يقم على صحته دليل.

(2) و هي المعاطاة المتخلفة عن القصد كما عرفت آنفا.

(3) اي ترتب الاثر الذي هو النقل و الانتقال.

(4) و هو الاستصحاب كما عرفت عند قولنا: اى استصحاب كل من المتعاطيين.

(5) هذا رد على القاعدة الثانية من القواعد الثمانية الجديدة التي

ص: 152

بالتزامه اذا كان (1) مقتضى الجمع بين الأصل (2)

+++++++++++

افادها كاشف الغطاء و اشار الشيخ إليها في ص 119 بقوله: و منها أن يكون إرادة التصرف.

و خلاصته أن في المأخوذ بالمعاطاة أدلة ثلاثة متناقضات ظاهرا.

(الاول): الاصل الذي هو استصحاب بقاء ملكية كل من العوضين على ما كان، للشك في انتقال الملك الى المتعاطيين بالتعاطي فيستصحب بقاؤه

(الثاني): دليل جواز التصرف المطلق المستفاد من المعاطاة، لأن المتعاطيين يقصدان من تعاطيهما الاباحة المطلقة اى مطلق التصرف.

(الثالث): توقف التصرفات المالكة على الملك كالعتق و الوقف و البيع و الوطي.

فهذه أدلة ثلاثة متناقضات، لأن الأول يصرح ببقاء المأخوذ بالمعاطاة على ملك صاحبه، و الثاني يصرح بجواز مطلق التصرف في المأخوذ بالمعاطاة حتى المتوقفة على الملك، و الثالث يصرح بتوقف التصرفات المالكة المذكورة على الملك، فلا يجوز التصرف فيها بالمعاطاة.

فمقتضى الجمع بينها هو الالتزام بالملكية الآنية في التصرفات المتوقفة على الملك حتى لا يلزم محذور ابدا.

(1) اسم كان يرجع الى كلمة (بالتزامه) اي اذا كان الالتزام المذكور: و هو كون إرادة التصرف من المملكات هو مقتضى الجمع بين الأدلة الثلاثة المتناقضة فلا بأس بهذا الالتزام كما عرفت آنفا.

(2) هذا هو الدليل الأول من الأدلة الثلاثة المتناقضة المراد منه الاستصحاب و قد اشرنا إليه بقولنا: الاول الأصل الذي هو الاستصحاب.

ص: 153

و دليل (1) جواز تصرف المطلق، و أدلة (2) توقف بعض التصرفات على الملك، فيكون (3) كتصرف ذي الخيار، و الواهب (4) فيما انتقل عنهما بالوطي (5) و البيع و العتق، و شبههما (6)

و أما (7) ما ذكره من تعلق الأخماس و الزكوات الى آخر ما ذكره فهو استبعاد محض.

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني من الأدلة الثلاثة المتناقضة. و قد اشرنا إليه بقولنا في ص 153: الثاني دليل جواز

(2) هذا هو الدليل الثالث من الأدلة الثلاثة المتناقضة. و قد اشرنا إليه بقولنا في ص 153: الثالث توقف التصرف.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم البأس بالالتزام بكون إرادة التصرف من المملكات.

و خلاصته: أن الالتزام بكون إرادة التصرف من المملكات في المأخوذ بالمعاطاة يكون من قبيل تصرف ذي الخيار في ماله أيام خياره كمن باع داره لزيد بعد أن باعها لعمرو عند مدة الخيار له لو جعله لنفسه، فإن البيع الثاني كاشف عن رفع اليد عن بيع الاول و ابطاله.

(4) أي تكون إرادة التصرف في المأخوذ بالمعاطاة من قبيل تصرف الواهب في هبته اذا لم تكن الهبة بعوض، أو بذي رحم، فتصرف الواهب في هبته دليل على رجوعه من هبته.

(5) الباء بيان لكيفية تصرف ذي الخيار في ماله، و الواهب في هبته اى التصرف المذكور يكون بسبب الوطي، أو البيع.

(6) اى شبه الوطي و البيع و العتق و هو الوقف، فإن الوقف كاشف عن رجوع البائع عن بيعه، و الواهب عن هبته.

(7) هذا رد على القاعدة الثالثة الجديدة المشار إليها في ص 120

ص: 154

و دفعه (1)، بمخالفته للسيرة رجوع إليها (2)، مع أن (3) تعلق

+++++++++++

و خلاصته أن ما ذكره كاشف الغطاء، حول تعلق الأخماس و الزكوات و الاستطاعة الى آخره في ص 120 استبعادات محضة لا تترتب عليها مفسدة، لعدم المنافاة بين القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين التمليك، و بين القول بتعلق الأحكام المذكورة بما في اليد، لأن عرف المتشرعة يجري على ما في اليد المأخوذ بالمعاطاة كل ما يجري على الأملاك:

من تعلق الخمس و الزكاة و الاستطاعة، و غيرها من دون فرق بينهما، لتعاملهم مع المأخوذ بالمعاطاة تعامل الملك.

فلو لم يفد المأخوذ بالمعاطاة الملكية كيف اوجب العرف تعلق الخمس و الزكاة، و بقية المذكورات بما في أيديهم؟.

(1) في بعض نسخ المكاسب و دفعها بمخالفتها بتأنيث الضمير في الكلمتين، و لذا افاد المحقق الآملي في تقريرات استاذه المحقق النائيني في الجزء 1 ص 161: و اتيان الضمير مؤنثا مع تذكير مرجعه مسامحة.

و في بعض النسخ و دفعه بمخالفته بتذكير الضمير و هو الصواب كما اثبتناه.

و المعنى كما هو الظاهر من عبارة الشيخ: أن الذي دفع استبعاد كاشف الغطاء: بأن عدم تعلق الاخماس و الزكوات و الاستطاعة، و سائر ما ذكر بما في اليد مخالف للسيرة، حيث إن السيرة جرت على تعلق المذكورات بما في اليد، و أن ما في اليد و هو المأخوذ بالمعاطاة ملك: رجوع الى الاستدلال بالسيرة.

إذا فلا يكون ما افاده كاشف الغطاء مستلزما لقاعدة جديدة.

(2) اى الى السيرة كما عرفت.

(3) هذا ترق من الشيخ في الرد على كاشف الغطاء فيما افاده

ص: 155

الاستطاعة الموجبة للحج، و تحقق الغنى المانع عن استحقاق الزكاة لا يتوقفان على الملك.

و أما (1) كون التصرف مملكا للجانب الآخر فقد ظهر جوابه (2)

+++++++++++

من تعلق الأخماس و الزكوات و الاستطاعة بما في اليد لو قلنا بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

و خلاصته: أنه بالإضافة الى ما ذكرناه في الرد: من ان ما افاده كاشف الغطاء استبعادات محضة: أن صفة الغنى و الاستطاعة غير متوقفة على الملك، لأن الانسان يمكن أن يكون مستطيعا بما في يده الذي اخذه بالمعاطاة، أو غنيا بواسطته.

لكنه لا يملك شيئا كما في البذل، فإن المبذول له يكون مستطيعا بمجرد البذل و ان لم يكن مالكا لشيء من حطام الدنيا و زخارفها.

و كذا لا مانع من تعلق الزكاة بما في اليد، و في عين الحال يحرم على من تعلق الزكاة بما في يده اخذ الزكاة و ان لم يكن مالكا لشيء فصفة الغنى المانعة من اخذ الزكاة لا تتوقف على الملك، لأن صاحب المال قد اباح للآخذ بالمعاطاة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك التي منها اعطاء الزكاة.

(1) هذا رد على القاعدة الرابعة من القواعد الثمانية الجديدة التي افادها الشيخ كاشف الغطاء في ص 134

(2) اى جواب هذا الاشكال عند قوله ص 152: فلا بأس بالتزامه اذا كان مقتضى الجمع.

و قد عرفت الجواب، و كيفية الجمع عند قولنا في ص 153:

و خلاصة الرد أن هنا ادلة ثلاثة.

ص: 156

و أما (1)، كون التلف مملكا للجانبين فإن ثبت باجماع، أو سيرة كما هو الظاهر كان كل من المالين (2)، مضمونا بعوضه فيكون تلفه في يد كل منهما من ماله مضمونا بعوضه.

نظير (3)، تلف المبيع قبل قبضه في يد البائع، لأن (4)، هذا

+++++++++++

(1) هذا رد على القاعدة الخامسة الجديدة المشار إليها في ص 136:

و خلاصته: أن المنشأ في كون التلف السماوي مملكا للجانبين اذا كان هو الاجماع، أو سيرة المتشرعة كما هو الظاهر من كلمات الأصحاب في هذه المجالات فلا مانع من القول بأن كل واحد من المالين يكون مضمونا بعوضه الذي هو المسمى.

فكل واحد من المتعاطيين يكون ضامنا بالعوض لما في يده، فيكون التلف من ماله و ان كان سبب التلف هو السبب السماوي.

(2) اي المالين الذين تعاطيا عليهما كما عرفت.

(3) هذا تمثيل لإمكان القول بكون التلف السماوي مملكا، اى ضمان كل واحد من المتعاطيين بالعوض الذي هو المسمى نظير تلف المبيع قبل اقباضه للمشتري.

فكما أن التلف هناك من البائع، كذلك هنا يكون التلف من كل واحد من المتعاطيين، و ضمان العوض عليهما.

(4) و هو أن كلا من المالين يكون مضمونا بعوضه، و يكون التلف من مال كل من المتعاطيين هو مقتضى الجمع بين الأدلة الثلاثة:

و هو الاجماع الذي يثبت عدم ضمان المأخوذ بالمعاطاة اذا تلف لا بالمثل، و لا بالقيمة، و لا بالمسمى.

و عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (على اليد ما اخذت حتى تؤدي)

ص: 157

هو مقتضى الجمع بين هذا الاجماع، و بين عموم على اليد ما اخذت، و بين أصالة (1) عدم الملك إلا في الزمان المتيقن وقوعه فيه توضيحه (2):

أن الاجماع لما دل على عدم ضمانه بمثله، أو قيمته حكم بكون التلف من مال ذى اليد، رعاية (3)، لعموم على اليد ما اخذت.

فذلك الاجماع مع العموم المذكور بمنزلة الرواية في أن تلف المبيع

+++++++++++

فإن عمومه يشمل حتى مثل المأخوذ بالمعاطاة: من حيث الضمان بالمثل أو القيمة، أو المسمى.

و استصحاب بقاء كل من المالين على ملك صاحبه قبل تلفه إلا في زمن التلف الذي هو المتيقن من الضمان، لعدم بقاء ملك لكل منها حتى يستصحب.

فهذه الأدلة الثلاثة المتناقضة هي الباعثة لكون تلف المأخوذ بالمعاطاة ضمانه على كل واحد من المتعاطيين.

(1) و هو الاستصحاب الذي عرفته آنفا.

(2) اى توضيح أن ضمان كل من المأخوذ بالمعاطاة على كل واحد من المتعاطيين، و أن تلفه على كل واحد منهما هو مقتضى الجمع بين الأدلة الثلاثة المذكورة:

و قد عرفت شرح هذا التوضيح في الهامش 4 من ص 157 عند قولنا:

و خلاصة الرد أن هنا.

(3) منصوب على المفعول لأجله اي الحكم بكون التلف من مال ذي اليد لأجل مراعاة قاعدة: على اليد ما اخذت.

فالنتيجة أن الاجماع، و عموم على اليد بمنزلة الرواية الواردة في أن تلف المبيع قبل إقباضه للمشتري من مال البائع.

ص: 158

قبل قبضه من مال بايعه. فاذا (1)، قدر التلف من مال ذي اليد فلا بد من أن يقدر في آخر أزمنة إمكان تقديره، رعاية (2) لأصالة عدم حدوث الملكية قبله.

كما (3) تقدر ملكية المبيع للبائع، و فسخ (4)

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن تلف المأخوذ بالمعاطاة يكون من مال ذي اليد الذي هو كل واحد من المتعاطيين.

اى في ضوء ما ذكرناه لك فلا بد من أن يفرض التلف في آخر لحظة من لحظات امكانه، و آخر اللحظة هي الحالة الوسيطة بين آخر دقيقة من حياة المأخوذ بالمعاطاة، و أول لحظة من لحظات فنائه و عدمه، فلا تحدث الملكية قبل التلف.

(2) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لفرض ملكية ذي اليد للمال التالف الى آخر أزمنة امكان تلفه اي الفرض المذكور لاجل استصحاب بقاء ملكية كل من المالين على ملك صاحبه.

(3) تنظير لفرض التلف في آخر لحظة من لحظات امكانه اى ما نحن فيه: و هو تلف المأخوذ بالمعاطاة شبيه فرض ملكية المبيع فيما اذا تلف عند البائع اي قبل أن يقبضه للمشتري، فإنه يفرض تملك البائع للمبيع مقارنا للتلف الذي هو آخر أزمنة امكان التملك فيضمن المسمى اذا قبض الثمن من المشتري.

ثم لا يخفى عليك أن مقتضى كلام الشيخ أن تملك ذي اليد المال التالف إنما يكون مقارنا للتلف، لا قبله و لا بعده، لأن قبله لا يمكن، حيث يجري استصحاب بقاء ملكية صاحب المال، و بعده كذلك، لأن المال قد عدم و لم يبق منه شيء حتى يكون قابلا للتملك.

(4) بالرفع عطفا على نائب فاعل تقدر و هي كلمة (ملكية) اى

ص: 159

البيع من حين التلف، استصحابا (1)، لاثر العقد.

و أما (2) ما ذكر من صورة غصب المأخوذ بالمعاطاة فالظاهر على القول بالإباحة: أن لكل منهما (3)، المطالبة ما دام (4)، باقيا

+++++++++++

كما يقدر فسخ العقد من حين تلف المبيع فهو عطف تفسيري.

و كان الأنسب تقدم فسخ البيع على جملة تقدر ملكية المبيع، لأن لها التقدم الرتبي، حيث إن تملك البائع المبيع فرع فسخ العقد.

(1) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لتملك البائع من حين التلف و هو آخر أزمنة امكان التملك اى القول بذلك لاجل استصحاب تملك المشتري المال بالعقد الصحيح الذي وقع البيع به: و هو اجتماع جميع شروط المتعاقدين و العوضين.

(2) رد على القاعدة السادسة الجديدة المشار إليها في ص 140

و حاصله: أن لكل من المتعاطيين مطالبة الغاصب ما غصبه ما دامت العين باقية في يده، أو تالفة عنده، لأن كل واحد منهما قد اباح لصاحبه التصرف فيما اعطاه له مقابل التصرف الذي هو يعطيه له.

فلما غصب الغاصب المأخوذ بالمعاطاة فقد منع كل واحد منهما التصرف فيما اخذه فلكل واحد منهما حق المطالبة من الغاصب.

هذا في صورة بقاء العين في يد الغاصب.

و أما في صورة تلف المأخوذ بالمعاطاة عنده فبناء على القول بأن التلف موجب للتمليك فيكون المطالب شخص المغصوب منه، لأنه قد ملك العين بسبب التلف فلا يلزم محذور ابدا.

(3) أي لكل من المتعاطيين مطالبة الغاصب كما عرفت آنفا.

(4) اى المال كما عرفت آنفا.

ص: 160

و اذا تلف فظاهر اطلاقهم التملك بالتلف (1) تلفه (2) من مال المغصوب منه.

نعم (3) لو قام اجماع كان تلفه من مال المالك (4) لو لم يتلف عوضه قبله (5)

و أما (6) ما ذكره من حكم النماء فظاهر المحكي عن بعض أن القائل بالإباحة لا يقول بانتقال النماء الى الآخذ، بل حكمه حكم اصله.

و يحتمل أن يحدث النماء في ملكه (7) بمجرد الاباحة.

+++++++++++

(1) حيث لم يقيد التلف في اطلاقات الفقهاء.

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فظاهر.

(3) استدراك عما افاده: من أن تلف المأخوذ بالمعاطاة في يد الغاصب من مال المغصوب منه، لا من مال المالك الاول.

و خلاصته أنه لو قام اجماع على أن المطالب بالمال المغصوب هو المالك الاول عند غصبه سقطت المطالبة من المالك الثاني الذي هو المغصوب منه.

لكن مطالبة المالك الاول الغاصب مشروط بعدم تلف ما اخذه من صاحبه عنده قبل تلف المال.

(4) اى المالك الاول كما عرفت آنفا.

(5) اى قبل تلف المال كما عرفت آنفا.

(6) رد على القاعدة السابعة المشار إليها في ص 142

و خلاصته أن النماء المذكور تابع لحكم اصله فكما أن اصله مباح التصرف، كذلك النماء يكون مباح التصرف.

فالقائل بافادة المعاطاة الاباحة المجردة عن الملك مع قصد المتعاطيين التمليك لا يقول بانتقال النماء الى الآخذ و أنه ملك له.

(7) اي في ملك الآخذ بمجرد الاباحة.

ص: 161

ثم إنك بملاحظة ما ذكرنا تقدر على التخلص من سائر ما ذكره (1) مع أنه (2) رحمه اللّه لم يذكرها للاعتماد.

و الإنصاف أنها (3) استبعادات في محلها.

و بالجملة فالخروج عن أصالة عدم الملك (4)

+++++++++++

حاصل هذا الاحتمال أن النماء بمجرد حدوثه في يد الآخذ موجب لتملكه له و ان كانت العين لا تزال باقية على الاباحة.

و يحتمل أن يراد من حدوث النماء في ملك الآخذ: أن حدوثه موجب لتملك العين فيكون النماء حادثا في ملكه تبعا لتملك العين.

فكما أن العين صارت ملكا له بموجب النماء كذلك النماء صار ملكا له.

و هذا الاحتمال قد استشكل فيه (كاشف الغطاء) بقوله في ص 142: إن النماء الحادث قبل التصرف إن جعلنا حدوثه مملكا له دون العين فبعيد، و معها فكذلك، و قد ذكرنا وجه البعد في الهامش 2 ص 143

(1) و هو (كاشف الغطاء): من الاشكالات الواردة على القول بالملكية المتزلزلة و هي القاعدة الثامنة المشار إليها في ص 143

(2) اي مع أن (كاشف الغطاء) لم يذكر تلك الوجوه و الاشكالات لأن يعتمد عليها، بل ذكرها لبيان ترتب هذه المفاسد على القول بالملكية المتزلزلة.

(3) اى تلك المفاسد المذكورة في كلام (كاشف الغطاء) و ان كانت كلها استبعادات محضة، إلا أنها في محلها.

(4) كما افاده القائل بأن المعاطاة تفيد الاباحة المجردة و هو احد القولين في المعاطاة.

ص: 162

المعتضدة (1)، بالشهرة المحققة الى زمان المحقق الثاني، و بالاتفاق (2)، المدعى في الغنية، و القواعد (3) هنا، و في المسالك (4) في مسألة توقف الهبة على الايجاب و القبول. مشكل (5)

و رفع (6)

+++++++++++

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب، حيث إن المأخوذ بالمعاطاة كان قبل المعاطاة ملكا لصاحبه فبعد حصول المعاطاة نشك في تملك الآخذ له فنستصحب الملكية السابقة لصاحبه كما عرفت.

(1) بالجر صفة لأصالة اى أصالة عدم الملك المعتضدة بالشهرة الموجودة الى زمان المحقق الثاني من عدم افادة المعاطاة الملك.

و لا يخفى أن الموجود في الغنية لفظ الاجماع، لا الاتفاق كما عرفت

(2) أى أصالة عدم الملك معتضدة بالاتفاق المدعى أيضا في المسالك بقوله: تتوقف الهبة على الايجاب و القبول بالاتفاق.

فاذا كانت الهبة التي هي من أضعف العقود و أسهلها متوقفة على الايجاب و القبول فالبيع بطريق أولى يتوقف على ذلك

(3) أي و بالاتفاق المدعى في القواعد في باب المعاطاة

(4) اى و بالاتفاق المدعى في المسالك.

فكلمة عندنا تعطي معنى الاتفاق.

(5) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فالخروج اى الخروج مشكل

(6) هذا تأييد للقول الثاني: و هو افادة المعاطاة الملكية في الجملة و هي الملكية المتزلزلة كما افادها المحقق الكركي.

و خلاصته أن رفع اليد عن عموم أدلة البيع الدالة على أن مطلق العقد سواء أ كان باللفظ أم بالفعل بيع أشكل، فان قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ

ص: 163

اليد عن عموم أدلة البيع و الهبة، و نحوهما (1)، المعتضد (2)، بالسيرة القطعية المستمرة، و بدعوى (3) الاتفاق المتقدم عن المحقق الثاني، بناء (4)

+++++++++++

اَلْبَيْعُ ، و قوله إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ يشمل التعامل الفعلي أيضا.

و من الواضح أن المعاطاة احد أفراد البيع و مصاديقه، و احد مصاديق التجارة فتشمله الكبرى الكلية الواقعة في الآيتين الكريمتين.

و كذا من الواضح أن أدلة الهبة مطلقة ليس فيها تقييد باختصاصها بالصيغة فتشمل المعاطاة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 من ص 332 الى ص 345.

كتاب الهبات. الأحاديث.

(1) اى و نحو البيع و الهبة و هي أدلة الاجارة و العارية و الوكالة و الوديعة.

راجع المصدر نفسه في أبوابها.

(2) بالجر صفة لكلمة عموم اى عموم أدلة البيع و الهبة و الاجارة و الوكالة و الوديعة المعتضد بالسيرة القطعية من زمن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم الى زماننا هذا، حيث كان المسلمون كافة يعاملون في جميع معاملاتهم: من البيع و الهبة و الاجارة و الوكالة و الوديعة بدون ايجاب و قبول.

(3) اي العموم المذكور معتضد أيضا بدعوى الاتفاق المتقدم عن المحقق الثاني بقوله في ص 88: و قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ يتناولها، لأنها بيع بالاتفاق.

(4) اى افادة المعاطاة الملكية في دعوى المحقق الكركي الاتفاق مبني

ص: 164

على تأويله لكلمات القائلين بالإباحة أشكل (1)

فالقول الثاني (2) لا يخلو عن قوة

هل المعاطاة لازمة أم جائزة
اشارة

و عليه (3)

+++++++++++

على تأويل المحقق الاباحة المجردة الواقعة في كلمات الفقهاء: على الملكية المتزلزلة.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و رفع اليد اى رفع اليد عن العموم المذكور أشكل من الخروج عن أصالة عدم الملك.

فذاك مشكل و هذا أشكل كما عرفت وجه المشكلية و الأشكلية.

(2) هذا رأي الشيخ في المعاطاة اي القول الثاني و هي افادة المعاطاة الملكية لا يخلو عن قوة كما ذهب إليه المحقق الكركي.

(3) اي و على القول الثاني فهل الملكية المستفادة من المعاطاة لازمة ابتداء و من حين جريان المعاملة و وقوعها، سواء أ كان هناك لفظ أم لا كما افاد هذا المعنى (الشيخ المفيد)؟

أو أن الملكية لازمة بشرط كون الدال على التراضي من الطرفين لفظا، سواء أ كان عربيا أم غير عربي كما حكي هذا المعنى عن (الشهيد الثاني)؟

أو أن الملكية المستفادة من المعاطاة غير لازمة مطلقا، سواء أ كان هناك لفظ دال على التراضي أم لا؟ فيجوز لكل من المتعاطيين الرجوع في ماله ما دام باقيا كما ذهب الى هذا المعنى اكثر القائلين بالملك، بل كلهم عدا من عرفت الذي قال بالملكية اللازمة (كالشيخ المفيد)

فهنا أقوال ثلاثة:

(الاول): اللزوم مطلقا، سواء أ كان هناك لفظ أم لا

هذا مذهب الشيخ المفيد و من يقول بمقالته.

ص: 165

فهل هي لازمة ابتداء (1) مطلقا كما حكي عن ظاهر المفيد، أو بشرط (2) كون الدال على التراضي لفظا كما حكي عن بعض معاصري الشهيد الثاني و قواه جماعة من متأخري المحدثين.

أو هي (3) غير لازمة مطلقا فيجوز لكل منهما الرجوع في ماله كما عليه اكثر القائلين بالملك، بل كلهم عدا من عرفت (4): وجوه (5)

مقتضى القاعدة اللزوم
اشارة

أوفقها (6)

+++++++++++

(الثاني) عدم اللزوم مطلقا، سواء أ كان هناك لفظ أم لا

هذا مذهب اكثر القائلين بالملكية.

(الثالث): اللزوم بشرط كون الدال على التراضي لفظا.

و قد ذهب الى هذا (الشهيد الثاني) و من يقول بمقالته.

(1) اى من حين جريان التعامل و وقوعه، سواء أ كان هناك لفظ أم لا كما عرفت ذلك عند قولنا في ص 165: سواء أ كان

و هذا معنى قوله: مطلقا.

(2) أي أن المعاطاة لازمة بشرط كون الدال على التراضي لفظا

(3) اى الملكية غير لازمة مطلقا، سواء أ كان هناك لفظ أم لا كما عرفت ذلك عند قولنا في ص 165: أو أن الملكية المستفادة.

(4) و هو (شيخ الامة الشيخ المفيد) عطر اللّه مرقده كما عرفت ذلك عند قوله: اللزوم مطلقا كما هو ظاهر المفيد.

(5) مبتدأ خبره محذوف اى هاهنا وجوه.

(6) هذا مختار الشيخ و رايه في المعاطاة اى الأنسب بالقواعد الفقهية المسلمة هو القول الاول: و هي الملكية اللازمة مطلقا، سواء أ كان لفظ كقولك: خذه أم لا، بل يكون هناك مجرد فعل.

ص: 166

بالقواعد هو الاول، بناء (1) على أصالة (2)

+++++++++++

(1) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لكون الوجه الاول أنسب و أوفق بالقواعد الفقهية.

من هنا يأخذ الشيخ في الاستدلال على مدعاه: و هي افادة المعاطاة الملكية اللازمة مطلقا.

و الأدلة التي اقامها الشيخ لاثبات مدعاه تسعة حسب ما عرفناها نحن و ان كان الشيخ قدس اللّه نفسه في الامر السادس يصرح أنها ثمانية.

لكن عند ما نشرحها يتضح لك الامر، و نشير الى كل واحد منها عند ما يذكرها

(2) هذا اوّل الأدلة

اختلفت كلمات فقهائنا الكرام في المراد من الاصل هنا.

(قيل): هو مقتضى الأدلة الشرعية التي دلت على لزوم جميع العقود و المعاهدات.

و هي الآيات و الأخبار الآتية.

(و قيل): هو الاستصحاب.

(و قيل): هو الاصل العقلائي و بناؤهم على ذلك.

و هذا هو الحق في المقام كما اختاره سيدنا الاستاذ (السيد البجنوردي) قدس اللّه نفسه الزكية و افاده علينا عند ما كنا نحضر معهد درسه الشريف في (الجامع الطوسي) قبل تجديد بنايته، فنحن نذكر خلاصة ما استفدناه منه طيب اللّه رمسه.

أليك الخلاصة.

قال قدس اللّه نفسه الزكية:

ص: 167

..........

+++++++++++

المراد من الاصل هو الاصل العقلائي الذي جرى ديدن العقلاء من العرف في جميع تعاملهم و عقودهم و عهودهم على لزوم الوفاء و البقاء عند التزاماتهم، و يرون أن رفع اليد عما التزموا به: من العقود و العهود و التعامل ناقضا لذلك الالتزام، و مخالفته من أكبر العيوب و المفاسد، و عدم الاعتناء به، من الصفات الذميمة، و العدول و الرجوع عنه خلف و نقض لما التزموا به و الخلف و النقض قبيح قبحه العقلاء في محاوراتهم و أنديتهم.

كل ذلك ليس إلا لاشتغال ذممهم بتلك العهود و العقود الملتزمة.

و نرى في الخارج أن الشارع حثهم على ذلك و أيدهم و لم نر منعا منه في جميع خطاباته و نواهيه.

و الخلاصة أن العرف و العقلاء يرون الالتزام بشيء لشخص واجب الأداء لا محالة، لأنهم يرون أن التزامهم لطرفهم لشيء هو تمليك له يتصرف فيه بأي نحو شاء و اراد من أنحاء التصرفات، و يكون ذلك الشيء ملكا له بسبب التمليك الحاصل من الالتزام المذكور.

كما لو وهب شخص لشخص شيئا ليس للواهب الرجوع فيه و لا سيما اذا تصرف فيه و أتلفه، و ليس على الموهوب له ضمان، و لا حق على الواهب أن يضمنه.

ففيما نحن فيه لو التزم شخص للغير بشيء يرى العقلاء وجوب الوفاء به، و للملتزم له حق الزام الملتزم بالوفاء، لأنه بالتزامه ملّك الشخص الآخر و لهذا لو رفع الملتزم له يده عن حقه لا يكون الملتزم بعد ذلك ملزما بالوفاء و لا يعد ناقضا لعهده و عقده حتى يقبحه العقلاء، و ليس هذا إلا لبناء العقلاء على ذلك قديما و حديثا من صدر الاسلام الى يومنا هذا في جميع الأعصار و الأدوار.

ص: 168

اللزوم في الملك و للشك (1) في زواله بمجرد رجوع مالكه الاصلي

و دعوى (2) أن الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل و المستقر

+++++++++++

ثم إن المراد من الالتزام الواجب الوفاء هو الالتزام في ضمن عهد و عقد، لا الالتزام البدوي.

ثم لا يخفى عليك أن العقد على قسمين:

(الاول): العقد الاذني الذي هو عبارة عن مجرد اذن احد للآخر في شيء من الأشياء كالعارية و الوكالة.

(الثاني): العقد العهدي الذي هو عبارة عن العهد المؤكد، فوجوب الوفاء بالالتزام إنما هو في العقد العهدي، لا الاذني، لأنه عقد شكلي بصورة العقد، و إنما قيل له العقد، لكون الاذن فيه بحكم الايجاب، و رضى الطرف الآخر بهذا الامر بحكم القبول، و لذلك اطلق العقد عليه مجازا، لا حقيقة، لأنه ليس تعهد في البين حقيقة.

هذه خلاصة ما استفدناه من مبحث درسه الشريف قدس اللّه نفسه

و للبحث صلة طويلة مفيدة جدا اذا اردت الإحاطة عليها فراجع كتابه: (القواعد الفقهية) الجزء 5. من ص 162 - الى 209

(1) هذا هو الدليل الثاني من الأدلة و هو الاستصحاب

و خلاصته: أنه لو رجع احد المتعاطيين فيما اعطاه للآخر ازاء ما يعطيه هو له فنشك في زوال الملكية الثابتة بالأصل العقلائي الذي ذكرناه لك فنجري استصحاب تلك الملكية الثابتة التي جاءت من قبل العقد الفعلي و هي المعاطاة، حيث إن أركان الاستصحاب: من اليقين السابق، و الشك في اللاحق، و إحراز الموضوع: موجودة هنا.

(2) خلاصة هذه الدعوى أنه لو قيل: إن المسلم و الثابت في الملكية

ص: 169

و المفروض انتفاء الفرد الاول (1) بعد الرجوع، و الفرد الثاني (2) كان مشكوك الحدوث من أول الامر فلا ينفع الاستصحاب (3).

بل ربما يزاد (4) استصحاب بقاء علقة المالك الاول: مدفوعة (5)

+++++++++++

المستفادة من المعاطاة هي الملكية المشتركة بين المستقرة و المتزلزلة، لا الملكية المستقرة بوحدها، و لا الملكية المتزلزلة بوحدها، اذ الاولى مشكوك الحدوث من بداية وقوع المعاطاة، لعدم العلم بوقوع أي فرد من فردي الملكية حتى يجري استصحاب بقاء الملكية بعد رجوع احد المتعاطيين فيما اعطاه للآخر.

بل الاستصحاب هنا بالعكس اى يستصحب بقاء علقة المالك الأول، لأن أركان الاستصحاب التي ذكرناه لك مفقودة بسبب رجوع احد المتعاطيين عما اعطاه للآخر.

(1) و هي الملكية المتزلزلة كما عرفت.

(2) و هي الملكية المستقرة كما عرفت.

(3) اى استصحاب بقاء الملكية كما عرفت عند قولنا في ص 169، هذا هو الدليل الثاني.

(4) اى يكون الاستصحاب بالعكس كما عرفت معنى ذلك عند قولنا: بل الاستصحاب هنا بالعكس.

(5) جواب عن الدعوى المذكورة.

و حاصله: أن انقسام الملك الى الفردين المتضادين: الملكية المستقرة و الملكية المتزلزلة ليس من جهة الاختلاف في حقيقة الملك و مفهومه و ماهيته حتى يقسّم الى تلك تارة، و الى هذه اخرى كما هو الحال في الانسان و الفرس، حيث إنهما مختلفا الحقيقة في الفصل فيقسمان الى هذين الفردين

ص: 170

مضافا (1) إلى امكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك في الاستصحاب

+++++++++++

بل الانقسام الى الفردين المذكورين باعتبار حكم الشارع على الملك بالزوال طورا لو رجع المالك الاصلي الذي هو احد المتعاطيين و الذي اعطى ماله لصاحبه بالمعاطاة.

و طورا بالثبوت و الاستقرار كما اذا لم يرجع المالك الاصلي عما اعطاه لصاحبه بالمعاطاة.

ثم إن منشأ هذا الانقسام الى القسمين المذكورين: اختلاف حقيقة السبب المملك.

فإن من السبب ما يقطع علقة المالك من المبيع راسا و بتاتا، و علقة المشتري من الثمن راسا و بتاتا كما في بيع المجلس بعد الافتراق.

و من السبب ما لا يقطع علقة المالك لا عن المثمن، و لا عن الثمن كما اذا اشترط البيعان الخيار لكل واحد منهما، أو بيع حيوان بحيوان.

و من السبب ما يقطع علقة المالكية عن احدهما، دون الآخر كما في خيار الحيوان، فإن العلقة لا تنقطع إلا بعد مضي ثلاثة أيام عن بيع الحيوان اذا كان المثمن حيوانا، و الثمن نقدا، أو بالعكس.

ثم لا يخفى أن انقسام الملك الى المستقر و المتزلزل من تعابير الفقهاء، و ليس من تعبير الشارع.

(1) اي بالإضافة الى الجواب المذكور لنا دليل آخر على افادة الاستصحاب الملكية في المقام.

و خلاصته أن القدر المشترك الذي هو كلي الملكية يمكن جريانه في الاستصحاب و نقول بوجوده و إمكانه، و ليس الامر كما ذكره القائل:

بأنه لا ينفع الاستصحاب بعد انتفاء الملكية المتزلزلة برجوع المالك الاصلي

ص: 171

فتأمل (1): بأن (2) انقسام الملك الى المتزلزل و المستقر ليس باعتبار اختلاف في حقيقته (3) و إنما هو (4) باعتبار حكم الشارع عليه في بعض المقامات (5) بالزوال برجوع المالك الاصلي (6)

و منشأ هذا الاختلاف (7) اختلاف حقيقة السبب المملك (8)

+++++++++++

و بعد مشكوكية حدوث الفرد الثاني الذي هي الملكية المستقرة من بداية الامر

(1) وجه التأمل: أن الكلي بما هو كلي طبيعي لا يحصل في الخارج إلا في ضمن أفراده، و حصول أي فردي الملكية: الملكية المتزلزلة، و الملكية المستقرة غير معلوم، لأنه إن حصل الفرد المتزلزل فلا يجري الاستصحاب فيه كما عرفت في الدعوى.

و إن حصل الفرد المستقر فلا يحتاج بقاؤه الى الاستصحاب.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: مدفوعة. و الباء بيان لكيفية الدفع كما عرفته عند قولنا في ص 170: و حاصله.

(3) اي في حقيقة الملك كما عرفت آنفا.

(4) اى هذا الانقسام الى الفردين المذكورين.

(5) كما عرفت في الهامش 5 من ص 170-171 عند قولنا: فإن من السبب ما يقطع الى آخر ما ذكرناه هناك.

(6) الذي هو احد المتعاطيين كما عرفت، و لو لا رجوعه لكان الملك مستقرا ثابتا.

(7) و هو انقسام الملكية الى المتزلزلة و المستقرة كما عرفت.

(8) اذ قد عرفت في الهامش 5 من ص 170-171 أن من السبب ما يقطع علقة المالك راسا و بتاتا.

ص: 172

لا اختلاف حقيقة الملك (1)

فجواز الرجوع و عدمه من الأحكام الشرعية للسبب، لا من الخصوصيات المأخوذة في المسبب (2)

و يدل عليه (3)

+++++++++++

و من السبب ما لا يقطع علقة المالك كما في بيع الحيوان بالحيوان الى آخر ما ذكرناه هناك.

(1) فإن حقيقة الملك و ماهيته كما عرفت شيء واحد، لا اثنينية فيها

(2) فإن الملكية التي هو السبب لو حصلت بالسبب المذكور لم يجز الرجوع للمالك الاصلي.

و لو حصلت بنوع آخر من السبب يجوز للمالك الرجوع في ماله ما دامت العين باقية، فالمؤثر في جواز الرجوع و عدمه: هي نوعية السبب لا نوعية الملكية حتى يقال: إنها مستقرة و متزلزلة.

(3) اى على ما ادعيناه: و هو أن منشأ الاختلاف في انقسام الملك الى المستقر و المتزلزل هو الاختلاف في حقيقة السبب، لا الاختلاف في حقيقة المسبب.

من هنا الى آخر قوله: على طبق قصود المتعاطيين يروم الشيخ أن يستدل على مدعاه.

و نحن نشرح خلاصة ما افاده في هذا المقام.

فنقول: إن الاستقرار و التزلزل لو كانا من خصوصيات الملك و لوازمه فلا بد أن تكون تلك الخصوصية إما من ناحية المالك و جعله، أو من ناحية الشارع.

فإن قلنا: إن التخصص باحدى الخصوصيتين المذكورتين جاءت

ص: 173

مع (1) أنه يكفي في الاستصحاب الشك في أن اللزوم من خصوصيات الملك، أو من لوازم السبب المملك، و مع أن المحسوس بالوجدان أن إنشاء

+++++++++++

من ناحية المالك و جعله: بمعنى أنه أوجدها كان الواجب عليه التفصيل بين أنواع التمليك و أقسامه: بأن يقول:

(منها): ما يوجب الملكية المستقرة اللازمة كما اذا قصدها المالك من حين التمليك.

(و منها): ما يوجب الملكية المتزلزلة كما اذا قصدها المالك من حين التمليك.

(و منها): ما لا يوجب لا ذاك و لا ذا.

و هذا التفصيل يكون بحسب قصد رجوع المالك عن ملكه، و عدم قصد الرجوع.

فإن قصد الرجوع حصلت الملكية المتزلزلة، و إن لم يقصد حصلت الملكية المستقرة، و ان لم يقصدهما لم يحصل أيهما.

فالتزلزل و الاستقرار دائران مدار قصد الرجوع و عدمه.

و من الواضح بطلان تقسيم الملك الى الأقسام الثلاثة المذكورة، لعدم تأثير قصد المالك في الرجوع و عدمه.

(1) هذا تنازل من الشيخ و مما شاة منه مع الخصم المدعي عدم جريان استصحاب الملكية الحاصلة من المعاطاة لو رجع احد المتعاطيين عما اعطاه لصاحبه بقوله في ص 170: فلا ينفع الاستصحاب.

و خلاصته أنه بعد القول بأن منشأ الاختلاف في انقسام الملك الى الفردين المذكورين هو الاختلاف في حقيقة السبب، لا الاختلاف في حقيقة المسبب يكفي لنا جريان استصحاب الملكية المذكورة مع الشك في أن اللزوم من خصوصيات الملك، أو من لوازم السبب المملك.

ص: 174

الملك في الهبة اللازمة، و غيرها على نهج واحد (1): أن (2) اللزوم و الجواز لو كانا من خصوصيات الملك فإما أن يكون تخصيص القدر المشترك (3) باحدى الخصوصيتين (4) بجعل المالك، أو بحكم الشارع.

فإن كان الأول (5) كان اللازم التفصيل بين أقسام التمليك المختلفة (6) بحسب قصد: الرجوع، و قصد عدمه (7)، أو عدم قصده و هو بديهي البطلان (8)، اذ لا تأثير لقصد المالك في الرجوع و عدمه.

+++++++++++

(1) المراد من نهج واحد هو جواز التصرف للموهوب له بجميع أنواع التصرف من النقل و الانتقال بأي سبب حصل.

(2) جملة أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لكلمة يدل في قوله:

و يدل على ما قلناه. و قد عرفت الاستدلال بقولنا في ص 173: فنقول: إن الاستقرار و التزلزل.

(3) و هي الملكية التي كانت قدرا مشتركا بين فردي الملكية: و هي الملكية المستقرة و المتزلزلة.

(4) بأن يجعل الملك المتشخص في الخارج إما لازما غير جائز الرجوع فيه، أو جائزا يجوز الرجوع فيه و هما معنى المستقر و المتزلزل.

(5) و هو كون تخصيص القدر المشترك باحدى الخصوصيتين بجعل المالك.

(6) كما عرفت ذلك في ص 173 عند قولنا: منها ما يوجب التمليك

(7) أي عدم الرجوع، و قد عرفت معنى هذا عند قولنا: في ص 174 فإن قصد الرجوع حصلت الملكية.

(8) و قد عرفت وجه البطلان في ص 174 عند قولنا:

و من الواضح.

ص: 175

و ان كان الثاني (1) لزم إمضاء الشارع العقد على غير ما قصده المنشئ (2) و هو (3) باطل في العقود، لما تقدم: من أن العقود المصححة عند الشارع تتبع القصود و ان امكن القول بالتخلف هنا في مسألة المعاطاة بناء على ما ذكرنا سابقا (4)، انتصارا (5) للقائل بعدم الملك: من منع وجوب إمضاء المعاملات الفعلية على طبق قصود المتعاطيين.

لكن الكلام في قاعدة اللزوم (6) في الملك تشمل العقود أيضا.

+++++++++++

(1) و هو كون تخصيص القدر المشترك باحدى الخصوصيتين بجعل الشارع.

(2) اذ المالك الّذي هو منشأ إعطاء سلعته للآخر قد قصد التمليك الذي يفيد الملكية اللازمة، لا الجواز فحكم الشارع بتزلزل هذه الملكية مخالف لما قصده المنشئ فيلزم تخلف العقد عن القصد، لأن ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد و هو باطل.

(3) اى امضاء الشارع العقد على غير ما قصده المنشئ و قد عرفت وجه البطلان آنفا.

(4) في ص 146 عند قوله: أما حكاية تبعية العقود و ما قام مقامها

(5) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لإمكان القول بتخلف العقود عن القصود في مسألة المعاطاة المفيدة للاباحة، دون العقود الصادرة بالألفاظ و الأقوال.

و قد عرفت أن صاحب الجواهر من القائلين بالإباحة المجردة.

(6) و هي أصالة اللزوم المعبر عنها بالاصل العقلائي، فإن العقلاء بنوا على أن المعاطاة تفويض الملكية اللازمة، و لا شك في كونه من العقود.

ص: 176

و بالجملة فلا اشكال في أصالة اللزوم (1) في كل عقد شك في لزومه شرعا.

و كذا لو شك في أن الواقع في الخارج هو العقد اللازم، أو الجائز.

كالصلح من دون عوض (2)، و الهبة (3)

نعم لو تداعيا (4) احتمل التحالف في الجملة (5)

ما يدل على اللزوم من الكتاب و السنة

و يدل على اللزوم (6)

+++++++++++

(1) و هو الاصل العقلائي الاولي كما عرفته في ص 167.

(2) فإن الصلح بما هو صلح يحتمل الوجهين: اللازم اذا كان مع العوض، و الجائز اذا كان بلا عوض، فاذا وقع في الخارج و شككنا في كيفية وقوعه فنجري أصالة اللزوم هنا.

(3) اي الهبة غير المعوضة، و لغير ذي رحم، فإن الهبة ذات وجهين: اللازمة اذا كانت معوضة و بذي رحم، و غير اللازمة اذا كانت بلا عوض و لغير ذي رحم، فاذا وقعت في الخارج و شككنا في كيفية وقوعها نجري أصالة اللزوم هنا.

(4) بأن كان كل واحد من المتعاطيين مدعيا و مدعى عليه: بأن ادعى احدهما أن العقد الواقع في الخارج لازما فانكره الآخر و قال: إنه جائز فانكره المدعي، فهنا يصدق التداعي فيتحالفان، طبقا للقاعدة المعروفة:

من أنه لا بد من التحالف في المتداعيين.

(5) الظاهر زيادة كلمة في الجملة، لأنه إذا صدق التداعي صدق التحالف لا محالة.

نعم اذا كان في بعض الموارد لا يصدق التحالف مع صدق التداعي كان القيد لازما.

(6) اى الملكية اللازمة المستقرة التي ادعاها الشيخ.

ص: 177

مضافا الى ما ذكر (1) عموم (2) قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الناس مسلطون على أموالهم، فإن (3)

+++++++++++

(1) أي بالإضافة الى ما ذكرنا: من الأصل العقلائي، و الاستصحاب لمدعانا: و هي افادة المعاطاة الملكية اللازمة.

(2) فاعل لقوله: و يدل

هذا هو الدليل الثالث من الأدلة التي اقامها الشيخ لمدعاه.

(3) هذه كيفية الاستدلال بالعموم الوارد في الحديث لمدعاه.

أليك خلاصتها: و هو أن كل واحد من المتعاطيين لمّا تعاطيا و تعاملا و اعطى كل واحد منهما سلعته للآخر ازاء ما يعطيه صاحبه له فقد حصلت لكل منهما حسب العموم الوارد في السلطنة في الحديث: سلطنة مطلقة له أنحاء التصرف أعم من التكوينية كالاكل و الشرب، و اللبس و الركوب و القيام و القعود، و السكنى، و من التشريعية كالبيع و الهبة و الوقف و الصلح و الوكالة، و الوصاية و العارية، و غير هذه: مما توجد بانشائها في عالم الاعتبار التشريعي.

و قد امضى الشارع هذه التصرفات التكوينية و التشريعية بتمامها.

فكما أن العرف و العقلاء يرون للمالك التصرف بكلا قسميه من دون توقف.

كذلك يرون له حق منع الغير عن التصرف بكلا قسميه أيضا في ماله و بدون رضاه و اجازته فله أن يمنع عن اكل ماله، و بيعه وهبته، لأنه من جملة سلطته و سلطنته العامة المستفادة من عموم السلطنة في الحديث و ليس لاحد حق معارضته في ذلك ما لم يكن سفيها، أو مجنونا أو محجورا عليه

و من جملة سلطته و سلطنته أن لا تخرج سلعته المأخوذة بالمعاطاة

ص: 178

مقتضى السلطنة أن لا يخرج عن ملكيته بغير اختياره، فجواز تملكه (1) عنه بالرجوع فيه من دون رضاه مناف للسلطنة المطلقة.

فاندفع (2) ما ربما يتوهم: من أن غاية مدلول الرواية سلطنة الشخص على ملكه، و لا نسلم ملكيته له بعد رجوع المالك الاصلي.

و بما ذكرنا (3) تمسك المحقق رحمه اللّه في الشرائع على لزوم القرض بعد القبض (4):

+++++++++++

المفيدة للملكية عن تحت سلطته و نفوذه بدون رضاه و اجازته.

فلو قلنا بجواز الرجوع لكل منهما في سلعته بدون اجازته متى شاء و اراد يلزم أن يكون كل واحد من المتعاطيين فاقدا لتلك السلطنة العامة المستفادة من الحديث فيحصل التناقض و التهافت بين تلك السلطنة المطلقة، و بين جواز الرجوع بدون المراجعة و الرضا، و هذا خلف و تناقض و هو قبيح.

(1) أي تملك احد المتعاطيين الناشئ بسبب الرجوع فيما اعطاه لصاحبه.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن مقتضى السلطنة المستفادة من الحديث أن لا يخرج الملك عن تحت تصرف الآخر إلا برضاه و اختياره اى فعلى ضوء ما ذكرناه فاندفع ما يتوهم، و قد ذكر الشيخ التوهم في المتن فلا نعيده.

(3) و هو أن مقتضى السلطنة العامة المطلقة المستفادة من الحديث المذكور عدم خروج الشيء عن ملكية الانسان بدون رضاه.

(4) اى فلا يصح للمقرض الرجوع فيما أقرضه بعد القبض و الإقباض، لأن الرجوع مناف للسلطنة المطلقة المستفادة من الملكية الحاصلة

ص: 179

بأن (1) فائدة الملك السلطنة.

و نحوه (2) العلامة في موضع آخر

و منه (3) يظهر جواز التمسك بقوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه (4)، حيث دل (5)

+++++++++++

من الاستقراض بعد قبض المستقرض، و تسلمه القرض من المقرض.

(1) الباء بيان لكيفية لزوم القرض بعد القبض و التسلم و قد عرفته آنفا.

(2) أي و نحو استدلال المحقق في الشرائع استدلال العلامة على لزوم القرض بعد القبض و الإقباض في غير كتاب الدين.

(3) اي و مما ذكرناه: و هو أن مقتضى السلطنة المستفادة من الحديث المذكور عدم خروج السلعة عن ملكية الانسان بدون رضاه و اختياره.

(4) هذا رابع الأدلة التي ذكرها الشيخ لمدعاه: و هو أن المعاطاة تفيد اللزوم مطلقا.

(5) أى قوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ مسلم.

هذه كيفية الاستدلال لاثبات مدعاه.

و خلاصتها: أنه لا بدّ من جواز التصرف في مال الغير و حليته من رضا المالك لا محالة، سواء جعلنا الرضا علة تامة للحلية، و جواز التصرف أم جعلناه جزء السبب، و الجزء الثاني الايجاب و القبول اللفظيين أم العقد الفعلي المعاطاتي، فالرضا شرط لا محالة و على كل حال.

فعلى ضوء ما ذكرنا: من أن الرضا إما علة تامة لحلية التصرف في مال الغير، أو جزء سبب لها فلو رجع احد المتعاطيين الى سلعته بمجرد الفسخ من دون مراجعة صاحبها الذي تملكها بالعقد المعاطاتي الموجب

ص: 180

على انحصار سبب حل مال الغير (1) أو جزء سببه (2)

+++++++++++

للملكية يلزم أن يكون قد تصرف في مال المسلم بدون رضاه و طيب نفسه و الرجوع هكذا مناف للحديث، فلا اعتبار بهذا الفسخ و الرجوع، فالملك باق و ثابت له.

ثم إننا راجعنا كتب الأحاديث المعتبرة التي بأيدينا فلم نجد فيها نصا لهذا الحديث بعباراته الموجودة في المكاسب: (لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه).

بل الموجود في (مستدرك وسائل الشيعة) الجزء 3. ص 146.

الحديث 1 هكذا:

و عنه صلى اللّه عليه و آله قال: المسلم اخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب نفس منه.

و في (وسائل الشيعة) الجزء 2. ص 425 الحديث 3. الباب 3 من أبواب مكان المصلي هكذا:

عن (أبى عبد اللّه) عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا يحل دم امرئ مسلم، و لا ماله إلا بطيبة نفس منه.

و في المصدر نفسه. الجزء 4. ص 376-377. الحديث 1 هكذا

عن الشيخ ابى جعفر محمد بن العثمان العمري قدس اللّه روحه في جواب مسائله الى صاحب الدار عليه السلام: فلا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه.

(1) بناء على أن سبب حلية التصرف منحصر في الرضا و أنه علة تامة له.

(2) بناء على أن الرضا احد جزئي العلة، و أن الجزء الثاني هو الايجاب و القبول المعبر عنه بالعقد اللفظي.

ص: 181

في رضا المالك فلا يحل بغير رضاه

و توهم (1) تعلق الحل بمال الغير، و كونه (2) مال الغير بعد الرجوع اوّل الكلام مدفوع بما تقدم (3) مع (4) أن تعلق الحل بالمال يفيد العموم بحيث يشمل التملك أيضا فلا يحل التصرف فيه، و لا تملكه إلا بطيب نفس المالك.

+++++++++++

أو التعاطي الحاصل من الطرفين المعبر عنه بالتعامل الفعلي كما عرفت (1) خلاصة هذا التوهم: أن لا يحل في قوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ قد تعلق بمال الغير، لا بمال الانسان نفسه.

و من الواضح أن المتعاطي لو رجع عما اعطاه لصاحبه لرجع المال إليه، فاذا تصرف فيه فقد تصرف في ماله، لا في مال الغير حتى يشمله لا يحل مال امرئ، فلا مجال للتمسك به.

(2) هذا من متممات كلام المتوهم اى كون مال المرجوع مال الغير اوّل الكلام لا نسلم به، بل المال بعد الرجوع لمالكه الاول.

(3) جواب عن التوهم المذكور

خلاصته أنه لا مجال للتوهم المذكور، لأنك قد عرفت آنفا أن سبب حلية مال الغير، و جواز التصرف فيه منحصر في رضا مالكه، لان الرضا إما تمام العلة، أو جزؤها و الجزء الآخر الايجاب و القبول، فبعد الإعطاء الحاصل من الطرفين اصبح المال ملكا للآخذ فلا يصح التصرف فيه إلا برضاه.

(4) هذا جواب آخر عن التوهم المذكور.

خلاصته أن كلمة مال نكرة واقعة في سياق النفي و هي كلمة لا في قوله عليه السلام: لا يحل.

ص: 182

و يمكن الاستدلال (1) أيضا بقوله تعالى: و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (2)

و لا ريب أن الرجوع ليس تجارة و لا عن تراض (3) فلا يجوز اكل المال

+++++++++++

و من الواضح أن النكرة الواقعة في سياق النفي تفيد العموم: بمعنى أنها تشمل جميع التصرفات التي منها تملك مال الغير بدون رضاه فلها شمول أفرادي، لأن رجوع المالك الاول في سلعته بعد إعطاء سلعته لصاحبه ازاء اعطاء صاحبه له سلعته تصرف في مال الغير بدون رضاه و هو مناف للحديث الشريف.

(1) هذا خامس الأدلة القائمة على افادة المعاطاة الملكية اللازمة.

(2) النساء: الآية 29.

(3) كيفية الاستدلال بالآية الكريمة: أن المراد من الأكل هنا مطلق التصرف و أنواعه الذي هو الاستيلاء و السلطة على مال الغير.

يقال: فلان اكل مالي اي استولى و تسلط عليه بالقوة و الغلبة، و ليس المراد منه معناه المصطلح و هو الاكل في مقابل الشرب: لعدم امكان ذلك في كثير من الأموال.

فالآية الكريمة تمنع و تنهي عن جميع التصرفات التي تصدر في مال الناس بغير رضاهم، فهي تحصر جواز اكل مال الغير بشيئين:

التجارة، و تراض من الطرفين.

فجواز الاكل و عدمه دائران مدار وجود التجارة، و وجود التراض و عدمهما، فإن وجدتا جاز، و إلا فلا.

و من الواضح أن المالك الاول لو رجع عن ماله الذي اعطاه لصاحبه

ص: 183

و التوهم المتقدم في السابق (1) غير جار هنا؛ لأن (2) حصر مجوز اكل المال في التجارة إنما يراد به اكله على أن يكون ملكا للآكل لا لغيره.

و يمكن التمسك (3) أيضا بالجملة المستثنى منها، حيث (4) إن اكل

+++++++++++

ازاء ما اعطاه صاحبه له بدون رضاه و طيب نفسه يكون الرجوع تصرفا في مال الغير بدون التجارة و التراض.

(1) و هو أن المال بعد رجوع مالكه الاول يصبح مال المالك و لا يصدق أنه مال الغير حتى يقال: إنه قد تصرف فيه فيكون التصرف من دون تجارة و تراض، و القول بأنه مال الغير اوّل الكلام.

(2) رد للتوهم السابق؛ و أنه لا يجري هنا.

و خلاصته: أن اداة الاستثناء و هي كلمة إلا في قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة تفيد عموم الحصر: بمعنى أن جواز التصرف منحصر في رضا المالك، بناء على أن الرضا إما تمام العلة، أو جزؤها، و الرجوع في مال الغير تصرف بغير رضاه، لأن المال ليس ملكا له.

(3) اي على المدعى و هي افادة المعاطاة الملكية اللازمة.

هذا سادس الأدلة التي اقامها الشيخ على مدعاه.

(4) هذه كيفية الاستدلال بالحملة المستثنى منها و هو قوله عز من قائل:

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ

يريد الشيخ أن يبين أنه كما يمكن الاستدلال بجملة الاستثناء و هو قوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

كذلك يمكن الاستدلال بجملة المستثنى منها.

و قد ذكر الشيخ كيفية الاستدلال بها فلا نعيدها

ص: 184

المال و نقله عن مالكه بغير رضا المالك اكل و تصرف بالباطل عرفا (1)

نعم (2) بعد اذن المالك الحقيقي و هو الشارع، و حكمه التسلط على فسخ المعاملة من دون رضا المالك يخرج (3) عن البطلان، و لذا (4) كان اكل المارة من الثمرة الممرور بها اكلا بالباطل لو لا اذن المالك الحقيقي

+++++++++++

(1) التقييد بذلك لأجل أن تمامية الاستدلال المذكور متوقفة على أن اكل المال امر عرفي.

(2) استدراك عما افاده: من أن اكل المال و نقله عن مالكه بغير رضاه اكل للمال بالباطل.

و قد ذكر الاستدراك الشيخ في المتن فلا نعيده.

(3) اي الاكل الذي كان باذن من الشارع يخرج عن كونه اكلا للمال بالباطل.

(4) اي و لاجل أن الاكل الذي يكون باذن من الشارع الذي هو المالك الحقيقي لا يكون اكلا للمال بالباطل: جاز الاكل للمارة من الفواكه و الزرع كالخضروات، فجواز الاكل هنا رغما على المالك، و قهرا عليه، لاذن الشارع فيه.

ثم لا يخفى أن الاكل للمارة من الفواكه و الزرع من المسائل الخلافية عند (فقهاء الامامية) في أصل الجواز و عدمه، و في السعة و الضيق أليك الموجز.

ذهب الاكثر الى جواز الاكل من الفواكه و الزرع الواقعة على طريق المارة بشرطين:

(احدهما): عدم قصد المارة من بداية الامر المرور على الأشجار و المزارع المثمرة: بمعنى أن لا يكون قصدهم و غايتهم من أول الأمر المرور

ص: 185

..........

+++++++++++

على الأشجار و المزارع ليأكلوا منها، بل غايتهم السفر ثم اتفق مرورهم على تلك الأشجار و المزارع المثمرة.

(الثاني): عدم وقوع الإفساد و الإضرار من المارة بصاحب الفواكه و ثمرة الزرع: بحيث يأكل حتى تمتلئ بطنه و يبين عليه الامتلاء و البطنة لأنه اذا اكل و هذه حالته و صفته صدق الإضرار بصاحب البستان و الزرع

و لما كان الإفساد و الإضرار من الامور الاضافية و النسبية فالمناط و المدار في صدقهما كثرة الثمرة و قلتها في الشجرة و الزرع، اذ رب أشجار و زروع ثمرتها كثيرة بحيث لا تؤثر كثرة الاكل منها فيجوز الاكل و لو كان قليلا لعدم صدق الإفساد و الإضرار بها.

و رب شجر و زرع ثمرتهما قليلة: بحيث يؤثر فيها الاكل فلا يجوز الاكل منها، لصدق الإفساد و الإضرار بها.

فالمدار في الجواز و عدمه: صدق الإضرار و الإفساد و عدمه، فإن صدق الإضرار لم يجز الاكل، و إلا فجاز.

ثم إن كثرة الاكل تتحقق تارة من كثرة المارة، و اخرى من شخص واحد كثير الاكل.

و ذهب البعض الآخر الى عدم جواز الاكل للمارة من الأشجار و المزارع منهم (الشهيد الاول) فقال:

و تركه بالكلية أولى، للخلاف فيه(1)

ثم في صورة جواز الاكل لا يجوز للمارّة أن يحملوا معهم شيئا

ص: 186


1- راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 371-374.

و كذا الاخذ بالشفعة (1)، و الفسخ (2) بالخيار، و غير ذلك من النواقل القهرية (3)

+++++++++++

من الثمرة و إن قل الحمل.

و قيد بعض الجواز بصورة عدم علم المارة بكراهة صاحب الثمرة باكل المارة، و لا ظنهم بذلك، فإنه في هذه الحالة لا يجوز لهم الاكل(1)

(1) اي جواز الأخذ بالشفعة لأحد الشريكين لأجل اذن من الشارع في ذلك، و لو لا اذنه في ذلك لما صح للشريك الأخذ بالحصة المبيعة، فالأخذ يكون هنا قهرا على المشتري و رغما على انفه لاذن الشارع فيه.

(2) اى و كذا جواز الفسخ للبائع، أو للمشتري، أو لكليهما في المبيع لأجل اذن الشارع لهما بذلك، و لو لا اذنه لهم لما صح لهما الفسخ في المبيع، فجواز الفسخ هنا يكون قهرا على المشتري لو كان الخيار للبائع أو على البائع لو كان الخيار للمشتري، فأيهما كان له الخيار يكون الفسخ رغما عليه، لأذن الشارع فيه.

(3) المراد من النواقل القهرية هنا وقوع الشيء في الخارج قهرا على المالك، و رغما على أنفه كالأخذ بالشفعة، و جواز الفسخ بالخيار، و اكل المارة من أثمار الأشجار و الزرع، حيث إن الشارع اجازه ذلك كله

و كل هذا يكون رغما على انف المالك.

و ليس المراد من النواقل القهرية معناها المصطلح و هو انتقال الشيء الى الانسان قهرا كالارث، و حق الشفعة كما عرفت ذلك في الهامش 5 ص 141

ص: 187


1- راجع (المصدر نفسه) من ص 371-372.
الاستدلال بما يدل على لزوم خصوص البيع

هذا كله (1) مضافا الى ما دل على لزوم خصوص البيع مثل قوله عليه السلام: البيعان بالخيار ما لم يفترقا (2)

و قد يستدل أيضا (3) بعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، بناء

+++++++++++

(1) أى ما ذكرناه لك من الأدلة الستة حول افادة المعاطاة الملكية اللازمة كان كافيا في اثبات المدعى.

و إن ابيت من دلالتها عليها فلنا دليل آخر على اثباتها.

(2) هذا سابع الأدلة التى اقامها الشيخ لاثبات مدعاه.

كيفية الاستدلال أن المراد من البيعان البائع و المشتري، و لا شك في صدق البائع و المشتري على المتعاطيين، لأن المعاطاة احد أفراد البيع و مصاديقه كما عرفت مفصلا فاذا باعا و افترقا المجلس صدق الحديث الشريف فوجب البيع و لا يصح لأحدهما الرجوع و التصرف في مال الآخر إلا برضاه و طيب خاطره و نفسه.

بل الحديث الشريف يدل على اللزوم مطلقا و من جميع الجهات و النواحي، لا من ناحية خيار المجلس فقط، اذ قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: و لا خيار بعد الرضا ينفي جنس الخيار، سواء أ كان خيار المجلس أم غيره، حيث إن كلمة لا لنفي الجنس.

راجع حول الحديث (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 346.

الباب 1 من أبواب الخيار. الحديث 3

و في المصدر أحاديث اخرى في هذا المقام فراجع.

(3) هذا ثامن الأدلة التي أقامها الشيخ لاثبات مدعاه و هو افادة المعاطاة الملكية اللازمة.

كيفية الاستدلال: أن كلمة العقود في الآية الكريمة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

ص: 188

على أن العقد هو مطلق العهد كما (1) في صحيحة عبد اللّه بن سنان،

+++++++++++

جمع محلى بالالف و اللام يفيد العموم فيكون من ألفاظ العموم فيشمل جميع أفراد العقد، سواء أ كان باللفظ المشتمل على الايجاب و القبول أم بالفعل كالمعاطاة، فالعموم فيه عموم أفرادي، كما أن له عموما أزمانيا.

فمعنى الآية الشريفة: أَوْفُوا بكل عقد صدر في العالم، و في كل زمان وقع.

و من الواضح أن وجوب الوفاء بكل عقد، و في كل زمان انما يلزم لو كان العقد لازما، لا جائزا يصح الفسخ فيه لمالكه الاول متى شاء و اراد.

فعلى ضوء ما ذكرنا ظهر لك أن اللزوم الذي هو الحكم الوضعي من لوازم العقد و ذاتياته، لا أنه منتزع من الحكم التكليفي الذي هو وجوب الوفاء بالعقد كما افيد في المقام.

بعبارة اخرى أن العقد هو مطلق العهد الذي هو الالتزام بالشيء:

بأن يلتزم البائع بتسليم المبيع الى المشتري، و المشتري يلتزم بتسليم الثمن الى البائع.

و هذا الالتزام يحصل من أي عقد صدر، و في أي زمان وقع و لا يخص العقد الصادر بالايجاب و القبول اللفظيين.

و هذا معنى أن اللزوم من لوازم العقد و ذاتياته.

(1) يروم الشيخ قدس سره أن يستشهد على المراد: و هو أن العقد مطلق العهد كما ذكرناه لك بصحيحة عبد اللّه بن سنان. أليك نصها.

العياشي في تفسيره عن ابن سنان.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل:

يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

ص: 189

أو العهد (1) المشدد كما عن بعض اهل اللغة

+++++++++++

قال: العهود، فالشاهد في كلمة العهود التي فسر الامام عليه السلام بها كلمة العقود و هي مطلقة تشمل جميع المعاوضات، سواء أ كانت باللفظ أم بالفعل.

راجع الحديث (وسائل الشيعة). الجزء 16 ص 248. الباب 25 الحديث 3.

(1) هذا استشهاد ثان من الشيخ لما ادعاه: من أن المراد من العقد هو العهد المطلق، و لا اختصاص له بالصادر من الايجاب و القبول اللفظين و قد استشهد باستعمال اللغويين كلمة العقد في مطلق العهد.

راجع (مجمع البحرين) الطبعة الحجرية مادة عقد.

قال عند ذكر آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : العقود جمع عقد بمعنى المعقود و هو أوكد العقود.

و الفرق بين العقد و العهد: أن العقد فيه معنى الاستيثاق و الشد و لا يكون إلا من متعاقدين؛ و العهد قد يتفرد به الواحد، فكل عهد يكون عقدا، و لا يكون كل عقد عهدا.

فالشاهد في قوله: و هو أوكد العهود، حيث يدل على أن المراد من العقد العهد المشدد.

ثم لا يخفى عليك أن صاحب (مجمع البحرين) افاد أن كل عهد عقد و لا يكون كل عقد عهدا، فجعل الأخصية في العهد، و الأعمية في العقد، و الحال أن الأمر بالعكس أي العقد أخص من العهد، اذ العهد يتفرد به الواحد.

بخلاف العقد، حيث لا يكون إلا بين المتعاقدين، فكل عقد عهد

ص: 190

و كيف كان (1) فلا يختص باللفظ فيشمل المعاطاة

و كذلك (2) قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم (3) فإن الشرط لغة مطلق الالتزام فيشمل ما كان بغير اللفظ

+++++++++++

و ليس كل عهد عقدا، بل بعضه كذلك، و بعضه ليس كذلك.

فبينهما عموم و خصوص مطلق.

(1) أى أي شيء قلنا في العقد، سواء أ كان المراد منه مطلق العهد أم العهد المشدد فلا يختص العقد باللفظ.

(2) اى و كذلك يمكن أن يستدل على المدعى و هو افادة المعاطاة الملكية اللازمة بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و كلمة قوله مجرورة عطفا على المجرور بالباء الجارة في قوله: بعموم

هذا مطاف الأدلة التى اقامها الشيخ لاثبات مدعاه: و هو افادة المعاطاة الملكية اللازمة و هو الدليل التاسع.

(3) كيفية الاستدلال بالحديث الشريف متوقفة على امرين:

(الأول): أن يكون المراد من الشرط هو مطلق الإلزام و الالتزام بناء على شموله للعقد.

و كون المراد من الشرط هو مطلق الالتزام و الإلزام مبني على أن هذا المعنى هو المعنى الحقيقي لكلمة الشرط، لاجل انسباقه الى الأذهان في مجالات استعمال الكلمة.

و هذا في غاية الإشكال، اذ لا ينسبق الى الأذهان المعنى المذكور، بل المنسبق إليها من الكلمة هو ارتباطها و علاقتها بشيء آخر وجودا أو عدما

(الثاني): دلالة جملة: المؤمنون عند شروطهم على وجوب الوفاء بالشروط اي يجب على المؤمنين الوفاء بشروطهم، فيكون مفاد

ص: 191

قيام الإجماع على عدم لزوم المعاطاة
اشارة

و الحاصل أن الحكم باللزوم في مطلق الملك (1)، و في خصوص البيع (2) مما لا ينكر.

إلا أن الظاهر فيما نحن فيه (3) قيام الاجماع على عدم لزوم المعاطاة

+++++++++++

الحديث مفاد الآية الكريمة: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

فكما أن المراد من وجوب الوفاء الوفاء بمطلق الالزامات و الالتزامات

كذلك المراد من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم هو الوفاء بجميع الإلزامات و الالتزامات الواقعة فيما بينهم:

بمعنى أن المؤمنين ثابتون عند شروطهم، فتكون الجملة هذه جملة انشائية بصورة الجملة الخبرية، و استفادة وجوب الوفاء من الجملة الخبرية آكد من الجملة الإنشائية.

فدلالة الحديث على وجوب الوفاء بمطلق الإلزامات و الالتزامات، سواء أ كانت بسبب الايجاب و القبول اللفظيين أم بواسطة الأفعال:

واضحة لا شبهة فيها، و لا غبار عليها.

فعلى ضوء ما ذكرنا ظهر لك من مجموع الأدلة أن المعاطاة تفيد الملكية اللازمة.

و أما الحديث فراجع (التهذيب) الجزء 7. ص 171. الحديث 66

(1) اى سواء أ كان سبب التمليك الايجاب و القبول اللفظيين أم الفعل.

(2) بأن كان سبب التمليك خصوص الايجاب و القبول اللفظيين

(3) و هي المعاطاة المفيدة للملك

من هنا يروم الشيخ هدم ما افاده: من افادة المعاطاة الملكية اللازمة المستدل عليها بالأدلة المذكورة التى بلغت تسعة: من الاصل العقلائي و الاستصحاب، و الآيات، و الأخبار.

ص: 192

بل ادعاه (1) صريحا بعض الأساطين في شرحه على القواعد.

و تعضده (2) الشهرة المحققة، بل لم يوجد به قائل الى زمان بعض متأخري المتأخرين (3)، فإن العبارة المحكية عن المفيد رحمه اللّه في المقنعة لا تدل على هذا القول (4) كما عن الخلاف الاعتراف به (5) فإن المحكي عنه (6) أنه قال: ينعقد البيع على تراض بين الاثنين (7)

+++++++++++

فسبحان من تفضل على (شيخنا الانصاري) بهذه الفكرية الجبارة التي تهدم و تبني.

(1) اى ادعى الاجماع القائم على عدم افادة المعاطاة اللزوم (الشيخ كاشف الغطاء).

(2) اى و تقوي هذا الاجماع القائم على عدم افادة المعاطاة اللزوم الذي ادعاه (كاشف الغطاء)

(3) و هو (المحقق الاردبيلي)

(4) و هي الملكية اللازمة.

(5) اى بعدم دلالة عبارة شيخنا المفيد على الملكية اللازمة.

(6) اى عن الشيخ المفيد.

(7) معنى التراضي بين الاثنين: أن يرضى كل واحد من البائع و المشتري بالبيع و الشراء الواقع بينهما: بأن يرضى صاحب السلعة ببيعها لهذا المشتري، و يرضى المشتري بشرائه السلعة من هذا البائع.

و المراد من التبايع هو بيع كل واحد من البائع و المشتري ما لديهما للآخر.

و اطلاق التبايع على مجموع البيع و الشراء. إما لاجل تغليب جانب البيع على الشراء، أو لأجل اطلاق البيع على الشراء أيضا.

ص: 193

فيما يملكان التبايع له اذا عرفاه (1) جميعا و تراضيا بالبيع، و تقابضا (2) أيضا، و افترقا (3) بالأبدان. انتهى (4).

و يقوى (5) إرادة بيان شروط صحة العقد الواقع بين اثنين و تأثيره في اللزوم.

+++++++++++

(1) المراد من اذا عرفاه: معرفة كل واحد من البائع و المشتري بما عند الآخر بجميع أوصافه: بأن لا يكون المبيع مجهولا عند المشتري و لو جزئيا، و لا الثمن مجهولا عند البائع و لو جزئيا.

ثم إنه بناء على وجوب معرفة كل واحد من البائع و المشتري بما عند الآخر بجميع أوصافه تكون الفروض المتصورة أربعة.

(الاول): علم كل واحد من المتبايعين بما عنده.

(الثاني): عدم علم كل منهما بذلك كله.

(الثالث): علم المشتري بذلك كله، و جهل البائع بذلك كله.

(الرابع): علم البائع بذلك كله، و جهل المشتري بذلك كله.

ثم إن الفرض الثاني و الثالث و الرابع باطل.

و أما الفرض الاول فصحيح.

(2) بأن يقبض البائع الثمن من المشتري، و المشتري يقبض المبيع من البائع.

(3) لأن البيعين بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع.

(4) اى ما افاده الشيخ المفيد في المقنعة في هذا المقام.

(5) مقصود الشيخ أن كلام الشيخ المفيد في المقنعة الذي نقلناه عنه هنا لا يدل على جواز وقوع العقد بغير اللفظ:

بل غرضه من قوله: و تراضيا أن التراضي من جملة شروط صحة العقد.

ص: 194

و كأنه لذلك (1) حكى كاشف الرموز عن المفيد و الشيخ رحمهما اللّه أنه لا بدّ في البيع عندهما من لفظ مخصوص.

و قد تقدم دعوى الاجماع من الغنية على عدم كونها (2) بيعا

و هو (3) نص في عدم اللزوم

و لا يقدح (4) كونه ظاهرا في عدم الملكية الذي لا نقول به

التشكيك في انعقاد الإجماع

و عن جامع المقاصد يعتبر اللفظ في العقود اللازمة بالاجماع

نعم (5) قول العلامة رحمه اللّه في التذكرة: إن الأشهر عندنا أنه

+++++++++++

كما أن بقية القيود المذكورة في قوله: على تراض بين الاثنين فيما يملكان التبايع له اذا عرفاه جميعا، و تقابضا و افترقا بالأبدان: من جملة شروط صحة العقد.

(1) يريد الشيخ أن يؤيد ما أفاده: من أن كلام الشيخ المفيد لا يدل على جواز وقوع العقد بغير اللفظ، بل في مقام ذكر شروط صحة العقد، اى و لأجل أن الشيخ المفيد ليس في مقام جواز وقوع العقد بغير اللفظ.

(2) اى المعاطاة. أليك عبارة الغنية المنقولة في ص 78: و اعتبرنا حصول الايجاب و القبول تحرزا عن القول بانعقاده بالاستدعاء الى آخر ما نقله عنه الشيخ هنا.

(3) اى دعوى الاجماع من صاحب الغنية على عدم كون المعاطاة بيعا صريح في عدم افادة المعاطاة اللزوم، لأن نفي البيع مستلزم لنفي اللزوم.

(4) اى لا يضر الاجماع المذكور المدعى من صاحب الغنية الظاهر في عدم افادة المعاطاة الملكية، لأننا لا نعترف بهذا الاجماع.

(5) هذا تضعيف للاجماع المدعى من قبل صاحب الغنية.

ص: 195

لا بدّ من الصيغة يدل على وجود الخلاف المعتد به في المسألة، و لو كان المخالف شاذا لعبر بالمشهور (1)

و كذلك نسبته (2) في المختلف الى الأكثر

و في التحرير الأقوى أن المعاطاة غير لازمة

عدم كشف هذا الإجماع عن رأي المعصوم على فرض حصوله

ثم لو فرضنا الاتفاق من العلماء على عدم لزومها (3) مع ذهاب كثيرهم أو اكثرهم الى أنها ليست مملكة و إنما تفيد الاباحة: لم يكن هذا الاتفاق كاشفا (4)

+++++++++++

(1) الفرق بين المشهور و الأشهر أن الاول تكون نسبة الخلاف فيه أقل، و الثاني تكون اكثر.

فاذا اردنا القياس بالنسبة المئوية نقول: إن المخالف في المشهور عشرة بالنسبة الى المائة فيكون المخالف ضعيفا.

و اذا قلنا: إن المخالف في الأشهر اربعون بالنسبة الى المائة فيكون المخالف قويا.

اذا عرفت هذا فاعلم أن المخالف لما كان قويا عبر العلامة بقوله:

الأشهر عندنا، و لم يقل: المشهور عندنا.

(2) اى و كذلك الفرق بين الكثير و الاكثر كالفرق بين الأشهر و المشهور، و لذلك نسب العلامة في المختلف القول بوجود الصيغة في البيع الى الاكثر، حيث تدل هذه النسبة الى وجود مخالف معتد به.

(3) اى لزوم المعاطاة.

(4) اي لم يكن هذا الاتفاق كاشفا عن تحقق الملك، لأن القول باللزوم فرع القول بالملكية، و المفروض عدم افادة المعاطاة الملكية، لأن الملكية لم يقل بها احد سوى المحقق الثاني، و بعض من تأخر عنه تبعا له.

و من الواضح أن نفي الفرع كما يصح من اصله اذا انتفى بنفسه

ص: 196

اذ (1) القول باللزوم فرع الملكية و لم يقل بها الا بعض من تأخر عن المحقق الثاني تبعا له، و هذا (2) مما يوهن حصول القطع، بل الظن من الاتفاق المذكور، لأن (3) قول الاكثر بعدم اللزوم سالبة بانتفاء الموضوع.

نعم يمكن أن يقال بعد ثبوت الاتفاق المذكور: أن أصحابنا بين قائل بالملك الجائز، و بين قائل بعدم الملك راسا (4)، فالقول بالملك اللازم قول ثالث (5)

و كيف كان فتحصيل الاجماع على وجه استكشاف قول الامام عليه السلام (6) من قول غيره من العلماء.

+++++++++++

كذلك يصح بنفي اصله و يقال له: السالبة بانتفاء الموضوع لأنه بعد القول بعدم افادتها الملكية لا مجال في أنها تفيد اللزوم أم لا.

(1) تعليل لعدم كون الاتفاق المذكور كاشفا عن تحقق الملك.

(2) اي عدم القول بالملكية إلا عن المحقق و بعض من تأخر عنه تبعا له من دون أن يقول غيرهم بذلك موجب لحصول الوهن في الاتفاق المذكور.

(3) تعليل لحصول الوهن في حصول القطع، أو الظن بالاتفاق المذكور.

و قد عرفت التعليل في الهامش 4 ص 196 عند قولنا: و من الواضح أن نفي الفرع.

(4) بل المعاطاة تفيد الاباحة المجردة.

(5) و لا يجوز في عرف الفقهاء إحداث قول ثالث.

(6) لعل وجه التأمل: أنه بعد ثبوت الاتفاق المذكور على عدم افادة المعاطاة اللزوم لا نحتاج لنفي اللزوم التمسك بالاجماع المركب، لأن نفس الاتفاق على عدم اللزوم كافية في نفي الملك اللازم، و وافية لدفعه.

ص: 197

كما هو طريق المتأخرين (1) مشكل، لما (2) ذكرنا و ان كان هذا (3) لا يقدح في الاجماع على طريق القدماء كما تبين في الاصول (4)

و بالجملة فما ذكره في المسالك من قوله بعد ذكر قول من اعتبر مطلق (5) اللفظ في اللزوم: ما احسنه (6) و ما امتن دليله ان لم ينعقد اجماع على خلافه في غاية (7) الحسن و المتانة.

+++++++++++

(1) فإن طريقهم الى دخول المعصوم عليه السلام في المجمعين هو الحدس الحاصل لهم من اتفاق التابعين و الوصول به الى قول المتبوع.

(2) تعليل لوجه الاشكال اى وجه الإشكال ما ذكرناه: و هو أن الاتفاق المدعى مختلف فبين قائل بالملكية المتزلزلة و مدع للاتفاق على ذلك و بين قائل بالإباحة المجردة، فلا يكشف هذا الاتفاق عن تأييد المعصوم عليه السلام لكلا القولين.

(3) و هي مشكلية تحصيل الاجماع على نحو يستكشف به عن قول الامام عليه السلام على طريق المتأخرين.

(4) راجع (فرائد الاصول: الرسائل) لشيخنا الأعظم الأنصاري مباحث حجية الظن الخاص المعبر عنه بالظن المعتبر الذي منه الاجماع.

(5) اى سواء أ كان بصيغة مخصوصة أم لا.

(6) جملة: ما أحسنه و ما امتن دليله مقول قول الشهيد الثاني في المسالك اى اعتبار مطلق اللفظ في اللزوم حسن و دليله متين.

(7) هذه الجملة: في غاية الحسن و المتانة (للشيخ الأنصاري) مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فما ذكره أى فما ذكره الشهيد الثاني:

من اعتبار مطلق اللفظ في اللزوم حسن، و دليله متين في غاية الحسن و المتانة

و أما وجه الحسن و المتانة فلعدم وجود اجماع على خلاف هذا القول:

و هو اعتبار مطلق اللفظ في اللزوم.

ص: 198

ما يدل على عدم لزوم المعاطاة

و الاجماع (1) و ان لم يكن محققا على وجه يوجب القطع، إلا أن المظنون قويا تحققه على عدم اللزوم مع عدم لفظ دال على إنشاء التمليك سواء لم يوجد لفظ اصلا أم وجد و لكن لم ينشأ التمليك به، بل كان (2) من جملة القرائن على قصد التمليك بالتقابض.

و قد يظهر ذلك (3) من غير واحد من الأخبار (4)

+++++++++++

(1) اي الاجماع على خلاف القول باعتبار مطلق اللفظ في اللزوم و ان لم يكن ثابتا محققا، لكن المظنون قويا تحققه على عدم لزوم المعاملة لو لم يكن هناك لفظ يدل على إنشاء التمليك.

و عدم دلالة اللفظ على إنشاء التمليك إما لاجل عدم وجود لفظ اصلا و ابدا.

أو لأجل وجوده لكنه لم ينشأ التمليك به كالألفاظ المستعملة من المتبايعين على تعيين الثمن، فإنها لا تدل على إنشاء التمليك، فلو تبادلا بها لم يقع اللزوم.

(2) اي اللفظ الموجود المستعمل من الطرفين على تعيين الثمن.

(3) من هنا يقصد الشيخ أن يأتي بأحاديث تدل على اعتبار مطلق اللفظ في اللزوم مؤيدا لما افاده الشهيد الثاني في المسالك من الاعتبار المذكور.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 376. الباب 8 الحديث 4 في قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام يدل على عدم انعقاد البيع بغير الصيغة، لإفادة كلمة الحصر و هي إنما على ذلك.

فالبيع الواقع بالأفعال المعبر عنه بالمعاطاة لا يكون معتبرا، لخلوه عن اللفظ الدال على إنشاء التمليك.

ص: 199

بل يظهر منها (1) أن ايجاب البيع باللفظ دون مجرد التعاطي كان متعارفا بين أهل السوق و التجار.

بل يمكن دعوى السيرة (2) على عدم الاكتفاء في البيوع الخطيرة التي يراد بها عدم الرجوع بمجرد (3) التراضي.

نعم ربما يكتفون بالمصافقة (4) فيقول البائع: بارك اللّه لك، أو ما ادى هذا المعنى بالفارسية (5)

نعم يكتفون بالتعاطي في المحقرات و لا يلتزمون بعدم جواز الرجوع فيها، بل ينكرون على الممتنع عن الرجوع مع بقاء العينين.

نعم الاكتفاء في اللزوم بمطلق الإنشاء القولي (6) غير بعيد، للسيرة

+++++++++++

(1) أي من بعض الأحاديث الواردة في المقام.

راجع المصدر نفسه. ص 375.

(2) اى سيرة المتشرعة

و لا يخفى أنه إن اريد من السيرة سيرة المتشرعة فممنوعة، حيث نرى بالحس و الوجدان أن المتشرعة في البيوع الخطيرة غير ملتزمين بالصيغة.

و إن اريد منها غير المتشرعة فلا تكون هذه السيرة حجة.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: الاكتفاء أى عدم الاكتفاء بمجرد التراضي.

(4) مصدر باب المفاعلة من صافق يصافق معناه ضرب كل من المتبايعين يده على يد الآخر عند البيع: بأن يقول احدهما للآخر: رأيت الخير أو بارك اللّه لك.

(5) كأن يقال عند التعامل: خوش باشي، أو خيرش را ببيني.

(6) اي بأي لفظ كان.

ص: 200

لغير واحد من الأخبار (1) كما سيجيء إن شاء اللّه تعالى في شروط الصيغة

بقي الكلام في الخبر الذي يتمسك به في باب المعاطاة تارة على عدم افادة المعاطاة إباحة التصرف.
اشارة

بقي الكلام في الخبر الذي يتمسك به في باب المعاطاة.

تارة على عدم افادة المعاطاة إباحة التصرف.

و اخرى (2) على عدم افادتها اللزوم، جمعا بينه (3) و بين ما دل على صحة مطلق البيع (4) كما صنعه في الرياض:

و هو (5) قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام

و توضيح المراد منه يتوقف على بيان تمام الخبر. و هو ما رواه ثقة الاسلام الكليني (6) في باب بيع ما ليس عنده.

و الشيخ (7) في باب النقد و النسيئة عن ابن أبي عمير عن يحيى بن الحجاج عن خالد بن الحجاج، أو ابن نجيح.

+++++++++++

(1) و هي الأحاديث الوادة في المصدر نفسه. ص 376

(2) اى و يتمسك به تارة اخرى.

(3) اى بين هذا الحديث الذي يتمسك به تارة في باب المعاطاة و يتمسك به تارة اخرى على عدم افادة المعاطاة اللزوم.

(4) و هو الحديث المستدل به على صحة مطلق البيع، سواء أ كان باللفظ أم بالفعل كقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا المشار إليه في ص 188

(5) اى هذا الحديث المتمسك به في باب المعاطاة تارة.

و اخرى يتمسك به على عدم افادة المعاطاة اللزوم.

(6) هو (الشيخ الكليني) عطر اللّه مرقده صاحب (كتاب الوافي) احد الكتب الأربعة في الأحاديث يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب)

(7) اى و روى الشيخ هذا الحديث.

ص: 201

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجيئني و يقول: اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا.

فقال: أ ليس إن شاء اخذ و إن شاء ترك

قلت: بلى

قال: لا بأس إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام الى آخر الخبر (1)

و قد ورد بمضمون هذا الخبر روايات اخرى مجردة عن قوله عليه السلام: إنما يحلل الى آخر كلامه: كلها تدل على أنه لا بأس بهذه المواعدة و المقاولة ما لم يوجب بيع المتاع قبل أن يشتريه من صاحبه (2)

نقول: إن هذه الفقرة مع قطع النظر عن صدر الرواية تحتمل وجوها
اشارة

و نقول: إن هذه الفقرة (3) مع قطع النظر عن صدر الرواية (4) تحتمل وجوها (5)

الاول: أن يراد من الكلام في المقامين اللفظ الدال على التحريم و التحليل

(الاول) (6): أن يراد من الكلام في المقامين (7)

+++++++++++

(1) راجع (التهذيب) الجزء 7. ص 50. الحديث 16/216 باب البيع بالنقد و النسيئة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 من ص 275 - الى ص 379 الباب 8 الاحاديث

(3) و هو قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام.

(4) و هو قوله عليه السلام: اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا أي نحن لسنا الآن في صدد تحليل هذه الرواية من صدرها الى ذيلها، بل في مقام الاستشهاد بذيل الرواية و هو قوله عليه السلام: إنما يحل الكلام و يحرم الكلام الدال على لزوم اللفظ في المعاوضات.

(5) و هى أربعة

(6) اى الوجه الاول من الوجوه الاربعة المحتملة لهذا الحديث

(7) و هما: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام

ص: 202

اللفظ الدال على التحريم و التحليل: بمعنى أن تحريم شيء و تحليله لا يكون إلا بالنطق بهما (1) فلا (2) يتحقق بالقصد المجرد عن الكلام، و لا (3) بالقصد المدلول عليه بالأفعال، دون الأقوال.

+++++++++++

(1) اي بالتحليل و التحريم اللساني: بأن يجري الوصفان في ضمن اللفظ.

خذ لذلك مثالا

لو قال شخص: انكحت نفس موكلتي لنفسي على الصداق المعلوم حلت له المرأة الموكلة بجميع معاني الحلية.

و لو قال رجل: زوجتي فلانة طالق و كانت جميع شروط الطلاق فيها موجودة حرمت عليه زوجته و بانت عنه اذا انقضت العدة و تحتاج الى عقد جديد.

فهذان اللفظان و هما: انكحت و طلقت يحلل احدهما و هو انكحت و يحرم الآخر و هو طلقت، فالتحليل و التحريم يكونان باللفظ لا غير.

فكذلك العقود إنما تحلل باللفظ، و تحرم بعدم اللفظ.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن تحريم شيء و تحليله لا يكونان إلا بالنطق اللساني.

و خلاصة التفريع أن تحليل شيء و تحريمه لا يتحقق في الخارج بالقصد المجرد عن اللفظ: بأن يخطر في باله من دون الاتيان باللفظ.

(3) اى و لا يتحقق تحليل شيء و تحريمه في الخارج بالقصد الدال عليه الفعل كالمعاطاة، أو وضع القناع على رأس المرأة و هو يريد به طلاقها

فالحاصل: أن التحليل و التحريم دائران مدار اللفظ، فإن وحد اللفظ حلت المعاوضة، و إلا حرمت.

ص: 203

الثاني: أن يراد بالكلام اللفظ مع مضمونه

(الثاني) (1): أن يراد بالكلام (2) اللفظ مع مضمونه كما في قولك:

هذا الكلام صحيح، أو فاسد، لا مجرد اللفظ اعني الصوت (3)

+++++++++++

فالتحليل و التحريم الحاصلان بالقصد المجرد عن اللفظ، أو القصد الحاصل بواسطة الفعل كالمعاطاة ليس لهما اثر خارجي.

(1) أي الوجه الثاني من الوجوه الأربعة المحتملة في قوله عليه السلام إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام.

(2) و هو الواقع في قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام يراد به اللفظ المحتوي على معناه كما في قولك: هذا الكلام صحيح اى باعتبار صحة معناه.

و هذا الكلام فاسد، اى باعتبار فساد معناه.

و هكذا في قولك: هذا الكلام صدق: أو كذب، و حق، أو باطل حيث يراد منه باعتبار مضمونه و مطابقة المضمون للواقع، و عدم مطابقته له، و باعتبار أن مضمون الكلام قد أتي على مقتضى الحق، أو على مقتضى الباطل.

و لا يخفى عدم الفرق بين الوجه الاول الذي اريد من الكلام اللفظ الدال على التحليل و التحريم.

و بين الوجه الثاني الذي يراد بالكلام مع مضمونه، لأن اللفظ في الوجه الاول هو اللفظ مقيدا بكونه دالا و هل الدلالة إلا المضمون؟

و قد عبر الشيخ عن الدلالة بالمضمون في الوجه الثاني.

(3) و هل من الممكن أن يراد من الكلام الوارد في الرواية المشار إليها في ص 202 و في غير الرواية: اللفظ المجرد، و الحال أن الإفادة مأخوذة في مفهوم الكلام حتى قال ابن مالك في ارجوزته:

ص: 204

و يكون المراد (1) أن المطلب الواحد يختلف حكمه الشرعي حلا و حرمة باختلاف المضامين المؤداة بالكلام.

مثلا المقصود (2) الواحد و هو التسليط على البضع مدة معينة (3) يتأتى

بقولها: ملكتك بضعي، أو سلطتك عليه (4)، أو آجرتك نفسي أو احللتها (5) لك

و بقولها: متعت نفسي بكذا (6)

فما عدا (7) الاخير موجب لتحريمه

+++++++++++

كلامنا لفظ مفيد كاستقم *** و اسم و فعل ثم حرف الكلم

(1) أى المراد من الكلام المحلل، و الكلام المحرم الواقع في الرواية هو أن المطلب الواحد كالبيع، أو الطلاق، أو النكاح، أو غيرها من العقود و الايقاعات يختلف حكمه الشرعي: من حيث الحلية و الحرمة اذ رب مضمون واحد تختلف كيفية ادائه بالكلام.

و قد أتى الشيخ لذلك مثالا بقوله: فالمقصود الواحد و هو التسليط على البضع فلا نعيده.

(2) الفاء تفريع على ما افاده الشيخ: من أن المطلب الواحد يختلف حكمه الشرعي.

و قد ذكر الشيخ التفريع في المتن بالمثال الذي اتى به فلا نكرره.

(3) كما في عقد المتعة المعبر عنه ب: (الزواج الموقت).

(4) اى على بضعي

(5) أي نفسي

(6) اى بمبلغ خمسين دينارا عراقيا بمدة شهر واحد مثلا.

(7) و هو قول المرأة: ملكتك بضعي، أو سلطتك عليه، أو آجرتك

ص: 205

و الأخير (1) محلل

و على هذا المعنى (2) ورد قوله عليه السلام: إنما يحرم الكلام في عدة من روايات المزارعة.

(منها) (3): ما في التهذيب عن ابن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزرع ارض رجل آخر فيشترط ثلاثة للبذر، و ثلاثة للبقر.

قال: لا ينبغي أن يسمي بذرا و لا بقرا، و لكن يقول لصاحب الارض: ازرع في ارضك و لك منها كذا و كذا: نصف، أو ثلث، أو ما كان من شرط، و لا يسمي بذرا و لا بقرا، فإنما يحرم الكلام (4)

+++++++++++

نفسي، أو احللتها لك بمدة معينة بمبلغ معين، فإن إنشاء عقد النكاح بهذه الألفاظ موجب لتحريم البضع على الرجل و لا تحل له.

(1) و هو قول المرأة: متعت نفسي بمدة معينة و بمبلغ معين.

(2) و هو أن مطلبا واحدا يختلف حكمه الشرعي حلا و حرمة باختلاف المضامين المؤداة بالكلام كما عرفت آنفا عند قول الشيخ:

ملكتك بضعي الى آخره.

(3) اي من بعض تلك الروايات الواردة في أن مطلبا واحدا يختلف حكمه الشرعي حلا و حرمة باختلاف المضامين المؤداة بالكلام كما في قول الرجل الذي يزرع ارض رجل آخر: ثلاثة للبذر، و ثلاثة للبقر

(4) التهذيب الجزء 7 ص 194. الحديث 3/857

فالشاهد في قوله عليه السلام: فإنما يحرم الكلام حيث إن وجود ثلاثة للبذر، و ثلاثة للبقر محرم للعقد، و عدم ذكر الجملة المذكورة المعبر عنها بالكلام محلل للعقد.

ص: 206

الثالث: أن يراد بالكلام في الفقرتين الكلام الواحد

(الثالث) (1): أن يراد بالكلام في الفقرتين (2) الكلام الواحد و يكون تحريمه و تحليله باعتبار وجوده و عدمه فيكون وجوده محللا (3) و عدمه (4) أو بالعكس (5)، أو باعتبار محله، و غير محله فيحل في محله و يحرم في غيره (6)

+++++++++++

و قد افاد هذا المعنى الوارد في الحديث المذكور الشيخ في الوجه الثالث لتوجيه إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام بقوله: الثالث أن يراد بالكلام.

(1) اي الوجه الثالث من الوجوه المذكورة للكلام الوارد في قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام.

(2) و هما: قوله عليه السلام: إنما يحلل و يحرم الكلام.

(3) اي وجود الكلام محللا كوجود اللفظ في النكاح، فإنه محلل للمرأة على الرجل في جميع تمتعاته حتى الوطي.

(4) اي عدم وجود الكلام يكون محرما كما في النكاح أيضا، فإنه لو لم يوجد احد ألفاظه: من قول العاقد: انكحت. زوجت.

متعت تحرم المرأة على الرجل بجميع تمتعاته منها.

(5) بأن يكون وجود الكلام محرما كما في الطلاق، فإن وجود زوجتي فلانة طالق محرم للمرأة على الرجل.

و كقول الرجل في الزرع: ثلاثة للبذر، و ثلاثة للبقر.

أو يكون عدم الكلام محللا كما لو لم يقل: زوجتي طالق، أو لم يقل: ثلاثة للبذر، ثلاثة للبقر.

(6) خذ لذلك مثالا

اذا استعملت المرأة لفظة ملكت في عقد النكاح فقالت: ملكتك بضعي فقد حرم النكاح و لا يجوز وطؤها، لعدم استعمال اللفظ في محله

ص: 207

و يحتمل هذا الوجه (1) الروايات الواردة في المزارعة (2)

الرابع: أن يراد من الكلام المحلل خصوص المقاولة و المواعدة

(الرابع) (3): أن يراد من الكلام المحلل خصوص المقاولة (4) و المواعدة (5)

+++++++++++

و اذا استعملها في البيع فقد حل البيع و ملك كل واحد من المتبايعين الثمن و المثمن، لاستعمال اللفظ في محله.

و هكذا اذا استعملت لفظة انكحت في البيع فقد حرم البيع و لا يملك احدهما الثمن و المثمن، لعدم استعمال اللفظ في محله.

و اذا استعملت في النكاح حل النكاح و جاز وطي المرأة، لاستعمال اللفظة في محلها.

و هذا معنى قول الشيخ: أو باعتبار محله و غير محله.

(1) و هو الوجه الثالث من الوجوه الاربعة المحتملة لقول الامام عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 199. الحديث 4 و ص 200 الحديث 6، و ص 201. الحديث 10، فإن هذه الأحاديث الثلاث تدل على أن وجود الكلام في مثل هذه المزارعة بالشروط المذكورة محرم، و عدم وجوده فيها محلل.

(3) اى الوجه الرابع من الوجوه الأربعة المحتملة للكلام الوارد في قول الامام عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام.

(4) و هو قول الرجل للآخر: اشتر هذا الثوب، فإن قوله هذا يكون مقاولة بينه و بين المخاطب.

(5) و هو قول الرجل المقاول للمخاطب: و اربحك كذا و كذا، فإن كذا و كذا كناية عن النقد الذي يعطى له، فإعطاء الربح الى المخاطب

ص: 208

و من الكلام (1) المحرم ايجاب البيع و ايقاعه.

+++++++++++

الذي يشتري للقائل يكون مواعدة، فكلامه اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا يكون محللا لهذا الربح و الشراء.

فهذا معنى قوله: الرابع أن يراد من الكلام المحلل خصوص المقاولة و المواعدة.

(1) اي و يراد من الكلام المحرم في قول الامام عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام ايجاب البيع و ايقاعه.

هذه العبارة لها احتمالان:

(احدهما): أن المقاول معه و المواعد: معه لو اجرى صيغة البيع مثلا باللفظ: بأن قال للمقاول، أو المواعد: بعت، أو ما أدى هذا المعنى بغير هذا اللفظ فقد حرم عليه التصرف في المبيع لو قبله المقاول و المواعد لأن المبيع اصبح ملكا للمقاول و المواعد و خرج عن ملك المقاول معه و المواعد معه بسبب هذا اللفظ.

و كذلك يحرم على المقاول و المواعد التصرف في الثمن الذي اشترى المبيع من المقاول معه و المواعد معه، لأن الثمن قد خرج عن ملكه و دخل في ملك المقاول معه و المواعد معه.

فهذا معنى تحريم الكلام

(ثانيهما): أن المقاول معه و المواعد معه لو اوجب البيع و أوقعه بلفظ البيع مثلا قبل أن يشتري السلعة من صاحبها، و قبل أن تكون ملكا له فقد حرم البيع بهذا اللفظ و لم يملكه المقاول و المواعد.

كما أن المقاول معه و المواعد معه، لا يملك الثمن: لأنه باع ما ليس عنده

ص: 209

ثم إن (1) الظاهر عدم إرادة المعنى الاول، لأنه مع لزوم (2) تخصيص الاكثر، حيث إن ظاهره حصر أسباب التحليل و التحريم في الشريعة في اللفظ: يوجب (3) عدم ارتباط له في الحكم المذكور في الخبر.

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يناقش الوجوه المذكورة ثم يختار منها ما هو الأوفق بمقصود الامام عليه السلام.

فاخذ في الخدشة في الوجه الاول الذي ذكره بقوله في ص 202:

الاول أن يراد من الكلام.

و خلاصة الخدشة أن التوجيه الاول يرد عليه اشكالان و قد ذكرهما الشيخ في المتن، و نحن نذكرهما عند رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الاشكال الاول و خلاصته أن التوجيه الاول لازمه تخصيص اكثر المعاوضات، حيث إن التوجيه المذكور يحصر أسباب حلية المعاوضات و تحريمها باللفظ: بمعنى أن المعاوضات لو وقعت في الخارج باللفظ صحت، و إلا بطلت.

و من الواضح عدم صحة هذه المقاولة، حيث نرى وقوع اكثر المعاوضات في الخارج بغير اللفظ، مع أن كلها صحيحة جرت عليها سيرة السلف و الخلف منذ بداية الاسلام الى يومنا هذا.

(3) هذا هو الاشكال الثاني، و خلاصته: أن التوجيه الاول يوجب عدم ارتباط قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام مع الحكم الذي هو قوله: لا بأس في جواب السائل من الامام الرجل يجيئني و يقول:

اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا؟

لأن الحكم المذكور و هو لا بأس انما جاء بعد تصديق السائل قول الامام عليه السلام: أ ليس إن شاء اخذ، و إن شاء ترك؟

ص: 210

جوابا عن السؤال، مع كونه كالتعليل له، لأن (1) ظاهر الحكم (2) كما يستفاد من عدة روايات اخر (3) تخصيص الجواز بما اذا لم يوجب البيع على الرجل قبل شراء المتاع من مالكه، و لا دخل لاشتراط النطق في التحليل و التحريم في هذا الحكم (4) اصلا، فكيف يعلل (5) به؟

+++++++++++

و هذا القول له واقع خارجي، سواء دل عليه اللفظ أم لم يدل فلا ربط لقوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام مع قوله عليه السلام: لا بأس، مع أن قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام كالتعليل للحكم المذكور كما هو الظاهر من الحديث.

(1) تعليل لكون قول الامام عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام بمنزلة التعليل للحكم المذكور و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده.

(2) و هو لا بأس.

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 374. الباب 7 الحديث 3، و ص 378. الحديث 11-13. الباب 8

فالأحاديث المذكورة كلها تصرح بعدم جواز ايجاب البيع و الالتزام به قبل الشراء

و هذه الأحاديث هي التي اشار إليها الشيخ بقوله كما يستفاد هذا المعنى من عدة روايات.

(4) و هو قوله عليه السلام: لا بأس كما عرفت.

(5) أى كيف يعلل الحكم المذكور و هو لا بأس بقوله عليه السلام:

إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام: لعدم ربطه به، كما عرفت في الهامش 2 ص 210 عند قولنا: و خلاصة الخدشة: أن التوجيه الاول.

ص: 211

و كذا (1) المعنى الثاني، اذ (2) ليس هنا مطلب واحد حتى يكون تأديته بمضمون محللا، و بآخر (3) محرما.

فتعين المعنى الثالث: و هو أن الكلام الدال على الالتزام بالبيع لا يحرم هذه المعاملة إلا وجوده (4) قبل شراء العين التي يريدها الرجل لأنه بيع ما ليس عنده، و لا يحلل إلا عدمه (5)، اذ مع عدم الكلام الموجب لالتزام البيع لم يحصل إلا التواعد بالمبايعة و هو (6) غير مؤثر.

+++++++++++

(1) اى و كذا الظاهر عدم إرادة المعنى الثاني: و هو إرادة اللفظ مع مضمونه من قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام.

(2) تعليل لعدم إرادة المعنى الثاني من قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام.

(3) اي و بمضمون آخر كما كان هذا المعنى موجودا في المثال المتقدم في قول الشيخ في ص 205: فالمقصود الواحد و هو التسليط، حيث إن الغرض الواحد الذي هو التسليط على البضع يحصل بتعابير مختلفة، لكن بعضها يحلل، و بعضها يحرم كما عرفت.

(4) اي وجود الكلام قبل أن يشتري المقاول معه و المواعد معه السلعة من صاحبها: بأن قال للمقاول، و المواعد: بعتك و هو لا يملك شيئا بعد فقد حرم البيع بهذه اللفظة كما عرفت في الهامش 1 ص 209

(5) اى عدم وجود الكلام: بأن لا يوجب البيع المقاول معه و المواعد معه باللفظ.

بل يتواجه المقاول مع المقاول معه صرف التواعد و التقاول، و مثل هذا لا يوجب تحريما، لأنه مجرد عن الكلام المحرم.

(6) اى مثل هذا التواعد غير محرم للبيع كما عرفت آنفا.

ص: 212

فحاصل الرواية (1) أن سبب التحليل و التحريم في هذه المعاملة منحصر في الكلام عدما و وجودا (2)

و المعنى الرابع (3): و هو أن المقاولة و المراضاة (4) مع المشتري الثاني (5) قبل اشتراء العين محلل للمعاملة، و ايجاب (6) البيع معه محرم لها

و على كلا المعنيين (7) يسقط الخبر (8) عن الدلالة على اعتبار الكلام في التحليل كما هو المقصود في مسألة المعاطاة.

+++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام.

(2) فإن أتى باللفظ المقاول معه قبل شراء السلعة و اوجب البيع به بأن قال للمقاول: بعتك فقد حرم البيع، و ان لم يأت به، لكنه تواعد مع المقاول فقد حل البيع: فالحلية و الحرمة دائرتان مدار وجود الكلام و عدمه، فإن وجد حرم البيع، و إن لم يوجد فقد حل البيع.

(3) مرفوع محلا عطفا على قوله: فتعين المعنى الثالث اى فتعين المعنى الرابع.

(4) أى تكون هذه المقاولة و المراضاة مجردة عن اللفظ.

(5) و هو المقاول و المواعد الذي يقول للمخاطب: اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا، فإن المخاطب لو باع الى المقاول و اشترى المقاول منه لا صبح المقاول مشتريا ثانيا، اذ المشتري الاول هو المقاول معه، و المواعد معه الذي يشتري من الثالث.

(6) اي ايجاده في الخارج مع المقاول محرم للمعاملة.

(7) و هما: المعنى الثالث و الرابع المشار إليهما في ص 207-208

(8) و هو قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام

و أما وجه سقوط الخبر عن الدلالة على اعتبار الكلام في العقود

ص: 213

نعم (1) يمكن استظهار اعتبار الكلام في ايجاب البيع بوجه آخر بعد ما عرفت: من أن المراد بالكلام هو ايجاب البيع: بأن (2) يقال: إن حصر

+++++++++++

بهذين المعنيين: هو أن المعنى الثالث الذي فسر الشيخ به قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام؛ و يحرم الكلام يراد منه أن الكلام وجوده يكون محللا، و عدمه محرما، أو بالعكس، و هذا المعنى خارج عن إطار المعنى الذي نحن بصدده: و هو اعتبار الكلام في العقود، اذ المقصود الاستدلال بقوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام على اعتبار الكلام في العقود حتى يصح أن يقال ببطلان المعاملة الواقعة بالأفعال.

و من الواضح أن المعنى الثالث لا يتوافق مع المراد هذا.

و كذا المعنى الرابع يسقط الخبر عن الدلالة على اعتبار الكلام في العقود اذ معنى الرابع أن المعاملة و المراضاة مع المشتري الثاني قبل اشتراء العين محلل للمعاملة، و ايجاب البيع مع المشتري الثاني قبل اشتراء العين محرم للمعاملة.

و هذا المعنى لا يتوافق و الذي نحن بصدده و هو اعتبار الكلام في العقود اللازم منه خروج المعاطاة، اذ أي ربط بين كون المعاملة و المراضاة مع المشتري الثاني قبل اشتراء العين محلل للمعاملة، و ايجاب البيع معه محرم لها.

و بين كون الكلام معتبرا في العقود.

فالحاصل أن الخبر المذكور و هو إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام بالمعنى الثالث و الرابع يسقط عن الاستدلال به على اعتبار الكلام في العقود حتى يقال بخروج المعاطاة.

(1) استدراك عما افاده: من عدم دلالة الخبر المذكور على المدعى:

و هو اعتبار الكلام في العقود اللازم منه خروج المعاطاة.

(2) الباء بيان لكيفية الاستدراك المذكور.

ص: 214

المحلل و المحرم في الكلام لا يتأتى إلا مع انحصار ايجاب البيع في الكلام إذ لو وقع بغير الكلام لم ينحصر المحلل و المحرم في الكلام.

إلا (1) أن يقال: إن وجه انحصار ايجاب البيع في الكلام في مورد الرواية: هو عدم امكان المعاطاة في خصوص المورد، اذ المفروض أن المبيع عند مالكه الاول. فتأمل (2)

+++++++++++

و خلاصته: أنه يمكن استظهار اعتبار الكلام في العقود بنحو آخر و هو أن حصر المحلل و المحرم في الكلام بكلمة إنما الحصرية في قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام لا يمكن حصوله إلا على القول بانحصار ايجاب البيع و ايجاده في الخارج بالكلام، لأنه لو وقع ايجاب البيع بالأفعال لما كان وجه للحصر المذكور.

(1) استثناء عما افاده: من امكان القول باعتبار الكلام في العقود

و خلاصته: أن وجه انحصار ايجاب البيع بالكلام في مورد الرواية هو عدم مجيء المعاطاة في مورد هذه الرواية، لأن المال بعد عند مالكه و لم يشتر حتى يمكن تحقق ايجاب البيع بالمعاطاة، لأن مفهوم المعاطاة هو الإعطاء من الطرفين، فلا يمكن ايجاب البيع به قبل الشراء.

و هذا هو السبب في وجه انحصار ايجاب البيع بالكلام.

(2) وجه التأمل أنه كما يمكن ايجاب البيع قبل الشراء باللفظ.

كذلك يمكن ايجابه قبل الشراء بالمعاطاة.

فما افاده القيل: من عدم امكان مجيء المعاطاة في مورد الرواية المذكورة ممنوع. لإمكان مجيئه في المعاطاة، للاكتفاء فيه بطرف واحد، و عدم الاحتياج الى طرفين.

ص: 215

و كيف كان فلا تخلو الرواية (1) عن إشعار، أو ظهور كما يشعر به (2) قوله عليه السلام في رواية اخرى واردة في هذا الحكم (3) أيضا و هي رواية يحيى بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لي: اشتر هذا الثوب، أو هذه الدابة و بعنيها اربحك فيها كذا و كذا

قال: لا بأس بذلك اشترها و لا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها (4)

فإن (5) الظاهر أن المراد من مواجبة البيع ليس مجرد إعطاء العين للمشتري (6)

و يشعر به (7) أيضا رواية العلاء الواردة في نسبة الربح الى اصل المال

+++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام: إنما يحلل الكلام، و يحرم الكلام فإن هذه الرواية ان لم تدل على اعتبار الكلام في العقود فيلزمه خروج المعاطاة بنحو الموجبة الكلية فلا اقل من أنها تشعر على مدخلية الكلام في الحلية و الحرمة بنحو الموجبة الجزئية.

(2) اى بهذا الإشعار على نحو الموجبة الجزئية.

(3) و هو بيع ما ليس عنده.

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 378. الباب 8 من أبواب أحكام العقود. الحديث 13.

(5) تعليل للإشعار المذكور و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده.

(6) بل اذا كان مشتملا على الصيغة و هو الايجاب و القبول اللفظيين.

(7) اى بكون الكلام له مدخلية في الحلية و الحرمة.

ص: 216

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يريد أن يبيع بيعا فيقول: أبيعك بده دوازده، أو ده يازده

فقال: لا بأس إنما هذه المراوضة فاذا جمع البيع جعله جملة واحدة (1) فإن ظاهره (2) على ما فهمه بعض الشراح: أنه لا يكره ذلك (3) في المقاولة التي قبل العقد و إنما يكره حين العقد.

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. ص 386. الباب 14 من أبواب أحكام العقود الحديث 5.

و المراد من المراوضة المراوضة في قوله عليه السلام: إنما هذه المراوضة فهو مصدر باب المفاعلة من راوض يراوض.

و المراد من جمع البيع في قوله عليه السلام: فاذا جمع البيع: هو الشراء من المالك الاول، ثم يبيعه المستدعي.

و المراد من جملة واحدة في قوله عليه السلام: جعله جملة واحدة هي احدى الجملتين و هما: ده يازده. ده دوازده المذكورتين في رواية العلاء

و المعنى أن البائع بعد الشراء من المالك الاول عند ما يريد أن يبيع للمستدعي لا بدّ أن يقول باحدى الجملتين على التعيين: بأن يقول: بعتك بده يازده فقط، أو يقول: بعتك بده دوازده فقط، لا أنه يبيع بنحو الترديد: بأن يقول عند البيع: بعتك بده دوازده، أو بده يازده، فإنه لو جمع بينهما يكون السعر و هو الثمن مجهولا لا يعلم اي السعرين اراده.

و قد عرفت أن من شرائط صحة البيع هو العلم بالعوض و المعوض

(2) اى ظاهر حديث العلاء.

(3) اى أن نسبة الربح الى راس المال: بأن يقول المستدعي:

اربحك في كل عشرة دنانير دينارا واحدا، أو دينارين مثلا.

و هذا القول من المستدعي لا بدّ أن يكون حين المقاولة، و قبل ايجاب البيع

ص: 217

و في صحيحة ابن سنان: لا بأس بأن تبيع الرجل المتاع ليس عندك تساومه (1) ثم تشتري له نحو الذي طلب، ثم توجيه على نفسك (2) ثم تبيعه (3) منه بعده (4).

ينبغي التنبيه على امور
اشارة

(و ينبغي التنبيه على امور):

الأمر الأول: الظاهر أن المعاطاة قبل اللزوم على القول بافادتها الملك بيع.

(الأول): الظاهر (5) أن المعاطاة قبل اللزوم (6) على القول بافادتها الملك بيع.

بل الظاهر من كلام المحقق الثاني في جامع المقاصد أنه مما لا كلام فيه (7) حتى عند القائلين بكونها فاسدة (8) كالعلامة في النهاية.

+++++++++++

(1) تقييد الامام عليه السلام بهذا حتى لا يظن المخاطب أنه يجوز ايجاب البيع و ايجاده في الخارج قبل الشراء.

(2) اي تشتريه لنفسك من البائع الاول.

(3) اي من المستدعي بعد أن اشتريت المتاع من البائع الاول.

(4) (التهذيب) الجزء 7. ص 49. الباب 4 من باب البيع بالنقد و النسيئة. الحديث 12.

(5) أي الظاهر من القائلين بافادة المعاطاة الملك، سواء أ كان لازما كما افاده شيخنا المفيد أم متزلزلا كما افاده المحقق الكركي.

و يحتمل أن يراد من الظاهر: الراجح.

(6) اى قبل تلف احدى العينين، اذ بتلف احداهما يكون لازما.

(7) اي في كون المعاطاة بيعا.

(8) وجه الفساد: أن هؤلاء يشترطون في البيع الايجاب و القبول اللفظيين.

ص: 218

و دل على ذلك (1) تمسكهم له (2) بقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ (3)

و أما على القول بافادتها (4) الاباحة فالظاهر أنها بيع عرفي (5) لم تؤثر شرعا إلا الاباحة.

فنفي (6) البيع عنها في كلامهم و معاقد اجماعاتهم هو نفي البيع المفيد شرعا اللزوم زيادة (7) على الملك.

+++++++++++

و من الواضح خلو المعاطاة عن ذلك، لأنه ينشأ بالفعل، فيكون فاسدا، لكنهم لا ينكرون بيعيته، بل يقولون: إنه بيع فاسد.

(1) اي على أن المعاطاة بيع قبل اللزوم، بناء على افادتها الملكية سواء أ كانت لازمة أم متزلزلة.

(2) اي لكون المعاطاة بيعا.

(3) و قد مر وجه التمسك بذلك في ص 106 في الهامش 1 فراجع.

(4) اى المعاطاة.

(5) اي لا شرعي، لأن البيع الشرعي هو المفيد للملك و اللزوم و المعاطاة بناء على افادتها الاباحة المجردة عن الملك لا يفيد اللزوم، لأن اللزوم فرع الملكية و اذا لم يكن هناك ملك كيف يأتي اللزوم؟

(6) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المعاطاة بناء على افادتها الاباحة بيع عرفي، لا شرعي، اي فعلى ضوء ما ذكرنا يراد من نفي البيع عن المعاطاة في كلمات الفقهاء، و معاقد اجماعاتهم نفي البيع اللازم الذي هو الاثر الشرعي، لا نفي البيع اصلا حتى البيع العرفي.

(7) هذا من متممات التفريع المذكور اي يكون نفي البيع المراد منه نفي اللزوم بعد الفراغ عن نفي اصل الملك، و إلا لا معنى لنفي اللزوم و القول بأن المعاطاة تفيد الملك كما عرفت ذلك عند قولنا: و اذا لم يكن هناك ملك.

ص: 219

هذا (1) على ما اخترناه سابقا: من أن مقصود المتعاطيين في المعاطاة التمليك و البيع.

و أما على ما احتمله بعضهم، بل استظهره: من أن محل الكلام هو ما اذا قصدا مجرد الاباحة (2) فلا اشكال في عدم كونها بيعا عرفا و لا شرعا.

و على هذا (3) فلا بد عند الشك في اعتبار شرط فيها من الرجوع

+++++++++++

(1) اي الظاهر أن المعاطاة قبل اللزوم بيع على القول بافادتها الملك، بناء على مختارنا السابق: من أن محل النزاع في المعاطاة هي المعاطاة المفيدة للملك، لا المفيدة للاباحة.

راجع ص 71 عند قوله: و لا بد أولا من ملاحظة أن النزاع الى أن يقول: الظاهر عند الخاصة و العامة هو الثاني.

(2) كما افادها صاحب الجواهر.

(3) اى و على استظهار صاحب الجواهر.

خلاصة ما افاده الشيخ في مقام استظهار صاحب الجواهر: أنه بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة العارية عن الملك فلو شككنا عند الشك في اعتبار شرط في المعاطاة بالإضافة الى الشروط المعتبرة فيها لا بدّ من الرجوع الى الادلة الدالة على صحة مثل هذه الاباحة المعوضة: من عموم، أو خصوص

فإن كانت تلك الأدلة الدالة على صحة هذه الاباحة عامة مثل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم: حيث إنه المناسب للقول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة: كان مقتضى هذه القاعدة العامة نفي اعتبار أي شرط زائد على الشروط المعتبرة في المعاطاة.

و إن كانت تلك الأدلة خاصة مثل قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

ص: 220

الى الأدلة الدالة على صحة هذه الاباحة العوضية: من (1) خصوص أو عموم.

و حيث إن المناسب لهذا القول (2) التمسك في مشروعيته (3) بعموم إن الناس مسلطون على أموالهم: كان مقتضى القاعدة (4) هو نفي شرطية غير ما ثبتت شرطيته.

كما أنه لو تمسك لها بالسيرة (5)

+++++++++++

كان مقتضى هذه القاعدة الاتيان بكل شرط شك في اعتباره بالإضافة الى الشروط المعتبرة في المعاطاة.

(1) من بيان لكيفية تلك الأدلة الدالة على صحة هذه الاباحة.

اي تلك الأدلة، سواء أ كانت عامة أم خاصة كما عرفت.

(2) و هو أن المعاطاة تفيد الاباحة المجردة كما افادها صاحب الجواهر.

(3) اي مشروعية المعاطاة؛ و التذكير باعتبار كونه مصدرا.

(4) و هو عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم.

راجع حول الحديث (بحار الأنوار) الطبعة الحديثة. الجزء 2. ص 272 من كتاب العلم. الحديث 7

(5) اى لو تمسك في مشروعية المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة بسيرة المتشرعة كان مقتضى قاعدة التمسك بها العكس اى عكس التمسك بقاعدة الناس مسلطون على أموالهم، فإنه حينئذ يجب الاتيان بشرطية كل شيء شك في شرطيته، و يجب الاتيان بجزئية كل شيء شك في جزئيته، حيث إن التمسك بالسيرة لا يصح إلا بمقدار القدر المتيقن منها، و القدر المتيقن منها

ص: 221

كان مقتضى القاعدة (1) العكس.

و الحاصل أن المرجع على هذا (2) عند الشك في شروطها (3) هي أدلة هذه المعاملة، سواء اعتبرت في البيع أم لا.

و أما على المختار: من أن الكلام فيما اذا قصد به البيع (4)، فهل يشترط فيه شروط البيع مطلقا (5) أم لا كذلك (6)

+++++++++++

هو المشتمل على جميع الشرائط المعتبرة في البيع: من شرائط العوضين و المتعاقدين معا.

و أما غير هذه الشروط المعتبرة من الشروط المشكوكة فاللازم اتيانها لعدم عموم في السيرة حتى يتمسك بها، لأنها دليل لبي لا اطلاق لها و لا عموم حتى يؤخذ بعمومها، أو اطلاقها.

هذا اذا كان التمسك لصحة المعاطاة احد الدليلين المذكورين.

و أما اذا كان التمسك لصحتها كلا الدليلين المذكورين فلا محالة من تقديم دليل الناس مسلطون على أموالهم على السيرة، لحكومته عليها.

(1) و هي السيرة اى مقتضى السيرة الاتيان بشرطية كل شيء أو جزئيته اذا شك فيه، و هذا عكس دليل الناس، حيث كان هناك عدم الاتيان بالمشكوك.

(2) اي على القول بالإباحة المجردة.

(3) اي في شروط المعاطاة الزائدة على الشروط المعتبرة فيها.

(4) اي قصد بالمعاطاة التمليك كما افاده الشيخ قدس سره في ص 71 بقوله: و لا بدّ أولا من ملاحظة محل النزاع.

(5) اي سواء افادت المعاطاة الملكية أم الاباحة.

(6) اي لا تشترط فيه شروط البيع مطلقا، سواء افاد المعاطاة الملكية أم الاباحة.

ص: 222

أم تبنى (1) على القول بافادتها الملك، و القول (2) بعدم افادتها الا الاباحة؟

وجوه (3)

+++++++++++

(1) اي اعتبار شروط البيع في المعاطاة مبني على القول بافادتها الملكية.

و عدم اعتبارها فيها مبني على القول بافادتها الاباحة المجردة.

فإن قلنا بالاول قلنا بالاعتبار، لأن مؤداها مؤدى البيع و ان افادت الملكية المتزلزلة.

و ان قلنا بالثاني قلنا بعدم الاعتبار لعدم افادة المعاطاة الملكية، حتى تعتبر فيها الشروط، و الشروط إنما تعتبر لنقل الملك الى الغير، و المفروض عدم افادة المعاطاة الملك حتى يوجب النقل الى آخر.

(2) بالجر عطفا على قوله: على القول اى أم يبتنى عدم اعتبار الشروط على القول بافادة المعطاة الاباحة.

(3) اي أقوال ثلاثة اشار إليها الشيخ بالاجمال أليك تفصيلها.

(الاول): اعتبار شروط البيع بتمامها في المعاطاة سوى الصيغة مطلقا، سواء افادت الملكية أم الاباحة.

و قد اشار الشيخ إليه في ص 222 بقوله: فهل يشترط فيه شروط البيع مطلقا (الثاني): عدم اعتبار الشروط فيه مطلقا، سواء افادة الملكية أم الاباحة.

و قد اشار الشيخ إليه في ص 222 بقوله: أم لا كذلك.

(الثالث): اعتبارها فيه إن افادت المعاطاة الملكية.

و إليه اشار الشيخ بقوله: أم يبتنى على القول بافادتها الملك.

ص: 223

يشهد للاول (1): كونها (2) بيعا عرفا فيشترط فيها جميع ما دل على اشتراطه في البيع.

و يؤيده (3)

+++++++++++

و عدم اعتبارها فيه إن افاد المعاطاة الاباحة

و إليه اشار الشيخ في ص 223 بقوله: و القول بعدم افادتها إلا الاباحة.

(1) اي للقول الاول

هذا دليل للقول الاول: و هو اعتبار جميع شرائط البيع في المعاطاة عدا الصيغة.

و خلاصته أن العرف يرى المعاطاة بيعا، لأنه يتعامل معه تعامل البيع في التمليك و التملك، فإن كل واحد من المتعاطيين حينما يعطي سلعته للآخر يقصد تمليكها له، و الآخر يتملكها بهذا التمليك.

و كذا الآخر عند ما يعطي سلعته لصاحبه يقصد تمليكها له، و صاحبه يقصد تملكها بهذا التمليك.

فاذا ثبتت بيعيته عرفا يأتي فيه جميع ما يعتبر في البيع شرعا:

من شروط المتعاقدين و العوضين عدا الصيغة، فيكون بيعا كامل العيار و الميزان من جميع جهات البيع، سوى الصيغة.

(2) مرفوعة محلا فاعل لكلمة يشهد و قد عرفت الاستشهاد بقولنا:

و خلاصته أن العرف.

(3) أي و يؤيد هذا الاستشهاد.

و خلاصته أنه وقع النزاع بين الشيعة أنفسهم، و السنة أنفسهم في اعتبار الصيغة في البيع، و عدم اعتبارها فيه، و لم يقع النزاع من الطرفين في اعتبار بقية الشرائط بتمامها فيه.

ص: 224

أن (1) محل النزاع بين العامة و الخاصة في المعاطاة هو أن الصيغة معتبرة في البيع كسائر الشروط أم لا؟

كما يفصح عنه (2) عنوان المسألة في كتب كثير من العامة و الخاصة فما انتفي (3) فيه غير الصيغة من شروط البيع خارج عن هذا العنوان (4)

+++++++++++

فإن قيل باعتبار الصيغة في البيع لم تكن المعاطاة صحيحة، و إن قلنا بعدم اعتبارها فيه وقعت صحيحة.

فمن هذا الاتفاق في بقية الشرائط نستكشف أن بقية الشرائط معتبرة في المعاطاة أيضا عدا الصيغة.

(1) جملة أن محل النزاع مرفوعة محلا فاعل لكلمة و يؤيده.

و هذه الجملة وجه التأييد و قد عرفته عند قولنا في ص 224: و خلاصته.

(2) أي كما يظهر عن هذا النزاع و الاتفاق عنوان مسألة البيع في الكتب الفقهية للطرفين، فإنه لو تصفحت كتب الفريقين لوجدت أنهم لم يختلفوا في اعتبار بقية شرائط البيع، لكنهم اختلفوا في اعتبار الصيغة و عدم اعتبارها فيه.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من اعتبار جميع شروط البيع في المعاطاة عدا الصيغة.

و خلاصته: أن بعد القول بهذا الاعتبار فلو انتفي شرط من شروط البيع، عدا الصيغة في المعاطاة كشرائط العوضين، أو المتعاقدين يكون هذا المعاطاة خارجا عن عنوان الفقهاء، حيث إنهم بعد ذكرهم لها عقيب البيع و اعتبار شرائطه فيه يعتبرون تلك الشروط عدا الصيغة فيها فلا يصح خلوها من غير الصيغة.

(4) اي عن عنوان الفقهاء، حيث إنهم يعتبرون في المعاطاة كل ما يعتبرون في البيع عدا الصيغة كما عرفت آنفا.

ص: 225

و إن فرض (1) مشاركا له في الحكم، و لذا (2) ادّعى في الحدائق أن المشهور بين القائلين بعدم لزوم المعاطاة صحة المعاطاة المذكورة اذا استكمل فيها شروط البيع غير الصيغة المخصوصة (3)، و أنها تفيد إباحة تصرف كل منهما فيما صار إليه من العوض (4)

و مقابل المشهور في كلامه (5) قول العلامة رحمه اللّه في النهاية بفساد (6) المعاطاة كما صرح (7) به بعد ذلك، فلا (8)، يكون كلامه موهما لثبوت الخلاف في اشتراط صحة المعاطاة باستجماع شروط البيع.

+++++++++++

(1) أي و إن فرضنا مشاركة هذه المعاطاة الفاقدة لشرط آخر غير الصيغة مع البيع في الحكم: و هو الضمان مثلا لو تلف.

لكن مع ذلك كله هذا المعاطاة خارج عن عنوان الفقهاء كما علمت آنفا وجه خروجه عنه عند قولنا في ص 225: حيث إنهم يعتبرون.

(2) أى و لاجل أن الفقهاء يعتبرون في المعاطاة كل ما يعتبرون في البيع عدا الصيغة المخصوصة.

(3) و هو الايجاب و القبول اللفظيين.

(4) و هو الثمن و المثمن.

(5) اى في كلام (صاحب الحدائق).

(6) هذا مقول قول العلامة اى فساد المعاطاة الذي هو قول العلامة مقابل قول المشهور: و هي صحة المعاطاة.

(7) اى كما صرح صاحب الحدائق بكلام العلامة القائل بفساد المعاطاة الفاقدة للصيغة بعد كلامه هذا: و هو أن المشهور قائلون بصحة المعاطاة الفاقدة للصيغة المخصوصة.

(8) الفاء تفريع على ما افاده: من أن صاحب الحدائق من القائلين

ص: 226

و يشهد للثاني (1) أن البيع في النص (2) و الفتوى (3) ظاهر فيما حكم به باللزوم، و ثبت له الخيار في قولهم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، و نحوه (4)

أما (5) على القول بالإباحة فواضح، لأن المعاطاة ليست على هذا القول

+++++++++++

بصحة المعاطاة الفاقدة للصيغة الخاصة اذا كانت مشتملة على جميع شرائط البيع.

و خلاصته أن كلام صاحب الحدائق لا يكون موهما بوجود الخلاف في اعتبار جميع شرائط البيع في المعاطاة بعد ذكر كلام العلامة القائل بفساد المعاطاة الفاقدة للصيغة الخاصة.

(1) أي القول الثاني: و هو عدم اعتبار شرائط البيع في المعاطاة مطلقا، سواء افادت الملكية أم لا.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 346. الباب 1.

من أبواب الخيار. الحديث 4

(3) أى فتاوى العلماء في البيع.

راجع الكتب الفقهية تجد فتاواهم في المعاطاة.

(4) كقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم كما لو جعل الخيار من حين العقد الى مدة معلومة، و كما في خيار الحيوان في مدة ثلاثة أيام.

(5) من هنا يريد الشيخ أن يثبت أن المعاطاة على القول الثاني خارجة عن البيع فلا يشملها جميع شروط البيع المعتبرة فيه.

اى فعلى ضوء ما افاده القائل بأن المعاطاة تفيد الاباحة المجردة عن الملك فواضح خروجها عن البيع، لأن البيع شرعا ما حكم فيه باللزوم أى

ص: 227

بيعا في نظر الشارع و المتشرعة، اذ لا نقل فيه (1) عند الشارع، فاذا ثبت اطلاق الشارع عليه (2) في مقام فنحمله على الجري على ما هو بيع باعتقاد العرف، لاشتماله على النقل في نظرهم.

و قد تقدم سابقا (3) في تصحيح دعوى الاجماع على عدم كون المعاطاة بيعا: بيان ذلك.

+++++++++++

يتصرف كل من المتعاملين أيّ تصرف اراد.

و من الواضح أن المعاطاة على هذا القول ليس بيعا عند الشارع و لا عند المتشرعة حتى يفيد اللزوم، لعدم وجود نقل في المعاطاة

لا من ناحية الثمن، و لا من ناحية المثمن في نظرهما.

فمن أين يأتي فيه البيع؟

(1) اى في المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة.

(2) أى على مثل هذه المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة في مورد من موارد خطاباته كان متمشيا مع العرف، حيث إنهم يرونها بيعا يفيد نقل الثمن و المثمن، و التمليك و التملك.

(3) في ص 107 عند قوله: و أما دعوى الاجماع في كلام بعضهم على عدم كون المعاطاة بيعا.

يقصد الشيخ بكلامه هذا تأييد ما افاده: من أنه اذا ثبت اطلاق الشارع البيع عليه في مقام فنحمله على الجري على ما هو بيع باعتقاد العرف.

خلاصته أنه عرفت هناك أن دعوى الاجماع على نفي بيعية المعاطاة إنما هو نفي بيعيتها شرعا، لا عرفا، اذ لا شك في أنها في العرف بيع يترتب عليها الاثر الذي هو النقل و الانتقال.

فهنا اذا اطلق الشارع على المعاطاة البيع فإنما اطلقه متمشيا مع العرف

ص: 228

و أما على القول بالملك (1) فلأن المطلق ينصرف الى الفرد المحكوم باللزوم في قولهم: البيعان بالخيار، و قولهم: إن الاصل في البيع اللزوم و الخيار إنما ثبت لدليل، و أن البيع بقول مطلق من العقود اللازمة.

+++++++++++

لأنهم يرونها بيعا، و يرتبون عليها الاثر، أما في نظر الشارع فليس ببيع كما عرفت.

(1) هذا وجه لخروج المعاطاة المفيدة للملك عن اطار البيع.

و خلاصته أن المطلق بما هو مطلق، و في جميع مجالاته ينصرف الى الفرد الغالب.

و فيما نحن فيه و هو البيع قد وردت فيه مطلقات لا بد من انصرافها الى الفرد الغالب، جريا على ما ذكرنا: من أن المطلق بما هو مطلق ينصرف الى الفرد الغالب.

أليك المطلقات الواردة في البيع:

قوله صلى اللّه عليه و آله: البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

و قول الفقهاء: إن الاصل في البيع اللزوم.

و قول الفقهاء أيضا: إن البيع من العقود اللازمة.

و قول الفقهاء أيضا: البيع هو العقد الدال على كذا.

و قولهم أيضا: الخيار إنما ثبت بدليل.

ففي هذه الجمل ترى كلمة البيعان؛ البيع، الخيار مطلقة غير مقيدة بشيء فتنصرف الى الفرد الغالب: و هو البيع المحكوم باللزوم.

أما المعاطاة المفيدة للملك فخارجة عن إطار البيع، اذ الملكية فيها متزلزلة و ليست بلازمة.

ص: 229

و قولهم: البيع هو العقد الدال على كذا، و نحو ذلك (1)

و بالجملة فلا يبقى للمتأمل شك في أن اطلاق البيع في النص (2) و الفتوى يراد به ما لا يجوز فسخه الا بفسخ عقده بخيار (3) أو بتقايل (4)

و وجه الثالث (5) ما تقدم للثاني على القول بالإباحة: من سلب البيع عنه، و للاول (6) على القول بالملك: من صدق البيع عليه حينئذ (7) و إن لم يكن لازما.

+++++++++++

(1) كالإقالة عند ما يقيل كل واحد من المتبايعين صاحبه. فهي مطلقة لا تقييد فيها فتنصرف الى الفرد الغالب: و هو البيع المحكوم باللزوم فلا تشمل المعاطاة المفيدة للملك، لخروجها عن اطاره، لأنها تفيد الملكية المتزلزلة.

(2) كما عرفت في ص 229

(3) سواء أ كان ذاتيا كخيار الحيوان و العيب و الغبن، و خيار الرؤية، و تأخير الثمن، أم بجعل من المتبايعين كما لو جعلا الخيار لهما أو لأحدهما.

(4) كما عرفت آنفا بقولنا: كالإقالة.

(5) اي و دليل القول الثالث: و هو عدم اعتبار شروط البيع في المعاطاة لو أفادت الاباحة المجردة: ما قلناه في دليل القول الثاني: و هو سلب البيع شرعا عن مثل هذه المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة.

(6) اى و دليل القول الثالث و هو اعتبار شروط البيع في المعاطاة لو افادت الملكية: ما قلناه في دليل القول الاول: و هو صدق البيع على مثل هذه المعاطاة المفيدة للملك و إن لم يكن الملك لازما فهي من مصاديق البيع و أفراده فيعتبر فيها كل ما يعتبر في البيع.

(7) اي حين أن افادت المعاطاة الملكية كما عرفت آنفا.

ص: 230

و يمكن الفرق (1) بين الشرط الذي ثبت اعتباره في البيع من النص فيحمل (2) على العرفي و ان لم يفد عند الشارع إلا الاباحة.

و بين (3) ما ثبت بالاجماع على اعتباره في البيع، بناء على انصراف البيع في كلمات المجمعين الى العقد اللازم.

+++++++++++

(1) أى الفرق بين الشروط المعتبرة في البيع.

في الواقع هذا قول رابع في مقابل الأقوال الثلاثة المذكورة.

و حاصل الفرق أنه اذا كانت الشروط المعتبرة في البيع ثابتة بالنص كالبلوغ و العقل و الاختيار، و معلومية الثمن و المثمن فتعتبر في المعاطاة، لأنه احد أفراد البيع و مصاديقه، لكن البيع فيه يحمل على البيع العرفي الذي يترتب الاثر عليه، و إن لم يفد عند الشارع إلا الاباحة.

و إن كانت الشروط المعتبرة في البيع ثابتة بالاجماع فلا تعتبر في المعاطاة، لأن البيع في كلمات المجمعين منصرف الى العقد اللازم.

و من الواضح أن المعاطاة على فرض إفادتها الملكية فالملكية المتزلزلة مرادة منها فتكون خارجة عن إطار البيع.

(2) أي البيع في القسم الاول: و هو ما اذا كانت الشروط المعتبرة في البيع ثابتة بالنص كما عرفت آنفا عند قولنا: و حاصل الفرق أنه

(3) اى و يمكن الفرق بين الشروط

هذا هو القسم الثاني: و هو ما اذا كانت الشروط المعتبرة في البيع ثابتة بالاجماع كما عرفت آنفا عند قولنا: و إن كانت الشروط المعتبرة في البيع ثابته بالاجماع.

ص: 231

و الاحتمال (1) الاول لا يخلو عن قوة، لكونها بيعا ظاهرا على القول بالملك كما عرفت من جامع المقاصد.

و أما على القول بالإباحة فلأنها لم تثبت إلا في المعاملة الفاقدة للصيغة فقط فلا يشمل الفاقدة للشرط الآخر أيضا.

ثم إنه حكي عن الشهيد رحمه اللّه في حواشيه على القواعد أنه بعد ما منع من اخراج المأخوذ بالمعاطاة في الخمس و الزكاة، و ثمن الهدي إلا بعد تلف العين يعني العين الاخرى: ذكر أنه يجوز أن يكون الثمن و المثمن في المعاطاة مجهولين، لأنها ليست عقدا.

و كذا جهالة الاجل، و أنه لو اشتريت امة بالمعاطاة لم يجز له نكاحها قبل تلف الثمن انتهى (2)

و حكي عنه في باب الصرف أيضا أنه لا يعتبر التقابض في المجلس في معاطاة النقدين (3)

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ إبداء رايه حول الأقوال الاربعة المذكورة في المعاطاة، بناء على مختاره: من أن الكلام فيما اذا قصد به البيع كما عرفت ذلك في ص 222 عند قوله: و أما على المختار.

و المراد من الاحتمال الاول هو اعتبار شروط البيع في المعاطاة مطلقا سواء افادت التمليك أم الاباحة.

(2) اى ما افاده الشهيد الاول في شرحه على القواعد.

و خلاصته أن المعاطاة لو خلت عن شرط آخر من شروط البيع غير الصيغة المخصوصة كجهالة الثمن، أو المثمن، أو معلومية الاجل تقع صحيحة، و أنها بحكم المعاطاة الواجدة لشروط البيع سوى الصيغة المخصوصة

(3) مع أن التقابض في المجلس في بيع النقدين من شروط صحة البيع.

ص: 232

اقول (1): حكمه قدس سره بعدم جواز اخراج المأخوذ بالمعاطاة في الصدقات الواجبة (2)، و عدم جواز نكاح الماخوذ بها (3) صريح في عدم افادتها (4) للملك، إلا أن حكمه رحمه اللّه بعدم اعتبار الشروط المذكورة للبيع (5)، و الصرف (6)، معللا بأن المعاطاة ليست عقدا يحتمل (7) أن يكون باعتبار عدم الملك، حيث إن المفيد للملك منحصر في العقد، و أن (8) يكون باعتبار عدم اللزوم، حيث إن الشروط المذكورة شرائط للبيع العقدي اللازم (9)

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يوجه ما افاده الشهيد الاول: من عدم اعتبار الشروط المذكورة للبيع و الصرف بتعليل أن المعاطاة ليست عقدا و قد ذكر الشيخ التوجيه بقوله: و يحتمل فلا نعيده.

(2) كالزكوات بقسميها: المالية و البدنية.

(3) اى بالمعاطاة.

(4) اى المعاطاة.

(5) كمعلومية الثمن: أو المثمن، فإنها لا تكون معتبرة في المعاطاة.

(6) و هو التقابض في المجلس، فإنه لا يكون معتبرا في المعاطاة.

(7) هذا توجيه الشيخ لكلام الشهيد الاول.

(8) هذا توجيه ثان من الشيخ لكلام الشهيد الاول فيما افاده: من عدم اعتبار شروط البيع في المعاطاة بتعليل أنها ليست عقدا، اى و يحتمل أن يكون عدم اعتبار الشروط.

(9) و من الواضح أن المعاطاة الفاقدة لبعض الشروط غير الصيغة لا تكون من العقود اللازمة.

ص: 233

و الأقوى (1) اعتبارها و إن قلنا بالإباحة، لأنها بيع عرفي و إن لم يفد شرعا إلا الاباحة.

و مورد الأدلة الدالة على اعتبار تلك الشروط هو البيع العرفي لا خصوص العقدي، بل تقييدها (2) بالبيع العقدي تقييد بغير الغالب (3)

و لما (4) عرفت من أن الاصل في المعاطاة بعد القول بعدم الملك

+++++++++++

(1) هذا رأي الشيخ في المسألة، اي الأقوى اعتبار شروط البيع عدا الصيغة في المعاطاة.

(2) أي تقييد تلك الشروط و اختصاصها.

(3) اذ الغالب في البيع هو البيع العرفي، لا البيع الشرعي.

(4) لم اعثر على هذا الاصل الذي افاده الشيخ قدس سره من بداية المعاطاة في قوله في ص 68: الكلام في المعاطاة الى قوله هذا: و لما عرفت

و سألت كثيرا من الأفاضل عنه لعلهم عثروا عليه فلم أوفق للجواب

و لعل قراءنا الكرام يعثرون عليه في القريب العاجل فيرشدوننا إليه حتى نتداركه في الجزء السابع.

نعم افاد صهرنا الفاضل الشيخ مصطفى الهرندي حفظه اللّه تعالى أن المراد به ما ذكره الشيخ في ص 152 عند قوله ردا على الشيخ كاشف الغطاء: نعم الفرق بين العقود و ما نحن فيه أن التخلف عن العقود يحتاج الى الدليل المخرج عن أدلة صحة العقود، و فيما نحن فيه عدم الترتب مطابق للاصل.

هذا ما افاده صهرنا في هذا المقام فطالعه دقيقا حتى تعلم مدى صحته و ربطه بما نحن فيه: و هو عدم اعتبار الشروط المعتبرة في البيع في المعاطاة المفيدة للاباحة.

ص: 234

الفساد، و عدم (1) تأثيره شيئا خرج ما هو محل الخلاف بين العلماء من حيث اللزوم (2) و العدم: و هو (3) المعاملة الجامعة للشروط عدا الصيغة، و بقي الباقي (4)

و بما ذكرنا (5)

+++++++++++

و على كل يكون هذا دليلا ثانيا لما افاده الشيخ: من أقوائية اعتبار بقية الشروط في المعاطاة بقوله في ص 234: و الاقوى اعتبارها: اذ دليله الاول قوله في ص 234 لأنها بيع عرفي.

و الظاهر أن المراد من الاصل هنا الاستصحاب، اى استصحاب بقاء ملكية المالك على ملكه، و عدم انتقالها الى المتعاطيين بالتعاطي، حيث إن الملكية لم تكن حاصلة قبل البيع المعاطاتي، و بعده نشك في حصولهما فنستصحب العدم فيكون البيع فاسدا فلا يجوز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بعدم الملك أي و بعد القول بعدم تأثير المعاطاة شيئا.

(2) أي لا من حيث الملكية، فإن المعاطاة بناء على قول هؤلاء تفيد الملكية لا محالة و إنما الكلام من حيث اللزوم و العدم.

(3) بيان لما خرج في قوله: خرج ما هو محل الخلاف اى محل الخلاف و النزاع بين الفقهاء هي المعاطاة المشتملة على بقية شروط البيع على الصيغة في أن هذه هل هي خارجة عن الاصل المذكور الذي هو الاستصحاب المفيد لفساد المعاطاة كما عرفت آنفا أم داخلة تحته.

(4) المراد من الباقي هي المعاطاة التي لم تكن مشتملة على بقية الشرائط المعتبرة في البيع تحت الاصل الذي هو الاستصحاب المفيد للفساد اى مثل هذه المعاطاة داخلة تحت ذلك الاصل فتفيد الفساد.

(5) و هو اعتبار جميع الشروط المعتبرة في البيع في المعاطاة في قوله

ص: 235

يظهر وجه تحريم الرباء فيه أيضا و إن خصصنا الحكم بالبيع.

بل (1) الظاهر التحريم حتى عند من لا يراها مفيدة للملك، لأنها معاوضة عرفية و إن لم تفد الملك، بل معاوضة شرعية كما اعترف بها الشهيد رحمه اللّه في موضع من الحواشي، حيث قال: إن المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة، أو لازمة. انتهى

و لو قلنا: إن المقصود للمتعاطيين الاباحة لا الملك فلا يبعد أيضا جريان الربا، لكونها معاوضة عرفا. فتأمل (2)

و أما حكم جريان الخيار فيها (3) قبل اللزوم (4)

+++++++++++

في ص 234 و الأقوى اعتبارها اي فعلى ضوء ما ذكرناه تظهر علة حرمة الربا في المعاطاة حيث إنها بيع عرفي و ان افادت الاباحة شرعا، و مشتملة على جميع شرائط البيع سوى الصيغة و إن خصصنا حرمة الربا بالبيع.

و لكن مع ذلك كله تجري الحرمة في المعاطاة أيضا كما عرفت من أنها معاوضة عرفية، بل و شرعية.

هذا بناء على افادة المعاطاة الملكية كما هو المفروض و المقرر، إلا أن الكلام في اللزوم و العدم.

(1) هذا ترق من الشيخ

و خلاصته أن حرمة الربا جارية في المعاطاة و إن افادت الاباحة المجردة، لأنها معاوضة عرفية، بل شرعية حكم بها الشرع كما افاد هذه المعاوضة الشرعية الشهيد في حواشيه على القواعد: إن المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة: أو لازمة.

(2) اشارة الى أن اطلاق اسم المعاوضة على هذه المعاطاة مشكل، لأن المعاوضة إنما تطلق على قصد المتعاطيين معاوضة العين بالعين لا الاباحة بالإباحة.

(3) اي في هذا المعاطاة المشتمل على جميع شرائط البيع سوى الصيغة.

(4) و هو تلف احدى العينين، أو كلتيهما.

ص: 236

فيمكن نفيه على المشهور (1)، لأنها جائزة عندهم فلا معنى للخيار.

و إن قلنا بافادة الملك فيمكن القول بثبوت الخيار فيه مطلقا (2)، بناء على صيرورتها بيعا بعد اللزوم كما سيأتي عند تعرض الملزمات (3) فالخيار موجود من زمن المعاطاة، إلا أن اثره يظهر بعد اللزوم (4).

و على هذا (5) فيصح إسقاطه، و المصالحة (6) عليه قبل اللزوم

و يحتمل أن يفصل بين الخيارات المختصة بالبيع فلا تجري (7)

+++++++++++

(1) و هي افادة المعاطاة الاباحة المجردة.

(2) اى سواء أ كان ثبوت الخيار من ناحية الشارع كخيار الحيوان و العيب و الغبن و تأخير الثمن، و الرؤية أم من ناحية احد المتعاطيين كخيار الشرط.

أو المراد من الاطلاق هو ثبوت الخيار في المعاطاة قبل اللزوم أو بعده.

(3) اى ملزمات البيع و نحن إن شاء اللّه نشير إليها.

(4) و هو زمن التصرف في العين، أو تلفها كلا، أو بعضا اى اثر الخيار يكون بعد هذا الزمن، أو بعد هذا التلف.

(5) أى بناء على أن اثر الخيار يظهر بعد اللزوم: و هو زمن التصرف في العين، أو تلفها كلا، أو بعضا.

(6) اي و يصح المصالحة على إسقاط الخيار بشيء من المال: بأن يقول احد المتعاطيين: صالحتك على إسقاط خياري ازاء عشرة دنانير.

أو يقول الآخر: صالحتك بعشرة دنانير على إسقاط خيارك.

هذا اذا كان الخيار من جانب واحد.

و أما اذا كان من الجانبين فيقول احدهما للآخر: صالحتك على إسقاط خياري بإسقاط خيارك، فيقول الآخر: قبلت.

(7) اى لا تجري الخيارات المختصة بالبيع في المعاطاة المفيدة للملك

ص: 237

لاختصاص (1) أدلتها بما وضع على اللزوم من غير جهة الخيار.

و بين غيرها (2) كخيار الغبن و العيب بالنسبة الى الرد (3)، دون الارش (4) فتجري (5)، لعموم أدلتها.

+++++++++++

(1) تعليل لعدم جريان الخيارات المختصة بالبيع في المعاطاة.

حاصله أن وضع البيع من بداية الامر على اللزوم مع قطع النظر عن خيار المجلس، و خيار الحيوان، فعليه لا تجري هذه الخيارات في المعاطاة لاختصاص جريان أدلة هذه الخيارات بالبيع اللازم، و من الواضح عدم افادة المعاطاة اللزوم و إن افادت الملكية.

(2) اى و بين غير الخيارات المختصة بالبيع كخيار العيب، و خيار الغبن، فإنها تجري في المعاطاة المفيدة للملك، لعدم اختصاصها بالبيع فإنها تجري في كل معاوضة التي منها المعاطاة.

(3) مقصود الشيخ قدس سره من هذا الكلام: أن صاحب المال الماخوذ بالمعاطاة لو رأى عيبا فيما أخذه، أو كان مغبونا فيه فله رد ما اخذه الى صاحبه فقط، دون اخذه و اخذ الارش الذي هو الفرق ما بين القيمتين قيمة الصحيح، و قيمة المعيب.

بخلاف البيع فإن احد المتبايعين لو رأى عيبا في المبيع، أو كان مغبونا فله اخذ المعيب، أو المغبون، و اخذ الارش.

(4) لأن الأصل في المعاطاة عدم انتقال المبيع الى المشتري، و الثمن الى البائع و إن افادت الملكية فحينئذ يقتصر في الارش على مورد اليقين:

و هو البيع، لورود الدليل الخاص بجريانه في البيع.

(5) أي الخيارات غير المختصة بالبيع في المعاطاة، لعموم أدلتها كما عرفت آنفا.

ص: 238

و أما حكم الخيار بعدم اللزوم فسيأتي بعد ذكر الملزمات (1)

الأمر الثاني: أن المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطي فعلا من الطرفين

(الامر الثاني) (2): أن المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطي فعلا من الطرفين (3) فالملك، أو الاباحة في كل منهما بالإعطاء فلو حصل الإعطاء من جانب واحد (4) لم يحصل ما يوجب إباحة الآخر (5) أو ملكيته فلا يتحقق المعاوضة، و لا الاباحة راسا (6)، لأن كلا منهما (7) ملك (8) أو مباح (9) في مقابل ملكية الآخر (10) أو الاباحة، (11)

إلا (12) أن الظاهر من جماعة من متأخري المتأخرين تبعا للشهيد

+++++++++++

(1) اى في التنبيه السابع و نحن نشير إليه.

(2) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها التي افادها في ص 218 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور:

(3) بأن يعطي كل واحد من المتعاطيين ما عنده للآخر حتى تحصل له الاباحة، أو الملكية المتزلزلة بقبضه.

(4) سواء أ كان من جانب البائع، أو من جانب المشتري.

(5) يحتمل أن يراد من الآخر السلعة، و يحتمل أن يراد به الآخذ

(6) اى كاملا و تاما، حيث إن معنى المعاطاة هو الحصول من الطرفين المعبر عنه بالكامل التام.

(7) اى من السلعتين.

(8) بناء على افادة المعاطاة الملكية.

(9) بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة.

(10) و هي السلعة اى في مقابل ملكية الآخذ السلعة.

(11) اى إباحة الآخر الذي هي السلعة في مقابل إباحة الآخذ السلعة له.

(12) من هنا يريد الشيخ أن يحقق أن المعاطاة من طرف واحد

ص: 239

في الدروس جعله (1) من المعاطاة.

و لا ريب أنه لا يصدق معنى المعاطاة (2)، لكن هذا (3)، لا يقدح في جريان حكمها عليه، بناء على عموم الحكم لكل بيع فعلي (4)، فيكون إقباض احد العوضين من مالكه تمليكا له بعوض، أو مبيحا له به (5).

+++++++++++

يعد من المعاطاة فاخذ في الاستشهاد على ذلك بأقوال الفقهاء.

(1) اى جعل هذا القسم من المعاطاة الذي حصل من جانب واحد

(2) حيث إن المعاطاة مصدر باب المفاعلة و هي تقتضي صدور الفعل من الطرفين كما في المضاربة و المزارعة، و فيما نحن فيه قدر الفعل من جانب واحد و لم يحصل من الجانبين.

و لا يخفى أنه لا يلزم أن يكون صدور الفعل في كل مفاعلة من الطرفين فإن المساقاة و المزارعة و المناكحة و المسافرة من باب المفاعلة ليس فيها صدور الفعل و هو السقي و الزرع و النكاح و السفر من الطرفين.

نعم في مثل المضاربة و المشاركة و المعانقة و ما ضاربها لا بد من الحصول من الطرفين.

(3) اى عدم صدق معنى المعاطاة: على حصول الإعطاء من جانب واحد لا يضر في جريان حكم المعاطاة و هي الاباحة، أو الملكية على مثل هذه المعاطاة.

(4) أى بيع حصل بالفعل دون اللفظ، و ليس المراد من المعاطاة المأخوذ فيه التعاطي من الجانبين.

و المراد من الحكم في قوله: على عموم الحكم هي الملكية، أو الاباحة

(5) أي بعوض لم يقبض بعد.

ص: 240

و اخذ الآخر له تملكا له بالعوض، أو إباحة له بإزائه.

فلو كان المعطى (1) هو الثمن كان دفعه على القول بالملك و البيع اشتراء، و اخذه بيعا للمثمن به فيحصل الايجاب و القبول الفعليان بفعل واحد في زمان واحد.

ثم صحة هذا (2) على القول بكون المعاطاة بيعا مملكا واضحة اذ يدل عليها ما دل على صحة المعاطاة من الطرفين.

و أما على القول بالإباحة فيشكل (3) بأنه بعد عدم حصول الملك بها لا دليل على تأثيرها في الاباحة (4).

اللهم إلا أن يدّعى قيام السيرة عليها كقيامها على المعاطاة الحقيقي (5) و ربما (6) يدعى انعقاد المعاطاة بمجرد ايصال الثمن و اخذ المثمن

+++++++++++

(1) بصيغة المفعول.

(2) و هي المعاطاة الحاصلة من جانب واحد.

(3) اى التمسك بالأدلة اللفظية على صحة مثل هذه المعاطاة الحاصلة من جانب واحد، لأن مقتضى الأدلة التمليك، و المفروض عدم حصوله لأن المعاطاة هنا يفيد الاباحة.

(4) اى على هذه الاباحة الحاصلة من المعاطاة الحاصلة من جانب واحد، لا من الجانبين.

(5) و هي الحاصلة من الجانبين كما هو المفهوم في المعاطاة من حيث الوضع اللغوي.

(6) من هنا يريد الشيخ أن يترقى في معنى المعاطاة و يأتي بمعنى جديد فيه: و هو حصول المعاطاة بمجرد الايصال و ان لم يحصل فيه معنى التعاطي اصلا و لو من جانب واحد.

ص: 241

من غير صدق إعطاء اصلا، فضلا عن التعاطي كما تعارف اخذ الماء مع غيبة السقاء، و وضع الفلس في المكان المعد له اذا علم من حال السقاء الرضا بذلك.

و كذا غير الماء من المحقرات كالخضروات و نحوها.

و من هذا القبيل الدخول في الحمام و وضع الاجرة في كوز صاحب الحمام مع غيبته.

فالمعيار في المعاطاة وصول العوضين، أو احدهما مع الرضا في التصرف

و يظهر ذلك (1) من المحقق الاردبيلي رحمه اللّه أيضا في مسألة المعاطاة و سيأتي توضيح ذلك في مقامه إن شاء اللّه

ثم إنه لو قلنا: إن اللفظ غير المعتبر (2) في العقد كالفعل في انعقاد المعاطاة أمكن خلو المعاطاة من الإعطاء و الإيصال رأسا (3) فيتقاولان على مبادلة شيء بشيء من غير ايصال.

و لا يبعد صحته مع صدق البيع عليه (4)، بناء على الملك (5)

+++++++++++

(1) و هو انعقاد المعاطاة بوصول العوضين، أو احدهما مع الرضا في التصرف.

(2) و هو قول احد المتعاطيين: هذا لك؛ و يقول الآخر له: هذا لك إزاء ما اعطيتني، فإن هذا اللفظ غير معتبر في العقد، اذ المعتبر فيه لفظة بعت في الايجاب، و قبلت في القبول.

(3) أى من الطرفين.

(4) أى على مثل هذه المعاطاة الخالية من الإعطاء و الإيصال يصدق البيع عرفا.

(5) أى هذا الصدق العرفي مبني على افادة المعاطاة الملكية، سواء أ كانت لازمة أم جائزة اي متزلزلة.

ص: 242

و أما على القول بالإباحة فالاشكال المتقدم (1) هنا آكد

الأمر الثالث تمييز البائع عن المشتري في المعاطاة الفعلية مع كون احد العوضين مما تعارف جعله ثمنا

(الامر الثالث) (2) تمييز البائع عن المشتري في المعاطاة الفعلية (3) مع كون احد العوضين مما تعارف جعله ثمنا كالدراهم و الدنانير و الفلوس المسكوكة واضح، فإن (4) صاحب الثمن هو المشتري ما لم يصرح بالخلاف.

و أما مع كون العوضين من غيرها (5) فالثمن ما قصدا قيامه مقام المثمن في العوضية، فاذا اعطى الحنطة في مقام اللحم قاصدا إن هذا المقدار

+++++++++++

(1) و هو ما افاده في ص 241 بقوله: فيشكل بأنه بعد عدم حصول الملك بها لا دليل على تأثيرها.

أما وجه آكدية الإشكال هنا هو عدم وجود سيرة هنا، بخلاف ما تقدم هناك، فإن السيرة كانت موجودة.

و لا يخفى وجود السيرة هنا أيضا الى زماننا هذا، حيث يتعامل المتشرعون مع هذه المعاطاة تعامل البيع فيما يجري عليه.

(2) أى من الامور التي قال الشيخ في ص 218: و ينبغي التنبيه على امور

(3) التقييد بالفعلية، لاخراج المعاوضة المشتملة على الايجاب و القبول حيث إنه يميز البائع عن المشتري بلفظ بعت، و المشتري يميز عن البائع بلفظ قبلت.

بخلاف المعاطاة، فإن معرفة البائع من المشتري متوقفة على كون احد العوضين مما تعارف جعله ثمنا كما في الدراهم و الدنانير و الفلوس فلو دفع شخص شيئا من المذكورات يكون هو المشتري؛ لأنها العملة الرائجة التي يتعامل عليها الناس.

(4) تعليل للوضوح في قوله: واضح

(5) أى من غير النقود.

ص: 243

من الحنطة يساوي درهما هو ثمن اللحم فيصدق عرفا أنه اشترى اللحم بالحنطة (1)

و اذا انعكس (2) انعكس الصدق (3) فيكون المدفوع بنية البدلية عن الدراهم و الدنانير هو الثمن، و صاحبه هو المشتري.

و لو لم يلاحظ إلا كون احدهما بدلا (4) عن الآخر، من دون نية قيام احدهما مقام المثمن في العوضية، أو لوحظت القيمة في كليهما:

بأن لوحظ كون المقدار من اللحم بدرهم، و ذلك المقدار من الحنطة بدرهم فتعاطيا من غير سبق مقاولة تدل (5) على كون احدهما بالخصوص بايعا.

ففي كونه بيعا و شراء بالنسبة الى كل منهما (6) بناء على أن البيع لغة كما عرفت مبادلة مال بمال، و الشراء ترك شيء و اخذ غيره كما عن بعض اهل اللغة فيصدق على صاحب اللحم أنه باعه بحنطة، و أنه اشترى الحنطة (7).

+++++++++++

(1) و كذلك اذا تعاوضا بما تعارف جعله ثمنا يكون المثمن ما قصداه

(2) بأن قصدا وقوع اللحم ثمنا باعتبار أنه يساوي درهما.

(3) اي يصير المثمن ثمنا و الثمن مثمنا.

(4) اى من دون ملاحظة أن يكون احد المأخوذين بالمعاطاة ثمنا و الآخر مثمنا

(5) جملة تدل مجرورة محلا صفة لكلمة مقاولة اى تعاطيا من دون أن يعينا قبل المعاوضة المشتري منهما و البائع، أو الثمن و المثمن.

(6) بمعنى أن كل واحد منهما بايع و مشتر هذا هو الفرد الاول.

(7) كذلك صاحب الحنطة اصبح بايعا و مشتريا: بايعا من حيث إنه باع الحنطة باللحم، و مشتريا من حيث إنه اشترى اللحم بالحنطة.

ص: 244

فيحنث لو حلف على عدم بيع اللحم، و عدم شراء الحنطة (1)

نعم لا يترتب عليهما أحكام البائع (2)، و لا المشتري، لانصرافهما في أدلة تلك الى من اختص (3) بصفة البيع، أو الشراء، فلا تعم من كان في معاملة واحدة مصداقا لهما باعتبارين (4)

أو كونه (5) بيعا بالنسبة الى من يعطي أولا: لصدق الموجب عليه و شراء بالنسبة الى الآخذ، لكونه قابلا عرفا.

+++++++++++

(1) لأنه في عين الحال باع، و في عين الحال اشترى.

(2) المراد من أحكام البائع هو خيار الحيوان للمشتري، أو لكليهما اذا كانا قد تعاطيا بالحيوان.

و كذا خيار المجلس لكل واحد منهما ما داما في المجلس و لم يتفرقا اذا كان ما تعاملا عليه من الصرف.

و كذا خيار تخلف الثمن المختص بالبايع.

(3) اى انفرد احدهما بصفة البيع، و الآخر بصفة الشراء.

(4) اى أحكام البيع و الشراء لا تشمل من كان في معاوضة واحدة مصداقا للبيع و الشراء: بأن كان باعتبار بايعا، و باعتبار مشتريا.

الظاهر شمولها لمن كان هذه صفته، لكونه بايعا فتشمله أحكام البيع من المذكورات آنفا، و كونه مشتريا فتشمله أحكام الشراء من المذكورات آنفا.

(5) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: ففي كونه بيعا

هذا هو الفرد الثاني لما لم يلاحظ إلا كون احدهما بدلا عن الآخر اى و في كون مثل هذا التعاطي الذي لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر.

ص: 245

أو كونه (1) معاطاة مصالحة، لأنها (2) بمعنى التسالم على شيء و لذا (3) حملوا الرواية الواردة في قول احد الشريكين لصاحبه:

لك ما عندك، ولي ما عندي: على الصلح.

أو كونه (4) معاوضة مستقلة لا يدخل تحت العناوين المتعارفة:

وجوه (5)

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: ففي كونه

هذا هو الفرد الثالث لما لم يلاحظ إلا كون احدهما بدلا عن الآخر أى و في كون مثل هذا التعاطي الذي لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر.

(2) أى المصالحة.

(3) اى و لأجل أن المصالحة في اللغة بمعنى التسالم و التوافق حمل الفقهاء راجع (وسائل الشيعة الجزء 13 ص 165 الباب 5 الحديث 1.

(4) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: ففي كونه بيعا هذا هو الفرد الرابع لما لم يلاحظ إلا كون احدهما بدلا عن الآخر اى و في كون مثل هذا التعاطي الذي لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر.

(5) اى أربعة أليك حاصلها.

(الاول): أن يكون ما لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر بيعا و شراء بالنسبة الى كل منهما.

و إليه اشار بقوله في ص 244: ففي كونه بيعا و شراء بالنسبة.

(الثاني): أن يكون ما لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر بيعا بالنسبة الى من يعطي أولا

ص: 246

لا يخلو ثانيها (1) عن قوة، لصدق تعريف البائع لغة و عرفا على الدافع أولا، دون الآخر، و صدق المشتري على الآخذ أولا، دون الآخر فتدبر

الأمر الرابع: أن اصل المعاطاة و هو إعطاء كل منهما الآخر ماله يتصور بحسب قصد المتعاطيين على وجوه
اشارة

(الرابع) (2): أن اصل المعاطاة و هو إعطاء كل منهما الآخر ماله يتصور بحسب قصد المتعاطيين على وجوه (3)

أحدها: أن يقصد كل منهما تمليك ماله بمال الآخر فيكون الآخر في أخذه قابلا و متملكا بإزاء ما يدفعه

(احدها) (4): أن يقصد كل منهما تمليك ماله بمال الآخر فيكون الآخر في اخذه (5) قابلا و متملكا بإزاء ما يدفعه، فلا يكون (6) في دفعه

+++++++++++

و إليه اشار بقوله في ص 245: أو كونه بيعا بالنسبة.

(الثالث): أن يكون ما لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر معاطاة مصالحة.

و إليه اشار بقوله في ص 246: أو كونه معاطاة مصالحة.

(الرابع): أن يكون ما لم يلاحظ فيه إلا كون احدهما بدلا عن الآخر معاوضة مستقلة.

و إليه اشار بقوله في ص 246: أو كونه معاوضة مستقلة.

(1) اى ثان الوجوه الاربعة و هو الذي اشرنا إليه بقولنا في الهامش 5 ص 246: الثاني أن يكون ما لم يلاحظ.

(2) اى من الامور التى افادها الشيخ بقوله في ص 218: و ينبغي التنبيه على امور.

(3) اي أربعة.

(4) اى احد الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة

(5) اى في اخذ مال صاحبه الذي ملّكه له.

(6) اى فلا يكون هذا الآخذ الذي هو القابل و المتملك في دفع ماله للمعطي الاول.

ص: 247

العوض إنشاء تمليك (1)، بل دفع لما التزمه على نفسه بإزاء ما تملكه (2) فيكون الايجاب و القبول بدفع العين الاولى (3)، و قبضها (4)

فدفع العين الثانية (5) خارج عن حقيقة المعاطاة (6).

فلو مات (7) الآخذ قبل دفع ماله مات بعد تمام المعاطاة.

و بهذا الوجه (8) صححنا سابقا (9) عدم توقف المعاطاة على قبض كلا العوضين فيكون اطلاق المعاطاة عليه (10) من حيث حصول المعاملة فيه بالعطاء، دون القول، لا من حيث كونها متقومة بالعطاء من الطرفين

+++++++++++

(1) اذ إنشاء التمليك حصل من المعطي الاول الذي ملّك ماله للآخر ازاء تمليك الآخر ماله له، فلا يكون إنشاء تمليك جديد من قبل الآخذ.

(2) اى من صاحبه الذي هو المعطي الاول.

(3) الذي حصل من المعطي الاول فيكون هو الايجاب الفعلي.

(4) الذي حصل من الآخذ فيكون هو القبول الفعلي.

(5) الذي حصل من الآخذ

(6) اى عن انعقاد المعاطاة، لا أنه خارج عن حقيقته، و إلا لما تحقق مفهوم المعاطاة.

(7) تفريع على ما افاده: من خروج دفع العين الثانية عن الآخر للمعطي الاول عن انعقاد المعاطاة، اى فعلى ضوء ما ذكرنا لو مات الآخذ قبل أن يدفع ماله للمعطي الاول مات بعد تمامية المعاطاة.

(8) و هي تمامية المعاطاة بإعطاء العين الاولى للآخذ، و قبضه لها، و أن دفع العين الثانية من الآخذ خارج عن انعقاد المعاطاة، و لا يتوقف على الدفع

(9) عند قوله في ص 240: و لا ريب أنه لا يصدق معنى المعاطاة لكن هذا لا يقدح في جريان حكمها عليه.

(10) اى على مثل هذا المعاطاة الذي لم يعين فيه البائع و المشتري

ص: 248

و مثله (1) في هذا الاطلاق لفظ المصالحة و المساقاة و المزارعة و المؤاجرة و غيرها (2)

و بهذا الاطلاق (3) يستعمل المعاطاة في الرهن و القرض و الهبة.

و ربما يستعمل (4)

+++++++++++

(1) اى و مثل هذا الاطلاق: و هو اطلاق المعاطاة على المعاطاة الذي لم يعين فيه البائع و المشتري لفظ المصالحة و المزارعة و المساقاة و المؤاجرة في عدم احتياج تحقق مفهومها الخارجي الى طرفين، مع أن هذه الألفاظ من باب المفاعلة المحتاج في تحقق مفهومها الخارجي الى طرفين

(2) اى و غير هذه الألفاظ: من الألفاظ التي هي من باب المفاعلة الظاهرة في احتياج تحقق مفهومها الخارجي الى طرفين.

(3) اى و بتمامية المعاطاة بإعطاء العين الاولى للآخذ و قبضه لها، و عدم الاحتياج الى دفع العين الثانية من الآخذ للمعطي الاول يصح اطلاق المعاطاة على الرهن و القرض و الهبة، مع أن تحقق مفهوم هذه العقود لا يحتاج الى التقوم بطرفين.

فلو كان المعاطاة محتاجا في تحقق مفهومه الخارجي الى التقوم بطرفين لما صح استعماله في هذه العقود.

(4) اى المعاطاة الذي هو من باب المفاعلة المحتاج في تحقق مفهومها الخارجي الى القيام بطرفين يصح استعماله في المعاملة الحاصلة بالفعل و لو لم يكن عطاء في الخارج اصلا حتى من طرف واحد.

ففي الحقيقة يروم الشيخ أن يرقى الى معنى رفيع أرقى من المعاني التي ذكرها في المعاطاة: و ذلك باستعماله في المعاملة التي ليس فيها وجود اعطاء اصلا.

ص: 249

في المعاملة الحاصلة بالفعل و لو لم يكن (1) إعطاء

و في صحته (2) تأمل

ثانيها: أن يقصد كل منهما تمليك الآخر ماله بإزاء تمليك ماله اياه

(ثانيها) (3): أن يقصد كل منهما تمليك الآخر ماله بإزاء تمليك ماله اياه، فيكون تمليك (4) بإزاء تمليك، فالمقابلة بين التملكين (5) لا الملكين (6) و المعاملة متقومة بالعطاء من الطرفين، فلو (7) مات الثاني قبل الدفع لم يتحقق المعاطاة.

+++++++++++

(1) كلمة كان هنا تامة غير محتاجة الى الخبر اسمها كلمة عطاء.

(2) اى و في صحة مثل هذا الاستعمال و هو استعمال المعاطاة في المعاملة التي ليس فيها عطاء اصلا تأمل.

وجه التأمل ظاهرا عدم وجود إنشاء تمليك اصلا في هذه المعاملة.

لكن لا يخفى على المتأمل البصير أن السيرة الجارية في العصر الحاضر عند المتشرعة صحة مثل هذه المعاملة، بل غالب تعاملهم من هذا القبيل فنفس إقدامهم عليها هو إنشاء التمليك، و حكم الشارع في مثل هذه المعاملات ماض و ماش.

(3) اى ثان الوجوه الأربعة المتصورة للمعاطاة.

(4) كان هنا تامة لا تحتاج الى الخبر اسمها تمليك.

(5) و هما: تمليك من المعطي الاول الآخذ، و تمليك من الآخذ للمعطي الأول.

(6) الظاهر عدم تحقق التمليك في الخارج بدون تحقق الملك فاذا حصل التمليك حصلت الملكية في الخارج، حيث إنها مفهومه.

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المعاملة متقومة بالعطاء من الطرفين بناء على المعنى الثاني للمعاطاة فعند موت الثاني قبل دفعه

ص: 250

و هذا (1) بعيد عن معنى البيع و قريب الى الهبة المعوضة، لكون كل من المالين خاليا عن العوض (2)

لكن إجراء حكم الهبة المعوضة عليه مشكل (3)، اذ لو لم يملكه الثاني هنا لم يتحقق التمليك من الاول، لأنه إنما ملّكه بإزاء تمليكه فما لم يتحقق تمليك من الثاني لم يتحقق تملكه.

إلا أن يكون تمليك الآخر له (4) ملحوظا عند تمليك الاول على نحو الداعي، لا العوض فلا يقدح تخلفه.

فالأولى أن يقال: إنها (5) مصالحة و تسالم على امر معين، أو معاوضة مستقلة (6)

+++++++++++

للاول لم يتحقق مفهوم المعاطاة خارجا.

(1) اى المعنى الثاني.

(2) حيث عرفت فيما افاده الشيخ في ص 250: من أن المقابلة بين التملكين لا الملكين فيكون تمليك بإزاء تمليك فليس هناك شيء حتى يجعل عوضا و قصد العوضية لا يحقق العوض.

(3) لأن الهبة المعوضة لا يصح الرجوع لاحدهما فيها بعد أن تمت و لا يجوز لهما نقضها.

بخلاف ما نحن فيه: و هو المعاطاة على المعنى الثاني، فإنه يصح لكل واحد من المتعاطيين الرجوع في ماله.

(4) أى الثاني.

(5) اى المعاطاة بالمعنى الثاني.

(6) بأن يقال: إن المعاطاة بالمعنى الثاني لا ربط له اصلا باحد العقود المعهودة

ص: 251

ثالثها: أن يقصد الأول إباحة ماله بعوض فيقبل الآخر بأخذه إياه فيكون الصادر من الأول الإباحة بالعوض

(ثالثها) (1): أن يقصد الاول إباحة ماله بعوض فيقبل الآخر باخذه اياه فيكون الصادر من الاول الاباحة بالعوض، و من الثاني بقبوله لها (2) التمليك كما لو صرح بقوله: ابحت لك كذا بدرهم.

رابعها: أن يقصد كل منهما الإباحة بإزاء إباحة أخرى

(رابعها) (3): أن يقصد كل منهما الاباحة بإزاء إباحة اخرى فيكون إباحة بإزاء إباحة، أو إباحة بداعي إباحة على ما تقدم نظيره في الوجه الثاني: من امكان تصوره على نحو الداعي، و على نحو العوضية (4)

و كيف كان (5) فالاشكال في حكم القسمين الاخيرين (6) على فرض قصد المتعاطيين لهما (7)

و منشأ الاشكال (8) أوّلا الاشكال في صحة إباحة جميع التصرفات

+++++++++++

(1) اى ثالث الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة.

(2) اى للاباحة: بمعنى أن الاول بعد أن قصد إباحة ماله للآخر ازاء عوض و قبل الآخر هذه الاباحة يقصد الآخر تمليك ماله للمبيح فعلى هذا القول يحصل التمليك من جانب واحد فقط.

(3) اى رابع الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة.

(4) لكن مع فرق بين الثاني و الرابع: و هو أن التقابل في الثاني يكون بين التمليكين، و في الرابع بين الاباحتين.

(5) اى أى شيء فسرنا المعاطاة، و أي معنى من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة انتخبنا.

(6) و هما: الوجه الثالث و الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة المذكورة للمعاطاة.

(7) اى للوجه الثالث و الرابع الذي فسر المعاطاة بهما.

(8) اى في الوجه الثالث و الرابع.

ص: 252

حتى المتوقفة على ملكية المتصرف (1): بأن يقول: ابحت لك كل تصرف، من دون أن يملكه العين (2)

و ثانيا الاشكال في صحة الاباحة بالعوض الراجعة الى عقد مركب من إباحة و تمليك (3)

فنقول: أما إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك فالظاهر أنه لا يجوز: اذ التصرف الموقوف على الملك لا يسوغ لغير المالك بمجرد اذن المالك، فإن اذن المالك ليس مشرعا و إنما يمضي فيما يجوز شرعا (4)

فاذا كان بيع الانسان مال غيره لنفسه: بأن يملك الثمن مع خروج

+++++++++++

(1) كالوقف و الوطي و العتق و البيع.

(2) كما في الوجه الرابع، حيث يقصد كل واحد من المتعاطيين إباحة ماله ازاء إباحة الآخر ماله له، فالتصرفات المتوقفة على الملك مع القصد المذكور كيف يمكن الجمع بينهما؟

فلو باع احدهما، أو كلاهما فقد باع مال الغير، لأن المال مع القصد المذكور باق على ملكية صاحبه الاول فيصدق أنه باع مال الغير لنفسه و هو غير معقول.

(3) كما في الوجه الثالث، حيث إن احد المتعاطيين يقصد إباحة ماله بعوض فيقبل الآخر هذه الاباحة فبقبوله لها يحصل التمليك للمبيع، فلو باع الذي انتقل المال إليه بالإباحة فقد باع مال الغير، لأن المال مع قصد الاباحة باق على ملكية المالك الاول فيصدق بيع مال غيره لنفسه و هو غير معقول.

(4) كالتصرفات التي لا تتوقف على الملك.

ص: 253

المبيع عن ملك غيره (1) غير معقول (2) كما صرح به العلامة في القواعد فكيف يجوز للمالك أن يأذن فيه (3)؟

نعم يصح ذلك (4) باحد الوجهين كلاهما في المقام (5) مفقود

(احدهما): أن يقصد المبيح بقوله: ابحت لك أن تبيع مالي لنفسك إنشاء توكيل (6) له في بيع ماله له ثم نقل الثمن الى نفسه (7) بالهبة، أو في نقله أولا الى نفسه ثم بيعه، أو تمليكا (8)

+++++++++++

(1) كما في الوجه الثالث، حيث إن احدهما قصد الاباحة

و كما في الوجه الرابع، حيث إن كليهما قصد الاباحة ففي الوجهين المال باق على ملك صاحبه الاول كما عرفت آنفا.

(2) وجه غير المعقولية: أن الثمن لا بدّ أن يدخل في مكان قد خرج منه المثمن و هنا قد دخل الثمن في كيس من لم يخرج المثمن من عنده لأن مع قصد الاباحة يكون المال باق على ملكية صاحبه الاول.

(3) استفهام انكاري و جواب عن اذا الشرطية في قوله: فاذا كان بيع الانسان.

(4) اى جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

(5) و هو الوجه الثالث و الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة.

(6) اى للطرف الآخر بنفس الاباحة الحاصلة منه له.

(7) فلازم هذه الاباحة شيئان: توكيل الغير في بيع ماله عنه و توكيل الغير في هبة ماله لنفسه.

(8) اى يقصد المبيح باباحة ملكه للآخر تمليك ماله له بنفس هذه الاباحة.

ص: 254

له بنفس هذه الاباحة فيكون إنشاء تمليك له، و يكون بيع المخاطب بمنزلة قبوله (1) كما صرح في التذكرة بأن قول الرجل لمالك العبد: اعتق عبدك عني بكذا استدعاء لتمليكه (2) و اعتاق المولى عنه جواب لذلك الاستدعاء فيحصل النقل و الانتقال بهذا الاستدعاء و الجواب (3) و يقدر وقوعه (4) قبل العتق آنا مّا فيكون هذا (5) بيعا ضمنيا لا يحتاج الى الشروط المقررة لعقد البيع (6)

و لا شك أن المقصود فيما نحن فيه (7) ليس الاذن في نقل المال الى نفسه أولا (8) و لا في نقل الثمن إليه ثانيا، و لا قصد التمليك بالإباحة

+++++++++++

(1) اى قبول هذا التمليك.

(2) اى القائل للمخاطب: اعتق عبدك عني يقصد تمليك المخاطب العبد له ثم اعتاقه عنه ثانيا فهذا القول استدعاء للتمليك.

فاعتاق مالك العبد عبده عن القائل دليل على تمليكه له، و اجابة لاستدعائه منه.

(3) و هو اعتاق صاحب العبد عبده عن القائل: اعتق عبدك عني

(4) اى وقوع نقل العبد و انتقاله الى القائل: اعتق عبدك عني قبل أن يعتق صاحب العبد عبده عنه.

(5) و هو اعتاق العبد يكون بيعا ضمنيا من صاحب العبد الى القائل

(6) كالايجاب و القبول اللفظيين.

(7) و هي المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة كما في الوجه الثالث و الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة.

(8) كما كان هذا الاذن موجودا في قول القائل: اعتق عبدك عني

ص: 255

المذكورة، و لا قصد المخاطب التملك عند البيع حتى يتحقق تمليك ضمني مقصود للمتكلم و المخاطب كما كان مقصودا و لو اجمالا في مسألة اعتق عبدك عني، و لذا عد العامة و الخاصة من الاصوليين دلالة هذا الكلام (1) على التمليك من دلالة الاقتضاء التي عرفوها: بأنها دلالة مقصودة للمتكلم تتوقف صحة الكلام عقلا، أو شرعا عليه فمثلوا للعقلي بقوله تعالى:

وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ (2)، و للشرعي بهذا المثال (3)

و من المعلوم بحكم الفرض أن المقصود فيما نحن فيه (4) ليس إلا مجرد الاباحة.

(الثاني) (5): أن يدل دليل شرعي على حصول الملكية للمباح له

+++++++++++

حيث ينقل مالك العبد عبده الى القائل ثم يعتقه.

(1) و هو اعتق عبدك عني

(2) حيث إن السؤال عن القرية امر غير معقول، و غير ممكن، فالعقل يحكم بتقدير كلمة لا محالة و هي كلمة اهل اى فاسألوا اهل القرية

(3) و هو اعتق عبدك عني.

(4) و هو الوجه الثالث و الرابع من الوجوه الأربعة المتصورة للمعاطاة.

(5) اى من الوجهين الذين جاء بهما الشيخ لصحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك في قوله في ص 254: نعم يصح ذلك باحد الوجهين.

خلاصة هذا الوجه: أن الاباحة المجردة عن التمليك تفيد الملكية الآنية و لو كانت عند التصرف؛ و ذلك بسبب دليل شرعي: من آية أو رواية، أو اجماع فيكون هذا الدليل الشرعي كاشفا عن حصول الملكية

ص: 256

بمجرد الإباحة فيكون (1) كاشفا عن ثبوت الملك له عند إرادة البيع آنا ما فيقع البيع في ملكه (2) أو (3) يدل دليل شرعي على انتقال الثمن عن المبيح بلا فصل بعد البيع فيكون ذلك شبه دخول العمودين في ملك الشخص انا ما لا يقبل غير العتق، فإنه حينئذ يقال بالملك المقدر آنا ما، للجمع بين الأدلة (4)

و هذا الوجه (5) مفقود فيما نحن فيه، اذ المفروض أنه لم يدل دليل بالخصوص على صحة هذه الاباحة العامة (6)

و اثبات صحته (7) بعموم مثل الناس مسلطون على أموالهم يتوقف على عدم مخالفة مؤداه (8)

+++++++++++

الآنية عند إرادة البيع، أو عند إرادة الوطي، أو العتق في الوجه الثالث و الرابع في المعاطاة.

(1) اى الدليل الشرعي كما عرفت.

(2) اى لا في ملك المبيح فيقع البيع لنفسه فاذا يصح البيع.

(3) هذا فرض آخر.

(4) و هو دليل لا عتق إلا في ملك، و دليل إن الإنسان لا يملك عموديه.

فالجمع بينهما هو القول بالملكية الآنية حتى يصح العتق.

(5) و هو الجمع بين الأدلة مفقود فيما نحن فيه: و هو جواز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك في المعاطاة على الوجه الثالث و الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة.

(6) اى حتى المتوقفة على الملك.

(7) أى صحة مثل هذه الاباحة العامة.

(8) اى مؤدى العموم.

ص: 257

لقواعد اخرى: مثل (1) توقف انتقال الثمن الى الشخص على كون المثمن مالا له.

و توقف (2) صحة العتق على الملك، و صحة (3) الوطي على التحليل بصيغة خاصة، لا بمجرد الاذن في مطلق التصرف.

و لأجل ما ذكرنا (4) صرح المشهور، بل قيل: لم يوجد خلاف

+++++++++++

(1) هذه احدى القواعد الفقهية التي يكون مؤدى العموم المذكور مخالفا لها، حيث إن مؤداه يحكم بالسلطنة العامة للناس بأي نحو من أنحائها و منها المعاملة المعاطاتي المقصود منها التمليك و إن افاد الاباحة فلازمه دخول الثمن في كيس المباح له و ان لم يخرج المثمن من كيسه، و مؤدى القاعدة الفقهية و هو توقف انتقال الثمن الى الشخص على كون المثمن مالا له يحكم بعدم دخول الثمن في كيس من لم يخرج المثمن من عنده.

(2) هذه ثانية القواعد الفقهية التي يكون مؤدى العموم المذكور مخالفا لها، حيث إن مؤدى العموم يحكم بالسلطنة العامة للناس كما عرفت في القاعدة الاولى، و مؤدى القاعدة الفقهية المذكورة و هو توقف صحة العتق على الملك يحكم بعكس ذلك، لأن المباح له لا يصح له أن يعتق العبد المأخوذ بالمعاطاة المفيد للاباحة، لعدم كونه ملكا له.

(3) هذه ثالثة القواعد الفقهية التي يكون مؤدى العموم المذكور و هو الناس مسلطون على أموالهم مخالفا لها، حيث إن مؤداها يحكم بعدم جواز الوطي في الامة المأخوذة بالمعاطاة المفيدة للاباحة، بل لا بد من كون الوطي في الملك، و هنا ليس ملك حتى يصح الوطي، و مؤدى العموم المذكور بعكس هذه.

(4) و هو توقف اثبات الإباحة العامة من عموم الناس مسلطون على أموالهم:

على أن لا يكون مؤداه مخالفا لقواعد فقهية اخرى.

ص: 258

في أنه لو دفع الى غيره مالا و قال: اشتر به لنفسك طعاما من غير قصد الإذن (1) في اقتراض المال قبل الشراء، أو اقتراض الطعام (2) أو استيفاء الدين منه بعد الشراء (3) لم يصح (4)

+++++++++++

(1) أى من صاحب المال.

(2) اى بعد الشراء: بأن ينوي صاحب المال اقتراض الآخذ الطعام بعد الشراء.

(3) بأن يقصد صاحب المال استيفاء الدين من الآخذ بعد شرائه الطعام.

و لا يخفى أن الاستيفاء المذكور ملازم لإقراض صاحب المال ماله للآخذ.

كما أنه لا يخفى أيضا أنه لا يجوز للآخذ التصرف في المال إلا في شراء الطعام، و لهذا قيد الشيخ قدس سره استيفاء الدين من الآخذ بعد الشراء

(4) جواب (للو الشرطية) في قوله: في أنه لو دفع اى مثل هذا غير صحيح.

لم نعرف وجه عدم الصحة في هذا الدفع بعد أن صرح المعطي للآخذ بالشراء و اجاز له ذلك بقوله: فاشتر به لنفسك.

و الشراء لنفسه على قسمين:

(الاول): على وجه الاباحة.

(الثاني): على وجه التمليك، و على كلا القسمين يصح الدفع و الشراء و لا سيما على بعض الفروض السابقة: و هو أن الإباحة تدل على التمليك.

فكيف بقوله: اشتر به لنفسك لا يدل على التمليك بعد الشراء؟

ص: 259

كما صرح به (1) في مواضع من القواعد.

و علله (2) في بعضها: بأنه لا يعقل شراء شيء لنفسه بمال الغير و هو (3) كذلك، فإن مقتضى مفهوم المعاوضة و المبادلة دخول العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه (4)، و إلا لم يكن عوضا و بدلا و لما (5) ذكرنا حكم الشيخ و غيره بأن الهبة الخالية عن الصيغة تفيد إباحة التصرف، لكن لا يجوز وطي الجارية (6)

+++++++++++

(1) أى بعدم صحة مثل هذا الدفع، و عدم صحة التصرف للآخذ فيما اخذه من معطي المال بقوله: اشتر به لنفسك.

(2) أى علل العلامة قدس سره عدم صحة هذا الدفع، و عدم صحة التصرف للآخذ فيما اخذ في بعض المواضع من القواعد.

(3) هذا كلام الشيخ الانصاري جاء به مؤيدا للعلامة فيما ذهب إليه أى عدم معقولية مثل الدفع، و عدم صحة التصرف للآخذ فيما اخذ صحيح تام لا خدش فيه.

(4) و لا يخفى أن الامر كذلك في قول القائل: اشتر به لنفسك حيث إن الطعام الذي هو المعوض عن المال يدخل في ملك معطي المال آنا ما كما هو المفروض في العمودين، و اعتق عبدك عني.

فما الفرق بين المقامين؟

(5) و هو عدم وجود دليل خاص على صحة مثل هذه الإباحة العامة الشاملة للتصرفات المالكة حتى يتمسك به.

(6) لعدم افادة مثل هذه الهبة الخالية عن الصيغة التمليك.

غاية الامر إفادتها الاباحة العامة التي لا دليل على صحتها حتى يتمسك بها في التصرفات المالكة.

ص: 260

مع أن الاباحة المتحققة من الواهب يعم جميع التصرفات (1).

و عرفت (2) أيضا أن الشهيد في الحواشي لم يجوز إخراج المأخوذ بالمعاطاة في الخمس و الزكاة، و ثمن الهدي، و لا وطي الجارية، مع أن مقصود المتعاطيين الإباحة المطلقة (3)

و دعوى (4) أن الملك التقديري هنا أيضا لا يتوقف على دلالة دليل خاص، بل تكفي الدلالة بمجرد الجمع بين عموم الناس مسلطون على اموالهم الدال على جواز هذه الاباحة المطلقة، و بين أدلة توقف مثل العتق و البيع على الملك.

+++++++++++

(1) اى حتى المتوقفة على الملك.

(2) في ص 95 عند قول (شيخنا الانصاري): مع أن المحكي عن الشهيد في حواشيه على القواعد.

(3) اى حتى التصرفات المتوقفة على الملك.

(4) دفع وهم

حاصل الوهم أنة يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين.

و هما: قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم الدال بمفهومه على توسيع دائرة التصرفات حتى المتوقفة على الملك بجميع أنحائه و أقسامه كالبيع و الوطي و العتق.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا بيع إلا في ملك، و لا عتق إلا في ملك، و لا وطي إلا في ملك الدال بمفهومه على تضييق دائرة التصرفات المتوقفة على الملك كالمذكورات، فلا تصح المذكورات بالإباحة المطلقة العامة، بل لا بدّ من التمليك الصريح فيها، و في نظائرها.

و كيفية الجمع هي الملكية الآنية التقديرية، و لا نحتاج في الجمع الى دليل خاص أزيد من دليل الملكية الآنية التقديرية.

ص: 261

نظير (1) الجمع بين الأدلة في الملك التقديري.

مدفوعة (2) بأن عموم الناس مسلطون على أموالهم إنما يدل على تسلط

+++++++++++

(1) تمثيل و تنظير لإمكان الجمع بين الدليلين المتعارضين: بالملكية القهرية الآنية.

و خلاصته: أنه كما يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين.

و هما: لا عتق إلا في ملك، و عدم تملك الانسان عموديه: بالملكية الآنية القهرية حتى يصح العتق في العمودين، أو احدهما لو فرض تملكه لهما بالأسر، أو الشراء.

كذلك يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فيما نحن فيه: بالملكية المذكورة.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله في ص 261: و دعوى

هذا جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصته أن الشيخ يريد أن ينكر العموم المدعى في الناس مسلطون على أموالهم: ببيان أن العموم المذكور إنما يدل على تسلط الناس على أموالهم لا على الأحكام الشرعية مثل جواز وطي الجارية المأخوذة بالمعاطاة، و مثل جواز إعطاء الخمس و الزكاة في المال المأخوذ بالمعاطاة، لعدم ربط مثل هذا الجواز بالعموم المذكور فلا يمكن للآخذ التصرف فيما اخذه بالمعاطاة تصرفا مالكيا، فالاباحة المستفادة من العموم و ان كانت مطلقة.

لكن اطلاقها لا يسع مثل هذه الامور المتوقف تصرفها على الملكية بل التصرف فيها محتاج الى الملكية الصرفة.

بعبارة اخرى أن العموم المستفاد من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

ص: 262

الناس على أموالهم، لا على أحكامهم، فمقتضاه (1) إمضاء الشارع لاباحة المالك كل تصرف جائز شرعا، فالإباحة و ان كانت مطلقة إلا أنه لا يباح بتلك الاباحة المطلقة إلا ما هو جائز بذاته في الشريعة.

و من المعلوم (2) أن بيع الانسان مال غيره لنفسه غير جائز بمقتضى العقل و النقل الدالين على لزوم دخول العوض في ملك مالك المعوض

+++++++++++

الناس مسلطون على أموالهم له اقتضاء إمضاء الشارع للامور التي جائز التصرف بذاتها في الشريعة الاسلامية و هي التي لا يتوقف تصرفها على الملكية

و أما المتوقف تصرفها على الملكية كالتي ذكرناها فلا يشملها العموم المذكور، لعدم إمضاء الشارع لها.

(1) اى العموم المذكور الذي ذكرناه في قولنا في ص 262: و خلاصته بعبارة اخرى.

(2) هذا من متممات الجواب عن التوهم المذكور.

و خلاصته أنه بعد أن عرفت ما قلناه في الجواب فلو باع احد المتعاطيين ما اخذه بالمعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع من الوجوه المتصورة للمعاطاة فقد باع مال غيره لنفسه، لأن المأخوذ بالمعاطاة بناء على افادته الاباحة المجردة باق على ملك المالك الاول، و بيع مال الغير لنفسه غير جائز عقلا و نقلا لأن العقل و النقل يدلان على لزوم دخول العوض في ملك من خرج المعوض الذي هو المثمن من كيسه.

و فيما نحن فيه و هو الوجه الثالث و الرابع من المعاطاة قد دخل الثمن في كيس من لم يخرج المعوض من عنده، فالعموم المذكور لا يشمل مثل هذا المعاطاة حتى يقال بثبوت التنافي الذي هو التزاحم و التعارض بين العموم و بين أدلة لا بيع إلا في ملك، و لا وقف إلا في ملك، و لا وطي إلا في ملك

ص: 263

فلا يشمله العموم في الناس مسلطون على أموالهم حتى يثبت التنافي (1) بينه و بين الأدلة الدالة على توقف البيع على الملك فيجمع بينهما بالتزام الملك التقديري آنا ما.

و بالجملة (2) دليل عدم جواز بيع ملك الغير، أو عتقه لنفسه حاكم على عموم الناس مسلطون على أموالهم الدال (3) على إمضاء الإباحة المطلقة من المالك على إطلاقها (4).

نظير (5) حكومة الدليل الدال على عدم جواز عتق مال الغير

+++++++++++

و لازمه الجمع بين هذين الدليلين المتعارضين: بالملكية الآنية حتى يرتفع التزاحم و التنافي، كما التزمنا بالملكية الآنية في تملك العمودين.

(1) و هو التزاحم، و قد عرفت معناه عند قولنا في الهامش 2 ص 263:

حتى يقال بثبوت التنافي.

(2) هذا من متممات الجواب عن التوهم المذكور أيضا.

اى و خلاصة الكلام في هذا المقام أن أدلة لا بيع إلا في ملك، و لا وقف إلا في ملك، و لا وطي إلا في ملك حاكمة على عموم الناس مسلطون فلا يبقى له عموم حتى يتمسك به ثم يقال: إننا لا نحتاج الى الجمع بين عموم الناس مسلطون، و بين أدلة توقف التصرفات المالكة على الملك الى أزيد من دليل الناس مسلطون على أموالهم الدال بعمومه على الإباحة المطلقة التي منها التصرفات المالكة.

(3) بالجر صفة لكلمة عموم الواقعة في قوله: حاكم على عموم الناس مسلطون.

(4) اى على اطلاق الاباحة حتى يشمل التصرفات المالكة.

(5) هذا تنظير من الشيخ لما افاده في المقام: من حكومة أدلة

ص: 264

على وجوب الوفاء بالنذر و العهد اذا نذر عتق عبد غيره له، أو لنفسه فلا يتوهم الجمع بينهما بالملك القهري للناذر.

نعم (1) لو كان هناك تعارض و تزاحم من الطرفين بحيث أمكن تخصيص كل منهما لاجل الآخر: أمكن الجمع بينهما بالقول بحصول الملك القهري آنا ما؛ فتأمل (2)

+++++++++++

لا بيع إلا في ملك، و لا وقف إلا في ملك على عموم الناس مسلطون على أموالهم أي الحكومة المذكورة مثيل حكومة دليل عدم جواز عتق مال الغير على عموم وجوب الوفاء بالنذر، فإنه لو نذر شخص، أو عاهد اللّه على أن يعتق عبد الغير للغير، أو لنفسه فلا يجب الوفاء به، لعدم انعقاد النذر، لعدم رجحانه فدليل أوف بالنذر، أو العهد و إن كان عاما لكنه لا يشمل النذر المتعلق بمال الغير، لأن الشارع إنما يمضي التصرفات الجائزة شرعا و هي التي لا تتوقف على مال الغير.

و أما المتوقفة على مال الغير كالنذر به، أو الوفاء به بعد النذر فلا يشمله النذر.

فلا مجال لتوهم الجمع بين دليل عدم جواز عتق مال الغير، و بين دليل وجوب الوفاء بالنذر بالملكية القهرية الآنية للناذر، أو العاهد.

(1) استدراك عما افاده: من أن أدلة لا وطي إلا في ملك، و لا بيع إلا في ملك، و لا وقف إلا في ملك حاكمة على دليل عموم الناس مسلطون و لا يصح الجمع بينهما بالملكية الآنية، لعدم تعارض و تزاحم بينهما.

و خلاصته أنه لو فرض التزاحم و التعارض من الطرفين و هما: دليل عموم الناس مسلطون، و أدلة لا بيع إلا في ملك، و لا وقف إلا في ملك: امكن الجمع بينهما بالملكية الآنية القهرية.

(2) الظاهر أن وجه الامر بالتأمل هو أن مقتضى القاعدة هو

ص: 265

و أما (1) حصول الملك في الآن المتعقب بالبيع، أو العتق فيما اذا

+++++++++++

التخصيص بين الدليلين على فرض التنافي، و التزاحم، لا الجمع لأن النسبة بين الدليلين هو العموم و الخصوص من وجه لهما مادة اجتماع و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما في الناس مسلطون على أموالهم، فإنه يفيد الاباحة المطلقة حتى المتوقفة على الملك.

و دليل لا بيع إلا في ملك يحكم بعدم جواز التصرف في الأموال المتوقفة على الملك، فتعارض الدليلان فلا يصح سقوطهما فيخصص احدهما: و هو دليل لا بيع إلا في ملك الآخر: و هو الناس مسلطون.

و أما مادة الافتراق من جانب لا بيع الا في ملك فهي أموال غير المالك، فإن الناس غير مسلطين عليها.

و أما مادة الافتراق من جانب الناس مسلطون على أموالهم فهي أموال أنفسهم، حيث إنهم مسلطون على بيعها من دون منافاة ذلك لدليل لا بيع إلا في ملك.

(1) هذا دفع توهم نشأ مما افاده قدس سره: من أن مجرد جواز التصرف لا يوجب الالتزام بالملك الفرضي الآني فيما نحن فيه، و هو وطي الجارية المأخوذة بالمعاطاة، بل لا بد من الملكية الحقيقية.

و خلاصة التوهم أنه لو كان مجرد جواز التصرف لا يوجب الالتزام المذكور فكيف التزم الفقهاء بالملكية التقديرية فيما لو باع الواهب عبده الموهوب، أو اعتقه في سبيل اللّه، فالبيع، أو الاعتاق دليل على صحة الملكية الفرضية الآنية، و لو لاها لما صح ذلك، لأن العبد كان موهوبا للغير فمجرد جواز التصرف بالبيع، أو الإعتاق كاف في الالتزام المذكور

ص: 266

باع الواهب عبده الموهوب، أو اعتقه فليس (1) ملكا تقديريا نظير (2) الملك التقديري في الدية بالنسبة الى الميت، أو شراء (3)

+++++++++++

(1) جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصته أن الملكية في بيع الواهب عبده الموهوب. أو إعتاقه ليست من قبيل الملكية الفرضية.

بل الملكية فيه ملكية حقيقية ناشئة عن وجود سببها و هو فسخ الهبة المنكشف هذا الفسخ بالتصرف المالكي و هو البيع، أو الإعتاق الكاشف عن رجوع الواهب عن هبته قبل البيع، أو الإعتاق المتصل هذا البيع أو الإعتاق بآن الرجوع عن هبته، بناء على الاكتفاء بمثل هذا الاتصال في الرجوع عن الهبة.

(2) هذا من متممات الجواب عن التوهم المذكور أيضا.

اى الملكية في بيع العبد الموهوب، أو اعتاقه ليست من قبيل ملكية الميت ديته، لأن تملك الميت ديته تملك فرضي آني

خذ لذلك مثالا لو قتل زيد عمرا فقد ثبتت في ذمته دية المقتول بحكم الشرع، و بعد الثبوت تنتقل الدية الى تركته فتستوفى منها ديونه لو كانت، و بعد الاستيفاء ينتقل الباقي الى الوراث.

ثم إن هذا الاستيفاء و الانتقال يكون بعد صيرورة الدية ملكا للميت

و من الواضح أن الميت ليس قابلا للتملك بعد قتله حتى تنتقل ديته الى ديانه: أو وراثه فلا بد من الملكية الفرضية الآنية في حقه حتى يصح الاستيفاء و الانتقال.

(3) عطف على قوله: نظير الملك التقديري اى حصول الملك في الآن المتعقب بالبيع، أو العتق ليس من قبيل تملك الانسان عموديه

ص: 267

العبد المعتق عليه، بل هو (1) ملك حقيقي حاصل قبل البيع من جهة كشف البيع عن الرجوع (2) قبله في الآن المتصل، بناء (3) على الاكتفاء بمثل هذا في الرجوع، و ليس (4) كذلك فيما نحن فيه.

و بالجملة (5) فما نحن فيه لا ينطبق على التمليك الضمني المذكور أولا

+++++++++++

أو احدهما، فإن تملكه لهما تملك فرضي آني، ليصح الجمع بين الدليلين المتعارضين.

(1) اى حصول الملك في الآن المتعقب بالبيع، أو العتق فيما اذا باع الواهب عبده الموهوب.

(2) اى عن رجوع الهبة قبل البيع في الآن المتصل بالبيع.

(3) تعليل للرجوع عن الهبة قبل البيع اى هذا الرجوع مبني على الاكتفاء بمثل هذا الكشف و هو كشف البيع عن الرجوع عن الهبة:

في الرجوع.

(4) اى المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة كما في المعنى الثالث و الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة ليست مثل بيع العبد الموهوب أو اعتاقه من حيث افادته الملكية الحقيقية الزمانية.

و الملكية الفرضية الآنية لا تفيد في المقام كما علمت في ص 263 عند قوله:

فمقتضاه إمضاء الشارع لاباحة المالك.

(5) من هنا يروم الشيخ أن يبرهن على أن ما نحن فيه و هو المعاطاة المفيدة للاباحة المجردة بالمعنى الثالث و الرابع خارج عن مصداق التمليك الضمني، و أنه ليس من أفراده: فقال: إن صفوة الكلام: أن ما نحن فيه و هي المعاطاة المفيدة للإباحة المجردة ليس من أفراد التمليك الضمني الموجود في قول القائل: اعتق عبدك عني الدال على هذا التمليك الدليل الشرعي المعبر عنه بدليل الاقتضاء.

ص: 268

في اعتق عبدك عني، لتوقفه (1) على القصد، و لا على (2) الملك المذكور ثانيا في شراء من ينعتق عليه، لتوقفه (3) على التنافي بين دليل التسلط و دليل توقف العتق على الملك، و عدم (4)

+++++++++++

(1) تعليل لخروج ما نحن فيه عن مفهوم التمليك الضمني اى وجه خروجه عنه هو أن التمليك الضمني متوقف على قصد التمليك المذكور فإن صاحب العبد عند اعتاقه عبده عن القائل: اعتق عبدك عني يقصد تمليكه له أولا ثم يعتقه عنه.

و من الواضح أن ما نحن فيه ليس فيه قصد التمليك الضمني، حيث إن المتعاطيين قاصدان الاباحة المجردة في المعنى الثالث و الرابع فمن أين يأتي قصد التمليك الضمني؟

(2) اى و كذلك ما نحن فيه لا ينطبق عليه التمليك الآني القهري الموجود في شراء الانسان عموديه، أو احدهما الذين ينعتق عليهما قهرا.

(3) تعليل لعدم انطباق التمليك القهري الآني على ما نحن فيه.

و خلاصته أن منشأ التمليك الآني هو التعارض و التنافي بين الدليلين و هما: دليل الناس مسلطون على أموالهم، و دليل لا عتق إلا في ملك، و لا بيع إلا في ملك، و لا وطي إلا في ملك حتى يصح الجمع بينهما بالملكية القهرية الآنية اذا قلنا بالتنافي و التزاحم بينهما.

و هذا التنافي و التعارض مفقود في المقام و هو المعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع لعدم وجود دليلين متعارضين كما افاد هذا التنافي المدعي بقوله في ص 261 و دعوى.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لتوقفه.

هذا من متممات تعليل خروج ما نحن فيه عن التمليك الضمني، اى

ص: 269

حكومة الثاني على الاول، و لا على (1) التمليك الضمني المذكور ثالثا في بيع الواهب، و ذي الخيار، لعدم (2) تحقق سبب الملك هنا سابقا بحيث يكشف البيع عنه فلم (3) يبق إلا الحكم ببطلان الاذن في بيع ماله لغيره، سواء

+++++++++++

و لتوقف التمليك الضمني على عدم حكومة دليل لا وطي إلا في ملك على الدليل الاول: و هو الناس مسلطون.

و قد عرفت أنه حاكم على الدليل الاول كما افاده الشيخ بقوله في ص 264 و بالجملة دليل عدم جواز ملك الغير، أو عتقه لنفسه حاكم على عموم الناس.

(1) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا و هي خمسة عبارة الكتاب هكذا: و لا على التمليك الضمني.

و الصحيح و لا على التملك الضمنى، اذ لا مجال للتمليك الضمني بعد ما افاد الشيخ بقوله في ص 267: (فليس ملكا تقديريا نظير الملك التقديري في الدية بالنسبة الى الميت، أو شراء العبد المعتق عليه، بل هو ملك حقيقي حاصل قبل البيع).

فهنا تملك ضمني، لأن البائع ببيعه العبد الموهوب يرجع عن هبته الكاشف هذا البيع عن سبق الملك للبائع قبل بيعه.

(2) تعليل لعدم انطباق ما نحن فيه على التمليك الضمني المذكور ثالثا في بيع الواهب عبده الموهوب.

و خلاصته أن المعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع لا يوجد فيه تحقق سبب الملك كما كان يوجد سببه في بيع الواهب عبده الموهوب و هو فسخه هبته ببيعه العبد، لكشف البيع عن سبق الملك للواهب برجوعه عن هبته.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم انطباق التمليك الضمني و الآني، و الملك الحقيقي على المعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع.

ص: 270

صرح بذلك كما لو قال: بع مالي لنفسك، أو اشتر بمالي لنفسك، أم ادخله في عموم قوله: ابحت لك كل تصرف، فاذا باع المباح له على هذا الوجه وقع البيع للمالك إما لازما، بناء على أن قصد البائع البيع لنفسه غير مؤثر، أو موقوفا على الاجازة، بناء على أن المالك لم ينو تملك الثمن هذا (1)

و لكن (2) الذي يظهر من جماعة منهم قطب الدين و الشهيد رحمهما اللّه في باب بيع الغاصب: أن تسليط المشتري البائع الغاصب على الثمن و الاذن في إتلافه يوجب جواز شراء الغاصب به (3) شيئا، و أنه يملك الثمن بدفعه إليه فليس للمالك اجازة هذا الشراء (4)

+++++++++++

و خلاصته أنه على ضوء ما ذكرنا فلو باع احد المتعاطيين ما اخذه بالمعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع فقد باع مال غيره فيكون البيع باطلا و إن اذن له المالك بيع ماله لغيره، فيقع البيع للمالك مع اجازة المالك هذا البيع الذي وقع للمباح له، بناء على عدم قصد المالك تملك الثمن.

(1) اى خذ ما تلوناه عليك حول المعاطاة بالمعنى الثالث و الرابع من شتى جوانبه.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يرجع عما افاده: من بطلان بيع مال غيره لنفسه، و أن البيع يقع للمالك، و يريد أن يقول بوقوع البيع للمباح له فاستدل على ذلك بأقوال الفقهاء: منهم قطب الدين و الشهيد الاول و قد ذكر الشيخ ما افاده العلمان في هذا الموضوع فلا نعيده.

(3) اى بهذا الثمن الذي حصل إزاء المبيع المغصوب.

(4) لأن الغاصب يملك الثمن على هذا التقدير فلا مجال لاجازة المالك، لعدم تأثير هذه الاجازة.

ص: 271

و يظهر (1) أيضا من محكي المختلف، حيث استظهر من كلامه فيما لو اشترى جارية بعين (2) مغصوبة. أن له وطي الجارية، مع علم البائع بغصبية الثمن فراجع.

و مقتضى (3) ذلك أن يكون تسليط الشخص لغيره على ماله و ان لم يكن على وجه الملكية يوجب جواز التصرفات المتوقفة على الملك، فتأمل (4)

و سيأتي توضيحه في مسألة البيع الفضولي إن شاء اللّه.

و أما الكلام في صحة الاباحة (5) بالعوض، سواء صححنا إباحة التصرفات المتوقفة على الملك أم خصصنا الإباحة بغيرها (6)، فمحصله (7)

+++++++++++

(1) هذا استشهاد ثان من الشيخ لمدعاه قد استشهده من كتاب العلامة

(2) لا يخفى على الفطن أن شراء الجارية بعين مغصوبة عكس المسألة الاولى التي هو شراء البائع الغاصب بثمن المبيع شيئا، حيث إن المغصوب في الاولى المثمن، و في الثانية الثمن.

(3) من هنا يريد الشيخ أن يأخذ النتيجة بعد استشهاده بكلمات هؤلاء الأعلام فقال: و مقتضى ذلك اى و مقتضى كلام الشهيد و العلامة.

(4) لعل وجه التأمل أن التسليط في كلام العلامة و الشهيد بقولهما:

إن تسليط المشتري البائع الغاصب على الثمن: يكون على وجه التمليك في الثمن كما في كلام الشهيد، و يكون في المثمن كما في كلام العلامة.

(5) سواء أ كانت الاباحة ازاء تمليك كما في الوجه الثالث من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة المفيدة للاباحة أم ازاء إباحة اخرى كما في الوجه الرابع من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة.

(6) اى بغير المتوقفة على الملك.

(7) اى خلاصة الكلام في صحة الإباحة بالعوض.

ص: 272

أن هذا النحو من الإباحة المعوضة ليست معاوضة مالية (1) ليدخل كل من العوضين في ملك مالك العوض الآخر.

بل كلاهما (2) ملك للمبيح إلا أن المباح له يستحق (3) التصرف فيشكل (4) الامر فيه من جهة خروجه عن المعاوضات المعهودة شرعا و عرفا (5)، مع التأمل في صدق التجارة عليها (6)، فضلا عن البيع

+++++++++++

(1) الظاهر أن المراد من المالية هي التمليكية، اى ليست الإباحة المعوضة هنا معاوضة تمليكية، و لو لا هذا التفسير لتوجه عليه سؤال كيف لا تكون هذه الإباحة معاوضة مالية، مع أن كلا من المتعاطيين قد تعاطيا بالمال؟

ثم بناء على عدم افادة مثل هذه الإباحة المعاوضة التمليكية يستفاد منها اثرها: و هو جواز التصرفات، خصوصا على القول بأن الإباحة المجردة تفيد جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

و هذا نظير الملكية المتزلزلة كما في البيع الخياري

(2) اى كلا العوضين الذين ابيحا من قبل كل واحد من المتعاطيين للآخر.

(3) لا يخفى أن مجيء هذا الاستحقاق كان من ناحية التعويض

(4) جواب للشرط المذكور في قوله: و أما الكلام.

(5) لا نسلم خروج مثل هذه المعاوضة عن مفهوم المعاوضات العرفية لوجودها عند العرف في جميع الأعصار و الأصقاع.

(6) اى على مثل هذه المعاوضات.

الظاهر عدم التأمل هنا، لصدق التجارة عن تراض، لأن معنى التجارة هو البيع و الشراء و، الاخذ و الإعطاء و هذا المعنى موجود في المعاطاة

ص: 273

إلا أن يكون نوعا من الصلح، لمناسبة له لغة (1)، لأنه في معنى التسالم على أمر بناء على أنه لا يشترط فيه (2) لفظ الصلح كما يستفاد من بعض الأخبار الدال على صحته (3) بقول المتصالحين: لك ما عندك و لي ما عندي (4) و نحوه ما ورد في مصالحة الزوجين (5)

و لو كانت (6) معاملة مستقلة كفى فيها (7) عموم الناس مسلطون على أموالهم، و المؤمنون (8) عند شروطهم.

+++++++++++

من غير نكير، و الأثر الخارجي و هو النقل و الانتقال مترتب على مثل هذه المعاطاة.

(1) المراد من التناسب لغة هنا هو توافق معنى المعاطاة مع معنى الصلح الذي هو التسالم، فإن كل واحد من المتعاطيين يبيح التصرف للآخر فيما اعطاه له فيتسالمان و يتفقان على ذلك.

(2) اى في عقد الصلح لا يحتاج الى كلمة صالحتك، بل يكتفى بكل لفظ يدل عليه.

(3) اى صحة الصلح.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 165-166 - الباب 5 من أبواب الصلح. الحديث 1. فليس في الحديث لفظ صالحتك.

(5) المصدر نفسه. الجزء 15. ص 90-92. الباب 11 -.

الأحاديث.

(6) اى المعاطاة التي قصد بها الإباحة.

(7) اى في صحتها.

(8) اى و كفى في صحة المعاطاة أيضا المؤمنون عند شروطهم، لاشتراط الإباحة فيها فيشملها.

ص: 274

و على تقدير الصحة ففي لزومها (1) مطلقا، لعموم المؤمنون عند شروطهم أو من طرف المباح له (2)، حيث إنه يخرج ماله عن ملكه دون المبيح، حيث إن ماله باق على ملكه، فهو مسلّط عليه (3)

أو جوازها (4) مطلقا وجوه (5)

+++++++++++

(1) اى لزوم المعاطاة مطلقا اى من الطرفين: المبيح و المباح له هذا هو الوجه الاول.

(2) اى تكون المعاطاة لازمة من ناحية المباح له، دون المبيح هذا ثاني الوجوه.

لا يخفى أن صدق الفرض فيما لو كان المقصود من المعاطاة إباحة بإزاء تمليك كما في الوجه الثالث من الوجوه الاربعة المتصورة للمعاطاة الّذي اشير إليه في ص 252، حيث إن احد المتعاطيين في هذا الوجه قصد الإباحة فماله باق على ملكه، و الثاني منهما قصد التمليك فاخرج المال عن ملكه.

و أما الوجه الرابع المذكور في ص 252 فلا يصدق الفرض، لأن كل واحد من المتعاطيين مبيح و مباح له، و لم قصدا تمليك ماله للآخر.

فكيف يصدق اللزوم من ناحية؟

(3) اي على ماله، لأن المال لا يزال في ملك المبيح فهو مسلّط عليه، لكونه ملكه.

(4) هذا ثالث الوجوه اى جواز المعاطاة مطلقا من طرف المبيح و المباح له.

(5) اى ثلاثة، و قد عرفتها بقولنا آنفا: هذا هو الوجه الاول هذا ثاني الوجوه. هذا ثالث الوجوه.

ص: 275

أقواها اولها (1)، ثم أوسطها (2)

و أما حكم الإباحة فالإشكال فيه أيضا يظهر مما ذكرنا في سابقه (3)

و الأقوى فيها أيضا الصحة و اللزوم، للعموم، أو الجواز من الطرفين لأصالة التسلط.

الأمر الخامس: في حكم جريان المعاطاة في غير البيع من العقود

(الخامس) (4): في حكم جريان المعاطاة في غير البيع من العقود (5) و عدمه (6)

اعلم أنه ذكر المحقق الثاني رحمه اللّه في جامع المقاصد على ما حكي عنه أن في كلام بعضهم ما يقتضي اعتبار المعاطاة في الاجارة، و كذا في الهبة و ذلك لأنه اذا امره بعمل على عوض معين فعمله استحق الاجرة (7)

و لو كانت هذه اجارة فاسدة لم يجز له العمل، و لم يستحق اجرة مع علمه بالفساد (8)

+++++++++++

(1) و هي افادة المعاطاة اللزوم مطلقا: من طرف المبيح و من طرف المباح له.

(2) و هي افادة المعاطاة اللزوم من طرف المباح له، دون المبيح

(3) في ص 272 عند قوله: و محصّله أن هذا النحو من الإباحة المعاوضة ليست معاوضة، الى آخر ما ذكره.

(4) اى الامر الخامس من الامور التي اشار إليها الشيخ في ص 218 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور:

(5) كالاجارة و الهبة.

(6) اى و عدم جريان المعاطاة في غير البيع: من الاجارة و الهبة

(7) اى اجرة المسمى.

(8) اى بفساد الإجارة.

ص: 276

و ظاهرهم (1) الجواز بذلك

و كذا لو وهب بغير عقد، فإن ظاهرهم جواز الإتلاف، و لو كانت هبة فاسدة لم يجز (2)، بل يمنع من مطلق التصرف.

و هي (3) ملاحظة وجيهة انتهى (4)

و فيه (5) أن معنى جريان المعاطاة في الاجارة على مذهب المحقق الثاني الحكم بملك المأمور الاجر المعين على الآمر، و ملك الآمر العمل المعين على المأمور به و لم نجد من صرح به (6) في المعاطاة.

+++++++++++

و أما في صورة عدم العلم بالفساد فالاجارة صحيحة يستحق عليها الاجرة.

(1) اى ظاهر الفقهاء جواز ايقاع الاجارة بهذه الكيفية.

(2) اى الإتلاف، لأنه مال الغير.

(3) هذا قول المحقق الثاني يريد أن يؤيد ما افاده بعض الفقهاء في هذا المقام.

(4) اى ما افاده المحقق الثاني نقلا عن بعض الفقهاء في هذا المقام

(5) من هنا كلام الشيخ يريد أن يستشكل على ما افاده المحقق الثاني في جريان المعاطاة في الإجارة و الهبة حرفيا اى فيما افاده المحقق الثاني نظر و اشكال.

هذا هو الإشكال الاول على ما افاده المحقق الثاني: من تملك المأمور الاجر المعين لو امره الآمر بعمل.

و قد ذكر الإشكال في المتن فلا نعيده.

(6) اى بالحكم المذكور: و هو تملك المأمور العوض المعين.

ص: 277

و أما (1) قوله: لو كانت اجارة فاسدة لم يجز له العمل فموضع نظر، لأن فساد المعاملة لا يوجب منعه عن العمل، و لا سيما اذا لم يكن العمل تصرفا في عين من أموال المستأجر (2)

و قوله (3): لم يستحق اجرة مع علمه بالفساد ممنوع، لأن الظاهر ثبوت اجرة المثل، لأنه لم يقصد التبرع و إنما قصد (4) عوضا لم يسلّم إليه.

+++++++++++

(1) اى قول المحقق الثاني.

هذا هو الإشكال الثاني على ما افاده المحقق: من أن الاجارة لو كانت فاسدة.

و خلاصته أن فساد المعاملة على فرضه لا يصير سببا لمنع الانسان عن الإقدام في العمل، و عدم استحقاقه الاجرة لو اقدم عليه، فلو امر زيد عمرا لنقل الماء له من النهر بعوض معين قدره دينار واحد فقد استحق عمرو العوض المعين و ان كانت الاجارة فاسدة.

(2) كما مثلنا بقولنا: فلو امر زيد عمرا، فإن اقدام عمرو على نقل الماء من النهر لم يكن فيه تصرف في عين من أموال الآمر الذي هو المستأجر لأنه لو كان هناك عين و تصرف المأمور فيها يكون تصرفا بغير رضاه، لأن الاجارة فاسدة، و الرضا الموجود في ضمن العقد الفاسد ملغى، و لذا يكون المقبوض بالعقد الفاسد في حكم الغصب.

(3) هذا هو الإشكال الثالث على ما افاده المحقق الثاني: من عدم استحقاق المأمور الاجرة مع علمه بفساد الاجارة.

و قد ذكر الاشكال الشيخ في المتن فلا نعيده.

(4) اى المأمور قصد عوضا لا يصح التسليم له، لفساد الاجارة و ان وجب اعطاؤه من باب استحقاقه اجرة المثل.

ص: 278

و أما (1) مسألة الهبة فالحكم فيها بجواز إتلاف الموهوب لا يدل على جريان المعاطاة فيها، إلا اذا قلنا في المعاطاة بالإباحة، فإن جماعة كالشيخ و الحلي و العلامة صرحوا بأن إعطاء الهدية من دون الصيغة يفيد الاباحة، دون الملك.

لكن المحقق الثاني رحمه اللّه ممن لا يرى كون المعاطاة عند القائلين بهما مفيدة للإباحة المجردة.

و توقف الملك في الهبة على الايجاب و القبول كاد أن يكون متفقا عليه كما يظهر من المسالك (2)

و مما ذكرنا (3) يظهر المنع في قوله: بل مطلق التصرف

هذا (4)

و لكن (5) الأظهر بناء على جريان المعاطاة في البيع جريانها في غيره:

+++++++++++

(1) هذا هو الإشكال الرابع على ما افاده المحقق الثاني: من أنه لو وهب بغير عقد. و قد ذكر الشيخ الإشكال في المتن فلا نعيده.

(2) فعلى هذا الاتفاق لا يصح جريان الهبة بغير عقد.

(3) و هو أن الهبة المجردة عن الصيغة تفيد الاباحة، دون الملك عند الشيخ و الحلي و العلامة، فما افاده المحقق الثاني: بقوله: و لو كانت هبة فاسدة لم يجز، بل يمنع من التصرف: ممنوع، لأن الإباحة تفيد التصرف في الموهوب فلا يكون الموهوب له ممنوعا عن مطلق التصرف.

(4) اى خذ ما تلوناه عليك حول ما اوردناه على المحقق الثاني:

من شتى جوانبه.

(5) من هنا يريد الشيخ أن يهدم ما اورده على المحقق و يوافقه فيما افاده: من جريان المعاطاة في الاجارة و الهبة.

ص: 279

من الاجارة و الهبة، لكون الفعل مفيدا للتمليك فيهما.

و ظاهر المحكي عن التذكرة عدم القول بالفصل بين البيع، و غيره (1) حيث قال في باب الرهن: إن الخلاف في الاكتفاء فيه بالمعاطاة و الاستيجاب (2) و الايجاب عليه المذكور في البيع آت هنا.

لكن استشكله (3) في محكي جامع المقاصد: بأن البيع ثبت فيه حكم المعاطاة بالاجماع، بخلاف ما هنا (4)

و لعل وجه الإشكال عدم تأدي المعاطاة بالاجماع في الرهن على النحو الذي اجروها في البيع، لأنها (5) هناك إما مفيدة للاباحة، أو الملكية الجائزة على الخلاف (6)

و الاول (7) غير متصور هنا.

+++++++++++

(1) و هي الاجارة و الهبة.

(2) المراد منه المشتري، حيث يطلب من البائع البيع.

و المراد من الايجاب البائع، حيث يوجد البيع بهذا الاستيجاب و يكتفي به، من دون قبول من المشتري.

(3) اى المحقق الثاني، و الباء في بأن البيع ثبت فيه بيان لكيفية إشكال المحقق الثاني.

(4) و هو الرهن.

(5) اى المعاطاة في باب البيع إما تفيد الاباحة المجردة، أو الاباحة الجائزة المعبر عنها بالملكية المتزلزلة.

(6) اى الخلاف الواقع بين الفقهاء في أن المعاطاة مفيدة لتلك، أو لهذه.

(7) و هي الإباحة المجردة غير متصورة في باب الرهن، لأن الاجماع

ص: 280

و أما الجواز (1) فكذلك، لأنه ينافي الوثوق الذي به قوام مفهوم الرهن، خصوصا بملاحظة أنه لا يتصور هنا (2) ما يوجب رجوعها (3) الى اللزوم، ليحصل به (4) الوثيقة في بعض الأحيان.

و إن جعلناها (5) مفيدة للزوم كان مخالفا لما اطبقوا عليه: من توقف العقود اللازمة على اللفظ.

+++++++++++

قائم على لزوم الرهن من طرف الراهن، و اللزوم متوقف على الايجاب و القبول اللفظيين، و قائم أيضا على عدم لزوم ما ينشأ بالفعل.

و مقتضى الاجماعين بطلان المعاطاة في الرهن، لأن الحكم بصحة المعاطاة فيه ملازم للزوم الرهن من طرف الراهن و هو مخالف مع الاجماع القائم على عدم لزوم ما ينشأ بالفعل، فالاباحة المجردة لا تلائم الرهن.

(1) و هي افادة المعاطاة الملكية المتزلزلة فغير متصورة أيضا في الرهن لأن الجواز بمعنى الملكية المتزلزلة مناف للوثيقة التي بها قوام مفهوم الرهن و حقيقته، و لا سيما مع ملاحظة عدم امكان تصور ما يوجب في الرهن رجوع المعاطاة الى اللزوم حتى يحصل به الوثوق الذي هو قوام الرهن.

(2) اى في باب الرهن كما عرفت آنفا.

(3) اى رجوع المعاطاة كما عرفت آنفا.

(4) أي بهذا اللزوم كما عرفت آنفا.

(5) أى المعاطاة لو جعلناها لازمة: بمعنى أنها تفيد الملكية اللازمة لا المتزلزلة حتى يصح وقوعها في الرهن يكون هذا الجعل مخالفا للاجماع القائم على أن العقود اللازمة متوقفة على اللفظ.

و من الواضح أن المعاطاة تنشأ بالفعل ليس فيها لفظ و الرهن من العقود اللازمة و ان كان اللزوم فيه من جانب واحد و هو الراهن.

ص: 281

و كأن هذا (1) هو الذي دعا المحقق الثاني الى الجزم بجريان المعاطاة في مثل الاجارة و الهبة و القرض، و الاستشكال في الرهن (2)

نعم من لا يبالي مخالفة ما هو المشهور، بل المتفق عليه بينهم: من (3) توقف العقود اللازمة على اللفظ، أو حمل (4) تلك العقود على اللازمة من الطرفين، فلا (5) يشمل الرهن، و لذا (6) جوز بعضهم الايجاب

+++++++++++

(1) و هي افادة المعاطاة الملكية اللازمة التي مخالفة لاطباق الفقهاء على أن العقود اللازمة متوقفة على الألفاظ، و المعاطاة خالية منها.

(2) اى استشكل المحقق الثاني في وقوع المعاطاة في الرهن، حيث إن الرهن قد اخذ في مفهومه الوثوق الذي به قوام الرهن و هو مع الملكية الجائزة غير متصور، و مع اللزوم مخالف لاطباق الفقهاء على توقف العقود اللازمة على الألفاظ.

(3) كلمة من بيان لقوله: بل المتفق عليه اى المتفق عليه عبارة عن توقف العقود اللازمة على اللفظ.

(4) اى من لا يبالي بمخالفة المشهور: و هو اتفاق الفقهاء على توقف العقود اللازمة على اللفظ حمل تلك العقود اللازمة على اللازمة من الطرفين لا من طرف واحد كما في الرهن، حيث إنه لازم من طرف الراهن فهذا لا يحتاج الى اللفظ.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده هذا الذي لا يبالي، اي فعلى ضوء ما ذكره هذا: من حمل العقود اللازمة على اللازمة من الطرفين فلا يشمل اتفاق الفقهاء على أن العقود اللازمة متوقفة على اللفظ: الرهن، لأنه لازم من طرف واحد.

(6) تعليل من الشيخ لما افاده القائل: من حمل العقود اللازمة

ص: 282

بلفظ الامر كخذه، و الجملة الخبرية

امكن (1) أن يقول بافادة المعاطاة في الرهن اللزوم، لاطلاق بعض أدلة الرهن (2)

+++++++++++

على اللازمة من الطرفين، اى و لأجل الحمل المذكور اجاز بعض الفقهاء ايجاب الرهن بلفظ الامر كخذه، أو الجملة الخبرية كاعطيتك، مع أن الرهن له ألفاظ خاصة كأرهنتك هذا.

(1) فعل ماض فاعله جملة أن يقول المرفوعة محلا

و الفاعل في أن يقول كلمة من الموصولة في قوله: من لا يبالي، و جملة أمكن أن يقول مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هي كلمة من الموصولة

و المعنى أن من لا يبالي باتفاق الفقهاء على توقف العقود على اللفظ أو حمل تلك العقود على العقود اللازمة من الطرفين يمكنه أن يقول بوقوع المعاطاة في الرهن و أنه مفيد للزوم و إن كان الرهن لازما من طرف واحد و هو الراهن.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 121. الباب 11 - الأحاديث.

أليك نص الحديث الاول.

عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الحيوان و الطعام، و يرتهن الرجل بماله رهنا.

قال: نعم استوثق بمالك

فجملة استوثق بمالك مطلقة ليس فيها اعتبار اللفظ في الرهن فيقع به، و بغيره.

فبهذا الاطلاق الوارد في الحديث، و بعدم قيام الاجماع على عدم لزوم الرهن لو وقع بالمعاطاة نقول بوقوع المعاطاة في الرهن.

ص: 283

و لم يقم هنا (1) اجماع على عدم اللزوم كما قام في المعاوضات.

و لاجل ما ذكرنا في الرهن (2) يمنع من جريان المعاطاة في الوقف:

بأن (3) يكتفى فيه بالإقباض، لأن (4) القول فيه باللزوم مناف لما اشتهر بينهم: من توقف اللزوم على اللفظ، و الجواز غير معروف في الوقف من الشارع.

فتأمل (5)

+++++++++++

(1) اى في الرهن لم يقم اجماع على أنه لو وقع بالمعاطاة لا يفيد اللزوم.

(2) و هو عدم امكان وقوع المعاطاة في الرهن، لمنافاة الجواز للوثيقة المطلوبة فيه، و اللزوم مخالف لاطباق الفقهاء على توقف العقود اللازمة على اللفظ، و المعاطاة يقع بالفعل.

فنفس الملاك بعينه موجود في الوقف المطلوب فيه التحبيس المطلق، فلا يصح وقوع المعاطاة في الوقف.

و معنى جريان المعاطاة في الوقف هو الاكتفاء بالإقباض فيه من جانب الواقف من دون توقفه على اللفظ، سواء أ كان القابض هو الواقف أم غيره: بأن ينصب له وليا.

(3) الباء بيان لكيفية جريان المعاطاة في الوقف.

و قد عرفت الكيفية بقولنا: و معنى جريان المعاطاة.

(4) تعليل لامتناع وقوع المعاطاة في الوقف و قد عرفته عند قولنا:

فنفس هذا الملاك.

(5) لعل وجهه: أن اتفاق الفقهاء على كون العقود اللازمة متوقفة على اللفظ إنما هو في المعاوضات، لا في الوقف.

ص: 284

نعم يظهر الاكتفاء بغير اللفظ في باب وقف المساجد (1) من الذكرى تبعا للشيخ رحمه اللّه.

ثم إن الملزم (2) للمعاطاة فيما تجري فيه من العقود الاخر هو الملزم في باب البيع كما سننبه به (3)

الأمر السادس في ملزمات المعاطاة على كل من القول بالملك و القول بالإباحة

(الامر السادس) (4) في ملزمات المعاطاة على كل من القول بالملك (5) و القول بالإباحة (6)

+++++++++++

و أما عدم معروفية جواز وقوع المعاطاة في الوقف فلا يضر اذا دل الدليل عليه.

(1) كمن اقدم على تأسيس مسجد فنفس الاقدام على بناءه خارجا يكون وقفا فلا يحتاج وقف هذا المسجد الى إنشاء صيغة الوقف، فيصح وقوع المعاطاة في مثل هذا الوقف.

(2) خلاصة هذا الكلام أن كل شيء يكون ملزما للمعاطاة الجارية في البيع يكون هو الملزم للمعاطاة الجارية في غيره: من العقود الاخرى كالاجارة و الهبة و الرهن و الوقف، بناء على جريانها فيها.

(3) اى بهذا الالزام في الامر السادس المصوغ للكبرى الكلية: و هو ان كل شيء يكون ملزما للمعاطاة الجارية في البيع يكون هو الملزم لها اذا جرت في العقود الاخرى.

(4) اى من الامور التي ذكرها الشيخ في ص 218 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور:

(5) و هي الملكية التي افادها الشيخ في ص 71 بقوله: و لا بد أولا من ملاحظة أن النزاع في المعاطاة.

(6) اى الاباحة المجردة عن الملك.

ص: 285

اعلم أن الاصل (1) على القول بالملك اللزوم، لما عرفت من الوجوه الثمانية المتقدمة (2)

+++++++++++

(1) و هو الاصل العقلائي الذي اشرنا إليه في ص 168

(2) قد عرفت أن الوجوه تسعة لا ثمانية و قد ذكرناها لك بتمامها.

أليك الوجوه من البداية الى النهاية.

(الاول): الأصل العقلائي المشار إليه في ص 168.

(الثاني): الاستصحاب المشار إليه في الهامش 1 ص 169.

(الثالث): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم المشار إليه في الهامش 2 ص 178.

(الرابع): قوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه المشار إليه في الهامش 5 ص 180

(الخامس): قوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ المشار إليه في الهامش 3 ص 183.

(السادس): جملة المستثنى منها في قوله تعالى: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ المشار إليها في الهامش 4 ص 184.

(السابع): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع المشار إليه في الهامش 2 ص 188.

(الثامن): قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المشار إليه في الهامش 8 ص 188.

(التاسع): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم المشار إليه في الهامش 3 ص 191.

هذه هي الأدلة التي اقامها الشيخ على مدعاه: و هي افادة المعاطاة اللزوم و هي تسعة كما عرفتها.

ص: 286

و أما على القول بالإباحة فالاصل (1) عدم اللزوم، لقاعدة (2) تسلط الناس على أموالهم، و أصالة (3) سلطنة المالك الثابتة قبل المعاطاة

+++++++++++

(1) المراد منه هو الاستصحاب الازلي: ببيان أن المعاطاة قبل وقوعها لم تكن لازمة اصلا، و بعد الوقوع و افادتها الاباحة المجردة نشك في لزوم مثل هذه الاباحة فنجري استصحاب ذلك العدم.

(2) تعليل لعدم افادة مثل هذه الاباحة اللزوم.

و خلاصته: أن المعاطاة لما لم تفد سوى الاباحة المجردة فيجوز للمالك الاصلي الرجوع فيما اعطاه لصاحبه له ازاء ما اعطاه صاحبه له، لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم، حيث إن السلطنة العامة المستفادة من الحديث المذكور افادت الاباحة المجردة عن الملك فيصح للآخذ التصرف فيما اخذه من المعطي الى وقت لم يرجع صاحبه فيه فاذا رجع اخذ ما اعطاه له، لمقتضى سلطنته العامة.

و أما الاباحة اللازمة فلا تستفاد من العموم المذكور في الحديث.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لقاعدة تسلط الناس اى و لأصالة سلطنة المالك.

يريد الشيخ قدس سره يقول: إن لنا دليلين على عدم افادة المعاطاة اللزوم على القول بافادتها الاباحة.

(الاول): قاعدة إن الناس مسلطون على أموالهم.

(الثاني): استصحاب بقاء سلطنة المالك التي كانت ثابتة قبل المعاطاة المفيدة للإباحة المجردة فبهذا الإعطاء الذي حصل به الاباحة المجردة نشك في زوال سلطنة المالك فنستصحبها فيجوز للمالك التصرف في ماله بالرجوع إليه ما دام موجودا.

ص: 287

و هي (1) حاكمة على أصالة بقاء الإباحة الثابتة قبل رجوع المالك لو سلم جريانها (2)

اذا عرفت هذا (3) فاعلم أن تلف العوضين ملزم (4) اجماعا على الظاهر المصرّح به (5) في بعض العبائر.

أما على القول بالإباحة فواضح (6)

+++++++++++

(1) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم أن لنا في المقام استصحابا آخر: و هو استصحاب بقاء الإباحة الحاصلة من المعاطاة و الثابتة بها فعند الشك في زوالها نستصحبها فلا يبقى مجال لاستصحاب بقاء سلطنة المالك التي قد زالت بالمعاطاة و انقطعت بها بتيا.

فاجاب الشيخ عن الوهم ما خلاصته: أن استصحاب بقاء الإباحة الثابتة بالمعاطاة على فرض جريانها تكون محكومة عند وجود استصحاب بقاء سلطنة المالك الثابتة قبل المعاطاة، فالاستصحاب هذا يكون حاكما على ذاك الاستصحاب.

(2) الظاهر أن عدم جريان أصالة الاباحة لاحتمال كون موضوع الاباحة الشرعية هو تمليك المالك من حيث الحدوث و البقاء فعند الرجوع عن تمليكه لم يبق موضوع للإباحة الشرعية.

(3) اى ما تلوناه عليك: من اللزوم في المعاطاة على القول بافادتها الملكية، و عدم اللزوم على القول بافادتها الاباحة.

(4) أى يكون البيع المعاطاتي لازما اذا تلف الثمن و المثمن.

(5) اى بهذا الاجماع القائم على لزوم المعاطاة عند تلف العوضين

(6) اى لزوم المعاطاة عند تلف العوضين.

ص: 288

لأن (1) تلفهما من مال المالك و لم يحصل ما يوجب ضمان كل منهما مال صاحبه (2)

و توهم (3) جريان قاعدة الضمان باليد هنا مندفع بما سيجيء

و أما على القول بالملك (4) فلما عرفت (5): من أصالة اللزوم و المتيقن (6)

+++++++++++

(1) تعليل لكون تلف العوضين ملزما للمعاطاة على القول بافادتها الإباحة المجردة.

ثم إن في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة بتوحيد الضمير في قوله: لأن تلفه، و الصحيح كما اثبتناه بتثنيته، اذ المرجع كلمة العوضين في قوله: فاعلم أن تلف العوضين ملزم اجماعا، فلا بد من التطابق.

(2) لأن المعاطاة افادت الإباحة و هي لا توجب الضمان.

(3) اى لو تمسك (بقاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي) على الضمان هنا فيأتي الجواب عنه في ص 298 عند قوله: بأن هذه اليد قبل تلف العين لا تكون يد ضمان.

و خلاصة الجواب: أن اليد قبل تلف العين لم تكن يد ضمان، و بعد التلف نشك في الضمان فتستصحب عدم الضمان السابق.

(4) الذي افاده الشيخ في ص 71 عند قوله: الظاهر عند الخاصة و العامة هو المعنى الثاني.

(5) في قوله ص 286: اعلم أن الاصل على القول بالملك اللزوم.

(6) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا جاز الرجوع لكل واحد من المتعاطيين الى عينه

ص: 289

..........

+++++++++++

عند وجود هما المعبر عن هذا الرجوع بجواز التراد فقد جاز الرجوع عند وجود احداهما و تلف الاخرى أيضا، ثم يؤتى بدل التالفة بالمثل اذا كان مثليا أو القيمة اذا كان قيميا.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله: أن جواز الرجوع للمتعاطيين في عينيهما مخالف للاصل في المعاطاة الذي هو اللزوم كما عرفت في ص 286: من أن الاصل على القول بالملك اللزوم.

فحينئذ يقتصر في جواز الرجوع على وجود العينين فقط.

و أما مع وجود احداهما فلا، لئلا يلزم مخالفة الاصل الاصيل.

فالحاصل أن الجواز و العدم دائران مدار وجود العينين و عدمهما فإن وجدتا معا جاز الرجوع، للاقتصار على مخالفة الاصل على موضع اليقين، و إن لم توجدا معا؛ بل وجدت احداهما فلا يجوز الرجوع، لئلا يلزم المحذور المذكور.

ثم إن هاهنا صورا كثيرة لجواز الرجوع و عدمه بالنسبة الى تحقق موضوع التراد و عدمه ترتقى الى ثمانية و عشرين صورة.

و قد استخرجنا هذه الصور من هذا الكنز الذي هو أهم تراث فقهي (للفقه الامامي)، و ذكرنا كلها، لما فيها من فوائد جمة لا يستغني عنها الفقيه فضلا عن المتفقه.

و العجب من الشراح الكرام، و المعلقين العظام لم يشيروا إليها، مع ما بها من تلك الفوائد.

و نحن نذكرها بتمامها عند ما يذكرها الشيخ، و نشير الى كل واحدة منها تحت رقمها الخاص.

ص: 290

من مخالفتها جواز تراد العينين، و حيث (1) ارتفع مورد التراد امتنع، و لم يثبت (2)

+++++++++++

فاغتنمها أيها القارئ النبيل، و انظر إليها نظرة إكبار و إجلال.

(الصورة الأولى): هو وجود العينين، فإنه يجوز للمتعاطيين الرجوع فيما تعاطيا عليه ما دامتا موجودتين، لتحقق مورد التراد: و هو وجود العينين.

و قد اشار الشيخ الى هذه الصورة بقوله: و المتيقن من مخالفتها.

(1) تعليل لعدم جواز الرجوع في المأخوذ بالمعاطاة اذا تلفت احدى العينين، اى و حيث ارتفع موضوع التراد: و هو وجود العينين فقد امتنع التراد، لانتفاء موضوعه بتلف احدى العينين.

(2) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه قبل تلف العينين و هو وجودهما يجوز الرجوع إليهما، و عند تلف احداهما، و وجود الاخرى نشك في الرجوع فنستصحبه لوجود أركان الاستصحاب: و هو اليقين السابق، و الشك اللاحق، فيرجع احد المتعاطيين بالعين الموجودة، و الآخر بمثل العين التالفة، اذا كان التالف مثليا، و بالقيمة اذا كان قيميا.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله: إن احد أركان الاستصحاب الذي هو الموضوع غير محرز هنا، لأن موضوع جواز التراد هو وجود العينين و شخصهما، لا العين الواحدة كما فيما نحن فيه، حيث تلفت احداهما و بقيت الاخرى، فلا مجال للاستصحاب المذكور.

(لا يقال): إن موضوع الاستصحاب هنا محرز و هي نفس المعاملة التي هي لمعاطاة و هي موجودة في العين الواحدة، و في العينين، فيصح

ص: 291

قبل التلف جواز المعاملة على نحو جواز البيع الخياري حتى يستصحب (1) بعد التلف، لأن هذا الجواز من عوارض العقد (2)، لا العوضين (3)،

+++++++++++

جريان استصحاب الرجوع في العين الواحدة أيضا.

(فإنه يقال): إننا نشك في أن موضوع جواز التراد هل هو اصل المعاملة، أو الرجوع في العين حتى يجري الاستصحاب، أو تراد العينين حتى لا يجري الاستصحاب، و الشك كاف في عدم جريان الاستصحاب.

(لا يقال): إن ما نحن فيه و هو وجود احدى العينين في الماخوذ بالمعاطاة نظير جواز المعاملة في البيع الخياري اذا تلف الثمن عند البائع في زمن خيار المبيع فيجوز للمشتري الرجوع الى ثمنه اخذ مثله اذا كان مثليا، أو قيمته اذا كان قيميا مثلا فكما جاز الرجوع هناك يجوز الرجوع هنا.

(فإنه يقال): فرق بين المقيس و هو وجود احدى العينين في المأخوذ بالمعاطاة، و بين المقيس عليه و هو البيع الخياري، حيث إن جواز الرجوع في البيع الخياري عند التلف قد تعلق بنفس العقد فاذا تلف احد العوضين جاز الرجوع، لبقاء موضوعه و هو العقد، فيستصحب.

و في المأخوذ بالمعاطاة قد تعلق جواز الرجوع بنفس العوضين فاذا تلف احدهما لا يصح الرجوع؛ لانتفاء موضوعه و هي نفس العوضين فلا يستصحب

(1) اى جواز الرجوع في الماخوذ بالمعاطاة كما عرفت عند قولنا:

و في المأخوذ بالمعاطاة قد تعلق جواز.

(2) كما في البيع الخياري الذي عرفته عند قولنا: حيث إن جواز الرجوع.

(3) كما في المعاملة المعاطاتي هنا.

ص: 292

فلا مانع من بقائه (1)، بل (2) لا دليل على ارتفاعه بعد تلفهما

بخلاف ما نحن فيه (3)، فإن الجواز فيه هنا بمعنى جواز الرجوع في العين

نظير (4) جواز الرجوع في العين الموهوبة فلا يبقى بعد التلف متعلق الجواز (5) بل (6)

+++++++++++

(1) اى من بقاء جواز الرجوع في البيع الخياري كما عرفت.

(2) اى ارتفاع جواز الرجوع في البيع الخياري بعد تلف العينين عند البائع و المشتري.

هذا ترق من الشيخ في موضوع البيع الخياري اى يصح الرجوع لكل واحد من البائع و المشتري في البيع الخياري حتى و لو تلفت العينان فيأخذ كل واحد منهما بدل عينه: المثل، أو القيمة، فإنه لا دليل على ارتفاع جواز الرجوع في البيع الخياري.

(3) و هو البيع المعاطاتي التي قد تعلق جواز الرجوع فيه بالعوضين فيكونان هما المدار في الرجوع و العدم وجودا و عدما.

(4) فكما أنه في العين الموهوبة لو تلفت لا مجال لجواز الرجوع فيها، لزوال الموضوع و هو بقاء العين.

هذا تنظير لما نحن فيه و هي المعاملة المعاطاتي التي تلفت فيها احدى العينين: بالعين الموهوبة اذا تلفت.

و خلاصته أنه كما لا يجوز للواهب الرجوع في العين الموهوبة اذا تلفت

كذلك لا يجوز الرجوع في المأخوذ بالمعاطاة لو تلفت احدى العينين، لتعلق الجواز بوجود العينين فيزول بذهاب احداهما.

(5) اى فيما نحن فيه و هي المعاملة المعاطاتي.

(6) اى في المعاملة المعاطاتي التي تلفت فيها احدى العينين.

ص: 293

الجواز هنا يتعلق بموضوع التراد، لا مطلق الرجوع الثابت في الهبة (1)

هذا (2) مع (3) أن الشك في أن متعلق الجواز هل هو اصل المعاملة أو الرجوع في العين، أو تراد العينين: يمنع من استصحابه (4)؛ فإن (5)

+++++++++++

هذا ترق من الشيخ و خلاصته: أن ما نحن فيه قد تعلق الجواز فيه بموضوع التراد و شخصه، فالجواز فيه مقيد بهذا القيد، لا أنه متعلق بمطلق الرجوع حتى يصح اخذ احدى العينين لو تلفت الاخرى، أو بعضها.

بخلاف الهبة، فإن جواز الرجوع فيها قد تعلق بمطلق الرجوع، سواء أمكن الرجوع في العين أم لا.

(1) كما عرفت عند قولنا: بخلاف الهبة.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك في البيع المعاطاتي: من حيث تلف العينين، أو تلف احداهما.

(3) هذا دفع وهم.

و قد عرفت الوهم في الهامش 2 من ص 291 عند قولنا: لا يقال: إن موضوع الاستصحاب هنا محرز.

و كذا عرفت الجواب عن الوهم في ص 292 عند قولنا: فإنه يقال:

إننا نشك في أن.

(4) اى من استصحاب جواز الرجوع كما عرفت ذلك في ص 291-292 لا يقال فإنه يقال:

(5) تعليل لعدم جريان استصحاب جواز الرجوع في حالة الشك اي المسلم تعلق جواز الرجوع بشخص العينين.

و قد عرفت التعليل في ص 292 عند قولنا: إننا نشك.

ص: 294

المتيقن تعلقه بالتراد، اذ لا دليل في مقابلة أصالة اللزوم (1) على ثبوت ازيد من جواز تراد العينين الذي لا يتحقق إلا مع بقائهما (2)

و منه (3) يعلم حكم ما لو تلفت احدى العينين (4)، أو بعضها على القول بالملك (5)

+++++++++++

(1) اي لزوم المعاطاة على ما افاده الشيخ في ص 286 بقوله:

اعلم أن الاصل على القول بالملك اللزوم.

(2) لا مع بقاء احدى العينين، فإن الجواز لا يتحقق، لمخالفته لأصالة اللزوم التي عرفتها.

(3) اى و من أن المتيقن من جواز الرجوع، و فسخ العقد في البيع المعاطاتي على القول بافادتها الملك: هو وجود العينين و بقاؤههما: يعلم حكم ما لو تلفت احدى العينين.

هذه هي (الصورة الثانية) فلا يجوز الرجوع في العين الباقية لصاحبها، لانتفاء موضوع التراد: و هو وجود العينين.

(4) هذه هي (الصورة الثالثة) اي لو تلفت بعض احدى العينين فلا يجوز التراد و الرجوع في العين السليمة لصاحبها، و لا في العين المعيبة لصاحبها، لعين الملاك الموجود في الصورة الثانية.

(5) هذه هي (الصورة الرابعة): اي لو تلف من كل واحدة من العينين بعضها فلا يجوز الرجوع لصاحب كل واحدة من العينين المعيبتين لعين الملاك الموجود في الصورة الثانية.

و أما وجه المعلومية في تلف احدى العينين في قوله: و منه يعلم حكم ما لو تلفت احدى العينين: فواضح، حيث إنه لا يتحقق التراد من الجانبين بل من جانب واحد و هو صاحب العين الباقية و هو لا يحقق موضوع التراد

ص: 295

و أما (1) على القول بالإباحة فقد استوجه بعض مشايخنا وفاقا لبعض معاصريه، تبعا (2) للمسالك: أصالة (3)

+++++++++++

اذ مفهوم التراد هو وجود العينين.

و أما وجه المعلومية في تلف بعض احدى العينين، أو بعض كلتيهما فلاجل أن موضوع جواز الرجوع هو وجود العينين الصحيحتين، لا المعيبتين كما في تلف بعض كل واحدة من العينين، و لا وجود العين الصحيحة، و العين المعيبة كما في تلف بعض احدى العينين.

هذا تمام الكلام في الصور الاربعة بناء على افادة المعاطاة التمليك

(1) من هنا اخذ الشيخ في جريان الرجوع، و عدمه على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة في الصور الاربعة المذكورة تضاف معها على القول بالملك تكون ثمانية، أليك الصور المضافة:

(الصورة الخامسة): وجود العينين.

(الصورة السادسة): تلف احدى العينين.

(الصورة السابعة): تلف بعض احدى العينين.

(الصورة الثامنة): تلف بعض كل واحدة من العينين.

فقال الشيخ: استوجه بعض مشايخنا و هو صاحب الجواهر جريان التراد في الصور الاربعة المذكورة على القول بالإباحة، وفاقا لبعض معاصريه و هو الشيخ كاشف الغطاء.

و نحن نذكر خلاصة ما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام.

(2) منصوب على الحالية لكلمة بعض معاصريه اى حال كون بعض المعاصرين تبع الشهيد الثاني في الجريان.

(3) بالنصب مفعول لكلمة استوجه اى استوجه صاحب الجواهر أصالة عدم اللزوم في الصور الاربعة المذكورة.

و المراد من الأصالة هنا الاستصحاب الازلي المشار إليه في الهامش 1 ص 287

ص: 296

عدم اللزوم، لأصالة (1) بقاء سلطنة مالك العين الموجودة، و ملكه (2) لها

و فيه (3) أنها معارضة بأصالة براءة ذمته عن مثل التالف عنده، أو قيمة

+++++++++++

(1) تعليل من صاحب الجواهر لجريان أصالة عدم اللزوم في صورة تلف احدى العينين، أو بعض احداهما، أو بعض كل واحدة منهما.

و خلاصة أنه إنما نقول بالاستصحاب الأزلي لوجود استصحاب بقاء سلطنة المالك و هو صاحب العين قبل تلفها، بناء على افادة المعاطاة الإباحة المجردة، فقبل أن تتلف العين كانت لصاحبها و إن اباح التصرف فيها بالمعاطاة، و بعد التلف نشك في زوال هذه السلطنة فنستصحبها فيجوز له الرجوع فيها، ثم تشتغل ذمة من تلفت عنده احدى العينين، أو بعض احداهما، أو بعض كلتا العينين.

(2) بالجر عطفا على كلمة بقاء في قوله: لأصالة بقاء سلطنة اى و لأصالة بقاء ملك المالك الاول بعد التلف على ملكه.

هذا تعليل ثان من صاحب الجواهر لجريان أصالة عدم اللزوم.

و خلاصته: أن لنا استصحابين: استصحاب بقاء سلطنة مالك العين بعد التلف، و استصحاب بقاء ملك المالك على ملكه بعد التلف فيصح لصاحب العين التالفة الرجوع على من تلفت عنده بالمثل، أو القيمة.

(3) اى و فيما افاده صاحب الجواهر: من جريان أصالة عدم اللزوم عند تلف احدى العينين، أو بعض احدى العينين، أو بعض كلتا العينين نظر و اشكال.

و خلاصته: أن لنا هنا أصالة براءة ذمة التالف عن المثل اذا كان التالف مثليا، أو القيمة اذا كان قيميا، فهذا الاصل يعارض استصحاب بقاء سلطنة المالك فيقدم عليه فيكون حاكما، و ذاك محكوما، فلا ضمان

ص: 297

و التمسك (1) بعموم على اليد هنا في غير محله بعد القطع بأن هذه اليد قبل تلف العين لم يكن يد ضمان، و لا بعده اذا بنى مالك العين الموجودة على إمضاء المعاطاة و لم يرد الرجوع: إنما الكلام (2) في الضمان اذا اراد الرجوع، و ليس هذا (3) من مقتضى اليد قطعا.

+++++++++++

بالمثل، و لا بالقيمة، فلا يجوز له الرجوع في الصور الاربعة المذكورة أيضا، بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة.

(1) دفع وهم

حاصل الوهم: أن لنا في المقام قاعدة: على اليد ما اخذت حتى تؤدي فهذه تثبت الضمان بالمثل، أو القيمة عند تلف احدى العينين أو بعض احداهما، أو بعض كلتيهما فيجوز له الرجوع.

فاجاب الشيخ عن التوهم المذكور ما خلاصته: أن التمسك بالقاعدة المذكورة في غير محلها، للقطع بأن اليد الآخذة قبل تلف احدى العينين، أو بعض احداهما، أو بعض كلتيهما لم تكن يد ضمان، و بعد التلف نشك في الضمان فنستصحب عدمه فلا يجوز الرجوع.

و قد اشار الشيخ الى هذه القاعدة في الامر السادس عند تلف العينين بقوله في ص 289: و توهم جريان قاعدة، فكل ما افاده الشيخ هنا: من عدم جريان هذه القاعدة يجري هناك كما ذكرناه في الهامش 3 من ص 289 بقولنا:

و خلاصته: أن اليد.

(2) اى إنما الإشكال في أن المالك لو اراد الرجوع في العين و هي لم تتلف، لكنه تلفت في الأثناء.

فهل يتوجه ضمان نحو من كانت العين عنده و قد تلفت في الأثناء؟

(3) اى و ليس ضمان تلف العين عنده في الأثناء عند ما اراد المالك

ص: 298

هذا (1)

و لكن (2) يمكن أن يقال: إن أصالة بقاء السلطنة حاكمة على أصالة عدم الضمان بالمثل، أو القيمة، مع (3) أن ضمان التالف ببدله معلوم إلا أن الكلام في أن البدل هو البدل الحقيقي: اعني المثل، أو القيمة

+++++++++++

الرجوع في عينه قبل التلف من مقتضيات على اليد ما اخذت: حتى يكون ضمان التالف على من تلفت العين عنده، لأن يد من تلفت العين عنده قبل تلفها لم تكن يد ضمان، و بعد التلف لا يبقى شيء عنده في يده ما يوجب الضمان حتى تشمله قاعدة على اليد ما اخذت.

(1) اى خذ ما تلوناه عليك. من النقض و الإبرام في جريان الاستصحاب الازلي، و عدمه، و معارضة أصالة البراءة مع استصحاب بقاء سلطنة المالك على القول بافادة المعاطاة الإباحة المجردة.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يؤيد ما افاده صاحب الجواهر:

من جريان الاستصحاب الازلي لاجل استصحاب بقاء سلطنة المالك، و أن أصالة البراءة لا تعارض الاستصحاب المذكور.

و خلاصته: أن استصحاب بقاء سلطنة المالك على العين بعد التلف حاكم على أصالة البراءة، لأن الاستصحاب من الاصول المحرزة، حيث إن منشأ حجيتها هي الأخبار فلا مجال لأصالة البراءة حتى تعارض الاستصحاب فتقدم عليه، فلا ضمان على من تلفت العين عنده لو اراد المالك الرجوع في العين و هي لم تتلف، لكنها تلفت في الأثناء، فله حق الرجوع في الصورة الثانية، و الثالثة، و الرابعة.

(3) هذا إشكال آخر على أصالة البراءة، و أنه لا مجال لجريانها

و خلاصته كما في المتن أن ضمان التالف من المسلمات، لأنه إذا

ص: 299

أو البدل الجعلي: اعني العين الموجودة فلا (1) اصل

هذا (2)

مضافا (3) الى ما قد يقال: من أن عموم الناس مسلطون على أموالهم يدل على السلطنة على المال الموجود باخذه، و على المال التالف باخذ بدله الحقيقي: و هو المثل، أو القيمة، فتدبر (4)

+++++++++++

لم يكن بالمثل، أو القيمة فبالعين الموجودة، إلا أن الكلام في أن الضمان هل يتعلق بالبدل الحقيقي الذي هو المثل، أو القيمة عند تلف احدى العينين أو يتعلق بالبدل الجعلي الّذي هي العين الموجودة؟

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن ضمان التالف من المسلمات

و خلاصته أنه بناء على ما قلناه فلا مجال لجريان أصالة براءة ذمة من تلفت العين عنده فنجري أصالة عدم اللزوم فلا يجوز الرجوع.

(2) اى خذ ما تلوناه عليك: من جريان أصالة عدم اللزوم في الصورة الثانية و الثالثة و الرابعة، بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة كما افاده صاحب الجواهر.

و من معارضة أصالة البراءة لهذه الأصالة كما ذكرناها، و من الاشكال على أصالة البراءة.

(3) هذا إشكال آخر على أصالة البراءة أورده غير الشيخ، و لذا قال: مضافا الى ما قد يقال:

و قد ذكر الشيخ الاشكال في المتن فلا نعيده.

(4) لعل المراد من التدبر: هو أن التالف يمنع من تحوله الى المثل أو القيمة، بل ضمانه يكون في العين الموجودة عند الطرف الآخر اذا تلف بعضها فيأخذها و يأخذ الارش.

ص: 300

و لو كان (1) احد العوضين دينا في ذمة احد المتعاطيين فعلى القول بالملك يملكه من في ذمته فيسقط عنه.

و الظاهر أنه في حكم التلف (2)، لأن الساقط لا يعود.

و يحتمل العود (3) و هو ضعيف.

و الظاهر أن الحكم كذلك (4) على القول بالإباحة، فافهم (5)

+++++++++++

(1) هذه هي (الصورة التاسعة).

خلاصتها: أن احد العوضين لو كان دينا في ذمة احد المتعاطيين كما لو كان لشخص في ذمة زيد مائة دينار فتعاطيا على مائة طن من الحنطة بمبلغ مائة دينار مثلا فقال الدائن: جعلت ثمنها طلبي في ذمتك فيملك المدين المبلغ الذي في ذمته فيسقط الدين عنه، و يملك الدائن الحنطة.

(2) هذا حكم الصورة التاسعة.

و خلاصته: أن سقوط الدين عن ذمة المدين في حكم ما لو تلفت العين: في عدم جواز الرجوع الى العين الموجودة، لأن موضوع التراد هو وجود العينين كما عرفت.

(3) اى عود الدين فتشتغل ذمة المدين مرة ثانية

لكن القول بذلك ضعيف، لأنه بعد سقوط الدين بتملك الدائن ما قبضه من الحنطة ازاء طلبه من المدين لا مجال لعود الدين مرة ثانية.

هذا تمام الكلام في المعاطاة المفيدة للملك.

(4) من هنا يريد الشيخ أن يفيد أن عدم جواز الرجوع في الصورة الخامسة في المعاطاة المفيدة الإباحة كذلك فتسقط ذمة المدين عن الدين و يملك الدائن الحنطة المبيعة ازاء طلبه من دون فرق بين التمليك و بين الإباحة.

(5) لعله اشارة الى أن المعاطاة لو كانت مفيدة للإباحة كيف

ص: 301

و لو نقلت (1) العينان، أو احداهما (2) بعقد لازم فهو كالتلف على القول بالملك، لامتناع التراد.

و كذا (3) على القول بالإباحة اذا قلنا بإباحة التصرفات الناقلة.

و لو عادت (4)

+++++++++++

يسقط الدين عن ذمة المدين بسبب قبض الدائن الحنطة، لأن الدائن لم يملك الدين للمدين، بل اباحه له، فالمدين كيف يملك الدين و هو باق على ملك الدائن؟

(1) هذه هي (الصورة الحادية عشر).

و خلاصتها: أنه لو نقل المتعاطيان العينين بعقد لازم كالوقف أو الهبة المعوضة كان النقل بمنزلة تلفهما فليس لهما حق الرجوع، لانتفاء موضوع التراد بالنقل، لأن موضوعه هو وجود العينين.

(2) هذه هي (الصورة الثانية عشرة) و هي كسابقتها في الحكم:

و هو عدم جريان التراد.

هذا تمام الكلام في افادة المعاطاة الملك.

(3) من هنا يروم الشيخ جريان الحكم المذكور في صورة نقل العينين، أو احداهما بعقد لازم على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة فحكمه حكم افادته الملك: في عدم جريان التراد.

فهنا صوتان:

(احداهما): نقل العينين.

(ثانيتهما): نقل احد العينين.

فتضم الصورتان الى ما قبلهما فيصير المجموع أربعة عشر صورة.

(4) هذه هي (الصورة الخامسة عشر)

ص: 302

العين بفسخ ففي جواز التراد على القول بالملك، لإمكانه (1) فيستصحب و عدمه (2)، لأن (3) المتيقن من التراد هو المحقق قبل خروج العين عن ملك مالكه: وجهان؟

+++++++++++

و خلاصتها: أنه لو اعيدت العينان بفسخ بعد نقلهما بعقد لازم فحينئذ يجوز للمتعاطيين فيهما التراد، لتحقق مفهوم التراد و هو وجود العينين فقبل النقل كان التراد جائزا، و بعد النقل انتفى الموضوع، لكون النقل في حكم التلف، و بعد العود بفسخ العقد و رجوع العينين الى صاحبهما نشك في جواز الرجوع فنستصحب الجواز الثابت قبل النقل، لامكان هذا التراد بعود العينين.

و هنا صورة اخرى: و هو عود احدى العينين التي نقلت بالعقد اللازم فحكمها حكم عود العينين في جواز الرجوع، لتحقق مفهوم التراد و هو وجود العينين.

و تضم هذه الصورة الى الصور السابقة فيصير المجموع ستة عشر صورة.

(1) اى لامكان التراد بعود العينين كما عرفت آنفا.

(2) اى و يحتمل عدم جواز التراد بعد عود العينين، أو عود احداهما.

و قد ذكر الشيخ وجه ذلك في المتن فلا نعيده.

هذا تمام الكلام بناء على افادة المعاطاة الملكية اللازمة.

(3) تعليل لعدم جواز التراد.

ص: 303

اجودهما ذلك (1)، اذ لم يثبت في مقابلة أصالة اللزوم جواز التراد بقول مطلق، بل المتيقن منه (2) غير ذلك

فالموضوع (3) غير محرز في الاستصحاب.

و كذا (4) على القول بالإباحة، لأن التصرف الناقل يكشف عن سبق

+++++++++++

(1) و هو عدم جواز التراد بعد عود العينين بالفسخ.

هذا مختار الشيخ في الصورة الخامسة عشر و السادسة عشر على القول بافادة المعاطاة الملك.

و خلاصته أنه بعد أن قلنا: إن الاصل في الملك اللزوم كما عرفت في ص 286 عند قول الشيخ: اعلم أن الاصل على القول بالملك اللزوم لا مجال للتراد بعد عود العينين بالفسخ، لأنه لم يثبت جواز الرجوع بقول مطلق حتى بعد عود العينين، بل المسلم و الثابت هو جواز الرجوع عند وجود العينين قبل نقلهما بالعقد اللازم.

و أما بعد العود بالفسخ فلا دليل لنا على جواز التراد.

(2) أى من جواز الرجوع الى العينين هو وجودهما قبل النقل كما عرفت آنفا.

(3) هذا رد على من اجاز الرجوع و استدل على ذلك بالاستصحاب بقوله آنفا: لامكانه فيستصحب.

و خلاصته: أن من شرائط جريان الاستصحاب هو احراز الموضوع حتى يصح جريانه، و فيما نحن فيه موضوع جواز التراد هو وجود العينين قبل نقلهما، و بعد النقل فقد زال الموضوع فلا يبقى مجال حتى يستصحب الجواز بعد العود بالفسخ.

(4) هذا مختار الشيخ في الصورة الخامسة عشر و السادسة عشر

ص: 304

الملك للمتصرف فيرجع (1) بالفسخ الى ملك الثاني فلا دليل على زواله (2) بل (3) الحكم

+++++++++++

على القول بافادة المعاطاة الإباحة المجردة لو اعيدت العينان بالفسخ.

و خلاصته: أن التصرف الناقل الذي حصل من العقد اللازم بالنقل كاشف عن سبق الملك للمباح له قبل نقله العين الى الآخر، فإن تصرفه في العين بالعقد اللازم دليل على أن المباح اصبح ملكا له قبل نقله إليه فعليه لا يصح لهما الرجوع في عينيهما بعد عودهما إليهما بالفسخ، لأنهما ليستا ملكا لهما حتى يجوز لهما الرجوع فيهما، بل العين ترجع الى المباح له الذي هو المالك الثاني الذي اصبح مالكا للعين بالعقد اللازم، اذ المالك الاول هو المبيح، و المالك الثاني هو المباح له، و المالك الثالث هو الذي انتقلت العين إليه من المالك الثاني بالعقد اللازم.

(1) اى الملك الى المباح له و هو المالك الثاني كما عرفت آنفا.

(2) اى زوال الملك عن المالك الثاني كما عرفت آنفا.

(3) هذا ترق من الشيخ في الصورتين، بناء على افادة المعاطاة الإباحة المجردة.

و خلاصته: أن الحكم و هو عدم جواز التراد في الصورة الخامسة عشر و السادسة عشر على القول بالإباحة أولى من الحكم بعدم جواز التراد في الصورتين، بناء على افادة المعاطاة الملك، لأن جواز التراد لم يتحقق في الزمن السابق: و هو زمان قبل النقل الى الثالث للمباح له و هو البائع الثاني حتى يجوز له الرجوع فيما اباح لصاحبه بسبب فسخ الثالث، لأن الموجود قبل النقل الى الثالث جواز رد مال الغير إليه، و استرداد مال نفسه فمن أين يأتي جواز الرجوع للمباح له بعد العود و الفسخ؟

ص: 305

هنا أولى منه على القول بالملك، لعدم تحقق جواز التراد في السابق (1) هنا (2) حتى يستصحب، بل (3) المحقق أصالة بقاء سلطنة المالك الاول المقطوع بانتفائها (4) نعم (5)

+++++++++++

فلا مجال للاستصحاب كما ادعاه القائل بالتراد بقوله في ص 303:

لإمكانه فيستصحب.

(1) المراد من السابق هو زمن قبل نقل العين الى الثالث، و ليس المراد من السابق هي صورة الخامسة عشر و السادسة عشر على القول بافادة المعاطاة الملك كما توهمه كثير.

و قد عرفت هذا التفسير عند قولنا في الهامش 3 ص 305: و هو زمان قبل النقل الثالث.

(2) المراد من هنا هي الصورة الخامسة عشر، و السادسة عشر على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

(3) هذا من متممات الدليل على عدم جواز التراد في الصورة الخامسة عشر و السادسة عشر على القول بافادة المعاطاة الاباحة.

و خلاصته: أن المسلم و المحقق هي أصالة بقاء سلطنة المالك الاول الذي هو المبيح قبل نقل المباح له العين الى الثالث.

و من الواضح أن بقاء سلطنته قد انقطع و انتفى بنقل المباح له العين الى الثالث فلا يبقى للمالك الاول ملك حتى يصح له الرجوع بعود العين بفسخ الثالث فيقال: لإمكانه فيستصحب كما في ص 303.

(4) اى بانتفاء أصالة بقاء سلطنة المالك الاول كما عرفت عند قولنا: و من الواضح أن بقاء سلطنته.

(5) استدراك عما افاده: من عدم جواز التراد للمالك الاول اذا عاد الملك الى المباح له و هو البائع الثاني بسبب فسخ المشتري الثاني على فرض افادة المعاطاة الإباحة.

ص: 306

لو قلنا: إن الكاشف عن الملك هو العقد الناقل فاذا فرضنا ارتفاعه (1) بالفسخ عاد الملك الى المالك الاول و ان كان (2) مباحا لغيره ما (3) لم يسترد عوضه: كان (4) مقتضى قاعدة السلطنة جواز التراد (5) لو فرض كون العوض الآخر باقيا على ملك مالكه الاول، أو عائدا (6) إليه بفسخ.

و كذا (7) لو قلنا: إن البيع لا يتوقف على سبق الملك، بل يكفي

+++++++++++

و خلاصته أنه لو قلنا: إن الكاشف عن الملك هي نفس العقد الناقل من المباح له، لا التصرف الناقل فحينئذ لو فرضنا ارتفاع هذا العقد الناقل بسبب فسخ الثالث الذي انتقل المال إليه فقد عاد هذا الملك الى مالكه الاول و إن كان هذا الملك مباح التصرف للمباح له، لكن يرجع الى المالك الاول فيجوز له التراد.

(1) اى ارتفاع هذا النقل كما عرفت.

(2) اى الملك مباح التصرف للمباح له الذي هو البائع الثاني كما عرفت.

(3) كلمة ما مصدرية جاءت لتقييد إباحة التصرف للمباح له أى إباحة التصرف له موقوفة على عدم استرداد عوضه الذي بذله للمالك الاول فإنه لو استرده تنتفي الإباحة.

(4) جواب للو الشرطية في قوله: نعم لو قلنا: إن الكاشف

(5) اى لكل واحد من المتعاطيين.

(6) اى أو عاد الملك الى الّذي طلب التراد بسبب فسخ من المشتري الثاني الذي انتقل المال إليه من المباح له.

(7) اى و كذا يجوز التراد لكل واحد من المتعاطيين في صورة افادة المعاطاة الإباحة المجردة.

ص: 307

فيه إباحة التصرف، و الإتلاف (1)، و يملك الثمن بالبيع كما تقدم استظهاره عن جماعة في الامر الرابع (2)

لكن الوجهين (3) ضعيفان، بل الاقوى رجوعه (4)، بالفسخ الى البائع.

و لو كان (5) الناقل عقدا جائزا لم يكن لمالك العين الباقية الزام الناقل

+++++++++++

(1) اى بل يكفي في البيع مجرد جواز الاتلاف إما بالبيع، أو الوقف أو غيرهما.

(2) عند قوله في ص 271: و لكن الذي يظهر من جماعة.

(3) و هما: جواز تراد العينين لو قلنا: إن الكاشف عن الملك و جواز تراد العينين لو قلنا: إن البيع لا يتوقف على سبق.

أما وجه الضعف في الأول فلانسلاخ الملكية عن المالك الاول ببيع المباح له، بناء على أن البيع موجب للتملك آنا مّا قبل البيع.

و أما وجه الضعف في الثاني فبناء على أن التصرفات المتوقفة على الملك غير جائزة، لعدم كفاية إباحة التصرف في مثل هذه التصرفات.

(4) هذه نظرية الشيخ أى الأقوى رجوع العين الى البائع الثاني بسبب فسخ المشتري في الصورة الخامسة عشر، و السادسة عشر على القول بافادة المعاطاة الاباحة، سواء قلنا: إن الكاشف عن الملك للبائع الثاني هو العقد الناقل أم قلنا: إن البيع لا يتوقف على سبق الملك، بل يكفي فيه مجرد إباحة التصرف.

(5) هذه هي (الصورة السابعة عشر) و خلاصتها: أنه لو نقل احد المتعاطيين العين الى ثالث بنقل جائز، لا لازم كما في صورة الخامسة عشر و السادسة عشر، حيث كان النقل فيهما بعقد لازم، سواء أ كان النقل

ص: 308

بالرجوع فيها، و لا رجوعه (1) بنفسه الى عينه.

فالتراد (2) غير متحقق، و تحصيله (3) غير واجب.

و كذا (4) على القول بالإباحة، لكون المعاوضة كاشفة عن سبق الملك.

نعم (5) لو كان غير معاوضة كالهبة، و قلنا: إن التصرف في مثله

+++++++++++

بعوض أم بغيره كالهبة لغير ذي رحم؛ أم مجانا: ليس لمالك العين الباقية إلزام الناقل بالرجوع الى عينه.

(1) اى و كذا ليس لمالك العين الباقية في صورة انتقال العين بنقل جائز الرجوع الى عينه التي عند ثالث.

(2) اى الرجوع في صورة بقاء العين الواحدة، و نقل الاخرى غير مسلم، لأن موضوع التراد هو وجود العينين، لا العين الواحدة.

(3) اى تحصيل موضوع التراد بشراء مثل العين الناقلة الى الثالث من الخارج ليتحقق موضوع التراد غير واجب على من تلفت العين عنده بالنقل حتى يرجع الى عينه الموجودة، و الآخر يرجع الى عينه بعد شرائها هذا تمام الكلام على القول بافادة المعاطاة الملك.

(4) اى و كذا التراد غير متحقق، و تحصيله غير واجب على القول بافادة المعاطاة الاباحة المجردة في الصورة السابعة عشر، لأن المعاوضة التي هو نقل العين الى الثالث بعقد جائز كاشفة عن سبق الملك للناقل و هو البائع الثاني.

(5) استدراك عما افاده في الصورة السابعة عشر على القول بالإباحة:

من أن الناقل لو كان عقدا جائزا فالاقوى رجوع العين بالفسخ الى البائع الثاني و هو المباح له، لا الى المالك الاول.

ص: 309

..........

+++++++++++

هذه هي (الصورة الثامنة عشر): و خلاصتها: أن النقل بعقد جائز لو كان بغير معاوضة كالهبة لغير ذي رحم، و بلا عوض، و قلنا:

إن هذا النوع من التصرف الذي هو بنحو الهبة المجانية لا يكون كاشفا عن سبق الملك للواهب، لعدم وجود عوض هنا، لأن المباح له لم يأخذ من الثالث ازاء العين شيئا: ترجع العين الى المالك الاول لو رجع الثالث العين الى الواهب، أو الواهب رجع عن هبته.

(لا يقال): إنه يلزم على القول برجوع العين الى المالك الأول لو كان النقل الجائز بغير عوض: رجوعها الى ملك غير مالك العوض الذي هو الواهب و المباح له.

و هذا غير معقول، اذ كيف يعقل دخول المثمن في كيس من لم يدخل الثمن فيه.

(فإنه يقال): ليس هنا عوض و معوض حتى يقال: لا يعقل رجوع العين الى المالك الاول، اذ الهبة من المباح له الذي هو الواهب قد وقعت مجانا و بلا عوض، و لم تقع في قبال شيء حتى يكون عوضا عنها فيقال: هنا عوض و معوض.

و الى هذا أشار الشيخ بقوله: اذ لا عوض فيه حتى لا يعقل كون العوض مالا لاحد.

نعم عدم التعقل إنما يلزم في الفرض الاول الذي تصرف المباح له في العين بنحو البيع لو لم يرجع المبيع بعد الفسخ الى المباح له الذي هو البائع الثاني و هو المالك للثمن، اذ تملكه للثمن كاشف عن سبق الملك له، فإنه لو رجع المبيع الى المالك الاول لزم رجوع المعوض الى ملك غير مالك العوض و هو غير معقول.

ص: 310

لا يكشف عن سبق الملك، اذ لا عوض فيه حتى لا يعقل (1) كون العوض مالا لاحد، و انتقال (2) المعوض الى الآخر.

بل (3) الهبة ناقلة للملك عن ملك المالك المتهب فيتحقق حكم جواز الرجوع بالنسبة الى المالك، لا الواهب:

اتجه (4) الحكم بجواز التراد، مع بقاء العين الاخرى (5) أو عودها الى مالكها بهذا النحو من العود (6)، اذ لو عادت بوجه آخر (7) كان حكمه حكم التلف.

+++++++++++

(1) اى في مثل هذه المعاوضة الواقعة مجانا و بلا عوض كالهبة لغير ذي رحم.

(2) بالرفع عطفا على نائب الفاعل في قوله: حتى لا يعقل كون العوض اى و حتى لا يعقل انتقال المعوض الى الآخر الذي هو المالك الأول الذي رجعت العين إليه.

(3) هذا ترق من الشيخ في المقام.

و خلاصته: أن الواهب لما وهب العين المباحة الى ثالث و نقلها إليه كان هذا النقل في الحقيقة عن المالك الاول الذي هو المبيح، لا عن الواهب، فعند رجوع العين الى المالك الاول فقد رجعت الى اهلها و وقعت في محلها فلا مجال لرجوعها الى المباح له الذي هو الواهب.

(4) جواب عن لو الشرطية في قوله: نعم لو كان غير معاوضة

و قد عرفت الجواب آنفا عند قولنا: و خلاصته: ان الواهب.

(5) التي هي للمالك الاول الذي قد اخذ من المباح له شيئا عوضا عن العين المباحة له.

(6) و هو العود مجانا الى الواهب.

(7) بأن رجعت العين الى المالك الاول بالارث؛ أو الشراء

ص: 311

و لو باع (1) العين ثالث فضولا فاجاز المالك الاول على القول بالملك لم يبعد كون اجازته رجوعا كبيعه، و سائر تصرفاته الناقلة.

و لو اجاز (2) المالك الثاني نفذت (3) بغير إشكال.

و ينعكس الحكم (4)

+++++++++++

فليس للمالك الاول، و لا المباح له حق الرجوع و التراد لأن الرجوع بهذا النحو في حكم التالف.

(1) هذه هي (الصورة التاسعة عشرة) و خلاصتها: أنه لو جاء شخص ثالث عن المتعاطيين فباع العين المأخوذة بالمعاطاة فضولا ثم اجاز البيع المالك الاول، سواء أ كان المبيع ثمنا أم مثمنا.

فعلى القول بافادة المعاطاة الملك تكون الاجازة كاشفة عن رجوع المالك الاول عما تعاطى عليه مع صاحبه فيصدق التراد، لأن اجازته هذه مثل بيعه سلعته، أو مثل تصرفاته الناقلة كالوقف، و الهبة بذي رحم.

و هذا معنى قوله: و سائر تصرفاته الناقلة.

(2) هذه هي (الصورة العشرون) و خلاصتها: أنه لو اجاز هذا البيع الفضولي الصادر عن ثالث المالك الثاني الذي هو احد طرفي المعاطاة فلا إشكال في نفوذ هذه الاجازة، لأن المبيع كان ملكا له فهو أولى و أحق من المالك الاول الذي اخرج سلعته عن ملكه بالمعاطاة.

فالحاصل: أن الاجازة لو صدرت عن المالك الاول فلا تخلو عن إشكال، و إن صدرت عن الثاني فلا إشكال في نفوذها، لما عرفت من وجه الاشكال آنفا.

(3) اي الاجازة الصادرة عن المالك الثاني كما عرفت آنفا.

هذا تمام الكلام في البيع الفضولي على القول بافادة المعاطاة الملك.

(4) من هنا يروم الشيخ أن يبين حكم البيع الفضولي على القول

ص: 312

إشكالا و وضوحا على القول بالإباحة، و لكل منهما (1) رد العين قبل اجازة الآخر.

+++++++++++

بافادة المعاطاة الاباحة المجردة.

و المراد من الحكم الاشكال و النفوذ.

هذه هي (الصورة الواحدة و العشرون) و خلاصتها: أنه على القول بالإباحة المجردة تنعكس الاجازة الصادرة: بمعنى أنها لو صدرت من المالك الاول تكون نافذة بلا إشكال، لأن المأخوذ بالمعاطاة على القول بالإباحة ملك المالك الاول.

و إن صدرت من المالك الثاني فلا تخلو من إشكال.

فانعكست الاجازة وضوحا و إشكالا في هذه الصورة.

و كلمة إشكالا و وضوحا منصوبة على التميز اى الاجازة تنعكس من حيث الاشكال لو صدرت من المالك الأول فتصير واضحة، و تنعكس من حيث الوضوح لو صدرت من المالك الثاني فتصير مشكلة.

(1) اى و لكل واحد من المتعاطيين على القول بالإباحة رد العين لو باعها ثالث فضولا قبل اجازة الآخر، سواء أ كان المالك الاول أم المالك الثاني

الظاهر أن المراد من قوله: و لكل منهما رد العين هي صورة افادة المعاطاة الاباحة.

و لكن يمكن مجيء الرد لكل منهما على القول بافادتها الملك أيضا.

ثم لا يخفى عليك أن الرد في البيع الفضولي إن كان من المالك الثاني فلا إشكال في رجوع العين الى ملكه.

و هل الرجوع هذا يكون رجوعا متزلزلا كالملك الاول، أو رجوعا ثابتا؟

ص: 313

و لو رجع الاول (1) فاجاز الثاني فان جعلنا الاجازة كاشفة لغا الرجوع

و يحتمل عدمه (2)، لأنه رجوع قبل تصرف الاخر فينفذ (3) و تلغو الاجازة (4).

و إن جعلناها (5) ناقلة لغت الاجازة قطعا.

+++++++++++

و بما أن البيع الفضولي لم يتحقق فيه البيع يرجع الملك الى الثاني ملكا متزلزلا كما كان التزلزل ثابتا قبل البيع، فلكل من المتعاطيين التراد أو الفسخ.

هذا اذا كان الرد من قبل المالك الثاني.

و أما اذا كان من قبل المالك الاول فهل ترجع العين إليه حتى يكون الرجوع فسخا في المعاطاة أم ترجع الى المالك الثاني كما كان قبل العقد الفضولي؟

(1) هذه هي (الصورة الثانية و العشرون) و خلاصتها: أنه بناء على افادة المعاطاة الاباحة فلو رجع المالك الاول عن بيعه و اجاز المالك الثاني البيع الفضولي الصادر من الثالث، فإن قلنا: إن الاجازة كاشفة عن وقوع العقد من اوّل الامر لغا رجوع المالك الاول عن بيعه فلا يصح له حق الرجوع في سلعته الموجودة، لانتقال العين الى الآخر بمجرد العقد

(2) اى و يحتمل عدم لغوية رجوع المالك الاول و إن قلنا بالكشف لأن المالك الاول برجوعه قد ابطل العقد من اساسه فلا يبقى مجال لاجازة الثاني حتى تكون كاشفة فرجوعه ثابت مستقر، و تلغو الاجازة الصادرة من المالك الثاني.

(3) اى رجوع المالك الاول كما عرفت آنفا.

(4) اى الصادرة من المالك الثاني.

(5) اى الاجازة الصادرة من المالك لو جعلناها ناقلة: بمعنى أنها

ص: 314

و لو امتزجت (1) العينان، أو احداهما (2) سقط الرجوع على القول بالملك، لامتناع التراد، و يحتمل الشركة (3) و هو (4) ضعيف.

+++++++++++

من حين صدورها تنقل المبيع الى المشتري لغت الاجازة اى لا محل لها لأنها كانت بعد رجوع المالك الاول عن بيعه، و هي ناقلة كما فرضنا فلا يبقى لها اعتبار حتى تؤثر.

(1) هذه هي (الصورة الثالثة و العشرون) و خلاصتها: أن العينين لو امتزجتا مع عين ثالثة، أو مع عينين مزجا لا يميز بينهما ابدا سقط الرجوع، لانتفاء موضوع التراد: و هو وجود العينين.

(2) هذه هي (الصورة الرابعة و العشرون) و خلاصتها: أنه لو امتزجت احدى العينين و بقيت الاخرى كما كانت سقط الرجوع أيضا لانتفاء موضوع التراد: و هو وجود العينين.

(3) هذه هي (الصورة الخامسة و العشرون) و خلاصتها: أنه في صورة امتزاج العينين، أو احداهما يحتمل اشتراك صاحب العين الممتزجة مع مالك العين المختلطة: بأن يكون صاحب العينين الممتزجة مع صاحب العينين الأخريتين، أو صاحب العين الواحدة الممتزجة مع العين الممتزجة الاخرى شريكا فتكون العينان مع تلك العينان، أو العين الواحدة مع تلك العين الواحدة مشاعتين بين أصحابها.

(4) اى اشتراك العينين مع العينين الأخريتين في صورة امتزاجهما أو اشتراك العين الواحدة مع الاخرى في صورة امتزاجها بها ضعيف.

وجه الضعف أن التراد قد تعلق بشخص العينين ما دامتا موجودتين و باقيتين عنده، و بامتزاج العينين، أو احداهما فقد زال التشخص.

فمن اين يأتي الاشتراك؟

ص: 315

أما (1) على القول بالإباحة فالاصل بقاء التسلط على ماله الممتزج بمال الغير فيصير المالك شريكا مع المال الممتزج به.

نعم (2) لو كان المزج ملحقا له بالإتلاف جرى عليه حكم التلف

و لو تصرف (3) في العين تصرفا مغيرا للصورة كطحن الحنطة، و فصل

+++++++++++

ثم الامتزاج تارة يكون بين جنسين متغايرين كامتزاج الشعير مع الحنطة

و اخرى بين نوعين كامتزاج الحنطة الشمالية مع الحنطة الجنوبية.

ففي جميع هذه الصور يسقط التراد، لانتفاء موضوعه: و هو وجود العينين.

هذا تمام الكلام في افادة المعاطاة الملكية.

(1) هذه هي (الصورة السادسة و العشرون) و خلاصتها: أنه بناء على افادة المعاطاة الاباحة المجردة ففي صورة مزج العينين بعينين اخريتين، أو مزج احداهما بعين اخرى يتحقق التراد و يصح للمالك الرجوع فيهما، لأصالة بقاء السلطنة على ماله الممتزج بمال الغير فيصبح المالك شريكا مع المال الممتزج به.

(2) استدراك عما افاده: من جواز الرجوع في العينين على القول بالإباحة، لتحقق موضوع التراد.

ففي الحقيقة هذه هي (الصورة السابعة و العشرون) و خلاصتها:

أن المرج و الاختلاط لو كان بنحو يلحق العين بصورة التلف: بأن خلطت الحنطة الجيدة بالحنطة الرديئة بحيث لا يمكن تجزئتهما فهنا يجري على هذا المزج حكم التلف فلا يحق لهما الرجوع، لعدم صدق موضوع التراد و هو وجود العينين و ان كان المعاطاة مفيدا للاباحة.

(3) هذه هي (الصورة الثامنة و العشرون) و خلاصتها: أن

ص: 316

الثوب فلا لزوم على القول بالإباحة، و على القول (1) بالملك ففي اللزوم وجهان مبنيان على جريان استصحاب جواز التراد.

و منشأ الاشكال (2) أن الموضوع في الاستصحاب عرفي، أو حقيقي.

+++++++++++

المتعاطيين تصرفا في العين تصرفا موجبا لتغيير صورتها الشخصية كجعل الحنطة طحينا، و القميص ثوبا مثلا، فعلى القول بالإباحة لا تكون المعاطاة لازمة فلا يحق للمتعاطيين الرجوع، لعدم تحقق التراد و هو وجود العينين لأن السيرة قائمة على أن مثل هذا التصرف المغير للصورة يعدم موضوع التراد، لانتقال ما وقع فيه التصرف الى المتصرف، و انتقال عوضه الذي هو المسمى الى الآخر آنا مّا قبل التصرف.

(1) هذا على القول بافادة المعاطاة الملكية اى لو كان التصرف في العين تصرفا مغيرا لصورتها الشخصية ففي لزوم المعاطاة حينئذ وجهان مبنيان على القول بجريان استصحاب تراد العينين، و عدم الجريان.

فإن قلنا بجريان الاستصحاب، حيث إن المالك كان له حق الرجوع في عينه قبل التغير، و بعده نشك في الرجوع فنستصحب: قلنا باللزوم

و ان لم نقل بجريان الاستصحاب قلنا بعدم اللزوم فيمتنع التراد لعدم تحقق مفهومه.

(2) اى و منشأ الاشكال في جريان الاستصحاب، و عدم الجريان هو تشخيص موضوع الاستصحاب و تعيينه.

فإن قلنا: إن بقاء الموضوع في الاستصحاب هو نظر العرف ففيما نحن فيه لا يجري الاستصحاب، لأن العرف يحكم بذهاب الموضوع بتغير صورتها الشخصية، فإن الحنطة لما صارت طحينا فقد زال موضوعها بصيرورتها طحينا.

ص: 317

ثم إنك قد عرفت مما ذكرنا (1) أنه ليس جواز الرجوع في مسألة المعاطاة نظير الفسخ في العقود اللازمة حتى يورث بالموت (2)، و يسقط بالإسقاط ابتداء (3)، أو في ضمن معاملة (4)،

بل هو (5) على القول بالملك نظير الرجوع في الهبة (6)

+++++++++++

و إن قلنا: إن بقاء الموضوع في الاستصحاب هو امر حقيقي و واقعي ففيما نحن فيه يجري الاستصحاب، حيث إن موضوع الحنطة بعد جعلهما طحينا باق على حقيقتها الواقعية عما هي عليه و لم تذهب.

(1) اى في قوله في ص 291: و لم يثبت قبل التلف جواز المعاملة على نحو جواز البيع الخياري، فإنه افاد هناك أن جواز الفسخ في البيع الخياري من عوارض العقد فيصح لصاحب الخيار الفسخ و ان تلفت العين

بخلاف الجواز في المعاطاة، حيث إنه متعلق بالعوضين، و من عوارضهما فإرادة ازالة المعاطاة متوقفة على تراد العينين.

(2) حيث إن جواز الفسخ في العقود الخيارية حق من الحقوق الثابتة لصاحب الخيار فينتقل هذا الحق بموت صاحب الخيار الى وارثه.

بخلاف المعاطاة، فإن جواز الرجوع فيه حكم من الأحكام الشرعية فبموت احد المتعاطيين لا ينتقل هذا الحكم الى وارثهما فتكون المعاطاة لازمة بموت احدهما.

(3) اى من دون شرط سابق في إسقاط الحق في ضمن المعاملة.

(4) اى مع شرط سابق في إسقاط الحق في أثناء المعاملة كما في الخيارات.

(5) اى جواز التراد.

(6) اى في عدم احتياجها الى الفسخ، فالمعاطاة بناء على القول بالملك مثل الهبة بعينها.

ص: 318

و على القول بالإباحة نظير الرجوع في إباحة الطعام بحيث يناط الحكم فيه بالرضا الباطني (1) بحيث لو علم (2) كراهة المالك باطنا لم يجز له التصرف.

فلو مات (3) احد المالكين لم يجز لوارثه الرجوع على القول بالملك للاصل (4)

+++++++++++

(1) فيبقى الطرفان على إباحة التصرف حتى ينكشف لهما، أو لأحدهما عدم الرضا بالتصرف.

(2) اى احد المتعاطيين في إباحة الطعام.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن جواز الرجوع في المعاطاة ليس نظير الفسخ في العقود اللازمة حتى يورّث، بل هو نظير الرجوع في الهبة في أنه لا يورّث، اى فعلى ضوء ما ذكرنا فلو مات احد المتعاطيين لم يجز لوارثه الرجوع، لأن الموروث الذي تركه الميت لا بدّ أن يكون ملكا أو حقا حتى ينتقل الى الوارث، و يشمله قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

ما تركه الميت: من ملك، أو حق فهو لوارثه.

و من الواضح أن الحكم بجواز المعاملة الجائزة كالمعاطاة و الهبة ليس مما تركه الميت: من ملك أو حق حتى يرثه الوارث، بل هو حكم شرعي كان ثابتا في شخص الواهب و المتعاطيين، و قائما بذاتهما ما داما موجودين في الحياة، و بعد موتهما لا يقبل الانتقال حتى يرثه الوارث، فليس للوارث رجوع فيه بعد موت مورثه كما لم يكن له رجوع فيه قبل موت مورثه.

(4) تعليل لعدم جواز الرجوع لوارث المتعاطيين بعد موتهما.

و قد عرفته آنفا عند قولنا: اى فعلى ضوء.

و المراد من الاصل ما فسرناه لك: و هو أن الوارث ليس له حق

ص: 319

لأن (1) من له و إليه الرجوع هو المالك الاصلي، و لا يجري الاستصحاب (2)

و لو جنّ (3) احدهما فالظاهر قيام وليه مقامه في الرجوع على القولين

+++++++++++

الرجوع في المأخوذ بالمعاطاة قبل موت مورثه كما ليس له ذلك بعد موته.

(1) تعليل للرجوع الى الاصل المذكور في قوله: للاصل اى إنما يرجع الى هذا الاصل، لأن من له الرجوع و إليه الرجوع هو المالك الأصلي الحقيقي و هو المورث، لا الوارث، و بموت المورث انتفى الرجوع، لأنك عرفت آنفا: أن الحكم بجواز البيع المعاطاتي صفة قائمة بذات المتعاطيين و شخصهما ما داما موجودين و قد انتفى بموتهما، أو بموت احدهما.

(2) اى استصحاب جواز رجوع المالك الحقيقي الذي هو المورث في حياته، و بعد مماته يشك في زواله فيجريه الوارث.

و أما وجه عدم الجريان فلعدم اتحاد الموضوع، حيث إن الموضوع اصبح شيئين بعد موت المورث: و هما: المورث و الوارث، و الموضوع في الاستصحاب لا بدّ أن يكون متحدا.

(3) هذه هي (الصورة التاسعة و العشرون) و هي مطاف الصور و خاتمتها سواء افادت المعاطاة الملكية أم الاباحة المجردة.

و الظاهر أن هذه الصورة متفرعة على الصور المذكورة في جواز الرجوع عند وجود العينين، و الاختلاف في الرجوع عند تلف احداهما أو تلف بعض احداهما، أو تلف بعض كل واحدة منهما.

فكل ما قلناه هناك يأتي هنا عند قيام ولي المجنون مقامه.

و كذا كل ما قلناه هناك: من جواز الرجوع و عدمه في صورة مزج العينين أو احداهما بعين اخرى يأتي هنا.

ص: 320

الأمر السابع: أن الشهيد الثاني في المسالك ذكر وجهين في صيرورة المعاطاة بيعا بعد التلف، أو معاوضة مستقلة.

(السابع) (1): أن الشهيد الثاني في المسالك ذكر وجهين في صيرورة المعاطاة بيعا بعد التلف (2)، أو معاوضة مستقلة.

قال: يحتمل الاول (3)، لأن المعاوضات محصورة (4)، و ليست (5)

+++++++++++

و كذا يأتي هنا ما قلناه في المزج: من أنه لو كان متلفا للعين يلحق بالتلف.

و كذا يأتي هنا ما قلناه في تغيير المزج للصورة الشخصية.

ففي جميع هذه الصور يقوم ولي المجنون مقامه.

ثم إن في المقام صورا اخرى تركناها، خوفا من الإطالة.

(1) اى الامر السابع من الامور التي افادها الشيخ في ص 218 بقوله: و ينبغي التنبيه على امور:

(2) اى تلف احدى العينين، أو بعض كل واحدة من العينين، أو بعض كلتا العينين.

و ليس المراد من التلف تلف العينين معا، لأنه لا مجال للحكم بأن المعاطاة بعد تلف العينين هل هو بيع، أو معاوضة مستقلة؟

(3) و هو أن المعاطاة بعد تلف احدى العينين، أو بعض احداهما أو بعض كلتا العينين بيع.

(4) كالاجارة و الرهن، و القرض و البيع، و الصلح و الهبة، و المساقاة و المزارعة و المضاربة، و ما شاكلها.

(5) اى المعاطاة ليست احدى المعاوضات المذكورة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 224

أقول: لست ادري ما ذا يقصد (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره من المعاوضات حتى تكون محصورة، لتكون نتيجتها خروج المعاطاة عن حريم المعاوضات.

ص: 321

احداها، و كونها (1) معاوضة برأسها يحتاج الى دليل.

و يحتمل الثاني (2)، لإطباقهم على أنها ليست بيعا حال وقوعها فكيف تصير بيعا بعد التلف؟

و تظهر الفائدة (3) في ترتب الأحكام المختصة بالبيع عليها كخيار الحيوان لو كان التالف، الثمن، أو بعضه.

+++++++++++

أ ليس معنى المعاوضة هو تعويض شيء بشيء و تبديله مكان شيء آخر؟

و قد عرفت في ص 9 من هذا الجزء في تعريف البيع: أن حقيقة البيع و ماهيته: هو تبديل مال بمال كما صرح بذلك صاحب المصباح المنير

و هذا التبديل و التعويض بعينه موجود في المعاطاة و صادق فيه بالمطابقة

ثم المعاملات الواقعة في العالم كلها على نحو المعاطاة.

و هل في العالم أجمع سوى المعاطاة؟

(1) دفع وهم من الشهيد الثاني.

حاصل الوهم: أن المعاطاة و إن لم تكن احدى المعاوضات، لكنها معاوضة برأسها.

فأجاب الشهيد الثاني: أن كون المعاطاة معاوضة برأسها يحتاج الى دليل.

(2) و هو أن المعاطاة معاوضة مستقلة، لاجماع الفقهاء على أن المعاطاة عند وقوعها ما كانت بيعا فبعد التلف كيف تصير بيعا؟

(3) اى فائدة الاحتمالين: هما: احتمال أن المعاطاة بيعا، و احتمال أنها معاوضة مستقلة: بمعنى أنه أية ثمرة فقهية تترتب على هذا النزاع.

فاجاب الشهيد الثاني أن هناك ثمرة مترتبة على هذا النزاع: و هو أنه لو قلنا إن المعاطاة بيع تترتب عليه أحكام البيع المختصة به: من خيار الحيوان

ص: 322

و على تقدير ثبوته (1) فهل الثلاثة (2) من حين المعاطاة، أو من حين اللزوم (3)؟ كل محتمل، و يشكل الاول (4) بقولهم: إنها ليست بيعا

+++++++++++

اذا كان التالف الثمن، أو بعض الثمن، فإنه لو كان التالف المثمن الذي هو الحيوان فقد سقط الخيار.

(1) اى و على فرض ثبوت خيار الحيوان في المعاطاة بعد لزومها الحاصل من التلف.

(2) اى ثلاثة أيام التي هو خيار الحيوان هل هي من حين وقوع المعاطاة، أو من حين لزومها و هي وقت التلف.

و الثمرة المترتبة على هذا النزاع أنه لو قلنا: إن الخيار من حين الوقوع فلو فرضنا تلف الحيوان كان بعد لحظة من وقوع المعاطاة: كان لصاحب الخيار تمام ثلاثة أيام.

و إن كان في آخر اليوم الاول من أيام الخيار كان له يومان.

و إن كان في آخر اليوم الثاني فله يوم واحد، و إن كان في وسط اليوم الاول، أو في وسط اليوم الثاني فله ما بقي من اليوم الاول و اليومين أو ما بقي من اليوم الثانى و اليوم الاخير.

و إن قلنا: إن خيار ثلاثة أيام الحيوان من وقت لزوم المعاطاة: و هو وقت تلف الحيوان، فلو كان التلف في يوم السبت، و وقوع المعاطاة في يوم الخميس فلصاحب الخيار حق الخيار من يوم السبت الذي هو اليوم الثالث من أيام الخيار الى آخر يوم الاثنين، لا من بداية يوم الاثنين الى آخره الذي هو اليوم الثالث من أيام الخيار.

(3) و هو يوم التلف.

(4) و هو كون ثلاثة أيام خيار الحيوان من حين وقوع المعاطاة، لأن

ص: 323

و الثاني (1) بأن التصرف ليس معاوضة بنفسها.

اللهم إلا أن تجعل المعاطاة جزء السبب، و التلف تمامه (2)

و الأقوى عدم ثبوت خيار الحيوان هنا (3)، بناء على أنها ليست لازمة، و إنما يتم على قول المفيد (4) و من تبعه.

و أما خيار العيب و الغبن فيثبتان على التقديرين (5)

+++++++++++

الفقهاء قالوا: إن المعاطاة ليست بيعا: و هذا يتنافى و القول بكون ثلاثة أيام خيار الحيوان من حين وقوع المعاطاة، اذ ثبوت الخيار فرع كون المعاطاة بيعا، و اذا لم تكن بيعا فمن أين يأتي لها الخيار؟

(1) اى و يشكل الثانى: و هو كون الخيار من حين لزوم المعاطاة الذي هو وقت تلف الحيوان، لأن التصرف في الحيوان في أيام الخيار ليس معاوضة بنفسها فكيف يمكن جعل خيار الحيوان لها؟

(2) اى تمام السبب: بأن نقول: إن تحقق المعاملة في الحيوان في الخارج له سببان:

احدهما نفس المعاطاة، ثانيهما تلف الحيوان.

(3) اى في باب بيع الحيوان بالمعاطاة بعد التلف.

(4) فإن شيخنا المفيد افاد بلزوم المعاطاة مطلقا قبل التلف، أو بعده فيثبت خيار الحيوان حينئذ.

(5) يحتمل أن يراد من التقديرين هما: كون المعاطاة بعد اللزوم بيعا، أو معاوضة مستقلة.

و يحتمل أن يراد من التقديرين هما: ثلاثة أيام خيار الحيوان من حين وقوع المعاطاة، أو من حين اللزوم.

وجه جريان خيار العيب، و خيار الغبن في المعاطاة، و ثبوتهما فيها:

عدم اختصاصهما بالبيع، بل يجريان في جميع العقود.

ص: 324

كما أن خيار المجلس منتف (1). انتهى (2)

و الظاهر أن هذا (3) تفريع على القول بالإباحة في المعاطاة (4).

و أما على القول بكونها مفيدة للملك المتزلزل فينبغي الكلام في كونها معاوضة مستقلة، أو بيعا متزلزلا قبل اللزوم حتى يتبعه حكمها بعد اللزوم اذ الظاهر أنه عند القائلين بالملك المتزلزل بيع بلا اشكال في ذلك عندهم على ما تقدم من المحقق الثاني، فاذا لزم (5) صار بيعا لازما فتلحقه أحكام البيع (6) عدا ما استفيد من دليله ثبوته للبيع العقدي (7) الذي مبناه على اللزوم (8) لو لا الخيار.

+++++++++++

(1) وجه الانتفاء أن خيار المجلس يأتي في البيع اللازم، و المعاطاة لا تفيد اللزوم إلا على مذهب شيخنا المفيد و من تبعه.

(2) اى ما افاده الشهيد الثاني قدس سره في المسالك.

(3) و هما القولان المذكوران: في أن المعاطاة بعد التلف هل هو بيع، أو معاوضة مستقلة؟

(4) حيث إن المحقق حمل الإباحة المجردة على الملكية المتزلزلة.

(5) اى المعاطاة اذا صارت لازمة بسبب تلف احدى العينين أو بعض احداهما، أو بعض كلتيهما.

(6) من اللزوم، و خيار الحيوان، و خيار العيب، و خيار الغبن

(7) يقصد الشيخ أن المعاطاة بعد صيرورتها بيعا لازما بالتلف تترتب عليها أحكام البيع: من الخيارات المذكورة، سوى الشرط الثابت في البيع العقدى: و هو الايجاب و القبول اللفظيين.

(8) اى بطبيعته الأولية لو لا وجود الخيار في البين الثابت من الشارع أو من المتابعين، فإن البيع من بادئ الامر بني على اللزوم. فليس فيه

ص: 325

و قد تقدم (1) أن الجواز هنا لا يراد به ثبوت الخيار.

و كيف كان فالأقوى أنها على القول بالإباحة بيع عرفي لم يصححه الشارع و لم يمضه إلا بعد تلف احدى العينين، أو ما في حكمه (2)، و بعد التلف تترتب عليه أحكام البيع (3) عدا ما اختص دليله بالبيع (4) الواقع صحيحا من اوّل الامر.

و المحكي من حواشي الشهيد أن المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة، أو لازمة

+++++++++++

تزلزل و تضعضع، لكن التزلزل يأتي من ناحية الخيار الذاتي كما إذا كان المبيع حيوانا، فيثبت الخيار للمشتري فقط، و للبائع و المشتري اذا كان الثمن و المثمن حيوانا.

أو ظهر في المبيع عيب، أو كان المشتري، أو البائع مغبونا أو كان البيع في المجلس، فإن في هذه الصور يكون البيع متزلزلا و متضعضعا يجوز للمشتري، أو لهما الخيار بفسخ العقد.

أو كان الخيار عرضيا كما اذا اشترط احد المتعاطيين، أو كلاهما الخيار لنفسه، فإنه في هذه الصورة يكون البيع متزلزلا الى أن تنقضي مدة اشتراط الخيار

(1) اي في ص 293 بقوله: بخلاف ما نحن فيه، فإن الجواز فيه بمعنى جواز الرجوع.

يريد الشيخ أن يعطيك قاعدة كلية: و هي أن كل ما ذكر الجواز في المعاطاة يراد منه الجواز الذي هو تراد العينين، و لا يراد منه ثبوت الخيار.

(2) كالوقف و الهبة المعوضة، أو لذى ذى رحم.

(3) كخيار الحيوان، و العيب، و الغبن، و كل ما اشترط في البيع:

من شروط المتعاقدين، و العوضين.

(4) كالايجاب و القبول اللفظيين.

ص: 326

و الظاهر أنه (1) اراد التفريع على مذهبه: من الإباحة، و كونها معاوضة قبل اللزوم من جهة كون كل من العينين مباحا عوضا عن الاخرى

لكن لزوم هذه المعاوضة لا يقتضي حدوث الملك كما لا يخفى فلا بد أن يقول (2) بالإباحة اللازمة، فافهم (3)

الأمر الثامن: لا إشكال في تحقق المعاطاة المصطلحة بما اذا تحقق إنشاء التمليك أو الاباحة بالفعل

(الثامن) (4): لا إشكال في تحقق المعاطاة المصطلحة (5) التي هي معركة الآراء بين الخاصة و العامة بما اذا تحقق إنشاء التمليك أو الاباحة بالفعل: و هو قبض العينين.

أما اذا حصل (6) بالقول غير الجامع لشرائط اللزوم.

فإن قلنا بعدم اشتراط اللزوم بشيء زائد على الانشاء اللفظي كما قويناه سابقا (7)، بناء على التخلص بذلك (8) عن اتفاقهم على توقف

+++++++++++

(1) أى الشهيد الثاني.

(2) أى الشهيد الثاني.

(3) لعله اشارة الى عدم انسجام اللزوم مع الاباحة.

(4) أى الأمر الثامن من الامور التي اشار إليها الشيخ بقوله في ص 218:

و ينبغي التنبيه على امور:

(5) و هو التعاطي من الطرفين الذي هو المعنى الموضوع له لغة حيث إنه مشتق من عاطى يعاطي من باب المفاعلة و هي محتاجة الى طرفين كل منهما يعطي الآخر.

(6) اى المعاطاة حصل بالقول الذي لم يكن جامعا لشرائط اللزوم كالماضوية، و تقدم الإيجاب على القبول مثلا.

(7) عند قوله في ص 200: نعم الاكتفاء في اللزوم بمطلق الإنشاء القولي غير بعيد، للسيرة.

(8) اى بعدم اشتراط لزوم شيء زائد على اللفظ في لزوم العقد

ص: 327

العقود اللازمة على اللفظ فلا إشكال في صيرورة المعاملة بذلك (1) عقدا لازما.

و إن قلنا بمقالة المشهور: من اعتبار امور زائدة على اللفظ (2)

فهل يرجع ذلك الإنشاء القولي (3) الى حكم المعاطاة مطلقا (4) أو بشرط تحقق قبض العين (5)، معه، أو لا يتحقق به مطلقا (6)؟

+++++++++++

(1) اى بهذا العقد الفاقد لبقية الشرائط المعتبرة في البيع.

(2) كالعربية و الماضوية، و تقدم الايجاب على القبول مثلا.

(3) و هو الإنشاء القولي السابق الفاقد لبقية الشرائط.

(4) سواء تقابضا أم لم يتقابضا.

(5) اى أو أن ذلك الإنشاء اللفظي السابق يرجع الى حكم المعاطاة لكن بشرط تحقق القبض مع هذا العقد الناقص من بعض الشروط، فإذا لم يتحقق القبض لم يرجع ذلك الإنشاء اللفظي السابق الى حكم المعاطاة

(6) اى لا يتحقق المعاطاة من هذا العقد المشتمل على اللفظ فقط و كان ناقصا من بقية الشروط، سواء تحقق التقابض أم لم يتحقق.

فالاحتمالات في العقد الفاسد ثلاثة.

(الاول): وقوع التعاطي بمجرد العقد، سواء حصل التقابض أم لم يحصل.

(الثاني): وقوع التعاطي بالتقابض، سواء حصل إنشاء ثانوي أم لم يحصل.

(الثالث): وقوع المعاطاة بالتقابض مع إنشاء ثانوي.

و الظاهر أن الشيخ قدس سره قد اختار الأخير، و هو الأرجح.

ص: 328

نعم اذا حصل إنشاء آخر (1)، بالقبض المتحقق بعده تحقق المعاطاة

فالإنشاء القولي السابق (2) كالعدم لا عبرة به، و لا بوقوع (3) القبض به خاليا عن قصد الإنشاء، بل بانيا (4) على كونه حقا لازما لكونه من آثار الإنشاء القولي السابق.

نظير القبض في العقد الجامع للشرائط.

+++++++++++

(1) اى لا بمقتضى الإنشاء الاول الذي كان ناقصا، بل حصل إنشاء جديد بسبب القبض الذي يتحقق بعد هذا الإنشاء.

(2) اى الإنشاء السابق على التقابض الذي كان فاسدا، لنقصان بعض الشروط المعتبرة في العقد: يعد معدوما لا وجود له، و لا اعتبار به اصلا

بل الاعتبار بصحة مثل هذه المعاوضة الخالية عن بعض الشروط الاخرى بالقبض الجديد الحاصل من الطرفين بإنشاء جديد.

(3) اى و كذا لا اعتبار بالقبض بعد العقد الفاسد السابق على التقابض اذا كان التقابض خاليا و فارغا عن إنشاء ثانوي.

(4) في الواقع هذا تعليل لعدم الاعتبار بالقبض الخالي عن إنشاء ثانوي و ان كان قد صدر بعد العقد الفاسد السابق.

و خلاصته: أن كل واحد من المتقابضين إنما اقبض الآخر بعد العقد الفاسد بزعم أن هذا العقد الواقع الخالي من بعض الشروط الاخرى لا يحتاج الى إنشاء ثانوي جديد فهو كان بانيا على كون الإقباض للآخر حقا من حقوقه، و أن التسليم له لازم، لكونه من آثار الإنشاء القولي السابق غفلة عن حقيقة الامر و هو بطلان العقد السابق، و احتياج الاقباض إلى إنشاء جديد.

فالخلاصة أنه كان يعتقد أن الاقباض في هذا العقد نظير الاقباض في العقد الصحيح: في أنه من آثاره.

ص: 329

ظاهر كلام غير واحد من مشايخنا المعاصرين الاول (1)، تبعا لما يستفاد من ظاهر كلام المحقق و الشهيد الثانيين.

قال (2) المحقق في صيغ عقوده على ما حكي عنه بعد ذكره الشروط المعتبرة في الصيغة: إنه (3) لو اوقع البيع بغير ما قلناه (4)، و علم التراضي منهما كان معاطاة (5) انتهى

و في الروضة (6) في مقام عدم كفاية الاشارة مع القدرة على النطق أنها (7) تفيد المعاطاة مع الإفهام الصريح (8)، انتهى

+++++++++++

(1) و هو وقوع التعاطي بمجرد العقد، سواء حصل التقابض أم لا

و الظاهر أن المراد من مشايخنا المعاصرين إما الشيخ صاحب الجواهر أو الشيخ كاشف الغطاء و هو أولى.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد بكلام المحقق الثاني لما استظهره من كلامه: و هو وقوع المعاطاة بمجرد العقد الفاسد، سواء حصل التقابض أم لا.

(3) هذا مقول قول المحقق الثاني.

(4) و هو الايجاب و القبول اللفظيين، و بقية شرائط العقد.

(5) من كلامه هذا يستظهر أن المعاطاة يقع بمجرد العقد الفاسد سواء حصل التقابض أم لا.

(6) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد بكلام الشهيد الثاني لما استظهره من كلامه: و هو وقوع المعاطاة بمجرد العقد الفاسد، سواء حصل التقابض أم لا.

(7) اي الاشارة.

(8) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الجديدة الجزء 3.

ص 225 عند قوله: و لا تكفي مع القدرة.

فكلامه هناك يستظهر منه ما ذكره الشيخ

ص: 330

و ظاهر الكلامين (1) صورة وقوع الإنشاء بغير القبض، بل يكون القبض من آثاره (2)

و ظاهره كصريح جماعة: منهم المحقق و العلامة أنه لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملك و كان مضمونا عليه: هو (3) الوجه الاخير (4) لأن (5) مرادهم بالعقد الفاسد إما (6) خصوص ما كان فساده من جهة

+++++++++++

و لا يخفى أن الشيخ قدس سره نقل ما افاده الشهيد الثاني بالمعنى.

(1) اى كلام المحقق و الشهيد الثانيين.

(2) اى من آثار الإنشاء السابق الواقع بالعقد الفاسد، لا بنية المعاطاة.

(3) خبر لقوله: و ظاهره.

(4) و هو الاحتمال الثالث الّذي اشرنا إليه في الهامش 6 ص 328 بقولنا: الثالث وقوع المعاطاة.

(5) اى مراد هؤلاء الجماعة و منهم المحقق و العلامة

هذا تعليل لكون الوجه الاخير هو صريح جماعة: و منهم المحقق و العلامة

و خلاصته: أن مراد هؤلاء الجماعة من العقد الفاسد احدى الصورتين لا محالة على سبيل منع الخلو.

(6) هذه هي الصورة الاولى لمرادهم، و خلاصتها: أن المقصود من العقد الفاسد هو العقد الذي يكون منشأ فساده مجرد اختلال شروط

ص: 331

مجرد اختلال شروط الصيغة كما ربما يشهد به (1) ذكر هذا الكلام بعد شروط الصيغة، و قبل شروط العوضين و المتعاقدين،

و إما (2) ما يشمل هذا و غيره كما هو الظاهر.

+++++++++++

العقد كالماضوية، و عدم تقديم الايجاب على القبول مثلا.

(1) أى بهذا المقصود و المراد الذي نقلناه لك.

من هنا يريد الشيخ أن يستشهد على أن مراد هؤلاء الجماعة من العقد الفاسد احدى الصورتين لا محالة.

و خلاصته: أن العلامة و المحقق قالا: إنه لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملك، و كان مضمونا عليه و قد ذكرا هذا بعد شروط الصيغة و قبل شروط العوضين، و المتعاقدين: من البلوغ و العقل و الاختيار

و هذا دليل على أن المراد من العقد الفاسد ما كان سبب فساده هو اختلاله من بقية الشرائط.

(2) هذه هي الصورة الثانية لكون مراد المحقق و العلامة من فساد العقد هو العقد الفاسد المختل من بعض شروط العقد.

و خلاصتها: أنه يمكن أن يكون المراد من العقد الفاسد هو العقد الخالي من بقية الشروط، و من الإشارة، أو الصفق في قولهم: بارك اللّه في صفقة يمينك.

بعبارة اخرى أن الصورة الثانية أعم من الصورة الاولى، إذ يمكن أن تكون فارغة من بقية الشرائط، و من الاشارة و من الصفق.

بخلاف الصورة الاولى، فإنها فارغة عن بقية شرائط العقد فقط

فبين الصورتين عموم و خصوص مطلق، اذ كل عقد خال من الإشارة أو الصفق خال من بقية الشرائط، و ليس كل عقد خال من بقية الشرائط خال من الاشارة، أو الصفق.

ص: 332

و كيف كان فالصورة الاولى داخلة (1) قطعا

و لا يخفى أن الحكم فيها (2) بالضمان مناف لجريان الحكم بالمعاطاة

+++++++++++

(1) اى في مراد المحقق و العلامة من حيث عدم التملك، و من حيث إن التصرف في السلعة موجب للضمان لو تلفت، و أن المعاملة لا ترجع الى المعاطاة.

(2) اى في الصورة الاولى.

من هنا يريد الشيخ أن يبين أن المحقق و العلامة القائلين بالضمان و عدم تملك كل واحد من المتعاطيين لا يعترفان في هذه المعاملة الفاسدة بسبب فقد بعض الشروط: برجوعها الى المعاطاة، لأن حكمهما بالضمان مناف للقول بجريان المعاطاة، اذ الاعتراف بجريان المعاطاة لازمه نفي الضمان، لصحة المعاملة

فالقول بالضمان معناه فساد المعاوضة فلا يرجع فيه الى المعاطاة.

و قد افاد الرجوع الى المعاطاة الشهيد و المحقق الثانيان و لازم هذا القول عدم الضمان عند تلف السلعة، لأن المعاطاة معاوضة برأسها لا ضمان فيها بعد فرض وقوع التقابض فيها، حيث إن انشاءه يقع بالتقابض.

بعبارة اخرى: أن بين الكلامين تهافت و تناقض.

أما كيفية التهافت فهو أن المحقق و العلامة قد افادا في مثل هذه المعاملة الفاقدة لبقية الشروط الاخرى: بعدم تملك كل واحد من المتعاملين ما اخذه من الآخر، و أن التصرف فيه موجب للضمان لو تلف، لعدم رجوع هذه المعاملة الى المعاطاة.

و يشير الى هذا المعنى صراحة قولهما: إنه لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه، و كان مضمونا عليه.

و أما الشهيد و المحقق الثانيان فقد أفادا برجوع مثل هذه المعاملة الفاقدة

ص: 333

و ربما يجمع (1) بين هذا الكلام، و ما تقدم من المحقق و الشهيد الثانيين فيقال (2): إن موضوع المسألة في عدم جواز التصرف بالعقد الفاسد ما اذا علم عدم الرضا إلا بزعم صحة المعاطاة فاذا انتفت الصحة انتفى الاذن، لترتبه على زعم الصحة فكان التصرف تصرفا بغير اذن، و اكلا للمال بالباطل.

+++++++++++

لبقية الشرائط الاخرى الى المعاطاة.

و لازم هذا الكلام عدم الضمان لو تلف المأخوذ بالمعاطاة، لكون المعاطاة معاوضة برأسها و قد وقع التقابض فيها و التقابض موجب لإنشاء المعاطاة، فالنتيجة أنه لا ضمان فيها.

و يشير الى هذا المعنى صراحة قول المحقق الثاني: إنه لو اوقع البيع بغير ما قلناه، و علم التراضي منهما كان معاطاة.

و كذا يشير الى هذا المعنى صراحة قول الشهيد في شرح اللمعة و لا تكفي مع القدرة، نعم تفيد المعاطاة.

راجع المصدر السابق.

فصراحة هذين الكلامين تدل على رجوع مثل هذه المعاملة الفاسدة بسبب فقد بعض الشروط: الى المعاطاة، و لازم هذا الرجوع هو عدم الضمان كما عرفت.

و هذا معنى التهافت و التناقض بين الكلامين.

(1) اى يجمع بين الكلامين المتناقضين للمحقق و العلامة، و المحقق و الشهيد الثانيين، و الجامع بين الكلامين هو صاحب مفتاح الكرامة.

(2) هذه كيفية الجمع.

و خلاصتها: أن موضوع مسألتنا التي هو وقوع المعاطاة بالعقد

ص: 334

..........

+++++++++++

الفاسد، أو أنه لا يجوز التصرف في المأخوذ بالعقد الفاسد يختلف

ففي الأول الذي هو وقوع المعاطاة هو العلم بالرضا، و في الثاني الذي هو عدم جواز التصرف في المأخوذ بالعقد الفاسد، و أنه موجب للضمان: هو العلم بعدم الرضا، إلا بناء على ما يقتضيه العقد الفاسد.

فالمحقق و العلامة القائلان بالضمان، و عدم الملك الذي لازمه عدم وقوع المعاطاة يقصدان عدم العلم بالرضا فيكون التصرف تصرفا بغير اذن و يكون اكل المال به اكلا للباطل، لأن أسباب حلية التصرف، و حلية اكل المال و عللها في الشرع منحصرة إما بالبيع، أو التجارة، أو الهبة أو التوارث، أو الاذن، أو الوقف، أو غيرها من الأسباب المجوزة للتصرف و الأكل.

و المفروض انتفاء البيع و التجارة هنا، لفساد المعاملة.

و كذا الهبة و التوارث و الاذن و الوقف منتفية.

و أما الرضا المتقدم قبل فساد المعاملة فهو كالعدم بعد فرض بطلان المعاملة.

و الموضوع عند الشهيد و المحقق الثانيين هو العلم بتجدد الرضا و حدوثه في التصرف و إن كان عالما بفساد المعاملة.

فالمعاطاة يحصل بالتراضي الجديد كما أنه كان حاصلا و متحققا قبل الفساد بالتراضي الموجود حال العقد، فلا يكون التصرف تصرفا بغير اذن و يكون اكل المال اكلا صحيحا.

هذه خلاصة الجمع الذي افاده صاحب (مفتاح الكرامة) في هذا المقام.

ص: 335

لانحصار (1) وجه الحل في كون المعاملة بيعا، أو تجارة عن تراض أو هبة، أو نحوها (2): من وجوه الرضا باكل المال بغير عوض.

و الأولان (3) قد انتفيا بمقتضى الفرض (4)، و كذا البواقي (5) للقطع من جهة زعمهما صحة المعاملة بعدم الرضا بالتصرف، مع عدم بذل شيء في المقابل، فالرضا المتقدم (6) كالعدم.

فإن تراضيا (7) بالعوضين بعد العلم بالفساد و استمر رضاهما فلا كلام

+++++++++++

فاذا عرفت هذه الخلاصة، و عرفت موضوع المسألة عند المحقق و العلامة، و عند الشهيد و المحقق الثانيين تعرف علة حكم المحقق و العلامة بالضمان، و عدم التملك، و عدم رجوع المعاملة الى المعاطاة.

و علة حكم الشهيد و المحقق الثانيين بالضمان، و رجوع المعاملة الى المعاطاة.

(1) تعليل لعدم جواز التصرف، و أن اكل المال اكل بالباطل و قد عرفته في ص 335 عند قولنا: لأن أسباب حلية التصرف

(2) كالإذن و التوارث و الوقف.

(3) و هما البيع و التجارة قد انتفيا بمقتضى الفرض.

(4) اذ الفرض فساد المعاملة بسبب فقدان بعض الشروط المعتبرة في البيع.

(5) و هي الهبة و الاذن، و التوارث و الوقف.

(6) و هو الحاصل قبل فساد المعاملة.

(7) اى؟؟؟ المتعاقدان لو تراضيا من جديد بعد العلم بفساد المعاوضة كما افاد هذا الرضا الجديد الشهيد و المحقق الثانيان.

ص: 336

في صحة المعاملة، و رجعت الى المعاطاة (1) كما اذا علم الرضا من اوّل الامر (2) بإباحتهما التصرف بأي وجه اتفق، سواء صحت المعاملة أم فسدت، فإن ذلك (3) ليس من البيع الفاسد في شيء.

اقول: المفروض أن الصيغة الفاقدة لبعض الشرائط (4) لا تتضمن إلا إنشاء واحدا هو التمليك (5)

و من المعلوم أن هذا المقدار (6) لا يوجب بقاء الاذن الحاصل في ضمن التمليك (7) بعد فرض انتفاء التمليك، و الموجود (8) بعده إن كان إنشاء آخر في ضمن التقابض خرج عن محل الكلام (9) لأن المعاطاة حينئذ إنما تحصل به (10)، لا بالعقد الفاقد للشرائط (11)، مع أنك عرفت أن ظاهر

+++++++++++

(1) كما افاد هذا الرجوع الشهيد و المحقق الثانيان.

(2) كما افاد هذا الرضا من بداية الامر الشهيد و المحقق الثانيان.

(3) و هو الرضا بالتصرف من الجانبين.

(4) كالماضوية و العربية مثلا.

(5) و هو التمليك الاول الذي حصل بالصيغة الفاقدة لبعض الشرائط

(6) و هو إنشاء التمليك الاول.

(7) و هو التمليك المشار إليه آنفا.

(8) اى الاذن الموجود بعد التمليك الفاسد الذي عرفته.

(9) لأن الكلام في الاذن الحاصل من إنشاء التمليك الاول الذي حصل بالصيغة الفاقدة لبقية الشرائط، لا في الحاصل بإنشاء آخر في ضمن التقابض.

(10) اى بالإنشاء الثانوي الذي عرفته آنفا.

(11) كما في التمليك الاول الذي عرفته آنفا.

ص: 337

كلام الشهيد و المحقق الثانيين حصول المعاوضة و المراضاة بنفس الإشارة المفهمة بقصد البيع، و بنفس الصيغة الخالية عن الشرائط، لا بالتقابض الحاصل بعدهما (1)

و منه (2) يعلم فساد ما ذكره: من حصول المعاطاة بتراض جديد بعد العقد غير (3) مبني على صحة العقد.

ثم إن ما ذكره (4): من التراضي الجديد بعد العلم بالفساد (5) مع اختصاصه (6)

+++++++++++

(1) اى بعد الإشارة المفهمة بقصد البيع، و بنفس الصيغة الخالية

(2) اى و من ذهاب الرضا بذهاب التمليك الاول الحاصل بالصيغة الفاقدة لبقية الشرائط المعتبرة في البيع: يعلم فساد ما ذكره المحقق الثاني بقوله: و علم التراضي.

وجه الفساد أن التراضي الحاصل من العقد الفاسد قد ذهب و صار هباء منثورا و كأن لم يكن شيئا مذكورا.

و مجرد التراضي الجديد من دون تقابض بين الطرفين لا تحقق المعاطاة اذ كيف يمكن حصول المعاطاة بتراض جديد لا يكون مبنيا على صحة العقد اذ العقد بفقدانه الشروط المعتبرة اصبح فاسدا لا اعتبار به.

(3) بالجر صفة لكلمة بتراض جديد و قد عرفت معنى هذا عند قولنا آنفا: اذ كيف يمكن الحصول.

(4) اى المحقق الثاني في قوله آنفا: و علم التراضي.

(5) اى بفساد العقد الفاقد لبعض الشروط المعتبرة في البيع.

(6) اى مع اختصاص التراضي الجديد الحاصل بعد انتفاء التراضي الاول بفساد العقد: بعلم الطرفين بفساد العقد، و العلم هذا يحصل بعد وقوع العقد الفاسد، و قبل التقابض الجديد.

ص: 338

بما اذا علما بالفساد، دون غيره (1) من الصور، مع أن كلام الجميع مطلق (2):

يرد (3) عليه أن هذا التراضي إن كان تراضيا آخر حادثا بعد العقد

+++++++++++

(1) اى دون غير العلم بالفساد من الصور:

و هي صورة عدم علم الطرفين بالفساد اصلا.

و صورة العلم بالفساد بعد التصرف، أو التلف.

فهاتان الصورتان تنضمان مع الصورة الاولى فتصير ثلاث صور: و هو مجموع الصور التي يقصدها الشيخ. أليك تفصيلها:

(الاولى): علم الطرفين بالفساد.

(الثانية): عدم علمهما بالفساد اصلا.

(الثالثة): علمهما بالفساد بعد التصرف، أو بعد التلف.

(2) اى جميع الفقهاء اطلقوا العلم بالفساد و لم يقيدوه بصورة علم المتعاطيين بالفساد، فظاهر هذا الإطلاق شموله لبقية الصور التي ذكرناها لك

(3) من هنا يريد الشيخ النقاش مع المحقق الثاني فيما افاده بقوله:

(و علم التراضي): بعد العلم بأن مقصود المحقق من التراضي هو التراضي الجديد الحاصل بعد ذهاب التراضي الاول بفساد العقد، و لذا جعل الشيخ هذا التراضي الجديد محور نقاشه مع المحقق.

و قد ذكر الشيخ كيفية نقاشه معه في المتن و افاد أن هذا التراضي الجديد الحادث بعد العقد الفاسد لا يخلو من احد الامرين على سبيل منع الخلو لا محالة

و نحن لا نعيد ما افاده في المتن، بل نكتفي بالاشارة الى الامرين عند ما يذكرهما الشيخ

ص: 339

فإن كان (1) لا على وجه المعاطاة، بل كل منهما رضي بتصرف الآخر في ماله (2)، من دون ملاحظة رضا صاحبه بتصرفه في ماله (3) فهذا ليس من المعاطاة (4)، بل هي إباحة مجانية من الطرفين تبقى ما دام العلم بالرضا (5)، و لا يكفي (6) فيه عدم العلم بالرجوع، لأنه (7) كالإذن

+++++++++++

(1) اى التراضي الجديد الحادث بعد العقد.

هذا هو الامر الاول من الامرين.

(2) بأن كان هذا التراضي الجديد مجرد رضا فقط، من دون أن يكون هناك إنشاء جديد.

(3) أى لا يلاحظ رضا الآخر في التصرف عند ما يرضى التصرف في ماله.

(4) لأن المعاطاة يعتبر فيه ملاحظة الرضا من الطرفين الحاصل بالإنشاء الجديد غير الانشاء الاول الذي ذهب بفساد العقد.

(5) أى بالرضا الجديد.

(6) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه بعد حصول الرضا بالعقد الفاسد، و عدم العلم برجوع الطرف الآخر عن هذا الرضا نشك في زوال هذا الرضا فنستصحبه

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله: أنه لا يكفي عدم العلم برجوع الطرف الآخر عن هذا الرضا بعد الشك في الرجوع عن الرضا بل جواز التصرف في المال متوقف على العلم برضا جديد، فلا مجال للاستصحاب.

(7) تعليل لعدم كفاية عدم العلم بالرجوع و أنه لا مجال للاستصحاب يروم الشيخ من هذا التعليل تشبيه الرضا الجديد الحاصل بعد العقد الفاسد: بالاذن الحاصل للانسان من شاهد الحال.

ص: 340

الحاصل من شاهد الحال، و لا يترتب عليه (1) اثر المعاطاة: من اللزوم بتلف (2) احدى العينين؛ أو جواز (3) التصرف الى حين العلم بالرجوع

+++++++++++

و خلاصة التشبيه: أنه كما ليس لهذا الاذن الحاصل من شاهد حال الطرف المقابل من الصديق الشمول الاطلاقي يشمل جميع جوانب شاهد الحال في كل زمان، بل الاذن في كل تصرف جديد يحتاج الى شاهد حال آخر، غير شاهد الحال الاول.

كذلك الرضا الجديد الحاصل بعد العقد الفاسد لا يكفي فيه عدم العلم بالرجوع عند الشك في الرجوع، بل لا بد فيه من العلم بعدم الرجوع

(1) في النسخ الموجودة عندنا: (و لا يترتب عليه) بالواو.

و الأنسب أن تؤتى الجملة بفاء التفريع المعبر عنها بفاء النتيجة، حيث إن الجملة تفريع على ما افاده الشيخ: من أن الرضا الجديد كالإذن الحاصل من شاهد الحال، اى فعلى ضوء ما ذكرنا: من كون الرضا الجديد كالإذن فلا يترتب على هذا الرضا الجديد اثر المعاطاة:

من لزومها بتلف احدى العينين، أو بعض احداهما، أو بعض كل واحدة منهما.

كما أن الاذن كذلك لا يترتب عليه شيء من الضمان لو تلف المأذون فيه بغير تفريط، أو إفراط.

(2) هذا احد أسباب لزوم المعاطاة.

(3) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بتلف احدى العينين اى و بجواز التصرف.

فهذا ثاني أسباب لزوم المعاطاة فيجوز لكل واحد من المتعاطيين التصرف فيما اخذه بالمعاطاة بأي نحو من أنحاء التصرف حتى المتوقفة

ص: 341

أو مع (1) ثبوت احدهما.

و ان كان (2) على وجه المعاطاة فهذا (3) ليس إلا التراضي السابق

+++++++++++

على الملك الى أن يعلم برجوع المالك فالتصرف يكون ملزما له.

ثم لا يخفى عليك أن لزوم المعاطاة بتلف احدى العينين أعم من أن تكون المعاطاة مفيدة للملكية، أو الإباحة المجردة.

(1) هذه الجملة: أو مع ثبوت احدهما في بعض النسخ ليست موجودة، و في بعض النسخ و منها النسخة الخطية بخط الشيخ قدس سره الموجودة عندنا موجودة.

و الظاهر لا مجال لذكرها.

(2) اى التراضي الجديد الحاصل بعد فساد العقد الذي افاده المحقق الثاني.

هذا هو الامر الثاني من الامرين الذين لا بدّ أن يكونا على سبيل منع الخلو.

(3) اى التراضي الجديد الذي كان على وجه المعاطاة ليس إلا ذاك التراضي الاول الذي ذهب شرعا بفساد العقد، و الذي به اقدما على ملكية كل منهما ماله للآخر.

و لا يخفى أن ما افاده الشيخ: من أن هذا التراضي الجديد ليس إلا التراضي السابق فيه نظر، حيث إن التراضي الاول قد ذهب شرعا بفساد العقد و لم يبق منه اثر فكيف يمكن أن يكون هذا التراضي الجديد نفس ذاك التراضي السابق شرعا.

نعم يمكن أن يكون نفس ذاك تكوينا، حيث إن التراضي التكويني الذي هو الرضا النفسي و القلبي لا يزال موجودا.

و أما نفس ذاك شرعا فلا نعترف به.

ص: 342

على ملكية كل منهما لمال الآخر، و ليس تراضيا جديدا، بناء (1) على أن المقصود بالمعاطاة التمليك كما عرفته (2) من كلام المشهور، خصوصا المحقق الثاني، فلا (3) يجوز له أن يريد بقوله المتقدم عن صيغ العقود:

إن الصيغة الفاقدة للشرائط مع التراضي يدخل في المعاطاة التراضي (4) الجديد الحاصل بعد العقد، لا على وجه المعاوضة.

و تفصيل (5) الكلام: أن المتعاملين بالعقد الفاقد لبعض الشرائط إمّا أن يقع تقابضهما بغير رضا من كل منهما في تصرف الآخر، بل حصل

+++++++++++

(1) تعليل لكون التراضي الجديد ليس إلا التراضي السابق اى القول بذلك مبني على افادة المعاطاة التمليك. لأن التمليك الاول الذي جاء من قبل المعاطاة قد ذهب و عدم، و التراضي الجديد لا يحدث تمليكا، لفساد العقد و لا يصير سببا لحدوث معاطاة جديدة.

(2) اي عرفت في ص 71: أن قصد المتعاطيين التمليك.

(3) تفريع على ما أورده على المحقق الثاني: من أن التراضي الجديد لو كان على وجه المعاطاة فهذا ليس إلا التراضي السابق.

و قد ذكرنا خلاصة هذا التفريع آنفا عند قولنا: لأن التمليك الاول الّذي جاء من قبل المعاطاة قد ذهب.

(4) بالنصب مفعول لقوله: أن يريد اى فلا يجوز للمحقق أن يريد من التراضي التراضي الجديد الحاصل بعد العقد لا على وجه المعاوضة.

و جملة: إن الصيغة الفاقدة للشرائط مع التراضي مقول قول المحقق

(5) اى و تفصيل الكلام حول التنبيه الثامن الذي صيغ لإخراج العقد الفاسد الفاقد لبقية الشروط المعتبرة في البيع عن المعاطاة.

ص: 343

قهرا عليهما، أو على احدهما، و إجبارا على العمل بمقتضى العقد (1)

فلا إشكال في حرمة التصرف في المقبوض على هذا الوجه (2)

و كذا (3) إن وقع على وجه الرضا الناشئ عن بناء كل منهما على ملكية الآخر: اعتقادا (4) أو تشريعا (5) كما (6) في كل قبض وقع على هذا الوجه، لأن (7) حيثية كون القابض مالكا مستحقا لما

+++++++++++

(1) اى العقد الفاسد.

(2) و هو وقوع التقابض قهرا، أو إجبارا على العمل بمقتضى العقد الفاسد.

(3) اى و كذا يحرم التصرف إن وقع التقابض.

(4) معنى اعتقادا أن كلا منهما يعتقد أن ما عنده ملك للآخر، فالتصرف على هذا الوجه لا يجوز أيضا.

(5) بأن يعتقد كل منهما أن ما عنده ملك للآخر بحسب الشرع:

بأن وقع استحقاق ملكية الآخر على وجه المعاطاة و إن كان هذا الاعتقاد غلطا غير مطابق للواقع فيما نحن فيه، لفساد العقد بفقده الشرائط المعتبرة

(6) اى كما يحرم التصرف في كل قبض وقع على هذا الوجه:

و هو اعتقادا أو تشريعا: بأن ما يملكه الآخذ ملك له.

(7) تعليل لحرمة تصرف كل قبض وقع على هذا الوجه.

و خلاصته: أن هذا التقابض إنما يحصل في الخارج بناء على هذا الاعتقاد: و هو استحقاق الآخذ لما يأخذه و اعتقاد الدافع ملكية الآخذ في غير العقود.

و من الواضح أن هذا الاعتقاد هي جهة تقييدية قد اخذت في مفهوم الرضا مقيدا بهذا القيد، و لو لا هذه الحيثية لما يتحقق الإقدام على الاقباض

ص: 344

يقبضه جهة تقييدية مأخوذة في الرضا ينتفي بانتفائها (1) في الواقع كما في نظائره (2)

و هذان الوجهان مما لا إشكال فيه في حرمة التصرف في العوضين

كما أنه لا إشكال في الجواز اذا اعرضا عن اثر العقد (3)، و تقابضا بقصد إنشاء التمليك (4) ليكون معاطاة صحيحة عقيب عقد فاسد.

و أما إن وقع الرضا بالتصرف بعد العقد من دون ابتنائه (5) على استحقاقه بالعقد السابق، و لا قصد لإنشاء تمليك، بل وقع (6) مقارنا لاعتقاد الملكية الحاصلة بحيث لولاها (7) لكان الرضا أيضا موجودا، و كان المقصود الاصلي من المعاملة التصرف

+++++++++++

في هذا العقد الفاسد، بحيث لو علم القابض أن المال ليس له لا يستحقه و ليس له التصرف في ذلك.

(1) اي ينتفي هذا الرضا بانتفاء هذه الحيثية و الجهة التقييدية.

(2) اى كما في نظائر هذا القيد، فإنه كلما اخذ شيء على جهة القيدية و الحيثية ينتفي عند انتفاء تلك الحيثية، و الجهة التقييدية.

(3) و هو العقد الفاسد الذي لم يشتمل على بقية الشروط المعتبرة في البيع.

(4) اى لا باعتبار اثر العقد الفاسد حتى يكون التقابض باطلا.

(5) اى من دون ابتناء هذا الرضا.

(6) اى الرضا بالتصرف.

(7) اي بحيث لو لا اعتقاد الملكية كان الرضا حاصلا أيضا، لأنه امر نفسي.

ص: 345

و أوقعا العقد الفاسد وسيلة له (1)

و يكشف عنه (2) أنه لو سئل كل منهما عن رضاه بتصرف صاحبه على تقدير عدم التمليك، أو بعد تنبيهه على عدم حصول الملك كان راضيا.

فإدخال هذا في المعاطاة يتوقف على امرين:

+++++++++++

(1) أى للتصرف.

(2) اى و يكشف عن هذا الرضا بالتصرف، و كيفية الكشف تختلف (فتارة): بسؤال شخص ثالث منهما: بأن يقول لهما: هل كنتما راضيين عن هذا التصرف لو كان العقد فاسدا و لم يحصل التمليك و التملك؟ فالجواب نعم.

(و اخرى): بالتنبيه عليهما: بأن ينبهان أن عقدكما كان فاسدا و لم يحصل به التمليك و التملك فهل انتما راضيان بهذا التصرف؟

فالجواب بالايجاب.

فتحصل من مجموع ما ذكره الشيخ في المقام: أن هنا صورا أربعة (الاولى): وقوع التقابض بعد العقد الفاسد بالجبر و الإكراه:

بحيث لا يتمكنان على التخلص من التقابض.

و هذه الصورة يحرم التصرف فيها.

و هذه الصورة لا تتنافى و علمهما بفساد العقد، لأنهما مكرهان على التقابض كما لو اجبرا على التقابض من دون عقد.

(الثانية): وقوع التقابض بعد العقد الفاسد، بناء على ملكية كل منهما لمال الآخر اعتقادا، أو تشريعا كما عرفت.

و هذه الصورة يحرم التصرف فيها أيضا.

ص: 346

(الاول): كفاية هذا الرضا المركوز في النفس (1)، بل الرضا الشأني، لأن الموجود بالفعل هو رضاه: من حيث كونه مالكا في نظره.

و قد صرح بعض من قارب عصرنا (2) بكفاية ذلك (3)

و لا يبعد رجوع الكلام المتقدم ذكره الى هذا (4)

و لعله (5) لصدق طيب النفس على هذا الأمر المركوز في النفس.

+++++++++++

و هذه الصورة لا تكون إلا مع عدم علمهما ببطلان العقد.

و هنا يحرم التصرف في المأخوذ.

(الثالثة): وقوع التقابض بإنشاء جديد ليكون معاطاة صحيحة.

و هذه الصورة لا يحرم التصرف فيها.

(الرابعة): وقوع التقابض لا على وجه الاستحقاق بالعقد الفاسد و لا على وجه إنشاء تمليك جديد.

فهذه الصورة يجوز فيها التصرف أيضا، لكن الكلام في دخولها في المعاطاة

و قد ذكر الشيخ في دخولها فيها بشرطين فقال: الاول.

(1) و هو أنه لو سئلا عن هذا التصرف لاجابا بالجواز.

(2) و هو صاحب المقابيس المحقق الشيخ اسد اللّه التستري يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) و هو الرضا المركوز في النفس.

(4) و هو قول المحقق الثاني في ص 330: و علم التراضي: بأن يقال:

إن الرضا المركوز في النفس كاف في مورد التعاطي.

(5) أى و لعل رجوع الكلام المتقدم من المحقق الثاني و هو قوله:

و علم التراضي لاجل صدق طيب النفس التكويني عليه فيشمله قوله عليه السلام في ص 180: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه.

ص: 347

(الثاني) (1): أنه لا يشترط في المعاطاة إنشاء الإباحة، أو التمليك بالقبض، بل و لا (2) بمطلق الفعل.

بل يكفي وصول كل من العوضين الى المالك (3) الآخر، و الرضا (4) بالتصرف قبله، أو بعده على الوجه المذكور (5)

و فيه (6) إشكال: من (7) أن ظاهر محل النزاع بين العامة و الخاصة هو العقد الفعلي كما ينبئ عنه (8) قول العلامة رحمه اللّه في رد كفاية المعاطاة في البيع: إن (9) الأفعال قاصرة عن إفادة المقاصد.

+++++++++++

(1) اى (الامر الثاني) من الامرين الذين هما شرط في دخول الصورة الرابعة في المعاطاة.

(2) اى بل و لا يشترط في المعاطاة إنشاء الاباحة، أو التمليك بمطلق الفعل حتى من جانب واحد.

(3) و في بعض النسخ الى مالك الآخر.

(4) اى و يكفي الرضا بالتصرف من دون حصول معنى التعاطي.

(5) و هو وصول كل من العوضين الى المالك الآخر، و الرضا بالتصرف.

(6) اى و في الذهاب الى عدم اشتراط إنشاء الاباحة، أو التمليك بالتقابض حتى بمطلق الفعل في المعاطاة نظر و اشكال.

(7) هذا وجه النظر في عدم اشتراط التقابض في المعاطاة فهو دليل لاشتراط التقابض بالفعل في المعاطاة.

(8) اى يشعر عن أن التقابض الفعلي شرط في المعاطاة.

(9) هذا مقول قول العلامة رحمه اللّه و قد تقدم في ص 85

فالعلامة قدس سره قد اخذ التقابض بالفعل في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي.

ص: 348

و كذا (1) استدلال المحقق الثاني على عدم لزومها: بأن الأفعال ليست كالأقوال في صراحة الدلالة.

و كذا (2) ما تقدم من الشهيد رحمه اللّه في قواعده: من أن الفعل في المعاطاة لا يقوم مقام القول و إنما يفيد الإباحة، الى غير ذلك من كلماتهم الظاهرة في أن محل الكلام هو الانشاء الحاصل بالتقابض (3)

و كذا كلمات العامة فقد ذكر بعضهم أن البيع ينعقد بالايجاب و القبول و بالتعاطي (4)

+++++++++++

(1) اى و كذا استدلال المحقق الثاني في ص 89 يشعر على أن التقابض بالفعل قد اخذ في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي.

(2) اى و كذا ما افاده الشهيد الاول في ص 128 يشعر على أن التقابض بالفعل شرط في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي.

(3) أي بالتقابض بالفعل من الطرفين.

هذه هي الأقوال الدالة على اشتراط التقابض بالفعل من الطرفين.

فكيف يمكن أن يقال بعد صراحة هذه الأقوال بعدم اشتراط التقابض بالفعل في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي؟

(4) لا نعرف وجها لدلالة كلمة و بالتعاطي على المراد: و هو اشتراط التقابض بالفعل في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي، اذ يمكن أن يكون المراد بالتعاطي هو حصول المعاملة من دون تحقق الفعل حتى من طرف واحد كما مثل الشيخ نفسه قدس سره بوضع الفلوس في كوز الحمامي فكيف استدل الشيخ على المراد بهذه الكلمة من كلمات (علماء إخواننا السنة)؟

ص: 349

و من (1) أن الظاهر أن عنوان التعاطي في كلماتهم لمجرد الدلالة على الرضا (2)، و أن عمدة الدليل على ذلك (3) هي السيرة، و لذا (4) تعدوا الى ما اذا لم يحصل إلا قبض احد العوضين، و السيرة (5) موجودة في المقام، فإن بناء الناس على اخذ الماء و البقل، و غير ذلك من الجزئيات من دكاكين أربابها مع عدم حضورهم، و وضعهم الفلوس في الموضع المعد له، و على دخول الحمام مع عدم حضور صاحبه، و وضع الفلوس في كوز الحمامي.

+++++++++++

(1) هذا دليل لعدم اشتراط التقابض بالفعل في مفهوم المعاطاة في تحققه الخارجي.

(2) اى و ليس عنوان التعاطي في كلمات الفقهاء لتحقق مفهوم المعاطاة و هو التقابض بالفعل من الطرفين.

(3) اى على أن المعاطاة لا يشترط في تحقق مفهومه الخارجي التقابض بالفعل، لأنه لمجرد الدلالة على الرضا.

و المراد من السيرة هي سيرة المتشرعة من صدر الاسلام الى زماننا هذا، حيث إن اهل الشرع في معاملاتهم يكتفون بقبض واحد.

(4) اي و لاجل أن التقابض ليس شرطا في تحقق مفهوم المعاطاة في الخارج، و أن الدليل على ذلك هي السيرة ترى أن السيرة تعدت من الاكتفاء بالقبض من طرف واحد في المعاطاة، و اكتفت بوضع النقد في المحل الذي اعدّ لاخذ السلع منه، من دون أن يكون هناك آخذ و معط و هذه السيرة جارية في كل البلاد؛ و في كل الأزمان.

(5) اي سيرة المتشرعة في الاكتفاء بالقبض من طرف واحد موجودة من البداية الى زماننا هذا.

ص: 350

فالمعيار (1) في المعاطاة وصول المالين، أو احدهما مع التراضي بالتصرف.

و هذا (2) ليس ببعيد على القول بالإباحة.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من عدم اشتراط التقابض من الطرفين؛ و لا من طرف واحد في المعاطاة: اى الميزان و القاعدة الكلية في المعاطاة هو وصول المال من الطرفين.

(2) هذا رأي الشيخ في المعاطاة و قد افاده في ص 241-249

و هو الحق في المقام، اذ نرى بالعيان أن جميع المعاملات الواقعة في العالم اجمع: من البيع و الاجارة و الهبة و القرض و المساقاة و المزارعة و المضاربة، و غيرها: من بقية العقود كلها تقع معاطاة، و قل ما يتفق أن يقع عقد من العقود بصورة الايجاب و القبول: بأن يقول البائع: بعت و المشتري يقول: قبلت، أو يقول الموجر: آجرت، و المستاجر يقول:

استأجرت، أو يقول المقرض: اقرضتك، و المقترض يقول: قبلت، أو يقول المضارب الذي هو صاحب المال للعامل: ضاربتك في المال: بأن يكون المال مني و منك العمل فيقول العامل: قبلت.

و قس على؟؟؟ ذلك بقية العقود.

و كان التعامل المعاطاتي ماشيا و ماضيا منذ بداية ظهور الاسلام الى يومنا هذا حتى في زمن (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم، و عهد (الأئمة من اهل البيت عليهم الصلاة).

ص: 351

ص: 352

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الكتب

7 - الخاتمة

ص: 353

ص: 354

1 - فهرس الابحاث

ص الموضوع

3 الإهداء

9 كتاب البيع

11 الأحاديث الواردة في استعمال البيع في المنافع

13 قيل بوقوع المنافع عوضا

15 التفصيل في الحقوق

17 ما افاده الشيخ في الحقوق

19 امكان تملك الانسان لما في ذمته

21 تحقيق حول الحقوق

23 ليس للبيع حقيقة شرعية

29 ايراد الشيخ على تعاريف البيع

31 ما ذكره الدافع و الرد عليه

33 ايراد الشيخ على تعريف المحقق الثاني

35 الجواب عما أورد على تعريف الشيخ

37 في الايراد على تعريف الشيخ

41 في متعلقات الصلح

43 تحقيق حول الهبة المعوضة

45 تحقيق حول كلمة ملكت

ص الموضوع

47 جريان الاصل العقلائي عند الشك

49 في اخراج القرض عن تعريف البيع

51 استعمال البيع في معان اخرى عند كاشف الغطاء

55 رد الشيخ على ما افاده كاشف الغطاء

57 البيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب

59 في توجيه كلام شيخ الطائفة

61 في أن المسبب هو الاثر الحاصل في نظر الشارع

63 ما افاده الشهيد الثاني في عقد البيع و غيره

65 إشكال الشيخ على ما افاده الشهيدان

67 الجواب عن تمسك العلماء بإطلاق أدلة البيع

69 في معاني المعاطاة

71 تحرير محل النزاع في المعاطاة

73 نقل الشيخ كلمات الفقهاء في المعاطاة

75 ما افاده شيخ الطائفة في المعاطاة

77 ما افاده ابن ادريس في المعاطاة

ص: 355

ص الموضوع

79 ما افاده السيد ابن زهرة في الغنية في المعاطاة

81 دلالة أدلة ابن زهرة على أن قصد المتعاطيين التمليك

83 ما افاده المحقق في الشرائع حول المعاطاة

85 ما افاده علماء اخواننا السنة حول المعاطاة

87 ما افاده الشهيد في المعاطاة

89 تحقيق من الشيخ حول المعاطاة من حيث الاباحة و التمليك

91 راي الشيخ حول المعاطاة

93 تأييد من الشيخ في افادة المعاطاة الملك

95 ايراد الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

97 المعروف بين المتأخرين في المعاطاة

99 الأقوال في المعاطاة

103 توجيه كلام ابن ادريس

105 تقوية الشيخ كلام المحقق الثاني

107 الاستدلال بآية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ

109 عدم دلالة الناس مسلطون على المدعى

ص الموضوع

111 مداعبة الشيخ مع المستدل بعموم الحديث

113 في رد السيرة

115 التمسك بالتبادر العرفي

117 وقوع المعاطاة في البيع بالاجماع المركب

119 ما افاده كاشف الغطاء في القواعد الجديدة

121 في المفاسد المترتبة على القول بالإباحة المجردة

135 ما افاده الشيخ في رد كاشف الغطاء

137 ما اورده كاشف الغطاء على القول بالإباحة

145 في القواعد الجديدة

147 رد الشيخ على ما افاده كاشف الغطاء

149 فيما تخلف العقد عن القصد

153 رد الشيخ على ما افاده كاشف الغطاء

155 جواب الشيخ عن القواعد الجديدة

159 تلف المأخوذ بالمعاطاة من مال ذي اليد

161 رد الشيخ على القواعد الجديدة

ص: 356

ص الموضوع

163 الخروج عن أصالة عدم الملك مشكل

165 افادة المعاطاة الملكية على راي الشيخ

167 مختار الشيخ في المعاطاة

169 عدم ثبوت الملك المشترك

171 امكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك

173 الجواز و الرجوع من الأحكام الشرعية

175 هل اللزوم و الجواز من خصوصيات الملك

177 الاستدلال بحديث الناس مسلطون على لزوم المعاطاة

179 تمسك المحقق على لزوم القرض بعد القبض

181 دلالة لا يحل مال امرئ على انحصار سبب الحل، أو جزئه

183 الاستدلال بالآية على لزوم المعاطاة

185 اذن المالك الحقيقي يخرج الاكل عن البطلان

187 اذن الشارع في النواقل القهرية

ص الموضوع

189 المراد من العقد هو مطلق العهد

191 الاستدلال بحديث المؤمنون عند شروطهم على لزوم المعاطاة

193 عدم دلالة عبارة الشيخ المفيد على الملكية اللازمة

195 نقل أقوال الفقهاء على عدم لزوم المعاطاة

197 الخدشة في تحصيل الاجماع

199 تمسك الشيخ بالأحاديث على اعتبار مطلق اللفظ في اللزوم

201 في الخبر الذي يتمسك به في باب المعاطاة

203 ذكر وجوه أربعة الحديث إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام

205 اختلاف المقصود الواحد باختلاف المضامين

207 الوجه الثالث لحديث إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام

209 المراد من قوله عليه السلام:

إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام

211 عدم مدخلية النطق في التحليل و التحريم

ص: 357

ص الموضوع

213 تعين المعنى الرابع من الحديث

215 عدم امكان مجيء المعاطاة في مورد الحديث

217 عدم كراهة نسبة الربح الى راس المال

219 المراد من نفي البيع عن المعاطاة نفي اللزوم

221 المناسب للمعاطاة المفيدة للإباحة التمسك بعموم الناس

223 هل يشترط في المعاطاة بقية شروط البيع؟

225 هل الصيغة معتبرة في البيع

227 عدم اعتبار شروط البيع في المعاطاة

229 انصراف المطلق الى الفرد الغالب

231 الفرق بين الشروط المعتبرة في البيع، و بين غيرها

233 ايراد الشيخ على الشهيد الاول

235 الاصل في المعاطاة

337 ثبوت الخيار في المعاطاة بناء على افادتها الملك

239 التنبيه الثاني

ص الموضوع

241 في المعاطاة الحاصلة من جانب واحد

243 في التنبيه الثالث

245 في صور المعاطاة لو لم تلاحظ إلا كونها بدلا عن الآخر

247 في التنبيه الرابع

249 استعمال المعاطاة في الرهن و القرض

251 المعاطاة بالمعنى الثاني مصالحة

253 منشأ الإشكال في الوجه الثالث و الرابع من المعاطاة

255 في أن قول الرجل: اعتق عبدك عني استدعاء

257 الدليل الشرعي كاشف عن ثبوت الملك

259 لا يجوز الشراء بمال لو دفع إليه اذا لم يقصد الدافع عنوانا خاصا

261 بطلان دعوى عدم توقف الملك التقديري على دليل خاص

263 بيع الانسان مال غيره لنفسه غير جائز

265 عدم انعقاد النذر و العهد بمال الغير

ص: 358

ص الموضوع

267 الملكية في بيع العبد الموهوب ليست تقديرية

269 التمليك الضمني لا ينطبق على الاباحة المجردة

271 في صحة الاباحة بالعوض

273 كلا العوضين ملك للمبيح

275 هل المعاطاة على فرض صحتها لازمة مطلقا؟

277 ما اورده الشيخ على ما افاده المحقق الثاني

279 راي الشيخ في جريان المعاطاة في غير البيع

281 المعاطاة بكلا معنييه لا يتصور في الرهن

283 افاد بعض الأعلام بوقوع المعاطاة في الرهن

285 في التنبيه السادس

287 الاستصحاب الازلي هو المراد من الاصل

289 عدم مجيء قاعدة على اليد ما اخذت هنا

291 المتيقن من مورد جواز الرجوع ص الموضوع

هو وجود العينين

293 الجواز في البيع المعاطاتي نظير الجواز في الهبة

295 حكم تلف احدى العينين أو بعضها

297 حكومة أصالة بقاء السلطنة على أصالة البراءة

299 سقوط الدين عن ذمة المدين في حكم التلف

303 هل يجوز التراد لو عادت العين بفسخ؟

305 رجوع العين الى المالك الاصلي بالفسخ

307 لا يتحقق التراد و ان افادت المعاطاة الاباحة

311 يجوز التراد لو كان العقد الناقل بغير معاوضة

313 ينعكس الحكم إشكالا و وضوحا

315 سقوط الرجوع عند امتزاج العينين، أو احداهما

317 في جريان الاستصحاب و عدمه

ص: 359

ص الموضوع

319 لو مات احد المالكين لم يجز لوارثه الرجوع

321 التنبيه السابع

323 لثلاثة أيام الحيوان في المعاطاة احتمالان

325 المعاطاة معاوضة مستقلة لو افادت الملكية المتزلزلة

327 التنبيه الثامن

329 لا عبرة بالإنشاء القولي السابق

331 عدم تملك المقبوض بالعقد الفاسد

333 الحكم بالضمان مناف للحكم بالمعاطاة

335 الجمع بين قولي المحقق و العلامة ص الموضوع

و قول المحقق و الشهيد الثانيين

337 الصيغة الفاقدة لبعض الشروط تتضمن إنشاء واحدا

339 نقاش الشيخ مع المحقق الثاني

341 الرضا الجديد كالإذن الحاصل من شاهد الحال

343 تفصيل الكلام حول التنبيه الثامن

345 كيفية وقوع التقابض في الخارج

347 دخول الصورة الرابعة في المعاطاة متوقف على امرين

349 أقوال الفقهاء حول المعاطاة

351 القاعدة الكلية في المعاطاة

ص: 360

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

9 لفظة البيع من الأضداد

9 تحقيق حول المبادلة

10 منشأ الاستظهار التبادر و صحة السلب

10 تفريع على الاستظهار

11 في الاستشهاد بالأحاديث في استعمال البيع في المنافع

13 توجيه الشيخ لما افاده كاشف الغطاء

13 رد الشيخ للتوجيه المذكور

13 تنظير للرد

14 في الأعمال الحرفية

14 لو لم نقل عمل الحر يعد من الأموال

15 الحقوق المقررة من قبل الشارع

16 تحقيق في الحضانة

16 لا يصح جعل حق الحضانة عوضا في البيع

16 تحقيق في الولاية، و أنها ليست قابلة للمعاوضة

ص الموضوع

16 تحقيق في الشفعة، و أنها ليست قابلة للمعاوضة

17 تقسيم الخيار الى قسمين

18 نقض و خلاصته

18 جواب الشيخ عن النقض

19 جعل الشهيد الإبراء مرددا بين التمليك و الإسقاط

19 تحقيق حول امكان بيع الدين على من هو عليه الدين

20 تعليل لامكان بيع الدين على من هو عليه الدين و خلاصته

20 الاشارة الى فافهم

21 تحقيق حول التحجير

21 تحقيق حول السبق و الأولوية

22 تصريح الفقهاء في حصر الثمن في المال في الموضعين

22 تقسم الحقوق الى ثلاثة أقسام

23 تحقيق حول الحقيقة الشرعية

ص: 361

ص الموضوع

24 تقسيم الوضع الى قسمين: التعييني و التعييني

24 تقسيم الوضع الى أربعة أقسام

25 راي صاحب الكفاية في وضع الحروف و الأسماء

25 ما اورده صاحب الكفاية على مختاره في وضع الحروف

26 في الحقائق الشرعية

29 الصور الأربعة الممكنة في البيع

30 تحقيق حول الكناية

31 ايراد من الشيخ على المحقق

31 دفع الايراد

32 جواب عن دفع الايراد

32 تحقيق حول الدور و أقسامه

34 استدراك عما افاده

34 في تعريف الشيخ البيع و ورود الإشكالات الخمسة على التعريف

35 إشكال الشيخ على ما اورد على تعريفه و اشتماله على دليلين

38 نقض و خلاصته

38 جواب النقض

ص الموضوع

39 الامر الخامس الوارد على تعريف الشيخ

39 الجواب عن الامر الخامس

39 دليل أن الصلح موضوع للتسالم

40 المؤيدات الخمسة لمدعى الشيخ

41 فرض المسألة للمؤيد الخامس

41 الاستشهاد بالحديث للمؤيد الخامس

42 إشكال الشيخ على انتقاض التعريف

45 في أن حقيقة المعاوضة ليست مقصودة

45 عدم وقوع الصلح بلفظ ملكتك

46 استدراك و خلاصته

46 تفريع و خلاصته

47 تعليل و وجهه

47 تعليل من القائل بتقديم البيع على الصلح

48 استدراك و خلاصته

49 مقصود الشيخ من عدم جريان ربا المعاوضة في القرض

50 عدم جريان الغرر المنفي في المعاوضة

52 منشأ تقييد التمليك بتعقب المشتري القبول

ص: 362

ص الموضوع

53 مناقشة الشيخ مع كاشف الغطاء

55 استدراك و خلاصته

55 ليس تحقق القبول شرطا للانتقال في نظر الناقل

56 تحقيق حول البيع و ما يساويه معنى من قبيل الايجاب و الوجوب لا الكسر و الانكسار

58 الأمر بالتأمل

58 وجه الضعف

59 رد على المعنى الثاني للبيع الذي افاده كاشف الغطاء

59 توجيه و خلاصته

60 رد على المعنى الثالث للبيع الذي افاده كاشف الغطاء

60 في أن المسبب في نظر الشارع هو الاثر الحاصل

60 تعليل لكون المسبب ليس هو النقل

61 الاستدلال بحديث الحلبي

61 إشارة الفتاوى الى أن المسبب هو الاثر الحاصل

62 تفريع

63 اضافة العقد الى البيع ليست بيانية

ص الموضوع

64 وضع العين للمعاني المتعددة

64 وهم و الجواب عنه

65 إشكال و خلاصته

65 استدراك و خلاصته

67 الجواب عن الإشكال

68 وجه التأمل

70 استدراك و خلاصته

71 تحرير النزاع عند الفقهاء في المعاطاة

72 تحرير حول كلمة أصاغر

73 نقاش الشيخ مع صاحب الجواهر

75 المراد من العقد

75 وهم و الجواب عنه

79 تحقيق حول المنابذة و الملامسة

80 تحقيق حول كلمة الحصاة

81 الأدلة الثلاثة لابن زهرة

81 مقارنة ابن زهرة المعاطاة مع المعاملة

83 وجه الظهور

83 التقابض الواقع بدون الصيغة على قسمين

84 المراد من الاصل

84 تعليل ثان

ص: 363

ص الموضوع

85-86 الوجوه المذكورة لكلام ابن زهرة

87 المقصود من المعاطاة

92 حاصل ما اورده المحقق الثاني

92 التصرفات المجوزة من قبل الشارع

93 جواز الاكل من البيوتات المذكورة في الكتاب العزيز

93 وهم و حاصله

94 جواب عن الوهم

95 الامر الاول - الثاني - الثالث

95 ترق من الشيخ و خلاصته

97 مخالفة قول ابن زهرة و المحقق للظاهر

100 المراد من الاطلاق

100 وجه التأمل

103 وهم و حاصله

104 جواب الوهم و حاصله

105 استدلال الشيخ على افادة المعاطاة الملكية بامور ثلاثة

105 الامر الثاني

107 ترق من الشيخ و خلاصته

107 وجه التأمل

ص الموضوع

108 وجه ظهور التمسك بالآية

109 كيفية الاستدلال بالحديث النبوي

109 رد الشيخ على الاستدلال بالحديث النبوي

111 وهم و خلاصته

111 جواب عن الوهم و خلاصته

113 خلاصة هذه العبارة

113 رد على السيرة

114 ايرادنا على الشيخ بقولنا: إن كان المراد

114 تفريع و خلاصته

115 رد و خلاصته

115 تفريع و خلاصته

116 ترق من الشيخ و خلاصته

117 إشكال من الشيخ و خلاصته

117 إن قلت قلنا

118 القاعدة الاولى من القواعد الجديدة

119 القاعدة الثانية من القواعد الجديدة

120 تحقيق حول أو تصدق بمالي عنك

121 ثالثة القواعد الجديدة

ص: 364

ص الموضوع

121 المفسدة الاولى من المفاسد المترتبة

121 تحقيق حول الخمس

124 المفسدة الثانية

124 تحقيق حول الزكوات

125 المفسدة الثالثة

125 تحقيق حول الحج

126 المفسدة الرابعة

126 تحقيق حول الديون

127 المفسدة الخامسة

127 تحقيق حول النفقات

128 المفسدة السادسة

128 المفسدة السابعة

129 المفسدة الثامنة

129 تحقيق حول المواريث

129 موجبات الارث و موانعه

133 المفسدة التاسعة

133 تحقيق حول الربا

134 المفسدة العاشرة

134 تحقيق حول الوصايا

135 المفسدة الحادية عشر

135 المفسدة الثانية عشرة

136 رابعة القواعد الجديدة

ص الموضوع

136 خامسة القواعد الجديدة

136 (1) من لوازم القاعدة الخامسة

137 (2) من لوازم القاعدة الخامسة

137 (3) من لوازم القاعدة الخامسة

137 تحقيق حول المطالب بصيغة الفاعل

138 الشق الثاني للمطالب بالكسر

139 تملك القابض للمأخوذ بالمعاطاة على ثلاثة أقسام

139 (4) من لوازم القاعدة الخامسة

140 سادسة القواعد الجديدة

141 المراد من النواقل القهرية

142 سابعة القواعد الجديدة

142 النماء الحاصل لا يخلو من احد الامرين

143 إشكال من الشيخ على ما افيد في النماء

143 وهم و خلاصته

144 جواب عن الوهم و خلاصته

144 ثامنة القواعد الجديدة

145 دفع وهم حاصل الوهم

145 حاصل الدفع في نقض ما افاده كاشف الغطاء

145 في القواعد الجديدة

ص: 365

ص الموضوع

148 استدراك و خلاصته

148 الطريق الثاني و هو الرد النقضي

149 احد الموارد المتخلف فيها العقد عن القصد

150 وهم و حاصله

150 الجواب عن الوهم

150 ثاني الموارد التي تخلف العقد عن القصد

151 ثالث الموارد التي تخلف العقد عن القصد

151 رابع الموارد التي تخلف العقد عن القصد

151 خامس الموارد التي تخلف العقد عن القصد

152 استدراك و خلاصته

152 رد على القاعدة الثانية الجديدة

153 في المأخوذ بالمعاطاة أدلة ثلاثة متناقضات

154 تفريع و خلاصته

154 رد على القاعدة الثانية الجديدة

155 ترق من الشيخ

156 رد على القاعدة الرابعة الجديدة

ص الموضوع

157 رد على القاعدة الخامسة الجديدة

157 الجمع بين الأدلة الثلاثة

159 تفريع

159 تنظير

160 رد على القاعدة السادسة الجديدة

161 استدراك

161 رد على القدة السابعة الجديدة

163 المراد من الاصل

163 تأييد للقول الثاني و خلاصته

165 أقوال ثلاثة في المعاطاة

166 مختار الشيخ في المعاطاة

167 الأدلة القائمة من الشيخ لاثبات مدعاه

167 المراد من الاصل

169 العقد على قسمين

169 الدليل الثاني من الاستصحاب

169 دعوى و خلاصتها

170 الجواب عن الدعوى

171 منشأ الانقسام

171 دليل آخر على افادة الاستصحاب الملكية

172 وجه التأمل

ص: 366

ص الموضوع

173 دعوى الشيخ حول منشأ الاختلاف في انقسام الملك الى المستقر و المتزلزل

174 تنازل من الشيخ و خلاصته

177 كل واحد من المتعاطيين مدع و مدعى عليه

178 الدليل الثالث من الشيخ لاثبات مدعاه

180 الدليل الرابع من الشيخ لاثبات مدعاه

182 توهم و خلاصته و الجواب عنه

182 جواب آخر عن التوهم

183 رابع الأدلة التي اقامها الشيخ على مدعاه

183 كيفية الاستدلال بالآية الكريمة

184 رد للتوهم السابق

184 الاستدلال بجملة المستثنى منه

185 تحقيق حول جواز الاكل للمارة و عدمه

186 المراد من النواقل القهرية هنا

188 سابع الأدلة التي اقامها الشيخ لمدعاه

ص الموضوع

188 ثامن الأدلة التي اقامها الشيخ لمدعاه

189 استشهاد الشيخ بصحيحة عبد اللّه ابن سنان

190 استشهاد ثان من الشيخ لاثبات مدعاه

191 كيفية الاستدلال بالحديث الشريف

194 الفروض المتصورة

194 مقصود كلام الشيخ المفيد

196 الفرق بين المشهور و الأشهر و الكثير و الاكثر

200 تحقيق حول السيرة

202 تحقيق حول لفظي انكحت طالق

203 تفريع و خلاصته

204 نقاش مع الشيخ حول الكلام الوارد في الرواية

207 خذ لذلك مثالا

209 هذه العبارة لها احتمالان

210 مناقشة الشيخ الوجوه المذكورة لقوله عليه السلام: إنما يحلل

212 الكلام و يحرم الكلام وجه سقوط الخبر عن الدلالة على المعنى

ص: 367

ص الموضوع

الثالث و الرابع للحديث

214 استدراك و خلاصته

215 استثناء و خلاصته

215 وجه التأمل

217 المراد من المراوضة

218 وجه الفساد

219 تفريع و متممات التفريع

220 ما استظهره صاحب الجواهر

221 لو تمسك على مشروعية المعاطاة بسيرة المتشرعة

222 تفصيل الأقوال الثلاثة

224 دليل القول الاول و خلاصته

224 تأييد للاستشهاد

225 تفريع و خلاصته

225 خروج المعاطاة عن البيع

226 تفريع

228 تأييد من الشيخ لما افاده

229 وجه خروج المعاطاة

229 المطلقات الواردة في البيع

231 قول رابع في قبال الأقوال الثلاثة

232 خلاصة ما افاده الشهيد في قواعده

ص الموضوع

234 عدم العثور على الاصل الذي افاده الشيخ

235 المراد من الاصل الاستصحاب

236 ترق من الشيخ و خلاصته

237 تحقيق حول المصالحة

238 تعليل و حاصله

238 مقصود الشيخ

240 تحقيق حول باب المفاعلة

241 مقصود الشيخ من المعاطاة

243 التقييد بالفعلية

246 الوجوه الأربعة

248 تفريع

249 ترق من الشيخ في معنى المعاطاة

250 وجه التأمل

251 كما في الوجه الرابع

251 كما في الوجه الثالث

254 وجه غير المعقولية

256 خلاصة الوجه

258 احدى القواعد الفقهية المخالفة لمؤدى العموم

259 الشراء لنفسه على قسمين

261 وهم و حاصله

ص: 368

ص الموضوع

262 تمثيل و تنظير و خلاصة

262 الجواب عن الوهم

263 من متممات الجواب و خلاصة

264 من متممات الجواب أيضا

264 تنظير من الشيخ لما افاده

265 استدراك و خلاصته

265 وجه الامر بالتأمل

266 وهم و خلاصته

267 الجواب عن الوهم

267 من متممات الجواب

268 خروج المعاطاة عن مصداق التمليك الضمني

269 تعليل لخروج ما نحن فيه

269 تعليل لعدم انطباق التمليك القهري

269 من متممات تعليل خروج ما نحن فيه

270 اعتراض على عبارة الكتاب

270 تعليل لعدم انطباق ما نحن فيه على التمليك الضمني

270 تفريع و خلاصته

271 استدلال الشيخ بأقوال الفقهاء

272 وجه التأمل

ص الموضوع

273 المراد من المالية

273 الظاهر عدم التأمل

274 المراد من التناسب لغة

277 إشكال الشيخ على ما افاده المحقق الثاني

278 الإشكال الثاني

278 تمثيل

278 الإشكال الثالث

279 الإشكال الرابع

279 هدم من الشيخ لما بناه

281 مقتضى الاجماعين

281 جعل المعاطاة لازما مخالف للاجماع القائم على عدم لزوم ما ينشأ بالفعل

282 تفريع

282 تعليل من الشيخ

283 تحقيق حول جملة: أمكن أن يقول

283 حديث عبد اللّه بن سنان

284 منافاة الجواز للوثيقة

284 وجه التأمل

285 خلاصة هذا الكلام

ص: 369

ص الموضوع

286 الوجوه التي اقامها الشيخ على افادة المعاطاة اللزوم على القول بالملك

287 المراد من الاصل هو الاستصحاب

287 تعليل و خلاصته

287 دليلان للشيخ على عدم افادة المعاطاة اللزوم

288 وهم و حاصله، الجواب عن الوهم

289 إشكال على عبارة الكتاب

289 التمسك بقاعدة على اليد و الجواب عنها

289 وهم و حاصله

290 الجواب عن الوهم

290 الصور الكثيرة لجواز الرجوع و عدمه

291 الصورة الاولى

291 وهم و حاصله، و الجواب عن الوهم

291 لا يقال

292 فإنه يقال

292 لا يقال - فإنه يقال

293 ترق من الشيخ

ص الموضوع

293 تنظير و خلاصته

294 ترق من الشيخ

295 الصورة الثانية

295 الصورة الثالثة

295 الصورة الرابعة

295 وجه المعلومية في تلف احدى العينين

296 الصورة 5-6-7-8

296 المراد من الأصالة

297 تعليل من صاحب الجواهر

297 تعليل ثان من صاحب الجواهر

297 الإشكال فيما افاده صاحب الجواهر

298 وهم و الجواب عنه

299 تأييد من الشيخ لما افاده صاحب الجواهر

299 إشكال من الشيخ على أصالة البراءة

300 تفريع

300 إشكال آخر على أصالة البراءة

300 المراد من التدبر

301 الصورة التاسعة

301 حكم الصورة التاسعة

ص: 370

ص الموضوع

301 الصورة العاشرة

301 الاشارة الى فافهم

302 الصورة الحادية عشر - و الثانية عشرة

302 الصورة الثالثة عشر - و الرابعة عشر

302 الصورة الخامسة عشر - و السادسة عشر

304 مختار الشيخ في الصورة 15-16 على القول بالملك في المعاطاة

304 رد من الشيخ على من استدل بالاستصحاب

304 مختار الشيخ في الصورة 15-16 على القول بالإباحة في المعاطاة

305 ترق من الشيخ و خلاصته

306 المراد من السابق

306 متممات الدليل

306 استدراك

208 وجه الضعف

308 نظرية الشيخ

308 الصورة السابعة عشر

309 استدراك

ص الموضوع

310 الصورة الثامنة عشر

310 لا يقال - فإنه يقال

311 ترق من الشيخ

312 الصورة التاسعة عشر - و العشرون

313 الصورة الحادية و العشرون

313 تحقيق حول كلمة إشكالا و وضوحا

314 الصورة الثانية و العشرون

315 الصورة 23-24-25

315 وجه الضعف

316 الصورة 26-27-28

217 جريان الاستصحاب و عدمه

317 منشأ الإشكال في جريان الاستصحاب

319 تفريع

319 المراد من الاصل

320 تعليل

320 وجه عدم جريان الاستصحاب

320 الصورة التاسعة و العشرون

321 اعتراض على ما افاده الشهيد الثاني

322 وهم - و الجواب عنه

323 لثلاثة أيام خيار الحيوان احتمالان

324 وجه جريان خيار العيب

ص: 371

ص الموضوع

328 الاحتمالات في العقد العقد الفاسد

329 تعليل و خلاصته

331 تعليل و خلاصته

331 الصورة الاولى لمراد الفقهاء

332 استشهاد الشيخ على مراد الفقهاء

332 الصورة الثانية

332 بين الصورتين العموم و الخصوص من وجه

333 التهافت بين كلام و المحقق و العلامة و كلام الشهيد و المحقق الثانيين

334 الجمع بين الكلامين المتهافتين

338 وجه الفساد

ص الموضوع

339 صور العلم بفساد المعاملة

339 نقاش الشيخ مع المحقق الثاني

340 وهم - و الجواب عنه

340 تعليل

341 اعتراض على عبارة الشيخ

342 اعتراض على ما افاده الشيخ

346 الصور الاربعة للتقابض

348 الامر الثاني

349 الاعتراض على ما افاده الشيخ حول كلمة و بالتعاطي

351 تحقيق حول المعاطاة

ص: 372

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 65، 68 88، 106، 111، 115، 164 219

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 88 108، 111، 164، 286

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ 123

إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ 131

إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ..

الى آخر الآية 123

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 67، 68، 188 189، 192، 220، 286

- ف -

فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ ، فَإِنْ كٰانَتَا اِثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا اَلثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ 131

فَلَكُمُ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ وَ لَهُنَّ اَلرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ 131

فَلَهُنَّ اَلثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ 131

- ق -

قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ 124

- و -

وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ 256

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ...

الى آخر الآية 122

وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا اَلنِّصْفُ 130

وَ عَلَى اَلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ عَلَى اَلْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ 128

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 108، 184، 286

و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 183

وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ اَلسُّدُسُ ، وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا اَلسُّدُسُ 132

وَ لاٰ عَلَى اَلْمَرِيضِ حَرَجٌ 93

وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ 131

وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ 124

ص: 373

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- أ -

إن الناس مسلطون على أموالهم 109، 178، 220-222، 261 263، 265، 274، 286، 287 300

- ب -

البيعان بالخيار ما لم يفترقا، و إن افترقا وجب البيع 286

- ع -

على اليد ما اخذت حتى تؤدي 146 157، 158

- ف -

فلا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه 181

- ل -

لا فضل لقرشي على عربي، و لا لعربي على اعجمي، و لا لأسود على أبيض 124

لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه 146، 180-181

- م -

المؤمنون عند شروطهم 191، 192 275، 286

ما تركه الميت: من ملك، أو حق فهو لوارثه 319

المسلم اخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب نفس منه 181

- و -

و لا خيار بعد الرضا 188

ص: 374

5 - فهرس الأعلام

- أ -

الآملي: المحقق 155

ابن ابي عمير 201

ابن أبي مريم 11

ابن نجيح 201

ابن زهرة 72، 73، 81، 97

ابن شريح 85

ابن مالك 204

ابن محبوب 206

ابو بصير 116

ابو حنيفة 74، 76

(احمد بن حنبل) 85، 86

الاردبيلي: المحقق 193، 242

اهل البيت: الأئمة عليهم السلام 105 106، 122، 351

- ب -

البجنوردي: ميرزا حسن 167

البهبهاني: الوحيد 13

- ت -

التستري: المحقق اسد اللّه 347

- ح -

الحجاج: خالد بن الحجاج 201

الحجاج: يحيى بن الحجاج 201، 216

الحلبي: ابو صلاح 61، 72، 73

الحلي: ابن ادريس 72، 73، 77 78، 96، 97، 102، 103، 104 279

الحلي: المحقق الاول 83، 88، 97 179، 197، 331-334، 336

- ر -

الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم 79، 105، 109، 110، 122، 123، 124، 133، 140، 157، 164، 178، 181، 186، 188، 191

- س -

سنان: عبد اللّه بن سنان 189 218، 283

ص: 375

- ش -
- س -

الشافعي 84

الشامي: ابو الربيع 206

الشهيد الاول 19، 65، 87، 88 91، 95، 96، 148، 186، 232 233، 236، 261، 271، 272 349

الشهيد الثاني 60، 63، 65، 100 103، 165، 166، 296، 321، 322، 325، 327، 330، 331، 333 338

الشهيدان 67

- ص -

الصادق الامام أبو عبد اللّه عليه السلام 11 41، 61، 116، 180، 181 182، 188، 189، 199، 201 202، 204، 206، 208، 209-218 283، 286

صاحب الجواهر 51، 71، 72، 73 86، 220، 221، 296، 297، 330

صاحب الحدائق 226

صاحب الغنية 97، 195

صاحب الكافي 83

صاحب الكفاية 25، 64

صاحب مجمع البحرين 190

صاحب المصباح 322

صاحب المصباح المنير 21

صاحب مفتاح الكرامة 334، 335

- ط -

الطوسي: شيخ الطائفة: صاحب المبسوط 59، 72، 73، 75، 76 97، 114، 279، 285

- ع -

العلامة 70، 72، 73، 84، 85 86، 96، 100، 195، 196 226، 254، 260، 272، 279 331-333، 336، 348

العمري: محمد بن العثمان ابو جعفر 181

- ق -

قطب الدين 271

- ك -

كاشف الرموز 195

كاشف الغطاء: جعفر 13، 51 53، 54، 56، 58، 59، 60 94، 118، 121، 135، 144

ص: 376

146، 149، 153، 155، 156 162، 193، 234، 296، 330

الكركي: المحقق 30، 31، 71 73، 90-93، 95، 96، 98، 105، 106، 109، 145، 164، 165

الكليني: ثقة الاسلام 201

- م -

مالك 85، 86

المحقق الثاني 97، 101، 102، 105، 163، 196، 197، 2218L276-280، 282، 331، 333 339، 342، 343، 347، 349

المرتضى: السيد 123

المفيد 70، 88، 89، 100 103، 104، 165، 166، 193 194، 195

- ن -

النائيني: المحقق 155

- ه -

الهرندي: مصطفى 234

ص: 377

6 - فهرس المصادر

- أ -

الارشاد 71، 91

- ب -

بحار الأنوار 109، 221

- ت -

التحرير 104، 196

التذكرة 13، 30، 72، 84 85، 88، 100، 195، 280

التهذيب 192، 202، 206 218

- ج -

جامع المقاصد 88، 90، 195 218

- ح -

الحلية 108

حواشي الشهيد على القواعد 102 114، 326

- خ -

الخلاف 74، 88، 103، 193

- د -

دراسات في اصول الفقه 25

- ذ -

الذكرى 285

- ر -

الرياض 201

- س -

السرائر 72، 77، 88، 96 102

- ش -

الشرائع 83

شرح القواعد 71، 193

- غ -

الغنية 72، 78، 81، 108 195

- ف -

فرائد الاصول: «الرسائل» 198

- ق -

القواعد 13، 19، 88، 95 96، 254

ص: 378

قواعد الشهيد الاول 349

القواعد الفقهية 169

- ك -

الكافي 72، 82

- ل -

اللمعة الدمشقية 17، 125، 126 128، 133، 152، 186، 187 321، 330، 334

- م -

المبسوط 59، 72، 96، 97 102

مجمع البحرين 190

المختلف 196، 272

المسالك 91، 101، 103، 112 198، 279، 296، 321

مستدرك وسائل الشيعة 181

المصباح المنير 9، 15

المغنى 85

المقنعة 193

من لا يحضره الفقيه 11

- ن -

النهاية 70، 102

- و -

الوافي 201

وسائل الشيعة 11، 41، 61 80، 116، 126، 164، 181 188، 190، 199، 202، 208 211، 216، 227، 246، 274 283

ص: 379

الخاتمة

و قد انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء السادس) من كتاب (المكاسب لشيخنا الانصاري) قدس اللّه سره، و طيب رمسه من بداية البيع الى نهاية المعاطاة، حامدين اللّه عز و جل و شاكرين له على هذه النعمة العظمى.

و كان ذلك في يوم الخميس الحادي عشر من شهر جمادي الاولى 1396 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيى البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد عناء كثير مقابلة و تعليقا و تصحيحا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان، و بعد سهر الليالي و الأيام، رغبة منا في إخراج هذا التراث الخالد: فقه (أئمة اهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين، و شغفا بمواصلة الأجزاء و متابعتها واحدا بعد آخر إن شاء اللّه تعالى.

و كان الشروع فيه في اليوم الحادي عشر من جمادي الاولى 1395

و قد جاء بحمد اللّه تبارك و تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع.

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء السابع) اوله (مقدمة في خصوص ألفاظ البيع).

و إني لأرى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك السابق و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه.

عبدك السيد محمد كلانتر

في 1396/6/11

ص: 380

7 - فهرس الغلط و الصواب

ص/س/الغلط/الصحيح

15/23 /العدبي/العربي

13/58 /أن/إن

7/60 /المبيع/البيع

18/60 /القعد/العقد

3/65 /احلّ/و احلّ

7/84 /للتنبيه/التنبيه

10/88 /احل/و احل

4/133 /يثبث/يثبت

23/149 /الصحية/الصحيحة

7/151 /تحلف/تخلف

15/177 /وقوفها/وقوعها

22/178 /بالمعاطاة/بالمعاطاة

ص/س/الغلط/الصحيح

13/179 /قبح/محال

17/187 /اجازه/اجاز

5/208 /استعملها/استعملتها

8/268 /المك/الملك

16/275 /قصدا/يقصد

16/290 /ثمانية/تسعة

21/301 /الخامسة/العاشرة

21/301 /الاياحة/للاباحة

19/303 /صوتان/صورتان

19/303 /تضم/تنضم

10/306 /الثالث/الى الثالث

ص: 381

المجلد 7

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

الاهداء

سيدي. أبا صالح.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك.. يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي السيد محمد كلانتر

ص: 3

ص: 4

ص: 5

تتمة كتاب البيع

مقدمه في خصوص ألفاظ عقد البيع

اشارة

ص: 6

مقدمة (1) في خصوص ألفاظ عقد البيع.

قد عرفت أن اعتبار اللفظ في البيع، بل في جميع العقود مما نقل عليه عقد الاجماع (2)، و تحقق فيه الشهرة العظيمة (3)، مع الإشارة إليه (4) في بعض النصوص.

+++++++++++

(1) اى هذه مقدمة.

قد جرت عادت المؤلفين في كل فن عند ما يكتبون عن موضوع أن يمهدوا لها بمقدمة في بداية الكتاب قبل الدخول في الموضوع، لتكون إشارة الى مواضيع الكتاب التي يبحث عنها حتى يكون القارئ بصيرا بها قبل إحاطته بمحتويات الكتاب.

و فائدة هذه المقدمة زيادة التوضيح، و مساعدة القارئ.

و الشيخ جريا على القاعدة المألوفة اتى بالمقدمة هنا.

(2) و هو الاجماع المدعى من قبل ابن ادريس في السرائر الذي ذكره الشيخ في الجزء 6. ص 77.

و الاجماع المدعى من قبل السيد ابن زهرة في الغنية الذي نقله الشيخ في الجزء 6. ص 79.

(3) الظاهر منها ما ذكره العلامة في التذكرة و نقلها الشيخ في الجزء 6. ص 84 و لا يخفى أن العلامة افاد: الأشهر عندنا أنه لا بدّ من الصيغة، و لم يقل المشهور حتى تكون الشهرة محققة.

اذ قد عرفت الفرق بين الأشهر و المشهور في الجزء 6. ص 196.

(4) اى الى اعتبار اللفظ في البيع.

ص: 7

لكن هذا (1) يختص بصورة القدرة.

أما مع العجز عنه (2) كالأخرس فمع عدم القدرة على التوكيل لا اشكال و لا خلاف في عدم اعتبار اللفظ، و قيام الإشارة مقامه.

و كذا (3) مع القدرة على التوكيل، لا لأصالة (4) عدم وجوبه كما قيل، لأن (5) الوجوب بمعنى الاشتراط كما فيما نحن فيه (6)،

+++++++++++

(1) و هو اعتبار اللفظ في البيع، بل في مطلق العقود.

(2) اى عن اتيان اللفظ.

(3) أى و كذا لا إشكال في عدم اعتبار اللفظ في البيع مع القدرة على التوكيل.

(4) اى ليس عدم اعتبار اللفظ في البيع في صورة القدرة على التوكيل لاجل أصالة عدم وجوبه كما أفيد في المقام.

و المراد من أصالة عدم الوجوب هي البراءة.

(5) تعليل لكون عدم اعتبار اللفظ في البيع ليس لاجل أصالة البراءة و خلاصت: أن المراد من الوجوب في باب العقود و المعاملات هو الاشتراط الّذي هو الحكم الوضعي: و هي الصحة و البطلان، لا الحكم التكليفي، خذ لذلك مثالا.

اذا قيل: يجب في النكاح، أو البيع مثلا الماضوية، أو العربية أو تقديم الايجاب على القبول، أو البلوغ: يراد منه الاشتراط اى يشترط أن يكون العقد كذا، و لا يراد من الوجوب الحكم التكليفي، لأن الوجوب بمعنى الاشتراط فيما نحن فيه و هو البيع هو الاصل، فكيف يصح أن يقال: إن عدم اعتبار اللفظ في البيع لاجل أصالة عدم وجوبه؟

(6) و هو البيع كما عرفت آنفا.

ص: 8

هو الاصل، بل (1) لفحوى ما ورد: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس فإن حمله (2) على صورة عجزه عن التوكيل حمل للمطلق على الفرد

+++++++++++

(1) اى عدم اعتبار اللفظ في البيع مع القدرة على التوكيل لأجل مفهوم الأولوية: و هو وقوع طلاق الأخرس بالاشارة مع قدرته على توكيل الغير، فجواز البيع منه بالاشارة مع القدرة المذكورة بطريق أولى، لأن الطلاق و النكاح و الأموال و الدماء مما أكد عليه الشارع تأكيدا بالغا فوق ما يتصوره العقل.

راجع حول صحة طلاق الأخرس بالاشارة مع القدرة المذكورة (وسائل الشيعة) الجزء 15 ص 299-301 الباب 19. الأحاديث أليك نص الحديث الثاني ص 300.

عن ابان بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق الأخرس.

قال: يلف قناعها على راسها و يجذبه.

فالشاهد في قوله عليه السلام: يلف قناعها على رأسها، حيث لم يعتبر اللفظ في وقوع الطلاق من الأخرس و إن كان قادرا على توكيل غيره لكون الحديث مطلقا لا تقييد فيه بصورة العجز عن التوكيل.

(2) تعليل لعدم اعتبار اللفظ في البيع.

و خلاصته: أن حمل ما ورد من الأحاديث: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس: على صورة عجزه عن توكيله الغير حمل للمطلق على الفرد النادر و هو عجزه عن التوكيل، و لازم هذا الحمل خروج اكثر أفراد الأخرس عن الحكم.

ص: 9

النادر، مع (1) أن الظاهر عدم الخلاف في عدم الوجوب.

ثم لو قلنا: (2) إن الأصل في المعاطاة اللزوم بعد القول بإفادتها الملكية فالقدر المخرج (3) صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ.

و الظاهر أيضا كفاية الكتابة (4) مع العجز عن الاشارة، لفحوى (5)

+++++++++++

(1) اى مع أن ظاهر اكثر الفقهاء عدم خلافهم في عدم وجوب التوكيل على الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل.

يريد الشيخ أن يؤيد ما ادعاه: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل: بظهور كلمات اكثر العلماء في عدم وجوب التوكيل على الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل لمن راجع كلماتهم في المقام.

(2) خلاصة هذا الكلام: أن العمومات الواردة لو شملت المعاملات بأجمعها، و قلنا: إن مقتضى هذا العموم لزوم المعاطاة التي هي من المعاملات بناء على افادة المعاطاة اللزوم، و غيرها: من أفراد المعاملات الفعلية التي منها الاشارة فاللازم حينئذ الحكم بكفاية الاشارة و لو مع القدرة على التوكيل، اذ المسلم و المتيقن خروج صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ: عن كفاية الاشارة.

و أما مع العجز عن مباشرة اللفظ و لو مع القدرة على التوكيل فلا مانع من شمول تلك العمومات، لكفاية الاشارة

(3) بصيغة المفعول.

(4) اى في الأخرس في البيع.

(5) اى لمفهوم الأولوية، فإنه اذا جاز طلاق الأخرس بالكتابة مع العجز عن الاشارة فبطريق أولى يجوز بيعه، لأن الطلاق مما اكد عليه الشرع تأكيدا بالغا

ص: 10

ما ورد من النص (1) على جوازها في الطلاق، مع أن الظاهر (2) عدم الخلاف فيه

و أما مع القدرة على الاشارة فقد رجح بعض الإشارة (3)

و لعله (4) لأنها أصرح في الإنشاء من الكتابة

و في بعض روايات الطلاق ما يدل على العكس (5)،

+++++++++++

(1) راجع المصدر نفسه. ص 300 الحديث 4 أليك نصه عن يونس في رجل أخرس كتب في الارض بطلاق امرأته قال: اذا فعل في قبل الطهر بشهود، و فهم عنه كما يفهم عن مثله و يريد الطلاق جاز طلاقه على السنة

(2) اى الظاهر من كلمات الفقهاء عدم خلافهم في كفاية الكتابة في طلاق الأخرس.

(3) اى على الكتابة، فالأحسن حينئذ من إجراء العقد بالإشارة في الأخرس.

(4) أي و لعل تقديم الإشارة على الكتابة في طلاق الأخرس.

(5) و هو ترجيح الكتابة على الاشارة.

راجع المصدر نفسه. ص 299 - الحديث 1. أليك نصه.

عن أبي نصر البزنطي أنه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت و لا يتكلم.

قال: أخرس هو؟

قلت: نعم، و يعلم منه بغض لامرأته، و كراهة لها.

أ يجوز أن يطلق عنه وليه؟

قال: لا، و لكن يكتب و يشهد على ذلك.

قلت: فإنه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟

ص: 11

و إليه (1) ذهب الحلي رحمه اللّه هناك.

ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللفظ
اشارة

ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللفظ (2)

تارة يقع في مواد الألفاظ: من حيث افادة المعنى بالصراحة و الظهور و الحقيقة (3) و المجاز (4) و الكناية (5)، و من حيث اللغة المستعملة (6) في معنى المعاملة

و اخرى (7) في هيئة كل من الايجاب و القبول: من حيث اعتبار كونه (8) بالجملة الفعلية، و كونه بالماضي.

+++++++++++

قال: بالذي يعرف به: من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها.

(1) اى و الى هذا العكس ذهب ابن ادريس، فإنه رجح الكتابة على الإشارة.

(2) من الماضوية و العربية، و تقديم الايجاب على القبول.

(3) و هو استعمال اللفظ فيما وضع له كاستعمال الاسد في الحيوان المفترس، و استفادة هذا المعنى بواسطة التبادر.

(4) و هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له كاستعمال لفظ الاسد في الرجل الشجاع بقرينة يرمي مثلا، و يعبر عن هذه القرينة بالصارفة لصرفها اللفظ عن معناه الحقيقي.

(5) و هو ذكر اللازم و إرادة الملزوم كقولك: زيد طويل النجاد المراد منه طول قامته، فإن طول النجاد كناية عن طوله حمائل سيفه الذي هو لازم طول القامة.

و ستأتي الاشارة الى أن الكناية على قسمين: الجلية. و الخفية.

(6) كالعربية و الفارسية، و غير ذلك من اللغات.

(7) اى و يقع الكلام اخرى.

(8) اي كون كل واحد من الايجاب و القبول.

ص: 12

و ثالثة (1) في هيئة تركيب الايجاب و القبول: من حيث الترتيب (2) و الموالاة (3)

المشهور عدم جواز الإنشاء بالألفاظ الكنائية و المجازية

اما الكلام من حيث المادة فالمشهور عدم وقوع العقد بالكنايات

قال (4) في التذكرة: الرابع من شروط الصيغة التصريح (5) فلا يقع بالكناية بيع البتة مثل قوله ادخلته (6) في ملكك، أو جعلته (7) لك أو خذه (8) مني، أو سلطتك (9)

+++++++++++

(1) اى و يقع الكلام ثالثة.

(2) و هو تقديم الايجاب على القبول.

(3) و هو اتباع القبول للايجاب من دون فصل معتد به بينهما

(4) من هنا يروم الشيخ الاتيان بكلمات الفقهاء الصريحة في عدم وقوع العقد بالكنايات.

(5) اي الاتيان باللفظ الصريح الدال على البيع.

(6) فإن ادخلته في ملكك أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة، و الاجارة فيكون من الكنايات.

(7) فإن الجعل أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة؛ و الاجارة فيكون من الكنايات.

(8) فإن الامر بالأخذ أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فيكون من الكنايات.

(9) فإن التسليط على المال أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة، و الاجارة، و الاعارة، فيكون من الكنايات.

نعم لو قال: سلطتك عليه بكذا اخرج الاعارة، لأنه لا يكون في مقابل شيء.

ص: 13

عليه بكذا (1) عملا (2) بأصالة بقاء الملك، و لأن (3) المخاطب لا يدري بم خوطب. انتهى (4)

و زاد في غاية المراد على الأمثلة مثل قوله: اعطيتكه بكذا، أو تسلط عليه بكذا (5)

و ربما يبدل هذا (6) باشتراط الحقيقة في الصيغة فلا ينعقد (7)

+++++++++++

(1) فإن هذه الأمثلة تحتمل البيع و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فتكون من الكنايات فلا يصح وقوع البيع بها.

(2) تعليل لعدم وقوع البيع بالكنايات.

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب اى استصحاب بقاء المال على ملك صاحبه عند الشك في انتقاله الى الغير بالكناية.

(3) تعليل ثان لعدم وقوع البيع بالكنايات.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 5

(5) المثالان ملحقان بالأمثلة الثلاثة المتقدمة: من حيث عدم وقوع البيع بهما، لكونهما من الكنايات.

و تأتي الخدشة فيهما كما ذكرنا الخدشة في الثلاثة.

(6) و هو اشتراط التصريح في الصيغة: بأن يقال: تشترط الحقيقة في الصيغة.

(7) اى البيع لا ينعقد بالألفاظ المجازية كاستعمال لفظ سلطتك عليه.

قد عرفت معنى الحقيقة و المجاز في الجزء 6. الهامش 1 ص 10.

و المجاز في الاصل مصدر ميمي إما بمعنى اسم الفاعل و هي الجائزة المراد منها المتعدية. -

ص: 14

بالمجازات حتى صرح بعضهم بعدم الفرق بين المجاز القريب (1) و البعيد (2)

+++++++++++

- أو بمعنى اسم المفعول اى الكلمة المجوز بها.

ثم المجاز على ثلاثة أقسام:

(مجاز لغوي) كاستعمال لفظ الاسد في الرجل الشجاع مع القرينة الصارفة.

(مجاز شرعي): كاستعمال لفظ الصلاة في الأركان المخصوصة.

(مجاز عرفي): و هو إما خاص يتعين ناقله عن المعنى اللغوي كما في النحوي و الصرفي و الكلامي.

و إما عام لا يتعين ناقله.

(1) المجاز القريب ما كانت مناسبته و مشابهته و علاقته مع المعنى الحقيقي أكثر من غيره، خذ لذلك مثالا.

إن الرفع في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن امتي تسعة له ثلاثة تقادير.

تقدير رفع المؤاخذة، تقدير رفع الاثر الشائع، تقدير نفس التسعة

فتقدير رفع نفس التسعة أقرب الى المعنى الحقيقي من تقدير رفع الاثر الشائع، أو تقدير رفع المؤاخذة الذي هو بعض الآثار، لوضوح أن الشيء بارتفاعه بنفسه يرتفع جميع آثاره و جميع خصائصه التي منها رفع الاثر الشائع، و رفع المؤاخذة.

(2) و قد عرفت معناه بتفسيرنا المجاز القريب و هو ما كانت مناسبته و مشابهته و علاقته مع المعنى الحقيقي أقل كما في تقدير رفع المؤاخذة في الحديث النبوي، فإن مناسبته مع المعنى الموضوع له الذي هو الرفع أقل من تقدير -

ص: 15

و المراد بالصريح كما يظهر من جماعة من الخاصة و العامة في باب الطلاق، و غيره (1) ما كان موضوعا بعنوان ذلك العقد لغة (2)، أو شرعا (3) و من الكناية (4)

+++++++++++

- رفع الاثر الشائع، و هو أقل من تقدير رفع نفس التسعة.

و كما في استعمال الجملة الخبرية في الطلب الوجوبي، فإن الطلب الوجوبي الذي هو المعنى المجازي للجملة الخبرية أقل ربطا و نسبة مع المعنى الحقيقي من الطلب الندبي فيكون الطلب الوجوبي مجازا بعيدا.

(1) اى و غير الطلاق من بقية العقود.

(2) كما في وضع البيع لمبادلة مال بمال.

(3) كما في وضع الصلاة للماهية المجعولة المفتعلة من الشارع: و هي الأجزاء و الشرائط بكاملها، و كذا بقية الألفاظ العبادية و غيرها الموضوعة للمعاني المفتعلة من الشارع.

(4) اى و المراد من الكناية.

الكناية مصدر كنى يكني، أو كنى يكنو معناه التعبير عن شيء بلفظ غير صريح: بأن يكون اللفظ موضوعا لمعنى آخر غير الذي اريد.

بعبارة اخرى أن الكناية عبارة عن ذكر اللازم و إرادة الملزوم كقولك:

زيد طويل النجاد المراد من طول النجاد طول قامته، اذ طول النجاد كناية عن طول حمائل سيفه فذكر القائل اللازم و اراد الملزوم: و هي طول القامة فاستعمل اللفظ في غير معناه.

و الفرق بينها، و بين المجاز مع أن كليهما يستعملان في غير ما وضع له هو أن الكناية يمكن الجمع فيها بين اللازم و الملزوم

بخلاف المجاز، فإنه لا يمكن الجمع بين المعنى الحقيقي و المجازى.

ص: 16

ما افاد لازم ذلك العقد بحسب الوضع فيفيد إرادة نفسه (1) بالقرائن و هي (2) على قسمين عندهم: جلية (3) و خفية (4)

الظاهر جواز الإنشاء بكل لفظ له ظهور عرفي في المعنى المقصود

و الذي يظهر من النصوص (5) المتفرقة في أبواب العقود اللازمة (6)

+++++++++++

(1) اى نفس العقد.

(2) اى الكناية.

(3) و هي ما كانت الواسطة فيها قليلة كقولك: زيد طويل النجاد المراد منه طول قامته الذي هو الملزوم، فالانتقال من طول النجاد الذي هو طول حمائل سيفه الى طول القامة يكون بواسطة واحدة فليس في هذه الكناية تكثير واسطة، و يقال لها: (الكناية الجلية).

(4) و هي ما كانت الواسطة فيها كثيرة كقولك: زيد كثير الرماد المراد منه كثرة جوده الذي هو ملزوم لوسائط كثيرة، فإن الانتقال إليه يحتاج الى تكثير الواسطة، لأن المخاطب ينتقل من كثرة الرماد الى كثرة إحراق الحطب تحت القدر، و من كثرة الإحراق ينتقل إلى كثرة الطبائخ و من كثرة الطبخ ينتقل الى كثرة الأكلة، و من كثرة الأكلة ينتقل الى كثرة الضيفان، و من كثرة الضيوف ينتقل الى المطلوب: و هي كثرة جود زبد و سخائه.

فهذه الكناية تحتاج الى تكثير الواسطة، فلهذا يقال لها:

(الكناية الخفية).

(5) و هي الأخبار المشار إليها في الجزء 6. الهامش 4. ص 199 و الهامش 1 ص 200.

(6) كالبيع و الاجارة و الرهن و الصلح.

ص: 17

و الفتاوى (1) المتعرضة لصيغها في البيع بقول مطلق (2)، و في بعض أنواعه (3)، و في غير البيع من العقود اللازمة (4) هو (5) الاكتفاء بكل لفظ له ظهور عرفي معتد به في المعنى المقصود (6) فلا فرق بين قوله:

بعت و ملكت، و بين قوله: نقلت الى ملكك، أو جعلته ملكا لك بكذا

و هذا (7) هو الذي قواه جماعة من متأخري المتأخرين (8)

و حكي عن جماعة ممن تقدمهم كالمحقق، حيث حكي عن تلميذه كاشف الرموز (9)

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من النصوص اى و الذي يظهر من فتاوى العلماء.

و مرجع الضمير في صيغها: العقود اللازمة.

(2) أى من دون أن تفرق تلك النصوص و الفتاوى بين أفراد البيع

(3) اى و في بعض أنواع البيع كالمؤجل، و الحال، و السلف، و الخيار

(4) كالنكاح و الاجارة، و الرهن و الصلح.

(5) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و الذي يظهر.

(6) كالرهن، و الاجارة، و الصلح.

و الفاء في فلا فرق تفريع على قوله: هو الاكتفاء اى فعلى ضوء ما ذكرنا فلا فرق بين هذين النوعين: و هما: بعت و ملكت، و بين نقلت اى ملكك، أو جعلته ملكا لك: في استعمال هذه الألفاظ في العقد المقصود.

(7) و هو الاكتفاء بكل لفظ.

(8) كالمحقق الاردبيلي.

(9) يأتي شرح حياته و مؤلّفه في (أعلام المكاسب).

ص: 18

أنه حكي عن شيخه المحقق أن عقد البيع لا يلزم فيه لفظ مخصوص و أنه (1) اخناره أيضا.

ظهور كلمات الفقهاء في وقوع البيع بكل لفظ يدل عليه

و حكي عن الشهيد رحمه اللّه في حواشيه أنه جوز البيع بكل لفظ دل عليه (2) مثل اسلمت أليك و عاوضتك.

و حكاه (3) في المسالك عن بعض مشايخه المعاصرين، بل هو (4) ظاهر العلامة رحمه اللّه في التحرير، حيث قال: إن الايجاب هو اللفظ الدال على النقل مثل بعتك، أو ملكتك، أو ما يقوم (5) مقامهما، و نحوه المحكي عن التبصرة (6) و الارشاد و شرحه لفخر الاسلام، فاذا كان الإيجاب هو اللفظ الدال على النقل فكيف لا ينعقد بمثل نقلته الى ملكك، أو جعلته ملكا لك بكذا؟.

+++++++++++

(1) اى كاشف الرموز اختار عدم لزوم البيع الى لفظ مخصوص بل يكتفي فيه بكل لفظ.

(2) اى على البيع.

(3) اى الاكتفاء بكل لفظ.

(4) اى الاكتفاء بكل لفظ في البيع.

(5) هذا هو محل الشاهد في نقل هذا الكلام، فإن ما يقوم مقامهما كل لفظ دل على البيع و النقل و الانتقال.

(6) التبصرة (للعلامة الحلي) قدس اللّه نفسه الزكية.

هي مؤلّف نفيس جدا، و الكتاب هذا و ان كان صغيرا حجمه لكن كثير معناه.

و الكتاب هذا حاو جميع أبواب الفقه من بداية الطهارة الى نهاية الحدود و الديات مع صغر حجمه. -

ص: 19

بل قد يدّعى أنه (1) ظاهر كل من اطلق اعتبار الايجاب و القبول فيه، من دون ذكر لفظ خاص كالشيخ و أتباعه. فتأمل.

و قد حكي عن الاكثر تجويز البيع حالا بلفظ السلم (2)

و صرح جماعة أيضا في بيع التولية بانعقاده (3) بقوله: وليتك العقد

+++++++++++

- و قد علق على الكتاب الفطاحل من أعلام الطائفة.

و طبع الكتاب اكثر من مرة فلله در مصنفه العظيم و سلام اللّه عليه

(1) اي الاكتفاء بكل لفظ.

(2) المراد من السلم هو بيع السلف، و بيع السلف عبارة عن تعجيل الثمن، و تأجيل المثمن الى وقت معلوم بالشروط المقررة في بابه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. من ص 402 الى 424.

و مقصود الشيخ: أن البيع يتحقق خارجا بصيغة السلف في قول البائع: سلمتك، أو أسلفتك عند أكثر الفقهاء.

و هذا دليل على أنه يكتفى في العقود، و في البيع بكل لفظ.

(3) اى بانعقاد البيع بلفظ وليتك.

و التولية مصدر ولى يولي يقال: وليت فلانا امر كذا.

و التولية في البيع: أن يشتري انسان سلعة بثمن معلوم ثم يوليها رجلا آخر بذلك الثمن.

بعبارة اخرى: أن التولية إعطاء السلعة برأس المال فيقول البائع بعد علمه، و علم المشتري بالثمن، و ما تبعه: من المؤن، و اجرة الكيّال و المحراث، و غيرها: وليتك هذا العقد.

فاذا قال المشتري: قبلت لزمه الثمن جنسا، و قدرا و وصفا.

راجع المصدر نفسه. ص 436

ص: 20

أو وليتك السلعة، و التشريك (1) في المبيع بلفظ شركتك.

و عن المسالك في مسألة تقبل أحد الشريكين في النخل حصة صاحبه بشيء معلوم من الثمرة: أن ظاهر الأصحاب جواز ذلك (2) بلفظ التقبيل مع أنه لا يخرج عن البيع، أو الصلح، أو معاملة ثالثة لازمة عند جماعة (3)

+++++++++++

(1) اى و ينعقد البيع بلفظ التشريك: بأن يقول المشتري بعد شراء العين المبيعة لصديقه: شركتك في العين المبيعة التي اشتريتها، فيجعل له نصيبا بما يخصه من الثمن: من النصف، أو الربع، أو الثلث مثلا بشرط علمهما بقدره.

(2) اى جواز وقوع البيع بلفظ التقبيل في تقبيل احد الشريكين حصة صاحبه من الثمرة بشيء معلوم.

حاصل هذه العبارة كما شرحناها في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 368: أن يكون هناك نخيل، أو أشجار بين شريكين، أو اكثر، فيلتزم احد الشريكين لصاحبه إزاء حصته من الثمر بمقدار معلوم: من الكيل، أو الوزن.

و ذلك بأن يخرص اى يخمن الثمر اجمع فيتعاقدان على قبول احدهما حصة صاحبه بعد الخرص و التخمين مقابل كيل، أو وزن معلوم من نفس الثمر، أو غيره.

فيقول احد الشريكين المقدم على شراء حصة صاحبه إزاء حصته:

أتقبل حصتك بكذا مقدار من الوزن؛ أو الكيل.

(3) راجع المصدر نفسه.

ص: 21

هذا ما حضرني من كلماتهم في البيع (1)

ظهور كلمات الفقهاء في وقوع غير البيع بكل لفظ يدل عليه

و أما في غيره (2) فظاهر جماعة في القرض عدم اختصاصه بلفظ خاص فجوزوه بقوله (3): تصرف فيه، أو انتفع به و عليك رد عوضه أو خذه بمثله و اسلفتك، و غير ذلك (4) مما عدوا مثله (5) في البيع من الكنايات مع (6) ان القرض من العقود اللازمة على حسب (7) لزوم البيع و الاجارة

و حكي عن جماعة في الرهن أن ايجابه يؤدي بكل لفظ يدل عليه (8) مثل قوله: هذه وثيقة عندك.

و عن الدروس (9) تجويزه بقوله خذه، أو امسكه بمالك.

+++++++++++

(1) الى هنا كان كلام الشيخ حول نقل كلمات العلماء الأعلام في البيع في الاكتفاء بكل لفظ، دون لفظ يخصه.

(2) من هنا يريد الشيخ أن ينقل كلمات الفقهاء حول غير البيع:

من بقية العقود في الاكتفاء بكل لفظ، دون ألفاظ مخصوصة تخصها.

(3) اى بقول المقرض.

(4) مثل قولك: تملكه.

(5) اى مثل لفظ تصرف فيه، أو انتفع به، أو تملكه.

(6) يقصد الشيخ أن القرض من العقود اللازمة فلازمه أن يؤتى له بلفظ خاص، لا بمطلق اللفظ، فتصريح جماعة بوقوعه بمطلق اللفظ دليل على إرادة الاكتفاء به، و أن القرض يقع به.

(7) اى لزوم القرض كلزوم البيع و الاجارة، من دون فرق بينه و بينهما، فإذا يكتفى في القرض بكل لفظ فقد يكتفى به في البيع.

(8) اي لا يحتاج الى لفظ خاص، مع أنه لازم من طرف الراهن

(9) اى تجويز الرهن.

ص: 22

و حكي عن غير واحد تجويز ايجاب الضمان الذي هو من العقود اللازمة بلفظ تعهدت المال و تقلدته، و شبه (1) ذلك.

و لقد ذكر المحقق و جماعة ممن تاخر عنه جواز الاجارة بلفظ العارية (2) معللين بتحقق القصد.

و تردد جماعة في انعقاد الاجارة بلفظ بيع المنفعة (3)

و قد ذكر جماعة جواز المزارعة بكل لفظ يدل على تسليم الارض للمزارعة (4)

+++++++++++

(1) كقولك: عليّ اداؤه و بذمتي إعطاؤه.

و المراد من الضمان هنا ضمان الغير في المحاكم الشرعية بالمال.

راجع المصدر نفسه. الجزء 4. ص 113-114.

(2) بأن يقول: اعرتك الدار بمدة سنة مثلا بمبلغ قدره مائة دينار مثلا.

و نتيجة الإعارة هو استيفاء المنافع، فنتيجة الاعارة و الاجارة واحدة إلا أن الاولى جائزة، و الثانية لازمة.

راجع المصدر نفسه. ص 255

(3) بأن يقول: بعتك منفعة الدار سنة كاملة مثلا بمبلغ قدره خمسون دينارا

(4) المزارعة تسليم الارض الى الزارع بعوض من الثمر و الحاصل معلوم القدر، راجع المصدر نفسه. ص 275.

فهنا يجوز لصاحب الارض أن يقول عند تسليمها للمزارع: خذ الارض بربع حاصلها مثلا.

ص: 23

و عن مجمع البرهان كما في غيره أنه لا خلاف في جوازها (1) بكل لفظ يدل على المطلوب، مع كونه (2) ماضيا

و عن المشهور جوازها (3) بلفظ ازرع.

و قد جوز جماعة الوقف بلفظ حرمت و تصدقت (4) مع القرينة الدالة على إرادة الوقف مثل أن لا يباع، و لا يورث، مع عدم الخلاف كما عن غير واحد على أنهما (5) من الكنايات.

و جوز جماعة وقوع النكاح الدائم بلفظ التمتع (6)، مع أنه ليس صريحا فيه.

+++++++++++

(1) اى في جواز المزارعة بكل لفظ.

(2) اى مع كون اللفظ الدال على المطلوب من الأفعال الماضية:

بأن يقول: سلمتك الارض.

(3) اى المزارعة بلفظ الأمر في قبال من خص اللفظ فيها بصيغة الماضي.

(4) مع أن الوقف له لفظ خاص كقولك: وقفت

راجع المصدر نفسه. الجزء 3. ص 164.

(5) اى حرمت و تصدقت من الكنايات، و ليستا من الألفاظ الصريحة الدالة على الوقف، و مع ذلك قال جماعة باكتفائهما في الوقف لو وقع بهما، فكيف لا يكتفى بكل لفظ في البيع؟

(6) بأن تقول المرأة: متعتك نفسي، أو يقول وكيل المرأة: متعت نفس موكلتي لك.

ص: 24

و مع هذه الكلمات (1) كيف يجوز أن يسند الى العلماء، أو اكثرهم وجوب ايقاع العقد باللفظ الموضوع له (2)، و أنه لا يجوز بالألفاظ المجازية (3)، خصوصا مع تعميمها (4) للقريبة و البعيدة كما تقدم (5) عن بعض المحققين.

و لعله لما عرفت من تنافي ما اشتهر بينهم: من عدم جواز التعبير بالألفاظ المجازية في العقود اللازمة، مع ما عرفت منهم من الاكتفاء في اكثرها بالألفاظ غير الموضوعة لذلك العقد (6)

+++++++++++

(1) التي نقلها الشيخ عن الأعلام في الاكتفاء بكل لفظ في بقية العقود بقوله في ص 22: و أما في غيره فظاهر جماعة في القرض الى قوله في ص 24:

و جوز جماعة وقوع النكاح الدائم بلفظ التمتع، مع أنه ليس صريحا فيه

(2) اى للعقد: بأن يقال في البيع: بعتك، و في الاجارة: آجرتك، و في القرض اقرضتك، و في الهبة: وهبتك، و في النكاح الدائم: زوجتك، أو أنكحتك و في الموقت: متعتك، و في العارية: اعرتك، و في القرض: أقرضتك

و هكذا بقية العقود

(3) و كذا بالألفاظ الكنائية.

(4) يقصد الشيخ من هذه العبارة أن بعض الأعلام منع وقوع العقد بالمجازات و ان كانت قريبة، حيث عرفت في الهامش 1 ص 15:

أن المجاز على قسمين: القريب: و البعيد.

فقال: إن بعض الأعلام عمم المنع حتى بالمجازات القريبة.

(5) في قوله في ص 14-15: فلا ينعقد بالمجازات حتى صرح بعضهم بعدم الفرق بين المجاز القريب و البعيد.

(6) فإن المشهور بين العلماء عدم جواز التعبير في العقود اللازمة بالألفاظ المجازية. -

ص: 25

جمع المحقق الثاني على ما حكي عنه في باب السلم و النكاح بين كلماتهم:

بحمل (1) المجازات الممنوعة على المجازات البعيدة، و هو جمع حسن.

و لعل (2) الاولى أن يراد باعتبار الحقائق في العقود اعتبار الدلالة اللفظية الوضعية (3)، سواء أ كان اللفظ الدال على إنشاء العقد موضوعا له بنفسه (4) أو مستعملا فيه مجازا بقرينة لفظ موضوع (5) آخر، ليرجع (6) الافادة بالاخرة الى الوضع، اذ (7) لا يعقل الفرق في الوضوح الذي هو

+++++++++++

- و من طرف آخر يقولون بالاكتفاء بكل لفظ في العقود فهذا هو التنافي بين الكلامين.

فراد المحقق الثاني الجمع بينهما فقال: إن المراد من المجازات التي لا يصح وقوع العقود بها هي المجازات البعيدة، لا القريبة.

(1) الباء بيان لكيفية الجمع بين أقوال الفقهاء.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يبدي رايه حول جواز استعمال الألفاظ المجازية في العقود، و عدم الجواز.

(3) و هي الألفاظ الموضوعة لمعانيها اللغوية، سواء أ كان الوضع بنحو الحقيقة أم بنحو المجاز، اذ المجاز أيضا وضعي، لاجازة الواضع هذا الاستعمال.

(4) كما في الوضع الحقيقي.

(5) كما في الوضع المجازي.

(6) تعليل للأعمية المرادة من قوله: سواء أ كان اللفظ الدال على إنشاء العقد، اى إنما نقول بهذه الأعمية، ليكون مآل افادة المعنى من اللفظ لا محالة.

(7) تعليل لرجوع الإفادة بالاخرة الى الوضع -

ص: 26

مناط الصراحة بين افادة لفظ للمطلب بحكم الوضع، أو افادته (1) له بضميمة لفظ آخر يدل (2) بالوضع على إرادة المطلب من ذلك اللفظ.

و هذا (3) بخلاف اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال

+++++++++++

- و خلاصته: أن الفرق في الوضوح الذي هو ملاك الصراحة بين افادة لفظ للمطلب بحكم الوضع كما في الموضوع له الحقيقي، و بين افادة لفظ للمطلب بضميمة لفظ آخر الذي هي القرينة الصارفة كما في المجاز: غير معقول، و غير متصور.

(1) اى افادة اللفظ للمطلب.

خلاصة هذا الكلام: أن افادة اللفظ للمطلب تارة يكون بمعونة لفظ آخر و بمساعدته: بمعنى أن ذلك اللفظ الآخر بشخصه يدل على المطلب و ان كان اللفظ الّذي جيء به لا يدل على المطلب، فهذه الدلالة تكون لفظية و وضعية أيضا، لأنها كانت باذن من الواضع كما في الكنايات فإنها لا تدل على المطلب بوحدها، لاحتمالها للمطلب، و غيره.

لكن لما جيء بلفظ آخر الّذي يسمى بالقرينة دل اللفظ الاول على المطلب و هو البيع و إن كانت الدلالة بمعونة القرينة، فالدلالة لفظية وضعية.

(2) اى اللفظ الآخر الدال على المطلب إنما يدل عليه بالوضع كما عرفت آنفا عند قولنا: خلاصة هذا الكلام.

(3) اى اللفظ الدال على المراد بمعونة لفظ آخر الذي هي القرنية التي يرجع مآلها الى اللفظ و الوضع، و يكون الاستعمال باذن من الواضع:

غير اللفظ الدال على المراد بمعونة قرينة حالية، أو بمعونة سبق مقال خارج عن العقد، لأن الاعتماد في إنشاء المقاصد يكون حينئذ على القرينة -

ص: 27

أو سبق مقال خارج عن العقد، فإن الاعتماد عليه (1) في متفاهم المتعاقدين و ان كان من المجازات القريبة جدا رجوع عما بني عليه: من (2) عدم العبرة بغير الأقوال في إنشاء المقاصد. (3) و لذا لم يجوزوا العقد بالمعاطاة و لو مع سبق مقال، أو اقتران حال يدل على إرادة البيع جزما (4)

و مما ذكرنا (5) يظهر الاشكال في الاقتصار على المشترك اللفظي

+++++++++++

الحالية و هو خلاف بناء القوم في تفهيم مرادهم، حيث بنوا على إنشاء مقاصدهم بالأقوال لا بالقرينة الحالية، و لا بمعونة سبق مقال و إن كانت القرينة من المجازات القريبة.

فالحاصل: أن العرف المتداول ينشأ مقاصده بالأقوال، و أن التفهيم بالقرائن الحالية خارج عن إطار الدلالات المتداولة عندهم.

(1) أى على اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال أو سبق مقال.

(2) كلمة من بيان لقوله: عما بني عليه اي بني عليه عبارة عن عدم الاعتبار في إنشاء المقاصد بالقرائن الحالية، أو بسبق مقال، بل لا بد أن يكون الإنشاء بمعونة الأقوال.

(3) تعليل لبناء القوم على عدم اعتبار القرائن الحالية اى و لاجل أن الاعتبار بالأقوال في إنشاء المقاصد، لا بالقرائن الحالية.

(4) اى قطعا: بمعنى أن القرينة لو لم تكن قطعية تدل على إرادة المطلب الذي هو البيع مثلا لا تفيد في المقام اصلا.

(5) و هو أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرائن الحالية يظهر الإشكال في الاكتفاء في فهم المراد من المشترك اللفظي على القرينة المعينة. -

ص: 28

اتكالا على القرينة الحالية المعينة، و كذا (1) المشترك المعنوي.

و يمكن أن ينطبق على ما ذكرنا (2) الاستدلال المتقدم في عبارة التذكرة بقوله (3) قدس سره: لأن المخاطب لا يدري بم، خوطب اذ (4)

+++++++++++

- و خلاصته هذا الكلام: أن بعض الأعلام استشكل في اتيان المشترك اللفظي الموضوع لمعان متعددة بوضع على حدة لكل واحد منها يتعين كل واحد منها بقرينة معينة صارفة عن إرادة معنى آخر منها، لاستحالة إرادة معنيين، أو اكثر من المشترك اللفظي عند الاطلاق في آن واحد، و استعمال فارد: اعتمادا على القرينة الحالية، لعدم اعتبارها في إنشاء المقاصد عند القوم كما في لفظ العين الموضوعة للذهب و الفضة و الميزان و الجارية و الباكية و الجاسوس.

(1) اى و كذا استشكل بعض الأعلام في اتيان المشترك المعنوى الموضوع لمعنى واحد عام ينطبق على معاني كثيرة متعددة كلفظ الإنسان الموضوع للحيوان الناطق المنطبق على أفراده الكثيرة: من زيد و عمرو:

اتكالا على القرينة الحالية.

(2) و هو أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرائن الحالية الخارجية، أو بمعونة سبق مقال.

(3) الّذي نقله الشيخ عنه في ص 14 بقوله: و قال في التذكرة.

(4) تعليل لانطباق استدلال العلامة على عدم اعتبار الكنايات في العقود بقوله: لأن المخاطب لا يدري بم خوطب على ما افاده الشيخ: من أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرينة الحالية.

و خلاصته: أنه ليس مراد العلامة من قوله: لا يدري المخاطب بم خوطب: أن المخاطب لا يفهم مراد المتكلم من قوله: اعطيتكه بكذا، أو ادخله في ملكك حتى من القرائن الخارجية، فإن ذلك غير معقول. -

ص: 29

..........

+++++++++++

- بل مراد العلامة من ذلك: أنه لما كان قول القائل: ادخلته في ملكك و كذا بقية الأمثلة التي ذكرها في التذكرة من الكنايات و ليست من الألفاظ الصريحة الدالة على المراد و هو البيع: فلا بد حينئذ من دلالته على المعنى المنشأ و هو البيع: من قصد الملزوم الذي هو المعنى المنشأ حتى يحصل المعنى المنشأ، و بدون قصد الملزوم لا يحصل المعنى المنشأ.

و من الواضح أن قصد الملزوم لا يتحقق إلا بعد كون اللازم بالمعنى الأخص، لأن اللازم بالمعنى الأعم لا يمكن إرادة الملزوم منه إلا بالقرائن الخارجية فيكون الاعتبار اذا بالقرائن، لا باللفظ فلا تكون الدلالة لفظية فلم يحصل عقد لفظي يقع التفاهم به و قد اعتبر في الدلالة أن تكون لفظية

هذه خلاصة مراد الشيخ في تفسير قول العلامة.

(إن قلت): إن المعنى المنشأ الذي هو الملزوم يحصل بالنية و القرائن الحالية موجودة فلم لا يحصل الإنشاء؟.

(قلنا): إن القرائن لما كانت غير لفظية لا تؤثر النية في الانشاء كما قلنا هذا في المعاطاة: من أن النية بنفسها، أو مع انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري.

ثم لا بأس بإشارة، اجمالية الى قسمي اللازم: اللازم بالمعنى الأعم، و اللازم بالمعنى الأخص.

(أما الاول): فهو ما لا يختص بملزوم واحد كالحرارة اللازمة للنار و الشمس، و الحركة السريعة، و النور الحاصل من الضياء و الشمس و القمر

(و أما الثاني): فهو اللازم المختص بملزوم واحد، و قد يعبر عنه باللازم المساوي كالخاصة للانسان كالضحك و التعجب بالقوة، أو الإدراك العقلي للانسان.

ثم إن معنى اللازم ما يمتنع انفكاكه عن ملزومه عقلا

ص: 30

ليس المراد (1) أن المخاطب لا يفهم منها (2) المطلب و لو بالقرائن الخارجية بل المراد (3) أن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ (4) ما لم يقصد الملزوم (5)، لأن (6) اللازم الأعم كما هو الغالب، بل المطرد في الكنايات لا يدل على الملزوم ما لم يقصد المتكلم خصوص الفرد المجامع مع الملزوم الخاص، فالخطاب في نفسه محتمل لا يدري المخاطب بم خوطب، و إنما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلم (7)

و المفروض (8) على ما تقرر في مسألة المعاطاة أن النية بنفسها، أو مع

+++++++++++

(1) اى مراد العلامة كما عرفت عند قولنا في الهامش 4 ص 29 و خلاصته

(2) اى من الكناية و هي الأمثلة التي ذكرها العلامة في التذكرة و نقلها الشيخ هنا في ص 13 بقوله: و قال في التذكرة.

(3) اى مراد العلامة كما عرفت في ص 30 عند قولنا: بل مراد العلامة.

(4) و هو البيع كما عرفت في ص 30 عند قولنا: على المعنى المنشأ و هو البيع.

(5) المراد منه البيع كما عرفت.

(6) تعليل لعدم دلالة الكناية على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم و قد عرفته عند قولنا في ص 30 فلا بد حينئذ.

(7) و هذا خلاف الاعتبار، اذ الاعتبار بالدلالة اللفظية كما اشرنا إليه عند قولنا في ص 30: فلم يحصل عقد لفظي.

(8) قد عرفت معناه في ص 30 عند قولنا: قلنا: إن القرائن لما كانت.

ص: 31

انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل و الانتقال: فلم (1) يحصل هنا عقد لفظي يقع التفاهم به.

لكن هذا الوجه (2) لا يجري في جميع ما ذكروه من أمثلة (3) الكناية

دعوى أن العقود أسباب شرعية توقيفية

ثم إنه ربما يدّعى أن العقود المؤثرة في النقل و الانتقال أسباب شرعية توقيفية (4)

+++++++++++

(1) جواب لقوله: لما لم يدل.

(2) و هو الذي ذكره الشيخ في تفسير قول العلامة: لا يدري المخاطب بم خوطب بقوله: إن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم، لأن اللازم الأعم الى آخر قوله الذي شرحناه في ص 30

و خلاصته: أن المخاطب لا يدري بم خوطب: من حيث الألفاظ و القرائن اللفظية.

و أما بحسب القرائن الحالية فلا مانع من كون المخاطب يدري بم خوطب، فهذا التعليل لا يجري في جميع أمثلة الكنايات التي ذكرها الفقهاء، لأن بعض أمثلة الكنايات تدل على المراد بالقرائن اللفظية التي هو اللازم الأخص مثل قولك: ادخلته في ملكك، فإنه لازم مساو للبيع:

بمعنى أنه لا فرق بين قولك: بعت، و قولك: ادخلته في ملكك كما ذكره بعض الأجلة من المحشين.

لكن للخدشة فيه مجال، حيث إن المثال أعم من البيع و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فلا يكون مساويا للبيع فلا يكون باللازم الأخص فينطبق عليه قول العلامة: لا يدري المخاطب بم خوطب إلا بالقرائن الحالية

(3) اي الأعم مما ذكره العلامة، و غيره في الكنايات.

(4) اى ألفاظ العقود لا بد أن تكون متلقاة من الشارع فلا يجوز

ص: 32

كما حكي عن الايضاح (1): من أن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة بالاستقراء فلا بد من الاقتصار على المتيقن

و هو (2) كلام لا محصل له عند من لاحظ فتاوى العلماء، فضلا عن الروايات المتكثرة الآتي بعضها (3)

و أما ما ذكره الفخر (4) قدس سره فلعل المراد فيه من الخصوصية المأخوذة في الصيغة شرعا هي اشتمالها على العنوان المعبر به عن تلك المعاملة في كلام الشارع، فاذا (5) كانت العلاقة الحادثة بين الرجل و المرأة معبرا عنها في كلام الشارع بالنكاح (6)

+++++++++++

لنا التصرف فيها باتيان ألفاظ مجعولة من قبلنا كما أن هذه التوقيفية تكون في العبادات فلا يجوز فيها التصرف: من حيث الزيادة و النقيصة.

(1) مؤلف شريف في الفقه الامامي لفخر الاسلام (فخر المحققين) نجل العلامة قدس سرهما يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(2) اى ما افاده المدعي: من أن العقود المؤثرة في النقل و الانتقال أسباب شرعية.

(3) الدالة هذه الروايات على عدم وجود صيغة مخصوصة للعقود

(4) اى في الايضاح بقوله: إن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد من الخصوصية المأخوذة في الصيغة شرعا هو اشتمالها على العنوان المعبر عن تلك المعاملة به في كلام الشارع. و قد ذكر الشيخ التفريع فلا نعيده

(6) كلفظ انكحت

ص: 33

أو الزوجية (1) أو المتعة (2) فلا بد من اشتمال عقدها (3) على هذه العناوين، فلا يجوز (4) بلفظ الهبة، أو البيع أو الاجارة، أو نحو ذلك (5)

و هكذا الكلام في العقود المنشأة للمقاصد الأخر كالبيع و الاجارة و نحوهما (6)

فخصوصية اللفظ من حيث اعتبار اشتمالها على هذه العناوين (7)

+++++++++++

(1) كلفظ زوجت

(2) كلفظ متعت

(3) اى عقد المرأة لا بد أن يكون مشتملا على احد هذه الألفاظ حتى تتحقق العلقة الزوجية؛ و يجوز للرجل التمتع بها بجميع معاني التمتع

(4) اى عقد المرأة بأحد هذه الألفاظ: بأن تقول المرأة: و هبتك نفسي، أو بعتك نفسي، أو آجرتك نفسي

(5) كلفظ سلطتك في قول المرأة: سلطتك على بضعي.

(6) كالقرض و الهبة، و الصلح و المزارعة و المساقاة، و العارية فلا يجوز استعمال لفظ الاجارة في البيع، أو بالعكس.

و كذا لا يجوز استعمال لفظ القرض في البيع، أو بالعكس

و كذا لا يجوز استعمال لفظ المزارعة في الهبة، أو بالعكس.

و هكذا بقية العقود، فإنه لا يجوز استعمال اي لفظ من العقود أو الايقاعات الصادرة من الشارع في غير ما صدر عنه.

(7) و هو عنوان الزوجية، و عنوان البيع، و عنوان الاجارة، و عنوان الهبة، و عنوان القرض، و عنوان العارية، و عنوان المزارعة، و عنوان المساقاة، و عنوان المضاربة، و عنوان المصالحة.

فاختيار لفظ خاص لمعنى خاص إنما هو لاجل اشتماله على ذاك المعنى

ص: 34

الدائرة في لسان الشارع، أو ما يراد فها لغة، أو عرفا، لأنها (1) بهذه العناوين موارد للأحكام الشرعية التي لا تحصى.

فعلى هذا (2) فالضابط وجوب ايقاع العقد بإنشاء العناوين الدائرة في لسان الشارع؛ اذ لو وقع (3) بإنشاء غيرها.

فإن كان (4) لامع قصد تلك العناوين كما لو لم تقصد المرأة إلا هبة

+++++++++++

الخاص المعبر عنه بالعنوان الّذي ذكرناه لك، فلا بد من وقوع ذاك العنوان المراد بلفظ خاص الوارد من الشارع.

فالحاصل: أن انتخاب لفظ خاص لانشاء معنى خاص إنما هو لاجل ذاك المعنى، و ذاك العنوان الوارد من الشارع ليس إلا

(1) تعليل للخصوصية المذكورة

و خلاصته: أن العقود المنشأة للمقاصد الاخرى، كلفظ البيع المنشأ به علقة التمليك، و قطع حبل الملكية عنه، و اتصاله بالمشتري مثلا بهذا العنوان اصبح موردا للحكم الشرعي.

(2) اى فعلى ضوء ما قلناه: من أن خصوصية اللفظ إنما هو لاجل اشتمالها على تلك العناوين فلا بد من ذكر قاعدة كلية في المقام: و تلك القاعدة هو وجوب ايقاع كل عقد بإنشاء العناوين الدائرة في لسان الشارع.

(3) اى العقد لو وقع في الخارج بإنشاء غير العناوين الدائرة في لسان الشارع كايقاع علقة الزوجة بلفظ غير زوجت. و غير انكحت و غير متعت كلفظ سلطت في قول المرأة، سلطتك على بضعي.

و كذا ايقاع قطع حبل اتصال الملكية عنه، و وصلها بشخص المشتري لو كان بغير لفظ بعت كلفظ اقرضت و هبت ادخلت سلطت.

(4) اى فإن كان العقد الواقع بغير العناوين الدائرة في لسان الشارع لا يقصد منه تلك العناوين.

ص: 35

نفسها، أو اجارة نفسها مدة الاستمتاع لم تترتب عليه الآثار المحمولة في الشريعة على الزوجية الدائمة، أو المنقطعة.

و إن كان (1) بقصد هذه العناوين دخل (2) في الكناية التي عرفت أن تجويزها رجوع الى عدم اعتبار افادة المقاصد بالأقوال.

فما (3) ذكره الفخر رحمه اللّه مؤيد لما ذكرناه، و استفدناه من كلام والده قدس سره.

و إليه (4) يشير أيضا ما عن جامع المقاصد: من أن العقود متلقاة من الشارع فلا ينعقد عقد بلفظ آخر ليس من جنسه (5)

+++++++++++

(1) اى و إن كان العقد الواقع بغير العناوين الدائرة في لسان الشارع تقصد منه تلك العناوين فقد دخل في سلسلة الكنايات التي عرفت أن جواز اتيان العناوين بها هدم لما بناه القوم: من عدم اعتبار القرائن الحالية في إنشاء المقاصد، لأن الكنايات تحتاج الى نصب القرائن الحالية فيكون الاعتبار بها، لا بالأقوال التي هو الملاك في إنشاء المقاصد.

(2) اى غير العناوين كما عرفت آنفا.

(3) تفريع على ما افاده الشيخ: من أنه لا بد من وقوع العقود بأسرها بإنشاء العناوين الواردة في لسان الشارع أى فعلى ضوء ما ذكرناه لا يكون ما ذكره فخر المحققين في الايضاح: من أن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة مخالفا لنا، و لوالده، حيث افاد العلامة بعدم وقوع العقود بالكنايات، لأن المخاطب لا يدري بم خوطب.

(4) اى و الى ما ذكره فخر المحققين يشير المحقق الثاني في جامع المقاصد

(5) كايقاع علقة الزوجية بلفظ ملكتك بضعي.

ص: 36

و ما (1) عن المسالك: من أنه يجب الاقتصار في العقود اللازمة على الألفاظ المنقولة شرعا المعهودة لغة (2)

و مراده بالمنقولة شرعا هي الماثورة في كلام الشارع.

و عن كنز العرفان (3) في باب النكاح أنه حكم شرعي حادث فلا بد له من دليل يدل على حصوله و هو العقد اللفظي المتلقى من النص (4)

ثم ذكر لايجاب النكاح ألفاظا ثلاثة (5)، و عللها (6) بورودها في القرآن.

+++++++++++

(1) اى و الى ما ذكره فخر المحققين في الايضاح يشير الشهيد الثاني في المسالك.

(2) كما في ألفاظ العقود و الايقاعات و العبادات، فإنها قد نقلت عن معانيها اللغوية من قبل الشارع، و وضعت للماهيات المجعولة من قبله إما بالوضع التعييني، أو التعيني.

كما عرفت في الجزء 6 الهامش 1 من ص 23 - الى 28.

(3) يأتي شرح الكتاب و مؤلفه في (أعلام المكاسب).

(4) اى من الشارع فلا بد من الاقتصار عليه.

(5) و هو لفظ: زوجت. انكحت. متعت.

(6) اى و علل صاحب كنز العرفان الاقتصار على الألفاظ الثلاثة المذكورة في باب النكاح بورودها في القرآن الكريم.

قال عز من قائل: قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ(1)

ص: 37


1- القصص: الآية 27.

و لا يخفى أن تعليله (1) هذا كالصريح فيما ذكرناه: من تفسير توقيفية العقود، و أنها متلقاة من الشارع، و وجوب الاقتصار على المتيقن

و من هذا الضابط (2) تقدر على تميز الصريح المنقول شرعا المعهود لغة من الألفاظ المتقدمة في أبواب العقود المذكورة من غيره (3) و أن الاجارة بلفظ العارية (4) غير جائزة، و بلفظ بيع المنفعة، أو السكنى مثلا لا يبعد جوازه (5)

و هكذا (6)

+++++++++++

و قال جل ذكره: فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ(1)

و قال عز اسمه: فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا(2)

(1) اى تعليل صاحب كنز العرفان في حصر العلقة الزوجية في الألفاظ الثلاثة: بورودها في القرآن الكريم.

(2) و هي توقيفية العقود، و أنها متلقاة من الشارع، و أنه واجب الاقتصار على القدر المتيقن.

(3) اى من غير الصريح.

(4) في قوله: اعرتك منفعة الدار و هو يريد الاجارة من الإعارة.

(5) في قوله: بعتك منفعة الدار، أو سكناها سنة كاملة و هو يقصد الاجارة من البيع.

(6) اى و كذا بقية العقود، فإنه لو اتي بلفظ الصلح مثلا في مقام القرض و قال: صالحتك بكذا و هو يقصد الإقراض من لفظة صالحتك فلا يصح.

ص: 38


1- النساء: الآية 24.
2- الأحزاب: الآية 37.
اذا عرفت هذا فلنذكر ألفاظ الايجاب و القبول.
اشارة

اذا عرفت هذا (1) فلنذكر ألفاظ الايجاب و القبول.

أما الإيجاب
منها: لفظ بعت في الايجاب

(منها) (2): لفظ بعت في الايجاب، و لا خلاف فيه فتوى و نصا و هو و إن كان من الأضداد بالنسبة الى البيع و الشراء

لكن كثرة استعماله في البيع وصلت الى حد تغنيه عن القرينة.

منها: لفظ شريت

(و منها) (3): لفظ شريت فلا اشكال في وقوع البيع به لوضعه له كما يظهر من المحكي عن بعض اهل اللغة، بل قيل لم يستعمل في القرآن الكريم إلا في البيع.

و عن القاموس شراه يشريه ملكه بالبيع و باعه كاشتراه فهما ضدان.

و عنه أيضا كل من ترك شيئا و تمسك بغيره فقد اشتراه.

و ربما يستشكل فيه (4) بقلة استعماله عرفا في البيع، و كونه محتاجا الى القرينة المعينة (5)، و عدم نقل الايجاب به (6) في الأخبار، و كلام القدماء (7)

+++++++++++

(1) و هي توقيفية العقود و الإيقاعات، و أنه لا بد في صدورها من الشارع.

(2) اى من تلك الألفاظ.

من هنا اخذ الشيخ في عد ألفاظ وردت في الايجاب و القبول من الشارع فقال: منها.

(3) اى و من تلك الألفاظ الواردة في الايجاب و القبول.

(4) اى في لفظ شريت.

(5) اى اذا استعمل عرفا في البيع يحتاج الى ذكر قرينة معينة تعين المراد منه هل البيع، أو الشراء؟.

(6) اى بلفظ شريت.

(7) اى و لم يأت لفظ شريت في كلام القدماء في الايجاب.

ص: 39

و لا يخلو (1) عن وجه.

منها: لفظ ملكت بالتشديد

(و منها) (2): لفظ ملكت بالتشديد، و الاكثر على وقوع البيع به بل ظاهر نكت الارشاد الاتفاق عليه، حيث قال: إنه لا يقع البيع بغير اللفظ المتفق عليه كبعت و ملكت.

و يدل عليه ما سبق في تعريف البيع (3): من أن التمليك بالعوض المنحل الى مبادلة العين بالمال هو المرادف للبيع عرفا و لغة كما صرح به فخر الدين حيث قال: إن معنى بعت في لغة العرب ملّكت غيري.

و ما قيل من أن التمليك يستعمل في الهبة بحيث لا يتبادر منه عند الاطلاق غيرها.

فيه أن الهبة إنما يفهم من تجريد اللفظ عن العوض (4)، لا من مادة التمليك فهي (5) مشتركة معنى بين ما يتضمن المقابلة (6)، و بين المجرد عنها (7)، فإن اتصل بالكلام ذكر العوض افاد المجموع المركب بمقتضى الوضع التركيبي البيع، و إن تجرد عن ذكر العوض اقتضى تجريد الملكية

+++++++++++

(1) اى هذا الاشكال وجيه، فمآل الإشكال الى عدم جواز استعمال لفظ شريت في البيع.

(2) اى و من تلك الألفاظ الواردة من الشارع في الايجاب و القبول

(3) في ص 36 من الجزء 6

(4) كما في الهبة غير المعوضة.

(5) اى الهبة مشتركة بالاشتراك المعنوي، لا اللفظي.

(6) كما في الهبة المعوضة.

(7) اى عن المقابلة كما في الهبة غير المعوضة.

ص: 40

المجانية (1)

و قد عرفت سابقا أن تعريف البيع بذلك (2) تعريف بمفهومه الحقيقي، فلو اراد منه (3) الهبة المعوضة، أو قصد المصالحة بنيت صحة العقد على صحة عقد بلفظ غيره مع النية.

و يشهد لما ذكرنا (4) قول فخر الدين في شرح الارشاد أن معنى بعت في لغة العرب ملكت غيري (5)

أما الايجاب باشتريت

و أما الايجاب باشتريت ففي مفتاح الكرامة أنه قد يقال بصحته كما هو الموجود في بعض نسخ التذكرة، و المنقول عنها في نسختين من تعليق الارشاد.

+++++++++++

(1) كما في الهبة غير المعوضة.

(2) اى بمبادلة مال بمال كما عرفت في ص 9 في الجزء 6

(3) خلاصته هذا الكلام: أنه لو اراد القائل من لفظ بعت الهبة أو الصلح: لتوقفت صحة هذا العقد على القول بصحة التعبير عن كل عقد بلفظ آخر كإرادة الإجارة من لفظ بعت، أو الهبة، أو الصلح منه.

فإن قلنا بصحة ذلك تفرع عليها صحة إرادة الهبة، أو المصالحة من البيع، مع قصد الهبة، أو الصلح منه.

و إن لم نقل بالصحة فلا تقع الهبة، أو الصلح من لفظ بعت و إن نوى الهبة، أو الصلح.

(4) و هو أن صحة إرادة الهبة، أو الصلح من لفظة بعت مثلا متوقفة على صحة إرادة العقد بلفظ غيره مع نية الهبة، أو الصلح.

(5) فقول فخر المحققين دليل على صحة إرادة العقد بلفظ غيره من العقود.

ص: 41

أقول: و قد يستظهر ذلك (1) من عبارة كل من عطف على بعت و ملكت شبههما (2)، أو ما يقوم مقامهما، اذ (3) إرادة خصوص لفظ شريت من هذا (4) بعيد جدا.

و حمله (5) على إرادة ما يقوم مقامهما في اللغات الاخر للعاجز عن العربية أبعد (6) فيتعين إرادة ما يراد فهما لغة أو عرفا، فيشمل شريت و اشتريت.

لكن الإشكال المتقدم (7) في شريت أولى بالجريان هنا، لأن شريت استعمل في القرآن الكريم في البيع بل لم يستعمل فيه (8) إلا فيه، بخلاف اشتريت (9)

+++++++++++

(1) و هو وقوع الايجاب بلفظ اشتريت.

(2) فإن كلمة شبههما تشمل لفظ اشتريت في وقوع الايجاب به و كذلك أو ما يقوم مقامهما، فإنه يشمل لفظة اشتريت.

(3) تعليل لشمول لفظة شبههما اشتريت.

(4) اى من كلمة شبههما، أو ما يقوم مقامهما.

و أما وجه البعد فلترادف لفظتي شريت و اشتريت.

(5) اى و حمل لفظ أو ما يقوم مقامهما.

(6) لعل وجه الأبعدية: أن الشيخ يعتقد أن الفقهاء الذين اتوا بجملة أو ما يقوم مقامهما لا يجوزون إجراء الصيغة بغير العربية.

(7) و هو قوله في ص 39: و ربما يستشكل فيه بقلة استعماله عرفا في البيع، و كونه محتاجا الى القرينة المعينة.

(8) اى فى القرآن الكريم لم تستعمل كلمة شريت إلا في البيع.

(9) فإنه قد استعملت لفظة اشتريت في القرآن الكريم في الشراء -

ص: 42

و دفع (1) الإشكال في تعيين المراد منه بقرينة تقديمه الدال على كونه ايجابا إما بناء على لزوم تقديم الايجاب على القبول، و إما لغلبة ذلك.

غير صحيح، لأن (2) الاعتماد على القرينة غير اللفظية في تعيين المراد من ألفاظ العقود قد عرفت ما فيه.

+++++++++++

- قبال البيع في قوله تعالى:

إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ (1)

(1) دفع و هم

حاصل الوهم: أن الاشكال الوارد في احتياج كلمة اشتريت عند استعمالها في البيع الى قرينة معينة: يدفع بسبب تقديم اشتريت، اذ التقديم دليل على أنه الايجاب فيتعين أن المراد منه هو البيع، لا الشراء فلا يحتاج هذا الاستعمال الى قرينة معينة.

و الباء في قوله: بقرينة تقديمه بيان لكيفية الدفع التي عرفتها عند قولنا: حاصل الوهم.

و لا يخفى أن دلالة تقديم اشتريت على كونه هو الايجاب و يراد منه البيع باحد الامرين.

إما لبناء القوم على لزوم تقديم الايجاب على القبول.

أو لأجل الغالب، حيث إن الغالب في العقود تقديم الايجاب على القبول.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أنه لو قلنا بهذه المقالة يكون الاعتبار حينئذ في المقاصد المنشأة بالقرائن الحالية، لا بالأقوال.

ص: 43


1- التوبة: لآية 111

إلا أن يدّعى أن ما ذكر سابقا (1): من اعتبار الصراحة مختص بصراحة اللفظ: من حيث دلالته على خصوص العقد، و تميزه (2) عما عداه من العقود.

و أما تمييز ايجاب عقد معين عن قبوله الراجع الى تمييز البائع عن المشتري فلا يعتبر فيه الصراحة بل يكفي استفادة المراد و لو بقرينة المقام (3)، أو غلبته أو نحو هما.

+++++++++++

و قد عرفت أن الاعتماد عليها هدم لبناء القوم على اعتمادهم في المقاصد المنشأة بالألفاظ.

(1) في قوله في ص 26: اذ لا يعقل الفرق في الوضوح الّذي هو مناط الصراحة.

خلاصة هذا الاستثناء، أن اعتبار الأقوال في إنشاء المقاصد إنما يخص كيفية أداء الصيغة و بيانها و صراحتها.

و هذا مما لا بد أن يكون بالدلالة اللفظية.

أما تعيين أن أيّ الطرفين من العقد ايجاب أو قبول فتكتفى به بالقرائن الحالية كتقديم الايجاب على القبول، فلا يكون هذا هدما لبناء القوم:

من اعتبار الأقوال في إنشاء المقاصد.

كما افاده الشيخ في ص 28 بقوله: رجوع عما بني عليه: من عدم العبرة بغير الأقوال.

(2) بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله: على خصوص أى و من حيث دلالته على تميز هذا العقد الخاص الذي نحن بصدده عن بقية العقود.

و هذا مما لا بد أن يكون بالدلالة اللفظية.

(3) المراد منه القرينة الحالية الخارجية.

ص: 44

و فيه (1) إشكال

أما القبول
اشارة

و أما القبول فلا ينبغي الاشكال في وقوعه بلفظ قبلت و رضيت و اشتريت، و ابتعت و تملكت، و ملكت مخففا.

و أما بعت فلم ينقل الا من الجامع (2)، مع أن المحكي عن جماعة من أهل اللغة اشتراكه بين البيع و الشراء.

و لعل الإشكال فيه (3) كإشكال اشتريت في الايجاب.

و اعلم أن المحكي عن نهاية الأحكام و المسالك أن الاصل في القبول قبلت و غيره بدل، لأن القبول على الحقيقة مما لا يمكن به الابتداء (4)، و الابتداء بنحو اشتريت و ابتعت (5) ممكن

و سيأتي توضيح ذلك في اشتراط تقديم الايجاب.

ثم إن في انعقاد القبول بلفظ الإمضاء (6) و الاجازة و الانفاذ و شبهها.

+++++++++++

(1) اى في كفاية استفادة المراد و لو بالقرائن الحالية.

(2) اى استعمال كلمة بعت في القبول إلا عن كتاب الجامع، و كتاب الجامع مؤلف شريف في الفقه يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(3) أى الاشكال في استعمال كلمة بعت في القبول مثل الإشكال في استعمال لفظة اشتريت في الايجاب: في احتياجه الى القرائن اللفظية، و أنه لا اعتبار بالقرائن الحالية.

(4) حيث إنه متفرع على شيء خارجي سابق عليه يمكن تغلبه و ما دام لم يتحقق الشيء في الخارج كيف يمكن تحقق القبول الذي يتفرع عليه

(5) الذين هما من ألفاظ القبول يمكن استعمالهما في الايجاب.

(6) أى بلفظ امضيت. اجزت. انفذت.

ص: 45

وجهين (1)

فرع

فرع لو اوقعا العقد بالألفاظ المشتركة بين الايجاب و القبول ثم اختلفا في تعيين الموجب و القابل (2) إما بناء على جواز تقديم القبول و إما من جهة اختلافهما في المتقدم (3)

فلا يبعد الحكم بالتحالف، ثم عدم ترتب الآثار المختصة بكل من البيع و الاشتراء على واحد (4) منهما

مسألة: في اشتراط العربية

(مسألة): المحكي عن جماعة: منهم السيد عميد الدين و الفاضل المقداد و المحقق و الشهيد الثانيان اعتبار العربية في العقد، للتأسي (5)

+++++++++++(1) وجه بعدم الانعقاد: لأنها من الألفاظ المشتركة تحتاج في تعيين المراد من معانيها الى نصب قرينة لفظية وضعية؟

و وجه بالانعقاد، لأن القرينة الحالية تكفي في المقام.

(2) بأن يدعي كل واحد منهما أني موجب و ينكر القبول، فلازمه إنكار الايجاب لصاحبه.

(3) بأن يحلف المدعي على إنكار تقدم صاحبه في الايجاب كما أن صاحبه يحلف على إنكار تقدم صاحبه في الايجاب.

راجع الجزء 6. الهامش 4. ص 177 حول التحالف

(4) اى على كل واحد من البائع و المشتري، لا البائع وحده و لا المشتري وحده كما توهم هذه اللفظة.

(5) اى بالرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم، للامر من اللّه عز و جل في ذلك بقوله عز من قائل: و لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1)

ص: 46


1- الأحزاب الآية 21

كما في جامع المقاصد، لأن (1) عدم صحته بالعربي غير الماضي يستلزم عدم صحته بغير العربي بطريق أولى.

و في الوجهين (2) ما لا يخفى

و أضعف منهما (3) منع صدق العقد على غير العربي مع التمكن من العربي.

فالاقوى صحته بغير العربي.

و هل يعتبر عدم اللحن من حيث المادة و الهيئة، بناء على اشتراط العربي؟.

الأقوى ذلك، بناء على أن دليل اعتبار العربية هو لزوم الاقتصار على المتيقن من أسباب النقل (4)

و كذا (5) اللحن في الإعراب.

و حكي عن فخر الدين الفرق بين ما لو قال: بعتك بفتح الباء و بين ما لو قال: جوزتك بدل زوجتك فصحح الاول، دون الثاني إلا

+++++++++++

فالرسول كان يوقع العقود بالعربية فلا بد من التأسي به في ايقاع العقود و الايقاعات بالعربية، ليتحقق التأسي.

(1) دليل ثان لاعتبار العربية في العقود.

و هو في الواقع قياس أولوية و خلاصته: أنه لو لم يجز ايقاع العقد بغير العربي الفصيح فبطريق أولى لا يجوز ايقاعه بغير العربي.

(2) و هما: التأسى و قياس الأولوية

(3) اى من الوجهين المذكورين.

(4) و لا شك أن القدر المتيقن من أسباب النقل هو العربي الفصيح

(5) و كذا اى يعتبر عدم اللحن في حركات أواخر الكلمات في ألفاظ العقد

ص: 47

مع العجز عن التعلم و التوكيل (1)

و لعله لعدم معنى صحيح في الاول إلا البيع، بخلاف التجويز، فإن له معنى آخر (2) فاستعماله في التزويج غير جائز.

و منه (3) يظهر أن اللغات (4) المحرفة لا بأس بها اذا لم يتغير بها المعنى.

ثم هل المعتبر عربية جميع أجزاء الايجاب و القبول كالثمن و المثمن أم تكفي عربية الصيغة الدالة على إنشاء الايجاب و القبول حتى لو قال:

بعتك اين كتاب را بده درهم كفى؟

و الأقوى هو الأول (5)، لأن غير العربي كالمعدوم فكأنه لم يذكر في الكلام.

+++++++++++

(1) أى في الثاني و هو قوله: جوزتك بدل زوجتك.

(2) و هو الجواز بمعنى الامكان، و بمعنى عدم الحظر

(3) اى من أن للبيع ليس معنى آخر لو قال: بعتك بفتح التاء بخلاف جوزتك بدل زوجتك، فإن له معنى آخر.

(4) المراد منها الكلمات اللغوية، لا اللغات الاجنبية في قبال اللغة العربية.

(5) و هو اعتبار جميع أجزاء الايجاب و القبول.

لا يخفى على القارئ النبيل أن ما أفاده الشيخ: من اعتبار العربية في جميع أجزاء الايجاب و القبول لا يخلو من إشكال، حيث إن البائع لو كان مصريا و العملة المتداولة فيما بينهم هي الجنية المصري و هي كلمة اجنبية فما ذا يقول عند البيع مكان الجنية لو كان البيع بعشرة جنيهات؟

ص: 48

نعم لو لم يعتبر ذكر متعلقات الايجاب (1) كما لا يجب في القبول و اكتفي بانفهامها و لو من غير اللفظ صح الوجه الثاني (2)

لكن الشهيد رحمه اللّه في غاية المراد في مسألة تقديم القبول نص على وجوب ذكر العوضين في الايجاب (3)

ثم إنه هل يعتبر كون المتكلم عالما تفصيلا بمعنى اللفظ (4): بأن يكون فارقا بين معنى بعت و ابيع و أنا بائع، أو يكفي مجرد علمه بأن هذا اللفظ يستعمل في لغة العرب لانشاء البيع؟

الظاهر هو الاول (5) لأن عربية الكلام ليست باقتضاء نفس الكلام بل بقصد المتكلم منه (6) المعنى الذي وضع له عند العرب، فلا يقال: إنه تكلم و ادّى المطلب على طبق لسان العرب، الا اذا ميز بين معنى بعت و ابيع و اوجدت البيع، و غيرها.

بل على هذا (7) لا يكفي معرفة أن بعت مرادف لقوله:

+++++++++++

(1) اى من دون أن يذكر في البيع الثمن لفظا كما لم تذكر متعلقات القبول في البيع لفظا، حيث يكتفى عن الذكر بالتفهيم و التفاهم فيما بينهم و لو بالاشارة.

(2) و هو الاكتفاء بعربية الصيغة، دون بقية الأجزاء.

(3) فمن هذا القول يستفاد عربية جميع أجزاء الايجاب و القبول.

(4) اى بلفظ الايجاب و القبول، و جميع مشتقاتهما.

(5) و هو كونه عالما تفصيلا بلفظ الايجاب و القبول، و جميع مشتقاتهما.

(6) أى من الكلام.

(7) و هو أنه لا يقال: إنه تكلم بالعربية إلا اذا ميز القائل بين معنى بعت و ابيع.

ص: 49

فروختم حتى يعرف أن الميم في الفارسي عوض عن تاء المتكلم، فيميز بين بعتك و بعت بالضم، و بعت بفتح التاء، فلا ينبغي ترك الاحتياط و ان كان في تعينه (1) نظر، و لذا (2) نص بعض على عدمه

مسألة في اشتراط الماضوية

(مسألة) المشهور كما عن غير واحد اشتراط الماضوية؛ بل في التذكرة الاجماع على عدم وقوعه بلفظ ابيعك، أو اشتر مني (3)

و لعله لصراحته (4) في الانشاء، اذ المستقبل (5)، أشبه بالوعد و الأمر (6) استدعاء، لا ايجاب، مع أن قصد الانشاء بالمستقبل (7) خلاف المتعارف.

+++++++++++

(1) اى في تعين معرفة الايجاب و القبول، و متعلقاتهما، و جميع مشتقاتهما نظر و اشكال.

وجه النظر أن العرف يحكم بأن المتكلم بالعربي و إن لم يفهم معناه:

يصدق عليه أنه تكلم بالعربية.

(2) أى و لأجل أن في تعين الايجاب و القبول، و جميع أجزائهما نظرا و إشكالا صرح بعض الفقهاء بعدم اعتبار هذا.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 5

(4) اى و لصراحة الماضي.

(5) و هو قولك: ابيعك.

(6) و هو قولك: اشتر مني.

(7) اى بصيغة المضارع كما في قولك: ابيعك.

و لا يخفى ضعف ما افاده شيخنا الانصاري، لوقوع النكاح في القرآن الكريم بصيغة المضارع في قوله عز من قائل:

قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ . القصص: الآية 27.

ص: 50

و عن القاضي في الكامل و المهذب عدم اعتبارها (1)

و لعله لاطلاق البيع و التجارة (2)، و عموم العقود (3)، و ما دل في بيع الآبق (4)، و اللبن في الضرع (5) من الايجاب بلفظ المضارع

+++++++++++

اللهم إلا أن يقال: إن انكحك وعد و ليس إنشاء، أو أنه كان في شريعة (موسى بن عمران)، لا في شريعتنا.

(1) اى الماضوية.

(2) اى على غير الماضي.

(3) و هو قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

فالعموم في الآيتين يشمل العقد الصادر بصيغة المضارع و الأمر.

(4) اسم فاعل من ابق يأبق ابقا و اباقا وزان تعب يتعب معناه:

الهروب بلا مبرر و مجوز.

يقال: ابق العبد من مولاه اى هرب من سيده من غير خوف منه و لا كد عمل.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 262. الباب 11 الحديث 1-2. أليك نص الحديث 1

عن الامام ابي الحسن موسى عليه السلام قلت له: أ يصلح لي أن اشتري من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن و اطلبها انا؟

قال: لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها ثوبا، أو متاعا فتقول لهم: اشتري منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع.

فالشاهد في لفظة اشتري، حيث وقع الايجاب بها بلفظ المستقبل.

(5) راجع المصدر نفسه. ص 259. الباب 8. الحديث 1-2 أليك نص الحديث 2 -

ص: 51

و فحوى ما دل عليه في النكاح (1)

و لا يخلوا هذا (2) من قوة لو فرض صراحة المضارع في الانشاء على وجه لا يحتاج الى قرينة المقام. فتأمل (3)

مسألة في شرطية الترتيب بين الإيجاب و القبول

(مسألة): الأشهر كما قيل لزوم تقديم الايجاب على القبول، و به صرح في الخلاف و الوسيلة و السرائر و التذكرة، كما عن الايضاح و جامع المقاصد

+++++++++++

- عن سماعة قال: سألت عن اللبن يشترى و هو في الضرع.

فقال: لا إلا أن يحلب لك من اسكرجة(1) فيقول: اشتر مني هذا اللبن الذي في اسكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمى، فإن لم يكن في الضرع شيء كان ما في الاسكرجة.

فالشاهد في لفظة اشتر، حيث وقع الايجاب بها بلفظ الامر.

(1) راجع المصدر نفسه. الجزء 14. ص 466. الباب 18.

الأحاديث، أليك نص الحديث 2.

عن أبي بصير عن ثعلبة قال: تقول: اتزوجك على كتاب اللّه و سنة نبيه نكاحا غير سفاح؛ و على أن لا ترثيني و لا ارثك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما، و على أن عليك العدة

فالشاهد في لفظة اتزوجك، حيث وقع الإيجاب بها بصيغة المضارع

(2) و هو عدم اعتبار الماضوية في العقود.

(3) لعله اشارة الى وهن اشتراط صراحة المضارع في الانشاء على وجه لا يحتاج الى قرينة.

ص: 52


1- في كتب اللغة بدون الألف، و الكلمة فارسية معربة و هي بضم السين و الكاف و الراء المشددة، و هي إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادام.

و لعله (1) الأصل بعد حمل آية وجوب الوفاء (2) على العقود المتعارفة كاطلاق البيع و التجارة في الكتاب و السنة (3)

و زاد بعضهم (4) أن القبول فرع الايجاب فلا يتقدم عليه، و أنه تابع له فلا يصح تقدمه عليه.

و حكي عن غاية المراد عن الخلاف الاجماع عليه (5) و ليس (6)

+++++++++++

(1) اى و لعل تقديم الايجاب على القبول هو الاصل الذي هو الاستصحاب أى استصحاب بقاء كل من العوضين في ملك مالكه عند الشك في سببية الايجاب المتأخر عن القبول.

(2) و هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، حيث يحمل على العقود المتعارفة عند نزول الآية، و المتعارف في ذلك العصر هو تقديم الايجاب على القبول.

(3) حيث يحمل البيع و التجارة على ما هو المتعارف في الخارج: و هو تقديم الايجاب على القبول.

فحمل البيع و التجارة و العقود على ما هو المتعارف يضيق دائرة الاطلاق.

(4) أى زاد بعض الفقهاء في المقام دليلا آخر: و هو أن القبول فرع الايجاب كما في الاخذ و الاعطاء، حيث إن الأخذ فرع الاعطاء

(5) اى على تقديم الايجاب على القبول.

(6) هذا اعتراض من شيخنا الأنصارى على الاجماع المدعى في غاية المراد عن الخلاف فيريد أن ينفي الاجماع.

ص: 53

في الخلاف في هذه المسألة (1) إلا أن البيع مع تقديم الايجاب متفق عليه فيؤخذ به (2) فراجع.

خلافا للشيخ في المبسوط في باب النكاح (3)، و إن وافق الخلاف في البيع (4) إلا أنه عدل عنه (5) في باب النكاح.

بل ظاهر كلامه (6) عدم الخلاف في صحته (7) بين الامامية، حيث إنه بعد ما ذكر أن تقديم القبول بلفظ الأمر في النكاح: بأن يقول الرجل زوجني فلانة جائز بلا خلاف.

قال: أما البيع فإنه اذا قال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

+++++++++++

(1) اى مسألة تقديم الايجاب على القبول.

(2) اى بهذا الاتفاق في تقديم الايجاب على القبول حين التعامل فيكون صحيحا بالاتفاق.

فهذا الاتفاق يدل على صحة البيع اذا تقدم الايجاب على القبول و ليس اجماعا على وجوب تقديم الايجاب على القبول.

(3) حيث قال: بجواز تقديم الايجاب على القبول.

(4) حيث قال هنا بوجوب تقديم الايجاب على القبول، و البيع يذكر قبل النكاح في الكتب الفقهية.

(5) اى عن وجوب تقديم الايجاب على القبول.

و لا يخفى أن ما نقله شيخنا الانصاري عن الخلاف بقوله: إن البيع مع تقديم الايجاب متفق عليه فيؤخذ به: لا يدل على رأي الشيخ في وجوب تقديم الايجاب على القبول.

(6) اى كلام شيخ الطائفة.

(7) اى في صحة تقديم القبول على الايجاب.

ص: 54

و قال قوم منهم: لا يصح حتى يسبق الايجاب. انتهى (1)

و كيف كان فنسبة القول الأول (2) الى المبسوط مستندة الى كلامه في باب البيع.

و أما في باب النكاح (3) فكلامه صريح في جواز التقديم كالمحقق رحمه اللّه في الشرائع؛ و العلامة في التحرير، و الشهيدين في بعض كتبهما و جماعة ممن تأخر عنهما (4)، للعمومات السليمة (5) عما يصلح لتخصيصها

و فحوى (6) جوازه في النكاح الثابت بالأخبار مثل خبر ابان بن تغلب

+++++++++++

(1) راجع (المبسوط) الطبعة الحروفية الثانية عام 1388. الجزء 4 ص 194، و العبارة هنا منقولة بالمعنى.

(2) و هو وجوب تقديم الايجاب على القبول.

خلاصة هذا الكلام أن هذا الوجوب المستند الى الشيخ إنما هو في كتاب البيع من المبسوط، لا في كتاب النكاح من المبسوط، فإنه في نكاح المبسوط عدل عن وجوب تقديم الايجاب على القبول و قال بصحة تقديم القبول على الايجاب.

و ظاهر كلامه عدم الخلاف في ذلك.

(3) اى من كتاب المبسوط.

(4) اى عن الشهيدين.

(5) و هو قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ؛ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، فإن هذه الآيات دالة بعمومها على جواز تقديم القبول على الايجاب.

(6) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للعمومات السليمة، اي و لفحوى الدال على جواز تقديم القبول على الايجاب. -

ص: 55

الوارد في كيفية الصيغة المشتمل على صحة تقديم القبول بقوله (1) للمرأة:

اتزوجك متعة على كتاب اللّه، و سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم الى أن قال: فاذا قالت: نعم فهي امرأتك و أنت أولى الناس بها (2)

و رواية سهل الساعدي المشهورة في كتب الفريقين كما قيل المشتملة على تقديم القبول من الزوج بلفظ زوجنيها (3):

و التحقيق أن القبول اما أن يكون بلفظ قبلت و رضيت.

و إما أن يكون بطريق الأمر و الاستيجاب نحو بعني فيقول المخاطب؛ بعتك

+++++++++++

و المراد من الفحوى هي الأولوية المأخوذة في باب النكاح، فإنه لما جاز في الأعراض التى اهتم بها الشارع المقدس اهتماما بالغا تقديم القبول على الايجاب فبطريق اولى يجوز في بقية العقود و الايقاعات.

(1) اى بقول الرجل الذي هو القابل.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 466. الباب 18. الحديث 1

و في الباب أحاديث اخرى كلها صريحة في جواز تقديم القبول على الايجاب

(3) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2. ص 563. أبواب عقد النكاح و أولياء العقد. الباب 1. الحديث 4

أليك نص الحديث.

روى سهل الساعدي أن النبي صلى اللّه عليه و آله جاءت إليه امرأة فقالت: يا رسول اللّه إني قد وهبت نفسي لك.

فقال: لا اربة(1) لي في النساء.

ص: 56


1- بفتح الهمزة و الراء و الباء و التاء مشتقة من ارب يأرب معناه الاحتياج يقال: ارب إليه اى احتاج إليه.

و إما أن يكون بلفظ اشتريت و ملكت مخففا و ابتعت.

فإن كان بلفظ قبلت فالظاهر عدم جواز تقديمه (1)، وفاقا لما عرفت في صدر المسألة (2)، بل المحكي عن الميسية (3)

+++++++++++

فقالت: زوجني بمن شئت من أصحابك.

فقام رجل فقال: يا رسول اللّه زوجنيها.

فقال: هل معك شيء تصدقها؟

فقال؛ و اللّه ما معي إلا ردائي هذا.

فقال: إن أعطيتها إيّاها تبقى و لا رداء لك.

هل معك شيء من القرآن؟

فقال: نعم سورة كذا

فقال: زوجتكها على ما معك من القرآن.

(1) لأن القبول كما عرفت عبارة عن تقبل شيء سابق عليه فهو فرع عليه، فكيف يعقل تقديمه على ذاك الشيء الذي لم يتحقق بعد؟

و لا يخفى أن ما افيد إنما يتم اذا كان القبول بصيغة الماضي.

و أما اذا كان بصيغة المضارع فلا يأتي فيه المحذور المذكور فيصح تقديم القبول على الايجاب بصيغة المضارع.

(2) و هي مسألة لزوم تقديم الايجاب على القبول، حيث نقل الشيخ في ص 53 عن بعض الفقهاء بقوله: إن القبول فرع الايجاب، و أنه تابع له، فلا يصح تقدمه عليه.

(3) نسبة الى ميس بفتح الميم و سكون الياء مدينة واقعة في لبنان و قد تقدمت الاشارة إليها في الجزء 2 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 213

ص: 57

و المسالك و مجمع الفائدة (1) أنه لا خلاف في عدم جواز تقديم لفظ قبلت (2) و هو المحكي عن نهاية الأحكام، و كشف اللثام (3) في باب النكاح و قد اعترف به (4) غير واحد من متأخري المتأخرين أيضا.

بل المحكي هناك عن ظاهر التذكرة الاجماع عليه.

و يدل عليه (5) مضافا الى ما ذكر (6) و الى كونه (7) خلاف المتعارف من العقد: أن (8) القبول الذي هو احد ركني عقد المعاوضة فرع الايجاب فلا يعقل تقدمه عليه.

و ليس المراد من هذا القبول الذي هو ركن للعقد مجرد الرضا بالايجاب، سواء تحقق قبل ذلك أم لا، حيث إن الرضا لشيء لا يستلزم

+++++++++++

(1) كتاب في الفقه الامامي للمحقق الاردبيلي

(2) و انت ترى أيها القارئ النبيل أن قبلت من صيغ الماضي فيكون هذا تأييدا لما قلناه آنفا: من إمكان تقديم القبول على الايجاب بلفظ المضارع.

(3) للفاضل الهندي يأتي شرحه و شرح حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(4) اى بعدم تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(5) اى على عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(6) و هو أنه لا خلاف في عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(7) اى و مضافا الى كون تقديم القبول على الايجاب خلاف المتعارف، اذ المتعارف تقديم الايجاب على القبول.

(8) أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لكلمة و يدل.

ص: 58

في تحققه في الماضي فقد يرضى الانسان بالامر المستقبل، بل المراد منه الرضا بالايجاب على وجه يتضمن إنشاء نقل ماله في الحال الى الموجب على وجه العوضية، لأن المشتري ناقل (1) كالبائع، و هذا (2) لا يتحقق الا مع تاخر الرضا عن الايجاب، اذ مع تقدمه لا يتحقق النقل في الحال فإن من رضي بمعاوضة ينشأها الموجب في المستقبل لم ينقل في الحال ماله (3) الى الموجب، بخلاف من رضي بالمعاوضة التي انشأها الموجب سابقا (4) فإنه يرفع بهذا الرضا (5) يده من ماله، و ينقله الى غيره على وجه العوضية.

و من هنا (6) يتضح فساد ما حكي عن بعض المحققين في رد الدليل المذكور: و هو كون القبول فرع الايجاب و تابعا له: و هو (7) أن تبعية

+++++++++++

(1) اى ثمنه الى البائع كما ينقل البائع المثمن الى المشتري.

(2) و هو الرضا بالايجاب على الوجه الذي ذكرناه.

(3) الذي هو الثمن.

(4) و هي صورة تقدم الايجاب على القبول.

(5) و هو الرضا المتعقب للايجاب الذي يظهر بالقبول.

(6) و هو الفرق بين الرضا السابق الذي يحصل بتقديم الايجاب على القبول.

و بين الرضا اللاحق الذي يحصل بتأخير القبول عن الايجاب.

(7) هذا رد بعض المحققين على الدليل المذكور، لوجوب تأخير القبول عن الايجاب.

و خلاصته: أن تبعية القبول للايجاب بكونه فرعا له ليست من قبيل تبعية اللفظ للفظ كتبعية الصفة للموصوف، و المعطوف للمعطوف عليه، و التأكيد -

ص: 59

القبول للايجاب ليس تبعية اللفظ للفظ، و لا القصد للقصد حتى يمتنع تقديمه، و إنما هو على سبيل الفرض و التنزيل: بأن يجعل القابل نفسه متناولا لما يلقى إليه من الموجب، و الموجب مناولا كما يقول السائل في مقام الانشاء: أنا راض بما تعطينى و قابل لما تمنحني فهو متناول قدّم (1) إنشاءه أو أخّر.

فعلى هذا يصح تقديم القبول و لو بلفظ قبلت و رضيت ان لم يقم اجماع على خلافه. انتهى (2)

+++++++++++

للمؤكد، و البدل للمبدل منه حتى لا يجوز تقديمه على الايجاب.

و كذلك ليست تبعية القبول للايجاب من قبيل تبعية القصد للقصد كتبعية قصد التقرب بالمقدمة لقصد الوصول بها الى ذى المقدمة: بحيث لو لا هذا القصد لم يتأت ذاك القصد.

بل تبعية القبول للايجاب على سبيل الفرض و التنزيل حيث يجعل القابل نفسه متناولا لما يلقى إليه من الموجب، و الموجب يجعل نفسه مناولا لما يلقى إليه من القابل.

فالخلاصة: أن التبعية هنا ليست تبعية حقيقية واقعية، بل تبعية فرضية تنزيلية فلا محذور في تقديم القبول على الايجاب كما كان يلزم المحذور في تقديم الصفة على الموصوف، أو المعطوف على المعطوف عليه، أو البدل على المبدل منه.

(1) اى السائل أنا راض بما تعطيني، و قابل لما تمنحني.

(2) اى ما افاده بعض المحققين في رد القائل بعدم جواز تقديم القبول على الايجاب: لكون القبول فرعا للايجاب.

ص: 60

و وجه الفساد (1) ما عرفت سابقا: من (2) أن الرضا بما يصدر من الموجب في المستقبل من نقل ماله بإزاء مال صاحبه ليس فيه إنشاء نقل من القابل في الحال، بل هو رضا منه بالانتقال في الاستقبال.

و ليس المراد (3) أن اصل الرضا بشيء تابع لتحققه في الخارج، أولا قبل الرضا به حتى يحتاج الى توضيحه بما ذكره من المثال (4)

بل المراد الرضا الذي يعد قبولا و ركنا في العقد.

و مما ذكرنا (5) يظهر الوجه في المنع عن تقدم القبول بلفظ

+++++++++++

(1) اى فساد ما ذكره بعض المحققين.

(2) هذا وجه الفساد و خلاصته: أنه ليس في الرضا الحاصل من القابل في صورة تقديم القبول على الايجاب في قبال ما يصدر عن الموجب في المستقبل من نقل ماله الى القابل إزاء نقله ماله إليه: إنشاء نقل من القابل في الحال الحاضر.

بل الرضا الحاصل من القابل رضا بالانتقال في زمن الاستقبال، و عند ما يصدر الانتقال من الموجب لا يوجد رضا من القابل لهذا الانتقال، فكيف يتصرف القابل في هذا المال الذي لم يحصل به الرضا في زمن الانتقال؟.

(3) أى و ليس المراد من الرضا الرضا بشيء تابع لتحققه في المستقبل أولا.

(4) و هو المثال الذي اتى به بعض المحققين في رد تبعية القبول للايجاب بقوله: انا راض بما تعطيني و قابل لما تمنحني.

(5) و هو أن المراد من الرضا هو الرضا الواقع احد ركني العقد الذي يحصل به النقل و هو القبول اللفظي المنشأ بلفظ قبلت، أو رضيت و الذي يعد قبولا و ركنا في العقد. -

ص: 61

الامر (1) كما لو قال: بعني هذا بدرهم فقال: بعتك، لأن غاية الامر (2) دلالة طلب المعاوضة على الرضا (3) بها، لكن لم يتحقق بمجرد الرضا بالمعاوضة المستقلة نقل في الحال للدرهم الى البائع كما لا يخفى.

و أما ما (4) يظهر من المبسوط من الاتفاق هنا على الصحة به فموهون:

بما ستعرف من مصير الأكثر على خلافه.

و أما فحوى (5) جوازه في النكاح ففيها بعد الإغماض عن حكم

+++++++++++

- و من الواضح أن هذا لا يتحقق إلا بعد صدور شيء في الخارج و هو ايجاب البيع.

(1) خلاصة هذا الكلام: أنه كما لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في البيع اذا كان القبول بلفظ قبلت، للملاك لذي ذكرناه آنفا في الهامش 5 ص 61 بقولنا: و هو أن المراد.

كذلك لا يجوز تقديمه عليه اذا كان بلفظ الامر و إن كان بغير لفظ قبلت.

(2) و هو قوله: بعني.

(3) اى بهذه المعاوضة بالاستقبال، من دون دلالة لهذه المعاوضة على نقل ماله في الحال الى البائع.

(4) من هنا يريد شيخنا الانصاري أن يرد على ما افاده شيخ الطائفة في المبسوط: من اتفاق الفقهاء على صحة تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر في البيع.

و خلاصته: أن اكثر فقهاء الامامية ذهبوا الى عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الأمر، فذهاب الاكثر مما يوهن الاتفاق المذكور.

(5) هذا رد آخر على ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول -

ص: 62

الاصل، بناء على منع دلالة رواية سهل على كون لفظ الامر هو القبول لاحتمال تحقق القبول بعد ايجاب النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و يؤيده (1) أنه لولاه يلزم الفصل الطويل بين الايجاب و القبول:

منع (2)

+++++++++++

اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في البيع بوقوعه في النكاح؛ ففي البيع بطريق أولى.

و خلاصته: أن لنا أدلة ثلاثة على عدم صحة الأولوية المذكورة في تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر.

(الأول): عدم تسليم كون القبول لفظ الامر في قول الرجل:

زوجنيها يا رسول اللّه، اذ من الممكن أن يكون القبول قد تحقق منه بعد ايجاب الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم بقوله: زوجتكها بما معك من القرآن.

و إليه اشار الشيخ بقوله: لاحتمال تحقق القبول بعد ايجاب النبي.

(1) هذا تأييد لما افاده الشيخ: من عدم كون القبول لفظ الأمر في قول الرجل زوجنيها يا رسول اللّه.

و خلاصته: أنه لو قلنا: إن القبول هو لفظ الامر يلزم الفصل الطويل بين الايجاب الصادر من الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم و بين القبول و هو غير جائز، لأنه مفسد للعقد.

(2) بالرفع مبتدأ مؤخر خبره الجار و المجرور المتقدم في قوله:

ففيها.

هذا هو الدليل الثاني لرد ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الأمر في البيع من باب الأولوية -

ص: 63

الفحوى، و قصور (1)

+++++++++++

و خلاصته: أن الأولوية المذكورة المستفادة من النكاح ممنوعة، لأن صحة تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في النكاح لأمرين:

(الأول): استحياء المرأة في الدور السابق في الابتداء بالايجاب فإنها كانت تتميز بالحياء البالغ فلا تقدم على الايجاب، فلذا جوز الشارع جواز تقديم القبول على الايجاب في النكاح.

(الثاني): أن الزواج امر مرغوب جدا، لكونه باعثا لبقاء النسل، و موجبا لدفع العنت و الشهوة، و لذا حث الشارع الأعظم لأمر الزواج حثا بالغا فوق ما تتصوره عقولنا.

قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: اذا تزوج الرجل احرز نصف دينه فليتق اللّه في النصف الآخر.

(مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 530-531 أبواب مقدمات النكاح. الباب الاول. الحديث 1-2

(وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 2-6. الباب 1 - الأحاديث و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: أ ما علمتم أني اباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط.

المصدر نفسه. ص 34. الباب 17 - الحديث 2.

و هذان الامران لا يوجدان في البيع، و بقية العقود حتى يجوز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر و ان لم يكن بلفظ قبلت.

(1) بالرفع مبتدأ ثان مؤخر خبره ففيها المتقدم.

هذا هو الدليل الثالث لرد ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر في البيع من باب الأولوية -

ص: 64

دلالة رواية ابان. من حيث اشتمالها على كفاية قول المرأة: نعم في الايجاب (1)

ثم اعلم أن في صحة تقديم القبول بلفظ الأمر اختلافا كثيرا بين كلمات الأصحاب.

فقال في المبسوط: إن قال: بعنيها بالف فقال: بعتك صح.

و الأقوى عندي أنه لا يصح حتى يقول المشتري بعد ذلك:

اشتريت (2)

و اختار ذلك (3) في الخلاف

و صرح به (4) في الغنية فقال: و اعتبرنا حصول الايجاب من البائع و القبول من المشتري حذرا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري و هو أن يقول: بعنيه بالف فيقول: بعتك، فإنه لا ينعقد حتى يقول المشتري بعد ذلك: اشتريت، أو قبلت.

+++++++++++

و خلاصته: أن رواية ابان المشار إليها في ص 55 قاصرة:

من حيث الدلالة على المراد، لأنها مشتملة على كفاية قول المرأة في الايجاب نعم، مع أن الألفاظ الواردة في تحقق العلقة الزوجية منحصرة في الثلاثة المتقدمة: زوجت. انكحت. متعت.

فبهذه الأدلة الثلاثة نمنع الأولوية المذكورة.

(1) اى من دون أن تقول المرأة: زوجت، أو انكحت، أو متعت نفسي

(2) راجع (المبسوط) الطبعة الجديدة الثانية. الجزء 2. كتاب البيع. ص 87

(3) اى اختار شيخ الطائفة عدم صحة تقديم القبول على الايجاب في كتابه الخلاف.

(4) أى بعدم جواز التقديم صرح السيد ابن زهرة في كتابه الغنية

ص: 65

و صرح به (1) أيضا في السرائر و الوسيلة.

و عن جامع المقاصد أن ظاهرهم أن هذا الحكم (2) اتفاقي

و حكي الاجماع عن ظاهر الغنية أيضا، أو صريحها.

و عن المسالك المشهور (3)

بل قيل: إن هذا الحكم ظاهر كل من اشترط الايجاب و القبول و مع ذلك كله فقد صرح الشيخ في المبسوط في باب النكاح بجواز التقديم بلفظ الامر بالبيع (4)

و نسبته إلينا مشعر بقرينة السياق: الى عدم الخلاف فيه بيننا فقال:

اذا تعاقدا، فإن تقدم الايجاب على القبول فقال: زوجتك فقال: قبلت التزويج صح.

و كذا اذا تقدم الايجاب على القبول في البيع صح بلا خلاف.

و أما إن تاخر الايجاب و سبق القبول فإن كان في النكاح فقال الزوج:

زوجنيها فقال: زوجتكها صح، و إن لم يعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر الساعدي قال الرجل: زوجنيها يا رسول اللّه.

فقال: زوجتكها بما معك من القرآن فقدم القبول و تأخر الايجاب.

و إن كان هذا في البيع فقال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

و قال قوم منهم: لا يصح حتى يسبق الايجاب. انتهى

+++++++++++

(1) اى بعدم جواز التقديم ابن ادريس في السرائر.

(2) و هو عدم جواز تقديم القبول على الايجاب.

(3) اى عدم التقديم هو المشهور بين فقهاء الامامية

(4) راجع المصدر نفسه. الجزء 4. ص 164. كتاب النكاح

ص: 66

و حكي جواز التقديم بهذا اللفظ (1) عن القاضي في الكامل (2) بل يمكن نسبة هذا الحكم (3) الى كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق، و تمسك (4) له في النكاح برواية سهل الساعدي المعبر فيها عن القبول بطلب التزويج، إلا (5) أن المحقق مع تصريحه في البيع بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب صرح بجواز تقديم القبول على الايجاب

+++++++++++

(1) اى بلفظ الامر

(2) يأتي شرح الكتاب و مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(3) و هو جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب

كأن الشيخ يريد أن يدّعي كبرى كلية في مقام جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ الامر فقال: كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق أى من غير تقييد التقديم بلفظ الامر، أو بغيره فقد جوز التقديم بلفظ الامر بمقتضى اطلاقه.

(4) اى و تمسك مجوز تقديم القبول على الايجاب برواية سهل الساعدي المتقدمة في الهامش 3 ص 56، حيث إن القبول فيها بلفظ الامر في قول الرجل: زوجنيها يا رسول اللّه.

فتمسكه بهذه الرواية دليل على جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر، و من هذا تستفاد تلك الكبرى الكلية.

(5) في الواقع هذا استدراك عن تلك الكبرى الكلية التي افادها الشيخ بقوله: و يمكن نسبة هذا الحكم الى كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق.

و خلاصته: أن المحقق مع أنه صرح بجواز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق.

ص: 67

و ذكر (1) العلامة قدس سره الاستيجاب و الايجاب و جعله (2) خارجا عن قيد اعتبار الايجاب و القبول كالمعاطاة (3)، و جزم (4) بعدم

+++++++++++

لكنه صرح في البيع بعدم كفاية الاستيجاب الذي هو طلب الايجاب من البائع و يعتبر قبولا مقدما في العقد، و بعدم كفاية الإيجاب الذي هي الصيغة المتعقبة للاستيجاب.

و هذا التصريح دليل على عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ الأمر الى المحقق.

فعليه لا يصح نسبة جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب الى المحقق.

و المراد من الاستيجاب هو القبول الواقع بلفظ الامر

(1) هذا من متممات الاستدراك المذكور، حيث إن العلامة كالمحقق: في أنه لم يجوز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب.

و خلاصة هذا التتميم: أن العلامة قد اخرج الاستيجاب الذي هو طلب البيع، و الايجاب الذي هو المتعقب للاستيجاب عن شرط الايجاب و القبول: بمعنى أن المتعاقدين لو اوقعا العقد بلفظ الامر فقال: بعني و قال الآخر: بعتك لم يشملها الايجاب و القبول المتعارف فهما خارجان عن إطار العقد.

(2) اى و جعل العلامة العقد المشتمل على الاستيجاب و الايجاب خارجا عن إطار العقد كما عرفت آنفا.

(3) تنظير لخروج العقد المشتمل على الاستيجاب و الايجاب عن اطار العقد: اى هذا العقد نظير المعاطاة: من حيث خروجها عن العقد، لعدم اشتمالها على الصيغة.

(4) اى العلامة قطع بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد

ص: 68

كفايته، مع أنه تردد في اعتبار (1) تقديم القبول.

و كيف كان فقد عرفت أن الأقوى المنع (2) في البيع، لما عرفت (3)

بل لو قلنا بكفاية التقديم بلفظ قبلت يمكن المنع (4) هنا، بناء على اعتبار الماضوية فيما دل على القبول (5)

ثم إن هذا كله (6) بناء على المذهب المشهور بين الأصحاب: من عدم كفاية مطلق اللفظ في اللزوم (7)، و عدم القول بكفاية مطلق الصيغة في الملك (8)

+++++++++++

(1) الاعتبار هنا بمعنى الجواز، لا بمعنى الشرط

ثم لا يخفى عليك أن غرض الشيخ من نقل كلام المحقق و العلامة هو التشكيك في النسبة المذكورة بقوله: بل يمكن نسبة هذا الحكم.

(2) اى منع تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في البيع

(3) في قوله في ص 58: من القبول الذي هو احد ركني المعاوضة فرع الايجاب فلا يعقل تقدمه عليه.

و كذا في قوله في ص 62: لأن غاية الامر دلالة طلب المعاوضة على الرضا بها، لكن لم يتحقق بمجرد الرضا بالمعاوضة المستقبلة نقل في الحال للدرهم الى البائع.

و من الواضح أننا نحتاج الى قبول في البيع يحصل به نقل المال حالا

(4) اى في القبول اذا كان بلفظ الامر.

(5) و من الواضح أن صيغة الامر ليست من صيغ الماضي.

(6) اى كل ما ذكرناه و اخترنا فيه ما اخترناه، و منعنا فيه ما منعناه

(7) اى في لزوم العقد، بل لا بد من ألفاظ مخصوصة في العقود بشروط مخصوصة.

(8) كما في صورة تقديم القبول على الايجاب.

ص: 69

و أما على ما قويناه سابقا في مسألة المعاطاة: من أن البيع العرفي موجب للملك (1)، و أن الاصل في الملك اللزوم (2) فاللازم الحكم باللزوم في كل مورد (3) لم يقم اجماع على عدم اللزوم و هو (4) ما اذا خلت المعاملة عن الإنشاء باللفظ راسا (5)، أو كان (6) اللفظ المنشأ به المعاملة مما قام الاجماع على عدم افادتها اللزوم.

+++++++++++

(1) في قوله في الجزء 6 ص 234: و الأقوى اعتبارها و إن قلنا بالإباحة لأنها بيع عرفي و إن لم يفد شرعا إلا الإباحة الى آخر ما ذكره هناك.

(2) في الجزء 6 ص 286 عند قوله: اعلم أن الاصل على القول بالملك اللزوم.

(3) اى في كل عقد، سواء تقدم فيه القبول على الايجاب أم تأخر

(4) جملة و هو ما اذا خلت المعاملة عن الإنشاء باللفظ رأسا مفهوم لقوله: لم يقم اجماع على عدم اللزوم، فإن منطوق هذه الجملة:

أن الاجماع اذا لم يقم على عدم لزوم المعاملة فاللازم الحكم بأنها لازمة، لأن الأصل في الملك اللزوم كما عرفت.

و من الواضح أن العرف يرى العقد المتقدم عليها القبول على الايجاب معاملة صحيحة نافذة مفيدة للملك، و اذا كانت مفيدة للملك افادت اللزوم

و مفهوم هذه الجملة: هو أن الاجماع اذا قام على عدم لزوم المعاملة نحكم بعدم لزومها، و تلك المعاملة: هو ما اذا خلت عن الإنشاء باللفظ لا ما اذا كانت حاوية على اللفظ، لكنها تقدم فيها القبول على الايجاب

(5) اى خلت المعاملة عن اللفظ بالكلية.

(6) هذا هو الشق الثاني للمعاملة التي قام الاجماع على عدم لزومها اذ الشق الاول المعاملة الخالية عن اللفظ رأسا و بالكلية، فلو كانت المعاملة حاوية للفظ قام الاجماع على عدم اعتباره فيها فالمعاملة تكون غير لازمة

ص: 70

و أما في غير ذلك (1) فالأصل اللزوم.

و قد عرفت (2) أن القبول على وجه طلب البيع (3) قد صرح في المبسوط بصحته، بل يظهر منه (4) عدم الخلاف فيه بيننا.

و حكي (5) في الكامل (6) أيضا. فتأمل.

و إن كان التقديم بلفظ اشتريت (7) أو ابتعت، أو تملكت، أو ملكت هذا بكذا (8)

+++++++++++

(1) اى في غير المعاملة الحاوية للفظ قام الاجماع على عدم اعتباره فيها.

(2) في قوله ص 65: فقال في المبسوط: إن قال: بعنيها بالف فقال: بعتك صحّ.

(3) كقولك: بعني، حيث إن القبول هنا بلفظ البيع.

(4) اى من المبسوط كما نقل عنه شيخنا الانصاري في ص 66 بقوله:

و إن كان هذا في البيع فقال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

(5) اى و حكي جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب

(6) اى في (كتاب الكامل): و هو مؤلف شريف يأتي شرحه و شرح حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(7) لعل الأمر بالتأمل لأجل ما مر من الشيخ: من أن دعوى عدم الخلاف عن شيخ الطائفة في المبسوط بقوله: صح عندنا، و عند قوم من المخالفين موهونة بكثرة المخالفين في المسألة.

و لا يخفى أن كلمة (عندنا) لا تدل على الاجماع، و لا تعطي فائدته و لا يمكن التمسك به بدلا عن الاجماع.

(8) اى بدراهم مثلا كثيرة كانت، أو قليلة.

ص: 71

فالأقوى جوازه، لأنه (1) إنشاء ملكيته للمبيع بإزاء ماله عوضا

ففي (2) الحقيقة إنشاء المعاوضة كالبائع إلا أن البائع ينشأ ملكية ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه، و المشتري ينشأ ملكية مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله ففي الحقيقة كل منهما يخرج ماله الى صاحبه، و يدخل مال صاحبه

+++++++++++

(1) اى لأن اشتريت، أو ابتعت، أو تملكت في الواقع و نفس الامر إنشاء به ينشأ القابل ملكية المبيع لنفسه إزاء ما يعطيه للبائع عوضا عن المبيع، كما ينشأ البائع ملكية ماله لصاحبه الذي هو المشتري القابل

ففي الحقيقة كل من البائع و المشتري ينشأ ماله إزاء ما ينشأ الآخر عند تقديم القبول على الإيجاب.

(2) خلاصة هذا الكلام. أن لكل واحد من البائع و المشتري إنشاءين: إنشاء تمليك ماله لصاحبه، و إنشاء تملك مال صاحبه لنفسه.

خذ لذلك مثالا.

إن البائع بقوله: بعتك داري بكذا ينشأ تمليك داره لصاحبه و هو المشتري فيدخلها في ملكه، و ينشأ تملك مال صاحبه لنفسه فيخرج الثمن عن ملك المشتري و يدخله في ملكه.

فللبائع إدخال و إخراج: إدخال ملكه الى ملك المشتري، و إخراج الثمن عن ملك المشتري و إدخاله في ملكه.

و كذا المشتري الذي هو القابل بقوله: اشتريت بكذا في صورة تقديم القبول على الايجاب ينشأ تمليك الثمن لصاحبه الذي هو البائع فيخرجه عن ملكه، و ينشأ تملك مال صاحبه و هي الدار لنفسه فيدخلها في ملكه.

فللمشترى إدخال و إخراج أيضا: إدخال ملكه الى ملك البائع و إخراج ملك البائع عن ملكه و إدخاله في ملكه.

ص: 72

في ملكه، إلا (1) أن الإدخال في الايجاب مفهوم من ذكر العوض، و في القبول مفهوم من نفس الفعل، و الاخراج (2) بالعكس، و حينئذ (3) فليس في حقيقة الاشتراء (4)

+++++++++++

(1) اى لكن فرق بين الإدخال من ناحية البائع، و الإدخال من ناحية المشتري.

و خلاصة هذا الفرق: أن الإدخال من ناحية البائع يفهم من ذكر العوض بقوله: بعتك داري بمائة دينار.

و أما من ناحية المشتري فيفهم من نفس الفعل و هو اخذه الدار و رضاؤه بها بالسعر المعين.

(2) اى الإخراج يكون بعكس الادخال من ناحية البائع و المشتري في صورة تقديم القبول على الايجاب لو كان القبول بلفظ اشتريت مثلا.

فيكون الاخراج من ناحية البائع بالفعل اى بفعله و هو إعطاؤه الدار و تسليمها للمشتري فيفهم بنفس الفعل.

و أما من ناحية المشتري فيفهم بذكر العوض في قوله: اشتريت بكذا عند تقديم القبول على الايجاب.

و يمكن أن يراد من الفعل في قوله: و في القبول مفهوم من نفس الفعل: صيغة الماضي التي تأتي في الايجاب و القبول بقوله: اشتريت بكذا و بعت بكذا.

(3) اى و حين أن قلنا: إن لكل من البائع و المشتري إدخالا و إخراجا و إنشاءين: إنشاء تمليك، و إنشاء تملك.

(4) جواب عن سؤال تقديري

و خلاصة السؤال: أنه اذا ليس في كلمة اشتريت، أو ابتعت أو تملكت المتقدمة على الايجاب قبول فلما ذا اطلق عليها القبول؟ -

ص: 73

من حيث هو معنى (1) القبول.

لكنه (2) لما كان الغالب وقوعه عقيب الايجاب، و إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه اذا وقع عقيب نقله إليه يوجب تحقق المطاوعة و مفهوم

+++++++++++

- فالاطلاق هذا دليل على أن هذه الكلمات ينشأ بها القبول فياتي فيها ما يأتي في كلمة القبول: من أنها فرع الايجاب و مطاوع له فلا يعقل تقدمها على الايجاب، فكذلك هذه الألفاظ.

فاجاب الشيخ أن القابل بالألفاظ المذكورة في صورة تقديم القبول على الايجاب في الواقع ينشأ ملكية ماله للبائع إزاء ما ينشأه البائع له، ففي الحقيقة يكون إنشاء قبال إنشاء، فليس في حقيقة الاشتراء و ذاته و ماهيته و جوهره، و كذا بقية الألفاظ المذكورة معنى القبول اصلا حتى يأتي المحذور المذكور: و هو أن القبول فرع الايجاب و مطاوع له فكيف يعقل تقدمه عليه؟

(1) مرفوعة بالاعراب التقديري اسم لكلمة ليس خبرها قوله:

في حقيقة الاشتراء.

(2) هذا جواب عن اطلاق القول على الاشتراء و زميلاته

و خلاصته: أن الغالب في العقود المتداولة وقوع القبول عقيب الايجاب و إنشاء انتقال مال البائع و ملكه الى نفسه، فهذه الغالبية سببت تحقق مطاوعة القبول للايجاب و مفهوم القبول، فلذا اطلق القبول عليه.

و لكن فيما نحن فيه: و هو وقوع القبول بلفظ اشتريت و زميلاته لم يكن مؤخرا عن الايجاب حتى يتحقق مفهوم المطاوعة فيه ليتأخر، بل وقع متقدما عليه فلا يلزم المحذور المذكور: و هو كيف يعقل تقدمه على الايجاب، اذ هو فرعه.

ص: 74

القبول اطلق عليه القبول، و هذا المعنى (1) مفقود في الايجاب المتأخر لأن المشتري إنما ينقل ماله الى البائع بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا و البائع إنما ينشأ انتقال الثمن إليه كذلك (2) لا بمدلول الصيغة.

و قد (3) صرح في النهاية و المسالك على ما حكي بأن اشتريت ليس قبولا حقيقة و إنما هو بدل، و أن الاصل في القبول قبلت، لأن القبول في الحقيقة ما لا يمكن الابتداء به، و لفظ اشتريت يجوز الابتداء به.

و مرادهما (4) أنه بنفسه لا يكون قبولا فلا ينافي ما ذكرنا: من تحقق مفهوم القبول فيه اذا وقع عقيب تمليك البائع كما (5) أن رضيت بالبيع

+++++++++++

(1) و هو وقوع القبول عقيب الايجاب: اذا الايجاب قد تاخر كما عرفت آنفا، فلا يلزم المحذور المذكور اصلا.

(2) اى بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا عن الثمن و انتقاله الى المشتري.

(3) من هنا يروم الشيخ الاستدلال بكلمات الأعلام فيما ادعاه:

من أنه ليس في حقيقة الاشتراء و زميلاته معنى القبول اصلا اذا وقع القبول بها و تقدمت على الايجاب.

(4) اى و مراد صاحب النهاية و المسالك من قولهما: إن اشتريت ليس قبولا حقيقة لا ينافي قولنا في اشتريت: من أنه يتحقق مفهوم القبول فيه اذا وقع عقيب تمليك البائع، لأن ما افاده مطابق لما قلناه، حيث إننا قلنا:

إن لفظة اشتريت بما هو هو ليس فيه معنى القبول، لا اذا وقع عقيب تمليك البائع، فإنه اذا وقع عقيب ذلك فيه معنى القبول.

(5) تنظير لكون اشتريت بما هو هو ليس فيه معنى القبول إلا اذا وقع متأخرا.

ص: 75

ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع إلا إذا وقع متأخرا، و لذا (1) منعنا عن تقديمه، فكل (2) من رضيت و اشتريت بالنسبة الى افادة نقل المال و مطاوعة البيع عند التقدم و التأخر متعاكسان (3).

فإن قلت: إن الاجماع على اعتبار القبول في العقد يوجب تاخير قوله: اشتريت حتى يقع قبولا، لأن إنشاء مالكيته لمال الغير اذا وقع عقيب تمليك الغير له يتحقق فيه معنى الانتقال، و قبول الاثر فيكون اشتريت متأخرا، التزاما بالاثر عقيب إنشاء التأثير من البائع.

+++++++++++

(1) اى و لاجل أن رضيت بما هو هو مع قطع النظر عن وقوعه عقيب الايجاب ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع قلنا؛ لا يجوز تقديمه على الايجاب.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن رضيت ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع، و لذا منعنا عن تقدمه على الايجاب.

(3) خلاصته: أن لكل واحد من لفظة اشتريت و رضيت معنيين:

معنى مطابقي، و معنى التزامي فيتعاكسان في صورة تقدم كل واحد منهما على الايجاب، و في صورة تأخرهما عنه.

و معنى التعاكس: أن لفظة اشتريت بالمطابقة تدل على إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه اذا تأخر عن الايجاب، و بالالتزام يدل على القبول لو تأخر عنه.

و أما لفظة رضيت فبالالتزام تدل على إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه لو تأخر عن الايجاب، و بالمطابقة تدل على القبول لو تأخر عنه.

و هذا معنى التعاكس في اشتريت و رضيت في صورة تأخرهما عن الايجاب. -

ص: 76

بخلاف ما لو تقدم، فإن مجرد إنشاء المالكية لمال لا يوجب تحقق مفهوم القبول، كما (1) لو نوى تملك المباحات، أو اللقطة، (2) فإنه لا قبول فيه (3) راسا.

قلت: المسلم من الاجماع هو اعتبار القبول من المشتري بالمعنى الشامل للرضا بالايجاب.

و أما وجوب تحقق مفهوم القبول المتضمن للمطاعة، و قبول الاثر (4) فلا فقد تبين من جميع ذلك (5) أن إنشاء القبول لا بد أن يكون جامعا

+++++++++++

- و أما في صورة تقدم لفظة اشتريت على الايجاب فبالمطابقة تدل على الإنشاء، و ليس فيها معنى القبول اصلا حتى التزاما.

و أما في صورة تقدم لفظة رضيت على الايجاب فبالمطابقة تدل على القبول و ليس فيها معنى الإنشاء اصلا حتى التزاما.

و هذا معنى التعاكس في لفظة اشتريت و رضيت في صورة تقدمهما على الايجاب.

(1) تنظير لكون مجرد إنشاء المالكية لمال لا يوجب تحقق مفهوم القبول اى كما أن مجرد نية تملك المباحات لا يوجب ملكيتها، بل لا بد في صدق تملكها من حيازتها بتحجير ما حازه.

(2) فإن للقطة اذا كانت من المسكوكات و كانت أقل من درهم يجوز تملكها بشرط اخذها، لا بمجرد نية التملك.

(3) اى في اشتريت لو تقدم على الايجاب بمجرد إنشاء المالكية لمال

(4) اى فليس هناك اجماع، بل الاجماع قائم على اعتبار القبول من المشتري بالمعنى الشامل للرضا بالايجاب.

(5) اى ما نقلناه حول القبول اذا كان بلفظ اشتريت في صورة تقدمه على الايجاب.

ص: 77

لتضمن إنشاء النقل، و للرضا بانشاء البائع تقدم (1)، أو تأخر.

و لا يعتبر (2) إنشاء انفعال نقل البائع.

فقد تحصل مما ذكرناه (3) صحة تقديم القبول اذا كان بلفظ اشتريت، وفاقا لمن عرفت.

بل هو ظاهر اطلاق الشيخ في الخلاف، حيث إنه لم يتعرض الا للمنع عن الانعقاد بالاستيجاب و الايجاب.

و قد عرفت عدم الملازمة بين المنع عنه (4)؛ و المنع عن تقديم مثل اشتريت

و كذا السيد في الغنية، حيث اطلق اعتبار الايجاب و القبول (5)

و احترز (6) بذلك عن انعقاده بالمعاطاة، و بالاستيجاب و الايجاب

و كذا ظاهر اطلاق الحلبي في الكافي، حيث لم يذكر تقديم الايجاب من شروط الانعقاد.

+++++++++++

(1) اى تقدم القبول، أو تأخر.

(2) اى ليس في القبول إنشاء الانفعال الذي هو التأثر حتى لا يجوز تقدمه على الايجاب، بل فيه إنشاء النقل، و الرضا بإنشاء البائع.

(3) من أن القبول عبارة عن إنشاء النقل، و الرضا بإنشاء البائع و ليس فيه إنشاء انفعال نقل البائع.

(4) اى عن وقوع العقد بالاستيجاب و الايجاب.

(5) اى و لم يتعرض لعدم جواز تقديم القبول على الايجاب.

(6) اى السيد ابن زهرة احترز بقوله: يعتبر الايجاب و القبول في العقد عن انعقاده بالمعاطاة، فإنه لا يرى انعقاده بها، و لا بصورة الطلب كقولك: بعني فيقول البائع: بعتك.

ص: 78

و الحاصل (1) أن المصرح بذلك (2) فيما وجدت من القدماء الحلبي و ابن حمزة فمن التعجب بعد ذلك (3) حكاية الاجماع عن الخلاف (4) على تقديم الايجاب، مع أنه لم يزد على الاستدلال بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب: بأن (5) ما عداه مجمع على صحته، و ليس على صحته دليل.

و لعمري إن مثل هذا (6) مما يوهن الاعتماد على الاجماع المنقول

+++++++++++

(1) اى خلاصة ما ذكرناه حول القبول: من حيث جواز تقديمه اذا كان بلفظ اشتريت، أو عدم جوازه.

(2) اى بعدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ اشتريت.

(3) اى بعد تصريح هذين العلمين من فقهاء الامامية فقط بعدم جواز التقديم كيف يدعي شيخ الطائفة الاجماع على عدم جواز التقديم و أنه يلزم تقديم الايجاب عليه؟

(4) اى مع أن شيخ الطائفة لم يكثر على استدلاله على عدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد بقوله: ما عداه مجمع على صحته اى ما عدا الاستيجاب و الايجاب، و ليس على صحته دليل اى على صحة الاستيجاب و الايجاب.

(5) الباء بيان لكيفية الاستدلال على عدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد و قد عرفتها آنفا.

(6) هذه اليمين من (الشيخ الأنصاري) اى قسما بحياتي التي هي أعز الأشياء و أنفسها عند الانسان: إن مثل هذه الاجماعات المدعاة التي ترى المخالف في مسألة اثنين مما لا وقع لها، لأنه كيف يصح نقل الاجماع في مسألة مع أن الذاهبين إليها اثنان.

ص: 79

و قد نبهنا على أمثال ذلك في مواردها (1)

نعم (2) يشكل الامر: بأن المعهود المتعارف من الصيغة تقديم الايجاب و لا فرق بين المتعارف هنا و بينه في المسألة الآتية: و هو الوصل بين الايجاب و القبول (3)

فالحكم (4) لا يخلو عن شوب الاشكال.

+++++++++++

(1) راجع (فرائد الاصول: الرسائل لشيخنا الأعظم الأنصاري) مبحث الاجماع، فإنك تجد هناك لئالي منتثرة.

(2) استدراك عما افاده: من جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ اشتريت، و أنه لا مانع بذلك، و لا يلزم محذور اصلا و ابدا

و خلاصته: أن المتعارف في عرف المتشرعة، و المتداول فيما بينهم هو تقديم الايجاب على القبول فكيف يصح القول بتقديمه عليه، و رفع اليد عن هذا المتعارف، و انخرام القاعدة العرفية الشرعية؟

(3) فإن حكم العرف واحد في مسألة تقديم الايجاب على القبول و المسألة الآتية التي هو لزوم الوصل بين القبول و الايجاب.

فكما أن حكمه في هذه المسألة قاض كذلك حكمه في مسألة تقديم الايجاب على القبول ماض و قاض.

(4) و هو جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ اشتريت، من هنا يروم الشيخ أن يحتاط في جواز تقديم القبول على الايجاب و يكف عن ذلك و إن كان بلفظ اشتريت.

و هو الحق في المقام، فإنه لا يصح تقديم القبول على الايجاب مطلقا سواء أ كان بلفظ اشتريت أم بلفظ آخر في جميع العقود، لأن العقد مركب من شيئين هما ركنان ركينان في تحققه في الخارج، اذ بدونهما لا يتحقق مفهومه خارجا. -

ص: 80

ثم إن ما ذكرنا (1) جار في كل قبول يؤدي بإنشاء مستقل كالاجارة التي يؤدي قبولها بلفظ تملكت منك منفعة كذا، أو ملكت

و النكاح الذي يؤدي قبولها بلفظ نكحت و تزوجت.

و أما ما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت، أو ما يتضمنه (2) كارتهنت فقد يقال: بجواز تقديم القبول فيه، اذ لا التزام في قبوله لشيء كما كان في قبول البيع التزام بنقل ماله الى البائع، بل لا ينشئ به (3) معنى

+++++++++++

- و الشيئان هما: الايجاب و القبول

و بهذا يفرق بين العقد و الايقاع، لأن الإيقاع صادر عن واحد و العقد عن اثنين يكون متقوما بالقبول اى مطاوعة فعل الايجاب، و تسلم ما فعله الموجب.

فالتفاوت بينهما ذاتي جوهري

و هذا المعنى لا يفرق بين أن يكون القبول بلفظ اشتريت، أو بلفظ قبلت، لأن اشتريت متضمن لشيئين: كلفظ قبلت.

(احدهما): مطاوعة ما انشأه البائع بقوله: بعتك داري بالف دينار مثلا.

(ثانيهما): إنشاء القابل ما عنده للبائع؛ و تمليكه له فبتحقق هذين يتحقق العقد في الخارج: بحيث لولاهما لما تحقق.

(1) من أن اشتريت فيه إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه عوضا عما ينقله الى البائع فيجوز تقديمه على الايجاب.

كذلك كل قبول يوجد فيه هذا المعنى فيصح تقديمه على ايجابه.

و قد مثل له الشيخ بقوله: كالاجارة و النكاح.

(2) أى يتضمن القبول.

(3) اى بالرهن، أو بما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت.

ص: 81

غير الرضا بفعل الموجب.

و قد تقدم (1) أن الرضا يجوز تعلقه بامر مترقب كما يجوز تعلقه بامر محقق، فيجوز أن يقول: رضيت برهنك هذا عندي فيقول: رهنت و التحقيق (2) عدم الجواز، لأن اعتبار القبول فيه من جهة تحقق عنوان المرتهن.

و لا يخفى أنه لا يصدق الارتهان على قبول الشخص إلا بعد تحقق الرهن؛ لأن الايجاب (3) إنشاء للفعل، و القبول (4) إنشاء للانفعال

و كذا (5) القول في الهبة و القرض، فإنه لا يحصل من إنشاء القول فيهما التزام بشيء، و إنما يحصل (6) به الرضا بفعل الموجب، و نحوهما (7)

+++++++++++

(1) اى في ص عند قوله: إن الرضا بشيء لا يستلزم تحققه قبله فقد يرضى الانسان بالامر المستقبل.

(2) هذا رأي الشيخ في الموضوع، فإنه يقول بعدم جواز تقديم القبول في الرهن على الايجاب، لأن القبول إنما يتحقق في الخارج بعد تحقق عنوان المرتهن، فاذا تحقق هذا تحقق ذلك.

فكيف يمكن تقدم القبول فيه على الايجاب؟

(3) و هو قول الراهن: رهنت داري عندك، فإن هذا إنشاء للفعل الذي هو الرهن.

(4) و هو قول المرتهن: قبلت الرهن، فإن هذا إنشاء للانفعال الذي هو التأثر: و هو قبول الرهن.

(5) اى و كذا لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في الهبة و القرض

(6) أى بالقبول يحصل الرضا يفعل الموجب فقط و هو قول المقرض:

اقرضتك، و قول الواهب: وهبتك.

(7) اى و نحو القرض و الهبة في عدم جواز تقديم القبول على الايجاب

ص: 82

قبول المصالحة المتضمنة للإسقاط، أو التمليك (1) بغير عوض.

و أما المصالحة المشتملة على المعاوضة (2) فلما كان ابتداء الالتزام بها جائزا من الطرفين، و كانت نسبتها إليهما على وجه سواء، و ليس الالتزام الحاصل من احدهما امرا مغايرا للالتزام الحاصل من الآخر: كان البادي منهما موجبا لصدق الموجب عليه لغة (3) و عرفا.

ثم لما انعقد الاجماع على توقف العقد على القبول لزم أن يكون الالتزام الحاصل من الآخر بلفظ القبول، اذ لو قال أيضا: صالحتك كان

+++++++++++

المصالحة على إسقاط حقه في قوله: صالحتك على إسقاط حقي، فإن القبول في مثل هذه المصالحة لا يتحقق إلا بعد تحقق فعل الموجب: و هو

قول القائل: صالحتك على إسقاط حقي.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للإسقاط اى أو المصالحة المتضمنة للتمليك بلا عوض كما في قولك: صالحتك على تمليك داري لك بلا عوض، فإنه لا يجوز فيه تقديم القبول، لعين ما ذكر في المصالحة على الإسقاط.

(2) كما في قولك: صالحتك على تمليك داري لك بالف دينار.

و قد ذكر الشيخ كيفية هذه المصالحة: من حيث الايجاب و القبول في المتن فلا نعيده.

(3) حيث إن الايجاب في اللغة ما يوجد المعاملة في العقد، و هنا لما كان البادي من المتصالحين يوجد الصلح على شيء يقال له: الموجب.

هذا في اللغة.

و أما في العرف فكذلك، حيث إن المتقدم عند العرف هو الموجب

ص: 83

ايجابا آخر فيلزم تركيب العقد من ايجابين (1)

و تحقق من جميع ذلك: أن تقديم القبول في الصلح أيضا غير جائز اذ لا قبول فيه بغير لفظ قبلت و رضيت (2)

و قد عرفت (3) أن قبلت و رضيت مع التقديم لا يدل على إنشاء لنقل العوض في الحال.

فتلخص مما ذكرنا أن القبول في العقود على أقسام (4) لأنه إما أن يكون التزاما بشيء من القابل كنقل مال عنه، أو زوجية؛ و إما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب.

و الاول (5) على قسمين، لأن الالتزام الحاصل من القابل إما أن يكون (6) نظير الالتزام الحاصل من الموجب كالمصالحة، أو متغايرا (7) كالاشتراء.

+++++++++++

(1) فيلزم خلو العقد حينئذ من القبول من كل منهما

(2) و لا شك أن كلمتي قبلت و رضيت لا بد أن تكونا مسبوقتين بشيء قبلهما تعبران عن رضا بذلك الشيء، فيلزم حينئذ أن يكون القبول فرع الايجاب و مطاوعا له، فلا يعقل تقدمه على الايجاب.

(3) في ص 59 عند قوله: بل المراد منه الرضا بالايجاب على وجه يتضمن إنشاء نقل ماله في الحال الى الموجب.

(4) اى أربعة نشير إليها.

(5) و هو كون القبول التزاما بشيء من القابل، و قد اشار إليه بقوله: لأنه إما أن يكون التزاما بشيء من القابل

(6) هذا هو القسم الاول، و المراد من المصالحة هي المصالحة على شيء من الطرفين كما تقدم في ص 83 عند قوله: و أما المصالحة المشتملة على المعاوضة

(7) هذا هو القسم الثاني، فإن الاشتراء و إن كان فيه التزام -

ص: 84

و الثاني (1) أيضا على قسمين، لأنه إما (2) أن يعتبر فيه عنوان المطاوعة كالارتهان و الاتهاب و الاقتراض (3)

و إما (4) أن لا يثبت فيه اعتبار أزيد من الرضا بالايجاب كالوكالة و العارية (5)، و شبههما (6)

+++++++++++

- لكن الالتزام فيه مغاير للالتزام من الموجب: اذ الموجب بايع، و القابل مشتر و المعاملة بيع و شراء.

(1) و هو القبول الذي ليس فيه سوى الرضا بالايجاب فقط، و لا يكون فيه التزام بشيء ابدا. و قد اشار إليه بقوله في ص 84: و إما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب.

(2) هذا هو القسم الثالث.

(3) فإن هذه العقود معتبر فيها عنوان المطاوعة فلا يصح تقديم قبولها على ايجابها.

(4) هذا هو القسم الرابع.

(5) فإنهما بمجرد الرضا الصادر من الوكيل و المستعير يتم العقد فيؤثر اثره: و هو جواز تصرف الوكيل فيما و كل فيه، و المستعير فيما استعاره من غير احتياجهما الى شيء آخر كإنشاء نقل مال منهما الى الموكل و المعير كما كان هذا الانشاء موجودا في القابل في معاملة البيع و الشراء.

(6) كالمضاربة، فإنها بمجرد الرضا من العامل يتم العقد فيؤثر اثره فينصرف العامل فيما اعطاه المضارب و عين له في كيفية التصرف فيكون للضارب من الأرباح ما تقرر بينهما: من الثلث، أو النصف، أو الربع

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 من ص 211-225 فنجد هناك شرحا وافيا حول المضاربة.

ص: 85

فتقديم القبول على الايجاب لا يكون إلا فى القسم الثاني (1) من كل من القسمين.

ثم إن مغايرة الالتزام في قبول البيع لالتزام ايجابه اعتبار عرفي.

فكل من التزم بنقل ماله على وجه العوضية لمال آخر يسمى مشتريا و كل من نقل ماله على أن يكون عوضه مالا من آخر يسمى بايعا.

و بعبارة اخرى كل من ملّك ماله غيره بعوض فهو البائع، و كل من ملك مال غيره بعوض ماله فهو المشتري، و إلا فكل منهما في الحقيقة يملك ماله غيره بإزاء مال غيره، و يملك مال غيره ازاء ماله.

من جملة شروط العقد الموالاة بين ايجابه و قبوله

و من جملة شروط العقد الموالاة (2) بين ايجابه و قبوله ذكره الشيخ في المبسوط في باب الخلع، ثم العلامة و الشهيدان و المحقق الثاني، و الشيخ المقداد

+++++++++++

(1) و هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 7 ص 84، و القسم الرابع المشار إليه في الهامش 4 ص 85، فإن في تقديم القبول على الايجاب فيهما لا يلزم محذورا لعدم اعتبار عنوان المطاوعة فيهما.

(2) مصدر باب المفاعلة من والى يوالي، معناه هنا المتابعة من دون فصل مخل: بحيث يقال: إن هذا القبول للايجاب المتقدم.

يقال: و الى فلان فلانا اى تابعه.

و المولى يكون بمعنى المتبوع، و يأتي بمعنى الاولى، و بهذا المعنى قال صلى اللّه عليه و آله و سلم في (غدير خم): من كنت مولاه فعلي مولاه إشارة الى قوله تعالى: اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

الأحزاب: الآية 6

فكل ما كان للرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم: من الأولوية في أنفس الناس يكون لعلي امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام من دون فرق بينهما في بهذه الأولوية.

ص: 86

قال الشهيد في قواعده: الموالاة معتبرة في العقد، و نحوه (1)

و هي (2) مأخوذة من اعتبار الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه.

و قال بعض العامة: لا يضر قول الزوج بعد الايجاب (3) الحمد للّه و الصلاة على رسول اللّه: قبلت نكاحها

و منه (4): الفورية في استتابة المرتد فيعتبر في الحال.

+++++++++++

(1) كالموالاة في أجزاء الصلاة و أركانها، و أفعال الغسل، و أفعال الوضوء: من الغسلتين و المسحتين.

(2) اى الموالاة في العقد و اعتبارها فيه قد اخذت من اعتبار الاتصال بين الاستثناء و المستثنى منه في قولك: جاءني القوم إلا زيدا فكما أنه لا بد من الاتصال هنا من دون فصل طويل مخل.

كذلك لا بد من الاتصال بين الايجاب و القبول في عقد النكاح و لا يفصل بينهما، لا بزمان، و لا بكلام.

ثم لا يخفى أن الظاهر من قول الشهيد: و هي مأخوذة من اعتبار الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه: أن حكم العقد في الاتصال بين الايجاب و القبول قد اخذ من لزوم الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه فيكون قياسا بحكمهما.

فكيف يمكن حينئذ أن يؤخذ حكم شرعي من حكم ادبي عربي؟

بالإضافة الى أن ثبوت الحكم في المقيس عليه محل إشكال و نظر

(3) أي بعد ايجاب الزوجة بقولها: زوجت نفسي لك، بالمبلغ المعلوم، أو بقول وكيلها: زوجت نفس موكلتي لك بالمبلغ المعلوم.

(4) اى و من الموالاة، و التذكير باعتبار أن الموالاة مصدر. -

ص: 87

و قيل: الى ثلاثة أيام

و منه (1): السكوت في أثناء الاذان، فإن كان كثيرا بطله

و منه (2): السكوت الطويل في أثناء القراءة، أو قراءة غيرها

و كذا (3): التشهد

و منه (4): تحريم المامومين في الجمعة قبل الركوع، فإن تعمدوا أو نسوا حتى ركع فلا جمعة.

و اعتبر بعض العامة تحريمهم (5) معه قبل الفاتحة

و منه (6): الموالاة في التعريف (7) بحيث لا ينسى أنه تكرار، و الموالاة

+++++++++++

- و معنى الفورية في استتابة المرتد: أنه بعد أن استتب المرتد يجب عليه فورا التوبة، فإن لم يتب فورا قتل، خلافا لمن قال بعدم وجوب قتله إن لم يتب فورا، بل يمهل الى ثلاثة أيام ثم يقتل.

(1) اى و من المولاة: السكوت الطويل المخل.

(2) اى و من الموالاة: السكوت الطويل المخل في قراءة فاتحة الكتاب أو السورة، بناء على وجوبها في الصلاة.

(3) اى و كذا يجب الموالاة: بين أجزاء التشهد، و بين التشهد و بقية أفعال الصلاة المجاورة للتشهد.

(4) اى و من الموالاة

(5) اى تحريم المأمومين مع الامام

(6) اى و من الموالاة.

(7) اى تعريف الضالة، و اللقطة، فإنه يجب التعريف عنهما حولا كاملا مرتبا مواليا للدفعات: بحيث يعد التعريف البعدي تكملة للتعريف الاول، و هكذا

ص: 88

في سنة التعريف، فلو رجع (1) في أثناء المدة استونفت، ليتوالى. انتهى

أقول: حاصله أن الامر المتدرج شيئا فشيئا اذا كان له صورة اتصالية في العرف فلا بد في ترتب الحكم المعلق عليه في الشرع من اعتبار صورته الاتصالية.

فالعقد المركب من الايجاب و القبول القائم بنفس المتعاقدين بمنزلة كلام واحد مرتبط بعضه ببعض فيقدح تخلل الفصل المخل بهيئته الاتصالية

و لذا (2) لا يصدق المعاقدة اذا كان الفصل مفرطا في الطول كسنة أو ازيد (3)

و انضباط (4) ذلك إنما يكون بالعرف، فهو (5) في كل امر بحسبه فيجوز الفصل بين كل من الايجاب و القبول بما لا يجوز بين كلمات كل واحد منهما، و يجوز بين الكلمات الفصل بما لا يجوز بين الحروف كما في الاذان و القراءة (6)

+++++++++++

(1) بأن لم يعرف حولا كاملا، أو أخل بالموالاة

(2) اى و لاجل أن العقد بمنزلة كلام واحد.

(3) لا يخفى أن الفصل هكذا بين الايجاب و القبول لا يصدق عليه العقد اصلا، و لا يساعد عليه العرف، و لا يعترف به

(4) اى القاعدة الكلية في حصول الموالاة، و عدمه فيما له هيئة اتصالية هو نظر العرف، فإن بعض العرف يرى هذا موالاة، و لا يرى ذلك موالاة.

(5) اى الموالاة.

(6) فإنه يجوز الفصل بين حي على خير العمل الاول و الثاني بمقدار لا يصدق الفصل الطويل المخل، لأن دائرة الموالاة أوسع هنا من دائرة

ص: 89

و ما ذكره (1) حسن لو كان حكم الملك و اللزوم في المعاملة منوطا بصدق العقد عرفا كما هو مقتضى التمسك بآية الوفاء بالعقود، و بإطلاق كلمات الأصحاب في اعتبار العقد في اللزوم، بل الملك.

أما لو كان (2) منوطا بصدق البيع، أو التجارة عن تراض فلا يضره عدم صدق العقد (3)

و أما جعل الماخذ (4) في ذلك اعتبار الاتصال بين الاستثناء و المستثنى منه، فلأنه (5) منشأ الانتقال الى هذه القاعدة، فإن اكثر الكليات انما يلتفت إليها من التأمل في مورد خاص (6)

+++++++++++

الفصل بين كلمات الفصول.

و كذلك دائرة الموالاة بين كلمات الفصول أوسع من دائرة الموالاة بين حروف الكلمات، و هكذا دائرة بقية فصول الاذان.

(1) هذا رأي الشيخ حول ما افاده الشهيد الاول.

(2) اى العقد

(3) اى عرفا

(4) اى جعل الدليل في وجوب الموالاة.

(5) اى وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه هو المنشأ للقول بوجوب الموالاة بين الايجاب و القبول في العقود.

(6) فإنه اذا انتقل ذهننا الى وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه انتقل أيضا الى وجوب الموالاة بين القبول و الايجاب و أجزائهما.

و هكذا في غيرهما.

و لا يخفى صحة هذه الكلية في الموارد الادبية و اللغة و النحو و الصرف فإنه يكون بمثابة الاستقراء، إما تاما، أو ناقصا. -

ص: 90

و قد صرح (1) في القواعد مكررا بكون الاصل في هذه القاعدة كذا

و يحتمل بعيدا أن يكون الوجه فيه (2): أن الاستثناء أشد ربطا بالمستثنى منه

+++++++++++

- و أما في الأمور الشرعية التي نقول بتوقيفيتها فلا نقبل ذلك من الشيخ في توجيه كلام شيخنا الشهيد.

اللهم إلا أن يقال بثبوت ذلك في اللغة العربية على نحو الاستقراء التام فمن هنا نستكشف أن الشارع اراد ذلك في العقود اذا قيل بوجوب العربية فيها بالمعنى الأخص.

(1) هذا تأييد من الشيخ بكلام العلامة لما وجهه من كلام الشهيد فيما افاده: من أن المأخذ في وجوب الموالاة هو وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه اى صرح العلامة في القواعد اكثر من مرة فى مجالات متعددة أن الاساس لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة: من الأقوال و الأفعال:

هو وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه، فإن هذا الاتصال صار منشأ لوجوب الموالاة في تلك الأشياء فجعل اصلا و اساسا له.

(2) اى في كون وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه صار اساسا لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة.

و خلاصة الاحتمال: أن الاستثناء يكون أشد ربطا و اتصالا بالمستثنى منه من بقية اللواحق التى هي الأشياء المترابطة المذكورة: من الأقوال و الأفعال كالمفعول بالنسبة الى الفعل، و الحال بالنسبة الى ذي الحال، و المضاف بالنسبة الى المضاف إليه، لأن الاستثناء لو لم يذكر لبقي المستثنى منه على كذبه، فإن القائل لما يقول: جاءني القوم توجهت نحو هذا الكلام صفة الكذب، حيث إن مجيء القوم امر مستغرب فلما قال: إلا زيدا خرج الكلام عن تلك الصفة و دخل في الصدق، فيكون ذكر الاستثناء لازما واجبا.

ص: 91

من سائر اللواحق، لخروج المستثنى منه معه (1) عن حد الكذب الى الصدق فصدقه (2) يتوقف عليه، فلذا (3) كان طول الفصل هناك أقبح فصار (4) اصلا في اعتبار الموالاة بين أجزاء الكلام، ثم تعدي منه (5) الى سائر

+++++++++++

بخلاف تلك اللواحق، فإنها لو لم تذكر لم يتوجه محذور نحوها

فهذه المناسبة صارت سببا لأن يكون وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه اساسا لبقية اللواحق.

(1) اى مع الاستثناء كما عرفت آنفا.

(2) اى صدق المستثنى منه متوقف على ذكر الاستثناء حتى يخرج المستثنى منه عن صفة الكذب كما عرفت آنفا.

(3) اى فلاجل هذا التوقف يكون طول الفصل بين المستثنى و المستثنى منه أقبح من طول الفصل بين غيرهما: من الامور المترابطة التي ذكرناها لك، لأنه لو لم يذكر الاستثناء لبقي المستثنى منه على كذبه و هو قبيح.

(4) اي قبح الفصل الطويل بين المستثنى منه و الاستثناء اصبح قاعدة كلية و اساسا لاعتبار الموالاة بين أجزاء الكلام كالايجاب و القبول في العقود فإنه لا يصح الفصل الطويل بين القبول و الايجاب.

(5) اى و من قبح الفصل الطويل بين المستثنى و المستثنى منه تعدّ العلماء و قالوا بقبح الفصل الطويل في جميع الامور المترابطة.

و الارتباط على قسمين: لفظي كما في ارتباط المفعول مع الفعل و الحال مع ذي الحال، و المضاف مع المضاف إليه.

و معنوي كما في ارتباط السورة مع الحمد، و ارتباط أفعال الصلاة و الوضوء، و الغسل بعضها مع بعض، فإنه يجب الموالاة في اللفظي و المعنوي

و قد اشار الشيخ الى القسمين بقوله في ص 93: لفظا، أو معنى. -

ص: 92

الأمور المرتبطة بالكلام لفظا، أو معنى، أو من حيث صدق عنوان خاص عليه (1)، لكونه عقدا، أو قراءة (2)، أو اذانا (3)، و نحو ذلك (4)

ثم في تطبيق بعضها (5)

+++++++++++

- و كلمتا لفظا أو معنى منصوبتان على التميز لقوله: الامور المرتبطة اى تكون الامور مرتبطة من حيث اللفظ، أو من حيث المعنى كما مثلنا لهما بقولنا آنفا: كما في ارتباط المفعول مع الفعل، و كما في ارتباط السورة مع الحمد.

(1) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كما لو وقع الكلام عقدا، فإن الارتباط بين القبول و الايجاب لاجل صدق عنوان العقدية على هذا الكلام المشتمل على الايجاب و لقبول فيجب الموالاة بينهما.

(2) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كما لو وقع الكلام قراءة كما في الصلاة، فإن الارتباط بين كلمات القراءة لأجل صدق عنوان القراءة عليها: بحيث لولاه لما كان الارتباط واجبا فوجوب الموالاة لاجل هذا.

(3) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كوقوعه اذانا، فإن الارتباط بين فصوله لاجل صدق عنوان الاذانية على هذا الكلام: بحيث لولاه لما وجب الارتباط.

(4) كما في الاقامة، فإن وجوب الموالاة فيه لاجل صدق عنوان الإقامية للصلاة: بحيث لولاه لما وجب الموالاة.

(5) اى في تطبيق بعض ما افاده الشهيد الاول

من هنا يريد الشيخ أن يورد على بعض ما أفاده: من وجوب -

ص: 93

على ما ذكره (1) خفاء كمسألة توبة المرتد، فإن غاية ما يمكن أن يقال في توجيهها (2): إن المطلوب في الاسلام الاستمرار فاذا انقطع فلا بد من اعادته في أقرب الأوقات (3)

و أما مسألة الجمعة (4) فلأن هيئة الاجتماع في جميع أحوال الصلاة:

من القيام و الركوع و السجود مطلوبة فيقدح الاخلال بها.

+++++++++++

- الموالاة في الموارد التي ذكرها الشيخ عنه بقوله: و منه الفورية في استتابة المرتد، و منه السكوت في أثناء الاذان، و منه السكوت في اثناء القراءة، و منه تحريم المأمومين مع الامام، و منه الموالاة في التعريف.

فقال: إن وجوب الموالاة في مسألة فورية التوبة في المرتد خفي.

وجه الخفاء: أن العلة في وجوب الموالاة بين المستثنى و المستثنى منه هو رفع الكذب عن المستثنى منه لو لا الاتيان بالاستثناء.

و من الواضح عدم وجود العلة المذكورة في وجوب التوبة فورا بعد الاستتابة حتى يجب الموالاة، بل وجوب الموالاة جاء من الدليل الخارجي

و هكذا وجوب الموالاة في تعريف الضالة و اللقطة ليس من ناحية العلة المذكورة في الاستثناء.

(1) اى الشهيد الاول و نقله عنه الشيخ في ص 87 بقوله: و منه الفورية.

(2) اى توجيه فورية التوبة.

(3) و إعادة الاستمرار في أقرب الأوقات يكفي في فورية التوبة.

(4) و هي فورية التحريم للمأمومين مع الامام.

من هنا يريد الشيخ أن يوجه هذه الفورية و خلاصته: أن الهيئة الاجتماعية من المأمومين و الامام في صلاة الجمعة مطلوبة، فلو اخل بهذه -

ص: 94

و للتأمل في هذه الفروع (1)، و في صحة تفريعها على الاصل المذكور (2) مجال.

ثم إن المعيار (3) في الموالاة موكول الى العرف كما في الصلاة و القراءة و الاذان (4) و نحوها (5)

و يظهر من رواية سهل الساعدي المتقدمة (6) في مسألة تقديم القبول جواز الفصل بين الايجاب و القبول بكلام طويل اجنبي، بناء على ما فهمه الجماعة من أن القبول فيها قول ذلك الصحابي زوجنيها، و الايجاب قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم بعد فصل طويل: زوجتكها بما معك من القرآن

+++++++++++

- الصفة المطلوبة: بأن لم ينو الماموم مع الامام قبل الركوع عمدا، أو نسيانا فقد اختلت الهيئة المطلوبة.

(1) و هي التي ذكرها الشيخ عن الشهيد بقوله: و منه الفورية في استتابة المرتد الى آخر ما ذكرناه في الهامش 5 ص 93-94

(2) و هو وجوب الاتصال بين المستثنى المستثنى منه.

(3) اى الميزان في وجوب الموالاة بعد التسليم به هو رأي العرف فيه، فإن العرف قد يتسامح في بعضها ما لا يتسامح في بعضها الآخر.

فليس في وجوب الموالاة قاعدة كلية، و كبرى مسلمة تنطبق على صغرياتها و أفرادها.

(4) هذه أمثلة لكون العرف هو الحاكم في وجوب الموالاة في أجزائها و فصولها، و أن الفصل الطويل مخل للاتصال المطلوب فيها.

(5) اى و نحو الصلاة و القراءة و الاذان مما يتطلب فيه الاتصال بنظر العرف.

(6) في ص 56

ص: 95

و لعل هذا موهن (1) آخر للرواية فافهم. (2)

من جملة الشرائط التي ذكرها جماعة: التنجيز في العقد:

و من جملة الشرائط (3) التي ذكرها جماعة: التنجيز (4) في العقد:

بأن لا يكون معلقا على شيء بأداة الشرط: بأن يقصد المتعاقدان انعقاد المعاملة في صورة وجود ذلك (5) الشيء، لا في غيرها (6)

و ممن صرح بذلك (7) الشيخ و الحلي و العلامة، و جميع من تاخر عنه كالشهيدين و المحقق الثاني و غيرهم قدس اللّه أرواحهم.

و عن فخر الدين في شرح الارشاد في باب الوكالة أن تعلق الوكالة على الشرط لا يصح عند الامامية.

و كذا غيره من العقود لازمة كانت أو جائزة.

و عن تمهيد القواعد دعوى الاجماع عليه، و ظاهر المسالك في مسألة اشتراط التنجيز في الوقف الاتفاق عليه، و الظاهر عدم الخلاف (8) فيه كما اعترف به غير واحد و إن لم يتعرض الاكثر في هذا (9) المقام

+++++++++++

(1) اذ الموهن الاول هو كون القبول بلفظ الامر مع أن الماضوية معتبرة في العقود.

(2) لعله اشارة الى أن الرواية قويت بعمل الأصحاب و إن كانت قاصرة سندا و دلالة، فلا يكون الفصل الطويل موهنا للرواية.

(3) اى شروط العقد.

(4) مصدر باب التفعيل، معناه التعجيل يقال: نجزّ الامر أى عجّله

(5) كقولك: بعتك داري بالف دينار اذا رضيت، أو إذا شئت

(6) اى لا في غير وجود ذلك الشرط.

(7) اى بالتنجيز في العقد.

(8) اى في كون التنجيز شرطا في العقد.

(9) اى مقام تنجيز العقد، و أنه شرط فيه.

ص: 96

و يدل عليه (1) فحوى فتاويهم، و معاقد الاجماعات في اشتراط التنجيز في الوكالة مع كونه من العقود الجائزة التي يكفي فيها كل ما دل على الاذن، حتى أن العلامة ادعى الاجماع على ما حكي عنه على عدم صحة أن يقول الموكل: انت وكيلى في يوم الجمعة أن تبيع عبدي (2)

و على صحة قوله: انت وكيلي و لا تبع عبدي إلا في يوم الجمعة (3)، مع كون المقصود واحدا

و فرق بينهما (4) جماعة بعد الاعتراف بأن هذا (5) في معنى التعليق:

بأن (6) العقود لما كانت متلقاة من الشارع انيطت بهذه الضوابط، و بطلت فيما خرج عنها و إن افادت فائدتها فاذا كان الامر كذلك عندهم في الوكالة (7) فكيف الحال في البيع؟

+++++++++++

(1) اى على أن التنجيز شرط في العقد.

(2) وجه عدم الصحة: أن الوكالة هنا قد علقت على الشرط و هو يوم الجمعة و هو لا يجوز، لكون التنجيز شرطا في العقد.

(3) وجه الصحة: أن الوكالة منجزة من حين العقد و إن كان العبد يباع في يوم الجمعة، فليس هنا تعليق في نفس العقد.

(4) اى بين العبارتين في الوكالة: و هما: انت وكيلي في يوم الجمعة أن تبيع عبدي. و انت وكيلي و لا تبع عبدي إلا في يوم الجمعة.

(5) و هو قوله: انت وكيلي في يوم الجمعة أن تبيع عبدي.

(6) الباء بيان لكيفية التفريق بين العبارتين في الوكالة.

و خلاصتها: أن العقود و الايقاعات متلقاة من الشارع فاذا كانت كذلك فتكون متوقفة على هذه الضوابط و القواعد: من التنجيز و الموالاة و الماضوية و غيرها: من شرائط المتعاقدين و العوضين و لا يجوز التعدي عنها

(7) التي لا يجوز التعليق فيها، بل لا بد من التنجيز.

ص: 97

و بالجملة فلا شبهة في اتفاقهم على الحكم (1)

و أما الكلام في وجه الاشتراط (2) فالذي صرح به العلامة في التذكرة أنه (3) مناف للجزم حال الإنشاء، بل جعل الشرط هو الجزم (4) ثم فرع عليه عدم جواز التعليق.

قال: الخامس من الشروط الجزم، فلو علق العقد على شرط لم يصح (5) و إن كان الشرط المشية (6)، للجهل بثبوتها (7) حال العقد، و بقائها (8) مدته

+++++++++++

(1) و هو التنجيز و عدم جواز التعليق.

(2) و هو اشتراط التنجيز في الايجاب و القبول

(3) اى التعليق على شيء كمجيء زيد مثلا.

(4) اى و لم يقل العلامة: إن من جملة الشروط التنجيز، بل قال:

إن من جملة الشروط الجزم.

(5) اى العقد لم يقع صحيحا، بل يكون باطلا.

(6) بأن قال: بعتك داري بالف دينار ان شئت.

(7) اي بثبوت مشية الطرف الآخر، حيث لا يعلم أن الطرف الآخر اراد الشراء حال العقد إن كان مشتريا أو البيع إن كان بايعا.

(إن قلت): إن الإنسان حال العقد إما مقدم على الشراء، أو البيع فكيف لا يعلم بذلك لو علق العقد على مشيئة المشتري؟

(قلنا): إنه يشترط استمرار ذلك الى تمام العقد و الحال أنه لا يعلم الاستمرار.

(8) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) اى و للجهل ببقاء المشيئة الى انتهاء العقد.

و أما التعليق على مشيئة اللّه عز و جل فإن كان على وجه التيمن و التبرك فلا إشكال في اتيانها. -

ص: 98

و هو احد (1) قولي الشافعي، و أظهرهما عندهم الصحة (2)، لأن هذه (3) صفة يقتضيها اطلاق العقد، لأنه لو لم يشأ لم يشتر. انتهى (4)

و تبعه (5) على ذلك الشهيد رحمه اللّه في قواعده.

قال: لأن الانتقال (6) بحكم الرضا و لا رضا إلا مع الجزم و الجزم ينافي التعليق. انتهى.

و مقتضى ذلك (7): أن المعتبر هو عدم التعليق على امر مجهول الحصول (8)

+++++++++++

- و أما اذا كان على نحو التعليق الحقيقي فلا يصح التعليق بمشية اللّه عز و جل

(1) اى اشتراط التنجيز في العقد.

(2) اى صحة العقد لو علق على إشاءة الطرف الآخر.

(3) اى صحة العقد لو علق على الإشاءة صفة من مقتضيات اطلاق العقد فإن العقد مطلق لم يقيد بجواز التعليق و عدمه، فبهذا الاطلاق نتمسك على صحة العقد لو علق على المشية.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 5

(5) اي و تبع الشهيد الاول العلامة فيما افاده: من عدم جواز التعليق على المشية.

(6) اى انتقال المثمن الى المشتري، و الثمن الى البائع متفرع على الرضا من الطرفين، فاذا علق على المشية يكون إحراز الرضا مشكوكا.

فكيف ينتقل المثمن الى المشتري، و الثمن الى البائع؟

(7) اي مفهوم كلام الشهيد الاول.

(8) فيكون مفهوم كلام الشهيد الاول: أن العقد لو علق على شيء محقق الحصول صح ذلك كقولك: بعتك داري بالف دينار إن كانت الشمس طالعة، و لا شك أن الشمس تكون طالعة لا محالة، كما تأتي الاشارة إليه.

ص: 99

كما صرح به (1) المحقق في باب الطلاق.

و ذكر المحقق و الشهيد الثانيان في الجامع و المسالك في مسألة إن كان لي فقد بعته: أن التعليق إنا ينافي الإنشاء في العقود و الايقاعات، حيث يكون المعلق عليه مجهول الحصول (2)

لكن الشهيد في قواعده ذكر في الكلام المتقدم (3) أن الجزم ينافي التعليق، لأنه (4) بعرضة عدم الحصول و لو (5) قدر العلم بحصوله كالتعليق على الوصف، لأن الاعتبار بجنس الشرط (6)، دون أنواعه (7) فاعتبر (8)

+++++++++++

(1) اى بعدم جواز التعليق في العقد على امر مجهول الحصول

(2) فمفهومه: أن العقد لو علق على امر محقق الحصول جاز

(3) و هو كلام الشهيد الذي نقله عنه الشيخ بقوله في ص 99: لأن الانتقال بحكم الرضا، و لا رضا إلا مع الجزم.

(4) اى التعليق في معرض عدم الحصول و إن فرض العلم بتحققه في الاستقبال كقولك؛ بعتك داري بالف دينار إن كان يموت زيد في المستقبل فإن موت زيد في المستقبل من الامور المتحققة و الواقعية، لكن مع ذلك لا يصح التعليق.

(5) كلمة لو هنا وصلية و قد عرفت معناها عند قولنا: و إن فرض العلم.

(6) خلاصة هذا الكلام: أن الملاك في عدم جواز التعليق على الشيء جنس الشرط و شخصه، لا أفراده حتى يقال: إن التعليق على الوصف المعلوم الحصول و إن كان في الاستقبال جائز، لعدم كونه في عرضة عدم الحصول.

(7) عرفت معناه عند قولنا: لا أفراده.

(8) اى الشهيد الاول اعتبر في عدم جواز التعليق معنى عاما: و هو -

ص: 100

المعنى العام، دون خصوصيات الأفراد (1)

ثم قال (2): (فإن قلت): فعلى هذا (3) يبطل قوله في صورة إنكار التوكيل: إن كان لي فقد بعته منك بكذا.

(قلت) (4): هذا تعليق على واقع، لا متوقع الحصول فهو (5)

+++++++++++

- الاعتبار بجنس الشرط، لا بأفراده و أنواعه.

(1) من كونها مشكوك الحصول، أو معلوم الحصول كقولك:

بعتك داري بالف دينار إن كان يموت زيد في المستقبل.

(2) اى الشهيد الاول حول التعليق على شيء.

(3) اى فعلى الاعتبار بجنس الشرط، لا بأفراده و أنواعه يرد الاشكال على قول القائل: إن كان لي فقد بعته في صورة دعوى الوكيل الوكالة في البيع.

و خلاصة الإشكال: أن التعميم المذكور في بطلان العقد بسبب التعليق على جنس الشرط، سواء أ كان محقق الحصول أم مجهول الحصول:

يوجب بطلان قول القائل: إن كان لي فقد بعته، مع أن الفقهاء قالوا بصحته.

(4) هذا جواب عن الإشكال.

و خلاصته: أن قول القائل: إن كان لي فقد بعته معلق على شيء واقع، لا على متعلق حتى يشمله التعميم المذكور فلا يلزم بطلان العقد.

(5) و هو قوله: إن كان لي

خلاصة هذا الكلام: أن قول القائل: إن كان لي فقد بعته لا يكون فيه معنى التعليق حتى يقال: إن التنجيز شرط في العقد و هنا قد علق على الشرط، لأن الّذي علق عليه البيع: هو كون المبيع له و هذا هو -

ص: 101

علة للوقوع، أو مصاحب له (1)، لا معلق عليه (2) الوقوع

و كذا نقول: لو قال في صورة إنكار وكالة التزويج، و انكار التزويج حيث تدعيه المرأة: إن كانت زوجتي فهي طالق. انتهى كلامه رحمه اللّه.

و علل العلامة في القواعد صحة إن كان لي فقد بعته: بأنه امر واقع يعلمان وجوده فلا يضر جعله شرطا، و كذا كل شرط علم وجوده، فإنه لا يوجب شكا في البيع و لا في وقوعه. انتهى (3).

و تفصيل (4) الكلام أن المعلق عليه إما أن يكون معلوم التحقق، و إما أن يكون محتمل التحقق.

و على الوجهين فإما أن يكون تحققه المعلوم، أو المحتمل في الحال، أو المستقبل (5)

+++++++++++

- الّذي اوجب صحة هذا البيع، فليس فيه معنى التعليق حتى يرد عليه الإشكال.

و هذا نظير قول القائل: لو كانت زوجتي فهي طالق عند ما ينكر الزوجية، فإن في نفس الطلاق عند ما يجريه ليس معنى التعليق حتى يقال بعدم جريان الطلاق، لأن مدخول الشرط: و هو كون زوجية المرأة هو الذي صار سببا و علة لصحة الطلاق و بينونية الزوجية عن المرأة.

(1) اى يكون قوله إن كان لي مصاحبا و ملازما لوقوع البيع، لأنه ليس في قوله معنى التعليق.

(2) اى و ليس العقد معلقا على الشرط و هو قوله: إن كان لي؛ بل معلق على كون المبيع له كما عرفت آنفا.

(3) اى ما افاده الشهيد الاول في قواعده حول التنجيز.

(4) اى تفصيل الكلام في التعليق و المعلق عليه.

(5) فهذه أربعة تقادير اى بعد ضرب 2 * 2-4. أليك تفصيلها.

(التقدير الاول): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال -

ص: 102

و على التقادير (1) فإما أن يكون الشرط (2) مما يكون مصححا للعقد ككون (3) الشيء مما يصح تملكه شرعا، أو مما (4) يصح إخراجه عن الملك كغير (5) أمّ الولد، و غير الموقوف (6)

+++++++++++

- (التقدير الثاني): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال.

(التقدير الثالث): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال.

(التقدير الرابع): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال

(1) اى التقادير الاربعة المذكورة.

(2) اى الشرط الذي يعلق عليه العقد لا يخلو من احد الامرين:

(الاول): أن يكون مصححا للعقد

و هذا الشرط بمنزلة كلي له أفراد أربعة نشير إليها تحت رقمها الخاص.

(3) هذا هو الفرد الاول لذلك الشرط اي كون الشرط مصححا للعقد عبارة عن كون الشيء مما يصح تملكه شرعا كالشاة و الدار و الثياب مثلا

(4) هذا هو الفرد الثاني لذلك الشرط اي كن الشط مصححا للعقد عبارة عن كون الشيء مما يصح إخراجه عن ملك الانسان كما مثلنا في الفرد الاول.

(5) فإن أمّ الولد لا يجوز اخراجها عن الملك ببيعها، أو هبتها، لأنها تكون حرة من نصيب ولدها اذا مات ابوه و هو في قيد الحياة.

فالشارع يريد حريتها، لتستفيد من مزايا الحياة الاجتماعية و الفردية و هذه لا تجتمع و الرقية فاثبت لها الحرية بسبب ولدها من مولاها، سواء أ كان في بطنها أم مولودا.

(6) فإن الموقوف بعد وقفيته لا يباع و لا يوهب و لا يرهن.

ص: 103

و نحوه (1)، و كون (2) المشتري ممن يصح تملكه شرعا: كأن لا يكون عبدا و ممن (3) يجوز العقد معه: بأن يكون بالغا.

و إما أن لا يكون كذلك (4).

+++++++++++

(1) كالتحبيس في مدة مائة عام مثلا، فإن المحبوس في ظرف المدة المذكورة لا يجوز بيعه و لا هبته و لا رهنه.

(2) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: ككون الشيء.

هذا هو الفرد الثالث للشرط الذي كان بمنزلة كلي له أفراد أربعة اى كون الشيء مصححا للعقد عبارة عن كون المشتري ممن يصح تملكه شرعا: بأن لا يكون عبدا.

(3) هذا هو الفرد الرابع للشرط الذي كان بمنزلة كلي له أفراد أربعة اى كون الشيء مصححا للعقد عبارة عن كون المشتري ممن يصحح معه العقد ككونه بالغا عاقلا مختارا.

(4) اي لا يكون الشرط مما يصحح العقد

هذا هو الامر الثاني من الامرين الذين يكونان للشرط الذي يعلق عليه العقد

و هذا الامر بمنزلة كلي له الافراد الاربعة المذكورة، لكن ضدها لأن الشرط الذي لا يكون مصححا للعقد إما لاجل عدم قابلية الشيء للتملك شرعا ككونه خمرا، أو خنزيرا، أو كلبا فهذا ضد الفرد الاول الّذي كان قابلا للتملك.

و إما لاجل عدم صحة اخراجه من الملك ككونه أم ولد، أو موقوفا أو محبوسا، فهذا ضد الفرد الثاني الذي كان قابلا للإخراج.

و إما لاجل أن المشتري ليس قابلا للتملك ككونه عبدا، فهذا ضد -

ص: 104

ثم التعليق (1) إما مصرح به، و اما لازم من الكلام كقوله: ملكتك هذا بهذا يوم الجمعة (2)

+++++++++++

الفرد الثالث الذي كان قابلا للتملك.

و إما لاجل أن المشتري ليس ممن يصح معه العقد ككونه صبيا، فهذا ضد الفرد الرابع الذي كان قابلا لجواز العقد معه.

ثم هذان الامران: و هما كون الشرط مصححا للعقد، أو غير مصحح للعقد يضربان في التقادير الاربعة المذكورة يصير المجموع ثمانية صورة اى 2 * 4-8

(1) و هو الشرط إما مصرح به: بأن ذكرت أداة الشرط كقولك:

بعتك إن جاء زيد، فإن الشرط هنا محقق؛ لكونه اتي به بأداة الشرط و هي كلمة إن.

(2) فإن التعليق على يوم الجمعة ليس بأداة الشرط حتى يكون مصرحا به، بل يفهم من لازم الكلام، لأن تقييد الأخذ، أو التمليك بيوم الجمعة في معنى التعليق فهاتان صورتان.

ثم تضرب هاتان الصورتان و هما: كون التعليق مصرحا به، أو مستفادا من لازم الكلام في الصور الثمانية المذكورة يصير المجموع ست عشرة صورة اى 2 * 8-16. أليك تفصيلها.

(الصورة الاولى): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح إخراجه عن ملكه، و المشتري يكون ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد

(الصورة الثانية): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح -

ص: 105

..........

+++++++++++

اخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد.

(الصورة الثالثة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و يكون ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة الرابعة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح إخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة الخامسة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال، مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن ملكه شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة السادسة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام؛ و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن الملك شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح العقد معه شرعا.

(الصورة السابعة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا و يصح إخراجه عن الملك شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح العقد معه. -

ص: 106

..........

+++++++++++

(الصورة الثامنة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا و مما يصح إخراجه عن الملك شرعا، و المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة التاسعة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يكون مما يصح تملكه شرعا كالكلب و الخنزير و الخمر، و يكون مما لا يصح اخراجه عن الملك كام ولد و الموقوف و التحبيس، و المشتري لا يكون ممن يصح تملكه شرعا كالعبد، و لا يكون ممن يصح العقد شرعا كالصبي و المجنون و المكره.

(الصورة العاشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يصح تملكه شرعا و لا يصح اخراجه عن الملك، و لا يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الحادية عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك، و لا يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الثانية عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط يكون مما لا يصح -

ص: 107

..........

+++++++++++

- تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الثالثة عشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الذي علق على الشرط يكون مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك شرعا و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و يكون ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الرابعة عشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الّذي علق على الشرط يكون مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا و يكون ممن لا يصح العقد معه شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة

(الصورة الخامسة عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء الذي علق على الشرط مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة السادسة عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الذي علق على الشرط مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

ص: 108

و قوله في القرض و الهبة: خذ هذا بعوضه، أو خذه بلا عوض يوم الجمعة (1) فإن التمليك (2) معلق على تحقق الجمعة في الحال، أو في الاستقبال، و لهذا (3) احتمل العلامة في النهاية، و ولده في الايضاح بطلان بيع الوارث لمال مورثه بظن موته معللا بأن العقد و إن كان منجزا في الصورة (4) إلا أنه معلق، و التقدير ان مات مورثي فقد بعتك.

فما (5) كان منها معلوم الحصول حين العقد فالظاهر أنه غير قادح وفاقا لمن عرفت كلامه كالمحقق و العلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و الصيمري (6)

+++++++++++

(1) القيد راجع الى الهبة و القرض.

(2) و هو في قوله: ملكتك يوم الجمعة معناه: أنه اذا لم يكن يوم الجمعة لا يحصل التمليك.

(3) اى و لاجل تعلق التمليك على تحقق الجمعة في الحال، أو الاستقبال

(4) حيث إن الوارث يعلم أنه لو لم يمت مورثه لم يجز له البيع فهذا و إن كان منجزا في الظاهر، لكنه معلق في الواقع و نفس الامر فكأنه قال: إن مات مورثي فقد بعتك.

(5) من هنا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يذكر أن أية صورة من التقادير للتعليق صحيحة، و أية منها فاسدة، فالفاء تفريع على ما ذكره من التقادير التي بلغت ست عشرة صورة: ثمانية منها يكون التعليق فيها صريحا، و ثمانية منها يكون التعليق فيها مستفادا من لازم الكلام كما عرفت الصور بكاملها.

فقسم الشيخ التعليق على أربعة أقسام فهذا: و هو ما كان منها معلوم الحصول يكون من القسم الاول.

(6) يأتي شرح حياة هؤلاء الأعلام في (أعلام المكاسب)

ص: 109

و حكي (1) أيضا عن المبسوط و الايضاح في مسألة ما لو قال: إن كان لي فقد بعته، بل لم يوجد في ذلك (2) خلاف صريح، و لذا (3) ادعى في الرياض في باب الوقف عدم الخلاف فيه صريحا و ما (4) كان منها معلوم الحصول في المستقبل و هو المعبر عنه بالصفة فالظاهر أنه داخل في معقد اتفاقهم على عدم الجواز (5) و إن كان تعليلهم (6) للمنع باشتراط الجزم لا يجري فيه كما اعترف به (7)

+++++++++++

(1) اى عدم القدح في الشرط المعلوم الحصول في الحال و حين العقد.

(2) اى في عدم قدح الشرط المعلوم الحصول في العقد.

(3) اى و لاجل عدم قدح الشرط المعلوم الحصول في العقد

(4) هذا هو القسم الثاني من أقسام التعليق حسب تقسيم الشيخ

(5) اى لا يجوز التعليق في القسم الثاني كقولك: بعتك اذا طلعت الشمس فإن طلوع الشمس وصف محقق الحصول في المستقبل و لا ينافي الجزم الذي يكون معتبرا في العقد، لكن مع ذلك كله لا يجوز التعليق.

ثم لا يخفى عليك أن اطلاق الوصف على القسم الثاني الذي يكون التعليق فيها محقق الحصول في الاستقبال كطلوع الشمس غدا غير معهود في تعابير القوم.

(6) اى تعليل الفقهاء لعدم جواز التعليق بقولهم: إن التعليق مناف للجزم حال الانشاء لا يشمل هذا القسم، حيث إن المعلق عليه و هو الوصف حسب تعبير الشيخ محقق الحصول و الوقوع، لأنه بمثابة الامر الجزمي البتي، لكن مع ذلك لا يصح.

(7) اى بعدم جواز التعليق في القسم الثاني في قوله المتقدم الذي نقله عنه الشيخ في ص 100: و لو قدر العلم بحصوله كالتعليق على الوصف لأن الاعتبار بجنس الشرط، لا بأنواعه و أفراده.

ص: 110

الشهيد فيما تقدم عنه، و نحوه (1) الشهيد الثاني فيما حكي عنه، بل يظهر من عبارة المبسوط في باب الوقف كونه (2) مما لا خلاف فيه بيننا، بل بين العامة، فإنه (3) قال: اذا قال الواقف: اذا جاء راس الشهر فقد وقفته لم يصح الوقف (4) بلا خلاف (5)، لأنه مثل البيع و الهبة، و عندنا مثل العتق أيضا (6) انتهى، فإن ذيله (7) يدل على أن مماثلة الوقف للبيع و الهبة غير مختص بالإمامية.

نعم (8) مماثلته للعتق مختصة بهم

+++++++++++

(1) اى و نحو كلام الشهيد الاول في الاعتراف بعدم جواز التعليق في القسم الثاني كلام الشهيد الثاني.

(2) اى كون عدم جواز التعليق، و أن التعليق باطل.

(3) اى شيخ الطائفة قال:

(4) مع أن مجيء راس الشهر وصف محقق الحصول و الوقوع

(5) اى بلا خلاف بين السنة و الشيعة في عدم جواز التعليق على وصف محقق الحصول في الوقف.

(6) اي في أن العتق لا يجوز تعليقه على الشرط المحقق الحصول في المستقبل.

(7) اى ذيل كلام الشيخ في المبسوط: و هو قوله: و عندنا مثل العتق أيضا.

هذا تعليل لكون المراد من قول الشيخ في المبسوط: بلا خلاف هو الاتفاق بين الشيعة و السنة في عدم جواز التعليق في الوقف على وصف محقق الحصول في المستقبل.

(8) استدراك عما افاده: من أن الوقف كالبيع و الهبة في عدم -

ص: 111

و ما (1) كان منها مشكوك الحصول و ليست صحة العقد معلقة عليه في الواقع كقدوم الحاج فهو المتيقن من معقد اتفاقهم (2)

و ما (3) كانت صحة العقد معلقة عليه كالأمثلة المتقدمة فظاهر اطلاق كلامهم يشمله، إلا أن الشيخ في المبسوط حكى في مسألة إن كان لي فقد بعته قولا من بعض الناس بالصحة، و أن الشرط (4)، لا يضره (5)

+++++++++++

- جواز التعليق فيه على الشرط المعلوم الحصول في المستقبل عند السنة و الشيعة

و خلاصته: أن تنظير الشيخ الوقف بالعتق مختص بالامامية، حيث إنهم يقولون بعدم جواز تعليق العتق على الشرط المعلوم الحصول في المستقبل دون علماء اخواننا السنة.

(1) هذا هو القسم الثالث من أقسام التعليق حسب تقسيم الشيخ قدس سره، و له نوعان ذكرهما الشيخ في المتن و نحن نشير إليهما تحت رقمهما الخاص.

(2) اى في عدم جواز التعليق على مثل هذه الشروط و إن كانت صحة العقد غير متوقفة على مثل هذا الشرط، و لكن مع ذلك كله فقد اتفقت الامامية على بطلان التعليق في مثل هذا القسم، و هذا هو النوع الاول من القسم الثالث كقولك: بعتك اذا قدم الحاج، فإن قدوم الحاج مشكوك الحصول، اذ يحتمل عدم مجيئه، و على فرض المجيء لم يعلم بالضبط مقدمه فيكون مجهولا، لكن صحة العقد غير متوقفة عليه.

(3) هذا هو النوع الثاني من القسم الثالث

و خلاصته: أن الشيء المعلق على الشرط المجهول الحصول لو كانت صحة العقد متوقفة عليه لدخل في اتفاق الفقهاء على بطلانه.

(4) و هو الشرط المشكوك الحصول

(5) اى هذا الشرط لا يضر في العقد

ص: 112

مستدلا (1): بأنه لم يشترط إلا ما يقتضيه اطلاق العقد، لأنه إنما يصح البيع لهذه الجارية من الموكل اذا كان اذن له في الشراء فاذا اقتضاه الاطلاق لم يضر اظهاره و شرطه كما (2) لو شرط في البيع تسليم الثمن، أو تسليم المثمن، أو ما اشبه ذلك (3). انتهى.

و هذا الكلام (4)

+++++++++++

(1) كلمة مستدلا منصوبة على أنها حال لبعض الناس.

و خلاصة استدلال هذا البعض على أن الشرط المشكوك الحصول لا يضر بالعقد و إن كانت صحة العقد متوقفة على الشرط المشكوك الحصول:

أن هذا الشرط من مقتضيات اطلاق العقد و مفهومه، و ليس شيئا زائدا خارجا عنه حتى يكون مضرا للعقد، فإن اطلاقه يقتضي هذا، اذ صحة بيع الجارية من الموكل في قوله: إن كانت لي فقد بعته متوقفة على اذنه للوكيل لشراء الجارية، فاطلاق العقد يقتضي هذا الشرط فوجوده كعدمه فذكره لا يكون مفسدا للعقد.

(2) تنظير لكون اطلاق العقد مقتض لهذا الشرط، و أنه ليس خارجا عنه، و لا يكون مفسدا له.

و خلاصته: أن البائع لو اشترط مع المشتري تسليم الثمن له، أو المشتري اشترط مع البائع تسليم المثمن له فلا يكون هذا الشرط خارجا عن العقد حتى يضربه، لأنه مفهوم العقد و مقتضاه، اذ اطلاق العقد يقتضي هذا الشرط.

(3) كاهلية البائع و المشتري: من حيث البلوغ و العقل و الاختيار

(4) و هو استدلال بعض الناس على أن الشرط المشكوك الحصول لا يكون مضرا بالعقد، لأنه من مقتضيات العقد و مفهومه فاطلاقه يقتضيه

ص: 113

و إن حكاه (1) عن بعض الناس، إلا أن الظاهر ارتضاؤه له.

و حاصله (2) أنه كما لا يضر اشتراط بعض لوازم (3) العقد المترتبة عليه.

كذلك لا يضر تعليق العقد بما هو معلق عليه في الواقع (4) فتعليقه ببعض مقدماته كالالتزام ببعض غاياته (5) فكما لا يضر الالتزام بما يقتضي العقد الزامه، كذلك التعليق بما كان الاطلاق معلقا عليه، و مقيدا به (6)

و هذا (7) الوجه و إن لم ينهض لدفع محذور التعليق في إنشاء العقد

+++++++++++

(1) اى و إن حكى هذا الاستدلال شيخ الطائفة عن بعض الناس لكن الظاهر من حكايته عنه أنه راض بذلك.

(2) هذا كلام شيخنا الانصارى اى و حاصل استدلال بعض الناس و قد عرفت الحاصل في الهامش 1 ص 113 عند قولنا: و خلاصة استدلال هذا البعض.

(3) كتسليم الثمن؛ أو المثمن.

(4) كملكية الثمن، أو المثمن، أو اهلية البائع، أو المشتري.

(5) و هو تسليم الثمن و المثمن كما عرفت.

(6) كما في قولك: إن كان لي فقد بعته، فالتعليق على مثل هذا الشرط غير مضر بالعقد.

(7) هذا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يورد على استدلال بعض الناس الناس الذي ذكره شيخ الطائفة و الذي ارتضاه هو و نقله عنه شيخنا الانصاري هنا بقوله في ص 112: إلا أن الشيخ في المبسوط حكى في مسألة إن كان لي فقد بعته.

و خلاصة الرد: أن التعليق في مثل الشرط المشكوك الحصول بقوله: -

ص: 114

..........

+++++++++++

- بعتك إن كان لي موجود لا محالة، و لا يرتفع بما افاده هذا البعض بقوله:

إن هذا الشرط من مقتضيات العقد و متطلباته و مفهومه، و ليس شيئا زائدا خارجا عن مفهوم العقد.

بيان ذلك: أن المعلق على هذا الشرط في الواقع و نفس الامر شخص الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال المترتب على العقد: و الذي يقال له: معنى الاسم المصدري كالملكية و الزوجية مثلا، لا إنشاء مدلول الكلام الّذي هو بعث الّذي هو من وظائف المتكلم و مختصاته: و أنه قائم بذاته: بمعنى أن صدوره لا بد أن يكون منه.

و من الواضح: أن الذي علق في كلام المتكلم: و هو الانشاء غير معلق في الواقع و نفس الامر على شيء ابدا.

و الذي هو معلق في الواقع و نفس الامر على شيء الذي هو الاثر الشرعي و هو النقل و الانتقال كما عرفت ليس معلقا في كلام المتكلم الذي هي ملكية البائع في قوله: بعتك على شيء ابدا، بل و ليس منجزا على شيء اصلا، لأنه لا ربط له بمدلول كلام المتكلم الذي هو إنشاء بعت، فهو خارج عنه، لأن الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال رفعه و وضعه بيد الشارع، لا بيد المتكلم حتى يكون متوقفا على كلامه.

نعم لو كان المعلق في كلام المتكلم الذي هي نفس الانشاء معلقا على شيء للزم المحذور المذكور: و هو منافاة التعليق للتنجيز فينهض ما افاده المستدل: من أن هذا الشرط من مقتضيات العقد و مفهومه لدفع المحذور المذكور: و هو أن التعليق ينافي الجزم.

ص: 115

لأن (1) المعلق على ذلك الشرط (2) في الواقع هو ترتب الاثر الشرعي (3) على العقد، دون إنشاء مدلول الكلام (4) الذي هو وظيفة المتكلم، فالمعلق (5) في كلام المتكلم غير معلق في الواقع على شيء، و المعلق (6) على شيء ليس معلقا في كلام المتكلم على شيء، بل و لا منجزا، بل هو شيء (7) خارج عن مدلول الكلام (8) إلا أن ظهور ارتضاء الشيخ له (9) كاف في عدم الظن بتحقق الاجماع عليه (10) مع أن ظاهر هذا التوجيه (11) لعدم

+++++++++++

(1) تعليل لعدم قيام ما ذكره المستدل للدفع عن المحذور في التعليق

و قد عرفته عند قولنا في ص 114: و خلاصته: أن التعليق في مثل الشرط.

(2) و هو الشرط المشكوك الحصول كما عرفت آنفا.

(3) و هو النقل و الانتقال كما عرفت آنفا.

(4) و هي نفس بعت كما عرفت آنفا.

(5) الذي هي نفس الانشاء كما عرفت آنفا.

(6) و هو الاثر الشرعي كما عرفت آنفا.

(7) و هو الاثر الشرعي الذي علق العقد كما عرفت آنفا.

(8) الذي هي نفس بعت كما عرفت.

(9) اى لاستدلال بعض الناس

(10) اى على اشتراط التنجيز في العقد.

(11) اى توجيه بعض الناس منافاة التعليق للتنجيز.

هذا إشكال آخر من شيخنا الأنصاري.

و خلاصته: أن ظاهر توجيه بعض الناس يدل على أن محل الكلام و محوره في جواز التعليق و عدمه: هو الأعم من علم البائع بوجود المعلق عليه و عدمه حين إجراء العقد كما في صورة التوكيل، فإن البائع حينما يقول: -

ص: 116

قدح التعلق يدل على أن محل الكلام فيما لم يعلم وجود المعلق عليه و عدمه فلا وجه لتوهم اختصاصه (1) بصورة العلم.

و يؤيد ذلك (2) أن الشهيد في قواعده جعل الأصح صحة تعليق البيع على ما هو (3) شرط فيه كقول البائع: بعتك إن قبلت.

و يظهر منه ذلك (4) أيضا في أواخر القواعد.

ثم إنك قد عرفت أن العمدة في المسألة (5) هو الاجماع

+++++++++++

- بعت الجارية إن كانت لي عند ما و كل زيدا لشرائها لا يدري أن الجارية قد اشتريت أم لا، و لذا ينشأ البيع على هذا الشرط: فعليه لا مجال لاختصاص محل النزاع في جواز التعليق و عدمه بصورة علم البائع بوجود المعلق عليه عند ما يجري العقد كما توهمه بعض.

(1) اى اختصاص محل النزاع بعلم البائع بوجود المعلق عليه كما عرفت

(2) و هو أن محل النزاع الأعم: من صورة العلم بوجود المعلق عليه و عدمه، و لا اختصاص له بوجود علم البائع بذلك.

(3) اى التعليق شرط في البيع في قوله: بعتك إن قبلت.

فالشهيد قدس سره ذكر صحة التعليق و اتى له بالمثال من غير تقييده بصورة علم البائع بوجود المعلق عليه عند البيع.

بل اطلقه، فهذا الاطلاق دليل على أن محل النزاع في جواز التعليق و عدمه هو الأعم.

(4) و هو عدم اشتراط علم البائع بوجود المعلق عند اجراء العقد و أن محل النزاع هو الأعم.

(5) و هو اشتراط التنجيز في العقد، هذا عود على بدء: اى العمدة في مسألة اشتراط التنجيز هو الاجماع المدعى من قبل تمهيد القواعد -

ص: 117

و ربما يتوهم أن الوجه في اعتبار التنجيز هو عدم قابلية الإنشاء (1) للتعليق، و بطلانه (2) واضح، لأن المراد بالإنشاء إن كان هو مدلول (3) الكلام فالتعليق غير متصور فيه، إلا أن الكلام ليس فيه (4)

و إن كان الكلام في أنه كما يصح إنشاء الملكية المتحققة على كل تقدير (5) فهل يصح إنشاء الملكية المتحققة على تقدير دون آخر كقوله:

+++++++++++

- الّذي نقله الشيخ عنه في ص 96 بقوله: و عن تمهيد القواعد دعوى الاجماع عليه.

و بالاتفاق المدعى من قبل الشهيد في المسالك في مسألة الوقف الذي نقله الشيخ عنه في ص 96 بقوله: و ظاهر المسالك في مسألة اشتراط التنجيز في الوقف الاتفاق عليه.

(1) اى طبيعة الانشاء لا تلائم التعليق، فإن الانشاء قد اخذ في مفهومه الجزم و القطع و البت، و التعليق ينافي ذلك، فهما شيئان متضادان متنافران.

(2) اى بطلان هذا التوجيه: و هو عدم قابلية الانشاء للتعليق ظاهر

(3) اى لو كان المراد من الانشاء الذي هو في كلام الموجه هو مدلول الكلام و هو الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال فالتعليق غير متصور في مدلول الكلام ابدا، لأنك قد عرفت آنفا أنه ليس معلقا على شيء في كلام المتكلم، بل و ليس منجزا على شيء اصلا، لعدم ربطه بمدلول الكلام، اذ رفع الاثر الشرعي و وضعه بيد الشارع فيكون وقوع الاثر الشرعي تلقائيا مسببا عن إنشاء العقد.

(4) اي البحث في جواز التعليق و عدمه ليس في مدلول الكلام الذي هو الاثر الشرعي.

(5) اي سواء حصل الشرط أم لا

ص: 118

هذا لك إن جاء زيد غدا، و خذ المال قرضا، أو قراضا (1) اذا اخذته من فلان، و نحو ذلك (2) فلا ريب في أنه امر متصور واقع في العرف (3) و الشرع كثيرا كما في الأوامر (4)، و المعاملات: من العقود (5) و الايقاعات (6)

و يتلوا هذا الوجه (7) في الضعف ما قيل (8): من أن ظاهر ما دل

+++++++++++

(1) و هي المضاربة الذي يكون المال من واحد، و العمل من الآخر

(2) كقولك: بعتك الدار إن ملكتها.

(3) كما عرفت في المثال المتقدم.

(4) اى الشرعية كالواجب المشروط في قوله تعالى: وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فإن القيد فيه راجع الى المادة لا الهيئة.

و ما نحن فيه و هو قولك: بعتك الدار إن جاء زيد كذلك، لأن الالتزام بكون الدار للمشتري بعد مجيء زيد على نحو يرجع التقييد الى كونها له، لا الى الالتزام: و مثله يكون منشأ لاعتبار ملكية المشتري لها حين مجيئه، اذ حقيقة التمليك ليس إلا ايجاد ما يكون منشأ لاعتبار الملكية و قد انشأ.

(5) كالوصية في قولك: اعط زيدا مائة دينار بعد وفاتي.

(6) كالنذر في قولك: للّه عليّ صوم يوم لو عوفيت.

(7) و هو عدم قابلية الإنشاء للتعليق.

(8) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر

و خلاصة ما افاده: أن العقد سبب لحصول المسبب الذي هو الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال فاذا ثبتت السببية ترتب المسبب عليه عند إجراء العقد حالا. -

ص: 119

على سببية العقد ترتب مسببه عليه حال وقوعه، فتعليق اثره بشرط من المتعاقدين مخالف لذلك (1)

و فيه (2) بعد الغض عن عدم انحصار أدلة الصحة و اللزوم في مثل قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، لأن دليل حلية البيع، و تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

- و هذا الترتب إنما يحصل فيما اذا لم يكن العقد معلقا على شيء معناه تعليق اثره عليه، و تعليق الاثر مخالف للترتب الذي قلناه.

بعبارة اخرى: أن اطلاق الامر بالوفاء في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ يقتضي أن كل عقد من العقود ملزوم لتنجز الامر بالوفاء بالعقد، فاذا لم يكن كذلك لم يك داخلا في العقود، و اذا لم يكن داخلا فيها لا تشمله الصحة و اللزوم.

و من الواضح أن العقد المعلق على شيء لا يكون ملزوما لتنجز الامر بالوفاء، لأن التعليق ينافي التنجيز فيكون غير صحيح.

(1) اى لكون العقد سببا لترتب مسببه عليه كما عرفت آنفا.

(2) اى و فيما افاده صاحب الجواهر نظر و إشكال.

و خلاصة ما افاده في الرد: أنه لا نسلم انحصار سببية الصحة و اللزوم في العقد بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ حتى يقال: إن ترتب المسبب على السبب حال وقوع العقد امر مسلم بديهي: بمعنى أن ترتب المسبب على السبب عند وقوع العقد يكون امرا (اتوماتيكيا) على اصطلاح اهل العصر فاذا علق اثره الذي هو النقل و الانتقال على شرط من جانب المتعاقدين يكون مخالفا لترتب المسبب على السبب، لأن المعلق لا يحصل إلا بعد حصول الشرط.

بل هناك أدلة اخرى كافية للصحة و اللزوم كدليل و احل اللّه البيع و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم -

ص: 120

كاف في اثبات ذلك: أن (1) العقد سبب لوقوع مدلوله فيجب الوفاء به على طبق مدلوله فليس مفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ إلا مفاد اوفوا بالعهد: في أن العقد كالعهد اذا وقع على وجه التعليق فترقب تحقق المعلق عليه في تحقق المعلق لا يوجب عدم الوفاء بالعهد.

و الحاصل أنه إن اريد بالمسبب مدلول العقد فعدم تخلفه عن إنشاء العقد من البديهيات التي لا يعقل خلافها، و إن اريد به الاثر الشرعي و هو ثبوت الملكية فيمنع كون اثر مطلق البيع الملكية المنجزة، بل هو مطلق الملك، فان كان البيع غير معلق كان اثره الشرعي الملك الغير المعلق و إن كان معلقا فاثره الملكية المعلقة، مع (2) أن تخلف الملك عن العقد كثير جدا (3)

+++++++++++

- و على فرض تسليم سببية العقد لترتب المسبب عليه يكون معناه أن العقد سبب لحصول مدلوله فيجب الوفاء به على طبق مدلوله.

فإن كان مدلوله معلقا يجب الوفاء به معلقا، و إن كان منجزا يجب الوفاء به منجزا فلا يقال: إن العقد اذا وقع على وجه التعليق لا يوجب الوفاء به.

فمفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مفاد اوفوا بالعهود، فإن العقد هو العهد فلا اختصاص لاوفوا بالعقود بالوفاء بالعقد المنجز.

(1) هذا هو الإشكال على صاحب الجواهر و قد عرفته آنفا.

(2) هذا إشكال ثان من الشيخ على صاحب الجواهر فيما افاده من سببية العقد لترتب المسبب عليه.

(3) كما في بيع الصرف، بناء على أن القبض شرط في صحته، فهنا قد تخلف المسبب عن السبب و لم يترتب عليه.

ص: 121

مع أن (1) ما ذكره لا يجري في مثل قوله: بعتك إن شئت، أو إن قبلت فقال: (2) قبلت، فإنه لا يلزم هنا تخلف اثر العقد عنه، مع (3) أن هذا لا يجري في الشرط المشكوك المتحقق في الحال (4)، فإن (5) العقد حينئذ

+++++++++++

(1) هذا إشكال ثالث من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر:

من سببية العقد لترتب المسبب عليه.

(2) اى المشتري قال بعد التعليق من جانب البائع: قبلت فهنا علق العقد على الشرط و هو قبول المشتري و مشيته، لكن مع ذلك قد ترتب المسبب على السبب فلم يلزم التخلف.

(3) هذا إشكال رابع على ما افاده صاحب الجواهر: من سببية العقد لترتب المسبب عليه فلا يجوز التعليق عليه.

(4) كقول البائع: بعتك الدار إن كان اليوم يوم الخميس مع أن اليوم يوم الخميس، لكن البائع لا يدري بذلك شاك فيه.

فهنا علق العقد على الشرط و لكن لم يتخلف ترتب المسبب عليه فإن البيع قد حصل، لتحقق شرطه في الواقع و نفس الامر.

(5) تعليل لعدم جريان ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب: في الشرط المشكوك المتحقق في الحال

و خلاصته أن التعليق على مثل هذا الشرط يكون مراعى اى منتظرا على انكشاف الشرط: بمعنى أن الشرط المشكوك المتحقق في الحال: و هو كون اليوم يوم الخميس متحقق ثبوتا و واقعا، لكنه مشكوك عند البائع أو عنده و عند المشتري اثباتا، فعند انكشافه ينكشف تحقق المسبب و هو الاثر من حين العقد و يترتب عليه، فلا يلزم ما افاده: من أن التعليق مخالف لترتب الاثر.

ص: 122

يكون مراعى، لا (1) موقوفا، مع (2) أن ما ذكره لا يجري في غيره (3) من العقود التي قد يتأخر مقتضاها عنها كما لا يخفى.

+++++++++++

(1) اى و ليس التعليق على الشرط المشكوك المتحقق في الحال موقوفا على تحقق هذا الشرط في الخارج حتى يلزم المحذور المذكور: و هو أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب. لأن معنى التوقف هو أن الشرط غير متحقق ثبوتا و اثباتا.

و قد عرفت أن الشرط المشكوك المتحقق في الحال متحقق ثبوتا، لكنه مشكوك اثباتا فعند الانكشاف ينكشف تحقق المسبب من حين العقد فيترتب على السبب.

(2) إشكال خامس على ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب.

(3) اى في غير البيع كالوصية في قول الموصي: اعطوا زيدا مائة دينار بعد وفاتي، لأن مقتضاها و هو تنفيذ الوصية الّذي هو اعطاء زيد مائة دينار يكون بعد وفاة الموصي.

فعلى ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب يقتضي أن لا تكون الوصية نافذة مع أنها نافذة بالاتفاق.

و كذلك الجعالة في قول القائل: من رد علي ضالتي فله عندي دينار واحد مثلا، فإن الدينار يعطى للواجد بعد وجدان الضالة و تسليمها الى الجاعل.

فعلى ما افاده صاحب الجواهر يقتضي أن لا تكون الجعالة نافذة لتخلف المسبب عن السبب عند العقد، مع أنها نافذة بالاجماع.

و كذلك السبق و الرماية في قول المتسابقين، أو ثالث: إن سبقت بالفتح فلك دينار، و إن سبقت بصيغة المتكلم فلي دينار. -

ص: 123

و ليس (1) الكلام في خصوص البيع؛ و ليس على هذا الشرط في كل عقد دليل على حدة (2).

ثم الأضعف من الوجه المتقدم (3) التمسك في ذلك (4) بتوقيفية الأسباب الشرعية الموجبة لوجوب الاقتصار فيها على المتيقن (5) و ليس (6)

+++++++++++

- أو إن رميت و اصبت بفتح التاء الهدف فلك دينار، و إن اصبت بالضم فلي دينار، فإن ترتب المسبب على السبب يكون في مثل هذه العقود مخالفا دائما، مع أنها نافذة بالاجماع.

(1) اى و ليس إشكال صاحب الجواهر في خصوص عقد البيع بل إشكاله جار في جميع العقود.

(2) بأن يقال: قام دليل خاص على عدم جواز التعليق في البيع و قام دليل خاص آخر على جوازه في العقد الفلاني كالوصية مثلا.

(3) و هو ما ذكره (صاحب الجواهر): من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب.

(4) اى في اشتراط التنجيز في العقود.

و خلاصة هذا الاستدلال: أن الأسباب و العلل الشرعية للملكية مثلا توقيفية ليست قابلة ليد الجعل من غير مشرعها. فلا بد من صدورها من مصدرها و هو المشرع الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و من جملة الأسباب الشرعية العقود، و المسلم من العقود، و المتيقن منها هي العقود المنجزة، لا الأعم منها و من التعليق.

(5) هو العقد المنجز كما عرفت آنفا.

(6) اسم ليس مستتر يرجع الى المتيقن اي و ليس المتيقن سوى العقد المجرد عن التعليق.

ص: 124

الا العقد العاري عن التعليق، إذ فيه (1) أن اطلاق الأدلة مثل حلية البيع و تسلط الناس على أموالهم، و حل التجارة عن تراض، و وجوب الوفاء بالعقود، و أدلة سائر العقود كافية في التوقف.

و بالجملة فاثبات هذا الشرط (2) في العقود مع عموم أدلتها (3) و وقوع كثير منها في العرف على وجه التعليق بغير الاجماع محققا (4) أو منقولا مشكل.

ثم إن القادح (5) هو تعليق الانشاء.

و أما اذا انشأ من غير تعليق صح العقد، و إن كان المنشي مترددا في ترتب الاثر عليه شرعا، أو عرفا كمن ينشأ البيع و هو لا يعلم أن المال له، أو أن المبيع مما يتمول (6) أو أن المشتري راض حين الايجاب أم لا

+++++++++++

(1) هذا رد من الشيخ على القائل بتوقيفية الأسباب الشرعية التي منها العقد المنجز.

و خلاصته: أن دليل وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و إن الناس مسلطون على أموالهم و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ؛ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و بقية الأدلة الواردة في العقود كاف لتوقيفية الأسباب من غير احتياج لها بالتمسك بتنجيز العقود.

(2) و هو التنجيز.

(3) اى عموم أدلة العقود، حيث إنها وردت عامة لا اختصاص لها بالعقد المنجز فتسمل المعلق منها أيضا و لا سيما بعد ورود العقود في العرف و الشرع كما عرفت في الهامش 5-6 ص 119

(4) اى محصلا الذي يكشف عن قول الامام عليه السلام.

(5) اى التعليق المضر في العقد

(6) كغير الخمر و الكلب و الخنزير

ص: 125

أو غير ذلك مما تتوقف صحة العقد عليه عرفا، أو شرعا (1)

بل الظاهر أنه لا يقدح اعتقاد عدم ترتب الاثر عليه اذا تحقق القصد الى التمليك العرفي.

و قد صرح بما ذكرنا (2) بعض المحققين، حيث قال: لا يخل زعم فساد المعاملة ما لم يكن سببا لارتفاع القصد.

نعم ربما يشكل الامر في فقد الشروط المقومة كعدم الزوجية، أو الشك فيها عند إنشاء الطلاق، فإنه لا يتحقق القصد إليه (3) منجزا من دون العلم بالزوجية.

و كذا (4) الرقبة في العتق، و حينئذ (5) فاذا مست الحاجة الى شيء من ذلك للاحتياط، و قلنا بعدم جواز تعليق الانشاء على ما هو شرط فيه فلا بد من ابرازه بصورة التنجز، و إن كان في الواقع معلقا؛ أو يوكل غير الجاهل بالحال بايقاعه و لا يقدح فيه تعليق الوكالة واقعا على كون الموكل مالكا للفعل، لأن فساد الوكالة بالتعليق لا يوجب ارتفاع الاذن إلا أن ظاهر الشهيد في القواعد الجزم بالبطلان (6) فيما لو زوج امرأة

+++++++++++

(1) كالبلوغ و العقد و الاختيار، و عدم الحجر

(2) من أن القادح في التعليق هو التعليق في الإنشاء نفسه

(3) اي الى الطلاق مع الشك في الزوجية، أو عدم الزوجية، فإنه لا يحكم بوقوع الطلاق لو طلق معلقا.

(4) اى و كذا يشكل الامر في مثل الرقية، فإنه لا يحكم بالعتق لو اعتق معلقا.

(5) اى و حين أن كان الشرط من الشروط المقومة للعقد كالزوجية

(6) اى ببطلان العقد

ص: 126

يشك في أنها محرمة عليه فظهر حلها، و علل ذلك (1) بعدم الجزم حال العقد.

قال: و كذا الايقاعات كما لو خالع امرأة، أو طلقها و هو شاك في زوجيتها، أو ولى نائب الامام عليه السلام قاضيا لا يعلم اهليته و إن ظهر اهلا.

ثم قال: و يخرج من هذا (2) بيع مال مورثه، لظنه حياته فبان ميتا، لأن (3) الجزم هنا حاصل، لكن خصوصية البائع غير معلومة.

+++++++++++

(1) اى بطلان العقد على امرأة يشك في زوجيتها فظهر حلها.

(2) اى من الجزم ببطلان العقد.

(3) تعليل لخروج بيع مال مورثه ظنا منه حياته فبان ميتا: عن بطلان العقد على من زوج امرأة يشك في زوجيتها.

و خلاصته: أنه فرق بين العقد على امرأة يشك في زوجيتها، فظهر حلها، و بين بيع مال مورثه ظنا منه حياته فبان موته، اذ في الاول لا يوجد الجزم بالزوجية حال العقد فالإنشاء يكون معلقا على شيء مشكوك الوقوع فالاثر الشرعي الذي هي الزوجية مشكوك الحصول من بداية الامر و حين وقوع العقد.

و في الثاني الجزم بالاثر الشرعي موجود من بداية العقد و صدوره فلا يكون العقد معلقا على شيء مشكوك الحصول حين وقوع العقد إلا خصوصية المالك: من أنه الوارث، أو المورث غير معلومة عند العقد و عدم معرفة الخصوصية غير مضر بالعقد.

ثم لا يخفى عليك أن الشيخ قدس سره قال: لكن خصوصية البائع غير معلومة، لكن الأولى التعبير بالمالك كما ذكرنا لك، اذ الظاهر أن البائع معلوم، لكن المالك غير معلوم.

ص: 127

و إن قيل بالبطلان (1) أمكن، لعدم القصد الى نقل ملكه.

و كذا (2) لو زوج امة ابيه فظهر ميتا. انتهى.

و الظاهر (3) الفرق بين مثال الطلاق و طرفيه (4): بامكان الجزم فيهما

+++++++++++

(1) اى ببطلان بيع مال مورثه ظنا منه أنه في قيد الحياة.

(2) اى و كذا يخرج تزويج امة ابيه ظنا منه حياته فبان موته عن بطلان تزويج إمرة يشك في زوجيتها و يدخل في الصحة.

و يحتمل أن يشمله قوله: (و إن قيل بالبطلان أمكن) فيحكم ببطلان هذا التزويج أيضا كما افاد البطلان في بيع مال مورثه ظنا منه حياته.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يذكر فرقا بين الطلاق الّذي افاده الشهيد ببطلانه، و بين طرفيه و هما: التزويج على امرأة يشك في زوجيتها، و تولية نائب الامام عليه السلام قاضيا لا يعلم اهليته و إن ظهر اهلا الذين افادهما الشهيد، و حكم ببطلانهما.

(4) الباء بيان لكيفية الفرق بين الطلاق و طرفيه.

و خلاصته: أن الجزم باثر العقد في الطلاق و طرفيه موجود.

أما في الزوجية فلأن الاصل فيها عدم كون المرأة احدى محارمه:

من البنت و الام و الاخت و العمة و الخالة؛ و بنات الأخ و بنات الأخت فلاجراء هذا الاصل يحل له الاقدام على زواجها فبهذا الأصل يجري حلية الزوجية فيقدم على زواجها.

و أما في التولية فلأن نائب الامام يشك في اهلية القاضي بفسق فيجري أصالة عدم الفسق فنثبت الأهلية له.

فهذان الاصلان الاصيلان اوجبا الجزم.

بخلاف الطلاق، فإنه لا اصل هناك حتى يجري، اذ عند الشك -

ص: 128

دون مثال الطلاق. فافهم (1)

و قال (2) في موضع آخر و لو طلق بحضور خنثيين فظهرا رجلين أمكن الصحة، و كذا بحضور من يظنه فاسقا فظهر عدلا

و يشكلان (3) في العالم بالحكم (4)، لعدم قصدهما الى طلاق صحيح انتهى.

من جملة شروط العقد التطابق بين الإيجاب و القبول

و من جملة شروط العقد التطابق بين الايجاب و القبول (5) فلو اختلفا في المضمون: بأن أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث خصوص المشتري (6)، أو المثمن (7)، أو الثمن (8)

+++++++++++

في زوجيتها لا يصح للطالق إجراء عدمها حتى يجوز له الطلاق، بل لا بد من إحراز الزوجية.

(1) اشارة الى أن بيان كيفية الفرق بين الطلاق، و طرفيه غامض جدا، و مشكل للنهاية، لاحتياجه الى تعمق زائد كما عرفت من ذكرنا لك الاصلين في طرفي الطلاق، و عدم مجيء الاصل في الطلاق.

(2) اى الشهيد الاول.

(3) اى الطلاق بحضور خنثيين فظهرا رجلين، و الطلاق بحضور رجلين يظن فسقهما فظهرا عدلين.

(4) و هو لزوم حضور رجلين عند الطلاق، و لزوم حضور عدلين عنده.

(5) من حيث البائع و المشتري، و الثمن و المثمن.

(6) بأن خاطب زيدا بالبيع فقال: بعتك فاجاب عمرو بالقبول

(7) بأن قال: بعتك الدار فقال المشتري: قبلت البستان

(8) بأن قال البائع: بعتك الدار بالف دينار فقال المشتري: قبلت بالف جنيه.

ص: 129

أو توابع العقد من الشروط (1) فقبل المشتري على وجه آخر لم ينعقد (2)

و وجه هذا الاشتراط (3) واضح و هو (4) مأخوذ من اعتبار القبول و هو الرضا بالايجاب فحينئذ (5)

لو قال: بعته من موكلك بكذا فقال: اشتريته لنفسي لم ينعقد (6)

و لو قال: بعت هذا من موكلك فقال الموكل (7)

+++++++++++

(1) بأن قال البائع: بعتك الدار بالف بشرط أن تخيط لي ثوبي فقال المشتري: قبلت بلا شرط.

(2) اى في جميع هذه الصور التي خالف قبول المشتري مع البائع أو كان المشتري غير الذي اوقع البائع معه العقد: يكون العقد باطلا للزوم التطابق بين الايجاب و القبول.

(3) و هو التطابق بين الايجاب و القبول.

(4) اى التطابق بين الايجاب و القبول.

(5) اي فحين أن كان مبدأ التطابق بين الايجاب و القبول مأخوذا من اعتبار القبول الذي هو الرضا بالايجاب الصادر من الموجب فاللازم التطابق بينهما حرفيا من جميع الجوانب و الجهات.

فإن كان الايجاب مشتملا على ثمن معين معلوم القدر و الجنس و الوصف مقيدا بشرط معلوم، سواء ذكر في متن العقد أم في خارجه فلا بد من اشتمال القبول على ذلك الايجاب بتمام خصوصياته و جزئياته، لأنه بمعنى الرضا و الرضا لا بد أن يكون رضا بذاك الايجاب.

(6) لعدم التطابق بين الايجاب و القبول، اذ الايجاب وقع على الموكل و القبول وقع لنفس الوكيل.

(7) الذي كان حاضرا عند إجراء العقد.

ص: 130

غير المخاطب: قبلت صح (1)

و كذا (2) لو قال: بعتك فامر المخاطب وكيله بالقبول فقبل

و لو قال: بعتك العبد بكذا فقال: اشتريت نصفه بتمام الثمن، أو نصفه (3) لم ينعقد (4)

و كذا (5) لو قال: بعتك العبد بمائة درهم فقال: اشتريته بعشرة دنانير.

و لو قال للاثنين: بعتكما العبد بالف فقال احدهما: اشتريت نصفه

+++++++++++

(1) اى صح هذا العقد للتطابق بين الايجاب و القبول.

(2) اى و كذا صح العقد لو قال البائع للوكيل: بعتك فامر الموكل وكيله بالقبول.

(3) اى اشتريت تمام العبد بنصف الثمن.

(4) اى مثل هذه المعاملة التي وقع القبول فيها على شراء نصف العبد بتمام الثمن، أو بنصف الثمن، لعدم التطابق بين القبول و الايجاب، لأن البائع أوقع البيع على تمام العبد بتمام الثمن لا على نصفه بتمام الثمن حتى يقول المشتري: قبلت نصفه بتمام الثمن، فاختلف الايجاب و القبول من حيث المثمن.

و لا أوقع العقد على تمام العبد بنصف الثمن حتى يقول المشتري:

قبلت تمام العبد بنصف الثمن فاختلف الايجاب و القبول من حيث الثمن

(5) اى و كذا لا ينعقد العقد لو قال البائع: بعتك العبد بمائة درهم فقال المشتري: قبلت بعشرة دنانير، لاختلاف الايجاب و القبول من حيث الثمن و إن كانت عشرة دنانير تساوي مائة درهم.

ص: 131

بنصف الثمن لم يقع (1)

و لو قال كل منهما: (2) ذلك لا يبعد الجواز، و نحوه (3) لو قال البائع: بعتك العبد بمائة فقال المشتري: اشتريت كل نصف منه بخمسين

و فيه (4) إشكال

من جملة الشروط في العقد أن يقع كل من ايجابه و قبوله في حال
اشارة

و من جملة الشروط في العقد أن يقع كل من ايجابه و قبوله في حال يجوز لكل واحد منهما الانشاء، فلو كان المشتري في حال ايجاب البائع غير قابل للقبول، أو خرج البائع حال القبول عن قابلية الايجاب لم ينعقد.

+++++++++++

(1) اى العقد، لاختلاف الايجاب و القبول من حيث الثمن و المثمن اذ البيع وقع على تمام العبد بالف دينار، و القبول وقع من احد الاثنين على نصف العبد بنصف الثمن

(2) اى لو قال كل واحد من الاثنين الّذين قال البائع لهما: بعتكما العبد بالف دينار: اشتريت نصف العبد بنصف الثمن لا يبعد الجواز و صحة العقد، لأن الغرض من بيع العبد هو بيعه بقدر معين و هو الف دينار و قد حصل الغرض بشراء كل واحد من الاثنين نصف العبد بنصف الثمن المعين فطابق القبول الايجاب.

(3) اى و نحو الفرض السابق في الجواز و صحة العقد.

(4) اى و في جواز مثل قول البائع: بعتك العبد بمائة فقال المشتري:

اشتريت كل نصف منه بخمسين اشكال و نظر.

وجه الاشكال أن الظاهر من الايجاب هنا هو ايجاب البيع على مجموع العبد على وجه الاستقلال، لا على وجه التضمن، و القبول لا بد أن يقع طبقا لهذا الايجاب. -

ص: 132

ثم إن عدم قابليتهما إن كان لعدم كونهما قابلين للتخاطب كالموت و الجنون و الاغماء، بل النوم فوجه الاعتبار عدم تحقق معنى المعاقدة و المعاهدة حينئذ (1)

و أما صحة (2) القبول من الموصى له بعد موت الموصي فهو (3) شرط تحققه لا ركن، فإن حقيقة الوصية الايصاء، و كذا لو مات (4) قبل القبول قام وارثه مقامه، و لو رد (5) جاز له القبول بعد ذلك

+++++++++++

- و من الواضح أن القبول هنا قد وقع على المجموع على وجه التضمن لا على وجه الاستقلال.

(1) اى حين أن كان البائع و المشتري مجنونين، أو ميتين، أو نائمين

(2) دفع وهم

حاصل الوهم أنه لو كانت القابلية شرطا في الموجب و القابل، و أن الموت مانع عن تحقق المعاهدة و المعاقدة فيما بينهما فما تقولون في قبول الموصى له بعد موت الموصي و قبل قبوله مع أن الفقهاء قالوا بصحة قبول الموصى له بعد موت الموصي؟.

(3) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن القبول في الوصية شرط لتحقق الايصاء، لا أنه ركن لها، لأن حقيقة الوصية هو الايصاء، من دون أن يكون القبول من مقومات الوصية و أركانها، فلا يلزم وقوع القبول من الموصى له على وجه لا يصح منه الانشاء.

(4) اى الوصي

(5) اى و لو رد الوصي الوصية يجوز له القبول بعد الرد.

ص: 133

و إن كان (1) لعدم الاعتبار برضاهما فلخروجه عن مفهوم التعاهد و التعاقد، لأن المعتبر فيه (2) عرفا رضا كل منهما لما ينشأه الآخر حين إنشائه كمن (3) يعرض له الحجر بفلس، أو سفه أو رق أو قرض أو مرض موت

و الأصل في جميع ذلك أن الموجب لو فسخ قبل القبول لغى الايجاب السابق.

و كذا لو كان المشتري في زمان الايجاب غير راض، أو كان ممن لا يعتبر رضاه كالصغير.

فصحة كل من الايجاب و القبول يكون معناه قائما في نفس المتكلم من اوّل العقد الى أن يتحقق تمام السبب، و به (4) يتم معنى المعاقدة فاذا لم يكن هذا المعنى (5) قائما في نفس احدهما، أو قام و لم يكن قيامه معتبرا (6) لم يتحقق معنى المعاقدة.

ثم إنهم صرحوا بجواز لحوق الرضا لبيع المكره و مقتضاه عدم اعتباره من احدهما حين العقد، بل يكفي حصوله بعده فضلا عن حصوله بعد الايجاب و قبل القبول.

+++++++++++

(1) اى إن كان عدم قابلية المتعاقدين.

(2) اى في مفهوم التعاهد و التعاقد.

(3) مثال للمتعاقدين لا يعتبر رضاهما، و كذا بقية الأمثلة التي ذكرها الشيخ كلها مثال للمتعاقدين لا يعتبر رضاهما.

(4) اى و بتمام السبب

(5) و هو قيام الايجاب و القبول بنفس المتكلم من بداية العقد الى أن يتحقق تمام السبب.

(6) كما لو كان محجورا عليه، أو مفلسا، أو مجنونا.

ص: 134

اللهم إلا أن يلتزم بكون الحكم في المكره على خلاف القاعدة (1) لاجل الاجماع (2)

فرع لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقليدا في شروط الصيغة

فرع لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقليدا (3) في شروط الصيغة فهل يجوز أن يكتفي كل منهما بما يقتضيه مذهبه أم لا وجوه (4)

+++++++++++

(1) اذ القاعدة تقتضي في المتعاقدين أن يكون الرضا حاصلا و موجودا من بداية العقد.

(2) اى مخالفة المكره للقاعدة لاجل الاجماع القائم على عدم وجود الرضا فيه من اوّل الامر.

(3) صور المسألة أربعة:

(الاولى): كون المتعاقدين مجتهدين.

(الثانية): كونهما مقلدين.

(الثالثة): كون البائع مجتهدا و المشتري مقلدا.

(الرابعة): كون المشتري مجتهدا و البائع مقلدا.

(4) اى وجوه ثلاثة. أليك شرح الوجوه مع ذكر مثال لها.

و فرض المسألة في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا هكذا: الموجب ممن لا يرى العربية في العقد اجتهادا.

و المشتري يشترط العربية فيه اجتهادا، أو تقليدا فهل يجوز لكل منهما العمل برأيه فيوقع البائع العقد بالفارسية مثلا؛ و المشتري يقبله بالعربية: بأن قال البائع: فروختم و المشتري يقول: قبلت؟

اذا عرفت هذا فالأقوال في هذه المسألة ثلاثة

(الأول): جواز ذلك و صحة العقد في حقهما.

(الثاني): عدم جواز ذلك، و عدم صحة العقد في حقهما. -

ص: 135

ثالثها: (1) اشتراط عدم كون العقد المركب منهما مما لا قائل بكونه سببا في النقل كما لو فرضنا أنه لا قائل بجواز تقديم القبول على الايجاب و جواز العقد بالفارسية اردؤها (2) أخيرها و الأولان (3)

+++++++++++

- (الثالث): عدم كون العقد المركب منهما مما لا قائل به كما لو قال المشتري بجواز تقديم القبول على الايجاب؛ لكنه لا يجوز العقد بالفارسية

و قال البائع بجواز العقد بالفارسية فقدم المشتري القبول باللفظ العربي عملا بمذهبه و اوجب البائع البيع بالفارسية، عملا بمذهبه.

فحصل هنا عقد فارسي مقدم فيه القبول على الايجاب.

و من الواضح أن القائل باشتراط العربية يعتبرها في جميع العقد المركب من الايجاب و القبول، و لا يرى العقد المشتمل ايجابه على الفارسية عقدا عربيا فيحكم بفساد هذا العقد اجتهادا، أو تقليدا.

كما أن القائل بوجوب تأخير القبول عن الايجاب يرى فساد العقد اذا تقدم فيه القبول على الايجاب.

فالعقد يكون فاسدا على كلا المذهبين

(1) عرفت شرح الوجه الثالث آنفا.

(2) اى الوجه الثالث أردأ الوجوه الثلاثة.

وجه الأردئية أن الاجماع الذي لم يتوارد فيه أقوال المجمعين على عنوان واحد، بل كل واحد افتى بغير ما افتى به صاحبه مما لا يعقد به، لتخطئة كل واحد من المفتيين صاحبه.

(3) و هو الوجه الاول المشار إليه في الهامش 4. ص 135 و الوجه الثاني المشار إليه في الهامش 4. ص 135

ص: 136

مبنيان على أن الأحكام الظاهرية المجتهد فيها بمنزلة الواقعية الاضطرارية (1)

+++++++++++

(1) خلاصة هذه العبارة: أن الوجه الاول و الثاني من الوجوه الثلاثة في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا مبنيان على القول بكون الأحكام الظاهرية التي اجتهد فيها المجتهد كالأحكام الواقعية الاضطرارية: في أنها مجزية عن الواقع، و مسقطة للتكليف: بمعنى أنها بمنزلتها في تحقق السببية للمجتهد ظاهرا بحيث تكون سببا له كالواقع، و أنها مؤثرة في ترتب الاثر الشرعي كالنقل و الانتقال في الملك، أو الزوجية في المرأة مثلا.

كما أن الأمر بالتيمم في حق من كان متلبسا بشرائطه مقتض له، اذ ليس في الواقع حينئذ مكلفا إلا بالتيمم: و ليس هناك امر آخر في الواقع و قد امتثل بما هو مأمور به فلا بد من سقوطه عن ذمته.

فلى ضوء ما ذكرنا فلو عامل المجتهد معاملة على طبق اجتهاده فيكون ما تعامل عليه ملكا له، و يجوز للآخرين شراؤه و التصرف فيه باذنه.

و كذا لو تزوج امرأة و كان العقد بالفارسية، بناء على اجتهاده جوازه بها فالمرأة تكون زوجة له شرعا فلا يجوز لمجتهد آخر تزويجها و العقد عليها و إن كان يرى العقد بالفارسية باطلا.

و أما اذا قلنا: إن الأحكام الظاهرية التي اجتهد فيها المجتهد لا تكون كالأحكام الواقعية الاضطرارية في الإجزاء.

بل إنها كالأحكام الواقعية في مجرد المعذورية، و رفع العقاب عن التصرف في مال الغير فحينئذ لا مجال للامتثال، و سقوط التكليف عنه لأن الشارع إنما اراد الواقع، فإن اصابه احد فذاك، و إلا كان معذورا لعدم تمكنه من الوصول الى الواقع. -

ص: 137

فالايجاب بالفارسية من المجتهد القائل بصحته عند من يراه باطلا بمنزلة اشارة الأخرس (1)

و ايجاب (2) العاجز عن العربية، و كصلاة (3) المتيمم بالنسبة الى واجد

+++++++++++

- و من الواضح قبح التكليف بما لا يطاق.

ثم لا يخفى عليك: أنه ليس المراد من كون الأحكام الظاهرية المجتهد فيها بمنزلة الأحكام الواقعية الاضطرارية: أنها تكون مخصصة للواقع بحيث لا يكون هناك حكم واقعي معين؛ بل المعين و الواقع تابع لما ادى إليه ظن المجتهد، فإن القول بذلك تصويب محض الذي هو باطل لا نذهب إليه، لأن للّه عز و جل في الواقع أحكاما مجعولة للمكلفين و المجتهد اذا ادى إليها ظنه له اجران: اجر الاصابة، و أجر الاجتهاد، و إن اخطأ فله اجر و احد و هو اجر الاجتهاد.

بل المراد كما عرفت أنها بمنزلتها في تحقق السببية للمجتهد.

(1) اى في كون الإشارة حكم اضطراري واقعي ثانوي للأخرس يترتب عليها ما يترتب على النطق من الناطق.

و قد عرفت شرح هذه العبارة آنفا عند قولنا: لو عامل المجتهد معاملة على طبق اجتهاده.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بمنزلة إشارة الاخرس اى الايجاب بالفارسية بمنزلة ايجاب العاجز عن العربية.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بمنزلة اشارة الأخرس اي الايجاب بالفارسية بمنزلة صلاة المتيمم بالنسبة الى واجد الماء.

فكما أن الأداء بالفارسية عند العجز عن العربية هو الحكم الواقعي الاضطراري الثانوي للعاجز، و أنه مجز، كذلك الأحكام الظاهرية المجتهد فيها للمجتهد. -

ص: 138

الماء أم هي (1) أحكام عذرية لا يعذر فيها الا من اجتهد، أو قلد فيها؟

و المسألة (2) محررة في الاصول هذا كله اذا كان بطلان العقد عند كل من المتخالفين مستندا الى فعل الآخر كالصراحة و العربية و الماضوية و الترتيب (3)

و أما الموالاة (4) و التنجيز (5) و بقاء المتعاقدين على صفة صحة الإنشاء (6) الى آخر العقد فالظاهر أن اختلافها (7) يوجب فساد المجموع لأن الإخلال بالموالاة، أو التنجيز، أو البقاء على صفة صحة الانشاء

+++++++++++

- و كذا التيمم يكون حكما واقعيا اضطراريا ثانويا لفاقد الماء و يكون مجزيا عن الماء و صلاته صحيحة لا تحتاج الى الاعادة.

(1) اى الأحكام الظاهرية المجتهد فيها كالأحكام الواقعية الاضطرارية في مجرد المعذورية كما عرفت آنفا عند قولنا: اذ ليس المراد.

(2) و هي مسألة أن الأحكام الظاهرية المجتهد فيها كالأحكام الواقعية الاضطرارية محررة في علم الاصول. راجع كفاية الاصول مبحث الإجزاء

(3) و هو تقديم الايجاب على القبول

(4) و هو اتصال القبول بالايجاب كما عرفت مشروحا

(5) و هو خلو العقد عن التعليق كما عرفت

(6) و هو كون المتعاقدين واجدين لجميع شرائطهما الى انتهاء العقد كما عرفت.

(7) في النسخ الموجودة عندنا: أن اختلافها.

و الظاهر أن تكون العبارة هكذا: أن اختلافهما فيها فمرجع ضمير التثنية الى المتعاقدين، و ضمير فيها الى الموالاة و التنجيز و بقاء المتعاقدين على صفة صحة الانشاء -

ص: 139

يفسده عبارة من يراها شروطا، فإن الموجب اذا علق مثلا، أو لم يبق على صفة الانشاء الى زمان القبول باعتقاد (1) مشروعية ذلك لم يجز من القائل ببطلان هذا تعقيب هذا الايجاب بالقبول (2)

و كذا (3) القابل إذا لم يقبل إلا بعد فوات الموالاة. بزعم صحة ذلك، فإنه يجب على الموجب اعادة ايجابه اذا اعتقد اعتبار الموالاة فتأمل (4)

مسألة أحكام المقبوض بالعقد الفاسد
الأول ضمان المقبوض بالعقد الفاسد
اشارة

(مسألة): لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه، و كان مضمونا عليه.

أما عدم الملك فلأنه مقتضى فرض الفساد.

و أما الضمان (5) بمعنى كون تلفه عليه و هو احد الامور المتفرعة على القبض بالعقد الفاسد فهو المعروف (6)

+++++++++++

- و معنى العبارة أن المتعاقدين لو اختلفا في هذه الأشياء اجتهادا، أو تقليدا و اجرى كل واحد منهما العقد على طبق ما يراه يكون العقد باطلا.

(1) الظرف متعلق بقوله: اذا علق اى الموجب اذا علق باعتقاد مشروعية التعليق.

(2) لأن عبارته اصبحت فاسدة، فاتباعها بالقبول لا أثر له.

(3) اى و كذا عبارة القابل و هو المشتري مثلا اصبحت فاسدة اذا لا يرى الموالاة شرطا، و الموجب يراه شرطا.

(4) لعل وجه التأمل: أن اعتقاد القابل عدم فوات الموالاة كاف في صحة العقد، لأن الموالاة من فعله و الايجاب قد وقع صحيحا، و الموالاة شرط في صحة القبول، لا الايجاب، فالتراضي يكون منه، لا من الموجب كي يجب عليه مع تراضي القبول اعادة الايجاب

(5) اى ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد.

(6) اى عند الامامية. -

ص: 140

و ادعى الشيخ في باب الرهن، و في موضع من البيع الاجماع عليه (1) صريحا، و تبعه في ذلك فقيه عصره (2) في شرح القواعد و في السرائر أن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب (3) في الضمان

و في موضع آخر نسبه (4) الى أصحابنا

الاستدلال على الضمان

و يدل عليه (5) النبوي المشهور: على اليد ما اخذت حتى تؤدي

و الخدشة في دلالته (6): بأن كلمة على ظاهرة في الحكم التكليفي (7) فلا يدل على الضمان (8) ضعيفة جدا، فإن هذا الظهور (9) إنما هو اذا

+++++++++++

- ثم اعلم أن الواجب على القابض أولا و بالذات حفاظة العين المأخوذة بالعقد الفاسد و صيانتها، و ردها الى صاحبها، و عند التلف يجب عليه اداء مثلها اذا كانت مثليا، و قيمتها اذا كانت قيميا، و كذا اذا تلف بعضها

ثم اذا استفاد من منافعها اذا كانت لها فعليه اجرة المثل.

(1) اى على الضمان عند التلف، و يتبعه تلف بعضه

(2) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه

(3) بمعنى أنه كلما يجري على الغصب في العين المغصوبة من الضمان يجري في المأخوذ بالعقد الفاسد

(4) اى ابن ادريس في موضع آخر من السرائر نسب الضمان الى أصحابنا الامامية، فتدل هذه النسبة على دعوى الاجماع تقريبا

(5) اي على ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد

(6) اي في دلالة النبوي المشهور

(7) و هي حرمة التصرف، و وجوب الرد الى صاحب العين

(8) الذي هو الحكم الوضعي: بمعنى وجوب المثل، أو القيمة

(9) و هو ظهور النبوي المشهور في الحكم التكليفي

ص: 141

اسند الظرف (1) الى فعل من أفعال المكلفين (2)، لا الى مال من الأموال (3) كما (4) يقال عليه دين، فإن لفظة على حينئذ (5) لمجرد الاستقرار في العهدة (6) عينا كان (7)، أو دينا (8)

و من هنا (9) كان المتجه صحة الاستدلال به على ضمان الصغير (10)

+++++++++++

(1) و هي كلمة على اليد ما اخذت

(2) كقوله تعالى: وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فإن الظرف و هي كلمة على الناس قد تعلقت بأفعال المكلفين و هو الحج فدل على الحكم التكليفي: و هو وجوب التشرف لبيت اللّه عند الاستطاعة: المالية، و البدنية، و تخلية السرب.

(3) كما فيما نحن فيه، حيث إن الظرف و هو على اليد قد تعلق بالمال فيدل على الحكم الوضعي و هو الضمان

(4) التنظير هنا لدلالة الظرف على الحكم الوضعي، لتعلقه بالأموال

(5) اى حين أن تعلق الظرف بالمال

(6) اى في الذمة

(7) كالأعيان الخارجية

(8) عند تلف العين، أو الاستدانة

(9) اي و من أن الظرف اذا تعلق بالمال موجب للضمان و هو الحكم الوضعي يستدل بذلك على ضمان المجنون و الصغير

(10) لا يخفى أن خطاب الضمان في الحديث الشريف يتوجه أولا على المجنون و الصغير، لكن المكلف بالأداء الذي هو الحكم التكليفي هو الولي اذا كان موجودا، و الحاكم الشرعي، أو من نصبه هو اذا لم يكن الولي موجودا

ص: 142

بل المجنون اذا لم يكن يدهما ضعيفة، لعدم (1) التمييز و الشعور.

و يدل على الحكم المذكور (2) أيضا قوله عليه السلام في الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن اولدها المشتري إنه يأخذ الجارية صاحبها و يأخذ الرجل (3) ولده بالقيمة (4)، فإن ضمان الولد بالقيمة مع كونه (5) نماء لم يستوفه المشتري يستلزم ضمان الاصل (6) بطريق أولى

و ليس (7) استيلادها من قبيل إتلاف النماء، بل من قبيل إحداث

+++++++++++

(1) التعليل لضعف يد الصغير و المجنون: بمعنى أن ضعف يدهما لأجل أنهما لا يميزان و لا يشعران

(2) و هو الحكم الوضعي الذي هو الضمان

(3) و هو المشتري الذي اولد الامة

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 592. الباب 88. الحديث 3

(5) اي مع كون الولد

(6) و هي الجارية المسروقة المستولدة

(7) دفع وهم

حاصل الوهم: أن مدار البحث و الكلام في التلف: في أنه هل يوجب الضمان كالتلف السماوي أم لا؟

و ليس البحث في الإتلاف، فإنه مما لا شك في أنه موجب للضمان.

و في مورد بالرواية يكون المشتري متلفا للنماء فيكون ضامنا فيكون الاستشهاد بالرواية خارجا عما نحن بصدده.

فاجاب الشيخ عن الوهم ما حاصله: إن استيلاد الامة المسروقة ليس من قبيل إتلاف النماء حتى يكون المشتري متلفا، بل من قبيل إحداث نماء في رحم الأمة غير قابل للملك لصاحب النماء فيكون بمنزلة التالف، لا المتلف.

فالاستدلال بالحديث لا يكون خارجا عن مورد البحث.

ص: 143

نمائها غير قابل للملك (1) فهو كالتالف، لا كالمتلف. فافهم (2)

قاعدة ما يضمن بصحيحه و عكسها
البحث في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده
اشارة

ثم إن هذه المسألة (3) من جزئيات القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

و هذه القاعدة اصلا (4) و عكسا (5) و إن لم اجدها بهذه العبارة في كلام من تقدم على العلامة، إلا أنها يظهر من كلمات الشيخ رحمه اللّه في المبسوط، فإنه علل الضمان في غير واحد من العقود الفاسدة: بأنه دخل (6) على أن يكون المال مضمونا عليه.

و حاصله (7) أن قبض المال مقدما على ضمانه بعوض واقعي (8) أو جعلي (9) موجب للضمان.

+++++++++++

(1) اى الاستيلاد يكون كالتالف كما عرفت

(2) لعله اشارة الى إمكان صدق الاتلاف هنا عرفا، لأن المشتري قد استولدها و اخذ منها الولد، و اشغل رحمها بتربية ما وضعه فيه فهو من قبيل زرع الحب في ارض الغير.

(3) و هي مسألة ما لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد

(4) و هو ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

(5) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(6) اى اقدم المشتري على الشراء بشرط أن يكون المثمن مضمونا عليه فيكون هو الضامن اذا تلف

و كذلك البائع اقدم على البيع بشرط أن يكون هو الضامن للثمن اذا تلف.

(7) اي حاصل ما افاده الشيخ في استفادة القاعدة المذكورة

(8) و هو المثل، أو القيمة

(9) و هو المعين من قبل المتبايعين المعبر عنه بالمسمى.

ص: 144

و هذا المعنى (1) يشمل المقبوض بالعقود الفاسدة التي تضمن بصحيحها

و ذكر (2) أيضا في مسألة عدم الضمان في الرهن الفاسد أن صحيحه لا يوجب الضمان (3) فكيف يضمن بفاسده؟

و هذا (4) يدل على العكس المذكور (5)

و لم اجد من تأمل فيها (6) عدا الشهيد في المسالك فيما لو فسد عقد السبق فهل يستحق السابق اجرة المثل أم لا (7)؟

+++++++++++

(1) و هو الإقدام على ضمان المقبوض بعوض واقعي، أو جعلي لو تلف و ظهر مستحقا للغير

(2) اى شيخ الطائفة

(3) اي المرتهن لا يكون ضامنا للرهينة اذا لم يكن مفرطا

(4) و هو عدم الضمان في الرهن الفاسد، لأن صحيحه لا يضمن

(5) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

خلاصة هذا الكلام: أن علة عدم الضمان في الرهن الفاسد إنما جاءت من قبل عدم الضمان في الرهن الصحيح اذا لم يكن المرتهن متعديا في الرهينة، أو مفرطا.

فهذه العلة صارت سببا لعدم الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد الذي هو عكس القاعدة المذكورة: و هو ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(6) اي في القاعدة المذكورة اصلا و عكسا و هو:

كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(7) فهذه العبارة من شيخنا الشهيد الثاني قدس سره تدل على توقفه في القاعدة المذكورة اصلا و عكسا، لأنه لم يحكم بضمان اجرة المثل، و لا بعدم الضمان في عقد السبق اذا كان فاسدا

ص: 145

الكلام في معنى القاعدة

و كيف كان (1) فالمهم بيان معنى القاعدة (2) اصلا و عكسا ثم بيان المدرك فيها.

فنقول و من اللّه الاستعانة: إن (3) المراد بالعقد أعم من الجائز و اللازم

بل مما كانت (4) فيه شائبة الايقاع، أو كان (5) اقرب إليه فيشمل الجعالة و الخلع.

+++++++++++

(1) اى لا نطيل الكلام حول القاعدة المذكورة اصلا و عكسا من حيث النفي و الإثبات

(2) غرض الشيخ قدس سره من هذا الكلام أن يمهد قاعدة لتمييز ما كان داخلا في عموم: على اليد ما اخذت عما كان خارجا عنه فذكر هذه القاعدة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

فالكلام في هذه القاعدة تحتاج الى ذكر مقامين:

(الاول): بيان معنى القاعدة اصلا و عكسا

(الثاني) بيان مدركها

(3) من هنا شروع في بيان معنى القاعدة المذكورة اصلا و عكسا

و المراد بالعقد هو العقد الوارد في الكلية المذكورة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(4) اى بل المراد من العقد معناه الواسع كما في قول القائل:

كل من وجد ضالتي فله عندي دينار واحد، اذ القبول فيه لا يحتاج الى لفظ مخصوص، بل الاقدام على تحصيل الضالة قبول

(5) اى كان العقد أقرب الى الايقاع كما في الطلاق الخلعي الذي هو الطلاق بالعوض، فإن الخلع أقرب الى الايقاع من قربه الى العقد -

ص: 146

و المراد بالضمان في الجملتين (1) هو كون درك المضمون عليه (2):

بمعنى كون خسارته و دركه في ماله الاصلي (3) فاذا تلف وقع نقصان فيه (4)، لوجوب تداركه (5) منه

و أما مجرد كون تلفه في ملكه بحيث يتلف مملوكا له كما يتوهم فليس هذا معنى للضمان اصلا، فلا يقال: إن الانسان ضامن لأمواله.

ثم (6) تداركه من ماله تارة (7) يكون باداء عوضه الجعلي (8) الذي تراضى هو (9) و المالك على كونه عوضا و امضاء الشارع كما في المضمون بسبب العقد الصحيح.

+++++++++++

- أما كونه أقرب الى الايقاع فلكونه كالطلاق في الانشاء بقول الخالع:

انت مختلعة، أو خلعت فلانة

و أما كونه عقدا فلاحتياجه الى الطرفين

(1) و هما قوله: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(2) اى على التالف.

و المراد من دركه تحمل الضرر و الخسارة

(3) المراد من الاصلي هنا مال الضامن من غير هذا المال التالف

(4) اى في المال الاصلي

(5) اي تدارك المضمون من المال الاصلي

(6) من هنا شروع في أقسام التدارك فقسمه الشيخ قدس سره على ثلاثة أقسام و نحن نشير إليها عند ما يذكره

(7) هذا هو القسم الاول من أقسام التدارك

(8) و هو الثمن المسمى

(9) اي الضامن

ص: 147

و اخرى (1) بأداء عوضه الواقعي و هو المثل أو القيمة، و إن لم يتراضيا عليه (2)

و ثالثة (3) بأداء أقل الامرين: من العوض الواقعي و الجعلي كما ذكره بعضهم في بعض المقامات مثل تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع العوض (4)

فاذا ثبت هذا (5) فالمراد بالضمان بقول مطلق هو لزوم تداركه بعوضه الواقعي، لأن هذا (6) هو التدارك حقيقة.

و لذا (7) لو اشترط ضمان العارية لزمت غرامة مثلها، أو قيمتها

و لم يرد في أخبار ضمان المضمونات: من المغصوبات و غيرها عدا لفظ الضمان بقول مطلق (8).

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الثاني لأقسام التدارك

(2) اى على المثل، أو القيمة

(3) هذا هو القسم الثالث لأقسام التدارك

(4) فاذا كان العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة أقل من العوض الجعلي يعطى للواهب إزاء هبته التالفة

و اذا كان العوض الجعلي أقل من المثل، أو القيمة يعطى للواهب إزاء هبته التالفة

(5) اى اذا ثبت أقل الامرين في العين الموهوبة التالفة فالمراد بالضمان في هذه العين الموهوبة التالفة بقول مطلق اى من غير تقييد التدارك بالقيمة الواقعية و هو المثل، أو القيمة، أو بالجعلي و هو المسمى.

(6) و هو التدارك بالعوض الواقعي

(7) اى و لاجل أن التدارك بالعوض الواقعي هو التدارك حقيقة

(8) فيحمل على العوض الواقعي: و هو المثل، أو القيمة -

ص: 148

و أما تداركه (1) بغيره فلا بد من ثبوته من طريق آخر مثل تواطئهما (2) عليه بعقد صحيح يمضيه الشارع.

فاحتمال أن يكون المراد بالضمان في قولهم: يضمن بفاسده هو وجوب اداء العوض المسمى (3)

+++++++++++

- راجع حول أخبار الضمان «وسائل الشيعة». الجزء 13 ص 237 الباب 1. الأحاديث. أليك نص الحديث 6

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان.

و قال: ليس على المستعير عارية ضمان، و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن، و راجع الجزء 6. ص 58. الباب 2. الحديث 5

عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتّجر به أ يضمنه؟

قال: نعم

قلت: فعليه الزكاة

فقال؛ لا، لعمري لا اجمع عليه خصلتين: الضمان، و الزكاة

فالشاهد في كلمة الضمان، حيث ذكرت مطلقة غير مقيدة بالمسمى أو الواقع: و هو المثل، أو القيمة

(1) اى تدارك التالف بغير عوضه الواقعي

(2) اي تواطؤ المتعاقدين بالايجاب و القبول على غير العوض الواقعي و يمضي الشارع هذا العوض الذي تواطيا عليه بالعقد الصحيح

(3) اي المسمى بالعقد الفاسد الذي ظهر فساده لهما

ص: 149

نظير الضمان في العقد الصحيح ضعيف في الغاية، لا (1) لأن ضمانه بالمسمى يخرجه عن فرض الفساد، اذ يكفي في تحقق فرض الفساد بقاء كل من العوضين على ملك مالكه، و إن كان عند تلف احدهما (2) يتعين الآخر للعوضية.

نظير (3) المعاطاة على القول بالإباحة، بل (4) لاجل ما عرفت

+++++++++++

(1) أي ليس وجه ضعف وجوب أداء العوض المسمى في العقد الفاسد لاجل أن ضمان العوض المسمى في العقد الفاسد يخرج العقد الفاسد عن فرض كونه عقدا فاسدا، لأنه يكفي في تحقق فرض الفساد بقاء العوضين على ملك مالكهما، و لا ينافي الفساد تعيين الضمان بالمسمى

(2) اي عند تلف احد العوضين يتعين الآخر للعوضية و هو المسمى في العقد الفاسد.

فإن كان المسمى التالف هي العين فيكون الثمن المسمى هو العوض عن العين.

و إن كان المسمى التالف هو الثمن فيكون المثمن المسمى هو العوض عن الثمن، و لا ينافي ذلك كون العقد فاسدا.

(3) تنظير لبقاء العرضين على ملك مالكهما في العقد الفاسد، و أن الضمان يكون بالعوض الواقعي.

و خلاصته أن ما نحن فيه كالمأخوذ بالمعاطاة على القول بالإباحة في أنه باق على ملك مالكه، و عند تلف احدهما يضمن بالعوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة.

(4) هذا سبب وجه الضعف في الاحتمال المذكور اى وجه الضعف لأجل ما عرفت معنى الضمان: و هو العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة

و العقد الصحيح إنما صار المسمى فيه عوضا لإمضاء الشارع ذلك -

ص: 150

من معنى الضمان، و أن التدارك بالمسمى في الصحيح (1) لامضاء الشارع ما تواطأ على عوضيته، لا (2) لأن معنى الضمان في الصحيح مغاير لمعنى في الفاسد حتى يوجب ذلك (3) تفكيكا في العبارة فافهم (4)

ثم العموم (5)

+++++++++++

- و العقد الفاسد لم يمضه الشارع فليس فيه ضمان المسمى فيرجع فيه الى العوض الواقعي كما عرفت.

(1) اى في العقد الصحيح كما عرفت

(2) المقصود من هذا الكلام: هو أن الحكم في العقد الصحيح بضمان المسمى عند تلف العين، و ضمان العوض الواقعي الذي هو المثل أو القيمة في العقد الفاسد ليس لاجل تغاير معنى الضمان و مفهومه في العقد الصحيح و الفاسد: بحيث تتفكك عبارة الضمان في العقدين.

بل لاجل إمضاء الشارع المسمى في العقد الصحيح بسبب تواطؤ المتعاقدين على ذلك، و عدم إمضاء الشارع المسمى في العقد الفاسد.

(3) و هو تغاير معنى الضمان في العقدين.

(4) لعله اشارة الى أن ضمان الصحيح و إن كان المسمى، و ضمان الفاسد و إن كان العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة، لكنه مع ذلك لا يوجب تفكيكا و اختلافا في معنى الضمان.

(5) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

مقصود الشيخ قدس سره: أن العموم المستفاد من هذه القاعدة بواسطة كلمة كل ليس باعتبار العموم في أنواعه حتى يقال: بخروج جميع أفراد العارية: من الذهب و الفضة، و المشترط فيها الضمان، و غير المشترط -

ص: 151

في العقود ليس باعتبار خصوص الأنواع، لتكون أفراده (1) مثل البيع و الصلح و الاجارة، و نحوها، لجواز كون نوع لا يقتضي بنوعه الضمان و إنما المقتضي له بعض أصنافه (2) فالفرد الفاسد من ذلك الصنف يضمن به دون الفرد الفاسد من غير ذلك الصنف.

مثلا الصلح بنفسه لا يوجب الضمان، لأنه قد لا يفيد إلا فائدة الهبة غير المعوضة، أو الابراء فالموجب للضمان هو المشتمل على المعاوضة، فالفرد الفاسد من هذا القسم موجب للضمان أيضا؛ و لا يلتفت الى أن نوع الصلح الصحيح من حيث هو لا يوجب ضمانا فلا يضمن بفاسده.

و كذا الكلام في الهبة المعوضة، و كذا عارية الذهب و الفضة.

نعم ذكروا في وجه عدم ضمان الصيد (3) الذي استعاره المحرم:

+++++++++++

- عن إطارة الضمان، لأن نوع العارية لا يضمن بصحيحه حتى يضمن بفاسده.

بل العموم المذكور باعتبار أصنافه، حيث إن بعض الأنواع من العقود مشتمل على أصناف بعضها لا يضمن بصحيحها فالفاسد من هذا الصنف لا يضمن أيضا.

و بعض الأصناف يضمن بصحيحها فالفاسد من هذا الصنف يضمن أيضا كما مثلنا لك بالعارية.

و كذلك الهبة، فإنها على صنفين: المعوضة، و غير المعوضة.

فالمعوضة يضمن بصحيحها فاذا يضمن بفاسدها.

و غير المعوضة لا يضمن بصحيحها فكذلك لا يضمن بفاسدها.

(1) اى أفراد العموم

(2) عرفت شرح هذه العبارة آنفا في الهامش 5 ص 151-152

(3) اى في المحرم، حيث إن الصيد محرم عليه فلا يملكه.

ص: 152

أن صحيح العارية لا يوجب الضمان فينبغي أن لا يضمن بفاسدها (1)

و لعل المراد (2) عارية غير الذهب و الفضة، و غير المشروط ضمانها

ثم المتبادر من اقتضاء الصحيح للضمان اقتضاؤه له بنفسه، فلو اقتضاه الشرط المتحقق في ضمن العقد الصحيح (3) ففي الضمان بالفاسد من هذا الفرد المشروط فيه الضمان تمسكا بهذه القاعدة (4) إشكال كما لو استأجر اجارة فاسدة (5) و اشترط فيها ضمان العين، و قلنا بصحة هذا الشرط (6) فهل تضمن (7) بهذا الفاسد، لأن صحيحه (8) يضمن به و لو لاجل الشرط أم لا؟

و كذا (9) الكلام في الفرد الفاسد من العارية المضمونة

+++++++++++

(1) و هي استعارة المحرم للصيد حالة الإحرام.

(2) اى مراد الفقهاء: من العارية.

(3) كما في العارية المشترط فيها الضمان

(4) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(5) كما لو اختل بعض شروط العقد.

(6) و هو ضمان العين بدون تعد و تفريط.

(7) اى العين المستأجرة التي شرط ضمانها هل تضمن بهذه الاجارة الفاسدة التي فقد فيها بعض شروط العقد؟

(8) اى صحيح عقد الاجارة التي شرط فيها ضمان العين يضمن فهل فساده الذي شرط فيه الضمان يضمن، أو يرجع الى اصله: و هو أن صحيح الاجارة لا يضمن، كذلك فاسدها.

(9) اى و كذا عارية الذهب و الفضة المضمونة اذا فسدت تضمن -

ص: 153

و يظهر من الرياض اختيار الضمان بفاسدها (1) مطلقا، تبعا لظاهر المسالك.

و يمكن جعل الهبة المعوضة من هذا القبيل (2)، بناء على أنها هبة مشروطة، لا معاوضة.

و ربما يحتمل في العبارة (3) أن يكون معناه أن كل شخص من العقود يضمن به لو كان صحيحا يضمن به مع الفساد.

و رتب عليه (4) عدم الضمان (5) فيما لو استأجر بشرط أن لا اجرة (6)

كما اختاره (7)

+++++++++++

- كما أن صحيحها يضمن، أو يرجع فيها الى اصلها: و هو أن العارية لا يضمن صحيحها فكذلك فاسدها.

(1) اى بفاسد العارية مطلقا، سواء اشترط فيها الضمان أم لا لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

(2) اى من قبيل العارية المضمونة في أنها موجبة للضمان أي الهبة المعوضة كالعارية المضمونة في الضمان، فإن صحيحها مضمون.

و هل فاسدها يضمن، أو يرجع الى اصل العقد الذي لا يضمن بصحيحه، كذلك لا يضمن بفاسده؟

(3) أي في القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(4) اى على هذا المعنى المحتمل.

(5) اي عدم ضمان العين المستأجرة اذا لم يتعد فيها و لم يفرط

(6) فإن هذا الشرط فاسد، لابتناء الاجارة على الاجرة

(7) اي عدم ضمان العين المستأجرة في الاجارة الفاسدة بالشرط المذكور.

ص: 154

الشهيدان، أو باع بلا ثمن (1) كما هو (2) احد وجهي العلامة في القواعد

و يضعف (3): بأن الموضوع هو العقد الذي وجد له بالفعل صحيح و فاسد، لا ما يفرض تارة صحيحا، و اخرى فاسدا، فالمتعين بمقتضى هذه القاعدة (4) الضمان في مسألة البيع، لأن البيع الصحيح يضمن به.

+++++++++++

(1) اى رتب على المبيع بلا ثمن عدم الضمان، لأن البيع فاسد لابتنائه على الثمن.

(2) اى عدم ضمان العين المبيعة بلا عوض.

(3) اى احتمال تعلق الضمان بشخص العقد، لا بنوعه، أو صنفه ضعيف.

و الباء في بأن بيان لوجه الضعف.

و خلاصته: أن كلامنا في العقد الذي له في الحال فرد صحيح و فرد فاسد كالبيع، لا في العقد الذي يفرض له الصحة تارة: و الفساد اخرى كالاجارة بلا اجرة، اذ شخصها بفرض له الصحة عند من يفتي بصحة الاجارة بلا اجرة، و يفرض له الفساد عند من لا يفتي بصحتها.

فالاجارة على هذا النحو في آن واحد يفرض تارة صحيحة، و اخرى فاسدة.

و هكذا في البيع بلا ثمن، فإن شخص عقد البيع يفرض له الصحة تارة، و اخرى الفساد حسب اختلاف الفتوى، أو النظر.

(4) و هو أن المراد بكل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده: كل شخص من العقود، فاذا تم الاحتمال المذكور يكون مقتضاه الضمان في البيع بلا ثمن و إن قلنا بفساده.

ص: 155

نعم ما ذكره بعضهم (1): من التعليل لهذه القاعدة: بأنه أقدم على العين مضمونة عليه لا يجري في هذا الفرع.

لكن الكلام في معنى القاعدة، لا في مدركها (2)

ثم إن لفظة الباء في بصحيحه و بفاسده إما بمعنى في بأن: يراد كلما تحقق الضمان في صحيحه تحقق في فاسده.

و إما لمطلق السببية الشامل للناقصة (3) لا العلة التامة، فإن (4) العقد الصحيح قد لا يوجب الضمان إلا بعد القبض كما في السلم، و الصرف بل مطلق البيع؛ حيث إن المبيع قبل القبض مضمون على البائع: بمعنى أن دركه عليه، و يتداركه برد الثمن (5). فتأمل (6)

و كذا الاجارة و النكاح و الخلع، فإن المال في ذلك كله مضمون على من انتقل عنه الى أن يتسلمه من انتقل إليه.

+++++++++++

(1) و هو شيخ الطائفة بقوله: لأنه أدخل (اى اقدم) على الضمان فإنه جعل الاقدام على الشيء علة للضمان، فعليه لا يشمل هذا التعليل ضمان البيع بلا ثمن.

(2) و هي قاعدة الاقدام كما ذكرها الشيخ، أو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت.

(3) اى توجب الضمان بعد التقابض فهو جزء السبب فتكون الباء سببية ناقصة.

(4) تعليل لعدم كون الباء علة تامة.

(5) أى الى المشتري

(6) لعل وجه التأمل: أن الباء في بصحيحه علة تامة للضمان فلا ينافيها توقف الصرف و السلم على القبض في الضمان.

ص: 156

و أما العقد الفاسد فلا تكون علة تامة ابدا، بل يفتقر في ثبوت الضمان الى القبض فقبله (1) لا ضمان، فجعل الفاسد سببا إما لأنه المنشأ للقبض على وجه الضمان الذي هو سبب للضمان، و إما لأنه سبب الحكم بالضمان بشرط القبض (2)، و لذا (3)، علل الضمان الشيخ و غيره بدخوله على أن تكون العين مضمونة عليه.

و لا ريب أن دخوله على الضمان إنما هو بإنشاء العقد الفاسد فهو سبب لضمان ما يقبضه.

و الغرض من ذلك (4) كله دفع ما يتوهم أن سبب الضمان في الفاسد هو القبض، لا العقد الفاسد فكيف يقاس الفاسد على الصحيح في سببية الضمان و يقال: كلما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و قد ظهر من ذلك (5) أيضا فساد توهم أن ظاهر القاعدة (6) عدم توقف الضمان في الفاسد الى القبض (7) فلا بد من تخصيص القاعدة (8)

+++++++++++

(1) أي قبل القبض.

(2) لا مجردا عنه.

(3) أي و لا جل مدخلية القبض في الضمان في العقد الفاسد.

(4) و هو أن الباء سبب للضمان في العقد الصحيح و الفاسد بنحو الاقتضاء، لا أنها علة تامة له، و أن العقد الفاسد بشخصه لا يكون علة تامة للضمان ما لم يكن معه قبض، فالقبض و العقد الفاسد كلاهما يكونان دخيلين في الضمان طوليا، فقبل القبض لا يكون ضمان.

(5) أى من أن القبض دخيل في الضمان، و أن العقد سبب للضمان

(6) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(7) لأن الضمان في الصحيح غير متوقف على القبض.

(8) اى في العقد الفاسد باجماع: بأن يقال: إن العقد الفاسد -

ص: 157

باجماع، و نحوه (1)

الكلام في مدرك القاعدة

ثم (2) إن المدرك لهذه الكلية على ما ذكره في المسالك في مسألة الرهن المشروط بكون المرهون مبيعا بعد انقضاء الأجل: هو إقدام الآخذ على الضمان، ثم اضاف (3) الى ذلك قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

+++++++++++

- بوحده لا يكون سببا للضمان، بل لا بد من القبض حتى يثبت الضمان فخصصت القاعدة في العقد الفاسد باجماع.

(1) لعل المراد به الشهرة، أو الاتفاق، أو عدم وجود الخلاف

(2) من هنا يروم الشيخ قدس سره الدخول في ذكر مدرك القاعدة المعروفة:

كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و المدرك لها شيئان ذكرهما الشيخ في المتن و هما:

الاقدام على الشيء

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

(أما الاول) فقد ذكره شيخ الطائفة و هو أول من تكلم و جاء به و أدخله في القواعد الفقهية و صار اصلا من الاصول، و تبعه على ذلك المتأخرون: منهم الشهيد الثاني ذكره في المسالك.

و (أما الثاني): و هو الحديث فقد اشتهر بين (الشيعة و السنة) كالشمس في رائعة النهار ذكره العلماء في كتب الحديث.

و نحن نشير الى مصادره في الرقم الآتي

(3) اى الشهيد الثاني في المسالك.

ص: 158

على اليد ما اخذت حتى تؤدي (1)

و الظاهر أنه تبع في استدلاله بالإقدام الشيخ في المبسوط، حيث علل الضمان في موارد كثيرة: من البيع و الاجارة الفاسدين بدخوله على أن يكون المال مضمونا عليه بالمسمى، فاذا لم يسلم له المسمى رجع الى المثل، أو القيمة

+++++++++++

(1) راجع (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 3. ص 145. الباب 1 كتاب الغصب الحديث 4

و (الخلاف). الجزء 2. ص 173.

و (كنز العمال). الجزء 10. ص 420

ثم إن الاستدلال بالحديث يقتضي البحث فيه عن جهات لا بأس باشارة اجمالية إليها حسب ما استفدناه من بحث درس (سيدنا الاستاذ السيد البجنوردي) قدس سره الشريف.

(الاولى): بيان الفرق بين هذه اليد الواردة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: «على اليد ما اخذت حتى تؤديه».

و بين اليد التي جعلها الشارع احدى الامارات كما جعل البينة و السوق منها.

فنقول: الفرق بينهما واضح، حيث إن البحث عنها بحث عن حجيتها و أماريتها: بمعنى أن الشارع كما جعل البينة و السوق حجة في أن بهما تثبت الزوجية و الملكية و التذكية و الطهارة؛ و غير ذلك: من الامور الانتزاعية.

كذلك جعل اليد حجة و إمارة على الامورات المذكورة.

فالبحث عن هذه اليد بحث عن ثبوت المذكور لها أى هل تثبت الملكية، أو الزوجية، أو التذكية، أو الطهارة بهذه اليد الواضعة على ما يكون تحت تصرفه أم لا؟ -

ص: 159

..........

+++++++++++

- فمآل البحث عنها الى البحث عن أماريتها لا غير.

ثم إن المراد من هذه اليد معناها العام: و هي السلطنة و السلطة و السيطرة و الاستيلاء، و ليس المراد منها اليد الغاصبة أو المأذونة، أو الشرعية أو المالكية.

و أما البحث عن اليد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي فبحث عن أن هذه اليد التي ليست يد مالكية و لا مأذونة من قبل مالكها هل توجب الحكم الوضعي الذي يراد منه الضمان لو تصرفت فيما تحت تصرفه و سلطته و استيلائه عند تلفه.

أو لا يوجب إلا الحكم التكليفي فقط و هو وجوب الرد الى صاحبه؟

و المراد باليد هنا ليست اليد الجارحة، بل الاستيلاء، لأنه ربما يكون الآخذ غير قابل لاخذه الشيء بالجارحة.

و بهذا المعنى يصح أن يقال: إن الامر ليس بيدي و لو كان بيدي لكنت افعل كذا، فالمراد منها هو الاستيلاء التكويني، أو الاعتباري لأنه من صفات المتولي.

فاذا قيل: على اليد كذا اى على المستولي كذا.

و بهذا المعنى قال العزيز جل شأنه ردا على اليهود لعنهم اللّه تعالى:

بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ ، حيث قالوا يَدُ اَللّٰهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمٰا قٰالُوا ، اذ اليهود ارادوا من الغل القدرة و الاستيلاء اى ليس للّه عز و جل الاستيلاء و القدرة على الرزق.

فاجابهم اللّه عز اسمه: أن قدرة اللّه واسعة ليس فيها تضييق فهو ينفق حسب المصالح كيف اراد و شاء. -

ص: 160

..........

+++++++++++

- فالموضوع في تلك اليد أماريتها، و الموضوع هنا الضمان و عدمه (الثانية): في إعراب الحديث.

فنقول: على اليد ظرف مستقر مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتأخر و هي كلمة ما الموصولة في الحديث فتقدير الجملة هكذا:

الذي اخذته اليد ثابت، أو مستقر في ذمة الانسان حتى يؤديه.

و افاد بعض أن الظرف هنا لغو متعلق بأفعال العموم: و هو الكون و الوجود و الحصول و الثبوت.

و لكن الاول أوفق بالمتفاهم العرفي.

و المعنى: أن الذي اخذته اليد ثابت و مستقر عليها الى أن تؤديه.

وجه الأوفقية: أن الظرف لو كان لغوا لاحتاج الى التقدير و الاصل عدمه كما قيل حديثا و قديما، و لا يصار إليه إلا للضرورة.

بالإضافة الى أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم في مقام بيان رد مال الغير الى صاحبه، و ايصاله إليه، لا أنه في مقام بيان حفظه عن التلف و الضياع

(الثالثة): أن مدة الاستيلاء و الاستعلاء الحاصل على الشيء الذي يكون تحت تصرفه و استيلائه الى الوقت الذي لم يؤده الى صاحبه.

و أما اذا اداه فقد ارتفع ذاك الاستعلاء و الاستيلاء، فالاستيلاء محدود بغاية معينة: و هي مدة تصرفه بالعين المستولي عليها فقط.

اذا عرفت هذه الجهات فاعلم أن المأخوذ الذي اصبح تحت تصرف الآخذ إما غصبا، أو بدون اذن المالك، أو الشارع يكون في عهدة الآخذ و ذمته التى يراد منها عالم الاعتبار لا عالم الخارج، لأن عالم الخارج ظرف و وعاء للموجود الخارجي. -

ص: 161

..........

+++++++++++

- فاذا قيل: ذمة الشخص، أو عهدته مشغولة يراد منهما الاعتبارات الشرعية، أو العقلائية بالنسبة إليه.

فالذي يراد من الحديث الشريف: على اليد ما اخذت حتى تؤدي أن المال المأخوذ جبرا، أو بدون رضى من مالكه، أو بدون اذن من الشارع فهو ثابت بوجوده الاعتباري في ذمة الشخص و عهدته، و لا يرتفع إلا بعد ادائه الى صاحبه اذا كانت العين موجودة، و إلا بعد اداء مثلها أو قيمتها اذا كانت تالفة، لأنه بمجرد التلف لا يرتفع الموجود الاعتباري عن ذمة الشخص و عهدته.

و الخلاصة: أن الماخوذ لو كان موجودا فأداؤه برد نفس العين الخارجية الموجودة.

و اذا كانت تالفة فيستحيل اداء شخصها و عينها فتئول النوبة الى التدارك بالمثل؛ و اذا تعذر المثل تصل النوبة الى الدرجة الثالثة و هو اداء القيمة.

ثم إن هذه المراتب ليست بحكم العقل فقط، بل العرف يحكم بذلك أيضا، فإنه بعد أن حكم بالضمان يحكم أولا برد العين اذا كانت موجودة و برد مثلها اذا تلفت، و برد قيمتها اذا تعذر المثل.

الى هنا كان الكلام في العين.

و أما المنافع لو كانت لها فنقول:

هي على قسمين: المستوفاة، و غير المستوفاة.

(أما الاولى): فلا شك في ضمانها، و أنها في ذمة المستوفي، لأنها تعد من الأموال فلا بد من تداركها: لأنه لا فرق في الأموال بين كونها -

ص: 162

و هذا الوجه (1) لا يخلو عن تأمل، لأنهما إنما اقدما و تراضيا و تواطئا بالعقد الفاسد على ضمان خاص (2)، لا الضمان بالمثل، أو القيمة.

و المفروض عدم امضاء الشارع لذلك الضمان الخاص (3) و مطلق الضمان (4) لا يبقى بعد انتفاء الخصوصية (5) حتى يتقوم بخصوصية اخرى

+++++++++++

- عينا، أو منفعة، بل في غالب الأشياء تكون مالية العين بواسطة مالية المنافع، اذ في الحقيقة لو لا للعين من منافع لما بذل المال بإزائها.

بالإضافة الى أن وقوع العين تحت يده يتبع وقوع المنافع تحتها

فكما أن العين تكون مضمونة كذلك المنافع تكون مضمونة.

(و أما الثانية): فالضمان فيها هو المشهور، و هو الأقوى، لتفويتها على صاحبها، بناء على أن التفويت من موجبات الضمان و أسبابه عند العقلاء، حيث إنهم يرون أن تفويت مال الغير موجب للضمان.

هذا تمام الكلام في المنافع اذا كانت متحدة.

و أما اذا كانت للعين منافع متضادة فهل يضمن جميعها اذا تلفت سواء استوفيت أم لم تستوف، أو يضمن اكثرها مالا، أو يضمن احدها

ذهب سيدنا الاستاذ قدس سره الى ضمان اكثر المنافع مالا، لأن اليد يد عدوان فصارت موجبة للتلف فتكون ذمته مشغولة بها، و لا تبرأ إلا بادائها.

(1) و هو الإقدام على الضمان الذي ذكره شيخ الطائفة.

(2) و هو المسمى.

(3) لفساد العقد فالضمان الخاص قد انتفى بحكم الفرض.

(4) و هو المثل، أو القيمة لم يعترف بهما المتعاقدان فكيف تشتغل ذمتهما بهما؟

(5) و هو ضمان المسمى الذي اعترف به المتعاقدان.

ص: 163

فالضمان بالمثل، أو القيمة إن ثبت فحكم شرعي تابع لدليله (1) و ليس مما اقدم عليه المتعاقدان.

هذا (2) كله مع أن مورد (3) هذا التعليل (4) أعم من وجه (5) من المطلب، اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان كما قبل القبض

و قد لا يكون إقدام في العقد الفاسد مع تحقق الضمان كما اذا شرط في عقد البيع ضمان المبيع على البائع اذا تلف في يد المشتري

و كما اذا قال: بعتك بلا ثمن، أو آجرتك بلا اجرة (6)

+++++++++++

(1) فإن وجد دليل نحكم بالضمان، و إن لم يوجد لم نحكم.

(2) و هو أن الضمان المخصوص قد ارتفع بفساد العقد، و الضمان المطلق لم يقدما عليه.

(3) و هو العقد الفاسد.

(4) و هو الإقدام على الضمان كما افاده الشيخ

(5) اى بين الإقدام و الضمان من النسب الاربعة عموم و خصوص من وجه، لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو تلف المبيع بالعقد الفاسد في يد المشتري فهنا يصدق الإقدام، و يصدق الضمان.

و أما مادة الافتراق من جانب الضمان: بأن يكون الإقدام موجودا و الضمان ليس موجودا فقد ذكره الشيخ في المتن.

و أما مادة الافتراق من جانب الإقدام: بأن يكون الضمان موجودا و الاقدام ليس موجودا فكما ذكره الشيخ في المتن.

(6) فإن عقد البيع بلا ثمن، و الاجارة بلا اجرة فاسد، فالضمان موجود، و الإقدام ليس موجودا.

ص: 164

نعم قوّى الشهيدان في الاخير (1) عدم الضمان.

و استشكل العلامة في مثال البيع في باب السلم (2)

و بالجملة فدليل الإقدام مع أنه مطلب يحتاج الى دليل لم نحصله منقوض طردا و عكسا (3)

و أما (4) خبر اليد فدلالته و إن كانت ظاهرة، و سنده منجبرا إلا أن مورده مختص بالأعيان فلا يشمل المنافع (5)، و الأعمال المضمونة في الإجارة الفاسدة.

اللهم إلا أن يستدل على الضمان فيها (6) بما دل على احترام مال المسلم (7)، و أنه لا يحل (8)

+++++++++++

(1) و هى الاجارة بلا اجرة.

(2) أي استشكل في الضمان في السلم.

(3) كما عرفت ذلك في قول الشيخ في ص 164: اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان الى آخر قوله.

(4) من هنا يريد شيخنا الانصاري أن يورد على الاستدلال بالحديث النبوي المشهور: على اليد ما اخذت حتى تؤدى، و يبين أن ليس له عموم حتى يشمل الأعيان و المنافع، بل مختص بالأعيان.

(5) كالاجارة.

(6) اى في المنافع، و في الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(7) هذا هو الدليل الاول لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(8) هذا هو الدليل الثاني لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة و هو اشارة الى قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المسلم اخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب نفس منه. -

ص: 165

إلا عن طيب نفسه، و أن حرمة (1) ماله كحرمة دمه. و أنه (2) لا يصلح ذهاب حق احد.

مضافا (3) الى أدلة نفي الضرر، فكل عمل وقع من عامل لاحد بحيث يقع بامره، و حصيلا لغرضه فلا بد من اداء عوضه، لقاعدتي الاحترام (4) و نفي الضرار.

+++++++++++

- و قد مرت الاشارة الى الحديث في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 181.

(1) هذا هو الدليل الثالث لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

و قد مرت الإشارة إليه في الجزء 3 من طبعتنا الحديثة. ص 8

(2) هذا هو الدليل الرابع لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

اشارة الى الحديث الوارد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: سألته هل تجوز شهادة اهل ملة على غير اهل ملتهم؟.

قال: نعم اذا لم يوجد من اهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، إنه لا يصلح ذهاب حق احد.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13 ص 390 الباب 20 الحديث 3

(3) اى بالإضافة الى ما ذكرنا من الأدلة التي هي الأخبار المشار إليها لنا دليل آخر على ضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة:

و هي أدلة نفي الضرر الواردة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(4) و هو أن حرمة ماله كحرمة دمه، و قد اشير إليه آنفا

ص: 166

ثم إنه لا يبعد أن يكون مراد الشيخ و من تبعه من الاستدلال على الضمان بالإقدام، و الدخول عليه بيان أن العين و المنفعة التين تسلمهما الشخص لم يتسلمهما مجانا و تبرعا حتى لا يقضي احترامهما بتداركهما بالعوض كما في العمل المتبرع به، و العين المدفوعة مجانا، أو امانة، فليس دليل الإقدام دليلا مستقلا (1)، بل هو بيان لعدم المانع عن مقتضى اليد في الأموال (2) و احترام الأعمال (3)

نعم في المسالك ذكر كلا من الاقدام، و اليد دليلا مستقلا (4) فيبقى عليه ما ذكر سابقا من النقض (5) و الاعتراض (6)

الضمان فيما لا يرجع فيه نفع إلى الضامن

و يبقى الكلام حينئذ (7) في بعض الأعمال المضمونة التي لا يرجع نفعها الى الضامن، و لم يقع بامره كالسبق في المسابقة الفاسدة، حيث حكم الشيخ و المحقق، و غيرهما بعدم استحقاق السابق أجرة المثل (8)، خلافا لآخرين (9)

+++++++++++

(1) اي في عرض دليل على اليد ما اخذت حتى تؤديه.

(2) كما في المنافع في الاجارة الفاسدة.

(3) و هي الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(4) اى كل واحد منهما دليل مستقل في عرض الآخر.

(5) و هو قوله في ص 164: اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان الى آخر ما ذكره.

(6) و هو قوله في ص 165: فدليل الإقدام مع أنه مطلب يحتاج الى دليل لم نحصله منقوض طردا و عكسا.

(7) اى حين أن قلنا: إن قاعدة الاقدام منقوضة طردا و عكسا و أنه لا دليل على أن الاقدام سبب للضمان.

(8) أما اجرة المسمى فليست ممضاة من قبل الشارع.

(9) حيث قالوا باستحقاق السابق اجرة المثل.

ص: 167

و وجهه (1) أن عمل العامل لم يعد نفعه الى الآخر، و لم يقع بامره (2) أيضا.

فاحترام الأموال التي منها الأعمال لا يقضي بضمان الشخص له، و وجوب عوضه عليه، لأنه (3) ليس كالمستوفي له، و لذا (4) كانت شرعيته على خلاف القاعدة، حيث إنه (5) بذل مال في مقابل عمل لا ينفع الباذل

و تمام الكلام في بابه (6)

+++++++++++

(1) أى وجه عدم استحقاق السابق اجرة المثل.

(2) أى بامر الدافع، لأن الاجارة كانت فاسدة.

(3) تعليل لكون العمل الصادر من السابق ليس له احترام.

و خلاصته: أن هذا العمل ليس كالعمل الذي استوفاه الآمر و استفاد منه، لأنه ليس فيه نفع يعود الى باذل المال.

و من المفروض أنه لا بد في صحة بذل المال من وجود نفع يعود الى الباذل حتى لا يكون اكل المال اكلا بالباطل.

(4) تعليل لعدم وجود نفع في عمل السباق يعود الى الباذل، اى و لأجل أن العمل الذي هو السباق ليس فيه نفع يعود الى الباذل كانت مشروعية السبق على خلاف القواعد المقررة في الفقه: و هو أنه لا بد في صحة البذل من وجود نفع يعود الى الباذل.

و إنما حكم بصحته لورود النص الخاص على مشروعيته.

(5) اى المال المبذول في المسابقة الفاسدة.

(6) اى في باب السبق و الرماية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4.

ص 421-428

ص: 168

ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من الضمان في الفاسد (1) بين جهل الدافع بالفساد، و بين علمه مع جهل القابض.

و توهم (2) أن الدافع في هذه الصورة هو الذي سلطه عليه و المفروض أن القابض جاهل.

+++++++++++

(1) اى في العقد الفاسد الذي يضمن بصحيحه.

لا يخفى أن التعميم المذكور و هو قوله: لا فرق فيما ذكر الى آخر ما ذكره يرجع الى اصل مسألة ضمان المبيع بالبيع الفاسد.

فهنا صور أربعة تحصل من ضرب صورتي العلم و الجهل في البائع و المشتري اى البائع إما أن يكون عالما بفساد البيع، أو جاهلا. و كذا المشتري

فالتعميم المذكور ينتج أربعة صور من ضرب البائع و المشتري في صورة العلم و الجهل 2 * 2-4 أليك الصور.

(الاول): كون البائع و المشتري عالمين بالفساد.

(الثاني): كون البائع و المشتري جاهلين بالفساد.

(الثالث): كون البائع عالما بالفساد، و المشتري جاهلا به.

(الرابع): كون المشتري عالما بالفساد، و البائع جاهلا به، فالشيخ قدس سره افاد الضمان في جميع الصور.

لكن الانصاف عدم الضمان في صورة علم الدافع بالفساد، و جهل القابض به.

(2) اي توهم أن الدافع في صورة جهل القابض بفساد العقد هو الذي سلطه على تلف المال فلا ضمان على القابض.

ص: 169

مدفوع بإطلاق النص (1) و الفتوى (2)، و ليس (3) الجاهل مغرورا لأنه أقدم على الضمان قاصدا و تسليط (4) الدافع العالم لا يجعله امانة مالكية لأنه (5) دفعه على أنه ملك المدفوع إليه، لا أنه امانة عنده، أو عارية

و لذا (6) لا يجوز له التصرف فيه، و الانتفاع به.

و ستأتي تتمة ذلك في مسألة بيع الغاصب مع علم المشتري.

هذا كله (7) في اصل الكلية المذكورة.

+++++++++++

(1) و هو على اليد ما اخذت حتى تؤديه، فإنه مطلق ليس فيه تقييد الضمان بصورة الجهل.

(2) اى فتوى علماء الامامية، فإنهم في مقام الفتوى يفتون بالضمان مطلقا، سواء أ كان القابض عالما أم جاهلا.

(3) دفع وهم آخر.

و خلاصة الوهم: أن القابض الجاهل مغرور بجهله بفساد العقد فلا يشمله الضمان: لأن الضمان مقيد بعدم الغرر.

و قد اجاب الشيخ عن الوهم في المتن فلا نعيده.

(4) دفع وهم آخر.

حاصل الوهم: أن الدافع العالم بالفساد هو الذي سلط القابض على ماله فالمال حينئذ يكون عنده امانة مالكية فلا يكون ضامنا له.

(5) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده

(6) اى و لاجل أن الدافع إنما دفع المال الى القابض بناء على أنه ملك للمدفوع إليه، لا امانة عنده، أو عارية.

(7) أي كل ما ذكرنا إنما كان في الكلية من جانب الطرد: و هو أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

ص: 170

أما عكسها: و هو أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
اشارة

و أما عكسها: و هو أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده فمعناه أن كل عقد لا يفيد صحيحه ضمان مورده ففاسده لا يفيد ضمانا كما في عقد الرهن (1)، و الوكالة (2)، و المضاربة (3)، و العارية غير المضمونة (4) بل المضمونة، بناء على أن المراد بافادة الصحيح للضمان افادته بنفسه، لا بامر خارج عنه كالشرط الواقع في متنه (5)، و غير ذلك من العقود اللازمة و الجائزة.

هل تضمن عين المستأجرة فاسدا

ثم إن مقتضى ذلك (6) عدم ضمان العين المستأجرة فاسدا، لأن

+++++++++++

(1) حيث إن المرتهن لا يضمن الوثيقة اذا تلفت اذا لم يكن بتعد أو تفريط.

(2) حيث إن الوكيل لا يضمن ما في يده اذا تلف عنده اذا لم يكن بتعد.

(3) حيث إن العامل لا يضمن المال اذا تلف عنده اذا لم يكن بتعد

(4) حيث إن المستعير لا يضمن العارية غير المشروطة، و لا الذهب و الفضة اذا تلفت عنده اذا لم يكن بتعد و تفريط.

راجع حول الرهن و الوكالة و المضاربة و العارية (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4 كتاب الرهن. كتاب الوكالة. كتاب المضاربة. كتاب العارية.

(5) كما في العارية المضمونة، حيث إن الضمان فيها جاء من ناحية الشرط، لا من طبيعة العقد، فإن طبيعة العارية بنفسها لا تفيد الضمان لو لا الشرط.

(6) اى مقتضى عكس القاعدة الذي هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

ص: 171

صحيح الاجارة غير مفيد لضمانها كما صرح به (1) في القواعد و السرائر

و حكي (2) عن التذكرة و اطلاق الباقي (3) إلا أن صريح الرياض الحكم بالضمان (4).

و حكي (5) فيها عن بعض نسبته الى المفهوم من كلمات الأصحاب

و الظاهر (6) أن المحكي عنه هو المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة.

و ما (7) أبعد ما بينه (8)

+++++++++++

(1) أى بعدم ضمان الاجارة الفاسدة.

(2) اى عدم ضمان الاجارة الفاسدة.

(3) فإن باقي فقهاء الامامية قدس اللّه أرواحهم قالوا بعدم الضمان في الاجارة و لم يقيدوها بالصحيحة، أو الفاسدة كما قيد العلامة و ابن ادريس عدم الضمان في الاجارة بالفاسدة.

فهذا الاطلاق دليل على عدم الضمان في الاجارة الفاسدة.

(4) اى بضمان الاجارة بالفاسدة.

(5) اى صاحب الرياض حكى في الرياض عن بعض الفقهاء نسبة ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا الامامية.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري.

(7) هذا أيضا كلام شيخنا الانصاري يتعجب من نسبة المحقق الاردبيلي ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا، و من نسبة المحقق الثاني عدم ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا، و يقول: كيف التوفيق بين هاتين النسبتين المتهافتتين؟.

(8) أى بين كلام المحقق الاردبيلي: من نسبة الضمان الى الأصحاب

ص: 172

و بين ما عن جامع المقاصد، حيث قال في باب الغصب: إن الذي يلوح من كلامهم (1) هو عدم ضمان العين المستأجرة فاسدا باستيفاء المنفعة.

و الذي (2) ينساق إليه النظر هو الضمان، لأن التصرف فيها (3) حرام، لأنه غصب فيضمنه ثم قال (4): إلا أن كون الاجارة الفاسدة لا يضمن بها كما لا يضمن بصحيحها مناف لذلك (5) فيقال: إنه دخل على عدم الضمان بهذا الاستيلاء و إن لم يكن مستحقا (6) و الاصل براءة الذمة من الضمان فلا تكون العين بذلك (7) مضمونة، و لو لا ذلك (8) لكان المرتهن ضامنا مع فساد الرهن، لأن استيلاءه (9) بغير حق و هو باطل. انتهى.

+++++++++++

(1) اى كلام الأصحاب فنسب المحقق عدم الضمان في الاجارة الفاسدة الى الأصحاب.

(2) هذا راى صاحب جامع المقاصد.

(3) لا يخفى أن حكم المحقق الثاني بحرمة التصرف و غصبيته في العين المستأجرة بالاجارة الفاسدة محل كلام، حيث إن المستاجر اخذها بزعم صحة الاجارة، و تسلمها من صاحبها برضاه ثم تبين فساد الاجارة.

نعم اذا طلبها صاحبها بعد العلم بالفساد و لم يسلمها المستأجر كان غاصبا.

(4) اى المحقق الثاني

(5) اى للضمان في الاجارة الفاسدة

(6) اى لا يكون مستحقا للاستيلاء، لفساد الاجارة.

(7) اي بالاستيلاء.

(8) اى و لو لا اصل البراءة من الضمان.

(9) اي استيلاء المرتهن على العين المرهونة، لفساد الاجارة.

ص: 173

منشأ الحكم بالضمان

و لعل الحكم بالضمان في المسألة (1)

إما لخروجها عن قاعدة ما لا يضمن (2)، لأن (3) المراد بالمضمون مورد العقد، و مورد العقد في الاجارة المنفعة فالعين يرجع في حكمها الى القواعد (4)، و حيث كانت في صحيح الاجارة امانة مأذونا فيها شرعا و من طرف المالك لم يكن فيه ضمان.

و أما في فاسدها فدفع الموجر للعين إنما هو للبناء على استحقاق المستأجر لها، الحق الانتفاع فيه، و المفروض عدم الاستحقاق، فيده عليها يد عدوان موجبة للضمان.

و إما (5) لأن قاعدة ما لا يضمن معارضة هنا بقاعدة اليد (6)

الأقوى عدم الضمان

و الأقوى (7)

+++++++++++

(1) اى مسألة اجارة الفاسد كما افاده المحقق الثاني بقوله: و الذي ينساق إليه النظر هو الضمان.

(2) اى ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) تعليل لخروج ضمان الاجارة الفاسدة عن قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(4) و هو الضمان.

(5) هذا هو الوجه الثاني للضمان في العين المستأجرة بالاجارة الفاسدة اذ الوجه الاول هو قوله: إما لخروجها.

(6) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدى.

(7) هذا راى الشيخ في الموضوع فاذا تعارضتا تساقطتا فيرجع حينئذ الى القواعد الفقهية و هي تقتضي الضمان. -

ص: 174

عدم الضمان.

فالقاعدة المذكورة (1) غير مخصصة بالعين المستاجرة، و لا متخصصة.

ثم إنه يشكل اطراد القاعدة في موارد.
اشارة

ثم إنه يشكل اطراد القاعدة (2) في موارد.

منها: الصيد الذي استعاره المحرم من المحل

(منها): (3) الصيد الذي استعاره المحرم من المحل، بناء على فساد العارية (4)، فإنهم حكموا بضمان المحرم له بالقيمة، مع أن صحيح العارية لا يضمن به، و لذا (5) ناقش الشهيد الثاني في الضمان على تقديري الصحة و الفساد (6) إلا أن يقال: إن وجه ضمانه بعد البناء على أنه يجب على المحرم ارساله، و اداء قيمته: أن المستقر عليه قهرا (7) بعد العارية هي القيمة، لا العين فوجوب دفع القيمة ثابت قبل التلف بسبب وجوب

+++++++++++

- و يمكن أن يراد من المعارضة في قوله: و هي معارضة حكومة قاعدة على اليد على أصالة البراءة.

(1) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده لا تكون مخصصة بالعين المستأجرة بالإجارة الفاسدة: و كذلك لا تكون متخصصة اى ليس لها خروج موضوعي.

(2) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) اى من تلك الموارد التي لا تأتي القاعدة المذكورة فيها.

(4) اى في حالة العارية.

(5) اى و لأجل أن صحيح العارية لا يضمن ناقش الشهيد الثاني في ضمان عارية المحرم التي هي فاسدة بالقيمة.

(6) القيدان راجعان الى عارية المحرم اى عارية المحرم، سواء أ كانت صحيحة أم باطلة.

(7) اى رغما على انفه جاء على المحرم هذا الضمان بعد ارساله الصيد

ص: 175

الإتلاف (1) الذي هو سبب لضمان ملك الغير في كل عقد، لا بسبب التلف.

منها المنافع غير المستوفاة من البيع فاسدا

و يشكل اطراد القاعدة (2) أيضا في البيع فاسدا بالنسبة الى المنافع التي لم يستوفها، فإن هذه المنافع (3) غير مضمونة في العقد الصحيح (4) مع أنها (5) مضمونة في العقد الفاسد، إلا أن يقال: إن ضمان العين (6) يستتبع ضمان المنافع في العقد الصحيح و الفاسد.

و فيه (7) نظر، لأن نفس المنفعة غير مضمونة بشيء في العقد الصحيح لأن الثمن إنما هو بإزاء العين دون المنافع.

+++++++++++

(1) و هو وجوب ارسال الصيد الذي حصل للمحرم بعد اخذه من المحل.

(2) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(3) و هي المستوفاة.

و لا يخفى أنه لا مجال للقول بعدم ضمان المنافع غير المستوفاة في العقد الصحيح، لأن علقة المالكية قد انقطعت عن المالك و اضيفت الى المشتري

(4) المقتضي لعدم الضمان في العقد الفاسد أيضا.

(5) اى مع أن المنافع الغير المستوفاة مضمونة في العقد الفاسد فانخرمت القاعدة المذكورة.

(6) اى ضمان العين في البيع الصحيح و الفاسد: بمعنى أن ضمان المنافع يكون تابعا لضمان العين في العقد الصحيح و الفاسد.

(7) اى و فيما افاده القيل: من أن ضمان العين يستتبع ضمان المنافع نظر و اشكال

ص: 176

منها حمل المبيع فاسدا

و يمكن نقض القاعدة (1) أيضا: بحمل المبيع فاسدا على ما صرح به في المبسوط و الشرائع و التذكرة، و التحرير من كونه مضمونا على المشتري

خلافا للشهيدين و المحقق الثاني و بعض آخر، تبعا للعلامة في القواعد مع أن الحمل غير مضمون في البيع الصحيح، بناء على أنه للبائع.

و عن الدروس توجيه (2) كلام العلامة بما اذا اشترط الدخول في البيع، و حينئذ (3) لا نقض على القاعدة.

منها الشركة الفاسدة

و يمكن النقض (4) أيضا بالشركة الفاسدة، بناء على أنه لا يجوز

+++++++++++(1) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده اى يمكن نقض هذه القاعدة أيضا بالحمل الموجود في الامة المبيعة بالبيع الفاسد، فإن الحمل لو تلف عند المشتري بعد تسلمه الامة يكون مضمونا عليه، مع أن الحمل غير مضمون في البيع الصحيح، بناء على أن الحمل الذي كان موجودا في رحم الامة عند الشراء للبائع.

(2) اى وجه الشهيد الاول كلام العلامة القائل بعدم ضمان الحمل على اشتراط المشتري مع البائع دخول الحمل في البيع: بأن يكون له.

(3) اى و حين الاشتراط من قبل المشتري بكون الحمل له.

(4) اى نقض قاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده بالشركة(1)الفاسدة.

ص: 177


1- بفتح الشين و كسر الراء عبارة عن اختلاط النصيبين فصاعدا بحيث لا يتميز احدهما عن الآخر. و أسباب الشركة إما الارث، و إما العقد، و إما الحيازة، و إما الحق كالشفعة، و إما المنفعة كاجارة دار تكون منفعتها مشتركة بينهما. و المعتبر عند الامامية من الشركة شرعا شركة (العنان) التي هي شركة الأموال. -

التصرف بها فاخذ المال المشترك حينئذ (1) عدوانا موجب للضمان.

مبنى عدم الضمان في عكس القاعدة هي الأولوية و المناقشة فيها

ثم إن مبنى هذه القضية السالبة (2) على ما تقدم من كلام الشيخ في المبسوط هي الأولوية و حاصلها (3) أن الرهن لا يضمن بصحيحه فكيف بفاسده.

و توضيحه أن الصحيح من العقد اذا لم يقتض الضمان مع إمضاء الشارع له فالفاسد الذي هو بمنزلة العدم لا يؤثر في الضمان، لأن اثر الضمان إما من الاقدام على الضمان و المفروض عدمه، و الا لضمن بصحيحه.

و إما من حكم الشارع بالضمان بواسطة هذه المعاملة الفاسدة و المفروض أنها لا تؤثر شيئا.

و وجه الأولوية (4) أن الصحيح اذا كان مفيدا للضمان امكن أن يقال:

إن الضمان من مقتضيات الصحيح فلا يجري في الفاسد، لكونه لغوا غير مؤثر على ما سبق تقريبه: من أنه اقدم على ضمان خاص (5) و الشارع لم يمضه فيرتفع اصل الضمان (6)

+++++++++++(1) اى حين فساد الشركة

(2) اى مأخذ عكس القاعدة: و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) اى الأولوية.

(4) اى أولوية عدم الضمان في الفاسد.

(5) و هو ضمان الثمن و المثمن

(6) و هو مطلق الضمان، لأنه بعد عدم ثبوت ضمان الخاص من قبل الشارع فلا يبقى مجال للضمان اصلا.

ص: 178


1- - راجع حول الشركة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4 من ص 197 - الى 207

لكن يخدشها (1) أنه يجوز أن تكون صحة الرهن و الإجارة المستلزمة لتسلط المرتهن و المستأجر على العين شرعا مؤثرة في رفع الضمان.

بخلاف الفاسد الذي لا يوجب تسلطا لهما على العين فلا أولوية.

(فإن قلت): إن الفاسد و إن لم يكن له دخل في الضمان إلا أن مقتضى عموم على اليد هو الضمان خرج منه المقبوض بصحاح العقود التي يكون مواردها غير مضمونة على القابض و بقي الباقي (2)

(قلت): ما خرج (3) به المقبوض بصحاح تلك العقود يخرج به المقبوض بفاسدها. و هي عموم (4) ما دل على أن من لم يضمنه المالك، سواء ملكه اياه بغير عوض، أو سلطه (5) على الانتفاع به، أو استأمنه (6) منه عليه لحفظه، أو دفعه (7) إليه لاستيفاء حقه، أو العمل (8) فيه بلا اجرة أو معها، أو غير ذلك فهو غير ضامن.

أما في غير التمليك بلا عوض اعني الهبة فالدليل المخصص لقاعدة

+++++++++++

(1) اى هذه الأولوية.

(2) و هي العقود الفاسدة التى يكون صحيحها غير مضمونة ففاسدها تكون مضمونة.

(3) اى عن الضمان

(4) هذا العموم احد أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان.

(5) هذا ثاني أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(6) هذا ثالث أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(7) هذا رابع أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(8) هذا خامس أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

ص: 179

الضمان عموم ما دل على أن من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن، بل ليس لك أن تتهمه.

و أما في الهبة الفاسدة فيمكن الاستدلال على خروجها من عموم اليد (1) بفحوى ما دل على خروج مورد الاستيمان، فإن استيمان المالك لغيره على ملكه اذا اقتضى عدم ضمانه له اقتضى التسليط المطلق عليه مجانا عدم ضمانه بطريق اولى.

و التقييد بالمجانية (2) لخروج التسليط المطلق بالعوض كما في المعاوضات فإنه عين التضمين.

فحاصل أدلة عدم ضمان المستأمن: أن دفع المالك إليه ملكه على وجه لا يضمنه بعوض واقعي أعني المثل، أو القيمة، و لا جعلى (3) فليس عليه ضمان.

الثاني من الأمور المتفرعة على عدم تملك المقبوض بالبيع الفاسد وجوب رده فورا إلى المالك

(الثاني (4) من الامور المتفرعة على عدم تملك المقبوض بالبيع الفاسد وجوب رده (5) فورا الى المالك.

و الظاهر أنه (6) مما لا خلاف فيه على تقدير عدم جواز التصرف فيه كما يلوح من مجمع الفائدة.

+++++++++++

(1) اى على اليد ما اخذت حتى تؤديه، فإن العموم لا يشمل الهبة الفاسدة، لخروجها عنه بواسطة مفهوم الأولوية التي ذكرها الشيخ في المتن فلا ضمان فيها.

(2) في قوله: عليه مجانا.

(3) و هو المسمى.

(4) اى الأمر الثاني، اذ الاول كون المضمون بالعقد الفاسد غير داخل في ملك القابض

(5) اى رد المأخوذ بالعقد الفاسد فورا ففورا في كل لحظة و آن

(6) اى وجوب الرد الى صاحبه فورا ففورا.

ص: 180

بل صرح في التذكرة كما عن جامع المقاصد أن مئونة الرد على المشتري لوجوب ما (1) لا يتم إلا به.

و اطلاقه (2) يشمل ما لو كان في رده مئونة كثيرة؛ إلا أن يقيد (3) بغيرها بأدلة (4) نفي الضرر

و يدل عليه (5) أن الامساك. آنا مّا تصرف في مال الغير بغير اذنه فلا يجوز لقوله عجل اللّه تعالى فرجه لا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره إلا باذنه (6)

و لو نوقش في كون الامساك تصرفا كفى عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا يحل مال امرئ مسلم لاخيه إلا عن طيب نفسه (7)، حيث يدل على تحريم جميع الأفعال المتعلقة به (8) التي منها كونه في يده.

+++++++++++

(1) و هي المقدمة، بناء على وجوبها، فإن بذل المئونة لايصال المأخوذ بالعقد الفاسد مقدمة لوصول المأخوذ الى صاحبه فالرد واجب و كذلك مقدمته و هو بذل المئونة.

(2) اى اطلاق وجوب ما لا يتم إلا به الذي هو صرف المئونة، حيث إن بذل المئونة مطلق لا تقييد فيه بالقليل، و لا بالكثير.

(3) اى وجوب الرد يقيد بعدم احتياجها الى مئونة زائدة كثيرة.

(4) الباء في بأدلة نفي الضرر بيان للمقيد الذي هو وجوب الرد

(5) اى على وجوب رد المأخوذ بالعقد الفاسد الى صاحبه.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 309. الباب 1. الحديث 4

(7) مرت الاشارة في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 181

(8) اى بمال امرئ مسلم.

ص: 181

و أما توهم أن هذا (1) باذنه، حيث إنه دفعه باختياره فمندفع بأنه إنما ملكه اياه عوضا (2) فاذا انتفت صفة العوضية (3) باعتبار عدم سلامة العوض له شرعا.

و المفروض أن كونه (4) على وجه الملكية المجانية مما لم ينشئها المالك (5) و كونه (6) مالا للمالك، و أمانة في يده (7) أيضا مما لم يؤذن فيه، و لو اذن له (8) فهو استيداع جديد، كما انه لو ملكه مجانا كانت هبة جديدة

هذا، و لكن الذي يظهر من المبسوط عدم الاثم في إمساكه معللا بأنه قبضه باذن مالكه. و كذا السرائر ناسبا له (9) الى الأصحاب.

و هو ضعيف، و النسبة (10) غير ثابتة

+++++++++++

(1) اى الامساك و هو الابقاء تحت يده.

(2) اى عند ما ملكه عوضا عما يملكه المشتري.

(3) لفساد العقد المستلزم لعدم تملك كل من المتعاقدين الثمن و المثمن

(4) اى كون المدفوع.

(5) بل المالك انشأ الملكية المعوضة.

(6) اى و كون المدفوع.

(7) اى في يد القابض حتى يكون امانة مالكية.

(8) اى بعد فساد العقد و الحال أن الاذن الجديد لم يحصل و لم يثبت

(9) اى عدم الاثم في إمساك المأخوذ بالعقد الفاسد.

(10) اى الى عموم الأصحاب، لأن شيخ الطائفة و ابن ادريس ذهبا الى عدم الاثم في إمساكه.

ص: 182

و لا يبعد إرادة صورة الجهل (1)، لأنه لا يعاقب.

الثالث: أنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل الرد كان عليه عوضها على المشهور

(الثالث) (2): أنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل الرد كان عليه عوضها على المشهور، بل ظاهر ما تقدم من السرائر (3) كونه بمنزلة المغصوب الاتفاق على الحكم.

و يدل عليه (4) عموم قوله: لا يحل مال امرئ مسلم لأخيه إلا عن طيب نفسه (5)، بناء على صدق المال على المنفعة، و لذا (6) يجعل ثمنا في البيع و صداقا في النكاح، خلافا للوسيلة فنفى الضمان (7)، محتجا (8) بأن الخراج بالضمان كما في النبوى المرسل

+++++++++++

(1) اى جهل القابض بالفساد، حيث لا يعاقب الجاهل فلو كان هناك اثم لعوقب و إن كان الجهل لا يمنع من الضمان، بناء على مبنى (شيخنا الانصاري).

(2) اى من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(3) في نقل الشيخ عنه في ص 141 بقوله: و في السرائر أن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب في الضمان.

(4) اى على وجوب عوض المنافع المستوفاة على القابض.

(5) مرت الاشارة الى الحديث في الهامش 8 ص 165-166

(6) اى و لاجل صدق المال على المنفعة.

(7) اي عن المنافع المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد بالنبوي المعروف:

الخراج بالضمان اى المنافع في مقابل ضمان العين.

(8) اى استدل صاحب الوسيلة على أن المنافع في مقابل ضمان العين بالحديث النبوي المعروف الخراج بالضمان.

اقول: الحديث هذا مروى في كتب (اخواننا السنة)

رواه احمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن حيان -

ص: 183

و تفسيره (1) أن من ضمن شيئا و تقبله لنفسه فخراجه (2) له فالباء (3) للسببية، أو المقابلة.

+++++++++++

- و قالوا: إنه حديث صحيح، و لم يرو عن طرقنا الامامية.

أليك ما افاده (شيخنا الممقاني) قدس سره في شرحه على المكاسب في ص 288 حول الحديث قال:

لم نعثر على ذكره في كتب الأخبار المأثورة عن طرق الخاصة اى (الشيعة الامامية).

لكن قال في كتاب الأشباه و النظائر في القسم الاول:

القاعدة العاشرة الخراج بالضمان من حديث عائشة.

ثم إنه ذكر سبب ورود الحديث في بعض طرقه:

و هو أن رجلا ابتاع عبدا فاقام عنده ما شاء اللّه ثم وجد به عيبا فخاصمه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فرده عليه فقال: يا رسول اللّه قد استعمل الغلام.

فقال صلى اللّه عليه و سلم: الخراج بالضمان.

قال ابو عبيدة: الخراج في الحديث غلة العبد يشتريه الرجل فيستعمله زمانا ثم يعثر منه على عيب دلّه البائع فيرده و يأخذ جميع الثمن و يفوز بغلته كلها، لأنه كان في ضمانه فلو هلك هلك من ماله. انتهى.

و خراج كل شيء ما خرج منه، فخراج الشجر ثمرته، و خراج الحيوان دره و نسله.

(1) اى معنى الخراج بالضمان

(2) اى منافع الشيء الذي ضمنه تكون له اذا كانت له.

(3) اى الباء في كلمة بالضمان الواردة في الحديث النبوي: الخراج بالضمان سببية اى سبب كون المنافع للمشتري هو ضمان الشيء.

ص: 184

فالمشتري لما اقدم على ضمان المبيع و تقبله على نفسه بتقبيل البائع و تضمينه اياه على أن يكون الخراج له مجانا كان اللازم من ذلك أن خراجه له على تقدير الفساد، كما أن الضمان عليه على هذا التقدير (1) أيضا.

و الحاصل أن ضمان العين لا يجتمع مع ضمان الخراج، و مرجعه (2) الى أن الغنيمة و الفائدة بإزاء الغرامة (3)

و هذا المعنى (4) مستنبط من أخبار كثيرة متفرقة مثل قوله في مقام الاستشهاد على كون منفعة المبيع في زمان الخيار للمشتري:

ألا ترى أنها لو احترقت كانت من مال المشتري (5)؟

+++++++++++

(1) اى على تقدير فساد العقد.

(2) اى و مرجع عدم اجتماع ضمان العين، و ضمان الخراج الى أن الأرباح و الفوائد تكون بإزاء غرامة العين و ضمانها فلا يكون ضمان آخر للفوائد.

(3) اى ضمان العين كما عرفت.

(4) و هو أن الغنيمة و الفائدة بإزاء ضمان العين يستفاد من عدة روايات وردت في المقام كقوله عليه السلام في الحديث الآتي: الغلة للمشتري

(5) فالحديث هذا يدل على أن القابض لا يضمن المنافع، لأنها بإزاء ضمان العين.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 355. الباب 8. الحديث 1

أليك نص الحديث.

عن اسحاق بن عمار قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى اخيه فقال: ابيعك داري هذه، و تكون لك احب إليّ من أن تكون لغيرك -

ص: 185

و نحوه (1) في الرهن، و غيره.

و فيه (2) أن هذا الضمان ليس هو ما اقدم عليه المتبايعان حتى يكون

+++++++++++

- على أن تشترط لي إن انا جئتك بثمنها الى سنة أن ترد عليّ.

فقال: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى سنة ردّها عليه.

قلت: فإنها كانت فيها غلة كثيرة فاخذ الغلة لمن تكون الغلة؟

فقال: الغلة للمشتري ألا ترى أنه لو احترقت لكانت من ماله؟

(1) اي و نحو هذا الحديث الوارد في أن المنافع المستوفاة لا تضمن لأنها بإزاء ضمان العين: الحديث الوارد في الرهن.

أليك نص الحديث

عن اسحاق بن عمار عن ابى ابراهيم موسى بن جعفر عليه السلام

قال سألته عن الرجل يرهن العبد أو الثوب، أو متاع البيت فيقول صاحب المتاع للمرتهن: انت في حل من لبس هذا الثوب فالبس الثوب و انتفع بالمتاع، و استخدم الخادم.

قال: هو له حلال اذا احله، و ما احب أن يفعل.

قلت: فارتهن دارا لها غلة لمن الغلة؟

قال: لصاحب الدار

قلت: فارتهن ارضا بيضاء فقال صاحب الارض: ازرعها لنفسك.

فقال: هو حلال ليس هذا مثل هذا يزرعها لنفسه بماله فهو له حلال كما أحله، لأنه يزرع بماله و يعمرها.

المصدر نفسه. الجزء 13 ص 130. الباب 8. الحديث 1.

فالحديث هذا دل على أن المنافع و الأرباح تكون ازاء ضمان العين.

(2) اى و في الاستدلال بالحديث النبوي الخراج بالضمان على عدم -

ص: 186

الخراج بإزائه و إنما هو (1) امر قهري حكم به الشارع كما حكم بضمان المقبوض بالسوم (2)، و المغصوب (3).

فالمراد بالضمان الذي بإزائه الخراج التزام الشيء على نفسه و تقبله له مع امضاء الشارع له (4)

و ربما ينتقض ما ذكرناه (5) في معنى الرواية (6) بالعارية المضمونة (7)

+++++++++++

- ضمان المنافع المستوفاة نظر و إشكال.

وجه النظر: أن ضمان العين في العقد ليس ضمانا اقدم عليه المتبايعان بطيب نفسهما، لأنهما إنما اقدما على المعاملة ظنا منهما صحتها، و أنهما ليسا ضامنين.

بل الضمان للعين في هذا العقد حصل من الشارع قهرا عليهما، و رغما على انفهما فلا يكون الخراج ازاء الضمان.

(1) أي ضمان العين في العقد الفاسد كما عرفت.

(2) المراد من السوم هو اختبار المشتري السلعة عند شرائها فلو تلفت بوقوعها من يده، أو بطريق آخر لكان المشتري ضامنا لها.

(3) فإن من غصب شيئا يكون ضامنا له مهما بلغ الامر و كلف و يؤخذ بأشد الأحوال.

(4) و من الواضح أن الشارع لم يمض هذا الضمان المتولد من العقد الفاسد حتى تكون الأرباح و المنافع المعبر عنها بالخراج في إزاء ضمان العين

(5) و هو أن ضمان العين في العقد الفاسد ليس ضمانا اقدم عليه المتعاقدان بطيب نفسهما، بل هو ضمان حصل قهرا عليهما من الشارع.

(6) و هي المرسلة المروية عن طرق اخواننا السنة: الخراج بالضمان

(7) و هي المشترطة، و عارية الذهب و الفضة.

ص: 187

حيث إنه اقدم على ضمانها، مع أن خراجها ليس له، لعدم تملكه للمنفعة و إنما تملك الانتفاع الذي عينه المالك. فتأمل (1).

و الحاصل أن دلالة الرواية (2) لا تقصر عن سندها في الوهن فلا يترك لاجلها (3) قاعدة ضمان مال المسلم (4) و احترامه (5)، و عدم حله إلا عن طيب النفس (6)

+++++++++++

(1) وجه التأمل: أن الخراج بالضمان في العقد الفاسد في مقابل أن العين ملك له، و من أمواله في حال الانتفاع الذي هو سبب لكون تلفها منه.

بخلاف العارية المضمونة، فإن ضمانها ليس من باب أن العين فيها ملك للمستعير حتى يملك المنافع بإزاء ضمان العين.

(2) و هو الخراج بالضمان، حيث إن كلامنا في المقبوض بالعقد الفاسد: في أنه لو كانت للعين منافع مستوفاة هل يضمنها كل واحد من المتبايعين لو كانت للثمن و المثمن منافع.

و الحديث هذا ليس فيه دلالة على ما نحن بصدده؟

(3) اي لأجل رواية الخراج بالضمان التي هي قاصرة سندا و دلالة لا نرفع اليد عن القواعد المسلمة في الفقه.

(4) هذه احدى القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 7 ص 165

(5) هذه ثانية القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 7. ص 165

(6) هذه ثالثة القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 8. ص 165

ص: 188

و ربما يرد هذا القول (1) بما ورد في شراء الجارية المسروقة من ضمان قيمة الولد، و عوض اللبن (2)، بل عوض كلما انتفع.

و فيه (3) أن اللام في البيع الفاسد الحاصل بين مالكي العوضين من جهة أن مالك العين جعل خراجها له بإزاء ضمانها بالثمن، لا ما كان فساده من جهة التصرف في مال الغير.

+++++++++++

- فمع هذه القواعد المسلمة الدالة على ضمان الأموال كيف يمكن رفع اليد عنها، و العمل بتلك المرسلة؟

(1) و هو قول صاحب الوسيلة من عدم الضمان في المنافع المستوفاة

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 592. الباب 88 الحديث 4

أليك نص الحديث.

عن زرارة قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: رجل اشترى جارية من سوق المسلمين فخرج بها الى ارضه فولدت منه أولادا، ثم إن اباها يزعم أنها له و اقام على ذلك البينة.

قال: يقبض ولده و يدفع إليه الجارية و يعوضه في قيمة ما اصاب من لبنها و خدمتها.

فالرواية هذه ترد المرسلة المذكورة: من أن الخراج بالضمان، حيث إنها حكمت برد الجارية الى مالكها، و بتعويض الرجل الذي اولدها قيمة الولد و اللبن و جميع ما استفاد من خدماتها.

فلو كان الخراج بالضمان كيف يحكم الامام عليه السلام في الرواية بذلك؟

(3) أي و في هذا الرد.

ص: 189

و أضعف من ذلك (1) رده بصحيحة ابي ولاد المتضمنة لضمان منفعة المغصوب المستوفاة ردا على ابي حنيفة القائل بأنه اذا تحقق ضمان العين و لو بالغصب سقط كرها كما يظهر (2) من تلك الصحيحة.

نعم لو كان القول المذكور (3) موافقا لقول أبي حنيفة في اطلاق القول: بأن الخراج بالضمان انتهضت الصحيحة و ما قبلها (4) ردا عليه

+++++++++++

(1) أى و أضعف من هذا الرد رد المرسلة المذكورة: الخراج بالضمان بصحيحة أبى ولاد.

وجه الأضعفية: أن الصحيحة واردة في الغصب مجردة عن عنوان البيع، و كلامنا في ضمان المقبوض بالعقد الفاسد فلا مساس للصحيحة بما نحن بصدده فبينهما بون بعيد.

راجع حول الصحيحة (وسائل الشيعة) الجزء 17. ص 313.

الباب 7. الحديث 1

(2) اي قول (أبي حنيفة): اذا تحقق ضمان العين و لو بالغصب سقط كرها، لأن الخراج بالضمان.

(3) و هو سقوط ضمان المنافع المستوفاة بضمان العين، لأن الخراج بالضمان كما افاده صاحب الوسيلة اى لو كان قوله بعدم الضمان مطابقا مع قول (أبي حنيفة) في عدم الضمان كانت الصحيحة المذكورة ردا له

لكن قوله مخالف لقول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة يقول بعدم الضمان مطلقا، سواء أ كان عدم الضمان في الغصب أم في المقبوض بالعقد الفاسد

و صاحب الوسيلة يقول بعدم الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد فقط فلا تشمله الصحيحة الواردة في الغصب فقط.

(4) و هي الرواية الواردة في شراء الجارية المسروقة المشار إليها في الهامش 2. ص 189

ص: 190

هذا (1) كله في المنفعة المستوفاة.

و أما المنفعة الفائتة بغير استيفاء فالمشهور فيها أيضا الضمان.

و قد عرفت عبارة السرائر المتقدمة (2)

و لعله (3) لكون المنافع أموالا في يد من بيده العين فهي مقبوضة في يده، و لذا (4) يجري على المنفعة حكم المقبوض اذا قبض العين فتدخل المنفعة في ضمان المستأجر، و يتحقق قبض الثمن في السلم بقبض الجارية المجعول خدمتها ثمنا، و كذا الدار المجعول سكناها ثمنا، مضافا (5) الى أنه مقتضى احترام مال المسلم، اذ كونه في يد غير مالكه مدة طويلة من غير اجرة مناف للاحترام.

لكن يشكل الحكم (6)

+++++++++++

(1) اى ما قلناه: من ضمان المنافع، أو عدم الضمان كله كان حول المنافع المستوفاة.

(2) في ص 141 بقوله: إن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري: اي و لعل ضمان المنافع غير المستوفاة لاجل صدق المال عليها فهي تحت يده و تصرفه فكما تكون العين مضمونة كذلك المنافع.

(4) اي و لأجل صدق المال على المنافع غير المستوفاة و أنها في يده و تحت تصرفه.

(5) اي بالإضافة الى ما ذكرناه في ضمان المنافع غير المستوفاة:

من أنها أموال فتكون مقبوضة بقبض العين لنا دليل آخر على ضمانها: و هو أن الضمان مقتضى احترام أموال المسلم كما عرفت ذلك في الهامش 7 ص 165

(6) و هو ضمان المنافع غير المستوفاة.

ص: 191

بعد تسليم كون المنافع أموالا حقيقة (1): بأن (2) مجرد ذلك لا يكفي في تحقق الضمان، إلا أن يندرج (3) في عموم على اليد ما اخذت و لا إشكال في عدم شمول صلة (4) الموصول للمنافع.

و حصولها (5) في اليد بقبض العين لا يوجب صدق الاخذ.

+++++++++++

(1) اذ لا نسلم أن المنافع غير المستوفاة تعد أموالا حقيقة و على فرض تسليم أنها أموال حقيقة يشكل الحكم بضمان المنافع غير المستوفاة.

(2) الباء بيان لوجه الإشكال في الحكم و هو ضمان المنافع غير المستوفاة اى مجرد كون المنافع غير المستوفاة أموالا حقيقة.

(3) اى ضمان المنافع غير المستوفاة تحت قاعدة: على اليد ما اخذت حتى تؤدى، بناء على أنها قد اخذت من صاحبها حال كونها تابعة للعين في اخذها.

(4) و هي كلمة اخذت الواقعة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

على اليد ما اخذت حتى تؤديه لا تشمل المنافع غير المستوفاة، لأنها ليست مأخوذة بالاستقلال و إنما اخذت تبعا للعين فالاخذ لا يشملها.

(لا يقال): إن عموم على اليد، سواء أ كان الاخذ بالاستقلال أم بالتبع يشملها فالضمان ثابت لها.

(فإنه يقال): هذا العموم المدعى خلاف ظاهر اللفظ، اذ لفظ الاخذ ظاهر في الاخذ الاستقلالي، لا التبعي فالعموم لا يشمل المنافع غير المستوفاة.

(5) دفع وهم

حاصل الوهم: أن المنافع قد حصلت في اليد و إن كانت بتبعية العين فيصدق الاخذ.

ص: 192

و دعوى أنه (1) كناية عن مطلق الاستيلاء الحاصل في المنافع بقبض الأعيان مشكلة (2)

و أما (3) احترام مال المسلم فإنما يقتضي عدم حل التصرف فيه (4) و إتلافه (5) بلا عوض، و إنما يتحقق ذلك (6) في الاستيفاء فالحكم (7) بعدم الضمان مطلقا كما عن الايضاح، أو مع علم البائع بالفساد كما عن بعض

+++++++++++

فاجاب الشيخ أن الحصول في اليد لا يوجب صدق الاخذ حتى يشمله حديث على اليد ما اخذت.

(1) اى لو ادعي أن الأخذ هنا كناية عن الاستيلاء و السلطنة لا الاخذ باليد الجارحة، و هذا الاستيلاء حاصل على المنافع غير المستوفاة بسبب القبض.

(2) وجه الإشكال أن الظاهر من الاخذ هو الأخذ باليد الجارحة.

(3) من هنا يريد الشيخ أن يبدي نظره حول المنافع غير المستوفاة في عدم الضمان في المأخوذ بالعقد الفاسد.

و خلاصته: أن قاعدة احترام مال المسلم تقضي على عدم جواز التصرف في ماله، و عدم جواز اتلافه بلا عوض.

لكن هذه القاعدة تأتي في المنافع المستوفاة، لا في غير المستوفاة.

(4) اى في المأخوذ بالعقد الفاسد كما عرفت.

(5) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: عدم حل التصرف اى احترام مال المسلم إنما يقضي عدم إتلافه بلا عوض كما عرفت.

(6) هذا رأي الشيخ في المنافع غير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد.

(7) سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم لا.

ص: 193

آخر موافق للاصل (1) السليم.

مضافا (2) الى أنه قد يدّعى شمول قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده له (3)

و من المعلوم أن صحيح البيع لا يوجب ضمانا للمشتري للمنفعة، لأنها له (4) مجانا، و لا (5) يتقسط الثمن عليها، و ضمانها (6) مع الاستيفاء لاجل (7) الإتلاف فلا ينافي القاعدة المذكورة، لأنها بالنسبة الى التلف لا الاتلاف.

+++++++++++

(1) و هي براءة ذمة القابض عن الضمان و هذا الاصل سالم عن معارضة شيء معه.

(2) أي لنا دليل آخر على عدم ضمان المقبوض بالعقد الفاسد في المنافع غير المستوفاة.

(3) أي للمقبوض بالعقد الفاسد.

(4) اي للقابض.

(5) اى الثمن المقبوض بالعقد الفاسد لا يتوزع قسم منه على المبيع و قسم منه على المنفعة: بأن يقال: إن قسما منه بإزاء المثمن، و قسما منه بإزاء المنفعة فالذي بإزاء المنفعة يؤخذ منه و إن لم يستوفها.

(6) دفع وهم

حاصل الوهم: أن عدم ضمان المنافع غير المستوفاة لو كان لاجل القاعدة المذكورة: ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده فلما ذا يحكم بضمان المنافع المستوفاة، مع أن صحيح البيع لا يوجب ضمانا للمشتري في المنافع؟

(7) جواب عن الوهم المذكور حاصله: أن الضمان هنا لاجل أن القابض قد اتلف المنافع باستيفائها ففوتها على مالكها فالضمان لا ينافي -

ص: 194

مضافا (1) الى الأخبار الواردة في ضمان المنافع المستوفاة من الجارية المسروقة (2) المبيعة الساكتة عن ضمان غيرها في مقام البيان (3)

و كذا صحيحة محمد بن قيس الواردة فيمن باع وليدة أبيه بغير اذنه

فقال عليه السلام: الحكم أن يأخذ الوليدة و ابنها (4) و سكت عن المنافع الفائتة، فإن عدم الضمان في هذه الموارد مع كون العين لغير (5) البائع يوجب عدم الضمان هنا (6) بطريق اولى.

و الانصاف أن للتوقف في المسألة (7) كما في المسالك تبعا للدروس و التنقيح مجالا.

+++++++++++

- القاعدة المذكورة: ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، لأن هذه القاعدة موردها التلف، لا الإتلاف.

(1) اى و لنا دليل آخر على عدم ضمان المنافع غير المستوفاة.

هذه ثالثة الأدلة القائمة على عدم ضمان المنافع غير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد، اذ الدليل الاول الاصل السليم، و الثاني ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 592. الباب 88. الحديث 3

(3) اي مع أن الامام عليه السلام في مقام البيان، فلو كانت المنافع غير المستوفاة مضمونة كالمستوفاة لبين حكمها كما بين حكم المستوفاة.

و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

(4) المصدر نفسه. ص 591. الحديث 1

(5) حيث إن الامة في الموردين غير ملك للبائع.

(6) و هو المقبوض بالعقد الفاسد، حيث إن المبيع ملك للبائع إلا أن البيع فاسد.

(7) و هي مسألة ضمان المنافع الغير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد

ص: 195

و ربما يظهر من القواعد في باب الغصب عند التعرض لأحكام البيع الفاسد اختصاص الإشكال و التوقف بصورة علم البائع (1) على ما استظهره السيد العميد و المحقق الثاني من عبارة الكتاب (2)

و عن الفخر حمل الإشكال في العبارة على مطلق صورة عدم الاستيفاء (3)

فتحصل من ذلك كله أن الأقوال في ضمان المنافع غير المستوفاة خمسة

(الاول): الضمان (4) و كأنه للاكثر

(الثاني): عدم الضمان كما عن الايضاح (5).

(الثالث): الضمان الا مع علم البائع كما عن بعض من كتب على الشرائع

(الرابع): التوقف في هذه الصورة (6) كما استظهره جامع المقاصد و السيد العميد من عبارة القواعد.

(الخامس): التوقف مطلقا (7) كما عن الدروس و التنقيح و المسالك

+++++++++++

(1) فإن هؤلاء الأعلام توقفوا في عدم ضمان المنافع غير المستوفاة في صورة علم البائع بفساد البيع.

(2) اي كتاب القواعد.

(3) بأن توقف في عدم ضمان المنافع المستوفاة، سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم جاهلا.

(4) مطلقا، سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم لا.

(5) اى مطلقا، سواء أ كان البائع عالما بالفاسد أم لا

(6) اى في صورة علم البائع بالفساد.

(7) سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم جاهلا

ص: 196

و محتمل القواعد كما يظهر من فخر الدين.

و قد عرفت (1) أن التوقف أقرب الى الانصاف، إلا أن المحكي عن التذكرة ما لفظه: إن منافع الأموال: من العبد و الثياب و العقار و غيرها مضمونة بالتفويت و الفوات تحت اليد العادية فلو غصب عبدا أو جارية أو ثوبا أو عقارا، أو حيوانا مملوكا ضمن منافعه، سواء أتلفها بان استعملها أو فاتت تحت يده: بأن بقيت مدة في يده لا يستعملها عند علمائنا اجمع (2)

و لا يبعد أن يراد باليد العادية مقابل اليد الحقة فتشمل (3) يد المشتري فيما نحن فيه، خصوصا مع غلبته (4)، و لا سيما مع جهل البائع به.

و أظهر منه (5) ما في السرائر في آخر باب الاجارة من الاتفاق أيضا على ضمان منافع المغصوب الفائتة، مع قوله في باب البيع: إن البيع الفاسد عند أصحابنا بمنزلة الشيء المغصوب إلا في ارتفاع الاثم عن امساكه انتهى.

و على هذا (6) فالقول بالضمان لا يخلو عن قوة و إن كان المترائى

+++++++++++

(1) اي في قول الشيخ آنفا في ص 195: إن للتوقف في المسألة كما في المسالك تبعا للدروس مجالا.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) كتاب الغصب البحث الثالث ص 380

(3) اى هذه اليد العادية تشمل يد المشتري الذي ابتاع شيئا بالعقد الفاسد.

(4) اي مع غلبة المقبوض بالعقد الفاسد على بقية الضمانات.

(5) اى و أظهر من قول العلامة في التذكرة: من ضمان المنافع غير المستوفاة قول ابن ادريس في السرائر.

وجه الأظهرية أن ابن ادريس صرح بضمان المنافع الفائتة في المغصوبات

(6) من هنا يريد الشيخ العدول عما افاده: من التوقف في عدم -

ص: 197

من ظاهر صحيحة ابي ولاد اختصاص الضمان في المغصوب بالمنافع المستوفاة من البغل المتجاوز به الى غير محل الرخصة، إلا أنا لم تجد بذلك (1) عاملا في المغصوب الذي هو موردها.

الرابع: إذا تلف المبيع فإن كان مثليا وجب مثله

(الرابع) (2): اذا تلف المبيع فإن كان مثليا وجب مثله بلا خلاف إلا ما يحكى عن ظاهر الاسكافي (3).

و قد اختلفت كلمات أصحابنا في تعريف المثلي فالشيخ و ابن زهرة و ابن ادريس و المحقق و تلميذه (4) و العلامة و غيرهم قدس اللّه أرواحهم بل المشهور على ما حكي: أنه ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة (5)

+++++++++++

ضمان المنافع غير المستوفاة، اى و على قول العلامة في التذكرة، و ابن ادريس في السراء: من ضمان المنافع الفائتة التي لم يستوفها القابض.

(1) اى لم نر احدا عمل بمورد الرواية التي وردت في الغصب في المنافع المستوفاة بل الفقهاء عمموها حتى في المنافع غير المستوفاة.

(2) اي من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(3) حيث لم يذهب بوجوب المثل في المثلي اذا كان التالف مثليا بل قال: إن تلف المضمون ضمن قيمته، أو مثله إن رضي صاحبه فهو حكم بضمان القيمة ابتداء.

(4) و هو صاحب كاشف الرموز يأتي شرح الكتاب و حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب).

(5) لما انجر بنا البحث الى المثلي و القيمي لا بأس بصرف عنان القلم الى تعريفهما بتعريف يجعل كبرى كلية تنطبق على صغرياتها، ليكون القارئ النبيل بصيرا بالمقصود منهما، و محيطا بتطبيق تلك الكبرى الكلية على صغرياتها. -

ص: 198

..........

+++++++++++

- اعلم أننا ذكرنا هذا الموضوع في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. من ص 36 - الى 40 فراجع.

و لنذكر ما ذكرناه هناك مع زيادة في التوضيح.

فالبحث عنهما يقتضي البحث عن جهات ثلاث:

(الاولى): أن الواجب أولا و بالذات هو رد العين الى صاحبها اذا كانت موجودة فلا تصل النوبة الى المثل، أو القيمة ابدا مع وجودها

بل وصول النوبة إليهما الذي هي المرتبة النازلة بعد عدم إمكان رد العين بتلفها.

(الثانية): وجوب أداء بدل العين بعد تلفها مع قطع النظر عن أن البدل هو المثل، أو القيمة.

(الثالثة): أنه بعد أن ثبت وجوب البدل عند التلف فهل مقتضى الاصل هو المثل، أو القيمة؟

أما البحث عن الجهة الاولى فلا شبهة في ضمان (من اتلف مال الغير)

كما أنه لا شبهة في ضمانه عند تلفه تحت يده اذا لم تكن اليد يد امانة و لم يكن التلف بتفريط.

و لا ريب في أن الواجب أولا كما عرفت اداء العين نفسها، لاشتغال الذمة بها ابتداء فما دام المكلف متمكنا من تأدية نفسها، فلا تصل النوبة الى المرتبة النازلة: و هي تأدية بدلها.

و لما كان العوض و البدل من باب الوفاء، لا أنه اداء لنفس العين فالعين بنفسها باقية في العهدة و الذمة الى اداء بدلها و عوضها.

فعلى هذا الضوء اذا كان للعين التالفة في الخارج ما يماثلها من حيث -

ص: 199

..........

+++++++++++

- الأوصاف الموجبة لاختلاف القيمة زيادة و نقيصة وجب عليه دفعها الى مالكها، لأنه أقرب عند العرف و العقلاء الى رد العين.

فاذا لم يتمكن المكلف من رد نفسها وجب رد مماثلها.

و أما اذا لم يكن لها في الخارج مماثل فالواجب على المكلف دفع قيمة العين، لأنها اقرب الى العين بنظر العرف.

و هذا معنى قول (الفقهاء) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم:

إن البدل في الواجب هو المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

و ستأتي زيادة توضيح عن الجهة الاولي عند ما يتعرض الشيخ لمدركها و أما البحث عن الجهة الثانية فتشملها الاطلاقات الواردة.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13 الباب 1 ص 337 الأحاديث الواردة في المقام، و قد اشرنا الى بعضها في ص 149.

(و منها): صحيحة ابي ولاد المشار إليها في الهامش 1 ص 190

(و منها): رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تكاري دابة الى مكان معلوم فنفقت الدابة.

قال: إن كان جاز الشرط فهو ضامن، و إن دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن، و إن سقطت في بئر فهو ضامن، لأنه لم يوثقها.

(المصدر نفسه). ص 257. الباب 17. الحديث 3.

و أما البحث عن الجهة الثالثة فيتعرض عنها الشيخ قدس سره مفصلا و نحن نشير إليها عند ما يتعرض عنها.

فالمهم هو البحث عن تعريف المثلي و القيمي

فنقول مستعينا بواهب العطيات جل شأنه و عز اسمه:

إن المثل ليس له حقيقة شرعية، أو متشرعة.

ص: 200

..........

+++++++++++

- بل هو بمعناه اللغوي و العرفي: و هو (المماثل).

و من هنا قالوا: (إن المثل عبارة عن الأعيان الخارجية التي يكون مدار ماليتها الجهات المشتركة بينها).

خذ لذلك مثالا

الحنطة تكون ماليتها باعتبار الجامع و الجهات الكلية المشتركة بين جميع أفرادها، التى هي الكميات، و لا تلاحظ المشخصات الفردية في مرحلة التقويم، لأن المناط في معرفة الأفراد و الجزئيات و الخصوصيات إنما هو بانطباق تلك الجهات الكلية عليها: من الحنطية و الحمرة و الصفرة و الخشونة و النعومة، و الجودة و الرداءة التي هي المناط في ماليتها.

و بكلمة أخصر: أن المثلي هو الفرد الذي يكون المدار في ماليته جهاته الكلية المنطبقة عليه كالحنطة مثلا، فإن مالية جميع أفرادها إنما هي بلحاظ الجهات الكلية: الجنسية، و النوعية، و الصنفية.

و القيمي بعكس ذلك، فإن الملاك في ماليته الجهات الشخصية الخارجية.

خذ لذلك مثالا.

إن الفرس يعد من القيمي؛ لأن مناط ماليته هي الجهات الشخصية فيه، و الأوصاف الخارجية.

و الحاصل: أن المثلي ما يكون له مماثل في الأوصاف و الجهات التي تتفاوت بها زيادة و نقيصة، و كل ما كان كذلك فهو مثلي.

و القيمي ما لا يكون له مماثل في الأوصاف و الجهات التي بها المالية زيادة و نقيصة. -

ص: 201

..........

+++++++++++

بل الملاك في ماليته هي الأوصاف الشخصية الخارجية فيه القائمة بشخصه. و كل ما كان كذلك فهو قيمي.

و هذا يختلف بحسب الأزمان و الأصقاع.

فالثوب و إن كان معدودا من القيمي إلا أنه في العصر الحاضر بواسطة (معامل الحياكة، و المكائن الاوتوماتيكية) المحيرة للعقول يعد مثليا

و كذا جميع الأقمشة الصوفية و الحريرية و القطنية و النايلونية بجميع أنواعها.

و من هنا يظهر أن ما افاده الأعلام من الأفذاذ في تعريف المثلي:

(إن المثلي ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة): ناظر الى الغالب كما نقل هذا التعريف (شيخنا الانصاري) قدس سره في المتن.

و المقصود من تساوي الأجزاء ما ذكرناه لك.

(إن قيل): إن اريد من التساوي التساوي بالكلية و في تمام المثليات بشتى أشكالها و ألوانها فالامر ليس كذلك، فإن الحنطة و الشعير، و نحوهما تكون أفرادهما مختلفة بحسب القيمة؛ فإن قفيزا من حنطة كذا يساوي عشرين دينارا، و من حنطة كذا يساوي خمسة عشر دينارا، و من حنطة كذا يساوي عشرة دنانير.

و هكذا في الشعير

و إن اريد من التساوي في الجملة فهو موجود في بعض القيميات أيضا كالارض، و بعض أصناف الثوب و ما شاكلها.

(قلنا): أما أولا فلأن مثل هذه التعريفات كلها من قبيل شرح الاسم، و تبديل لفظ بلفظ اوضح منه كقولك في تعريف (السعدانة):

إنها نبت. -

ص: 202

..........

+++++++++++

- من فاذا لا مجال للإشكال فيه بالطرد تارة كما في الحنطة و الشعير، و بالعكس اخرى كما في الارض، و بعض أصناف الثوب.

و أما ثانيا فلأن (الأصحاب) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم و إن اطلقوا المثلي على جنس الحنطة و الشعير.

لكن الظاهر أن هذا الاطلاق باعتبار مثلية أنواعهما و أصنافهما.

و من الواضح أن أفراد كل نوع، أو صنف منهما متساوية بحسب القيمة. مثلا أفراد الحنطة الحمراء متساوية في القيمة، و كذا أفراد الحنطة الصفراء.

(لا يقال): إن كان المراد من الأجزاء أجزاء الكل و المركب فلا يصدق التعريف على الحنطة و الشعير، و نحوهما، لأننا فرضنا أن ليس لهما أجزاء، بل لهما أفراد.

و إن كان المراد من الأجزاء أفراد الكلي و الطبيعي فلا يصدق على الدرهم و الدينار الواحد، لأن لهما أجزاء، لا أفرادا

بالإضافة الى أنه يصدق على بعض أقسام القيمي أيضا كالثوب، و نحوه

(فإنه يقال): إنك قد عرفت أن هذا التعريف ناظر الى الغالب و ليس تعريفا حقيقيا حتى يشكل تارة في طرده بالحنطة و الشعير، و اخرى في عكسه بالدرهم و الدينار.

هذا بالإضافة الى أنه يمكن أن يكون المراد من الأجزاء الأعم منها و من الأفراد.

ثم لا يخفى عليك: أن هذين اللفظين: (المثلي و القيمي) لم يردا في شيء من الروايات، بل وردا في معقد اجماعات الأصحاب رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم.

ص: 203

و المراد بأجزائه ما يصدق عليه اسم الحقيقة (1)

و المراد بتساويها (2) من حيث القيمة تساويها بالنسبة بمعنى كون قيمة كل بعض بالنسبة الى قيمة البعض.

+++++++++++

- فاذا يدور الأمر مدار تحقق الاجماع.

ففي كل مورد تم الاجماع على أن التالف مثلي فهو مضمون به.

و أما في موارد الاختلاف فلا يثبت الضمان بالمثل؛ لعدم تحقق الاجماع فيهما.

إذا فلا اثر، و لا وقع في إطالة الكلام فيهما.

هذه خلاصة ما اردنا ايراده حول المثلي و القيمي حسب فهمنا القاصر فلله الحمد على ما انعم، و له الشكر على ما الهم.

(1) قد عرفت المقصود من صدق اسم الحقيقة على المثلي عند قولنا في ص 201: و بكلمة اخصر.

(2) قد عرفت معنى تساوى الأجزاء عند قولنا في ص 201: و بكلمة أخصر.

و خلاصة كلام الشيخ أن المراد من تساوى الأجزاء هو تساويها من حيث القيمة: اى لو كان الكل قيمته عشرة دنانير فرضا لكان كل جزء من أجزائه متساو مع الجزء الآخر في القيمة بالنسبة الى قيمة الكل.

فلو كانت قيمة مائة طن من الحنطة الف دينار مثلا لكانت قيمة ربع طن منها الذي هي خمسة و عشرون طنا ربع قيمة مجموع مائة طن و هو مائتان و خمسون دينارا.

و كذا ربعه الآخر، و هكذا.

و كذا نصف مائة طن يساوي نصف قيمتها و هي خمسمائة دينار -

ص: 204

الآخر كنسبة نفس البعضين (1) من حيث المقدار، و لذا (2) قيل في توضيحه:

إن المقدار منه اذا كان يساوي قيمة فنصفه (3) يساوي نصف تلك القيمة

و من هنا (4) رجح الشهيد الثاني كون المصوغ من النقدين قيميا

قال: (5) اذ لو انفصل نقصت قيمته.

+++++++++++

- ثم إن المراد من الأجزاء هي الكميات، اذ ليس لكل جزء من أجزاء الكل مالية معينة يجعل بعض الثمن بإزائه كما في حبات الحنطة و الشعير و الحبوب الاخرى: من الحمص و الباقلاء و غيرهما.

و التعبير عن الكميات بالأجزاء للاشارة الى أن الجزء أيضا كمية بملاحظة اجتماعها مع جملة من الكميات و الحبات الاخرى الملازم لجزئيتها مع الكميات المجتمعة في مرحلة عروض المالية عليها، و على جامعها اعني الحنطة.

(1) اى كما أن نسبة البعضين الى الكل متساوية كذلك نسبة قيمة كل بعض الى بعض آخر متساوية كما عرفت.

(2) اي و لأجل أن المراد من تساوي الأجزاء هو تساويها من حيث القيمة قيل في توضيح هذا المعنى: إن المقدار من المثلي كطنّ مثلا يساوي قيمة معينة كعشرة دنانير مثلا فنصف ذاك المقدار يساوي نصف تلك القيمة و النصف هي خمسة دنانير.

(3) اى نصف المقدار كما عرفت.

(4) اى و من أن المقدار من المثلي اذا كان يساوي قيمة فنصفه يساوي نصف تلك القيمة.

(5) تعليل لكون المصوغ من الذهب و الفضة قيميا أى الشهيد الثاني قال:

الدليل على أن المصوغ من النقدين قيمي نقصان قيمته لو انفصل و صار نصفين، فإنه في هذه الحالة لا يشترى بقيمته الواقعية قبل الفصل و القطع.

فلو كان مثليا لما نقصت قيمته بعد القطع، لأنك عرفت آنفا في توضيح المثلي: أن المقدار منه إذا كان يساوي قيمة فنصفه يساوي نصف تلك القيمة. -

ص: 205

قلت (1): و هذا يوجب أن لا يكون الدرهم الواحد مثليا، اذ لو انكسر نصفين نقصت قيمة نصفه عن نصف قيمة المجموع.

الا (2) أن يقال: إن الدرهم مثلي بالنسبة الى نوعه، و هو (3) الصحيح و لذا (4) لا يعد الجريش مثلا للحنطة و لا (5) الدقاقة مثلا للارز.

+++++++++++

- ثم إن في النسخ الموجودة عندنا حتى في نسخة العلامة الشهيدى قدس سره التي تدعى أنها صحيحة جدا و مصونة عن الأغلاط، لإشراف بعض الأفاضل على تصحيحها هكذا: قال: اذ لو انفصلت نقصت قيمتها بتأنيث فعل الماضي و الضمير.

و الصحيح ما اثبتناه، لكون الفاعل في انفصل المصوغ، كما أنه المرجع للضمير

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري اى ما افاده الشهيد الثاني من أن المصوغ من النقدين قيمي، اذ لو انفصل نقصت قيمته.

(2) استثناء عما افاده الشيخ: من أن لازم قول الشهيد الثاني: عدم كون المصوغ من النقدين من القيميات، لنقصان قيمته بالكسر

و خلاصته: أن للدرهم نسبتين:

نسبة الى نوعه و هي الدراهم الموجودة المصوغة

و نسبة الى جنسه و هي الفضة و الذهب

فإضافته الى نوعه توجب أن يكون مثليا

و إضافته الى جنسه توجب أن يكون من القيميات، لنقصان قيمته بعد الكسر.

(3) اى كون الدرهم مثليا بالنسبة الى اضافته الى نوعه

(4) اي و لاجل أن الدرهم مثلي اذا اضيف الى نوعه، لا الى جنسه حتى يعد قيميا لا يعد الجريش الذي هو طحين الحنطة غير ناعم مثلا للحنطة، لأنه ليس من نوعها، لأنها بعد الجرش خرجت عن نوعها فلا يعد من المثليات

(5) بضم الدال هو تراب كل شيء، و المراد منه هنا القطع المتكسرة -

ص: 206

و من هنا (1) يظهر أن كل نوع (2) من أنواع الجنس (3) الواحد بل كل صنف (4) من أصناف نوع واحد مثلي بالنسبة الى أفراد ذلك النوع أو الصنف.

فلا يرد ما قيل (5): من أنه إن اريد التساوي بالكلية فالظاهر عدم صدقه على شيء من المعرّف، اذ ما من مثلي الا و أجزاؤه مختلفة في القيمة كالحنطة، فإن قفيزا من حنطة يساوي عشرة، و من اخرى يساوي عشرين.

+++++++++++

- من الأرز أي هذه الدقاقة لا تعد مثلا للارز، لأنه ليس من نوعه حتى يعد في المثليات فإنه بعد التصفية خرج عن كونه من نوع الارز.

(1) اى و من أن الدرهم اذا اضيف الى نوعه يعد مثليا.

(2) هو الكلي الذي يطلق على الأفراد المتفقة الحقيقة كالانسان الّذي يقع جوابا عن السؤال عن زيد و عمرو في قولك: زيد و عمرو ما هما؟

فيقال: إنسان

و هذا الكلي احد الكليات الخمس المذكورة في علم المنطق.

(3) هو الكلي الذي يطلق على الأفراد المختلفة الحقائق كالحيوان الذي يقع جوابا في السؤال عن الانسان و البقر في قولك: الانسان و البقر ما هما؟

فيقال: حيوان

و هو احد الكليات الخمس حسب تقسيم اهل الميزان.

و الجنس على قسمين:

قريب كالحيوان، و بعيد كالنامي، حيث يقع جوابا في السؤال عن الانسان و البقر و الشجر.

(4) هي الأفراد من النوع كالعربي و الفارسي و التركي و الزنجي و الرومي و الهندي، و غيرهم من أصناف البشر.

(5) قد اشرنا الى هذا القيل في ص 202 بقولنا: لا يقال: إن اريد التساوي

ص: 207

و إن اريد التساوي في الجملة (1) فهو في القيمي موجود، كالثوب و الارض. انتهى.

و قد لوح هذا المورد (2) في آخر كلامه الى دفع ايراده بما ذكرنا:

من أن كون الحنطة مثلية معناه أن كل صنف منها متماثل للأجزاء (3) و متساويا في القيمة، لا بمعنى أن جميع أبعاض (4) هذا النوع متساوية في القيمة.

فاذا (5) كان المضمون بعضا من صنف فالواجب دفع مساويه من هذا الصنف (6)، لا القيمة، و لا بعض (7) من صنف آخر.

+++++++++++

(1) قد اشرنا الى هذا في ص 202 بقولنا: و إن اريد من التساوي

و قد اشرنا الى الجواب في ص 202 بقولنا: أما أولا

(2) و هو المحقق الاردبيلى قدس سره الذي افاد بقوله في ص 207:

إن اريد التساوي بالكلية.

(3) المراد منها الكميات.

(4) المراد منها أفراد الحبات.

و المراد من النوع هو جنس الحنطة، أو الشعير بما تحتها من الأصناف

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد بمثلية الحنطة كون كل صنف منها متماثل الأجزاء و متساويا في القيمة.

و ليس المراد من التماثل و التساوي التماثل في الأجزاء التي هي الحبوب و تساوي الأجزاء في القيمة.

(6) و هو ما كان المضمون بعضا من صنف.

(7) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: دفع مساويه أى و ليس الواجب على المتلف دفع بعض من الحنطة و إن لم يكن المدفوع من صنف المضمون.

ص: 208

لكن الانصاف أن هذا (1) خلاف ظاهر كلماتهم؛ فإنهم يطلقون المثلي على جنس الحنطة و الشعير (2)، و نحوهما (3)، مع عدم صدق التعريف (4) عليه، و إطلاق المثلي على الجنس (5) باعتبار مثلية أنواعه أو أصنافه (6) و إن لم يكن بعيدا، إلا أن انطباق التعريف (7) على الجنس بهذا الاعتبار (8) بعيد (9) جدا إلا (10) أن يهملوا خصوصيات الأصناف الموجبة لزيادة القيمة و نقصانها

+++++++++++

(1) و هو كون الحنطة مثلية معناه أن كل صنف منها متماثل الأجزاء و متساو في القيمة.

(2) لاعلى الصنف من الحنطة، و الشعير.

(3) كالارز، و بقية الحبوب.

(4) و هو أن المثلي ما تساوت أجزاؤه، فإن هذا التعريف لا يكون شاملا لجميع أفراده، مع أن شمول التعريف لجميع الأفراد هو المراد.

(5) و هو جنس الحنطة، أو جنس الشعير، أو جنس الحبوب.

(6) و هي الحنطة الشمالية، أو الجنوبية.

و الأولى في العبارة أن يقال هكذا:

و اطلاق المثلي على أنواعه باعتبار مثلية أصنافه.

(7) و هو أن المثلي ما تساوت أجزاؤه.

(8) و هو اعتبار مثلية أنواعه، أو أصنافه.

(9) وجه البعد هو أنه بناء على الاعتبار المذكور يلزم المسامحة في التعريف، لاحتياجه الى إضمار في نظم الكلام، لأن التقدير يكون هكذا:

المثلي ما تساوت أجزاء أنواعه، أو أصنافه

و من المعلوم أن البناء في التعريف على عدم المسامحة فيه مهما امكن.

(10) الاستثناء هذا لرفع البعد المذكور، و توجيه انطباق التعريف -

ص: 209

كما التزمه (1) بعضهم.

غاية الامر وجوب رعاية الخصوصيات (2) عند اداء المثل عوضا عن التالف، أو القرض و هذا أبعد (3). هذا (4).

مضافا (5) الى أنه يشكل اطراد (6) التعريف بناء على هذا: بأنه

+++++++++++

- المذكور على الجنس باعتبار مثلية أنواعه، أو أصنافه.

(1) و هو إهمال الخصوصيات في الأصناف.

(2) أي خصوصيات الأصناف.

(3) وجه الأبعدية: أن الخصوصية الصنفية لو كانت ملحوظة حالة العقد فلا بد من مراعاتها حين الأداء، فلا وجه لإهمالها.

(4) اى خذ ما تلوناه عليك حول تعريف المثلي و ما اورده المحقق الاردبيلي و ما لوّحه في هذا المقام.

(5) اي بالإضافة الى ما اوردناه على التعريف المذكور هنا إشكال آخر: و هو عدم اطراد التعريف و شموله لجميع أفراده.

(6) لا يخفى عليك أن كلمة اطراد كلما تستعمل يراد منها شمولها لجميع الأفراد، كما أن كلمة منعكسا كلما تستعمل يراد منها مانعيتها للأغيار.

فاذا قيل: يكون التعريف مطردا يراد أنه جامع للأفراد

و اذا قيل: يكون منعكسا يراد أنه مانع للأغيار.

كما اذا قيل: لا يكون مطردا اي لا يكون جامعا للأفراد

و اذا قيل: لا يكون منعكسا اى لا يكون مانعا للأغيار.

و هنا قد استعمل شيخنا الانصاري كلمة الاطراد في كونها لا تكون جامعة للأفراد، و لا مانعة للأغيار، خلافا لاستعمالها المصطلح.

و الدليل على ذلك اتيان الشيخ لعدم جامعيتها للأفراد بقوله: بأنه -

ص: 210

إن اريد تساوي الأجزاء من صنف واحد (1) من حيث القيمة تسويا حقيقيا، فإنه قلّ (2) ما يتفق ذلك في الصنف الواحد من النوع، لأن أشخاص ذلك الصنف لا تكاد تتساوى في القيمة، لتفاوتها (3) بالخصوصيات الموجبة لزيادة الرغبة و نقصانها كما لا يخفى.

+++++++++++

- إن اريد تساوي الأجزاء من صنف واحد من حيث القيمة تساويا حقيقيا قل ما يتفق ذلك، و اتيانها لعدم مانعيتها للأغيار بقوله:

و إن اريد تقارب أجزاء ذلك الصنف من حيث القيمة و إن لم تتسار حقيقة تحقق ذلك في أكثر القيميات.

و لست ادري ما الذي دعا الشيخ الى خلاف استعمال المصطلح، مع أنه لم يكن غافلا عن استعمال المصطلح، لأنه قدس اللّه نفسه في شتى مجالات كتابيه: (الرسائل - و المكاسب) استعمل الكلمتين حسب المصطلح.

(1) كالحنطة الشمالية، أو الجنوبية، أو الجيدة، أو الرديئة.

(2) لا نفهم معنى قوله قدس سره: قلّ ما يتفق ذلك، لأنه بعد فرض أن للنوع أصنافا كما مثلنا لك آنفا في الحنطة فما المانع من تساوي الأجزاء حقيقة من حيث القيمة؟

خذ لذلك مثالا

الطن من الحنطة الشمالية التي هو صنف لنوع الحنطة يساوي عشرة دنانير فكل مائة كيلو منها يساوي دينارا واحدا بعد أن اريد من تساوي الأجزاء تساوي أجزاء الصنف من حيث القيمة، لا تساوي الأجزاء من حيث الصفات، لأن التساوي هكذا إما معدوم بالكلية، أو قل ما يتفق ذلك

(3) اى لتفاوت تلك الأشخاص بسبب الخصوصيات

الظاهر أن تفاوت الأشخاص هو الذي دعا الشيخ أن يقول: قلّ ما يتفق ذلك. -

ص: 211

و إن اريد تقارب أجزاء ذلك الصنف من حيث القيمة و إن لم تتساو حقيقة تحقق ذلك في أكثر القيميات (1) فإن لنوع الجارية أصنافا متقاربة في الصفات الموجبة لتساوي القيمة، و بهذا الاعتبار (2) يصح السلم فيها و لذا (3) اختار العلامة في باب القرض من التذكرة على ما حكي عنه أن ما يصح فيه السلم من القيميات مضمون في القرض بمثله (4)

و قد عد الشيخ في المبسوط الرطب و الفواكه من القيميات (5)

مع أن كل نوع منهما (6) مشتمل على أصناف متقاربة في القيمة بل متساوية عرفا.

ثم لو فرض أن الصنف المتساوي من حيث القيمة في الأنواع القيمية عزيز الوجود، بخلاف الأنواع المثلية لم يوجب ذلك (7) اصلاح طرد التعريف.

+++++++++++

- اذا لا يكون التعريف جامعا للأفراد.

(1) اذا لا يكون التعريف مانعا للأغيار:

(2) و هو تقارب الصفات الموجبة لتساوي القيمة.

(3) اى و لاجل وجود صفات متقاربة في القيميات.

(4) لأن مثله موجود فيضمن بالمثل، و لا يجوز تبديله بالقيمة و إن كان قيميا، لعدم براءة ذمته.

(5) حيث إن الرطب و الفواكه متقاربة الأصناف.

(6) اي من الفواكه

(7) خلاصة هذا أن عزة وجود الصنف المتساوي الأجزاء من حيث القيمة في الأنواع القيمية لا تكون موجبة لخرق تعريف المثلي: بأنه ما تساوت أجزاؤه بعدم كونه مانعا للأغيار، بل يشمل القيميات المتساوية للأجزاء.

ص: 212

نعم يوجب ذلك (1) الفرق بين النوعين في حكمة الحكم بضمان المثلي بالمثلي، و القيمي بالقيمة.

ثم إنه قد عرف المثلي بتعاريف أخر أعم من التعريف المتقدم (2) أو اخص فعن التحرير (3): أنه ما تماثلت أجزاؤه، و تقاربت صفاته.

و عن الدروس و الروضة البهية: أنه المتساوي الأجزاء و المنفعة المتقارب الصفات (4)

+++++++++++

(1) و هي عزة وجود الصنف المتساوي الأجزاء من حيث القيمة و قلة انفرق في المثلي و القيمي في حكمة الحكم بضمان المثل في المثلي، و بضمان القيمة في القيمي.

(2) في قوله في ص 198: ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة

(3) من هنا شروع في تعريف المثلي بتعاريف آخر.

و التعريف هذا يكون أعم من تعريف المثلي: بأنه ما تساوت أجزاؤه لأن تماثل أجزائه، و تقارب أوصاف الأجزاء قد يوجدان فيما لا تتساوى قيمة أجزائه كما في النحاس الموجود في بلاد الهند، و الموجود في بلاد ايران فإنهما مع اتفاقهما في المقدار و الصفة تراهما يختلفان في القيمة.

(4) الظاهر أن هذا التعريف أخص من تعريف العلامة، حيث إنه بعد اعتبار المساواة في القيمة كما كان هناك اعتبر المساواة في المنفعة أيضا، و تقاربه في الصفات.

خذ لذلك مثالا

لو كانت هناك كمية من الحنطة صنع منها خبز، و كانت هناك كمية اخرى من حنطة اخرى صنع منها خبز أقل من الخبز الأول: بأن كان نتاجها أقل من الحنطة الاولى، إلا أن طعم الخبز من الحنطة الثانية ألذ من الخبز -

ص: 213

و عن المسالك و الكفاية أنه (1) أقرب التعريفات الى السلامة.

و عن غاية المراد: ما تساوت أجزاؤه في الحقيقة النوعية (2)

و عن بعض العامة: أنه ما قدر بالكيل، أو الوزن.

و عن آخر منهم: زيادة جواز بيعه سلما.

و عن ثالث منهم: زيادة جواز بيع بعضه ببعض

الى غير ذلك مما حكاه في التذكرة عن العامة.

ثم لا يخفى أنه ليس للفظ المثلي حقيقة شرعية، و لا متشرعة.

و ليس المراد معناه اللغوي، اذ المراد بالمثل لغة المماثل، فإن اريد من جميع الجهات فغير منعكس (3)، و إن اريد من بعضها فغير مطرد (4)

+++++++++++

- الاول المخبوز من الحنطة الاولى فتساويا في القيمة.

فتعريف العلامة يصدق هنا.

بخلاف تعريف صاحب الدروس و الروضة البهية، لأنهما اعتبرا التساوي في المنفعة، و هناك لا يوجد التساوي في المنفعة.

(1) اى تعريف صاحب الدروس المثلي بقوله: إنه المتساوي الأجزاء و المنفعة، المتقارب الصفات.

(2) لا في الحقيقة الصنفية.

(3) اى غير شامل للأفراد.

قد استعمل الشيخ كلمة منعكس في غير مصطلحها: و هو جامع للأفراد مع أنها مصطلحة لكونها مانعة للأغيار.

(4) اى غير مانع للأغيار.

و قد استعمل الشيخ كلمة مطرد في غير مصطلحها: و هو مانع للأغيار مع أن مصطلحها أنها جامع للأفراد.

ص: 214

و ليس في النصوص حكم يتعلق بهذا العنوان (1) حتى يبحث عنه.

نعم وقع هذا العنوان في معقد اجماعهم على أن المثلي يضمن بالمثل و غيره بالقيمة.

و من المعلوم أنه لا يجوز الاتكال في تعيين معقد الاجماع على قول بعض المجمعين، مع مخالفة الباقين، و حينئذ (2) فينبغي أن يقال:

كلما كان مثليا باتفاق المجمعين فلا اشكال في ضمانه بالمثل، للاجماع.

و يبقى ما كان مختلفا فيه بينهم كالذهب و الفضة غير المسكوكين، فإن صريح الشيخ في المبسوط كونهما من القيميات.

و ظاهر غيره كونهما مثليين.

و كذا الحديد و النحاس و الرصاص، فإن ظواهر عبائر المبسوط و الغنية و السرائر كونها قيمية.

و عبارة التحرير صريحة في كون اصولها (3) مثلية و إن كان المصوغ منها قيميا.

و قد صرح الشيخ في المبسوط بكون الرطب و العنب قيميين، و التمر و الزبيب مثليين.

و قال في محكي المختلف: إن في الفرق (4) إشكالا

بل صرح بعض من قارب عصرنا بكون الرطب و العنب مثليين.

+++++++++++

(1) و هو المثلي.

(2) اى و حين عدم وجود حكم في النصوص لخصوص المثلي.

(3) اى اصول الحديد و النحاس و الرصاص.

(4) اى بين الرطب و العنب في أنهما قيميان، و بين التمر و الزبيب في أنهما مثليان.

ص: 215

و قد حكي عن موضع من جامع المقاصد أن الثوب مثلي

و المشهور خلافه.

و أيضا فقد مثلوا للمثلي بالحنطة و الشعير، و لم يعلم أن المراد نوعهما أو كل صنف، و ما المعيار في الصنف، و كذا (1) التمر.

و الحاصل أن موارد عدم تحقق الاجماع على المثلية فيها كثيرة فلا بد من ملاحظة أن الاصل الذي يرجع إليه عند الشك (2) هو الضمان بالمثل أو بالقيمة، أو تخيير المالك، أو الضامن بين المثل و القيمة.

و لا (3) يبعد أن يقال: إن الاصل هو تخيير

+++++++++++

(1) اى و كذا اختلف الفقهاء في التمر في أنه مثلي، أو قيمي.

(2) اى في هذه الموارد التي لم يتحقق فيها اجماع على أن الشيء مثلي

(3) من هنا يريد الشيخ قدس سره أن يبين أن الاصل المعول عليه عند الشك في مثلية الشيء أو قيميته.

و لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الاصل الاصول اللفظية، حيث إنه لا عموم و لا اطلاق حتى يرجع إليه عند الشك في مثلية شيء، فإن أدلة الضمان الدالة عليه التي منها قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي، و الآية الكريمة: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ليس فيها دلالة سوى الضمان فقط، و أن الضمان يرتفع بالأداء

و أما الضمان بالمثل، أو القيمة فخارج عن مفهوم الأدلة.

فالمراد من الاصل هنا هي الاصول العملية.

و الاصل العملي هنا له أربعة احتمالات:

(الاول): الضمان بالمثل لا غير.

(الثاني): الضمان بالقيمة لا غير. -

ص: 216

الضامن (1)، لأصالة براءة ذمته عما زاد على ما يختاره فإن فرض اجماع على خلافه (2) فالأصل تخيير المالك، لأصالة عدم براءة ذمته بدفع ما لا يرضى به المالك

مضافا (3) الى عموم على اليد ما اخذت حتى تؤدي

+++++++++++

- (الثالث): تخيير المالك بالمثل، أو القيمة.

(الرابع): تخيير الضامن بالمثل، أو القيمة.

أما الوجه في الاول فلأنه من قبيل الأقل و الأكثر في أنه يجب الاتيان بالأكثر حتى تبرأ ذمته.

و كذلك الوجه في الثاني هو الوجه في الاول مع القول بجريان البراءة في المثل.

و أما الوجه في القول الثالث هي قاعدة اشتغال ذمة الضامن المعبر عن هذه القاعدة بالاستصحاب.

و سيأتي شرحه قريبا في ص 218.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي حيث إن مقتضاه عدم ارتفاع الضمان إلا برد العين عند وجودها، و عند التلف فالأقرب إليها هو المثل.

و أما الوجه في الرابع فعدم وجوب الموافقة القطعية في المتباينين، بناء على عدم تأثير العلم الاجمالي إلا في حرمة المخالفة القطعية.

(1) و هو التالف.

(2) اى على خلاف ضمان الضامن.

(3) اى و لنا بالإضافة الى الاصل العملي الدال على ضمان الضامن دليل آخر و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي. -

ص: 217

فإن مقتضاه عدم ارتفاع الضمان بغير اداء العين خرج ما اذا رضي المالك بشيء آخر (1).

و الأقوى (2) تخيير المالك من أول الامر، لأصالة الاشتغال (3) و التمسك (4) بأصالة البراءة لا يخلو من منع.

+++++++++++

- و قد عرفت شرح هذا في ص 217 عند قولنا: الرابع تخيير الضامن.

(1) و هو المثل، أو القيمة، فإن رضى المالك بذلك يخرج اشتغال ذمة الضامن عن مصداق الحديث حتى يؤدي.

(2) هذا رأي الشيخ في المورد الّذي يشك في مثلية الشيء بعد عدم قيام الاجماع على مثليته.

(3) اى اشتغال ذمة التالف بالمثل، أو القيمة.

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب اى استصحاب اشتغال ذمة التالف بالمثل، أو القيمة قبل التلف، و عند التلف و تخيير المالك الاخذ بالمثل أو القيمة نشك في زوال ذمة التألف عن المثل فنستصحب الاشتغال بالمثل لو اختار المالك المثل، أو القيمة لو اختار القيمة.

و قد اشرنا الى هذا الاستصحاب في ص 217 بقولنا: و سيأتي شرحه قريبا.

(4) دفع وهم

حاصل الوهم أن الضامن عند اختيار المالك المثل يجري براءة ذمته عنه فيعطي للمالك القيمة، أو المثل لو اختار المالك القيمة.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله:

إن استصحاب اشتغال ذمة الضامن حاكمة على أصالة البراءة فلا مجال لها هنا.

ص: 218

نعم يمكن أن يقال بعد عدم الدليل لترجيح احد الأقوال (1)، و الاجماع على عدم تخيير المالك: التخيير (2) في الأداء من جهة دوران الامر بين المحذورين: اعني تعين المثل بحيث لا يكون للمالك مطالبة القيمة، و لا للضامن الامتناع، و بين تعيين القيمة كذلك (3) فلا متيقن (4) في البين.

و لا يمكن (5)

+++++++++++

(1) و هي الاحتمالات الاربعة التي ذكرناها في الهامش 3. ص 216

(2) بالرفع نائب فاعل لقوله: نعم يمكن أن يقال.

و نعم استدراك عما افاده: من قوله: و الأقوى تخيير المالك من اوّل الامر و خلاصته أنه يمكن القول بتخيير الضامن في أداء بدل التالف عند الأداء: من المثل، أو القيمة، لأنه إن لم نقل بتخيير الضامن يدور الامر بين محذورين و هما:

تعيين المثل فقط على الضامن: بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالقيمة ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن دفع المثل.

أو تعيين القيمة فقط على الضامن: بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالمثل ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن المثل ابدا.

و ليس في المقام دليل يعين المصير إليه فنضطر الى القول بتخيير الضامن

(3) اى بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالقيمة ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن دفع المثل كما عرفت عند قولنا: و تعيين القيمة.

(4) عرفت معناه عند قولنا: و ليس في المقام دليل.

(5) اى و لا يجوز للضامن أصالة براءة ذمته عن المثل لو اختار المالك المثل، و لا أصالة براءة ذمته عن القيمة لو اختار المالك القيمة عند تشاحهما و تنازعهما على المثل، أو القيمة.

ص: 219

البراءة اليقينية عند التشاح، فهو (1) من باب تخيير المجتهد في الفتوى فتأمل (2). هذا

و لكن يمكن أن يقال: إن القاعدة المستفادة من اطلاقات الضمان

+++++++++++

- فليس له دفع القيمة الى المالك لو طالب المثل بدعوى أصالة البراءة عنه، و لا له دفع المثل الى المالك لو طالب القيمة بدعوى أصالة البراءة عنها.

(1) اى ما نحن فيه: و هو تشاح المالك و الضامن على المثل، أو القيمة من قبيل تخيير المجتهد في الفتوى.

فكما أن المجتهد عند تعارض الخبرين الدال احدهما على الوجوب و الآخر على الحرمة مثلا يضطر الاخذ باحدهما و الإفتاء على طبقه لقوله عليه السلام: اذا فتخير.

كذلك ما نحن فيه يضطر الضامن الاخذ باحدهما: المثل، أو القيمة لدوران امره بين المحذورين الذين اشرنا إليهما في الهامش 2 ص 219 عند قولنا:

لأنه ان لم نقل بتخيير الضامن يدور الامر بين محذورين.

(2) قد ذكروا في وجه التأمل وجوها.

افاد السيد الطباطبائي اليزدي في تعليقته على المكاسب في ص 97: أنه اشارة الى أن تخيير المجتهد في الفتوى إنما هو لاجل تعارض الخبرين، لا في مثل المقام الذي هو لاجل المحذورين المذكورين.

و أفاد الشيخ المامقانيّ في تعليقته على المكاسب في ص 301 أن وجه التأمل منع قيام الاجماع على عدم تخيير المالك الذي هو من مقدمة مقدمات مطلوبه الذي هو تخيير الضامن في الاداء.

و افاد ثالث: أن الوجه لعله اشارة الى أن هذا مبني على امرين:

ص: 220

في المغصوبات، و الأمانات المفرط فيها، و غير ذلك هو الضمان (1) بالمثل لأنه اقرب الى التالف من حيث المالية و الصفات، ثم بعده قيمة التالف من النقدين (2)، و شبههما، لأنهما أقرب (3) من حيث المالية، لأن ما عداهما (4) يلاحظ مساواته للتالف بعد ارجاعه إليهما، و لاجل الاتكال على هذا الظهور (5) لا تكاد تظفر على مورد واحد من هذه الموارد (6) على كثرتها قد نص المشهور فيه على ذكر المضمون به (7)

+++++++++++

- (احدهما): عدم ثبوت الترجيح لاحد هذه الأقوال التي ذكرناها في الهامش 3 ص 216-217

(الثاني): قيام الاجماع على عدم تخيير المالك.

و كلاهما ممنوع الى آخر ما افاده هناك.

(1) اى ضمان الضامن.

و قد اشرنا الى هذه الاطلاقات في ص 149

(2) و هما: الذهب و الفضة.

(3) اى الى التالف.

هذه الأقربية هي التي دعت شيخنا الانصارى الى القول بامكان استفادة القاعدة من الاطلاقات في ص 220 بقوله: و لكن

(4) اى ما عدا النقدين.

(5) و هو امكان استفادة ضمان الضامن بالمثل من الإطلاقات الواردة في ضمان المغصوبات.

(6) اى المشكوكة التي لم يقم اجماع على مثليتها.

(7) و هو المثل، أو القيمة.

ص: 221

بل كلها إلا ما شذ و ندر قد اطلق فيها الضمان (1) فلو لا الاعتماد على ما هو المتعارف (2) لم يحسن من الشارع إهماله في موارد البيان.

و قد استدل في المبسوط و الخلاف على ضمان المثلي بالمثل، و القيمي بالقيمة بقوله تعالى: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ (3) بتقريب أن مماثل ما اعتدى هو المثل في المثلي، و القيمة في غيره.

و اختصاص الحكم (4) بالمتلف عدوانا لا يقدح بعد عدم القول بالفصل و ربما يناقش في الآية (5) بأن مدلولها اعتبار المماثلة في مقدار الاعتداء (6)

+++++++++++

(1) من غير ذكر المثل، أو القيمة.

(2) و هو حكم العرف بضمان التالف فقط

(3) البقرة: الآية 194

(4) و هو وجوب المثل في المثلي، و القيمة في القيمي

دفع وهم

حاصل الوهم: أن الحكم و هو وجوب دفع المثل في المثليات و القيمة في القيميات مختص بالإتلاف عدوانا فلا تشمل التلف و كلامنا في التلف لا في الاتلاف.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور: أن الفقهاء في هذه المسألة بين قائل بعدم الضمان مطلقا، لا في التلف، و لا في الإتلاف.

و بين قائل بالضمان مطلقا، سواء في التلف و الإتلاف.

و ليس هناك قول بالفصل بالضمان في الاتلاف و عدم الضمان في التلف

(5) اى في دلالتها على وجوب اداء المثل في المثلي، و القيمة في القيمي

(6) بمعنى أنه لو كان مقدار الاعتداء درهما فاللازم الاعتداء على المعتدي بهذا المقدار لا غير.

ص: 222

لا المعتدى (1) به

و فيه نظر (2)

نعم الانصاف عدم وفاء الآية كالدليل السابق عليها (3) بالقول المشهور (4)، لأن مقتضاهما (5) وجوب المماثلة العرفية في الحقيقة و المالية

و هذا (6) يقتضي اعتبار المثل حتى في القيميات، سواء وجد المثل فيها أم لا

أما مع وجود المثل فيها كما لو اتلف ذراعا من كرباس طوله عشرون

+++++++++++

(1) و هو المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

(2) وجه النظر: أن الآية ظاهرة في مقدار الاعتداء و المعتدى به كليهما، و ليس لها اختصاص في مقدار الاعتداء فقط

(3) اي على الآية،

و المراد من الدليل السابق هو قوله في ص 220: و لكن يمكن أن يقال:

إن القاعدة المستفادة

أو الدليل العرفي المشار إليه في قوله في ص 222: فلو لا الاعتماد على ما هو المتعارف

و الاول أوفق، لتصريحه به

(4) و هو وجوب المثل في المثليات، و القيمي في القيميات.

المقصود من هذا نفي دلالة الآية الكريمة، و الدليل السابق على القول المشهور الذي عرفته آنفا.

و لو لا هذا النفي لأمكن القول بخروج القيميات عن حكم الآية بضمان المماثل ابتداء: بأن يعطى المثل حتى في القيميات.

(5) اى الآية الكريمة، و الدليل السابق

(6) و هو وجوب المماثلة العرفية في الحقيقة و المالية

ص: 223

ذراعا متساوية من جميع الجهات، فإن مقتضى العرف و الآية الزام الضامن بتحصيل ذراع آخر من ذلك و لو بأضعاف قيمته، و دفعه الى مالك الذراع المتلف مع أن القائل بقيمية الثوب لا يقول به (1)

و كذا لو اتلف عليه عبدا و له في ذمة المالك بسبب القرض، أو السلم (2) عبد موصوف بصفات التالف، فإنهم لا يحكمون بالتهاتر القهري (3)

+++++++++++

(1) اى بإلزام الضامن بتحصيل ذراع آخر من نفس نوعية الكرباس و دفعه الى صاحبه.

(الكرباس) لغة فارسية بحتة و هي حياكة يدوية من الطراز القديم كانت تحاك من القطن في بلاد (ايران) و قد نسخت هذه الحياكة بعد وجود (المعامل الاتوماتيكية).

و جاء مكانها ما يسمى عندنا في (العراق: الخام)

(2) بناء على جواز الإقراض و السلف في العبد

(3) عرفت معنى التهاتر القهرى في الجزء السادس في الهامش 1. ص 35

مقصود الشيخ أن مقتضى الآية الكريمة، و الدليل السابق عليها هو الحكم بالتهاتر القهري في مسألة إتلاف عبد من زيد و كان للمتلف بذمة زيد من المتلف عبد موصوف مع العبد التالف من تمام الجهات و الصفات، لوجود المماثلة في الحقيقة و المالية في العبد كما هو الملاك في دفع المثلي، مع أن الفقهاء لا يحكمون بالتهاتر القهري في المقام، بل يحكمون بدفع قيمة العبد التالف لأن العبد من القيميات.

فالآية و الدليل السابق لا تجتمعان مع قول المشهور القائل بوجوب دفع المثلي في المثليات، و القيمي في القيميات.

ص: 224

كما يشهد به (1) ملاحظ كلماتهم في بيع عبد من عبدين

نعم (2) ذهب جماعة منهم الشهيدان في الدروس و المسالك الى جواز رد العين المقترضة اذا كانت قيمية.

لكن لعله من جهة صدق اداء القرض باداء العين، لا من جهة ضمان القيمي بالمثل، و لذا (3) انفقوا على عدم وجوب قبول غيرها (4) و إن كان مماثلا لها من جميع الجهات.

+++++++++++

(1) اي بعدم حكم الفقهاء بالتهاتر القهري ملاحظة كلمات الفقهاء في بيع عبد من عبدين، حيث إن الفقهاء ذكروا مسألة إتلاف عبد من زيد في مسألة بيع عبد من عبدين.

فمن راجع كلماتهم في تلك المسألة عرف أنهم لم يحكموا بالتهاتر القهري في مسألة إتلاف العبد.

(2) استدراك عما افاده: من عدم التزام المشهور بدفع المثل في القيميات كما هو مقتضى الآية و الدليل السابق، حيث إن مقتضاهما هو دفع المثل في القيميات أيضا.

و خلاصته: أن حكم الفقهاء برد العين المقترضة الى صاحبها دليل على أن ضمان القيمي بالمثل كما هو مقتضى الآية و الدليل السابق، لا بالقيمة كما هو مذهب المشهور، اذ لو كان ضمان القيمي بالقيمة لما حكموا بجواز رد العين المقترضة الى صاحبها.

(3) اي و لاجل أن صدق القرض باداء العين، لا من جهة ضمان القيمي بالمثل اتفق فقهاء الامامية.

(4) اى غير العين المقترضة.

ص: 225

و أما مع عدم وجود المثل للقيمي التالف فمقتضى الدليلين (1) عدم سقوط المثل من الذمة بالتعذر كما لو تعذر المثل في المثلي (2) فيضمن بقيمته يوم الدفع كالمثلي و لا يقولون به (3)

و أيضا فلو فرض نقصان المثل عن التالف من حيث القيمة نقصانا فاحشا فمقتضى ذلك (4) عدم جواز الزام المالك بالمثل، لاقتضائهما (5) اعتبار المماثلة في الحقيقة و المالية، مع أن المشهور كما يظهر من بعض الزامه (6) به، و إن قوّى خلافه (7) بعض.

بل ربما احتمل جواز دفع المثل و لو سقط المثل عن القيمة بالكلية و إن كان (8) الحق خلافه

+++++++++++

(1) و هما: الآية الكريمة

و الدليل السابق و هو قوله في ص 220 و لكن يمكن أن يقال:

(2) في أنه لا يسقط المثل عن الذمة بسبب تعذره في الخارج

(3) اى بضمان القيمة في يوم الدفع.

(4) اي النقص الفاحش

(5) اى الدليلين و هما: الآية الكريمة،

و الدليل السابق المشار إليه في الهامش 1

(6) اي الزام المالك بالمثل.

(7) اي خلاف عدم وجوب الزام المالك بالمثل: و هو إلزام المالك بالمثل.

(8) هذا رأي الشيخ في الموضوع و يقول: إن الحق خلاف ما افاده البعض: من وجوب الزام المالك بالمثل و إن سقط المثل عن القيمة.

بل الواجب دفع قيمة هذا المثل الساقط عن القيمة.

ص: 226

فتبين (1) أن النسبة بين مذهب المشهور (2) و مقتضى العرف، و الآية عموم من وجه

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يذكر أن الآية الكريمة، و الدليل السابق الدالتين على وجوب الاعتداء بالمثل الشامل لاعطاء المثل حتى في القيميات لا توافقان قول المشهور الدال على وجوب دفع المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

و أن بين الآية، و الدليل السابق، و قول المشهور عموما و خصوصا من وجه لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب المشهور: بأن تكون الآية الكريمة و الدليل السابق موجودتين، و قول المشهور لم يكن موجودا كما في المثالين المتقدمين

و هما: إتلاف ذراع من كرباس طوله عشرون ذراعا متساويا مع الذراع المتلف من تمام الجهات.

و إتلاف عبد لزيد و للمتلف في ذمة زيد عبد بمثل العبد التالف من تمام الجهات و الصفات.

فالآية و الدليل تحكمان بدفع المثل في إتلاف ذراع من كرباس الى المالك سواء وجد المثل أم لم يوجد، و وجب شراؤه مهما بلغت قيمته و كلفت

و المشهور يحكم بوجوب دفع القيمة الى صاحب الذراع التالف.

و كذا في العبد، فإن الآية، و الدليل السابق تحكمان بقبول زيد عبد عمرو بدلا عن عبده التالف بالتهاتر القهري.

و المشهور لا يحكم بالتهاتر القهري. -

(2) و هو وجوب المثل في المثليات، و القيمة في القيميات

ص: 227

فقد (1) يضمن بالمثل بمقتضى الدليلين (2) و لا يضمن به عند المشهور كما في المثالين المتقدمين (3).

+++++++++++

- و أما مادة الافتراق من جانب الآية و الدليل السابق: بأن يكون المشهور موجودا و هما ليسا بموجودين كما لو فرض نقصان المثل عن التالف نقصانا فاحشا من حيث القيمة بحيث سقط عن المالية.

فالمشهور يحكم بوجوب دفع هذا المثل الى المالك و الزامه باخذه.

و الآية و الدليل السابق يحكمان بعدم وجوب دفعه إليه، و عدم الزام المالك باخذه، لأنهما يعتبران المماثلة في الحقيقة و المالية.

و من الواضح أن المثل هنا قد سقطت المالية عنه، فإن الثلج الموجود في الشتاء لا يستفاد منه، و لا سيما اذا كان موجودا في الأماكن الباردة التي لا تحتاج الى الثلج.

و أما مادة الاجتماع كما في الحنطة و الشعير، فإن الآية، و الدليل السابق تحكمان بوجوب دفع المثل عنهما لو تلفا، لأنهما مثل التالف في الحقيقة النوعية و الصنفية، و في المالية.

و المشهور يحكم أيضا بوجوب دفع مثلهما، لعدم سقوطهما عن المالية.

(1) هذه مادة الافتراق من جانب المشهور و قد عرفتها آنفا.

(2) و هما: الآية الكريمة، و الدليل السابق.

(3) و هما: إتلاف ذراع من كرباس طوله عشرون ذراعا متحدة الجهات و الصفات.

و إتلاف عبد لزيد و بذمة المتلف عبد من عمرو موصوف مع التالف بكل الصفات و الجهات.

ص: 228

و قد (1) ينعكس الحكم كما في المثال الثالث

و قد يجتمعان (2) في المضمون به كما في اكثر الأمثلة.

ثم إن الاجماع على ضمان القيمي بالقيمة على تقدير تحققه لا يجدي بالنسبة الى ما لم يجمعوا على كونه قيميا.

ففي موارد الشك يجب الرجوع الى المثل بمقتضى الدليل السابق (3) و عموم الآية (4)، بناء (5)

+++++++++++

(1) هذه مادة الافتراق من جانب الآية، و الدليل السابق و قد عرفتها آنفا.

(2) هذه مادة الاجتماع و قد عرفتها آنفا.

(3) و هي القاعدة المستفادة من الاطلاقات الواردة في ضمان المثل المشار إليها في ص 220 عند قوله: و لكن يمكن أن يقال

(4) و هو قوله تعالى: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، حيث إن الآية عامة تحكم بوجوب دفع المثل عن التالف مطلقا، سواء أ كان في المثليات أم في القيميات، و سواء وجد المثل أم لا، إلا فيما سقط المثل عن القيمة رأسا كما في المثال الثالث و هو الثلج في الشتاء.

لكن العموم المذكور خصص بالاجماع، فإن الاجماع قام على ضمان القيمة في القيميات.

(5) تعليل للرجوع الى المثل في الموارد المشكوكة في مثليتها بمقتضى العموم في الآية الشريفة و إن خصص العموم. -

ص: 229

على ما هو الحق المحقق: من أن العام المخصص بالمجمل مفهوما المردد بين الأقل و الاكثر لا يخرج عن الحجية بالنسبة الى موارد الشك.

فحاصل (1) الكلام أن ما اجمع على كونه مثليا يضمن بالمثل مع مراعاة الصفات التي يختلف فيها الرغبات و إن فرض نقصان قيمته في زمان

+++++++++++

- و خلاصته: أن العموم المذكور و إن خصص بالاجماع و مقتضاه و إن كان عدم الرجوع الى العموم في الموارد المشكوكة، و عدم الحكم بوجوب دفع المثل فيها، لا في المثليات و لا في القيميات.

لكنه قرر في علم الاصول: أن العام اذا خصص بالمجمل مفهوما كما فيما نحن فيه، حيث إن القيمي مردد بين الأقل و الأكثر: فيقتصر في التخصيص فيه على القدر المتيقن من قيميته: و هو ما اجمع على أنه قيمي فيبقى الباقي تحت العموم المذكور: و هو وجوب دفع المثل في التالف سواء أ كان مثليا أم قيميا.

هذا في الشبهات المفهومية كما في المقام، حيث إن مفهوم القيمي مجمل مردد بين الأقل: و هو مورد الاجماع المحقق.

و بين الأكثر: و هو مطلق ما قيل: إنه قيمي و إن اختلف فيه

(1) اى و خلاصة ما ذكرناه في مفاد الآية الكريمة و الدليل السابق.

مقصود الشيخ من ذكر هذه الخلاصة: أن مجموع ما ذكرناه حول مفاد الآية الكريمة؛ و الدليل السابق و إن كان هو وجوب دفع المثل في المثليات و القيميات، و كان وجوب دفع المثل هي نتيجة ما وصلنا إليه من مفاد الآية، و الدليل السابق.

لكن مع ذلك كله إن قام اجماع على مثلية شيء وجب دفع المثل و إن نقصت قيمته عن قيمة المثل التالف. -

ص: 230

الدفع، أو مكانه عن قيمة التالف، بناء (1) على تحقق الاجماع على اهمال هذا التفاوت.

مضافا (2) الى الخبر الوارد في أن الثابت في ذمة من اقترض دراهم و اسقطها السلطان، و روّج غيرها هي الدراهم الاولى (3)

+++++++++++

- بل و لو سقطت قيمته بالكلية عن قيمة التالف.

كما اشار الى هذا السقوط الخبر الآتي

أو قام اجماع على قيمية شيء وجب دفع القيمة عن التالف.

فحينئذ تخصص الآية، و الدليل السابق فترفع اليد عن عمومهما كما عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 4. ص 229: لكن العموم المذكور خصص بالاجماع.

(1) تعليل لوجوب دفع المثل و إن نقصت قيمته عن التالف في زمان الدفع، أو مكانه.

(2) اي و لنا بالإضافة الى الاجماع المذكور على وجوب دفع المثل عن التالف و إن نقصت، أو سقطت قيمة المثل عن قيمة التالف يوم الدفع أو مكان الدفع: الخبر الوارد

(3) أليك نص الحديث الثاني

عن يونس قال: كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه كان لي على رجل دراهم، و أن السلطان اسقط تلك الدراهم و جاءت دراهم أعلى من تلك الدراهم، و لهم اليوم وضيعة فأي شيء لي عليه الأولى التي اسقطها السلطان، أو الدراهم التي اجازها السلطان؟

فكتب عليه السلام: الدراهم الاولى

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 488. الباب 20. الحديث 2

ص: 231

و ما (1) اجمع على كونه قيميا يضمن بالقيمة، بناء على ما سيجيء (2) من الاتفاق على ذلك، و إن وجد مثله، أو كان مثله في ذمة الضامن.

و ما (3) شك في كونه قيميا، أو مثليا يلحق بالمثلي، مع عدم اختلاف قيمتي المدفوع و التالف، و مع الاختلاف ألحق بالقيمي. فتأمل (4)

الخامس: ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل الا باكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد.

(الخامس) (5): ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل الا باكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد. انتهى.

أقول: كثرة الثمن ان كانت لزيادة القيمة السوقية للمثل بأن صارت قيمته أضعاف قيمة التالف يوم تلفه فالظاهر أنه لا اشكال في وجوب الشراء (6)، و لا خلاف كما صرح به (7) في الخلاف، حيث قال: اذا غصب ماله

+++++++++++

(1) عرفت معنى هذا عند قولنا في ص 231: أو قام الإجماع على قيمية شيء.

(2) اى في الامر السابع من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

(3) عرفت معنى هذا عند قولنا في ص 230: و خلاصته أن العموم المذكور و إن خصص.

(4) لعل وجه التأمل: أنه لا وجه للقول بوجوب دفع القيمة في موارد اختلاف قيمتي المدفوع و التالف.

بل الواجب و اللازم هو وجوب دفع المثل حينئذ كما عرفت عند قولنا مشروحا في ص 230: لكنه قرر في علم الاصول أن العام المخصص.

(5) اى من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(6) اى شراء المثل و إن كانت قيمته أضعاف قيمة التالف.

(7) اي بوجوب شراء المثل و إن ترقت قيمته.

ص: 232

مثل الحبوب و الأدهان فعليه مثل ما تلف في يده يشتريه بأي ثمن كان بلا خلاف

و في المبسوط يشتريه بأي ثمن كان اجماعا. انتهى.

و وجهه (1) عموم النص (2) و الفتوى بوجوب المثل في المثلي.

و يؤيده (3) فحوى حكمهم بأن تنزل قيمة المثل حين الدفع عن يوم التلف لا يوجب الانتقال الى القيمة.

بل ربما احتمل بعضهم ذلك (4) مع سقوط المثل في زمان الدفع عن المالية كالماء على الشاطئ، و الثلج في الشتاء.

+++++++++++

(1) اى دليل وجوب شراء المثل بأي ثمن كان.

(2) و هي آية فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ .

و قد عرفت وجه العموم في الهامش 4. ص 229 عند قولنا: حيث إن الآية الكريمة عامة تحكم.

(3) اى و يؤيد وجوب دفع المثل و شرائه بأي ثمن كان الأولوية الواردة في حكم الفقهاء بعدم انتقال المثل الى القيمة عند تنزل قيمة المثل عن التالف عند الدفع.

فاذا كان الحكم كذلك عند التنزل فبطريق أولى لا ينتقل المثل الى القيمة عند ترقي القيمة بزيادة القيمة السوقية.

و وجه هذه الفحوى: أن حكم الفقهاء بعدم الانتقال الى القيمة عند التنزل لازمه عدم مراعاة قاعدة لا ضرر و لا ضرار بالنسبة الى ضرر المالك

فهذه القاعدة اولى بعدم المراعاة بالنسبة الى الضرر الوارد على الضامن

(4) اى عدم الانتقال الى القيمة.

ص: 233

و أما إن كانت (1) لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه إلا عند من يعطيه بأزيد مما يرغب فيه الناس، مع وصف الاعواز بحيث يعد بذل ما يريد مالكه بإزائه ضررا عرفا.

فالظاهر أن هذا هو المراد بعبارة القواعد (2)، لأن الثمن في الصورة الاولى (3) ليس بأزيد من ثمن المثل، بل هو ثمن المثل و إنما زاد على ثمن التالف يوم التلف فحينئذ (4) يمكن التردد في الصورة الثانية (5) كما قيل:

من أن الموجود بأكثر من ثمن المثل كالمعدوم كالرقبة في الكفارة و الهدي

+++++++++++

(1) اى كثرة الثمن.

في النسخ الموجودة عندنا و أما إن كان بتذكير كان الناقصة، و الصواب كما أثبتناه بتأنيثها، اذ المرجع كثرة الثمن كما كانت هي المرجع في الشق الاول في قوله: اقول: كثرة الثمن إن كانت لزيادة القيمة السوقية.

(2) و هي التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 232: ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل إلا بأكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد.

(3) و هي كثرة الثمن لزيادة القيمة السوقية.

(4) اى فحين أن لم يكن الثمن بأزيد من ثمن المثل

(5) و هي ما كانت كثرة الثمن لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه إلا عند من يعطيه بأزيد مما يرغب فيه الناس.

و المراد من التردد هو التردد في وجوب شراء المثل بأي ثمن كان فإن في الصورة الثانية لا يمكن الحكم قطعيا بوجوب الشراء.

بخلاف الصورة الاولى، فإنه يحكم فيها بوجوب الشراء مهما بلغ الامر و كلفت القيمة.

ص: 234

و أنه يمكن معاندة البائع و طلب أضعاف القيمة و هو (1) ضرر

و لكن الأقوى مع ذلك (2) وجوب الشراء، وفاقا للتحرير كما عن الايضاح و الدروس و جامع المقاصد.

بل اطلاق السرائر، و نفي الخلاف المتقدم عن الخلاف (3)، لعين ما ذكر (4) في الصورة الاولى.

ثم إنه لا فرق في جواز مطالبة المالك بالمثل بين كونه في مكان التلف أو غيره، و لا بين كون قيمته في مكان المطالبة أزيد من قيمته في مكان التلف أم لا، وفاقا لظاهر المحكي عن التحرير و التذكرة و الايضاح و الدروس و جامع المقاصد.

و في السرائر أنه (5) الذي يقتضيه عدل الاسلام، و الأدلة و اصول المذهب و هو (6) كذلك

+++++++++++

(1) اى إمكان طلب البائع أضعاف قيمة المثل و إمكان أنه يعاند في ذلك ضرر على المتلف الضامن و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضرر و لا ضرار.

(2) اى مع إمكان معاندة البائع و مطالبته بأضعاف قيمة المثل.

(3) في نقل الشيخ عنه بقوله في ص 233: و لا خلاف كما صرح به في الخلاف.

(4) و هو قوله في ص 233: و وجهه عموم النص و الفتوى

و قد عرفت في الهامش 2 ص 233 أن المراد من النص الآية الكريمة

(5) اى عدم الفرق في جواز مطالبة المالك بالمثل

(6) اى ما افاده ابن ادريس في السرائر: من أن عدم الفرق في جواز مطالبة المالك أنه الذي يقتضيه عدل الاسلام و الأدلة و اصول المذهب

ص: 235

لعموم الناس مسلطون على أموالهم

هذا (1) مع وجود المثل في بلد المطالبة.

و أما مع تعذره فسيأتي حكمه في المسألة السادسة (2)

السادس: لو تعذر المثل في المثلي فمقتضى القاعدة وجوب دفع القيمة مع مطالبة المالك
اشارة

(السادس) (3): لو تعذر المثل في المثلي فمقتضى القاعدة وجوب دفع القيمة (4) مع مطالبة المالك، لأن منع المالك ظلم، و إلزام الضامن

+++++++++++

(1) أى وجوب دفع المثل في بلد المطالبة

(2) المراد من المسألة السادسة (الأمر السادس) الذي يأتي ذكره بقوله: السادس.

(3) اى الامر السادس من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

البحث هنا يقتضي في مقامين:

(الأول) في الحكم الوضعي: و هو انتقال حق المالك الى القيمة عند تعذر المثل لو طالب بحقه.

(الثاني): الحكم التكليفي: و هو وجوب الدفع الى المالك.

لا شك في وجوب المبادرة الى الحكم التكليفي: الذي هو الدفع، سواء طالب المالك أم لم يطالب، و لذا لو اخر عصى

و هذا هو الفرق بين الدين و الغصب، حيث إن المدين لا يجب عليه المبادرة الى دفع الدين لو لم يطالب الدائن طلبه

بخلاف الغاصب، فإنه يجب المبادرة الى الرد و الدفع الى المالك، سواء طالب أم لا

(4) هذا بناء على مختار الشيخ: من أن إمساك الغصب حرام و لو كان آنا مّا، بناء على أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب -

ص: 236

بالمثل منفي بالتعذر فوجبت القيمة، جمعا بين الحقين (1)

مضافا (2) إلى قوله تعالى: فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، فإن الضامن اذا الزم بالقيمة مع تعذر المثل لم يعتد عليه أزيد مما اعتدى (3)

و أما مع عدم مطالبة المالك فلا دليل على الزامه (4) بقبول القيمة

+++++++++++

- بخلاف مذهب ابن ادريس، حيث إنه نفى الاثم عن الإمساك و إن قال بوجوب الدفع الى المالك.

و أما الحكم الوضعي: و هو انتقال حق المالك الى القيمة فلا إشكال في تحققه عند المطالبة

و أما في غير صورة المطالبة فلا ينتقل حقه الى القيمة، لثبوت المثل في ذمته

و المراد من يوم المطالبة هو يوم الدفع، و إلا فمجرد المطالبة لا يكون مبررا، لانتقال حقه الى القيمة، بل المثل ثابت في ذمته، لاشتغالها به فلا تبرأ ذمته إلا بالأداء بالمثل.

اذا عرفت المقامين فاعلم أن مقتضى القاعدة هو وجوب دفع القيمة الى المالك عند تعذر المثل لو طالب

(1) و هما: حق المالك بوجوب دفعه إليه عند مطالبته

و حق الضامن بعدم جواز الزامه بالمثل

(2) اى و لنا بالإضافة الى مقتضى القاعدة دليل آخر على وجوب دفع القيمة الى المالك لو طالب عند تعذر المثل.

(3) اى الضامن على المعتدى به و هو المالك

(4) اى الزام المالك، لأن ذمته مشغولة بالمثل فلا تبرأ إلا بالأداء بالمثل

ص: 237

لأن المتيقن أن دفع القيمة علاج لمطالبة المالك، و جمع بين حق المالك بتسليطه على المطالبة، و حق الضامن، لعدم تكليفه بالتعذر و المعسور.

أما مع عدم المطالبة فلا دليل على سقوط حقه عن المثل.

و ما ذكرنا (1) يظهر من المحكي عن التذكرة و الايضاح، حيث ذكرا في رد بعض الاحتمالات الآتية في حكم تعذر المثل ما لفظه.

إن المثل لا يسقط بالإعواز (2) ألا ترى أن المغصوب منه لو صبر الى زمان وجدان المثل ملك المطالبة، و إنما المصير الى القيمة وقت تغريمها (3) انتهى.

لكن اطلق كثير منهم الحكم بالقيمة عند تعذر المثل.

و لعلهم يريدون صورة المطالبة، و إلا فلا دليل على الاطلاق (4)

و يؤيد ما ذكرنا (5): أن المحكي عن الأكثر في باب القرض أن (6) المعتبر في المثلي المتعذر قيمته (7) يوم المطالبة.

+++++++++++

(1) و هو عدم الدليل على الزام المالك بقبوله القيمة عند تعذر المثل لو لم يطالب

(2) و هو تعذر المثل

(3) و هو يوم الدفع المعبر عنه بيوم المطالبة

(4) اى حتى و لو لم يطالب المالك بحقه

(5) و هو أن المراد من تعذر المثل هي صورة المطالبة، لا مجرد التعذر

(6) أن مع اسمها مرفوعة محلا خبر لكلمة أن الاولى الواقعة في قوله: و يؤيد ما ذكرنا أن المحكي

(7) بالرفع خبر لكلمة أن الثانية الواقعة في قوله: إن المعتبر.

ص: 238

نعم عبر بعضهم بيوم الدفع (1). فليتأمل (2)

و كيف كان (3) فلنرجع الى حكم المسألة (4) فنقول:

إن المشهور أن العبرة في قيمة المثل المتعذر بقيمته هو يوم الدفع، لأن المثلي ثابت في الذمة الى ذلك الزمان (5) و لا دليل على سقوطه بتعذره

كما لا يسقط الدين بتعذر ادائه

و قد صرح بما ذكرنا (6) المحقق الثاني.

و قد عرفت (7) من التذكرة و الايضاح ما يدل عليه

و يحتمل اعتبار وقت تعذر المثل و هو للحلي في البيع الفاسد، و التحرير في باب القرض، و المحكي عن المسالك، لأنه (8) وقت الانتقال الى القيمة

+++++++++++

(1) اى عن يوم المطالبة

(2) وجه التأمل أن المراد بيوم الدفع في تعبير هذا البعض هو يوم المطالبة، و لو لا هذا لما صح القول بانتقال حق المالك الى القيمة بمجرد المطالبة كما عرفت

(3) اى سواء أ كان المراد من تعذر المثل يوم المطالبة أم لا

(4) و هو انتقال حق المالك الى القيمة عند تعذر المثل لو طالب المالك بحقه

(5) و هو يوم الدفع

(6) و هو أن العبرة في قيمة المثل المتعذر قيمة يوم الدفع

(7) عند قول الشيخ في ص 238: و ما ذكرنا يظهر من المحكي عن التذكرة و الايضاح، حيث ذكرا في رد بعض الاحتمالات

الى قوله: إن المثل لا يسقط بالإعواز

(8) اى وقت تعذر المثل

ص: 239

و يضعفه أنه إن اريد بالانتقال انقلاب ما في الذمة الى القيمة في ذلك الوقت فلا دليل عليه.

و إن اريد عدم وجوب إسقاط ما في الذمة إلا بالقيمة فوجوب الاسقاط بها (1) و إن حدث يوم التعذر مع المطالبة، إلا أنه لو اخر الإسقاط بقي المثل في الذمة الى تحقق الإسقاط

و إسقاطه (2) في كل زمان باداء قيمته في ذلك الزمان، و ليس في الزمان الثاني مكلفا بما صدق عليه الإسقاط في الزمان الأول (3)

هذا. و لكن لو استندنا في لزوم القيمة في المسألة الى ما تقدم سابقا من الآية، و من أن المتبادر من اطلاقات الضمان هو وجوب الرجوع الى أقرب الأموال الى التالف بعد تعذر المثل توجه القول بصيرورة التالف قيميا بمجرد تعذر المثل (4)، اذ لا فرق في تعذر المثل بين تحققه ابتداء كما في القيميات، و بين طروه بعد التمكن كما في ما نحن فيه (5)

و دعوى اختصاص الآية، و اطلاقات الضمان بالحكم بالقيمة بتعذر المثل ابتداء لا يخلو عن تحكم.

ثم إن في المسألة (6) احتمالات اخر ذكر اكثرها في القواعد

و قوى بعضها في الايضاح، و بعضها بعض الشافعية

+++++++++++

(1) اى بالقيمة و دفعها الى مالكها

(2) اى إسقاط المثل

(3) و هو التعذر و يوم المطالبة

(4) و إن لم يطالب المالك

(5) و هو تعذر المثل

(6) و هو تعذر المثل في المثلي

ص: 240

و حاصل جميع الاحتمالات (1) في المسألة مع بيانها أنه إما أن نقول باستقرار المثل في الذمة (2) الى أوان الفراغ منه بدفع القيمة و هو الذي اخترناه، تبعا للاكثر: من اعتبار القيمة عند الإقباض (3)

و ذكره في القواعد خامس الاحتمالات.

و إما أن نقول بصيرورته (4) قيميا عند الإعواز.

فاذا صار كذلك (5) فإما أن نقول: إن المثل المستقر في الذمة قيمي فتكون القيمية صفة للمثل بمعنى أنه لو تلف و جبت قيمته.

و إما أن نقول: إن المغصوب انقلب قيميا بعد أن كان مثليا (6) فإن قلنا بالاول (7) فإن جعلنا الاعتبار في القيمي بيوم التلف كما هو احد الأقوال كان المتعين قيمة المثل يوم الاعواز كما صرح به في السرائر في البيع الفاسد، و التحرير في باب القرض، لأنه يوم تلف القيمي.

و إن جعلنا الاعتبار فيه (8) بزمان الضمان كما هو القول الآخر

+++++++++++

(1) و بذكر الشيخ هذه الاحتمالات بقوله: و ذكر هذا اوّل الاحتمالات في القواعد، و ذكر هذا الوجه في القواعد ثاني الاحتمالات

(2) اى بمجرد تعذر المثل و عدم وجوده في الخارج اصلا، أو مع وجوده لكن يباع بقيمة راقية عالية جدا

(3) اى إقباضه الى المالك

(4) اى بصيرورة المثل

(5) اى صار المثل قيميا عند الإعواز و تعذره في الخارج

(6) اى عند تعذره في الخارج

(7) و هو أن المثل المستقر في الذمة قيمي

(8) اى في القيمي، و المراد من زمان الضمان هو يوم الغصب

ص: 241

في القيمي كان المتجه اعتبار زمان تلف العين، لأنه اوّل أزمنة وجوب المثل في الذمة المستلزم لضمانه بقيمته عند تلفه.

و هذا (1) مبني على القول بالاعتبار في القيمي بوقت الغصب كما عن الاكثر.

و إن جعلنا الاعتبار فيه (2) بأعلى القيم من زمان الضمان الى زمان التلف كما حكي عن جماعة من القدماء في الغصب كان المتجه الاعتبار بأعلى القيم من يوم تلف العين الى زمان الاعواز.

و ذكر هذا الوجه في القواعد ثاني الاحتمالات.

و إن قلنا: إن التالف انقلب قيميا احتمل الاعتبار بيوم الغصب كما في القيمي المغصوب، و الاعتبار بالأعلى منه الى يوم التلف

و ذكر هذا اوّل الاحتمالات في القواعد.

و إن قلنا: إن المشترك بين العين و المثل صار قيميا جاء احتمال الاعتبار بالأعلى: من يوم الضمان الى يوم تعذر المثل، لاستمرار الضمان فيما قبله من الزمان: إما للعين، و إما للمثل فهو مناسب لضمان الأعلى: من حين الغصب الى التلف.

و هذا ذكره في القواعد ثالث الاحتمالات.

و احتمل الاعتبار بالأعلى (3): من يوم الغصب الى دفع المثل.

و وجّهه (4) في محكي التذكرة

+++++++++++

(1) و هو أن الاعتبار في القيمى من زمان الضمان الذي هو يوم الغصب

(2) اى في القيمي

(3) اي بأعلى القيم

(4) اى وجّه العلامة و ولده فخر المحققين احتمال الاعتبار بأعلى القيم

ص: 242

و الايضاح بأن المثل لا يسقط بالإعواز (1) قالا:

ألا ترى أنه لو صبر المالك الى وجدان المثل استحقه فالمصير الى القيمة عند تغريمها (2) و (3) القيمة الواجبة على الغاصب أعلى القيم.

و حاصله (4) أن وجوب دفع قيمة المثلي يعتبر من زمن وجوبها (5) أو وجوب مبدلها اعني العين (6)

+++++++++++

(1) اى بمجرد الإعواز لا ينقلب المثل الى القيمة

(2) و هو يوم دفع القيمة الى مالك العين، و إقباضها له

(3) الواو هنا حالية الى و الحال أن القيمة الواجبة على الغاصب بعد القول بأن المصير الى القيمة هو زمن تغريمها: هو أعلى القيم: من يوم التلف و من يوم الدفع

فاذا كانت قيمة يوم التلف أعلى من قيمة يوم الدفع تعطى للمالك قيمة يوم التلف، لأن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

و اذا كانت قيمة يوم الدفع أعلى من قيمة يوم التلف تعطى للمالك قيمة يوم الدفع، لعين الملاك في الاول

(4) اى و حاصل توجيه ما افاده العلامة في التذكرة، و فخر المحققين في الايضاح

(5) المراد من الوجوب الثبوت، و كذلك في قوله: أو وجوب مبدلها.

و المراد من زمن الوجوب هو يوم التغريم الذي هو يوم الدفع

و من وجوب مبدلها هو يوم غصب العين التي هي المبدل و القيمة هو البدل

(6) المراد منها الغصبية التي قبضت بالعقد الفاسد، بناء على أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب كما افاده ابن ادريس

ص: 243

فيجب أعلى القيم منهما (1). فافهم (2)

اذا عرفت هذا فاعلم أن المناسب لاطلاق كلامهم لضمان المثل في المثلي هو أنه مع تعذر المثل لا يسقط المثل عن الذمة، غاية الامر يجب إسقاطه (3) مع مطالبة المالك، فالعبرة بما هو إسقاط حين الفعل (4) فلا عبرة بالقيمة إلا يوم الاسقاط (5)، و تفريغ الذمة.

و أما بناء على ما ذكرنا: من أن المتبادر من ادلة الضمان التغريم بالأقرب الى التالف فالأقرب كان المثل مقدما (6) مع تيسره، و مع تعذره ابتداء (7) كما في القيمي، أو بعد التمكن (8) كما فيما نحن فيه كان المتعين هو القيمة، فالقيمة قيمة للمغصوب من حين صار قيميا: و هو حال الإعواز (9)

+++++++++++

(1) اى من يوم التغريم الّذي هو يوم الدفع، أو يوم غصب العين

(2) لعله اشارة الى ضعف المبني الذي هي صيرورة القدر المشترك قيميا

(3) اى المثل

(4) و هو يوم المطالبة، فالذمة تبرأ عند ما طالب المالك وادى الغاصب و أما لو لم يطالب فلا تبرأ ذمة الغاصب عن المثل، بل المثل ثابت في ذمته بقاعدة الاشتغال، اذ بمجرد تعذر المثل، و عدم المطالبة لا ينقلب المثل الثابت في ذمة الغاصب الى القيمة

(5) و هو يوم الدفع و عند المطالبة

(6) اى يقدم المثل على القيمة

(7) بأن لا يوجد المثل اصلا و ابدا بعد أن تلفت العين

(8) بأن كان مثل العين التالفة موجودا، لكنه تعذر وجوده بعد ذلك

(9) سواء أ كان الإعواز ابتداء أم بعد التمكن من المثل

ص: 244

فحال الاعواز معتبر من حيث إنه اوّل أزمنة صيرورة التالف قيميا لا من حيث ملاحظة القيمة قيمة للمثل (1)، دون العين.

فعلى القول باعتبار يوم التلف (2) في القيمي توجه ما اختاره (3) الحلي رحمه اللّه

و لو قلنا بضمان القيمي (4) بأعلى القيم من حين الغصب الى حين التلف كما عليه جماعة من القدماء توجه ضمانه (5) فيما نحن فيه بأعلى القيم من حين الغصب الى زمان الاعواز، اذ (6) كما أن ارتفاع القيمة مع بقاء العين مضمون بشرط تعذر ادائها المتدارك لارتفاع القيم.

+++++++++++

(1) اى و إن قلنا باعتبار حال الاعواز، لكن مع ذلك نقول: إن القيمة بدل عن العين التالفة، لا عن المثل المتعذر وجوده

(2) و هو تلف العين

(3) و هو الاعتبار بقيمة يوم تعذر المثل و إعوازه

(4) اى عند انقلاب المثل قيميا عند تعذر المثل

(5) اى ضمان التالف فيما نحن فيه و هو تعذر المثل المعبر عنه بيوم الاعواز

(6) تعليل لوجوب دفع أعلى القيم: من زمن الغصب الى زمن الدفع

و خلاصته: أن العين اذا كانت موجودة و ترقت قيمتها، لكن تعذر اداؤها الى صاحبها لمانع آخر غير التلف لكان هذا الارتفاع و الترقي مضمونا على الغاصب.

كذلك ما نحن فيه الذي تعذر المثل فيه بعد أن كان موجودا يجب على الغاصب إعطاء أعلى القيم الى صاحب العين مهما بلغ الامر و كلف

ص: 245

كذلك يشترط تعذر المثل في المثلي (1)، اذ (2) مع رد المثل يرتفع ضمان القيمة السوقية.

و حيث كانت العين فيما نحن فيه (3) مثلية كان اداء مثلها عند تلفها كرد عينها في الغاء ارتفاع القيم.

فاستقرار ارتفاع القيم إنما يحصل بتلف العين و المثل.

فإن قلنا: إن تعذر المثل يسقط المثل كما أن تلف العين يسقط العين توجه القول بضمان القيمة: من زمان الغصب الى زمان الاعواز (4)

و هو أصح الاحتمالات في المسألة عند الشافعية على ما قيل:

و إن قلنا: إن تعذر المثل لا يسقط المثل و ليس كتلف (5) العين كان ارتفاع القيمة فيما بعد تعذر المثل أيضا مضمونا فيتوجه ضمان القيمة من حين الغصب الى حين دفع القيمة، و هو المحكي عن الايضاح.

+++++++++++

(1) حتى يتوجه نحو الغاصب أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم الدفع

(2) تعليل لاشتراط تعذر المثل في المثلي حتى يتوجه نحو الغاصب أعلى القيم

و خلاصته: أن مع وجود العين و ردها الى صاحبها لا يبقى مجال لضمان ارتفاع القيمة مهما بلغ الارتفاع

بل ضمان الارتفاع مشروط بشرط تعذر المثل

فإن وجد المثل لا يضمن الارتفاع، و إلا يضمن

(3) و هو تعذر المثل

(4) و هو يوم تعذر المثل المعبر عنه بيوم الدفع

(5) في أنه يسقط العين عن ردها

ص: 246

و هو أوجه الاحتمالات على القول بضمان ارتفاع القيمة، مراعى بعدم رد العين، أو المثل.

ثم اعلم أن العلامة ذكر (1) في عنوان هذه الاحتمالات أنه لو تلف المثلي و المثل موجود ثم أعوز ظاهره اختصاص هذه الاحتمالات بما اذا طرأ تعذر المثل بعد وجود المثل في بعض أزمنة التلف، لا ما تعذر فيه المثل ابتداء.

و عن جامع المقاصد أنه يتعين حينئذ (2) قيمة يوم التلف.

و لعله (3) لعدم تنجز التكليف بالمثل عليه في وقت من الأوقات

و يمكن أن يخدش فيه (4) بأن التمكن من المثل ليس بشرط لحدوثه

+++++++++++

(1) اى في القواعد في كتاب الغصب في الركن الثالث بقوله:

و لو تلف المثلي في يد الغاصب و المثل موجود فلم يغرمه حتى فقد ففي القيمة المعتبرة احتمالات

(2) أى حين أن طرأ تعذر المثل و هو كان موجودا بعد تلف العين

(3) هذا كلام شيخنا الانصارى يريد أن يوجه ما افاده صاحب جامع المقاصد: من تعين وجوب دفع قيمة يوم التلف على الغاصب الى المالك عند طرو تعذر المثل، اى لعل هذا الوجوب لاجل أن الغاصب بعد تعذر المثل لم يكن التكليف الذي هو وجوب دفع المثل الى المالك منجزا عليه في وقت من الأوقات، لاستلزامه الحرج

(4) اى فيما افاده صاحب جامع المقاصد، و الباء بيان لكيفية الخدش

و خلاصة الخدش: أن مفهوم المثل لم يكن مقيدا بالتمكن في بداية اشتغال الذمة به اى قبل فقدان المثل بعد أن كان موجودا، كما أن التمكن -

ص: 247

في الذمة ابتداء كما لا يشترط في استقراره (1) استدامة على ما اعترف به (2) مع طرو التعذر بعد التلف، و لذا (3) لم يذكر احد هذا التفصيل في باب القرض.

و بالجملة (4) فاشتغال الذمة بالمثل إن قيد بالتمكن لزم الحكم

+++++++++++

من المثل لم يكن شرطا في استدامته الى زمن الاداء.

فالتمكن خارج عن مفهومه أصلا.

(1) اى في استقرار المثل

(2) اى صاحب جامع المقاصد اعترف بعدم اشتراط التمكن من المثل في استقراره في الذمة استدامة، و عدم سقوطه، لأن مذهبه في الاداء هو يوم الاقباض

فلو كان التمكن من المثل شرطا في صحة تعلقه بالغاصب لكان اللازم سقوط المثل بمجرد تعذره في الخارج، و لتحقق انتقال المثل الى القيمة حالا من دون توقف

(3) اى و لأجل أن التمكن من المثل ليس شرطا لحدوث المثل ابتداء في الذمة كما لم يكن شرطا فيها استدامة: لم يذكر احد من الفقهاء التفصيل المذكور: و هو وجود المثل و عدمه في إقراض المثلي: بأن يقول: إن المقترض اذا تمكن من المثل ثبت في ذمته المثل و استقر عليه و وجب دفعه الى صاحبه

و اذا لم يتمكن منه لم يثبت في ذمته المثل

فلا مدخلية للتمكن من المثل في تعلقه بالذمة ابتداء

(4) أى خلاصة الكلام في المثلي: أن اشتغال الذمة بالمثل إن قيدناه بالتمكن لازمه الحكم بارتفاع المثل عند تعذره

ص: 248

بارتفاعه بطرو التعذر، و إلا لزم (1) الحكم بحدوثه مع التعذر من اوّل الامر.

إلا (2) أن يقال: إن أدلة وجوب المثل ظاهرة في صورة التمكن و إن لم يكن مشروطا به عقلا فلا تعم صورة العجز.

نعم اذا طرأ العجز فلا دليل على سقوط المثل و انقلابه قيميا.

و قد يقال (3) على المحقق المذكور: إن اللازم مما ذكره أنه لو ظفر المالك بالمثل قبل اخذ القيمة لم يكن له المطالبة، و لا اظن احدا يلتزمه

و فيه (4) تأمل

ثم إن المحكي عن التذكرة أن المراد بإعواز المثل أن لا يوجد في البلد و ما حوله.

+++++++++++

(1) اى و إن لم يكن الاشتغال مقيدا بالتمكن من المثل لزم الحكم بحدوث المثل عند تعذر المثل من بداية الامر

(2) استثناء عما افاده: من لزوم الحكم بحدوث المثل من بداية الامر عند تعذر المثل.

و خلاصته: أنه لو قيل بظهور أدلة وجوب المثل بصورة التمكن من المثل و إن لم يكن الوجوب مشروطا بالتمكن عقلا فلا تشمل صورة العجز عن المثل

(3) اى و قد يورد على صاحب جامع المقاصد على ما افاده: من تعين قيمة يوم التلف على الغاصب حين أن تعذر المثل و هو كان موجودا.

(4) اى و فيما اورده القيل على المحقق الكركي تامل و إشكال

وجه التأمل: أن عدم تنجز التكليف على الغاصب بسبب تعذر المثل عليه لا يكون منافيا لوجود اصل التكليف، فليسا بمانعتي الجمع اذ التكليف بالمثل مشروط بوجوده فمتى وجد لزمه اداؤه

ص: 249

و زاد في المسالك قوله: مما ينقل عادة منه إليه (1) كما ذكروا في انقطاع المسلم فيه (2)

و عن جامع المقاصد الرجوع فيه (3) الى العرف

و يمكن أن يقال: إن مقتضى عموم (4) وجوب اداء مال الناس و تسليطهم على أموالهم أعيانا كانت أم في الذمة وجوب تحصيل المثل كما كان يجب رد العين أينما كانت و لو كانت في تحصيلها مئونة كثيرة و لذا (5)

+++++++++++

(1) اى من حول البلد الى البلد

(2) اى في بيع السلم و السلف الذي يكون الثمن فيه نقدا، و المثمن مؤجلا محدودا بوقت معين، فإن الملاك في عدم وجود المثمن في بيع السلم هو عدم وجوده في البلد و حواليه، و المكان الذي ينقل منه الى البلد

(3) اى في الاعواز، فإن العرف اي شيء حكم في ذلك فهو المتبع ليس إلا

(4) هو قوله عليه السلام: المغصوب كله مردود(1)، فإنه عام يشمل رد المثل، أو القيمة.

و ليس المراد من العموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت، لأنه مسوق لبيان الحكم الوضعي و هو الضمان، لا الحكم التكليفي الذي هو وجوب الرد كما افاد هذا المعنى شيخنا الانصاري في قوله في ص 141: و يدل عليه النبوي المشهور

(5) اى و لاجل أنه يجب تحصيل العين اينما كانت و لو كان تحصيلها يلزم مئونة كثيرة

ص: 250


1- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17، ص 309. الباب 1. الحديث 3

كان يجب تحصيل المثل بأي ثمن كان، و ليس هنا (1) تحديد التكليف بما عن التذكرة

نعم لو انعقد الاجماع على ثبوت القيمة عند الإعواز تعين ما عن جامع المقاصد (2)

كما أن المجمعين اذا كانوا بين معبر بالاعواز، و معبر بالتعذر كان المتيقن الرجوع الى الأخص و هو المتعذر، لأنه المجمع عليه (3)

نعم ورد في بعض أخبار السلم أنه اذا لم يقدر المسلم إليه (4) على ايفاء

+++++++++++

(1) اى في وجوب تحصيل المثل بأي ثمن كان تعيين التكليف بالشيء الذي ذكره العلامة في التذكرة بقوله: المراد بإعواز المثل أن لا يوجد في البلد و ما حوله

بل لا بد على الغاصب تحصيله مهما بلغ الامر حتى في بلد آخر أو في دولة اخرى

ثم لا يخفى عليك أن الكلام كان في التعذر الذاتي: بأن لم يوجد المثل اصلا و اساسا

و أما لو لم يوجد لاجل عدم الامكان على ايصاله: بأن كان تحت يد من لا يمكن إخراجه منه فحكمه حكم التعذر الذاتي.

(2) كما نقل الشيخ عنه في ص 247 بقوله: و عن جامع المقاصد أنه يتعين حينئذ قيمة يوم التلف.

(3) فبين الاعواز و التعذر عموم و خصوص مطلق، اذ كلما صدق التعذر صدق الاعواز، و ليس كلما صدق الاعواز صدق التعذر، فالأخص من جانب التعذر.

(4) و هو بايع السلعة سلفا و سلما.

ص: 251

المسلم فيه (1) تخير المشتري.

و من المعلوم أن المراد بعدم القدرة ليس التعذر العقلي المتوقف على استحالة النقل من بلد آخر (2) بل الظاهر منه عرفا ما عن التذكرة (3)

و هذا (4) يستأنس به للحكم فيما نحن فيه.

+++++++++++

(1) و هي السلعة.

(2) و هو الذي سلم الثمن الى البائع الذي هو المسلم إليه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 68. الباب 11. الأحاديث أليك نص الحديث الاول

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم: ثنيان و جذعان، و غير ذلك الى اجل مسمى.

قال عليه السلام: لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع ما عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها، أو ثلثها، أو ثلثيها، و يأخذ راس مال ما بقي من الغنم دراهم، و يأخذ دون شروطهم، و لا يأخذون فوق شرطهم.

و الأكسية أيضا مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم.

(3) و هو أن لا يوجد المثل في البلد و ما حوله.

(4) و هو أن الحكم في باب السلم و هو التخيير بين الفسخ و الصبر اذا علق على عدم القدرة ينزل على الموضوع العرفي، دون العقلي، فإن العرف هو الحاكم في عدم القدرة على تسليم المسلم فيه الى المسلم الذي هو المشتري، دون العقل.

كذلك فيما نحن فيه و هو تعذر المثل ينزل على الموضوع العرفي، دون العقلي. -

ص: 252

ثم إن في معرفة قيمة المثل مع فرض عدمه إشكالا: من حيث إن العبرة بفرض وجوده (1) و لو في غاية العزة كالفاكهة في اوّل زمانها أو آخره، أو وجود المتوسط.

الظاهر هو الاول (2)، لكن مع فرض وجوده بحيث يرغب في بيعه و شرائه فلا عبرة بفرض وجوده عند من يستغني عن بيعه بحيث لا يبيعه إلا اذا بذل له عوض لا ببذله الراغبون في هذا الجنس بمقتضى رغبتهم.

نعم لو الجأ (3) الى شرائه لغرض آخر بذل ذلك كما لو فرض

+++++++++++

إلا أن التخيير هنا بين اخذ القيمة، و بين الصبر الى أن يوجد المثل فالذي كان مناطا هناك يكون مناطا هنا.

(1) اى الاعتبار و المعيار في قيمة المثلي يدور مدار وجوده، فإن وجد تعرف القيمة و تقدر ثم تعطى الى صاحب العين التالفة.

و أما اذا لم يوجد المثل فمن أين تعرف قيمته؟

ففي هذه الصورة اختلفت الآراء في اعتبار القيمة و معيارها.

قال بعض: إن الملاك هو أول زمان وجوده.

و قال آخر: الملاك آخر زمان وجوده.

و قال ثالث: الملاك أوساط زمان وجوده.

اختار الشيخ أول زمان وجود المثل كما في الفاكهة العزيزة الوجود القليلة النادرة.

فلو تلفت و لا يوجد مثلها فالواجب على الغاصب دفع قيمتها يوم بداية وجودها.

(2) و هو اوّل زمان الفاكهة العزيزة كما عرفت.

(3) اى الغاصب.

ص: 253

الجمد في الصيف عند ملك العراق بحيث لا يعطيه إلا أن يبذله بإزاء عتاق (1) الخيل، و شبهها، فإن الراغب في الجمد (2) في العراق من حيث إنه راغب لا يبدل هذا العوض بإزائه و إنما يبذله من يحتاج إليه لغرض آخر كالاهداء الى سلطان قادم الى العراق مثلا، أو معالجة مشرف على الهلاك، و نحو ذلك من الأغراض و لذا (3) لو وجد هذا الفرد من المثل لم يقدح في صدق التعذر كما ذكرنا في المسألة الخامسة (4)

فكل (5) موجود لا يقدح وجوده في صدق التعذر، فلا عبرة بفرض وجوده في التقويم عند عدمه.

ثم إنك قد عرفت أن للمالك مطالبة الضامن بالمثل عند تمكنه و لو كان في غير بلد الضمان و كانت قيمة المثل هناك أزيد.

و أما مع تعذره، و كون قيمة المثل في بلد التلف مخالفا لها في بلد المطالبة فهل له المطالبة بأعلى القيمتين (6) أم يتعين قيمة بلد المطالبة أم بلد التلف؟ وجوه

و فصل الشيخ في المبسوط في باب الغصب بأنه إن لم يكن في نقله مئونة فإن كالنقدين فله المطالبة بالمثل، سواء أ كانت القيمتان مختلفتين أم لا

+++++++++++

(1) بكسر العين جمع عتيق و المراد منه الخيل الاصيل.

(2) و هو الثلج.

(3) اى و لاجل أنه لو اجبر الغاصب الى شراء المثل لغرض آخر

(4) عند قوله في ص 234: و أما إن كانت لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه

(5) الفاء تفريع على ما افاده في قوله: و لذا لو وجد هذا الفرد من المثل لم يقدح في صدق التعذر

(6) اى من بلد التلف، و من بلد المطالبة، كما أن القاعدة هو أعلى القيم زمانا.

ص: 254

و إن كان في نقله مئونة فإن كانت القيمتان متساويتين له المطالبة أيضا، لأنه لا ضرر عليه في ذلك، و إلا فالحكم أن يأخذ قيمة بلد التلف أو يصبر حتى يوفيه (1) بذلك البلد.

ثم قال (2): إن الكلام في القرض كالكلام في الغصب.

و حكي نحو هذا (3) عن القاضي أيضا. فتدبر.

و يمكن أن يقال: إن الحكم باعتبار بلد القرض، أو السلم على القول به (4) مع الاطلاق (5) لانصراف (6) العقد إليه؛ و ليس في باب الضمان ما يوجب هذا الانصراف (7)

+++++++++++

(1) الباء بمعنى في اى يوفيه في ذلك البلد.

(2) اى شيخ الطائفة قال: إن القرض كالغصب في جميع ما قيل فيه.

(3) اى الكلام في القرض كالكلام في الغصب.

(4) اى ببلد القرض، أو السلم.

(5) بأن استقرض عشرين طنا من الحنطة من دون أن يقيدها بحنطة الشمال، أو الجنوب.

أو باع سلما عشرين طنا من الحنطة كذلك.

(6) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر لكلمة إن في قوله: إن الحكم اى الحكم باعتبار بلد القرض لاجل انصراف العقد إليه.

(7) فإن في باب الغصب ليس انصراف حتى لا يجوز للمالك مطالبة الغاصب في غير بلد الغصب، بل له المطالبة في اي بلد اراد و شاء فلم يقيده الشارع.

ص: 255

بقي الكلام في أنه هل يعد من تعذر المثل خروجه عن القيمة كالماء على الشاطئ اذا اتلفه في مفازة (1)، و الجمد في الشتاء اذا اتلفه في الصيف أم لا؟

الأقوى بل المتعين هو الاول (2)

بل حكي عن بعض نسبته (3) الى الأصحاب و غيرهم (4) و المصرح به في محكي التذكرة و الايضاح و الدروس قيمة المثل في تلك المفازة.

و يحتمل آخر مكان؛ أو زمان سقط المثل فيه عن المالية.

فرع لو تمكن من المثل بعد دفع القيمة

(فرع) لو دفع القيمة في المثلي المتعذر مثله ثم تمكن من المثل فالظاهر عدم عود المثل في ذمته، وفاقا للعلامة رحمه اللّه و من تاخر عنه ممن تعرض للمسألة، لأن المثل كان دينا في الذمة سقط باداء عوضه مع التراضي فلا يعود.

كما لو تراضيا بعوضه مع وجوده.

+++++++++++

و لعل ذلك لاجل أن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

(1) بفتح الميم مفرد علم للصحراء و الفلات بلا ماء فهي اسم مكان جمعها مفازات.

و إنما قيل للفلات مفازة لفوز الانسان فيها تفاؤلا بالخير و النجاح.

(2) و هو خروج المثل عن القيمة كالماء على الشاطئ، و الثلج في الشتاء.

(3) اى نسبة هذا الخروج الى الأصحاب فيكون اجماعيا.

(4) هم (علماء اخواننا السنة)

ص: 256

هذا (1) على المختار: من عدم سقوط المثل عن الذمة بالاعواز (2)

و أما على القول بسقوطه (3) و انقلابه قيميا.

فإن قلنا: إن المغصوب انقلب قيميا عند تعذر مثله فأولى (4) بالسقوط، لأن المدفوع (5) نفس ما في الذمة.

و إن قلنا: إن المثل بتعذره النازل منزلة التلف صار قيميا احتمل وجوب المثل عند وجوده، لأن القيمة حينئذ بدل الحيلولة عن المثل.

و سيأتي أن حكمه عود المبدل (6) عند انتفاء الحيلولة.

السابع: لو كان التالف المبيع فاسدا قيميا
ضمان القيمي بالقيمة في المقبوض بالعقد الفاسد و الدليل عليه

(السابع) (7): لو كان التالف المبيع فاسدا قيميا فقد حكي الاتفاق على كونه مضمونا بالقيمة.

و تدل عليه الأخبار المتفرقة في كثير من القيميات (8) فلا حاجة الى التمسك بصحيحة أبي ولاد الآتية في ضمان البغل.

+++++++++++

(1) و هو عدم عود المثل بعد وجوده، و بعد اداء عوضه.

(2) اى بمجرد الإعواز لا ينقلب المثل الى القيمة.

(3) اى بسقوط المثل بمجرد إعواز المثل و انقلابه الى القيمة

(4) اى المثل عند إعوازه و انقلابه قيميا اولى بالسقوط عن الذمة عن المثل الذي لا ينقلب قيميا بمجرد الاعواز

(5) و هي القيمة

(6) و هو المثل

(7) اى الامر السابع من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

(8) راجع حول هذه الأخبار (وسائل الشيعة). الجزء 17

كتاب اللقطة من ص 347 - الى 373.

أليك نص الحديث الاول من باب 23. ص 372 -

ص: 257

و لا بقوله عليه السلام: من اعتق شقصا من عبد قوم عليه (1)

+++++++++++

عن السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها، و فيها سكين.

فقال امير المؤمنين عليه السلام: يقوّم ما فيها ثم يؤكل، لأنه يفسد و ليس له بقاء، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن.

فقيل: يا امير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم، أو سفرة مجوسي؟

فقال عليه السلام: هم في سعة حتى يعلموا

فالشاهد في قوله عليه السلام: فإن جاء طالبها غرموا لها الثمن، حيث دل على أن الموجود في السفرة المأمور بأكله يدفع الى صاحبها ثمنها بعد الاكل، لأنه من القيميات.

و راجع المصدر نفسه الجزء 16. ص 26. الباب 18

أليك نص الحديث الرابع

عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر احدهما نصفه و هو صغير، و امسك الآخر حتى كبر الّذي حرر نصفه.

قال: يقوّم قيمة يوم حرر الاول، و امر الاول أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه.

فالشاهد في قوله عليه السلام: يقوم قيمة يوم حرر الاول؛ حيث امر بتقويم نصف العبد الّذي لم يحرر و هو من القيميات.

(1) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد الثالث. ص 40. الباب 16 الحديث 6

ص: 258

بل الأخبار كثيرة

بل قد عرفت أن مقتضى اطلاق أدلة الضمان في القيميات هو ذلك (1) بحسب المتعارف.

إلا أن المتيقن من هذا المتعارف ما كان المثل فيه (2) متعذرا

بل يمكن دعوى انصراف الاطلاقات الواردة في خصوص بعض القيميات كالبغل (3) و العبد (4)، و نحوهما لصورة تعذر المثل كما هو الغالب

فالمرجع (5) في وجوب القيمة في القيمي و إن فرض تيسر المثل (6) له كما في من اتلف عبدا من شخص باعه عبدا موصوفا بصفات ذلك العبد بعينه، و كما لو اتلف عليه ذراعا من مائة ذراع كرباس منسوج

+++++++++++

(1) اى هو دفع القيمة الى صاحب المال، و أن القيمة تكون مضمونة

(2) اى في القيمي، بناء على ما افاده في ص 223: و هذا يقتضي اعتبار المثل حتى في القيميات

فعليه يكون وجوب دفع القيمة في القيمي عند تعذر المثل لا مطلقا حتى و إن وجد المثل.

(3) و هي صحيحة ابي ولاد في قوله عليه السلام: قيمة بغل يوم خالفته.

(4) و هي الأخبار المشار إليها في الهامش 8 ص 257-258 في العبيد

و لا يخفى منع انصراف اطلاقات المذكورة الواردة في القيمة، حيث لو رجعت إليها لم تجد انصرافا منها الى تعذر المثل فقوله عليه السلام:

من اعتق شقصا من عبد قوم عليه أعم من تعذر المثل و غيره.

(5) مبتدأ خبره قوله: هو الاجماع

(6) اي للقيمي

ص: 259

على طريقة واحدة لا تفاوت في أجزائه اصلا: هو الاجماع كما يستظهر.

و على تقديره (1) ففي شموله لصورة تيسر المثل من جميع الجهات تأمل، خصوصا مع الاستدلال عليه (2) كما في الخلاف و غيره بقوله تعالى:

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، بناء (3) على أن القيمة مماثلة للتالف في المالية، فإن ظاهر ذلك (4) جعلها من باب الأقرب الى التالف بعد تعذر المثل.

و كيف كان (5) فقد حكي الخلاف في ذلك (6) عن الاسكافي

و عن الشيخ و المحقق في الخلاف، و الشرائع في باب القرض (7)

فإن (8) ارادوا ذلك مطلقا حتى مع تعذر المثل فتكون القيمة عندهم

+++++++++++

(1) اى و على ثبوت الاجماع و وجوده فهل يشمل هذا الاجماع المورد الذي يكون مماثلا مع التالف في جميع الصفات، أولا يشمله؟

(2) اى على وجوب دفع القيمة الى صاحب المال في القيمي.

(3) تعليل للاستدلال على وجوب دفع القيمة في القيمي بالآية الكريمة

(4) اى ظاهر كون القيمة مماثلة للتالف في المالية.

(5) اى سواء أ كانت القيمة مماثلة للتالف في المالية أم لا

(6) اى في وجوب دفع القيمة في القيمي، فإن الاسكافي على ما ينسب إليه يقول بضمان المثل في القيمي.

(7) اى هذان العلمان افادا في كتاب القرض أن ضمان القيمي بالمثل

(8) هذا كلام شيخنا الانصارى يريد أن يناقش مع هؤلاء الأعلام فقال:

إن اراد الاسكافي و الشيخ و المحقق من وجوب ضمان القيمي بالمثل -

ص: 260

بدلا عن المثل حتى يترتب عليه (1) وجوب قيمة يوم دفعها كما ذكروا ذلك (2) احتمالا في مسألة تعين القيمة، متفرعا (3) على هذا القول

فترده (4) اطلاقات الروايات الكثيرة في موارد كثيرة

(منها) (5): صحيحة أبي ولاد الآتية

+++++++++++

- مطلقا حتى و إن تعذر المثل، ثم عند تعذر المثل تدفع القيمة، بناء على أنها بدل عن المثل عندهم.

(1) اى على كون القيمة بدلا عن المثل؛ لا عن العين يترتب وجوب القيمة عند دفعها الى المالك، و اقباضها له، لا يوم الغصب أو يوم التلف.

(2) و هو وجوب دفع قيمة يوم التلف فيما تعين القيمة و هو القيمي

(3) اى حال كون هذا الاحتمال متفرعا على القول بتعين القيمة في القيميات.

(4) هذا رد من الشيخ على ما افاده الشيخ و الاسكافي و المحقق:

من أن ضمان القيمي بالمثل.

و خلاصته: أن الاطلاقات الواردة في الأخبار في أن ضمان القيمي بالقيمة كثيرة فاخذ الشيخ في عدها و نحن نذكرها تحت رقمها الخاص

(5) اى من بعض تلك الاطلاقات.

هذا احد الاطلاقات الواردة في المقام، و قد مضت الاشارة الى هذه الصحيحة في الهامش 3 ص 259

فالشاهد في قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته، حيث حكم بضمان البغل بالقيمة، لكونه من القيميات.

ص: 261

(و منها) (1): رواية العبد

(و منها) (2): ما دل على أنه اذا تلف الرهن بتفريط المرتهن سقط من ذمته بحساب ذلك، فلو لا ضمان التالف بالقيمة لم يكن وجه لسقوط الدين بمجرد ضمان التالف

(و منها) (3): غير ذلك من الأخبار الكثيرة

و إن ارادوا (4) أنه مع تيسر المثل يجب المثل لم يكن بعيدا نظرا الى ظاهر آية الاعتداء، و نفي الضرر، لأن خصوصيات الحقائق قد تقصد (5)

+++++++++++

(1) اى و من بعض تلك المطلقات الواردة في المقام.

هذه ثانية الاطلاقات الواردة في المقام، و قد مضت الاشارة إليها في الهامش 1. ص 258

فالشاهد في قوله عليه السلام: من اعتق شقصا من عبد قوم عليه حيث حكم بضمان العبد بالقيمة، لكونه من القيميات.

(2) اى و من بعض تلك الاطلاقات الواردة في المقام.

هذه ثالثة الاطلاقات

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17 من ص 347-373

(3) اى و من بعض تلك الاطلاقات الواردة في المقام.

هذه رابعة الاطلاقات، و قد مضت الاشارة الى كثير منها في الهامش 8 ص 258

(4) اى الاسكافي و الشيخ و المحقق.

هذا هو الشق الثاني من نقاش الشيخ مع المذكورين.

اذ شقه الاول قوله: إن ارادوا ذلك مطلقا حتى مع تعذر المثل

(5) فإن المثل أقرب الى التالف، لكونه مشتملا على تلك الخصوصيات -

ص: 262

اللهم إلا أن يحقق اجماع على خلافه (1) و لو من جهة أن ظاهر كلمات هؤلاء (2) اطلاق القول بضمان المثل (3) فيكون الفصل بين التيسر (4)، و عدمه (5) قولا ثالثا (6) في المسألة (7)

ما هو المعيار في تعيين القيمة في المقبوض بالعقد الفاسد

ثم إنهم اختلفوا في تعين القيمة في المقبوض بالبيع الفاسد

فالمحكي في غاية المراد عن الشيخين و اتباعهما تعين قيمة يوم التلف و عن الدروس و الروضة نسبته الى الأكثر

و الوجه فيه (8) على ما نبه عليه جماعة منهم العلامة في التحرير:

أن الانتقال الى البدل (9) إنما هو يوم التلف، اذ الواجب قبله هو رد العين

+++++++++++

الموجودة في العين، و هذه الخصوصيات مقصودة و مطلوبة عند اهلها

(1) بأن يقوم الاجماع على أن ضمان القيمي بالقيمة و إن تيسر المثل.

(2) و هو الشيخ و الاسكافي و المحقق

(3) حيث إن هؤلاء الأعلام اطلقوا القول بضمان المثل في تلف العين و لم يقيدوه بالتيسر و عدمه.

(4) بأن يقال بوجوب المثل في القيمي عند تيسر المثل

(5) بأن يقال بعدم وجوب المثل في القيمي عند تعذر المثل

(6) القول الاول هو وجوب دفع المثل عن القيمي مطلقا، سواء تعذر المثل أم تيسر

و القول الثاني عدم وجوب دفع المثل عن القيمي مطلقا، سواء تيسر المثل أم تعذر.

(7) و هي مسألة المقبوض بالعقد الفاسد اذا كان المقبوض قيميا

(8) في تعين قيمة يوم التلف.

(9) الذي هو المثل، فإن انتقال العين الى المثل عند تلف العين فالواجب على الضامن هو دفع قيمة يوم التلف

ص: 263

و ربما يورد عليه (1) أن يوم التلف يوم الانتقال (2) الى القيمة

أما كون المنتقل إليها قيمة يوم التلف فلا

و يدفع (3) بأن معنى ضمان العين عند قبضه كونه في عهدته.

و معنى ذلك (4) وجوب تداركه ببدله عند التلف حتى يكون عند التلف كأنه لم يتلف، و تداركه ببدله (5) على هذا النحو (6) بالتزام مال معادل له (7) قائم مقامه

الأصل في ضمان التالف ضمانه بقيمته يوم التلف

و مما ذكرنا (8) ظهر أن الاصل في ضمان التالف ضمانه بقيمته يوم التلف (9)، فإن خرج المغصوب من ذلك (10) مثلا فبدليل خارج (11)

+++++++++++

(1) اى على القول بتعين قيمة يوم التلف

(2) اى انتقال العين

(3) اي هذا الايراد

(4) اي و معنى كونه في عهدته

(5) و هي القيمة

(6) و هو حتى يكون عند التلف كأنه لم يتلف

(7) اي للمثل بأن يقوم هذا المال مقام المثل، و ينوب عنه عند تعذره

(8) اي في معنى الضمان: من أن ضمان المثلي المتعذر قيمته يوم الدفع، و أنه المعيار و الاعتبار.

(9) لا يوم الدفع و الإقباض

(10) اى من ضمان قيمة يوم التلف

(11) و هو أن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

فالحاصل أن الاصل الاولي، و القاعدة المسلمة في الضمان هو ضمان يوم التلف، لا يوم الدفع و الإقباض. -

ص: 264

الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على أن العبرة بقيمة يوم الضمان
اشارة

نعم (1) لو تم ما تقدم عن الحلي في هذا المقام: من دعوى الاتفاق على كون المبيع فاسدا بمنزلة المغصوب، إلا في ارتفاع الاثم الحقناه بالمغصوب إن ثبت فيه (2) حكم مخالف لهذا الاصل (3)

بل (4) يمكن أن يقال: اذا ثبت في المغصوب الاعتبار بقيمة يوم

+++++++++++

- خرج عن هذا الاصل ضمان الغصب، فإن الضمان فيه ضمان يوم الدفع، و الخروج إنما هو لاجل دليل خارجي كما عرفته آنفا

(1) استدراك عما افاده: من أن الاصل في ضمان التالف هو ضمان قيمة يوم التلف، و يروم أن يرفع اليد عن الاصل المذكور و يدعي اصلا ثانويا: و هو أن ضمان التالف يكون بقيمة الدفع و الاقباض

و خلاصته: أنه لو تم ما افاده ابن ادريس: من أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب في الضمان: لألحقنا المقبوض بالعقد الفاسد بالغصب لو ثبت أن الضمان بيوم القبض و الدفع، فترفع اليد عن الاصل المذكور في المقبوض بالعقد الفاسد.

لكن تبقى بقية الضمانات تحت ذاك الاصل:

و هو أن ضمان التالف بقيمة يوم التلف

(2) اى في المقبوض بالعقد الفاسد كما عرفت عند قولنا:

لو ثبت أن الضمان بيوم القبض

(3) و هو أن الاصل في ضمان التالف ضمانه بيوم التلف كما عرفت

(4) هذا إضراب عن الاستدراك الذي افاده: من أن لو تم ما افاده ابن ادريس لالحقنا المقبوض بالعقد الفاسد بالغصب: في كون ضمانه بيوم التلف

و خلاصة الإضراب أنه لو تم الاعتبار و الملاك في الغصب بيوم الغصب -

ص: 265

الغصب كما هو ظاهر صحيحة أبي ولاد الآتية: كشف ذلك (1) عن عدم اقتضاء اطلاقات الضمان لاعتبار قيمة يوم التلف، اذ (2) يلزم حينئذ أن يكون المغصوب عند كون قيمته يوم التلف أضعاف ما كانت يوم الغصب غير واجب التدارك عند التلف، لما (3) ذكرنا: من أن معنى التدارك

+++++++++++

- كما هو ظاهر صحيحة ابي ولاد الآنية في قوله عليه السلام: قيمة بغل يوم خالفته، حيث حكم على الغاصب بضمان منافع البغل بيوم المخالفة الذي هو يوم غصب البغل من قصر بني هبيرة الى النيل، و منه الى بغداد و من بغداد الى الكوفة التي هي محل اكتراء البغل: لكشف هذا الاعتبار عن عدم اقتضاء الاطلاقات الواردة في ضمان التالف بيوم التلف.

فيكون الملاك حينئذ بيوم الغصب.

(1) و هو ثبوت اعتبار يوم الغصب في الغصب كما عرفت.

(2) تعليل للكشف المذكور، و المراد من حينئذ حين ثبوت اعتبار يوم الغصب في الغصب

و خلاصة التعليل: أنه لو لم نقل بالكشف المذكور: و هو عدم اقتضاء الاطلاقات الواردة في ضمان التالف بيوم التلف: لزم أن تكون المغصوب على فرض ثبوت اعتبار يوم الغصب في المغصوب لو كانت قيمته يوم التلف أضعاف من قيمته يوم الغصب: غير واجب التدارك لأن الاعتبار بيوم الغصب، فيكون حال الغاصب أحسن حالا من غير الغاصب الذي هو المشتري القابض بالعقد الفاسد، لأنه على القول بعدم الكشف يلزم أن يكون المقبوض بالعقد الفاسد اذا كانت قيمته يوم التلف أضعاف من قيمة يوم الغصب لازم التدارك و الجبر.

(3) تعليل للملازمة المذكورة: و هو أنه لو لم نقل بالكشف -

ص: 266

الالتزام بقيمته يوم وجوب التدارك (1)

نعم (2) لو فرضت دلالة الصحيحة على وجوب أعلى القيم أمكن جعل التزام الغاصب بالزائد على مقتضى التدارك مؤاخذة له بأشق الأحوال

فالمهم حينئذ (3) صرف الكلام الى معنى الصحيحة (4) بعد ذكرها ليلحق به البيع الفاسد (5) إما لما ادعاه الحلي (6)، و إما لكشف الصحيحة عن معنى التدارك و الغرامة في المضمونات.

+++++++++++

- المذكور لزم كون الغاصب أحسن حالا من القابض في العقد الفاسد و بيان لها.

(1) و هو يوم الدفع و يوم الاقباض

(2) استدراك عما افاده: من لزوم كون الغاصب أحسن حالا من غيره، و قد ذكر الشيخ الاستدراك في المتن فلا نذكره

(3) اى حين أن تفاوت مقتضى الاصل في باب الضمان باختلاف معنى الصحيحة كما عرفت، لأن مفادها لو كان ضمان الغصب من حين الغصب كما في قوله عليه السلام: نعم قيمة يوم خالفته يلزم تمشية هذا الضمان في جميع الضمانات التي منها المقبوض بالعقد الفاسد.

و لو كان مفادها ضمان أعلى القيم من يوم الغصب، و من يوم التلف لكان ضمان التالف القيمي هو الضمان بيوم التلف.

(4) و هي صحيحة أبي ولاد

(5) و هو المقبوض بالعقد الفاسد

(6) و هو ابن ادريس حيث قال: إن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب كما نقله عنه الشيخ في ص 141

ص: 267

و كون العبرة في جميعها (1) بيوم الضمان كما هو احد الأقوال فيما نحن فيه من (2) البيع الفاسد.

و حيث إن الصحيحة مشتملة على أحكام كثيرة، و فوائد خطيرة فلا بأس بذكرها جميعا، و إن كان الغرض متعلقا ببعضها (3)

فروى الشيخ في الصحيح عن ابن محبوب عن أبي ولاد قال:

اكتريت بغلا الى قصر بني (4) هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي

+++++++++++

(1) اى في جميع المضمونات، سواء أ كانت بالعقد الفاسد أم بغيره

(2) كلمة من بيان لكلمة ما الواقعة في قوله: فيما نحن فيه

(3) اي ببعض تلك الأحكام، و الفوائد الخطيرة

(4) في بعض نسخ مصادر الحديث (ابن هبيرة) كما هنا

و في (التهذيب) بني هبيرة

ثم إن الصحيحة في بعض نسخ المكاسب مذكورة بتمامها

و في بعضها لم يذكر منها سوى النصف

بالإضافة الى أن النسخ الصحيحة مختلفة في المصادر من حيث بعض المفردات فذكرنا الصحيحة بتمامها على (التهذيب)

و هبيرة كان عاملا عند بني امية في أواخر أيام حكومتهم و دولتهم

و القصر هذا واقع في غربي الحلة في مكان يسمى (الجربوعية) سابقا و حاليا (الهاشمية) التي هي من أقضية (محافظة بابل) الحلة تبعد عن الحلة عشرين كيلومترا، و تبعد عن الكوفة بستة و ستين كيلومترا عن طريق البر اذا كان الذاهب لا يقصد الحلة ثم الهاشمية

و هذا القصر لم يبق منه اثر سوى أطلال

ص: 268

فلما صرت الى قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي (1) توجه نحو النيل (2) فتوجهت نحو النيل فلما اتيت النيل خبرت أنه (3) توجه الى بغداد فاتبعته فظفرت به، و فرغت (4) فيما بيني و بينه، و رجعت الى الكوفة.

و كان ذهابي و مجيء خمسة عشر يوما فاخبرت صاحب البغل بعذري (5) واردت أن اتحلل منه فيما صنعت و ارضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل فتراضينا (6) بابي حنيفة و اخبرته (7) بالقصة و اخبره الرجل

فقال (8) لي: ما صنعت بالبغل؟

فقلت: قد رجعته سليما

قال (9): نعم بعد خمسة عشر يوما

قال (10): فما تريد من الرجل؟

+++++++++++

(1) و هو المدين

(2) قرية كانت للكوفة

(3) اى المدين

(4) اى اخذت منه طلبي

(5) حيث إن صاحب البغل قد اكراه البغل من الكوفة الى الهاشمية لا الى بغداد و منها الى الكوفة؛ فالمستأجر قد تصرف في مال الناس بلا اجازة من صاحب البغل فاراد ارضاء خاطره و اكتساب رضاه

(6) اى انا و صاحب البغل رضينا بحكم (ابى حنيفة) و قضائه

(7) اى (أبا حنيفة)

(8) اى (ابو حنيفة)

(9) اى صاحب البغل لأبي حنيفة

(10) اى ابو حنيفة خاطب صاحب البغل و قال له: ما ذا تريد من المستأجر؟

ص: 269

قال (1): اريد كري بغلي فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوما

فقال (2): إني ما ارى لك حقا، لأنه اكتراه الى قصر بني هبيرة فخالف فركبه الى النيل و الى بغداد فضمن قيمة البغل (3) و سقط الكري فلما رد البغل سليما و قبضته لم يلزمه الكري (4)

قال (5): فخرجنا من عنده (6) و جعل صاحب البغل يسترجع (7) فرحمت (8) مما افتى به ابو حنيفة، و اعطيته شيئا و تحللت منه، و حججت تلك السنة فاخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما افتى به ابو حنيفة.

فقال (9): في مثل هذا القضاء (10) و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الارض بركاتها

+++++++++++

(1) اى صاحب البغل قال (لأبي حنيفة)

(2) اى (ابو حنيفة) لصاحب البغل

(3) اى لو تلف البغل كان المستاجر ضامنا لقيمته

(4) لأن الخراج بالضمان فالمنافع المستوفاة من البغل في قبال ضمان العين و هو البغل

(5) اى المستأجر

(6) اى من عند (أبي حنيفة) الّذي قضى بالحكم

(7) اى يقول: إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ

(8) اي كسر قلبي و شفقت عليه

(9) اي (الامام الصادق) عليه السلام

(10) و هو أنه لا شيء لصاحب البغل سوى قيمة البغل لو تلف و أن المنافع المستوفاة في قبال ضمان البغل لو مات: بناء على أن الخراج بالضمان

ص: 270

قال (1): فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: فما ترى انت؟

قال (2): ارى له عليك مثل كري البغل ذاهبا من الكوفة الى النيل و مثل كري البغل من النيل الى بغداد، و مثل كري البغل من بغداد الى الكوفة، و توفيه (3) اياه

قال (4): قلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه (5) علفه؟

قال (6): لا، لأنك غاصب

فقلت (7): أ رأيت لو عطب (8) البغل، أو نفق (9) أ ليس كان يلزمني (10)؟

+++++++++++

(1) اى المستأجر

(2) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال للمستأجر

(3) اي تعطي هذه الأجور لصاحب البغل

(4) اي المستأجر

(5) اي على صاحب البغل الدراهم التي صرفتها في تعليف البغل

(6) اي قال (الامام الصادق) عليه السلام: لا يجوز لك أن تأخذ من صاحب البغل أجور تعليف البغل، لأنك غاصب فالمنافع لا تكون إزاء هذه الدراهم المصروفة.

(7) اي المستأجر الغاصب قال (للامام الصادق) عليه السلام

(8) اي هلك و انكسر

يقال: عطب الفرس اي هلك، أو انكسرت رجله

(9) بمعنى الهلاك و خروج الروح

(10) اي أ ليست قيمة البغل كانت لازمة علي لو هلك البغل و مات؟

ص: 271

قال (1): نعم قيمة بغل يوم خالفته

قلت (2): فإن اصاب البغل كسر، أو دبر (3)، أو عقر (4)

فقال (5): عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده (6) عليه

قلت (7): فمن يعرف ذلك (8)

قال (9): انت و هو: إما يحلف هو على القيمة (10) فيلزمك

+++++++++++

(1) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال: نعم كان يلزمك قيمة بغل من اليوم الذي خالفت مدة اجارتك و هي من قصر بني هبيرة، اذ كانت الاجارة المتفق عليها من الكوفة الى القصر المعهود فما زاد عنها و هي المسافة من القصر الى بغداد، و من بغداد الى الكوفة كانت باطلة لأنها لم تقع باذن و اجازة من صاحب البغل فتكون مغصوبة فيجب على الغاصب دفع اجرة المثل.

(2) اي (للامام الصادق) عليه السلام

(3) بفتح الدال و الباء و الراء قرحة توجد في الدابة

(4) بفتح العين و القاف و الراء بمعنى جرح

(5) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال للمستأجر

(6) اي يوم ترد البغل على صاحبه فإن كان فيه احد المذكورات:

من الكسر و الدبر و العقر عليك ما بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

فإن كانت قيمة البغل صحيحا خمسين دينارا، و معيبا اربعين دينارا فيلزمك أن تدفع إليه التفاوت ما بين القيمتين المعبر عنه بالارش

(7) اي قال المستأجر (للامام الصادق) عليه السلام

(8) اى قيمة ما بين الصحيحة و الفاسدة

(9) اي (الامام الصادق) عليه السلام للمستأجر

(10) اي يحلف صاحب البغل على القيمة الصحيحة، أو المعيبة

ص: 272

فإن رد (1) اليمين عليك فحلفت على القيمة (2) لزمك ذلك

أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا و كذا فيلزمك

قلت (3): إني اعطيته دراهم و رضي بها و حللني

قال (4): إنما رضي فأحلك حين قضى عليه (ابو حنيفة) بالجور و الظلم و لكن ارجع إليه و اخبره بما افتيتك به

فإن جعلك في حل بعد معرفته (5) فلا شيء عليك بعد ذلك الخ (6)

+++++++++++

(1) اى صاحب البغل

(2) اى القيمة الصحيحة، أو المعيبة

(3) اى (للامام الصادق) عليه السلام

(4) اى (الامام الصادق) عليه السلام

(5) اى بعد أن عرف صاحب البغل أن له عليك اجرة المنافع المستوفاة من قصر بني هبيرة الى بغداد، و منها الى الكوفة.

فإن وهبك من تلك الاجور فانت في حل من ذلك و لا شيء عليك و إن لم يهبك فالواجب عليك دفعها إليه.

فهو قبل معرفته بهذه الفتيا لا يجوز عليك أن لا تخبره بها

(6) اى الى آخر الخبر. أليك تمام الحديث

قال ابو ولاد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فاخبرته بما افتاني به ابو عبد اللّه عليه السلام، و قلت له: قل ما شئت حتى اعطيكه

فقال: قد حبّبت(1) إليّ جعفر بن محمد، و وقع في قلبي له التفضيل -

ص: 273


1- يظهر من عبارة صاحب البغل أنه قبل إفتاء (الامام الصادق) عليه السلام بتلك الفتيا كان لا يحب الامام
محل الاستشهاد فيها فقرتان:
اشارة

و محل الاستشهاد فيها (1) فقرتان:

الأولى: قوله: نعم قيمة بغل يوم خالفته الى ما بعد

(الأولى): قوله (2): نعم قيمة بغل يوم خالفته الى ما بعد (3) فإن (4) الظاهر ان اليوم قيد للقيمة إما باضافة القيمة المضافة الى البغل إليه (5) ثانيا (6): يعني قيمة يوم المخالفة للبغل، فيكون إسقاط حرف التعريف من البغل

+++++++++++

- و انت في حل، و إن اردت أن ارد عليك الذي اخذت منك فعلت(1)

(1) اى محل الشاهد من صحيحة ابي ولاد على مدعانا: من أن الاعتبار في ضمان القيميات بالقيمة إنما هو بقيمة يوم الغصب كما افاد هذا المعنى سابقا عند قوله: كما هو ظاهر صحيحة ابي ولاد.

(2) اى قول (الامام الصادق) عليه السلام لصاحب البغل عند سؤاله عنه.

(3) اى الى ما بعد يوم خالفته الذي هو تمام الحديث

(4) من هنا يريد الشيخ أن يبين كيفية دلالة الصحيحة على أن الاعتبار بيوم المخالفة الذي هو يوم الغصب.

(5) اى الى اليوم: بأن اضيفت القيمة مرة الى البغل، و ثانية الى اليوم

(6) قد اعترض المعلقون على الكتاب حول كلمة ثانيا، حيث إن كلمة قيمة مضافة مرة ثانية الى اليوم بعد أن اضيفت مرة اولى الى البغل

و حاصل الاعتراض أنه كيف يسوغ اضافة شيء واحد مرتين، لعدم -

ص: 274


1- (التهذيب). الجزء 7. ص 215-216. الحديث 25/943

للاضافة، لا (1) لأن ذا القيمة بغل غير معين حتى توهم الرواية مذهب من جعل القيمي مضمونا بالمثل، و القيمة إنما هي قيمة المثل

+++++++++++

- مساعدة القواعد العربية على ذلك فهذه لا تنسجم و القواعد

و قد اطنبوا حول هذه الكلمة

اقول: ما كان ينبغي الى هذا التطويل بلا طائل الذي لا يسمن و لا يغني من الجوع، و لا سيما الموضوع تافه و بسيط جدا لا يحتاج الى تضييع العمر الذي هو أغلى من كل شيء، و إن كان اعتراضهم حول عدم جواز اضافة الشيء الواحد مرتين في محله

لكن عند ما يمعن القارئ الكريم النظر في عبارة الشيخ في قوله:

فيكون إسقاط حرف التعريف من البغل في قوله عليه السلام: قيمة بغل للاضافة اى لأجل اضافة البغل الى اليوم: يتضح له أن في العبارة إما سقطا، أو زيادة كلمة ثانيا، لأنه اذا كانت كلمة القيمة مضافة الى اليوم ثانيا فلما ذا حذفت الألف و اللام عن البغل مع أنه لم يضف، و الحذف بلا مبرر و موجب لا يجوز، فحذف الألف و اللام من البغل دليل على أن البغل مضاف الى اليوم، لا أن القيمة مضافة الى اليوم ثانيا

و المعنى يكون هكذا: نعم ارى عليك قيمة بغل يوم المخالفة و هو يوم غصب البغل من قصر بني هبيرة الى بغداد، و منها الى الكوفة.

(1) اى و ليس حذف الألف و اللام من البغل لأجل أن صاحب القيمة الذي هو البغل هو بغل مجهول غير معين حتى تكون الصحيحة موهمة الى مذهب من يقول بضمان المثل في القيميات.

و القيمة المعطاة هنا هي قيمة مثل ذلك البغل

ص: 275

و إما بجعل اليوم قيدا للاختصاص (1) الحاصل من اضافة القيمة الى البغل.

و أما ما احتمله جماعة من تعلق الظرف بقوله عليه السلام: نعم القائم مقام قوله عليه السلام: يلزمك يعنى يلزمك يوم المخالفة قيمة بغل (2) فبعيد جدا

+++++++++++

(1) هذا هو الشق الثاني لكيفية الاستشهاد بالصحيحة على ما ادعاه من أن الاعتبار بضمان القيمي في القيميات بيوم المخالفة الّذي هو يوم الغصب اذ شقه الاول هو اضافة القيمة الى البغل و البغل الى اليوم.

و خلاصته: أن القيمة لما اضيفت الى البغل تضمن معنى اشتقاقيا و هي كلمة الاختصاص فيصح حينئذ تعلق الظرف بكلمة قيمة، و لو لا هذه التمحلات لما صح تعلق الظرف بكلمة قيمة، لأن المتعلق لا بد أن يكون فعلا أو شبه فعل، أو ما فيه شائبة الفعل.

(لا يقال): كلمة قيمة مصدر يصح تعلق الظرف بها فلا تحتاج الى هذه التمحلات حتى يصح تعلق الظرف بها.

(فإنه يقال): كلمة قيمة ليست مصدرا، لأنها فيه عبارة عن نفس ما يتقوم به فتكون اسما مجردا يراد بها الثمن.

(2) إذا صارت الاحتمالات في متعلق الظرف ثلاثة.

(الاول): تعلقه بكلمة قيمة

(الثاني): تعلقه بكلمة اختصاص

(الثالث): تعلقه بكلمة نعم القائم مقام يلزمك

فالشيخ اختار الاول و الثاني منهما

و إن كان الثاني قريبا الى القواعد العربية، لأنه مصدر

و الثالث أقرب، لأنه اذا كان في الكلام فعل، أو شبهه فهو أولى -

ص: 276

بل غير ممكن، لأن السائل إنما سأل عما يلزمه بعد التلف بسبب المخالفة بعد العلم بكون زمان المخالفة زمان حدوث الضمان (1) كما يدل عليه (2) أ رأيت لو عطب البغل، أو نفق أ ليس كان يلزمني؟ فقوله:

نعم يعني يلزمك بعد التلف بسبب المخالفة قيمة بغل يوم خالفته.

و قد أطنب بعض في جعل الفقرة (3) ظاهرة في تعلق الظرف بلزوم القيمة عليه و لم يأت بشيء يساعده التركيب اللغوي، و لا التفاهم العرفي

+++++++++++

- لأن يكون متعلقا للظرف، فإن نعم في قوة قوله عليه السلام: يلزمك لكن الشيخ افاد أن الثالث بعيد

و اورد عليه أنه أقرب من الاول، و الثاني فليس فيه بعد، لما فيه من معنى الفعل، أو شبهه

(1) و هو يوم الغصب

(2) اى على عما يلزمه

و قد اورد على هذه الدلالة بأنه لو قيل: أ رأيت لو مات زيد أ ليست تقسم أمواله بين ورثته لا دلالة فيه على السؤال عن كيفية القسمة و عن أن كل واحد من الورثة ما مقدار نصيبه

بل السؤال عن اصل القسمة

و ما نحن فيه كذلك، اذ السؤال فيه عن اصل الضمان

فتعلق الظرف بنعم لا يكون غير ممكن، بالإضافة الى مساعدة التركيب اللغوي عليه كما عرفت

(3) و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته اى جعل هذا المطنب هذه الفقرة قرينة على تعلق الظرف و هو يوم بلزوم القيمة على الغاصب -

ص: 277

الثانية قوله: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا

(الثانية) (1) قوله: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا، فإن اثبات قيمة يوم الاكتراء من حيث هو يوم الاكتراء لا جدوى فيه، لعدم الاعتبار به فلا بد أن يكون الغرض منه اثبات قيمة يوم المخالفة (2)، بناء على أنه يوم الاكتراء، لأن (3) الظاهر من صدر الرواية أنه خالف المالك بمجرد خروجه من الكوفة

+++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن الغاية من جعل الظرف قيدا للقيمة، أو للاختصاص أو بكلمة نعم لاجل عدم جواز تخصص القيمة بيوم المخالفة الذي هو يوم غصب الدابة إلا باعتبار اضافة القيمة الى اليوم، أو باعتبار تضمنها معنى الاختصاص بالنظر الى اضافة القيمة الى البغل ثم اضافة البغل الى اليوم

فبالنتيجة كأنما اضيفت القيمة الى اليوم الذي يراد منه يوم المخالفة.

(1) اى الفقرة الثانية التي تكون محلا للاستشهاد بها على ما نحن فيه: و هو أن الاعتبار في ضمان القيميات بالقيمة إنما هو بقيمة يوم الغصب لا بيوم التلف

(2) و هو يوم الغصب

(3) تعليل لكون يوم المخالفة هو يوم الاكتراء

و أما وجه الظهور فهو قول المستأجر: فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه الى النيل فتوجهت نحو النيل، فإن هذه الجملة تدل على أن المستأجر من بداية الامر خالف محل الاجارة المشترطة اذ الاجارة وقعت على السير من الكوفة الى قصر بني هبيرة ذاهبا و جائيا فهو بمجرد خروجه من الكوفة خالف الاجارة الواقعة، لأنه لما صار قرب قنطرة الكوفة التي هي داخلة في الكوفة سمع أن مدينه هرب الى النيل التي هي قرية من قرى الكوفة فغير حالا مسيره من الذهاب -

ص: 278

و من المعلوم أن اكتراء البغل لمثل تلك المسافة القليلة إنما يكون يوم الخروج، أو في عصر اليوم السابق.

و معلوم أيضا عدم اختلاف القيمة في هذه المدة (1) القليلة

و أما قوله عليه السلام في جواب السؤال عن اصابة العيب:

عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده فالظرف (2) متعلق بعليك لا قيد للقيمة (3)، اذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد اجماعا، لأن النقص

+++++++++++

- الى قصر بني هبيرة الى الذهاب الى النيل باختلاف السير، اذ مسافة قصر بني هبيرة كانت محل الاجارة، و السير نحو النيل، و منها الى بغداد، و من بغداد الى الكوفة خارج عن محل الاجارة

(1) فالاختلاف بين صاحب البغل، و المستأجر إنما كان لاجل تلك المسافة البعيدة من النيل الى بغداد، و منها الى الكوفة التي طالت خمسة عشر يوما

(2) و هي كلمة يوم في قوله عليه السلام: يوم ترده اى الواجب عليك قيمة الفرق في يوم ترد البغل الى صاحبه

(3) (لا يقال): كيف جعل الظرف في الجملة السابقة و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته متعلقا بالقيمة، بناء على اعتبار اضافة القيمة الى اليوم، أو باعتبار تضمن القيمة معنى الاختصاص حتى يصح اختصاص القيمة بيوم المخالفة؟

و هنا افاد أن الظرف قيد لكلمة عليك، لا قيد للقيمة من دون أن يعتبر احد الامرين المذكورين، اى عليك قيمة الفرق بين الصحيح و المعيب بيوم رد البغل الى صاحبه.

(فإنه يقال): إن المراد من قيمة ما بين الصحيح و المعيب هي قيمة -

ص: 279

الحادث تابع في تعيين يوم قيمته لاصل العين (1)

فالمعنى عليك اداء الارش يوم رد البغلة.

و يحتمل أن يكون (2) قيدا للعيب

و المراد (3) العيب الموجود في يوم الرد، لاحتمال ازدياد العيب الى يوم الرد فهو مضمون، دون العيب القليل الحادث أوّلا (4)

+++++++++++

- الفرق ما بين الحالتين فعليه يجوز تعلق الظرف بالحالتين من دون اعتبار شيء آخر: من الامرين الذين اعتبرناهما في الجملة السابقة

(1) فكما أن العين تكون مضمونة من يوم الغصب، كذلك الفرق بين الصحيح و المعيب يكون مضمونا من يوم الغصب.

ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الفرق بين قيمة الصحيحة و المعيبة ملاحظة النسبة من الثمن كما في ارش التفاوت

بل المراد هو التفاوت و العرفي

خذ لذلك مثالا

لو كانت قيمة البغل صحيحا يوم أن اكتري خمسين دينارا، و قيمته يوم الرد معيبا اربعين دينارا فعلى المستأجر إعطاء الفرق بين القيمتين صحيحا و معيبا و هي عشرة دنانير، لا خمسة دنانير التي هي نتيجة نسبة العشرة الى الخمسين

و من المعلوم أن نسبة العشرة الى الخمسين العشر اى يعطي المستأجر من كل عشرة دنانير دينارا واحدا لصاحب البغل.

(2) اى كلمة يوم الواردة في صحيحة ابي ولاد

(3) اى من العيب الوارد في قول الامام عليه السلام

(4) و هو يوم الغصب

ص: 280

لكن يحتمل أن يكون العيب قد تناقص الى يوم الرد، و العبرة حينئذ (1) بالعيب الموجود حال حدوثه، لأن المعيب لورد الى الصحة، أو نقص لم يسقط ضمان ما حدث منه و ارتفع على مقتضى الفتوى.

فهذا الاحتمال (2) من هذه الجهة ضعيف أيضا، فتعين تعلقه (3) بقوله عليه السلام: عليك

و المراد بقيمة ما بين الصحة و العيب قيمة التفاوت بين الصحة و العيب

و لا تعرض في الرواية ليوم هذه القيمة فيحتمل يوم الغصب

و يحتمل يوم حدوث العيب الذي هو يوم تلف و صف الصحة الذي هو (4) بمنزلة جزء (5) العين في باب الضمانات و المعاوضات

+++++++++++

(1) اى حين أن نقص العيب الى يوم الرد

(2) و هو احتمال أن كلمة يوم قيدا للعيب ضعيف من جهة أن العيب لورد الى الصحة، أو نقص لم يسقط ضمان ما حدث منه و ارتفع

كما أن احتمال كون كلمة يوم قيدا للقيمة ضعيف أيضا

(3) اى تعلق الظرف الذي هي كلمة يوم

(4) اى وصف الصحة

(5) فكما أن الجزء من الشيء اذا تلف يكون المتلف ضامنا له

كذلك وصف الصحة الذي هو بمنزلة جزء العين اذا تلف يكون المتلف ضامنا له كما فيما نحن فيه و هو البغل المستأجر، فإنه لو اصابه مرض فنقصت قيمته عن القيمة الصحيحة بسبب المرض يكون الغاصب ضامنا لنقصان الصحة

ص: 281

و حيث عرفت (1) ظهور الفقرة السابقة (2) عليه (3) و اللاحقة (4) له في اعتبار يوم الغصب تعين حمل هذا (5) أيضا على ذلك

ما يوهن الاستدلال بالصحيحة على اعتبار قيمة يوم الضمان

نعم (6) يمكن أن يوهن ما استظهرناه من الصحيحة بأنه لا يبعد أن يكون مبنى الحكم في الرواية على ما هو الغالب في مثل مورد الرواية من عدم اختلاف قيمة البغل في مدة خمسة عشر يوما

+++++++++++

(1) عند قوله في ص 278: لأن الظاهر من صدر الرواية

(2) و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته

وجه الظهور أن المستأجر خالف عقد الاجارة من بداية السير، لأنه حين ما عرف أن صاحبه هرب توجه نحو النيل

فيوم المخالفة هو المعيار في الضمان، لا يوم الاكتراء

(3) اى على أن الاعتبار في الضمان بيوم الغصب

(4) اي و قد عرفت أيضا ظهور الجملة اللاحقة و هو قوله عليه السلام:

عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده: في يوم المخالفة و هو يوم الغصب

وجه الظهور هي القرينة الخارجية: و هو عدم الجدوى بيوم الاكتراء كما عرفت، مع ضم القرينة الداخلية و هو صدر الصحيحة الى القرينة الخارجية: و هو اعتبار قيمة يوم المخالفة

(5) و هو أن ضمان قيمة ما بين الصحة و العيب على يوم المخالفة الّذي هو يوم الغصب

فكما أن قيمة البغل يحمل ضمانها على يوم الغصب

كذلك ضمان قيمة ما بين الصحيح و المعيب يحمل على يوم الغصب

(6) استدراك عما افاده: من أن الاعتبار في ضمان القيميات بيوم -

ص: 282

و يكون (1) السر في التعبير بيوم المخالفة دفع (2) ما ربما يتوهمه أمثال صاحب البغل من العوام أن العبرة بقيمة ما اشتري به البغل و إن نقص

+++++++++++

- المخالفة الذي هو يوم غصب البغل الى بغداد.

و خلاصته: أنه من الممكن أن يوهن ما استظهرناه: و هو أن المعيار في الضمان بيوم المخالفة ببيان أن مبنى الحكم الذي هو الضمان على ما هو الغالب المتعارف، أي الضمان مبني على هذا و هو أن الغالب عدم اختلاف قيمة البغل من يوم الاكتراء الى يوم الرد الذي كانت مدته خمسة عشر يوما، فلا فرق بين يوم المخالفة، و بين يوم الاكتراء من هذه الناحية، اذ في المدة اليسيرة التي هي خمسة عشر يوما قل ما يتفق تغيير من حيث الزيادة و النقيصة في سعر البغل الذي استؤجر.

اذا يكون الاعتبار بيوم الاكتراء

(1) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا كان المعيار هو يوم الاكتراء، و أنه لا فرق بينه، و بين يوم المخالفة فلما ذا عبر عليه السلام عنه بيوم المخالفة في قوله:

نعم قيمة بغل يوم خالفته؟

(2) جواب عن الوهم المذكور

حاصله: أن السر في ذلك هو دفع ما يتوهمه العوام من ذوي البغل حيث إنهم يرون أنفسهم متضررين بموت بغلتهم، أو اصابته بمرض أو نفق، أو كسر، لأنه بهذا العارض قد خسر المبلغ الذي به اشترى البغل، فجبرا و تداركا لهذه الخسارة يطالب بقيمة يوم الاشتراء

فالامام عليه السلام دفعا لهذا التوهم قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته

ص: 283

بعد ذلك، لأنه (1) خسر المبلغ الذي اشترى به البغلة

و يؤيده (2) التعبير عن يوم المخالفة في ذيل الرواية بيوم الاكتراء (3) فإن فيه (4) اشعارا بعدم عناية المتكلم (5) بيوم المخالفة من حيث إنه يوم المخالفة

إلا (6) أن يقال: إن الوجه في التعبير بيوم الاكتراء مع كون المناط يوم المخالفة هو التنبيه على سهولة إقامة الشهود على قيمته في زمان الاكتراء لكون البغل فيه غالبا بمشهد من الناس و جماعة من المكارين، بخلاف

+++++++++++

(1) تعليل لكون العوام يرون الضمان بيوم الشراء

(2) اى و يؤيد عدم الفرق بين المخالفة، و يوم الاكتراء، و أنه لا فرق بينهما في التعبير، سواء قلت: يوم المخالفة أم يوم الاكتراء، لعدم وجود اختلاف بين المدتين في هذه المدة الوجيزة و هي خمسة عشر يوما

(3) في قوله عليه السلام: حين اكتري كذا و كذا

(4) اى في هذا التعبير

(5) و هو الامام عليه السلام، حيث إنه لا يعتني بيوم المخالفة من حيث إنه يوم المخالفة، لعدم موضوعيته، بل له الطريقية فقط

(6) استثناء عما افاده في التأييد: من عدم الفرق بين يوم المخالفة و بين يوم الاكتراء، و أن يوم المخالفة ليس له الموضوعية

و خلاصته: أن السر في التعبير عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء مع أن المناط و الملاك هو يوم المخالفة: هي سهولة الاستشهاد على تعيين قيمة البغل عند تلفه، أو ورود نقص عليه باقامة البينة و أهل الخبرة على أن سعر البغل يوم الاكتراء كان كذا و كذا، لوجود البغل في يوم الاكتراء بمحضر من المكارين -

ص: 284

زمان المخالفة من حيث إنه زمان المخالفة فتغيير (1) التعبير ليس لعدم العبرة بزمان المخالفة، بل للتنبيه على سهولة معرفة القيمة بالبينة كاليمين (2) في مقابل قول السائل: و من يعرف ذلك. فتأمل (3)

+++++++++++

- بخلاف يوم المخالفة، فإنه من الصعب جدا الاستشهاد به على تعيين القيمة باقامة اهل الخبرة، لأن سعر قيمة يوم المخالفة لا يطلع عليه احد سوى المستأجر، فلذا عبر بيوم الاكتراء و إن كان يوم المخالفة هو المناط

و لا يخفى أنه لو قلنا: إن المدة القصيرة و هي خمسة عشر يوما لا توجب اختلاف الأسعار فالسر المذكور لا أثر له

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن السر في التعبير عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء هي سهولة الاستشهاد باقامة البينة أى فعلى ضوء ما ذكرنا فتغيير التعبير في مكان بيوم المخالفة في قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته

و في مكان بيوم الاكتراء في قوله عليه السلام: يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا: لا يكون لعدم الاعتبار بيوم المخالفة، و أنه لا مدخلية له و لا موضوعية له

بل له الموضوعية و المدخلية

(2) اى كما أن اليمين جعلت سهولة لقطع مادة النزاع، فإن صاحب البغل عند ما يحلف على قيمة البغل تنقطع الخصومة و لا تبقى مادة النزاع

ثم إن رد اليمين توجهت نحو الغاصب

فاليمين بما هي يمين جعلت تسهيلا على الناس، لقطع دابر النزاع

(3) لعل الامر بالتأمل لاجل أن تكليف صاحب البغل باقامة البينة مع حكمه عليه السلام بتوجه اليمين نحوه طبقا للقاعدة المعروفة: -

ص: 285

و يؤيده (1) أيضا قوله عليه السلام: فيما بعد في جواب قول السائل:

و من يعرف ذلك (2)

قال: انت و هو إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت له لزمه، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا فيلزمك، فإن (3) العبرة لو كانت بخصوص يوم المخالفة لم يكن وجه لكون القول قول المالك، مع كونه (4) مخالفا للاصل

ثم (5) لا وجه لقبول بينته، لأن من كان القول قوله فالبينة بينة صاحبه

و حمل الحلف هنا (6)

+++++++++++

- (البينة للمدعي، و اليمين على من انكر) حيث إن صاحب البغل منكر لما يدعيه الغاصب: لا ينطبق اى لا يجتمع

(1) اى و يؤيد عدم الفرق بين يوم المخالفة، و بين يوم الاكتراء

(2) اى قيمة البغل

(3) تعليل لعدم الفرق بين يوم المخالفة، و يوم الاكتراء

(4) اى مع كون القول قول المالك مخالف للاصل، لأن الاصل يقتضي عدم الزيادة فيما يدعيه المالك فقبول قوله مخالف لهذا الاصل

(5) إشكال ثان أى بالإضافة على أن تقديم قول المالك مخالف للاصل، لما عرفت هنا إشكال آخر: و هو أن من كان القول قوله فلا وجه لقبول بينته، لأن البينة حينئذ تكون لصاحبه و هو الغاصب، طبقا للقاعدة

المعروفة: (البينة للمدعي، و اليمين على من انكر)

(6) اى في مثل هذا النزاع

ص: 286

على الحلف المتعارف (1) الذي يرضى به المحلوف له، و يصدقه فيه، من دون محاكمة (2)

و التعبير برده (3) اليمين على الغاصب من جهة أن المالك أعرف بقيمة بغله فكان الحلف حقا له ابتداء خلاف (4) الظاهر

و هذا (5) بخلاف ما لو اعتبرنا يوم التلف، فإنه يمكن أن يحمل

+++++++++++

(1) و هو الحلف بالرسول الأعظم و الأئمة المعصومين صلوات اللّه عليه و عليهم اجمعين، أو بسيدنا العباس صلوات اللّه عليه كما هو المتعارف عند عامة الناس من الشيعة الامامية

(2) اى من دون مراجعة المحاكم الشرعية و القضاة

(3) اى برد المالك اليمين

(4) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و حمل الحلف اى حمل الحلف على الحلف المتعارف عند الناس خلاف الظاهر

بل الظاهر أن المراد من الحلف هو الحلف المتداول عند القضاة و المحاكم الشرعية

و لا يخفى أن هذا الظاهر خلاف الظاهر، اذ الظاهر أن المراد من الحلف هو الحلف المتعارف عند الناس

(5) اى قبول بينة المالك و الحكم بكون القول قوله في صورة تنازع المالك و الغاصب على قيمة البغل، بناء على اعتبار يوم الغصب، و أنه المعيار و المناط

و أما بناء على اعتبار يوم التلف، و أنه المعيار في ضمان القيميات فاليمين تتوجه على المالك عند التنازع

ص: 287

توجه اليمين (1) على المالك على ما اذا اختلفا في تنزل القيمة يوم التلف مع اتفاقهما، أو الاطلاع من الخارج على قيمته سابقا

و لا شك حينئذ (2) أن القول قول المالك، و يكون (3) سماع البينة في صورة اختلافهما في قيمة البغل سابقا مع اتفاقهما على بقائه عليها الى يوم التلف

فتكون الرواية (4) قد تكفلت لحكم صورتين من صور تنازعهما (5)

+++++++++++

(1) و هي اليمين المردودة من الغاصب

(2) اى حين أن كان المالك و الغاصب مختلفين على تنزل القيمة في يوم التلف، و متفقين على ثبوت القيمة في يوم التسلم

هذه هي الصورة الاولى من صور التنازع

(3) اى يكون سماع البينة من المالك، و أن القول قوله حينئذ في صورة اتفاق المالك و الغاصب على بقاء قيمة البغل في يوم التلف و اختلافهما عليها في يوم التسلم

هذه هي الصورة الثانية من صور التنازع

(4) اى صحيحة ابي ولاد

(5) اعلم أن صور تنازع المالك و الغاصب على قيمة البغل أربعة و هي كما يلي:

(الاولى): اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم و اختلافهما عليها يوم التلف: بأن يدعي المالك الزيادة في يوم التلف، و الغاصب ينكر زيادة القيمة

(الثانية): اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم:

بأن يدعي المالك زيادة القيمة، و الغاصب ينكر زيادتها، و اتفاقهما عليها يوم التلف

ص: 288

و يبقى بعض الصور (1) مثل دعوى المالك زيادة قيمة يوم التلف عن يوم المخالفة

و لعل حكمها (2) اعني حلف الغاصب يعلم من حكم عكسها (3) المذكور في الرواية

و أما (4) على تقدير كون العبرة في القيمة بيوم المخالفة فلا بد

+++++++++++

(الثالثة): اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم و يوم التلف: بأن يدعي المالك زيادة القيمة في يوم التسلم و يوم التلف و الغاصب يدعي خلافها

(الرابعة): عدم اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل لا يوم الغصب و لا يوم التلف، لعدم تفاوت القيمة فيهما

فالشيخ قدس سره افاد أن الصحيحة متكفلة لصورتين من الصور الاربعة و هما: الصورة الاولى و الصورة الثانية

و قد اشرنا إليهما في الهامش 5. ص 288

و قد علم حكمهما: من توجه اليمين على المالك في الصورة الاولى و من اثبات البينة على المالك في الصورة الثانية

(1) اى من الصور الأربعة المذكورة و هي الصورة الثالثة المشار إليها في هذه الصفحة

(2) اى الصورة الثالثة

(3) اى عكس الصورة الثالثة: و هي الصورة الاولى المشار إليها في الهامش 5 ص 88

فكما أن الصورة الاولى يحلف المالك فيها

كذلك هنا يحلف المالك فيكون القول قوله

(4) اى الى هنا كان الكلام حول يوم المخالفة -

ص: 289

..........

+++++++++++

- و أما اذا كان الملاك و المعيار يوم التلف فلا بد من حمل الرواية و هي صحيحة أبي ولاد كما يلي

إنما قال شيخنا الانصاري فلا بد من حمل الرواية، لأن في الصورة الاولى التي كان المالك و الغاصب مختلفين في زيادة قيمة البغل يوم التلف و متفقين في بقائها عليها يوم التسلم: بأن يدعي المالك زيادة القيمة يوم التلف، و الغاصب ينكرها:

كانت القاعدة الفقهية تقضي على أن البينة للمدعي، و اليمين على من انكر

و هنا نرى أن الصحيحة حكمت بحلف المالك الذي هو المدعي في قوله عليه السلام: إما أن يحلف هو فيلزمك، خلافا للقاعدة الفقهية المذكورة فقال الشيخ:

فلا بد من حمل الصحيحة حينئذ على صورة اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل في يوم التسلم، و اختلافهما على قيمته في يوم الغصب، بأن ادعى الغاصب نقصانها عن يوم المخالفة عما اتفقا عليه، و ادعى المالك بقاءها على ما كانت عليه يوم المخالفة

فحينئذ يكون المالك منكرا، فيجب عليه اليمين، لموافقة قوله لأصالة عدم النقصان

هذا من طرف دلالة الصحيحة على حلف المالك الذي هو المدعي و قد عرفت توجيهها

و هكذا الصحيحة تصرح باتيان صاحب البغل بشهود يشهدون في قوله عليه السلام: أو يأتي صاحب البغل مع أنه منكر لما يدعيه الغاصب

فالقاعدة الفقهية: و هي البينة للمدعي، و اليمين على من انكر تحكم بوجوب الحلف على المنكر، و البينة على المدعي

و هنا نرى عكس ذلك، حيث نرى أن المالك مع أن منكر -

ص: 290

من حمل الرواية على ما اذا اتفقا على قيمة اليوم السابق على يوم المخالفة

أو اللاحق (1) له فادعى الغاصب نقصانه (2) عن تلك يوم المخالفة

و لا يخفى بعده (3)

و أبعد منه حمل النص (4) على التعبد، و جعل الحكم مخصوصا

+++++++++++

- يقول الامام عليه السلام: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا

فلا بد في توجيهها من حملها على صورة اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل في يوم التلف الموافق ليوم المخالفة فادعى الغاصب نقصان القيمة في يوم المخالفة عن قيمة يوم المتفق عليه و هو يوم التسلم، و ادعى المالك مساواتهما

فحينئذ يكون المالك مدعيا، لمخالفة قوله للاصل الجاري و هي براءة ذمة الغاصب عن الزائد فيجب عليه البينة فطابقت الصحيحة القاعدة الفقهية

(1) اى اللاحق بيوم المخالفة: بأن اتفق المالك و الغاصب على القيمة في اليوم اللاحق، لكن ادعى الغاصب تغير العين من يوم المخالفة الى الزيادة، و أن العين يوم المخالفة كانت أنقص

و المالك يدعي عدم الاختلاف بين القيمتين

فحينئذ يكون المالك منكرا للتغير الذي يدعيه الغاصب فيتوجه نحوه اليمين

(2) اي نقصان العين عن يوم المخالفة كما عرفت

(3) اي بعد هذا الحمل، للزوم حمل الرواية على الفرد النادر

(4) و هي صحيحة ابى ولاد: بأن نقول: إن توجه اليمين نحو المالك مع أنه مدع تعبد محض

ص: 291

في الدابة المغصوبة؛ أو مطلقا (1) مخالفا للقاعدة المتفق عليها نصا و فتوى:

من (2) كون البينة على المدعي، و اليمين على من انكر كما حكي عن الشيخ في بابي الاجارة و الغصب (3)

الاستشهاد بالصحيحة على ضمان أعلى القيم و المناقشة فيه

و أضعف من ذلك (4) الاستشهاد بالرواية على اعتبار أعلى القيم:

من حين الغصب الى التلف كما حكي عن الشهيد الثاني، اذ لم يعلم لذلك (5) وجه صحيح

و لم اظفر بمن وجه دلالتها (6) على هذا المطلب

الاستدلال على أعلى القيم بوجه آخر و المناقشة فيه

نعم (7) استدلوا على هذا القول بأن العين مضمونة في جميع تلك الأزمنة التي منها زمان ارتفاع قيمته

و فيه أن ضمانها في تلك الحال إن اريد به وجوب قيمة ذلك

+++++++++++

(1) اى في الدابة و غيرها

(2) كلمة من بيان للقاعدة المتفق عليها

(3) من أن البينة للمدعي، و اليمين على من انكر

(4) اى و أضعف من هذا القول: و هو حمل الصحيحة على التعبد

(5) اى للقول بأعلى القيم

(6) اى دلالة صحيحة ابى ولاد على أن الاعتبار بأعلى القيم: من حين الغصب الى يوم التلف

(7) استدراك عما افاده: من أنه لم يظفر بمن وجه دلالة صحيحة ابى ولاد على أن الضمان يكون بأعلى القيم كما افاد هذا الضمان الشهيد الثاني قدس سره

ص: 292

الزمان (1) لو تلف فيه مسلم، اذ تداركه لا يكون الا بذلك

لكن المفروض أنها (2) لم تتلف فيه

و إن اريد به (3) استقرار قيمة ذلك الزمان (4) عليه فعلا و إن تنزلت بعد ذلك (5) فهو (6) مخالف لما تسالموا عليه: من عدم ضمان ارتفاع القيمة مع رد العين

و إن اريد استقرارها (7) عليه بمجرد الارتفاع مراعى بالتلف فهو (8) و إن لم يخالف الاتفاق إلا أنه مخالف لأصالة البراءة من غير دليل شاغل عدا (9) ما حكاه في الرياض عن خاله العلامة قدس اللّه تعالى روحهما:

+++++++++++

(1) و هو زمان الارتفاع

(2) و هي العين المضمونة لم تتلف في زمان أعلى القيم

(3) اى بضمان أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(4) و هو زمان أعلى القيم

(5) اى بعد الارتفاع

(6) اى أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(7) اى استقرار القيمة العالية، و ثبوتها على الغاصب بمجرد ارتفاع القيمة، لكن الاستقرار متوقف على تلف العين

فإن تلفت استقر أعلى القيم، و إن لم تتلف وجب ردها على المالك

(8) اى استقرار أعلى القيم و إن لم يكن مخالفا للاتفاق الذي هو عدم وجود شيء على الغاصب لورد العين، إلا أنه مخالف لأصالة براءة ذمة الغاصب عن أعلى القيم، لأن الاصل براءة ذمته عنها، و ليس هنا دليل شاغل يصرفنا عن أصالة البراءة

(9) اى نعم هناك شيء ذكره صاحب الرياض عن خاله العلامة المجلسي قدس اللّه نفسهما، و طيب روحهما: و هو أن الغاصب لو لم يسلم -

ص: 293

من قاعدة نفي الضرر الحاصل على المالك

و فيه (1) نظر كما اعترف به بعض من تأخر

نعم يمكن توجيه الاستدلال المتقدم (2): من كون العين مضمونة في جميع الأزمنة (3): بأن (4) العين اذا ارتفعت قيمتها في زمان و صارت ماليتها مقومة بتلك القيمة فكما أنه اذا تلفت حينئذ (5) يجب تداركها بتلك (6) القيمة

فكذا اذا حيل بينها (7)، و بين المالك حتى تلفت (8)، اذا لا فرق

+++++++++++

- أعلى القيم الى المالك لكان ضررا على المالك و الضرر هذا منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار فلا بد للغاصب من دفع أعلى القيم: من حين الغصب الى حين التلف للمالك حتى لا يتوجه نحوه ضرر

(1) اى و فيما حكاه صاحب الرياض عن خاله العلامة المجلسي قدس اللّه نفسهما نظر و إشكال

وجه النظر: أن قاعدة نفي الضرر متساوية مع صورة تلف العين

(2) و هو ما أفاده الشهيد الثاني: من اعتبار أعلى القيم: من يوم الغصب الى يوم التلف

(3) التي منها زمن الغصب، و زمن التلف

(4) الباء بيان لكيفية توجيه الاستدلال المتقدم

(5) اى و حين أن صارت ماليتها مقومة بتلك القيمة المرتفعة

(6) اى بتلك القيمة المرتفعة التي صارت ماليتها مقومة بها

(7) اى بين العين المغصوبة

(8) فيجب تدارك تلك القيمة المرتفعة أيضا

ص: 294

مع عدم التمكن منها (1) بين أن تتلف، أو تبقى.

نعم لوردت (2) فتتدارك تلك المالية بنفس العين، و ارتفاع القيمة السوقية امر اعتباري لا يضمن بنفسه، لعدم كونه مالا و إنما هو مقوم لمالية المال (3)، و به تمايز الأموال كثرة و قلة.

و الحاصل (4) أن للعين في كل زمان من أزمنة تفاوت قيمته مرتبة من المالية ازيلت يد المالك منها، و انقطعت سلطنته عنها، فإن ردت العين فلا مال سواها يضمن، و إن تلفت استقرت عليا تلك المراتب (5) لدخول (6) الأدنى تحت الأعلى

نظير ما لو فرض للعين منافع متفاوتة متضادة، حيث إنه يضمن الأعلى منها

و لأجل ذلك (7) استدل العلامة في التحرير للقول باعتبار يوم الغصب

+++++++++++

(1) اى من العين المغصوبة

(2) اى العين فحينئذ تتدارك تلك المالية المرتفعة بنفس العين المردودة

(3) لا يخفى أنه بعد القول بكون الارتفاع مقوما لمالية الشيء لا مجال للقول بعدم ضمان هذا الارتفاع و إن كان امرا اعتباريا، و لا سيما بعد ما افاد أن بارتفاع القيمة السوقية تمايز الأموال كثرة و قلة

(4) اى حاصل توجيه الاستدلال المتقدم عن الشهيد الثاني

(5) و هي المراتب الزائلة عنها يد المالك، و المنقطعة عنها سلطنتة:

و من تلك المراتب هو تلف قيمة العين المرتفعة

(6) تعليل لاستقرار تلك المراتب الفائتة من المالك

(7) اي و لاجل استقرار المراتب الزائلة عن تحت يد المالك بواسطة الحيلولة التي صارت سببا للضمان، و أن الأدنى داخلة تحت الأعلى

ص: 295

بقوله: لأنه زمان إزالة يد المالك.

و نقول في توضيحه (1): إن كل زمان من أزمنة الغصب قد ازيلت فيه يد المالك من العين على حسب ماليته، ففي زمان ازيلت من مقدار درهم و في آخر (2) عن درهمين، و في ثالث عن ثلاثة فاذا استمرت الازالة الى زمان التلف (3) وجبت غرامة اكثرها (4) فتأمل (5)

استدلال ثالث على أعلى القيم و توجيهه

و استدل في السرائر و غيرها على هذا القول (6) بأصالة الاشتغال لاشتغال ذمته (7) بحق المالك، و لا تحصل البراءة إلا بالأعلى

و قد يجاب (8) بأن الاصل في المقام البراءة، حيث إن الشك في التكليف بالزائد

+++++++++++

(1) اي في توضيح ما افاده العلامة في التحرير في هذا المقام، حيث يستفاد من كلامه أن المعيار هو يوم الغصب، و الاستشهاد بكلامه لأعلى القيم فقال الشيخ في توضيح كلام العلامة ما ذكره في المتن

(2) اي و في زمان آخر

(3) اي تلف العين

(4) اي أكثر مالية العين التالفة، و أكثر مالية العين هو أعلى القيم

(5) لعل وجه التأمل هو منع كون الواجب على الغاصب غرامة قيمة وقت تلف العين

(6) و هو أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(7) اي ذمة الغاصب

(8) اي عن أصالة اشتغال الذمة

خلاصة هذا الجواب أن أصالة الاشتغال معارضة بأصالة براءة ذمة الغاصب عن الزائد فهذه حاكمة على تلك، لأن الشك في التكليف بالزائد -

ص: 296

نعم (1) لا بأس بالتمسك باستصحاب الضمان المستفاد من حديث اليد

المحكي عن جماعة أن الاعتبار بيوم البيع و توجيهه

ثم (2) إنه حكي عن المفيد و القاضي و الحلبي الاعتبار بيوم البيع فيما كان فساده من جهة التفويض (3) الى حكم المشتري و لم يعلم (4) له وجه.

و لعلهم (5) يريدون به يوم القبض، لغلبة اتحاد زمان البيع و القبض.

فافهم (6)

ثم إنه لا عبرة بزيادة القيمة بعد التلف (7) على جميع الأقوال

ثم إنه لا عبرة بزيادة القيمة بعد التلف (7) على جميع الأقوال

+++++++++++

- و الاصل عدمه، و ليس الشك في اصل الضمان حتى يقال: إنه مكلف بالإعطاء، لقاعدة الاشتغال

(1) استدراك عما افاده: من حكومة أصالة البراءة على أصالة اشتغال ذمة الغاصب

و خلاصته أن ضمان الغاصب للعين قبل التلف كان مسلما فنشك في ضمانها بعد التلف فنستصحب، و من جملة زمن الاستصحاب هو زمن أعلى القيم فاشتغال الذمة تكون حاكمة على أصالة البراءة بهذا الاستصحاب

(2) هذا عود على بدء و هو الكلام في المقبوض بالعقد الفاسد فلا ربط له بمسألة المغصوب

(3) اي تفويض تعيين الثمن الى حكم المشتري و قضاوته فيه

(4) اي لهذا التفويض

(5) اي هؤلاء الأعلام يقصدون من يوم التفويض يوم إقباض السلعة الى المشتري

(6) لعله اشارة الى أن إرادة هؤلاء الأعلام القبض من البيع بعيدة

(7) اى بعد تلف العين

الأقوال هنا ثلاثة:

(الاول): عدم اعتبار زيادة القيمة بعد تلف العين، لأن تلفها -

ص: 297

إلا أنه تردد فيه (1) في الشرائع

و لعله (2) كما قيل من جهة احتمال كون القيمي مضمونا بمثله، و دفع القيمة إنما هو لإسقاط المثل (3)

و قد تقدم (4) أنه مخالف لاطلاق النصوص و الفتاوى

ارتفاع القيمة بسبب الأمكنة

ثم إن ما ذكرنا: من الخلاف (5) إنما هو في ارتفاع القيمة بحسب الأزمنة

و أما اذا كان بسبب الأمكنة كما اذا كان في محل الضمان بعشرة

+++++++++++

- لا يبقي مجالا للزيادة، و قد اختاره الشيخ

(الثاني): اعتبار الزيادة و إن تلفت العين، لقاعدة اشتغال الذمة بضمان العين حتى يؤدي مثلها إن كانت مثليا، و قيمتها إن كانت قيميا

و هذا ذهب إليه المحققون من الأعلام

(الثالث): ما افاده المحقق في الشرائع و قد ذكره الشيخ في المتن

(1) اي في عدم اعتبار زيادة القيمة بعد التلف

(2) اي و لعل وجه تردد المحقق في عدم اعتبار زيادة القيمة

(3) اى عند الاعواز، و مطالبة المالك كما صرح بذلك في ص 236 عند قوله: السادس لو تعذر المثل في المثلي

(4) اي تقدم أن دفع القيمة إنما هو لإسقاط المثل مخالف لإطلاق النص الذي هي آية الاعتداء

راجع عند قوله في ص 226: و أما مع عدم وجود المثل للقيمي التالف فمقتضى الدليلين عدم سقوط المثل من الذمة بالتعذر

(5) اي في أن ضمان التالف هل هو بيوم الغصب، أو بيوم التلف أو بأعلى القيم حسب الأزمنة؟

ص: 298

و في مكان التلف بعشرين، و في مكان المطالبة بثلاثين، فالظاهر اعتبار محل التلف، لأن مالية الشيء تختلف بحسب الأماكن، و تداركه بحسب ماليته (1)

ارتفاع القيمة بسبب الزيادة العينية

ثم إن جميع ما ذكرنا من الخلاف إنما هو في ارتفاع القيمة السوقية الناشئة من تفاوت رغبة الناس و أما إذا كان (2) حاصلا من زيادة في العين فالظاهر كما قيل عدم الخلاف في ضمان أعلى القيم، و في الحقيقة ليست قيم التالف مختلفة و إنما زيادتها في بعض أوقات الضمان لاجل الزيادة العينية الحاصلة فيه (3) النازلة منزلة الجزء الفائت

نعم يجري الخلاف المتقدم (4) في قيمة هذه الزيادة الفائتة، فإن العبرة بيوم فواتها، أو يوم ضمانها، أو أعلى القيم

تعذر الوصول إلى العين في حكم التلف

ثم إن في حكم تلف العين في جميع ما ذكر: من ضمان المثل، أو القيمة حكم تعذر الوصول إليها، و ان لم تهلك كما لو سرقت، أو غرقت؛ أو ضاعت أو ابقت (5)، لما (6) دل على الضمان بهذه الأمور (7)

+++++++++++

(1) و تدارك المالية إنما يكون بحسب يوم تلف الشيء

(2) اي ارتفاع القيمة السوقية

(3) اى في التالف

(4) من أن الاعتبار في الضمان بيوم الغصب، أو بيوم التلف، أو بيوم أعلى القيم

(5) كما اذا كان المبيع بالعقد الفاسد عبدا فابق فالإباق حصل بعين العبد

(6) تعليل لما افاده: من أن حكم تعذر الوصول الى العين حكم تلف العين، فكلما يجري في التلف يجري هنا من دون فرق بينهما

(7) و هي السرقة و الغرق، و الضياع و الإباق، فإن هذه الأمور أسباب للضمان

ص: 299

في باب الأمانات المضمونة (1)

و هل يقيد ذلك (2) بما اذا حصل الياس من الوصول (3) إليه، أو بعدم رجاء وجدانه (4)، أو يشمل (5) ما لو علم وجدانه في مدة طويلة يتضرر المالك من انتظارها، أو و لو كانت (6) قصيرة؟ وجوه

ظاهر أدلة ما ذكر من الأمور (7) الاختصاص بأحد الاولين (8)

لكن ظاهر اطلاق الفتاوى الاخير (9)

+++++++++++

(1) اذا اردت الاحاطة على ضمان هذه الامور فعليك بمراجعة تعليقة العلامة الممقاني قدس سره على المكاسب فقد اسهب الكلام طاب ثراه في هذا المقام، و ذكر لكل واحد من هذه الامور و زيادة على ذلك أمثلة بقوله: فمنها و منها و منها و منها و منها

راجع ص 317 من تعليقته على الكتاب

(2) و هو تعذر الوصول الى العين

(3) اي الى العين

(4) اي وجدان العين

(5) اي تعذر الوصول الى العين

(6) اي يشمل تعذر الوصول الى العين حتى و لو كانت مدة الوصول إليها قصيرة

(7) و هي المشار إليها في ص 299 بقوله: لما دل على الضمان بهذه الامور

(8) اي اختصاص تعذر الوصول الى العين بأحد الاولين

و هما: اليأس من الوصول الى العين، و عدم رجاء وجدانه

(9) اي اختصاص حكم تعذر الوصول الى العين بالاخير: و هو ما اذا كانت مدة الوصول الى العين قصيرة مختصرة

ص: 300

كما يظهر (1) من اطلاقهم أن اللوح المغصوب في السفينة اذا خيف من نزعه غرق مال لغير الغاصب انتقل الى قيمته (2) الى أن تبلغ الساحل

و يؤيده (3) أن فيه (4) جمعا بين الحقين بعد فرض رجوع القيمة الى ملك الضامن (5) عند التمكن من العين، فإن تسلط الناس على مالهم الذي فرض كونه في عهدته يقتضي جواز مطالبة الخروج عن عهدته عند تعذر نفسه

نظير ما تقدم في تسلطه (6) على مطالبة القيمة للمثل المتعذر في المثلي (7)

+++++++++++

(1) اي اختصاص حكم تعذر الوصول الى العين بالاخير

(2) بأن تبقى اللوحة في مكانها من دون أن تقلع الى أن تبلغ السفينة الساحل ثم تدفع قيمتها الى مالكها و لو كانت مدة البلوغ الى الساحل قصيرة

فمن هذا الاطلاق يستفاد المدة الوجيزة فيما نحن فيه و هو تعذر الوصول الى العين، و أنه تدفع قيمتها الى مالكها

(3) اي و يؤيد الاخير

(4) اي في القول الاخير و هو الانتظار الى مدة وجيزة حتى يمكن الوصول الى العين المتعذر الوصول إليها جمعا بين الحقين و هما: حق المالك و حق الغاصب، اذ لو اجبر الضامن على الشراء بالمثل و العين موجودة و لم تتلف لكن الوصول إليها متعذر: لكان ضررا عليه و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضر و لا ضرار

(5) فيما لو أعطى الضامن قيمة العين المتعذر الوصول إليها الى المالك

(6) اي في تسلط المالك

(7) عند قوله في ص 236: السادس لو تعذر المثل في المثلي

ص: 301

نعم (1) لو كان زمان التعذر قصيرا جدا بحيث لا يحصل صدق عنوان الغرامة و التدارك على اداء القيمة أشكل الحكم (2)

ثم الظاهر (3) عدم اعتبار التعذر المسقط للتكليف، بل لو كان ممكنا بحيث يجب عليه السعي في مقدماته لم تسقط القيمة زمان (4) السعي

لكن ظاهر كلمات بعضهم التعبير بالتعذر (5) و هو الأوفق بأصالة

+++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن القول الاخير و هو الانتظار الى مدة و لو كانت قصيرة حتى يتمكن الوصول الى العين هو المطابق للفتوى

(2) و هو الانتظار

وجه الاشكال: أنه من طرف تسلط الناس على أموالهم فاللازم مطالبة المالك الضامن بالقيمة حين التعذر من الوصول الى العين المقتضي هذا التعذر للانتقال الى القيمة

و من أن الحصول على العين امر ممكن فلا تنتقل العين الى القيمة بمجرد التعذر على الوصول إليها، و لا سيما المدة وجيزة جدا فلا يجبر الضامن بدفع القيمة، بل على المالك الانتظار حتى يتمكن الضامن على الحصول عليها

(3) اي من حديث على اليد ما اخذت حتى تؤديه، و من اطلاق فتاوى الفقهاء في هذا المقام

(4) اى يجوز دفع القيمة الى المالك في خلال مدة السعي للوصول الى العين المتعذر الوصول إليها

(5) اي التعبير بالتعذر أوفق بأصالة عدم تسلط المالك على أزيد من إلزامه الضامن من برد العين

وجه الأوفقية: أن مقتضى هذه الأصالة و مفهومها عدم تسلط المالك على مطالبة القيمة إلا في زمان تعذر العين، و يبقى التسلط على القيمة في زمان السعي تحت الاصل المذكور فلا يجوز المطالبة

ص: 302

عدم تسلط المالك على أزيد من إلزامه برد العين فتأمل (1) و لعل المراد (2) به التعذر في الحال، و إن كان (3) لتوقفه على مقدمات زمانية يتأخر لاجلها ذو المقدمة (4)

هل يلزم المالك بأخذ البدل؟

ثم إن ثبوت القيمة مع تعذر العين ليس كثبوتها مع تلفها (5) في كون دفعها (6) حقا للضامن، فلا يجوز للمالك الامتناع (7)، بل له (8) أن يمتنع من اخذها، و يصبر الى زوال العذر كما صرح به (9) الشيخ في المبسوط

و يدل عليه (10) قاعدة تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

(1) لعله اشارة الى أنه لا اعتبار بأصالة عدم تسلط المالك بعد وجود العموم في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الناس مسلطون على أموالهم سواء أ كان في زمن تعذر العين أم في زمن السعي

(2) اي بالتعذر الوارد في كلمات الفقهاء

(3) اي و إن كان التعذر في الحال لاجل توقفه على مقدمات يتأخر لاجل هذه المقدمات ذو المقدمة و هو الوصول على العين

(4) و هو الوصول على العين بعد أن كانت متعذر الوصول إليها

(5) اي مع تلف العين

(6) اي في كون دفع القيمة حقا للضامن

(7) اي من اخذ القيمة لو دفعها الضامن في صورة تلف العين

(8) اي بل للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

(9) اي بأن للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

(10) اي على أن للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

ص: 303

و كما أن تعذر رد العين في حكم التلف فكذا خروجه عن التقويم (1)

ثم إن المال المبذول يملكه المالك بلا خلاف

ثم إن المال المبذول (2) يملكه المالك بلا خلاف كما في المبسوط و الخلاف و الغنية و السرائر

و ظاهرهم (3) إرادة نفي الخلاف بين المسلمين

و لعل الوجه فيه (4) ان التدارك لا يتحقق إلا بذلك (5) و لو لا ظهور الاجماع (6)، و أدلة الغرامة (7)

+++++++++++

(1) بحيث سقطت العين عن المالية راسا كاللحم يتعفن، و الفاكهة تفسد، فإن العين حينئذ كالتالف

و ليس المراد من خروج العين خروجها عن صورتها النوعية، اذ البيض اذا صار فرخا خرج عن صورته النوعية، لكنه يعد ما لا يبذل بإزائه المال

(2) و هي القيمة التي تكون بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(3) اي ظاهر هؤلاء الأعلام الذين قالوا في كتبهم: المبسوط، الخلاف الغنية، السرائر: بلا خلاف قصدهم عدم الخلاف بين المسلمين، و ليس قصدهم اختصاص عدم الخلاف بالشيعة الامامية

(4) اي في تملك المالك المال المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(5) اي إلا بتملكه للمال المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(6) و هو قول صاحب المبسوط و الخلاف، و الغنية، و السرائر: لا خلاف في تملك المال المبذول، فان ظاهر هذا النفي الاجماع على الملكية

(7) و هي أدلة وجوب اداء ما أتلف؛ أو بحكم الاتلاف كالتعذر، فإنها ظاهرة في أن المبذول يملك

ص: 304

في الملكية لاحتملنا أن يكون (1) مباحا له إباحة مطلقة و إن لم يدخل في ملكه نظير الاباحة المطلقة في المعاطاة على القول بها (2) فيها، و يكون دخوله (3) في ملكه مشروطا بتلف العين

و حكي الجزم بهذا الاحتمال (4) عن المحقق القمي رحمه اللّه في أجوبة مسائله (5)

هل تنقل العين إلى الضامن بإعطاء البدل

و على اي حال (6) فلا تنتقل العين الى الضامن فهي غرامة لا تلازم فيها بين خروج المبذول (7) عن ملكه (8)؛ و دخول العين في ملكه (9)

و ليست (10) معاوضة، ليلزم الجمع بين العوض و المعوض

+++++++++++

(1) اي المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(2) أى بالإباحة المطلقة حتى المتوقفة على الملك في المعاطاة

(3) اى دخول المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(4) و هو احتمال دخول المبذول بدلا عن العين في ملك المالك على نحو الاباحة المطلقة يتصرف فيها اي نحو شاء، و إن كان دخوله في ملكه متوقفا على تلف العين

(5) يأتي شرح الكتاب، و حياة مؤلفه العظيم (في أعلام المكاسب)

(6) اى سواء قلنا: إن البدل المبذول على نحو الاباحة المطلقة أم يتملكه المالك بلا خلاف

(7) و هي القيمة التي تكون بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها.

(8) اى عن ملك الضامن

(9) اى في ملك الضامن، اى لا منافاة بين هذا الخروج، و بين هذا الدخول

(10) اى هذه القيمة المدفوعة للمالك بدلا عن العين ليست معاوضة -

ص: 305

فالمبذول هنا (1) كالمبذول مع تلف العين في عدم البدل له (2)

و قد استشكل في ذلك (3) المحقق و الشهيد الثانيان.

قال الاول (4) في محكي جامعه: إن هنا (5) إشكالا، فإنه كيف تجب القيمة و يملكها الآخذ و تبقى العين على ملكه (6)،

و جعلها (7) في مقابلة الحيلولة لا يكاد (8) يتضح معناه. انتهى

+++++++++++

- حتى يقال: لازم هذه المعاوضة الجمع بين العوض و هي القيمة، و المعوض

و هي العين عند المالك، لأن القول ببقاء العين على ملك المالك لازمه هذا الجمع

(1) و هو تعذر الوصول الى العين لأسباب ذكرت في ص 299 عند قوله: كما لو سرقت، أو غرقت

(2) اى للمبذول حتى يجمع بين العوض و المعوض عند المالك

(3) اى في عدم انتقال العين الى الضامن، و أنها غرامة

(4) اى المحقق الثاني

(5) اى في القول بأن العين لا تنتقل الى الضامن

(6) اى على ملك الآخذ الذي هو المالك

(7) اى (إن قلت): إن القيمة في مقابلة الحيلولة: و هو تعذر الوصول الى العين

(8) اي (قلنا): إن جعل القيمة في مقابل الحيلولة لا مفهوم له و لا يتضح معناه، اذ الفقهاء يجعلون القيمة بدلا عن نفس العين، لا عن الحيلولة

بالإضافة الى أن لازم هذا القول عدم عود البدل الى الضامن عند عود العين الى المالك، لأنه بدل عن الحيلولة، لا عن العين حتى يرجع برجوع العين

ص: 306

و قال الثاني (1): إن هذا (2) لا يخلو عن إشكال: من حيث اجتماع العوض و المعوض (3) على ملك المالك من دون دليل واضح.

و لو (4) قيل بحصول الملك لكل منهما متزلزلا، و توقف تملك المغصوب منه للبدل على الياس من العين و إن جاز له التصرف كان وجها في المسألة (5). انتهى (6)

و استحسنه (7) في محكي الكفاية

اقول (8): الذي ينبغي أن يقال هنا: إن معنى ضمان العين ذهابها

+++++++++++

(1) اى الشهيد الثاني

(2) و هو عدم انتقال العين الى الضامن، و أنها غرامة

(3) و هما: القيمة التي بدل عن العين، و العين المتعذر الوصول إليها

(4) هذا من متممات كلام الشهيد الثاني، اى لو قيل بحصول ملك العين للضامن، و ملك القيمة للمالك متزلزلا: بمعنى أن ملكية كل واحد من العين و القيمة تحصل لكل منهما بتلف احدى العينين، أو بالتمكن من رد العين فتزول الملكية حينئذ

(5) اى في مسألة تعذر الوصول الى العين

(6) اى ما افاده الشهيد الثاني في هذا المقام

(7) اى استحسن صاحب الكفاية القول بتملك كل واحد من الضامن العين، و المالك البدل على نحو التزلزل، و توقف تملك المالك البدل على اليأس من الحصول على العين

(8) هذا كلام شيخنا الانصاري اى الشيء الذي ينبغي أن يقال في مسألة تعذر الوصول على العين

ص: 307

من مال الضامن، و لازم ذلك (1) إقامة مقابلها من ماله مقامها، ليصدق ذهابها من كيسه (2)

ثم إن الذهاب (3) إن كان على وجه التلف الحقيقي، أو العرفي (4) المخرج للعين عن قابلية الملكية عرفا وجب قيام مقابلها من ماله مقامها في الملكية و إن كان الذهاب بمعنى انقطاع سلطنته عنها، و فوات الانتفاع به في الوجوه التي بها قوام الملكية وجب قيام مقابلها مقامها في السلطنة، لا في الملكية، ليكون مقابلا و تداركا للسلطنة الفائتة، فالتدارك لا يقتضي ملكية المتدارك (5) في هذه الصورة (6)

نعم (7) لما كانت السلطنة المطلقة المتداركة (8) للسلطنة الفائتة متوقفة

+++++++++++

(1) اى و لازم ذهاب العين من مال الضامن بعد القول بوجوب دفع القيمة عن العين المتعذر الوصول إليها

(2) فحينئذ يصدق أن العين ملك للضامن قد خرجت عن ملك المالك

(3) أى ذهاب العين على وجه التلف الحقيقي كأن عدمت رأسا

(4) كاللحم بقي مدة فجاف، فإنه خرج عن الملكية عرفا، لكنه لم يتلف حقيقة، لأنه يمكن إطعامه للجوارح فيباع لمن يريد ذلك

و كلمة المخرج صفة للعرفي

(5) و هي العين المنقطعة عنها السلطنة

(6) و هي الصورة المنقطعة عنها السلطنة

(7) استدراك عما افاده: من أن الذهاب اذا كان بمعنى الانقطاع وجب قيام مقابله في السلطنة، لا في الملكية

(8) بصيغة الفاعل المقصود منها هي التي تكون بدلا عن السلطنة الفائتة

ص: 308

على الملك؛ لتوقف بعض التصرفات (1) عليه وجب تملكه للمبذول تحقيقا (2) لمعنى التدارك، و الخروج عن العهدة

و على اي تقدير فلا ينبغي الاشكال في بقاء العين المضمونة على ملك مالكها، إنما الكلام في البدل المبذول

و لا كلام أيضا في وجوب الحكم بالإباحة، و بالسلطنة المطلقة عليها (3) و بعد ذلك (4) فيرجع محصل الكلام حينئذ الى أن إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك هل تستلزم الملك من حين الاباحة؛ أو يكفي فيه (5) حصوله من حين التصرف؟ و قد تقدم في المعاطاة بيان ذلك (6)

التفصيل بين فوات معظم المنافع أو بعضها
اشارة

ثم إنه قد تحصل مما ذكرنا (7) أن تحقيق ملكية البدل (8)، أو السلطنة

+++++++++++

(1) كالعتق، و البيع، و الوطي، و الوقف، فإنها متوقفة على الملك

(2) منصوب على المفعول لاجله اى إنما نقول بتملك المبذول لأجل تحقق معنى تدارك السلطنة الفائتة

(3) اي على العين المبذولة المتعذر الوصول إليها

(4) اي و بعد الحكم بالإباحة في المال المبذول، و بالسلطنة المطلقة على العين

(5) اي في الملك

(6) في الجزء السادس من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 111 عند قوله: و إباحة هذه التصرفات

(7) و هو بقاء العين على ملكية مالكها، و أن الكلام في البدل المبذول

(8) بناء على أن المالك يملك البدل المبذول

ص: 309

المطلقة (1) عليه، مع بقاء العين على ملك مالكها إنما هو مع فوات معظم الانتفاعات به (2) بحيث يعد بذل البدل غرامة و تداركا (3)

أما لو لم يفت إلا بعض ما ليس به قوام الملكية فالتدارك لا يقتضي ملكه (4)، و لا السلطنة المطلقة (5) على البدل

و لو فرض حكم الشارع بوجوب غرامة قيمته حينئذ (6) لم يبعد انكشاف ذلك (7) عن انتقال العين الى الغارم، و لذا (8) استظهر غير واحد أن الغارم لقيمة الحيوان الذي وطأه يملكه، لأنه و إن، وجب بالوطي نفيه (9) عن البلد، و بيعه في بلد آخر

لكن هذا (10) لا يعد فواتا لما به قوام المالية

خروج العين عن التقويم

هذا (11) كله مع انقطاع

+++++++++++

(1) بناء على الحكم بالإباحة المطلقة في البدل المبذول

(2) اي بسبب هذا الفوات

(3) اى لفوات معظم تلك الانتفاعات

(4) اي ملك البدل على القول بالملكية

(5) على القول بالإباحة المطلقة

(6) اي حين أن لم يفت سوى بعض ما ليس به قوام الملكية

(7) و هو حكم الشارع بوجوب الغرامة

(8) اي و لاجل انكشاف حكم الشارع بوجوب دفع الغرامة عن انتقال العين الى الغارم

(9) اي نفي الحيوان عن البلد الذي وطئ به

(10) اي الوطي فالواطي يملك الحيوان الموطوء

(11) اي الإشكال في أن العين بعد تداركها بدفع قيمتها الى مالكها هل هي ملك الغارم، أو باقية على ملك المالك الاول؟

ص: 310

السلطنة (1) مع بقائها على مقدار ماليتها (2) السابقة

أما لو خرجت (3) عن التقويم مع بقائها على صفة الملكية.

فمقتضى قاعدة الضمان وجوب كمال القيمة (4)، مع بقاء العين على ملك المالك به (5) لأن (6) القيمة عوض الأوصاف، أو الأجزاء التي خرجت العين لفواتها عن التقويم، لا عوض عن العين نفسها (7) كما (8) في الرطوبة الباقية بعد الوضوء بالماء المغصوب، فإن بقاءها على ملك مالكها لا ينافي معنى الغرامة، لفوات معظم الانتفاعات به (9) فيقوى (10) عدم جواز المسح بها إلا باذن المالك و لو ببذل القيمة.

+++++++++++

(1) اي سلطنة مالك العين

(2) في النسخ الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة على مقدار ملكيتها و الصحيح على مقدار ماليتها كما اثبتناها، لعدم انسجام الملكية مع قوله:

أما لو خرجت العين عن التقويم، اذ المراد من خروج العين عن التقويم خروجها عن المالية

(3) اي العين كالثلج في الشتاء، و الماء علي الشاطئ

(4) اي إعطاء قيمة كاملة للمالك

(5) اي بسبب خروج العين عن المالية رأسا

(6) تعليل لوجوب دفع قيمة كاملة عن العين الخارجة عن المالية راسا

(7) حتى يقال: إن العين موجودة فلما ذا تعطى قيمة كاملة عن العين

(8) تنظير لكون القيمة في العين الخارجة عن المالية رأسا بدلا عن الأوصاف، أو الأجزاء الفائتة التي بسببها خرجت العين عن المالية

(9) اي بسبب التوضؤ بالماء المغصوب

(10) الفاء تفريع على ما افاده: من أن بقاء العين على ملك مالكها -

ص: 311

قال (1) في القواعد فيما لو خاط ثوبه بخيوط مغصوبة: و لو طلب (2) المالك نزعها (3) و إن افضى (4) الى التلف وجب، ثم يضمن الغاصب النقص (5)

و لو لم تبق لها (6) قيمة غرم جميع القيمة. انتهى (7) و عطف (8) على ذلك في محكي جامع المقاصد قوله: و لا يوجب ذلك (9) خروجها

+++++++++++

- لا ينافي معنى الغرامة للعين، اي فعلى ضوء ما ذكرنا لا يجوز المسح بالبلل الموجود من التوضؤ بالماء المغصوب و إن بذل الغاصب قيمة الماء، لأن الماء باق على ملكية المالك

(1) من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال بكلمات الأعلام من الفقهاء العظام على مدعاه: و هو عدم منافاة بقاء العين على ملكية مالكها، و وجوب دفع الغرامة الى صاحبها

(2) جملة و لو طلب مقول قول العلامة في القواعد

(3) اي نزع تلك الخيوط المغصوبة التي خيط بها الثوب

(4) اي نزع الخيوط الى تلف الخيوط

(5) اي النقص الوارد على الخيوط

(6) اي للخيوط المغصوبة المنتزعة من الثوب لو لم تبق قيمة وجب على الغاصب دفع جميع تلك القيمة

(7) راجع القواعد كتاب الغصب

(8) اي المحقق الثاني عطف على مسألة خياطة الثوب بالخيوط المغصوبة

(9) اي خروج الخيوط المنتزعة من الثوب التي لم تبق لها قيمة

ص: 312

عن ملك المالك كما سبق: من أن جناية الغاصب توجب أكثر الامرين (1) و لو استوعبت (2) القيمة اخذها و لم تدفع العين. انتهى

و عن المسالك في هذه المسألة (3) أنه إن لم يبق له (4) قيمة ضمن جميع القيمة، و لا يخرج (5) بذلك عن ملك مالكه كما سبق، فيجمع (6) بين العين و القيمة

لكن عن مجمع البرهان في هذه المسألة (7) اختيار عدم وجوب النزع

بل قال: يمكن أن لا يجوز (8) و تتعين القيمة، لكونه بمنزلة التلف

+++++++++++

(1) و هما: قيمته الواقعية، و الارش، فإن كانت قيمته الواقعية أكثر يجب عليه دفع هذه

و إن كان الارش أكثر يجب عليه دفع هذا، لأن الغاصب يؤخذ بأشد الأحول

(2) اي الجناية لو استوعبت جميع القيمة اخذ المالك القيمة كلها و لم يدفع العين الى الغاصب

(لا يقال): لازم هذا القول الجمع بين العوض و المعوض

(فإنه يقال): لا يلزم الجمع، لأن القيمة بدل عن الأوصاف و الأجزاء الفائتة، لا عن العين نفسها

(3) اي في مسألة خياطة الثوب بخيوط غصبية

(4) أي للخيط المغصوب

(5) أي الخيط الغصبي لا يخرج بعدم بقائه على المالية عن ملك المالك

(6) اي المالك، و لا يلزم الجمع بين العوض و المعوض كما عرفت آنفا

(7) اي في مسألة خياطة الثوب بخيوط غصبية

(8) اي النزع

ص: 313

و حينئذ (1) يمكن جواز الصلاة في هذا الثوب المخيط، اذ لا غصب فيه يجب رده، كما قيل بجواز المسح بالرطوبة الباقية من الماء المغصوب الذي حصل العلم به (2) بعد إكمال الغسل (3)، و قبل المسح. انتهى

و استجوده (4) بعض المعاصرين، ترجيحا لاقتضاء ملك المالك للقيمة خروج المضمون عن ملكه، لصيرورته (5) معوضا شرعا

و فيه (6) أنه لا منشأ لهذا الاقتضاء، و أدلة (7) الضمان قد عرفت

+++++++++++

(1) اي و حين أن كان الخيط بمنزلة التلف، و أن الغاصب يدفع قيمته

(2) اي بالغصب

(3) بفتح الغين المراد منه معناه المصدري

و المقصود منه هنا هو غسل اليدين بتمامهما بعد غسل الوجه

(4) اي جواز الصلاة في الثوب المخيط بالخيط الغصبي بعد أن سقط عن المالية

و كذا الصلاة بالتوضؤ بالماء الغصبي بعد العلم به بعد الغسل و قبل المسح

(5) تعليل للترجيح المذكور اي هذا الترجيح لأجل صيرورة المضمون الذي هي العين معوضا شرعا: بمعنى أن الشارع جعل العين المتعذر الوصول إليها معوضا عن القيمة التي تبذل بإزائها فتصير العين المضمونة خارجة عن ملك المالك بهذا الجعل

(6) اي و فيما استجوده بعض المعاصرين نظر و إشكال، اذ لا منشأ و لا اثر للاقتضاء المذكور حتى يكون موجبا للترجيح

و لا يخفى أنه بعد القول بالعوضية و أن المضمون معوض، و القيمة عوض عنه يكون الاقتضاء المذكور منشأ للاثر الذي هو الترجيح المذكور

(7) دفع وهم -

ص: 314

أن محصلها يرجع الى وجوب تدارك ما ذهب من المالك، سواء أ كان الذاهب نفس العين كما في التلف الحقيقي، أو كان الذاهب السلطنة عليها التي بها قوام ماليتها كغرق المال (1)، أو كان الذاهب الأجزاء، أو الأوصاف التى يخرج بذهابها العين عن التقويم، مع بقاء ملكيتها (2)

و لا يخفى أن العين عل التقدير الاول (3) خارجة عن الملكية (4) عرفا و على الثاني (5) السلطنة المطلقة على البدل بدل عن السلطنة المنقطعة عن العين.

و هذا معنى بدل الحيلولة

+++++++++++

- حاصل الوهم أن أدلة ضمان مال الناس تدل على أن القيمة عوض و هذه العوضية تدل على أن العين المضمونة بعد دفع القيمة خارجة عن ملك المالك

فاجاب الشيخ ما حاصله: أن أدلة الضمان تدل على تدارك ما ذهب من المالك، لا أنها تدل على العوضية

و قد عرفت ما في الجواب عند قولنا: و لا يخفى أنه بعد القول

(1) حيث إن الفائت عن المال الغريق هي السلطنة عليها، لا نفس المال

(2) كما في اللحم الجائف النتن، فإن أوصافه و هي الطراوة، و حسن المنظر، و طيب الرائحة قد ذهبت بحيث تشمئز النفس من اكلها، لأن اكله موجب للأمراض

(3) و هو ذهاب نفس العين

(4) اي خروج العين عن الملكية امر عرفي، لا شرعي، حيث إنها لو خرجت عن الملكية شرعا لما استحق المالك بدلا و عوضا

(5) و هو ذهاب السلطنة عن العين

ص: 315

و على الثالث (1) فالمبذول عوض عما خرج المال بذهابه عن التقويم لا عن نفس العين، فالمضمون في الحقيقة هي تلك الأوصاف التي تقابل بجميع القيمة، لا نفس العين الباقية، كيف (2) و لم تتلف هي، و ليس لها على تقدير التلف أيضا عهدة مالية

بل الامر بردها (3) مجرد تكليف لا يقابل بالمال، بل لو استلزم ردها ضررا ماليا على الغاصب أمكن (4) سقوطه. فتأمل (5)

خروج العين عن الملكية مع بقاء حق الأولوية

و لعل ما عن المسالك من أن ظاهرهم عدم وجوب إخراج الخيط المغصوب عن الثوب بعد خروجه عن القيمة بالاخراج فتتعين القيمة فقط محمول على صورة تضرر المالك (6) بفساد الثوب المخيط أو البناء الداخلة

+++++++++++

(1) و هو ذهاب الأوصاف، أو الأجزاء

(2) اي كيف يمكن أن تكون القيمة إزاء العين و الحال أن العين باقية و لم تتلف

(3) اي برد العين التالفة أوصافها، أو أجزاؤها مجرد تكليف صوري، لا حقيقة له

(4) اي أمكن سقوط رد العين التالفة الأوصاف، أو الأجزاء

وجه الإمكان هي قاعدة نفي الضرر المتوجه على الغاصب، لأن الرد يستلزم ضررا ماليا على الغاصب و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضرر و لا ضرار

(5) لعل وجه التأمل منافاة السقوط مع قوله عجل اللّه تعالى له الفرج: الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

(6) و هو مالك الثوب الذي غصب الخيوط و خاط بها ثوبه

ص: 316

فيه الخشبة (1) كما لا يأبى عنه (2) عنوان المسألة فلاحظ، و حينئذ (3) فلا ينافي (4) ما تقدم سابقا: من بقاء الخيط على ملك مالكه و إن وجب بذل قيمته

ثم إن هنا (5) قسما رابعا: و هو ما لو خرج المضمون عن الملكية مع بقاء حق الأولوية فيه كما لو صار الخل المغصوب خمرا

+++++++++++

(1) فإن غاصب الخشبة لو ادخلها في بنايته: و حكمنا بإخراجها من البناية لتضرر المالك الغاصب فلم يؤمر بإخراجها

كما لم يؤمر مالك الثوب باخراج الخيوط الغصبية منه، للزومه التضرر المنفي

(2) اي عن إخراج الخشبة الداخلة في البناء عنوان هذه المسألة

(3) اي و حين أن حكم بعد جواز إخراج الخيط الغصبي من الثوب و الخشبة من البناء

(4) أما وجه المنافاة فلأن بقاء الخيط على ملك مالكه مستلزم لوجوب الرد فيجب إخراجه من الثوب مقدمة لوجوب رده

فالحكم بعدم الإخراج مناف للحكم بوجوب رده، لأن الوجوب مستلزم للإخراج كما عرفت

و أما وجه عدم المنافاة فلأن وجوب الرد محمول على صورة عدم تضرر الغاصب، و نحن نرى بالعيان أن الخيوط لو اخرجت لاستلزم ضرر على المالك الغاصب في الثوب

(5) اى في تعذر الوصول الى العين

الصور في مسألة تعذر الوصول الى العين أربعة

(الاولى): ذهاب العين بشخصها و نفسها كما في التلف الحقيقي -

ص: 317

فاستشكل في القواعد وجوب ردها مع القيمة (1)

و لعله (2) من (3) استصحاب وجوب ردها، و من (4) أن الموضوع في المستصحب ملك المالك، اذ لم يجب إلا رده و لم يكن المالك إلا أولى به

إلا (5) أن يقال: إن الموضوع في الاستصحاب عرفي

+++++++++++

- (الثانية): ذهاب السلطنة على العين كالمال الغريق

(الثالثة): ذهاب أوصاف العين و أجزائها، لا نفس العين كما في اللحم الجائف النتن

(الرابعة): ذهاب العين عن الملكية مع بقاء حق الأولوية لمالكها كما في الخل المنقلب الى الخمر

(1) اي مع إعطاء قيمة العين المتعذر وصولها الى المالك

(2) اي و لعل وجه الاستشكال

(3) هذا دليل جواز رد الخمر الى مالكها: ببيان أن الخل قبل صيرورته خمرا كان جائز الرد فنشك في الجواز بعد انقلابه خمرا فنستصحب الجواز لاتحاد الموضوع في الاستصحاب

(4) دليل لعدم جواز الرد

خلاصته: أن الموضوع في الاستصحاب هنا ليس متحدا، لأن الموضوع في المستصحب و هو الخل كان ملك المالك و بعد أن صارا خمرا خرج عن ملكه فليس هنا ملك حتى يستصحب بعد صيرورته خمرا فلا يجوز ردها

نعم يبقى للمالك بعد الانقلاب الأولوية فقط

(5) استثناء عما افاده: من خروج الخل عن ملك المالك بعد انقلابه خمرا، و أن الموضوع في الاستصحاب مختلف -

ص: 318

و لذا (1) كان الوجوب مذهب جماعة: منهم الشهيدان، و المحقق الثاني

و يؤيده (2) أنه لو عادت خلا ردت الى المالك بلا خلاف ظاهر.

حكم ارتفاع قيمة العين بعد دفع بدلها

ثم إن مقتضى صدق الغرامة على المدفوع خروج الغارم عن عهدة العين و ضمانها فلا يضمن ارتفاع قيمة العين بعد الدفع، سواء أ كان (3) للسوق، أم للزيادة المتصلة (4)، بل المنفصلة كالثمرة، و لا يضمن منافعها (5) فلا يطالب الغارم بالمنفعة بعد ذلك (6)

و عن التذكرة و بعض آخر ضمان المنافع (7) و قواه (8) في المبسوط

+++++++++++

- و خلاصته: أنه لو قلنا: إن الموضوع في الاستصحاب امر عرفي كما تقدمت الاشارة إليه في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في الهامش 2 ص 317 لجاز ردها الى صاحبها لأن العرف يرى أن الخل المنقلب خمرا هو ذاك الخل الذي كان صاحبه يملكه، فالموضوع في الاستصحاب واحد فيجب ردها إلى صاحبها

(1) اي و لأجل أن الموضوع في الاستصحاب هنا امر عرفي افتى الشهيدان، و المحقق الثاني بوجوب رد هذه الخمر الى صاحبها

(2) اي و يؤيد هذا الوجوب

(3) اي هذا الارتفاع

(4) كالسمن و الصوف

(5) اي منافع العين المغصوبة غير المستوفاة

(6) اي بعد دفع الغرامة الى صاحب العين

(7) اي المنافع غير المستوفاة بعد دفع الغرامة

(8) اي ضمان المنافع بعد دفع البدل

ص: 319

بعد أن جعل الأقوى خلافه

و في موضع من جامع المقاصد أنه (1) موضوع توقف

و في موضع آخر (2) رجح الوجوب

حكم ارتفاع القيمة بعد التعذر و قبل الدفع

ثم إن ظاهر عطف التعذر (3) على التلف في كلام بعضهم عند التعرض لضمان المغصوب بالمثل، أو القيمة يقتضي عدم ضمان ارتفاع القيمة السوقية الحاصل بعد التعذر و قبل الدفع كالحاصل (4) بعد التلف

لكن مقتضى القاعدة (5) ضمانه له، لأنه (6) مع التلف تتعين القيمة، و لذا (7) ليس له الامتناع من اخذها، بخلاف تعذر العين، فإن القيمة غير متعينة فلو صبر المالك حتى يتمكن من العين كان له ذلك (8)

+++++++++++

(1) اي ضمان المنافع بعد دفع البدل

(2) اى من جامع المقاصد رجح وجوب الضمان

(3) حيث عطف بعض الفقهاء على تلف العين تعذرها

(4) اي كالارتفاع الحاصل في العين بعد تلفها: في أنه لا يجب تداركه بعد التلف

(5) الظاهر أن المراد منها قوله عجل اللّه تعالى له الفرج:

الغاصب يؤخذ بأشد الأحول.

(6) الضمير للشأن كما هو الحال في أمثال هذه العبائر

(7) اى و لاجل أنه بعد تلف العين تتعين القيمة على الغاصب ليس لصاحب العين التالفة الامتناع من اخذ القيمة

(8) اي الصبر حتى يتمكن من اخذ العين المتعذر الوصول إليها

ص: 320

و تبقى العين في عهدة الضامن في هذه المدة، فلو تلفت كان له قيمتها من حين التلف، أو أعلى القيم إليه (1)، أو يوم الغصب على الخلاف

و الحاصل أن قبل دفع القيمة (2) تكون العين الموجودة في عهدة الضامن فلا عبرة بيوم التعذر

و الحكم بكون يوم التعذر بمنزلة يوم التلف مع الحكم بضمان الاجرة و النماء الى دفع (3) البدل، و إن تراخى عن التعذر مما (4) لا يجتمعان ظاهرا فمقتضى القاعدة (5) ضمان الارتفاع الى يوم دفع البدل، نظير دفع القيمة عن المثل المتعذر (6) في المثلي

اذا ارتفع التعذر وجب رد العين

ثم إنه لا إشكال في أنه اذا ارتفع تعذر رد العين و صار ممكنا وجب ردها على مالكها كما صرح به (7) في جامع المقاصد فورا و إن كان

+++++++++++

(1) اي الى التلف

(2) اى في العين المتعذر الوصول إليها

(3) اى الى يوم دفع البدل

(4) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله:

و الحكم

و أما وجه عدم الاجتماع: فهو أنه كيف يمكن الحكم بكون يوم التعذر بمنزلة تلف العين مع الحكم بضمان الاجرة و النماء الى يوم دفع البدل، اذ قد عرفت أنه بعد تلف العين لا يضمن الغاصب شيئا مما ذكر

كذلك بعد التعذر لا يضمن شيئا مما ذكر

(5) و هو قوله عجل اللّه تعالى فرجه الشريف: الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال، و أن ضمان الارتفاع هو مقتضى عدل الاسلام كما أفاده ابن ادريس

(6) و إن ارتفعت قيمته

(7) اى بوجوب الرد بعد ارتفاع التعذر

ص: 321

في إحضارها مئونة كما كان (1) قبل التعذر، لعموم على اليد ما اخذت حتى تؤدي، و دفع (2) البدل لاجل الحيلولة إنما افاد خروج الغاصب عن الضمان:

بمعنى أنه لو تلفت لم تكن عليه قيمتها بعد ذلك (3)

و استلزم (4) ذلك على ما اخترناه: من عدم ضمان المنافع و النماء المنفصل و المتصل بعد دفع الغرامة

و سقوط (5) وجوب الرد حين التعذر، للعذر العقلي فلا يجوز استصحابه

+++++++++++

(1) اى وجوب الرد

(2) دفع وهم

حاصل الوهم أنه اذا كان الرد واجبا بعد ارتفاع التعذر فلما ذا يعطى البدل لصاحب العين المتعذر الوصول إليها؟

فاجاب أن دفع البدل لاجل خروج الضامن الغاصب عن قيد الضمان المتوجه نحوه ليس إلا

(3) اي بعد دفع بدل الحيلولة

(4) عطف على قوله: إنما افاد خروج الغاصب، اى و دفع البدل إنما استلزم عدم ضمان قيمة العين بعد الدفع لو تلفت

(5) دفع وهم آخر

حاصل الوهم: أنه لو كان دفع القيمة لا يفيد، و لا يستلزم سوى خروج الغاصب عن قيد الضمان و عهدته فلما ذا يسقط وجوب الرد عند تعذر الوصول الى العين؟

فاجاب: أن السقوط لاجل العذر العقلي: و هو عدم امكان الوصول الى العين فلما ارتفع العذر العقلي بواسطة الوصول إليها عاد وجوب الرد فلا مجال لاستصحاب ذاك السقوط عند ارتفاع العذر

ص: 322

بل مقتضى الاستصحاب (1)، و العموم (2) هو الضمان المدلول عليه (3) المغيّى (4) في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي

هل الغرامة المدفوعة يعود ملكها إلى الغارم بمجرد طرو التمكن

و هل الغرامة المدفوعة يعود ملكها الى الغارم بمجرد طرو التمكن فيضمن العين من يوم التمكن ضمانا جديدا بمثله، أو قيمته يوم حدوث الضمان، أو يوم التلف، أو أعلى القيم، أو أنها (5) باقية على ملك مالك العين، و تكون العين مضمونة بها (6) لا بشيء آخر في ذمة الغاصب

فلو (7) تلفت استقر ملك المالك على الغرامة فلم يحدث في العين إلا حكم تكليفي بوجوب رده

+++++++++++

(1) اى استصحاب وجوب الرد قبل التعذر

بيان ذلك: أن الرد كان واجبا على الغاصب قبل التعذر، و بعد عروض التعذر و ارتفاعه نشك في زواله فنستصحب ذاك الوجوب

(2) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت

(3) اى على الضمان

(4) المراد من المغيّى هي كلمة تؤدي الداخلة عليها كلمة حتى التى هي للغاية، فإن كلمة تؤدي تدل على وجوب الرد و إن كان بعد ارتفاع التعذر حيث إن الاداء لا يحصل إلا بالرد

(5) اى الغرامة المدفوعة الى مالك العين المتعذر وصولها الى المالك بعد ارتفاع التعذر

(6) اى بهذه الغرامة المدفوعة الى المالك

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من بقاء الغرامة على ملك مالك العين، و أن الغاصب لا يضمن العين و إن ارتفع التعذر

ص: 323

و أما الضمان (1) و عهدة جديدة فلا؟ وجهان:

أظهرهما الثاني (2)، لاستصحاب كون العين مضمونة بالغرامة، و عدم طرو ما يزيل ملكيته عن الغرامة، أو يحدث ضمانا جديدا

و مجرد عود التمكن (3) لا يوجب عود سلطنة المالك حتى يلزم من بقاء ملكيته على الغرامة الجمع بين العوض و المعوض (4)

غاية ما في الباب قدرة الغاصب على اعادة السلطنة (5) الفائتة (6) المبدلة (7)

+++++++++++

(1) و هو ضمان العين بعد التلف ثانيا، و بعد ارتفاع التعذر عنها

(2) و هو بقاء الغرامة على ملك مالك العين، و أن ضمان العين بها لا بشيء آخر يكون في ذمة الغاصب

وجه الأظهرية في القول الثاني هو الاستصحاب

ببيان أن العين المتعذر الوصول إليها كانت مضمونة بالغرامة فلما اعطى الغاصب الغرامة سقطت ذمته عن كل شيء، و بعد رفع التعذر و وجود العين نشك في تملك المالك الغرامة المدفوعة إليه فنستصحبه، لعدم وجود شيء يزيل هذه الملكية، و لعدم وجود شيء يحدث ضمانا جديدا على الغاصب بعد ارتفاع التعذر

(3) اى التمكن من العين بسبب ارتفاع التعذر

(4) بل الغرامة تعود الى الغاصب بعد ارتفاع التعذر، و تمكن المالك من العين فلا مجال للجمع بين العوض و هي القيمة، و المعوض و هي العين عند المالك

(5) اى بواسطة ارتفاع التعذر عن الوصول الى العين

(6) اى بواسطة غصب الغاصب العين

(7) اى هذه السلطنة الفائتة

ص: 324

عنها بالغرامة و وجوبها (1) عليه، و حينئذ (2) فإن دفع العين فلا إشكال في زوال ملكية المالك للغرامة (3)

و توهم أن المدفوع (4) كان بدلا عن القدر الفائت من السلطنة في زمن التعذر فلا يعود (5)، لعدم عود مبدله (6)

ضعيف (7) في الغاية، بل كان (8) بدلا عن اصل السلطنة يعود بعودها، فيجب (9) دفعه

+++++++++++

(1) اي وجوب هذه الغرامة على الغاصب

(2) اى و حين أن اعاد الغاصب السلطنة الفائتة من المالك بواسطة غصبه العين، ثم تعذر الوصول إليها، ثم ارتفع التعذر

(3) و إن لم يدفعها بقيت الغرامة في ملك المالك حتى يسلم الغاصب العين للمالك

(4) و هي القيمة التي تعطى بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(5) اى هذا المدفوع الذي هي القيمة

(6) و هو القدر الفائت من السلطنة أيام تعذر الوصول الى العين فهذا القدر لا يعود فالمدفوع و هي القيمة التي كانت بدلا عنه لا يعود الى الغاصب أيضا

(7) اى هذا التوهم ضعيف للنهاية، لأن المدفوع بدل عن اصل السلطنة الفائتة أيام التعذر، لا عن القدر الفائت فيعود المدفوع الى الغاصب بعود اصل السلطنة الفائتة، و عود اصل السلطنة بعود العين المتمكن الوصول إليها بعد رفع التعذر

(8) اى المدفوع كما عرفت آنفا

(9) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المدفوع بدل عن اصل السلطنة -

ص: 325

أو دفع بدله (1) مع تلفه، أو خروجه (2) عن ملكه بناقل لازم، بل جائز و لا يجب رد نمائه (3) المنفصل

و لو لم يدفعها (4) لم يكن له مطالبة الغرامة أولا، اذ (5) ما لم تتحقق السلطنة (6) لم يعد الملك الى الغارم (7)، فإن الغرامة عوض عن السلطنة لا عوض عن قدرة الغاصب على تحصيلها (8) للمالك. فتأمل (9)

+++++++++++

- الفائتة، لا عن القدر الفائت أيام التعذر، اى فعلى ضوء ما ذكرنا يجب دفع هذا المدفوع الى الغاصب بعد عود اصل سلطنة المالك برد العين إليه

(1) اى دفع بدل هذا المدفوع اذا تلف

(2) اى و كذا يجب دفع بدل المدفوع اذا خرج عن ملك المالك بسبب ناقل لازم كالبيع، أو جائز كالاجارة

(3) اى نماء هذا المدفوع الى الغاصب بعد رد العين الى المالك

(4) اى لو لم يدفع الغاصب العين الى المالك بعد التمكن من الوصول إليها ليس له حق مطالبة الغرامة التي هو المدفوع من المالك

(5) تعليل لعدم حق مطالبة الغاصب الغرامة ما لم يدفع العين الى المالك بعد ارتفاع التعذر

(6) اي السلطنة على العين للمالك

(7) و هو الغاصب

(8) اي على تحصيل السلطنة لمالك العين بدفع العين إليه حتى يصح أن يقال: إنه قد تحقق ما ابدلت الغرامة عنه: و هو كون الغاصب في سبب تحصيل السلطنة للمالك فحينئذ تخرج الغرامة عن ملك المالك و تعود الى الغاصب

بل الغرامة عوض عن اصل السلطنة الفائتة

(9) لعل الامر بالتأمل اشارة الى أن ما قلناه: و هو أن الغرامة -

ص: 326

نعم للمالك مطالبة عين ماله، لعموم الناس مسلطون على أموالهم، و ليس ما عنده من المال عوضا عن مطلق السلطنة حتى سلطنة المطالبة (1)

بل (2) سلطنة الانتفاع بها على الوجه المقصود من الأملاك، و لذا (3) لا تباح لغيره بمجرد بذل الغرامة.

ليس للغاصب حبس العين إلى أن يأخذ البدل

و مما ذكرنا (4) يظهر أيضا أنه ليس للغاصب حبس العين الى أن يدفع المالك القيمة كما اختاره (5) في التذكرة، و الايضاح، و جامع المقاصد

و عن السرائر الجزم بأن له (6) ذلك

+++++++++++

- عوض عن اصل السلطنة الفائتة، لا عن قدرة الغاصب على تحصيل السلطنة للمالك حتى يقال: إنها وجدت بتحصيله السلطنة للمالك باخذ العين و اعطائها له: هو الثابت المسلم. فتأمل في المقام

(1) حتى لا يجوز للمالك المطالبة بعين ماله

(2) اي بل الغرامة عوض عن سلطنة الانتفاع بها

(3) اي و لاجل أن الغرامة ليست عوضا عن مطلق السلطنة، بل إنها عوض عن سلطنة الانتفاع بها لا تباح العين لغير المالك بمجرد بذل الغرامة بمعنى أن المالك لو بذل الغرامة وحدها الى الغاصب بأن قال له: لا اريد منك الغرامة، أو قال بعد اخذها من الغاصب: هذه لك هبة غير معوضة لا يكون مجرد البذل له سببا لإباحة العين للغاصب حتى يسقط حق المطالبة للعين من المالك

(4) و هو عدم عود المدفوع الى الغاصب ما دام لم يعد الغاصب السلطنة على العين الى المالك

(5) اى كما اختار العلامة في التذكرة عدم جواز حبس الغاصب العين

(6) اي للغاصب حق حبس العين حتى يدفع المالك الغرامة له

ص: 327

و لعله (1) لأن القيمة عوض إما عن العين، و إما عن السلطنة عليها

و على أي تقدير فيتحقق التراد، و حينئذ فلكل من صاحبي العوضين حبس ما بيده حتى يتسلم ما بيد الآخر

و فيه (2) أن العين بنفسها ليست عوضا و لا معوضا، و لذا تحقق للمالك الجمع بينها، و بين الغرامة، فالمالك مسلط عليها، و المعوض للغرامة هي السلطنة الفائتة التي في معرض العود بالتراد (3)

اللهم (4) إلا أن يقال: له (5) حبس العين من حيث تضمنه (6) لحبس مبدل الغرامة و هي السلطنة الفائتة

+++++++++++

(1) اي و لعل جزم ابن ادريس بأن للغاصب حق الحبس لاجل أن القيمة إما عوض عن العين، أو عن السلطنة الفائتة، و على أي تقدير يتحقق موضوع التراد، اى أن لكل من المالك و الغاصب حق الحبس الى أن يتسلم ماله: الغاصب يتسلم الغرامة التي دفعها الى المالك، و المالك يتسلم العين التي غصبها الغاصب

(2) اي و فيما افاده ابن ادريس من الجزم بأن للغاصب حق حبس العين الى أن يسلم المالك الغرامة له لأجل أن العين إما عوض عن العين أو عن السلطنة نظر و إشكال

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده

(3) اى بتراد العين و رجوعها الى المالك بإعطاء الغاصب اياها له بعد ارتفاع التعذر

(4) استثناء عما افاده: من النظر فيما افاده ابن ادريس

(5) اى للغاصب

(6) اى تضمن حبس الغاصب للعين لحبس مبدل الغرامة

ص: 328

و الأقوى الأول (1)

لو حبس العين فتلفت

ثم لو قلنا بجواز الحبس لو حبسها فتلفت العين محبوسة فالظاهر أنه لا يجري عليه (2) حكم المغصوب، لأنه (3) حبسها بحق

نعم يضمنها، لأنه قبضها لمصلحة نفسه

و الظاهر أنه (4) بقيمة يوم التلف على ما هو (5) الاصل في كل مضمون

و من قال بضمان المقبوض بأعلى القيم يقول به هنا (6) من زمان الحبس الى زمان التلف

و ذكر العلامة في القواعد أنه لو حبس فتلف محبوسا فالأقرب ضمان قيمته الآن، و استرجاع (7) القيمة الاولى

+++++++++++

(1) و هو عدم جواز حبس الغاصب العين حتى يتسلم الغرامة

و وجه ذلك: أن المقام ليس من قبيل البيع حتى يجوز لكل من البائع و المشتري امتناع تسليم ماله حتى يتسلم من الآخر ماله، لأن البيع كما عرفت مبادلة مال بمال؛ و أن كل واحد من الثمن و المثمن عوض، عن الآخر

بخلاف ما نحن فيه، فإن الغرامة عوض و الآخر و هي السلطنة معوض فما دام لم يتحقق العوض لم يرتفع المعوض

(2) اي على هذا الحبس

(3) اي الغاصب حبسه بحق: و هو إزاء الغرامة التي دفعها الى المالك

(4) اي تلف العين المحبوسة

(5) اي قيمة يوم التلف

(6) اي في تلف العين المحبوسة بحق فتكون هذه اليد غير اليد الاولى لأنها كانت يد عدوان و ظلم

(7) اي و الأقرب استرجاع الغاصب القيمة الأولية التى دفعها للمالك

ص: 329

و الظاهر أن مراده بقيمة الآن مقابل القيمة السابقة، بناء على زوال حكم الغصب عن العين، لكونها محبوسة بغير عدوان، لا خصوص حين التلف

و كلمات كثير منهم (1) لا تخلو عن اضطراب

ثم إن أكثر ما ذكرناه (2) مذكور في كلماتهم في باب الغصب

لكن الظاهر أن أكثرها (3) بل جميعها في حكم المغصوب من حيث كونه مضمونا (4)، اذ ليس في الغصب خصوصية زائدة (5)

نعم (6) ربما يفرق من جهة نص في المغصوب مخالف لقاعدة الضمان كما احتمل في الحكم بوجوب قيمة يوم الضمان من جهة صحيحة أبي ولاد (7) أو أعلى القيم على ما تقدم من الشهيد الثاني (8)

+++++++++++

(1) اي من الفقهاء في هذا المقام

(2) اي في المقبوض بالعقد الفاسد

(3) اى أكثر كلماتهم

(4) فتشمل كلماتهم حكم المقبوض بالعقد الفاسد، لأنه مضمون فيكون مغصوبا، و لا سيما على رأي ابن ادريس كما عرفت في ص 141

(5) حتى لا تشمل كلماتهم المقبوض بالعقد الفاسد

(6) استدراك عما افاده: من عدم الفرق في كلمات الفقهاء الواردة في باب الغصب بين المقبوض بالعقد الفاسد، و بين الغصب، و قد ذكر الفرق في المتن فلا نعيده

(7) المشار إليها في ص 272 عند قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته الدال على ضمان يوم الغصب

(8) كما نقل عنه الشيخ في ص 292 بقوله: اذ لم يعلم لذلك وجه صحيح

ص: 330

دعوى دلالة الصحيحة عليه (1)

و أما ما اشتهر من أن الغاصب مأخوذ بأشق الأحوال فلم نعرف له مأخذا واضحا

و لنختم بذلك أحكام المبيع بالبيع الفاسد و إن بقي منه أحكام اخر أكثر مما ذكرنا

و لعل بعضها يجيء في بيع الفضولي إن شاء اللّه تعالى

+++++++++++

(1) اي على أعلى القيم

ص: 331

شروط المتعاقدين

ص: 332

الكلام فى شروط المتعاقدين

مسألة: من شروط المتعاقدين البلوغ
في عقد الصبي
المشهور بطلان عقد الصبي
اشارة

(مسألة): المشهور كما عن الدروس و الكفاية بطلان عقد الصبي (1)

بل عن الغنية الاجماع عليه و إن اجاز الولي

و في كنز العرفان نسبة عدم صحة عقد الصبي الى أصحابنا

و ظاهرها (2) إرادة التعميم لصورة اذن الولي

+++++++++++

(1) مشتق من صبى يصبو. جمعه صبيان و صبيان فهو علم لمن لم يتجاوز عمره عشر سنين عند الفقهاء، و المراد منه عند الفقهاء الصبي الذي يميز و البحث عنه عن جهات ثلاث

(الاولى): في تصرفات الصبي في أمواله: من بيع و شراء، و إعطاء و هبة، و وقف، و عتق

و هذا مما لا إشكال في عدم جواز التصرفات فيها، و أنه كالسفيه و المفلس في كونه محجورا عليه، و أنها لا تنفذ

(الثانية): في تصرفاته باذن الولي و قد ذهب المشهور الى عدم نفوذ تصرفاته، بل ادعي الاجماع عليه

(الثالثة): في إنشاءاته و قصوده

لا شك في بطلان ما ينشاه الصبي و يقصده، و كذا لا شك في أن إنشاءه و قصده كلا إنشاء فهو كالهازل و النائم

فاذا و كل من قبل البالغين في إجراء عقد، أو وكّل شخصا في عقد نكاح، أو و كله الولي في إجراء الصيغة على أمواله و وقع العقد فقد بطل

و البحث هنا عن الجهة الثالثة التى عقد لها الشيخ هذا العنوان و قال:

المشهور كما عن الدروس و الكفاية بطلان عقد الصبي

(2) اى ظاهر هذه النسبة

ص: 333

و عن التذكرة أن الصغير محجور عليه بالنص و الاجماع، سواء أ كان مميزا أم لا في جميع التصرفات إلا ما استثني كعباداته، و اسلامه، و إحرامه و تدبيره و وصيته، و ايصال الهدية؛ و اذنه في الدخول على خلاف في ذلك (1) انتهى.

و استثناء ايصال الهدية، و اذنه في دخول الدار يكشف بفحواه عن شمول المستثنى منه (2) لمطلق أفعاله، لأن الايصال و الاذن ليسا من التصرفات القولية و الفعلية و إنما هو (3) في الاول آلة في ايصال الملك كما لو حملها على حيوان و ارسلها، و الثاني (4) كاشف عن موضوع تعلق عليه إباحة الدخول و هو رضى المالك

الاستدلال على البطلان بحديث رفع القلم

و احتج على الحكم (5) في الغنية بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ (6)

+++++++++++

(1) اي في اذن الصبي لدخول الآخرين في الدار مثلا، فإنه محل الخلاف بين الفقهاء الامامية في الجواز، و العدم

(2) و هي محجورية الصبي بالنص و الاجماع

(3) اي و انما الصبي في ايصال الهدية الى آخرين بمنزلة الآلة في كونها تكون محمولة

(4) و هو اذن الصبي في الدخول للآخرين

(5) و هو بطلان عقد الصبي و تصرفاته

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 1. ص 32. الباب 4. اشتراط التكليف بالوجوب و التحريم بالاحتلام. الحديث 11

ص: 334

و قد سبقه (1) في ذلك الشيخ في المبسوط في مسألة الاقرار

و قال: إن مقتضى رفع القلم (2) أن لا يكون لكلامه حكم (3)

و نحوه الحلي في السرائر في مسألة عدم جواز وصية البالغ عشرا

و تبعهم في الاستدلال به (4) جماعة كالعلامة و غيره

الاستدلال بروايات عدم جواز أمر الصبي
اشارة

و استدلوا أيضا يخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر عليه السلام:

إن الجارية اذا زوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم، و دفع إليها مالها، و جاز امرها في الشراء، و الغلام لا يجوز امره في البيع و الشراء و لا يخرج عن اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة الى آخر الحديث (5)

و في رواية ابن سنان متى يجوز امر اليتيم

قال: حتى يبلغ اشده

قال: ما اشده؟

قال: احتلامه (6)

و في معناها روايات اخر (7)

+++++++++++

(1) اى و قد سبق صاحب الغنية الشيخ في الحكم ببطلان عقد الصبي و تصرفاته، و لم يكن صاحب الغنية مستقلا بهذا الحكم، أو هو اوّل من تكلم فيه

(2) اي عن الصبي في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع القلم عن ثلاث: الصبي حتى يحتلم

(3) اي اثر، فإن كلامه ككلام الهازل و النائم في رفع الاثر منه

(4) اي في عدم جواز وصية البالغ عشرا

(5) المصدر نفسه ص 30. الحديث 2

(6) المصدر نفسه. الجزء 13. ص 143. الحديث 5. الباب 2

(7) المصدر نفسه. الجزء 1 ص 30. الأحاديث

ص: 335

المناقشة في دلالة هذه الروايات

لكن الانصاف أن جواز الامر (1) في هذه الروايات ظاهر في استقلاله في التصرف، لأن الجواز مرادف للمضي فلا (2) ينافي عدمه ثبوت الوقوف على الاجازة (3) كما يقال: بيع الفضولي غير ماض، بل (4) موقوف

و يشهد له (5) الاستثناء في بعض تلك الأخبار (6)

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام: و جاز امرها، و في قوله: لا يجوز امره، و في قول السائل: متى يجوز امره؟

مقصود الشيخ أن الجواز المذكور في هذه الروايات يراد منها الاستقلال في التصرف اي الصبي لا يجوز أن يتصرف في أمواله، و في عقوده و ايقاعاته بالاستقلال

و أما اذا كانت باذن الولي فلا بأس بها، لأن الجواز بمعنى المضي اي لا تكون تصرفاته ماضية بالاستقلال

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الانصاف أن الجواز ظاهر في استقلاله في التصرف، لامع اذن الولي، اي فعلى ضوء ما ذكرنا لا ينافي عدم الجواز ثبوت توقف تصرفات الصبي على اجازة الولي

كما في البيع الفضولي، حيث يقال: إنه غير ماض، بل موقوف على اجازة المالك، فإن اجاز مضى البيع، و إلا فلا

(3) اى على اجازة الولي كما عرفت

(4) اي اجازة المالك كما عرفت

(5) اى لأن جواز الامر ظاهر في الاستقلال في التصرف

(6) و هو الحديث المشار إليه في الهامش 6 ص 335

أليك تمام الحديث

قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة، أو أقل أو أكثر و لم يحتلم -

ص: 336

بقوله: إلا أن يكون سفيها فلا دلالة لها (1) حينئذ (2) على سلب عبارته (3) و أنه اذا ساوم (4) وليه متاعه و عين له قيمته، و أمر الصبي لمجرد ايقاع العقد مع الطرف الآخر كان باطلا

و كذا لو اوقع ايجاب النكاح، أو قبوله لغيره باذن وليه (5)

+++++++++++

- قال: اذا بلغ و كتب عليه الشيء، و نبت عليه الشعر جاز عليه امره إلا أن يكون سفيها، أو ضعيفا

وجه شهادة الحديث على ظهور جواز الامر في الاستقلال في التصرف أن السفيه ليس مسلوب العبارة، و إنما هو ممنوع التصرف بالاستقلال فيعلم من هذا الاستثناء أن المراد عدم الاستقلال بالتصرف من الصبى

(1) اى لهذه الرواية التي فيها الاستثناء بقوله عليه السلام: إلا أن يكون سفيها كما عرفت

(2) اي حين الاستثناء

(3) اى عبارة الصبي

(4) اى عرض ولي الصبي متاع الصبي للبيع

(5) اى لا يكون هذا الايقاع باطلا

فكما أن السفيه في الحديث في الاستثناء الوارد في قوله عليه السلام:

إلا أن يكون سفيها لا يكون مسلوب العبارة، بل يكون محجور التصرف بالاستقلال

كذلك الصبي لا يراد منه أنه مسلوب العبارة في عقوده و ايقاعاته أو أنه اذا ساوم وليه متاعه؛ و عين له سعر المتاع للبيع، أو الشراء أو اذن له وليه في إجراء العقد، أو الايقاع يكون بيعه و شراؤه و عقده و ايقاعه باطلا

ص: 337

و أما (1) حديث رفع القلم ففيه أولا (2) أن الظاهر منه قلم المؤاخذة (3)، لا قلم جعل الأحكام (4)؛ و لذا (5) بنينا كالمشهور على شرعية عبادات الصبي

و ثانيا (6) أن المشهور على الألسنة أن الأحكام الوضعية ليست مختصة بالبالغين فلا مانع من أن يكون عقده (7) سببا لوجوب الوفاء به بعد البلوغ أو على الولي اذا وقع باذنه، أو اجازته كما تكون جنابته سببا لوجوب غسله بعد البلوغ، و حرمة تمكينه من مس المصحف

و ثالثا (8) لو سلمنا اختصاص الأحكام حتى الوضيعة بالبالغين (9) لكن لا مانع من كون فعل غير البالغ (10) موضوعا للأحكام المجعولة

+++++++++++

(1) من هنا يريد الشيخ أن يناقش حديث رفع القلم المستدل به على عدم نفوذ تصرفات الصبي و قد ناقش فيه من جهات ثلاثة

(2) هذه هي الجهة الاولى

(3) و هو الحكم التكليفي الذي هي العقوبة الاخروية

(4) بمعنى أنه لم توضع لهم أحكام في الواقع، بل لهم أحكام مجعولة كبقية المكلفين

(5) اى و لا جل أنه ليس المراد من رفع قلم المؤاخذة هو رفع قلم جعل الأحكام، بل المراد رفع المؤاخذة، و الحكم التكليفي

(6) هذه هي الجهة الثانية

(7) اي عقد الصبي

(8) هذه هي الجهة الثالثة

(9) و قلنا بخروج الصبي عن تلك الأحكام: الوضعية، و التكليفية

(10) و هو الصبي

ص: 338

في حق البالغين فيكون الفاعل كسائر غير البالغين خارجا عن ذلك الحكم الى وقت البلوغ

و بالجملة فالتمسك بالرواية (1) ينافي ما اشتهر بينهم (2) من شرعية عبادة الصبي، و ما اشتهر بينهم من عدم اختصاص الأحكام الوضعية بالبالغين.

فالعمدة في سلب عبارة الصبي هو الاجماع المحكي (3) المعتضد بالشهرة العظيمة، و إلا (4) فالمسألة محل إشكال، و لذا (5) تردد المحقق في الشرائع في اجازة المميز باذن الولي بعد ما جزم بالصحة في العارية، و استشكل فيها (6) في القواعد و التحرير

و قال في القواعد: و في صحة بيع المميز باذن الولي نظر، بل عن الفخر في شرحه أن الأقوى الصحة، مستدلا بأن العقد اذا وقع باذن الولي كان كما لو صدر عنه (7)

+++++++++++

(1) اي التمسك بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) اى بين الفقهاء

(3) اى عن صاحب الغنية بنقل الشيخ عنه في ص 333 بقوله: بل عن الغنية الاجماع عليه

(4) اى و لو لا وجود الاجماع المعتضد بالشهرة العظيمة لكان الحكم بعدم نفوذ تصرفات الصبي محل إشكال

(5) اي و لاجل وجود الإشكال

(6) اى في اجازة الصبى

(7) اى عن الولي

ص: 339

و لكن لم اجده (1) فيه

و قواه (2) المحقق الاردبيلي على ما حكي عنه

و يظهر من التذكرة عدم ثبوت الاجماع (3) عنده، حيث قال:

و هل يصح بيع المميز و شراؤه؟ الوجه عندي (4) أنه لا يصح

و اختار في السرائر صحة بيع الصبي في مقام اختبار (5) رشده

و ذكر المحقق الثاني أنه لا يبعد بناء المسألة (6) على أن أفعال الصبي و أقواله شرعية أم لا، ثم حكم بأنها غير شرعية، و أن الأصح بطلان العقد

و عن المختلف أنه حكي في باب المزارعة عن القاضي كلاما يدل على صحة بيع الصبي

و بالجملة فالمسألة (7) لا تخلو عن اشكال، و إن أطنب بعض المعاصرين في توضيحه حتى ألحقه بالبديهيات في ظاهر كلامه

+++++++++++

(1) اى لم اجد هذا الحكم في شرح القواعد

(2) اى وقوع العقد من الصبي باذن الولي كأنه صدر من الولي

(3) اى الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(4) فكلمة عندي قرينة على عدم ثبوت الاجماع عنده اذ لو كان غير ثابت عند الآخرين لكان يقول: عندنا

(5) الظاهر أن مقصوده من الاختبار و الامتحان هي الآية الشريفة في قوله تعالى: وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتٰامىٰ حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا اَلنِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ : الآية

(6) اى مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

(7) اي مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

ص: 340

الحجة في المسألة هي الشهرة و الإجماع المحكي
اشارة

فالانصاف أن الحجة (1) في المسألة هي الشهرة المحققة، و الاجماع المحكي عن التذكرة (2) بناء على أن استثناء الاحرام الذي لا يجوز إلا بإذن الولي شاهد على أن مراده بالحجر ما يشمل سلب العبارة، لا نفي الاستقلال في التصرف.

و كذا اجماع (3) الغنية، بناء على أن استدلاله بعد الاجماع بحديث رفع القلم دليل على شمول معقده (4) للبيع بأذن الولي

و ليس المراد نفي صحة البيع المتعقب بالاجازة حتى يقال: إن الاجازة عند السيد (5) غير مجدية في تصحيح مطلق العقد الصادر من غير المستقل و لو كان غير مسلوب العبارة كالبائع الفضولي

و يؤيد الاجماعين (6)

+++++++++++

(1) اي الدليل على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) الذي نقله الشيخ عن التذكرة في ص 334 بقوله: إن الصغير محجور عليه بالنص و الاجماع

(3) الذي نقله عنه الشيخ في ص 333 بقوله: بل عن الغنية الاجماع عليه

(4) اي استدلال السيد ابن زهرة في الغنية بعد دعواه الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي بحديث رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم دليل على شمول معقد اجماعه حتى التصرفات الصادرة من الصبي باذن الولي في أنها غير نافذة

فمقصود السيد ابن زهرة أن الصبي مسلوب العبارة

(5) و هو ابن زهرة صاحب الغنية

(6) و هما: اجماع العلامة، و اجماع السيد ابن زهرة

ص: 341

ما تقدم عن كنز العرفان (1)

المناقشة في تحقق الإجماع

نعم (2) لقائل أن يقول: إن ما عرفت من المحقق و العلامة و ولده و القاضي و غيرهم، خصوصا المحقق الثاني الذي بنى المسألة على شرعية أفعال الصبي يدل على عدم تحقق الاجماع

و كيف كان (3) فالعمل على المشهور (4)

ما يستأنس به للبطلان

و يمكن أن يستأنس له (5) أيضا بما ورد في الأخبار المستفيضة: من أن عمد الصبي و خطأه واحد كما في صحيحة ابن مسلم، و غيرها (6)

+++++++++++

(1) في نقل الشيخ عنه في ص 333 بقوله: و في كنز العرفان نسبة عدم صحة عقد الصبي الى أصحابنا، فإن نسبة عدم الصحة الى أصحابنا دليل على وجود الاجماع في مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) استدراك عما افاده: من وجود الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي، و أن ما تقدم عن كنز العرفان مؤيد للاجماعين المذكورين عن العلامة و ابن زهرة

(3) اي سواء أ كان الاجماع موجودا في المسألة أم لا

(4) و هو عدم نفوذ تصرفات الصبي إلا ما استثني كالعبادات

(5) اي للقول المشهور

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 19. ص 307. الباب 11 الحديث 1 أليك نص الحديث

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

كان (امير المؤمنين) عليه السلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان، أو عمدا

و هناك أحاديث اخرى فراجعها

ص: 342

و الأصحاب و إن ذكروها (1) في باب الجنايات إلا أنه لا اشعار في نفس الصحيحة، بل و غيرها بالاختصاص بالجنايات

و لذا (2) تمسك بها الشيخ في المبسوط، و الحلي في السرائر على أن اخلال الصبي المحرم بمحظورات الإحرام التي يختص حرمتها بحال التعمد لا يوجب كفارة على الصبى، و لا على الولي، لأن عمده خطأ

و حينئذ (3) فكل حكم شرعي تعلق بالأفعال التى يعتبر في ترتب الحكم الشرعي عليها القصد بحيث لا عبرة بها اذا وقعت بغير القصد، فما يصدر منها (4) عن الصبي قصدا بمنزلة الصادر عن غيره (5) بلا قصد

فعقد الصبي و ايقاعه مع القصد كعقد الهازل و الغالط، و الخاطئ و ايقاعاتهم

استظهار البطلان من حديث رفع القلم

بل يمكن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار في قتل المجنون و الصبي استظهار المطلب (6) من حديث رفع القلم: و هو ما عن قرب الأسناد بسند أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه كان يقول:

+++++++++++

(1) اي صحيحة محمد بن مسلم

(2) اي و لاجل عدم اختصاص الصحيحة بالجنايات

(3) اى و حين أن قلنا: إن اخلال الصبي المحرم بمحظورات الإحرام و منهياته التي تختص حرمتها بحال التعمد لا يوجب كفارة على الصبي و لا على وليه

(4) اي من هذه الأفعال المعتبر فيها القصد في ترتب حكم شرعي

(5) اي عن غير الصبي كالهازل و النائم

(6) و هو أن الصادر من الصبي: من العقود و الايقاعات مع القصد يعد كأنه الصادر بغير قصد فهو كعقد الهازل و النائم

ص: 343

المجنون المعتوه الذي لا يفيق، و الصبى الذي لم يبلغ عمدها خطأ تحمله العاقلة و قد رفع عنهما القلم الى آخر الحديث (1)، فإن ذكر رفع القلم في الذيل (2) ليس له وجه ارتباط، إلا أن يكون علة لاصل الحكم و هو ثبوت الدية على العاقلة، أو أن يكون معلولا لقوله: عمدهما خطأ يعني أنه لما كان قصدهما بمنزلة العدم في نظر الشارع، و في الواقع رفع القلم عنهما

و لا يخفى أن ارتباطها (3) بالكلام على وجه العلية (4) أو المعلولية (5) للحكم المذكور في الرواية اعني عدم مؤاخذة الصبي و المجنون بمقتضى جناية العمد و هو القصاص، و لا بمقتضى شبه العمد و هي الدية في مالهما لا يستقيم إلا بأن يراد من رفع القلم ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعا: من حيث العقوبة الاخروية (6) و الدنيوية (7) المتعلقة بالنفس كالقصاص، أو المال كغرامة الدية، و عدم ترتب ذلك (8) على افعالهما المقصودة المتعمد إليها مما لو وقع

+++++++++++

(1) راجع (قرب الأسناد) طباعة (إيران چاپخانه اسلامية) ص 72. الحديث 5

(2) اي في ذيل حديث قرب الأسناد

(3) اي ارتباط جملة: و قد رفع عنهما القلم

(4) كما افادها الشيخ بقوله: إلا أن يكون علة لاصل الحكم

(5) كما افادها الشيخ بقوله: أو أن يكون معلولا

(6) و هو الحكم التكليفي

(7) و هو الحكم الوضعي

(8) و هي العقوبة الاخروية التي يراد منها الحكم التكليفي و العقوبة الدنيوية: من القصاص و الدية التي يراد منها الحكم الوضعي

ص: 344

من غيرهما (1) مع القصد و التعمد لترتبت عليه غرامة اخروية (2) أو دنيوية (3)

و على هذا (4) فاذا التزم (5) على نفسه مالا بإقرار، أو معاوضة و لو باذن الولي فلا اثر لهما (6) في الزامه بالمال، و مؤاخذته به و لو بعد البلوغ، فاذا لم يلزمه شيء بالتزاماته و لو كانت باذن الولي فليس ذلك (7) إلا لسلب قصده، و عدم العبرة بانشائه، اذ لو كان ذلك (8) لاجل عدم استقلاله، و حجره عن الالتزامات على نفسه لم يكن عدم المؤاخذة شاملا لصورة اذن الولي و قد فرضنا الحكم مطلقا (9) فيدل بالالتزام (10) على كون قصده في إنشاءاته و إخباراته مسلوب الاثر

+++++++++++

(1) اى من غير المجنون و العاقل

(2) و هي العقوبة الإلهية المراد منها الحكم التكليفي

(3) و هي العقوبة الدنيوية: من القصاص و الدية المراد منها الحكم الوضعي

(4) اي و بناء على القول بأن المراد من رفع القلم هو رفع المؤاخذة من الصبي و المجنون من حيث الحكم التكليفي و الوضعي

(5) اى الصبي

(6) اي لهذا الاقرار بالمال، أو المعاوضة

(7) اى عدم الاثر بالتزامات الصبي

(8) اي عدم الاثر بالتزامات الصبي

(9) اي حتى مع اذن الولي لا اثر لالتزامات الصبي

(10) اي بالدلالة الالتزامية

ص: 345

ثم إن مقتضى عموم هذه الفقرة (1) بناء على كونها علة للحكم (2) عدم مؤاخذتهما (3) بالاتلاف الحاصل منهما كما هو ظاهر المحكي عن بعض إلا أن يلتزم بخروج ذلك (4) عن عموم رفع القلم

و لا يخلو (5) من بعد

لكن هذا (6) غير وارد على الاستدلال، لأنه ليس مبنيا على كون رفع

+++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام في حديث قرب الأسناد: و قد رفع عنهما القلم

(2) و هو ثبوت الدية على العاقلة

(3) و هما: المجنون و الصبي

(4) اي بخروج الاتلاف الحاصل من الصبي و المجنون عن تحت عموم: رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون

(5) اي هذا الخروج لا يكون خاليا من بعد

وجه البعد أن حديث رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون إنما وضع و شرع لاجل الامتنان على العباد فعليه لا يكون قابلا للتخصيص حتى يفرق بين التلف و الإتلاف

اللهم إلا أن يقال: إن حديث الرفع الموضوع للامتنان يختص بما اذا لم يكن فيه خلاف الامتنان في حق الآخرين

و أما اذا التزم ذلك كما فيما نحن فيه، حيث إن الاتلاف ضرر في حق الغير فلا نلتزم به

(6) اي هذا الاشكال غير وارد على الاستدلال بحديث رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون على عدم نفوذ تصرفاتهما

ص: 346

القلم علة للحكم، لما عرفت: من احتمال كونه (1) معلولا لسلب اعتبار قصد الصبي و المجنون فيختص رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التي يعتبر في المؤاخذة عليها قصد الفاعل فيخرج مثل الاتلاف (2)، فافهم و اغتنم

ثم إن القلم المرفوع (3) هو قلم المؤاخذة الموضوع على البالغين فلا ينافي ثبوت بعض العقوبات للصبي كالتعزير (4)

رأي المؤلف في المسألة و دليله

و الحاصل أن مقتضى ما تقدم من الاجماع المحكي في البيع و غيره من العقود، و الأخبار المتقدمة (5) بعد انضمام بعضها الى بعض عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي من الأفعال المعتبر فيها القصد الى مقتضاها كإنشاء العقود أصالة و وكالة، و القبض و لاقباض، و كل التزام على نفسه:

من ضمان، أو إقرار أو نذر، أو ايجار

+++++++++++

(1) اي رفع القلم كما عرفت عن قول الشيخ في ص 344: أو أن يكون معلولا لقوله: عمدهما خطأ

(2) عن تحت عموم رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون، حيث إنهما لا قصد لهما في ذلك، و على فرض القصد في الصبي يكون قصده كلا قصد

(3) اي المراد من رفع قلم المؤاخذة في الحديث هو قلم المؤاخذة عن البالغين: بمعنى أن نهاية مدة رفع المؤاخذة في حق الصبي و المجنون و آخر وقته هو عدم وصول الصبي الى البلوغ الشرعي الذي عرف في الكتب الفقهية، و عدم افاقة المجنون.

و أما اذا بلغ الصبي و افاق المجنون فلا مجال لرفع قلم المؤاخذة

(4) فإنه ثابت في حق البالغين أيضا

(5) المشار إليها في ص 335-336

ص: 347

كلام العلامة في عدم صحة تصرفات الصبي

قال (1) في التذكرة: و كما لا يصح تصرفاته اللفظية كذا لا يصح قبضه و لا يفيد حصول الملك في الهبة و إن اتهب له الولي، و لا لغيره (2) و إن اذن الموهوب له بالقبض

و لو قال مستحق الدين للمديون: سلم حقي الى الصبي فسلم مقدار حقه إليه لم يبرأ عن الدين، و بقي المقبوض (3) على ملكه، و لا ضمان (4) على الصبي، لأن المالك ضيعه، حيث دفعه إليه و بقي الدين (5)، لأنه في الذمة، و لا يتعين (6) إلا بقبض صحيح كما لو قال: ارم حقي في البحر فرمى مقدار حقه

بخلاف ما لو قال للمستودع: سلم مالي الى الصبي، أو ألقه في البحر لأنه امتثل امره في حقه المعين (7)

+++++++++++

(1) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد بكلمات الأعلام الأفذاذ على اثبات مدعاه: و هو عدم اعتبار أي شيء يصدر من الصبي: من عقود، و ايقاعات و كل التزام التزمه على نفسه

(2) اي و لا لغير الولي

(3) الذي بيد الصبي

(4) اي لهذا المال المقبوض باذن المالك لو تلف

(5) اي في ذمة المدين المسلم الى الصبي

(6) اي و لا يتعين و لا يتشخص هذا الدين على الآخرين إلا بقبض صحيح

و من المفروض أن الصبي قبضه غير صحيح فلا تشتغل ذمته به لو تلف المقبوض فلا يكون ضامنا له، و لا مأمورا بادائه للآمر الذي هو الدائن

(7) حيث إن المال المستودع مال معين مشخص يشار إليه

ص: 348

و لو كانت الوديعة للصبي فسلمها (1) إليه ضمن و إن كان بإذن الولي اذ ليس له (2) تضييعها بإذن الولي

و قال (3) أيضا: لو عرض الصبي دينارا على الناقد (4) لينقده أو متاعا الى مقوم ليقومه فاخذه لم يجز له رده الى الصبي، بل على وليه إن كان، فلو أمره الولي بالدفع إليه فدفعه إليه برأ (5) من ضمانه إن كان المال للولي، و إن كان للصبي فلا كما لو امره بإلقاء مال الصبي في البحر فإنه يلزمه ضمانه و اذا تبايع الصبيان و تقابضا و اتلف كل واحد منهما ما قبضه فإن جرى باذن الوليين فالضمان عليهما، و إلا فلا ضمان عليهما، بل على الصبيين

و يأتي في باب الحجر تمام الكلام

و لو فتح الصبي الباب و اذن في الدخول على اهل الدار، أو ادخل الهدية الى انسان عن اذن المهدي فالاقرب الاعتماد، لتسامح السلف فيه.

انتهى كلامه، رفع مقامه

لا فرق في معاملة الصبي بين الأشياء اليسيرة و الخطيرة

ثم إنه ظهر مما ذكرنا (6) أنه لا فرق في معاملة الصبي بين أن تكون في الأشياء اليسيرة، أو الخطيرة، لما عرفت من عموم النص (7) و الفتوى

+++++++++++

(1) اي المستودع سلم الوديعة الى الصبي

(2) اي للمستودع تفويت المال المودع عنده: اذ إعطاء المال المودع الى الصبي تفويت له

(3) اي العلامة في المصدر نفسه

(4) اى الصراف

(5) اي الناقد، أو المقوم

(6) و هو عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي: من عقود و ايقاعات، و التزام

(7) و هو رفع قلم المؤاخذة عن الصبي

ص: 349

حتى أن العلامة في التذكرة لما ذكر حكاية أن أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبي فارسله (1) ردها (2) بعدم الثبوت، و عدم (3) الحجية

و توجيهه (4) بما يخرجها عن محل الكلام

و به (5) يظهر ضعف ما عن المحدث الكاشاني: من أن الأظهر جواز بيعه و شرائه فيما جرت العادة به: من الأشياء اليسيرة، دفعا (6) للحرج.

انتهى

+++++++++++

(1) فالحكاية هذه تدل على صحة تصرفات الصبي، و أنها نافذة، لأن أبا الدرداء اشترى عصفورا من الصبي ثم ارسلها في الهواء

فلو كانت تصرفاته غير نافذة لما اقدم أبو الدرداء على الشراء

(2) هذا رد من العلامة على حديث أبى الدرداء

و خلاصته: أن الحكاية المذكورة لم تثبت من طرقنا الامامية حتى يصح التمسك بها

(3) هذا رد آخر من العلامة على الحكاية

و خلاصته: أنه بالإضافة الى عدم الثبوت لا يكون فعل ابى الدرداء حجة، لأنه ليس بمعصوم

(4) بالرفع جملة مستأنفة مستقلة اى توجيه العلامة الحكاية بشيء قد اخرجها عن محل النزاع، فإن العلامة وجه الحكاية: بأن أبا الدرداء كان وليا على الصبي، أو كان مأذونا منه

لكن التوجيه غير وجيه، حيث إن الكلام في تصرفات الصبي مباشرة و مستقلا، لا ما اذا كان شخص وليا عليه، أو مأذونا من قبله

فإن هذا بحث آخر خارج عن محل النزاع

(5) اى و برد العلامة حكاية ابى الدرداء

(6) اى القول بجواز تعامل الصبي في الأشياء الصغيرة لأجل دفع -

ص: 350

فإن (1) الحرج ممنوع، سواء اراد أن الحرج يلزم من منعهم عن المعاملة في المحقرات، و التزام مباشرة البالغين لشرائها أم اراد أنه (2) يلزم من التجنب عن معاملتهم بعد بناء الناس على نصب الصبيان للبيع و الشراء في الأشياء الحقيرة

ثم إن اراد (3) استقلاله في البيع و الشراء لنفسه بماله من دون اذن الولي ليكون حاصله أنه غير محجور عليه في الأشياء اليسيرة فالظاهر كونه مخالفا للاجماع (4)

و أما (5) ما ورد في رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

+++++++++++

- الحرج عن المجتمع، لأنه لو منعناه عن التعامل في تلك الأشياء، و حكمنا بلزوم مباشرة الكبار فيها لاستلزم العسر و الحرج، اذ المباشرة منهم في جميع حاجياتهم ليلا و نهارا غير متحقق عادة، فدفعا لهذا المحذور نقول بالجواز فيها على نحو الموجبة الجزئية و هي التصرفات الصغيرة

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يقصد به الرد على ما افاده (المحقق الكاشاني)

(2) اى الحرج المدعى في كلام (المحقق الكاشاني)

(3) اى (المحقق الكاشاني) إن اراد بجواز بيع الصبي و شرائه، في الأشياء الصغيرة

(4) الذي عرفته عند نقل الشيخ عن العلامة في كتاب التذكرة في ص 334 و عن السيد ابن زهرة في كتاب الغنية في ص 333

(5) عود على بدء من هنا رجع الشيخ الى اصل مسألة تصرفات الصبي و نفوذها، و لا ربط له بما افاده المحقق الكاشاني في هذا المقام

و الغاية من ذكر الرواية هو الرد على من استدل بها على صحة تصرفات الصبي

ص: 351

و نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده، معللا بأنه ان لم يجد سرق (1) فمحمول (2) على عوض

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 118. الباب 33 الحديث 1

ثم البحث عن الحديث لا بد أن يكون من جهتين

(الأولى): كيفية دلالتها على صحة التصرفات

(الثانية): كيفية رد الشيخ على الحديث، و أنه لا دلالة له على صحة التصرفات

أما الاولى فنقول: إن بطلان عقد الصبي، و عدم نفوذ تصرفاته يمكن أن يكون مستندا لاحد امرين

(الاول): عدم اعتبار قصده، و أن قصده كلا قصد فهو كالسفيه و الهازل كما عرفت

(الثاني): عدم اجتنابه عن المحرمات

فإن كان السبب هو الاول لكان المناسب التعليل بحديث رفع القلم عن المؤاخذة عن الصبي، لا التعليل بجملة: إن لم يجد سرق

فالتعليل بها دليل على أن قصد الصبي معتبر و مؤثر

فيما نحن فيه و هو الاستدلال برواية السكوني على صحة تصرفات الصبي فمنطوق الرواية: و هو أن الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده يصرح بعدم جواز كسبه

و مفهومها: و هو أنه إن يحسن الصناعة بيده يصرح بجواز كسبه

فالمستدل استدل على الصحة بمفهوم الرواية فجواز الكسب في هذه الصورة دليل على اعتبار قصده و تأثيره

(2) هذا رد من الشيخ على الاستدلال بالحديث -

ص: 352

كسبه من التقاط، أو اجرة عن اجارة اوقعها الولي، أو الصبي بغير اذن الولي، أو عن عمل امر به من دون اجارة فاعطاه المستأجر، أو الآمر اجرة المثل، فإن هذه (1) كلها مما يملكه الصبي

لكن يستحب للولي و غيره اجتنابها اذا لم يعلم صدق دعوى الصبي فيها، لاحتمال كونها من الوجوه المحرمة

نظير رجحان الاجتناب عن أموال غيره ممن لا يبالي بالمحرمات

و كيف كان (2) فالقول المذكور (3) في غاية الضعف

+++++++++++

- و كيفية الرد أنه لا بد من التصرف في معنى الكسب، و حمله على معنى الاسم المصدري الذي هي نتيجة الكسب، لا على المعنى المصدري و هو الاكتساب

و خلاصة الرد أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم نهى عن عوض كسبه و هي الفوائد و الأرباح الحاصلة من الالتقاط، أو اجرة اجارة أوقع الاجارة الولي، أو الصبي بغير اذن الولي، أو بواسطة امر آمر امره بعمل له اجرة المثل، أو غير ذلك من الأسباب الموجبة للحصول على الفائدة، و التي يملكها كلها الصبي

فالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم إنما نهى عن هذه الأرباح و الفوائد لا عن نفس الكسب الذي هو الاكتساب حتى يستدل بالحديث على صحة تصرفات الصبي بمفهوم الحديث، ثم تؤخذ النتيجة و هي اعتبار قصد الصبي بهذه التصرفات

و المراد من العوض في قوله على عوض كسبه هي الأرباح و الفوائد

(1) و هي اجرة الاجارة، أو العمل الذي امره به الآمر، أو الملتقط

(2) اي سواء أ كان النهي في الرواية يدل على حرمة الكسب بمعناه المصدري أم بمعنى الاسم المصدري

(3) و هو ما افاده المحقق الكاشاني: من جواز بيع الصبي و شرائه

ص: 353

تصحيح المعاملة لو كان الصبي بمنزلة الآلة

نعم ربما صحح سيد مشايخنا في الرياض هذه المعاملات (1) اذا كان الصبي بمنزلة الآلة لمن له اهلية التصرف، من جهة استقرار السيرة، و استمرارها على ذلك

و فيه (2) إشكال من جهة قوة احتمال كون السيرة ناشئة عن عدم المبالاة في الدين كما في كثير من سيرهم الفاسدة (3)

و يؤيد ذلك (4) ما يرى من استمرار سيرتهم على عدم الفرق بين المميزين و غيرهم، و لا بينهم، و بين المجانين، و لا بين معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال بحيث لا يعلم الولي اصلا، و بين معاملاتهم لأوليائهم على سبيل الآلية

مع أن هذا (5) مما لا ينبغي الشك في فسادها، خصوصا الاخير (6) مع أن الإحالة على ما جرت العادة به (7)

+++++++++++

(1) و هو تعامل الصبي على الأشياء اليسيرة

(2) اى و فيما افاده السيد صاحب الرياض إشكال

(3) و قد عرفت منا غير مرة: أن السيرة اذا كان المراد منها سيرة المتشرعة كما هو الحق فلا يترتب عليها ما ذكره الشيخ من المفاسد

و أما اذا كان المراد منها غيرها فالحق مع الشيخ

(4) اى كون السيرة ناشئة من عدم المبالاة في الدين

(5) و هو عدم الفرق بين المميزين و غيرهم، و بين المجانين، و أنفسهم

(6) و هو عدم الفرق بين معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال، و بين معاملاتهم لأوليائهم على سبيل الآلبة

(7) و هو ارسال الصبي لشراء الشيء، و بيعه من الأشياء اليسيرة كما افاده (المحقق الكاشاني)

ص: 354

كالإحالة على المجهول، فإن (1) الذي جرت عليه السيرة هو الوكول الى كل صبي ماهر فطن فيه بحيث لا يغلب في المساومة عليه.

فيكلون الى من بلغ ست سنين شراء (2) باقة بقل، أو بيع بيضة دجاج بفلس

و الى من بلغ ثماني سنين اشتراء اللحم و الخبز، و نحوهما

و إلى من بلغ اربع عشرة سنة شراء الثياب، بل الحيوان، بل يكلون إليه امور التجارة في الأسواق و البلدان، و لا يفرقون بينه، و بين من اكمل خمس عشر سنة، و لا يكلون إليه شراء مثل القرى و البساتين و بيعها إلا بعد أن يحصل له التجارب

و لا أظن أن القائل (3) بالصحة يلتزم العمل بالسيرة على هذا التفصيل (4)

و كيف كان (5) فالظاهر أن هذا القول (6) أيضا مخالف لما يظهر منهم

+++++++++++

(1) تعليل لكون ما افاده (المحقق الكاشاني): من جريان العادة في أصالة الصبي لشراء الأشياء الصغيرة اليسيرة

(2) عبارة عن حزمة من البقل، أو الورد، أو ما اشبه ذلك

(3) و هو (المحقق الكاشاني) القائل بصحة بيع الصبي، و شرائه في الأشياء اليسيرة

(4) و هو وكول من بلغ من الصبيان ست سنين الى شراء باقة بقل، و عدم وكولهم إليه شراء مثل القرى و البساتين، و بيعها

(5) اى سواء أ كان الكبار يكلون الصبي في شراء المذكورات على التفصيل المذكور أم لا يكلون

(6) و هو ما افاده (المحقق الكاشاني) في جواز بيع الصبي، و شرائه في الأشياء اليسيرة

ص: 355

و قد عرفت (1) حكم العلامة في التذكرة بعدم جواز رد المال الى الصبي اذا دفعه الى الناقد لينقده، أو المتاع الذي دفعه الى المقوم ليقومه، مع كونه (2) غالبا في هذه المقامات بمنزلة الآلة للولي

و كذا حكمه (3) بالمنع من رد مال الطفل إليه باذن الولي، مع أنه بمنزلة الآلة في ذلك غالبا

دعوى كاشف الغطاء إفادة معاملة الصبي الإباحة لو كان مأذونا و المناقشات فيه

و قال كاشف الغطاء رحمه اللّه بعد المنع عن صحة عقد الصبي أصالة و وكالة ما لفظه:

نعم ثبت الاباحة في معاملة المميزين اذا جلسوا مقام أوليائهم أو تظاهروا على رءوس الأشهاد حتى يظن أن ذلك (4) من اذن الأولياء خصوصا في المحقرات

ثم قال: و لو قيل بتملك الآخذ منهم، لدلالة (5) مأذونيته في جميع التصرفات، فيكون (6)

+++++++++++

(1) عند نقل الشيخ عنه في ص 349 بقوله: و قال أيضا: لو عرض دينارا الى الناقد

(2) اى الصبي المميز في مثل دفع النقد الى الناقد؛ أو دفع المتاع الى المقوم

(3) اى حكم العلامة في التذكرة عند نقل الشيخ عنه في ص 349 بقوله:

فلو امره الولي بالدفع إليه

(4) اى التظاهر على رءوس الأشهاد

(5) تعليل لتملك الآخذ من الصبيان، اى لدلالة مأذونية الآخذ في جميع تصرفاته عند ما يأخذ من الصبي: على تملك ما يأخذه من الصبيان

(6) اى الآخذ يكون موجبا باعتبار أنه يملك نفسه، و قابلا باعتبار أنه يقبل هذا التمليك لنفسه

ص: 356

موجبا قابلا لم يكن بعيدا انتهى (1)

أما (2) التصرف و المعاملة باذن الأولياء، سواء أ كان على وجه البيع أم المعاطاة فهو الذي قد عرفت أنه خلاف المشهور (3) و المعروف حتى لو قلنا بعدم اشتراط شروط البيع في المعاطاة، لأنها (4) تصرف لا محالة و إن لم تكن بيعا، و لا معاوضة

و إن اراد (5) بذلك أن اذن الولي و رضاه المنكشف بمعاملة الصبي هو المفيد للإباحة، لا نفس المعاملة كما ذكره (6) بعضهم في اذن الولي في اعارة الصبي

فتوضيحه (7)

+++++++++++

(1) اى ما افاده الشيخ كاشف الغطاء في هذا المقام

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الرد على الشيخ كاشف الغطاء و لذا كان الأنسب تبديل قوله: أما التصرف بقوله: إن كان المراد من ثبوت الإباحة

(3) حيث إن المشهور لا يجوز بيع الصبيان و شراءهم

(4) اى المعاطاة

(5) هذا إشكال ثان اورده شيخنا الانصاري على ما افاده الشيخ كاشف الغطاء: من ثبوت الإباحة في تعامل الصبيان المميزين: أن اذن الولي هو المفيد للإباحة، لا نفس تعاملهم

(6) اى كما ذكر ثبوت الإباحة من اذن الولي، لا من نفس تعامل الصبيان

(7) اى نقول في توضيح أن الإباحة تثبت باذن الولي، لا بنفس تعامل الصبيان المميزين

ص: 357

ما ذكره بعض المحققين (1) من تلامذته: و هو أنه لما كان بناء المعاطاة على حصول المراضاة كيف اتفقت، و كانت مفيدة لإباحة التصرف خاصة (2) كما هو المشهور، و جرت عادة الناس بالتسامح في الأشياء اليسيرة، و الرضا باعتماد غيرهم (3) في التصرف فيها (4) على الإمارات المفيدة للظن بالرضا في المعاوضات، و كان الغالب في الأشياء التي يعتمد فيها على قول الصبي تعيين القيمة (5)، و الاختلاف الذي يتسامح (6) به في العادة فلاجل ذلك صح القول بالاعتماد على ما يصدر من الصبي من صورة البيع و الشراء، مع الشروط المذكورة (7)، كما يعتمد عليه (8) في الاذن في دخول الدار، و في ايصال الهدية اذا ظهرت أمارات الصدق

+++++++++++

(1) و هو المحقق المدقق الشيخ اسد اللّه التستري صاحب كتاب (المقابيس) يأتي شرح حياته، و شرح الكتاب في (أعلام المكاسب)

(2) أى لا الملكية

(3) و هم الصبيان

(4) اى في الأشياء اليسيرة

(5) فلو قال الصبي الجالس مكان وليه، أو المتظاهر بذلك على رءوس الأشهاد: إن قيمة هذه السلعة دينار واحد لصدق قوله، و قبل منه

(6) بأن قال الصبي: قيمة هذه السلعة ثمانون فلسا، و قال الآخذ المتعامل معه ثمانية و سبعين

فالفارق بين السعرين و هما الفلسان امر بسيط جدا لا يعبأ به

(7) التي ذكرها الشيخ كاشف الغطاء بقوله في ص 356: اذا جلسوا مقام أوليائهم، أو تظاهروا على رءوس الأشهاد

(8) اى على الصبي

ص: 358

بل ما ذكرنا (1) أولى بالجواز من الهدية من وجوه (2)

و قد استند فيه (3) في التذكرة الى تسامح السلف

و بالجملة فالاعتماد في الحقيقة على الاذن المستفاد من حال المالك في الاخذ و الإعطاء، مع البناء على ما هو الغالب: من كونه (4) صحيح التصرف لا على قول الصبي و معاملته من حيث إنه كذلك (5)

+++++++++++

(1) و هو التسامح في الأشياء اليسيرة عند تصدي الصبيان بها

(2) و هي أربعة كما يلي

(الاول): أن تعامل الصبيان يكون في الأموال اليسيرة

بخلاف الهدية، فإنها أعم من اليسيرة و الخطيرة

(الثاني): وجود الامارات المفيدة للظن في تصدي الصبيان في البيع و الشراء كجلوسهم مقام أوليائهم، و أنهم على رءوس الأشهاد، و بمرأى و منظر من الناس

بخلاف الهدية، فإنها لا تكون كذلك

(الثالث): أن تعامل الصبيان يفيد الإباحة المجردة

بخلاف الهبة، فإنها تفيد الملك

(الرابع): أن تعامل الصبيان على نحو المعاوضة اى يقع ما يعطيه الصبي معوضا، و ما يأخذه عن الآخذ عوضا

بخلاف الهبة، فإنها لا تكون على نحو المعاوضة هنا

(3) اى في جواز تصرفات الصبي: من حيث البيع و الشراء

(4) اى الصبي

(5) اى من حيث إنه صبي و مستقل في تصرفاته لا علاقة له مع أوليائه

ص: 359

و كثيرا (1) ما يعتمد الناس على الاذن المستفاد من غير وجود ذي يد اصلا، مع شهادة الحال بذلك (2) كما في دخول الحمام، و وضع الاجرة عوض الماء التالف في الصندوق، و كما في اخذ الخضروات الموضوعة للبيع، و شرب ماء السقائين، و وضع القيمة المتعارفة في الموضع المعد لها، و غير ذلك من الامور التي جرت العادة بها

كما يعتمد على مثل ذلك (3) في غير المعاوضات (4) من أنواع التصرفات

فالتحقيق أن هذا (5) ليس مستثنى من كلام الأصحاب، و لا منافيا (6) له، و لا يعتمد على ذلك (7) أيضا

+++++++++++

(1) هذا تأييد من الشيخ لما افاده: من حيث أن الصبي صحيح التصرف، و أن الاعتماد في الحقيقة على الاذن المستفاد من المالك، لا على قول الصبي

(2) اى على الاذن المستفاد

(3) اى على مثل وضع الاجرة عوض الماء في الصندوق، و كاخذ الخضروات الموضوعة في مكان معين للاخذ

(4) كما في اذن الصبي في الصلاة في مكان معين

(5) اى مثل تصرفات الصبي في البيع و الشراء ليس مستثنى من كلمات الأصحاب: و هو أنه لا تجوز تصرفات الصبي، و لا تكون نافذة

(6) اى و لا تكون هذه التصرفات منافية لتلك القاعدة: و هو كلام الأصحاب القائلين بعدم نفوذ تصرفات الصبي

(7) اي على تصرفات الصبي في البيع و الشراء اي لا تكون هذه التصرفات موجبة لتقديم قول المشتري لو تنازع مع المالك و ادعى أن الصبي -

ص: 360

في مقام الدعوى، و لا فيما (1) اذا طالب المالك بحقه، و ظهر عدم الرضا. انتهى (2)

+++++++++++

- مأذون من قبل المالك و انكر المالك ذلك بحجة أن قول المشتري موافق للظاهر فيقدم، و أن قول المالك بعدم اذنه له موافق للاصل الذي هو عدم الاذن

(1) اي و لا تكون هذه التصرفات موجبة لتقديم قول المشتري على قول المالك أيضا لو تنازعا في الاذن فادعاه المشتري و انكره المالك و قال بعدم رضاه في تصرفات الصبي فطالب من المشتري حقه و أظهر عدم رضاه بالمعاملة الواقعة بينه، و بين الصبي

ثم لا يخفى أن الفرق بين الصورة الاولى: و هو ادعاء المشتري اذن الولي للصبي في المعاملة، و انكار المالك ذلك

و بين الصورة الثانية: و هو طلب المالك حقه، و إظهاره عدم رضاه بالمعاملة: أن الصورة الاولى يكون المالك منكرا لدعوى المشتري، و في الصورة الثانية يكون ساكتا، أو يدعي الجهل بالاذن

ثم إن ثمرة هذا النزاع تظهر في ضمان المبيع بعد التلف

فعلى القول بعدم تقديم قول المشتري، و أن القول قول المالك يكون المشتري ضامنا للمبيع المأخوذ بالمعاطاة المفيدة للاباحة المجردة إما بالبدل الواقعي و هو المثل، أو القيمة، أو الجعلي و هو المسمى

و أما قبل التلف فلا ثمرة مترتبة على النزاع، لأن العين الموجودة ترجع الى صاحبها، لتحقق موضوع التراد كما عرفت في الجزء السادس من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 291

(2) اي توضيح ما افاده كاشف الغطاء في هذا المقام، بناء على ما ذكره تلميذه (المحقق التستري) صاحب المقاييس قدس سره

ص: 361

و حاصله (1) أن مناط الاباحة و مدارها في المعاطاة ليس على وجود تعاط قائم بشخصين، أو بشخص منزل منزلة شخصين (2)، بل على تحقق الرضا من كل منهما بتصرف صاحبه في ماله حتى لو فرضنا أنه حصل مال كل منهما عند صاحبه باتفاق كإطارة الريح و نحوها فتراضيا على التصرف بإخبار صبي، أو بغيره من الامارات كالكتابة، و نحوها: كان هذا معاطاة أيضا، و لذا (3) يكون وصول الهدية الى المهدى إليه على يد الطفل الكاشف ايصاله عن رضى المهدي بالتصرف، بل التملك كافيا في إباحة الهدية، بل في تملكها (4)

و فيه (5) أن ذلك حسن إلا أنه موقوف أولا على ثبوت حكم المعاطاة من دون إنشاء إباحة، أو تمليك، و أنه يكتفى فيها بمجرد الرضا

+++++++++++

(1) اي و حاصل التوضيح، أو حاصل ما افاده كاشف الغطاء

(2) كما عرفت في الجزء السادس من (المكاسب) من طبعتنا الجديدة ص 351 بقوله: فالمعيار في المعاطاة وصول المالين، أو احدهما مع التراضي

(3) اي و لأجل أن التعاطي يحصل و لو بواسطة إطارة الريح مال كل منهما الى الآخر

(4) اي في تملك الهدية

(5) اي و فيما افاده (المحقق التستري) نظر

من هنا يريد الشيخ النقاش مع (المحقق التستري) فيما افاده في توضيح ما افاده استاذه (كاشف الغطاء)

و خلاصة النظر: أن ما افاده (المحقق التستري) حسن

لكنه متوقف أولا على ثبوت حكم المعاطاة و هي الاباحة المجردة من دون وجود إنشاء إباحة، أو تمليك اصلا، و أنه يكتفى في حصول المعاطاة مجرد الرضا من الطرفين -

ص: 362

و دعوى حصول الانشاء بدفع الولي المال الى الصبي مدفوعة: بأنه (1) إنشاء إباحة لشخص غير معلوم، و مثله (2) غير معلوم الدخول في حكم المعاطاة، مع العلم بخروجه (3) عن موضوعها

و به (4) يفرق بين ما نحن فيه (5)

و مسألة ايصال الهدية بيد الطفل، فإنه يمكن فيه (6) دعوى كون دفعها (7) إليه للايصال إباحة، أو تمليكا، كما ذكر أن اذن الولي للصبي في الاعارة اذن في انتفاع المستعير

+++++++++++

- و هذا اوّل الكلام

و لا يخفى أن شيخنا الانصاري ذهب الى هذا الرأى في آخر تنبيهات المعاطاة

و قد ذكرناه لك آنفا في الهامش 2 ص 362

(1) اي هذا لإنشاء المدعى إنشاء إباحة لشخص غير معين

(2) اى و دخول مثل هذا الإنشاء غير معين في حكم المعاطاة غير معلوم

(3) اي بخروج مثل هذا الانشاء غير معين في المعاطاة عن المعاطاة

(4) اى و بهذا الخروج

(5) و هو بثبوت الاباحة في تعامل الصبيان في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة

(6) اي في ايصال الهدية بيد الطفل

(7) اى دفع الهدية الى الطفل لإيصالها الى المهدى له على نحو الاباحة، أو التمليك

بخلاف تعامل الصبي في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة فإنه ليس على نحو الاباحة، أو التمليك

ص: 363

و أما (1) دخول الحمام، و شرب الماء، و وضع الاجرة و القيمة فلو حكم بصحتهما، بناء على ما ذكرنا: من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالية عن الانشاء انحصرت صحة وساطة الصبي بما يكتفى فيه مجرد وصول العوضين (2) دون ما لا يكتفى فيه (3)

و الحاصل أن دفع الصبي (4) و قبضه (5) بحكم العدم فكل ما يكتفى فيه بوصول كل من العوضين الى صاحب الآخر بأي وجه اتفق فلا تضر فيه مباشرة الصبي لمقدمات الوصول (6)

ثم إن ما ذكر (7) مختص بما اذا علم اذن شخص بالغ عاقل للصبي وليا كان أو غيره

+++++++++++

(1) هذا رد على ما افاده (المحقق التستري) بقوله في ص 360: كما في دخول الحمام و وضع الاجرة عوض الماء

(2) كما في الأشياء اليسيرة

(3) كما في الأشياء الخطيرة، و الصادرة و الاستيراد، و ما شابه هذه

(4) كما في بيعه

(5) كما في شرائه

(6) و أما غير هذه المتوقف على الدفع و القبض فتضر مباشرة الصبي فيه

(7) و هو أن الظن الحاصل من جلوس الصبي مقام وليه، و التظاهر به على رءوس الأشهاد مختص بصورة علم الآخذ بكون الصبي مأذونا من قبل وليه في البيع و الشراء فيصح له التعامل معه

و الآخذ الجاهل بذلك يكون خارجا عن جواز التعامل معه مع أن المدعى عام فيكون الدليل أخص من المدعى

ففي الحقيقة هذا إشكال آخر من الشيخ على السيد صاحب الرياض

ص: 364

و أما ما ذكره كاشف الغطاء اخيرا: من صيرورة الشخص (1) موجبا و قابلا (2)

ففيه أولا أن تولي (3) وظيفة الغائب و هو من اذن للصغير إن كان باذن منه فالمفروض انتفاؤه، و إن كان (4) بمجرد العلم برضاه، فالاكتفاء به في الخروج عن موضوع الفضولي مشكل، بل ممنوع

و ثانيا أن المحسوس بالوجدان عدم قصد من يعامل مع الأطفال النيابة عمن اذن للصبي

+++++++++++

(1) و هو الآخذ من الصبي

(2) في قوله في ص 357 عند نقل الشيخ عنه: فيكون موجبا و قابلا لم يكن ببعيد

(3) اى تولي الآخذ في ايقاع الايجاب عن الغائب الذي هو ولي الصغير الآذن للصغير في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة إن كان باذن من ولي الصغير فالمفروض أن هذا الاذن منتف و ليس بموجود للآخذ

(4) اى و إن كان تولي الآخذ في الايجاب و القبول بمجرد العلم برضى ولي الصغير فالاكتفاء بمثل هذا العلم، و أنه سبب لخروج هذا الآخذ عن موضوع البيع الفضولي مشكل، بل هو احد أفراد البيع الفضولي

فعلى هذا لا يصح أن يكون الآخذ موجبا و قابلا

بالإضافة الى لزوم اتحاد الموجب و القابل، و إن كان هذا ممكن الارتفاع بلحاظ تعدد الاعتبارين: باعتبار أنه يبيع للطفل و يشتري لنفسه فيكون موجبا على وجه الفرعية، لتفرعه عن اذن ولي الطفل.

و باعتبار أنه مشتر لنفسه فيكون قابلا بالأصالة، و أما لو باع مال نفسه الى الصبي فيكون الامر بالعكس -

ص: 365

ثم إنه لا وجه لاختصاص ما ذكروه من الآلية بالصبي، و لا بالأشياء الحقيرة، بل هو جار في المجنون و السكران، بل البهائم، و في الامور الخطيرة، اذ المعاملة اذا كانت في الحقيقة بين الكبار و كان الصغير آلة فلا فرق في الآلية بينه، و بين غيره

نعم (1) من تمسك في ذلك بالسيرة من غير أن يتجشم لا دخال ذلك تحت القاعدة فله تخصيص ذلك بالصبي، لأنه المتيقن من موردها، كما أن ذلك مختص بالمحقرات

+++++++++++

- ثم لا يخفى أنه بعد القول بصدور الاذن من ولي الصغير للصغير لا يبقى مجال للإشكال المذكور، لأن اذن الصغير للآخذ اذن من الولي، لكنه ليس بالمباشرة

(1) استدراك عما افاده: من عدم وجه لاختصاص ما ذكروه:

و هي الآلية: بالصبي، و بالأشياء الحقيرة

و خلاصته: أن الذي يتمسك في صحة تصرفات الصبي في البيع و الشراء في الأشياء الصغيرة بالسيرة المستمرة، و لا يتكلف في إدخال هذه التصرفات تحت قاعدة فقهية معينة: فله أن يخصص هذه التصرفات بالصبي المميز، لأنه المتيقن من جواز التصرف، فلا تشمل هذه التصرفات المجنون و السكران

كما أن هذه التصرفات تختص بالمحقرات، فلا تشمل الأشياء الخطيرة

ص: 366

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الكتب

7 - الخاتمة

ص: 367

ص: 368

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

4 الإهداء

7 مقدمة في خصوص ألفاظ البيع

9 في كيفية طلاق الاخرس

11 ترجيح الكتاب على الاشارة

13 الكلام في الخصوصيات المعتبرة في البيع

15 عدم الفرق بين المجاز القريب و البعيد

17 ما يظهر من النصوص و الفتاوى في أبواب العقود اللازمة

19 جواز البيع بكل لفظ

21 ما افاده في المسالك في تقبل احد الشريكين حصة صاحبه

23 تجويز ايجاب الضمان بلفظ تعهدت

25 ما اورده الشيخ على بعض الأعلام

27 اللفظ الدال على المراد بقرينة لفظية

29 امكان انطباق ما ذكره الشيخ مع ما ذكره العلامة

31 المراد من الخطاب بالكناية

ص الموضوع

33 رد الشيخ على ما افاده فخر المحققين

35 الضابطة الكلية في ايقاع العقد بالعناوين الطائرة

37 ما ذكره فخر المحققين مؤيد لما أفاده الشيخ

39 الألفاظ الدالة على الايجاب و القبول

41 وقوع الايجاب بلفظ اشتريت

43 دفع وهم و الجواب عنه

45 الكلام في القبول

47 هل يعتبر عدم اللحن في الصيغة

49 هل يعتبر علم المتكلم تفصيلا بمعاني الألفاظ

51 ورود الايجاب بلفظ المضارع في الأحاديث

53 القبول فرع الايجاب فلا يتقدم عليه

55 كلام شيخ الطائفة في النكاح

57 رأي الشيخ حول تقديم القبول على الايجاب

59 فساد ما حكي عن بعض المحققين

ص: 369

ص الموضوع

61 المراد من الرضا في القبول

63 ورود القبول بلفظ الأمر في الرواية

65 الاختلاف الواقع في تقديم القبول على الايجاب بلفظ الأمر

67 من جور تقديم القبول على الايجاب جوز تقديمه بلفظ الأمر

69 رأي الشيخ حول تقديم القبول على الايجاب

71 في جواز تقديم القبول على الايجاب بلفظ اشتريت

73 لا يوجد في حقيقة الاشتراء معنى القبول

75 تصريح صاحب النهاية و المسالك في أن اشتريت ليس قبولا

77 لا بد من أن يكون القبول جامعا

79 الحلبي و ابن حمزة لا يجوز ان تقديم القبول على الايجاب

81 كل ما قيل في اشتريت يجري في كل قبول فيه إنشاء

83 لا بد في القبول من مطابقته مع الالتزام الحاصل من الموجب

85 في أقسام القبول

ص الموضوع

87 مأخذ اشتقاق الموالاة

89 تحقيق في الأمر المتدرج شيئا فشيئا

91 وجه آخر لكون الاستثناء سببا لوجوب الموالاة

93 إشكال من الشيخ على ما افاده الشهيد

95 الميزان في الموالاة موكول الى العرف

97 استشهاد الشيخ بكلام العلامة على عدم جواز التعليق

99 متابعة الشهيد الاول للعلامة في عدم جواز التعليق

101 إشكال و الجواب عنه

103 الشرط إما أن يكون مصححا للعقد أولا

105 التعليق على قسمين

107 المراد من الرضا في القبول

109 الكلام في التقادير الاربعة

111 عدم الخلاف من الشيعة و السنة في عدم جواز التعليق

113 الاشتراط في العقد هو مقتضاه

117 ما افاده الشهيد حول التعليق

119 ما افاده صاحب الجواهر في التعليق

ص: 370

ص الموضوع

121 تحقيق حول المسبب

123 ايراد الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

125 القادح في التعليق هو التعليق في الإنشاء

127 ما افاده الشهيد في العقود و الايقاعات

129 لزوم التطابق بين الايجاب و القبول

131 في اختلاف الموجب و القابل

133 بيان وجه عدم قابلية المتعاقدين

135 اختلاف المتعاقدين اجتهادا أو تقليدا

137 هل الأحكام الظاهرية بمنزلة الأحكام الواقعية؟

139 لزوم بقاء المتعاقدين على صفة صحة الإنشاء

141 الحديث النبوي يدل على ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد

143 الاستدلال بحديث الامة المسروقة على الضمان

145 توقف الشهيد الثاني في قاعدة كل عقد يضمن بصحيحه

147 أقسام تدارك التالف

ص الموضوع

149 تدارك التالف بغير عوضه الواقعي

151 العموم في العقود ليس باعتبار خصوص الألفاظ

153 المتبادر من اقتضاء الصحيح للضمان

155 ضعف تعلق الضمان بشخص العقد

157 عدم كون العقد الفاسد علة تامة للضمان

159 متابعة الشهيد الثاني للشيخ في الضمان بقاعدة الإقدام

163 الإقدام على الضمان لا يخلو عن تأمل

165 ايراد الشيخ على الاستدلال بحديث على اليد

167 مراد شيخ الطائفة من الاستدلال بالإقدام

169 عدم الفرق في ضمان العقد الفاسد بين جهل الدافع، و علمه

171 معنى ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

173 رأي المحقق الثاني في العين المستأجرة بالعقد الفاسد

175 عدم مجيء قاعدة ما لا يضمن بصحيحه في موارد عديدة

ص: 371

ص الموضوع

177 نقض قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

179 الخدشة في الأولوية المذكورة

181 النقاش في كون الإمساك تصرفا

183 في حكم المنافع المستوفاة

185 عدم اجتماع ضمان العين مع ضمان الخراج

187 انتقاض ما ذكره الشيخ في معنى الرواية بالعارية المضمونة

189 ما اورده الشيخ على من اورد على صاحب الوسيلة

191 في المنافع غير المستوفاة

193 نظرية الشيخ حول المنافع المستوفاة

195 الأخبار الواردة في عدم ضمان المنافع غير المستوفاة

197 التوقف في ضمان المنافع غير المستوفاة

199 ترجيح الشهيد الثاني أن المصوغ من النقدين قيمي

207 كل نوع من أنواع الجنس مثلي

209 اطلاق المثلي على الجنس باعتبار مثلية أنواعه

ص الموضوع

211 ايراد الشيخ على التعريف المشهور للمثلي

213 تعريف المثلي بتعاريف اخرى

215 لا يوجد في النصوص حكم يتعلق بالمثلي

217 راي الشيخ حول الموارد المشكوكة

219 إمكان القول بتخيير الضامن

221 الضمان بالمثل هي القاعدة المستفادة من اطلاقات الضمان

223 عدم دلالة الآية الكريمة على القول المشهور

225 ذهاب الشهيدين الى عدم جواز رد العين المقترضة

227 النسبة بين مذهب المشهور و الآية الكريمة

229 عدم اجراء الاجماع على ضمان القيمي بالقيمة

231 الخبر الدال على أن الثابت في ذمة المقترض هي الدراهم الاولى

233 عدم انتقال المثل الى القيمة و ان سقط عن المالية

235 عدم الفرق في جواز مطالبة المثل

ص: 372

ص الموضوع

في مكان التلف، و غيره

237 دليل آخر على وجوب دفع القيمة لو طالبها المالك

239 احتمال اعتبار وقت تعذر المثل

241 حاصل جميع الاحتمالات المذكورة في القواعد

243 حاصل توجيه العلامة

245 ضمان التالف بأعلى القيم عند تعذر المثل

247 ما ذكره العلامة في القواعد حول تلف المثلي

249 ما أورد على المحقق الكركي

251 تعين ما افاده المحقق الكركي عند انعقاد الاجماع

253 في تعيين قيمة المثل مع عدم فرض وجوده إشكال

255 الكلام في القرض كالكلام في الغصب

257 في حكم المبيع الفاسد التالف لو كان قيميا

259 المتيقن من المتعارف هو تعذر المثل

261 في الاطلاقات الواردة

ص الموضوع

263 اختلاف الفقهاء في تعيين القيمة في المقبوض بالبيع الفاسد

265 في الحاق المقبوض بالعقد الفاسد بالقبض

267 تحقيق حول صحيحة ابي ولاد

277 إطناب بعض حول تفسير بعض جمل الصحيحة

281 المراد من قيمة ما بين الصحيح و المعيب

283 سر التعبير بيوم المخالفة في الصحيحة

285 سر تغيير التعبير هو سهولة اقامة البينة

287 سر التعبير برد المالك اليمين الى الغاصب

289 لو كان المعيار في ضمان القيمة بيوم المخالفة

291 أبعدية حمل الصحيحة على التعبد من حملها على صورة الاتفاق

293 في الجواب عن إرادة أعلى القيم

295 للعين المتعذر الوصول إليها مراتب من الضمان

ص: 373

ص الموضوع

297 ما حكي عن شيخنا المفيد في ضمان القيمة بيوم الدفع

299 حكم تعذر الوصول الى العين حكم تلف العين

301 الذهاب الى القول الاخير جمع بين الحقين

303 لبس ثبوت القيمة للعين المتعذر الوصول إليها كثبوت القيمة للعين

305 احتمال كون المبذول مباحا إباحة مطلقة

307 ما افاده المحقق و الشهيد الثانيان في القيمة

309 الكلام في البدل المبذول

311 في حكم خروج العين عن المالية رأسا

313 كلمات الأعلام في خياطة الثوب بالخيوط الغصبية

315 في حالات ذهاب العين

317 قسم رابع لتعذر الوصول الى العين

319 مقتضى صدق الغرامة خروج الغارم عن عهدة العين

321 في وجوب رد العين اذا ارتفع ص الموضوع

التعذر

323 حكم الغرامة المدفوعة عند طرو التمكن

325 ضعف توهم كون المدفوع بدلا عن القدر الفائت

327 ليس للغاصب حبس العين

329 ما ذكره العلامة في القواعد

331 كلام حول إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

333 في شروط المتعاقدين

335 الاستدلال بحديث حمزة بن حمران

337 بطلان ما يوقعه الصبي و إن كان باذن الولي

339 التمسك بحديث رفع القلم ينافي شرعية عبادة الصبي

341 الاجماع و الشهرة هما الدليل على عدم نفوذ تصرفات الصبي

343 التمسك بصحيحة محمد بن مسلم

345 لا وقع بما التزم به الصبي

347 تحقيق حول رفع القلم

349 عدم الفرق في معاملة الصبي بين اليسير و الكثير

ص: 374

ص الموضوع

351 نقاش من الشيخ حول ما افاده المحقق الكاشاني

353 جواب الشيخ عن الاستدلال برواية السكوني

355 ايراد الشيخ على ما افاده المحقق الكاشاني

357 توضيح ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

359 الاعتماد على جواز تصرفات الصبي ص الموضوع

على الاذن الحاصل من المالك

361 جواز تصرفات الصبي لا يكون مبررا لتقديم قول المشتري

363 رد من الشيخ على الدعوى المستدل بها

365 رد من الشيخ على ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

ص: 375

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 تحقيق حول كلمة المقدمة

8 تعليل و خلاصته

9 في الحديث الدال على صحة طلاق الاخرس بالاشارة

9 تعليل و خلاصته

10 تأييد من الشيخ لمدعاه

10 خلاصة كلام الشيخ

11 الحديث الدال على ترجيح الكتابة على الاشارة

12 تعريف الحقيقة و المجاز و الكناية

13 اتيان الشيخ بكلمات الفقهاء

13 التسليط على المال أعم

14 المراد من الاصل الاستصحاب

15 المجاز على ثلاثة أقسام

15 تعريف المجاز القريب و البعيد

16 تعريف أبسط للكناية

16 الفرق بين الكناية و المجاز

17 الكناية الجلية و الخفية

19 تعريف تبصرة العلامة

20 المراد من السلم

ص الموضوع

20 تعريف حول التولية

21 تعريف حول تقبل احد الشريكين حصة صاحبه

23 تعريف الاعارة و المزارعة

26-27 تعليل و خلاصته

27 خلاصة كلام الشيخ

27 في اللفظ الدال على المراد بمعونة لفظ آخر

28 الإشكال في الاكتفاء في فهم المراد من المشترك اللفظي على القرينة المعينة

29 تعليل و خلاصته

30 إن قلت قلنا

30 الاشارة الى قسمي اللازم

32 خلاصة كلام العلامة

34 عدم جواز استعمال لفظ في غير معناه

35 تعليل و خلاصته

36 تفريع

37 الاقتصار في النكاح على الألفاظ الثلاثة، لأجل ورودها في القرآن

ص: 376

ص الموضوع

38 عدم جواز استعمال لفظ مكان لفظ آخر

41 خلاصة كلام الشيخ

42 وجه الأبعدية

42 تحقيق حول كلمة شريت و اشتريت

43 دفع وهم و حاصل الوهم، و الجواب عن الوهم

44 خلاصة الاستثناء

46 وجهان في ذكر انعقاد القبول بلفظ الإمضاء

48 ايراد منا على الشيخ فيما افاده:

من اعتبار العربية

50 النظر و وجهه

50 ايراد على الشيخ فيما افاده

51 الحديث الوارد في العبد الآبق و اللبن

51-52 في الضرع: و النكاح

55 خلاصة كلام الشيخ

56 المراد من الفحوى

56 حديث سهل الساعدي

57 ايراد على ما افاده الشيخ

57 تحقيق حول كلمة قيس

ص الموضوع

59 رد بعض المحققين و خلاصته

61 وجه الفساد و خلاصته

62 خلاصة كلام الشيخ

62 رد الشيخ على ما افاده شيخ الطائفة

63 تأييد من الشيخ لما افاده

63 دليل ثان من الشيخ للرد على شيخ الطائفة

64 دليل ثالث من الشيخ للرد على شيخ الطائفة

65 دعوى كبرى كلية من الشيخ في جواز تقديم القبول على الايجاب

67 استدراك و خلاصته

69 تتميم و خلاصته

70 مفهوم إن لم يقم اجماع

71 وجه الامر بالتأمل

72 خلاصة كلام الشيخ

73 الفرق بين الادخال من ناحية البائع و الادخال من ناحية المشتري

73 سؤال تقديري و خلاصة الجواب عنه

74 جواب و خلاصته

75 مراد صاحب النهاية و المسالك

ص: 377

ص الموضوع

76 تحقيق حول أن اشتريت و رضيت متعاكسان عند التقديم و التأخير

80 استدراك و خلاصته

80 إشكال في جواز تقديم القبول على الايجاب

81 الفرق بين العقد و الايقاع

85 كلام في العارية و الوكالة و المضاربة

86 تحقيق حول الموالاة

87 مبدأ مأخذ الموالاة في العقد و اعتبارها فيه

91 تأييد من الشيخ في توجيه كلام العلامة

91 وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه هو سبب لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة

91 احتمال و خلاصته

92 الارتباط على قسمين

93 ايراد الشيخ على ما افاده الشهيد الاول

97 في الفرق بين العبارتين في الوكالة

98 إن قلت قلنا

100 خلاصة كلام الشيخ

ص الموضوع

101 إشكال و خلاصته و الجواب عنه

101 خلاصة كلام الشيخ

102 تفصيل الكلام في التعليق و أقسامه

103 الشرط الذي يعلق عليه العقد له أربعة أفراد

104 الامر الثاني للشرط الذي يعلق عليه العقد

105 الشرط إما مصرح به، أو مستفاد من لازم الكلام

105 في صور التعليق و هي ستة عشر

109 حكم الشيخ في صحة بعض الصور و بطلان بعضها الآخر

111-112 استدراك و خلاصته

112 القسم الثالث من أقسام التعليق

112 النوع الثاني من القسم الثالث

113 خلاصة استدلال البعض

113 تنظير و خلاصته

114 ايراد الشيخ على استدلال البعض و خلاصته

117 إشكال آخر على استدلال البعض

119 خلاصة ما افاده صاحب الجواهر

ص: 378

ص الموضوع

120 إشكال من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

122 تعليل و خلاصته

123 إشكال خامس على ما افاده صاحب الجواهر

124 خلاصة استدلال من يشترط التنجيز في العقد

125 رد من الشيخ على من يقول بتوقيفية الأسباب

127 تعليل و خلاصته

128 في الفرق بين الطلاق و طرفيه

132 إشكال و وجهه

133 وهم و الجواب عنه

135 صور اختلاف المتعاقدين اجتهادا أو تقليدا و هي أربعة

135 الأقوال في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا

137 خلاصة عبارة الشيخ

140 وجه التأمل

143 وهم و الجواب عنه

145 كلام حول كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

ص الموضوع

146 تمهيد الشيخ قاعدة كلية

149 الحديث الوارد في الاستعارة

150 سبب وجه الضعف

151 مقصود كلام الشيخ

151 المراد من قوله: فافهم

151 مقصود الشيخ من قوله: ثم العموم

155 بيان وجه الضعف

158 المدرك لقاعدة كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

159 تحقيق حول حديث على اليد ما اخذت

162 في تقسيم المنافع

166 الحديث الوارد عن الحلبي

169 في صورة البائع و المشتري

170 وهم و الجواب عنه

170 وهم آخر

173 إشكال على ما افاده المحقق

183 تحقيق حول حديث: الخراج بالضمان

185 الحديث الوارد عن اسحاق بن عمار حول المنافع المستوفاة

ص: 379

ص الموضوع

186 حديث آخر عن اسحاق بن عمار حول المنافع المستوفاة

187 إشكال و وجهه

188 وجه التأمل

188 القاعدة الاولى - و الثانية - و الثالثة

189 الحديث الوارد في ضمان قيمة الولد

190 وجه الأضعفية

192 لا يقال فإنه يقال

192 وهم و الجواب عنه

193 وجه الإشكال

193 نظرية الشيخ حول المنافع غير المستوفاة

194 وهم و الجواب عنه

197 وجه الأظهرية

197 عدول الشيخ عما افاده

198 تحقيق حول المثلي و القيمي

202 إن قيل قلنا

203 لا يقال فإنه يقال

204 خلاصة كلام الشيخ

205 المراد من الأجزاء

205 تعليل لكون المصوغ من الذهب ص الموضوع

و الفضة قيميا

206 تصحيح عبارة الكتاب

206 استثناء و خلاصته

206 تحقيق حول الجريش و الدقاقة

207 تحقيق حول النوع و الجنس، و تقسيم الجنس

207 تحقيق حول الصنف

209 وجه البعد

210 وجه الأبعدية

210 إشكال على ما افاده الشيخ

211 إشكال آخر على ما افاده الشيخ

213 التعريف الثاني للمثلي أعم من التعريف الاول

213 التعريف الثالث للمثلي أخص من التعريف الثاني

216 المراد من الاصل الاصل العملي

216 للاصل العملي أربعة احتمالات

217 ذكر وجه الاحتمالات

218 المراد من الاصل هو الاستصحاب

218 وهم و الجواب عنه

219 استدراك و خلاصته

220 تحقيق حول تشاح المالك و الضامن

ص: 380

ص الموضوع

220 ذكر وجه التأمل و ما افاده الأعلام

222 وهم و الجواب عنه

224 مقصود الشيخ

225 استدراك و خلاصته

227 ما ذكره الشيخ حول الآية الكريمة و الدليل السابق، و النسبة بينهما

229 تخصيص الآية بالاجماع

229 تعليل و خلاصته

230 مقصود الشيخ من قوله: فحاصل الكلام

231 الحديث الوارد عن يونس في الدراهم الساقطة

232 وجه التأمل

233 تأييد

233 الفحوى و وجهها

234 المراد من التردد

236 البحث في الحكم التكليفي و الوضعي

237 المراد من يوم المطالبة

244 وجه فافهم

245 تعليل و خلاصته

246 تعليل و خلاصته

ص الموضوع

247 توجه من الشيخ لكلام المحقق الثاني

247 خدش و خلاصته

249 استثناء و خلاصته

249 وجه التأمل

251 النسبة بين الإعواز و التعذر

252 الحديث الوارد في بيع السلف

253 الأقوال في ملاك القيمة اذا لم يوجد المثل

256 تحقيق حول كلمة (مفازة)

257 مصدر الأحاديث الدالة على أن ضمان القيمي التالف بالقيمة، و ذكر بعض من تلك الأحاديث

259 إشكالنا على ما ادعاه الشيخ من الانصراف

260 ذكر مناقشة الشيخ مع الاسكافي

261 رد من الشيخ على مقالة شيخ الطائفة و الإسكافي و المحقق

262 الشق الثاني من نقاش الشيخ مع المذكورين

264 الاصل الاولي

265 استدراك و خلاصته

ص: 381

ص الموضوع

265 إضراب عن الاستدراك و خلاصته

266 تعليل و خلاصته

267 استدراك عما افاده الشيخ

268 تحقيق عن هبيرة و قصر هبيرة

272 تحقيق حول قوله عليه السلام:

نعم قيمة يوم خالفته

272 تحقيق حول كلمة دبر و عقر

273 تحقيق حول كلمة حبّبته

273 ذكر تمام حديث أبي ولاد

274 محل الشاهد من صحيحة ابى ولاد

274 اعتراض المعلقين على ما افاده الشيخ حول كلمة ثانيا

275 اعتراضنا على الاعتراض المذكور

276 الشق الثاني لكيفية الاستشهاد بصحيحة ابى ولاد

277 ايراد على الدلالة

278 الغاية من جعل الظرف قيدا للقيمة

278 تعليل و وجه الظهور

279 لا يقال فإنه يقال

280 المراد من الفرق بين قيمة ص الموضوع

الصحيحة و المعيبة

281 تحقيق حول وصف الصحة اذا تلف

282 وجه الظهور

282 وجه الظهور أيضا

282 استدراك

283 وهم و الجواب عن الوهم

284 تأييد

284 استثناء و خلاصته

285 تفريع

285 وجه الامر بالتأمل

286 إشكال ثان

287 الظاهر خلاف الظاهر

288 صور تنازع المالك و الغاصب

289 اذا كان المعيار في ضمان القيمي يوم التلف

292 استدراك

293 استقرار القيمة العالية متوقف على تلف العين

293 استقرار أعلى القيم مخالف لأصالة براءة الذمة

ص: 382

ص الموضوع

293 ما ذكره صاحب الرياض و العلامة المجلسي

294 وجه النظر فيما ذكره صاحب الرياض و العلامة المجلسي

295 إشكالنا على الشيخ بقولنا: و لا يخفى

296 الجواب عن أصالة اشتغال الذمة

297 استدراك و خلاصته

297 الأقوال في زيادة القيمة بعد تلف العين

300 الإشارة الى ما ذكره العلامة الممقاني في تعليقته على المكاسب

301 كيفية الجمع بين الحقين

302 إشكال و وجهه

302 وجه الأوفقية

303 وجه التأمل

304 المراد من خروج العين عن المالية

304 المراد من قول الأعلام: بلا خلاف

306 إن قلت قلنا

307 من متممات كلام الشهيد الثاني

311 ما أوردناه عبارة على المكاسب بقولنا:

و الصحيح على مقدار ماليتها

ص الموضوع

313 المراد من أكثر الامرين

313 لا يقال فإنه يقال

314 تعليل

314 وهم

315 الجواب عن الوهم

316 لعل وجه التأمل

317 وجه المنافاة، و وجه عدم المنافاة

317 صور مسألة تعذر الوصول الى العين

318 دليل عدم جواز الرد و خلاصته

318 استثناء و خلاصته

321 وجه عدم الاجتماع

322 وهم و الجواب عنه

322 وهم آخر و الجواب عنه

324 وجه الأظهرية

325 ضعف التوهم

326 وجه التأمل

327 بيان أن الغرامة ليست عوضا عن مطلق السلطنة

328 بيان عن جزم ابن ادريس

329 وجه عدم جواز حبس الغاصب العين

ص: 383

ص الموضوع

354 كلام حول السيرة

356 تعليل

357 كلام شيخنا الانصاري

357 إشكال ثان على كاشف الغطاء

358 الاختلاف في السعرين

359 الوجوه الاربعة

360 تصرفات الصبي لا تكون موجبة لتقديم قول المشتري لو تنازع مع المالك

361 و كذا لا تكون موجبة لتقديم ص الموضوع

قول المشتري لو طالب المالك حقه

362 إشكال الشيخ على المحقق التستري و خلاصته

364 إشكال من الشيخ على صاحب الرياض

365 الآخذ من الصبي داخل في البيع الفضولي

366 إشكالنا على ما افاده الشيخ

366 استدراك و خلاصته

ص: 384

3 - فهرس الآيات الكريمة

- ا -

إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ 43

- ب -

بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ 160

- ح -

حيث قالوا يَدُ اَللّٰهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمٰا قٰالُوا 160

- ف -

فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا 38

فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 38

فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ 216، 222، 229، 233، 237، 260

- ق -

قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ 37، 50

- ن -

اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ 86

- و -

وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتٰامىٰ حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا اَلنِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ 340

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 50، 55، 125

و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 50، 53، 55، 120، 121، 125

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 55، 125

و لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ 46

وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً 119، 142

ص: 385

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- ا -

إن الناس مسلطون على أموالهم 120 125، 236، 158، 303، 327،

- خ -

الخراج بالضمان 184، 186، 187 190

- ر -

رفع عن امتي تسعة 15

رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ 334، 335

- ع -

على اليد ما اخذت حتى تؤدي 154 156، 159، 160، 162، 165 174، 175، 180، 192، 193، 216، 217، 250، 323

- ل -

لا ضرر و لا ضرار 166، 235 294، 301

- م -

المسلم اخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفس منه 165، 181، 183

من كنت مولاه فعلي مولاه 86

ص: 386

5 - فهرس الأمكنة

- ا -

ايران 224، 344

- ب -

بابل 268

بغداد 269، 271، 272، 273 275، 279

- ج -

الجربوعية 268

- ع -

العراق 224، 254

- غ -

غدير خم 86

- ق -

قصر بني هبيرة (ابن هبيرة) 270، 272، 273، 275، 278 279

- ك -

الكوفة 268، 269، 271، 272 273، 275، 278، 279

- ل -

لبنان 57

- م -

مصر 48

الميس 57

- ن -

النيل 269، 270، 271، 278 279

- ه -

الهاشمية 268، 269

ص: 387

6 - فهرس الأعلام

- ا -

الأئمة المعصومون - ع - 287

ابن حمزة 79

ابن زهرة 7، 65، 78، 198 341، 351

ابن سنان 335

ابن ماجة 183

ابن محبوب 268

ابو البخترى 343

ابو بصير 52

ابو حنيفة 19، 269، 270، 273

ابو داود 183

ابو الدرداء 350

ابو عبيدة 184

ابو ولاد 19، 198، 200، 257 259، 261، 268، 273، 274 280، 288، 290، 291، 292، 330

احمد 183

الاردبيلي: المحقق 58، 172، 205 210، 340

الاسكافي 198، 260-262، 266 267

- ب -

الامام الباقر - ع - ابو جعفر 258 335، 342، 343

البجنوردي: ميرزا حسن 159

البزنطي: ابو نصر 11

بنو امية 268

- ت -

الترمذي 183

التستري: اسد اللّه 358، 361، 362 364

تغلب: ابان بن تغلب 55، 65

- ث -

ثعلبة 52

- ح -

الحلبي 78، 79، 149، 166 200، 252، 297

الحلي: ابن ادريس 7، 12، 96 141، 172، 197، 198، 235 237، 265، 267، 328، 330 335، 343

الحلبي: العلامة 7، 19، 29-33

ص: 388

55، 68، 69، 86، 91، 96 97، 98، 102، 109، 144، 155 165، 172، 177، 197، 198 212-214، 243، 244، 247 251، 263، 296، 312، 329 335، 341، 342، 350، 351، 356

حمران: حمزة بن حمران 335

- ر -

الرسول الأعظم - ص - 15، 46 56، 63، 64، 86، 95، 120 154، 156، 158-161، 165، 166 173، 181، 184، 192، 216 217، 235، 250، 294، 301 303، 323، 334، 335، 352

الامام الرضا - ع - ابو الحسن 11 231

- ز -

زرارة 189

الامام زين العابدين - ع - علي 343

- س -

الساعدي: سهل 56، 63، 66 67، 95

السكوني 258، 351، 352

سماعة

- ش -

الشهيد الاول 19، 49، 55، 86 87، 90، 91، 93، 94، 95 96، 99، 100، 101، 102 109، 111، 117، 118، 126 128، 129، 145، 155، 165 177، 225، 319

الشهيد الثاني 37، 46، 55، 86 96، 100، 109، 111، 145، 155، 158، 165، 175، 177، 205، 206، 225، 292، 294 306، 307، 319، 330

الشهيدي: العلامة 206

- ص -

صاحب جامع المقاصد 173، 247 248

صاحب الجواهر 119-124

صاحب الدروس 214

صاحب الروضة البهية 214

صاحب الرياض 172، 293، 294، 254

صاحب الغنية 335، 339

ص: 389

صاحب الكفاية 307

صاحب كنز العرفان 37

«صاحب المبسوط (شيخ الطائفة الطوسي) 54، 62، 65، 66، 71، 78 79، 86، 96، 112، 114، 141 144، 145، 158، 178، 163 167، 198، 212، 215، 254 260، 261، 262، 268، 292 303، 335، 343

صاحب المسالك 75

صاحب الوسيلة 189، 190

صاحب النهاية 75

الامام الصادق - ع - ابو عبد اللّه جعفر 9، 125، 143، 149، 166 185، 189، 195، 200، 220 250، 252، 258، 259، 261 262، 266، 267، 270-277 279-286، 290، 291، 330 336، 337، 343، 346، 351

الصيمري 109

- ط -

الطباطبائي: السيد اليزدي 220

- ع -

العباس - ع - سيدنا 287

العميد: السيد 196

عمران: موسى بن عمران - ع - 51

الامام علي - ع - امير المؤمنين 86، 258، 342

عمار: إسحاق بن عمار 185، 186

عميد الدين 46

- ف -

الفخر، فخر الدين، فخر الاسلام 19، 33، 36، 37، 40، 41 47، 96، 109، 196، 197 243، 339، 342

- ق -

القاضي 51، 67، 297، 342

القمي: المحقق 305

قيس: محمد بن قيس 195

- ك -

الكاشاني: المحدث 350

الكاشاني: المحقق 351 353-355

كاشف الرموز 18، 19، 198

كاشف الغطاء: جعفر 141، 356-358 362، 356

- م -

المجلسي: العلامة 193، 294

المحقق الاول 18، 19، 23، 55

ص: 390

67-69، 109، 167، 173، 198 260-262، 339، 342

المحقق الثاني 26، 36، 36، 36 46، 86، 96، 100، 109 172-174، 177، 196، 239 306، 319، 340

مسلم: محمد بن مسلم 342، 343

المفيد 297

المقداد: الفاضل 46، 86

الممقاني: الشيخ 184، 220، 300

الامام موسى الكاظم - ع - ابو الحسن 51، 186

- ن -

النسائى 183

- ه -

الهندي: الفاضل 58

- ي -

يونس 11، 231

ص: 391

7 - الكتب

- ا -

الارشاد 19، 41

الأشباه و النظائر 184

الايضاح 33، 52، 109، 110 193، 235، 238، 239، 240، 242، 243، 246، 256، 327

- ت -

التبصرة 19

التحرير 19، 55، 177، 213 215، 235، 239، 241، 263 296، 239

التذكرة 7، 14، 29-31، 50 51، 58، 98، 99، 172، 177 181، 197، 214، 235، 238، 239، 242، 243، 249، 251 252، 256، 319، 327، 334 339، 341، 348، 350، 351

التنقيح 195، 196، 356

التهذيب 268، 274

- ج -

الجامع 45، 100، 306

جامع المقاصد 36، 47، 52، 66 173، 181، 196، 216، 235، 247، 250، 251، 312، 320، 321، 227

- خ -

الخلاف 52-54، 65، 78، 79، 159، 260، 304

- د -

الدروس 177، 195، 196، 213 225، 235، 256، 263، 333

- ر -

الروضة البهية 213، 263

الرياض 110، 154، 172، 293

- س -

السرائر 7، 52، 66، 141 172، 182، 183، 191، 197 215، 235، 241، 304، 327 335، 340، 343

- ش -

الشرائع 55، 196؛ 260، 298 339

شرح الارشاد 19، 41، 96

ص: 392

شرح القواعد 340

- ص -

الصحيح 268

- غ -

غاية المراد 53، 263

الغنية 7، 65، 66، 78، 215 304، 333، 339، 341، 351

- ف -

فرائد الاصول: «الرسائل» 80 211

- ق -

القاموس 39

القرآن الكريم 39، 42، 50

قرب الاسناد 344، 346

القواعد 87، 90، 91، 100، 102، 117، 118، 126، 141 155، 172، 177، 196، 197 240-242، 247، 312، 318 329، 339

- ك -

الكافي 78

الكامل 51، 67، 71

كشف اللثام 58

الكفاية 214، 307، 333

كفاية الاصول 139

كنز العرفان 38، 333، 342

كنز العمال 159

- ل -

اللمعة الدمشقية 20، 21، 85، 168، 171، 178، 199

- م -

المبسوط 54، 55، 62، 65، 66 71، 86، 110-112، 114، 144، 156، 159، 177، 178، 182، 212، 215، 233، 254 303، 304، 319، 335، 343

مجمع البرهان 24، 313

مجمع الفائدة 58، 172

المختلف 215

المسالك 19، 21، 37، 45 66، 75، 100، 118، 145، 158 167، 195، 196، 214، 225 239، 250، 313، 316

مستدرك وسائل الشيعة 64، 159 258

مفتاح الكرامة 41

ص: 393

المقابيس 358، 361

المهذب 51

الميسية 57

- ن -

النهاية 75، 109

نهاية الأحكام 45، 58

- و -

وسائل الشيعة 9، 51، 56، 64 143، 149، 166، 181، 185 189، 190، 195، 200، 231، 250، 252، 257، 263، 334، 342، 352

الوسيلة 52، 66

ص: 394

الخاتمة

و قد انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء السابع) من كتاب (المكاسب لشيخنا الانصاري) قدس اللّه سره، و طيب رمسه من بداية مقدمة في خصوص ألفاظ البيع

الى نهاية تصرفات الصبي، حامدين اللّه عز و جل و شاكرين له على هذه النعمة العظمى.

و كان ذلك في يوم الخميس الحادي عشر من شوال 1396 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيى البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد عناء كثير مقابلة و تعليقا و تصحيحا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان، و بعد سهر الليالي و الأيام، رغبة منا في إخراج هذا التراث الخالد: فقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين، و شغفا بمواصلة الأجزاء و متابعتها واحدا بعد آخر إن شاء اللّه تعالى.

و كان الشروع فيه في اليوم الحادي عشر من جمادى الاولى 1396

و قد جاء بحمد اللّه تبارك و تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع.

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء الثامن) اوله: (مسألة: و من جملة شروط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد).

و إني لأرى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه.

عبدك السيد محمد كلانتر

في 1396/10/11

ص: 395

المجلد 8

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الاهداء

ص: 5

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

سيدي.. أبا صالح. يا ولي العصر.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك... يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبد الراجي السيّد محمّد كلانتر

ص: 6

تتمة كتاب البيع

اشارة

ص: 7

شروط المتعاقدين

ص: 8

تتمة الكلام في شروط المتعاقدين

مسألة: و من جملة شرائط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد الذي يتلفظان به
اشارة

(مسألة): و من جملة شرائط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد الذي يتلفظان به (1).

+++++++++++

(1) يروم الشيخ من اشتراط قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به في هذه المسألة الاشارة الى شروط ثلاثة يجب وجودها في المتعاقدين سواء في البيع أم في غيره:

(الاول): كون العاقد قاصدا للفظ أي يكون ملتفتا إليه، و قاصدا له عند صدوره منه.

و الغرض من هذا الشرط إخراج اللفظ الصادر من الغافل و النائم عن حريم المسألة، فإنه لا أثر لما يصدر عنهما، لعدم التفاتهما إليه عند صدوره منهما.

و كذا إخراج اللفظ الصادر من الغالط في قوله: آجرتك و هو يريد البيع.

(الثاني): كون العاقد قاصدا للمعنى: اي يكون الداعي لاستعمال اللفظ في المعنى هو إرادة ايجاد هذا المدلول في عالم الخارج، و كونه مريدا لايجاد المنشأ بهذا اللفظ الذي هو آلة لايجاده.

و الغرض من هذا الشرط هو اخراج الهازل و اللاعب باللفظ على سبيل اللعب عن حريم المسألة، لعدم وجود إرادة منهما لايجاد المنشأ في الخارج حقيقة وجدا.

ص: 9

و اشتراط القصد بهذا المعنى (1) في صحة العقد، بل في تحقق مفهومه (2) مما لا خلاف فيه و لا إشكال، فلا (3) يقع من دون قصد الى اللفظ كما في الغالط.

أو الى المعنى (4) كما في الهازل

+++++++++++

- (الثالث): كون مدلول اللفظ مطابقا لما يراد منه أي لا يكون اللفظ مستعملا في غير ما وضع له بغير علاقة كاستعمال لفظ البيع في قوله:

بعت في الإخبار، أو الاستفهام، أو معنى مغاير لمدلول العقد كارادة القرض من البيع مثلا.

و الغرض من هذا الشرط هو إخراج المذكورات عن حريم المسألة.

(1) و هو قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به.

و المراد من مدلول العقد هو تمليك العين، أو المنفعة.

(2) أى في تحقق مفهوم العقد خارجا، فإن العقد لا يتحقق في الخارج اذا لم يقصد المتعاقدان مدلوله الذي يتلفظان به.

فبين صحة العقد، و تحقق مفهوم العقد خارجا عموم و خصوص مطلق اذ كلما صدقت صحة العقد في الخارج صدق تحقق مفهومه.

و ليس كلما صدق تحقق مفهوم العقد خارجا صدقت الصحة كما في العقد الباطل الفاقد لبعض شرائط العقد.

فالأخصية من جانب الصحة.

(3) القاء تفريع على ما أفاده: من اشتراط قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به.

هذا اشارة الى الشرط الاول الذي ذكرناه في الهامش 1 ص 9

(4) اي و كذلك لا يقع العقد من دون قصد المتعاقدين الى معنى اللفظ.

هذا اشارة الى الشرط الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 9

ص: 10

لا بمعنى (1) عدم استعمال اللفظ فيه، بل بمعنى عدم تعلق ارادته (2) به و إن اوجد (3) مدلوله بالإنشاء كما في الامر الصوري (4) فهو شبيه الكذب في الإخبار.

أو قصد (5) معنى يغاير مدلول العقد: بأن قصد الإخبار (6) أو الاستفهام (7)، أو إنشاء معنى غير البيع مجازا (8)، أو غلطا (9) فلا (10) يقع البيع، لعدم القصد إليه،

+++++++++++

(1) اي و ليس معنى عدم القصد الى المعنى أن الهازل لا يقصد استعمال اللفظ في معناه، حيث إنه يستعمل اللفظ في معناه و يقصده منه، لكنه على نحو الهزل من دون إرادة جدية منه للمعنى، فهو في الحقيقة لا يكون قاصدا للانشاء كما هو الحال في الأوامر الصورية التي هي كذب بالإنشاء

(2) اي إرادة الهازل بالمعنى كما عرفت آنفا.

(3) اي الهازل كما عرفت آنفا.

(4) حيث إن الأمر الصوري ليس أمرا حقيقيا، لعدم وجود إرادة جدية فيه، بل الامر الصادر من الآمر على سبيل المزاح.

(5) هذا اشارة الى الشرط الثالث المشار إليه في ص 10

(6) اي من لفظ بعت في قوله: بعت اراد الإخبار.

(7) اى من لفظ بعت في قوله: بعت اراد الاستفهام.

(8) كما لو اراد من لفظ بعت في قوله: بعت الاجارة، بناء على جواز استعمال لفظه الموضوع لنقل الأعيان في نقل المنافع مجازا، حيث إن البيع يفيد نقل المنافع بالتبع.

(9) اى أو انشأ معنى غير البيع من لفظ بعت غلطا كما لو عبر عن البيع بالاعارة، أو إنشاء القرض منه و هو يريد القرض.

(10) الفاء تفريع على ما افاده في قوله: أو قصد معنى يغاير مدلول

ص: 11

و لا (1) المقصود اذا اشترطت فيه (2) عبارة خاصة.

ثم إنه ربما يقال بعدم تحقق القصد في عقد الفضولي (3) و المكره (4)

+++++++++++

- العقد، أى فعلى ضوء ما ذكرنا لا يقع البيع لو قصد منه الإخبار أو الاستفهام، أو معنى يغاير مدلول العقد، لعدم القصد الى البيع

فيلزم أن ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد، لعدم وقوع البيع منه.

(1) اى و لا يقع المقصود و هو الإخبار، أو الاستفهام، أو قصد معنى مغاير لمدلول العقد، بناء على اشتراط عبارة خاصة في المذكورات.

(2) اى في قصد معنى مغاير لمدلول العقد كما عرفت.

(3) لأنه مع علمه بكون العقد المؤثر شرعا هو الصادر عن المالك لا عن الاجنبي لا اثر لعقده، لعدم تحقق القصد منه الى حقيقة العقد

فانشاؤه إنشاء صوري لا يترتب عليه اي اثر.

و الجواب عن هذا الإشكال: أنه من الممكن أن يقال: إن عقد الفضولي و إن لم يكن علة تامة في التأثير الذي هو النقل و الانتقال، لكنه مقتض لهما فيتم بالاجازة التي هو احد جزئي وقوع العقد، و الجزء الآخر هو العقد.

فإن صدرت الاجازة صح العقد و وقع للمالك.

و إن لم تصدر و ردّ العقد لم يقع للمالك، و لا للعاقد

فالمانع من نفوذ عقد الفضولي هو عدم صدوره ممن له حق النقل و الانتقال، لا عدم تحقق القصد من الفضولي، لأنه قاصد عند إنشاء اللفظ و ايجاده في عالم الخارج الى حقيقة العقد.

(4) لأن المكره بالفتح لا يريد ايجاد النقل و الانتقال في الخارج باختياره، و إنما الخوف الجأه الى الإنشاء، فلولا التهديد من المكره بالكسر و تخويفه للمكره بالفتح لما انشأ أبدا.

ص: 12

كما صرح (1) به في المسالك، حيث قال: إنهما قاصدان الى اللفظ، دون مدلوله.

و فيه (2) أنه لا دليل على اشتراط أزيد من القصد المتحقق في صدق مفهوم العقد.

مضافا الى ما سيجيء في أدلة الفضولي (3).

و أما معنى ما في المسالك فسيأتي في اشتراط الاختيار.

كلام صاحب المقابس في اعتبار تعيين المالكين و المناقشات فيه

و اعلم أنه ذكر بعض المحققين (4) ممن عاصرناه كلاما في هذا المقام (5)

+++++++++++

فإنشاؤه إنشاء ساذج فارغ عن القصد.

و الخلاصة أن الداعي للإنشاء ليس قصد المنشأ في عالم الخارج حتى يترتب عليه الاثر: و هو النقل و الانتقال.

و الجواب عنه: أنه يمكن أن يقال: إن المكره بالفتح قاصد لتحقق النقل و الانتقال في الخارج، إلا أنه ليس هناك طيب النفس منه حالة صدور العقد.

و من الواضح أن طيب النفس صفة اجنبية عن مقولة القصد لا ربط لها بحقيقة القصد فلا يكون فقدانها موجبا لعدم تحقق القصد.

(1) اى بعدم تحقق القصد من الفضولي، و المكره.

(2) اي و فيما افاده الشهيد الثاني في المسالك في هذا الباب نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ وجه الإشكال في المتن فلا نعيده.

(3) و هي كفاية هذا المقدار من القصد في عقد الفضولي، لقيام الاجماع عليها.

(4) و هو المحقق الشيخ اسد اللّه التستري صاحب المقابيس - قدس سره -

(5) و هو اعتبار قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به.

ص: 13

في أنه هل يعتبر تعيين المالكين (1) الذين يتحقق النقل، أو الانتقال بالنسبة إليهما أم لا؟

و ذكر أن في المسألة (2) أوجها و أقوالا، و أن المسألة في غاية الإشكال، و أنه قد اضطربت فيها كلمات الأصحاب قدس اللّه أرواحهم في تضاعيف أبواب الفقه.

ثم قال (3): و تحقيق المسألة أنه إن (4) توقف تعين المالك على التعيين

+++++++++++

اعلم أن للمحقق التستري في هذا المقام نظريات ثلاث ذكرها في المقابيس و قد نقلها عنه الشيخ هنا.

و نحن نذكرها بتمامها، و نشير الى كل واحدة منها عند رقمها الخاص

(1) المراد من المالكين هنا البائع و المشتري، اذ بالبيع ينتقل الثمن الى البائع، و بالشراء ينتقل المثمن الى المشتري.

(2) و هي مسألة اعتبار تعيين المالكين الذين يتحقق النقل و الانتقال بالنسبة إليهما.

(3) اي قال (المحقق التستري) في المقابيس.

(4) هذه هي النظرية الاولى.

و خلاصة ما افاده هناك: أن البائع و المشتري إما أن يكونا متعينين حال العقد، أو غير متعينين.

فعلى الاول لا تحتاج المعاملة الى تعيينهما، لتعينهما في الواقع، و انصراف المعاملة إليهما كما لو كان زيد هو البائع، أو المشتري فقام بالمعاملة عنه وكيله، أو وليه.

و على الثاني تحتاج المعاملة الى التعيين، لعدم تعين البائع و المشتري في عالم الواقع، بداهة صلاحية كل واحد منهما أن يكون بايعا، أو مشتريا كما لو كان العاقد وكيلا عنهما في البيع و الشراء، أو وليا عليهما.

ص: 14

حال العقد، لتعدد (1) وجه وقوعه الممكن شرعا: اعتبر تعيينه في النية أو مع التلفظ به أيضا كبيع الوكيل، و الولي العاقد عن اثنين في بيع واحد (2)، أو الوكيل عنهما، و الولي عليهما في البيوع المتعددة (3) فيجب أن يعين من يقع له البيع، أو الشراء من نفسه، أو غيره.

و أن يميز (4) البائع من المشتري اذا أمكن الوصفان في كل منهما

+++++++++++

(1) تعليل لقوله: إن توقف تعين المالك على التعيين.

و قد عرفت التعليل عند قولنا في الهامش 4 ص 14: و على الثاني.

(2) و قد عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 4 ص 14: كما لو كان العاقد وكيلا عنهما في البيع و الشراء: بأن يكون وكيلا عن احدهما في البيع و عن الآخر في الشراء.

(3) كما لو كان زيد وكيلا عن عمرو، أو وليا عليه للشراء له و البيع عنه.

و كان وكيلا أيضا عن شخص ثان، أو وليا عليه في الشراء له و البيع عنه.

ففي هاتين الصورتين يجب على الوكيل، أو الولي تعيين البائع أو المشتري عند صدور العقد منه.

(4) بصيغة الفاعل اى على الوكيل عن زيد، أو الولي عليه أن يميز البائع عن المشتري حال صدور العقد منه.

هذه هي النظرية الثانية تعرض لها صاحب المقابيس - قدس سره - في مسألة اشتراط قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به.

و خلاصتها: أنه اذا كان شخص وكيلا عن اثنين في البيع و الشراء أو وليا عليهما في البيع و الشراء: بأن يصلح كل منهما أن يكون بايعا

ص: 15

فاذا عين (1) جهة خاصة تعينت.

و إن اطلق (2) فإن كانت هناك جهة ينصرف إليها الإطلاق كان كالتعيين كما (3) لو دار الامر بين نفسه

+++++++++++

أو مشتريا فاوقع العقد من قبلهما: بأن اشترى لاحدهما و باع عن الآخر.

فهنا لا يخلو الواقع من احد الامرين:

فإما أن يعين الوكيل، أو الولي جهة خاصة: بأن يقول: اشتريت لزيد وكالة عنه، أو ولاية عليه، و بعت عن عمرو وكالة عنه، أو ولاية عليه، فحينئذ تعينت الجهة الخاصة عند صدور العقد من الوكيل، أو الولي و وقع العقد صحيحا.

و إما أن يطلق: بأن لا يقول: اشتريت لزيد وكالة عنه، أو ولاية عليه، و لا بعت لعمرو وكالة عنه، أو ولاية عليه.

فإن كانت في هذه الحالة جهة ينصرف إليها الاطلاق اى قرينة معينة بها ينصرف هذا الاطلاق كان هذا الاطلاق كالتعيين أي يكون حكمه حكم ذاك من دون فرق بينهما.

كما لو دار الامر بين أن يكون الإنسان اصيلا عن نفسه في المعاملة الصادرة عنه، أو وكيلا عن الغير، فالقرينة الحالية الدالة على أن المعاملة الصادرة منه قد وقعت لنفسه تغنينا عن كونها صادرة منه لموكله، لاحتياج الوكالة الى مئونة زائدة، و الاصل عدمها.

(1) قد اشرنا الى معنى هذا عند قولنا: فإما أن يعين الوكيل.

(2) قد اشرنا الى معنى هذا في عند قولنا: و إما أن يطلق.

(3) هذا تنظير لما اذا كانت في صورة الاطلاق جهة خاصة أى قرينة

ص: 16

و غيره اذا (1) لم يقصد الإبهام، أو التعيين بعد العقد، و إلا (2) وقع لاغيا و هذا (3) جار في سائر العقود: من النكاح و غيره.

و الدليل (4) على اشتراط التعيين، و لزوم متابعته في هذا القسم أنه لو لا ذلك لزم (5) بقاء الملك بلا مالك معين في نفس الامر، و أن (6)

+++++++++++

معينة، فقد عرفت التنظير عند قولنا في ص 16: كما لو دار الامر بين أن يكون.

(1) اى ما قلناه: من أن الاطلاق كالتعيين اذا كانت هناك قرينة معينة فيما اذا لم يقصد العاقد من العقد الإبهام، أو يقصد التعيين بعد العقد

(2) اى لو قصد العاقد عند العقد الإبهام، أو قصد التعيين بعد العقد فلا تنصرف المعاملة إليه فيقع العقد لاغيا.

(3) أى ما قلناه: من التعيين و الاطلاق جار في جميع العقود من النكاح و غيره، و لا اختصاص له بالبيع.

(4) من هنا اخذ المحقق التستري صاحب المقابيس في الاستدلال على اشتراط تعيين البائع من المشتري في العقد بأمور ثلاثة نشير الى كل واحد منها تحت رقمه الخاص.

(5) هذا هو الدليل الاول.

و خلاصته أنه لو لم يشترط التعيين عند صدور العقد اذا لم يكن البائع و المشتري متعينين لزم بقاء الملك في عالم الواقع بلا مالك معين و هذا محال لأن البيع تمليك، و التمليك متقدم بشيئين:

المالك و المملوك، فاذا لم يكن المالك في البيع معينا لزم تحقق الملكية بدون المالك و هو محال.

(6) هذا هو الدليل الثاني.

ص: 17

لا يحصل الجزم بشيء من العقود التي لم يتعين فيه العوضان، و لا بشيء (1) من الأحكام و الآثار المترتبة على ذلك، و فساد ذلك ظاهر، و لا دليل على تأثير التعيين المتعقّب (2)، و لا (3) على صحة العقد المبهم، لانصراف (4) الأدلة الى ما هو الشائع المعروف من الشريعة، و العادة (5)

+++++++++++

و خلاصته: أن المستفاد من الأدلة الشرعية هو وجوب تحديد المنشأ من جهات عديدة.

(منها): أن يكون محددا بذاته كتعيين أنه بيع، أو اجارة.

(منها): تحديده من ناحية المميزات الخاصة كتعيين المالك و العوضين فالترديد في احدى الجهتين موجب لبطلان العقد، لقيام الاجماع على ذلك

فالجزم بالمالك الخاص من العوامل الدخيلة في صحة العقد.

(1) هذا هو الدليل الثالث.

و خلاصته: إجراء أصالة الفساد في المعاملة التي لم يتعين البائع و المشتري فيها، لأن الأدلة المستفادة منها صحة المعاملة منصرفة الى المعاملة التي عين فيها المالك، فعند عدم تعيين المالك لا تأتي تلك الأدلة، فمرجع مثل هذه المعاملة حينئذ الفساد.

(2) اي بعد العقد.

(3) أى و لا دليل أيضا على صحة العقد المبهم.

(4) تعليل لعدم صحة العقد المبهم اى لانصراف أدلة صحة العقد الى العقد الشائع المعروف عند الشريعة و هي المعاملة المذكور فيها المالك و العوضان و نوعيتها: من كونها بيعا، أو مزارعة، أو مساقاة، أو غير ذلك

(5) اى و لانصراف أدلة صحة العقد الى العقد الشائع المعروف من العادة، فإن العادة تحكم بعدم تاثير المعاملة المعين فيها المالك عقيب العقد، و بعد صدوره.

ص: 18

فوجب الحكم بعدمه (1)

و على هذا (2) فلو اشترى الفضولي لغيره في الذمة (3)، فإن عيّن ذلك الغير تعين و وقف على اجازته، سواء تلفظ بذلك (4) أم نواه (5)

و إن ابهم (6) مع قصد الغير بطل، و لا يتوقف الى أن يوجد له مجيز

الى أن قال (7): و إن لم يتوقف (8) تعين المالك على التعيين حال العقد: بأن يكون العوضان معينين، و لا يقع العقد فيهما على وجه يصح إلا لمالكهما

+++++++++++

أو اذا كانت مبهمة: من حيث ذكر المالك، أو العوضين، أو نوعيتهما

(1) اي بعدم وجود الإبهام في العقد.

(2) اى و على اشتراط تعيين البائع و المشتري في العقد.

(3) اى في ذمة الغير: بمعنى أنه اشترى للغير شيئا بمال الغير.

(4) اى تلفظ بالغير و اتى باسمه: بأن قال: اشتريت هذه الدار لزيد بمائة دينار في ذمة زيد.

(5) اي أم نوى ذلك الغير.

(6) اى فلو ابهم العاقد عند ما يجري العقد مع قصده الشراء للغير بطل العقد، و لا يتوقف الى أن يوجد له مجيز.

(7) اى المحقق التستري في المقابيس.

(8) هذه هي النظرية الثالثة حول اشتراط قصد المتعاقدين لمدلول العقد الذي يتلفظان به.

و خلاصتها: أنه إن لم يتوقف تعين المالك على تعيين البائع و المشتري:

بأن كان العوضان معينين كما اذا كان الثمن لزيد، و المثمن لعمرو فوكلا شخصا ثالثا للمعاملة فباع المثمن بالثمن من دون تعيين المالكين.

ص: 19

ففي وجوب (1) التعيين، أو الإطلاق المنصرف إليه، أو عدمه (2) مطلقا، أو التفصيل (3) بين التصريح بالخلاف فيبطل (4)، و عدمه (5) فيصح: أوجه (6)؟

(أقواها الاخير (7)

+++++++++++

فهل المعاملة هذه تقع صحيحة، أو تتوقف على تعيين البائع و المشتري؟

فالأقوال هنا ثلاثة:

(الاول): وجوب التعيين، أو الاطلاق المنصرف الى التعيين.

(الثاني): عدم الوجوب مطلقا، سواء صرح بالخلاف أم لم يصرح، لتعينه في الواقع فتصح المعاملة و إن صرح بالخلاف، فضلا عن قصده.

(الثالث): التفصيل بين التصريح بالخلاف، و عدمه، فإن صرح بالخلاف كما اذا كان الثمن لزيد فقال: بعته عن عمرو بطلت المعاملة.

و إن لم يصرح بالخلاف فالمعاملة صحيحة، و لا تتوقف الصحة على التعيين.

(1) هذا هو القول الاول المشار إليه آنفا

(2) هذا هو القول الثاني المشار إليه آنفا

(3) هذا هو القول الثالث المشار إليه آنفا

(4) اى العقد كما عرفت في القول الثالث

(5) اى و بين عدم التصريح بالخلاف فلا يبطل العقد كما عرفت في القول الثالث.

(6) اى أقوال ثلاثة كما عرفتها كلها عند قولنا: الاول، الثاني الثالث.

(7) و هو القول بالتفصيل كما عرفته في القول الثالث.

ص: 20

(و أوسطها الوسط (1)

(و أشبهها للاصول الاول (2)

و في حكم (3) التعيين ما اذا عين المال بكونه في ذمة زيد مثلا و على الأوسط (4) لو باع مال نفسه عن الغير وقع عنه (5)

+++++++++++

(1) و هو القول الثاني كما عرفت.

(2) و هو القول الاول كما عرفت اى أشبه الوجوه الثلاثة بالاصول القول الاول.

و المراد بالاصول هي الاصول الثلاثة

أصالة الفساد.

أصالة عدم ترتب الاثر الذي هو النقل و الانتقال.

أصالة عدم تحقق النقل و الانتقال.

و لا يخفى أن ما افاده المحقق التستري من أقوائية القول الثالث و أوسطية القول الثاني غير ممكن الجمع.

(3) اى و في حكم تعين العوض و تشخصه في الخارج اضافة العوض الى شخص معين و إن كان كليا، فالأقوال الثلاثة تأتي في هذا العوض المضاف الى شخص معين، و لا تختص بالعوض المعين الشخصي الخارجي.

(4) اى و على القول الثاني من الأقوال الثلاثة التي ذكرناها لك و هو عدم وجوب التعيين مطلقا، سواء صرح بالخلاف أم لم يصرح.

(5) اى وقع هذا البيع عن نفسه و شخصه، لا عن الغير.

أما سر عدم مجيء القول الاول هنا هو عدم وجوب تعيين المالك واقعا و في نفس الامر.

و أما سر عدم مجيء القول الثالث فهو أن التصريح بالخلاف لا يغير الواقع عما هو عليه.

ص: 21

و لغا قصد كونه عن الغير.

و لو (1) باع مال زيد عن عمرو، فإن كان (2) وكيلا عن زيد صح عنه، و إلا (3) وقف على اجازته.

و لو اشترى (4) لنفسه بمال في ذمة زيد، فإن لم يكن وكيلا عن زيد وقع له (5) و تعلق المال بذمته (6)، لا عن زيد، ليقف (7) على اجازته.

و إن كان (8) وكيلا فالمقتضي لكل من العقدين منفردا موجود.

+++++++++++

(1) اى و على القول الثاني الذي ذكرناه لك في ص 20

(2) اى البائع مال زيد لو كان وكيلا عن زيد في البيع عن عمرو صح البيع عن عمرو.

أما سر عدم مجيء القول الاول و الثالث هنا ما قلناه في الهامش 5 ص 21: فيما لو باع مال نفسه عن الغير.

(3) اي و إن لم يكن البائع وكيلا عن زيد في بيع ماله عن عمرو

(4) اى و على القول الأوسط الذي هو القول الثاني.

(5) اى وقع البيع عن نفس المشتري، و تعلق ثمن هذا الشراء بذمته و لا يقع البيع عن زيد حتى يتوقف على اجازته، فإن اجاز صح، و الا فلا

(6) اى بذمة المشتري كما عرفت آنفا.

(7) اللام للغاية بمعنى حتى اى حتى يقف العقد على اجازة زيد الموكل

(8) اى المشتري لنفسه بمال في ذمة زيد لو كان وكيلا عن زيد في الشراء.

خلاصة هذا الكلام أن مثل هذا الشراء في صورة الوكالة يمكن أن يقع لنفسه، و يمكن أن يقع عن زيد الموكل، لاقتضاء الشراء لكل واحد من العقدين منفردا.

ص: 22

و الجمع بينهما (1) يقتضي إلغاء احدهما.

و لمّا لم يتعين (2) احتمل البطلان (3)، للتدافع.

و صحته (4) عن نفسه، لعدم تعلق الوكالة بمثل هذا الشراء و ترجيح (5) جانب الأصالة.

+++++++++++

أما اقتضاؤه للمشتري فلاضافته الى نفسه في قوله: اشتريته لنفسي.

و أما اقتضاؤه للموكل فلاضافة ثمن الشراء الى ذمة زيد الذي هو الموكل

(1) اى بين العقدين و هما: إمكان وقوع العقد للمشتري، و وقوعه للموكل

(2) اى احد العقدين.

(3) اى بطلان المعاملة لاجل التدافع.

وجه التدافع: أن اضافة الشراء لنفسه في قوله: اشتريته لنفسي تدفع الشراء للموكل.

و اضافة الثمن الى ذمة الموكل في قوله: اشتريته لنفسي في ذمة زيد تدفع الشراء لنفسه، فكل اضافة تدافع الاخرى، فهذا التدافع موجب للبطلان.

(4) اى و احتملت صحة هذه المعاملة الواقعة عن نفسه بمال في ذمة زيد وجه الصحة أنه في مثل هذه الحالة يدور الامر بين وقوع المعاملة لنفسه أصالة، و وقوعها عن زيد وكالة باضافة الثمن الى ذمة زيد.

لكن وقوعها عن نفسه أصالة أولى من وقوعها عن زيد وكالة، لعدم تعلق الوكالة بمثل هذا الشراء الواقع عن نفسه، و لترجيح جانب الأصالة على الوكالة.

(5) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لعدم اى و لترجيح جانب الأصالة كما عرفت.

ص: 23

و عن الموكل (1)، لتعين العوض في ذمة الموكل.

فقصد (2) كون الشراء لنفسه لغوا كما في المعين.

و لو اشترى (3) عن زيد بشيء في ذمته فضولا و لم يجز فاجاز عمرو لم يصح عن احدهما.

+++++++++++

(1) اى و يحتمل وقوع المعاملة عن الموكل الذي اضاف المشتري ثمن الشراء الى ذمته، للقاعدة المسلمة المعروفة: و هو دخول المثمن في ملك من خرج عنه الثمن.

إذا صارت الاحتمالات ثلاثة.

(الأول): بطلان المعاملة و فسادها، للتدافع.

(الثاني): صحة المعاملة، للدوران المذكور.

(الثالث): وقوع المعاملة عن زيد الموكل، للقاعدة المسلمة.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من احتمال وقوع المعاملة عن الموكل أى فعلى ضوء ما ذكرناه: من الاحتمال الثالث: و هو وقوع المعاملة عن الموكل، للقاعدة المسلمة يكون قصد المشتري شراء السلعة عن نفسه باطلا و لغوا.

كما لو كان الشراء من بادئ الامر معينا.

(3) اى و على القول الأوسط و هو القول الثاني المشار إليه في ص 20 فلو اشترى شخص لزيد شيئا فضولا و جعل ثمنه بذمة زيد و لم يجز زيد الشراء فاجاز عمرو الذي كان اجنبيا عن المعاملة، لعدم شراء الفضولي لعمرو، بل اشترى لزيد فلا يقع الشراء لزيد، و لا العمرو

أما عدم وقوعه لزيد فلعدم اجازته له.

و من الواضح توقف صحة الشراء على الاجازة.

ص: 24

و قس على ما ذكر (1) حال ما يرد من هذا الباب (2)

و لا فرق (3) على الأوسط في الأحكام المذكورة بين النية المخالفة و التسمية.

و يفرق بينهما (4) على الأخير

و يبطل الجميع (5) على الاول

انتهى كلامه (6)

+++++++++++

و أما عدم وقوعه عن عمرو فلكونه اجنبيا عن المعاملة، لعدم إقدام المشتري الشراء له.

(1) و هي الفروع المذكورة في قول صاحب المقابيس في ص 14: و إن لم يتوقف تعين المالك على التعيين الى قوله في ص 16: و لو اشترى عن زيد بشيء.

(2) و هو باب توقف تعين المالك على تعيين البائع و المشتري أو عدمه

(3) خلاصة هذا الكلام أنه لا فرق على القول الثاني المشار إليه في ص 20 في الأحكام المذكورة التي هي الفروع المترتبة على قول صاحب المقابيس قدس سره بين كون العاقد ينوي مخالفة ما اوقعه أو يصرح بذلك، لعدم وجوب تعين المالك على تعيين البائع و المشتري مطلقا سواء صرح بالخلاف أم لم يصرح.

(4) اى بين نية الخلاف، و التسمية على القول الاخير و هو القول الثالث المشار إليه في ص 20، لأن التصريح بالخلاف سبب لفساد المعاملة بخلاف ما اذا نوى فلا يبطل العقد.

(5) و هو نية الخلاف، أو التصريح بالخلاف على القول الاول و هو المشار إليه في ص 20، لوجوب تعيين البائع و المشتري، أو الاطلاق المنصرف الى التعيين.

(6) اى كلام المحقق التستري فيما افاده في المقابيس، و الذي نقله

ص: 25

(اقول) (1): مقتضى المعاوضة و المبادلة دخول كل من العوضين في ملك مالك الآخر؛ و إلا (2) لم يكن كل منهما عوضا و بدلا.

و على هذا (3) فالقصد الى العوض و تعيينه يغني عن تعيين المالك.

إلا أن ملكية العوض، و ترتب آثار الملك عليه قد يتوقف على تعيين المالك، فإن (4) من الأعواض ما يكون متشخصا بنفسه في الخارج كالأعيان (5)

(و منها) (6): ما لا يتشخص إلا باضافته الى مالك كما في الذمم لأن ملكية الكلي لا تكون إلا مضافة الى ذمة (7)

و إجراء أحكام الملك على ما في ذمة الواحد المردد بين شخصين

+++++++++++

عنه الشيخ هنا في ص 13 بقوله: و اعلم أنه ذكر بعض المحققين.

(1) من هنا كلام شيخنا الانصارى يروم النقاش مع المحقق التستري حرفيا فيما افاده: من النظريات الثلاث.

(2) اى و إن لم يكن مقتضى المعاوضة و المبادلة ما ذكرناه.

(3) اى و على هذا الاقتضاء.

هذا رد على النظرية الاولى لصاحب المقابيس المذكورة في ص 14 بقوله: إن توقف تعين المالك على التعيين اعتبر تعيينه في النية.

(4) تعليل لتوقف ملكية العوض، و ترتب آثار الملك على العوض أحيانا على التعيين.

(5) اى كالأعيان الخارجية المعلومة، سواء أ كانت نقودا أم أعراضا

(6) اى و بعض الأعواض.

(7) حيث إن الكلي لا يتشخص و لا يتعين في الخارج إلا باضافته الى الذمة.

ص: 26

فصاعدا (1) غير معهود.

فتعين الشخص في الكلي إنما يحتاج إليه، لتوقف اعتبار ملكية ما في الذمم على تعيين صاحب الذمة (2)

فصح على ما ذكرنا (3) أن تعيين المالك مطلقا غير معتبر، سواء في العوض المعين (4) أم في الكلي (5)، و أن (6)، اعتبار التعيين فيما ذكره (7) من الأمثلة في الشق الاول (8) من تفصيله إنما هو لتصحيح ملكية العوض بتعيين من يضاف الملك إليه، لا لتوقف المعاملة على تعيين

+++++++++++

(1) كما اذا قال المشتري الفضولي: اشتريت للغير و لم يضف المال الى ذمة شخص معين، فإن الغير مجهول مردد بين شخصين فصاعدا.

(2) بناء على عدم معهودية إجراء أحكام الملك على ذمة الواحد المردد بين شخصين فصاعدا.

(3) و هو أن مقتضى المعاوضة و المبادلة دخول كل من العوضين في ملك مالك الآخر.

(4) كما في الأعيان الخارجية.

(5) كما في الأعيان المتعلقة بالذمم.

(6) هذا رد على ما افاده المحقق التستري بقوله في ص 15: اعتبر تعيينه في النية، أو مع التلفظ به كبيع الوكيل، و الولي العاقد.

(7) و هي المذكورة في قول صاحب المقابيس، و الذي نقله عنه الشيخ في ص 15: كبيع الوكيل، و الولي العاقد عن اثنين في بيع واحد و الوكيل عنهما، و الولي عليهما.

(8) المراد منه هي النظرية الاولى للمحقق التستري التي نقلناها عنه في الهامش 4 ص 14 بقولنا: هذه هي النظرية الاولى

ص: 27

ذلك الشخص بعد فرض كونه مالكا، فإن (1) من اشترى لغيره في الذمة اذا لم يعين الغير لم يكن الثمن ملكا (2)، لأن ما في الذمة ما لم يضف الى شخص معين لم تترتب عليه أحكام المال: من جعله ثمنا، أو مثمنا.

و كذا (3) الوكيل، أو الولي العاقد عن اثنين، فإنه اذا جعل (4) العوضين في الذمة بأن قال: بعت عبدا بالف، ثم قال: قبلت فلا يصير العبد قابلا للبيع، و لا الألف قابلا للاشتراء به حتى يسند كلا منهما الى معين، أو الى نفسه من حيث إنه نائب عن ذلك المعين فيقول: بعت عبدا من مال فلان بالف من مال فلان فيمتاز البائع عن المشتري.

و أما (5) ما ذكره من الوجوه الثلاثة فيما اذا كان العوضان معينين

+++++++++++

(1) تعليل لكون اعتبار التعيين إنما هو لتصحيح ملكية العوض لا لتوقف المعاملة على ذلك الشخص.

(2) اى ملكا للبائع.

(3) هذا رد على ما افاده صاحب المقابيس في قوله في ص 15 عند نقل الشيخ عنه: كبيع الوكيل و الولي العاقد عن اثنين.

(4) اى اذا جعل الوكيل، أو الولي الثمن و المثمن في الذمة، و لم يضفهما الى شخص معين لا يصير المثمن قابلا للبيع، و لا الثمن قابلا للاشتراء به

(5) هذا رد على النظرية الثالثة لصاحب المقابيس فيما افاده و نقله عنه الشيخ في ص 19 بقوله: و إن لم يتوقف تعين المالك على التعيين.

و المراد من الوجوه الثلاثة ما افاده صاحب المقابيس بقوله في ص 20:

ففي وجوب التعيين، أو الاطلاق المنصرف الى التعيين، أو عدم وجوب التعيين مطلقا، أو التفصيل بين التصريح بالخلاف فيبطل، و عدم التصريح بالخلاف فيصح العقد.

ص: 28

فالمقصود اذا كان هي المعاوضة الحقيقية التي قد عرفت (1) أن من لوازمها العقلية دخول العوض في ملك مالك المعوض، تحقيقا (2) لمفهوم العوضية و البدلية: فلا حاجة الى تعيين من ينقل عنهما، أو إليهما العوضان، و إذا لم تقصد المعاوضة الحقيقية (3) فالبيع غير منعقد.

فإن جعل العوض من عين مال غير المخاطب الذي ملّكه المعوّض فقال: ملّكتك فرسى هذا بحمار عمرو فقال المخاطب: قبلت: لم يقع البيع لخصوص المخاطب، لعدم مفهوم المعاوضة معه (4)

و في وقوعه (5) اشتراء فضوليا لعمرو كلام يأتي.

+++++++++++

(1) اى في قول الشيخ ردا على صاحب المقابيس في ص 26: أقول مقتضى المعاوضة و المبادلة.

(2) منصوب على المفعول لاجله اي القول بأن من لوازم العقلية في المعاوضة الحقيقية دخول العوض في ملك مالك المعوض إنما هو لأجل تحصيل مفهوم العوضية و البدلية، حيث إن مفهوم المعاوضة هو دخول المثمن في ملك من خرج الثمن من ملكه.

فكلما اطلقت المعاوضة و المبادلة فهم منها هذا المعنى.

(3) التي عرفت معناها عند ما اورد الشيخ على صاحب المقابيس بقوله في ص 26: اقول: مقتضى المعاوضة و المبادلة دخول كل من العوضين في ملك الآخر.

(4) اى مع هذا المخاطب، حيث إن المخاطب قد قبل الفرس إزاء حمار عمرو فيلزم أن يدخل الفرس في ملكه ازاء خروج الحمار عن ملك عمرو، و هو مناف لمفهوم المعاوضة الحقيقية التي عرفتها.

(5) اى هل يقع هذا التمليك لعمرو الذي جعل المملك حماره ازاء فرسه تمليكا فضوليا؟

ص: 29

و أما ما ذكره (1) من مثال من باع مال نفسه عن غيره فلا إشكال في عدم وقوعه عن غيره.

و الظاهر (2) وقوعه عن البائع، و لغوية قصده عن الغير، لأنه (3) امر غير معقول لا يتحقق القصد إليه حقيقة (4) و هو (5) معنى لغويته و لذا (6) لو باع مال غيره عن نفسه وقع للغير مع اجازته كما سيجيء و لا يقع عن نفسه ابدا (7)

+++++++++++

فيه بحث يأتي في عقد الفضولي:

(1) اى صاحب المقابيس

هذا تأييد لما افاده صاحب المقابيس في ص 21: من وقوع البيع لنفسه لو باع مال نفسه عن الغير، لا وقوعه عن الغير.

و خلاصته: أن وقوع البيع للغير مناف لمفهوم المعاوضة الحقيقية الذي هو دخول المثمن في ملك من خرج عنه الثمن.

(2) وجه الظهور أن كلمة بعت موضوعة للمعاوضة الحقيقية و المبادلة الواقعية: و هو دخول المثمن في ملك من خرج عنه الثمن.

(3) أى قصد البائع وقوع البيع عن الغير.

(4) لأنك قد عرفت أن المعاوضة الحقيقية هو دخول المثمن في ملك من خرج عنه الثمن.

و من الواضح أن البائع مال نفسه عن الغير قد ادخل ثمن المبيع في ملك من لم يخرج المثمن من ملكه.

(5) اى عدم تحقق القصد الى الغير هو معنى لغوية قصد الغير لو قصد البائع وقوع البيع عن الغير.

(6) أى و لأجل عدم تحقق قصد الغير لو قصده البائع.

(7) لعدم تحقق مفهوم المعاوضة الحقيقية.

ص: 30

نعم (1) لو ملّكه فاجاز (2) قبل بوقوعه له، لكن لا من حيث إيقاعه أولا لنفسه، فإن القائل به (3) لا يفرق حينئذ (4) بين بيعه عن نفسه، أو عن مالكه.

فقصد (5) وقوعه عن نفسه لغو دائما، و وجوده كعدمه.

إلا (6) أن يقال: إن وقوع بيع مال نفسه لغيره إنما لا يعقل اذا فرض قصده للمعاوضة الحقيقية، لم لا يجعل هذا قرينة على عدم ارادته من البيع المبادلة الحقيقية، أو على تنزيل الغير منزلة نفسه في مالكية المبيع

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من أنه لو باع مال غيره عن نفسه وقع للغير، لا لنفسه.

و خلاصته: أنه لو ملّك الغير ماله للبائع بعد أن باع البائع عن نفسه ثم اجاز البائع بعد تملكه للمال البيع.

قيل بوقوع البيع للبائع حينئذ.

لكن وقوعه له لا يكون من باب أن البائع الفضولي قد اوقع البيع لنفسه قبل تملكه له، بل من باب أنه بعد اجازته للبيع، و بعد أن صار المبيع ملكا له قد وقع البيع له، لأن القائل بوقوع البيع للفضولي بعد تمليكه المال له لا يفرق بين بيعه عن نفسه، أو عن مالكه.

(2) اى البائع الفضولي بعد تملكه المال.

(3) اى بوقوع البيع للبائع الفضولي بعد تملكه للمبيع.

(4) أى حين تمليك الغير ماله للبائع الفضولي كما عرفت آنفا.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن من باع مال الغير عن نفسه بطل قصد البيع عن نفسه.

(6) استدراك عما افاده: من صحة وقوع البيع لنفسه لو باع ماله عن الغير، و لا يصح وقوعه عن الغير.

ص: 31

كما سيأتي (1): أن المعاوضة الحقيقية في بيع الغاصب لنفسه لا يتصور إلا على هذا الوجه (2)

و حينئذ (3)

+++++++++++

و خلاصته: أنه إنما نقول بعدم وقوع البيع للغير فيما اذا باع ماله عن الغير لو قصد المعاوضة الحقيقية التي عرفت معناها في ص 26

و من المحتمل إرادة غير المعاوضة الحقيقية.

أو إرادة تنزيل البائع الغير منزلة نفسه حقيقة.

كما في الحقيقة الادعائية في قول السكاكي: زيد اسد، حيث ادعى أن زيدا اسد حقيقة.

و الدليل على هذا الاحتمال هو إقدامه على بيع ماله عن الغير، اذ نفس هذا الإقدام قرينة على أنه لم يرد من المعاوضة الحقيقية، أو نزّل الغير منزلة نفسه حقيقة.

و لا يخفى أنه اذا لم يرد من المعاملة المعاوضة الحقيقية فأي شيء يراد منها؟

فإن اريد منها النقل و الانتقال فهو معنى المعاوضة الحقيقية، حيث إن البائع ينقل المثمن الى ملك المشتري، و المشتري ينقل الثمن الى ملك البائع فيكون هذا نتيجة المعاوضة الحقيقية التي هو دخول المثمن في ملك من خرج عنه الثمن.

و إن اريد منها المعاطاة فكذلك هي المعاوضة الحقيقية.

(1) أى في باب بيع الفضولي إن شاء اللّه تعالى

(2) و هو تنزيل الغاصب نفسه منزلة المالك حقيقة

(3) اى و حين أن نزل المالك الغير منزلة نفسه، أو حين أن أريد من المعاوضة المعاوضة غير الحقيقية نحكم ببطلان مثل هذه المعاملة التي باع المالك

ص: 32

يحكم ببطلان المعاملة؛ لعدم (1) قصد المعاوضة الحقيقية مع المالك الحقيقي.

و من هنا (2) ذكر العلامة و غيره في عكس المثال المذكور (3) أنه لو قال المالك (4) للمرتهن: بعه لنفسك بطل (5)

و كذا (6) لو دفع مالا الى من يطلب الطعام و قال: اشتر به لنفسك طعاما.

+++++++++++

مال نفسه عن الغير.

و لا يخفى أن الحكم بالبطلان مناف للاستدراك المذكور بقوله: إلا أن يقال، لأن الغاية من الاستدراك تصحيح الحكم ببطلان المعاملة المذكورة أي يحكم بصحة بيع المالك مال نفسه عن الغير.

و هنا نرى أن الشيخ قدس سره حكم في الاستدراك ببطلان البيع أيضا لو اريد من المعاوضة غير الحقيقية، أو اريد منها تنزيل الغير منزلة نفسه.

فما معنى هذا الاستدراك؟

(1) تعليل للحكم بالبطلان المذكور.

و لا يخفى عليك أن عدم قصد المعاوضة الحقيقية هو المدعى في قول الشيخ: لم لا يجعل هذا قرينة على عدم ارادته من البيع المبادلة الحقيقية.

(2) و هو عدم قصد المعاوضة الحقيقية مع المالك الحقيقي.

(3) المراد من المثال المذكور هو بيع المالك مال نفسه عن الغير.

و عكس هذا هو بيع مال الغير عن نفسه.

(4) و هو الراهن

(5) وجه البطلان واضح: و هو عدم قصد المعاوضة الحقيقية مع المالك الحقيقي.

(6) اى و كذا يبطل أيضا، وجه البطلان كما ذكرناه في قول الراهن

ص: 33

هذا (1)

و لكن الأقوى صحة المعاملة المذكورة (2)، و لغوية القصد المذكور لأنه راجع الى إرادة ارجاع فائدة البيع الى الغير، لا جعله (3) احد ركني المعاوضة.

و أما حكمهم ببطلان البيع في مثال الرهن (4)، و اشتراء (5) الطعام فمرادهم عدم وقوعه للمخاطب، لا أن المخاطب اذا قال: بعته لنفسي، أو اشتريته لنفسي لم يقع لمالكه اذا اجازه (6)

و بالجملة (7) فحكمهم (8) بصحة بيع الفضولي، و شرائه لنفسه و وقوعه للمالك يدل على عدم تأثير قصد وقوع البيع لغير المالك (9)

+++++++++++

(1) أى خذ ما تلوناه عليك في هذا الباب.

(2) و هو بيع المالك مال نفسه عن الغير.

(3) اى لا جعل الغير احد ركني المعاوضة حتى يقال بعدم صحة المعاملة لعدم قصد المعاوضة الحقيقية مع المالك الحقيقي.

(4) كما افاده العلامة الحلي قدس سره بقوله في ص 33: إنه لو قال المالك للمرتهن: بعه لنفسك بطل.

(5) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: ببطلان البيع اى و أما حكمهم ببطلان شراء الطعام لنفسه في قوله في ص 33: اشتر به طعاما لنفسك.

(6) اى اذا اجاز المالك هذا الشراء، أو البيع.

(7) اى و خلاصة الكلام و حاصله في هذا المقام.

(8) اى حكم الفقهاء

(9) اى لو قصد الغير كما فيما نحن فيه، بل البيع يقع للمالك فقط فقصد الغير يكون لغوا.

ص: 34

ثم إن ما ذكرناه (1) كله حكم وجوب تعيين كل من البائع و المشتري من (2) يبيع له، و من يشتري له

هل يعتبر تعيين الموجب للمشتري و القابل للبائع؟
اشارة

و أما تعيين الموجب لخصوص المشترى المخاطب، و تعيين القابل لخصوص البائع فيحتمل اعتباره (3).

+++++++++++

(1) و هو الذي ذكره عن المحقق التستري صاحب المقابيس في ص 14 بقوله: قال: و تحقيق المسألة: أنه إن توقف تعين المالك على التعيين اعتبر تعيينه الى أن قال: فيجب أن يعين من يقع له البيع، أو الشراء من نفسه، أو غيره، و أن يميز البائع من المشتري.

(2) كلمة من في الموضعين موصولة و منصوبة، بناء على أنها مفعول للمصدر المضاف الى فاعله، و المصدر هي كلمة تعيين في قوله: تعيين كل من البائع و المشتري اي يجب على البائع تعيين من يبيع له، و يجب على المشتري تعيين من يشتري له.

أى كل ما ذكرناه عن صاحب المقابيس في هذا المقام كان حول أنه على البائع وجوب تعيين من يبيع له، و على المشتري وجوب تعيين من يشتري له.

و هذه هي النظرية الاولى للمحقق التستري المشار إليها في الهامش 4 ص 14

(3) من هنا يروم الشيخ أن يناقش المحقق التستري فيما افاده:

من وجوب تمييز البائع عن المشتري الذي نقله عنه الشيخ في ص 15 بقوله:

و أن يميز البائع عن المشتري.

و عبرنا نحن عن هذا في الهامش 4 ص 15 بالنظرية الثانية.

و خلاصة النقاش: أن علم الموجب بكون القابل يقبل لنفسه، أو لغيره و الغير لا بدّ أن يكون معلوما عنده: من أنه زيد، أو عمرو.

و كذا علم القابل بكون الموجب أوجب البيع لنفسه، أو لغيره، و الغير

ص: 35

إلا (1) فيما علم من الخارج عدم إرادة خصوص المخاطب لكل

+++++++++++

لا بدّ أن يكون معلوما عنده: من انه زيد، أو عمر: يحتمل اعتباره و تعيينه فيما اذا كانت هناك خصوصية ملحوظة كما اذا أراد البائع البيع للذرية العلوية الطاهرة، أو لمن كان متصفا بالورع و التقوى، أو لمن كان من أهل العلم و الفضيلة، أو لمن كان رحما له، أو غير ذلك من الصفات و الخصوصيات المطلوبة عند طلابها.

و كذا المشتري اراد من الشراء الشراء للمذكورين المتصفين بتلك الخصوصيات المذكورة.

(1) هذا استثناء عما افاده: من وجوب تعيين البائع و تمييزه عن المشتري فيما اذا كانت هناك خصوصية.

و خلاصته: أنه اذا كانت هناك قرينة خارجية على عدم إرادة خصوص المخاطب، و أنه لم تكن ملاحظة في البين كما في غالب البيوع و الاجارات حيث إن البائع، أو الموجر لا يريدان من ضمير المخاطب في قولهما: ملكتك الدار، أو منفعة الدار سنة كاملة مثلا المخاطب المخصوص.

بل يريدان الأعم منه اي يقصدان من الضمير أي شخص كان المشتري سواء أ كان مالكا حقيقيا أم جعليا كما في المشتري الغاصب الذي اشترى بمال غصيب شيئا، أم كان بمنزلة المالك كالمأذون في الشراء من قبل شخص، أم كان وليا على من يشتري له كالجد الابي، و الحاكم الشرعي فإن البائع غرضه من البيع بيع سلعته و جلب الثمن إليه، و لا يقصد من المخاطب مخاطبا مخصوصا فحينئذ لا يعتبر تعيين البائع و المشتري، و تمييز كل واحد منهما عن الآخر

ص: 36

من المتخاطبين (1) كما في غالب البيوع و الاجارات، فحينئذ (2) يراد من ضمير المخاطب في قوله: ملكتك كذا، أو منفعة كذا بكذا هو المخاطب بالاعتبار الأعم: من كونه مالكا حقيقيا، أو جعليا كالمشتري الغاصب أو من هو بمنزلة المالك باذن، أو ولاية.

و يحتمل عدم اعتباره (3) إلا (4) إذا علم من الخارج إرادة خصوص الطرفين كما في النكاح، و الوقف الخاص، و الهبة، و الوكالة، و الوصية.

مختار المؤلف و دليله

و الأقوى هو الاول (5) عملا (6) بظاهر الكلام الدال على قصد الخصوصية، و تبعية العقود للقصود.

+++++++++++

(1) و هما: البائع و المشتري، حيث إن المشتري يكون مخاطبا للبائع عند الايجاب، و البائع يكون مخاطبا للمشتري عند القبول.

(2) اى حين أن اريد عدم إرادة خصوص المخاطب بواسطة القرينة الخارجية كما عرفت.

(3) اى عدم اعتبار تعيين البائع و المشتري، و تمييز كل واحد عن الآخر عند إرادة مخاطب مخصوص فيما اذا كانت هناك خصوصية ملحوظة

(4) استثناء عما افاده: من عدم اعتبار التعيين فيما اذا علم أن هناك خصوصية ملحوظة.

و خلاصته أن إرادة خصوص الطرفين مما لا بدّ منه في مثل النكاح و الوقف الخاص، و الهبة و الوصية و الوكالة، حيث إنها مما لا يقبل الوكالة

(5) و هو اعتبار تعيين البائع و المشتري فيما اذا كانت هناك خصوصية ملحوظة.

(6) تعليل لأقوائية القول الاول.

و خلاصته: أن ظاهر كلام كل من المتخاطبين يدل على قصد الخصوصية

ص: 37

و على فرض القول الثاني (1) فلو صرح بإرادة خصوص المخاطب اتبع قصده فلا يجوز للقابل أن يقبل عن غيره.

قال (2) في التذكرة: لو باع الفضولي، أو اشترى مع جهل الآخر (3) فإشكال ينشأ من أن الآخر إنما قصد تمليك العاقد (4)

و هذا الإشكال (5) و ان كان ضعيفا مخالفا للاجماع و السيرة (6)

+++++++++++

و بالإضافة الى أن العقود تابعة للقصود، فإن البائع لما قصد من ضمير المخاطب خصوصية فلا بد من وقوعها كذلك حتى يكون العقد تابعا للقصود و لو لم يقع ما قصد انخرمت القاعدة المذكورة:

و هي أن العقود تابعة للقصود فيلزم أن ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

(1) و هو عدم اعتبار التعيين عند إرادة خصوص المخاطب.

(2) هذا تأييد من الشيخ لما افاده: من أنه على فرض القول الثاني فلو صرح بإرادة خصوص المخاطب اتبع قصده فلا يجوز للقابل أن يقبل عن غيره.

(3) و هو البائع لو كان المشتري فضوليا، و المشتري لو كان البائع فضوليا.

(4) فظهر أن العاقد فضولي، سواء أ كان البائع أم المشتري.

(5) و هو أن الآخر إنما قصد تمليك العاقد، لا الفضولي.

هذا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يورد على الإشكال الذي افاده العلامة قدس اللّه نفسه.

(6) حيث إن الاجماع و السيرة قاما على صحة بيع الفضولي و شرائه بعد الاجازة، لأن العقد مركب من الايجاب و القبول و قد حصلا و من الاجازة، و قد وقعت، و هذا وجه الضعف.

ص: 38

إلا أنه (1) مبني على ما ذكرناه: من (2) مراعاة ظاهر الكلام (3)

كلام العلامة في الفرق بين البيع و شبهه و بين النكاح و المناقشة فيه

و قد (4) يقال في الفرق بين البيع و شبهه، و بين النكاح: إن (5) الزوجين في النكاح كالعوضين في سائر العقود، و تختلف الأغراض باختلافهما

+++++++++++

(1) اى إشكال العلامة.

(2) كلمة من بيان لما ذكرناه.

(3) حيث إن ظاهر كلام كل من البائع و المشتري يدل على قصد الخصوصية فلا بد من وقوعه على تلك الخصوصية.

(4) دفع و هم.

حاصل الوهم: أنه ما الفرق بين البيع و الاجارة، حيث قلتم بعدم اعتبار التعيين فيهما و لو قصدت الخصوصية، و بين النكاح: حيث قلتم باعتبار التعيين فيه و لو قصدت الخصوصية؟

هذا هو الجواب الاول عن التوهم المذكور.

و حاصله: أن الفرق واضح، لأن الزوجين في النكاح بمنزلة العوضين في البيع، و سائر العقود.

فكما أنه يجب تعيين العوضين، و كونهما معلومين.

كذلك الزوجان لا بدّ من كونهما معينين، اذ ليس كل انسان يقدم على زواج أية امرأة، بل يلاحظ في الزواج معها الخصوصيات البيتية و ما كان دخيلا في الرغبة إليها.

و كذا ليست كل امرأة تقدم على الزواج مع أي رجل.

و ذلك لاختلاف الأغراض باختلاف الزوجين.

فحينئذ وجب التعيين حتى يرد الايجاب و القبول في النكاح على امر واحد، اي على زوجة معينة، و زوج معين.

ص: 39

فلا بد من التعيين، و توارد (1) الايجاب و القبول على امر واحد.

و لأن (2) معنى قوله: بعتك كذا بكذا رضاه بكونه مشتريا للمال المبيع، و المشتري يطلق على المالك، و وكيله (3)

و معنى قولها: زوجتك نفسي رضاها بكونه زوجا، و الزوج لا يطلق على الوكيل انتهى.

و يرد (4) على الوجه الاول من وجهي الفرق أن كون الزوجين كالعوضين إنما يصلح وجها لوجوب التعيين في النكاح، لا لعدم وجوبه في البيع.

مع (5) أن الظاهر أن ما ذكرناه: من الوقف و اخوته كالنكاح في عدم جواز قصد القابل القبول فيها على وجه النيابة، أو الفضولي فلا بد من وجه مطرد في الكل.

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: فلا بد من التعيين

(2) هذا هو الجواب الثاني عن التوهم المذكور.

و قد ذكر الشيخ الجواب في المنن فلا نعيده.

(3) اى و يطلق المشتري على وكيل المالك حقيقة كاطلاقه على نفس المالك حقيقة.

(4) من هنا يروم الشيخ أن يرد الوجه الاول: و هو أن الزوجين في النكاح كالعوضين في سائر العقود.

و خلاصته: أن الدليل الأول إنما يصلح دليلا لوجوب تعيين الزوجين في النكاح فقط، و لا يصلح دليلا لعدم وجوب التعيين في البيع، و بقية العقود بعبارة اخرى أن اثبات الشيء لا ينفي ما عداه.

(5) هذا إشكال آخر على الدليل الاول للفرق بين البيع و النكاح

ص: 40

و على الوجه (1) الثاني أن معنى بعتك في لغة العرب كما نص عليه فخر المحققين و غيره هو ملكتك بعوض، و معناه جعل المخاطب مالكا

و من المعلوم أن المالك لا يصدق على الولي و الوكيل و الفضولي (2)

الأولى في الفرق بين النكاح و البيع

فالأولى في الفرق ما ذكرناه: من أن الغالب في البيع و الاجارة هو قصد المخاطب، لا من حيث هو، بل بالاعتبار الأعم من كونه أصالة أو عن الغير (3)

و لا ينافي (4) ذلك عدم سماع قول المشتري في دعوى كونه غير اصيل

+++++++++++

و خلاصته: أن الدليل الذي ذكره المستدل يخص النكاح فقط، و لا يشمل بقية أخواته: من الوقف الخاص، و الهبة، و الوكالة و الوصية، مع أن هذه كالنكاح في وجوب التعيين، و أنها لا تقبل الوكالة فلا يجوز قصد القابل القبول فيها على وجه النيابة، أو الفضولي.

فما ذكر دليلا للفرق بين البيع و النكاح لا يكون مطردا في أخواته فلا بد من الاتيان بدليل يكون مطردا في الكل.

(1) اى و يرد على الوجه الثاني لبيان الفرق بين البيع و النكاح.

هذا إشكال من الشيخ على الدليل الثاني للفرق. و قد ذكره في المتن فلا نعيده.

(2) لصحة سلب معنى المالكية عن الولي، و الوكيل، و الفضولي فيقال: إنهم ليسوا مالكين.

(3) كالمالك الجعلي، و المأذون، و الولي.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه اذا كان الغالب في البيع و الاجارة هو قصد المخاطب بالمعنى الأعم، لا من حيث هو هو كما عرفت في الهامش 1 ص 36

ص: 41

فتأمل (1)

بخلاف النكاح، و ما اشبهه (2)، فإن الغالب قصد المتكلم للمخاطب من حيث إنه ركن للعقد (3)

بل ربما (4) يستشكل في صحة أن يراد من القرينة المخاطب من حيث قيامه مقام الاصل كما لو قال: زوجتك مريدا له باعتبار كونه وكيلا عن الزوج.

و كذا قوله: وقفت عليك، و اوصيت لك؛ و وكلتك.

+++++++++++

فلما ذا لا يسمع الى قول المشتري لو ادعى أنه ليس اصيلا في الشراء

مع أن دعواه لا بدّ أن تكون مسموعة حسب تقريركم؟

فاجاب الشيخ عن هذا التوهم: أنه لا منافاة بين كون الغالب في البيع و الاجارة هو قصد المخاطب بالمعنى الأعم، لا من حيث هو هو.

و بين عدم سماع قول المشتري عدم الشراء لنفسه أصالة.

و وجه عدم المنافاة: هو أن الظاهر من قول المشتري: اشتريت، أو قبلت، أو تملكت هو إسناد الشراء لنفسه، لا للغير، فلو ادعى عكس ذلك حينئذ لا تسمع، لكونها خلاف الظاهر.

(1) اشارة الى ما ذكرناه: من عدم وجه المنافاة.

(2) من الوقف الخاص، و الوصية و الهبة، و الوكالة.

(3) اى لا بمعناه الأعم، بل من حيث هو هو.

(4) هذا ترق من الشيخ عما افاده: من أن الغالب في النكاح و ما اشبهه:

من الوقف و الوصية، و الهبة، و الوكالة هو قصد المتكلم المخاطب من حيث إنه ركن للعقد.

ص: 42

و لعل (1) الوجه عدم تعارف صدق هذه العنوانات على الوكيل فيها، فلا يقال للوكيل: الزوج، و لا (2): الموقوف عليه، و لا: الموصى له (3) و لا الموكل (4)

بخلاف البائع و المستأجر (5) فتأمل (6)

+++++++++++

و خلاصته: أنه لربما يستشكل في صدق عنوان الزوج على الوكيل و لو مجازا، و أن العرف لا يطلق اسم الزوج على الوكيل اصلا حتى مجازا فلا مجال للقول بأن الغالب في النكاح، و ما أشبهه.

بل لا بدّ من القول بعدم وجود استعمال الزوج في الوكيل أبدا حتى في مورد واحد و لو مجازا.

(1) اى و لعل السر في عدم اطلاق الزوج على الوكيل، و على ما ذكر من الوقف، و الوصية، و الوكالة.

(2) اى و لا يقال للوكيل: الموقوف عليه.

(3) اى و لا يقال للوكيل: الموصى له.

(4) اى و لا يقال للوكيل: الموكل.

(5) فإنه يطلق الوكيل عليهما فيقال: إنهما وكيلان عن المالك.

(6) لما افاد الشيخ في الفرق بين البيع و الاجارة، و بين النكاح:

بان المتكلم لا يقصد من المخاطب في البيع و الاجارة مخاطبا خاصا من حيث هو هو، بل يقصد منه الأعم فلذا يصح اطلاق الوكيل عليهما.

بخلاف النكاح، حيث إن المتكلم يقصد من المخاطب مخاطبا خاصا لأن الزوجين فيه ركنان ركينان فلا يصح اطلاق الوكيل عليهما.

فقال: فالأولى في الفرق.

ثم افاد أن السر و العلة في ذلك هو عدم تعارف صدق عنوان الزوجية و الوصية، و الوكالة، و الوقف الخاص على الوكيل.

ص: 43

حتى لا يتوهم رجوعه (1) الى ما ذكرناه سابقا (2) و اعترضنا عليه (3)

+++++++++++

و تعارف صدق الوكيل على البائع و المستأجر بقوله في ص 43: و لعل الوجه عدم تعارف: توهم أن هذا الفرق هو الفرق الذي ذكره القيل بقوله في ص 39: و قد يقال في الفرق بين البيع.

فمرجع ما ذكره الشيخ من الفرق الى ذلك الفرق بعينه، فلما ذا رد على الفرق المذكور بقوله في ص 40: و يرد على الوجه الاول، و في ص 41 و على الوجه الثاني؟

فدفعا لهذا التوهم افاد أن تعارف صدق الوكيل على البائع و المستأجر و اطلاقه عليهما ليس من باب الحقيقة كما افاده القيل، حيث اراد من اطلاق الوكيل عليهما اطلاقا حقيقيا كما في قوله في ص 40: و المشتري يطلق على المالك و وكيله.

بل اطلاقه عليهما بنحو المجاز

فاذا لا يكون مرجع ما ذكره الشيخ من الفرق الى الفرق الذي ذكره القيل، و ثبت أن إشكال الشيخ وارد على الوجه الثاني من وجهي القيل المنقول في ص 40 بقوله: و لان معنى قوله: بعتك.

(1) اى رجوع الفرق الذي ذكره الشيخ الى الفرق الذي ذكره القيل كما عرفت آنفا.

(2) و هو الفرق الذي ذكره القيل كما عرفته آنفا.

(3) اى على ما ذكرناه سابقا: و هو الفرق الذي افاده القيل بقوله في ص 39: و قد يقال

فاعتراض الشيخ على ما ذكره القيل من الفرق في الوجه الاول المذكور في ص 39 بقوله: إن الزوجين في النكاح.

و في الوجه الثاني المذكور في ص 40 بقوله: و لأن معنى قوله: بعت: وارد لا محالة.

ص: 44

مسألة: و من شرائط المتعاقدين الاختيار
اشارة

(مسألة): و من شرائط المتعاقدين الاختيار (1) و المراد به القصد الى وقوع مضمون العقد عن طيب النفس في مقابل الكراهة، و عدم طيب النفس، لا (2) الاختيار في مقابل الجبر.

ما يدل على اشتراط الاختيار

و يدل عليه (3) قبل الاجماع قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض (4)

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم! لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه (5)

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم في الخبر المتفق عليه بين المسلمين:

+++++++++++

(1) اشتراط الخيار إنما يكون لو كان الإكراه بغير حق.

و أما إذا كان بحق فلا يعتبر الاختيار في المتعاقدين كما في الاحتكار فإنه يصح بيع مال المحتكر بلا رضا منه لو أمر بذلك الحاكم الشرعي.

و كما في بيع الطعام على من هو مشرف على الهلاك لو اجبره الحاكم الشرعي، أو عدول المؤمنين، أو نفس المشتري، فإنه يصح بيعه و إن لم يكن راضيا.

و غير ذلك من الموارد المصرح بها في أبواب الفقه.

(2) اى و ليس معنى الاختيار ما يكون في مقابل الجبر كما في حركة المرتعش.

(3) اى على اعتبار الاختيار في المتعاقدين بالمعنى الذي فسرناه نحن

(4) و تجارة عن تراض إنما تصدق لو كان هناك اختيار، و طيب النفس من الطرفين.

و أما اذا كان هناك إكراه فمن أين تصدق و تجارة عن تراض؟

(5) مرت الإشارة الى الحديث في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 6. ص 180-181. الهامش 5

فالحديث هذا يدل على لزوم الاختيار في المتعاقدين.

ص: 45

رفع، أو وضع عن امتي تسعة و أشياء، أو ستة (1) و منها ما اكرهوا عليه

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 5. ص 345. الباب 30 الحديث 2. أليك نص الحديث.

محمد بن علي بن الحسين قال: قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

وضع عن امتي تسعة أشياء:

السهو، و الخطأ، و النسيان، و ما اكرهوا عليه، و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون، و الطيرة، و الحسد، و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة.

فالحديث هذا يدل على لزوم الاختيار في المتعاقدين.

و لما انجر بنا البحث الى حديث الرفع المشتهر بين أعلام الطائفة و حملة الحديث، و الّذي اصبح من الصحاح، و لذا يغنينا عن التكلم عن سنده:

رأينا من المناسب، بل من اللازم اشارة اجمالية الى جوانب من فقه الحديث ليكون القارئ النبيل محيطا بها، خبيرا بالمعنيّ من الرفع.

فنذكر هنا بحوله و قوته على سبيل الاختصار ما استفدناه من مجلس درس (سيدنا الاستاذ المرحوم السيد البجنوردي) قدس اللّه نفسه عند ما كنا نحضر بحثه الشريف في (الجامع الطوسي) قبل تجديد بنائه.

أليك خلاصة ما افاضه علينا طيب اللّه رمسه في طي امور

(الامر الاول): الفرق بين الرفع و الدفع:

اعلم أن الرفع يستعمل عرفا في إزالة شيء موجود مع وجود المقتضي لبقائه.

و الدفع يستعمل عرفا في شيء لم يوجد بعد، مع وجود المقتضي لوجوده و يفترقان في مورد آخر: و هو أن الرفع لا يرد إلا في مورد اثّر المقتضي

ص: 46

..........

+++++++++++

بالكسر اثره فصار المقتضي بالفتح موجودا.

بخلاف الدفع، حيث إنه يرد بعد وجود المقتضى بالكسر و لم يوجد المقتضى بالفتح بعد.

و إن شئت قلت: الرفع مانع عن تأثير المقتضي بقاء، و الدفع مانع عن تأثيره حدوثا.

فالحاصل أن مفهوم الرفع عرفا هو ازالة الموجود مع وجود المقتضي لبقائه فهو ظاهر فيما له سبق وجود

و مفهوم الدفع عرفا هو منع تأثير المقتضي في وجود الشيء فهو ظاهر فيما ليس له سبق وجود.

(الامر الثاني): إن المراد من الرفع في هذه الامور التسعة المذكورة في الحديث الشريف هو الرفع التشريعي:

بمعنى أنه إنشاء لرفع هذه الامور في عالم الاعتبار التشريعي باعتبار آثارها الشرعية المترتبة على موضوعاتها في مواردها.

فالرفع التشريعي ليس إخبارا عن ارتفاع الشيء كي يكون كذبا ليحتاج الى التقدير، صونا لكلام الحكيم عن الكذب و اللغوية.

و بعبارة اخرى لسنا نقول: إن الرفع التشريعي يتعلق بنفس المذكورات فإن المذكورات في حديث الرفع غير (ما لا يعلمون) لا تقبل الرفع التشريعي لأنها من الامور التكوينية الخارجية فلا يكون رفعها إلا برفع أسبابها و عللها.

بل رفعها تشريعا إنما هو برفع آثارها الشرعية.

ثم إن ذلك الشيء هل هو خصوص المؤاخذة في الجميع كما أفيد؟

أو جميع الآثار كما قيل؟

ص: 47

..........

+++++++++++

أو الاثر الظاهر في كل واحد منها كما افاده (شيخنا الانصاري) قدس سره؟

خذ لذلك مثالا:

نهي المصلي عن التكلم بكلام الآدميين في الصلاة، و أنه مبطل لها عمدا

فاذا تكلم به نسيانا فلا يترتب عليه ذلك الاثر الشرعي الذي هو البطلان.

فالنسيان يرفع ذاك الاثر، و ليس معنى الرفع تشريعا سوى هذا.

و هكذا في بقية الامور الواردة في الحديث الشريف: من الاضطرار و الإكراه، و غيرها، فإنه لو صدر من المكلف في حالة الاضطرار، أو الإكراه شيء فلا يترتب على تلك الحالة الاثر الشرعي الذي كان يترتب على حالة الاختيار، و عدم الاضطرار: من الأحكام التكليفية و الوضعية.

فالخلاصة أن الرفع منزل منزلة العدم في عالم التشريع كما في قول الفقهاء: (لا شك لكثير الشك) المتصيد من الروايات: بمعنى أن شك كثير الشك في عالم الاعتبار التشريعي نازل منزلة العدم فشكه غير مؤثر فلا يترتب على شكه ما يترتب على غير كثير الشك: من أحكام الشك اذا كان في تشريع الرفع امتنان على العباد.

(الامر الثالث): أن المراد من رفع الآثار بحديث الرفع هي الآثار التي تعرض على موضوعاتهما، من دون أن تكون مقيدة بوجود احد هذه العناوين، و لا مقيدة بعدم احد هذه العناوين، لأنه اذا قيدت بالوجود يلزم أن لا يرتفع ذلك الاثر عند وجود احد هذه العناوين، اذ الموضوع للاثر مستدع لوضعه، و لا يمكن أن يكون موجها لرفعه، للزومه الخلف

ص: 48

..........

+++++++++++

كما في كفارة قتل الخطأ، و وجوب سجدتي السهو في موارد الزيادة أو النقيصة نسيانا، فإن سجدتي السهو إنما جاءتا من ناحية النقيصة، أو الزيادة التي سببها السهو و النسيان فلا يمكن رفعهما بحديث الرفع، لأن موضوعهما نفس النسيان و السهو.

و كذا كفارة الخطأ فإنما جاءت من قبل قتل الخطأ فلا يمكن رفعها بحديث الرفع، لأن موضوعها عدم العلم فكيف يعقل رفعها بحديث الرفع؟

و كذا لو كانت الآثار مقيدة بعدم احد هذه العناوين يكون ارتفاعها بارتفاع موضوعها، من غير احتياج الى التمسك بحديث الرفع في رفعها كما في كفارة إفطار شهر رمضان، فإنها مقيدة بالإفطار العمدي، فلو أكل نسيانا لم تتعلق بالآكل الكفارة، لارتفاع موضوعها و هو العمد، و لذا يبقى الآكل على صومه بعد الاكل كما ورد في الحديث.

أليك نص الحديث التاسع.

عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:

كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

من صام فنسي فاكل و شرب فلا يفطر من اجل أنه نسي، فإنما هو رزق رزقه اللّه تعالى فليتم صيامه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 7. ص 34. الباب 9 كتاب الصوم.

و في المصدر أحاديث اخرى بهذا المضمون فراجع.

و كذلك القصاص، فإنه مقيد بالقتل العمدي فلو قتل شخص شخصا خطأ لم يتعلق به القصاص، لارتفاع موضوعه و هو العمد.

ص: 49

..........

+++++++++++

(الامر الرابع): أن حديث الرفع إنما شرّع لاجل الامتنان على الامة المسلمة، فهو إنما يجري اذا كان في رفعه منة على الأمة، فموضوعه هو ذاك لا غير.

و هذا امر معلوم لا كلام فيه.

و إنما الكلام في أنه هل هو مختص بالآثار التي يكون في وضعها خلاف المنة.

أو أنه يجري في مطلق ما يكون في رفع الآثار الامتنان على الأمة سواء أ كان في وضعها خلاف المنة أم لا.

ذهب (سيدنا الاستاذ) قدس سره الى أن الحديث مطلق من هذه الناحية، و أنه ظاهر في العموم و عدم، اختصاصه بما يكون في وضعه خلاف المنة.

ثم افاد بعدم وجود مبرر للشك في شموله لمطلق ما يكون في رفعها الامتنان كما افاد هذا المعنى استاذه المحقق (آغا ضياء الدين العراقي) قدس سره. قائلا: بالاخذ بالقدر المتيقن.

و علق (سيدنا الاستاذ) قدس سره على مقالة استاذه المحقق (قدّس سرّه) بأن الاخذ بالقدر المتيقن لا يبقي مجالا للاخذ بالإطلاق، اذ ما من مطلق إلا و له قدر متيقن بالنسبة الى حكمه.

اللهم إلا أن يكون القدر المتيقن في مقام التخاطب مانعا عن جريان الاطلاق، لعدم تمامية مقدمات الحكمة.

ثم استدرك (سيدنا الاستاذ) قدس سره و أفاد أن رفع التكليف امتنانا لو كان بالنسبة الى مكلف دون مكلف آخر فلا معنى لشمول الحديث لمثل هذا المورد، حيث عرفت أن حديث الرفع إنما شرّع لاجل الامتنان على الامة

ص: 50

..........

+++++++++++

المسلمة جمعاء، لا فردا دون فرد.

(الامر الخامس): أن حديث الرفع بالنسبة الى الأفعال الصادرة عن خطأ، أو نسيان، أو إكراه، أو اضطرار، أو عدم الطاقة حاكم على أدلة الأحكام الأولية بعناوينها الأولية، و تلك الأدلة محكومة

خذ لذلك مثالا:

إن الجلد الذي وضع حدا للزاني، أو قطع اليد الذي وضع حدا للسارق محكوم بحديث الرفع اذا وقع الزنا، أو السرقة بكره، أو نسيان أو اضطرار، أو خطأ، و حديث الرفع حاكم عليه.

و هذه الحاكمية و المحكومية تكونان بالحكومة الواقعية، كحكومة أدلة نفي الضرر و الحرج: في كونها حاكمة بالحكومة الواقعية، غير أن الحكومة الواقعية في دليل نفي الضرر و الحرج في جانب المحمول، أي أنهما يعرضان على نفس الأحكام الواقعية التي هي محمولات على أفعال المكلفين، أو على الأعيان الخارجية كالأحكام الوضعية التي تحمل على تلك الأعيان.

و في حديث الرفع بالنسبة الى الامور المذكورة في جانب عقد الوضع اى في جانب موضوعات الأحكام الشرعية التي هي عبارة عن أفعال المكلفين

نعم في حديث الرفع بالنسبة الى جملة (ما لا يعلمون) حكومة ظاهرية بالنسبة الى الأدلة الأولية، لأن موضوع ما لا يعلمون هو الجهل فعند ارتفاع الجهل، و انكشاف الواقع لا يأتي حديث الرفع.

(الامر السادس): اختلفت كلمات الأعلام في المرفوع بحديث الرفع هل هو جميع الآثار المترتبة على موضوعاتها، أو البعض؟

و قد عرفت في الامر الثاني أن المراد من الرفع هو الرفع التشريعي:

ص: 51

..........

+++++++++++

بمعنى أن الفعل الصادر في حالة الإكراه، أو الاضطرار، أو النسيان كالعدم في عالم الاعتبار التشريعي، أى لا تترتب عليه الآثار مثل ما تترتب على الفعل الصادر بغير هذه العناوين.

فهو في الواقع تنزيل الموجود منزلة المعدوم بالنسبة الى الآثار.

فالتنزيل تارة يكون بالنسبة الى وجود المنزل عليه.

و اخرى بالنسبة الى العدم.

(فالاول) عبارة عن جعل شيء منزلة شيء آخر من حيث الآثار

و يسمى هذا تنزيلا كتنزيل الطواف في البيت صلاة حقيقة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (الطواف في البيت صلاة).

(و الثاني) عبارة عن جعل وجود شيء منزلة عدمه من حيث الآثار و يسمى هذا رفعا كما فيما نحن فيه كقول الفقهاء: (لا شك لكثير الشك)

و قد عرفت أن حديث الرفع إنما شرّع للامتنان على الامة المسلمة فعليه لا بدّ أن يكون الرفع بالنسبة الى الآثار التي في رفعها امتنان على العباد

و كذلك لا بدّ أن يكون الرفع بالنسبة الى الآثار الشرعية التي رفعها و وضعها بيد الشارع، لا الى الآثار التكوينية التي ليس للشارع دخل في رفعها و وضعها.

افاد (سيدنا الاستاذ) قدس سره أن المراد من الرفع هو رفع كل أثر شرعي، سواء أ كان وضعيا أم تكليفيا، و لا اختصاص له بأثر دون آخر

(بعبارة اخرى) أن عروض احد العناوين الخمسة المذكورة موجبة و علة لارتفاع الحكم، سواء أ كان وضعيا أم تكليفيا عن معروضاتها اذا وجدت شرائط الرفع التي ذكرناها: من كون الرفع للامتنان، و كونه

ص: 52

..........

+++++++++++

قابلا للوضع و الرفع في عالم التشريع: بمعنى أن رفع الآثار، و وضعها بيد الشارع، لا من الآثار التكوينية، و عدم كون احد العناوين المذكورة في الحديث نفس موضوع الآثار، و عدم كون موضوع الآثار المرفوعة مقيدا بعدم العناوين المذكورة في الحديث.

فالحاصل أن الاثر، أو الآثار كلها مرفوعة عن صفحة التشريع باعتبار ارتفاع موضوعها في عالم التشريع، اذ لا يعقل وجود الحكم مع ارتفاع وجود الموضوع، لأنه اذا ارتفع الموضوع ارتفع الحكم لا محالة و اذا ارتفع الموضوع ارتفعت آثاره و أحكامه فهما كالعلة و المعلول.

(الامر السابع): أن الاثر لو كان مترتبا على وجود شيء، سواء أ كان الاثر من الأحكام الوضعية أم من الأحكام التكليفية، و قد ترك المكلف ذلك الشيء باحد من الامور الخمسة المذكورة: الاضطرار أو الإكراه، أو النسيان، أو الخطأ، أو لا يطيق عدم تركه: فلا مجال حينئذ لحديث الرفع، لأن تركه لا تترتب عليه آثار الوجود، لأن رفع المعدوم لا يمكن إلا بالوضع و الجعل.

و من الواضح أن حديث الرفع لا يتكفل الوضع، لأن مفاده الرفع فهو في مقام تنزيل الموجود منزلة المعدوم؛ لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود

و قد عرفت أن صريح حديث الرفع رفع الشيء عن صفحة التشريع لا وضعه فيه.

و من هنا يعلم أنه لا يمكن تصحيح العبادة الفاقدة لبعض الأجزاء و الشرائط لنسيان، أو إكراه بحديث الرفع، لعدم وجود معنى لورود الرفع على السورة المنسية في الصلاة مثلا، لخلو صفحة الوجود عنها، فلا بد

ص: 53

..........

+++++++++++

من فحص دليل آخر كوجود قاعدة لا تعاد إلا في الأركان الخمسة في باب الصلاة، و غيرها من القواعد الفقهية.

(الامر الثامن): افاد بعض الأعلام أن المقصود من كلمة (ما الموصولة) في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن امتي تسعة (و ما لا يعلمون) هو الموضوع المشتبه.

كما أن المراد من بقية الفقرات الموجودة في الحديث هو الموضوعات الخارجية أيضا، لبداهة عروض هذه العناوين على الأفعال الخارجية لا على الأحكام الشرعية.

فبقرينة وحدة السياق لا بدّ أن يراد من الجهل فيما لا يعلمون هو الجهل بالأفعال الخارجية، و عدم العلم بأنها من الأفعال المباحة كشرب الخل أو من الأفعال المحرمة كشرب الخمر.

اذا عرفت ذلك فاعلم أن حديث الرفع لا يشمل الشبهات الحكمية لأنها محل الخلاف.

و بعبارة أوضح: أنه لا يمكن أن يكون المراد من كلمة (ما الموصولة) في ما لا يعلمون الحكم و الموضوع جميعا، لأن إسناد الرفع الى الحكم إسناد الى ما هو له، و إسناده الى الموضوع إسناد الى غير ما هو له، اذ الغاية من رفع الموضوع رفع حكمه، لا رفع نفسه، فلا يمكن الجمع بين الإسنادين في استعمال واحد.

فحينئذ يدور الامر بين الاخذ بظهور وحدة السياق حتى يكون المراد من كلمة (ما الموصولة) خصوص الموضوع.

و بين الاخذ بظهور كون الإسناد الى ما هو له حتى يكون المراد

ص: 54

..........

+++++++++++

من كلمة (ما الموصولة) خصوص الحكم.

فيتعين تخصيص حكومة حديث الرفع بالشبهات الموضوعية.

و التحقيق في المقام كما افاده (سيدنا الأستاذ) قدس سره أن ظهور وحدة السياق لا يكون أقوى من ظهور كون الإسناد الى ما هو له كما في إسناد الرفع الى الحكم، لأنه لا توجد وحدة السياق في جميع الجمل الموجودة في حديث الرفع حتى يراد من كلمة (ما الموصولة) بمثل ما يراد من جميع الجمل، لبداهة عدم إرادة الرفع من بعض الجمل الوارد في الحديث كالطيرة، و الحسد، و الوسوسة في الخلق، لكونها من الكيفيات النفسانية اذا لم ينطق بها.

فكيف يمكن دعوى وحدة السياق؟

بالإضافة الى أن ظهور وحدة السياق كما يكون موجبا لارادة الموضوع من كلمة (ما الموصولة) في و ما لا يعلمون.

كذلك ظهور الموصول فيه في الحكم يكون موجبا لارادة الحكم منه

و ليس هناك ما يدل على أقوائية ظهور وحدة السياق من ظهور الموصول في الحكم.

فكما يمكن إرادة الموضوع من الموصول، كذلك يمكن إرادة الحكم منه

و أما ما افيد: من عدم إمكان الجمع بين الإسنادين:

و هما: إسناد الرفع الى الحكم، و إسناده الى الموضوع ففيه أنه ليس الموجود سوى إسناد الرفع الى الحكم في الشبهتين: الحكمية، و الموضوعية

غاية الأمر أن منشأ الجهل في الشبهات الحكمية هو فقدان النص أو اجماله.

ص: 55

و ظاهره (1) و إن كان رفع المؤاخذة، الا أن استشهاد الامام عليه السلام به في رفع بعض الأحكام الوضعية (2) يشهد لعموم المؤاخذة فيه لمطلق الالزام عليه بشيء (3).

ففي (4) صحيحة البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل

+++++++++++

و منشأ الشك في الشبهات الموضوعية هي الامور الخارجية، و إلا ففي كليهما يكون الشك في الحكم و هو الجامع بينهما.

اذا عرفت هذه الامور الثمانية فنقول في تطبيق حديث الرفع على العناوين الخمسة المذكورة:

إن الأحكام و الآثار الشرعية التي تكون عارضة لاحد هذه العناوين المذكورة في حديث الرفع، و كان في رفعها امتنان على المكلف؛ و لم يكن خلاف الامتنان في حق غيره: ترتفع بارتفاع موضوعاتها عن عالم الاعتبار التشريعي.

ضرورة عدم بقاء الأحكام مع ارتفاع موضوعاتها.

هذه خلاصة ما استفدناه من بحث (سيدنا الاستاذ السيد البجنوردي) قدس سره.

و من اراد الاطلاع على جوانب الحديث فعليه بمراجعة كتابه (منتهى الاصول). الجزء 2. من ص 174 الى ص 189

(1) اى و ظاهر حديث الرفع و إن كان يدل على رفع الحكم التكليفي و هو العقاب الاخروي.

(2) كما سيأتي قريبا التصريح به.

(3) سواء أ كان حكما تكليفيا أم وضعيا.

(4) من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال بهذا الحديث على دلالة

ص: 56

يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق، و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟

فقال عليه السلام: لا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: وضع عن امتي ما اكرهوا عليه، و ما لم يطيقوا، و ما أخطئوا (1)

و الحلف بالطلاق و العتاق و إن لم يكن صحيحا عندنا من دون الإكراه أيضا، إلا أن مجرد استشهاد الامام عليه السلام في عدم وقوع آثار ما حلف به بوضع (2) ما اكرهوا عليه يدل على أن المراد بالنبوى ليس خصوص المؤاخذة، و العقاب الاخروي (3)

هذا (4) كله مضافا الى الأخبار الواردة في طلاق المكره (5)

+++++++++++

الحديث النبوي المشار إليه في الهامش 1 ص 46 على رفع عموم المؤاخذة لمطلق الالزام عليه بشيء، سواء أ كان وضعيا أم تكليفيا.

و هذا الحديث هو الذي اشرنا إليه بقولنا: كما سيأتي قريبا التصريح به

(1) راجع المصدر نفسه. الجزء 16. ص 173-174. الحديث 6 الباب 16.

(2) اى برفع ما اكرهوا عليه.

(3) الذي هو الحكم التكليفي.

(4) اى ما تلوناه عليك. من كون المراد من الرفع و الوضع هو رفع الحكم التكليفي.

(5) فإن الأخبار الواردة في طلاق المكره يدل على اعتبار الاختيار في المتعاقدين في البيع أيضا، من دون فرق بين البيع و الطلاق، و الدلالة تكون باللازم.

راجع حول الأخبار المصدر نفسه الجزء 15 ص 331-332. الباب 37. الأحاديث. أليك نص الحديث الرابع.

ص: 57

بضميمة عدم الفرق (1)

المراد من قولهم المكره قاصد إلى اللفظ غير قاصد إلى مدلوله

ثم إنه يظهر من جماعة منهم الشهيدان أن المكره قاصد الى اللفظ غير قاصد الى مدلوله (2)، بل يظهر ذلك (3) من بعض كلمات العلامة (4)

و ليس مرادهم (5) أنه لا قصد له إلا الى مجرد التكلم.

كيف و الهازل الذي هو دونه في القصد قاصد للمعنى قصدا صوريا و الخالي (6)

+++++++++++

عن يحيى بن عبد اللّه الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

لا يجوز طلاق في استكراه، و لا تجوز يمين في قطيعة رحم الى أن قال:

و إنما الطلاق ما اريد به الطلاق من غير استكراه، و لا إضرار.

(1) اى عدم الفرق بين الطلاق و البيع في اعتبار الاختيار فيهما.

(2) اى مدلول اللفظ الذي هو النقل و الانتقال في البيع، و البينونة بين الرجل و المرأة في الطلاق.

(3) و هو أن المكره قاصد الى اللفظ غير قاصد الى مدلوله.

(4) و هو ما ينقله الشيخ عنه قريبا بقوله في ص 63: نعم ذكر في التحرير.

(5) اي مراد هؤلاء الجماعة الذي منهم الشهيدان و العلامة

من هنا يحاول الشيخ أن يفسر مراد الجماعة الذين منهم العلامة و الشهيدان، حيث يري ظاهر كلامهم عدم قصد المكره الى مدلول اللفظ فقال:

ليس مرادهم من عدم القصد أنه لا قصد للمكره إلا الى مجرد الكلام و أنه خال عن القصد، اذ كيف يعقل ذلك منهم، مع أن الهازل الّذي هو دون المكره في القصد، حيث إنه في مقام التكلم و الهزل و المزاح فقط قاصد الى المعنى، لكن قصدا صوريا، لا جديا.

(6) هذا تفسير للخالي عن القصد و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده

ص: 58

عن القصد الى غير التكلم هو من يتكلم تقليدا، أو تلقينا كالطفل (1) الجاهل بالمعاني.

فالمراد (2) بعدم قصد المكره عدم القصد الى وقوع مضمون العقد في الخارج، و أن الداعي له الى الانشاء ليس قصد وقوع مضمونه (3) في الخارج، لا أن كلامه الإنشائي مجرد عن المدلول، كيف (4) و هو معلول الكلام الانشائي اذا كان مستعملا غير مهمل.

و هذا (5) الذي ذكرنا لا يكاد يخفى على من له أدنى تأمل في معنى الإكراه لغة و عرفا (6)، و أدنى تتبع فيما ذكره الأصحاب في فروع

+++++++++++

(1) هذا مثال للتلقين، فإن الطفل يتكلم بكل ما يلقنونه، لكن تكلمه به خال عن القصد.

(2) اى مراد هؤلاء الجماعة الذين منهم الشهيدان من عدم القصد عدم القصد الى وقوع مضمون العقد الذي هو النقل و الانتقال في الخارج لا عدم القصد الى مفهوم اللفظ.

(3) اى مضمون العقد الذي هو النقل و الانتقال.

(4) اى كيف يمكن أن يكون كلامه الإنشائي مجردا و فارغا عن المدلول الذي هو النقل و الانتقال و الحال أن المدلول هو معلول الكلام الإنشائي الذي هي العلة في ايجاد المدلول.

و من الواضح أن المعلول لا ينفك عن العلة.

(5) و هو أن المراد من عدم قصد المكره الى مدلول اللفظ عدم وقوعه في الخارج عن رغبة و طيب النفس، لا عدم القصد الى مفهوم اللفظ و مدلوله.

(6) اذ معنى الإكراه لغة وقوع الشيء في الخارج على وجه الإكراه

ص: 59

الاكراه (1) التي لا تستقيم مع ما توهّمه (2): من خلو المكره عن قصد مفهوم اللفظ، و جعله (3) مقابلا للقصد.

و حكمهم (4) بعدم وجوب التورية في التفصي عن الإكراه و صحة (5)

+++++++++++

و عدم طيب النفس، لا عدم القصد الى مدلول اللفظ.

و كذلك معناه عرفا هو وقوع الشيء في الخارج كرها.

(1) حيث ذكر الفقهاء في هذه الفروع أن المكره لا يقصد وقوع مضمون العقد في الخارج، لا أنه لا يقصد مفهوم اللفظ و مدلوله.

(2) اي توهمه الجماعة التى منهم الشهيدان، حيث قالا: إن المكره قاصد الى اللفظ، لا الى مدلوله.

و لا يخفى عليك أن الفاعل في كلمة (توهمه) هي كلمة (جماعة) في قول الشيخ: ثم إنه يظهر من جماعة و منهم الشهيدان.

و ليس في هذه العبارة ركاكة كما افادها بعض الأعلام من المحشين بقوله: و الأولى في التعبير أن يقال هكذا: مع ما يوهم.

(3) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله في ص 59: في معنى الإكراه اى لا يكاد يخفى على من له ادني تأمل في جعل الاكراه مقابلا للقصد فإن الفقهاء ذكروا القصد من جملة شروط المتعاقدين ثم ذكروا الاختيار بعد ذكر القصد فيظهر أن القصد الى المدلول معتبر.

(4) بالجر أيضا عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله في ص 59: في معنى الاكراه اى لا يكاد يخفى على من له أدنى تأمل في حكم الفقهاء.

(5) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بعدم اى و حكم الفقهاء بصحة بيع المكره بعد رضائه ببيعه.

ص: 60

بيعه بعد الرضا، و استدلالهم (1) له بالأخبار الواردة في طلاق المكره و أنه (2)

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله في ص 59: في معنى الإكراه اى لا يكاد يخفى على من له ادنى تأمل في استدلال الفقهاء على صحة بيع المكره بعد رضائه به بأخبار الطلاق.

و أما الأخبار الواردة في طلاق المكره فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 15. ص 331-332. الباب 37 - الأحاديث.

أليك نص الحديث الاول.

عن زرارة عن (ابي جعفر) عليه السلام قال: سألته عن طلاق المكره و عتقه فقال: ليس طلاقه بطلاق، و لا عتقه بعتق.

فقلت: إني رجل تاجر امرّ بالعشار و معي مال.

فقال: غيّبه ما استطعت، وضعه مواضعه.

فقلت: فإن حلّفني بالطلاق و العتاق.

فقال: احلف له، ثم اخذ تمرة فحفر بها من زبد كان قدّامه فقال: ما أبالي حلفت لهم بالطلاق و العتاق، أو آكلها.

فهذه الأخبار كلها تصرح بعدم وقوع الطلاق من المكره.

(2) عطف على مجرور (في الجارة) في قوله: في طلاق المكره اى و استدلال الفقهاء بالأخبار الواردة في عدم وقوع الطلاق ممن لا إرادة له في الطلاق.

راجع حول هذه الأحاديث المصدر نفسه. ص 285-286 الباب 11 - الأحاديث. أليك نص الحديث الاول.

عن زرارة عن اليسع قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام

ص: 61

لا طلاق إلا مع إرادة الطلاق، حيث إن المنفي (1) صحة الطلاق لا تحقق مفهومه لغة و عرفا.

و فيما (2) ورد فيمن طلّق مداراة باهله، الى غير ذلك (3)

و في (4) أن مخالفة بعض العامة في وقوع الطلاق إكراها لا ينبغي

+++++++++++

يقول في حديث: و لو أن رجلا طلق على سنة، و على طهر من غير جماع، و اشهد و لم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا.

(1) اي في قوله عليه السلام: لم يكن طلاقا، حيث إنه يراد من النفي نفي الصحة شرعا، لا نفي تحقق مفهوم الطلاق لغة و عرفا.

(2) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله في ص 59: على من له أدنى تأمل في معنى الإكراه اى لا يكاد يخفى على من له أدنى تأمل في الحديث الوارد في الرجل الذي طلق زوجته مداراة لاهله في قوله في ص 59 عليه السلام:

أما بينك و بين اللّه فليس بشيء.

و لكن إن قدموك الى السلطان ابانها منك.

راجع حول الحديث المصدر نفسه. ص 332. الباب 38 الحديث 1

(3) من الأخبار الواردة في طلاق المكره، و من لا قصد له.

راجع المصدر نفسه في كلا البابين، و الصحيفتين.

(4) عطفا على قوله في ص 59: أدنى تأمل اي لا يكاد يخفى على من له ادنى تأمل في مخالفة الشيعة لبعض السنة في طلاق المكره، حيث إن البعض من (علماء اخواننا السنة) يقول بوقوع طلاق المكره و خالفه في ذلك الشيعة الامامية، فإنهم لا يقولون بوقوعه منه.

فهذا البعض من اخواننا السنة القائل بوقوع الطلاق من المكره لا يريد من كلام المكره الكلام الذي خال عن قصد المفهوم، و الذي لا يسمى خبرا و لا إنشاء.

ص: 62

أن يحمل على الكلام المجرد عن قصد المفهوم الذي لا يسمى خبرا، و لا إنشاء

و غير ذلك (1) مما يوجب القطع بأن المراد بالقصد المفقود في المكره هو القصد الى وقوع اثر العقد (2)، و مضمونه في الواقع، و عدم طيب النفس به (3)، لا عدم إرادة المعنى من الكلام.

و يكفي في ذلك (4) ما ذكره الشهيد الثاني: من أن المكره و الفضولي قاصدان الى اللفظ، دون مدلوله (5)

نعم ذكر في التحرير و المسالك في فروع المسألة (6) ما يوهم ذلك (7)

+++++++++++

بل يريد من الكلام الكلام المشتمل على قصد المفهوم.

(1) عطفا على قوله في ص 59: أدنى تأمل اى لا يكاد يخفى على من له أدنى تأمل في غير هذه الأحاديث، و غير هذه الموارد مما يوجب القطع و اليقين

(2) أى في الخارج.

(3) أى بالعقد.

(4) اى في كون المراد من عدم القصد هو عدم القصد الى وقوع العقد في الخارج، لا عدم إرادة المعنى من الكلام.

(5) اى من حيث الوقوع الخارجي.

وجه الكفاية: أن الشهيد الثاني قدس سره جعل المكره و الفضولي على حد سواء في كونهما قاصدين لمدلول العقد.

و من الواضح أن الفضولي قاصد لمدلول اللفظ و مريد له اي يستعمل اللفظ فيه قبال إهماله فيه.

فحينئذ لا بدّ أن يراد من عدم القصد ما ذكرناه: من عدم القصد الى وقوع العقد في الخارج.

(6) اى مسألة المكره.

(7) و هو أن المكره و الفضولي قاصدان الى اللفظ دون مدلوله.

ص: 63

قال في التحرير: لو اكره على الطلاق فطلق ناويا فالأقرب وقوع الطلاق إذ لا اكراه على القصد (1) انتهى.

و بعض المعاصرين (2) بنى هذا الفرع (3) على تفسير القصد بما ذكرناه من متوهم كلامهم فرد (4) عليهم بفساد المبني، و عدم وقوع الطلاق في الفرض المزبور.

+++++++++++

(1) فقول العلامة: فالأقرب وقوع الطلاق يدل على أن المطلّق قاصد الى مدلول اللفظ و هو وقوع الطلاق في الخارج، لقوله: لا اكراه على القصد فيكون قوله مخالفا لما افاده الشهيد الثاني: من أن المكره، و الفضولي قاصدان الى اللفظ، دون مدلوله.

(2) و هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره

(3) و هو قول العلامة: فالأقرب وقوع الطلاق.

خلاصة ما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام: أن الإرادة على قسمين:

إرادة استعمالية: و هي استعمال اللفظ في معناه و مفهومه.

و إرادة جدية: و هي استعمال مضمون اللفظ في معناه في الخارج.

فصاحب الجواهر افاد أن ما افاده العلامة من وقوع الطلاق في الخارج في مثل هذا المكره مبني على تفسير القصد بما يتوهم من كلام الفقهاء:

من أن المراد من عدم قصد المكره للفظ عدم قصده لمفهوم اللفظ الذي هو الإرادة الاستعمالية، لا اصل القصد.

(4) اى صاحب الجواهر رد على الفقهاء و افاد أن المبنى المذكور فاسد، لأن المراد من عدم القصد عند الفقهاء هو عدم القصد الى وقوع مفهوم اللفظ في الخارج المعبر عنه بالارادة الجدية، فعليه يكون الطلاق باطلا، اذ لا قصد له بوقوع مضمون العقد في الخارج.

ص: 64

و لكن (1) المتأمل يقطع بعدم ارادتهم لذلك.

و سيأتي (2) ما يمكن توجيه الفرع المزبور به.

حقيقة الإكراه

ثم إن حقيقة الإكراه لغة و عرفا حمل الغير على ما يكرهه، و يعتبر في وقوع الفعل من ذلك الحمل اقترانه (3) بتوعد منه (4) مظنون (5) الترتب على ترك ذلك الفعل، مضر بحال الفاعل (6)، أو متعلقه: نفسا (7) أو عرضا، أو مالا

فظهر من ذلك (8) أن مجرد الفعل لدفع الضرر المترتب على تركه لا يدخله في المكره عليه.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري، بناء على مبناه: من أن مراد الفقهاء من عدم قصد المكره الى اللفظ عدم قصده الى وقوع مضمون العقد في الخارج، فعليه يصح ما افاده العلامة: من وقوع الطلاق لو اكره الشخص على الطلاق فطلق.

(2) في قوله الآني: بقي الكلام فيما وعدنا ذكره.

(3) اى اقتران وقوع ذلك الفعل.

(4) اى من المكره بالكسر.

(5) بالجر صفة لكلمة توعد في قوله: بتوعد منه.

(6) و هو المكره بالفتح.

(7) كلمة نفسا، أو عرضا، أو مالا بيان لكلمة مضر اى الضرر سواء أ كان نفسيا أم عرضيا أم ماليا.

و سواء أ كان الضرر متوجها بشخص المكره بالفتح أم باحد متعلقيه

(8) اى من اقتران وقوع ذلك الفعل بتوعد من المكره بالكسر خلاصة هذا الكلام أن مجرد دفع الضرر لا يكون موجبا لصدق الإكراه، و مبررا لموقف المكره بالفتح.

ص: 65

كيف (1) و الأفعال الصادرة من العقلاء كلها، أو جلّها ناشئة عن دفع الضرر، و ليس دفع مطلق الضرر الحاصل من إبعاد شخص يوجب صدق المكره عليه، فإن (2) من أكره على دفع مال، و توقف (3) على بيع بعض أمواله، فالبيع الواقع منه لبعض أمواله و إن كان لدفع الضرر المتوعّد به على عدم دفع ذلك المال، و لذا (4) يرتفع التحريم عنه لو فرضت حرمته عليه لحلف، أو شبهه، ليس (5) مكرها.

فالمعيار في وقوع الفعل مكرها عليه سقوط الفاعل (6) من اجل الاكراه المقترن بايعاد الضرر عن الاستقلال (7) في التصرف بحيث لا تطيب

+++++++++++

بل لا بدّ في صدق الإكراه من ترتب ذلك التوعد على ترك الفعل من المكره بالفتح و إن كان حصول ذلك التوعد بالظن.

(1) استشهاد لكون مجرد دفع الضرر لا يكفي في المقام، بل لا بدّ من ترتب الضرر المتوعد به على ترك الفعل.

(2) تعليل لكون مطلق الضرر الحاصل من إبعاد شخص لا يوجب صدق الإكراه.

(3) اى دفع المال.

(4) تعليل لكون بيع بعض أمواله و إن كان لدفع الضرر المتوعدية على عدم دفع ذلك المال لا يكون مكرها أي و لا جل هذا يرتفع التحريم عن هذا البيع لو فرضنا حرمته بواسطة حلف، أو نذر، أو عهد.

(5) هذه الجملة مرفوعة مثلا خبر للمبتدإ المتقدم الواقع في قوله:

فالبيع.

(6) و هو المكره بالفتح.

(7) الجار و المجرور متعلق بقوله: سقوط الفاعل.

ص: 66

نفسه بما يصدر منه، و لا يتعمد إليه عن رضا، و إن كان (1) يختاره لاستقلال العقل بوجوب اختياره، دفعا (2) للضرر، أو ترجيحا لأقل الضررين (3) إلا أن هذا المقدار (4) لا يوجب طيب نفسه به، فإن النفس مجبولة على كراهة ما يحمله غيره عليه، مع الايعاد عليه بما يشق تحمله.

و الحاصل أن الفاعل (5) و إن يفعل لدفع الضرر، لكنه مستقل في فعله، و مخلى و طبعه فيه بحيث تطيب نفسه بفعله و إن كان من باب علاج الضرر.

و قد يفعل (6) لدفع ضرر إيعاد الغير على تركه.

و هذا (7) مما لا تطيب النفس به.

و ذلك (8) معلوم بالوجدان.

+++++++++++

(1) اى و إن كان المكره بالفتح يختار وقوع الفعل.

(2) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لاستقلال العقل بوجوب اختيار وقوع الفعل.

(3) و هما: وقوع الفعل، و الضرر المتوعد به.

(4) و هو استقلال العقل بوجوب اختيار وقوع الفعل دفعا للضرر المتوعد به.

(5) و هو المكره بالفتح.

(6) اى الفاعل الذي هو المكره بالفتح.

(7) و هو الشق الثاني و هو فاعل الفعل، خوفا لدفع الضرر المتوعد به

(8) اى الشق الثاني الذي لا تطيب النفس بايجاده في الخارج لا يحتاج الى اقامة برهان في تحريمه، فإن الوجدان قائم على ذلك.

ص: 67

هل يعتبر عدم إمكان التفصي عن الضرر بما لا ضرر فيه
اشارة

ثم إنه هل يعتبر في موضوع (1) الاكراه، أو حكمه (2) عدم امكان التفصي عن الضرر المتوعد به بما لا يوجب به ضررا آخر كما حكي عن جماعة أم لا؟

عدم اعتبار العجز عن التورية

الذي يظهر من النصوص (3) و الفتاوى عدم اعتبار العجز عن التورية لأن حمل عموم رفع الاكراه (4)، و خصوص النصوص الواردة في طلاق المكره (5) و عتقه (6)، و معاقد الاجماعات، و الشهرات المدعاة

+++++++++++

(1) و هو تحقق مفهوم الاكراه الذي عرفته آنفا: و هو حمل الغير على ما يكرهه.

خلاصة هذا الكلام: أنه هل يعتبر في تحقق هذا المفهوم، أو تحقق حكم الاكراه الذي هو رفع الاثر امكان التفصي عن الضرر المتوعد به:

بمعنى أنه لو تمكن المكره بالفتح من التفصي عن الضرر المتوعد به و لم يفعل و اتى به هل يصدق عليه الاكراه، و رفع الاثر عنه أم لا؟

(2) و هو الاثر الذي هو الحكم التكليفي، أو الوضعي كما عرفت آنفا

(3) تأتي الاشارة إليها.

(4) هذا احد النصوص و المراد به حديث رفع عن امتي المشار إليه في الهامش 1 ص 46

(5) هذا ثاني النصوص و قد اشير الى هذه النصوص في الهامش 5 ص 57

(6) راجع المصدر نفسه الجزء 16 ص 29. الباب 19.

الحديث 1-2. أليك نص الحديث الاول.

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن عتق المكره فقال: ليس عتقه بعتق.

ص: 68

في حكم المكره: على صورة (1) العجز عن التورية، لجهل، أو دهشة (2)

بعيد جدا.

بل غير صحيح (3) في بعضها من جهة المورد كما لا يخفى على من راجعها مع (4) أن القدرة على التورية لا تخرج الكلام عن حيز الاكراه عرفا.

هل يعتبر العجز عن التخلص بغير التورية

هذا و ربما يستظهر من بعض الأخبار عدم اعتبار العجز عن التفصي بوجه آخر غير التورية أيضا في صدق الاكراه.

مثل رواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يمين في غضب و لا في قطيعة رحم، و لا في جبر، و لا في إكراه

قلت: اصلحك اللّه و ما الفرق بين الجبر و الاكراه؟

قال: الجبر من السلطان، و يكون الاكراه من الزوجة و الام و الأب و ليس ذلك بشيء (5)

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: لأن حمل عموم أى حمل هذه النصوص على صورة العجز بعيد جدا.

(2) و هي الخوف من توعد المكره و تهديده.

(3) اى حمل عموم رفع الإكراه، و خصوص النصوص الواردة في المقام على صورة العجز غير صحيح كما في بعض هذه النصوص و هي روايات الطلاق، و العتق، فإن المورد و هو الطلاق، و العتق ليس من الامور الموجبة للدهشة و الخوف حتى لا يتمكن المكره من التورية.

نعم لو كان المورد من الامور المدهشة كالقتل، أو التعذيب أمكن عدم التورية، للارتباك و الخوف.

(4) هذا إشكال آخر على بعد حمل حديث رفع عن امتي و النصوص الواردة على صورة العجز عن التورية.

(5) راجع المصدر نفسه. الجزء 16. ص 172. الباب 16 الحديث 1

ص: 69

و يؤيده (1) أنه لو خرج عن الاكراه عرفا بالقدرة على التفصي بغير التورية خرج عنه بالقدرة عليها؛ لأن (2) المناط حينئذ (3) انحصار التخلص عن الضرر المتوعد به في فعل المكره عليه، فلا فرق بين ان يتخلص عنه بكلام آخر (4) أو فعل آخر، أو بهذا الكلام مع قصد معنى آخر (5).

و دعوى (6) أن جريان حكم الاكراه مع القدرة على التورية تعبدي

+++++++++++

وجه الاستظهار هو قوله عليه السلام في آخر الحديث: و يكون الإكراه من الزوجة و الام و الأب، فإن التفصي عن هؤلاء بغير التورية أمر ممكن من حيث الرأفة؛ أو انتفاء كمال السلطنة.

(1) اى و يؤيد هذا الاستظهار.

(2) هذا التعليل بيان للجامع بين الخروج عن الإكراه عرفا بواسطة القدرة على التفصي بغير التورية.

و بين الخروج عن الإكراه بواسطة القدرة على التفصي بالتورية اى المناط في صدق الإكراه في كلا التفصيين واحد.

(3) اى حين الخروج عن الاكراه عرفا بواسطة القدرة على التفصي بغير التورية.

(4) كما في القدرة على التفصي بغير التورية.

(5) كما في القدرة على التفصي بالتورية.

(6) هذه الدعوى في قبال دعوى الشيخ الملازمة بين الخروج عن الاكراه بالقدرة على التفصي بغير التورية.

و بين الخروج عن الاكراه بالقدرة على التفصي بالتورية بقوله: و يؤيده أنه لو خرج.

و خلاصة هذه الدعوى: أن صدق الاكراه مع قدرة المكره على التفصي بالتورية و لم يتورّ امر تعبدي حكم به الشارع.

ص: 70

لا من جهة صدق حقيقة الاكراه كما ترى (1)

اعتبار العجز عن التخلص بغير التورية

لكن (2) لانصاف أن وقوع الفعل عن الاكراه لا يتحقق إلا مع العجز عن التفصي بغير التورية، لأنه يعتبر فيه أن يكون الداعي عليه

+++++++++++

و ليس من باب صدق حقيقة الاكراه، حيث إن حقيقته هو حمل الغير على ما يكرهه حتى يقال: إن هذه الحقيقة بعينها صادقة أيضا فيما لو كان المكره متمكنا على التفصي بغير التورية.

ثم يقال بثبوت الملازمة المذكورة.

و المراد من التعبد هي النصوص الواردة في طلاق المكره، و عتقه التي اشرنا إليها في الهامش 5 ص 57، و الهامش 6 ص 68

(1) هذا جواب من الشيخ عن الدعوى المذكورة

و خلاصته: أن ترتيب اثر الاكراه إنما هو لاجل تحقق نفس الاكراه لا لاجل التعبد، فاذا كان ترتيب الاثر لاجل تحقق نفس الاكراه فهو بعينه موجود فيما اذا كان متمكنا عن التفصي بغير التورية و لم يتفص فهو مكره أيضا، فلا فرق بين التفصيين.

(2) هذا عدول عما افاده: من أن ترتب اثر الاكراه إنما هو لأجل تحقق نفس الاكراه، لا لاجل التعبد، و أنه لا فرق بين التفصيين كما افاده الخصم بقوله في ص 70: و دعوى أن جريان

يروم الشيخ من هذا العدول أن يبين وجود الفارق بين التفصيين و هما:

تفصي المكره عن المكره عليه بالتورية فهنا يصدق الاكراه

و بين تفصي المكره عن المكره عليه بغير التورية فلا يصدق الاكراه

و الفارق هو وجود النصوص المذكورة المعبر عنها بدليل التعبد كما ذكر الخصم؛ و قد اشرنا إليها في الهامش 5 ص 57، و الهامش 6 ص 68

ص: 71

هو خوف ترتب الضرر المتوعد به على الترك، و مع القدرة على التفصي (1) لا يكون الضرر مترتبا على ترك المكره عليه.

بل على تركه، و ترك التفصي معا، فدفع الضرر يحصل باحد الامرين:

من فعل المكره عليه، و التفصي (2) فهو (3) مختار في كل منهما و لا يصدر كل منهما إلا باختياره، فلا إكراه.

و ليس (4)

+++++++++++

و قد ذكر الشيخ وجود الفارق، و كيفية العدول في المتن فلا نعيده و نحن نشير الى بعض جوانبه.

(1) اى على التفصي من المكره عليه بواسطة القدرة على غير التورية

(2) اى و من التفصي.

(3) اى المكره بالفتح مختار في اتيان الفعل المكره عليه و في اتيان التفصي، لأنه باتيان احد الأمرين يدفع الضرر عن نفسه، أو أحد متعلقيه، فلا إكراه في البين.

(4) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه لو كان دفع الضرر يحصل باحد الامرين المذكورين: و هو اتيان المكره عليه، أو التفصي فقد اصبح التفصي احد فردي المكره عليه فيحصل الاكراء لا محالة فلا يكون الفاعل مختارا حينئذ، بل يكون مكرها على إتيان التفصي.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله: أن التفصي ليس احد فردى المكره عليه حتى لا يوجب تخير الفاعل في الامرين المذكورين سلب الاكراه عن الامرين المذكورين.

بل التفصي احد فردي رفع الضرر عن نفسه، لأنه بارتكاب احد

ص: 72

التفصي من الضرر احد فردي المكره عليه حتى لا يوجب تخيير الفاعل فيهما (1) سلب الاكراه عنهما.

كما لو (2) اكرهه على احد الامرين، حيث يقع كل منهما حينئذ (3) مكرها عليه، لأن (4) الفعل المتفصى به مسقط عن المكره عليه، لا بدل (5) له

+++++++++++

الأمرين يرتفع الضرر عن نفسه، فتخير الفاعل يوجب سلب الاكراه فلا إكراه في البين.

(1) اى في الامرين المذكورين و هما: إتيان المكره عليه، و اتيان التفصي كما عرفت.

(2) مثال للمنفي و هو قوله: حتى لا يوجب تخير الفاعل فيهما سلب الاكراه عنهما.

و خلاصته: أنه لو امر زيد عمرا بارتكاب احد المحرمين كشرب الخمر أو السرقة فارتكب احدهما باختياره.

فلا شك في أن وقوع احدهما باختياره قد وقع مكرها عليه حين الاكراه بارتكاب احدهما.

فالمثال ليس للنفي و هو قوله: و ليس التفصي.

(3) اى حين الاكراه كما عرفت.

(4) تعليل لقوله: و ليس التفصي.

و خلاصته: أن الفعل المتفصى به الذي يأتيه المكره لدفع الضرر عن نفسه لا يكون بدلا عن المكره عليه حتى يتصف بالاكراه، بل هو مسقط عن المكره عليه، نعم اذا كان بدلا عن ذلك فقد اتصف بالاكراه

كما كان الامر كذلك عند ما يكرهه على احد الامرين المحرمين.

(5) حتى يتصف الفعل المتفصى به بالاكراه كما عرفت آنفا

ص: 73

و لذا (1) لا تجري عليه أحكام المكره عليه اجماعا فلا يفسد اذا كان عقدا.

و ما ذكرناه (2) و إن كان جاريا في التورية، إلا أن الشارع رخص (3) في ترك التورية بعد عدم امكان التفصي بوجه آخر، لما ذكرنا: من ظهور النصوص (4) و الفتاوى، و بعد حملها على صورة العجز عن التورية، مع أن العجز عنها (5) لو كان معتبرا لأشير إليها (6) في تلك الأخبار الكثيرة

+++++++++++

(1) تعليل لقوله: لأن الفعل المتفصى به مسقط عن المكره عليه لا بدل عنه.

و خلاصته: أن الدليل على أن الفعل المتفصى به مسقط، لا بدل هو عدم جريان أحكام المكره عليه على المتفصى به اجماعا: من عدم فساد المتفصى به اذا كان عقدا.

كما لو امر زيد عمرا ببيع كتابه (اللمعة الدمشقية) فباع عوضه كتاب المكاسب، متفصيا عن بيع اللمعة.

فبيع المكاسب، هنا صحيح، لوقوعه اختيارا من دون صدق الإكراه عليه.

(2) و هو العدول الذي ذكره بقوله في ص 71: لكن الإنصاف اى ما ذكرنا هناك و إن كان ممكن الجريان في التورية: بأن يقال: مع التمكن عن التفصي عن المكره عليه بإعماله التورية و لم يورّ لصدق عنوان الاكراه.

(3) هذا هو دليل التعبد الذي عبر به الخصم بقوله في ص 70:

و دعوى أن جريان حكم الاكراه مع القدرة على التورية تعبدي.

(4) و هي المشار إليها في الهامش 4-5-6 ص 68

(5) اى عن التورية.

(6) اى الى صورة العجز عن التورية.

ص: 74

المجوزة للحلف كاذبا عند الخوف و الاكراه، خصوصا في قصة عمار، و ابويه حيث اكرهوا على الكفر فابى أبواه فقتلا، و اظهر لهم عمار ما ارادوا فجاء باكيا الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فنزلت الآية:

مَنْ كَفَرَ بِاللّٰهِ مِنْ بَعْدِ إِيمٰانِهِ إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ (1)

فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن عادوا عليك فعد (2) و لم ينبهه على التورية، فإن (3) التنبيه في المقام و إن لم يكن واجبا إلا أنه لا شك في رجحانه خصوصا من النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم باعتبار شفقته على عمار، و علمه بكراهة تكلم عمار بألفاظ الكفر من دون تورية كما لا يخفى،

الفرق بين إمكان التفصي بالتورية و إمكانه بغيرها

هذا.

و لكن (4) الأولى أن يفرق بين إمكان التفصي بالتورية، و إمكانه

+++++++++++

(1) النحل: الآية 6.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 11 ص 476. الباب 29. الحديث 1-2

(3) تعليل لقوله: مع أن العجز عن التورية لو كان معتبرا.

خلاصته: أن تنبيه الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم عمارا بالتفصي عن الكفر بالتورية: بأن يقول صلى اللّه عليه و آله و سلم له:

لو تمكنت من الفرار عن الكفر بالتورية فافعل، و لا تكفر: و إن لم يكن أمرا واجبا، لكنه راجح و مطلوب.

و لا يخفى أن العجز عن التورية لو كان معتبرا في عدم صدق الاكراه لكان التنبيه من الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم واجبا.

(4) من هنا رأي الشيخ حول موضوع الاكراه.

ص: 75

بغيرها: بتحقق (1) الموضوع في الاول، دون الثاني (2)، لأن الأصحاب و فاقا للشيخ في المبسوط ذكروا من شروط تحقق الاكراه أن يعلم، أو يظن المكره بالفتح أنه لو امتنع مما اكره عليه لوقع فيما توعّد عليه (3)

و معلوم ان المراد ليس امتناعه (4) عنه في الواقع و لو مع اعتقاد المكره بالكسر عدم الامتناع.

بل المعيار في وقوع الضرر اعتقاد المكره لامتناع المكره (5)

و هذا المعنى (6) يصدق مع امكان التورية، و لا يصدق مع التمكن من التفصي بغيرها، لأن المفروض تمكنه (7) من الامتناع مع اطلاع المكره

+++++++++++

(1) اى فيقال بتحقق الموضوع و هو الاكراه في الاول: و هو امكان التفصي عن ارتكاب المكره عليه بالتورية، فإن المكره لو تمكن من التفصي عن المكره عليه بالتورية و لم يورّ لصدق عليه الاكراه.

(2) اى و يقال بعدم تحقق الاكراه في الثاني: و هو امكان التفصي عن ارتكاب المكره عليه بغير التورية، فإن المكره لو تمكن من التفصي عن المكره عليه بغير التورية و لم يستعمله لم يصدق عليه الاكراه.

(3) من الضرب، أو القتل، أو نهب أمواله، و غير ذلك مما يؤذيه، سواء أ كان ما توعّد به متعلقا بشخصه أم باحد متعلقيه.

(4) اى امتناع المكره من المكره عليه.

(5) اى امتناع المكره عن ايقاع الفعل الذي امر بايقاعه في الخارج فإن المكره لو اعتقد ذلك فقد حصل الضرر و وقع.

(6) و هو اعتقاد المكره امتناع المكره عن ايقاع الفعل في الخارج

(7) اى تمكن المكره من ايقاع الفعل في الخارج.

ص: 76

عليه (1)، و عدم وقوع الضرر عليه (2)

و الحاصل أن التلازم بين امتناعه (3)، و وقوع الضرر الذي هو المعتبر في صدق الاكراه موجود مع التمكن بالتورية (4)، لا مع التمكن بغيرها فافهم (5)

عدم اعتبار العجز في الإكراه الرافع لأثر المعاملات
اشارة

ثم (6) إن ما ذكرنا: من اعتبار العجز عن التفصي إنما هو في الاكراه المسوغ للمحرمات.

+++++++++++

(1) اى على هذا الامتناع، لأنه امر جلي غير خفي كما في التورية حيث إنها امر خفي لا يطلع عليها المكره.

(2) اى على المكره بالفتح.

(3) اى امتناع المكره من ايقاع الفعل في الخارج.

(4) و قد عرفت سر ذلك: و هو أن التورية امر خفي لا يطلع عليها المكره.

بخلاف غير التورية، فإنه جلي يتمكن المكره الاطلاع عليه.

(5) لعله اشارة الى أن التفكيك بين التفصيين امر مشكل ظاهرا يحتاج الى الدقة و التعمق في المقام.

(6) من هنا يروم الشيخ أن يفرق بين الاكراه في الأحكام التكليفية كشرب الخمر، و إفطار الصوم، و قبول الولاية من قبل السلطان الجائر

و بين الاكراه في الأحكام الوضعية كفساد المعاملة لو اكره الشخص عليها.

مقصود الشيخ من بيان هذا الفارق هو ذكر النسبة بين شخص الاكراهين و هو العموم و الخصوص المطلق.

و نحن نشير الى بيان الفرق عند ما يذكره الشيخ، و بيان النسبة المذكورة

ص: 77

و مناطه (1) توقف دفع ضرر المكره على ارتكاب المكره عليه.

و أما (2) الإكراه الرافع لاثر المعاملات فالظاهر أن المناط فيه عدم طيب النفس بالمعاملة.

و قد يتحقق مع امكان التفصي (3): مثلا (4) من كان قاعدا في مكان

+++++++++++

(1) من هنا شروع في بيان الفرق بين الاكراهين اى مناط الاكراه و علته في الأحكام التكليفية هو دفع المكره الضرر المتوجه نحوه من المكره عن نفسه بارتكاب الفعل المكره عليه.

(2) اى و أما مناط الاكراه و علته في الأحكام الوضعية الذي يرفع اثر المعاملة الواقعية في الخارج بكره و إكراه: هو عدم طيب النفس من المكره بوقوع المعاملة في الخارج.

فعلى المناط في الأول لا يتحقق الاكراه إلا بشيئين:

(احدهما): اعتبار العجز عن التفصي عن ارتكاب الحرام.

(ثانيهما) دفع الضرر عن نفسه بارتكاب المحرم.

السر في ذلك: أن ارتكاب المحرمات التي هي حدود اللّه لا يسوّغ التعدي عنها إلا في حالة الاضطرار و الإلجاء.

فلو تمكن المكره من عدم ارتكاب المحرم بالتفصي عنه و لم يتفص لم يصدق عليه الإكراه.

نعم لو عجز من التفصي و ارتكب المعصية لصدق الاكراه.

و أما على المناط في الثاني و هو الإكراه في الأحكام الوضعية فقد يتحقق الاكراه مع إمكان التفصي عن المكره عليه، و القدرة على تركه

(3) أي الاكراه في الأحكام الوضعية كما عرفت آنفا.

(4) اى خذ لك مثالا.

ص: 78

خاص خال عن الغير متفرغا لعبادة، أو مطالعة فجاءه من اكرهه على بيع شيء مما عنده و هو في هذه الحال (1) غير قادر على دفع ضرره و هو كاره للخروج عن ذلك المكان.

لكن لو خرج كان له في الخارج خدم يكفونه شر المكره.

فالظاهر صدق الاكراه حينئذ (2) بمعنى عدم طيب النفس لو باع ذلك الشيء.

بخلاف من كان خدمه حاضرين عنده، و توقف دفع ضرر إكراه الشخص على أمر خدمه بدفعه و طرده، فإن هذا لا يتحقق في حقه الاكراه و يكذب لو ادعاه (3)، بخلاف الاول (4) اذا اعتذر بكراهة الخروج

+++++++++++

من هنا يقصد الشيخ الاتيان بالمثال لتوضيح ما افاده: من الفرق بين الإكراهين فابتدأ بالمثال للحكم الوضعي.

(1) و هي حالة العبادة أو المطالعة.

(2) اى حين التمكن من الخروج و لم يخرج.

(3) لأنه كان قادرا على دفع الضرر عن نفسه، لحضور خدمه و أعوانه عنده المانعين عن وقوع العقد في الخارج بطردهم المكره، أو ضربهم اياه، أو تهديدهم له، فما دام لم يتفص عن المكره عليه باستعمال خدمه يصدق عليه طيب النفس فتصح المعاملة

(4) و هو قعود الرجل في مكان فارغ للعبادة، أو المطالعة فجاءه رجل اكرهه على بيع شيء من ماله و هو غير قادر على دفع الضرر عن نفسه في حالة العبادة، أو المطالعة، فإن الرجل لو اعتذر في تلك الحالة يقبل اعتذاره، لأن المناط في الاكراه الرافع لاثر المعاملة هو عدم طيب النفس و هو حاصل هنا.

ص: 79

عن ذلك المنزل و لو فرض في ذلك المثال (1) إكراهه على محرم لم يعذر فيه بمجرد كراهة الخروج عن ذلك المنزل (2).

و قد تقدم الفرق بين الجبر و الاكراه في رواية ابن سنان (3)

المراد من الإكراه الرافع لأثر المعاملات

فالاكراه المعتبر في تسويغ المحظورات (4) هو الاكراه بمعنى الجبر المذكور (5)، و الرافع لاثر المعاملات (6) هو الاكراه الذي ذكر في تلك الرواية (7) أنه قد يكون من الأب و الولد و المرأة.

فالمعيار فيه (8) عدم طيب النفس فيها، لا الضرورة و الالجاء

+++++++++++

(1) و هو المثال الاول المشار إليه في الهامش 8 ص 79

(2) لعدم جواز ارتكاب المحرمات التكليفية بمجرد الاكراه و قد علمت أن المناط في تحقق الاكراه في الأحكام التكليفية شيئان:

العجز عن التفصي، و دفع الضرر عن نفسه بارتكاب المكره عليه

و هنا قد تمكن من التفصي عن ارتكاب المحرم بخروجه عن محل العبادة، و أمره خدمه و أعوانه بدفع الضرر عن نفسه، و لم ينفص عن ذلك

(3) في ص 69 في قوله عليه السلام: الجبر من السلطان، و يكون الاكراه من الزوجة و الام، و الأب، و ليس ذلك بشيء، حيث إن الأول لا يمكن التفصي عنه، و الثاني يمكن التفصي عنه.

(4) و هي الأحكام التكليفية كما عرفت.

(5) اى في رواية ابن سنان المشار إليها في ص 69

بقوله عليه السلام: الجبر من السلطان، اي لا يمكن الفرار عنه.

(6) و هي الأحكام الوضعية.

(7) و هي رواية ابن سنان المشار إليها في ص 69.

(8) اى المرجع في هذا الاكراه الذي هو الرافع لاثر المعاملات و الذي اشير إليه في رواية ابن سنان هو عدم طيب النفس في المعاملات.

ص: 80

و إن كانت (1) هي المتبادر من لفظة الاكراه، و لذا (2) يحمل الاكراه في حديث الرفع عليه، فيكون (3) الفرق بينه، و بين الاضطرار المعطوف عليه في ذلك الحديث اختصاص الاضطرار بالحاصل (4)، لا من (5) فعل الغير كالجوع و العطش و المرض (6).

+++++++++++

(1) اى الضرورة و الالجاء هو المتبادر من لفظة الاكراه عند ما يطلق

(2) اى و لا جل هذا التبادر من لفظة الاكراه تحمل لفظة الاكراه الواردة في حديث رفع عن امتى تسعة المشار إليه في الهامش 1 ص 46:

على الاضطرار و الالجاء.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه لو يحمل الاكراه الوارد في الحديث على الالجاء و الاضطرار اذا فما الفارق بين الاكراه، و الاضطرار الواقعين في نفس الحديث؟

فاجاب قدس سره: أن الفرق بين هذا الاكراه الوارد في الحديث و المفسر بالاضطرار.

و بين الاضطرار المعطوف على هذا الاكراه: كما في رواية الخصال الواردة في المصدر نفسه: هو اختصاص الاضطرار الحاصل من فعل الانسان بشخصه كالجوع و العطش و المرض التي هي من الامور الاضطرارية الصادرة عن شخص الانسان

و اختصاص الاكراه المفسر بالاضطرار: بالاضطرار الحاصل من فعل الغير كجبر السلطان.

(4) اى الحاصل من فعل الانسان كما عرفت آنفا.

(5) اي لا الاضطرار الحاصل من فعل الغير كما عرفت آنفا.

(6) أمثلة للاضطرار الحاصل من فعل الانسان الذي ذكرناه لك بقولنا: كالجوع و العطش و المرض، و ليست أمثلة لما يحصل من فعل الغير

ص: 81

لكن الداعي (1) على اعتبار ما ذكرنا في المعاملات هو أن العبرة فيها بالقصد الحاصل عن طيب النفس، حيث استدلوا على ذلك (2) بقوله تعالى: تجارة عن تراض (3)

+++++++++++

(1) اي السبب الوحيد الذي حثنا على اعتبار الاختيار في صدر المسألة المذكورة في ص 45 بقولنا: و من جملة شروط المتعاقدين الاختيار.

و قلنا: إن المراد من الاختيار ما كان مقابلا لمطلق الاكراه و ليس المراد من الاختيار المقابل للجبر و الالجاء، كما أن الجبر هو المستفاد من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن امتي تسعة: ما اكرهوا عليه كما عرفت في ص 46: شيئان:

(الاجماع) من الفقهاء على ذلك.

و (الأخبار) الواردة في طلاق المكره.

و هذه الأخبار على قسمين:

(احدهما) ما يدل على عدم وقوع الطلاق لمن لا يريد الطلاق.

و قد مضت الاشارة إليها في الهامش 2 ص 61

(ثانيهما): خصوص رواية من طلق زوجته مداراة لاهله المذكورة في ص 62

(2) اى على أن الاعتبار في المعاملات هو القصد الحاصل من طيب النفس.

(3) فإن معنى تجارة عن تراض هو طيب النفس الصادر من كل واحد من المتعاقدين المتعاملين.

و من الواضح أن المكره في المعاملات ليس له تلك الصفة النفسية فيرتفع اثر المعاملات و هي الصحة فتقع فاسدة عند الاكراه.

ص: 82

و لا يحل (1) مال امرء مسلم إلا عن طيب نفسه.

و عموم (2) اعتبار الإرادة في صحة الطلاق.

و خصوص (3) ما ورد في فساد طلاق من طلق مداراة مع عياله

فقد (4) تلخص مما ذكرنا: أن الإكراه الرافع لاثر الحكم التكليفي أخص من الرافع لاثر الحكم الوضعي.

+++++++++++

(1) اى و استدلوا على ان الاعتبار في المعاملات هو القصد الحاصل عن طيب النفس بحديث و لا يحل.

و قد مضت الاشارة الى الحديث في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 181-182

(2) اى و استدلوا على أن الاعتبار في المعاملات هو القصد الحاصل عن طيب النفس بعموم اعتبار الإرادة الواردة في أخبار الطلاق.

مضت الاشارة الى هذا الحديث في الهامش 2 ص 61

(3) اى و استدلوا على أن الاعتبار في المعاملات هو القصد الحاصل من طيب النفس بخصوص الرواية الواردة في من طلق زوجته مداراة لأهله و قد اشير إليها في ص 62

(4) من هنا يروم الشيخ أن يبين أن بين الاكراهين: و هما الاكراه في الأحكام التكليفية

و الاكراه في الأحكام الوضعية: عموما و خصوصا مطلقا: بمعنى أن كل ما كان موجبا لرفع الحكم التكليفي يكون موجبا لرفع الحكم الوضعي

و ليس كل ما كان موجبا لرفع الحكم الوضعي يكون موجبا لرفع للحكم التكليفي.

فالأخصية تكون من جانب الحكم التكليفي كما في الانسان و الحيوان

ص: 83

..........

+++++++++++

حيث الأخصية في جانب الانسان، و الأعمية في جانب الحيوان، لأن الاكراه الرافع لاثر الحكم الوضعي أعم من الاكراه الرافع لأثر الحكم التكليفي، لأن أثر الحكم الوضعي كما يرتفع بعدم إمكان التفصي من المعاملة المكره عليها.

كذلك يرتفع بعدم طيب النفس.

بخلاف الاكراه الرافع لأثر الحكم التكليفي، فإنه مقيد بعدم امكان التفصي بأي شكل من الأشكال.

خذ لذلك مثالا:

لو اكره زيد عمرا على شراء العنب و جعله خمرا، ثم بعد التخمير يشربها، ليس لعمرو التفصي من ذلك اصلا

فهاهنا اجتمع حكمان:

تكليفي: و هي حرمة شرب الخمر:

و وضعي: و هي حرمة المعاملة لشراء العنب للتخمير.

أما الحكم التكليفي فقد ارتفع اثره الذي هي حرمة شرب الخمر بعدم امكان التفصي عنه.

و أما الحكم الوضعي فكذلك ارتفع اثره الذي هو نفوذ صحة المعاملة بعدم امكان التفصي عنه أيضا.

و ليس كل ما كان موجبا لرفع الحكم الوضعي يكون موجبا لرفع الحكم التكليفي.

خذ لذلك مثالا:

لو اكره زيد عمرا على شراء العنب و تخميره، ثم شربه، لكنه كان قادرا على التفصي عن الشرب.

ص: 84

الفرق بين الأحكام التكليفية و الأحكام الوضعية

و لو لوحظ (1)

+++++++++++

بخلاف الشراء، حيث لم يكن له بد من ذلك فيكون فاقدا لطيب النفس فقط.

فهنا يرتفع اثر الحكم الوضعي الذي هو نفوذ صحة المعاملة من جهة عدم طيب النفس.

و أما أثر الحكم التكليفي الذي هي حرمة شرب الخمر فلا يرتفع لامكان التفصي من شربه.

الى هنا كان الكلام في النسبة بين نفس الاكراهين.

(1) من هنا يريد الشيخ أن يذكر النسبة بين المناطين اى مناط الاكراه في الحكم التكليفي، و مناط الاكراه في الحكم الوضعي.

قد علمت أن المناط في الاول هو دفع الضرر عن نفسه، و ذلك متوقف على ارتكاب الفعل المكره عليه.

و أن المناط في الثاني هو عدم طيب النفس الذي يرتفع به اثر المعاملة و هي صحة نفوذها.

اذا عرفت ذلك فاعلم أن النسبة بين المناطين هو العموم و الخصوص من وجه، لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما اذا اكره زيد عمرا على بيع داره، و توعده و هدده على عدم البيع لو لم يبع، و ليس له طريق الى التفصي عن دفع الضرر عن نفسه، أو عن احد متعلقيه اذا كان هو المهدد، و نفسه لا تطيب على بيع داره.

فهنا قد اجتمع مناطان: مناط اكراه الحكم التكليفي: و هو دفع الضرر عن نفسه بارتكاب المكره عليه، لتوقفه عليه.

ص: 85

ما هو المناط في رفع كل منهما من دون ملاحظة عنوان الإكراه (1) كانت النسبة بينهما العموم من وجه، لأن المناط في رفع الحكم التكليفي هو دفع الضرر و في رفع الحكم الوضعي هو عدم الإرادة، و طيب النفس.

لو أكره الشخص على أحد الأمرين

و من هنا (2) لم يتأمل احد في أنه اذا اكره الشخص على احد الأمرين المحرمين لا بعينه فكل منهما وقع في الخارج: لا يتصف بالتحريم (3)، لأن

+++++++++++

و مناط الحكم الوضعي: و هو عدم طيب النفس منه على بيع داره

و أما مادة الافتراق من جانب مناط الحكم التكليفي: بأن يكون مناط الاكراه الوضعي موجودا، و مناط الاكراه التكليفي غير موجود.

كما لو اكره زيد عمرا على بيع داره، لكنه قادر على التفصي عنه و لم يستعمل قدرته في ذلك فاوجد المكره عليه مع عدم طيب النفس

فهنا يوجد مناط الحكم الوضعي، دون مناط الحكم التكليفي.

و أما مادة الافتراق من جانب المناط في الحكم الوضعي: بأن يكون مناط الحكم التكليفي موجودا، و مناط الحكم الوضعي غير موجود.

كما اذا اكره زيد عمرا على شراء الخبز المسروق و اكله و هو جائع

فهنا يوجد مناط الحكم التكليفي الذي هو دفع الضرر عن نفسه و الضرر هو الجوع، و الدفع لا يتحقق إلا بارتكاب الحرام: و هو اكل الخبز المسروق.

و أما مناط الحكم الوضعي الذي هو عدم طيب النفس فغير موجود لطيب النفس بالشراء، لأنه جائع، فلو لم يقدم عليه لهلك من الجوع

(1) و هو الاكراه في الحكم التكليفي، و الاكراه في الحكم الوضعي

(2) اى و من أن المناط في الحكم التكليفي هو دفع الضرر، و المناط في الحكم الوضعي هو عدم طيب النفس.

(3) لأن طبيعة الاكراه لا يمكن تحققها إلا في ضمن احد الفردين

ص: 86

المعيار في دفع الحرمة دفع الضرر المتوقف على فعل احدهما.

أما لو كانا (1) عقدين، أو ايقاعين كما لو اكره على طلاق احدى زوجتيه.

+++++++++++

المحرمين و قد اوجدها المكره في ضمن احدهما.

و قد علمت أن المناط في إكراه الحكم التكليفي هو دفع الضرر عن نفسه، و هذا لا يتحقق إلا بارتكاب المكره عليه.

(1) اى أحد الامرين الذين اكره الشخص على اتيان احدهما.

مقصود الشيخ من هذه العبارة: ان احد الامرين الذين أمر الشخص بارتكابه لا محالة لو كان في ضمن عقدين، كما لو امره إما ببيع داره أو ببيع بستانه مثلا فاختار بيع الدار

أو كان في ضمن ايقاعين كما لو أمره إما بطلاق زوجته هذه، أو تلك مثلا فاختار طلاق احداهما

فهنا لا إشكال و لا كلام في صدق الاكراه بالنسبة الى اصل الطبيعة المعبر عنها بالقدر المشترك و هي نفس الطلاق، أو نفس البيع.

و إنما الكلام و الاشكال بالنسبة الى تلك الخصوصية المختارة و المنتخبة

فهل هذه تتصف بالاكراه باعتبار جنسها التي هي طبيعة البيع، أو طبيعة الطلاق أم لا؟

فقد لفتت هذه الخصوصية أنظار الفقهاء فوقعت محل الخلاف و النزاع فيما بينهم.

فبعض قال بصدق الاكراه فيها

و بعض قال بعدم الصدق

أما صدق الاكراه فباعتبار جنسه الذي هي و الطبيعة

و أما عدم الصدق فباعتبار اختيار الخصوصية الموجبة لوقوع الطلاق اختيارا

ص: 87

فقد استشكل (1) غير واحد في أن ما يختاره: من الخصوصيتين بطيب نفسه و يرجحه على الآخر بدواعيه النفسانية الخارجة عن الإكراه مكره عليه باعتبار جنسه أم لا؟

بل افتى في القواعد بوقوع الطلاق، و عدم الاكراه، و إن حمله (2) بعضهم على ما اذا قنع المكره بطلاق احداهما مبهمة.

لكن المسألة عندهم غير صافية عن الاشكال من جهة مدخلية طيب النفس في اختيار الخصوصية.

و إن كان الأقوى وفاقا لكل من تعرض للمسألة (3) تحقق الاكراه لغة و عرفا (4)

مع أنه لو لم يكن هذا (5) مكرها عليه لم يتحقق الاكراه اصلا اذ الموجود في الخارج دائما احدى خصوصيات المكره عليه (6)، اذ لا يكاد يتفق الاكراه بجزئي حقيقي من جميع الجهات.

+++++++++++

(1) من هنا اخذ الشيخ في نقل كلمات الأعلام في صدق الاكراه و عدمه بالنسبة الى الخصوصية المختارة.

(2) اي وقوع الطلاق، و عدم كونه مكرها.

(3) و هو مسألة من اكره على ارتكاب احد الامرين، سواء أ كان احد الأمرين في ضمن عقدين أم في ضمن ايقاعين كما عرفت في الهامش 1 ص 87

(4) فيتحقق الطلاق في الفرع المذكور كما افاده العلامة.

(5) اى مثل هذا الطلاق، و ما شابهه.

(6) فيما اذا اكره الانسان على ارتكاب احد الامرين الحاصل في ضمن عقدين أم الايقاعين كما عرفت.

ص: 88

نعم (1) هذا الفرد مختار فيه من حيث الخصوصية، و إن كان مكرها عليه من حيث القدر المشترك (2): بمعنى أن وجوده الخارجي ناش عن إكراه (3) و اختيار (4) و لذا (5) لا يستحق المدح، أو الذم باعتبار اصل الفعل، و يستحقه باعتبار الخصوصية.

و تظهر الثمرة (6) فيما لو ترتب اثر على خصوصية المعاملة الموجودة فإنه لا يرتفع (7) بالاكراه على القدر المشترك.

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من تحقق الاكراه لغة و عرفا فيما لو اكره الشخص على طلاق احدى زوجتيه فطلق في قبال ما أفاده العلامة: من عدم الاكراه و إن وقع الطلاق.

و خلاصته أن الفرد المختار و هو طلاق احدى زوجتيه على التعيين امر اختياري ناش من جهة الخصوصية الموجودة في الطلاق، و إن كان مكرها عليه من حيث القدر المشترك، فلا يتحقق الاكراه لغة و عرفا.

(2) و هي طبيعة الطلاق التي وقعت مكرها عليها.

(3) اى باعتبار طبيعة الطلاق الذي وقع مكرها عليه.

(4) اى باعتبار الخصوصية المختارة.

(5) اى و لاجل أن وجود هذا الفرد المختار الخارجي ناش عن إكراه و اختيار بالمعنى الذي ذكرناه لا يستحق فاعل فعل المكره عليه المدح، و لا الذم بالنسبة الى اصل الفعل الذي هي الطبيعة المحققة في ضمن احد الفردين و المعبر عن هذه الطبيعة بالقدر المشترك.

(6) اى و تظهر ثمرة النزاع في أن الخصوصية المختارة هل تتصف بالاكراه أم لا؟

و قد ذكر الشيخ الثمرة في المتن فلا نعيدها.

(7) اى ذلك الاثر.

ص: 89

مثلا لو اكرهه على شرب (1) الماء، أو شرب الخمر لم يرتفع تحريم الخمر، لأنه مختار فيه، و إن كان مكرها في أصل الشرب.

و كذا لو اكرهه على بيع صحيح، أو فاسد (2) فإنه لا يرتفع أثر الصحيح (3)، لأنه مختار فيه و إن كان مكرها في جنس البيع، لكنه لا يترتب على الجنس أثر يرتفع بالإكراه.

و من هنا (4) يعلم أنه لو أكره على بيع مال، أو إيفاء مال مستحق لم يكن إكراها، لأن القدر المشترك (5) بين الحق، و غيره اذا أكره عليه لم يقع باطلا و إلا (6) لوقع الايفاء أيضا باطلا، فإن اختار البيع صحيح

+++++++++++

(1) هذا المثال خارج عما افاده في ص 89 بقوله: و تظهر الثمرة فيما لو ترتب اثر على خصوصية المعاملة الموجودة.

لكنه داخل في قوله في ص 86: إذا اكره الشخص على احد الامرين.

(2) هذا المثال داخل فيما افاده قدس سره بقوله في ص 89: و تظهر الثمرة

(3) اى لو اختار البيع الصحيح لا يرتفع اثره الذي هو نفوذ صحة المعاملة، لأن المكره عليه كان له التفصي عن البيع الصحيح باختيار البيع الفاسد اى كانت له المندوحة في ذلك فلم يخترها.

(4) اى و من أنه لا يترتب على جنس البيع و إن كان مكرها عليه اثر يرتفع بالاكراه.

بل الاثر إنما يترتب على البيع المختار و هو البيع الصحيح النافذ كما عرفت.

(5) و هو المكره عليه، سواء أ كان هو البيع أم ايفاء الحق.

و المراد من الحق هو ايفاء دينه، و من غيره هو البيع.

(6) اى و لو كان بيع مال، أو ايفاء مال مستحق يعد اكراها

ص: 90

لأن الخصوصية (1) غير مكره عليها، و المكره عليه و هو القدر المشترك غير مرتفع الاثر.

و لو اكرهه على بيع مال، أو اداء مال غير مستحق كان إكراها لأنه لا يفعل البيع إلا فرارا من بدله (2) أو وعيده (3) المضرّين كما لو أكرهه على بيع داره، أو شرب الخمر، فإن ارتكاب البيع للفرار عن الضرر الاخروي (4) ببدله، أو التضرر الدنيوي (5) بوعيده.

لو أكره أحد الشخصين على فعل واحد

ثم إن إكراه احد الشخصين على فعل واحد بمعنى إلزامه (6) عليهما كفاية، و ايعادهما على تركه كإكراه شخص واحد على احد الفعلين في كون كل منهما مكرها.

صور تعلق الإكراه

و اعلم أن الإكراه قد يتعلق بالمالك، و العاقد كما تقدم (7)

+++++++++++

لكانت نفس الايفاء متصفة بالبطلان، لكون الايفاء من نفس المال المبيع الذي اكره عليه المدين.

(1) و هى اختيار المكره ببيع ماله لإيفاء دينه اي هذا الاختيار لا يكون مكرها عليه، لانه كان مختارا في ايفاء ماله، و ليس مجبورا في البيع حتى يكون مكرها كما هو الملاك في الاكراه.

(2) و هو دفع مال غير مستحق.

(3) اى أو وعيد المكره بالكسر لو لم يؤد المكره المال إليه

(4) و هي العقوبة الإلهية.

(5) و هو الحد الشرعي الذي هو ثمانون سوطا.

(6) اى إلزام الفعل الواحد على احد الشخصين المكرهين يكون من باب الكفاية: بمعنى أنه لو أتى به احدهما سقط اتيان الفعل عن الآخر.

(7) اى في ص 90 عند قوله: و من هنا يعلم أنه لو اكره على بيع مال

ص: 91

و قد يتعلق (1) بالمالك، دون العاقد كما لو اكره (2) على التوكيل في بيع ماله، فإن العاقد قاصد مختار، و المالك مجبور، و هو داخل في عقد الفضولي (3)، بعد ملاحظة عدم تحقق الوكالة مع الإكراه.

و قد ينعكس (4) كما لو قال: بع مالي، أو طلق زوجتي، و إلا قتلتك.

و الأقوى هنا (5) الصحة، لأن العقد هنا من حيث إنه عقد لا يعتبر فيه سوى القصد الموجود في المكره إذا كان عاقدا، و الرضا المعتبر من المالك موجود بالفرض (6) فهذا أولى من المالك المكره على العقد (7) اذا رضي لاحقا.

و احتمل في المسالك عدم الصحة (8)، نظرا الى أن الاكراه (9)

+++++++++++

(1) اى الاكراه.

(2) بأن أكرهه شخص في إعطاء الوكالة له، أو لغيره في اجراء بيع ماله.

(3) فمآل هذا العقد و مرجعه الى الصحة بعد الرضا.

و الدليل على ذلك قوله: فهذا أولى من المالك المكره على العقد اذا رضي لاحقا.

(4) بأن يكون العاقد مكرها من قبل المالك.

(5) اى في صورة إكراه المالك العاقد.

(6) حيث إنه امره بإجراء العقد، أو الايقاع فهو كان راضيا بأصلهما.

(7) كما في قوله: و قد يتعلق بالمالك دون العاقد.

(8) اى فيما اذا كان العاقد مكرها.

(9) اى الإكراه في العاقد يسقط حكم اللفظ و هو التأثير الخارجي

ص: 92

يسقط حكم اللفظ كما لو امر المجنون (1) بالطلاق فطلقها.

ثم قال (2): و الفرق بينهما أن عبارة المجنون مسلوبة، بخلاف المكره (3) فإن عبارته مسلوبة لعارض تخلف القصد، فإن كان الآمر (4) قاصدا لم يقدح إكراه المامور انتهى.

و هو حسن (5)

و قال (6) أيضا: لو اكره الوكيل (7) على الطلاق، دون الموكل

+++++++++++

(1) بأن امره شخص عاقل في إجراء الطلاق فاجرى الصيغة فالطلاق لا يقع، لعدم تأثير في اللفظ الصادر منه.

فالعاقد المكره كالمجنون المأمور في إجراء الطلاق: في عدم تأثير عقده الصادر منه.

(2) اى الشهيد الثاني في المسالك قال: الفرق بين العاقد المكره و المجنون المأمور في إجراء صيغة الطلاق.

لا يخفى أن هذا الفرق مبني على صحة العقد، أو الايقاع الصادر من العاقد المكره، لا على صورة عدم الصحة، فإنه لا فرق حينئذ.

و الدليل على ذلك قول الشهيد: فان كان الآمر قاصدا لم يقدح إكراه المأمور.

(3) و هو العاقد.

(4) المراد منه هو المالك الذي اكره العاقد في إجراء الصيغة.

(5) اى هذا الفرق الذي افاده الشهيد الثاني في المسالك.

(6) اى الشهيد في المسالك.

(7) بأن كان شخص وكيلا عن زيد في إجراء صيغة الطلاق فجاءه شخص آخر و قال له: طلق في هذا اليوم، و الوكيل يريد إجراء الصيغة في يوم الجمعة مثلا.

ص: 93

ففي صحته (1) وجهان أيضا (2)

من (3) تحقق الاختيار في الموكل المالك.

و من (4) سلب عبارة المباشر انتهى (5)

و ربما يستدل على فساد العقد في هذين الفرعين (6) بما دل على رفع حكم الاكراه (7).

+++++++++++

(1) اى صحة الطلاق في هذه الصورة.

(2) اى كما كان الوجهان و هما: صحة البيع، أو الطلاق، و عدمها في صورة إكراه المالك العاقد في إجراء صيغة البيع، أو الطلاق موجودين كذلك الوجهان هنا موجودان.

(3) هذا دليل على صحة الطلاق.

(4) هذا دليل على عدم صحة الطلاق.

(5) اى ما افاده الشهيد الثاني في المسالك في صورة إكراه المالك العاقد لاجراء صيغة البيع، أو الطلاق.

(6) و هما: صورة إكراه المالك العاقد على إجراء الصيغة.

و صورة إكراه شخص وكيل زيد في إجراء صيغة الطلاق على إجراء صيغة الطلاق.

(7) خلاصة الاستدلال أن حديث رفع عن امتي تسعة المشار إليه في الهامش 1 ص 46 يدل على أن الفعل الواقع عن الاكراه في الفرعين المشار إليهما في الهامش 6 مرفوع الاثر: بمعنى أن بيع العاقد المكره؛ أو طلاقه لا يقع كما في الفرع الاول في قوله في ص 92: و قد ينعكس.

و كذا طلاق الوكيل المكره من قبل شخص آخر دون الموكل لا يقع كما في الفرع الثاني في قوله في ص 93: و قال أيضا: لو اكره الوكيل على الطلاق

ص: 94

و فيه (1) ما سيجيء: من أنه إنما يرفع حكما ثابتا على المكره لو لا الاكراه، و لا اثر للعقد هنا بالنسبة الى المتكلّم به لو لا الاكراه.

و مما يؤيد ما ذكرنا (2) حكم المشهور بصحة بيع المكره بعد لحوق الرضا

و من المعلوم أنه (3) إنما يتعلق بحاصل العقد الذي هو امر مستمر و هو النقل و الانتقال.

و أما التلفظ بالكلام الذي صدر مكرها عليه فلا معنى للحوق الرضا به، لان ما مضى و انقطع (4) لا يتغير عما وقع عليه و لا ينقلب (5)

نعم ربما يستشكل هنا (6) في الحكم المذكور: بأن القصد الى المعنى و لو على وجه الاكراه شرط في الاعتناء بعبارة العقد، و لا يعرف (7)

+++++++++++

فحديث رفع عن امتي تسعة يشمل الفرعين، حيث إن الشخص في الفرعين مكره عليه فيدل على فساد ما وقع في الفرعين.

(1) اى و في الاستدلال بحديث الرفع على الفساد نظر و إشكال

و خلاصته: أن حديث الرفع كما عرفت شرحه مفصلا من ص 46 الى ص 54 إنما يرفع حكما ثابتا للفعل المكره عليه لو لا الاكراه.

و من الواضح أن العقد سبب مستقل للنقل و الانتقال.

و هذا الاثر منفي بسبب الاكراه، لعدم تأثير للعقد هنا بالنسبة الى المتكلم بهذا العقد الذي وقع مكرها عليه.

(2) و هو صحة البيع، أو الطلاق في الفرعين المذكورين.

(3) اى لحوق الرضا.

(4) و هو الكلام الصادر من المتكلم مكرها عليه.

(5) فلا يفيد لحوق الرضا لهذا الكلام الصادر من المتكلم مكرها عليه

(6) اى في الفرعين المذكورين من حيث الحكم بصحتهما

(7) و هو القصد الى المعنى و لو على وجه الاكراه.

ص: 95

إلا من قبل العاقد، فاذا كان (1) مختارا أمكن إحرازه بأصالة القصد في أفعال العقلاء الاختيارية، دون المكره عليها.

اللهم (2) إلا أن يقال: إن الكلام بعد احراز القصد، و عدم تكلم العاقد لاغيا، أو مورّيا و لو كان مكرها مع (3) أنه يمكن اجراء أصالة القصد هنا أيضا، فتأمل (4)

+++++++++++

(1) اى العاقد اذا كان مختارا في إجراء العقد أمكن احراز القصد الى المعنى بإجراء أصالة القصد، حيث إن العقلاء بما هم عقلاء اذا اقدموا على الأفعال الاختيارية يقصدونها فلا يكون صدورها منهم بلا قصد.

بخلاف المكره على اتيان الأفعال، فإن أصالة القصد لا تجري في أفعالهم.

(2) استثناء عما افاده: من عدم إجراء أصالة القصد في أفعال المكره.

و خلاصته: أن القصد في العقد سواء أ كان صادرا من المختار أم من المكره من الامور المفروغ عنها، و أنه مما لا بدّ منه فلا كلام فيه من هذه الناحية، حيث لا يكون العاقد لاغيا، و لا مورّيا عند اجراء العقد

(3) هذا جواب آخر لوجود القصد في الافعال الاختيارية الصادرة من المكره.

و خلاصته: أنه يمكن إجراء أصالة القصد في المكره أيضا، لعدم اختصاص إجراء الاصالة من قبل العقلاء في أفعالهم الاختيارية، بل تجري حتى في الافعال المكره عليها اذا شك في صدورها بقصد من المكره.

(4) لعل الامر بالتأمل من جهة أن مدرك اعتبار أصالة القصد إنما هو الاجماع، و بناء العقلاء على ذلك.

و من الواضح أنهما إنما قاما و اعتبرا في أفعال العقلاء الاختيارية، دون المكره عليها.

ص: 96

فروع
الإكراه على بيع عبد من عبدين

فروع (1) و لو أكرهه (2) على بيع واحد غير معين من عبدين فباعهما، أو باع نصف احدهما ففي التذكرة إشكال.

اقول: أما بيع العبدين فإن كان تدريجا فالظاهر وقوع الاول مكرها دون الثاني (3)، مع احتمال الرجوع إليه (4) في التعيين، سواء ادعى العكس (5) أم لا.

و لو باعهما دفعة احتملت صحة الجميع، لأنه خلاف المكره عليه

و الظاهر أنه لم يقع شيء منهما عن إكراه.

و بطلان (6) الجميع؛ لوقوع احدهما مكرها عليه (7) و لا ترجيح

+++++++++++

(1) في بعض نسخ المكاسب الموجودة عندنا هكذا: فرع

و في الكثير منها هكذا: فروع بصيغة الجمع

و المذكور هنا فرعان ليس إلا

و لعله قدس سره اراد من الجمع الجمع المنطقي الذي يصدق على اثنين أو الناسخ اشتبه في الكتابة و هو الأصح.

(2) هذا هو الفرع الاول.

(3) اى دون بيع العبد الثاني، حيث وقع البيع عن اختياره فلا إكراه فيه حتى يبطل البيع.

(4) اى الى البائع في السؤال عنه: بأن يسأل منه أنك أي بيع العبد من العبدين اردته مكرها؟

(5) بأن قال: كنت مكرها في البيع الثاني، دون الاول.

(6) اى و يحتمل بطلان بيع العبدين جميعا.

(7) اى لا محالة من دون تعيين في البين

و وقوع الإكراه في احدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح.

ص: 97

و الاول (1) أقوى.

الإكراه على معين فضم غيره إليه

و لو أكره (2) على بيع معين فضم إليه غيره و باعهما دفعة فالاقوى الصحة في غير ما اكره عليه.

و أما مسألة النصف (3) فإن باع النصف بعد الإكراه على الكل بقصد أن يبيع النصف الآخر امتثالا للمكره، بناء على شمول الإكراه لبيع المجموع دفعتين فلا إشكال في وقوعه (4) مكرها عليه.

و إن كان (5) لرجاء أن يقنع المكره بالنصف كان أيضا إكراها

لكن في سماع دعوى البائع ذلك (6) مع عدم الإمارات نظر.

الإكراه على الطلاق
اشارة

بقي الكلام فيما وعدنا ذكره (7) من الفرع المذكور في التحرير

+++++++++++

(1) و هي صحة بيع الجميع معا.

(2) هذا هو الفرع الثاني من الفرعين المذكورين هنا، و قد اريدا من كلمة فروع في قوله في ص 97: فروع.

(3) اى المذكورة في قول العلامة في التذكرة: أو باع نصف احدهما.

(4) اى وقوع هذا البيع.

(5) اى بيع نصف احد العبدين.

(6) اى بيع نصف العبد لرجاء رضا المكره بذلك: بأن ادعى أمام الحاكم أني إنما اقدمت على بيع النصف لاجل رجائي برضاه بذلك و ليست له أمارة على دعواه.

ففي سماع هذه الدعوى نظر و إشكال.

(7) قد مرت الاشارة الى هذه المواعدة. عند قوله في ص 65:

و سيأتي ما يمكن توجيه الفرع المزبور به.

ص: 98

قال في التحرير: لو اكره على الطلاق فطلق ناوبا فالاقرب وقوع الطلاق انتهى.

و نحوه في المسالك بزيادة احتمال عدم الوقوع، لأن الاكراه اسقط أثر (1) اللفظ، و مجرد النية (2) لا حكم لها

و حكي عن سبطه (3) في نهاية المرام أنه نقله (4) قولا:

و استدل (5) عليه بعموم ما دل من النص و الاجماع على بطلان عقد المكره، و الاكراه متحقق هنا، اذ المفروض أنه لولاه لما فعله

ثم قال: (6) و المسألة محل إشكال انتهى.

و عن بعض الأجلة (7) أنه لو علم (8) أنه لا يلزمه إلا اللفظ، و له

+++++++++++

(1) و هي البينونة بين المرأة و الزوج.

(2) اى مجرد نية الطلاق لا اثر لها في التفرقة بين الزوجين.

(3) اي سبط الشهيد الثاني.

يأتي شرح حياته و المؤلّف الشريف في (أعلام المكاسب).

(4) نقل اى عدم وقوع الطلاق لو اكره عليه و هو ناو له.

(5) اى استدل سبط الشهيد الثاني في نهاية المرام على عدم وقوع الطلاق مكرها عليه.

(6) اى قال سبط الشهيد الثاني: إن المسألة و هي طلاق المكره ناويا للطلاق محل إشكال عند الفقهاء.

(7) و هو صاحب كشف اللثام.

يأتي شرح حياته و مؤلّفه الشريف في (أعلام المكاسب).

(8) اى المكره بالفتح.

ص: 99

تجريده عن القصد فلا شبهة في عدم (1) الاكراه

و إنما يحتمل الاكراه مع عدم العلم (2) بذلك، سواء ظن لزوم القصد و إن لم يرده المكره أم لا انتهى (3).

ثم إن بعض المعاصرين (4) ذكر الفرع (5) عن المسالك، و بناه (6) على أن المكره لا قصد له اصلا فرده (7) بثبوت القصد للمكره، و جزم بوقوع الطلاق المذكور مكرها عليه.

+++++++++++

(1) اى في عدم صدق الإكراه هنا.

(2) اى مع عدم علم المكره بأنه لا يلزمه إلا اللفظ، و له تجريده عن القصد.

(3) اى ما أفاده بعض الأجلة الذي هو صاحب كشف اللثام.

(4) و هو صاحب الجواهر.

(5) و هو وقوع الطلاق لو اكره على ذلك كما افاده العلامة.

(6) اى و بنى بعض المعاصرين و هو صاحب الجواهر الفرع المذكور عن التحرير في ص 99 على أن المكره لا قصد له الى مفهوم اللفظ اصلا.

(7) اى فرد صاحب الجواهر الشهيد الثاني في هذا المبنى فقال:

إن المكره قاصد الى مفهوم اللفظ، و أن الطلاق الصادر منه واقع في الخارج.

و لا يخفى أن صاحب الجواهر قدس سره حكم سابقا بعدم وقوع الطلاق في هذا الفرع كما نقل عنه الشيخ في ص 64 بقوله: و بعض المعاصرين بنى هذا الفرع على تفسير القصد بما ذكرناه: من أن كلام الفقهاء يوهم ذلك فردّ عليهم بفساد المبنى، و عدم وقوع الطلاق.

و هنا نقل عن صاحب الجواهر الجزم بوقوع الطلاق في الفرع المذكور

ص: 100

و فيه (1) ما عرفت سابقا: من (2) أنه لم يقل احد بخلو المكره عن قصد معنى اللفظ، و ليس هذا (3) مرادا من قولهم: إن المكره غير قاصد الى مدلول اللفظ (4)، و لذا (5) شرّك الشهيد الثاني بين المكره و الفضولي في ذلك (6) كما عرفت سابقا، فبناء هذا الحكم (7) في هذا الفرع (8) على ما ذكر (9) ضعيف جدا.

+++++++++++

(1) اى و فيما افاده بعض المعاصرين نظر و إشكال.

(2) كلمة من بيان لما عرفت سابقا، اى ما عرفته سابقا عبارة من أنه لم يقل احد.

(3) اى عدم القصد الى اللفظ اصلا ليس مراد الفقهاء.

(4) بل المراد كما عرفت سابقا في ص 59: أن مرادهم بعدم القصد هو عدم القصد الى وقوع مضمون العقد في الخارج.

(5) اى و لاجل أن مراد الفقهاء من عدم وجود القصد للمكره عدم القصد الى وقوع المضمون في الخارج، لا عدم القصد الى مفهوم اللفظ اصلا.

(6) اى في القصد، فإن من الواضح أن العاقد الفضولي قاصد الى مفهوم اللفظ، فلو كان المكره غير قاصد الى مفهوم اللفظ لما كان لتشريك الشهيد الثاني المكره مع الفضولي مناسبة.

(7) و هو عدم وقوع الطلاق من المكره، بناء على ما افاده صاحب المسالك.

(8) و هو الطلاق مكرها.

(9) و هو أن مراد الفقهاء: من أن المكره لا قصد له أنه لا قصد له الى مفهوم اللفظ.

ص: 101

و كذا (1) ما تقدم عن بعض الأجلة: من أنه إن علم بكفاية مجرد اللفظ المجرد عن النية فنوى اختيارا صح، لأن مرجع ذلك (2) الى وجوب التورية على العارف بها، المتفطن لها، اذ لا فرق بين التخلص بالتورية و بين تجريد اللفظ عن قصد المعنى بحيث يتكلم به لاغيا.

و قد (3) عرفت أن ظاهر الأدلة، و الأخبار الواردة في طلاق المكره و عتقه عدم اعتبار العجز عن التورية.

أقسام الإكراه على الطلاق، و أحكامها

و توضيح الأقسام المنصورة في الفرع المذكور (4) أن الاكراه الملحق بوقوع الطلاق قصدا إليه راضيا به إما (5) أن لا يكون له دخل في الفعل اصلا: بأن يوقع الطلاق قصدا إليه عن طيب النفس بحيث لا يكون الداعي إليه هو الاكراه، لبنائه (6) على تحمل الضرر المتوعد به

+++++++++++

(1) اى و كذا ما تقدم عن صاحب كشف اللثام في ص 99 في قوله:

و عن بعض الأجلة أنه لو علم: ضعيف أيضا.

و كلمة من في قوله: من أنه بيان لما تقدم.

(2) اى مآل قول صاحب كشف اللثام.

(3) هذا بيان لضعف ما ذكره صاحب كشف اللثام ورد عليه.

و قد مضت الاشارة الى أخبار الطلاق و العتق في الهامش 5-6 ص 68

(4) و هو لو طلق مكرها ناويا.

اعلم أن الأقسام المذكورة في هذا الفرع حسب تقسيم الشيخ - قدس سره - أربعة، إلا أن القسم الثالث له فردان، و كذا القسم الرابع كما ستعرف.

(5) هذا هو القسم الاول اى لا دخل للإكراه في الطلاق ابدا.

(6) المراد من البناء هنا توطين النفس اى يوطن المطلّق نفسه على تحمل الضرر من قبل المتوعّد و المكره

ص: 102

و لا يخفى بداهة وقوع الطلاق هنا (1)، و عدم جواز حمل الفرع المذكور عليه (2)، فلا معنى لجعله (3) في التحرير أقرب.

و ذكر (4) احتمال عدم الوقوع في المسالك، و جعله (5) قولا في نهاية المرام، و استشكاله (6) فيه، لعموم (7) النص و الاجماع.

+++++++++++

(1) اى في القسم الاول.

(2) لأن الإكراه في الفرع المذكور دخيل في وقوع الطلاق بخلاف هذا القسم، فإنه غير دخيل في ذلك.

(3) اى جعل الفرع المذكور أقرب الى الواقع كما افاده العلامة بقوله في ص 99: لو اكره على الطلاق فطلق ناويا فالأقرب وقوعه.

بل اللازم لجعل الفرع المذكور في القطعيات.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لجعله اى فلا معنى لذكر عدم وقوع الطلاق من المحتملات كما افاد هذا المعنى الشهيد الثاني في المسالك.

(5) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لجعله اى فلا معنى لجعل عدم وقوع الطلاق في الفرع المذكور من المحتملات كما افاد هذا المعنى سبط الشهيد الثاني في نهاية المرام.

(6) اى و لا معنى لإشكال سبط الشهيد الثاني في وقوع الطلاق في الفرع المذكور.

(7) هذا دليل سبط الشهيد الثاني في إشكاله على وقوع الطلاق في الفرع المذكور اى الدليل على ذلك هو النص و الاجماع.

و قد تقدم الاستدلال منه في ص 99 عند نقل الشيخ عنه بقوله: و استدل عليه بعموم ما دل من النص و الاجماع.

ص: 103

و كذا (1) لا ينبغي التأمل في وقوع الطلاق لو لم يكن الاكراه مستقلا في داعي الوقوع، بل هو بضميمة شيء اختياري للفاعل.

و إن كان (2) الداعي هو الاكراه فإما (3) أن يكون الفعل لا من جهة التخلص عن الضرر المتوعد به، بل من جهة دفع الضرر اللاحق للمكره بالكسر كمن قال له ولده: طلق زوجتك و إلا قتلتك، أو قتلت نفسي فطلق الوالد خوفا من قتل الولد: نفسه، أو قتل الغير له اذا تعرض لقتل والده.

أو كان (4) الداعي على الفعل شفقة دينية على المكره بالكسر أو على المطلقة، أو على غيرهما ممن يريد نكاح الزوجة، لئلا يقع الناس في محرم.

و الحكم في الصورتين (5) لا يخلو عن إشكال.

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الثاني من الأقسام المتصورة في الفرع المذكور

(2) هذا هو القسم الثالث من الأقسام المتصورة في الفرع المذكور

و لهذا القسم فردان:

(3) هذا هو الفرد الاول من القسم الثالث في الفرع المذكور.

(4) هذا هو الفرد الثاني من القسم الثالث في الفرع المذكور.

(5) و هما: صورة كون الداعي على الفعل هو الاكراه، لكن الإقدام على الفعل ليس لاجل دفع الضرر المتوعد عن نفسه، بل لاجل دفع الضرر العائد الى المكره بالكسر كما عرفت في المثال بقوله: كمن قال له ولده:

طلق.

و صورة كون الداعي على الفعل شفقة دينية على المكره بالكسر اى الحكم بوقوع الطلاق في الفرع المذكور في هاتين الصورتين لا يخلو عن إشكال لأن الداعي الى ايجاد الفعل و إن كان نفس الإكراه، لكن الإقدام عليه ليس

ص: 104

و إن كان (1) الفعل لداعي التخلص من الضرر فقد يكون (2) قصد الفعل لاجل اعتقاد المكره أن الحذر (3) لا يتحقق إلا بايقاع الطلاق حقيقة، لغفلته (4) عن أن التخلص غير متوقف على القصد الى وقوع أثر الطلاق، و حصول البينونة فيوطن نفسه على رفع اليد عن الزوجة و الإعراض عنها فيوقع الطلاق قاصدا.

و هذا كثيرا ما يتفق للعوام.

و قد يكون (5) هذا التوطين و الإعراض من جهة جهله (6) بالحكم الشرعي، أو كونه (7) رأى مذهب بعض العامة فزعم أن الطلاق يقع مع الاكراه، فاذا اكره على الطلاق فقد طلق قاصدا لوقوعه، لأن القصد الى اللفظ المكره عليه بعد اعتقاد كونه سببا مستقلا في وقوع البينونة

+++++++++++

لاجل دفع الضرر المتوعد به عن نفسه، بل لاجل دفع الضرر عن المكره بالكسر.

(1) هذا هو القسم الرابع من الأقسام المتصورة في الفرع المذكور و لهذا القسم فردان أيضا نذكرهما تحت رقمهما الخاص عند ما يذكرهما الشيخ

(2) هذا هو الفرد الاول من القسم الرابع.

(3) اى من المكره بالكسر.

(4) اى لغفلة من المكره بالفتح.

(5) هذا هو الفرد الثاني من القسم الرابع.

(6) اى جهل المشتري بالحكم الشرعي الذي هو عدم وقوع الطلاق مكرها.

(7) اى أو أن المكره اعتقد أن الطلاق الصادر من المكره بالفتح واقع في الخارج على (مذهب الشيعة الامامية) كوقوعه على مذهب (اخواننا السنة).

ص: 105

يستلزم القصد الى وقوعها (1) فيرضي نفسه بذلك، و يوطنها عليه.

و هذا (2) أيضا كثيرا ما يتفق للعوام، و الحكم في هاتين الصورتين (3) لا يخلو عن إشكال، إلا (4) أن تحقق الاكراه أقرب.

+++++++++++

(1) اى وقوع البينونة فحينئذ يرضي المكره بالفتح نفسه، و يوطنها على البينونة بينه، و بين زوجته.

(2) اى الفرد الثاني من القسم الرابع.

(3) و هما: صورة كون قصد الفعل لاجل اعتقاد المكره أن الحذر لا يتحقق. و قد اشير إليها في الهامش 2 ص 105

و صورة كون التوطين و الإعراض من جهة جهل المكره بالفتح بالحكم الشرعي و قد اشير إليها في الهامش 5 ص 105

اى الحكم و هو وقوع الطلاق في الفرع المذكور في الصورتين المذكورتين مشكل، لأنه و إن اوقع الطلاق قاصدا لاجل التخلص عن الضرر و أن الحذر من المكره لا يتحقق إلا بالطلاق.

لكنه كان غافلا عن أن التخلص من الضرر لا يتوقف على القصد الى وقوع اثر الطلاق.

و كذا في الصورة الثانية، حيث إن المكره كان جاهلا بالحكم الشرعي أو كونه راى مذهب العامة أن طلاق المكره واقع.

(4) فلازم تحقق الاكراه في الصورتين عدم وقوع الطلاق، حيث إنه لا طلاق في حالة الاكراه.

أليك الأقسام الاربعة مع الفردين لكل من القسم الثالث و الرابع

(القسم الاول): أن لا يكون للإكراه دخل في الطلاق في الفرع المذكور اصلا بحيث لا يكون الداعي الى وقوع الطلاق هو الاكراه، بل اوقعه بطيب نفس منه، لبنائه على تحمل الضرر المتوعّد به.

ص: 106

عقد المكره لو تعقبه الرضا

ثم إن المشهور بين المتأخرين أنه لو رضي المكره بما فعله صح العقد بل عن الرياض تبعا للحدائق أن عليه (1) اتفاقهم، لأنه عقد

+++++++++++

(القسم الثاني): أن يكون الاكراه دخيلا في وقوع الطلاق و إن لم يكن مستقلا في ذلك، بل بواسطة ضميمة شيء اختياري معه

(القسم الثالث): أن يكون الداعي على الطلاق هو الإكراه

و له فردان:

(الاول): أن يكون اتيان الفعل لا لاجل دفع الضرر عن نفسه

بل من جهة دفع الضرر عن المكره بالكسر كما مثل له الشيخ بقوله في ص 104: كمن قال له ولده: طلق

(الثاني): أن يكون اتيان الفعل المكره عليه لاجل شفقة دينية على المكره بالكسر، لا لاجل دفع الضرر عن نفسه كما افاده الشيخ.

(القسم الرابع): أن يكون الداعي من اتيان الفعل هو التخلص من الضرر.

و هذا له فردان أيضا:

(الاول): أن يكون قصد ايقاع الطلاق لاجل اعتقاد المكره بالفتح أن دفع الضرر لا يمكن إلا بايقاع الطلاق؛ غفلة عن أن التخلص من الضرر غير متوقف على القصد الى وقوع اثر الطلاق.

(الثاني): أن يكون الإقدام على الطلاق، و توطين نفسه على ذلك لاجل جهل المكره بالحكم الشرعي.

أو كان يعتقد أن مذهب الشيعة الامامية كمذهب اخواننا السنة في وقوع الطلاق من المكره بالفتح.

(1) اى على أن المكره لو رضي بعد الإكراه، و ايقاع العقد صح العقد.

ص: 107

حقيقي فيؤثر أثره، مع اجتماع باقي شرائط البيع و هو طيب النفس

و دعوى اعتبار مقارنة طيب النفس للعقد خالية (1) عن الشاهد

مدفوعة (2) بالإطلاقات.

و أضعف منها (3) دعوى اعتبارها في مفهوم العقد، اللازم (4) منه عدم كون عقد الفضولي عقدا حقيقة.

و أضعف (5) من الكل دعوى اعتبار طيب نفس العاقد في تأثير عقده اللازم (6) منه عدم صحة بيع المكره بحق، و كون (7) إكراهه

+++++++++++

(1) بالنصب على الحالية لكلمة و دعوى اى حال كون الدعوى خالية.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و دعوى، اى الدعوى المذكورة مردودة بالإطلاقات الواردة و هي: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ : فإنها مطلقة ليس فيها اعتبار مقارنة الطيب للعقد

(3) اى و أضعف من الدعوى المذكورة دعوى اعتبار مقارنة طيب النفس في مفهوم العقد حالة صدوره.

(4) بالرفع مبتدأ خبره عدم كون عقد الفضولي، و ليس صفة لكلمة دعوى الواقعة في قوله: و أضعف منها دعوى، للزوم اتيانها مؤنثة لو كانت صفة، لوجوب التطابق، اى لازم هذه الدعوى عدم كون عقد الفضولي عقدا حقيقيا، لعدم وجود مقارنة الرضا في مفهوم عقد الفضولي اذ الرضا حاصل بعد صدور العقد، و وقوعه.

(5) اى و أضعف من هاتين الدعويين: الاولى، و الثانية.

(6) بالرفع مبتدأ خبره قوله: عدم صحة بيع المكره، اى لازم هذه الدعوى أن بيع المكره بحق كمن أكره على بيع ماله لأداء دينه لا يكون صحيحا، لعدم وجود طيب النفس منه حال إجراء العقد حتى يؤثر في عقده.

(7) بالرفع خبر ثان للمبتدإ الواقع في قوله: اللازم، اى اللازم

ص: 108

على العقد تعبديا، لا (1) لتأثير فيه.

و يؤيده (2) فحوى صحة عقد الفضولي، حيث (3) إن المالك طيّب النفس بوقوع اثر العقد، و غير منشئ للنقل بكلامه.

+++++++++++

من هذه الدعوى أن يكون الإكراه بحق لاجل التعبد: بمعنى أن الشارع امرنا بأن المكره بحق يكون عقده ماضيا.

(1) اى و ليس مضي العقد في المكره بحق من ناحية تأثير العقد لعدم وجود طيب النفس من المكره بحق مقارنا للعقد على فرض اعتباره حتى يكون العقد هو المؤثر في المكره بحق

مع أن الامر ليس كذلك، اذ العقد بنفسه يكون مؤثرا في المضي

(2) اى و يؤيد كون عقد المكره صحيحا لو رضي المكره بعد العقد: أولوية صحة عقد الفضولي.

(3) كلمة حيث تعليلية هنا اى تعليل لكون فحوى صحة عقد الفضولي يؤيد صحة عقد المكره لو رضي بعد ذلك.

و خلاصة التعليل: أن المالك الحقيقي في عقد الفضولي له طيب النفس بوقوع اثر العقد الذي هو النقل و الانتقال بعد رضائه بذلك و لا ينشأ برضائه هذا نقلا جديدا مستأنفا، فنفس رضائه و إمضائه لما فعله الفضولي كاشف عن طيب نفسه بمضمون العقد الصادر من الفضولي و ليس المضمون إلا النقل و الانتقال.

فاذا كان الرضا اللاحق في الفضولي مؤثرا في صحته، مع أن الفضولي ليس مالكا حقيقيا، فالرضا اللاحق في عقد المكره بطريق أولى يكون موجبا لصحته، لأن المكره مالك حقيقي في بيع ماله بنفسه، غاية الامر ليس له الرضا قبل العقد ثم حصل بعده

ص: 109

و امضاء إنشاء الغير ليس إلا طيب النفس بمضمونه، و ليس (1) إنشاء مستأنفا، مع أنه (2) لو كان فهو موجود هنا، فلم (3) يصدر من المالك هنالك إلا طيب النفس بانتقاله متأخرا عن إنشاء العقد.

و هذا (4) موجود فيما نحن فيه مع زائد: و هو انشاؤه للنقل المدلول عليه بلفظ العقد، لما عرفت (5) من أن عقده إنشاء حقيقي.

و توهم أن عقد الفضولي واجد لما هو مفقود هنا (6): و هو طيب نفس العاقد بما ينشؤه.

مدفوع بالقطع بأن طيب النفس لا أثر له، لا في صدق العقدية، اذ

+++++++++++

(1) اى و ليس إمضاء المالك الحقيقي لانشاء العاقد الفضولي إنشاء مستأنفا جديدا.

(2) أى مع أنه لو فرضنا أن الامضاء من المالك الحقيقي يكون إنشاء جديدا اى عقدا جديدا فطيب النفس موجود أيضا بنفس الانشاء الجديد الذي وجد بالامضاء من المالك الحقيقي.

(3) الفاء تعليلية اي تعليل لوجود طيب النفس لو كان الامضاء إنشاء جديدا؛ اى لم يصدر من المالك الحقيقي في عقد الفضولي سوى طيب النفس بامضائه للعقد، و إن قلنا: إن الامضاء إنشاء جديد بانتقال المبيع الى المشتري متأخرا عن إنشاء العقد الصادر من الفضولي.

(4) اى طيب النفس موجود فيما نحن فيه: و هو عقد المكره مع شيء زائد على الاجازة في عقد الفضولي.

(5) اى في ص 107 عند قوله: لأنه عقد حقيقي.

(6) و هو عقد المكره.

ص: 110

يكفي فيه (1) مجرد قصد الانشاء المدلول عليه باللفظ المستعمل فيه

و لا في النقل و الانتقال، لعدم مدخلية غير المالك فيه (2)

نعم (3) لو صح ما ذكر سابقا (4): من توهم أن المكره لا قصد له الى مدلول اللفظ اصلا، و أنه قاصد نفس اللفظ الذي هو بمعنى الصوت كما صرح (5) به بعض: صح أنه لا يجدي تعقب الرضا، اذ لا عقد حينئذ (6)

لكن عرفت سابقا (7) أنه خلاف المقطوع من النصوص و الفتاوى فراجع فظهر مما ذكرنا (8) ضعف وجه التأمل.

+++++++++++

(1) اى في صدق العقدية.

(2) اى في النقل و الانتقال.

(3) استدراك عما افاده: من أن لحوق الرضا في المكره موجب لصحة العقد، و قد ذكر الاستدراك في المتن فلا نعيده.

(4) اى في ص 58 عند قوله: نقلا عن الشهيد الثاني: ثم إنه يظهر من جماعة منهم الشهيدان.

(5) اى بأن المكره قاصد الى اللفظ الذي هو الصوت.

(6) اى حين أن كان المكره قاصدا الى اللفظ الذي هو الصوت المجرد، من دون قصد الى وقوع مضمونه في الخارج.

(7) اى في ص 59 عند قوله: فالمراد بعدم لقصد في المكره عدم قصده الى وقوع مضمون العقد في الخارج، لا عدم قصده الى مفهوم اللفظ اصلا

(8) و هو أن فحوى صحة عقد الفضولي يؤيد عقد المكره بعد لحقوق الرضا به، و أن طيب النفس موجود فيه مع زيادة و هو انشاؤه للنقل بلفظ العقد و إن كان مكرها كما عرفت مفصلا في الهامش 3 من ص 109، و في الهامش 3. ص 110

ص: 111

في المسألة (1) كما عن الكفاية، و مجمع الفائدة، تبعا للمحقق الثاني في جامع المقاصد و إن انتصر لهم بعض من تأخر عنهم بقوله تعالى: (2) إلا أن تكون تجارة عن تراض الدال على اعتبار كون العقد عن التراضي.

مضافا (3) الى النبوي المشهور الدال على رفع حكم الاكراه مؤيدا (4) بالنقض بالهازل، مع أنهم لم يقولوا بصحته بعد لحوق الرضا.

و الكل (5) كما ترى

+++++++++++

(1) و هي مسألة عقد المكره بعد لحقوق الرضا به.

(2) هذا هو الدليل الاول للانتصار.

و خلاصته: أن عقد المكره ليس فيه تراض، و الآية الكريمة تصرح بكون التجارة الواقعة بين المتعاقدين لا بدّ أن تكون عن تراض فلا يفيده لحوق الرضا متأخرا عن العقد.

(3) اي بالإضافة على الآية المذكورة لنا دليل آخر على عدم صحة عقد المكره و إن لحقه الرضا: و هو النبوي المشهور رفع عن امتي تسعة:

ما اكرهوا عليه.

و قد اشير الى الحديث في الهامش 1. ص 46

(4) اى عدم صحة وقوع عقد المكره و إن لحقه الرضا مؤيد بالنقض بالهازل، هذا هو الدليل الثالث للانتصار.

و خلاصته: أن الهازل مع أنه قاصد الى مفهوم اللفظ لم يقل احد من الفقهاء بصحة عقده الصادر منه لو لحقه الرضا.

(5) اى الأدلة الثلاثة: من الآية الشريفة، و النبوي المشهور و التأييد المذكور التي جيئت للانتصار على عدم صحة عقد المكره و لو لحقه الرضا: مخدوشة بأسرها.

ص: 112

لأن (1) دلالة الآية على اعتبار وقوع العقد عن التراضي إما بمفهوم الحصر و إما بمفهوم الوصف، و لا حصر كما لا يخفى، لأن الاستثناء منقطع، و غير مفرّغ

و مفهوم الوصف على القول به مقيد بعدم ورود الوصف مورد الغالب كما في ربائبكم اللاّتي في حجوركم.

+++++++++++

(1) من هنا شروع في نقض تلك الأدلة و هدمها فابتدأ بالرد على الاستدلال بالآية الكريمة التي كانت اوّل الأدلة.

و خلاصته: أن الاستدلال بالآية على حصر التجارة في التجارة عن تراض إما بمفهوم الحصر المستفاد من الاستثناء في قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض.

و إما بمفهوم الوصف و هو تقييد التجارة بتجارة عن تراض

(أما الاول): فليس فيه دلالة على الحصر المذكور، لأن دلالة الاستثناء على الحصر سببه احد الامرين لا محالة على سبيل منع الخلو:

إما كونه متصلا، و إما كونه مفرّغا.

و كلاهما مفقودان في المقام، لأن الاستثناء هنا منقطع، و المستثنى منه مذكور، حيث إن التجارة عن تراض ليست داخلة في أكل المال بالباطل فهي من قبيل قولك: جاءني القوم إلا حمارا، فالاستثناء منقطع

و ليس بمفرّغ أيضا، لوجود المستثنى منه في الكلام.

(و أما الثاني): و هو مفهوم الوصف فعلى القول بأن له مفهوما و مفهومه حجة فحجية مفهومه مقيدة بعدم ورود الوصف مورد الغالب

فإن الوصف اذا ورد مورد الغالب ليس له مفهوم حتى يكون حجة كما في الآية الكريمة: و ربائبكم اللاّتي في حجوركم، اذ ليس معنى الآية أن الربائب التي ليست في الحجور يجوز للرجل اخذهن، و التي في الحجور لا يجوز للرجل اخذهن.

ص: 113

و دعوى (1) وقوعه هنا مقام الاحتراز ممنوعة، و سيجيء (2) زيادة توضيح لعدم دلالة الآية على اعتبار سبق التراضي في البيع الفضولي.

و أما (3) حديث الرفع ففيه أولا أن المرفوع فيه هي المؤاخذة

+++++++++++

و لكن الغالب أن يكن الربائب في الحجور، فلذا قيّدت بها

ففيما نحن فيه ورد الوصف مورد الغالب فلا مفهوم له حتى يكون حجة فيستدل به.

(1) اى دعوى وقوع الوصف و هو تجارة عن تراض هنا للاحتراز عن تجارة ليس فيها تراض فيصح حينئذ الاستدلال به على المدعى: و هو كون عقد المكره بعد لحوق الرضا به غير صحيح فيكون القيد قيدا احترازيا

ممنوعة، اذ القيد هنا يحمل على التوضيح و الغالب.

(2) اى عند قوله: فمن عدم السبق هنا نستدل على عدم سبقه فيما نحن فيه.

(3) هذا رد على الدليل الثاني للانتصار المذكور.

و خلاصته أن الاستدلال بحديث رفع عن امتي تسعة المشار إليه في الهامش 1 ص 46 مخدوش من ناحيتين.

(الاولى): أن المراد من الرفع الوارد في الحديث هو رفع المؤاخذة و رفع الأحكام المتضمنة لمؤاخذة المكره، سواء أ كانت الأحكام تكليفية أم وضعية.

كما عرفت شرحه مفصلا في ص 47-48

و ليس المراد من الرفع رفع الحكم الذي هو للمكره.

بعبارة اخرى: أن رفع حكم الإكراه في المكره إنما شرّع في الشريعة الاسلامية ليرفع حكما ضرريا على المكره، لا ما كان نفعا له

ص: 114

و الأحكام (1) المتضمنة لمؤاخذة المكره، و الزامه بشيء، و الحكم بوقوف عقده على رضاه راجع الى أن له أن يرضى بذلك، و هذا حق له، لا عليه

نعم قد يلزم الطرف الآخر (2) بعدم الفسخ حتى يرضى المكره أو يفسخ.

و هذا (3) إلزام لغيره، و الحديث لا يرفع المؤاخذة، و الإلزام عن غير المكره (4) كما تقدم

و أما إلزامه (5) بعد طول المدة باختيار البيع، أو فسخه فهو (6)

+++++++++++

و من الواضح أن الحكم بتوقف عقد المكره على رضاه حق له من حقوقه فلا يشمله الحديث.

(1) بالرفع عطف على هي المؤاخذة اى أن المرفوع هي الأحكام المتضمنة كما عرفت آنفا.

(2) و هو المشترى لو كان المكره بايعا، أو البائع لو كان المكره مشتريا.

(3) اى إلزام الآخر الذي هو المشتري، أو البائع إلزام لغير المكره لا للمكره

(4) حيث إنه موضوع لرفع الإكراه عن شخص المكره

كما أفاده بقوله آنفا: إن المرفوع فيه هي الأحكام المتضمنة لمؤاخذة المكره

(5) اى إلزام المكره؛ و دليل الالزام هو حديث نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(6) اى إلزام المكره باحد الامرين: إما الرضا، أو الفسخ من توابع الحق: بمعنى أن من الحق توقف العقد على الرضا، فإنه ثابت للمكره بسبب الاكراه.

ص: 115

من توابع الحق الثابت له بالاكراه، لا (1) من أحكام الفعل المتحقق على وجه الاكراه.

+++++++++++

و قد عرفت في الهامش 3 ص 14 أن حديث رفع الاكراه إنما يرفع حكما سابقا على الاكراه، لا ما قد أتى من قبل الاكراه، و في موضوع الاكراه.

(1) اى الزام المكره ليس من أحكام نفس العقد المتحقق على وجه الاكراه، ليندرج تحت حديث رفع عن امتي تسعة فيرفع بالاكراه حتى لا يبقى مجال للحوق الرضا، ثم يحكم ببطلان عقد المكره، لوقوع التعارض بين حديث الرفع حينئذ، و بين حديث لا ضرر و لا ضرار فيحكم بالتساقط ثم الرجوع الى الاصل الذي هو استصحاب بطلان عقد المكره، اذ عقد المكره قبل لحوق الرضا كان باطلا، لاشتراط الاختيار فيه، و بعد لحوق الرضا نشك في صحته فنستصحب عدم الصحة.

فتحصل من مجموع ما افاده شيخنا الانصاري قدس سره في الخدشة في الناحية الاولى أحكام ثلاثة:

(الاول): الحكم بتوقف عقد المكره على رضاه في قوله: في ص 115 و الحكم بتوقف عقده على رضاه،

و قد عرفت أن هذا حكم له، لا عليه، و دليل الرفع إنما يرفع حكما ضرريا على المكره

(الثاني): الحكم بإلزام الغير أن لا يفسخ حتى يرضى المكره، أو يفسخ في قوله في ص 115: نعم قد يلزم الطرف الآخر.

و قد عرفت أن حديث الرفع إنما يرفع حكما ضرريا على المكره لا ما كان على الغير.

(الثالث): الحكم بإلزام المكره إما بالفسخ، أو الامضاء في قوله:

في ص 115 و أما إلزامه بعد طول المدة.

ص: 116

ثم إن ما ذكرنا (1) واضح على القول بكون الرضا ناقلا (2)

و كذلك على القول بالكشف بعد التأمل (3)

و ثانيا (4) أنه يدل على أن الحكم الثابت للفعل المكره عليه لو لا

+++++++++++

(1) و هي صحة العقد المكره بعد لحوق الرضا، و أن المكره ملزم باحد الامرين لا محالة: إما الامضاء و هو الرضا، أو الفسخ.

(2) اذ على النقل لا ملكية للطرف الآخر قبل الرضا فلا مؤاخذة و لا إلزام على المكره اصلا.

(3) لأنه اذا لم يتحقق من المكره الرضا بعد العقد فلا كاشف عن تحقق الملكية قبل الرضا، و اذا لم يكن هناك كاشف لم يكن هناك إلزام للمكره، و لا مؤاخذة.

(4) هذه هي الناحية الثانية للخدشة على الاستدلال بحديث رفع عن امتي تسعة على عدم صحة عقد المكره بعد لحوق الرضا

و خلاصتها: أن حديث الرفع إنما يدل على رفع الحكم الذي كان ثابتا في العقد الاختياري عن العقد الواقع مكرها عليه مثلا نفوذ العقد الذي كان هي الصحة في العقد الاختياري يرتفع عن العقد لو وقع مكرها عليه: بحيث لو لا الإكراه لكان كالعقد الاختياري في كونه نافذا ماضيا المفعول، فالإكراه سبب لسلب النفوذ و ارتفاعه عنه

و من المعلوم وجود هذا المعنى و هو ارتفاع الحكم المذكور، و سلبه عن الفعل المكره عليه الذي هو مورد البحث، و تعلقه به، لأن العقد بما هو عقد مع قطع النظر عن كونه وقع مكرها عليه سبب مستقل لنقل المال الى المشتري.

و من الواضح انتفاء هذا الاثر الذي هو النقل بانتفاء العقد الذي وقع مكرها عليه بسبب الاكراه.

ص: 117

الإكراه يرتفع عنه اذا وقع مكرها عليه كما هو (1) معنى رفع الخطأ و النسيان أيضا.

و هذا المعنى (2) موجود فيما نحن فيه، لأن (3) اثر العقد الصادر من المالك مع قطع النظر عن اعتبار عدم الإكراه سبب مستقل لنقل المال

و من المعلوم انتفاء هذا الاثر (4) بسبب الإكراه.

و هذا الأثر (5) الناقص المترتب عليه (6) مع الإكراه.

+++++++++++

فالحديث إنما يرفع هذا الحكم الذي تلوناه عليك حيث إنه جزء.

و أما لحوق الرضا الذي هو احد جزئي العلة التامة لصحة العقد اذ لصحة وقوع المعاملة جزءان: العقد، و لحقوق الرضا: فلا يرتفع بالحديث المذكور، لأنه لم يكن ثابتا للفعل الواقع مكرها عليه، اذ المفروض ثبوت جزئية لحوق الرضا للعقد الواقع مكرها عليه بوصف الاكراه.

(1) اى ارتفاع الحكم الثابت للفعل اذا وقع مكرها عليه هو المعني أيضا من رفع الخطأ، و النسيان، و الاضطرار في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن امتي تسعة: ما اكرهوا عليه و الخطأ و النسيان المشار إليه في الهامش 1 ص 46

(2) و هو ارتفاع الحكم الثابت للفعل اذا وقع مكرها عليه

و قد عرفت معناه آنفا في الهامش 4 ص 117

(3) تعليل لوجود معنى المذكور و هو ارتفاع الحكم الثابت.

(4) و هو نقل المال.

(5) و هو لحوق الرضا بالعقد المكره بعد صدور العقد مكرها عليه و قد عرفت معناه في الهامش 4 ص 117-118

و المراد من الاثر المؤثر الذي هو الرضا

(6) اى على العقد المكره عليه

ص: 118

العلة التامة (1) للملكية: لم يكن ثابتا (2) للفعل، مع قطع النظر عن الإكراه ليرتفع به، اذ (3) المفروض أن الجزئية ثابتة له بوصف الاكراه فكيف يعقل ارتفاعه بالاكراه؟

و بعبارة اخرى (4) أن اللزوم الثابت للعقد مع قطع النظر عن اعتبار عدم الاكراه هو اللزوم المنفي بهذا الحديث، و المدعى ثبوته للعقد بوصف الاكراه هو وقوفه على رضا المالك، و هذا (5) غير مرتفع بالاكراه.

لكن (6) يرد على هذا أن مقتضى حكومة الحديث على الاطلاقات

+++++++++++

(1) و قد عرفت معنى العلة التامة، و أن لحوق الرضا كيف يكون جزء للعلة في الهامش 4 ص 117-118

(2) و قد عرفت معنى عدم كون الجزء الناقص ثابتا آنفا

(3) تعليل لكون لحقوق الرضا لم يكن ثابتا للفعل المكره عليه

(4) هذا رد آخر من الشيخ على من استدل بحديث الرفع على عدم صحة عقد المكره بعد لحوق الرضا به.

خلاصته: أن اللزوم الثابت الذي هو النقل و الانتقال للعقد مع قطع النظر عن اعتبار عدم الاكراه في العقد هو المنفي بحديث رفع عن امتي ما اكرهوا عليه اذا وقع العقد مكرها عليه.

و أما ثبوت هذا اللزوم للعقد بعد توقفه على رضا المكره غير مرتفع بحديث رفع عن امتي.

(5) و هو توقف العقد على رضا المالك.

(6) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من عدم دلالة حديث الرفع على رفع لحوق الرضا، بل يقصد من العدول عدم صحة عقد المكره و إن لحقه الرضا فاستدرك فقال: لكن يرد.

ص: 119

هو تقيدها بالمسبوقية بطيب النفس فلا يجوز الاستناد إليها، لصحة بيع المكره و وقوفه على الرضا اللاحق، فلا يبقى دليل على صحة بيع المكره فيرجع الى أصالة الفساد (1).

و بعبارة اخرى أن أدلة (2) صحة البيع تدل على مسببية مستقلة فاذا قيدت (3) بغير المكره لم يبق لها دلالة على حكم (4) المكره

بل لو كان هنا ما يدل على صحة البيع بالمعنى الأعم من السببية المستقلة كان دليل الاكراه حاكما عليه مقيدا له فلا ينفع.

+++++++++++

و خلاصته: أنه يقع التعارض بين حديث الرفع، و بين الاطلاقات الواردة في المعاملة مثل و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، حيث إنها مطلقة تدل على صحة العقد، سواء أ كان الرضا مقارنا له أم ملحقا به.

فاذا وقع التعارض يقدم دليل الرفع على تلك المطلقات، لحكومته عليها فيقيدها و يخصصها بالرضا المقارن للعقد فلم يبق مجال لصحة عقد المكره بعد لحوق الرضا به، فحينئذ يرجع الى أصالة فساد العقد.

و المراد من الأصالة هنا الاستصحاب، اذ العقد لما وقع مكرها كان فاسدا لم يؤثر اثره الصحيح الذي هو وقوع العقد عن اختيار، و بعد لحوق الرضا به نشك في رفع الفساد فنستصحب ذلك.

(1) و هو الاستصحاب كما عرفت آنفا.

(2) و هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ كما عرفت آنفا.

(3) اى أدلة صحة البيع التي هي الآيات المذكورة.

(4) اى لم يبق لتلك الأدلة دلالة على حكم المكره و هو نفوذ صحة العقد المكره و إن لحقه الرضا.

ص: 120

اللهم (1) إلا أن يقال: إن الاطلاقات المقيدة للسببية المستقلة مقيدة بحكم الأدلة الأربعة (2) المقتضية لحرمة اكل المال بالباطل، و مع عدم طيب النفس: بالبيع (3) المرضي به، سبقه الرضا، أو لحقه

و مع ذلك فلا حكومة للحديث عليها، اذ (4) البيع المرضي به سابقا لا يعقل عروض الاكراه له.

و أما المرضي به بالرضا اللاحق (5) فإنما يعرضه الاكراه من حيث ذات الموصوف و هو اصل البيع قبل الرضا، و لا نقول بتأثيره (6)

بل (7) مقتضى الادلة الأربعة

+++++++++++

(1) استثناء عن الاستدراك المذكور في ص 119، و عدول عما افاده: من حكومة دليل الرفع على المطلقات، و أنه يقيدها بالرضا المقارن بالعقد، و أن اللاحق غير مؤثر.

و قد ذكر الشيخ الاستثناء في المتن فلا نعيده.

لكننا نشير الى تفسير بعض العبارات المحتاجة إليه.

(2) و هو الكتاب و السنة، و العقل، و الاجماع.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: مقيدة اى اطلاقات أدلة البيع التي ذكرناها لك مقيدة بالبيع المرضي به فقط، سواء سبقه الرضا أم لحقه فتشمل البيع الذي يلحقه الرضا بعد العقد، فبيع المكره بعد لحوق الرضا به داخل في حريم تلك الأدلة فلا حكومة لحديث الرفع على تلك المطلقات.

(4) تعليل لعدم حكومة حديث الرفع على تلك المطلقات.

(5) كما في العقد المكره، حيث يلحقه الرضا بعد العقد.

(6) اى بتأثير اصل البيع الذي عارضه الاكراه: في الرضا اللاحق به بحيث يجعله بلا اثر، و يبقى العقد على إكراهه.

(7) هذا في الواقع تعليل لعدم تأثير اصل البيع في الرضا اللاحق بحيث يجعل الرضا اللاحق بالعقد بلا تأثير.

ص: 121

مدخلية الرضا في تأثيره (1)، و وجوب (2) الوفاء به.

فالاطلاقات (3) بعد التقييد تثبت التأثير التام لمجموع العقد المكره عليه، و الرضا به لاحقا، و لازمه (4) بحكم العقل كون العقد المكره عليه بعض (5) المؤثر التام.

و هذا (6) لا يرتفع بالاكراه

+++++++++++

(1) اى في تأثير العقد الواقع مكرها بعد لحوق الرضا به كما عرفت آنفا

(2) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: في تأثيره، اى و مقتضى الأدلة الأربعة تأثير الرضا في وجوب الوفاء بالعقد و إن كان الرضا ملحقا به، و العقد وقع مكرها.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أن مقتضى الادلة الاربعة مدخلية الرضا في تأثير العقد الواقع مكرها، و في وجوب الوفاء به.

و خلاصته: أن المطلقات الواردة التي عرفتها بعد تقييدها بالرضا اللاحق بالعقد الواقع مكرها عليه تثبت التأثير التام لمجموع العقد الذي هو مركب: من العقد المكره، و الرضا اللاحق به، اذ قبل لحوق الرضا كان تأثير العقد ناقصا، لوقوعه مكرها عليه فيحتاج الى الجزء الآخر و هو الرضا فبلحوقه به يتم التأثير، و يعمل العقد عمله و هو نفوذ الصحة.

(4) اى و لازم اثبات التأثير التام لمجموع العقد المكره عليه و الرضا اللاحق به.

(5) بالنصب خبر لكلمة كون، و البعض الآخر هو الرضا الملحق بالعقد المكره بعد و قرعه.

(6) و هو كون العقد المكره بعض المؤثر لا يرتفع بالاكراه حتى يبقى العقد بعد لحوق الرضا به على جزء واحد.

ص: 122

لأن (1) الاكراه مأخوذ فيه بالفرض

إلا (2) أن يقال: إن أدلة (3) الاكراه كما ترفع السببية المستقلة التي افادتها الاطلاقات قبل التقييد (4) كذلك ترفع مطلق (5) الأثر عن العقد المكره عليه، لأن (6) التأثير الناقص أيضا استفيد من الاطلاقات بعد تقييدها بالرضا الأعم من اللاحق.

+++++++++++

ثم يقال: إنه لا تأثير لهذا العقد و إن لحقه الرضا، لأن العقد مركب من جزءين، لا من جزء واحد كما فيما نحن فيه، حيث إن العقد المكره الذي هو احد جزئي العقد قد ارتفع بسبب الاكراه.

(1) تعليل لعدم ارتفاع عقد المكره الّذي هو بعض المؤثر التام بالاكراه.

و خلاصته: أن المفروض اخذ الاكراه في مفهوم العقد المكره عليه فكيف يعقل ارتفاع بعض التأثير عن العقد المكره عليه بسبب الاكراه؟

إذا يبقى هذا البعض على تأثيره بعد لحوق الرضا به

نعم لو لم يلحق الرضا بالعقد المكره عليه لم يبق على تأثيره.

(2) هذا استثناء عن الاستثناء الاول المذكور في ص 121، و في الواقع عدول عن الاستدراك الاول، و يروم به اثبات حكومة حديث الرفع على المطلقات، و أن الرضا اللاحق لا تأثير له فلا نفوذ لصحة العقد.

(3) المراد من أدلة الاكراه هو حديث الرفع.

(4) اى قبل تقييد الاطلاقات بالرضا اللاحق بالعقد المكره عليه

(5) اى حتى الاثر الصادر عن الرضا اللاحق المعبر عنه بالاثر الناقص.

(6) تعليل لرفع مطلق الاثر الناقص الذي هو الرضا اللاحق.

ص: 123

و هذا (1) لا يفرق فيه أيضا بين جعل الرضا ناقلا أو كاشفا، اذ على الاول (2) يكون تمام المؤثر نفسه (3)

و على الثاني (4) يكون الامر (5) المنتزع منه العارض للعقد و هو تعقبه للرضا.

و كيف كان (6) فذات العقد المكره عليه مع قطع النظر عن الرضا (7)

+++++++++++

(1) اي ارتفاع مطلق الاثر حتى الناقص عن العقد المكره عليه لا فرق فيه بين أن يقال: إن الرضا اللاحق ناقل الملك الى المشتري من حين وقوع الرضا.

و بين أن يقال: إن الرضا اللاحق كاشف عن وقوع الملك للمشتري من حين صدور العقد المكره عليه.

(2) و هو الكشف.

(3) اى نفس الرضا يكون متمما للمؤثر.

(4) و هو القول بالكشف.

(5) بالنصب خبر لكان و اسمه مستتر يرجع الى تمام المؤثر اى على القول بالكشف يكون تمام المؤثر الامر المنتزع: و هو تعقب العقد المكره للرضا.

(6) اى سواء قلنا: إن الرضا اللاحق يكون مؤثرا في العقد المكره عليه أم لا.

و سواء قلنا: إنه لا فرق على القول بارتفاع مطلق الاثر عن العقد المكره عليه حتى الاثر الناقص الذي هو الرضا اللاحق: بين القول بكون الرضا ناقلا، أو كاشفا.

(7) بناء على القول بالنقل.

ص: 124

أو تعقبه (1) له لا يترتب عليه إلا كونه جزء المؤثر التام (2)

و هذا (3) امر عقلي قهري يحصل له بعد حكم الشارع بكون المؤثر التام هو المجموع منه، و من الرضا، أو وصف (4) تعقبه له، فتأمل (5)

بقي الكلام في أنّ الرضا المتأخّر ناقلٌ أو كاشف؟

بقي الكلام في أن الرضا المتأخر (6) ناقل، أو كاشف (7)

+++++++++++

(1) بناء على القول بالكشف.

(2) و الجزء الآخر هو الرضا اللاحق.

(3) اى كون العقد المكره عليه جزء مؤثرا تاما امر عقلي يحصل للعقد بعد حكم الشارع بأن المؤثر التام هو العقد المجموع المركب: من العقد المكره، و من الرضا اللاحق.

(4) بناء على كون الرضا كاشفا.

(5) اشارة الى أن العقد المكره عليه الذي هو جزء مؤثر تام و إن كان امرا عقليا لا يمكن جعله بالأصالة حتى يصح رفعه.

إلا أنه ممكن الجعل بتبعية جعل الكل فحينئذ قابل للرفع.

(6) بمعنى أن الرضا اللاحق ينقل الملك من البائع المكره الى المشتري من حين صدوره.

(7) بمعنى أن الرضا اللاحق يكشف عن سبق الملك الى المشتري من البائع المكره من حين صدور العقد منه.

و تظهر الثمرة على القولين في المنافع ان كانت للعين المبيعة.

فعلى القول بالفعل ترجع الى المالك إذا كانت موجودة، و لا يجوز التصرف فيها

ورد مثلها إن كانت مثلية، و قيمتها إن كانت قيمية اذا لم تكن العين موجودة.

و أما على القول بالكشف فتكون راجعة الى المشتري.

ص: 125

مقتضى الاصل (1)، و عدم (2) حدوث حلّ مال الغير إلا عن طيب نفسه هو (3) الأول

إلا أن الأقوى بحسب الأدلة النقلية هو الثاني (4) كما سيجيء في مسألة الفضولي.

و ربما يدعى أن مقتضى الاصل (5) هنا، و في الفضولي هو الكشف لأن مقتضى الرضا بالعقد السابق هو الرضا بما افاده من نقل الملك حين صدوره (6)، فإمضاء الشارع للرضا بهذا المعنى: و هو النقل من حين

+++++++++++

(1) المراد به هي الاصول و القواعد الأولية، و العمومات الواردة في البيع، حيث إنها تدل على حصول الملك من حين صدور الرضا لا من حين صدور العقد، لعدم وجود رضا حين صدور العقد حتى تحصل الملكية.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: مقتضى الاصل أى و مقتضى عدم حدوث حلّ مال الغير.

و المراد من عدم الحدوث هو الاستصحاب اى استصحاب عدم حصول الملكية بالعقد المكره من حين وقوعه، لعدم وجود الرضا، و بعد حصول الرضا نشك في حصولها من حينه فنجري استصحاب العدم.

(3) و هو النقل و قد عرفت معناه آنفا.

(4) و هو الكشف و قد عرفت معناه آنفا.

و المراد من الأدلة النقلية هي صحيحة محمد بن قيس الآتية في البيع الفضولي و بقية الأحاديث الواردة في المقام الآتية

(5) اى في العقد المكره

(6) اى حين صدور العقد و وقوعه.

ص: 126

العقد، و ترتب الآثار عليه لا يكون إلا بالحكم بحصول الملك في زمان النقل (1)

و فيه (2) أن مفاد العقد السابق ليس النقل من حينه، بل نفس (3) النقل.

إلا أن إنشاءه (4) لما كان في زمان، التكلم، فان كان ذلك الإنشاء مؤثرا في نظر الشارع في زمان التكلم حدث الاثر (5) فيه

و إن كان (6) مؤثرا بعد حصول أمر (7) حدث الاثر (8) بعده

فحصول (9) النقل في نظر الشارع يتبع زمان حكمه الناشئ من اجتماع

+++++++++++

(1) و زمان النقل هو حين صدور العقد و وقوعه

(2) اى و فيما يدعى نظر و إشكال.

و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده، لكننا نشير الى بعض الموارد المحتاجة الى التوضيح.

(3) اى مفاد العقد نفس النقل و طبيعته، من دون اقترانه بزمان صدور العقد، فالزمان لا يكون دخيلا في العقد فهو مجرد عنه.

(4) اى إنشاء العقد

(5) و هو النقل في زمان التكلم.

(6) اى إنشاء العقد.

(7) و هو الرضا الملحق بالعقد المكره.

(8) و هو النقل اى وقع النقل بعد حدوث ذلك الامر الذي هو الرضا اللاحق بالعقد بعد صدور العقد.

(9) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الانشاء اذا كان مؤثرا في نظر الشارع في زمن التكلم حدث النقل فيه، و إن كان مؤثرا بعد حصول الرضا حدث النقل بعده.

ص: 127

ما يعتبر (1) في الحكم، و لذلك (2) كان الحكم بتحقق الملك بعد القبول (3)، أو بعد القبض في الصرف و السلم و الهبة، أو بعد انقضاء زمان الخيار على مذهب الشيخ غير (4) مناف لمقتضى الايجاب.

+++++++++++

و خلاصته: أن حصول الاثر و هو النقل في نظر الشارع دائر مدار حكمه، و تابع زمان حكمه لذاك الاثر.

و من الواضح أن حكم الشارع بحصول الاثر إنما هو عند اجتماع شرائطه، و من جملة الشرائط حصول الرضا، فالملكية إنما تحصل عند حصول الرضا، لا من حين صدور العقد حتى يكون الرضا كاشفا عن سبق الملك للمشتري.

(1) المراد من ما يعتبر هو الرضا اللاحق بالعقد المكره

و المراد من الحكم هو نقل الملك.

(2) اى و لاجل أن النقل في نظر الشارع تابع لزمان حكمه، لا لزمان وقوع العقد.

(3) اى لا بمجرد وقوع الايجاب فقط.

(4) بالنصب خبر لكان في قوله: و لذلك كان الحكم اى الحكم بتحقق الملك في الأزمنة الثلاثة و هي:

زمان بعد القبول كما في العقود

و زمان بعد القبض كما في بيع السلف، و الصرف، و الهبة

و زمان انقضاء الخيار كما في البيع الخياري:

لا يكون منافيا لمقتضى الايجاب، حيث عرفت أن الزمان منسلخ عن العقد.

ص: 128

و لم يكن (1) تبعيضا في مقتضاه بالنسبة الى الأزمنة.

(فإن قلت): حكم الشارع بثبوت الملك و إن كان بعد الرضا إلا أن حكمه بذلك (2) لما كان من جهة امضائه للرضا بما وقع فكأنه حكم بعد الرضا بثبوت الملك قبله (3)

(قلت): المراد (4) هو الملك شرعا، و لا معنى لتخلف زمانه (5) عن زمان الحكم الشرعي بالملك.

و سيأتي توضيح ذلك (6) في البيع الفضولي إن شاء اللّه

+++++++++++

(1) اى و لم يكن تحقق الملك في الأزمنة الثلاثة المذكورة

هذا دفع وهم

حاصل الوهم أنه بناء على تحقق الملك في الأزمنة الثلاثة لازمه القول بتبعيض مقتضى الايجاب، حيث إن مقتضاه وقوع النقل من حين صدور الايجاب فيلزم وقوع بعض العقد في زمان، و بعضه الآخر في زمان آخر.

فاجاب بأنه لا يلزم التبعيض المذكور، حيث عرفت أن الزمان منسلخ عن العقد، و أن العقد عبارة عن نفس النقل فقط فهو يدل على طبيعة النقل مجردة عن الزمان، فليس للزمان مدخلية في مقتضى العقد اصلا و ابدا.

(2) اى بثبوت الملك بعد الرضا.

(3) اى قبل الرضا فثبت الكشف حينئذ.

(4) اى المراد من ثبوت الملك هو الثبوت الشرعي.

(5) اى زمان ثبوت الملك الشرعي عن زمان الحكم بالملك الشرعي و من الواضح أن الحكم الشرعي بالملك هو مجيء الرضا، لا عند صدور العقد.

فالحاصل ان ثبوت الملك الشرعي مع زمان الحكم الشرعي متلازمان و متحدان في الوقت، و ليس فيهما تخلف أبدا.

(6) اى توضيح أن ثبوت الملك الشرعي متحد مع زمان الحكم الشرعي

ص: 129

و إن شئت توضيح ما ذكرنا (1) فلاحظ مقتضى فسخ العقد، فإنه (2) و إن كان حلاّ للعقد السابق، و جعله (3) كأن لم يكن إلا أنه لا ترتفع به (4) الملكية السابقة على الفسخ؛ لأن العبرة بزمان حدوثه (5)، لا بزمان (6) متعلقه.

ثم على القول بالكشف هل للطرف غير المكره أن يفسخ قبل رضا المكره أم لا (7)؟ يأتي بيانه في الفضولي إن شاء اللّه.

+++++++++++

(1) و هو التلازم بين زمان ثبوت الملك الشرعي، و بين زمان الحكم الشرعي.

(2) اى فإن الفسخ.

(3) اى و جعل فسخ العقد نسيا منسيا كأن لم يكن شيئا مذكورا.

(4) اى بالفسخ.

(5) اى حدوث النسخ، و من الواضح أن زمان الحدوث متأخر عن زمان صدور العقد فلا يلزم ارتفاع الملكية السابقة على الفسخ إلا بالفسخ.

(6) اى و ليس الاعتبار بزمان متعلق الفسخ الذي هو العقد حتى يقال:

إن زمان العقد متقدم على زمان الفسخ فلازمه ارتفاع الملكية السابقة على الفسخ قبل الفسخ.

(7) لا كلام في جواز تصرف المكره فيما باعه مكرها عليه في أي زمن من الأزمنة، و في أي مكان من الأمكنة قبل صدور الرضا منه، من غير توقف على إنشاء فسخ منه.

و إنما الكلام في تصرف الطرف الآخر فيما اعطاه للمكره مقابل ما اخذه منه مكرها.

فالأقوال هنا مختلفة يأتي البحث عنها إن شاء اللّه في البيع الفضولي مفصلا.

ص: 130

مسألة: و من شروط المتعاقدين اذن السيد لو كان العاقد عبدا
اشارة

(مسألة): و من شروط المتعاقدين اذن السيد لو كان العاقد عبدا فلا يجوز (1) للمملوك أن يوقع عقدا إلا باذن سيده، سواء أ كان لنفسه (2)

+++++++++++

(1) المراد من عدم الجواز هنا معناه العام: و هو نفي المضي حتى يشمل الحكم التكليفي و الوضعي معا فيصدق حينئذ على المحرم أنه غير ماض شرعا، و يصدق على ما لا يترتب عليه الاثر أنه غير ماض.

اذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا كلام في عدم جواز مباشرة العبد استقلالا في الامور الخطيرة المهمة كالتجارة، و المسافرة، و أنواع الاكتساب اللازم فيها عمل، أو زمان معتد به.

فصدور هذه الامور من العبد بدون اذن مولاه و سيده لا يجوز ايقاعها في الخارج مستقلا

كما أنه لا كلام في عدم سلب الحكم الوضعي عن عبارات العبد و كلماته الصادرة منه بحيث لا يفيدها اذن مولاه سابقا و لاحقا، و لا تترتب الآثار عليها مع الاذن.

بل هي قابلة للتأثر بتأثير الاذن فيها.

و إنما البحث في إباحة الأفعال الجزئية الصادرة منه، و التي تكون زائدة عن قدر الضرورة و الحاجة كايقاع لفظ عقد وكالة عن زيد، أو مشي زائد عن مقدار الحاجة كالذهاب الى مكان نيابة عن زيد لتسليم سلعة أو امانة مثلا هل هي جائزة، أولا؟

فالذي يستفاد من كلمات شيخنا الانصاري قدس سره على ما يأتي في المقام عدم جواز تصرفاته الزائدة عن مقدار الحاجة، و حرمة تلفظه بألفاظ العقد بالنيابة.

(2) بأن اشترى شيئا، أو باع في ذمته.

ص: 131

في ذمته، أو بما في يده (1) أم لغيره، لعموم أدلة عدم استقلاله في اموره

قال (2) اللّه تعالى: ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاٰ يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ (3)

و عن الفقيه بسنده الى زرارة عن أبي جعفر و ابي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

المملوك لا يجوز نكاحه، و لا طلاقه إلا باذن سيده.

قلت: فإن كان السيد زوّجه بيد من الطلاق؟

قال بيد السيد ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاٰ يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ فشيء الطلاق (4)

و الظاهر من القدرة خصوصا بقرينة الرواية (5) هو الاستقلال اذ (6) المحتاج الى غيره في فعل غير قادر عليه فيعلم عدم استقلاله فيما يصدق عليه أنه شيء، فكل ما صدر عنه من دون مدخلية المولى فهو شرعا بمنزلة العدم لا يترتب عليه الاثر المقصود منه، لا (7) أنه لا يترتب عليه

+++++++++++

(1) بأن اشترى شيئا، أو باع بما في يده.

(2) من هنا اخذ الشيخ في اتيان الأدلة على عدم جواز تصرفات العبد بالاستقلال، و من دون اذن سيده و مولاه.

(3) النحل: الآية 75.

(4) (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3. ص 25 الباب 173 الحديث 2. طباعة مطبعة النجف، الطبعة الرابعة.

(5) و هي المروية عن زرارة عند قوله عليه السلام: إلا باذن سيده حيث إن هذه الجملة تدل على أن المراد من القدرة الواردة في الآية الكريمة هو الاستقلال في الامور بحيث لا يحتاج الى الغير.

(6) تعليل لكون المراد من القدرة الاستقلال.

(7) اى و ليس المراد من عدم ترتب الاثر على ما يصدر من العبد هو عدم ترتب اثر حكم شرعي اصلا و أبدا على أفعاله الصادرة منه.

ص: 132

حكم شرعي اصلا.

هل ينفذ إنشاء العبد إذا لحقته إجازة السيد؟

كيف (1) و أفعال العبيد موضوعات لأحكام كثيرة كالأحرار

و كيف كان فإنشاءات العبد (2) لا يترتب عليه آثارها من دون اذن المولى.

أما مع الاذن السابق: فلا إشكال (3)

و أما مع الاجازة اللاحقة فيحتمل عدم الوقوع (4)، لأن المنع فيه (5) ليس من جهة العوضين

+++++++++++

(1) تعليل لأنه ليس المراد من عدم ترتب الاثر على أفعال العبيد هو عدم ترتب أثر حكم شرعي عليها اصلا

خلاصته: أنه كيف يمكن القول بذلك مع أن أفعال العبيد كأفعال الأحرار: في كون إتلافاتهم موجبة للضمان.

و كذلك جناياتهم موجبة للضمان.

و كذلك الأحداث و الطهارات الصادرة منهم موجبة للغسل، و التوضؤ و التيمم، و غير ذلك من دون فرق بين أفعالهم، و أفعالهم

(2) اى في الأشياء الخطيرة.

(3) اى فلا إشكال في الإنشاءات الصادرة من العبد مع اذن سابق من سيده، سواء أ كانت انشاءاته عقودا أم ايقاعاتا.

(4) اى عدم وقوع إنشاءات الصادرة من العبد بدون اذن مولاه بعد لحوق الاجازة بها.

(5) اى المنع عن وقوع الإنشاءات الصادرة عن العبد بدون اذن مولاه و إن لحقها الرضا ليس من جهة العوضين حتى يصحح الرضا العقد الصادر منه، لأن العوضين ملك للغير، لا للمولى، فاجازته ليست دخيلة فيهما.

ص: 133

الذين يتعلق بهما حق المجيز فله أن يرضى بما وقع على ماله من التصرف في السابق و أن لا يرضى.

بل المنع (1) من جهة راجعة الى نفس الإنشاء الصادر، و ما صدر على وجه لا يتغير منه بعده (2)

و بتقرير آخر (3) أن الاجازة إنما تتعلق بمضمون العقد و حاصله:

اعني انتقال المال بعوض، و هذا (4) فيما نحن فيه ليس منوطا برضا المولى قطعا، اذ (5) المفروض أنه اجنبي عن العوضين، و إنما له (6) حق في كون

+++++++++++

(1) اى سبب عدم وقوع الإنشاءات الصادرة و علته هو نفس الإنشاء الصادر من العبد على سبيل الاستقلال، حيث إن هذا النحو من الإنشاء الصادر منه ليس قابلا للتغير حتى يلحق به الرضا، و يخرجه عما وقع و صدر

(2) اى بعد صدور العقد منه مستقلا كما عرفت.

(3) خلاصة هذا التقرير: أن الاجازة الصادرة من المالك إنما تعلّقت بمضمون العقد الذي هو معنى الاسم المصدري و الذي يسمى نتيجة العقد و هو النقل و الانتقال، لا بالمعنى المصدري الذي هو نفس الانشاء.

و المفروض أن اجازة المولى لا ربط لها بمضمون العقد.

(4) و هو النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري لا يكون متوقفا على رضا المولى، لأنه اجنبي عن هذا الرضا، حيث عرفت أن العوضين ليسا ملكا للمولى، بل هما ملك للآخر و قد تصرف العبد فيهما.

(5) تعليل لكون النقل و الانتقال ليسا متوقفين على رضا المولى

و قد عرفت التعليل في الهامش 5. ص 135 عند قولنا: ليس من جهة العوضين.

(6) اى و إنما للمولى حق.

ص: 134

إنشاء هذا المضمون قائما بعبده فاذا وقع (1) على وجه يستقل به العبد فلحوق الاجازة لا يخرجه (2) عن الاستقلال الواقع عليه قطعا.

إلا (3) أن الأقوى هو لحوق اجازة المولى، لعموم أدلة الوفاء بالعقود (4)، و المخصص (5) إنما دل على عدم ترتب الاثر على عقد العبد من دون مدخلية المولى اصلا سابقا، و لاحقا، لا مدخلية اذنه السابق.

+++++++++++

(1) اى العقد اذا وقع على وجه و هو الاستقلال.

(2) اى لا يخرج لحوق الاجازة العقد الواقع على وجه الاستقلال عن الاستقلالية.

(3) من هنا يروم الشيخ أن يثبت أن الرضا اللاحق من المولى يصحح العقد الصادر من العبد على وجه الاستقلال.

(4) حيث إن دليل اوفوا بالعقود له عموم أفرادي و زماني يشمل جميع العقود الصادرة في العالم حتى من العبيد و إن صدرت عنهم بالاستقلال و من دون رضا المولى، لكن بعد لحوق الرضا من سيدهم و مولاهم بما صدر عنهم.

(5) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن العموم هنا مخصص بعدم نفوذ العقود الصادرة من العبيد على وجه الاستقلال، و من دون اذن سيده، فلا يصح حينئذ التمسك بالعام بعد التخصيص، لأنه بناء على ما هو التحقيق أن العام بعد ورود الخاص يتعنون بنقيض الخاص فيصير العام هكذا:

اوفوا بكل عقد إلا العقد الصادر من العبد بدون اذن مولاه.

فاجاب قدس سره عن الوهم: أن المخصص إنما دل على عدم نفوذ العقد و صحته الصادر من العبد على وجه الاستقلال، و من دون رضا سيده، لا سابقا، و لا لاحقا.

ص: 135

و لو شك (1) أيضا وجب الاخذ بالعموم في مورد الشك.

و تؤيد إرادة الأعم (2) من الاجازة الصحيحة (3) السابقة

+++++++++++

و ليس فيه دلالة على مدخلية الاذن السابق في صحة العقد الصادر من العبد على وجه الاستقلال حتى يكون الاذن اللاحق غير مفيد

و من المعلوم أن ما نحن فيه و هو العقد الصادر من العبد قد لحقه الرضا فوقع صحيحا، و اثّر الاذن اللاحق في النفوذ و الصحة فالعموم باق على عمومه فيؤخذ به.

(1) هذا إشكال آخر على عدم جواز الاخذ بعموم آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و خلاصته: أنه بعد ورود التخصيص نشك في بقاء العام على عمومه فلا يصح الاخذ بالعموم، و القول بصحة عقد العبد بعد لحوق الرضا

فاجاب الشيخ قدس سره: أنه يجب الاخذ بالعموم أيضا و لو شككنا في العموم، لكون الشبهة مفهومية، و المخصص منفصلا، لا متصلا حتى لا يصح الاخذ بالعام، لعدم سراية اجمال الخاص المنفصل الى العام فلا ينثلم ظهور العام فيؤخذ به، لأن الاخذ بالعموم هو القدر المتيقن حينئذ.

(2) اى الأعم من الاجازة السابقة و اللاحقة.

(3) بالرفع فاعل لكلمة و يؤيد، و كلمة و إرادة مفعول للفعل المذكور و هو يؤيد اى و تؤيد الصحيحة إرادة الأعم من الاجازة سواء أ كانت سابقة أم لا حقة.

و المراد من الصحيحة السابقة هي صحيحة زرارة المروية عن الامامين ابي جعفر و ابي عبد اللّه عليهما السلام المشار إليها في ص 132 فإن الاذن الواقع في قولهما عليهما السلام:

ص: 136

فإن (1) جواز النكاح يكفيه لحوق الاجازة.

فالمراد بالاذن (2)

+++++++++++

المملوك لا يجوز نكاحه، و لا طلاقه إلا باذن سيده أعم من السابق و اللاحق، و لا اختصاص له بالاذن السابق.

(1) بيان لكيفية تأييد الصحيحة لكون المراد من الاذن هو الأعم من السابق و اللاحق.

و حاصله: أنه لما ثبت في الخارج أن الاجازة اللاحقة تصحح نكاح العبد الواقع بدون اذن سيده، لورود أخبار خاصة في ذلك: فنكشف من هذه الصحة أن المراد من الاذن الوارد في الصحيحة المذكورة هو الاعم من السابق و اللاحق.

راجع حول الأخبار الواردة في المقام (وسائل الشيعة) الجزء 14.

ص 523 الباب 24. الحديث 1-2. أليك نص الحديث الاول

عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده

فقال: ذاك الى سيده إن شاء اجازه، و إن شاء فرّق بينهما.

قلت: اصلحك اللّه إن الحكم بن عبيدة، و ابراهيم النخعي، و أصحابهما يقولون: إن اصل النكاح فاسد، و لا تحل اجازة السيد له

فقال ابو جعفر عليه السلام: إنه لم يعص اللّه، و إنما عصى سيده فاذا اجازه فهو له جائز.

و راجع (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3. ص 283. الباب 636 الحديث 1-2 مع اختلاف بين المصدرين في بعض الكلمات.

(2) اي الاذن الوارد في قول الامامين عليهما السلام في الصحيحة المذكورة في ص 132

ص: 137

هو الأعم، إلا (1) أنه خرج الطلاق بالدليل، و لا (2) يلزم تأخير البيان لأن (3) الكلام المذكور مسوق لبيان نفي استقلال العبد في الطلاق بحيث لا يحتاج الى رضا المولى اصلا.

+++++++++++

(1) استثناء عما افاده: من أن المراد من الاذن الوارد في الصحيحة المذكورة هو الأعم من السابق و اللاحق.

و خلاصته: أن الطلاق خارج عن الاذن اللاحق فلا تفيده الاجازة اللاحقة لو وقع بدون اذن سيده و مولاه، لورود دليل خاص على خروج الطلاق من الاذن اللاحق.

(2) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه بناء على خروج الطلاق عن الاذن العام: و عدم تأثير الاجازة اللاحقة فيه، لورود دليل خاص في ذلك كما هو المفروض يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، حيث إن الامام عليه السلام لم يبين في الصحيحة خروج الطلاق عن الاذن اللاحق عند ما قال عليه السلام:

المملوك لا يجوز نكاحه، و لا طلاقه.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن الاذن الوارد في كلام الامام عليه السلام و إن كان المراد منه الأعم: من السابق و اللاحق.

إلا أن الغرض المسوق له الكلام هو بيان نفي الاستقلال عن العبد في طلاقه بحيث لا يحتاج الى رضا مولاه اصلا و ابدا.

و ليس الغرض بيان تفاصيل أحكام الطلاق حتى يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة بترك بعض تفاصيل الأحكام التي منها عدم تأثير الاجازة اللاحقة في الطلاق الواقع عن العبد استقلالا.

ص: 138

بل و مع كراهة المولى كما يرشد إليه التعبير (1) عن السؤال بقوله: بيد من الطلاق؟

و يؤيد المختار (2)، بل يدل عليه ما ورد في صحة نكاح العبد الواقع بغير اذن المولى اذا اجازه، معللا (3) بأنه لم يعص اللّه تعالى و إنما عصى سيده فاذا اجاز جاز (4) بتقريب (5) أن الرواية تشمل ما لو كان العبد هو العاقد على نفسه.

+++++++++++

(1) اى يرشد التعبير في السؤال الى أن الغرض المسوق له الكلام هو نفي استقلال العبد في الطلاق في قوله عند ما يسأل عن الامام عليه السلام:

بيد من الطلاق؟ لأن الظاهر من السؤال هو السؤال عن استقلال العبد في الطلاق.

(2) و هو أن الرضا اللاحق يؤثر في عقد العبد بدون اذن مولاه.

(3) اى الامام عليه السلام علل صحة جواز نكاح العبد بدون اذن مولاه بعد الاجازة بقوله: بأنه لم يعص اللّه، فالتعليل هذا يدل على أن الرضا اللاحق يؤثر في نفوذ العقد، فإن الذي لا يؤثر في العقد هو عصيان اللّه عز و جل، لا عصيان المولى.

(4) اى اذا اجاز المولى النكاح جاز النكاح اى صح و نفذ

راجع المصدر نفسه. ص 283 الباب 135. الحديث 1

و وسائل الشيعة الجزء 14. ص 523. الباب 24 الحديث 1-2

و في المصدرين اختلاف فراجع

(5) اى اذا كان عقد العبد في النكاح بغير اذن مولاه جائزا فكذلك في البيع و غيره بالفحوى.

ص: 139

و حمله (1) على ما اذا عقد الغير له مناف (2) لترك الاستفصال

مع (3) أن تعليل الصحة بأنه لم يعص اللّه تعالى الى آخره في قوة أن يقال:

إنه اذا عصى اللّه بعقد كعقد على ما حرم اللّه تعالى على ما مثّل به الامام عليه السلام

+++++++++++

(1) اى و حمل الحديث الوارد في صحة نكاح العبد الواقع بدون اذن مولاه.

دفع وهم

حاصل الوهم: أن الحديث المشار إليه في ص 139 الدال على صحة نكاح العبد بعد الاجازة وارد في رجل تزوج امرأة لعبد بدون اذن مولاه، و ليس له دخل في تزويج العبد لنفسه امرأة بدون اذن مولاه حتى تكون الاجازة مصححة له.

(2) جواب من الشيخ عن التوهم المذكور:

حاصله ان هذا الحمل مناف لترك الامام عليه السلام الاستفصال بين عقد العبد لنفسه، و بين عقد الغير للعبد، فإنه لو كان الامر كذلك لكان اللازم على الامام عليه السلام بيان ذلك، لأنه في مقام البيان

(3) هذا جواب آخر عن عدم صحة الحمل المذكور.

و خلاصته أن تعليل الامام عليه السلام صحة نكاح العبد الواقع بدون اذن مولاه: بأنه لم يعص اللّه في اصل النكاح.

ردا على الحكم بن عبيدة، و ابراهيم النخعي، و أصحابهما القائلين بفساد اصل النكاح كما عرفت في الحديث المشار إليه في ص 139 في قوة أن يقال:

إن العبد إذا عصى اللّه في عقد كالعقد على ما حرم اللّه تعالى كما

ص: 140

في روايات اخرى (1) واردة في هذه المسألة كان العقد باطلا، لعدم (2) تصور رضا اللّه تعالى بما سبق من معصيته.

أما اذا لم يعص اللّه و عصى سيده أمكن رضا سيده فيما بعد (3) بما لم يرض به سابقا فاذا رضي به و اجاز صح.

فيكون الحاصل: أن (4) معيار الصحة في معاملة العبد بعد كون المعاملة في نفسها مما لم ينه عنه الشارع هو رضا سيده بوقوعه سابقا أو لاحقا

+++++++++++

مثل الامام عليه السلام للعقد على ما حرم اللّه بقوله: (إن ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه: من نكاح في عدة، و أشباهه).

كان مثل هذا العقد الذي عصي فيه اللّه باطلا، لأنه لا يتصور رضا اللّه تبارك و تعالى عن معصية.

و من المعلوم أن العبد فيما نحن فيه عصى سيده فقط في عدم استجازته في العقد، لا أنه عصى خالقه حتى لا يصح عقده، لعدم تصور الرضا من اللّه في المعصية.

راجع حول مثال الامام عليه السلام للعقد المحرم (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 523. الباب 24 ص 50. الحديث 2.

(1) اشرنا الى هذه الرواية التي فيها تمثيل الامام عليه السلام في الهامش 3 ص 140-141

(2) تعليل لعدم عصيان العصيان العبد خالقه تعالى حتى لا يفيده رضاه، و قد عرفت التعليل عند قولنا: لا أنه عصى خالقه حتى لا يصح عقده.

(3) اى بعد وقوع العقد منه.

(4) اى خلاصة الكلام في عقد العبد اذا وقع مستقلا، و بدون اذن سيده.

ص: 141

و أنه اذا عصى سيده بمعاملة ثم رضي السيد بها صح، و أن ما قاله المخالف: (1) من أن معصية السيد لا يزول حكمها برضاه بعده، و أنه لا ينفع الرضا اللاحق كما نقله السائل (2) عن طائفة من العامة (3) غير صحيح

فافهم (4) و اغتنم

و من ذلك (5) يعرف أن استشهاد بعض (6) بهذه الروايات (7)

+++++++++++

(1) و هو الحكم بن عبيدة، و ابراهيم النخعي، و أصحابهما المشار إليهم في الهامش 1 ص 137 في قولهم: إن اصل النكاح فاسد.

(2) و هو زرارة رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه عند قوله: اصلحك اللّه المشار إليه في الهامش 1 ص 137 يأتي شرح حياته في أعلام المكاسب.

(3) و هم الحكم بن عبيدة، و ابراهيم النخعي، و أصحابهما.

(4) اشارة الى دقة الموضوع و صعوبته جدا، حيث إن المخالفين لم يفرقوا بين معصية اللّه، و بين معصية السيد، و حكموا ببطلان نكاح العبد لو أوقعه مستقلا و بدون اذن مولاه، و أن الاجازة اللاحقة لا تفيده لأنه عصى اللّه، و أن الامام عليه السلام كيف ردهم على زعمهم الباطل و قال: إن العبد عصى سيده، لا خالقه حتى لا تفيد الاجازة اللاحقة.

و قد ذكرنا بيان الامام عليه السلام و تمثيله في الهامش 3 ص 140-141

(5) اى و من أن الملاك في صحة عقد العبد الواقع بدون اذن سيده لا غير: بحيث لو لم يكن رضا اصلا بطل العقد.

(6) المراد من البعض هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره

(7) و هي التي اشرنا إليها في ص 132

أليك ما قاله صاحب الجواهر:

إن القول بالصحة و إن لم يأذن المولى، بل مع نهيه لا يخلو عن قوة

ص: 142

على صحة عقد العبد و إن لم يسبقه اذن و لم يلحقه اجازة، بل و مع سبق النهي أيضا، لأن (1) غاية الامر هو عصيان العبد و اثمه في ايقاع العقد، و التصرف في لسانه الّذي هو ملك للمولى، لكن النهي مطلقا لا يوجب الفساد (2) خصوصا النهي الناشئ عن معصية السيد كما يؤمي إليه هذه الأخبار الدالة على أن معصية السيد لا تقدح بصحة العقد في غير (3) محله.

بل الروايات (4) ناطقة كما عرفت بأن الصحة من جهة ارتفاع كراهة المولى (5)، و تبدله بالرضا بما فعله العبد

و ليست (6) كراهة اللّه عز و جل بحيث يستحيل رضاه

+++++++++++

و إن اثم العبد بايقاعها، لأنها من منافعها المملوكة للسيد، إلا أن الحرمة لا تنافي الصحة هنا، اذ لا ريب في اثمه بايقاع نفس العقد الّذي هو تصرف في لسان العبد المملوك للسيد بالنسبة الى ذلك

راجع (الجواهر) الطبعة الجديدة. الجزء 22. ص 271

(1) تعليل من صاحب الجواهر على صحة عقد العبد و إن نهاه المولى عن ذلك، و قد نقله الشيخ عنه هنا بالمعنى

انظر عبارته التي نقلناها عن الجواهر هنا.

(2) اى فساد المعاملة الصادرة من العبد

(3) الجار و المجرور في محل الرفع خبر لأن في قوله: و من ذلك يعرف أن استشهاد بعض

(4) و هي المشار إليها في ص 132

(5) اذ لو لا ارتفاع كراهة المولى لكانت عقود العبد باقية على عدم نفوذ الصحة فيها.

(6) اى و ليست كراهة المولى كراهة اللّه

ص: 143

بعد ذلك (1) بوقوعه السابق فكأنه قال: (2) لم يعص اللّه حتى يستحيل تعقبه للاجازة و الرضا، و إنما عصى سيده فاذا اجاز (3) جاز فقد علق (4) الجواز صريحا على الاجازة

و دعوى أن تعليق الصحة (5) على الاجازة من جهة مضمون العقد و هو التزويج المحتاج الى اجازة السيد اجماعا، لا نفس إنشاء العقد حتى لو لو فرضناه (6) للغير يكون محتاجا الى اجازة مولى العاقد

مدفوعة (7) بأن المنساق من الرواية إعطاء قاعدة كلية

+++++++++++

(1) اى بعد وقوع المعصية من العبد بايقاعه العقود مستقلا بدون اذن مولاه

(2) اى الامام عليه السلام

(3) اى مولى العبد العقد الصادر من عبده بدون اذنه

(4) اى الإمام عليه السلام

(5) اى تعليق صحة عقد العبد الواقع منه بدون رضا مولاه على اجازة سيده في قول الامام عليه السلام: فاذا اجازه جاز لأجل مضمون العقد الذي هو معنى الاسم المصدري، و الذي يسمى بنتيجة العقد و هو التزويج فإن هذا المضمون محتاج الى الاجازة، لأنه متعلق بمولاه

و ليس التعليق لاجل نفس إنشاء العقد كي يقال بتوقف صحة العقد الصادر من العبد و إن كان للغير على الاجازة أيضا، لأن العقد الصادر من العبد للغير غير محتاج للاجازة، لعدم كون مضمونه للمولى.

(6) اى حتى و لو فرضنا إنشاء العقد صادرا من العبد للغير

و قد عرفت معناه عند قولنا: و ليس التعليق لاجل نفس إنشاء العقد

(7) اى الدعوى المذكورة مدفوعة، و الباء في بأن بيان لكيفية الدفع

ص: 144

بأن (1) رضا المولى بفعل العبد بعد وقوعه يكفي في كل ما يتوقف على مراجعة السيد و كان فعله من دون مراجعته، أو مع النهي عنه معصية له.

و المفروض أن نفس العقد من هذا القبيل (2)

ثم (3) إن ما ذكره: من عصيان العبد بتصرفه في لسانه، و أنه (4)

+++++++++++

هذا جواب من الشيخ عن الدعوى المذكورة

و خلاصته: أن الرواية الواردة في نكاح العبد المشار إليها في الهامش 4 ص 132 صبغت لإعطاء قاعدة كلية من الامام عليه السلام لتنطبق على صغرياتها و أفرادها

و تلك القاعدة: هي أن كل فعل يصدر من العبد مستقلا، و من دون مراجعة الى سيده يعد معصية يحتاج الى رضاه في نفوذه و صحته، و يتوقف على اجازته، لأن امره بيده

و المفروض أن نفس العقد و انشاءه الصادر منه للغير معصية، لأنه صدر من دون مراجعته و اذنه فيحتاج الى الاجازة

فالاجازة إنما تعلقت بنفس العقد المنشأ الذي هو المعنى المصدري لا أنها تعلقت بمضمون العقد الذي هو معنى الاسم المصدرى، و المسمى بنتيجة العقد

(1) الباء بيان للقاعدة الكلية و قد عرفتها عند قولنا: هي أن كل فعل يصدر.

(2) اى معصية و صادر من دون مراجعته و اذنه.

(3) عود على بدء.

من هنا يروم الشيخ أن يناقش صاحب الجواهر فيما افاده في ص 142:

من أن العبد و إن اثم بايقاعها، لأنه تصرف في لسانه الذي هو ملك لسيده

و من أن هذا التصرف لا يقتضي فساد العقد.

(4) اى التصرف كما عرفت آنفا.

ص: 145

لا يقتضي الفساد يشعر (1) بزعم أن المستند في بطلان عقد العبد لغيره هو حرمة تلفظه بألفاظ العقد من دون رضا المولى.

و فيه (2) أولا منع حرمة هذه التصرفات الجزئية، للسيرة المستمرة على مكالمة العبيد، و نحو ذلك من المشاغل الجزئية.

و ثانيا بداهة أن الحرمة (3) في مثل هذه لا توجب الفساد (4) فلا يظن استناد العلماء في الفساد (5) الى الحرمة.

و ثالثا أن الاستشهاد (6) بالرواية لعدم كون معصية السيد بالتكلم بألفاظ العقد، و التصرف في لسانه قادحا في صحة العقد غير صحيح لأن مقتضاه (7) أن التكلم إن كان معصية للّه تعالى يكون مفسدا (8)

+++++++++++

(1) هذا وجه المناقشة.

(2) اى و فيما افاده صاحب الجواهر: من أن مستند بطلان عقد العبد هو حرمة تلفظه بألفاظ العقد من دون رضاه نظر و إشكال.

و قد اورد الشيخ على مقالة الشيخ صاحب الجواهر بقوله: أولا و ثانيا و ثالثا، و قد ذكرها في المتن فلا نعيدها.

(3) اى الحرمة التكليفية في مثل هذه التصرفات الجزئية لا توجب فساد العقد الذي هو الحرمة الوضعية؛ فلا يظن أن يكون استناد العلماء في الحرمة الوضعية هي الحرمة التكليفية و هي التصرف في اللسان.

(4) اى فساد المعاملة الذي هو الحرمة الوضعية كما عرفت.

(5) و هو فساد المعاملة كما عرفت.

(6) اى استشهاد صاحب الجواهر بالرواية المشار إليها في الهامش 1 ص 137

(7) اى مقتضى هذا الاستشهاد.

(8) اى مفسدا للمعاملة.

ص: 146

مع أنه لا يقول به (1) احد، فإن (2) حرمة العقد من حيث إنه تحريك اللسان كما في الصلاة و القراءة المضيقة، و نحوهما لا يوجب فساد العقد اجماعا

فالتحقيق أن المستند في الفساد (3)

+++++++++++

(1) اى بفساد المعاملة بسبب التكلم بألفاظ العقد اذا كان التكلم معصية

(2) تعليل لعدم كون التكلم بألفاظ العقد اذا كان التكلم معصية مفسدا للمعاملة.

و خلاصته: أنه لو كان مجرد تحريك اللسان معصية و موجبا لفساد المعاملة لكان إجراء صيغة العقد في حالة الصلاة موجبا لفساد المعاملة مع أن احدا لا يقول بفساد المعاملة لو اجريت صيغة العقد في تلك الحالة و إن كان إجراء الصيغة موجبا لفساد الصلاة، و أنه حرام

و كذا القراءة المضيقة من حيث وقتها، فإن إجراء الصيغة في القراءة لم يكن موجبا لفساد المعاملة.

خذ لذلك مثالا.

استأجر شخص شخصا لقراءة أربعة أجزاء من القرآن الكريم خلال ساعتين من الساعة العاشرة صباحا الى الساعة الثانية عشر صباحا فجرى العقد بين الاجير و المستأجر فجاء رجل في أثناء القراءة في الساعة المعينة عند الاجير فوكله في اجراء صيغة النكاح، أو الطلاق مثلا فاجراها فالعقد لا يصير موجبا لفساد النكاح، أو الطلاق في عدم وقوعهما، و إن كان الإجراء في وقت القراءة حراما، لكونه تصرفا في الوقت المستأجر

لكن الحرمة التكليفية لا تكون موجبة للحرمة الوضعية.

(3) اى في فساد العقد و المعاملة.

ص: 147

هو الآية المتقدمة (1)، و الروايات (2) الواردة في عدم جواز امر العبد و مضيه مستقلا، و أنه (3) ليس له من الامر شيء.

فرع: لو أمر العبد آمر أن يشتري نفسه من مولاه فباعه مولاه صح و لزم

(فرع): لو أمر العبد آمر أن يشتري نفسه من مولاه فباعه مولاه صح و لزم، بناء على كفاية رضا المولى الحاصل من تعريضه (4) للبيع من اذنه الصريح، بل يمكن جعل نفس الايجاب موجبا للاذن الضمني و لا يقدح عدم قابلية المشتري (5) للقبول في زمان الايجاب، لأن هذا الشرط (6) ليس على حدّ غيره من الشروط المعتبرة في كل من المتعاقدين من اوّل الايجاب الى آخر القبول.

بل هو (7) نظير اذن مالك الثمن في الاشتراء، حيث يكفي تحققه بعد الايجاب، و قبل القبول الذي بنى المشتري على انشائه فضولا.

+++++++++++

(1) و هو قوله تعالى: ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاٰ يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ .

(2) و هي المشار إليها في ص 132، و في الهامش 1 ص 137

(3) اى العبد

(4) اى تعريض المولى العبد للبيع كاف من إعطائه الاذن الصريح في بيع نفسه.

(5) و هو العبد، حيث يشتري نفسه من مولاه، فإنه حين الشراء لم يكن حرا

(6) و هي قابلية المشتري للقبول في زمن الايجاب من بداية وقوعه الى نهايته ليست معتبرة كبقية الشروط المعتبرة في العقد، من حيث المتعاقدين و العوضين، حيث إنها معتبرة بدوا و نهاية

(7) اى شرط قابلية المشتري للقبول في زمن الايجاب نظير اذن

ص: 148

و عن القاضي البطلان في المسألة (1)، مستدلا عليه (2) باتحاد عبارته مع عبارة السيد فيتحد الموجب و القابل.

و فيه (3) مع اقتضائه المنع لو اذن له السيد سابقا (4)

+++++++++++

مالك الثمن في الاشتراء الصادر منه بعد ايجاب البائع، و قبل قبول المشتري الباني على إنشاء القبول فضولا.

فكما يكفي في تحقق هذا المقدار من الاذن، و لا يحتاج تحققه من بداية تحقق الايجاب.

كذلك يكفي تحقق قابلية المشتري للقبول في العبد بعد زمن الايجاب الصادر من المولى، و لا يشترط تحققه من بداية وقوع الايجاب.

(1) اى في مسألة امر الآمر العبد في شراء نفسه من مولاه.

(2) اى على البطلان بسبب اتحاد عبارة العبد مع عبارة مولاه حيث إنه ملك، فالقبول الصادر منه صادر عن مولاه فيكون المولى موجبا و قابلا فيتحد الايجاب و القبول.

(3) اى و فيما افاده القاضي من اتحاد الموجب و القابل نظر و إشكال من جهات ثلاث استفدناها من عبارة الشيخ و هي كما يلي:

(الاولى): لازم هذا القول منع العبد عن شراء نفسه من مولاه لو اذن له سابقا في ذلك، لعين الملاك الموجود في الصورة السابقة: و هو اتحاد الموجب و القابل.

(الثانية): إننا نمنع الاتحاد، لأن المولى باعتبار أنه بايع يكون موجبا و العبد باعتبار أنه مشتر يكون قابلا فتحققت الاثنينية فلا يلزم الاتحاد

(الثالثة): أن اتحاد الموجب و القابل غير قادح في المقام.

(4) هذه هي الجهة الاولى و قد اشرنا إليها.

ص: 149

منع (1) الاتحاد أولا، و منع (2) قدحه ثانيا.

هذا (3) اذا امره الآمر بالاشتراء من مولاه

فإن امره بالاشتراء من وكيل المولى فعن جماعة منهم المحقق و الشهيد الثانيان أنه لا يصح، لعدم الاذن من المولى.

و ربما قيل (4) بالجواز حينئذ أيضا، بناء على ما سبق منه (5) من أن المنع لاجل النهي و هو لا يستلزم الفساد.

و فيه (6) ما عرفت: من أن وجه المنع هو أدلة عدم استقلال العبد في شيء لا منعه عن التصرف في لسانه، فراجع ما تقدم (7) و اللّه اعلم.

مسألة: و من شروط المتعاقدين أن يكونا مالكين، أو مأذونين من المالك، أو الشارع
اشارة

(مسألة): و من شروط المتعاقدين أن يكونا مالكين، أو مأذونين من المالك، أو الشارع (8) فعقد الفضولي لا يصح، اي لا يترتب عليه ما يترتب

+++++++++++

(1) هذه هي الجهة الثانية و قد اشرنا إليها.

(2) هذه هي الجهة الثالثة و قد اشرنا إليها.

(3) اى القول بصحة شراء العبد نفسه من مولاه لو أمره آمر.

(4) القائل هو صاحب الجواهر قدس سره

(5) اى من القيل في ص 142 عند قوله: لكن النهي مطلقا لا يوجب الفساد.

(6) اى و فيما افاده صاحب الجواهر قدس سره نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ وجه النظر فلا نعيده.

(7) اى عند قوله في ص 146: و فيه أولا منع حرمة هذه التصرفات و ثانيا بداهة أن الحرمة.

(8) كالأولياء الشرعيين: من الأب و الجد، و الحاكم، و عدول المؤمنين

ص: 150

على عقد غيره (1) من اللزوم.

و هذا (2) مراد من جعل الملك، و ما في حكمه (3) شرطا ثم فرع (4) عليه: بأن بيع الفضولي موقوف على الاجازة كما في القواعد.

فاعتراض (5) جامع المقاصد عليه: بأن التفريع في غير محله

+++++++++++

(1) اى غير عقد الفضولي من اللزوم الذي هو النقل و الانتقال حتى يتمكن الآخر من التصرف فيما نقل إليه من الفضولي: من البيع و الشراء به و الهبة، و الوقف، و غيرهما مما يترتب على غير عقد الفضولي.

(2) و هو كون المتعاقدين مالكين، أو مأذونين من المالك، أو من الشارع.

خلاصة هذا الكلام أن من جعل الملك، أو الاذن من المالك أو الشارع شرطا في صحة العقد كالعلامة قدس اللّه روحه: مراده أن يكون المتعاقدان مالكين، أو مأذونين من المالك، أو الشارع، ثم فرّع على هذا الشرط توقف عقد الفضولي على الاجازة، لعدم تملك الفضولي المبيع، أو الثمن اذا كان المبيع، أو الشراء فضوليا

(3) و هو الاذن من المالك، أو الشارع كما عرفت آنفا.

(4) اى العلامة بعد هذا الاشتراط الذي ذكرناه لك فرّع عليه توقف بيع الفضولي على الاجازة، لعدم تملكه للمبيع، أو الثمن.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المتعاقدين لا بدّ أن يكونا مالكين هو مراد من جعل الملك، أو الاذن من المالك، أو الشارع شرطا في صحة عقد الفضولي، و فرّع عليه توقف صحة عقد الفضولي على الاجازة كالعلامة.

و خلاصته: أن المحقق الكركي اعترض على العلامة في تفريعه على الشرط المذكور توقف عقد الفضولي على الاجازة.

ص: 151

لعله (1) في غير محله.

الكلام في عقد الفضولي
اشارة

و كيف كان فالمهم التعرض لمسألة عقد الفضولي التي هي من أهم المسائل (2)

اختلف الأصحاب و غيرهم في بيع الفضولي

(فنقول): اختلف الاصحاب و غيرهم في بيع الفضولي، بل مطلق عقده (3)

+++++++++++

و قال: إن التفريع المذكور في غير محله، لأن المتبادر من الشرط المذكور هو بطلان عقد الفضولي، لكون الفضولي فاقدا للشرط المذكور حيث لا يكون مالكا، و لا مأذونا من المالك، أو الشارع.

و لا فرق بين أن يكون الشرط المذكور شرطا في الصحة، أو شرطا في اللزوم.

(1) اى اعتراض المحقق الكركي على العلامة في غير محله، لأن مراد العلامة من الشرط المذكور الشرطية في الصحة الفعلية: بمعنى أن صحة عقد الفضولي كصحة عقد المالك فيما يترتب عليه فعلا

فكل ما يترتب على عقد المالك فعلا يترتب على عقد الفضولي فعلا في اصل التأثير.

لكن اللزوم في الفضولي موقوف على الاجازة، فقبلها لا يقع صحيحا اى لا يترتب اللزوم عليه فعلا.

كما كان يترتب اللزوم على عقد المالك فعلا.

فتفريع العلامة قدس سره الفضولي على الشرط المذكور في محله و أنه جيد جدا.

(2) اى من أهم المسائل الفقهية التي وقعت معركة الآراء بين الفقهاء: من الشيعة و السنة من شتى جوانبه

(3) اى بل مطلق عقد الفضولي: من الاجارة و الوكالة و الحوالة و المزارعة و المساقاة و المضاربة و غيرها من بقية العقود

ص: 152

بعد اتفاقهم على بطلان ايقاعه كما في غاية المراد: على أقوال (1)

و المراد بالفضولي كما ذكره الشهيد هو الكامل (2) غير المالك للتصرف و لو كان غاصبا.

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: اختلف الأصحاب و الأقوال خمسة أليك خلاصتها:

(الاول): بطلان عقد الفضولي مطلقا، سواء أ كان في البيع أم في الشراء أم في النكاح أم في غيرها من العقود كما ذهب إليه الشيخ في المبسوط و الخلاف.

(الثاني): توقفه على الاجازة مطلقا: في البيع و النكاح، و غيرهما ذهب إليه الشيخ المفيد، و السيد المرتضى

(الثالث): صحته في البيع بتوقفه على الاجازة، و بطلانه في الشراء.

(الرابع): بطلانه في البيع، و صحته في النكاح ذهب إليه ابن ادريس.

(الخامس): بطلانه في النكاح في غير البكر الرشيدة.

(2) من حيث البلوغ و العقل، و الاختيار و الحرية

و من حيث شرائط العوضين.

مقصود الشهيد الثاني قدس سره إعطاء درس و هو التعميم في مفهوم الفضولي: و هو أن الفضولي عبارة عمن ليس له حق التصرف في العين و إن كان مالكا لها كالراهن، فإنه مالك للوثيقة، لكن غير مأذون في التصرف فيها، لتعلق حق المرتهن في العين.

ص: 153

و في كلام بعض العامة أنه (1) العاقد بلا اذن من يحتاج الى اذنه و قد يوصف به (2) نفس العقد

و لعله (3) تسامح

و كيف كان فيشمل (4) العقد الصادر من البكر الرشيدة بدون اذن الولي، و من المالك (5) اذا لم يملك التصرف، لتعلق حق الغير

+++++++++++

و كذا السفيه، فإنه مالك للعين، لكنه ممنوع التصرف فيها، لتعلق سلطنة الولي بها.

و كذا المفلس، فإنه مالك، لكنه ممنوع التصرف فيها، لتعلق حق الغرماء بها.

(1) اى الفضولي يطلق على من كان عاقدا بلا اذن من يحتاج الى اذنه كالمالك، و الشارع.

(2) اى نفس العقد قد توصف بالفضولي فيقال: عقد الفضولي لا العاقد الفضولي.

(3) اى و لعل هذا الوصف مسامحة.

وجه المسامحة: أنه لا معنى لاتصاف العقد بالفضولي، لأنه ليس ملكا لاحد حتى يتصف بالفضولي، بل المتصف به هو العاقد.

(4) اى عقد الفضولي الذي ذكره الشهيد الاول يشمل العقد الصادر من البكر الرشيدة، بناء على عدم ولاية لها في تزويج نفسها في عرض ولاية أبيها.

(5) اى و كذا عقد الفضولي يشمل العقد الصادر من المالك الذي لا يملك التصرف في ملكه كالراهن، و المفلس، و المحجور عليه

و قد ذكرناهم في الهامش 2 ص 153

ص: 154

بالمال كما يومي إليه (1) استدلالهم لفساد الفضولي بما دل على المنع من نكاح البكر الرشيدة بغير اذن وليها

و حينئذ (2) فيشمل بيع الراهن و السفيه، و نحوهما (3) و بيع (4) العبد بدون اذن السيد.

و كيف كان فالظاهر شموله (5) لما اذا تحقق رضا المالك للتصرف باطنا، و طيب نفسه بالعقد من دون حصول اذن منه صريحا، أو فحوى (6) لأن العاقد (7) لا يصير مالكا للتصرف و مسلّطا عليه بمجرد علمه برضا لمالك

+++++++++++

(1) اى الى هذا الشمول يشير استدلال الفقهاء لفساد عقد الفضولي سواء أ كان في البيع أم في غيره: بالأخبار الواردة في منع نكاح البكر الرشيدة بغير اذن وليها اذا كان موجودا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 213-216. الباب 4 الأحاديث. أليك نص الحديث الثاني.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الجارية البكر التي لها اب لا تتزوج إلا باذن أبيها.

(2) اى و حين شمول عقد الفضولي للعقدين المذكورين في الهامش 4-5 ص 154 بواسطة استدلال الفقهاء بالأحاديث المذكورة.

(3) كالمفلس، و المحجور عليه.

(4) بالنصب عطفا على قوله: فيشمل بيع الراهن اى ما افاده الشهيد في الفضولي يشمل بيع العبد مال نفسه بدون اذن سيده.

(5) اى عقد الفضولي.

(6) أو بشاهد الحال.

(7) تعليل لشمول عقد الفضولي للعقد الذي تحقق فيه رضا المالك للتصرف باطنا.

ص: 155

و يؤيده (1) اشتراطهم في لزوم العقد كون العاقد مالكا، أو مأذونا أو وليا، و فرعوا (2) عليه بيع الفضولي.

و يؤيده (3) أيضا استدلالهم على صحة الفضولي بحديث عروة البارقي مع ان الظاهر علمه (4) برضا النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بما يفعله.

و إن (5) كان الذي يقوى في النفس لو لا خروجه عن ظاهر الأصحاب عدم توقفه على الاجازة اللاحقة.

+++++++++++

(1) اى و يؤيد شمول عقد الفضولي للعقد الذي تحقق فيه رضا المالك للتصرف باطنا، و طيب النفس بالعقد من دون حصول اذن من المالك صريحا، أو فحوى: اشتراط الفقهاء.

(2) اى و فرّع الفقهاء على هذا الاشتراط بيع الفضولي.

و التفريع دليل على شمول عقد الفضولي لما اذا تحقق رضا المالك.

و أما وجه التأييد فهو أن مقتضى اطلاق التفريع المذكور على الشرط المزبور اندراج كل عقد انتفى فيه الشرط المذكور تحت بيع الفضولي سواء أ كان مقرونا بالرضا الباطني للمالك أم لا

(3) اى و يؤيد شمول عقد الفضولي للعقد الذي تحقق فيه رضا المالك للتصرف باطنا، و طيب نفسه بالعقد من دون حصول اذن منه صريحا أو فحوى: استدلال الفقهاء على صحة عقد الفضولي بحديث عروة البارقي الآتي شرحه.

(4) اى مع علم عروة البارقي بأن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم راض بما يفعله: من شراء شاتين، و بيع احدهما، و اتيان الآخر للرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(5) من هنا يروم الشيخ إبداء نظره حول العقد الذي تحقق فيه

ص: 156

بل يكفي فيه رضا المالك المقرون بالعقد، سواء علم به (1) العاقد أو انكشف بعد العقد حصوله حينه، أو لم ينكشف اصلا فيجب على المالك فيما بينه و بين اللّه تعالى إمضاء ما رضي به و يرتب الآثار عليه (1) لعموم (2) وجوب الوفاء بالعقود

و قوله (3) تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض

+++++++++++

رضا المالك باطنا، و طيب نفسه بالعقد و إن لم يحصل فيه اذن صريحا أو فحوى، أو بشاهد حال:

فأفاد أن مجرد رضا المالك المقرون بالعقد، سواء علم به العاقد أم لا انكشف له بعد العقد، أم لم ينكشف له اصلا: كاف في صحة العقد من دون احتياجه الى الاجازة اللاحقة لو لا خروج هذا الفرد عن ظاهر الأصحاب، فإن الأعلام من فقهاء الامامية ذهبوا الى احتياج هذا الفرد أيضا الى الاجازة.

(1) اى و يرتب المالك على رضاه الآثار التي هي النقل و الانتقال.

(2) من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال على مدعاه: و هي كفاية مجرد تحقق رضا المالك للتصرف باطنا، و طيب نفسه بالعقد و لو لم يحصل منه اذن صريحا، أو فحوى في العقد الصادر فضولا بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ اولى دليل على مدعاه.

كيفية الاستدلال: أن جميع الشرائط المعتبرة في العقد: من المتعاقدين و العوضين موجودة في مثل هذا العقد، سوى الاجازة الصريحة، أو فحوى من المالك.

و المفروض وجود الرضا القلبي، و طيب النفس فيه فيكون فردا من أفراد العقود الصحيحة الممضاة شرعا فتشمله الآية الكريمة

(3) هذه ثانية الأدلة القائمة من الشيخ على مدعاه: بتقريب أن العقد

ص: 157

و لا يحل (1) مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه.

و ما دل (2) على علم المولى بنكاح العبد و سكوته اقرار منه

+++++++++++

الصادر بالكيفية المخصوصة فرد من أفراد التجارة عن تراض فتشمله الآية الكريمة.

(1) هذه ثالثة الأدلة القائمة من الشيخ على مدعاه ببيان أن العقد الصادر بالكيفية المخصوصة موجود فيه طيب النفس فيحل للمسلم أن يتصرف في مال اخيه المسلم فيشمله الحديث الشريف.

و قد اشرنا الى مصدر الحديث في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 146-180 فراجع

(2) هذه رابعة الأدلة التي اقامها الشيخ على مدعاه

خلاصتها: أن المولى لو علم أن عبده تزوج من دون اذن منه فسكت و لم يتكلم بشيء: من منعه، أو ردعه، أو فسخ عقده فسكوته اقرار منه بامضاء عقده من دون احتياج العقد الى اجازة لا حقة حتى ينفذ العقد

راجع حول الأحاديث الواردة في أن علم المولى بنكاح العبد، و سكوته عنه اقرار منه: المصدر نفسه. ص 525. الباب 26. الأحاديث.

أليك نص الحديث الاول

عن معاوية بن الحكم قال: جاء رجل الى (ابي عبد اللّه) عليه السلام فقال: إني كنت مملوكا لقوم، و إني تزوجت امرأة حرة بغير اذن مواليّ ثم اعتقوني بعد ذلك فاجدد نكاحي اياها حين اعتقت؟

فقال له: أ كانوا علموا أنك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم؟

فقال: نعم و سكتوا عني و لم يغيروا عليّ

قال: فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم، اثبت على نكاحك الاول.

ص: 158

و رواية (1) عروة البارقي الآنية، حيث اقبض المبيع و قبض الدينار، لعلمه برضا النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، و لو كان فضوليا موقوفا على الاجازة لم يجز التصرف في المعوض و العوض بالقبض و الإقباض

و تقرير النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم له على ما فعل دليل على جوازه

هذا مع أن كلمات الأصحاب في بعض المقامات يظهر منها خروج هذا الفرض (2) عن الفضولي، و عدم وقوفه على الاجازة مثل قولهم في الاستدلال على الصحة: ان الشرائط كلها حاصلة (3) الا رضا المالك

و قولهم: إن الاجازة لا يكفي فيها السكوت، لأنه أعم من الرضا (4) و نحو ذلك

+++++++++++

(1) هذه خامسة الأدلة التي اقامها الشيخ على مدعاه

و خلاصتها أن عروة البارقي كان عالما برضا النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بما يفعله، و لذا بعد أن اشترى بالدينار الذي اعطاه الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم شاتين باع احداهما و أقبضها للمشتري و قبض منه دينارا ثم رد الدينار و الشاة الاخرى الى الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم، اذ لو كان الرضا القلبي السابق من الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم الذي علمه عروة البارقي غير كاف في نفوذ العقد و صحته و أنه متوقف على الاجازة كيف أقبض عروة الشاة الى المشتري، و تسلم منه الدينار؟

(2) و هو العقد الحاصل فيه الرضا القلبي، و طيب النفس من المالك لكنه لم يحصل منه اذن صريح، أو فحوى

(3) فهذا الاستثناء دليل على أن مجرد الرضا القلبي من المالك اذا كان موجودا كاف في صحة العقد و إن كان فضوليا

(4) فمفهومه أنه لو كان الرضا موجودا لكفى عن الاجازة

ص: 159

ثم لو سلم كونه (1) فضوليا لكن ليس كل فضولي يتوقف لزومه على الاجازة، لأنه لا دليل على توقفه مطلقا على الاجازة اللاحقة كما هو (2) احد الاحتمالات فيمن باع ملك غيره ثم ملكه (3)، مع أنه يمكن الاكتفاء في الاجازة بالرضا الحاصل بعد البيع المذكور آنا ما، اذ وقوعه برضاه لا ينفك عن ذلك (4) مع الالتفات.

ثم إنه لو أشكل في عقود غير المالك فلا ينبغي الإشكال في عقد العبد نكاحا، أو بيعا مع العلم برضا السيد و لو لم يأذن له لعدم تحقق المعصية التي هي مناط المنع في الأخبار (5)، و عدم منافاته (6)، لعدم استقلال العبد فى التصرف.

صور بيع الفضولي
اشارة

ثم اعلم أن الفضولي قد يبيع للمالك و قد يبيع لنفسه

+++++++++++

(1) اى العقد الحاصل فيه الرضا القلبي، و طيب النفس من المالك

(2) اى عدم توقف الفضولي على الاجازة مطلقا

(3) إما بالهبة، أو الارث، فإنه بعد التملك لا يحتاج المبيع الى الاجازة

(4) اى عن الاجازة آنا ما

(5) حيث عرفت في الهامش 3 ص 139 أن المناط في المنع عن نفوذ نكاح العبد بدون اذن سيده هو معصية سيده، لا خالقه و هنا لم تتحقق المعصية، لعلم العبد برضا سيده بنكاحه

(6) اى و عدم منافاة عدم الاذن من المولى لعدم تحقق المعصية، لعدم استقلال العبد في التصرف، لأنه عالم برضا مولاه، فهذا العلم يخرج العبد عن الاستقلالية في التصرف، فلا يصدق الاستقلال في حقه، و الذي يكون مضرا هو إقدامه على العقد من دون اي مدخلية لمولاه في تصرفه

ص: 160

و على الاول (1) فقد لا يسبقه منع من المالك

و قد يسبقه المنع

فهنا مسائل ثلاث (2):

المسألة الأولى: أن يبيع للمالك مع عدم سبق منع من المالك
اشارة

(الاولى): أن يبيع للمالك مع عدم سبق منع من المالك و هذا هو المتيقن من عقد الفضولي،

و المشهور: الصحّة
اشارة

و المشهور الصحة (3)، بل في التذكرة نسبها الى علمائنا تارة صريحا

و اخرى ظاهرا بقوله: عندنا، إلا أنه ذكر عقيب ذلك أن لنا فيه قولا بالبطلان

و في غاية المراد حكى الصحة عن العماني (4)، و المفيد و المرتضى و الشيخ في النهاية، و سلار و الحلبي، و القاضي و ابن حمزة (5)

و حكيت (6) عن الاسكافي

و استقر عليها رأي من تاخر عدا فخر الدين، و بعض متأخري المتأخرين كالاردبيلي، و السيد الداماد (7)،

+++++++++++

(1) و هو بيع الفضولي للمالك

(2) و هي كما يلي:

البيع للمالك مع سبق منع من المالك في البيع

و البيع للمالك مع عدم سبق منع من المالك، و البيع لنفسه

(3) اى صحة مثل هذا العقد الفضولي الذي باع للمالك من دون سبق منع من المالك الى الفضولي

(4) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب)

(5) يأتي شرح حياة هؤلاء الأعلام في (أعلام المكاسب)

(6) هذا كلام شيخنا الانصارى، اى حكيت صحة مثل هذا الفضولي عن الإسكافي، يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب) و مرجع الضمير في عليها الصحة

(7) يأتي شرح حياة هذا العملاق في (أعلام المكاسب)

ص: 161

و بعض متأخري المتأخرين (1)، لعموم أدلة البيع و العقود، لأن خلوه (2) عن اذن المالك لا يوجب سلب اسم العقد و البيع عنه (3)

و اشتراط ترتب الاثر بالرضا، و توقفه عليه (4) أيضا لا مجال لإنكاره فلم يبق الكلام إلا في اشتراط سبق الاذن

و حيث لا دليل عليه (5) فمقتضى الاطلاقات عدمه

و مرجع ذلك كله (6) الى عموم حلّ البيع، و وجوب الوفاء بالعقد

+++++++++++

(1) و هو (صاحب الحدائق) قدس سره

(2) اى خلو عقد الفضولي

(3) اى عن عقد الفضولي

(4) اى و توقف الاثر و هو النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري على اذن المالك

(5) اى على اشتراط سبق الاذن

من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال على عدم اشتراط سبق الاذن في العقد و خلاصته: أن آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مطلقة لا تقييد فيها في اشتراط سبق الاذن في العقود و المعاملات فبمقتضى هذا الإطلاق نحكم بعدم اشتراط السبق

و كذا الأحاديث الآتية قريبا كلها مطلقة و عامة لا تقييد فيها على اشتراط السبق

(6) اى مآل خلو عقد الفضولي عن اشتراط سبق الاذن فيه حالة صدوره: الى العمومات و الاطلاقات المذكورة: و هي الآيات و الأحاديث

هذا بالإضافة الى أن خلو عقد الفضولي عن اذن المالك حالة صدوره لا يوجب سلب اسم العقد عن الفضولي كما عرفت

ص: 162

خرج منه (1) العاري عن الاذن و الاجازة معا،

و لم يعلم خروج ما فقد الاذن، و لحقه الاجازة (2)

و الى ما ذكرنا (3) يرجع استدلالهم: بأنه عقد صدر من اهله وقع في محله فما (4) ذكره في غاية المراد: من أنه من باب المصادرات لم اتحقق وجهه لأن (5) كون العاقد اهلا للعقد: من حيث إنه بالغ عاقل لا كلام فيه

و كذا كون المبيع قابلا للبيع فليس محل الكلام الا خلو العقد عن مقارنة اذن المالك و هو مدفوع بالأصل (6)

و لعل مراد الشهيد (7) أن الكلام في أهلية العاقد

و يكتفى في اثباتها (8) بالعموم المتقدم

+++++++++++

(1) اى من هذا العموم و الاطلاق المتقدم و هو الآيات و الاحاديث الآتية العقد العاري عن الاذن و الاجازة معا، فإن الاطلاق و العموم المتقدم لا يشمل مثل هذا العقد فيحكم ببطلانه

(2) كما في عقد الفضولي الصادر بلا اذن، لكن لحقه الاجازة بعد الصدور

(3) و هو أن خلو عقد الفضولي عن سبق الاذن لا يوجب سلب اسم العقد و البيع عنه

(4) تفريع على ما ذكره: من أن خلو عقد الفضولي عن سبق الاذن لا يوجب سلب اسم العقد و البيع عنه

و خلاصته: أن صاحب غاية المراد افاد أن استدلال الفقهاء على أن عقد الفضولي عقد صدر من اهله وقع في محله من باب المصادرة، فهو أول الكلام لا نؤمن به يحتاج الى دليل فالشيخ افاد أني لم افهم علة ما ذكره

(5) تعليل من الشيخ لعدم فهمه علة ما ذكره صاحب غاية المراد

(6) و هو أصالة الإطلاق في العقود، و عدم تقييدها بالرضا المقارن

(7) اى مراده: من أن عقد الفضولي عقد صدر من اهله وقع في محله من باب المصادرات

(8) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم الرد على الشهيد لو كان مراده

ص: 163

قد اشتهر الاستدلال عليه بقضية عروة البارقي
اشارة

و قد اشتهر الاستدلال عليه (1) بقضية عروة البارقي، حيث دفع إليه النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم دينارا، و قال له: اشتر لنا به شاة للأضحية فاشترى به شاتين ثم باع احداهما في الطريق بدينار فاتى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بالشاة و الدينار.

فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: بارك اللّه لك في صفقة يمينك (2)، فإن بيعه وقع فضولا، و إن وجهنا شراءه على وجه يخرج عن الفضولي

المناقشة في الاستدلال بقضية عروة البارقي

هذا، و لكن لا يخفى أن الاستدلال (3) بها يتوقف على دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي

+++++++++++

التأمل في اهلية العاقد الفضولي

و خلاصته: أنه يكفي في اثبات أهلية العاقد الفضولي عموم كلام الشهيد المتقدم في ص 153 عند ما نقله عنه: و المراد من الفضولي هو الكامل غير المالك

و ليس مراد الشهيد من عدم الاهلية عدم كون العاقد بالغا عاقلا حرا مختارا، فإن أهلية العاقد الفضولي من هذه الجهات بديهية، و مفروغ عنها

(1) اى على بيع العاقد الفضولي للمالك

من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال على صحة عقد الفضولي للمالك بالأحاديث الواردة

فقضية عروة البارقي اوّل حديث يستدل به الشيخ على ذلك

(2) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2. ص 462 الباب 18. الحديث 1

و ليست في المصدر كلمة (للأضحية)

و في المصدر اختلاف مع ما ذكر هنا فراجع

(3) اى بحديث عروة البارقي على صحة عقد الفضولي الذي باع

ص: 164

توضيح ذلك: (1) أن الظاهر علم عروة برضا النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بما يفعل و قد أقبض المبيع (2) و قبض الثمن

و لا ريب أن الإقباض و القبض في بيع الفضولي حرام، لكونه تصرفا في مال الغير فلا بد إما من التزام أن عروة فعل الحرام في القبض و الإقباض، و هو (3) مناف لتقرير النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم

و إما من القول بأن البيع الّذي يعلم تعقبه للاجازة يجوز التصرف فيه قبل الاجازة، بناء على كون الاجازة كاشفة

و سيجيء ضعفه (4)

فيدور الامر بين ثالث (5): و هو جعل هذا الفرد من البيع: و هو المقرون برضا المالك خارجا عن الفضولي كما قلناه

+++++++++++

للمالك و لم يسبق منه منع عن البيع

(1) اى توضيح أن الاستدلال بحديث عروة البارقي على صحة عقد الفضولي الذي باع للمالك و لم يسبق منه منع عن البيع متوقف على دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي

(2) اى عروة البارقي اعطى احدى الشاتين الى المشتري، و قبض منه الثمن

(3) اى الالتزام بأن عروة فعل الحرام في القبض و الإقباض

(4) اى ضعف هذا القول و إن جاز القبض و الإقباض

(5) اى بين قول ثالث، و قد ذكره الشيخ في المتن

و القول الاول هو الالتزام بأن عروة قد فعل الحرام بالقبض و الإقباض ببيعه الشاة و اخذه الدينار

و القول الثاني هو القول بكون البيع الذي يعلم تعقبه للاجازة جائز التصرف قبل الاجازة

ص: 165

و رابع: (1) و هو علم عروة برضا النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم بإقباض (2) ماله للمشتري حتى يستأذن (3)، و علم المشتري (4) بكون البيع فضوليا حتى يكون دفعه للثمن بيد البائع على وجه الامانة، و إلا (5) فالفضولي ليس مالكا، و لا وكيلا فلا يستحق قبض المال

+++++++++++

(1) اى فيدور الامر بين قول رابع، و قد ذكره الشيخ في المتن فالأقوال المحتملة في حديث عروة أربعة

(الاول): الالتزام بأن عروة فعل الحرام بالقبض و الإقباض ببيعه الشاة، و اخذه الدينار

(الثاني): أن البيع الذي يعلم تعقبه للاجازة جائز التصرف قبل الاجازة

(الثالث): خروج العقد المقرون برضا المالك عن بيع الفضولي

(الرابع): علم عروة برضا الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم بإقباض ماله للمشتري حتى يستأذن منه، و علم المشتري بكون المبيع فضوليا فيكون الثمن عند البائع امانة

(2) اى بإقباض عروة الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم الى المشتري

(3) اى حتى يستأذن عروة بعد البيع من الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم للمشتري، ليتصرف في المبيع

(4) و هو الذي اشترى الشاة من عروة البارقي

(5) اى و إن لم يكن دفع المشتري الثمن للبائع بعنوان الامانة عنده فلا وجه لقبض البائع الثمن، لأنه ليس مالكا، و لا وكيلا في القبض حتى يوجد له مبرر للقبض

ص: 166

فلو كان المشتري عالما (1) فله أن يستأمنه على الثمن حتى ينكشف الحال، بخلاف ما لو كان (2) جاهلا

و لكن الظاهر هو اوّل الوجهين (3) كما لا يخفى، خصوصا بملاحظة

+++++++++++

(1) اى عالما بأن عروة قد باعه فضولا

(2) اى لو كان المشتري جاهلا، بأن البائع فضوليا، فإنه في هذه الصورة لا يكون دفع الثمن من المشتري الى البائع على وجه الامانة

فالحاصل أن المشتري إما أن يكون عالما بكون البائع فضوليا

أو يكون جاهلا

فعلى الاول دفع الثمن من المشتري الى البائع بكون بعنوان، الامانة حتى يستبين الامر

و على الثاني لا يكون دفع المال الى البائع بعنوان الامانة

و تظهر الثمرة بين الصورتين: أن الثمن على الاولى يكون في يد البائع امانة مالكية فاذا تلف بغير تعد و تفريط لا يكون البائع ضامنا

و على الصورة الثانية يكون البائع ضامنا

(3) المراد من الوجهين: هما الاحتمال الثالث، و الرابع المشار إليهما في الهامش 1 و ص 166

و المراد من اوّل الوجهين هو الاحتمال الثالث الذي كان العقد المقرون برضا المالك خارجا عن الفضولي

فلازم هذا الاحتمال خروج قضية عروة البارقي عن بيع الفضولي فلا يصح الاستدلال بها على صحة عقد الفضولي

و أما وجه الظهور في هذا الوجه فلأن وجه الاخير و هو الاحتمال الرابع يتضمن علم المشتري بكون البائع فضوليا، و علمه بعدم استحقاقه

ص: 167

أن الظاهر (1) وقوع تلك المعاملة على جهة المعاطاة

و قد تقدم (2) أن المناط فيها (3) مجرد المراضاة، و وصول كل من العوضين الى صاحب الآخر، و حصوله (4) عنده بإقباض المالك، أو غيره

و لو كان (5) صبيا، أو حيوانا فاذا حصل التقابض بين الفضوليين أو فضولي و غيره مقرونا برضا المالكين، ثم وصل كل من العوضين الى صاحب الآخر، و علم برضا صاحبه كفى في صحة التصرف، و ليس هذا (6)

+++++++++++

قبض الثمن، و علمه بأنه في صورة كون البيع فضوليا أن يستأمن الثمن عنده

و من الواضح أن إحاطة المشتري بجميع ما ذكر بعيد جدا

و الوجه الاول و الثاني قد علمت بطلانهما

(1) وجه الظهور في وقوع تلك المعاملة على نحو المعاطاة لعل ادعاه غلبة وقوع أمثال هذه المعاملة على وجه المعاطاة فهذه تلحق بتلك

(2) اى في الجزء السادس من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة.

ص 242 في قوله: فالمعيار في المعاطاة وصول العوضين، أو احدهما مع الرضا في التصرف، و في ص 350-351

(3) اى في المعاطاة

(4) اى حصول كل من العوضين عند صاحب الآخر

(5) اى الغير الذي يقبض العوض الى صاحبه الآخر كان صبيا أو كان حيوانا: بأن حملت عليه سلعة الى دار فلان

أو كما قيل: إنه في بعض البلدان يربون بعض الحيوانات و يجلسونهم مكانهم في بعض الأحيان للبيع و الشراء

(6) و هو اذا كان الغير حيوانا؛ أو صبيا

ص: 168

من معاملة الفضولي، لأن الفضولي صار آلة في الايصال، و العبرة برضا المالك المقرون به

الاستدلال للصحة بصحيحة محمد بن قيس
اشارة

و استدل له (1) أيضا تبعا للشهيد في الدروس بصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها و أبوه غائب فاستولدها الذي اشتراها فولدت منه فجاء سيدها فخاصم سيّدها الآخر

فقال: وليدتي باعها ابني بغير اذني

فقال عليه السلام: الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها

فناشده (2) الذي اشتراها

فقال له: خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفّذ (3) البيع لك

فلما رآه ابوه قال له: ارسل ابني قال: لا و اللّه لا ارسل ابنك حتى ترسل ابني

فلما (4) رأى ذلك سيد الوليدة اجاز بيع ابنه (5) الحديث

+++++++++++

(1) اى لعقد الفضولي و هي المسألة الاولى التي باع الفضولي للمالك، و لم يسبق منع من المالك

هذه ثانية الأحاديث التي استدل بها الشيخ على صحة عقد الفضولي

(2) اى ناشد المشتري الامام عليه السلام

و كلمة ناشد من باب المفاعلة معناها الحلف اى حلّف المشتري الامام

(3) من باب التفعيل

(4) هذه الجملة: فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز البيع قول الامام ابي جعفر عليه السلام، لا قول الامام امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام

(5) اى الى آخر الحديث

ليس للحديث صلة حتى يقال: الى آخر الحديث.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 591. الباب 88. الحديث 1

ص: 169

قال في الدروس: و فيها (1) دلالة على صحة الفضولي، و أن الاجازة كاشفة (2)

المناقشة في الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

و لا يرد عليها (3) شيء مما يوهن الاستدلال بها، فضلا عن أن يسقطها (4)

و جميع ما ذكر فيها (5) من الموهنات (6) موهونة، إلا ظهور الرواية

+++++++++++

(1) اى و في هذه الصحيحة و هي صحيحة محمد بن قيس

أما دلالة الصحيحة على صحة بيع الفضولي فواضحة، حيث إن المشتري لما اخذ ابن سيد الوليدة و هو بايع الوليدة بدون اذن أبيها مكان الوليدة و ابنها اضطر صاحب الوليدة و هو مولاها الاول الى اجازة البيع حتى يسترد ولده فاجاز البيع و نفذه و استرد ولده.

فالاجازة دلت على صحة بيع الفضولي في هذه الصحيحة

(2) اى الاجازة كاشفة كشفا حقيقيا من أن الوليدة كانت ملكا للمشتري من بداية وقوع البيع عليها، حتى يقع الوطي في ملكه، لانا قالة من حين وقوع البيع

و إنما نقول بكونها كاشفة، لتصحيح طيب الولادة في ابن الوليدة، فإنه لو لم نقل بذلك و قلنا بالنقل للزم أن الولد قد تكوّن من الوليدة حراما حينما ضاجعها و استولدها المشتري، و لذا حكم الامام عليه السلام ببنوة الولد في قوله لمولى الوليدة و هو صاحبها الاصلي: الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها

(3) اى على صحيحة محمد بن قيس شيء مما يوهن الاستدلال بها

(4) اى يسقط ذلك الوهن صحيحة محمد بن قيس عن الاعتبار و عن الاستدلال بها

(5) اى في صحيحة محمد بن قيس

(6) أليك خلاصة تلك الموهنات و هي ستة كما افادها السيد الطباطبائي

ص: 170

..........

+++++++++++

اليزدي قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 135

(الاول): حكم الامام عليه السلام لمولى الوليدة باخذه الوليدة و ابنها بمجرد دعوى المولى أن المشتري قد اشتراها بغير اذني، من دون أن يسمع من المشتري دعواه، مع أنه لا بدّ في الدعاوى الواقعة بين المتخاصمين من سماع دعواهما أولا ثم الحكم لاحدهما

و الجواب أنه من الممكن أن المشتري قد ادعى وقوع العقد باذن سيده أو رضاه فعليه لم يحكم الامام قبل سماع دعوى المشتري

(الثاني): حكم الامام عليه السلام لمولى الوليدة باخذه الوليدة و ابنها، من دون أن يسأل عن المولى أنه يجيز البيع، أولا؟

و الجواب أن الامام عليه السلام في مقام بيان الحكم و اعطائه من حيث هو، مع قطع النظر عن كون المولى يجيز البيع، أو لا فهو ناظر الى هذه الجهة ليس إلا

(الثالث): حكم الامام عليه السلام باخذ مولى الوليدة ابنها المتولد من المشتري، مع أن الولد حر تابع للمشتري، لا للام حتى يكون رقا و يكون لمولاها حق اخذ الولد، اذ الولد تكوّن حلالا، إما بواسطة الاجازة الكاشفة كشفا حقيقيا، أو بواسطة الوطي بالشبهة

و على كل حال كيف يحكم الامام عليه السلام باخذ الابن

و الجواب أنه إنما اخذ المولى الولد ليأخذ قيمته، لا أنه اخذه ليبيعه أو ليستخدمه حتى يكون رقا ثم يقال: كيف يجوز ذلك و قد ولد حرا؟

(الرابع): حكم الامام عليه السلام للمشتري باخذه ابن المولى الذي باع الوليد فضولا، مع أنه لا يجوز ذلك، اذ غاية ما يمكن الفرض في حق

ص: 171

..........

+++++++++++

الولد أنه غاصب، و الغاصب ليس حكمه اخذه مكان ابن الوليدة

و الجواب أن الحكم بذلك لأجل تمكن المشتري على تحصيل الثمن الذي دفعه عن الوليدة

(الخامس): تعليم الامام عليه السلام للمشتري كيفية الحيلة و الاحتيال في اخذ ولد المولى الذي باع الوليدة للمشتري حتى يضطر المولى باجازة البيع و إمضائه، ليسترد ابنه من المشتري

مع أنه لا يجوز للحاكم تعليم الاحتيال للمتخاصمين، أو لأحدهما

و الجواب أنه يحتمل أن يكون هناك مصلحة اقتضت ذلك، و نحن نجهلها.

بالإضافة الى أنه يمكن أن يكون تعليم الامام عليه السلام له ذلك لاجل أن للمشتري حق مطالبة الثمن الذي دفعه الى البائع، لا لاجل الحيلة و الاحتيال

(السادس): أن الاجازة الصادرة من مولى الوليدة كانت بعد رد البيع، حيث اخذ المولى الوليدة و ابنها حسب امر الامام عليه السلام، مع أن شرط مضي الاجازة أن لا تكون مسبوقة بالرد، فالرد يكون مانعا عن الاجازة و هنا مسبوقة بالرد

و الجواب أن الرد إنما يكون مانعا عن الاجازة لو كان صريحا في ذلك

و أما فيما نحن فيه فليس فيه رد سوى إظهار الكراهة

و الشيخ اختار من الموهنات هذا الاخير، و افاد أن جميع ما ذكر في الرواية من الموهنات موهونة إلا ظهور الرواية في تأثير الاجازة المسبوقة بالرد

ص: 172

في تأثير الاجازة المسبوقة بالرد من جهة (1) ظهور المخاصمة في ذلك

و اطلاق (2) حكم الامام عليه السلام بتعيين اخذ الجارية و ابنها من المالك بناء (3) على أنه لو لم يرد (4) البيع وجب تقييد الاخذ بصورة الاختيار الرد، و مناشده (5) المشتري للامام عليه السلام و إلحاحه إليه في علاج فكاك ولده

و قوله (6): حتى ترسل ابني الظاهر في أنه حبس الولد و لو على قيمته يوم الولادة

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الاول لظهور الصحيحة في الرد

و خلاصته: أن نفس مخاصمة كل واحد من مولى الجارية و مشتريها على الوليدة و ابنها في أن كل واحد منهما يدعي أن الوليدة قد بيعت بغير اذني؛ و المشتري يدعي أنها بيعت باذن من مولاها تدل على رد البيع

(2) هذا هو الدليل الثاني لظهور الصحيحة في الرد

و خلاصته أن اطلاق حكم الامام عليه السلام بتعين اخذ الجارية، و عدم تقييده الاخذ بصورة اختيار الرد دليل على رد البيع

(3) تعليل للاطلاق المذكور و قد عرفته آنفا

(4) اى مولى الجارية

(5) هذا هو الدليل الثالث لظهور الصحيحة في الرد

و خلاصته أن مناشدة المشتري للامام بعد حكمه عليه السلام باخذ المولى الوليدة و ابنها، و إلحاح المشتري في علاج فكاك ولده دليل على رد البيع

(6) هذا هو الدليل الرابع لظهور الصحيحة في الرد

و خلاصته أن قول المشتري لمولى الجارية: لا ارسل ابنك حتى ترسل

ص: 173

و حمل (1) امساكه الوليدة على حبسها لاجل ثمنها كحبس ولدها على القيمة ينافيه (2) قوله عليه السلام: فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز بيع الوليدة

و الحاصل (3) أن ظهور الرواية في رد البيع أولا مما لا ينكره المنصف إلا أن الإنصاف أن ظهور الرواية في أن اصل الاجازة مجدية في الفضولي مع قطع النظر عن الاجازة الشخصية في مورد الرواية (4) غير قابل

+++++++++++

ولدي ظاهر في أن مولى الجارية قد حبس ولد المشتري ليأخذ منه قيمة الولد، يوم الولادة و هذا دليل على رد البيع.

هذه هي الأدلة القائمة من الشيخ على ظهور الصحيحة في الرد

(1) دفع وهم

حاصل الوهم أن إمساك المولى الجارية و حبسها عنده يحمل على تمكنه من الحصول على ثمنها

كما أن حبس الولد كان لاجل الحصول على قيمة الولد يوم الولادة

و ليس الحبس و الامساك لأجل رد البيع

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور

و خلاصته أن الحمل المذكور مناف لقول الامام ابي جعفر عليه السلام:

فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز البيع، فإن كلمة اجاز في قوله عليه السلام دليل على رد البيع، لا أن الحبس كان لأجل حصول ثمن الجارية

(3) اى خلاصة ما ذكرناه حول الصحيحة: من دلالة الأدلة الأربعة على ظهور الصحيحة في رد البيع: أن الصحيحة ظاهرة في الرد، و هذه الظاهرة مما لا ينكر

(4) و هي الصحيحة اى مع غض النظر عن أن الصحيحة قد وردت

ص: 174

للانكار فلا بد من تأويل ذلك الظاهر (1)، لقيام (2) القرينة و هي الاجماع على اشتراط الاجازة بعدم سبق الرد

و الحاصل أن مناط الاستدلال (3) لو كان نفس القضية الشخصية (4) من جهة اشتمالها على تصحيح بيع الفضولي بالاجازة، بناء على قاعدة اشتراك جميع القضايا المتحدة نوعا في الحكم الشرعي: كان ظهورها (5) في كون الاجازة الشخصية في تلك القضية مسبوقة بالرد مانعا عن الاستدلال بها (6)، موجبا (7) للاقتصار على موردها، لوجه (8) علمه الامام عليه السلام: مثل كون مالك الوليدة كاذبا في دعوى عدم الاذن للولد

+++++++++++

في الاجازة الشخصية و هي اجازة مولى الجارية بيع الجارية حتى يرسل المشتري ابنه الذي حبسه

فالاجازة بنفسها و بما هي هي مجدية مع قطع النظر عن القضية الشخصية

(1) و هو ظهور الصحيحة في رد البيع

(2) هذا تعليل لقوله: فلا بد من تأويل تلك الظاهرة

(3) اى الاستدلال بالصحيحة على صحة عقد الفضولي

(4) و هي اجازة مولى الجارية بيع الجارية ليتمكن من اخذ ولده من المشتري

(5) اى ظهور الصحيحة المذكورة

(6) على صحة عقد الفضولي

(7) اى مناط الاستدلال بالصحيحة لو كانت نفس القضية الشخصية لوجب الاقتصار على موردها: و هو أن الاجازة الصادرة في بيع الجارية بغير اذن مولاها تكون نافذة في خصوص هذا المورد فقط، و لا يتعدى منه الى مكان آخر

(8) تعليل للزوم الاقتصار في الصحيحة على موردها كما عرفت

ص: 175

فاحتال عليه السلام حيلة يصل بها (1) الحق الى صاحبه

توجيه الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

و أما لو كان مناط الاستدلال ظهور سياق كلام الامير عليه السلام في قوله: خذ ابنه حتى ينفذ لك البيع، و قول الباقر عليه السلام في مقام الحكاية: فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز بيع ابنه في أن للمالك أن يجيز العقد الواقع على ملكه و ينفذه لم يقدح في ذلك ظهور الاجازة الشخصية في وقوعها بعد الرد فيئول ما يظهر منه الرد بإرادة عدم الجزم بالإجازة و الرد

أو كون حبس الوليدة على الثمن، أو نحو ذلك

و كأنه قد اشتبه مناط الاستدلال على من لم يستدل بها في مسألة الفضولي، أو يكون الوجه في الاغماض عنها ضعف الدلالة المذكورة فإنها لا تزيد على الإشعار، و لذا لم يذكرها في الدروس في مسألة الفضولي بل ذكرها في موضع آخر

لكن الفقيه في غنى عنه (2) بعد العمومات المتقدمة

الاستدلال لصحة بيع الفضولي بفحوى صحة نكاحه
اشارة

و ربما يستدل أيضا (3) بفحوى صحة عقد النكاح من الفضولي في الحر و العبد الثابتة (4) بالنص و الاجماعات المحكية، فإن تمليك بضع

+++++++++++

اى الاقتصار على المذكور لاجل علة يعلمها الامام عليه السلام

و قد ذكر العلة الشيخ في المتن فلا نعيدها

(1) اي بسبب هذه الحيلة و هي اخذ المولى الوليدة و ابنها ليأخذ المشتري ابن المولى حتى ينفذ البيع

(2) اى الفقيه يكون غنيا عن الاستدلال بهذه الصحيحة على صحة عقد الفضولى

(3) اى على صحة عقد الفضولي

هذه ثالثة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هي صحة عقد الفضولي للمالك من دون سبق نهي من المالك

(4) أى صحة عقد الحر و العبد الواقع فضوليا، ثم اجيز العقد

ص: 176

الغير اذا لزم بالاجازة كان تمليك ماله أولى بذلك (1)

مضافا الى ما علم من شدة الاهتمام في عقد النكاح، لأنه يكون منه الولد (2) كما في بعض الأخبار (3)

المناقشة في الاستدلال المذكور

و قد اشار الى هذه الفحوى (4) في غاية المراد

و استدل بها (5) في الرياض، بل قال: إنه لولاها أشكل الحكم (6) من جهة الاجماعات المحكية على المنع (7)

و هو (8) حسن، إلا أنها (9)

+++++++++++

و قد ذكرنا تلك النصوص الواردة في صحة نكاح العبد فضولا في الهامش 4. ص 139 فراجع

و أما النصوص الواردة في نكاح الحر فضولا فراجع المصدر نفسه ص 220. الباب 13. الأحاديث

(1) اى بالاجازة

(2) و قد عرفت ثبوت الاجازة في النكاح الفضولي و كفايتها، حفظا لطيب الولادة

فاذا قيل بكفاية الاجازة في النكاح فالقول بكفايتها في البيع و غيره أولى منه

(3) تأتي الاشارة الى هذا البعض من الأخبار قريبا

(4) اى الى هذه الأولوية

(5) اى بالفحوى التى هي الأولوية

(6) و هو صحة عقد الفضولي

(7) اى منع صحة عقد الفضولي

(8) اى الإشكال المذكور حسن

(9) اى الفحوى المذكورة

ص: 177

ربما توهن بالنص (.1) الوارد في الرد على العامة الفارقين بين تزويج الوكيل

+++++++++++

(.1) و هي صحيحة العلاء بن سيابة الواردة في الوكالة

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 286. الباب 2 الحديث 2

و الحديث طويل نذكره بطوله، لما فيه من فوائد جمة لا تخفى على القارئ النبيل، أليك نصه

عن العلاء بن سيابة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة وكّلت رجلا بأن يزوّجها من رجل فقبل الوكالة فاشهدت له بذلك

فذهب الوكيل فزوّجها، ثم إنها انكرت ذلك الوكيل، و زعمت أنها عزلته عن الوكالة، فاقامت شاهدين على أنها عزلته

فقال: ما يقول من قبلكم(1) في ذلك؟

قال: قلت: يقولون: ينظر في ذلك، فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة، و التزويج باطل

و إن عزلته و قد زوّجها فالتزويج ثابت على ما زوّج الوكيل، و على ما انفق معها من الوكالة اذا لم يتعدّ شيئا مما امرت به، و اشترطت عليه في الوكالة

قال: ثم قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها و لم تعلمه بالعزل؟

قلت: نعم يزعمون أنها لو وكّلت رجلا و اشهدت في الملاء و قالت في الخلاء: اشهدوا أني قد عزلته و ابطلت وكالته بلا أن تعلم في العزل و ينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة، و في غيره لا يبطلون الوكالة، إلا أن يعلم الوكيل بالعزل، و يقولون: المال منه عوض لصاحبه و الفرج ليس منه عوض اذا وقع منه ولد

ص: 178


1- المقصود هنا (فقهاء اخواننا السنة)

..........

+++++++++++

فقال عليه السلام: سبحان اللّه ما أجور هذا الحكم و أفسده؟

إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه و هو فرج و منه يكون الولد

إن عليا عليه السلام اتته امرأة تستعديه على اخيها.

فقالت: يا أمير المؤمنين إني وكّلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا و أشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك، فذهب فزوجني، ولي بينة أني قد عزلته قبل أن يزوجني، فاقامت البينة.

فقال الاخ: يا امير المؤمنين إنها وكلتني و لم تعلمني أنها عزلتني عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني

فقال لها: ما تقولين؟

قالت: قد أعلمته يا أمير المؤمنين

فقال لها: أ لك بينة بذلك؟

فقالت: هؤلاء شهودي يشهدون بأني قد عزلته

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كيف تشهدون؟

قالوا: نشهد أنها قالت: اشهدوا أني قد عزلت اخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا، و إني مالكة لامري قبل أن يزوجني

فقال: أشهدتكم على ذلك بعلم منه و محضر؟

فقالوا: لا

فقال: تشهدون أنها اعلمته بالعزل كما اعلمته بالوكالة؟

قالوا: لا

قال: ارى الوكالة ثابتة، و النكاح واقعا

أين الزوج؟ فجاء

ص: 179

المعزول مع جهله بالعزل، و بين بيعه (1) بالصحة (2) في الثاني لأن المال له عوض، و البطلان (3) في الاول، لأن البضع ليس له عوض

حيث قال الامام عليه السلام في مقام ردهم و اشتباههم في وجه الفرق (4): سبحان اللّه ما اجور هذا الحكم (5) و أفسده، فإن (6)، النكاح أولى و أجدر أن يحتاط فيه، لأنه الفرج، و منه يكون الولد الخبر (7)

+++++++++++

فقال: خذ بيدها بارك اللّه لك فيها

فقالت: يا أمير المؤمنين احلفه أني لم اعلمه العزل و لم يعلم بعزلي اياه قبل النكاح

قال: و تحلف؟

قال: نعم يا أمير المؤمنين فحلف فاثبت وكالته و اجاز النكاح.

(1) اى بيع الوكيل المعزول

(2) اى حكم (فقهاء اخواننا السنة) بصحة الثاني: و هو بيع الوكيل المعزول

(3) اى و حكم (فقهاء اخواننا السنة) ببطلان الاول و هو تزويج الوكيل المعزول المرأة الموكّلة

(4) اى الفرق بين الوكيل المعزول في بيعه، و تزويجه من قبل (فقهاء اخواننا السنة)، حيث حكموا بالصحة في الاول، و البطلان في الثاني

(5) و هو الفرق المذكور بين البيع، و التزويج

(6) تعليل من الامام عليه السلام في أن حكم علماء السنة بفساد النكاح و بطلانه في غاية الجور و الفساد بقوله عليه السلام: ما أجور هذا الحكم و أفسده

(7) اى الى آخر الخبر المشار إليه في الهامش 1 ص 178

ص: 180

و حاصله (1) أن مقتضى الاحتياط كون النكاح الواقع (2) أولى بالصحة من (3) حيث الاحتياط المتأكّد في النكاح، دون غيره فدل (4) على أن صحة البيع تستلزم صحة النكاح بطريق أولى

خلافا للعامة، حيث عكسوا و حكموا بصحة البيع، دون النكاح، فمقتضى حكم الامام عليه السلام: أن صحة المعاملة المالية الواقعة في كل مقام تستلزم صحة النكاح الواقع بطريق أولى، و حينئذ (5) فلا يجوز التعدي من صحة النكاح في مسألة الفضولي الى صحة البيع، لأن الحكم في الفرع (6)

+++++++++++

(1) اى و خلاصة ما يقصده الامام عليه السلام من الاحتياط في النكاح

(2) اي من الوكيل المعزول الجاهل بالعزل من قبل موكله

(3) تعليل لكون النكاح الواقع من الوكيل المعزول أولى بالصحة من البيع الواقع منه

و خلاصته أن مراعاة جانب النكاح أولى من مراعاة جانب غيره:

من بقية العقود، حيث إن النكاح منشأ تكوين الأولاد، و منشأ تحليل البضع، فالقول بصحته اذا صدر فضولا ثم اجيز أولى من القول بصحة البيع الذي لا يكون فيه ما ذكر، و بطلان النكاح

(4) اى الاحتياط المتأكد في النكاح يدل على أن صحة البيع تستلزم صحة النكاح بطريق أولى كما عرفت وجه الأولوية عند قولنا:

و خلاصته

(5) اى و حين أن قلنا: إن صحة البيع تستلزم صحة النكاح خلافا لما ذهب إليه (فقهاء اخواننا السنة)، حيث حكموا بصحة البيع و بطلان النكاح فلا يجوز التعدي من صحة النكاح في عقد الفضولي كما في الحديث الوارد في الهامش 1 ص 178

(6) و هو الحكم بصحة النكاح، هذا تعليل لعدم جواز التعدي

ص: 181

لا يستلزم الحكم في الاصل (1) في باب الأولوية، و إلا (2) لم يتحقق الأولوية كما لا يخفى

فالاستدلال بصحة النكاح (3) على صحة البيع (4) مطابق لحكم العامة: من كون النكاح أولى بالبطلان من جهة أن البضع غير قابل للتدارك بالعوض.

بقي الكلام في وجه جعل الامام عليه السلام الاحتياط في النكاح هو ابقاؤه، دون إبطاله مستدلا بأنه يكون منه الولد: أن الامر في الفروج كالأموال دائر بين محذورين، و لا احتياط في البين.

و يمكن أن يكون الوجه في ذلك (5) أن إبطال النكاح في مقام الإشكال و الاشتباه يستلزم التفريق بين الزوجين على تقدير الصحة واقعا فتتزوج المرأة و يحصل الزنا بذات البعل،

بخلاف ابقائه، فإنه على تقدير بطلان النكاح لا يلزم منه إلا وطء المرأة الخالية عن المانع، و هذا أهون من وطء ذات البعل

فالمراد بالأحوط (6) هو الأشد احتياطا

+++++++++++

(1) و هو الحكم بصحة البيع

(2) اى و لو استلزم الحكم بصحة الفرع الحكم بصحة الأصل لما تحقق مفهوم الأولوية، فإن مفهوم الأولوية هو أن الحكم في الاصل مستلزم للحكم في الفرع، لا أن الحكم في الفرع مستلزم للحكم في الاصل

(3) و هو الفرع كما علمت

(4) و هو الاصل كما علمت

(5) و هو الاحتياط في النكاح، و ابقاؤه على حاله، دون إبطاله

(6) اى الأحوط المستفاد من كلمتي أحرى و أحرى الواقعتين

ص: 182

و كيف كان فمقتضى هذه الصحيحة (1) أنه إذا حكم بصحة النكاح الواقع من الفضولي لم يوجب ذلك التعدي الى الحكم بصحة بيع الفضولي (2)

نعم لو ورد الحكم بصحة البيع أمكن الحكم بصحة النكاح، لأن النكاح أولى بعدم الإبطال كما هو نص الرواية (3)

ثم إن الرواية (4) و إن لم يكن لها دخل بمسألة الفضولي، إلا أن المستفاد منها قاعدة كلية (5): هي أن إمضاء العقود المالية يستلزم امضاء النكاح من دون العكس (6) الذي (7) هو منى الاستدلال في مسألة الفضولي،

ما يؤيد لصحة بيع الفضولي
ما ورد في المضاربة

هذا

ثم إنه ربما يؤيد صحة الفضولي

+++++++++++

في قوله عليه السلام في صحيحة العلاء بن سيابة: فإن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه

(1) و هي صحيحة العلاء بن سيابة المشار إليها في الهامش 1 ص 178

(2) لعدم الملازمة بين صحة النكاح الصادر من الفضولي، و بين صحة بيع الواقع من الفضولي

(3) و هي صحيحة العلاء بن سيابة

(4) و هي صحيحة العلاء بن سيابة، حيث إنها وردت في الوكالة و الرجل يدعي أنه وكيل عن المرأة و هي تنكر الوكالة

(5) بحيث تجعل كبرى كلية تنطبق على صغرياتها و مصاديقها

(6) و هو أن إمضاء نكاح الفضولي لا يستلزم إمضاء عقد الفضولي

(7) كلمة الذي صفة لكلمة العكس اى العكس المذكور هو مبنى الاستدلال بالأحاديث الواردة في نكاح الفضولي الصادر من الحر و العبد

و قد اشرنا الى هذه الأحاديث في الهامش 4 ص 139، و الهامش 4 ص 176-177

ص: 183

بل يستدل عليها (1) بروايات كثيرة وردت في مقامات خاصة

مثل موثقة (2) جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دفع الى رجل مالا ليشتري به ضربا (3) من المتاع مضاربة فاشترى غير الذي امره

قال: هو (4) ضامن، و الربح بينهما على ما شرطه (5)

و نحوها (6) غيرها الواردة في هذا الباب، فإنها (7) إن ابقيت على ظاهرها: من (8) عدم توقف ملك الربح (9)

+++++++++++

(1) اى على صحة عقد الفضولي اذا باع للمالك

(2) هذه رابعة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

وجه الدلالة أن الظاهر من تعيين المتاع في المضاربة، و الامر بشرائه لا غير هو تضييق دائرة المضاربة

فاذا خالف العامل ما أمره المالك فلا محالة تكون المعاملة فضوليا

(3) اى نوعا من المتاع المعين على أن يكون الربح بينهما حسب ما اشترط صاحب المال مع العامل

(4) اى العامل ضامن للخسران

(5) (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 182. الباب 1 - الحديث 9

(6) اى و نحو هذه الموثقة الأخبار الواردة في المضاربة

راجع المصدر نفسه. ص 181-183. الأحاديث

(7) اى موثقة جميل

(8) كلمة من بيان لبقاء موثقة جميل على ظاهرها

(9) المراد من الربح هو الربح الذي حصل من غير المتاع الذي عينه المالك

ص: 184

على الاجازة كما نسب (1) الى ظاهر الأصحاب، و عدّ هذا (2) خارجا عن بيع الفضولي بالنص كما في المسالك و غيره: كان (3) فيها استيناس لحكم المسألة من (4) حيث عدم اعتبار اذن المالك سابقا في نقل مال المالك الى غيره

+++++++++++

(1) اى عدم توقف ملك الربح على اجازة المالك

(2) و هو عدم توقف ملك الربح على اجازة المالك عدّ خارجا عن بيع الفضولي بسبب هذا النص و هو موثقة جميل المشار إليها في ص 184 حيث يستفاد منها أن الربح قد حصل من المتاع الذي لم يأذن بشرائه المالك فقال الامام عليه السلام: الربح بينهما من دون أن يقول: بعد الاجازة

(3) جواب لإن الشرطية في قوله: فإنها إن ابقيت اى إن ابقيت الموثقة على ظاهرها و هو عدم توقف ملك الربح على الاجازة كان فيها استيناس لحكم المسألة و هي مسألة بيع الفضولي، حيث إن حكم مسألة بيع الفضولي هو عدم اعتبار اذن السابق من المالك في نقل ماله الى غيره

(4) كلمة من بيان لحكم المسألة، و قد عرفته عند قولنا: حيث إن حكم مسألة

لا يخفى على القارئ النبيل أن الموثقة و إن كانت تدل بإطلاقها على صحة عقد الفضولي مع عدم لحوق الاجازة، بل و مع الرد أيضا

لكن يجب تقييدها بأدلة لا يحل، فحينئذ تنطبق الموثقة على المقصود و المدعى: و هي صحة عقد الفضولي مع لحوق الاجازة به.

فتكون النسبة اذا بين الموثقة، و دليل لا يحل العموم و الخصوص المطلق، اذ كلما وجد دليل طيب النفس وجدت الموثقة، و ليس كلما جاءت الموثقة جاء دليل طيب النفس

ص: 185

..........

+++++++++++

فالأخصية تكون من جانب أدلة الطيب

(لا يقال): إن النسبة بينهما عموم و خصوص من وجه

لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق، فيتعارضان عند الاجتماع فيتساقطان فيرجع الى عموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فيحكم بصحة عقد الفضولي فلا وجه لتقييد الموثقة بأدلة الطيب

(فإنه يقال): إن الامر كما قيل، لكنه في مورد الاجتماع لا يتساقطان لأن أدلة الطيب أقوى من الموثقة، لحكم العقل و العرف بقبح التصرف في مال الغير بغير اذنه و رضاه فتكون حاكمة عليها فيحكم ببطلان المعاملة فلا تكون الموثقة صالحة للاستدلال بها على صحة بيع الفضولي

و أما كيفية العموم و الخصوص من وجه بين موثقة جميل

و بين دليل لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه فاليك شرحها:

أما مادة الاجتماع بين الموثقة، و لا يحل فموردهما فيما لو خالف العامل ما امره المالك، حيث إن الموثقة تصرح بصحة المضاربة هنا و إن خالف العامل فيما امره المالك فهي نافذة ممضاة

و دليل لا يحل يصرح بعدم صحة المضاربة، لكون العامل قد تصرف في مال المالك بغير اذنه

فهنا قد اجتمع الدليلان فيتعارضان ثم يتساقطان على راي القائل

و أما مادة الافتراق من جهة دليل لا يحل: بأن لا يأتي هو و تأتي موثقة كما لو ضارب العامل بما أمره المالك فالمضاربة هنا صحيحة، لكون الموثقة جميل أعم، و لا يأتي دليل لا يحل، لمجيء المضاربة على وفق امر المالك

و أما مادة الافتراق من جانب الموثقة: بأن لا تأتي هي، و يأتي دليل -

ص: 186

و إن حملناها (1) على صورة رضا المالك بالمعاملة بعد ظهور الربح كما هو (2) الغالب

و بمقتضى الجمع بين هذه الأخبار (3)، و بين ما دل على اعتبار رضا المالك في نقل ماله (4)، و النهي عن اكل المال بالباطل (5) اندرجت

+++++++++++

لا يحل كما لو آجر العامل بمال المالك فالموثقة لا تأتي هنا، لخروج الاجارة عن موردها، لأن الموثقة واردة في المضاربة

و يأتي دليل لا يحل، حيث إن العامل قد تصرف في مال الغير بغير اذنه

(1) اى موثقة جميل التي فيها: و الربح بينهما على ما شرطه الظاهرة في عدم توقف ملك الربح على اجازة المالك الشراء الذي اقدم عليه العامل و هو منهي عنه

(2) حيث إن الغالب أن المالك يرضى بالمعاملة إن كان فيها ربح و إن لم يأمر بها

(3) و هي الأخبار الواردة في باب المضاربة التي اشرنا إليها في الهامش 6 ص 184 الدالة على عدم توقف ملك الربح على الاجازة

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. من ص 248 الى 252 الباب 1 -. الأحاديث. أليك نص الحديث 3

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث

قال: سأله رجل من اهل النيل عن ارض اشتراها بفم النيل، و أهل الارض يقولون: هي ارضهم، و اهل الاستان يقولون: هي من ارضنا

فقال: لا تشترها إلا برضا اهلها

(5) و هي آية: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ

ص: 187

المعاملة (1) في الفضولي

و صحتها (2) في خصوص المورد و إن احتمل كونها للنص الخاص إلاّ أنها لا تخلو عن تأييد للمطلب

ما ورد في اتجار غير الولي في مال اليتيم

و من هذا القبيل (3) الأخبار الواردة في اتجار غير الولي في مال

+++++++++++

(1) و هي المضاربة التي خالف العامل فيها امر المالك و اشترى غير ما امره المالك

(2) اى و صحة هذه المعاملة التي خالف العامل فيها امر المالك و إن احتمل أن تكون لاجل النص الخاص و هو موثقة جميل

لكنها لا تخلو عن كونها تأييدا للمطلب و هو صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك من دون سبق منع من المالك

(3) اى و من قبيل أخبار المضاربة التي ليس فيها توقف ملكية الربح على اجازة المالك: الأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم لغير الولي

فكل ما قيل هناك: من الظهور و الاطلاق يقال في هذه الأخبار أيضا

هذه خامسة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع لمالكه

راجع حول الأخبار (وسائل الشيعة) الجزء 6. ص 57-58.

الباب 2. الأحاديث. أليك نص الحديث الثاني

عن سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فإن اتجر به فالربح لليتيم و إن وضع فعلى الذي يتجر به

فالشاهد في قوله عليه السلام: فالربح لليتيم، حيث إن حكمه بكون الربح لليتيم دليل على تملكه له بدون احتياج الى اذن الولي

ص: 188

اليتيم؛ و أن الربح لليتيم، فإنها (1) إن حملت على صورة اجازة الولي كما هو صريح جماعة تبعا للشهيد كان من أفراد المسألة

و إن عمل بإطلاقها (2) كما عن جماعة ممن تقدمهم خرجت عن مسألة الفضولي

+++++++++++

و لا يخفى عليك أن السيد الطباطبائي اليزدي قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 137 افاد أن الاتجار بمال اليتيم لغير الولي ليس في الأخبار الواردة منه عين و لا اثر

و ظاهره الإشكال على ما افاده الشيخ بقوله: و من هذا القبيل الأخبار الواردة في اتجار غير الولي

و لكن لا يخفى أن ما افاده السيد قدس سره ضعيف، حيث إن ظاهر الأخبار الواردة في الباب هو الاطلاق من دون أن تكون مقيدة بالولي و غيره، فالاطلاق شامل كما افاد هو قدس سره بقوله: نعم هي بإطلاقها ربما يكون شاملة له

(1) اى أخبار الاتجار بمال اليتيم لغير الولي التي اشرنا إليها آنفا إن حملناها على صورة اجازة الولي بعد ظهور الربح كما افاد هذا المعنى جماعة من الفقهاء تبعا لشيخنا الشهيد: كان الاستدلال بأخبار الاتجار بمال اليتيم لغير الولي من أفراد المسألة: و هي مسألة صحة عقد الفضولي الواقع للمالك بعد الاجازة

فحينئذ يصح الاستدلال لما نحن فيه بهذه الأخبار

(2) اى و إن عمل بإطلاق أخبار الاتجار بمال اليتيم، حيث إنها مطلقة ليس فيها ذكر من الاجازة و عدمها: كان الاستدلال بأخبار الاتجار بمال اليتيم خارجا عن موضوع المسألة و هي مسألة عقد الفضولي للمالك لأن الكلام في صحة عقد الفضولي بعد الاجازة، لا مطلقا و إن لم تكن فيها اجازة

ص: 189

لكن (1) يستأنس بها للمسألة بالتقريب المتقدم (2)

و ربما احتمل دخولها (3) في المسألة من حيث إن الحكم بالمضي اجازة إلهية لا حقة للمعاملة، فتأمل (4)

+++++++++++

(1) هذا الاستدراك بناء على خروج الاستدلال بأخبار الاتجار بمال اليتيم عن موضوع مسألة عقد الفضولي

و خلاصته أنه و إن كان الاستدلال بالأخبار المذكورة خارجا عن موضوع البحث، إلا أنه يستأنس بالاستدلال بها لما نحن فيه، حيث إنه لا يعتبر اذن المالك سابقا في نقل مال المالك الى غيره

(2) و هو الذي افاده الشيخ في موثقة جميل بقوله في ص 185: كان فيها استيناس لحكم المسألة: من حيث عدم اعتبار اذن المالك سابقا

(3) اي دخول المعاملة بمال اليتيم لغير الولي في مسألة صحة عقد الفضولي إذا باع للمالك بدون سبق منع منه بعد البناء على أن الأخبار الواردة في المقام مطلقة لا تقييد فيها بصورة اجازة الولي

ببيان أن حكم الامام عليه السلام بضمان المتجر بمال اليتيم، و أن الربح لليتيم كما في الروايات المشار إليها في الهامش 3 ص 188 و إمضائه للمعاملة الواقعة بغير اذن الولي: اجازة إلهية لا حقة للمعاملة فلا تحتاج المعاملة الى اذن الولي

فيصح الاستدلال بالأخبار المذكورة في الاتجار بمال اليتيم لما نحن فيه:

و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك، لدلالة حكم الامام عليه السلام على ذلك كما عرفت

(4) لعل وجه التأمل هو أن الكلام في صحة العقد بالاجازة اذا كانت لا حقة من المالك، لا من اللّه عز و جل، لأن الاكتفاء بالاجازة الإلهية عن رضا المالك عبارة اخرى عن عدم اعتبار رضا المالك

ص: 190

رواية ابن أشيم

و ربما يؤيد المطلب (1) أيضا برواية ابن اشيم (2) الواردة في العبد المأذون الذي دفع إليه مال ليشتري به نسمة و يعتقها، و يحجه عن أبيه فاشترى أباه و اعتقه.

ثم تنازع مولى المأذون، و مولى الأب، و ورثة الدافع، و ادعى كل منهم أنه اشتراه بماله.

+++++++++++

بالإضافة إلى أن الاجازة الصادرة من اللّه عز و جل عبارة عن الحكم الكلي: و هو أن غير الولي يكون ضامنا لمال اليتيم اذا اتجر به، و أن الربح لليتيم

و من المعلوم تحقق هذا قبل تحقق المصداق

و يحتمل أن يكون اشارة الى أن الحكم الذي ذكره الامام عليه السلام في قوله في ص 184: فهو ضامن، و الربح لليتيم حكم واقعي، لا إنشاء للحكم حتى يصح حمله على الاجازة الإلهية

(1) و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(2) قيل في ضبطه بفتح الألف، و سكون الشين، و فتح الياء

و قيل: بضم الهمزة و فتح الشين

هذه سادسة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

ثم إن الرواية هذه وردت في العبد المأذون في التجارة من قبل مولاه و نقلها الشهيد الثاني في شرح (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

في الجزء 3. ص 331 عند ما افاد الشهيد الاول في المسألة الرابعة بقوله في ص 329: الرابعة لو اختلف مولى مأذون

و الرواية هذه محتاجة الى التحقيق و التعليق و قد أوفينا ما كان علينا في المصدر نفسه فراجع

ص: 191

..........

+++++++++++

و نذكر هنا ما ذكرناه هناك، مع زيادة في التوضيح

فقبل البحث عن جوانب الحديث نذكر نص الحديث أولا ثم الشروع في فقه الحديث من تلك الجوانب. أليك نص الحديث

عن صالح بن رزين عن ابن اشيم عن ابي جعفر عليه السلام عن عبد لقوم مأذون له في التجارة، دفع إليه رجل الف درهم فقال:

اشتر بها نسمة و اعتقها عني، و حج عني بالباقي، ثم مات صاحب الألف فانطلق العبد فاشترى اباه فاعتقه عن الميت و دفع إليه الباقي يحج عن الميت، فحج عنه، و بلغ ذلك موالي ابيه، و مواليه، و ورثة الميت جميعا، فاختصموا جميعا في الألف

فقال موالي العبد المعتق: إنما اشتريت اباك بما لنا.

و قال الورثة: إنما اشتريت اباك بما لنا

و قال موالي العبد: إنما اشتريت اباك بما لنا

فقال ابو جعفر عليه السلام: أما الحجّة فقد مضت بما فيها لا ترد

و أما المعتق فهو رد في الرق لموالي أبيه، و أي الفريقين بعد أقاموا البينة على أنه اشترى اباه من أموالهم كان لهم رقا

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 53 الباب 25. الحديث 1

و إنما ذكرنا الحديث بتمامه مع أنه مذكور في المتن، لاختلاف المذكور مع ما في المصدر اختلافا فاحشا

و الحديث منقول هنا بالمعنى كما هو ديدن الشيخ قدس سره في نقله الأحاديث حتى في نقله كلمات الأعلام

و أما وجه كون الحديث تأييدا لصحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

ص: 192

..........

+++++++++++

فلأن الدافع بعد دفعه المبلغ الى العبد المأذون للشراء، و قبل تصرف العبد المأذون في الشراء قد مات و ذهب الى ربه الجليل، فانتقل المبلغ المدفوع الى العبد المأذون الى الوراث، لأنه من جملة تركته شرعا فهو للوراث

فلما اقدم العبد المأذون على الشراء و اشترى اباه فقد تصرف في مال الورثة بغير اذنهم، فالشراء كان فضوليا: لأنه لم يستأذن منهم

فبعد الاشتراء تنازع مولى العبد المأذون في العبد المشترى فقال: إنه اشترى اباه من مالي

و مولى العبد المعتق فقال: إنه اشترى اباه من مالي

و الوراث في أنه اشترى اباه من مالنا، و تخاصموا في ذلك فذهبوا الى الامام عليه السلام جميعا فحكم عليه السلام بذلك كما عرفت في الرواية

فادعاء الورثة أنه اشترى اباه من مالنا، و مطالبتهم العبد المأذون في العبد المشترى دليل على أن الشراء كان بعد موت الدافع الذي كان أبا لهم فالشراء كان بمالهم الذي انتقل إليهم بعد موت ابيهم

و كذا حكم الامام عليه السلام بسماع دعوى الورثة دليل على أن العبد المأذون كان وكيلا عن الدافع في شراء العبد، لا أنه كان وصيا كما قيل اذ لو كان وصيا لما تسمع دعواهم

فالشراء يكون فضوليا بلا اجازة الوراث

فنفس المطالبة تدل على اجازتهم لذاك الشراء الذي اشتري بعين المال الذي دفع الى العبد المأذون ليشتري به عبدا، و هذا المقدار من المطالبة كاف في الاجازة في الشراء، اذ لو لا كفاية ذاك المقدار لما كان مجرد دعوى الشراء بالمال و لا اقامة البينة من الورثة على دعواهم كافية في تملك المبيع و هو العبد المشترى

ص: 193

..........

+++++++++++

و الى هذا المعنى اشار الشيخ بقوله: بناء على أنه لو لا كفاية الاشتراء بعين المال في تملك المبيع بعد مطالبتهم(1) المتضمنة لاجازة البيع لم يكن مجرد دعوى الشراء بالمال، و لا اقامة البينة عليها كافية في تملك المبيع

فالحديث صريح في أن الشراء وقع فضوليا فيكون تأييدا لصحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

ثم إن للسيد الطباطبائي قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 137 إشكالا على هذه الرواية بقوله: فلا شهادة لها على ما نحن فيه، اى لا شهادة و لا دليل لرواية ابن اشيم على صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك كما ادعاها الشيخ

و الظاهر أن الإشكال بعد أن عرفت ما ذكرناه في غير محله

ثم إنه توجهت على الرواية أسئلة لا بأس باشارة اجمالية إليها.

أليك تلك الأسئلة و الجواب عنها

(منها): أنه كيف يمكن التوفيق و الجمع بين مضي الحج و صحته و بين رجوع العبد الى الرقية كما كان رقا من بادئ الامر في قوله عليه السلام:

أما الحجّة فقد مضت بما فيها لا ترد، و أما المعتق فهو رد في الرق فإن الجمع بين المضي، و الرقية جمع بين المتنافيين

(و الجواب) أن الرقية لا تنافي النيابة في الحج فالعبد و إن رجع الى الرقية لكن حجه صحيح

(و منها): أنه كيف يصح سماع دعوى مولى العبد المعتق، و تقديم

ص: 194


1- اى بعد مطالبة الوراث العبد المأذون كما عرفت آنفا

..........

+++++++++++

دعواه على دعوى مولى العبد المأذون، و ورثة الدافع عند تعارض الدعاوى الثلاث في حكم الامام عليه السلام بقوله: و أما المعتق فهو رد في الرق مع أن رجوع العبد الى الرقية مخالف لاصول المذهب، حيث إنه بعد أن اعتق كيف يمكن رجوعه الى الرقية الأولية، فدعواه هذه فاسدة لاتحاد الثمن و المثمن، لأن كلاهما ملك له، فلا يصح شراء الانسان مال نفسه بمال نفسه

(و الجواب) أن مولى العبد المعتق إنما يدعي عدم وقوع البيع على عبده اصلا في قبال قول المدعيّين الآخرين و هما:

مولى العبد المأذون، و ورثة الدافع الّذين يدعيان وقوع البيع صحيحا

فالنزاع يكون بين عدم وقوع البيع من اساسه كما يدعيه مولى العبد المعتق، و بين وقوع البيع صحيحا كما يدعيه مولى العبد المأذون و ورثة الدافع، فالاصل الذي هو الاستصحاب يقتضي عدم وقوع البيع اصلا، لأنه قبل النزاع لم يكن بيع، و بعد النزاع نشك في وقوعه فنجري استصحاب عدم الوقوع فيرجع العبد الى رقيته الأولية فلم يشتر حتى يعتق فيقال: كيف يرجع الى الرقية بعد أن اعتق؟

فلا تكون الرواية مخالفة لاصول المذهب، فتقديم قول مولى العبد المعتق يكون مطابقا لاصول المذهب

و من هنا يعلم أن ما اورده شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في شرح (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة في الجزء 3. ص 331 على الرواية بقوله: و مخالفتها لاصول المذهب في رد العبد الى مولاه و دعواه فاسدة غير واردة حسب ما حققناه لك

ص: 195

فقال أبو جعفر عليه السلام: يرد المملوك رقا لمولاه، و أي الفريقين اقاموا البينة بعد ذلك على أنه اشتراه بماله كان رقا له الخبر (1)، بناء (2) على أنه لو لا كفاية الاشتراء بعين المال في تملك المبيع بعد مطالبتهم المتضمنة لاجازة البيع لم يكن مجرد دعوى الشراء بالمال، و لا إقامة البينة عليها كافية في تملك المبيع

صحيحة الحلبي

و مما تؤيد المطلب (3) أيضا صحيحة الحلبي عن الرجل يشتري ثوبا و لم يشترط على صاحبه شيئا فكرهه ثم رده على صاحبه فابى أن يقبله إلا بوضيعة (4)

قال: (5) لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة، فإن جهل فاخذه فباعه بأكثر من ثمنه يرد على صاحبه الاول ما زاد (6)، فإن الحكم (7) يرد ما زاد لا ينطبق بظاهره إلا على صحة بيع الفضولي لنفسه.

+++++++++++

(1) اى الى آخر الخبر، ليس للخبر صلة حتى يقال: الى آخر الخبر

(2) هذا تعليل لكون الرواية تأييدا لصحة عقد الفضولي

و قد عرفته عند قولنا في ص 193: فادعاء الورثة أنه اشترى

(3) و هو صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

هذه سابعة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على مدعاه: و هي صحة عقد الفضولي

(4) اى بنقيصة من اصل الثمن الذي اشترى به الثوب

(5) اي الامام ابو عبد اللّه الصادق عليه السلام

(6) (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 392. الباب 17 - الحديث 1

(7) اى حكم الامام عليه السلام برد ما زاد الى صاحب الثوب بقوله:

ص: 196

موثقة عبد الرحمن

و يمكن التأييد له (1) أيضا بموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السمسار (2) يشتري بالاجر (3) فيدفع إليه الورق (4) فيشترط عليه أنك تأتي بما تشتري فما شئت اخذته، و ما شئت تركته فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع

+++++++++++

فإن جهل فاخذه فباعه بأكثر من ثمنه يرد على صاحبه الاول ما زاد

هذا تعليل لكون الصحيحة تأييدا لصحة عقد الفضولي

خلاصته أن حكم الامام عليه السلام برد ما زاد الى صاحب الثوب لا ينطبق و لا يصح إلا على القول بصحة عقد الفضولي، لأن بايع الثوب لما اخذ الثوب بوضيعة من المشتري و باعه بأكثر من قيمته التي باعها على المشتري الاول كان بيعه ثانيا فضوليا ليس باجازة من المالك،

و رده الزائد من الثمن الى صاحبه الاول، و تمليكه له دليل على صحة بيعه الفضولي الذي باعه لنفسه، حيث كان البائع يعتقد أن الثوب صار له بعد أن رده المشتري إليه

(1) اى لعقد الفضولي الذي يقع للمالك

(2) بكسر السين و سكون الميم هو المتوسط بين البائع و المشتري، و يقال له: الساعي، الدلال. جمعه: سماسرة و سماسر، و سماسير

(3) اى يعطون له حق السعي، و حق الزحمة

(4) بفتح الواو و كسر الراء هي الدراهم المضروبة من الفضة. جمعه:

أوراق، و وراق

ص: 197

فيقول (1): خذ ما رضيت، و دع ما كرهت قال: لا بأس (2) بناء (3) على أن الاشتراء (4) من السمسار يحتمل أن يكون لنفسه، ليكون (5) الورق عليه قرضا فيبيع على صاحب الورق ما رضيه من الأمتعة، و يوفيه دينه

و لا ينافي (6) هذا الاحتمال فرض السمسار في الرواية ممن يشتري

+++++++++++

(1) اى السمسار يقول للذي دفع إليه الورق

(2) المصدر نفسه. ص 394. الباب 20. الحديث 2

هذه ثامنة الأحاديث التي استدل بها الشيخ لمدعاه و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(3) تعليل لكون موثقة عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه تأييدا لصحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(4) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا حتى في تعليقة بعض المعلقين على الكتاب المصححة من قبل بعض الأفاضل هكذا:

على أن الاشتراء من السمسار

و الصحيح أن يقال: على أن اشتراء السمسار، حيث إن السائل يسأل الامام عن السمسار يشتري بالأجر فيكون الشراء لنفسه، فلا معنى لأن يقال:

الاشتراء من السمسار، و قول الشيخ: ليكون الورق قرضا عليه شاهد صدق على ما قلناه

(5) اللام هنا بمعنى حتى اى حتى يكون دفع الورق الذي هي النقود من صاحبها الى السمسار بعنوان القرض

(6) دفع وهم

حاصل الوهم: أن اشتراء السمسار لنفسه مناف لفرض السمسار في الرواية ممن يشتري للأجرة، حيث إن مفهوم هذا الفرض أن السمسار إنما يشتري للآخرين، ثم يعطى له أجر في قبال هذا الشراء، لا أنه يشتري لنفسه ثم يبيعه للآخرين، اذ لو كان كذلك لما وصف السمسار في الرواية بأنه يشتري بالاجر

ص: 198

بالاجر، لأن (1) وصفه بذلك باعتبار اصل حرفته و شغله، لا بملاحظة هذه القضية الشخصية

و يحتمل أن يكون (2) لصاحب الورق باذنه، مع جعل (3) خيار له على بائع الأمتعة فيلتزم (4) بالبيع فيما رضي (5)، و يفسخه (6) فيما كره

و يحتمل أن يكون (7) فضوليا عن صاحب الورق فيتخير (8) ما يريد، و يرد (9) ما يكره

و ليس في مورد الرواية (10) ظهور في اذن صاحب الورق للسمسار على وجه ينافي كونه فضوليا كما لا يخفى

فاذا احتمل مورد السؤال لهذه الوجوه، و حكم الامام

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: أن وصف السمسار في الرواية بأنه يشتري بالاجر لاجل اصل حرفته و مهنته، لا بملاحظة هذه القضية الشخصية

(2) اى اشتراء السمسار

(3) اي مع جعل السمسار خيارا لنفسه

(4) اى السمسار

(5) اى دافع الورق الى السمسار

(6) اى و يفسخ السمسار البيع لو كره دافع الورق البيع

(7) اى اشتراء السمسار يكون فضوليا عن صاحب الورق من دون أن يأذن للسمسار بالشراء.

و من هذا الاحتمال يستدل بالرواية على صحة عقد الفضولي

(8) اى صاحب الورق

(9) اى صاحب الورق

(10) اى رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه في سؤاله الامام عن السمسار

ص: 199

عليه السلام بعدم الباس، من دون استفصال (1) عن المحتملات افاد ثبوت الحكم على جميع الاحتمالات

أخبار نكاح العبد بدون إذن مولاه

و ربما يؤيد المطلب (2) بالأخبار الدالة على عدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه (3)، معللا بأنه لم يعص اللّه و إنما عصى سيده

و حاصله (4) أن المانع من صحة العقد اذا كان لا يرجى زواله فهو الموجب لوقوع العقد باطلا و هو عصيان اللّه تعالى

و أما المانع الذي يرجى زواله كعصيان السيد فبزواله يصح العقد،

+++++++++++

(1) اى من دون أن يبين الامام عليه السلام التفصيل بين هذه الاحتمالات الثلاث، فعدم الاستفصال افاد ثبوت الحكم: و هو صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(2) و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(3) و هي المشار إليها في ص 139

هذه تاسعة الأحاديث التي استدل بها الشيخ على دعواه و هي صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(لا يقال): إنه قد تقدم الاستدلال بهذه الأخبار في ص 139 فالاستدلال بها ثانيا يكون تكرارا

(فإنه يقال): إن الاستدلال بها فيما تقدم كان بالفحوى و الأولوية

و هنا يستدل بها بعموم العلة المنصوصة في الرواية في قوله عليه السلام:

لأنه عصى سيده و لم يعص اللّه، حيث إن العلة فيها عامة تشمل النكاح و بقية العقود الواقعة فضولا، فلا يكون الاستدلال بها تكرارا، فتقع المغايرة بين المقامين في الاستدلال

(4) اى و حاصل الاستدلال بهذه الأخبار

ص: 200

و رضا المالك من هذا القبيل (1) فإنه لا يرضى أولا و يرضى ثانيا

بخلاف سخط اللّه عز و جل بفعل، فإنه يستحيل رضاه

مختار المؤلف الصحة

هذا غاية ما يمكن أن يحتج، و يستشهد به للقول بالصحة (2)

و بعضها (3) و إن كان مما يمكن الخدشة فيه، إلا أن في بعضها الآخر غنى و كفاية (4)

و احتجّ للبطلان بالأدلّة الأربعة:
أمّا الكتاب، بآية التجارة عن تراض

و احتج للبطلان (5) بالأدلة الأربعة (6)

أما الكتاب فقوله تعالى: و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ دل بمفهوم الحصر (7)، أو سياق التحديد (8) على أن غير التجارة عن تراض، أو التجارة لا عن تراض

+++++++++++

(1) اى من قبيل المانع الّذي يرجى زواله فهو كعصيان السيد في أنه قابل للزوال: من حيث إنه لم يرض أولا ثم رضي ثانيا

(2) اى بصحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(3) اى بعض هذه الأخبار التي استدل بها لصحة عقد الفضولي و هي رواية عروة البارقي، حيث عرفت أن عروة كان عالما برضا الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم فيكون خارجا عن موضوع الفضولي

(4) اى على المطلوب و هو صحة عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(5) اى بطلان عقد الفضولي اذا وقع للمالك

(6) و هو الكتاب و السنة و الاجماع و العقل

(7) و هو مفهوم الشرط المستفاد من الاستثناء و هي كلمة إلا التي حصرت جواز اكل الأموال فيما بينهم بتجارة عن تراض

فمفهومه أنه إن لم يكن هناك تجارة عن تراض فيما بينهم لا يجوز اكل الأموال

(8) و هو مفهوم الوصف و هو تقييد التجارة بتراض

فمفهومه أنه عند فقدان القيد لا يجوز الاكل

ص: 201

غير مبيح لاكل مال الغير و إن لحقها الرضا

و من المعلوم أن الفضولي غير داخل في المستثنى (1)

و فيه (2) أن دلالته (3) على الحصر ممنوعة، لانقطاع الاستثناء كما هو (4) ظاهر اللفظ، و صريح المحكي عن جماعة من المفسرين، ضرورة عدم كون التجارة عن تراض فردا من الباطل خارجا عن حكمه

و أما سياق التحديد (5) الموجب لثبوت مفهوم القيد فهو مع تسليمه (6) مخصوص بما اذا لم يكن للقيد فائدة اخرى ككونه واردا مورد الغالب كما فيما نحن فيه (7)

و في قوله تعالى: وَ رَبٰائِبُكُمُ اَللاّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ (8)

+++++++++++

و قد عرفت التحقيق عنهما في الهامش 1 ص 113 فراجع

(1) و هو قوله تعالى: إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

(2) اى و في الاستدلال بمفهوم الشرط نظر و إشكال

(3) اى دلالة مفهوم الشرط على الحصر المذكور

و قد عرفت التحقيق عن الاستثناء المنقطع في الهامش 1 ص 113 فراجع

(4) اى كون الاستثناء منقطعا هو ظاهر اللفظ

(5) و هو الاستدلال بمفهوم الوصف

(6) اى لا نسلم أن الوصف له مفهوم كما عرفت في الهامش 1 ص 113

(7) حيث إن غالب موارد التجارة يكون عن تراض، اذ قل ما يتفق وقوع تجارة عن غير تراض، لأن المتعاملين بما هما مؤمنان لا يقدمان على تجارة غير تراض فيما بينهم، فليس فيه مفهوم

(8) حيث إن غالب الربائب تكون في الحجور، فليس معنى الآية الكريمة أن الربائب اللاتي تكون في غير حجور الآباء محللة عليهم

ص: 202

مع احتمال أن يكون عن تراض (1) خبرا بعد خبر، لتكون على قراءة نصب التجارة، لا قيدا لها (2) و إن كانت غلبة وصف النكرة (3) تؤيد التقييد فيكون المعنى (4) إلا أن يكون سبب الاكل تجارة، و يكون عن تراض

و من المعلوم أن السبب الموجب لحل الاكل في الفضولي إنما نشأ عن التراضي، مع أن (5) الخطاب لملاّك الأموال، و التجارة (6) في الفضولي إنما تصير تجارة للمالك بعد الاجازة فتجارته عن تراض

+++++++++++

(1) اى الجار و المجرور في موضع النصب خبر ثان لكلمة تكون اى إلا أن يكون سبب الاكل هو التراضي الحاصل من الطرفين

(2) اى لا يكون عن تراض قيدا للتجارة حتى يكون للقيد مفهوم

(3) اى وصف كلمة تجارة بقوله تعالى: عن تراض تؤيد كون عن تراض قيدا للتجارة فيكون للقيد مفهوم

(4) اى على القول بكون عن تراض في محل النصب على أن يكون خبرا ثانيا لكلمة يكون

(5) هذا ترق من الشيخ حول جملة عن تراض

و خلاصته: أنه لو تنازلنا عن القول بأن تراض خبر بعد خبر و قلنا: إنه قيد حتى يستفاد منه المفهوم، و قلنا بحجيته: لما افاد في المقام أيضا، لأن الآية الكريمة وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ خطاب متوجه لصاحبي الأموال و مالكيها هكذا: أيها المالكون للأموال لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل.

و من الواضح خروج الفضولي عن مصاديق الخطاب؛ لأنه ليس بمالك لما يبيعه حتى تشمله الآية الكريمة، و الكبرى الكلية

(6) اى و من المعلوم أيضا أن التجارة في الفضولي إنما تتحقق

ص: 203

و قد حكى عن المجمع (1) أن مذهب الامامية و الشافعية و غيرهم أن معنى التراضي بالتجارة امضاء البيع بالتصرف، أو التخاير بعد العقد

و لعله (2) يناسب ما ذكرنا: من كون الظرف (3) خبرا بعد خبر

و أمّا السنّة، فهي أخبار:
اشارة

و أما السنة (4) فهي أخبار

(منها): (5) النبوي المستفيض و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك (6) فإن عدم حضوره عنده كناية عن عدم تسلطه على تسليمه، لعدم تملكه فيكون مساوقا للنبوى الآخر لا بيع إلا فيما يملك (7) بعد قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا طلاق إلا

+++++++++++

و تصير تجارة للمالك بعد أن اجاز المالك العقد الصادر من الفضولي، فاذا اجاز تكون تجارة الفضولي حينئذ عن تراض.

فبضم هاتين المقدمتين ثبت أن ما افاده المستدل على بطلان الفضولي باطل

(1) اى مجمع البيان

هو مؤلّف شريف في تفسير القرآن المجيد على غرار (التبيان لشيخ الطائفة) قدس اللّه نفسه الزكية

مؤلفه امين الاسلام (الشيخ ابو علي الطبرسي) اعلى اللّه مقامه

يأتي شرح هذا التفسير الشريف و مؤلفه العظيم في (أعلام المكاسب)

(2) اى و لعل ما افاده صاحب مجمع البيان

(3) و هو قوله تعالى: عن تراض

(4) هذا هو الدليل الثاني للمبطلين من الأدلة الأربعة

(5) اى من بعض تلك الاخبار

(6) سنن الترمذي الجزء 3 ص 534 الباب 19 الحديث 1332 و بمضمونه ورد في (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 374. الباب 7 الحديث 2

(7) (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3 ص 5. الباب 12. الحديث 5

ص: 204

فيما يملك، و لا عتق إلا فيما يملك

و لما ورد في توقيع العسكري عليه السلام الى الصفار: لا يجوز بيع ما ليس يملك (1)

و ما عن الحميرى أن مولانا عجل اللّه فرجه كتب في جواب بعض مسائله. أن الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا عن مالكها، أو بأمره، أو رضا منه (2)

و ما في الصحيح عن محمد بن مسلم الوارد في ارض بفم النيل (3) اشتراها رجل و أهل الارض يقولون: هي ارضنا، و اهل الاستان (4) يقولون:

هي أرضنا

فقال: لا تشترها إلا برضا اهلها (5)

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. الجزء 12. الباب 2. ص 252. الحديث 1

(2) المصدر نفسه. ص 250-251. الباب 1. الحديث 8

(3) النيل قرية في الكوفة، و مدينة بين بغداد و واسط

و المراد من فم النيل صدر القرية و بدايتها

(4) اختلف في ضبط هذه الكلمة

قيل: هي بالنون مع ضم الهمزة و السين

و قيل: بضم الهمزة و السين مع الفاء اى أسناف

و قيل: مع التاء و ضم الهمزة و السين اى استان

و المراد منها الكور الواقعة في بغداد

و قيل: هي قرية من قرى هرات

(5) المصدر نفسه. ص 249. الحديث 3

ص: 205

و ما في الصحيح عن محمد بن القاسم بن الفضيل في رجل اشترى من امرأة من آل فلان (1) بعض قطائعهم (2) و كتب عليها كتابا قد قبضت المال و لم نقبضه فيعطيها المال أم يمنعها؟

قال: قل له: ليمنعها أشد المنع، فإنها باعت ما لم تملكه (3)

المناقشة في الاستدلال بالروايات

و الجواب عن النبوي (4) أولا: أن الظاهر من الموصول (5) هي العين الشخصية، للاجماع و النص على جواز بيع الكلي، و من (6) البيع البيع لنفسه، لا (7) عن مالك العين.

+++++++++++

(1) اى من بني عباس

(2) جمع قطيعة و هي علم لما لا ينقل من المال كالقرى و الأراضي و الأبراج، و الحصون

و تطلق على قطعة من ارض الخراج، و الاقطاع إعطاء الامام قطعة من الارض و غيرها

(3) المصدر نفسه. الحديث 25، هذا آخر الأحاديث و هي ستة

(4) اى النبوي الاول المروي عن حكيم بن حزام

(5) اى كلمة ما الموصولة الواقعة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا تبع ما ليس عندك

(6) اى الظاهر من البيع في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع هو البيع لنفسه، فإن هذا البيع ممنوع

(7) اى و ليس المراد من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك البيع للمالك كما هو المفروض في البحث، فإن الكلام في أن يبيع الفضولي للمالك بدون سبق منع منه

ص: 206

و حينئذ (1) فإما أن يراد بالبيع مجرد الإنشاء فيكون دليلا على عدم جواز بيع الفضولي لنفسه فلا يقع له، و لا للمالك بعد اجازته

و إما أن يراد ما عن التذكرة من أن يبيع (2) عن نفسه ثم يمضي ليشتريه من مالكه

قال (3): لأنه صلى اللّه عليه و آله و سلم ذكره جوابا لحكيم بن حزام، حيث سأله عن أن يبيع الشيء فيمضي و يشتريه و يسلمه؟ فإن هذا البيع (4) غير جائز، و لا نعلم فيه (5) خلافا، للنهي المذكور (6)، و للغرر (7)

+++++++++++

(1) اى و حين أن كان المراد من عدم جواز بيع ما ليس عندك هو البيع لنفسه

(2) اى الفضولي

(3) اى العلامة في التذكرة قال: الدليل على أن المراد من عدم جواز بيع ما ليس عندك هو بيع الفضولي عن نفسه ثم يمضي الى المالك ليشتريه منه: قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم في جواب حكيم بن حزام لما سأله عن أن يبيع شيئا فيمضي فيشتريه، فإن الجواب يكون طبقا للسؤال.

و ليس المراد أنه لا يجوز بيع ما ليس عندك حتى عن المالك

(4) و هو البيع عن نفسه ثم يمضي الى المالك فيشتريه منه

(5) اى في مثل هذا البيع

(6) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك

(7) هذا دليل ثان لعدم وقوع البيع المذكور اذا كان عن نفسه -

ص: 207

لأن صاحبها قد لا يبيعها انتهى (1)

و هذا المعنى (2) يرجع الى المراد من روايتي خالد و يحيى الآتيتين في بيع الفضولي لنفسه، و يكون بطلان البيع بمعنى عدم وقوع البيع للبائع بمجرد انتقاله إليه بالشراء فلا ينافي اهليته (3) لتعقب الاجازة من المالك.

و بعبارة اخرى نهي (4) المخاطب عن البيع دليل على عدم وقوعه مؤثرا في حقه (5) فلا يدل (6) على الغائه بالنسبة الى المالك حتى لا تنفعه اجازة المالك في وقوعه له

و هذا المعنى (7) أظهر من الاول (8)

+++++++++++

ثم يمضي الى المالك فيشتريه منه، اذ الدليل الاول هو النهي المذكور اى عدم الجواز لأجل الغرر و هي الجهالة اذ ربما لا يوافق المالك فالمشتري يكون جاهلا بالموضوع و هو لا يصح، لأنه لو كان عالما بالواقع لما أقدم على مثل هذا الشراء

(1) اى انتهى ما افاده العلامة في التذكرة

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 8.

(2) و هو الذي أفاده العلامة في التذكرة و اشرنا إليه في الهامش 3 ص 207

(3) اى أهلية البيع الصادر عن العاقد الفضولي لنفسه بتعقبه الاجازة من المالك، و وقوعه له، لا للعاقد

(4) و هي نهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم حكيم بن حزام

(5) اى في حق العاقد

(6) اى النهي المذكور لا يدل على عدم وقوع البيع بالمرة حتى للمالك بعد اجازته للبيع و وقوعه له

(7) و هو المعنى الثاني الذي ذكره العلامة و ذكرناه في الهامش 7 ص 207

(8) و هو الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 207: فإما أن يراد بالبيع

ص: 208

و نحن نقول به (1) كما سيجيء

و ثانيا سلمنا (2) دلالة النبوي على المنع، لكنها بالعموم فيجب تخصيصه بما تقدم من الأدلة الدالة على تصحيح بيع ما ليس عند العاقد لمالكه اذا اجاز (3)

و بما ذكرناه: من الجوابين (4)

+++++++++++

(1) اى و نحن نعترف بعدم صحة البيع بالمعنى الثاني الذي ذكرناه عن العلامة

(2) اى لو سلمنا على ان النبوي الاول المذكور في ص 204 يدل على منع بيع ما ليس عندك مطلقا حتى بالنسبة الى المالك، و تنازلنا عن المعنى الاول المراد من لا تبع

لكن نقول دلالة النبوي على ذلك بالعموم فيجب تخصيصه بالعمومات المتقدمة:

و هي رواية عروة البارقي المشار إليها في ص 164

و رواية محمد بن قيس المشار إليها في ص 169

و فحوى صحة عقد النكاح من الفضولي المشار إليها في ص 139

و موثقة جميل المشار إليها في ص 184

و روايات الاتجار بمال اليتيم المشار إليها في الهامش 3 ص 188

و رواية ابن اشيم المشار إليها في ص 191

و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

و موثقة عبد الرحمن بن عبد اللّه المشار إليها في ص 197

و الروايات الدالة على عدم فساد النكاح المشار إليها في الهامش 4 ص 139

(3) اى المالك الذي وقع العقد له فضولا

(4) و هما: قوله في ص 207: فإما أن يراد بالبيع مجرد الإنشاء

و قوله في ص 207: و إما ما يراد عن التذكرة: من أن يبيع عن نفسه

ص: 209

يظهر الجواب عن دلالة قوله: (1) لا بيع إلا في ملك، فإن الظاهر منه (2) كون المنفي هو البيع لنفسه، و أن النفي راجع الى نفي الصحة في حقه لا في حق المالك، مع (3) أن العموم لو سلم وجب تخصيصه بما دل على وقوع البيع للمالك اذا اجاز.

و أما الروايتان (4) فدلالتهما على ما حملنا عليه السابقين (5) أوضح و ليس فيهما ما يدل و لو بالعموم على عدم وقوع البيع الواقع من غير المالك له اذا اجاز

و أما الحصر (6) في صحيحة ابن مسلم

+++++++++++

(1) اى النبوي الثاني: لا بيع إلا فيما يملك المشار إليه في ص 204:

(2) اى الظاهر من هذا النبوي الثاني أن المراد من نفي البيع في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا بيع إلا فيما يملك هو البيع لنفسه، لا للمالك و أن النفي الواقع راجع الى نفي صحة البيع الصادر في حقه، لا في حق المالك كما فيما نحن فيه، حيث وقع للمالك

(3) هذا ترق من الشيخ اى لو سلمنا و تنازلنا عن أن المراد من النفي هو العموم حتى للمالك فحينئذ يجب تخصيص هذا العموم بالأخبار الواردة التي اشرنا إليها في الهامش 2 ص 209 التي تنص على وقوع العقد للمالك اذا وقع فضولا ثم اجاز

(4) و هما: توقيع الامام العسكري عليه السلام، و رواية الحميري المشار إليهما في ص 205

(5) و هما: النبوي المروي عن حكيم بن حزام

و النبوي الثاني المشار إليهما في ص 204

(6) اى و أما الجواب عن الحصر الواقع في صحيحة محمد بن مسلم في ص 205 و هو قوله عليه السلام: لا تشترها إلا برضا اهلها

ص: 210

و التوقيع (1) فإنما هو في مقابلة عدم رضا اهل الارض و الضيعة رأسا على ما يقتضيه السؤال (2) فيهما

و توضيحه (3) أن النهي في مثل المقام و إن كان يقتضي الفساد إلا أنه بمعنى عدم ترتب الاثر المقصود من المعاملة عليه

و من المعلوم أن عقد الفضولي لا يترتب عليه بنفسه الملك المقصود منه و لذا (4) يطلق عليه الباطل في عباراتهم كثيرا، و لذا (5) عد في الشرائع و القواعد من شروط المتعاقدين: اعني شروط الصحة كون العاقد مالكا أو قائما مقامه

+++++++++++

(1) اي و أما الجواب عن الحصر الواقع في توقيع الامام الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه الشريف: لا يجوز ابتياعها إلا عن مالكها أو بامره، أو برضا منه المشار إليه في ص 205

(2) حيث يقول اهل الأرض: هى ارضنا، و أهل الاستان: هي من ارضنا، فإن هذا القول يدل على أنهم ما كانوا راضين بالبيع اصلا و راسا حتى لو استجيزوا لما اجازوا

(3) اى و توضيح أن الحصر الواقع في صحيحة محمد بن مسلم، و توقيع مولانا الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه الشريف يراد منه في مقابل عدم رضا اهل الضيعة و الارض رأسا، و ليس في مقابل العقد الواقع للمالك مترقبا الاجازة منه فاجاز: هو النهي الوارد في قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم: لا تشترها إلا برضا أهلها.

و في قوله عجل اللّه تعالى فرجه الشريف: لا يجوز ابتياعها إلا عن مالكها

(4) اى و لاجل أن عقد الفضولي لا يترتب عليه بنفسه الملك المقصود منه

(5) اى و لاجل أنه تطلق على عقد الفضولي كلمة الباطل في عبارات الفقهاء كثيرا

ص: 211

و إن ابيت إلا عن ظهور الروايتين (1) في لغوية عقد الفضولي رأسا وجب تخصيصهما بما تقدم من أدلة الصحة (2)

و أما رواية القاسم بن فضيل (3) فلا دلالة فيها إلا على عدم جواز إعطاء الثمن للفضولي، لأنه باع ما لا يملك

و هذا (4) حق لا ينافي صحة الفضولي

و أما توقيع الصفار (5) فالظاهر منه نفي جواز البيع فيما لا يملك بمعنى وقوعه للبائع على جهة الوجوب و اللزوم

و يؤيده (6) تصريحه عليه السلام بعد تلك الفقرة بوجوب البيع

+++++++++++

(1) و هما: توقيع الامام العسكري عليه السلام للصفار، و رواية الحميري المشار إليهما في ص 205

(2) و هي التي اشرنا إليها في ص 184

(3) و هي المشار إليها في ص 206

(4) و هو أن عدم جواز اعطاء الثمن للفضولي لا ينافي صحة عقد الفضولي

(5) و هو توقيع الامام العسكري عليه السلام إليه

(6) اى هذا الظاهر الذي قلناه في توقيع الامام العسكري عليه السلام الى الصفار: من أن المراد من نفي جواز البيع فيما لا يملك هو عدم وقوعه للبائع على نحو الوجوب و اللزوم يؤيده صريح قوله عليه السلام بعد جملة لا يجوز بيع ما ليس يملك: و قد وجب الشراء من البائع على ما يملك، فإن جملة و قد وجب تدل على ما قلناه: من الظاهرة: و هي عدم وقوع العقد للبائع على نحو الوجوب و اللزوم

ص: 212

فيما يملك، فلا دلالة (1) على عدم وقوعه لمالكه اذا اجاز

و بالجملة فالانصاف أنه لا دلالة في تلك الأخبار (2) بأسرها على عدم وقوع بيع غير المالك للمالك اذا اجاز، و لا تعرض فيها إلا لنفي وقوعه للعاقد

الثالث: الإجماع على البطلان،

(الثالث) (3): الاجماع على البطلان ادعاه الشيخ في الخلاف معترفا بأن الصحة مذهب قوم من أصحابنا، معتذرا عن ذلك بعدم الاعتداد بخلافهم

و ادعاه ابن زهرة أيضا في الغنية

و ادعى الحلي في باب المضاربة عدم الخلاف في بطلان شراء الغاصب اذا اشترى بعين المغصوب.

(و الجواب) عدم الظن بالاجماع، بل الظن بعدمه بعد ذهاب معظم القدماء كالقديمين، و المفيد و المرتضى و الشيخ بنفسه في النهاية التي هي آخر مصنفاته على ما قيل، و أتباعهم على الصحة، و أتباع المتأخرين عليه، عدا فخر الدين، و بعض متأخري المتأخرين (4)

+++++++++++

راجع حول الجملة المذكورة (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 252 الباب 2. الحديث 1

(1) اى لقوله عليه السلام في توقيعه للصفار: لا يجوز بيع ما ليس يملك على عدم وقوع البيع للمالك بعد اجازته

(2) و هي النبوي الاول و الثاني، و توقيع الامام العسكري عليه السلام و رواية الحميري، و صحيحة محمد بن مسلم، و صحيحة محمد بن القاسم المذكورة في ص 204-205

(3) اى من أدلة القائلين ببطلان العقد الصادر من الفضولي

(4) كالمحقق الاردبيلي قدس سره

ص: 213

الرابع: ما دلّ من العقل و النقل

(الرابع): (1) ما دل من العقل و النقل على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا باذنه، فإن الرضا اللاحق لا ينفع فى رفع القبح الثابت حال التصرف ففي التوقيع المروي في الاحتجاج: لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلا باذنه (2)، و لا ريب أن بيع مال الغير تصرف فيه عرفا (3)

(و الجواب): أن العقد على مال الغير متوقعا لاجازته غير قاصد لترتب الآثار عليها ليس تصرفا فيه

نعم لو فرض كون العقد علة تامة و لو عرفا لحصول الآثار كما في بيع المالك، أو الغاصب المستقل كان حكم العقد (4) جوازا و منعا حكم معلوله المترتب عليه

+++++++++++

(1) اى من أدلة القائلين ببطلان عقد الفضولي

المقصود من الدليل الرابع تشكيل قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: العقد الفضولي تصرف في مال الغير

الكبرى: و كل ما كان تصرفا في مال الغير فهو قبيح و حرام عقلا و شرعا

النتيجة: فالعقد الفضولي قبيح و حرام، لأنه تصرف في مال الغير

(2) الاحتجاج. الجزء 2. ص 299. طباعة مطبعة النعمان عام 1386

و في المصدر: لا يحل

(3) مقصود الشيخ من الجواب هذا منع الصغرى: بمعنى أن العقد الصادر من الفضولي للمالك مترقبا صدور الاجازة منه ليس من أفراد تلك الكبرى الكلية المانعة عن التصرف في مال الغير حتى يكون قبيحا

(4) اى حكم عقد الفضولي من حيث الوقوع، و عدم الوقوع كان مثل حكم معلوله الذي هو النقل و الانتقال المترتب على العقد جوازا و منعا

ص: 214

ثم لو فرض (1) كونه تصرفا فمما استقل العقل بجوازه مثل الاستضاءة و الاصطلاء بنور الغير و ناره

مع (2) أنه قد يفرض الكلام فيما اذا علم الاذن في هذا من المقال أو الحال بناء (3) على أن ذلك لا يخرجه عن الفضولي

مع (4) أن تحريمه

+++++++++++

(1) هذا تنازل من الشيخ عما افاده: من أن العقد على مال الغير متوقعا لاجازته غير قاصد لترتيب الآثار عليه ليس تصرفا فيه

و خلاصته على فرض كون هذا النوع من التصرف تصرفا في مال الغير، لكنه عد من التصرفات الجائزة، لاستقلال العقل بجواز هذا النوع من التصرف فهو من قبيل الاستضاءة بنور سراج الغير، و الاصطلاء بنار عمرو

فكما أن هذه الاستضاءة، و الاصطلاءة جائزتان عند العقل و لا يراهما قبيحا و تصرفا في مال الغير

كذلك ما نحن فيه، فإن التصرف فيه بنحو المذكور ليس تصرفا قبيحا.

(2) اى بالإضافة الى أننا نفرض الكلام في العاقد الفضولي الّذي عقد و كان عالما بالاذن من المالك بواسطة القرائن المقالية، أو الحالية

(3) اى الفرض المذكور مبني على أن العلم بالاذن لا يخرج هذا الفضولي عن مفهوم الفضولي و مصاديقه

و أما في صورة الخروج عنه فلا مجال للبحث عنه.

(4) هذا جواب آخر عما افاده القائل ببطلان عقد الفضولي بادعاء أنه تصرف في مال الغير، و قد ثبت قبحه عقلا و نقلا

ص: 215

لا يدل على الفساد، مع (1) أنه لو دل لدل على بطلان البيع: بمعنى عدم ترتب الاثر عليه، و عدم استقلاله (2)

+++++++++++

و خلاصته: أن النهي الوارد و إن دل على حرمة التصرف في مال الغير، إلا أن الحكم التكليفي لا يدل على الحكم الوضعي الذي هو الفساد

(1) هذا ترق عما افاده الشيخ: من عدم دلالة الحكم التكليفي على الحكم الوضعي

و خلاصته: أنه لو تنازلنا عن مقالتنا، و سلمنا أن الحكم التكليفي يدل على الحكم الوضعي

لكن نقول: إن المراد من الفساد هو عدم ترتب الآثار التي هي معنى الاسم المصدري و هو النقل و الانتقال بالاستقلال، و من دون مراجعة المالك في الاستجازة منه

و من المعلوم أن القائل بصحة عقد الفضولي لا يقول بصحة مثل هذا البيع الفضولي، و لا ينكر بطلانه، و لا سيما على القول بكون الاجازة ناقلة

و لا يخفى أنه لو قلنا: إن العقد في الفضولي جزء السبب في انتقال المال الى المشتري، و أن الجزء الآخر هو الرضا، و قلنا: إن النهي يدل على الفساد فلا محالة يدل على فساد متعلقه الذي هو ترتب الاثر الذي كان يترتب على العقد لو لا النهي، لأن لازم القول بدلالة النهي على الفساد عدم صلاحية صيرورة العقد جزء السبب، فاذا فقدت الجزئية فلا يبقى مجال للجزء الآخر المتعقب و هي الاجازة اللاحقة

نعم ترتب الاثر على عقد الفضولي إنما يصح لو قلنا: إن العقد سبب تام، و علة مستقلة له

(2) اى و عدم استقلال مثل هذا البيع في ترتب الاثر كما عرفت آنفا

ص: 216

في ذلك، و لا ينكره (1) القائل بالصحة، خصوصا اذا كانت الاجازة ناقلة

و مما ذكرنا (2) ظهر الجواب عما لو وقع العقد من الفضولي قاصدا لترتيب الاثر من دون مراجعة المشتري (3)، بناء على أن العقد المقرون بهذا القصد (4) قبيح محرم، لا نفس القصد المقرون بهذا (5) العقد

و قد يستدلّ للمنع بوجوه أُخر ضعيفة،

و قد يستدل للمنع (6) بوجوه اخر ضعيفة أقواها أن القدرة على التسليم معتبرة في صحة البيع، و الفضولي غير قادر، و أن الفضولي غير قاصد حقيقة الى مدلول اللفظ كالمكره كما صرح في المسالك

+++++++++++

(1) اى و لا ينكر القائل بصحة البيع الفضولي بطلان مثل هذا النوع من عقد الفضولي

(2) و هو أن المراد من البطلان على القول بدلالة الحكم التكليفي على الحكم الوضعي هو عدم ترتب الآثار على هذا البيع، و عدم استقلاله في ترتب الاثر

وجه ظهور الجواب: هو أن القصد المذكور يكون موجبا لبطلان البيع كما عرفت ذلك في الهامش 1 ص 216

(3) الظاهر أن الصواب أن يقال: المالك، اذ لا دخل للمشتري في ذلك فهو اجنبي عن المراجعة إليه

(4) و هو قصد العاقد ترتيب الاثر على عقده مستقلا و من دون مراجعة المالك

(5) و هو الصادر من العاقد الفضولي قاصدا ترتب الآثار عليه من دون مراجعة المالك، لعدم قبح العقد حينئذ، و عدم كونه منهيا عنه حتى يدل على الفساد لو قلنا: إن الحكم التكليفي يدل على الحكم الوضعي

(6) اى لمنع صحة عقد الفضولي الواقع للمالك مع سبق نهي منه

ص: 217

و يضعف الاول (1) مضافا الى أن الفضولي قد يكون قادرا على إرضاء المالك: بأن (2) هذا الشرط غير معتبر في العاقد قطعا

بل يكفي تحققه (3) في المالك فحينئذ (4) يشترط في صحة العقد مع الاجازة قدرة المجيز على تسليمه، و قدرة المشتري على تسلمه على ما سيجيء

و يضعف الثاني (5): بأن المعتبر في العقد هو هذا القدر من القصد الموجود في الفضولي، و المكره لا ازيد منه بدليل الاجماع على صحة نكاح الفضولي، و بيع المكره بحق، فإن دعوى عدم اعتبار القصد في ذلك (6) للاجماع كما ترى

المسألة الثانية: أن يسبقه منع من المالك

(المسألة الثانية) (7): أن يسبقه (8) منع من المالك

+++++++++++

(1) و هو عدم قدرة الفضولي على التسليم الى المشتري، حيث إن اجازة المالك لم تصدر بعد

(2) الباء بيان لوجه تضعيف الدليل الاول

(3) اى تحقق الشرط الذي هو القدرة على التسليم

(4) اى حين أن قلنا بكفاية تحقق القدرة على التسليم في المالك

(5) و هو أن الفضولي غير قاصد حقيقة الى مدلول اللفظ فهو كالمكره و الباء في بأن بيان لوجه تضعيف الدليل الاول

(6) اى في الفضولي، و المكره بحق

(7) اى من المسائل الثلاث التي ذكرها المصنف في ص 161 بقوله:

فهاهنا مسائل ثلاث

(8) اى يسبق العاقد الفضولي الذي يبيع للمالك

ص: 218

و المشهور أيضا صحته (1) و حكي عن فخر الدين أن بعض المجوزين للفضولي اعتبر عدم سبق نهي المالك (2)

و يلوح إليه (3) ما عن التذكرة في باب النكاح من حمل النبوي ايما عبد تزوج بغير اذن مولاه فهو عاهر (4) بعد تضعيف السند على أنه (5) إن نكح بعد منع مولاه و كراهته، فإنه يقع باطلا

و الظاهر أنه لا يفرق بين النكاح، و غيره

و يظهر (6) من المحقق الثاني، حيث حمل فساد بيع الغاصب (7)، نظرا

+++++++++++

(1) اى صحة هذا العقد الصادر من الفضولي و إن سبقه منع من المالك كما قالوا بصحة المسألة الاولى التي باع الفضولي للمالك و لم يسبقه منع من المالك

(2) فظاهر هذا الكلام عدم صحة هذا العقد الصادر من الفضولي مع سبق منع من المالك

(3) اى الى ما حكي عن فخر المحققين: من أن بعض المجوزين للفضولي اعتبر في صحته عدم سبق نهى من المالك

(4) سنن الترمذي الجزء 3 ص 419-420 الباب 21 الحديث 1111-1112

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: من حمل النبوي اى العلامة في التذكرة حمل النبوي المذكور على أن نكاح العبد بعد منع مولاه و كراهته له باطل

(6) اى ما حكي عن فخر المحققين: من أن بعض المجوزين للفضولي اعتبر في صحته عدم سبق نهي من المالك: يظهر من المحقق الثاني أيضا

وجه الظهور: أن البائع الفضولي للمالك مع سبق منع منه يكون غاصبا فيحمل بيعه على الفساد، لوجود القرينة الحالية على ذلك و هو الغصب

(7) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا هذه العبارة هكذا: -

ص: 219

الى القرينة الدالة على عدم الرضا و هي الغصب

و كيف كان فهذا القول (1) لا وجه له ظاهرا، عدا تخيل أن المستند في عقد الفضولي هي رواية عروة المختصة بغير المقام (2)، و أن العقد اذا وقع منهيا عنه فالمنع الموجود بعد العقد و لو آنا ما كاف في الرد فلا ينفع الاجازة اللاحقة، بناء على أنه لا يعتبر في الرد سوى عدم الرضا الباطني بالعقد على ما يقتضيه حكم بعضهم بأنه (3) اذا حلف الموكل على نفي الاذن في اشتراء الوكيل انفسخ العقد، لأن الحلف عليه أمارة عدم الرضا

هذا، و لكن الأقوى عدم الفرق (4)، لعدم انحصار المستند حينئذ في رواية عروة (5)،

+++++++++++

حيث حمل فساد بيع الغاصب

و الصحيح أن تكون هكذا: حيث حمل بيع الغاصب على الفساد

(1) و هو بطلان المسألة الثانية، لاشتراط بعض المجوزين لصحة عقد الفضولي عدم سبق نهى من المالك

(2) و هو سبق النهي من المالك في المسألة الثانية

(3) الباء بيان لكيفية حكم بعض الفقهاء

(4) من هنا يريد الشيخ أن يبدي نظره حول المسألة الثانية: و هي بيع العاقد الفضولي للمالك مع سبق منع منه

اى عدم الفرق بين المسألة الاولى التي باع الفضولي للمالك من دون سبق نهي منه

و بين المسألة الثانية التي باع للمالك مع سبق نهي منه

(5) بل هناك روايات اخرى كما اشير إليها في ص 169-176-184 - 188-191-196-197، فلا يبقى في المقام سوى الرجوع الى أصالة الفساد

ص: 220

و كفاية العمومات (1)

مضافا (2) الى ترك الاستفصال في صحيحة محمد بن قيس، و جريان (3) فحوى أدلة نكاح العبد بدون اذن مولاه

+++++++++++

و هذا مردود بالعمومات الناطقة بصحة العقود الشاملة للمسألة الثانية

(1) المراد منها الروايات المتقدمة التي اشرنا إليها في الهامش 5 ص 220

(2) اى و لنا دليل آخر على صحة المسألة الثانية: و هو أن مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام لم يستفصل في صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في ص 169 عند ما حكم لمولى الوليدة باخذه الوليدة و ابنها بين نهي المولى ولده عن بيع امته، و بين عدم نهيه عند ما اراد المولى السفر

فالدليل عام يشمل ما نحن فيه: و هو بيع الفضولي للمالك مع سبق نهي منه

(3) بالجر عطفا على مجرور (الى الجارة) في قوله: الى ترك الاستفصال اى و بالإضافة الى جريان فحوى أدلة نكاح العبد بدون اذن مولاه

هذا دليل آخر لصحة عقد الفضولي مع سبق منع من المالك

و خلاصته أن الأولوية المستفادة من الأخبار الواردة في صحة نكاح العبد بدون اذن مولاه تدل على صحة عقد الفضولي و إن ورد منع من المالك فيه، فإن النكاح مع أن الشارع قد احتاط فيه أشد الاحتياط اذا صح فيه فضولا بعد اجازة المولى و رضاه فبطريق أولى يصح الفضولي في سائر العقود و إن سبق فيها منع

و قد عرفت تلك الأخبار في الهامش 4 ص 176-177

(لا يقال): الكلام في سبق المنع من المالك، و في النكاح الواقع بدون اذن مولاه ليس فيه منع حتى يستدل بفحوى تلك الأدلة على صحة عقد الفضولي و إن سبق من المالك منع

ص: 221

مع ظهور المنع فيها (1) و لو بشاهد الحال بين الموالي و العبيد

مع أن رواية اجازته صريحة في عدم قدح معصية السيد (2) حينئذ

مع (3) جريان المؤيدات المتقدمة: له من (4) بيع مال اليتيم و المغصوب (5)، و مخالفة العامل لما اشترط عليه رب المال (6) الصريح في منعه عما عداه

و أما (7) ما ذكره: من المنع الباقي بعد العقد و لو آنا مّا فلم يدل دليل

+++++++++++

(فإنه يقال): إن أدلة النكاح ظاهرة في المنع و ان كان الظهور بسبب شاهد الحال بين المولى و العبد، حيث إن الغالب من المولى منع عبده عن الازدواج بدون اذنه و اطلاعه

(1) اى مع ظهور المنع من المولى في نكاح العبد في أدلة نكاحه كما عرفت آنفا

(2) في قوله عليه السلام: إنه عصى سيده و لم يعص اللّه المشار إليه في ص 139، فمعصية العبد لمولاه غير قادحة في العقد بعد صدور الاجازة من مولاه

(3) هذا دليل آخر على صحة عقد الفضولي و إن سبقه منع من المالك و هو جريان المؤيدات المتقدمة

(4) كلمة من بيان لجريان المؤيدات المتقدمة، و قد اخذ الشيخ في عدها و المراد من بيع مال اليتيم هو الأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم لغير الولي المشار إليها في ص 188

(5) المراد منه صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في ص 169

(6) المراد منه موثقة جميل المشار إليها في ص 184

(7) من هنا شرع في رد من قال ببطلان بيع الفضولي للمالك

ص: 222

على كونه فسخا لا ينفع بعده الاجازة

و ما (1) ذكره في حلف الموكل غير مسلّم، و لو سلم فمن جهة ظهور الإقدام على الحلف على ما انكره في رد البيع، و عدم تسليمه له

و مما ذكرنا (2) يظهر وجه صحة عقد المكره بعد الرضا، و أن كراهة المالك حال العقد، و بعد العقد لا تقدح في صحته اذا لحقه الاجازة

المسألة الثالثة: أن يبيع الفضولي لنفسه
اشارة

(المسألة الثالثة): (3) أن يبيع الفضولي لنفسه و هذا غالبا يكون في بيع الغاصب

و قد يتفق من غيره بزعم ملكية المبيع كما في مورد صحيحة الحلبي المتقدمة (4) في الإقالة بوضيعة

+++++++++++

مع سبق منع منه، اي و أما ما ذكره المستدل على البطلان في قوله:

في ص 220 فالمنع الموجود بعد العقد و لو آنا مّا

(1) اى و أما ما ذكره المستدل على البطلان

هذا رد على ما أفاده المستدل بقوله في ص 220: بأنه لو حلف الموكل على نفي الاذن في اشتراء الوكيل انفسخ العقد

و خلاصته: أن الفسخ المذكور ممنوع غير مسلّم، لأنه قد يكون غرض الموكل من الحلف مجرد نفي الوكالة عليه خاصة، فلا يكون مجرد الحلف موجبا للفسخ و إن كان صادرا باذنه و توكيله واقعا

(2) و هو أن الرضا اللاحق موجب لصحة العقد و إن وقع فضولا

(3) اى من المسائل الثلاث التي ذكرها المصنف بقوله في ص: 161 فهاهنا مسائل ثلاث

(4) حيث إن البائع قد اعتقد أن المشتري لما ارجعه الثوب إليه قد رده عليه بوضيعة فالثوب اصبح ملكا له

ص: 223

الأقوى الصحة و الدليل عليه
اشارة

و الأقوى فيه (1) الصحة وفاقا للمشهور، للعمومات المتقدمة (2) بالتقريب المتقدم، و فحوى (3) الصحة في النكاح، و أكثر ما تقدم (4) من المؤيدات، مع ظهور صحيحة ابن قيس المتقدمة (5)

الإشكال على صحة هذا البيع من وجوه
اشارة

و لا وجه للفرق بينه (6)، و بين ما تقدم من الفضولي للمالك إلا وجوه تظهر من كلمات جماعة بعضها مختص ببيع الغاصب

+++++++++++

(1) اى في بيع العاقد الفضولي لنفسه

(2) و هي رواية عروة البارقي المشار إليها في ص 164

و آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المشار إليها في الهامش 2 ص 157

و آية إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ المشار إليها في ص 157

و قوله عليه السلام في ص 158: لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه

(3) اى و لفحوى صحة نكاح الفضولي في الحر و العبد المشار إليها في ص 177

(4) اى و لاكثر ما تقدم من المؤيدات: و هي موثقة جميل المشار إليها في ص 184

و بالأخبار الواردة في جواز الاتجار بمال اليتيم لغير الولي المشار إليها في ص 188

و برواية ابن اشيم المشار إليها في ص 191

و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

و بموثقة عبد الرحمن بن عبد اللّه المشار إليها في ص 197

(5) المشار إليها في ص 169

(6) اى بين بيع الفضولي لنفسه

ص: 224

و بعضها مشترك بين جميع صور المسألة (1)

الوجه الأول و جوابه

(منها) (2): اطلاق ما تقدم من النبويين: لا تبع ما ليس عندك و لا بيع إلا في ملك (3)، بناء على اختصاص مورد الجميع ببيع الفضولي لنفسه (4)

(و الجواب) عنه يعرف مما تقدم: من أن مضمونهما (5) عدم وقوع بيع غير المالك لبائعه غير المالك، بلا تعرض فيهما لوقوعه، و عدمه بالنسبة الى المالك اذا اجاز

الوجه الثاني و جوابه

(و منها): (6) بناء المسألة (7) على ما سبق: من اعتبار عدم سبق

+++++++++++

(1) و هي المسائل الثلاث التي ذكرها الشيخ في تصوير عقد الفضولي

(2) اى من بعض تلك الوجوه الواردة على صحة بيع الفضولي لنفسه

(3) المشار إليهما في ص 204، حيث إن النبويين مطلقان يشملان بيع الفضولي للمالك، و لنفسه

(4) وجه التقييد باختصاص مورد الجميع ببيع الفضولي لنفسه هو عدم جواز إخراج المورد عن الاطلاق، لشموله له لا محالة

بخلاف غير المورد كما في بيع الفضولي للمالك، فإنه يمكن إخراجه عن تحت اطلاق المنع المذكور بما دل على صحته، فهذا هو الفارق بين القسمين:

و هما: بيع الفضولي للمالك، فإن الاطلاق لا يشمله

و بيع الفضولي لنفسه، فإن الإطلاق يشمله

(5) اى مضمون الحديثين النبويين

(6) اى و من بعض تلك الوجوه الواردة على عدم صحة بيع الفضولي لنفسه

(7) و هي مسألة بيع الفضولي لنفسه

ص: 225

منع المالك

و هذا (1) غالبا مفقود في المغصوب

و قد تقدم (2) عن المحقق الكركي أن الغصب قرينة عدم الرضا

و فيه (3) أولا أن الكلام في الأعم من بيع الغاصب

(و ثانيا): أن الغصب أمارة عدم الرضا بالبيع للغاصب، لا مطلقا (4) فقد (5) يرضى المالك ببيع الغاصب، لتوقع الاجازة، و تملك الثمن فليس في الغصب دلالة على عدم الرضا باصل البيع، بل الغاصب و غيره من هذه الجهة سواء

(و ثالثا): قد عرفت (6) أن سبق منع المالك غير مؤثر

الوجه الثالث و جوابه

(و منها): (7)، أن الفضولي اذا قصد الى بيع مال الغير لنفسه فلم يقصد حقيقة المعاوضة (8)، اذ لا يعقل دخول احد العوضين في ملك من

+++++++++++

(1) اى عدم سبق منع من المالك مفقود في الغاصب، فإن الغاصب ممنوع التصرف من قبل المالك، و غير راض بالتصرف

(2) عند نقل الشيخ عنه في ص 219: و يظهر من المحقق الثاني، حيث حمل بيع الغاصب على الفساد

(3) اى و فيما افاده المستدل على البطلان نظر و إشكال

(4) اى حتى و لو للمالك

(5) تعليل لكون الغصب أمارة عدم الرضا بالبيع للغاصب، لا مطلقا

(6) عند قوله في ص 222: و أما ما ذكره من المنع الباقي بعد العقد و لو آنا مّا فلم يدل دليل على كونه فسخا لا ينفع بعده الاجازة

(7) اى و من بعض تلك الوجوه الواردة على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز.

(8) اذ حقيقة المعاوضة دخول الثمن في ملك من خرج عنه المثمن

ص: 226

لم يخرج عن ملكه الآخر فالمعاوضة الحقيقية غير منصورة فحقيقته (1) ترجع الى إعطاء المبيع، و اخذ الثمن لنفسه، و هذا (2) ليس بيعا

(و الجواب) عن ذلك مع اختصاصه (3) ببيع الغاصب: أن (4) قصد المعاوضة الحقيقية مبني على جعل الغاصب نفسه مالكا حقيقيا و إن كان هذا الجعل لا حقيقة (5) له، لكن المعاوضة المبنية على هذا الامر غير الحقيقي حقيقية نظير المجاز الادعائي في الاصول (6)

+++++++++++

و هنا قد دخل الثمن في ملك الغاصب الذي لم يخرج المثمن من ملكه

(1) اى حقيقة هذه المعاوضة

(2) اى إعطاء المبيع من ملك شخص آخر، و اخذ الثمن لنفسه لا يسمى بيعا

(3) اى مع اختصاص الإشكال المذكور: و هو اعطاء المثمن من ملك شخص آخر، و اخذ الثمن لنفسه الذي لازمه عدم قصد المعاوضة الحقيقية

(4) هذا هو الجواب عن الإشكال المذكور و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده

(5) اى لا يجعله مالكا حقيقة و واقعا

(6) حينما يقول: زيد اسد، فإنه يدعي أن زيدا اسد حقيقة و في الواقع، و ينزله منزلة الاسد ادعاء

ففيما نحن فيه كذلك، فإن الغاصب ينزل نفسه منزلة المالك الحقيقي ادعاء، و يرى نفسه هو المالك

و لا يخفى أنه كيف يعقل تنزيل المعاوضة المبنية على امر غير حقيقي منزلة المعاوضة الحقيقية حقيقة، و هل هذا إلا زيادة الفرع على اصله

ص: 227

نعم لو باع (1) لنفسه من دون بناء على ملكية المثمن (2) و لا اعتقاد (3) له كانت المعاملة باطلة غير واقعة له، و لا للمالك، لعدم تحقق معنى المعاوضة (4)، و لذا (5) ذكروا أنه لو اشترى بماله لغيره شيئا بطل، و لم يقع له، و لا لغيره

و المراد (6) ما لو قصد تملك الغير للمبيع بإزاء مال نفسه

و قد تخيل (7) بعض المحققين أن البطلان هنا يستلزم البطلان للمقام:

+++++++++++

(1) اى الفضولي

(2) في الغاصب

(3) كما في بيع مال الغير

(4) اذ معناه كما عرفت هو دخول الثمن في ملك من خرج المثمن عن ملكه

و المفروض أن الفضولي البائع ملك الغير لنفسه اذا لا يبني على كونه مالكا للمثمن، أو لا يعتقد ذلك كيف يصدق عليه مفهوم المعاوضة

(5) اى و لاجل عدم صدق مفهوم المعاوضة اذا لا يبني الفضولي على كونه مالكا للمثمن: أنه لو اشترى شخص بمال نفسه لغيره شيئا و لم ينزل الغير منزلة نفسه لم يقع الشراء له، و لا لغيره

(6) اى المراد من الاشتراء بمال نفسه لغيره

(7) خلاصة هذا التخيل: أن القول بالبطلان في الشراء بمال نفسه لغيره يستلزم القول بالبطلان فيما لو باع مال الغير لنفسه، لأن بيع مال الغير لنفسه عكس تلك المسألة، فاذا ثبت البطلان في الاصل مع أن المشتري بمال نفسه للغير يبني على تنزيل الغير منزلة نفسه: ثبت البطلان في العكس الذي هو بيع مال الغير لنفسه

ص: 228

و هو ما لو باع مال غيره لنفسه، (1)، لأنه عكسه

و قد عرفت (2) أن عكسه هو ما اذا قصد تملك الثمن من دون بناء و لا اعتقاد لتملك المثمن، لأن مفروض الكلام في وقوع المعاملة للمالك اذا اجاز

الوجه الرابع و المناقشات فيه و الجواب عنها

(و منها) (3): أن الفضولي اذا قصد البيع لنفسه

فإن تعلقت اجازة المالك بهذا الذي قصده البائع (4) كان منافيا

+++++++++++

(1) تعليل لكون البطلان في الاصل مستلزم للبطلان في العكس

(2) من هنا يروم الشيخ أن يرد على بعض المحققين الذي تخيل أن البطلان في صورة الاشتراء بمال نفسه للغير مستلزم للبطلان في صورة ما لو باع مال غيره لنفسه، لأنه عكسه

و خلاصته أن عكس الشراء بمال نفسه لغيره: هو بيع الغاصب مال الغير لنفسه بدون تنزيل نفسه منزلة الغير، لأن كلامنا في بيع الغاصب لنفسه مع البناء على أنه يتملك الثمن و لو ادعاء، فعكسه ما ذكرناه، لا ما ذكره بعض المحققين فلا ملازمة بين البطلان فيما لو اشترى بمال نفسه لغيره شيئا

و بين ما لو باع مال غيره لنفسه بانيا على أنه يتملك المثمن و لو ادعاء

مع أنه يمكن القول بالصحة في الاصل الذي هو المقيس عليه: و هو الشراء بمال نفسه لغيره بلحوق الرضا من المالك بهذا الشراء

نعم في صورة العكس و هو بيع الغاصب لنفسه مال الغير غير بان على أنه يتملك المثمن و لو ادعاء لا ريب في بطلانه، لعدم صدق مفهوم المعاوضة الحقيقية هنا

(3) اى و من بعض تلك الوجوه التي استدل بها القائل ببطلان بيع الفضولي مال الغير لنفسه

(4) و هو البيع لنفسه

ص: 229

لصحة العقد، لأن معناها (1) هو صيرورة الثمن لمالك المثمن باجازته

و إن تعلقت (2) بغير المقصود كانت بعقد مستأنف، لا إمضاء النقل الفضولي فيكون (3) النقل من المنشئ غير مجاز، و المجاز (4) غير منشأ

و قد اجاب عن هذا (5) المحقق القمي (6) رحمه اللّه في بعض أجوبة مسائله بأن الاجازة في هذه الصورة (7) مصححة للبيع، لا بمعنى لحوق الاجازة

+++++++++++

(1) اى معنى صحة العقد هو جعل الثمن لمالك المثمن باجازته حتى يصدق مفهوم المعاوضة الحقيقية، فيكون تعلق الاجازة بما قصده البائع مناف لصحة العقد اى لا يجتمعان

(2) اى الاجازة الصادرة من المالك الاصلي إن تعلقت بغير ما قصده العاقد الفضولي و هو البيع لنفسه يكون معناها أنها تعلقت بعقد جديد مستأنف غير ما أنشأه العاقد الفضولي

(3) هذه الفاء تسمى بفاء النتيجة اى نتيجة هذا التعلق، و تالي فاسده أن يكون النقل من المنشئ و هو العاقد الفضولي غير مجاز

(4) و هو الذي تعلقت به اجازة المالك، لكنه غير منشأ من قبل العاقد الفضولي فيلزم حينئذ: أن ما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع و الحال أن العقود تابعة للقصود

(5) اى عن إشكال تعلق الاجازة بقصد البائع، أو بغير ما قصده

(6) علم من أعلام الطائفة الامامية، و محقق من محققيها

يأتي شرح حياته، و شرح مؤلفاته الثمينة في (أعلام المكاسب)

منها: أجوبة مسائله، و الباء في بأن بيان لكيفية الجواب

(7) و هي صورة بيع العاقد الفضولي لنفسه

ص: 230

لنفس العقد كما في الفضولي المعهود (1)، بل بمعنى (2) تبديل رضا الغاصب و بيعه لنفسه برضا المالك، و وقوع البيع عنه

و قال: (3) نظير ذلك فيما لو باع شيئا ثم ملكه

و قد صرح (4) في موضع آخر بأن حاصل الاجازة يرجع الى أن العقد الذي قصد الى كونه واقعا على المال المعين لنفس البائع الغاصب و المشتري

+++++++++++

(1) و هو بيع الفضولي للمالك، فإن الاجازة فيه تتعلق بنفس العقد و شخصه

(2) اى الاجازة في بيع الفضولي لنفسه عبارة عن التبديل و التغيير اى تبديل رضا الغاصب و بيعه لنفسه برضا المالك، و أن البيع الواقع عن البائع الفضولى واقع عن نفسه

(3) اى المحقق القمي قدس اللّه نفسه قال: إن بيع الفضولي مال الغير لنفسه مثيل بيع الفضولي عن المالك ثم ملّكه المالك هبة فاجاز بيع الفضولي بعد تمليكه له

فكما أن اجازة المالك بعد التمليك بالهبة عبارة عن تبديل البيع الواقع عن المالك الى بيعه عن نفسه

كذلك ما نحن فيه: و هو بيع الفضولي مال الغير عن نفسه، فإن الاجازة الصادرة من المالك عبارة عن تبديل رضا الغاصب برضا نفسه و أن بيعه واقع عن شخصه

(4) اى المحقق القمي قدس سره في موضع آخر من أجوبة مسائله افاد في الاجازة الصادرة من المالك في صورة بيع الفضولي لنفسه بيانا آخر غير البيان الاول

و قد ذكر البيان الثاني في المتن فلا نعيده

ص: 231

العالم قد بدلته بكونه على هذا الملك بعينه لنفسي فيكون عقدا جديدا كما هو احد الأقوال في الاجازة

و فيه (1) أن الاجازة على هذا تصير كما اعترف معاوضة جديدة من طرف المجيز و المشتري، لأن المفروض عدم رضا المشتري ثانيا بالمذكور و لأن قصد البائع البيع لنفسه اذا فرض تاثيره في مغايرة العقد الواقع للعقد المجاز فالمشتري انما رضي بذلك الايجاب المغاير لمؤدى الاجازة، فاذا التزم يكون مرجع الاجازة الى تبديل عقد بعقد، و بعدم الحاجة الى قبول المشتري ثانيا فقد قامت الاجازة من المالك مقام ايجابه و قبول المشتري

+++++++++++

(1) اى و فيما افاده المحقق القمي نظر و إشكال

من هنا يروم الشيخ أن يناقش ما افاده المحقق القمي في كلا البنائين فاخذ في الرد على البناء الاول

و خلاصته أن لازم القول بكون الاجازة الصادرة من المالك بناء على أنها عبارة عن تبديل رضا الغاصب الى رضا المالك، و أن البيع الواقع عن الفضولي واقع عن نفسه: هو القول بمعاوضة جديدة من طرف المجيز الذي هو المالك و المشتري، لأن المعاوضة الاولى قد الغيث من ناحية العاقد و المشتري

أما من ناحية العاقد فمعلوم، حيث إنه اوقع العقد لنفسه، ثم جاء المالك و اجاز البيع لنفسه لا للعاقد

و أما من ناحية المشتري فلأن قبوله قد تعلق بما انشأه العاقد الفضولي مع علمه بكون العاقد فضوليا فلا بد من إنشائه قبولا آخر حتى يتملك المبيع

و المفروض عدم رضا المشتري بتبديل العقد ثانيا، لأنه قد رضي بالايجاب المغاير لمؤدى الاجازة، حيث إن الايجاب صادر من العاقد -

ص: 232

و هذا (1) خلاف الاجماع و العقل

و أما (2) القول بكون الاجازة عقدا مستأنفا فلم يعهد من احد من العلماء و غيرهم، و إنما حكى كاشف الرموز عن شيخه أن الاجازة من مالك المبيع بيع مستقل بغير لفظ البيع فهو بيع قائم مقام ايجاب البائع، و ينضم إليه القبول المتقدم من المشتري

و هذا (3)

+++++++++++

الفضولي البيع لنفسه، و الاجازة قد صدرت عن المالك بتبديل البيع لنفسه فاختلف مؤدى الايجاب و الاجازة، فيكون مآل الاجازة الى تبديل عقد و هو الصادر من العاقد الفضولي بعقد آخر و هو الصادر من المالك بواسطة اجازته فلا نحتاج في هذا التبديل الى قبول آخر من المشتري، فلازم هذا التبديل كون الاجازة من المالك قد قامت مقام شيئين:

و هما: ايجاب المالك، و قبول المشتري

و القول بقيام الاجازة مقام شيئين خلاف الاجماع و العقل

أما كونه خلاف الاجماع فواضح، حيث إنه لم يقل احد من الفقهاء:

إن الاجازة قائمة مقام الايجاب و القبول

و أما كونه خلاف العقل فمعلوم أيضا، حيث إنه لا يعقل تبديل ما وقع عما وقع، فإن البيع قد وقع للعاقد فكيف يعقل تغييره و ايقاعه عن المالك؟

(1) و هو أن الاجازة قائمة مقام شيئين كما عرفت آنفا

(2) هذا رد على البناء الثاني للمحقق القمي قدس سره الذي نقله عنه الشيخ بقوله في ص: 231 و قد صرح في موضع آخر

(3) اى ما نقله كاشف الرموز عن شيخه بأن الاجازة من مالك البيع بيع مستقل الى آخر ما نقله عنه

ص: 233

لا يجري فيما نحن فيه (1)، لأنه اذا قصد البائع البيع لنفسه فقد قصد المشتري تمليك الثمن للبائع، و تملك المبيع منه

فاذا بنى على كون وقوع البيع للمالك مغايرا لما وقع فلا بد له من قبول آخر فالاكتفاء عنه (2) بمجرد اجازة البائع الراجعة الى تبديل البيع للغاصب بالبيع لنفسه التزام بكفاية رضا البائع، و انشائه عن رضا المشتري، و انشائه

و هذا (3) ما ذكرناه: من أنه خلاف الاجماع و العقل

فالأولى في الجواب (4) منع مغايرة ما وقع (5) لما اجيز (6)

و توضيحه (7) أن البائع الفضولي إنما قصد تمليك المثمن للمشتري بإزاء الثمن

و أما كون الثمن مالا له، أو لغيره فإيجاب البيع ساكت عنه فيرجع فيه الى ما يقتضيه مفهوم المعاوضة: من دخول العوض في ملك مالك (8) المعوض، تحقيقا (9) لمعنى المعاوضة و المبادلة

+++++++++++

(1) و هو بيع العاقد الفضولي لنفسه

(2) اى عن قبول آخر

(3) اى الاكتفاء برضا البائع و انشائه عن رضا المشتري، و انشائه ثانيا مخالف للاجماع و العقل كما عرفت آنفا

(4) اى الجواب عن الإشكال في الاجازة الصادرة من المالك لبيع الفضولي لنفسه

(5) و هو البيع لنفسه الصادر من العاقد الفضولي

(6) و هو جعل المالك البيع الصادر من الفضولي لنفسه باجازته البيع

(7) اى و توضيح مغايرة ما وقع لما اجيز

(8) و هو المالك الفضولي الذي بنى على أنه مالك ادعاء

(9) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل للقول بدخول العوض

ص: 234

و حيث إن البائع يملك المثمن بانيا على تملكه له، و تسلطه عليه عدوانا، أو اعتقادا لزم من ذلك بناؤه على تملك الثمن، و التسلط عليه

و هذا (1) معنى قصد بيعه لنفسه

و حيث (2) إن المثمن ملك لمالكه واقعا فاذا اجاز المعاوضة انتقل عوضه إليه فعلم من ذلك أن قصد البائع البيع لنفسه غير مأخوذ في مفهوم الايجاب حتى يتردد الامر في هذا المقام بين المحذورين المذكورين (3)

بل مفهوم الايجاب هو تمليك المثمن بعوض من دون تعرض فيه لمن يرجع إليه المعوض، إلا باقتضاء المعاوضة لذلك (4)

+++++++++++

في ملك مالك المعوض اى القول بذلك لأجل تحقيق معنى المعاوضة و المبادلة في الخارج، فإن معنى المعاوضة هو دخول الثمن في ملك من خرج عنه المثمن

و من الواضح أن المثمن قد خرج عن ملك المالك، لا عن ملك العاقد الفضولي

(1) و هو أن البائع يملك المثمن بانيا على تملكه له، و تسلطه عليه عدوانا، أو اعتقادا فيلزم من ذلك بناؤه على تملك الثمن

(2) من هنا يروم الشيخ أن يبرهن على تحقيق معنى المعاوضة و المبادلة في الاجازة الصادرة من المالك في بيع الفضولي مال الغير لنفسه

(3) و هما ما ذكره القائل ببطلان بيع الفضولي مال الغير لنفسه بقوله في ص: 229 فإن تعلقت اجازة المالك بهذا الذي قصده البائع كان منافيا لصحة العقد

و إن تعلقت بغير المقصود كانت بعقد مستأنف جديد، لا امضاء لنقل الفضولي

(4) اى لرجوع العوض في ملك من خرج عنه المعوض، فإن مفهوم المعاوضة و المبادلة هو هذا لا غير

ص: 235

و لكن يشكل (1) فيما اذا فرضنا الفضولي مشتريا لنفسه بمال الغير فقال للبائع الاصيل: تملكت منك، أو ملكت هذا الثوب بهذه الدراهم فإن مفهوم هذا الإنشاء هو تملك الفضولي للثوب فلا مورد لاجازة مالك الدراهم على وجه ينتقل الثوب إليه فلا بد من التزام كون الاجازة نقلا مستأنفا غير ما انشأه الفضولي الغاصب.

و بالجملة (2) فنسبة المتكلم الفضولي تملك المثمن الى نفسه بقوله:

+++++++++++

(1) اى الجواب الّذي قلناه في ص: 234 فالأولى في الجواب منع مغايرة ما وقع لما اجيز ردا على ما أورده الخصم على الاجازة الصادرة من المالك في بيع الفضولي مال الغير لنفسه بقوله في ص: 230 إن لازم هذه الاجازة مغايرة المجاز لما انشأه العاقد الفضولي: لا يأتي في العاقد الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه، لأن تملك المشتري للمثمن بقوله: تملكت قد اخذ في مفهوم الإنشاء و إن كان هو من لوازم البناء على ملكية الثمن عدوانا لكنه مع ذلك لا يبقى مجال للاجازة، لعدم تصور ملكية المشتري على وجه يكون المال منتقلا بالاجازة الى المالك الاصلي

بخلاف البائع الفضولي مال الغير لنفسه، فإنه في مقام الإنشاء يقول:

بعتك بكذا، و المشتري يقول: قبلت، فتكون حقيقة المعاملة هي المبادلة بين المالين، فاجازة المالك يمكن أن تقتضي ملكية الثمن للمالك الاصلي

(2) اى و خلاصة الكلام في هذا المقام الدقيق و محصله: أن نسبة المتكلم الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه تملك المثمن الى نفسه بقوله:

ملكت، أو تملكت كنسبة المتكلم الاصلي الذي يوقع التمليك على المخاطب الفضولي بقوله: ملّكتك هذا الكتاب بعشرة دراهم مع علمه بأن الدراهم ليست له، أو جهله بذلك

ص: 236

ملكت، أو تملكت كايقاع (1) المتكلم الاصلي التمليك على المخاطب الفضولي (2) بقوله: ملكتك هذا بهذه الدراهم، مع علمه بكون الدراهم لغيره أو جهله بذلك

و بهذا (3) استشكل العلامة رحمة اللّه عليه في التذكرة، حيث قال:

+++++++++++

فكما أنه اخذ ايقاع التمليك على المخاطب الفضولي في إنشاء الايجاب لكون الصيغة مشتملة على كاف الخطاب في قوله: ملكتك الكتاب في صورة علم البائع، أو جهله بكون الدراهم ليست للمخاطب الفضولي

كذلك نسبة التمليك الى الفضولي المشتري بمال غيره لنفسه قد اخذت في إنشاء القبول، لأجل اشتمال الصيغة على التملك و كاف الخطاب فلا مجال للاجازة الصادرة من المالك في جعل المال منتقلا الى المالك الاصلي

بخلاف القبول في قبلت في صورة بيع العاقد الفضولي مال الغير لنفسه، حيث إن تملك البائع الفضولي للثمن لم يؤخذ في انشائه لمّا اوجد البيع لنفسه

فللاجازة الصادرة من المالك الاصيل مجال لنقل الثمن الى ملك المالك الاصيل

(1) الجار و المجرور مرفوع محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله:

فنسبة المتكلم و قد عرفت معناه آنفا

(2) و هو المشتري الفضولي

(3) اى و بإشكال المورد على الاجازة اللاحقة على بيع الفضولي مال الغير لنفسه استشكل العلامة قدس سره أيضا في الاجازة، و قال في التذكرة: لو باع الفضولي، أو اشترى مع جهل الآخر فإشكال ينشأ:

ص: 237

لو باع الفضولي مع جهل الآخر فإشكال: من أن الآخر إنما قصد تمليك العاقد

و لا ينتقض (1) بما لو جهل الآخر وكالة العاقد، أو ولايته، لأنه (2) حينئذ إنما يقصد به المخاطب بعنوانه الأعم من كونه أصليا، أو نائبا، و لذا (3) يجوز مخاطبته، و إسناد الملك إليه، مع علمه بكونه نائبا، و ليس إلا بملاحظة المخاطب باعتبار كونه نائبا فاذا صح اعتباره نائبا صح اعتباره على الوجه الأعم من كونه نائبا، أو اصليا.

+++++++++++

من أن الآخر إنما قصد تمليك العاقد(1)

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري و هو دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا كان جهل الآخر بالفضولي يوجب الإشكال في تعلق الاجازة الصادرة من المالك، حيث إن الآخر قصد تمليك العاقد و خاطبه به فكيف يقول الفقهاء بصحة عقد الوكيل؛ أو الولي، مع جهل الآخر الّذي هو احد المتعاقدين بالوكالة، أو الولاية؟

(2) هذا جواب عن الوهم، و خلاصته: أن الآخر الذي هو جاهل بوكالة زيد، أو ولايته إنما يقصد من العقد الصادر منه مخاطبا عاما بعنوانه الأعم، سواء أ كان وكيلا أم وليا أم اصيلا

و لا يقصد بعقده شخص المخاطب بما هو مخاطب

(3) اى و لاجل أن الجاهل الآخر إنما يقصد مخاطبا عاما بعنوانه الأعم، لا شخص المخاطب بما هو مخاطب يجوز له إن يسند الملك الى المخاطب بوصف كونه مخاطبا و إن كان عالما بأنه وكيل عن زيد، أو وليا عليه

و هذا الجواز لا يكون إلا بملاحظة المخاطب باعتباره الأعم: من الاصيل أو النائب

ص: 238


1- راجع تذكرة الفقهاء من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 10

أما الفضولي فهو اجنبي عن المالك لا يمكن فيه ذلك الاعتبار (1)

و قد تفطن بعض المعاصرين لهذا الإشكال (2) في بعض كلماته فالتزم

تارة ببطلان شراء الغاصب لنفسه، مع أنه لا يخفى مخالفته للفتاوى، و أكثر النصوص المتقدمة (3) في المسألة كما اعترف به اخيرا

و اخرى بأن الاجازة إنما تتعلق بنفس مبادلة العوضين و إن كانت خصوصية ملك المشتري الغاصب للمثمن مأخوذة فيها

و فيه (4) أن حقيقة العقد في العبارة التي ذكرناه في الاشكال اعني قول المشتري الغاصب: تملكت، أو ملكت هذا منك بهذه الدراهم ليس إلا إنشاء تملكه للمبيع. فاجازة هذا الانشاء لا يحصل بها تملك المالك الاصلي له، بل يتوقف على نقل مستأنف

+++++++++++

(1) و هو اعتبار التخاطب بكونه أعم من الاصلي، أو النيابي

(2) و هو الذي افاده الشيخ بقوله في ص: 236 و لكن يشكل فيما اذا فرضنا الفضولي مشتريا

و نحن اشرنا الى شرح الإشكال في الهامش 1 ص 236 بقولنا: اي الجواب الّذي قلناه

و بقولنا في الهامش ص 236:2 اي و خلاصة الكلام في هذا المقام

(3) الظاهر عدم تقدم نص حول شراء الغاصب بمال الغير لنفسه

اللهم إلا أن يريد الشيخ قدس سره من تقدم النص الأحاديث الواردة في الاتجار بمال اليتيم التي اشرنا إليها في الهامش 3 ص 188

و قد اشار الى هذا الإشكال العلامة الطباطبائي اليزدي قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 143

(4) اي و في التزام المتفطن المعاصر بالجواب عن الإشكال الذي

ص: 239

فالأنسب في التفصي (1) أن يقال: إن نسبة الملك الى الفضولي العاقد لنفسه في قوله: تملكت منك، أو قول غيره له: ملكتك ليس من حيث هو، بل من حيث جعل نفسه مالكا للثمن اعتقادا (2) أو عدوانا (3) و لذا (4) لو عقد لنفسه من دون البناء على مالكيته للثمن التزمنا بلغويته

+++++++++++

اوردناه على الفضولي اذا كان مشتريا بمال الغير لنفسه باحد الامرين:

تارة ببطلان شراء الغاصب

و اخرى بأن الاجازة إنما تتعلق بنفس مبادلة العوضين نظر و إشكال

و خلاصة الإشكال أن حقيقة العقد بحسب الوجود الخارجي في قول القائل: تملكت لا يكون مركبا من شيئين هما: إنشاء المبادلة، و إنشاء ملكية المشتري للثمن حتى تصحح الاجازة الصادرة من المالك إنشاء الفضولي و يجعل المثمن للمجيز بطبع المبادلة و وضعها

بل حقيقة المبادلة إنما هو امر واحد: و هو إنشاء الفضولي تملكه للمبيع، ثم تصدر الاجازة من المالك بهذا الإنشاء، من دون انتاج لهذه الاجازة تملك المالك الاصيل للمبيع، بل تملكه للمبيع متوقف على عقد مستأنف جديد

(1) اى الأنسب في الفرار عن الاشكال الذي اوردناه على شراء الفضولي لنفسه بمال الغير المشار إليه في الهامش 1 ص 236

(2) بأن اعتقد أن الثمن ملك له بالهبة، أو التملك

(3) كما في الغاصب، حيث يبني على نفسه أنه مالك للثمن فيتصرف فيه تصرف المالك

(4) اى و لاجل أن الغاصب الفضولي العاقد لنفسه يجعل نفسه مالكا للثمن اعتقادا، أو عدوانا

ص: 240

ضرورة عدم تحقق مفهوم المبادلة بتملك شخص المال بإزاء مال غيره

فالمبادلة الحقيقية من العاقد لنفسه لا يكون إلا إذا كان مالكا حقيقيا أو ادعائيا

فلو لم يكن احدهما و عقد لنفسه لم تتحقق المعاوضة و المبادلة حقيقة

فاذا قال الفضولي الغاصب المشتري لنفسه: تملكت منك كذا و كذا فالمنسوب إليه التملك إنما هو المتكلم، لا من حيث (1) هو، بل من حيث عدّ نفسه مالكا اعتقادا، أو عدوانا

و حيث (2) إن الثابت للشيء من حيثية تقييدية ثابت لنفس تلك الحيثية فالمسند إليه التملك حقيقة هو المالك للثمن

إلا أن الفضولي لما بنى على أنه المالك المسلّط على الثمن اسند ملك المثمن الذي هو بدل الثمن الى نفسه، فالاجازة

+++++++++++

(1) اى لا من حيث هو متكلم، بل من حيث إنه بان على نفسه أنه مالك اعتقادا، أو عدوانا

(2) من هنا يروم الشيخ أن يأخذ النتيجة و يصحح شراء الفضولي لنفسه بمال الغير بعد لحوق الاجازة به

و خلاصته: أن الملكية الثابتة للمتكلم الذي هو العاقد الفضولي المقيدة بتلك الحيثية: و هي البناء على كونه مالكا اعتقادا؛ أو عدوانا ثابتة لنفس تلك الحيثية و هي المالك الاصلي فتتعلق الاجازة الصادرة من المالك بنفس الانشاء الذي صدر من العاقد الفضولي

إذا يكون للاجازة الصادرة مجال لنقل المثمن الى مالكه الاصلي فيتحقق بها مفهوم المعاوضة و المبادلة فتصح المعاملة الواقعة من العاقد الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه، فيكون إسناد التملك في الواقع

ص: 241

الحاصلة من المالك متعلقة بإنشاء الفضولي: و هو التملك المسند الى مالك الثمن (1) و هو حقيقة نفس المجيز فيلزم من ذلك (2) انتقال المثمن إليه، هذا

مع (3) أنه ربما يلتزم صحة أن يكون الاجازة للعقد الفضولي موجبة لصيرورة العوض ملكا للفضولي

ذكره (4) شيخ مشايخنا في شرحه على القواعد، و تبعه غير واحد من أجلاء تلامذته

+++++++++++

الى مالك الثمن الذي هو المجيز حقيقة، و بطبع المعاوضة، و وضعها الاولي و لازم ذلك انتقال المثمن الى المالك الاصلي

(1) اى مالك الثمن في الواقع و الحقيقة

(2) و هو أن الاجازة الحاصلة من المالك متعلقة بإنشاء الفضولي و هو التملك المسند الى مالك الثمن

(3) هذا ترق من الشيخ عما افاده في رد الاشكال على العاقد الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه، اى و لنا بالإضافة الى ما ذكرنا دليل آخر

و خلاصته: أن إشكال المغايرة بين المجاز، و ما انشأه العاقد الفضولي إنما يلزم لو كان معنى صحة العقد صيرورة الثمن لمالك المثمن، لأن ما اجيز و هو رد المثمن الى المالك لم ينشأ، و ما انشأ و هو البيع لنفسه لم يجز فيلزم التغاير

بخلاف ما لو كان معنى الصحة أن الثمن لمن قصد كونه له فلا يلزم الاشكال المذكور

و من الواضح أن الفضولي قاصد أن الثمن له، فالاجازة الصادرة من المالك موجبة لصيرورة العوض ملكا للفضولي

(4) اى ذكر هذا الترقي الشيخ كاشف الغطاء قدس سره

ص: 242

و ذكر بعضهم في ذلك (1) وجهين:

(احدهما): أن قضية بيع مال الغير عن نفسه، أو الشراء بمال الغير لنفسه جعل ذلك المال (2) له ضمنا حتى أنه على فرض صحة ذلك البيع، أو الشراء تملكه قبل آن انتقاله الى غيره، ليكون انتقاله إليه (3) عن ملكه

نظير ما اذا قال: اعتق عبدك عني، أو قال: بع مالي عنك، أو اشتر لك بمالي كذا فهو تمليك ضمني حاصل ببيعه، أو الشراء

و نقول في المقام (4) أيضا: اذا اجاز المالك صح البيع، أو الشراء

و صحته تتضمن انتقاله إليه حين البيع، أو الشراء

فكما أن الاجازة المذكورة تصحح البيع، أو الشراء

كذلك تقضي بحصول الانتقال الذي يتضمنه البيع الصحيح فتلك الاجازة اللاحقة قائمة مقام الاذن السابق قاضية بتملكه (5) المبيع، ليقع البيع في ملكه، و لا مانع منه

(الثاني): (6) أنه لا دليل على اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد في انتقال بدله (7) إليه

+++++++++++

(1) اى في رد الاشكال الوارد على الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه

(2) اى للبائع، أو المشتري الفضوليين

(3) اى الى غيره

(4) و هو شراء الفضولي بمال الغير لنفسه

(5) اى بتملك البائع الفضولي، أو المشتري الفضولي

(6) اى الثاني من الوجهين الذين أفادهما البعض في رد الاشكال

(7) و هو الثمن اذا كان العاقد الفضولي بايعا مال الغير لنفسه، و المثمن

ص: 243

بل يكفي أن يكون مأذونا في بيعه لنفسه، أو الشراء به

فلو قال: بع هذا لنفسك، أو اشتر لك بهذا ملك الثمن في الصورة الاولى (1) بانتقال المبيع عن مالكه الى المشتري

و كذا ملك المثمن في الصورة الثانية (2) و يتفرع عليه (3) أنه لو اتفق بعد ذلك (4) فسخ المعاوضة رجع الملك الى مالكه، دون العاقد (5)

(اقول): و في كلا الوجهين نظر

أما الأول (6) فلأن صحة الاذن في بيع المال لنفسه، أو الشراء لنفسه ممنوعة كما تقدم في بعض فروع المعاطاة (7)، مع أن قياس الاجازة على الاذن قياس مع الفارق، لأن الاذن في البيع يحتمل فيه أن يوجب من باب الاقتضاء تقدير الملك آنا ما قبل البيع، بخلاف الاجازة، فإنها لا تتعلق إلا بما وقع سابقا

+++++++++++

اذا كان مشتريا بمال الغير لنفسه

(1) اى ملك العاقد البائع الثمن في الصورة الأولى: و هي البيع لنفسه

(2) اى ملك العاقد المشتري المثمن في الصورة الثانية: و هي الشراء لنفسه

(3) اى على هذا الاذن في البيع و الشراء في قول المالك: بع هذا لنفسك، أو اشتر هذا لنفسك

(4) اى بعد البيع و الشراء

(5) و هو البائع، أو المشتري

(6) اى أما النظر في الوجه الاول و هو الذي افاده البعض بقوله في ص 243: احدهما أن قضية

(7) راجع الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 254 عند قوله: نعم يصح ذلك باحد الوجهين كلاهما في المقام مفقود، الى آخر ص 257

ص: 244

و المفروض أنه لم يقع إلا مبادلة مال الغير بمال آخر

نعم لما بنى هو (1) على ملكية ذلك المال عدوانا، أو اعتقادا قصد بالمعاوضة رجوع البدل إليه، فالاجازة من المالك إن رجعت الى نفس المبادلة أفادت دخول البدل في ملك المجيز

و إن رجعت الى المبادلة منضمة الى بناء العاقد على تملك المال فهي و إن افادت دخول البدل في ملك العاقد

إلا أن مرجع هذا (2) الى اجازة ما بنى عليه العاقد: من التملك و امضائه له (3)، اذ بعد امضائه يقع البيع في ملك العاقد فيملك البدل إلا أن من المعلوم عدم الدليل على تأثير الاجازة في تأثير ذلك البناء في تحقق متعلقه (4) شرعا، بل الدليل على عدمه (5)، لأن هذا (6) مما لا يؤثر فيه الاذن لأن الاذن في التملك لا يؤثر التملك فكيف اجازته (7)

و أما الثاني (8)

+++++++++++

(1) اى البائع الفضولي مال الغير لنفسه، أو المشتري الفضولي بمال الغير لنفسه

(2) و هو دخول البدل في ملك العاقد

(3) اى و إمضاء المالك الاصلي هذا التملك للفضولي باجازته له البيع أو الشراء الصادر منه

(4) أى متعلق الاجازة و هو دخول البدل في ملك العاقد

(5) اى عدم تحقق متعلق الاجازة

(6) و هو تحقق متعلق الاجازة

(7) اى اجازة التملك

(8) اى و أما النظر في الوجه الثاني مما افاده البعض في رد الإشكال

ص: 245

فلما عرفت (1) من منافاته لحقيقة البيع التي هي المبادلة، و لذا (2) صرح العلامة رحمه اللّه في غير موضع من كتبه تارة بأنه (3) لا يتصور، و اخرى بأنه لا يعقل أن يشتري الانسان لنفسه بمال غيره شيئا

بل ادعى بعضهم في مسألة قبض المبيع عدم الخلاف في بطلان قول مالك الثمن: اشتر لنفسك به طعاما

و قد صرح به (4) الشيخ و المحقق و غيرهما

نعم سيأتي في مسألة جواز تتبع العقود للمالك مع علم المشتري بالغصب أن ظاهر جماعة كقطب الدين و الشهيد، و غيرهما أن الغاصب مسلّط على الثمن و إن لم يملكه فاذا اشترى به شيئا ملكه

و ظاهر هذا (5) إمكان أن لا يملك الثمن

+++++++++++

على العاقد المشتري بمال الغير لنفسه بقوله في ص 243: الثاني أنه لا دليل على اشتراط

(1) اى في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في ص 9 عند تعريف البيع بقوله: و هو في الاصل كما عن المصباح المنير مبادلة مال بمال

فالمال قد - اخذ في مفهوم البيع و حقيقته، و تحققه في الخارج فكيف يصح أن يقال بعدم اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد كما افاده البعض بقوله: الثاني أنه لا دليل على اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد

(2) اى و لأجل أن ما ذكره البعض في الوجه الثاني مناف لحقيقة البيع و مفهومه

(3) اى شراء الفضولي لنفسه بمال الغير

(4) اى ببطلان قول مالك الثمن: اشتر به لنفسك طعاما

(5) اى في بادئ الامر أن لا يملك المشتري الثمن، فحينئذ يصح ما افاده البعض في الوجه الثاني: من عدم اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد

ص: 246

و يملك المثمن المشترى (1)

إلا أن يحمل ذلك (2) منهم على التزام تملك البائع الغاصب (3) للمثمن مطلقا كما نسبه الفخر رحمه اللّه الى الأصحاب، أو آنا مّا قبل أن يشتري به شيئا، تصحيحا للشراء.

و كيف كان فالأولى في التفصي عن الإشكال المذكور في البيع لنفسه ما ذكرنا (4)

الوجه الخامس و جوابه

ثم إن مما ذكرنا: من أن نسبة ملك العوض حقيقة إنما هو الى مالك المعوض، لكنه بحسب بناء الطرفين (5) على مالكية الغاصب للعوض منسوب إليه (6) يظهر اندفاع إشكال آخر في صحة البيع لنفسه مختص (7) بصورة علم المشتري الاصيل: و هو (8) أن المشتري الاصيل اذا كان عالما بكون البائع لنفسه غاصبا فقد حكم الأصحاب على ما حكي عنهم بأن المالك

+++++++++++

(1) بصيغة المفعول صفة لكلمة المثمن

(2) اى يحمل امكان أن لا يملك الغاصب الثمن، و يملك المثمن كما افاده قطب الدين و الشهيد، و غيرهما

(3) اى غاصب المثمن

(4) اى في ص 240 عند قوله: فالانسب في التفصي أن يقال: إن نسبة الملك الى العاقد الفضولي

و المراد بالاشكال ما ذكره بقوله في ص: 236 و لكن يشكل فيما اذا فرضنا

(5) و هما: البائع الغاصب، و المشتري العالم بالغصبية

(6) اى الى الغاصب

(7) اى هذا الإشكال الآخر مختص بصورة علم المشتري بكون العاقد غاصبا

(8) اى الإشكال الآخر عبارة عن علم المشتري بغصبية المبيع

ص: 247

لو ردّ فليس للمشتري الرجوع على البائع بالثمن

و هذا (1) كاشف عن عدم تحقق المعاوضة الحقيقية (2) و إلا لكان ردها موجبا لرجوع كل عوض الى مالكه

و حينئذ (3) فاذا اجاز المالك لم يملك الثمن، لسبق اختصاص الغاصب به (4) فيكون البيع بلا ثمن

و لعل هذا (5) هو الوجه في إشكال العلامة في التذكرة، حيث قال بعد الإشكال في صحة بيع الفضولي مع جهل المشتري: إن الحكم في الغاصب مع علم المشتري أشكل (6) انتهى (7)

أقول: هذا الإشكال (8) بناء على تسليم ما نقل عن الأصحاب

+++++++++++

(1) و هو حكم الأصحاب بعدم رجوع المشتري على البائع للثمن اذ رد المالك البيع كاشف عن عدم تحقق المعاوضة الحقيقية، لأن المعاوضة الحقيقية عبارة عن دخول الثمن في ملك من خرج عنه المثمن كما عرفت أكثر من مرة

(2) اى و لو كانت المعاوضة الحقيقية متحققة في الخارج لكان للمشتري حق الرجوع على البائع بالثمن عند ما رد المالك المعاملة

(3) اى و حين أن رد المالك البيع

(4) وجه سبق اختصاص الغاصب بالثمن هو دفع المشتري العالم بالغصبية الثمن الى الغاصب، و تسليطه عليه، فهذا السبب أسبق من السبب الثاني و هو الاجازة الصادرة من المالك

(5) و هو وقوع البيع بلا ثمن

(6) راجع تذكرة الفقهاء من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 10

(7) اى ما أفاده العلامة في المصدر

(8) و هو أن المشتري الاصيل لو كان عالما بأن البائع غاصب فقد حكم الفقهاء بأن المالك لورد فليس للمشتري حق الرجوع على البائع بالثمن

ص: 248

من أنه ليس للمشتري استرداد الثمن مع رد المالك و بقائه، و بعد تسليم أن الوجه في حكمهم ذلك هو مطلق التسليط (1) على تقديري الرد و الاجازة، لأن التسليط المراعى بعدم اجازة البيع إنما يتوجه على القول بالنقل، حيث إن تسليط المشتري للبائع على الثمن قبل (2) انتقاله الى مالك المبيع بالاجازة فلا يبقى مورد للاجازة

و أما على القول بالكشف فلا يتوجه إشكال اصلا، لأن الرد كاشف عن كون تسليط المشتري تسليطا له (3) على مال نفسه، و الاجازة كاشفة عن كونه (4) تسليطا له على ما يملكه غيره بالعقد السابق على التسليط الحاصل (5) بالإقباض، و لذا (6) لو لم يقبضه (7) الثمن حتى اجاز

+++++++++++

(1) و هو تسليط المشتري العالم العاقد الفضولي على الثمن، سواء رد المالك البيع أم لا، و هذا معنى مطلق التسليط

(2) بالرفع محلا خبر لكلمة إن في قوله: حيث إن تسليط

(3) اى البائع الفضولي

(4) اى عن كون تسليط المشتري العالم بالغصبية العاقد الفضولي على الثمن تسليطا له على الثمن الذي كان يملكه غيره و هو المالك الاصيل

(5) بالجر صفة لكلمة التسليط

(6) اى و لاجل أن هذه الاجازة كاشفة عن كون تسليط المشتري الغاصب على الثمن تسليطا له على ملك غيره، فلو لم يقبض المشتري العالم بالغصبية الثمن للغاصب حتى اجاز المالك المعاملة، أو ردّها ليس للغاصب انتزاع الثمن من يد المشتري لورد المالك المعاملة

و كذلك ليس له انتزاعه من يد المالك لو اجاز المالك

(7) اى المشتري العالم بالغصبية كما عرفت آنفا

ص: 249

المالك، أو ردّ لم يكن للغاصب انتزاعه من يد المشتري (1) أو المالك (2)

و سيأتي في مسألة جواز تتبع العقود للمالك تتمة لذلك (3) فانتظر

ثم اعلم أن الكلام في صحة بيع الفضولي لنفسه غاصبا كان أو غيره (4) إنما هو في وقوعه للمالك اذا اجاز، و هو (5) الذي لم يفرق المشهور بينه و بين الفضولي البائع للمالك، لا لنفسه

و أما الكلام في صحة بيع الفضولي و وقوعه لنفسه اذا صار مالكا للمبيع و اجاز (6)، سواء باع لنفسه، أو للمالك فلا دخل له بما نحن فيه (7) لأن الكلام هنا (8) في وقوع البيع للمالك، و هناك (9) في وقوعه للعاقد اذا ملك

+++++++++++

(1) لورد المالك كما عرفت

(2) لو أجاز المالك كما عرفت

(3) اى للعاقد الفضولي اذا اشترى لنفسه بمال الغير

(4) كما لو اعتقد أنه مالك كما في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

(5) اى البيع الفضولي لنفسه غاصبا كان، أو غيره إنما هو في وقوعه للمالك اذا اجاز

(6) اى اجاز المالك للمبيع بالهبة مثلا بعد أن كان قد باع المبيع فضولا البيع الذي صدر منه فضولا

(7) و هو وقوع بيع الفضولي مال الغير لنفسه، أو وقوع الشراء لنفسه للمالك

(8) و هو وقوع بيع الفضولي مال الغير لنفسه للمالك

(9) و هو بيع الفضولي و وقوعه لنفسه اذا صار مالكا

ص: 250

و من هنا (1) يعلم أن ما ذكره في الرياض: من أن بيع الفضولي لنفسه باطل و نسب الى التذكرة نفي الخلاف فيه في غير محله (2)

إلا أن يريد (3) ما ذكرناه و هو (4) خلاف ظاهر كلامه

بقي هنا امران:
اشارة

بقي هنا امران:

الأول: أنه لا فرق على القول بصحة بيع الفضولي بين كون مال الغير عينا أو دينا، أو في ذمة الغير

(الأول): أنه لا فرق على القول بصحة بيع الفضولي بين كون مال الغير عينا أو دينا، أو في ذمة (5) الغير

+++++++++++

(1) و هو ذهاب المشهور الى صحة بيع الفضولي لنفسه اذا اجاز المالك فيصبح ثمن المبيع ملكا للمالك الاصيل

(2) لأنه مع ذهاب المشهور الى صحة بيع الفضولي لنفسه كيف يصح نفي الخلاف في البطلان الى العلامة قدس سره، مع أنه في أبواب الفقه و مبانيها، و أصولها و فروعها ابن بجدتها، و فارس ميدانها

(3) اى يريد صاحب الرياض قدس سره من بيع الفضولي لنفسه ما ذكرناه: و هو وقوعه للعاقد الفضولي اذا ملك المبيع ثم اجاز البيع

(4) اى إرادة صاحب الرياض من بيع الفضولي ما ذكرناه خلاف ظاهر كلامه، حيث إن الظاهر منه هو وقوع البيع للمالك

(5) كأن يقول الفضولي: بعت طنا من الحنطة بذمة زيد بعشرة دنانير

و لما انجر بنا الكلام الى الذمة لا بأس باشارة اجمالية الى أقسامها

اعلم أن بيع الفضولي متعلقا بالكلي يتصور على ثلاثة أقسام:

(الاول): أن يبيع الفضولي الكلي الثابت للمالك على غير المالك كأن يقول: بعتك طنا من الحنطة الثابتة لزيد و الذي هو في ذمة عمرو بعشرة دنانير

(الثاني): أن يبيع الفضولي الكلي الثابت في ذمته و الذي هو لعمرو

ص: 251

و منه (1) جعل العوض ثمنا (2) أو مثمنا (3) في ذمة الغير ثم إن تشخيص ما في الذمة الذي يعقد عليه الفضولي إما باضافة الذمة الى الغير بأن يقول:

+++++++++++

كما لو اسلف زيد عمرا طنا من الحنطة فباع زيد هذا الطن الذي في ذمته من قبل عمرو فضولا: بأن قال: بعتك طنا من الحنطة الذي هو في ذمتي بعشرة دنانير

(الثالث): أن يجعل الفضولي الكلي متعلقا بذمة المالك بواسطة البيع كأن يقول: بعتك طنا من الحنطة الذي هو في ذمة زيد، و الذي هو لعمرو.

أو اشترى لزيد في ذمته كأن يقول: اشتريت طنا من الحنطة لزيد بعشرة دنانير في ذمتي

و قد اشار الشيخ قدس سره الى اثنين من هذه الأقسام و هما: الأول و الثاني بكلمة الغير في موضعين بقوله: بين كون مال الغير عينا، أو في ذمة الغير، حيث اراد من الغير الأول المالك، فتكون الألف و اللام في كلمة الغير عوضا عن المضاف إليه و هو غير الفضولي العاقد كما عرفت في المثال الاول

و اراد من كلمة الغير الثاني غير المالك، سواء أ كان هو الفضولي العاقد أم غيره، فتكون الألف و اللام في كلمة الغير عوضا عن المضاف إليه و هو المالك كما عرفت في المثال الثاني

(1) هذا هو القسم الثالث من بيع الفضولي الكلي اى و من أقسام بيع الفضولي المتعلق بالكلي: جعل الكلي ثمنا، أو مثمنا كما عرفت ذلك في المثالين الذين ذكرناهما في القسم الثالث

(2) فيما اذا اشترى بمال الغير شيئا، و جعل العوض في ذمة الغير

(3) فيما اذا باع مال الغير، و جعل المبيع في ذمة الغير

ص: 252

بعت كرا من طعام في ذمة فلان (1) بكذا، أو بعت هذا بكذا في ذمة فلان (2)

و حكمه أنه لو اجاز فلان يقع العقد له، و إن رد بطل راسا

و إما بقصده (3) العقد له، فإنه اذا قصده (4) في العقد تعين كونه (5) صاحب الذمة، لما عرفت من استحالة دخول احد العوضين في ملك غير من خرج عنه الآخر، إلا على احتمال ضعيف تقدم (6) عن بعض

فكما أن تعيين العوض في الخارج يغني عن قصد من وقع له العقد

كذلك قصد من وقع له العقد يغني عن تعيين الثمن الكلي باضافته الى ذمة شخص خاص

و حينئذ (7) فإن اجاز من قصد مالكيته وقع العقد، و إن رد فمقتضى

+++++++++++

(1) هذا مثال لجعل المثمن في ذمة الغير باضافة الذمة الى الغير

(2) هذا مثال لجعل الثمن في ذمة الغير باضافة الذمة الى الغير

(3) اى بقصد الفضولي وقوع العقد للغير

(4) اى قصد الفضولي الغير في العقد

(5) اى الغير الذي قصده العاقد الفضولي في العقد

(6) و هو الوجه الثاني من الوجهين الذين ذكرهما البعض و نقلهما عنه الشيخ في ص 243 بقوله: و ذكر بعضهم في ذلك وجهين

و قد عرفت ضعف ذلك عند قول المصنف في ص 245: و أما الثاني فلما عرفت من منافاته لحقيقة البيع التي هي المبادلة

(7) اى و حين أن قلنا: إن تعيين العوض في الخارج يغني عن قصد من وقع له العقد، و كذلك قصد من وقع له العقد يغني عن تعيين الثمن الكلي

ص: 253

القاعدة بطلان العقد واقعا، لأن مقتضى رد العقد بقاء كل عوض على ملك صاحبه، إذ المال مردد في باب الفضولي بين مالكه الاصلي، و بين من وقع له العقد، فلا معنى لخروجه عن ملك مالكه و تردده بين الفضولي، و من وقع له العقد، إذ لو صح وقوعه للفضولي لم يحتج الى اجازة و وقع له

إلا أن الطرف الآخر (1) لو لم يصدقه على هذا القصد (2) و حلف على نفي العلم حكم له على الفضولي، لوقوع (3) العقد له ظاهرا كما عن المحقق و فخر الاسلام و المحقق الكركي و السيورى (4) و الشهيد الثاني

و قد يظهر من اطلاق بعض الكلمات كالقواعد و المبسوط وقوع العقد له (5) واقعا

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام: أن الطرف الآخر في المعاوضة، سواء أ كان بايعا للفضولي اذا كان الثمن فضوليا أم مشتريا من الفضولي لو كان المثمن فضوليا لو لم يصدق الفضولي فيما ادعاه: من قصد البيع، أو الشراء للغير، و نفى العلم على فضولية الثمن، أو المثمن، و حلف على ذلك:

لزم الحكم له في كلتا الصورتين ظاهرا، قهرا على الفضولي، لحلف الطرف الآخر على نفي العلم بذلك

(2) و هو ادعاء الفضولي أني قصدت البيع، أو الشراء للغير كما عرفت آنفا

(3) تعليل للحكم للطرف الآخر في الظاهر، و قد عرفته آنفا

(4) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب)

(5) اى للطرف الآخر في الواقع و نفس الامر، لا ظاهرا اى يحكم له في الواقع

ص: 254

و قد نسب ذلك (1) الى جماعة في بعض فروع المضاربة (2)

و حيث عرفت (3) أن قصد البيع للغير، أو اضافته (4) إليه في اللفظ يوجب صرف الكلي الى ذمة ذلك الغير، كما أن اضافة الكلي إليه (5) توجب صرف البيع، أو الشراء إليه (6)

+++++++++++

(1) اى بوقوع العقد للطرف الآخر في الواقع و نفس الامر

(2) قال العلامة قدس سره في القواعد في باب المضاربة: و ليس له(1) أن يشتري من ينعتق على المالك إلا بإذنه، فإن فعل صح و بطلت المضاربة في ثمنه، فإن كان كلّ المال بطلت المضاربة،

و لو كان فيه ربح فللعامل المطالبة بثمن حصته، و الوجه الاجرة

و إن لم يأذن فالأقرب البطلان إن كان الشراء بالعين، أو في الذمة و ذكر المالك، و إلا وقع للعامل مع علمه، انتهى ما افاده العلامة في القواعد

فالشاهد في قوله: و إلا وقع للعامل، حيث اراد من وقوع المعاملة وقوعها للعامل في الواقع و نفس الامر اذا لم يذكر المالك، لأنه لم يقيد الوقوع بالظاهر

و من الواضح أن العامل هنا فضولي، حيث اشترى من ينعتق على المالك بغير اذنه

(3) اى في ص 252 عند قوله: ثم إن تشخيص ما في الذمة الذي يعقد عليه الفضولي إما باضافة الذمة الى الغير الى آخر ما أفاده هناك

(4) اى اضافة البيع الى الغير في اللفظ: بأن قال: بعت لزيد طنا من الحنطة

(5) اى الى الغير

(6) اى الى الغير

ص: 255


1- اى للعامل

و إن لم يقصده (1)، أو لم يضفه (2) إليه ظهر من ذلك (3) التنافي بين

+++++++++++

(1) اى و إن لم يقصد الفضولي البيع، أو الشراء للغير

(2) اى و ان لم يضف الفضولي البيع، أو الشراء الى الغير

فهنا صور أربعة

(الاولى): قصد الفضولي البيع، أو الشراء للغير من دون ابراز باللفظ

(الثانية): إضافة الفضولي البيع، أو الشراء الى الغير باللفظ

(الثالثة): إضافة الفضولي الكلي الى الغير و إن لم يقصد البيع أو الشراء للغير

(الرابعة): اضافة الفضولي الكلي الى الغير و إن لم يضف البيع أو الشراء الى الغير

ففي جميع هذه الصور يوجب صرف الكلي الى ذمة ذلك الغير

(3) اى ظهر لك بعد ذكر هذه الصور أن قصد البيع للغير أو اضافته إليه في اللفظ يوجب صرف البيع الى الغير

وجه الظهور أن العاقد الفضولي عند ما يقول: اشتريت هذا لزيد بعشرة دنانير في ذمتي فقد جمع بين شيئين متناقضين، لأن معنى اشتريت لزيد أن العاقد قصد وقوع المبيع لزيد، و لازمه أن يكون الثمن المدفوع ازاء هذا الشراء من ملك زيد، للزوم خروج الثمن عن ملك من يدخل المثمن في ملكه، و من الواضح أن زيدا هو الّذي دخل المثمن في ملكه

و لكن عند ما يقول العاقد الفضولي بعد ذلك: في ذمتي فقد اسند الكلي و هو ثمن الشراء و اضافه الى نفسه و لازم هذا الإسناد و هذه الاضافة خروج الثمن من ملك من لم يدخل المثمن في ملكه

و هذا معنى الجمع بين المتنافيين و المتناقضين

ص: 256

اضافة البيع الى غيره، و إضافة الكلي الى نفسه (1)، أو قصده من غير اضافة

و كذا بين اضافة البيع الى نفسه، و اضافة الكلي الى غيره (2)

فلو جمع بين المتنافيين بأن قال: اشتريت هذا لفلان بدرهم في ذمتي أو اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمة فلان

ففي الاول (3) يحتمل البطلان، لأنه في حكم شراء شيء للغير بعين ماله

و يحتمل إلغاء أحد القيدين (4)، و تصحيح المعاملة لنفسه (5) أو لغيره (6)

و في الثاني (7) يحتمل كونه من قبيل شرائه لنفسه بعين مال الغير فيقع للغير بعد اجازته

لكن (8) بعد تصحيح المعاوضة بالبناء على التملك في ذمة الغير اعتقادا

+++++++++++

(1) كما في قوله: بعتك طنا من حنطة زيد في ذمتي

(2) كما في قوله: بعتك طنا من الحنطة بذمة زيد

(3) اى المثال الاول و هو قوله: اشتريت هذا لفلان بدرهم في ذمتي

(4) و هما: قيد لفلان، و قيد في ذمتي

(5) اذا الغي قيد لفلان

(6) اذا الغي قيد في ذمتي

(7) اى المثال الثاني و هو قوله: اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمة فلان

(8) اى لكن وقوع المعاوضة للغير مبني على تملك المباشر ذمة الغير اعتقادا، اذ لو لا هذا البناء لم يتحقق مفهوم المعاوضة الحقيقية، حيث اخذ في مفهومها مبادلة مال بمال كما عرفت في تعريف البيع في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 7

ص: 257

و يحتمل الصحة (1) بإلغاء قيد ذمة الغير، لأن تقييد الشراء أولا بكونه لنفسه يوجب الغاء ما ينافيه: من اضافة الذمة الى الغير

و المسألة (2) تحتاج الى تأمل

ثم إنه قال في التذكرة: لو اشترى فضوليا فإن كان بعين مال الغير فالخلاف (3) في البطلان، أو الوقف على الاجازة (4) إلا أن أبا حنيفة قال: يقع للمشتري بكل حال (5)

و إن كان (6) في الذمة لغيره و اطلق اللفظ

قال علماؤنا: يقف على الاجازة، فإن اجازه صح و لزمه اداء الثمن و إن رد نفذ عن المباشر (7)

+++++++++++

(1) اى في المثال الثاني المشار إليه في ص 253 اى يحتمل صحة هذه المعاوضة و وقوعها للعاقد الفضولي بإلغاء قيد ذمة الغير في قوله:

في ص 253 في ذمة فلان

(2) و هي مسألة قصد البيع، أو الشراء للغير، أو إضافته الى الغير باللفظ

(3) اى الخلاف المعهود في بيع مال الغير لنفسه: من البطلان أو التوقف على اجازة الغير جار في الشراء للغير بعين ماله

فكل ما قيل هناك يقال هنا

(4) اى على اجازة المالك

(5) اى سواء اجاز المالك، أم رد

(6) اى الشراء الفضولي الّذي كان للغير إن كان بثمن في ذمة العاقد المباشر، و اطلق اللفظ المباشر عند ما اجرى الصيغة: بأن قال:

اشتريت طنا من الحنطة من دون أن يقول: في ذمتي لفلان

(7) و هو العاقد الفضولي اى يكون الشراء له و يجب عليه دفع الثمن

ص: 258

و به (1) قال الشافعي في القديم و أحمد: و إنما يصح الشراء (2)، لأنه تصرف في ذمته، لا في (3) مال غيره، و إنما (4) توقف على الاجازة لأنه (5) عقد الشراء له، فان اجازه لزمه، و إن رده لزم لمن (6) اشتراه

+++++++++++

(1) اى و بنفوذ الشراء عن المباشر إن رد الشراء الغير قال الشافعي في القديم، حيث كان للشافعي رايان:

راى عند ما كان يسكن في (بغداد) فيسمى قديما

و رأي عند ما ذهب الى البلاد المصرية و سكن في (القاهرة)

فموافقته لنفوذ الشراء للمباشر بعد رد الغير الشراء كانت بعد خروجه من (العراق)، و بعد سكناه في (القاهرة)

(2) اي و إنما يقع شراء الفضولي لنفسه في صورة رد الغير، و لا يقع للغير لاجل أن المباشر قد تصرف في ذمته: بأن جعل الثمن الذي يدفعه الى البائع في ذمته، لا في ذمة الغير

(3) اى و لم يتصرف المباشر الفضولي في مال الغير حتى لا يصح الشراء له كما كان التصرف في مال الغير في الفرض الاول الذي نقله الشيخ عن العلامة بقوله في ص 258: فإن كان بعين مال الغير

(4) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه لو كان الشراء يقع للمباشر المشتري، لأنه قد تصرف في ذمته، و أن الشراء صحيح على هذا الوجه فلما ذا تتوقف المعاملة على اجازة الغير الذي رد الشراء؟

(5) جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: أن التوقف المذكور لاجل أن المباشر قد عقد الشراء للغير من بادئ الامر و إن اضاف الثمن الى ذمته

(6) و هو المشتري المباشر

ص: 259

و لا فرق بين أن ينقد (1) من مال الغير، أولا

و قال أبو حنيفة: يقع (2) عن المباشر و هو جديد للشافعي، انتهى (3)

و ظاهره (4) الاتفاق على وقوع الشراء مع الرد للمشتري واقعا، كما يشعر به تعليله (5) بقوله: لأنه تصرف في ذمته، لا في مال الغير

لكن (6) اشرنا سابقا اجمالا الى أن تطبيق هذا على القواعد مشكل لأنه (7) إن جعل المال في ذمته بالأصالة فيكون ما في ذمته كعين ماله فيكون كما لو باع عين ماله لغيره

+++++++++++

(1) بالقاف بمعنى الدفع و الاعطاء

(2) اى هذا الشراء اذا رده الغير

(3) اى ما افاده العلامة قدس سره

راجع تذكرة الفقهاء من (طبعتنا الحديثة) الجزء 7. ص 9

(4) اى و ظاهر كلام العلامة اتفاق الفقهاء على أن الشراء يقع للمباشر في الواقع اذا رده الغير، لا في الظاهر

وجه الظهور: أن الشراء كما يقع عن المجيز و ينفذ واقعا كذلك يقع و ينفذ عن المباشر واقعا بقرينة المقابلة فكما يراد هناك من الوقوع الواقع كذلك يراد هنا الواقع

(5) اى تعليل العلامة في التذكرة

(6) من هنا يروم الشيخ الإشكال على العلامة فيما افاده: من وقوع الشراء للمباشر المشتري اذا رده الغير

(7) هذا وجه الإشكال

و خلاصته: أن وقوع الشراء للمباشر مخالف للقواعد الفقهية و تطبيقه على تلك القواعد مشكل، لأن المباشر الفضولي إن جعل ثمن الشراء

ص: 260

و الأوفق (1) بالقواعد في مثل هذا (2) إما البطلان لو عمل بالنية (3) بناء على أنه لا يعقل في المعاوضة دخول عوض مال الغير في ملك غيره قهرا

و إما صحته و وقوعه لنفسه (4) لو الغيت النية (5)، بناء (6) على انصراف المعاملة الى مالك العين قهرا و إن نوى خلافه

و إن جعل (7) المال في ذمته، لا من حيث الأصالة، بل من حيث جعل نفسه نائبا عن الغير فضولا فمع الإشكال (8) في صحة هذا لو لم يرجع الى الشراء في ذمة الغير: أن اللازم من هذا أن الغير اذا رد هذه المعاملة، و هذه النيابة تقع فاسدة من اصلها، لا أنها تقع للمباشر

+++++++++++

في ذمته بالأصالة معناه أنه جعله من عين ماله، فيكون حينئذ كمن باع عين ماله لغيره

فكما أنه لا يجوز ذلك، كذلك لا يجوز هذا الشراء

(1) هذا رأي الشيخ حول الشراء للغير فضولا

(2) اى في مثل هذا الشراء

(3) اى نية الشراء للغير

(4) اى لنفس المباشر الفضولي

(5) اى نية الشراء للغير

(6) تعليل لإلغاء النية، اي إلغاء نية الغير مبني على القول بانصراف مثل هذه المعاملة الى مالك العين و هو الثمن و إن نوى المباشر الشراء للغير

(7) اى المباشر الفضولي

(8) اى مع الإشكال في صحة مثل هذه النيابة

وجه الاشكال هو أن جريان الفضولي في الوكالة امر مشكل، لأن الوكالة عبارة عن الاستنابة عن الموكل، و الفضولي عبارة عن المباشرة من عند نفسه فهو مقابل للوكالة

ص: 261

نعم اذا عجز المباشر من اثبات ذلك (1) على البائع لزمه ذلك (2) في ظاهر الشريعة كما ذكرنا سابقا (3) و نص عليه (4) جماعة في باب التوكيل

و كيف كان فوقوع المعاملة في الواقع مرددة بين المباشر، و المنوي (5) دون (6) التزامه خرط (7) القتاد

و يمكن تنزيل العبارة (8)

+++++++++++

(1) اى من اثبات أنه جعل المال في ذمته لا من حيث الأصالة بل من حيث جعل نفسه نائبا عن الغير

(2) اى وقوع الشراء لنفس المباشر يكون في الظاهر، لا في الواقع

(3) اى في ص 254 عند قوله: لوقوع العقد له ظاهرا

(4) اى على وقوع الشراء للمباشر ظاهرا جماعة من المحققين كالمحقق و فخر الاسلام، و المحقق الكركي، و السيوري و الشهيد الثاني

راجع (شرايع الاسلام) الطبعة الجديدة. الجزء 2. ص 205

أليك نص عبارة المحقق في المصدر نفسه

(الرابعة): اذا اشترى انسان سلعة و ادعى أنه وكيل لانسان فانكر كان القول قوله مع يمينه، و يقضى على المشتري بالثمن، سواء اشترى بعين، أم في ذمة، إلا أن يكون ذكر أنه يبتاع له في حالة العقد

(5) و هو الغير الذي اشترى له المباشر الفضولي

(6) اى عند التزامه

(7) اى صعب مستصعب، و امر مشكل

قد مضى شرح كلمتي (خرط القتاد) في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. في الهامش 5. ص 342

(8) اى عبارة العلامة في التذكرة في قوله: و إن رد نفذ عن المباشر

ص: 262

على الوقوع للمباشر ظاهرا، لكنه بعيد (1)

الثاني: الظاهر أنه لا فرق فيما ذكرنا: من أقسام بيع الفضولي بين البيع العقدي و المعاطاة

(الثاني) (2) الظاهر أنه لا فرق فيما ذكرنا: من أقسام بيع الفضولي بين البيع العقدي و المعاطاة، بناء على افادتها للملك، اذ لا فارق بينها و بين العقد، فإن التقابض بين الفضوليين، أو فضولي و اصيل اذا وقع بنية التمليك و التملك فاجازه المالك فلا مانع من وقوع المجاز من حينه، أو من حين الاجازة، فعموم مثل قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ شامل (3)

و يؤيده (4) رواية عروة البارقي، حيث إن الظاهر (5) وقوع المعاملة بالمعاطاة

+++++++++++

(1) اى هذا الحمل بعيد

وجه البعد: أن العلامة قدس سره علل وقوع الشراء للمباشر بقوله:

لأنه تصرف في ذمته، و التعليل هذا يقتضي وقوعه للمباشر في الواقع لا في الظاهر، لأنه اذا كان المراد من وقوع الشراء وقوعه للمباشر ظاهرا لكان الأنسب في التعليل أن يقول: لأن العقد وقع له بمقتضى اطلاقه

(2) اى من الامرين الذين قال الشيخ في ص 251: بقي هنا امران

(3) اى للبيع المعاطاتي، و الشراء المعاطاتي اذا وقعا على نحو الفضولي

(4) اى و يؤيد عدم الفرق بين أقسام البيع الفضولي بين كونه بالعقد، أو بالمعاطاة

(5) اى الظاهر من رواية عروة البارقي

وجه الظهور هو الغلبة، حيث إن أغلب المعاملات الواقعة في الخارج تقع على وجه المعاطاة من بداية ظهور الاسلام الى يومنا هذا كما عرفت ذلك في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في الهامش 2 ص 351 فراجع

ص: 263

و توهم الإشكال (1) فيه من حيث إن الاقباض الذي يحصل به التمليك محرم، لكونه تصرفا في مال الغير فلا يترتب عليه اثر في غير (2) محله، اذ (3) قد لا يحتاج الى إقباض مال الغير كما لو اشترى الفضولي لغيره في الذمة، مع (4) أنه قد يقع الاقباض مقرونا برضا المالك، بناء

+++++++++++

(1) اى و توهم اتيان الإشكال في عدم الفرق بين أقسام البيع الفضولي في وقوعه بالعقد، أو بالمعاطاة في غير محله

وجه الاشكال: أن الاقباض شرط في تحقق المعاطاة في الخارج، لحصول التمليك و التملك بهذا الاقباض

و لا شك أن الاقباض هنا محرم، لكونه تصرفا في مال الغير، و اذا كان محرما لا يترتب عليه الاثر: و هو النقل و الانتقال فلا يقع بيع الفضولي في المعاطاة

(2) اى الاشكال المذكور في غير محله

و قد رد الشيخ الاشكال بأجوبة أربعة، و نحن نذكر كل واحد منها تحت رقمه الخاص

(3) هذا هو الجواب الاول

و خلاصته: أن الاقباض ليس شرطا في تحقق مفهوم المعاطاة، لأن من المعاطاة ما لا يحتاج الى الاقباض كما لو اشترى الفضولي شيئا بذمته لزيد فهنا لا يحتاج الى الاقباض حتى يقال بحرمته، لكونه تصرفا في مال الغير

(4) هذا هو الجواب الثاني

و خلاصته: أنه لو قلنا باحتياج المعاطاة الى الاقباض، لكن نقول بعدم حرمته فيما نحن فيه، لوقوع المعاطاة مقرونة برضا المالك، لكون الفضولي عالما برضاه

ص: 264

على ظاهر كلامهم من أن العلم بالرضا لا يخرج المعاملة عن معاملة الفضولي

مع (1) أن النهي لا يدل على الفساد

مع (2) أنه لو دل لدل على عدم ترتب الاثر المقصود و هو استقلال الاقباض في السببية، فلا ينافي كونه (3) جزء سبب

+++++++++++

هذا بناء على عدم إخراج العلم بالرضا المعاملة عن الفضولي

(1) هذا هو الجواب الثالث

و خلاصته: أنه لو تنازلنا عن مقالتنا: و هو عدم دلالة النهي على حرمة الاقباض، و قلنا بدلالته عليها

لكن نقول بعدم دلالته على فساد البيع، لعدم تعلق النهي بالاقباض من حيث إنه بيع، بل تعلق به من حيث إنه تصرف في مال الغير

و من الواضح أن هذا امر خارج عن حقيقة البيع

(2) هذا هو الجواب الرابع

و خلاصته: أنه لو تنازلنا عما قلناه: من عدم تعلق النهي بالاقباض من حيث هو بيع، بل من حيث هو تصرف في مال الغير، و قلنا بتعلقه به من حيث إنه بيع فيدل على الفساد

لكن نقول: إنه يراد من الفساد عدم ترتب الاثر الذي هو النقل و الانتقال في الخارج: بمعنى أن الاقباض لا يكون سببا مستقلا، و علة تامة لتحقق ذاك الاثر في الخارج

نعم هو جزء سبب لحصول الاثر في الخارج، و جزؤه الآخر هو الرضا و الاجازة

(3) اى الاقباض كما عرفت آنفا

ص: 265

و ربما يستدل على ذلك (1) بأن (2) المعاطاة منوطة بالتراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك، و هما (3) من وظائف المالك، و لا يتصور صدورهما من غيره، و لذا (4) ذكر الشهيد الثاني أن المكره و الفضولي قاصدان اللفظ، دون المدلول، و ذكر أن قصد المدلول لا يتحقق من غير المالك و مشروطة (5) أيضا بالقبض و الاقباض من الطرفين، أو من أحدهما

+++++++++++

(1) اى على بطلان بيع الفضولي في المعاطاة، و عدم جريانه فيه و المستدل هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره

و قد استدل على ذلك بوجهين نشير إليهما عند ما ينقلهما الشيخ عنه

(2) هذا هو الوجه الاول و هو مركب من قياس منطقي من الشكل الاول هكذا:

(الصغرى): المعاطاة منوطة بالتراضي، و قصد الإباحة، أو التمليك من المتعاطيين، فحقيقة المعاطاة ذلك لا غير

(الكبرى): و كل ما كان كذلك فلا يعقل صدوره من الفضولي لأن التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك من وظائف المالك

(النتيجة): فالفضولي لا يقع في المعاطاة

(3) اى التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك كما عرفت في الصغرى

(4) اى و لا جل أن التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك من وظائف المالك، و لا يعقل صدورهما من غيره و هو العاقد الفضولي

(5) بالرفع عطفا على قوله: منوطة، اى و أن المعاطاة مشروطة بالقبض و الاقباض

هذا هو الوجه الثاني من وجهي المستدل

و خلاصته: أن القبض و الاقباض من الطرفين، أو من احدهما

ص: 266

مقارنا (1) للامرين، و لا اثر لهما (2) إلا اذا صدرا من المالك، أو باذنه

و فيه (3) أن اعتبار الاقباض و القبض في المعاطاة عند من اعتبره

+++++++++++

في المعاطاة معتبر، لكن لا مطلقا، بل اذا وقعا مقارنا للاباحة، أو التمليك و إنما يؤثر القبض و الاقباض اذا صدرا من المالك الاصيل، أو باذنه

و من الواضح أن الفضولي ليس باصيل، و لا مأذون من المالك فالقبض و الاقباض الواقعان منه لا اثر لهما

(1) منصوب على الحالية للقبض و الاقباض، اى حال كون القبض و الاقباض مقارنين للتراضي، و الاباحة، أو التمليك كما عرفت

(2) اى للقبض و الاقباض كما عرفت

(3) اي و فيما افاده المحقق التستري: من بطلان جريان الفضولي في المعاطاة نظر

لا يخفى أن الشيخ قدس سره قد تصدى للرد على الوجه الثاني من وجهي المستدل: و هو اشتراط القبض و الاقباض و اعتبارهما في المعاطاة حال كونهما مقارنين للتراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك

و أما الوجه الاول فالشيخ يعترف بمسلمية كلية الكبرى التي عرفتها في الهامش 2 ص 266: لكنه يخدش في الصغرى: و هي عدم تعقل صدور التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك من غير المالك

و قد اشار الى الكبرى بقوله في ص 270: نعم لو قلنا: إن المعاطاة لا يعتبر فيه القبض و الاقباض

و الى الصغرى بقوله في ص: 271 لكن الانصاف

و نحن نشير إليهما عند ما يذكرهما الشيخ

و خلاصة الرد عن الوجه الثاني: أننا لا نعتبر القبض و الاقباض

ص: 267

فيها إنما هو لحصول إنشاء التمليك، أو الاباحة فهو (1) عندهم من الأسباب الفعلية كما صرح الشهيد في قواعده، و المعاطاة عندهم عقد فعلي، و لذا (2) ذكر بعض الحنفية القائلين بلزومها (3) أن البيع ينعقد بالايجاب و القبول و بالتعاطي

و حينئذ (4) فلا مانع من أن يقصد الفضولي باقباضه المعنى القائم بنفسه المقصود من قوله: ملكتك، و اعتبار (5) مقارنة الرضا من المالك للانشاء الفعلي، دون القولي، مع اتحاد أدلة اعتبار الرضا، و طيب النفس

+++++++++++

في المعاطاة، إذ المعاطاة عبارة عن الانشاء الفعلي ينشأ بهما الاباحة أو التمليك فهما خارجان عن حقيقته

نعم هما معتبران عند من اعتبرهما لأجل حصول إنشاء التمليك أو الاباحة فهما سببان فعليان عند هذا المعتبر كالمعاطاة في أنه سبب فعلي ينشأ به التمليك، أو الاباحة

(1) اى القبض و الاقباض كما عرفت آنفا

(2) اى و لاجل أن المعاطاة عند الفقهاء عقد فعلي يحصل به إنشاء الاباحة، أو التمليك

(3) اى بلزوم المعاطاة

(4) اى و حين أن قلنا: إن اعتبار القبض و الاقباض لأجل إنشاء الاباحة، أو التمليك، و ليس لهما ايّ دخل في تحقق مفهوم المعاطاة خارجا حتى يقال بعدم امكان وقوعه من الفضولي

(5) هذا رد على ما أفاده المحقق التستري: من أن المعاطاة مشروطة بالقبض و الاقباض، لكنه لا مطلقا، بل اذا كانا مقارنين بالتراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك

ص: 268

في حل مال الغير لا يخلو عن تحكم (1)

و ما ذكره الشهيد الثاني (2) لا يجدي فيما نحن (3)، فيه لأنا لا نعتبر في فعل الفضولي أزيد من القصد الموجود في قوله (4)، لعدم الدليل (5) و لو ثبت (6) لثبت منه اعتبار المقارنة في العقد القولي أيضا

إلا أن يقال: إن مقتضى الدليل (7) ذلك خرج عنه (8) بالدليل معاملة الفضولي اذا وقعت بالقول

+++++++++++

(1) حيث إن تلك الأدلة متحدة السياق، من دون أن تفرق بين الرضا في السبب القولي و الفعلي فهو في كلا المقامين على نسق واحد

(2) في قوله في ص 63: إن المكره و الفضولي قاصدان اللفظ دون المدلول

(3) و هو وقوع البيع الفضولي في المعاطاة

(4) اى في القول الفضولي

(5) اى لعدم وجود دليل على شيء أزيد من القصد الموجود في القول الفضولي في الانشاء الفعلي الفضولي يعبر عن ذلك الشيء الزائد بمقارنة الرضا من المالك

(6) اى و لو ثبت دليل على شيء أزيد من القصد الموجود في القول الفضولي في الانشاء الفعلي الفضولي لثبت في القول الفضولي أيضا من دون فرق بينهما

(7) و هو وجود شيء أزيد من القصد

(8) اى خرج عن هذا الدليل الدال على وجود شيء أزيد من القصد المعاملة الفضولي الواقع بالقول، فإنه لا يحتاج الى مقارنة الرضا من المالك

ص: 269

لكنك قد عرفت أن عقد الفضولي ليس على خلاف القاعدة (1)

نعم (2) لو قلنا: إن المعاطاة لا يعتبر فيها قبض و لو اتفق معها بل السبب المستقل هو تراضي المالكين بملكية كل منهما لمال صاحبه مطلقا أو مع وصولهما، أو وصول احدهما لم يعقل وقوعها (3) من الفضولي

نعم (4) الواقع منه ايصال المال، و المفروض أنه لا مدخل له في المعاملة فاذا رضي المالك بمالكية من وصل إليه المال تحققت المعاطاة من حين الرضا و لم يكن اجازة لمعاطاة سابقة

+++++++++++

(1) فإن دل دليل على لزوم شيء أزيد من القصد المعبر عنه بمقارنة الرضا من المالك فلا محالة يكون ذلك الشيء الزائد في كلا قسمي عقد الفضولي القولي و الفعلي، و لا اختصاص له بالفعلي

(2) هذا تقرير لكلية الكبرى التى افادها المحقق التستري في الوجه الأول: من أن المعاطاة منوطة بالتراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك و قد عرفت الكلية عند قولنا في الهامش 2 ص: 266: هذا هو الوجه الاول و هو مركب من قياس منطقي

(3) اى وقوع المعاطاة، بناء على توقفها على التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك

(4) اثبات لعدم تأثير المعاطاة الواقعة بالفضولي

و خلاصته: أن غاية ما تدل المعاطاة في الفضولي هو أن الفضولي صدر منه ايصال المال الى الآخر في مقابل ما بذل صاحبه له

و من المعلوم عدم مدخلية هذا الايصال في تحقق المعاطاة خارجا و إنما يتحقق بعد صدور الرضا من المالك فاذا رضي المالك بمالكية من وصل إليه المال تحققت المعاطاة خارجا من حين صدور الرضا: بمعنى عدم وجود معاطاة قبل صدور هذا الرضا، و لذا قال الشيخ: و لم يكن اجازة

ص: 270

لكن (1) الانصاف أن هذا المعنى غير مقصود للعلماء في عنوان المعاطاة إنما قصدهم الى العقد الفعلي

هذا (2) كله على القول بالملك

و أما على القول بالإباحة فيمكن القول ببطلان الفضولي، لأن افادة المعاملة المقصود بها الملك الاباحة (3)

+++++++++++

لمعاطاة سابقة، اى و لم يكن هذا الرضا الحاصل اجازة لمعاطاة كانت واقعة قبل

(1) من هنا يروم الشيخ أن يمنع الصغرى المذكورة في الهامش 2 ص 266 بقولنا: و كل ما كان كذلك فلا يعقل صدوره من الفضولي، لأن التراضي، و قصد الاباحة، أو التمليك من وظائف المالك، و الفضولي ليس مالكا، و لا مأذونا منه

و خلاصة المنع: أننا نمنع كون السبب المستقل في المعاطاة هو التراضي من المالكين لا غير، و أن التراضي في حق الفضولي لا يمكن تصوره و تعقله و أن الفضولي آلة في ايصال المال الى طرفه الآخر، لأن هذا المعنى لا يكون مقصودا من العلماء في المعاطاة عند ما يعنونونه في الأبواب الفقهية، حيث إنهم يرونه من العقود الفعلية، و معنى كونه عقدا فعليا أنه يعتبر فيه جميع ما يعتبر في العقد القولي فهو مشتمل على جميع ما في القولي إلا الرضا فليس معنى الفضولي سوى وقوع ايصال المال الى الآخر كما يستفاد من استدلال المحقق المذكور

(2) اى ما قلناه: من جريان الفضولي في المعاطاة، أو عدم جريانه فيه مبني على القول بكون المعاطاة تفيد الملكية، لا الاباحة

(3) مفعول لقوله: لأن افادة المعاملة

ص: 271

خلاف القاعدة (1) فيقتصر فيها على صورة تعاطي المالكين (2)

مع أن (3) حصول الإباحة قبل الاجازة غير ممكن، و الآثار الاخر مثل بيع المال على القول بجواز مثل هذا التصرف اذا وقعت في غير زمان الاباحة الفعلية (4) لم تؤثر أثرا، فاذا اجاز حدث الاباحة من حين الاجازة

اللهم (5) إلا أن يقال بكفاية وقوعها، مع الاباحة الواقعية اذا كشف

+++++++++++

(1) اذ القاعدة تقتضي متابعة العقود للقصود، و هنا لم تحصل المتابعة لأن المقصود بالمعاطاة التمليك فافادتها الاباحة خلاف القاعدة، فيلزم حينئذ ما وقع لم يقصد، و ما قصد لم يقع

(2) دون تعاطي الفضوليين، أو فضولي واحد

(3) اى و بالإضافة الى أن افادة المعاطاة الاباحة مع قصد المتعاطيين التمليك على خلاف القاعدة يلزم إشكال آخر: و هو حصول الاباحة قبل صدور الاجازة و هو امر غير ممكن: لأن الاباحة تتوقف على طيب النفس المستفاد من قوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه

و لا يخفى أن توقف الاباحة على طيب النفس فيما اذا كان المراد منها الاباحة المالكية

و أما اذا اريد منها الشرعية فهي ثابتة عند قصد المتعاطيين التمليك و لا يتوقف على الطيب

(4) المراد من زمن الاباحة الفعلية هو زمان صدور الاجازة من المالك

(5) استدراك عما افاده: من عدم تأثير للآثار الأخرى اذا وقعت في غير زمن الإباحة الفعلية

و خلاصته: أنه اذا قلنا بكفاية وقوع تلك الآثار مع الإباحة الواقعية و هي زمن الكشف فحينئذ تؤثر تلك الآثار مثل البيع و الهبة أثرها

ص: 272

عنها الاجازة، فافهم (1)

القول في الإجازة و الرد(القول في الاجازة و الرد)
أما الكلام في الاجازة
اشارة

أما الكلام في الاجازة فيقع

(تارة) في حكمها و شروطها (و اخرى) في المجيز

(و ثالثة في المجاز)

أمّا حكمها،
هل الإجازة كاشفة أم ناقلة
اشارة

أما حكمها فقد اختلف القائلون بصحة الفضولي (2) بعد اتفاقهم على توقفها على الاجازة (3) في كونها كاشفة: بمعنى أنه يحكم بعد الاجازة بحصول آثار العقد من حين وقوعه حتى كأن الاجازة وقعت مقارنة للعقد

أو ناقلة: بمعنى ترتب آثار العقد من حينها حتى كأن العقد وقع حال الاجازة (4) على قولين (5)

+++++++++++

(1) لعله اشارة الى ما قلناه: من أن المراد من الاباحة الاباحة المالكية، فلذا تتوقف على الاجازة

بخلاف ما اذا كان المراد منها الاباحة الشرعية

(2) قد عرفت في اشتراط كون المتعاقدين مالكين صحة عقد الفضولي بعد صدور الاجازة من المالك الاصيل

(3) حيث إنها شرط في صيرورة المعاملة صحيحة

(4) و تظهر الثمرة على القولين في النماءات المترتبة على العين من حين صدور العقد الى زمن صدور الاجازة

فإن قلنا بالكشف فنماءات كل من المثمن و الثمن لصاحبهما، اى نماء المثمن للمشتري، و نماء الثمن للبائع قبل صدور الاجازة

و إن قلنا بالنقل فنماء المثمن لصاحبه، و نماء الثمن لصاحبه قبل الاجازة

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: اختلف القائلون

ص: 273

الأكثر على الكشف
الكلام في أدلة القائلين بالكشف و المناقشات فيها

فالاكثر على الاول (1)

+++++++++++

(1) و هو الكشف

قبل الورود في أدلة الطرفين في مقام الاثبات لا بأس بالتكلم عن مقام الثبوت: و هو إمكان كل واحد منهما، اذ مع امتناع احدهما، أو كليهما ثبوتا لا مجال للبحث عن مقام الاثبات حتى يقال: إن مقتضى القواعد العامة الكشف، أو النقل

فنقول: ذهب بعض الأعلام الى امتناع القول بالنقل في الاجازة للزوم تأثير المعدوم و هو العقد المنصرم في الموجود و هو النقل، فإن العقد بعد صدور الاجازة كان معدوما فكيف يؤثر في الموجود، اذ العقد إما تمام السبب في الاثر و هو النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري أو جزئه، و على كلا التقديرين لا يعقل تأثيره في الموجود

و فيه أن المعدوم عند صدور الاجازة هو اللفظ الصادر من العاقد لا المعنى المنشأ الذي هو النقل و الانتقال بواسطة اللفظ، اذ هو باق في عالم الاعتبار فلا يصح قياسها بالامور التكوينية

بعبارة أوضح أن العقود الصادرة بواسطة الألفاظ، أو الأفعال ليست بمثابة العلل التامة في التأثيرات بحيث كلما وجدت العلة وجد المعلول، بل هي موضوعة لحكم العقلاء و الشارع

و الدليل على ذلك صحة النسخ في العقود الخيارية، و صحة الإقالة و غير ذلك من الامور المبتنية على بقاء ذلك المعنى الاعتباري

و أما الكشف فقد قيل بامتناعه، لتوقفه على الشرط المتأخر و هو الاجازة و هو محال.

ص: 274

..........

+++++++++++

و ما يلزم من وجوده المحال فهو محال أيضا

و أما وجه كون الشرط المتأخر محالا ففيه بحث دقيق عميق تعرض له الأساطين من الأعلام، و تصدوا للجواب عنه

و نحن ذكرنا هذا الموضوع مع الجواب عنه مسهبا في شرحنا على الكفاية (دراسات في اصول الفقه) الجزء 2 من ص 21 - الى 32

أليك موجز ما ذكرناه في المصدر

اعلم أن الوجه في محالية الكشف هو محالية الشرط المتأخر الذي هو الاجازة، لأن الشرط من أجزاء العلة التامة و اذا كان من أجزاء العلة فيجب تقدمه، لوجوب تقدم العلة بتمام أجزائها على المعلول، و حينئذ يمتنع تأثير المتأخر وجودا في المتقدم وجودا و هو العقد، لأن وجود العقد كان قبل وجود الاجازة كما هو المفروض فكيف يعقل تأثيره فيه

إذا يمتنع القول بالكشف

بيان ذلك أنه قد قرر في علم المعقول أن العلة لا بدّ أن تكون مقارنة للمعلول زمانا، و متقدمة عليه رتبة، من دون فرق بين العلة التامة أو جزء العلة

اذا عرفت ذلك فلا معنى لتأخر الشرط عن المشروط، أو المقدمة عن ذيها، لأن تأخر الشرط الذي هو جزء العلة يستلزم أن يكون المعلول معدوما قبل وجوده و تحققه، و المفروض أنه موجود

فاذا يلزم عدم تأثيره فيه و هو خلف، ضرورة أن العلة لا محالة مؤثرة في المعلول تامة كانت، أو ناقصة

غاية الامر أن التأثير يختلف بحسب حال العلة، لأن العلة إن كانت

ص: 275

..........

+++++++++++

تامة كان تأثيرها تاما، و إن كانت ناقصة كان تأثيرها ناقصا

و على هذا فلو فرض تأثير الشرط المتأخر وجودا في المعلول فعلا لزم تأثير المعدوم في الموجود و هو محال، لأن الشرط حين وجود المعلول كان معدوما، و معه كيف يؤثر فيه

و الاشكال هذا بعينه يجري في الشرط المتقدم زمانا أيضا، كما في العقد في باب الوصية، و في مسألة الصرف و السلم، فإن العقد في الاول سبب لحصول الملكية بعد الموت و شرط له، مع أنه متقدم عليه زمانا، لأن العقد في زمان حياة الموصي، و حصول الملكية بعد مماته

و في الثاني سبب لحصول الملكية بعد القبض و الاقباض، لا قبلهما فيكون متقدما عليه زمانا، مع انصرام العقد في كليهما حين وجود المشروط و تحققه

فاذا كيف يكون مثل هذا العقد مؤثرا

فكما أن تأثير المتاخر زمانا في المتقدم زمانا غير معقول كالاجازة

كذلك تأثير المتقدم زمانا في المتأخر زمانا، لأن التأثير و التأثر يقتضيان المقارنة بحسب الزمان

مثال تأثير المتقدم زمانا في المتأخر زمانا غسل المستحاضة قبل الفجر فإنه شرط لصحة الصوم، مع أنه متقدم عليه زمانا

و لا يخفى أن الإشكال المذكور بعينه يجري في كل عقد من العقود بالنسبة الى غالب أجزائه، فإن أجزاءه كالباء و العين و التاء في بعت مثلا تنصرم شيئا فشيئا حين القبول، و أجزاء القبول كالقاف و الباء و اللام و التاء في قبلت مثلا تنصرم حين التأثير في المشروط و هو حصول الملكية للطرفين

ص: 276

و استدل عليه (1) كما عن جامع المقاصد و الروضة بأن (2) العقد سبب تام في الملك، لعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و تمامه (3) في الفضولي إنما يعلم بالاجازة فاذا اجاز تبين كونه تاما يوجب ترتب الملك عليه، و إلا (4) لزم أن لا يكون الوفاء بالعقد خاصة، بل به مع شيء آخر

و بأن (5) الاجازة

+++++++++++

و المقارن لحصول الملكية إنما هو التاء، لا جميع حروف الايجاب و القبول

فكيف يمكن تقدم الشرط، أو المقتضي على المشروط، مع أنه جزء العلة، و العلة بأجزائها متقدمة على المعلول رتبة، و مقارنة له زمانا، و لازم القول بالتقدم زمانا هو تصرم أجزاء العلة حين وجود المعلول، مع ضرورة اعتبار مقارنتها معه زمانا

إذا يلزم انخرام القاعدة العقلية: و هي مقارنة أجزاء العلة لوجود المعلول زمانا، و تقدمها عليه رتبة في الشرط المتأخر و المتقدم، و في كل عقد بالنسبة الى غالب أجزائه المتصرمة، و لا يختص الإشكال المذكور الشرط المتأخر كما عرفت

و أما الجواب عن هذه العويصة المشكلة فيأتي عند ما يحتال الشيخ في الجواب عنها

(1) اى على الكشف بدليلين

(2) هذا هو الدليل الاول، و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده و المراد من تمامية السبب كون العقد علة تامة للنقل و الانتقال

(3) اى و تمام العقد

(4) اى و إن لم يكن تمام العقد في الفضولي بالاجازة

(5) هذا هو الدليل الثاني للمحقق الكركي و هو مركب من مقدمات ثلاث:

ص: 277

متعلقة بالعقد (1) فهي (2) رضا بمضمونه، و ليس (3) إلا نقل العوضين من حينه

و عن فخر الدين في الايضاح الاحتجاج لهم (4) بأنها لو لم تكن كاشفة (5) لزم تأثير المعدوم (6) في الموجود، لأن العقد حالها عدم، انتهى

و يرد على الوجه الاول (7) أنه إن اريد بكون العقد سببا تاما كونه علة تامة للنقل اذا صدر عن رضا المالك فهو مسلم

إلا أن بالاجازة لا يعلم تمام ذلك السبب، و لا يتبين كونه تاما، إذ الاجازة لا تكشف عن مقارنة الرضا، غاية الامر أن لازم صحة عقد الفضولي

+++++++++++

(الاولى): إنشاء النقل من العاقد الفضولي من زمن العقد

(الثانية): أن اجازة المالك متوجهة الى تمام ما انشأه الفضولي بعقده

(الثالثة): أن أدلة صحة عقد الفضولي باجازة المالك تقضي بوقوع ما انشأه الفضولي ثم رضا به المالك

(1) هذه هي المقدمة الثانية

(2) اى الاجازة رضا بمضمون العقد

هذه هي المقدمة الثالثة

(3) اى و ليس مضمون العقد سوى نقل العوضين من حين وقوع العقد هذه هي المقدمة الاولى

(4) اى للقائلين بالكشف

(5) بأن كانت ناقلة

(6) كما عرفت في الهامش 1 ص 274 عند قولنا: للزوم تأثير المعدوم في الموجود

(7) اى من وجهي استدلال المحقق الكركي على الكشف في الاجازة في نقل الشيخ عنه في ص 277 بقوله: بأن العقد سبب تام في الملك

ص: 278

كونها قائمة مقام الرضا المقارن فيكون لها دخل في تمامية السبب كالرضا المقارن فلا معنى لحصول الاثر قبله

و منه (1) يظهر فساد تقرير الدليل (2) بأن العقد الواقع جامع لجميع الشروط، و كلها حاصلة إلا رضا المالك فاذا حصل بالاجازة عمل السبب عمله، فإنه إذا اعترف أن رضا المالك من جملة الشروط فكيف يكون كاشفا عن وجود المشروط (3) قبله

و دعوى (4) أن الشروط الشرعية ليست كالعقلية، بل هي بحسب

+++++++++++

(1) اى و من ايرادنا على الوجه الاول

(2) و هو القول بالكشف كما ذهب إليه المحقق الكركي

و الباء في بأن العقد بيان لكيفية تقرير دليل الكشف الذي افاده المحقق الكركي

و التقرير هذا عين الدليل الذي اقامه المحقق الكركي

لكن بتعبير آخر: و هو أن عقد الفضولي جامع لشروط الإمضاء و أنه سبب تام عند الشارع، و موجب لترتب مسببه عليه و هو النقل و الانتقال فيتوجه نحوه خطاب وجوب الوفاء بالعقد بعد صدور الاجازة

(3) تعليل من الشيخ لظهور فساد التقرير المذكور

خلاصته: أن القائل بالكشف اذا اعترف أن رضا المالك من جملة شرائط صحة العقد فكيف يعقل أن يكون الرضا كاشفا عن وجود المشروط و هو النقل و الانتقال قبل وجود الشرط الذي هو الاجازة الحاصل برضا المالك

(4) المدعي هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره القائل بالكشف فإنه لدفع محذور الشرط المتأخر ادعى أن الشروط الشرعية ليست كالشروط العقلية

ص: 279

ما يقتضيه جعل الشارع فقد يجعل الشارع ما يشبه تقديم المسبب على السبب كغسل الجمعة يوم الخميس، و إعطاء الفطرة قبل وقتها، فضلا عن تقدم المشروط على الشرط كغسل الفجر بعد (1) الفجر للمستحاضة الصائمة و كغسل (2) العشاءين لصوم اليوم الماضي على القول به

+++++++++++

و خلاصة ما افاده في هذا المقام هو التصرف في لفظ الشرط، لا في معناه. فإن معناه الاصطلاحى الذي هو تقدم الشرط على المشروط عقلا باق على ما كان، و كيفية التصرف هي أن الشرط في الحقيقة في الموارد المذكورة هو الامر المنتزع من الشرط المتأخر، و الامر المنتزع هو تعقب الاجازة بالعقد، و لحوقها به، و هذا أمر مقارن للعقد، أو تعقب الغسل في يوم الخميس بيوم الجمعة، أو تعقب اعطاء الفطرة قبل وقتها بوقتها أو تعقب غسل المستحاضة قبل الفجر بوقت الفجر

و ليس الشرط بنفسه شرطا حتى يقال: إنه متأخر فكيف يجوز أن يجعل شرطا، مع أنه لا بدّ من تقدم العلة بتمام أجزائها على معلولها

و السر في ذلك هو أن الأحكام الشرعية من الامور الاعتبارية فتكون حقيقتها نفس الاعتبار و عينها فيجوز للمعتبر أن يعتبر الشرط امرا غير موجود فيجعل ما يشبه تقديم المسبب على السبب كما في تقديم غسل الجمعة في يوم الخميس، أو تقديم إعطاء الفطرة على وقتها و هو إهلال هلال شوال

(1) اى بعد طلوع الفجر، فإن طلوعه شرط في وجوب الغسل للمستحاضة حتى يصح صومها، فتقديم الغسل هنا من باب تقديم المشروط على الشرط

(2) اى و كغسل المستحاضة لصلاة المغرب و العشاء، فإن الأغسال الليلية للمستحاضة معتبرة في صحة صومها في اليوم الماضي بحيث لو لم تغتسل لم يصح صومها المتقدم

ص: 280

مدفوعة (1) بأنه لا فرق فيما فرض شرطا، أو سببا بين الشرعي، و غيره

و تكثير الأمثلة (2) لا يوجب وقوع المحال العقلي فهي كدعوى أن التناقض الشرعي بين الشيئين (3) لا يمنع عن اجتماعهما، لأن النقيض الشرعي غير العقلي

فجميع ما ورد مما يوهم ذلك (4) أنه لا بدّ من التزام أن المتأخر ليس سببا، أو شرطا، بل السبب و الشرط هو الامر المنتزع من ذلك (5)

+++++++++++

(1) اى دعوى صاحب الجواهر مردودة

(2) اى من صاحب الجواهر بقوله: كغسل الجمعة في يوم الخميس و كإعطاء الفطرة قبل وقتها، و كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة لصحة صومها، و كغسل العشاءين لصوم اليوم الماضي

و قد نقل الشيخ هذه الأمثلة عنه في ص 280

(3) كما في الحدث و الطهارة، حيث جعل الشارع الحدث مناقضا للطهارة، فهما متناقضان لا يمكن اجتماعهما شرعا، كالمتناقضين العقليين في عدم اجتماعهما

فدعوى جواز اجتماعهما مخالف لحكم العقل

(4) و هو تأخر الشرط عن المشروط الذي هو محال عقلي

(5) اى من الشرط المتأخر

و المنتزع في الأمثلة التي ذكرها الشيخ عن صاحب الجواهر و نظائرها هو تعقب الغسل في يوم الخميس بيوم الجمعة، و تعقب إعطاء الفطرة قبل الإهلال بوقتها، و تعقب الغسل قبل الفجر بالفجر

و من الواضح أن التعقب امر مقارن للغسل، لا متأخر عنه

ص: 281

لكن ذلك (1) لا يمكن فيما نحن فيه (2) بأن يقال: إن الشرط (3) تعقب الاجازة، و لحوقها بالعقد

و هذا (4) امر مقارن للعقد على تقدير (5) الاجازة، لمخالفته (6) الأدلة

+++++++++++

(1) و هو الامر المنتزع

(2) و هو العقد الفضولي

(3) اى فيما نحن فيه

(4) و هو تعقب الاجازة و لحوقها بالعقد مقارن للعقد حين وقوعه

(5) اى على فرض صدور الاجازة من المالك الاصيل

(6) تعليل لعدم إمكان كون تعقب الاجازة و لحوقها بالعقد على تقدير صدورها هو الشرط، لا نفس الاجازة حتى يلزم المحذور المذكور

و خلاصته: أن جعل التعقب المنتزع من الشرط هو الشرط مخالف للأدلة الفقهية، حيث إنها تصرح بأن الشرط هو نفس الاجازة و شخصها لا الامر المنتزع حتى يقال: إنه مقارن للعقد فلا يلزم المحذور المذكور

و لا يخفى أن الاساطين من الأعلام قد تصدوا للجواب عن هذه العويصة الغامضة، و المشكلة الصعبة و هي الشرط المتأخر لو قلنا:

إن الاجازة كاشفة

و نحن اجبنا عنها في تعليقتنا على الكفاية (دراسات في اصول الفقه) الجزء 2. من ص 22-32 ما يناسب المقام، فجاء بحمد اللّه تبارك و تعالى وافيا للمراد، و كافيا للبيان

أليك ما ذكرناه هناك:

إن الموارد التى توهم انخرام القاعدة العقلية: و هي تقدم العلة بتمام أجزائها على المعلول، سواء أ كان في الشرط المتأخر

ص: 282

..........

+++++++++++

أم في الشرط المتقدم لا يخلو من أن يكون المتقدم، أو المتأخر إما شرطا في التكليف، أو في الوضع، أو في المأمور به

و قبل الخوض في ذلك لا بدّ من ذكر مقدمة و هي:

إن الشرط كما مر آنفا إما متقدم، أو متأخر، أو مقارن

و كل من هذه الثلاثة: كما علمت إما شرط في التكليف، أو في الوضع أو في المأمور به، فهذه تسعة أقسام:

(الاول): الشرط المتقدم للتكليف كقولك: اذا جاء زيد فاكرمه بعده بيوم، فالمجيء شرط لوجوب الإكرام، مع أنه متقدم عليه بحيث يتحقق وجوب الإكرام بعد ذلك بيوم؛ و ليس له مثال في الشرعيات

و أما التمثيل له بالعقل، و البلوغ و غيرهما فغير صحيح، لأنهما ليسا من الشروط المتقدمة للمشروط، فلا يكون العقل، أو البلوغ شرطا متقدما للتكليف

(الثاني): الشرط المتقدم للوضعيات كالعقد في الوصية، فإن العقد شرط لحصول الملكية التي هي اثر وضعي، مع أنه متقدم على المشروط زمانا

(الثالث): الشرط المتقدم للمأمور به كغسل المستحاضة في الليل لصوم الغد، فإن الغسل شرط لصحة الصوم غدا، مع أنه متقدم و منصرم حين تحقق المشروط و هو الصوم

(الرابع): الشرط المتأخر للتكليف كقولك: تصدق بدرهم قبل مجيء زيد بيومين، مع أن المجيء شرط لوجوب التصدق

(الخامس): الشرط المتأخر للوضع كما في الاجازة، بناء على القول بالكشف، فإن الاجازة شرط لصحة العقد، و لحصول الملكية، فهو شرط متأخر

ص: 283

..........

+++++++++++

(السادس): الشرط المتأخر للمأمور به كالأغسال الليلية للمستحاضة المعتبرة في صحة صومها الماضي، فإن الغسل شرط لصحة المأمور به و هو الصوم، مع تأخره عنه

(السابع): الشرط المقارن للتكليف كالوقت بالنسبة الى الصلاة فإنه شرط لوجوب الصلاة، و مقارن له

(الثامن): الشرط المقارن للوضع كالعلم بالعوضين المعتبر في صحة البيع، أو نحوه، فإنه شرط مقارن لصحته التي هي من الأحكام الوضعية

(التاسع): الشرط المقارن للمأمور به كالستر للصلاة، فإنه شرط مقارن لها

اذا عرفت هذه الأقسام فاعلم أن الجواب عن العويصة الواردة على الشرط المتقدم، و المتأخر متوقف على ذكر امرين

(الاول): أنه لا إشكال في كون الأحكام الشرعية من قبيل الأعراض

فكما أن العرض امر بسيط في الخارج، لا مادة له، و لا صورة

فكذلك الأحكام الشرعية فإنها بسائط، لا مادة لها، و لا صورة فلا علة لها سوى العلة الفاعلية، و الغائية

خذ لذلك مثالا الوجوب المتعلق بالصلاة، أو الزكاة، و كذا بقية الأحكام ليس له مادة و صورة، لا في الخارج، و لا في الذهن

بل له علل أربعة مشهورة:

منها العلة الفاعلية القائمة بوجود موجدها

و منها العلة الغائية و هي العلم بمصالح الوجوب و هي متقدمة في الذهن و متأخرة في الوجود الخارجي

ص: 284

..........

+++++++++++

(الثاني): أنه لا إشكال في كون الأوامر و النواهي الصادرة من الموالي الحقيقية. أو العرفية من الأفعال الاختيارية، و اذا كان كذلك فلا بد للمولى من تصور كل ماله دخل في غرضه ذهنا عند ما يريد أن يأمر بشيء، أو ينهي عن شيء، ليرغب في الامر به، أو النهي عنه بحيث لو لم يتصور كل ماله دخل في غرضه ذهنا لم يقع ذلك الشيء مرغوبا عنده

و يسمى الذي له دخل في غرضه شرطا، سواء أ كان متقدما أم متأخرا أم مقارنا

خذ لذلك مثالا:

إن المولى حين يأمر بالصلاة لا بدّ أن يلاحظ جميع ماله دخل في الأمر بها: من المصالح حتى يأمر بها: بحيث لولاه لما صدر الامر منه

اذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أن الشرط في هذه الموارد، سواء أ كان شرطا في التكليف، أم في الوضع، أم في المأمور به إنما هو الشرط بوجوده العلمي، لا بوجوده الخارجي حتى يرد الإشكال المشهور، فإنه بعد أن كان الحكم امرا بسيطا، لأنه كالعرض، و ليس له من العلل الاربعة المشهورة سوى العلة الفاعلية و الغائية

و قلنا: إن العلة الغائية متقدمة في الذهن، و متأخرة من حيث الوجود الخارجي، و قلنا: إن الأوامر الصادرة من الموالي الحقيقية، أو العرفية من الأفعال الاختيارية: لا مجال لورود الإشكال على القول بالكشف حتى يقال: إن الشرط في الموارد المذكورة هو الوصف المنتزع الذي هو عنوان التعقب، أو اللحوق، و هذا امر مقارن للعقد، لا متأخر، ثم يقال

ص: 285

..........

+++++++++++

بعدم امكان الوصف المنتزع في الاجازة، لمخالفته لظاهر الأدلة، فإن الأدلة ظاهرة في أن الشرط هو الاجازة بنفسها و بوجودها الخارجي لا بالوصف المنتزع

اذا لا تنخرم القاعدة العقلية: و هي تقدم العلة بتمام أجزائها على المعلول

فتحصل من مجموع ما ذكرنا أن الشرط سواء أ كان في التكليف أم في الوضع شرط بلحاظه التصوري الذهني، لا بوجوده الخارجي، و لا يلزم أن يكون متأخرا، فلا دخل للاجازة في الحكم بالملكية

و كذا لا دخل للملاقاة في الحكم بالنجاسة، لأن الشارع قد لاحظ الاجازة، أو الملاقاة للنجاسة ثم حكم بالملكية، أو النجاسة

هذا تمام الكلام في الشرط المتأخر، أو المتقدم، سواء أ كان في التكليف أم في الوضع

و أما الكلام في الشرط المتأخر، أو المتقدم في المامور به

فنقول: إن بيانه يتوقف على ذكر مقدمة وجيزة:

و هي أن الأشياء على ثلاثة أقسام:

(الأول): كون الحسن، أو القبح في الشيء ذاتيا: بمعنى أنهما علتان كالظلم و العدل، فإن الاول قبيح ذاتا فيستحيل انفكاك القبح منه اينما وجد و تحقق، كما أن الثاني حسن ذاتا، و لا يجوز انفكاك الحسن منه اينما تحقق و وجد

(الثاني): كون الحسن، أو القبح في الشيء اقتضائيا: بمعنى أن فيه اقتضاء الحسن، أو القبح كالصدق، و الكذب، فإن الاول فيه اقتضاء الحسن، لكن قد يمنعه مانع عن ذلك كما اذا ترتبت عليه مفسدة

ص: 286

..........

+++++++++++

أعظم من المصلحة الموجودة فيه فيكون الصدق في هذه الحالة قبيحا الى أن ترتفع المفسدة

و الثاني فيه اقتضاء القبح، لكن قد يمنعه مانع عن اتصافه بذلك كما اذا كان الكذب لانجاء مؤمن، أو لاصلاح ذات بين، أو نحو ذلك مما تكون مصلحته أعظم من مفسدته

(الثالث): كون الشيء ليس فيه اقتضاء الحسن، و لا القبح بذاته بل هما بالوجوه و الاعتبارات كما في غالب الاشياء، فإنه لا اقتضاء فيها للحسن، و لا للقبح، بل اتصافها بهما من ناحية انطباق عنوان العدل أو الظلم عليها، خذ لذلك مثالا

المشي الى كربلاء بما هو مشي و ذهاب إليها في حدّ نفسه و ذاته لا رجحان فيه، و لا اقتضاء فيه للحسن، أو القبح

أما اذا كان بعنوان الزيارة فيتصف بالحسن، لاجل انطباق العدل عليه، و لأنه يثاب المرء عليه، للامر بزيارة الحسين عليه السلام في الأخبار

كما أنه اذا كان المشي الى كربلاء بعنوان قتل نفس محترمة، أو ارتكاب معصية لا تصف بالقبح، لاجل انطباق عنوان الظلم عليه

فالحاصل أن الأفعال الخارجية غالبا لا اقتضاء لها بذاتها للحسن و لا للقبح، بل اتصافها بهما من جهة انطباق العدل، أو الظلم عليها

اذا عرفت ذلك فاعلم أن الشرط المتأخر، أو المتقدم في المأمور به ليس بوجوده المتأخر، أو المتقدم، ليرد عليه ما تقدم: من أن الشرط جزء العلة التامة فكيف يعقل تأخره عن المشروط زمانا، أو تقدمه عليه زمانا؟

ص: 287

..........

+++++++++++

بل الشرط هو الوصف المنتزع من اضافة المأمور به إليه

و من الواضح أن هذا الامر مقارن للمأمور به زمانا،، لا متأخر عنه زمانا، و لا متقدم عليه زمانا

و عليه فلا مانع من أن يكون المأمور به بواسطة اضافته الى امر متأخر أو متقدم ذا وجه و عنو إن يكون بذلك حسنا و متعلقا للامر، أو متعلقا للغرض

خذ لذلك مثالا

إن الصوم الواجب على المستحاضة بواسطة اضافته الى الأغسال الليلة يكون ذا وجه و عنوان حسن، بناء على مذهب (العدلية الامامية) و متعلقا للغرض، بناء على (مذهب الأشاعرة)

فيكون صوم المستحاضة حسنا بها بحيث لولاها لما كان الصوم متصفا بالحسن، و متعلقا للامر، أو الغرض

و قد عرفت آنفا أن اتصاف الشيء بالحسن، أو القبح بالوجوه و الاعتبارات، فاذا كان كذلك يكون الشرط مقارنا للمأمور به زمانا و متقدما عليه رتبة، و لا يلزم التقدم و التأخر

فكما أن اضافة الصوم و نسبته الى المقارن و هو غسل المستحاضة للظهرين موجبا لكون الصوم معنونا بعنوان يكون بذلك العنوان حسنا و متعلقا للامر

كذلك الصوم و نسبته الى الأغسال الليلية، أو الفجرية توجب كون الصوم معنونا بعنوان يكون بذلك العنوان حسنا، و متعلقا للامر

فالمولى لما حكم بصحة صوم المستحاضة مع توقف صحة صومها

ص: 288

اللهم إلا أن يكون مراده (1) بالشرط ما يتوقف تأثير السبب المتقدم في زمانه على لحوقه

+++++++++++

على الأغسال المتأخرة، أو المتقدمة علم بذلك أن لاضافته الى تلك الأغسال دخلا فيها، و إلا لما كان حسنا، أو متعلقا للامر

و من المعلوم أن هذه الاضافة مقارنة للمشروط و هي صحة الصوم فلا يلزم المحذور المتقدم ابدا.

هذه خلاصة الكلام في الشرط المتأخر و المتقدم

و للبحث صلة ذكرناها في تعليقتنا على الكفاية فراجع المصدر نفسه

(1) هذا توجيه من الشيخ لما افاده صاحب الجواهر: من أن الشروط الشرعية ليست كالشروط العقلية حتى لا يورد عليه أنه كيف يعقل ذلك؟

و خلاصته هو التصرف في المعنى المصطلح للشرط و هو تقدم الشرط على المشروط عقلا: بأن يقال: إن المراد من الشرط هو ما يتوقف تأثير السبب المتقدم في زمان وجوده الذي هو الزمان المتقدم على زمان الشرط: على لحوقه، و أنه عقيبه

كما في قول الفقهاء: الاجازة شرط فيما يتوقف تأثيره على لحوقه لا فيما يتوقف على نفسه، لأن ما يتوقف عليه تأثير العقد على القول بالكشف هو لحوق الاجازة، لا نفس الاجازة، فيكون هذا المعنى معنى غير ما وضع له لفظ الشرط، اذ معنى الموضوع له للفظ الشرط هو توقف تأثير المقتضي على نفسه، فيكون اللفظ مستعملا حينئذ في غير ما وضع له، فالتجوز يكون في معنى الشرط

و لا يخفى عليك أن جواب صاحب الجواهر عن المحذور المذكور و هو محالية تأخر الشرط عن المشروط عقلا، بناء على مذهبه: من كاشفية

ص: 289

و هذا (1) مع أنه لا يستحق اطلاق الشرط عليه غير صادق على الرضا لأن المستفاد من العقل و النقل اعتبار رضا المالك في انتقال ماله، لأنه لا يحل لغيره بدون طيب النفس، و أنه لا ينفع لحوقه في حل تصرف الغير، و انقطاع سلطنة المالك

و مما ذكرنا (2) يظهر ضعف ما احتمله في المقام بعض الأعلام (3)

+++++++++++

الاجازة: كان بسبب التصرف في لفظ الشرط، بناء على ما افاده:

من عدم كون الأسباب الشرعية كالأسباب العقلية، عند نقل الشيخ عنه في ص: 279 و دعوى أن الشروط الشرعية ليست كالشروط العقلية

و قد عرفت ما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام عند ما ذكرناه في ص 280 عند قولنا: و خلاصة ما افاده في هذا المقام

و لكن توجيه الشيخ كلام صاحب الجواهر بقوله في ص 289: اللهم إلا أن يكون مراده بالشرط يفيد التصرف في معنى الشرط كما عرفت ذلك في الهامش 1 ص 289 عند قولنا: و خلاصته هو التصرف في المعنى المصطلح للشرط

اذا يكون التوجيه مصححا لما أفاده صاحب الجواهر: من أن الشرط هو الوصف المنتزع، فيكون هذا مخالفا لإطباق الفقهاء على أن الشرط هو الاجازة بنفسها، لا الوصف المنتزع

(1) اي التوجيه المذكور: و هو التصرف في معنى الشرط المصطلح

(2) و هو أن الوصف المنتزع لا يمكن القول به فيما نحن فيه و هو الاجازة، لكونه مخالفا للأدلة الدالة على أن الشرط هو الاجازة بنفسها

(3) هو صاحب الفصول قدس سره يأتي شرح حياته و مؤلّفه في (أعلام المكاسب)

ص: 290

بل التزم به غير واحد من المعاصرين من (1): أن معنى شرطية الاجازة مع كونها كاشفة شرطية الوصف المنتزع منها: و هو (2) كونها لا حقة للعقد في المستقبل

فالعلة التامة العقد الملحق به الاجازة، و هذه (3) صفة مقارنة للعقد و إن كانت نفس الاجازة متأخرة عنه

و قد التزم بعضهم بما يتفرع على هذا (4): من (5) أنه اذا علم المشتري أن المالك للمبيع سيجيز العقد حل له التصرف فيه بمجرد العقد

و فيه (6) ما لا يخفى من المخالفة للأدلة

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما احتمله صاحب الفصول، و التزم به غير واحد من المعاصرين

(2) مرجع الضمير شرطية الوصف المنتزع، و تذكيره باعتبار الخبر بناء على أن مراعاة الخبر أولى من مطابقة المرجع

(3) اى شرطية الوصف المنتزع

(4) و هو شرطية الوصف المنتزع

الالتزام بهذا الفرع مبني على الالتزام بالاصل: و هو أن الشرط في الموارد المذكورة هو الوصف المنتزع، فالفرع إنما يلتزم به اذا التزم بالاصل.

نعم بطلان هذا اللازم كاشف عن بطلان الاصل: و هو فساد القول بالكشف

(5) كلمة من بيان للالتزام بما يتفرع على الاصل المذكور

(6) اى و في هذا الالتزام من الاشكال و النظر ما لا يخفى، لأن الأدلة تصرح بعدم جواز التصرف في مال الغير إلا بطيب نفسه، و طيب النفس إنما يحصل بعد رضا المالك الاصيل الحاصل بالاجازة منه

ص: 291

و يرد على الوجه الثاني (1)

أولا أن (2) الاجازة و إن كانت رضا بمضمون العقد، إلا أن مضمون العقد ليس هو النقل من حينه (3) حتى يتعلق الاجازة و الرضا بذلك النقل المقيد بكونه في ذلك الحال

بل هو (4) نفس النقل مجردا عن ملاحظة وقوعه في زمان، و إنما الزمان من ضروريات إنشائه (5)، فإن (6) قول العاقد: بعت ليس نقلت من هذا الحين و إن كان النقل المنشأ به واقعا في ذلك الحين، فالزمان ظرف للنقل لا قيد له (7)

فكما أن إنشاء مجرد النقل الذي هو مضمون العقد في زمان يوجب وقوعه من المنشئ في ذلك الزمان

فكذلك اجازة ذلك النقل في زمان يوجب وقوعه من المجيز في زمان الاجازة

+++++++++++

(1) اي من وجهي المحقق الكركي القائل بالكشف في قوله في ص 277:

و بأن الاجازة متعلقة بالعقد

(2) هذا رد على المقدمة الاولى من المقدمات الثلاث التي كان الوجه الثاني من وجهي المحقق الكركي مركبا منها

و قد اشرنا إليها في الهامش 5 ص 277 بقولنا: الاولى

(3) اى من حين العقد

(4) اى مضمون العقد

(5) اى الزمان مما يضطر إليه في الإنشاء، لتوقفه عليه

(6) تعليل لكون الزمان مما يضطر إليه في الانشاء

(7) حتى يدل على وقوع النقل من حين وقوع العقد

ص: 292

و كما أن الشارع اذا امضى نفس العقد وقع النقل من زمانه (1)

فكذلك اذا امضى اجازة المالك وقع النقل من زمان الاجازة

و لاجل ما ذكرنا (2) لم يكن مقتضى القبول وقوع الملك من زمان الايجاب مع انه (3) ليس إلا رضا بمضمون الايجاب

فلو كان مضمون الايجاب النقل من حينه (4)، و كان القبول رضا بذلك كان معنى امضاء الشارع للعقد الحكم بترتب الاثر من حين الايجاب لأن الموجب ينقل من حينه (5)، و القابل يتقبل ذلك (6) و يرضى به

و دعوى (7) أن العقد سبب للملك فلا يتقدم عليه

+++++++++++

(1) اى من زمان العقد

(2) و هو قوله في ص 292: فكما أن إنشاء مجرد النقل

و قوله في ص 292: فكذلك اجازة ذلك النقل

و قوله هنا: و كما أن الشارع اذا امضى نفس العقد

و قوله هنا: فكذلك اذا امضى اجازة المالك

(3) اي مع أن مقتضى القبول

(4) اى من حين الايجاب و هو إنشاء العقد

(5) اى الموجب ينقل ماله الى القابل من حين الايجاب و إنشاء العقد

(6) اى يتقبل نقل المال إليه من حين نقل الموجب و هو زمان انشائه العقد، و الحال أن الامر ليس كذلك، فإن المجيز عند ما يجيز فقد يجيز نقل المال الى المشتري من حين صدور الإجازة منه، لا من حين صدور العقد من العاقد الفضولي

(7) هذه الدعوى إشكال على ما استشهد به الشيخ لدعواه: و هو عدم حصول الملك من زمن الايجاب بمجرد القبول لمضمون الايجاب بقوله:

في ص 292: فكما أن إنشاء مجرد النقل الذي هو مضمون العقد

ص: 293

مدفوعة بأن سببيته (1) للملك ليست إلا بمعنى امضاء الشارع لمقتضاه فاذا فرض مقتضاه مركبا من نقل في زمان (2)، و رضا بذلك النقل (3) كان مقتضى العقد الملك بعد الايجاب (4)، و لاجل ما ذكرنا (5) أيضا لا يكون فسخ العقد إلا انحلاله من زمانه (6)، لا من زمان العقد، فإن الفسخ نظير الاجازة

و الرد لا يتعلق إلا بمضمون العقد و هو النقل من (7) حينه

فلو كان زمان وقوع النقل مأخوذا في العقد على وجه القيدية لكان رده و حله موجبا للحكم بعدم الآثار من حين العقد

+++++++++++

و خلاصة الإشكال أن عدم حصول الملك هنا من حين الايجاب لأجل أن سبب الملك هو العقد المركب من الايجاب و القبول فلا يمكن تقدم المسبب على السبب باحد جزئيه و إن كان هو القبول

(1) اى سببه العقد للملك

(2) اى في زمان صدور الاجازة اذا كان العقد فضوليا

(3) و هو النقل الحاصل من زمن صدور الاجازة

(4) لا زمن الايجاب الذي هو صدور الانشاء

و من المعلوم أن بعد الايجاب هو زمن صدور الاجازة من المالك الاصيل في العقد الفضولي

(5) و هو أنه اذا فرض مقتضاه مركبا من نقل في زمان، و رضا بذلك كان مقتضى العقد الملك بعد الايجاب

(6) اى من زمان الفسخ

(7) اى من حين الرد

ص: 294

و السر في جميع ذلك (1) ما ذكرنا: من عدم كون زمان النقل إلا ظرفا، فجميع ما يتعلق بالعقد من الامضاء و الرد، و الفسخ إنما يتعلق بنفس المضمون (2)، دون المقيد بذلك الزمان

و الحاصل (3) أنه لا إشكال في حصول الاجازة بقول المالك: رضيت بكون مالي لزيد بإزاء ماله، أو رضيت بانتقال مالي الى زيد، و غير ذلك من الألفاظ (4) التي لا تعرض فيها لانشاء الفضولي فضلا عن زمانه (5)

كيف (6) و قد جعلوا تمكين الزوجة بالدخول عليها اجازة منها، و نحو ذلك

+++++++++++

(1) و هو أن الاجازة لا تتعلق بمضمون العقد من حين وقوع العقد و أن الفسخ هو انحلال العقد من زمان الفسخ، و أن الرد لا يتعلق إلا بمضمون العقد و هو النقل من حين الرد

(2) مجردا عن ملاحظة وقوعه في زمان

(3) اى حاصل ما ذكرناه: من عدم كون الزمان قيدا للنقل، و عدم كون الزمان دخيلا في مفهوم الايجاب أنه لو كان اخذ الزمان دخيلا في تحقق مفهوم الايجاب خارجا لما تحققت الاجازة بالألفاظ المذكورة، لأنها تعلقت حينئذ بغير مضمون عقد اعني ذات المقيد مجردة عن قيد كونها في زمان كذا

(4) كامضيت و نفذت، و اجزت

(5) اى زمان الانشاء

(6) اى كيف يمكن أن تكون للألفاظ الدالة على رضا المالك تعرض فيها لزمان الانشاء و قد جعل الفقهاء نفس تمكين المرأة للرجل بالدخول عليها اجازة منها

ص: 295

و من المعلوم أن الرضا يتعلق بنفس نتيجة (1) العقد من غير ملاحظة زمان نقل الفضولي

و بتقرير (2) آخر أن الاجازة من المالك قائمة مقام رضاه و اذنه المقرون بإنشاء الفضولي، أو مقام نفس انشائه فلا يصير المالك بمنزلة العاقد إلا بعد الاجازة فهي (3)، إما شرط، أو جزء سبب للملك

و بعبارة اخرى المؤثر هو العقد المرضي به، و المقيد (4) من حيث إنه مقيد لا يوجد إلا بعد (5) القيد، و لا يكفي في التأثير وجود ذات المقيد المجردة عن القيد

و ثانيا (6) فلأنا لو سلمنا عدم كون الاجازة شرطا اصطلاحيا (7) ليؤخذ فيه تقدمه على المشروط، و لا جزء سبب و إنما هي من المالك محدثة للتأثير في العقد السابق، و جاعلة له سببا تاما حتى كأنه وقع مؤثرا فيتفرع عليه أن مجرد رضا المالك بنتيجة العقد اعني محض الملكية من غير التفات

+++++++++++

(1) و هو معنى الاسم المصدرى

(2) هذا التقرير غير التقرير الاول الذي كان مفاده منع كون الزمان دخيلا في مضمون العقد، فهو جواب مستقل لا دخل له بالجواب الاول

(3) اى الاجازة

(4) و هو العقد المرضي به

(5) و هو رضا المالك

(6) هذا رد على المقدمة الثانية من المقدمات الثلاث التي كان وجه الثاني من وجهي المحقق الكركي في الاستدلال على الكشف مركبا منها و قد اشرنا إليها في الهامش 5 ص 277

(7) و هو تقدم الشرط على المشروط عقلا

ص: 296

الى وقوع عقد سابق ليس باجازة، لأن معنى اجازة العقد جعله جائزا نافذا ماضيا

لكن نقول: لم يدل دليل على امضاء الشارع لاجازة المالك على هذا الوجه (1)، لأن وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجه الى العاقدين كوجوب الوفاء بالعهد و النذر

و من المعلوم أن المالك لا يصير عاقدا، أو بمنزلته إلا بعد الاجازة فلا يجب الوفاء إلا بعدها

و من المعلوم أن الملك الشرعي يتبع الحكم الشرعي، فما لم يجب الوفاء فلا ملك

و مما ذكرنا (2) يعلم عدم صحة الاستدلال للكشف بدليل وجوب الوفاء بالعقود بدعوى أن الوفاء بالعقد، و العمل بمقتضاه هو الالتزام بالنقل من حين العقد

و قس (3) على ذلك ما لو كان دليل الملك عموم و احلّ اللّه البيع فإن الملك ملزوم لحلية التصرف، فقبل الاجازة لا يحل التصرف

خصوصا اذا علم عدم رضا المالك باطنا، أو تردده في الفسخ و الامضاء

و ثالثا (4) سلمنا دلالة الدليل على إمضاء الشارع لاجازة المالك

+++++++++++

(1) و هو عدم كون الشرط شرطا اصطلاحيا الذي عرفت معناه آنفا

(2) و هو متابعة الملك الشرعي للحكم الشرعي

(3) هذا كلام الشيخ، اى و قس على الاستدلال بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ على الكشف الاستدلال بآية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ على الكشف، فإن الاستدلال بها لا يفيد في المقام كما ذكره الشيخ في المتن

(4) هذا رد على المقدمة الثالثة من المقدمات الثلاث التي كان الوجه

ص: 297

على طبق مفهومها اللغوي و العرفي اعني جعل العقد السابق جائزا ماضيا:

بتقريب أن يقال: إن معنى الوفاء بالعقد العمل بمقتضاه و مؤداه العرفي فاذا صار العقد بالاجازة كأنه وقع مؤثرا ماضيا كان مقتضى العقد المجاز عرفا ترتب الآثار من حينه (1) فيجب شرعا العمل به على هذا الوجه (2)

لكن نقول: بعد الاغماض عن أن مجرد كون الاجازة بمعنى جعل العقد السابق جائزا نافذا لا يوجب كون مقتضى العقد، و مؤداه العرفي ترتب الاثر من حين العقد، كما أن كون مفهوم القبول رضا بمفهوم الايجاب و امضاء له لا يوجب ذلك (3) حتى يكون مقتضى الوفاء بالعقد ترتيب الآثار من حين الايجاب

فتأمل (4)

+++++++++++

الثاني من وجهي المحقق الكركي في الاستدلال على الكشف مركبا منها و قد اشرنا إليها في الهامش 5 ص 277

(1) اى من حين الاجازة

و هو النقل مجردا عن ملاحظة وقوعه من حين وقوع العقد

(2) اى بهذا العقد المجاز الذي صار ماضيا، و الذي وقع مؤثرا

(3) و هو ترتب الآثار من حين العقد

(4) لعل وجه التأمل كما افاده الشيخ المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 378 هو الفرق بين الايجاب الملحق به القبول.

و بين العقد الملحق به الاجازة: من حيث إن مجرد الايجاب في حد ذاته غير تام في الدلالة على انتقال المال الى المشتري

بخلاف العقد الملحق به الاجازة، فإنه تام في الدلالة على انتقال المال الى المشتري

ص: 298

إذ هذا المعنى (1) على حقيقته غير معقول، لأن العقد الموجود على صفة عدم التأثير (2) يستحيل لحوق صفة التأثير له، لاستحالة خروج الشيء عما وقع عليه (3) فاذا دل الدليل الشرعي على امضاء الاجازة على هذا الوجه غير المعقول فلا بد من صرفه بدلالة الاقتضاء (4) الى إرادة معاملة العقد بعد الاجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حيث ترتب الآثار الممكنة فاذا اجاز المالك حكمنا بانتقال نماء المبيع بعد العقد الى المشتري و إن كان أصل الملك قبل الاجازة للمالك، و وقع النماء في ملكه

و الحاصل أنه يعامل بعد الاجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حينه (5)

+++++++++++

نهاية الأمر دلالة الاجازة على حصول الرضا من المالك بذلك العقد التام الدلالة

بعبارة أوضح: أن الايجاب جزء المقتضي كالقبول

بخلاف العقد الملحق به الاجازة، فإنه مقتض

فالأول ليس قابلا للتأثير من حين وجوده، بخلاف الثاني فإنه قابل لذلك

(1) و هو كون مقتضى العقد ترتيب الآثار من حين الايجاب من دون مجيء الاجازة

(2) لعدم وجود رضا من المالك الاصيل حين العقد

(3) حيث إن العقد الفضولي قد وقع على عدم التأثير، لعدم وجود رضا من المالك فكيف يعقل لحوق صفة التأثير له

(4) الذي هو الدليل العقلي كما في قوله تعالى: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ و قول القائل: اعتق عبدك عنّي

(5) اى من حين العقد

ص: 299

بالنسبة الى ما أمكن من الآثار (1)

و هذا (2) نقل حقيقي (3) في حكم الكشف من بعض الجهات (4)

و ستأتي الثمرة بينه (5)، و بين الكشف الحقيقي (6)

+++++++++++

(1) كالنماءات الواقعة في فترة العقد، و صدور الاجازة، فإنه يحكم فيها بنماء المبيع للمشتري، و نماء الثمن للبائع، و إن كان كل من الثمن و المثمن لمالكهما

(2) و هو العقد الفضولي الذي دل الدليل الشرعي على إمضاء الإجازة له على وجه غير معقول: و هو استحالة لحوق صفة التأثير للعقد الموجود على صفة عدم التأثير

(3) لا يخفى عليك: أن الكشف الحقيقي كما عرفت هو الذي كان نماء كل من الثمن و المثمن لمالكهما قبل الاجازة

و هذا التعريف هو الفارق بينه، و بين النقل، اذ على القول بالنقل يكون نماء كل منهما لمالكهما من حين صدور الاجازة، و أما قبل الصدور فنماء المثمن لصاحبه، و نماء الثمن لصاحبه أيضا

و سيأتي هذا الفرق في الثمرات المترتبة على الكشف و النقل

فاطلاق شيخنا الانصارى النقل الحقيقي على مثل هذا العقد الّذي يكون الاجازة فيه كاشفا مسامحة

(4) و هو الحكم بنماء الثمن للبائع، و نماء المبيع للمشتري، و بقاء الملك قبل الاجازة على ملك كل منهما

(5) اى بين هذا النقل الحقيقي الذي هو بحكم الكشف على حد تعبير الشيخ

(6) و هو الكشف عن وقوع الملك و آثاره للمشتري من حين وقوع العقد بعد صدور الاجازة

ص: 300

و لم اعرف من قال بهذا الوجه من الكشف (1) إلا الاستاذ شريف العلماء (2) فيما عثرت عليه من بعض تحقيقاته، و إلا فظاهر كلام القائلين بالكشف أن الانتقال (3) في زمان العقد، و لذا (4) عنون العلامة رحمه اللّه في القواعد مسألة الكشف و النقل بقوله: و في زمان الانتقال إشكال فجعل النزاع في هذه المسألة نزاعا في زمان الانتقال

معاني الكشف

و قد تحصل مما ذكرنا (5) أن كاشفية الاجازة على وجوه ثلاثة

قال: بكل منها قائل

(احدها): و هو المشهور الكشف الحقيقي (6)، و التزام كون الاجازة فيها (7) شرطا متأخرا (8)، و لذا (9) اعترض عليهم جمال المحققين (10)

+++++++++++

(1) و هو الكشف الحكمي

(2) يأتي شرح حياته و مؤلفاته في (أعلام المكاسب)

(3) اى انتقال الملك و النماء

(4) اى و لاجل أن ظاهر كلام القائلين بالكشف هو الانتقال في زمان العقد

(5) اى في حكم الاجازة في قوله في ص: 273 أما حكمها فقد اختلف القائلون بصحة الفضولي

(6) و قد عرفت معناه في الهامش 6 ص 300 عند قولنا: و هو الكشف عن وقوع الملك

(7) اى في الكاشفية

(8) اي أن الشرط هو نفس الاجازة و شخصها

(9) اى و لأجل أن الاجازة في هذا الكشف شرط متأخر

(10) يأتي شرح حياة هذا العملاق و مؤلفاته في (أعلام المكاسب)

ص: 301

في حاشيته على الروضة: بأن الشرط لا يتأخر (1)

(الثاني): الكشف الحقيقي، و التزام كون الشرط تعقب العقد بالاجازة لا نفس الاجازة فرارا عن لزوم تاخر الشرط عن المشروط، و التزم بعضهم بجواز التصرف قبل الاجازة: لو علم تحققها (2) فيما بعد

(الثالث): الكشف الحكمي و هو إجراء أحكام الكشف بقدر الامكان (3) مع عدم تحقق الملك في الواقع إلا بعد الاجازة

و قد تبين من تضاعيف كلماتنا (4) أن الأنسب بالقواعد و العمومات هو النقل (5) ثم بعده الكشف الحكمي (6)

و أما الكشف الحقيقي مع كون نفس الاجازة من الشروط (7)

+++++++++++

(1) وجه عدم التأخر هو أن الشرط علة فلا بد في العلة من تقدمها على معلولها.

و قد عرفت ذلك مفصلا في ص 275

(2) اى تحقق الاجازة

(3) كالقول بانتقال النماء الى المشتري من حين العقد بعد صدور الاجازة و إن كان اصل الملك قبل الاجازة للمالك

(4) اى في رد ما افاده المحقق الكركي قدس سره في القول بالكشف و في رد من استدل على الكشف بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و بآية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ

(5) اى النقل الحقيقي

(6) و هو الحكم بانتقال النماء الى المشتري، و بقاء اصل الملك للمالك و أن الشرط فيه هو الامر المنتزع و هو تعقب الاجازة و لحوقها بالعقد

(7) اى من شروط العقد

ص: 302

فاتمامه بالقواعد في غاية الاشكال (1)، و لذا (2) استشكل فيه العلامة في القواعد و لم يرجحه (3) المحقق الثاني في حاشية الارشاد

بل عن الايضاح اختيار خلافه (4)، تبعا للمحكي عن كاشف الرموز

و قواه (5) في مجمع البرهان، و تبعهم كاشف اللثام في النكاح

هذا (6) بحسب القواعد و العمومات

و أما الأخبار (7) فالظاهر من صحيحة محمد بن قيس (8) الكشف كما صرح به في الدروس

و كذا الأخبار (9) التي بعدها، لكن لا ظهور فيها للكشف بالمعنى

+++++++++++

(1) و قد عرفت وجه الإشكال في ص 275 عند قولنا: اعلم أن الوجه في محالية الكشف

(2) اى و لأجل أن اتمام الكشف الحقيقي على القواعد مع القول بأن الشرط نفس الاجازة

(3) اى الكشف الحقيقي

(4) اى خلاف الكشف الحقيقي

(5) اى قوىّ مختار صاحب الايضاح

(6) اى عدم القول بالكشف الحقيقي

(7) اى و أما بحسب الأخبار

(8) و هي المشار إليها في ص 169 القاضية فيها بكون الولد من الامة المستولدة للمشتري الفضولي، و لو لا الحكم المذكور لا صبح الولد متكونا من الحرام، فصونا لانعقاده من الحرام

(9) و هي الاستدلال بفحوى صحة عقد النكاح من الصادر الفضولي المشار إليها في الهامش ص 177

ص: 303

المشهور (1) فتحتمل الكشف الحكمي

نعم صحيحة أبي عبيدة الواردة في تزويج الصغيرين فضولا الآمرة بعزل الميراث من الزوج المدرك الذي اجاز فمات للزوجة غير المدركة حتى تدرك و تحلف ظاهرة في قول الكشف (2)، اذ لو كان مال و الميت قبل اجازة الزوجة باقية على ملك سائر الورثة كان العزل مخالفا لقاعدة تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

و موثقة جميل المشار إليها في ص 184

و الأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم المشار إليها في الهامش 3 ص 188

و برواية ابن اشيم الواردة في العبد المأذون المشار إليها في ص 191 و بصحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

و بموثقة عبد الرحمن عن ابى عبد اللّه عليه السلام المشار إليها في ص 197

(1) و هو الكشف الحقيقي

(2) اى الكشف الحقيقي

و أما الصحيحة فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 17. ص 527.

الباب 11. الحديث 1. أليك نص الحديث

عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوجهما وليّان لهما و هما غير مدركين

قال: فقال: النكاح جائز أيّهما ادرك كان له الخيار

فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما، و لا مهر إلا أن يكونا قد ادركا و رضيا

قلت: فإن ادرك احدهما قبل الآخر؟

قال: يجوز ذلك عليه إن هو رضي

ص: 304

فاطلاق الحكم بالعزل منضما الى عموم الناس مسلطون على أموالهم يفيد أن العزل لاحتمال كون الزوجة غير المدركة وارثة في الواقع فكأنه احتياط في الأموال قد غلّبه الشارع على أصالة عدم الاجازة كعزل نصيب الحمل (1)، و جعله (2) أكثر مما يحتمل

+++++++++++

قلت: فإن كان الرجل الذي ادرك قبل الجارية و رضي النكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟

قال: نعم يعزل ميراثها منه حتى تدرك و تحلف باللّه ما دعاها الى اخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج، ثم يدفع إليها الميراث، و نصف المهر

قلت: فإن ماتت الجارية و لم يكن ادراك أ يرثها الزوج المدرك؟

قال: لا، لأن لها الخيار اذا ادركت

قلت: فإن كان أبوها هو الذي زوّجها قبل أن تدرك؟

قال: يجوز عليها تزويج الأب، و يجوز على الغلام، و المهر على الأب للجارية

(1) فيما اذا مات الزوج و كانت زوجته حاملا فهنا يحتاط في الميراث فيجعل نصيب الحمل نصيب الذكر، لا الانثى

كما أنه يعزل للحمل نصيب ذكرين احتياطا

فإن جاء و كان ذكرا يعطى له، و إن كان انثى يعطى لها نصيب الانثى، و الزائد يقسّم على الورّاث

كما أن الحمل لو كان ذكرا واحدا يعطى له نصيب الذكر الواحد و يقسّم الزائد المعزول على بقية الوراث

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 209-210

(2) بالجر عطفا على مجرور (كاف الجارة) اى و كجعل نصيب الحمل أكثر من نصيب ذكر كما عرفت آنفا

ص: 305

بقي الكلام في بيان الثمرة بين الكشف باحتمالاته (1)، و النقل

فنقول: أما الثمرة على الكشف الحقيقي (2) بين كون نفس الاجازة شرطا (3) و كون الشرط تعقب العقد بها (4) و لحوقها له فقد يظهر في جواز تصرف كل منهما فيما انتقل إليه بانشاء الفضولي اذا علم اجازة المالك فيما بعد

و أما الثمرة بين الكشف الحقيقي (5)

+++++++++++

(1) و هو الكشف بأقسامه الثلاث:

(الكشف الحقيقي) و لكن الشرط فيه نفس الاجازة، بناء على الشرط المتأخر

(و الكشف الحقيقي): و لكن الشرط فيه هو الوصف المنتزع الذي هو تعقب الاجازة و لحوقها

(و الكشف الحكمي): و هو القول بانتقال النماء الى المشتري مع القول ببقاء اصل الملك على ملك مالكه

(2) بكلا قسميه الّذين ذكرناهما في الهامش 1

(3) هذا هو القسم الاول من الكشف الحقيقي

(4) هذا هو القسم الثاني من الكشف الحقيقي

(5) اى في القسم الاول من الكشف المشار إليه في الهامش 1

لا يخفى أنه كيف يعقل الفرق بين الكشف الحقيقي، و الكشف الحكمي اذا قلنا في الحكمي بترتب جميع آثار الملك عليه من زمان العقد، سواء قلنا: إن الشرط هو الاجازة بنفسها أم الوصف المنتزع، و عنوان تعقب العقد بالاجازة

فعلى ضوء عدم الفرق لو تصرف المشتري مع جهلة بالاجازة ثم اجاز

ص: 306

و الحكمي مع كون نفس الاجازة شرطا، فإنه يظهر في مثل ما اذا وطأ المشتري الجارية قبل اجازة مالكها فاجاز، فإن الوطء على الكشف الحقيقي حرام ظاهرا، لأصالة عدم الاجازة، و حلال واقعا لكشف الاجازة (1) عن وقوعه في ملكه

و لو اولدها صارت أم ولد على الكشف الحقيقي و الحكمي، لأن مقتضى جعل الواقع ماضيا ترتب حكم وقوع الوطء في الملك (2)

و يحتمل عدم تحقق الاستيلاد على الحكمي، لعدم تحقق حدوث الولد في الملك، و إن حكم بملكيته (3) للمشتري بعد ذلك

و لو نقل المالك (4) أمّ الولد عن ملكه قبل الاجازة فاجاز بطل النقل على الكشف الحقيقي، لانكشاف وقوعه في ملك الغير، مع احتمال كون

+++++++++++

المالك الاصيل كان تصرفه جائزا نافذا، لأنه تصرف في ملكه، و كذا بقية تصرفاته

(1) اى الاجازة الصادرة من المالك الاصيل بعد العقد كاشفة عن وقوع الوطء في ملكه

(2) فيكون النماء و هو الولد للمشتري

و لا يخفى أن القول بوقوع الوطء في ملك المشتري على القول بالكشف الحكمي الذي هو بقاء اصل الملك للمالك مع القول بالفرق بينه، و بين الكشف الحقيقي مشكل، و لذا قال قدس سره: و يحتمل عدم تحقق الاستيلاد

نعم بناء على ما قلناه: من عدم الفرق بين الحقيقي و الحكمي لا يرد إشكال

(3) اى بملكية الولد بعد صدور الاجازة من المالك الاصيل

(4) اى لو نقل المالك أمّ الولد التي وقع بيعها فضولا عن ملكه قبل الاجازة ثم اجاز بيع الاول

ص: 307

النقل بمنزلة الرد (1) و بقي (2) صحيحا على الكشف الحكمي (3)

و على المجيز (4) قيمتها، لأنه (5) مقتضى الجمع بين جعل العقد ماضيا من حين وقوعه، و بين مقتضى صحة النقل الواقع قبل حكم الشارع (6) بهذا الجعل كما (7) في الفسخ بالخيار مع انتقال المتعلّقة (8) بنقل لازم

و ضابط (9) الكشف الحكمي الحكم بعد الاجازة بترتب آثار ملكية

+++++++++++

(1) اذا يحكم بصحة النقل و إن قلنا بكشفية الاجازة

(2) اى النقل الصادر من المالك الاصيل

(3) وجه الصحة وقوع النقل في ملك المالك الاصيل

(4) اى و على المالك الاصيل الذي اجاز البيع الفضولي بعد نقله أمّ الولد عن ملكه الى الغير أن يدفع قيمة أمّ الولد الى المشتري

(5) تعليل لوجوب دفع القيمة الى المشتري

و تذكير الضمير في لأنه باعتبار الشأن

و المعنى أن وجوب إعطاء القيمة من قبل المالك الاصيل الذي هو المجيز للمشتري لأجل مقتضى الجمع

و قد ذكر الشيخ مقتضى الجمع في المتن فلا نعيده

(6) اذ حكم الشارع بصحة النقل الواقع بما هو بعد صدور الاجازة من المالك، لا قبله

(7) تشبيه لكون إعطاء القيمة مقتضى الجمع اى ما نحن فيه يشبه الفسخ بالخيار، فإن من عليه الخيار لو باع المبيع في زمن الخيار فعليه دفع القيمة الى من له الخيار لو كان النقل من قبل من عليه الخيار بعقد لازم، لا جائز، فإنه لو كان جائزا يصح فسخه

(8) اى متعلق الخيار يكون بعقد لازم كما عرفت آنفا

(9) اى القاعدة الكلية

ص: 308

المشتري من حين العقد، فإن ترتب شيء من آثار ملكية المالك قبل اجازته كإتلاف النماء، و نقله و لم يناف الاجازة جمع بينه، و بين مقتضى الاجازة بالرجوع الى البدل

و إن نافى (1) الاجازة كإتلاف العين عقلا، أو شرعا كالعتق فات محلها

مع احتمال الرجوع (2) الى البدل و سيجيء

ثم إنهم ذكروا للثمرة بين الكشف و النقل مواضع
اشارة

ثم إنهم ذكروا للثمرة بين الكشف و النقل مواضع

منها: النماء،

(منها) (3): النماء، فانه على الكشف بقول مطلق (4) لمن انتقل إليه العين، و على النقل لمن انتقلت عنه

و للشهيد الثاني في الروضة عبارة توجيه (5) المراد منها كما فعله بعض

+++++++++++

يروم الشيخ من ذكر هذا الضابط إعطاء كبرى كلية لتطبيقها على صغرياتها حتى يتمكن القارئ الكريم من الفرق بين الكشف الحقيقي و بين الحكمي

و قد ذكر الضابط في المتن فلا نعيده

(1) اى ترتب شيء من آثار ملكية المشتري

(2) الظاهر عدم مجيء هذا الاحتمال، و لذا قال قدس سره و سيجيء اى البحث عن هذا الاحتمال سيجيء قريبا في أنه صحيح أولا

(3) اى من بعض تلك الثمرات المتفرعة على الكشف و النقل

(4) اى بأقسامه الثلاث التي اشير إليها في الهامش 1 ص 306

(5) اي توجيه مراد الشهيد الثاني من عبارته في الروضة: بأن تحمل على خلاف ظاهرها مما يطابق القواعد الفقهية كما ارتكب هذا التوجيه بعض الفقهاء أولى و أحسن من حملها على ظاهرها

ص: 309

أولى من توجيه حكم ظاهرها كما تكلفه (1) آخر

+++++++++++

اعلم أن الشهيد الثاني قدس سره قال في الروضة ما نصه:

و تظهر الفائدة في النماء، فإن جعلناها كاشفة (فالنماء) المنفصل (المتخلل) بين العقد و الاجازة الحاصل من المبيع (للمشتري، و نماء الثمن المعين للبائع) و لو جعلناها ناقلة فهما للمالك المجيز.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3.

ص 229-230

و أورد على الشهيد الثاني أنه كيف يحكم بكون النماءين و هما: نماء المثمن، و نماء الثمن للمالك المجيز، مع أن المسلم و المتفق عليه عند الفقهاء هو أن نماء الثمن للبائع، و نماء المثمن للمشتري، بناء على النقل

فبعض الفقهاء وجه مراده فقال: إن مراده من العبارة و هي أن النماءين للمالك المجيز هو ما اذا كان الطرفان فضوليين: بأن اشترى زيد بمال عمرو فضولا، و باع الآخر مال زيد فضولا، و اذا كان الطرفان كذلك بكون نماء المبيع لمالكه الاول، و نماء الثمن لمالكه الاصيل الذي من شأنه الاجازة

فالمالك المجيز كلي له فردان:

فرد هو مالك الثمن الذي من شأنه اجازة العقد عليه

و فرد هو مالك المبيع الذي من شأنه اجازة العقد عليه

فيكون نماء كل من الثمن و المبيع لمالكه الذي من شأنه الاجازة

فالشيخ قدس سره قد استحسن هذا التوجيه فقال: توجيه المراد منها كما فعله بعض أولى من توجيه ظاهرها، و الحكم به

(1) اى كما تكلف صاحب مفتاح الكرامة في توجيه حكم ظاهر عبارة الشهيد الثاني، فإنه قدس سره قد ابقى العبارة على ظاهرها و لم يأولها

ص: 310

(و منها) (1): أن فسخ الاصيل لإنشائه قبل اجازة الآخر (2) مبطل له (3) على القول بالنقل، دون الكشف (4) بمعنى أنه لو جعلناها ناقلة كان فسخ الاصيل لفسخ الموجب قبل قبول القابل في كونه ملغيا لانشائه السابق

بخلاف ما لو جعلت (5) كاشفة، فإن العقد تام من طرف الاصيل غاية الامر تسلط الآخر على فسخه

و هذا (6) مبني على ما تسالموا عليه: من جواز ابطال احد المتعاقدين

+++++++++++

و فسر المالك المجيز بالبائع، و قال:

أما وجه كون نماء المبيع للبائع فظاهر، لأن البائع بعد لم ينقل المبيع عن ملكه فهو باق على ملكه

و أما كون نماء الثمن للبائع فلأن المشتري الاصيل قد اخرج الثمن عن ملكه اختيارا فقد سلط البائع عليه، و على ما يتبعه من النماء فيؤخذ بما أقدم عليه

كما لو دفع المشتري الثمن الى البائع الغاصب مع علمه بالغصبية، فإنه هو المسلّط للغاصب على إتلافه لو أتلفه

(1) اى و من بعض تلك الثمرات المترتبة على القول بالكشف و النقل

(2) بناء على أن احد المتعاقدين كان فضوليا

(3) اى للعقد

(4) المراد من الكشف هو الكشف الحقيقي، لا الكشف الحكمي فإن حاله حال النقل في الثمرة

(5) اى الاجازة

(6) و هو فسخ الاصيل لإنشائه مبطل للعقد

ص: 311

لانشائه قبل إنشاء صاحبه، بل قبل تحقق شرط صحة العقد كالقبض في الهبة، و الوقف، و الصدقة

فلا (1) يرد ما اعترضه بعض: من منع جواز الإبطال على القول بالنقل، معللا بأن ترتب الاثر على جزء السبب (2) بعد انضمام الجزء الآخر (3) من أحكام الوضع لا مدخل لاختيار المشتري فيه (4)

و فيه (5) أن الكلام في أن عدم تخلل الفسخ بين جزئي السبب شرط فانضمام الجزء الآخر من دون تحقق الشرط غير مجد في وجود المسبب

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم كون فسخ الآخر مبطلا لانشائه

و المعترض هو المحقق القمي قدس سره، حيث اعترض على كون فسخ الاصيل لإنشائه قبل اجازة الآخر مبطلا لانشائه

و حاصل الاعتراض: أن ترتب الاثر و هو النقل و الانتقال على جزء السبب الذي هو العقد بعد انضمام الجزء الآخر و هو الاجازة من الأحكام الوضعية، بناء على كون الاجازة ناقلة، فلا يعتبر في هذا الترتب اختيار الاصيل، فترتب الأثر امر (اتوماتيكي) يحصل من دون توقفه على شيء آخر

(2) و هو العقد كما عرفت آنفا

(3) و هو الاجازة كما عرفت

(4) اى في ترتب الاثر كما عرفت

(5) اى و فيما افاده البعض و هو المحقق القمي: من أن ترتب الاثر على جزء السبب بعد انضمام الجزء الآخر من أحكام الوضع، و أنه امر اتوماتيكي نظر و إشكال

و خلاصة الإشكال: أن الاجماع قائم على اشتراط عدم تخلل الفسخ بين جزئي السبب في الصحة و إن كان مقتضى أدلة الصحة و اللزوم هو

ص: 312

فالأولى (1) في سند المنع دفع احتمال اشتراط عدم تخلل الفسخ بإطلاقات صحة العقود و لزومها

و لا يخلو (2) من إشكال

منها: أنّ فسخ الأصيل لإنشائه قبل إجازة الآخر مبطل له على القول بالنقل، دون الكشف

(و منها) (3): جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه، بناء على النقل

+++++++++++

عدم بطلان إنشاء الاصيل بفسخه قبل اجازة الآخر، فاذا فسخ الاصيل قبل اجازة الآخر كان الفسخ هذا مبطلا للعقد بسبب هذا الاجماع فلا ينفع انضمام الجزء الآخر و هو الاجازة في وجود المسبب و هو الاثر بمعنى الاسم المصدري

(1) اى لو اردنا أن نستدل لمنع كون فسخ الاصيل لانشائه موجبا لبطلان العقد فالأنسب في الاستدلال أن يقال: إن احتمال الاشتراط المذكور مدفوع بالإطلاقات الواردة في صحة العقود و لزومها، فإن تلك الاطلاقات كافية في المقام

و المراد من الاطلاقات آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

(2) اى دفع احتمال الاشتراط المذكور بالإطلاقات الواردة لا يخلو عن إشكال

وجه الإشكال أن الاصيل بعد أن رجع عن إنشائه بالفسخ قبل اجازة الآخر يشك في صدق العقد و العهد على مثل هذا العقد فلا يجوز التمسك حينئذ بالإطلاقات الواردة على صحة هذا العقد و لزومها، لأن الشبهة موضوعية فلا مجال للاستصحاب

(3) اى و من بعض تلك الثمرات المترتبة على القول بالكشف و النقل تصرف المباشر الاصيل فيما انتقل عنه لو قلنا: إن الاجازة ناقلة من حين

ص: 313

و إن قلنا بأن فسخه (1) غير مبطل لإنشائه

فلو (2) باع جارية من فضولي جاز له وطؤها، و إن استولدها صارت أم ولد، لأنها ملكه

و كذا لو زوجت نفسها من فضولي جاز لها التزويج من الغير، فلو حصلت الاجازة في المثالين (3) لغت، لعدم بقاء المحل (4) قابلا

و الحاصل أن الفسخ القولي و إن قلنا: إنه غير مبطل لإنشاء الاصيل إلا أن له فعل ما ينافي انتقال المال عنه على وجه يفوت محل الاجازة فينفسخ العقد بنفسه بذلك (5)

+++++++++++

صدورها، حيث إن الملك باق على ملك صاحبه الاصيل قبل الاجازة فتصرفه تصرف في ملكه، فالاجازة الصادرة بعده تكون لغوا

بخلاف ما لو قلنا بالكشف فإن التصرف باطل لو اجاز المالك لكشف الاجازة عن كون التصرف واقعا في ملك المشتري مثلا

(1) اى فسخ المباشر الاصيل غير مبطل لانشائه كما افاد عدم البطلان المحقق القمي قدس سره عند ما نقل عنه الشيخ في ص 312 بقوله: فلا يرد ما اعترضه بعض

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه على القول بالنقل قبل الاجازة

اى فعلى ضوء ما ذكرنا فلو باع الاصيل من فضولي: بأن كان المشتري فضوليا

(3) و هما: بيع الجارية من فضولي، و تزويج المرأة نفسها من فضولي

(4) بعد الوطء، و التزويج للغير

(5) اى بذلك الفعل المنافي لانتقال المال عنه على وجه يفوت محل

ص: 314

و ربما احتمل عدم جواز التصرف على هذا (1) القول أيضا

و لعله (2) لجريان عموم وجوب الوفاء بالعقد في حق الاصيل و إن لم يجب (3) في الطرف الآخر

و هو (4) الذي يظهر من المحقق الثاني في مسألة شراء الغاصب بعين المال المغصوب، حيث قال: لا يجوز للبائع، و لا للغاصب التصرف في العين (5) لامكان الاجازة، و لا سيما على القول بالكشف (6)، انتهى (7)

+++++++++++

الاجازة كالوطء، و التزويج للغير

(1) و هو القول بأن الاجازة ناقلة

(2) اى و لعل منشأ عدم جواز التصرف من قبل الاصيل على القول بالنقل

خلاصة الاحتمال أن عقد الفضولي جامع لجميع الشرائط سوى الرضا فآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ تشمله فيجب الوفاء بالعقد فلا يجوز للاصيل التصرف في المبيع قبل اجازة الآخر

(3) اى و إن لم يجب الوفاء بالعهد في الطرف الآخر ما دام لم يجز العقد

(4) اى عدم جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه لاجل جريان عموم وجوب الوفاء بالعقد

(5) اى العين المنتقلة عن البائع.

و المراد من الغاصب هو الفضولي، حيث يرى المحقق الثاني أن الفضولي غاصب

(6) اى الكشف بكلا قسميه: الحقيقي، و الحكمي

(7) اى ما افاده المحقق الثاني في هذا المقام

ص: 315

و فيه (1) أن الاجازة على القول بالنقل له مدخل في العقد شرطا أو شطرا (2) فما لم يتحقق الشرط، أو الجزء لم يجب الوفاء على احد من المتعاقدين، لأن المامور به بالوفاء هو العقد المقيد (3) الذي لا يوجد إلا بعد القيد (4)

و هذا (5) كله على النقل

و أما على القول بالكشف (6) فلا يجوز التصرف فيه على ما يستفاد من كلمات جماعة كالعلامة، و السيد العميدي، و المحقق الثاني، و ظاهر غيرهم

و ربما اعترض عليه (7) بعدم المانع له من التصرف، لأن مجرد احتمال انتقال المال عنه في الواقع لا يقدح في السلطنة الثابتة له، و لذا (8) صرح

+++++++++++

(1) اى و فيما افاده المحقق الثاني: من عدم جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه لاجل جريان عموم وجوب الوفاء بالعقد نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده

(2) اى جزء

(3) اى المقيد بالاجازة الذي هو شرط في العقد، أو جزء له

(4) و هو الاجازة على نحو الشرطية، أو الجزئية

(5) و هو جواز تصرف الاصيل فيما انتقل، أو عدم جواز تصرفه

(6) و هو الكشف بكلا قسميه

(7) اى على عدم جواز التصرف للاصيل على القول بالكشف بكلا قسميه

(8) اى و لاجل أن مجرد انتقال المال عن الاصيل لا يضر في السلطنة الثابتة له صرح بعض المعاصرين بجواز التصرف للاصيل مطلقا، سواء قلنا بالكشف بكلا قسميه أم قلنا بالنقل

ص: 316

بعض المعاصرين بجواز التصرف مطلقا

نعم اذا حصلت الاجازة (1) كشفت عن بطلان كل تصرف مناف لانتقال (2) المال الى المجيز فياخذ المال مع بقائه، و بدله مع تلفه قال: (3) نعم لو علم (4) باجازة المالك لم يجز له التصرف (5)، انتهى

اقول: مقتضى عموم وجوب الوفاء (6) وجوبه على الاصيل، و لزوم العقد، و حرمة نقضه من جانبه

و وجوب الوفاء عليه (7) ليس مراعى باجازة المالك (8) بل مقتضى العموم (9) وجوبه حتى مع العلم بعدم اجازة المالك

و من هنا (10) يظهر أنه لا فائدة في أصالة عدم الاجازة

+++++++++++

(1) اى بعد تصرف الاصيل

(2) تعليل لبطلان كل تصرف بعد حصول الاجازة

(3) اى بعض المعاصرين

(4) اى الاصيل

(5) اى ما افاده بعض المعاصرين في هذا المقام

(6) اى بالعقد في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

(7) اى على الاصيل

(8) حتى يقال: إن حصلت الاجازة كشفت عن بطلان كل تصرف و إن لم تحصل صح التصرف

(9) اى عموم وجوب الوفاء بالعقد

(10) اى و من أن مقتضى عموم وجوب الوفاء بالعقد وجوب الوفاء على الاصيل حتى مع العلم بعدم صدور الاجازة من المالك يظهر عدم الفائدة في جريان أصالة عدم الاجازة، لأن جريان أصالة عدم الاجازة لا تزيد على العلم بعدم الاجازة

ص: 317

لكن ما ذكره (1) البعض المعاصر صحيح على مذهبه في الكشف (2):

من كون العقد مشروطا بتعقبه بالاجازة، لعدم إحراز الشرط مع الشك فلا يجب الوفاء به على احد من المتعاقدين

و أما على المشهور في معنى الكشف: من كون نفس (3) الاجازة المتأخرة شرطا، لكون العقد السابق بنفسه مؤثرا تاما فالذي يجب الوفاء به هو نفس العقد من غير تقييد (4)

و قد تحقق (5) فيجب على الاصيل الالتزام به (6)، و عدم نقضه الى أن ينقض، فإن رد المالك فسخ العقد من طرف الاصيل، كما أن اجازته (7) امضاء له من طرف الفضولي

+++++++++++

(1) من جواز تصرف الاصيل في العين المنتقلة عنه مطلقا على الكشف و النقل

(2) اى بمعناه الثاني: و هو كون الشرط الامر المنتزع: و هو تعقب الاجازة، لا نفس الاجازة

(3) و هو القسم الاول من قسمي الكشف

(4) اى من غير تقييد العقد بشيء آخر و هو الاجازة

(5) اى و قد ثبت هذا العقد الذي يجب الوفاء به من غير تقييد عند ما انشأه العاقد الفضولي

(6) اى بهذا العقد الذي تحقق و ثبت في الخارج الذي انشأه العاقد الفضولي، و يجب على الاصيل أن لا ينقضه الى أن ينقضه الطرف الآخر فإن نقضه بالرد فسخ العقد من قبل الاصيل

(7) اى كما أن اجازة المالك يكون إمضاء للعقد الصادر من قبل الفضولي و طرفه

ص: 318

و الحاصل أنه إذا تحقق العقد فمقتضى العموم (1) على القول بالكشف (2) المبني على كون ما يجب الوفاء به هو العقد، من دون ضميمة شيء شرطا، أو شطرا: حرمة نقضه على الاصيل مطلقا (3) فكل تصرف يعد نقضا لعقد المبادلة بمعنى عدم اجتماعه مع صحة العقد فهو غير جائز

و من هنا (4) تبين فساد توهم أن العمل بمقتضى العقد كما يوجب حرمة تصرف الاصيل فيما انتقل عنه كذلك يوجب جواز تصرفه فيما انتقل إليه، لأن (5) مقتضى العقد مبادلة المالين فحرمة التصرف في ماله مع حرمة التصرف في عوضه تنافي مقتضى العقد اعني المبادلة (6)

توضيح الفساد أن الثابت من وجوب وفاء العاقد بما التزم (7)

+++++++++++

(1) اى عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

(2) اى الكشف بكلا قسميه

(3) اى سواء علم أن المالك يجيز أم لا، و سواء علم بعدم اجازة المالك أم لا

(4) اى و من قولنا: يجب على الاصيل الالتزام بالعقد و حرمة نقضه الى أن ينقض من الطرف الآخر

(5) تعليل من قبل المتوهم للقول بأن العمل بمقتضى العقد كما يوجب حرمة تصرف الاصيل فيما انتقل عنه كذلك يوجب جواز تصرفه فيما انتقل إليه من قبل الفضولي

(6) اذ مفهوم المبادلة هو حرمة التصرف فيما انتقل عنه بالعقد و جواز التصرف فيما انتقل إليه بنفس العقد، اذ الحكم باحدهما و هو حرمة التصرف فقط دون جواز التصرف مناف لمفهوم المبادلة و المعاوضة

(7) اى الاصيل

ص: 319

على نفسه من المبادلة حرمة نقضه، و التخطي عنه

و هذا (1) لا يدل إلا على حرمة التصرف في ماله، حيث التزم بخروجه عن ملكه و لو بالبدل

و أما دخول البدل في ملكه فليس مما التزمه على نفسه (2)، بل مما جعله لنفسه، و مقتضى الوفاء بالعقد حرمة رفع اليد عما التزم على نفسه

و أما قيد كونه (3) بإزاء مال فهو خارج عن الالتزام على نفسه و إن كان داخلا في مفهوم المبادلة، فلو لم يتصرف في مال صاحبه لم يكن ذلك (4) نقضا للمبادلة

فالمرجع في هذا التصرف (5) فعلا و تركا الى ما يقتضيه الاصل و هي أصالة عدم الانتقال (6)

و دعوى أن الالتزام المذكور (7) إنما هو على تقدير الاجازة و دخول البدل في ملكه

+++++++++++

(1) و هو أن الثابت من وجوب الوفاء بالعقد هو حرمة نقض الاصيل العقد، و عدم جواز التخطي عنه

(2) حتى يحرم على الاصيل نقضه بعدم جواز التصرف فيما انتقل إليه، أو يحرم التخطي عنه

(3) اى كون ما التزم على نفسه

(4) اى عدم التصرف فيما انتقل إليه

(5) اى تصرف الاصيل فيما انتقل إليه

(6) اى عدم انتقال مال الآخر الى الاصيل

(7) و هو التزام الاصيل على نفسه حرمة نقضه، و التخطي عنه

ص: 320

فالالتزام معلق على تقدير (1) لم يعلم تحققه فهو (2) كالنذر المعلق على شرط حيث حكم جماعة بجواز التصرف في المال المنذور قبل تحقق الشرط اذا لم يعلم بتحققه

فكما أن التصرف حينئذ (3) لا يعد حنثا فكذا التصرف فيما نحن فيه قبل العلم بتحقق الاجازة لا يعد نقضا لما التزمه، اذ لم يلتزمه في الحقيقة إلا معلقا

مدفوعة بعد تسليم جواز التصرف في مسألة النذر المشهورة بالإشكال بأن (4) الفرق بينهما أن الالتزام هنا غير معلق على الاجازة، و إنما التزم بالمبادلة متوقعا للاجازة فيجب عليه الوفاء به، و يحرم عليه نقضه الى أن يحصل ما يتوقعه من الاجازة، أو ينتقض التزامه برد المالك

+++++++++++

(1) و هو تقدير الاجازة، و دخول البدل في ملكه

(2) اى هذا الالتزام شبيه بالنذر المعلق على شيء، فإن من نذر بإعطاء دينار معين مثلا الى هاشمي لو قضيت حاجته فقد حكم بعض الفقهاء بجواز التصرف في الدينار المعين المنذور قبل تحقق حاجته التي هو الشرط

(3) اى التصرف في المنذور حين لم يعلم الناذر بتحقق الشرط و هو قضاء حاجته لم يكن حنثا لنذره حتى يوجب الكفارة

(4) الجار و المجرور متعلق بقوله: مدفوعة، و الباء بيان لكيفية الدفاع

و خلاصة الدفاع أنه فرق بين ما نحن فيه: و هو تصرف الاصيل فيما انتقل عنه

و بين تصرف الناذر في المنذور المعين قبل تحقق شرطه

و قد ذكر الشيخ كيفية الفرق بينهما فلا نعيده

ص: 321

و لأجل ما ذكرنا: من (1) اختصاص حرمة النقض بما يعد من التصرفات منافيا لما التزمه الاصيل على نفسه، دون غيرها (2)

قال في القواعد في باب النكاح: و لو (3) تولى الفضولي احد طرفي العقد ثبت في حق المباشر تحريم المصاهرة، فإن كان (4) زوجا حرمت عليه الخامسة، و الاخت (5)

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما ذكرنا

و خلاصة ما ذكره الشيخ هو عدم جواز مخالفة الاصيل لما التزمه على نفسه فيما اذا كان احد طرفي العقد فضوليا في الآثار المترتبة على نفسه و ضرره

و هنا يروم أن يستشهد بكلام العلامة قدس سره على ما افاده فقال:

قال العلامة في القواعد

(2) اى دون التصرفات غير المنافية لما التزمه الاصيل على نفسه

(3) هذا مقول قول العلامة في القواعد

و خلاصة ما افاده هناك: أن الفضولي لو تولى احد طرفي العقد:

بأن صار موجبا، أو قابلا و كان الطرف الآخر اصيلا فباشر عقد النكاح فقد ثبتت في حق المباشر الاصيل حرمة المصاهرة، لأن مناط الحرمة هو النكاح الصحيح الفعلي و قد تحقق هذا المناط بالنسبة الى المباشر الاصيل فلا يجوز له الإقدام على الخامسة اذا كان زوجا لو كان المعقود عليها هي الرابعة

فلو عقد على الخامسة لا اثر للعقد اذا كانت الاربعة موجودة

(4) اى المباشر الاصيل كما عرفت آنفا

(5) اى و كذا تحرم على المباشر الاصيل اخت المعقود عليها فيما اذا كان احد طرفي العقد فضوليا، لعدم جواز الجمع بينهما فلا يجوز له الاقدام على نكاح الاخت بمجرد العقد

ص: 322

و الام (1)، و البنت (2)، إلا (3) إذا فسخت على إشكال

+++++++++++

هذا من آثار عدم جواز مخالفة الاصيل لما التزمه على نفسه

(1) اى و كذا تحرم أم المعقود عليها على المباشر الاصيل فيما اذا كان احد طرفي العقد فضوليا

هذا من آثار عدم جواز مخالفة الاصيل لما التزمه على نفسه

(2) اى و كذا تحرم بنت المعقود عليها على المباشر الاصيل فلا يجوز له الإقدام على نكاحها اذا دخل المباشر الاصيل بالام

هذا من آثار عدم جواز مخالفة المباشر الاصيل لما التزمه على نفسه

(3) اى اذا فسخت المعقود عليها عقد النكاح

هذا الاستثناء راجع الى الخامسة و الاخت و الام و البنت

و خلاصته: أن المعقود عليها لو فسخت عقد النكاح فلا تحرم الخامسة على المباشر الاصيل، و كذا الاخت و البنت و الام

أما عدم حرمة الخامسة على المباشر الاصيل فلخروج المعقود عليها بالفسخ عن الزوجية فلا تبقى للمباشر الاصيل اربع زوجات لو كانت له حتى تحرم الخامسة

و أما عدم حرمة الاخت على المباشر الاصيل فلما عرفت: من أن المناط في الحرمة هو الجمع بين الاختين فالحرمة إنما تعلقت بذلك، لا بعين الاخت حتى لا يجوز نكاحها بعد فسخ المعقود عليها

و أما عدم حرمة البنت على المباشر الاصيل فلأن الحرمة إنما تعلقت بالبنت بواسطة امر عرضي و هو الدخول بامها لا بعين البنت حتى لا يجوز نكاحها بعد فسخ أمها

و من المعلوم أن المباشر الاصيل لم يدخل بالام حتى تحرم البنت عليه

ص: 323

في الأم (1)

و في الطلاق (2) نظر، لترتبه (3) على عقد لازم فلا يقع المصاهرة

+++++++++++

(1) اى و في تحريم أم المعقود عليها على المباشر الاصيل بعد فسخ المعقود عليها إشكال

وجه الاشكال: أن مناط التحريم في الام هو العقد الصحيح اللازم و قد وقع هذا العقد الصحيح اللازم من المباشر الاصيل، لأنه المفروض

و وجه عدم الاشكال: أن فسخ العقد من قبل المعقود عليها رفع لاصل النكاح فترتفع أحكامه التي منها حرمة نكاح الام

(2) اى لو طلق المباشر الاصيل المعقود عليها فهل يفيد هذا الطلاق رفع حرمة المصاهرة الثابتة بالنكاح قبل الطلاق أم لا يفيد؟

و كذا هل يفيد طلاق إباحة نكاح الخامسة و البنت و الاخت أم لا؟

فيه نظر:

من أن الطلاقة صادر من اهله، و واقع في محله، لأن المفروض لزوم العقد بالنسبة إليه فيكون رافعا لاثر العقد كما لو فسخت الزوجة فيقع المصاهرة، و نكاح الاخت و البنت و الخامسة

و من أن الطلاق فرع وقوع الزوجية و تحققها في الخارج و لم تتحقق لأن الزوجة لو فسخت و لم تجز النكاح لم تكن هناك زوجية حتى يقع الطلاق في محله

و صرف العقد اللازم على الاصيل لا يكون كافيا في صحة الطلاق فلا يفيد في رفع الحرمة، و إباحة نكاح الاخت و البنت و الخامسة فلا ترتفع الحرمة الثابتة إلا بالفسخ، أو الطلاق بعد الاجازة

(3) اى لترتب الطلاق

ص: 324

و إن كان (1) زوجة لم يحل لها نكاح غيره (2) إلا اذا فسخ (3) و الطلاق هنا معتبر (4)، انتهى

و عن كشف اللثام نفي الاشكال (5)

و قد صرح أيضا جماعة بلزوم النكاح المذكور من طرف الاصيل و فرعوا عليه تحريم المصاهرة

و أما مثل (6) النظر الى المزوجة فضولا، و الى أمها مثلا، و غيره

+++++++++++

(1) اى المباشر الاصيل

(2) اى غير هذا الزوج الذي اختير لها فضولا، و كانت هي المتولية لطرف العقد مباشرة

(3) اى الزوج فسخ

(4) اى في صورة كون المباشر الاصيل زوجة، و فسخ الزوج العقد يعتبر الطلاق فيها، لتوقف الطلاق على الزوجية المتوقفة على الاجازة و معها يصح الطلاق

(5) اى قال صاحب كشف اللثام: إنه لا إشكال في تحريم المصاهرة من طرف المباشر الاصيل لو تولى الفضولي احد طرفي العقد، و كان المباشر الاصيل الزوج، أو الزوجة

و كذا لا إشكال في تحريم الخامسة، و الجمع بين الاختين، و بنت الأم

الى هنا كان الكلام حول الآثار المترتبة على نفس المباشر الاصيل و قلنا: إنه لا يجوز له نقض ما التزمه على نفسه، و التخطي عنه

(6) من هنا يروم الشيخ أن يتكلم حول الآثار المترتبة للمباشر الاصيل في العقد اذا تولى احد طرفيه فضولي

و خلاصة ما افاده هنا: أن النظر الى المرأة المزوجة فضولا الذي

ص: 325

مما لا يعد تركه نقضا لما التزم العاقد على نفسه فهو باق تحت الاصول (1) لأن ذلك (2) من لوازم علاقة الزوجية غير الثابتة، بل المنفية بالأصل

فحرمة (3) نقض العاقد لما عقد على نفسه لا تتوقف على ثبوت نتيجة العقد اعني علاقة الملك، أو الزوجية، بل ثبوت النتيجة تابع لثبوت حرمة النقض من الطرفين (4)

ثم إن بعض متأخري المتأخرين ذكر ثمرات أخر لا بأس بذكرها

ثم إن بعض متأخري المتأخرين (5) ذكر ثمرات اخر لا بأس بذكرها

+++++++++++

كان من الآثار المترتبة للمباشر، أو النظر الى أم المرأة، أو غير النظر مما لا يعد تركه نقضا لما التزم به المباشر الاصيل على نقسه: غير جائز فهو باق على الحرمة، و داخل تحت الاصول و القواعد و هي عدم الجواز، حيث إن هذه الآثار التي هي للمباشر الاصيل إنما تجوز اذا كان العقد ملتزما من الطرفين: بأن كان كلا طرفي العقد اصيلين

لا فيما نحن فيه الذي كان احد طرفيه فضوليا، فلا يثبت هذه الآثار التي هي للمباشر، لأن النظر الى المرأة المزوجة فضولا من لوازم الزوجية التى لم تثبت بسبب وقوع العقد فضولا، بل هو منفي بالأصل، لأن العقد لم يقع صحيحا حتى يترتب عليه هذه الآثار

(1) و قد عرفت أن الأصل هو عدم الجواز، لعدم وقوع العقد صحيحا

(2) و هو جواز النظر الى المرأة المزوجة فضولا

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم كون الآثار المترتبة للمباشر الاصيل مما يعد تركه نقضا و قد ذكر الشيخ التفريع في المتن فلا نعيده

(4) و من الواضح أن حرمة النقض فيما نحن فيه قد تحققت من المباشر الاصيل فقط، حيث كان احد المتعاطيين فضوليا

(5) و هو المحقق الاردبيلي قدس سره

ص: 326

للتنبه بها، و بما يمكن أن يقال (1) عليها

(منها) (2): ما لو انسلخت قابلية التملك عن احد المتبايعين بموته قبل اجازة الآخر، أو بعروض كفر بارتداد فطرى، أو غيره (3) مع كون المبيع عبدا مسلما، أو مصحفا (4)، فيصح حينئذ على الكشف، دون النقل

+++++++++++

(1) اى و يمكن الرد على تلك الثمرات التي افادها بعض متأخري المتأخرين

(2) اى من بعض تلك الثمرات المترتبة على القول بالكشف، دون القول بالنقل

أليك خلاصة هذه الثمرة

إن احد المتعاقدين الذي هو الاصيل، سواء أ كان بايعا أم مشتريا لو باع شيئا، أو اشترى ثم بعد البيع، أو الشراء انسلخت عنه قابلية التملك بموت، أو بارتداد، سواء أ كان الارتداد فطريا أم مليا، و كان الانسلاخ قبل اجازة الآخر الذي هو صاحب العوض المشترى به فضولا أو المعوض الذي بيع فضولا فقد صح البيع، أو الشراء بالنسبة الى المجاز لو اجاز الآخر، لكون الاجازة كاشفة عن سبق الملك بمجرد العقد

بخلاف القول بالنقل، فإن البيع، أو الشراء باطل، لكون الاجازة كاشفة عن انتقال الملك الى المجاز عند صدور الاجازة

و المفروض أن احد المتعاقدين قد انسلخت عنه قابلية التملك بموته أو ارتداده فالعوض، أو المعوض قد انتقل الى الوراث بموته، أو ارتداده

(3) اي أو غير المرتد الفطري و هو المرتد الملي

(4) القيد راجع الى المرتد الملي، فإنه لو ارتد يملك كل شيء سوى العبد المسلم و المصحف الشريف، فإن الارتداد عن ملة يوجب انسلاخ

ص: 327

و كذا (1) لو انسلخت قابلية المنقول بتلف، أو عروض نجاسة له مع ميعانه، الى غير ذلك

و في مقابله (2) ما لو تجددت القابلية قبل الاجازة بعد انعدامها حال العقد كما (3) لو تجددت الثمرة و بدا صلاحها بعد العقد قبل الاجازة

+++++++++++

قابلية احد المتعاقدين عن العبد المسلم، و المصحف الكريم فقط، لا عن كل شيء، فلهذا قيد الشيخ قدس سره الارتداد الملي فيما اذا كان المبيع عبدا مسلما، أو مصحفا كريما

(1) اى و من الثمرات التي افادها بعض متأخري المتأخرين المترتبة على القول بالكشف، أو النقل انسلاخ قابلية المالية عن المال المنقول من طرف الاصيل عوضا، أو معوضا للملك بتلف ذلك المال المنقول أو بعروض النجاسة عليه كما اذا كان دهنا مائعا و ليس قابلا للانتفاع لكل شيء

فعلى القول بالكشف يصح البيع و يكون الضرر من مال المشتري لانتقال المال إليه من حين العقد

و على القول بالنقل يصح البيع و يكون الضرر من مال البائع، لانتقال المال الى المشتري من حين صدور الاجازة

(2) اى و في مقابل انسلاخ القابلية عن المال المنقول تجدد القابلية في المال المنقول قبل الاجازة، و بعد أن كانت القابلية معدومة

(3) هذا مثال لتجدد القابلية في المال المنقول بعد أن كانت معدومة

فعلى القول بالكشف يصح البيع و تكون زكاة الزرع لو كان الزرع زكويا على المشتري، لأن بدر الصلاح كان في ملكه

و على القول بالنقل يصح البيع، أو الشراء، لكن الزكاة على البائع لكون ظهور الثمرة، و بدو الصلاح كان في ملكه

ص: 328

و فيما (1) قارن العقد فقد الشرط ثم حصل، و بالعكس (2)

و ربما يعترض (3) على الاول بامكان دعوى ظهور الأدلة في اعتبار استمرار القابلية الى حين الاجازة على الكشف فيكشف الاجازة عن حدوث الملك من حين العقد مستمرا الى حين الاجازة

+++++++++++

(1) اى أو قارن العقد فقدان شرط من شروط تأثير العقد، سواء أ كان الشرط من شروط المتعاقدين أم من شروط العوضين، ثم حصل قبل الاجازة

فعلى القول بالكشف يكون العقد باطلا

و على القول بالنقل يكون صحيحا

(2) اى لو قارن العقد وجدان شرط من شروط تأثير العقد، سواء أ كان من شروط المتعاقدين أم من شروط العوضين ثم فقد الشرط قبل الاجازة

فعلى القول بالكشف يصلح العقد

و على القول بالنقل يبطل

(3) المعترض هو صاحب الجواهر قدس سره

و المراد من الاول هو انسلاخ قابلية التملك عن احد المتبايعين بموت أو ارتداد كما علمت في الهامش 2 ص 227

و خلاصة الاعتراض: أن أدلة صحة البيع، أو الشراء ظاهرة في اعتبار استمرار قابلية التملك من حين صدور العقد الى حين صدور الاجازة على القول بالكشف

و فيما نحن فيه و هو انسلاخ قابلية التملك عن احد المتعاقدين يبطل البيع، أو الشراء على القول بالكشف، لعدم وجود قابلية التملك

ص: 329

و فيه (1) أنه لا وجه لاعتبار استمرار القابلية، و لا استمرار التملك المكشوف عنه بالاجازة الى حينها

كما (2) لو وقعت بيوع متعددة على مال، فإنهم صرحوا بأن اجازة الاول (3) توجب صحة الجميع، مع عدم بقاء مالكية الاول (4) مستمرا

+++++++++++

بعد صدور العقد الى زمن صدور الاجازة

و لا يخفى عليك أن اعتراض صاحب الجواهر وارد على الثاني و هو انسلاخ قابلية المال المنقول بتلف، أو عروض نجاسة المذكور في ص 328

و كذا على الثالث و هو تجدد القابلية لاحد المتعاقدين قبل حصول الاجازة المذكور في ص 328 كما تأتي الاشارة إليهما من الشيخ

(1) اى و فيما اعترضه صاحب الجواهر على انسلاخ قابلية التملك عن احد المتعاقدين، أو انسلاخ قابلية المال المنقول بادعائه اعتبار استمرار قابلية التملك من زمن العقد الى زمن صدور الاجازة نظر و إشكال

و قد ذكر النظر في المتن فلا نعيده

(2) هذا تنظير لعدم اعتبار قابلية استمرار التملك الى زمن صدور الاجازة

(3) أى البيع الاول

(4) و هو البائع الأول في المبيع الأول على صفة المالكية، فإنه بعد البيع خرج المبيع عن ملكه و سلطته، مع أن الفقهاء صرحوا جميعا بصحة جميع البيوع المتعددة، فلو كانت قابلية استمرار التملك معتبرة الى حين صدور الاجازة فكيف حكم الفقهاء بصحة البيوع المتعددة؟

ص: 330

و كما (1) يشعر به بعض أخبار المسألة المتقدمة، حيث إن ظاهر بعضها، و صريح الآخر عدم اعتبار حياة المتعاقدين حال الاجازة

مضافا (2) الى فحوى خبر تزويج الصغيرين الذي يصلح لما ذكر

+++++++++++

(1) تنظير ثان لعدم اعتبار استمرار قابلية التملك في المتعاقدين الى زمن صدور الاجازة اى و كما يشعر بعدم اعتبار استمرار قابلية التملك

و الظاهر أن المراد ببعض أخبار مسألة الفضولي هو رواية ابن اشيم المشار إليها في ص 191 حيث إن الدافع بعد أن دفع الى العبد المأذون مبلغا لشراء عبد و عتقه ثم يحج عن الباقي قد مات، و إلا فليس في الأخبار المتقدمة المستدل بها على صحة بيع الفضولي من البداية الى النهاية التي ذكرها الشيخ ما يدل على عدم اعتبار الحياة في المتعاقدين حال صدور الاجازة لا تلويحا و لا تصريحا حتى تكون في تلك الأخبار ما يشعر بعدم اعتبار استمرار قابلية التملك الى زمن صدور الاجازة

و أليك تلك الأخبار و هي:

صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في ص 169

و فحوى صحة عقد النكاح المشار إليها في الهامش 1. ص 178

و موثقة جميل المشار إليها في ص 184

و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

و موثقة عبد اللّه المشار إليها في ص 197

و الأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم المشار إليها في الهامش 3 ص 188

(2) اى و لنا بالإضافة الى ما ذكره: من إشعار بعض الأخبار المتقدمة على عدم اعتبار استمرار القابلية في التملك فحوى خبر تزويج الصغيرين الذي اشير إليه في الهامش 2 ص 304 فإنه يصلح لعدم اعتبار استمرار قابلية التملك في المتعاقدين الى زمن صدور الاجازة

ص: 331

في الثمرة الثانية (1) اعني خروج المنقول (2) عن قابلية تعلق إنشاء عقد أو اجازة به، لتلف، و شبهه، فإن موت احد الزوجين كتلف احد العوضين في فوات احد ركني العقد

مضافا الى اطلاق رواية عروة (3)، حيث لم يستفصل النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن موت الشاة، أو ذبحه و إتلافه

نعم ما ذكره (4) أخيرا: من تجدد القابلية بعد العقد حال الاجازة لا يصلح ثمرة للمسألة (5)، لبطلان العقد (6)

+++++++++++

و لا يخفى عليك أن الاستدلال بفحوى خبر الصغيرين على المدعى لا يخلو من الضعف، حيث إنه على خلاف القاعدة فلا يتعدى منه الى غيره

(1) اى المترتبة على القول بالكشف، أو النقل

(2) اى المال المنقول كما عرفت

(3) اى عروة البارقي المشار إليها في ص 164 التي استدل بها الشيخ على صحة عقد الفضولي اى الرواية هذه مطلقة، حيث إن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم لما اخبره عروة البارقي بما صنع قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: بارك اللّه لك في صفقة يمينك، و لم يستفصل عن موت الشاة، أو ذبحه، فترك الاستفصال دليل على عدم اعتبار استمرار القابلية الى زمن صدور الاجازة

(4) اى صاحب الجواهر: من اعتبار استمرار القابلية الى زمن صدور الاجازة

(5) و هي مسألة الكشف، أو النقل

(6) وجه البطلان أنه لا بدّ من قابلية المتعاقدين التملك حال العقد و إنشاء المعاملة

ص: 332

ظاهرا على القولين (1)

و كذا (2) فيما لو قارن العقد فقد الشرط

و بالجملة فباب المناقشة و إن كان واسعا، إلا أن الأرجح في النظر ما ذكرناه (3)

و ربما يقال: بظهور الثمرة (4) في تعلق الخيارات (5)، و حق (6)

+++++++++++

(1) و هما: قول الكشف، و قول النقل

(2) اى و كذا لا يصلح ما ذكره صاحب الجواهر قدس سره:

من مقارنة العقد فقد الشرط، لعين الملاك الذي قلناه في تجدد القابلية

(3) و هو عدم اعتبار استمرار القابلية، و لا استمرار التملك المكشوف عنه بالاجازة

(4) اى الثمرة بين القول بالكشف، و القول بالنقل

(5) كما اذا اختلف المبيع من حيث الصحة و العيب بحسب زمان العقد، و زمان صدور الاجازة: بأن كان زمن العقد صحيحا ثم صار معيبا زمن صدور الاجازة، أو بالعكس فيختلف الحال في ثبوت الخيار

فعلى القول بالكشف لا يثبت للمشتري الخيار، لأن العيب قد وقع في ملكه

و على القول بالنقل يثبت للمشتري الخيار

و إن كان المبيع في زمن صدور العقد معيبا، و زمن صدور الاجازة صحيحا

فعلى القول بالكشف يثبت الخيار للمشتري

و على القول بالنقل لا يثبت الخيار له

(6) فعلى القول بالكشف يكون حق الشفعة من زمن العقد و على القول بالنقل يكون من زمن صدور الاجازة

ص: 333

الشفعة، و احتساب (1) مبدأ الخيارات، و معرفة (2) مجلس الصرف و السلم و الأيمان (3)

+++++++++++

و كما لو كانت دار مشتركة بين اثنين على وجه الاشاعة فباع فضولي حصة احد الشريكين لرجل خارج عن الشركة، ثم باع الرجل حصته لشخص آخر، ثم اجاز البيع مالك الحصة الاولى

فعلى القول بالكشف يكون حق الشفعة للمشتري من الفضولي، لكونه أصبح شريكا مع الآخر فاذا بيع ما في شركة استحق الاخذ بالشفعة

و على القول بالنقل كان حق الشفعة للمشتري من البائع الاصيل لكونه شريكا مع المالك المجيز قبل تمامية بيع حصته، فاذا تمت الاجازة فله أن يأخذ بالشفعة بالنسبة الى هذا البيع الذي تم من حين الاجازة

(1) كما في خيار الحيوان

فعلى القول بالكشف يكون المبدأ ثلاثة أيام في الحيوان من حين العقد و على القول بالنقل يكون المبدأ من زمن صدور الاجازة

(2) فعلى القول بالكشف يكون اعتبار مجلس القبض بمجلس العقد و على القول بالنقل يكون بمجلس الاجازة

و كذلك في بيع السلف

(3) كما لو حلف شخص على بيع جميع أمواله في يوم الجمعة و كان من جملة ما حلف عليه ما باعه الفضولي و لم تقع الاجازة في يوم الجمعة بل وقعت في يوم الثلاثاء مثلا

فعلى القول بالكشف كان بيع الفضولي خارجا عن إطار الحلف فلا يلزم التصدق به، فتصح الاجازة

و على القول بالنقل يحكم بفساد الاجازة

ص: 334

و النذور (1) المتعلقة (2) بمال البائع، أو المشتري

و تظهر الثمرة (3) أيضا في العقود المترتبة على الثمن، أو المثمن

+++++++++++

و كما لو حلف شخص على أن يتصدق بجميع أمواله في يوم الجمعة و كان من جملة ما حلف عليه ما اشتراه من فضولي فلم تلحقه الاجازة يوم الجمعة، بل لحقته يوم السبت

فعلى القول بالكشف يلزمه التصدق بماله

و من جملة ما يملكه هذا الذي اشتراه من الفضولي و لحقته الاجازة يوم السبت

و على القول بالنقل لا يلزمه التصدق به، لعدم كون المال المشتري فضوليا ملكا له يوم الجمعة

(1) كما لو نذر التصدق بدينار معين من ماله يوم الجمعة و قد اشترى الدينار المعين من فضولي و لم تلحقه الاجازة إلا يوم السبت

فعلى القول بالكشف يلزمه الوفاء بالنذر، لوقوع النذر بماله

و على القول بالنقل فلا، لعدم تملكه للدينار عند النذر

(2) بالجر صفة للأيمان، و النذور، اي الأيمان تارة تتعلق بالبيع و اخرى بالشراء

و كذا النذور، فإنها تارة تتعلق بالبيع، و اخرى بالشراء

كما افاد هذا المعنى الشيخ بقوله: و الأيمان و النذور المتعلقة بمال البائع أو المشتري

و قد مثلنا لهما بقولنا: في الهامش 3 ص 334 كما لو حلف شخص على بيع جميع أمواله، و في ص 335 بقولنا: و كما لو حلف شخص أن يتصدق بجميع أمواله

(3) اى الثمرة بين القول بالكشف، و القول بالنقل

ص: 335

و سيأتي (1) إن شاء اللّه

أما شروطها
و ينبغي التنبيه على أُمور:
الأوّل أنّ الخلاف في كون الإجازة كاشفة أو ناقلة ليس في مفهومها اللغوي

و ينبغي التنبيه على امور: (الاول): أن الخلاف في كون الاجازة كاشفة، أو ناقلة ليس في مفهومها اللغوي و معنى الاجازة وضعا (2) أو انصرافا بل في حكمها الشرعي بحسب ملاحظة اعتبار رضا المالك، و أدلة وجوب الوفاء بالعقود، و غيرهما من الأدلة الخارجية

+++++++++++

(1) اى في الامر الثالث من الامور التي ذكرها الشيخ بقوله:

و أما القول في المجيز فاستقصاؤه يتم ببيان امور

(2) خلاصة الكلام في التنبيه الاول: أن البحث في الاجازة ليس في معناه اللغوي من حيث الوضع اى ليس النزاع بين الفقهاء في أن الاجازة كاشفة، أو ناقلة في معناه الموضوع له و هو الامضاء، أو مجرد الرضا بمضمون العقد الواقع فضولا، لأن هذا لا نزاع فيه

بل النزاع في حكم الاجازة شرعا اى كون الاجازة كاشفة، أو ناقلة هل هو بجعل من الشارع على وجه اللزوم اى القائل بالكشف يقول:

إن الشارع قد جعل الاجازة كاشفة فحينئذ لا معنى للنقل اصلا؟

أو أن المجيز اذا قصد النقل باجازته فقد افاد نقل المال من حين الاجازة كما لو باع شخص مال زيد فضولا ثم انتقل ذلك المال إليه بعد زمن بالارث، أو بشيء آخر فالاجازة حينئذ لا تصلح أن تكون كاشفة عن انتقال المال الى المشتري من حين العقد، لأن البائع الفضولي الذي ورث المال بعد ذلك لا سلطنة له عليه في حال العقد، فلا يصح أن تكون كاشفة عن النقل من حين العقد

بعبارة اخرى أن المستفاد من العمومات و الاطلاقات، و أدلة الطيب التي ذكرت كلها في أثناء البحث: هل أن الرضا المتأخر كاشف عن تمامية السبب، أو أنه جزء السبب الناقل؟

ص: 336

فلو (1) قصد المجيز الإمضاء من حين الاجازة على القول بالكشف أو الإمضاء من حين العقد على القول بالنقل ففي صحتها وجهان

الثاني: أنه يشترط في الاجازة أن تكون باللفظ الدال عليها على وجه الصراحة العرفية
اشارة

(الثاني): (2) أنه يشترط في الاجازة أن تكون باللفظ الدال عليها على وجه الصراحة العرفية كقوله: امضيت، و اجزت، و انفذت، و رضيت و شبه ذلك

و ظاهر رواية البارقي وقوعها بالكناية (3)، و ليس (4) ببعيد اذا

+++++++++++

أو أن مفاد الأدلة الخارجية هو الكشف عن تمامية العقد في التأثير أولها الدخالة فيه؟

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الخلاف في الاجازة ليس في مفهومها اللغوي، أو الانصرافي، بل في حكمها الشرعي

و خلاصة التفريع أنه لو كان الخلاف في المفهوم اللغوي لكان قصد الكشف، أو النقل صحيحا حتى لو قلنا بظهور اللفظ في الكشف مثلا

بداهة صلاحية قصد الخلاف مع وجود طريق إليه أن تكون قرينة صارفة عن إرادة ظاهر اللفظ

بخلاف ما لو كان الخلاف في الحكم الشرعي، فإنه حينئذ يأتي فيه الوجهان: الصحة، و البطلان، و إن كان البطلان أظهر، لأن المجاز الذي هو النقل من حين العقد لم يقع، و ما وقع و هو النقل المطلق لم يجز اذ المجاز هو النقل المقيد من حين العقد

(2) اى الامر الثاني من الامور التي ينبغي التنبيه عليها و اشار الشيخ إليها بقوله في ص 336

(3) فإن قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: بارك اللّه لك في صفقة يمينك كناية عن اجزت، أو امضيت، أو رضيت

(4) اى وقوع الاجازة بالكناية ليس ببعيد

ص: 337

اتكل عليها (1) عرفا

كفاية الفعل الكاشف عن الرضا في الإجازة

و الظاهر: أن الفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد كاف كالتصرف في الثمن (2)، و منه (3) اجازة البيع الواقع عليه كما سيجيء

و كتمكين الزوجة من الدخول بها اذا زوّجت فضولا كما صرح به العلامة رحمه اللّه

و ربما يحكى عن بعض اعتبار اللفظ، بل نسب الى صريح جماعة و ظاهر آخرين (4)

و في النسبة نظر

و استدل عليه (5) بعضهم بأنها كالبيع في استقرار الملك

و هو (6) يشبه المصادرة

+++++++++++

(1) اى على الكناية

(2) كما لو باع شخص فضولا سلعة زيد فاخذ المالك الاصيل ثمنها من البائع الفضولي و تصرف فيه فهذا التصرف كاف عن الاجازة اللفظية

(3) اى و من التصرف اجازة البيع الواقع على ثمن السلعة المبيعة فضولا

(4) فصارت الأقوال أربعة:

(الاول): إنشاء الاجازة باللفظ الصريح

(الثاني): إنشاء الاجازة بالكناية

(الثالث): إنشاء الاجازة بفعل

(الرابع): إلغاء الإنشاء و الاكتفاء بالرضا الباطني

(5) اى على اعتبار اللفظ في الاجازة

(6) اى الاستدلال المذكور يشبه المصادرة، اذ كون الاجازة مثل

ص: 338

و يمكن أن يوجه (1) بأن الاستقراء في النواقل الاختيارية اللازمة كالبيع و شبهه يقتضي اعتبار اللفظ

و من المعلوم أن النقل الحقيقي العرفي من المالك يحصل بتأثير الاجازة (2)

و فيه (3) نظر، بل لو لا شبهة الاجماع الحاصلة من عبارة جماعة من المعاصرين (4) تعين القول بكفاية نفس الرضا (5) اذا علم حصوله من أي طريق كما يستظهر (6) من كثير من الفتاوى و النصوص (7)

فقد (8) علل جماعة عدم كفاية السكوت في الاجازة بكونه (9)

+++++++++++

البيع في اعتبار اللفظ فيه اوّل الكلام، لأنك عرفت وقوع المعاملة بالمعاطاة

(1) اى اعتبار اللفظ في الاجازة

(2) و من الواضح أن الاجازة لا بدّ أن تكون باللفظ، لأن الناقل اللازم هو اللفظ

(3) اى و في هذا التوجيه نظر

لعل وجه النظر منع حصول النقل بالاجازة بعد أن سلمنا أن الناقل اللازم هو اللفظ، لأن الاجازة شرط في تأثير العقد في النقل، بناء على ثبوت النقل في الفضولي بالعقد، فلا يعتبر في الشرط أن يكون باللفظ

(4) حيث قالوا باعتبار اللفظ

(5) و هو الرضا القلبي الذي عرفته عند قولنا في الهامش ص: 338 الرابع إلغاء الانشاء

(6) و هو الاكتفاء بالرضا القلبي

(7) المراد منها نصوص الفقهاء، لا الأحاديث الواردة عن (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام، و الدليل على ذلك قول الشيخ: فقد علل جماعة

(8) من هنا اخذ الشيخ في كفاية الرضا القلبي

(9) الباء بيان لعدم كفاية السكوت، اى السكوت أعم من الرضا

ص: 339

أعم من الرضا فلا يدل (1) عليه، فالعدول (2) عن التعليل بعدم اللفظ الى عدم الدلالة كالصريح فيما ذكرنا

و حكي عن آخرين أنه اذا انكر الموكل الاذن فيما اوقعه الوكيل من المعاملة فحلف انفسخت، لأن الحلف يدل على كراهتها (3)

و ذكر بعض أنه يكفي في اجازة البكر للعقد الواقع عليها فضولا سكوتها

و من المعلوم أن ليس المراد من ذلك (4) أنه لا يحتاج الى اجازتها

+++++++++++

و عدمه فلا يصح الاستدلال به

(1) اى السكوت لا يدل على الرضا، لكونه أعم كما عرفت

(2) خلاصة هذا الكلام: أن جماعة من الفقهاء في مقام دعوى عدم كفاية السكوت في الاجازة عللوا بأنه لا دلالة للسكوت على الرضا القلبي و لم يعللوا أن اللفظ معتبر في الاجازة، فعدلوا عن تعليل اعتبار اللفظ الى التعليل بعدم دلالة السكوت على الرضا القلبي

فالعدول هذا كالصريح فيما قلناه: و هو تعين القول بكفاية الرضا القلبي فقط

(3) اى كراهة المعاملة

وجه دلالة كراهة المعاملة على صحة بيع الفضولي أنه اذا كفت الكراهة في فسخ المعاملة فبمقتضى التقابل كفاية الرضا في الاجازة، من دون احتياج الى لفظ

(4) اى من كفاية السكوت عن اجازة البكر في العقد الواقع عليها فضولا

خلاصة هذا الكلام أنه لا يتوهم من قولنا: كفاية السكوت عن اجازة البكر في العقد الواقع عليها فضولا عدم احتياج العقد عليها فضولا الى الاجازة

ص: 340

بل المراد كفاية السكوت الظاهر في الرضا و إن لم يفد القطع، دفعا (1) للحرج عليها و علينا

+++++++++++

اصلا، اذ كيف يعقل ذلك و قد ثبت أن الاجازة في الفضولي إما شطر أو شرط

بل المراد أن سكوت البكر بعد العقد عليها فضولا لو علمت بذلك فسكتت ظاهر في الرضا، و هذا المقدار كاف في الاجازة و إن لم يفد السكوت القطع بالرضا، اذ السكوت أعم من الرضا و عدمه، فالسكوت ظاهر في الرضا، و الرضا هو الاجازة

(1) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لكفاية السكوت الموجب للاطمينان القلبي عن الاجازة، اى إنما نقول بذلك لاجل دفع الحرج عن البكر و عنا

أما لزوم الحرج عليها لو لم نقل بكفاية السكوت فلأنها تستحي عن التصريح بالتزويج فهو حرج عليها

و أما لزوم الحرج علينا فلأنه ربما يصعب استنطاقها فهو حرج علينا و الحرج هنا و إن كان حرجا شخصيا إلا أنه ملازم للحرج النوعي

أليك نص الحديث الوارد في أن السكوت اقرار من المرأة في اذنها للتزويج.

عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت (علي بن ابي طالب) عليه السلام يقول: و ذكر تزويج فاطمة عليها السلام و أنه طلبها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم

فقال: يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها، و لكن على رسلك حتى اخرج أليك، فدخل عليها و قال:

ص: 341

كفاية الرضا الباطني، و الاستدلال عليه

ثم إن الظاهر أن كل من قال بكفاية الفعل الكاشف عن الرضا كأكل الثمن، و تمكين الزوجة اكتفى به (1) من جهة الرضا المدلول عليه به لا من (2) جهة سببية الفعل تعبدا

و قد صرح غير واحد بأنه لو رضي المكره بما فعله (3) صح و لم يعبروا بالاجازة

و قد ورد فيمن زوجت نفسها في حال السكر أنها اذا اقامت (4) معه بعد ما افاقت فذلك رضا منها

+++++++++++

إن عليا قد ذكر من امرك شيئا فما ترين؟

فسكتت و لم تولّ وجهها، و لم ير فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كراهة

فقام و هو يقول: اللّه اكبر سكوتها اقرارها

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 206-207 الباب 5 الحديث 3

(1) اى بهذا الفعل الكاشف عن الرضا

(2) اى و ليست كفاية الفعل الكاشف عن الرضا من جهة أنه سبب تعبدي، بل من جهة أنه دال على الرضا

(3) اى بما فعله شخصه: من بيع، أو اجازة، أو هبة

(4) اى نفس الإقامة مع الرجل الذي زوجت نفسها له في حال السكر أليك نص الحديث

عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ثم افاقت فانكرت ذلك، ثم ظنت أنه يلزمها ففزعت منه فاقامت مع الرجل

ص: 342

و عرفت (1) أيضا استدلالهم على كون الاجازة كاشفة: بأن العقد مستجمع للشرائط عدا رضا المالك فاذا حصل عمل السبب (2) التام عمله (3)

و بالجملة (4) فدعوى الاجماع في المسألة دونها خرط القتاد

+++++++++++

على ذلك التزويج أ حلال هو لها أم التزويج فاسد، لمكان السكر، و لا سبيل للزوج عليها؟

فقال: اذا اقامت معه بعد أن أفاقت فهو رضا منها

قلت: و يجوز ذلك التزويج عليها؟

فقال: نعم

راجع المصدر نفسه. ص 221. الباب 14. الحديث 1

(1) اى عند نقل الشيخ في ص 277 بقوله: و استدل عليه كما عن جامع المقاصد

(2) و هو العقد مع الاجازة

(3) و هو النقل و الانتقال

(4) اى و خلاصة الكلام في هذا المقام: أن ادعاء الاجماع من قبل الفقهاء على اعتبار اللفظ في الاجازة في مسألة عقد الفضولي مع وجود الأحاديث الواردة عن (أئمة اهل البيت) عليهم السلام في عقد الفضولي الدالة كلها على كفاية السكوت عن الاجازة اللفظية

و مع وجود نصوص كثيرة من الفقهاء بالاكتفاء بالسكوت كما عرفت آنفا: بعيد جدا

و اثبات ذلك (خرط القتاد)

و قد عرفت معنى خرط القتاد في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 342 فراجع

ص: 343

و حينئذ (1) فالعمومات المتمسك بها لصحة الفضولي السالمة عن ورود مخصص عليها عدا ما دل على اعتبار رضا المالك في حلّ ماله، و انتقاله الى الغير، و رفع سلطنته عنه أقوى حجة في المقام

مضافا (2) الى ما ورد في عدة أخبار: من أن سكوت المولى بعد علمه بتزويج عبده إقرار منه له عليه

و ما دل على أن قول المولى لعبده المتزوج بغير اذنه: طلق (3) يدل

+++++++++++

(1) اى و حين أن قلنا: إن دعوى الاجماع على اعتبار اللفظ في الاجازة كخرط القتاد فالتمسك بالعمومات المذكورة أقوى دليل على عدم اعتباره أليك تلك العمومات

و هي رواية عروة البارقي المشار إليها في ص 164

و صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في ص 169

و فحوى صحة عقد النكاح المشار إليها في الهامش 1 ص 178

و موثقة جميل المشار إليها في ص 184

و الأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم المشار إليها في الهامش 3 ص 188

و رواية ابن اشيم المشار إليها في ص 191

و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 196

و موثقة عبد اللّه المشار إليها في ص 197

و الأخبار الواردة على عدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه المشار إليها في الهامش 3 ص 139

فإن هذه العمومات بأجمعها تدل على عدم اعتبار اللفظ في الاجازة

(2) اى و لنا بالإضافة الى تلك العمومات دليل آخر على عدم اعتبار اللفظ في الاجازة

(3) راجع المصدر نفسه. ص 525-526. الباب 26.

ص: 344

على الرضا بالنكاح فيصير اجازة

و على (1) أن المانع من لزوم نكاح العبد بدون اذن مولاه معصية المولى التي ترتفع بالرضا

و ما (2) دل على أن التصرف من ذي الخيار رضا منه، و غير ذلك

+++++++++++

الأحاديث، أليك نص الحديث الأول

عن أبي (عبد اللّه عن علي) عليه السلام أنه اتاه رجل بعبده فقال:

إن عبدي تزوج بغير اذني

فقال (علي عليه السلام) لسيده: فرّق بينهما

فقال السيد لعبده: يا عدو اللّه طلّق

فقال (علي عليه السلام): أما الآن فإن شئت فطلق، و إن شئت فامسك

فقال السيد: يا (أمير المؤمنين) أمر كان بيدي فجعلته بيد غيري

قال: ذلك لأنك حين قلت: طلق اقررت له بالنكاح

(1) اى و لنا بالإضافة الى تلك العمومات دليل آخر

راجع (من لا يحضره الفقيه). الجزء 3. ص 283. الباب 136 الحديث 1

أليك نص بعض الحديث

فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فإنه في اصل النكاح كان عاصيا

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما اتى شيئا حلالا و ليس يعاص للّه إنما عصى سيده و لم يعص اللّه عزّ و جلّ، إن ذلك ليس كإتيانه ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة، و أشباه ذلك

(2) اى و لنا بالإضافة الى تلك العمومات دليل آخر

ص: 345

هل يكفي الرضا مقارنا للعقد أو سابقا عليه؟

بقي في المقام: أنه اذا قلنا بعدم اعتبار إنشاء الاجازة باللفظ، و كفاية مطلق الرضا، أو الفعل الدال عليه فينبغي أن يقال بكفاية وقوع مثل ذلك (1) مقارنا للعقد، أو سابقا (2)

فاذا فرضنا أنه علم رضا المالك بقول (3)، أو فعل (4) يدل على رضاه ببيع ماله (5) كفى في اللزوم، لأن ما يؤثر بلحوقه يؤثر بمقارنته بطريق أولى

و الظاهر أن الأصحاب لا يلتزمون بذلك (6)

+++++++++++

راجع وسائل الشيعة. الجزء 12: ص 351 - الباب 4. الأحاديث أليك نص الحديث 1

عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط، فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط

قيل له: و ما الحدث؟

قال: إن لامس، أو قبّل، أو نظر منها ما كان يحرم عليه قبل الشراء

فهذه الأحاديث كلها تدل على عدم اعتبار اللفظ في الاجازة، و أن نفس الرضا كافية في المقام

(1) اى مثل مطلق الرضا، أو الفعل الدال عليه

(2) اى سابقا على العقد

(3) كأن يقول: ليتني اجد من يشتري داري

(4) كأن يجعل داره بيد السمسار (و هو الدلال) للبيع

(5) اى ذلك القول، أو الفعل

(6) اى برضا المالك بقول، أو فعل يدل على رضاه ببيع ماله

ص: 346

فمقتضى ذلك (1) أن لا يصح الاجازة إلا بما لو وقع قبل العقد كان اذنا مخرجا للبيع عن بيع الفضولي

و يؤيد ذلك (2) أنه لو كان مجرد الرضا ملزما كان مجرد الكراهة فسخا فيلزم عدم وقوع بيع الفضولي مع نهي المالك، لأن الكراهة الحاصلة حينه و بعده و لو آنا ما تكفي في الفسخ

بل يلزم عدم وقوع بيع المكره اصلا

إلا أن يلتزم بعدم كون مجرد الكراهة فسخا، و إن كان مجرد الرضا اجازة (3)

الثالث: من شروط الاجازة أن لا يسبقها الرد

(الثالث): (4) من شروط الاجازة أن لا يسبقها الرد، اذ مع الرد ينفسخ العقد فلا يبقى ما تلحقه الاجازة

و الدليل عليه بعد ظهور الاجماع، بل التصريح به في كلام بعض مشايخنا: أن الاجازة إنما تجعل المجيز احد طرفي العقد، و إلا (5) لم يكن مكلفا بالوفاء بالعقد، لما عرفت (6): من أن وجوب الوفاء إنما هو في حق العاقدين، أو من قام مقامهما

و قد تقرر أن من شروط الصيغة أن لا يحصل بين طرفي العقد ما يسقطهما عن صدق العقد الذي هو في معنى المعاهدة (7)

+++++++++++

(1) اى و مقتضى عدم التزام الفقهاء بذلك

(2) اى و يؤيد عدم التزام الفقهاء بذلك

(3) فلا ملازمة بينهما

(4) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها التي افادها في ص 336

(5) اى لو لم يجعل الاجازة المجيز احد طرفي العقد

(6) عند قوله في ص 297: لأن وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجه الى العاقدين

(7) و من الواضح أن الرد مما يسقط طرفي العقد عن صدق العقد و المعاهدة

ص: 347

هذا مع أن مقتضى سلطنة الناس على أموالهم تأثير الرد في قطع علاقة الطرف الآخر عن ملكه فلا يبقى ما تلحقه الاجازة فتأمل (1)

نعم الصحيحة الواردة (2) في بيع الوليدة ظاهرة في صحة الاجازة بعد الرد (3)

اللهم إلا أن يقال: إن الرد الفعلي كاخذ المبيع (4) مثلا غير كاف بل لا بدّ من إنشاء الفسخ

و دعوى أن الفسخ هنا (5) ليس بأولى من الفسخ في العقود اللازمة و قد صرحوا بحصوله (6) فيها بالفعل

يدفعها: (7) أن الفعل الذي يحصل به الفسخ هو فعل لوازم ملك

+++++++++++

(1) لعل وجه التأمل توهين ما ذكره الشيخ قدس سره: من أن مقتضى قاعدة: الناس مسلطون أن يكون الرد ماضيا من المالك ببيان أن القاعدة المذكورة معارضة بمثلها: و هي الناس مسلطون على أموالهم، فإن الاجازة بمقتضى هذه القاعدة لا بدّ أن تكون ماضية من المالك كما كان الرد ماضيا من المالك، بمقتضى تلك، لأن مضي الاجازة و أنها رفع للرد الواقع قبلها سلطنة من المالك و أي سلطنة، بل هي أقوى من تلك السلطنة

(2) و هي صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في ص 169

(3) حيث إن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام قضى لصاحب الامة باخذها و اخذ ابنها، فالاخذ دليل على رد البيع

(4) كما في مورد الصحيحة

(5) اى في عقد الفضولي

(6) اى بحصول الفسخ في العقود اللازمة بالفعل فحصوله بالفعل به في عقد الفضولي بطريق أولى من غير احتياج الفسخ الى اللفظ

(7) اى الدعوى المذكورة مدفوعة

ص: 348

المبيع كالوطء و العتق و نحوهما، لا مثل اخذ المبيع

و بالجملة (1) فالظاهر هنا (2)، و في جميع الالتزامات عدم الاعتبار بالاجازة الواقعة عقيب الفسخ، فإن سلم ظهور الرواية (3) في خلافه فلتطرح، أو تأول

+++++++++++

(1) اى و خلاصة الكلام في المقام

(2) اى في عقد الفضولي

(3) و هي صحيحة محمد بن قيس المشار إليها آنفا

خلاصة هذا الكلام أن الظاهر من جميع الالتزامات الواقعة في العقود سواء أ كانت لازمة أم جائزة هو عدم الاعتبار بالاجازة الواقعة عقيب الفسخ و الرد في العقود الواقعة فضولا

و نرى في الصحيحة أن الاجازة الصادرة من المالك الذي هو مولى الوليدة قد وقعت عقيب الرد، حيث إن المولى قد اخذ الوليدة و ابنها بعد حكم (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام بذلك في قوله:

في ص 169: الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها، فالاخذ هذا رد للبيع و فسخ له

ثم لما رأى المشتري أن ابنه قد اخذ منه ناشد الامام عليه السلام في ابنه فقال له عليه السلام في ص 169: خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفّذ البيع لك

فلما اخذ المشتري البائع الذي هو ابن مولى الامة اضطر المولى أن يجيز بيع الامة، ليسترد ابنه من المشتري فاجاز

فالاجازة هذه قد صدرت منه بعد رده البيع و فسخه فتكون مسبوقة بالرد.

فظاهر الصحيحة مخالف لجميع الالتزامات الواقعة في العقود الجائزة و اللازمة.

ص: 349

الرابع: الإجازة أثر من آثار سلطنة المالك على ماله

(الرابع): (1) الاجازة اثر من آثار سلطنة المالك على ماله فموضوعها المالك (2)، فقولنا: له أن يجيز مثل قولنا: له أن يبيع و الكل (3) راجع الى أن له أن يتصرف

فلو (4) مات المالك لم يورّث الاجازة و إنما يورّث المال الذي

+++++++++++

ففي هذه الحالة لا يمكننا التصرف في ظاهر الصحيحة فلا بد إما من طرحها أو تأويلها حتى لا ينخرم اجماع الفقهاء على أن من شروط الاجازة أن لا يكون مسبوقا بالرد

و لا يخفى أن التأويل أولى من الطرح، حيث إنها من الصحاح و لا مبرر لطرحها

و مجرد كونها مخالفة لاجماع الفقهاء لا يكون مبررا للطرح

و قد افاد التأويل الشيخ في ص 175 بقوله: فلا بد من تأويل ذلك

و أما وجه أولوية التأويل من الطرح فلأن الطرح موجب للقول بانعقاد نطفة الولد من السفاح، فصونا للمحذور المذكور نقول بالتأويل

و أما كيفية التأويل فهي أن الاجازة هنا شخصية و ردت في قضية شخصية لتلك الغاية فلا يلزم انخرام الاجماع المذكور

(1) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها التي اشار إليها الشيخ في ص 336

(2) اى الاجازة قائمة بشخص المالك فما دام موجودا يتحقق، فهي من الأحكام الشرعية، و ليست من الحقوق فلا يتعلق بها الارث، لعدم تعلق الارث بالحكم

(3) و هو قولنا: له أن يجيز، و له أن يبيع

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من أن موضوع الاجازة شخص المالك

ص: 350

عقد عليه الفضولي فله (1) الاجازة، بناء على ما سيجيء: من جواز مغايرة المجيز و المالك حال العقد فيمن باع مال أبيه فبان ميتا

و الفرق بين إرث الاجازة، و إرث المال يظهر بالتأمل (2)

+++++++++++

(1) اى فللفضولي الذي ورث المال أن يجيز العقد الصادر منه فضولا.

(2) يظهر الفرق في المبيع لو كان عقارا و بيع فضولا، و كان الوارث الزوجة

فعلى القول بكون الاجازة من الأحكام الشرعية، و أنها ليست من الحقوق: ليس للزوجة اجازة البيع، لأن موضوع الاجازة شخص المالك، و المفروض أنه مات فانتفى موضوعها

و على القول بكونها من الحقوق تكون قابلة للارث فالزوجة الاجازة حينئذ، لعدم تعلقها بشخص المالك

و لما انجر بنا الكلام الى الحقوق و الأحكام لا بأس باشارة اجمالية الى الفرق بينهما و إن كان ذلك في غاية الصعوبة و الاشكال حتى قال فقيه عصره (الشيخ حسن) كاشف الغطاء قدس سره صاحب أنوار الفقاهة:

ليس للفرق بين الحقوق و الأحكام قاعدة كلية، و معيار معين يمكن تطبيقها على صغرياتها و أفرادها و مصاديقها

بل يمكن للفقيه النبيه تمييز ذلك بذوقه السليم، اذ من الممكن اتيان كلا القسمين في جميع الموارد، و انطباقهما على مصاديقهما، فحينئذ لا بدّ من مراجعة دليل ذلك

فإن كان يطلق الحق عليه عدّ من الحقوق

و إن كان يطلق عليه الأحكام عدّ من الأحكام

ص: 351

..........

+++++++++++

ثم لا يخفى عليك أن الفرق بينهما من حيث المفهوم و الحقيقة في غاية الوضوح، لأن الحق يطلق على السلطنة على شيء متعلق بعين كحق التحجيز و حق الرهانة، و حق الدّيان في تركة الميت، و حق القصاص المتعلق بالشخص، و حق الخيار المتعلق بالعقد، و حق الحضانة، و حق القسم

بعبارة أوضح أن الحق مرتبة نازلة من الملك

بل في الحقيقة و نفس الامر نوع منه، و فرد من أفراده، لتملك صاحبه شيئا يكون مرجعه إليه كما في تملك العين أو المنفعة، لكون امرهما بيد صاحبهما

بخلاف الحكم، فإنه مجرد جعل الاذن في اتيان شيء، أو تركه أو رخصة الشارع بترتب اثر على فعل شيء، أو تركه

خذ لذلك مثالا

إن الخيار في العقود اللازمة عند ثبوته كما في خيار الحيوان حق من الحقوق الثابتة لذي الخيار فقد جعل الشارع للمتعاقدين اذا كان العوضان حيوانا، او لأحدهما اذا كان احد العوضين حيوانا سلطنة على العقد: من حيث الفسخ، أو الإمضاء، و حكم أنه مالك لأمره في اختيار أيهما شاء

و أما الجواز في العقود الجائزة فهو حكم من الأحكام لم يجعل الشارع فيه إلا مجرد اذن في الفسخ، أو الامضاء و ليس للمتعاقدين، أو لأحدهما سلطنة مجعولة من الشارع على الفسخ، أو الإمضاء

و الحاصل أنه إن اعتبر الشارع مالكية شخص لامر و سلطنته له عليه فهو يعدّ من الحقوق

و إن اعتبر مجرد اذن في فعل شيء، أو تركه فهو يعد من الأحكام

ص: 352

الخامس: اجازة البيع ليست اجازة لقبض الثمن، و لا لاقباض المبيع

(الخامس): (1) اجازة البيع ليست اجازة لقبض الثمن، و لا لاقباض المبيع

+++++++++++

بعبارة اخرى: أن حكم الشارع بأن اذا الخيار مالك لذلك الامر و متسلط عليه حكم من الأحكام، لكن نفس الخيار الذي هو المجعول من قبله حق من الحقوق، فللمتعاقدين، أو لأحدهما السلطنة عليه، و أن بيدهما، أو يد أحدهما حق الامضاء، أو الفسخ

ثم إن الحقوق على أقسام ذكرها كلها العلامة الطباطبائي اليزدي قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 56

أليك شطرا منها مع تصرف قليل منا

(منها): ما لا ينتقل بالموت، و لا يصح إسقاطه، و لا نقله كحق الابوة، و حق الاستمتاع بالزوجة، و حق السبق في الرماية قبل إتمام النضال و حق الوصاية، و حق الحاكم

(و منها): ما يصح إسقاطه، و لا يجوز نقله، و لا ينتقل بالموت كحق الغيبة، أو السب، أو الايذاء بضرب، أو اهانة، بناء على عدم كفاية التوبة

(و منها): ما ينتقل بالموت و يجوز إسقاطه، و لا يصح نقله كحق الشفعة

(و منها): ما ينتقل بالموت و يصح نقله و إسقاطه كحق الخيار، و حق القصاص، و حق الرهانة، و حق التحجيز، و حق الشرط

(و منها): ما هو مشكوك في صحة الاسقاط، أو النقل و الانتقال كما قيل في حق الرجوع في العدة الرجعية، و حق النفقة في الاقارب كالابوين و الأولاد، و حق الفسخ بالعيوب في النكاح

(1) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها و التى اشار إليها الشيخ في ص 336

ص: 353

و لو اجازهما صريحا (1)، أو فهم اجازتهما من اجازة البيع مضت الاجازة، لأن مرجع اجازة القبض (2) الى إسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشتري

و مرجع اجازة الاقباض الى حصول المبيع في يد المشتري برضا البائع (3) فيترتب (4) عليه جميع الآثار المترتبة على قبض المبيع

لكن (5) ما ذكرنا إنما يصح في قبض الثمن المعين

+++++++++++

(1) بأن قال المالك الاصيل: اجزت القبض و الاقباض

(2) اى مال اجازة المالك الاصيل للبائع الفضولي بقبض الثمن المأخوذ من المشتري: هو إسقاط ضمان الثمن من عهدة المشتري، و أنه لا يكون مدينا للمالك الاصيل بعد هذه الاجازة

(3) فعلى القول بالنقل يحصل المبيع من حين الاجازة

و على الكشف يحصل المبيع من حين العقد

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من أن مرجع اجازة الاقباض الى حصول المبيع في يد المشتري برضا البائع

و خلاصته أنه اذا كان مآل اجازة الاقباض هو حصول المبيع في يد المشتري بسبب رضا البائع فحينئذ يترتب على هذا الحصول جميع آثار الملكية التي كانت تترتب على قبض المبيع: من أن تلف المبيع بعد القبض ليس في عهدة البائع، و تلف الثمن بعد القبض ليس في عهدة المشتري

و من أن نماء الثمن لصاحبه، و نماء المثمن لصاحبه اذا كان لهما نماء

كما كانت هذه الآثار تترتب على المبيع اذا وقع غير فضولي

(5) و هو أنه لو اجازهما صريحا، أو فهم اجازتهما من اجازة البيع مضت الاجازة

ص: 354

..........

+++++++++++

هذا استدراك عما افاده: من مضي الاجازة لو اجاز القبض و الاقباض صريحا، أو فهمت اجازتهما من اجازة البيع

و خلاصته: أن مضي الاجازة لا يكون مطلقا و في جميع موارد الثمن و المثمن، لأن الثمن تارة يكون شخصيا و معينا يقع البيع الفضولي عليه

و اخرى يكون كليا يتشخص بفرد معين كما هو شأن الكلي، حيث لا وجود له إلا بوجود أفراده

فاذا كان المبيع مشخصا و معينا كأن باع فضولا دينارا معينا ثم صدرت الاجازة من مالكه الاصيل بنفوذ العقد و صحته، و إمضاء العقد الصادر من الفضولي مضت الاجازة و صح العقد و كانت اجازة البيع اجازة في القبض و الاقباض

فمضي الاجازة يكون بالنسبة الى هذا الثمن الشخصي، أو المثمن الشخصي

و مرجع اجازة القبض الى إسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشتري

و مرجع اجازة الاقباض الى حصول المبيع الى هذا الثمن الشخصي و المثمن الشخصي، و كل ما كان يترتب على حصول قبض الثمن و إقباض المثمن إنما هو على هذا الثمن و المثمن الشخصيين، بناء على وجود الملازمة الشرعية، أو العرفية بين اجازة القبض، و اجازة البيع، لأنه بمجرد صدور الاجازة ينقطع اتصال حبل المالكية عن ملك المالك و يرتبط بالمشتري، و لا يحتاج هذا الانقطاع و الاتصال الى أزيد من اجازة نفس العقد الصادر

و أما إذا كان المبيع الفضولي، أو الشراء الفضولي كليا فلا تكون اجازة البيع اجازة في قبض الثمن، أو اجازة في إقباض المبيع، لعدم

ص: 355

و أما قبض الكلي و تشخيصه (1) فوقوعه من الفضولي على وجه تصححه الاجازة يحتاج الى دليل معمّم لحكم عقد الفضولي لمثل القبض و الاقباض

و إتمام الدليل على ذلك (2) لا يخلو عن صعوبة.

و عن المختلف (3) أنه حكى عن الشيخ أنه لو اجاز المالك بيع الغاصب

+++++++++++

وجود الملازمة المذكورة بيع اجازة البيع، و اجازة القبض و الاقباض، لأن الاجازة الصادرة من المالك الاصيل إنما تصحح البيع فقط، و يقطع اتصال حبل المالكية عن نفسه، و ربطه و وصله بالمشتري

و أما تصحيح قبض البائع الفضولي الثمن الكلي: بأن يبدله الى فرد معين و تشخصه في الخارج فلا دلالة عليه بهذه الاجازة

بل دلالته على تلك الجهتين:

جهة تصحيح البيع، و جهة قبض الكلي و تبديله الى فرد معين و تشخصه في الخارج

محتاجة الى دليل عام يشمل الجهتين

افاد شيخنا الانصاري أن تطبيق دليل الاجازة على تلك الجهتين لا يخلو عن صعوبة و إشكال، لأن الاجازة متكفلة لتصحيح نفس البيع

و أما تصحيح الكلي بقبضه و تبديله الى الشخصي و فرد معين فلا دلالة فيها عليهما

(1) اى و تشخص الكلي بالمعين كما عرفت

(2) اي على تلك الجهتين كما عرفت

(3) من هنا يريد الشيخ الانصاري أن يستشهد بكلام الشيخ على ثبوت الملازمة بين اجازة البيع، و اجازة القبض و الإقباض في البيع الفضولي مطلقا، سواء أ كان المبيع، أو الثمن شخصيا أم كليا

ص: 356

لم يطالب المشتري بالثمن، ثم ضعّفه (1) بعدم استلزام اجازة العقد لاجازة القبض

و على أي حال (2) فلو كانت اجازة العقد دون القبض لغوا كما في الصرف و السلم بعد قبض الفضولي و التفرق كانت اجازة العقد اجازة لقبض، صونا للاجازة عن اللغوية

+++++++++++

و خلاصته: أن شيخ الطائفة قال: إن الغاصب لو باع مال الغير فضولا ثم اجاز المالك الاصيل البيع فليس للمالك حينئذ حق مطالبة الثمن من المشتري، لأن الاذن في البيع اذن في قبض الثمن بالملازمة.

فمن هذه الملازمة المترتبة على عدم جواز مطالبة المالك الثمن من المشتري استشهد على ثبوت الملازمة بين اجازة المبيع الفضولي، و بين اجازة قبض الكلي، و تبديله الى الشخصي، و فرد معين

(1) اى و ضعّف العلامة عدم دلالة جواز مطالبة المالك المشتري بالثمن بالملازمة المذكورة بعد أن نقل ذلك عن الشيخ، و قال: إنه لا ملازمة بين اجازة صحة العقد، و اجازة القبض

(2) هذا تسليم من الشيخ للملازمة المذكورة

و خلاصته: أنه اذا لم تكن اجازة العقد اجازة للقبض تلزم لغويتها كما في بيع الصرف و السلم، فإن القبض في الصرف قد حصل بواسطة التفرق

و كذا في السلم، فإن شرطه تسليم الثمن نقدا، و تسلم المثمن بعد مضي مدة معينة، بناء على أن الفضولي كان بايعا

فصونا لكلام الحكيم عن اللغوية نقول بالملازمة المذكورة بدلالة الاقتضاء

ص: 357

و لو قال (1): اجزت العقد دون القبض ففي بطلان العقد، أو بطلان رد القبض وجهان: (2)

السادس: الإجازة ليست على الفور

(السادس): (3) الاجازة ليست على الفور، للعمومات (4) و لصحيحة محمد بن قيس (5)، و أكثر المؤيدات المذكورة (6) بعدها

و لو لم يجز المالك و لم يرد حتى لزم تضرر الاصيل (7) بعدم تصرفه فيما انتقل عنه و إليه على القول بالكشف (8) فالأقوى تداركه (9)

+++++++++++

(1) اي المالك الاصيل الذي كان احد طرفي العقد

(2) وجه بانتفاء العقد و القبض جميعا

و هذا هو الذي عبر عنه الشيخ ببطلان العقد

و وجه بوجود العقد و القبض جميعا

و هذا هو الذي عبر عنه الشيخ ببطلان رد القبض

و منشأ الوجهين هو تساوي الاحتمالين بعد البناء على أن اجازة العقد دون القبض تكون لغوا

(3) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها، و التي اشار إليها الشيخ في ص 336

(4) و هي التي اشرنا إليها في الهامش 2-3 ص 157 و الهامش 1-2 ص 158

(5) و هي التي اشرنا إليها في ص 169

(6) و هي التي اشير إليها في ص 184-188-191

(7) الذي كان احد طرفي العقد

(8) اي بخلاف القول بالنقل، فإنه يجوز له التصرف فيما انتقل إليه، و فيما انتقل عنه

(9) اى تدارك الضرر المتوجه على الاصيل

ص: 358

بالخيار، أو اجبار المالك على احد الامرين (1)

السابع: هل يعتبر في صحة الاجازة مطابقتها للعقد الواقع عموما، أو خصوصا أم لا؟

(السابع): (2) هل يعتبر في صحة الاجازة مطابقتها للعقد الواقع عموما، أو خصوصا (3) أم لا؟

وجهان:

الأقوى التفصيل

فلو (4) اوقع العقد على صفقة فاجاز المالك بيع بعضها فالأقوى الجواز كما لو كانت الصفقة بين مالكين (5) فاجاز احدهما

و ضرر التبعض على المشتري يجبر بالخيار (6)

و لو اوقع العقد على شرط فاجاز المالك مجردا عن الشرط فالأقوى عدم الجواز، بناء على عدم قابلية العقد للتبعيض من حيث الشرط و إن كان

+++++++++++

(1) إما الاجازة و الامضاء، أو الفسخ و الرد

(2) اى من الامور التي ينبغي التنبيه عليها و اشار الشيخ إليها في ص 336

(3) أو اطلاقا و تقييدا: من حيث الثمن و المثمن، و الاعتبارات الأخر، لأن الاجازة من متممات العقد، سواء قلنا: إنها جزء سبب أم شرط في الصحة

(4) هذا تفريع على الامر السابع الذي اعتبر في صحة الاجازة مطابقة الاجازة للعقد الواقع: من حيث العموم و الخصوص، أو الاطلاق و التقييد

(5) أو تعدد الثمن كأن باع فضولا نصف الدار بخمسمائة دينار و نصفها الآخر بالف دينار، فيجوز لصاحبها أن يفسخ في احد النصفين دون النصف الآخر

(6) اي بخيار المشتري

ص: 359

قابلا للتبعيض من حيث الجزء، و لذا (1) لا يؤثر بطلان الجزء، بخلاف بطلان الشرط (2)

و لو انعكس الامر: بأن عقد الفضولي مجردا عن الشرط (3) و اجاز المالك مشروطا ففي صحة الاجازة مع الشرط اذا رضي به الاصيل فيكون نظير الشرط الواقع في ضمن القبول اذا رضي به الموجب

أو بدون الشرط، لعدم وجوب الوفاء بالشرط إلا اذا وقع في حيز العقد فلا يجدي وقوعه في حيز القبول إلا اذا تقدم (4) على الايجاب، ليرد الايجاب عليه أيضا

أو بطلانها (5)، لأنه اذا لغا الشرط لغا المشروط، لكون المجموع التزاما واحدا

أقواها الاخير (6)

+++++++++++

(1) اى و لاجل أن العقد قابل للتبعيض من حيث الجزء، و ليس قابلا للتبعيض من حيث الشرط لا يؤثر بطلان الجزء في بطلان العقد

(2) اى بخلاف بطلان الشرط، فإنه يؤثر في بطلان المشروط و لا يخفى أن تأثير بطلان الشرط في بطلان المشروط مبني على أن الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد أم لا؟

بمعنى أنه اذا لغا الشرط هل يلغو المشروط أم لا؟

(3) اى مطلقا بلا قيد و شرط

(4) اى اذا تقدم القبول على الايجاب فيجدي وقوع الشرط في حيز القبول، ليرد الايجاب على هذا القبول الذي وقع الشرط في حيزه

(5) اى بطلان الاجازة

(6) و هو بطلان الاجازة

ص: 360

..........

+++++++++++

فالأقوال في مسألة عقد الفضولي اذا وقع مطلقا و مجردا عن ذكر شرط من قبل المتعاقدين، أو احدهما، لكن المالك اجاز مشروطا ثلاثة:

(الاول): صحة مثل هذه الاجازة الواقعة مشروطا

(الثاني): صحة الاجازة بدون الشرط اى الشرط لا يقع

(الثالث): بطلان مثل هذه الاجازة الواقعة مشروطا

الى هنا كان الكلام حول الاجازة من شتى جوانبها

و قد أسهب علماؤنا الأعلام، و فقهاؤنا العظام، و لا سيما شيخنا الأعظم الانصارى قدس اللّه أرواحهم الطاهرة، و شكر مساعيهم الجميلة الكلام في الاجازة

و نحن أيضا اتبعناهم في الإسهاب، لتطلب المقام ذلك كما لا يخفى على القارئ النبيل

و سنشرع بعون اللّه تبارك و تعالى في الجزء التاسع نبتدأ في المجيز و شرائطه

ص: 361

ص: 362

الفهارس

اشارة

1 - الابحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأماكن و البقاع

7 - الكتب

8 - الخاتمة

ص: 363

ص: 364

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

6 الاهداء

9 شروط المتعاقدين

11 في المراد من عدم القصد الى المعنى

13 فيما اورده الشيخ على الشهيد الثاني

15 لا بدّ للوكيل من تمييز البائع عن المشتري

17 في ذكر الدليل على اشتراط التعيين

19 ما افاده المحقق التستري في تعيين المتعاقدين

21 الأقوال في وجوب التعيين أو عدمه

23 احتمال بطلان المعاملة الواقعة عن نفسه، و احتمال صحته

25 عدم الفرق على القول الثاني بين النية المخالفة و التسمية

27 عدم اعتبار تعيين المالك مطلقا

29 في الرد على ما افاده المحقق التستري

31 استدراك عما افاده الشيخ

33 ما ذكره العلامة في عكس المثال المذكور

35 ما ذكره المحقق التستري حول ص الموضوع

وجوب تعيين البائع و المشتري

37 المراد من ضمير المخاطب في قول القائل: بعت

39 ما قيل في الفرق بين البيع و النكاح

41 ما اورده الشيخ على القيل

43 السر في عدم اطلاق الزوج على الوكيل و شبهه

45 من شروط المتعاقدين الاختيار

57 في المراد من الرفع

59 المراد من عدم قصد المكره

61 استدلال الفقهاء على صحة بيع المكره بعد الرضا

63 ما ذكره العلامة في التحرير

65 في حقيقة الاكراه

67 قد يفعل المكره عليه لدفع الضرر عن الغير

69 عدم اعتبار العجز عن التفصي يستظهر من الأخبار

71 عدم تحقق وقوع المكره عليه إلا مع العجز عن التفصي

ص: 365

ص الموضوع

73 لو اكره الانسان على احد الامرين

75 قصة عمار و أبويه عند ما اكرهوا على الكفر

77 اعتبار العجز عن التفصي منحصر في الاكراه المسوغ للمحرمات

79 مثال للفرق بين مناط الأحكام التكليفية و الوضعية

81 الضرورة هي المتبادرة من لفظة الاكراه

83 الاستدلال بالآية و الأحاديث على المدعى

85 النسبة بين المناطين

87 لو كان احد الامرين المحرمين من العقود أو الايقاع

89 في ظهور ثمرة النزاع في اتصاف الخصوصية بالاكراه أم لا

91 لو اكره الشخص على اداء مال غير مستحق أو بيع مال

93 الفرق بين عبارة المجنون و العاقد المكره

95 ما افاده الشيخ في الفرعين

ص الموضوع

97 في اكراه بيع عبد واحد من عبدين غير معين

99 ما أفاده العلامة في التحرير

101 في الأشكال على ما افاده صاحب الجواهر

103 في الاشكال على ما افاده بعض الاعلام

105 في الأقسام المتصورة في الفرع المذكور

107 في لحوق الرضا للعقد المكره عليه

109 تأييد صحة عقد المكره بفحوى صحة عقد الفضولي

111 استدراك من الشيخ عما افاده

113 رد من الشيخ على الاستدلال بالآية

115 حديث الرفع إنما يرفع المؤاخذة عن شخص المكره

117 الخدشة الثانية في الاستدلال بحديث الرفع

119 عدم صحة عقد المكره و ان لحقه الرضا

ص: 366

ص الموضوع

121 عدم حكومة حديث الرفع على المطلقات

123 اثبات حكومة حديث الرفع على المطلقات

125 الكلام في ان الرضا المتأخر ناقل أم كاشف

127 إشكال من الشيخ على المدعى

129 إشكال و جوابه

131 من شرائط المتعاقدين اذن السيد

133 الكلام في أفعال العبيد

135 الرضا اللاحق من المولى يصحح عقد العبد

137 كفاية لحقوق الرضا في جواز النكاح

139 تأييد من الشيخ لمختاره

141 معيار الصحة في معاملة العبد

143 معصية العبد لمولاه لا تقدح بصحة عقده

145 ما اورده الشيخ على صاحب الجواهر

147 تحقيق من الشيخ حول عقد العبد

149 ايراد الشيخ على ما افاده القاضي

ص الموضوع

151 مراد العلامة من جعل الملك شرطا في المتعاقدين

153 المراد من الفضولي كما ذكره الشهيد

155 شمول عقد الفضولي لما ذا تحقق رضا المالك

157 رأي الشيخ حول الفضولي

159 استدلال الشيخ بالآيات و الروايات

161 أقسام عقد الفضولي

163 ايراد الشيخ على ما افاده الشهيد

165 توضيح الاستدلال بحديث عروة البارقي

167 مختار الشيخ في الاحتمالات الواقعة في حديث عروة البارقي

169 في الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

171 الموهنات الواردة في صحيحة محمد ابن قيس

173 الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس

175 في مناط الاستدلال بالصحيحة

177 الاستدلال بالأولوية على صحة عقد الفضولي

181 خلاصة ما يقصده الامام عليه السلام

ص: 367

ص الموضوع

183 المستفاد من الحديث قاعدة كلية

185 الاستيناس بالرواية على صحة عقد الفضولي

187 اندراج المعاملة في الفضولي بمقتضى الجمع بين الأخبار

189 الاستدلال بالأخبار الواردة في الاتجار بمال اليتيم

191 الاستدلال برواية ابن اشيم

197 الاستدلال بموثقة عبد الرحمن صحة عقد الفضولي

199 ما افاده الشيخ حول الموثقة

201 الاحتجاج بالأدلة الاربعة على بطلان عقد الفضولي

203 الاستدلال بالآية على بطلان عقد الفضولي

205 الاحتجاج بالأحاديث على بطلان عقد الفضولي

207 جواب الشيخ عن استدلال المبطلين

209 ما اورده الشيخ على الحديث النبوي

211 ما اورده الشيخ على الاستدلال بصحيحة محمد بن مسلم

213 الاستدلال بالاجماع على بطلان

ص الموضوع

بيع الفضولي

215 رد الشيخ على ما افاده الخصم في بطلان بيع الفضولي

217 الاستدلال بوجوه اخرى على بطلان بيع الفضولي

219 صحة بيع الفضولي و ان سبقه منع من المالك

221 دليل آخر على صحة بيع الفضولي

223 المسألة الثالثة في بيع الفضولي لنفسه

225 الاشكال الوارد على صحة بيع الفضولي لنفسه

227 في الجواب عن الاشكال المذكور

229 إشكال آخر على صحة بيع الفضولي لنفسه

231 ما افاده المحقق القمي في المقام

233 جواب شيخنا الانصاري عما افاده المحقق القمي

235 تحقيق من الشيخ حول المعاوضة الحقيقية

237 خلاصة ما أفاده شيخنا الانصاري في المقام

ص: 368

ص الموضوع

239 تفطن بعض المعاصرين حول الاشكال المذكور

241 في التفصي عن الاشكال المذكور

243 ذكر بعض المحققين وجهين في التفصي عن الاشكال

245 إشكال من الشيخ على الوجهين

247 ظهور اندفاع آخر بما ذكره الشيخ

249 توجيه من الشيخ فيما افاده العلامة

251 في ذكر امرين

253 عدم الفرق بين كون الفضولي عينا أو دينا، أو في الذمة

255 وقوع العقد للطرف الآخر في الواقع

257 احتمال بطلان المعاملة و صحتها

259 وجه صحة شراء الفضولي لنفسه

261 راي الشيخ حول الشراء للغير فضولا

263 في الامر الثاني من الامرين

265 الجواب الثالث و الرابع من الشيخ عن الاشكال

267 في الاشكال على ما أفاده المحقق التستري

ص الموضوع

269 الاشكال على ما افاده الشهيد الثاني

271 عدم جريان الفضولي في المعاطاة لو افاد المعاطاة الاباحة

273 القول في الاجازة و الرد

277 استدلال المحقق الكركي على كون الاجازة كاشفة

279 ما افاده صاحب الجواهر في الشروط الشرعية

281 رد الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

289 توجيه الشيخ مراد صاحب الجواهر

291 ما التزمه البعض في شرطية الوصف المنتزع

293 امضاء الشارع الاجازة كامضائه نفس العقد

295 سر عدم تعلق الاجازة بمضمون العقد

297 عدم صحة الاستدلال للكشف بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

299 عدم تعقل ترتيب الآثار على العقد من حينه مع عدم مجيء الاجازة

ص: 369

ص الموضوع

301 ما افاده الاستاذ شريف العلماء في الكشف الحكمي

303 المستفاد من الأخبار هو الكشف الحقيقي

305 ظهور صحيحة ابي عبيدة في الكشف

307 في الثمرة بين الكشف الحقيقي و الحكمي

309 في الثمرات المترتبة على القول بالكشف و النقل

315 ما افاده المحقق الثاني في عدم جواز تصرف الاصيل

317 ما افاده الشيخ في الاصيل

319 فساد ما توهم

320 جواب الشيخ عن الدعوى المذكورة

323 في الآثار المترتبة على عقد الفضولي

325 لزوم النكاح من طرف الأصيل و إن كان الآخر فضوليا

327 الثمرات المترتبة على القول بالكشف

329 اعتراض صاحب الجواهر على انسلاخ قابلية التملك

ص الموضوع

331 عدم اعتبار استمرار قابلية التملك في المتعاقدين

333 ظهور الثمرة في تعلق الخيارات و حق الشفعة

335 ظهور الثمرة في العقود المترتبة

337 في الأمر الثاني

339 توجيه و الرد عليه

341 المراد من كفاية السكوت

343 دعوى الاجماع على اعتبار اللفظ في الاجازة بعيدة

345 دليل آخر على عدم اعتبار اللفظ في الاجازة

347 في الامر الثالث

349 خلاصة الكلام عدم اعتبار اللفظ في الاجازة

351 لفرق بين إرث الاجازة و إرث المال

353 في الأمر الخامس

355 استدراك عما افاده

357 ما افاده شيخ الطائفة في اجازة المالك بيع الغاصب

359 في الامر السابع

ص: 370

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

9 ما يرومه الشيخ من اشتراط قصد مدلول اللفظ في المتعاقدين

10 النسبة بين صحة العقد و مفهوم العقد خارجا

12 إشكال و الجواب عنه

13 إشكال و الجواب عنه

14 نظريات ثلاث للمحقق التستري

14 النظرية الاولى

15 النظرية الثانية

16 عدم خلو الواقع عن احد الامرين

17 استدلال صاحب المقابيس بأمور ثلاثة

17 الدليل الاول للمحقق التستري

17 الدليل الثاني

18 الدليل الثالث

19 النظرية الثالثة

20 الأقوال الثلاثة في النظرية الاولى

21 المراد بالاصول

22 خلاصة الكلام في المشتري لنفسه بمال في ذمة زيد

ص الموضوع

23 التدافع و وجهه

23 احتمال صحة المعاملة و وجهه

24 الاحتمالات الثلاثة

24 تفريع

24 ما يتفرع على القول الأوسط

25 خلاصة الكلام في توقف تعين المالك على تعيين البائع و المشتري

26 الرد على النظرية الاولى

28 الرد على النظرية الثانية

30 تأييد من الشيخ لما افاده المحقق التستري

31 استدراك و خلاصته

31 استدراك آخر

32 خلاصة الاستدراك

32 إشكال منا على ما أفاده الشيخ الانصاري

33 الحكم بالبطلان مناف للاستدراك المذكور

35 تحقيق حول كلمة من

35 الرد على النظرية الثالثة

ص: 371

ص الموضوع

36 استثناء و خلاصته

37 استثناء و خلاصته

39 وهم و الجواب عنه

40 الرد على الوجه الاول

41 إشكال آخر على الوجه الاول و خلاصته

41 دفع وهم

42 الجواب عن الوهم

42 ترق من الشيخ

43 خلاصة الترقي

43 الفرق بين البيع و النكاح

45 الفرق بين الاكراه بحق، و الاكراه بغير حق

46 حديث الرفع

47 تحقيق حول حديث الرفع

57 نص الحديث الرابع

58 تفسير الشيخ مراد الجماعة

59 معنى الاكراه لغة و عرفا

61 الأخبار الواردة في طلاق المكره

62 ما قيل في طلاق الكره

64 ما افاده صاحب الجواهر في الإرادة

65 توجيه الشيخ مراد الفقهاء

ص الموضوع

65 مجرد دفع الضرر لا يكون موجبا لصدق الاكراه

68 خلاصة الكلام في تحقق مفهوم الاكراه

69 كلام في حمل عموم الاكراه

69 إشكال آخر

70 الملازمة بين الخروج عن الاكراه بسبب القدرة على التفصي بالتورية و بين الخروج عن الاكراه بواسطة القدرة على التفصي بغير التورية

70 دعوى اخرى في قبال دعوى الشيخ الملازمة المذكورة

71 جواب الشيخ عن الدعوى المذكورة

71 عدول الشيخ عما افاده

72 وهم و الجواب عنه

73 مثال للمنفي و خلاصته

73 تعليل و خلاصته

74 تعليل و خلاصته

75 تعليل و خلاصته

77 الفرق بين الأحكام التكليفية و الوضعية

78 الفرق بين الاكراهين

ص: 372

ص الموضوع

78 في صدق الاكراه و عدم صدقه

81 وهم و الجواب عنه

82 الأخبار الواردة في طلاق المكره على قسمين

84 اجتماع حكمين: التكليفي و الوضعي

84 النسبة بين الاكراهين على رأى الشيخ

87 عدم الفرق بين الاكراهين سواء أ كان في ضمن عقدين أم ايقاعين

89 استدراك و خلاصته

94 خلاصة الاستدلال بحديث الرفع

95 الاشكال على الاستدلال بحديث الرفع

96 استثناء و خلاصته

96 جواب آخر عن وجوب القصد في الأفعال الاختيارية و خلاصته

96 الأمر بالتأمل

100 رد صاحب الجواهر على الشهيد الثاني

100 ما اوردناه على صاحب الجواهر

102 الأقسام المتصورة في الاكراه

106 الأقسام الستة المتصورة في الاكراه

ص الموضوع

109 تعليل و خلاصته

112 انتصار و أدلة الانتصار

113 نقض الانتصار و أدلته

114 نقض الدليل الثاني للانتصار

116 استفادة أحكام ثلاثة من الخدشة في الناحية الاولى من الانتصار

117 الخدشة في الناحية الثانية

119 رد آخر على الاستدلال بحديث الرفع

119 عدول الشيخ عما افاده في حديث الرفع

120 المراد من الأصالة الاستصحاب

122 تفريع و خلاصته

123 تعليل و خلاصته

125 ظهور الثمرة على القولين

126 المراد بالاصول

126 المراد بالاصل هو الاستصحاب

126 تفريع و خلاصته

129 وهم و الجواب عنه

131 المراد من عدم الجواز

123 تعليل و خلاصته

134 تقرير و خلاصته

ص: 373

ص الموضوع

135 وهم و الجواب عنه

136 إشكال و الجواب عنه

136 المراد من الصحيحة

137 الأخبار الواردة في تزويج العبد بغير اذن مولاه

138 وهم و الجواب عنه

140 وهم و الجواب عنه

140 جواب آخر عن عدم صحة الحمل و خلاصته

141 تمثيل من الامام عليه السلام حول معصية العبد

144 المراد من تعليق عقد العبد

145 الجواب عن الدعوى المذكورة

145 مناقشة الشيخ مع صاحب الجواهر

147 تعليل و خلاصته

149 ايراد الشيخ على ما افاده القاضى

151 خلاصة الكلام في اشتراط الملك في المتعاقدين

151 تفريع و خلاصته

153 الاقوال الخمسة في بيع الفضولي

154 وجه المسامحة

154 شمول عقد الفضولي للسفيه ص الموضوع

و الراهن و المفلس و المحجور عليه

156 نظرية الشيخ حول العقد الذي تحقق به الرضا

157 استدلال الشيخ لاثبات مدعاه بالآية

157 ثانية الأدلة لاثبات مدعاه

158 ثالثة الأدلة و رابعة الأدلة لاثبات مدعاه

159 خامسة الأدلة و خلاصتها

162 استدلال الشيخ على عدم سبق الاذن في العقد

163 تفريع و خلاصته

163 رد الشيخ على الشهيد الثاني و خلاصته

166 الأقوال الاربعة المحتملة في حديث عروة البارقي

167 ظهور الثمرة في كون المشتري عالما أو جاهلا

167 المراد من الوجهين

170 دلالة الصحيحة على صحة بيع الفضولي

170 الموهنات الواردة على صحيحة

ص: 374

ص الموضوع

محمد بن قيس و هي ستة و الجواب عنها

173 أدلة أربعة لظهور الصحيحة في الرد

174 وهم و الجواب عنه

176 استدلال الشيخ لمدعاه بفحوى صحة عقد النكاح من الفضولي

178 صحيحة علاء بن سيابة

181 تعليل و خلاصته

184 استدلال الشيخ على صحة عقد الفضولي بموثقة جميل

185 النسبة بين الموثقة و دليل لا يحل مال امرئ العموم و الخصوص المطلق

186 لا يقال و الجواب عنه

187 نص الحديث الثالث

188 نص الحديث الثاني

189 ما اورده السيد الطباطبائي اليزدي على الشيخ و ايرادنا عليه

189 الاستدلال بأخبار اتجار مال اليتيم خارج عن موضوع مسألة بيع الفضولي

190 استدراك و خلاصته

ص الموضوع

191 تحقيق حول رواية ابن اشيم

197 تعليل و خلاصته

198 تحقيق حول حديث السمسار

198 وهم

199 الجواب عن الوهم

200 لا يقال فإنه يقال

202 ترق من الشيخ و خلاصته

205 تحقيق حول النيل

205 تحقيق حول كلمة استان

207 ما افاده العلامة في التذكرة

210 ترق من الشيخ

210 الجواب عن الحصر في صحيحة محمد بن مسلم

211 الجواب عن الحصر الواقع في توقيع الامام العسكري

211 توضيح الحصر الواقع في صحيحة محمد بن مسلم

212 يؤيد الظاهر قول الامام عليه السلام

214 تنازل من الشيخ و خلاصته

216 ترق من الشيخ و خلاصته

219 ظاهر كلام فخر المحققين و وجه الظهور

ص: 375

ص الموضوعات

220 عدم الفرق بين المسألة الاولى و الثانية

221 المراد من العمومات

221 دليل آخر لصحة عقد الفضولي

221 لا يقال

222 فإنه يقال

223 رد على ما افاده المستدل و خلاصته

224 الآيات المستدل بها

225 وجه التقييد

227 شرح المجاز الادعائي

228 شرح معنى المعاوضة

228 تخيل و خلاصته

229 رد الشيخ على بعض المحققين

230 معنى صحة العقد

231 ما افاده المحقق القمي في بيع الفضولي لنفسه

232 نقاش من الشيخ مع المحقق القمي

236 عدم اتيان الجواب عن بيع الفضولي لنفسه في الفضولي الذي اشترى بمال الغير لنفسه

238 وهم و الجواب عنه

240 إشكال على ما افاده بعض المعاصرين ص الموضوعات

للشيخ

259 وهم و الجواب عنه

260 وجه الاشكال و خلاصته

261 وجه الاشكال

262 نص عبارة الشرائع

263 وجه البعد

263 وجه الظهور

264 إشكال و وجهه

264 رد الشيخ على الاشكال بأجوبة أربعة

266 قياس منطقي

266 وجه الثاني للمستدل

267 رد الشيخ على الوجه الثاني و خلاصته

271 اثبات أن المعاطاة الواقعة فضولا لا تأثير لها و خلاصته

271 منع الشيخ الصغرى

272 استدراك و خلاصته

273 الاشارة الى ما فهم

274 ظهور الثمرة على القولين

275 تحقيق حول امتناع الكشف

278 المقدمات الثلاث

ص: 376

ص الموضوعات

279 خلاصة ما افاده صاحب الجواهر في الشرط المتأخر

283 تحقيق حول الشرط المتأخر

285 الأوامر و النواهي الصادرة من الموالي العرفية من الأفعال الاختيارية

287 عدم وجود اقتضاء الحسن و القبح في الشيء

289 توجيه الشيخ كلام صاحب الجواهر

293 إشكال و خلاصته

295 حاصل ما ذكره الشيخ

298 وجه التأمل

300 ايرادنا على الشيخ في الفرق بين الكشف الحقيقي و الحكمي

304 صحيحة ابي عبيدة

305 كلام في عزل نصيب الحمل

306 أقسام الكشف

306 الاشكال فيما افاده الشيخ

307 إشكال على القول بوقوع الوطء في ملك المشتري على القول بالكشف

308 تعليل لوجوب دفع القيمة

308 تشبيه لكون إعطاء القيمة مقتضى

ص الموضوعات

الجمع

309 توجيه مراد الشهيد الثاني

312 اعتراض و حاصله

312 إشكال و خلاصته

313 المراد من الاطلاقات

313 وجه الاشكال

315 احتمال و خلاصته

319 تعليل

319 مفهوم المبادلة

322 خلاصة ما ذكره الشيخ

322 خلاصة ما افاده العلامة

323 استثناء و خلاصته

324 إشكال و وجهه

324 إشكال

325 ما أفاده في كشف اللثام

325 خلاصة ما افاده الشيخ

327 ثمرة و خلاصتها

328 ما افاده بعض المتأخرين في الثمرات

328 مثال لتجدد القابلية

329 اعتراض و خلاصته

330 إشكال على ما افاده صاحب الجواهر

ص: 377

ص الموضوعات

331 تنظير ثان

331 المراد من بعض الأخبار

333 تحقيق حول ظهور الثمرة في تعلق الخيارات

و حق الشفعة

336 خلاصة الكلام في التنبيه الاول

337 تفريع و خلاصته

338 أقوال أربعة في الاجازة

339 وجه النظر

339 المراد من النصوص

340 خلاصة الكلام

340 خلاصة الكلام

341 لزوم الحرج عليها و علينا

341 الحديث الوارد عن نصر بن مزاحم

342 حديث اسماعيل بن بزيع

343 خلاصة الكلام

ص الموضوعات

345 الحديث الوارد عن امير المؤمنين

345 بعض الحديث الوارد

346 حديث علي بن رئاب

348 وجه التأمل

349 خلاصة الكلام

350 التأويل أولى من الطرح

351 ظهور الفرق في المبيع

351 الفرق بين الحقوق و الأحكام

352 الفرق بين الحقوق و الأحكام من حيث المفهوم في غاية الوضوح

353 أقسام الحقوق

354 تفريع و خلاصته

355 استدراك و خلاصته

357 خلاصة كلام شيخ الطائفة

361 الأقوال الثلاثة في عقد الفضولي اذا وقع مجردا عن ذكر شرط

ص: 378

3 - فهرس الآيات الكريمة

- ا -

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 45، 12، 113، 120، 202، 224

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 120، 135، 157 162، 186، 213، 217، 224 302، 313، 315، 317، 319

- ض -

ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاٰ يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ 132، 148

مَنْ كَفَرَ بِاللّٰهِ مِنْ بَعْدِ إِيمٰانِهِ إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ 75

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 120، 135 157، 162، 297، 313

وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ 299

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 162، 313

وَ رَبٰائِبُكُمُ اَللاّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ 113، 202

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 187، 201، 202، 203

ص: 379

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- ا -

اذا اقامت معه بعد أن افاقت فهو رضا منها 343

ارى الوكالة ثابتة و النكاح واقعا 179

اشتر لنا به شاة للأضحية 164

أشهدتكم على ذلك بعلم منه و محضر؟ 179

أ كانوا علموا أنك تزوّجت امرأة و انت مملوك لهم 158

أ لك بينة بذلك 179

أمّا الآن فإن شئت فطلّق، و إن شئت فامسك 345

أمّا الحجّة فقد مضت بما فيها لا ترد 192، 194، 195

إن عليا عليه السلام اتته امرأة تستعديه على اخيها 179

إن الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا عن مالكها أو بأمره، أو برضا منه 205 211

إنما اتى شيئا حلالا و ليس بعاص للّه إنما عصى سيده و لم يعص اللّه عز و جل إن ذلك كإتيانه ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و أشباهه 345

إنه لم يعص اللّه تعالى و إنما عصى سيده فاذا اجاز جاز 139

إن ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و أشباهه 141

إن لامس، أو قبل، أو نظر منها ما كان يحرم عليه قبل الشراء 346

إن عادوا فعد 75

أين الزوج؟ 179

- ب -

بارك اللّه في صفقة يمينك 164، 332 337

- ت -

تشهدون أنها اعلمته بالعزل كما اعلمته بالوكالة؟ 179

ص: 380

- ج -

الجبر من السلطان و يكون الاكراه من الزوجة و الام و الأب، و ليس ذلك بشيء 69

الجارية البكر التي لها اب لا تتزوج إلا باذن أبيها 155

- ح -

الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها 169 332

- خ -

خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفّذ البيع لك

خذ بيدها بارك اللّه لك فيها 180

- ذ -

ذاك الى سيده إن شاء اجازه و إن شاء فرّق بينهما 137

ذلك لأنك حين قلت: طلق اقررت له بالنكاح 345

- ر -

رفع عن امتي تسعة أشياء، أو ستة 46، 54، 68، 69، 81، 82 95، 112

سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم اثبت على نكاحك الاول 158

- س -

سبحان اللّه ما أجور هذا الحكم و أفسده إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه و هو فرج و منه يكون الولد 179 180

- ش -

الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط، فإن احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط 346

- ط -

الطواف في البيت صلاة 52

- ف -

فدخل عليها و قال: إن عليا قد ذكر من امرك شيئا فما ترين؟

فسكتت و لم تولّ وجهها، و لم ير فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كراهة

فقام و هو يقول: اللّه اكبر سكوتها اقرارها 342

ص: 381

فرّق بينهما 345

- ق -

قل له: ليمنعها أشد المنع، فإنها باعت ما لم تملكه 206

- ك -

كيف تشهدون؟ 179

- ل -

لا بأس 198

لا، لأن لها الخيار اذا ادركت 305

لا، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وضع عن امتي ما اكرهوا عليه، و ما لم يطيقوا، و ما أخطئوا 75

لا بيع إلا في ملك 210

لا بيع إلا فيما يملك 204

لا تبع ما ليس عندك 204، 205، 207

لا تشترها إلا برضا اهلها 205

لا ضرر و لا ضرار 115

لا طلاق الا مع إرادة الطلاق 62

لا يجوز طلاق في استكراه، و لا تجوز يمين في قطيعة رحم 58

لا يجوز بيع ما ليس يملك 205

لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه 45، 83، 158، 224، 272

لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة، فإن جهل فاخذه فباعه بأكثر من ثمنه يرد على صاحبه الاول ما زاد 196

ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به فالربح لليتيم، و إن وضع فعلى الذي اتجر به 188

ليس طلاق بطلاقه 61

ليس عتقه بعتق 68

ليمنعها اشد المنع، فإنها باعث ما لم تملكه 206

- م -

ما تقولين؟ 179

ما يقول من قبلكم في ذلك؟ 178

ص: 382

من صام فأكل و شرب فلا يفطر من أجل أنه نسي فإنما هو رزق رزقه اللّه تعالى فليتم صيامه 49

المملوك لا يجوز نكاحه و لا طلاقه إلا باذن سيده 132

- ن -

نعم يعزل ميراثها منه حتى تدرك و تحلف باللّه ما دعاها الى اخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج ثم يدفع إليها الميراث و نصف المهر 305

النكاح جائز أيهما ادرك كان له الخيار فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر، إلا أن يكونا قد ادركا و رضيا 304

- و -

و ذكر تزويج فاطمة عليها السلام و أنه طلبها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم 341

و قد وجب الشراء من من البائع على ما يملك 212

و لا عتق إلا فيما يملك 205

و لكن على رسلك حتى اخرج أليك 342

و أما المعتق فهو رد في الرق لموالي أبيه، و أي الفريقين بعد اقاموا البينة على أنه اشترى اباه من أموالهم كان لهم رقا 192، 194، 195

وضع عن امتي تسعة أشياء:

السهو و الخطأ و النسيان، و ما اكرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون و الطيرة و الحسد، و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة 46

و إنما الطلاق ما اريد به الطلاق من غير استكراه، و لا إضرار 58

و لو أن رجلا طلق على سنة، و على طهر من غير جماع و اشهد و لم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا 62

- ه -

هو ضامن و الربح بينهما على ما شرطه 184، 185

ص: 383

- ى -

يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها 342

يجوز ذلك عليه إن رضي 304

يجوز عليها تزويج الأب، و يجوز على الغلام، و المهر على الأب للجارية 305

يرد المملوك رقا لمولاه و أي الفريقين أقاموا البينة بعد ذلك على أنه اشتراه بماله كان رقا له 196

يعزلون الوكيل عن وكالتها و لم تعلمه بالعزل؟ 178

ص: 384

5 - فهرس الأعلام

- ا -

ابراهيم النخعي 37، 140، 142

ابن ادريس 153

ابن اشيم 191، 192، 209، 224 304

ابن حمزة 161

ابن زهره 213

ابن سنان 69، 80

ابو حنيفة 260

ابو عبيدة 304

احمد بن حنبل 259

الأردبيلي 161، 213، 219، 278

الاسكافي 161

اسماعيل بن بزيع 342

آغا ضياء الدين العراقي 50

امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 49، 56، 169، 221، 222، 341 342، 345، 348، 349

- ب -

البارقي عروة 156، 159، 164 165، 166، 167، 201، 209 219، 224، 263، 332، 344 377

الباقر (ع) ابو جعفر 49، 57، 61 62، 68، 132، 136، 137، 138 139، 140، 141، 142، 144 145، 169، 170، 171، 172 173، 174، 175، 176، 187 192، 193، 195، 196، 204 345

البجنوردي: ميرزا حسن 46، 50 55، 56

البزنطي: ابو نصر 56

بنو عباس 206

- ت -

التسترى: اسد اللّه 13، 14، 17 19، 21، 25، 26، 27، 28 29، 30، 35، 266، 267، 268 270، 271

ص: 385

- ج -

جمال المحققين 301

جميل 184، 185، 190، 209 222، 224، 304، 331، 344

- ح -

الحجاج خالد بن الحجاج 208

الحجاج: يحيى بن الحجاج 208

الحجة عجل اللّه فرجه 205، 211

الحسين عليه السلام ابو عبد اللّه 287

حكيم بن حزام 206، 207، 208 210

الحكم بن عبيدة 137، 140، 142

الحلبي 161، 196، 209، 223 224، 250، 304، 331، 344

الحلي: العلامة 33، 34، 38 58، 64، 65، 98، 100، 103 151، 152، 207، 208، 209 237، 246، 248، 257، 255 259، 260، 262، 263، 303 316، 622، 338، 357

الحلي: ابن ادريس 213

الحميري 205، 210، 212، 213

- د -

الداماد 161

- ر -

الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله 46، 52 54، 56، 75، 82، 115، 118 156، 159، 164، 165، 166 201، 204، 206، 207، 208 209، 210، 213، 219، 225 332، 337، 341، 342

- ز -

زرارة 61، 68، 132، 136 137، 142

الزهراء فاطمة سلام اللّه عليها 341

- س -

سبط الشهيد الثاني 99، 103

سعيد السمان 188

السكاكي 32

سلار 161

- ش -

الشافعي 259، 260

شريف العلماء 301

ص: 386

الشهيد الاول 155، 163، 164 169، 189، 246، 247، 268 154، 191

الشهيد الثاني 13، 63، 64، 93 94، 100، 101، 103، 111 150، 153، 191، 195، 254 262، 266، 267، 268، 309 310

الشهيدان 58، 59، 60، 111

- ص -

صاحب الايضاح 303

صاحب الجواهر 64، 100، 142 143، 145، 146، 150، 279 281، 289، 290، 329، 330 332، 333

صاحب الحدائق 162

صاحب الرياض 251

صاحب غاية المراد 163

صاحب الفصول 290، 291

صاحب كشف اللثام 99، 100، 102 103، 325

الصادق عليه السلام ابو عبد اللّه 58، 69 70، 80، 132، 136، 155، 158 178، 179، 180، 181، 184 185، 188، 190، 191، 196 197، 198، 199، 200، 204 345، 346

صالح بن رزين 192

الصفار 205، 212، 213

- ض -

ضحاك بن مزاحم 341

- ط -

الطباطبائي اليزدي 170، 189، 194 239، 353

الطبرسي أبو علي 204

الطوسي شيخ الطائفة 213، 246 356، 357

- ع -

عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه 197 198، 199، 209، 224، 304 331، 344

العسكري عليه السلام ابو محمد 205، 210 212، 213

العلاء بن سياب 178، 183

علي بن رئاب 346

ص: 387

عمار بن ياسر 75

العماني 161

العميدي 316

- ف -

فخر، فخر الدين، فخر الاسلام 161، 213، 219، 247، 254 262، 278

فخر المحققين 41، 219

- ق -

القاضي 149، 161

قطب الدين 246، 247

- ك -

كاشف الرموز 233، 303

كاشف الغطاء: الشيخ محمد حسين 242

كاشف الغطاء: الشيخ حسن 351

الكاظم عليه السلام: ابو الحسن: 56

- م -

المامقاني 298

المحقق الاول 150، 246، 254 262

المحقق الثاني 112، 151، 219 226، 254، 262، 277، 278 279، 292، 296، 298، 303 310، 315، 316

المحقق القمي 230، 231، 232 233، 312

محمد بن علي بن الحسين 46

محمد بن القاسم بن الفضيل 206، 212 213

محمد بن قيس 49، 126، 169، 170 209، 221، 222، 224، 303 331، 344، 348، 349

محمد بن مسلم 187، 205، 210، 211 213، 358

المرتضى 153، 161، 211

معاوية بن الحكم 158

المفيد 153، 161، 213

- ي -

يحيى بن عبد اللّه الحسن 58

ص: 388

6 - فهرس الأمكنة و البقاع

- ا -

الاستان 178، 205

- ب -

بغداد 205، 259

- ج -

جامع الطوسي 46

- ع -

عراق 259

- ف -

فم النيل 187، 205

- ق -

القاهرة 259

- ك -

كربلاء المقدسة 287

الكوفة 205

- و -

واسط 205

ص: 389

7 - فهرس الكتب

- ا -

أنوار الفقاهة 351

الاحتجاج 214

الايضاح 278

- ت -

التحرير 58، 63، 64، 98، 99 100، 103

تذكره الفقهاء 38، 98، 161 207، 208، 209، 219، 237 238، 248، 251، 258، 260 262

- ج -

جامع المقاصد 112، 151، 277 343

الجواهر 143

- ح -

حاشية على الارشاد 303

حاشية على الروضة 302

الحدائق 107

- خ -

الخلاف 153، 213

- د -

دراسات في اصول الفقه 275، 282 289

الدروس 169، 170، 303

- ر -

الروضة 277، 309

الرياض 107، 177، 251

- س -

سنن الترمذي 219

- ش -

شرائع الاسلام 262

شرح على القواعد 242

- غ -

غاية المراد 153، 161، 163، 177

- ق -

قواعد 254، 255، 260، 268 231، 303، 322

- ك -

الكفاية 112

ص: 390

- ل -

اللمعة الدمشقية 74، 191، 195 305، 310

- م -

المبسوط 76، 153، 254

مجمع البرهان 303

مجمع البيان 204

مجمع الفائدة 112

المختلف 356

المسالك 13، 63، 92، 93، 94 99، 100، 103، 185

مستدرك الوسائل 164، 204

المقابيس 13، 14

المكاسب 45، 74، 83، 158 168، 244، 246، 257، 262 263، 398، 343، 353

منتهى الاصول 56

من لا يحضره الفقيه 132، 137 345

- ن -

النهاية 161، 213

نهاية المرام 99، 103

- و -

وسائل الشيعة 46، 49، 61، 75 137، 139، 141، 155، 169 178، 184، 187، 188، 196 204، 212، 213، 304، 342

ص: 391

- لفت نظر -

كان قد ذكر شيخنا الانصاري قدس سره في المكاسب في باب الغيبة حديثا بلفظة (حسنة عبد الرحمن بن سيابة بابن هاشم) عن الكافي كما ذكرنا مصدر ذلك في الجزء الثالث ص 338 من طبعتنا هذه..

غير أن سماحة سيدنا الحجة السيد علي البعاج - دام ظله و علاه تفضل فأخبر ان الحديث ليس بحسنة، و أنه من الصحاح، و ليس متصلا بابن هاشم في المصدر المذكور، و عند مراجعتنا (الكافي) رأينا الحديث كما أفاده سماحته، فله منا جزيل الشكر.

و نرجو من قرائنا الكرام أن يلفتوا نظرنا الى كل خطأ، أو اشتباه عثروا عليه، و يرشدونا الى ما يرونه من صواب، و سنتقبل ذلك بالشكر مع التنويه بأسمائهم.

ص: 392

جدول الخطأ و الصواب

ص\س\الخطأ\الصواب

30\19 \للغير\عن\الغير

30\22 \للغير\عن\الغير

46\7 \السهر\السهو

56\10 \معروضة\عارضة

61\15 \من زيد\من زيد

64\5 \المبني\المبني

69\8 \و لا\

83\2 \مرء\امرئ

118\9 \لحقوق\لحوق

148\5 \للولي\المولى

157\1 \راد\رد

157\6 \تراضي\تراض

159\11 \و اقبضهما\و اقبضها

167\8 \يكون\بكون

172\22 \الاخر\الاخير

176\5 \ايعاز\اجاز

187\1 \بمقتضى\بمقتضى

187\15 \الريح\الربح

192\16 \أقاموا\اقاموا

208\15 \الجزء 8 \الجزء 7

ص: 393

فاتتنا اغلاط مطبعية في الجزء الثالث و السادس كان يهمنا تصحيحها قبل اخراج الكتاب، لكن كثرة الاشغال انستنا فتداركناها في الجزء 8 فيرجى من القارئ الكريم تصحيحها و له الشكر الجزيل

الجزء\ص\س\الخطأ\الصواب

3\91\20 \ترنهما\ترنمهما

3\224\4 \الزمزة\الزمزمة

3\370\9 \عيبة\غيبة

6\285\13 \الجاربة\الجارية

6\9\6 \الطهر\القرء

ص: 394

تفضل علينا بهذه الأبيات القيمة فضيلة الاستاذ الاديب الاريب البحاثة الكبير الاخ عبد الصاحب عمران الدجيلي حفظه اللّه تعالى فتلقيناها بكل إجلال و إكبار.

فرأينا من الواجب نشرها

و لقد بلغت، و كم بلغ *** ت من العلى أعلى المراتب

يا سيدا حاز المفا *** خر و المآثر و المناقب

كم واجب للدين و الاس *** لام ترعى، بل و جانب

حتى أقمت الحق في ال *** دنيا، و حققت المكاسب

قصد به رغب الجميع *** فارخوه (قصد راغب)

1397 ه

ص: 395

خاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

و قد انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء الثامن) من كتاب (المكاسب) لشيخنا الأعظم الانصاري قدس اللّه سره و طيب رمسه حسب تجزئتنا من بداية:

(و من شرائط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد الذي يتلفظان به)

الى نهاية الشرط السابع من شرائط الاجازة حامدين اللّه عز و جل و شاكرين له هذه النعمة العظمى

و كان الانهاء في يوم الاحد الثامن و العشرين من شهر شعبان المعظم 1397 في ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيا البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد أن استوفى العمل فيه مقابلة و تعليقا و تصحيحا غاية الجهد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

هذا مع كثرة الأشغال، و تردي الأحوال، و انهيار الاعصاب

و ذلك حبا منا بانجاز تحقيق الأجزاء، و إصدارها و اخراجها و إكبارا و إجلالا لفقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين

و إذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة فلأن تحقيق الكتاب و تصحيحه و اخراجه اخراجا يليق بمكانته العلمية كان يستدعي منّا دقة الملاحظة، و عمق الإمعان

فالى القراء الكرام هذه التحفة النفيسة، و الهدية الثمينة

و كان الشروع فيه في يوم الخميس الحادي عشر من شهر شوال المكرم 1396 فجاء بحمد اللّه تعالى بهذه الحلة الرائعة، و الاسلوب البديع

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء التاسع) أوله: (و أما القول في المجيز فاستقصاؤه يتم ببيان امور)

ص: 396

و إني لأرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حلّ فيه آلاف التحية و الثناء

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء العميمة

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لاتمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه

في يوم الاثنين التاسع و العشرين من شهر شعبان المعظم 1397

عبدك

السيد محمد كلانتر

ص: 397

المجلد 9

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الاهداء

ص: 5

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

سيدي.. أبا صالح. يا ولي العصر.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل: أهديها أليك...

يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي

السيّد محمّد كلانتر

ص: 6

تتمة كتاب البيع

اشارة

ص: 7

تتمة الكلام في شروط المتعاقدين

تتمة مسألة و من شروط المتعاقدين أن يكونا مالكين، أو مأذونين من المالك أو الشارع
تتمة الكلام في العقد الفضولي
تتمة القول في الإجازة و الرد
القول في المجيز
اشارة

ص: 8

القول في المجيز و أما القول في المجيز فاستقصاؤه يتم ببيان امور:

الأول: يشترط في المجيز أن يكون حين الاجازة جائز التصرف: بالبلوغ، و العقل، و الرشد.

(الأول) (1): يشترط في المجيز أن يكون حين الاجازة جائز التصرف: بالبلوغ، و العقل، و الرشد (2).

و لو أجاز المريض بني نفوذها (3) على منجزات المريض (4) و لا

+++++++++++

(1) اى الأمر الأول من الأمور التي يتم استقصاء المجيز بها.

من هنا شروع في شرائط المجيز فقال: و أما القول في المجيز

(2) بالإضافة الى أنه لا بدّ من كونه جائز التصرف: لا بدّ أن يكون مالكا للمبيع، و أن لا يكون ممنوعا من التصرف بفلس، أو سفه، أو مرض موت، بناء على عدم نفوذ منجزات المريض من الأصل اذا مات في مرض موته، و أن النفوذ فيها من الأصل متوقف على اجازة الورّاث، سواء أ كانت الاجازة كاشفة بأقسامها الثلاثة أم ناقلة

(3) أى نفوذ الاجازة و مضيها

(4) لما انجر بنا الكلام الى (منجزات المريض) لا بأس باشارة إجمالية إليها فنقول: البحث فيها يتوقف على ذكر امور:

(الأمر الأول): أن كل ما يتصرف فيه المريض في مرض موته في ملكه سواء أ كان عينا كأن يقول: ملكّت زيدا داري أم منفعة كما في الوقوف العامة كالحسينيات و المدارس و المساجد، حيث إنها موقوفة على عموم المنتفعين بها من مواردها، و ليست تمليكا لجهة معينة، و لا لشخص معين: لا يخلو من كونه إما معلّقا، أو منجّزا، و المعلّق على قسمين: -

ص: 9

..........

+++++++++++

- (الأول): ما كان معلّقا على الموت كأن يقول: اعطوا زبدا الف دينار بعد وفاتي.

(الثاني): ما كان معلّقا على غير الموت

أما ما كان معلّقا على الموت فلا إشكال في دخوله في المنجز حسب التفصيل الآتي، و إن كان تحقق الشرط، و المعلق عليه بعد الموت

و أما ما كان معلّقا على غير الموت فلا إشكال في أنه يخرج من الثلث باجماع من الفقهاء بكلا قسميه: المحصل، و المنقول

و المنجز على ثلاثة أقسام:

(الأول): ما يجب على الإنسان: من الحقوق بسبب من الأسباب في مرض موته كالديون، سواء أ كانت ديونا إلهية أم راجعة الى الناس و الكفارات، و النذور المطلقة المتبرع بها الواقعة في مرض موته اذا تعلقت بمال في ذمته

فهذه كلها تخرج من الاصل اجماعا بكلا قسميه

و أما النذر المتعلق بعين من أمواله كأن نذر في مرض موته أن يعطي احدى دوره، أو مركوبه الى زيد فهذا يخرج من الثلث، للمنع عن التصرف فيه الموجب لعدم انعقاد نذره فيما زاد على الثلث إلا باجازة الوراث

(الثاني): ما يجب عليه بواسطة الاستدانة المجانية كالكفالة التبرعية المسببة لغرامة الكفيل ما كان على المكفول اذا تعذر إحضاره، و كالضمان التبرعي.

فقد ذهب الاكثر الى خروج مثل هذا المال عن الأصل، خلافا للمحقق، حيث ذهب الى خروجه من الثلث. أليك نص عبارته: -

ص: 10

..........

+++++++++++

- الثامنة اذا ضمن المريض في مرضه و مات فيه خرج ما ضمنه من ثلث تركته على الأصح.

راجع (شرايع الإسلام) الطبعة الجديدة. الجزء 2. ص 112

(الثالث): أن يكون ما يجب عليه بواسطة التبرع

و هذا على ثلاثة أقسام:

(الأول): التبرع المجاني و بلا عوض كالوقوف، و الصدقات و الهبات المجانية.

(الثاني): التبرع مع عوض مساو له في القيمة، أو المثل كالبيع أو الإجارة.

(الثالث): التبرع بعوض أقل منه كما في المعاوضة المحاباتية.

(الأمر الثاني): أن المراد من المنجزات في قولهم: (منجزات المريض) ما كان مقابلا للوصية: بمعنى أن العطية التي يعطيها المريض، أو المعاملة التي ينشئها غير معلّقة على موته.

بل يتحقق ما انشأه من اصل التركة، أو من الثلث على اختلاف أقوال الفقهاء فيه.

(الأمر الثالث): أنه ما المراد من المرض المأخوذ في منجزات المريض المعنون في كلمات الفقهاء بقولهم: (منجزات المريض).

هل المراد منه المرض الذي بسببه يحصل الموت؟

فتكون الاضافة من قبيل اضافة السبب الى مسببه، اى المرض الذي صار سببا و علة للموت.

أو المراد منه المرض الذي يتفق فيه الموت من دون أي تأثير للمرض -

ص: 11

..........

+++++++++++

- في موته كمن كان مريضا و هو يعالج مرضه فتكهرب أثناء المداواة، أو لدغته حية، أو اشتبه على الطيب تشخيص مرضه فوصف له وصفة ضد مرضه فمات من ساعته بسبب أحد المذكورات.

فتكون الاضافة من قبيل اضافة الظرف الى مظروفه

كما يقال: سنة الوباء، أو سنة الطاعون، أو سنة المجاعة، أي السنة التي وقع فيها الوباء، أو المجاعة، أو الطاعون

فيكون معنى مرض الموت المرض الذي وقع فيه الموت

ثم المرض الذي هو السبب الوحيد للموت كما في اضافة السبب الى مسببه على قسمين:

(الأول): ما كان فعليا كما لو ابتلى شخص بمرض فمات فيه بسببه بحيث لولاه لما حصل الموت

(الثاني): ما كان شأنيا: بأن لم يكن سببا وحيدا للموت كمن ابتلى بمرض ثم غرق، أو احترق، أو انهدم عليه حائط، أو وقع من شاهق فمات من ساعته، فإن الموت قد حصل بسبب أحد المذكورات، لا بسبب المرض.

لكن المرض كان من شأنه القضاء على صاحبه و إن لم يحصل أحد المذكورات.

(الأمر الرابع): أن موضوع الحكم و الذي وقع فيه الخلاف في أن منجزات المريض تخرج من الاصل، أو من الثلث هل هو مرض خاص بحيث يخاف منه كما افاده الشيخ - قدس سره؟ -

أو مطلق المرض، سواء أ كان مخوفا أم لا كما افاده المحقق؟ -

ص: 12

..........

+++++++++++

- ثم إن تشخيص مرض المخوف عن غيره من الصعب جدا، إذ بعض الأمراض التي ذكرها المحقق - قدس سره - في الشرائع مخوف، و بعضها الآخر غير مخوف حسب الطب القديم.

و أما بحسب الطب الحديث، و الاكتشافات الطبية الجديدة فليس كل ما ذكره من المخوف مخوفا، لأنه من السهل جدا علاجه في زماننا هذا

أليك نص عبارة المحقق في الشرائع:

فنقول: كل مرض لا يؤمن معه من الموت غالبا فهو مخوف كحمى الدق، و السل، و قذف الدم، و الأورام السوداوية، و الدموية، و الإسهال المنتن، و الذي يمازجه دهنية، أو براز اسود يغلي على الارض، و ما شاكله

و أما الأمراض التي الغالب فيها السلامة فحكمها حكم الصحة كحمى يوم، و كالصداع عن مادة: أو عن غير مادة، و الدّمل و الرمد و السلاق(1)

و كذا ما يحتمل الامرين كحمى العفن، و الزحير، و الأورام البلغمية

راجع (شرايع الاسلام) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 261

و لا يخفى أن البحث عن هذا قليل الجدوى، لعدم وجود عنوان:

(المرض المخوف) في الأحاديث المروية حتى يحال امره الى العرف أو الى اهل الخبرة من الأطباء و العلماء.

نعم الوارد في لسان الروايات هو عنوان المرض مجردا عن القيد فالبحث عن تشخيص المرض، و أنه اي مرض مخوف، و أيه ليس بمخوف ليس بمهم. -

ص: 13


1- بضم السين دمل تخرج على اللسان، و أصول الأسنان.

..........

+++++++++++

(الامر الخامس): في بيان ما هو مقتضى الأصل في المقام مع قطع النظر عن الأدلة الخاصة مفادها خروج منجزات المريض عن الاصل، أو عن الثلث فنقول:

البحث عن الاصول تارة عن الاصول اللفظية كالعموم و الاطلاق الدّين هما من الإمارات المجعولة شرعا فهذه الاصول لو اجريت لم يبق مجال لجريان الاصول العملية، لحكومتها عليها، بواسطة ارتفاع الشك الذي هو موضوع الاصول العملية.

و اخرى يكون البحث فيها عن الاصول العملية لو لم نقل بجريان الأصول اللفظية فيها.

أما البحث عن الاصول اللفظية فكثيرة.

(منها): قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الناس مسلطون على أموالهم ببيان أن المالك لشيء له السلطنة و الاستيلاء عليه بأنحاء التصرف الجائز شرعا، سواء أ كان التصرف من الامور التكوينية كأفعالنا اليومية من النوم، و الشرب، و الأكل، و اللبس، و الضحك، و غير ذلك مما يعد تصرفا تكوينيا.

أم من الامور التشريعية، سواء أ كانت من العقود أم من الإيقاعات أم من العباديات.

و قد عرفت كيفية الاستدلال بالحديث في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 178 فراجع

و أما كيفية الاستدلال به في منجزات المريض فخلاصتها: أن المريض ما دامت الروح في بدنه باقية فكل ما يكون تحت يده و تسلطه فهو ماله -

ص: 14

..........

+++++++++++

- و لم يخرج عن ملكه فله السلطة العامة، و السلطنة التامة عليه بأنواع التصرف المشروع، إلا ما كان حراما.

و من التصرف المشروع التبرعات الصادرة منه حال مرضه الذي يتوفى فيه، لأنها ليست من العناوين المحرمة شرعا، و المنهي عنها حتى لا يشمله قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الناس مسلطون على أموالهم

(إن قلت): اذا كانت معاملة مشكوكة شرعيتها فكيف يصح اثبات شرعيتها بقاعدة: الناس مسلطون، لأن المعاملات الموجبة للنقل و الانتقال عند العقلاء محتاجة الى إمضاء الشارع لها فما لم يثبت الإمضاء لم تثبت المالية في المال المشكوكة شرعيتها لمن انتقل إليه؟

ففيما نحن فيه لو شككنا أن التبرعات العقدية الصادرة من المريض في مرض موته التي تزيد عن الثلث هل تكون ممضاة من الشارع حتى يصح التمسك بالقاعدة المذكورة أم لا يصح اثبات امضائها بالقاعدة المذكورة حتى لا يثبت النقل و الانتقال؟

(قلنا): قد علمت أن الانسان ما دامت الروح باقية في بدنه فجميع تصرفاته ممضاة من قبل الشارع و منها الصادرة منه حال مرض موته، و الشك المذكور إنما اتى من قبل المرض في أنه هل يوجب نقصا و قصورا في سلطنته العامة التى كانت له قبل المرض حتى لا تكون عقوده الصادرة في تلك الحالة منجزة و مؤثرة في أزيد من ثلاثة.

أو لا يوجب نقصا اصلا كي تكون تلك العقود منجزة و مؤثرة من اصل ماله؟

و قد علمت أيضا أن عموم الناس مسلطون يدل على السلطنة المطلقة -

ص: 15

..........

+++++++++++

- التامة، و أن اي عقد، أو إيقاع صدر من الانسان في أية حالة من حالاته الطارئة عليه: من مرض، و صحة، و سفر، و حضر فهو ماض و صحيح شرعا.

(و منها): عموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

و قد مرت كيفية الاستدلال بالآية في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 188 فراجع

و خلاصة الاستدلال بها في المقام: أن اوفوا عام يدل على وجوب الوفاء بالعهد، سواء أ كان في حال الصحة أم في حال المرض، و معنى ذلك ترتيب جميع آثار الملكية على ما يصدر من الانسان: من العقود و الايقاعات التي منها التبرعات الصادرة منه حال مرضه.

(و منها): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم و قد مرت كيفية الاستدلال به في المصدر نفسه. ص 191 فراجع

و خلاصة الاستدلال به في المقام: أنه يجب على كل مؤمن عند ما يلتزم بشيء أن يكون ثابتا و مستقرا عليه، سواء التزم بشيء مطلقا أم في ضمن عقد من عقوده و التزاماته، بناء على أن اطلاق الشرط على الشروط الابتدائية يكون مجازا.

و المراد من الثبوت عند التزاماته هو التعهد بوفاء ما التزم به، و عدم خروجه عن عهدته.

هذه هي العمومات المتمسك بها في المقام

(لا يقال): إن التمسك بهذه العمومات إنما يصح لو احرزت قابلية المحل للسلطنة، و وجوب الوفاء، أو النفوذ في جميع المصاديق و الحالات -

ص: 16

..........

+++++++++++

- و أما لو علم بعدم قابلية المحل لذلك، أو شك في القابلية فلا مجال للتمسك بهذه العمومات المذكورة، و الاطلاقات الواردة

(فإنه يقال): إن متعلق السلطنة، و وجوب الوفاء هو شخص مال ذي السلطنة

و من البديهي أن مال كل شخص له القابلية التامة في تعلق السلطنة به، و في تعلق أنحاء التصرفات فيه في أية حالة من الحالات الطارئة للإنسان من صحة أو مرض، سواء أ كان المرض مرض موت، أم غيره

فاذا منعنا المالك عن التصرف في ماله في حالة من الحالات لازمه تخصيص القاعدة المذكورة و هو غير جائز بلا دليل

(لا يقال): إن القاعدة المذكورة قد خصصت في الراهن، حيث لا يجوز له التصرف في ماله المرهون إلا باجازة من المرتهن، ففيما نحن فيه نقول بتخصيصها، و عدم جواز تصرف المريض في ماله في ما زاد عن الثلث إلا باجازة من الوارث

(فإنه يقال): إن التخصيص المذكور في الراهن لاجل ورود الدليل، لا لعدم قابلية المحل لتعلق حق المرتهن بالمال المرهون عنده.

الى هنا كان الكلام حول الاصول اللفظية

و أما الاصول العملية فالذي يمكن أن يقال بجريانه في المقام هو الاستصحاب.

ببيان أن الانسان كان حال صحته ذا سلطنة على أمواله، و أن جميع تصرفاته: من المجانية، و المحاباتية، و المعاوضية كانت ممضاة و نافذة من أصل ماله، لأنه بالغ عاقل رشيد غير محجور عليه من التصرف باحد أسباب -

ص: 17

..........

+++++++++++

- الحجر، فاذا صار مريضا نشك في بقاء تلك السلطنة، و نفوذ تصرفاته التي كانت له قبل مرضه فنستصحب بقاء تلك السلطنة، و تلك التصرفات في حال المرض أيضا، لقوله عليه السلام: لا تنقض اليقين بالشك

(لا يقال): إنه لا بدّ من اتحاد الموضوع في الاستصحاب في المتيقن و المشكوك، و فيما نحن فيه يختلف الموضوع، اذ الموضوع في المتيقن هو الصحة و في المشكوك هو المرض فاختلفت القضيتان موضوعا

(فإنه يقال): إن اتحاد الموضوع و المحمول في الاستصحاب أمر لا مناص منه.

لكن نقول: إن الاتحاد العرفي كاف في المقام و إن كان بالنظر الدقيق غير متحد

اذا عرفت ما تلوناه عليك فالأقوال في (منجزات المريض) اثنان:

(الأول): خروج المنجزات من الثلث و اذا زادت عنه فيتوقف خروجها من الاصل على الاجازة من الوارث

ذهب الى هذا القول جل الأساطين من فطاحل الأعلام كشيخنا الصدوق و ابن الجنيد، و المحقق، و العلامة، و الشهيدين و فخر المحققين، و المحقق الثاني

(الثاني): خروج المنجزات من الأصل و إن كانت زائدة عن الثلث

ذهب الى هذا القول شيخنا الكليني، و الشيخ المفيد، و السيد علم الهدى، و ابن زهرة، و ابن البراج، و ابن ادريس، و ابن سعيد

و مستند القولين روايات كثيرة لا يناسب المقام ذكرها و هذه التعليقة هذه خلاصة ما استفدناه من محضر بحث سيدنا الاستاذ السيد (البجنوردي) - قدس سره - عند ما كنا نحضر مجلس درسه الشريف -

ص: 18

و لا فرق فيما ذكر (1) بين القول بالكشف و النقل

الثاني: هل يشترط في صحة عقد الفضولي وجود مجيز حين العقد

(الثاني) (2): هل يشترط في صحة عقد الفضولي وجود مجيز حين العقد، فلا (3) يجوز بيع مال اليتيم لغير مصلحة، و لا تنفعه اجازته

+++++++++++

- في (الجامع الطوسي) قبل تجديد بنائه

و من اراد الإحاطة بجوانب الموضوع فعليه بمراجعة كتابه (القواعد الفقهية) الجزء 6 من ص 307 الى آخر الكتاب فهناك قد اودع طيب اللّه رمسه فوائد ثمينة لا يستغني عنها أبناء العلم و رواده

(1) و هو اجتماع شرائط التصرف في المجيز حين الاجازة: من البلوغ و العقل، و الرشد، و قابليته للتملك، كما كانت هذه الشروط معتبرا وجودها و توفرها في المالك نفسه

و السر في عدم الفرق على القول بالكشف، أو النقل هو كون الاجازة تصرفا ماليا، لأنها المؤثر في حصول النقل و الانتقال، فإنها دخيلة في السبب، نهاية الأمر تكون على القول بالكشف بنحو الشرط المتأخر و على القول بالنقل بنحو الشرط المتقدم، فكل ما يعتبر في البائع من الشرائط يعتبر في المالك المجيز أيضا

(2) اى الأمر الثاني من الامور التي ذكرها الشيخ في القول في المجيز بقوله في ص 9: و أما القول في المجيز فاستقصاؤه يتم ببيان أمور

لا يخفى أن السيد الطباطبائي اليزدي - قدس سره - له كلام في تعليقته على المكاسب في هذا المقام في ص 162. أليك خلاصته:

كان اللازم بحسب مقتضى تقدم الذات على الوصف أن يقدم الشيخ الامر الثاني على الامر الاول: بأن يجعل الاول ثانيا، و الثاني أولا، اذ اشتراط كون المجيز جائز التصرف فرع وجود مجيز حال الإجازة

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من اشتراط مجيز حين العقد

ص: 19

اذا بلغ (1)، أو اجازة وليه اذا حدثت المصلحة بعد البيع أم لا يشترط؟:

(قولان) اولهما (2) للعلامة في ظاهر القواعد، و استدل (3) له:

بأن (4) صحة العقد و الحال هذه ممتنعة فاذا امتنع في زمان امتنع دائما و بلزوم (5) الضرر على المشتري، لامتناع تصرفه في العين، لإمكان عدم الإجازة (6)، و لعدم (7) تحقق المقتضي

و في الثمن (8)، لإمكان (9) تحقق الاجازة فيكون قد خرج عن ملكه

+++++++++++

(1) لو بيع مال اليتيم فضولا ثم بلغ سن الرشد فاجاز

(2) اى اوّل القولين: و هو اشتراط وجود مجيز حين العقد

(3) بصيغة المجهول، و المستدل هو المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد فقد استدل في المصدر في كتاب المتاجر في توابع الفضولي لما افاده العلامة بدليلين ذكرهما الشيخ، و نحن نشير إليهما تحت رقمهما الخاص

(4) هذا هو الدليل الاول للمحقق الكركي

و خلاصته: أن من ليس له أهلية الاجازة حين صدور العقد كاليتيم الصغير لو بيع ماله فضولا فالعقد باطل، لأنه في تلك الحالة ممنوع عن الاجازة، فلا يكون المجيز موجودا حين صدور العقد، و من المعلوم أنه من شرائط العقد وجود مجيز حين العقد

(5) هذا هو الدليل الثاني للمحقق الكركي

(6) هذا بناء على شرطية الاجازة للسبب و لو بنحو الشرط المتأخر

(7) هذا بناء على جزئية الاجازة للسبب

(8) اى و لامتناع تصرف المشتري في الثمن أيضا

(9) تعليل لعدم جواز تصرف المشتري في الثمن أيضا: اى لإمكان صدور الإجازة من المالك الاصيل فيكون الثمن ملكا له فقد خرج عن ملكه و صار ملكا للمالك الاصيل.

ص: 20

و يضعف الاول (1) مضافا (2) الى ما قيل: من انتقاضه بما اذا كان المجيز بعيدا امتنع الوصول إليه عادة بمنع ما ذكره: من (3) أن امتناع صحة العقد في زمان يقتضي امتناعه دائما، سواء قلنا بالنقل أم بالكشف

و أما الضرر (4) فيتدارك بما تتدارك به صورة النقض المذكورة

هذا كله مضافا (5) الى الأخبار الواردة في تزويج الصغار فضولا الشاملة لصورة ولي النكاح و إهماله الإجازة الى بلوغهم، و صورة عدم وجود الولي (6)، بناء على عدم ولاية الحاكم على الصغير في النكاح

+++++++++++

(1) اى الدليل الاول للمحقق: و هو أن امتناع العقد في زمان لازمه امتناعه دائما

(2) اى بالإضافة الى ما نذكره في وجه التضعيف: و هو أن الدليل الاول منتقض بالمجيز الذي يكون بعيدا عن المكان الذي وقع العقد فيه فضولا بحيث يمتنع الوصول إليه عادة، فإن العقد الواقع فضولا صحيح، لكن للمشتري الخيار

(3) هذا وجه الضعف، و خلاصته أننا نمنع الملازمة بين امتناع العقد في زمان، و امتناعه دائما.

(4) هذا رد على الدليل الثاني للمحقق الكركي

و خلاصته أنه كما قلنا بتدارك صورة عدم امكان الوصول الى المالك الاصيل بالخيار للمشتري.

كذلك نقول هنا بتدارك الضرر الحاصل للمشتري بالخيار.

(5) هذا رد آخر على المحقق الكركي فيما افاده: من لزوم وجود مجيز حين العقد، و الرد هذا من الأخبار كما نشير إليها.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 527. الباب 11 الأحاديث.

ص: 21

و انحصار الولي في الأب و الجد و الوصي على خلاف فيه (1)

و كيف كان (2) فالأقوى عدم الاشتراط، وفاقا للمحكي عن ابن المتوّج البحراني (3)، و الشهيد و المحقق الثاني، و غيرهم، بل لم يرجحه (4) غير العلامة (ره)

ثم اعلم أن العلامة في القواعد مثّل لعدم وجوب المجيز ببيع مال اليتيم.

و حكي عن بعض العامة و هو البيضاوي (5) على ما قيل الايراد عليه (6): بأنه لا يتم على مذهب الامامية القائلين بوجود الامام عليه السلام في كل عصر

+++++++++++

- أليك نص الحديث 2 من ص 528

عن عباد بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل زوج ابنا له مدركا من يتيمة في حجره.

قال: ترثه إن مات، و لا يرثها، لأن لها الخيار، و لا خيار عليها

(1) اى في الوصي فالقيد راجع إليه، لا الى الجميع: و هم الأب و الجد و الوصي: اى وقع الخلاف من الفقهاء في ولاية الوصي على الصغير في النكاح.

(2) اى أي شيء قلنا في رد المحقق الكركي فالأقوى عدم اشتراط وجود مجيز عند العقد.

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) اى اشتراط وجود مجيز وقت العقد

(5) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب)

(6) اى على العلامة، و الباء في بأنه بيان لكيفية الايراد من البيضاوي على العلامة

و خلاصة الايراد أن تمثيل العلامة لعدم وجود المجيز حين العقد ببيع مال اليتيم على خلاف مذهب الامامية، حيث إنهم يقولون بوجود الامام -

ص: 22

و عن المصنف (1) - قدس سره - أنه اجاب بأن الامام غير متمكن من الوصول إليه

و انتصر (2) للمورد: بأن نائب الامام و هو المجتهد الجامع للشرائط موجود، بل لو فرض عدم المجتهد فالعدول موجودون، بل للفساق الولاية على الطفل في مصالحه مع عدم العدول

لكن الانتصار (3) في غير محله، اذ كما يمكن فرض عدم التمكن من الامام يمكن عدم اطلاع نائبه: من المجتهد، و العدول أيضا.

فإن (4) اريد وجود ذات المجيز فالأولى منع تسليم دفع الاعتراض بعدم التمكن من الامام عليه السّلام

+++++++++++

- في كل عصر، لعدم جواز خلو العصر من وجوده فحينئذ كيف يمثل لعدم وجود المجيز ببيع مال اليتيم، فإن الامام على رأيهم هو المجيز حين صدور العقد، لأنه ولي اليتيم.

(1) هذا رد من العلامة على ما أورده البيضاوي عليه

و الباء في بأن الامام عليه السّلام بيان لكيفية الرد

(2) بصيغة المجهول اى انتصر للبيضاوي، بعض الأعلام من الطائفة و أفاد بأن ايراده على العلامة في محله كما نقله الشيخ

(3) اى انتصار من دافع عن البيضاوي و اعطى الحق له غير صحيح

من هنا يروم شيخنا الانصاري أن يورد على المنتصر في دفاعه عن البيضاوي

و خلاصته: أن مراد العلامة: من اشتراط وجود مجيز حال العقد لم يشخص فلا بد من تشخيصه أولا حتى يعلم أنه هل هناك مجال للإشكال عليه، أو لا؟

فنقول: كلام العلامة ذو احتمالين نذكرهما تحت رقمهما الخاص

(4) هذا هو الاحتمال الاول، اى إن كان مراد العلامة من اشتراط -

ص: 23

و إن اريد (1) وجوده مع تمكنه من الاجازة فيمكن فرض عدمه في المجتهد و العدول اذا لم يطلعوا على العقد.

فالأولى (2) ما فعله فخر الدين، و المحقق الثاني من تقييد بيع مال اليتيم بما اذا كان على خلاف المصلحة فيرجع (3) الكلام أيضا الى اشتراط امكان فعلية الإجازة من المجيز، لا وجود ذات من شانه الاجازة، فإنه فرض غير واقع في الأموال

+++++++++++

- مجيز حين العقد شخصه مطلقا، سواء تمكن من الاجازة أم لا

فايراد البيضاوي صحيح، و جواب العلامة لا يدفع الايراد

(1) هذا هو الاحتمال الثاني اى إن كان مراد العلامة من وجود مجيز حين العقد شخص المجيز مقيدا بصورة التمكن من اجازته فجواب العلامة عن ايراد البيضاوي صحيح، حيث إن الامام عليه السلام غير ممكن الوصول إليه فلا يمكن الحصول على الاجازة

و أما المجتهد و العدول فأيضا لا يمكن الوصول إليهم اذا لم يطلعوا على العقد

(2) اى فيما مثل العلامة و حكم ببطلان البيع المذكور، لعدم وجود مجيز حال العقد

و خلاصة ما افاده فخر المحققين، و المحقق الثاني هو أن وجه بطلان بيع مال اليتيم عدم وجود مصلحة حين العقد، لا عدم وجود مجيز حينه، فإنه لو قيد البيع المذكور بوجود المصلحة لما بطل البيع المذكور عند وجود المصلحة و إن لم يكن مجيز موجودا عند العقد

(3) الفاء تفريع على ما افاده فخر المحققين و المحقق الثاني أى فعلى ضوء ما افاداه: من تقييد بيع مال اليتيم بوجود المصلحة يكون مآل هذا القيد الى اشتراط إمكان فعلية الاجازة من المجيز، لا إلى اشتراط وجود -

ص: 24

الثالث: لا يشترط في المجيز كونه جائز التصرف حال العقد
اشارة

(الثالث) (1): لا يشترط في المجيز كونه جائز التصرف حال العقد سواء أ كان عدم التصرف لاجل عدم المقتضي (2) أم للمانع (3)

و عدم المقتضي قد يكون لاجل عدم، كونه مالكا، و لا مأذونا حال العقد.

و قد يكون لاجل كونه محجورا عليه لسفه، أو جنون، أو غيرهما و المانع كما لو باع الراهن بدون اذن المرتهن ثم فك الرهن

+++++++++++

- من من شأنه الاجازة، لأنه لو كان الأمر كذلك للزم عدم وقوع الفرض المذكور، اذ لا أقل من وجود مالك حين العقد فتلزم لغوية الشرط المذكور.

بعبارة اخرى أنه بناء على تقييد بيع مال اليتيم بوجود المصلحة لاصبح الولي مسلوب الاجازة في الحال، و في المآل، فلا يتصور في حقه الاجازة في حال ولايته على اليتيم و هي حالة صغره فيكون من ليس له الاجازة في الحال الاجازة في المآل و هو اليتيم الصغير فتنتفي الاجازة الفعلية حينئذ من اليتيم الذي من شأنه أن يجيز بعد البلوغ.

فالحكم ببطلان بيع اليتيم فضولا في هذا الفرض معناه اشتراط إمكان فعلية الاجازة من المجيز، لا وجود مجيز حين العقد

(1) أى الأمر الثالث من الامور التي اشار إليها الشيخ في ص 9 بقوله:

و أما القول في المجيز فاستقصاؤه يتم ببيان امور: اى لا يشترط في المجيز أن يكون جائز التصرف؛ لا في الواقع، و لا بحسب الاعتقاد

(2) كأن لا يكون مالكا حال العقد، و لا مأذونا من قبل المالك

(3) كأن يكون محجورا

ص: 25

فالكلام يقع في مسائل:
اشارة

فالكلام (1) يقع في مسائل:

المسألة الأولى: أن يكون المالك حال العقد هو المالك حال الإجازة

(الأولى): أن يكون المالك حال العقد هو المالك حال الاجازة لكن المجيز لم يكن حال العقد جائز التصرف، لحجر

+++++++++++

(1) الظاهر من هذا التفريع أن المسائل الآتية مفهومة من الشقوق الثلاثة المذكورة و هي كما يلي:

(الاول): كون المجيز غير جائز التصرف: بأن لا يكون مالكا و لا مأذونا من قبل المالك

(الثاني): كون المجيز محجورا من التصرف، لكونه سفيها أو مجنونا

(الثالث): كون المجيز غير جائز التصرف في ماله، لتعلق حق الآخرين به كما لو كان ماله مرهونا

لكن الأمر ليس كذلك، لأنه قدس اللّه نفسه الزكية جعل المسألة الاولى التي كان المالك حال العقد هو المالك حال الاجازة أعم من الشق الثاني و الثالث، لأن المجيز في الثاني كان محجورا من التصرف، لسفه أو جنون، و في الثالث كان غير جائز التصرف، لمانع كتعلق حق الآخرين به بخلاف المسألة الاولى فالمجيز فيها أعم من كونه محجورا أو لا، ممنوعا من التصرف أو لا

و جعل المسألة الثانية التي تجدد الملك فيها بعد العقد فاجاز المالك الجديد هي الشق الاول الذي كان المجيز غير جائز التصرف بأن لا يكون مالكا، و لا مأذونا من قبل المالك

و المسألة الثالثة الآتية التي يذكرها الشيخ بقوله: المسألة الثالثة ما لو باع معتقدا كونه غير جائز التصرف فبان أنه جائز التصرف لا ربط لها بالعنوان اى بعنوان قوله في ص 25: الثالث لا يشترط في المجيز كونه جائز التصرف حال العقد

ص: 26

و الأقوى صحة الإجارة، بل عدم الحاجة إليها اذا كان عدم جواز التصرف لتعلق حق الغير كما لو باع الراهن ففك الرهن قبل مراجعة المرتهن فإنه لا حاجة الى الاجازة كما صرح به في التذكرة.

المسألة الثانية: أن يتجدد الملك بعد العقد فيجيز المالك الجديد
اشارة

(الثانية): أن يتجدد الملك بعد العقد فيجيز المالك الجديد، سواء أ كان هو البائع (1) أم غيره.

لكن عنوان المسألة (2) في كلمات القوم هو الأول: و هو ما لو باع شيئا ثم ملكه.

و هذه (3) تتصور على صور (4)، لأن غير المالك إما أن يبيع لنفسه، أو للمالك (5)

و الملك إما أن ينتقل إليه باختياره كالشراء، أو بغير اختياره كالإرث (6)

ثم البائع الذي يشتري الملك إما أن يجيز العقد الأول، و إما أن لا يجيزه (7)

+++++++++++

(1) اى المالك الجديد هو البائع الفضولي، أو غيره

(2) اى المسألة الثانية

(3) اى المسألة الثانية التي لو باع شيئا ثم ملكه بعد إما بالارث أو الشراء

(4) و هي ثمانية كما ستعرفها

(5) هاتان صورتان

(6) هاتان صورتان أيضا تضربان في الصورتين المتقدمتين تنتجان أربعة هكذا: 2 * 2-4

(7) هاتان صورتان أيضا تضربان في الاربعة المتقدمة تنتجان ثمانية هكذا: 2 * 4-8، أليك شرح الصور تفصيلا

ص: 27

..........

+++++++++++

- (الصورة الاولى): أن يبيع الفضولي لنفسه ثم يملك المبيع بالشراء فاجاز البيع

(الصورة الثانية): أن يبيع الفضولي لنفسه ثم يملك المبيع بالإرث فاجاز البيع

(الصورة الثالثة): أن يبيع الفضولي للمالك ثم يملك المبيع بالشراء فاجاز البيع

(الصورة الرابعة): أن يبيع الفضولي للمالك ثم يملك المبيع بالإرث فاجاز البيع

(الصورة الخامسة): أن يبيع الفضولي لنفسه ثم يملك المبيع بالشراء و لم يجز البيع

(الصورة السادسة): أن يبيع الفضولي لنفسه ثم يملك المبيع بالإرث و لم يجز البيع

(الصورة السابعة): أن يبيع الفضولي للمالك ثم يملك المبيع بالشراء و لم يجز البيع

(الصورة الثامنة): أن يبيع الفضولي للمالك ثم يملك المبيع بالإرث و لم يجز البيع

ثم إن الشيخ الشهيدى - قدس سره - في تعليقته على المكاسب في ص 297 افاد تبعا للشيخ في قوله في ص 27: فيجيز المالك، سواء أ كان هو البائع أم غيره أن الصور تكون ستة عشر باضافة ثمانية على الصور السابقة. و الصور المضافة هي الصورة المتقدمة بعينها، لكن المالك الذي تجدد له الملك لا يكون بائعا فضوليا

ص: 28

فيقع الكلام في وقوعه (1) للمشتري الاول (2) بمجرد شراء البائع (3) له

لو باع لنفسه ثم اشتراه و أجاز
اشارة

و المهم هنا التعرض لبيان ما لو باع لنفسه ثم اشتراه من المالك و اجاز

و ما لو باع و اشترى و لم يجز، اذ يعلم حكم غيرهما (4) منهما

أما المسألة الاولى (5) فقد اختلفوا فيها فظاهر المحقق في باب الزكاة من المعتبر فيما اذا باع المالك النصاب (6) قبل اخراج الزكاة، أو رهنه أنه

+++++++++++

بخلاف الصور الثمانية المتقدمة، فإن المالك المتجدد هو البائع الفضولي

و لا يخفى عليك أن الشيخ و إن قال: سواء أ كان هو البائع أم غيره إلا أنه قال: لكن عنوان المسألة في كلمات القوم هو الاول: و هو ما لو باع شيئا ثم ملكه.

فاذا لا يبقى مجال لاضافة صور ثمانية اخرى الى تلك الصور حتى يصير المجموع ستة عشر صورة، فغير البائع خارج عن حريم النزاع

(1) اى في وقوع المبيع

(2) و هو الذي اشترى من الفضولي

(3) و هو الفضولي الذي ملك المبيع بالشراء بعد البيع لنفسه أو للمالك، أو ملكه بالارث ثم اجاز البيع

(4) من بقية الصور الثمانية من هاتين الصورتين

(5) و هي ما لو باع لنفسه ثم اشتراه من المالك فاجاز

و المسألة الثانية هي ما لو باع لنفسه ثم اشتراه من المالك و لم يجز

(6) و هو المقدار الشرعي المعين الذي بلغ حد الزكاة و هو 864 كيلو

فكل مالك يملك هذا المقدار من الحنطة، أو الشعير، أو التمر أو الزبيب يجب عليه إخراج مقدار معين منه حسب السقي بعد إخراج المصاريف، و المؤن، و ضرائب الحكومة

ص: 29

صح البيع و الرهن (1) فيما عدا الزكاة، فإن اغترم حصة الفقراء قال الشيخ:

+++++++++++

- فإن سقى الزرع بماء المطر، أو الماء الجاري، أو بواسطة امتصاص جذوره و عروقه الماء من الارض ففي كل عشرة كيلوات يخرج كيلو واحد و هو المعبر عنه في لسان الفقهاء ب: (العشر)

و إن سقي بماء البئر بواسطة الدلاء التي يجرّ بها الماء باليد، أو بواسطة الناضح التي هي الإبل يجرّ بها الماء بالدلاء الكبار من البئر أو بواسطة الدالية التي هي النواعير، أو بواسطة المضخات و المكائن الحديثة: ففي كل عشرين كيلوا يخرج منه كيلو واحد. و هو المعبر عنه في لسان الفقهاء ب: (نصف العشر)

فعلى الفرض الأول يكون مجموع الكيلوات المستخرجة من النصاب المعين الذي هو 864 كيلو 86 كيلو و 400 غراما من الكيلو بعد أن كان مقدار الكيلو 1000 غرام

و على الفرض الثاني يكون مجموع الكيلوات المستخرجة من 864 كيلو للفقراء 43 كيلوا و 200 غرام من الف غرام

راجع حول الزكاة و شرائطها (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 2 من ص 11 - الى ص 62.

و لنا في الزكاة كتاب مستقل مطبوع شرحنا فيه ما يتعلق بها مفصلا

ففيما نحن فيه و هو بيع المالك المقدار المعين البالغ حد النصاب الشرعي الذي عرفته يكون بالنسبة الى حق الفقراء الذي عرفته آنفا فضوليا

و اختلفت كلمات الفقهاء في هذا المبيع فاخذ الشيخ في نقلها

(1) اى صحة البيع و الرهن بالنسبة الى حصته، و أما بالنسبة الى حصة الفقراء فلا، فلذا قال: فيما عدا الزكاة

ص: 30

صح البيع، و الرهن (1)

و فيه (2) إشكال، لأن العين مملوكة، و اذا ادى العوض ملكها ملكا مستأنفا فافتقر بيعها الى اجازة مستأنفة، كما (3) لو باع مال غيره ثم اشتراه انتهى (4)

+++++++++++

(1) اى بالنسبة الى الجميع: من حصته، و حصة الفقراء

(2) هذا إشكال من المحقق على الشيخ فيما أفاده: من أن المالك لو باع النصاب و اغترم حصة الفقراء صح البيع بالنسبة الى الجميع

و خلاصته: أن حصة الفقراء من الزكاة التي هي العشر، أو نصف العشر على اختلاف السقي عين مملوكة لهم يحتاج التصرف فيها للآخرين الى الاذن منهم، فلو اغترمها في صورة بيع الجميع فقد ملكها ملكا جديدا مستأنفا فاحتاج بيعها الى اجازة مستأنفة، و المفروض أن ولي الفقراء لم يجز ذلك البيع

فكيف يحكم الشيخ بصحة بيع الجميع؟

فحينئذ يكون البيع، أو الرهن بالنسبة الى حصته صحيحا، و بالنسبة الى حصة الفقراء يتوقف على اجازتهم، فلو اجازوا صح البيع جميعا و إلا صح بالنسبة الى حصته، و للمشتري حينئذ الخيار بواسطة تبعض الصفقة

(3) تنظير لتوقف بيع حصة الفقراء على الاجازة و إن اغترم المالك حصتهم

و خلاصته: أن الانسان لو باع مال غيره لنفسه، أو للمالك ثم اشتراه من المالك وقفت صحة البيع الاول على اجازة المشتري الجديد الذي هو البائع للعين فضولا و إن ملكها ففيما نحن فيه كذلك

(4) اى ما افاده المحقق في هذا المقام

ص: 31

بل يظهر مما حكاه عن الشيخ عدم الحاجة الى الاجازة (1)، إلا أن يقول الشيخ بتعلق الزكاة بالعين كتعلق الدين بالرهن، فإن الراهن اذا باع ففك الرهن قبل مراجعة المرتهن لزم و لم يحتج الى اجازة مستأنفة

و بهذا القول (2) صرح الشهيد رحمه اللّه في الدروس و هو ظاهر المحكي عن الصيمري

و المحكي عن المحقق الثاني في تعليق الارشاد هو البطلان (3)

و مال إليه (4) بعض المعاصرين، تبعا لبعض معاصريه (5)

الأقوى الصحة
اشارة

و الأقوى هو الأول (6) للاصل، و العمومات (7) السليمة عما يرد عليه

+++++++++++

(1) اى الاجازة من الفقراء لو بيعت حصتهم مع حصة المالك و لم يستأذن المالك، أو وكيله منهم

(2) و هو صحة بيع حصة الفقراء من دون احتياجه الى الاجازة منهم

من هنا يروم الشيخ أن يستدل على صحة بيع مال الغير لنفسه ثم اشتراه فاجاز من القول بصحة بيع النصاب، حيث إن المالك باع حصة الفقراء لنفسه

(3) اى بطلان بيع مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز

(4) اى الى القول بالبطلان الشيخ صاحب الجواهر

(5) و هو المحقق الشيخ اسد اللّه التستري صاحب المقابيس

(6) و هي صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه

(7) افاد السيد الطباطبائي اليزدي في تعليقته على المكاسب في ص 163 أن الأصل و العمومات ليسا دليلين مستقلين احدهما في عرض الآخر، لأن المراد من الاصل إما القاعدة المستفادة من العمومات من صحة كل عقد شك في صحته شرعا

ص: 32

ما أورده المحقق التستري على الصحة و الجواب عنه
اشارة

ما عدا امور لفقها بعض (1) من قارب عصرنا مما يرجع اكثرها الى ما ذكر في الايضاح، و جامع المقاصد.

الأول: أنه قد باع مال الغير لنفسه

(الأول): (2) أنه قد باع مال الغير لنفسه، و قد مر الإشكال فيه (3) و ربما لا يجري فيه (4) بعض ما ذكر

+++++++++++

- و إما أصالة عدم شرطية مالكية المجيز حين العقد، و هي غير مفيدة بشخصها مستقلة، بل لا بدّ من ضميمة العمومات إليها

و المراد من العمومات قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، فإنها عامة تشمل ما نحن فيه: و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه، و منه بيع المالك النصاب قبل إخراج زكاته

(1) و هو المحقق المدقق الشيخ اسد اللّه التستري في المقابيس

(2) اى الأمر الاول من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اشتراه فاجازه

(3) أى في بيع مال الغير لنفسه راجع الجزء 8 من المكاسب ص 227

(4) اى لا يجري في بيع المالك النصاب

هذا كلام صاحب المقابيس يريد أن يورد على جواز بيع المالك النصاب.

و خلاصته أن البطلان في بيع المالك النصاب امر مسلم

بخلاف البطلان في بيع الغاصب مال الغير لنفسه، لأنه ذكر في صحة بيع الغاصب مال الغير لنفسه بعض الوجوه: و هو بناؤه على أن المال له و لو ادعاء، و لو لا هذا البناء لما تحقق في الخارج مفهوم المعاوضة و المبادلة و على هذا البناء صح البيع، لتحقق مفهوم المعاوضة، و الاجازة الصادرة من المالك الاصيل ترد على هذا البناء فيكون مطابقا للقاعدة المسلمة: و هي أنه لا بدّ من دخول الثمن في ملك من خرج عنه المثمن. -

ص: 33

هناك (1)

و فيه (2) أنه قد سبق أن الأقوى صحته

و ربما (3) يسلم هنا عن بعض الإشكالات الجارية هناك مثل مخالفة الاجازة لما قصده المتعاقدان.

+++++++++++

راجع المكاسب من طبعتنا الحديثة. الجزء 8. ص 234-235

و من الواضح أن هذا البناء لا يأتي في بيع المالك النصاب قبل إخراج زكاته، لعدم دعواه ذلك.

فوجه الصحة في بيع الغاصب موجود، و في بيع المالك النصاب غير موجود.

و لا يخفى أن وجه الصحة هنا جار أيضا، فإن من ليست له السلطنة الشرعية على مال الناس باحد الأسباب الشرعية مثل الولاية، و الوكالة و الملك اذا باع مال الناس يبني على أنه ماله فيقدم على بيعه، و الدليل على ما قلناه ما افاده الشيخ بقوله: أن الأقوى صحته.

(1) و هو بيع الغاصب مال الغير لنفسه.

(2) اى و فيما افاده المحقق التستري: من الإشكال في بيع المالك النصاب، و أن الإشكال فيه آكد و أشد من الإشكال في بيع الغاصب مال الغير لنفسه نظر و إشكال.

و خلاصته أنك قد عرفت في الجزء 8 ص 224 من المكاسب أن بيع الغاصب مال الغير لنفسه صحيح فيلزم هنا الصحة أيضا.

(3) هذا ترق من الشيخ

و خلاصته: أنه بالإضافة الى ما قلناه: من الصحة هناك: أن ما نحن فيه و هو بيع المالك النصاب يسلم من بعض الإشكالات الواردة في بيع -

ص: 34

الثاني: إنّا حيث جوّزنا بيع غير المملوك مع انتفاء الملك و رضا المالك و القدرة على التسليم اكتفينا بحصول ذلك للمالك المجيز

(الثاني): (1) أنا حيث جوّزنا بيع غير المملوك مع انتفاء الملك

+++++++++++

- الغاصب مال الغير لنفسه مثل إشكال مخالفة الاجازة لما قصده المتعاقدان حيث عرفت في الجزء 8 من المكاسب ص 229-230: أن الفضولي لو قصد البيع لنفسه فالاجازة الصادرة من الاصيل إما تتعلق بالقصد الصادر من الفضولي و إما تتعلق بغير ما قصده.

فعلى الاول تكون الاجازة منافية لصحة العقد، لأن معناها صيرورة الثمن لمالك المثمن باجازته.

و على الثاني تكون الاجازة بعقد مستأنف، لا أنها امضاء لما نقله الفضولي الى الغير، فلازم هذا القول أن النقل الصادر من المنشئ و هو الفضولي غير مجاز، و المجاز و هو العقد الذي تعلقت به اجازة المالك الاصيل غير منشأ، فيلزم أن ما انشأ لم يجز، و ما اجيز لم ينشأ.

(1) أى الامر الثاني من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اشتراه فاجازه.

و خلاصة ما اورده المحقق التستري في هذا المقام: في صورة اجازة بيع غير المملوك الذي هو حصة الفقراء، مع أنها ليست ملكا للمالك، و مع عدم حصول الرضا من ملاّكها و هم الفقراء، و مع عدم القدرة من المالك على تسليم حصة الفقراء للمشتري، لأنها ملك للفقراء، مع أن القدرة على التسليم من شرائط صحة البيع: لازمه الاكتفاء بهذه الامور المذكورة للمالك المجيز و هم الفقراء، لأنه البائع الحقيقي.

و من الواضح عدم صدور الاجازة القبلي منهم، لأن المفروض أن مالك النصاب قد باع النصاب بأجمعه حتى حصة الفقراء من دون استجازة منهم فلم يقع بيع المالك حصة الفقراء باجازة منهم، بل وقع من المالك فضولا.

ص: 35

و رضا المالك، و القدرة على التسليم فقد اكتفينا بحصول ذلك (1) للمالك المجيز (2) لأنه البائع حقيقة، و الفرض هنا عدم اجازته (3)، و عدم وقوع البيع عنه.

و فيه (4) أن الثابت هو اعتبار رضا من هو المالك حال الرضا سواء ملك حال العقد أم لا، لأن الداعي على اعتبار الرضا سلطنة الناس على أموالهم، و عدم حلها لغير ملاّكها بغير طيب أنفسهم، و قبح التصرف فيها بغير رضاهم.

و هذا (5) المعنى

+++++++++++

(1) اى المذكورات و هي انتفاء الملك، و انتفاء رضا المالك، و انتفاء القدرة على تسليم المبيع من قبل مالك النصاب كما عرفت.

(2) و هم الفقراء المالكون لحصتهم.

(3) اى اجازة المالك الحقيقي الذين هم الفقراء

(4) اى و فيما أفاده المحقق التستري في الامر الثاني نظر.

و خلاصته: أن المسلم و الثابت في صحة العقد هو اعتبار رضا من يكون مالكا حال الرضا، سواء أ كان مالكا حال العقد أم لا، لأن الأدلة القائمة على اعتبار الرضا في العقد هي الناس مسلطون على أموالهم، و لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه، و قبح التصرف في مال الغير إلا برضاه.

و هذه الأدلة لا تقتضي أزيد من أن المالك حال الاجازة لا بدّ أن يكون راضيا.

و من الواضح: أن المجيز الذي كان مالكا راض بوقوع العقد الصادر من المالك البائع النصاب بأجمعه فلا يصدق ما ذكره المحقق التستري:

من انتفاء رضا المالك.

(5) و هو أن الداعي على اعتبار الرضا هي الأدلة الثلاثة المذكورة -

ص: 36

لا يقتضي أزيد مما ذكرنا (1)

و أما القدرة (2) على التسليم فلا نضايق من اعتبارها في المالك حين

+++++++++++

- و هي: الناس مسلطون، و لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه، و قبح التصرف في مال الغير إلا برضاه.

(1) و هو اعتبار رضا من هو المالك حال الرضا

(2) هذا جواب عما اورده المحقق التستري على صحة بيع المالك النصاب: من انتفاء القدرة على التسليم في هذا البيع، لأن مالك النصاب لا يملك حصة الفقراء، مع أن القدرة شرط في المبيع

و خلاصة الجواب: أننا لا ننكر اعتبار القدرة في العقد حين صدور العقد، و لا نقول بكفاية حصولها فيمن هو مالك حين الاجازة، لأن القدرة من الشرائط الأولية لصحة العقد كبقية شرائط المتعاقدين و العوضين و لا بد من الالتزام بها في العقود، فهي امر مفروغ عنها لا كلام و لا جدال فيها.

لكن ذلك لا يضر فيما نحن بصدده: و هو أنه لو باع مال الغير لنفسه ثم ملكه بالشراء، أو الارث فاجاز البيع، لأن الكلام بعد الفراغ عن هذا الشرط.

و لا يخفى أن ظاهر كلام شيخنا الانصاري هو الالتزام بورود الإشكال من قبل المحقق التستري على بيع المالك النصاب، لأن المفروض أن مالك النصاب الذي باع حصة الفقراء لم يكن قادرا على تسليم حصة الفقراء الى المشتري، لعدم كونه مجازا من قبلهم، فالقدرة مفقودة في المقام، لأن الذي له العقد و هو المالك حال الاجازة غير مالك حال العقد فليس قادرا على تسليم المبيع للمشتري، فلازمه الحكم ببطلان البيع دائما. -

ص: 37

العقد، و لا يكتفى بحصولها (1) فيمن هو مالك حين الاجازة.

و هذا (2) كلام آخر لا يقدح التزامه في صحة البيع المذكور، لأن الكلام بعد استجماعه للشروط المفروغ عنها

الثالث: أن الإجازة حيث صحت كاشفة على الأصح مطلقاً

(الثالث): (3) أن الاجازة حيث صحت كاشفة على الأصح

+++++++++++

- بخلاف سائر الفضوليات، فإن المالك الاصيل حين العقد هو الذي له العقد فهو قادر على التسليم، و إن لم يكن العاقد الفضولي قادرا على التسليم.

(1) اى حصول القدرة على التسليم.

(2) اى اعتبار القدرة على التسليم امر آخر مفروغ عنه، و خارج عن موضوع البحث كما عرفت.

(3) اى من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز.

و خلاصة الايراد يتم بذكر أمرين قبلهما بيان مقدمة صغيرة:

و هي أن الاجازة بعد البناء على صحتها تكون كاشفة مطلقا: يعني حتى فيما لو باع الفضولي لنفسه ثم ملكها فاجاز، و لا اختصاص للكشف بمورد بيع الفضولي مال الغير لنفسه و لم يملكه بعد، لا بالشراء و لا بالإرث

إذا عرفت هذه المقدمة فعليك بالأمرين:

(الاول): أن الأدلة الدالة التي هي الأخبار المشار إليها في الجزء 8 ص 156-159 على صحة عقد الفضولي هي الدالة على كون الاجازة كاشفة كما في صحيحة محمد بن قيس المشار إليها في المصدر نفسه ص 169

فتلك الأدلة بعمومها و شمولها لبيع الفضولي تقتضي صحة بيع الفضولي أيضا -

ص: 38

مطلقا (1)، لعموم الدليل الدال عليه

و يلزم (2) حينئذ خروج المال عن ملك البائع قبل دخوله فيه

+++++++++++

- (الثاني): أن مادة الوفاء في قوله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ تقتضي الوفاء بالعقد من بداية زمان تحققه و صدوره، و هذا هو معنى الكشف

إذا عرفت هذين الامرين فنقول: اذا اخذنا بالعمومات الواردة و صححنا بها بيع الفضولي لزم القول بالكشف

و إن قلنا بالكشف لزم المحذور العقلي، أو الشرعي: و هو خروج الملك عن ملك المالك قبل دخوله في ملكه، و لزم اجتماع مالكين على ملك واحد و هما: المالك الاول، و المشتري من الفضولي

و كل واحد من اللزومين محال و غير معقول

فلا بد حينئذ من رفع اليد عن تلك العمومات، و عدم جواز التمسك بها لصحة البيع الفضولي

و اذا رفعنا اليد عن تلك العمومات فليس لنا في المقام ما يتمسك به على صحة بيع الفضولي فنضطر الى مراجعة الاصول و الاصل هنا هو الاستصحاب و هو يقتضي الفساد، لأن النقل و الانتقال في بيع الفضولي قبل صدور الاجازة لم يحصل، و بعد صدورها نشك في الحصول فنستصحب العدم

(1) اى حتى لو باع الفضولي لنفسه ثم ملك فاجاز

(2) اى و يلزم حين أن قلنا: إن الاجازة كاشفة مطلقا

هذا اللزوم من مفاسد القول بكاشفية الاجازة مطلقا، لأن معنى كون الاجازة كاشفة مطلقا أن المبيع ملك للمشتري من حين صدور العقد، و أن الثمن ملك للبائع من حين صدور العقد أيضا، فيلزم خروج المبيع عن ملك البائع الفضولي قبل تملكه له بالشراء، أو الارث، و خروج المال عن ملك

ص: 39

و فيه (1) منع كون الاجازة كاشفة مطلقا عن خروج الملك عن ملك المجيز من حين العقد حتى فيما لو كان المجيز غير مالك حين العقد، فإن مقدار كشف الاجازة تابع لصحة البيع فاذا ثبت بمقتضى العمومات أن العقد الذي أوقعه البائع لنفسه عقد صدر من أهل العقد في المحل القابل للعقد عليه، و لا مانع من وقوعه إلا عدم رضا مالكه، فكما أن مالكه الاول اذا رضي يقع البيع له

فكذلك مالكه الثاني اذا رضي يقع البيع له، و لا دليل على اعتبار كون الرضا المتأخر ممن هو مالك حال العقد.

و حينئذ فاذا ثبتت صحته بالدليل فلا محيص عن القول بأن الاجازة كاشفة عن خروج المال عن ملك المجيز في أول أزمنة قابليته (2)، اذ لا يمكن الكشف فيه على وجه آخر (3) فلا يلزم من التزام هذا المعنى على الكشف

+++++++++++

البائع قبل دخوله في ملكه له امر غير معقول

(1) اى و فيما افاده المحقق التستري: من لزوم المحال العقلي نظر

و خلاصته: أننا نمنع كاشفية الاجازة مطلقا اى حتى و لو لم يكن المجيز مالكا عند العقد

بل الاجازة تابعة لاتصافها بالأهلية، و أهليتها وقت تملك البائع المبيع بالشراء، أو الارث فحينئذ تكون كاشفة عن خروج الملك عن ملك المجيز لا من زمن صدور العقد، فمقدار كشف الاجازة محدود و معين

(2) و وقت قابلية الاجازة وقت تملك الفضولي البيع بالشراء، أو الإرث كما عرفت آنفا

(3) و هو الكشف مطلقا حتى و لو لم يكن المجيز مالكا حين العقد كما افاد هذا الاطلاق المحقق التستري

ص: 40

محال عقلي، و لا شرعي (1) حتى يرفع اليد من اجله (2) عن العمومات (3) المقتضية للصحة

فإن كان لا بدّ من الكلام (4) فينبغي في المقتضي (5) للصحة، أو في القول بأن الواجب في الكشف عقلا، أو شرعا أن يكون عن خروج المال عن ملك المجيز وقت العقد

و قد عرفت أن لا كلام في مقتضي الصحة

و لذا (6) لم يصدر من المستدل على البطلان، و أنه لا مانع عقلا و لا شرعا من كون الاجازة كاشفة من زمان قابلية تأثيرها

و لا يتوهم أن هذا (7) نظير ما لو خصص المالك الاجازة بزمان متأخر عن العقد

+++++++++++

(1) كما افاد هذا المحذور العقلي، أو الشرعي الذي هو خروج الملك عن ملك المجيز قبل دخوله في ملكه المحقق التستري

(2) اى من أجل هذا المحال العقلي، أو الشرعي

(3) و هي الأخبار المشار إليها في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة فراجع

(4) اى من الإشكال على صحة بيع مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز

(5) و هي العمومات المتقدمة المشار إليها في الهامش ص 33

(6) اى و لأجل أنه لا إشكال في المقتضي الذي هي العمومات المتقدمة الدالة على صحة بيع مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز ترى أن المحقق التستري لم يصدر منه كلام في جميع ما استدل به على بطلان بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز بقوله: الاول، الثاني، الثالث، الرابع:

يشعر على بطلان أصل بيع الفضولي من حيث المقتضي

(7) و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز -

ص: 41

اذ (1) التخصيص إنما يقدح مع القابلية

كما أن تعميم الاجازة لما قبل ملك المجيز، بناء على ما سبق في دليل الكشف: من أن معنى الاجازة إمضاء العقد من حين الوقوع، أو امضاء العقد الذي مقتضاه النقل من حين الوقوع: غير قادح، مع عدم قابلية تأثيرها إلا من زمان ملك المجيز للمبيع

الرابع: أنّ العقد الأوّل إنّما صحّ و ترتّب عليه أثره بإجازة الفضولي،

(الرابع): (2) أن العقد الاول (3) إنما صح و ترتب عليه أثره باجازة الفضولي، و هي (4) متوقفة

+++++++++++

- هذا دفع وهم

و خلاصة الوهم: أن بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز نظير اجازة المالك المبيع الصادر من الفضولي، و اختصاصها الاجازة بمدة معينة كشهر مثلا، لا مجموع المدة الواقع فيها العقد فضولا

فكما أن التخصيص هنا مضر لا يجوز، كذلك تخصيص الاجازة بكونها كاشفة عن خروج الملك عن ملك المجيز عند تملكه للملك، لا مطلقا حتى و لو عند زمن صدور العقد: مضر لا يجوز

(1) هذا جواب عن الوهم المذكور

و خلاصته: أن التخصيص إنما يكون مضرا اذا كانت القابلية للاجازة موجودة كما في الفرض المذكور

و أما فيما نحن فيه فليست القابلية موجودة في جميع أدوار العقد و أزمانه، بل القابلية تتحقق في زمن صيرورة الملك للمجيز بالشراء، أو الإرث

(2) اى من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اشتراه فاجازه

(3) و هو الصادر من الفضولي لنفسه

(4) و هي الاجازة

ص: 42

على صحة العقد الثاني (1) المتوقفة على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلي فتكون صحة الاول مستلزمة لكون المال المعين ملكا للمالك، و ملكا للمشتري معا في زمان واحد و هو محال، لتضادهما (2) فوجود الثاني (3) يقتضي عدم الاول، و هو (4) موجب لعدم الثاني أيضا فيلزم وجوده و عدمه في آن واحد و هو محال

(فإن قلت) (5): مثل هذا لازم في كل عقد فضولي، لأن صحته

+++++++++++

(1) و هو تملك البائع الفضولي المبيع بالشراء

(2) اى لتضاد الملكين، اذ معنى كون البائع و المشتري مالكين أن كل واحد منهما مالك في عرض مالكية الآخر و هذا محال

(3) اى وجود المالك الثاني الذي هو المشتري يحكم بعدم وجود تملك المالك الاول الذي هو البائع، لأن تملكه في عرض تملك الاول

(4) اى وجود المالك الأول الذي هو البائع يحكم بعدم وجود تملك المالك الثاني الذي هو المشتري، لأن تملكه في عرض تملك المالك الثاني

(5) هذا إشكال من المحقق التستري على ما افاده: من لزوم كون الملك مملوكا لمالكين في آن واحد

فالإشكال هذا في الواقع دفع وهم

و خلاصته: أن اتحاد مالكين على ملك واحد من لوازم كل عقد فضولي، و لا اختصاص له فيمن باع مال غيره لنفسه، لأن صحة عقد الفضولي متوقفة على الاجازة المتأخرة، و الاجازة متوقفة على بقاء ملك المالك الاصيل، لأنه لو لم يبق على ملكه لما نفذت اجازته، لأن من ليس مالكا كيف تنفذ اجازته، و مستلزمة لملك المشتري في ظرف كون الملك باقيا على ملك المالك الاول -

ص: 43

موقوفة على الإجازة المتأخرة المتوقفة (1) على بقاء ملك المالك، و مستلزمة لملك المشتري كذلك (2) فيلزم كونه بعد العقد ملك المالك و المشتري معا في آن واحد فيلزم إما بطلان عقد الفضولي مطلقا (3) أو بطلان القول بالكشف فلا اختصاص لهذا الايراد بما نحن فيه (4)

(قلنا) (5): يكفي في الاجازة ملك المالك ظاهرا و هو الحاصل من استصحاب ملكه السابق، لأنها في الحقيقة رفع اليد، و إسقاط للحق و لا يكفي الملك الصوري في العقد الثاني

+++++++++++

- فلازم هذا التوقف، و هذا الاستلزام أن الملك بعد العقد ملك للمالك الاول، و للمشتري في زمان واحد، و في عرض واحد

فحينئذ إما أن نقول ببطلان عقد الفضولي مطلقا، سواء أ كان البائع الفضولي باع مال غيره لنفسه، أم باعه لصاحبه

و إما أن نقول ببطلان الكشف، فلا اختصاص للزوم اتحاد مالكين على ملك واحد لو قلنا ببيع الفضولي مال الغير لنفسه

(1) اى الاجازة كما علمت

(2) اى في ظرف كون الملك باقيا على ملك المالك الاول كما عرفت آنفا

(3) اى في بيع الفضولي مال الغير لنفسه، أو لصاحبه كما عرفت آنفا

(4) و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه كما عرفت آنفا

(5) هذا جواب من المحقق التستري عن الإشكال المذكور فهو في الواقع جواب عن الوهم المذكور

و خلاصته: أن الاكتفاء بالملكية الظاهرية في المالك الاول، و الملكية -

ص: 44

(أقول) (1): قد عرفت أن القائل بالصحة ملتزم بكون الاثر المترتب على العقد الاول بعد اجازة العاقد له: هو تملك المشتري له من حين ملك العاقد، لا من حين العقد و حينئذ فتوقف اجازة العقد الاول على صحة العقد الثاني مسلم، و توقف صحة العقد الثاني على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلي الى زمان العقد مسلّم أيضا

فقوله: صحة الاول تستلزم كون المال ملكا للمالك و المشتري في زمان واحد ممنوع

بل صحته تستلزم خروج العين عن ملكية المالك الاصلي

+++++++++++

- الظاهرية إنما تحصل باستصحاب المالك ملكه السابق

و هذا المقدار من الملكية يكفي في صدور الاجازة من المالك الاول فلا يلزم اتحاد المالكين على ملك واحد في آن واحد و عرض واحد

نعم لا تكفي الملكية الصورية في العقد الثاني و هو ملكية المشتري للمبيع، بل لا بدّ له من الملكية الواقعية، بخلاف العقد الاول، حيث تكفي فيه الملكية الصورية

(1) هذا إشكال من الشيخ على ما أورده المحقق التستري على نفسه بقوله: في ص 43 فإن قلت

و خلاصته: أن الذي يقول بصحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه إنما يقول بها بعد التزامه بأن الاثر المترتب على العقد الاول الذي هو النقل و الانتقال بعد اجازة العاقد له: هو تملك المشتري للملك من حين تملك العاقد له، لا من حين صدور العقد

فعليه يكون توقف إجازة العاقد الاول على صحة العقد الثاني أمرا مسلما -

ص: 45

نعم (1) إنما يلزم ما ذكره (2) من المحال اذا ادعى وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك حين العقد

و لكن هذا (3) امر تقدم دعواه في الوجه الثالث (4) و قد تقدم (5) منعه فلا وجه لا عادته بتقرير آخر كما لا يخفى

نعم يبقى في المقام (6) الإشكال الوارد في مطلق الفضولي على القول بالكشف: و هو كون الملك حال الاجازة للمجيز و المشترى معا

و هذا إشكال آخر تعرض لاندفاعه أخيرا غير الاشكال الذي استنتجه من المقدمات المذكورة (7) و هو لزوم كون الملك للمالك الاصلي، و للمشتري

+++++++++++

- كما أن توقف صحة العقد الثاني على بقاء الملك على مالكه الاصلي الى زمان صدور العقد امر مسلم

فلا يلزم كون المال ملكا للمشتري، و للمالك في زمان واحد حتى يترتب عليه المحال المذكور كما افاده المحقق التستري في الامر الرابع، لأن صحة العقد الثاني مستلزمة لخروج الملك عن ملكية المالك الاصيل

(1) استدراك من الشيخ عما افاده: من عدم لزوم المحال المذكور بالتقرير الذي افاده، و قد ذكر الاستدراك في المتن فلا نعيده

(2) اى المحقق التستري

(3) اى كاشفية الاجازة للملك من حين صدور العقد

(4) و هو الذي نقله الشيخ عن المحقق التستري في ص 38 بقوله:

إن الاجازة حيث صحت

(5) اى في ص 40 بقوله: و فيه منع كون الاجازة كاشفة مطلقا

(6) و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه

(7) أليك المقدمات الثلاث المذكورة في الامر الرابع المشار إليه -

ص: 46

نعم يلزم من ضم هذا الإشكال (1) العام الى ما يلزم في المسألة على القول بالكشف من حين العقد اجتماع ملاّك ثلاثة على ملك واحد قبل العقد الثاني، لوجوب التزام مالكية المالك الاصلي (2) حتى يصح العقد الثاني، و مالكية المشتري (3) له، لأن الاجازة تكشف عن ذلك و مالكية العاقد (4) له، لأن ملك المشتري لا بدّ أن يكون عن ملكه (5) و إلا (6) لم تنفع اجازته في ملكه من حين العقد، لأن اجازة غير المالك لا يخرج ملك الغير الى غيره

+++++++++++

- في ص 42 المذكور عن المحقق التستري

(الاولى): توقف صحة العقد الاول على اجازة المالك

(الثانية): توقف الاجازة على صحة العقد الثاني

(الثالثة): توقف صحة العقد الثاني على بقاء الملك على ملك مالكه الاول، و قد استنتجنا هذه المقدمات من الامر الرابع

و الإشكال المستنتج من هذه المقدمات الثلاث هو أن العين تصبح ملكا للمالك الاصيل، و للمشتري في ظرف واحد؛ و عرض واحد

(1) و هو كون الملك للمالك الاصيل، و للمشتري الذي هو إشكال عام يرد على جميع أقسام بيع الفضولي، و لا اختصاص له ببيع الفضولي مال الغير لنفسه

(2) هذا هو المالك الاول

(3) هذا هو المالك الثاني

(4) هذا هو المالك الثالث

(5) اى عن ملك العاقد: بمعنى أن ملكية المشتري فرع ملكية العاقد

(6) اى و إن لم تكن ملكية المشتري ناشئة عن ملك العاقد

ص: 47

ثم (1) إن ما أجاب به عن الإشكال الوارد في مطلق الفضولي لا يسمن و لا يغني لأن الاجازة اذا وقت فإن كشفت عن ملك المشتري قبلها كشفت عما يبطلها، لأن الاجازة لا تكون إلا من المالك الواقعي، و المالك الظاهري إنما يجدي اجازته اذا لم ينكشف كون غيره مالكا حين الاجازة، و لذا (2) لو تبين في مقام آخر كون المجيز غير المالك لم تنفع اجازته، لأن المالكية من الشرائط الواقعية دون العلمية

ثم (3) إن ما ذكره في الفرق بين الاجازة، و العقد الثاني: من كفاية

+++++++++++

(1) هذا إشكال ثان من الشيخ على المحقق التستري فيما افاده في الجواب عن الاشكال الوارد في مطلق الفضولي بقوله في ص 44: قلنا: يكفي في الاجازة ملك المالك ظاهرا

و قد عرفت الإشكال في الهامش 5 ص 43 بقولنا: هذا إشكال من المحقق التستري

و الجواب في الهامش 5 ص 44 بقولنا: هذا جواب من المحقق التستري

(2) اى و لاجل أن المالك الظاهري إنما يجدي اجازته اذا لم ينكشف كون غيره مالكا حين الاجازة

(3) هذا إشكال ثالث على المحقق التستري فيما افاده في الامر الرابع:

من كفاية الملك الصوري في العقد الاول، و عدم كفايته في العقد الثاني

و خلاصته أن الفرق المذكور بين العقدين تحكم صرف، و قول زور بل لا بدّ في المقامين من كون المالكين مالكين حقيقيين واقعيين فعليين و لا يمكن القول بالملكية الصورية الظاهرية.

و الدليل على ذلك قول المحقق التستري في ص 44: و هو الحاصل من استصحاب ملكه السابق في المستصحب به هي الملكية الواقعية الحقيقية لا الملكية الظاهرية

ثم إن تعليل المحقق التستري في نفس الصحيفة بقوله: لأنها -

ص: 48

الملك الصوري في الاول، دون الثاني تحكم صرف، خصوصا (1) مع تعليله بأن الاجازة رفع لليد، و إسقاط للحق

فليت شعري أن إسقاط الحق كيف يجدي و ينفع مع عدم الحق واقعا.

مع (2) أن الاجازة رفع لليد من الملك أيضا بالبديهة.

و التحقيق (3) أن الإشكال إنما نشأ من الإشكال الذي ذكرناه سابقا في كاشفية الاجازة على الوجه المشهور: من كونها شرطا متأخرا يوجب حدوثه تاثير السبب المتقدم من زمانه.

+++++++++++

(اى الاجازة) في الحقيقة رفع لليد، و إسقاط للحق دليل على ما قلناه:

من أن المراد من الملكية في العقدين هي الملكية الواقعية، لأن معنى إسقاط الحق هو وجود الحق حقيقة و واقعا، لا ظاهرا، و لذا ترى أن شيخنا الانصارى افاد في المقام بقوله: فليت شعري أن إسقاط الحق كيف يجدي و ينفع مع عدم الحق واقعا

(1) اى و لا سيما مع تعليل المحقق التستري كما عرفت ذلك عند قولنا في ص 48: ثم إن تعليل المحقق

(2) هذا إشكال آخر من الشيخ على ما أفاده المحقق التستري من أن:

الاجازة رفع لليد عن الملك

و خلاصته: أن الاجازة لا تكون رفعا لليد عن الملك إلا عن الملكية الواقعية، لا الملكية الظاهرية

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم أن يذكر منشأ الإشكال الوارد على بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز

و الإشكال هو لزوم كون الملك للمالك الاصلي، و للمشتري في آن واحد على نحو العرضية، و قد عرفت أنه غير معقول

ص: 49

الخامس: أنّ الإجازة المتأخّرة لمّا كشفت عن صحّة العقد الأوّل و عن كون المال ملك المشتري الأوّل، فقد وقع العقد الثاني على ماله

(الخامس): (1) أن الاجازة المتأخرة لما كشفت عن صحة العقد الأوّل (2)، و عن كون المال ملك المشتري الأول (3) فقد وقع العقد الثاني (4) على ماله فلا بد من اجازته كما (5) لو بيع المبيع من شخص آخر فاجاز المالك البيع الاول فلا بد من اجازة المشتري البيع الثاني حتى يصح و يلزم

+++++++++++

- و خلاصته: أن منشأ هذا الإشكال هو القول بأن الاجازة لها الكاشفية المطلقة أى من زمن صدور العقد

فعلى القول بالكشف المطلق يلزم اتحاد المالكين على ملك واحد في نفس العقدين: العقد الاول، و الثاني

لكن قد علمت أننا لا نلتزم بالكشف المطلق في الاجازة، بل نقول بقابليتها للكشف، و قابليتها له عند صدورها، لا من زمن صدور العقد حتى يلزم الاتحاد

إذا تعدد المالكان، اذ المالك في العقد الأول غير المالك في العقد الثاني، كما أن الملكية في العقد الثاني تنسلخ عن المالك الاول في العقد الثاني عند صدور الاجازة، و لا تبقى له علقة المالكية اصلا، فالمالك في العقد الاول غير المالك في العقد الثاني، و المالك في العقد الثاني غير المالك في العقد الأول

(1) اى من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز

(2) و هو الصادر من العاقد الفضولي كما عرفت

(3) و هو الذي اشترى من الفضولي

(4) و هو الصادر من المالك الاصيل في حق العاقد الفضولي

(5) هذا تنظير من المحقق التستري لما افاده: من توقف العقد الثاني -

ص: 50

فعلى (1) هذا يلزم توقف اجازة كل من الشخصين (2)

+++++++++++

- على اجازة المشتري الاول، لوقوع العقد الثاني على ماله

و خلاصته: أنه لو باع شخص فضولا مال الغير فبيع هذا المبيع ثانيا فضولا ثم اجاز المالك البيع الأول الصادر من الفضولي الاول فلا بد لصحة البيع الثاني من اجازة المشتري الاول البيع الثاني حتى يصح البيع و يلزم

فكما أن البيع الثاني هنا متوقف على اجازة المشتري

كذلك فيما نحن فيه و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه بالشراء، أو الارث فاجاز يتوقف على اجازة المشتري الاول البيع الثاني و هو الصادر من المالك الاصيل في حق العاقد الفضولي

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أنه لا بدّ من اجازة المشتري العقد الثاني

و خلاصته أن لازم هذه الاجازة هو توقف كل واحد من العقدين:

العقد الاول الصادر من الفضولي

و العقد الثاني الصادر من المالك الاصيل في حق الفضولي على اجازة الآخر اي العقد الثاني متوقف على اجازة المشتري لأنه واقع على ملكه، حيث إن الاجازة كشفت عن ملكية المشتري للمال من حين صدور العقد

و العقد الاول الصادر من الفضولي متوقف على اجازة المالك الاصيل حتى يتملك المشتري المبيع

و يلزم أيضا توقف العقد الثاني الصادر من المالك الاصيل، و اجازة المشتري الثاني للعقد الأول الصادر منه فضولا على اجازة المشتري الاول الذي هو غير فضولي، لوقوع العقد الثاني على ملكه

(2) المراد من الشخصين هما: شخص المالك الاصيل -

ص: 51

على اجازة الآخر، و توقف (1) صحة كل من العقدين و الاجازة على اجازة المشتري غير الفضولي و هو (2) من الأعاجيب، بل من المستحيل لاستلزام (3) ذلك عدم تملك المالك الاصيل شيئا من الثمن

+++++++++++

- و شخص المشتري الاول

(1) أى و يلزم توقف، و قد عرفت معنى هذا عند قولنا في ص 51:

و يلزم أيضا توقف العقد الثاني

(2) اى و توقف صحة كل من العقد و الاجازة على اجازة المشتري غير الفضولي من العجائب، بل من المحالات

(3) هذا وجه لكون التوقف المذكور من العجائب و المحالات

و خلاصته: أن القول بذلك مستلزم لثلاثة امور:

(الاول): تملك المالك الأصيل شيئا من الثمن الاول الذي دفعه المشتري الاول الى العاقد الفضولي، لأن المفروض أن البيع كان للفضولي، و البيع إنما حصل له بعد اجازة المالك الاصيل فيكون الثمن الواقع ازاء هذا البيع للبائع الفضولي فليس للمالك شيء من هذا الثمن

(الثاني): عدم تملك المالك الاصيل شيئا عن الثمن الثاني الذي يدفعه الفضولي الى المالك الاصيل بعد شرائه منه المبيع، لأن المالك الاصيل قد باع ملك المشتري الاول، لأن الاجازة كانت كاشفة عن تملكه له من حين العقد، فالثمن ملك له فيكون المالك الاصيل صفر الكف من الثمن بكلا قسميه و من المثمن

(الثالث): أنه بعد دفع الثمن الى المشتري الاول، بناء على أن المبيع ملكه، للكشف المذكور إما أن يكون الثمن مساويا للثمن الذي دفعه المشتري الى العاقد الفضولي، أو زائدا عليه، أو ناقصا منه. فهذه صور ثلاث أليك تفصيلها: -

ص: 52

و المثمن، و تملك (1) المشتري الاول المبيع بلا عوض إن اتحد الثمنان، و دون (2) تمامه إن زاد الأول، و مع (3) زيادة إن نقص، لانكشاف وقوعه في ملكه فالثمن له و قد كان المبيع له أيضا بما بذله من الثمن و هو ظاهر

و الجواب (4) عن ذلك ما تقدم في سابقه: من ابتنائه على وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك من حين العقد و هو ممنوع

+++++++++++

- (الصورة الاولى): رجوع ما دفعه المشتري الاول الى العاقد الفضولي إليه مع المبيع

(الصورة الثانية): رجوع ما دفعه المشتري الاول الى العاقد الفضولي مع زيادة، و مع المبيع

(الصورة الثالثة): رجوع بعض ما دفعه المشتري الأول الى العاقد الفضولي إليه مع المبيع

ففي الصورة الاولى يلزم تملك المشتري الاول المبيع بلا عوض و في الصورة الثانية يلزم تملك المشتري المبيع بلا عوض، و مع زيادة على الثمن المدفوع الى العاقد الفضولي

و في الصورة الثالثة كذلك، لكن ينقص من مقدار الثمن المدفوع الى العاقد أقل من ذلك

(1) هذه هي الصورة الاولى

(2) هذه هي الصورة الثالثة

(3) هذه هي الصورة الثانية

(4) هذا جواب عما اورده المحقق التستري بقوله في ص 50: الخامس

و خلاصته: أن جميع ما أفيد من الإشكالات مبنية على القول بأن الاجازة كاشفة من حين العقد -

ص: 53

و الحاصل أن منشأ الوجوه الثلاثة الاخيرة (1) شيء واحد، و المحال على تقديره مسلم بتقريرات مختلفة قد نبه عليه في الايضاح و جامع المقاصد

السادس: أن من المعلوم أنه يكفي في اجازة المالك و فسخه فعل ما هو من لوازمهما

(السادس) (2): أن من المعلوم أنه يكفي في اجازة المالك و فسخه فعل ما هو من لوازمهما (3) فلما باع المالك ماله من الفضولي بالعقد الثاني فقد نقل المال عن نفسه (4)، و تملك الثمن، و هو (5) لا يجامع صحة العقد

+++++++++++

- و قد عرفت أننا لا نعترف بذلك، بل هي كاشفة عن تحقق الملك للمشتري من حين صدور الاجازة فلا يلزم احد المحاذير المذكورة ابدا

(1) و هو الأمر الخامس و الرابع و الثالث اى منشأ هذه الإشكالات شيء واحد: و هو المحال العقلي الذي عرفته في الهامش 3 ص 38-39

في الواقع هذا إشكال من الشيخ على المحقق التستري اى ما كان هناك موجبا لجعل هذه الثلاثة امورا مستقلة بعد أن كان المنشأ فيها شيء واحد

(2) اى من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اشتراه فاجازه

(3) مثلا لو تصرف المالك في الثمن بأن اشترى به شيئا، أو وهبه لشخص فإن هذا الفعل من لوازم الاجازة، أو لو باع المالك المبيع لشخص آخر فإن هذا الفعل من لوازم الفسخ و الرد

(4) و جعله في حيازة المشتري الثاني الذي هو العاقد الفضولي، و قطع عنه حبل المالكية و اضافه إليه، و ربطه به

(5) اى نقل المالك المبيع عن نفسه و ربطه بالمشتري، و تملكه للثمن لا يجتمع مع صحة العقد اى هما ضدان لا يجتمعان

بيان ذلك أن الحكم بصحة العقد الأول الصادر من العاقد الفضولي تقتضي تملك المالك الثمن الاول الذي دفعه المشتري الاول للعاقد الفضولي -

ص: 54

الاول، فإنها تقتضي تملك المالك للثمن الاول، و حيث وقع الثاني يكون فسخا له؛ و إن لم يعلم (1) بوقوعه فلا تجدي (2) الاجازة المتأخرة

و بالجملة حكم عقد الفضولي قبل الاجازة كسائر العقود الجائزة بل أولى (3) منها

فكما أن التصرف المنافي مبطل لها كذلك عقد الفضولي

+++++++++++

- ثم لما باع المالك الاصيل ملكه للعاقد الفضولي و نقله إليه فقد فسخ العقد الأول، لكون الفسخ من لوازم البيع كما علمت عند قول المحقق التستري في صفحة 54: إن من المعلوم أنه يكفي في اجازة المالك، و فسخه فعل ما هو من لوازمهما

فالصحة و الفسخ لا تجتمعان، لكونهما متضادتين

(1) هذا دفع و هم في الواقع

حاصل الوهم: أن المالك لم يعلم بوقوع العقد الاول الصادر من العاقد الفضولي فليس هناك عقد حتى يكون بيعه فسخا له كي يقال: إنهما لا يجتمعان

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور

و خلاصته: أنه في صورة عدم العلم بوقوع العقد الاول لا تفيد الاجازة المتأخرة

(3) الظاهر أن وجه الأولوية هو وقوع العقود الجائزة صحيحة مؤثرة ثابتة

بخلاف عقد الفضولي، فإنه لما وقع وقع متزلزلا من حيث الصحة

فاذا قلنا بانفساخ العقود الجائزة بمجرد وقوع الفعل المنافي فيها مع أنها وقعت صحيحة فعقد الفضولي مع عدم الثبات فيه و تزلزله أولى منها بالانفساخ بوقوع الفعل المنافي فيها

ص: 55

و الجواب (1) أن فسخ عقد الفضولي هو إنشاء رده

و أما الفعل المنافي لمضيه كتزويج المعقودة فضولا نفسها من آخر و بيع المالك ماله المبيع فضولا من آخر فليس فسخا له، خصوصا مع عدم التفاته الى وقوع عقد الفضولي

غاية ما في الباب أن الفعل المنافي لمضي العقد مفوت لمحل الاجازة

فاذا فرض وقوعه صحيحا فات محل الاجازة، و يخرج العقد عن قابلية الاجازة إما مطلقا كما في مثال التزويج، أو بالنسبة الى من فات محل الاجازة بالنسبة إليه كما في مثال البيع، فإن محل الاجازة إنما فات بالنسبة الى الاول (2) فللمالك الثاني (3) أن يجيز

نعم (4) لو فسخ المالك الاول نفس العقد (5) بإنشاء الفسخ بطل

+++++++++++

(1) اى الجواب عما اورده المحقق التستري في الامر السادس

(2) و هو المالك الاصيل الذي بيع ماله فضولا

(3) و هو المالك الجديد الذي اشترى من المالك المبيع الفضولي

(4) استدراك عما افاده: من فوات محل الاجازة بالنسبة الى المالك الأول بعد أن باع ماله للعاقد الفضولي فليس له الاجازة للعقد الواقع من البائع فضولا، بل للمالك الثاني الاجازة

و خلاصته الفرق بين الفسخ باللفظ، فإنه مبطل للعقد الاول الصادر من الفضولي

و بين الرد بالفعل كبيع المالك من المشتري الثاني فلأنه غير مبطل للعقد الأول

(5) و هو الصادر من العاقد الفضولي اى لو فسخ المالك العقد الصادر من العاقد الفضولي باللفظ بأن قال: فسخته بطل العقد الصادر من العاقد الفضولي من حين الفسخ اجماعا

ص: 56

العقد من حينه اجماعا، و لعموم (1) تسلط الناس على أموالهم بقطع علاقة الغير عنها (2)

فالحاصل أنه إن اريد من كون البيع الثاني فسخا أنه إبطال لاثر العقد في الجملة فهو مسلم، و لا يمنع ذلك (3) من بقاء العقد متزلزلا بالنسبة الى المالك الثاني فيكون له الاجازة

و إن أريد أنه (4) إبطال للعقد راسا فهو ممنوع، اذ لا دليل على كونه كذلك و تسمية (5) مثل ذلك الفعل ردا في بعض الأحيان

من حيث (6) إنه مسقط للعقد عن التأثير بالنسبة الى فاعله: بحيث تكون الاجازة منه بعده لغوا

+++++++++++

(1) دليل ثان لبطلان العقد الصادر من العاقد الفضولي لو فسخه المالك بإنشاء لفظ الفسخ، اذ دليله الاول الاجماع

(2) اى عن أموالهم

(3) اى كون الفسخ إبطالا في الجملة لاثر العقد

(4) اى إن اريد أن الفسخ يكون إبطالا لاثر العقد الصادر من العاقد الفضولي رأسا و اساسا بحيث لا يبقى له اي اثر و إن اجاز المالك الثاني فهذا ممنوع أيضا، لعدم وجود دليل على مثل هذا الإبطال من الفسخ

(5) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا لم يكن مثل هذا البيع فسخا فلما ذا يسمى ردا اذ الرد هو الفسخ؟

(6) هذا جواب عن الوهم

خلاصته: أن مثل هذا إنما يقال له ردا من حيث إنه مسقط للعقد عن التأثير بالنسبة الى فاعل هذا الفعل بحيث يجعل الاجازة الصادرة من المالك الثاني الذي هو العاقد الفضولي لغوا، و بلا تأثير

ص: 57

نعم لو فرضنا قصد المالك من ذلك الفعل (1) فسخ العقد بحيث يعدّ فسخا فعليا لم يبعد كونه (2) كالإنشاء بالقول

لكن الالتزام بذلك (3) لا يقدح في المطلب، اذ المقصود أن مجرد بيع المالك لا يوجب بطلان العقد، و لذا (4) لو فرضنا انكشاف فساد هذا البيع (5) بقي العقد على حاله من قابلية لحوق الاجازة

و أما (6) الالتزام في مثل الهبة و البيع في زمان الخيار بانفساخ العقد من ذى الخيار بمجرد الفعل المنافي فلأن (7) صحة التصرف المنافي تتوقف

+++++++++++

(1) و هو البيع للعاقد الفضولي

(2) اى كون هذا الفسخ الفعلي

(3) و هو فرض كون قصد المالك من البيع فسخ العقد لا يضر في المطلب و هو صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز

(4) اى و لاجل أن مجرد بيع المالك ماله بعد بيع الفضولي لا يوجب بطلان العقد

(5) و هو الصادر من المالك الاصيل

(6) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه لو لم يوجب بيع المالك بطلان العقد فلم يلتزم بفسخ العقد لو وهب، أو باع من له الخيار في زمن الخيار بمجرد البيع، أو الهبة، أو غيرهما؟

(7) جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: أن الالتزام بالفسخ في زمن الخيار لو اقدم ذو الخيار على الفعل المنافي إنما لاجل توقف صحة التصرف المنافي على فسخ العقد بحيث لو لا الفسخ لكان التصرف من ذي الخيار تصرفا في ملك الغير و هو غير جائز

ص: 58

على فسخ العقد، و إلا وقع في ملك الغير

بخلاف ما نحن فيه (1)، فإن تصرف المالك في ماله المبيع فضولا صحيح في نفسه، لوقوعه في ملكه فلا يتوقف على فسخه

غاية الامر أنه اذا تصرف فات محل الاجازة.

و من ذلك (2) يظهر ما في قوله رحمه اللّه أخيرا: و بالجملة حكم عقد الفضولي حكم سائر العقود الجائزة

بل أولى، فإن (3) قياس العقد المتزلزل من حيث الحدوث على المتزلزل

+++++++++++

(1) اى ما نحن فيه و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجاز ليس من قبيل تصرف ذي الخيار، فإن تصرف المالك في ماله بعد بيع الفضولي له صحيح في الواقع و نفس الامر، و لا يكون تصرفا في مال الغير فلا يتوقف هذا التصرف على فسخ العقد: حيث إن التصرف وقع في ملكه

(2) اى و من الفرق الذي ذكرناه بين الالتزام بالفسخ من ذي الخيار في زمن الخيار

و بين عدم الالتزام بالفسخ في بيع المالك ماله للعاقد الفضولي بعد بيعه يظهر الإشكال فيما أفاده المحقق التستري من قياس العقد الفضولي بالعقود الجائزة و عدم الفرق بينهما: في أن التصرف المنافي مبطل للعقد

بل البطلان في الفضولي أولى: في قوله في ص 55: و بالجملة حكم عقد الفضولي قبل الاجازة كسائر العقود الجائزة

(3) هذا وجه الظهور

خلاصته: أن قياس العقد المتزلزل الذي هو الفضولي من حيث الحدوث بالعقد الجائز المتزلزل من حيث البقاء قياس مع الفارق، لأن -

ص: 59

من حيث البقاء قياس مع الفارق فضلا عن دعوى الأولوية (1)

و سيجيء مزيد بيان لذلك في بيان ما يتحقق به الرد

السابع: الأخبار المستفيضة الحاكية لنهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع ما ليس عندك

(السابع): (2) الأخبار المستفيضة الحاكية لنهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع ما ليس عندك (3)، فإن النهي فيها إما لفساد البيع المذكور مطلقا بالنسبة الى المخاطب، و الى المالك فيكون دليلا على فساد العقد الفضولي

و إما لبيان فساده بالنسبة الى المخاطب خاصة كما استظهرناه سابقا فيكون دالا على عدم وقوع بيع مال الغير لبائعه مطلقا، و لو ملكه فاجاز

بل الظاهر إرادة حكم خصوص صورة تملكه بعد البيع، و إلا فعدم وقوعه له قبل تملكه مما لا يحتاج الى البيان

و خصوص رواية يحيى بن الحجاج المصححة إليه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يقول لي: اشتر لي هذا الثوب، و هذه الدابة و بعنيها اربحك فيها كذا و كذا

+++++++++++

- الأول غير مؤثر من حيث النقل و الانتقال و الثاني مؤثر من هذه الناحية إلا أن بقاءه متزلزل، فلا جامع بين المقيس و المقيس عليه حتى يقاس هذا بذاك

(1) أى أولوية عقد الفضولي من العقود الجائزة في الفسخ بالفعل المنافي. كما افادها المحقق التستري

(2) اى من الامور التي أوردها المحقق التستري على صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجازه

هذه خاتمة المطاف

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 374-375. الباب 7 من أبواب أحكام العقود الحديث 2-5

ص: 60

قال: لا بأس بذلك اشترها، و لا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها (1)

و رواية خالد بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يجيئني و يقول: اشتر هذا الثوب و أربحك كذا و كذا؟

قال: أ ليس إن شاء اخذ، و إن شاء ترك؟

قلت: بلى

قال: لا بأس به، إنما يحلل الكلام و يحرم الكلام (2)

بناء على أن المراد بالكلام عقد البيع فيحلل نفيا، و يحرم اثباتا كما فهمه في الوافي، أو يحلل اذا وقع بعد الاشتراء، و يحرم اذا وقع قبله؛ أو أن الكلام الواقع قبل الاشتراء يحرم اذا كان بعنوان العقد الملزم، و يحلل اذا كان على وجه المساومة و المراضاة

و صحيحة ابن مسلم قال: سألته عن رجل اتاه رجل فقال له: ابتع لي متاعا لعلي اشتريه منك بنقد، أو نسيئة فابتاعه الرجل من اجله

قال: ليس به بأس إنما يشتريه منه بعد ما يملكه (3)

قال: ليس به بأس إنما يشتريه منه بعد ما يملكه (3)

و صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل امر رجلا يشتري له متاعا فيشتريه منه

قال: لا بأس بذلك إنما البيع بعد ما يشتريه (4)

و صحيحة معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. ص 378. الباب 8. الحديث 13

(2) المصدر نفسه. ص 376. الباب 8. الحديث 4

(3) المصدر نفسه. ص 377. الباب 8. الحديث 8

(4) المصدر نفسه. ص 376. الباب 8. الحديث 6

ص: 61

يجيئني الرجل فيطلب مني بيع الحرير و ليس عندى منه شيء فيقاولني عليه و اقاوله في الربح و الاجل حتى يجتمع عليّ شيء ثم اذهب لاشتري الحرير فادعوه إليه المتاع؟

فقال: أ رأيت إن وجد هو مبيعا أحب إليه مما عندك أ يستطيع أن ينصرف إليه عنه، و يدعك، أو وجدت انت ذلك أ تستطيع أن تنصرف عنه و تدعه؟

قلت: نعم

قال: لا بأس (1)

و غيرها (2) من الروايات

و لا يخفى (3) ظهور هذه الأخبار من حيث المورد في بعضها و من حيث التعليل في بعضها الآخر في عدم صحة البيع قبل الاشتراء و أنه يشترط في البيع الثاني تملك البائع له، و استقلاله فيه، و لا يكون قد سبق منه، و من المشتري إلزام و التزام سابق بذلك المال

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. ص 377. الباب 8. الحديث 7

(2) راجع المصدر نفسه

(3) الظاهر أن هذه العبارة من متممات كلام صاحب المقابيس و ليس الامر كذلك، لأننا راجعنا المقابيس فلم نجدها فيها بنصها و ألفاظها بل هناك عبارة اخرى

و هذه الروايات ظاهرة الدلالة على عدم جواز البيع قبل الشراء و التملك

راجع المقابيس. كتاب البيع. ص 27 الطباعة الحجرية. عام 1322

فشيخنا الانصاري - قدس سره - نقل العبارة بالمعنى مع تصرف منه فيها

و هذا ديدن الشيخ اعلى اللّه مقامه في نقله الأحاديث، و عبارات الأعلام كما عرفت ذلك في مطاوي كلماته -

ص: 62

و الجواب (1) عن العمومات أنها إنما تدل على عدم ترتب الاثر المقصود من البيع: و هو النقل و الانتقال المنجز على بيع ما ليس عنده فلا يجوز ترتب الاثر على هذا البيع، لا من طرف البائع: بأن يتصرف في الثمن، و لا من طرف المشتري: بأن يطالب البائع بتسلم المبيع

+++++++++++

- و خلاصة ما افاده المحقق التستري في الامر السابع أن الأخبار التي تلوناها عليك كلها تدل على عدم صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم يملكه فيجيز

نهاية الامر قسم منها يدل على ذلك من حيث المورد كرواية يحيى بن الحجاج المشار إليها في ص 60

و صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها في ص 61، فإن موردهما هو السؤال عن بيع ما ليس عنده، فتدل هاتان على عدم جواز البيع قبل الشراء و التملك

و قسم منها يدل على ذلك من حيث التعليل

كرواية خالد بن الحجاج المشار إليها في ص 61

و صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 61

و صحيحة منصور بن حازم المشار إليها في ص 61، فإن كلمة إنما في هذه الروايات تدل على عدم جواز البيع قبل الشراء و التملك

(1) اى الجواب عما افاده المحقق التستري في الأمر السابع في الاستدلال بالروايات على عدم صحة بيع الفضولي لنفسه ثم ملكه فاجاز

هذا جواب من الشيخ و خلاصته: أن العمومات المستدل بها و هي قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا بيع إلا في ملك المشار إليهما في الجزء 8 من المكاسب ص 204 على عدم جواز

ص: 63

و منه (1) يظهر الجواب عن الاخبار، فإنها لا تدل، خصوصا بملاحظة قوله عليه السلام: و لا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها

+++++++++++

البيع قبل الشراء و التملك إنما تدل على معنى الاسم المصدري الذي هو النقل و الانتقال المعبر عنه بالأثر المقصود من البيع، اى لا يترتب مثل هذا الاثر على مثل هذا البيع لا من طرف البائع بحيث يتصرف في الثمن، و لا من طرف المشتري: بأن يتصرف في المثمن بحيث يقول للبائع: سلمني المبيع

بعبارة اخرى أن النهي الوارد في العمومات يراد منه النهي الوضعي الارشادى الدال على عدم ترتب الاثر المقصود و هو النقل و الانتقال كما عرفت فهو في قوة لا توجد بيع ما ليس عندك، و مقتضى هذا هو الفساد ما دام يصدق عليه هذا العنوان: و هو كون المبيع ليس عندك أى ليس لك

و أما دلالته على الفساد و إن صار عنده بواسطة الشراء، أو التملك فلا، لعدم وجود اطلاق فيه حتى يتمسك به

فيكون خروج ما نحن فيه: و هو صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه بعد تملكه له بالشراء، أو الارث فاجاز عن النهي المذكور من باب التخصص، لا التخصيص أى له خروج موضوعي، لا خروج حكمي حتى يكون من باب التخصيص كما في خروج البيع الغرري عن تحت عمومات و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، حيث إن خروجه خروج حكمي من باب التخصيص

(1) اى و من الجواب عن العمومات يظهر الجواب عن الأحاديث الخاصة و هي:

رواية يحيى بن الحجاج المشار إليها في ص 60

و رواية خالد بن الحجاج المشار إليها في ص 61

و صحيحة منصور بن حازم المشار إليها في ص 61 -

ص: 64

إلا على أن الممنوع منه هو الالزام و الالتزام من المتبايعين بآثار البيع المذكور قبل الاشتراء، فكذا بعده (1) من دون حاجة الى اجازة و هي المسألة الآتية:

أعني لزوم البيع بنفس الاشتراء من البائع من دون حاجة الى الاجازة.

و سيأتي: أن الأقوى فيها (2) البطلان.

و ما قيل (3): من أن تسليم البائع المبيع بعد اشترائه الى المشتري

+++++++++++

- و صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها في ص 61.

و أما وجه كون ظهور الجواب عن العمومات جوابا عن الأحاديث الخاصة فهو أننا قلنا في الجواب عن العمومات إن النهي فيها إنما يدل على عدم ترتب الأثر المقصود الذي هو النقل و الانتقال اذا لم يكن المبيع عنده و لم يكن ماله، لا مطلقا حتى و لو ملكه بعد البيع.

و يدل على هذا قوله عليه السلام في رواية يحيى بن الحجاج: و لا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها، حيث إن مفهومه عدم الفساد بعد الاستجواب فهذا الملاك بعينه موجود في الأحاديث الخاصة.

(1) أي بعد الاشتراء أيضا يكون ممنوعا لو لم يكن هناك اجازة.

(2) أي في المسألة الآتية المذكورة في ص 86 بقوله: حال المسألة الأخرى: و هي ما لو لم يجز البائع.

(3) هذا تأييد من المحقق التستري لما أفاده: من عدم صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فأجاز.

و خلاصة القيل: أن تسليم البائع المبيع بعد أن اشتراه من صاحبه إلى المشتري الأول الذي يواجه البائع و يقول له: اشتر لي متاعا أمر مسلم مفروغ عنه كما في رواية يحيى بن الحجاج المشار إليها في ص 60.

و رواية خالد بن الحجاج المشار إليها في ص 61.

و صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 61.

و صحيحة منصور بن حازم المشار إليها في ص 61.

و صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها في ص 61. -

ص: 65

الأول مفروض في مورد الروايات و هو (1) اجازة فعلية.

مدفوع (2) بأن التسليم إنما وقع باعتقاد لزوم البيع السابق، و كونه (3) من مقتضيات لزوم العقد، و أنه (4) مما لا اختيار للبائع فيه، بل يجبر عليه (5) اذا امتنع، فهذا (6) لا يعد اجازة، و لا يترتب عليه أحكام الاجازة في باب الفضولي، لأن المعتبر.

+++++++++++

- فيكون نفس التسليم اجازة فعلية، و مع ذلك نرى أن الامام عليه السلام قد منع عن بيع ما ليس عنده.

(1) أي تسليم المبيع كما عرفت

(2) أي ما أفاده القيل ممنوع

و خلاصة المنع: أن تسليم البائع المبيع الى المشتري من الامور القهرية الجبرية التي يترتب على الشراء بعد البيع، و ليس للبائع فيه اختيار، و لذا يجبر عليه لو امتنع من التسليم فهو من مقتضيات لزوم العقد فهذا لا يعد اجازة حتى يقال: إنه اجازة فعلية و مع ذلك قد نهى الامام عليه السلام عن صحة مثل هذا البيع.

و من الواضح أن الاعتبار بالاجازة سواء أ كانت قولية أم فعلية انما هو بالاجازة الصادرة عن سلطنة و استقلال و اختيار، لا ما كانت من مقتضيات لزوم العقد، فان مثل ذلك لا كفاية فيه على طيب النفس المعتبر في صيرورة مال الغير حلالا لغيره.

(3) أي تسليم البائع المبيع الى المشتري

(4) أي و أن التسليم من الامور التي ليس للبائع فيه اختيار، بل هو من الأمور القهرية التي يجبر عليه البائع لو امتنع من التسليم فهو يترتب على الاشتراء بمجرده (اتوماتيكيا).

(5) أي على التسليم كما عرفت.

(6) أي مثل هذا التسليم القهري الذي يعد من الامور (الاتوماتيكية)

ص: 66

في الاجازة قولا و فعلا (1) ما يكون عن سلطنة و استقلال (2)، لأن (3) ما يدل على اعتبار طيب النفس في صيرورة مال الغير حلالا لغيره يدل على عدم كفاية ذلك

نعم (4) يمكن أن يقال: إن مقتضى تعليل نفي البأس في رواية خالد المتقدمة (5): بأن المشتري إن شاء اخذ، و إن شاء ترك ثبوت البأس في البيع السابق بمجرد لزومه على الاصيل

و هذا (6) محقق فيما نحن فيه، بناء (7)

+++++++++++

(1) اي سواء أ كانت الاجازة قولية أم فعلية

(2) اى لا ما كان من مقتضيات لزوم العقد السابق كما عرفت

(3) تعليل لكون الاعتبار في الاجازة القولية، أو الفعلية بالاجازة الصادرة عن سلطنة و استقلال، لا ما كانت من مقتضيات لزوم العقد السابق لعدم كفاية مثل هذه الاجازة التي منشأها مقتضيات لزوم العقد في طيب النفس المعتبر في حلية مال الغير، و التصرف فيه

(4) استدرك عما افاده: من عدم دلالة النهي على فساد بيع ما ليس عندك

و خلاصته: أن مقتضى نفي البأس و مفهومه في قوله عليه السلام:

لا بأس به في رواية خالد المشار إليها في ص 61 هو ثبوت البأس في البيع السابق بمجرد لزوم البيع على الاصيل، فبمقتضى هذا المفهوم ثبوت البأس فيما نحن فيه: و هو بيع الفضولي لنفسه ثم ملكه فاجاز فيكون بيع الفضولي باطلا و فاسدا

(5) في ص 61

(6) و هو ثبوت البأس كما عرفت

(7) تعليل لثبوت البأس فيما نحن فيه

ص: 67

على ما تقدم: من (1) أنه ليس للاصيل في عقد الفضولي فسخ المعاملة قبل اجازة المالك، أو ردّه (2)

لكن (3) الظاهر بقرينة النهي عن مواجبة البيع في الخبر المتقدم (4) إرادة اللزوم من الطرفين

و الحاصل (5): أن دلالة الروايات عموما و خصوصا على النهي

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما تقدم

(2) في قوله في ص: 319 في الجزء 8 من المكاسب: و الحاصل أنه اذا تحقق العقد

(3) رد على الاستدراك المذكور

و خلاصته: أن رواية خالد بن الحجاج المتقدمة المشتملة على النهي عن مواجبة البيع تدل على إرادة اللزوم من الطرفين اي لا تقع معاملة بنحو الايجاب و اللزوم من الطرفين، لا من طرف واحد

و أما فيما نحن فيه و هو بيع الفضولي لنفسه ثم ملكه فاجاز فاللزوم فيه من طرف واحد و هو المشتري الاصيل

و أما من طرف الفضولي فليس فيه لزوم، لأنه فضولي فلا تشمله الرواية فلا تدل على فساد البيع

و المراد من القرينة هو صيغة المفاعلة الواقعة في رواية يحيى بن الحجاج حيث يقول عليه السلام فيها: لا تواجبه

(4) و هي رواية يحيى بن الحجاج المشار إليها في ص 60

(5) اى خلاصة الكلام في هذا المقام: أن دلالة الأحاديث الواردة في هذا الباب التي كانت على قسمين:

العموم و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك و الخصوص: و هو رواية يحيى بن الحجاج المشار إليها في ص 60 -

ص: 68

عن البيع قبل الملك مما لا مساغ لإنكاره

و دلالة (1) النهي على الفساد أيضا ممّا لم يقع فيه المناقشة في هذه المسألة (2)

إلا أنا نقول: إن المراد بفساد البيع هو عدم ترتب ما يقصد منه عرفا من الآثار (3) في مقابل الصحة التي هي امضاء الشارع لما يقصد عرفا من إنشاء البيع

+++++++++++

- و رواية خالد بن الحجاج المشار إليها في ص 61

و صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 61

و صحيحة منصور بن حازم المشار إليها في ص 61

و صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها في ص 61: على النهي عن بيع الشيء قبل تملكه مما لا مجال لإنكاره

(1) و هو النهي الوارد في الأخبار على نحو العموم و الخصوص كما عرفت

و المراد من الفساد هو الحكم الوضعي المراد منه النقل و الانتقال اى و دلالة النهي على عدم ترتب هذا الاثر لو وقع في الخارج

(2) و هي مسألة بيع، الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه إما بالشراء أو الارث فاجاز

(3) و هو النقل و الانتقال الذان هما بمعنى الاسم المصدري اى هذا الأثر هو المراد من فساد البيع في البيع الفضولي اذا باع لنفسه ثم ملكه فاجاز، لا اصل البيع فالفساد في مقابل الصحة فكما أن الصحة معناها هو ترتب الأثر الذي هو معنى الاسم المصدري

كذلك يراد من الفساد معنى الاسم المصدري

ص: 69

مثلا (1) لو فرض حكم الشارع بصحة بيع الشيء قبل تملكه على الوجه الذي يقصده اهل المعاملة (2) كان (3) يترتب عليه بعد البيع النقل و الانتقال، و جواز تصرف البائع في الثمن، و جواز مطالبة المشتري البائع بتحصيل المبيع من مالكه و تسليمه، و عدم جواز امتناع البائع بعد تحصيله عن تسليمه، ففساد (4) البيع بمعنى عدم ترتب جميع ذلك عليه و هو (5) لا ينافي قابلية العقد للحوق الاجازة من مالكه حين العقد، أو ممن

+++++++++++

(1) اى خذ مثالا لما قلناه: من أن المراد من الفساد في البيع الفضولي المذكور هو فساد الأثر في قبال الصحة، لا فساد اصل البيع

(2) من ترتب جميع آثار الملكية عليه: من النقل و الانتقال

(3) جواب للو الشرطية اى كان يترتب على هذا البيع الذي فرضنا حكم الشارع بصحته قبل تملك المبيع جميع آثار الملكية: من نقل الثمن الى البائع، و انتقال المبيع الى المشتري، و جواز تصرف البائع في الثمن بأي نحو اراد و شاء، و جواز تصرف المشتري في المبيع بأي نحو اراد و شاء من التصرفات، و جواز مطالبة البائع باعطائه المبيع و تسليمه له مهما بلغ الأمر، و عدم جواز امتناع البائع عن التسليم، و غير ذلك: من آثار الملكية التي يقصدها اهل العرف

(4) الفاء تفريع على ما ذكره من المثال، و الباء في بمعنى بيان للفساد المراد من البيع الفضولي المذكور، و الجار و المجرور مرفوعة محلا على أنه خبر للمبتدإ المتقدم و هو فساد البيع أى فساد بيع الفضولي اذا باع لنفسه ثم ملكه فاجاز معناه عدم ترتب تلك الآثار التي نقلناها لك في الهامش 3 بقولنا: من نقل الثمن الى البائع، و انتقال المثمن الى المشتري

(5) اى الفساد بهذا المعنى لا ينافي اصل قابلية العقد الواقع فضولا -

ص: 70

يملكه بعد العقد، و لا يجب على القول بدلالة النهي على الفساد وقوع المنهي عنه لغوا غير مؤثر اصلا (1)

كما (2) يستفاد من وجه دلالة النهي على الفساد، فإن حاصله دعوى دلالة النهي على ارشاد المخاطب، و بيان أن مقصوده من الفعل المنهي عنه و هو الملك و السلطنة من الطرفين لا يترتب عليه، فهو غير مؤثر في مقصود المتبايعين (3)، لا أنه لغو من جميع الجهات، فافهم

اللهم (4) إلا أن يقال: إن عدم ترتب جميع مقاصد المتعاقدين

+++++++++++

- للحوق الإجازة له من المالك، أو ممن يملكه فيما بعد، و صيرورته صحيحا قابلا لترتب تلك الآثار المذكورة عليه بعد اللحوق

(1) اى حتى و لو لحقته الاجازة من المالك، أو ممن يملكه فيما بعد اى ليس الامر كذلك، بل معنى الفساد ما ذكرناه لك

(2) تنظير لكون المراد من الفساد ما ذكرناه لك، و هذا لا ينافي قابلية البيع للحوق الاجازة للعقد اى ما قلناه في الفساد و فسرناه لك هو المعنيّ منه في ذكر وجه دلالة النهي على الفساد، و قد ذكر الشيخ الانصارى بيان ذلك في المتن بقوله: فإن حاصله دعوى الى آخره فلا نعيده

(3) اى لا أن عقد الفضولي لغو من جميع الجهات حتى و لو لحقته الاجازة من المالك، أو ممن يملكه فيما بعد

(4) عدول عما افاده: من عدم دلالة النهي الوارد في تلك الروايات الدالة عموما و خصوصا على فساد بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فاجازه، و رجوع الى بطلان البيع و فساده.

و خلاصة هذا العدول و الرجوع أن عدم ترتب جميع مقاصد المتعاقدين التي من جملتها النقل و الانتقال على عقد بمجرد ايجاده و انشائه كعقد الفضولي -

ص: 71

على عقد بمجرد إنشائه مع وقوع مدلول ذلك العقد في نظر الشارع مقيدا بانضمام بعض الامور اللاحقة كالقبض في الهبة، و نحوها، و الاجازة في الفضولي لا يقتضي النهي عنها بقول مطلق، اذ (1) معنى صحة المعاملة شرعا أن يترتب عليها شرعا المدلول المقصود من انشائه و لو مع شرط لاحق

و عدم (2) بناء المتعاملين على مراعاة ذلك الشرط لا يوجب (3) النهي عنه إلا مقيدا بتجرده عن لحقوق ذلك الشرط

+++++++++++

- مع إمضاء الشارع لهذا العقد، لكن مقيدا باجازة المالك: لا يقتضي النهي من الشارع عن مثل هذا العقد الخالي عن اجازة المالك بقول مطلق بحيث يقول: لا تبع ما ليس عندك، بل اللازم أن يقول: لا تبع ما ليس عندك اذا لم يجز المالك مثلا

فمن هذا النهي المطلق نستكشف أن الشارع لم يمض البيع الفضولي الذي قصد وقوعه عن نفسه، سواء اجاز المالك أم لم يجز

(1) تعليل لكون عدم ترتب جميع الآثار على العقد لا يقتضي النهي بقول مطلق

و خلاصته: أننا حيث نقول: إن المعاملة صحيحة شرعا معناه أنه يترتب عليها مدلوله المقصود من انشائه و إن كان بواسطة شرط لاحق كالاجازة المتأخرة، و هذا الترتب مقيدا بهذا القيد لا يقتضي النهي عن معاملة وقعت فضولا بقول مطلق حتى و لو للمالك بعد اجازته

(3) دفع وهم

حاصل الوهم أن سبب النهي المطلق هو بناء المتعاقدين في عقد الفضولي على عدم مراعاة ذلك الشرط و هو الاجازة اللاحقة التي تصدر من المالك فهذا البناء هو الذي سبب النهي المطلق

ص: 72

فقصدهم ترتب الملك المنجز على البيع قبل التملك بحيث يسلمون الثمن، و يطالبون المبيع: لا يوجب الحكم عليه بالفساد (1)

فالانصاف (2) أن ظاهر النهي في تلك الروايات هو عدم وقوع البيع قبل التملك للبائع، و عدم ترتب أثر لانشاء المقصود منه عليه مطلقا حتى مع الاجازة

+++++++++++

- و خلاصته: أن هذا البناء لا يوجب النهي المطلق، بل اللازم في مثل هذه المقامات أن ينهي مقيدا بقيد عدم صدور الاجازة من المالك، فاذا لم تصدر تكون المعاملة فاسدة، لا فيما اذا صدرت، فالنهي المطلق دليل على فساد المعاملة و إن لحقته الاجازة

(1) اى بنحو مطلق و إن لحقته الاجازة

(2) هذه الفاء فاء النتيجة اي بعد أن قلنا: إننا نستكشف من هذا النهي المطلق فساد المعاملة فالروايات المتقدمة سواء أ كانت عامة كما في النبويين المتقدمين في ص 204 من الجزء 8 من المكاسب أم خاصة كما في رواية يحيى ابن الحجاج المشار إليها في ص 60

و رواية خالد بن الحجاج المشار إليها في ص 61

و صحيحة ابن مسلم المشار إليها في ص 61

و صحيحة منصور بن حازم المشار إليها في ص 61

و صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها في ص 61: فالانصاف أن كلها تدل على بطلان بيع الفضولي لنفسه و إن لحقته الاجازة، و أن البيع لا يقع للبائع، و لا يترتب عليه الأثر المقصود من إنشاء العقد مطلقا، سواء صدرت الاجازة أم لا

هذا تمام الكلام بالنسبة الى العاقد الفضولي -

ص: 73

و أما (1) صحته بالنسبة الى المالك اذا اجاز فلأن النهي راجع الى وقوع البيع المذكور للبائع فلا تعرض فيه لحال المالك اذا اجاز فيرجع فيه الى مسألة الفضولي

نعم (2) قد يخدش فيها أن ظاهر كثير من الأخبار المتقدمة ورودها

+++++++++++

- فشيخنا الانصاري أيد المحقق التستري في دلالة الأخبار المتقدمة على بطلان بيع الفضولي لنفسه

(1) اى و أما صحة عقد الفضولي الصادر من العاقد لنفسه بالنسبة الى المالك فالشيخ يرى أن مآله الى مسألة الفضولي، فإن قلنا بصحته بعد الاجازة فهنا نقول بذلك، و إن لم نقل بذلك لم نقل هنا بالصحة

(2) استدراك عما افاده: من أن الانصاف ظهور الأخبار المتقدمة في فساد بيع الفضولي لنفسه، و الخدش فيها

و خلاصة الخدش: أن الروايات المتقدمة عدا اثنتين منها و هما:

رواية يحيى بن الحجاج، و رواية خالد بن الحجاج اللتان تدلان على البيع الشخصي: واردة في النهي عن البيع الكلي في الذمة ثم تشخيصه بشراء بعض أفراده، و تسليمه الى المشتري الاول، و من المعلوم جواز بيع الكلي في الذمة عند الامامية فهي مخالفة للمذهب من حيث الجواز فحينئذ لا يصح التمسك بها للمدعى: و هو فساد بيع الفضولي مال الغير لنفسه فتسقط عن الاعتبار و الحجية فيحمل النهي الوارد فيها على التقية، لكونها موافقة لمذهب جماعة من (علماء اخواننا السنة)

و أما الروايتان الواردتان في النهي عن البيع الشخصي

فإما أن يراد من النهي فيهما الكراهة، أو أنهما وردتا في مقام التقية لكونهما موافقتين لمذهب جماعة من فقهاء اخواننا السنة فلا يصح التمسك بهما فتسقطان عن الاعتبار و الحجية -

ص: 74

في بيع الكلي، و أنه لا يجوز بيع الكلي في الذمة ثم اشتراء بعض أفراده و تسليمه الى المشتري الاول و المذهب جواز ذلك (1) و إن نسب الخلاف فيه (2) الى بعض العبائر، فيقوى في النفس أنها (3) و ما ورد في سياقها في بيع الشخصي أيضا كروايتي يحيى و خالد المتقدمتين اريد بها (4) الكراهة، أو وردت (5) في مقام التقية، لأن المنع عن بيع الكلي حالا مع عدم وجوده عند البائع حال البيع مذهب جماعة من العامة كما صرح به (6)

+++++++++++

- فالحاصل أن الروايات المتقدمة باسرها، سواء أ كانت واردة في البيع الشخصي أم في البيع الكلي لا يصح التمسك بها في المقام

(1) اى جواز بيع الكلي في الذمة

(2) اى في بيع الكلي الى الذمة نسب الى بعض الفقهاء من الامامية عدم جوازه

(3) اى بعض العبائر المنسوب إليها عدم جواز بيع الكلي في الذمة الذي هو مخالف لمذهب الامامية، و كل ما ورد في سياق هذه العبائر:

من حيث عدم جواز بيع الكلي في الذمة كروايتي يحيى بن الحجاج المشار إليهما في ص 60-61 لا بدّ من حمل النهي الوارد فيهما إما على الكراهة، أو أنهما وردتا للتقية، حيث إن المنع كما عرفت مذهب جماعة من علماء اخواننا السنة

(4) اى بهذه العبائر المنسوب إليها النهي عن بيع الكلي في الذمة و ما ورد في سياقها كروايتي يحيى بن الحجاج، و خالد بن الحجاج

(5) اى هذه العبائر، و ما ورد في سياقها كروايتي يحيى بن الحجاج و خالد بن الحجاج

(6) اى بأن منع بيع الكلي في الذمة مذهب جماعة من علماء السنة كما في صحيحتي عبد الرحمن بن الحجاج -

ص: 75

في بعض الأخبار مستندين (1) في ذلك الى النهي النبوي عن بيع ما ليس عندك

لكن (2) الاعتماد على هذا التوهين، و رفع اليد عن الروايتين المتقدمتين الواردتين في بيع الشخصي، و عموم مفهوم التعليل في الأخبار الواردة

+++++++++++

- راجع وسائل الشيعة الجزء 12. ص 374-275 الباب 7. الحديث 1-3، فإن قول عبد الرحمن للامام عليه السلام: في الرواية الأولى:

قلت: إنهم يفسدونه عندنا، و قوله في الرواية الثانية: قلت: فإن من عندنا يفسده دليل على أن اخواننا السنة لا يجوزون بيع الكلي في الذمة

(1) اى حال كون علماء السنة اسندوا عدم الجواز الى قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك المشار إليه في ص 204 من المكاسب الجزء 8

(2) رجوع عما افاده من الخدش في الأخبار المتقدمة

و حاصل الرجوع: أننا و إن قلنا: إن الروايات المذكورة موهونة لمخالفتها لمذهب الامامية، حيث إنهم جوزوا البيع الكلي في الذمة

لكن هذا التوهين لا يكون سببا لرفع اليد عن الروايتين الواردتين في المنع عن البيع الشخصي في الذمة المشار إليهما في ص 60-61

و كذلك لا يكون سببا لرفع اليد عن عموم مفهوم التعليل في قوله عليه السلام في ص 61 في صحيحة محمد بن مسلم: إنما يشتريه منه بعد ما يملكه الدال على عدم جواز الشراء منه قبل تملكه للمبيع مفهوما، حيث إنه عام يشمل حتى بيع الفضولي مال الغير لنفسه و إن ملكه بعد و اجاز

و في قوله عليه السلام في ص 61 في صحيحة منصور بن حازم: إنما البيع بعد ما يشتريه الدال على عدم جواز البيع قبل شرائه مفهوما، حيث إنه عام يشمل حتى بيع الفضولي مال الغير لنفسه و إن ملكه بعد و اجاز

فالاعتماد على التوهين المذكور خلاف الانصاف

ص: 76

في بيع الكلي خلاف الانصاف، اذ (1) غاية الامر حمل الحكم في مورد تلك الأخبار و هو بيع الكلي قبل التملك على التقية و هو لا يوجب طرح مفهوم التعليل رأسا

فتدبر (2)

فالأقوى (3) العمل بالروايات و الفتوى

+++++++++++

(1) تعليل لكون الاعتماد على التوهين المذكور الموجب لرفع، اليد عن الروايتين، و عموم مفهوم التعليل خلاف الانصاف

و خلاصته: أن غاية ما يمكن أن يقال في هذه الأخبار: حمل الوارد فيها و هو عدم جواز بيع الكلي في الذمة على التقية، لكون عدم الجواز موافقا لمذهب جماعة من اخواننا السنة

و هذا الحمل لا يكون مبررا لطرح عموم مفهوم التعليل في صحيحتي محمد بن مسلم، و منصور بن حازم، و طرح روايتي يحيى بن الحجاج و خالد ابن الحجاج

(2) افاد بعض المعلقين على المكاسب وجها في الامر بالتدبر

لكننا لم نفهم منه شيئا فنتوكل الامر في ذلك الى ذكاء القارئ الكريم

(3) هذا رأي الشيخ في موضوع الأخبار المتقدمة اي العمل بتلك الأخبار، سواء أ كانت واردة في النهي عن البيع الكلي في الذمة أم عن البيع الشخصي في الذمة كروايتي يحيى بن الحجاج، و خالد بن الحجاج في المنع عن البيع المذكور و هو البيع قبل التملك هو الأقوى

كذلك المنع هو المستفاد من فتاوى الفقهاء

فتحصل من مجموع ما ذكر أن الروايات المستدل بها على عدم جواز بيع الفضولي مال الغير لنفسه من قبل صاحب المقابيس هي العمدة في المقام و أنها تدل على فساد المعاملة

ص: 77

بالمنع عن البيع المذكور (1)

و مما يؤيد المنع (2) مضافا الى ما سيأتي عن التذكرة، و المختلف:

من دعوى الاتفاق رواية الحسن بن زياد الطائي الواردة في نكاح العبد بغير اذن مولاه

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إني كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير اذن مولاي ثم اعتقني اللّه بعد فاجدد النكاح؟

قال: فقال: علموا أنك تزوجت؟

قلت: نعم قد علموا فسكتوا و لم يقولوا لي شيئا

قال: ذلك اقرار منهم، انت على نكاحك الخبر (3)، فإنها (4) ظاهرة، بل صريحة في أن علة البقاء (5) بعد العتق على ما فعله بغير اذن مولاه هو اقراره المستفاد من سكوته

+++++++++++

(1) و هو البيع الشخصي في الذمة، لا البيع الكلي، فإنه كما عرفت جائز طبقا للمذهب

(2) اى منع جواز بيع الفضولي مال الغير عن نفسه ثم ملكه فاجاز

(3) اي الى آخر الخبر، ليس للخبر صلة

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 526. الباب 26. الحديث 3

(4) اى رواية حسن بن علي الطائي

(5) اى علة بقاء العبد على نكاحه الاول الذي وقع بدون اذن سيده، و أن النكاح صحيح لا يحتاج الى عقد جديد هو اقرار المولى بذلك المستفاد هذا الاقرار من سكوته بعد أن علم بالنكاح و لم يتكلم بشيء ينافي رضاه بالنكاح، و السكوت هذا في الحقيقة اقرار منه بصحة النكاح الصادر من العبد فضولا

ص: 78

فلو (1) كانت صيرورته حرا مالكا لنفسه مسوغة للبقاء مع اجازته أو بدونها لم يحتج إلى الاستفصال عن أن المولى سكت أم لا، للزوم (2) العقد حينئذ على كل تقدير.

مورد الروايات ما لو باع لنفسه غير مترقب للإجازة

ثم إن الواجب (3) على كل تقدير هو الاقتصار على مورد الروايات (4) و هو ما لو باع البائع لنفسه و اشترى المشتري غير مترقب لاجازة المالك و لا لاجازة البائع اذا صار مالكا.

+++++++++++

(1) تفريع على ما أفاده: من أن علة بقاء العبد على نكاحه هو اقرار المولى، لا صيرورة العبد حرا مالكا لنفسه.

و خلاصته: أن صيرورة العبد حرا مالكا لنفسه بعد أن اعتقه اللّه جل و علا لو كانت هي المسوغة و الباعثة لبقاء العبد على نكاحه الصادر منه فضولا، سواء أجاز المولى أم لا، لا اقرار المولى: لما احتاجت الى سؤال الامام عليه السلام عن العبد بقوله! علموا أنك تزوجت؟

(2) تعليل لعدم احتياج الامام عليه السلام الى السؤال عن العبد عن سكوت المولى و عدمه لو كانت صيرورة العبد حرا هي الموجبة و الباعثة لبقاء العبد على نكاحه، أي للزوم العقد حين أن صار العبد حرا مالكا لنفسه على كل تقدير، سواء سكت المولى أم لا؟

فتبين أن علة بقاء العبد على نكاحه ليست نفس صيرورته حرا بل اقرار المولى المستفاد من سكوته هو الموجب و الباعث لبقاء العبد على نكاحه.

(3) أي اللازم في المسألة الثالثة: و هو بيع الفضولي مال الغير عن نفسه ثم ملكه فاجاز على كل تقدير، سواء قلنا بالصحة أم بالفساد هو الاقتصار

(4) و هي المستدل بها على بطلان بيع الفضولي مال الغير لنفسه -

ص: 79

و هذا (1) هو الذي ذكره العلامة رحمه اللّه في التذكرة نافيا للخلاف في فساده.

قال: و لا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها و يمضي ليشتريها و يسلمها و به (2) قال الشافعي و احمد.

و لا نعلم فيه خلافا، لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك، و لاشتمالها (3) على الغرر فان صاحبها قد لا يبيعها، و هو (4) غير مالك لها، و لا قادر على تسليمها.

أما لو اشترى موصوفا في الذمة، سواء أ كان حالا أم مؤجلا فانه جائز اجماعا، انتهى (5).

و حكي عن المختلف الاجماع على المنع (6) أيضا

+++++++++++

- سواء أ كانت واردة في البيع الكلي في الذمة أم في البيع الشخصي في الذمة كروايتي يحيى بن الحجاج، و خالد بن الحجاج.

(1) أي الاقتصار على مورد الروايات، و انحصارها في المسألة الثالثة هو المذكور في التذكرة.

(2) أي و بعدم جواز بيع ما ليس عند البائع ثم يمضي ليشتريها و يسلمها إلى المشتري.

(3) هذا دليل ثان للعلامة لعدم جواز بيع عين ليست عند البائع ثم يمضي ليشتريها من المالك، إذ دليله الاول هو النبوي المشار إليه في ص 204 من المكاسب من الجزء 8 أي و لاشتمال العين المبيعة على الغرر لأنه من المحتمل أن صاحب العين قد لا يبيعها فيتضرر المشتري بتأخير ثمنه

(4) الواو حالية، و مرجع الضمير البائع أي و الحال أن البائع الفضولي

(5) أي ما أفاده العلامة في هذا المقام راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 9.

(6) أي منع الشراء موصوفا في الذمة.

ص: 80

و استدلاله (1) بالغرر، و عدم القدرة على التسليم ظاهر، بل صريح (2) في وقوع الاشتراء غير مترقب لاجازة مجيز، بل وقع على وجه يلزم على البائع بعد البيع تحصيل المبيع، و تسليمه.

فحينئذ (3) لو تبايعا على أن يكون العقد موقوفا على الاجازة فاتفقت الاجازة من المالك، أو من البائع بعد تملكه لم يدخل في مورد الاخبار (4)، و لا في معقد الاتفاق.

و لو تبايعا على أن يكون اللزوم موقوفا على تملك البائع، دون اجازته فظاهر عبارة الدروس أنه (5) من البيع المنهي عنه في الاخبار المذكورة، حيث (6) قال:

+++++++++++

(1) هذا كلام الشيخ أي استدلال العلامة على منع الشراء موصوفا بالذمة بشيئين و هما: الغرر، و عدم قدرة البائع على تسليم المبيع الى المشتري إذ من الممكن عدم موافقة المالك على البيع فلا يجيزه، و القدرة على التسليم شرط في صحة العقد.

(2) أي استدلال العلامة في التذكرة بالشيئين المذكورين على عدم جواز بيع الشيء موصوفا بالذمة صريح.

(3) أي و حين أن قلنا: إن الشراء موصوفا بالذمة ممنوع و منهي عنه تشمله الاخبار الواردة في الباب يقصد العلامة من ذكر هذا الفرع خروجه عن تلكم الاخبار.

(4) و هي الاخبار المذكورة عموما، أو خصوصا المشار إليها في الهامش 3 ص 60، و الهامش 1 ص 64-65.

(5) أى هذا النوع من التبايع الذي كان موقوفا على تملك البائع دون اجازته داخل في الاخبار الناهية التي اشير إليها في الهامش 4 فيكون من مصاديقها المنهي عنها.

(6) تعليل من الشيخ في أن التبايع المذكور داخل في الاخبار الناهية -

ص: 81

و كذا لو باع ملك غيره ثم انتقل إليه فأجازه.

و كذا (1) لو أراد لزوم البيع بالانتقال فهو بيع ما ليس عنده.

و قد نهي عنه، انتهى (2).

لكن الانصاف ظهورها (3) في الصورة الاولى: و هي ما لو تبايعا قاصدين لتنجز النقل و الانتقال، و عدم الوقوف على شيء (4).

و ما ذكره في التذكرة (5) كالصريح في ذلك

+++++++++++

- أي الدليل على ذلك هو قول العلامة في التذكرة: و كذا لو باع ملك غيره ثم انتقل إليه فاجازه، اذ لازم هذا عدم جواز التبايع على أن يكون اللزوم موقوفا على تملك البائع دون اجازته.

(1) هذا قول العلامة في التذكرة أي و كذا داخل في الاخبار الناهية المذكورة لو أراد المتبايعان لزوم البيع بالانتقال، فان مثل هذا البيع باطل لدخوله في بيع المنهي عنه في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك المشار إليه في الجزء 8 من المكاسب ص 204.

(2) أي ما أفاده العلامة في التذكرة في هذا المقام.

راجع المصدر من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 9.

(3) أي ظهور تلك الاخبار الناهية عن بيع ما ليس عندك.

(4) إذ الصورة الثانية هي قوله هنا نقلا عن العلامة في التذكرة:

و كذا لو أراد اللزوم بالانتقال.

(5) أي العلامة

خلاصة هذا الكلام: أن العلامة علل في التذكرة عدم جواز بيع ما ليس عندك: بكون البائع غير قادر على تسليم المبيع إلى المشتري، لامكان عدم إقدام المالك على البيع فيتضرر المشتري، و للغرر.

فهذا التعليل صريح في أن الاخبار الناهية عن بيع ما ليس عندك -

ص: 82

حيث (1) علل المنع بالضرر، و عدم القدرة على التسليم

و أصرح منه (2) كلامه المحكي عن المختلف في فصل النقد و النسية و لو باع (3) عن المالك فاتفق انتقاله الى البائع (4)

+++++++++++

- ظاهرة في الصورة الاولى التي ذكرها الشيخ بقوله: و هي ما لو تبايعا قاصدين النقل و الانتقال، و عدم الوقوف على شيء، و ليس لها ظهور في الصورة الثانية التي نقلناها لك.

(1) تعليل من الشيخ لكون قول العلامة في التذكرة صريحا في أن الأخبار الناهية تشمل الصورة الاولى

(2) اى و أصرح من هذا الكلام كلامه في المختلف

قبل الدخول في ذكر وجه الأصرحية لا بدّ لنا من نقل عبارة العلامة حتى يتضح للقارىء النبيل وجه الأصرحية

أليك نص عبارته في فصل النقد و النسية نقلا عن المقابيس.

كتاب البيع. ص 36:

و النهي الوارد عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم للكراهة، أو ورد عن الشيء المشخص الذي في ملك الغير، فإنه لا يصلح بيعه، لأدائه الى التنازع اذ ربما يمتنع مالكه عن بيعه و المشتري يطالب البائع، انتهى كلامه في المصدر

وجه الأصرحية قوله: و المشتري يطالب البائع، فإنه لو لم يبع المالك لطلب المشتري من البائع المبيع فلا بد من اعطائه له فيكون الإعطاء بدون توقفه على اجازة المالك

(3) اى الفضولي الذي باع مال الغير لو باعه عن المالك

(4) إما بالارث، أو الشراء. هذا فرع مستقل من الشيخ الانصاري و ليس من كلام العلامة في التذكرة

ص: 83

فاجازه فالظاهر أيضا الصحة، لخروجه (1) عن مورد الأخبار

نعم (2) قد يشكل فيه من حيث إن الاجازة لا متعلق لها، لأن العقد السابق كان إنشاء للبيع عن المالك الاصلي، و لا معنى لاجازة هذا بعد خروجه عن ملكه

و يمكن (3) دفعه بما اندفع به سابقا الاشكال في عكس المسألة: و هي ما لو باعه الفضولي لنفسه فاجازه المالك لنفسه، فتأمل (4)

+++++++++++

(1) اى لخروج هذا الفرد من البيع الفضولي عن مورد تلك الأخبار الناهية فيكون صحيحا بعد الاجازة فيترتب عليه جميع الآثار، لأن البيع كان عن المالك، لا عن نفسه، بالإضافة على أنهما لم يتباينا على عدم توقف البيع على الاجازة

(2) استدراك عما افاده: من صحة عقد الفضولي اذا باع عن المالك ثم اتفق انتقاله الى المالك فاجازه

و قد ذكر الشيخ الاستدراك الذي هو الإشكال على هذا النوع من الفضولي في المتن فلا نعيده

(3) هذا جواب عن الإشكال الذي كان بصورة الاستدراك

و خلاصته: أنه من الممكن دفع الإشكال المذكور بما دفعنا عنه الإشكال في عكس هذه المسألة و عكسها هو البيع عن نفسه ثم ملكه فاجاز

و قد عرفت الجواب عن تلك من ص 225 - الى 235 من الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة فراجع

فكل ما قلناه هناك نقوله هنا

(4) الامر بالتأمل لأجل الفرق بين هذه المسألة، و المسألة السابقة و هي بيع الفضولي مال الغير لنفسه، فإن تلك المسألة لما كان العاقد الفضولي قد باع مال الغير لنفسه و هو غير مالك له قد بنى على مالكيته للمبيع و لو -

ص: 84

و لو باع (1) لثالث معتقدا لتملكه، أو بانيا عليه عدوانا، فإن اجاز المالك فلا كلام في الصحة، بناء على المشهور: من عدم اعتبار وقوع البيع عن المالك

و ان ملكه (2) الثالث و اجازه، أو ملكه البائع فاجازه فالظاهر أنه داخل في المسألة السابقة

+++++++++++

- ادعاء، و بهذا البناء صححنا البيع بعد الاجازة، حيث قلنا في الهامش 2 ص 241 من الجزء 8: إن الملكية الثابتة للمتكلم الذي هو العاقد الفضولي المقيدة بتلك الحيثية: و هي البناء على كونه مالكا و لو ادعاء، أو اعتقادا ثابتة لنفس تلك الحيثية و هي المالك الاصلى: فتتعلق الاجازة الصادرة من المالك بنفس الإنشاء الذي صدر من العاقد الفضولي فلا يلزم مغايرة المجاز لما وقع

بخلاف هذه المسألة، فإن الفضولي لما باع للمالك الحقيقي لم يكن داعيا الى ملاحظة نفسه مالكا ادعاء، أو عدوانا فلم يحصل الوصف العنواني و هو كونه مالكا ادعاء، أو عدوانا فلا مجال للاجازة الصادرة من المالك فيلزم مغايرة المجاز لما وقع

(1) هذا فرع آخر من الشيخ أي لو باع الفضولي مال الغير من شخص لمنفعة ثالث بانيا على أن الثالث يملك المبيع بالشراء، أو الارث أو بانيا على التملك عدوانا صح البيع بعد اجازة المالك

(2) اى المبيع الذي باعه الفضولي من شخص لمنفعة ثالث لو ملكه الثالث فالظاهر دخول هذا المبيع في المسألة السابقة و هي الفرع المذكور في قول المصنف في ص 83: و لو باع عن المالك

فكما أن هناك حكمنا بصحته لو اجاز المالك

كذلك هنا نحكم بصحة هذا الفرع فيكون هذا الفرع مثل ذلك الفرع -

ص: 85

لو باع لنفسه ثم تملكه و لم يجز

ثم إنه قد ظهر مما ذكرناه في المسألة المذكورة (1) حال المسألة الاخرى و هي: ما لو لم يجز البائع بعد تملكه، فإن الظاهر

+++++++++++

- خارجا عن موضوع الأخبار الناهية المشار إليها في الهامش 3. ص 60، و الهامش 1 ص 64-65 عن بيع ما ليس عندك

(1) المراد منها الفرع الذي ذكره المصنف بقوله في ص 85: و لو باع لثالث اى ظهر مما ذكرناه في هذا الفرع: من أن الثالث لو اجاز البيع الفضولي أو اجاز البائع الفضولي بعد تملكهما للمبيع صح البيع و نفذ: أن البائع الفضولي لو لم يجز البيع الذي اوقعه فضولا و تملكه بعد بطل البيع، لدخوله تحت الأخبار الناهية عن عدم جواز بيع ما ليس عندك، حيث باع مال الغير الثالث، بانيا على أنه مالك له، أو عدوانا و لم يجز البائع بعد تملكه له فتحصل من مجموع ما ذكر أن هنا مسائل ثلاث:

(الاولى): أن يبيع العاقد الفضولي مال الغير لنفسه

(الثانية): أن يبيع العاقد الفضولي مال الغير عن المالك

(الثالثة): أن يبيع العاقد الفضولي مال الغير لثالث اجنبي

و الثالثة تنقسم الى صورتين:

(الاولى): أن الثالث، أو البائع الفضولي يجيز البيع الاول

(الثانية): أن لا يجيز البيع الاول

فهذه أربعة صور اثنتان منها داخلتان في الأخبار الناهية عن بيع ما ليس عندك فالعقد فيهما باطل

و اثنتان منها خارجتان عن تلك الأخبار فالعقد فيهما صحيح و نافذ

(أما الداخلتان) فهما: صورة البيع لثالث ثم ملكه و لم يجز العقد و صورة بيع الفضولي لنفسه غير مترقب لاجازة المالك و لا لاجازة

(و أما الخارجتان) فهما: صورة البيع لثالث ثم ملكه فاجاز و صورة البيع عن المالك فاتفق انتقال المبيع الى البائع فاجاز

ص: 86

بطلان البيع الأول (1) لدخوله تحت الأخبار المذكورة (2) يقينا

مضافا (3) الى قاعدة تسلط الناس على أموالهم، و عدم (4) صيرورتها حلالا من دون طيب النفس، فإن (5) المفروض أن البائع بعد ما صار مالكا لم تطب نفسه بكون ماله للمشتري الاول، و التزامه قبل تملكه بكون هذا المال المعين للمشتري ليس التزاما إلا بكون مال غيره له

اللهم (6) إلا أن يقال: إن مقتضى عموم وجوب الوفاء بالعقود و الشروط على كل عاقد و شارط هو اللزوم على البائع بمجرد انتقال المال إليه و إن كان قبل ذلك اجنبيا لا حكم لوفائه و نقضه

+++++++++++

(1) المراد من البيع الاول هو بيع العاقد الفضولي كما عرفت

(2) و هي الأخبار الناهية عن بيع ما ليس عندك المشار إليها في الهامش 3 ص 60، و الهامش 1 ص 64-65

(3) اى و لنا دليل آخر على بطلان البيع الاول الصادر من العاقد الفضولي البائع مال الغير لنفسه بالإضافة الى ذلك الدليل

و الدليل الآخر هو قاعدة: الناس مسلطون على أموالهم فالقول بصحة مثل هذا العقد يتنافى و قاعدة التسلط

(4) بالجر عطفا على مجرور الى الجارة في قوله: مضافا الى قاعدة اى و لنا دليل آخر على بطلان العقد المذكور و هو قاعدة لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه، فإن صيرورة الأموال حلالا لا تتصور إلا مع طيب النفس و حيث لم يمض المالك العقد الواقع فضولا دل على حرمة الأموال، فالقول بالصحة يتنافى و طيب النفس

(5) تعليل لعدم صيرورة الأموال حلالا لو لم يوجد طيب النفس

(6) دفع وهم -

ص: 87

و لعله (1) لاجل ما ذكرنا (2) رجّح فخر الدين في الايضاح بناء على صحة الفضولي صحة العقد المذكور (3) بمجرد الانتقال، من دون توقف على الاجازة

قيل: و يلوح هذا (4) من الشهيد الثاني في هبة المسالك

+++++++++++

- حاصل الوهم أنه لو كان البائع بعد أن صار مالكا للمبيع لم تطب نفسه بكون ماله للمشتري فلما ذا التزم بكونه له قبل تملكه له؟

فالالتزام هذا دليل على وجود طيب النفس له بعد تملكه له

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله: أن الالتزام المذكور كان في قبال مال الغير، فإن البائع حين البيع لم يتملك المبيع و إنما اقدم على مال الغير

(1) استدراك عما افاده: على بطلان البيع الاول، و أن الالتزام المذكور كان في قبال مال الغير

و حاصله: أن لنا في المقام عمومين كلاهما يقتضيان وجوب الوفاء بما التزم به العاقد و هما:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و المؤمنون عند شروطهم، فإنهما يحكمان بوجوب الوفاء على كل عاقد و شارط، و أنه يلزم على البائع الوفاء بعقده و شرطه بمجرد انتقال المال إليه و إن كان قبل ذلك اجنبيا عن ذلك المال، و لم يتوجه عليه حكم من قبل الشارع اصلا لا بالنسبة الى الوفاء، لا بالنسبة الى النقض

(2) و هو أن مقتضى عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و المؤمنون عند شروطهم هو اللزوم بكل عقد و شرط صدرا من العاقد و الشارط بمجرد انتقال المال إليه

(3) و هو صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فلم يجز

(4) اى ما ذكرناه: و هو صحة مثل هذا العقد

ص: 88

و قد سبق استظهاره (1) من عبارة الشيخ المحكية في المعتبر

لكن (2) يضعفه أن البائع غير مأمور بالوفاء قبل الملك فيستصحب و المقام (3) مقام استصحاب حكم الخاص، لا (4) مقام الرجوع الى حكم العام، فتأمل (5)

+++++++++++

(1) في ص 29 عند قوله: فظاهر المحقق في باب الزكاة من المعتبر فيما اذا باع المالك النصاب قبل اخراج الزكاة، أو رهنه

(2) رجوع عما افاده: من صحة بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه و لم يجز البيع، و بروم الشيخ اثبات البطلان لمثل هذا البيع و أنه لا مجال للعمومين المذكورين

و خلاصته: أن لزوم الوفاء بالعقد ضعيف: لأن البائع الفضولي قبل تملكه للمبيع و حين البيع لم يكن مالكا له حتى يتوجه نحوه خطاب وجوب الوفاء فلا يكون ملتزما به، و بعد التملك له نشك في توجه الخطاب نحوه و التزامه بوجوب الوفاء فنستصحب عدم الوجوب و الالتزام

(3) هذا تعليل لجريان الاستصحاب و خلاصته: أنه إنما نقول بالاستصحاب، لأن المقام هنا يقتضي استصحاب حكم الخاص الذي هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه فلم يجز، اذ قبل التملك لم يكن مأمورا بالوفاء كما علمت، و بعد التملك و عدم الاجازة نشك في وجوب الوفاء عليه فنجري استصحاب ذاك الحكم الخاص

(4) اى و ليس المقام فيما نحن فيه مقام الرجوع الى حكم العام و هو وجوب الوفاء عند ما تملك العاقد الفضولي المبيع في صورة الشك في وجوب الوفاء

(5) اشارة إلى أن المقام مقام الرجوع الى حكم العام، لا الى حكم الخاص

ص: 89

..........

+++++++++++

- بيان ذلك: أن العموم على قسمين:

عموم أزماني أفرادي، و عموم استمراري أفرادي

أما الاول فكما في قولك: اكرم العلماء كل يوم، لا نهن الفقير كل يوم، فاذا جاء مخصص لهذا العموم الأزماني الأفرادي كما في قولك:

لا تكرم زيدا العالم في يوم الجمعة، أو اهن زيدا الفقير في يوم الجمعة فمضى يوم الجمعة و جاء يوم السبت فنشك في اكرام زيد، أو عدم اهانته في يوم السبت و ما بعده فنحكم باكرامه، و بعدم اهانته، لشمول العموم الأزماني الأفرادي له حينئذ، حيث اخذ فيه عموم الأزمان أفراديا اى اخذ فيه كل زمان موضوعا مستقلا لحكم مستقل، لينحل العموم الى أحكام متعددة بعدد تلك الأزمان، و لا مجال لاستصحاب حكم الخاص و هو عدم وجوب اكرام زيد في يوم الجمعة بعد قيام الاجماع عليه، أو اهانته

و أما الثاني فكما في قولك: اكرام العلماء دائما ثم قيل: لا تكرم زيدا يوم الجمعة ثم جاء يوم السبت فشكّ في اكرامه يوم السبت و ما بعده فنجري هنا استصحاب حكم الخاص: و هو عدم اكرام زيد، حيث إن مورد التخصيص هي الأفراد دون الأزمان فلم يؤخذ في موضوعه الأزمان

ثم لا يخفى عليك أنه لا فرق بين استفادة الدوام و الاستمرار من حاق اللفظ كما مثلنا لك، أو من الاطلاق كما في قولك: تواضع للناس

اذا عرفت هذين العمومين فنقول: إن ما نحن فيه: و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم ملكه و لم يجز من قبيل عموم استمراري فيكون المقام مقام استصحاب حكم الخاص، لأن عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المتوجه الى المتعاقدين قد خصّ من جهة خروج العاقد غير المالك و قد كان الفضولي البائع مال

ص: 90

مضافا (1) الى معارضة العموم المذكور بعموم سلطنة الناس على اموالهم و عدم حلها لغيرهم إلا عن طيب النفس

و فحوى (2) الحكم المذكور في رواية الحسن بن زياد المتقدمة

+++++++++++

الغير لمالكه غير مالك فيكون غير مأمور بالوفاء بالعقد، و حين أن صار مالكا لما باعه فضولا نشك في توجه الخطاب العام نحوه فنستصحب العدم

لكن نقول: إن خروج الفضولي البائع مال الغير إنما هو لأجل أنه غير مالك: لا لوجود نص في ذلك بخصوصه

و المفروض أنه اصبح مالكا فارتفع المانع مع وجود المقتضي و هو كونه عاقدا فيتوجه نحوه حينئذ الامر بالوفاء

ففي الواقع و نفس الامر قد تبدل موضوع الخاص و اندرج تحت عنوان العام فيجري عليه حكمه فهو من قبيل قولك: اكرم العلماء ثم تقول:

لا تكرم الفساق منهم و كان زيد العالم فاسقا فيخرج عن تحت ذلك العموم ثم تاب و صار عادلا، فإنه حينئذ يجري عليه حكم الإكرام، و لا يجرى عليه حكم الخاص الذي هو عدم الاكرام، لتبدل موضوع الخاص؛ و اندراجه تحت عنوان العام

(1) اى و لنا دليل آخر بالإضافة الى استصحاب حكم الخاص و هو معارضة الناس مسلطون على أموالهم مع العموم المذكور: و هو وجوب الوفاء، فإن هذا الدليل حاكم عليه، لأنه لا تحل أموال الناس لغيرهم إلا بطيب أنفسهم

و من الواضح: أن البائع الفضولي قد اصبح مالكا للمبيع و لم يجز فلا يجوز التصرف فيه بغير اذنه

(2) اى و لنا دليل آخر بالإضافة الى استصحاب حكم الخاص: -

ص: 91

في نكاح العبد بدون اذن مولاه، و أن عتقه لا يجدي في لزوم النكاح لو لا سكوت المولى الذي هو بمنزلة الاجازة

ثم لو سلّم عدم التوقف (1) على الاجازة فإنما هو فيما اذا باع الفضولي لنفسه أما لو باع فضولا للمالك، أو لثالث ثم ملك هو فجريان عموم الوفاء بالعقود و الشروط بالنسبة الى البائع أشكل

و لو باع وكالة عن المالك فبان انعزاله بموت الموكل فلا إشكال في عدم وقوع البيع له بدون الاجازة، و لا معها

نعم يقع للوارث مع اجازته

المسألة الثالثة: ما لو باع معتقدا لكونه غير جائز التصرف فبان كونه جائز التصرف
اشارة

(المسألة الثالثة) (2): ما لو باع معتقدا لكونه غير جائز التصرف فبان كونه جائز التصرف

و عدم جواز التصرف المنكشف خلافه إما لعدم الولاية فانكشف كونه وليا

و إما لعدم الملك فانكشف كونه مالكا

و على كل منهما فإما أن يبيع عن المالك، و إما أن يبيع لنفسه

فالصور أربعة:

+++++++++++

- و هو معارضة العموم المذكور بفحوى رواية الحسن بن زياد الطائي المذكورة في ص 78 لأن تملك النفس اذا لم يكن مؤثرا في الصحة بدون الاجازة فتملك المال أولى في عدم التأثير

(1) اى عدم توقف بيع الفضولي مال الغير للمالك ثم ملكه و لم يجز على الاجازة

(2) اى من المسائل التي افادها الشيخ في ص 26 بقوله: فالكلام يقع في مسائل

ص: 92

الأولى: أن يبيع عن المالك فانكشف كونه وليا على البيع

(الاولى): أن يبيع عن المالك فانكشف كونه وليا (1) على البيع

فلا ينبغي الإشكال (2) في اللزوم حتى على القول ببطلان الفضولي

لكن الظاهر من المحكي عن القاضي أنه اذا اذن السيد لعبده في التجارة فباع و اشترى و هو لا يعلم باذن سيده، و لا علم به احد لم يكن مأذونا في التجارة، و لا يجوز شيء مما فعله (3)، فإن علم بعد ذلك (4) و اشترى و باع جاز ما فعله بعد الاذن، و لم يجز ما فعله قبل (5) ذلك

فان (6) امر السيد قوما أن يبايعوا العبد و العبد لا يعلم باذنه له كان

+++++++++++

(1) المراد من الولي هنا من لا يكون مالكا، لكن له شأنية مباشرة العقد، سواء أ كانت الشأنية بالولاية الشرعية المتعارفة أم بالاذن كالوكيل و العبد.

فأقسام جائز التصرف المنكشف في الواقع ثلاثة:

المالك، و الولي، و المأذون

(2) وجه عدم الإشكال شمول العمومات الواردة له

بالإضافة الى شمول أدلة الولاية، و الوكالة له، و أن تصرفات الولي و الوكيل نافذة

(3) فعبارة القاضي من قوله: اذا اذن السيد الى قوله: مما فعله تدل على عدم كفاية انكشاف كون البائع الفضولي مأذونا في البيع، أو وليا، أو وكيلا على البيع، بل لا بدّ من علمه بذلك قبل البيع

(4) اى بعد اذن السيد له

(5) اى قبل علم العبد باذن سيده له في التجارة

(6) هذا فرض ثان من القاضي، و لا ربط له بالفرض الاول: و هو عدم كفاية اذن السيد عبده في التجارة و العبد لا يعلم بذلك

ص: 93

بيعه و شراؤه منهم جائزا، و جرى ذلك (1) مجرى الاذن الظاهر، فإن اشترى العبد بعد ذلك (2) من غيرهم و باع جاز، انتهى

و عن المختلف الايراد عليه (3): بأنه لو اذن الولي و لا يعلم العبد ثم باع العبد صح، لأنه صادف الاذن، و لا يؤثر فيه إعلام المولى بعض المتعاملين انتهى

و هو (4) حسن

الثانية: أن يبيع لنفسه فانكشف كونه وليّاً.

(الثانية) (5): أن يبيع لنفسه فانكشف كونه وليا فالظاهر أيضا

+++++++++++

(1) و هو امر السيد قوما أن يتبايعوا عبده و العبد لا يعلم بذلك

(2) اى بعد صدور الامر من المولى الى قوم بالتبايع مع العبد

(3) اى على ما افاده القاضي: من عدم كفاية اذن السيد عبده في التجارة و هو لا يعلم بذلك

(4) اى ما اورده العلامة: من أن بيع العبد صادف الاذن من المولى في الواقع على ما افاده القاضي حسن

وجه الحسن: أن القاضي في الفرض الثاني: و هو امر السيد قوما بالتبايع مع العبد و العبد لا يعلم بذلك حكم بصحة المعاملة، و صحة المعاملة تدل على كفاية الاذن الواقعي، لأنه المناط و الملاك في الصحة، لا علمه حتى يكون عدم علمه مناطا للفساد

ثم لا يخفى أن صحة ما افاده العلامة مبنية على الاكتفاء في الاذن بالرضا النفسي مطلقا، أو على أن الاذن من الايقاعات المحضة

فعلى كل لا يعتبر في الاذن الإعلام، بل قيل: إن مجرد الرضا الباطني كاف في اخراج العقد عن عنوان الفضولي

(5) اى الصورة الثانية من الصور الاربعة المفروضة

ص: 94

صحة العقد، لما عرفت: من أن قصد بيع مال الغير لنفسه لا ينفع و لا يقدح.

و في توقفه على اجازته للمولّى عليه وجه، لأن قصد كونه لنفسه يوجب عدم وقوع البيع على الوجه المأذون، فتأمل (1)،

الثالثة: أن يبيع عن المالك ثم ينكشف كونه مالكا

(الثالثة) (2): أن يبيع عن المالك ثم ينكشف كونه مالكا و قد مثّل له الاكثر بما لو باع مال أبيه بظن حياته فبان ميتا و المشهور الصحة بل ربما استفيد من كلام العلامة في القواعد و الارشاد في باب الهبة الاجماع

و لم نعثر على مخالف صريح.

إلا أن الشهيد رحمه اللّه ذكر في قواعده: أنه لو قيل بالبطلان أمكن و قد سبقه في احتمال ذلك (3) العلامة و ولده في النهاية و الايضاح لأنه (4) إنما قصد نقل المال عن الأب، لا عنه، و لأنه (5) و إن كان منجزا في الصورة إلا أنه معلق، و التقدير إن مات مورّثي فقد بعتك، و لانه (6) كالعابث

+++++++++++

(1) لعله اشارة إلى أنه مع فرض كون قصد بيع مال الغير لنفسه لا ينفع و لا يقدح، فلا يبقى في المقام سوى أن البائع أوقع العقد على الوجه غير المأذون من قبل الشارع، لعدم اذنه له في التصرف في مال الصغير إلا إذا كانت هناك مصلحة للصغير في بيع ماله، و من المعلوم أن البائع باع لنفسه، لا للصغير حتى يكون البيع لمصلحته.

(2) أي الصورة الثالثة من الصور الاربعة المفروضة.

(3) أي في احتمال البطلان في هذه الصورة

(4) تعليل من العلامة لبطلان الصورة الثالثة أي لان البائع الفضولي.

و لا يخفى أن العلامة - قدس سره - أقام على بطلان الصورة الثالثة أدلة ثلاثة هذا أولها.

(5) هذا ثاني الادلة أي و لأن البائع الفضولي.

(6) هذا ثالث الادلة أي و لان البائع الفضولي.

ص: 95

عند مباشرة العقد، لاعتقاده (1) أن المبيع لغيره، انتهى.

(أقول) (2): أما قصد نقل الملك عن الأب فلا يقدح في وقوعه لأنه إنما قصد نقل الملك عن الأب من حيث إنه مالك باعتقاده ففي الحقيقة إنما قصد النقل عن المالك.

لكن اخطأ في اعتقاده أن المالك أبوه و قد تقدم (3). توضيح ذلك في عكس المسألة: أي ما لو باع ملك غيره باعتقاده أنه ملكه.

نعم (4) من ابطل عقد الفضولي لاجل اعتبار مقارنة طيب نفس المالك للعقد قوي البطلان عنده هنا (5)، لعدم طيب نفس المالك بخروج ماله عن ملكه (6)، و لذا (7) نقول نحن كما سيجيء (8) باشتراط الاجازة

+++++++++++

(1) تعليل لكون العاقد عابثا عند مباشرته العقد.

(2) هذا إشكال من الشيخ على الدليل الأول للعلامة الذي اقامه على بطلان الصورة الثالثة في ص 95 بقوله: لأنه إنما قصد نقل المال عن الأب،

(3) أي في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 223 عند قوله: المسألة الثالثة.

(4) استدراك عما أفاده: من صحة بيع الفضولي مال الغير عن المالك ثم انكشف أنه المالك.

(5) أي في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 95.

(6) عند إرادة البيع من الفضولي.

(7) أي و لأجل عدم وجود طيب النفس من المالك بخروج ماله عن مالكه.

(8) أي عند قوله: لكن الأقوى وفاقا للمحقق، و الشهيد الثانيين وقوفه على الاجازة.

ص: 96

من المالك بعد العقد، لعدم حصول طيب النفس حال العقد

و أما ما ذكره (1): من أنه في معنى التعليق ففيه مع مخالفته لمقتضى الدليل الأول (2)

كما لا يخفى منع كونه (3) في معنى التعليق، لأنه اذا فرض أنه يبيع مال أبيه لنفسه كما هو ظاهر هذا الدليل فهو إنما يبيعه مع وصف كونه لأبيه في علمه فبيعه كبيع الغاصب مبني على دعوى السلطنة و الاستقلال على المال، لا على تعليق للنقل بكونه منتقلا إليه بالارث عن مورثه، لأن ذلك لا يجامع و ظن الحياة

اللهم (4) إلا أن يراد أن القصد الحقيقي الى النقل معلق على تملك الناقل و بدونه فالقصد صوري على ما تقدم من المسالك: من أن الفضولي و المكره قاصدان الى اللفظ، دون مدلوله (5)

لكن فيه (6) حينئذ أن هذا القصد الصوري كاف، و لذا (7)

+++++++++++

(1) هذا إشكال من الشيخ على الدليل الثاني للعلامة المشار إليه في ص 95 بقوله: و لأنه و إن كان منجزا إلا أنه معلق

(2) اى الدليل الاول للعلامة المشار إليه في الهامش 4 ص 95 حيث إن مقتضى الدليل الاول هو البيع عن أبيه منجزا باعتقاد كونه في قيد الحياة

و مقتضى الدليل الثاني: و هو البيع عن نفسه: كونه معلّقا على موت ابيه فيكون مقتضى الدليلين مختلفا

(3) اى كون البيع في معنى التعليق

(4) استدراك عما افاده: من الصحة فيها في الصورة الثالثة و يروم البطلان

(5) راجع الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 63

(6) اى في هذا الاستدراك الذي عبر عنه الشيخ بقوله: اللهم إلا أن يقال

(7) اي و لأجل كفاية القصد الصوري

ص: 97

قلنا بصحة عقد الفضولي

و من ذلك (1) يظهر ضعف ما ذكره أخيرا من كونه كالعابث عند مباشرة العقد، معللا (2) بعلمه بكون المبيع لغيره

و كيف كان فلا ينبغي الإشكال في صحة العقد (3) الا (4) أن ظاهر المحكي من غير واحد لزوم العقد، و عدم الحاجة الى اجازة مستأنفة، لأن المالك هو المباشر للعقد فلا وجه لاجازة فعل نفسه، و لأن قصده الى نقل مال نفسه إن حصل هنا بمجرد القصد الى نقل المال المعين الذي هو في الواقع ملك نفسه و إن لم يشعر به فهو أولى من الاذن في ذلك، فضلا عن اجازته و إلا توجه عدم وقوع العقد له

+++++++++++

(1) اى و من هذا البيان الذي ذكرناه في رد ما افاده العلامة في دليله الثاني: و هو أن البيع في الواقع معلق و إن كان في الظاهر منجزا يظهر ضعف دليله الثالث الذي ذكره في ص 95 بقوله: و لأنه كالعابث عند مباشرة العقد بتعليل أنه يعتقد أن المبيع لغيره

و أما وجه الظهور فهو كفاية القصد الصوري في صحة العقد و إن كان العاقد عابثا عند مباشرة العقد

(2) اى العلامة علل وقوع العقد عبثا بأن البائع عالم بكون المبيع لغيره

(3) اى في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 95

هذا رأي الشيخ في الصورة الثالثة

(4) هذا استثناء عما افاده: من صحة العقد في الصورة الثالثة و أنها تحتاج الى الاجازة

ص: 98

لكن (1) الأقوى وفاقا للمحقق و الشهيد الثانيين وقوفه على الاجازة لا لما ذكره (2) في جامع المقاصد من أنه لم يقصد الى البيع الناقل للملك الآن، بل مع اجازة المالك، لاندفاعه (3) بما ذكره بقوله: إلا أن يقال:

إن قصده الى اصل البيع كاف

و توضيحه (4) أن انتقال المبيع شرعا بمجرد العقد، أو بعد اجازة المالك ليس من مدلول لفظ العقد حتى يعتبر قصده، أو يقدح قصد خلافه و إنما هو من الأحكام الشرعية العارضة للعقود بحسب اختلافها في التوقف

+++++++++++

(1) هذا رأي الشيخ في المسألة الثالثة التي باع مال الغير معتقدا كونه غير جائز التصرف فبان أنه جائز التصرف

(2) اى المحقق الثاني

و خلاصة ما افاده في جامع المقاصد في علة توقف المسألة الثالثة على اجازة مستقلة مستأنفة بعد أن صار البائع مالكا: هو أن البائع عند ما باع مال الغير لم يقصد نقل المبيع الى المشتري حالا، بل إنما قصد نقله مع اجازة المالك، لعلمه بعدم تملكه للمبيع شرعا فلا يؤثر بيعه في الملكية شرعا، فاذا حصلت الاجازة حصلت الملكية، و إلا فلا

(3) اى لاندفاع هذا الإشكال بما ذكره المحقق الثاني في المصدر نفسه بقوله: إلا أن يقال

و خلاصة ما أفاده هناك أنه لو قلنا بكفاية قصد البائع الى اصل البيع عند البيع لاستغنينا عن اجازة مستأنفة جديدة، لكونه يقصد انتقال المبيع الى المشتري حالا فلا يبقى للإشكال المذكور مجال

(4) اى و توضيح هذا الاندفاع

هذا توضيح من الشيخ للاندفاع المذكور في جامع المقاصد -

ص: 99

على الامور المتأخرة، و عدمه مع (1) أن عدم القصد المذكور لا يقدح بناء على الكشف، بل قصد النقل بعد الاجازة (2) ربما يحتمل قدحه فالدليل (3) على اشتراط تعقب الاجازة في اللزوم هو عموم تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

و خلاصته: أن انتقال المبيع الى المشتري بمجرد العقد، أو بعد صدور الاجازة ليس من مدلول لفظ العقد حتى يعتبر قصد انتقال المبيع بالكيفية أو يقدح قصد خلافه، لأن العقد إنما يدل على وقوع المبيع في الخارج عند صدوره من البائع فقط، و أما دلالته على الكيفية المذكورة فلا حتى يكون عدم قصد الانتقال المذكور مضرا للعقد، أو قصد خلافه قادحا له، لان قصد الانتقال حكم من الأحكام الشرعية خارج عن مدلول لفظ العقد، و عارض على العقد بحسب اختلاف العقد

فإن وقع العقد عن شخص المالك، أو وكيله، أو كان وليا عليه فلا يحتاج الى شيء زائد يعبر عنه بالاجازة

و إن لم يقع من احد المذكورين كان البيع فضوليا متوقفا على امر زائد و هو الاجازة

(1) اى و لنا بالإضافة الى ما ذكرناه في التوضيح دليل آخر على عدم اعتبار قصد انتقال المبيع شرعا الى المشتري بمجرد العقد، أو بعد الاجازة:

و هو أن عدم القصد المذكور غير قادح في المقام على القول بالكشف، لأن معنى الكشف هو انتقال المبيع الى المشتري بمجرد صدور العقد، فعليه فلا تحتاج المسألة الثالثة الى اجازة مستأنفة بعد تملك البائع للمبيع حتى نضطر في الجواب عن إشكال المحقق الثاني لو لم نقل بالاجازة الى الاندفاع المذكور

(2) اى بناء على القول بالكشف كما عرفت

(3) هذا دليل الشيخ على توقف الصورة الثالثة من الصور الاربعة -

ص: 100

و عدم حلها لغيرهم الا بطيب أنفسهم، و حرمة اكل المال إلا بالتجارة عن تراض.

و بالجملة (1) فاكثر أدلة اشتراط الاجازة في الفضولي جارية هنا

و أما ما ذكرناه (2): من أن قصد نقل ملك نفسه إن حصل اغنى عن الاجازة، و إلا (3) فسد العقد

+++++++++++

- المفروضة من المسألة الثالثة: على الاجازة

و قد استدل على ذلك بامور ثلاثة

(الاول): عموم الناس مسلطون على أنفسهم

(الثاني): عموم لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه

(الثالث): عموم قوله تعالى: و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

فهذه الأدلة الثلاثة بعمومها تدل على أن البائع بعد الانكشاف بكونه مالكا لا بدّ له من اجازة جديدة للمبيع حتى يصح البيع، و إلا اصبح فاسدا بمقتضى هذه الأدلة

(1) اى و خلاصة الكلام أن كل شيء قلناه في اشتراط الاجازة في الفضولي لا بدّ من القول به في الصورة الثالثة من الصور الاربعة المفروضة في المسألة الثالثة

(2) اى في ص 97 عند قوله في توجيه كلام العلامة القائل ببطلان بيع الفضولي مال الغير عن المالك ثم انكشف كونه مالكا: اللّهم إلا أن يراد أن القصد الحقيقي الى النقل معلق على تملك الناقل و بدونه فالقصد صوري

(3) اى و ان لم يحصل قصد نقل ملك نفسه فقد فسد العقد -

ص: 101

ففيه (1) أنه يكفي في تحقق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم القصد الى نقل المال المعين، و قصد كونه مال نفسه، أو مال غيره مع خطئه في قصده، أو صوابه في الواقع لا يقدح و لا ينفع، و لذا (2) بنينا على صحة العقد بقصد نقل مال نفسه مع كونه مالا لغيره

و أما (3) أدلة اعتبار التراضي، و طيب النفس فهي دالة على اعتبار رضا المالك بنقل خصوص ماله بعنوان أنه ماله، لا بنقل مال معين يتفق كونه ملكا له في الواقع، فإن حكم طيب النفس و الرضا لا يترتب

+++++++++++

- و قد استفيد هذا المعنى من قوله في ص 97: و بدونه فالقصد صوري كما شرحناه لك مفصلا

(1) اى ففي توجيهنا لكلام العلامة نظر و إشكال

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن بقوله: إنه يكفي في تحقق صورة العقد القابلة فلا نعيده

(2) اى و لاجل أن قصد كونه مال نفسه، أو مال غيره مع خطئه في الواقع لا يقدح و لا ينفع

(3) هذا دفع وهم

حاصل الوهم: أنه في صورة كفاية القصد الى نقل المال المعين الشخصي في تحقق صورة العقد يكون طيب النفس بنقل المال المعين الشخصي أيضا حاصلا

فكيف تتمسكون في اثبات لزوم الاجازة بما دل على اعتباره في حلّ مال شخص لغيره

فاجاب ما حاصله: أن المعتبر في العقد شيئان:

(الاول): القصد الى مدلول العقد، لأنه شرط في صحة العقد -

ص: 102

على ذلك (1)، فلو (2) اذن في التصرف في مال يعتقد أنه لغيره، و المأذون يعلم أنه له لم يجز له التصرف بذلك الاذن

+++++++++++

- (الثاني): الرضا بالمدلول، لأنه شرط في لزوم العقد و من الواضح أن أدلة اعتبار الاول لا تقتضي أزيد من القصد الى نقل المال المعين، فالقصد إليه لا يحتاج الى القصد الى أنه ماله، أو مال غيره

و أما أدلة اعتبار الثاني فتقتضي تحققه بالنسبة الى عنوان خاص: بمعنى أن المستفاد من تلك الأدلة هو اعتبار رضا الباطني بنقل المال بعنوان أنه ماله، لا ينقل مال معين يتفق كونه ملكا له

و من المفروض عدم ذلك، حيث باع مال الغير عن المالك بعنوان أنه مال المالك ثم تبين أنه ماله في الواقع و نفس الأمر، و هذا غير كاف في تحقق العقد و لزومه، لعدم تحقق شرط اللزوم في العقد و هو الاجازة بل المتحقق هو شرط العقد و هو صورته القابلة للحوق اللزوم، و القابلية إنما تتحقق بتحقق الاجازة، فطيب النفس و الرضا إنما يترتبان على هذا العقد المتحقق فيه الاجازة، لا على ما اتفق كونه ملكا له في الواقع

(1) اى لا على ما اتفق كونه ملكا له في الواقع كما عرفت

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن طيب النفس و الرضا يترتبان على اعتبار رضا المالك بنقل خصوص ماله بعنوان أنه ماله، لا على ما اتفق كونه ملكا له في الواقع

و خلاصته: أنه على ضوء ما ذكرنا فلو اذن شخص لزيد في التصرف في مال يعتقد أنه لغيره و المأذون عالم بأن المال للآذن فلا يجوز للمأذون التصرف في ذلك المال: لأن الآذن حينما اذن كان يعتقد أن المال للغير فاذنه صدر بهذا العنوان، لا بعنوان أنه ماله، و اتفاق أن المال كان له -

ص: 103

و لو (1) فرضنا أنه اعتق عبدا عن غيره فبان أنه له (2) لم ينعتق

و كذا (3) لو طلق امرأة وكالة عن غيره فبانت زوجته، لأن القصد المقارن الى طلاق زوجته، و عتق مملوكه معتبر فيهما، فلا تنفع الاجازة

و لو غره (4) الغاصب فقال: هذا عبدى اعتقه عنك فاعتقه عن نفسه فبان كونه له

فالاقوى أيضا عدم النفوذ، وفاقا للمحكي عن التحرير، و حواشي الشهيد و جامع المقاصد، مع حكمه (5) بصحة البيع هنا، و وقوفه على الاجازة

+++++++++++

- لا يجدي في المقام فلا بد من اجازة جديدة حتى يصح العقد

(1) هذا فرع مستقل لا ربط له بالمقام، حيث إن الاجازة اللاحقة له لا تفيد اصلا كما صرح الشيخ بقوله بعد سطرين: فلا تنفع الاجازة

و إنما اتى به الشيخ لاثبات أن انكشاف الواقع و خلاف الاعتقاد لا يجدى في المقام

(2) اى للمعتق.

(3) هذا فرع مستقل أيضا لا ربط له بالمقام، و الاتيان به لعين ما قلناه من الملاك في الفرع الاول

(4) هذا فرع آخر لا ربط له بالفرعين المذكورين أيضا

(5) اى مع حكم صاحب جامع المقاصد بصحة البيع في الصورة الثالثة من الصور الاربعة من المسألة الثالثة المشار إليها في ص 95

ص: 104

لأن (1) العتق لا يقبل الوقوف، فاذا لم يحصل القصد الى فك ماله مقارنا للصيغة وقعت (2) باطلة، بخلاف البيع (3).

فلا (4) تناقض بين حكمه ببطلان العتق، و صحة البيع مع الاجازة كما يتوهم (5).

نعم ينبغي ايراد التناقض على من حكم هناك (6) بعدم النفوذ، و حكم

+++++++++++

(1) تعليل لعدم نفوذ العتق في صورة تغرير الغاصب، أى العتق لا يتوقف على الاجازة، فالتعليق فيه مبطل له.

(2) اى الصيغة الصادرة من المعتق الغاصب باطلة و إن بان أن العبد له.

(3) حيث إنه يتوقف على الاجازة، فالصيغة الصادرة من البائع صحيحة اذا اجاز المالك.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم وقوف العتق على الاجازة فالصيغة باطلة، و وقوف البيع على الاجازة فالصيغة صحيحة إن اجاز المالك، اى ففي ضوء ما ذكرناه: من الوقوف على الاجازة في البيع و عدم الوقوف على الاجازة في العتق فلا تناقض و لا تهافت بين حكم المحقق الثاني بصحة البيع مع الاجازة، و بطلان العتق، لأنك عرفت أن عدم حصول القصد الى فك ماله مقارنا للصيغة تقع الصيغة باطلة، بخلاف البيع فان عدم حصول القصد الى فك ماله اذا لم يقع مقارنا للصيغة لا تقع الصيغة باطلة.

(5) اى هذا التناقض و التهافت هو المتوهّم من ظاهر كلام المحقق حيث حكم ببطلان العتق في صورة انكشاف العبد للمعتق الغاصب.

و حكم بصحة البيع في صورة انكشاف المبيع للبائع الفضولي مع أن ملاك الصحة و البطلان في كليهما واحد: و هو الانكشاف، فهذا هو التناقض.

(6) أي في باب العتق.

ص: 105

في البيع باللزوم، و عدم الحاجة الى الاجازة، فان (1) القصد الى إنشاء يتعلق بمعين هو مال المنشئ في الواقع من غير علمه به إن كان يكفي في طيب النفس و الرضا المعتبر في جميع انشاءات الناس المتعلقة بأموالهم وجب الحكم بوقوع العتق.

و إن اعتبر في طيب النفس المتعلق باخراج الأموال عن الملك العلم بكونه مالا له و لم يكف مجرد مصادفة الواقع وجب الحكم بعدم لزوم البيع

فالحق (2) أن القصد الى الانشاء المتعلق بمال معين مصحح للعقد:

بمعنى قابليته للتأثير، و لا يحتاج الى العلم بكونه مالا له.

لكن لا يكفي ذلك في تحقق الخروج عن ماله بمجرد الانشاء (3)

+++++++++++

(1) هذا تعليل من الشيخ لورود التناقض في كلام من حكم ببطلان العتق و عدم نفوذه، و بصحة البيع و لزومه، و عدم احتياجه الى الاجازة اصلا.

و خلاصته: أن مجرد القصد الى إنشاء يتعلق بمعين يكون هذا المعين مال المنشئ في الواقع و نفس الامر، و المنشئ لا يعلم حين الانشاء أن هذا المعين المقصود هو ماله و مملوكه: لو كان كافيا في طيب النفس و الرضا الباطني المعتبر هذا الطيب و الرضا في جميع الإنشاءات المتعلقة بأموال الناس لوجب الحكم بوقوع العتق.

(2) هذا راي الشيخ في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 95 يروم أن يفرق بين البيع و العتق في صورة انكشاف الواقع، و مطابقة الظاهر للواقع، و يقول بصحة الاول، و بطلان الثاني، و قد افاد كيفية ذلك في المتن فلا نعيده.

(3) بل يحتاج الى اجازة جديدة حتى يتحقق اللزوم، و بدونها لا يتحقق البيع في الخارج. -

ص: 106

ثم إن كان ذلك الإنشاء مما يقبل اللزوم بلحوق الرضا كفت الاجازة كما في العقود، و إلا وقع الانشاء باطلا كما في الايقاعات (1).

ثم إنه ظهر مما ذكرنا في وجه الوقوف (2) على الاجازة أن هذا الحق (3)، للمالك من باب الاجازة، لا من باب خيار الفسخ، فعقده (4) متزلزل من حيث الحدوث، لا البقاء كما قواه (5) بعض من (6) قارب عصرنا، و تبعه بعض من (7) عاصرناه، معلّلا (8) بقاعدة نفي الضرر

+++++++++++

- فما افاده القائل: من لزوم البيع، و عدم احتياجه الى الاجازة في غير محله.

(1) التي منها العتق و الطلاق كما فيما نحن فيه.

(2) اى وقوف البيع على اجازة جديدة في الصورة الثالثة بقوله في ص 100: فالدليل على اشتراط تعقب الاجازة.

(3) و هو الاجازة، اى الاجازة حق من حقوق المالك فبدونها لا يتحقق طيب النفس في البيع في الصورة الثالثة.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الاجازة حق من حقوق المالك من باب الاجازة اى فعلى ضوء ما ذكرناه يكون عقد البيع في الصورة الثالثة متزلزلا: من حيث الحدوث، لا من حيث البقاء كما في خيار الفسخ.

(5) اى كما قوى تزلزل العقد من حيث البقاء، لا من حيث الحدوث في الصورة الثالثة صاحب المقابيس.

(6) و هو صاحب المقابيس كما عرفت آنفا

(7) و هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

(8) اى حال كون صاحب المقابيس علّل لمدعاه: و هو أن تزلزل -

ص: 107

اذ فيه (1) أن الخيار فرع الانتقال.

و قد تقدم توقفه (2) على طيب النفس.

و ما ذكراه (3) من الضرر المترتب على لزوم البيع ليس لامر راجع

+++++++++++

- العقد في الصورة الثالثة من حيث البقاء، لا من حيث الحدوث، و أن التزلزل من باب خيار الفسخ، و أنه حق للمالك، و أنه من باب الاجازة.

و خلاصة تعليله: أنه من الممكن أن البائع عند ما باع مال الغير بعنوان صاحبه قد باعه بأقل من قيمته الواقعية فاذا اجاز البائع البيع بما وقع العقد عليه بعد أن صار مالكا فقد اصابه الضرر، و الضرر منفي في الاسلام، فيكون التزلزل من باب خيار الفسخ حتى يفسخ، لئلا يتضرر البائع الذي صار مالكا جديدا.

(1) اى فيما أفاده صاحب المقابيس في التعليل المذكور نظر و إشكال.

و خلاصته: أن الخيار فرع الانتقال، لأن المبيع اذا لم ينتقل الى المشتري لم يثبت له الخيار، فالخيار مترتب عليه.

و من المعلوم أن الانتقال إنما يتحقق بعد وجوب طيب النفس و هو في الصورة الثالثة مفقود فكيف يأتي الخيار؟

(2) اى توقف الانتقال على الاجازة في الجزء 8 ص 45 عند قوله: مسألة

(3) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب المقابيس و صاحب الجواهر:

من لزوم الضرر اذا لم نقل بخيار الفسخ.

و حاصله: أن الضرر المدعى إنما يوجب التزلزل و الخيار في البقاء لو كان البيع واجدا لجميع الشرائط كما في الضرر الحاصل في العوضين في خيار الغبن، فان أركان البيع كلها موجودة فيه سوى العلم بالقيمة الواقعية التي هي أزيد من العوض المسمى و هو ليس شرطا في صحة العقد حتى يفسد فيتدارك هذا الضرر بالخيار. -

ص: 108

الى العوض و المعوض و إنما هو (1) لانتقال الملك عن مالكه من دون علمه و رضاه، اذ (2) لا فرق في الجهل بانتقال ماله بين أن يجهل أصل الانتقال كما يتفق في الفضولي، أو يعلمه و يجهل تعلقه بماله.

و من المعلوم أن هذا الضرر هو المثبت لتوقف عقد الفضولي على الاجازة اذ لا يلزم من لزومه (3) بدونها سوى هذا الضرر.

ثم إن الحكم بالصحة في هذه الصورة (4) غير متوقفة على القول بصحة عقد الفضولي، بل يجيء (5) على القول بالبطلان.

+++++++++++

- و أما الضرر الموجود فيما نحن فيه و هي الصورة الثالثة فقد جاء من قبل عدم وجود طيب النفس الذي هو شرط في صحة العقد، فمثل هذا الضرر لا يكون موجبا للخيار، فالعقد متزلزل من حيث الحدوث، لا من حيث البقاء، فالعقد متوقف على الاجازة كما في مطلق بيع الفضولي، من دون اختصاصه بما نحن فيه: و هي الصورة الثالثة.

(1) اى الضرر الحاصل فيما نحن فيه، و قد عرفت معناه في الهامش 3 ص 108

(2) تعليل لكون الضرر المتوجه فيما نحن فيه إنما هو لاجل انتقال الملك عن مالكه من دون علمه و رضاه.

و قد ذكرنا التعليل في الهامش 3 ص 108.

(3) اى من لزوم العقد بدون الاجازة هذا الضرر كما عرفت شرحه عند قولنا: فالعقد متزلزل من حيث الحدوث

(4) اي في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 95

(5) اى الحكم بصحة هذه الصورة يأتي أيضا على القول ببطلان مطلق بيع الفضولي.

ص: 109

إلا (1) أن يستند في البطلان بما تقدم: من قبح التصرف في مال الغير فيتجه عنده حينئذ البطلان ثم يغرم (2) المثمن إن كان جاهلا.

الرابعة: أن يبيع لنفسه باعتقاد أنه لغيره فانكشف أنه له

(الرابعة (3): أن يبيع لنفسه باعتقاد أنه لغيره فانكشف أنه له

و الأقوى هنا (4) أيضا الصحة و لو على القول ببطلان الفضولي، و الوقوف على الاجازة بمثل ما مرّ في الثالثة.

و في عدم الوقوف هنا (5) وجه لا يجري في الثالث

+++++++++++

(1) استثناء عما افاده: من صحة صورة الثالثة و لو قلنا ببطلان مطلق بيع الفضولي.

خلاصته: أنه لو كان مستند البطلان في مطلق بيع الفضولي هو قبح التصرف في مال الغير كما تقدم هذا المعنى من الشيخ في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 214 عند قوله في ذكر أدلة المبطلين: الرابع ما دل من العقد و النقل على عدم جواز التصرف في مال الغير الا باذنه: اتجه القول ببطلان الصورة الثالثة أيضا لكون البائع تصرف في مال الغير بلا اذن منه، و بلا طيب النفس منه و هذا قبيح.

(2) اي البائع الذي اصبح مالكا.

(3) اى الصورة الرابعة من الصور الاربعة المفروضة في المسألة الثالثة المشار إليها في ص 95.

(4) اي في الصورة الرابعة كما قلنا بصحة الصورة الثالثة.

(5) اي في الصورة الرابعة وجه يمكن أن يقال بعدم توقفها على الاجازة لأن في هذه الصورة باع الفضولي مال الغير لنفسه ثم انكشف كونه له فاتحد المقصود و الواقع المعبر عنه بالمنكشف.

بخلاف الصورة الثالثة، حيث باع الفضولي المال عن المالك ثم انكشف كونه له فاختلف المقصود و المنكشف.

ص: 110

و لذا (1) قوّى اللزوم هنا بعض من قال بالخيار في الثالثة.

+++++++++++

(1) اي و لاجل وجود وجه في عدم توقف الصورة الرابعة على الاجازة لاتحاد المقصود و المنكشف افاد بعض الأعلام أن اللزوم في هذه الصورة قوي، و إن افاد بالخيار في الصورة الثالثة.

الى هنا كان الكلام حول المجيز و شرائطه و قد عرفته تفصيلا

حامدين اللّه عز و جل و شاكرين له

ص: 111

ص: 112

و أما القول في المجاز
اشارة

ص: 113

ص: 114

و أما القول في المجاز (1) فاستقصاؤه يكون ببيان امور:

الأول: يشترط فيه كونه جامعا لجميع الشروط المعتبرة في تأثيره عدا رضا المالك

(الأول): يشترط فيه (2) كونه جامعا لجميع الشروط المعتبرة في تأثيره (3) عدا رضا المالك فلا يكفي اتصاف المتعاقدين بصحة الانشاء (4) و لا (5) احراز سائر الشروط بالنسبة الى الاصيل فقط على الكشف

+++++++++++

(1) يضم الميم، و المراد به هو العقد الواقع عليه الاجازة، لا الشخص الصادر منه عقد الفضولي، اذ لا معنى لاتصاف الشخص به كما ربما يتوهم ذلك.

من هنا اخذ الشيخ قدس سره في الكلام حول المجاز.

(2) اي في العقد المجاز

(3) اي في تأثير العقد: من حيث الماضوية و العربية، و تقديم الايجاب على القبول، و الموالاة، و المقارنة لو اعتبرت هذه الامور

و كذا لا بدّ من وجود جميع شرائط المتعاقدين: من العقل، و البلوغ و الاختيار

و كذا وجود جميع شروط العوضين: من كونهما معلومين، قابلين للتملك، و كونهما ملكي طلق للعاقدين، و كون البائع قادرا على تسليم المبيع للمشتري

(4) اى مجرد اتصاف المتعاقدين بصحة الإنشاء مع فرض بقية شروط البيع غير كاف في تأثير العقد

(5) اى و كذلك لا يكفي مجرد احراز وجود جميع الشرائط في الاصيل -

ص: 115

للزومه (1) عليه حينئذ، بل مطلقا (2)، لتوقف (3) تأثيره الثابت و لو على القول بالنقل عليها، و ذلك (4) لأن العقد إما تمام السبب أو جزؤه، و على أي حال (5) فيعتبر اجتماع الشروط عنده

+++++++++++

الذي هو احد المتعاقدين في عقد الفضولي و إن قلنا بالكشف، بل لا بدّ من احرازها مطلقا حتى على القول بالنقل، و حتى في جانب الفضولي

(1) تعليل لعدم كفاية إحراز سائر الشروط بالنسبة الى الأصيل فقط على القول بالكشف، بل لا بدّ من احرازها حتى على القول بالنقل و حتى في جانب الفضولي، اى للزوم العقد على جانب الاصيل حين أن قلنا بالكشف

(2) اى حتى على القول بالكشف، و حتى على القول في جانب الأصيل كما عرفت آنفا

(3) تعليل لعدم كفاية إحراز الشروط بالنسبة الى الأصيل على القول بالكشف، بل لا بدّ من الاحراز حتى على القول بالنقل، و في جانب الأصيل، اى إنما نقول بعدم الاكتفاء لأجل توقف تأثير العقد على احراز جميع الشروط حتى على القول بالنقل

(4) تعليل للتوقف اى إنما نقول بالتوقف لأجل أن العقد إما تمام السبب و الاجازة تكون كاشفة محضة عن تمامية السبب، بناء على ما افاده المحقق الثاني كما عرفت تحقيقه في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 277 فراجع

و إما جزء السبب، و جزؤه الآخر الاجازة

(5) اى سواء قلنا: إن العقد تمام السبب في النقل و الانتقال أم جزؤه، و الجزء الآخر هي الاجازة، فلا بد من القول باجتماع جميع شروط العقد عند صدوره

ص: 116

و لهذا (1) لا يجوز الايجاب في حال جهل القابل بالعوضين، بل لو قلنا بجواز ذلك (2)

+++++++++++

و من جملة الشروط رضا المالك، و طيب نفسه و هو مفقود في بيع الفضولي مال الغير لنفسه، و الرضا لا يحصل إلا بالاجازة

فالحاصل أنه كل ما كان شرطا في اصل العقد و صحة الإنشاء لا بدّ من وجوده حين العقد

كما أنه لا بدّ من وجود كل ما هو شرط للاثر الذي هو النقل و الانتقال عند صدور العقد

هذا على القول بالكشف ظاهر، لأن العقد تمام السبب كما عرفت

و أما على القول بالنقل فلا بد من وجود الشروط حين العقد أيضا لا حين الاجازة، لأنه من الممكن عدم بقاء شروط الانتقال الى زمن صدور الاجازة

هذا بالنسبة الى الكبرى مسلم

و أما بالنسبة الى الصغرى و أن أي فرد من أفراد الشروط شرط الانتقال، و أي منها شرط العقد فتعينه منوط برأي الفقيه

(1) أي و لاجل اعتبار جميع الشروط عند صدور العقد قال الفقهاء بعدم جواز الايجاب مع جهل القابل بالعوضين، لأن علمه بهما معتبر عند صدور العقد

(2) اى لو قلنا بجواز صدور الايجاب مع جهل القابل بالعوضين و أن الاجتماع غير معتبر و إن علم بهما حال القبول لم يلزم من هذا الجواز القول بجواز عدم اعتبار الاجتماع فيما نحن فيه: و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اجازه

ص: 117

لم يلزم منه الجواز هنا (1)، لأن الاجازة على القول بالنقل أشبه بالشرط (2)

و لو سلم كونها (3)، جزء فهو جزء للمؤثر (4)، لا للعقد (5) فيكون جميع ما دل: من النص و الاجماع على اعتبار الشروط في البيع ظاهرة في اعتبارها (6) في إنشاء النقل و الانتقال بالعقد

نعم لو دل دليل على اعتبار شرط في ترتب الاثر الشرعي (7) على العقد من غير ظهور في اعتباره (8) في اصل الانشاء أمكن القول بكفاية وجوده (9) حين الاجازة (10)

و لعل من هذا القبيل (11) القدرة على التسليم، و اسلام مشتري المصحف، و العبد المسلم

+++++++++++

(1) اى فيما نحن فيه و هو بيع الفضولي مال الغير لنفسه كما علمت

(2) و حينئذ يعتبر وجودها عند صدور العقد

(3) أى كون الاجازة جزء و قلنا بكفاية حصول العلم قبل تمامية الأجزاء

(4) و هو المركب من العقد و الاجازة

(5) و هو الفارغ من الاجازة

(6) اى في اعتبار تلك الشروط

(7) و هو النقل و الانتقال الذين بمعنى الاسم المصدري

(8) اى في اعتبار ذلك الشرط

(9) اى وجود ذلك الشرط

(10) لا حين صدور العقد

(11) اى و من قبيل عدم ظهور الدليل الشرعي على عدم اعتبار الشروط في اصل الانشاء، بل يكفي وجودها عند صدور الاجازة: القدرة

ص: 118

ثم هل يشترط بقاء الشرائط المعتبرة حين العقد الى زمان الاجازة أم لا؟

لا ينبغي الإشكال في عدم اشتراط بقاء المتعاقدين على شروطهما (1) حتى على القول بالنقل

+++++++++++

على تسليم المبيع كما لو كان المبيع عبدا آبقا و قد بيع فضولا، أو كان مصحفا كريما، أو كان عبدا مسلما و كان المشتري لهما كافرا و قد بيعا عليه ثم اجاز البيع المالك في البيوع الثلاثة

ففي هذه الأمثلة و إن لم تكن القدرة على تسليم المبيع موجودة عند اصل الإنشاء، مع أنها شرط في صحة البيع

لكنها موجودة عند صدور الاجازة فيكتفى بها

(1) في أغلب نسخ المكاسب الموجودة عندنا حتى النسخة المصححة من قبل بعض الافاضل من تلامذة الشهيدي قدس سره: (على شروطها) بضمير التأنيث و الجمع

و حيث لا ينسجم المعنى بذلك، بالإضافة الى عدم وجود مرجع للضمير صححنا الكلمة بضمير التثنية كما اثبتناها هنا، و مرجعه المتعاقدان

ثم راجعنا بعض الحواشي: و منها تعليقة الشيخ المامقاني قدس سره فرأينا الضمير كما اثبتناه هنا فسكن الفؤاد، و استقر الضمير شاكرين له هذه النعمة العظمى

راجع تعليقة الشيخ المامقاني على المكاسب ص 395

و المراد من شروط المتعاقدين العقل، و البلوغ، و الاختيار، و من المعلوم أن المتعاقدين هنا الاصيل و الفضولي، لأنهما طرفا العقد، و أن انتفاء الشرائط بالنسبة إليهما الى زمن صدور الاجازة إنما هو بالنسبة الى الشرط الذي يكون

ص: 119

نعم على القول بكونها (1) بيعا مستأنفا يقوى الاشتراط (2)

و أما شروط العوضين (3) فالظاهر اعتبارها، بناء على النقل

و أما بناء على الكشف فوجهان (4)

و اعتبارها (5) عليه أيضا غير بعيد

+++++++++++

قابلا للانتقاء في الزمن المتأخر الذي هو زمن الاجازة كالعقل و الاختيار

و أما بالنسبة الى الشرط الذي لا يكون قابلا للانتفاء كالبلوغ بعد تحققه فالمجيز تعتبر فيه الشرائط المعتبرة فيه عند ايقاع الاجازة

(1) اى بكون الاجازة بيعا جديدا

(2) اى اشتراط بقاء المتعاقد على شروطهما الى زمن صدور الاجازة حيث تكون المعاملة معاملة جديدة على هذا المبنى

(3) من معلومية العوضين، و قابليتهما للتملك، و كونهما مقدورين للتسليم، و كونهما ملكي طلق للمتعاقدين

(4) الوجهان مبنيان على ظهور أدلة البيع في اعتبار الاستمرار كما افاده صاحب الجواهر، و قد تقدم بيانه في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 329 فراجع

أو ظهورها في عدم الاستمرار كما افاده الشيخ في رد صاحب الجواهر راجع المصدر نفسه. ص 330

(5) اي اعتبار شروط العوضين على القول بالكشف الى حين صدور الاجازة أيضا غير بعيد

و لا يخفى أنه تقدم من الشيخ في ذكر الثمرات المترتبة على القول بالكشف و النقل عن بعض الاعلام عدم اعتبار بقاء شروط العوضين الى زمن صدور الاجازة، فما ذكره هنا مناف لما افاده هناك -

ص: 120

الثاني: هل يشترط في المجاز كونه معلوما للمجيز بالتفصيل:

(الثاني): (1) هل يشترط في المجاز كونه معلوما للمجيز بالتفصيل:

من تعيين العوضين، و تعيين نوع العقد من كونه بيعا، أو صلحا فضلا عن جنسه: من كونه نكاحا لجاريته، أو بيعا لها

أم يكفي العلم الاجمالي بوقوع عقد قابل للاجازة (2)؟

وجهان:

من كون (3) الاجازة كالإذن السابق فيجوز تعلقه بغير المعين إلا (4) اذا بلغ حدا لا يجوز معه التوكيل

+++++++++++

- راجع الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 328 عند قوله:

و كذا لو انسلخت قابلية المنقول بتلف

و لا سيما استدلاله قدس سره بخبر نكاح الصغيرين المذكور في المصدر نفسه في الهامش 2 ص 304 الدال على عدم اعتبار استمرار القابلية الى زمن صدور الاجازة

(1) اى من الامور التي افادها الشيخ في ص 115 بقوله: و أما القول في المجاز فاستقصاؤه يتم ببيان امور

(2) اذ الغاية من اعتبار الاجازة في عقد الفضولي هو حصول الرضا و طيب النفس بانتقال المبيع الى المشتري، و حصول اضافة العقد الى المجيز و لا شك أنهما يحصلان بالعلم الاجمالي و لا يحتاجان الى العلم التفصيلي

(3) هذا دليل لعدم اشتراط كون المجاز معلوما بالتفصيل عند المجيز و كفاية علم الاجمالي في ذلك

و خلاصته: أن الاجازة كالإذن لسابق الصادر من المالك فكما أنه يجوز تعلقه بشيء غير معين، كذلك يجوز تعلق الاجازة بشيء غير معين من دون احتياجها الى كون الشيء معلوما بالتفصيل عند المجيز

(4) استثناء عما افاده: من جواز تعلق الاذن بغير معين

ص: 121

و من (1) أن الاجازة بحسب الحقيقة احد ركني العقد، لأن المعاهدة الحقيقية إنما تصل بين المالكين بعد الاجازة فتشبه القبول، مع عدم تعيين الايجاب عند القابل

+++++++++++

و خلاصته: أن جواز تعلق الاذن السابق بشيء غير معين إنما يصح لو لم يبلغ الاذن الى حد لا يجوز معه التوكيل، بخلاف ما اذا بلغ كما لو وكل زيد عمرا في امر مبهم: بأن قال له:

وكلتك في شيء، أو وكلتك في التصرف في أموالي، أو يقول:

وكلتك في احد الأمرين: من البيع أو النكاح مع إرادة الترديد لا التخيير، فان الوكالة في هذه الصور مبهمة قد بلغت الى حد لا يجوز معه التوكيل

و أما في غير هذه الصور فالوكالة صحيحة كما لو قال: وكلتك في شراء دار من دون أن يصف الدار للوكيل، لعدم اشتراط تعيين متعلق الوكالة من جميع الجهات

(1) هذا دليل لاشتراط العلم التفصيلي للمجيز بالمجاز

و خلاصته: أن الاجازة في الحقيقة و الواقع احد ركني العقد، اذ العقد مركب من الايجاب و القبول و قد وقع القبول من قبل الاصيل الذي هو المشتري

و الايجاب وقع من قبل العاقد الفضولي فكأنما لم يقع فاحتاج الى الركن الثاني و هو الاجازة حتى تحصل المعاهدة الحقيقية بين مالكين اصليين بعد صدور الاجازة، لأن العقد الاول الصادر بين فضولي و اصيل لم يتحقق فيه مفهوم المعاهدة الحقيقية، لعدم أصالة الفضولي

فالاجازة تشبه القبول في كونه احد ركني العقد

ثم لا يخفى عليك أن القول بأن الاجازة احد ركني العقد مبني على رأي

ص: 122

و من هنا (1) يظهر قوة احتمال اعتبار العلم بوقوع العقد، و لا يكفي مجرد احتماله (2) فيجيزه على تقدير وقوعه اذا انكشف وقوعه، لأن (3) الاجازة و إن لم تكن من العقود حتى تشملها معاقد اجماعهم على عدم جواز التعليق فيها، إلا أنها في معناها (4)، و لذا (5) يخاطب المجيز بعدها (6) بالوفاء بالعقد السابق، مع أن الوفاء بالعقد السابق لا يكون إلا في حق العاقد، فتأمل (7)

الثالث: المجاز، إمّا العقد الواقع على نفس مال الغير، و إمّا العقد الواقع على عوضه،

(الثالث) (8)

+++++++++++

القائل بذلك، و إلا ففي الواقع لا يكون الامر كذلك

(1) اي و من أن الاجازة احد ركني العقد، لأن المعاهدة الحقيقية إنما تحصل بين المالكين بعد الاجازة

(2) اي احتمال العلم

(3) تعليل لعدم كفاية احتمال العلم

(4) اى في معنى العقود فلا يصح التعليق فيها

(5) اى و لاجل أن الاجازة في معنى العقود فلا يصح التعليق فيها

(6) اى بعد الاجازة الصادرة من المجيز

(7) لعل التأمل اشارة الى أنه بعد نقل الاجماع على عدم جواز التعليق في العقد، و عدم شمول معقد الاجماع للاجازة فالأقوى كفاية احتمال وقوع العقد في صحة الاجازة، فبالاجازة يضاف العقد الى المجيز فيخاطب بالوفاء واقعا و يتنجز عليه بعد العلم بوقوع المحتمل

(8) اى الأمر الثالث من الامور التي افادها الشيخ قدس سره في ص 115 بقوله: و أما القول في المجاز فاستقصاؤه يكون ببيان امور

و قد ذكر الشيخ في هذا الأمر أقساما للعقد الواقع على مال الغير

ص: 123

..........

+++++++++++

- في دفعات كثيرة: من حيث وقوعه على الثمن المثمن و كليهما، ثم اجاز المالك الاصلي، أو من ملك بالاجازة، و جاء له بمثال ذكر فيه اسم الفرس و الحمار فاشتهرت المسألة بالمسألة الفرسية تارة عند بعض، و بالحمارية اخرى عند آخرين إما فكاهة أو حقيقة، لاشتمالها على الفرس و الحمار

و نحن ذكرنا هذه المسألة في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة في الجزء 3 ص 231-232 و ذكرنا لها مثالا ليس فيه اسم عن الكلمتين:

(الفرس - الحمار) لنخرج المسألة عن موضوعهما

و حيث كان المثال هنا مشتملا عن اللف و الدوران و الانحناء فأتينا بمثال فارغ عما ذكر، ليكون التفهيم و التفهم سهلا على الطالب و الاستاذ

و نحن عند ما يذكر الشيخ المثال نطبقه على ما يقصده حرفيا

ثم إن للفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم تعابير مختلفة عن هذه الاقسام

(فتارة) يعبرون عنها ب: (ترتب عقود متعددة على مال المجيز)

(و اخرى) ب: (تعاقب أيادي متعددة مترتبة على مال المجيز)

(و ثالثة) ب: (ترامي العقود)

سواء وقعت العقود على الثمن: و هو العوض أم على المثمن: و هو المعوض أم على كليهما

ثم إنه يراد من ترامي العقود تارة ترامي المثمن: بأن تقع عقود متعددة على نفس المثمن الذي هو مال الغير مكررا

كما لو بيع كتاب زيد على عمرو بدينار، ثم باع عمرو الكتاب بدينارين على هاشم، ثم باع هاشم الكتاب على عبد مناف بثلاثة دنانير

ص: 124

..........

+++++++++++

ثم باع عبد مناف الكتاب على قصي بأربعة دنانير، ثم باع قصي الكتاب على نزار بستة دنانير

فهذه عقود متعددة وقعت كلها على المثمن و هو الكتاب.

(و اخرى): ترامي الثمن: بأن تقع عقود متعددة على شخص الثمن مكررة.

كما لو باع زيد كتاب عمرو على عبد المطلب بدينار ثم باع عبد المطلب الدينار بعشرة دراهم على هاشم، ثم باع هاشم الدينار باحد عشر درهما على عبد مناف، ثم باع عبد مناف الدينار على قصي باثني عشر درهما

فهذه عقود متعددة وقعت على شخص الثمن و هو الدينار مكررا

(و ثالثة): ترامي الأثمان: بأن تقع عقود متعددة على أثمان متعددة راجعة الى المالك الاصيل.

كما لو بيع كتاب زيد الى عمرو بدينار، ثم باع عمرو الدينار الى هاشم بسجاد، ثم باع هاشم السجاد الى عبد المطلب بقلم، ثم باع عبد المطلب القلم الى عبد اللّه بمحبرة، ثم باع عبد اللّه المحبرة الى قصي بميزان

فهذه عقود متعددة وقعت على أثمان متعددة و هي: الدينار و السجاد و القلم و المحبرة و الميزان

(و رابعة): ترامي الثمن و المثمن: بأن تقع عقود متعددة عليهما كما لو بيع كتاب زيد الى عمرو بدينار، ثم بيع الكتاب الى عبد اللّه بقلم، ثم بيع الكتاب الى عبد المطلب بدرهمين ثم بيع الكتاب الى هاشم بخمسة دراهم

ثم بيع الدينار الى حمزة بعشرة دراهم، ثم بيع الدينار الى عمار

ص: 125

المجاز (1) إما العقد الواقع على نفس مال الغير

+++++++++++

بمحبرة، ثم بيع الدينار بقلم، ثم بيع الدينار الى أبي ذر بسجاد ثم بيعت الدراهم الى مالك بقلادة، ثم بيعت الدراهم الى حبيب بساعة ثم بيعت الدراهم الى زهير بسندان

ثم بيعت المحبرة الى حمزة بقميص، ثم بيعت المحبرة الى مسلم بازار

ثم بيعت المحبرة الى عقيل بسروال ثم بيعت المحبرة الى جعفر بعقيق

فهذه عقود متعددة وقعت على المثمن و الثمن و الأثمان في دفعات متكررة

ثم إن هذه المسألة من المسائل الغامضة جدا و لم تشرح لحد الآن شرحا وافيا يشفي الغليل، مع أنها بحاجة ماسة الى الشرح كما و كيفا.

بالإضافة الى عدم ذكر لأقسامها على نحو البت و القطع و إن افاد المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 397 أنها ترتقى الى عشرة صور حسب ما افاده هناك في كيفية الضرب، و حاصل المضروب و إن كانت العبارة قاصرة عن المراد

و نحن بنينا بحوله و قوته على شرح هذه المسألة شرحا وافيا بقدر الوسع و الإمكان كما هو ديدننا في هذا الكتاب

و الأقسام تكون اثنتي عشرة صورة و ستعرفها في الهامش 14 عند ما يقول الشيخ قدس سره: المجاز إما العقد الواقع

(1) من هنا اخذ الشيخ في ذكر الأقسام للعقد المجاز

و قد جعل قدس سره (المقسم) نفس العقد المجاز

لكن يمكن جعله نفس الاجازة الصادرة من المالك على العقد أيضا اذ من لوازم مجازية العقد صدور الاجازة فحينئذ لا يفرق بين أن يكون المقسم نفس العقد المجاز، أو الاجازة الصادرة من المالك

ص: 126

و إما العقد الواقع على عوضه (1)

و على كل منهما (2) إما أن يكون المجاز أول عقد وقع على المال أو على عوضه، أو آخره (3)

+++++++++++

و أما وجه انحصار الأقسام في اثنتي عشرة صورة فنذكره عند ما يذكر الشيخ الاقسام إن شاء اللّه تعالى

(1) و هو الثمن فهاتان صورتان

(2) اى كل من الصورتين و هما:

وقوع الاجازة على مال الغير

أو وقوع الاجازة على عوض مال الغير

(3) اى يكون المجاز آخر عقد: بمعنى أن الاجازة الصادرة قد وقعت على آخر عقد من العقود الواقعة على مال الغير، أو على عوضه

فهنا ينتج الضرب صورا أربعة، لان حاصل ضرب الصورتين المتقدمتين المشار إليهما في الهامش 1 في هاتين الصورتين المتأخرتين المشار إليهما في الهامش 3 ينتج صورا أربعة.

أليك الصور

(الصورة الاولى): الاجازة الصادرة من المالك وقعت على العقد الاول الواقع على مال الغير

(الصورة الثانية): الاجازة الصادرة من المالك وقعت على العقد الآخر الواقع على مال الغير

(الصورة الثالثة): الاجازة الصادرة من المالك وقعت على العقد الاول على بدل مال الغير: و هو العوض المعبر عنه بالثمن

ص: 127

أو عقدا (1) بين (2) سابق و لاحق (3) واقعين (4)

+++++++++++

(الصورة الرابعة): الاجازة الصادرة من المالك وقعت على العقد الآخر الواقع على بدل مال الغير

أليك مثالا للصور الاربعة

باع عبد اللّه ثوب زيد فضولة الى عبد المطلب بدينار ثم باع عبد المطلب الثوب الى هاشم بمحبرة، ثم باع زيد الدينار الى نزار بعشرة دراهم ثم باع نزار الدينار الى خزيمة باثني عشر درهما

فهذه عقود أربعة متعددة وقعت على المثمن و هو مال الغير، و الثمن و هو بدل مال الغير

و الاجازة إما واقعة على أول العقد، أو آخره، سواء أ كان الاول مال الغير، أو عوض ماله، و سواء أ كان الآخر مال الغير أم عوض ماله

فهذه صور أربعة استنتجت من ضرب الاثنتين و هما: مال الغير و عوض مال الغير، في الاثنتين و هما: المجاز اوّل عقد، أو آخر عقد هكذا:

2 * 2-4

(1) من هنا أخذ الشيخ في بقية الصور التي استنتجناها من كلامه و هي ثمانية تضاف الى الاربعة الأول يكون المجموع اثنتي عشرة صورة

أي أو يكون المجاز عقدا وسطا واقعا بين عقد سابق، و عقد لاحق

(2) كلمة بين منصوبة على الحالية لكلمة عقدا اي حال كون عقد الوسط واقعا بين عقد سابق

(3) اى و واقعا عقد الوسط بين عقد لاحق

(4) بالنصب حال لكلمتي سابق و لاحق اي حال كون عقد السابق و اللاحق واقعين على مورده: و هو مال الغير

ص: 128

على مورده، أو بدله (1)، أو بالاختلاف (2)

+++++++++++

(1) اي حال كون عقد السابق و اللاحق واقعين على بدل مال الغير و هو العوض.

(2) اي حال كون عقد السابق و اللاحق وقعا بالاختلاف: بأن وقع السابق على مال الغير، و اللاحق على عوض مال الغير، أو بالعكس:

بأن وقع السابق على عوض مال الغير، و اللاحق على نفس مال الغير

فهذه ثمانية صور تضاف الى الأربعة الأول يكون المجموع اثنتي عشرة صورة.

أليك الثمانية

(الصورة الخامسة): و هي وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق و لاحق واقعين على مال الغير أيضا

(الصورة السادسة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق و لاحق واقعين على بدل مال الغير، و هو العوض

(الصورة السابعة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق على مال الغير، و بين لاحق على بدل مال الغير

(الصورة الثامنة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق واقع على بدل مال الغير و لا حق واقع على مال الغير

(الصورة التاسعة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع -

ص: 129

و مجمع (1) الكل فيما اذا باع عبدا لمالك بفرس، ثم باعه (2) المشتري بكتاب، ثم باعه (3) الثالث بدينار

+++++++++++

- على بدل مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق و لاحق واقعين على مال الغير

(الصورة العاشرة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على بدل مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق و لاحق الواقعين على بدل مال الغير

(الصورة الحادية عشرة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على بدل مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق واقع على مال الغير، و لاحق واقع على بدل مال الغير

(الصورة الثانية عشرة): وقوع الاجازة على عقد الوسط الواقع على بدل مال الغير، و كان عقد الوسط بين سابق واقع على بدل مال الغير و لاحق واقع على مال الغير

هذا مجموع الصور و قد استخرجناها من نفس تقسيم الشيخ قدس سره و كان الاستخراج صعبا جدا، و لا سيما تطبيقها على المقسم، و انحصارها في اثنتي عشرة صورة و للّه الحمد

(1) من هنا اخذ الشيخ في اتيان مثال للعقود المتعددة الواقعة على الثمن، أو المثمن، أو على كليهما

(2) اي ثم باع المشتري العبد مرة ثانية

(3) اى باع العبد البائع الثالث، حيث كان البائع الاول هو الذي باعه بفرس، و البائع الثاني هو الذي باعه بكتاب -

ص: 130

و باع (1) البائع الفرس بدرهم، و باع الثالث (2) الدينار بجارية

و باع بائع الفرس الدرهم (3) برغيف، ثم بيع الدرهم (4) بحمار و بيع الرغيف (5) بعسل (6)

+++++++++++

الى هنا وقعت عقود ثلاثة على نفس مال الغير الذي هو المثمن و هو العبد

(1) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في وقوع عقود متعددة على الثمن فاول عقد وقع عليه هو العقد على الفرس، حيث كان عوضا عن العبد و ثمنا له

(2) المراد من الثالث البائع الثالث في مسألة بيع العبد، حيث بيع ثلاث مرات:

مرة بفرس، و مرة بكتاب، و مرة بدينار

و هذا الدينار هو ثمن العبد في البيع الثالث و قد وقع هنا مبيعا

(3) و هو ثمن الفرس

(4) و هو الدرهم الذي اشتري به الرغيف و قد باعه صاحب الرغيف

و هنا قد وقع العقد على الدرهم مرتين:

مرة في وقوعه ثمنا للرغيف، و مرة في وقوعه ثمنا للحمار

(5) أي الرغيف الذي اشتري بدرهم

(6) هذا مطاف المثال و قد جمع بين عقود متعددة وقعت على الثمن و المثمن، و على كليهما، سواء أ كان الثمن شخصيا كرر عليه العقد أم كان متعددا

و كذلك قد جمع بين عقد الاول، و الوسط، و الآخر و الوسط بين سابق و لاحق

ص: 131

أما (1) اجازة العقد الواقع على مال المالك: اعني العبد بالكتاب فهي (2) ملزمة له، و لما بعده مما وقع على مورده: اعني العبد بالدينار بناء على الكشف (3)

و أما بناء على النقل فيبنى (4)

+++++++++++

(1) من هنا اخذ الشيخ في بيان حكم مسألة العقود المتعددة الواقعة على مال الغير، أو عوضه: من حيث الصحة و الفساد المعبر عنه بالحكم الوضعي

و قد قسم الشيخ الحكم الوضعي الى قسمين:

(2) الفاء جواب للشرط و هو كلمة أما في قوله: أما اجازة العقد أي الاجازة الصادرة من المالك، أو ممن ملك بالاجازة هذا هو القسم الاول

و خلاصته: أن الاجازة الصادرة من المالك تكون نافذة و ملزمة للعقد المجاز، و لكل عقد وقع بعده اذا وقع العقد المجاز و العقود اللاحقة على نفس مال الغير، لأن المبيع بالاجازة قد اصبح ملكا للبائع الفضولي فكل عقد وقع بعده فقد وقع في ملكه

(3) أي نفوذ عقد المجاز، و العقود اللاحقة له مبني على القول بالكشف في الاجازة، لكونها كاشفة عن تملك البائع للمبيع من حين وقوع العقد و صدوره

(4) اي و أما بناء على القول بالنقل في الاجازة فيبنى نفوذ عقد المجاز، و العقود اللاحقة له على القول بما تقدم في ص 25: من أنه هل يشترط كون المجيز مالكا حال العقد، أو لا يعتبر؟

فإن قلنا بالاعتبار فالاجازة الصادرة من المالك الذي صار مالكا

ص: 132

على ما تقدم: من (1) اعتبار ملك المجيز حين العقد، و عدمه (2)

و هي (3) فسخ بالنسبة الى ما قبله مما ورد على مورده: اعني بيع العبد بفرس بالنسبة الى المجيز

+++++++++++

بالارث، أو الشراء لا تكون ملزمة لهذا العقد المجاز، و للعقود اللاحقة له، لأنه بناء على النقل ليس هناك ملك للمجيز حين العقد و المفروض اعتباره

و إن قلنا بعدم الاعتبار اصبحت الاجازة نافذة و ملزمة لهذا العقد و لما بعده من العقود اللاحقة له

و قد عرفت في ص 25 أن الشيخ قدس سره ذهب الى عدم الاعتبار عند قوله: الثالث لا يشترط في المجيز كونه جائز التصرف حال العقد

(1) كلمة من بيان لما تقدم: و هو قول الشيخ في ص 25 كما عرفته آنفا

(2) أي و عدم اعتبار ملك حال العقد

(3) هذا هو القسم الثاني للعقود المتعددة المترتبة على مال الغير أي الاجازة الصادرة من المالك الواقعة على مال الغير تكون فسخا بالنسبة الى العقود السابقة على العقد المجاز الواقعة على مورده: و هو المثمن لأن اجازة المالك العقد الوسط دليل على اعراضه عن العقد الاول و ما وقع بعده الى العقد الوسط، و أنه رد له.

فاختياره لهذا العقد و ما بعده موجب لفسخ ما سبق

و الواو في كلمة و هي حالية أي و الحال أن الاجازة التي كانت نافذة للعقد المجاز، و للعقود اللاحقة له تكون فسخا للعقود السابقة عليه

الى هنا كان الكلام حول المجيز عند ما تصدر منه الاجازة

ص: 133

أما (1) بالنسبة الى من ملك بالاجازة و هو المشتري بالكتاب فقابليته (2) للاجازة مبنية على مسألة اشتراط ملك المجيز حين العقد

هذا حال العقود السابقة و اللاحقة على مورده: اعني مال (3) المجيز

و أما (4) العقود الواقعة على عوض مال المجيز فالسابقة على هذا العقد (5)، و هو بيع الفرس بالدرهم فيتوقف لزومها (6) على اجازة المالك الاصلي للعوض و هو الفرس

+++++++++++

(1) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في الكلام حول الاجازة بالنسبة الى من ملك بالاجازة: و هو مشتري العبد بالكتاب في مثال الشيخ قدس سره

(2) اى قابلية من ملك بالاجازة للاجازة مبنية على اشتراط ملك المجيز حين العقد، أو عدمه و قد عرفت عدم اعتباره من الشيخ في ص 25 عند قوله: الثالث لا يشترط في المجيز كونه مالكا

الى هنا كان الكلام حول العقود المتعددة و المترتبة على مال الغير و هو المعوض من حيث الصحة و الفساد

(3) المراد منه هو المعوض و هو المثمن

(4) من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يبين حكم العقود المتعددة الواقعة على الثمن: من حيث الصحة و الفساد المعبر عنه بالحكم الوضعي فقسمها على قسمين:

(5) و هو العقد المجاز و هو هنا الفرس كما افاده الشيخ

(6) أي نفوذها و امضاؤها

هذا هو القسم الاول

و خلاصته: أن الاجازة لو وقعت على عوض مال المجيز فالعقود السابقة على هذا العقد: و هو العقد المجاز الذي هو بيع الفرس بالدرهم

ص: 134

و اللاحقة (1) له: اعني بيع الدينار بجارية تلزم (2) بلزوم هذا العقد.

و أما (3) اجازة العقد الواقع على العوض: اعني بيع الدرهم برغيف

+++++++++++

كما في مثال الشيخ يتوقف لزومها على اجازة المالك الاصيل للعوض: و هو الفرس، لأنه كان مالكا للعبد الذي بيع بفرس فاصبح بعد البيع مالكا للفرس.

و المراد من العقود السابقة على عقد المجاز الذي هو بيع الفرس بالدرهم هي بيع العبد بفرس، ثم بيع العبد بكتاب، ثم بيع العبد بدينار

فهذه عقود ثلاثة وقعت قبل العقد المجاز

و أما وجه توقف لزوم العقود السابقة على اجازة المالك الاصيل للعوض فلعدم التلازم بين اجازة عقد الوسط، و اجازة العقود السابقة فله اختيار اجازة أي عقد من العقود الواقعة على ماله

(1) هذا هو القسم الثاني لحكم العقود المتعددة الواقعة على الثمن من حيث الصحة و الفساد أي و أما العقود اللاحقة لهذا العقد المجاز الذي هو بيع الفرس بدرهم كما في مثال الشيخ فتلزم بلزوم عقد المجاز

و المراد من العقود اللاحقة للعقد المجاز الذي هو بيع الفرس بدرهم هي بيع الدينار بجارية.

و إنما عبر بالعقود مع أن هنا عقدا واحدا لارادة الجنس اى جنس العقد

(2) وجه لزوم العقود اللاحقة لعقد المجاز: أنه اذا اجاز المالك الأصيل بيع البدل الذي هو العوض فقد اجاز ما بعده من العقد و هو بيع الدينار بجارية

(3) من هنا اخذ الشيخ في ذكر حكم عوض العوض و هو هنا الدرهم -

ص: 135

فهي ملزمة للعقود السابقة عليه (1) سواء (2) وقعت على نفس مال المالك: اعني بيع العبد بالفرس أم على عوضه: و هو بيع الفرس بالدرهم

و للعقود (3) اللاحقة له اذا وقعت على العوض: و هو بيع الدرهم بالحمار.

أما (4) الواقعة على هذا البدل المجاز: اعني بيع الرغيف بالعسل فحكمها حكم العقود الواقعة على المعوض ابتداء

+++++++++++

حيث إنه عوض عن الفرس الذي كان عوضا و ثمنا عن العبد، و هو على قسمين أيضا

(1) أي على هذا العقد المجاز و هو عوض العوض و هو هنا بيع الدرهم برغيف. هذا هو القسم الاول

وجه كون الاجازة ملزمة للعقود السابقة على عقد المجاز: أن العوض لا يصدق عليه العوض ما لم تكن العقود السابقة عليه صحيحة و نافذة

(2) من هنا يريد الشيخ أن يبين أن في صورة وقوع الاجازة على عوض العوض، و أنها ملزمة للعقود السابقة على عقد المجاز لا فرق في وقوع الاجازة على نفس مال الغير الذي هو المعوض كما في بيع العبد بفرس أم وقعت على عوضه كما في بيع الفرس بالدرهم

(3) هذا هو القسم الثاني للعقود الواقعة على عوض العوض أي اجازة العقد الواقع على عوض العوض ملزمة للعقود اللاحقة له أيضا اذا وقعت الاجازة على عوض العوض أيضا، لأن المالك الاصيل اذا اجاز العقد الواقع على عوض العوض فكل بيع وقع بعده اصبح من مال المجاز و ملكه

(4) أي و أما العقود الواقعة على هذا البدل -

ص: 136

و ملخص (1) ما ذكرنا: أنه لو ترتبت عقود متعددة مترتبة على مال المجيز.

فإن وقعت (2) من أشخاص متعددة كانت اجازة منها (3) فسخا لما قبله (3) و اجازة لما بعده (4)

+++++++++++

- خلاصة هذا الكلام: أن حكم العقود الواقعة على هذا البدل المجاز و هو الرغيف حكم العقود الواقعة على نفس المعوض ابتداء

فكما أن الاجازة الصادرة من المالك لو وقعت على أي عقد وقع على المعوض تكون فسخا لما قبله، و امضاء لما بعده

كذلك الاجازة الواقعة على ما نحن فيه و هو بيع الرغيف بالعسل تكون فسخا لما قبله، و إمضاء لما بعده

(1) أي و خلاصة ما ذكرناه في مسألة ترتب عقود متعددة على مال الغير، أو على عوضه سواء أ كانت الاجازة واقعة على العقد الاول أم على الاخير أم على عقد الوسط

و سواء أ كان عقد الفضولي واقعا على مال الغير أم على عوضه

و سواء أ كانت العقود السابقة و اللاحقة واقعتين على المعوض أم على العوض أم اللاحقة واقعة على المعوض و السابقة على العوض أم بالعكس:

بأن وقعت السابقة على المعوض، و اللاحقة على العوض: أنه لو ترتبت عقود

(2) أي العقود المتعددة

(3) أي من تلك العقود المتعددة

(4) أي لما قبل عقد الوسط

(5) أي لما بعد عقد الوسط

أما كون الاجازة فسخا لما قبل العقد فلأن المالك لما اجاز عقد

ص: 137

على الكشف (1)

و إن وقعت (2) من شخص واحد انعكس الامر (3)

و لعل هذا (4) هو المراد من المحكي عن الايضاح و الدروس في حكم ترتب العقود: من (5) أنه اذا اجاز عقدا على المبيع (6)

+++++++++++

الوسط الواقع على المعوض، أو العوض فقد اسقط العقود السابقة عليه عن قابليتها للاجازة

أما كون الاجازة اجازة لما بعد عقد الوسط فلأن المالك باجازته للمشتري قد ملكه فاصبح المشتري مالكا عقد الوسط، و لما بعده، فالعقود الواقعة بعد عقد الوسط قد وقعت باجازته

(1) أى ما قلناه: من أن اجازة عقد الوسط فسخ لما قبله و إمضاء لما بعده مبني على القول بكون الاجازة كاشفة عن كون المبيع ملكا للمشتري من حين صدور العقد

(2) أي العقود المتعددة

(3) أي تكون اجازة عقد الوسط اجازة لما قبله، و فسخا لما بعده بعكس ما لو وقعت عقود متعددة من أشخاص متعددة، حيث كانت اجازة عقد الوسط فسخا لما قبله و امضاء لما بعده

(4) و هو أنه لو وقعت عقود متعددة من أشخاص متعددين تكون اجازة عقد الوسط فسخا لما قبله، و اجازة لما بعده

و إن وقعت من شخص واحد تكون اجازة عقد الوسط اجازة لما قبله، و فسخا لما بعده بعكس الأول

(5) كلمة من بيان للمحكي عن الايضاح و الدروس أي المحكي عبارة عن هذا

(6) أى على المعوض

ص: 138

صح و ما بعده

و في الثمن ينعكس (1)، فإن (2) العقود المترتبة على المبيع لا يكون إلا من أشخاص متعددة

و أما العقود المترتبة على الثمن فليس مرادهما (3) أن يعقد على الثمن الشخصي مرارا، لأن حكم ذلك (4) حكم العقود المترتبة على المبيع على ما سمعت سابقا: من (5) قولنا: أما الواقعة على هذا البدل المجاز الى آخره

بل مرادهما ترامي الأثمان (6) في العقود المترتبة كما صرح بذلك (7) المحقق و الشهيد الثانيان

+++++++++++

(1) عرفت معنى العكس في الهامش 3 ص 138

الى هنا عبارة المحكي عن الايضاح و الدروس

(2) هذا التعليل من الشيخ قدس سره، و ليس من صاحب الايضاح و الدروس كما يتوهم ذلك للقارىء الكريم، حيث اندمجت الجملة مع عبارة المحكي

و إنما جاء الشيخ بالتعليل تقوية لما ادعاه: من أنه لعل هذا هو المراد من المحكي عن الايضاح و الدروس

(3) أى مراد صاحب الايضاح و الدروس

(4) و هو العقد على الثمن الشخصي مرارا

(5) كلمة من بيان لقوله: لما سمعت سابقا

(6) و قد عرفت معنى ترامي الأثمان في ص 125 عند قولنا: و ثالثة ترامي الأثمان

(7) أى بأن مراد صاحب الايضاح و الدروس من العقود المترتبة -

ص: 139

و قد علم من ذلك (1) أن مرادنا بما ذكرنا في المقسم: من أن العقد المجاز على عوض مال الغير ليس العوض الشخصي الاول له، بل العوض و لو بواسطة (2)

ثم إن هنا (3) إشكالا في شمول الحكم لجواز تتبع العقود لصورة علم المشتري بالغصب اشار إليه العلامة رحمه اللّه في القواعد

و أوضحه قطب الدين و الشهيد في الحواشي المنسوبة إليه

+++++++++++

- على الثمن هو ترامي الأثمان، لا العقد على الثمن الشخصي مرارا

(1) أى مما قلناه في توضيح كلام صاحب الايضاح و الدروس:

من أن المراد من العقود المترتبة على الثمن هو ترامي الأثمان لا العقد الواقع على الثمن الشخصي مرارا

(2) أي عوض العوض العوض، و هكذا كما في مثال الشيخ قدس سره حيث كان الفرس عوضا عن العبد و الدرهم عوضا عن العوض و هو الفرس، و الرغيف عوضا من عوض العوض و هو الدرهم، و الدرهم عوضا عن عوض العوض العوض و هو الفرس

فهنا صدق العوض على عوض العوض العوض بثلاث وسائط

و للصدق مجال أكثر من هذا

(3) أي في مسألة ترتب عقود متعددة على مال الغير أو على عوضه إشكال في صورة علم المشتري بالغصبية

و خلاصة الإشكال: أنه في صورة علم المشتري بالغصبية فلو دفع ثمنا الى البائع الغاصب و اشترى منه شيئا غصبا، ثم اشترى البائع بالثمن المدفوع إليه شيئا فهل يبقى هنا مجال لصدور الاجازة من المالك الاصيل على ماله المبيع، و على العقود المتتبعة عليه، أو ليس مجال؟

ص: 140

فقال الاول (1) فيما حكي عنه: إن وجه الإشكال أن المشتري مع العلم (2) يكون مسلّطا للبائع الغاصب على الثمن، و لذا (3) لو تلف لم يكن له الرجوع.

و لو بقي (4) ففيه الوجهان (5)

+++++++++++

أورد العلامة قدس سره في هذه الصورة في القواعد إشكالا أليك نص عبارتها

قال في القواعد في الفصل الثاني من كتاب المتاجر في شروط المتعاقدين:

(و للمالك تتبع العقود و رعاية مصلحته، و مع علم المشتري إشكال) أى و مع علم المشتري بالغصبية إشكال في صدوره الاجازة من المالك الاصيل في تتبع العقود الواقعة على ماله، أو عوضه، و في نفس العقد الواقع على ماله

و قد أوضح هذا الإشكال قطب الدين و الشهيد في الحواشي المنسوبة إليه، و سنوضح لك ذلك عند ما يذكر الشيخ عبارته

(1) و هو قطب الدين

(2) أى مع علم المشتري بغصبية المبيع

من هنا أخذ الشيخ فيما أفاده قطب الدين في الإشكال في صورة علم المشتري بالغصبية

(3) أي و لأجل أن المشتري مع علمه بالغصبية فقد سلط البائع على الثمن فلو تلف الثمن عنده ليس للمشتري حق الرجوع عليه: لأنه اقدم على ضرر نفسه فتشمله قاعدة (من اقدم).

(4) أي و أما لو كان الثمن باقيا عند البائع الغاصب فهل للمشتري العالم بالغصبية حق الرجوع على البائع الغاصب للثمن أو ليس له ذلك؟

(5) اى الوجهان الذان ذكرهما قطب الدين لصورة علم المشتري بالغصبية.

ص: 141

فلا (1) تنفذ فيه اجازة الغير بعد تلفه (2) بفعل (3)

+++++++++++

و الوجهان هما: جواز الرجوع، و عدم جواز الرجوع.

أما الجواز فلأن المالك لما لم يجز البيع الواقع على ماله و الثمن موجود عند البائع الفضولي فله حق الرجوع عليه و اخذ الثمن منه.

و أما عدم الجواز فلما عرفته في الهامش 3 ص 141 عند قولنا أي و لأجل أن المشتري.

و لكن الحق هو جواز الرجوع في صورة وجود الثمن منه.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ نقلا عن المحكي عن قطب الدين أى فمن ضوء ما ذكرناه: من أن المشتري هو الموجب لتسليط البائع على الثمن لعلمه بالغصبية: فلا تأثير للاجازة الصادرة من المالك الاصيل في إدخال الثمن في ملكه، لان الثمن قد أصبح ملكا للبائع الغاصب التسليط المشتري له مجانا و بلا عوض فحينئذ يبقى المبيع بلا ثمن، لأن البائع الغاصب قد اتلف الثمن بشرائه سلعة فاصبح هو مالكا للثمن و للسلعة، و لكل ربح يترتب على السلعة.

و المراد من كلمة الغير في قوله: فلا تنفذ فيه اجازة الغير المالك الاصيل الذي بيع ماله غصبا.

و يمكن أن يقال بنفوذ الاجازة اذا كان الثمن كليا، لا شخصيا كما فيما نحن فيه، و مرجع الضمير في فيه الثمن.

(2) أي بعد تلف الثمن بتصرف البائع الغاصب فيه

(3) الباء سببية هنا و في الواقع تعليل لعدم نفوذ اجازة الغير الذي هو المالك الاصيل أي عدم النفوذ بسبب فعل المشتري، و اقدامه على ضرر نفسه: و هو تسليطه البائع الغاصب على الثمن في إتلافه، فالتسليط صار

ص: 142

المسلّط بدفعه ثمنا عن مبيع اشتراه، و من (1) أن الثمن عوض عن العين المملوكة و لم يمنع (2) من نفوذ الملك فيه إلا عدم صدوره عن المالك فاذا اجاز جرى مجرى الصادر عنه انتهى (3)

و قال (4) في محكي الحواشي إن المشتري مع علمه بالغصب يكون

+++++++++++

سببا لعدم نفوذ الاجازة كما عرفت.

(1) تعليل لجواز رجوع المشتري على البائع الغاصب في الثمن اذا كان موجودا، و هو عطف على التعليل الاول: و هو نقل الشيخ المحكي عن قطب الدين بقوله: و قال الاول فيما حكي عنه: إن وجه الإشكال أن المشتري مع العلم يكون مسلطا للبائع.

فجملة أن المشتري مع العلم تعليل لعدم جواز رجوع المشتري على البائع الغاصب في الثمن، و جملة من أن يكون عطفا عليه.

و خلاصة التعليل: أن الثمن المدفوع الى البائع عوض عن العين المملوكة و ليس هناك مانع من نفوذ الملك في الثمن سوى عدم صدور هذا البيع من المالك، حيث باعه الفضولي.

لكن يمكن رضا المالك بالبيع فيجيزه فاذا اجاز اصبح البيع قد صدر من المالك الاصيل فيأخذ مجراه في النفوذ فيدخل الثمن في ملكه كما يصح حينئذ للمشتري اخذ المبيع و التصرف فيه

(2) أي و ليس هناك مانع من نفوذ الملك بعد البيان المذكور في الهامش 1

(3) أى ما أفاده قطب الدين في المقام

(4) أي الشهيد الاول في حواشيه المنسوبة إليه على القواعد على ما حكي عنه

هذا قول ثان في مسألة علم المشتري بالغصبية من هنا اخذ الشيخ -

ص: 143

مسلّطا للبائع الغاصب على الثمن فلا يدخل في ملك رب العين فحينئذ (1) اذا اشترى به (2) البائع متاعا فقد اشتراه لنفسه، و اتلفه عند الدفع الى البائع فتتحقق ملكيته (3) للمبيع فلا (4) يتصور نفوذ الاجازة فيها لصيرورته (5)

+++++++++++

- في نقل المحكي عن الشهيد في صورة علم المشتري بالغصب فقد ذكره في المتن فلا نعيده

(1) أي فحين أن قلنا: إن المشتري مع علمه بالغصب يكون مسلّطا للبائع الغاصب على الثمن

(2) أي بالثمن المدفوع الى البائع الغاصب من قبل المشتري

(3) أي ملكية البائع الغاصب حسب التقرير الذي ذكره الشيخ عن محكي حواشي الشهيد على القواعد

(4) الفاء تفريع على ما أفاده الشهيد: من أن الثمن قد دخل في ملك البائع الغاصب بدفع المشتري الثمن إليه، و تسليطه عليه مجانا، أي فمن ضوء ما ذكرناه: من أن الغاصب لو اشترى بالثمن المدفوع إليه من قبل المشتري العالم بالغصبية فقد اشتراه لنفسه فتتحقق الملكية فلا يتصور نفوذ الاجازة في الملكية المتحققة للبائع في المبيع لو صدرت من المالك

(5) اللام تعليل لعدم نفوذ الاجازة في العقد الوارد على الثمن و المصدر مضاف الى المفعول: و هو الثمن و الفاعل محذوف و هو المشتري

و خلاصة التعليل: أن عدم النفوذ لاجل صيرورة المشتري الثمن ملكا للبائع الغاصب مع علمه بالغصبية فهو الذي سلطه عليه مجانا فاصبح الثمن ملكا له و كلما يتعامل به فقد يتعامل لنفسه فلا مجال لصدور الاجازة من المالك في حق البيع الاول الصادر من البائع الغاصب

ص: 144

ملكا للبائع و إن امكن اجازة المبيع (1)، مع احتمال عدم نفوذها (2) أيضا، لأن (3) ما دفعه الى الغاصب كالمأذون له في إتلافه فلا يكون ثمنا فلا تؤثر الاجازة في جعله ثمنا فصار الإشكال (4) في صحة البيع و في التتبع.

+++++++++++

(1) و هو البيع الاول الصادر من البائع الفضولي الغاصب الوارد على مال المالك

و أما وجه إمكان صدور الاجازة من المالك الاصيل على المبيع الاول فهو ما ذكره قطب الدين في ص 143 بقوله: و من أن الثمن عوض عن العين المملوكة

(2) اى مع احتمال عدم نفوذ الاجازة في البيع الاول أيضا و إن كان الثمن عوضا عن العين المملوكة

(3) تعليل لاحتمال عدم نفوذ الاجازة في البيع الاول الصادر من البائع الغاصب.

و خلاصته: أن ما دفعه المشتري العالم بالغصبية الى البائع الغاصب يكون كالمال الذي يدفع الى شخص ليتلفه.

فحكم هذا الثمن المدفوع من قبل المشتري الى الغاصب حكم الثمن الذي يدفع الى شخص في الإتلاف، فان الغاصب لما اشترى به شيئا فقد اتلفه فلا يبقى شيء من الثمن حتى يكون ازاء المبيع لترد الاجازة من المالك لتصحح البيع.

(4) أي الإشكال حينئذ وارد على صحة البيع الاول الصادر من البائع الغاصب، على صحة البيوع المتعددة الصادرة منه أيضا المعبر عن تلك البيوع بتتبع العقود.

و معنى تتبع العقود هو جواز اختيار صاحب المبيع في البيع الاول -

ص: 145

ثم قال (1): إنه يلزم من القول ببطلان التتبع بطلان اجازة البيع في المبيع، لاستحالة كون المبيع بلا ثمن فاذا (2) قيل: إن الإشكال

+++++++++++

- الصادر من البائع الغاصب: العقود المتعددة الواقعة على ماله.

(1) اى الشهيد قال في الحواشي المنسوبة إليه.

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: أنه بناء على الإشكال في صحة البيع الاول، و التتبع يلزم من القول ببطلان التتبع بطلان اجازة البيع في المبيع الاول الصادر من البائع الغاصب لأن المشتري لما دفع الى الغاصب الثمن مع علمه بالغصبية فقد سلطه عليه مجانا و بلا عوض فانتقل الثمن إليه فاشترى به شيئا، فلما اشترى به شيئا فقد اتلف الثمن و وقع الشراء لنفسه و عند تلف الثمن بالشراء بقي المبيع الاول بلا ثمن فحينئذ لم يبق مجال لصدور الاجازة من المالك الاصيل للمبيع الاول، لانتفاء متعلق الاجازة:

و هو المبيع، و بقاء المبيع بلا ثمن مستحيل

و أما كيفية بقاء المبيع بلا ثمن فلفرض انتقال الثمن الى البائع الغاصب بجعله ثمنا في المبيع الثاني الصادر منه فليس من الممكن انتقاله الى المالك ثانيا فتبطل الاجازة.

(2) من هنا يروم الشهيد قدس سره أن يرفع التلازم بين القول يبطلان تتبع العقود الصادرة من المالك، و بين بطلان اجازة البيع في المبيع الاول، و يخصص البطلان بالبيع الاول حتى يفسح مجالا لصحة تتبع العقود الصادرة من البائع الغاصب و يحصره فيه

و أما بيان الحصر و التخصيص: فهو أن المشتري العالم بالغصب لما دفع الثمن الى البائع فقد اقدم على ضرر نفسه فملّكه له فلما ملّكه له انتقل الثمن إليه فاشترى به شيئا فوقع الشراء لنفسه و بقي المبيع بلا ثمن، و بقاء المبيع بلا ثمن مستحيل كما عرفت.

ص: 146

في صحة العقد كان صحيحا أيضا انتهى (1)

و اقتصر في جامع المقاصد (2) على ما ذكره الشهيد أخيرا في وجه سراية هذا الإشكال (3) الى صحة عقد الفضولي مع علم المشتري بالغصب

و المحكي (4) عن الايضاح ابتناء وجه بطلان جواز تتبع العقود للمالك مع علم المشتري: على كون الاجازة ناقلة فيكون منشأ الإشكال في الجواز و العدم الإشكال في الكشف و النقل.

قال في محكي الايضاح. إذا كان المشتري جاهلا فللمالك تتبع العقود

+++++++++++

و أما صحة تتبع العقود الصادرة من البائع الغاصب فلأن المشتري العالم بالغصب بدفعه الثمن إليه فقد ملّكه له فلما انتقل إليه اشترى به شيئا لنفسه فالشراء كان بماله فلا بطلان في تتبع العقود الصادرة منه

(1) أي ما أفاده الشهيد في حواشيه المنسوبة إليه

(2) اى صاحب جامع المقاصد في صورة علم المشتري بالغصب و اقدامه الشراء من البائع الغاصب، و إشكال الشهيد على صدور الاجازة من المالك الاصيل، و الإشكال على أن القول ببطلان التتبع يلزم منه بطلان اللازم، و انحصاره البطلان بصورة اجازة البيع اخيرا: اقتصر على بطلان اجازة البيع فقط، اذ كان للشهيد قولان:

قول ببطلان التتبع اللازم منه بطلان اللازم

و قول الإشكال في صحة العقد بقوله في ص 146: فاذا قيل: إن الإشكال

(3) المراد من الإشكال هو أنه كيف تصدر الاجازة من المالك الاصيل في صورة علم المشتري بالغصب؟

(4) خلاصة ما افاده صاحب الايضاح في هذا المقام على ما حكي عنه: أن المشتري العالم بالغصب له حق التتبع في العقود: بمعنى اجازة أى عقد اراده من العقود المتتبعة الواقعة على ملكه، بناء على القول بكون الاجازة كاشفة، حيث إنها تكشف عن سبق حق المالك على حق البائع -

ص: 147

و رعاية مصلحته، و الربح في سلسلتي الثمن، و المثمن.

و أما اذا كان عالما بالغصب فعلى قول الأصحاب: من أن المشتري اذا رجع عليه بالسلعة لا يرجع على الغاصب بالثمن مع وجود عينه فيكون قد ملّك الغاصب مجانا، لأنه بالتسليم الى الغاصب ليس للمشتري استعادته من الغاصب بنص الأصحاب، و المالك قبل الاجازة لم يملك الثمن، لأن الحق أن الاجازة شرط، أو سبب فلو لم يكن للغاصب فيكون الملك بغير مالك و هو محال فيكون قد سبق ملك الغاصب للثمن على سبب ملك المالك

+++++++++++

- الغاصب على الثمن فكل عقد وقع و صدر من البائع الغاصب فقد وقع على ملكه و هو الثمن

و أما على القول بالنقل فليس للمالك الاصيل إرادة أي عقد من العقود المتتبعة، لأن المشتري العالم بالغصب قد ملّك الثمن للبائع، و سلّطه عليه مجانا و بلا عوض؛ فلذا لو رجع المالك على المشتري و اخذ سلعته منه ليس للمشتري حق الرجوع على البائع و ان كانت عين الثمن موجودة كما ذهب إليه الفقهاء.

فحق البائع سابق على حق المالك فلم يبق مجال لصدور الاجازة منه في اختياره لأي عقد من العقود المتتبعة، اذ تملك المالك للثمن متوقف على اجازته، حيث إن الاجازة إما شرط، أو سبب.

و من الواضح انتفاء محل الاجازة: و هو البيع، حيث وقع في ملك البائع و لذا يكون له ربحه، و أن المالك ليس له حق اخذ الملك المشتري من البائع و زبدة الكلام: أن جواز تتبع العقود للمالك، و عدمه متوقف على القول بالكشف و النقل

فان قلنا بالكشف قلنا بجواز اخذ التتبع للمالك

و إن قلنا بالنقل قلنا بالعدم

ص: 148

له اي الاجازة فاذا نقل الغاصب الثمن عن ملكه لم يكن للمالك ابطاله، و يكون ما يشتري الغاصب بالثمن و ربحه له، و ليس للمالك اخذه لأنه ملّك الغاصب.

و على القول بأن اجازة المالك كاشفة فاذا اجاز العقد كان له.

و يحتمل أن يقال: لمالك العين حق تعلق بالثمن، فان له اجازة البيع و اخذ الثمن، و حقه مقدّم على حق الغاصب، لأن الغاصب يؤخذ بأخس أحواله و أشعها عليه، و المالك مأخوذ، الأحوال.

ثم قال (1): و الأصح عندي مع وجود عين الثمن للمشتري العالم اخذه، و مع التلف ليس له الرجوع به انتهى (2) كلامه رحمه اللّه

و ظاهر (3) كلامه أنه لا وقع للاشكال (4) على تقدير الكشف

و هذا (5) هو المتجه، اذ حينئذ (6) يندفع ما استشكله القطب و الشهيد

+++++++++++

(1) اى صاحب الايضاح

(2) اى كلام صاحب الايضاح في هذا المقام

(3) من هنا كلام الشيخ

(4) و هو أنه كيف يمكن صدور الاجازة من المالك مع علم المشتري بالغصب؟

(5) هذا رأي الشيخ في المسألة يريد أن يؤيد ما افاده صاحب الايضاح: من أن جواز تتبع العقود، و عدمه للمالك متوقف على القول بالكشف، أو النقل في صورة علم المشتري بالغصب

(6) أي حين أن قلنا بالكشف، أو النقل يندفع ما أورده القطب و الشهيد على إمكان صدور الاجازة من المالك الاصيل في صورة علم المشتري بالغصب

ص: 149

بأن (1) تسليط المشتري للبائع على الثمن على تقدير الكشف تسليط على ملك الغير (2) بالعقد السابق على التسليط الحاصل بالاقباض (3) فاذا انكشف ذلك (4) بالاجازة عمل بمقتضاه.

و اذا تحقق الرد (5)

+++++++++++

(1) الباء بيان لكيفية اندفاع ما اورده القطب و الشهيد، فالظرف متعلق بقوله: يندفع

و خلاصة الاندفاع: أن المشتري العالم بالغصب قد سلط البائع على الثمن الذي هو ملك للغير و هو المالك الاصيل، لأنه على القول بكون الاجازة كاشفة قد اصبح الثمن ملكا للمالك فليس للبائع حق فيه فحق المالك سابق على حق الغاصب بسبب العقد الحاصل بين المشتري العالم بالغصب، و بين البائع الغاصب.

و في الواقع أن البائع الغاصب ليس له حق اصلا في الثمن على القول بالكشف فتسليط المشتري العالم بالغصب البائع على الثمن تسليط فضولي على ملك الغير

فالنتيجة: أن للمالك اجازة العقود المتتبعة على القول بالكشف

(2) المراد من الغير هو المالك كما عرفت

(3) و هو اقباض المشتري العالم بالغصب الثمن للبائع كما عرفت

(4) أى اذا انكشف أن تسليط المشتري العالم بالغصب البائع تسليط على ملك الغير فيعمل بمقتضى هذا الكشف: و هو جواز تتبع المالك العقود المتعددة الواقعة على ملكه

(5) اى و اذا تحقق الرد من المالك الاصيل: بأن لم يجز البيع -

ص: 150

انكشف كون ذلك (1) تسليطا من المشتري على ماله، فليس (2) له أن يسترده، بناء على ما نقل من الأصحاب.

نعم على القول بالنقل يقع الاشكال (3) في جواز اجازة العقد الواقع على الثمن، لأن (4) اجازة المالك المبيع له موقوفة على تملكه للثمن

+++++++++++

- فقد انكشف أن تسليط المشتري العالم بالغصب البائع الغاصب على الثمن تسليط على ملكه، لا على ملك الغير الذي هو المالك الاصيل: فكل بيع وقع على هذا الثمن من قبل البائع الغاصب فقد وقع على ملكه، لأن المشتري العالم بالغصب سلّطه عليه، فالثمن ملك للبائع، فليس للمشتري العالم استرداد ثمنه من البائع الغاصب، لأنه سلط البائع عليه

(1) أى كون تسليط المشتري العالم البائع الغاصب على الثمن كما عرفت

(2) أى ليس للمشتري العالم كما عرفت استرداد الثمن

(3) و هو أنه كيف يمكن صدور الاجازة من المالك الاصيل على المبيع مع علم المشتري بالغصب؟

(4) تعليل لوقوع الإشكال في صدور الإجازة من المالك الاصيل على المبيع

يروم الشيخ في ذكر هذا التعليل بيان لزوم الدور، لأن اجازة المالك على وقوع المبيع من البائع الغاصب له متوقف على تملكه للثمن، لأنه قبل الاجازة كان اجنبيا عنه

و تملك المالك للثمن متوقف على الاجازة، لكونها كما عرفت إما سبب لصحة العقد، أو جزء سبب

إذا يلزم الدور

ص: 151

لأنه قبلها (1) اجنبي عنه و المفروض أن تملكه الثمن موقوف على الاجازة على القول بالنقل.

و كذا (2) الإشكال في اجازة العقد الواقع على المبيع بعد قبض البائع الثمن، أو بعد اتلافه اياه على الخلاف في اختصاص عدم رجوع المشتري على الثمن بصورة التلف، و عدمه، لأن (3) تسليط المشتري للبائع على الثمن قبل انتقاله الى مالك المبيع (4) بالاجازة فلا يبقى مورد للاجازة.

+++++++++++

هذا ما افاده الشيخ قدس سره في لزوم الدور على القول النقل

لكن يمكن أن يقال في دفعه: بأن اجازة المالك الاصيل للبيع الأول غير متوقف على تملكه للثمن بالفعل، بل هي موقوفة على قابلية و صلاحية للتملك، لأن مجرد اجنبية المالك عن الثمن قبل الاجازة لا يقتضي تملكه للثمن بالفعل

إذا لا يلزم الدور، فعلى القول بالنقل في الاجازة لا بدّ من القول بعدم محل لانتقال الثمن قبل الاجازة

(1) اى المالك قبل صدور الاجازة اجنبي من الثمن كما عرفت

(2) أى و كذا يرد إشكال القطب و الشهيد على القول بالنقل

(3) تعليل لورود الإشكال من العلمين: القطب و الشهيد في اجازة المالك البيع الاول الصادر من البائع الغاصب على القول بالنقل في الاجازة بعد اتلاف البائع الثمن بشرائه لنفسه شيئا

(4) هذا بناء على القول بالنقل في الاجازة

و أما بناء على القول بالكشف فينتقل الثمن الى المالك الاصيل من حين وقوع العقد، لا من حين صدور الاجازة

ص: 152

و ما (1) ذكره في الايضاح: من احتمال تقديم حق المجيز، لأنه أسبق، و أنه أولى من الغاصب المأخوذ بأشق الأحوال فلم يعلم له (2) وجه بناء على النقل، لأن العقد جزء سبب لتملك المجيز، و التسليط المتأخر عنه علة تامة لتملك الغاصب فكيف يكون حق المجيز أسبق؟

نعم يمكن أن يقال: إن حكم الأصحاب بعدم استرداد الثمن

لعله لأجل التسليط المراعى بعدم اجازة مالك المبيع، لا لأن نفس التسليط علة تامة لاستحقاق الغاصب على تقديري الرد و الاجازة

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما افاده صاحب الايضاح:

من احتمال تقديم حق المجيز على الغاصب، لأولويته منه و أسبقيته، حيث يؤخذ بأشد الأحوال في قوله في ص و يحتمل أن يقال: لمالك العين حق تعلق الثمن

و خلاصة الايراد: أنه لم يعلم لهذا التقدم و الأولوية و الاسبقية وجه على القول بالنقل لأن العقد حسب ما عرفت أكثر من مرة جزء سبب لتملك المجيز قبل مجيء الاجازة، و الجزء الآخر هو الاجازة التي بها تحصل العلة التامة في تملك المجيز.

و من الواضح أن تسليط المشتري البائع الغاصب على الثمن علة تامة في تملكه للثمن فكيف يكون حق المجيز أسبق و أقدم من حق المالك المجيز و لم تات الاجازة بعد، حيث لم يبق لها مورد بعد تمليك المشتري الغاصب

(2) أى تقديم حق المجيز كما عرفت

(3) من هنا يريد الشيخ أن يمنع كون تسليط المشتري الغاصب على الثمن علة تامة في تملكه.

و خلاصة ما افاده: أن اتفاق الفقهاء على عدم جواز استرداد المشتري -

ص: 153

و حيث إن حكمهم (1) هذا مخالف للقواعد الدالة على عدم حصول الانتقال بمجرد التسليط المتفرع على عقد فاسد وجب الاقتصار فيه على المتيقن:

و هو التسليط على تقدير عدم الاجازة فافهم (2)

مسألة في أحكام الرد
اشارة

(مسألة) في أحكام الرد

ما يتحقق به الرد

لا يتحقق الرد (3) قولا إلا بقوله: فسخت و رددت، و شبه ذلك

+++++++++++

- العالم بالغصبية الثمن و إن كان موجودا خلاف للقواعد و الأدلة الدالة على عدم حصول الانتقال بمجرد التسليط.

بل حكمهم بذلك مراعى بصورة عدم صدور الاجازة

فلا ترفع اليد عن تلك الاصول و القواعد المسلمة و العمل بهذا الاتفاق مطلقا حتى و لو اجاز.

اذا يقتصر على قدر المتيقن و هو صورة عدم صدور الاجازة من المالك

و أما في صورة صدور الاجازة للمشتري حق الرجوع على الغاصب في اخذ الثمن اذا كان موجودا

فنفس التسليط لا يكون علة تامة لاستحقاق الغاصب الثمن، سواء اجاز المالك الاصيل أم لم يجز، بل العلية التامة منوطة على عدم صدور الاجازة كما عرفت

(1) أى حكم الفقهاء بعدم جواز استرداد الثمن مع وجوده كما عرفت

(2) من المحتمل أنه اشارة الى عدول ما افاده: من أن حكم الفقهاء بعدم جواز استرداد الثمن مع وجوده مقيد بصورة عدم صدور الاجازة، لا مطلق

و هنا يريد أن يبين أن حكمهم مطلق

و يحتمل اشارة الى ما افاده السيد الطباطبائي في تعليقته على المكاسب في ص 172: من أن التسليط من قبل مالك الثمن مطلق غير مقيد بالاجازة

(3) لا كلام في أن الرد موجب لانفساخ العقد قهرا فلو ردّ العقد -

ص: 154

مما هو صريح في الرد، لأصالة (1) بقاء اللزوم من طرف الاصيل، و قابليته من طرف المجيز.

و كذا يحصل (2) بكل فعل مخرج له عن ملكه بالنقل أو بالاتلاف و شبههما كالعتق و البيع و الهبة، و التزويج (3)، و نحو ذلك.

و الوجه في ذلك (4)، أن تصرفه بعد فرض صحته مفوت لمحل

+++++++++++

- لا يبقى مجال للاجازة، لعدم بقاء المعاقدة و المعاهدة مع الرد

لكن الكلام في كيفية تحققه فاخذ الشيخ في بيانها

(1) المراد منها الاستصحاب اى استصحاب بقاء لزوم العقد من طرف الاصيل الذي هو احد طرفي العقد في عقد الفضولي عند وقوع العقد سواء أ كان الاصيل هو البائع أم المشتري، و استصحاب بقاء قابلية اللزوم من طرف المجيز عند الشك في زوال البقاء لو لم يقل فسخت، أو رددت فان اللزوم قد تحقق بالعموم و هي آية وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، و لكن شك في زواله بواسطة الرد الذي لم يحصل بلفظ فسخت، أو رددت فنستصحب البقاء

(2) اي الرد يحصل بعمل موجب للفسخ كما مثل له الشيخ

(3) المراد من التزويج هنا تزويج الحرة نفسها لغير من زوجها الفضولي، فان التزويج منها رد فعلي لفسخ التزويج الفضولي لها الصادر من العاقد الفضولي.

و ليس المراد من التزويج تزويج الامة التي باعها الفضولي، فانها ليس لها حق التزويج حتى تفسخ عقدها بالرد الفعلي بتزويج نفسها لغير من زوجها الفضولي

(4) أى العلة في كون الفسخ يحصل بكل فعل مخرج للملك عن ملك -

ص: 155

الاجازة، لفرض خروجه عن ملكه.

هل يتحقق الرد بالتصرف غير المخرج عن الملك؟

و أما التصرف غير المخرج عن الملك (1) كاستيلاد الجارية، و اجارة الدابة، و تزويج الامة فهو و إن لم يخرج الملك عن قابلية وقوع الاجازة عليه إلا أنه مخرج له عن قابلية وقوع الاجازة من زمان العقد، لأن صحة الاجازة على هذا النحو توجب وقوعها باطلة و اذا فرض وقوعها صحيحة منعت عن وقوع الاجازة.

و الحاصل (2)

+++++++++++

- الاصيل: أن تصرف الاصيل بعد الفراغ عن صحته يكون مفوتا لمحل الاجازة فلا يبقى مجال لها، لأنه خرج الملك عن ملكه بواسطة الفسخ الفعلي ببيعه، أو هبته، أو وقفه أو عتقه.

(1) اى عن ملك المشتري.

(2) أى حاصل ما ذكرناه في تحقق الرد خارجا لو وقع من المالك:

أن وقوع احد المذكورات: و هو العتق، أو البيع، أو الهبة، أو التزويج صحيحة معناه عدم محل لصدور الاجازة من المالك، لأن الصحة في الامور المذكورة تناقض وقوع الاجازة بعد هذه التصرفات، و تنافيها، فلا بد من القول بامتناع احدهما لا محالة.

إما الاجازة اذا قلنا بصحة المذكورات.

و إما المذكورات اذا قلنا بصحة الاجازة، لأنهما متنافيان و متناقضان لا يمكن اجتماعهما.

و زبدة الكلام أنه اذا وقع احد المتنافيين صحيحا امتنع وقوع الآخر أو وقوع احدهما صحيحا موجب لإبطال صاحبه، أو موجب لإيقاع صاحبه على غير وجهه: بأن يقال: إنه لو قلنا بصحة الاجازة لظهر أن التصرفات -

ص: 156

أن وقوع هذه الامور (1) صحيحة مناقضة لوقوع الاجازة لأصل العقد فاذا وقع احد المتنافيين (2) صحيحا فلا بد من امتناع وقوع الآخر (3) أو ابطال صاحبه (4) أو إيقاعه على غير وجهه (5)

و حيث لا سبيل الى الاخيرين (6) تعين الاول (7)

و بالجملة: كل ما يكون باطلا على تقدير لحوق الاجازة المؤثرة من حين العقد فوقوعه صحيحا مانع من لحوق الاجازة، لامتناع اجتماع المتنافيين.

نعم لو انتفع المالك بها (8) قبل الاجازة بالسكنى، و اللبس كان

+++++++++++

- المذكورة من المالك كانت على غير وجهها: أى كانت لغوا و غير مقصودة من بداية الامر.

(1) و هي البيع و العتق و الهبة و الوقف كما عرفت آنفا

(2) و هما: الاجازة، و صحة المذكورات، حيث إن كل واحد منهما مناف للآخر و لا يمكن اجتماعهما.

(3) و هو الاجازة لو وقعت الامور المذكورة صحيحة، أو الامور المذكورة لو وقعت الاجازة صحيحة كما عرفت.

(4) سواء أ كان هو الاجازة لو وقعت الامور المذكورة صحيحة أم الامور المذكورة لو وقعت الاجازة صحيحة.

(5) كما عرفت معناه في الهامش 2 ص 156 عند قولنا: لظهر أن التصرفات

(6) و هما: إبطال صاحبه، أو ايقاعه على غير وجهه،

و المراد من ابطال صاحبه، أو ايقاعه على غير وجهه هو المذكورات.

(7) و هو صحة المذكورات.

(8) أى بالمذكورات

ص: 157

عليه اجرة المثل (1) اذا اجاز فتأمل (2)

و منه (3) يعلم أنه

+++++++++++

(1) لا يعلم مراد الشيخ قدس سره من ثبوت اجرة المثل على المالك هل هو على القول بالكشف، أو النقل، لأنك عرفت أنه على القول بالكشف تكون نماء المثمن للمشتري و نماء الثمن للبائع قبل الاجازة

و أما على القول بالنقل فنماء كل منهما لصاحبه قبل الاجازة.

فهنا لو كان مراده من ثبوت اجرة المثل على الكشف فصح ما افاده، حيث إن المالك قد تصرف في مال المشتري فتكون ذمته مشغولة ضامنة لاجرة المثل.

و أما على القول بالنقل فلا تثبت اجرة المثل، لأن المالك قد تصرف في ملكه فلا تكون ذمته مشغولة.

فما افاده الشيخ قدس سره: من ثبوت اجرة المثل على نحو الاجمال و الاطلاق محل تأمل

(2) لعل وجه التأمل: أنه يمكن أن يقال: إن الاجازة من المالك بعد استيفاء المنفعة تكون من قبيل بيع العين المستأجرة في انتقالها الى المشتري لكنها مسلوبة المنفعة الى مدة انقضاء الاجارة.

فالاجازة تكون كذلك تلزم البيع، لكنها مسلوبة المنفعة فلا تكون ذمة المالك اذا مشغولة باجرة المثل.

(3) اى و من أن وقوع الاجازة، و وقوع التصرفات المذكورة صحيحة من الامور المتنافية، و أنهما متناقضتان لا يجتمعان لا فرق بين علم المجيز في زمان تصرفه في ملكه باحد الامور المذكور: بوقوع عقد على ماله، و بين عدم علمه بذلك، لأننا لم نقل: إن الامور هي المنشأ -

ص: 158

لا فرق بين وقوع هذه (1) مع الاطلاع على وقوع العقد، و وقوعها (2) بدونه لأن التنافي بينهما (3) واقعي

و دعوى أنه لا دليل على اشتراط قابلية التأثير (4) من حين العقد في الاجازة، و لذا (5) صحح جماعة كما تقدم (6) اجازة المالك الجديد فيمن باع شيئا ثم ملكه مدفوعة باجماع اهل الكشف (7) على كون اجازة المالك حين العقد مؤثرة من حينه.

+++++++++++

- لرد المالك العقد حتى يقال: كيف انشأ الرد و هو لا يعلم بوقوع عقد على ماله؟

بل نقول: إن هذه الامور تنافي اثر العقد الواقع صحيحا: اذ المنافاة امر واقعي، سواء علم المالك بالعقد الواقع أم لا يعلم.

(1) اى الامور المذكورة: من الهبة و الوقف و العتق و البيع كما عرفت.

(2) اى وقوع الامور المذكورة بدون علم المالك كما عرفت

(3) اى بين الاجازة، و وقوع الامور المذكورة كما عرفت

(4) أى تأثير الاجازة

(5) اى و لاجل عدم تأثير للاجازة من حين العقد

(6) في ص 27 عند قوله: الثانية أن يتجدد الملك بعد العقد

و عند قوله في ص 29: أما المسألة الاولى فقد اختلفوا فيها

و عند قوله في ص 32: و الأقوى هو الأول، للاصل و العمومات

(7) و هو الكشف الحقيقي بكلا معنييه الذين عرفتهما في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 301-302

ص: 159

نعم (1) لو قلنا بأن الاجازة كاشفة بالكشف الحقيقي الراجع الى كون المؤثر التام هو العقد الملحق بالاجازة كانت التصرفات (2) مبنية على الظاهر، و بالاجازة ينكشف عدم مصادفتها للملك فتبطل هي و تصح الاجازة

التصرفات الغير المنافية لملك المشتري

بقى الكلام في التصرفات غير المنافية لملك المشتري من حين العقد كتعريض المبيع، و البيع الفاسد.

و هذا أيضا على قسمين، لأنه إما أن يقع (3) حال التفات المالك الى وقوع العقد من الفضولي على ماله.

و إما أن تقع في حال عدم الالتفات

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من بطلان الاجازة، و صحة التصرفات المذكورة.

يروم الشيخ قدس سره في هذا الاستدراك بيان صحة الاجازة و بطلان التصرفات المذكورة

و خلاصة الاستدراك: أنه لو قلنا: إن الاجازة كاشفة بالكشف الحقيقي الذي عرفت معناه في الجزء 8 من المكاسب في الهامش 6 ص 300 بناء على أن المؤثر التام نفس العقد الملحق بها الاجازة: كانت التصرفات المذكورة مبنية على الظاهر: بمعنى أن المال الذي تصرف فيه المالك كان ملكا له بحسب الظاهر، و لما اجاز البيع الواقع من البائع الغاصب ظهر و انكشف عدم مصادفة هذه التصرفات لملك المالك فتكون التصرفات المذكورة باطلة و الاجازة صحيحة

(2) أى التصرفات المذكورة

(3) اى هذه التصرفات المذكورة

ص: 160

أما الاول فهو ردّ فعلي (1) للعقد

و الدليل على الحاقة بالرد القولي مضافا الى صدق الرد عليه فيعمه (2) ما دل على أن للمالك الردّ مثل ما وقع في نكاح العبد و الامة بغير اذن مولاه (3)

و ما ورد فيمن زوّجته أمّه و هو غائب من قوله عليه السلام

إن شاء قبل، و ان شاء ترك (4)

+++++++++++

(1) صدق الرد الفعلي على مثل هذه التصرفات مبني على إرادة الانشاء منه، و إلا لا يصدق الرد عليها بمجرد التفات المالك الى وقوع عقد على ماله من الفضولي

(2) أى فيشمل مثل هذا الرد كل ما دل على أن للمالك الرد

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14 ص. 523. الباب 22.

الحديث 1-2، أليك نص الحديث الاول

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده

فقال: ذاك الى سيده إن شاء اجازه، و ان شاء فرق بينهما

(4) المصدر نفسه. ص 211. الباب 7 الحديث 3

أليك نص الحديث

عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام أنه سأله عن رجل زوّجته أمّه و هو غائب

قال: النكاح جائز إن شاء المتزوج قبل، و إن شاء ترك، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لامه.

فهاتان الروايتان صريحتان في أن التفريق بينهما كما في الحديث الاول و الترك كما في حديث محمد بن مسلم يدلان على الرد الفعلي

ص: 161

إلا (1) أن يقال: إن الاطلاق مسوق لبيان أن له الترك فلا تعرض فيه (2) لكيفيته (3) ان (4) المانع من صحة الاجازة بعد الرد القولي موجود في الرد الفعلي. و هو (5) خروج المجيز بعد الرد عن كونه بمنزلة احد طرفي العقد مضافا (6) الى فحوى الاجماع المدعى على حصول فسخ

+++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من دلالة الروايتين على الرد الفعلي

و خلاصته لو قيل: إن الإطلاق في الحديث الثاني المروي عن محمد بن مسلم و هو قوله عليه السلام: و إن شاء ترك سيق لبيان أن للمتزوج فضولا ترك الزواج من غير دلالة لهذا الإطلاق على كيفية الترك: من القول أو الفعل.

و لا يخفى أن الحديث الاول و هو حديث زرارة صريح في الرد الفعلي، اذ قوله عليه السلام: و إن شاء فرق بينهما ليس فيه اي اطلاق حتى يقال: إنه سيق لبيان الترك، لا لكيفيته، و لذا ترى الشيخ في الاستدراك تمسك بالحديث الثاني، دون الاول.

(2) اي في هذا الاطلاق

(3) أي لكيفية الترك: من كونه قولا: أو فعلا كما عرفت

(4) بفتح الهمزة خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله في ص 161: و الدليل أى الدليل على الحاق مثل هذا الرد بالرد القولي: أن المانع من صحة الاجازة بعد الرد القولي بنفسه موجود في الرد الفعلي هنا. و هو خروج المجيز عن كونه احد ركني العقد و طرفيه بعد الرد، و هذا الملاك بعينه موجود في الرد الفعلي، فلذا يلحق به.

(5) أى ذلك المانع هو خروج المجيز.

(6) هذا دليل آخر على ان مثل هذا الرد رد للعقد و فسخه: و هو

ص: 162

ذي الخيار بالفعل كالوطء و البيع و العتق، فان (1) الوجه في حصول الفسخ هو دلالتها على قصد فسخ البيع.

و إلا (2) فتوقفها على الملك لا يوجب حصول الفسخ بها.

بل يوجب بطلانها، لعدم حصول الملك المتوقف على الفسخ قبلها حتى تصادف الملك.

+++++++++++

فحوى الاجماع و مفهومه الأولوية، حيث إنه ادعي الاجماع على أن من له الخيار لو فعل ما يوجب فسخ العقد فسخ كما لو وطأ المولى امته المبيعة أو عتق عبده المبيع و كان له الخيار، فان الوطء، أو العتق موجب لفسخ العقد و رده

فاذا كان العقد التام الموجود فيه ركناه ينفسخ بالفعل فعقد الفضولي الذي ليس بتام بطريق أولى ينفسخ بالرد الفعلي و يبطل

(1) هذا تعليل لانفساخ العقد و بطلانه بالوطء و البيع و العتق

و خلاصته: أن العلة في كون مثل هذه التصرفات الناشئة عن كونها تصرفا في الملك ردا فعليا ملحقا بالرد القولي، و أن الفسخ يحصل بها: هو دلالة التصرفات المذكورة على فسخ البيع.

(2) هذا من متممات التعليل المذكور.

و خلاصته: أنه لو لم يكن الوجه في حصول الفسخ هو دلالة الوطء و البيع و العتق على حصول قصد الفسخ و إنشائه.

بل الوجه هو توقف التصرفات المذكورة على الملك لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم: لا عتق إلا في ملك، و لا بيع إلا في ملك، و لا وطء إلا في ملك.

و مقتضى هذا التوقف هو بطلان تلك التصرفات المذكورة لعدم -

ص: 163

و كيف كان فاذا صلح الفسخ الفعلي لرفع اثر العقد الثابت المؤثر (1) فعلا صلح لرفع اثر العقد المتزلزل (2) من حيث الحدوث القابل للتأثير بطريق أولى.

و أما الثاني (3): و هو ما يقع في حال عدم الالتفات فالظاهر عدم تحقق الفسخ به، لعدم دلالته على إنشاء الرد.

و المفروض عدم منافاته أيضا، للاجازة اللاحقة.

+++++++++++

- حصول الملك المتوقف على الفسخ قبل التصرفات المذكورة حتى تصادف الملك لا حصول الفسخ بها.

و حيث لم يحكم العلماء ببطلانها نستكشف عن أن لازم هذه التصرفات هو حصول الفسخ بنفس التصرفات؛ لدلالة هذه التصرفات على قصد الفسخ و انشائه.

(1) كما في البيع الخياري، فان من له الخيار لو تصرف في المبيع في زمن الخيار فقد اوجب فسخ البيع و إبطاله

(2) كما في عقد الفضولي

(3) اى القسم الثاني من القسمين الذين ذكرهما الشيخ في المقسم: و هو التصرفات غير المنافية لملك المشتري

حيث قسم الشيخ هذه التصرفات على قسمين في قوله في ص 160: و هذا أيضا على قسمين، لأنه إما أن يقع حال التفات المالك الى وقوع العقد من الفضولي على ماله، و إما أن يقع في حال عدم الالتفات.

فالقسم الثاني هو وقوع التصرفات غير المنافية لملك المشتري في حال عدم التفاته الى وقوع العقد من الفضولي

ص: 164

و لا يكفي مجرد رفع اليد عن الفعل بانشاء ضده (1) مع عدم صدق عنوان الرد الموقوف على القصد و الالتفات الى وقوع المردود نظير (2) إنكار الطلاق الذي جعلوه رجوعا و لو مع عدم الالتفات الى وقوع الطلاق على ما يقتضيه إطلاق كلامهم.

+++++++++++

(1) كالتصرف في ماله المبيع و هو لا يعلم بالبيع، و التصرف يكون غير مناف لملك المشتري اى لا يكفي في فسخ عقد الفضولي و ابطاله مجرد رفع اليد عن بقائه بل لا بدّ أن يكون الرفع رفعا مشروطا بالالتفات الى وقوعه.

(2) مثال للمنفي: و هو عدم امكان جعل ما نحن فيه نظير الطلاق

خلاصة الكلام: أنه لا يمكن جعل مجرد رفع اليد عن الفعل بانشاء ضده مع عدم صدق عنوان الرد نظير إنكار الطلاق فيمن انكر الطلاق فان مجرد إنكاره يكون رجوعا الى الزوجية و إن لم يكن الزوج ملتفتا الى وقوع الطلاق

و أما وجه عدم امكان ما نحن فيه نظير الطلاق فلورود النص الخاص في الطلاق: و هي صحيحة ابي ولاد أليك نصّها

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ادّعت على زوجها أنه طلقها تطليقة طلاق عدة طلاقا صحيحا يعني على طهر من غير جماع و اشهد لها شهودا على ذلك ثم انكر الزوج بعد ذلك.

فقال عليه السلام: إن كان انكر الطلاق قبل انقضاء العدة، فان انكاره للطلاق رجعة لها، و ان كان انكر الطلاق بعد انقضاء العدة فان على الامام أن يفرق بينهما بعد شهادة الشهود بعد أن تستحلف

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 15 ص 372 الباب 14 الحديث 1

ص: 165

نعم لو ثبتت كفاية ذلك (1) في العقود الجائزة كفى هنا بطريق أولى كما عرفت (2) لكن لم يثبت ذلك (3) هناك فالمسألة (4) محل إشكال

بل الإشكال في كفاية سابقه (5) أيضا، فان بعض المعاصرين يظهر منهم دعوى الاتفاق على اعتبار اللفظ في الفسخ كالاجازة (6)، و لذا (7) استشكل في القواعد في بطلان الوكالة بايقاع العقد الفاسد على متعلقها

+++++++++++

(1) اى لو ثبت أن التصرفات غير المنافية لملك المشتري في العقود الجائزة و لو مع عدم التفات صاحب الملك الى وقوع عقد على ماله فسخ للعقد، و ابطال له: لكفى هنا أن التصرفات غير المنافية لملك المشتري و إن لم يكن المالك عالما بوقوع عقد على ملكه رد فعلي للعقد و فسخ له

(2) عند قوله في ص 164: فاذا صلح الفسخ لرفع اثر العقد

(3) أى كفاية التصرفات غير المنافية لملك المشتري في العقود الجائزة فكيف في عقد الفضولي الذي هو عقد متزلزل.

(4) اى مسألة التصرفات غير المنافية لملك المشتري في عقد الفضولي و إن لم يكن المالك ملتفتا الى وقوع عقد على ملكه.

(5) و هو القسم الاول من القسمين الذين ذكرهما الشيخ بقوله في ص 160: لأنه إما أن يقع حال التفات المالك الى وقوع العقد.

(6) اى كما يعتبر اللفظ في الاجازة، و لا يكفي الفعل فيها

(7) اى و لاجل دعوى بعض المعاصرين الاتفاق على اعتبار اللفظ في الفسخ كما يعتبر في الاجازة استشكل العلامة قدس سره في القواعد في بطلان الوكالة لو اوقع الموكل عقدا فاسدا على متعلق الوكالة: بأن وكل زيدا على بيع داره ثم اجرى الموكل عقدا على بيع الدار مع شخص آخر إلا أن العقد كان فاسدا من جهة مجهولية الثمن مثلا و الموكل جاهل بالفساد

ص: 166

جاهلا بفساده، و قرره (1) في الايضاح و جامع المقاصد على الإشكال.

و الحاصل (2) ان المتيقن من الرد هو الفسخ القولي.

و في حكمه تفويت محل الاجازة: بحيث لا يصح وقوعها على وجه يؤثر من حين العقد

و أما الرد الفعلي و هو الفعل المنشأ به لمفهوم الرد فقد عرفت (3) نفي البعد عن حصول الفسخ به.

و أما مجرد ايقاع ما ينافي مفهومه قصد بقاء العقد من غير تحقق مفهوم الرد، لعدم الالتفات الى وقوع العقد فالاكتفاء به مخالف للاصل (4) و في حكم ما ذكرنا (5) الوكالة و الوصاية.

و لكن الاكتفاء فيهما (6) بالرد الفعلي أوضح.

و أما الفسخ في العقود الجائزة بالذات، أو بالخيار (7) فهو منحصر باللفظ، أو الرد الفعلي.

+++++++++++

(1) اى و اثبت هذا الاستشكال و أمضاه

(2) اى خلاصة ما ذكرناه في القسم الثاني من القسمين و هو مسأله التصرفات غير المنافية لملك المشتري و إن لم يكن المالك ملتفتا بوقوع عقد على ملكه من بداية المسألة الى هنا.

(3) في ص 155 عند قوله: و كذا يحصل بكل فعل مخرج عن ملكه

(4) و هو استصحاب بقاء عقد الفضولي الملحق به الاجازة عند الشك في زواله بسبب ما ينافي مفهومه قصد بقاء العقد من غير تحقق مفهوم الرد

(5) من أن مجرد ايقاع ما ينافي مفهومه قصد بقاء العقد من غير تحقق مفهوم الرد.

(6) اى في الوكالة و الوصاية

(7) اى أوفي العقود الجائزة بالخيار

ص: 167

و أما فعل ما لا يجامع صحة العقد كالوطء و العتق فالظاهر أن الفسخ بهما من باب تحقق القصد قبلهما (1) لا لمنافاتهما (2) لبقاء العقد لأن (3) مقتضى المنافاة بطلانها، لا انفساخ العقد عكس ما نحن فيه (4).

و تمام الكلام في محله.

ثم إن الرد إنما يثمر في عدم صحة الاجازة بعده.

+++++++++++

(1) اى الظاهر أن الفسخ بهذين من باب تحقق قصد الفسخ قبل الإقدام بالعتق، أو الوطء في العقود الجائزة بالذات، أو بالخيار

(2) اى و ليس الفسخ بالعتق، أو الوطء من باب أنهما ينافيان بقاء العقد في العقود الجائزة بالذات، أو الخيار.

(3) تعليل لعدم كون الفسخ بالعتق، أو الوطء من باب أنهما منافيان لبقاء العقد في العقود الجائزة بالذات، أو بالخيار.

و خلاصته: أنه لو كان الفسخ بهما من باب منافاتهما لبقاء العقد لكان مقتضى هذا المنافاة بطلان تلك التصرفات، لأنها تصرف في مال الغير، لا انفساخ العقد، فمن ثبوت الانفساخ في العقود الجائزة بالذات أو بالخيار نستكشف تحقق قصد الفسخ من المالك فيها.

(4) و هو التصرفات غير المنافية لملك المشتري في عقد الفضولي من هنا يروم الشيخ أن يفرق بين العقود الجائزة بالذات و بين عقد الفضولي الواقع على مال الغير

و خلاصته: أن التصرفات هنا منافية لبقاء العقد و مقتضى هذا المنافاة هو بطلان تلك التصرفات من المالك، لا فسخ العقد، فما نحن فيه بعكس العقود الجائزة بالذات، أو بالخيار

ص: 168

و اما انتزاع (1) المال من المشتري لو اقبضه الفضولي فلا يتوقف على الرد، بل يكفي فيه (2) عدم الاجازة.

و الظاهر أن الانتزاع بنفسه رد مع القرائن الدالة على ارادته (3) منه لا مطلق الاخذ، لأنه (4) اعم و لذا (5) ذكروا أن الرجوع في الهبة لا يتحقق به.

مسائل متفرقة
مسألة لو لم يجز المالك، فإن كان المبيع في يده فهو، و إلّا فله انتزاعه
اشارة

(مسألة): لو لم يجز المالك فان كان المبيع في يده فهو، و إلا (6) فله انتزاعه ممن وجده في يده مع بقائه، و يرجع بمنافعه المستوفاة و غيرها على الخلاف المتقدم في البيع الفاسد (7)، و مع التلف يرجع الى من تلف عنده بقيمته يوم التلف أو باعلى القيم من زمان وقع في يده (8)

+++++++++++

(1) اي انتزاع المالك ماله من يد المشتري بعد أن اقبض البائع الغاصب المال الى المشتري.

(2) اى في الانتزاع.

(3) اي إرادة الرد من الانتزاع

(4) اي الاخذ أعم من الرد، لأنه من الممكن أن يكون من باب الانتفاع به.

(5) اى و لاجل أن الاخذ أعم من الرد ذكر الفقهاء أن الرجوع في الهبة لا يتحقق باخذ الشيء المتّهب.

(6) اي و إن لم يكن المبيع في يده، بل في يد المشتري، أو في يد أى شخص كان

(7) راجع الجزء 7 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 183 و ص 191 عند قوله: و أما المنفعة الفائتة بغير استيفاء

(8) اى من زمن الغصب الى زمن وقوع المال في يد المالك فان كانت

ص: 169

و لو كان (1) قبل ذلك في ضمان آخر، و فرضت زيادة القيمة عنده ثم نقصت عند الاخير اختص السابق بالرجوع بالزيادة عليه.

كما صرح به (2) جماعة في الأيدي المتعاقبة.

هذا (3) كله حكم المالك مع المشتري.

و أما حكم المشتري مع الفضولي فيقع الكلام فيه تارة في الثمن

و اخرى فيما يغرمه للمالك زائدا على الثمن.

+++++++++++

قيمته يوم الغصب أعلى من قيمة يوم التلف فهي مشغولة بذمة من وجد المال عنده.

و إن كانت قيمته يوم أن جاء في يده أعلى من يوم الغصب فهي مشغولة بذمته.

(1) اى و لو كان المبيع قبل الاجازة في يد شخص آخر غير المشتري العالم بالغصب فزادت القيمة السوقية عنده، ثم صار المبيع عند آخر فنقصت القيمة السوقية عند هذا الاخير فالمالك يرجع هنا بزيادة القيمة السوقية التي نقصت عند الأخير على الذي كان المبيع عنده و زادت القيمة السوقية عنده.

(2) اي برجوع المالك بزيادة القيمة السوقية على السابق الذي زادت القيمة عنده صرح جماعة من الفقهاء.

(3) اى ما قلناه من البداية الى النهاية في مسألة الرد في صورة وقوع التصرف من قبل المالك على ماله، سواء أ كان التصرف مخرجا للملك عن ملكية المشتري أم لا.

و كذا التصرفات غير المنافية لملك المشتري بقسميه:

و هما: علم المالك بوقوع عقد على ماله، و عدم علمه بذلك

ص: 170

فهنا مسألتان:
اشارة

فهنا مسألتان:

المسألة الأولى: أنه يرجع عليه بالثمن إن كان جاهلا بكونه فضوليا سواء أ كان باقيا أم تالفا.

(الاولى): أنه يرجع (1) عليه بالثمن إن كان جاهلا بكونه فضوليا سواء أ كان باقيا أم تالفا.

و لا يقدح في ذلك (2) اعترافه بكون البائع مالكا، لان (3) اعترافه مبني على ظاهر يده.

نعم لو اعترف به (4) على وجه يعلم عدم إسناده (5) الى اليد كأن يكون اعترافه بذلك (6) بعد قيام البينة لم يرجع بشيء.

و لو لم يعلم استناد الاعتراف الى اليد، أو الى غيرها ففي الاخذ بظاهر الحال: من استناده (7) الى اليد، أو بظاهر لفظ الإقرار (8) من دلالته

+++++++++++

(1) اى المشتري يرجع على البائع الفضولي لو كان جاهلا بكون المبيع فضوليا، سواء أ كان المال باقيا أم تالفا.

(2) أي لا يقدح اعتراف المشتري أن البائع مالك للثمن في رجوعه على البائع الفضولي بثمنه.

(3) تعليل لكون اعتراف المشتري غير قادح في رجوعه على الفضولي

و خلاصته: أن الاعتراف المذكور مبني على ظاهر يد البائع، فان الظاهر أن يده يد مالكة، حيث إن المشتري جاهل بالغصب فهو مأمور بالظاهر و الظاهر أن البائع هو المالك.

(4) أى بكون البائع مالكا.

(5) اي عدم استناد الملك الى اليد، بل استناده الى الملك كان الى البينة بعد قيامها عليه فحينئذ لا يرجع المشتري على البائع الغاصب.

(6) اي بالملك بعد قيام البينة بأن البائع غير مالك للمبيع.

(7) اى من استناد المشتري الاعتراف بالملك.

(8) اي باقرار البائع بأن هذا ملكي فباعه على المشتري و المشتري -

ص: 171

على الواقع. وجهان (1)

و إن كان (2) عالما بالفضولية فان كان الثمن باقيا استرده وفاقا للعلامة و ولده و الشهيدين و المحقق الثاني رحمهم اللّه اذ لم يحصل منه (3) ما يوجب انتقاله عنه شرعا.

و مجرد (4) تسليطه عليه لو كان موجبا لانتقاله لزم (5) الانتقال في البيع الفاسد، لتسليط كل من المتبايعين صاحبه على ماله، و لان الحكم (6)

+++++++++++

- اسند ملكية البائع الى ظاهر لفظ الاقرار، حيث إن هذا الاقرار يدل على أن البائع مالك للمثمن حقيقة و واقعا.

(1) وجه بالاخذ بظاهر الحال، حيث يدل على أن البائع هو المالك و وجه بالاخذ بظاهر لفظ الاقرار

لكن الظاهر تقديم وجه الاخذ بظاهر الحال

(2) اي و إن كان المشتري عالما بغصبية المبيع حين الشراء.

(3) اي لم يظهر من المشتري ما يوجب انتقال الثمن عنه الى البائع.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه كيف يرجع المشتري العالم على البائع الغاصب بالثمن مع أنه سلطه عليه فالتسليط صار سببا لانتقال الثمن إليه؟

(5) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أنه لو كان مجرد التسليط موجبا للانتقال لكان لازمه انتقال المبيع في البيع الفاسد الى المشتري و انتقال الثمن الى البائع، لأن كلا منهما سلط صاحبه على ماله

و مرجع الضمير في تسليطه المشتري، و في عليه الثمن كما عرفت.

(6) جواب ثان عن الوهم المذكور.

ص: 172

بصحة البيع لو اجاز المالك كما هو المشهور يستلزم تملك المالك للثمن فان (1) تملك البائع للثمن قبله يلزم فوات محل الاجازة، لأن الثمن إنما ملكه الغير (2) فيمتنع تحقق الاجازة (3) فتأمل (4)

و هل يجوز للبائع التصرف فيه (5) وجهان، بل قولان:

اقواهما العدم (6)

+++++++++++

(1) تعليل لكون صحة البيع عند اجازة المالك مستلزم لتملك المالك الثمن.

و خلاصته: أنه لو قلنا بتملك البائع الغاصب الثمن دون المالك لزم فوات محل الاجازة عن صدور الاجازة، لبقاء المبيع بلا ثمن، حيث إن الثمن على القول بتملكه البائع اصبح ملكا له فيكون المالك اجنبيا عنه.

و بقاء المبيع بلا ثمن مستحيل.

(2) و هو البائع الغاصب كما علمت.

(3) لخلو محلها عنها كما عرفت.

(4) لعل التأمل اشارة الى ما حكي عن الايضاح في رد ما استشكله القطب و الشهيد على المشتري العالم بالغصبية على الاجازة: بأنه لا مجال لصدور الاجازة، لفوات محلها بسبب تسليط المشتري العالم البائع الغاصب على الثمن.

و الرد هو عدم لزوم فوات محل الاجازة على القول بالكشف.

بل يلزم بطلان تسليط المشتري البائع على الثمن، لأنه سلطه على مال الغير و هو المالك الاصيل على القول بالكشف.

(5) أى في الثمن.

(6) اى عدم جواز التصرف في الثمن للبائع الغاصب و لا سيما على القول بالكشف لأن المال حينئذ اصبح ملكا للمالك الاصيل.

ص: 173

لأنه (1) اكل مال بالباطل

هذا (2) كله اذا كان باقيا.

و أما لو كان (3) تالفا فالمعروف عدم رجوع المشتري.

بل المحكي عن العلامة و ولده، و المحقق و الشهيد الثانيين، و غيرهم رحمهم اللّه الاتفاق عليه.

و وجهه (4) كما صرح به بعضهم كالحلي و العلامة و غيرهما و يظهر من آخرين أيضا أنه (5) سلّطه على ماله بلا عوض.

و توضيح ذلك أن الضمان إما لعموم على اليد ما اخذت.

و إما لقاعدة الإقدام على الضمان الذي استدل به الشيخ، و غيره على الضمان في فاسد ما يضمن بصحيحه (6)

+++++++++++

(1) هذا وجه عدم جواز تصرف البائع في الثمن.

و أما وجه الجواز فهو تسليط المشتري العالم بالغصب البائع الغاصب على الثمن.

(2) اى جواز استرداد الثمن للمشتري على القول ببقائه.

(3) اى الثمن.

(4) اى علة عدم جواز رجوع المشتري في الثمن على البائع الغاصب في صورة تلفه.

(5) جملة أن مع اسمها مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله:

و وجهه أى علة عدم جواز رجوع المشتري العالم على الغاصب تسليطه البائع على الثمن مجانا و بلا عوض.

(6) في قولهم: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

ص: 174

و الاول (1) مخصص بفحوى ما دل على عدم ضمان من استأمنه المالك و دفعه إليه لحفظه كما في الوديعة، أو الانتفاع به كما في العارية (2) أو لاستيفاء المنفعة منه كما في العين المستأجرة، فان الدفع على هذا الوجه (3) اذا لم يوجب الضمان فالتسليط على التصرف فيه، و إتلافه له مما لا يوجب ذلك بطريق اولى (4).

و دعوى (5) أنه إنما سلطه في مقابل العوض لا مجانا حتى يشبه الهبة الفاسدة التي تقدم عدم الضمان فيها.

+++++++++++

(1) و هو قاعدة على اليد ما اخذت.

(2) اذا لم تكن ذهبا، أو فضة، و أما اذا كانت فتضمن و اذا لم تكن مشروطة بالضمان، فانه حينئذ تكون مضمونة.

(3) اى على وجه الوديعة، أو العارية، أو الاجارة اذا لم يكن تفريط أو تعد من المستأجر بالنسبة الى العين.

و أما اذا كانت ذلك فتكون العين مضمونة.

(4) وجه الأولوية: أنه في صورة بقاء العين، و عدم إعراض صاحب المال عن ماله اذا لم يكن البائع ضامنا ففي صورة فقدان الثمن و تسليط المشتري البائع على الثمن تسليطا مجانا و بلا عوض عدم الضمان يكون بطريق أولى.

(5) هذه الدعوى في رد الأولوية المذكورة.

و خلاصتها: أن التسليط من المشتري لم يكن مجانا و بلا عوض حتى يشبه الهبة الفاسدة في عدم ضمانها، بل التسليط في مقابل العوض

و قد عرفت في الجزء 7 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 180:

أن الهبة الفاسدة لا ضمان لها عند قوله: و أما في الهبة الفاسدة.

ص: 175

مندفعة (1) بأنه إنما سلطه في مقابل ملك غيره فلم يضمنه في الحقيقة شيئا من كيسه فهو يشبه الهبة الفاسدة، و البيع بلا ثمن، و الاجازة بلا اجرة التي قد حكم الشهيد و غير واحد بعدم الضمان فيها.

و من ذلك (2) يعلم عدم جريان الوجه الثاني للضمان: و هو الإقدام على الضمان هنا، لأن البائع لم يقدم على ضمان الثمن إلا بما علم المشتري أنه ليس ملكا له.

(فان قلت (3): تسلطه على الثمن بإزاء مال الغير، لبنائه و لو عدوانا

+++++++++++

(1) جواب عن الدعوى المذكورة.

و خلاصته: أن العوض هنا مال الغير الذي هو المالك الاصيل فالتسليط لا يكون في قبال عوض يرجع الى البائع فيكون مجانا، فتصبح المعاملة تشبه الهبة الفاسدة، و البيع بلا ثمن، و الاجازة بلا اجرة في عدم ضمانها.

و لا يخفى أن ما قلناه: من عدم الضمان من قبل البائع للثمن بناء على القول بالكشف، حيث يكون العوض ملكا للمالك الاصيل.

(2) و هو أن قاعدة على اليد ما اخذت مخصصة بفحوى ما دل على عدم ضمان من استأمنه المالك فلا تجري فيما نحن فيه فلا ضمان فيه.

(3) القائل في إن قلت يروم اثبات الضمان للبائع في صورة علم المشتري بغصبية المبيع.

و خلاصة هذا الإشكال: أن المشتري إنما سلط البائع على الثمن بناء منه على أن البائع الغاصب مالكا للمبيع، و لو كان التملك عدوانا و ظلما و على هذا البناء يتحقق مفهوم المعاوضة و المعاملة و لولاه لما تحقق المفهوم في الخارج اصلا، حيث اخذ في مفهوم المبادلة و المعاوضة المال كما عرفت -

ص: 176

على كونه ملكا له، و لو لا هذا البناء لم يتحقق مفهوم المعاوضة كما تقدم في تصحيح بيع الغاصب لنفسه فهو إنما سلطه على وجه يضمّنه بماله إلا أن كلا منهما لمّا قطع النظر عن حكم الشارع بعدم ملكية البائع للمثمن، و تعاقدا معرضين عن ذلك (1) كما هو (2) الشأن في المعاوضات الواردة على أموال الناس بين السّراق و الظلمة

بل بنى المشتري على كون المثمن ملكا للبائع فالتسليط ليس مجانا.

و تضمينه البائع بمقابل الثمن من ماله حقيقي إلا أن كون المثمن مالا له ادعائي فهو كما لو ظهر المثمن المعين ملكا للغير، فان المشتري يرجع الى البائع بالثمن مع التلف اتفاقا، مع أنه إنما ضمّنه الثمن بإزاء هذا الشيء الذي هو مال الغير

فكما أن التضمين هنا حقيقي، و كون المثمن مالا له اعتقادي لا يقدح حينئذ تخلفه في التضمين.

+++++++++++

- أكثر من مرة في الجزء السادس من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 9

و في الجزء الثامن ص 227-235 حول تحقق مفهوم المعاوضة في تصحيح بيع الغاصب مال المالك لنفسه.

لكن الشارع لم يمض هذا الضمان الخاص و لم يعترف به.

إلا أن نفس الضمان العام موجود فيشمل هذه المعاملة.

فالتسليط لا يكون مجانا و بلا عوض.

(1) اي عن حكم الشارع: بأن البائع لا يملك المثمن، و أن هذا البناء غير صحيح في نظره.

(2) اي الإعراض عن حكم الشارع في عدم تملك البائع الغاصب و أن البناء على التملك غير صحيح في نظره هو الشأن في المعاوضات الواردة على الأموال المسروقة و المأخوذة ظلما و عدوانا.

ص: 177

فكذلك بناء المشتري فيما نحن فيه على ملك المثمن عدوانا لا يقدح في التضمين الحقيقي بماله.

(قلت (1): الضمان كون الشيء في عهدة الضامن، و خسارته عليه، و اذا كان المضمون به ملكا لغير الضامن واقعا فلا يتحقق الضمان الحقيقي مع علمهما (2) بذلك.

و ما ذكر (3): من بناء المتعاقدين في هذا العقد على كون المثمن ملكا للبائع الغاصب، مع كونه مال الغير فهو إنما يصحح وقوع عقد التمليك و التملك منهما ادعاء، مع عدم كون البائع اهلا لذلك (4) في الواقع و إلا فأصل المعاوضة حقيقة بين المالكين (5) و الضمان و التضمين الحقيقي بالنسبة إليهما و لذا (6) ينتقل الثمن الى مالك المبيع، و يدخل في ضمانه بمجرد الاجازة.

+++++++++++

(1) هذا جواب من الشيخ عن الإشكال المذكور بقوله: إن قلت يروم الشيخ في هذا الجواب اثبات عدم الضمان، و أن البناء المذكور ليس بصحيح فلا مجال لضمان العام بعد انتفاء ضمان الخاص: و هو بناء المتعاقدين على تملك البائع الغاصب المبيع.

(2) اى مع علم البائع و المشتري بكون المبيع ملكا للغير لا للبائع الغاصب.

(3) في قوله في ص 177: بل بنى المشتري

(4) و هو التمليك و التملك من البائع، حيث يملك المبيع للمشتري و يتملك الثمن لنفسه.

(5) اى المالكين الحقيقيين.

(6) اى و لاجل أن اصل المعاوضة حقيقة بين المالكين، و الضمان و التضمين الحقيقي بالنسبة إليهما ينتقل الثمن الى مالك المبيع و هو المالك الاصيل

ص: 178

و الحاصل (1) أنه لا تضمين حقيقة في تسليط المشتري البائع على الثمن

و أما (2) رجوع المشتري مع اعتقاد المتابعين لمالكية البائع للمثمن عند انكشاف الخطأ، مع أنه إنما ضمنه بمال الغير: فلعدم (3) طيب نفسه على تصرف البائع فيه من دون ضمان و إن كان ما ضمنه به غير ملك له و لا يتحقق به التضمين، لأنه إنما طابت نفسه بتصرف البائع، لاعتقاد (4) كون المثمن ملكا له، و صيرورته مباحا له بتسليطه عليه.

+++++++++++

(1) اي خلاصة ما ذكرناه في صورة تلف الثمن مع علم المشتري بكون البائع غاصبا.

(2) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا لم يكن هنا ضمان من قبل البائع الغاصب للمشتري العالم، و أنه ليس للمشتري حق الرجوع الى البائع، لأن المشتري لم يجعل ضمانا للبائع فكيف يضمن البائع للمشتري في صورة اعتقاد المتبايعين لمالكية البائع للمثمن عند انكشاف خطأهما بظهور كون المال للغير، مع أن المشتري إنما ضمّنه بمال الغير؟

(3) جواب عن الوهم المذكور

و خلاصته: أن رجوع المشتري هنا و ضمان البائع له من باب عدم طيب النفس للمشتري على تصرف البائع في ماله بدون ضمان له و أن تضمين المشتري البائع كان على مال الغير، لانكشاف الخلاف، و ان كان بهذا التضمين لا يتحقق الضمان للبائع، لعدم كون المبيع ملكا له.

(4) تعليل لكون تضمين المشتري البائع إنما كان على ملك الغير و ملك الغير لا يتحقق الضمان به.

و خلاصته: أن المشتري إنما طابت نفسه بتصرف البائع في ملكه -

ص: 179

و هذا (1) مفقود فيما نحن فيه، لأن طيب النفس بالتصرف، و الإتلاف من دون ضمان له بماله حاصل.

و مما ذكرنا (2) يظهر أيضا فساد نقض (3) ما ذكرنا بالبيع، مع علم المشتري بالفساد، حيث إنه ضمّن البائع بما يعلم أنه لا يضمن الثمن به.

و كذا البائع مع علمه بالفساد ضمّن المشتري بما يعلم أن المشتري

+++++++++++

- بناء على اعتقاده أن المبيع له فبهذا الاعتقاد اباح له التصرف و سلّطه عليه و جعله مباحا له، فطيب النفس بهذا التصرف كان مقيدا بالاعتقاد المذكور و لولاه لم يقدم المشتري على الشراء.

و من الواضح أن هذا النوع من إباحة التصرف الذي يكون مقيدا بقيد الاعتقاد مفقود فيما نحن فيه: و هو صورة علم المشتري بغصبية المبيع لأن طيب النفس من المشتري بتصرف البائع في الثمن و اتلافه من دون ضمان له بماله حاصل فلم يكن التصرف من بدايته مقيدا بقيد الاعتقاد حتى يكون فيه الضمان.

فالخلاصة أن الفرق بين ما نحن فيه، و بين ما ذكر بالاعتقاد، حيث كان المشتري معتقدا تملك البائع للمبيع فاقدم على الشراء ثم انكشف خلافه فيما ذكر فاقدامه كان على التضمين.

و فيما نحن فيه كان عالما بالغصب فهو المقدم على ضرر نفسه فليس مجال للتضمين، فطيب النفس من المشتري كان حاصلا.

(1) اى طيب النفس من المشتري بتصرف البائع لاعتقاد كون المثمن ملكا له كما عرفت آنفا لا يوجد فيما نحن فيه.

(2) و هو أنه لا تضمين حقيقة في تسليط المشتري البائع على الثمن

(3) النقض عبارة عن قوله: إن قلت المذكور في ص 176:

ص: 180

لا يضمن به فكأنه لم يضمّنه بشيء

وجه الفساد أن التضمين الحقيقي حاصل هنا لأن المضمون به مال الضامن غاية الامر أن فساد العقد مانع عن مضي هذا الضمان و التضمين في نظر الشارع، لأن المفروض فساده فاذا لم يمض الشارع الضمان الخاص صار اصل إقدام الشخص على الضمان الحقيقي، أو قاعدة اثبات اليد على مال من دون تسليط مجاني، أو استيمان عن مالكه موجبا لضمانه على الخلاف في مدرك الضمان في فاسد ما يضمن بصحيحه.

و شيء منهما (1) غير موجود فيما نحن (2) فيه كما أوضحناه بما لا مزيد عليه.

و حاصله (3) أن دفع المال الى الغاصب ليس الا كدفعه الى ثالث يعلم عدم كونه مالكا للمبيع، و تسليطه (4) على اتلافه في أن رد المالك لا يوجب الرجوع الى هذا الثالث.

نعم (5) لو كان فساد العقد لعدم قبول العوض للملك كالخمر

+++++++++++

(1) و هما: قاعدة اليد، و قاعدة الإقدام

(2) و هو علم المشتري بغصبية المبيع

(3) اى و حاصل ما ذكرناه هنا هو عدم الضمان للبائع

(4) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: ليس إلا كدفعه اى دفع المال الى الغاصب ليس إلا كتسليط المشتري العالم بالغصب البائع على اتلاف الثمن

(5) الظاهر أن هذا الاستدراك لا ربط له بما نحن فيه: و هو صورة علم المشتري بكون البائع غاصبا للمبيع و أنه فضولي و ليس بضامن، لأن الاستدراك إنما يؤتى به ليكون مشتملا على مطلب جديد مخالف لما افيد سابقا و الاستدراك هنا ليس كذلك

نعم له ربط في اصل الضمان -

ص: 181

و الخنزير و الحر: قوى اطراد ما ذكرنا (1) فيه: من (2) عدم ضمان عوضها المملوك مع علم المالك بالحال، كما صرح (3) به شيخ مشايخنا (4) في شرحه على القواعد.

هذا (5)

و لكن (6) اطلاق قولهم: إن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن

+++++++++++

- و خلاصة ما ذكره في الاستدراك: أنه اذا كان منشأ فساد العقد عدم قابلية العوض للملكية كالخمر و الخنزير و الحر.

و فرضنا أن احد المتعاملين جعل احدها عوضا في معاملة و تعاملا عليه مع علم المالك بأنه مما لا يملك فتلف فلا ضمان للتالف و إن كان يحرم التصرف في الأشياء المذكورة.

كما أنه لا ضمان في عوض هذه الثلاثة لو تلفت و إن كان يحرم التصرف فيها: بأن يجعل شيء في مقابل احد هذه الثلاثة ثمنا فتلف في يد الآخر

(1) اى فيما نحن فيه: و هو صورة علم المشتري بغصبية المبيع

(2) كلمة من بيان لكلمة (ما الموصولة) في قوله: اطراد ما ذكرنا

(3) اى بما قلناه: من قوة اطراد ما ذكرناه: و هو عدم الضمان فيما نحن فيه.

(4) المراد به الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدس سره

(5) اى خذ ما تلوناه عليك: من عدم ثبوت الضمان فيما نحن فيه

(6) هذا عدول عما افاده: من عدم الضمان فيما نحن فيه و يروم اثبات الضمان فيما نحن فيه

و خلاصة العدول: أن البيع من العقود التي يضمن بصحيحه ففاسده كذلك

ص: 182

بفاسده يقتضي الضمان فيما نحن فيه (1) و شبهه، نظرا الى أن البيع الصحيح يقتضي الضمان ففاسده كذلك.

الا (2) أن يفسر بما ابطلناه سابقا

+++++++++++

- و من الواضح أن البيع الفضولي اذا رد من قبل المالك الاصيل بكون فاسدا فيكون مضمونا كما كان صحيحه مضمونا فيشمله: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

(1) قد عرفت أن ما نحن فيه هو صورة علم المشتري بكون البائع غاصبا.

(2) استثناء عن العدول المذكور، و يروم اثبات عدم الضمان من نفس القاعدة المذكورة:

(كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده)

(و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده)

و خلاصته: أن القاعدة المذكورة قد فسرت سابقا بما ابطله الشيخ

و ذلك التفسير هو تعلق الصحة و الفساد بواحد شخصي أي كل عقد يضمن على فرض صحته يضمن على فرض فساده: بمعنى أنه يفرض تارة صحيحا، و اخرى فاسدا

و من الواضح أن العقد فيما نحن فيه، و في مثل البيع بلا ثمن و الاجارة بلا اجرة اذا فرضنا صحته لا يكون فيه ضمان

فكذلك الفاسد منه لا يكون فيه ضمان

و قد عرفت ضعف هذا التفسير في الجزء 7 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 155 في الهامش 3 فراجع

و خلاصة الضعف: أن كلامنا في العقد الذي له في الحال فردان: -

ص: 183

من (1) أن كل عقد يضمن على فرض صحته يضمن على فرض فساده.

و لا ريب أن العقد فيما نحن فيه و في مثل المبيع بلا ثمن، و الاجارة بلا اجرة اذا فرض صحيحا لا يكون فيها ضمان فكذلك مع الحكم بالفساد

لكنك عرفت ضعف هذا المعنى فيما ذكرناه سابقا في توضيح هذه القضية فان معناه (2) ان كل عقد تحقق الضمان في الفرد الصحيح منه يثبت الضمان في الفرد الفاسد منه فيختص موردها (3) بما اذا كان للعقد فردان فعليان، لا الفرد الواحد (4) المفروض تارة صحيحا، و اخرى فاسدا.

+++++++++++

- فرد صحيح، و فرد فاسد كالبيع مثلا

و ليس كلامنا في العقد الذي يفرض له الصحة تارة، و الفساد اخرى كالاجارة بلا اجرة، اذ شخصها يفرض له الصحة تارة عند من يفتي بصحة الاجارة بلا ثمن

و يفرض له الفساد اخرى عند من لا يفتي بصحتها بلا ثمن

فالاجارة في آن واحد تفرض صحيحة، و تفرض فاسدة على المبني المذكور.

و كذلك البيع بلا ثمن، فان شخص عقد البيع تفرض له الصحة تارة، و الفساد اخرى حسب اختلاف الفتوى، أو النظر

(1) كلمة من بيان لتفسير القاعدة المذكور تفسيرا باطلا

(2) اى معنى كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

(3) اى مورد القاعدة المذكورة حسب تفسيرها الصحيح

(4) اى الفرد الواحد الشخصي الذي هو التفسير الباطل للقاعدة المذكورة كما عرفت

ص: 184

نعم يمكن تطبيق المعنى المختار (1) فيما نحن فيه و شبهه: بأن لا يكون المراد من العقد في موضوع القضية (2) خصوص النوع المتعارف من أنواع العقود كالبيع و الصلح.

بل يراد مطلق المعاملة المالية التي لا يوجد لها فردان صحيح و فاسد فيقال: (3) إن ما نحن فيه و البيع بلا ثمن، و الاجارة بلا اجرة تمليك بلا عوض من مال الآخر، و الفرد الصحيح من هذه المعاملة: و هي الهبة غير المعوضة لا ضمان فيها ففاسدها كذلك فتأمل (4)

و بالجملة (5) فمستند المشهور في مسألتنا لا يخلو من غموض و لذا (6) لم يصرح احد بعدم الضمان في بعتك بلا ثمن، مع اتفاقهم عليه (7)

+++++++++++

(1) و هو القاعدة المذكورة كما عرفته في الهامش 2 ص 183

(2) و هي القاعدة المذكورة كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(3) الفاء هنا بمعنى حتى اى حتى يقال: إن صورة علم المشتري بكون البائع غاصبا.

(4) وجه التأمل: أن الظاهر من معنى كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده هو ما عرفه في الهامش 2 ص 183

و أما ما قلناه: من امكان إرادة مطلق المعاملة المالية التي لا يوجد لها فردان: صحيح و فاسد فهو خلاف الظاهر

(5) اى و خلاصة الكلام أن مدرك القول المشهور: و هو عدم الضمان في مسألة علم المشتري بكون البائع غاصبا لا يخلو عن غموض و إشكال

(6) اى و لاجل الغموض في مسألتنا

(7) اى مع اتفاق الفقهاء على ضمان البيع بلا ثمن اذا تلف الثمن كذلك الاجارة بلا اجرة، لعدم الفرق بينهما

ص: 185

و صرح (1) بعضهم بضمان المرتشي مع تلف الرشوة التي هي من قبيل الثمن فيما نحن فيه.

نعم ذكر الشهيد رحمه اللّه و غيره عدم الضمان في الاجارة بلا اجرة (2)

و يؤيد ما ذكرنا (3) ما دل من الأخبار على كون ثمن الكلب، أو الخمر سحتا و إن امكن الذب عنه (4) بأن المراد التشبيه في التحريم فلا ينافي عدم الضمان مع التلف كاصل (5) السحت

+++++++++++

(1) هذا تأييد من الشيخ لضمان البيع بلا ثمن

(2) و لازم هذا القول أن يكون البيع بلا ثمن غير ضامن اذا تلف الثمن

و هذا القول كاشف عن عدم تمامية الاتفاق المذكور الذي نقله الشيخ على ثبوت الضمان في البيع بلا ثمن بقوله: مع اتفاقهم عليه اي على الضمان على الثمن كما عرفت

(3) و هو أن مستند المشهور في المسألة لا يخلو من غموض و إشكال وجه التأييد: أن مقتضى كون الشيء سحتا هو عدم جواز التصرف فيه، و لازم هذا هو الضمان لو تلف

لكن الملازمة المذكورة ممنوعة، و لذا ترى أن الشيخ قدس سره افاده بقوله: و إن أمكن الذب عنه: بأن المراد التشبيه في التحريم، اى المراد من هذا الخبر و هو أن ثمن الكلب، أو الخنزير سحت تشبيه ما نحن فيه بثمن الكلب في كونه سحتا في التحريم فقط و هو عدم جواز التصرف فيه، لا في عدم الضمان و إن كان عدم الضمان في ثمن الكلب، أو الخنزير ثابتا

(4) اى عن هذا التأييد

(5) اي كما أن عدم الضمان في اصل السحت و هو الكلب أو الخنزير ثابت لو تلف و إن حرم التصرف فيه

ص: 186

ثم إن مقتضى ما ذكرناه في وجه عدم الرجوع بالثمن ثبوت الرجوع اذا باع البائع الفضولي غير بايع لنفسه بل باع عن المالك و دفع المشتري الثمن إليه لكونه واسطة في ايصاله الى المالك فتلف في يده (1) اذ لم يسلطه (2) عليه و لا اذن له في التصرف فيه فضلا عن اتلافه (3)

و لعل كلماتهم و معاقد اتفاقهم (4) تختص بالغاصب البائع لنفسه و إن كان ظاهر بعضهم ثبوت الحكم في مطلق الفضولي (5) مع علم المشتري بالفضولية

و كذا يقوى الرجوع (6) لو اخذ البائع الثمن من دون اذن المشتري بل اخذه بناء على العقد الواقع بينهما، فانه لم يحصل هنا من المشتري تسليط إلا بالعقد، و التسليط العقدي مع فساده غير مؤثر في دفع الضمان.

+++++++++++

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 83. الباب 14 الحديث 1-2. أليك نص الحديث الاول

عن أبي عبد اللّه العامري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد؟

فقال: سحت، و أما الصيود فلا بأس

(1) اى في يد البائع للمالك، لا لنفسه

(2) اى لم يسلط المشتري البائع على الثمن

(3) اى عن اتلاف الثمن

(4) اي اتفاقهم على عدم الضمان

(5) اي سواء أ كان البائع الفضولي بائعا لنفسه أم للمالك

(6) اي رجوع المشتري العالم بالغصب

ص: 187

و يكشف عن ذلك (1) تصريح غير واحد منهم باباحة تصرف البائع فيه، مع اتفاقهم ظاهرا على عدم تاثير العقد الفاسد في الاباحة.

و كذا يقوى الضمان لو اشترط على البائع الرجوع بالثمن لو اخذ العين صاحبها.

و لو كان الثمن كليا (2) فدفع إليه المشتري بعض أفراده فالظاهر عدم الرجوع، لأنه كالثمن المعين في تسليطه عليه مجانا.

المسألة الثانية أن المشتري إذا اغترم للمالك غير الثمن.

(المسألة الثانية) (3) أن المشتري اذا اغترم للمالك غير الثمن.

+++++++++++

(1) اي عن كون المراد من التسليط هو التسليط الخارجي، لا التسليط العقدي.

(2) أي في هذه الصورة و هي صورة بيع الفضولي للمالك مع علم المشتري بكون البائع غاصبا

(3) من المسألتين اللتين افادهما الشيخ بقوله في ص 171: فهنا مسألتان

اعلم أن الشيخ قدس سره يروم في هذه المسألة بيان حكم ما اغترمه المشتري للمالك زائدا على اصل الثمن فقسّمه على ثلاثة أقسام

أليك الأقسام

(الاول): أن تكون غرامة المشتري للمالك في مقابل زيادة العين:

بأن زادت قيمتها السوقية: بأن كانت عشرة دنانير مثلا ثم بعد ذلك صارت عشرين دينارا

(الثاني): أن تكون الغرامة من المشتري للمالك في مقابل المنافع المستوفاة كما اذا كان المبيع شاة، أو بقرة فاستوفى المشتري حليبهما، أو صوفهما

(الثالث): أن تكون الغرامة من المشتري للمالك في مقابل النفقات التي صرفها على المبيع، أو في مقابل العمارة التي صرف عليها المصاريف -

ص: 188

فإما أن يكون (1) في مقابل العين كزيادة القيمة على الثمن اذا رجع المالك بها على المشتري كأن كانت (2) القيمة المأخوذة منه عشرين و الثمن عشرة.

و إما أن يكون (3) في مقابل ما استوفاه المشتري كسكنى الدار و وطء الجارية، و اللبن و الصوف و الثمرة.

و إما أن يكون (4) غرامة لم يحصل له في مقابلها نفع كالنفقة و ما صرفه في العمارة، و ما تلف منه، أوضاع من الغرس و الحفر، أو اعطائه قيمة للولد المنعقد حرا، و نحو ذلك، أو نقص من الصفات و الأجزاء.

ثم المشتري إن كان عالما (5) فلا رجوع له في شيء من هذه الموارد لعدم الدليل عليه

و إن كان جاهلا فأما الثالث (6) فالمعروف من مذهب الأصحاب كما في الرياض.

+++++++++++

- أو في قبال أشياء اخرى ذكرها الشيخ في القسم الثالث بقوله: و إما أن تكون غرامة لم يحصل له في مقابلها نفع

(1) أى غير الثمن الذي دفعه المشتري الى المالك و هو الزائد عن الثمن

(2) هذا هو القسم الاول

(3) اى غير الثمن الذي دفعه المشتري الى المالك و هو الزائد عن الثمن

هذا هو القسم الثاني

هذا هو القسم الثالث

(4) اى غير الثمن و هو الزائد

(5) أى يكون البائع غاصبا

ففي جميع هذه الاقسام الثلاثة يكون البائع غير ضامن

(6) اى القسم الثالث من الأقسام الثلاثة -

ص: 189

و عن الكفاية رجوع المشتري الجاهل بها (1) على البائع.

بل في كلام بعض تبعا للمحكي عن فخر الاسلام في شرح الارشاد دعوى الاجماع على الرجوع ما لم يحصل في مقابله نفع.

و في السرائر: أنه يرجع قولا واحدا (2)

و في كلام المحقق و الشهيد الثانيين في كتاب الضمان نفي الإشكال عن ضمان البائع لدرك ما يحدثه المشتري اذا قلعه المالك.

و بالجملة فالظاهر عدم الخلاف في المسألة (3)، للغرور؛ فان البائع مغرر للمشتري، و موقع اياه في خطرات الضمان، و متلف عليه ما يغرمه فهو كشاهد الزور الذي يرجع إليه اذا رجع من شهادته، و القاعدة نفي الضرر.

+++++++++++

- قدم الشيخ هذا القسم على الاول و الثاني

(1) أي بالغرامة التي دفعها الى المالك زائدا عن الثمن

(2) اى في هذا الرجوع اجماع ليس فيه مخالف

(3) اى في القسم الثالث من الأقسام الثلاثة اذا كان المشتري جاهلا بكون البائع غاصبا

و قد ذكر الشيخ للضمان للقسم الثالث في صورة جهل المشتري دليلين

(احدهما): دليل الغرر، فان كل مغرور يرجع الى من غره و هذا الرجوع من القواعد المسلّمة لا كلام فيها

و هناك أحاديث في أبواب متفرقة تدل على هذه القاعدة المسلمة

منها: رواية جميل الآتية

(ثانيهما): قاعدة نفي الضرر، فان الجاهل بالغصب متضرر برجوع المالك على الثمن و على المنافع المستوفاة، و غير المستوفاة، و على المصاريف -

ص: 190

مضافا (1) الى ظاهر رواية جميل، أو فحواها عن الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجيء مستحق الجارية؟

قال: يأخذ الجارية المستحق، و يدفع إليه المبتاع (2) قيمة الولد و يرجع (3) على من باعه بثمن الجارية و قيمة الولد التي اخذت (4) فان (5) حرية ولد المشتري إما أن يعد نفعا عائدا إليه، أولا

و على التقديرين (6)

+++++++++++

- التي بذلت على العين فتشمله قاعدة لا ضرر و لا ضرار فحينئذ يرجع المشتري بكل ما غرمه للبائع زائدا على الثمن على البائع

(1) اي و لنا بالإضافة الى الدليلين المذكورين و هما: قاعدة الغرر و قاعدة نفي الضرر دليل آخر و هو فحوى رواية جميل

(2) اى المشتري يدفع الى مستحق الجارية و هو صاحبها قيمة الولد لا الولد، لأن الولد اصبح حرا راجعا الى المشتري

(3) اى المبتاع و هو المشتري يرجع بما دفعه الى صاحب الجارية:

من قيمة الولد و ثمن الجارية على البائع

(4) اى من المشتري كما عرفت

(5) هذا تعليل لكيفية دلالة فحوى رواية جميل على الضمان

(6) و هما: عدّ حرية الولد نفعا للمشتري، و عدم عدها نفعا له اى على هذين التقديرين يثبت المطلوب و هو ثبوت الضمان على البائع، فعلى الاول تكون الدلالة بالفحوى، و على الثاني تكون بظاهر الرواية

و أما كيفية الثبوت بالفحوى فهو أنه على القول بعدّ حرية الولد نفعا للمشتري اذا كان يجوز للمشتري الرجوع على البائع كما في القسم الثاني الذي هو غرامة المشتري في قبال المنافع المستوفاة ففي صورة عدم -

ص: 191

يثبت المطلوب (1)

مع أن (2) في توصيف قيمة الولد بأنها اخذت منه نوع إشعار لعلية الحكم فيطرد في سائر ما اخذ منه.

و أما (3) السكوت عن رجوع المشتري الى البائع في بعض الأخبار فهو (4)

+++++++++++

- عد حرية الولد نفعا للمشتري كما في القسم الثالث و هو ما نحن فيه بطريق أولى يجوز له الرجوع على البائع فيما اغترمه للمالك

(1) و هو الضمان كما عرفت آنفا

(2) هذا في الواقع دليل آخر لثبوت الضمان على البائع الغاصب في صورة جهل المشتري، و اغترامه للمالك بالثمن، و بكل ما صرفه على العين

و خلاصته: أنه من المسلم في أن تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية كما في قولك: إكرام العالم فانّ علة الإكرام هو العلم

و هنا علق الإمام عليه السّلام رجوع المشتري على البائع بقيمة الولد على الاخذ بقوله: قيمة الولد التي اخذت منه اي علة الرجوع هو اخذ قيمة الولد من المشتري فيطرد هذا الرجوع في كل ما اخذ من المشتري لأن تعليق الحكم مشعر بالعلية

(3) هذا رد على صاحب الحدائق، حيث افاد بجواز رجوع المشتري على البائع بالثمن فقط

و أما ما اغترمه المشتري في قبال المنافع المستوفاة و غيرها فليس له الرجوع فيها على البائع

و استدل على ذلك بروايات نشير إليها عند رقمها الخاص عند ما بذكرها الشيخ.

(4) هذا رد على ما افاده صاحب الحدائق قدس سره

ص: 192

لعدم كونه مسوقا لذلك كرواية (1) زرارة في رجل اشترى من سوق المسلمين جارية فخرج بها الى ارضه فولدت منه أولادا ثم اتاها من يزعم أنها له و اقام على ذلك البينة.

قال: يقبض ولده و يدفع إليه الجارية، و يعوضه من قيمة ما اصاب من لبنها و خدمتها (2)

و رواية (3) زريق قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام يوما اذ دخل عليه رجلان فقال احدهما: إنه كان على مال لرجل من بني عمار و له بذلك حق و شهود فاخذ المال و لم استرجع عنه الذكر بالحق، و لا كتبت عليه كتابا، و لا اخذت منه براءة بذلك و ذلك لأني وثقت به، و قلت له: مزق الذكر بالحق الذي عندك فمات و تهاون بذلك و لم يمزقه و عقيب هذا طالبني بالمال وراثه و حاكموني و اخرجوا بذلك الذكر بالحق و اقاموا العدول فشهدوا عند الحاكم فاخذت بالمال و كان المال كثيرا فتواريت عن الحاكم فباع عليّ قاضي الكوفة معيشة لي و قبض القوم المال، و هذا

+++++++++++

- أي السكوت المذكور لاجل عدم كون بعض الأخبار مسوقا لبيان حكم المشتري مع البيان، بل مسوق لبيان حكم المشتري مع المالك

(1) هذه احدى الروايات المستدل بها من قبل صاحب الحدائق على ما افاده: من عدم ضمان البائع ما اغترمه المشتري للمالك زائدا على الثمن

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 592. الباب 88.

الحديث 4. فان الحديث هذا ليس فيه بيان رجوع المشتري على البائع فيما اغترمه للمالك زائدا على الثمن

(3) هذه ثانية الروايات المستدل بها من قبل صاحب الحدائق على ما افاده: من عدم ضمان البائع ما اغترمه المشتري للمالك زائدا على الثمن

ص: 193

رجل من اخواننا ابتلي بشراء معيشتي من القاضي.

ثم إن ورثة الميت اقروا أن أباهم قد قبض المال و قد سألوه أن يرد عليّ معيشتي و يعطونه الثمن في أنجم معلومة

فقال: إني احب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن هذا

فقال الرجل يعنى المشتري: كيف اصنع جعلت فداك؟

قال: تصنع أن ترجع بمالك على الورثة، و ترد المعيشة الى صاحبها و تخرج يدك عنها.

قال: فاذا فعلت ذلك له أن يطالبني بغير هذا

قال: نعم له أن يأخذ منك ما اخذت من الغلة: من ثمن الثمار و كل ما كان مرسوما في المعيشة يوم اشتريتها يجب أن ترد ذلك إلا ما كان من زرع زرعته انت، فان للزارع إما قيمة الزرع، و إما أن يصبر عليك الى وقت حصاد الزرع فان لم يفعل كان ذلك له، ورد عليك القيمة و كان الزرع له

قلت: جعلت فداك فان كان هذا قد احدث فيها بناء، أو غرسا؟

قال: له قيمة ذلك، أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه و يأخذه

قلت: أ رأيت ان كان فيها غرس، أو بناء فقلع الغرس و هدم البناء؟ فقال: يرد ذلك الى ما كان أو يغرم القيمة لصاحب الارض فاذا رد جميع ما أخذ من غلاتها على صاحبها ورد البناء و الغرس و كل محدث الى ما كان أورد القيمة كذلك يجب على صاحب الارض كلما خرج عنه في اصلاح المعيشة: من قيمة غرس، أو بناء، أو نفقة في مصلحة المعيشة، و دفع النوائب كل ذلك مردود إليه (1)

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. الجزء 12. ص 253. الباب 3 الحديث 1 -

ص: 194

و فيه (1) مع أنا نمنع (2) ورودها إلا في مقام حكم المشتري مع المالك: أن (3) السكوت في مقام البيان لا يعارض الدليل.

مع (4) أن رواية زرارة ظاهرها عدم التمكن من الرجوع الى البائع

+++++++++++

- و في الحديث اختلاف يسير مع المذكور في المصدر

فالشاهد في الحديث، حيث إنه ليس فيه رجوع للمشتري على البائع فيما اغترمه للمالك

(1) اي و فيما استدل به صاحب الحدائق بورود بعض الأخبار في رجوع المشتري على المالك بما اغترمه، و أنه ليس فيه رجوع على البائع لأنه من هذه الجهة ساكت: نظر و إشكال

و للشيخ جوابان عن الاستدلال المذكور

(الاول): منع ورود الرواية إلا في حكم المشتري مع المالك

(الثاني): على فرض تسليم ورودها في ذلك نقول: إن السكوت في مقام البيان لا يعارض الدليل القائم على رجوع المشتري على البائع بكل ما اغترمه للمالك، اذ المعارضة إنما تثبت فيما اذا كان أحد الدليلين مثبتا و الآخر نافيا.

و الدليل هو قاعدة الغرر، و قاعدة نفي الضرر و الأخبار المستدل بها في المقام في الأبواب المختلفة

(2) هذا هو الجواب الاول

(3) هذا هو الجواب الثاني

(4) هذا جواب ثالث عن استدلال صاحب الحدائق

و خلاصته: أن ظاهر رواية زرارة المتقدمة في ص 193 يدل على عدم تمكن المشتري من الرجوع على البائع، حيث يقول الراوي في الرواية -

ص: 195

مع (1) أن البائع في قضية زريق هو القاضي فان كان قضاؤه صحيحا لم يتوجه إليه غرم، لأن الحاكم من قبل الشارع ليس غارما من جهة حكمه على طبق البينة المأمور بالعمل بها.

و إن كان قضاؤه باطلا كما هو الظاهر (2) فالظاهر علم المشتري ببطلان قضاء المخالف، و تصرفه في امور المسلمين فهو عالم بفساد البيع فلا رجوع له.

و أما الثاني (3) و هو ما غرمه في مقابل النفع الواصل إليه من المنافع و النماء ففي الرجوع بها خلاف.

أقواهما (4) الرجوع، وفاقا للمحكي عن المبسوط و المحقق و العلامة

+++++++++++

- فخرج بها الى ارضه فهذه الجملة تدل على أن المشتري لم يكن من أهل مدينة البائع، حيث اخذ الجارية الى ارضه أى الى مدينته التي يسكنها

(1) هذا إشكال رابع على ما استدل به صاحب الحدائق

و خلاصته: أن رواية زريق المتقدمة في ص 193: أن البائع الغاصب شخص القاضي

و قد ذكر الشيخ كيفية الإشكال في المتن فلا نعيده

(2) حيث إن في عصر الأئمة عليهم السلام لم تكن لهم السلطة الدينية حتى ينصبون قاضيا من قبلهم

(3) اى القسم الثاني من الأقسام الثلاثة: و هو اغترام المشتري الجاهل بالغصب للمالك في قبال المنافع المستوفاة

(4) في النسخ الموجودة عندنا: بضمير التأنيث

و الصحيح بضمير التثنية كما اثبتناه، حيث إن في المسألة قولين:

الرجوع و عدم الرجوع

ص: 196

في التجارة و الشهيدين و المحقق الثاني و غيرهم.

و عن التنقيح أن عليه الفتوى، لقاعدة الغرور المتفق عليها ظاهرا في من قدّم مال الغير الى غيره الجاهل فاكله.

و تؤيده قاعدة نفي الضرر، فان تغريم من أقدم على اتلاف شيء من دون عوض مغرورا من آخر بأن له ذلك (1) مجانا من دون الحكم برجوعه الى من غره في ذلك ضرر عظيم.

و مجرد رجوع عوضه (2) إليه لا يدفع الضرر.

و كيف كان فصدق الضرر و إضرار الغارّ به مما لا يخفى، خصوصا في بعض الموارد (3).

فما (4) في الرياض من أنه لا دليل على قاعدة الغرور اذا لم ينطبق

+++++++++++

(1) و هو اتلاف شيء من دون عوض

(2) و هو الثمن فقط من دون رجوع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك.

(3) كما اذا لم تكن المنفعة المستوفاة مصروفة في اصول معاشه و ارتزاقه، بل كانت مصروفة في التنزه فقط كمشتري الدابة و هو جاهل بكونها ليست للبائع فركبها كل يوم صباحا للدخول في البساتين و الصحارى للاستفادة من الهواء الطلق السالم من القذارات، ثم ظهر أنها للغير فجاء صاحبها و اخذها مع اجور هذه المنفعة من المشتري فقد صدق الضرر هنا صدقا تاما.

(4) الفاء تفريع على ما افاده الشيخ: من صدق الضرر، و إضرار الغار

و خلاصته: أنه في ضوء ما ذكرنا فلا مجال لنفي صاحب الرياض قاعدة الغرور، حيث نفاها و قال: يمنع صدق الكبرى الكلية و هي قاعدة -

ص: 197

مع قاعدة نفي الضرر المفقود في المقام، لوصول العوض الى المشتري لا يخلو (1) عن شيء

مضافا (2) الى ما قيل عليه من منع مدخلية الضرر في قاعدة الغرور

+++++++++++

- الغرور هنا، لأن قاعدة الغرور مبنية على قاعدة الضرر، لمدخليتها في قاعدة الغرر و هنا قاعدة نفي الضرر مفقودة في المقام، لوصول العوض الى المشتري

(1) اى ما أفاده صاحب الرياض لا يخلو من إشكال و نظر

هذا وجه عدم المجال

و خلاصته: أن الكبرى الكلية و هي قاعدة الغرر موجودة هنا، لاتفاق الفقهاء على أن المشتري مغرور هنا

و كذا قاعدة الضرر موجودة هنا، لأن من أقدم على اتلاف شيء مجانا و بلا عوض بتغرير آخر: بأن قال له: إن هذا المال لي فتصرف فيه ثم ظهر أنه للغير فجاء الغير و اخذ المال و غرامة كل ما طالبه منه فقد اصبح متضررا بدفع المال و الغرامة الى المالك الاصيل

فقاعدة الغرر، و قاعدة الضرر كلاهما موجودتان

(2) هذا إشكال آخر من صاحب الجواهر على ما افاده صاحب الرياض يريد أن يثبت فيه الضمان

و خلاصته: أن صاحب الجواهر قد استفاد من كلام صاحب الرياض أن قاعدة الغرر من صغريات قاعدة الضرر، لكونها مبنية على قاعدة الضرر، لمدخليتها في قاعدة الغرر فرد عليه: بأن قاعدة الغرر ليست مبنية على قاعدة الضرر، و أن لها مدخلية في قاعدة الغرر

بل إنها مبنية على قوة السبب على المباشر، حيث إن السبب الذي هو الغار هو أقوى من المباشر للاتلاف و هو المشتري الجاهل بغصبية المبيع فالغار هو السبب للاتلاف، فالضمان متوجه نحوه

ص: 198

بل هي (1) مبنية على قوة السبب على المباشر لكنه (2) لا يخلو من نظر لأنه إنما يدعي اختصاص دليل الغرور من النصوص الخاصة و الاجماع بصورة الضرر.

و أما (3) قوة المسبب على المباشر فليست بنفسها دليلا على رجوع المغرور، إلا (4) اذا كان السبب بحيث استند التلف عرفا إليه كما في المكره

+++++++++++

(1) أى قاعدة الغرر كما عرفت آنفا

(2) اى لكن فيما استفاده صاحب الجواهر من كلام صاحب الرياض في المقام نظر و إشكال

خلاصة النظر: أن صاحب الرياض لا يدعي ابتناء قاعدة الغرر على قاعدة الضرر، و لا يقول: إنها دخيلة في قاعدة الغرر حتى يورد عليه بما افاده صاحب الجواهر

بل يدعي أن المستفاد منه قاعدة الغرر هو الاجماع و النصوص و هما مهملان و مجملان ليس فيهما تصريح بضمان البائع بكل ما اغترمه المشتري للمالك.

(3) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر: من قوة السبب على المباشر

و خلاصته: أن القوة بنفسها ليست دليلا مستقلا لرجوع المشتري على البائع بكل ما اغترمه للمالك بحيث لا تحتاج الى دليل آخر: من قاعدة الغرور، و قاعدة الضرر، و بعض الأخبار التي اشير إليها في ص 191-193

و كذا لا دليل لنا على قوة السبب على المباشر مطلقا و في جميع الموارد حتى يرجع المباشر المغرور المتلف للشيء على الغار

(4) استثناء عما افاده: من أن السبب ليس بنفسه دليلا مستقلا -

ص: 199

و كما (1) في الريح العاصف الموجب للإحراق، و الشمس الموجبة لإذابة الدهن و إراقتها و المتجه في مثل ذلك (2) عدم الرجوع الى المباشر اصلا كما نسب الى ظاهر الأصحاب في المكره، لكون المباشر بمنزلة الآلة.

و اما في غير ذلك (3) فالضمان، أو قرار الضمان فيه يحتاج الى دليل مفقود فلا بد من الرجوع بالاخرة الى قاعدة الضرر أو الاجماع المدعى في الايضاح على تقديم السبب اذا كان أقوى، أو بالاخبار الواردة في الموارد المتفرقة أو كون الغار سببا في تغريم المغرور فكان كشاهد الزور في ضمان ما يؤخذ لشهادته.

+++++++++++

- لرجوع المغرور على من غره، و أنه ليس لنا دليل على قوة السبب مطلقا و في جميع الموارد

و خلاصته: أنه يمكن الفرض المذكور فيما اذا كان السبب من الأسباب التي ينسب ايجاد الفعل في الخارج إليه بحيث يكون المباشر آلة و ينسب العرف الفعل إليه و لا يحتاج الى دليل آخر في الايجاد كما في فعل المكره بالفتح، فانه لو لا اكراه المكره بالكسر له لما تحقق الفعل في الخارج فيكون اكراه المكره بالكسر هو السبب الوحيد في ايجاد الشيء و تحققه في الخارج.

ففي هذه الصورة يمكن أن يقال بقوة السبب على المباشر و أن السبب هو المسئول الوحيد و عليه الرجوع، و ليس على المباشر شيء اصلا و ابدا

(1) هذه أمثلة اخرى لقوة السبب على المباشر، و أن السبب هو الوحيد في ايجاد الفعل في الخارج، و أن المباشر كالآلة

(2) اي في مثل هذا السبب الذي هو الوحيد في الايجاد كما عرفت

(3) أى في غير كون السبب هو الوحيد في الايجاد -

ص: 200

و لا ريب في ثبوت هذه الوجوه (1) فيما نحن فيه

أما الاخير (2) فواضح

و أما الأول (3) فقد عرفته

و أما الاجماع و الأخبار فهما و إن لم يردا في خصوص المسألة إلا أن

+++++++++++

- خلاصة هذا الكلام: أن السبب اذا لم يكن كذلك بحيث لم يسند الفعل إليه فالضمان، و قرار الضمان على السبب يحتاج الى دليل آخر

و من الواضح عدم وجود دليل آخر

فحينئذ نضطر بالاخرة في قرار الضمان الى الرجوع الى احد الامور الاربعة

إما الى قاعدة لا ضرر و لا ضرار

و إما الى الاجماع المدعى في الايضاح على تقديم السبب على المباشر اذا كان السبب أقوى

و إما الى الأخبار المذكورة في الأبواب المتفرقة الدالة على ما نحن فيه و قد اشير إليها في الهامش 1 ص 191-193

و إما الى أن الغار اذا كان سببا في تغريم المغرور فيكون كشاهد زور فيما اذا رجع عن شهادته يرجع إليه

(1) اى ثبوت جميع الامور الاربعة المشار إليها آنفا فيما نحن فيه و هو رجوع المشتري الجاهل بكل ما اغترمه للمالك على البائع الغاصب

(2) و هو كون الغار سببا في تغريم المغرور

(3) و هو قاعدة لا ضرر و لا ضرار

ص: 201

تحققهما في نظائر المسألة (1) كاف، فان (2) رجوع آكل طعام الغير الى من غره بدعوى تملكه و اباحته له مورد الاجماع ظاهرا، و رجوع (3) المحكوم عليه الى شاهدي الزور مورد الأخبار، و لا يوجد فرق بينهما (4) و بين ما نحن فيه اصلا

و قد ظهر مما ذكرنا (5) فساد منع الغرور فيما نحن فيه كما في كلام بعض، حيث عدل في رد مستند المشهور عما في الرياض من منع الكبرى (6)

+++++++++++

(1) أى مسألة رجوع المشتري الجاهل بكل ما اغترمه للمالك على البائع الغاصب

(2) تعليل و تمثيل لتحقق الاجماع و الأخبار في نظائر المسألة و هي ما نحن فيه، فهو مثال لتحقق الاجماع لنظير المسألة

(3) تمثيل من الأخبار لنظير المسألة و هي ما نحن فيه

(4) اى بين الاجماع و الأخبار، و بين ما نحن فيه و هو مسألة رجوع المشتري الجاهل بكل ما اغترمه للمالك على البائع الغاصب كما في أخبار شاهد الزور

(5) أى من قاعدة الغرور، و قاعدة الضرر، و الأخبار ظهر فساد قول من منع صدق الغرور فيما نحن فيه

وجه الظهور صدق قاعدة الغرر، و قاعدة الضرر، و بعض الأخبار كخبر شاهد الزور على الضمان فيما نحن فيه كما عرفت

(6) فان صاحب الرياض منع صدق الكبرى و هي الغرر على ما نحن فيه حيث قال: إن مفهوم الغرر مفقود في المقام بالتقرير الذي اشرنا إليه في الهامش 4 ص 197

ص: 202

الى منع الصغرى (1)

فان (2) الانصاف أن مفهوم الغرر، و الموجب للرجوع في باب الاتلاف و إن كان غير منقح.

إلا أن المتيقن منه ما كان اتلاف المغرور لمال الغير، و اثبات يده عليه، لا بعنوان أنه مال الغير، بل قصده الى إتلافه مال نفسه، أو مال من اباح له الإتلاف فيكون غير قاصد لإتلاف مال الغير فيشبه المكره في عدم القصد.

هذا كله مضافا (3) الى ما قد يقال: من دلالة رواية جميل المتقدمة

+++++++++++

(1) و هي أن ما نحن فيه ليست من أفراد الكبرى الكلية التي هي مسلمية قاعدة الغرر

فالخلاصة أن هذا القائل يعترف بمسلمية الكبرى الكلية، لكنه يقول: بأن ما نحن فيه ليس من أفرادها

خلافا لصاحب الرياض، حيث منع صدق الكبرى الكلية اصلا

(2) تعليل لفساد منع الغرور من باب الصغرى، لا من باب منع الكبرى.

(3) اى و لنا دليل آخر على الضمان فيما نحن فيه بالإضافة الى ما قلناه:

من صدق قاعدة الغرر، و قاعدة الضرر و بعض الأخبار كخبر شاهد الزور اذا رجع عن شهادته

و ذلك الدليل هو رواية جميل المشار إليها في ص 193 حيث إنها تدل على الضمان فيما نحن فيه من باب الأولوية

بيان ذلك: أن الظاهر من حرية الولد هو أن الولد منفعة راجعة الى المشتري، فاذا جاز له الرجوع في هذه الغرامة التي يدفعها الى المالك -

ص: 203

بناء على أن حرية الولد منفعة راجعة الى المشتري و هو (1) الذي ذكره المحقق احتمالا في الشرائع في باب الغصب، بناء على تفسير المسالك

و فيه (2) تأمل

ثم إن ما ذكرنا في حكم هذا القسم (3) يظهر حكم ما يغرمه في مقابل

+++++++++++

- في مقابل المنفعة المستوفاة فالرجوع الى الغرامة في قبال المنفعة غير المستوفاة بطريق أولى

(1) اى ضمان البائع لما اغترمه المشتري الجاهل بالغصب في مقابل المنفعة غير المستوفاة ذكره (المحقق) قدس سره في الشرائع.

أليك نص ما ذكره هناك

قال: و ما يغترمه المشتري مما لم يحصل له في مقابلته نفع كالنفقة و العمارة فله الرجوع به على البائع

و لو اولدها المشتري كان حرا فيغرم قيمة الولد و يرجع بها على البائع

و قيل في هذه: له مطالبة أيهما شاء، لكن لو طالب المشتري رجع على البائع، و لو طالب البائع لم يرجع على المشتري

و فيه احتمال آخر

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الحديثة. الجزء 3. ص 245-246

أى و فيما افاده المحقق في الاحتمال الآخر تأمل

(2) وجه التأمل: أنه من الممكن أن يكون مراد المحقق قدس سره من الاحتمال الذي اشار إليه بقوله: و فيه احتمال آخر: احتمال عدم التخيير بل يتعين رجوع المالك على البائع ابتداء، بناء على أنه الغار

(3) و هو القسم الثالث الذي يرجع المشتري الجاهل على البائع بكل ما اغترمه للمالك

ص: 204

العين من زيادة القيمة على الثمن الحاصلة وقت العقد (1) كما لو باع ما ساوى عشرين بعشرة فتلف فاخذ منه المالك عشرين، فانه (2) لا يرجع بعشرة الثمن، و إلا (3) لزم تلفه من كيس البائع من دون أن يغره في ذلك لأنه لو فرض صدق البائع في دعوى الملكية لم يزل غرامة المشتري للثمن بإزاء المبيع التالف فهذه الغرامة للثمن لم تنشأ عن كذب البائع.

و أما العشرة الزائدة فانما جاءت غرامتها من كذب البائع في دعواه فحصل الغرور فوجب الرجوع.

و مما ذكرنا (4) يظهر اندفاع ما ذكر في وجه عدم الرجوع من (5) أن المشتري إنما اقدم على ضمان العين، و كون تلفها منه كما هو شأن فاسد كل عقد يضمن بصحيحه، و مع الإقدام (6) لا غرور، و لذا (7) لم يقل به في العشرة المقابلة للثمن.

+++++++++++

(1) كما في القسم الاول من الأقسام الثلاثة المشار إليها في الهامش 3 ص 188

(2) اى المشتري الجاهل

(3) اى و ان رجع المشتري بعشرة الثمن بالإضافة الى العشرة الزائدة يلزم أن يكون تلف هذه العشرة التي دفعت في قبال المبيع من كيس البائع مع أن البائع لم يغرّ المشتري في هذه العشرة، بل غرّه في العشرة الزائدة

(4) و هو تحقق الغرور بالنسبة الى المشتري الجاهل فيصدق الضمان على البائع للمشتري بكل ما اغترمه للمالك زائدا على الثمن

(5) كلمة من بيان لما ذكر في وجه عدم رجوع المشتري الجاهل على البائع الغاصب فيما اغترمه للمالك

(6) أى و مع اقدام المشتري على مثل هذا الضمان لا يصدق الغرر

(7) أى و لاجل أن مثل هذا الإقدام لا ضمان فيه لم يقل احد -

ص: 205

توضيح الاندفاع أن الإقدام (1) إنما كان على ضمانه بالثمن إلا أن الشارع جعل القبض على هذا النحو من الإقدام مع فساد العقد و عدم امضاء الشارع له سببا لضمان المبيع بقيمته الواقعية فالمانع من تحقق الغرور: و هو الإقدام لم يكن إلا في مقابل الثمن، و الضمان (2) المسبب عن هذا الإقدام لما كان لاجل فساد العقد المسبب عن تغرير البائع كان المترتب عليه من ضمان العشرة الزائدة مستقرا على الغار فغرامة العشرة الزائدة و إن كانت مسببة عن الإقدام (3) إلا أنها ليست مقدما عليها (4).

هذا كله مع أن التحقيق على ما تقدم سابقا (5) أن سبب الضمان في العقد الفاسد هو القبض الواقع، لا على وجه الايتمان، و أن ليس الإقدام على الضمان علة له مع عدم امضاء الشارع لذلك الضمان، و ان استدل به الشيخ و اكثر من تاخر عنه.

و قد ذكرنا في محله توجيه ذلك بما يرجع الى الاستدلال باليد فراجع (6)

+++++++++++

- من الفقهاء بضمان العشرة الواقعة في مقابل ثمن العين، و إلا لو قلنا بضمانها على البائع لزم تلفها من كيس البائع

(1) اى اقدام المشتري الجاهل بالغصب

(2) اى الضمان الزائد عن مقدار اصل الثمن الذي هو القيمة الواقعية

(3) اى عن إقدام المشتري الجاهل بالغصب

(4) اى من قبل المشتري الجاهل بالغصب

(5) اى في الجزء 7 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 157 عند قوله: بل يفتقر في ثبوت الضمان الى القبض فقبله لا ضمان

(6) راجع نفس المصدر. ص 167 عند قوله: ثم إنه -

ص: 206

و كيف كان فجريان قاعدة الغرر فيما نحن فيه (1) أولى منه (2) فيما حصل في مقابلته نفع.

هذا (3) اذا كانت الزيادة موجودة وقت العقد

و لو تجددت (4) بعده فالحكم بالرجوع فيه أولى

+++++++++++

- لا يبعد أن يكون مراد الشيخ قدس سره و من تبعه من الاستدلال على الضمان بالإقدام و الدخول

(1) و هو القسم الثالث من الأقسام الثلاثة المشار إليها في الهامش 3 ص 188

(2) اى من جريان قاعدة الغرور فيما حصل في مقابلته نفع كما في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة المشار إليها في الهامش 3 ص 188

وجه الأولوية: أن المنافع من قبيل التوابع غير الموجودة حالة البيع و قد يمكن حصولها، و قد لا يمكن، و ليست المنافع مما يقابله المشتري بالمال عند البيع

بخلاف العين، فان المقصد الاصلي ليس إلا تحصيلها بتمامها بإزاء الثمن المبذول، و مع عدم حصول ما يقصده بالأصالة يكون الغرور لا محالة أقوى مما لم يكن مقصوده إلا بالتبع

و المعيار في قوة المغرور كون الاحتمال في المغرور به أبعد في نظره

(3) اى الضمان الذي قلناه في القسم الثالث، و أن للمشتري الجاهل حق الرجوع على البائع بكل ما اغترمه للمالك

(4) أى لو تجددت الزيادة بعد العقد فالحكم بالرجوع فيها أولى

وجه الأولوية هنا من الزيادة الموجودة حال العقد هو احتمال المؤاخذة في الحالة الأولى أبعد من احتمال المؤاخذة في الحالة الثانية، لعدم وجود الزيادة في الاولى حتى تؤخذ، بخلاف الثانية، فانها وجدت بعد العقد فاحتمال المؤاخذة فيها قريب

ص: 207

هذا كله فيما يغرمه المشتري بإزاء نفس العين التالفة.

و أما ما يغرمه بإزاء أجزائه التالفة فالظاهر أن حكمه (1) حكم المجموع في أنه يرجع في الزائد على ما يقابل ذلك الجزء (2)، لا (3) فيما يقابله على ما اخترناه.

و يجيء على القول الآخر عدم الرجوع في تمام ما يغرمه.

و أما ما يغرمه بإزاء أوصافه فان كانت مما لا يقسط عليه الثمن كما عدا وصف الصحة من الأوصاف التي يتفاوت بها القيمة كما لو كان عبدا كاتبا فنسى الكتابة عند المشتري فرجع المالك عليه بالتفاوت.

فالظاهر رجوع المشتري على البائع، لأنه لم يقدم على ضمان ذلك (4)

ثم إن ما ذكرنا كله من رجوع المشتري على البائع بما يغرمه إنما هو اذا كان البيع المذكور صحيحا من غير جهة كون البائع غير مالك

+++++++++++

(1) الظاهر أن مرجع الضمير هو كل جزء من الأجزاء لا نفس الأجزاء حتى يرد إشكال عدم التطابق، حيث يجب التطابق.

(2) خذ لذلك مثالا

باع زيد خمسة كيلوات من الدهن فضولة الى هاشم فاشتراها و هو جاهل بالغصب فتصرف فيها باستعمال كيلو واحد منها فجاء مالكها الاصيل فاخذ من المشتري ثمن مجموع الخمسة فهنا يرجع المشتري على البائع باخذ ثمن أربعة كيلوات فقط الزائدة على الكيلو الواحد المصروف

(3) اى و لا يرجع المشتري الجاهل على الغاصب باخذ ثمن ذلك الجزء المصروف أيضا بالإضافة على أربعة كيلوات، لأنه قد تصرف في الدهن باستعمال كيلو واحد.

(4) اى على غرامة الوصف الفائت

ص: 208

أما لو كان فاسدا من جهة اخرى (1) فلا رجوع على البائع لأن (2) الغرامة لم تجيء من تغرير البائع في دعوى الملكية (3)، و إنما جاءت من جهة فساد البيع (4) فلو (5) فرضنا البائع صادقا في دعواه لم تزل الغرامة

+++++++++++

(1) كأن كان احد المتبايعين غير بالغ، أو غير عاقل؛ أو غير مختار

أو كان الثمن مما لا يملك كالكلب و الخنزير و الحر، أو لم يكن البائع قادرا على تسليم المبيع

ففي هذه الموارد ليس للمشتري حق الرجوع على البائع فيما يغترمه للمالك

(2) تعليل لكون المشتري ليس له حق الرجوع على البائع فيما اغترمه للمالك اذا كان فساد البيع من جهة اخرى، لا من ناحية الفضولي عند تلف المبيع لدى المشتري

ثم لا يخفى عليك أن عدم مجيء الغرامة من ناحية البائع مبني على تحقق الغرور في مطلق العقود الفاسدة اذا كان المشتري جاهلا بالفساد، و لازمه عدم حق الرجوع للبائع على المشتري فيما زاد عما يقابل الثمن

(3) حتى يكون للمشتري حق الرجوع على البائع فيما اغترمه للمالك

(4) فليس للمشتري حق الرجوع على البائع فيما اغترمه للمالك حينئذ

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الغرامة جاءت من قبل فساد البيع.

و خلاصته: أنه في ضوء ما ذكرنا فلو كان البائع صادقا فيما ادعاه:

من أن المبيع له، لكن كان فساده من ناحية اخرى لكان المشتري ملزما بدفع الثمن الى البائع لو تلف المبيع عنده

نهاية الامر أنه تدفع الغرامة الى البائع لو كان صادقا في مقالته و الى، المالك لو كان البائع كاذبا في مقالته

ص: 209

غاية الامر كون المغروم له هو البائع على تقدير الصدق، و المالك على تقدير كذبه فحكمه (1) حكم نفس الثمن في التزام المشتري به على تقديري صدق البائع و كذبه

ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا (2) أن (3) كل ما يرجع المشتري به على البائع اذا رجع إليه فلا يرجع البائع به على المشتري اذا رجع عليه لأن المفروض قرار الضمان على البائع

و أما ما لا يرجع المشتري به على البائع كمساوي الثمن من القيمة فيرجع البائع به على المشتري اذا غرمه للمالك (4)

+++++++++++

(1) اى حكم ما يغترمه المشتري للمالك اذا كان البائع كاذبا في مقالته و للبائع فيما اذا كان صادقا في دعواه في صورة كون فساد البيع من جهة اخرى، لا من جهة الفضولي: حكم نفس الثمن في كون المشتري ملتزما بدفعه على كل حال، سواء أ كان البائع صادقا في دعواه أم كاذبا

(2) و هو أنه كل ما يغترمه المشتري للمالك، سواء أ كان ازاء العين أم ازاء الأجزاء الفائتة أم إزاء الأوصاف

و سواء أ كان ازاء المنافع المستوفاة أم إزاء المنافع غير المستوفاة: يرجع به على البائع، لأن المفروض أن قرار الضمان على البائع

(3) جملة أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لظهر في قوله: ثم إنه قد ظهر

و أمّا وجه الظهور فهو أن المشتري كان جاهلا بالغصب فتشمله قاعدة الغرر و الضرر، و بعض الأخبار المتقدمة المشار إليها في ص 191

(4) فرض المسألة هكذا:

باع زيد مال عمرو على هاشم فضولة بعشرين دينارا مؤجلا و كانت -

ص: 210

و الوجه في ذلك (1) حصول التلف في يده

(فإن قلت (2): إن كلا من البائع و المشتري يتساويان في حصول العين في يدهما العادية التي هي سبب للضمان، و حصول التلف في يد المشتري لا وجه له، و لا دليل على كونه سببا لرجوع البائع عليه

+++++++++++

- قيمته الواقعية ثلاثين دينارا ثم تلفت العين عند المشتري فجاء المالك و اخذ بدل العين الذي هو ثلاثون دينارا و كان قيمته الواقعية من البائع

فهنا يرجع البائع على المشتري و يأخذ منه ما ساوى الثمن و قابله و هو عشرون دينارا الذي تعاملا عليه و لا يأخذ الزائد و هي العشرة، لأن البائع قد غر المشتري بهذه الزيادة فدركها عليه

و لا يرجع المشتري على البائع فيما قابل الثمن و هو العشرون، لأن العين قد تلفت عنده، فالثمن هذا في قبال العين التالفة، لاستقرار الضمان عليه

و مرجع الضمير في به في قوله: فيرجع البائع به: مساوي الثمن الذي هو العشرون

(1) اى العلة في رجوع البائع على المشتري في مساوي الثمن، و عدم رجوع المشتري على البائع في مساوي الثمن هو تلف العين في يد المشتري فاستقر الضمان عليه كما عرفت في الهامش 4. ص 210

(2) يراد في هذا الإشكال اثبات الضمان على البائع و أن المشتري لا يكون ملزما بدفع ما ساوى الثمن

و خلاصته: أن يد المشتري و يد البائع يدا عدوان، لتساوي اليدين في حصول العين تحت تصرفهما، و العدوان هذا هو السبب للضمان من دون ترجيح لاحداهما على الاخرى حتى يقال بترجيح يد المشتري على يد البائع حتى يتوجه الضمان نحوه -

ص: 211

نعم (1) لو اتلف بفعله رجع، لكونه سببا لتنجز الضمان على السابق

(قلت (2): توضيح ذلك يحتاج الى الكشف عن كيفية اشتغال ذمة كل من اليدين (3) ببدل التالف، و صيرورته (4) في عهدة كل منهما، مع أن الشيء الواحد لا يعقل استقراره إلا في ذمة واحدة و أن الموصول (5) في قوله: على اليد ما اخذت شيء واحد كيف يكون (6)

+++++++++++

- و مجرد تلف العين عند المشتري لا يكون سببا للضمان، و سببا لرجوع البائع عليه

إذا ليس للبائع حق الرجوع على المشتري في مساوي الثمن الذي دفعه للمالك

(1) في هذا الاستدراك الذي هو رجوع عما افاده: من ثبوت الضمان على البائع، و أنه ليس للبائع حق الرجوع على المشتري: يراد اثبات الضمان على المشتري ببيان الفرق بين التلف و الإتلاف لو كان المشتري هو المتلف للعين و السبب لنعلق الضمان على السابق الّذي هو البائع فيرجع البائع حينئذ على المشتري في مساوي الثمن

(2) هذا رد على إن قلت اى تقول في توضيح تعلق الضمان على المشتري بما يلي:

(3) و هما: يد المشتري و يد البائع اللتان قيل بتساويهما في حصول العين في يدهما العادية

(4) اى و صيرورة بدل التالف

(5) و هو كلمة (ما الموصولة) في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

على اليد ما اخذت حتى تؤديه

(6) اى الضمان كيف يمكن أن يتعلق بكل من اليدين: يد المشتري و يد البائع، مع أن الضمان شيء واحد؟

ص: 212

على كل واحدة من الأيادي المتعددة؟

(فنقول) (1): معنى كون العين المأخوذة على اليد كون عهدتها

+++++++++++

(1) هذا توضيح لكيفية تعلق الضمان بالمشتري فقط

و خلاصته: أن معنى على اليد ما اخذت هو أن العين المأخوذة يكون دركها و تعهدها على الآخذ لو تلفت

فللمالك مطالبة الآخذ بالبدل في اي وقت شاء، و اي مكان اراد و مهما بلغت صفة البدل، أو قيمته، لاشتغال ذمته بالعين فاذا اخذ البدل سقطت ذمة الآخذ عن الاشتغال

فلو فرضنا تعدد الأيادي على العين فلا شك في ضمان كل واحد من الذمم بالبدل بوقوع عقود متعددة عليها

و من الواضح: أن ثبوت الشيء الواحد و هي العين في ذمم متعددة لازمه خروج تلك الذمم عن عهدة تلك العين عند تلفها

و خروج الذمم إنما يتحقق لو تدارك الفائت الذي يحصل ببدل واحد لا غير

و معنى هذا الخروج هو تسلط المالك على مطالبة كل واحد من تلك الذمم التي ثبت عليها تدارك العين الفائتة، فالمالك يملك ما في ذمة كل واحد من الأيادي المتعددة على البدل، فاذا استوفى المالك البدل من اي واحد منهم فقد سقط البدل عن الآخرين، لعدم صدق التدارك على البقية، لعدم بقاء موضوع التدارك حتى يتداركه الآخرون، لأن المتدارك لا يتدارك مرة ثانية، فللمالك مطالبة حقه ما دام لم يصل إليه المبدل الذي هي العين و لا البدل الذي هو المثل، أو القيمة

و أما اذا وصل احدهما إليه فلا مجال لمطالبته ثانيا -

ص: 213

و دركها بعد التلف عليه فاذا فرضت أيد متعددة (1) تكون العين الواحدة في عهدة كل من الأيادى، لكن ثبوت الشيء الواحد في العهدات المتعددة معناه لزوم خروج كل منها عن العهدة عند تلفها (2)

و حيث إن الواجب هو تدارك التالف الذي يحصل ببدل واحد لا أزيد كان معناه تسلط المالك على مطالبة كل منهم الخروج عن العهدة عند تلفه فهو يملك ما في ذمة كل منهم علي البدل: بمعنى أنه اذا استوفى من احدهم سقط من الباقي، لخروج الباقي عن كونه تداركا، لأن المتدارك لا يتدارك (3)

و الوجه في سقوط حقه بدفع بعضهم عن الباقي أن مطالبته ما دام لم يصل إليه المبدل و لا بد له فأيهما حصل في يده لم يبق له استحقاق بدله فلو بقي شيء له في ذمة واحدة لم يكن بعنوان البدلية (4)

و المفروض عدم ثبوته (5) بعنوان آخر

و يتحقق مما ذكرنا (6) أن المالك إنما يملك البدل على سبيل البدلية

+++++++++++

- فلو فرضنا بقاء شيء في ذمة احد من الأيادي كان بعنوان آخر لا بعنوان البدلية، و المفروض عدم ثبوت شيء آخر بعنوان آخر غير عنوان البدلية

(1) بأن وقعت عقود متعددة على العين كما عرفت آنفا

(2) اى عند تلف العين كما عرفت آنفا

(3) اى مرة ثانية كما عرفت

(4) بل بعنوان شيء آخر كما عرفت آنفا

(5) اى عدم ثبوت شيء آخر بعنوان غير البدلية في ذمة اي شخص آخر بعد استيفاء المالك البدل

(6) و هو أن الواجب هو تدارك التالف الذي يحصل ببدل واحد لا غير كما عرفت آنفا

ص: 214

اذ (1) يستحيل انصاف شيء منها بالبدلية بعد صيرورة احدها بدلا عن التالف و اصلا الى المالك

و يمكن (2) أن يكون نظير ذلك ضمان المال على طريقة الجمهور حيث إنه ضم ذمة الى ذمة اخرى و ضمان (3) عهدة العوضين لكل من البائع

+++++++++++

(1) تعليل لعدم بقاء شيء آخر في ذمة آخرين بعنوان البدلية كما عرفت.

و مرجع الضمير في منها الذمم المتصيدة من الذمة في قوله في ص 214:

في ذمة واحدة.

(2) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في اتيان نظائر لضمان ما نحن فيه

فقال: يمكن أن يكون نظير هذا الضمان و هو ضمان مال واحد في ذمم متعددة يكون للمالك حق المطالبة من كل واحدة من الذمم ما دام لم يستوف العين، أو البدل ابتداء: ضمان المال الذي هو الدين عند (علماء اخواننا السنة) حيث عرّفوا الضمان: بأنه ضم ذمة الى ذمة اخرى

خذ لذلك مثالا لو ضمن زيد لعمرو عن هاشم الدين الذي بذمة هاشم

فهنا تكون الذمتان مشغولتين و ضامنتين بدفع المال الى عمرو، فلعمرو الرجوع الى كليهما على مذهب (اخواننا السنة)

خلافا (للامامية)، حيث لا يقولون في ضمان المال باشتغال كلتي الذمتين، و جواز الرجوع الى كليهما

فمقصود الشيخ من هذا التنظير هو التنظير في اشتغال ذمتين بالضمان ابتداء

(3) هذا تنظير ثان لضمان ما نحن فيه في اشتغال الذمتين ابتداء بمال واحد

و المراد من ضمان عهدة العوضين هو ضمان شخص ثالث عن المشتري

ص: 215

و المشتري عندنا كما في الايضاح، و ضمان (1) الأعيان المضمونة على ما استقر به في التذكرة، و قواه في الايضاح، و ضمان (2) الاثنين لواحد كما اختاره ابن حمزة

و قد حكى فخر الدين و الشهيد عن العلامة في درسه (3) أنه نفى

+++++++++++

للبائع عهدة الثمن إن ظهر كونه للغير، أو انكشاف بطلان البيع

و ضمانه للمشتري عن البائع عهدة المثمن لو ظهر للغير، أو انكشاف بطلان البيع

ففي هذا المثال قد اجتمعت ذمتان:

ذمة الضامن مع ذمة البائع، أو ذمة المشتري فيجوز للبائع الرجوع الى الضامن، و الى المشتري ابتداء

و كذا يجوز للمشتري الرجوع الى الضامن و الى البائع ابتداء

(1) هذا تنظير ثالث لضمان ما نحن فيه في اشتغال ذمتين ابتداء

خذ لذلك مثالا

ضمن شخص عارية الذهب، أو الفضة، أو المشروطة فجاء شخص آخر ضمن ضمان هذا الشخص

فهنا قد اجتمعت ذمتان:

ذمة الضامن الاول، و ذمة الضامن الثاني فيجوز لصاحب الذهب أو العين المشترطة الرجوع على كل منهما ابتداء ما دام لم يستوف حقه

(2) هذا تنظير رابع لضمان ما نحن فيه في اشتغال ذمتين ابتداء بمال واحد

فهنا قد اشتغلت ذمتان لشخص واحد فيجوز له الرجوع على كل منها

(3) اى في مجلس درسه

ص: 216

المنع من ضمان الاثنين على وجه الاستقلال (1)

قال: و نظيره (2) في العبادات الواجب الكفائي، و في الأموال (3) الغاصب من الغاصب

هذا (4) حال المالك بالنسبة الى ذوي الأيدي

+++++++++++

(1) بأن يضمن كل واحد منهما للمالك ما هو له في ذمة الغير في عرض الآخر، لا في طوله حتى يكون احدهما ضامنا للمالك، و الآخر ضامنا للضامن، و متعهدا لما استقر في ذمته بسبب الضمان

(2) اي و نظير ضمان الاثنين بنحو الاستقلال الواجب الكفائي في العبادات كغسل الميت و الصلاة عليه، حيث إن الخطاب متوجه بكل فرد من أفراد المكلفين يجب عليهم القيام بما امروا به فاذا قام احدهم به سقط الوجوب عن الآخر

ففي ضمان الاثنين عن واحد على نحو الاستقلال يجوز للمضمون له الرجوع الى كل منهما ما لم يؤد احد منهما ما ضمنه فاذا ادى سقط المطالبة عن الآخر

(3) اى و نظير ضمان الاثنين بنحو الاستقلال عن واحد في الأموال هو ضمان الغاصب من الغاصب، فانه لو غصب شخص من غاصب مالا فلصاحبه الرجوع على كل واحد منهما ابتداء الى أن يؤديه احدهما

فهنا قد اجتمعت ذمتان لشخص واحد:

ذمة للغاصب الاول، و ذمة للغاصب الثاني لشخص واحد: و هو صاحب المال فيجوز له الرجوع على كل منهما ابتداء، فاذا اداه احدهما سقط المطالبة عن الآخر

(4) اى ما قلناه: من البداية الى النهاية في المسألة الثانية المشار إليها في ص 188 من المسألتين في قول الشيخ قدس سره في ص 171 -

ص: 217

و أما حال بعضهم (1) بالنسبة الى بعض فلا (2) ريب في أن اللاحق اذا رجع (3) عليه لا يرجع الى السابق ما لم يكن السابق موجبا لإيقاعه (4) في خطر الضمان

كما لا ريب في أن السابق اذا رجع عليه (5) و كان غارا للاحقة لم يرجع (6)

+++++++++++

- فهنا مسألتان كان حول وظيفة المالك مع الأيادي المتعددة الواقعة على ماله، سواء أ كانت العقود واقعة على الثمن أم على المثمن أم على كليهما و سواء أ كان الثمن بلا واسطة أم مع الواسطة

(1) اي بعض الأيادي مع بعض الأيادي الاخرى

(2) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في بيان حكم السابق مع اللاحق لو رجع المالك على السابق

و في بيان حكم اللاحق مع السابق لو رجع المالك على اللاحق

(3) بصيغة المجهول اى اذا رجع المالك على اللاحق

(4) المصدر مضاف الى المفعول و هو اللاحق و الفاعل و هو السابق محذوف أى ما لم يكن السابق موجبا لإيقاع اللاحق في خطر الضمان:

بأن كان السابق جاهلا بالغصب فباع المبيع المشتري من الغاصب على اللاحق فهنا لا يتوجه ضمان نحو السابق

بخلاف ما اذا كان السابق عالما بالغصب فباعه على اللاحق فهنا يصدق الغرر، و الضرر، لأن السابق أوقع اللاحق في خطر الضمان، فما دفعه للمالك لو رجع عليه يرجع هو على السابق

(5) اى من قبل المالك

(6) اى السابق على اللاحق كما عرفت آنفا عند قولنا: بخلاف ما اذا كان السابق

ص: 218

إليه، اذ (1) لا معنى لرجوعه عليه بما لو دفعه اللاحق ضمنه (2) له

فالمقصود بالكلام (3) ما اذا لم يكن غارا له

فنقول: إن الوجه (4) في رجوعه هو أن السابق اشتغلت ذمته له بالبدل قبل اللاحق فاذا حصل المال في يد اللاحق فقد ضمن شيئا له بدل

+++++++++++

(1) تعليل لعدم حق الرجوع للسابق على اللاحق اذا كان السابق غارا لللاحق كما عرفت عند قولنا في الهامش 4. ص 218: لأن السابق اوقع اللاحق

و خلاصة الكلام: أنه يجوز لكل: سابق اذا رجع المالك عليه أن يرجع الى كل من اللاحقين سوى من غره

و لا يجوز رجوع اللاحق الى السابقين إلا اذا كان السابق غارا له فيما اذا رجع المالك على اللاحق

(2) اى ضمنه السابق لللاحق

(3) اى المقصود من هذا الكلام: و هو رجوع السابق على اللاحق لو رجع المالك على السابق: هو السابق الذي لم يكن غارا لللاحق

(4) اى العلة في رجوع السابق على اللاحق الذي لم يكن غارا لللاحق هو اشتغال ذمة السابق بالبدل للمالك قبل اشتغال ذمة اللاحق للمالك فاذا حصل المال و هي العين في يد اللاحق ثم تلف فقد اصبح اللاحق ضامنا لشيء و هي العين له بدل، فيكون مرجع ضمان اللاحق لشيء له بدل: الى ضمانه واحدا من البدل للسابق، و المبدل و هي العين للمالك على سبيل البدلية، اى إما هذا، أو ذاك

و لا يخفى عليك أن ما افاده الشيخ: من اشتغال ذمة السابق بالبدل للمالك قبل اشتغال ذمة اللاحق للمالك فيه تأمل، اذ الاشتغال إنما يتحقق -

ص: 219

فهذا الضمان يرجع الى ضمان واحد: من البدل و المبدل على سبيل البدل اذ (1) لا يعقل ضمان المبدل معينا من دون البدل، و إلا خرج بدله عن كونه بدلا، فما يدفعه الثاني (2) فإنما هو تدارك لما استقر تداركه في ذمة الاول (3)

بخلاف ما يدفعه الاول، فإنه تدارك نفس العين (4) معينا اذ لم يحدث له تدارك آخر، بعد فإن ادّاه (5) الى المالك سقط تدارك الاول له (6) و لا يجوز (7) دفعه

+++++++++++

- بعد تلف العين، و من المعلوم أن العين بعد موجودة لم تتلف، حيث هي في يد اللاحق

(1) تعليل لكون مرجع ضمان شيء له بدل الى ضمان واحد: من البدل أو المبدل على سبيل البدلية إما ذاك، أو هذا

(2) و هو اللاحق الذي تلفت العين في يده

(3) و هو السابق الذي اشتغلت ذمته قبل اشتغال ذمة المالك حسب ما افاده الشيخ قدس سره

(4) اذ لو تلفت العين في يد السابق لكان الواجب عليه تدارك العين التالفة التي تعين عليه

(5) اى لو ادى اللاحق الذي هو الضامن الثاني البدل الى المالك اذ الضامن الاول هو السابق

(6) اى سقط تدارك السابق الذي هو الضامن الاول عن اداء بدل العين الى المالك بعد اداء اللاحق البدل الى المالك

(7) اي و لا يجوز لللاحق دفع البدل الى السابق الذي هو الضامن الاول قبل أن يؤدي السابق البدل الى المالك، لاشتغال ذمته الى المالك -

ص: 220

الى الاول قبل دفع الاول الى المالك، لأنه (1) من باب الغرامة و التدارك فلا اشتغال للذمة قبل حصول التدارك

و ليس (2) من قبيل العوض لما في ذمة الاول فحال (3) الاول مع الثاني كحال الضامن مع المضمون عنه: في أنه يستحق (4) الدفع إليه (5)

+++++++++++

- بتلف العين عنده، و ليست مشغولة للسابق قبل حصول تدارك البدل للمالك حتى يدفع البدل إليه

(1) تعليل لعدم جواز دفع البدل الى السابق الذي هو الضامن الاول

و خلاصته: أن دفع البدل الى المالك إنما هو من باب غرامة العين الفائتة و تداركها فما دام لم يدفع البدل الى المالك لا اشتغال لذمة اللاحق الذي هو الضامن الثاني للسابق الذي هو الضامن الاول

(2) اى دفع البدل الى المالك ليس من قبيل العوض لما في ذمة الضامن الاول حتى يجب على اللاحق دفع البدل إليه، بل هو من قبيل تدارك العين الفائتة فيجب دفع البدل الى المالك

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن دفع البدل ليس من قبيل لعوض لما في ذمة الضامن الاول

و خلاصته: أن موقف الضامن الاول الذي هو السابق مع الضامن الثاني الذي هو اللاحق في هذه الواقعة و هي تلف العين لدى اللاحق كموقف الضامن مع المضمون عنه: في أن الضامن لا يستحق دفع ما ضمنه إلا بعد دفعه الى المضمون له، و الاداء إليه

(4) اي الضامن كما عرفت

(5) اي الى الضامن

ص: 221

إلا بعد الاداء (1)

و الحاصل (2) أن من تلف المال في يده ضامن لاحد الشخصين على البدل: من (3) المالك، و من سبقه في اليد فتشتغل ذمّته إما بتدارك العين، و إما بتدارك ما تداركها (4)

و هذا (5) اشتغال شخص واحد بشيئين لشخصين على البدل كما كان في الأيدي المتعاقبة اشتغال ذمة أشخاص (6) على البدل لشيء واحد لشخص واحد.

و ربما يقال (7)

+++++++++++

(1) اي بعد الاداء الى المضمون له

(2) اي و خلاصة ما قلناه في رجوع السابق على اللاحق اذا لم يكن السابق غارا لللاحق

(3) كلمة من بيان لاحد الشخصين كما عرفت

(4) اى تدارك العين

(5) و هو اشتغال ذمة من تلفت العين عنده لاحد الشخصين على البدل إما بتدارك العين، أو بتدارك ما يدارك العين

(6) اي أشخاص متعددين

(7) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره في كتاب الغصب الطبعة الحجرية الجزء 6. ص 99

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: أن السبب في رجوع السابق على اللاحق لو رجع المالك على السابق مع أن السابق لم يكن غارا لللاحق هو اشتغال ذمة اللاحق بالبدل للمالك بسبب تلف العين عنده و إن كان للمالك حق الرجوع على السابق، و الزامه على دفع بدل العين التالفة عند اللاحق باعتبار أن السابق هو الغاصب فاشتغلت ذمته -

ص: 222

في وجه رجوع غير (1) من تلف المال في يده الى من (2) تلف في يده لو رجع عليه (3): إن ذمة من (4) تلف بيده مشغولة للمالك بالبدل و إن جاز له (5) الزام غيره باعتبار الغصب باداء ما اشتغلت ذمته به فيملك (6) حينئذ (7) من ادى بادائه ما للمالك في ذمته بالمعاوضة الشرعية القهرية

قال: (8) و بذلك اتضح الفرق بين من تلف المال في يده، و بين

+++++++++++

- بدفع البدل و تدارك العين الفائتة

فاذا ادى السابق بدل العين التالفة الى المالك لو رجع عليه عوضا عن اللاحق الذي تلفت العين عنده و استقر الضمان عليه باشتغال ذمته بالعين فقد ملك ما في ذمة اللاحق عن المالك بالمعاوضة القهرية الشرعية فيرجع على اللاحق باخذ ما دفعه الى المالك، لتملكه ما في ذمة اللاحق

(1) المراد به هو السابق كما عرفت

(2) و هو اللاحق كما عرفت

(3) اى على السابق: بأن رجع المالك عليه، و كلمة رجع بصيغة المفعول

(4) و هو اللاحق كما عرفت

(5) اى للمالك، و المراد من غيره السابق كما عرفت

(6) اي السابق الذي دفع البدل الى المالك عند ما رجع عليه

(7) اي حين اشتغال ذمة اللاحق للسابق

و المراد من الموصولة هو السابق كما عرفت

(8) اي الشيخ صاحب الجواهر قال: و بما ذكرناه: من أن السابق يملك بدفعه البدل الى المالك ما في ذمة اللاحق بالمعاوضة الشرعية -

ص: 223

غيره الذي خطابه بالاداء شرعي لا ذمّي، اذ (1) لا دليل على شغل ذمم متعددة بمال واحد فحينئذ (2) يرجع عليه و لا يرجع (3) هو انتهى (4)

و انت (5) خير بأنه لا وجه للفرق بين خطاب من تلف بيده

+++++++++++

- القهرية اتضح الفرق بين من تلف المال عنده و هو اللاحق، و بين غيره و هو السابق الذي لم تتلف العين عنده، لأن خطاب الغير الذي هو السابق باداء بدل التالف الى المالك خطاب شرعي، حيث إن الشارع يأمره بدفع المال، و ليس الخطاب بالاداء ذمي حتى تكون ذمته مشغولة للمالك، ليكون الاداء واجبا عليه

(1) هذا دليل صاحب الجواهر على أن خطاب الاداء بالنسبة الى السابق شرعي لا ذمّي، اى لا دليل لنا على اشتغال ذمم متعددة للمالك من جملتها ذمة السابق لمال واحد

(2) اى فحين أن ليس لنا دليل على اشتغال ذمم متعددة بمال واحد لشخص واحد فيرجع السابق الذي دفع بدل العين التالفة الى المالك عند ما رجع عليه على اللاحق الذي تلفت العين عنده

(3) اي و لا يرجع اللاحق على السابق لو رجع المالك على اللاحق لأنه الضامن للعين، حيث تلفت عنده فاستقرار الضمان عليه

(4) اي ما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سره في المصدر نفسه

(5) من هنا اخذ الشيخ في رد ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

و خلاصته: أن الفرق في الخطاب بين السابق و اللاحق بأن الخطاب بالاداء في حق السابق شرعي، و في حق اللاحق: ذمي ليس بواضح، اذ كلاهما يتوجه نحوهما الخطاب بالاداء، و ليس هناك ما يدل على كيفية الاداء

ص: 224

و خطاب غيره بان خطابه ذمي، و خطاب غيره شرعي مع (1) كون دلالة على اليد ما اخذت بالنسبة إليهما على السواء

و المفروض أنه لا خطاب بالنسبة إليهما غيره مع أنه (2) لا يكاد يفهم الفرق بين ما ذكره من الخطاب بالاداء، و الخطاب الذمي، مع (3) أنه لا يكاد يعرف خلاف من احد (4) في كون كل من ذوي الأيدي مشغول الذمة بالمال فعلا ما لم يسقط باداء احدهم، أو إبراء المالك نظير (5)

+++++++++++

(1) هذا اعتراض ثان على صاحب الجواهر فيما افاده: من كيفية الفرق في الخطاب في الاداء اي و لنا بالإضافة على عدم ما يدل على كيفية الخطاب في الاداء دليل آخر: و هو دليل على اليد ما اخذت، حيث إن دلالته على الاداء بالسوية

و المفروض أنه لا دليل يدل على الاداء بالنسبة الى ما نحن فيه سوى دليل على اليد و قد عرفت أن دلالته على الاداء في حق السابق و اللاحق على السوية

(2) هذا اعتراض ثالث على صاحب الجواهر فيما افاده: من كيفية الفرق في الاداء، خلاصته ترجع الى ما ذكرناه في الهامش 1

(3) هذا اعتراض رابع على صاحب الجواهر فيما افاده من كيفية الفرق في الخطاب و هو واضح لا يحتاج في الاداء الى البيان

(4) اي من الفقهاء

(5) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد على مدعاه: من أن كل يد وقعت على المال الغصيب تكون ذمة صاحب اليد مشغولة بدفع العين لو كانت موجودة، و بمثلها لو كانت تالفة اذا كانت مثلية، و بقيمتها لو كانت قيمية بدون فرق بين هذا الدين، و غيره من الديون، في كيفية الاداء فقال:

ص: 225

الاشتغال بغيره من الديون في اجباره (1) على الدفع، أو الدفع عنه من ماله، و تقديمه (2) على الوصايا، و الضرر (3)

+++++++++++

- هذا الدين كبقية الديون في وجوب الاداء

فكما أن تلك الديون يجب اداؤها، كذلك هذا الدين

فحكمه حكم تلك الديون التي جاءت من غير الغصب في جميع أحكامها:

من تقديمه على الوصية، و من أن صاحبه يكون شريكا مع بقية الدائنين في توزيع تركته عليهم، و من مصالحة المالك عن هذا الدين الذي جاء من ناحية الغصب مع غير المدين

كما أن الديون الاخرى حكمها كذلك

(1) من هنا اخذ الشيخ في اثبات مدعاه: و هو أن هذا الدين كبقية الديون لا فرق بينه و بين الديون من حيث خطاب الاداء فقال ما حاصله:

إن السابق الذي اشتغلت ذمته للمالك بسبب تلف العين عند اللاحق لو لم يدفع الدين الى المالك عند مطالبته يجبر من قبل الشارع على دفعه إن كان حيا، أو يجبر الآخرون بالدفع لو كان ميتا و له مال، فحكمه كحكم بقية الديون

فهذا اوّل لازم من لوازم هذا الدين

(2) اي و كذا يقدم هذا الدين على الوصايا لو اوصى بها المدين كبقية الديون

هذا لازم ثان من لوازم هذا الدين

(3) اي و كذا يكون الدائن في هذا الدين شريكا مع بقية المدينين و الغرماء فتجعل له حصة بنسبة طلبه فهو كالديون من هذه الناحية

هذا لازم ثالث من لوازم هذا الدين

ص: 226

فيه مع الغرماء، و مصالحة (1) المالك عنه مع آخر، الى غير ذلك من أحكام ما في الذمة (2) مع (3)، أن تملك غير من تلف المال بيده لما في ذمة من تلف المال بيده بمجرد دفع البدل لا يعلم له سبب اختياري و لا قهري (4)

بل المتجه على ما ذكرنا (5) سقوط حق المالك عمن تلف في يده بمجرد اداء غيره، لعدم تحقق موضوع التدارك بعد تحقق التدارك

مع أن (6) اللازم مما ذكره أن لا يرجع الغارم فيمن لحقه في الأيدى العادية إلا بمن تلف في يده

+++++++++++

(1) اي هذا الدين كبقية الديون في كونه يصالح عليه من قبل المالك فللمالك أن يصالح عليه مع الآخر كما يصالح على الديون مع الآخرين هذا رابع لازم من لوازم هذا الدين

(2) فكل ما تترتب على الذمة من الديون تترتب على هذا الدين من غير فرق بينه و بينها

(3) هذا إشكال خامس على صاحب الجواهر فيما افاده: من تملك السابق لما في ذمة اللاحق عند ما دفع السابق عن اللاحق الى المالك

(4) اذ أسباب التمليك معلومة شرعا، و ليس هذا النحو من التملك احد تلك الأسباب

(5) في ص 214 عند قوله: و حيث إن الواجب هو تدارك التالف الذي يحصل ببدل واحد

(6) هذا إشكال آخر من الشيخ على صاحب الجواهر فيما افاده:

من تملك السابق لما في ذمة المالك

و خلاصته أن لازم ما ذكره صاحب الجواهر: من تملك السابق لما في ذمة اللاحق عدم حق للسابق في الرجوع على بقية اللاحقين ممن ترتبت يده على العين، بل له حق الرجوع على من تلفت العين عنده فقط

ص: 227

مع (1) أن الظاهر خلافه، فانه يجوز له (2) أن يرجع الى كل واحد ممن بعده

نعم (3) لو كان غير من تلف بيده فهو يرجع الى احد لواحقه الى أن يستقر (4) على من تلفت في يده

هذا (5) كله اذا تلف المبيع في يد المشتري

و قد عرفت الحكم أيضا في صورة بقاء العين، و أنه (6) يرجع المالك بها على من في يده، أو من جرت يده عليها

+++++++++++

(1) هذا رد على اللازم المذكور

و خلاصته: أن الظاهر من كلمات الفقهاء هو خلاف هذا اللازم حيث إنهم يجوزون رجوع السابق الذي اغترم للمالك على كل لاحق جاء بعد اللاحق الاول و إن لم تتلف العين عنده

(2) اي للسابق الذي اغترم للمالك عند رجوعه عليه

(3) اي الغارم

هذا الاستدراك عين ما افاده في قوله آنفا: فإنه يجوز للسابق الغارم الرجوع على كل واحد من اللواحق و إن لم تتلف العين عنده و لا اختصاص له باللاحق الذي تلفت العين عنده سوى في استقرار الضمان، فانه بعد الاستقرار بتلف العين يرجع اللاحق الغارم بما دفعه للمالك على هذا الذي استقر عليه الضمان

(4) اي الضمان كما عرفت آنفا

(5) اي ما قلناه: من رجوع المالك على السابق و إن تلفت العين عند اللاحق

(6) هذه صورة حكم بقاء العين اي مع وجود العين فالمالك يرجع و يأخذها ممن هي عنده، أو يأخذها ممن جرت يده عليها

ص: 228

فإن لم يمكن انتزاعها (1) ممن هي في يده غرم (2) للمالك بدل الحيلولة، و للمالك استردادها فيرد (3) بدل الحيلولة و لا ترتفع سلطنة المالك على مطالبة الاول (4) بمجرد تمكنه من الاسترداد من الثاني، لأن عهدتها (5) على الاول فيجب عليه (6) تحصيلها و إن بذل ما بذل

نعم ليس للمالك اخذ مئونة الاسترداد، ليباشر بنفسه

و لو لم يقدر على استردادها إلا المالك، و طلب من الاول عوضا عن الاسترداد فهل يجب عليه (7) بذل العوض، أو ينزل منزلة التعذر فيغرم (8) بدل الحيلولة، أو يفرق بين الاجرة المتعارفة للاسترداد (9)

+++++++++++

(1) اي انتزاع العين

(2) اي المشتري غرم للمالك حين أن لم يمكن للمالك انتزاع العين ممن هي عنده، أو ممن جرت يده عليها

(3) اي المالك بعد أن استرد العين ممن هي عنده يرد على الغارم ما اخذه منه و هو بدل الحيلولة

(4) اي مطالبة المالك المشتري الاول بالعين

(5) اي ضمان العين و قرار الضمان على المشتري الاول حسب ما عرفت:

من اشتغال ذمته بالضمان

(6) أي يجب على الاول تحصيل العين و اعطاؤها الى المالك و إن بدل الى المالك ما بذل من الثمن

(7) اي على الاول

(8) اي الاول يغرم بدل الحيلولة فقط من دون مئونة الاسترداد التي صرفها المالك في تحصيل العين عند عدم تمكن الاسترداد من الاول

(9) فيأخذ المالك هذه الاجرة المتعارفة من الاول عند استرداد المالك -

ص: 229

و بين الزائدة عليها مما يعد إجحافا على الغاصب الاول؟ (1) وجوه

هذا (2) كله مع عدم تغير العين

و أما اذا تغيرت فتجيء فيه صور كثيرة لا يناسب المقام التعرض لها و إن كان كثير مما ذكرنا أيضا مما لا يناسب ذكره إلا في باب الغصب

إلا أن الاهتمام بها دعاني الى ذكرها في هذا المقام بأدنى مناسبة، اغتناما للفرصة وفقنا اللّه لما يرضيه عنا: من العلم و العمل، إنه غفار الزلل (3)

مسألة: لو باع الفضولي مال غيره مع مال نفسه

(مسألة): لو باع الفضولي مال غيره مع مال نفسه فعلى القول ببطلان الفضولي فالظاهر أن حكمه حكم ما يقبل الملك مع ما لا يقبله (4) و الحكم فيه (5) الصحة لظهور الاجماع، بل دعواه عن غير واحد

+++++++++++

- العين في صورة عدم تمكن الاسترداد من الاول

(1) فلا يأخذ المالك هذه الاجرة الزائدة على المتعارف

(2) اي ما قلناه: من رجوع المالك على الغاصب الاول باخذ العين منه عند التمكن، أو يأخذ بدل الحيلولة عند عدم التمكن من اخذها و انتزاعها ممن هي في يده

(3) الى هنا كان الكلام حول بيع الفضولي مال الغير لنفسه، أو للمالك

(4) اي حكم مال نفسه مع مال الغير حكم ما يقبل الملك في الصحة

فكما أن بيع ما لا يقبل الملك لا يضر بصحة ما يقبل الملك اذا بيع معه، بل لا يضر بلزومه من طرف البائع كما سيأتي

كذلك ما نحن فيه، فإن الفضولي لو باع مال الغير مع مال نفسه لا يضر مال الغير بصحة مال نفسه

لكن للمشتري الخيار عند ما رد المالك الاصيل البيع بحصته

كما للمشتري الخيار فيما يملك لو بيع مع ما لا يملك اذا كان جاهلا به لتبعض الصفقة

(5) اي في بيع الفضولي مال غيره مع مال نفسه

ص: 230

مضافا الى صحيحة الصفار المتقدمة في أدلة بطلان الفضولي من قوله عليه السلام:

لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع على ما يملك (1)

و لما ذكرنا (2) قال بها (3) من قال ببطلان الفضولي كالشيخ و ابن زهرة و الحلي و غيرهم

نعم لو لا النص (4) و الاجماع امكن الخدشة فيه بما سيجيء في بيع ما يملك و ما لا يملك

و أما على القول بصحة الفضولي فلا ينبغي الريب في الصحة مع الاجازة بل و كذا مع الرد، فإنه كما لو تبين بعض المبيع غير مملوك، غاية الامر ثبوت الخيار حينئذ للمشتري مع جهله بالحال عند علمائنا كما عن التذكرة

و سيجيء في أقسام الخيار، بل عن الشيخ في الخلاف تقوية ثبوت الخيار للبائع، لكن عن الغنية الجزم بعدمه (5) و يؤيده (6) صحيحة الصفار

+++++++++++

(1) راجع الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 205 فإن قوله عليه السلام: و قد وجب الشراء من البائع على ما يملك يدل على صحة بيع مال نفسه مع مال غيره، و بطلان بيع مال غيره منضما الى بيع مال نفسه فالصحيحة ظاهرة في اللزوم

(2) من صحة بيع الفضولي مال غيره مع مال نفسه

(3) اي بصحة هذا البيع

(4) و هي صحيحة الصفار المشار إليها في الهامش 1

(5) اي بعدم ثبوت الخيار

(6) اي و تؤيد عدم ثبوت الخيار صحيحة الصفار المشار إليها في الهامش 1، حيث إن فيها: و قد وجب البيع، فإن وجوب البيع ظاهر في اللزوم فينتفي الخيار حينئذ

ص: 231

و ربما حمل كلام (1) الشيخ على ما اذا ادعى البائع الجهل، أو الاذن و كلام (2) الغنية على العالم

ثم إن صحة البيع فيما يملكه مع الرد (3) مقيدة في بعض الكلمات بما اذا لم يتولد من عدم الاجازة مانع شرعي كلزوم ربا (4)، و بيع آبق من دون ضميمة (5)

و سيجيء الكلام في محله

ثم إن البيع المذكور (6) صحيح بالنسبة الى المملوك بحصته من الثمن و موقوف في غيره (7) بحصته

و طريق معرفة حصة كل منهما (8)

+++++++++++

(1) و هو تقوية ثبوت الخيار

(2) اى و صاحب الغنية السيد ابن زهرة و هو عدم ثبوت الخيار حمل كلام على صورة علم البائع بأن بعض المبيع ليس له و باعه مع ماله

(3) اى مع رد المالك الآخر لحصته

(4) كما لو باع شخص درهمه مع دينار زيد بدرهمين و دينارين فضولة فهنا لورد مالك الدينار البيع اصبح البيع حراما بالنسبة الى بيع الدرهم، لأنه باع درهمه بدرهمين و هو بيع ربوي

(5) كما لو باع زيد عبد الآبق منضما مع مال الغير فضولة فرد المالك البيع اصبح بيع الآبق بلا ضم ضميمة و هو فاسد

(6) و هو بيع مال نفسه مع مال الغير

(7) اى في غير المملوك بحصة البائع

(8) اى حصة كل من مال البائع، و مال الغير الذي بيع فضولة من المسمى الذي وقع العقد عليه اذا كان المبيع من القيميات

ص: 232

من الثمن في غير المثلي أن (1) يقوّم كل منهما منفردا فيؤخذ لكل واحد جزء من الثمن نسبته (2) إليه كنسبة قيمته الى مجموع القيمتين

+++++++++++

- اعلم أنه ذكر الشيخ قدس سره لمعرفة حصة كل واحد من المالين طريقين و نحن نذكرهما عند ما يذكرهما تحت رقمها الخاص مع شرح أكثر

(1) هذه هي الطريقة الاولى

و خلاصته: أن يقوم كل واحد من مال البائع، و مال الغير مستقلا و على حدة، و بعد التقويم يؤخذ لكل واحد من المالين جزء من الثمن تكون نسبة هذا الجزء الى الثمن كنسبة قيمة الجزء الى مجموع القيمتين

خذ لذلك مثالا

بيع المملوك و غير المملوك معا بثلاثة دنانير، ثم قوم كل واحد منهما مستقلا فقوم المملوك بدينار، و قوم مال الغير بدينارين، فالمجموع صار ثلاثة دنانير

و من الواضح أن نسبة الدينار الى ثلاثة دنانير هي الثلث

كما أن نسبة قيمة الجزء الى مجموع القيمتين و هما: قيمة مال البائع و قيمة مال الغير هي الثلث أيضا

فهنا يختص المشتري من المسمى بثلثي الثمن فيستردهما من البائع اذا امضى المشتري البيع، لأن نسبة الدينارين الى اصل المسمى و هو الثمن و هو ثلاثة دنانير هي الثلثان كنسبة نفس الدينارين الى مجموع القيمتين

و هذه الطريقة ذكرها ابن ادريس رحمه اللّه في السرائر، و صاحب الارشاد قدس سره

(2) اى نسبة هذا الجزء الى الثمن كنسبة قيمة الجزء الى مجموع القيمتين كما عرفت آنفا

ص: 233

مثاله كما عن السرائر ما اذا كان ثمنهما (1) ثلاثة دنانير

و قيل: إن قيمة المملوك قيراط (2)، و قيمة غيره قيراطان فيرجع المشتري بثلثي الثمن

و ما ذكرنا من الطريق (3) هو المصرح به في الارشاد، حيث قال:

+++++++++++

(1) اى ثمن مال البائع، و ثمن مال الغير

(2) (قيل): وزن القيراط و مقداره نصف الدانق

و الدانق حبة واحدة من 24 حبة من الذهب

و هذه الحبات تكون مقدار المثقال الصيرفي من الذهب عند (اهل الصاغة) اى مثقال الذهب الخالص يكون عندهم 24 حبة، و ليس فيه غش

اذا يكون وزن القيراط نصف حبة من الذهب و يكون المثقال الصيرفي بحسب وزن القيراط 48 قيراطا

(و قيل): القيراط ربع سدس الدينار الصيرفي اى ربع 4/1

و سدس الدينار الصيرفي يكون اربع حبات اى 24/4

و ربع السدس يكون حبة واحدة من اربع حبات من الذهب

(و قيل): القيراط نصف عشر الدينار الصيرفي 10/1 و عشر الدينار يكون حبة واحدة من 24 حبة فيكون القيراط نصف حبة من الذهب

(3) اى الطريق الاول الذي اشير إليه في الهامش 1 ص 233

و لا يخفى أن عبارة الارشاد ليست مصرحة بهذه الطريقة و إن كانت العبارة تقول: و بقسط المسمى على القيمتين

لكنها ليست صريحة في كيفية تقسيط المسمى و إن كانت ظاهرة في الطريقة الاولى، لأن في مجموع القيمتين بعد تقويمهما تعرف قيمة كل واحد على حدة، و نسبة كل واحد الى مجموع القيمتين معلومة أيضا فيقسط -

ص: 234

و يقسط المسمى (1) على القيمتين، و لعله (2) أيضا مرجع ما في الشرائع

+++++++++++

- المسمى على مال البائع، و مال الغير كتقسيط القيمتين عليهما في النسبة و هذا التقسيط مساو مع تقسيط المسمى على المالين

(1) و هو السعر المتعامل عليه و الواقع عليه العقد اي يقسط السعر الذي تعامل عليه المتعاقدان على كل من المالين: مال البائع، و مال الغير فيخص المشتري من المسمى بنسبة ما قوم كل واحد كما عرفت

(2) اى و لعل تقسيط المسمى على القيمتين هو المرجع لما ذكر في الشرائع و القواعد و اللمعة

هذه هي الطريقة الثانية

أليك خلاصة ما افاده في للمعة الدمشقية

يقوّم مال البائع، و مال الغير جميعا أولا، ثم يقوّم كل واحد منهما مستقلا و على حدة ثم تنسب قيمة المنفرد الى قيمة المجموع فيخص المشتري من الثمن بمثل تلك النسبة اذا رد الغير البيع في حصته

خذ لذلك مثالا

قوّم مال البائع، و مال الغير بعشرين دينارا، ثم قوّم كل واحد منهما منفردا بعشرة دنانير

فهنا تكون نسبة قيمة احدهما الى قيمة المجموع النصف فيخص المشتري من الثمن النصف، لأن نسبة قيمة احدهما الى قيمة المجموع النصف

و إنما قلنا: إن المشتري يأخذ بنسبة قيمة احدهما الى قيمة المجموع و لم نقل: يخصه بقدر ما قوم به، لاحتمال زيادة القيمة و نقصانها عن التقدير فيجتمع حينئذ عند المشتري في بعض الفروض العوض و المعوض كما لو اشتراه -

ص: 235

و القواعد و اللمعة من أنهما يقومان جميعا ثم يقوّم احدهما، و لهذا (1) فسر

+++++++++++

- بعشرة دنانير و كانت العشرة قيمته السوقية ذاك اليوم، ثم ترقت قيمته السوقية و صارت عشرين دينارا فرد المالك الاصيل البيع الفضولي الواقع على ماله

فهنا لو قلنا: إن المشتري يخصه بقدر ما قوّم به و أعطي عشرة دنانير لاجتمع عنده الثمن و هي العشرة، و المثمن و هو المبيع

فالمدار فيما يخص المشتري من استرداد الثمن هو نسبة قيمة احدهما الى قيمة المجموع حتى لا يلزم المحذور المذكور

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 239

ثم إن الفرق بين الطريق الاول و الثاني واضح، اذ في الاول افاد (شيخنا الانصارى) قدس سره: أنه يقوم كل واحد منهما مستقلا ثم يجمع بين القيمتين ثم تنسب قيمة كل جزء الى المجموع، و لم يقل: ثم يقوم احدهما

و في الطريق الثاني افاد: أنه يقوّمان جميعا

و ظاهر العبارة: أنه يقومان مع هيئة الاجتماع ثم يقوم احدهما منفردا

ففي الطريق الاول قيمة المجموع حصلت من قيمة كل واحد منهما

و في الطريق الثاني تعينت قيمة الاجتماع من هيئة الاجتماع، لا من قيمة كل واحد منهما منفردا

و لذا نحتاج في النسبة الى تعيين قيمة كل واحد منهما منفردا حتى تنسب هذه الى مجموع القيمتين

(1) اى و لاجل ما ذكرناه في طريق معرفة حصة كل منهما من الثمن بأن يقوم كل منهما منفردا ثم يقوم احدهما ثم تنسب قيمته -

ص: 236

بهذه العبارة المحقق الثاني عبارة الارشاد، حيث قال: (1) طريق تقسيط المسمى على القيمتين الى آخره

لكن (2) الانصاف أن هذه العبارة الموجودة في هذه الكتب لا تنطبق بظاهرها على عبارة الارشاد التي اخترناها في طريق التقسيط و استظهرناه من السرائر، اذ (3) لو كان المراد من تقويهما معا تقويم كل منهما لا تقويم المجموع لم يحتج الى قولهم: ثم يقوم احدهما ثم تنسب قيمته، اذ (4)

+++++++++++

- الى مجموع القيمتين فسّر بنفس العبارة المحقق الثاني عبارة صاحب الارشاد و هي قوله: و يقسط المسمى على القيمتين فقال: و طريق تقسيط المسمى على القيمتين أن يقوما جميعا ثم يقوم احدهما ثم تنسب قيمته الى مجموع القيمتين

(1) اى المحقق الثاني كما عرفت

(2) من هنا يروم الشيخ أن يورد على تفسير المحقق عبارة الارشاد

و خلاصته: أن عبارة الشرائع و القواعد و اللمعة و هي أن يقوم كل منهما منفردا ثم يقوم احدهما ثم تنسب قيمته الى مجموع القيمتين لا تنطبق بظاهرها على عبارة الارشاد التي اختارها الشيخ في طريق التقسيط

(3) تعليل لعدم انطباق العبارة المذكورة في الشرائع و القواعد و اللمعة مع ما فسره المحقق الثاني في عبارة الارشاد.

و خلاصته: أنه لو كان المراد من تقويم المالين معا تقويم كل منهما لا تقويم المجموع كما يقول المحقق الثاني في تفسير عبارة الارشاد ليطبق عبارة الشرائع و القواعد و اللمعة على عبارة الارشاد لما احتيج الى قولهم اي قول صاحب الشرائع و صاحب القواعد، و صاحب اللمعة: ثم يقوم احدهما ثم تنسب قيمته الى مجموع القيمتين

(4) تعليل لعدم الاحتياج الى قولهم ثم يقوّم احدهما ثم تنسب قيمة الى مجموع القيمتين

و خلاصته: أنه ليس فيما اخترناه من طريق معرفة تقسيط حصة كل -

ص: 237

ليس هنا إلا امران: تقويم كل منهما، و نسبة قيمته الى مجموع القيمتين

فالظاهر (1) إرادة قيمتهما مجتمعين، ثم تقويم احدهما بنفسه، ثم ملاحظة نسبة قيمة احدهما الى قيمة المجموع، و من هنا (2) انكر عليهم جماعة تبعا لجامع المقاصد اطلاق القول بذلك، اذ (3) لا يستقيم ذلك فيما اذا كان لاجتماع الملكين دخل في زيادة القيمة كما في مصراعي باب، و زوج خف اذا فرض تقويم المجموع بعشرة، و تقويم احدهما بدرهمين، و كان الثمن خمسة، فإنه اذا رجع المشتري بجزء من الثمن نسبته إليه كنسبة الاثنين الى العشرة استحق من البائع واحدا من الخمسة فيبقى للبائع أربعة في مقابل المصراع الواحد، مع أنه لم يستحق من الثمن إلا مقدارا من الثمن مساويا لما يقابل المصراع الآخر: اعني درهمين و نصفا

+++++++++++

- منهما سوى امرين و هما: تقويم كل منهما، و نسبة قيمته الى مجموع القيمتين، فاذا قومنا كلا منهما منفردا و جمعنا القيمتين فمن بادئ الامر تتعين لنا قيمة احدهما فلا معنى حينئذ لتقويم احدهما بعد جمع القيمتين

(1) اى الظاهر من عبارة الشرائع و القواعد و اللمعة في قولهم:

إنهما يقومان جميعا إرادة قيمتهما مجتمعين ثم تقويم احدهما بنفسه الى آخر ما افاده الشيخ، فلهيئة الاجتماع دخل في القيمة

(2) اى و من أن الظاهر من عبارة المحقق و العلامة و الشهيد هو إرادة قيمتهما مجتمعين، و أن لهيئة الاجتماع دخلا في القيمة: انكر جماعة من الفقهاء على هؤلاء الأعلام اطلاق مدخلية هيئة الاجتماع في القيمة أى لا نسلم أن يكون لهيئة الاجتماع دخل في القيمة مطلقا و في جميع الموارد

(3) تعليل لعدم مدخلية هيئة الاجتماع في القيمة بنحو الاطلاق -

ص: 238

و الحاصل أن البيع إنما يبطل في ملك الغير بحصة من الثمن يستحقها الغير مع الاجازة، و يصح في نصيب المالك بحصة كان يأخذها مع اجازة مالك الجزء الآخر هذا

و لكن (1) الظاهر أن كلام الجماعة إما محمول على الغالب (2):

+++++++++++

- و خلاصته: أنه لو كان لهيئة الاجتماع دخل في القيمة بنحو الاطلاق لما استقام الطريق الثاني في أمثال مصراعي الباب، و زوجي الخف، لأنه اذا فرضنا تقويم المجموع في مصراعي الباب، و زوجى الخف بعشرة دراهم، و تقويم كل واحد منهما منفردا بدرهمين و كان الثمن خمسة دراهم فهنا تكون نسبة الدرهمين الى العشرة الخمس، و خمس خمسة دراهم التي كانت ثمن المبيع درهم

فاذا اخذ المشتري من الخمسة درهما يبقى للبائع أربعة دراهم مع أن الخمسة كانت للبائع و المشتري بالمناصفة اى لكل منهما درهمان و نصف درهم

بخلاف الطريقة الاولى فإنه لا يلزم الإشكال المذكور، لأنه كانت قيمة كل واحد منهما درهمين فصارت قيمة المجموع أربعة دراهم فتكون نسبة الدرهمين الى أربعة دراهم النصف فيأخذ المشتري من البائع بهذه النسبة و هي درهمان و نصف

كما لو اجاز المالك البيع، فإن له درهمين و نصف درهم يأخذهما و لصاحب المال بعين النسبة

(1) لما راى الشيخ فساد ما افاده المحقق و العلامة و الشهيد في الطريقة الثانية اراد تصحيحه فاستدرك فقال: و لكن

و خلاصة الاستدراك: أنه لا بدّ من احد الامرين لا محالة على سبيل منع الخلو

(2) هذا هو الامر الاول -

ص: 239

من عدم زيادة القيمة و لا نقصانها بالاجتماع.

أو مرادهم (1) من تقويمهما تقويم كل منهما منفردا

و يراد من تقويم احدهما ثانيا ملاحظة قيمته مع مجموع القيمتين و إلا (2) ففساد الضابط المذكور في كلامهم لا يحتاج الى النقض بصورة مدخلية الاجتماع في الزيادة التي لا يمكن القول فيها، و إن كان (3) ضعيفا باخذ النسبة للمشتري بين قيمة احدهما المنفرد، و بين قيمة المجموع

+++++++++++

- و خلاصته: عدم مدخلية هيئة الاجتماع في الزيادة و النقيصة غالبا

(1) هذا هو الامر الثاني

و خلاصته: التصرف في معنى كلمة تقويمهما الظاهرة في تقويم كليهما مجتمعين: بأن يراد من تقويمها تقويم كل واحد من المالين منفردا لا تقويم المالين بصورة الاجتماع حتى يكون لهيئة الاجتماع دخل في الزيادة و النقيصة

و يراد من تقويم كل منهما ثانيا ملاحظة قيمة كل منهما مع مجموع القيمتين

(2) اى و لو لا هذا التأويل لبقيت الضابطة المذكورة و هي الطريقة الثانية لمعرفة حصة المالين عن المحقق و العلامة و الشهيد على فسادها، و لا يحتاج في نقضها بصورة مدخلية هيئة الاجتماع في الزيادة كما في مصراعي الباب و زوجي خف، لأنه من الامكان القول بمدخلية هيئة الاجتماع في الزيادة المذكورة و إن كان هذا القول ضعيفا، لكنه ممكن: بأن يأخذ المشتري النسبة بين قيمة احدهما المنفرد، و بين قيمة المجموع

(3) اي و إن كان امكان القول في مدخلية هيئة الاجتماع في الزيادة ضعيفا كما عرفت

ص: 240

بل تنتقض (1) بصورة مدخلية الاجتماع في نقصان القيمة بحيث تكون قيمة احدهما منفردا مثل قيمة المجموع أو ازيد، فان هذه (2) فرض ممكن كما صرح به في رهن جامع المقاصد و غيره، فان (3) الالتزام هنا بالنسبة المذكورة يوجب الجمع بين الثمن و المثمن كما (4) لو باع جارية مع أمها

+++++++++++

(1) أي بل تنتقض الضابطة المذكورة عن الأعلام بصورة ما يكون لهيئة الاجتماع مدخلية في النقيصة: بأن تكون قيمة احدهما منفردا مثل قيمة المجموع، أو أزيد

(2) اى مدخلية هيئة الاجتماع في صورة نقصان القيمة: بأن تكون قيمة احدهما منفردا مثل قيمة المجموع، أو أزيد امر ممكن قد صرح به المحقق الثاني في كتاب الرهن من جامع المقاصد كما لو كان هناك عبدان فبيعا معا مع العلم بأن اجتماعهما في مكان واحد موجب لترتب المفسدة عليهما: من الخيانة و السرقة و النميمة، و التهاون في الخدمة، لتواطئهما على ذلك، فانهما لو تفرقا لم يترتب عليهما ما ذكر من المفاسد

فهنا تنقص قيمتهما مجتمعين من قيمة كل واحد منهما منفردا

بل قيمة كل واحد أزيد عن قيمتهما مجتمعين، لعدم رغبة الناس في شرائهما مجتمعين

(3) تعليل لانتقاض مدخلية هيئة الاجتماع بصورة نقصان القيمة

و خلاصته: أنه بناء على القاعدة المذكورة: و هي الطريقة الثانية التي أفادها المحقق في الشرائع، و العلامة في القواعد، و الشهيد في اللمعة يلزم الجمع بين العوض و المعوض في بعض الفروض، و الجمع بينهما واضح الفساد

(4) هذا مثال للجمع بين العوض و المعوض في صورة مدخلية هيئة الاجتماع لنقصان القيمة -

ص: 241

قيمتهما مجتمعتين عشرة، و قيمة كل واحدة منهما منفردة عشرة بثمانية، فان نسبة قيمة احداهما المنفردة الى مجموع القيمتين نسبة الشيء الى مماثله فيرجع بكل الثمانية

و كأن (1) من اورد عليهم ذلك غفل عن هذا، أو كان (2) عنده غير ممكن

فالتحقيق (3) في جميع الموارد ما ذكرنا: من ملاحظة قيمة كل منهما منفردا، و نسبة قيمة احدهما الى مجموع القيمتين

(فان قلت (4): ان المشتري إنما بذل الثمن في مقابل كل منهما

+++++++++++

(1) اى و كأن الذي اشكل على هؤلاء الأعلام و قال: إن الطريقة الثانية التي افادوها لازمها أن تكون لهيئة الاجتماع دخل في صورة الزيادة و خصصها بها لا غير غفل عن نقضها بصورة النقيصة، مع أنها تنتقض بها أيضا كما عرفت

(2) اى النقض بصورة النقيصة عند هذا المستشكل أمر غير ممكن

(3) هذا رأي الشيخ حول لزوم الزيادة في القيمة في مثل مصراعي الباب، و زوجي الخف

و خلاصته: أن في جميع هذه الموارد سواء أ كان لهيئة الاجتماع دخل في الزيادة و النقيصة أم لا لا بدّ من الالتزام بالطريقة الاولى و هي المشار إليها في الهامش 1 ص 233

(4) هذا الاشكال تولد مما افاده الشيخ قدس سره بقوله: فالتحقيق في جميع الموارد

و خلاصته: أنه لو قلنا بمقالة ابن ادريس و صاحب الارشاد و التزمنا بالطريقة الاولى في حصة كل من المالين من الثمن لتوجه الضرر على المشتري

ص: 242

مقيدا باجتماعه مع الآخر، و هذا الوصف (1) لم يبق له مع رد مالك احدهما فالبائع (2) إنما يستحق من الثمن ما يوزع على ماله منفردا فله من الثمن جزء نسبته إليه كنسبة الدرهمين الى العشرة و هو درهم واحد فالزيادة (3) ظلم على المشتري، و إن كان ما اوهمته عبارة الشرائع و شبهها من اخذ البائع أربعة (4)، و المشتري واحدا أشد ظلما كما نبه عليه (5) في بعض حواشي الروضة

+++++++++++

لأنه إنما اقدم على شراء مصراعي الباب، و زوجي الخف بوصف كونهما مجتمعين، و بما للهيئة الاجتماعية دخل في الزيادة

و من الواضح عدم بقاء الوصف المذكور عند ما يردّ المالك البيع في حصته

(1) و هو وصف الاجتماع، و مدخليته في الزيادة و النقيصة كما عرفت

(2) في الواقع هذا تعليل لعدم بقاء الوصف المذكور عند ما يردّ المالك البيع في حصته

و خلاصته: أن المشتري اذا اخذ من البائع درهمين و نصف اصبح مظلوما، لأنه من الممكن أن لا يساوي المصراع الواحد درهمين و نصف درهم فالزيادة من الدرهمين و نصف درهم و هو درهم و نصف درهم التي يأخذها البائع ازاء مصراع الواحد من الباب ظلم و اجحاف بالنسبة الى المشتري، فوصف الاجتماع له دخل في القيمة

(3) و هي التي اشرنا إليها بقولنا: و هو درهم و نصف درهم

(4) و قد اشرنا الى هذا في الهامش ص 239 بقولنا: فاذا اخذ المشتري من الخمسة درهما يبقى للبائع أربعة دراهم

(5) اى على كون الظلم أشد الذي استفيد من كلام المحقق الحلي عند ما يأخذ

ص: 243

فاللازم أن يقسط الثمن على قيمة كل من الملكين منفردا، أو على هيأته الاجتماعية و يعطى البائع من الثمن بنسبة قيمة ملكه منفردا، و يبقى للمشتري بنسبة قيمة ملك الآخر منفردا، و قيمة هيئته الاجتماعية (1)

(قلت (2): فوات وصف الانضمام كسائر الأوصاف الموجبة لزيادة القيمة ليس مضمونا في باب المعاوضات و إن كان مضمونا في باب العدوان

+++++++++++

المشتري درهما و البائع أربعة دراهم على الطريقة الثانية القائل بها

(1) حتى لا يتوجه نحوه ظلم و هذا لا يتم على الطريقة الاولى

(2) جواب عن الإشكال المذكور

و خلاصته: أن فوات وصف الانضمام، و هيئة الاجتماع كفوات باقي الأوصاف في كونها موجبة لزيادة القيمة، لكنها لم تكن موجبة للضمان في المعاوضات و إن كانت موجبة للضمان في الغصب و العدوان كما عرفت في ص 208 عند قوله: و أما ما يغرمه بإزاء أوصافه

فكما أن للمشتري في فوات الأوصاف كالكتابة الخيار: من الامضاء أو الفسخ، و ليس له حق الارش

كذلك في فوات وصف الاجتماع و هيئته للمشتري الفسخ، أو الإمضاء لتبعض الصفقة، أو خيار تخلف الشرط فيما اذا اشترط المشتري وصف الاجتماع

فضرره يجبر بالخيار في صورة جهل المشتري بكون احد مصراعي الباب للبائع، أو كان عالما لكنه قد اشترط عليه تحصيل اجازة المالك و المالك لم يجز فله خيار تخلف الشرط، حيث اقدم بشرط وصف الاجتماع -

ص: 244

غاية الامر ثبوت الخيار مع اشتراط تلك الصفة

و لا فرق (1) فيما ذكرنا بين كون ملك البائع، و ملك غيره متعددين في الوجود كعبد و جارية، أو متحدين كعبد ثلثه للبائع، و ثلثاه لغيره فانه لا يوزع الثمن على قيمة المجموع أثلاثا، لأن الثلث لا يباع بنصف ما يباع به الثلثان، لكونه أقل رغبة منه

بل يلاحظ قيمة الثلث و قيمة الثلثين و يؤخذ النسبة منهما ليؤخذ من الثمن بتلك النسبة

+++++++++++

- بخلاف صورة علم المشتري بذلك، فانه لا خيار له حينئذ، حيث كان عالما بأن المالك لا يملك وصف الاجتماع فما اقدم هو على الشراء بهذا الوصف

(1) اى لا فرق فيما ذكرنا في الطريقة الاولى في معرفة حصة كل من البائع و المالك بين أن يكون المبيع متعددا كما لو باع زيد دارين احداهما له و اخرى للغير

و بين أن يكون المبيع متحدا كما لو باع زيد دارا هي مشتركة بينه و بين الغير ثلثها له، و ثلثاها للغير

فلو باع مالك ثلث الدار بأجمعها ثم رد مالك الثلثين البيع فطريق معرفة حصة كل من المالين أن يقوم مجموع الدار ثم ينسب الثمن الى حصته و لا يوزع الثمن على قيمة المجموع أثلاثا: بأن يوزع ثلاثة أقسام لكل ثلث قسم من الثمن، لأن الثلث لا يباع بنصف ما يباع به الثلثان، لأن الثلث أقل رغبة من الثلثين، بل تلاحظ قيمة الثلث، و قيمة الثلثين ثم تؤخذ النسبة منهما، ليأخذ المالك من الثمن بتلك النسبة، و لا تلاحظ قيمة الحصة منفردا

خذ لذلك مثالا -

ص: 245

هذا (1) كله في القيمي

أما المبيع المثلي فان كانت الحصة مشاعة قسط الثمن على نفس المبيع (2) فيقابل كل من حصتي البائع و الأجنبي بما يخصه

و إن كانت حصة كل منهما معينة كان الحكم كما في القيمي: من ملاحظة قيمتي الحصتين، و تقسيط الثمن على المجموع (3) فافهم

مسألة: لو باع من له نصف الدار نصف تلك الدار

(مسألة (4): لو باع من له نصف الدار نصف تلك الدار فإن علم أنه اراد (5) نصفه

+++++++++++

- اذا كانت قيمة الدار المشتركة المبيعة بهيئتها الاجتماعية ثلاث مائة دينار فقيمة ثلث الدار الذي كان لزيد مائة دينار و ان كانت قيمة الثلث خمسين دينارا، لأن وصف الاجتماع كان للبائع و لمالك الثلثين فيوزع عليهما بالنسبة

(1) اى ما ذكرناه لك في معرفة حصة كل من البائع و المالك كان في القيمي

(2) اى المبيع المشاع

(3) فكل ما قلناه في القيميات من كيفية تقسيط الثمن على حصة كل من المالين: من تقويم كل منهما منفردا فيؤخذ لكل واحد جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة قيمته الى مجموع القيمتين: يأتي في المبيع المثلي اذا كانت حصة كل منهما معينة

(4) ربط هذه المسألة بالمسألة السابقة: و هي ما لو باع الفضولي مال نفسه مع مال الغير المشار إليها في ص 230 يظهر فيما اذا حمل النصف المشاع، فانه حينئذ يكون البائع فضوليا بالنسبة الى الربع الثاني، حيث إنه راجع الى شريكه

(5) اى تصفه الشخصي المختص له

ص: 246

أو (1) نصف الغير عمل به (2) و إلا (3) فان علم أنه لم يقصد بقوله:

بعتك نصف الدار إلا مفهوم هذا اللفظ (4) ففيه (5) احتمالان:

حمله (6) على نصفه المملوك له و حمله (7) على النصف المشاع بينه و بين الاجنبي

+++++++++++

(1) اى أو علم أن البائع اراد من بيع النصف النصف الراجع الى شريكه

فهذه صورتان:

(الاولى): علم المخاطب بأن البائع اراد من النصف نصفه المختص

(الثانية): علم المخاطب بأن البائع اراد من النصف نصف الغير الشريك معه

(2) اى عمل بهذا المعلوم: من النصف المختص، أو النصف المشاع

(3) اى و إن لم يعلم المراد من النصف من قول من له نصف الدار بعت نصف الدار، لا النصف المختص، و لا النصف المشاع

(4) و هو النصف فقط مجردا عن اضافته الى نصفه المختص له، أو الى النصف المشاع

(5) اى ففي هذا القول الذي لم يقصد البائع منه سوى مفهوم لفظ النصف: و هي الصورة الثالثة

(6) اى حمل النصف على النصف المختص له

هذا هو الاحتمال الاول

(7) اى و حمل النصف على النصف المشاع

هذا هو الاحتمال الثاني

فتحصل من مجموع ما ذكر: أن البحث في هذه المسألة يقع في مقامين

ص: 247

و منشأ الاحتمالين (1) إما تعارض ظاهره (2) النصف: اعني الحصة المشاعة في مجموع النصفين (3)، مع ظهور انصرافه (4) في مثل المقام

+++++++++++

(الاول): فيما اذا علم مراد المتكلم من النصف: بأنه أراد النصف المختص له

أو اراد النصف المشاع بين الحصتين

(الثاني): أن يعلم أن مراد القائل من النصف في قوله: بعت نصف الدار هو مفهوم اللفظ: و هو النصف فقط من دون أن يعلم اضافته الى نفسه، أو الى الغير

(1) و هما: احتمال النصف في النصف المختص له

و احتمال النصف في النصف المشاع

ثم إن الثمرة بين الاحتمالين هو أنه في صورة حمل النصف على النصف المختص يكون البيع صحيحا بالنسبة الى مجموع حصته

و في صورة حمله على النصف المشاع يكون البيع بالنسبة الى الربع من حصته صحيحا، و بالنسبة الى الربع الآخر فضوليا، حيث إنه مشترك بين البائع و الشريك

(2) وجه الظهور: هو أن النصف مطلق و ليس بمقيد و مخصص بشخص حتى يحمل على النصف المختص له و يضاف إليه، أو الى شريكه

(3) و هما: نصف البائع، و نصف الشريك

(4) اى انصراف النصف في مثل هذا المقام الذي هو مقام التصرف في ملكه، حيث إن البيع من التصرفات التي لا يمكن وقوعها إلا في الملك فلو قال: بعت نصف الدار اراد نصفها المختص له

ص: 248

من مقامات التصرف الى نصفه (1) المختص و إن لم يكن له (2) هذا الظهور في غير المقام، و لذا (3) يحمل الإقرار على الاشاعة كما سيجيء (4) أو مع ظهور إنشاء البيع في البيع لنفسه، لأن بيع مال الغير لا بدّ فيه إما من نية الغير، أو اعتقاد كون المال لنفسه

و إما من بنائه على تملكه للمال عدوانا كما في بيع الغاصب

و الكل (5) خلاف المفروض هنا

و مما ذكرنا (6) يظهر الفرق بين ما نحن فيه (7)، و بين قول البائع:

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: انصرافه اى ظهور انصراف النصف في النصف المختص له

(2) اى لهذا النصف

(3) اى و لاجل أن النصف ليس له ظهور في غير مقامات التصرف التي عرفتها آنفا إلا في النصف المختص له يحمل الاقرار بالنصف على النصف المشاع فيما لو قال: نصف الدار لزيد

(4) في ص 264 عند قوله: يحمل على المشاع في نصيبه، و نصيب شريكه

(5) و هو نية مال الغير، أو اعتقاد كون المال لنفسه، أو بنائه على تملكه للمال عدوانا

(6) و هو أن النصف في مثل المقامات له احتمالان:

حمله على النصف المملوك له

و حمله على النصف المشاع فيما اذا علم أن البائع لم يقصد من قوله:

بعتك نصف الدار إلا مفهوم هذا اللفظ

(7) و هو بيع نصف الدار المختص له

ص: 249

بعت غانما (1) مع كون الاسم (2) مشتركا بين عبده، و عبد غيره، حيث ادعى فخر الدين الاجماع على انصرافه (3) الى عبده فقاس عليه ما نحن فيه (4) اذ (5) ليس للفظ المبيع هنا ظهور في عبد الغير فيبقى ظهور البيع في وقوعه لنفس البائع، و انصراف لفظ المبيع في مقام التصرف الى مال المتصرف سليمين عن المعارض فيفسر بهما (6) اجمال لفظ المبيع

+++++++++++

(1) اسم لعبد و الاسم مشترك بين هذا العبد و بين عبد آخر لشخص آخر

(2) و هو غانم

(3) اى انصراف لفظ غانم الذي كان مشتركا بين عبدين

(4) و هو بيع نصف الدار

(5) تعليل لظهور الفرق بين ما نحن فيه: و هو بيع نصف الدار، و بين قوله: بعتك غانما

و خلاصته: أن لفظة غانم ليس له ظهور في عبد الغير المسمى غانما حتى يحمل عليه ثم يقاس ما نحن فيه عليه كما افاد هذا القياس فخر المحققين

بخلاف لفظة نصف، فان له ظهورا في النصف المشاع بينه؛ و بين شريكه، حيث إن له ظهورين:

ظهورا في النصف المشاع المستفاد من اطلاقه

و ظهورا في النصف المختص له المستفاد من اضافة البيع الى نفسه بقوله:

بعت، فإن هذه النسبة تدل على أن البيع يراد منه بيع النصف المختص له

فحينئذ للنصف مجال أن يحمل على النصف المشاع

(6) اى بظهور بيع غانم في وقوعه لنفس البائع، و انصراف لفظة غانم في مقام التصرف الى مال المتصرف فيفسر هذه اللفظة المجملة: و هي -

ص: 250

ثم إنه لو كان البائع (1) وكيلا في بيع النصف، أو وليا عن مالكه فهل هو كالأجنبي (2) وجهان (3) مبنيان (4) على أن المعارض لظهور النصف في المشاع هو انصراف لفظ المبيع الى مال البائع في مقام التصرف

+++++++++++

- غانم بهذين لا غير، و لا تفسر بالمشاع حتى تحمل على عبد الغير المسمى أيضا بغانم

(1) المراد من البائع هنا هو بائع نصف الدار التي كانت مشتركة بينه، و بين غيره

(2) خلاصة هذا الكلام: أن البائع لو كان وكيلا عن شريكه في بيع نصف داره المشتركة بينه، و بين البائع

أو كان وليا عليه فباع فقال: بعت نصف الدار و لم يقل: عن موكلي أو مولى عليه

فهل النصف هذا يحمل على النصف المختص للبائع، ليكون البيع صحيحا بالنسبة الى تمام حصته، لأنه حينئذ كالأجنبي عن الوكالة، أو الولاية كما في الفرض الاول: و هو بيع من له نصف الدار نصف تلك الدار

أو يحمل النصف على النصف المشاع، ليكون البيع بالنسبة الى حصته و هي الربع صحيحا، و بالنسبة الى ربعه الآخر فضوليا فلا يكون البائع حينئذ أجنبيا عن الوكالة، أو الولاية

(3) اي في فرض الوكالة، أو الولاية وجهان:

وجه بحمل النصف على النصف المختص له

و وجه بحمل النصف على النصف المشاع

(4) اى هذان الوجهان مبنيان

ص: 251

أو ظهور التمليك في الأصالة (1)

الأقوى (2) هو الاول، لأن (3) ظهور التمليك في الأصالة من باب الاطلاق، و ظهور النصف في المشاع و إن كان كذلك أيضا

إلا (4) أن ظهور المقيد وارد على ظهور المطلق

+++++++++++

(1) المراد من الأصالة هو البيع لنفسه

(2) هذا رأي الشيخ في المقام اى الأقوى هو الاول: و هو أن المعارض لظهور النصف في المشاع هو انصراف لفظ المبيع الى مال البائع في مقام التصرف

فتكون نتيجة أقوائية الاول: أن حكم الوكيل و الولي في بيع النصف عن الموكل و المولى عليه حكم الاجنبي في أن للنصف احتمالين:

حمله على النصف المختص له، و حمله على النصف المشاع

أما حمله على النصف المختص له فلأن النصف و إن كان له ظهور في المشاع، لكن يعارضه انصراف لفظ المبيع الى مال البائع في مقام التصرف، لا الى مال الموكل، أو المولى عليه

و المفروض أن المبيع هنا هو النصف فيقدم ظهور النصف في النصف المختص له

و أما منشأ حمل النصف على النصف المشاع فلأن ظهور التمليك في الأصالة من باب الاطلاق، و ظهور النصف في النصف المشاع من باب الاطلاق أيضا فيتعارضان

لكنه يقدم ظهور النصف في المشاع على ظهور التمليك في الأصالة

(3) تعليل لأقوائية الاول و قد عرفته آنفا

(4) هذا الاستثناء جاء به الشيخ لدفع توهم المعارضة بين الظهورين -

ص: 252

..........

+++++++++++

- و لازم المعاوضة السقوط فلما ذا يقدم ظهور النصف في الاشاعة على ظهور التمليك في الأصالة؟

و خلاصة الدفع: أن وجه التقديم هو ظهور المقيد الذي هو النصف في الاشاعة، لأنه وارد على ظهور الاطلاق

و حاصل ما افاده الشيخ في هذا المقام و الذي يظهر منه: أن الظهور في مثل المقام على ثلاثة أقسام:

(الاول): ظهور بعت في قوله: بعت نصف الدار في أن اطلاقه مقتض لكون البيع صادرا من الاصيل

و لازم هذا الاقتضاء وقوع البيع على نصفه المختص له

(الثاني): ظهور النصف، فان اطلاقه يقتضي كونه مشاعا فتتضيق دائرته فينحصر على نصف النصف: و هو الربع المختص بالبائع

و على نصف نصف شريكه: و هو الربع أيضا

(الثالث): ظهور القرائن المقامية، حيث إنها تدل على أن المتكفل لبيع نصف الدار يريد بيع نصفه فالظهور هذا مقتض لوقوع البيع على نصفه المختص له

ثم إنه لا فرق بين أن تكون الحصتان مشاعتين أو مفرزتين

أما ظهور النصف في النصف المشاع فيعارضه شيئان

(الاول): اطلاق المقتضي لأن يكون البائع اصيلا في التمليك

(الثاني): الظهور المقامي الدال على أن المتكفل للبيع في صدد بيع نصفه المختص له

أما المعارض الاول فالشيخ يرى أن ظهور النصف في الاشاعة يكون -

ص: 253

و ما (1) ذكره الشهيد الثاني: من عدم قصد الفضولي الى مدلول اللفظ و إن كان مرجعه الى ظهور وارد على ظهور المقيد

+++++++++++

- ظهورا للقيد الوارد على بعت، اى يقيد البيع ببيع حصته، لا مطلقا و ظهور القيد مقدم على ظهور المطلق، و بعد انخرام هذا الظهور يبقى ظهور النصف في الاشاعة سليما عن المعارض

و أما الظهور المقامي المعارض لظهور النصف في الاشاعة الدال على أن البائع في صدد بيع نصفه المختص له فلمّا كانا متكافئين من دون ترجيح و حكومة لاحدهما على الآخر فيبقى تعارضهما بحالهما

هذا اذا لم يكن البائع وكيلا، أو وليا

و أما اذا كان وكيلا، أو وليا فلا يكون مثل هذا الظهور دالا على أن البائع في صدد بيع نصفه المختص له فيكون الظهور المقامي دالا على الاشاعة أيضا

(1) دفع اعتراض

حاصل الاعتراض: أن الشهيد الثاني قدس سره ذكر أن المعارض لظهور النصف في المشاع ليس منحصرا في الامرين المذكورين

و هما: انصراف لفظ المبيع الى مال البائع في مقام التصرف أو ظهور التمليك في الأصالة

بل هنا ظهور آخر معارض لظهور النصف في المشاع: و هو ظهور إرادة المدلول من اللفظ

و من المعلوم أن الفضولي لا يكون قاصدا لمدلول اللفظ و اذا لم يكن قاصدا له فلا يبقى مجال لظهور المقيد: و هو حمل النصف على النصف المشاع و لا لظهور المطلق: و هو ظهور التمليك في الأصالة حتى يكون ظهور الاول -

ص: 254

إلا (1) أنه مختص بالفضولي، لأن القصد الحقيقي موجود في الوكيل و الولي

فالأقوى فيهما (2)

+++++++++++

- واردا على ظهور الثاني، ليكون الاول أقوى من الثاني فلا بد أن يحمل النصف على المشاع، بل على المختص له، لأن اللازم من الحمل على الاشاعة، و الحكم بفضولية البيع بالنسبة الى الربع الاخر عدم القصد الى مدلول اللفظ

و قد علمت أن مقتضى ظاهر الكلام هو إرادة المدلول

(1) جواب عن الاعتراض المذكور

خلاصته: أن عدم القصد الى مدلول اللفظ مختص بالفضولي فلا يشمل الوكيل و الولي، لأن القصد الحقيقي منهما الى مدلول اللفظ موجود فلا يقاسان بالفضولي

هذا بالإضافة الى ما مر من فساد هذا المبنى

اذا فالشهيد قدس سره يقول أيضا: إن النصف ليس له ظهور في النصف المشاع، بل له ظهور في النصف المختص له

لكن طريقة المعارضة لظهور النصف في المشاع امر آخر، لا ما ذكره هؤلاء

و أما ما أفاده الشهيد: من أن الفضولي ليس قاصدا لمدلول اللفظ فراجع الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 63

فهناك ذكرنا مبناه، و ذكرنا ما افاده الشيخ في الجواب عنه

(2) اى الأقوى في الوكيل و الولي

هذا تفريع على ما افاده: من ورود ظهور النصف في النصف -

ص: 255

الاشتراك في البيع تحكيما (1) لظاهر النصف إلا (2) أن يمنع ظهور النصف إلا في النصف المشاع في المجموع

+++++++++++

- المشاع على ظهور المطلق و هو التمليك اى الأقوى في الوكيل و الولي اذا قال احدهما: بعتك نصف الدار أن يكون شريكا مع الموكل، أو المولىّ عليه في النصف المشاع بينهما فيقع البيع على كل ربع من الوكيل و الموكّل أو الولي و المولى عليه

(1) تعليل لاشتراك الوكيل مع الموكل، أو الولي مع المولّى عليه في بيع النصف

و خلاصته: أن الاشتراك المذكور لاجل حكومة النصف و ظهوره في الاشاعة اذا فالنتيجة هو الاشاعة في النصف اى البيع واردا على نصف نصفه، و نصف نصف شريكه

(2) هذا عدول عما افاده الشيخ: من أقوائية اشتراك الوكيل أو الولي في البيع

و خلاصته: أنه لو منعنا ظهور اطلاق النصف في الاشاعة بين الحصتين و قلنا: إنه مشاع في الكل، فاذا منعنا هذا فلا يبقى مجال للقول باشتراك الوكيل، أو الولي في البيع مع الموكل، أو المولىّ عليه، لاستحالة شمول النصف لنصف النصف و هو الربع، حيث إن نصف الدار بمفهومه يكون متقدما رتبة على نصف النصف الذي هو الربع، فان نصف النصف في الرتبة المتأخرة

و هذا التأخر يوجب استحالة شمول اطلاق النصف له

و معنى ذلك هو استحالة شمول النصف المشاع لنصف نصفه، و نصف نصف شريكه إذا لا يكون الوكيل، أو الولي شريكا في البيع مع الموكل أو المولىّ عليه

ص: 256

و أما (1) ملاحظة حقي المالكين، و إرادة الاشاعة في الكل من حيث إنه مجموعهما فغير معلومة، بل معلومة العدم بالفرض

و من (2) المعلوم أن النصف المشاع بالمعنى المذكور يصدق على نصفه المختص فقد ملك كليا يملك مصداقه فهو كما لو باع كليا سلفا، مع كونه مأذونا في بيع ذلك عن غيره أيضا.

لكنه لم يقصد إلا مدلول اللفظ من غير ملاحظة وقوعه عنه، أو عن غيره فإن الظاهر وقوعه لنفسه، لأنه عقد على ما يملكه فصرفه الى الغير من دون صارف لا وجه له

+++++++++++

(1) هذا رد على من قال باشتراك الوكيل، أو الولي مع الموكل أو المولى عليه في البيع بطريق آخر

و ذاك الطريق هو ملاحظة البائع حين البيع، فإنه قد لاحظ حقي المالكين و اراد الاشاعة في الكل من حيث إنه مجموع حقيهما، فحينئذ يكون الوكيل، أو الولي شريكا مع الموكل، أو المولى عليه

و الطريقة هذه غير الطريقة التي ذكرها الشيخ في ص 256: و هي تحكيم ظهور النصف في النصف المشاع على ظهور التمليك في الاصالة

و خلاصة الرد أن الطريقة المذكورة من القائل غير ثابتة، لأنه لم يعلم قصد البائع من ذلك، بل المعلوم من قصده خلاف ذاك القصد، لأن الفرض في البحث هو قصد البائع مفهوم النصف، لا حقي المالكين، بل قصد حقي المالكين من البائع من مفهوم النصف معدوم اصلا

(2) هذا من متممات الرد على القائل باشتراك الوكيل، أو الولي في البيع بطريقة اخرى -

ص: 257

و لعله لما ذكرنا (1) ذكر جماعة كالفاضلين و الشهيدين، و غيرهم أنه لو اصدق المرأة عينا فوهبت نصفها المشاع قبل الطلاق استحق الزوج بالطلاق النصف الباقي، لا نصف الباقي (2) و قيمة نصف الموهوب و إن ذكروا ذلك (3) احتمالا

و ليس (4) إلا من جهة صدق النصف على الباقي فيدخل في قوله تعالى: فنصف ما فرضتم (5)

+++++++++++

- و خلاصة هذا التتميم أن الاشاعة بالمعنى المذكور: و هو إرادة الكل من الاشاعة لو قلنا به يكون البيع في النصف من قبيل بيع فرد كلي له مصداقان.

مصداق منه للبائع، و مصداق منه لشريكه

فلو لم يقصد البائع من البيع مصداقه الذي له، و لا مصداق شريكه بل قصد عنوان الكلي فقط لحمل البيع على ما يملكه و وقع البيع لنفسه لأن وقوع البيع للغير و هو الشريك محتاج الى نية الغير، و الى صارف عن البيع لنفسه، و اذا لم يكن هناك صارف وقع البيع لنفسه، لعدم احتياج البيع عن نفسه الى صارف

(1) و هو حمل النصف على النصف المختص له

(2) اى لا نصف النصف الذي هو الربع

(3) اى أن الزوج يملك نصف الباقي، و قيمة نصف الموهوب لكن الفتوى على الاول

(4) اى و ليس استحقاق الزوج للنصف الباقي من العين إلا من جهة صدق النصف على الباقي

(5) حيث إن النصف يحمل على النصف الباقي في المهر الذي -

ص: 258

و إن كان يمكن توجيه هذا الحكم (1) منهم: بأنه لما كان الربع الباقي للمرأة من الموجود مثلا للربع التالف من الزوج، و مساويا له من جميع

+++++++++++

- عينه الزوج اذا طلق زوجته قبل الدخول

و محل الكلام: أن الآية الكريمة مشتملة على لفظ النصف و هو ظاهر في النصف المشاع، و المفروض أن الزوجة قد وهبت نصف العين المشاع و الباقي أيضا يكون نصفا مشاعا فيصدق أنه نصف ما فرضتم فيستحقه المطلّق بحكم الآية الشريفة

و أما الآية الكريمة ففي سورة البقرة: الآية 237

(1) و هو حكم الفقهاء بأن الزوج يستحق نصف الباقي مشاعا لا نصف الباقي، و قيمة نصف الموهوب و هو الربع

و الباء في بأنه بيان لكيفية توجيه حكم الفقهاء

و خلاصة هذا التوجيه: أن المرأة لما وهبت نصف العين التي كانت مهرا لها اصبحت لها ربع من النصف الموجود عندها، و ربع من النصف الموهوب بنحو الاشاعة

فلما طلقها الزوج قبل الدخول اصبح يستحق من الصداق نصفه فيتعلق حقه بالنصف الباقي مشاعا بأن يكون له ربع من هذا النصف الموجود عند المرأة؛ و ربع من النصف الموهوب الذي هو عند الموهوب له فتدفع المرأة، ربعها له بنحو البدلية، و للزوج المطلق ربع آخر عند الموهوب له فلا مجال حينئذ لاعتبار قيمة نصف الموهوب و هو الربع حتى يقال:

إن الزوج يستحق نصف الباقي و هو الربع و قيمة نصف الموهوب

فالخلاصة: أن الربع الموجود للمرأة من الموجود فهو مثل للربع التالف من الزوج بسبب هبة المرأة نصف العين و مساويا له من جميع الجهات -

ص: 259

الجهات، بل لا تغاير بينهما إلا بالاعتبار فلا وجه لاعتبار القيمة

نظير (1) ما لو دفع المقترض نفس العين المقترضة مع كونها قيمية

لكن (2) الظاهر أنهم لم يريدوا هذا الوجه، و إنما عللوا استحقاقه للنصف الباقي ببقاء مقدار حقه فلا يخلو (3) عن منافاة لهذا المقام

و نظيره (4) في ظهور المنافاة لما هنا ما ذكروه في باب الصلح:

+++++++++++

- و من دون تغاير بينهما إلا بالاعتبار: اي باعتبار أن هذا الربع للمرأة و ذاك الربع للرجل المطلّق

(1) اى الحكم باستحقاق الرجل نصف الباقي، لا نصف الباقي و قيمة نصف الموهوب، و أنه لا اعتبار بالقيمة نظير القرض، فإن المقترض لو ارجع العين المقترضة الى صاحبها و هو المقرض لبرأت ذمته عن الدين و لا يحتاج الإبراء الى دفع قيمة العين مع أن العين قيمية

(2) استدراك من الشيخ عن التوجيه المذكور اى أن الظاهر من كلمات الفقهاء عدم ارادتهم لهذا الوجه يعني أنهم لم يريدوا من استحقاق الزوج للنصف أن النصف مبني على الاشاعة، و أن النصف صادق على الباقي

بل الفقهاء أرادوا استحقاق الزوج للنصف ببقاء مقدار حقه على أنه يستحق الربع بنحو البدلية

(3) اي لا يخلو حكم الفقهاء في استحقاق الزوج للنصف الباقي على نحو الاشاعة من منافاته لمقام البيع، حيث إنهم قالوا: إن النصف في بيع نصف الدار يحمل على نصفه المختص، لا على نصفه المشاع كما عرفت في بداية المسألة

(4) اى و نظير هذا المنافاة في البيع منافاة آخر للمقام: و هو المنافاة الذي ذكره الفقهاء في باب الصلح -

ص: 260

من أنه اذا اقر من بيده المال لاحد المدعيين للمال بسبب موجب للشركة كالارث فصالحه المقر له على ذلك النصف كان النصف مشاعا في نصيبها فإن (1) اجاز شريكه نفذ في المجموع، و إلا نفذ في الربع، فإن (2) مقتضى

+++++++++++

- و خلاصته: أنه لو ادعى اثنان بأن هذه الدار التي بيد زيد هي لنا بنحو المشاركة و المناصفة: بأن نقلت لنا بالارث مثلا، أو كنا وكيلين عن هاشم في شراء هذه الدار لنا بالمناصفة فاشتريناها كذلك في عقد واحد فصدّق المدعى عليه و هو الذي بيده الدار احدهما و كذب الآخر: بأن قال:

إن هذا صادق في دعواه: و هي أن النصف له فصار النصف لمقرّ للمقرّ له و للمدعي الآخر بالمناصفة، لأنه مشترك بينهما بالاشاعة باقرارهما، حيث إن المدعي يدعي أن نصف الدار لي و يقر بذلك، و المدعي الآخر أيضا يدعي نصفها الآخر فكلاهما يدعيان المناصفة

(1) هذا تفريع على ما افاده: من أن النصف المقرّ لهذا المدعي اي ففي ضوء ما ذكرناه لو صالح المقر له المدعى عليه في النصف الذي اقر له المدعى عليه على ذلك النصف اصبح النصف مشاعا في نصيب المدعيين

فإن اجاز المصالحة الشريك: و هو المدعي الآخر للنصف و الذي كذّبه من بيده الدار نفذ الصلح في المجموع، لأن المدعي الآخر شريك مع المقر له بسبب اعترافه له بسبب موجب للشركة كالإرث مثلا

و إن لم يجز نفذ الصلح في ربع النصف الذي هو نصيب المقر له

(2) تعليل لكون حمل النصف في الاقرار على الاشاعة منافيا لما نحن فيه: و هو بيع من له نصف الدار نصف تلك الدار، حيث إن النصف هنا يحمل على النصف المختص له -

ص: 261

ما ذكروه هنا (1) اختصاص المصالحة بنصف المقر له، لأنه (2) إن اوقع الصلح على نصفه الذي اقر له به فهو كما لو صالح نصفه قبل الاقرار مع غير المقر، أو معه، و إن اوقعه على مطلق النصف المشاع انصرف أيضا الى حصته فلا وجه لاشتراكه (3) بينه و بين شريكه، و لذا (4) اختار سيد مشايخنا قدس اللّه أسرارهم اختصاصه (5) بالمقر له

و فصل في المسالك بين ما لو وقع الصلح على نصفه، أو مطلق النصف، و بين ما اذا وقع على النصف الذي اقرّ به ذو اليد

فاختار (6) مذهب المشهور في الثالث

+++++++++++

- و في الاقرار يحمل على النصف

(1) اى في بيع نصف الدار

(2) تعليل لكون مقتضى ما ذكروه في بيع نصف الدار اختصاص المصالح بنصف المقر له

(3) اى لاشتراك النصف بين المقر له، و بين المدعي الآخر باعتراف المدعي الاول بسبب موجب للشركة

(4) اي و لاجل عدم وجه لاشتراك النصف بين المدعيين

و المراد من سيد مشايخنا هو صاحب الرياض

(5) اي اختصاص النصف بالمقر له

(6) الفاء تفريع على ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك اي اختار في المسالك مذهب المشهور: و هو حمل النصف على النصف المشاع بين النصيبين في القسم الثالث: و هو وقوع الصلح من المقر له على النصف الذي اقر به ذو اليد

ص: 262

لأن (1) الاقرار منزّل على الاشاعة، و حكمه (2) بالاختصاص في الاولين لاختصاص (3) النصف وضعا في الاول (4)، و انصرافا في الثاني (5) الى النصف المختص

و اعترضه في مجمع الفائدة (6) بأن هذا (7) ليس تفصيلا، بل مورد كلام المشهور هو الثالث (8)، لفرضهم (9) المصالحة على ذلك النصف المقرّ به

+++++++++++

(1) تعليل لحمل النصف على المشاع في الصورة الثالثة أي لأن إقرار ذي اليد لاحد المدعيين بالنصف منزّل باعتبار المقر به على الاشاعة بين المقر له و غيره، لاعتراف المقر له بأن العين التي بيد المقر مشتركة بيني و بين المدعي الآخر

(2) اى و حكم الشهيد الثاني في المسالك باختصاص النصف المصالح عليه بالنصف المختص للمقر له في الاولين و هما:

وقوع الصلح على نصفه، و وقوع الصلح على مطلق النصف

(3) تعليل لاختصاص النصف بالنصف المختص له للمقر له

(4) و هو وقوع الصلح على نصفه

(5) و هو وقوع الصلح على مطلق النصف

(6) هو للمحقق الاردبيلي اي المحقق الاردبيلي اعترض على الشهيد الثاني

(7) و هو التفصيل المذكور في المسالك الذي ذكره عنه الشيخ هنا

(8) و هو وقوع الصلح على النصف الذي اقر به ذو اليد

(9) اي لفرض المشهور محل النزاع في النصف في الصورة الثالثة المشار إليها في الهامش 6. ص 262 - و الهامش 2-8 من هذه الصفحة

ص: 263

و تمام الكلام في محله

و على كل حال (1) فلا إشكال في أن لفظ النصف المقرّ به اذا وقع في كلام المالك للنصف المشاع مجردا عن حال (2) أو مقال (3) يقتضي صرفه الى نصفه: يحمل (4) على المشاع في نصيبه، و نصيب شريكه

و لهذا (5) افتوا ظاهرا على أنه لو اقرّ احد الرجلين الشريكين الثابت يد كل منهما على نصف العين بأن ثلث العين لفلان حمل على الثلث المشاع في النصيبين (6)

فلو (7) كذّبه الشريك الآخر دفع المقرّ الى المقرّ له نصف ما في يده

+++++++++++

(1) اى سواء حملنا النصف المشاع بين النصيبين أم حملناه على النصف المختص بالبايع كما هو المشهور

(2) اي يكون لفظ النصف مجردا عن القرينة الحالية

(3) أي يكون لفظ النصف مجردا عن القرينة المقالية اللفظية

(4) في محل الرفع خبر لاسم إن في قوله: فلا إشكال في أن لفظ

(5) اي و لاجل أن لفظ النصف في الاقرار يحمل على النصف المشاع في نصيبه و نصيب شريكه

(6) و هما: نصيب المقر، و نصيب شريكه

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الثلث المقر به يحمل على الثلث المشاع بين النصيبين لاجل حمل لفظ النصف على النصف المشاع

اى ففي ضوء ما ذكرنا في حمل الثلث على الثلث المشاع بين النصيبين لو كذب الشريك الآخر المقر في اقراره دفع المقر للمقر له نصف ما في يده حيث إن نصيبه كان مشاعا بين النصيبين فهو شريك مع المقر و المنكر

ص: 264

لأن (1) المنكر بزعم المقرّ ظالم للسدس بتصرفه في النصف، لأنه (2) باعتقاده إنما يستحق الثلث فالسدس الفاضل في يد المنكر نسبته الى المقر و المقرّ له على حد سواء (3) فانه (4) قدر تالف من العين المشتركة فيوزع (5)

+++++++++++

(1) تعليل لكون الواجب على المقر دفع نصف ما في يده للمقر له و خلاصته: أن المقر لما اقر بثلث الدار لزيد صارت الدار مشتركة بين هؤلاء الثلاثة: و هم المقر و المقر له و شريك المقر لكل واحد منهم ثلث، فلما انكر الشريك اقرار المقر و كذّبه في مقالته فقد ظلم المقر له بسدس لأن حصته ثلث، و الثلث مشتمل على سدسين و قد استفاد من اقرار المقر نصف النصف الذي كان في يده، و نصف النصف يكون ربعا 4/1، و الربع ناقص عن الثلث بسهم واحد

فالسدس الذي عند المنكر يكون مشتركا بين المقر و المقر له و هو قدر فائت بينهما يوزع عليهما بالسوية حسب استحقاقهما، و من المعلوم أن استحقاق كل واحد من المقر و المقر له ثلث من الدار و هما قد استفادا من حقهما ربعا اي كل منهما استفاد ربعا فاذا رجع المنكر عن انكاره و اعطى سدسا يقسم بين المقر و المقر له كل منهما يأخذ حصته فيصير المجموع عند كل واحد ثلث

(2) تعليل لكون المنكر ظالما للسدس اى لأن المقر يعتقد أن المقر له يستحق ثلثا من الدار

(3) أى نصفه للمقر، و نصفه للمقر له حتى يكون مجموع حصة كل واحد منهما ثلث كما عرفت

(4) اى السدس الباقي عند المنكر

(5) اى السدس الفاضل الفائت يقسم على المقر و المقر له بالسوية -

ص: 265

على الاستحقاق

و دعوى (1) أن مقتضى الاشاعة تنزيل المقرّ به على ما في يد كل منهما (2) فيكون في يد المقرّ سدس، و في يد المنكر سدس كما (3) لو صرح

+++++++++++

- اى نصفه على المقر له كما عرفت

(1) هذه الدعوى في مقام اثبات السدس للمقر له من المقر لا نصف النصف و هو الربع

و خلاصتها: أن مقتضى اشاعة حق المقر في مجموع الدار أن ينزل المقر به و هو حق المقر له على ما في يد كل من المقر و المنكر اى هذه الخسارة لا بدّ من تقسيمها عليهما فيعطي المقر للمقر له سدسا من النصف أى بقسم النصف أثلاثا فيكون ذا ثلاثة أسداس، فسدس منها يعطى للمقر له لاربع حتى يظلم المقر في حقه، و يبقى سدس آخر للمقر له في ذمة المنكر

(2) كان حق العبارة أن يقال: (في يد كل منا) لا منهما حيث يقصد القائل من كلمة منا نفسه و شريكه، و ضمير التثنية لا ينسجم

لكن النسخ الموجودة عندنا كلها بضمير التثنية

(3) اى كما لو صرح المقر بذلك اى بالسدسين

يروم المدعي أن يشبه ما نحن فيه: و هو أن الثابت في ذمة المقر للمقر له هو السدس، و سدس في ذمة المنكر

و خلاصة التشبيه: أن ما نحن فيه و هو الاقرار بالثلث إنما يثبت السدس نظير التصريح بالسدس من المقر بأن قال: إن لفلان سدسا عندي، و سدسا عند شريكي في هذه الدار

فكما أن هذا التصريح لا يثبت بذمة الصرح سوى السدس

كذلك في صورة اقراره لا يثبت في ذمته سوى السدس، لا الربع الذي هو نصف النصف

ص: 266

بذلك و قال: إن له في يد كل منهما سدسا و اقراره (1) بالنسبة الى ما في يد الغير غير مسموع فلا يجب إلا أن يدفع إليه (2) ثلث ما في يده: و هو السدس المقرّ به و قد تلف السدس الآخر بزعم المقرّ على المقر له بتكذيب المنكر

مدفوعة (3)

+++++++++++

(1) اى و اقرار المقر بأن لزيد في هذه الدار سدسا كما له سدس فيهما لا يقبل، لأنه اقرار في حق الغير

لكن اقراره في حقه مسموع فيعطي لزيد سدسا فلا يجب عليه إلا دفع ثلث ما في يده و هو السدس الى المقر له، حيث إن النصف يقسم ثلاثة أسداس فسدس للمقر له، و سدسان له كما عرفت آنفا

(2) اى الى المقر له

(3) اى هذه الدعوى مدفوعة

من هنا يروم الشيخ أن يفند الدعوى المذكورة و يثبت أن المقر له يعطى له نصف النصف و لا ينزل المقر به على ما في يد كل منهما و لا يقبل إقرار المقر في حق الغير

و خلاصته: أن ما في يد الغير الذي هو شريك المقر ليس عين ماله حتى يتعلق به باقرار المقر شيء فلا يسمع دعواه

فالمقر به عبارة عن الحصة المشاعة بين نصيب المقر، و نصيب شريك المقر حسب زعم المقر

فكما أن حصة كل من المقر و الشريك مشاعة في مجموع النصيبين كذلك حصة المقر له مشاعة في مجموع النصيبين -

ص: 267

بأن ما في يد الغير ليس عين ماله فيكون (1) كما لو أقر شخص بنصف كل من داره و دار غيره

بل هو (2) مقدار حصته المشاعة كحصة المقر و حصة المقرّ له بزعم المقر إلا أنه لما لم يجبر المكذب على دفع شيء مما في يده فقد تلف سدس مشاع يوزع على المقرّ و المقرّ له فلا معنى لحسابه (3) على المقرّ له وحده

إلا (4) على احتمال ضعيف: و هو تعلق الغصب بالمشاع

+++++++++++

- لكن لما كذب الشريك المقر و لم يجبر على دفع شيء مما في يده اصبح السدس التالف مشاعا في حصة المقر و شريكه فيوزع التالف على المقر و المقر له فيختص كل منهما بنسبة حصته فلا معنى لاختصاص التالف بالمقر له

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن ما في يد الغير ليس عين ماله حتى يسمع اقراره في أن ثلث الدار لزيد

اي ففي ضوء ما ذكرنا من كون ما في يد الغير ليس عين ماله يكون ما نحن فيه عين اقرار شخص بأن زيدا له نصف داري، و نصف دار عمرو

فكما أن اقراره بأن نصف دار عمرو لزيد غير مسموع

كذلك اقراره بأن ثلث الدار المشتركة بيني و بين شريكي لزيد غير مسموع

(2) اى المقر به كما عرفت آنفا

(3) اى لحساب السدس و تلفه على المقر له وحده

(4) هذا عدول من الشيخ عما افاده: من توزيع التالف على المقر و المقر له، و عدم اختصاصه بالمقر له

و حاصل العدول: أنه يمكن اختصاص التألف بحق المقر له على احتمال -

ص: 268

..........

+++++++++++

- ضعيف: و هو تعلق الغصب بالمشاع فاذا قلنا بذلك أمكن القول بتوزيع التألف على المقر و المقر له

فرض المسألة هكذا:

كانت دار، أو قرية، أو ضيعة، أو مزرعة، أو غير ذلك من الأعيان مشتركة بين زيد و عمرو بنحو الاشاعة فجاء ظالم فاخرج زيدا من الدار و اخذ حصته فسكن فيها

أو تصرف في الضيعة، أو القرية إما مباشرة، أو تسبيبا: بأن امر أتباعه باخذ حصة زيد من دون قصد الى اخذ حصة عمرو

إما للمودة الحاصلة بينهما، و إما لقوة عمرو في الخارج، أو لغير ذلك من الدواعي

فالغاصب قد تصرف في كل جزء جزء من الدار، أو القرية

فهنا تحقق الغصب من الظالم في الحصة المشاعة من دون توجه منه الى تصرف خصوص جزء معين من بين أجزائها، بل قد يتحقق الغصب بمجرد الاستيلاء على الدار، أو المزرعة

كما لو فرض أن الغاصب لم يدخل الدار، أو القرية بنفسه

لكنه منع المالك من التصرف فيه، و امر أتباعه من استيفاء المنافع فيتحقق الغصب

فما نحن فيه و هو مسألة اقرار احد الشريكين أن ثلث الدار لزيد من قبيل تحقق الغصب في الاشاعة، لأنه على تقرير المقر يكون المقر و الرجل الاخر الذي هو شريكه ظالمين للمقر له، و غاصبين لثلثه، حيث قد اشتركا في غصب الثلث، فعلى المقر بحسب اقراره رفع اليد عن الظلم -

ص: 269

و صحة (1) تقسيم الغاصب مع الشريك فيتمحض ما يأخذه الغاصب للمغصوب منه و ما يأخذه الشريك لنفسه

لكنه (2) احتمال مضعف في محله، و إن قال به، أو مال إليه بعض على ما حكي، للحرج (3)

+++++++++++

- و الغصب، و الرفع لا يتحقق إلا باعطاء حقه

و من الواضح أن ظلمه و غصبه لا يزيد عن السدس، لوضع كل من الشريكين يدهما على النصف فيثبت في ذمة كل منهما سدس للمقر له فلو دفع المقر له الى المقر ثلث ما في يده و هو السدس فقد دفع الى المقر له مقدارا من حقه الذي غصبه منه و اقر له بعدا و بقي سدس في ذمة المنكر فقد توزع المقر به على المقر و المقر له

(1) اى ما نحن فيه و هو الإقرار بأن ثلث الدار لزيد فيكون التالف موزعا على المقر و المقر له من قبيل صحة تقسيم الغاصب مع الشريك

كما لو كانت دار لشخصين بالمناصفة و بالاشاعة

فجاء ظالم فاخرج احد الشريكين من الدار فأسكن مكانه مستأجرا فاخذ مال الاجارة و قسمه بينهما فاخذ الشريك حصته، و اخذ الظالم الغاصب حصته، إلا أن الذي اخذه الظالم يتمحض للمغصوب منه كما أن الذي يأخذه الشريك يتمحض لنفسه، فإنه إن قلنا بصحة هذا التقسيم قلنا بصحة تقسيم السدس الباقي عند المنكر على المقر و المقر له

(2) اى احتمال صحة تقسيم الغاصب ضعيف و إن قال باحتمال صحة تقسيم الغاصب، أو مال إليه صاحب أنوار الفقاهة، و صاحب الجواهر

(3) تعليل لذهاب صاحب الجواهر و أنوار الفقاهة الى صحة تقسيم الغاصب اى الذهاب الى ذلك لأجل أن لا يلزم العسر و الحرج -

ص: 270

أو السيرة (1)

نعم يمكن أن يقال في هذا المقام (2): بأن التلف في المقام حاصل باذن الشارع للمنكر الغاصب لحق المقرّ له باعتقاد المقر، و الشارع إنما اذن له في اخذ ما يأخذه على انه من مال المقر له فالشارع إنما حسب السدس في يد المنكر على المقرّ له فلا يحسب منه على المقرّ شيء

و ليس هذا (3) كاخذ الغاصب جزء معينا من المال عدوانا بدون اذن الشارع حتى يحسب على كلا الشريكين

و الحاصل (4)

+++++++++++

- فانه لو لم يقل بذلك لزم الحرج، حيث إن كثيرا من الناس يظلمون و يغصبون ثم يقسمون

(1) تعليل ثان للذهاب الى صحة تقسيم الغاصب

(2) اى في مقام اقرار احد الشريكين بأن ثلث الدار لزيد يمكن أن يقال: إن تلف السدس الذي انكره الشريك الآخر قد حصل باذن من الشارع الذي اعطاه للمنكر، حيث إن الدار تحت تصرفه و يده فيده يده مالكة، فالشارع اذن للمنكر في اخذ السدس المقر به فهو قد حسب السدس اى تلفه على المقر له.

و أما صدق الغاصب على المنكر فباعتقاد المقر، لا باعتقاد الشارع اذ الشارع حكم بتملك المنكر للسدس بحسب يده عليه

(3) اى و ليس اخذ المنكر الغاصب باعتقاد المقر السدس كاخذ الغاصب جزء معينا من المال عدوانا حتى يحسب على الشريكين، لأن هذا الاخذ ليس باذن من الشارع، بخلاف اخذ المنكر، فإنه باذن من الشارع (4) اى حاصل ما ذكرناه في الاقرار بثلث الدار، و انكار احد الشريكين ذلك

ص: 271

إن اخذ الجزء (1) لمّا كان باذن الشارع و إنما اذن له على أن يكون من مال المقرّ له

و لعله لذا (2) ذكر الأكثر، بل نسبه في الايضاح الى الأصحاب في مسألة الإقرار بالنسب أن احد الاخوين اذا اقر بثالث (3) دفع (4) إليه الزائد عما يستحقه باعتقاده (5): و هو الثلث، و لا يدفع إليه نصف ما في يده (6)، نظرا (7) الى أنه أقرّ بتساويهما في مال المورث، و كل ما حصل كان لهما، و كل ما قوى كذلك. هذا

+++++++++++

(1) و هو السدس الذي انكره الشريك الآخر

(2) اى و لعله لاجل ما ذكره المدعي: من أنه لو اقر شخص بأن نصف الدار المشتركة بينه، و بين شريكه الآخر لزيد فانكر الشريك الاقرار على المقر اعطاء ثلث ما في يده: و هو السدس، حيث يقسم النصف ثلاثة أسداس، لا نصف ما في يده: و هو الربع

(3) اى بأخ ثالث

(4) اى المقر دفع الى المقر له

(5) اى باعتقاد المقر

(6) و هو نصف النصف الذي هو الربع

(7) منصوب على المفعول لاجله فهو علة لإعطاء المقر للمقر له ثلث ما في يده، لا نصف النصف الذي هو الربع

و خلاصة التعليل: أن اعطاء الثلث للمقر له لاجل أن المقر أقر بتساوي الاخ الثالث في تورثه من أبيه اى كل منهما يأخذ ثلثا من الدار و الاخ الثاني ثلثا فيكون المجموع ثلاثة أثلاث، فكل ما حصل يكون لهما و كل ما تلف يكون منهما، و كلمة توى معناها التلف و الهلاك

ص: 272

و لكن لا يخفى ضعف هذا الاحتمال (1) من جهة أن الشارع الزم بمقتضى الاقرار معاملة المقرّ مع المقر له بما يقتضيه الواقع الذي اقرّ به

و من المعلوم أن مقتضى الواقع لو فرض العلم بصدق المقر هو كون ما في يده على حسب اقراره بالمناصفة (2)

و أما المنكر فإن كان عالما فيكون ما في يده مالا مشتركا لا يحل له منه إلا ما قابل حصته عما في يدهما، و الزائد حق لهما (3) عليه

(و أما مسألة الاقرار بالنسب) فالمشهور و إن صاروا الى ما ذكر (4) و حكاه (5) الكليني عن الفضل بن شاذان على وجه الاعتماد، بل ظاهره (6) جعل فتواه كروايته، إلا (7) أنه صرح جماعة

+++++++++++

- فهنا يعطي المقر لأخيه المقر له ثلثا مما في يده و هو يساوي سدسا و يبقى له سدس آخر في ذمة الاخ الثاني فيصير هذا السدس مع السدس المعطى له ثلثا فتساوي حصته مع حصة كل واحد من اخويه

(1) و هو إعطاء المقر للمقر له ثلثا مما في يده يساوي سدسا

(2) و هو نصف النصف الذي يساوي ربعا

(3) اى للمقر و للمقر له

(4) و هو إعطاء المقر المقر له ثلثا مما في يده، لا نصف النصف

(5) اى إعطاء الثلث للمقر له

(6) اى بل ظاهر نقل الكليني فتوى فضل بن شاذان في إعطاء الثلث للمقر له: أنه جعل فتواه في هذا المقام مثل روايته في هذا الباب

(7) من هنا يروم الشيخ أن ينقل عن جماعة ممن تأخروا عن عصر (فضل بن شاذان و الكليني) عطر اللّه مرقدهما خلاف ما ذهب إليه المشهور: من اعطاء الثلث للمقر له، بل لا بدّ من اعطائه نصف ما في يده:

و هو نصف النصف الذي يساوي ربعا

ص: 273

ممن تأخر عنهم بمخالفته (1) للقاعدة حتى (2) قوّى في المسالك الحمل على الإشاعة

و تبعه (3) سبطه و السيد صاحب الرياض في شرحي النافع

و الظاهر أن مستند المشهور (4) بعض الروايات الضعيفة المنجبر

+++++++++++

(1) اى بمخالفة ما ذهب إليه المشهور في الاقرار بالنسب: من اعطاء المقر له ثلثا من حصة المقر: و هو السدس: للقاعدة حيث إن القاعدة تقتضي اعطاء المقر له نصف ما في يده و هو الربع، لا الثلث

(2) هذا ترق من الشيخ يروم به تقوية ما ذهب إليه المشهور اى أن الشهيد الثاني قدس سره قوى في المسالك الذهاب الى الثلث و قال: إنه يحمل الثلث على الاشاعة في مال المقر و المنكر

أليك نص عبارته:

و الاول يعترف بأنهم ثلاثة فليس له إلا ثلثها و يبقى سدس من التركة للثاني ثابت له باعترافه

و ربما قيل بأن النصف يقسم بين الاول و الثالث (الذي هو المنكر) بالسوية

و الأظهر الأول، لأن حق الثاني شائع فيما في يد الأول و الثالث بالسوية فله الثلث من كل منهما

راجع مسالك الأفهام. المجلد الثاني كتاب الاقرار في شرح قول الماتن: اذا اقر ولد الميت

(3) اى و تبع الشهيد الثاني سبطه في مقالته: و هي اعطاء المقر له ثلثا و هو السدس

(4) و هو ذهابهم الى الثلث للمقر له

ص: 274

بعمل أصحاب الحديث كالفضل و الكليني، بل و غيرهما

فروى الصدوق مرسلا و الشيخ مسندا عن وهب بن وهب أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال:

قضى علي عليه السلام في رجل مات و ترك ورثة فاقر احد الورثة بدين على أبيه: أنه يلزم ذلك في حصته بقدر ما ورث و لا يكون ذلك في ماله كله

و إن اقر اثنان من الورثة و كانا عدلين اجيز ذلك على الورثة

و إن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا

و كذلك إن اقر بعض الورثة باخ، أو اخت إنما يلزمه في حصته (1)

و بالإسناد قال: قال علي عليه السلام: من اقر لاخيه فهو شريك في المال، و لا يثبت نسبه

فإن اقر اثنان فكذلك، إلا أن يكونا عدلين فيثبت نسبه و يضرب في الميراث معهم (2)

و عن قرب الإسناد رواية الخبرين عن السندي بن محمد (3)

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 402. الباب 26. الحديث 5

و الشاهد في قوله عليه السلام: و كذلك إن اقر بعض الورثة باخ أو اخت إنما يلزمه في حصته فإن الظاهر من قوله: إنما يلزمه في حصته أن للمقر له ثلث ما ورثه من أبيه اى يقسم ما ورثه أثلاثا: ثلثين له و ثلثا و هو السدس للمقر له، حيث إن له بحسب اقرار المقر ثلثا من اصل التركة و هو يقسم بين المقر و المقر له قد اخذ نصيبه من المقر، و بقي سدسه في ذمة المنكر

(2) المصدر نفسه. الحديث 6

(3) المصدر نفسه الحديث 6

ص: 275

و تمام الكلام في محله من كتاب الاقرار، و الميراث إن شاء اللّه

مسألة: لو باع ما يقبل التملك و ما لا يقبله كالخمر و الخنزير صفقة بثمن واحد صح في المملوك عندنا

(مسألة): لو باع ما يقبل التملك و ما لا يقبله كالخمر و الخنزير (1) صفقة (2) بثمن واحد صح (3) في المملوك عندنا كما في جامع المقاصد و اجماعا كما عن الغنية

و يدل عليه (4) اطلاق مكاتبة الصفار المتقدمة

+++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن الاستدلال بالحديث على المدعى لا يخلو من إشكال بالإضافة الى ضعف سنده

(1) كلاهما مثالان لما لا يقبل الملك

(2) اى صفقة واحدة: بمعنى أنه باعهما دفعة واحدة بعقد واحد من دون أن يكون كل منهما متعلقا بعقد مستقل

(3) اى البيع في المملوك و هو الشاة مثلا، و فسد و بطل في غير المملوك و هو الخنزير

(4) اى و يدل على ما قلناه: من صحة بيع ما يملك مع ما لا يملك في صفقة واحدة اطلاق مكاتبة الصفار المتقدمة في أدلة القائلين ببطلان بيع الفضولي

راجع الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 205 عند قوله: و لما ورد

أليك نص المكاتبة قال كتبت الى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام في رجل باع قرية و إنما له فيها قطاع ارضين فهل يصلح للمشتري ذلك و قد اقر له بكلها؟

فوقّع عليه السلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء على ما يملك

فان اطلاق ما ليس يملك شامل لما ليس قابلا للملك اصلا كما لو كان بعض القرية من قبيل الأعيان الموقوفة، أو كالخمر، و الخنزير

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 252 الباب 2 الحديث 1

ص: 276

و دعوى انصرافه (1) الى صورة كون بعض القرية المذكورة فيها مال الغير ممنوعة (2)

بل لا مانع (3)

+++++++++++

(1) اى انصراف مكاتبة الصفّار

خلاصة هذه الدعوى أن المكاتبة لا تدل على المدعى: و هو صحة البيع فيما يملك و عدمها فيما لا يملك اصلا و ابدا حيث إنها منصرفة الى بيع مال الغير مع مال نفسه فلا شمول لها لبيع ما لا يملك أصلا و أبدا، اذ بيع مال الغير يمكن فيه الاجازة، أو تملكه بالارث

بخلاف الخمر و الخنزير، فانهما ليسا قابلين للملك اصلا

(2) اى دعوى المذكورة ممنوعة من جهات ثلاث:

(الاولى): أن الامام عليه السلام في مقام الجواب الكلي لا في مقام خصوص المورد: و هو الجواب عن البائع الذي باع قرية له فيها قطاع ارضين أى ليست القرية كلها له، بل قطعة منها له، و الباقي للآخرين

(الثانية): أن الصيغة في قوله عليه السلام: لا يملك أن تقرأ بصيغة المجهول، فإنه حينئذ تكون دلالتها على المطلوب أظهر

(الثالثة): على فرض تسليم كون جواب الامام عليه السلام في خصوص المورد الذي عرفته في الجهة الاولى فلا وجه للانصراف أيضا لعدم وجود أدلة الانصراف هنا

(3) أى لا مانع لدينا من اجراء العمومات المتقدمة في مسألة ما لو باع الفضولي مال غيره مع مال نفسه المشار إليها في ص 230

فكل ما قلناه هناك في صحة المسألة يأتي هنا أيضا من دون فرق بينهما

ص: 277

من جريان قاعدة الصحة، بل اللزوم (1) في العقود عدا ما يقال: من أن التراضي و التعاقد إنما وقع على المجموع (2) الذي لم يمضه الشارع قطعا، فالحكم بالامضاء في البعض (3) مع عدم كونه (4) مقصودا إلا في ضمن المركب (5) يحتاج (6) الى دليل آخر غير ما دل على حكم العقود و الشروط و التجارة عن تراض، و لذا (7) حكموا بفساد العقد بفاسد شرطه، و قد نبه عليه في جامع المقاصد في باب فساد الشرط، و ذكر أن في الفرق بين فساد

+++++++++++

(1) اى بل لا مانع من اجراء قاعدة اللزوم الجارية في العقود هنا

(2) و هو بيع ما يملك و بيع ما لا يملك

(3) و هو بيع ما يملك

(4) اى مع عدم كون البعض و هو بيع ما يملك مقصودا بالذات بل يقصد في ضمن المجموع: و هو بيع ما يملك و بيع ما لا يملك فيلزم على هذا أن ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد فتكون العقود غير تابعة للمقصود

(5) و قد عرفته في الهامش 2

(6) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله: فالحكم

و خلاصة المعنى: أن الحكم بامضاء هذا العقد و صحته في الجزء و هو بيع ما يملك مع أنه ليس بمقصود، اذ المقصود هو المجموع المركب الذي هو بيع ما يملك و ما لا يملك و الذي وقع العقد عليه: محتاج الى دليل آخر غير دليل العقود و الشروط و تجارة عن تراض، فإنها لا تدل على صحة مثل هذا العقد المركب من جزءين: احدهما صحيح و هو ما يملك، و الآخر غير صحيح و هو ما لا يملك

(7) أى و لأجل احتياج مثل هذا الإمضاء في الصحة الى دليل آخر

ص: 278

الشرط و الجزء (1) عسرا

و تمام الكلام في باب الشروط

و يكفي هنا الفرق (2) بالنص و الاجماع

نعم ربما يقيد الحكم (3) بصورة جهل المشتري، لما (4) ذكر في المسالك وفاقا للمحكي في التذكرة عن الشافعي من (5) جهة إفضائه

+++++++++++

(1) كما هنا: بأن يقال: إن الجزء الفاسد في العقد لا يكون مفسدا للعقد

(2) اى الفرق بين الجزء الفاسد بعدم كونه مفسدا للعقد و بين الشرط الفاسد الذي يكون مفسدا للعقد هو النص و الاجماع

أما النص فهي صحيحة الصفار المتقدمة في ص 276

(3) و هو صحة البيع فيما يملك، و بطلانه فيما لا يملك اذا كان المشتري جاهلا بأن قسما من المبيع لا يملك، لا ما اذا كان عالما، فإنه في هذه الصورة لا يمكن القول بالصحة، لأن البيع يكون بيعا غرريا يتعلق النهي به

فالصحة مقيدة بقيد الجهل، لا مطلقا

(4) تعليل لتقييد الحكم بصورة جهل المشتري

و خلاصته: أنه لو لم تقيد صحة البيع فيما يملك بصورة جهل المشتري بعدم تملك بعض المبيع لانجر الى الجهل بمقدار من الثمن الذي يقع ازاء ما يملك، لأنه لا يعلم المشتري اى مقدار من الثمن يقع إزاء المملوك و أي مقدار منه يقع ازاء غير المملوك مع أن العلم بمقدار الثمن شرط من شرائط العوضين

(5) كلمة من بيان لما ذكره الشهيد الثاني في المسالك -

ص: 279

الى الجهل بثمن المبيع

قال في التذكرة بعد ذلك (1): و ليس عندي بعيدا من الصواب الحكم بالبطلان فيما اذا علم المشتري حرية الآخر (2)، أو كونه (3) مما لا ينقل إليه، انتهى

و يمكن دفعه (4)

+++++++++++

- و مرجع الضمير في افضائه علم المشتري

و خلاصة ما ذكره في المسالك هو أنه لو لم تقيد صحة البيع فيما يملك بصورة جهل المشتري و قلنا بصحة البيع و ان كان المشتري عالما بعدم تملك البعض لانجر و افضى الى الجهل بمقدار الثمن الذي يقع ازاء المبيع الذي يملك، لأن علم المشتري بعدم تملك بعض المبيع ينافي عدم امضاء الشارع للمبيع الذي في المجموع المركب الذي وقع العقد عليه، فلا بد حينئذ من قصد المملوك فقط حتى يمضيه الشارع

و إذا قلنا بقصد المملوك فقط فقد أتى إشكال الجهل بمقدار الثمن الواقع ازاء ما يملك مع أن العلم بمقدار الثمن من شروط العوضين في العقد فلا بد حينئذ من القول ببطلان البيع

(1) أي بعد أن قلنا: إن العلم بعدم تملك بعض المبيع يفضي الى الجهل بالثمن اذا لم نقيد صحة البيع بصورة جهل المشتري

(2) فيما اذا باع البائع عبدا و حرا و علم المشتري بذلك

(3) اى المبيع مما لا ينقل الى المشتري: بأن لا يملك كما في ما نحن فيه حيث إن الخمر و الخنزير مما لا يملكان

(4) اى دفع إشكال العلامة: من أن علم المشتري بعدم تملك بعض المبيع يفضي الى الجهل بمقدار الثمن الواقع إزاء ما يملك -

ص: 280

بأن اللازم هو العلم بثمن المجموع (1) الذي قصد الى نقله عرفا و إن علم الناقل بعدم امضاء الشارع له، فان (2) هذا العلم غير مناف لقصد النقل حقيقة

فبيع (3) الغرر المتعلق لنهي الشارع و حكمه عليه بالفساد هو ما كان

+++++++++++

- و الباء في بأن اللازم بيان لكيفية الدفع عن الإشكال

و خلاصتها: أن الثابت و الواجب في العلم بالعوضين هو العلم بثمن مجموع ما يملك و ما لا يملك، لا بكل واحد منهما أى مما يملك، و مما لا يملك و العلم بالمجموع حاصل من بادئ الامر عرفا، فلا يلزم الجهل بمقدار من الثمن الواقع ازاء ما يملك، و إن كان الناقل و هو المشتري الذي ينقل ماله و هو الثمن الى البائع يعلم بعدم امضاء الشارع لهذه المعاوضة له في جانب ما لا يملك

(1) و هو ما يملك و ما لا يملك كما عرفت

(2) هذا رد للمنافاة المذكورة في الهامش من ص 280

و خلاصته: أنه لا منافاة بين علم المشتري بعدم تملك بعض المبيع، و بين عدم امضاء الشارع مجموع البيع المركب

و على فرض المنافاة و التسليم له نمنع اقتضاء المنافاة قصد بيع المملوك خاصة المنجر هذا القصد الى الجهل بمقدار الثمن الواقع ازاء ما يملك الموجب هذا الجهل الى بطلان البيع في صورة علم المشتري؛ فلا يكون البيع بيعا غرريا حتى يشمله نهي الشارع و يكون فاسدا

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم كون البيع بيعا غرريا اذا كان المشتري عالما بمجموع الثمن

ص: 281

غررا في نفسه، مع قطع النظر عما يحكم عليه من الشارع، مع (1) أنه لو تم ما ذكر لاقتضى صرف مجموع الثمن الى المملوك، لا البطلان، لأن (2) المشتري القادم على ضمان المجموع بالثمن مع علمه بعدم سلامة البعض له قادم على ضمان المملوك وحده بالثمن كما صرح به الشهيد في محكي الحواشي المنسوبة إليه، حيث قال: إن هذا الحكم (3) مقيد بجهل المشتري بعين المبيع و حكمه، و إلا (4) لكان البذل (5) بإزاء المملوك، ضرورة (6)

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر على ما افاده العلامة قدس سره: من أنه لو لم نقيد الحكم بالجهل لأدى الى الجهل بالثمن

و خلاصته: أنه لو كان ما افاده العلامة من افضاء العقد الى الجهل بالثمن لو لم يقيد الحكم بالجهل و كان عالما بان بعض المبيع لا يملك تماما لاقتضى صرف مجموع الثمن الذي وقع ازاء ما يملك و ما لا يملك الى المملوك لا القول ببطلان العقد من رأسه و اساسه

(2) تعليل لعدم افضاء العقد الى البطلان رأسا

(3) و هو صحة البيع فيما يملك، و بطلانه فيما لا يملك

(4) أى و لو كان المشتري عالما بكون بعض المبيع مما لا يملك

(5) و هو مجموع الثمن الذي دفعه المشتري لشراء ما يملك و ما لا يملك في صورة علمه بعدم تملك قسم من المبيع

فكلام الشهيد صريح بوقوع مجموع الثمن ازاء ما يملك لا بطلان العقد من رأسه و اساسه

(6) تعليل لوقوع تمام البذل ازاء المملوك في صورة علم المشتري بعدم تملك قسم من المبيع

ص: 282

ان القصد الى الممتنع (1) كلا قصد، انتهى

لكن ما ذكره (2) رحمه اللّه مخالف لظاهر المشهور، حيث حكموا بالتقسيط و إن كان (3) مناسبا لما ذكروه في بيع مال الغير من العالم: من عدم رجوعه بالثمن الى البائع، لأنه سلّطه عليه مجانا، فان مقتضى ذلك (4)

+++++++++++

(1) و هو عدم تملك قسم من المبيع

(2) من هنا يروم الشيخ أن يورد على العلامة فيما افاده: من بطلان البيع فيما يملك، و ما لا يملك في صورة علم المشتري بعدم تملك بعض المبيع، و عدم البطلان في صورة جهله

و خلاصته: أن الفرق المذكور مخالف لما ذهب إليه المشهور:

من صحة البيع فيما يملك و فيما لا يملك مطلقا، سواء أ كان المشتري عالما بعدم تملك بعض المبيع، أم جاهلا به، و حكموا بأن الثمن المدفوع ازاء الجميع يقسط عليهما: بأن يقع قسم منه ازاء ما يملك، و قسم منه ازاء ما لا يملك

(3) أى ما ذكره العلامة في التذكرة: من الفرق بين علم المشتري فقال بالبطلان

و بين جهله فقال بالصحة

خلاصة هذا الكلام أن ما ذكره العلامة: من الفرق مناسب لما ذهب إليه المشهور في بيع مال الغير فضولة، من عدم رجوع المشتري العالم بالغصبية على البائع في الثمن، لأنه سلّطه على الاتلاف لو تلف

(4) اى مقتضى هذا الكلام من المشهور في عدم رجوع المشتري على البائع مال الغير فضولة مع علم المشتري بالغصب: أن المشتري العالم بعدم تملك بعض المبيع ليس له حق الرجوع بقسط من الثمن ازاء ما لا يملك

ص: 283

عدم رجوع المشتري بقسط غير المملوك.

إما (1) لوقوع المجموع في مقابل المملوك كما عرفت من الحواشي

و إما (2) لبقاء ذلك القسط له (3) مجانا كما قد يلوح من جامع المقاصد و المسالك

إلا (4) أنك قد عرفت أن الحكم هناك لا يكاد ينطبق على القواعد

ثم إن طريق تقسيط الثمن على المملوك و غيره (5) يعرف مما تقدم

+++++++++++

إذا فما افاده المشهور: من عدم الفرق بين المشتري العالم بعدم تملك بعض المبيع، و بين المشتري الجاهل: في صحة البيع في الصورتين غير مفيد

فما ذهب إليه العلامة في التذكرة: من الفرق هو الحق

(1) هذا في الحقيقة احد فردي التعليل لعدم رجوع المشتري العالم بعدم تملك بعض المبيع بقسط من الثمن، اى عدم الرجوع إما لاجل هذا

(2) هذا هو الفرد الثاني من التعليل

(3) أي للبائع

(4) رجوع عما افاده: من أن ما ذكره العلامة: من بطلان البيع في صورة علم المشتري بعدم تملك بعض المبيع مناسب لما ذكره المشهور في بيع مال الغير: من عدم حق رجوع المشتري في الثمن على البائع في صورة علمه بالغصب

و خلاصته: أنك قد عرفت في ص 178 عند قوله: قلت: الضمان كون الشيء في عهدة الضامن

(5) اى و غير المملوك كالخمر و الخنزير

ص: 284

في بيع ماله مع مال الغير: من أن العبرة بتقويم كل منهما منفردا، و نسبة قيمة المملوك الى مجموع القيمتين (1)

لكن الكلام هنا (2) في طريق معرفة قيمة غير المملوك

و قد ذكروا أن الحر (3) يفرض عبدا بصفاته و يقوم.

+++++++++++

(1) و هما: قيمة المملوك و غير المملوك

(2) اى في باب بيع ما يملك مع ما لا يملك و هما: الخمر مع الخل أو الخنزير مع الشاة، أو الحر مع العبد

(3) من هنا اخذ الشيخ في معرفة طريق تقسيط الثمن على ما يملك و ما لا يملك فقال:

ذكر الفقهاء في تقسيط ذلك أن الحر يفرض عبدا بصفاته

خلاصة الكلام أنه لو كان عبد موجودا و له من صفات الكمال الخياطة و الكتابة و الحياكة و الصياغة و الزراعة و غيرها من الصفات الكمالية الموجبة لازدياد قيمته، و التي تسبب رغبة الناس في شرائه، و يبذل المال بإزائها أكثر مما يبذل ازاء عبد فاقد لتلك الصفات فبيع مع حر هكذا كانت صفاته بمبلغ قدره الف دينار، و كان المشتري جاهلا بكون احد المبيعين و هو الحر حرا لا يملك فاختار المشتري البيع على الفسخ و إن كان له الفسخ، لتبعض الصفقة

فهنا وقع الثمن و هو الف دينار ازاء العبد و الحر اى وقع ازاء كل واحد خمسمائة دينار على السوية، لما بهما من الصفات حذو النعل بالنعل

فيأخذ المشتري من الثمن: و هو الف دينار جزء منه و هو النصف الذي كان خمسمائة دينار، لأن نسبة هذا الجزء الى الثمن النصف فيسترد المشتري من المسمى خمسمائة دينار -

ص: 285

و الخمر و الخنزير يقومان بقيمتهما عند من (1) يراهما مالا و يعرف تلك القيمة بشهادة عدلين (2) مطلعين على ذلك، لكونهما (3) مسبوقين بالكفر أو مجاورين للكفار

و يشكل (4) تقويم الخمر و الخنزير بقيمتهما اذا باع الخنزير بعنوان أنه شاة، و الخمر بعنوان أنها خلّ فبان الخلاف

بل جزم بعض هنا بوجوب تقويمهما قيمة الخل و الشاة كالحر

+++++++++++

- و هكذا لو قوّم الحر ستّمائة دينار، و العبد ثلاثمائة دينار و قد اشتريا بتسعمائة دينار

فيأخذ المشتري من الثمن: ثلثيه و هو ستمائة دينار لأن نسبة هذا الجزء الى اصل الثمن ثلثان

(1) و هم المنتحلون الى غير دين الاسلام من بقية الأديان

(2) المراد من العدلين العدلان في دين من يستحل الخمر و الخنزير كما يصرح الشيخ بذلك في قوله: لكونهما مسبوقين بالكفر، فإن هذه الجملة تدل على ما قلناه، اذ كان الشاهدان كافرين و كانا مطلعين على قيمة الخمر و الخنزير ثم اسلما و صارا من العدول

(3) تعليل لكون العدلين لا بدّ أن يكونا مطلعين على قيمة الخمر اى اطلاع العدلين على القيمة إما لاجل أنهما كانا مسبوقين بالكفر:

بأن كانا كافرين ثم اسلما أو كانا مجاورين لحدود الكفار فاطلعا على قيمة

هذا بناء على أن المراد من العدلين العدلان من المسلمين فحينئذ فرضه يكون بمجاورتهما للكفار

(4) المقصود من الإشكال هو أن التقويم المذكور إنما يصح لو كان البائع عالما بكون المبيع خمرا، أو خنزيرا -

ص: 286

مسألة في ولاية الأب و الجدّ

(مسألة) يجوز للاب و الجد (1) ان يتصرفا في مال الطفل بالبيع و الشراء

+++++++++++

- أما في صورة جهله بذلك و أنه باع الخمر بعنوان الخل، أو الخنزير بعنوان الشاة فيشكل حينئذ معرفة الطريق المذكور في تقويم الخمر و الخنزير

(1) اى الجد للاب

اعلم أنه كما يصح العقد من المالك

كذلك يصح من القائم مقامه

و القائم مقامه حسب ما يستفاد من الاخبار سبعة:

الأب و الجد للاب، و الوصي من قبل الأب، أو الجد، و الوكيل من المالك، أو من قبل من له الولاية، و الحاكم الشرعي عند فقدان الاربعة المتقدمة، و امينه المنصوب من قبله لذلك، أو للأعم، و عدول المؤمنين عند تعذر وجود الحاكم، أو تعذر الوصول إليه

و بحكم الحاكم المقاص الذي يطلب شخصا و هو ينكر الدين، فإنه يجوز له أن يأخذ بمقدار حقه من المدين: بأن يتصرف في أمواله

فيجوز لهؤلاء - تولي طرفي العقد

اذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا إشكال في أن مقتضى الاصل الاولي عدم سلطنة احد على غيره، لا في النفس، و لا في المال

لكنه خرج عن هذا الاصل ولاية الأب و الجد للاب على الصغير بلا إشكال

كما أنه لا إشكال في عدم ولاية الأب و الجد للاب على الكبير العاقل الرشيد

و قد وقع الخلاف من الفقهاء في ولايتهما على السفيه و المجنون -

ص: 287

و يدل عليه قبل الاجماع الأخبار المستفيضة المصرّحة في موارد كثيرة (1)

و فحوى (2) سلطنتهما على بضع البنت في باب النكاح

و المشهور عدم اعتبار العدالة للاصل (3)، و الاطلاقات (4)

+++++++++++

- قال بعض بثبوت ولايتهما عليهما اذا بلغ الطفل مجنونا، أو سفيها

و قال آخرون بثبوت ولايتهما عليهما مطلقا، سواء اتصل جنونه أو سفهه ببلوغه أم لا

(1) و هي الأخبار الآتية التي يذكرها الشيخ قدس سره في ثنايا البحث عن ولاية الأب و الجد و الفقيه و عدول المسلمين

(2) اى و يدل على جواز تصرف الأب و الجد للاب مفهوم سلطنة الأب و الجد للاب على بضع البنت، فانه اذا جاز تسلطهما على البضع فبطريق أولى يجوز تسلطهما على مال الطفل

أليك النص الوارد في التسلط على البضع

عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصبية يزوجها ابوها ثم يموت و هي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج، أو الامر إليها؟

قال: يجوز عليها تزويج ابوها

راجع المصدر نفسه. الجزء 14. ص 207. الباب 6. الحديث الاول

(3) المراد من الاصل هنا الاصل العدمي المعبر عنها بأصالة البراءة اى عند الشك في اعتبار العدالة في الأب و الجد للاب على الطفل نجري عدم اعتبارها

(4) اى و للاطلاقات الآتية قريبا، فانها خالية عن اعتبار العدالة في الأب و الجد

ص: 288

و فحوى (1) الاجماع المحكي عن التذكرة على ولاية الفاسق في التزويج خلافا للمحكي عن الوسيلة و الايضاح فاعتبراها (2) فيهما مستدلا (3) في الاخير بأنها ولاية على من لا يدفع عن نفسه و لا يصرف عن ماله

و يستحيل من حكمة الصانع أن يجعل الفاسق امينا تقبل اقراراته و اخباراته عن غيره مع (4) نص القرآن على خلافه. انتهى

+++++++++++

(1) اى و لمفهوم الاجماع القائم على ولاية الفاسق اذا كان أبا، أو جدا في تزويج الصغيرة

فاذا كان التزويج الذي هو من العقود المهتم به في الاسلام اهتماما بالغا، حيث منه النسل، و إباحة الفراش اهتماما بالغا يجوز فيه تولي الفاسق فبطريق أولى يجوز توليه في بقية العقود: من البيع و الشراء

(2) اى العدالة في الأب و الجد له

(3) اى صاحب الإيضاح قد استدل في كتابه على اعتبار العدالة في الأب و الجد للاب

خلاصة ما افاده في هذا المقام: أن ولاية الأب و الجد على الصغير هو التصرف في شئونه: من الدفاع عن نفسه، و التصرف في أمواله حيث لا يتمكن الصغير عن كل ذلك فلا بد أن يكون المتولي على الصغير شخصا أمينا ورعا له ملكة كف النفس عن المحارم، و الفاسق ليس بامين فلا تقبل اقراراته في حق غيره، و كذا اخباراته

(4) هذا من متممات دليل صاحب الايضاح على اعتبار العدالة في الأب و الجد له اى و لنا بالإضافة على أن الفاسق ليس بامين فلا يصلح لتوليه على الصغير: أن نص القرآن الكريم على خلافه حيث يقول عزّ من قائل: وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ

هود: الآية 114

ص: 289

و لعله اراد (1) بنص القرآن آية الركون الى الظالم التي أشار إليها في جامع المقاصد

و في دلالة الآية (2) نظر

و أضعف منها (3) ما ذكره في الايضاح: من الاستحالة

+++++++++++

(1) اى صاحب الايضاح اراد من نص القرآن الآية الكريمة المشار إليها في الهامش 4 ص 289

(2) اى في دلالة الآية الشريفة المشار إليها في الهامش 4 ص 289

على المدعى: و هو اعتبار العدالة في الأب و الجد للاب نظر و إشكال حيث إن الآية الشريفة ناظرة الى ركون الانسان و اعتماده على حكام الجور و الظلم في ظلمهم، أو على مساعدتهم في أعمالهم: بأن يعدّ الانسان من عمالهم

و مجرد نفوذ تصرفات الأب الفاسق في مال ابنه عقدا أو ايقاعا لا يعدّ ركونا الى الظالم، و لو كان مجرد هذا يعدّ ركونا إليه لعد التعامل مع الظالم بالبيع و الشراء ركونا إليه و فاسدا مع أنه ليس كذلك

و قد عرفت في الجزء الاول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الهامش 2-3-4-5-6 ص 34 تفصيل ذلك فراجع

(3) اى و أضعف من الآية في دلالتها على اعتبار العدالة في الأب و الجد للاب الاستدلال بالاستحالة العقلية: و هي قوله في الايضاح آنفا:

و يستحيل من حكمة الصانع أن يجعل الفاسق امينا على الطفل تقبل اقراراته و إخباراته

وجه الأضعفية أنه كيف يمكن القول بالاستحالة العقلية و قد وقعت نظائر تولية الفاسق على الاموال في الخارج و ما أكثرها

ص: 290

اذ المحذور (1) يندفع كما في جامع المقاصد: بأن (2) الحاكم متى ظهر عنده بقرائن الأحوال اختلال حال الطفل عزله و منعه من التصرف في ماله و اثبات اليد عليه و ان لم يظهر خلافه فولايته (3) ثابتة و ان لم يعلم (4) استعلم حاله بالاجتهاد، و تتبع سلوكه، و شواهد أحواله انتهى (5)

و هل يشترط في تصرفه (6) المصلحة، أو يكفي عدم المفسدة أم لا يعتبر شيء

+++++++++++

(1) و هو جعل الباري عز و جل الفاسق أمينا على الصغير تقبل اقراراته و اخباراته في حقه

(2) الباء بيان لكيفية الاندفاع

و خلاصتها: أنه بمجرد الاكتشاف لدى الحاكم الشرعي أن الأب أو الجد للاب قد اخلا في مال الصغير يعزله و ينصب غيره وليا عليه فلا يلزم المحذور المذكور ابدا

(3) اى ولاية الأب أو الجد الفاسق

(4) اى الحاكم الشرعي إن لم يظهر له اخلال الأب الفاسق في مال الصغير يمكنه ذلك باستعلام حاله بسبب الفحص و التحقيق عنه في الخارج فتتبين له حينئذ كيفية سلوك الفاسق و تصرفاته في مال الصغير

فالخلاصة أن اكتشاف حال الأب الفاسق المتولي على مال الصغير ليس بامر صعب مشكل حتى يقال: إنه مستحيل من حكمة الصانع أن يجعل الفاسق امينا على الصغير تقبل اقراراته و إخباراته في حقه

(5) اى ما افاده في الايضاح

(6) اى في تصرف الولي الفاسق

ص: 291

وجوه يشهد للاخير (1) اطلاق ما دل على أن مال الولد للوالد كما في رواية سعد بن يسار، و أنه و ماله لابيه كما في النبوي المشهور (2)

و صحيحة ابن مسلم أن الوالد يأخذ من مال ولده ما شاء (3)

و ما في العلل عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام من ان علة تحليل مال الولد لوالده أن الولد موهوب للوالد في قوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ اَلذُّكُورَ (4)

+++++++++++

(1) و هو عدم اعتبار شيء في تصرف الولي الفاسق، لا المصلحة و لا عدم المفسدة

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 195. الباب 78.

الحديث 5

(3) (المصدر نفسه). ص 194. الحديث 1

(4) (المصدر نفسه). ص 197. الباب 78. الحديث 9

و الآية في سورة الشورى: الآية 49-50

هذه الأحاديث التي ذكرها الشيخ كلها تدل على عدم اعتبار شيء في تصرف الولي الفاسق على مال الصغير

أليك نص الحديث الاول. ص 194. الباب 78

عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحتاج الى مال ابنه

قال: يأكل منه ما شاء من غير سرف

و قال: في كتاب علي عليه السلام إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا باذنه و الوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء، و له أن يقع على جارية ابنه اذا لم يكن الابن وقع عليها. -

ص: 292

و يؤيده (1) أخبار جواز تقويم جارية الابن على نفسه

لكن الظاهر منها تقييدها (2) بصورة حاجة الأب كما يشهد له (3) قوله عليه السلام في رواية الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما يحل للرجل من مال ولده؟

قال: قوته بغير سرف اذا اضطر إليه قال: فقلت له: فقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله للرجل الذي اتاه فقدم اباه فقال له: انت و مالك لأبيك فقال: إنما جاء بابيه الى النبي صلى اللّه عليه و آله فقال يا رسول اللّه هذا أبي و قد ظلمني ميراثي عن امي فاخبره الأب أنه قد انفقه عليه، و على نفسه

+++++++++++

- و ذكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال لرجل: انت و مالك لأبيك

(1) اى و يؤيد عدم اشتراط المصلحة أخبار جواز تقويم جارية الابن

(2) اى تقييد أخبار جواز تقويم جارية الابن

راجع (المصدر نفسه). ص 198. الباب 79. الحديث 1-2 أليك نص الحديث الاول

عن الحسن المحبوب قال: كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه السلام إني كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها و في بيت زوجها فرجعت إليّ هي و الجارية

أ فيحل لي أن اطأ الجارية؟

قال: قوّمها قيمة عادلة و اشهد على ذلك، ثم إن شئت فطأها

ففي هذا الحديث ليس اعتبار شيء: من المصلحة أو عدم المفسدة أو عدم اعتبار شيء آخر

(3) اى لهذا التقييد: و هو تقييد أخبار جواز تقويم جارية الابن بصورة حاجة الأب

ص: 293

فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: انت و مالك لابيك و لم يكن عند الرجل شيء أو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يحبس الأب للابن؟ (1)

و نحوها صحيحة ابي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لرجل انت و مالك لابيك

ثم قال ابو جعفر عليه السلام: ما احب أن يأخذ من مال ابنه إلا ما احتاج إليه مما لا بدّ منه ان اللّه لاٰ يُحِبُّ اَلْفَسٰادَ (2)

فإن (3) الاستشهاد بالآية (4) يدل على إرادة الحرمة من عدم الحب دون الكراهة، و أنه لا يجوز له التصرف بما فيه مفسدة للطفل

هذا (5) كله

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه). ص 196. الباب 78. الحديث 8

(2) (المصدر نفسه). ص 195. الباب 78. الحديث 2

(3) تعليل لتقييد صورة جواز التصرف في مال الطفل بصورة احتياج الأب الى المال

(4) و هو قوله تعالى: و اللّه لا يحب الفساد

فهذان الحديثان قيدا جواز التصرف في مال الابن بصورة احتياج الأب الى المال، لا مطلقا و إن لم يكن محتاجا

و لا سيما استشهاد الامام عليه السلام بالآية دليل على إرادة حرمة التصرف في مال الصغير في صورة عدم الاحتياج، فان كلمة لا احب تدل على إرادة الحرمة في صورة عدم الاحتياج، لا الكراهة، و أنه لا يجوز للاب التصرف في مال الطفل اذا كانت في التصرف مفسدة للطفل تضر بحاله

(5) اى ما تلوناه عليك من الأخبار على اختلافها

ص: 294

مضافا الى عموم قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فإن اطلاقه يشمل الجد، و يتم في الأب بعدم الفصل

و مضافا (1) الى ظهور الاجماع على عدم اعتبار المفسدة بل في مفتاح الكرامة استظهر الاجماع تبعا لشيخه في شرح القواعد على اناطة (2) جواز تصرف الولي بالمصلحة و ليس (3) ببعيد

+++++++++++

و من الاستشهاد بآية و اللّه لا يحبّ الفساد البقرة: الآية 205

إن لم يكف في المقام لنا بالإضافة على ذلك دليل آخر: و هو العموم الوارد في قوله تعالى:

وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

هود: الآية 153

فالنهي هنا مطلق يشمل حتى الجد للاب اي لا يجوز لاحد أن يتقرب الى مال اليتيم و يدنو إليه و يتصرف فيه إلا بالوجه الحسن الذي ليس فيه مفسدة

و من الواضح التصرف في مال اليتيم من قبل الجد في صورة عدم الحاجة إليه مفسدة ليس فيه مصلحة

و يتم هذا الدليل في الأب أيضا من دون قول بالفصل

(1) اى و لنا دليل آخر على جواز تصرف الجد و الأب في مال الصغير عند الحاجة إليه: و هو الاجماع القائم على اعتبار عدم المفسدة في تصرف مال الصغير

(2) اى على توقف التصرف في مال اليتيم على المصلحة

(3) هذا كلام الشيخ اى توقف التصرف على المصلحة ليس ببعيد

ص: 295

فقد صرح به (1) في محكي المبسوط، حيث قال: و من يلي امر الصغير و المجنون خمسة:

الأب و الجد و وصي الأب، و الجد، و الحاكم، و من يأمره (2)

ثم قال: و كل هؤلاء الخمسة لا يصح تصرفهم إلا على وجه الاحتياط و الحظّ (3) للصغير، لأنهم (4) إنما نصبوا لذلك فاذا تصرف فيه على وجه لاحظ فيه كان باطلا، لأنه خلاف ما نصب له انتهى (5)

و قال الحلي في السرائر: لا يجوز للولي التصرف في مال الطفل الا بما يكون فيه صلاح المال و يعود نفعه الى الطفل، دون المتصرف فيه (6)

و هذا (7) هو الذي يقتضيه اصول المذهب. انتهى

و قد صرح بذلك (8) أيضا المحقق و العلامة و الشهيدان و المحقق الثاني و غيرهم

بل في شرح الروضة للفاضل الهندي أن المتقدمين عمموا الحكم (9)

+++++++++++

(1) اى بتوقف التصرف على المصلحة

(2) أى و من بأمره الحاكم الشرعي على الصغير

(3) و هي المصلحة للصغير

(4) تعليل لتوقف التصرف على المصلحة، اي لأن هؤلاء الخمسة إنما نصبوا على الصغير لأجل وجود المصلحة و الحظ

(5) اى ما افاده الشيخ في المبسوط على ما حكي عنه

(6) و هو الولي

(7) اى وجود المصلحة في توقف التصرف على المصلحة

(8) اى يتوقف التصرف في مال الصغير على المصلحة

(9) و هو جواز التصرف في مال اليتيم مقيدا بالمصلحة من دون -

ص: 296

باعتبار المصلحة من غير استثناء و استظهر في مفتاح الكرامة من عبارة التذكرة في باب الحجر نفي الخلاف في ذلك (1) بين المسلمين

و قد حكي عن الشهيد في حواشي القواعد أن قطب الدين قدس سره نقل عن العلامة رحمه اللّه أنه لو باع الولي بدون ثمن المثل لم لا ينزل (2) منزلة الإتلاف بالاقتراض، لأنا قائلون بجواز اقتراض ماله (3) و هو يستلزم جواز اتلافه قال (4) و توقف زاعما أنه لا يقدر على مخالفة الاصحاب هذا (5)

+++++++++++

- استثناء لاحد فقولهم هذا يشمل الجد، و الأب يتم فيه بعدم القول بالفصل

(1) اى قال: إنه لا خلاف بين الطائفة في توقف جواز التصرف في مال الصغير على المصلحة

(2) اى قال العلامة: إن بيع الولي مال الصغير بدون ثمن المثل لم لا ينزّل منزلة الاتلاف حتى يقال بجوازه

كما في اقتراض الولي من مال الصغير: حيث إنه جائز، مع احتمال أن المقترض لا يدفع الدين و هو مستلزم للاتلاف

فكما أن الاقتراض جائز و هو مستلزم للاتلاف كذلك بيع الولي مال الصغير بغير ثمن المثل جائز و ينزل هذا الاتلاف منزلة الاتلاف في الاقتراض بمال الصغير

(3) اى مال الصغير

(4) اى قطب الدين قال: و توقف العلامة في تصرف مال الصغير بالبيع بدون وجود مصلحة

(5) اى خذ ما تلوناه عليك حول جواز تصرف الولي في مال الصغير

ص: 297

و لكن (1) الأقوى كفاية عدم المفسدة، وفاقا لغير واحد من الأساطين الذين عاصرناهم، لمنع دلالة الروايات (2) على أكثر من النهي عن الفساد فلا تنهض لدفع دلالة المطلقات المتقدمة (3) الظاهرة في سلطنة الوالد على الولد و ماله

و أما الآية (4) الشريفة فلو سلم (5) دلالتها فهي مخصّصة بما دل على ولاية الجد، و سلطته الظاهرة في أن له أن يتصرف في مال الطفل بما ليس فيه مفسدة له فإن (6) ما دل على ولاية الجد في النكاح معللا بأن البنت و اباها للجد (7)

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يثبت انحصار جواز التصرف في مال اليتيم في عدم وجود المفسدة، سواء أ كانت هناك مصلحة أم لا

فوجود المصلحة منفي عن مفهوم تصرف الأب و الجد للاب في مال الصغير و خارج عن موضوعه

(2) و هي رواية الحسين بن أبي العلاء، صحيحة أبي حمزة الثمالي

(3) و هي التي اشير إليها في ص 292

(4) و هي قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

(5) اى على فرض تسليم دلالة الآية على ان التصرف لا بدّ أن يكون مع المصلحة فنقول: إنها مخصصة بالخبر الوارد في مضي النكاح الجد للصغيرة بدون اذن الولي

(6) تعليل لكون سلطنته ظاهرة في أن للجد التصرف في مال الصغير

(7) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 218-219.

الباب 11. الحديث 8 -

ص: 298

و قوله (1) صلى اللّه عليه و آله: انت و مالك لابيك، خصوصا مع استشهاد الامام عليه السلام به (2) في مضي نكاح الجد بدون اذن الأب، ردا على من انكر ذلك، و حكم ببطلان ذلك من العامة في مجلس بعض الامراء (3)

+++++++++++

- أليك نص الحديث الثامن

عن علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اتاه رجلان يخطبان ابنته فهوى أن يزوج احدهما ابوها الاخر أيّهما أحق أن ينكح؟

قال: الذي هوى الجد أحق بالجارية، لأنها و اباها للجدّ

(1) اى و أن قوله صلى اللّه عليه و آله: انت و مالك لابيك (المصدر السابق) الحديث 5

(2) اى بقوله صلى اللّه عليه و آله: انت و مالك لابيك

(3) راجع المصدر السابق نفس الباب و نفس الصفحة أليك الحديث الخامس

عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إني لذات يوم عند زياد بن عبد اللّه اذ جاء رجل يستعدي على أبيه

فقال: اصلح اللّه الامير إن أبي زوج ابنتي بغير اذني

فقال زياد لجلسائه الذين عنده: ما تقولون فيما يقول هذا الرجل؟

فقالوا: نكاحه باطل

قال: ثم اقبل عليّ فقال: ما تقول يا أبا عبد اللّه؟

فلمّا سألني اقبلت على الذين اجابوه فقلت لهم:

أ ليس فيما تروون انتم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن رجلا -

ص: 299

و غير ذلك: يدل (1) على ذلك

مع أنه لو سلمنا عدم التخصيص (2) وجب الاقتصار عليه في حكم الجد، دون الأب

و دعوى عدم القول بالفصل (3) ممنوعة

+++++++++++

- جاء يستعديه على ابيه في مثل هذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

انت و مالك لابيك

قالوا: بلى

فقلت لهم: فكيف يكون هذا و هو و ماله لابيه و لا يجوز نكاحه؟

قال: فاخذ بقولهم و ترك قولي

(1) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فان ما دل اى ما دل على جواز نكاح الصغيرة من طرف الجد يدل على جواز تصرفه في مال الصغير اذا لم يكن فيه مفسدة

(2) اى تخصيص آية و لا تقربوا مال اليتيم بالحديث الدال على ولاية الجد المشار إليها في الهامش 5 ص 298

خلاصة هذا الكلام أنه في صورة عدم تخصيص الآية فلا بد من الاقتصار عليهما في الحكم: و هو عدم جواز تصرف الولي في مال الصغير على الجد للاب فقط

أما الأب فلا تشمله الآية فهي مخصصة بالنسبة إليه فيجوز له التصرف في أموال اليتيم مع عدم وجود المفسدة

(3) و هو عدم جواز تصرف الجد في أموال الصغير بآية و لا تقربوا و جواز التصرف في أموال الصغير للاب بتخصيص الآية بالحديث المشار إليه في الهامش 3 ص 299

ص: 300

فقد حكي عن بعض متأخرى المتأخرين القول بالفصل بينهما (1) في الاقتراض مع عدم اليسر

ثم لا خلاف ظاهرا كما ادعي في أن الجد و إن علا يشارك الأب في الحكم (2)

و يدل عليه (3) ما دل على أن الشخص و ماله الذي منه مال ابنه لأبيه (4)

و ما دل على أن الولد و والده لجده (5)

و لو فقد الأب و بقي الجد فهل أبوه أو جده يقوم مقامه في المشاركة أو يخص هو (6) بالولاية؟

+++++++++++

(1) اى بين الجد و الأب، حيث إنه يجوز للاب الاقتراض من مال الصغير اذا كان معسرا و محتاجا، لا اذا كان غنيا و موسرا

بخلاف الجد، فانه ليس له الاقتراض من مال الصغير

(2) و هو جواز التصرف في مال الصغير مع عدم المفسدة

(3) اى على أن الجد و إن علا يشارك الأب في الحكم

(4) راجع (المصدر نفسه). ص 218-219. الباب 11 الحديث 8

(5) فرض المسألة هكذا:

شخص له اب وجد و ولد فمات الشخص و بقي في الحياة ابوه وجده و ولده فهل اب الأب الذي يصير جد الولد يكون متوليا على الولد الصغير أو جد الأب الذي يصير اب جد الولد

(6) اى الأب و هو جد الولد يكون له حق التولية على الولد

ص: 301

قولان:

من (1) ظاهر أن الولد و والده لجده و هو المحكي عن ظاهر جماعة

و من (2) أن مقتضى قوله تعالى: وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ (3) كون القريب (4) أولى بقريبه من البعيد فينفي ولاية البعيد (5)

+++++++++++

(1) هذا دليل لكون جد الأب الذي يصير اب جد الولد متوليا على الولد الصغير

و قد عرفت في الهامش 20 أن الولد و والده لجده

(2) هذا دليل الاختصاص الولاية لجد الولد الذي هو أب أب الولد

(3) الأحزاب: الآية 7

(4) قاعدة أولوية المرتبة القريبة عن المرتبة البعيدة في طبقات الارث مسلمة بالآية الكريمة، فكل طبقة قريبة يمنع الطبقة البعيدة عن الميت كولده و اخيه، فان الولد مقدم على اخ الميت في الارث، حيث إنه أقرب للميت من اخ الميت

فهنا اب الأب مقدم على جد الأب، لأنه قريب الى الميت من جد الأب

لا يخفى أن هذا الترديد من الشيخ الأعظم الانصاري قدس سره:

في صورة فقدان الأب بقوله: فهل اب الأب، أوجد الأب يقوم مقام الأب في المشاركة في الولاية، أو يختص اب الأب بالولاية: مناف لما افاده آنفا: من أن الجد يشارك الأب في الحكم و إن علا، لأن موت الأب للولد لا يؤثر في سقوط الجد الأعلى عن الولاية بعد مشاركته في الولاية مع حياة اب الأب

(5) و هو جد الأب الذي يصير اب جد الولد

ص: 302

و خرج منه (1) الجد (2) مع الأب و بقى الباقي (3)

و ليس المراد من لفظ الأولى التفضيل مع الاشتراك (4) في المبدأ بل هو (5) نظير قولك: هو أحق بالاجر من فلان و نحوه (6)

+++++++++++

(1) اى من عموم قوله تعالى: وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ

(2) اى جد الأب مع وجود اب الأب الذي هو جد الولد

(3) و هو اب الأب المتوفى الذي يصير جدا للولد

(4) اي لا يراد من كلمة أولى في الآية الكريمة معناه و هو افعل التفضيل حتى يكون جد الأب مع اب الأب شريكا في اصل المبدأ: و هي الولاية حتى يقال بعدم اختصاص اب الأب بالولاية

(5) اى ما نحن فيه: و هو ولاية جد الأب مثيل قولك: زيد أحق أحق من عمرو في الاجر حيث لا يقصد منه أن عمرا ذو حق

لكن زيد أحق منه في الاجر

بل معناه أن الحق منحصر في زيد لا غير، فمعنى أفعل التفضيل مسلوب هنا

(6) اى و نظيره كما في القرآن الكريم قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام:

رَبِّ اَلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ يوسف: الآية 34

فإنه لا يراد من كلمة (احبّ) محبوبية البقاء مع زوجة (عاهل مصر) لكن البقاء في السجن أحب له، لأن يوسف عليه السلام نبي و النبي لا يرتكب المعصية، لكونه معصوما

بل المعنى التفضيلي منسلخ عن كلمة أحب و منحصر في محبوبية البقاء في السجن فقط

ص: 303

و هذا (1) محكي عن جامع المقاصد و المسالك و الكفاية

و للمسألة (2) مواضع اخر تأتي إن شاء اللّه

مسألة في ولاية الفقيه
اشارة

(مسألة) من جملة أولياء التصرف في مال من لا يستقل بالتصرف في ماله: الحاكم

و المراد منه (3) الفقيه الجامع لشرائط الفتوى

و قد رأينا هنا ذكر مناصب الفقيه، امتثالا لامر أكثر حضار مجلس المذاكرة

للفقيه الجامع للشرائط مناصب ثلاثة:
اشارة

(فنقول) مستعينا باللّه: للفقيه الجامع للشرائط (4) مناصب ثلاثة

احدها الافتاء فيما يحتاج إليها العامي في علمه

(احدها) الافتاء فيما يحتاج إليها العامي في علمه، و مورده (5) المسائل الفرعية، و الموضوعات الاستنباطية: من حيث ترتب حكم فرعي عليها (6)

و لا إشكال و لا خلاف في ثبوت هذا المنصب (7) للفقيه إلا ممن لا يرى جواز التقليد للعامى (8)

+++++++++++

(1) اى ما قلناه: من عدم إرادة معنى التفضيل عن كلمة أولى في الآية الكريمة

(2) و هي مسألة ولاية الجد و الأب على الولد

(3) اى من الحاكم

(4) اي لشرائط الإفتاء

(5) اي مورد الافتاء

(6) اى على تلك الموضوعات

(7) و هو الإفتاء في الامور التي يحتاج إليها العامي في عمله

(8) اذا لا يبقى مجال للافتاء في حق العامي، لعدم جواز تقليده في المسائل الفرعية، و الموضوعات الاستنباطية

ص: 304

و تفصيل الكلام في هذا المقام (1) موكول الى مباحث الاجتهاد و التقليد

الثاني الحكومة

(الثاني) (2) الحكومة فله الحكم بما يراه حقا في المرافعات (3) و غيرها (4) في الجملة

و هذا المنصب أيضا ثابت له بلا خلاف فتوى و نصا

و تفصيل الكلام فيه من حيث شرائط الحاكم و المحكوم به و المحكوم عليه موكول الى كتاب القضاء

الثالث: ولاية التصرف في الأموال و الأنفس
اشارة

(الثالث (5): ولاية التصرف في الأموال و الأنفس و هو المقصود بالتفصيل هنا

فنقول: الولاية تتصور على وجهين
اشارة

(فنقول): الولاية (6) تتصور على وجهين:

+++++++++++

(1) و هو مقام إفتاء الفقيه في المسائل الفرعية للعامي

(2) اى المنصب الثاني من مناصب الفقيه التي كانت ثلاثة

(3) كالحكم بالحجر مثلا

(4) اى و غير المرافعات كما في الحكم بثبوت الهلال

(5) اى المنصب الثالث من مناصب الفقيه التي كانت ثلاثة

(6) اي الولاية في التصرف في الأموال و الأنفس

و لما انجر بنا البحث عن موضوع (الولاية) بقسميها رأينا من المناسب أن نشير اشارة اجمالية إليها، ليكون القارئ النبيل بصيرا بها

و قد وضعنا رسالة مستقلة في (الولاية) التكوينية و التشريعية اشبعنا الكلام فيها من شتى جوانبها، و جاءت من فضل ربى عز اسمه و جل ذكره و ببركة صاحب هذا القبر المقدس (العلوى) على من حل فيه آلاف الثناء و التحية و بعناية من (ولي الامر و صاحب العصر) عجل اللّه تعالى فرجه و سهل اللّه مخرجه وحيدة في بابها -

ص: 305

..........

+++++++++++

- و سوف تعرض على الطبع و تجعل في ايدي قرائنا الكرام

فاغتنمها أيها القارئ النبيل

فنقول: البحث في الولاية متوقف على ذكر امور أربعة:

(الاول): أن الواو فيها جاءت مفتوحة و مكسورة

(الثاني): في مبدأ اشتقاق هذه الكلمة

فنقول: إنها مشتقة من ولى يلي وزان وقى يقي وأى يأي

(الثالث): في معناها

فنقول: معنى الولاية هو تملك الشخص زمام امر أو زمام شخص بيده: بحيث يمكنه التصرف في ذاك الامر، أو في ذاك الشخص متى أراد و شاء

يقال: ولي الشيء أو يليه اذا قام به و ملك امره

(الرابع): في أقسام الولاية

فنقول: هي على قسمين:

(الاول): (الولاية التكوينية)

و التكوين مصدر باب التفعيل من كوّن يكوّن معناه لغة الإحداث و الايجاد

يقال: كوّنه اى أوجده و أحدثه

و في الاصطلاح هو التصرف في عالم الكون و الامور الكونية: بحيث تكون اختياراتها بيد المتصرف فيها: من حيث الايجاد و الإحداث و الإعدام

(الثاني): (الولاية التشريعية)

و التشريع مصدر باب التفعيل من شرّع يشرّع

معناه: الإظهار و الايضاح -

ص: 306

..........

+++++++++++

- يقال: شرّع الطريق اى بينه و أوضحه و أظهره

و في الاصطلاح كما عرفت في (الولاية التكوينية): ما يكون زمام امر التشريع بيد شخص

(أما الولاية التكوينية) فالبحث فيها عن جهات ثلاث:

(الاولى) في امكانها من حيث الثبوت

فنقول: لا مانع من أن اللّه جل جلاله قد يختار لبعض عباده الكرام الذين لهم النفوس الولوية حق التصرف في الامور الكونية، و السلطة على الموجودات العلوية برمتها: بأن تكون كلها تحت اطاعتهم و اختياراتها بإرادتهم و في يدهم، و أن يكون تصرفهم فيها كيف شاءوا و ارادوا

و لا يلزم من الالتزام بذلك أي محذور سوى ما يتخيل لبعض من أن لازم الالتزام بذلك سلب الاختيار عن اللّه عز و جل، أو الشرك معه في الولاية و كلاهما كفر

بيان الملازمة: أن القائل بامكان التصرف في الامور الكونية لغير اللّه عز و جل إما أن يقول بولاية اللّه جل جلاله على ذلك، أو لا يلتزم

فعلى الاول يكون المتصرف في الامور الكونية شريكا مع اللّه عز و جل

و على الثاني يلزم سلب الاختيار عن اللّه جل جلاله، و تفويض الامور الى المتصرف

و كلاهما كفر باللّه العزيز

(و الجواب): أن القائل (بالولاية التكوينية) لبعض العباد الكرام الذين لهم النفوس الولوية، و الذين لا يعصون اللّه طرفة عين ابدا و هم عباد مكرمون لا يقول باستقلال التصرف لهم بالذات بحيث تكون تصرفاتهم -

ص: 307

..........

+++++++++++

- في عرض تصرفات الباري عز و جل

بل يقول: تصرفاتهم طولية منحة إلهية يهبها لهم، و يفيضها عليهم افاضة اشراقية، و نفحات ربانية بحيث اذا قطعت عنهم تلك المنحة و الافاضة و النفحة من قبل المولى الجليل لحظة واحدة، بل أقلّ منها لسلب عنهم ذاك التصرف و القدرة و السلطة على الامور الكونية، و أصبحوا أناسا عاديين حكمهم حكم بقية المخلوقين

و كيف يمكن لاحد انكار (الولاية التكوينية) و قد منحها سبحانه و تعالى كثيرا من عباده الصالحين، و افاض عليهم نفحات قدسه

حتى لبعض الجن الذين هم جنس سفلي ناري عند ما رأى (سليمان بن داود) عليه السلام غياب (الهدهد) عن الحضور في مجلسه و قد سخر اللّه عز و جل له (الجن و الانس) قال عز من قائل

يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ وَ جِفٰانٍ كَالْجَوٰابِ وَ قُدُورٍ رٰاسِيٰاتٍ . سبأ: الآية 13

وَ تَفَقَّدَ اَلطَّيْرَ فَقٰالَ مٰا لِيَ لاٰ أَرَى اَلْهُدْهُدَ أَمْ كٰانَ مِنَ اَلْغٰائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذٰاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطٰانٍ مُبِينٍ النمل: الآية 20

قٰالَ عِفْرِيتٌ مِنَ اَلْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقٰامِكَ النمل: الآية 29 اى من مجلس قضائك الذي تقضي فيه

انظر الى عظمة قدرة هذا العفريت الذي له القدرة و السلطة على اتيان عرش بلقيس، و سرير ملكها مع ما به من العظمة و الجلال و الأبهة و الثقل من عاصمة اليمن (صنعاء) مملكة سبأ الى ملك سليمان (اورشليم) قبل قيام سليمان من مجلس قضائه -

ص: 308

..........

+++++++++++

- فقال سليمان مخاطبا لحضاره: إني اريد انتقال العرش اسرع من هذه المدة

فاجابه وزيره (آصف بن برخيا) أنا ذا

قٰالَ اَلَّذِي عِنْدَهُ، عِلْمٌ مِنَ اَلْكِتٰابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمّٰا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قٰالَ هٰذٰا مِنْ فَضْلِ رَبِّي النمل: الآية 40

انظر أيها القارئ الكريم الى عظمة قدرة هذا الوزير الذي كان له بعض الاسم الأعظم كيف اتى بسرير بلقيس و عرشها من عاصمتها الى عاصمة ملك سليمان في مدة أقل من طرفة العين

و لعمري إن هذا الامر عجيب من أعجب العجاب لا يمكن تعقله و تصوره لاولى الألباب و قد حارت العقول في هذا النقل بهذه المدة الوجيزة جدا

و كثيرا ما كنت اقول و لا ازال: إن في القرآن الكريم ثلاث آي هذه احداها هي من أشكل الآي القرآنية

و لا اظن احدا من ذوي العقول السليمة ينكر مثل هذه (الولاية التكوينية)

و قد ثبتت الولاية التكوينية في مطلق الانسان حتى الحيوان الصامت كتصرفه في حركاته و سكناته و جوارحه كاليد و البصر، فإنه يتصرف فيهما حسب ارادته كيف شاء و اراد

فاذا كانت (الولاية التكوينية) ثابتة في الانسان و الحيوان فكيف لا يمكن ثبوتها في النفوس الولوية التي هي من أشرف الخلق، و التي هي العلة الغائية لخلق الكائنات

هذا رسول الانسانية القائد الأعظم سيد الرسل فخر الكائنات -

ص: 309

..........

+++++++++++

- القائل في حقه خالق الارض و السماء:

ثُمَّ دَنٰا فَتَدَلّٰى فَكٰانَ قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ النجم: الآية 8-9

يقول للشجرة: اقبلي فتقبل و تتكلم و تشهد في حقه بالرسالة بلسان عربي فصيح

ثم يقول لها: ادبري فتدبر و ترجع الى مكانها كهيئتها الأولية

هذا عليّ امير المؤمنين القائل:

فإنّا صنائع ربّنا و الناس بعد صنائع لنا(1)

و القائل: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا

يتصرف في الأجواء و في حياة الناس فيراه كل انسان حين الموت و خروج روحه عن بدنه، و هو القائل:

يا حار همدان من يمت يرني

و الذي قيل في حقه: لو شاء لقلب ذا على ذي

هذا إمامنا موسى بن جعفر يقول مخاطبا لصورة اسد منقوشة على ستار في مجلس (هارون الرشيد):

يا اسد اللّه خذ عدوّ اللّه، فانقلبت الصورة اسدا فاخذ عدوّ اللّه و قطّعه اربا اربا فأكله ثم رجعت الصورة إلى حالها(2)

هذا موسى بن عمران يتصرف في العصا و يجعلها ثعبانا فتأكل الحيّات

هذا عيسى بن مريم يبرئ الأكمه و الابرص و يحيى الموتى -

ص: 310


1- (نهج البلاغة) الجزء 3. ص 36 شرح محمد عبده طبع مطبعة الاستقامة القاهرة
2- راجع حول الحادث (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 2 ص 217-218-219

..........

+++++++++++

- كل هذه التصرفات باذن اللّه عز و جل يتصرفون حسب الظروف و المقتضيات الزمنية

و خلاصة القول: أن المنكر (للولاية التكوينية) يكابر البديهة و يجادل الضرورة، علما منه بأن الالتزام بذلك لا يترتب عليه تال فاسد و هي امر ممكن ثبوتا و اثباتا كما تلونا عليك مرحلة الثبوت و الاثبات

و هناك أدلة كثيرة في الولاية التكوينية

تركنا ذكرها، خوفا من الإطالة، و خروجا عن الموضوع

و ذكرناها في رسالتنا التي افردناها و ستطلع عليها في القريب العاجل إن شاء اللّه

و في الختام احببت أن اختم المقال بابيات تفضل بها علينا فضيلة الاستاذ الاخ في اللّه (عبد الصاحب عمران الدجيلي) تنم عن شديد ولائه و حبه (لأهل البيت) حشره اللّه معهم:

يا ربّ إنّ محمدا و وصيّه *** و ابنيهما و الطهر و الأطهارا

فخر الوجود و ذخره فاذا دجا *** ليل، بدوا لمن التجا أنوارا

لهم ولائي خالصا، فولاؤهم *** فرض أقرّته السما اقرارا

أحببتهم أبدا و همت بحبهم *** و تخذت ذلك في الحياة شعارا

ص: 311

..........

+++++++++++

- و أما (الولاية التشريعية) فالكلام فيها

تارة في امكانها

و اخرى في أقسامها

أما الامكان فلا إشكال فيه، لعدم ترتب محذور منه، لا عقلا و لا نقلا

و أما أقسامها فهي ثلاثة:

(الاول): وجوب اطاعة الولي من قبل أفراد الناس في أمورهم العادية و الشخصية

(الثاني): وجوب اطاعة الولي في أمورهم الشرعية

(الثالث): الولاية على الأنفس و الأموال

و هذا القسم من الولاية هو المقصود بالتفصيل في ولاية الفقيه

ثم الولاية بهذا المعنى على قسمين:

(الاول): الولاية المستقلة: بمعنى استقلال الولي بالتصرف في الأموال و الأنفس من دون توقف تصرف غيره على اذنه، أو عدم توقفه عليه اى ارادته هي العلة التامة لجواز تصرفه في الأموال و الأنفس

(الثاني): الولاية غير المستقلة: بمعنى أن تصرف الغير متوقف على اذنه

هذه هي الأقسام الثلاثة للولاية التشريعية

و أما اقامة الدليل لاثبات هذه الولاية فليس هنا مجال لذكرها و قد ذكرنا الأدلة في رسالتنا المستقلة في الولاية

ثم إن الشيخ قدس سره ذكر القسم الثالث من الولاية التشريعية بقوله: الثالث ولاية التصرف في الاموال و الانفس،

و الى القسمين من القسم الثالث بقوله: الولاية تتصور على وجهين.

و قد اشرنا الى القسم الثالث و الى قسميه في ص 312 بقولنا الثالث و بقولنا: ثم الولاية بهذا المعنى على قسمين

ص: 312

الاول استقلال الولي بالتصرف مع قطع النظر عن كون تصرف غيره منوطا باذنه، أو غير منوط به.

(الاول) (1) استقلال الولي بالتصرف مع قطع النظر عن كون تصرف غيره منوطا باذنه، أو غير منوط به.

و مرجع هذا (2) الى كون نظره سببا في جواز تصرفه

الثاني عدم استقلال غيره بالتصرف، و كون تصرف الغير منوطا باذنه و ان لم يكن هو مستقلا بالتصرف

(الثاني) (3) عدم استقلال غيره بالتصرف، و كون تصرف الغير منوطا باذنه و ان لم يكن هو مستقلا بالتصرف

و مرجع هذا (4) الى كون نظره شرطا في جواز تصرف غيره،

و بين موارد الوجهين (5) عموم من وجه

+++++++++++

(1) اى الوجه الاول من الوجهين من القسم الثالث الذي اشرنا إليه ص 312

من هنا اخذ الشيخ في ولاية الفقيه الجامع لشرائط الافتاء

و قد اشرنا الى الوجه الاول في ص 312 بقولنا: الاول الولاية المستقلة

(2) اي الولي المستقل الذي تكون ارادته علة مستقلة لجواز التصرف كما عرفت في ص 312 عند قولنا: اى ارادته هي العلة التامة

(3) اي الوجه الثاني من وجهي القسم الثالث

و قد اشرنا الى هذا الوجه في ص 312 بقولنا: الثاني الولاية غير المستقلة

(4) اى و مآل هذا القسم من الولاية

(5) و هما: الوجه الاول، و الوجه الثاني المشار إليهما في الهامش 1 من هذه الصفحة اى بين هذين الوجهين من النسب الاربعة عموم و خصوص من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق

أما مادة الاجتماع كما في التصرف في المال المجهول المالك، و التصرف -

ص: 313

ثم اذنه (1) المعتبر في تصرف الغير إما أن يكون على وجه الاستنابة كوكيل الحاكم، و إما أن يكون على وجه التفويض و التولية كمتولي الأوقاف من قبل الحاكم (2)

+++++++++++

- في أموال القاصرين فالحاكم مستقل فيه، و غيره محتاج الى اذنه، فهنا قد اجتمع الوجهان

و كما في القضاء فإنه لا بدّ أن يكون بمباشرة القاضي، و لا يمكن مباشرة غيره فيه

و أما مادة الافتراق من جانب الوجه الاول، دون الوجه الثاني:

بأن يكون الاول موجودا و الثاني مفقودا

كما في الزكاة، فان الحاكم مستقل في التصرف فيها من دون اشتراط الغير في اذنه في التصرف، بل له الاستقلال أيضا

و أما مادة الافتراق من الجانب الثاني، دون الوجه الاول: بأن يكون الثاني موجودا و الاول مفقودا

كما في التقاص من المقاص، فإنه محتاج الى اذن الحاكم و لا استقلال للحاكم في التصرف فيه

(1) اى اذن الحاكم الشرعي

(2) الفرق بين توكيل الامام عليه السلام شخصا

و بين إعطاء الولاية له يظهر في موت الامام عليه السلام، فإن الوكالة باطلة بمجرد موت الامام عليه السلام، و لا يصح له التصرف إلا أن يتحقق له التوكيل من الامام القائم مقام الامام المتوفى

بخلاف التولية، فإنها لا تبطل بمجرد موته عليه السلام اذا ولاّه.

نعم للامام اللاحق حق عزله كما كان للاول عزله -

ص: 314

و إما أن يكون على وجه الرضا كإذن الحاكم لغيره لفظة في الصلاة على ميت لا ولي له

ثبوت الولاية بالمعنى الأول للنبي و الأئمة عليهم السلام
اشارة

اذا عرفت هذا فنقول:

مقتضى الاصل (1) عدم ثبوت الولاية لاحد بشيء من الامور المذكورة (2)

+++++++++++

- و يصح للمتولي التصرف في الأوقاف بعد موت الامام عليه السلام ما لم يتحقق العزل من الامام اللاحق

(1) المراد من الاصل هنا الاصل اللفظي، و الاصل العملي

أما الاول فقوله عجل اللّه لصاحبه الفرج:

لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الطلاق بيد من اخذ بالساق فإن مقتضى هذين الحديثين: عدم جواز تصرف الغير في اموال الآخرين و شئونهم، و أنفسهم، لأن لكل شخص الاستقلال بالولاية على مال نفسه فقط، لا على مال الغير، و لا يسوغ له التصرف في مال الغير

و كذا لا يسوغ لاحد الزام الآخرين بامتثال أوامره، لان كل شخص مسلّط على نفسه

و هكذا الطلاق إنما يصح وقوعه من الآخذ بساق المرأة

و من المعلوم أن الآخذ بالساق هو الزوج

و أما الاصل العملي فكذلك، حيث إنه يدل على عدم تأثير عقد زيد، أو ايقاعه في حق عمرو

و كذا يدل على عدم ثبوت ولاية زيد على اموال عمرو و على نفسه

(2) من التصرف في الانفس و الأموال، سواء أ كان مع الاستقلال في التصرف أم مع عدم الاستقلال فيه

ص: 315

خرجنا عن هذا الاصل في خصوص النبي و الأئمة صلوات اللّه عليهم اجمعين (1) بالأدلة الاربعة

الاستدلال بالكتاب

قال اللّه تعالى: اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (2)

+++++++++++

(1) و هي الكتاب و السنة و الاجماع و العقل

(2) هذه أولى آية استدل بها الشيخ قدس سره على أن النبي و الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم اجمعين لهم الولاية التشريعية على المؤمنين و أنهم خارجون عن الاصل اللفظي و العملي الذين ذكرناهما لك في الهامش 1 ص 315

و أما وجه الاستدلال بها فهو أنه كما يكون للأنفس كل شيء:

من نفوذ التصرفات في أموالهم بأي نحو من الأنحاء شاءوا و ارادوا

كذلك تكون تلك النفوذ و التصرفات لهم بطريق أولى

فسلطنته و ولايته على المؤمنين أشد مما لهم من الولاية و السلطنة على أنفسهم.

خذ لذلك مثالا

لو اراد شخص بيع ماله الى زيد و اراد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله بيعه الى عمرو فباعا معا و دفعة واحدة فبيعه مقدم على بيع صاحب المال

بعبارة اخرى: أن ميوله و اراداته متقدمة على ميول و ارادات الآخرين و هذا معنى الولاية و لا نعني بها سوى هذا المعنى

و أما وجه كون الرسول أولى فلأنه أبصر و أدرى بمصالح الامور و مضارها من أنفسهم فيقودهم قيادة حسنة الى ما هو أحسن لحالهم، و يمنعهم عن مضارهم

و ليس معنى الأولوية أن الرسول له حق اخذ زوجة المؤمنين

اللّهم إلا اذا رأى المصلحة في الطلاق فيطلق حينئذ -

ص: 316

(وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ) من أمرهم (1)

فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخٰالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ (2)

+++++++++++

- و كذا ليس معنى الأولوية أنه صلى اللّه عليه و آله يطلق، أو ينكح بدون الصيغ الموضوعة لهما، اذ الآية ليست في مقام تشريع تلك الأحكام بل في مقام تشريع الولاية. و الآية في سورة الأحزاب: الآية 6

(1) هذه ثانية الآيات الكريمة المستدل بها لاثبات الولاية التشريعية للنبي و الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم

و خلاصة الدلالة: أن لفظ امرا مطلق يشمل جميع الأمور فيجب على المؤمنين اطاعة اللّه و الرسول في كل امر يصدر منهما و لا يجوز لهم مخالفتهما، و الآية في سورة الأحزاب: الآية 36

(2) هذه ثالثة الآيات المستدل بها لاثبات الولاية التشريعية للنبي و الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم اجمعين

خلاصة الاستدلال: أن لفظ امره مصدر مضاف الى الضمير و المصدر المضاف الى الضمير مفيد للعموم اذا لم تكن هناك قرينة تدل على إرادة العهد كما افاده المحققون من علماء العربية

فمعنى الآية: أنه يجب على المكلفين أن لا يخالفوا أوامر الرسول الأعظم فيما يأمرهم به، سواء أ كانت الأوامر شخصية أم عرفية أم عادية أم سياسية، و اذا خالفوه فيها فليكونوا على حذر.

و من الواضح أن الحذر لا يتوجه إلا على ترك الواجب، اذ لا معنى للمحذور من ترك الأوامر المستحبة و الآية في سورة النور: الآية 63

ص: 317

و أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ (1)

و إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ (2) الآية، الى غير ذلك (3)

الاستدلال بالروايات

و قال (4) النبي صلى اللّه عليه و آله كما في رواية أيوب بن عطية:

انا أولى بكل مؤمن من نفسه

و قال في يوم غدير خم: أ لست أولى بكم من نفسكم؟

قالوا: بلى

+++++++++++

(1) هذه رابعة الآي الكريمة المستدل بها على اثبات الولاية التشريعية للنبي و الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم اجمعين

و الآية في سورة النساء: الآية 59

خلاصة الاستدلال: أن الآية تدل على وجوب اطاعة اللّه عز و جل و الرسول و اولى الامر

لكنه لم يذكر فيها متعلق الاطاعة، بل هو محذوف و الحذف يدل على العموم: و هو اطاعة جميع ما يصدر من الرسول و أولى الامر من الاوامر

(2) هذه خامسة الآيات المستدل بها على اثبات الولاية للرسول الأعظم و الأئمة الأطهار. و الآية في سورة المائدة: الآية 55

خلاصة الاستدلال: أن كلمة إنما تفيد الحصر فتحصر الولاية في اللّه عز و جل و الرسول، و الامام صلى اللّه عليه و آله و سلم

و معنى الولاية هي الأولوية بالتصرف من المؤمنين في أنفسهم و أموالهم

(3) اى الى غير ذلك من الآيات التي يمكن الاستدلال بها على اثبات الولاية التشريعية للرسول و الأئمة عليهم الصلاة و السلام

(4) من هنا أخذ الشيخ في اثبات الولاية التشريعية للرسول الأعظم و الأئمة بالأحاديث الشريفة

ص: 318

قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه (1)

و الأخبار في افتراض طاعتهم، و كون معصيتهم كمعصية اللّه كثيرة يكفي في ذلك

(منها (2) مقبولة عمر بن حنظلة (3)، و مشهورة (4) أبي خديجة و التوقيع (5) الآتي، حيث علل فيه حكومة الفقيه، و تسلطه على الناس بأني قد جعلته كذلك، و أنه حجتي عليكم.

الاستدلال بالإجماع و العقل

و أما الاجماع فغير خفي (6)

و أما العقل القطعي فالمستقل منه (7) حكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنهم أولياء النعم

+++++++++++

(1) فهذا اوّل حديث استدل به الشيخ على مدعاه

(2) اى من بعض تلك الأخبار الواردة في افتراض طاعة الرسول الأعظم و الأئمة الأطهار عليهم الصلاة و السلام

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 4. الباب 1.

الحديث 4

(4) (المصدر نفسه). ص 4. الباب 1. الحديث 5

(5) (المصدر نفسه). ص 101. الحديث 9

و في التوقيع الشريف ليست جملة (بأني قد جعلته كذلك و إنه حجتي عليكم). أليك نص الحديث

و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه

(6) فإن الطائفة قد اجمعت على فرض اطاعة الرسول الأعظم و الأئمة الأطهار صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم، و لا يختلف فيه اثنان

(7) المستقلات العقلية هي الأحكام التي تصدر من جانب العقل -

ص: 319

و غير المستقل (1) حكمه بأن الابوة اذا اقتضت وجوب طاعة الأب على الابن في الجملة (2) كانت الامامة مقتضية لوجوب طاعة الامام على الرعية بطريق أولى، لأن الحق هنا (3) أعظم بمراتب فتأمل (4)

+++++++++++

- المحض، و ليس فيها ارتباط من الشرع، أو العرف كحكمه بشكر المنعم و قبح الظلم، و قبح التجري، و حسن الإحسان

(1) و هي التي يكون للشرع، أو العرف مدخلية في حكمه كما في حكمه بعدم ضرب الأب و الام، أو قتلهما بعد أن حكم الشرع بعدم جواز الأفّ لهما في قوله تعالى:

فَلاٰ تَقُلْ لَهُمٰا أُفٍّ وَ لاٰ تَنْهَرْهُمٰا

فحكمه بعدم جواز الضرب و القتل كان بواسطة حكم الشرع بعدم جواز الأف لهما، و بعد حكمه به

و كذلك حكمه بوجوب اطاعة الامام على الرعية بطريق أولى بعد حكمه بوجوب إطاعة الأب

(2) القيد في الجملة لاجل عدم وجوب اطاعة الأب في جميع الأمور بل المسلم الامور التي تكون مضرة على الابن

(3) اى في باب وجوب اطاعة الامام عليه السلام، لأنه هو المربي الحقيقي، و هو الهادي الى الطريق المستقيم، و هو الموصل الى السعادة الأبدية دنيا و آخرة

(4) الامر بالتأمل له احتمالان:

احتمال عدم ثبوت وجوب اطاعة الأب الى حد يتعدى منه الى وجوب اطاعة الامام عليه السلام بالأولوية، اذ من المحتمل امكان أن يكون وجوب اطاعة الأب تعبدا محضا كوجوب اطاعة ملك اليمين للمالك -

ص: 320

و المقصود من جميع ذلك (1) دفع ما يتوهم: من أن وجوب طاعة الامام مختص بالاوامر الشرعية، و أنه لا دليل على وجوب اطاعته في أوامره العرفية، أو سلطنته على الأموال و الأنفس.

و بالجملة فالمستفاد من الادلة الأربعة بعد التتبع و التأمل أن للامام سلطنة مطلقة على الرعية من قبل اللّه تعالى، و أن تصرفهم نافذ على الرعية ماض مطلقا (2)

هذا كله في ولايتهم بالمعنى الاول (3)

الاستدلال بالروايات بالمعنى الثاني و الاستدلال عليه

و أما بالمعنى الثاني (4): اعني اشتراط تصرف الغير باذنهم فهو و إن كان مخالفا للاصل (5) إلا أنه قد وردت أخبار خاصة بوجوب الرجوع إليهم، و عدم جواز الاستقلال لغيرهم بالنسبة الى المصالح المطلوبة للشارع غير المأخوذة على شخص معين من الرعية كالحدود و التعزيرات و التصرف

+++++++++++

- و احتمال: أن الأولوية بالنسبة الى الامام عليه السلام إنما تجري على وجه اطاعة الأب، و لا تجري فيما زاد على ذلك فلا يكون الحاق الزائد في الامام عليه السلام بالناقص في حق الأب إلا من باب القياس الذي لا نعترف به لأنه ليس بحجة

(1) اى من جميع الآيات و الأحاديث التي ذكرناها لك

(2) اى في الامور العرفية، و الأوامر الشرعية، و السلطنة على الانفس و الأموال

(3) و هو الاستقلال بالتصرف للولي الذي ذكر في الوجه الاول من القسم الثالث من المناصب الثلاثة للفقيه المشار إليه في ص 334-335

(4) و هو عدم استقلال غير الفقيه في التصرف

(5) و هو الاصل اللفظي، و العملي الذين ذكرناهما لك في الهامش 1 ص 315

ص: 321

في أموال القاصرين، و إلزام الناس بالخروج عن الحقوق، و نحو ذلك (1)

يكفي في ذلك (2) ما دل على أنهم أولو الامر و الولاية، فان الظاهر من هذا العنوان (3) عرفا من يجب الرجوع إليه في الامور العامة التي لم تحمل في الشرع على شخص خاص.

و كذا ما دل على وجوب الرجوع في الوقائع الحادثة (4) الى رواة الحديث، معللا بأنهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه، فإنه دل على أن الامام هو المرجع الاصلي.

و ما عن العلل بسنده عن الفضل بن الشاذان عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام في علل حاجة الناس الى الامام، حيث قال بعد ذكر جملة من العلل:

و منها: أنا لا نجد فرقة من الفرق، و لا ملة من الملل عاشوا و بقوا

+++++++++++

(1) راجع حول هذه الأحاديث الكتب المدونة في الامامة، و التي ذكرت فيها فضائل في حقهم من طرق الشيعة و السنة

(2) اي في وجوب الرجوع إليهم

(3) و هو كونهم أولو الامر و الولاية

(4) ليس المراد من الحوادث الواقعة هي الأحكام الكلية، لأنها لا تتصف بالحدوث و التجدد

و كذا ليس المراد منها الامور التي لا مدخل لها من ناحية الشرع كما لو خطبت ابنة زيد لعمرو و زيد لا يدري أن عمرا هل يسلك مع ابنته مسلك السداد حسب العادة أم لا

بل المراد من الحوادث هي الأمور المتجددة التي لها دخل بالوالي الشرعي -

ص: 322

إلا بقيّم و رئيس، لما لا بدّ لهم منه من امر الدين و الدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق بلا رئيس و هو يعلم أنه لا بدّ لهم منه، و لا قوام لهم إلا به (1)

هذا (2)

مضا الى ما ورد في خصوص الحدود و التعزيرات و الحكومات، و أنها لامام المسلمين (3)

و في الصلاة على الجنائز: من أن سلطان اللّه أحق بها من كل احد (4)

و غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع

+++++++++++

- راجع حول التوقيع الشريف (وسائل الشيعة). الجزء 18.

ص 101. الباب 11 الحديث 9

(1) (بحار الأنوار). الطبعة الحديثة الجزء 23. ص 32

(2) اى خذ ما تلوناه عليك: من الأحاديث الواردة حول وجوب الرجوع الى الامام عليه السلام

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 338. الباب 28.

الاحاديث.

أليك نص الحديث الاول

عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن من يقيم الحدود السلطان، أو القاضي؟

فقال: إقامة الحدود الى من إليه الحكم

(4) (المصدر نفسه). الجزء 2 ص 801 الباب 23. الحديث 4

أليك نص الحديث

اذا حضر سلطان من سلطان اللّه فهو أحق بالصلاة عليه إن قدمه وليّ الميت -

ص: 323

و كيف كان فلا إشكال في عدم جواز التصرف في كثير من الأمور العامة بدون اذنهم و رضاهم.

لكن لا عموم يقتضي أصالة توقف كل تصرف على الاذن (1)

نعم الامور التي يرجع فيها كل قوم الى رئيسهم لا يبعد الاطراد فيها بمقتضى كونهم اولى الامر و ولاته، و المرجع الاصلي في الحوادث الواقعة، و المرجع في غير ذلك من موارد الشك الى اطلاقات أدلة تلك التصرفات إن وجدت على الجواز، أو المنع و إلا (2) فالى الأصول العملية

لكن حيث كان الكلام في اعتبار اذن الامام، أو نائبه الخاص مع التمكن منه لم يجز إجراء الاصول (3)، لأنها لا تنفع مع التمكن من الرجوع الى الحجة و إنما تنفع ذلك (4) مع عدم التمكن من الرجوع إليها، لبعض العوارض (5)

+++++++++++

- و في (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد الاول. ص 116. الحديث 2-5

عن علي عليه السلام أنه قال: اذا حضر السلطان الجنازة فهو أحق بالصلاة عليها من وليها

(1) اي على إذنهم صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين

(2) اي و إن لم توجد اطلاقات تدل علي وجوب الرجوع إليهم في الحوادث الواقعة فالمرجع في الحوادث هي الاصول العملية: من البراءة و الاستصحاب، و الاشتغال، و الاحتياط

(3) اي الاصول العملية

(4) اي الاصول العملية

(5) كالخوف من السلطة الزمنية، أو بعد محل إقامة الامام عليه السلام عن الشيعة

ص: 324

الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الأول
اشارة

و بالجملة فلا يهمنا التعرض لذلك (1)

إنما المهم التعرض لحكم ولاية الفقيه باحد الوجهين المتقدمين (2)

الاستدلال عليها بالروايات
اشارة

فنقول: أما الولاية على الوجه الاول: اعنى استقلاله في التصرف فلم يثبت بعموم

عدا ما ربما يتخيل من أخبار واردة في شأن العلماء مثل:

إن العلماء ورثة الأنبياء

و ذلك ان الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن اورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن اخذ بشيء منها اخذ بحظ وافر (3)

و أن العلماء أمناء الرسل (4)

و قوله عليه السلام: مجاري الامور بيد العلماء باللّه الأمناء على حلاله و حرامه (5)

+++++++++++

(1) اي للتمكن من الرجوع الى الامام، و عدم التمكن من الرجوع إليه

(2) المذكورين في ص 313

و قد عرفت أن للفقيه الجامع للشرائط مناصب ثلاث:

(الاول): الافتاء

(الثاني): الحكومة في المرافعات

(الثالث): ولاية التصرف في الأنفس و الأموال

(3) (وسائل الشيعة) الجزء 18. ص 53. الباب 8. الحديث 2

(4) (اصول الكافي) الجزء 1. ص 46 باب المستأكل بعلمه الحديث 5، و في المصدر الفقهاء أمناء الرسل

(5) (تحف العقول) طباعة طهران عام 1377. ص 238

و لا يخفى أن هذه الجملة في ضمن الحديث الوارد عن الامام الحسين عليه السلام. و هناك هكذا: -

ص: 325

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل (1)

و في المرسلة المروية في الفقه الرضوي أن منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني اسرائيل (2)

و قوله عليه السلام في نهج البلاغة: أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به، إنّ أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه الى آخر الآية (3)

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم ثلاثا: اللهم ارحم خلفائي

قيل: و من خلفاؤك يا رسول اللّه؟

قال: الذين يأتون بعدي، و يروون حديثى و سنتي (4)

و قوله عليه السلام في مقبولة عمر بن حنظلة: قد جعلته عليكم حاكما (5)

و في مشهورة أبي خديجة: جعلته عليكم قاضيا (6)

و قوله عجل اللّه فرجه: هم حجتي عليكم و انا حجة اللّه (7) الى غير ذلك مما يظفر به المتتبع

+++++++++++

- مجاري الامور و الأحكام بيد العلماء باللّه

(1) (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 188. الباب 11 الحديث 16

(2) (بحار الأنوار) الجزء 18. ص 346

(3) (نهج البلاغة) طبعة بيروت 4 الجزء 4. ص 21 شرح محمد عبده المختار من حكم امير المؤمنين عليه السلام

(4) (بحار الانوار) الجزء 2 ص 25

(5) (وسائل الشيعة) الجزء 18 ص 99. الباب 11. الحديث 1

(6) (المصدر نفسه) ص 100. الحديث 6

(7) (المصدر نفسه) ص 101 الحديث 9

ص: 326

المناقشة في الاستدلال

لكن (1) الانصاف بعد ملاحظة سياقها، أو صدرها أو ذيلها يقتضي

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يثبت أن هذه الأحاديث التي ذكرناها و التي لم نذكرها و قد ذكرت في مظانها لا تدل على الولاية المطلقة للفقيه بحيث تكون له السلطة و السلطنة حتى على الانفس و الأموال و يتمكن من التصرف في الناس كيف اراد و شاء

كما كان هذا التصرف للنبي و الأئمة الاطهار عليهم صلوات اللّه الملك العلام

و خلاصة ما افاده قدس اللّه نفسه في هذا المقام: أن من لاحظ الاحاديث المذكورة و التي لم تذكر و ذكرت في هذا الباب ملاحظة دقيقة و أمعن النظر فيها من البداية الى النهاية و لا سيما اذا تأمل في صدرها و ذيلها يعلم علما قطعيا، و يحكم حكما بتيا أنها سيقت لبيان أن للفقهاء حق التدخل في الأحكام الشرعية فقط، و ليس لهم حق التصرف في الأنفس و الأموال كما كان هو للنبي و الأئمة الأطهار صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم اجمعين

اذ كيف يمكن لهم حق التدخل في شئون الأنفس و الأموال و هم نواب النبي و الأئمة

مع العلم بأنهم لم يتصرفوا مثل هذه التصرفات طيلة حياتهم، و مدى أيامهم و لا سيما عهد الامام امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الذي كان له السلطنة الزمنية، و القدرة الوقتية

بالإضافة الى أن التأريخ لم يحدث لنا لحد الآن أنهم استعملوا تلك التصرفات و لو مرة واحدة مع ما لهم من الولاية المطلقة

إذ اراقة الدماء، و إباحة الأموال، و تحليل الفروج، و الحكم بأن هذا يجب قتله، و ذاك المال يجوز التصرف فيه، و هذه المرأة يحل بضعها -

ص: 327

الجزم بأنها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية، لا كونهم كالنبي و الأئمة صلوات اللّه عليهم: في كونهم أولى بالناس في أموالهم

فلو (1) طلب الفقيه الزكاة و الخمس من المكلف فلا دليل على وجوب الدفع إليه شرعا

نعم لو ثبت شرعا اشتراط صحة ادائهما بدفعهما الى الفقيه مطلقا أو بعد المطالبة لو افتى بذلك (2) الفقيه وجب اتباعه إن كان ممن يتعين

+++++++++++

- من الأمور الصعبة المستصعبة جدا و ليس بامر هين، و لذا ترى الفقهاء في كثير من أحكام الحدود و التعزيرات يحتاطون في إجرائها حتى أن أكثرهم في توية المرتد الملي اذا استتيب و لم يتب لم يحكموا بقتله في المرة الثالثة، بل في المرة الرابعة

و على كون إراقة الدماء، و تحليل الفروج، و إباحة التصرف في الأموال من الامور الصعبة قالوا: إنه لا تقية في الدم اذا بلغت حده فيما لو خير شخص بين قتل آخر و إلا يقتل هو فليقتل هو، و لا يقتل ذاك، لأن التقية إنما شرعت لحقن الدم، و لا حقن للدم مع إراقة دم الآخرين

كما هو الاحتياط في الأموال اذا كان شخص مدينا بين عشرة دنانير و بين التسعة، فإنه يجب عليه احتياطا دفع العشرة، لاشتغال الذمة باصل الدين فيحتاج الى البراءة اليقينية.

و كذا الحكم في الفروج في الموارد المشكوكة

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم افادة الاحاديث المذكورة الولاية المطلقة للفقيه بصورة عامة حتى التصرف في الأموال و الأنفس أى ففي ضوء ما ذكرنا لا تعطى الزكاة و الخمس الى الفقيه عند مطالبته، لعدم الدليل على وجوب الدفع إليه

(2) أى بوجوب دفع الزكاة و الخمس الى الفقيه الذي طالبهما

ص: 328

تقليده ابتداء (1)، أو بعد الاختيار (2) فيخرج (3) عن محل الكلام

هذا (4)

مع (5) أنه لو فرض العموم فيما ذكر من الاخبار وجب حملها على إرادة العام من الجهة المعهودة المتعارفة من وظيفته: من حيث كونه رسولا مبلغا، و إلا (6) لزم تخصيص أكثر أفراد العام، لعدم سلطنة الفقيه على أموال

+++++++++++

(1) كما اذا كان المفتي أعلم من الموجودين فحينئذ يجب تقليده على المكلفين و يتعين، و لا سيما على مذهب الشيخ من وجوب تقليد الأعلم

(2) كما اذا كان المفتي مساويا مع الموجودين في العلم، لكن لما قلده المستفتي تعين حكمه عليه

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الفقيه لو افتى بوجوب دفع الزكاة و الخمس إليه لو كان أعلم من الموجودين، أو مساويا لهم مع تقليد المستفتي له اى ففي ضوء ما ذكرنا يخرج مثل هذا الفقيه حينئذ عن موضوع عدم الولاية المطلقة للفقيه، فالفتوى هذه تخصص ذاك العموم

(4) اى خذ ما تلوناه عليك: من عدم دلالة الأحاديث المذكورة على الولاية المطلقة للفقيه

(5) هذا إشكال آخر من الشيخ في عدم ولاية مطلقة للفقيه

و خلاصته: أنه لو فرضنا عموم الولاية للفقيه: من بيان الأحكام الشرعية و التصرف في الأموال و النفوس و استفدنا هذا العموم من الاحاديث المذكورة:

وجب حمل هذه الاحاديث على العموم الذي يراد منه الجهات المتعارفة المعهودة: و هي كونه مبلغا و رسولا

(6) اى و إن لم تحمل تلك الاحاديث على العموم بالمعنى الذي ذكرناه للزم تخصيص أكثر العمومات -

ص: 329

الناس و أنفسهم إلا في موارد قليلة بالنسبة الى موارد عدم سلطنته.

و بالجملة (1) فإقامة الدليل على وجوب اطاعة الفقيه كالإمام إلا ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد

بقي الكلام في ولايته على الوجه الثاني: اعني توقف تصرف الغير على اذنه
اشارة

بقي الكلام في ولايته على الوجه الثاني (2): اعني توقف تصرف الغير على اذنه فيما كان متوقفا على اذن الامام عليه السلام، و حيث إن موارد التوقف على اذن الامام غير مضبوطة فلا بد من ذكر ما يكون كالضابط (3) لها

الضابطة لما يجب استئذان الفقيه فيه

فنقول (4): كل معروف علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج إن علم كونه وظيفة شخص خاص كنظر الأب في مال ولده الصغير أو صنف خاص كالإفتاء و القضاء، أو كل من يقدر على القيام به كالأمر

+++++++++++

- فخلاصة الكلام أنه اذا علمنا من الخارج أن الشارع لا يرضى بترك امر وجب علينا القيام به باجازة منه كالتصرف في أموال القاصرين و الاموال التي لا يعرف صاحبها المعبر عنها ب (المجهول المالك)

و كذا لو كان في ترك شيء ضرر: وجب على الفقيه توليته بقدر دفع الضرر فقط، لا مطلقا

(1) اى و ملخص الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الاول الذي اشير إليه في ص 313 بقوله: الاول استقلال الولي بالتصرف

(2) و هو الذي اشار إليه بقوله في ص 313: الثاني عدم استقلال غيره بالتصرف

(3) اى من ذكر قاعدة كلية تكون كبرى لتشخيص صغريات و موارد الاحتياج الى اذن الفقيه

(4) من هنا اخذ الشيخ في ذكر تلك الضابطة الكلية

ص: 330

بالمعروف فلا إشكال في شيء من ذلك (1)

و إن لم يعلم ذلك و احتمل كونه مشروطا في جوازه، أو وجوبه بنظر الفقيه وجب الرجوع فيه إليه

ثم إن علم الفقيه من الادلة جواز توليته، لعدم اناطته بنظر خصوص الامام، أو نائبه الخاص تولاه مباشرة، أو استنابة إن كان مما يرى الاستنابة فيه، و إلا (2) مطله، فإن (3) كونه معروفا لا ينافي اناطته بنظر الامام عليه السلام

و الحرمان (4) عنه عند فقده كسائر (5) البركات التي حرمنا منها بفقده عجل اللّه تعالى فرجه

+++++++++++

(1) اى من عدم احتياج هذه الامور الى اذن الفقيه، و عدم توقفها على اجازته

(2) اى و إن لم يعلم الفقيه جواز توليته و تصديه للأحكام عطل الحكم و لم يتصد له

(3) تعليل لوجوب تعطيل الحكم في صورة عدم علمه بجواز توليته و إن كان الحكم راجعا الى الامر بالمعروف

و خلاصته: أن مجرد كون الحكم امرا معروفا لا يكون مبررا لتصديه لبيان الحكم

كما أن مجرد كونه امرا معروفا لا ينافي توقفه على نظر الامام عليه السلام

(4) دفع وهم

حاصل الوهم أنه اذا كان الحكم امرا معروفا كيف يجوز للفقيه تعطيله بتركه عن تصديه، فإن الترك موجب للحرمان

(5) جواب عن الوهم المذكور -

ص: 331

و مرجع هذا (1) الى الشك في كون المطلوب مطلق وجوده، أو وجوده من موجد خاص

ما يدل على وجوب استئذان الفقيه في الأمور المذكورة

أما وجوب الرجوع الى الفقيه في الامور المذكورة (2) فيدل عليه مضافا الى ما يستفاد من جعله (3) حاكما كما في مقبولة ابن حنظلة الظاهرة في كونه (4) كسائر الحكام المنصوبة في زمان النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و الصحابة في الزام الناس بارجاع الامور المذكورة إليه، و الانتهاء فيها الى نظره

+++++++++++

- و خلاصته: أن هذا الحرمان كبقية البركات التي حرمنا عنها في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج بواسطة عدم قابليتها للتشرف بخدمته

فالحرمان عن هذا الحكم و إن كان الحكم امرا معروفا، لكنه لا يختص به

(1) اى و مآل تصدي الفقيه للحكم في صورة علمه بجواز توليته للحكم، أو عدم جواز تصديه للحكم و تعطيله له في صورة عدم علمه بجواز تصديه و توليته للحكم الى الشك في أن المطلوب هل هو وجود الحكم مطلقا اى من أي شخص صدر حتى يجوز للفقيه تصديه للحكم أو المطلوب هو وجود الحكم و صدوره من موجد خاص و هو الامام عليه السلام حتى لا يجوز للفقيه تصديه للحكم؟

و أما في صورة علم الفقيه بوجوب الحكم عليه مطلقا فالواجب عليه اتيانه، لعلمه حينئذ بوجوبه عليه وجوبا عينيا

(2) و هي الامور التي يرجع فيها كل قوم الى رئيسهم

(3) اى من جعل الفقيه حاكما كما في مقبولة عمر بن حنظلة المشار إليها في ص 326 حيث جعله الامام عليه السلام حاكما على الناس في قوله:

قد جعلته عليكم حاكما

(4) اى في كون الفقيه

ص: 332

بل المتبادر عرفا من نصب السلطان حاكما وجوب الرجوع في الامور العامة المطلوبة للسلطان إليه

و الى ما تقدم (1) من قوله عليه السلام: مجاري الامور بيد العلماء باللّه الامناء على حلاله و حرامه (2)

التوقيع (3) المروي في اكمال الدين، و كتاب الغيبة، و احتجاج الطبرسي الوارد في جواب مسائل اسحاق بن يعقوب التي ذكر أني سألت العمري رضي اللّه عنه أن يوصل لي الى الصاحب عجل اللّه فرجه كتابا فيه تلك المسائل التي قد اشكلت عليّ

فورد الجواب بخطه عليه آلاف التحية و السلام في أجوبتها و فيها:

و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه (4)، فان المراد بالحوادث ظاهرا مطلق الامور التي لا بدّ من الرجوع فيها عرفا، أو عقلا، أو شرعا الى الرئيس مثل النظر في أموال القاصرين لغيبة، أو موت أو صغر، أو سفه

+++++++++++

(1) اى و بالإضافة الى ما تقدم

(2) مرت الاشارة الى الحديث في الهامش 5. ص 325

(3) فاعل لقوله في ص 332: فيدل عليه اى فيدل على وجوب رجوع المكلف الى الفقيه في الامور المذكورة التوقيع الصادر من الامام (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 18. ص 101 الباب 11. الحديث 9

و الشاهد في جملة (و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه) فإن هذه الجملة تدل على وجوب رجوع المكلف الى الفقيه في الحوادث الواقعة لهم، لكون الفقهاء حجج -

ص: 333

و أما تخصيصها (1) بخصوص المسائل الشرعية فبعيد من وجوه

(منها (2) أن الظاهر وكول نفس الحادثة إليه (3) ليباشر امرها مباشرة، أو استنابة، لا الرجوع في حكمها (4) إليه

(و منها (5) التعليل (6) بكونهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه فإنه إنما يناسب الامور التي يكون المرجع فيها هو الرأي و النظر فكان هذا منصب ولاة الامام من قبل نفسه، لا أنه واجب من قبل اللّه سبحانه على الفقيه بعد غيبة الامام، و إلا كان المناسب أن يقول: إنهم حجج اللّه عليكم كما وصفهم في مقام آخر بأنهم أمناء اللّه على الحلال و الحرام

+++++++++++

- الامام المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه الشريف

و قد ذكر الشيخ قدس سره كيفية وجوب الرجوع الى الفقيه بقوله في ص 333 فإن المراد من الحوادث

(1) اى تخصيص الحوادث الواقعة

(2) اى من بعض تلك الوجوه الدالة على بعد تخصيص الحوادث بالمسائل الشرعية

(3) اى الى الفقيه

(4) اى الامام المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه ما اوكل السائل في توقيعه هذا في الحوادث الواقعة من الرجوع الى الفقيه في حكم تلك الحادثة:

من الحرمة، أو الوجوب

(5) اى و من بعض تلك الوجوه الدالة على بعد تخصيص الحوادث بالمسائل الشرعية

(6) اى تعليل الحجة المنتظر في توقيعه الشريف: فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه

ص: 334

(و منها (1) أن وجوب الرجوع في المسائل الشرعية الى العلماء الذي هو من بديهيات الاسلام من السلف الى الخلف مما لم يكن يخفى على مثل اسحاق بن يعقوب حتى يكتبه في عداد مسائل اشكلت عليه، بخلاف وجوب الرجوع في المصالح العامة الى راى احد و نظره، فإنه يحتمل أن يكون الامام عليه السلام قد وكله في غيبته الى شخص، أو اشخاص من ثقاته في ذلك الزمان

و الحاصل ان الظاهر أن لفظ الحوادث ليس مختصا بما اشتبه حكمه و لا بالمنازعات

ثم إن النسبة بين مثل هذا التوقيع (2) و بين العمومات الظاهرة في اذن الشارع في كل معروف لكل احد مثل قوله عليه السلام:

كل معروف صدقة (3)

و قوله عليه السلام: عون الضعيف من أفضل الصدقة (4)، و أمثال

+++++++++++

(1) اى و من بعض تلك الوجوه الدالة على بعد تخصيص الحوادث بالمسائل الشرعية

(2) و هو التوقيع الشريف الصادر من الناحية المقدسة لاسحاق بن يعقوب

(3) (المصدر نفسه). الجزء 11. ص 521. الباب 9. الحديث 2

(4) (الوافي) المجلد 3. الجزء 9. ص 32

فالحديثان هذان يدلان على عموم جواز التصدي لكل احد في كل معروف، و في عون كل ضعيف، حيث إنهما إحسان و الإحسان مطلوب في نفسه قد حث الشارع به

و من الواضح أن الامور المذكورة في ص 323 نوع -

ص: 335

و ذلك و إن كانت عموما من وجه (1)

+++++++++++

- من الإحسان يجوز التصدي فيها لكل احد من غير احتياجها الى اذن الفقيه

فالامور المذكورة في ص 323 بمقتضى هذين العمومين و أمثالهما التي لم تذكر هنا و ذكرت في مظانها من كتب الحديث يجوز تصديها لكل احد

(1) و إنما افاد أن النسبة بين التوقيع الشريف، و بين هذين العمومين المشار إليهما في الهامش 3-4، ص 335 و التي لم تذكر هنا و ذكرت في مظانها العموم و الخصوص من وجه ليدفع عما ربما يتوهم: من أن مقتضى الأدلة المذكورة لاثبات الولاية للفقيه و إن كان وجوب الرجوع إليه

لكنها معارضة بهذين العمومين، و غيرهما: من العمومات الواردة في المقام الدالة على حسن الإحسان، و اعانة الضعيف من كل احد من غير احتياجهما الى اذن الفقيه؛ لكونهما من البر و التقوى

قد اذن الشارع فيهما، و حث عليهما فيجوز التصدي فيهما لكل احد

فاذا وقعت المعارضة بين الأدلة المذكورة في ص 325-326 و بين العمومين المذكورين في الهامش 3-4 ص 335، و غيرهما مما لم تذكر في مورد اجتماع الأدلة و العمومين سقطت الأدلة عن الاعتبار فلا حجية لها فلا ولاية للفقيه اذا

و أما بيان كون النسبة بين الأدلة الدالة على ولاية الفقيه، و بين العمومات المذكورة في الهامش 3-4 ص 335 العموم من وجه فاليك التفصيل

إن كل واحد من الدليلين:

دليل ولاية الفقيه، و دليل الاحسان و الاعانة عام من جهة، و خاص من جهة اخرى

أما العموم في جانب أدلة ولاية الفقيه فلعدم اعتبار المعروف فيها -

ص: 336

..........

+++++++++++

- فتشمل ما يشمله دليل الاحسان و الاعانة

و أما الخصوص في جانب أدلة ولاية الفقيه فلاعتبار الحدوث في موضوعه حيث قال عليه السلام في التوقيع الصادر الى اسحاق بن يعقوب:

و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا

و أما العموم في جانب دليل الاحسان و الاعانة فلشمول كل معروف صدقة، و عون الضعيف من أفضل الصدقة لما يختص به الفقيه، و ما لا يختص به كالأفعال الواجبة و المستحبة التي تتأدى من الفقيه، و من غيره

و أما الخصوص في جانب دليل الاحسان، و الاعانة فلعدم شمول ما يختص به الفقيه غير الفقيه كالافتاء و القضاء

فالدليلان و هما: دليل أدلة الولاية، و دليل الاحسان، و الاعانة لهما موردا افتراق، و مورد اجتماع كما هو الشأن في جميع موارد العموم و الخصوص من وجه

أما مادة الاجتماع فكما في بعض الامور المعروفة: كبيع مال اليتيم فإن مقتضى دليل الولاية عدم جواز تصديه إلا للفقيه

و مقتضى دليل الاحسان، و الاعانة جواز تصديه لغير الفقيه

فالدليلان هنا يجتمعان فيتعارضان، و لازمهما التساقط

أما مادة الافتراق من جانب دليل الاحسان و الاعانة: بأن يكون هو موجودا، و دليل الولاية غير موجود كالصدقات

و كالامور المعروفة التي هي احسان محض، و لا يعتبر في انشائها في الخارج الى اذن الغير

و أما مادة الافتراق من جانب دليل الولاية: بأن يكون هو موجودا -

ص: 337

إلا أن الظاهر حكومة هذا التوقيع (1)، عليها و كونها (2) بمنزلة المفسر الدال على وجوب الرجوع الى الامام عليه السلام، أو نائبه في الامور العامة التي يفهم عرفا دخولها تحت الحوادث الواقعة (3)، و تحت عنوان الامر

+++++++++++

- و دليل المعروف غير موجود كالأفعال التي يختص بها الفقيه، دون غيره مثل الافتاء، و القضاء، فإنهما من الحوادث الواقعة التي لا بدّ فيها من الرجوع الى الفقيه

(1) اى حكومة هذا التوقيع على العمومات المذكورة في ص 335

بيان أن التوقيع الشريف يكون حاكما على العمومات المذكورة في ص 335 هو أن التوقيع يثبت حقا للفقيه، فبناء على ذلك وجب على الآخرين الرجوع إليه، و لا يجوز لهم التصرف في الامور المذكورة في ص 323 إلا باذنه فيخرج الآخرون عن موضوع الاحسان كما في الحديث الاول المشار إليه في ص 348

و كذلك يخرج الآخرون عن موضوع الاعانة كما في الحديث الثاني المشار إليه في ص 348 لأن الاحسان و الاعانة إنما يحسنان اذا لم يزاحمها حق من ثبت له الحق كالفقيه، حيث ثبتت له الولاية بالتوقيع و غيره: من الأدلة المثبتة للفقيه حق الولاية

فالخلاصة: أن موضوع الإحسان و الاعانة مقيد بعدم مزاحمتهما لشيء

و أما في صورة المزاحمة فلا يبقى لهما موضوع حتى يثبت لهما المعارضة مع أدلة ولاية الفقيه حتى يتساقطا

(2) اى و كون العمومات المذكورة في ص 348 الدالة على ولاية الفقيه مفسرة للتوقيع المذكور في ص 333

(3) اى الحوادث المذكورة في التوقيع المشار إليه في ص 333 الدالة على وجوب الرجوع فيها الى الفقهاء

ص: 338

في قوله (1): أولى الامر، و على تسليم التنزل عن ذلك (2) فالمرجع بعد تعارض العمومين (3) الى أصالة عدم مشروعية ذلك المعروف (4)

مع (5) عدم وقوعه عن رأي ولي الامر

هذا (6)

لكن المسألة (7) لا تخلو عن إشكال، و إن كان الحكم به مشهورا

و على أي تقدير

+++++++++++

(1) اى في قوله تعالى: أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ النساء: الآية 58

(2) اى عن حكومة التوقيع الشريف، و بقية الأدلة الدالة على ولاية الفقيه

(3) و هما: عموم أدلة ولاية الفقيه، و عموم أدلة الإحسان و العون

(4) الوارد في حديث كل معروف صدقة، و في حديث عون الضعيف من أفضل الصدقة

(5) هذا إشكال آخر على كون المعروف غير مشروع أى و لنا بالإضافة الى دليل عدم مشروعية المعروف دليل آخر على عدم حجية المعروف و الاحسان هنا

و ذاك الدليل هو عدم صدور المعروف المذكور عن رأي وليّ الامر

(6) اى خذ ما تلوناه عليك حول الأدلة الدالة على ولاية الفقيه و العمومات الدالة على كون التصدي للامور المذكورة في ص 323 من الاحسان و الاعانة لا يحتاج الى الاذن من الفقيه

(7) اى مسألة ولاية الفقيه بصورة عامة مطلقة

ص: 339

فقد ظهر مما ذكرنا (1) أن ما دلت عليه هذه الأدلة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأمور التي تكون مشروعية ايجادها في الخارج مفروغا عنها بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية.

و أما ما يشك في مشروعيته كالحدود لغير الامام، و تزويج الصغيرة لغير الأب و الجد، و ولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه، و فسخ العقد الخيارى عنه، و غير ذلك فلا يثبت من تلك الأدلة (2) مشروعيتها للفقيه، بل لا بدّ للفقيه من استنباط مشروعيتها من دليل آخر

نعم الولاية على هذه (3) و غيرها (4) ثابتة للامام عليه السلام بالأدلة المتقدمة (5) المختصة به مثل آية أولى بالناس من أنفسهم

و قد تقدم أن اثبات عموم نيابته للفقيه عنه عليه السلام في هذا النحو من الولاية على الناس ليقتصر في الخروج عنه على ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد

و بالجملة فهاهنا (6) مقامان:

+++++++++++

(1) اي في مقبولة عمر بن حنظلة بقوله في ص 332: الظاهرة في كونه كسائر الحكام المنصوبة في زمان النبي صلى اللّه عليه و آله و الصحابة في إلزام الناس بارجاع الامور المذكورة إليه، و الانتهاء فيها الى نظره

(2) و هي الدالة على ولاية الفقيه المشار إليها في ص 325-326-333

(3) و هي الامور المذكورة في الهامش 28. ص 323

(4) و هي الأنفس و الأموال

(5) و هي: الكتاب و السنة و الاجماع و العقل الثابتة للامام عليه السلام الولاية المطلقة التي تحصه

(6) اى في ولاية الفقيه الجامع لشرائط الافتاء على الوجه الثاني:

و هو توقف تصرف الغير على اذنه

ص: 340

(احدهما): وجوب ايكال المعروف المأذون فيه إليه، لتقع خصوصياته عن نظره و رايه كتجهيز الميت الذي لا ولي له، فإنه يجب أن تقع خصوصياته من تعيين الغاسل و المغسل، و تعيين شيء من تركته للكفن، و تعيين المدفن عن رأي الفقيه

(الثاني) مشروعية تصرف خاص في نفس، أو مال أو عرض

و الثابت بالتوقيع (1) و شبهه هو الاول (2)، دون الثاني: (3) و إن كان الافتاء في المقام الثاني بالمشروعية، و عدمها (4) أيضا من وظيفته إلا أن المقصود عدم دلالة الأدلة السابقة (5) على المشروعية

نعم لو ثبتت أدلة النيابة (6) عموما تم ما ذكر

ثم إنه قد اشتهر في الألسن، و تداول في بعض الكتب رواية أن السلطان وليّ من لا وليّ له (7)

+++++++++++

(1) و هو الصادر الى اسحاق بن يعقوب المشار إليه في ص 333

(2) و هو وجوب ايكال المعروف المأذون فيه الى الفقيه

(3) و هو مشروعية تصرف خاص في نفس، أو مال، أو عرض

(4) اى و عدم المشروعية من وظيفة الحاكم الشرعي

(5) و هي التي اقيمت على ولاية الفقيه المشار إليها في ص 325-326-333 فانها لا تدل على مشروعية خاصة في نفس، أو مال، أو عرض

(6) اى لو ثبتت نيابة الفقيه عن الامام عليه السلام بنحو العموم لا خصوص الامور المذكورة في الهامش 2 ص 332 لتم ما ذكر: من مشروعية تصرف خاص في نفس، أو مال، أو عرض

(7) (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 287. الباب 2 الحديث 2

ص: 341

و هذا (1) أيضا بعد الانجبار سندا، أو مضمونا (2) تحتاج الى أدلة عموم النيابة

و قد عرفت ما يصلح أن يكون دليلا عليه (3) و أنه (4) لا يخلو

+++++++++++

لا يخفى أن هذا الحديث بهذه الألفاظ بتمامها لا يوجد في المصدر و لا عثرنا على مصدر آخر يوجد فيه

نعم هذا المعنى مستفاد من قول امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في حق رجل قتل رجلا خطاء و كان المقتول من مدينة (الموصل) فامر بالفحص عن ورثته في موطنه و مسقط رأسه فقال:

اذا ما وجد له ورثة فأنا وليه

و المراد من السلطان هنا هو الامام عليه السلام، لا الفقيه، بناء على أن الألف و اللام عوض عن المضاف إليه و هو لفظ الجلالة (اللّه)

(1) اى و هذا الحديث و هو قوله: إن السلطان ولي من لا ولي له بعد انجباره بعمل الأصحاب، حيث إنها مرسلة يحتاج العمل بها الى عموم أدلة نيابة الفقيه، لأنك علمت أن المراد من السلطان هو الامام عليه السلام لا الفقيه بناء على أن الألف و اللام في كلمة السلطان عوض عن المضاف إليه و هو اللّه، فإسراء الحكم الى الفقيه محتاج الى عموم أدلة النيابة له، لا مطلق من تسلط على الناس

(2) منشأ الترديد الشك الحاصل في أن المتداول في الألسن متن الحديث فنقلت باللفظ، أو مضمونه فنقلت بالمعنى

(3) اى على عموم النيابة للفقيه في الأدلة القائمة على توليته المشار إليها في ص، حيث عرفت هناك أن أيا منها يصلح دليلا على ذلك، و أيا منها لا يصلح لذلك

(4) اى و قد عرفت أيضا أن هذا الحديث المشتهر في الألسن -

ص: 342

عن وهن في دلالته، مع (1) قطع النظر عن السند كما اعترف به (2) جمال المحققين (3) في باب الخمس بعد الاعتراف بأن المعروف بين الأصحاب كون الفقهاء نواب الامام

و يظهر ذلك من المحقق الثاني أيضا في رسالته الموسومة بقاطع اللجاج في مسألة جواز اخذ الفقيه اجرة أراضي الأنفال من المخالفين كما يكون ذلك للامام عليه السلام اذا ظهر، للشك في عموم النيابة (4)،

و هو (5) في محله

+++++++++++

- من أن السلطان وليّ من لا وليّ له لا دلالة له على النيابة العامة للفقيه اذ المراد من السلطان هو الامام عليه السلام، لا الفقيه كما عرفت

(1) اى بالإضافة الى أن هذا الحديث موهون بالسند أيضا، لكونه مرسلة

(2) اى بوهن الدلالة، و ضعف السند في هذه المرسلة

(3) هو استاذ المحققين آغا جمال الخونساري قدس سره

يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب)

(4) اى في نيابة الفقيه

و فاعل ظهر الامام اى اذا ظهر (الحجة المنتظر) عجل اللّه تعالى فرجه تعطى اجرة أراضي الأنفال له

و جملة للشك تعليل لإعطاء اجرة أراضي الأنفال للحجة عجل اللّه تعالى فرجه، لا للفقيه أى الإعطاء له لاجل الشك في كون الفقيه نائبا عاما حتى في اخذ أجرة الأراضي

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره يؤيد به ما ذهب إليه المحقق الثاني

ص: 343

ثم إن قوله عليه السلام: من لا ولي له في المرسلة المذكورة ليس مطلق (1) من لا ولي له، بل المراد عدم الملكة (2) يعني أنه ولي من من شأنه أن يكون له ولي بحسب شخصه (3) أو صنفه، أو نوعه، أو جنسه فيشمل الصغير (4) الذي مات ابوه، و المجنون (5) بعد البلوغ، و الغائب (6) و الممتنع (7) و المريض، و المغمى عليه، و الميت الذي لا ولي له، و قاطبة (8) المسلمين اذا كان لهم ملك كالمفتوح عنوة، و الموقوف عليهم في الأوقاف العامة، و نحو ذلك

لكن يستفاد منه (9)

+++++++++++

(1) حتى الصغير الذي ليس له أي صلة مادية مرتبطة بشأن ولاية الفقيه عليه فمثل هذا لا تشمله ولاية الفقيه

(2) المراد من عدم الملكة هنا عدم القابلية و الاستعداد للشخص لأن يتصدى لاموره و هو محتاج لمن يتصدى لاموره

(3) الظاهر عدم مورد للولاية على شخص الانسان بحيث لا يتعدى الى غيره

(4) مثال للصنف

(5) مثال للنوع

(6) مثال للنوع أيضا، و كذا ما بعده

(7) و هو المدين الذي يمتنع عن اداء دينه

(8) مثال للجنس

(9) اى من الحديث الوارد في قوله عليه السلام: السلطان وليّ من لا وليّ له

ص: 344

ما لم يكن يستفاد من التوقيع المذكور (1) و هو (2) الاذن في فعل كل مصلحة لهم فتثبت (3) به مشروعية ما لم تثبت مشروعيته بالتوقيع المتقدم فيجوز له (4) القيام بجميع مصالح الطوائف المذكورين

نعم ليس له (5) فعل شيء لا تعود مصلحته إليهم، و إن كان ظاهر الولي يوهم (6)

+++++++++++

(1) اى من التوقيع المشار إليه في ص 333 في قوله: التوقيع المروى في اكمال الدين

خلاصة هذا الكلام: أنه يستفاد من المرسلة المذكورة ما لم يستفد من التوقيع الشريف، لأنه يستفاد من المرسلة مشروعية كل شيء فيه مصلحة للشخص، و هذا المعنى لا يستفاد من التوقيع الشريف، لأن كلمة الولي مضافة الى من الموصولة و الاضافة بمعنى اللام و اللام للانتفاع، و ليس في التوقيع الشريف اضافة حتى يستفاد منها العموم المذكور

(2) كلمة هو تفسير للمعنى العام المستفاد من المرسلة المشهورة

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من استفادة العموم من المرسلة المشهورة اي فمن ضوء ما ذكرنا تثبت بالمرسلة مشروعية كل شيء فيه المصلحة و لم يثبت هذا العموم من التوقيع الشريف

(4) اي للسلطان القيام بجميع الطوائف المذكورين: من الصغير الذي مات أبوه، و المجنون بعد البلوغ، و الغائب و الممتنع و المريض الذي فقدت مشاعره، و المغمى عليه، و الميت الذي لا ولي له، و قاطبة المسلمين

(5) اي ليس للسلطان أن يأتي للصغير، و أمثاله من المذكورين بعمل لا يعود منه نفع إليه

(6) اى له الاتيان بكل عمل للصغير و أمثاله و إن لم يكن فيه عمل يعود منه نفع إليهم

ص: 345

ذلك اذ (1) بعد ما ذكرنا من (2) أن المراد بمن لا ولي له من من شانه أن يكون له ولي يراد به كونه ممن ينبغي أن يكون له من يقوم بمصالحه لا بمعنى أنه ينبغي أن يكون عليه ولي له عليه ولاية الاجبار بحيث يكون تصرفه ماضيا عليه

و الحاصل (3) أن الولي المنفي هو الولي للشخص، لا عليه فيكون المراد بالولي المثبت ذلك أيضا فمحصله أن اللّه جعل الولي الذي يحتاج إليه الشخص و ينبغي أن يكون له (4) هو السلطان، فافهم

مسألة في ولاية عدول المؤمنين(مسألة في ولاية عدول المؤمنين)
حدود ولاية المؤمنين

اعلم أن ما كان من قبيل ما ذكرنا فيه ولاية الفقيه: و هو ما كان تصرفا مطلوب الوجود للشارع اذا كان الفقيه متعذر الوصول

+++++++++++

(1) تعليل لعدم حق للسلطان بالقيام بكل عمل للصغير حتى و لو لم يكن فيه مصلحة له

(2) كلمة من بيان لما ذكرنا

(3) اى خلاصة ما ذكرناه في بداية الولاية أن المنفي من الولاية هي ولاية احد على احد في قولنا في ص 315: اذا عرفت هذا فنقول مقتضى الاصل عدم ثبوت الولاية لاحد بشيء من الامور المذكورة

خلاصة هذا الكلام أن المنفي من الولاية هناك بمقتضى الاصل اللفظي أو العملي الولاية على الشخص لمنافعه الشخصية، و ليس المنفي من الولاية الولاية التي تكون على ضرر الشخص

فما نفيناه هناك يكون ثابتا هنا بهذه المرسلة، لكونها أمارة و هي حاكمة على ذاك الاصل بقسميه: اللفظي و العملي

(4) اى للولي السلطة و القدرة

ص: 346

فالظاهر جواز توليته لآحاد المؤمنين، لأن المفروض كونه (1) مطلوبا للشارع غير مضاف الى شخص (2)

و اعتبار نظارة الفقيه فيه ساقط له بفرض التعدد، و كونه (3) شرطا مطلقا له، لا شرطا اختياريا مخالف لفرض العلم بكونه مطلوب الوجود مع تعذر الشرط، لكونه من المعروف الذي امر باقامته في الشريعة

نعم لو احتمل كون مطلوبيته (4) مختصة بالفقيه، أو الامام صح الرجوع الى أصالة عدم المشروعية (5) كبعض مراتب النهي عن المنكر حيث إن اطلاقاته لا تعم ما اذا بلغ حد الجرح

قال الشهيد رحمه اللّه في قواعده: يجوز للآحاد (6) مع تعذر الحكام (7) تولية آحاد التصرفات (8) الحكمية على الاصح كدفع ضرورة

+++++++++++

(1) اى كون التصرف الذي يكون بواسطة الولي

(2) اى الى شخص خاص يكون هو الفقيه

(3) اى و كون اعتبار نظارة الفقيه شرطا مطلقا للفقيه غير مقيد بصورة الاختيار: بأن يقال: إن نظارة الفقيه معتبرة حتى في صورة تعذر الوصول الى الفقيه

(4) اى مطلوبية التصرف في امور الصغير و أمثاله

(5) اى لعدول المؤمنين، بناء على ذاك الاصل:

و هو اللفظي أو العملي

(6) اى للآحاد من المؤمنين

(7) اى الفقهاء

(8) اى كل فرد فرد من التصرفات التي لها منفعة للصغير و أمثاله من المذكورين

و المراد من التصرفات الحكمية هي التصرفات النافعة للصغير و أمثاله

ص: 347

اليتيم، لعموم و تعاونوا على البر و التقوى (1)

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: و اللّه تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه (2)

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم كل معروف صدقة (3)

و هل يجوز (4) اخذ الزكوات و الأخماس من الممتنع، و تفريقها في أربابها (5)، و كذا بقية وظائف الحكام غير ما يتعلق بالدعاوى فيه وجهان

وجه الجواز ما ذكرنا (6)، و لأنه (7) لو منع من ذلك لفاتت مصالح تلك الأموال و هي مطلوبة للّه تعالى

و قال (8) بعض المتأخرين

+++++++++++

(1) المائدة: الآية 3

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 589. الباب 29 الحديث 2 و في المصدر هكذا:

و اللّه في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون اخيه

(3) مضت الاشارة الى مصدر الحديث في الهامش 2 ص 235

(4) اى لعدول المؤمنين

(5) اى لمستحقيها و هم المذكورون في آية إنما الصدقات

(6) اى من الآية الكريمة المشار إليها في ص 348

و حديث: و اللّه في عون العبد المشار إليه في ص 348

و حديث: كل معروف صدقة المشار إليه في ص 348

(7) هذا دليل ثان للجواز

(8) هذا من كلام الشهيد أيضا

ص: 348

عن العلامة (1): لا شك أن القيام بهذه المصالح أهم من ترك تلك الأموال بأيدي الظلمة (2) يأكلونها بغير حقها، و يصرفونها الى غير مستحقها فإن توقع امام يصرف ذلك في وجهه حفظ المتمكن (3) تلك الأموال الى حين تمكنه من صرفها إليه؛ و إن يئس من ذلك كما في هذا الزمان تعين صرفه على الفور في مصارفه، لما في ابقائه من التغرير؛ و حرمان مستحقيه من تعجيل اخذه مع مسيس حاجتهم إليه

و لو ظفر بأموال مغصوبة حفظها لأربابها حتى يصل إليهم، و مع اليأس يتصدق بها عنهم و يضمن

و عند العامة تصرف في المصارف العامة. انتهى

و الظاهر (4) أن قوله: فإن توقع الى آخره من كلام الشهيد رحمه اللّه

+++++++++++

(1) في بعض نسخ المكاسب (العلامة)، و في بعضها (العامة) المراد بهم اخواننا السنة. و هذا هو الأوفق بالصواب

و الشاهد على ذلك قول الشيخ في ص 349: و الظاهر أن قوله: فان توقع الى آخره من كلام الشهيد

بالإضافة الى أن الشهيد كان يقارن فقه الامامية مع فقه المذاهب الاربعة ففي هذا المقام ذكر رأيا عن بعض (فقهاء اخواننا السنة)

(2) المراد بهم المانعون عن اداء زكواتهم و دفعها الى الفقراء

(3) اى المتمكن من حفظ أموال الامام عليه السلام

(4) هذا كلام الشيخ: اى الظاهر من جملة (فإن توقّع امام يصرف ذلك) من كلام الشهيد، لا من كلام (اخواننا السنة)، حيث إنهم لا يعتقدون بالامامة

ص: 349

و لقد (1) اجاد فيما افاد، إلا أنه لم يبين وجه عدم الجواز

و لعل وجهه أن مجرد كون هذه الامور من المعروف لا ينافي اشتراطها بوجود الامام أو نائبه كما في قطع الدعاوى و اقامة الحدود كما في التجارة بمال الصغير الذي له اب وجد، فان كونها من المعروف لا ينافي وكوله الى شخص خاص (2)

نعم (3) لو فرض المعروف على وجه يستقل العقل بحسنه مطلقا كحفظ اليتيم من الهلاك الذي يعلم رجحانه على مفسدة التصرف في مال الغير بغير اذنه صح المباشرة بمقدار يندفع به الضرورة، أو فرض (4)

+++++++++++

(1) هذا كلام الشيخ أيضا اى و لقد اجاد شيخنا الشهيد فيما افاده من وجوب حفظ الأموال الى زمن يمكن تسليمها الى الامام عليه السلام

و عند اليأس من ايصالها إليه كما في زماننا، حيث إنه عجل اللّه تعالى فرجه غائب عن أعيننا: تصرف في سبل الخير، و المصالح العامة

(2) و هو الامام عليه السلام

(3) استدراك عما افاده: من أن مجرد كون هذه الامور من المعروف لا ينافي اشتراطها بوجود الامام

و خلاصته أنه لو فرض المعروف من المستقلات العقلية التي يستقل العقل بحسنه كما في حفاظة مال اليتيم من الضياع و التلف فلا يحتاج في التصرف فيه الى شخص خاص، لأن في الحفاظة مصلحة و رجحانا تكون مقدمة على مفسدة التصرف في مال اليتيم، لكون المفسدة مندكة في جانب تلك المصلحة فيجوز لكل شخص التصرف في مال اليتيم، لاحتفاظه بمقدار يندفع به الضرورة، فمثل هذا الغرض لا يحتاج التصرف الى اذن خاص

(4) هذا فرض ثان و استدراك آخر عما افاده: من كون مجرد هذه -

ص: 350

على وجه يفهم من دليله جواز تصديه لكل احد إلا (1) أنه خرج ما لو تمكن من الحاكم، حيث دلت الأدلة على وجوب ارجاع الامور إليه و هذا (2) كتجهيز الميت و إلا (3) فمجرد كون التصرف معروفا لا ينهض في تقييد ما دل على عدم ولاية احد على مال احد، أو نفسه

+++++++++++

- الامور من المعروف لا ينافي اشتراطها بوجود الامام

و خلاصته: أنه لو فرضنا أن المعروف يستفاد من دليله الوارد جواز تصديه لكل احد فلا يحتاج التصرف في هذا المعروف الى اذن شخص خاص كما في تجهيز الميت، حيث ان تغسيله و تكفينه و تدفينه و الصلاة عليه، و الإسراع في دفنه امر معروف حسن يستفاد من دليل الوارد في التجهيز يجوز تصديه لكل احد من غير توقفه على اذن شخص خاص

فهنا لا يحتاج التصرف في امر الميت الى اذن خاص

(1) استثناء عما افاده: من عدم الاحتياج الى اذن خاص

و خلاصته: أنه في صورة التمكن من الوصول الى الحاكم لا بدّ من الاستيذان منه، و عدم جواز التصرف في الامور المحتاجة الى اذنه بغير اذنه

(2) اي و جواز تصدي المعروف لكل احد المستفاد من دليل المعروف هو تجهيز الميت كما عرفت

(3) اي و إن لم يفهم من دليل المعروف جواز تصديه لكل احد فلا يكون المعروف بمجرد كونه معروفا قابلا لتقييد العموم الوارد: في أنه لا ولاية لاحد على احد في المال و النفس، فصرف المعروف لا يخصص هذا العموم، بل لا بدّ من فرض المعروف باحد الفرضين المذكورين في الهامش 3-4. ص 350 حتى لا يحتاج الى اذن شخص خاص

ص: 351

و لهذا (1) لا يلزم عقد الفضولي على المعقود له بمجرد كونه معروفا و مصلحة

و لا يفهم من أدلة المعروف ولاية للفضولي على المعقود عليه، لأن المعروف هو التصرف في المال، أو النفس على الوجه المأذون فيه من المالك أو العقل، أو الشارع من غير جهة نفس أدلة المعروف

و بالجملة (2) تصرف غير الحاكم يحتاج الى نص عقلي، أو عموم شرعي أو خصوص في مورد جزئي. فافهم

+++++++++++

(1) اي و لأجل أن المعروف بمجرد كونه معروفا لا يكون مخصّصا و مقيّدا للعموم الوارد في عدم ولاية احد لاحد على أموال الناس و أنفسهم لا يكون عقد الفضولي لازما على المعقود له و هو المشتري بمجرد كون العقد من المعروف، و أنه مصلحة له

(2) اي فخلاصة الكلام في ولاية عدول المؤمنين و أنها جائزة أو ليست بنافذة: أن التصرف لغير الحاكم الشرعي في أموال الآخرين يحتاج إما الى نص عقلي كما في المستقلات العقلية

و إما الى نص شرعي المعبر عنه بالعموم كالعمومات المتقدمة: من الآية الكريمة المشار إليها في ص 348

و كعموم قوله صلى اللّه عليه و آله: و اللّه تعالى في عون المؤمن المشار إليه في ص 348

و كقوله صلى اللّه عليه و آله: كل معروف صدقة المشار إليه في ص 348

و إما الى خصوص في مورد جزئي كما في تجهيز الميت، حيث عرفت في الهامش 4 ص 350 تفصيل ذلك

ص: 352

بقي الكلام في اشتراط العدالة في المؤمن الذي يتولى المصلحة عند فقد الحاكم
اشارة

بقي الكلام في اشتراط العدالة في المؤمن الذي يتولى المصلحة عند فقد الحاكم كما هو (1) ظاهر اكثر الفتاوى، حيث يعبرون بعدول المؤمنين و هو (2) مقتضى الاصل

و يمكن أن يستدل عليه (3) ببعض الأخبار أيضا

ففي صحيحة محمد بن اسماعيل رجل مات من أصحابنا و لم يوص فرفع امره الى قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القسيم بماله

و كان الرجل خلّف ورثة صغارا، و متاعا و جواري فباع عبد الحميد المتاع فلما اراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن، اذ لم يكن الميت صير إليه وصيته و كان قيامه فيها بامر القاضي، لأنهن فروج قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السلام فقلت له: يموت الرجل من أصحابنا و لا يوصي الى احد و يخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا ليبيعهن، أو قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه، لأنهن فروج فما ترى في ذلك؟

قال: اذا كان القيم مثلك، أو مثل عبد الحميد فلا بأس (4) الخبر (5)

+++++++++++

(1) اي اشتراط العدالة في ولاية المؤمنين

(2) اى اشتراط العدالة في ولاية المؤمنين مقتضى الاصل الاولي:

و هو عدم نفوذ تصرفات الفاسق في مال احد

و عدم حصول النقل بفعله

و كذلك هذا الاشتراط مقتضى عموم دليل قوله عليه السلام:

لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه، و لا يجوز لاحد التصرف في مال الغير إلا باذنه، و المتيقن خروج العادل عن هذا العموم

(3) اى على اشتراط العدالة في ولاية المؤمنين

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 270. الباب 16. الحديث 2

(5) اي الى آخر الخبر، ليست للخبر صلة

ص: 353

بناء (1) على ان المراد من المماثلة (2) إما المماثلة في التشيع (3)

أو في الوثاقة (4) و ملاحظة (5) مصلحة اليتيم و إن لم يكن شيعيا

أو في الفقاهة (6) بأن يكون من نواب الامام عموما في القضاء بين المسلمين

أو في العدالة (7)

و احتمال الثالث (8)

+++++++++++

(1) اي الاستدلال بهذه الصحيحة مبني على أن يكون المراد من المماثلة في قوله عليه السلام: اذا كان القيم به مثلك، أو مثل عبد الحميد

(2) من هنا يروم الشيخ تحليل كلمة المماثلة تحليلا علميا دقيقا فقال:

المراد من المماثلة في الحديث احد معانيها الاربعة المحتملة الآتية

(3) هذا هو المعنى الاول للمماثلة

(4) هذا هو المعنى الثاني للمماثلة

(5) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: أو في الوثاقة اي و في ملاحظة مصلحة اليتيم و إن لم يكن القيم عليه شيعيا

لا يخفى أن عدم التشيع في القيم في صورة المماثلة في الوثاقة كان مستفادا و لا يحتاج الى هذه الجملة، لكنه قدس سره اتى بها من باب ذكر الخاص بعد العام

(6) هذا هو المعنى الثالث للمماثلة

(7) هذا هو المعنى الرابع للمماثلة

(8) و هو المماثلة في الفقاهة

من هنا يروم الشيخ أن يختار احد المعاني المحتملة فقال: و احتمال المعنى الثالث و هو المماثلة في الفقاهة مناف لاطلاق المفهوم الدال على ثبوت -

ص: 354

مناف لاطلاق المفهوم (1) الدال على ثبوت البأس مع عدم الفقيه و لو مع تعذره

و هذا (2) بخلاف الاحتمالات الاخر (3)،

+++++++++++

- البأس مع عدم وجود الفقيه، سواء تعذر وجوده أم لم يتعذر

و أما كيفية المنافاة فهو أن المنطوق الوارد في الحديث هو قوله عليه السلام:

اذا كان القيم به مثلك، أو مثل عبد الحميد فلا بأس اى إن كان القيم مثلك، أو مثل عبد الحميد في الفقاهة فلا بأس به أن يكون قيما على اليتيم

فمفهومه: إن لم يكن القيم مثلك، أو مثل عبد الحميد في الفقاهة ففيه بأس

فهذا المفهوم مطلق ليس فيه تقييد بصورة تعذر الفقيه، و عدم التمكن من الوصول إليه

فلو اريد من المماثلة المماثلة في الفقاهة يلزم أن يكون هذا الاحتمال موجبا لتخصيص المفهوم بصورة التمكن من الفقيه اى إن لم يكن القيم مثلك أو مثل عبد الحميد في الفقاهة في صورة عدم التمكن من الفقيه، و تعذر الوصول إليه ففيه بأس أن يكون قيما على اليتيم

إذا يكون المعنى الثالث لو اريد من المماثلة خارجا عما نحن فيه، لأن ما نحن فيه هو البحث عن التصرفات التي ليس للفقيه فيها تصرف و تدخل

(1) و هو إن لم يكن القيم مثلك، أو مثل عبد الحميد في الفقاهة ففيه بأس كما علمت آنفا

(2) اي و احتمال المعنى الثالث

(3) و هو الاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 3. ص 354 و الاحتمال الثاني المشار إليه في الهامش 4 ص 354، و الاحتمال الرابع المشار إليه في الهامش 7. ص 354 -

ص: 355

فإن (1) الباس ثابت للفاسق، أو الخائن، المخالف و إن تعذر غيرهم فتعين (2) احدهما

+++++++++++

- أي هذه الاحتمالات الباقية لمعنى المماثلة لا يوجب تخصيصا للمفهوم بصورة عدم التمكن، و تعذر الوصول، بل المفهوم باق على عمومه

و من البديهي أنه اذا دار الامر بين تخصيص المفهوم، و رفع اليد عن عمومه كما في الاحتمال الثالث للمماثلة

و بين عدم التخصيص في المفهوم و ابقائه على عمومه كما في الاحتمال الاول و الثاني و الرابع لمعنى المماثلة فلا شك في تعين الثاني: و هو عدم التخصيص و ابقاء المفهوم على عمومه كما في الاحتمالات الاخر

(1) هذا تعليل لكون المعنى الاول و الثاني و الرابع: لا يوجب تخصيصا للمفهوم

و خلاصته: أن الباس ثابت في المفهوم عند فقدان المماثلة لو كان القيم فاسقا في قبال كونه عادلا، و إن تعذر العادل

أو كان القيم خائنا في قبال كونه ثقة و إن تعذر الثقة

أو كان القيم مخالفا في قبال كونه شيعيا و إن تعذر الشيعي

(2) الفاء فاء النتيجة اى نتيجة هذه الاحتمالات الاربعة

و قد علمت هذه النتيجة عند قولنا آنفا: و من البديهي أنه اذا دار الأمر بين تخصيص المفهوم

و خلاصتها: أنه بعد الدوران بين تخصيص المفهوم كما في الاحتمال الثالث لمعنى المماثلة

و بين عدم التخصيص، و ابقاء المفهوم على عمومه كما في الاحتمال الاول و الثاني و الرابع، و أن عدم التخصيص أولى من التخصيص، لعدم التصرف -

ص: 356

الدائر (1) بينها (2) فيجب الاخذ في مخالفة الاصل بالأخص منها (3) و هو العدل

لكن (4) الظاهر من بعض الروايات كفاية الامانة، و ملاحظة

+++++++++++

- في العموم: يقع النزاع في اختيار أي معنى من المعاني الباقية لمعنى المماثلة:

الوثاقة، التشيع، العدالة فقال الشيخ: فيجب الاخذ في مخالفة الاصل بالأخص و هو العدل اى لا بدّ من اختيار العدالة في معنى المماثلة، لكونها أخص من الوثاقة و التشيع اى بين العدالة، و بين الوثاقة و بين التشيع عموما و خصوصا مطلق

أما بين العدالة و الوثاقة فلأن العدالة أخص من الوثاقة، حيث إن كل عادل موثق، و ليس كل ثقة عادل، اذ يمكن أن يكون الانسان موثقا و عادلا، و يمكن أن يكون ثقة فقط

و أما بين العدالة و التشيع فلأن العدالة أخص من التشيع حيث إن كل عادل شيعي، و ليس كل شيعي عادل، اذ يمكن أن يكون فاسقا و شيعيا و يمكن أن يكون عادلا و شيعيا

و المراد من مخالفة الاصل في قوله: فيجب الاخذ في مخالفة الاصل بالأخص هو الاصل اللفظي، و الاصل العملي الذين اشير إليهما في الهامش 1 ص 315، حيث عرفت أن هذين الاصلين الاصيلين يمنعان الانسان عن التصرف في مال احد

(1) بالرفع صفة لكلمة احدهما

(2) اى بين الاحتمالات الاخر و هي الاحتمال الاول و الثاني و الرابع

(3) اي بالأخص من تلك الاحتمالات الاخر

(4) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من إرادة العدالة من معنى المماثلة

ص: 357

مصلحة اليتيم فيكون (1) مفسرا لاحتمال الثاني (2) في وجه المماثلة المذكورة في الصحيحة (3)

ففي (4) صحيحة علي بن رئاب رجل بيني و بينه قرابة مات و ترك أولادا صغارا، و ترك مماليك: غلمانا و جواري و لم يوص فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية و يتخذها أم ولد و ما ترى في بيعهم؟

قال: فقال: إن كان لهم ولي يقوم بامرهم باع عليهم و نظر لهم و كان مأجورا فيهم قلت: فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية و يتخذها أم ولد؟

فقال: لا بأس بذلك اذا باع عليهم القيم بامرهم الناظر فيما يصلحهم فليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم الخبر (5)

و موثقة (6) زرعة عن سماعة في رجل مات و له بنون و بنات صغار

+++++++++++

(1) اى بعض الروايات المشتملة على كفاية الامانة

(2) و هو المماثلة في الوثاقة

(3) و هي صحيحة محمد بن اسماعيل المشار إليها في ص 353

(4) من هنا اخذ الشيخ في ذكر بعض الروايات المشتملة على كفاية الوثاقة

(5) اى الى آخر الخبر

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12: ص 269 الباب 15 الحديث 1

و ليست للخبر صلة حتى يقال: الى آخر الخبر.

فهنا حملت الصحيحة المشار إليها في ص 353 على صحيحة علي بن رئاب اى أن المراد من العدالة المعتبرة فيها لو اريد من المماثلة العدالة على الامانة، و أنها كافية عن اعتبار العدالة

(6) هذا ثان الأحاديث الدالة على كفاية الوثاقة

ص: 358

و كبار من غير وصية، و له خدم و مماليك، و عقر كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك؟

قال: إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس، بناء على أن المراد من يوثق به، و يطمئن بفعله عرفا و ان لم يكن فيه ملكة العدالة (1)

لكن في صحيحة اسماعيل بن سعد ما يدل على اشتراط تحقق عنوان العدالة

قال: سألت الرضا عليه السلام و عن الرجل يموت بغير وصية و له ولد صغار و كبار أ يحل شراء شيء من خدمه و متاعه من غير أن يتولى القاضي بيع ذلك؟

فإن تولاه قاض قد تراضوا به و لم يستخلفه الخليفة أ يطيب الشراء منه أم لا؟

فقال عليه السلام: اذا كان الأكابر من ولده معه في البيع فلا بأس اذا رضي الورثة بالبيع و قام عدل في ذلك (2)

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه) الجزء 13 ص 474. الباب 88.

الحديث 2

فالشاهد في قوله عليه السلام: و إن لم يكن فيه ملكة العدالة، حيث إنها صريحة في كفاية الامانة

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 269-270. الباب 16 الحديث 1

و الحديث هذا مع المذكور في المصدر فيه اختلاف يسير في بعض ألفاظه

و الشاهد في كلمة و قام عدل، حيث إنها تدل على اعتبار عنوان العدالة في القيم على أموال اليتيم، فليس لكل احد التصرف فيها و إن لم يكن عادلا

ص: 359

هذا (1)

و الذي (2) ينبغي أن يقال: إنك قد عرفت أن ولاية غير الحاكم لا تثبت إلا في مقام يكون عموم عقلي (3) أو نقلي (4) يدل على رجحان التصدي لذلك المعروف أو يكون هناك دليل خاص (5) يدل عليه

فما ورد فيه نص خاص على الولاية اتبع ذلك النص عموما أو خصوصا فقد يشمل الفاسق و قد لا يشمل

و أما ما ورد فيه العموم فالكلام فيه قد يقع في جواز مباشرة الفاسق أو تكليفه بالنسبة الى نفسه، و أنه هل يكون مأذونا من الشرع في المباشرة أم لا؟

و قد يكون بالنسبة الى ما يتعلق من فعله بفعل غيره اذا لم يعلم وقوعه على وجه المصلحة كالشراء منه مثلا

الظاهر عدم اعتبار العدالة في المباشرة

أما الاول (6) فالظاهر جوازه، و أن العدالة ليست معتبرة في منصب المباشرة، لعموم أدلة فعل ذلك المعروف (7)

+++++++++++

(1) اى خذ ما تلوناه عليك حول العدالة في ولاية المؤمنين من البداية الى النهاية

(2) هذا رأي الشيخ حول اعتبار العدالة في ولاية المؤمنين أو عدم اعتبارها

(3) و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 352

(4) و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 352

(5) و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 352

(6) و هو جواز مباشرة الفاسق في التصرف في اموال القاصرين

(7) بناء على أن التصرف في أموال القاصرين معروف و صدقة يثاب المرء على الإقدام به

ص: 360

و لو مثل قوله عليه السلام: عونك الضعيف من أفضل الصدقة (1)

و عموم قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (2) و نحو ذلك (3)

و صحيحة (4) محمد بن اسماعيل السابقة قد (5) عرفت أنها محمولة على صحيحة علي بن رئاب المتقدمة

بل (6) موثقة زرعة

+++++++++++

(1) قد اشير إليه في ص 335

(2) الانعام: الآية 152

(3) اى و نحو هذه العمومات و هو قوله عليه السلام:

كل معروف صدقة المشار إليه في ص 353

و قوله صلى اللّه عليه و آله: و اللّه تعالى في عون المؤمن المشار إليه في ص 348

(4) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه كيف يمكن القول بعدم اعتبار العدالة في التصدي في الامور التي لا تحتاج الى اذن الفقيه و أن للفاسق مباشرتها مع أن صحيحة محمد بن اسماعيل المشار إليها في ص 358 تصرح باعتبار العدالة، بناء على إرادة العدالة في المماثلة

(5) هذا جواب عن الوهم المذكور

و قد اشير إليه في الهامش 5 ص 358 عند قولنا: فهنا حملت الصحيحة على صحيحة علي بن رئاب اي يراد من العدالة الواقعة فيها الامانة بهذه الصحيحة

(6) بل صحيحة محمد بن اسماعيل المشار إليها في ص 353 محمولة على موثقة زرعة المشار إليها في ص 358، حيث فيها: -

ص: 361

و غير ذلك (1) مما سيأتي

و لو ترتب حكم الغير على الفعل الصحيح (2) منه كما اذا صلى فاسق على ميت لا ولي له

فالظاهر سقوطها (3) عن غيره اذا علم صدور الفعل منه و شك في صحته

و لو شك في حدوث الفعل منه (4) و اخبر (5) به ففي قبوله (6) إشكال

+++++++++++

- (و إن لم يكن فيه ملكة العدالة) اي و إن لم تكن ملكة العدالة موجودة في القيم يعني يراد من العدالة الواقعة في صحيحة محمد بن اسماعيل الامانة بهذه الموثقة

(1) و هي رواية الكابلي الآتية

(2) و هو حمل فعل المسلم على الصحة و الفاسق مسلم و الفسق لا يوجب خروجه عن الاسلام

(3) اى سقوط صلاة الميت

(4) اى من الفاسق

(5) اى الفاسق اخبر بحدوث الفعل و صدوره في الخارج

(6) اى ففي قبول إخبار الفاسق بحدوث الفعل إشكال

وجه الإشكال من أن إخبار الفاسق فعل من أفعاله فيجب حمله على الصحة و على الفعل المشروع عند الشك في كونه مشروعا، و الفعل المشروع هو الصدق، فلا يحمل على الكذب الذي هو فعل محرم غير مشروع

و من أن قوله هذا خبر فتشمله آية النبأ، لاشتراط قبول خبر الفاسق بالتبين فلا يحمل إخباره على الصحة فبعد التبين و مطابقته للواقع يعمل به

ص: 362

الظاهر اشتراط العدالة فيما يتعلق بفعل الغير

و أما الثاني (1) فالظاهر اشتراط العدالة فيه فلا يجوز الشراء منه و إن ادعى كون البيع مصلحة، بل يجب اخذ المال من يده

و يدل عليه (2) بعد صحيحة اسماعيل بن سعد المتقدمة (3)، بل و موثقة زرعة (4)، بناء على إرادة العدالة من الوثاقة أن (5) عموم أدلة (6) القيام بذلك المعروف لا يرفع اليد عنه بمجرد تصرف الفاسق فإن (7) وجوب اصلاح مال اليتيم، و مراعاة غبطته لا يرتفع عن الغير بمجرد تصرف الفاسق، و لا يجدي هنا حمل فعل المسلم على الصحيح كما في مثال

+++++++++++

(1) و هو تكليف الفاسق بالنسبة الى نفسه المشار إليه في ص 360 في قول الشيخ: أو تكليفه بالنسبة الى نفسه

(2) اي على اشتراط العدالة في من يتصدى لامور اليتيم

(3) المشار إليها في ص 359 حيث إن فيها: و قام عدل بذلك

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه المجرور في قوله: بعد صحيحة اسماعيل اي و بعد موثقة زرعة المشار إليها في ص 358 بناء على إرادة العدالة من الوثاقة في قوله عليه السلام: إن قام رجل ثقة

(5) جملة أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لقوله: و يدل عليه

(6) و هي الآية الكريمة المشار إليها في ص 348

و عموم قوله صلى اللّه عليه و آله: و اللّه تعالى في عون المؤمن المشار إليه في ص 348

و عموم قوله صلى اللّه عليه و آله: عونك الضعيف من أفضل الصدقة المشار إليه في ص 361

و عموم قوله صلى اللّه عليه و آله: كل معروف صدقة المشار إليه في ص 348

(7) تعليل لعدم رفع اليد عن تلك العمومات بمجرد تصرف الفاسق

ص: 363

الصلاة المتقدم، لأن الواجب هناك هي صلاة صحيحة و قد علم صدور اصل الصلاة من الفاسق، و اذا شك في صحتها احرزت بأصالة الصحة (1)

و أما الحكم فيما نحن فيه (2) فلم يحمل على التصرف الصحيح و إنما حمل على موضوع هو اصلاح المال، و مراعاة الحال، و الشك في اصل تحقق ذلك فهو كما لو اخبر فاسق باصل الصلاة مع الشك فيها (3)

و إن شئت قلت: إن شراء مال اليتيم لا بدّ أن يكون ذا مصلحة له و لا يجوز ذلك بأصالة صحة البيع من البائع، كما لو شك المشتري في بلوغ البائع (4)

فتأمل (5)

+++++++++++

(1) حيث إن الاصل في أفعال المسلم هو الحمل على الصحة، لأن المسلم بما أنه مسلم و متدين لا يرتكب الفعل الفاسد المحرم

(2) و هو تصرف الفاسق في أموال اليتيم بالشراء منه

(3) لعدم حمل خبره على الصحة: بأن يقال: إن ما اخبر به:

من وقوع الصلاة صحيح

(4) فلا يمكن للمشتري حينئذ من اجراء أصالة البلوغ، بل لا بدّ من احراز البلوغ احرازا قطعيا

فما نحن فيه و هو الشراء من الفاسق المتصدي لبيع مال اليتيم مثل الشك في بلوغ البالغ في عدم جريان أصالة الصحة فيه

(5) الظاهر أنه اشارة الى الفرق بين ما نحن فيه: و هو الشراء من الفاسق، و بين الشك في بلوغ البائع، لأن منشأ الشك في جواز الشراء من الفاسق، و عدم الجواز ناشئ من الشك في ولاية الفاسق على البيع و في اذنه من الشارع: بمعنى عدم العلم بأن تصرفه بالبيع ذو مصلحة أم لا -

ص: 364

نعم (1) لو وجد في يد الفاسق ثمن من مال الصغير لم يلزم الفسخ مع المشتري، و اخذ (2) الثمن من الفاسق، لأن (3) مال اليتيم الذي

+++++++++++

- و من الواضح أن المقصود من اجراء أصالة الصحة في أفعال الفاسق هو ترتب آثار الولاية على تصرفاته، و أن تصرفاته صادرة باذن من الشارع و من تلك الآثار جواز الشراء منه

و من البديهي عدم جريان أصالة الصحة في الشك في بلوغ البائع لأن القدر المتيقن من أدلة اجراء أصالة الصحة هو فعل البالغ و هو لا يحرز بعد، لعدم العلم بالموضوع و هو البلوغ حتى يجري فيه أصالة الصحة لأن استصحاب عدم بلوغ البائع حاكم على اجراء أصالة الصحة

بخلاف ما نحن فيه: و هو الشراء من الفاسق، فإنه يجوز إجراء أصالة الصحة في فعله: و هو بيع مال اليتيم فلا يصح قياسه بالشك في بلوغ البائع، لحكومة الاستصحاب عليها كما عرفت آنفا

(1) هذا استدراك عما افاده: من عدم اجراء أصالة الصحة في مسألة الشراء من مال اليتيم من الفاسق، و يروم أن يثبت اجراء أصالة الصحة في هذه المسألة: و هي مسألة: وجدان الثمن في يد الفاسق

يأتي خلاصة هذا الاستدراك في التعليل الذي نذكره في الرقم 3

(2) بالرفع عطفا على الفاعل في قوله: لم يلزم الفسخ اى و لم يلزم الفاسق بفسخ المعاملة و اخذه المثمن المبيع من المشتري

اي و كذا لا يلزم المشتري باخذ الثمن من الفاسق البائع و رد المثمن إليه لعدم علمه بفساد البيع حتى يكون المثمن مال الفاسق يجب اخذه من المشتري و لعدم علمه بالصحة ليكون ماله الثمن حتى يجب اخذه من البائع الفاسق

(3) تعليل لعدم لزوم الفسخ بإلزام الفاسق المعاملة، و لعدم الزام -

ص: 365

يجب اصلاحه و حفظه من التلف لا يعلم أنه الثمن، أو المثمن

و أصالة صحة المعاملة من الطرفين يحكم بالاول (1) فتدبر

هل يجوز مزاحمة من تصدى من المؤمنين

ثم إنه حيث ثبت جواز تصرف المؤمنين فالظاهر أنه على وجه التكليف الوجوبي، أو الندبي، لا على وجه النيابة من حاكم الشرع، فضلا عن كونه على وجه النصب من الامام

فمجرد وضع العدل يده على مال اليتيم لا يوجب منع الآخر، و مزاحمته بالبيع، و نحوه

و لو نقله بعقد جائز فوجد الآخر (2) المصلحة في استرداده جاز

+++++++++++

- المشتري باخذه الثمن من الفاسق

و خلاصة هذا التعليل الذي هو الاستدراك المذكور: أنه إنما نقول بعدم الزام الفاسق بالفسخ، و بعدم الزام المشتري باخذه الثمن من الفاسق لاجل عدم العلم بمال اليتيم حتى يجب حفظه من التلف و الضياع، بناء على وجوب مال اليتيم من التلف، و حفظه من الضياع، لأنه لا يدرى مال اليتيم هل هو الثمن لو اجرينا أصالة الصحة في المعاملة الواقعة، أو المثمن لو لم نجر أصالة الصحة، لاستصحاب عدم انتقال المثمن من ملك البائع الفاسق، و عدم انتقال الثمن من ملك المشتري الى ملك البائع الفاسق؟

فلا يتوجه نحونا خطاب الحفظ و الاصلاح حتى يلزم الفاسق بالفسخ ورد الثمن الى المشتري، و يلزم المشتري باخذ الثمن من الفاسق البائع و برده المثمن إليه ان اخذ الثمن من الفاسق و حفظه فرع العلم و المفروض كما عرفت عدم العلم بذلك

(1) و هو عدم العلم بكون مال اليتيم هو الثمن

(2) و هو احد المؤمنين العدول، حيث وجد المصلحة في أن يزود سعر المبيع

ص: 366

الفسخ اذا كان الخيار ثابتا باصل الشرع (1)، أو بجعلهما (2) مع جعله (3) لليتيم، أو مطلق وليه من غير تخصيص بالعاقد

و أما لو اراد بيعه من شخص و عرّضه لذلك (4) جاز لغيره بيعه من آخر مع المصلحة و إن كان في يد الاول

و بالجملة فالظاهر أن حكم عدول المؤمنين لا يزيد عن حكم الأب و الجد من حيث جواز التصرف لكل منهما ما لم يتصرف الآخر

مزاحمة فقيه لفقيه آخر

و أما حكام الشرع فهل هم كذلك؟

فلو عين فقيه من يصلي على الميت الذي لا ولي له، أو من يلي أمواله أو وضع اليد على مال يتيم فهل يجوز للآخر مزاحمته أم لا؟

الذي ينبغي أن يقال: إنه إن استندنا في ولاية الفقيه الى مثل التوقيع المتقدم (5) جاز المزاحمة قبل وقوع التصرف اللازم، لأن المخاطب بوجوب إرجاع الامور الى الحكام هم العوام فالنهي عن المزاحمة يختص بهم

و أما الحكام فكل منهم حجة من الامام عليه السلام فلا يجب على واحد منهم ارجاع الامر الحادث الى الآخر فيجوز له مباشرته و إن كان الآخر

+++++++++++

(1) كما في خيار العيب، و الغبن، و المجلس، و الرؤية

(2) اى أو كان الخيار ثابتا بجعل المتبايعين

(3) اي مع جعل المتبايعين الفسخ لليتيم بجعلهما الخيار

(4) اى للبيع

(5) و هو توقيع اسحاق بن يعقوب المشار إليه في ص 333

أى لو حصرنا دليل ولاية الفقيه في ذلك جاز للفقيه مزاحمة الفقيه الآخر

و أما لو كان المدرك غير ذلك: من الأدلة التي مفادها أن الفقيه نائب عن الامام عليه السلام، و أنه بمنزلته فلا تجوز المزاحمة من الآخر

ص: 367

دخل فيه و وضع يده عليه فحال كل منهم حال كل من الأب و الجد (1):

في أن النافذ هو تصرف السابق و لا عبرة بدخول الآخر في مقدمات ذلك و بنائه على ما يغايره تصرف الآخر (2) كما يجوز لاحد الحاكمين تصدي المرافعة قبل حكم الآخر و إن حضر المترافعان عنده و احضر الشهود و بنى على الحكم

و أما لو استندنا في ذلك (3) على عمومات النيابة، و أن فعل الفقيه كفعل الامام، و نظره كنظر الذي لا يجوز التعدي عنه

لا من حيث ثبوت الولاية له على الأنفس و الأموال حتى يقال: إنه قد تقدم عدم ثبوت عموم يدل على النيابة (4) في ذلك

بل من حيث وجوب ارجاع الامور الحادثة إليه المستفاد من تعليل الرجوع فيها الى الفقيه بكونه حجة منه عليه السلام على الناس

+++++++++++

(1) من أن ولاية كل واحد منهما في عرض ولاية الآخر فيجوز لكل منهما التصرف، إلا أن النافذ هو التصرف السابق على الآخر

فهنا أيضا كذلك اى ولاية كل فقيه في عرض ولاية الفقيه الآخر

فالنافذ من التصرفات هو التصرف السابق

(2) لأنك عرفت أن تصرف كل واحد منهما في عرض تصرف الآخر

(3) اى في ولاية الفقيه الجامع لشرائط الافتاء

و أشرنا الى هذا في الهامش 5 ص 367 بقولنا: و أما لو كان المدرك غير ذلك فلا نعيده

(4) في ص 327 عند قوله: لكن الانصاف بعد ملاحظة سياقها أو صدرها أو ذيلها الى آخر عبارته

و عند قوله في ص 329: لعدم سلطنة الفقيه على أموال الناس و أنفسهم

ص: 368

فالظاهر عدم جواز مزاحمة الفقيه الذي دخل في امر و وضع يده عليه و بنى فيه بحسب نظره على تصرف و إن لم يفعل نفس ذلك التصرف و لأن دخوله فيه كدخول الامام عليه السلام فدخول الثاني (1) فيه و بناؤه على تصرف آخر مزاحم له فهو كمزاحمة الامام عليه السلام فأدلة النيابة عن الامام عليه السلام لا تشمل مما كان فيه مزاحمة الامام عليه السلام

فقد ظهر مما ذكرنا (2) الفرق بين الحكام، و بين الأب و الجد

+++++++++++

(1) اى الفقيه الثاني

(2) و هو أنه لو كان جميع الحكام حجة على الناس فلازمه أن تكون نسبة كل اثنين منهم كنسبة الأب و الجد الى الآخر: في أن النافذ من التصرفات هو نفوذ التصرف السابق

فإن كان تصرف الجد سابقا على تصرف الأب فهو نافذ

و إن كان تصرف الأب سابقا على تصرف الجد فهو نافذ

فلا عبرة بدخول الآخر بعد أن كان منشأ النفوذ هو السبق

لكن لما علمت أن المستفاد من أدلة نيابة الفقيه، و ولايته على الناس أن كل واحد من الفقهاء نائب عن الامام عليه السلام فمقتضى هذه النيابة أن يكون حكم الفقيه حكم المنوب عنه

فكما أنه لا يجوز للنائب دخوله في الامر عند شروع الامام الذي هو المنوب عنه عند دخوله في مقدمات امر

كذلك لا يجوز لفقيه آخر الدخول في امر عند شروع النائب في مقدماته

فظهر الفرق بين كون الحاكم حجة على الناس من قبل الامام عليه السلام و بين كونه نائبا عنه صلوات اللّه عليه، اذ على الاول حكمه حكم الأب و الجد: في كون النافذ من فعلهما هو التصرف السابق -

ص: 369

لأجل الفرق بين كون كل واحد منهم حجة (1)، و بين كون كل واحد منهم نائبا (2)

و ربما يتوهم (3) كونهم كالوكلاء المتعددين: في أن بناء واحد منهم على امر مأذون فيه لا يمنع الآخر عن تصرف مغاير لما بنى عليه الاول

+++++++++++

- و على الثاني يكون حكمه حكم الامام: في عدم دخول الحاكم الآخر في امر دخل الاول فيه و شرع في مقدماته كعدم دخول النائب في امر دخل المنوب عنه و هو الامام عليه السلام عند شروعه في مقدماته

(1) هذا هو الحكم الثاني: و هو كون الفقيه حجة فيكون حكمه حكم الأب و الجد فيقع التعارض بينهم فيكون التعارض من باب الحجية فيقدم السابق منهم كما في الأب و الجد

(2) هذا هو الحكم الاول: و هو كون الفقيه نائبا عن الامام عليه السلام اذ حكمه حكم نفس الامام فلا يقع التعارض بينهم

فالشيخ قدس اللّه نفسه الزكية ذكر الحكمين على طريق اللف و النشر المشوش فذكر الاول للثاني، و الثاني للاول كما عرفت

(3) خلاصة هذا التوهم أن الحكام حكمهم حكم الوكلاء المتعددين:

في أنه لو بنى احد الوكلاء على إقدام امر مأذون فيه من قبل الموكل يجوز للآخر الاقدام على امر مغاير لما بنى عليه الوكيل الاول فتقع المزاحمة و المعارضة بينهم فيكونوا كالاب و الجد

لكن النفوذ يكون للأسبق منهما كما في الأب و الجد

ص: 370

و يندفع (1) بأن الوكلاء اذا فرضوا وكلاء في نفس التصرف (2) لا في مقدماته فما لم يتحقق التصرف من احدهم كان الآخر مأذونا في تصرف مغاير و إن بنى عليه الأول و دخل فيه

أما (3) اذا فرضوا وكلاء عن الشخص الواحد بحيث يكون الزامهم كإلزامه و دخولهم في الامر كدخوله، و فرضنا أيضا عدم دلالة دليل وكالتهم على الاذن في مخالفة نفس الموكل، و التعدى عما بنى هو عليه مباشرة أو استنابة كان حكمه حكم ما نحن فيه من غير زيادة و لا نقيصة

+++++++++++

(1) اى التوهم المذكور يرتفع

من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يدفع التوهم المذكور

و خلاصته: أن الوكلاء على قسمين:

(الاول): وكلاء في نفس التصرف، لا في مقدماته

كما لو كان شخص وكيلا عن آخر في بيع داره فقط، أو شراء دار له لا في تهيئة مقدمات البيع، أو الشراء

فهنا لو لم يتحقق التصرف المذكور من احدهم يجوز للوكيل الآخر الإقدام على تصرف مغاير لذاك التصرف و إن بنى الاول على التصرف و اقدم عليه

فهنا يتحقق التعارض و التزاحم فيكون النفوذ للسابق، لأنه من باب الحجية

(2) هذا هو القسم الاول و قد عرفته

(3) هذا هو القسم الثاني

و خلاصته: أن الوكلاء اذا كانوا وكلاء عن الشخص الواحد و فرضنا أن الزامهم في امر كإلزام شخص الموكل، و دخولهم في امر كدخول نفس الموكل من دون فرق بينهم، و بينه -

ص: 371

و الوهم (1) إنما نشأ من ملاحظة التوكيلات المتعارفة للوكلاء المتعددين المتعلقة بنفس ذى المقدمة. فتأمل (2)

هذا (3) كله مضافا الى لزوم

+++++++++++

- و فرضنا أيضا عدم وجود دليل يدل على أنهم مأذونون في مخالفة شخص الموكل، و التعدي عما بنى هو عليه بشخصه، أو بالاستنابة

فهنا يكون حكم هؤلاء الوكلاء حكم ما نحن فيه و هو الحكام النائبون عن الامام عليه السلام: في عدم جواز دخول الآخر و إقدامه على امر اقدم الاول عليه، لأنه نائب عن المنوب عنه و المنوب عنه لا يجوز مخالفته فلا يقع التعارض و التزاحم، فيكون من باب النيابة

(1) اي التوهم المذكور و قياس ما نحن فيه بالوكلاء المتعددين منشأه ملاحظة الوكالات المتعارفة، حيث إنه لاحظ تلك الوكالات للوكلاء المتعددين المتعلقة تلك الوكالات بنفس ذي المقدمة لا المقدمة فأفاد التزاحم و التعارض

لكن الأمر ليس كذلك، حيث عرفت أن الوكلاء وكلاء عن الشخص الواحد في المقدمة، لا في ذي المقدمة

(2) وجه التأمل أن الأدلة القائمة على نيابة الفقيه و ولايته لا تدل على أزيد من النيابة في نفس ذي المقدمة فيكون حينئذ حال الحكام كحال الوكلاء المتعددين في الوكالات المتعارفة فيكون من باب الحجية فيقع التعارض و التزاحم بينهم فالنفوذ يكون للسابق منهم

(3) اي ما ذكرناه كله في باب النيابة و الولاية للفقيه، و أنه لا يجوز لفقيه آخر مزاحمته و معارضته بالإضافة الى ما لدينا: من دليل آخر على عدم جواز المزاحمة و المعارضة

ص: 372

اختلال (1) نظام المصالح المنوطة الى الحكام مثل هذه الأزمان التي شاع فيها القيام بوظائف الحكام ممن يدعي الحكومة

و كيف كان فقد تبين مما ذكرنا (2) عدم جواز مزاحمة فقيه لمثله في كل الزام قولي أو فعلي يجب الرجوع فيه الى الحاكم فاذا قبض مال اليتيم من شخص، أو عين شخصا لقبضه، أو جعله ناظرا عليه فليس لغيره من الحكام مخالفة نظره، لأن نظره كنظر الامام

و أما جواز تصدي مجتهد لمرافعة تصداها مجتهد آخر قبل الحكم فيها اذا لم يعرض (3) عنها بل بنى على الحكم فيها فلأن وجوب الحكم فرع سؤال من له الحكم (4)

هل يشترط في ولاية غير الأب و الجد ملاحظة الغبطة لليتيم؟
اشارة

ثم إنه هل يشترط في ولاية غير الأب و الجد ملاحظة الغبطة لليتيم أم لا؟

ذكر الشهيد في قواعده أن فيه وجهين (5)

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الآخر

(2) و هو أن ولاية الفقيه من باب النيابة فلا يجوز مزاحمته، لعدم التعارض بينهما

و ليست نيابته من باب الحجية حتى يقع التعارض و يصح مزاحمته

(3) اي المجتهد الاول الذي سئل عنه و تصدى للحكم فيه

(4) و مع عدول السائل عن المجتهد الاول، و سؤاله عن مجتهد آخر لا يتحقق منه سؤال الحكم عن الحاكم الاول، لأنه اذا لم يسأل من له الحكم عن الذي اقيم عنده الميزان، بل سأل فقيها آخر اطلع على الميزان لم يكن المسئول عنه مزاحما لغير المسئول عنه، بل كان الحكم وظيفته ابتداء بسؤال من له الحكم

(5) وجها بالجواز، و وجها بالعدم

ص: 373

و لكن ظاهر كثير من كلماتهم أنه لا يصح (1) إلا مع المصلحة

بل في مفتاح الكرامة أنه (2) اجماعي، و أن الظاهر من التذكرة في باب الحجر كونه اتفاقيا بين المسلمين (3)

و عن شيخه في شرح القواعد أنه ظاهر الأصحاب

و قد عرفت (4) تصريح الشيخ و الحلي بذلك (5) حتى في الأب و الجد

الاستدلال بقوله تعالى وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

و يدل عليه (6) بعد ما عرفت (7) من أصالة عدم الولاية لاحد على احد عموم قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (8)

+++++++++++

(1) أي التصرف للاب و الجد في مال اليتيم

(2) اي عدم صحة التصرف في مال اليتيم

(3) اي و لا اختصاص لعدم صحة التصرف في مال اليتيم إلا مع المصلحة: بالشيعة الامامية

(4) اى عرفت تصريح الشيخ و ابن ادريس بذلك اي باشتراط المصلحة في التصرف في مال اليتيم

أما تصريح الشيخ فعند قوله نقلا عنه في ص 296: فقد صرح به في محكي المبسوط، حيث قال: و من يلى امر الطفل و المجنون خمسة، الى آخر عبارته

و أما تصريح ابن ادريس فعند نقله عنه في ص 296: و قال الحلي في السرائر: لا يجوز للولي التصرف في مال الطفل الى آخر عبارته

(5) اي بالمصلحة كما عرفت

(6) اي على اشتراط وجود المصلحة

(7) في ص 215 عند قوله: اذا عرفت هذا فنقول: مقتضى الاصل عدم ثبوت الولاية لاحد بشيء من الامور المذكورة

(8) الإسراء: الآية 34

ص: 374

و حيث إن توضيح معنى الآية على ما ينبغي لم اجده في كلام احد من المتعرضين لبيان آيات الأحكام فلا بأس بتوضيح ذلك في هذا المقام (1)

فنقول: إن القرب في الآية يحتمل معاني أربعة

(الاول): مطلق التقليب و التحريك حتى من مكان الى آخر فلا يشمل مثل ابقائه على حال، أو عند احد

(الثاني): وضع اليد عليه بعد أن كان بعيدا عنه و مجتنبا

فالمعنى تجنبوا عنه، و لا تقربوه إلا اذا كان القرب أحسن فلا يشمل حكم ما بعد الوضع

(الثالث): ما يعد تصرفا عرفا كالاقتراض و البيع و الاجارة، و ما أشبه ذلك

فلا يدل (2) على تحريم ابقائه بحاله تحت يده اذا كان التصرف فيه أحسن منه إلا بتنقيح المناط (3)

+++++++++++

(1) اي في مقام الاستدلال بالآية الشريفة على اشتراط ملاحظة الغبطة في مال اليتيم

(2) اي النهي في قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ لا يدل على تحريم ابقاء ماله تحت يده بحاله من دون أن يتصرف فيه، لأن الابقاء تحت اليد لا يعد تصرفا حتى تشمله الآية، مع الفرض بأن التصرف في مال اليتيم على وجه يكون بحاله أنفع هو الأحق من الإبقاء تحت اليد

(3) اي و يمكن فرض تحريم الإبقاء تحت اليد في مال اليتيم، بناء على القول بتنقيح المناط، لا من لفظ القرب.

و تنقيح المناط هو سريان العلة: بأن يقال: اذا كانت العلة في عدم جواز التصرف في مال اليتيم هو عدم أحسنية التصرف -

ص: 375

(الرابع) مطلق الامر الاختياري المتعلق بمال اليتيم أعم من الفعل و الترك

و المعنى لا تختاروا في مال اليتيم فعلا أو تركا إلا ما كان أحسن من غيره فيدل (1) على حرمة الإبقاء في الفرض المذكور، لأن (2) إبقاءه قرب له بما ليس احسن

و أما لفظ الأحسن في الآية فيحتمل أن يراد به ظاهره من التفضيل و يحتمل أن يراد به الحسن (3)

و على الاول (4) فيحتمل التصرف الأحسن من تركه كما يظهر من بعض و يحتمل أن يراد به ظاهره و هو الأحسن مطلقا من تركه، و من غيره من التصرفات

و على الثاني (5) فيحتمل أن يراد ما فيه مصلحة

+++++++++++

- فهذا الملاك بعينه موجود في إبقاء مال اليتيم تحت اليد اذا لم يكن في الابقاء حسن

(1) اي النهي في قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ يدل على حرمة إبقاء مال اليتيم تحت يده بلفظ القرب، لا من باب تنقيح المناط كما كان تنقيح المناط هو تصريحه في المعنى الثالث

(2) تعليل لكون الإبقاء تحت اليد حراما

(3) بناء على تجريد معنى التفضيل عن كلمة أحسن كما افاده (المحقق الرضي نجم الأئمة الأسترآبادي) قدس سره في شرحه على الكافي (لابن الحاجب) فراجع هناك تجد فيه فوائد جمة. و سيأتي شرح حياة هذا العملاق في (أعلام المكاسب)

(4) و هو معنى التفضيل من كلمة أحسن

(5) اى المعنى الثاني لكلمة أحسن: و هو احتمال أن يراد بكلمة أحسن الحسن مجردا عن معنى التفضيل

ص: 376

و يحتمل أن يراد به ما لا مفسدة فيه على ما قيل: من أن احد معاني الحسن ما لا حرج في فعله

ثم إن الظاهر من احتمالات القرب هو الثالث (1)

و من (2) احتمالات الأحسن هو الاحتمال الثاني: اعني التفضيل المطلق

و حينئذ (3) فاذا فرضنا أن المصلحة اقتضت بيع مال اليتيم فبعناه بعشرة دراهم ثم فرضنا أنه لا بتفاوت لليتيم ابقاء الدراهم، أو جعلها دينارا فاراد الولي جعلها دينارا فلا يجوز، لأن هذا التصرف (4) ليس أصلح من تركه و إن كان يجوز لنا من اوّل الامر بيع المال بالدينار لفرض عدم التفاوت بين الدراهم و الدينار بعد تعلق المصلحة بجعل المال نقدا

أما لو جعلنا الحسن بمعنى ما لا مفسدة، فيه (5) فيجوز (6)

+++++++++++

(1) اي المعنى الثالث من المعاني الاربعة المحتملة لكلمة (قرب) المستفادة من قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ المشار إليه في قول الشيخ في ص 375: الثالث ما يعد تصرفا عرفا

(2) اي و أن الظاهر من المعاني المحتملة لكلمة أحسن في الآية الشريفة

(3) اي و حين أن قلنا: إن الظاهر من المعاني المحتملة للقرب هو المعنى الثالث، و من أن الظاهر من المعاني المحتملة لمعنى الأحسن هو المعنى الثاني

(4) و هو جعل الدراهم العشرة دينارا

(5) كما افاد هذا المعنى الشيخ بقوله آنفا: و يحتمل أن يراد به ما لا مفسدة فيه

(6) اي فيجوز هذا التصرف: و هو تبديل الدراهم بالدينار

ص: 377

و كذا لو جعلنا القرب من المعنى الرابع (1) لأنا اذا فرضنا أن القرب يعمّ ابقاء مال اليتيم على حاله كما هو الاحتمال الرابع فيجوز التصرف المذكور (2)، اذ بعد كون الأحسن هو جعل مال اليتيم نقدا

فكما أنه مخير في الابتداء بين جعله دراهم، أو دينارا لأن (3) القدر المشترك أحسن من غيره، و أحد الفردين فيه (4) لا مزية لاحدهما على الآخر فيخيّر (5)

فكذلك (6) بعد جعله دراهم اذا كان كل من ابقاء الدراهم على حالها

+++++++++++

(1) و هو مطلق الامر الاختياري المتعلق بمال اليتيم أعم من فعله أو تركه فإنه على هذا المعنى يجوز تبديل الدراهم بالدينار

(2) و هو تبديل الدراهم بالدينار

(3) تعليل لكون المتصرف في مال اليتيم مخيرا من بادئ الامر بين تبديل مال اليتيم بالدراهم، أو الدينار

و المراد بالقدر المشترك هو جعل مال اليتيم نقدا، فإنه مشترك بين الدراهم و الدينار، و الجعل المذكور أحسن من ابقاء مال اليتيم على حاله اذ من الممكن فساد ماله، أو تنزله عن السعر المقرر السوقي

(4) اى في القدر المشترك

و المراد من الفردين هما: الدرهم، و الدينار

و من احدهما: الدرهم، أو الدينار

(5) اى بين تبديل المال بالدرهم، أو بالدينار في بادئ الامر

(6) أي فكذلك يجوز للمتصرف في مال اليتيم بعد أن جعله دراهم أن يتصرف في الدراهم و يبدلها بالدينار

ص: 378

و جعلها دينارا قربا، و القدر المشترك (1) أحسن من غيره فاحد الفردين لا مزية فيه على الآخر فهو مخير بينهما.

و الحاصل: أنه كلما يفرض التخيير بين تصرفين في الابتداء، لكون القدر المشترك بينهما حسنا، و عدم مزية لاحد الفردين (2) تحقق التخيير لاجل ذلك استدامة (3) فيجوز العدول عن احدهما بعد فعله الى الآخر اذا كان العدول مساويا للبقاء بالنسبة الى مال اليتيم و إن كان فيه نفع يعود الى المتصرف

لكن الانصاف أن المعنى الرابع للقرب مرجوح في نظر العرف بالنسبة الى المعنى الثالث و إن (4) كان الذي يقتضيه التدبر في غرض الشارع و مقصوده من مثل هذا الكلام أن لا يختاروا في أمر مال اليتيم إلا ما كان أحسن من غيره

ظاهر بعض الروايات كفاية عدم المفسدة

نعم (5) ربما يظهر من بعض الروايات أن مناط حرمة التصرف هو الضرر، لا أن مناط الجواز هو النفع

ففي حسنة الكاهلي قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام و معهم خادم لهم فنقعد على بساطهم، و نشرب من مائهم

+++++++++++

(1) و هو جعل المال نقدا بعد تبديله بالنقد الذي يكون مشتركا بين الدراهم و الدينار

(2) و هو الدراهم، أو الدينار بعد تبديل المال بالنقد

(3) و هو بعد تبديل المال بالدراهم ابتداء ثم تبديل الدراهم بالدينار

(4) من هذا الكلام يستفاد أن الشيخ قدس سره يميل الى المعنى الرابع

(5) استدراك عما افاده: من اشتراط ملاحظة المصلحة في مال اليتيم

ص: 379

و يخدمنا خادمهم، و ربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم فما ترى في ذلك؟

قال: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس

و إن كان فيه ضرر فلا (1) الحديث (2) بناء على أن المراد من منفعة (3) الدخول ما يوازي (4) عوض ما يتصرفون من مال اليتيم عند دخولهم فيكون المراد بالضرر في الذيل أن لا يصل الى الأيتام ما يوازي ذلك فلا تنافي بين الصدر و الذيل على ما زعمه (5) بعض المعاصرين: من أن الصدر دال على اناطة الجواز بالنفع، و الذيل دال على اناطة الحرمة بالضرر فيتعارضان في مورد يكون التصرف غير نافع و لا مضر

و هذا (6) منه مبني على أن المراد بمنفعة الدخول النفع الملحوظ بعد وصول ما بإزاء مال اليتيم إليه: بمعنى أن تكون المنفعة في معاوضة ما يتصرف من مال اليتيم بما يتوصل إليهم من ماله كأن يشرب ماء فيعطي فلسا بإزائه

+++++++++++

(1) اى فلا يجوز التصرف في مال الأيتام

(2) اى الى آخر الحديث

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 184. الباب 71:

الحديث 1

(3) في قوله عليه السلام: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم

(4) من باب المفاعلة معناه التعميم أى ما يعم و يساوي

محصله: أن المراد بالمنفعة هنا عدم الضرر فيقابله الضرر في ذيل الكلام

(5) اى زعم هذا التنافي

(6) اي هذا التعارض من بعض المعاصرين على ما زعمه مبني على أن يكون العوض أزيد مما يوازي مال اليتيم و على هذا تتحقق المنفعة في المعاوضة -

ص: 380

و هكذا (1)

و أنت (2) خبير بأنه لا ظهور للرواية حتى يحصل التنافي

و في (3) رواية ابن المغيرة قلت لأبى عبد اللّه عليه السلام: إن لي ابنة اخ يتيمة فربما اهدي لها الشيء فآكل منه ثم أطعمها بعد ذلك الشيء من مالي فأقول: يا ربّ هذا بهذا

+++++++++++

- و غرض الشيخ قدس سره من المثال بالماء بيان أن الماء المشروب الذي هو مال اليتيم ينقص عنه بمقدار الفلس الذي اعطي من قبل الشارب الى الأيتام

و أما وجه ظهور الرواية فهي الجملة الشرطية الثانية في قوله عليه السلام:

و إن كان فيه ضرر فلا اي فلا يجوز التصرف، فهذه الجملة ظاهرة في أن مناط حرمة التصرف هو الضرر

(1) اي و هكذا بقية الأشياء التي راجعة الى الأيتام: من المأكل و المشرب و الملبس مثلا، فانه لو اكل شيئا من أموال اليتيم، أو اخذ منها ثوبا فلبسه ثم أعطى لهم ما يوازي عوض ما يتصرفون من ماله فلا بأس

(2) يروم الشيخ إنكار ظهور الرواية المذكورة في الضرر حتى لا يوجد التنافي المذكور بين صدر الرواية و ذيلها كما زعمه بعض معاصري الشيخ زعما منه التنافي ثم القول بالتعارض في مورد يكون التصرف غير نافع و لا مضر حتى تسقط الرواية عن الحجية و عدم الاستدلال بها في المقام.

و المقصود من الظهور هو ظهور الجملة الشرطية الاولى و هو قوله عليه السلام في ص 380: إن كان في دخولكم عليهم منفعة فلا بأس

(3) هذه ثانية الروايات الظاهرة في أن مناط حرمة التصرف هو الضرر، لا أن مناط الجواز هو النفع

ص: 381

فقال: لا بأس (1) فإن (2) ترك الاستفصال عن مساواة العوض و زيادته يدل على عدم اعتبار الزيادة

إلا أن يحمل (3) على الغالب: من كون التصرف في الطعام المهدى إليها و اعطاء العوض بعد ذلك أصلح، اذ الظاهر من الطعام المهدى إليها هو المطبوخ، و شبهه (4)

و هل يجب مراعاة الأصلح أم لا؟

و هل يجب مراعاة الأصلح (5) أم لا؟ وجهان:

+++++++++++

(1) المصدر نفسه. الحديث 2

(2) تعليل لكيفية ظهور الرواية في أن مناط حرمة التصرف هو الضرر

و خلاصته: أن الامام عليه السلام ترك الاستفصال عن السائل و لم يسأل عنه أن ما اعطى لابنة اخيه إزاء ما أكله هل كان مساويا لما اكله أو زائدا عليه، أو ناقصا عنه، حيث يحتمل ما اعطى لها الاحتمالات الثلاث؟

فترك هذا الاستفصال دليل على عدم اعتبار الزيادة فيما يعطى مقابل مال اليتيم

(3) اى يحمل ترك هذا الاستفصال على الغالب، فإن الغالب عند الناس، و المتعارف فيما لديهم أن التصرف في المأكولات ثم اعطاء شيء في قبالها هو الاصلح لحال اليتيم حتى لحال الآخرين و لا سيما اذا كان الطعام المأكول من المطبوخات، أو من الفواكه التي يعرضها التلف سريعا و بالاخص في الصيف و في المناطق الحارة

(4) كالفواكه كما علمت

(5) اي الأصلح في مال اليتيم بالإضافة الى كون نفس التصرف ذا مصلحة

ص: 382

قال الشهيد رحمه اللّه في القواعد: هل يجب على الولي مراعاة المصلحة في مال المولىّ عليه، أو يكفي نفي المفسدة؟

يحتمل الأول (1) لأنه (2) منصوب لها، و لأصالة (3) بقاء الملك على حاله، و لأن (4) النقل و الانتقال لا بدّ لهما من غاية و العدميات لا تكاد تقع غاية، و على (5) هذا هل يتحرى الاصلح أم يكتفى بمطلق المصلحة

+++++++++++

(1) و هو أنه يجب على الولي مراعاة المصلحة في مال المولّى عليه

(2) تعليل لوجوب مراعاة الولي المصلحة في مال الولي اى المراعاة لأجل كون الولي منصوبا من قبل الشارع لمراعاة المصلحة في مال اليتيم اذا اراد التصرف فيه، فلا يجوز له التصرف اذا لم تكن المصلحة موجودة في التصرف

(3) هذا دليل ثان لوجود المصلحة في التصرف في مال اليتيم

و المراد من الأصالة هنا هو الاستصحاب، اى و لاستصحاب بقاء ملكية المولىّ عليه عند الشك في زوالها اذا كان التصرف في ماله بدون وجود مصلحة فيه

(4) هذا دليل ثالث لوجود المصلحة في التصرف في مال اليتيم

و خلاصته: أن عدم المفسدة من جملة العدميات

و من الواضح أن العدميات ليست قابلة لجعلها غاية للشيء كبيع مال اليتيم مثلا

بل الغاية لا بدّ أن تكون شيئا وجوديا

(5) اي و على اشتراط وجود المصلحة في التصرف في مال اليتيم يتفرع و هذا التفريع دال على أن المراد من المصلحة هي المصلحة الزائدة التي تفيد الأصلح

ص: 383

فيه وجهان:

نعم (1) لمثل (2) ما قلناه، لا (3) لأن (4) ذلك لا يتناهى

+++++++++++

(1) هذه العبارة: (نعم لمثل ما قلناه، لا، لأن ذلك لا يتناهى) من العبائر الغامضة و المعقدة جدا، بل من الطلاسم التي تحتاج الى الحل

فلو نعبر عنها ب: (حل الطلاسم) لما بالغنا

أليك شرح الجملة التي تعد جملتين عند التحليل حرفيا

فكلمة (نعم) اشارة الى الوجه الاول: و هو تحري الأصلح في قوله: و على هذا هل يتحرى الأصلح اى نعم لا بدّ من تحري الأصلح في مال اليتيم

(2) تعليل للوجه الاول: و هو تحري الأصلح، اى إنما نقول بوجوب تحري الأصلح لأجل ما قلناه في وجوب اصل الصلاح: من الأدلة الثلاثة و هي:

كون الولي منصوبا لاجل مراعاة المصلحة في التصرف من قبل الشارع في أموال اليتيم

و الاستصحاب اي استصحاب ملكية مال اليتيم عند الشك في انتقال ملكه الى الآخر بدون وجود الأصلحية

و كون عدم المفسدة من العدميات، و العدميات ليست قابلة لجعلها غاية

(3) هذا هو الوجه الثاني: و هو الاكتفاء بمطلق المصلحة في التصرف في أموال اليتيم، و لا يحتاج الى وجود الأصلحية

(4) تعليل للوجه الثاني.

و خلاصته: أن اعتبار وجود الأصلحية امر صعب جدا، اذ ما من أصلح و فوقه أصلح آخر يكون هو بالنسبة الى هذا الأصلح ذا مصلحة لأن الأصلحية من مقولة التشكيك، و من الامور الاضافية

ص: 384

و على كل تقدير (1) لو ظهر في الحال الأصلح و المصلحة لم يجز العدول عن الأصلح (2)

و يترتب على ذلك (3) اخذ الولي بالشفعة للمولّى عليه، حيث لا مصلحة و لا مفسدة

و تزويج (4) المجنون، حيث لا مفسدة، و غير ذلك، انتهى (5)

و الظاهر (6) أن فعل الأصلح في مقابل ترك التصرف راسا غير لازم، لعدم الدليل عليه (7)

+++++++++++

(1) اى سواء اعتبرنا الأصلحية أم قلنا بكفاية اصل المصلحة

(2) خلاصة هذا الكلام أنه لو وجد الأصلح و المصلحة فلا يجوز الترافع عن الأصلح و العدول منه الى المصلحة، بل لا بدّ من اخذ الأصلح بحال اليتيم في التصرف في ماله

(3) هذا تفريع على اصل وجود المصلحة في التصرف في مال اليتيم لا تفريع على تحري الأصلح اى و يترتب على القول بكفاية عدم وجود المفسدة في التصرف جواز اخذ الولي الشفعة للمولّى عليه، أو عدم جوازه

فإن قلنا بكفاية عدم وجود المفسدة جاز للولي اخذ الشفعة للمولّى عليه

و إن قلنا بوجود المصلحة فلا يجوز اخذها له إن لم يكن في اخذ الشفعة مصلحة

(4) اى و كذلك يترتب على القول بكفاية عدم وجود المفسدة جواز تزويج الولي المجنون

و عدم الجواز يترتب على القول بوجود المصلحة إن لم يكن هناك مصلحة

(5) اى ما افاده الشهيد الاول في قواعده في هذا المقام

(6) هذا كلام الشيخ قدس سره

(7) اى على فعل الأصلح

ص: 385

فلو (1) كان مال اليتيم موضوعا عنده، و كان الاتجار به أصلح منه (2) لا يجب، الا (3) اذا قلنا بالمعنى الرابع من معاني القرب في الآية: بأن (4) يراد لا تختاروا في مال اليتيم أمرا من الأفعال، أو التروك إلا (5) أن يكون أحسن من غيره

و قد عرفت الإشكال في استفادة هذا (6) المعنى

بل الظاهر (7) التصرفات الوجودية فهى المنهي عن جميعها، لا ما كان أحسن

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن فعل الأصلح في مقابل ترك التصرف رأسا غير لازم

(2) أي من البقاء عنده، فلا يجب الاتجار، لعدم وجود دليل على فعل الأصلح

(3) استثناء من عدم وجوب الإقدام على الفعل الأصلح اى نعم يجب فعل الأصلح لو قلنا بالمعنى الرابع من المعاني المحتملة للقرب

(4) الباء بيان للمعنى الرابع للقرب اى لا تختاروا و لا تقربوا في مال اليتيم بأي نحو من الأنحاء، سواء أ كان بنحو الفعل أم بنحو الترك إلا أن يكون القرب الى مال اليتيم أحسن من غير القرب فحينئذ يجب الإقدام على الفعل الأصلح

(5) اى إلا أن يكون ذلك الامر الذي هو الفعل، أو الترك أحسن من غيره للذي هو البقاء

(6) و هو المعنى الرابع للقرب عند قوله في ص 379: لكن الإنصاف أن المعنى الرابع للقرب مرجوح

(7) اي الظاهر من معنى القرب هي التصرفات الوجودية، لا الأعم من الفعل، أو الترك

ص: 386

من غيره، و من الترك فلا يشمل (1) ما إذا كان فعل أحسن من الترك

نعم ثبت بدليل خارج حرمة الترك اذا كان فيه (2) مفسدة

و أما اذا كان في الترك مفسدة و دار الامر بين أفعال بعضها أصلح من بعض فظاهر الآية عدم جواز العدول (3) عنه

بل ربما يعد العدول (4) في بعض المقامات افسادا

كما (5) اذا اشترى في موضع بعشرة، و في موضع آخر قريب منه بعشرين، فإنه يعد بيعه (6) في الاول افسادا للمال و لو ارتكبه عاقل عدّ سفيها ليست فيه ملكة اصلاح المال

و هذا (7) هو الذي اراده الشهيد بقوله: و لو ظهر في الحال

+++++++++++

فالتصرفات الوجودية لا غير هي المنهي عنها في قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّٰ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، لا التصرف الذي يكون أعم من الفعل أو الترك

(1) اى القرب في الآية الشريفة في قوله تعالى: وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ

(2) اى في ترك التصرف في مال اليتيم

(3) اى العدول من الأصلح الى المصلحة

(4) أى من الأصلح الى المصلحة

(5) مثال لما في العدول من الأصلح الى المصلحة ربما يعدّ في بعض المقامات افسادا

(6) اي بعشرة، فإن بيعه بعشرين هو الأصلح، فالعدول من الأصلح الى العشرة يعد افسادا لمال اليتيم

(7) اى الرجوع من الأصلح الى المصلحة يعد في بعض المقامات افسادا لمال اليتيم هو المعنى و المقصود من كلام الشهيد في ص 385 بقوله:

و على كل تقدير لو ظهر في الحال الأصلح و المصلحة

ص: 387

نعم قد لا يعد العدول (1) من السفاهة كما لو كان بيعه مصلحة أو كان بيعه في بلد آخر مع إعطاء الاجرة منه أن ينقله إليه و العلم بعدم الخسارة، فإنه قد لا يعد ذلك (2) سفاهة

لكن ظاهر الآية وجوبه (3)

+++++++++++

(1) اى من الأصلح الى المصلحة

(2) و هو العدول من الأصلح الى المصلحة في صورة عدم لزوم الخسارة في صورة نقل المال الى بلد آخر

(3) اي وجوب البيع بالأصلح، و أنه لا يجوز العدول من الأصلح الى المصلحة

ص: 388

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة 5 - الأعلام

6 - الأماكن و البقاع

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

10 - الخطأ و الصواب

ص: 389

ص: 390

1 - فهرس الابحاث

ص الموضوع

6 الاهداء

9 القول في المجيز

19 في الامر الثاني

21 في الرد على دليلي العلامة

23 ايراد البيضاوى على العلامة و جواب العلامة عنه

25 في الامر الثالث

27 في المسألة الثانية

29 الكلام فيما لو باع لنفسه ثم اشتراه فاجاز

31 في إشكال المحقق على الشيخ

33 الامر الاول من الامور التي لفقها

المحقق التستري

35 الامر الثاني من الامور التي لفقها المحقق التستري

37 جواب الشيخ عما اورده المحقق التستري على نفسه

39 لزوم خروج الملك عن ملك البائع على القول بالكشف

ص الموضوع

43 إشكال من المحقق التستري على ما أفاده في المقام

45 اجتماع ملاّك ثلاثة على ملك واحد على القول بالكشف

49 الإشكال على ما افاده المحقق التستري من الملكية الصورية

51 في الامر الخامس

53 جواب الشيخ عما افاده المحقق التستري في الامر الخامس

55 في الامر السادس

57 خلاصة جواب الشيخ عما افاده المحقق التستري

61 استدلال المحقق التستري بالأخبار لمدعاه

63 جواب الشيخ عن الأخبار المستدل بها

67 استدراك من الشيخ عما افاده

69 المراد من فساد البيع الواقع في الروايات

ص: 391

ص الموضوع

71 تنظير من الشيخ لكون المراد ما ذكره

73 نظرية الشيخ حول الأحاديث الواردة

75 استدراك من الشيخ عما افاده في النظرية

77 ما افاده الشيخ حول العمل بالروايات

83 ظهور الأخبار العامة و الخاصة في الصورة الاولى

85 ذكر فرع آخر من الشيخ في المقام

87 دليل آخر من الشيخ على بطلان البيع الاول

89 رجوع عما افاده الشيخ في المقام

91 دليل آخر من الشيخ في المقام

93 في الصور الاربع

97 إشكال من الشيخ على الدليل الثاني للعلامة

99 رأي الشيخ في المسألة الثالثة

101 كل ما قيل في اشتراط الاجازة في الفضولي يقال في المسألة الثالثة

103 تفريع من الشيخ على ما افاده

ص الموضوع

105 ورود التناقض في كلام بعض الأعلام

107 الاجازة حق من حقوق المالك

115 القول في المجاز

117 اعتبار جميع الشروط المعتبرة في العقد في المجاز

119 بقاء المتعاقدين على شروطهما شرط أم لا

121 معلومية المجاز شرط للمجيز تفصيلا

123 احتمال اعتبار العلم بوقوع العقد

133 في حكم مسألة ترتب العقود

137 خلاصة الكلام في العقود المترتبة

139 مراد صاحب الايضاح و الدروس

143 ما افاده الشهيد الاول

145 الإشكال في صورة علم المشتري

147 في المحكي عن صاحب الايضاح

149 ما استوجهه الشيخ من كلام صاحب الايضاح

151 وقوع الإشكال على القول بالنقل

153 عدم معلومية أسبقية حق المجيز

161 في أقسام الرد

ص: 392

ص الموضوع

163 التصرف في الملك المباح لا يوجب فسخ العقد

165 عدم كفاية مجرد رفع اليد

167 عدم فسخ الوكالة و الوصاية

169 في أن المالك لو لم يجز البيع

171 مسألتان

173 رأي الشيخ حول التصرف في الثمن

175 في تحصيص قاعدة على اليد

177 تقرير إشكال

179 الجواب عن الإشكال

181 حاصل ما افاده الشيخ في الجواب

183 تفسير كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

185 تطبيق القاعدة المذكورة على ما نحن فيه

187 اختصاص كلمات الفقهاء بالغاصب البائع

189 في أقسام الغرامة الزائدة عن الثمن

191 الاستدلال بظاهر رواية جميل

193 في الاستدلال برواية زرارة و زريق

195 في الرد على ما أفاده صاحب الحدائق

ص الموضوع

197 مختار الشيخ فيما يغرمه المشتري

199 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

201 في ذكر أسباب موجبة للضمان

203 في الرد على ما افاده صاحب الرياض

205 في بيان ما يغترمه المشتري في مقابل العين

207 في حكم تجدد الزيادة بعد العقد

209 اذا كان العقد فاسدا من جهة اخرى

211 اثبات الضمان على البائع

213 كيفية تعلق الضمان بالمشتري

215 ما ذكره اخواننا السنة في الضمان

217 نظير ضمان الاثنين الواجب الكفائي

219 العلة في رجوع السابق على اللاحق

221 عدم جواز دفع البدل الى السابق

223 فيما افاده صاحب الجواهر

225 في الرد على ما أفاده صاحب الجواهر

229 الكلام في صورة بقاء العين

231 الكلام في صحة بيع ما يملك

233 طريقة معرفة حصة كل من البائع مال الغير

ص: 393

ص الموضوع

235 ما ذكره صاحب الارشاد في تقسيط المسمى

237 في الايراد على تفسير المحقق الثاني عبارة الارشاد

239 حاصل ما افيد في بيع ما يملك و ما لا يملك

241 مدخلية هيئة الاجتماع في نقصان القيمة

243 إشكال

245 عدم الفرق بين كون المبيع متحدا أو متعددا

247 فيمن يملك نصف الدار فباع نصف الدار

249 للنصف الوارد في كلام البائع احتمالان

251 لو كان البائع وكيلا أو وصيا في بيع النصف

253 راى الشيخ في النصف الوارد في كلام الوكيل

255 رأي الشيخ في النصف الوارد في كلام الوكيل

257 في الرد على من قال باشتراك الولي ص الموضوع

و الوكيل في البيع

259 ظهور النصف في الآية في النصف المشاع

261 يحمل الاقرار بالنصف على النصف المشاع

263 اعتراض المحقق الاردبيلى على ما افاده الشهيد الثاني

265 المقر يدفع للمقر له نصف ما في يده لو انكر المقرّ به الشريك

267 إشكال و جوابه

370 استدراك

273 في مسألة الاقرار بالنسب

275 الاستشهاد بالأحاديث

277 دعوى انصراف المكاتبة في كون بعض القرية مال الغير

279 تقييد صحة البيع بصورة جهل المشتري

281 رد للمنافاة المدعاة في كلام العلامة

283 ايراد الشيخ على ما افاده العلامة

285 طريق معرفة غير المملوك

287 جواز تصرف الأب و الجد في مال اليتيم

289 اعتبار العدالة في الأب و الجد

ص: 394

ص الموضوع

291 هل المصلحة شرط في تصرف الأب و الجد في مال اليتيم

293 أخبار جواز تقويم جارية الابن

295 دليل آخر على جواز تصرف الأب و الجد في مال الصغير

297 ما افاده العلامة في مال الصغير لو بيع بغير ثمن المتعارف

299 تخصيص الآية الشريفة بالحديث النبوي

301 مشاركة الجد مع الأب في الحكم و إن علا الجد

303 عدم إرادة التفضيل من كلمة أولى

305 في أقسام مناصب الفقيه

307 في ذكر الوجهين من القسم الثالث

309 مقتضى الاصل اللفظي و العملي

317 الاستدلال بالآيات الكريمة لاثبات الولاية التشريعية

319 المستفاد من الأدلة السلطنة المطلقة للامام

323 الاستدلال بالأحاديث الواردة في وجوب الرجوع الى الامام

ص الموضوع

325 في ذكر الأحاديث الواردة حول الفقيه

327 تحقيق من الشيخ حول الفقيه

329 في وجوب حمل الأخبار على إرادة العام

331 في مقدار ما تفهم ولاية الفقيه من الأدلة

333 في الاستدلال بالتوقيع الشريف

335 في النسبة بين التوقيع الشريف و العمومات

339 الإشكال في ولاية الفقيه بصورة عامة

341 هنا مقامان

343 ما افاده المحقق الثاني حول الولاية

345 استفادة معنى عاما من المرسلة

347 ما افاده الشهيد في قواعده في الولاية

349 تجهيز الميت يستفاد من نفس دليل المعروف

353 الكلام في اشتراط العدالة في المؤمن

355 في المعاني المحتملة لكلمة المماثلة الواردة في الحديث

ص: 395

ص الموضوع

357 الظاهر من بعض الروايات كفاية الامانة

359 الاستدلال ببعض الروايات في الاكتفاء بالامانة

361 الاستدلال بالآية و الحديث على جواز مباشرة الفاسق

363 ما يدل على اشتراط العدالة فيمن يتصدى لامور اليتيم

365 استدراك

367 الكلام في حكام الشرع

369 الفرق بين الحكام و بين الأب و الجد

ص الموضوع

371 الفرق بين الوكالة في التصرف في ذي المقدمة و المقدمة

373 عدم جواز مزاحمة فقيه لفقيه آخر

375 في معاني القرب و الأحسن من الآية الكريمة

377 مختار الشيخ من معاني القرب و الأحسن

379 نظرية الشيخ في المعنى الرابع من معاني القرب

381 عدم ظهور الرواية في الضرر

383 ما افاده الشهيد في قواعده

ص: 396

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

9 البحث عن منجزات المريض

11 تحقيق حول منجزات المريض

19 السر في عدم الفرق

19 الامر الثاني

19 كلام السيد الطباطبائي اليزدي

20 الدليل الاول للمحقق

20 تعليل

22 الحديث المروي عن عباد بن كثير

22 ايراد البيضاوي و خلاصته

23 انتصار بعض الأعلام للبيضاوى

24 الاحتمال الثاني

24 خلاصة ما افاده فخر المحققين

24 تفريع على ما أفاده فخر المحققين

26 الشقوق الثلاثة

28 الصور الثمانية

28 ايراد منا على الشيخ الشهيدي

29 تحقيق حول الزكاة

31 إشكال من المحقق و خلاصته

31 تنظير و خلاصته

32 ما افاده السيد الطباطبائي في تعليقته

ص الموضوع

33 كلام صاحب المقابيس و خلاصته

34 إشكال و خلاصته

34 ترق من الشيخ و خلاصته

35 خلاصة ما اورده المحقق التسترى

36 خلاصة النظر فيما افاده المحقق التسترى

37 جواب و خلاصته

37 ظاهر كلام الشيخ الانصاري

38 ما اورده المحقق التسترى و خلاصته مع ذكر مقدمة

38 ذكر امرين

39 في كون الاجازة كاشفة مطلقا

40 نظر فيما افاده المحقق التستري و خلاصته

41 دفع وهم و خلاصته

42 جواب عن الوهم و خلاصته

43 إشكال عن المحقق و خلاصته

44 جواب من المحقق و خلاصته

45 إشكال من الشيخ و خلاصته

46 المقدمات الثلاث

ص: 397

ص الموضوع

48 إشكال ثالث و خلاصته

49 إشكال آخر من الشيخ و خلاصته

49 منشأ الاشكال

50 تنظير من المحقق التستري و خلاصته

51 تفريع و خلاصته

52 وجه و خلاصته

53 الصور الثلاث

54 تملك البائع الثمن مع صحة العقد ضدان لا يجتمعان

55 دفع وهم و حاصله

56 استدراك و خلاصته

57 جواب عن الوهم و خلاصته

58 دفع وهم و حاصله

58 جواب عن الوهم و حاصله

59 الفرق الذي ذكرناه

59 وجه الظهور و خلاصته

61 ذكر رواية خالد بن الحجاج و صحيحة ابن مسلم، و صحيحة منصور، و صحيحة معاوية بن عمار

63 خلاصة ما افاده المحقق التستري

67 استدراك و خلاصته

68 رد على الاستدراك و خلاصته

ص الموضوع

68 خلاصة الكلام

71 تنظير

71 عدول و خلاصة العدول

72 تعليل و خلاصته

72 وهم و حاصله

74 خدش و خلاصته

76 روايتا عبد الرحمن

76 رجوع عما افاده من الخدش

76 تعليل و خلاصته

77 راى الشيخ في موضوع الأخبار

83 نص كلام صاحب المقابيس

84 جواب الإشكال و خلاصته

84 الامر بالتأمل

86 الفرع المذكور

86 المسائل الثلاث

86 تقسيم المسألة الثالثة الى صورتين

87 وهم و حاصله

88 استدراك و حاصله

89 رجوع و خلاصته

90 عموم الزماني و عموم الأفرادى

98 ظهور و وجهه

99 خلاصة ما افاده المحقق الثاني

ص: 398

ص الموضوع

99 توضيح من الشيخ و خلاصته

101 الاستدلال بامور ثلاثة

102 وهم و حاصله

102 جواب الوهم و حاصله

103 تفريع و خلاصته

105 تفريع

106 تعليل من الشيخ و خلاصته

108 تعليل من صاحب المقابيس و خلاصته

108 إشكال من الشيخ على صاحب المقابيس و حاصله

110 استثناء و خلاصته

115 بحث حول المجاز

116 تعليل

116 تعليل آخر

116 تعليل آخر

119 تحقيق حول عبارة على شروطها

121 استثناء و خلاصته

122 دليل لاشتراط العلم التفصيلي و خلاصته

123 الاشارة الى التأمل

124 تحقيق حول ترتب العقود المتعددة

127 في الصور الاربعة

ص الموضوع

129 في الصور الثمانية

132 القسم الاول و خلاصته

133 القسم الثاني للعقود المتعددة

134 الاجازة لو وقعت على عوض مال المجيز

136 في العقود الواقعة على هذا البدل

137 خلاصة ما ذكر في مسألة ترتب العقود

140 خلاصة الإشكال

142 تفريع

143 تعليل و خلاصته

144 تعليل و خلاصة التعليل

145 تعليل و خلاصته

146 خلاصة ما افاده الشهيد

146 كلام الشيخ حول رفع التلازم

147 خلاصة ما افاده صاحب الايضاح

150 خلاصة الاندفاع

153 خلاصة الايراد

153 خلاصة ما افاده الشيخ

155 المراد من الاصالة هو الاستصحاب

156 حاصل ما ذكر في تحقق الرد

158 لا يعلم مراد الشيخ

ص: 399

ص الموضوع

160 استدراك و خلاصته

161 نص الحديث

162 استدراك و خلاصته

163 تعليل و خلاصته

165 مثال للمنفي

165 صحيحة ابي ولاد

168 تعليل و خلاصته

173 وهم و حاصل

173 جواب عن الوهم

173 لعل التأمل

175 دعوى و خلاصتها

176 جواب الدعوى و خلاصته

179 وهم و حاصله

179 جواب عن الوهم

179 تعليل و خلاصته

183 استثناء و خلاصته

185 وجه التأمل

186 وجه التأييد

188 الأقسام الثلاثة فيما اغترمه المشتري

190 الضمان للقسم الثالث

192 دليل آخر لثبوت الضمان

193 ثانية الروايات المستدل بها

ص الموضوع

195 للشيخ جوابان عن الاستدلال المذكور

195 جواب ثالث عن الاستدلال و خلاصته

198 وجه عدم المجال و خلاصته

199 خلاصة النظر

199 رد و خلاصته

199 استثناء و خلاصته

201 خلاصة هذا الكلام

204 وجه التأمل

207 وجه الأولوية

210 فرض المسألة هكذا

213 توضيح و خلاصته

215 ضمان المال عند اخواننا السنة

215 ضمان المال عند الامامية

215 ذكر نظائر لضمان المال

219 العلة في رجوع السابق على اللاحق

221 تعليل و خلاصته

222 خلاصة ما افاده صاحب الجواهر

224 اعتراض الشيخ على صاحب الجواهر

225 اعتراض الشيخ على صاحب الجواهر

225 استشهاد الشيخ لمدعاه

227 إشكال من الشيخ و خلاصة

ص: 400

ص الموضوع

228 رد و خلاصته

233 الطريقة الاولى

234 تحقيق حول القيراط

235 الطريقة الثانية

236 الفرق بين الطريق الاول و الطريق الثاني

237 ايراد الشيخ على تفسير المحقق

237 تعليل و خلاصته

239 تعليل و خلاصته

240 الامر الثاني

241 انتقاض الضابطة

241 تعليل للانتقاض

242 رأى الشيخ و خلاصته

243 تعليل و خلاصته

244 جواب عن الإشكال و خلاصته

245 لا فرق فيما ذكرنا في الطريقة الاولى

247 صورتان

248 البحث في مقامين

250 تعليل و خلاصته

251 خلاصة الكلام

252 راي الشيخ في المقام

ص الموضوع

353 الظهور في مثل المقام على ثلاثة أقسام

354 حاصل الاعتراض

255 جواب عن الاعتراض و خلاصته

256 عدول من الشيخ و خلاصته

257 رد و خلاصته

257 خلاصة التتميم

259 محل الكلام

259 خلاصة التوجيه

260 استدراك

260 نظير المنافاة و خلاصته

261 تفريع

265 تعليل لكون الواجب

266 دعوى و خلاصتها

267 من هنا يروم الشيخ

268 حاصل العدول

270 اي ما نحن فيه

274 ترق من الشيخ

275 الشاهد في قوله عليه السلام

276 نص المكاتبة

277 خلاصة هذه الدعوى

280 خلاصة ما ذكره في المسالك

ص: 401

ص الموضوع

280 دفع إشكال

281 رد المنافاة و خلاصته

282 اشكال آخر

283 من هنا يروم الشيخ

283 خلاصة هذا الكلام

285 من هنا اخذ الشيخ

287 اعلم أنه كما يصح

288 النص الوارد

289 خلاصة ما افاده في هذا المقام

289 هذا من متممات دليل صاحب الايضاح

290 في دلالة الآية

291 كيفية الاندفاع و خلاصتها

192 نص الحديث

293 نص الحديث الاول

299 نص الحديث الثامن

299 نص الحديث الخامس

300 فرض المسألة

302 قاعدة أولوية المرتبة القريبة

303 لا يراد من كلمة اولى

303 نظيره في القرآن

305 البحث عن موضوع الولاية بقسميها

ص الموضوع

307 تحقيق حول الولاية بقسميها

312 الولاية التشريعية

313 الوجه الاول و الوجه الثاني

316 و أما وجه الاستدلال

317 خلاصة الاستدلال

320 الامر بالتأمل له احتمالان

323 نص الحديث الاول

323 نص الحديث الرابع

327 تحقيق حول ولاية الفقيه

331 وهم و الجواب عنه

335 الحديثان هذان يدلان

337 تحقيق حول النسبة بين الأدلة و العمومات

338 حكومة هذا التوقيع

342 لا يخفى أن هذه الألفاظ

345 خلاصة هذا الكلام

350 استدراك و خلاصته

351 و خلاصته أنه لو فرضنا

352 من هنا يروم الشيخ أن يختار

355 و هو الاحتمال الاول

356 فاء النتيجة

361 وهم و الجواب عنه

ص: 402

ص الموضوع

464 الظاهر أنه

366 خلاصة هذا التعليل

369 و هو أنه لو كان جميع الحكام

370 خلاصة هذا التوهم

371 دفع التوهم

ص الموضوع

372 وجه التأمل

378 المراد بالقدر المشترك

380 اى هذا التعارض من المعارضين بعض

382 تعليل و خلاصته

384 تحقيق حول عبارة نعم لمثل ما قلناه

ص: 403

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ 339/318 إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ 318

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 16-33-39-64-155

- ت -

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 33-155

- د -

دَنٰا فَتَدَلّٰى فَكٰانَ قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ 310

- ر -

رَبِّ اَلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ 303

- ف -

فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخٰالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ 317 لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ 258

- ق -

قٰالَ اَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ اَلْكِتٰابِ 309

قٰالَ عِفْرِيتٌ مِنَ اَلْجِنِّ 308

- ل -

لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 101

- ن -

اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ 316

- و -

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 33-64-155

وَ اَللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْفَسٰادَ 295

وَ تَفَقَّدَ اَلطَّيْرَ 308

وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا 389

وَ لاٰ تَقْرَبُوا مٰالَ اَلْيَتِيمِ 289-295

وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ 302

وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ 317

- ي -

يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ 308

ص: 404

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- أ -

أ لست أولى بكم من انفسكم 318

أنا أولى بكل مؤمن من نفسه 318

إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام 379

انت و مالك لابيك 294-299

إن العلماء أمناء الرسل 325

إن العلماء ورثة الأنبياء 325

إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم 380

أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به 326

- س -

السلطان وليّ من لا وليّ له 341

- ط -

الطلاق بيد من اخذ بالساق 315

- ع -

علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل 326

عونك الضعيف من أفضل الصدقة 335 337-339-361-363

- ك -

كل معروف صدقة 335-337-339 348-352-363

- ل -

لا بيع إلا في ملك 63

لا تبع ما ليس عندك 63-68-76

لا تنقض اليقين بالشك 18

لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه 36-37 87-101-315

- م -

المؤمنون عند شروطهم 37

مجاري الامور بيد العلماء 325-333

من كنت مولاه فهذا علي مولاه 319

- ن -

الناس مسلطون على اموالهم 14-15 - 26-37-87-101

- و -

و اللّه تعالى في عون العبد 348-361 - 363

- ه -

هم حجتي عليكم 326

ص: 405

5 - فهرس الأعلام

- أ -

ابن البراج: 18

ابن جنيد: 18

ابن حمزة: 216

ابن سعيد: 18

ابن المتوج البحراني: 22

أبو العلاء: الحسين بن ابي العلاء: 293 / 298

أبو خديجة: 326/319

أبو الشهداء: الامام الحسين (ع): 325

أبو ولاد: 165

اسماعيل: محمد بن اسماعيل: 353/228 / 362/361/358

اهل البيت: 318/317/316/311 / 328/327/319

- ب -

الباقر: ابو الحسن: 288

البختري: وهب بن وهب: 275

البجنوردي: ميرزا حسن 18

برخيا: آصف بن برخيا: 309

البيضاوي: 24/23/22

- ت -

التستري: اسد اللّه: 35/34/33/32

- ث -

الثمالي: ابو حمزة: 298/294

- ج -

جعفر: علي بن جعفر: 299

جميل: 203/191/190

- ح -

حازم: منصور بن حازم: 64/63/61 77/73/69

الحجاج: خالد بن الحجاج: 63/61 77/75/74/73/69/68/67/64

الحجاج: عبد الرحمن بن الحجاج: 75 / 77

الحجاج: يحيى بن الحجاج: 64/63/60 77/75/74/73/68

ص: 406

الحجة (عج): 333/326/315/305 / 343/334

حنظلة: عمر بن حنظلة: 326/319 332

الحلي: 296/231/174

الحلي: ابن ادريس: 242/233/18

- خ -

الخونساري: آغا جمال: 343

- د -

داود: سليمان بن داود 309/308

الدجيلي: عبد الصاحب: 311

- ر -

رئاب: علي بن رئاب: 361/358

الرسول الأعظم (ص): 17/16/15/14 60

الرشيد: هارون: 310

الرضا: ابو الحسن (ع): 293/292 / 359/322

- ز -

زرارة: 299/195/193/162/161

زرعة: 363/361/358

زريق: 196/193

- س -

سبط الشهيد: 274

سعد: اسماعيل بن سعد: 363/359

سماعة: 358

سنان: محمد بن سنان: 292

السندي: 275

- ش -

شاذان: فضل بن شاذان: 275/273 / 322 /

الشافعي: 279

الشهيد الاول: 140/139/32/22/18

الشهيد الثاني: 140/139/99/88/18

الشهيدي: 119/28

- ص -

صاحب الارشاد: 242/233

صاحب انوار الفقاهة: 270

صاحب الايضاح: 140/139/24/18 290/289/250/153/149

صاحب جامع المقاصد: 24/22/20/18

صاحب الحدائق: 195/193/192 / 196

صاحب الرياض: 202/199/198/197

ص: 407

صاحب الغنية: 232/231/18

الصادق: أبو عبد اللّه (ع): 60/22 / 61

الصدوق: 275/18

الصيمري: 32

- ط -

الطائى: الحسن بن زياد: 92/91/78 275/232

- ع -

العامري: أبو عبد اللّه: 187

العسكري: الحسن (ع): 277/276

العلامة: 27/24/23/22/20/18

العلامة: ابن العلامة: 174/172

علم الهدى: 18

علي (ع): امير المؤمنين: 310/275 342/327/324

عمار: معاوية بن عمار: 69/63/61 / 73

عمران: موسى بن عمران (ع): 310

- غ -

غياث: حفص بن غياث: 323

- ف -

الفاضلان (المحقق و العلامة): 258

فخر الاسلام: 190

فخر الدين: 250/216/88/24

- ق -

القاضي: 94/93

قطب الدين: 143/142/141/140 / 297/173/152/150/149/145

قيس: محمد بن قيس: 38

- ك -

الكابلي: 362

كاشف الغطاء: الشيخ الكبير 182

الكاظم (ع): موسى بن جعفر: 161 /

الكاهلي 379 353/310/299/294/162

كثير: عباد بن كثير: 22

الكركي: 22/21/20

الكليني: 275/273/18

- م -

محبوب: الحسن المحبوب: 293

المحقق: 18/13/12/10

المحقق: الأردبيلي: 263

ص: 408

المحقق: المامقاني: 126

مريم: عيسى بن مريم (ع): 310

مسلم: محمد بن مسلم: 73/69/63/61

المفيد: 18

- ي -

اليزدي: السيد الطباطبائي: 32/19 / 154

يسار: سعد بن يسار: 292

يعقوب: اسحاق بن يعقوب: 333

- ه -

الهندي: الفاضل: 296

ص: 409

6 - فهرس الأمكنة و البقاع

- ا -

اورشليم: 308

- ج -

جامع الطوسي: 19

- س -

سبأ: مملكة: 308

- ص -

صنعاء: 308

- غ -

غدير خم: 318

- م -

الموصل: 342

7 - فهرس الشعر

- ر -

يا ربّ إنّ محمدا و وصيّه *** و ابنيهما و الطهر و الأطهارا

فخر الوجود و ذخره فاذا دجا *** ليل، بدوا لمن التجا أنوارا

لهم ولائي خالصا، فولاؤهم *** فرض أقرته السما إقرارا

أحببتهم أبدا و همت بحبهم *** و تخذت ذلك في الحياة شعارا

ص: 410

8 - فهرس الكتب

- أ -

الاحتجاج: 333

الإرشاد: 234

إكمال الدين: 333، 345

الإيضاح: 138/88/54/33

- ب -

بحار الأنوار: 326

- ت -

التحرير: 104

تحف العقول: 325

التذكرة: 215/83/78/27

تعليق الإرشاد: 32

- ج -

جامع المقاصد: 104/99/54/33

- ح -

حاشية المكاسب: للسيد اليزدي: 19 / 154/32

حاشية المكاسب: للشيخ المامقاني: 119 126

حاشية القواعد: للشهيد الاول: 143 / 146/144

حواشي الشهيد: 282/141/140/104

- خ -

الخلاف: 231

- د -

الدروس: 139/138/32

- ر -

الرياض: 202/197

- س -

السرائر: 296/237/234/233/190

- ش -

شرائع الاسلام: 235/204/13/11 / 241/238/237

شرح الارشاد: لفخر الاسلام: 190

شرح الروضة: للفاضل الهندي: 296

شرح القواعد: لكاشف الغطاء: 182

شرح القواعد: 295

شرح المكاسب: للشهيدي: 28

شرح النافع: لصاحب الرياض: 274

شرح النافع: لسبط الشهيد 274

- ع -

العلل: 322/292

- غ -

الغيبة: 333

ص: 411

- ف -

الفقه الرضوي: 326

- ق -

قرب الاسناد: 275

القواعد الفقهية: 19

القواعد: 235/166/141/140/22/20 347/284/241/238/237/236

- ك -

الكافي 325

الكفاية: 304

- ل -

اللمعة الدمشقية: 236/235/124/30 / 241/238/237

- م -

المبسوط: 296/196

مجمع الفائدة: 263

المختلف: 94/83/78

المسالك: 263/262/204/97/88 / 304/284/280/279/274

مستدرك الوسائل: 341/326/324

المعتبر: 89

مفتاح الكرامة: 297/295

المقابيس: 83/62/33

- ن -

نهج البلاغة: 326/310

- و -

الوافي: 335

وسائل الشيعة: 76/62/61/60/21 / 275/194/193/187/165/161/78 / 326/325/323/319/298/292/276 359/358/353/333

الوسيلة: 289

ص: 412

المجلد 10

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الإهداء

ص: 5

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

سيدي... أبا صالح. يا ولي العصر.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل: أهديها إليك...

يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي السيّد محمّد كلانتر

ص: 6

تتمة كتاب البيع

تتمة الكلام في شروط المتعاقدين

تتمة مسألة من شروط المتعاقدين أن يكونا مالكين أو مأذونين من المالك أو الشارع
تتمة الكلام في عقد الفضولي
تتمة مسائل متفرقة
اشارة

ص: 7

اشتراط الاسلام في من يشتري العبد المسلم

ص: 8

مسألة اشتراط الإسلام في من يشتري العبد المسلم
المشهور عدم صحة نقل العبد المسلم إلى الكافر

(مسألة) يشترط في من ينتقل إليه العبد المسلم ثمنا (1) أو مثمنا أن يكون مسلما، فلا (2) يصح نقله إلى الكافر عند أكثر علمائنا كما في التذكرة، بل عن الغنية عليه (3) الاجماع.

خلافا للمحكي في التذكرة عن بعض علمائنا.

و سيأتي عبارة الاسكافي في المصحف.

و استدل للمشهور تارة (4): بأن الكافر يمنع من استدامته، لأنه لو ملكه قهرا بارث، أو أسلم (5) في ملكه بيع عليه فيمنع من ابتدائه كالنكاح (6).

+++++++++++

(1) أي سواء وقع العبد في المعاوضة ثمنا كما لو اشتري به شيئا أم وقع مثمنا كما لو بيع.

(2) الفاء تفريع على الاشتراط المذكور أي فبناء على ذلك لا يصح انتقال العبد المسلم إلى الكافر.

(3) أي على كون المنتقل إليه و هو المشتري قام اجماع الامامية على اسلامه.

(4) و هو أنه لا بدّ من اسلام من ينتقل إليه العبد المسلم.

(5) أي أو اسلم العبد في ملك الكافر فهنا يجبر الكافر على بيع العبد المسلم.

(6) أي كما أن نكاح الكافر بالمسلمة ممنوع ابتداء، و استدامة كما لو ارتد الزوج المسلم، فان الزوجة هنا يمنع بقاؤها على نكاحها بعد ارتداد الزوج، كذلك يمنع بيع العبد المسلم على الكافر ابتداء و استدامة.

ص: 9

و اخرى بأن الاسترقاق سبيل على المؤمن فينتفي، بقوله تعالى:

«وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (1).

و بالنبوي المرسل في كتب أصحابنا المنجبر بعملهم و استدلالهم به في موارد متعددة حتى في عدم جواز علو بناء الكافر على بناء المسلم، بل عدم جواز مساواته: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

الاسلام يعلو و لا يعلى عليه (2).

و من المعلوم أن ما نحن (3) فيه أولى بالاستدلال عليه به.

لكن الانصاف أنه لو أغمض النظر عن دعوى الاجماع المعتضدة بالشهرة، و اشتهار التمسك بالآية حتى اسند في كنز العرفان الى الفقهاء و في غيره الى أصحابنا: لم يكن ما ذكروه من الأدلة (4) خاليا عن الاشكال في الدلالة.

+++++++++++

(1) النساء: الآية 140.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 376. الباب 1.

الحديث 11.

(3) و هو بيع العبد المسلم من الكافر.

خلاصته أن الاستدلال بالحديث المشهور على عدم جواز بيع العبد المسلم أولى من الاستدلال به على عدم جواز علوّ بناء الكافر عن بناء المسلم، أو مساواته له، حيث إن في تسلط الكافر على المسلم في صورة شرائه امر بديهي تتعلق أوامره و نواهيه به فيتحقق السبيل و الاستعلاء الحقيقي.

(4) و هي الآية و الحديث النبوي المشهور، و قياس الابتداء بالاستدامة.

ص: 10

أما (1) حكاية قياس الابتداء على الاستدامة فغاية توجيهه (2) أن المستفاد من منع الشارع عن استدامته عدم رضاه باصل وجوده حدوثا (3) و بقاء (4) من غير مدخلية لخصوص البقاء كما لو أمر المولى باخراج أحد من الدار، أو بازالة النجاسة عن المسجد، فانه يفهم من ذلك عدم جواز الادخال.

لكن (5) يرد عليه أن هذا إنما يقتضي عدم كون الرضا (6) بالحدوث على نهج عدم الرضا بالبقاء.

و من المعلوم أن عدم رضاه بالبقاء مجرد تكليف بعدم ابقائه و باخراجه عن ملكه، و ليس معناه عدم امضاء الشارع بقاءه (7)

+++++++++++

(1) من هنا شرع في رد الأدلة المذكورة على عدم جواز بيع العبد المسلم من الكافر.

(2) أي توجيه منع استدامة بقاء عبد مسلم تحت يد الكافر حتى يستفاد من هذه الاستدامة منع بيع العبد المسلم من الكافر ابتداء.

و جملة أن المستفاد بيان لكيفية منع الاستدامة.

(3) كما في الابتداء.

(4) كما في الاستدامة.

(5) من هنا يروم الشيخ أن يناقش قياس المنع من البيع ابتداء بمنعه استدامة.

أي يرد على الاستدلال بمنع الاستدامة بعدم رضا الشارع باصل وجوده حدوثا و بقاء.

و قد ذكر الايراد الشيخ في المتن فلا نعيده.

(6) أي رضا الشارع.

(7) أي بقاء العبد في ملكه.

ص: 11

حتى يكون العبد المسلم خارجا بنفسه شرعا عن ملك الكافر فيكون عدم رضاه بالادخال (1) على هذا الوجه (2).

فلا يدل (3) على عدم امضائه لدخوله في ملكه، ليثبت بذلك الفساد.

و الحاصل أن دلالة النهي عن الادخال في الملك تابعة لدلالة النهي عن الابقاء في الدلالة على امضاء الشارع، لآثار المنهي عنه و عدمه و المفروض انتفاء الدلالة في المتبوع (4).

و مما ذكرنا (5) يندفع التمسك للمطلب (6) بالنص الوارد في عبد كافر أسلم.

فقال امير المؤمنين عليه السلام: اذهبوا فبيعوه من المسلمين

+++++++++++

(1) أي ابتداء.

(2) أي وجه استدامة بقاء العبد المسلم تحت يد الكافر.

(3) أي وجه استدامة بقاء العبد المسلم لا يدل على عدم امضاء الشارع دخول العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء حتى يدل عدم الدخول على فساد البيع و بطلانه.

(4) و هو الابقاء.

(5) و هو منع قياس الابتداء بالاستدامة.

(6) و هو عدم جواز نقل العبد المسلم إلى الكافر.

ص: 12

و ادفعوا ثمنه إلى صاحبه، و لا تقروه عنده (1)، بناء (2) على أن تخصيص البيع بالمسلمين في مقام البيان و الاحتراز يدل على المنع من بيعه من الكافر فيفسد.

توضيح الاندفاع (3) أن التخصيص بالمسلمين إنما هو من جهة أن الداعي على الأمر بالبيع هي إزالة ملك الكافر، و النهي عن ابقائه عنده و هي (4) لا تحصل بنقله إلى كافر آخر فليس تخصيص المامور به (5) لاختصاص مورد الصحة به، بل لأن الغرض من الأمر لا يحصل إلا به (6) فافهم (7).

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 69. الباب 73. الحديث 1.

و الشاهد في جملة: فبيعوه من المسلمين.

و جملة: و لا تقروه عنده، فانهما تدلان على المطلب: و هو عدم جواز نقل العبد المسلم إلى الكافر.

(2) أي تقييد البيع بالمسلمين لاجل الاحتراز عن بيعه من الكفار و لأجل أن بيعه من الكافر فاسد و مفسد للعقد.

(3) خلاصة الاندفاع: أن البيع من المسلمين ليس لأجل اختصاص البيع بهم فقط، و أن الصحة منحصرة فيهم لا غير.

بل لأجل أن الغرض و هي ازالة ملك الكافر عن العبد المسلم لا تحصل إلا بالبيع من المسلمين.

(4) أي الازالة كما عرفت.

(5) و هو بيع العبد المسلم من المسلمين كما عرفت.

(6) أي ببيع العبد المسلم من المسلمين كما عرفت.

(7) لعل الأمر بالتفهم لأجل أن وجوب ازالة ملك الكافر عن العبد المسلم لا يحصل إلا ببيعه من المسلمين.

ص: 13

و أما الآية (1) فباب الخدشة فيها واسع.

تارة من جهة دلالتها في نفسها و لو بقرينة سياقها الآبي عن التخصيص

+++++++++++

(1) من هنا أخذ الشيخ - قدس سره - في الرد على الآية الكريمة و هو قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً المستدل بها على عدم صحة نقل العبد المسلم من الكافر.

و يريد أن يخدش فيها فقال: و أما الآية فمجال الخدشة فيها وسع فخدش فيها ثلاث خدشات:

(الأولى) في كون الآية غير قابلة للتخصيص فلا بد من حملها على معنى حتى لا يلزم التخصيص: إذ لو لا الحمل للزم التخصيص.

أما كونها غير قابلة للتخصيص و إن كان عدم القابلية من ناحية السياق فلأن كلمة لن في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً لنفي الأبد أي لا يمكن و لا يكون السبيل و السلطة للكافر على المؤمنين أبدا.

و إذا كانت كلمة (لن) لنفي الأبد فلا تكون الآية قابلة للتخصيص.

مع أنا نرى بالعيان تملك الكافر المؤمن بالارث ابتداء، و تملكه له استدامة كما لو كان المولى و العبد كافرين فاسلم العبد، أو كانا مسلمين فارتد المولى.

ففي تملك الكافر المؤمن بالارث تثبت الملكية الابتدائية، و باسلام العبد، أو ارتداد المولى تثبت استدامة الملكية.

فعلى كلتا الحالتين يثبت السبيل للكافر على المؤمن و إذا ثبت السبيل فقد خصصت الآية الكريمة.

مع أنها بذاتها مع قطع النظر عن التفسير و لو بقرينة سياق الآية لا تدل على التخصيص، فهي آبية عن ذلك.

ص: 14

فلا بد من حملها على معنى لا يتحقق فيه تخصيص، أو بقرينة (1) ما قبلها الدالة على إرادة نفي الجعل في الآخرة.

و أخرى (2) من حيث تفسيرها في بعض الأخبار بنفي الحجة للكفار على المؤمنين: و هو ما روي في العيون عن ابي الحسن عليه السلام ردا على من زعم أن المراد بها نفي تقدير اللّه سبحانه بمقتضى الأسباب العادية تسلط الكفار على المؤمنين حتى أنكروا لهذا المعنى الفاسد الذي لا يتوهمه ذو مسكة أن الحسين بن علي عليهما السلام لم يقتل

+++++++++++

(1) أي الآية الكريمة لا تدل على التخصيص و لو بقرينة ما قبلها الدالة تلك القرينة على أن المراد من النفي من كلمة لن نفي الجعل في الآخرة، أي الكافر ليس له سبيل و سلطة على المؤمن في الآخرة.

(2) أي (الخدشة الثانية) في تفسير الآية، حيث إنها فسرت كما في الحديث بأن المراد من النفي نفي الحجة للكافر على المؤمنين أي الكافر عند احتجاجه مع المؤمن ليس له حجة و دليل حتى يتمكن به الاستعلاء و السبيل على المؤمن فلا تدل الآية على الحكم التشريعي:

و هو عدم تملك الكافر العبد المسلم.

و بنفي الحجة للكافر على المؤمن استدل بعض على عدم قتل (الامام الحسين) عليه الصلاة و السلام: ببيان أن الكافر ليس له حجة على قتله، لأن اللّه سبحانه و تعالى لم يقدر تسلط الكافر على المؤمنين و الحسين عليه السلام هو المثل الأعلى للايمان فعليه فقد شبه للكفار كما شبه عيسى بن مريم عليه السلام لليهود.

و قد ردّ هذه المقالة الفاسدة الامام ابو الحسن الرضا عليه السلام أليك نص الحديث:

قيل له يعني الرضا عليه السلام: إن في سواد الكوفة قوما -

ص: 15

بل شبه لهم و رفع كعيسى على نبينا و آله و عليهم السلام:

و تعميم الحجة (1) على معنى يشمل الملكية.

و تعميم الجعل (2) على وجه يشمل الاحتجاج و الاستيلاء لا يخلو عن تكلف.

+++++++++++

- يزعمون أن الحسين بن علي عليهما السلام لم يقتل، و أنه ألقي شبهه على حنظلة بن اسعد الشامي، و أنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام و يحتجون بهذه الآية وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً.

فقال: كذبوا عليهم غضب اللّه و لعنته، و كفروا بتكذيبهم النبي صلى اللّه عليه و آله في إخباره بأن الحسين عليه السلام سيقتل و اللّه لقد قتل الحسين بن علي عليهما السلام و قتل من كان خيرا من الحسين عليه السلام امير المؤمنين و الحسن بن علي عليهما السلام، و ما منا إلا مقتول و اني و اللّه لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني.

راجع (عيون أخبار الرضا) طبعة (طهران) عام 1377.

الجزء 2. ص 203.

(1) إشكال من الشيخ على من عمّم الحجة التي اريدت من نفي الجعل أي لو عممت الحجة المفسرة بها كلمة الجعل حسب تفسير الحديث لها بحيث تشمل الملكية كما زعم هذا التعميم بعض لا يخلو عن تكلف، لأن التملك إنشاء، و نفي الحجة إخبار فالجمع بينهما جمع بين المتناقضين.

بالإضافة إلى أنه يلزم تعدد الوضع و الاصل عدمه.

(2) هذا إشكال آخر من الشيخ على من عمم الجعل الوارد في الآية الكريمة و اراد منه معنى عاما يشمل الحجة و الاستيلاء.

و الاشكال نفس الاشكال الوارد في تعميم الجعل بمعنى يشمل الاحتجاج و الملكية.

ص: 16

و ثالثة (1) من حيث تعارض عموم الآية مع عموم ما دل على صحة البيع، و وجوب الوفاء بالعقود، و حل اكل المال بالتجارة، و تسلط الناس على أموالهم، و حكومة (2) الآية عليها غير معلومة و اباء (3)

+++++++++++

(1) (اى الخدشة الثالثة).

و خلاصة هذه الخدشة: أن عموم الآية معارض بالعمومات الموجودة مثل: قوله تعالى: و احل اللّه البيع.

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم فعند التعارض تسقط الآية عن الحجية.

(2) دفع و هم.

حاصل الوهم أن الآية حاكمة على العمومات المذكورة فتكون العمومات محكومة و الآية حاكمة اذا تكون حجة يصح الاستدلال بها على المدعى.

فاجاب الشيخ أن حكومة الآية على العمومات غير معلومة لأن الحكومة لا تحتاج إلا إلى كون احد الدليلين ناظرا إلى الآخر:

بأن يتعرض دليل الحاكم إلى عقد وضع المحكوم، أو حمله، و معلوم أن الآية كذلك بالنسبة إلى العمومات.

(3) دفع و هم آخر:

و حاصل الوهم: أن مجرد التعارض، و عدم حكومة احداهما على الأخرى لا يفيد في إسقاط الاستدلال بالآية على فساد بيع العبد المسلم من الكافر ثم الحكم بصحة البيع كما هو المقصود من الخدشة الثالثة -

ص: 17

سياق الآية عن التخصيص مع (1) وجوب الالتزام به في طرف الاستدامة، و في كثير (2) من الفروع في الابتداء يقرّب (3) تفسير

+++++++++++

- بل لا بد من القول بتقديم الآية و حكومتها على العمومات المذكورة و لو تنازلنا عن ذلك و قلنا بعدم الحكومة فلا بد من القول بالتساوي بين الأدلة الدالة على صحة بيع العبد المسلم من الكافر، و بين العمومات المذكورة.

و من المعلوم أن التساوي موجب للتساقط، و الرجوع إلى الاصل

و خلاصة الدفع: أن سياق الآية آب عن التخصيص و هذا الاباء مما يقرب تفسير السبيل الواقع في الآية بمعنى لا يشمل الملكية: بأن يراد من السبيل السلطنة أي لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سلطنة فحينئذ تتحقق الملكية، و لكن السلطنة لا تتحقق.

بل يكون الكافر محجورا عليه، و مجبورا على بيع العبد المسلم:

(1) أي و إن نقول بإباء الآية الكريمة عن التخصيص، لكن مع ذلك كله نلتزم بالتخصيص وجوبا في طرف استدامة تملك الكافر العبد المسلم كما عرفت في الهامش 1 ص 14 عند قولنا: و باسلام العبد، أو ارتداد المولى.

(2) أي و كذا القول بتخصيص الآية مما لا بدّ منه في كثير من الفروع الفقهية كما في تملك الكافر العبد المسلم بالارث ابتداء قهرا، أو غير قهر كما في بيع العبد المسلم على من ينعتق عليه.

و كما فيما لو قال الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني، بناء على تملكه له آنا ما.

و كما لو بيع العبد على الكافر و اشترط عتقه.

و قد عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 1 ص 14: مع أنا نرى بالعيان.

(3) جملة يقرب مع الفاعل مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم -

ص: 18

السبيل بما لا يشمل الملكية: بأن يراد من السبيل السلطنة فيحكم بتحقق الملك، و عدم تحقق السلطنة، بل يكون محجورا عليه مجبورا على بيعه.

و هذا (1) و إن اقتضى التقييد في اطلاق ما دل على استقلال الناس في أموالهم، و عدم حجرهم بها.

لكنه مع ملاحظة وقوع مثله كثيرا في موارد الحجر على المالك أهون من ارتكاب التخصيص في الآية المسوقة لبيان أن الجعل شيء لم يكن و لن يكون، و أن نفي الجعل ناش عن احترام المؤمن الذي لا يقيد بحال، دون حال.

هذا (2) مضافا (3) إلى أن استصحاب الصحة في بعض المقامات

+++++++++++

- و هو قوله: و اباء سياق الآية.

(1) أي و تحقق الملك و عدم تحقق السلطنة.

هذا دفع وهم.

حاصل الوهم: أن تحقق الملكية بدون تحقق السلطنة و إن كان ظاهره سلامة الآية من التخصيص.

لكن لازمه تقييد الاطلاق الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله:

الناس مسلطون على أموالهم، و عدم كونهم محجورين في أموالهم و مجبورين على بيعها.

فاجاب الشيخ بما حاصله: أنه لو دار الأمر بين التخصيص و التقييد فالتقييد أولى من التخصيص، لكثرة ما ورد من تقييد هذا الاطلاق كحجر المالك، لصغر، أو جنون، أو سفه، أو فلس، أو زمن فالتقييد أهون من التخصيص.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك حول تخصيص الآية، و عدمه.

(3) أي و لنا بالإضافة إلى ما ذكرناه: من الأدلة الدالة على صحة -

ص: 19

يقتضي الصحة كما (1) إذا كان الكافر مسبوقا بالاسلام، بناء على شمول الحكم لمن كفر عن الاسلام، أو كان (2) العبد مسبوقا بالكفر فيثبت (3) في غيره بعدم الفصل.

و لا يعارضه (4) أصالة الفساد في غير هذه الموارد، لأن استصحاب

+++++++++++

- بيع العبد المسلم من الكافر دليل آخر على الصحة، و هو الاستصحاب

(1) مثال للاستصحاب فيما إذا كان المشتري كافرا و العبد مسلما فرض المسألة هكذا:

كان شخص مسلما ثم ارتد فقبل اسلامه كان يصح البيع منه و بعد الارتداد نشك في الصحة فنجري الصحة السابقة.

(2) هذا مثال آخر للاستصحاب.

فرض المسألة هكذا:

كان عبد كافرا فاسلم فقبل اسلامه كان يصح بيعه من الكافر و بعد اسلامه نشك في بيعه منه فنجري الصحة السابقة و هي الاستصحاب.

(3) أي جواز صحة بيع العبد المسلم من الكافر في غير مورد الاستصحاب، لعدم القول بالفصل بين الاستصحاب و غيره.

(4) أي و لا يعارض هذا الاستصحاب أصالة الفساد و هو الاستصحاب لأن استصحاب الصحة مقدم على استصحاب الفساد، لأن ذاك موضوعي يشمل خصوص هذا الفرد، و هذا حكمي، و الموضوعي مقدم على الحكمي.

و أما كيفية استصحاب الفساد فهو أن النقل و الانتقال قبل اجراء الصيغة كان فاسدا، و بعد اجراء الصيغة نشك في صحة بيع العبد المسلم من الكافر فنجري استصحاب الفساد.

ص: 20

الصحة مقدم عليها، فتأمل (1) ثم إن الظاهر أنه لا فرق بين البيع و أنواع التمليكات كالهبة و الوصية (2).

تمليك منافع المسلم من الكافر

و أما تمليك المنافع (3) ففي الجواز مطلقا كما يظهر من التذكرة و مقرب النهاية.

بل ظاهر المحكي عن الخلاف.

أو مع وقوع الاجارة على الذمة (4) كما عن الحواشي، و جامع المقاصد و المسالك.

أو مع كون المسلم الأجير حرا كما عن ظاهر الدروس.

+++++++++++

(1) وجه التأمل أن الموضوع في الاستصحاب لا بدّ أن يكون متحدا و هنا صار متعددا، لتبدل الموضوع، لأن من كان يجوز في حقه شراء العبد المسلم إنما هو عنوان كونه مسلما و قد زال و تبدل بعنوان الكافر فاختلف الموضوع فلا مجال لجريان الاستصحاب.

و كذلك العبد الذي يجوز بيعه من الكافر إنما هو الكفر و قد زال العنوان و تبدل الكفر و اصبح العبد مسلما فاختلف الموضوع فلا مجال لجريان الاستصحاب.

(2) فكل ما قلناه في البيع من الجواز، أو عدمه يأتي في الهبة و الوصية.

(3) أي تمليك منافع المسلم من الكافر: بأن يؤجر المسلم نفسه له، أو يؤجر المولى عبده المسلم من الكافر، لقضاء أعماله فهل يجوز أو لا يجوز؟

ثم إن المنافع أعم من كونها بنحو الاجارة، أو بنحو الصلح أو بنحو الاعارة.

(4) بأن تكون الاجارة كليا، لا شخصيا.

ص: 21

أو المنع مطلقا كما هو ظاهر القواعد، و محكي الايضاح أقوال:

أظهرها الثاني (1)، فانه (2) كالدين ليس ذلك سبيلا فيجوز.

و لا فرق (3) بين الحر و العبد كما هو ظاهر اطلاق كثير كالتذكرة و حواشي الشهيد، و جامع المقاصد.

+++++++++++

(1) و هو وقوع الاجارة على الذمة: بأن تكون كليا، لا شخصيا كما عرفت.

(2) تعليل لكون الثاني أقوى الأقوال:

و خلاصته: أن الاجارة اذا وقعت كليا يجوز تمليكها من الكافر لأنها حينئذ كالدين، لعدم كون الاقراض له سبيلا على المؤمن.

فكما أنه يجوز إقراض الكافر، كذلك يجوز تمليكه المنافع اذا كانت كلية.

و لا يخفى جواز كون الاجارة شخصية.

و يمكن الاستدلال لها بما ورد أن (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام آجر نفسه لليهودي في استقاء بستانه من البئر بالدلاء إزاء مقدار من التمر.

و كذا بما ورد من أن (الصديقة الطاهرة) صلوات اللّه عليها غزلت مقدارا من الصوف لليهودي.

اللهم إلا أن يقال: إن الاجارة لم تكن شخصية، لأنها أعم من وقوعها مباشرة، أو تسبيبا، و إن وقعت في الخارج عن شخص الامام عليه الصلاة و السلام، لأن فعله لا يدل على أن اليهودي اشترط معه عليه السلام القيام بالعمل مباشرة حتى يلزم استيلاؤه و سلطته على الامام، لتشمله الآية الكريمة.

(3) اي في الاجارة من الكافر بين أن يكون الاجير حرا، أو عبدا.

ص: 22

بل ظاهر المحكي عن الخلاف نفي الخلاف فيه، حيث قال فيه:

اذا استأجر كافر مسلما (1) بعمل في الذمة صح بلا خلاف:

و اذا استأجره مدة من الزمان شهرا، أو سنة، ليعمل عملا صح أيضا عندنا (2) انتهى.

و ادعى في الايضاح أنه لم ينقل من الامة فرق بين الدين، و بين الثابت في الذمة بالاستئجار.

خلافا للقواعد، و ظاهر الايضاح فالمنع مطلقا، لكونه سبيلا.

و ظاهر الدروس التفصيل بين العبد و الحر فيجوز في الثاني، دون الأول، حيث ذكر بعد أن منع اجارة العبد المسلم للكافر مطلقا قال: و جوّزها الفاضل.

و الظاهر أنه اراد اجارة الحر المسلم، انتهى.

و فيه نظر، لأن ظاهر الفاضل في التذكرة جواز اجارة العبد المسلم مطلقا و لو كانت على العين.

نعم يمكن توجيه الفرق (3) بأن يد المستأجر على الملك الذي ملّك منفعته.

بخلاف الحر، فانه لا تثبت للمستأجر يد عليه، و لا على منفعته.

خصوصا لو قلنا بأن اجارة الحر تمليك الانتفاع، لا المنفعة فتأمل (4).

+++++++++++

(1) فكلمة مسلما تشمل الحر و العبد.

(2) بناء على أن الاجارة هنا أعم من التسبيب و المباشرة فتكون الاجارة هنا أيضا كلية.

(3) أي بين الحر و العبد، و الباء في بأن بيان للفرق بين الحر و العبد.

(4) للامر بالتأمل احتمالان: -

ص: 23

ارتهان العبد المسلم عند الكافر

و أما الارتهان عند الكافر ففي جوازه مطلقا كما عن ظاهر نهاية الأحكام.

أو المنع كما في القواعد و الايضاح.

أو التفصيل بين ما لم يكن تحت يد الكافر كما اذا وضعناه عند مسلم كما عن ظاهر المبسوط و القواعد و الايضاح في كتاب الرهن و الدروس و جامع المقاصد و المسالك، أو التردد كما في التذكرة وجوه.

أقواها الثالث (1)، لأن استحقاق الكافر لكون المسلم في يده سبيل

+++++++++++

- (الاول): كونه اشارة الى وهن الفرق بين الحر و العبد:

في أن الحر يجوز تمليك منفعته من الكافر، لعدم ثبوت يد عليه.

بخلاف العبد، فانه لا يجوز تمليك منفعته منه، لثبوت اليد عليه.

و خلاصة الوهن: أنه إن اريد من اليد الثابتة على الملك الذي ملّكت منفعته مجرد السلطنة فهذه السلطنة بعينها موجودة في الحر الاجير للعمل بشخصه و مباشرة، لأنه تصدق هنا سلطنة المستأجر على استيفاء المنفعة من شخص الاجير، و الزامه بذلك.

و إن اريد من اليد الثابتة على الملك الذي يملك الكافر منفعته آثار الضمان على هذه اليد لو تلفت العين التي هي تحت يدي الكافر فهذا مما لا مدخل له في تحقق معنى السبيل و السلطنة.

(الثاني): كونه اشارة إلى عدم الفرق بين تمليك الانتفاع و تمليك المنفعة كما افاده القائل بجواز تمليك منفعة الحر من الكافر:

بأن اجارة الحر تمليك الانتفاع، لا المنفعة، لاستواء كلا التمليكين في تحقق معنى السلطنة على الاستيفاء.

(1) و هو القول بالتفصيل، فان ارتهان العبد المسلم من الكافر و ابقاؤه عند مسلم لا يصدق عليه السبيل و السلطنة، اذ وضعه -

ص: 24

بخلاف استحقاقه لاخذ حقه من ثمنه:

إعارة العبد المسلم و إيداعه من الكافر

و أما اعارته من كافر فلا يبعد المنع، وفاقا لعارية القواعد و جامع المقاصد و المسالك.

بل عن حواشي الشهيد رحمه اللّه أن الاعارة و الايداع أقوى منعا من الارتهان.

و هو حسن في العارية (1)، لأنها تسليط على الانتفاع فيكون سبيلا و علوا، و محل نظر في الوديعة، لأن التسليط على الحفظ و جعل نظره إليه مشترك بين الرهن و الوديعة، مع زيادة في الرهن التي قيل من اجلها بالمنع. و هي (2) التسلط على منع المالك عن التصرف فيه إلا باذنه، و تسلطه على الزام المالك ببيعه.

و قد صرح في التذكرة بالجواز في كليهما (3).

و مما ذكرنا (4) يظهر عدم صحة وقف الكافر عبده المسلم على أهل ملته.

+++++++++++

- عند مسلم طريق لاخذ حق الكافر من المدين لو انكر، أو ماطل في الاداء.

بخلاف تسليمه له و وضعه عنده، فانه يصدق عليه السبيل.

(1) أي لا في الايداع، فان في الايداع لا يصدق السبيل و السلطنة عليه حتى تشمله الآية الكريمة.

(2) أي تلك الزيادة هو تسلط الكافر على المنع من تصرفه في المرهون لو أراد التصرف فيه، فهذه الزيادة هي المانعة من ارتهان العبد المسلم من الكافر.

(3) أي في العارية و الوديعة.

(4) و هو عدم جواز اعارة العبد المسلم من الكافر، لأنها تسليط على الانتفاع فيكون سبيلا و علوا.

ص: 25

الظاهر من الكافر

ثم إن الظاهر من الكافر كلّ من حكم بنجاسته و لو انتحل الاسلام كالنواصب و الغلاة و المرتد.

غاية الأمر عدم وجود هذه الأفراد في زمان نزول الآية، و لذا (1) استدل الحنفية بالآية على ما حكي عنهم بحصول البينونة بارتداد الزوج.

و هل يلحق بذلك (2) أطفال الكفار؟

فيه إشكال.

و يعم المسلم المخالف (3)، لأنه مسلم فيعلو و لا يعلى عليه.

و المؤمن (4) في زمان نزول آية نفي السبيل لم يرد به إلا المقر بالشهادتين

+++++++++++

(1) أي و لاجل أن المراد من الكافر كل من حكم بنجاسته و لو انتحل الاسلام.

(2) أي و هل يلحق أطفال الكفار بالكفار: في عدم تمليك منفعة العبد المسلم، و عدم جواز بيعه، و عدم جواز ارتهانه، و عدم جواز اعارته منهم، أو لا يلحق؟

(3) في عدم جواز بيعه، و تمليك منفعته، و ارتهانه، و اعارته من الكافر فيصدق عليه العلو و الاستعلاء لو بيع، أو رهن، أو اعير أو ملكت منفعته من الكافر.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن الآية تصرح بالإيمان في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

ففرق بين الايمان و الاسلام، اذ المؤمن من يعترف بالتوحيد و النبوة و الامامة.

بخلاف المسلم، فانه المعترف بالتوحيد و النبوة، فبينهما عموم و خصوص مطلق، إذ كل مؤمن مسلم، و ليس كل مسلم مؤمن.

-

ص: 26

و نفيه (1) عن الأعراب الذين قالوا آمنّا بقوله تعالى: و لما يدخل الايمان في قلوبكم إنما (2) كان لعدم اعتقادهم بما أقروا به، فالمراد بالاسلام هنا أن يسلّم نفسه للّه و رسوله في الظاهر، لا الباطن.

بل قوله تعالى: و لما يدخل الايمان في قلوبكم دل على أن ما جرى على ألسنتهم من الاقرار بالشهادتين كان ايمانا في خارج القلب.

و الحاصل أن الاسلام و الايمان في زمان الآية كانا بمعنى واحد.

و أما ما دل على كفر المخالف بواسطة انكار الولاية فهو لا يقاوم بظاهره، لما دل على جريان جميع أحكام الاسلام عليهم: من التناكح و التوارث، و حقن الدماء، و عصمة الأموال، و أن الاسلام ما عليه جمهور الناس.

ففي رواية حمران بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

+++++++++++

- فأجاب قدس سره: أن المراد بالمؤمن في الآية المباركة التي اريد منها نفي السبيل عليه هو المقر بالشهادتين فقط، لا من كان معترفا بالامامة زائدة على ذلك.

(1) دفع وهم

و خلاصة الوهم: أنه لو كان المراد من المؤمن هو المقر بالشهادتين فقط فلما ذا نفي الايمان عن الأعراب في قوله تعالى:

و قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا؟

(2) جواب عن الوهم المذكور

حاصله: أن نفي الايمان عن الأعراب إنما كان لأجل عدم اعتقادهم قلبا بما اعترفوا به، لا لأجل الفرق بين الايمان و الاسلام.

(3) أي في باب بيع العبد المسلم من الكافر، و تمليك منفعته و اعارته.

ص: 27

الايمان ما استقر في القلب، و أفضى به إلى اللّه عز و جل و صدقه العمل بالطاعة للّه و التسليم لأمره.

و الاسلام ما ظهر من قول، أو فعل و هو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها.

و به حقنت الدماء، و عليه جرت المواريث، و جاز النكاح و اجتمعوا على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا إلى الايمان إلى أن قال:

فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل و الأحكام و الحدود و غير ذلك؟

قال: لا، بل هما بجريان في ذلك مجرى واحد.

و لكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما، و ما يتقربان به إلى اللّه عز و جل (1).

بيع العبد المؤمن من المخالف

و من جميع ما ذكرنا ظهر أنه لا بأس ببيع المسلم من المخالف و لو كان جارية إلا إذا قلنا بحرمة تزويج المؤمنة من المخالف، لأخبار دلت على ذلك (2)،

+++++++++++

(1) هذا بعض الحديث و تمامه مذكور في الكافي.

راجع (اصول الكافي). الجزء 2. ص 26. الحديث 5 طباعة المطبعة الحيدرية.

(2) أي على تحريم تزويج المؤمنة بالمخالف.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 424. الباب 10 الأحاديث:

إليك نص الحديث الخامس:

عن الفضيل بن اليسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن نكاح الناصب.

-

ص: 28

فان فحواها (1) يدل على المنع من بيع الجارية المؤمنة.

+++++++++++

- فقال: لا و اللّه ما يحل.

قال فضيل: ثم سالته مرة أخرى. فقلت: جعلت فداك ما تقول في نكاحهم؟

قال: و المرأة عارفة.

قلت: عارفة.

قال: إن العارفة لا توضع إلا عند عارف.

و إليك نص الحديث الرابع:

عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

إن لامرأتي اختا عارفة على رأينا، و ليس على رأينا بالبصيرة إلا قليل فازوجها ممن لا يرى رأينا؟

قال: لا، و لا نعمة إن اللّه عز و جل يقول:

فلا ترجعوهن إلى الكفار، لا هنّ حل لهم و لا هم يحلون لهن(1).

فالحديثان هذان، و ما ذكر في المصدر تدل على حرمة التزويج من المخالف، و بمفهومها يستدل على حرمة بيع الجارية المؤمنة من المخالف بطريق أولى.

بيان ذلك أن تسليط المخالف على المؤمنة إنما هو على البضع فقط فاذا كان هذا التسليط محرما بالزواج فبطريق أولى يكون التسليط على المؤمنة من الكافر بالشراء محرما، لأن تسليطه عليها يكون تسليطا حقيقيا و على كل جوانبها الحيانية بحيث للمولى امرها بكل شيء و نهيها عن كل شيء، فيتحقق السبيل و هو منفي.

(1) أي مفهوم تلك الأخبار يدل على منع بيع الجارية المؤمنة

ص: 29


1- الممتحنة: الآية 10.

لكن الأقوى عدم التحريم (1).

موارد جواز تملك الكافر للعبد المسلم
اشارة

ثم إنه قد استثنى من عدم جواز تملك الكافر للعبد المسلم مواضع:

منها: ما إذا كان الشراء مستعقبا للانعتاق

(منها) (2): ما إذا كان الشراء مستعقبا للانعتاق بأن يكون (3) ممن ينعتق على الكافر قهرا واقعا كالأقارب، أو ظاهرا (4) كمن أقر بحرية مسلم ثم اشتراه.

أو بأن (5) يقول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني بكذا فاعتقه (6) ذكر ذلك العلامة في التذكرة و تبعه جامع المقاصد و المسالك، و الوجه (7) في الاول واضح، وفاقا للمحكي عن الفقيه و النهاية و السرائر مدعيا

+++++++++++

بالمخالف كما عرفت.

(1) أي عدم تحريم تزويج المؤمنة بالمخالف.

(2) أي من تلك المواضع المستثناة.

من هنا أخذ الشيخ في ذكر المواضع المستثناة.

(3) هذا أول موضع قد استثني من عدم جواز تملك الكافر العبد المسلم.

(4) هذا هو الموضع الثاني.

(5) هذا هو الموضع الثالث.

(6) ففي هذه الموارد الثلاث يملك الكافر العبد المسلم.

و الشيخ قدس سره يشير إلى كل واحد من هذه الموارد الثلاث.

و نحن نذكرها تحت رقمها الخاص.

(7) أي العلة في تملك الكافر العبد المسلم في القسم الاول:

و هو انعتاق من ينعتق على الكافر قهرا واقعا كالأقارب واضحة حيث إن العتق متوقف على الملك في قوله صلى اللّه عليه و آله:

لا عتق إلا في ملك. -

ص: 30

عليه الاجماع و المتأخرين كافة، فان (1) مجرد الملكية غير المستقرة لا يعد سبيلا، بل (2) لم تعتبر الملكية إلا مقدمة للانعتاق.

خلافا للمحكي عن المبسوط و القاضي فمنعاه (3)، لأن الكافر لا يملك حتى ينعتق، لأن التملك بمجرده سبيل، و السيادة علو، إلا (4) أن الانصاف أن السلطنة غير متحققة في الخارج، و مجرد الاقدام (5) على شرائه لينعتق منّة من الكافر على المسلم، لكنها غير منفية.

و أما الثاني (6) فيشكل بالعلم بفساد البيع على تقديري الصدق

+++++++++++

- فهنا يملك الكافر من ينعتق عليه قهرا آنا ما حتى يصح عتقه.

(1) تعليل للملكية الآنية في أنها ليست بسبيل.

أي و هذه الملكية الآنية المجردة عن الملكية المستقرة الثابتة لا يطلق عليها السبيل و السلطنة.

(2) هذا في الواقع إضراب عن الملكية الحاصلة للكافر.

(3) أي تملك الكافر لمن ينعتق عليه قهرا.

(4) هذا رأي الشيخ حول موضوع تملك الكافر من ينعتق عليه.

و خلاصته: أن سلطنة الكافر على المؤمن بمجرد تملكه له آنا ما غير ثابتة و غير واقعة في الخارج فلا تتحقق بهذه المدة الوجيزة التي يمكن أن يقال: إنها خارجة عن الأزمان و داخلة في الأعدام فلا تشمل الآية الكريمة هذه الملكية الآنية حتى يستدل بها على نفيها.

(5) أي مجرد إقدام الكافر على شراء من ينعتق عليه و إن كان يعد منة من الكافر على المؤمن، لكن هذه المنة لا تكون منفية بالآية الكريمة حتى يستدل بها على عدم جواز تملك الكافر العبد المؤمن.

(6) و هو انعتاق العبد المسلم على الكافر قهرا، لكنه بحسب الظاهر لا الواقع لو أقر الكافر بحرية مسلم ثم اشتراه.

-

ص: 31

و الكذب، لثبوت الخلل إما في المبيع، لكونه حرا، أو في المشتري لكونه كافرا، فلا تتصور صورة صحيحة لشراء من أقر بانعتاقه إلا أن تمنع اعتبار مثل هذا العلم الاجمالي (1) فتأمل (2).

+++++++++++

- فهنا نقول بتملكه له آنا ما ثم ينعتق عليه قهرا ظاهرا.

لكن هذا التملك مشكل: للعلم الاجمالي بفساد البيع، سواء أ كان المقر صادقا في مقالته: إنه حرام كاذبا.

و منشأ هذا العلم الاجمالي هو ثبوت الخلل إما في جانب المبيع لكونه حرا حسب اعتراف المقر، و الحر لا يباع.

و إما في جانب المشتري، لكونه كافرا، و الكافر لا يملك العبد المسلم.

فعلى كل لا تتصور صورة صحيحة في شراء من أقر بانعتاقه.

(1) هذا بناء على ما ذهب إليه صاحب الحدائق قدس سره:

من اعتباره في تفسير العلم الاجمالي تعلق العلم بالخطاب التفصيلي و أن الاجمال لا بدّ أن يكون في مورده كما في العلم بنجاسة أحد الإناءين فان المعلوم و هو خطاب اجتنب عن النجس تفصيلي من حيث الحكم المتعلق.

و أما إذا تعلق العلم الاجمالي بالخطاب المردد بين الخطابين كما في العلم الاجمالي بأن أحد الإناءين إما فيه الخمر، أو أنه غصب فلا تأثير لهذا العلم.

و ما نحن فيه من قبيل العلم الاجمالي بالخطاب المردد بين الخطابين:

و هو أنه لا يجوز شراء الحر، و لا يملك الكافر العبد المسلم.

(2) لعل الأمر بالتأمل اشارة إلى عدم الفرق بين تعلق العلم الاجمالي بالخطاب التفصيلي، أو بالخطاب المردد بين الخطابين. -

ص: 32

و أما الثالث (1) فالمحكي عن المبسوط و الخلاف التصريح بالمنع (2) لما (3) ذكر في الأول.

منها: ما لو اشترط البائع عتقه

(و منها) (4): ما لو اشترط البائع عتقه، فان الجواز هنا محكي عن الدروس و الروضة.

و فيه (5) نظر، فان ملكيته قبل الاعتاق سبيل و علو.

+++++++++++

- فمبنى صاحب الحدائق غير مرضي عند الشيخ، و لذا عقد لذلك تنبيها في (الرسائل).

فمن أراد الاطلاع فعليه بمراجعة كتابه (فرائد الأصول) الشهير ب: (الرسائل).

(1) و هو قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني.

(2) أي يمنع تملك الكافر العبد المسلم آنا ما حتى يصح عتقه.

(3) أي علة المنع في القسم الثالث هي العلة المذكورة في القسم الأول عن الشيخ في المبسوط بقوله في ص 31: خلافا للمحكي عن المبسوط و القاضي فمنعاه، لأن الكافر لا يملك حتى ينعتق، لأن التملك بمجرده سبيل، و السيادة علو.

فهنا يكون تملك الكافر العبد المسلم أنا ما سبيل و علو.

(4) أي و من الموارد المستثناة من عدم جواز تملك الكافر العبد المسلم.

(5) أي و فيما افيد في الدروس و الروضة: من جواز بيع العبد المسلم على الكافر مشترطا عتقه نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أن تملك الكافر العبد المسلم و لو آنا ما سبيل و علو، و مجرد اعتاقه لا يوجب نفي السبيل عن الكافر على المسلم بل السبيل ثابت و مستقر فتشمله الآية الكريمة: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ -

ص: 33

بل التحقيق أنه لا فرق بين هذا، و بين اجباره على بيعه في عدم انتفاء السبيل بمجرد ذلك.

و الحاصل أن السبيل (1) فيه ثلاثة احتمالات كما عن حواشي الشهيد

مجرد (2) الملك و يترتب عليه (3) عدم استثناء ما عدا صورة

+++++++++++

- على المؤمنين سبيلا، فتدل على فساد البيع الذي هو الحكم الوضعي بالإضافة على دلالتها على الحكم التكليفي الذي هي الحرمة.

(1) أي السبيل في الآية الكريمة المنفي في حق الكافر له ثلاثة احتمالات:

(2) هذا هو الاحتمال الأول:

و خلاصته: أنه يحتمل أن يكون المراد من نفي السبيل نفي الملكية المجردة عن الاستقرار، و غير الاستقرار، أي الكافر لا يملك العبد المسلم بأي نحو من الأنحاء لا بنحو الاستقرار، و لا بنحو غيره و إن اشترط عتقه، إذ الاشتراط لا يكون مبررا لتملكه.

(3) أي على الاحتمال الأول يترتب عدم استثناء الصورة الأولى:

و هي انعتاق من ينعتق على الكافر قهرا و واقعا، و الصورة الثالثة و هي قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني، فان في هاتين الصورتين تحصل الملكية للكافر و إن كانت آنا ما، لأنك عرفت أن المراد من السبيل هو مجرد الملكية و قد حصلت هنا فهاتان غير مستثناة من الاحتمال الأول.

و أما الصورة الثانية: و هي اقرار الكافر بحرية المسلم الذي اشتراه فهي مستثناة عن الاحتمال الأول، لعدم حصول الملك في الحر أصلا فلا مفهوم له حتى تشمله الآية الكريمة، للعلم الاجمالي بفساد البيع لا محالة إما في المبيع، لكونه حرا، و إما في المشتري، لكونه كافرا.

ص: 34

الاقرار بالحرية، و بالملك (1) المستقر و لو بالقابلية كشروط العتق و يترتب عليه (2) عدم استثناء ما عدا صورة اشتراط العتق.

و المستقر (3) فعلا و يترتب عليه (4) استثناء الجميع، و خير (5)

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثاني لمعنى السبيل أي المراد من السبيل المنفي في حق الكافر هي الملكية المستقرة الثابتة: بمعنى أن الكافر لا يملك الملكية المستقرة الثابتة و إن كانت هذه الملكية تحصل باشتراط العتق و لو بالقابلية.

(2) أي و على الاحتمال الثاني يترتب عدم استثناء الصور الثلاث:

و هي صور الانعتاق القهري كالأقارب المذكورة في ص 30.

و صورة الاعتراف بحرية مسلم ثم شراؤه المذكورة في ص 30.

و صورة قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني المذكورة في ص 30.

فان في هذه الصور تستقر الملكية و لو كانت بالقابلية فتشملها آية وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

و أما صورة اشتراط العتق فلا تشملها الآية الكريمة فلا سبيل هناك.

(3) هذا هو الاحتمال الثالث لمعنى السبيل أي المراد من السبيل المنفي في حق الكافر الملكية المستقرة الفعلية: بمعنى أن الكافر لا يملك الملكية المستقرة الفعلية.

(4) أي و على الاحتمال الثالث يترتب استثناء جميع الصور الثلاث المذكورة، و الصورة الرابعة: و هي اشتراط العتق، حيث إنه لا ملكية مستقرة فعلا في الصور الأربع حتى تشملها الآية الكريمة.

(5) هذا مختار الشيخ في المعاني المحتملة للسبيل المنفي في الآية الكريمة أي خير المعاني المذكورة للسبيل هو الاحتمال الثاني: و هي الملكية المستقرة و لو بالقابلية: فالآية إنما تنفي مثل هذه الملكية، لا الملكية -

ص: 35

الأمور أوسطها:

حكم تملك الكافر للمسلم قهرا

ثم إن ما ذكرنا كله (1) حكم ابتداء تملك الكافر المسلم اختيارا.

أما التملك القهري فيجوز ابتداء (2) كما لو ورثه (3) الكافر من كافر أجبر (4) على البيع فمات (5) قبله، فانه (6) لا ينعتق عليه و لا على الكافر الميت (7)، لأصالة بقاء رقيته بعد تعارض دليل نفي السبيل، و عموم أدلة الارث (8).

لكن لا يثبت بها (9) أصل تملك الكافر

+++++++++++

- المجردة، و لا الملكية المستقرة فعلا، أي لا يملك الكافر العبد المسلم بنحو الملكية المستقرة.

و أما مجرد الملكية، أو الملكية المستقرة فعلا، لا بنحو الاستدامة فهو غير منفي، إذ ليس هو سبيل حتى تشمله الآية.

(1) من عدم تملك الكافر العبد المسلم بأي نحو من أنحاء الملكية.

(2) أي لا استدامة، فانها لا تجوز.

(3) أي ورث الكافر العبد المسلم.

(4) أي الكافر المورّث.

(5) أي الكافر المورّث المحبر على البيع لو مات قبل بيع العبد المسلم.

(6) أي العبد المسلم لا ينعتق على الوارث الكافر بموت مولاه الكافر الذي اجبر على البيع فمات قبل البيع.

(7) و هو المورّث الذي اجبر على البيع فمات قبل البيع.

(8) فاذا تعارضا تساقطا، لعدم ترجيح احدهما على الآخر فلا حكومة لهذه على ذيك، و لا لذيك على هذه.

(9) أي بأدلة الارث لا يثبت أصل تملك الكافر حتى يقدم تملكه على نفي السبيل، لعدم حكومتها على أدلة نفي السبيل كما عرفت.

ص: 36

فيحتمل (1) أن ينتقل إلى الامام عليه السلام.

بل هو (2) مقتضى الجمع بين الأدلة، ضرورة أنه إذا نفي (3) إرث الكافر بآية نفي السبيل كان الميت بالنسبة إلى هذا المال ممن لا وارث له فيرثه الامام عليه السلام.

و بهذا التقرير (4) يندفع ما يقال: إن إرث الامام مناف لعموم أدلة ترتيب طبقات الارث (5)

+++++++++++

(1) الفاء هنا تفريع على ما أفاده: من تعارض دليل نفي السبيل و عموم أدلة الارث و تساقطهما، لعدم حكومة أحدهما على الآخر.

و من عدم ثبوت أصل تملك الكافر بأدلة الارث أي ففي ضوء ما ذكرنا يحتمل انتقال العبد المسلم الذي كان عند الكافر المجبر على البيع فمات قبل البيع إلى الامام عليه السلام، لأنه وارث من لا وارث له، و الكافر المجبر على البيع و لم يبع لموته لا وارث له.

(2) أي انتقال العبد المسلم إلى الامام عليه السلام هو مقتضى الجمع بين أدلة نفي السبيل للكافر على المؤمن، و بين أدلة الارث.

هذا بناء على عدم حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(3) هذا بناء على حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(4) و هو بناء على حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(5) حيث إن طبقات الارث مترتبة لا تتقدم طبقة مع وجود الطبقة المتقدمة، لأن موجبات الارث و أسبابه ثلاثة:

(الأول): النسب و هذا له ثلاث طبقات:

(الأولى): الأبوان و الأولاد.

(الثانية): الأجداد و الجدات، سواء أ كانت لأب أم لأم و إن علوا. -

ص: 37

توضيح الاندفاع أنه إذا كان مقتضى نفي السبيل عدم إرث الكافر فيتحقق نفي الوارث الذي هو مورد إرث الامام عليه السلام فان الممنوع (1) من الارث لغير الوارث.

فالعمدة في المسألة (2) ظهور الاتفاق المدعى صريحا في جامع المقاصد.

+++++++++++

- و الاخوة و الأخوات و إن نزلوا، سواء أ كانوا لأب أم لأم و أولادهم و إن نزلوا.

(الثالثة): الأعمام و العمات، و الأخوال و الخالات و إن علوا و أولادهم و إن نزلوا.

(الثاني): الزوجية و بها يرث الزوجان كل من الآخر.

(الثالث): الولاء: و هو على ثلاث مراتب:

ولاء العتق، ثم ولاء ضامن الجريرة، ثم ولاء الامامة.

هذه هي الطبقات المتعينة في الارث لا يجوز لطبقة أن تتقدم على الأخرى مع وجود الطبقة المتقدمة.

ففيما نحن فيه كيف يكون العبد المسلم بعد موت مولاه الذي أجبر على البيع و مات قبل البيع للامام، مع وجود الوارث له و هو الكافر الآخر الذي هو مقدم على الامام عليه السلام طبقة.

و قد ذكر الشيخ الجواب عن الاشكال بقوله: و بهذا التقرير يندفع ما يقال، و بقوله: توضيح الاندفاع.

(1) الذي هو الكافر هنا، حيث إنه بواسطة اسلام العبد يمنع عن الارث فالامام مقدم عليه.

(2) أي مسألة تملك الكافر العبد المسلم بالملك القهري فالاتفاق حاصل على إرث الكافر العبد المسلم. -

ص: 38

ثم هل يلحق بالارث كل ملك قهري، أو لا يلحق، أو يفرق بين ما كان سببه اختياريا (1) أو غيره (2).

وجوه خيرها أوسطها (3) ثم أخيرها (4).

عدم استقرار المسلم على ملك الكافر و وجوب بيعه عليه

ثم إنه لا إشكال و لا خلاف في أنه لا يقر المسلم على ملك الكافر.

بل يجب بيعه عليه، لقوله عليه السلام في عبد كافر أسلم:

+++++++++++

- قال المحقق الثاني في أثناء شرح قول العلامة: إلا اباه و من ينعتق عليه:

لأن اللّه تعالى نفى جعل السبيل للكافر على المسلمين فلو أراد به مطلق ما يترتب على الملك لامتنع إرث الكافر العبد المسلم من كافر آخر و التالي باطل اتفاقا، انتهى كلام صاحب جامع المقاصد.

و المراد من بطلان التالي هو امتناع إرث الكافر العبد المسلم من كافر آخر فهذا البطلان حاصل من اتفاق الفقهاء.

(1) السبب الاختياري هو الفسخ الحاصل بالخيار المجعول من قبل المتعاقدين في العقد، فان كل خيار يجعل في متن العقد و ضمنه من قبل المتعاقدين هو سبب اختياري للفسخ جاء من قبل المتعاقدين فهنا لا يلحق السبب الاختياري بالارث القهري.

(2) السبب غير الاختياري هو الفسخ الحاصل من قبل احد الخيارات المجعولة من قبل الشارع كخيار الغبن و المجلس، و العيب، و الرؤية فان الخيار حاصل بالبيع، و الخيار في المقام غير اختياري، لأنه مجعول من قبل الشارع، فهنا يلحق السبب غير الاختياري بالارث القهري

(3) و هو عدم الحاق كل ملك قهري بالارث.

(4) و هو التفريق بين السبب الاختياري و غير الاختياري.

ص: 39

اذهبوا فبيعوه من المسلمين و ادفعوا إليه ثمنه و لا تقروه عنده (1).

و منه (2) يعلم أنه لو لم يبعه باعه الحاكم.

و يحتمل أن يكون ولاية البيع للحاكم مطلقا (3) لكون (4) المالك غير قابل للسلطنة على هذا المال، غاية الامر أنه دل النص و الفتوى (5)

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 69. الباب 73. الحديث 1

(2) أي و من هذا الحديث الآمر بالبيع في قوله عليه السلام:

اذهبوا فبيعوه من المسلمين يعلم أن الكافر لو لم يبع العبد المسلم باعه الحاكم الشرعي: و هو الفقيه الجامع لشرائط الافتاء.

(3) أي سواء امتنع الكافر عن بيع العبد المسلم أم لم يمتنع، فللفقيه الحكومة في البيع أي وقت شاء و أراد.

(4) تعليل لاحتمال كون ولاية الفقيه مطلقة لا تقييد فيها بصورة امتناع الكافر عن بيع العبد المسلم.

و هناك اطلاق يؤيد عدم قابلية الكافر للسلطنة على المال و هو العبد المسلم.

و ذاك الاطلاق هو الأمر بالبيع في الحديث في قوله عليه السلام:

اذهبوا فبيعوه، فان الأمر هنا مطلق لا تقييد فيه بصورة امتناع الكافر عن بيع العبد، بل البيع لازم سواء امتنع الكافر أم لم يمتنع فيؤيد عدم القابلية.

(5) أي النص و فتوى فقهاء الامامية دلاّ على أن الكافر يملك العبد المسلم.

و المراد من النص ما ذكرناه في الهامش 4 في قوله عليه السلام:

فبيعوه، فان البيع فرع التملك.

و المراد من الفتوى فتوى فقهاء الامامية رضوان اللّه عليهم -

ص: 40

على تملكه له، و لذا (1) ذكر أنه يباع عليه.

بل صرح فخر الدين رحمه اللّه في الايضاح بزوال ملك السيد عنه و يبقى له حق استيفاء الثمن منه و هو (2) مخالف لظاهر النص و الفتوى كما عرفت، و كيف كان (3) فاذا تولاه (4) المالك بنفسه فالظاهر أنه لا خيار له (5) و لا عليه (6)،

+++++++++++

- باتفاقهم على أن الكافر يملك بالملك القهري كالارث.

(1) تعليل لعدم قابلية الكافر للسلطنة على العبد المسلم.

و ليس تعليلا لدلالة النص و الفتوى على تملك الكافر العبد المسلم كما قد يتوهم أي و لاجل عدم تملك الكافر للعبد المسلم ذكر فقهاء الامامية رضوان اللّه عليهم أن العبد المسلم يباع على المسلمين قهرا و جبرا على المالك الكافر.

(2) أي زوال الملك عن السيد الكافر كما افاده فخر المحققين مخالف للنص، و فتوى الفقهاء المشار إليهما في ص 40 على تملك الكافر.

(3) أي سواء قلنا تملك الكافر أم لا.

(4) أي إذا تولى الكافر المالك بيع العبد المسلم بنفسه مباشرة.

(5) أي لا خيار لهذا الكافر المالك الذي باشر البيع بنفسه مطلقا حتى خيار الحيوان.

و كذا ليس للحاكم الشرعي جعل الخيار للكافر المالك لو تولى الحاكم بيع العبد المسلم بنفسه.

(6) أي و كذا ليس للمشتري المسلم جعل الخيار لنفسه لو اشترى العبد المسلم من الكافر: بأن اشترط مع الكافر المالك أن له الخيار خلال شهر، أو شهرين مثلا، فهذا الخيار يكون على الكافر و في ضرره.

ص: 41

وفاقا للمحكي عن الحواشي (1) في خيار المجلس و الشرط، لأنه (2) إحداث ملك فينتفي، لعموم نفي السبيل، لتقديمه (3) على أدلة الخيار كما يقدم (4) على أدلة البيع.

و يمكن أن يبتنى (5) على أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد.

+++++++++++

(1) أي حواشي الشهيد الأول على القواعد للعلامة.

(2) هذا تعليل لعدم خيار للكافر، و لا عليه لو باشر الكافر البيع بنفسه و تولاه.

و خلاصته: أن جعل الخيار له و عليه يستلزم لرجوع الملك:

و هو إحداث ملك جديد، فتنتفي هذه الملكية الجديدة المستحدثة بعموم نفي السبيل في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً حيث إن نفي السبيل عام يشمل حتى الملكية المستحدثة فضلا عن الملكية المستقرة.

(3) تعليل لعموم نفي السبيل.

و خلاصته: أن عموم النفي لاجل تقديم دليله على أدلة الخيار من باب الحكومة كما افاد هذه الحكومة الشيخ في ص 37 بقوله:

ضرورة أنه اذا نفي إرث الكافر بآية نفي السبيل.

(4) تنظير لتقديم أدلة نفي السبيل على أدلة الخيار أي كما تقدم أدلة نفي السبيل على أدلة البيع فيما لو بيع العبد المسلم على الكافر مع أدلة البيع: و هي

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، و إنّ الناس مسلطون على أموالهم، فانها عامة تشمل حتى البيع على الكافر.

(5) بصيغة المذكر المجهول أي يبتنى الخيار للكافر، و عدم الخيار له -

ص: 42

فان قلنا: بالأول ثبت الخيار، و لأن فسخ العقد يجعل الملكية السابقة كأن لم تزل و قد امضاها الشارع و أمر بازالتها، بخلاف ما لو كانت الملكية الحاصلة غير السابقة، فان الشارع لم يمضها.

لكن (1) هذا المبنى ليس بشيء، لوجوب (2) الاقتصار في تخصيص نفي السبيل على المتيقن.

+++++++++++

- على القول بأن الملكية الزائلة العائدة بالخيار لو اختير الفسخ هل هي كالملكية غير الزائلة، أو كالملكية غير العائدة؟

فان قلنا: إن الملكية الزائلة بالبيع، و التي تعود بواسطة الخيار كالتي لا تزول فيثبت الخيار، لعدم إحداث ملك جديد حتى ينتفي بالسبيل، لأن فسخ العقد يجعل الملكية السابقة كالتي لا تزول أبدا و هي ممضاة من قبل الشارع و أمر بازالتها بواسطة البيع.

و إن قلنا: إن الملكية الزائلة بالبيع، و العائدة بالخيار كالملكية غير الزائلة فلا يثبت الخيار، لعدم إمضاء الشارع لمثل هذه الملكية فنفي السبيل يشمله.

(1) هذا رأي الشيخ حول المبنى المذكور.

و خلاصته: أن ابتناء ثبوت الخيار على الملكية التي لا تزول، و عدم ثبوت الخيار على الملكية الزائلة ليس بحق و صحيح.

(2) تعليل لعدم صحة المبنى المذكور.

و خلاصته: أن نفي السبيل عام يشمل حتى الملكية التي لا تزول فلا يثبت الخيار.

فليس إذا قابلا للتخصيص، فان كان لا بدّ من التخصيص فيجب الاقتصار على المتيقن: و هو ثبوت الملكية القهرية الابتدائية للكافر فقط كالارث. -

ص: 43

نعم يحكم (1) بالارش لو كان العبد، أو ثمنه معيبا.

و يشكل (2) في الخيارات الناشئة عن الضرر من (3) جهة قوة أدلة نفي الضرر فلا يبعد الحكم بثبوت الخيار للمسلم (4) المتضرر من لزوم (5) البيع.

بخلاف ما لو تضرر الكافر، فان هذا الضرر إنما حصل من كفره الموجب (6)، لعدم قابلية تملك المسلم إلا فيما خرج بالنص (7).

و يظهر مما (8) ذكرنا حكم الرجوع

+++++++++++

- و أما الملكية العائدة للكافر بالخيار فلا تثبت له، لأنها مغايرة لنفي السبيل الدال على عموم عدم تملك الكافر فيبقى العموم بعد هذا التخصيص على عموميته، و سالما عن التخصيص.

(1) أي للكافر بعد أن اشترى العبد لو كان معيبا، حيث إن الأرش جزء من الثمن المدفوع إلى البائع فهو بدل عن النقيصة الحاصلة في الثمن فلا بد من اعطائه لصاحب الثمن و هو الكافر.

(2) أي ثبوت الارش في الخيارات الناشئة عن الضرر مشكل.

(3) كلمة من تعليل لوجه الاشكال و قد ذكره الشيخ.

(4) لو كان هو البائع للكافر.

(5) لو قلنا بنفوذ البيع و لزومه، فانه حينئذ يكون البائع المسلم متضررا لو لم نقل بثبوت الخيار له.

(6) بالجر صفة لكفره أي الضرر حصل من كفر الكافر، لا من قبل الشارع حتى يتدارك بالارش فهو اقدم على هذا الضرر باختياره الكفر.

(7) كما في التملك القهري الحاصل من الارث مثلا.

(8) من عدم ثبوت الخيار للكافر، و أنه ليس له الرجوع في الهبة الجائزة، و له اخذ الارش لو ظهر معيبا.

ص: 44

في العقد الجائز كالهبة (1).

و خالف في ذلك (2) كله جامع المقاصد فحكم بثبوت الخيار، و الرد بالعيب تبعا للدروس.

قال: (3) لأن العقد لا يخرج عن مقتضاه (4) بكون (5) المبيع عبدا مسلما لكافر، لانتفاء المقتضي (6)، لأن نفي السبيل لو اقتضى ذلك (7)

+++++++++++

(1) أي ليس للكافر حق الرجوع في الهبة لو وهب العبد المسلم الى شخص، لعين الملاك الموجود في العقود اللازمة.

(2) أي في عدم ثبوت الخيار للكافر، و عدم جواز رجوعه في الهبة الجائزة، و في اخذ الارش.

بل قال بثبوت الخيار، و جواز الرجوع في الهبة الجائزة، و له الرد في المبيع اذا كان بعيدا، لا انه يجوز له اخذ الارش.

(3) أي صاحب جامع المقاصد.

(4) مقتضى العقد هو جواز الرد بالعيب، فهذا المقتضى لا يرفع اليد عنه بسبب كون المبيع عبدا مسلما لكافر، و بمجرده.

بل العقد يعمل عمله فيجوز للمشتري رد العبد إلى البائع الكافر لو ظهر معيبا، لا أنه يأخذ الارش في مقابل العيب و النقيصة.

(5) الباء هنا سببية لخروج العقد عن مقتضاه أي مجرد كون المبيع عبدا مسلما لكافر لا يكون سببا لرفع اليد عن مقتضى العقد كما عرفت

(6) أي لانتفاء المقتضي لخروج العقد عن مقتضاه و قد عرفت أن مجرد كون المبيع عبدا مسلما لكافر لا يكون سببا لرفع اليد عن مقتضى العقد، و لا مقتضيا له.

(7) أي رفع اليد عن مقتضى العقد و مفهومه.

ص: 45

لاقتضى خروجه عن ملكه (1).

فعلى (2) هذا لو كان المبيع معاطاة فهي على حكمها.

و لو اخرجه (3) عن ملكه بالهبة جرت فيه أحكامها.

نعم (4) لا يبعد أن يقال: للحاكم إلزامه باسقاط نحو خيار المجلس

+++++++++++

(1) و اللازم و هو خروج العبد عن ملك الكافر باطل، لاتفاق الفقهاء على تملكه له، و لورود النص المشار إليه في ص 40 كما عرفت و كذا الملزوم: و هو خروج العقد عن مقتضاه: و هو جواز الرد بالعيب كما عرفت.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم خروج العقد عن مقتضاه إذ لو خرج لخرج عن ملكه، و اللازم باطل و كذا الملزوم أي ففي ضوء ما ذكرناه لو كان المبيع وقع بالبيع المعاطاتي فتجري فيه أحكام المعاطاة: من جواز التراد ما دامت العينان باقيتين كما عرفت تفصيل ذلك في الجزء السادس من المكاسب من ص 285 الى ص 327 فراجع

(3) هذا تفريع آخر على ما أفاده: من عدم خروج العقد عن مقتضاه أي ففي ضوء ما ذكرناه فلو اخرج الكافر العبد المسلم عن ملكه بالهبة جرت فيها أحكام الهبة: من كونها إذا كانت بذي رحم فلا يجوز الرجوع فيها، و كذا إذا كانت معوضة.

و أما إذا كانت غير معوضة، و بغير ذي رحم فيجوز فيها الرجوع قبل التصرف، لا بعده.

(4) هذا كلام صاحب جامع المقاصد و استدراك عما أفاده: من ثبوت الخيار و الرد للكافر.

و خلاصة الاستدراك: أن للحاكم الشرعي إسقاط حق الخيار للكافر في خيار المجلس.

ص: 46

أو مطالبته (1) بسبب ناقل يمنع الرجوع و لم يلزم منه (2) تخسير للمال، انتهى (3).

و فيما ذكره (4) نظر، لأن نفي السبيل لا يخرج منه إلا الملك

+++++++++++

(1) أي و كذا للحاكم الشرعي حق مطالبة الكافر بايجاد سبب ناقل لثمن العبد على نحو يمنع الكافر من الرجوع إلى الثمن: بأن يلزمه ببيع لازم، أو هبة معوضة بحيث يخرج عن ملكه.

(2) أي إذا لا يلزم من مطالبة الحاكم الشرعي الكافر بتهيئة أسباب نقل الثمن ضرر يتوجه نحو الكافر كأن يباع العبد بثمن بخس جدا، فانه في هذه الصورة تتوجه خسارة نحوه فلا يجوز، فحق مطالبة الحاكم للكافر بنقل الكافر مقيد بقيد عدم التخسير.

(3) أي ما أفاده صاحب جامع المقاصد في هذا المقام.

(4) من هنا أخذ الشيخ في الرد على ما أفاده المحقق الثاني أي و فيما أفاده نظر.

و خلاصته: أن عروض التخصيص و هي الملكية القهرية الابتدائية للكافر على العام: و هو أن نفي السبيل للكافر على المؤمنين لا يوجب سقوط حجية العام في بقية أفراده.

بل العام باق على عمومه بعد هذا التخصيص فنتمسك به و نحكم بعدم تملك الكافر العبد المسلم بالخيار، لا له، و لا عليه، لأنه إحداث ملك جديد.

فما أفاده المحقق الثاني: من أن العقد لا يخرج من مقتضاه: و هو جواز الرد و الفسخ بالخيار، لأنه لو قلنا بالخروج يلزم خروج العبد عن ملكه، و خروجه عن ملكه باطل فكذا الملزوم: و هو خروج العقد عن مقتضاه: غير مقيد.

ص: 47

الابتدائي (1)، و خروجه (2) لا يستلزم خروج عود الملك إليه بالفسخ.

و استلزام (3) البيع للخيارات ليس (4) عقليا، بل تابع لدليله الذي هو أضعف من دليل صحة العقد الذي خص بنفي السبيل.

+++++++++++

(1) أي الابتدائي القهري كالارث، لا الثابت بالخيار كما عرفت.

(2) أي خروج الملك الابتدائي القهري عن عموم نفي السبيل لا يكون مستلزما لخروج الملك العائد بالخيار عن عموم نفي السبيل حيث إن العموم كما عرفت بعد التخصيص باق على عمومه.

(3) دفع وهم

حاصل الوهم: أن الخيار من لوازم البيع فكلما صدق البيع صدق الخيار، و هذه الملازمة عامة تشمل حتى بيع الكافر العبد المسلم فله الخيار، و عليه الخيار.

(4) هذا جواب الشيخ قدس سره عن التوهم.

و خلاصته: أن هذه الملازمة ليست عقلية حتى يقال: كلما صدق البيع صدق الخيار فيثبت الخيار للكافر فتثبت له الملكية بالخيار.

بل استلزام البيع للخيار تابع لدليل الخيار.

و من الواضح أن دليل الخيار أضعف من دليل صحة العقد الذي خص بدليل نفي السبيل، فدليل نفي السبيل حاكم عليه و قد خرجت عن عموم نفي السبيل الملكية القهرية الابتدائية كالارث كما علمت.

و أما الملكية المستحدثة بالخيار فلا تخرج عن عموم نفي السبيل بل العموم باق على عمومه فلا تعارض بين الدليلين:

دليل الخيار، و دليل نفي السبيل حتى يتساقطا فيقال بتملك الكافر العبد المسلم بالخيار.

ص: 48

فهذا (1) أولى بالتخصيص به.

مع (2) أنه على تقدير المقاومة يرجع إلى أصالة الملك، و عدم

+++++++++++

(1) أي دليل الخيار أولى بتخصيصه بآية نفي السبيل من تخصيص دليل صحة العقد بدليل نفي السبيل.

فتحصل من مجموع ما ذكر أنه لا تعارض بين دليل الخيار، و دليل نفي السبيل حتى يتساقطا.

بل دليل نفي السبيل مقدم و حاكم على دليل الخيار، فلا يثبت ملك جديد للكافر بالخيار.

(2) من هنا يروم الشيخ أن ينكر الخيار للكافر بتيا و إن قيل بمعارضة دليل الخيار لدليل نفي السبيل.

و خلاصته: أنه على فرض مقاومة دليل الخيار لدليل النفي و معارضته له، و عدم كون دليل النفي حاكما عليه، و تساقطهما عند التعارض: يرجع حينئذ إلى أصالة بقاء الملك، و عدم زواله بالفسخ و الرجوع.

بعبارة اخرى أنه عند الفسخ و الرجوع نشك في زوال الملك فنستصحب الملكية السابقة فلا مجال للخيار حتى تأتي الملكية الحادثة بسببه، بل الملكية السابقة القهرية الابتدائية تعود بسبب الاستصحاب.

(لا يقال): إنه كما يقع التعارض بين دليل نفي السبيل، و بين دليل الخيار.

كذلك يقع التعارض بين دليل نفي السبيل، و بين دليل صحة العقد و بين أدلة الارث فيتساقطان فاذا تساقطا فلا يبقى مجال لسببية العقد للملك حتى تستصحب الملكية السابقة عند الفسخ و الرجوع فيرجع إلى أصالة الفساد. -

ص: 49

زواله بالفسخ و الرجوع، فتأمل (1).

+++++++++++

- (فانه يقال): إنك قد عرفت أن الملك القهري الابتدائي قد خرج عن عموم آية نفي السبيل.

فنفي السبيل قد خصص بهذا فلا يكون التملك القهري منفيا فيملك الكافر قهرا بالارث فعند الفسخ و الرجوع نشك في زوال الملكية السابقة الثابتة له بالارث فنستصحبها.

إذا لا منافاة بين بيع الكافر عبده المسلم من مسلم.

و بين نفي السبيل فيصح بيعه منه فيرجع بعد الفسخ إلى أصالة بقاء الملك كما عرفت، لا إلى أصالة الفساد.

(1) الأمر بالتأمل له احتمالان:

(الأول): أن المقاومة المذكورة، و معارضة دليل الخيار لدليل نفي السبيل مبنية على عدم حكومة دليل نفي السبيل على دليل الخيار و مع هذا البناء لا يكون دليل النفي حاكما على أدلة صحة العقد، و على أدلة الارث فيقع التعارض بين دليل النفي، و دليل صحة العقد، و دليل الارث فيتساقطان فيرجع إلى أصالة الفساد.

فلا مجال لاستصحاب الملكية كما عرفت في الهامش 2 ص 49 عند قولنا: فاذا تساقطا فلا يبقى مجال لسببية العقد للملك حتى تستصحب الملكية السابقة.

و قد عرفت الجواب عن هذا الاشكال عند قولنا: فانه يقال:

(الثاني): كون الأمر بالتأمل إشارة إلى الوهن الحاصل مما ذكره:

من أن دليل صحة العقد مخصص بدليل نفي السبيل، لأنه على فرض التخصيص به، و عدم الفرق بين دليل صحة العقد، و بين دليل الانتقال بالارث: يلزم ارتفاع موضوع الخيار في مسألة بيع الكافر -

ص: 50

و أما (1) ما ذكره أخيرا بقوله: لا يبعد ففيه أن الزامه بما ذكر ليس بأولى من الحكم بعدم جواز الرجوع فيكون (2) خروج المسلم من ملك الكافر إلى ملك المسلم بمنزلة التصرف المانع من الفسخ و الرجوع.

و مما ذكرنا (3) يظهر أن ما ذكره

+++++++++++

- العبد المسلم، لأن البحث عن ثبوت الخيار عند بيع الكافر العبد المسلم من المسلم فرع تملكه له و قد فرض أن أدلة الانتقال خصصت بنفي السبيل.

(1) هذا رد على الاستدراك الذي افاده صاحب جامع المقاصد بقوله في ص 46: نعم لا يبعد أن يقال للحاكم الزامه.

و خلاصته: أنه لا داعي لهذا الاستدراك بعد الالتزام بعدم الخيار للكافر مطلقا، لا خيار المجلس، و لا غيره: من بقية الخيارات من البداية حتى لا نحتاج إلى هذا الاستدراك، و القول بإلزام الحاكم للكافر باسقاطه خيار المجلس، أو مطالبة الحاكم الكافر بسبب ناقل يمنعه عن الرجوع إلى المبيع.

فالزام الحاكم الكافر بما ذكر ليس بأولى من التزامنا من البداية بعدم جواز الرجوع للكافر إذا كان الخيار له، أو للمشتري إذا كان الخيار على الكافر.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الزام الحاكم الكافر باسقاط الخيار ليس بأولى من التزامنا بعدم جواز الرجوع من البداية أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون خروج العبد المسلم عن ملك الكافر إلى ملك المسلم بمنزلة التصرف المانع من الفسخ و الرجوع.

(3) و هو: أن الزام الحاكم الكافر بما ذكر ليس بأولى من التزامنا من البداية بعدم جواز الرجوع و الفسخ.

ص: 51

في القواعد: من (1) قوله رحمه اللّه:

و لو باعه لمسلم بثوب ثم وجد في الثمن عيبا جاز رد الثمن.

و هل يسترد العبد، أو القيمة (2)؟ فيه (3) نظر.

ينشأ (4) من (5) كون الاسترداد تملكا للمسلم اختيارا.

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما ذكره العلامة قدس سره في القواعد.

(2) أي بعد أن وجد الكافر في الثمن و هو الثوب عيبا.

(3) هذا كلام العلامة أي في جواز استرداد العبد، أو قيمته إذا وجد الكافر في الثوب الذي وقع ثمنا عيبا نظر و إشكال.

(4) أي هذا النظر و الاشكال ناش من احد الأمرين لا محالة:

(5) هذا هو الأمر الأول، و هو دليل عدم الخيار للكافر.

و خلاصته: أن القول بالاسترداد و الرجوع دليل على تملك الكافر العبد المسلم اختيارا، لا قهرا و قد علمت في ص 36: أن القدر المتيقن من خروج تملك الكافر العبد المسلم عن عموم دليل نفي السبيل هو التملك القهري الابتدائي كالارث.

و أما التملك الاختياري الحاصل بالخيار فلا يخرج عن العموم المذكور، بل العموم باق على عمومه فيشمله.

و لا يخفى أن المحقق الكركي في شرحه على القواعد اورد إشكالا على ما أفاده العلامة: من التملك الاختياري.

و خلاصته: أنه في صورة رد الكافر الثمن المعين المعيب ينفسخ العقد قهرا فيعود العبد إلى الكافر، لامتناع بقاء الملك بلا مالك و لامتناع كون الثمن و المثمن للمشتري المسلم إذا لم نقل برجوع العبد المسلم إلى الكافر، فاذا رجع العبد إلى الكافر أصبح تملك الكافر العبد المسلم تملكا قهريا كالارث، لا اختياريا. -

ص: 52

و من (1) كون الرد بالعيب موضوعا على القهر كالارث، انتهى (2) محل (3) تأمل.

إلا (4) أن يقال: إن مقتضى الجمع بين أدلة الخيار، و نفي السبيل ثبوت الخيار و الحكم بالقيمة (5) فيكون نفي السبيل مانعا شرعيا من استرداد المثمن كنقل (6) المبيع في زمن الخيار.

+++++++++++

- و لا يخفى أن الشيخ قدس سره أجاب عن هذا الاشكال بقوله في ص 51: و أما ما ذكره أخيرا بقوله: و لا يبعد.

و قد عرفت شرحه في الهامش 1 ص 51 عند قولنا: و خلاصته أنه لا داعي لهذا الاستدراك.

(1) هذا هو الأمر الثاني و هو دليل ثبوت الخيار للكافر.

و خلاصته: أن رد المعيب أمر قهري وضعه الشارع فالخيار من لوازم هذا الوضع فهو كالارث.

(2) أي ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد.

(3) بالرفع خبر لاسم إن في قوله في ص 51: يظهر أن ما ذكره أي ما ذكره في القواعد: من جواز رد الثمن محل تأمل، لأنه يدل على ثبوت الخيار للكافر.

و قد عرفت عدم ثبوته له عند قوله في ص 51: ففيه أن الزامه بما ذكر.

(4) استثناء عما أفاده: من عدم ثبوت الخيار للكافر.

(5) أي بقيمة العبد، لا باسترداد شخصه، لأن نفي السبيل يكون مانعا شرعيا عن استرداد شخص العبد الذي هو المثمن.

(6) تنظير لكون نفي السبيل مانعا شرعيا عن استرداد العبد أي كما أن نقل المبيع في زمن الخيار مانع شرعي عن استرداد العين.

ص: 53

و كالتلف (1) الذي هو مانع عقلي.

و هو (2) حسن إن لم يحصل السبيل بمجرد استحقاق الكافر للمسلم المنكشف (3) باستحقاق بدله، و لذا (4) حكموا بسقوط الخيار في من ينعتق على المشتري، فتأمل (5).

مسألة: المشهور عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر

(مسألة) المشهور عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر ذكره الشيخ، و المحقق في الجهاد و العلامة في كتبه و جمهور من تأخر عنه.

و عن الاسكافي أنه قال: و لا اختار أن برهن الكافر مصحفا أو ما يجب على المسلم تعظيمه، و لا صغيرا من الأطفال، انتهى.

و استدلوا عليه (6) بوجوب احترام المصحف.

+++++++++++

(1) تنظير ثان لكون نفي السبيل مانعا شرعيا عن استرداد المثمن أي كما أن تلف السماوي مانع عقلي عن استرداد العين لو بيعت و تلفت.

(2) أي هذا الاستثناء حسن إذا لم نقل: إن استحقاق البدل الذي هي قيمة العبد كاشف عن استحقاق المبدل و هو العبد، لأنه إذا قلنا بذلك فقد حصل السبيل و هو الاستعلاء و العلو من الكافر على المؤمن و هو منفي بالآية.

(3) أي هذا الاستحقاق كما عرفت.

(4) أي و لأجل أن استحقاق البدل كاشف عن استحقاق المبدل و متفرق عليه حكم الفقهاء بسقوط الخيار للكافر المشتري إذا اشترى من ينعتق عليه كعمودية.

(5) اشارة إلى عدم صدق السبيل للكافر بمجرد استحقاقه البدل الكاشف عن استحقاق المبدل.

(6) أي على عدم جواز نقل المصحف الكريم إلى الكافر.

ثم لا يخفى عليك أن عنوان هذا المقام عنوان تملك الكافر القرآن -

ص: 54

و فحوى (1) المنع من بيع العبد المسلم من الكافر.

و ما ذكره (2) حسن و إن كان وجهه (3) لا يخلو عن تأمل (4) أو منع.

و في إلحاق الأحاديث النبوية بالمصحف كما صرح به (5) في المبسوط أو الكراهة كما هو صريح الشرائع، و نسبه (6) الصيمري إلى المشهور:

قولان (7) تردد بينهما العلامة في التذكرة.

+++++++++++

- لا نقله إليه، فعليه لا يملكه الكافر أيضا بالارث حتى لو ملكه و هو مسلم ثم ارتد خرج عن ملكه.

و كذا لو استكتب القرآن بأجير، أو باشر الكتابة بنفسه بحبر و قلم و قرطاس يملكها فقد خرج عن ملكه.

(1) أي و استدلوا على عدم جواز نقل المصحف الكريم إلى الكافر أيضا بفحوى منع بيع العبد المسلم من الكافر، فان مفهوم المنع يدل على منع نقل المصحف إلى الكافر بطريق أولى، لأن الملاك في عدم جواز نقل العبد المسلم و بيعه من الكافر إذا كان هو العلو على المؤمن فهذا بعينه موجود في بيع المصحف من الكافر و نقله إليه.

(2) هذا كلام الشيخ أي و ما ذكره الفقهاء في دليل عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر حسن.

(3) و هو فحوى منع البيع العبد المسلم من الكافر: و هي الأولوية المذكورة آنفا في الهامش 1.

(4) لعل الاظهار بالتأمل اشارة إلى منع الأولوية المذكورة، لعدم صدق السبيل و العلو في القرآن بمجرد تملك الكافر له.

(5) أي بهذا الالحاق، و أنه يحرم نقلها إلى الكافر.

(6) أي هذا الالحاق.

(7) مبتدأ مؤخر خبره قوله: و في إلحاق الأحاديث.

ص: 55

و لا يبعد أن تكون الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى اللّه عليه و آله من طرق الآحاد حكمها حكم ما علم صدوره منه (1) صلى اللّه عليه و آله

و إن كان ظاهر ما ألحقوه بالمصحف هو أقوال النبي المعلوم صدورها عنه صلى اللّه عليه و آله.

و كيف كان (2) فحكم أحاديث الأئمة صلوات اللّه عليهم حكم أحاديث النبي (3) صلى اللّه عليه و آله.

+++++++++++

(1) في كونها يحرم نقلها إلى الكافر.

(2) أي سواء أ كان المراد من أحاديث الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله. هي الأقوال المعلوم الصدور عنه، أم الأحاديث المنسوبة إليه صلى اللّه عليه و آله من طرق الآحاد.

(3) في أنها يحرم نقلها إلى الكفار.

ص: 56

القول في شرائط العوضين

اشارة

ص: 57

مسألة من شروط العوضين: المالية
اشارة

(القول في شرائط العوضين) يشترط في كل منهما كونه متمولا، لأن البيع لغة مبادلة مال بمال (1).

و قد احترزوا بهذا الشرط (2) عما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محللة في الشرع، لأن الأول (3) ليس بمال عرفا كالخنافس و الديدان فانه يصح عرفا سلب المصرف لها، و نفي الفائدة عنها، و الثاني (4)

+++++++++++

(1) كما عرفت شرح ذلك في الجزء 6. ص 9 عند تعريف صاحب (المصباح المنير).

(2) و هو كونه متمولا.

(3) أي القيد الأول: و هو ما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء.

(4) أي القيد الثاني: و هو كونه محلّلة في الشرع.

ص: 58

ليس بمال شرعا كالخمر و الخنزير.

ثم قسّموا عدم الانتفاع إلى ما يستند إلى خسة الشيء كالحشرات

و إلى ما يستند إلى قلته كحبة حنطة.

و ذكروا أنه (1) ليس مالا و إن كان يصدق عليه الملك، و لذا (2) يحرم غصبه اجماعا.

و عن التذكرة أنه لو تلف (3) لم يضمن اصلا.

و اعترضه (4) غير واحد ممن تأخر عنه بوجوب رد المثل.

و الأولى أن يقال إن ما تحقق انه ليس بمال عرفا، فلا إشكال و لا خلاف في عدم جواز وقوعه احد العوضين، إذ لا بيع إلا في ملك (5).

و ما لم يتحقق فيه ذلك (6) فان كان أكل المال في مقابله أكلا بالباطل عرفا فالظاهر فساد المعاملة.

و ما لم يتحقق فيه ذلك (7) فان ثبت دليل من نص، أو اجماع على عدم جواز بيعه فهو، و إلا فلا يخفى وجوب الرجوع إلى عمومات

+++++++++++

(1) أي ما يستند إلى قلته.

(2) أي و لاجل صدق الملك على ما كان قليلا كحبة حنطة.

(3) أي الشيء القليل الذي لا مالية له.

(4) أي العلامة فيما أفاده: من أن الشيء الذي لا مالية له إذا تلف لا يكون مضمونا.

(5) كما ورد في الحديث.

راجع الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 204

(6) أي إذا لم يتحقق أنه ليس بمال عرفا.

(7) أي لا يكون أكل المال في مقابله اكلا بالباطل.

ص: 59

صحة البيع (1) و التجارة (2).

و خصوص قوله عليه السلام في المروى عن تحف العقول:

و كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فكل ذلك حلال بيعه إلى آخر الرواية، و قد تقدمت في أول الكتاب (3).

ثم إنهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين عن بيع ما يشترك فيه الناس كالماء و الكلاء و السماك و الوحوش قبل اصطيادها: بكون هذه كلها غير مملوكة بالفعل.

و احترزوا أيضا به (4) عن الأرض المفتوحة عنوة.

و وجه الاحتراز عنها (5) أنها غير مملوكة لملاّكها على نحو سائر الأملاك بحيث يكون لكل منهم جزء معين من عين الأرض و إن قلّ و لذا (6) لا تورث.

بل و لا من (7) قبيل الوقف الخاص على معينين

+++++++++++

(1) مثل و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، إن الناس مسلطون على أموالهم.

(2) و هي آية: و تجارة عن تراض.

(3) راجع الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 46

(4) أي بقيد الملكية و اعتبارها.

(5) أي عن الأراضي المفتوحة عنوة.

(6) أي و لاجل أن الأراضي المفتوحة عنوة غير مملوكة.

(7) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف الخاص الذي يوقف على أشخاص خاصة، و جهات مختصة، حيث إن الموقوف عليهم، أو الموقوف عليها يملك منافع الوقف الخاص حسب الوقفية. -

ص: 60

لعدم (1) تملكهم للمنفعة مشاعا، و لا (2) كالوقف على غير معينين كالعلماء و المؤمنين، و لا (3) من قبيل تملك الفقراء الزكاة و السادة (4) الخمس: بمعنى كونهم (5) مصارف له، لعدم (6) تملكهم منافعه بالقبض، لأن مصرفه منحصر في مصالح المسلمين فلا يجوز تقسيمه عليهم، من دون ملاحظة مصالحهم.

فهذه الملكية (7) نحو مستقل من الملكية قد دل عليها الدليل

+++++++++++

- بخلاف الأراضي المفتوحة عنوة، فان المسلمين لا يملكون منافع تلك الأراضي مشاعا، بل لا بدّ أن تصرف في سبيل مصالحهم.

(1) تعليل لعدم كون الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف الخاص.

و قد عرفته عند قولنا: بخلاف الأراضي المفتوحة عنوة.

(2) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف العام.

(3) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك الفقراء الزكوات.

(4) أي و كذلك ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك السادة أولاد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله الخمس.

(5) أي كون الفقراء و السادة هم محل صرف الزكوات و الأخماس.

(6) تعليل لعدم كون الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك الفقراء الزكوات، و لا من قبيل تملك السادة الخمس.

و خلاصته: أن المسلمين لا يملكون منافع الأراضي المفتوحة عنوة لأن تلك المنافع لا بدّ أن تصرف كما علمت آنفا في سبيل مصالح المسلمين:

من بناء مدارس دينية، و مساجد، و منازل لنزولهم، و مستشفيات، و غيرها من المصالح التي تخص شئونهم.

(7) و هي الحاصلة من الأراضي المفتوحة عنوة.

ص: 61

و معناها (1) صرف حاصل الملك في مصالح الملاّك.

ثم إن كون هذه الأرض (2) للمسلمين مما ادعي عليه الاجماع و دل عليه النص كمرسلة حماد الطويلة (3)، و غيرها (4).

أقسام الأرضين و أحكامها
اشارة

و حيث جرى في الكلام ذكر بعض أقسام الأرضين فلا بأس بالاشارة اجمالا إلى جميع أقسام الأرضين و أحكامها.

فنقول و من اللّه الاستعانة:

الأرض إما موات، و إما عامرة.

و كل منهما (5) إما أن يكون كذلك أصلية أو عرض لها ذلك.

فالأقسام أربعة لا خامس لها.
اشارة

فالأقسام أربعة لا خامس لها.

الأوّل: ما يكون مواتاً بالأصالة،

(الأول): ما يكون مواتا بالأصالة بأن لم تكن مسبوقة بالعمارة.

و لا إشكال و لا خلاف منافي كونها للامام عليه السلام، و الاجماع عليه محكي عن الخلاف و الغنية، و جامع المقاصد و المسالك، و ظاهر جماعة اخرى.

و النصوص بذلك مستفيضة، بل قيل: إنها متواترة (6) و هي من الأنفال.

+++++++++++

(1) أي معنى هذه الملكية الحاصلة من الأراضي المفتوحة عنوة.

(2) أي المفتوحة عنوة.

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 365. و الباب 2 الحديث 1.

(4) أي و غير هذه المرسلة راجع (المصدر نفسه).

(5) أي مواتا، أو عامرة.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 364. الباب 1 الأحاديث. -

ص: 62

نعم أبيح التصرف فيها (1) بالاحياء بلا عوض.

و عليه (2) يحمل ما في النبويين: موتان الأرض للّه و لرسوله صلى اللّه عليه و آله ثم هي لكم مني أيها المسلمون (3) و نحوه الآخر:

+++++++++++

- إليك نص الحديث الأول:

عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم اعطوا بأيديهم.

و كل أرض خربة، و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء.

(1) أي في هذه الأراضي الموات بالأصالة.

راجع حول إباحة الأئمة الأطهار عليهم الصلاة و السلام الأنفال لشيعتهم المصدر نفسه. ص 381. الباب 4. الأحاديث.

إليك نص الحديث التاسع:

عن الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: إن لنا أموالا: من غلاّت، و تجارات، و نحو ذلك و قد علمت أن لك فيها حقا.

قال: فلم احللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم.

و كل من والى آبائي فهو في حلّ مما في أيديهم من حقنا.

فليبلغ الشاهد الغائب.

(2) أي و على إباحة التصرف في هذه الأراضي الموات بالأصالة التي تحيا بلا عوض.

(3) ما وجدنا مصدرا لهذا الحديث بهذه الألفاظ في الكتب التي بأيدينا.

نعم يوجد حديث هكذا: -

ص: 63

عادي الأرض للّه و لرسوله ثم هي لكم مني (1).

و ربما يكون في بعض الأخبار وجوب أداء خراجه إلى الامام عليه السلام كما في صحيحة الكابلي.

قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين، أنا و أهل بيتي الذين أورثنا اللّه الأرض و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا فمن احيا أرضا من المسلمين فليعمرها، و ليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، و له ما أكل منها الخبر (2).

و مصححة عمر بن زيد أنه سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام

+++++++++++

- قال صلى اللّه عليه و آله: موتان الأرض للّه و رسوله.

فمن أحيا منها شيئا فهو له.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 149. الباب 1 الحديث 2.

و كلمة (موتان) بفتح الميم و الواو فهي مقابل (الحيوان) بفتح الحاء و الياء.

يقال: اشتر من الموتان و لا تشتر من الحيوان أي اشتر الأرض و الدور، و لا تشتر الرقيق و الدواب.

(1) (المصدر نفسه) الحديث 5.

و كلمة عادي منسوبة إلى عاد بن شداد الذي ملك الدنيا كلها.

تقدير الحديث هكذا:

كل أرض لم تعمر من زمانه فهو للّه و لرسوله،

(2) (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 329. الباب 4.

الحديث 2.

ص: 64

عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها فعمرها، و أجرى أنهارها و بنى فيها بيوتا، و غرس فيها نخلا و شجرا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه إلى الامام عليه السلام في حال الهدنة فاذا ظهر القائم عجل اللّه تعالى فرجه فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه (1).

و يمكن حملها (2) على بيان الاستحقاق، و وجوب ايصال الطسق إذا طلب الامام عليه السلام، لكن الأئمة عليهم السلام بعد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حللوا لشيعتهم، و اسقطوا ذلك (3) عنهم كما يدل عليه قوله عليه السلام ما كان لنا فهو لشيعتنا (4).

و قوله عليه السلام: في رواية مسمع بن عبد الملك:

كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون، و محلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان في أيدي سواهم

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 6. ص 382. الباب 4.

الحديث 13.

و أما كلمة طسقها فهي مشتقة من طسق معناها الخراج: و هي الضريبة

(2) أي حمل صحيحة الكابلي المشار إليها في ص 64

و مصححة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 64

(3) أي الخراج الذي يوضع على الأراضي الموات التي تخص الامام عليه السلام.

(4) (المصدر نفسه): الجزء 6. ص 384. الباب 4.

الحديث 17.

ص: 65

فان كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم، و يخرجهم منها صغرة الخبر (1).

نعم ذكر في التذكرة أنه لو تصرف في الموات أحد بغير إذن الامام كان عليه طسقها.

و يحتمل حمل هذه الأخبار المذكورة (2) على حال الحضور و إلا فالظاهر عدم الخلاف في عدم وجوب مال للامام في الأراضي في حال الغيبة.

بل الأخبار متفقة على أنها لمن أحياها (3).

و ستأتي حكاية اجماع المسلمين على صيرورتها ملكا بالاحياء.

الثاني: ما كانت عامرة بالأصالة

(الثاني) (4): ما كانت عامرة بالأصالة (5) أي لا من معمر

و الظاهر أنه أيضا للامام عليه السلام و كونها من الأنفال، و هو (6)

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): ص 382. الحديث 12.

و كلمة صغرة بالغين المعجمة وزان فسقة فجرة كفرة جمع صاغر معناها الذلّ و الاهانه.

(2) و هي المشار إليها في ص 63

(3) كما في مصححة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 64

و هناك أحاديث اخرى في الباب

راجع (المصدر نفسه) من ص 326 إلى آخر الباب الاول.

(4) أي القسم الثاني من الأقسام الاربعة التي أشار إليها الشيخ بقوله في ص 62: فالأقسام أربعة لا خامس لها.

(5) كالأودية، و شواطئ البحار.

(6) أي و كون هذه الأراضي التي كانت عامرة بالأصالة أيضا -

ص: 66

ظاهر اطلاق قولهم:

و كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهو للامام عليه السلام، و عن التذكرة الاجماع عليه.

و في غيرها نفي الخلاف عنه، لموثقة (1) أبان بن عثمان عن اسحاق ابن عمار المحكية عن تفسير علي بن ابراهيم عن الصادق عليه السلام حيث عدّ من الأنفال كل أرض لا ربّ لها (2).

و نحوها (3) المحكي عن تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام.

+++++++++++

- للامام عليه السلام و أنها من الأنفال هو ظاهر اطلاقات كلمات العلماء في قولهم:

كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهو للامام عليه السلام.

و لا يخفى أن هذه الاطلاقات متخذة من الأحاديث الواردة عن (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 6. من ص 364 إلى آخر الباب الاول، فانك تجد هناك أن كلمة الارض مطلقة ليست مقيدة بالأحياء و الموات.

(1) تعليل لكون الأراضي المذكورة التي كانت محياة بالاصالة للامام

(2) (المصدر نفسه): ص 371. الباب 1. الحديث 20.

(3) أي و نحو هذه الموثقة في أن الاراضي المحياة بالأصالة و لا ربّ لها للامام عليه السلام، و أنها تعد من الانفال: المحكي عن تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه السلام.

راجع (المصدر نفسه). ص 373. الباب 1. الحديث 28.

ص: 67

و لا يخصص عموم ذلك (1) بخصوص بعض الاخبار، حيث جعل فيها (2) من الانفال كل أرض ميتة لا ربّ لها (3)، بناء (4) على ثبوت المفهوم للوصف المسوق (5) للاحتراز.

+++++++++++

(1) أي عموم الحديث المذكور في قوله عليه السلام: كل ارض لا ربّ لها من الانفال، حيث إن كلمة الارض عامة تشمل الاراضي الموات و الاحياء.

(2) أي في هذه الاخبار الخاصة التي ورد فيها لفظ الارض مقيدة بقيد الميتة.

(3) هذا هو بعض الاخبار المقيدة بقيد الميتة، و الذي يخصص العموم المذكور في الحديث المشار إليه في ص 65، فان هذا الحديث وردت فيه كلمة الارض مقيدة بقيد الميتة فتخصص العموم المذكور في الحديث المشار إليه في ص 65، حيث كانت الارض هناك مطلقة تشمل الارض الحية و الميتة.

(4) هذا تعليل لكون هذا الحديث مخصصا لذاك العموم الوارد في الحديث المشار إليه في ص 65.

و خلاصته: أن التخصيص المذكور مبني على القول بثبوت المفهوم للوصف الذي هو القيد في قوله عليه السلام: كل أرض ميتة فان الميتة صفة للأرض فحينئذ يكون لها مفهوم: و هو أن الارض المحياة ليست للامام عليه السلام.

فحينئذ يخصص هذا المفهوم ذاك العموم المذكور.

(5) أي الوصف الذي هي الميتة مسوق للاحتراز و الاجتناب عن الأرض المحياة كما علمت آنفا.

ص: 68

لأن (1) الظاهر ورود الوصف مورد الغالب، لأن الغالب في الارض التي لا مالك لها كونها مواتا.

و هل تملك هذه (2) بالحيازة؟

وجهان:

من (3) كونها مال الامام.

و من (4) عدم منافاته للتملك بالحيازة، كما تملك الموات بالاحياء مع كونها (5) مال الامام فدخل (6) في عموم النبوي:

من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحق به (7):

الثالث: ما عرضت له الحياة بعد الموت

(الثالث) (8): ما عرضت له الحياة بعد الموت و هو ملك للمحيي

+++++++++++

(1) تعليل لكون الوصف مسوقا للاحتراز أي الظاهر من الوصف الذي هي الميتة أنه وارد مورد الغالب، حيث إن أغلب الأراضي التي لا صاحب لهما تكون مواتا فاذا كانت مواتا تكون للامام عليه السلام.

(2) أي هذه الأراضي التي لا صاحب لها و كانت مواتا.

(3) دليل لعدم تملك المسلمين هذه الأراضي بالحيازة.

(4) دليل لتملك المسلمين هذه الأراضي بالحيازة، أي و من عدم منافاة تملك هذه الأراضي لتملكها بالحيازة.

(5) أي مع كون أراضي الموات ملكا للامام عليه السلام.

(6) أي تملك هذه الأراضي.

(7) (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 149. الباب 1 الحديث 4.

(8) أي القسم الثالث من الأقسام الاربعة التي قسمها بقوله في ص 62:

فالأقسام أربعة لا خامس لها.

ص: 69

فيصير ملكا له بالشروط المذكورة في باب الاحياء (1) باجماع الامة كما عن المهذب، و باجماع المسلمين كما عن التنقيح.

و عليه عامة فقهاء الأمصار كما عن التذكرة.

لكن ببالي من المبسوط كلام يشعر بأنه (2) يملك التصرف، لا نفس الرقبة فلا بد من الملاحظة.

الرابع: ما عرض له الموت بعد العمارة.

(الرابع) (3): ما عرض له الموت بعد العمارة.

فان كانت العمارة أصلية فهي مال الامام عليه السلام

و إن كانت العمارة من معمر ففي بقائها على ملك معمرها (4) أو خروجها عنه و صيرورتها ملكا لمن عمّرها ثانيا خلاف معروف.

+++++++++++

(1) و الشروط خمسة:

(الاول): عدم تصرف يد مسلم على الارض المذكورة.

(الثاني): عدم كون الارض المذكورة حريما لارض عامرة كالبستان، أو الدار، أو القرية، أو المزرعة، أو غيرها مما يتوقف الانتفاع به على هذه الارض.

(الثالث): عدم كون الارض المذكورة من الشعائر كعرفات و مزدلفة، و منى.

(الرابع): عدم كون الارض المذكورة مما اقطعه الامام عليه السلام لنفسه و شخصه.

(الخامس): عدم كون الارض المذكورة مسبوقة بتحجيز حاجز.

(2) أي بأن محيي هذه الارض الميتة التي عرضت عليها الحياة.

(3) أي القسم الرابع من الأقسام الاربعة المذكورة في كلام الشيخ في قوله في ص 62: فالأقسام أربعة لا خامس لها.

(4) أي معمرها الاول الذي أحيا الارض ثم عرض عليها الموت.

ص: 70

في كتاب إحياء الموات منشأه (1) اختلاف الاخبار:

+++++++++++

(1) أي منشأ اختلاف القولين و هما:

تملك المحيي الثاني الأرض التي كانت عامرة فعرض عليها الموت ثم أحياها الثاني.

و بقاء الارض على ملك المعمر الاول و إن عرض عليها الموت و أحياها ثان: الأخبار الواردة في المقام.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17. من ص 328-329 الباب 3 الأحاديث.

إليك نص الحديث الاول الدال بعمومه على القول الاول عن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أيّما رجل أتى خربة بائرة، فاستخرجها و كرى أنهارها و عمّرها فان عليه فيها الصدقة.

فان كانت لرجل قبله فغاب عنها و تركها فأخربها(1) ثم جاء بعد يطلبها، فان الارض للّه، و لمن عمّرها.

فجملة فان كانت لرجل، و لمن عمّرها تدل على أن الملك باق على مالكه الاول الذي عمّره.

و هكذا صحيحة أبي خالد الكابلي في ص 329. الحديث 2.

و المراد من الخراب الخراب العرضي، لا الخراب الاصلي فان الخراب الاصلي تطلق عليه كلمة الميت.

و إليك نص الحديث الثالث في المصدر نفسه ص 329 الدال على بقاء الارض لمعمرها الاول و إن عرض عليها الموت و أحياها شخص آخر. -

ص: 71


1- أي جعل الارض في معرض الخراب.
رجوع إلى أحكام القسم الثالث
اشارة

ثم القسم الثالث (1) إما أن تكون العمارة فيه من المسلمين، أو من الكفار.

لو كانت العمارة فيها من المسلمين

فان كانت من المسلمين فملكهم لا يزول إلا بناقل (2)، أو بطرو الخراب على أحد القولين.

و إن كانت من الكفار

و إن كانت من الكفار فكذلك (3) إن كانت في دار الاسلام و قلنا بعدم اعتبار الاسلام.

و إن اعتبرنا الاسلام كانت باقية على ملك الامام عليه السلام.

و إن كانت (4) في دار الكفر فملكها يزول بما يزول به ملك المسلم (5)، و بالاغتنام (6) كسائر أموالهم.

+++++++++++

- عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يأني الارض الخربة فيستخرجها و يجري أنهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه؟

قال: الصدقة.

قلت: فان كان يعرف صاحبها؟

قال: فليؤد إليه حقه.

فهذان الحديثان مختلفان فصارا منشأ لاختلاف القولين.

(1) المشار إليه في الهامش 8 ص 69.

(2) كالبيع، و الوقف، و الهبة المعوضة.

(3) أي بتملك المسلمين هذه الأرض.

(4) أي هذه الارض التي كانت عامرة من قبل الكفار كانت واقعة في الأراضي التي بيد الكفار و هم فيها.

(5) كالبيع، و الوقف، و الهبة المعوضة.

(6) الجار و المجرور متعلق بقوله: يزول أي و يزول ملك هذه الارض بالاغتنام أيضا لو اغتنمها المسلمون فتكون من جملة الغنائم -

ص: 72

ثمّ ما ملكه الكافر من الأرض:

ثم ما ملكه الكفار من الأرض إما أن يسلم عليه طوعا فيبقى على ملكه كسائر أملاكه.

و إما أن لا يسلم عليه طوعا.

فان بقيت يده عليه كافرا فهي أيضا كسائر أملاكه تحت يده.

و إن ارتفعت يده عنها فاما أن يكون بانجلاء المالك عنها، و تخليتها للمسلمين، أو بموت أهلها، و عدم الوارث فيصير ملكا للامام عليه السلام و يكون من الأنفال التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

الأراضي المفتوحة عنوة ملك للمسلمين
اشارة

و إن رفعت يده عنها قهرا و عنوة فهي كسائر ما لا ينقل من الغنيمة كالنخل و الأشجار، و البنيان للمسلمين كافة اجماعا على ما حكاه غير واحد كالخلاف و التذكرة و غيرهما.

و النصوص به مستفيضة.
اشارة

و النصوص به مستفيضة.

ففي رواية أبي بردة

ففي رواية أبي بردة المسئول فيها عن بيع أرض الخراج.

قال عليه السلام: و من يبيع ذلك و هي أرض المسلمين؟

قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده.

قال: و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟

ثم قال: لا بأس اشترى حقه منها، و يحوّل حق المسلمين عليه

و لعله يكون أقوى عليها و أملى بخراجهم منه (1).

و في مرسلة حماد

و في مرسلة حماد الطويلة ليس لمن قاتل شيء من الارضين، و لا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر.

إلى أن قال:

+++++++++++

- و من سائر أموال الكفار التي تملك بالغنيمة.

(1) (وسائل الشيعة): الجزء 11. ص 118. الباب 71.

الحديث 1.

ص: 73

و الأرض التي أخذت بخيل و ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها، و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج: النصف، أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضربهم، فاذا اخرج منها ما اخرجه بدأ فاخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقى سيحا و نصف العشر مما سقى بالدوالي و النواضج

إلى أن قال: فيؤخذ ما بقي بعد العشر فيقسم بين الوالي، و بين شركائه الذين هم عمال الأرض و اكرتها (1) فيدفع إليهم أنصباؤهم (2) و هم على قدر ما صالحهم عليه و يؤخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانهم على دين اللّه، و في مصلحة ما ينوبه: من تقوية الاسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل، و لا كثير، الخبر (3).

في صحيحة الحلبي

و في صحيحة الحلبي قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن السواد ما منزلته؟

قال: هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، و لمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد.

فقلنا: نشتريه من الدهاقين؟

قال: لا يصلح إلا أن تشتريها منهم على أن تصيرها للمسلمين فان شاء وليّ الامر أن يأخذها أخذها.

+++++++++++

(1) بفتح الألف و الكاف و الراء جمع آكر فهي وزان حفدة جمع حافد مشتقة من أكر معناها الحفر و الحرث.

و لها جمع آخر أكّارون.

يقال: أكر الارض أي حفرها و حرثها.

(2) بفتح الهمزة و سكون النون جمع نصيب.

(3) (المصدر نفسه) ص 84. الباب 41. الحديث 2.

ص: 74

قلت: فان أخذها منه؟

قال: يرد عليه راس ماله، و له ما اكل من غلتها بما عمل (1).

رواية ابن شريح

و رواية ابن شريح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الارض من أرض الخراج فكرهه؟

و قال: إنما أرض الخراج للمسلمين.

فقالوا له: فانه يشتريها الرجل و عليه خراجها.

فقال: لا بأس، إلا أن يستحيي من عيب ذلك (2).

رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي

و رواية اسماعيل بن الفضل الهاشمي ففيها و سألته عن رجل اشترى أرضا من أراضي الخراج فبنى بها، أو لم يبن غير أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أله أن يأخذ منهم أجور البيوت إذا ادوا جزية رءوسهم؟

قال: يشاطرهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال (3).

في خبر أبي الربيع.

و في خبر أبي الربيع.

قال: لا تشتر من أرض السواد شيئا، إلا من كانت له ذمة فانما هي فيء للمسلمين (4) إلى غير ذلك (5).

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 12. ص 274. الباب 21.

الحديث 4.

(2) (المصدر نفسه): ص 275. الحديث 9.

(3) (المصدر نفسه): ص 275. الحديث 10.

(4) (المصدر نفسه): ص 274. الحديث 5.

(5) من الأخبار الواردة في هذا المقام. -

ص: 75

و ظاهره كما ترى عدم جواز بيعها

و ظاهره (1) كما ترى عدم جواز بيعها (2) حتى تبعا للآثار المملوكة فيها على أن تكون (3) جزء من المبيع فيدخل (4) في ملك المشتري.

ثبوت حق الأولوية فيها للمشتري

نعم يكون (5) للمشتري على وجه كان للبائع: اعني مجرد الأولوية و عدم جواز مزاحمته إذا كان التصرف، و إحداث تلك الآثار باذن الامام، أو باجازته و لو لعموم الشيعة.

كما إذا كان التصرف بتقبيل السلطان الجائر، أو باذن الحاكم الشرعي، بناء على عموم ولايته لامور المسلمين، و نيابته عن الامام عليه السلام.

ظاهر عبارة المبسوط اطلاق المنع عن التصرف فيها.

و لكن ظاهر عبارة المبسوط اطلاق المنع عن التصرف فيها.

+++++++++++

- راجع (المصدر نفسه) الأحاديث.

(1) أي ظاهر جميع ما تقدم من الأخبار التي ذكرها الشيخ بقوله:

ففي رواية أبي بردة المشار إليها في ص 73

و في مرسلة حماد المشار إليها في ص 73

و في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 74

و رواية ابن شريح المشار إليها في ص 75

و رواية اسماعيل بن الفضل المشار إليها في ص 75

و في خبر ابي الربيع المشار إليه في ص 75

و ليس مرجع الضمير في و ظاهره خصوص خبر ابي الربيع.

(2) أي بيع هذه الارض التي ملكها الكفار و لم يرفعوا أيديهم عنها.

(3) أي هذه الارض تبعا للمبيع و هو الآثار الموجودة فيها.

(4) أي هذا الجزء الذي هي الارض المبيعة تبعا للمبيع الذي هو الآثار المبنية فيها.

(5) أي هذا الجزء الذي بيع تبعا للآثار، و المراد منه هي الارض

ص: 76

قال: لا يجوز التصرف فيها ببيع، و لا شراء، و لا هبة، و لا معاوضة و لا يصح أن تبنى فيها دور، أو منازل، و مساجد و سقايات، و لا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك.

و متى فعل شيئا من ذلك كان التصرف باطلا، و هو على حكم الاصل (1).

و يمكن حمل كلامه (2) على صورة عدم الاذن من الامام عليه السلام حال حضوره.

و يحتمل إرادة التصرف بالبناء على وجه الحيازة و التملك.

كلام الشهيد في الدروس

و قال في الدروس: لا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة إلا باذن الامام، سواء أ كان بالبيع أم بالوقف أم بغيرهما.

نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك (3).

و اطلق في المبسوط أن التصرف فيها لا ينفذ.

و قال ابن ادريس إنما نبيع و نوقف تحجيرنا، و بنائنا، و تصرفنا لا نفس الارض، انتهى (4).

و قد ينسب إلى الدروس التفصيل بين زماني الغيبة و الحضور فيجوز التصرف في الاول و لو بالبيع و الوقف، لا في الثاني، إلا باذن الامام

و كذا إلى جامع المقاصد.

و في النسبة نظر، بل الظاهر موافقتهما لفتوى جماعة: من جواز التصرف

+++++++++++

(1) أي الشيء الذي فعله المتصرف في هذه الارض من البنايات تابع لاصل الارض التي كانت فيئا للمسلمين.

(2) أي كلام شيخ الطائفة في المبسوط.

(3) أي التصرف في هذه الارض.

(4) أي ما افاده ابن ادريس في هذا المقام.

ص: 77

فيه في زمان الغيبة باحداث الآثار، و جواز نقل الارض تبعا للآثار فيفعل ذلك بالارض، تبعا للآثار.

و المعنى أنها مملوكة ما دامت الآثار موجودة.

ظهور كلام الشهيد الثاني في جواز البيع تبعا للآثار

قال في المسالك في شرح قول المحقق: و لا يجوز بيعها و لا هبتها و لا وقفها إلى آخرها (1).

إن (2) المراد أنه لا يصح ذلك في رقبة الأرض مستقلة.

أما لو فعل ذلك بها تبعا لآثار التصرف: من بناء، و غرس، و زرع و نحوها فجائز على الأقوى.

قال (3): فاذا باعها بائع مع شيء من هذه الآثار دخلت في المبيع على سبيل التبع.

و كذا الوقف، و غيره.

و يستمر كذلك ما دام شيء من الآثار باقيا، فاذا ذهبت (4) اجمع انقطع حق المشتري و الموقوف عليه، و غيرهما عنها.

هكذا ذكره جمع من المتأخرين، و عليه العمل، انتهى (5).

ربما يظهر من عبارة الشيخ في التهذيب جواز المبيع و الشراء في نفس الرقبة.

نعم (6) ربما يظهر من عبارة الشيخ في التهذيب جواز المبيع و الشراء في نفس الرقبة.

+++++++++++

(1) أي إلى آخر عبارة المسالك.

(2) هذا مقول قول المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(3) أي المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(4) أي الآثار التي انشأت في الأرض المذكورة.

(5) أي ما أفاده المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(6) استدراك عما أفاده: من عدم جواز بيع نفس الأرض التي كانت ميتة فعرضت لها الحياة بعد.

ص: 78

حيث قال: إن قال قائل: إن ما ذكرتموه إنما دل على إباحة التصرف في هذه الأرضين، و لا يدل على صحة تملكها بالشراء و البيع، و مع عدم صحته (1) لا يصح ما يتفرع عليهما (2).

قلنا: إنا قد قسمنا الأرضين ثلاثة أقسام.

أرض أسلم عليها أهلها فهي ملك لهم يتصرفون فيها.

و أرض (3) تؤخذ عنوة، أو يصالح أهلها عليها فقد ابحنا شراءها و بيعها، لأن (4) لنا في ذلك قسما، لأنها أراضي المسلمين.

و هذا القسم أيضا يصح الشراء و البيع فيه على هذا الوجه.

و أما الأنفال و ما يجري مجراها فلا يصح تملكها بالشراء (5) و إنما ابيح لنا التصرف فيها (6) حسب.

+++++++++++

- و خلاصته: أن عبارة الشيخ قدس سره في التهذيب يظهر منها جواز بيع نفس الارض المذكورة.

(1) أي و مع عدم صحة تملك مثل هذه الارض.

(2) أي على بيع و شراء مثل هذه الارض التي كانت ميتة ثم صارت عامرة و كانت في يد الكافر ثم رفعت يده عنها قهرا و عنوة.

و المراد من (ما يتفرع) عليهما هو الغرس و البناء و الزرع.

(3) من هنا محل الظهور من كلام الشيخ قدس سره، فان قوله:

فقد ابحنا شراءها و بيعها ظاهر في بيع و شراء الارض المذكورة.

(4) تعليل لاباحة بيع و شراء الأراضي المفتوحة عنوة و قهرا، أو صالح عليها أهلها.

(5) لأنها ملك خاص للامام عليه السلام.

(6) أي فقط من دون المعاوضة عليها بالبيع و الشراء.

و أما إباحة (الأئمة من اهل البيت) عليهم الصلاة و السلام -

ص: 79

ثم استدل (1) على أراضي الخراج برواية أبي بردة السابقة الدالة (2) على جواز بيع آثار التصرف دون رقبتها (3) و دليله (4) قرينة

+++++++++++

- هذه الأنفال لشيعتهم.

فراجع (وسائل الشيعة): الجزء 6 ص 381-382-383.

الباب 4. الحديث 10-12-13.

إليك نص بعض حديث الثاني عشر من ص 382:

و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محلّلون، و محلّل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري أي استدل شيخ الطائفة على ما ذهب إليه برواية أبي بردة المشار إليها في ص 73 في قوله عليه السلام:

و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟

و في قوله عليه السلام: و يحوّل حق المسلمين عليه.

حيث إن الجملتين تدلان على جواز بيع و شراء الأراضي المذكورة حسب استدلال شيخ الطائفة.

(2) بالجر صفة للرواية.

هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به الرد على ما أفاده الشيخ قدس سره أي الرواية المستدل بها من قبل الشيخ على اثبات مدعاه:

و هو جواز بيع و شراء تلك الأراضي تدل على جواز بيع آثار التصرف دون رقبة الارض، حيث إن الامام عليه السلام قال: و من يبيع ذلك؟ هي أرض المسلمين.

فقوله هذا يدل على عدم جواز بيع الأراضي الخراجية و شرائها.

(3) أي دون رقبة تلك الأراضي.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري أي استدلال شيخ الطائفة -

ص: 80

على توجيه كلامه.

المتيقن ثبوت حق الاختصاص للمتصرف لا الملك

و كيف كان فما ذكروه: من حصول الملك تبعا للآثار مما لا دليل عليه إن أرادوا الانتقال.

نعم المتيقن هو ثبوت حق الاختصاص للمتصرف ما دام شيء من الآثار موجودا.

فالذي ينبغي أن يصرف الكلام إليه هو بيان الوجه الذي يجوز التصرف معه حتى يثبت حق الاختصاص.

أما في زمان الحضور و التمكن من الاستئذان فلا ينبغي الاشكال في توقف التصرف على اذن الامام

فنقول: أما في زمان الحضور و التمكن من الاستئذان فلا ينبغي الاشكال في توقف التصرف على اذن الامام، لأنه ولي المسلمين فله نقلها عينا و منفعة.

و من الظاهر أن كلام الشيخ المطلق في المنع عن التصرف محمول على صورة عدم اذن الامام عليه السلام مع حضوره.

أما في زمان الغيبة

و أما في زمان الغيبة ففي عدم (1) جواز التصرف إلا فيما أعطاه السلطان الذي حلّ قبول الخراج و المقاسمة منه (2).

+++++++++++

- في التهذيب بالرواية المذكورة قرينة على أن كلامه لا بدّ أن يوجه:

بأن يقال: إن قوله عليه السلام في نفس الرواية: لا بأس اشترى حقه منها: دال على بيع و شراء الآثار، دون رقبة الارض، بضميمة قوله عليه السلام: و يحوّل حق المسلمين عليه، إذ لو كان المراد من البيع بيع نفس الرقبة لما كان للمسلمين حق حتى يحوّل عليه.

(1) هذا هو الاحتمال الأول.

(2) قد مر شرح ذلك مفصلا في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة من ص 259 إلى ص 280 فراجع.

ص: 81

أو جوازه (1) مطلقا، نظرا إلى عموم ما دل على تحليل مطلق الارض (2) للشيعة، لا خصوص الموات التي هي مال الامام عليه السلام

و ربما يؤيده (3) جواز قبول الخراج الذي هو كاجرة الأرض فيجوز التصرف في عينها (4) مجانا

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثاني أي جواز التصرف في الأرض.

(2) أي الخراجية حتى بغير إذن الحاكم و السلطان الجائر.

إليك نص بعض الحديث الدال على ذلك:

و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون، فان كلمة من الأرض هنا مطلقة لا اختصاص لها بأرض الأنفال التي تخص الامام عليه السلام.

فالجملة هذه تدل على جواز التصرف في مثل هذه الارض مطلقا سواء أعطى الارض السلطان أم أعطاها غيره.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 6. ص 382. الباب 4.

الحديث 12.

و راجع. الجزء 17. ص 329. الباب 3. الحديث 2.

(3) أي و يؤيد جواز التصرف مطلقا في الارض المذكورة.

و خلاصة التأييد أنه كما في الأخبار يجوز أخذ خراج هذه الارض و قبوله من السلطان.

و من الواضح أن الخراج في الواقع إزاء أجرة الأرض الخراجية.

فاذا جاز أخذ الخراج جاز التصرف في عين الأرض بطريق أولى.

راجع حول جواز أخذ الخراج من السلطان الجزء 5 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 297 إلى 369.

(4) أي في عين الأرض الخراجية.

ص: 82

أو عدم جوازه (1) إلا باذن الحاكم الذي هو نائب الامام.

أو التفصيل (2) بين من يستحق اجرة هذه الأرض فيجوز له التصرف فيها، لما يظهر من قوله عليه السلام للمخاطب في بعض أخبار حل الخراج. و ان لك نصيبا في بيت المال (3).

و بين غيره (4) الذي يجب عليه حق الأرض، و لذا (5) أفتى غير واحد على ما حكي بأنه لا يجوز حبس الخراج و سرقته عن السلطان الجائر، و الامتناع عنه (6).

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثالث.

(2) هذا هو الاحتمال الرابع.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 157. الباب 51.

الحديث 6.

و في المصدر هكذا: أما علم أن لك في بيت المال نصيبا.

و قد اشبعنا الكلام حول هذا الحديث في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 256-257 فراجع.

(4) أي و فصلوا بين من لا يستحق له اخذ أجرة هذه الأرض فهذا لا يجوز له التصرف في هذه الأرض.

(5) أي و لاجل التفصيل بين من يستحق أخذ الأجرة فيجوز له التصرف في مثل هذه الأرض، و بين من لا يستحق ذلك فلا يجوز له التصرف فيها.

(6) راجع الجزء 5 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة.

من ص 270 إلى ص 272.

ص: 83

و استثنى بعضهم ما إذا دفعه (1) إلى نائب الامام عليه السلام.

أو بين (2) ما عرض له الموت من الأرض المحياة حال الفتح.

و بين الباقية على عمارتها من حين الفتح فيجوز إحياء الأول (3) لعموم أدلة الاحياء (4) و خصوص رواية سليمان بن خالد (5)، و نحوها.

وجوه (6):

أو فقها (7) بالقواعد الاحتمال الثالث (8) ثم الرابع (9) ثم الخامس (10).

حكم ما ينفصل من المفتوح عنوة

و مما ذكرنا (11) يعلم حال ما ينفصل من المفتوح عنوة، كأوراق

+++++++++++

(1) أي الخراج الذي يؤخذ من الأراضي الخراجية.

(2) هذا هو الاحتمال الخامس.

(3) و هي الأرض التي عرض عليها الموت.

(4) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 327. الباب 1 إليك نص الحديث الرابع:

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

أيّ قوم أحيوا شيئا من الأرض، و عمّروها فهم أحق بها و هي لهم

(5) (المصدر نفسه): ص 326. الباب 1. الحديث 3.

(6) أي الاحتمالات خمسة: و هي التي ذكرناها في ص 81-82-83-84

(7) أي أوفق هذه الاحتمالات الخمس بالقواعد الفقهية.

(8) المشار إليه في الهامش 1. ص 83

(9) المشار إليه في الهامش 2. ص 83

(10) المشار إليه في الهامش 2. ص 84

(11) و هو أن أدلة حرمة التصرف في ملك الغير منصرفة إلى غير هذه الأملاك فعليه يجوز التصرف في هذه الأملاك.

ص: 84

الأشجار، و أثمارها، و أخشاب الأبنية، و السقوف الواقعة، و الطين المأخوذ من سطح الأرض، و الجص و الحجارة، و نحو ذلك، فان (1) مقتضى القاعدة كون ما يحدث بعد الفتح من الأمور المنقولة ملكا للمسلمين، و لذا (2) صرح جماعة كالعلامة و الشهيد و المحقق الثاني و غيرهم على ما حكي عنهم بتقييد جواز رهن أبنية الأرض المفتوحة عنوة بما إذا لم تكن الآلات من تراب الأرض.

نعم الموجودة فيها (3) حال الفتح للمقاتلين، لأنها مما ينقل:

و حينئذ (4) مقتضى القاعدة عدم صحة أخذها إلا من السلطان

+++++++++++

(1) تعليل لجواز التصرف فيما ينفصل عن الأملاك المذكورة.

و خلاصته: أن الجواز مقتضى القاعدة التي هي الاستصحاب.

بيان ذلك: أن هذه الأمور الحادثة: و هي الأوراق و الأشجار و الأخشاب و الطين و غيرها مما ذكر كانت ملكا للمسلمين قبل نقلهم إياها لهم فعند النقل نشك في ملكيتهم لها فنستصحب تلك الملكية السابقة الثابتة.

(2) أي و لأجل أن جواز نقل ما ينفصل عن الأراضي الخراجية هو مقتضى الاستصحاب، و أنه ملك للمسلمين عامة، لا خصوص شخص المسلم أفاد هؤلاء الأعلام بعدم جواز ارتهان أبنية الأرض الخراجية إذا بنيت من الآجر، أو التراب الذي أخذ من هذه الأرض

(3) أي في هذه الأراضي الخراجية.

(4) أي و حين أن قلنا: إن الموجودة في هذه الأراضي الخراجية حال الفتح للمقاتلين أجمع.

فلو أراد أحد المسلمين غير المقاتلين أخذ هذه الموجودة حال الفتح فلا بد أن يكون الأخذ باجازة من السلطان الجائر، أو الحاكم -

ص: 85

الجائر، أو من حاكم الشرع.

مع إمكان أن يقال: لا مدخل لسلطان الجور، لأن القدر المأذون في تناوله منه منفعة الأرض، لا أجزاؤها (1) إلا أن يكون الأخذ على وجه الانتفاع، لا التملك فيجوز (2).

و يحتمل كون ذلك (3) بحكم المباحات، لعموم من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به (4).

و يؤيده (5)، بل يدل عليه استمرار السيرة خلفا عن سلف على بيع

+++++++++++

- الشرعي، لأن الموجودة في الأرض المفتوحة عنوة ملك للمقاتلين فمقتضى القاعدة: و هي عدم جواز التصرف في ملك الغير إلا برضاه أن يكون التصرف باجازة منه.

(1) فاذا لا فائدة في استجازة السلطان ثم اجازته في الأخذ، لعدم تملك الآخذ أجزاء الأرض المذكورة حتى يتوقف الأخذ على الاجازة.

(2) أي فيجوز الأخذ للمسلمين بعد الاستجازة من السلطان.

(3) هذا رجوع إلى أصل الموضوع: و هو ما ينفصل عن الأرض المفتوحة عنوة، أي و يحتمل أن يكون ما ينفصل عن تلك الأرض:

من الأوراق و الأثمار، و الأخشاب، و ما ذكرها في المتن من المباحات.

فكما أن المباحات تكون مشتركة بين المسلمين أجمع، فاذا سبق أحد منهم إليها فهو أحق بها من الآخر فلا يحتاج إلى إذن السلطان

كذلك ما ينفصل عن هذه الارض فهو ملك للمسلمين فمن سبق إليه فهو أحق به من الغير، من دون احتياج إلى إجازة السلطان.

(4) (مستدرك وسائل الشيعة): المجلد 3. ص 149. الحديث 4.

(5) أي و يؤيد هذا الاحتمال: و هو كون ما ينفصل عن الارض المفتوحة عنوة: من الأثمار و الأوراق، و الأخشاب من المباحات -

ص: 86

الامور المعمولة من تربة أرض العراق: من الآجر و الكوز و الأواني و ما يعمل من التربة الحسينية.

و يقوّي هذا الاحتمال (1) بعد انفصال هذه الاجزاء من الارض

مسألة من شروط العوضين: كونه طِلْقاً
اشارة

و اعلم أنه ذكر الفاضلان و جمع ممن تأخر عنهما في شروط العوضين بعد الملكية كونه (2) طلقا.

و فرّعوا عليه عدم جواز بيع الوقف إلا فيما استثني (3).

و لا الرهن إلا باذن المرتهن، أو إجازته.

و لا أم الولد إلا في المواضع المستثناة (4).

المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك

و المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك: بحيث يكون للمالك أن يفعل بملكه ما شاء، و يكون مطلق العنان في ذلك.

لكن هذا المعنى (5) في الحقيقة راجع إلى كون الملك مما يستقل المالك بنقله، و بكون نقله ماضيا فيه، لعدم تعلق حق به (6) مانع

+++++++++++

- فيجوز لكل مسلم أخذه بلا اجازة السلطان.

(1) و هو احتمال كون ما ينفصل عن الارض من المباحات.

(2) أي كون الملك ملكا طلقا أي ملكا محضا خالصا لا يكون فيه أيّ تضعضع و تزلزل.

(3) و يأتي الاشارة إلى الموارد المستثناة في محله.

(4) يأتي الاشارة إلى هذه الموارد في محله.

(5) و هو أن المراد بالطلق ما يكون المالك مطلق العنان في ملكه:

بحيث يتصرف فيه كيف شاء و أراد: بأن لا يكون محجورا عن التصرف

(6) أي بهذا الملك الذي يستقل المالك بنقله.

و كلمة مانع بالجر صفة لكلمة حق في قوله: لعدم تعلق حق.

ص: 87

عن نقله بدون إذن ذي الحق، لمرجعه (1) إلى أن من شرط البيع أن يكون متعلقه مما يصح للمالك بيعه مستقلا.

و هذا (2) لا محصل له (3).

فالظاهر أن هذا العنوان (4) ليس في نفسه شرطا، ليتفرع عليه عدم جواز بيع الوقف، و المرهون، و أم الولد.

بل الشرط في الحقيقة انتفاء كل من تلك الحقوق الخاصة (5) و غيرها مما ثبت منعه عن تصرف المالك كالنذر و الخيار، و نحوهما و هذا العنوان (6) منتزع من انتفاء تلك الحقوق.

فمعنى الطلق أن يكون المالك مطلق العنان في نقله غير محبوس عليه لاحد الحقوق التي ثبت منها للمالك عن التصرف في ملكه، فالتعبير بهذا المفهوم المنتزع تمهيد لذكر الحقوق (7) المانعة عن التصرف لا تأسيس لشرط، ليكون ما بعده (8) فروعا.

+++++++++++

(1) أي لمرجع هذا القيد: و هذا الشرط و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا عن التصرف.

(2) و هو من شرط البيع أن يكون متعلقه مما يصح للمالك بيعه مستقلا.

(3) أي لا وجود له خارجا، لأن الشرط المذكور عبارة اخرى عن اشتراط الصحة في المبيع.

(4) و هو كون الملك ملكا طلقا.

(5) و هي عدم جواز بيع الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(6) و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا عن التصرف.

(7) و هي الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(8) أي ما بعد الشرط: و هي التي ذكرت في الهامش 5.

ص: 88

بل الأمر في الفرعية (1) و الأصالة (2) بالعكس (3).

الحقوق المانعة عن تصرف المالك في ملكه

ثم إن أكثر من تعرض لهذا الشرط (4) لم يذكر من الحقوق إلا الثلاثة المذكورة (5)، ثم عنونوا حق الجاني (6) و اختلفوا في حكم بيعه.

و الظاهر أن الحقوق المانعة أكثر من هذه الثلاثة (7) أو الأربعة (8) و قد أنهاها بعض من عاصرناه (9) إلى أزيد من عشرين فذكر بعد

+++++++++++

(1) و هي التي ذكرت في الهامش 5. ص 88.

(2) و هو كون الملك طلقا.

(3) أي الامور المذكورة في الهامش 5 ص 88 هي الاصل، و الطلق هو الفرع.

(4) و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا.

(5) و هي المشار إليها في الهامش 5 ص 88.

(6) أي حق على العبد الجاني: بأن جنى العبد على شخص فحق المجني عليه الذي تعلق على العبد مانع عن بيعه ما لم يؤخذ الحق منه.

فلو عبر الشيخ عن حق الجاني بحق الجناية لكان أولى، إذ لا يحتاج حينئذ إلى التقدير.

(7) و هي الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(8) و هو الثلاثة المذكورة في الهامش 7 باضافة حق الجاني إليها.

(9) أي و قد أنهى صاحب المقابيس هذه الحقوق إلى اثنين و عشرين حقا كما في المقابيس.

و قد ذكر الشيخ ثمانية عشر منها: و هي الثلاثة المذكورة في الهامش 7 و الرابعة و هي حق الجاني المشار إليه في الهامش 8.

ص: 89

الأربعة المذكورة (1) في عبارة الأكثر.

النذر (2) المتعلق بالعين قبل البيع.

و الخيار (3) المتعلق به، و الارتداد (4) و الحلف (5) على عدم

+++++++++++

(1) و هي المذكورة في الهامش 8 ص 89.

(2) هذا هو الحق الاول من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي يذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي لو نذر شخص بأن هذا السجاد للمسجد إن قضيت حاجتي فلا يجوز بيعه حينئذ، لتعلق النذر به.

(3) هذا هو الحق الثاني من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الخيار المتعلق بالعين يكون مانعا عن بيعها إلى أن تنتهي مدة الخيار.

(4) هذا هو الحق الثالث من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي ارتداد العبد المسلم يكون مانعا عن بيعه، لأنه في معرض التلف، لوجوب قتله فلا مالية له حتى يبذل بإزائه المال فتشمله قوله تعالى: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ .

و لا فرق بين أن يكون الارتداد فطريا أم مليّا، لأن الفطري واجب القتل، و الملي يقتل في المرة الثالثة، أو الرابعة إن استتيب و لم يتب.

و قد مر البحث عن الشيء الذي لا مالية له مفصلا في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الجزء 1. من ص 118 - الى 130 فراجع.

(5) هذا هو الحق الرابع من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي يذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الحلف المتعلق بالعين -

ص: 90

بيعها، و تعيين (1) الهدي للذبح، و اشتراط (2) عتق العبد في عقد لازم و الكتابة (3) المشروطة، أو المطلقة بالنسبة إلى ما لم يتحرر منه حيث إن المولى ممنوع عن التصرف باخراجه عن ملكه قبل الأداء (4)

و التدبير (5) المعلق على موت غير المولى

+++++++++++

- على عدم بيعها يكون مانعا عن بيعها.

هذا بناء على استتباع اليمين للحكم الوضعي: و هو حرمة البيع.

و لكن لا يخفى أنّ القدر المتيقن و المسلم من هذا الحلف هو استتباعه للحكم التكليفي: و هي حرمة مخالفة اليمين الموجبة للكفارة فقط و هذه الحرمة لا توجب منع البيع.

(1) هذا خامس الحقوق المانعة عن البيع أي لو عين شخص هديه بالاشعار، أو التقليد في احرامه: بأن تذبح في منى فلا يجوز تبديلها و لا بيعها:

(2) هذا سادس الحقوق المانعة عن البيع.

فرض المسألة هكذا:

باع شخص دارا إلى زيد و اشترط في متن العقد مع زيد عتق عبده و قبل الشرط فهذا الشرط يكون لازما، لوقوعه في عقد لازم:

و هو البيع، فلا يجوز للمشتري حينئذ التصرف في الدار ببيعها ما لم يف بالشرط، لكونه ممنوعا و محجورا عن التصرف قبل العتق.

(3) هذا سابع الحقوق المانعة عن البيع أي لا يجوز البيع بالنسبة إلى هذا الجزء الذي لم يتحرر من العبد المكاتب المشروط، أو المطلق قبل أداء مال الكتابة المشروطة، أو المطلقة.

و أما بالنسبة إلى الجزء المتحرر فيجوز بيعه.

(4) أي قبل أداء مال الكتابة المطلقة، أو المشروطة كما عرفت.

(5) هذا ثامن الحقوق المانعة عن البيع.

ص: 91

بناء على جواز ذلك (1) فاذا مات المولى و لم يمت من علّق عليه العتق كان مملوكا للورثة ممنوعا (2) من التصرف فيه.

و تعلق حق (3) الموصى له بالموصى به بعد موت الموصي و قبل قبوله (4)، بناء على منع الوارث من التصرف فيه قبله (5).

و تعلق حق (6) الشفعة بالمال، فانه مانع من لزوم التصرفات الواقعة من المالك فللشفيع بعد الأخذ بالشفعة ابطالها (7).

و تغذية (8) الولد المملوك بنطفة سيده فيما إذا اشترى أمة حبلى

+++++++++++

(1) أي جواز مثل هذا التدبير المعلق على موت غير المولى.

(2) أي حال كون هذا المدبّر الذي قال لعبده: أنت حر بعد وفاة زيد يكون ممنوعا عن التصرف في عبده إلى أن يموت زيد الذي علّق التدبير على موته.

و كذا ورثة المدبّر يكونون ممنوعين عن التصرف في العبد إذا مات مورّثهم قبل موت المعلّق عليه و هو زيد.

و أما المعلق على موت المولى فهو غير مانع عن صحة البيع، لأنه عقد جائز بجواز الرجوع فيه فعلا و قولا.

(3) هذا تاسع الحقوق المانعة عن البيع.

(4) أي قبل قبول الموصى له الموصى به.

(5) أي في الموصى به.

(6) هذا عاشر الحقوق المانعة عن البيع.

(7) أي ابطال التصرفات الصادرة من الذي انتقل المال إليه ما دام الحق ثابتا للشفيع.

(8) هذا حادي عشر الحقوق المانعة عن البيع.

فرض المسألة هكذا: -

ص: 92

فوطأها فاتت بالولد، بناء على عدم جواز بيعها.

+++++++++++

- كان لشخص عبد و أمة فزوج أمته لعبده فوطأها العبد فحملت منه ثم باعها مولاها فاشتراها شخص ثان مع حملها فوطأها المولى الجديد و هو المشتري فتغذى الولد من نطفة مولى الجديد فهذه التغذية تكون مانعة عن بيع الولد.

ثم إن عدم جواز بيع الولد بناء على عدم جواز عزل المولى الجديد منه، و إفراغه في الخارج، فانه حينئذ يكون الولد متغذيا بنطفة المشتري فتشمله الأخبار الواردة في عدم الجواز.

و أما لو أفرغه في الخارج فلا مانع من بيع الولد حينئذ، لعدم تغذّيه من نطفة المشتري.

فالمدار و المحور في الجواز و عدم الجواز هو التغذي و عدم التغذي

فان تغذى الولد من نطفة المولى الجديد فلا يجوز بيعه.

و إن لم يتغذ منها جاز بيعه.

ثم إن في هذا الفرض أقوالا ترتقى إلى خمسة:

(الأول): حرمة الوطء قبل وضع الحمل.

(الثاني): حرمة الوطء قبل مضي أربعة أشهر لو لم يعزل بخلاف ما إذا عزل، فان الوطء جائز حينئذ.

(الثالث): الجواز

(الرابع): التفصيل بين الحمل من الزنا فيجوز الوطء مطلقا قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام، و بعدها، و بين الحمل من غير الزنا فلا يجوز الوطء إلا بعد مضي المدة المذكورة.

(الخامس): حرمة الوطء قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام.

ص: 93

و كونه (1) مملوكا ولد من حر شريك في أمة حال الوطء، فانه (2) مملوك له، لكن ليس له (3) التصرف فيه إلا بتقويمه، و أخذ قيمته

و تعارض (4) السبب المملك و المزيل للملك كما لو قهر حربي أباه.

+++++++++++

(1) هذا ثاني عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس.

فرض المسألة هكذا:

كانت أمة مشتركة بين حرين فوطأها أحدهما فحملت منه و لم يطأها الشريك الآخر في حالة وطء شريكه.

فالولد هذا يكون مملوكا للشريك الذي لم يطأ الأمة.

لكن لا يجوز لهذا الشريك الذي ملك الولد أن يتصرف في الولد ما لم يقوّم الولد و تدفع القيمة إلى الشريك الواطئ.

(2) أي هذا الولد يكون مملوكا للشريك الذي لم يطأها كما عرفت

(3) أي لهذا الشريك الذي لم يطأ الأمة كما عرفت.

(4) هذا ثالث عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي تعارض السبب المملّك: و هو القهر و الغلبة في الحرب، و السبب المزيل للملكية: و هي الرحمية: و هي كون المسبي أبا للغالب: يكون مانعا عن البيع

فرض المسألة هكذا:

وقعت حرب بين حربيين فغلب أحدهما في المعركة فاتفق أن اغتنم الغالب أباه الحربي، لأن الحربي حاله حال المباحات الأصلية يتملّك بالقهر و لو كان القاهر حربيا، لكن الغالب لا يملك أباه، لأنه أحد العمودين. -

ص: 94

و الغنيمة (1) قبل القسمة (2)، بناء على حصول الملك بمجرد الاستيلاء دون القسمة، لاستحالة (3) بقاء الملك بلا مالك.

+++++++++++

- فهنا يقع التعارض بين هذين السببين المذكورين: فيمنع عن بيع المسبيّ.

ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الحربي من كان مشتغلا بحرب المسلمين.

بل المراد منه من لا ينقاد إلى الاسلام و ليس له ذمة، و لا مهادنة

(1) هذا رابع عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الغنيمة التي يأخذها الجيش المحارب في الحرب قبل أن تقسم على سائر المسلمين المحاربين تكون مانعة عن البيع.

نعم بعد التقسيم يجوز بيع الغنيمة، لأنها حصة المقسوم عليه.

(2) تعليل لعدم جواز بيع الغنيمة قبل القسمة أي عدم الجواز مبني على تملك المسلم المحارب بمجرد استيلائه على الغنيمة، لا لأنه متوقف على القسمة.

و إنما قال ذلك، دفعا لما يمكن أن يقال: إن الغانم في الحرب لا يملك الغنيمة قبل القسمة حتى يقال: لا يجوز بيعها.

(3) تعليل للبناء المذكور أي البناء المذكور لأجل استحالة بقاء الملك بلا مالك، فانه إذا لم نقل بتملك المسلم المحارب بمجرد الاستيلاء بل التملك بعد القسمة يلزم بقاء الملك و هي الغنيمة بلا مالك في المدة التي لم تقسم، فلا بد من القول بالتملك حتى لا يبقى الملك بلا مالك في هذه المدة.

ص: 95

و غير ذلك (1) مما سيقف عليه المتتبع.

لكنا نقتصر على ما اقتصر عليه الأصحاب: من ذكر الوقف

+++++++++++

(1) أي و غير هذه الأربعة عشرة و الأربعة الأول المذكورة في الهامش 7-8 ص 89 من الحقوق المانعة عن البيع.

فالمجموع الذي ذكره الشيخ عن المقابيس هنا ثمانية عشرة حقا بقيت أربعة من الاثنين و العشرين حقا المذكورة في المقابيس.

إليك الأربعة الباقية المانعة عن البيع:

(الأول): تعلق حق الغرماء بمال المفلّس، أو الميت.

فان المال الباقي من المفلّس، أو الميت المدين يكون للغرماء و الديان ليس للمفلس، و لا للورثة حق التصرف فيه حتى يقسم عليهم بالنسبة إلى حصصهم.

(الثاني): تعلق حق المضمون له بالمال لو اشترط اداء الضمان من هذا المال، فان هذا الشرط يكون مانعا عن بيعه، لأن حق المضمون له أسبق من البيع.

خذ لذلك مثالا:

كان شخص مدينا لزيد خمسين دينارا فضمن عمرو عن الشخص المبلغ المعين فاشترط المضمون له: و هو الدائن أداء الضمان من مال معين فقبل الضامن ذلك.

فهنا تعلق حق المضمون له بهذا المال المعين فلا يجوز بيعه.

(الثالث): أنه بناء على كون القبض في التبرعات المجانية شرطا في اللزوم فقبل قبض الصدقة، أو الهبة، أو الهدية لا يجوز التصرف فيها بالبيع، أو بأي سبب ناقل، لتعلق حق المتبرع بالمذكورات ما لم يقبضها لآخذيها، لكون حق المتبرع أسبق من حق الموهوب له -

ص: 96

ثم أم الولد، ثم الرهن، ثم الجناية إن شاء اللّه.

مسألة: لا يجوز بيع الوقف اجماعا محققا في الجملة
اشارة

(مسألة): لا يجوز بيع الوقف اجماعا محققا (1) في الجملة (2) و محكيا (3)، و لعموم قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه (4).

و رواية أبي علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام:

قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفيت المال خبرت أن الأرض وقف؟

فقال: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلّة في مالك

+++++++++++

- (الرابع): أنه بناء على أن القبض شرط في لزوم بيع الصرف:

و هو الذهب و الفضة فقبل القبض لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع ما لم يقبضه البائع، لتعلق حق البائع به و هو أسبق من حق البيع للمشتري.

هذا تمام الكلام في الحقوق المانعة عن البيع التي ذكرها الشيخ عن (المقابيس).

و قد ذكرها (المحقق التستري) قدس سره في كتابه (المقابيس) و أسهب الكلام فيها فراجع حتى تعرف مدى غزارة علم هذا الرجل و طول باعه و اطلاعه و تبحره في الفروع الفقهية.

(1) أي اجماعا محصلا.

(2) أي لا في جميع الموارد و الأزمان، لأنه يجوز بيعه في بعض الأزمان و الموارد كما سيأتي.

(3) أي اجماعا منقولا.

(4) (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 295. الباب 2.

الحديث 1.

ص: 97

و ادفعها إلى من أوقفت عليه.

قلت: لا أعرف لها ربا.

قال: تصدق بغلتها (1).

صورة وقف أمير المؤمنين عليه السلام

و ما ورد من حكاية وقف أمير المؤمنين عليه السلام و غيره من الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين مثل ما عن ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صورة وقف أمير المؤمنين عليه السلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حيّ سوّي تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع و لا توهب حتى يرثها اللّه الذي يرث السموات و الأرض، و أسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن، فاذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين (2).

فان (3) الظاهر من الوصف كونه صفة لنوع الصدقة، لا لشخصها

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 12. ص 271. الباب 17.

الحديث 1.

(2) (المصدر نفسه): الجزء 13. ص 304. الباب 6.

الحديث 4.

(3) تعليل لدلالة الحديث على عدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أن الوصف الذي هي جملة لاتباع و لا توهب صفة لنوع الوقف أي كل وقف سواء أ كان من الامام عليه السلام أم من غيره لا يجوز بيعه، و لا هبته فهو من المقومات الداخلية.

و ليست الصفة المذكورة صفة لشخص هذا الوقف حتى يقال:

لا يصح الاستدلال بالحديث على عدم جواز بيع الوقف.

ص: 98

و يبعد كونه (1) شرطا خارجا عن النوع مأخوذا في الشخص مع (2) أن سياق الاشتراط يقتضي تأخره عن ركن العقد: اعني الموقوف عليهم، خصوصا (3) مع كونه شرطا عليهم.

مع (4) أنه لو جاز البيع في بعض الأحيان كان اشتراط عدمه

+++++++++++

(1) أي و يبعد كون الوصف المذكور شرطا خارجا عن نوع الوقف و مطلقه، و يكون مأخوذا في شخص وقف الامام أمير المؤمنين عليه السلام أي هذا الوقف الصادر عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام لا يجوز بيعه، لا مطلق الوقف.

(2) هذا دليل ثان على أن الوقف لا يجوز بيعه.

و خلاصته: أنه لو كان الوصف شرطا خارجا عن النوع مأخوذا في شخص وقف الامام عليه السلام لكان يقتضي بحسب سياق الشرط أن يكون متأخرا عن ركن العقد و هو الموقوف عليهم كما هو مقتضى كل شرط مع أنه لم يتأخر فعدم تأخره دليل على كون الوصف وصفا لنوع الوقف، لا لشخصه.

(3) هذا تأكيد لكون الوصف وصفا لنوع الوقف، لا لشخصه حتى يكون خارجا عن النوع، أي و لا سيما أن الوصف المذكور شرط على الموقوف عليهم لا على المالك الواقف.

فكان الأنسب أن يتأخر فتقدمه دليل على أنه شرط لنوع الوقف لا لشخصه.

(4) هذا دليل ثالث لعدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أن بيع الوقف لو جاز في بعض الأحيان لكان اشتراط عدم جواز بيعه بنحو مطلق، و في جميع الأحيان و الموارد -

ص: 99

على الاطلاق فاسدا، بل مفسدا، لمخالفته للمشروع من جواز بيعه في بعض الموارد كدفع الفساد بين الموقوف عليهم، أو رفعه، أو طروّ الحاجة، أو صيرورته مما لا ينتفع به أصلا.

إلا (1) أن يقال: إن هذا الاطلاق نظير الاطلاق المتقدم في رواية

+++++++++++

- كما في قوله عليه السلام: صدقة لا تباع و لا توهب فاسدا، بل مفسدا، لمخالفة هذا الشرط بهذا النحو من الاطلاق للشرع، حيث جاز شرعا بيع الوقف في بعض الموارد كما إذا آل الوقف إلى الخراب بحيث لا يستفاد منه، و لا يتحقق مفهوم الوقف خارجا.

و كما إذا ترتب من الوقف الفساد فلرفعه يجوز بيع الوقف، أو لدفع الفساد قبل أن يقع.

و كما إذا اقتضت الضرورة و الحاجة لبيعه.

و كما إذا سقط الوقف عن الانتفاع أصلا: بأن كان وقفا على الانارة و الاسراج بالشموع.

و في عصرنا هذا مع وجود الكهرباء لا مفهوم للانارة بالشموع.

ففي هذه الموارد قد أجاز الشارع لنا بيع الوقف.

فالجواز مناف لعدم جواز البيع بنحو مطلق، و في جميع الأحيان و الموارد فلا بد من تقييد الاطلاق الوارد في الحديث المشار إليه في ص 98.

(1) هذا استثناء عما أفاده: من أنه لو جاز بيع الوقف في بعض الأحيان لكان اشتراط عدم جواز البيع بنحو مطلق منافيا لجوازه كما في الموارد المذكورة، و جواب عن الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 4. ص 99

و خلاصة الاستثناء أنه يمكن أن يكون إطلاق المنع عن بيع -

ص: 100

ابن راشد في انصرافه إلى البيع لا لعذر.

مع (1) أن هذا التقييد مما لا بدّ منه على تقدير كون الصفة فصلا للنوع، أو شرطا خارجيا.

مع (2) احتمال علم الامام بعدم طروّ هذه الامور المبيحة.

+++++++++++

- الوقف المستفاد من حديث الامام عليه السلام، كاطلاق منع بيع الوقف المستفاد من حديث أبي علي بن راشد المشار إليه في ص 97 حيث إن إطلاقه منصرف إلى البيع لا لعذر، و من غير طروّ المسوغات المذكورة في ص 100

و أما إذا كان هناك عذر في بيعه فلا مانع عن بيعه فالحديث لا يشمله

فالاطلاق في حديث الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام كهذا الاطلاق الوارد في حديث أبي علي بن راشد، فعليه يجوز بيع الوقف في بعض الأحيان إذا كان هناك عذر.

(1) هذا جواب آخر عن الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 4 ص 99.

و خلاصته: أن التقييد المذكور أي تقييد جواز بيع الوقف بصورة وجود عذر، و طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100

و تقييد عدم الجواز بصورة عدم وجود عذر، و عدم طروّ المسوّغات مما لا بدّ منه، سواء قلنا: إن الوصف المذكور:

و هو قوله عليه الصلاة و السلام: لاتباع و لا توهب وصف لمطلق نوع الوقف، أو لشخصه: بأن يكون شرطا خارجيا، إذ لا يجوز بيع الوقف منعا بتيا إلا في صورة العذر، و طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100

(2) هذا ترق من الشيخ يروم به أن الحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام و إن كان مطلقا و الاطلاق من شأنه أن يقيد -

ص: 101

و حينئذ (1) يصح أن يستغنى بذلك (2) عن التقييد على تقدير كون الصفة شرطا.

بخلاف ما لو جعل (3) وصفا داخلا في النوع، فان العلم بعدم طروّ مسوغات البيع في الشخص لا يغني عن تقييد إطلاق الوصف في النوع كما لا يخفى.

فظهر (4) أن التمسك بإطلاق المنع عن البيع على كون الوصف داخلا في أصل الوقف كما صدر عن بعض من عاصرناه لا يخلو عن نظر

+++++++++++

- و هنا لا بدّ أن يقيد، لجواز بيع الوقف في الموارد المذكورة في ص 100، لكنه لم يقيد، لعلم الامام عليه السلام بعدم طروّ الأمور المذكورة في ص 100 على الوقف حتى يضطر الموقوف عليهم على بيع الوقف، و يباح لهم ذلك.

(1) أي و حين أن قلنا: إن الامام عليه السلام كان عالما بعدم طروّ المسوّغات المذكورة على الوقف حتى يحتاج إلى البيع فيصح لنا أن نستغني عن تقييد إطلاق عدم جواز البيع بجواز بيع الوقف في صورة طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100، بناء على أن الوصف المذكور شرط لشخص الوقف، لا لنوعه.

(2) أي بعلم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة.

(3) أي بخلاف ما لو قلنا: إن الوصف المذكور وصف لنوع الوقف، فان علم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة بشخص وقفه لا يغنينا عن عدم تقييد اطلاق الوصف، بل لا بدّ من تقييده بما ذكر: من المسوّغات.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن جعل الوصف وصفا داخلا في النوع و مقوّما له لا يغنينا عن عدم تقييد الاطلاق أي ففي ضوء -

ص: 102

و إن كان الانصاف ما ذكرناه: من ظهور سياق الأوصاف في كونها أوصافا للنوع.

أن المانع عن بيع الوقف أمور ثلاثة:
اشارة

و مما ذكرنا (1) ظهر أن المانع عن بيع الوقف أمور ثلاثة:

حق الواقف

حق (2) الواقف، حيث جعلها بمقتضى صيغة الوقف صدقة جارية ينتفع بها.

حق البطون المتأخرة عن بطن البائع.

و حق (3) البطون المتأخرة عن بطن البائع.

التعبد الشرعي المكشوف عنه بالروايات

و التعبد (4) الشرعي المكشوف عنه بالروايات، فان الوقف متعلق لحق اللّه، حيث يعتبر فيه التقرب و يكون للّه تعالى عمله و عليه عوضه.

+++++++++++

- ما ذكرنا ظهر أن ما تمسك به المحقق التستري. من أن عدم جواز بيع الوقف مطلق، بناء على كون الوصف وصفا داخلا في نوع الوقف، و من مقوماته الداخلية: لا يخلو عن نظر، لأنك عرفت أن علم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة على الوقف لا يغنينا عن عدم تقييد الاطلاق الواقع في منع البيع في قوله عليه السلام:

صدقه لا تباع و لا توهب.

(1) و هو عدم جواز بيع الوقف إلا عند طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100.

(2) هذا هو المانع الأول عن بيع الوقف.

(3) هذا هو المانع الثاني عن بيع الوقف.

(4) هذا هو المانع الثالث عن بيع الوقف.

و يعبر عن هذا المانع بحق اللّه عز و جل.

هذه هي الحقوق الثلاثة المانعة عن بيع الوقف.

و قد سبق شيخنا الأنصاري بعض الأعلام في ذكر هذه الحقوق -

ص: 103

..........

+++++++++++

- و قد ذكروا نظير هذه الحقوق حقوق العبد المشروط و هي كما يلي:

حق اللّه سبحانه و تعالى، و حق المشترط، و حق العبد المشروط عتقه

و أما حق الواقف فلا مفهوم له أيضا، لأن الملك بمجرد وقفه من قبل المالك الواقف قد خرج عن تملكه له، سواء انشأ التأبيد كالوقف أم مدة معينة كالتحبيس.

فالعين الموقوفة على جميع التقادير ليست متعلقة لحقه.

و مجرد كون الوقف صدقة جارية ينتفع بها لا يوجب تعلق حق للواقف بالعين و إن توقف الانتفاع بالعين على بقائها موقوفة.

و أما حق البطون المتأخرة عن بطن الموقوف عليهم فلا مفهوم له أيضا، لأنهم معدومون فمع عدم وجودهم كيف يتعلق حق لهم بالعين الموقوفة، إذ المعدوم كما لا يكون مالكا كذلك لا يكون ذا حق.

فالحاصل أن هذه الحقوق لا تكون مانعة عن بيع الوقف.

إذا فالمانع الوحيد هي الأخبار الواردة عن بيع الوقف التي مضت الاشارة إليها في ص 97-98 و لا سيما قوله عليه السلام في ص 97:

الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها.

و لكن لا يخفى ما في هذه الموانع الثلاثة من النظر.

أما تعلق حق اللّه تبارك و تعالى بالوقف فمما لا مفهوم له، إلا بمعنى الاطاعة و الامتثال لحكمه و أمره المستفاد هذا الحكم و الأمر من قول سفرائه الوسيطين بينه و بين المخلوقين: الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها.

و هذا لا يوجب تعلق حق رباني مقابل للحكم المذكور، و لا دليل عليه -

ص: 104

و قد يرتفع بعض هذه الموانع فيبقى الباقي.

و قد يرتفع كلها و سيجيء التفصيل.

هل الوقف يبطل بنفس البيع أو بجوازه

ثم إن جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف إلى أن يباع، فالوقف يبطل بنفس البيع، لا بجوازه فمعنى جواز بيع العين الموقوفة جواز إبطال وقفها إلى بدل، أو لا إليه (1)، فان مدلول صيغة الوقف و إن أخذ فيه الدوام و المنع عن المعاوضة عليه إلا أنه قد يعرض ما يجوز مخالفة هذا الانشاء.

كما أن مقتضى العقد الجائز كالهبة تمليك المتهب المقتضي لتسلطه المنافي لجواز انتزاعه من يده، و مع ذلك (2) يجوز مخالفته، و قطع سلطنته عنه، فتأمل (3).

+++++++++++

- (لا يقال): إن الواقف يطلب بوقفه الأجر و الثواب الأخروي و هذا الأجر و الثواب يكون عوضا عن الوقف و على اللّه العزيز هذا العوض فبهذا الاعطاء يتعلق حق من اللّه تعالى بالوقف.

(فانه يقال): إن مجرد طلب الواقف الأجر و الثواب و إعطاء الباري عز و جل له ذلك العوض لا يثبت حقا من اللّه تعالى على العين الموقوفة.

(1) أي أولا إلى البدل: بأن يباع الوقف و لا يشترى بثمنه شيئا يكون بدلا عن الوقف.

(2) أي و مع اقتضاء تمليك المتهب لتسلطه الموهوب له المنافي هذا التمليك لجواز انتزاع الموهوب من يد الموهوب له يجوز مخالفة هذا التمليك و قطع سلطنة الموهوب له عن الهبة بأخذها منه.

(3) لعل الأمر بالتأمل إشارة إلى أنه فرق بين الوقف و الهبة التي هي من العقود الجائزة، إذ أخذ في مفهوم الوقف الدوام و الثبات، -

ص: 105

كلام صاحب الجواهر و كاشف الغطاء في أن الوقف يبطل بمجرد جواز البيع و المناقشة فيما أفاد صاحب الجواهر و كاشف الغطاء

إلا (1) أنه ذكر بعض في هذا المقام أن الذي يقوى في النظر بعد إمعانه أن الوقف ما دام وقفا لا يجوز بيعه.

بل لعل جواز بيعه مع كونه وقفا من التضاد.

نعم إذا بطل الوقف اتجه حينئذ جواز بيعه.

+++++++++++

- و لذا كان من العقود اللازمة.

بخلاف الهبة، فان الدوام و الثبوت لم يؤخذ في مفهومها و إن أفادت التمليك، إذ الملكية فيها صالحة للزوال، و لذا يجوز الرجوع فيها إذا كانت مجانية و بغير ذي رحم، لأن الحكم فيها:

و هو جواز الرجوع إنما تعلق بنوع الهبة الساري هذا النوع إلى جميع أفرادها و أصنافها، لا بصنفها حتى لا يجوز الرجوع فيها.

بخلاف الوقف، فان الحكم فيه: و هو عدم جواز بيعه قد تعلق بصنفه أي صنف الوقف و فرده لا يجوز بيعه، و لم يتعلق بنوعه حتى يجوز بيعه و إن لم يكن هناك مبرّر و مسوّغ لبيعه.

فارتفاع الدوام ليس من حكم نوعه بل هو من حكم صنفه.

(1) هذا تمهيد لما أفاده هذا البعض و الشيخ صاحب الجواهر تبعا لاستاذه الشيخ كاشف الغطاء في هذا المقام: و هو جواز بيع الوقف عند طروّ المسوغات المذكورة في ص 100 و أن صحة البيع لا تنافي بقاء الوقف على وقفيته حتى يباع.

و خلاصة ما أفاده صاحب الجواهر: أن من شرائط صحة البيع أن يكون المبيع ملكا طلقا، و بقاء الوقف على الوقفية مناف للطلقية فلا بد من إبطال الوقفية حتى يصح بيعه، إذ الجواز و البقاء على الوقفية ضدان لا يجتمعان، فهما متباينان و متنافيان.

هذه خلاصة ما أفاده صاحب الجواهر في منافاة جواز بيع -

ص: 106

ثم ذكر (1) بعض مبطلات الوقف المسوغة لبيعه.

و قد سبقه (2) إلى ذلك بعض الأساطين في شرحه على القواعد حيث استدل على المنع عن بيع الوقف بعد النص (3) و الاجماع بل الضرورة: بأن (4) البيع و أضرابه ينافي حقيقة الوقف، لأخذ الدوام فيه، و أن نفي المعاوضات (5) مأخوذ فيه ابتداء.

و فيه (6) أنه

+++++++++++

- الوقف مع بقائه على الوقفية.

(1) و هو صاحب الجواهر كما عرفت آنفا.

و قد ذكرنا هذه المبطلات المعبر عنها بالمسوّغات في الهامش 4 ص 99-100

(2) أي و قد سبق صاحب الجواهر إلى أن جواز بيع الوقف مع بقائه على الوقفية متضادان لا يجتمعان بعض الأساطين و هو الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره.

(3) و هي الروايات المشار إليها في ص 97-98

(4) الباء بيان لكيفية الاستدلال.

(5) أي نفي المعاوضات المالية مأخوذ في مفهوم الوقف من بداية الوقفية أي حينما يقول: وقفت فقد أخذ في مفهوم هذا الوقف أن لا يباع و لا يوهب.

(6) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر تبعا لاستاذه كاشف الغطاء نظر و إشكال.

من هنا أخذ الشيخ في رد مقالة صاحب الجواهر حرفيا، و في تحليل كلامه تحليلا علميا دقيقا.

و خلاصة ما أفاده في رده: أنه ما المراد من بطلان الوقف في كلامه: نعم إذا بطل الوقف اتجه حينئذ جواز بيعه؟

ص: 107

إن (1) اريد من بطلانه (2) انتفاء بعض آثاره: و هو (3) جواز البيع المسبّب عن سقوط حق الموقوف عليهم عن شخص العين، أو عنها (4) و عن بدلها (5)، حيث قلنا بكون الثمن للبطن الذي يبيع فهذا (6) لا محصل له فضلا عن أن يحتاج إلى نظر فضلا عن إمعانه.

و إن أريد (7) به انتفاء أصل الوقف كما هو ظاهر كلامه، حيث

+++++++++++

- و قد قسم الشيخ مراده إلى قسمين:

(1) هذا هو الشق الأول أي إن كان مراده من البطلان هو انتفاء بعض آثاره: و هو الجواز المسبّب هذا الجواز عن سقوط حق الموقوف عليهم عن شخص العين، و عن نفس الآثار المترتبة عليها: و هي عدم جواز بيع الوقف كما عرفت.

فهذا لا محصل و لا مفهوم له خارجا، لأن معنى قوله: نعم إذا بطل البيع اتجه حينئذ جواز بيعه: هو أنه إذا جاز بيع الوقف اتجه جواز بيعه، فلا يحتاج هذا المطلب إلى الدقة و النظر فيه حتى يحتاج إلى الامعان و التعمق.

(2) أي بطلان الوقف كما عرفت.

و المراد من بعض الآثار هو عدم جواز بيع الوقف كما عرفت.

(3) مرجع الضمير كلمة انتفاء المراد منها الجواز كما عرفت

(4) أي أو عن الآثار المترتبة على العين كما عرفت.

(5) أي و عن بدل العين.

(6) أي هذا المعنى المراد من البطلان كما عرفت.

(7) هذا هو الشق الثاني أي إن أراد صاحب الجواهر من البطلان في كلامه انتفاء أصل الوقف كما هو الظاهر من كلامه، حيث يقول:

إن البيع و أضرابه ينافي حقيقة الوقف، لأنه أخذ الدوام فيه، -

ص: 108

جعل المنع من المبيع من مقومات مفهوم الوقف.

ففيه (1) مع كونه (2) خلاف الاجماع، إذ لم يقل أحد ممن أجاز بيع الوقف في بعض الموارد ببطلان الوقف، و خروج الموقوف عن ملك الموقوف عليه إلى ملك الواقف أن (3) المنع عن البيع ليس مأخوذا في مفهومه.

بل (4) هو في غير المساجد و شبهها قسم من التمليك

+++++++++++

- و أن نفي المعاوضات مأخوذ فيه ابتداء.

(1) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر في الشق الثاني من معنى البطلان نظر و إشكال.

و خلاصة الاشكال أنه بالإضافة إلى أن البطلان بالمعنى الذي ذكره خلاف الاجماع، لعدم وجود القول ببطلان الوقف في بعض موارد جواز بيعه: أن المنع عن بيع الوقف ليس مأخوذا في مفهوم الوقف و ليس من مقوماته حتى يقال ببطلان الوقف عند موارد جواز بيعه.

(2) أي مع كون بطلان الوقف في موارد جواز بيعه خلاف الاجماع كما عرفت.

(3) هذا هو وجه النظر و الاشكال فيما أفاده صاحب الجواهر و قد عرفته عند قولنا: إن المنع عن بيع الوقف.

(4) من هنا أخذ الشيخ في اثبات أن المنع عن البيع ليس مأخوذا في مفهوم الوقف حتى يبطل عند جواز بيعه أي الوقف في غير المساجد و الحسينيات، و المدارس الدينية، و المنازل المهيئة للمسافرين و الزوار قسم من التمليك أي يفيد الملكية في غير هذه المذكورات كالوقف على الأولاد و هو الوقف على الذرية، أو أسرته، أو طائفة خاصة كبني هاشم، و الفقهاء، و غيرها من الوقف الخاص.

ص: 109

و لذا (1) يطلق عليه الصدقة، و يجوز ايجابه بلفظ تصدقت.

إلا أن المالك (2) له بطون متلاحقة فاذا جاز بيعه مع الابدال كان البائع وليا عن جميع الملاّك (3) في إبدال مالهم بمال آخر.

و إذا جاز لا معه (4) كما إذا بيع لضرورة البطن الموجود على القول بجوازه (5) فقد جعل الشارع لهم حق إبطال الوقف ببيعه لأنفسهم فاذا لم يبيعوه لم يبطل، و لذا لو فرض اندفاع الضرورة بعد الحكم بجواز البيع، أو لم يتفق البيع كان الوقف على حاله، و لذا (6) صرح في جامع المقاصد بعدم جواز رهن الوقف و إن بلغ حدا يجوز بيعه، معللا باحتمال طروّ اليسار للموقوف عليهم عند إرادة بيعه في دين المرتهن.

إذا عرفت أن مقتضى العمومات (7) في الوقف عدم جواز البيع.

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن الوقف على الأولاد، و الأسرة يفيد الملك يطلق على مثل هذا الوقف الصدقة أي يقال: هذا الوقف صدقة جارية و يصح أن يقال في ايجابه: تصدقت بهذا الوقف.

(2) أي المالك لهذا الوقف و هو الموقوف عليهم.

(3) و هم البطون المتلاحقة الذين جعل الوقف عليهم.

(4) أي لا مع إبدال الوقف المبيع إلى شيء آخر يشابهه.

(5) أي بجواز بيع الوقف لا إلى إبداله إلى شيء آخر.

(6) أي و لأجل أن الوقف باق على وقفيته في صورة اندفاع الضرورة و الاحتياج عن بيعه، أو في صورة عدم اتفاق البيع.

(7) و هي الأخبار المشار إليها في ص 97-98.

و لما انجر بنا الكلام إلى عدم جواز بيع الوقف فلا بأس باشارة -

ص: 110

..........

+++++++++++

- إجمالية حول تحرير محل النزاع، و أن أيّ قسم من الوقف يجوز بيعه، و أيّ قسم منه لا يجوز.

فنقول: إن موضوع البحث و إن كان هو الوقف الخاص:

في أنه يجوز بيعه، أو لا يجوز.

لكن الأولى ذكر جميع أقسام الوقف، و بيان أحكامها، وفقا لمقتضى الأصل.

فنقول: إن الوقف على خمسة أقسام:

(الأول): ما كان وقفا للعبادة، و إقامة للشعائر، كالمساجد و المشاهد المشرّفة، حيث إن مشاهد (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا موضوعة للشعائر.

قال عز من قائل: وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اَللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى اَلْقُلُوبِ (1) .

و قال جل اسمه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ (2) .

و لا يبعد إلحاق الحسينيات المعدّة للمأتم الحسيني على صاحبها آلاف الثناء و التحية بالمساجد، لوحدة الملاك: و هي إقامة الشعائر فيها فتشملها الآية الكريمة.

فهذا القسم من الوقف لا شك في كونه مبطلا للملكية التي كانت لملاّكها، لكن لا يكون تمليكا للمسلمين، بل هو مباح لهم بالانتفاع منه -

ص: 111

..........

+++++++++++

- (الثاني): ما يوقف لعامة الناس كالمنازل المعدّة لنزول المسافرين و الزوّار، و كالقناطر و الرباطات، و المدارس الدينية و ما أشبه هذه مما يوقف لانتفاع كل من سبق إليه.

و هذا القسم من الوقف كالأول في كونه تحرير ملك

و ليس تمليكا لمن يسكن فيها، أو يستفيد منها.

بل هو مباح لهم: من حيث الانتفاع منها.

(الثالث): ما يوقف على جهة خاصة كالوقف على العلماء أو الهاشميين، أو طلاب المدارس الدينية، أو الحسينيات، أو الزوار أو المستشفيات.

و هذا القسم من الوقف لا يكون تحريرا للملك، و لا داخلا في المباحات حتى يجوز لكل أحد الانتفاع به.

بل هو تمليك لجهة خاصة: و هم العلماء، أو الهاشميون، أو طلاب العلوم الدينية الساكنون في نفس المدارس، أو الزوار النازلون في الخانات و لذا يملك الموقوف عليهم المنافع، و لذا يصح لهم إجارتها.

و بهذا يتميز القسم الثالث عن الأولين بالضمان فيه لو غصبه غاصب، دون الأولين، بناء على أن الحكم التكليفي و هي حرمة التصرف لا يوجب الحكم الوضعي فيهما، لأن الضمان كما هو المستفاد من قوله عليه السلام: من أتلف مال الغير فهو ضامن إذا كان هناك غير و تلف ماله و فيما نحن فيه ليس غير حتى يكون الغاصب للمسجد أو المشاهد المشرفة ضامنا له.

و هذا المبنى مخدوش من أصله، لأن الملاك في الضمان ليس الشخص حتى يقال: إن المسجد ليس له مالك حتى يكون الغاصب ضامنا له -

ص: 112

..........

+++++++++++

- بل الملاك في الضمان هو الاتلاف و هذا يصدق في المساجد و المشاهد المشرفة.

(الرابع): ما كان وقفا خاصا كالوقف على الذرية و هذا في مقابل القسم الثالث المعبر عنه بالوقف العام.

ثم إن القسم الرابع على قسمين:

(الأول): الوقف المنقطع بالآخر: بأن يجعله.

(تارة) بعد انقطاع الذرية لمصرف خاص.

(و اخرى) لا يجعله كذلك.

(الثاني): الوقف المؤبد.

(الخامس): ما يوقفه على الموقوفات كوقف دار معينة، أو حانوت معين، أو بستان خاص، أو ما ضارب ذلك على سجاد المسجد أو المدارس الدينية، أو المشاهد المشرفة، أو الحسينيات.

أو يجعل منافع الدار، أو عمارة على تعمير، أو ترميم ما ذكر.

ثم إن الفرق بين القسم الثالث، و هذا القسم: أن الموقوف عليهم في القسم الثالث يملك منافع الملك، و لذا قلنا: يجوز إجارته.

بخلاف القسم الخامس، فان الوقف فيه مجرد إباحة الانتفاع.

إذا عرفت ما تلوناه عليك من الأقسام.

فاعلم أنه من المسلم خروج القسم الأول و الثاني عن إطار جواز البيع، لخروجهما عن الملكية بمقتضى الأصل، لتلف المالية عنهما شرعا فلا يبقى مجال لجواز البيع.

و أما القسم الخامس فبمقتضى الأصل جواز بيعه إذا لم يمكن -

ص: 113

..........

+++++++++++

- الانتفاع به، لأن الخصوصيات الشخصية في القسم الخامس مما هو قابلة للزوال و إن كان الواقف قد أوقف عين الرقبات، إلا أنه وقفها بمراتبها و تعلق نظره بشخصيتها أولا ثم بماليتها: بمعنى أنه في صورة عدم الانتفاع بشخصيتها الخاصة يتعلق نظره بماليتها.

فحينئذ يصح للحاكم، أو المتولي تبديل عين الرقبات و تصيير بدلها وقفا.

فالخلاصة أن العين ما دامت قابلة للانتفاع لا يجوز بيعها.

و أما إذا سقطت عن الانتفاع بسبب زوال الخصوصيات الشخصية فيجوز بيعها و تبديلها و جعل بدلها وقفا.

فالعين فيما نحن فيه نظير اليد: في كونها ضامنة للعين ما دامت موجودة فيجب ردها بشخصها إلى صاحبها إذا كان موجودا، و إلى وراثه إذا مات.

و أما إذا كانت تالفة، أو حيل بينها، و بين مالكها وجب عليها رد ماليتها إلى صاحبها.

و أما القسم الثالث و الرابع فالحاقهما بالقسم الخامس قوي، لأنهما كما عرفت لا يكون الوقف فيهما تحريرا للملك، و ادخاله في المباحات.

بل القسم الثالث تمليك للجهة، و القسم الرابع تمليك لأشخاص مخصوصين، فاذا زال الانتفاع من العين و توقف انتفاع الجهة أو الأشخاص على تبديل العين فلا مانع من بيعه فيصير ثمنه وقفا بعد بيعه، و لذا لو اشتري بثمن الوقف المبيع شيء صار وقفا من دون توقفه على صيغة الوقف.

و محصل الكلام أن ما كان من الوقف تحرير ملك و فكا له -

ص: 114

الأقوال في الخروج عن عموم منع بيع الوقف
فاعلم أن لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالا:
اشارة

فاعلم أن لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالا:

أحدها عدم الخروج عنه أصلا

(أحدها) (1) عدم الخروج عنه أصلا و هو الظاهر من كلام الحلي، حيث قال في السرائر بعد نقل كلام المفيد قدس سره:

و الذي يقتضيه مذهبنا أنه بعد وقفه و قبضه لا يجوز الرجوع فيه و لا تغيره عن وجوهه و سبله و لا بيعه، سواء أ كان بيعه أعود (2) عليهم أم لا، و سواء خرب للوقف و لا يوجد من يراعيه بعمارة:

من سلطان و غيره، أو يحصل بحيث لا يجدي نفعا أم لا.

قال الشهيد رحمه اللّه بعد نقل أقوال المجوزين: و ابن ادريس سدّ الباب (3) و هو (4) نادر مع قوته:

و قد ادعى (5) في السرائر عدم الخلاف في المؤيد.

قال: إن الخلاف الذي حكيناه بين أصحابنا إنما هو إذا كان الوقف على قوم مخصوصين و ليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم.

و أما إذا كان الوقف على قوم، و من بعدهم على غيرهم و كان

+++++++++++

- و إتلافا لماليته فليس مالا حتى يصح بيعه، أو اجارته، أو هبته أو صلحه.

(1) أي أحد الأقوال في خروج الوقف عن عموم منع بيعه.

(2) أي سواء أ كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم أم لا.

(3) أي باب جواز بيع الوقف.

(4) هذا قول الشهيد الأول أي ما أفاده ابن ادريس: من سدّ باب بيع الوقف نادر و شاذ، مع أن قول ابن ادريس قوي.

(5) أي ادّعى ابن ادريس في السرائر أنه ليس في الوقف المؤبد:

و هو إلى أن يرث اللّه الأرض خلاف في عدم جواز بيعه.

ص: 115

الواقف قد اشترط رجوعه إلى غيره إلى أن يرث اللّه الأرض لم يجز بيعه على وجه بغير خلاف بين أصحابنا، انتهى (1).

و فيه (2) نظر يظهر مما سيأتي من ظهور أقوال كثير من المجوزين في المؤبد، و حكي المنع مطلقا (3) عن الاسكافي و فخر الاسلام أيضا إلا في الآلات الموقوفة و أجزائها التي انحصر طريق الانتفاع بها في البيع

قال الاسكافي في ما حكي عنه في المختلف: إن الموقوف رقيقا (4) أو غيره لو بلغ حاله إلى زوال ما سبّله (5) من منفعته فلا بأس ببيعه، و إبدال مكانه بثمنه إن أمكن، أو صرفه فيما كان يصرف إليه منفعته، أو رد ثمنه على منافع ما بقي من أصل ما حبّس معه إذا كان في ذلك (6) صلاح، انتهى (7).

و قال فخر الدين في الايضاح في شرح قول والده قدس سرهما:

و لو خلق حصير المسجد، و خرج عن الانتفاع به، أو انكسر الجذع:

بحيث لا ينتفع به في غير الاحراق فالأقرب جواز بيعه.

+++++++++++

(1) أي ما أفاده ابن ادريس في السرائر في كتاب الوقوف و الصدقات.

(2) أي و فيما أفاده ابن ادريس في السرائر نظر و إشكال.

(3) أي سواء آل الوقف إلى الخراب أم لا، و سواء أمكن الانتفاع منه أم لا.

(4) أي كان عبدا.

(5) أي جعله في سبيل اللّه عزّ و جل و قربة إليه.

(6) أي إذا كان في بيع الوقف مصلحة.

(7) أي ما أفاده الاسكافي في هذا المقام على ما حكي عنه في الخلاف

ص: 116

قال (1) بعد احتمال المنع بعموم النص في المنع:

و الأصح عندي جواز بيعه، و صرف ثمنه في المماثل إن أمكن و إلا ففي غيره، انتهى (2).

و نسبة المنع إليهما (3) على الاطلاق لا بدّ أن يبنى على خروج مثل هذا (4) عن محل الخلاف.

و سيظهر هذا (5) من عبارة الحلبي في الكافي أيضا فلاحظ.

الثاني: الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة

(الثاني): (6) الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة خاصة، دون المؤبد و هو (7) المحكي عن القاضي، حيث قال في محكي المهذب:

+++++++++++

(1) أي فخر الدين قال في الايضاح بعد أن احتمل منع بيع الوقف الذي خلق و خرج عن الانتفاع بسبب عموم النصوص الواردة في المنع التي أشير إليها في ص 97-98: (و الأصح عندي جواز بيعه) أي بيع مثل هذا الوقف الذي آل إلى الخراب.

(2) أي ما أفاده فخر الدين في الايضاح في هذا المقام.

(3) أي إلى الاسكافي و فخر الدين بنحو الاطلاق.

(4) و هو جواز بيع الوقف الذي آل إلى الخراب عن عدم جواز بيعه مطلقا.

(5) يحتمل أن يكون مرجع اسم الاشارة اطلاق منع بيع الوقف المنسوب إلى الاسكافي و فخر الدين.

(6) أي القول الثاني من الأقوال التي قيلت في خروج الوقف عن عموم منع بيعه: هو الخروج عن المنع إذا كان الوقف منقطعا لا مؤبدا.

(7) أي جواز بيع الوقف المنقطع هو المحكي عن القاضي.

ص: 117

إذا كان الشيء وقفا على قوم، و من بعدهم على غيرهم و كان الواقف قد اشترط رجوعه إلى غير ذلك إلى أن يرث اللّه تعالى الأرض و من عليها لم يجز بيعه على وجه من الوجوه.

فان كان وقفا على قوم مخصوصين و ليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم حسب ما قدمناه، و حصل الخوف من هلاكه أو فساده.

أو كانت بأربابه حاجة ضرورية يكون بيعه أصلح لهم من بقائه عليهم.

أو يخاف من وقوع خلف بينهم يؤدي إلى فساده، فانه حينئذ يجوز بيعه و صرف ثمنه في مصالحهم على حسب استحقاقهم.

فان لم يحصل شيء من ذلك لم يجز بيعه على وجه من الوجوه و لا يجوز هبة الوقف، و لا الصدقة به أيضا.

و حكي عن المختلف و جماعة نسبة التفصيل (1) إلى الحلبي، لكن العبارة المحكية عن كافيه (2) لا تساعده.

بل ربما استظهر منه (3) المنع على الاطلاق فراجع.

و حكي التفصيل المذكور عن الصدوق.

و المحكي عن الفقيه أنه قال بعد رواية علي بن مهزيار الآتية:

إن هذا وقف كان عليهم، دون من بعدهم (4).

+++++++++++

(1) و هو الفرق بين الوقف المنقطع فيجوز بيعه.

و بين الدائم فلا يجوز بيعه.

(2) أي عن الكافي المنسوب إلى الحلبي.

يأتي شرح الكتاب و مؤلفه الجليل الشيخ الحلبي في (أعلام المكاسب)

(3) أي بل ربما يستظهر من الكافي منع بيع الوقف مطلقا سواء أ كان منقطعا أم مؤبدا.

(4) أي فلو كان وقفا على من بعدهم أيضا لا يجوز بيعه.

ص: 118

و لو كان عليهم و على أولادهم ما تناسلوا (1)، و من بعد (2) على فقراء المسلمين إلى أن يرث اللّه تعالى الأرض و من عليها لم يجز بيعه أبدا.

ثم إن جواز بيع ما عدا الطبقة الأخيرة في المنقطع لا يظهر من كلام الصدوق و القاضي كما لا يخفى (3).

ثم إن هؤلاء (4) إن كانوا ممن يقولون برجوع الوقف المنقطع إلى ورثة الموقوف عليه فللقول بجواز بيعه وجه.

أما إذا كان فيهم من يقول برجوعه بعد انقراض الموقوف عليه إلى الواقف، أو ورثته فلا وجه للحكم بجواز بيعه، و صرف الموقوف عليهم ثمنه في مصالحهم.

و قد حكي القول بهذين (5) عن القاضي.

+++++++++++

(1) أي ما دام نسلهم موجودا و باقيا على وجه الأرض.

(2) أي و من بعد أولادهم يكون وقفا على فقراء المسلمين.

(3) فان القارئ الكريم لو أمعن النظر في عبارة (شيخنا الصدوق و القاضي) قدس سرهما من بدايتها إلى نهايتها لم يجد فيها ما يدل على ذلك، لأنهما لم يحكما إلا بجواز بيع الوقف ممّن ليس بعده من يكون الوقف راجعا إليه.

و المراد من الطبقة الأخيرة هم الذين لم يشترط الواقف رجوع الوقف إلى من بعدهم من الفقراء.

(4) أي المجوزين لبيع الوقف المنقطع.

(5) و هما: جواز بيع الوقف على القول برجوع وقف المنقطع إلى ورثة الموقوف عليهم، و عدم جواز بيعه، بناء على القول برجوع الوقف إلى الواقف، أو إلى ورثته بعد انقراض الموقوف عليهم.

ص: 119

إلا أن يوجه (1): بأنه لا يقول ببقائه على ملك الواقف حتى يكون حبسا، بل هو وقف حقيقي، و تمليك للموقوف عليهم مدة وجودهم و حينئذ فبيعهم له مع تعلق حق الواقف نظير بيع البطن الأول مع تعلق حق سائر البطون في الوقف المؤبد.

لكن هذا الوجه لا يدفع الاشكال عن الحلبي المحكي عنه القول المتقدم (2)، حيث إنه يقول إن المحكي عنه بقاء الوقف مطلقا على ملك الواقف، و جواز بيع الوقف حينئذ مع عدم مزاحمة حق الموقوف عليه مما لا إشكال فيه.

الثالث الخروج عن عموم المنع

(الثالث) (3) الخروج عن عموم المنع، و الحكم بالجواز في المؤبد في الجملة.

و أما المنقطع فلم ينصوا (4) عليه و إن ظهر عن بعضهم التعميم (5)

و من بعضهم (6) التخصيص،

+++++++++++

(1) أي يوجّه جواز بيع وقف المنقطع في قول القاضي.

(2) في قول الشيخ في ص 117: و سيظهر هذا من عبارة الحلبي في الكافي أيضا.

(3) أي القول الثالث من الأقوال التي قيلت في خروج الوقف عن عموم منع بيعه.

(4) أي هؤلاء القائلين بجواز البيع في الوقف المؤبّد لم يصرحوا بجواز البيع في الوقف المنقطع.

(5) أي تعميم جواز البيع في الوقف، سواء أ كان في المؤبّد أم في المنقطع.

(6) أي و إن ظهر من بعضهم تخصيص جواز بيع الوقف بالمؤبّد دون المنقطع.

ص: 120

بناء (1) على قوله برجوع المنقطع إلى ورثة الواقف كالشيخ و سلار قدس سرهما.

و من حكم برجوعه (2) بعد انقراض الموقوف عليه إلى وجوه البر كالسيد أبي المكارم بن زهرة فلازمه (3) جعله كالمؤبد.

كيف كان فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء
اشارة

و كيف كان (4) فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء (5).

قال المفيد في المقنعة

فنقول (6): قال المفيد في المقنعة: الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها (7)، إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع الشرع

+++++++++++

(1) تعليل لجهة اختصاص الجواز بالمؤبد، دون المنقطع أي العلة في جواز بيع وقف المنقطع هي البناء على قول هذا المخصص برجوع وقف المنقطع بعد انقراضهم إلى ورثة الواقف، و لو لا هذا البناء لما جاز بيع وقف المنقطع.

(2) أي برجوع الوقف المنقطع.

(3) أي لازم هذا القول هو جعل الوقف المنقطع كالوقف المؤبد في جواز بيعه.

(4) أي سواء قلنا بجواز بيع الوقف المؤبد، و اختصاصه به أم قلنا بجواز البيع مطلقا حتى في الوقف المنقطع.

(5) أي اللازم علينا ذكر عبارة الأعلام من الطائفة في الوقف أولا حتى يتبين مورد الجواز و عدمه، ثم نأخذ في النفي و الاثبات ثانيا

(6) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في نقل عبارات الأعلام.

(7) الظاهر أن الكلام هنا بقرينة قوله فيما بعد: و إذا اخرج الواقف الوقف عن يده: في قبل اقباض الواقف الوقف إلى الموقوف عليهم فعليه فلا معنى للقول بعدم جواز الرجوع في الصدقات التي يراد منها الوقف، لأن القبض إن لم يكن شرطا في الصحة، و لا جزء السبب فلا أقلّ من كونه شرطا في اللزوم:

ص: 121

من معونتهم (1)، و التقرب (2) إلى اللّه بصلتهم.

أو يكون تغيير الشرط في الموقوف أعود عليهم و أنفع لهم من تركه على حاله (3).

و إذا أخرج الواقف الوقف عن يده إلى من وقف عليه لم يجز له الرجوع في شيء منه، و لا تغيير شرائطه، و لا نقله عن وجوهه و سبله.

و في اشتراط الواقف في الوقف أنه متى احتاج إليه في حياته، لفقر كان له بيعه، و صرف ثمنه في مصالحه جاز له فعل ذلك.

+++++++++++

(1) كالارتداد من الاسلام العياذ باللّه، فانه مانع شرعا عن مساعدته من الوقف الذي اوقف عليه.

(2) بالنصب عطفا على قوله: يمنع الشرع أي إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع التقرب إلى اللّه بالاحسان إليهم، إذ الارتداد لا يجتمع مع قصد القربة إلى اللّه عزّ و جلّ.

(3) خذ لذلك مثالا:

أوقف زيد أرضا زراعية على طلاب مدرسة دينية معينة و كانت الأرض خارج المدينة بخمسة كيلومترات مثلا فاتسعت المدينة اتساعا فاحشا بحيث صارت الأرض في قلبها فسقطت عن الزراعة، لانسداد مجاري سقيها، أو لمنع الحكومة عن الزراعة فيها، حفاظا على صحة سكانها.

فلو بقيت الأرض مهملة و بلا زراعة لسقطت عن الانتفاع

و لكن لو ابدلت بحوانيت، و شقق للسكنى لانتفع بها الموقوف عليهم انتفاعا زائدا أكثر مما انتفعوا منها لو كانت زراعية، ففي هذه الصورة يجوز تغيير شرط الوقف و هي الزراعة، و تبدلها إلى الحانوت

ص: 122

و ليس لأرباب الوقف بعد وفاة الواقف أن يتصرفوا فيه ببيع و لا هبة، و لا أن يغيروا شيئا من شروطه.

إلا أن يخرب الوقف، و لا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان، أو غيره أو يحصل (1)، بحيث لا يجدي نفعا فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه

و كذلك (2) إن حصلت لهم ضرورة إلى ثمنه كان لهم حله، و لا يجوز ذلك (3) مع عدم ما ذكرناه من الأسباب و الضرورات، انتهى كلامه (4)

و قد استفاد (5) من هذا الكلام في غاية المراد جواز بيع الوقف في خمسة مواضع، و ضم صورة جواز الرجوع، و جواز تغير الشرط (6) إلى المواضع الثلاثة المذكورة (7) بعد وصول الموقوف إلى الموقوف

+++++++++++

(1) أي يحصل من يراعي الوقف، و يوجد من يداريه بعمارة:

من سلطان، أو غيره، لكن تعميره لا يجدي نفعا.

(2) أي و كذلك يجوز بيع الوقف إن اقتضت ضرورة إلى بيعه.

(3) أي بيع الوقف من دون ما ذكرناه من الأسباب المذكورة:

من خراب الوقف، و عدم وجدان من يراعيه بتعميره، أو وجدانه لكنه لا ينفع، ففي غير هذه الموارد لا يجوز بيع الوقف.

لكنه لا ينفع، ففي غير هذه الموارد لا يجوز بيع الوقف.

(4) أي كلام شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة.

(5) أي شيخنا الشهيد الأول قدس سره من كلام شيخ الأمة الشيخ المفيد قدس سره في كتابه غاية المراد الذي هو شرح للارشاد و هو للعلامة

(6) و هاتان الصورتان قد ذكرهما شيخنا المفيد قبل إقباض الواقف الوقف إلى الموقوف عليهم، و قبل تسليمه لهم و تسلمهم له.

(7) و هي: خراب الوقف، و عدم وجدان من يقوم بعمارته.

و وجدان من يقوم بعمارته، لكن تعميره لا ينفع.

و حصول ضرورة تقتضي الاحتياج إلى ثمنه. -

ص: 123

عليهم، و وفاة الواقف، فلاحظ و تأمل.

ثم إن العلامة ذكر في التحرير أن قول المفيد بأنه لا يجوز الرجوع في الوقف إلا أن يحدث إلى قوله: أنفع لهم من تركه على حاله: متأول

و لعله (1) من شدة مخالفته للقواعد لم يرتض بظاهره للمفيد.

كلام السيد المرتضى قدس سره

و قال (2) في الانتصار على ما حكي عنه:

و مما انفردت الامامية به القول بأن الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا جاز لمن هو وقف عليه بيعه، و الانتفاع بثمنه و أن أرباب الوقف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه و لا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة.

ثم احتج (3) باتفاق الامامية

+++++++++++

- فهذه صور ثلاث ذكرها الشيخ عن شيخنا المفيد بقوله في ص 123:

إلا أن يخرب الوقف و لا يوجد من يراعيه.

أو يحصل بحيث لا يجدي.

و كذلك إن حصلت ضرورة إلى ثمنه.

فهذه الصور الثلاث بعد وصول الوقف إلى الموقوف عليهم تضم إلى الصورتين المذكورتين في الهامش 6 ص 123 قبل وصول الوقف إلى الموقوف عليهم تكون خمسة صور.

(1) أي و لعل حكم العلامة بتأويل كلام شيخنا المفيد لأجل شدة مخالفة حكم شيخنا المفيد بجواز بيع الوقف في الصور الخمسة المذكورة للقواعد الفقهية: و هي الأخبار المشار إليها في ص 97-98

(2) أي السيد المرتضى علم الهدى.

(3) أي السيد المرتضى احتج على جواز بيع الوقف عند خراب الوقف بحيث لا يجدي.

ص: 124

ثم ذكر (1) خلاف ابن الجنيد و رده (2) بكونه مسبوقا ملحقا بالاجماع، و أنه (3) إنما عوّل في ذلك على ظنون له و حسان و أخبار شاذة لا يلتفت إلى مثلها، انتهى (4).

ثم قال (5): و أما إذا صار الوقف بحيث لا يجدي نفعا أو دعت أربابه الضرورة إلى ثمنه، لشدة فقرهم فالأحوط ما ذكرناه: من جواز بيعه، لأنه إنما جعل لمنافعهم فاذا بطلت منافعهم منه فقد انتقض الغرض عنه و لو لم تبق منفعته فيه إلا من الوجه الذي ذكرناه انتهى (6).

كلام الشيخ الطوسي في المبسوط

و قال في المبسوط: و إنما يملك الموقوف عليه بيعه على وجه عندنا:

+++++++++++

(1) أي السيد المرتضى علم الهدى قدس سره ذكر مخالفة ابن الجنيد في عدم جواز بيع الوقف حتى و لو آل إلى الخراب.

(2) أي ورد السيد المرتضى علم الهدى ابن الجنيد: بأن مخالفة ابن الجنيد للامامية مسبوقة بالاجماع القائم من الامامية على جواز بيع الوقف في صورة خرابه، و عدم الانتفاع به أصلا.

فمثل هذا الخلاف لا يعتنى به، لكون الاجماع سابقا عليه، و الخلاف لاحقا بالاجماع.

و الباء في بكونه بيان لرد السيد لابن الجنيد.

(3) هذا كلام السيد المرتضى علم الهدى أي و أن ابن الجنيد إنما اعتمد على خلافه للاجماع.

(4) أي ما أفاده السيد المرتضى علم الهدى في كتابه (الانتصار).

(5) أي السيد المرتضى علم الهدى في كتابه الانتصار.

(6) أي ما أفاده السيد المرتضى علم الهدى في موضع آخر من كتابه (الانتصار).

ص: 125

و هو أنه إذا خيف على الوقف الخراب، أو كان بأربابه حاجة شديدة و لا يقدرون على القيام به (1) فحينئذ يجوز لهم بيعه، و مع عدم ذلك (2) لا يجوز بيعه، انتهى (3) ثم احتج (4) على ذلك بالأخبار.

قال سلار فيما حكي عنه:

و قال سلار فيما حكي عنه: و لا يخلو الحال في الوقف و الموقوف عليهم من أن يبقى و يبقوا على الحال التي وقف فيها، أو تغير الحال.

فان لم يتغير الحال فلا يجوز بيع الموقوف عليهم الوقف، و لا هبته و لا تغير شيء من أحواله.

و إن تغير الحال في الوقف حتى لا ينتفع به على أي وجه كان أو لحقت الموقوف عليهم حاجة شديدة جاز بيعه، و صرف ثمنه فيما هو أنفع لهم، انتهى (5).

و قال ابن زهرة قدس سره في الغنية على ما حكي عنه -:

و قال (6) في الغنية على ما حكي عنه: و يجوز عندنا بيع الوقف للموقوف عليه إذا صار بحيث لا يجدي نفعا و خيف خرابه أو كانت بأربابه حاجة شديدة دعتهم الضرورة إلى بيعه بدليل اجماع الطائفة و لأن غرض الواقف انتفاع الموقوف عليه فاذا لم تبق له منفعة إلا على الوجه

+++++++++++

(1) أي بالوقف: من حيث ادارته، و إبقائه، و تعميره مثلا.

(2) أي عدم الخوف من خراب الوقف، أو عدم احتياج أرباب الوقف.

(3) أي ما أفاده شيخ الطائفة في المبسوط.

(4) أي شيخ الطائفة على جواز بيع الوقف بالشروط المذكورة بالأخبار التي يأتي الاشارة إليها.

(5) أي ما أفاده شيخنا السلار فيما حكي عنه.

(6) أي السيد أبو المكارم ابن زهرة.

ص: 126

الذي ذكرنا جاز، انتهى (1).

و قال ابن حمزة قدس سره في الوسيلة:

و قال في الوسيلة: و لا يجوز بيعه يعني الوقف إلا بأحد شرطين:

الخوف من خرابه، أو حاجة بالموقوف عليه شديدة لا يمكنه معها القيام به، انتهى (2).

و قال الراوندي في فقه القرآن على ما حكي عنه:

و قال الراوندي في فقه القرآن على ما حكي عنه: و انما يملك بيعه (3) على وجه عندنا: و هو إذا خيف على الوقف الخراب أو كانت بأربابه حاجة شديدة (4).

كلمات ابن سعيد في الجامع و النزهة

و قال (5) في الجامع على ما حكي عنه: فان خيف خرابه أو كان بهم حاجة شديدة، أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس جاز بيعه، انتهى (6).

و عن النزهة لا يجوز بيع الوقف إلا أن يخاف هلاكه، أو تؤدي المنازعة فيه بين أربابه إلى ضرر عظيم، أو يكون فيهم حاجة عظيمة شديدة، و يكون بيع الوقف أصلح لهم، انتهى (7).

و قال المحقق قدس سره في الشرائع:

و قال في الشرائع: و لا يصح بيع الوقف ما لم يؤد بقاؤه إلى خرابه لخلف بين أربابه، و يكون البيع أعود.

+++++++++++

(1) أي السيد ابن زهرة في الغنية.

(2) أي ما أفاده في الوسيلة.

(3) أي بيع الوقف.

(4) راجع (فقه القرآن) الطبعة الجديدة مطبعة الآداب النجف الأشرف ص 29

(5) أي المحقق الكركي قال في جامع المقاصد.

(6) أي ما افاده صاحب جامع المقاصد هناك.

(7) أي ما افاده في النزهة.

ص: 127

و قال (1) في كتاب الوقف: و لو وقع بين الموقوف عليهم خلف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه، و لو لم يقع خلف و لا خشي خرابه، بل كان البيع أنفع لهم قيل: يجوز بيعه، و الوجه (2) المنع، انتهى (3).

و مثل عبارة الشرائع في كتاب البيع و الوقف عبارة القواعد في الكتابين (4).

كلام العلامة في التحرير و الإرشاد و التذكرة

و قال (5) في التحرير: لا يجوز بيع الوقف بحال، و لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف، و لم يجز بيعها.

و لو وقع خلف بين أرباب الوقف: بحيث يخشى خرابه جاز بيعه على ما رواه أصحابنا.

ثم ذكر (6) كلام ابن ادريس و فتواه على المنع مطلقا (7) و تنزيله (8) قول بعض الأصحاب بالجواز على المنقطع، و نفيه الخلاف على المنع في المؤبد.

ثم قال (9): و لو قيل بجواز البيع إذا ذهبت منافعه بالكلية كدار

+++++++++++

(1) أي المحقق الحلي في الشرائع.

(2) هذا رأي المحقق في بيع الوقف.

(3) أي ما افاده في الشرائع.

(4) أي في كتاب البيع و الوقف.

(5) أي العلامة.

(6) أي العلامة في التحرير.

(7) أي سواء آل الوقف إلى الخراب أم لا، و سواء وقع خلف بين أرباب الوقف أم لا.

(8) أي و حمل ابن ادريس فتوى بعض فقهاء الامامية بجواز بيع الوقف

(9) أي العلامة.

ص: 128

انهدمت و عادت مواتا و لم يتمكن من عمارتها، و يشترى بثمنه ما يكون وقفا كان وجها، انتهى (1).

و قال (2) في بيع التحرير: و لا يجوز بيع الوقف ما دام عامرا

و لو ادى بقاؤه إلى خرابه جاز، و كذا يباع لو خشي وقوع فتنة بين أربابه مع بقائه على الوقف، انتهى (3).

و عن بيع الارشاد (4): لا يصح بيع الوقف إلا أن يخرب، أو يؤدي الى الخلف بين أربابه على راي.

و عنه (5) في باب الوقف: لا يصح بيع الوقف، إلا أن يقع بين الموقوف عليهم خلف يخشى به الخراب.

و قال في التذكرة (6) في كتاب الوقف على ما حكي عنه: و الوجه أن يقال:

يجوز بيع الوقف مع خرابه، و عدم التمكن من عمارته، أو خوف فتنة بين أربابه يحصل باعتبارها (7) فساد، انتهى (8).

و قال (9) في كتاب البيع: لا يصح بيع الوقف، لنقص الملك فيه

+++++++++++

(1) أي ما افاده العلامة في التحرير حول جواز بيع الوقف، و عدمه

(2) أي العلامة قدس سره.

(3) أي ما افاده العلامة في التحرير في هذا المقام.

(4) كتاب للعلامة قدس سره.

(5) أي و عن كتاب الارشاد.

(6) أي العلامة في كتاب الوقف من الارشاد.

(7) أي بسبب هذه الفتنة الواقعة بين أصحاب الوقف.

(8) أي ما أفاده العلامة في كتاب الوقف من الارشاد.

(9) أي العلامة قدس سره في التذكرة.

ص: 129

إذ القصد منه (1) التأبيد.

نعم لو كان بيعه أعود عليهم، لوقوع خلف بين أربابه، و خشي تلفه، أو ظهور فتنة بسببه (2) جوز أكثر علمائنا بيعه، انتهى (3).

كلمات الشهيد في غاية المراد و الدروس و اللمعة

و قال (4) في غاية المراد: يجوز بيعه (5) في موضعين:

خوف الفساد بالاختلاف.

و إذا كان البيع أعود مع الحاجة.

و قال (6) في الدروس: لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خيف من خرابه، أو خلف أربابه المؤدي إلى فساده (7).

و قال (8) في اللمعة: لو ادى بقاؤه إلى خرابه، لخلف أربابه فالمشهور الجواز (9)، انتهى (10).

+++++++++++

(1) أي القصد من الوقف الأبدية: بمعنى بقاؤه إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها.

(2) أي بسبب الخلف الواقع بين أصحاب الوقف.

(3) أي ما افاده العلامة في كتاب البيع.

(4) أي الشهيد الأول.

(5) أي بيع الوقف.

(6) أي الشهيد الأول.

(7) أي الى فساد البيع و تلفه.

(8) أي الشهيد الأول.

(9) أي جواز بيع الوقف.

(10) أي ما افاده الشهيد الأول.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 254

ص: 130

كلام الصيمري

و قال في تلخيص (1) الخلاف على ما حكي عنه: إن لأصحابنا في بيع الوقف أقوالا متعددة أشهرها جوازه إذا وقع بين أربابه خلف و فتنة، و خشي خرابه، و لا يمكن سد الفتنة بدون بيعه، و هو (2) قول الشيخين، و اختاره نجم الدين و العلامة، انتهى (3).

كلام الفاضل المقداد قدس سره

و قال (4) في التنقيح على ما حكي عنه: إذا آل الوقف الى الخراب لأجل الاختلاف بحيث لا ينتفع به أصلا جاز بيعه.

و عن تعليق الارشاد: يجوز بيعه إذا كان فساد تستباح فيه الأنفس.

كلام الفاضل القطيفي

و عن إيضاح النافع: أنه جوّز بيعه إذا اختلف أربابه اختلافا يخاف معه القتال، و نهب الأموال و لم يندفع إلا بالبيع.

قال: فلو امكن زواله و لو بحاكم الجور لم يجز، و لا اعتبار بخشية الخراب و عدمه، انتهى (5).

و مثله الكلام المحكي عن تعليقه على الشرائع.

كلام المحقق الثاني

و قال في جامع المقاصد بعد نسبة ما في عبارة القواعد الى موافقة

+++++++++++

(1) تلخيص الخلاف للشيخ مفلح بن الحسن بن رشد بن صلاح الصيمري.

يأتي شرح المؤلف و الكتاب في (أعلام المكاسب).

(2) هذا قول صاحب تلخيص الخلاف.

و المراد من الشيخين: الشيخ المفيد، و الشيخ الطوسي قدس سرهما

(3) أي ما افاده صاحب التلخيص في التلخيص.

(4) أي المحقق قال في التنقيح الرابع:

التنقيح الرابع من المختصر النافع للمحقق الحلي قدس سره.

يأتي شرح المؤلف و الكتاب في (أعلام المكاسب).

(5) أي ما افاده في إيضاح النافع.

ص: 131

الأكثر: إن المعتمد جواز بيعه في ثلاثة مواضع.

(أحدها): اذا خرب و اضمحل بحيث لا ينتفع به كحصر المسجد اذا اندرست، و جذعه اذا انكسر.

(ثانيها): اذا حصل خلف بين أربابه يخاف منه تلف الأموال.

و مستنده صحيحة علي بن مهزيار (1).

و يشترى (2) بثمنه في الموضعين ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف، تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان، و يتولى ذلك الناظر الخاص إن كان (3)، و إلا فالحاكم.

(ثالثها): اذا لحقت بالموقوف عليه حاجة شديدة و لم يكن ما يكفيهم:

من غلة، و غيرها، لرواية جعفر بن حنان عن الصادق عليه السلام (4)

انتهى (5) كلامه رفع مقامه.

كلام الشهيد الثاني

و قال في الروضة: و الأقوى في المسألة ما دلت عليه صحيحة علي بن مهزيار عن ابي جعفر الجواد عليه السلام: من جواز بيعه اذا وقع بين أربابه خلف شديد، و علّله (6) عليه السلام: بأنه ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 305. الباب 6 الحديث 6.

(2) هذا كلام صاحب جامع المقاصد أي يشترى بثمن الوقف المبيع في الموضع الأول، و الثاني من جواز بيع الوقف.

(3) أي إن كان عينه الواقف.

(4) راجع (المصدر نفسه): ص 306. الحديث 8.

(5) أي ما افاده المحقق الكركي في جامع المقاصد.

(6) أي الامام الجواد عليه السلام علّل جواز بيع الوقف.

ص: 132

و ظاهره (1) أن خوف ادائه (2) إليهما، أو الى احدهما ليس بشرط، بل هو (3) مظنة لذلك.

قال (4): و لا يجوز بيعه في غير ما ذكرنا (5) و إن احتاج إليه أرباب الوقف و لم تكفهم غلته، أو كان أعود، أو غير ذلك مما قيل لعدم دليل صالح عليه (6)، انتهى (7).

و نحوه ما عن الكفاية، هذه جملة من كلماتهم المرئية، أو المحكية.

و الظاهر: أن المراد بتأدية بقاء الوقف الى خرابه حصول الظن

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الشهيد الثاني أي و ظاهر تعليل الامام عليه السلام بأنه ربما جاء فيه تلف الأموال و الأنفس سبب لجواز بيع الوقف.

لكن الأمر ليس كذلك، فان أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس، أو الى احدهما ليس شرطا لجواز البيع.

بل الادّاء الى ذلك مظنة للجواز.

و لا يخفى أن تعليله عليه السلام صريح في كونه سببا لجواز بيع الوقف فلا مجال لما افاده شيخنا الشهيد الثاني.

(2) أي أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس كما علمت.

(3) أي الخلف مظنة لجواز بيع الوقف.

(4) أي الشهيد الثاني في الروضة.

(5) و هو أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس.

(6) أي على جواز بيع الوقف.

(7) أي ما افاده الشهيد الثاني قدس سره في الروضة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 255

ص: 133

بذلك الموجب لصدق الخوف، لا التأدية على وجه القطع فيكون عنوان التأدية في بعض تلك العبارات متحدا مع عنوان خوفها، و خشيتها في بعضها الآخر، و لذلك (1) عبّر فقيه واحد تارة بهذا (2)، و اخرى بذاك (3) كما اتفق للفاضلين و الشهيد.

و نسب بعضهم عنوان الخوف الى الأكثر كالعلامة في التذكرة و الى الأشهر كما عن إيضاح النافع.

و آخر (4) عنوان التأدية الى الأكثر كجامع المقاصد، أو الى المشهور كاللمعة (5).

فظهر من ذلك (6) أن جواز البيع بظن تادية بقائه الى خرابه مما تحققت فيه الشهرة بين المجوزين.

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن عنوان التأدية في بعض تلك العبارات متحدا مع عنوان خوفها و خشيتها في بعض العبارات الأخر عبّر فقيه واحد تارة بهذا أي بالعنوان الأول: و هو تأدية بقاء الخوف الى خرابه.

و اخرى بذاك أي بالعنوان الثاني: و هو خوف التأدية و خشيتها الى خراب الوقف.

(2) أي بالعنوان الأول كما عرفت.

(3) أي بالعنوان الثاني كما عرفت.

(4) أي و نسب آخر من الفقهاء أداء الوقف الى الخراب.

(5) حيث قال الشهيد فيها: لو ادّى بقاؤه الى خرابه، لخلف بين اربابه فالمشهور الجواز.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 254.

(6) اي من كلمات الفقهاء التي نقلناها لك آنفا.

ص: 134

لكن المتيقن من فتوى المشهور ما كان (1) من اجل اختلاف أربابه

اللهم (2) إلا أن يستظهر من كلماتهم كالنص (3) كون الاختلاف من باب المقدمة، و أن الغاية المجوّزة هي مظنة الخراب.

فيقع الكلام تارة في الوقف المؤبد و أخرى في المنقطع.
اشارة

إذا عرفت ما ذكرنا (4) فيقع الكلام.

(تارة) في الوقف المؤبد.

(و اخرى) في المنقطع.

الوقف المؤبّد
اشارة

أما الأول فالذي ينبغي أن يقال فيه:

إن الوقف على قسمين:
اشارة

إن الوقف على قسمين:

+++++++++++

(1) اي المسلّم من فتاوى الفقهاء التي نقلناها لك في جواز بيع الوقف هو الجواز المتولد من الاختلاف الحاصل بين الموقوف عليهم.

(2) استثناء عما افاده: من أن جواز بيع الوقف لأجل الاختلاف الحاصل من أربابه يروم به العدول عما افاده.

و خلاصته: أنه يمكن أن يقال: إن المستظهر من كلمات الفقهاء أن الخلاف الحاصل بين الأرباب مقدمة لجواز بيع الوقف، لا غاية له و إنما الغاية هي مظنة الخراب، فاذا ادّى الخلاف الى الخراب جاز بيع الوقف، و إلا فلا.

فالحاصل: أن مجرد الخلاف لا يكون موجبا لجواز البيع.

بل الخلاف المتولّد منه الخراب.

(3) اي كما أن النص الوارد في جواز بيع الوقف كصحيحة علي بن مهزيار المشار إليها في ص 132 صريحة في كون جواز بيع الوقف لأجل الخلاف الحاصل بين أرباب الوقف في قوله عليه السلام:

اذا وقع بين أربابه خلف شديد.

(4) اي من الأقوال التي ذكرناها من الفقهاء حول جواز بيع الوقف، و منشأ الجواز.

ص: 135

احدهما: ما يكون ملكا للموقوف عليهم

(احدهما): ما يكون ملكا للموقوف عليهم فيملكون منفعته فلهم استئجاره، و اخذ اجرته ممن انتفع به بغير حق.

الثاني ما لا يكون ملكا لأحد

(و الثاني) ما لا يكون ملكا لأحد، بل يكون فك ملك نظير التحرير كما في المساجد و المدارس، و الربط (1)، بناء على القول بعدم دخولها في ملك المسلمين كما هو مذهب جماعة، فان الموقوف عليهم إنما يملكون الانتفاع، دون المنفعة، فلو سكنه أحد بغير حق فالظاهر أنه ليس عليه أجرة المثل.

الظاهر أن محل الكلام في بيع الوقف إنما هو القسم الأول.

و الظاهر أن محل الكلام في بيع الوقف إنما هو القسم الأول.

و أما الثاني فالظاهر عدم الخلاف في عدم جواز بيعه، لعدم الملك.

و بالجملة فكلامهم هنا (2) فيما كان ملكا غير طلق، لا فيما لم يكن ملكا، و حينئذ (3) فلو خرب المسجد و خربت القرية و انقطعت المارة عن الطريق الذي فيه المسجد لم يجز بيعه و صرف ثمنه في إحداث مسجد آخر، أو تعميره.

و الظاهر عدم الخلاف في ذلك (4) كما اعترف به غير واحد.

+++++++++++

(1) بضم الراء و الباء، و سكون الطاء و زان فعل جمع رباط بكسر الراء و هو المكان الذي يرابط فيه الجيش.

و يأتي للمعاهد المبنية و الموقوفة للنزال و المسافرين.

كانت تبنى هذه المعاهد لهؤلاء قربة إلى اللّه، و لا يزال قسم منها موجودا، و يأتي جمع رباط رباطات.

(2) أي في باب الوقف.

(3) أي و حين أن قلنا: إن كلام الفقهاء في باب الوقف في الوقف الذي يكون ملكا طلقا، لا في الوقف الذي لا يكون ملكا.

(4) أي في عدم جواز بيع مثل المسجد.

ص: 136

نعم ذكر بعض الأساطين (1) بعد ما ذكر: أنه (2) لا يصح بيع الارض الوقف العام مطلقا، لا لعدم (3) التمامية، بل لعدم أصل الملكية، لرجوعها (4) إلى اللّه، و دخولها في مشاعره: أمكن الانتفاع بها في الوجه الذي وضعت له أو لا.

+++++++++++

(1) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره في كتابه (كشف الغطاء) في البيع في شرائط العوضين.

(2) أن و اسمه منصوب محلا مفعول لقوله: ذكر بعض الأساطين

و خلاصة ما ذكره قدس سره هناك: أن الأرض الموقوفة وقفا عاما لا يجوز بيعها، إذ من شرائط العوضين: الثمن و المثمن كونهما ملكين طلقين تامين في الملكية: بحيث يصح لمالكهما التصرف فيهما بأي نوع من التصرف شاءا و أرادا.

و من الواضح أن الملك بالوقف خرج عن الملكية، بل أصل وجود الملكية مفقود فيه، لرجوع هذا الملك الذي اوقفه المالك إلى اللّه عزّ و جلّ، و دخوله في مشاعره، سواء أمكن الانتفاع بهذه الأرض التي اصبحت وقفا في الوجه الذي وضعت له كجعلها مسجدا تقام الصلاة و العبادات فيه.

أم لا يمكن الانتفاع من هذه الأرض التي صارت مسجدا: بأن خربت بخراب القرية التي فيها المسجد، و انقطعت المارة عنها نهائيا.

(3) تعليل لعدم جواز بيع الوقف و قد عرفته عند قولنا آنفا:

و من الواضح أن الملك.

(4) تعليل لعدم وجود أصل الملكية في الوقف أي لرجوع الارض الوقف.

و قد عرفت التعليل آنفا عند قولنا: لرجوع هذا الملك.

ص: 137

و مع (1) اليأس من الانتفاع بالجهة المقصودة تؤجر للزراعة و نحوها مع (2) المحافظة على الآداب اللازمة لها إن كانت مسجدا مثلا و إحكام (3) السجلات

+++++++++++

(1) هذا من جملة كلام الشيخ كاشف الغطاء حول عدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أنه عند اليأس عن الانتفاع بالأرض الوقف التي كانت مسجدا ثم خرب المسجد بخراب القرية و انقطعت المارة عن القرية و اصبح المسجد عرصة غير قابلة للجهة التي بنيت لها: و هي العبادة و الصلاة: تؤجر هذه الأرض للزراعة، و نحو الزراعة: بأن تجعل حانوتا يباع فيه السجاد، أو تجعل مخزنا للسلع و الأمتعة.

(2) قيد لجواز ايجار أرض المسجد الذي خرب للزراعة و نحوها أي الجواز لما ذكر مقيد بقيد الحفاظ على الآداب اللازمة لهذه الأرض الزراعية التي كانت في الأصل مسجدا و خرب بخراب القرية: بأن يلتزم بالآثار المترتبة على المسجد: بعدم جواز تنجيسه، و بوجوب إزالة النجاسة عنه إذا كانت فيه، و عدم دخول الجنب فيه إلا بالتيمم و عدم دخول المشركين و إدخالهم فيه.

(3) هذا من جملة كلام الشيخ كاشف الغطاء قدس سره حول جواز بيع أرض المسجد للزراعة و نحوها بعد خراب المسجد، و هو مجرور عطفا على مجرور على في قوله: على الآداب اللازمة أي و مع المحافظة على إحكام و تثبيت و قفية هذه الأرض الزراعية بكتابتها في ورقة خاصة يعبر عنها ب: (السجل).

و السجلات جمع سجل بكسر السين و الجيم و اللام المشددة في المفرد و الجمع. -

ص: 138

لئلا (1) تغلب اليد

+++++++++++

- و السجل عبارة عن ورقة كبيرة من نوع القرطاس العال تكتب فيها بخط جيد جدا ملكية الدور و البساتين، و الحوانيت، و المحلات و الأراضي الزراعية، و غيرها: من بقية الأملاك.

و كذا تكتب فيها وقفية المساجد، و المدارس الدينية التي يسكنها طلاب العلوم الدينية، و الحسينيات و الرباطات.

و كانت هذه الأوراق تختم بختوم العلماء و الثقات، و الرجال البارزين من ذوي الجاه و الشرف حتى لا ينكر بيعها و شراؤها، و وقفيتها.

و كانت هذه السجلات متعارفة من عهد قديم إلى قبل خمسين عاما حتى جاءت مكانها أوراق (الطابو) من قبل الحكومات، لتسجل فيها ملكية ما ذكرناه.

(فالشيخ كاشف الغطاء) قدس سره يقول: إذا خرب مسجد المدينة، أو القرية بخرابهما، و انقطعت المارة عنهما نهائيا، و أصبح المسجد عرصة لا يستفاد منها بالجهة المقصودة جاز ايجارها للزراعة و نحو الزراعة مما ذكرناه آنفا.

لكن الجواز مشروط بشرطين:

(احدهما): المحافظة على آداب المسجد كما ذكرناها لك عند قولنا في ص 138: بأن يلتزم بالآثار المترتبة على المسجد.

(ثانيهما) تسجيل وقفيتها في ورقة خاصة و تختيمها بختوم العلماء و الثقات كما ذكرناها لك آنفا.

(1) تعليل لاحكام السجلات:

أي الغاية من هذا الاحكام و التسجيل هو الحفاظ على الوقفية حتى لا تستولي عليها الأيادي الغاشمة الأثيمة فتستملكها، أو لا يصرف -

ص: 139

..........

+++++++++++

- ثمن هذه الأرض الزراعية في سبيل وقفيتها حسبها.

و قد استملكت كثير من هذه الأوقاف، و استولت عليها الأيدي الأثيمة من أحفاد الواقفين، و المتولين عليها في كثير من البلاد الاسلامية

و كم شاهدنا و سمعنا من الثقات تسجيل كثير من هذه الأوقاف باسمهم، و استملاكها إلى أن جاءت وزارة الأوقاف و وضعت اليد على بقايا تلك الأوقاف و انتزعتها من أيديهم فأخذت في تعميرها و تسديد أرباحها و منافعها و قد بنت عمارات شامخات ذات طوابق عاليات.

و في زماننا هذا وضعت الحكومات ادارة خاصة لتسجيل الأملاك تسمّى ب (ادارة الطابو):

و هي ادارة رسمية كبيرة مهمة و منظمة جدا لا يمكن لأحد استعمال أي تزوير و تزييف في (ورقة الطابو).

و الذي يسهل الخطب أنه ببركة هذه الادارة الرسمية تسجل الأوقاف الخاصة التي عين فيها المتولون عليها ظهرا بعد ظهر، و بطنا بعد بطن في (ادارة الطابو).

فتبقى مصونة و محفوظة عن الاغتصاب في الاستملاك إن شاء اللّه تبارك و تعالى.

و نحن بحمد اللّه تبارك و تعالى شاكرين له هذه النعمة العظمى بعد تكميل بناء هذه المؤسسة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج سجلنا وقفيتها في ادارة (طابو النجف الأشرف) و جعلت التولية بيدي ما دمت في الحياة ثم من بعدي ظهرا بعد ظهر، و بطنا بعد بطن الى من ذكرته حسب الوقفية المذكورة -

ص: 140

فتفضي (1) بالملك.

دون الوقف المؤبد (2).

و تصرف فائدتها (3) فيما يماثلها: من الأوقاف مقدّما (4) للأقرب، و الأحوج (5)، و الأفضل (6) احتياطا.

و مع التعارض (7) فالبواقي على الترجيح.

+++++++++++

- في (ورقة الوقف) المسجلة بالطابو.

(1) أي اليد الغالبة على الوقفية فتسجل الأرض الزراعية التي كانت بالأصل مسجدا ملكا له.

(2) أي لا يجوز بيع الوقف المؤبد نهائيا.

(3) أي تصرف أرباح هذه الأرض الزراعية التي كانت في الأصل مسجدا و خرب المسجد بخراب القرية و انقطعت عنها المارة نهائيا فيما يماثل الأرض الموقوفة.

(4) حال للمتصرف أي حال كون المتصرف في الأرض الزراعية يقدم تصريف الأرباح فيما يماثل الوقف في القرب: بأن يكون المماثل أقرب إلى الوقف من المماثل غير الأقرب.

(5) أي و يقدم الأحوج في صرف أرباح الأرض الزراعية إلى الوقف عند فقدان الأقرب.

(6) أي أو يقدم صرف أرباح هذه الأرض الزراعية في الأفضل عند فقدان الأقرب و الأحوج.

(7) أي و مع تعارض هذه الأوصاف الثلاثة عند وجدانها، و تزاحم بعضها مع بعض فالمدار و المحور على الراجح.

خذ لذلك مثالا:

كان هناك شيء أقرب الى مصرف الوقف. -

ص: 141

و إن تعذر (1) صرفت إلى غير المماثل كذلك (2).

فان تعذر (3) صرفت في مصالح المسلمين.

هذا (4) حيث لا تكون الارض من المفتوحة عنوة.

+++++++++++

- و كان شيء ثان أحوج إلى مصرف الوقف.

و كان شيء ثالث أفضل إلى مصرف الوقف.

فهنا يقدم الراجح من الجهات المذكورة بنسبة بعضها مع بعض:

بأن كان الأحوج يغلب على مقدار ما في الآخر من الأقرب، و ما في الثالث من الأفضل.

هذا مع وجود الراجح و الأرجح

و أما مع تساوي الجهات المذكورة في النسبة يكون متخيرا في اختيار ما شاء من الجهات.

(1) أي إن تعذر الترجيح في صرف أرباح الأرض الزراعية في المماثل تصرف الأرباح حينئذ في غير المماثل.

(2) أي يلاحظ الأرجح في الجهات الثلاث المذكورة في صرف أرباح هذه الأرض الزراعية في غير مماثل الوقف: بأن يقدم الأقرب إلى الوقف، ثم الأحوج عند فقدانه، ثم الأفضل عند فقدانه.

و عند تعارض الجهات الثلاث فالبواقي على الترجيح كما عرفت في الهامش 7 ص 41 عند قولنا: و مع تعارض هذه الأوقاف.

(3) أي غير المماثل فتصرف أرباح هذه الأرض في مصالح المسلمين

(4) أي ما قلناه: من جواز ايجار أرض المسجد إذا خرب للزراعة و تصريف أرباحها فيما يماثل الوقف مقدّما الأقرب، و الأحوج و الأفضل، و عند فقدان المماثل إلى غير المماثل، و عند تعذر غير المماثل صرفها في مصالح المسلمين إذا لم تكن الأرض مفتوحة عنوة فتحها -

ص: 142

و أما ما كانت منها (1) فقد سبق أنها بعد زوال الآثار ترجع إلى ملك المسلمين.

و أما غير الأرض: من الآلات و الفرش و الحيوانات و ثياب الضرائح، و نحوها.

فان بقيت على حالها، و أمكن الانتفاع بها في خصوص المحل الذي أعدّت له كانت على حالها (2)، و إلا (3) جعلت في المماثل و إلا (4) ففي غيره، و إلا (5) ففي المصالح على نحو ما مرّ.

+++++++++++

- المسلمون قهرا و غلبة على الكفار.

(1) أي من الأراضي المفتوحة عنوة، فانها إذا كانت كذلك يصح للمسلمين التصرف فيها و بيعها بعد زوال الآثار الموجودة فيها.

ففيما نحن فيه: و هو المسجد لما خرب و ذهبت آثاره بحيث لم يبق من البناء سوى العرصة و كانت من الأراضي المفتوحة عنوة ترجع إلى المسلمين.

(2) أي تبقى هذه الآلات على حالها، و على ما هي عليها: من دون أن تباع، أو تؤجر، لامكان الانتفاع بها على ما هي عليها.

(3) أي و إن لم يمكن الانتفاع بالآلات و الفرش، و ثياب الضرائح على ما هي عليها صرفت في المماثل للوقف.

(4) أي و إن لم يمكن صرف هذه الآلات و الفرش في المماثل إلى الوقف فتصرف في غير المماثل الى الوقف.

(5) أي و إن لم يمكن صرف هذه الآلات، و ثياب الضرائح في غير المماثل فتصرف في مصالح المسلمين مقدّما الأقرب الى الوقف على غيره، ثم الأحوج على غيره عند فقدان الأقرب ثم الأفضل الى الأقرب عند فقدان الأحوج، و مع تعارض الأوصاف فكما -

ص: 143

و إن تعذر الانتفاع بها (1) باقية (2) على حالها بالوجه المقصود منها: أو ما قام مقامه اشبهت في أمر الوقف الملك بعد اعراض المالك فيقوم فيها (3) احتمال (4) الرجوع الى حكم الاباحة، و العود (5) ملكا للمسلمين تصرف في مصالحهم، و العود (6) الى المالك الأول و مع اليأس عن معرفته (7) يدخل في مجهول المالك (8).

و يحتمل (9) بقاؤها على الوقف و تباع، احترازا (10) عن التلف

+++++++++++

- قلناه في الهامش 7 من ص 141

(1) أي بهذه الآلات و الفرش، و ثياب الضرائح.

(2) حال للآلات، و ثياب الضرائح أي حال كون الآلات و ثياب الضرائح باقية على حالها يتعذر الانتفاع بها.

(3) أي يأتي في هذه الآلات في صورة عدم الانتفاع منها في الجهة الموقوف عليها احتمالات أربعة:

(4) هذا هو الاحتمال الأول.

(5) هذا هو الاحتمال الثاني.

(6) هذا هو الاحتمال الثالث.

(7) أي عن معرفة المالك الأول الذي أوقف هذه الآلات و الفرش، و الثياب.

(8) فيكون أمر هذه الآلات و الفرش، و الثياب حين الجهل بمالكها الأول بيد الحاكم الشرعي.

(9) هذا هو الاحتمال الرابع أي ابقاء الآلات و الثياب.

(10) تعليل لبيع الآلات، و الثياب أي إنما تباع هذه حفظا عن الضياع و التلف، و الضرر، لأنه إذا لم تبع تتلف شيئا فشيئا أو تحترق دفعة فيتوجه الضرر على هذه الأموال.

ص: 144

و الضرر، و لزوم (1) الحرج، و يصرف (2) مرتبا على النحو السابق (3)

و لعل هذا (4) هو الأقوى كما صرح به (5) بعضهم، انتهى (6).

و فيه (7) أن (8) اجارة الأرض، و بيع الآلات حسن لو ثبت

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (عن الجارة) في قوله: احترازا عن التلف أي و لأجل الاحتراز عن لزوم الحرج لو لم تبع هذه الآلات، و الثياب، فانه لو لم تبع هذه و تبقى على ما هى عليها يلزم في الاحتفاظ عليها الحرج على محافظيها، لاحتياج مثل هذا الحفاظ على صرف الأموال، و الزمان، و المكان، و الايصاء إلى انتقالها يدا بيد

(2) أي ثمن هذه الآلات و الثياب.

(3) من تقديم الأقرب إلى الوقف على غيره، ثم الأحوج إلى الوقف على غيره عند فقدان الأقرب، ثم الأفضل إلى الوقف عند فقدان الأحوج.

و عند تعارض الجهات الثلاث فالبواقي على الترجيح كما اشرنا إليه في الهامش 7 ص 141

(4) هذا رأي (الشيخ جعفر كاشف الغطاء).

أي احتمال بقاء الآلات، و الثياب على الوقفية و أنها تباع، احترازا عن التلف و الضرر، و لزوم الحرج هو أقوى الاحتمالات الأربعة.

(5) أي بالاحتمال الرابع.

(6) أي ما افاده كاشف الغطاء في شرحه على القواعد في كتاب البيع في شروط العوضين في قوله: و يشترط في الملك التمامية.

(7) أي و فيما افاده بعض الأساطين و هو الشيخ كاشف الغطاء نظر و إشكال.

(8) هذا وجه النظر.

ص: 145

دليل على كونها (1) ملكا للمسلمين و لو على نحو الأرض المفتوحة عنوة.

لكنه (2) غير ثابت، و المتيقن خروجها (3) عن ملك مالكها

أما دخولها (4) في ملك المسلمين فمنفي بالأصل.

نعم يمكن الحكم باباحة الانتفاع (5) للمسلمين، لأصالة الاباحة (6) و لا يتعلق عليهم اجرة.

+++++++++++

(1) أي كون أرض المسجد الذي أصبح خرابا بخراب القرية.

(2) أي لكن الأرض و لو على نحو المفتوحة عنوة غير ثابت أنها ملك للمسلمين.

(3) أي خروج أرض المسجد عن ملك مالكها بالوقف، فان هذا هو المسلم و المتيقن، لأن المالك بمجرد أن اوقفها فقد أخرجها عن ملكه

(4) أي دخول أرض المسجد التي صارت زراعية، و الآلات في ملك المسلمين فمنفي بالأصل الذي هو الاستصحاب، حيث إنها قبل الوقفية لم تكن ملكا لهم و بعد الوقفية و زوال المسجدية عن الأرض و عدم الانتفاع من الآلات نشك في تملكهم لها فنجري استصحاب العدم

(5) أي من الأرض، و من الآلات.

(6) يمكن أن يقال: إن أصالة الاباحة معارضة هنا باستصحاب الحرمة، حيث إن هذه الأرض التي كانت قبل الزراعة فيها مسجدا يحرم التصرف فيها لغير ما اوقفت عليه فبعد الخراب و صيرورتها أرضا زراعية نشك في التصرف فيها فنستصحب الحرمة.

و هكذا الآلات، فانها عند الانتفاع بها يحرم التصرف فيها لغير ما اوقفت عليه فبعد عروض عدم الانتفاع بها نشك في التصرف فيها فنجري الحرمة.

ص: 146

ثم إنه ربما ينافي ما ذكرنا: من (1) عدم جواز بيع القسم الثاني من الوقف ما ورد في بيع ثوب الكعبة و هبته.

مثل رواية مروان بن عبد الملك قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا فاقتضى ببعضه حاجته و بقي بعضه في يده هل يصلح له أن يبيع ما أراد؟

قال: يبيع ما أراد، و يهب ما لم يرد (2)، و يستنفع به و يطلب بركته.

قلت: أ يكفّن به الميت:

قال: لا (3)

قيل و في رواية اخرى: يجوز استعماله، و بيع بقيته (4).

و كذلك (5) ما ذكروه في بيع حصر المسجد إذا خلقت، و جذوعه

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما ذكرنا:

و المراد من القسم الثاني من الوقف هو الآلات و الفرش، و ثياب الضرائح.

(2) أي يبيع ما أراد بيعه، و يهب ما لم يرد بيعه.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 9. ص 360. الباب 26 الحديث 3.

فالحديث هذا يدل على جواز بيع كسوة الكعبة فهو ينافي ما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات، و ثياب الضرائح الموقوفة عليها.

(4) راجع (المصدر نفسه): ص 356. الحديث 2.

فهذا الحديث أيضا مناف لما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات و ثياب الضرائح الموقوفة عليها.

(5) أي و كذلك ينافي ما ذكره الفقهاء في جواز بيع حصر -

ص: 147

إذا خرجت عن الانتفاع.

اللهم (1) إلا أن يقال: إن ثوب الكعبة، و حصر المسجد ليسا من قبيل المسجد، بل هما مبذولان للبيت و المسجد فيكون كسائر أموالهما.

و معلوم أن وقفية أموال المساجد و الكعبة من قبيل القسم الأول (2) و ليست من قبيل نفس المسجد، فهي ملك للمسلمين فللناظر العام التصرف فيه بالبيع.

نعم فرق بين ما يكون ملكا طلقا كالحصير المشترى من مال المسجد فهذا يجوز للناظر بيعه مع المصلحة و لو لم يخرج عن حيز الانتفاع (3)

+++++++++++

- المسجد إذا خلقت، و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع بها ما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات، و ثياب الضرائح.

(1) استثناء عما ذكره: من منافاة الروايتين المشار إليهما في الهامش 3-4 ص 147 الدالتين على جواز بيع كسوة الكعبة.

و منافاة قول الفقهاء في جواز بيع حصر المسجد إذا خلقت و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع بها لما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات و ثياب الضرائح إذا خرجت عن الانتفاع بها.

(2) و هو الوقف الذي حصل اليأس عن الانتفاع به كالمسجد الذي خرب بخراب القرية، و انقطاع المارة عنها رأسا و أبدا.

(3) لأن المنافع الحاصلة من أوقاف المساجد و المدارس المعدّة لمصاريفها ليست بذاتها و بشخصها أوقافا، بل الأوقاف هي اصولها فهي أملاك للموقوف عليهم: و هم المسلمون الذين يصلون في المساجد و الطلاب المقيمون في المدارس، و لا يجوز صرف هذه المنافع إلا في مصالح تلك الأوقاف، فلذا يصح اطلاق ملك الطلق عليها -

ص: 148

بل كان جديدا غير مستعمل.

و بين ما يكون من الأموال وقفا على المسجد كالحصير الذي يشتريه الرجل و يضعه في المسجد، و الثوب الذي يلبس به البيت، فمثل هذا يكون ملكا للمسلمين لا يجوز لهم تغييره عن وضعه إلا في مواضع يسوغ فيها بيع الوقف.

ثم الفرق (1) بين ثوب الكعبة، و حصير المسجد أن (2) الحصير

+++++++++++

- فهذه المنافع ليست كمنافع الأوقاف الخاصة التي يصرفها الموقوف عليهم في مصالحهم الشخصية، حيث إنها ليست ملكا طلقا لهم فلذا لا يجوز بيعها.

(1) أي الفرق بين الحصير الموقوف للمسجد، و الثوب الموقوف على الكعبة.

هذا دفع سؤال مقدر:

تقدير السؤال هكذا:

كيف تفرقون بين حصير المسجد، و ثوب الكعبة: بجواز الأول في قولك: فهذا يجوز بيعه للناظر مع المصلحة و لو لم يخرج عن حيز الانتفاع، بل و لو كان جديدا غير مستعمل.

و بعدم جواز بيع ثوب الكعبة في قولك: فمثل هذا يكون ملكا للمسلمين لا يجوز لهم تغييره عن وضعه إلا في مواضع يسوغ فيها بيع الوقف؟

(2) هذا جواب عن السؤال المذكور:

و خلاصته: أن الحصير يمكن كونه وقفا على المسلمين، لكن بشرط وضعه في المسجد، لينتفع به في الصلاة عليه، لكون المسجد أحد وجوه انتفاع المسلمين منه. -

ص: 149

يتصور فيه كونه وقفا على المسلمين، لكن يضعه في المسجد، لأنه أحد وجوه انتفاعهم كالماء (1) المسبّل الموضوع في المسجد، فاذا خرب المسجد أو استغني عنه (2) جاز الانتفاع به و لو في مسجد آخر، بل يمكن الانتفاع به في غيره (3) و لو مع حاجته (4).

+++++++++++

- بخلاف ثوب الكعبة، فانه لا ينتفع به سوى إكساء الكعبة فلا يكون وقفا على المسلمين.

ثم لا يخفى أن المراد من الحصير الوقفي، و الثوب الوقفي هو الحصير و الثوب اللّذان اشتراهما شخص و أوقفهما على المسجد و الكعبة.

و ليس المراد منهما الحصير و الثوب الّذين اشتريا من أرباح أوقاف المسجد، و الكعبة، فان الحصير و الثوب المشترين من أرباح أوقاف المسجد و الكعبة ليسا بوقف، بل أصولهما وقف، فالأرباح ليست وقفا ذاتا.

(1) تنظير لكون حصير المسجد يتصور فيه أنه وقف على المسلمين أي الحصير كالماء المسبّل في المسجد في أنه وقف على المسلمين فيجوز التوضؤ منه و إخراجه من المسجد، أو وقف على المسجد حتى لا يجوز التوضؤ منه و لا إخراجه من المسجد.

(2) أي عن هذا الحصير الذي وقف على المسلمين، لكنه يوضع في المسجد.

(3) أي في غير هذا المسجد الذي فرش الحصير فيه و هو وقف على المسلمين.

(4) أي مع حاجة المسجد الذي وضع الحصير فيه و هو وقف على المسلمين فيجوز إخراجه منه و وضعه في مسجد آخر و لو كان المسجد المفروش فيه الحصير محتاجا إلى هذا الحصير، لأنه وقف -

ص: 150

لكن يبقى الكلام في مورد الشك مثل ما إذا فرش حصيرا في المسجد (1) أو وضع حب ماء فيه (2).

و إن كان الظاهر في الأول (3) الاختصاص، و أوضح من ذلك (4) الترب الموضوعة فيه، و في الثاني (5) العموم فيجوز التوضؤ منه و إن لم يرد الصلاة في المسجد.

+++++++++++

- على المسلمين، لا على المسجد حتى لا يجوز إخراجه منه.

(1) حيث لا يعلم أن الحصير وقف للمسلمين حتى يجوز التصرف فيه بوضعه في مسجد آخر.

أو وقف على المسجد حتى يجوز فيه التصرف المذكور.

(2) أي هكذا الماء المسبّل، حيث لا يعلم أنه وقف لنشرب فقط حتى لا يجوز التوضؤ منه.

أو وقف للعموم: من الشرب، و غيره حتى يجوز التوضؤ منه.

(3) أي الظاهر من الأول: و هو وضع الحصير في المسجد و أنه لا يدرى كيفية الوضع: اختصاص الحصير بهذا المسجد.

(4) أي و أوضح من الحصير المفروش في المسجد، و الماء المسبّل فيه الترب الموضوعة في المسجد للسجود عليها، فانها لا تعرف كيفية وقفيتها فهل أنها على المسلمين حتى يجوز الاستفادة منها لغير السجود عليها: من التيمم:

أو وقف على المسجد حتى لا يجوز سوى السجود عليها؟

(5) و هو الماء المسبّل أي قصد من هذا الماء الأعم من الشرب حتى يجوز التوضؤ منه.

ص: 151

و الحاصل أن الحصر و شبهها الموضوعة في المساجد، و شبهها (1) تتصور فيها أقسام كثيرة (2) يكون الملك فيها للمسلمين، و ليست (3) من قبيل نفس المسجد، و أضرابه، فتعرض الأصحاب لبيعها (4) لا ينافي ما ذكرناه (5).

نعم ما ذكرناه (6) لا يجري في الجذع المنكسر من جذوع المسجد

+++++++++++

(1) كالمشاهد المشرفة، و المدارس الدينية.

(2) (منها): أن يكون شراء الحصير من مال المسجد و من منافع أوقافه الجائز تبديله اختيارا.

(و منها): أن يكون الحصير وقفا على المسجد.

(و منها): أن يكون الحصير وقفا لمصالح المسلمين العامة و قد وضع في المسجد، لكونه أحد مصاديقه.

ففي هذا القسم يرى الشيخ جواز بيع الحصر الموضوعة في المسجد لأنها ملك للمسلمين.

بخلاف القسم الاول و الثاني.

و لا يخفى أن الالتزام بالملك في الأقسام الثلاثة أهون من الالتزام به في القسم الثالث فقط، لأن المسجد إذا كان له مالك فللحصير مالك و إن لم يكن له مالك فليس للحصير مالك.

(3) أي و ليست هذه الحصر و شبهها من قبيل المسجد و أضرابه حتى لا يجوز بيعها، لأنها ملك للمسلمين. بخلاف المساجد.

(4) أي لبيع الحصر و أضرابها.

(5) و هو عدم جواز بيع المسجد، فان الحصر وقف على المسلمين فلذا جاز بيعها، بخلاف المسجد، فانه ليس وقفا على المسلمين.

(6) و هو جواز بيع الحصر و شبهها لا يجري في الجذع المكسور -

ص: 152

التي هي من أجزاء البنيان.

مع أن المحكي عن العلامة و ولده و الشهيدين، و المحقق الثاني جواز بيعه (1) و إن اختلفوا (2) في تقييد الحكم، و اطلاقه كما سيجيء.

إلا أن نلتزم بالفرق بين أرض المسجد، فانّ وقفها و جعلها مسجدا فك ملك (3)، بخلاف ما عداها من أجزاء البنيان كالأخشاب و الأحجار، فانها تصير ملكا للمسلمين (4)، فتأمل (5).

و كيف كان (6) فالحكم في أرض المسجد مع خروجها عن الانتفاع بها

+++++++++++

- لأن الجذع من أجزاء البنيان.

فكما أن البنيان لا يجوز بيعه، كذلك الأجزاء لا يجوز بيعها.

(1) أي بيع الجذع.

(2) أي و إن اختلف الفقهاء في جواز بيع الجذع من حيث إنه هل هو مقيد بقيد المصلحة، أو أنه مطلق سواء وجدت المصلحة أم لا؟

فبعض قال: إن جواز بيع الجذع مقيد بوجود المصلحة فيه فاذا لم توجد لا يجوز بيعه.

و بعض قال: إن جواز بيعه مطلق و إن لم توجد المصلحة.

(3) فلا يجوز بيعه.

(4) فيجوز بيعها.

(5) لعل وجه التأمل أنه لا فرق بين كيفية الوقف تمليكا و تحريرا سواء أ كان الوقف أرض المسجد فيفيد التحرير أم بناءه و آلاته فيفيد التمليك، و لربما تكون صيغة الوقف في الجميع صيغة واحدة فكيف يمكن التفريق بين أرض المسجد، و بين بنائه و آلاته؟

(6) أي سواء قلنا بالفرق بين أرض المسجد، و بين أجزاء بنيانه أم لم نقل بذلك.

ص: 153

راسا هو ابقاؤها مع التصرف في منافعها كما تقدم عن بعض الأساطين (1) أو بدونه.

و أما أجزاؤه كجذوع سقفه و آجره من حائطه المنهدم فمع المصلحة في صرف عينها (2) يجب صرف عينها فيه، لأن مقتضى وجوب ابقاء الوقوف و إجرائها على حسب ما يوقفها أهلها وجوب إبقائها جزءا للمسجد.

لكن لا يجب صرف المال من المكلف لمئونتها (3)، بل يصرف من مال المسجد (4)، أو بيت المال (5).

و إن لم تكن مصلحة في رده (6) جزء للمسجد فبناء على ما تقدم:

من أن الوقف في المسجد و أضرابه فك ملك لم يجز بيعه، لفرض عدم الملك.

و حينئذ (7) فان قلنا بوجوب مراعاة الأقرب إلى مقصود الواقف

+++++++++++

(1) و هو الشيخ كاشف الغطاء قدس سره، حيث افاد باجارة أرض مثل هذا المسجد الذي خرب بخراب القرية و انقطعت المارة عنه للزراعة و نحوها في ص 138 بقوله: و مع اليأس من الجهة.

(2) أي صرف عين هذه الأجزاء في نفس المسجد: بأن يبنى فيه.

(3) كمصاريف البناء إذا احتاج هذا الجزء في صرفه في البناء أو مصاريف النجر إذا احتاج إليه.

و المراد من الوجوب هنا الوجوب التكليفي.

(4) إن كان للمسجد مال.

(5) إن لم يكن للمسجد مال.

(6) أي في رد هذا الجذع.

(7) أي و حين أن قلنا بعدم جواز بيع هذا الجزء من البنيان -

ص: 154

فالأقرب تعيّن صرفه في مصالح ذلك (1) كاحراقه لآجر المسجد و نحو ذلك كما عن الروضة (2).

و إلا (3) صرف في مسجد آخر كما في الدروس.

و إلا (4) صرف في سائر مصالح المسلمين.

قيل: بل لكل أحد حيازته و تملكه (5).

و فيه (6) نظر.

+++++++++++

- و لو لم تكن مصلحة في رده جزء للمسجد.

(1) أي في مصلحة الأقرب إلى مقصود الواقف.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 254

(3) أي و إن لم نقل بوجوب مراعاة الأقرب الى مقصود الواقف

(4) أي و إن لم يوجد مسجد آخر.

(5) أي في صورة عدم وجود مسجد آخر، و صرفه في مصالح المسلمين فلكل احد من المسلمين الحق في تملك هذا الجزء من البنيان أي شيء كان الجزء.

(6) أي و في جواز كل أحد من المسلمين حيازة هذا الجزء و التصرف فيه في صورة عدم امكان صرفه في مصالح المسلمين عند عدم وجود مسجد آخر نظر و إشكال.

لعل وجه النظر هو أن الحكم بحيازة كل واحد من المسلمين لا ربط له بنظر الواقف، لأنه من الممكن أن يحوز أجزاء البنيان غني من الأثرياء فيصرفها في مصالحه الشخصية فلا يعود نفع الى الواقف.

بخلاف ما إذا صرفت في مصالح المسلمين، فانه يعود نفع منها الى الواقف.

و لما انجر بنا الكلام الى جواز بيع الوقف و عدمه لا بأس باشارة -

ص: 155

..........

+++++++++++

- اجمالية الى فروع أربعة متفرعة على المقام:

(الأول) أنه لو تصرف شخص في الوقف ببيعه ثم اشترى بثمنه عينا اخرى فحينئذ هل يكون حكم هذه العين المشتراة حكم العين الأولى:

في عدم جواز بيعها إلا مقيدا بقيد طروّ المسوّغات للبيع.

أو يجوز بيعها مطلقا، و تبديلها بعين اخرى إذا رأى المتولي مصلحة في بيعها؟.

قيل بالأول، و قيل بالثاني.

و قد ذهب إلى الثاني جمع من الأعلام، لأن عدم جواز البيع لا يكون من إنشاء الواقف حتى يقال: إن حكم البدل حكم المبدل منه.

فكما أنه لا يجوز بيع المبدل منه إلا بطروّ المسوّغ له.

كذلك لا يجوز بيع البدل إلا بطروّ المسوغ له.

بل عدم الجواز من أحكام الوقف شرعا، و الحكم الشرعي الذي هو الجواز، أو العدم ثابت في أصل العين الموقوفة من قبل الواقف دون العين الأخرى التي هي بديلة عن العين الأولى و اشتريت بثمن العين الأولى.

فالخلاصة: أن وظيفة الواقف هو ايقاف الملك.

و أما حكم الوقف فليس من وظائفه و منشئاته، و لا يحق له انشاؤه

بل هو من أحكام الشرع و وظائفه، و ليس حكم البدل سوى تعلق حق البطون اللاحقة في الوقف الخاص، و تعلق حق الجهة في الوقف العام بالبدل.

و تعلق حقهم به لا يكون موجبا لعدم جواز بيع المتولي للوقف فله التصرف بأي نحو شاء و أراد بالبيع و الشراء، و تبديل العين بعين -

ص: 156

..........

+++++++++++

- اخرى.

هذا حكم بيع الوقف و تبديل ثمنه بالشراء به عينا اخرى.

و أما الشراء بمنافع مثل المحلات، و الدور، و البساتين الموقوفة على المساجد، و المدارس الدينية، و الحسينيات فحكمه حكم العين المشتراة بثمن عين الموقوفة المبيعة: من عدم توقف جواز شراء المتولي على طروّ احد المسوّغات لبيع الوقف فيما إذا رأى المصلحة في البيع لعدم وجود دليل على تبعية الحصير الذي يشتريه المتولي من منافع الأوقاف لنفس الأوقاف، حيث إن اصل المصلحة الموجودة في نفس التبديل كاف في جواز البيع.

اللهم إلا أن يشتري الحصير شخص آخر من ماله الشخصي لا من منافع الأوقاف، و وقفه على المسجد، فانه حينئذ يكون حكمه حكم نفس الأعيان الموقوفة في احتياج جواز البيع على وجود احد مسوّغات البيع.

و الفرق بين شراء الحصير من منافع الأوقاف.

و بين شرائه من المال الشخصي واضح، إذ الأول ليس من الأعيان الموقوفة فلا يتوقف جواز بيعه على وجود أحد المسوّغات فيجوز تبديله مطلقا مع وجود المصلحة.

و الثاني من الأعيان الموقوفة، لأنه اشتري من مال شخص أجنبي فيتوقف جواز بيعه على وجود المسوغات فلا يصح تبديله مطلقا.

(الفرع الثاني):

لو عامل المتولي بثمن العين الموقوفة ثم ربح فهل للربح هذا كمنافع العين الموقوفة: في كونها للبطن الموجود. -

ص: 157

..........

+++++++++++

- أو أنها لهم، و للبطون الآتية كالعين نفسها: في كونها مشتركة بين البطن الموجود، و البطن اللاحق؟

ذهب الى الأول قوم، و الى الثاني آخرون، و هو الأقوى إذ الثمن هنا كنفس المبيع فربحه يكون بمنزلة جزء المبيع، لا بمنزلة منفعة المبيع، لأن منافع الثمن و أرباحه بمنزلة ارتفاع القيمة السوقية للمبيع فلا يكون مختصا بالبطن الموجود.

و ليس حكمه حكم منافع العين الموقوفة حتى في اختصاصها بالبطن

(الفرع الثالث):

بناء على جواز بيع الوقف عند طروّ احد المسوّغات له فهل يجب شراء المماثل للوقف مع الامكان و إن كان غيره أصلح.

أو الواجب مراعاة الأصلح و إن لم يكن مماثلا للوقف؟

فيه وجهان:

وجه بوجوب شراء المماثل، لكونه أقرب للوقف الى مقصود الواقف.

و وجه بوجوب مراعاة الأصلح، و هو الأقوى.

(الفرع الرابع):

هل القائم ببيع العين الموقوفة هو الناظر على الوقف المنصوب من قبل الواقف.

أو التصدي لبيع الوقف من وظائف الحاكم؟

فيه وجهان:

وجه بالأول:

و وجه بالثاني، و هو الأقوى، لأنه لا دليل على شمول دليل -

ص: 158

و قد الحقت بالمساجد المشاهد (1)، و المقابر و الخانات و المدارس و القناطر الموقوفة على الطريقة المعروفة، و الكتب الموقوفة على المشتغلين و العبد المحبوس في خدمة الكعبة، و نحوها، و الأشجار الموقوفة، لانتفاع المارة، و البواري الموضوعة لصلاة المصلين، و غير ذلك مما قصد بوقفه الانتفاع العام لجميع الناس، أو المسلمين، و نحوهم من غير المحصورين (2)، لا لتحصيل المنافع بالاجارة و نحوها، و صرفها في مصارفها كما في الحمامات و الدكاكين و نحوها، لأن جميع ذلك (3) صارت بالوقف كالمباحات بالأصل اللازم ابقاؤها على الاباحة كالطرق العامة و الأسواق، و هذا كله حسن على تقدير كون الوقف فيها (4)

+++++++++++

- النصب لهذا التصرف فيكون حينئذ مرجعه هو الحاكم.

و على القول بكون القيام ببيع الوقف من وظائف الحاكم فليس للناظر المنصوب من قبل الواقف على الوقف النظارة في بدل العين الموقوفة، فحكم هذا الوقف حكم بقية الأوقاف التي لا متولي عليها.

(1) أي المشاهد المشرفة، و كذا بقية ما ذكره الشيخ: من المقابر و الخانات و المدارس، و غير ذلك ملحقة بالمساجد في عدم جواز بيعها

(2) و هم المارة و المصلّون.

(3) أي جميع ما ذكرناه: من الخانات، و المدارس، و الجسور و القناطر و الأشجار، و البواري، و الحمامات أصبحت بعد الوقف بحكم المباحات الأصلية: في كونها لازم البقاء على اباحتها.

فكما أن الاباحات الأصلية لا بدّ أن تبقى على اباحتها.

كذلك هذه بسبب الوقف أصبحت مباحة للكل باقية على اباحتها إلى الابد.

(4) أي كون الحمامات و المدارس، و القناطر، و الجسور -

ص: 159

فك ملك، لا تمليكا (1).

و لو اتلف شيئا من هذه الموقوفات، أو أجزائها متلف.

ففي الضمان وجهان:

من (2) عموم على اليد فيجب صرف قيمته في بدله.

و من (3) أن ما يطلب بقيمته يطلب بمنافعه و المفروض عدم المطالبة بأجرة منافع هذه لو استوفاها ظالم كما لو جعلت المدرسة بيت المسكن، أو محرزا.

و أن (4) الظاهر من التأدية في حديث اليد الايصال إلى المالك فيختص بأملاك الناس.

+++++++++++

- كالمباحات الأصلية، و أنها باقية على اباحتها، بناء على أن الوقف فيها فك ملك، لا تمليك، فعلى أنها فك ملك لا يجوز بيعها.

(1) أي و أما إذا قلنا: إن المذكورات مبنية على تمليكها للمسلمين فلا مجال للقول بعدم جواز بيعها.

(2) هذا دليل لضمان من اتلف شيئا من المذكورات.

(3) هذا دليل لعدم ضمان من أتلف شيئا من المذكورات.

(4) دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه إذا كان المفروض عدم مطالبة شيء من أجرة منافع المذكورات لو استوفاه ظالم فما تقولون في حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه المشار إليه في الجزء 7 ص 159 الدال على ضمان من أتلف شيئا؟

فأجاب أن الظاهر من التأدية هو وجوب ايصال ما اخذ إلى مالكه و ارجاعه إليه أي يجب ايصال ما كان ملكا للشخص إذا أخذ منه إليه، فيكون الحديث دالا على اختصاص التأدية بأملاك الناس.

-

ص: 160

و الأول (1) أحوط، و قواه (2) بعض.

صور جواز بيع الوقف
اشارة

إذا عرفت جميع ما ذكرناه (3)

فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور:
اشارة

فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور:

الأولى: أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه

(الأولى): أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع (4) به مع بقاء عينه كالحيوان المذبوح، و الجذع البالي، و الحصير الخلق.

و الأقوى جواز بيعه، وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل كلماتهم (5) لعدم جريان أدلة المنع (6).

أما الاجماع (7) فواضح.

+++++++++++

- و من المعلوم أن هذا لا يشمل ما كان وقفا للمسلمين، لأن ما كان وقفا للمسلمين هو جائز الانتفاع، لا أنه ملك لهم فلا يضمن التالف شيئا مما كان وقفا عليهم.

(1) و هو الضمان.

(2) أي و قوّى الضمان بعض الأعلام من الطائفة.

(3) أي من بداية الشروع في مسألة الوقف إلى هنا.

(4) أي حتى المنفعة غير المعتد بها.

(5) من كلام شيخنا المفيد، و الشيخ الطوسي، و بقية الأقوال التي نقلها عنهم الشيخ في ص 121 إلى ص 133.

(6) أي الأدلة المانعة عن بيع الوقف التي ذكرناها هنا و هي: السنة و الاجماع لا تشمل بيع الوقف الذي آل إلى الخراب، لأن المقتضي لجواز بيع الوقف و هو الملك موجود، و المانع مفقود:

(7) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في رد الاجماع فقال: و أما الاجماع فواضح أي واضح عدم وجوده، حيث عرفت مخالفة كثير من فقهاء الطائفة في ثنايا البحث لهذا الاجماع و أنهم، صرحوا بجواز بيعه حال الخراب

ص: 161

و أما قوله (1) عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف فلانصرافه إلى غير هذه الحالة (2).

و أما قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها (3) فلا يدل على المنع هنا (4)، لأنه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفية المرسومة في إنشاء الوقف، و ليس منها (5) عدم بيعه

بل عدم جواز البيع من أحكام الوقف و إن ذكر (6) في متن العقد للانفاق على أنه لا فرق بين ذكره (7) فيه، و تركه.

و قد تقدم ذلك (8).

و يضعف قول من قال ببطلان العقد (9) اذا حكم بجواز بيعه.

+++++++++++

(1) أي قول الامام ابي الحسن عليه السلام في ص 97 في جواب ابي علي بن راشد: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلة في ملكك

(2) و هي حالة خراب الوقف الى حد لا يمكن الانتفاع منه رأسا

(3) المشار إليه في ص 97

(4) أي في حالة خراب الوقف إلى حد لا ينتفع منه رأسا.

(5) أي من الكيفية المرسومة.

(6) أي عدم جواز بيع الوقف ذكر في متن العقد عند ما يجري الواقف صيغة الوقف: بأن قال: وقفت هذا بشرط أن لا يباع و لا يوهب.

(7) أي ذكر عدم جواز بيع الوقف، أو عدم ذكره.

(8) أي عدم الفرق بين ذكر عدم جواز بيع الوقف، و بين عدم ذكره في ص 98 عند قوله: فان الظاهر من الوصف كونه صفة.

(9) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا (ببطلان العقد) و الظاهر: أن الصحيح (ببطلان الوقف).

-

ص: 162

و لو سلم أن المأخوذ في الوقف ابقاء العين فانما هو مأخوذ فيه من حيث كون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العين.

و المفروض تعذره (1) هنا.

و الحاصل أن جواز بيعه هنا (2) غير مناف لما قصده الواقف في وقفه فهو ملك للبطون يجوز لهم البيع إذا اجتمع إذن البطن الموجود مع أولياء سائر البطون: و هو الحاكم، أو المتولي.

و الحاصل أن الأمر دائر (3) بين تعطيله حتى يتلف بنفسه و بين انتفاع البطن الموجود به بالاتلاف.

و بين تبديله بما يبقى و ينتفع به الكل.

+++++++++++

- و خلاصة ما أفاده القائل ببطلان الوقف عند جواز بيعه هو أن القول بالجواز مع كون الشيء وقفا محبوسا مناف للوقفية لأنهما ضدان لا يجتمعان، فالقول بجواز بيع الوقف لازمه بطلان الوقف.

و القول بالوقفية لازمه بطلان البيع.

و أما وجه ضعف هذا القول فهو أن القول بجواز بيع الوقف و إبداله بشراء شيء مكانه عند خرابه نوع تحفظ للوقف، لأنه إذا منعنا بيعه في تلك الحالة و عطلناه فقد ضيعنا حق اللّه عز و جل، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه كما عرفت.

و هذا شيء لا يجوّزه الشرع و العقل.

(1) أي تعذر انتفاع البطون من العين الموقوفة عند خرابها.

(2) أي عند خراب الوقف، و اوله الى عدم الانتفاع منه رأسا

(3) أي في الوقف الذي آل إلى الخراب و السقوط عن الانتفاع.

ص: 163

و الأول (1) تضييع مناف لحق اللّه، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه، و به (2) يندفع استصحاب المنع.

مضافا (3) إلى كون المنع السابق في ضمن وجوب العمل بمقتضى

+++++++++++

(1) و هو تعطيل الوقف عند خرابه عن بيعه حتى يتلف بنفسه و يذهب هباء منثورا.

(2) أي و بما قلناه: من أن تعطيل الوقف موجب لتضييع حق اللّه و حق الواقف، و حق الموقوف عليه لو لم نجوز بيعه، و التضييع غير جائز عقلا و شرعا: يندفع ما قيل بجريان استصحاب منع بيع الوقف عند خرابه أيضا.

بيان ذلك: أن الوقف قبل طروّ الخراب عليه و عند ما كان عامرا و محلا للانتفاع كان بيعه ممنوعا، و عند خرابه نشك في جواز بيعه فنجري عدم الجواز الذي هو الاستصحاب.

و أما وجه الاندفاع فهو أن عدم جواز بيع الوقف قبل الخراب إنما كان لأجل كونه عامرا، و محلا للانتفاع.

و أما عند خرابه، و أوله إلى السقوط عن الانتفاع رأسا فلا مجال القول بعدم جواز بيعه، لأن القول بعدم جواز بيع الوقف، و بقائه معطّلا موجب لتضييع الوقف: من حيث حق اللّه عز و جل، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه كما عرفت فلا مجال لجريان الاستصحاب

(3) أي و لنا بالإضافة إلى ما قلناه: من وجه الاندفاع في عدم جريان استصحاب عدم جواز بيع الوقف في حالة خرابه دليل آخر على جواز بيع الوقف في تلك الحالة.

و خلاصته: أن المنع السابق على خراب الوقف إنما كان في ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف، و وجوب العمل بمقتضى الوقف -

ص: 164

الوقف: و هو انتفاع جميع البطون بعينه و قد ارتفع (1) قطعا فلا يبقى ما كان (2) في ضمنه.

و أما الثاني (3) فمع منافاته لحق سائر البطون (4) يستلزم (5) جواز بيع البطن الأول، إذ (6) لا فرق

+++++++++++

- عبارة عن انتفاع جميع البطون عن العين الموقوفة، و من المعلوم ارتفاع هذا الانتفاع عن العين بخرابها، فلا يبقى مجال للمنع السابق على خراب الوقف.

(1) أي انتفاع جميع البطون عن الوقف كما عرفت.

(2) و هو المنع عن بيع الوقف عند ما كان عامرا كما عرفت.

(3) و هو انتفاع البطن الموجود من الوقف باتلافه، لكونه خرابا مشرفا على التلف.

(4) و هو الموقوف عليهم.

وجه المنافاة عدم اختصاص الوقف بالبطن الأول، و استفادتهم منه بالخصوص لو خصصنا الانتفاع به بالبطن الأول.

بالإضافة إلا منافاة الاختصاص بحق اللّه عز و جل و حق الواقف.

(5) بيان الملازمة: هو أن للاتلاف معنى عاما له مصاديق متعددة من جملتها بيعه.

فيصدق المثل السائر على القائل بعدم جواز بيع الوقف: فرّ من المطر و قام تحت الميزاب.

و لو لا هذا التفسير لم تتحقق الملازمة الكلية بين جواز الاتلاف، و جواز البيع، لأن المباحات سواء أ كانت اصلية أم ثابتة من قبل المالك أم من قبل الشارع يجوز إتلافها و لا يجوز بيعها.

(6) تعليل لبيان الملازمة المذكورة.

ص: 165

بين إتلافه، و نقله (1).

و الثالث (2) هو المطلوب.

نعم (3) يمكن أن يقال: إذا كان الوقف مما لا يبقى بحسب استعداده العادي إلى آخر البطون فلا وجه لمراعاتهم بتبديله بما يبقى لهم فينتهي ملكه (4) إلى من أدرك آخر أزمنة بقائه، فتأمل (5).

+++++++++++

(1) و هو البيع.

(2) و هو تبديل الوقف بالبيع، و تبديله بما يبقى للبطن الموجود و البطون اللاحقة ظهرا بعد ظهر.

(3) استدراك عما افاده: من أن القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه بشيء مماثل للوقف لينتفع به البطون اللاحقة هو المطلوب

و خلاصته: أن المعدومين الذين هم البطون اللاحقة لا ملك لهم في الوقف فعلا و لا شأنا.

أما فعلا فلعدم وجودهم، و أما شأنا فلترتبه على بقاء العين.

و المفروض أنه مع بقاء العين إلى زمانهم لا ينتفع بها، لأولها إلى الخراب، فان لم يكن للبطون اللاحقة ملك فعلي و لا شأني فلا حق لهم على العين حتى يجب رعايتهم ببيعها، و تبديل ثمنها إلى شيء مماثل للعين.

فلا يجب مراعاة الأصلح: و هو بيع الوقف، و تبديله بشراء ثمنه إلى شيء آخر مماثل للوقف، بل ابقاؤه على ما هو عليه.

(4) أي ملك الوقف.

(5) لعل الأمر بالتأمل اشارة إلى أن استعداد العين الموقوفة للبقاء من حيث المالية كاف في مراعاة البطون المتأخرة.

إذا بيع الوقف عند خرابه، و تبديل ثمنه بشراء شيء آخر -

ص: 166

و كيف كان (1) فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة (2) فلا وجه لترخيص البطن الموجود في إتلافه (3).

و مما ذكرنا (4) يظهر أن الثمن (5) على تقدير البيع لا يخص به البطن الموجود، وفاقا لمن تقدم ممن يظهر منه ذلك (6) كالاسكافي و العلامة و ولده، و الشهيدين و المحقق الثاني.

و حكي (7) عن التنقيح و المقتصر، و مجمع الفائدة، لاقتضاء (8)

+++++++++++

- مكانه هو الأصلح.

(1) أي سواء قلنا بجواز بيع الوقف أم لم نقل.

(2) بناء على القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه بشراء شيء يبقى و ينتفع به الكل.

(3) بناء على القول الثاني: و هو انتفاع البطن الموجود بالوقف بالاتلاف أي حتى يتلف.

لكنك عرفت أن الحق هو القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه إلى عين اخرى لينتفع بها الكل.

(4) و هو جواز بيع الوقف.

(5) أي ثمن الوقف المبيع على فرض بيعه.

(6) أي يظهر عدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالبطن الموجود بل يشمل البطون المعدومة اللاحقة من كلمات هؤلاء الأعلام.

راجع ص 116 عند نقل الشيخ كلماتهم بقوله: و قال الاسكافي و قال فخر الدين.

(7) أي عدم اختصاص الثمن بالموجودين.

(8) تعليل لعدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالموجودين.

ص: 167

البدلية ذلك، فان (1) المبيع إذا كان ملكا للموجودين بالفعل و للمعدومين بالقوة كان الثمن كذلك، فان الملكية اعتبار عرفي، أو شرعي يلاحظها المعتبر عند تحقق أسبابها.

فكما أن الموجود مالك له (2) فعلا ما دام موجودا بتمليك الواقف فكذلك المعدوم مالك له (3) شأنا بمقتضى تمليك الواقف.

و عدم (4) تعقل الملك للمعدوم إنما (5) هو في الملك الفعلي لا الشأني.

+++++++++++

(1) تعليل لكيفية اقتضاء البدلية عدم اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين.

و خلاصته: أن العين الموقوفة إذا كانت ملكا للموجودين بالفعل و للمعدومين بالقوة كما هو مقتضى الوقفية، حيث إن الواقف قد انشأ بانشاء واحد، و صيغة واحدة كلا الملكين.

كذلك ثمن العين الموقوفة المبيعة يكون ملكا للموجودين بالفعل و للمعدمين بالقوة، لأن الملكية اعتبار عرفي، أو شرعي يتصورها المعتبر عند حصول أسباب الملكية.

(2) أي لثمن الوقف المبيع.

(3) أي لثمن الوقف المبيع.

(4) دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه كيف يعقل تملك المعدومين للثمن؟

(5) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: أن عدم تعقل التملك إنما هو في الملك الفعلي، لا الشأني

و من المعلوم أن تملك المعدومين للثمن إنما هو تملك شأني، و هو أمر معقول لا يلزم منه أي محذور. -

ص: 168

و دعوى أن الملك الشأني ليس شيئا محققا موجودا يكذّبها (1) إنشاء الواقف له كانشائه للملك الموجود.

فلو (2) جاز أن تخرج العين الموقوفة إلى ملك الغير بعوض لا يدخل

+++++++++++

- فلو بيعت العين الموقوفة يكون ثمنها مشتركا بين الموجودين و المعدومين، من دون اختصاصه بالموجودين.

(1) أي يكذب هذه الدعوى إنشاء الواقف الملك الشأني للمعدومين بنحو ما انشأ الملك الفعلي للموجودين: بمعنى أن الواقف قد انشأ بانشاء واحد، و صيغة واحدة كلا الملكين: الفعلي، و الانشائي.

فكما أن الموجودين بنفس صيغة الوقف يملكون العين الموقوفة و ثمنها لو بيعت.

كذلك المعدومون يملكون بنفس الصيغة العين الموقوفة، و ثمنها لو بيعت، فيكون للملك الشأني تحقق وجودي عقلي.

(2) الفاء تفريع و نتيجة على ما افاده: من أن الملك الشأني و الفعلي ينشئان بصيغة واحدة.

و في الواقع هذا التفريع قياس اقتراني مركب من مقدم و تالي و يعبر عن التالي باللازم، و عن المقدم بالملزوم.

و خلاصته: أنه لو جاز عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك المعدومين، و البطون اللاحقة على نهج دخول المثمن: و هي العين الموقوفة في ملكهم: لجاز عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك الموجودين.

و التالي: و هو عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك الموجودين باطل.

فكذا المقدم: و هو عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة في ملك -

ص: 169

في ملك المعدوم على نهج دخول المعوض جاز أن نخرج بعوض لا يدخل في ملك الموجود.

و إليه (1) أشار الشهيد قدس سره في الفرع الآتي، حيث قال:

إنه يعني الثمن (2) صار مملوكا على حد الملك (3) الأول، إذ يستحيل أن يملك (4) لا على حده (5).

+++++++++++

- المعدومين.

بيان الملازمة: أن تملك الموجودين و المعدومين للعين، و الثمن إذا بيعت العين كانت بصيغة واحدة، و إنشاء واحد.

فكل ما يقال في المقدم يقال في التالي: و هذا معنى الملازمة.

و قد علمت بطلان التالي فكذا المقدم.

(1) أي و الى هذا التفريع، أو النتيجة، أو بطلان التالي و المقدم.

(2) أي ثمن العين الموقوفة المبيعة صار ملكا للموجودين و المعدومين على نحو تملكهم للعين لهم: بمعنى أن الموقوف عليهم كما يملكون العين الموقوفة، سواء أ كانوا موجودين أم معدومين.

كذلك يملكون ثمنها لو بيعت العين.

و تملكهم للثمن يكون بنحو تملكهم للعين التي هو المثمن أي يكون كلا التملكين بصيغة واحدة و إنشاء واحد كما عرفت.

(3) و هي العين الموقوفة كما عرفت.

(4) أي ثمن العين الموقوفة المبيعة.

(5) أي لا على حد تملك العين الموقوفة.

فكلام شيخنا الشهيد هذا يشير إلى ما افاده الشيخ: من أن لازم جواز خروج العين الموقوفة إلى ملك الغير بعوض دخول هذا المعوض في ملك المعدوم، و إلا لم يدخل العوض العين الموقوفة المبيعة -

ص: 170

خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة (1).

و اختاره (2) المحقق في الشرائع في دية العبد الموقوف المقتول:

و لعل وجهه (3)، أن الوقف ملك للبطن الموجود.

غاية الأمر تعلق حق البطون اللاحقة به فاذا فرض جواز بيعه انتقل الثمن إلى من هو مالك له فعلا (4).

و لا يلزم من تعلق الحق بعين المبيع تعلقه بالثمن و لا دليل عليه (5).

+++++++++++

- في ملك الموجودين.

(1) كعبارة شيخنا المفيد قدس سره التي نقلها الشيخ في ص 123 بقوله: فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه.

فهذه الجملة تدل على اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين، دون المعدومين، حيث إن المراد من قوله: فلهم الموجودون فقط.

و كعبارة السيد علم الهدى قدس سره التي نقلها الشيخ في ص 124 بقوله: جاز لمن هو وقف عليه بيعه و الانتفاع بثمنه.

فهذه الجملة تدل على أن ثمن العين الموقوفة المبيعة يخص الموجودين دون المعدومين.

(2) أي اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين، دون المعدومين.

راجع شرائع الاسلام. الجزء 2 ص 219 عند قوله:

(3) أي وجه الاختصاص و علته.

(4) لا من هو مالك شأنا كالمعدومين اللاحقين في الأزمنة المتأخرة بعد البطن الأول، فانهم لا يستحقون من الثمن شيئا.

(5) أي على تعلق الحق بالثمن.

ص: 171

و مجرد البدلية (1) لا يوجب ترتب جميع اللوازم، إذ (2) لا عموم لفظي يقتضي البدلية و التنزيل (3)، بل هو (4) بدل في الملكية و ما يتبعها من حيث هو ملك (5).

و فيه (6) أن النقل الى المشتري إن كان هو الاختصاص الموقت

+++++++++++

(1) أي مجرد تبديل الثمن بشراء عين اخرى مماثلة للعين المبيعة لا يكون سببا لترتب جميع اللوازم التي منها تملك المعدومين للثمن بمجرد هذا التبديل.

(2) تعليل لكون مجرد البدلية لا يوجب ترتب جميع اللوازم على البدل التي منها تملك المعدومين له.

و خلاصته: أنه ليس لنا عموم لفظي من الكتاب، أو السنة يقتضي البدلية من جميع الجهات و الجوانب حتى من ناحية تملك المعدومين للبدل

(3) أي و ليس لنا عموم لفظي من الكتاب، أو السنة ينزل البدل منزلة المبدل في كل شيء حتى في تملك المعدومين له.

(4) أي بل البدل بدل عن المبدل منه في كونه ملكا للموجودين و ما يتبع هذه الملكية: من التصرفات الجائرة لهم.

أما تملك المعدومين له فلا تدل البدلية عليه.

(5) إلى هنا كان توجيه كلام الشيخ المفيد و السيد المرتضى علم الهدى من قبل الشيخ فيما افاده: من اختصاص الثمن بالموجودين، دون المعدومين.

(6) أي و في التوجيه المذكور نظر و إشكال.

هذا الاشكال من الشيخ:

و خلاصته: أن نقل الشيء و هو فيما نحن فيه العين الموقوفة تارة هو حق الاختصاص الشخصي المتعلق له ما دام في الحياة. -

ص: 172

الثابت للبطن الموجود لزم منه رجوع المبيع بعد انعدام البطن السابق إلى البطن اللاحق فلا يملكه المشتري ملكا مستمرا.

و إن كان (1) هو مطلق الاختصاص المستقر الذي لا بزول إلا بالناقل فهو لا يكون إلا بثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون له، فالثمن لهم على نحو المثمن.

و مما ذكرنا (2) تعرف أن اشتراك البطون في الثمن (3) أولى

+++++++++++

- و اخرى حق الاختصاص العمومي المطلق المتعلق به و بآخرين و الذي لا يزول إلا بالناقل الشرعي.

فان كان الأول يلزم منه رجوع المبيع إلى البطن اللاحق بعد موت البطن الأول فتكون حينئذ ملكية المشتري متزلزلة غير ثابتة و مستقرة و منوطة بحياة البطن الأول فلا يملك المشتري ما اشتراه إلا مدة حياة الموجودين فلا يمكنه التصرف فيما اشتراه كتصرف الملاّك.

و إن كان الثاني فيلزم ثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون سواء أ كانت البطون بطون الموجودين أم اللاحقين فيكون الثمن للكل كما يكون المثمن للكل، من دون فرق بين البطنين: السابق، و اللاحق.

(1) أي النقل الى المشتري كما عرفت.

(2) و هو أن النقل الى المشتري إما حق الاختصاص الشخصي أو المطلق.

(3) أي في ثمن العين الموقوفة المبيعة.

من هنا يروم الشيخ أن يرد ما افاده المحقق في الشرائع: من تنظيره ثمن العين الموقوفة المبيعة بدية العبد المقتول الموقوف: في أنها مختصة بالموجودين، و لا يستحقها المعدومون.

و خلاصته: أن دية العبد الموقوف المقتول بدل شرعي قد تعلق -

ص: 173

من اشتراكهم في دية العبد المقتول، حيث إنها بدل شرعي يكون الحكم به متأخرا عن تلف الوقف فجاز عقلا منع سراية حق البطون اللاحقة إليه.

بخلاف (1) الثمن، فانه يملكه من يملكه بنفس خروج الوقف عن ملكهم على وجه المعاوضة الحقيقية فلا (2) يعقل اختصاص العوض بمن لم يختص بالمعوض.

و من هنا (3) اتضح أيضا أن هذا أولى بالحكم من بدل الرهن

+++++++++++

- الحكم بها متأخرا عن القتل، و تلف العبد الموقوف فيجوز عقلا منع سراية هذا الحكم إلى المعدومين، و عدم استحقاقهم لهذا الحق.

(1) أي بخلاف ثمن العين الموقوفة المبيعة، فانه مشترك بين البطون اللاحقة، و الموجودة، لتملك البطون له بنفس خروج العين الموقوفة عن ملكهم بالمعاوضة الحقيقية: و هو بيع العين، فان هذه المعاوضة هي الفارق بين تملك البطون الثمن، و بين عدم تملكهم لدية العبد الموقوف المقتول.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن ثمن العين الموقوفة المبيعة خلاف دية العبد الموقوف المقتول أي فلا يتصور اختصاص العوض الذي هو ثمن العين الموقوفة المبيعة بالبطن الموجود مع أن المعوض و هو العين الموقوفة المبيعة لا يختص بالموجودين، لاشتراكه بينهم و بين المعدومين.

(3) أي و مما ذكرناه: من الفرق بين ثمن العين الموقوفة المبيعة و بين دية العبد المقتول الموقوف: باختصاصها باستحقاق المعدومين بالبطن الموجود فقط: يظهر أن حكم الفقهاء ببدلية ثمن العين الموقوفة المبيعة لتعلق حق البطون اللاحقة بها أولى من حكمهم برهنية -

ص: 174

الذي حكموا بكونه رهنا، لأن (1) حق الرهنية متعلق بالعين من حيث إنها ملك لمالكها الأول فجاز أن يرتفع، لا إلى بدل بارتفاع ملكية المالك الأول.

بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم، فانه ليس قائما بالعين من حيث إنها ملك للبطن الموجود.

+++++++++++

- بدل الرهن إذا بيع، حيث جعلوا بدل الرهن رهنا يتعلق به حق المرتهن.

(1) تعليل لكون ثمن العين الموقوفة المبيعة بدلا أولى من حكم الفقهاء بكون بدل الرهن رهنا.

و خلاصته: أن حق الرهن قد تعلق بالعين من حيث إن العين ملك لمالكها الأول الذي هو الراهن، فالحق قد تعلق بهذه الحيثية لكن لما بيع الرهن فقد ارتفع حق الرهن بارتفاع الملكية ببيع الرهن فلا مجال لحق المرتهن بالرهن حتى يحكم ببدليته، لارتفاع الحيثية.

بخلاف حق الاختصاص الذي هو ثابت للبطون اللاحقة، فانه ليس قائما بالعين من حيث إن العين ملك للبطن الموجود حتى يقال بارتفاع الحق بارتفاع ملكية البطن الموجود ببيع العين.

بل حق اختصاص البطون اللاحقة بالعين اختصاص موقت نظير حق اختصاص البطون الموجودة بالعين من حيث إن حقهم موقت بدوام حياتهم فينشأ حق اختصاص البطون اللاحقة بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و يكون جعل هذا الحق في عرض جعل حق اختصاص البطون الموجودة، لا في طوله، و إن كانت البطون اللاحقة متأخرة وجودا و زمانا.

ص: 175

بل اختصاص موقت نظير اختصاص البطن الموجود منشأ (1) بانشائه مقارن له بحسب الجعل متأخرا عنه في الوجود.

و قد تبين مما ذكرنا (2) أن الثمن حكمه حكم الوقف: في كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم.

فان كان (3) ممّا يمكن أن يبقى

+++++++++++

(1) بصيغة المفعول أي حق اختصاص البطون اللاحقة منشأ بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و جعلهما في عرض واحد.

(2) و هو أن إنشاء حق اختصاص البطون اللاحقة بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و أنهما مجعولان بجعل واحد.

(3) أي بدل العين الموقوفة المبيعة.

يروم الشيخ قدس سره أن يقسم بدل العين الموقوفة المبيعة إلى قسمين:

(أحدهما): ما كان قابلا للانتفاع للبطون اللاحقة، و ممكنا للبقاء لهم.

(ثانيهما): ما كان غير قابل للانتفاع، و غير ممكن للبقاء.

فأخذ قدس سره في القسم الأول فقال: فان كان

و خلاصة ما افاده طاب ثراه: أنه إذا كان البدل قابلا للانتفاع و ممكنا للبقاء كما كان الوصفان في نفس المبدل، و كانت مصلحة البطون اللاحقة في بقاء البدل ابقي البدل على حاله.

خذ لذلك مثالا:

كانت دار موقوفة على رجال الدين لسكناهم، و كانت بجنبها دار يسكنها بعض الفساق، و يرتكب فيها المعاصي فسلب عنهم راحتهم بحيث لا يمكنهم البقاء في الدار، و الانتفاع منها فرحل ساكنوها -

ص: 176

و ينتفع به البطون على نحو المبدل (1) و كانت مصلحة البطون في بقائه أبقي، و إلا (2) ابدل مكانه ما هو أصلح.

و من هنا (3) ظهر عدم الحاجة إلى صيغة الوقف في البدل

بل نفس البدلية تقتضي كونه كالمبدل.

+++++++++++

- عنها فسقطت عن الانتفاع رأسا فبيعت فاشتريت بثمنها دار في مكان آخر قابلة للانتفاع، و ممكنة للبقاء، طبقا لما يوافق مقصود الواقف و كانت مصلحة البطون اللاحقة في بقائها.

فهنا يجب شراء الدار، لينتفع بها البطون اللاحقة.

و أما القسم الثاني: و هو ما كان غير قابل للانتفاع، و غير ممكن للبقاء فالواجب ابدال الثمن مكان الوقف إلى ما هو أصلح بحال البطون اللاحقة كما إذا كانت دار موقوفة لانارة مدرسة دينية يسكنها رجال الدين، و كانت الانارة على الطراز القديم: من تنوير الغرف بالشموع، أو السراج النفطي ثم جاءت مكان الشموع، و الأضواء النفطية في عصرنا الحاضر الانارة الكهربائية و هي اصبحت في المدارس الدينية، و المعاهد العلمية و المساجد مجانا و بلا عوض فانتفى موضوع الانارة رأسا.

فهنا لا بدّ من تبديل ثمن الدار إلى ما هو أصلح بحال البطون اللاحقة

(1) المراد به هي العين الموقوفة المبيعة.

(2) أي و إن لم يمكن الانتفاع، و البقاء كما عرفت آنفا.

(3) أي و من أن حق اختصاص البطون اللاحقة، و حق اختصاص البطون الموجودة ينشئان بانشاء واحد.

ص: 177

و لذا (1) علله الشهيد رحمه اللّه في غاية المراد بقوله: لأنه صار مملوكا على حد الملك الأول، إذ يستحيل أن يملك لا على حده (2).

ثم إن هذه العين حيث صارت ملكا للبطون فلهم أولويتهم أن ينظر فيها، و يتصرف فيها بحسب مصلحة جميع البطون و لو بالابدال بعين اخرى أصلح لهم.

بل قد يجب (3) إذا كان تركه يعد تضييعا للحقوق، و ليس مثل الأصل ممنوعا عن بيعه إلا لعذر، لأن ذلك (4) كان حكما من أحكام الوقف الابتدائي، و بدل الوقف إنما هو بدل له في كونه ملكا للبطون (5) فلا يترتب عليه جميع أحكام الوقف الابتدائي (6).

و مما ذكرنا (7) أيضا يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف كما هو ظاهر التذكرة و الارشاد و جامع المقاصد و التنقيح و المقتصر و مجمع الفائدة، بل قد لا يجوز إذا كان غيره أصلح، لأن الثمن إذا صار ملكا للموقوف عليهم الموجودين و المعدومين فاللازم ملاحظة مصلحتهم.

خلافا للعلامة و ولده و الشهيد و جماعة فأوجبوا المماثلة مع الامكان لكون المثل أقرب إلى مقصود الواقف.

+++++++++++

(1) أي و لأجل عدم احتياج البدل إلى صيغة الوقف.

(2) عرفت معنى ما افاده الشهيد في الهامش 2 ص 170 فلا نعيده

(3) أي الابدال إذا كان تركه موجبا لتضييع حق البطون اللاحقة.

(4) أي المنع عن بيع الوقف.

(5) أي للبطون اللاحقة.

(6) أي حتى إجراء صيغة الوقف في البدل.

(7) أي و من عدم احتياج البدل إلى صيغة الوقف.

ص: 178

و فيه مع عدم انضباط غرض الواقف، إذ قد يتعلق غرضه بكون الموقوف عينا خاصة.

و قد يتعلق بكون منفعة الوقف مقدارا معينا من دون تعلق غرض بالعين.

و قد يكون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته كما لو وقف بستانا لينتفعوا بثمرته فبيع فدار الأمر بين أن يشترى بثمنه بستانا في موضع لا يصل إليهم إلا قيمة الثمرة.

و بين أن يشترى ملكا آخر يصل إليهم اجرة منفعته، فان الأول و إن كان مماثلا إلا أنه ليس أقرب إلى غرض الواقف: أنه (1) لا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب إلى مقصوده، إنما اللازم ملاحظة مدلول كلامه في إنشاء الوقف، لتجري الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها.

فالحاصل أن الوقف ما دام موجودا بشخصه لا يلاحظ فيه إلا مدلول كلام الواقف، و إذا بيع و انتقل الثمن إلى الموقوف عليهم لم يلاحظ فيه إلا مصلحتهم، هذا (2).

قال العلامة في محكي التذكرة: كل مورد جوزنا بيع الوقف فانه يباع و يصرف الثمن إلى جهة الوقف.

فان أمكن شراء مثل تلك العين (3) مما ينتفع به كان أولى، و إلا (4)

+++++++++++

(1) جملة أن مع اسمه مرفوعة محلا على أنها مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم، و هو قوله: و فيه.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك من البداية إلى النهاية.

(3) كدار فيما إذا كان الوقف دارا.

(4) أي و إن لم يمكن شراء الدار التي تكون مماثلة للوقف الأول فيشترى بثمن الوقف كل ما يصح وقفه كحانوت مثلا.

ص: 179

جاز شراء كل ما يصح وقفه، و إلا (1) صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل فيه ما شاء، لأن (2) فيه جمعا بين التوصل إلى غرض

+++++++++++

(1) أي و إن لم يمكن شراء ما يصح وقفه كالحانوت، لقلة الثمن و عدم كفافه اعطي ثمن الوقف إلى الموقوف عليه الموجود، ليتصرف فيه كل ما شاء و أراد.

(2) تعليل لاعطاء الثمن إلى الموقوف عليه فيما إذا لم يمكن شراء ما يصح وقفه كالحانوت أي في هذا الحكم المذكور، من شراء دار مماثلة للوقف الأول، ثم شراء حانوت إذا لم يمكن المماثلة، ثم إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه فيما إذا لم يمكن شراء حانوت: جمع بين شيئين:

و هما: حق الواقف، حيث إن الحكم المذكور يوصل إلى غرض الواقف، و غرضه نفع الموقوف عليه على الدوام، لأنه إذا اشتربت دار بدل الدار التي خربت و بيعت، أو حانوت إذا لم يمكن الدار فقد استفاد البطن الأول، و اللاحق فحصل غرض الواقف بدوام الوقف.

نعم إذا وزّع الثمن على الموجود في صورة عدم امكان شراء حانوت لم يحصل الدوام من الوقف، لصرف الموقوف عليه الموجود الثمن.

لكنه يحصل انتفاع الموقوف عليه، و بهذا يحصل غرض الواقف إلى حد ما.

و الشيء الثاني هو العمل بالنص، حيث إن قوله عليه السلام المشار إليه في ص 97: الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها يدل على عدم مخالفة نظرية الواقف من حيث التأبيد.

و من الواضح أنه إذا لم يمكن التأبيد من حيث شخص الوقف -

ص: 180

الواقف من نفع الموقوف عليه على الدوام.

و بين النص الدال على عدم جواز مخالفة الواقف، حيث شرط التأبيد، فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص و أمكن بحسب النوع وجب، لأنه موافق لغرض الواقف و داخل تحت الأول (1) الذي وقع عليه العقد.

و مراعاة (2) الخصوصية الكلية تفضي إلى فوات الغرض باجمعه و لأن (3) قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج باقي البطون

+++++++++++

- الأول التي هو الدار مثلا، لأولها إلى الخراب، فاللازم تبديل الثمن إلى نوع الدار و شراء دار اخرى مكان الدار الأولى التي خربت و إذا لم يمكن النوع فشراء حانوت، ثم إذا لم يمكن الحانوت فتوزيع الثمن على الموقوف عليه.

فحينئذ عمل بالنص المذكور فجمعنا بهذا الحكم بين الشيئين المذكورين

(1) أي الوقف الأول.

(2) هذه الجملة من متممات القول بالحكم المذكور على الترتيب الذي بيناه لك أي لو لم نحكم بما ذكرناه لك و لاحظنا جانب خصوصية الدار الموقوفة و هي خربة و مائلة إلى الزوال لأدى هذا اللحاظ إلى فوات غرض الواقف بأجمعه، حيث لا ينتفع من الوقف رأسا بخراب الدار.

بخلاف ما إذا عملنا بالكيفية المذكورة، فانه لا يفوت الغرض بأجمعه، بل بعضه كما في صورة إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه.

(3) هذا التعليل من متممات القول بالحكم المذكور أيضا أي لو لم نعمل بالكيفية المذكورة و اعطينا ثمن الدار إلى البطن الموجود رأسا و حصرناه عليهم لزم خروج البطون اللاحقة عن الانتفاع بدون -

ص: 181

عن الاستحقاق بغير وجه، مع أنهم يستحقون من الوقف كما يستحق البطن الأول، و يقدر وجودهم حال الوقف.

و قال بعض علمائنا و الشافعية: إن ثمن الوقف كقيمة الموقوف إذا تلف فيصرف الثمن على الموقوف عليهم على رأي، انتهى (1).

و لا يخفى عليك مواقع الرد و القبول في كلامه (2) رحمه اللّه.

+++++++++++

- مبرر لهذا الخروج، مع أنهم يستحقون من الوقف كاستحقاق البطن الأول، و يفرض وجود البطن اللاحق حال الوقف.

(1) أي كلام العلامة في التذكرة على ما حكي عنها.

لا يخفى عليك أننا راجعنا التذكرة فطبقنا المحكي هنا عليها فوجدناه مخالفا لما ذكر هناك، لأن من جملة المحكي قوله: لأن فيه جمعا بين التوصل إلى قوله: حيث شرط التأبيد، و كل هذا لا يوجد في التذكرة.

و لعل الحاكي تصرف في العبارة و زاد هذا السطر عليها.

(2) أي في كلام العلامة.

من هنا يروم الشيخ أن يناقش العلامة.

فقال: إن في كلامه قدس سره ما يكون مقبولا، و ما يكون مردودا، و نحن نشير إلى المقبول و المردود.

أما المقبول مما افاده العلامة فقوله في ص 179: فانه يباع و يصرف في جهة الوقف، فان هذا القول منه مقبول، لأن الشيخ يرى وجوب تأمين الثمن عند شخص أمين حتى يشترى به بدل الوقف المبيع كما يأتي الاشارة إليه.

و من موارد قبول قول العلامة قوله في ص 181: و مراعاة الخصوصية -

ص: 182

ثم إن المتولي للبيع (1) هو البطن الموجود بضميمة الحاكم القيم من قبل سائر البطون.

و يحتمل أن يكون هذا (2) إلى الناظر إن كان، لانه المنصوب

+++++++++++

- بالكلية يفضي إلى فوات الغرض بأجمعه، فان الشيخ قدس سره موافق لهذه النظرية.

و من موارد قبول قول العلامة قوله في ص 181: و لأن قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج البطون اللاحقة، فان المصنف موافق لهذه النظرية أيضا.

و أما موارد الرد من قول العلامة فمنها قوله في ص 179: فان أمكن شراء مثل تلك العين كان أولى، فان الشيخ قدس سره لا يرى وجوب المماثلة.

و منها قوله في ص 179: و إلا جاز شراء كل ما يجوز وقفه، فان الشيخ لا يوافق هذا الاطلاق، حيث يرى مع ذلك ملاحظة الأصلح بحال الموقوف عليه.

و منها قوله في ص 181: فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص و أمكن بحسب النوع وجب، فان الشيخ لا يرى اعتبار إمكان التأبيد بحسب النوع فضلا عن امكانه بحسب الشخص.

و منها قوله في ص 180: و إلا صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل فيه ما شاء فان الشيخ لا يرى إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه في صورة عدم إمكان شراء كل ما يصح وقفه عند قلة الثمن.

بل يرى تأمينه عند شخص أمين حتى يوجد ما يشترى به، لينتفع به البطون اللاحقة.

(1) أي بيع الوقف الذي آل إلى الخراب.

(2) أي المتولي للبيع، و المتصدي له.

ص: 183

لمعظم الأمور الراجعة إلى الوقف.

إلا أن يقال: بعدم انصراف وظيفته (1) المجعولة من قبل الواقف إلى التصرف في نفس العين.

و الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف.

و يحتمل بقاؤها (2)، لتعلق حقه بالعين الموقوفة فيتعلق ببدلها.

ثم إنه لو لم يمكن شراء بدله، و لم يكن الثمن مما ينتفع به، مع بقاء عينه كالنقدين فلا يجوز دفعه إلى البطن الموجود، لما عرفت:

من كونه (3) كالمبيع مشتركا بين جميع البطون.

و حينئذ (4) فيوضع عند أمين حتى يتمكن من شراء ما ينتفع به و لو مع الخيار إلى مدة.

و لو طلب ذلك (5) البطن الموجود فلا يبعد وجوب اجابته و لا يعطل الثمن حتى يوجد ما يشترى به من غير خيار.

نعم لو رضي الموجود بالاتجار به (6) و كانت المصلحة في التجارة جازت مع المصلحة إلى أن يوجد البدل، و الربح تابع للاصل (7)

+++++++++++

(1) أي وظيفة الناظر على الوقف.

(2) أي بقاء نظارة الناظر بعد بيع الوقف الذي آل إلى الخراب

(3) أي من كون الثمن.

(4) أي و حين أن قلنا إن الثمن كالمبيع في اشتراكه بين جميع البطون.

(5) أي لو طلب البطن الموجود شراء ما يباع مع الخيار لمدة لا يبعد وجوب اجابة الطالب.

(6) أي بثمن الوقف المبيع.

(7) أي للوقف المبيع.

ص: 184

و لا يملكه الموجودون، لأنه (1) جزء من المبيع، و ليس (2) كالنماء الحقيقي.

ثم لا فرق في جميع ما ذكرنا: من جواز البيع مع خراب الوقف بين عروض الخراب لكله، أو بعضه فيباع البعض المخروب و يجعل بدله ما يكون وقفا.

و لو كان صرف ثمنه في باقيه بحيث يوجب زيادة منفعة جاز مع رضا الكل (3)، لما عرفت من كون الثمن ملكا للبطون (4) فلهم التصرف فيه على ظن المصلحة.

+++++++++++

- توضيح هذه الجملة أنه لو فرضنا أن ثمن المبيع كان مائة دينار فاتجرنا به و ربحت التجارة بمبلغ قدره عشرون دينارا.

فكما كان أصل الثمن لجميع البطون صار هذا الربح أيضا لجميع البطون، لأنه قابل جزء من المتاع الذي اشتري بالثمن أي قابل سدسا منه، حيث إن المجموع ستة أسداس، فسدسه عشرون دينارا فهذا السدس لا يملكه البطون الموجودة فقط، بل لهم و للبطون اللاحقة

(1) تعليل لعدم تملك البطون الموجودة لهذا الربح أي لأن هذا الربح جزء من المبيع.

فكما أن المبيع للكل، كذلك هذا الربح.

ثم لا يخفى أن اطلاق الجزء على هذا الربح اطلاق مجازي كاطلاق اسد على زيد في قولك: زيد اسد.

(2) أي و ليس هذا الربح كالماء الحقيقي حتى يختص بالموجودين.

(3) و هم الموجودون البالغون من البطون، و ولي غير الموجودين و غير البالغين.

(4) أي البطون الموجودة، و اللاحقة.

ص: 185

و منه (1) يعلم جواز صرفه في وقف آخر عليهم على نحو هذا الوقف فيجوز صرف ثمن ملك مخروب في تعمير وقف آخر عليهم

و لو خرب بعض الوقف و خرج عن الانتفاع و بقي بعضه محتاجا إلى عمارة لا يمكن بدونها انتفاع البطون اللاحقة فهل يصرف ثمن المخروب إلى عمارة الباقي و إن لم يرض البطن الموجود؟

وجهان (2): آتيان (3) فيما إذا احتاج اصلاح الوقف بحيث لا يخرج عن قابلية انتفاع البطون اللاحقة إلى صرف منفعته الحاضرة التي يستحقها البطن الموجود إذا لم يشترط الواقف اخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته في الموقوف عليهم

و هنا فروع اخر يستخرجها الماهر بعد التأمل (4).

+++++++++++

(1) أي و مما قلناه: من أن الثمن ملك للكل فلهم فيه التصرف على ظن المصلحة.

(2) أي وجه بجواز صرف ثمن المخروب في عمارة الباقي و وجه بعدم الجواز.

(3) أي هذان الوجهان آتيان في هذا الفرع.

(4) أليك هذه الفروع التي يأتي فيها الوجهان:

(الأول): أنه لو نقص ثمن العين الموقوفة المبيعة عن تحصيل عين ينتفع بها على وجه الاستقلال، لكنه أمكن تحصيل جزء مشاع فهل يشترى بهذا الثمن الجزء المشاع أو لا؟

(الثاني): أنه لو زاد ثمن العين الموقوفة المبيعة عن قيمة العين المشتراة، و لم يمكن صرف الزائد في عمارة العين المشتراة.

فهل يقدم على شراء هذا الشيء أو لا؟

(الثالث): أنه لو لم تحصل عين تساوي قيمتها ثمن العين -

ص: 186

الصورة الثانية: أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به

(الصورة الثانية) (1): أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به بحيث يصدق عرفا أنه لا منفعة فيه كدار تهدمت فصارت عرصة تؤجر للانتفاع بها باجرة لا تبلغ شيئا معتدا به.

فان كان ثمنه على تقدير البيع لا يعطى به إلا ما كانت منفعته كمنفعة العرصة فلا ينبغي الاشكال في عدم الجواز (2).

و إن كان يعطى بثمنه ما تكون منفعته أكثر من منفعة العرصة بل ساوت منفعة الدار ففي جواز البيع وجهان:

من (3) عدم دليل على الجواز مع قيام المقتضي للمنع و هو (4) ظاهر المشهور، حيث قيدوا الخراب المسوغ للبيع بكونه بحيث لا يجدي نفعا (5).

و قد تقدم التصريح (6) من العلامة في التحرير بأنه لو انهدمت

+++++++++++

- الموقوفة المبيعة، ثم دار الأمر بين شراء شيء ينقص ثمنه عنه.

و بين شراء شيء آخر يفضل ثمنه عنه.

فهل يقدم على الشراء أو لا؟

(1) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(2) أي عدم جواز بيع هذه العرصة التي تبلغ منفعة ثمنها كمنفعة نفس العرصة إذا استؤجرت.

(3) دليل لعدم جواز بيع مثل هذا الوقف الذي تبلغ منفعة ثمنها كمنفعة نفس العرصة إذا استؤجرت.

(4) أي عدم جواز بيع هذا الوقف.

(5) و من المعلوم أن هذه العرصة تجدي نفعا باجارتها مبلغا يستفاد منه الموقوف عليه.

(6) في ص 128 عند نقل الشيخ عنه في قوله: و قال في التحرير: -

ص: 187

الدار لم تخرج العرصة من الوقف، و لم يجز بيعها.

اللهم إلا أن يحمل النفع المنفي (1) في كلام المشهور على النفع المعتد به بحسب حال العين، فان (2) الحمام الذي يستأجر كل سنة مائة دينار إذا صار عرصة تؤجر كل سنة خمسة دراهم، أو عشرة لغرض جزئي كجمع الزبائل (3) فيها، و نحوه يصدق عليه أنه لا يجدي نفعا.

+++++++++++

- لا يجوز بيع الوقف بحال.

(1) أي النفع المنفي في قول الفقهاء يحتمل أن يراد منه النفع المعتنى به أي الوقف إذا خرب و كان فيه نفع معتنى به لا يجوز بيعه.

و أما إذا لم يكن فيه نفع يعتنى به فيجوز بيعه.

(2) تعليل لاحتمال أن المراد من النفع المنفي في قول الفقهاء هو النفع المعتنى به.

و خلاصته: أن الحمام الموقوف لو خرب و آل إلى عرصة لا يستفاد منها سوى رمي الأوساخ فيها، و أصبحت مزبلة للزبالة فاجّرت العرصة لهذا الغرض بعشرة دراهم سنويا بينما كانت اجارة الحمام في السنة ألف درهم، فعشرة دراهم في قبال الألف منفعة زهيدة ضئيلة لا يعتنى بها فلا تعد منفعة.

(3) الظاهر أنها جمع زبل بكسر الزاي و سكون الباء.

و زبل معروف يراد منه هنا الأوساخ و القذارات.

و اسم المكان منه مزبلة جمعها مزابل.

لكننا راجعنا القاموس و بعض كتب اللغة فلم نر جمعا لكلمة زبل على وزان فواعل.

نعم هذا الجمع متداول في اللغة الدارجة.

ص: 188

و كذا القرية الموقوفة، فان خرابها بغور (1) أنهارها، و هلاك أهلها، و لا يكون (2) بسلب منافع أراضيها رأسا.

و يشهد لهذا (3) ما تقدم عن التحرير من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ينتفع بها بالكلية.

مع أنها (4) كثيرا ما تستأجر للأغراض الجزئية، فالظاهر دخول الصورة المذكورة في اطلاق كلام كل من سوغ البيع عند خرابه بحيث لا يجدي نفعا، و يشمله الاجماع المدعى في الانتصار و الغنية.

لكن الخروج بذلك (5) عن عموم أدلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف الذي هو حبس العين، و عموم قوله عليه السلام: لا يجوز

+++++++++++

(1) بفتح الغين و سكون الواو مصدر غار يغور.

يقال: غار الماء أي ذهب في الأرض.

(2) أي خراب القرية لا يكون بسبب سلب منافع أراضيها بل بسبب ما ذكرناه: من غور أنهارها، و هلاك أهلها.

(3) أي و يشهد لكون المراد من النفع المنفي في قول العلماء هو النفع المعتنى به، لا النفع القليل غير المعتنى به: ما افاده العلامة في التحرير الذي نقله عنه الشيخ و اشرنا إليه في الهامش 6 ص 187

(4) أي مع أن العرصة لا يستفاد منها سوى المنافع القليلة كجعلها مزبلة ترمى فيها الأوساخ.

(5) أي خروج هذه الصورة التي آلت إلى حد لا يجدي نفعا عن صريح أدلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف: و هو تحبيس العين.

و عن حريم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف المشار إليه في ص 97: مشكل.

ص: 189

شراء الوقف مشكل.

و يؤيد المنع (1) حكم أكثر من تأخر عن الشيخ بالمنع عن بيع النخلة المنقلعة، بناء على جواز الانتفاع بها في وجوه اخر كالتسقيف و جعلها جسرا، و نحو ذلك.

بل ظاهر المختلف، حيث جعل النزاع بين الشيخ و الحلي رحمهما اللّه لفظيا، حيث نزّل تجويز الشيخ على صورة عدم امكان الانتفاع به في منفعة اخرى الاتفاق على المنع إذا حصل فيه انتفاع و لو قليلا كما يظهر من التمثيل بجعله جسرا.

نعم لو كان (2) قليلا في الغاية بحيث يلحق بالمعدوم أمكن الحكم بالجواز، لانصراف قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف إلى غير هذه الحالة (3).

و كذا حبس العين و تسبيل المنفعة إنما يجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة.

و إلا فمجرد حبس العين و إمساكه و لو من دون منفعة لو وجب الوفاء به لمنع عن البيع في الصورة الأولى.

ثم إن الحكم المذكور (4) جار فيما إذا صارت منفعة الموقوف

+++++++++++

(1) أي منع بيع مثل هذا الوقف الذي آل إلى الخراب بحيث لا ينتفع به منفعة معتدا بها.

(2) أي الانتفاع من هذا الوقف الخراب الذي آل أمره إلى عدم الانتفاع منه سوى المنفعة القليلة الوجيزة المعدومة المندكة في جنب المنافع السابقة.

(3) و هي المنفعة المعدومة المندكة.

(4) و هو جواز بيع الوقف في الصورة الثانية.

ص: 190

قليلة لعارض آخر غير الخراب، لجريان ما ذكرناه (1) فيه.

ثم إنك قد عرفت فيما سبق أنه ذكر بعض (2) أن جواز بيع الوقف لا يكون إلا مع بطلان الوقف، و عرفت وجه النظر فيه (3).

ثم وجه (4) بطلان الوقف في الصورة الأولى بفوات (5) شرط الوقف المراعى في الابتداء و الاستدامة: و هو كون العين مما ينتفع بها

+++++++++++

(1) و هو عدم صدق النفع على المنفعة القليلة في الوقف الذي منشأ القلة فيه عارض آخر غير الخراب.

(2) و هو صاحب الجواهر تبعا لاستاذه الشيخ كاشف الغطاء قدس سرهما، فانه كما عرفت في ص 106 أفاد أن جواز بيع الوقف لازمه بطلان الوقف، لكون جواز البيع، و بقاء الوقف على الوقفية حكمين متضادين.

(3) أي فيما أفاده صاحب الجواهر فراجع ص 107-108-109.

(4) أي صاحب الجواهر.

(5) الباء بيان لكيفية توجيه البطلان.

و خلاصته: أن حقيقة الوقف متقومة بشيئين:

(أحدهما): تحبيس الأصل.

(ثانيهما): تسبيل الثمرة

و من الواضح أن مفهوم التسبيل لا يتحقق خارجا إلا مع وجود الثمرة للعين الموقوفة، من دون فرق في ذلك بين ابتداء الوقف و استدامته.

فلا يعقل تحقق وقف و لا ثمرة للعين الموقوفة، لأنه ليس اعتبار اشتمال الوقف على الثمرة شرطا خارجيا للوقف حتى يعقل فيه الفرق ليعتبر في الابتداء، دون الاستدامة.

ص: 191

مع بقاء عينها.

و فيه (1) ما عرفت سابقا: من أن بطلان الوقف بعد انعقاده صحيحا لا وجه له في الوقف المؤبد مع (2) أنه لا دليل عليه.

مضافا (3) إلى أنه لا دليل على اشتراط الشرط المذكور في الاستدامة فان (4) الشرط في العقود النافلة يكفي وجوده.

+++++++++++

(1) أي و فيما افاده صاحب الجواهر لكيفية توجيه البطلان نظر و إشكال كما عرفت سابقا في ص 107-108-109.

و كلمة من في قول الشيخ: من أن بطلان الوقف بيان لما ذكره سابقا من الاشكال.

(2) أي و لنا بالإضافة إلى ما قلناه: من الاشكال على ما أفاده صاحب الجواهر: أنه لا دليل على بطلان الوقف عند القول بجواز بيعه، إذ ذهاب العنوان لا يوجب ذهاب المعنون الذي هو الوقف.

(3) أي و لا بالإضافة إلى ما أوردناه على صاحب الجواهر فيما افاده: من بطلان الوقف لو قلنا بجواز بيعه، لتضادهما، إشكال آخر: و هو عدم وجود دليل على اشتراط الشرط المذكور: و هو كون العين مما ينتفع بها مع بقاء العين على وقفيتها بالاستمرار حتى بعد النقل.

(4) تعليل لعدم وجود دليل على اشتراط الشرط المذكور.

و خلاصته: أن وجود الشرط في العقود الناقلة كاف حين النقل و لا يحتاج إلى استمرار الشرط حتى بعد النقل.

ففيما نحن فيه و هي العين الموقوفة المبيعة كان المعتبر من الثمرة المترتبة عليها هي الثمرة الموجودة حين الوقف.

و من الواضح وجود هذه الثمرة إلى أن آل الوقف إلى الخراب فلما اريد بيعه و بيع زالت الوقفية بالبيع. -

ص: 192

حين النقل، فانه (1) قد يخرج المبيع عن المالية و لا يخرج بذلك (2) عن ملك المشتري.

مع أن جواز بيعه لا يوجب الحكم بالبطلان، بل يوجب خروج الوقف عن اللزوم إلى الجواز كما تقدم (3).

ثم ذكر (4) أنه قد يقال بالبطلان أيضا بانعدام عنوان الوقف فيما إذا وقف بستانا مثلا ملاحظا في عنوان وقفه (5) البستانية فخربت

+++++++++++

- فالوقفية كانت الى آن ظرف البيع فلم يبق مجال لاجتماع الوقف مع جواز بيعه في آن واحد حتى يقال: إنهما لا يجتمعان، لتضادهما.

(1) تنظير لكفاية وجود الشرط المذكور حين النقل في العقود الجائزة.

و خلاصته: أنه كما قد يخرج المبيع أحيانا عن المالية، و لا يخرج عن الملكية كصبرة حنطة بيعت ثم تفرقت حبة حبة، فانها و إن خرجت عن المالية بتفرقها، لكنها باقية على ملك صاحبها، و لذا لو أخذ هذه الحبات المتفرقة شخص ضمنها، و وجب عليه اداؤها إلى صاحبها.

كذلك ما نحن فيه، فانه و إن خرج عن عنوان الوقف و هو البستان أو الحمام مثلا، لكن المعنون باق على الوقفية و إن ذهب عنوان الوقف.

(2) أي بخروج المبيع عن المالية كما عرفت.

(3) في نقله عن صاحب الجواهر في ص 106 بقوله: نعم

(4) أي صاحب الجواهر ذكر أنه قد يقال ببطلان الوقف أيضا إذا خرب كما لو وقف شخص بستانا لاحظ في الوقف عنوان البستان فخرب البستان بحيث خرج عن قابلية البستان فالمعنون و هو الوقف يبطل أيضا.

(5) أي في عنوان وقف البستان لاحظ الواقف البستان كما عرفت.

ص: 193

حتى خرجت عن قابلية ذلك (1)، فانه و إن لم تبطل منفعتها اصلا لامكان الانتفاع بها دارا مثلا، لكن ليس (2) من عنوان الوقف.

و احتمال (3) بقاء العرصة على الوقف باعتبار أنها جزء من الوقف و هي (4) باقية.

و خراب (5) غيرها و إن اقتضى

+++++++++++

(1) أي عن قابلية البستان كما عرفت.

(2) أي الانتفاع بالدار ليس عنوانا للوقف، إذ العنوان هو البستان لأنك عرفت أن الواقف حين الوقف لاحظ فيه عنوان البستان.

(3) هذا من كلام صاحب الجواهر اتى به لاثبات ما افاده:

من أن لازم القول بجواز بيع الوقف بطلانه، و أن الاحتمال المذكور في غير محله.

و خلاصة الاحتمال: أن نفس العرصة التي كان فيها البستان باقية على وقفيتها و إن خرب البستان، لأنها جزء من الوقف، و ما كان جزء من الوقف لا يتصور فيه البطلان فلا يجوز بيعها.

(4) الواو حالية أي و الحال أن العرصة باقية على وقفيتها و إن خرب البستان كما عرفت.

(5) هذه الجملة معترضة واقعة بين المبتدأ المتقدم و هو قوله:

و احتمال، و بين الخبر و هو قوله في ص 195: يدفعه، و هي من متممات كلام صاحب الجواهر.

و خلاصتها: أن خراب غير العرصة و هو البستان و إن اقتضى بطلان الوقف في هذا الغير، لكن هذا الخراب لا يقتضي بطلان الوقف في نفس العرصة، إذ لا ملازمة بين بطلان الغير: و هو البستان بخرابه

و بين بطلان العرصة، بل العرصة جزء من الوقف و هي باقية -

ص: 194

بطلانه فيه (1) لا يقتضي بطلانه فيها (2):

يدفعه (3) أن العرصة كانت جزء من الوقف من حيث كونه (4) بستانا، لا (5) مطلقا فهي (6) حينئذ جزء عنوان الوقف الذي قد فرض خرابه.

+++++++++++

- على وقفيتها.

و مرجع الضمير في بطلانه الأول و الثاني الوقف، و في فيها العرصة كما عرفت.

(1) مرجع الضمير غيرها المذكور في ص 194 المراد منه البستان كما عرفت

(2) أي في العرصة كما عرفت في الهامش 3-5 ص 194.

(3) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله في ص 194: و احتمال بقاء العرصة أي هذا الاحتمال مدفوع.

و كلمة أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لكلمة يدفعه.

هذا جواب عن الاحتمال المذكور.

و خلاصة الدفع: أن العرصة و إن كانت جزء من الوقف إلا أن الجزئية كانت مقيدة بقيد البستان، و من حيث إن هذا الجزء كان بستانا، لا أنها جزء و إن لم يكن بستانا حتى يقال: إن العرصة باقية على وقفيتها و إن خرب البستان و زال فلا يجوز بيعها.

فالعرصة حين أن كانت مقيدة بهذه الحيثية اصبحت جزء من الوقف الذي قد فرض خرابه، فيجوز حينئذ بيعها.

(4) أي من حيث كون هذا الجزء الذي هي العرصة كما عرفت.

(5) أي لا أن العرصة جزء الوقف و إن لم يكن بستانا كما عرفت.

(6) أي العرصة التي كانت بستانا حين أن كانت مقيدة بقيد البستان لا مطلقا كما عرفت.

ص: 195

و لو فرض (1) إرادة وقفها، ليكون بستانا، أو غيره لم يكن إشكال في بقائها (2)، لعدم ذهاب عنوان الوقف.

و ربما يؤيد ذلك (3) في الجملة ما ذكروه في باب الوصية:

+++++++++++

(1) خلاصته: أنه لو فرضنا أن الواقف من ابتداء الوقف اراد وقف ارض لتكون بستانا مثلا فاجرى صيغة الوقف على هذه الأرض قبل أن تكون بستانا فلا إشكال حينئذ في بقاء هذه العرصة على وقفيتها بعد أن صارت بستانا و إن خرب البستان، لعدم ذهاب عنوان الوقف عن العرصة بذهاب البستان، لأنك قد عرفت أن صيغة الوقف قد جرت على العرصة من بادئ الأمر.

بخلاف الفرض الأول: و هو ما لو وقف الواقف بستانا لاحظ فيه عنوان البستانية مثلا، فان وقفية العرصة تنعدم بانعدام عنوان البستان و خرابه.

كما ذكر صاحب الجواهر قدس سره بقوله في ص 193 ثم ذكر أنه قد يقال

(2) أي في بقاء هذه العرصة على الوقفية في هذا الفرض كما عرفت

(3) أي بقاء العرصة على الوقفية على هذا الفرض.

خلاصة التأبيد: أن الفقهاء ذكروا في باب الوصية: من أنه لو اوصى شخص باعطاء دار من دوره لزيد بعد وفاته ثم انهدمت الدار قبل موت الموصي بطلت الوصية، لانتفاء موضوع الوصية:

و هو وجود الدار و عنوانها.

فما نحن فيه: و هو فرض إرادة وقف العرصة، لتكون بستانا يشبه الوصية: في كونها متعلقة بالعنوان.

و أما وجه الشبه فهو كما أن زوال العنوان في الوصية يبطل الوصية كالمثال المذكور، لتعلقها بعنوان الدار. -

ص: 196

من أنه لو اوصى بدار فانهدمت قبل موت الموصي بطلت الوصية لانتفاء موضوعها (1).

نعم (2) لو لم تكن الدارية و البستانية، و نحو ذلك مثلا عنوانا للوقف و إن قارنت (3) وقفه، بل كان المراد به (4) الانتفاع به في كل وقت على حسب ما يقبله لم يبطل الوقف بتغير أحواله (5).

ثم ذكر (6) أن في عود الوقف إلى ملك الواقف، أو وارثه بعد البطلان، أو الموقوف عليه وجهين (7).

+++++++++++

- كذلك زوال العنوان في الوقف كالمثال المذكور يبطل الوقف لتعلقه بعنوان البستان.

(1) أي موضوع الوصية كما علمت آنفا.

(2) لا يخفى أنه لا مجال لهذا الاستدراك، لأنه عين ما ذكره في قوله في ص 196: و لو فرض إرادة وقفها، فلو امعنت النظر أيها القارئ الكريم لظهر لك صدق ما قلناه.

(3) أي الدارية، أو البستانية قارنت وقفية الواقف.

(4) أي بل كان المراد بالوقف الانتفاع به على الدوام و الاتصال، و في كل وقت و زمان.

(5) بأن كان بستانا فخرب و صار عرصة، فانه مع ذلك باق على وقفيته كما عرفت في قوله: و لو فرض إرادة وقفها.

(6) أي صاحب الجواهر ذكر أنه بعد خراب البستان فيما إذا كان عنوان البستان ملاحظا في الوقفية هل الوقف هذا يعود إلى ملك الواقف و وراثه، أو الى الموقوف عليهم؟

(7) أي وجه بالعود الى الواقف، أو وارثه.

و وجه بالعود الى الموقوف عليهم. -

ص: 197

..........

+++++++++++

- انتهى ما افاده صاحب الجواهر قدس سره.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة. الجزء 22. ص 559

لكن من المؤسف جدا أننا بعد المراجعة و التطبيق رأينا نقصا فاحشا في الطبعة الجديدة بالإضافة إلى وجود ضمير مؤنث مخل بالمعنى إذ اللازم اتيان الضمير المذكر فراجعنا الطبعات القديمة من الجواهر فوجدنا العبارة كما ذكرها شيخنا الانصاري قدس سره هنا، من دون زيادة و نقيصة.

إليك نص ما ذكره الشيخ عن الجواهر كما طبقناه على الطبعات القديمة.

و خراب غيرها و إن اقتضى بطلانه فيه لا يقتضي بطلانه فيها.

و إليك نص عبارة الجواهر في الطبعة الجديدة.

و خراب غيرها و إن اقتضى بطلانه فيها.

أيها القارئ النبيل لاحظ النصين في الطبعتين كيف تجد البون الشاسع بينهما، فان المبتدأ و هو و خراب غيرها يبقى بلا خبر في الطبعة الجديدة، بينما في الطبعة القديمة ذكر الخبر: و هو قوله: لا يقتضي بطلانه فيها.

بالإضافة إلى أن في الطباعة الجديدة توجد كلمة فيها و هي غلط و الصحيح فيه، إذ معناه كما عرفت في الهامش ص 194: أن خراب غير العرصة الذي هو البستان و إن اقتضى بطلان الوقف في هذا الخراب لكنه لا يقتضي بطلان الوقف في نفس العرصة.

أي الملازمة بين خراب البستان، و بطلان الوقف موجود.

لكن الملازمة بين خراب البستان. و بطلان الوقف في نفس العرصة ليس بموجود.

ص: 198

أقول: يرد على ذلك ما قد يقال بعد الاجماع على أن انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف بل و لا جواز البيع و إن اختلفوا (1) فيه عند الخراب، أو خوفه، لكنه (2) غير تغير العنوان كما لا يخفى:

+++++++++++

(1) أي و إن اختلف الفقهاء في جواز بيع الوقف عند ما آل إلى الخراب، أو خيف وقوع الفتنة بين أرباب الوقف، أو القتل فيما بينهم.

لكنهم لم يقولوا: إن انعدام الوقف موجب لبطلان عنوان الوقف.

(2) أي لكن الخراب غير تغير العنوان.

مقصود الشيخ من هذا الاستدراك بيان عدم الملازمة بين خراب الوقف، و تغير العنوان، لأن بينهما العموم و الخصوص من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما في البستان مثلا لو أوقفه صاحبه ملاحظا فيه عنوان البستان، ثم خرب بانقطاع الماء عنه و اصبح عرصة قفراء فانه قد اجتمع الخراب، و تغير العنوان، إذ عنوان الوقف هو البستان لا مطلقا.

و أما مادة الافتراق من جانب الخراب، دون تغير العنوان:

بأن كان الخراب موجودا، و التغير ليس بموجود كالأرض الموقوفة للزراعة بسبب انقطاع الماء عنها، فان الخراب يصدق هنا، لكن تغير العنوان لا يصدق، إذ من الممكن الانتفاع من الأرض بجعلها حانوتا أو دارا، أو حماما، و غير ذلك مما لا يصدق عليه الانتفاع و يراعى فيه نظر الواقف.

و أما مادة الافتراق من جانب تغير العنوان، دون الخراب:

بأن يكون التغير موجودا، و الخراب ليس بموجود. -

ص: 199

أنه (1) لا وجه للبطلان بانعدام العنوان (2)، لأنه إن اريد بالعنوان ما جعل مفعولا في قوله: وقفت هذا البستان فلا شك أنه ليس إلا كقوله: بعت هذا البستان، أو وهبته، فان التمليك المعلق بعنوان لا يقتضي دوران الملك مدار العنوان.

+++++++++++

- كما في وقف الابل، أو الغنم بعنوان خاص يحصل من حدود أسنانها كابن لبون، و ابن مخاض، و جذعه، و مسنة، فان هنا يصدق تغير العنوان بخروج الابل أو الغنم عن تلك الحدود المذكورة.

لكنه لا يصدق الخراب هنا.

(1) أن مع اسمه مرفوعة محلا فاعل لقوله في ص 199: يرد.

من هنا اخذ الشيخ في الرد على ما افاده القيل، حسب نقل صاحب الجواهر بقوله في ص 193: ثم ذكر أنه قد يقال بالبطلان.

و خلاصة الرد: أنه لا دليل على بطلان الوقف بانعدام عنوان الوقف: و هو البستان، لأنه لا يعلم المراد من العنوان في قول القائل ببطلانه؟

فان اريد بالعنوان المفعول الذي تعلقت به صيغة الوقف في قول الواقف: وقفت هذا البستان فلا شك في كون هذا القول ليس إلا كقول البائع: بعت هذا البستان، أو وهبته، فان التمليك المعلق على عنوان كما هنا لا يوجب دوران الملك مدار العنوان، و لا يقتضي ذلك أبدا.

كذلك تعليق الوقف على عنوان من العناوين كما هنا لا يقتضي دوران الوقف مدار العنوان حتى إذا زال العنوان زال الوقف.

فزوال الوقف لا يكون متوقفا بزوال العنوان.

(2) و هو البستان كما عرفت.

ص: 200

فالبستان (1) إذا صار ملكا فقد ملّك منه كل جزء خارجي و إن لم يكن في ضمن عنوان البستان، و ليس التمليك من قبيل الأحكام الجعلية المتعلقة بالعنوانات (2).

و إن (3) اريد بالعنوان شيء آخر فهو خارج عن مصطلح اهل العرف و العلم، و لا بدّ من بيان المراد منه هل يراد ما اشترط لفظا أو قصدا في الموضوع زيادة على عنوانه؟

و أما (4) تأييد ما ذكر بالوصية فالمناسب أن يقاس ما نحن فيه

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده في رد القيل: من الشق الأول من المراد من العنوان: أي ففي ضوء ما ذكرنا أن البستان إذا صار ملكا معناه: أن كل جزء خارجي منه اصبح ملكا و إن لم تكن هذه الملكية في ضمن عنوان البستان.

فعنوان البستانية لا مدخل له في تملك البستان حتى يدور التملك مدار العنوان، فان كان موجودا يحصل التملك، و إن لم يكن موجودا لم يحصل التملك.

(2) فان الأحكام الجعلية كالزوجية مثلا تدور مدار شخص العنوانات، فان حلية وطء الزوجة تدور مدار علقة الزوجية فاذا كانت موجودة حلّ الوطء، و جميع اضافاتها.

و إن لم تكن: بأن طلقت فلا يحل الوطء، و بقية اضافاتها.

فالحلية و الحرمة في الأحكام الجعلية تدوران مدار العنوان و شخصه فان كان فقد تحققتا، و إن لم يكن فلم تتحققا.

(3) هذا هو الشق الثاني للمراد من العنوان.

(4) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر بقوله في ص 196: و ربما يؤيد ذلك. -

ص: 201

بالوصية بالبستان بعد تمامها، و خروج البستان عن ملك الموصي بموته و قبول الموصى له فهل يرضى احد بالتزام بطلان الوصية بصيرورة البستان عرضة.

نعم الوصية قبل تمامها يقع الكلام في بقائها، و بطلانها من جهات اخر.

ثم ما ذكره (1) من الوجهين مما لا يعرف له وجه بعد اطباق كل

+++++++++++

- و خلاصة الرد أن المناسب قياس الوقف بالوصية بعد أن تمت و كملت.

و من الواضح أن كمال الوصية و تمامها بموت الموصي، و خروج البستان عن ملكه و انتقال البستان إلى الموصى له، و قبول الموصى له الوصية، فان في هذه الحالة لم يقل احد من الفقهاء ببطلان الوصية لو خرب البستان و آل إلى عرصة.

لا قياس الوقف بالوصية قبل تمامها و كمالها كما هنا، حيث لم تكمل لأن الموصي قد مات قبل انتقال البستان إليه.

و من المعلوم أن انتقال البستان إلى الموصى له إنما يتحقق بعد موت الموصي كما هو المفروض في الوصية.

فقياسه الوقف بالوصية بالبستان قبل انتقاله إلى الموصى له بموت الموصي في غير محله.

(1) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر: من الوجهين فيما إذا بطل الوقف بعد خرابه في ص 197 عند قوله: ثم ذكر أن في عود الوقف.

و خلاصته: أن فقهاء الطائفة اطبقوا على عدم عود الوقف المؤبد إلى الواقف، أو إلى ورثته، سواء خرب الوقف أم لم يخرب -

ص: 202

من قال بخروج الوقف المؤبد عن ملك الواقف على عدم عوده إليه أبدا.

الصورة الثالثة: أن يخرب بحيث تقل منفعته

(الصورة الثالثة (1): أن يخرب (2) بحيث تقل منفعته، لكن لا إلى حد يلحق بالمعدوم.

و الأقوى هنا المنع، و هو الظاهر من الأكثر في مسألة النخلة المنقلعة، حيث جوز الشيخ في محكي الخلاف بيعها، محتجا بأنه لا يمكن الانتفاع بها إلا على هذا الوجه (3)، لأن الوجه الذي شرطه الواقف قد بطل (4) و لا يرجى عوده.

و منعه (5) الحلي قائلا: و لا يجوز بيعها، بل ينتفع بها بغير البيع، مستندا إلى وجوب بقاء الوقف على حاله مع امكان الانتفاع.

و زوال بعض المنافع لا يستلزم زوال جميعها، لامكان التسقيف بها، و نحوه.

و حكي موافقته (6) عن الفاضلين و الشهيدين، و المحقق الثاني و أكثر المتأخرين.

+++++++++++

- لأن الملك بمجرد وقف الواقف يخرج عن ملكه، و يكون الواقف اجنبيا عنه، و يصير حكمه حكم بقية الأجانب بالنسبة إلى هذا الملك الموقوف له.

(1) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(2) أي الوقف.

(3) و هو بيع النخلة المنقلعة.

(4) أي بواسطة قلع النخلة.

(5) أي جواز بيع النخلة المنقلعة.

(6) أي حكي موافقة الفاضلين: المحقق و العلامة لما افاده ابن ادريس:

في عدم جواز بيع النخلة المنقلعة.

ص: 203

و حكى في الايضاح عن والده قدس سرهما أن النزاع بين الشيخ و الحلي لفظي (1).

و استحسنه، لأن (2) في تعليل الشيخ اعترافا بسلب جميع منافعها

و الحلي فرض وجود منفعة لها، و منع (3) لذلك بيعها.

و قيل (4): يمكن بناء نزاعهما على رعاية المنفعة المعد لها الوقف كما هو (5) الظاهر من تعليل الشيخ

+++++++++++

(1) أي فخر المحققين نقل عن والده قدس سرهما في الايضاح:

أن النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظي، حيث لا يرى الشيخ للنخلة المنقلعة منفعة، و ابن ادريس يرى لها منفعة: و هي التسقيف.

(2) تعليل من فخر المحققين لكون النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظيا

(3) أي و منع ابن ادريس بيع النخلة المنقلعة لأجل وجود منفعة فيها: و هي التسقيف كما افاده بقوله في ص 203: لامكان التسقيف بها.

(4) القائل هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره.

يروم بهذا الامكان ابتناء نزاعهما نزاعا معنويا: لا لفظيا كما افيد

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: أن الشيخ قائل بأنه إذا امتنعت المنفعة المعدّ لها الوقف جاز بيعه.

و ابن ادريس قائل بأن مجرد انتفاء تلك المنفعة المعد لها الوقف غير مفيد في الحكم بجواز بيع الوقف، بل لا بدّ من انتفاء جميع منافع الوقف حتى يحكم بجواز البيع.

(5) أي امكان بناء نزاع الشيخ و ابن ادريس على رعاية المنفعة المعدّ لها الوقف هو الظاهر من تعليل الشيخ قدس سره، حيث يقول في ص 203:

لأن الوجه الذي شرطه الواقف في الوقف قد بطل بخرابه.

فتعليله هذا دليل على أن جواز بيع الوقف في الصورة الثالثة -

ص: 204

و لا يخلو (1) عن تأمل.

و كيف كان (2) فالأقوى هنا (3) المنع، و أولى منه (4) بالمنع ما لو قلت منفعة الوقف من دون خراب فلا يجوز بذلك (5) البيع

+++++++++++

- متوقف على مراعاة المنفعة المعدّ لها الوقف.

فان كانت المنفعة المعدّ لها الوقف موجودة فلا يجوز بيع الوقف كما يدعيه ابن ادريس في النخلة المنقلعة، لانتفاع التسقيف بها.

و إن لم تكن موجودة جاز بيعه كالشيخ، حيث افاد عدم الانتفاع بالنخلة المنقلعة إلا ببيعها.

إذا يكون النزاع بين الشيخ و ابن ادريس حول وجود المنفعة و عدم وجودها معنويا.

(1) أي و لا يخلو هذا الامكان الذي افاده القيل من تأمل.

هذا إشكال من الشيخ.

و خلاصته: أنه يمكن أن يقال بمنع ظهور تعليل الشيخ فيما افاده القيل: من ابتناء نزاع الشيخ و ابن ادريس على ذلك، لاحتمال أن يكون مراد الشيخ مطلق الانتفاع من الوقف، لا خصوص مراعاة المنفعة المعدّ لها الوقف

(2) أي أي شيء يكون الظاهر من كلام الشيخ.

(3) أي في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 203 الأولى أن نقول بعدم جواز بيع الوقف إذا لم تذهب منافع الوقف بالكلية عند خرابه.

(4) الظاهر أن مرجع الضمير الخراب، و كان الأولى اتيانه مؤنثا و ارجاعه الى الصورة أي و أولى من صورة الخراب بالمنع عن جواز بيع الوقف: صورة عدم خراب الوقف، فانه حينئذ بطريق أولى لا يجوز بيعه.

(5) أي بسبب عدم خراب الوقف.

ص: 205

إلا إذا قلنا بجواز بيعه إذا كان (1) أعود، و سيجيء تفصيله.

الصورة الرابعة أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف

(الصورة الرابعة (2) أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف و الظاهر أن المراد منه أن يكون ثمن الوقف أزبد نفعا من المنفعة الحاصلة تدريجا مدة وجود الموقوف عليه، و قد نسب جواز البيع هنا (3) إلى المفيد، و قد تقدمت عبارته فراجع (4).

و زيادة النفع قد تلاحظ بالنسبة الى البطن الموجود و قد تلاحظ بالنسبة إلى جميع البطون إذا قيل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه.

و الأقوى المنع مطلقا (5)، وفاقا للأكثر، بل الكل، بناء على ما تقدم (6) من عدم دلالة قول المفيد على ذلك.

و على تقديره (7) فقد تقدم عن التحرير أن كلام المفيد متأول (8)

+++++++++++

(1) أي البيع أنفع للموقوف عليهم من بقاء الوقف و منفعته قليلة و هو لم يخرب.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(3) أي في الصورة الرابعة.

(4) راجع ص 122 عند نقل الشيخ عنه بقوله: أو يكون تغير الشرط في الموقوف أدرّ و أعود عليهم، و أنفع لهم من تركه على حاله

(5) أي سواء أ كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم من إبقائه أم لم يكن كذلك فلا يجوز بيعه في الصورة الرابعة.

(6) الظاهر عدم تقدم كلام من شيخنا الانصاري قدس سره يدل على ما افاده: من عدم دلالة كلام شيخنا المفيد قدس سره على ذلك

(7) أي و على تقدير دلالة كلام شيخنا المفيد قدس سره على جواز بيع الوقف في هذه الصورة.

(8) راجع كلام الشيخ في ص 124 عند قوله: ثم إن العلامة -

ص: 206

و كيف كان (1) فلا إشكال في المنع (2)، لوجود مقتضى المنع: و هو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف.

و قوله (3) عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، و غير (4) ذلك، و عدم (5)

+++++++++++

- ذكر في التحرير.

(1) أي أي شيء قلنا في تفسير كلام شيخنا المفيد.

(2) أي في منع بيع الوقف في الصورة الرابعة.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لوجود أي و لا إشكال في منع بيع الوقف في الصورة الرابعة، لوجود قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف.

و قد مرت الاشارة الى مصدر الحديث في ص 97

(4) بالجر على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لوجود أي و لوجود غير هذا الحديث من الأحاديث الواردة في عدم جواز بيع الوقف.

و قد مرت الاشارة إليها في ص 97-98

(5) بالجر عطفا على المجرور (اللام الجارة) في قوله: و لوجود أي و لوجود عدم ما يصلح لمنع المقتضي: و هو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف، فانه ليس يوجد ما يكون صالحا لأن يمنع هذا المقتضي.

فهذه أدلة أربعة لعدم جواز بيع الوقف في الصورة الرابعة.

أليك الأدلة بالتفصيل.

(الأول): وجود المقتضي على عدم جواز بيع مثل هذا الوقف الذي يكون أنفع و أعود للموقوف عليهم.

(الثاني): قول الامام عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف -

ص: 207

ما يصلح للمنع عدا رواية ابن محبوب عن علي بن رئاب عن جعفر ابن حنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقف غلة (1) له على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه، و اوصى (2) لرجل و لعقبه من تلك الغلة ليس بينه و بينه قرابة بثلاثمائة درهم في كل سنة و يقسّم الباقي على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه؟

فقال: جائز للذي اوصى له بذلك.

قلت: أ رأيت إن لم يخرج من غلة تلك الأرض التي اوقفها إلا خمسمائة درهم؟

فقال: أ ليس في وصيته أن يعطى الذي اوصى له من تلك الغلة ثلاثمائة درهم، و يقسّم الباقي على قرابته من ابيه و قرابته من أمه؟

قلت: نعم.

قال: ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم، ثم لهم ما يبقى بعد ذلك.

قلت: أ رأيت إن مات الذي اوصي له؟

قال: إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها بينهم.

فأما إذا انقطع ورثته فلم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم

+++++++++++

- (الثالث): غير هذا الحديث من الأحاديث الواردة في المقام المشار إليها في ص 97-98

(الرابع): عدم ما يصلح مانعا عن منع المقتضي.

(1) المراد من الغلة هنا ارض الغلة أي وقف ارضا للغلة فحذف المضاف و هي الأرض و اقيم المضاف إليه مقامه، للعلم بالمضاف.

(2) لا يخفى أن هذه الوصية كانت في ضمن وقف الأرض للغلة على نحو الشرط على الموقوف عليهم عند ما اوقف الواقف الأرض.

ص: 208

لقرابة الميت يردّ إلى ما يخرج من الوقف، ثم يقسّم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا، و بقيت الغلة.

قلت: فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة؟

قال: نعم إذا رضوا كلّهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا (1)

و الخبر (2) المروي عن الاحتجاج أن الحميري كتب إلى صاحب الزمان جعلني اللّه فداه أنه روي عن الصادق عليه السلام خبر مأثور:

إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بيعه و كان ذلك أصلح لهم أن يبيعوه فهل يجوز أن يشترى من بعضهم إن لم يجتمعوا كلّهم على البيع أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلّهم على ذلك، و عن الوقف الذي لا يجوز بيعه؟.

فأجاب عليه السلام إذا كان الوقف على امام المسلمين فلا يجوز بيعه.

و إذا كان على قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 306. الباب 6 الحديث 9

فقوله عليه السلام: نعم إذا رضوا كلّهم و كان البيع خيرا لهم باعوا: يدل على جواز بيع الوقف عند عدم كفاية ما يخرج من الغلة لمعاشهم في سؤال السائل: أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 208: عدا رواية ابن محبوب أي و عدا الخبر المروي عن الحميري الذي يمكن الاستدلال به على جواز بيع الوقف.

ص: 209

على بيعه مجتمعين و متفرقين إن شاء اللّه (1).

دلت (2) على جواز البيع إما في خصوص ما ذكره الراوي:

و هو كون البيع أصلح.

و إما مطلقا، بناء على عموم الجواب، لكنه مقيد بالأصلح، لمفهوم رواية جعفر (3) كما أنه يمكن حمل اعتبار رضا الكل (4) في رواية

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه) الحديث 9.

(2) أي رواية الحميري دلت على جواز بيع الوقف في قوله عليه السلام في ص 209: فليبع كل قوم ما يقدرون.

(3) المراد برواية جعفر هي رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 208 و إنما عبّر بها بجعفر، لاشتمالها على جعفر، كما أن صدر الرواية مشتمل على علي ابن رئاب فسميت به.

و المراد من مفهوم رواية جعفر معناها، فان معنى خيرا في قوله عليه السلام في ص 209: و كان البيع خيرا لهم: هو أنه إذا كان البيع أصلح لهم، و ليس المراد من المفهوم هنا ما يقابل المنطوق.

فالشيخ قدس سره يقول: إننا نقيد بهذا المفهوم اطلاق الجواز المستفاد من قوله عليه السلام في رواية الحميري في ص 209 فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه، فيراد من جواز البيع البيع المشتمل على المصلحة، لا مطلق البيع فيقيد ذلك العموم بهذا المفهوم.

(4) في قوله عليه السلام في رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 209:

نعم إذا رضوا كلّهم.

خلاصة هذا الكلام أنه كما قيدنا عموم جواز بيع الوقف في رواية الحميري بمفهوم رواية جعفر بن حنان المتقدمة في ص 208 كما عرفت ذلك آنفا. -

ص: 210

جعفر على صورة بيع تمام الوقف، لا اعتباره (1) بما في بيع كل واحد، بقرينة (2) رواية الاحتجاج.

و يؤيد المطلب (3) صدر رواية ابن مهزيار الآتية لبيع حصة ضيعة الامام عليه السلام من الوقف (4).

+++++++++++

- كذلك يمكن حمل اعتبار رضا الكل في رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 208 في قوله عليه السلام: نعم إذا رضوا كلهم:

على صورة إرادة بيع الأرض الموقوفة كلها بقرينة كلمة الأرض الواقعة في سؤال الراوي: فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض حيث إن كلمة الأرض تدل على جميع الأرض، فالسؤال يكون عن بيع كل الأرض، إذ لو لا إرادة بيع كل الأرض لما كان وجه لاعتبار رضا تمام الموقوف عليهم.

(1) أي و ليس المراد من الاعتبار اعتبار رضا الكل في بيع كل واحد من الموقوف عليهم.

(2) هذا تعليل لأنه ليس المراد من الاعتبار اعتبار رضا الكل في بيع كل واحد من الموقوف عليهم أي الدليل على ذلك قوله عليه السلام في رواية الحميري في ص 209: و إذا كان على قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين، أو متفرقين، فانّ أو متفرقين:

يدل على ذلك.

(3) و هو جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح للموقوف عليهم كما افاد ذلك الشيخ بقوله في ص 210: لكنه مقيد بالأصلح.

(4) حيث قال عليه السلام في جواب كتاب علي بن مهزيار:

أعلم فلانا أني آمره ببيع حصتي من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك إليّ. -

ص: 211

و الجواب (1) عن رواية جعفر، فانها إنما تدل على الجواز (2) مع حاجة الموقوف عليهم، لا لمجرد كون البيع أنفع فالجواز مشروط بالأمرين (3) كما تقدم عن ظاهر النزهة (4).

و سيجيء الكلام في هذا القول (5)، بل يمكن أن يقال: إن المراد

+++++++++++

- و الحديث هذا مروي في الصورة العاشرة من صور جواز بيع الوقف و المراد من صدر الرواية هو قوله عليه السلام: أو يقدّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له أي أصلح له، فجملة أوفق له تدل على جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح.

هذا ما يرومه الشيخ من صدر الرواية حسب ما عرفناه من كلام الشيخ قدس سره، و إلا ليس في صدر الرواية ما يدل على ذلك.

(1) من هنا اخذ الشيخ في الرد على الحديثين المستدلين بهما على جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح و أنفع.

(2) أي جواز بيع الوقف إذا كان البيع أنفع بحال الموقوف عليهم

(3) و هما: احتياج الموقوف عليهم بالبيع.

و كون البيع أنفع للموقوف عليهم.

(4) في ص 127 عند نقل الشيخ عن صاحب النزهة بقوله: و عن النزهة لا يجوز بيع الوقف إلا أن يخاف هلاكه، أو يؤدي المنازعة فيه بين أربابه ضرر عظيم، أو يكون فيه حاجة عظيمة شديدة و يكون بيع الوقف أصلح لهم.

فالشاهد في قوله: أو يكون فيه حاجة عظيمة شديدة، و يكون بيع الوقف أصلح لهم، فان هاتين الجملتين تدلان على اشتراط الأمرين المذكورين في الهامش 3.

(5) و هو جواز بيع الوقف مشروطا بالأمرين المذكورين في الهامش 3

ص: 212

بكون البيع خيرا لهم (1) مطلق النفع الذي يلاحظه الفاعل (2) ليكون (3) منشأ لارادته، فليس مراد الامام عليه السلام بيان اعتبار ذلك (4) تعبدا.

بل المراد بيان الواقع الذي فرضه السائل: يعني إذا كان الأمر على ما ذكرت من المصلحة في بيعه جاز.

كما يقال: إذا اردت البيع و رأيته أصلح من تركه فبع.

و هذا (5) مما لا يقول به أحد.

و يحتمل أيضا أن يراد من الخير (6) هو خصوص رفع الحاجة التي فرضها السائل.

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام في رواية علي بن رئاب المشار إليها في ص 208

(2) لا خصوص البيع الذي يكون أنفع لحال الموقوف عليهم.

(3) أي ليكون هذا النفع المطلق الذي لاحظه الفاعل منشأ و سببا لارادته البيع.

بعبارة اخرى أن مطلق النفع يكون مدركا لبيع الوقف، و دليلا عقلائيا له، إذ لو لا هذا السبب و المنشأ لما جاز له بيع الوقف.

(4) أي اعتبار مطلق النفع لا يكون دليلا تعبديا محضا، بل هو دليل عقلائي، و منشأ للبيع.

(5) أي مجرد كون بيع الوقف أنفع للموقوف عليهم لا يكون مدركا لفتوى الفقهاء لبيع الوقف.

(6) في قوله عليه السلام: و كان البيع خيرا لهم المشار إليه في رواية علي بن رئاب في ص 208

ص: 213

و عن المختلف و جماعة الجواب عنها (1) بعدم ظهورها في المؤبد لاقتصارها على ذكر الأعقاب.

و فيه (2) نظر، لأن الاقتصار في مقام الحكاية لا يدل على الاختصاص إذ يصح أن يقال في الوقف المؤبد: إنه وقف على الأولاد مثلا.

و حينئذ فعلى الامام عليه السلام أن يستفصل إذا كان بين المؤبد و غيره فرق في الحكم، فافهم.

و كيف كان ففي الاستدلال بالرواية (3) مع ما فيها من الاشكال على جواز البيع بمجرد الأنفعية إشكال (4)، مع عدم الظفر بالقائل به (5) عدا ما يوهمه ظاهر عبارة المفيد المتقدمة (6).

و مما ذكرنا (7) يظهر الجواب عن رواية الحميري (8).

+++++++++++

(1) أي عن رواية جعفر بن حنان.

(2) أي و في هذا الجواب إشكال.

(3) أي برواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208.

(4) وجه الاشكال أنه لا دلالة في الرواية على جواز بيع الوقف إلا في مورد احتياج الموقوف عليهم و رضائهم بالبيع، و إذا كان البيع خيرا لهم.

(5) أي القائل بجواز بيع الوقف بمجرد وجود الأنفع و الأصلح.

(6) في قوله في ص 122: أو يكون تغيير الشرط في الموقوف أعود عليهم، و أنفع لهم من تركه على حاله.

(7) من أنه لا يقول احد من الفقهاء بجواز بيع الوقف بمجرد كون البيع أنفع للموقوف عليهم.

(8) إذا فلا يكون الاستدلال برواية الحميري صحيحا.

ص: 214

ثم لو قلنا في هذه الصورة (1) بالجواز كان الثمن للبطن الأول البائع يتصرف فيه على ما شاء (2).

و منه (3) يظهر وجه آخر لمخالفة الروايتين (4) للقواعد (5) فان (6) مقتضى كون العين مشتركة بين البطون (7) كون بدلها كذلك (8) كما تقدم من استحالة كون بدله ملكا لخصوص البائع (9) فيكون تجويز البيع في هذه الصورة (10) و التصرف في الثمن رخصة

+++++++++++

(1) أي في الصورة الرابعة التي كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم المشار إليها في ص 206

(2) إذا لا يكون للبطون اللاحقة من هذا الثمن شيء.

و أما كون الثمن للبطن الموجود فلظهور رواية علي بن رئاب و رواية الحميري المتقدمتين في ص 208-210

(3) أي و من عدم تعلق حق للبطون اللاحقة بثمن وقف المبيع إذا كان البيع أنفع للموقوف عليهم.

(4) و هما: رواية علي بن رئاب المشار إليها في ص 208

و رواية الحميري المشار إليها في ص 210

(5) أي للقواعد الفقهية.

(6) هذا تعليل لكيفية مخالفة الروايتين للقواعد الفقهية.

(7) أي البطون الموجودة، و البطون اللاحقة.

(8) أي كذلك يكون بدل العين و هو الثمن مشتركا بين البطون اللاحقة و الموجودة، من غير فرق بينهما.

(9) في ص 170 عند نقله كلام الشهيد: لأنه صار مملوكا على حدّ الملك الأول، إذ يستحيل أن يملك لا على حدّه.

(10) أي في الصورة الرابعة المشار إليها في ص 206

ص: 215

من الشارع للبائع في إسقاط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع.

نظير الرجوع في الهبة المتحقق (1) ببيع الواهب لئلا (2) يقع البيع على المال المشترك فيستحيل (3) كون بدله مختصا.

الصورة الخامسة أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة

(الصورة الخامسة (4) أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة

+++++++++++

(1) بالجر صفة للرجوع أي الرجوع عن الهبة يتحقق ببيع الواهب ما أوهبه للموهوب له.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 215: رخصة أي تجويز بيع الوقف في الصورة الرابعة رخصة من الشارع، لئلا يقع البيع على المال المشترك بين البطون الموجودة، و اللاحقة، لأن الشارع قد اسقط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع حتى يقع البيع على المال المختص بالبطون الموجودة.

(3) الفاء تفريع على ما ذكرناه: من أن الجار و المجرور:

و هو كلمة لئلا في قوله: لئلا يقع البيع.

و خلاصة التفريع أنه لو لم نقل بكون البيع في الصورة الرابعة رخصة من الشارع، و أنه قد أسقط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع يلزم استحالة كون البدل و هو الثمن مختصا بمن لم تكن العين مختصة به

بعبارة اخرى: أنه يلزم دخول الثمن في ملك من لم يخرج المثمن و هي العين الموقوفة عن ملكه، إذ العين كانت مشتركة بين البطون الموجودة و اللاحقة، فلا بد من رفع هذا المحذور من القول بكون الثمن مشتركا بين البطنين الموجودة، و اللاحقة حتى لا يلزم الاستحالة المذكورة التي اشرنا إليها آنفا.

(4) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

ص: 216

و قد تقدم عن جماعة تجويز البيع في هذه الصورة (1)

بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه (2).

و تدل عليه (3) رواية جعفر المتقدمة.

و يرده (4) أن ظاهر الرواية أنه يكفي في البيع عدم كفاية غلة

+++++++++++

(1) عند نقله عنهم في ص 127 بقوله:

فقال في الوسيلة: أو حاجة بالموقوف عليه شديدة لا يمكنه معها القيام

و قال في الجامع: أو كان بهم حاجة شديدة.

و قال الراوندي في فقه القرآن: أو كان بأربابه حاجة شديدة.

و عن النزهة: أو يكون فيهم حاجة عظيمة شديدة.

(2) أي على تجويز بيع الوقف في الصورة الخامسة المشار إليها في ص 216

(3) أي و على جواز بيع الوقف في الصورة الخامسة تدل رواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208 في قوله عليه السلام في جواب السائل عن بيع الأرض الموقوفة أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة؟

نعم إذا رضوا كلهم و كان البيع خيرا لهم باعوا.

(4) أي و يرد الاستدلال بالرواية المذكورة على جواز بيع الوقف عند عروض ضرورة شديدة على الموقوف عليهم.

من هنا يروم الشيخ أن يرد الاستدلال المذكور.

و خلاصة الرد: أن رواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208 إنما تدل على جواز بيع الوقف عند عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم و ليس فيها ما يدل على عروض ضرورة شديدة على الموقوف عليهم و هذا المقدار من عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم -

ص: 217

الأرض لمئونة سنة الموقوف عليهم كما لا يخفى.

و هذا (1) أقل مراتب الفقر الشرعي.

و المأخوذ (2) من عبائر من تقدم من المجوزين اعتبار الضرورة و الحاجة الشديدة

+++++++++++

- أقل مراتب الفقر الشرعي الموجب لجواز بيع الوقف.

فالرواية لا تصلح للاستدلال بها على المدّعى.

نعم في عبارات كثير من أعلام الطائفة كما عرفتها في الهامش 1 ص 217 اعتبار الضرورة، و الحاجة الشديدة في جواز بيع الوقف.

إذا يكون بين الضرورة، و الحاجة الشديدة المستفادة من العبائر المذكورة، و بين مطلق الفقير عموم و خصوص من وجه.

لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب الضرورة و الحاجة: بأن يكون الفقر موجودا و لا تكون الحاجة و الضرورة موجودة كما في عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم، إذ عدم الكفاية كما عرفت أقلّ مراتب الفقر.

و أما مادة الافتراق من جانب الفقر: بأن تكون الضرورة موجودة و الفقر ليس موجودا كما في المتمكن من مئونة سنته و قد عرضت له حاجة شديدة ضرورية.

و أما مادة الاجتماع فكما في عدم كفاية الغلة لمئونة سنتهم، مع الحاجة الضرورية لهم في بيع الوقف.

(1) أي عدم كفاية الغلة لمئونة سنتهم كما عرفت آنفا.

(2) أي و الحال أن كثيرا من أعلام الطائفة اعتبر الحاجة الشديدة و الضرورة الملجئة للبيع.

ص: 218

و بينها (1) و بين مطلق الفقير عموم من وجه، إذ قد (2) يكون فقيرا و لا يتفق له حاجة شديدة، بل مطلق الحاجة، لوجدانه من مال الفقراء ما يوجب التوسعة عليه.

و قد (3) يتفق الحاجة و الضرورة الشديدة في بعض الأوقات لمن يقدر على مئونة سنته.

فالرواية (4) بظاهرها غير معمول بها.

مع (5) أنه قد يقال: إن ظاهر الجواب جواز البيع بمجرد رضا

+++++++++++

(1) أي و بين الحاجة و الضرورة.

من هنا يريد الشيخ أن يذكر وجه النسبة بين الحاجة و الضرورة و بين مطلق الفقير العموم و الخصوص من وجه.

و قد عرفت ذلك في ص 218.

(2) هذه مادة الافتراق من جانب الضرورة كما عرفت في ص 218

(3) هذه مادة الافتراق من جانب الفقر كما عرفت في ص 218

(4) الفاء نتيجة لما افاده: من أن رواية جعفر بن حنان لا يصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف لعروض حاجة شديدة، و مهمة ضرورية أي نتيجة ما قلناه: من الايراد أن رواية جعفر بن حنان ساقطة عن الاعتبار، لظهورها في جواز بيع الوقف عند عدم كفاية غلة الأرض لمئونة سنتهم.

(5) هذا إشكال آخر على الاستدلال برواية جعفر بن حنان أي بالإضافة إلى ذلك الاشكال هنا إشكال آخر: و هو إمكان أن يقال:

إن ظاهر جواب الامام عليه السلام عن جواز بيع الوقف هو الجواز -

ص: 219

الكل، و كون البيع أنفع و لو لم تكن حاجة.

و كيف كان فلا يبقى للجواز عند الضرورة الشديدة إلا الاجماعان (1) المعتضدان بفتوى جماعة.

و في الخروج بهما (2) عن قاعدة عدم جواز البيع، و عن قاعدة وجوب كون الثمن على تقدير البيع غير مختص بالبطن الموجود، مع وهنهما (3) بمصير جمهور المتأخرين، و جماعة من القدماء إلى الخلاف بل معارضتهما بالاجماع المدعى في السرائر إشكال (4).

الصورة السادسة أن يشترط الواقف بيعه عند الحاجة

(الصورة السادسة (5) أن يشترط الواقف بيعه عند الحاجة أو إذا كان فيه مصلحة للبطن الموجود، أو جميع البطون، أو عند مصلحة خاصة على حسب ما يشترط.

فقد اختلفت كلمات العلامة، و من تأخر عنه في ذلك (6).

فقال (7) في الارشاد: لو شرط بيع الوقف عند حصول ضرر

+++++++++++

- بمجرد رضا الكل، و كون البيع أنفع لهم من غير توقف البيع على وجود حاجة شديدة، و ضرورة مهمة.

(1) و هما: اجماع السيد المرتضى في كتابه: الانتصار المشار إليه في ص 124 و اجماع السيد ابي المكارم ابن زهرة في كتابه: الغنية المشار إليه في ص 126

(2) أي بهذين الاجماعين المعتضدين بفتوى جماعة من الفقهاء.

(3) أي مع وهن الاجماعين المدّعين في الانتصار و الغنية.

(4) مبتدأ مؤخر خبره قوله: و في الخروج.

(5) أي من صور جواز بيع الوقف التي قالها الشيخ في ص 161

(6) أي جواز بيع الوقف إذا اشترط الواقف بيعه عند الحاجة أو إذا كان في البيع مصلحة للبطن الموجود.

(7) أي العلامة قدس سره.

ص: 220

كالخراج، و المؤن من قبل الظالم، و شراء غيره بثمنه فالوجه الجواز انتهى.

و في القواعد: و لو شرط بيعه عند الضرورة كزيادة خراج، و شبهه و شراء غيره بثمنه، أو عند خرابه و عطلته، أو خروجه عن حد الانتفاع، أو قلة نفعه ففي صحة الشرط إشكال.

و مع البطلان (1) ففي إبطال الوقف (2) نظر، انتهى.

و ذكر في الايضاح في وجه (3) الجواز رواية جعفر بن حنان المتقدمة (4) قال: فاذا جاز بغير شرط فمع الشرط أولى.

و في وجه (5) المنع أن الوقف للتأبيد و البيع ينافيه.

قال (6): و الأصح أنه لا يجوز بيع الوقف بحال (7)، انتهى.

قال الشهيد في الدروس: و لو شرط الواقف بيعه عند حاجتهم أو وقوع الفتنة بينهم فأولى بالجواز (8)، انتهى.

+++++++++++

(1) أي بطلان الشرط المذكور.

(2) أي أصل هذا الوقف المشروط بشرط بيعه عند الحاجة أو إذا كان فيه مصلحة البطن الموجود.

(3) أي في علة جواز بيع الوقف المشروط بالشرط المذكور.

(4) في ص 208

(5) أي و في علة منع بيع الوقف المشروط بالشرط المذكور.

(6) أي فخر المحققين في الايضاح.

(7) أي سواء شرط الواقف بيعه عند الحاجة أم لم يشترط.

(8) أي جواز بيع الوقف المشروط أولى من بيع الوقف غير المشروط بالبيع عند الوقف.

ص: 221

و يظهر منه (1) أن للشرط تأثيرا و أنه يحتمل المنع (2) من دون الشرط و التجويز معه (3).

و عن المحقق الكركي أنه قال: التحقيق أن كل موضع قلنا بجواز بيع الوقف يجوز اشتراط البيع في الوقف إذا بلغ تلك الحالة (4) لأنه شرط مؤكد، و ليس (5) بمناف للتأبيد المعتبر في الوقف لأنه (6) مقيد واقعا بعدم حصول احد أسباب البيع، و إلا (7) فلا للمنافاة (8)

+++++++++++

(1) أي من كلام الشهيد في الدروس.

(2) أي منع بيع الوقف.

(3) أي جواز بيع الوقف مع شرط البيع عند عروض الحاجة إلى البيع.

(4) و هي الحاجة، أو وجود المصلحة في البيع للبطون الموجودة

(5) أي و ليس شرط بيع الوقف منافيا للتأبيد المعتبر في الوقف

(6) تعليل لعدم كون شرط البيع في الوقف منافيا للتأبيد المعتبر في الوقف.

و خلاصته: أن التأبيد المعتبر في الوقف مقيد في الواقع و نفس الأمر بعدم وجود أسباب البيع التي هي الحاجة الشديدة، أو وجود المصلحة في البيع للبطون الموجودة، أو وقوع الاختلاف بين أرباب الموقوف عليهم، فانه لو لا هذه الأسباب لما جاز بيع الوقف، لمنافاة البيع للتأبيد المعتبر في الوقف.

(7) أي و إن لم يحصل أحد أسباب البيع فلا يجوز بيع الوقف.

(8) تعليل لعدم جواز بيع الوقف إذا لم يوجد أحد أسباب البيع و قد عرفت التعليل عند قولنا: لمنافاة البيع للتأبيد المعتبر في الوقف.

ص: 222

فلا (1) يصح حينئذ حبسها، لأن (2) اشتراط شراء شيء بثمنه يكون وقفا مناف لذلك (3)، لاقتضائه (4) الخروج عن الملك

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده من أن التأبيد المعتبر في الوقف مقيد في الواقع و نفس الأمر بعدم حصول احد أسباب البيع، أي ففي ضوء ما ذكرناه فلا يجوز حبس العين الموقوفة لو وجد احد أسباب البيع المذكورة.

(2) تعليل لعدم جواز تحبيس العين الموقوفة.

و خلاصته: أن اشتراط الواقف بيع الوقف عند عروض أحد أسباب البيع، ليشترى بثمنه شيئا يوقف طبق الأصل مناف لتحبيس العين في صورة عدم بيعها.

(3) أي لتحبيس العين كما علمت آنفا.

(4) تعليل لكون اشتراط شراء شيء بثمنه مناف لتحبيس العين الموقوفة.

و خلاصته: أن اشتراط الواقف بيع العين، و شراء شيء بثمنه يقتضي خروج المحبوس عن ملك الحابس و هو الواقف و الحال أن المحبوس لا يخرج عن ملك الحابس، بل هو باق فيه، و لو لا البقاء لما كان هناك فرق بين الحبس، و الوقف، فاذا خرج المحبوس عن ملك الحابس فلا يبقى وقفا و لا حبسا.

أما عدم كونه وقفا فلأن الواقف اشترط بيع العين، و البيع مناف للوقف.

و أما عدم كونه حبسا فلاجل أن الواقف اشترط شراء شيء بثمن المبيع مكان العين المبيعة يكون وقفا و هذا الشرط مناف للتحبيس.

ص: 223

فلا يكون وقفا و لا حبسا، انتهى (1).

(أقول (2): و يمكن أن يقال بعد التمسك

+++++++++++

(1) أي ما افاده المحقق الكركي في هذا المقام.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يرد على ما افاده المحقق الكركي في هذا المقام.

و خلاصته: أن لنا دليلا آخر على جواز بيع الوقف بالإضافة إلى ما ذكرناه من الدليل على الجواز.

مثل قوله عليه السلام: الوقوف تكون حسب ما يوقفها اهلها المشار إليه في ص 97

و مثل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم المشار إليه في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 191

و ذلك الدليل هو عدم ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف و مفهومه، إذ الدوام لم يؤخذ في حقيقة الوقف و ماهيته حتى يكون البيع منافيا لمقتضاه، فلو اشترط الواقف في متن العقد جواز بيع الوقف صح و لم يكن مخالفا لمقتضى الوقف، فلم يثبت المنافاة حتى لا يصح اشتراط البيع للواقف في متن العقد.

فالخلاصة: أن الوقف و إن كان بمعنى الحبس، و معنى الحبس هو حبس الشيء عن جميع التصرفات فيه، و لازم هذا هو أن التصرف في الوقف يكون منافيا له.

لكنه لا يراد من الحبس مطلق الحبس حتى ينافيه اشتراط شيء من التصرفات فيه.

بل يراد منه الحبس المقيد الذي هو عدم جواز التصرف فيه من قبل بعض الطبقات الموقوف عليهم كيف أرادوا و شاءوا: -

ص: 224

في الجواز (1) بعموم الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها، و المؤمنون عند شروطهم: بعدم (2) ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف فلعله (3) مناف لاطلاقه، و لذا (4) يجتمع الوقف مع جواز البيع عند طروّ مسوّغاته، فان التحقيق كما عرفت سابقا (5) أن جواز

+++++++++++

(1) أي في جواز بيع الوقف كما علمت آنفا.

(2) الجار و المجرور مرفوع محلا نائب فاعل لكلمة يقال في قوله في ص 224: و يمكن أن يقال.

(3) أي فلعل جواز بيع الوقف مناف لاطلاقه.

بعد أن انكر الشيخ المنافاة بين الوقف، و بين بيعه مفهوما و مقتضى اراد أن يحتمل المنافاة بينهما اطلاقا فقال:

و لعل المنافاة لاطلاقه.

بيان ذلك: أن الواقف تارة يوقف و يطلق و لم يقيد الوقف بشيء من حيث المدة: بأن قال: وقفت الشيء الفلاني فقد استفيد من اطلاقه هنا الدوام و الاستمرار.

فهنا لا يجوز بيع الوقف، لأن بيعه مناف لاطلاقه.

(و اخرى) يوقف و يقيد من بادئ الأمر و يقول: وقفت هذا الشيء على بني هاشم، و إذا عرضت لهم حاجة شديدة جاز لهم بيع الوقف.

فهنا لا يكون اطلاق حتى يكون البيع منافيا، إذ الواقف من بادئ الأمر قيّد الوقف و لم يطلقه.

فالدوام و الاستمرار لم يؤخذا في مفهومه حتى يتحقق المنافاة:

(4) أي و لاجل أن بيع الوقف لم يكن منافيا لمقتضى للوقف و مفهومه بل منافيا لاطلاقه.

(5) عند قوله في ص 107: و فيه أنه

ص: 225

البيع لا يبطل الوقف، بل هو وقف يجوز بيعه فاذا بيع خرج عن كونه وقفا.

ثم إنه لو سلم المنافاة (1) فانما هو بيعه للبطن الموجود، و اكل ثمنه.

و أما تبديله (2) بوقف آخر فلا تنافي بينه، و بين مفهوم الوقف

فمعنى (3) كونه حبسا كونه محبوسا من أن يتصرف فيه بعض طبقات الملاّك على نحو الملك المطلق.

و أما حبس شخص الوقف فهو لازم لاطلاقه، و تجرده عن مسوغات الابدال شرعية كانت كخوف الخراب، أو يجعل الواقف كالاشتراط

+++++++++++

(1) أي بين الوقف، و بين بيعه مفهوما.

هذا تنازل من الشيخ و مماشاة منه مع الخصم أي أننا لا نسلم المنافاة كما علمت.

و على فرض التسليم، فان المنافاة يكون في البيع من قبل البطن الموجود و اكل ثمنه، من دون تبديله بشراء شيء و وقفه.

و أما إذا بيع و اشتري بثمنه شيء و استبدل مكانه و اوقف فلا منافاة بين الوقف و البيع.

(2) عرفت معنى هذا آنفا عند قولنا: و أما إذا بيع.

(3) هذا تفريع على ما افاده: من عدم المنافاة بين الوقف و بين بيعه مفهوما، و أن المنافاة إن احتمل فاطلاقا.

و قد ذكرنا خلاصة هذا التفريع في الهامش 2 ص 224 عند قولنا:

و الخلاصة: أن الوقف و إن كان بمعنى الحبس فراجع و امعن في مطالعة ما ذكرناه في الخلاصة، فان ما افاده قدس اللّه روحه دقيق جدا و قد شرحناه لك بفضل الباري عز و جل شرحا وافيا لتكون محيطا بجوانب الموضوع.

ص: 226

في متن العقد، فتأمل (1).

ثم إنه روي صحيحا في الكافي ما ذكره امير المؤمنين عليه السلام في كيفية وقف ماله في عين ينبع (2).

و فيه (3) فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه فيه، و إن شاء جعله شروى (4) الملك

+++++++++++

(1) لعله اشارة إلى منع كون حبس شخص الوقف من لوازم اطلاق الوقف، بل هو من لوازم مفهومه.

(2) بفتح الياء و سكون النون، و ضم الباء و العين وزان ينصر حصن كبير، له عيون ماء و نخيل و زروع واقعة في طريق الحاج جائيا من مصر.

و هو مرفأ صغير، و مدينة واقعة على ساحل جزيرة العرب غربا من (بلاد المملكة العربية السعودية).

و قد اشتهر حتى الآن بالحنة و كثرة نخله.

(3) أي و في الكافي من جملة الحديث الوارد عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في الوقف.

(4) لقد جال بعض المحشين على (المكاسب) يمنة و يسرة حول تفسير هذه الكلمة و أفاد بما لا مقتضي له.

و نحن نفسرها لك حسب معناها اللغوي المناسب لها، و حسب القرينة المقامية المقتضية لتفسيرنا.

إليك التفسير:

شروى بفتح الشين و سكون الراء و فتح الواو و زان فعلى.

معناه المثل أي فان اراد ابني الحسن أن يبيع قسما من المال الموقوف فليبع، و إن اراد شراء مثل الملك الذي باعه فليفعل و لا حرج عليه

ص: 227

و إن ولد علي و أموالهم إلى الحسن بن علي، و إن كان دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها (1) فليبعها إن شاء، و لا حرج عليه فيه، فان باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث: فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و يجعل ثلثا في بني هاشم و بني المطلب، و يجعل ثلثا في آل أبي طالب و أنه يضعه فيهم حيث يراه اللّه.

ثم قال و إن حدث بحسن بن علي حدث و حسين حيّ، فان الآخر منهما ينظر في بني علي إلى أن قال: فانه يجعله في رجل يرضاه من بني هاشم و أنه يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على اصوله، و ينفق الثمرة، حيث امره به من سبيل اللّه و وجوهه، و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب، و القريب و البعيد، لا يباع شيء منه، و لا يوهب

+++++++++++

(1) قد احتمل بعض شراح الكتاب في مرجع الضمير احتمالين:

(الأول): كون المرجع الدار الراجعة لشخص الامام (أبي محمد الحسن الزكي) عليه السلام.

(الثاني): الدار التي اوقفها (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و هذا هو الأقرب إلى الصواب، لأن الكلام في جواز بيع الوقف و عدمه، و دار (الامام ابي محمد الحسن) عليه السلام خارجة عن الاستشهاد بجواز البيع و عدمه، لأنها ملك طلق له، فلا بد من أن يكون الاستشهاد بدار (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و أما القرينة المقامية الدالة على أن المراد من الدار هي الدار الراجعة للوقف، فقوله عليه الصلاة و السلام: فان باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث، فان هذه الجملة صريحة في أن المراد من الدار هي الدار التي اوقفها (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

ص: 228

و لا يورث، الرواية (1).

و ظاهرها (2) جواز اشتراط البيع في الوقف لنفس البطن الموجود فضلا عن البيع لجميع البطون (3) و صرف ثمنه فيما ينتفعون به، و السند (4) صحيح، و التأويل مشكل (5)

+++++++++++

(1) أي إلى آخر الرواية.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 312-313 الباب 10 الحديث 4 و الحديث طويل.

و في الحديث مع المذكور في المصدر اختلاف كثير، فاصلاحه يحتاج إلى تصرف زائد.

و حرصنا البالغ على امانة النقل اوجب ابقاءه على علاته فمن اراد الاصلاح فعليه بمراجعة المصدر.

ثم إن في الحديث جملتين يستشهد بهما على جواز بيع الوقف:

(الأولى): قوله عليه السلام: فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه.

(الثانية): قوله عليه السلام: فبدا له أن يبيعها فليبعها، فهاتان الجملتان صريحتان في جواز بيع الوقف مشروطا عند إجراء صيغة الوقف

(2) أي ظاهر هذه الرواية جواز بيع الوقف مشروطا.

وجه الظهور قوله عليه السلام: فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل، فان هذا الجواز قد شرط في ضمن متن العقد.

(3) أي السابقة و اللاحقة.

(4) أي سند هذه الرواية المشار إليها في الهامش 1

(5) أي و تأويل هذه الرواية مشكل، لأن الجملتين المشار إليهما -

ص: 229

و العمل أشكل (1).

الصورة السابعة أن يؤدي بقاؤه إلى خرابه علما أو ظنا

(الصورة السابعة (2) أن يؤدي (3) بقاؤه إلى خرابه علما أو ظنا: و هو المعبر عنه بخوف الخراب في كثير من العبائر المتقدمة (4)

+++++++++++

- في الهامش 1 ص 229 ظاهرتان و صريحتان في جواز بيع الوقف مشروطا عند متن العقد، و إجراء صيغة الوقف فكيف تأوّل الرواية؟

(1) الظاهر أن وجه الأشكلية هو إعراض الأصحاب رضوان اللّه عليهم عن العمل بالرواية.

لكن لا يخفى أنه بعد القول بعدم وجود المنافاة بين الوقف، و بين شرط جواز بيعه و لو قلنا بتملك البطن الموجود للثمن كما ذهب إليه بعض الفقهاء. لا يبقى مجال للاشكال في جواز بيع الوقف.

و قد علمت ما افاده شيخ الامة شيخنا المفيد قدس سره في جواز بيع الوقف عند اشتراطه متى احتيج إلى ثمنه عند قوله في ص 122:

و في اشتراط الواقف في الوقف أنه متى احتاج في حياته، لفقر كان له بيعه، و صرف ثمنه في مصالحه جاز له فعل ذلك.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف التي قالها الشيخ في ص 161

(3) هذا هو القسم الأول للصورة السابعة.

(4) كما في عبارة المفيد في ص 123

و كعبارة الانتصار في ص 124

و كعبارة المبسوط في ص 126

و كعبارة الغنية في ص 126

و كعبارة الوسيلة في ص 127

و كعبارة جامع المقاصد في ص 127

و كعبارة النزهة في ص 127 -

ص: 230

و الاداء إلى الخراب قد يكون للخلف بين أربابه، و قد يكون لا له (1)

و الخراب المعلوم، أو المخوف قد يكون على حدّ سقوطه من الانتفاع نفعا معتدا به (2).

و قد يكون على وجه نقص المنفعة (3).

و أما إذا (4) فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر كانتفاعه السابق، أو أزيد فلا يجوز بيعه، إلا على ما استظهره بعض من تقدم كلامه سابقا (5): من أن تغير عنوان الوقف يسوغ بيعه.

و قد عرفت ضعفه (6).

و قد عرفت من عبائر جماعة تجويز البيع في صورة التأدية إلى الخراب

+++++++++++

- و كعبارة الشرائع في ص 127-128

و كعبارة اللمعة في ص 130

و كعبارة التنقيح في ص 131

و كعبارة إيضاح النافع في ص 131

(1) أي و قد يكون الاداء إلى الخراب لا لأجل الاختلاف بين الموقوف عليهم، بل لامور اخرى.

(2) كما في الصورة الثانية المشار إليها في ص 187

(3) كما في الصورة الثالثة المشار في ص 203

(4) هذا هو القسم الثاني للصورة السابعة.

(5) كما افاد هذا المعنى الشيخ صاحب الجواهر قدس سره في ص 193 عند قوله: قد يقال بانعدام عنوان الوقف فيما اذا وقف بستانا مثلا لكن ليس من عنوان الوقف.

(6) عند قوله في ص 199: اقول يرد على ذلك.

ص: 231

و لو لغير الاختلاف (1) و من اخرى (2) تقييدهم به.

الصورة الثامنة: أن يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال، أو النفس و إن لم يعلم، أو يظن بذلك

(الصورة الثامنة (3): أن يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال، أو النفس و إن لم يعلم، أو يظن بذلك (4) فان الظاهر من بعض العبارات السابقة جوازه (5) لذلك، خصوصا

+++++++++++

(1) كما في عبارة شيخنا المفيد قدس سره المنقولة هنا في ص 123:

إلا أن يخرب الوقف.

و كما في عبارة السيد المرتضى قدس سره في الانتصار المنقولة في ص 124: بأن الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا.

و كما في عبارة المبسوط المنقولة هنا في ص 126: إذا خيف على الوقف الخراب فحينئذ يجوز لهم بيعه.

و كما في عبارة الوسيلة المنقولة هنا في ص 127: الخوف من خرابه.

(2) أي و كما عرفت من عبائر جماعة اخرى من تقييد تأدية الوقف إلى الخراب بصورة وقوع الاختلاف بين أرباب الموقوف عليه.

كما في عبارة الشرائع المقولة هنا في ص 127: ما لم يؤدّ بقاؤه إلى خرابه، لخلف بين أربابه.

و كما في عبارة اللمعة الدمشقية المنقولة هنا في ص 130: لو ادّى بقاؤه إلى خرابه، لخلف أربابه.

(3) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ في ص 161 بقوله: فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(4) أي بتلف المال، أو النفس.

(5) أي جواز بيع الوقف لخوف تلف المال، أو النفس كما عرفت في عبارة جامع المقاصد المنقولة هنا في ص 127: أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس.

ص: 232

من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب.

الصورة التاسعة: أن يؤدي الاختلاف منهم إلى ضرر عظيم من غير تقييد بتلف المال

(الصورة التاسعة (1): أن يؤدي الاختلاف منهم إلى ضرر عظيم من غير تقييد بتلف المال، فضلا عن خصوص الوقف.

الصورة العاشرة: أن يلزم فساد تستباح منه الأنفس.

(الصورة العاشرة (2): أن يلزم فساد تستباح منه الأنفس.

و الأقوى (3) الجواز، مع تأدية البقاء إلى الخراب على وجه

+++++++++++

(1) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ بقوله في ص 161: و اعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ قدس سره في ص 161 بقوله: و اعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(3) لا يخفى عليك أن الشيخ قدس سره لم يذكر حكم الصورة السابعة و الثامنة و التاسعة و العاشرة.

بخلاف بقية الصور فقد ذكر حكمها.

فقد اخذ الشيخ من هنا ذكر حكم الصورة السابعة إلى العاشرة بنحو التفصيل بعد أن ذكر حكم هذه الصور الأربعة بنحو الاجمال فقال:

الأقوى الجواز أي جواز بيع الوقف في الصورة السابعة.

ثم لا يخفى عليك أن هذه الصورة على قسمين:

(الأول): تأدية بقاء الوقف إلى الخراب على وجه لا ينتفع به أصلا نفعا معتدا به عرفا.

(الثاني): جواز الانتفاع بالوقف بعد خرابه بنحو آخر غير عنوان الوقف الذي اوقفه الواقف.

و الانتفاع في هذا القسم تارة بنحو الانتفاع السابق، و اخرى أزيد من ذلك.

أما القسم الأول فقد اشرنا إليه في الهامش 3 ص 230

ص: 233

لا ينتقع به نفعا يعتد به عرفا، سواء أ كان لأجل الاختلاف أم غيره و المنع في غيره من جميع الصور.

(أما) (1) الجواز في الأول فلما مر من الدليل على جواز بيع ما سقط عن الانتفاع (2)،

+++++++++++

- و أما القسم الثاني فقد اشرنا إليه أيضا في الهامش 4 ص 231

فالشيخ قدس سره أفاد الجواز في القسم الأول من الصورة السابعة بقوله في ص 235: و الأقوى الجواز مع تأدية بقاء الوقف إلى الخراب.

(1) من هنا أخذ الشيخ في جواز بيع الوقف في القسم الأول من الصورة السابعة.

(2) كما في الصورة الأولى من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161

و كما في الصورة الثانية من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 187

غرض الشيخ قدس سره من هذا هو دفع ما يمنع من التمسك بالعمومات الدالة على جواز بيع الوقف كما ذكرت العمومات في الصورة الأولى و الثانية، لأن المانع من البيع إما الأدلة المانعة كما يذكرها الشيخ

و إما حق الواقف و مراعاة غرضه من الوقف: و هو بقاء الوقف على حاله، لينتفع به الموقوف عليهم.

و إما حق الموقوف عليهم.

و لا يخفى أن الكل غير صالحة للمنع.

أما الأدلة المانعة فلانصرافها إلى الوقف الذي لا يؤول خرابه إلى حد عدم الانتفاع به نفعا معتدا به، فانه لا يجوز بيع مثل هذا الوقف لجواز الانتفاع به نوعا ما. -

ص: 234

فان الغرض من عدم البيع (1) عدم انقطاع شخصه فاذا فرض العلم

+++++++++++

- بخلاف ما آل خرابه إلى حد لا ينتفع به اصلا، فانه يجوز بيعه

و أما حق الواقف و غرضه من الوقف فيمكن تداركه بالبدل الذي يشترى بثمن الوقف المبيع عوضا من الأصل، فلا يكون بيع الوقف مفوتا لغرضه.

و أما حق الموقوف عليهم فيمكن الاحتفاظ به، بضميمة أولياء البطون اللاحقة بتصديهم للبيع.

(1) حاصل هذا الكلام: أن الغرض من عدم جواز بيع الوقف هو عدم انقطاع شخصه، ليبقى على ما كان حتى يحصل غرض الواقف بانتفاع الموقوف عليهم به.

فاذا فرض العلم، أو الظن بانقطاع شخص الوقف و صفته بخرابه

ثم دار الأمر بين انقطاع شخصه و نوعه رأسا و بالمرة و بالكلية بحيث لا يبقى منه اثر اذا لا يباع.

و بين انقطاع شخصه فقط، لا نوعه اذا بيع.

فهنا يكون الثاني: و هو انقطاع شخصه، لا نوعه أولى من انقطاع شخصه و نوعه.

خذ لذلك مثالا:

بنى شخص مدرسة دينية لطلاب العلوم الدينية ثم بعد ذلك خربت المدرسة بخراب المدينة و اصبحت عرصة لا تفيد لشيء سوى الزراعة و ذهبت صفة المدرسة، و زال شخصها.

فهنا لو بيعت العرصة و اشتريت بثمنها دارا لسكنى الطلاب، أو بنيت به مدرسة في مكان آخر، ليحصل غرض الواقف لكان أولى من عدم بيعها لحصول غرض الواقف من البيع في صورة البيع، لبقاء نوع الوقف -

ص: 235

أو الظن بانقطاع شخصه فدار الأمر بين انقطاع شخصه و نوعه، و بين انقطاع شخصه، لا نوعه: كان الثاني أولى، فليس فيه (1) منافاة لغرض الواقف أصلا.

و أما الأدلة الشرعية (2) فغير ناهضة، لاختصاص الاجماع و انصراف النصوص (3) إلى غير هذه الصورة (4).

و أما الموقوف عليهم (5) فالمفروض اذن الموجود منهم، و قيام الناظر العام، أو الخاص مقام غير الموجود.

+++++++++++

- و إن ذهبت صفته، و عدم حصول الغرض في صورة البقاء، لو لم نجوز نجوز البيع.

(1) أي في بيع الوقف.

هذا رد على الدليل الثاني للقائل بعدم جواز بيع الوقف.

و قد اشرنا إليه في الهامش 2 ص 234 بقولنا: و إما حق الواقف.

(2) و هي الأدلة التي اقاموها على عدم جواز بيع الوقف.

و قد اشير إليها في الهامش 2 ص 234

من هنا يروم الشيخ أن يرد تلك الأدلة.

(3) و هي التي اشير إليها في ص 97-98

(4) و هي الصورة السابعة.

و المراد من الغير بقية الصور العشر.

(5) هذا رد على الدليل الثالث للمستدل على عدم جواز بيع الوقف و قد اشرنا إلى الدليل الثالث في الهامش 2 ص 234 عند قولنا:

و إما حق الموقوف عليهم.

و إلى الرد بقولنا في الهامش 1 ص 235: و أما حق الموقوف عليهم.

ص: 236

نعم قد يشكل الأمر (1) فيما لو فرض تضرر البطن الموجود من بيعه، للزوم تعطيل الانتفاع إلى زمان وجدان البدل، أو كون البدل قليل المنفعة بالنسبة إلى الباقي.

و مما ذكر (2) يظهر أنه يجب تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء، مع عدم فوات الاستبدال فيه.

و مع فوته (3) ففي تقديم البيع إشكال (4).

و لو دار الأمر بين بيعه و الابدال به، و بين صرف منفعته الحاصلة مدة من الزمان لتعميره ففي ترجيح حق البطن الذي تفوته المنفعة أو حق الواقف و سائر البطون المتأخرة المتعلق بشخص الوقف؟

وجهان: لا يخلو أولهما (5) عن قوة إذا لم يشترط الواقف اصلاح الوقف من منفعته مقدّما على الموقوف عليه.

و قد يستدل على الجواز (6) فيما ذكرنا بما عن التنقيح: من أن

+++++++++++

(1) و هو بيع الوقف.

(2) و هو تضرر البطن الموجود ببيع الوقف في الصورة السابعة للزوم البيع عدم انتفاع البطن الموجود من الثمن بتعطيله إلى زمان وجدان البدل، أو بسبب كون البدل قليل المنفعة.

(3) أي و مع فوت استبدال ثمن الوقف المبيع لشراء ملك آخر مكانه

(4) وجه الاشكال: أنه في صورة عدم جواز بيع الوقف يتضرر البطن الموجود بتلف الوقف بأوله إلى الخراب، فيقدم البيع للبطن الأول.

(5) و هو ترجيح حق البطن الذي تفوته المنفعة إذا لا يباع الوقف و يشترى بثمنه شيء آخر مكانه.

(6) أي جواز بيع الوقف في القسم الأول من الصورة السابعة.

ص: 237

بقاء الوقف على حاله و الحال هذه (1) اضاعة، و إتلاف للمال و هو منهي عنه شرعا فيكون البيع جائزا.

و لعله أراد (2) الجواز بالمعنى الأعم فلا يرد عليه أنه يدل على وجوب البيع.

و فيه (3) أن المحرم هو اضاعة المال المسلط عليه، لا ترك المال الذي لا سلطان عليه إلى أن يخرب بنفسه، و إلا (4) لزم وجوب تعمير الأوقاف المشرفة على الخراب بغير البيع مهما امكن، مقدما

+++++++++++

(1) و هو أداء الوقف إلى الخراب بحيث يسقط عن الانتفاع نفعا معتدا به.

(2) أي صاحب التنقيح اراد من جواز بيع الوقف من قوله:

فيكون البيع جائزا معناه الأعم: و هو الوجوب، و الندب، و الكراهة لا معناه الأخص الذي هي الاباحة حتى لا يدخل الوجوب فيه ثم يقال:

إن قوله هذا يدل على وجوب البيع.

(3) أي و فيما استدل به صاحب التنقيح على جواز بيع الوقف:

من أن بقاء الوقف على حاله و الحال هذه اضاعة و اتلاف للمال:

نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أن المراد من الاضاعة و الاتلاف المحرم هو اضاعة المال الذي يكون تحت تسلط الانسان بشخصه و بنفسه لا ما كان خارجا عن تحت سلطنته إلا في زمان خرابه كما في الوقف الذي آل إلى الخراب، فان هذا النوع من التسليط لا يسمّى تسلطا مضيعا و مفوّتا للمال.

(4) أي و لو كان المراد من التسلط هو التسلط بعد الخراب لكان اللازم وجوب تعمير جميع الأوقاف المشرفة على الخراب، و آلت إليه

ص: 238

على البيع، أو إذا لم يمكن البيع.

و الحاصل أن ضعف هذا الدليل (1) بظاهره واضح و يتضح فساده على القول بكون الثمن للبطن الموجود لا غير.

و يتلوه (2) في الضعف ما عن المختلف و التذكرة و المهذب و غاية المرام، من أن الغرض من الوقف استيفاء منافعه و قد تعذرت (3) فيجوز اخراجه عن حده، تحصيلا (4) للغرض منه، و الجمود على العين (5) مع تعطيلها تضييع للغرض.

كما أنه لو (6) تعطل الهدي ذبح في الحال،

+++++++++++

(1) أي دليل صاحب التنقيح.

(2) أي و يتلو دليل صاحب التنقيح.

(3) أي استيفاء المنافع بخراب الوقف، و عدم الانتفاع منه فيجوز اخراج الوقف عما عيّن له ببيعه و الانتفاع من ثمنه بتبديله بشيء آخر

(4) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لجواز اخراج الوقف عن حده.

(5) أي العين الموقوفة التي آلت إلى الخراب لو بقيت على ما هي عليه من الخراب، و لم نجوّز البيع فقد سقطت عن الانتفاع، و بقيت معطلة، و انتفى غرض الواقف من الوقف و ضاع و ذهب هباء منثورا.

(6) تنظير من المستدل على جواز بيع الوقف.

و خلاصة التنظير: أنه قد تقرر في علم الفقه في كتاب الحج في بيان أقسام الحج: التمتع - و القران - و الافراد: أن من يبعد عن (مكة المكرمة) زادها اللّه شرفا و تعظيما بثمانية و اربعين ميلا المساوي لسنة و تسعين كيلومترا على فتوى أكثر الفقهاء، أو اثني عشر ميلا المساوي لاربعة و عشرين كيلومترا على فتوى بعض: وجب عليه -

ص: 239

و إن اختص (1) بموضع، فلما تعذر مراعاة المحل (2) ترك مراعاته (3) لتخلص المعتذر.

+++++++++++

- حج التمتع.

و أما من كان اهله أقلّ من المقدار المذكور فوظيفته الأصلية قران أو إفراد، و كلاهما يؤخران العمرة عن الحج، إلا أن الأول يمتاز عن الثاني بتخيره في عقد إحرامه بين سياق هديه، و تلبيته.

بخلاف الثاني.

و سياق الهدي عبارة عن إشعاره، أو تقليده.

و محل ذبحه يكون في مكة المكرمة إن قرنه باحرام العمرة

و منى إن قرنه باحرام الحج.

ثم لو عجز عن الوصول إلى محل الذبح وجب على الحاج ذبح الهدي، أو نحره في مكان العجز، و صرف لحمه في وجوهه.

فكما أن الحاج العاجز عن الوصول هذه وظيفته الشرعية.

كذلك الوقف لو خرب و سقط عن الانتفاع به نهائيا جاز إخراجه عن حدّه، لأجل الحصول على غرض الواقف: و هو بقاء الوقف على وقفيته، لاستيفاد الموقوف عليهم من منافعه التي لأجلهم أوقف الواقف ملكه.

و من الواضح أن الاستفادة بعد الخراب لا يحصل إلا بعد بيعه و تبديل ثمنه بشراء ملك آخر.

(1) أي ذبح الهدي و إن اختص بموضع معين: و هو منى، إلا أنه عند تعذر الوصول إليها يذبح في محل التعذر كما عرفت.

(2) أي محلّ ذبح الهدي.

(3) أي مراعاة محل منى.

ص: 240

و فيه (1) أن الغرض من الوقف استيفاء المنافع من شخص الموقوف لأنه الذي دلت عليه صيغة الوقف.

و المفروض تعذره (2) فيسقط.

و قيام (3) الانتفاع بالنوع مقام الانتفاع بالشخص، لكونه أقرب إلى مقصود الواقف فرع (4) الدليل على وجوب اعتبار ما هو الأقرب إلى غرض الواقف بعد تعذر اصل الغرض.

فالأولى (5) منع جريان أدلة المنع مع خوف الخراب المسقط

+++++++++++

(1) أي و فيما افاده العلامة في المختلف، و التذكرة و غاية المرام نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) أي تعذر الانتفاع من شخص الوقف فيسقط الانتفاع بنحو آخر

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه و إن سقط الانتفاع بشخص الوقف بخرابه لكنه يمكن الانتفاع بنوع الوقف ببيعه، و تبديل ثمنه بشراء شيء مكانه.

و من الواضح أن الانتفاع بالنوع أقرب إلى غرض الواقف من الوقف من ابقائه على الخراب، و تعطيله عن الفائدة.

(4) خبر للمبتدإ المتقدم و هي كلمة و قيام، و جواب عن الوهم المذكور و حاصل الجواب: أن كون الانتفاع بالنوع أقرب إلى غرض الواقف فرع وجود الدليل، و قيامه على اعتبار ما هو الأقرب إلى غرض الواقف بعد تعذر أصل الغرض: و هو الانتفاع بشخص الوقف، لكونه أصبح خرابا لا ينتفع منه منفعة يعتد بها.

(5) هذا رأي الشيخ قدس سره في القسم الأول من الصورة السابعة المشار إليه في ص 230

ص: 241

للمنفعة رأسا، و جعل ذلك (1) مؤيدا.

و أما المنع في غير هذا القسم (2) من الصورة السابعة و فيما عداها من الصور اللاحقة لها (3) فلعموم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلة في ملكك (4)، فان ترك الاستفصال فيه بين علم المشتري بعدم وقوع بيع الوقف على بعض الوجوه المجوزة (5)

و بين عدمه (6) الموجب لحمل فعل البائع على الصحة: يدل على أن الوقف ما دامت له غلة لا يجوز بيعه.

و كذا قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه (7).

و ما دل على أنه يترك حتى يرثها وارث السموات و الأرض (8)

هذا كله، مضافا (9) إلى الاستصحاب في جميع

+++++++++++

(1) أي و جعل خوف الخراب المسقط للمنفعة مؤيدا لبيع القسم الأول من الصورة السابعة المشار إليه في الهامش 2 ص 230.

(2) و هو القسم الثاني من الصورة السابعة المشار إليها في الهامش 4 ص 231

(3) و هي الصورة الثامنة، و التاسعة و العاشرة.

(4) قد مضت الاشارة إلى مصدر الحديث في ص 97

(5) كما إذا آل الوقف إلى الخراب.

(6) أي و بين عدم علم المشتري بعدم وقوع بيع الوقف.

(7) مرت الاشارة إلى مصدر الحديث في ص 97

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 303. الباب 6 الحديث 3

(9) أي و لنا دليل آخر على عدم جواز بيع الوقف في بقية الصور -

ص: 242

هذه الصور (1)، و عدم الدليل الوارد عليه (2)، عدا المكاتبة المشهورة (3) التي انحصر تمسك كل من جوّزه في هذه الصور فيها (4):

و هي مكاتبة ابن مهزيار.

قال: كتبت إلى ابى جعفر الثاني عليه السلام أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها، و جعل لك في الوقف الخمس و يسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض، أو تقويمها على نفسه بما اشتراها به، أو يدعها موقوفة

فكتب إليّ اعلم فلانا أنى آمره أن يبيع حصتي من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك إليّ، و إن ذلك رأيي إن شاء اللّه تعالى. أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له.

قال: و كتبت إليه أن الرجل ذكر أن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا، و أنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده

فان كان ترى أن يبيع هذا الوقف، و يدفع إلى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك امرته.

+++++++++++

- بالإضافة إلى الأخبار المذكورة: و هو استصحاب عدم جواز بيع الوقف.

بيان ذلك: هو أن الوقف قبل الخراب ما كان جائز البيع و بعد الخراب نشك في جواز بيعه فنستصحب عدم الجواز.

(1) المراد من جميع هذه الصور غير الصورة السابعة، حيث إن الشيخ أبدى نظريته فيها في ص 233 بقوله: و الأقوى.

(2) أي على جواز بيع الوقف.

(3) و هي مكاتبة علي بن مهزيار الآتية.

(4) أي في مكاتبة علي بن مهزيار.

ص: 243

فكتب (1) بخطه إليّ: اعلمه ان رأيي له ان كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن بيع الوقف أمثل فليبع، فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس (2).

حيث انه يمكن الاستدلال للجواز (3) بها في القسم الثاني (4) من الصورة السابعة.

بناء على أن قوله (5) فانه إلى آخره تعليل لجواز البيع في صورة الاختلاف، و أن المراد بالمال هو الوقف، فان ضم (6) النفوس إنما هو لبيان الضرر الآخر المترتب على الاختلاف، لا أن المناط في الحكم (7) هو اجتماع الأمرين (8) كما لا يخفى.

فيكون (9) حاصل التعليل أنه كلما كان الوقف في معرض الخراب

+++++++++++

(1) أي الامام ابو جعفر الجواد عليه السلام.

(2) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 304 - الباب 6 الحديث 5.

(3) أي لجواز بيع الوقف بهذه المكاتبة.

(4) المشار إليه في ص 233 بقولنا: الثاني جواز الانتفاع بالوقف بعد خرابه.

(5) أي قول الامام ابو جعفر الجواد عليه السلام في نفس المكاتبة في جواب السائل: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس

(6) أي ضمّ الامام عليه السلام تلف النفوس بتلف الأموال.

(7) و هو جواز بيع الوقف.

(8) و هما: تلف الأموال، و تلف النفوس.

(9) الفاء تفريع و نتيجة على ما افاده: من أن المناط في جواز بيع الوقف ليس هو اجتماع الأمرين المذكورين. -

ص: 244

جاز بيعه.

و فيه (1) أن المقصود جواز بيعه إذا ادى بقاؤه إلى الخراب علما

+++++++++++

- و خلاصته: أنه ليس الملاك في جواز بيع الوقف هو العاملان المذكوران في المكاتبة و هما:

تلف الأموال، و تلف النفوس مجتمعين.

بل الملاك، و العامل الوحيد هو خوف تلف الأموال فقط من الاختلاف الواقع بين أرباب الوقف.

و أما ضمّ الامام عليه السلام تلف النفوس إلى تلف الأموال فانما هو لأجل أن يبين أنه من الممكن أن يترتب على هذا الاختلاف ضرر آخر غير ضرر تلف الأموال.

فالعلة الأصلية في جواز بيع الوقف هو ترتب تلف الأموال من الاختلاف فقط.

فالخلاصة أن المستفاد من تعليله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس هو إعطاء درس كامل، و قاعدة كلية في جواز البيع:

و هو أنه كلّما وقع اختلاف بين أرباب الوقف أوجب تلف الأموال فقد جاز بيع الوقف.

(1) أي و في الاستدلال بمكاتبة علي بن مهزيار على صحة جواز بيع الوقف في جميع الصور المذكورة نظر و إشكال.

و خلاصة الاشكال: أنه قد جاءت كلمة (ربما) في المكاتبة و هي بحسب المحاورات العرفية تستعمل في العلم و الظن و الشك و الوهم و لا اختصاص لها باحد المعاني الأربعة، مع أن المبرر لجواز بيع الوقف هو العلم، أو الظن بأوله إلى الخراب، لا المساوي الذي هو الشك -

ص: 245

أو ظنا، لا مجرد كونه ربما يؤدي إليه المجامع للاحتمال المساوي أو المرجوح على ما هو الظاهر من لفظة ربما كما لا يخفى على المتتبع لموارد استعمالاتها.

و لا أظن أن أحدا يلتزم بجواز البيع بمجرد احتمال أداء بقائه إلى الخراب لأن كلمات من عبر بهذا العنوان (1) كما عرفت بين قولهم: ادى بقاؤه إلى خرابه (2)، و بين قولهم: يخشى، أو يخاف خرابه (3).

و الخوف عند المشهور كما يعلم من سائر موارد اطلاقاتهم (4) مثل قولهم:

يجب الافطار، و التيمم مع خوف الضرر، و يحرم السفر مع خوف الهلاك، و لا يتحقق (5) إلا بعد قيام أمارة الخوف (6).

هذا (7):

+++++++++++

- و لا المرجوح و هو الوهم.

إذا لا اعتبار بالمكاتبة في الاستدلال بها على جواز بيع الوقف لو خيف أوله إلى الخراب.

(1) و هو الادّاء إلى الخراب.

(2) كما في عبارة الشرائع المنقولة في ص 127: ما لم يؤد بقاؤه إلى خرابه.

(3) كما في عبارة التحرير المنقولة هنا في ص 128: بحيث يخشى خرابه

(4) أي اطلاقات الفقهاء في هذا المقام.

(5) أي كل واحد من وجوب الافطار، و التيمم، و حرمة السفر.

(6) أي خوف الضرر، أو خوف الهلاك.

(7) أي خذ ما ذكرناه لك في هذا المقام.

ص: 246

مع (1) أن مناط الجواز على ذكر تلف الوقف رأسا و هو القسم الأول (2) من الصورة السابعة التي جوزنا فيها البيع فلا يشمل (3) الخراب الذي لا يصدق معه التلف.

مع (4) أنه لا وجه بناء على عموم التعليل، للاقتصار على خوف

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر على جواز بيع الوقف في جميع الصور المذكورة.

(2) و قد ذكرنا القسم الأول من الصورة السابعة في الهامش 2 ص 230

(3) هذا إشكال ثان على الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على صحة جواز بيع الوقف في الصورة المذكورة.

و خلاصته: أن المناط المذكور في المكاتبة: و هو خوف أول الوقف إلى الخراب لا يشمل الخراب الذي لا يصدق معه التلف رأسا كما في القسم الثاني من الصورة السابعة.

و قد أشرنا إلى القسم الثاني في الهامش 4 ص 231

(4) هذا إشكال ثالث على الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على صحة جواز بيع الوقف في الصور المذكورة.

و خلاصته: أنه على فرض تسليم دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف عند أوله إلى الخراب رأسا فلا وجه لاقتصار الجواز بصورة الوقف خاصة، و انحصاره به، لأن التعليل المذكور في قول الامام عليه الصلاة و السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس عام يشمل جواز بيع الوقف لكل اختلاف يكون منشأ لاختلاف المذكور، فعلى هذا التعليل لا وجه لاختصاص جواز بيع الوقف بالوقف الذي صار الاختلاف فيه منشأ لتلف الأموال و النفوس. -

ص: 247

خراب خصوص الوقف، بل كلما خيف تلف مال جاز بيع الوقف.

و أما تقريب الاستدلال بالمكاتبة على جواز البيع في الصورة الثامنة: و هي صورة وقوع الاختلاف الذي ربما اوجب تلف الأموال و النفوس فهو أن الحكم بالجواز معلق على الاختلاف، إلا أن قوله عليه السلام: فانه ربما إلى آخره مقيد بالاختلاف الخاص: و هو الذي لا يؤمن معه من التلف، لأن (1) العلة تقيد المعلول كما (2) في قولك:

لا تأكل الرمان، لأنه حامض.

+++++++++++

- هذا ما افاده الشيخ قدس سره حول تعميم التعليل المذكور و لكن لا يخفى عدم افادة التعليل العموم المذكور، حيث إنه ورد في مقام الاختلاف الحاصل من أرباب الوقف في خصوص الوقف الذي بأيديهم، و تحت تصرفهم كما هو عنوان السؤال، و ليس السائل في مقام السؤال عن كل اختلاف يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس حتى يقال: إنه لا وجه لاختصاص جواز بيع الوقف بصورة الاختلاف الحاصل من خرابه المنشأ لتلف الأموال و الأنفس.

بل هو عام يشمل جميع الاختلافات الناشئة لتلف الأموال و النفوس

(1) تعليل لكون قول الامام عليه السلام: فانه ربما جاء مقيدا بالاختلاف الخاص أي العلة المذكورة في قول الامام عليه السلام تقيد المعلول الذي هو جواز بيع الوقف بالاختلاف الذي يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس، لا مطلق الاختلاف و إن لم يكن منشأ للتلف.

(2) تنظير لكون العلة تقيد المعلول أي كما أن العلة التي هي الحموضة في قول القائل: لا تأكل الرمان، لأنه حامض: تقيد عدم الأكل الذي هو المعلول، و تخصصه بالحموضة، و يستنتج -

ص: 248

و فيه (1) أن اللازم على هذا تعميم الجواز في كل مورد لا يؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و إن لم يكن من جهة اختلاف الموقوف عليهم فيجوز بيع الوقف لاصلاح كل فتنة و إن لم يكن لها دخل في الوقف.

اللهم إلا أن يدّعى سوق العلة (2) مساق التقريب، لا التعليل الحقيقي (3) حتى يتعدى إلى جميع موارده.

لكن تقييد الاختلاف حينئذ (4) بكونه مما لا يؤمن ممنوع

+++++++++++

- من هذه العلة عدم جواز أكل كل شيء حامض، و لا اختصاص له بالرمان.

كذلك ما نحن فيه، فان العلة فيه التي هي الاختلاف تقيد المعلول الذي هو جواز بيع الوقف بالاختلاف الخاص الذي يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس.

(1) أي و في تقريب الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة الثامنة نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ قدس سره وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) و هي المذكورة في قول الامام عليه السلام في المكاتبة، فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

(3) فيكون التعليل المذكور من باب الحكمة، لا من باب العلة الحقيقية حتى يشمل جميع موارد خوف تلف الأموال و النفوس.

(4) أي حين أن قلنا: إن التعليل سيق مساق الحكمة، لا مساق التعليل الحقيقي الشامل لجميع موارد الاختلاف، سواء أ كانت موارد الاختلاف الوقف أم غيره: يكون تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن منه تلف الأموال و النفوس ممنوعا.

ص: 249

و هو (1) الذي فهمه الشهيد الثاني رحمه اللّه في الروضة كما تقدم كلامه

لكن الحكم (2) على هذا الوجه مخالف للمشهور فلا يبقى حينئذ (3) وثوق بالرواية بحيث يرفع اليد بها عن العمومات، و القواعد (4) مع ما فيها (5) من ضعف الدلالة كما سيجيء إليه الاشارة.

+++++++++++

(1) أي منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن منه تلف الأموال و النفوس حين أن قلنا: إن التعليل سيق مساق الحكمة، لا مساق التعليل الحقيقي هو الذي استفاده الشهيد الثاني قدس سره و افاده في الروضة كما عرفت عند نقل الشيخ عبارته في ص 132 عند قوله:

و قال في الروضة.

(2) أي جواز بيع الوقف بناء على منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن كما فهمه الشهيد الثاني خلاف فتوى المشهور من الفقهاء حيث إنهم قيدوا جواز البيع بكون الاختلاف مما يوجب تلف الأموال و النفوس.

(3) أي حين أن كان منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن خلاف المشهور فلا يبقى وثوق بالرواية: و هي المكاتبة الواردة عن ابن مهزيار بحيث يرفع اليد بسببها عن تلك العمومات و هي الأخبار الواردة عن منع بيع الوقف المشار إليها في ص 97-98

(4) المراد من الاستصحاب هنا هو استصحاب الحكم السابق، إذ قبل حصول الاختلاف بين أرباب الوقف الموجب لتلف الأموال و الأنفس كان بيع الوقف غير جائز، و بعد حصول الاختلاف الموجب لتلف الأموال و الأنفس نشك في جواز بيعه فنستصحب العدم.

(5) أي بالإضافة إلى ما في المكاتبة المشهورة من ضعف الدلالة على المدعى: و هي أن مورد السؤال هو جواز بيع الوقف. -

ص: 250

و مما ذكرنا (1) يظهر تقريب الاستدلال (2) على الصورة التاسعة و رده (3).

و أما تقريب الاستدلال (4) على الصورة العاشرة فهو أن ضم تلف

+++++++++++

- هذا إشكال آخر على المكاتبة المذكورة.

و يشير المصنف قريبا إلى كيفية ضعف الدلالة.

(1) و هو حمل التعليل في قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس على التعليل الحقيقي الشامل لجميع موارد الاختلاف، لا خصوص الاختلاف الحاصل من أرباب الوقف

و قد افاد هذا المعنى في رد الاستدلال بالمكاتبة على الصورة الثامنة بقوله في ص 249: و فيه أن اللازم على هذا تعميم الجواز في كل مورد لا يؤمن معه من تلف الأموال.

(2) أي الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة التاسعة.

و أما كيفية الاستدلال بالمكاتبة على الصورة التاسعة فكما ذكرت في الاستدلال بها في الصورة الثامنة. كذلك بعينها تذكر في الصورة التاسعة.

(3) بالرفع عطفا على الفاعل في قوله: يظهر تقريب الاستدلال أي و يظهر رد هذا الاستدلال أيضا مما ذكرناه في الصورة الثامنة بقوله في ص 249: و فيه أن اللازم على هذا تعميم الجواز.

فكل ما قلناه في الرد هناك يأتي هنا.

و كل ما قيل في الاستدلال بالمكاتبة هناك يأتي في الاستدلال بها في الصورة التاسعة.

(4) أي بالمكاتبة المذكورة.

ص: 251

النفس إلى تلف الأموال (1)، مع أن خوف تلف الأنفس يتبعه خوف تلف المال غالبا: يدل على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حيث يخاف منه تلف النفس، و لا يكفي بلوغه إلى ما دون ذلك بحيث يخاف منه تلف المال فقط.

و فيه (2) أن اللازم على هذا عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام في المكاتبة في ص 244: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

و خلاصة الاستدلال أن الامام عليه السلام قد ضم تلف النفوس إلى تلف الأموال فالضم هذا يدل على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حد يخاف منها تلف النفوس اضافة إلى تلف الأموال.

بعبارة اخرى أن المبرّر لجواز بيع الوقف في هذه الصورة ليس هو مجرد تلف المال فقط، بل لا بدّ معه من تلف النفوس أيضا.

(2) أي و في الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة العاشرة المشار إليها في ص 233: نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أنه لو كان في ضم تلف النفوس إلى تلف الأموال دلالة على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حدّ يخاف منه تلف النفوس، لا تلف الأموال فقط: لكان اللازم حينئذ عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع الفتنة بين الموقوف عليهم حتى يباع الوقف.

بل يجوز بيع الوقف لرفع كل فتنة، سواء أ كان منشأ الفتنة هو الاختلاف الحاصل من أرباب الموقوف عليهم أم من غيرهم.

هذا ما افاده الشيخ حول الموضوع.

و لكن لا يخفى أن المكاتبة المذكورة قد وقعت جوابا عن السؤال -

ص: 252

الفتنة بين الموقوف عليهم، بل يجوز حينئذ بيع الوقف لرفع كل فتنة

مع (1) أن ظاهر الرواية كفاية كون الاختلاف بحيث ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس، و المقصود (2) كما يظهر من عبارة الجامع

+++++++++++

- عن الاختلاف الناشئ بين أرباب الموقوف عليهم الموجب هذا الاختلاف لتلف الأموال و النفوس.

فالسؤال خاص يخص الاختلاف الواقع بين أرباب الموقوف عليهم و ليس فيه سؤال عن كل اختلاف حتى يعم الجواب عن كل اختلاف ناشئ بين عامة الناس، ليجوز بيع الوقف لقلع مادة النزاع، و فصل جذور الخلاف.

(1) هذا إشكال آخر على الاستدلال بالمكاتبة على جواز بيع الوقف في الصورة العاشرة.

و خلاصة: أن الدليل الذي هي المكاتبة يخالف المدّعى الذي هو الاستباحة الواقعية في تلف الأموال و النفوس المستفادة هذه الاباحة من العلم، أو الظن، لأن ظاهر الرواية التي هي المكاتبة هو الاستباحة المحتملة و لو كان منشؤها الشك، أو الوهم، حيث يستفاد هذه الاستباحة من كلمة (ربما) المستعملة في المحاورات العرفية في معاني مختلفة: العلم - الظن - الشك - الوهم، و لا تخص واحدا منها.

إذا صار الدليل و المدّعى شيئين.

(2) هذا تأييد من الشيخ لما افاده: من الفرق بين الدليل و المدّعى و الواو في كلمة و المقصود حالية أي و الحال أن المقصود من الاستباحة المجوزة لبيع الوقف في الصورة العاشرة هي الاستباحة الواقعية، دون الاستباحة المحتملة كما تستفاد هذه الاستباحة الواقعية من عبارة صاحب جامع المقاصد عند نقل الشيخ عنه في ص 127 بقوله: و قال -

ص: 253

المتقدمة هو اعتبار الفتنة التي تستباح بها الأنفس.

و الحاصل (1) أن جميع الفتاوى المتقدمة في جواز بيع الوقف الراجعة إلى اعتبار أداء بقاء الوقف علما، أو ظنا، أو احتمالا (2)

+++++++++++

- في جامع المقاصد على ما حكي عنه: فان خيف خرابه، أو كان بهم حاجة شديدة، أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس جاز بيعه.

(1) أي خلاصة ما قيل في جواز بيع الوقف في الصور العشر المستثناة من عدم جواز بيع الوقف.

يقصد الشيخ قدس سره من ذكر هذا الحاصل أن يبين أن مستند جميع الأقوال التي افادها الفقهاء حول جواز بيع الوقف إذا آل الى الخراب على شتى أسباب الخراب: من حصول العلم بذلك، أو الظن، أو الشك أو الوهم، المستفادة من كلمة ربما التي جاءت في المكاتبة حسب استعمالها في المحاورات العرفية كما عرفت في الهامش 1 ص 253

و يعبر عن الشك و الوهم بالاحتمال.

أو مطلق الفساد كنقصان المنفعة، أو فساد خاص كانتفاء اصل المنفعة.

أو اعتبار الاختلاف مطلقا، سواء أ كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال و النفوس أم لا؟

أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال و النفوس: هي المكاتبة المشهورة المعروفة بمكاتبة علي بن مهزيار المشار إليها في ص 243

و ليس لهم دليل في جواز بيع الوقف سواها.

(2) المراد من الاحتمال هو الشك و الوهم كما عرفت -

ص: 254

إلى مطلق الفساد (1)، أو فساد خاص (2) أو اعتبار الاختلاف مطلقا (3) أو اختلاف خاص (4) مستندة (5) إلى ما فهم أربابها من المكاتبة المذكورة.

و الأظهر (6) في مدلولها هو اناطة الجواز بالاختلاف الذي ربما

+++++++++++

- في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو الشك، أو الوهم المستفادان من كلمة ربما.

(1) علمت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو مطلق الفساد كنقصان المنفعة.

(2) علمت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا.

(3) عرفت معنى مطلقا في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: سواء أ كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال أم لا.

(4) عرفت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا.

(5) خبر لاسم إن في قوله: و الحاصل أن جميع الفتاوى.

(6) من هنا يروم الشيخ أن يبدي نظريته حول المكاتبة.

فقال ما ملخصه: إننا لا نتبع الفقهاء في استفادتهم من المكاتبة ما ذكروه، بل لنا رأي خاص: و هو دلالة المكاتبة على اناطة جواز بيع الوقف و توقفه على الاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

بعبارة اخرى أن المحور و المناط و المدار في جواز بيع الوقف و عدم جوازه هو مجيء تلف الأموال و النفوس.

فلو خيف من بقاء الوقف مجيء تلف الأموال و النفوس جاز بيع الوقف. -

ص: 255

جاء فيه تلف الأموال و النفوس، لا مطلق (1) الاختلاف، لأن (2) الذيل مقيد (3)، و لا (4) خصوص المؤدي علما أو ظنا، لأن (5)

+++++++++++

- و إن لم يخف ذلك فلا يجوز بيعه.

فالجواز و العدم متوقفان على التلف، و عدمه.

فان جاء التلف جاز البيع، و إن لم يجيء لم يجز البيع.

(1) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على مطلق الاختلاف و إن لم يكن موجبا لتلف الأموال و النفوس.

(2) تعليل لاناطة الجواز على الاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

و خلاصته: أن ذيل المكاتبة و هو قوله عليه السلام: فانه ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس يقيد صدر المكاتبة: و هو قوله عليه السلام في ص 244: قد علم الاختلاف، فان الاختلاف هنا مطلق ليس فيه اسم عن تلف الأموال و النفوس فقيّد بذيل المكاتبة الذي ذكرناه لك كما عرفت آنفا.

(3) كلمة مقيّد بصيغة الفاعل أي ذيل المكاتبة يقيد صدرها كما عرفت.

(4) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على خصوص الاختلاف المؤدي إلى العلم، أو الظن و منحصرا بهما حتى إذا ادّى الاختلاف من غيرهما لا يكون سببا لجواز بيعه.

بل الجواز حاصل و إن كان منشأ الاختلاف الشك، أو الوهم كما هما المستفادان من كلمة (ربما) الواردة في المكاتبة، حيث إنها تستعمل في المحاورات العرفية فيهما، و في العلم و الظن كما عرفت في الهامش 1 ص 253

(5) تعليل لكون منشأ الاختلاف أعم من العلم و الظن -

ص: 256

موارد استعمال لفظة ربما أعم من ذلك، و لا مطلق (1) ما يؤدي الى المحذور المذكور، لعدم (2) ظهور الذيل في التعليل بحيث يتعدى عن مورد النص و إن كان فيه (3) اشارة الى التعليل.

و على ما ذكرنا (4) فالمكاتبة غير معني بها عند المشهور، لأن الظاهر اعتبارهم (5) العلم، أو الظن باداء بقائه الى الخراب الغير اللازم

+++++++++++

- و قد عرفت التعليل في الهامش 1 ص 253 عند قولنا: لأن ظاهر الرواية التي هي المكاتبة هو الاستباحة المحتملة.

(1) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على مطلق ما يؤدي الى المحذور المذكور: و هو استباحة تلف الأموال و النفوس.

بل جوازه منحصر في تلف النفوس و الأموال الناشئ عن الاختلاف الحاصل بين أرباب الموقوف عليهم.

(2) تعليل على أن جواز بيع الوقف ليس متوقفا على مطلق ما يؤدي الى المحذور المذكور.

و خلاصته: أن ذيل المكاتبة: و هو قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس: ليس له ظهور في العلة الحقيقية حتى يتعدّى بها الى غير مورد النص من موارد الاختلافات الصادرة في الخارج من الناس.

بل كما عرفت في ص 249 أن التعليل هنا سيق مساق التقريب الذي هي الحكمة.

(3) أي و إن كان في التعليل المذكور اشارة الى التعليل الحقيقي.

(4) من أن الأظهر في مدلول المكاتبة هو إناطة الجواز بالاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

(5) أي اعتبار الفقهاء في جواز بيع الوقف.

ص: 257

للفتنة الموجبة لاستباحة الأموال و الأنفس.

فتكون النسبة بين فتوى المشهور، و مضمون الرواية (1) عموما

+++++++++++

(1) الفاء فاء للتفريع و فاء النتيجة أي نتيجة ما ذكرناه أن النسبة بين فتوى المشهور، و المكاتبة عموم و خصوص من وجه لهما مادة اجتماع و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع من الطرفين فكما لو حصل العلم، أو الظن باداء بقاء الوقف إلى الخراب بالاختلاف، و أن البقاء موجب لتلف الأموال و النفوس و استباحتهما.

و أما مادة الافتراق من جانب المكاتبة: بأن تكون فتوى المشهور موجودة و المكاتبة ليست بموجودة كما لو حصل العلم، أو الظن باداء بقاء الوقف الى الخراب.

لكنه لا يوجب استباحة الأموال و النفوس.

و أما مادة الافتراق من جانب فتوى المشهور: بأن تكون المكاتبة موجودة، و فتوى المشهور ليست بموجودة فكما لو حصل الاحتمال باداء الوقف الى الخراب و أنه موجب لتلف الأموال و النفوس.

فالحاصل أن المكاتبة أعم من فتوى المشهور، حيث لم يعتبر فيها العلم، أو الظن، بل يكتفى فيها الاحتمال، لاستعمال كلمة ربما في الاحتمال في المكاتبة حسب المحاورات العرفية.

و أخص من فتوى المشهور، حيث اعتبر فيها أداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

و أن فتوى المشهور أعم من المكاتبة، حيث لم يعتبر فيها أداء البقاء الى استباحة الأموال و النفوس.

و أخص من المكاتبة، حيث اعتبر فيها العلم.

ص: 258

من وجه.

لكن الانصاف أن هذا (1) لا يمنع من جبر ضعف دلالة الرواية و قصور (2) مقاومتها للعمومات المانعة بالشهرة، لأن (3) اختلاف

+++++++++++

(1) أي مجرد كون النسبة بين المكاتبة و فتوى المشهور هو العموم و الخصوص من وجه لا يمنع من جبران ضعف دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف، و من جبران ضعف قصور مقاومة المكاتبة للعمومات المتقدمة

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من ضعف الرواية أي و عدم فتوى المشهور بمضمون المكاتبة لا يمنع من جبران قصور مقاومة المكاتبة للعمومات المتقدمة: من الأحاديث المشار إليها في ص 97

و من الاستصحاب المشار إليه في ص 243 الدالة على عدم جواز بيع الوقف بصورة عامة، لأن اشتهار المكاتبة بين الأصحاب جابر لضعف دلالتها، و لقصور مقاومتها.

(3) تعليل لكون عدم فتوى المشهور بمضمون الرواية لا يكون مانعا من جبران ضعف دلالة المكاتبة، و ضعف قصور مقاومتها.

و خلاصته: أن اختلاف الفقهاء في جواز بيع الوقف، و عدمه إنما هو لاجل اختلافهم في كيفية استفادتهم ملاك الجواز و مناطه الذي ذكر في المكاتبة: و هو قوله عليه السلام: إن كان قد علم الاختلاف بضميمة قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس، فان هاتين الجملتين أوجبتا السبب في اختلاف الفقهاء في جواز بيع الوقف و عدمه حسب مبلغ استفادتهم من المكاتبة، إذ قد استفاد بعض منهم العلم، أو الظن باداء الوقف الى الخراب، و بعض آخر استفاد احتمال أداء الوقف الى الخراب من كلمة ربما المستعملة -

ص: 259

فتاوى المشهور إنما هو من حيث الاختلاف في فهم المناط الذي انيط به الجواز من قوله عليه السلام: إن كان قد علم الاختلاف المنضم الى قوله:

فانه ربما جاء في الاختلاف.

و أما دلالة (1) المكاتبة على كون مورد السؤال، هو الوقف المؤبد التام فهي (2) على تقدير قصورها منجبرة بالشهرة فيندفع بها (3) ما يدّعى من قصور دلالتها من جهات مثل عدم ظهورها في المؤبد

+++++++++++

- في المكاتبة، حيث إن الاحتمال هو المفهوم منها في المحاورات العرفية.

كما أنه قد استفاد بعض من كلمة الاختلاف الواقعة في الجملتين مطلق الاختلاف، سواء ادّى الى تلف الأموال و النفوس أم لا.

و استفاد آخر منها الاختلاف المؤدي الى تلف الأموال و النفوس.

(1) هذا دفع و هم:

حاصل الوهم أنه لو قلت: إن المكاتبة قاصرة عن دلالتها على الوقف المؤبد، لعدم ذكر البطن اللاحق فيها.

و كذا قاصرة عن دلالتها على الوقف التام، لعدم القبض و الاقباض فيها فتكون ساقطة عن الاعتبار فلا يصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أنه على فرض قصور المكاتبة، و عدم دلالتها على ما ذكر فانها مشهورة بين الأصحاب و هذه الشهرة جابرة للقصور المذكور فيصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف مطلقا، في المؤبد و المنقطع و التام، و غيره.

(3) أي بهذه الشهرة و هي شهرة المكاتبة بين الأصحاب في أنها دالة على جواز بيع الوقف كما عرفت آنفا.

ص: 260

لعدم ذكر البطن اللاحق، و ظهورها في عدم اقباض الموقوف عليهم و عدم تمام الوقف كما عن الايضاح.

و أوضحه (1) الفاضل المحدث المجلسي.

و جزم به (2) المحدث البحراني.

و مال إليه (3) في الرياض.

قال الأول (4) في بعض حواشيه على بعض كتب الأخبار، إنه يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر (5) على ما اذا لم يقبضهم الضيعة الموقوف عليهم، و لم يدفعها إليهم.

و حاصل السؤال (6) أن الواقف يعلم أنه اذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف و يشتد، لحصول الاختلاف بينهم قبل الدفع إليهم في تلك الضيعة، أو في أمر آخر فهل يدعها موقوفة و يدفعها إليهم أو يرجع عن الوقف، لعدم لزومه بعد، و يدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل؟

انتهى موضع الحاجة (7).

+++++++++++

(1) أي و أوضح هذا الاشكال: و هو إشكال قصور دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف المؤبد، و الوقف التام الذي يحصل بالقبض و الاقباض.

(2) أي بالاشكال المذكور.

(3) أي الى الاشكال المذكور.

(4) و هو العلامة المجلسي قدس اللّه نفسه الزكية.

(5) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

(6) أي سؤال الراوي في مكاتبة علي بن مهزيار.

(7) أي مما افاده شيخنا العلامة المجلسي قدس سره.

ص: 261

و الانصاف أنه (1) توجيه حسن، لكن ليس في السؤال ما يوجب ظهوره في ذلك (2) فلا يجوز رفع اليد عن مقتضى ترك (3) الاستفصال في الجواب، كما أن عدم ذكر البطن اللاحق لا يوجب ظهور السؤال في الوقف المنقطع، اذ كثيرا ما يقتصر في مقام حكاية وقف مؤبد على ذكر بعض البطون، فترك الاستفصال (4) عن ذلك يوجب ثبوت الحكم للمؤبد.

و الحاصل: أن المحتاج الى الانجبار بالشهرة ثبوت حكم الرواية للوقف التام المؤبد، لا تعيين ما انيط به الجواز: من كونه مجرد الفتنة أو ما يؤدي الفتنة إليه، أو غير ذلك مما تقدم من الاحتمالات في الفقرتين المذكورتين (5).

نعم يحتاج (6) الى الاعتضاد بالشهرة من جهة اخرى: و هي أن مقتضى القاعدة كما عرفت (7) لزوم كون بدل الوقف كنفسه

+++++++++++

(1) أي ما افاده العلامة المجلسي قدس سره في هذا التوجيه.

(2) أي في كون الواقف لم يقبض الضيعة الى الموقوف عليهم.

(3) أي ترك الامام عليه السلام التفصيل في المكاتبة.

(4) أي التفصيل بين الوقف المؤبد، و الوقف المنقطع.

(5) و هما قوله عليه السلام في المكاتبة:

إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف.

فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

و قد ذكرنا تلك الاحتمالات في 268 ص

(6) أي الخبر الذي هي مكاتبة علي بن مهزيار.

(7) في ص 176 عند قوله: و قد تبين مما ذكرنا أن الثمن حكمه حكم الوقف: في كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم.

ص: 262

مشتركا بين جميع البطون.

و ظاهر الرواية (1) تقريره للسائل في تقسيم ثمن الوقف على الموجودين فلا بد (2)

+++++++++++

(1) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

و خلاصة ما افاده الشيخ قدس سره في هذا المقام: أن ظاهر قول الامام عليه السلام في المكاتبة هو تقرير ما سأله السائل عن بيع الوقف، و تقسيم ثمنه على الموجودين من البطن الأول في قوله:

فان كان ترى أن يبيع هذا الوقف و يدفع الى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك، فان جملة و يدفع الى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك صريحة في تقسيم ثمن الوقف المبيع على البطن الموجود فالامام عليه السلام اجاز و قرّر له بيع الوقف، و تقسيم ثمنه على الموقوف عليهم بنحو ما سأله السائل.

مع أن هذه الظاهرة مخالفة للقاعدة: و هي لزوم كون بدل الوقف الذي هو الثمن كنفسه: في كونه مشتركا بين جميع البطون:

الموجودة و اللاحقة.

اذا تكون المكاتبة ساقطة عن الاعتبار بهذه المخالفة فلا يصح الاستدلال بها فتحتاج الى التقوية و الاعتضاد.

و شهرتها بين الأصحاب جابرة لما في المكاتبة من المحاذير فتعتضد بها فيصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف.

(2) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أن المكاتبة ظاهرة في تقرير الامام عليه السلام لما سأله السائل فيكون هذا الظهور مخالفا للقاعدة المذكورة: و هي لزوم كون بدل الوقف و هو الثمن كنفس الوقف: في كونه مشتركا بين جميع البطون: الموجودة، و اللاحقة -

ص: 263

إما (1) من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة إلا (2) بتكلف سقوط حق سائر البطون عن الوقف آنا ما قبل البيع، لتقع المعاوضة في مالهم.

و إما (3) من حمل السؤال على الوقف المنقطع: اعني الحبس الذي لا إشكال في بقائه على ملك الواقف.

+++++++++++

- أي ففي ضوء ما ذكرنا لا بدّ من الالتزام باحد الامور الاربعة الآتية حتى لا يلزم المحذور المذكور.

(1) هذا هو الأمر الأول:

و خلاصته: أنه لا بدّ من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة و مفهومها اذ مقتضى المعاوضة الحقيقية هو اختصاص الثمن بمن خصّص المعوّض له لأنه لا يعقل اختصاص الثمن بمن لم يختص المثمن به.

و فيما نحن فيه اذا بيع الوقف و وزع ثمنه على كل انسان من الموجودين كما في المكاتبة لم تكن المعاوضة قد استعملت في معناها الحقيقي فلا بد هنا من رفع اليد عن معناها كما عرفت.

(2) استثناء عن رفع اليد عن مقتضى معنى المعاوضة.

و خلاصته: أنه يمكن عدم الرفع لو قلنا بسقوط حق سائر البطون اللاحقة عن الوقف آنا ما قبل البيع فاذا قلنا بذلك تحقق مفهوم المعاوضة، لوقوعها في ملك البطون الموجودة فقط.

و هذا نظير الملكية الآتية في تملك العمودين، و تملك العبد في قول القائل: اعتق عبدك عني.

و مرجع الضمير في مالهم البطن الموجود، لا البطن اللاحق، لأنه لا ينسجم المعنى لو اريد ذلك كما لا يخفى على الخبير المتأمل.

(3) هذا هو الأمر الثاني و هو لا يحتاج الى الشرح.

ص: 264

أو (1) على الوقف غير التام، لعدم القبض.

أو (2) لعدم تحقق صيغة الوقف و إن تحقق التوطين عليه.

و تسميته (3) وقفا بهذا الاعتبار.

و يؤيده (4) تصدي الواقف بنفسه للبيع إلا أن يحمل على كونه ناظرا.

أو يقال: إنه (5) اجنبي استأذن الامام عليه السلام في بيعه عليهم حسبة.

بل يمكن أن يكون قد فهم الامام عليه السلام من جعل السائل قسمة الثمن بين الموجودين مفروغا (6) عنها.

+++++++++++

(1) هذا هو الأمر الثالث و هو لا يحتاج الى الشرح.

(2) هذا هو الأمر الرابع و هو لا يحتاج الى الشرح.

(3) أي إنّما سمّي مثل هذا وقفا مع أنه لم تتحقق صيغة الوقف و لم يسلّم الواقف الضيعة الى الموقوف عليهم، لأن الواقف قد وطّن نفسه لوقف ضيعته فبهذا الاعتبار يسمّى وقفا.

(4) أي و يؤيد كون المراد من الوقف في السؤال هو الوقف الباقي على ملك الواقف، و تسميته مثل هذا وقفا لتوطين الواقف نفسه للوقف، ثم تصدّى للبيع.

فتصدّيه للبيع دليل على أنه لم يوقف الضيعة بعد، و لم يجر صيغة الوقف.

إلا أن يقال: إن الواقف كان ناظرا فتصديه للبيع حينئذ لا يكون دليلا على أنه لم يوقف ضيعته بعد.

(5) أي الواقف كان اجنبيا.

(6) نصبه بناء على أنه مفعول ثان للمصدر: و هو كلمة جعل -

ص: 265

مع أن المركوز في الأذهان اشتراك جميع البطون في الوقف و بدله أن (1) مورد السؤال هو الوقف الباقي على ملك الواقف، لانقطاعه أو لعدم تمامه.

و يؤيده (2) أن ظاهر صدره المتضمن لجعل الخمس من الوقف

+++++++++++

- في قوله في ص 265: من جعل السائل.

(1) إن مع اسمها منصوبة محلا مفعول لكلمة فهم في قوله:

بل يمكن أن يكون قد فهم الامام.

و حاصل معنى هذه العبارة و التي قبلها: أنه من الامكان استفادة الامام عليه السلام من سؤال السائل أن مورد سؤاله هو الوقف الباقي على ملك الواقف، لكن الوقف وقفا منقطعا، حيث لم تذكر فيه البطون اللاحقة، أو الوقف غير التام، حيث لم يسلّم الواقف الضيعة الى الموقوف عليهم.

و الدليل على هذه الاستفادة هو جعل السائل قسمة الثمن على الموجودين مفروغا عنه، و من الامور المسلمة.

مع أن المرتكز في الأذهان خارجا هو اشتراك جميع البطون في الوقف و بدله: و هو الثمن.

(2) أي و يؤيد استفادة الامام عليه السلام من سؤال السائل أن مورد سؤاله هو الوقف الباقي على ملك الواقف: أن صدر المكاتبة المذكورة:

و هو قول السائل: و جعل لك في الوقف الخمس يدل على أن المراد من الوقف هو الوقف المنقطع، أو الوقف غير التام، لا الوقف المؤبد، أو الوقف التام.

و أما وجه التأييد فهو أن الظاهر من السؤال كون الموقوف عليه شخص الامام عليه السلام، فعليه لا يصح مثل هذا السؤال -

ص: 266

للامام هو هذا النحو أيضا.

إلا (1) أن يصلح هذا الخلل و أمثاله بفهم الأصحاب الوقف المؤبد التام

و يقال: إنه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصصا لقاعدة المنع عن بيع الوقف، و موجبا لتكلف الالتزام بسقوط حق اللاحقين عن الوقف عند إرادة البيع، أو بمنع تقرير الامام عليه السلام للسائل في قسمة الثمن الى الموجودين.

و يبقى الكلام (2) في تعيين المحتملات في مناط جواز البيع.

+++++++++++

- إلا لمثل هذا الوقف.

(1) استثناء عما افاده: من أن ظاهر صدر المكاتبة لا يصلح إلا لمثل هذا النوع من الوقف.

و خلاصته: أنه من الممكن جعل الوقف في مورد السؤال هو الوقف المؤبد، بناء على استفادة الأصحاب منه ذلك، لاشتهار المكاتبة عندهم المنجبر قصور دلالتها على الوقف المؤبد، أو التام بهذه الشهرة الموجبة لتخصيص هذه المكاتبة القواعد الفقهية: من العمومات المتقدمة في ص 97 و من الاستصحاب المتقدم في ص 243

(2) أي بعد أن اصلحنا ضعف دلالة المكاتبة، و ضعف قصور مقاومتها للعمومات المتقدمة: من الأخبار المشار إليها في ص 97 و من الاستصحاب المشار إليها في الهامش ص 243 بما ذكرناه لك في ص 260 بقوله: فهي على تقدير قصورها منجبرة بالشهرة: بقي علينا أن نبحث حول تعيين المحتملات الواردة في أداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

هل المنشأ في الادّاء هو العلم، أو الظن، أو الاحتمال، أو شيء آخر؟ -

ص: 267

و قد عرفت الأظهر منها (1) لكن في النفس شيء من الجزم بظهوره (2) فلو اقتصر على المتيقن من المحتملات و هو الاختلاف المؤدي علما، أو ظنا الى تلف خصوص مال الوقف، و نفوس الموقوف عليهم: كان أولى.

+++++++++++

- فنقول: قد عرفت المحتملات في ص 254 عند قوله: و الحاصل أن جميع الفتاوى المتقدمة في جواز بيع الوقف الراجعة.

و نحن نعيدها أليك مفصلا: و هي ستة:

(الاول): العلم باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الثاني): الظن باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الثالث): الاحتمال باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الرابع): العلم، أو الظن، أو الاحتمال الى مطلق الفساد، سواء أ كان فيه تلف الأموال و النفوس أم لا؟

(الخامس): العلم، أو الظن، أو الاحتمال الى فساد خاص:

و هو تلف الأموال و النفوس.

(السادس): العلم، أو الظن، أو الاحتمال باداء البقاء الى مطلق الاختلاف، سواء ادّى الى تلف الأموال و النفوس أم لا، أو ادّى الى فساد خاص.

(1) أي من هذه المحتملات الست عند الشيخ قدس سره عند ما افاده في ص 255 بقوله: و الأظهر في مدلولها هو إناطة الجواز بالاختلاف الذي ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس، لا مطلق الفساد.

(2) أي بظهور هذا الأظهر.

و لعل المراد من: و في النفس شيء هو أن كلمة ربما كما تستعمل في المحاورات العرفية في الاحتمال. -

ص: 268

و الفرق بين هذا (1)، و القسم الأول (2) من الصورة السابعة الذي جوزنا فيه البيع أن المناط في ذلك القسم (3) العلم، أو الظن بتلف الوقف رأسا.

و المناط هنا (4) خراب الوقف الذي يتحقق به تلف المال و إن لم يتلف الوقف، فان الزائد من المقدار الباقي مال قد تلف، و ليس المراد من التلف في الرواية تلف الوقف رأسا حتى يتّحد مع ذلك القسم المتقدم (5)، اذ (6) لا يتناسب هذا ما هو الغالب في تلف

+++++++++++

- كذلك تستعمل أيضا في العلم و الظن فلا مجال لهذه الأظهرية حينئذ

(1) أي القسم الثاني من قسمي الصورة السابعة: و هو ما إذا فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب، و قد اشرنا إليه في الهامش 4 ص 231

(2) و هو ما ادّى بقاؤه الى خرابه علما أو ظنا و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 230

(3) و هو القسم الأول من الصورة السابعة.

(4) أي في القسم الثاني من الصورة السابعة.

(5) و هو القسم الأول من الصورة السابعة.

(6) تعليل لعدم كون المراد من التلف في المكاتبة تلف الوقف رأسا و سقوطه نهائيا.

و خلاصته: أن السقوط النهائي، و التلف رأسا لا يناسب تلف الضيعة غالبا، اذ الغالب في تلف الضيعة هو تلفها عن الانتفاع المناسب لها كما لو كانت دار سكنى لرجال الدين فاصبحت خربة بحيث لا يستفاد منها سوى الزراعة، لكونها صارت عرصة، فان مثل هذا الخراب لا يقال له: التلف رأسا. -

ص: 269

الضيعة التي هي مورد الرواية، فان تلفها غالبا لسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها.

ثم إن الظاهر من بعض العبائر المتقدمة (1).

بل المحكي عن الأكثر أن الثمن في هذا البيع للبطن الموجود.

إلا أن ظاهر كلام جماعة، بل صريح بعضهم كجامع المقاصد هو أنه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف، تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان (2).

و هذا (3) منه قدس سره مبني

+++++++++++

- فالمراد من التلف و السقوط في الضيعة هو هذا، لا السقوط النهائي.

(1) كما في عبارة شيخنا المفيد قدس سره التي نقلها عنه الشيخ في ص 123 بقوله: فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه، و كذلك إن حصلت لهم ضرورة الى ثمنه كان لهم حلّه.

و كما في عبارة السيد المرتضى قدس سره في الانتصار التي نقلها عنه الشيخ في ص 124 بقوله: جاز لمن هو وقف عليه بيعه و الانتفاع بثمنه

(2) راجع فيما نقل عنه الشيخ في ص 132 بقوله: و يشترى بثمنه في الموضعين ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف.

(3) أي ما افاده صاحب جامع المقاصد: من أنه يشترى بثمنه الى آخره مبني على احد الامرين لا محالة:

إما منع ظهور المكاتبة المذكورة في تقرير الامام عليه السلام لمّا سأله السائل عن توزيع ثمن الوقف المبيع على الموقوف عليهم أي ليس للمكاتبة ظهور في هذا التقرير.

و إما على منع العمل بهذا التقرير رأسا في مخالفة مقتضى قاعدة -

ص: 270

على منع ظهور الرواية (1) في تقرير السائل في قسمة الثمن على الموجودين أو (2) على منع العمل بهذا التقرير في مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة من اشتراك جميع البطون في البدل كالمبدل، لكن الوجه الثاني (3) ينافي

+++++++++++

- المعاوضة: من اشتراك جميع البطون: اللاحقة و الموجودة في البدل كما أنه شريك في المبدل.

فاذا منعنا العمل بهذا التقرير بقيت قاعدة: يجب العمل بمقتضى المعاوضة سليمة عن المخالفة.

(1) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

هذا هو الأمر الأول المشار إليه في الهامش 1 ص 264

و أما وجه منع ظهور المكاتبة فلأن ما افاده صاحب جامع المقاصد:

من أنه يشترى بثمن الوقف شيئا لا ينسجم مع ظهور المكاتبة في التقرير

(2) هذا هو الأمر الثاني المشار إليه في الهامش 3 ص 264

(3) و هو الأمر الثاني الذي اشير إليه في الهامش 3 ص 264 بقولنا:

و إما على منع العمل بهذا التقرير أي بناء على ما افاده صاحب جامع المقاصد: من أنه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على منع العمل بهذا التقرير مناف لما افاده في المصدر نفسه: من اختصاص الموجودين بثمن الوقف المبيع عند الحاجة الى بيعه مستندا هذا الاختصاص الى رواية جعفر بن حنان في جواب الامام عليه السلام في سؤال السائل في ص 209

قلت فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض اذا احتاجوا، و لم يكفهم ما يخرج من الغلة؟

فقال عليه السلام: نعم اذا رضوا كلهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا.

ص: 271

قوله باختصاص الموجودين بثمن ما يباع للحاجة الشديدة، تمسكا برواية جعفر فتعين الأول: و هو منع التقرير، لكنه خلاف مقتضى التأمل في الرواية (1).

الوقف المنقطع

و أما (2) الوقف المنقطع: و هو ما اذا وقف على من ينقرض بناء على صحته كما هو المعروف.

فاما أن نقول ببقائه على ملك الواقف (3).

و إما أن نقول بانتقاله الى الموقوف عليهم.

و على الثاني (4) فاما أن يملكوه ملكا مستقرا بحيث ينتقل منهم الى ورثتهم عند انقراضهم، و إما أن يقال بعوده الى ملك الواقف (6)

و إما أن يقال بصيرورته في سبيل اللّه (7).

+++++++++++

(1) اذا التأمل في الرواية التي هي مكاتبة علي بن مهزيار يعطيك درسا عن تقرير الامام عليه السلام لما سأله السائل: عن توزيعه ثمن الوقف المبيع على الموقوف عليهم.

الى هنا كان الكلام حول جواز بيع الوقف المؤبد، أو عدم جوازه.

و قد اسهب الشيخ قدس سره الكلام في هذا الميدان، لتطلبه ذلك

(2) من هنا شروع في جواز بيع الوقف المنقطع، أو عدمه فقال:

و أما الوقف المنقطع.

(3) و إن كان الملك وقفا منقطعا و لم تنقص مدة الوقفية.

(4) أي في مدة كون الملك وقفا عليهم.

(5) و هو انتقال الملك الى الموقوف عليهم في مدة كونه وقفا عليهم

(6) أي عند انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف.

(7) أي بعد انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف يرجع -

ص: 272

فعلى الأول (1) لا يجوز للموقوف عليهم البيع، لعدم الملك.

و في جوازه (2) للواقف، مع جهالة مدة استحقاق الموقوف عليهم إشكال من حيث لزوم الغرر بجهالة وقت استحقاق التسليم التام على وجه ينتفع به، و لذا (3) منع الأصحاب كما في الايضاح على ما حكي عنهم بيع مسكن المطلقة المعتدة بالأقراء، لجهالة مدة العدة (4)، مع عدم كثرة التفاوت.

نعم المحكي عن جماعة كالمحقق و الشهيدين في المسالك و الدروس و غيرهم صحة البيع في السكنى الموقتة بعمر احدهما، بل ربما يظهر من محكي التنقيح الاجماع عليه و لعله إما لمنع الغرر، و إما للنص: و هو ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح، أو الحسن عن الحسين بن نعيم قال: سألت

+++++++++++

- الملك الى صرف منافعه في سبيل اللّه عزّ و جلّ.

(1) و هو بقاء الوقف على ملك المالك الواقف قبل انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف.

(2) أي و في جواز بيع الموقوف عليهم الوقف المنقطع قبل انقضاء مدة الوقف إشكال و نظر.

وجه الاشكال أنه يلزم حينئذ الغرر في المبيع و هو منهي عنه

و أما لزوم الغرر فللجهل بمدة استحقاق تسليم البائع الملك للمشتري حتى يسوغ له الانتفاع منه.

(3) أي و لاجل الجهل بمدة استحقاق تسليم البائع الملك الى المشتري

(4) فان الأقراء و إن كانت معلومة من حيث العدد: و هي ثلاثة أقراء، لكنها مجهولة من حيث الزمان، لأنه لا يدرى عدد أيام كل قرء و إن كان التفاوت قليلا.

ص: 273

أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل داره سكنى لرجل زمان حياته أو جعلها له و لعقبه من بعده.

قال: هي له و لعقبه من بعده كما شرط.

قلت: فان احتاج إلى بيعها أ يبيعها؟

قال: نعم.

قلت: فينقض بيعه الدار السكنى.

قال: لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبي يقول:

قال أبو جعفر: لا ينقض البيع الاجارة، و لا السكنى، و لكن يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط، الى آخر الخبر (1).

و مع ذلك (2) فقد توقف في المسألة العلامة و ولده و المحقق الثاني

و لو باعه (3) من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف

+++++++++++

(1) أي الى آخر الخبر، و للخبر صلة.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 325. الباب 2 الحديث 2.

(2) أي و مع وجود هذا النص فقد توقف العلامة و ولده فخر المحققين و المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد في مسألة بيع سكنى الدار الموقوفة، و الموقتة بعمر احدهما: إما الواقف أو الموقوف عليه، حيث عرفت أنه لا يدرى عمر احدهما، و أنه متى يموت حتى يسلّم البائع الملك للمشتري، و يتسلّمه المشتري.

(3) أي لو باع الواقف الوقف من الموقوف عليهم قبل انقضاء المدة جاز البيع ظاهرا.

ص: 274

فالظاهر جوازه، لعدم (1) الغرر.

و يحتمل العدم (2)، لأن معرفة المجموع المركب من ملك البائع و حق المشتري لا توجب معرفة البيع.

و كذا (3) لو باعه ممن انتقل إليه حق الموقوف عليه.

نعم لو انتقل (4) الى الواقف ثم باع صح جزما.

و أما (5) مجرد رضا الموقوف عليهم فلا يجوز البيع من الأجنبي

+++++++++++

(1) تعليل للجواز أي الجواز المذكور لاجل عدم وجود غرر في البين حتى يكون البيع غرريا لا يصح الاقدام عليه.

(2) أي عدم جواز بيع الواقف الوقف من الموقوف عليهم، و إن كان المشتري عالما بمجموع المركب: من ملك البائع الواقف، و حق المشتري، فان هذا العلم لا يوجب المعرفة بالمبيع فيكون البيع غرريا منهيا عنه.

(3) أي و كذا يحتمل عدم جواز بيع الواقف الوقف الى من ينتقل إليه حق الموقوف عليهم كورثة الموقوف عليهم، لعين الملاك الموجود في بيع الواقف من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف.

(4) أي لو انتقل الوقف الى الواقف بعد انقضاء مدة الوقف فباع الواقف الوقف من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف.

أو باعه ممن ينتقل إليه حق الموقوف عليه.

(5) دفع وهم:

حاصل الوهم: أن الموقوف عليهم راضون ببيع الواقف الوقف في زمن الوقف و إن لم تنقض مدته فهذا الرضا كاف في صحة البيع

فأجاب الشيخ قدس سره عن الوهم بما حاصله: أن مجرد رضا الموقوف عليهم في بيع الوقف لا يجوّز البيع من الأجنبي، لأن منفعة -

ص: 275

لأن المنفعة مال لهم (1) فلا تنتقل الى المشتري بلا عوض.

اللهم إلا (2) أن يكون على وجه الإسقاط لو صححناه (3) منهم.

أو تكون المعاملة مركبة من نقل العين من طرف الواقف و نقل المنفعة من قبل الموقوف عليهم فيكون العوض موزعا عليهما (4)

و لا بدّ أن يكون ذلك (5) على وجه الصلح، لأن غيره (6) لا يتضمن

+++++++++++

- الوقف الى زمن انقضاء مدة الوقف راجعة الى الموقوف عليهم فلا تنتقل شيء منها الى المشتري، لأن لازم الانتقال إليه أن لا يرجع شيء من العوض الى الموقوف عليهم، حيث إن العوض قد أخذه الواقف عند ما باع الوقف.

(1) أي الموقوف عليهم كما علمت آنفا.

(2) استثناء عما افاده: من مجرد رضا الموقوف عليهم لا يجوّز البيع و لا يبرره.

و خلاصته: أن الرضا المذكور اذا كان على وجه إسقاط الموقوف عليهم حقهم حتى لا يحتاجون الى العوض فقد صح البيع، لأن الرضا إذا كان كذلك فانه يجوّز البيع.

(3) أي لو صححنا هذا الاسقاط من الذين افتوا بذلك، لأننا لا نعترف بصحة الاسقاط، حيث إن في الوقف حقوقا ثلاثة:

حق اللّه عزّ و جلّ، و حق الواقف، و حق الموقوف عليهم

فباسقاط الموقوف عليهم حقهم لا يسقط الحقين الأخيرين.

(4) أي على الواقف، و الموقوف عليهم.

(5) أي توزيع العوض على الواقف و الموقوف عليهم.

(6) أي غير الصلح.

ص: 276

نقل العين و المنفعة كليهما، خصوصا مع جهالة المنفعة (1).

و مما ذكرنا (2) يظهر وجه التأمل (3) فيما حكي عن التنقيح: من أنه لو اتفق الواقف و الموقوف عليه على البيع في المنقطع جاز (4) سواء (5) اراد بيع الواقف أم بيع الموقوف عليه كما يدل كلامه (6) عليه المحكي عنه في مسألة السكنى، حيث اجاز (7) استقلال مالك العين بالبيع و لو (8) من دون رضا مالك الانتفاع، أو المنفعة.

+++++++++++

(1) حيث لا يدرى مدة انقضاء عمر الموقوف عليه فبالجهل بالمدة تجهل مدة المنفعة.

(2) و هو أن مجرد رضا الموقوف عليه لا يجوّز البيع، لأن المنفعة راجعة الى الموقوف عليه فاذا انتقلت الى المشتري لا يرجع شيء من العوض إليهم، لأن الواقف قد اخذه.

(3) وجه التأمل أن مجرد اتفاق الواقف و الموقوف عليه على بيع الوقف لا يجوّز البيع، لأن المنفعة مال للموقوف عليهم، فاذا بيع الوقف و اعطي للمشتري لم يرجع شيء من العوض الى الموقوف عليهم لأن العوض قد أخذه الواقف.

(4) الى هنا كلام صاحب التنقيح قدس سره

(5) من هنا كلام شيخنا الانصاري قدس سره أي سواء أراد صاحب التنقيح من بيع الوقف بيع الواقف الوقف مع رضا الموقوف عليه، أم بيع الموقوف عليه الوقف مع رضا الواقف.

(6) أي كما يدل على جواز بيع الوقف لو اتفق الواقف و الموقوف عليه كلامه في مسألة وقف سكنى الدار بعمر احدهما.

(7) أي صاحب التنقيح.

(8) هذه الجملة: و لو من دون رضا مالك تدل على جواز -

ص: 277

نعم (1) لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من دون تملك للمنفعة كما في السكنى على قول صح ما ذكره، لامكان سقوط الحق بالاسقاط، بخلاف (2) المال، فتأمّل (3).

و تمام الكلام في هذه المسائل في باب السكنى و الحبس إن شاء اللّه

و على الثاني (4) فلا يجوز

+++++++++++

- بيع الوقف عند ما اتفق الواقف و الموقوف عليه، لأنه إذا جاز البيع في صورة عدم رضا مالك الانتفاع، أو المنفعة ففي صورة رضاه بطريق أولى.

و الفرق بين مالك الانتفاع، و المنفعة معلوم، اذ الأول في صورة عدم اشتراط المباشرة من شخص الموقوف عليه.

و الثاني اشتراط المباشرة بشخص الموقوف عليه.

(1) استدراك عما افاده: من التأمل فيما افاده صاحب التنقيح:

من أن اتفاق الواقف و الموقوف عليه على بيع الوقف يجوّز بيعه.

و خلاصته: أن اتفاق الواقف و الموقوف عليه امر ممكن لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من الوقف فقط، دون تملك المنفعة لامكان سقوط الحق باسقاط الموقوف عليه حقه.

(2) أي بخلاف المال الذي هو الملك، فأنه لا يسقط باسقاط المالك.

(3) لعل الأمر بالتأمل اشارة الى أن حق الانتفاع ليس إلا السلطنة و السلطة على الانتفاع فهو كالعارية فليس من الحقوق القابلة للاسقاط

فما افاده صاحب التنقيح: من جواز بيع الوقف المنقطع في صورة اتفاق الواقف و الموقوف عليه غير مفيد.

(4) و هو انتقال الوقف المنقطع الى الموقوف عليهم قبل انقضاء مدته

ص: 278

البيع للواقف (1)، لعدم الملك، و لا للموقوف عليه، لاعتبار الواقف بقاؤه في يدهم الى انقراضهم.

و على الثالث (2) فلا يجوز البيع للموقوف عليه (3) و إن اجاز الواقف، لمنافاته (4) لاعتبار الواقف في الوقف بقاء العين.

كما لا يجوز أيضا للواقف لغير المالك فعلا و إن اجاز الموقوف عليه

إلا إذا جوزنا بيع ملك الغير مع عدم اعتبار مجيز له في الحال.

على أن الموقوف عليه الذي هو المالك فعلا ليس له الاجازة لعدم تسلطه على النقل فاذا انقرض الموقوف عليه، و ملكه الواقف لزم البيع.

ثم إنه قد أورد على القاضي قدس سره، حيث جوز للموقوف عليه بيع الوقف المنقطع (5) مع قوله ببقاء الوقف المنقطع على ملك الواقف

+++++++++++

(1) أي في مدة كون الوقف في يد الموقوف عليه، لأن الملك قبل انقضاء مدة الوقف مسلوب المنفعة فليس للمالك حق التصرف فيه

و كذلك لا يجوز للموقوف عليه بيعه في مدة وقف الملك عليهم لأن الواقف قد اشترط بقاء الوقف على الوقفية إلى أن تنقضي مدة الوقف.

(2) و هو عود الوقف بعد انقضاء مدة الوقف الى ملك الواقف

(3) أي في مدة الوقف.

(4) أي لمنافاة البيع مع ما اعتبره الواقف: و هو بقاء الوقف على الوقفية الى أن تنقضي مدته.

(5) المراد من جواز بيع الموقوف عليه الوقف المنقطع جوازه الى مدة الوقف المشروطة في الوقف، لا مطلقا حتى بعد انقضاء مدة الوقف، فانه بعد الانقضاء يخرج عن تحت تصرف الموقوف عليهم -

ص: 279

و يمكن رفع التنافي (1) بكونه (2) قائلا بالوجه الثالث من الوجوه المتقدمة: و هو ملك الموقوف عليهم ثم عوده الى الواقف.

إلا أن الكلام في ثبوت هذا القول (3) بين من اختلف في مالك الموقوف في الوقف المنقطع، و يتضح ذلك (4) بمراجعة المسألة (5) في كتاب الوقف.

و على الرابع (6) فالظاهر أن حكمه حكم الوقف المؤبد كما صرح به (7) المحقق الثاني على ما حكي عنه، لأنه حقيقة وقف مؤبد

+++++++++++

- و يعود الى ملك الواقف لو كان موجودا، أو الى وارثه لو كان ميتا، أو يرجع في سبيل اللّه عز و جل على اختلاف الأقوال.

(1) المراد من التنافي هو تجويز القاضي قدس سره بيع الموقوف عليه الوقف قبل انقضاء مدة الوقف، مع قوله ببقاء الوقف على ملكية الواقف.

و من الواضح أن القولين متنافيان متضادان لا يجتمعان، إذ كيف يمكن البيع مع بقاء الوقف على ملكية الواقف.

(2) من هنا شروع في رفع التنافي و قد افاده في المتن فلا نعيده

(3) أي هذا المبنى: و هو ما افاده القاضي قدس سره.

(4) أي مبنى القاضي.

(5) و هي مسألة جواز بيع الموقوف عليه الوقف المنقطع مع بقاء الوقف على ملك الواقف.

(6) و هو عود الوقف المنقطع بعد انقضاء مدة الوقف في سبيل اللّه عزّ و جلّ.

(7) أي بأن حكم مثل هذا الوقف حكم الوقف المؤبّد.

ص: 280

كما لو صرح بكونه في سبيل اللّه بعد انقراض الموقوف عليه الخاص.

ثم إن ما ذكرنا (1) في حكم الوقف المنقطع فانما هو بالنسبة إلى البطن الذي لا بطن بعده يتلقى الملك من الواقف.

و أما حكم بيع بعض البطون مع وجود من بعدهم (2) فان قلنا بعدم تملكهم للمنقطع فهو كما تقدم (3).

و أما على تقدير القول بملكهم فحكم بيع الأخير من البطون حكم بيع بعض البطون في الوقف المؤبد فيشترك معه في المنع في الصور التي منعنا (4)، و في الجواز في الصورة التي جوزنا (5)، لاشتراك دليل

+++++++++++

(1) و هو أن الوقف المنقطع هل هو باق على ملك الواقف أو أنه ينتقل إلى الموقوف عليهم مدة كونه وقفا، ملكية موقتة، أو يعود إلى ملك الواقف بعد انقضاء المدة، أو إلى سبيل اللّه عزّ و جلّ؟

(2) هذا إذا كان الشيء وقفا على البطون الموجودة، و اللاحقة إلى مدة معينة مثلا.

(3) من بقاء الوقف على ملك الواقف، أو ينتقل إلى الموقوف عليهم ملكية موقتة، أو يعود إلى ملك الواقف بعد انقضاء المدة، أو إلى سبيل اللّه عزّ و جلّ.

(4) و هي الصورة: 1-2-3-4-5-6-7-8-9-10 من صور جواز بيع الوقف المؤبد التي قالها الشيخ في ص 161 بقوله:

فاعلم أن الكلام في جواز صور بيع الوقف يقع في صور.

و قد اشير إلى هذه الصور من ص 161 - الى ص 233

(5) و هي الصورة السابعة في القسم الأول منها المشار إليه في الهامش 3 ص 230

ص: 281

المنع (1) و يتشاركان (2) أيضا في حكم الثمن بعد المبيع.

مسألة: و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا صيرورة المملوكة أم ولد لسيدها
اشارة

(مسألة): و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا صيرورة المملوكة أم ولد لسيدها، فان ذلك (3) يوجب منع المالك عن بيعها بلا خلاف بين المسلمين على الظاهر المحكي عن مجمع الفائدة.

و في بعض الأخبار دلالة على كونه (4) من المنكرات في صدر الاسلام.

مثل ما روي عن قول أمير المؤمنين لمن سأله عن بيع أمة ارضعت ولده.

قال له: خذ بيدها، و قل: من يشتري أم ولدي (5).

و في حكم البيع كلّ تصرّفٍ ناقلٍ للملك الغير المستعقب بالعتق، أو مستلزمٍ للنقل كالرهن

و في حكم البيع كل تصرف ناقل للملك (6)، غير (7) المستعقب

+++++++++++

(1) أي في الوقف المؤبد و المنقطع.

(2) أي وقف المؤبّد و المنقطع في ثمن المبيع: من حيث اشتراك الجميع به، و أنه يشترى به ما يوقف عليهم، تحصيلا لغرض الواقف

(3) أي صيرورة المملوكة أم ولد.

(4) أي بيع أم الولد.

(5) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 14. ص 309. الباب 19 الحديث 1.

(6) أي كل تصرف في الامة المستولدة حكمه حكم البيع في عدم جوازه، سواء أ كان ذاك التصرف ناقلا للأمة، أم مستلزما للنقل لها

فكما أن بيع الأمة المستولدة غير جائز.

كذلك التصرف الموجب لنقلها، أو مستلزما للنقل غير جائز.

(7) أي و أما النقل الموجب لعتقها فهو جائز، لأن الشارع إنما منع عن بيعها، و عن هذه التصرفات، لتعتق عن نصيب ولدها -

ص: 282

بالعتق، أو مستلزم للنقل كالرهن (1) كما يظهر (2) من تضاعيف كلماتهم في جملة من الموارد.

(منها) (3): جعل أم ولد ملكا غير طلق كالوقف و الرهن.

+++++++++++

- ليكون لها من المزايا الحياتية كما كان لغيرها من بني نوعها، و لا تبقى أسيرة و مقيدة ما دامت في الحياة إذا بيعت، أو صولح عليها، أو غير ذلك.

و أما إذا كان نقلها موجبا لعتقها فهو جائز بلا كلام، لأن عتقها يكون حاليا غير متوقف على نصيب ولدها المشكوكة حياته إلى موت أبيه، ليرثه حتى تعتق أمه من نصيبه.

(1) فان رهن الأمة تصرف مستلزم لنقلها، حيث إنها تكون وثيقة عند المرتهن فيما إذا لم يؤد الراهن الدين أخذها عوضا عنه أو باعها و أخذ حقه و ارجع الزائد إلى الراهن إن كانت في قيمتها زيادة

(2) أي ما قلناه: من أن كل تصرف في الامة المستولدة الموجب لنقلها، أو مستلزما لنقلها حكمه حكم البيع في عدم جوازه يظهر من أغلب الفقهاء في ثنايا كلماتهم لمن أمعن النظر في موارد أم الولد و راجعها.

(3) من هنا أخذ الشيخ في عدّ تلك الموارد التي افادها الفقهاء و يظهر من كلماتهم أن الأمة المستولدة لا يجوز فيها أي تصرف فهذا أول مورد من تلك الموارد فقال:

من تلك الموارد مورد جعل الفقهاء الامة المستولدة ملكا غير طلق فقالوا: إنها كالوقف و الرهن في كونهما ملكا غير طلق.

فكما أنهما غير طلقين، كذلك الامة المستولدة ملك غير طلق لا يجوز التصرف فيه بنحو الملك الطلق، إذ معنى الطلق هو تمامية -

ص: 283

و قد عرفت (1) أن المراد من الطلق تمامية الملك، و الاستقلال في التصرف.

فلو (2) جاز الصلح عنها و هبتها لم تخرج عن كونها طلقا بمجرد عدم جواز ايقاع عقد البيع عليها.

كما أن (3) المجهول الذي يصح الصلح عنه و هبته و الابراء عنه

+++++++++++

- الملك، بحيث يمكن للمالك الاستقلال في التصرف فيه أي نحو شاء و أراد من التصرفات.

و من الواضح أن الطليقة لا مفهوم لها في الامة المستولدة بواسطة استيلادها.

كما لا مفهوم لها في الوقف و الرهن.

(1) في ص 87 عند قوله: و المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك بحيث يمكن للمالك أن يفعل بملكه ما شاء، و يكون مطلق العنان في ذلك

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الفقهاء جعلوا أم الولد ملكا غير طلق.

و خلاصته: أن الامة المستولدة لا تخرج عن الملكية الطلقة لو قلنا بجواز الصلح عنها، أو بجواز هبتها و إن منعنا جواز ايقاع عقد البيع عليها، لأن مجرد المنع لا يبرر جواز الصلح و الهبة، لأن لازم القول بجواز الصلح عنها وهبتها عدم خروجها عن الملكية الطلقة أي باقية على الطلقية و الحال أنها ليست بملك طلق، فلا بد من القول بعدم جواز الصلح عنها، و عدم جواز هبتها.

(3) لنظير لعدم خروج الامة المستولدة عن الطلقية لو جوزنا الصلح عليها و هبتها.

و خلاصته: كما أن جواز الصلح على شيء مجهول، أو هبته: -

ص: 284

و لا يجوز بيعه لا يخرج عن كونه طلقا.

(و منها) (1): كلماتهم في رهن أم الولد فلاحظها.

(و منها) (2): كلماتهم في استيلاد المشتري في زمان خيار البائع فان المصرح به في كلام الشهيدين في خيار الغبن أن البائع لو فسخ يرجع إلى القيمة، لامتناع انتقال أم الولد (3).

و كذا في كلام العلامة و ولده و جامع المقاصد ذلك (4) أيضا في زمان مطلق الخيار.

+++++++++++

- أو الابراء عنه لا يخرجه عن الطلقية و إن لم نجوز بيعه، لكونه مجهولا.

كذلك جواز الصلح على الامة المستولدة و هبتها لا يخرجها عن الطلقية

(1) أي و من الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء فيها أن كل تصرف ناقل للملك، أو مستلزم للنقل حكمه حكم البيع في عدم جوازه راجع ما افاده الفقهاء في هذا المقام.

إليك نص ما افاده في كتاب المتاجر من القواعد في أحكام الرهن في المقصد الثاني.

قال قدس سره: و في رهن أم الولد في ثمن رقبتها مع إعسار المولى إشكال، و مع يساره أشكل، و في غير الثمن أشد إشكالا.

الشاهد في قوله: و في غير الثمن أشد إشكالا، حيث يدل على عدم جواز رهن الامة المستولدة في غير ثمن رقبتها.

(2) أي و من تلك الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء عدم جواز الصلح على الامة المستولدة، و عدم جواز رهنها.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 466

(4) أي رجوع البائع إلى المثل، أو القيمة لو استولد المشتري الامة

ص: 285

(و منها) (1): كلماتهم في مستثنيات بيع أم الولد ردا و قبولا فانها كالصريحة في أن الممنوع مطلق نقلها (2) لا خصوص البيع.

(و بالجملة) فلا يبقى للمتأمل شك في ثبوت حكم البيع لغيره من النواقل، و مع ذلك (3) كله.

فقد جزم بعض سادة (4) مشايخنا بجواز غير البيع من النواقل (5)

+++++++++++

(1) أي و من تلك الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء عدم جواز الصلح عن الامة المستولدة، و عدم جواز رهنها.

(2) سواء أ كان بنحو البيع أم الصلح، أم الهبة.

(3) أي و مع ما ذكرناه من موارد كلمات الفقهاء، و مع عدم بقاء شك للمتأمل في ثبوت حكم البيع: و هو عدم الجواز للصلح و الهبة، من النواقل، أو مستلزما للنقل.

(4) المراد به هو السيد المجاهد السيد محمد الطباطبائي نجل المرحوم السيد علي صاحب الرياض.

و قد مضى شرح حياته في حياة الشيخ الأنصاري قدس سره في الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص

و له مؤلف شريف: و هو (المناهل).

(5) إليك ما افاده قدس سره في هذا المقام في المصدر نفسه:

السادس هل يلحق بالبيع الصلح فلا يصح للمولى نقل أمّ الولد مع وجود ولدها منه الى غيره بطريق الصلح، أو لا يلحق، بل يجوز النقل بطريق الصلح في جميع الصور؟

ظاهر الدروس الأول:

و التحقيق أن يقال: إن كان الصلح فرعا عن البيع فلا إشكال في الالحاق، (أي في إلحاقه بالبيع في عدم جوازه). -

ص: 286

للاصول (1)، و خلوّ (2) كلام المعظم عن حكم غير (3) البيع.

و قد عرفت ظهوره (4) من تضاعيف كلمات المعظم في الموارد المختلفة، و مع ذلك (5)

+++++++++++

- و إن كان عقدا مستقلا كما هو المختار فلا يلحق، فان المعتمد جواز نقلها بكل ناقل عدا البيع فيجوز اتهابها للغير، للعمومات الدالة على لزوم الوفاء بالعقود، و الشروط، و على تسلط المالك على ملكه خرج من هذه العمومات بيع الامة المستولدة بالدليل الخاص و لا دليل على خروج غيره

(1) المراد بها قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، فانه يشمل الصلح عن الامة المستولدة.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم و أنفسهم.

(2) بالجر عطفا على المجرور (باللام الجارة) في قوله: و للاصول أي و لخلو كلام معظم الفقهاء عن منع الصلح و الهبة في الامة المستولدة فهذا دليل ثان لصاحب المناهل.

(3) و هو الصلح و الهبة.

(4) أي ظهور غير البيع: من الصلح و الهبة من كلمات الفقهاء و أنهم ألحقوهما بالبيع في عدم جوازهما.

و قد افاد شيخنا الانصاري قدس سره بهذه الكلمات في ص 283 - 285-286 في قوله: منها، و منها، و منها، و بالجملة.

(5) أي و مع ما عرفته من ظهور كلمات كثيرة من الفقهاء في منع الصلح و الهبة في الامة المستولدة بقولنا: منها و منها و منها فالمنع عن الصلح و الهبة في الامة المستولدة هو الظاهر من كلام الشيخ -

ص: 287

فهو الظاهر من المبسوط و السرائر، حيث قالا: إذا مات ولدها (1) جاز بيعها و هبتها، و التصرف فيها بسائر أنواع التصرف.

و قد ادعى في الايضاح الاجماع صريحا على المنع عن كل ناقل و ارسله بعضهم كصاحب الرياض و جماعة ارسال المسلمات.

بل عبارة بعضهم ظاهرة في دعوى الاتفاق.

حيث قال (2): إن الاستيلاد مانع من صحة التصرفات الناقلة من ملك المولى إلى ملك غيره، أو المعرّضة لها، للدخول في ملك غيره كالرهن على خلاف في ذلك.

ثم إن عموم المنع لكل ناقل (3)، و عدم اختصاصه (4) بالبيع قول جميع المسلمين.

و الوجه فيه (5) ظهور أدلة المنع المعنونة بالبيع في إرادة مطلق النقل، فان مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية السابقة: خذ بيدها، و قل: من يشتري أم ولدي (6) يدل على كون مطلق نقل أمّ الولد الى الغير كان من المنكرات.

+++++++++++

- في المبسوط، و ابن ادريس قدس اللّه سرهما في السرائر.

(1) فكلامهما هذا صريح في عدم جواز الصلح و الهبة في الامة المستولدة قبل موت ولدها.

(2) أي هذا البعض.

(3) سواء أ كان بنحو الصلح، أم الهبة، أم غيرهما.

(4) أي النقل.

(5) أي في عموم النقل لكل ناقل.

(6) المشار إليه في ص 282

ص: 288

و هو (1) مقتضى التأمل فيما سيجيء: من أخبار بيع أم الولد في ثمن رقبتها، و عدم جوازه فيما سوى ذلك.

هذا مضافا إلى ما اشتهر و إن لم نجد نصا عليه: من أن الوجه في المنع هو بقاؤها، رجاء لانعتاقها من نصيب ولدها بعد موت سيدها.

و الحاصل أنه لا إشكال في عموم المنع لجميع النواقل.

ثم إن المنع مختص بعدم هلاك الولد، فلو هلك جاز اتفاقا فتوى و نصا (2).

و لو مات الولد و خلف ولدا ففي إجراء حكم الولد عليه، لأصالة (3) بقاء المنع، و لصدق الاسم (4) فيندرج (5) في اطلاق الأدلة و تغليبا (6) للحرية.

+++++++++++

(1) أي قول أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الدال على أن مطلق نقل أم الولد الى الغير كان من المنكرات.

(2) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 126. الباب 5 الأحاديث

(3) المراد من الأصل هو الاستصحاب أي استصحاب منع بيع أم الولد في حياة ولدها، و بعد وفاته و وجود ولد ولده نشك في بقاء عدم جواز بيعها، فنستصحب العدم.

(4) أي الولد الصلبي على ولد الولد فيقال: إنه ولدها.

(5) أي ولد الولد يندرج تحت اطلاق أدلة المنع عن بيع أم الولد فان تلك الأدلة التي منها الرواية المرويّة عن الامام امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في ص 282 مطلقة لا تقييد فيها للولد بالولد الصلبي.

(6) منصوب على المفعول لاجله أي و لاجل تغليب جانب الحرية على جانب العبودية، حيث إن الشارع في مقام تحرير العبيد و الاماء -

ص: 289

أو العدم (1)، لكونه (2) حقيقة في ولد الصلب، و ظهور (3) ارادته من جملة من الأخبار، و إطلاق (4) ما دل من النصوص

+++++++++++

- بكل صورة، و بكل سبب يمكن التشبث به حتى يكون لهؤلاء العبيد و الاماء ما للأحرار: من المزايا الحياتية، و يكون حكمهم حكمهم في الاجتماع.

فهنا و إن مات ولدها، لكن لما خلف ولدا حكم بعدم جواز بيعها بسبب ولد الولد تغليبا لجانب الحرية.

فتغليب جانب الحرية يكون دليلا ثالثا على عدم جواز بيع الامة المستولدة اذ الدليل الأول هو الاستصحاب المشار إليه في الهامش 3 ص 289

و دليله الثاني هو صدق اسم الولد على ولد الولد.

(1) أي أو عدم إجراء حكم الولد على ولد الولد حتى يجوز بيع أمّ الولد اذا مات ولدها.

(2) تعليل لعدم إجراء حكم الولد على ولد الولد.

و خلاصته: أن ولد الولد لا يقال له: ولد حقيقة، كما يقال للولد الصلبي: إنه ولد، فيصح سلب الولد عن ولد الولد فيجوز بيع أمّ الولد

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لكونه أي و لظهور إرادة الولد الصلبي من الولد في الأخبار، لا ولد الولد.

فهذا دليل ثان على عدم إجراء حكم الولد الصلبي على ولد الولد.

و المراد من الأخبار هي الأخبار المانعة عن بيع أم الولد منها الحديث المروي عن الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام المشار إليه في ص 282

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لكونه أي و لاطلاق الأخبار المجوّزة على بيع أمّ الولد بعد موت ولدها فان تلك الأخبار مطلقة لا تقييد فيها بالولد الصلبي. -

ص: 290

و الاجماع على الجواز بعد موت ولدها، أو التفصيل (1) بين كونه وارثا، لعدم (2) ولد الصلب للمولى، و عدمه (3)، لمساواة (4) الأول مع ولد الصلب في الجهة المقتضية للمنع وجوه (5).

+++++++++++

- فهذا دليل ثالث على عدم إجراء حكم الولد الصلبي على ولد الولد

و قد اشرنا الى مصدر هذه الأخبار في الهامش 5 ص 282

(1) هذا قول ثالث في مسألة ولد الامة اذا مات و خلف ولدا.

و خلاصته: أن هناك قولا ثالثا بالتفصيل: بين كون ولد الولد وارثا، و بين عدم كونه وارثا.

فان كان وارثا عن ابيه: بأن لم يكن لابيه اخوة، أو اخوات فلا يجوز بيع أمّ الولد هنا، لأنها تعتق من نصيب ولد ولدها.

و إن لم يكن وارثا كما لو كان للولد المتوفى اخوة و اخوات، أو إحداهما فلا تعتق أمّ الولد، لعدم نصيب لولد الولد حتى تعتق.

(2) تعليل لعدم جواز بيع أمّ الولد، لأنها تعتق من نصيب ولد ولدها، لعدم وجود وارث لأب الميت، بل الوارث منحصر في ولد الولد أي و لعدم وجود ولد صلبي لوالد المتوفى سوى ولد ولده.

(3) أي و بين عدم كون ولد الولد وارثا كما لو كان لابيه اخوة فحينئذ لا تصل النوبة إليه، و قد عرفت معناه في الهامش 1 عند قولنا:

و إن لم يكن وارثا.

(4) تعليل لكون ولد الولد وارثا أي لمساواة الأول و هو صورة عدم وارث لأب الميت سوى ولد ولده، فولد الولد يساوي مع ولد الصلبي في الجهة المانعة، و المقتضية لمنع أمّ الولد عن بيعها، حيث إنها تعتق من نصيب ولد ولدها.

(5) أي وجوه ثلاثة: -

ص: 291

حكي أولها (1) عن الايضاح.

و ثالثها (2) عن المهذب البارع و نهاية المرام.

و عن القواعد و الدروس، و غيرهما التردد (3).

بقي الكلام في معنى أمّ الولد

بقي الكلام في معنى أمّ الولد، فان ظاهر اللفظ اعتبار انفصال الحمل، اذ لا يصدق الولد إلا بالولادة.

لكن المراد هنا (4) مجازا ولدها و لو حملا، للمشارفة.

و يحتمل أن يراد الولادة من الوالد، دون الوالدة (5).

+++++++++++

- (الأول): إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(الثاني): عدم اجراء حكم الولد على ولد الولد.

(الثالث) التفصيل بين ولد الولد اذا يرث. و بين ولد الولد الذي لا يرث

(1) و هو إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(2) و هو التفصيل المذكور آنفا.

و قد عرفت التفصيل بين القولين في الهامش 1 ص 291

(3) أي التوقف في مسألة أمّ الولد اذا مات ولدها و خلف ولدا فلم يحكموا باجراء حكم الولد على ولد الولد، و لا بعدم الاجراء و لا بالتفصيل بين من يرث فيحكم باجراء حكم الولد على ولد الولد.

و بين من لا يرث فيحكم بعدم إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(4) أي المقصود من الولد في باب أمّ الولد هو ولد الأمة المستولدة و إن كان الولد يعدّ حملا و لم ينفصل عن الأمة، لا الولد المنفصل عنها بالولادة، فاطلاق الولد على مثل هذا الحمل يكون مجازا، لقاعدة المشارفة: و هي الأول و الرجوع الى الولد بالولادة لا محالة.

(5) قد اعترض شيخنا الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 183 على ما افاده شيخنا الانصاري بقوله: و يحتمل أن يراد -

ص: 292

و كيف كان (1) فلا إشكال، بل لا خلاف في تحقق الموضوع (2) بمجرد الحمل.

و يدل عليه (3) الصحيح عن محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يتزوج أمة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له في بيعها.

قال: هي امته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك و إن شاء اعتق (4).

+++++++++++

- الولادة من الوالد، دون الوالدة.

و خلاصة الاعتراض: أن الولد اذا لم يصدق على الجنين في البطن لم تصدق الولادة من الوالد أيضا، اذ مجرد خروج مبدأ الولد و انفصاله منه لا يوجب صدق الولادة، فان خروجه من هذا الحيث ليس إلا كخروج البول.

(1) أي سواء قلنا: إن المراد من الولد هو الولد المولود بالولادة الذي جاء منفصلا عن الأم، أم الولد المجازي و إن كان بالحمل و لم ينفصل عن الأم بعد.

(2) المراد من تحقق الموضوع هو تحقق الولد بمجرد الحمل و صدق أم الولد على الأمة المستولدة، و ترتب الحكم عليها و هو عدم جواز بيعها، و لا سائر التصرفات الناقلة، أو المستلزمة لنقلها.

(3) أي على تحقق الموضوع بمجرد وجود الحمل و إن لم ينفصل عن الأمة.

(4) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 125. الباب 4 الحديث 1.

فالشاهد في قوله عليه السلام: إن شاء باع ما لم يحدث عنده -

ص: 293

و في رواية السكوني عن جعفر بن محمد قال: قال علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم اجمعين في مكاتبة يطؤها مولاها فتحمل؟

فقال: يرد عليها مهر مثلها، و تسعى في قيمتها، فان عجزت فهي من امهات الأولاد (1).

لكن في دلالتها (2) على ثبوت الحكم بمجرد الحمل نظر، لأن زمان

+++++++++++

- حمل، حيث حكم بجواز بيع الأمة اذا لم تكن حاملا من الرجل المتزوج بها.

فمفهوم الحديث عدم جواز بيعها بمجرد الحمل من الرجل المتزوج بها.

(1) راجع (المصدر نفسه): ص 115. الباب 14. الحديث 2

فالشاهد في قوله عليه السلام: فان عجزت فهي من الامهات حيث حكم بكون المكاتبة من الامهات في صورة عجزها عن السعي عن قيمتها عند ما حملت عن مولاها.

(2) أي و في دلالة هذه المكاتبة على ثبوت الحكم: و هو عدم جواز بيع الأمة المستولدة، و تحقق الموضوع و هو الولد بمجرد الحمل نظر و إشكال،

وجه النظر من جهتين:

(الأولى): أن زمن الحكم: و هو عدم جواز بيع المكاتبة بعد تحقق السعي، و دفع قيمتها الى مولاها، لا قبل السعي، و دفع القيمة

(الثانية): أن العجز كان عقيب الحمل.

و من المعلوم أن العجز عن دفع قيمتها الى مولاها يحتاج الى زمن فحمل المكاتبة من مولاها يتحقق في خلال هذا الزمن، ثم الروح تلج في الجنين خلال هذه المدة: و هي مائة و عشرون يوما حسب -

ص: 294

الحكم بعد تحقق السعي، و العجز عقيب الحمل، و الغالب ولوج الروح حينئذ.

ثم الحمل يصدق بالمضغة اتفاقا على ما صرح في الرياض، و استظهره بعض آخر، و حكاه عن جماعة هنا، و في باب انقضاء عدة الحامل.

+++++++++++

- السير الطبيعي للمني بعد استقراره في الرحم، اذ كل مرحلة تحتاج الى مرور اربعين يوما حتى تلج الروح فيه، اذ بعد استقرار المني في الرحم لا بدّ من مرور اربعين يوما عليه حتى يصير علقة، و بعد مرور اربعين يوما عليها تصير مضغة، و بعد مرور اربعين يوما عليها تصير عظاما، ثم يكسى عليها اللحم، ثم تلج في الهيكل العظمي المتلبس باللحم الروح الناطقة.

قال العزيز جل شأنه و عظمت قدرته:

ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا اَلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا اَلْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا اَلْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ . المؤمنون: الآية 14.

فالحديث هذا لا يدل على المدّعى: و هو تحقق الموضوع بمجرد الحمل.

ثم الحديث هذا مروي عن الامام الصادق عليه السلام في الكافي و التهذيب و الاستبصار و من لا يحضره الفقيه عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام، لا عن الامام السجاد عليه السلام كما رواه الشيخ قدس سره عنه هنا.

ص: 295

و في صحيحة ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى يطلقها زوجها ثم تضع سقطا تمّ أو لم يتمّ، أو وضعته مضغة أ تنقضي بذلك عدتها؟

فقال: كل شيء وضعته يستبين أنه حمل تمّ أو لم يتم فقد انقضت به عدتها و إن كانت مضغة (1).

ثم الظاهر صدق الحمل على العلقة: و قوله عليه السلام، و إن كانت مضغة تقرير لكلام السائل (2)، لا بيان (3) لأقل مراتب الحمل كما (4) عن الاسكافي، و حينئذ (5) يتجه الحكم بتحقق الموضوع بالعلقة كما عن بعض.

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه): الجزء 15. ص 421. الباب 11 الحديث 1.

(2) حيث سأل عن الامام عليه السلام: أو وضعته مضغة أ تنقضي بذلك عدتها؟

فالامام قال له تقريرا لسؤاله: و إن كانت مضغة.

(3) أي و ليس قول الامام عليه السلام للسائل: فقد انقضت به عدتها و إن كانت مضغة بيانا لأقل مراتب الحمل: بمعنى أن أقلّ مرتبة من مراتب الحمل هو صيرورة العلقة مضغة حتى تكون النتيجة عدم تحقق الموضوع بالعلقة.

(4) أي كما أفاد الاسكافي أن قول الامام عليه السلام بيان لأقل مراتب الحمل، و أن الموضوع يتحقق بالمضغة، لا بالعلقة.

(5) أي و حين أن قلنا: إن قول الامام عليه السلام تقرير لكلام السائل، لا بيان لأقل مراتب الحمل.

ص: 296

بل عن الايضاح و المهذب البارع الاجماع عليه (1).

و في المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط (2) لا ظاهر و لا خفي، لكن قالت القوابل (3): إنه مبدأ خلق آدمي، و إنه لو بقى و تصوّر قال قوم: إنها لا تصير أم ولد بذلك.

و قال بعضهم: تصير أم ولد و هو مذهبنا (4)، انتهى.

و لا يخلو (5) عن قوة، لصدق الحمل.

و أما النطفة فهي بمجردها لا عبرة بها ما لم تستقر في الرحم، لعدم صدق كونها حاملا.

و على هذا الفرد (6) ينزّل اجماع الفاضل المقداد على عدم العبرة بها في العدة.

+++++++++++

(1) أي على أن الموضوع يتحقق بالعلقة.

(2) الظاهر أن هذا الجسد الذي ليس فيه تخطيط تكون مرتبته قبل مرتبة المضغة، اذ المضغة كما عرّفها في مجمع البحرين: قطعة لحم حمراء فيها عروق خضر مشتبكة، انتهى.

فالعروق الخضر المشتبكة هي التخطيط فهي تكون بعد ذاك الجسد الذي ليس فيه تخطيط.

(3) جمع قابلة: و هي المولّدة.

(4) هذا رأي شيخ الطائفة قدس سره و هو يدل على اجماع الطائفة على تحقق الموضوع بالعلقة، حيث اضاف المذهب الى الطائفة بقوله:

و هو مذهبنا.

(5) هذا رأي شيخنا الانصاري أي ما افاده شيخ الطائفة في تحقق الموضوع بالعلقة لا يخلو عن قوة.

(6) و هو عدم استقرار النطفة في الرحم، فانها بمجرد فراغها -

ص: 297

و أما مع استقرارها (1) في الرحم فالمحكي عن نهاية الشيخ تحقق الاستيلاد بها، و هو (2) الذي قواه في المبسوط في باب العدة بعد أن نقل عن المخالفين عدم انقضاء العدة به (3)، مستدلا (4) بعموم الآية (5)

+++++++++++

- في الرحم، و عدم استقرارها فيه لا يقال لها: الحمل

فالفاضل المقداد قدس سره إنما ادعى الاجماع على عدم الاعتبار بالنطفة في العدة ملاحظا هذا الفرد، لا ما اذا فرّغت النطفة في الرحم و استقر فيها، فانها حينئذ تكون معتبرة في العدة كما يأتي التصريح بها في ص 298

(1) أي مع استقرار النطفة في الرحم بعد أن فرّغت.

(2) أي تحقق الاستيلاد بعد أن استقرت النطفة في الرحم.

(3) أي باستقرار النطفة في الرحم.

راجع (الفقه على المذاهب الأربعة): الجزء 4 ص 519 الطبعة الثانية.

أليك نص عبارة الكتاب.

ثانيها: أن يكون الولد متخلقا فاذا اسقطت قطعة لحم لم يظهر فيها جزء انسان، فان عدّتها لا تنقضي بها، بل لا بدّ من انقضاء عدتها بثلاث حيض.

(4) هذا كلام الشيخ الانصاري و هو منصوب على الحالية أي حال كون شيخ الطائفة مستدلا على تحقق الاستيلاد باستقرار النطفة في الرحم بالآية الكريمة، و بالأخبار.

(5) و هي قوله تعالى: و أولات الأحمال اجلهنّ أن يضعن حملهنّ. الطلاق: الآية 4

فالآية الكريمة تدل على اعتبار استقرار النطفة في الرحم في الأجل -

ص: 298

و الأخبار (1) و مرجعه (2) الى صدق الحمل.

و دعوى أن اطلاق الحامل حينئذ (3) مجاز بالمشارفة يكذبها التأمل في الاستعمالات (4).

و ربما يحكى عن التحرير موافقة (5) الشيخ، مع أنه لم يزد فيه (6) على حكاية الحكم عن الشيخ.

+++++++++++

- حيث قال العزيز عز اسمه: إن انقضاء عدة ذوات الحمل بمجرد و ضعهن الحمل، من دون شيء آخر: من ولوج الروح، أو غيره.

(1) المراد من الأخبار هو الحديث المشار إليه في ص 294 المروي عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الذي اسنده شيخنا الانصاري الى الامام السجاد عليه السلام.

و الشاهد في قول السائل: في مكاتبة يطؤها مولاها فتحمل، فان كلمة فتحمل تدل على تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم

(2) أي و مرجع تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم

(3) أي حين أن استقرت النطفة في الرحم.

(4) لأن استعمال الحمل في استقرار النطفة في الرحم ليس بعلاقة المشارفة و الالتفات إليها، فالتأمل في موارد استعمال الحمل يكذّب الدعوى المذكورة.

(5) أي موافقة العلامة مع شيخ الطائفة في تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(6) أي مع أن العلامة لم يزد في التحرير على ما افاده الشيخ في النهاية، لأن مجرد الحكم لا يدل على الموافقة.

و في الواقع هذا إشكال من شيخنا الانصاري على ما حكي عن التحرير موافقته لشيخ الطائفة.

ص: 299

نعم في بعض نسخ التحرير لفظ يوهم ذلك (1): و هو قوله: نعم قوى في السرائر موافقته فيما تقدم (2) عن الشيخ في مسألة الجسد الذي ليس فيه التخطيط.

و نسب القول المذكور (3) الى الجامع أيضا.

و اعلم أن ثمرة تحقق الموضوع (4) فيما اذا القت المملوكة ما في بطنها إنما تظهر في بيعها الواقع قبل الالقاء فيحكم ببطلانه اذا كان الملقى حملا (5).

و أما بيعها بعد الالقاء فيصح بلا إشكال.

و حينئذ (6) فلو وطئها المولى ثم جاءت بولد تام، أو غير تام فيحكم ببطلان البيع الواقع بين أول زمان العلوق (7)، و زمان الالقاء.

+++++++++++

(1) أي يوهم موافقة العلامة مع الشيخ في مسألة تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(2) في ص 297 عند نقل الشيخ عنه بقوله: و في المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط.

(3) و هو تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(4) و هو الاستيلاد.

(5) سواء ولج الروح فيه أم لا.

(6) أي و حين أن قلنا: إن ثمرة تحقق الموضوع فيما اذا القت المملوكة ما في بطنها تظهر في بيعها الواقع قبل الالقاء و بعد الالقاء فلو وطأها المولى الأول ثم باعها، سواء أ كان المشتري رجلا أم امرأة فجاءت بولد، سواء أ كان الولد تاما أم غير تام فهنا يحكم ببطلان البيع الواقع بين أول زمان العلوق، و زمان الالقاء.

و أما البيع الواقع بعد الوطء و قبل العلوق فهو صحيح لا شبهة فيه

(7) بالضم هو زمان اللّقاح و انعقاد النطفة و الحمل.

ص: 300

و عن المسالك الاجماع على ذلك (1).

فذكر (2) صور الالقاء: المضغة، و العلقة، و النطفة في باب العدة إنما هو لبيان انقضاء العدة بالالقاء.

+++++++++++

(1) أي على بطلان بيع الامة المستولدة بين أول زمان العلوق و زمان القاء الحمل كما ذكرنا في الهامش 6 ص 300

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من ادعاء صاحب المسالك الاجماع على بطلان بيع الامة المستولدة بين أول زمان العلوق، و زمان القاء الحمل

و عدم البطلان في البيع الواقع بعد الوطء، أي ففي ضوء ما ذكرنا فالصور التي ذكرها الفقهاء رضوان اللّه عليهم: من القاء النطفة تارة أو العلقة اخرى، أو المضغة ثالثة في باب عدة المرأة المطلقة لو طلقها زوجها إنما هو لأجل انقضاء عدتها بمجرد الاسقاط، و الالقاء لو اجهضت احد المذكورات: النطفة - العلقة - المضغة.

أليك نص عباراتهم:

قال العلامة قدس سره في كتاب الطلاق من القواعد:

و تنقضي العدة من الطلاق و الفسخ بوضع الحمل في الحامل و إن كان بعد الطلاق بلحظة.

و له شرطان:

(الأول): أن يكون الحمل ممن له العدّة، أو يحتمل أن يكون منه كولد اللعان.

(الثاني): وضع ما يحكم بأنه حمل علما، أو ظنا فلا عبرة بما شكّ فيه، سواء أ كان الحمل تاما أم غير تام حتى العلقة اذا علم أنها حمل.

ص: 301

و في (1) باب الاستيلاد لبيان كشفها عن أن المملوكة بعد الوطء صارت أم ولد، لا (2) أن البيع الواقع قبل تحقق العلقة صحيح الى أن تصير النطفة علقة.

+++++++++++

(1) أي و كذا ذكر صور إلقاء النطفة، أو العلقة، أو المضغة في باب الاستيلاد إنما هو لبيان كشف الامور الثلاثة عن أن الأمة بعد الوطء اصبحت أم ولد لا يجوز بيعها.

(2) أي و ليس ذكر الامور الثلاثة: النطفة - العلقة - المضغة بيانا لعدم وقوع البيع على الأمة المستولدة قبل تحقق العلقة صحيح الى أن تصير النطفة علقة.

راجع حول الأمة المستولدة ما افاده العلامة في المقصد الرابع من كتاب القواعد من كتاب العتق المقرر للبحث عن الاستيلاد

أليك نصّ عبارته:

الثالث: أن تضع ما يظهر أنه حمل و لو علقة.

أما النطفة فالأقرب عدم الاعتداد بها، انتهى.

فالحاصل أن غرض الشيخ قدس سره أن صور إلقاء ما في الرحم:

من النطفة، أو العلقة، أو المضغة التي ذكرها الفقهاء في باب عدة المرأة المطلقة ليست لبيان أنه مع العلم باستقرار النطفة في الرحم و صدق علوقها و حبلها يجوز بيعها ما لم يتحقق صيرورة النطفة علقة التي هي الدم الغليظ المنجمد، لأنهم يذكرون الصور الثلاثة للالقاء و الاسقاط في موضعين:

(احدهما): في كتاب الطلاق، و ليس مقصودهم هناك إلا بيان ما ينقضي به العدة و هو اجنبي عن مسألة البيع.

(ثانيهما): في باب الاستيلاد، و مقصودهم هناك بيان -

ص: 302

و لذا (1) عبر الأصحاب عن سبب الاستيلاد بالعلوق الذي هو اللقاح.

نعم لو فرض عدم علوقها بعد الوطء الى زمان صح البيع قبل العلوق.

ثم إن المصرح به في كلام بعض حاكيا له عن غيره أنه لا يعتبر في العلوق أن يكون بالوطء فيتحقق بالمساحقة (2)، لأن المناط هو الحمل، و كون ما يولد منها ولدا للمولى شرعا.

فلا عبرة بعد ذلك (3) بانصراف الاطلاقات الى الغالب: من كون الحمل بالوطء.

نعم يشترط في العلوق بالوطء أن يكون الوطء على وجه يلحق بالولد بالواطئ و إن كان محرما كما اذا كانت في حيض، أو ممنوعة الوطء شرعا، لعارض آخر (4).

+++++++++++

- أن أي واحد: من النطفة، أو العلقة، أو المضغة بعد تحققه يستكشف به عن صيرورة الأمة أم الولد، و أن البيع الواقع بعد التحقق باطل.

(1) أي و لأجل أن ليس غرض الفقهاء من ذكر الصور الثلاثة في الموضعين إلا ما ذكرناه: و هو بيان انقضاء العدة بها في باب الطلاق، و بيان صيرورة الامة أم ولد في باب الاستيلاد.

(2) فرض المسألة هكذا:

وطئ مولى مملوكته ثم ساحقت مع اخرى، سواء أ كانت الاخرى حرة أم امة فولدت الاخرى بعد أن حملت بالمساحقة.

(3) أي بعد امكان تحقق العلوق بالمساحقة.

(4) كما في الظهار و الايلاء، فان الوطء بالزوجة حرام حينئذ -

ص: 303

أما الأمة المزوجة فوطؤها زناء لا يوجب لحوق الولد.

ثم إن المشهور اعتبار اعتبار الحمل في زمان الملك فلو ملكها بعد الحمل (1) لم تصر أم ولد، خلافا للمحكي عن الشيخ و ابن حمزة فاكتفيا بكونها أم ولد قبل الملك.

و لعله (2) لاطلاق العنوان، و وجود (3) العلة: و هي كونها في معرض الانعتاق من نصيب ولدها.

و يرد الأول (4) منع اطلاق يقتضي ذلك، فان المتبادر من أم الولد

+++++++++++

- إلا أن الحرمة فيهما ليست ذاتية، بل لعارض و هو الظهار و الايلاء

و كما في الوطء في شهر رمضان، و الاعتكاف، و الاحرام، فان وطء الزوجة في هذه الأوقات محرم لأجل العارض: و هو شهر رمضان و حالة الاعتكاف، و الاحرام.

(1) بأن وطأها لشبهة.

(2) أي و لعل اكتفاء الشيخ و ابن حمزة بكون المملوكة أم ولد و إن لم تكن ملكا للواطىء لأجل اطلاق عنوان أمّ الولد، حيث إن عنوان أمّ الولد في الأخبار مطلق لا تقييد فيها بكونها ملكا للواطىء قبل الوطء أو بعده.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لاطلاق العنوان أي و لعل الاكتفاء المذكور لأجل وجود العلة في الأمة الموطوءة التي لم تكن ملكا للواطىء: و هي أنها في معرض الانعتاق من نصيب ولدها لا محالة.

فهذان السببان حثا الشيخ و ابن حمزة على الاكتفاء بذلك.

(4) و هو اطلاق عنوان أمّ الولد.

من هنا اخذ شيخنا الانصاري في الرد على ما افاده شيخ الطائفة -

ص: 304

صنف من أصناف الجواري باعتبار الحالات العارضة لها بوصف المملوكية كالمدبر و المكاتب.

و العلة (1) المذكورة غير مطردة، و لا منعكسة كما لا يخفى.

+++++++++++

- من كون عنوان أمّ الولد مطلقا.

و خلاصته: أن مفهوم أمّ الولد لغة و إن كان يعم كل ذات ولد حرة كانت، أو امة.

لكن المراد منها في لسان الشارع صنف من أصناف الأمة المملوكة و المفروض هنا أنها امة.

و كونها أم ولد للبائع ليس باعتبار أنها مملوكة له، بل باعتبار أنها زوجة له.

فصدق أمّ الولد على هذه الامة من باب صدقها على الحرة باعتبار مفهومها اللغوي الذي لا يكون مرادا هنا.

فالامومة للولد إنما تكون مانعة عن بيعها اذا كانت الام ملكا للبائع، و أنها مملوكة له، لا باعتبار أنه زوج لها.

(1) أي و يرد الدليل الثاني لشيخ الطائفة المذكور في ص 304 و هو أن الأمة في معرض لانعتاق بواسطة نصيب ولدها.

و حاصله: أن العلة المذكورة غير مطردة أي غير جامعة للأفراد و لا منعكسة أي غير مانعة للأغيار.

أما أنها غير جامعة للأفراد فلجواز بيع بعض امهات الأولاد مع وجود العلة المذكورة: و هي كونها في معرض الانعتاق من نصيب ولده كما في الامة المستولدة التي مات احد أقاربها و ليس له وارث سواها.

فهنا تباع و تشترى، لترث قريبها، فهي مع كونها في معرض -

ص: 305

مضافا (1) الى صريح رواية محمد بن مارد المتقدمة.

ثم إن المنع عن بيع أمّ الولد قاعدة كلية مستفادة من الأخبار كروايتي السكوني (2) و محمد بن مارد (3) المتقدمتين.

+++++++++++

- الانعتاق من نصيب ولدها مع ذلك تباع و تشترى.

و قد ادعى السيد المرتضى قدس سره الاجماع على جواز هذا البيع في هذه الحالة.

و أما أن العلة المذكورة غير مانعة للأغيار فلعدم جواز بيعها مع عدم وجود العلة المذكورة.

كما في الأمة المستولدة ولدا فكبر و ارتد.

فهنا مع أنها لا تنعتق، لعدم نصيب لولدها حتى تعتق بذلك لكون الارتداد مانعا عن الارث: لا يجوز بيعها.

(1) أي و لنا بالإضافة الى أن العلة المذكورة مخدوشة طردا و عكسا كما عرفت: دليل آخر على اعتبار الحمل في زمن تملك الواطئ الأمة و هو صريح قول الامام الصادق عليه السلام في رواية محمد بن مارد المتقدمة في ص 293 في جواب السائل: رجل يتزوج امة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا ثم يبدو له في بيعها: هي امته إن شاء باع.

فالشاهد في قوله عليه السلام: هي امته إن شاء باع الدال صريحا على أن الأمة المتزوجة و إن صار لها أولاد كثير من زوجها، لكنها مع ذلك لم تصر أم ولد، لأنها لم تكن ملكا له حين الوطء، فالأولاد إنما صاروا في ملك الغير.

(2) المتقدمة في ص 294.

(3) المتقدمة في ص 293، فان هاتين الروايتين -

ص: 306

و صحيحة (1) عمر بن يزيد الآتية، و غيرها (2).

و من الاجماع على أنها لا تباع إلا لأمر يغلب ملاحظته على ملاحظة الحق الحاصل منها باستيلاد: اعني تشبثها (3) بالحرية، و لذا (4) كل من جوّز البيع في مقام لم يجوّز إلا بعد اقامة الدليل الخاص، فلا بد من التمسك بهذه القاعدة (5) المنصوصة المجمع عليها حتى يثبت بالدليل ثبوت ما هو أولى بالملاحظة في نظر الشارع (6) من الحق المذكور فلا (7) يصغى

+++++++++++

- صريحتان في منع بيع أمّ الولد، و هما يعطيان درسا كاملا، و قاعدة كلية عن عدم جواز بيعها اذا صارت الأمة أم ولد، و كان الحمل في ملك الواطئ، و أن بيعها يكون من المنكرات كما في رواية السكوني

(1) الآتية في ص 312، فانها صريحة في عدم جواز بيع أمّ الولد بعد أن صارت أم ولد.

(2) أي و غير رواية السكوني و محمد بن مارد، و صحيح عمر بن يزيد

راجع نفس المصدر الذي ذكرناه في الهامش 4 ص 293

(3) أي و لأجل أن المنع عن بيع أمّ الولد اصبح قاعدة كلية.

(4) أي تشبث الامة المستولدة بالحرة: في عدم جواز بيعها

(5) و هي القاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيعها المستفادة من رواية السكوني، و محمد بن مارد، و صحيح عمر بن يزيد، و غيرها من الأخبار.

(6) كما في الموارد المستثناة من بيع أمّ الولد الآتية ذكرها.

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من أنه لا بدّ من التمسك بالقاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيع الأمة المستولدة المستفادة من الأخبار المتقدمة في ص 282-293-294 أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا يعتنى لما افاده بعض الأجلة: من أن الدليل المذكور الذي هي القاعدة الكلية -

ص: 307

اذا الى منع الدليل على المنع كلية، و التمسك (1) بأصالة صحة البيع من حيث قاعدة تسلط الناس على أموالهم حتى يثبت المخرج.

ثم إن المعروف بين العلماء ثبوت الاستثناء عن الكلية المذكورة في الجملة.

لكن المحكي في السرائر عن السيد قدس سره عموم المنع، و عدم الاستثناء، و هو (2) غير ثابت.

و على تقدير الثبوت فهو ضعيف، يرده مضافا الى ما ستعرف من الأخبار قوله (3) عليه السلام في صحيحة زرارة و قد سأله عن أم ولد

+++++++++++

- المستدل بها على عدم جواز بيع الأمة المستولدة لا يدل على المنع كلية، و في جميع الموارد.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: الى منع الدليل أي و لا يصغى الى التمسك بأصالة صحة البيع في الأمة المستولدة بقاعدة: الناس مسلّطون على أموالهم، حيث إن صاحب المناهل السيد المجاهد الطباطبائي قد استدل في المناهل على جواز بيع الأمة المستولدة التي مات ولدها: من أن الأصل جواز التصرف في الملك بالبيع، و غيره، لعموم قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الناس مسلّطون على أموالهم خرج عن هذا العموم المتفق على منع بيعها: و هي الأمة المستولدة و ولدها في قيد الحياة، و بقي الباقي: من صغريات الأمة المستولدة و أفرادها تحت ذاك العموم و الكبرى الكلية: و هو إن الناس مسلّطون على أموالهم، فاذا ثبت المخرج نرفع اليد عن ذاك العموم

(2) أي عموم المنع حتى في الموارد المستثناة غير معلوم.

(3) فاعل لقوله: يرده أي يرد ما افاده السيد المرتضى قدس سره قول الامام عليه السلام:

ص: 308

تباع و تورث، وحدها حد الامة (1)، بناء على حملها (2) على أنها قد تعرض لها ما يجوّز ذلك.

و أمّا المواضع القابلة للاستثناء
اشارة

و أما المواضع القابلة للاستثناء و إن وقع التكلم في استثنائها لأجل وجود ما يصلح أن يكون أولى بالملاحظة من الحق و هي صور يجمعها تعلق حق للغير (3) بها، أو تعلق حقها بتعجيل (4) العتق، أو تعلق

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 51. الباب 24 الحديث 3.

فالشاهد في قوله عليه السلام: تباع و تورث، حيث يدل على جواز بيعها، و انتقالها الى الورثة و هو دليل على جواز بيع الأمة المستولدة في بعض الموارد.

و المراد من الحد في قوله عليه السلام: و حدّها حدّ الأمة الحكم

أي و حكم هذه الأمة المستولدة حكم الأمة غير المستولدة في جواز بيعها في بعض الموارد.

(2) أي حمل صحيحة زرارة على أن الأمة المستولدة قد تعرض لها ما يجوّز بيعها.

(3) كما اذا بقي من ثمن رقبة الأمة المستولدة و مات مولاها و لم يخلف شيئا ليؤدي ذاك المقدار سواها.

فهنا يجوز بيعها و يستثنى من تلك القاعدة الكلية: و هي منع بيع الأمة المستولدة المستفادة من الأخبار المذكورة في ص 282-293-294 لأن حق الناس مقدم على عتقها.

(4) كما اذا مات احد أقارب الأمة المستولدة و ليس لها وارث سواها فهنا يجوز بيعها فتشترى لتعتق حتى ترث ما تركه قريبها.

فجواز البيع هنا مستثنى من تلك القاعدة الكلية، لأن حقها قد تعلق -

ص: 309

حق سابق على الاستيلاد (1) أو عدم تحقق الحكمة المانعة عن النقل (2)

موارد القسم الأول أي تعلق حق للغير بها
فمن موارد القسم الأوّل: ما إذا كان على مولاها دَيْنٌ و لم يكن له ما يؤدّي هذا الدين.

فمن موارد القسم الأول (3) ما اذا كان على مولاها دين و لم يكن له ما يؤدي هذا الدين.

و الكلام في هذا المورد (4) قد يقع فيما اذا كان الدين ثمن رقبتها (5).

و يقع فيما اذا كان غير ثمنها (6).

و على الأول (7) يقع الكلام تارة بعد موت المولى.

+++++++++++

- بتعجيل عتقها فهو مقدم على عدم جواز البيع، لأن العلة في عدم جواز بيع الأمة المستولدة هي عدم استدامة الرقية فيها من يد الى يد، بل تعتق من نصيب ولدها، لتكون كاحد أفراد المجتمع لتستفيد من مزايا الحياة.

(1) كما اذا كان الاستيلاد بعد ارتهانها، أو بعد الحجر على المفلس فانه يجوز حينئذ بيعها، لتقدم حق الارتهان على الاستيلاد فجواز البيع خارج عن تحت تلك القاعدة الكلية.

(2) كما اذا ارتد ولدها، فانه يجوز حينئذ بيعها، لعدم نصيب لولدها حتى تعتق منه، فالحكمة في عدم جواز بيعها هو عتقها، و هذا منتف في الولد المرتد.

(3) و هو تعلق حق الغير بالأمة المستولدة كما عرفت في الهامش 3 ص 309

(4) و هو ما اذا كان على المولى دين و لم يكن له سوى هذه الامة

(5) أي الدين كان عبارة عن ثمن رقبتها.

(6) أي غير ثمن رقبة الامة المستولدة: بأن كان الدين دينا آخر على المولى.

(7) و هو ما اذا كان الدين عوضا عن ثمن رقبة الامة المستولدة -

ص: 310

و اخرى في حال حياته.

أما بعد الموت فالمشهور الجواز، بل عن الروضة (1) أنه موضع وفاق.

و عن جماعة أنه لا خلاف فيه (2)، و لا ينافي ذلك (3) مخالفة السيد في أصل المسألة، لأنهم (4) يريدون نفي الخلاف بين القائلين بالاستثناء في بيع أمّ الولد، أو القائلين باستثناء بيعها في ثمن رقبتها في مقابل صورة حياة المولى المختلف فيها (5).

و كيف كان فلا إشكال في الجواز في هذه الصورة (6)، لا لما قيل:

+++++++++++

- و مات مولاها و لم يخلف شيئا سواها.

(1) راجع (اللمعة الدمشقية): من طبعتنا الحديثة الجزء ص.

(2) أي في جواز بيع الامة المستولدة بعد موت مولاها اذا خلف دينا هو ثمن رقبتها.

(3) أي و لا ينافي مخالفة السيد في جواز بيع الامة المستولدة اذا كان على المولى دين هو ثمن رقبتها دعوى جماعة عدم الخلاف في الجواز

(4) تعليل لعدم المنافاة:

خلاصته: أن المدعين لنفي الخلاف يقصدون منه نفي الخلاف بين القائلين بالاستثناء في بيع أمّ الولد أي لا خلاف بين هؤلاء و لا يقصدون من نفي الخلاف مطلق النفي حتى يكون منافيا لما ذهب إليه السيد: من عدم جواز بيع الامة المستولدة.

(5) فانه قد وقع الخلاف بين الفقهاء في بيع الامة المستولدة في حياة مولاها اذا بقي من ثمنها، و لم يكن للمولى شيء يؤدّي هذا الدين.

(6) و هي صورة بقاء قسم من ثمن رقبة الامة المستولدة و قد مات مولاها و لم يخلف شيئا يؤدي هذا الدين سوى الامة المستولدة

ص: 311

من قاعدة تسلط الناس على أموالهم، لما عرفت (1): من انقلاب القاعدة الى المنع في خصوص هذا المال، بل (2) لما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح (3) عن عمر بن يزيد.

قال: قلت لأبى ابراهيم (4) عليه السلام: اسألك عن مسألة.

فقال: سل.

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام أنه لا مجال في التمسك بقاعدة: إن الناس مسلّطون على أموالهم على عدم جواز بيع الامة المستولدة، لأنك عرفت في ص 307 عند قول الشيخ: فلا بد من التمسك بهذه القاعدة المنصوصة المجمع عليها أن قاعدة إن الناس مسلّطون قد خصصت بهذه القاعدة الكلية المجمع عليها: و هي قاعدة عدم جواز بيع الامة المستولدة المستفادة تلك القاعدة الكلية من الأخبار المتقدمة: و هي:

رواية السكوني المذكورة في ص 294

و رواية محمد بن المارد المذكورة في ص 293

و صحيح عمر بن يزيد المذكور في ص 312

و غيرها من الأخبار الواردة في المقام

و راجع حديث إن الناس مسلّطون على أموالهم

(بحار الأنوار) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 271 الحديث 7

(2) أي بل منع بيع الامة المستولدة لأجل الأحاديث التي رواها مشايخنا الثلاثة: الشيخ الصدوق، و الشيخ الكليني، و شيخ الطائفة قدس اللّه أسرارهم.

(3) هذا اوّل الأحاديث التي رواها مشايخنا الثلاثة و هو يدل على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها.

(4) هو الامام موسى بن جعفر صلوات اللّه عليهما.

ص: 312

قلت: لم باع امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه امهات الأولاد؟

قال: في فكاك رقابهن.

قلت: فكيف ذلك؟

قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدي عنه أخذ ولدها منها و بيعت، و ادي ثمنها.

قلت: فتباع فيما سوى ذلك عن دين؟

قال: لا (1).

و في رواية اخرى لعمر بن يزيد عن أبى الحسن (2) عليه السلام

قال: سألته عن بيع أمّ الولد تباع في الدين؟

قال: نعم في ثمن رقبتها (3).

و مقتضى اطلاقها (4)،

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 104. الباب 2 الحديث 1.

و هذا هو الصحيح الذي اشار إليه الشيخ في ص 307 بقوله:

و صحيحة عمر بن يزيد الآتية.

(2) هو الامام موسى بن جعفر اذا اطلق، و اذا قيّد بالثاني فهو ابو الحسن الرضا، و إذا قيّد بالثالث فهو أبو الحسن علي بن محمد الهادي صلوات اللّه عليهم اجمعين.

(3) راجع (المصدر نفسه): الجزء 13. ص 51. الباب 24 الحديث 2.

(4) أي اطلاق الرواية الأخرى المروية عن عمر بن يزيد المشار إليها آنفا، حيث إن قوله عليه السلام: نعم في ثمن -

ص: 313

بل اطلاق الصحيحة (1) كما قيل (2) ثبوت الجوار مع حياة المولى

كما هو (3) مذهب الأكثر.

بل لم يعرف الخلاف فيه صريحا.

نعم تردد فيه (4) الفاضلان.

و عن نهاية المرام و الكفاية أن المنع (5) نادر، لكنه (6) لا يخلو عن قوة.

+++++++++++

- رقبتها مطلق، لا تقييد فيه في حال الحياة، أو بعد الممات.

فيجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها مطلقا، سواء أ كان المولى حيا أم ميتا.

(1) و هي صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في ص 307 على الرواية الاخرى

(2) التقييد بالقيل للاشارة الى ما سيأتي في كلام شيخنا الانصاري في ص 315 من أن الصحيحة تقيد الجواز بصورة موت مولاها فلا اطلاق فيها حتى تشمل الجواز في صورة حياة المولى.

(3) أي جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها هو مذهب أكثر الفقهاء.

(4) أي توقف المحقق و العلامة في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة المولى.

(5) أي منع بيع الامة المستولدة عن دين ثمن رقبتها في حياة مولاها قول نادر خلاف لأكثر الفقهاء.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري أي منع بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها لا يخلو عن قوة.

وجه القوة أن قول السائل في الرواية الاخرى في ص 213: تباع في الدين ظاهر في كون البائع غير المولى بعد موت المولى، إذا لا اطلاق في الرواية -

ص: 314

و ربما يتوهم القوة (1) من حيث توهم تقييدها بالصحيحة السابقة بناء على اختصاص الجواز فيها (2) بصورة موت المولى كما يشهد به (3) قوله فيها: و لم يدع من المال إلى آخر الرواية.

فيدل (4) على نفي الجواز

+++++++++++

- الثانية حتى بحمل اطلاقها على المقيد و هو الصحيحة السابقة.

فحينئذ نرجع في عدم جواز بيع الامة المستولدة الى القاعدة الكلية المستفادة من تلك الأخبار المتقدمة.

و القاعدة الكلية هي المنع عن بيعها كما عرفت.

(1) خلاصة هذا التوهم: أن المتوهم يريد أن يقوّي منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها ببيان أن الرواية الثانية مطلقة من حيث جواز بيع الامة المستولدة، فان قوله عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها في جواب السائل:

تباع في الدين مطلق ليس فيه تقييد بحياة المولى، أو موته.

و الصحيحة السابقة مقيدة بصورة موت المولى، فان قوله عليه السلام:

و لم يدع من المال ما يؤدي عنه قرينة واضحة على موت المولى فيحمل هذا الاطلاق على ذاك التقييد.

فالمتوهم قد استفاد من هذا التقييد قوة منع بيع الامة المستولدة فحمل اطلاق هذه الرواية الثانية على تقييد الصحيحة السابقة.

(2) أي في الصحيحة السابقة كما عرفت.

(3) أي بهذا التقييد و الاختصاص.

(4) أي التخصيص و التقييد يدل على نفي جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت مولاها و قد خلف دين ثمن رقبتها، و لم يدع شيئا سواها.

ص: 315

عما سوى هذا الفرد (1).

و إما (2) لورودها في جواب السؤال عن موارد بيع أمهات الأولاد فيدل (3) على الحصر.

و إما (4) لأن نفي الجواز في ذيلها (5)

+++++++++++

(1) و هو موت مولاها.

(2) من هنا يريد المتوهم أن يستدل على تقييد الصحيحة السابقة حتى يحمل اطلاق الرواية الثانية ثم يحكم بقوة منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها، و استدل على ذلك بوجهين:

(الوجه الأول): و خلاصته: أن جواب الامام عليه السلام في جواب السائل: فكيف ذلك يدل على انحصار بيع الامة المستولدة في هذه الحالة لا غير: و هي حالة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها و لم يخلف شيئا سواها.

(3) أي جواب الامام عليه السلام كما عرفت.

(4) هذا هو (الوجه الثاني) للمتوهم و خلاصته: أن الجواب الثالث للامام في سؤال الثالث للراوي في قوله: فتباع فيما سوى ذلك.

فقال عليه السلام: لا: يدل على نفي جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها.

فالحاصل أنه تارة نتمسك بصدر الصحيحة على عدم جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت مولاها، و بقاء دين ثمن رقبتها و لم يخلف سواها كما عرفت.

و اخرى نتمسك بذيلها كما عرفت أيضا.

(5) أي ذيل الصحيحة كما عرفت.

ص: 316

فيما سوى (1) هذه الصورة يشمل بيعها في الدين مع حياة المولى.

و اندفاع (2) التوهم بكلا وجهيه واضح. نعم يمكن أن يقال في وجه القوة بعد الغض عن دعوى ظهور قوله: تباع الظاهر

+++++++++++

(1) المراد من سوى هذه الصورة هي الصورة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري أن يرد على المتوهم فيما افاده من الوجهين في قوة منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها، و لم يذكر شيخنا الانصاري قدس سره كيفية الرد على الوجهين و اكتفى بوضوحهما

و نحن نذكر الجواب عنهما فنقول:

أما الجواب عن الوجه الأول فهو أن السؤال لم يكن عن تمام موارد جواز بيع الامة المستولدة حتى يقيد جواب الامام عليه السلام حصر جواز بيع الامة المستولدة بعد وفاة مولاها كما توهمه المتوهم.

بل السؤال كان عن علة بيع الامام أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد فلعلّ هناك وجها آخر لجواز بيع الامام عليه الصلاة و السلام امهات الأولاد، فليس في الصحيحة ما يدل على الحصر حتى يحمل اطلاق الرواية الثانية على تقييد الصحيحة الأولى.

و أما الجواب عن الوجه الثاني للمتوهم فخلاصته أن الظاهر من السؤال الثالث للراوي في الصحيحة بقوله: فتباع فيما سوى ذلك من دين هو السؤال عن دين آخر بعد موت المولى غير دين ثمن رقبتها، فجوابه عليه السلام بعدم الجواز شامل لمثل هذا الدين الذي لم يكن في ثمن رقبتها فلا يشمل الدين الذي كان في حال حياة المولى حتى لا يجوز بيعها.

ص: 317

في الدين في كون البائع غير المولى فيما بعد الموت أن النسبة بينها (1)

+++++++++++

(1) أي بين الصحيحة السابقة المروية عن عمر بن يزيد في ص 312، و بين رواية محمد بن مارد المتقدمة في ص 293 عموما و خصوصا من وجه لهما مادتا افتراق و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب رواية محمد بن مارد: بأن تكون هذه موجودة، و صحيحة عمر بن يزيد ليست موجودة فكما في مفهوم تلك، و منطوق هذه، فان مفهوم قوله عليه السلام: ما لم يحدث حمل هو الامة المستولدة بالتزويج و المشتراة بعد ذلك إن حدث لها حمل عنده لم يجز بيعها، سواء أ كان الدين في ثمن رقبتها أم في غيره من الديون أم في غيرهما.

و منطوق الصحيحة هو أن الولد مطلقا، سواء سبقها الاستيلاد بالتزويج أم لا: تباع في دين ثمن رقبتها.

و أما مادة الافتراق من جانب صحيحة عمر بن يزيد: بأن تكون هذه موجودة و لم تكن رواية محمد بن مارد موجودة.

كما في منطوق هذه و مفهوم تلك، فان منطوق صحيحة عمر بن يزيد يصرح بجواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها إذا مات مولاها و لم يخلف شيئا سواها.

و مفهوم رواية محمد بن مارد يصرح بعدم جواز بيعها اذا حدث عنده حمل منها.

و أما مادة الاجتماع بين الصحيحة و رواية محمد بن مارد فكما في امة مستولدة من رجل تزوج بها ثم ملكها بعد ذلك و لم يحدث عنده حمل منها، و كان المولى مدينا في ثمن رقبتها و لم يخلف شيئا سواها. -

ص: 318

و بين رواية ابن مارد المتقدمة عموم من وجه فيرجع (1) الى أصالة المنع الثابتة بما تقدم: من القاعدة المنصوصة المجمع عليها.

نعم (2) ربما يمنع عموم القاعدة على هذا الوجه بحيث يحتاج الى المخصص فيقال يمنع الاجماع في محل الخلاف، و لا سيما مع كون المخالف (3) جل المجمعين، بل كلهم إلا نادرا.

و حينئذ (4) فالمرجع الى قاعدة سلطنة الناس على أموالهم.

+++++++++++

- فالصحيحة و رواية محمد بن مارد كلاهما يصرحان بجواز بيعها فتتعارضان و تتساقطان فنرجع في عدم جواز بيعها الى أصالة المنع المستفادة من القاعدة الكلية المجمع عليها: و هي المنع المستفادة من الأخبار المتقدمة المشار إليها في ص

(1) أي عند تعارض صحيحة عمر بن يزيد، و رواية محمد بن مارد كما عرفت آنفا.

(2) خلاصة هذا الكلام: أنه بناء على العموم و الخصوص من وجه بين الصحيحة، و رواية محمد بن مارد يمنع عموم القاعدة الكلية الدالة على منع بيع الامة المستولدة المستفادة من الأخبار كما عرفت.

فاذا منعنا عمومها فلا نحتاج في جواز بيعها في بعض الموارد من الموارد المستثناة الى المخصص حتى يقال: بمنع الاجماع المدعى على منع بيع الامة المستولدة في محل الخلاف: و هو في الامة المستولدة بقي من ثمن رقبتها دين و هي في حياة مولاها.

(3) أي المخالف في بيع الامة المستولدة في حياة مولاها و قد بقي دين من ثمن رقبتها.

(4) أي و حين أن منعنا عموم القاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيع الامة المستولدة يكون المرجع في جواز بيعها هي قاعدة: إن الناس -

ص: 319

لكن التحقيق (1) خلافه، و إن صدر هو عن بعض المحققين لأن المستفاد من النصوص و الفتاوى أن استيلاد الامة يحدث لها حقا مانعا عن نقلها، إلا إذا كان هناك حق (2) أولى منه بالمراعاة.

و ربما توهم معارضة هذه القاعدة (3) بوجوب اداء الدين فتبقى (4) قاعدة السلطنة، و أصالة (5) بقاء جواز بيعها في ثمن رقبتها قبل

+++++++++++

- مسلطون على أموالهم.

في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها عن بعض المحققين و هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره.

(1) تعليل لما افاده الشيخ قدس سره بقوله: لكن التحقيق خلافه

(2) كما في دين ثمن رقبتها و مات مولاها و لم يخلف سواها.

(3) و هي قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة فتكون هذه القاعدة معارضة بقاعدة يجب وفاء الدين فتسقطان.

و أما وجه التوهم فلأن قاعدة وجوب أداء الدين متوقف على اليسار

و أما عند الاعسار فالوجوب منفي بمقتضى الآية الكريمة: فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ فتكون قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة في حياة مولاها حاكمة على قاعدة: وجوب اداء الدين.

(4) هذا بناء على عدم تقدم قاعدة: يجب وفاء الدين على قاعدة:

عدم جواز بيع الامة المستولدة، و تساقطهما أي عند التعارض و التساقط فتبقى قاعدة: إن الناس مسلّطون على أموالهم فتقدم على قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة فنحكم بجواز بيعها في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) بالرفع عطفا على فاعل فتبقى أي فتبقى أيضا قاعدة أصالة بقاء جواز بيع الامة قبل استيلادها عند تعارض قاعدة: عدم جواز -

ص: 320

الاستيلاد، و لا يعارضها (1) أصالة بقاء المنع حال الاستيلاد قبل العجز عن ثمنها، لأن (2) بيعها قبل العجز ليس بيعا في الدين كما لا يخفى

و يندفع اصل المعارضة بأن أدلة وجوب اداء الدين مقيدة بالقدرة العقلية (3) و الشرعية، و قاعدة المنع (4) تنفي القدرة الشرعية كما في المرهون و الموقوف (5).

+++++++++++

- بيع الامة، و قاعدة: يجب وفاء الدين، و تساقطهما.

و المراد من الأصالة الاستصحاب أي استصحاب بقاء جواز بيع الامة، فان البيع قبل الاستيلاد كان جائزا، و بعد الاستيلاد نشك في بيعها فنستصحب الجواز.

(1) أي لا يعارض هذا الاستصحاب استصحاب بقاء منع جواز بيع الامة حال الاستيلاد قبل عجز مولاها عن دفع ثمنها، فان بيعها حال الاستيلاد قبل العجز كان ممنوعا، و بعد العجز عن اداء الدين نشك في جواز بيعها فنجري استصحاب العدم.

(2) تعليل لعدم معارضة استصحاب بقاء منع جواز بيع الامة حال الاستيلاد و قبل عجز مولاها عن اداء دين ثمن رقبتها: لاستصحاب بقاء جواز بيع الامة بعد الاستيلاد أي عدم معارضة هذا الاستصحاب لذاك الاستصحاب لاجل أن بيع الامة حال الاستيلاد و قبل العجز ما كان لدين ثمن رقبتها، فلذا منعناه، فالمنع كان لاجل ذلك فلا يمكنه معارضة ذاك الاستصحاب، لتبدل الموضوع في الاستصحاب الثاني.

(3) و هو التمكن من التصرف و لا شك في وجوده.

(4) و هي قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) فان القدرة العقلية للراهن في الرهن، و للواقف في الوقف -

ص: 321

فالأولى في الانتصار لمذهب المشهور (1) أن يقال برجحان اطلاق رواية عمر بن يزيد (2) على اطلاق رواية ابن مارد للظاهر (3) في عدم كون بيعها في ثمن رقبتها.

كما يشهد به (4) قوله: فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له في بيعها، مع أن ظاهر البداء في البيع (5) ينافي الاضطرار إليه لاجل ثمنها.

+++++++++++

- موجودة، لكن القدرة الشرعية و هي التصرف في الرهن و الوقف منفي

(1) و هو جواز بيع الامة المستولدة في ثمن دين رقبتها في حياة مولاها.

(2) المشار إليها في ص 312، فان اطلاق قوله عليه السلام:

نعم في ثمن رقبتها في جواب السائل: تباع في الدين؟

يرجح على اطلاق مفهوم قوله عليه السلام في رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293 ما لم يحدث عنده حمل، فان مفهومه اذا حدث عنده منها حمل لا يجوز بيعها.

(3) صفة لكلمة اطلاق أي اطلاق هذه الرواية الظاهر في عدم كون بيع الامة في ثمن رقبتها، لا في ثمن رقبتها

و أما في ثمن رقبتها فيجوز البيع.

فاطلاق تلك الرواية مقدم على اطلاق هذه الرواية، حيث إن ظهور هذه في عدم كون البيع في ثمن رقبتها.

(4) أي لظهور كون رواية محمد بن مارد في عدم كون بيع الامة في ثمن رقبتها.

(5) في قول السائل: ثم يبدو له في بيعها في رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293.

ص: 322

و بالجملة فبعد منع ظهور سياق الرواية (1) فيما بعد الموت لا إشكال في رجحان دلالتها على دلالة رواية ابن مارد على المنع (2) كما يظهر بالتأمل، مضافا (3) الى اعتضادها بالشهرة المحققة.

و المسألة (4) محل إشكال.

ثم على المشهور من الجواز فهل يعتبر فيه (5) عدم ما يفي به

+++++++++++

(1) أي رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 فان قوله:

تباع في الدين ليس له ظهور في ما بعد موت المولى حتى يكون جوابه عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها.

(2) أي على منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها في ثمن دين رقبتها، فان ظاهر هذه الرواية يدل على المنع، فدلالة رواية عمر بن يزيد ترجح على هذه.

(3) أي لنا بالإضافة الى رجحان اطلاق دلالة رواية عمر بن يزيد على اطلاق رواية محمد بن مارد: دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها: و هو اعتضاد رواية عمر بن يزيد بالشهرة المحققة عند أكثر الفقهاء، حيث جوّزوا بيعها في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(4) أي مسألة جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) أي فهل يعتبر في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها عدم وجود مال للمولى يفي به الدين و إن كان المال من جملة المستثنيات كالدار و الخادم و المركوب.

ص: 323

الدين و لو من المستثنيات كما هو (1) ظاهر اطلاق كثير، أو (2) مما عداها كما عن جماعة؟

الأقوى هو الثاني (3). بل لا يبعد أن يكون ذلك (4) مراد من اطلق: لأن الحكم بالجواز في هذه الصورة (5) في النص و الفتوى مسوق لبيان ارتفاع المانع عن بيعها من جهة الاستيلاد فتكون (6) ملكا طلقا كسائر الأملاك التي يؤخذ (7) المالك ببيعها، من دون

+++++++++++

(1) أي اعتبار عدم كون ما يفي به الدين من جملة المستثنيات هو ظاهر اطلاق كثير من الفقهاء عند ما يجوزون بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(2) أي أو يعتبر في الجواز عدم كون ما يفي به الدين من حملة المستثنيات

(3) و هو اعتبار عدم كون ما يفي به الدين من جملة المستثنيات.

وجه الأقوائية أن استثناء بعض الامور من لزوم صرف ما لم يف به الدين حاكمة على قول السائل في صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312: و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه.

(4) أي القول الثاني هو مراد من اطلق من الفقهاء اعتبار عدم كون ما يفي به الدين و لم بقيّده بقيد و إن كان من المستثنيات، أو بعدم كونه من المستثنيات

(5) و هي الصورة الثانية:

و المراد من النص هي رواية عمر بن يزيد الدالة على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(6) أي هذه الامة المستولدة.

(7) أي يجبر المالك ببيع أمواله في الموارد التي ذكرت في الكتب -

ص: 324

بيع المستثنيات.

فحاصل السؤال في رواية عمر بن يزيد أنه هل تباع أمّ الولد في الدين على حد سائر الأموال التي تباع فيه؟

و حاصل الجواب تقرير ذلك (1) في خصوص ثمن الرقبة فيكون ثمن الرقبة بالنسبة الى أمّ الولد كسائر الديون بالنسبة الى سائر الأموال

و مما ذكرنا (2) يظهر أنه لو كان نفس أمّ الولد مما يحتاج إليها المولى للخدمة فلا تباع في ثمن رقبتها، لأن غاية الأمر كونها بالنسبة الى الثمن كجارية اخرى يحتاج إليها.

و مما ذكرنا (3) يظهر الوجه في استثناء الكفن، و مئونة التجهيز

فاذا (4) كان للميّت كفن و أم ولد بيعت أمّ الولد (5) في الدين دون الكفن، اذ (6) يصدق أن الميّت لم يدع ما يؤدّى عنه الدين عداها

+++++++++++

- الفقهية المفصّلة.

(1) أي بيع الامة المستولدة في الدين.

(2) و هو أنه يعتبر في جواز البيع عدم وفاء ما يفي به الدين من جملة المستثنيات.

(3) و هو اعتبار عدم وفاء ما يفي به الدين من جملة المستثنيات في جواز بيع الامة المستولدة.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من استثناء الكفن و مئونة التجهيز أي ففي ضوء ما ذكرنا فاذا كان للميت كفن و أم ولد و للمولى دين في ثمن رقبتها فتباع أمّ الولد، دون الكفن فيعطى بثمنها لدين ثمن رقبتها.

(5) جواب لا ذا الشرطية في قوله: فاذا كان للميت.

(6) تعليل لوجوب بيع الامة لدينها دون الكفن.

ص: 325

لأن الكفن لا يؤدّي عن الدين.

ثم إنه لا فرق بين كون ثمنها بنفسه دينا للبائع، أو استدان (1) الثمن و اشترى به.

أما لو اشترى (2) في الذمة ثم استدان ما أوفى به البائع فليس بيعها في ثمن رقبتها (3).

بل ربما تأمل فيما قبله، فتأمل (4).

+++++++++++

(1) أي المولى.

(2) أي المولى.

(3) فهذه أقسام ثلاث:

(الأول): اشترى المولى الامة من البائع بالدين.

(الثاني): استدان المولى من الخارج مبلغا فاشترى بنفس المبلغ امة نقدا.

(الثالث): اشترى المولى الامة من صاحبها في الذمة ثم استدان من الخارج مبلغا يفي بالدين فاوفى به دين ثمن رقبتها.

فهنا لو بيعت الامة و اعطي بثمنها دين رقبتها لم يصدق أنها بيعت في ثمن رقبتها فعليه لا يجوز بيعها، و لذا قال الشيخ: بل ربما تأمل فيما قبله أي فيما قبل القسم الثالث: و هو القسم الثاني الذي استدان المشتري مبلغا من الخارج فاشترى بنفس المبلغ امة نقدا، فان الشيخ قدس سره يتأمل في جواز بيع الامة و ايفاء دين ثمن رقبتها به في هذا القسم

(4) لعل الامر بالتأمل اشارة الى أن التأمل في القسم الثاني ضعيف لأن قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 313:

نعم في ثمن رقبتها عام يشمل القسم الثاني فيجوز بيع الامة المستولدة هنا و ايفاء دين ثمن رقبتها به، لأن المراد من نعم -

ص: 326

و لا فرق بين بقاء جميع الثمن في الذمة، أو بعضها.

و لا بين (1) نقصان قيمتها عن الثمن أو زيادتها عليها.

نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه كما عن غاية المراد التصريح به.

و لو كان الثمن مؤجلا لم يجز للمولى بيعها قبل حلول الأجل و إن كان مأيوسا عن الاداء عند الاجل.

و في اشتراط (2) مطالبة البائع، أو (3) الاكتفاء باستحقاقه و لو امتنع عن التسلم، أو الفرق بين رضاه (4) بالتأخير، و إسقاطه

+++++++++++

- في ثمن رقبتها نعم في دين ثمن رقبتها، أو اذا كان ذلك الدين هو ثمن رقبتها، فعلى كلا التقديرين يشمل قوله عليه السلام القسم الثاني.

و أما القسم الأول فلا شك في جواز بيع الامة المستولدة فيه، و ايفاء دين ثمن رقبتها به.

(1) أي و كذلك لا فرق بين نقصان ثمن الامة عن ثمن قيمتها أو زيادة قيمتها على ثمنها المشتراة به.

ففي هاتين الصورتين يجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها.

(2) أي و هل يشترط في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها مطالبة البائع دينه و طلبه، أو لا يشترط ذلك؟

(3) أي أو لا يعتبر مطالبة البائع دينه في جواز بيع الامة المستولدة

بل يكتفى بمجرد استحقاقه للدين و إن امتنع البائع عن تسلّم طلبه عند حلول اجله فيجوز بيعها حينئذ و لو لم يطالب.

(4) أي بين رضا البائع بتأخيره طلبه عن مدة الاجل، و إسقاطه لحق الحلول عند ما يحلّ وقت طلبه و إن لم يسقط حق الحلول باسقاط -

ص: 327

لحق الحلول و إن لم يسقط بذلك.

و بين عدم المطالبة (1) فيجوز (2) في الأول، دون الثاني (3) وجوه (4).

أحوطها (5) الأول، و مقتضى الاطلاق (6) الثاني.

و لو تبرع متبرع بالاداء.

+++++++++++

- البائع حقه فله أن يطالب المشتري و إن اسقط البائع حق الحلول.

(1) أي أو الفرق بين عدم مطالبة البائع المشتري بدين ثمن رقبتها

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من اشتراط المطالبة في جواز بيع الامة المستولدة، و عدم اشتراط المطالبة في الثاني: و هو عدم مطالبة البائع

أي ففي ضوء ما ذكرنا: من اشتراط المطالبة يجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في الأول: و هو لو طالب البائع طلبه.

(3) أي ففي ضوء ما ذكرنا: من عدم اشتراط المطالبة فلا يجوز بيع الامة المستولدة.

(4) أي أقوال في مسألة جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها عند موت مولاها.

(5) أي أحوط الوجوه و الأقوال هو الأول: و هو اشتراط مطالبة البائع في جواز بيع الامة المستولدة: بحيث لو لم يطالب لا يجوز بيعها لأنه جمع بين حقي الاستيلاد، و حق الدائن.

(6) أي و مقتضى اطلاق الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313 الثاني: و هو الاكتفاء باستحقاق البائع، سواء طالب دينه أم لم يطالب، فان قوله عليه السلام في جواب السائل:

تباع في الدين: نعم في ثمن رقبتها مطلق ليس مقيدا بصورة المطالبة و عدم المطالبة.

ص: 328

فان سلم الى البائع برئت ذمة المشتري و لا يجوز بيعها.

و إن سلم الى المولى، أو الورثة (1) ففي وجوب القبول (2) نظر

و كذا (3) لو رضي البائع باستسعائها في الاداء.

و لو دار الأمر بين بيعها ممن تنعتق (4) عليه، أو بشرط العتق و بيعها (5) من غيره ففي وجوب تقديم الأول (6) وجهان.

و لو ادى الولد ثمن نصيبه انعتقت (7) عليه، و حكم الباقي (8)

+++++++++++

(1) أي ورثة المولى الذي مات و خلف امة مستولدة.

(2) أي ففي قبول المولى، أو ورثته لو مات المولى دين ثمن رقبتها من المتبرع نظر و إشكال، لأن التبرع نوع احسان و امتنان على الآخذ و هو لا يريد ذلك.

(3) أي و كذا نظر و إشكال في قبول المولى لو رضي البائع باستسعاء الامة في اداء دين رقبتها، لعين الملاك الموجود في المتبرع.

(4) كوالد الأمة، أو ابنها.

(5) أي و لو دار الأمر بين بيع الأمة بغير من تنعتق عليه.

(6) و هي بيع الأمة على من تنعتق عليه.

(7) أي انعتقت الأم على الولد بمقدار ما يأتيه من النصيب

و لا يخفى أن الانعتاق هنا بناء على انتقال المال الى الورثة، لا الى الديّان

و بناء على ملك الولد جزء من أمه، و بناء على كفاية هذا الانتقال في حصول الانعتاق فينعتق حينئذ نصيبه بلا توقف على اداء ثمن نصيبه من الدين.

(8) أي حكم باقي الأم المنتقل الى الورثة يعلم من مسألة السراية

أليك شرحا موجزا عن السراية:

قال الشهيد قدس سره في المسالك: لا ريب أن مجرد الاستيلاد -

ص: 329

يعلم من مسائل السراية.

و لو أدى (1) ثمن جميعها فان اقبضه البائع فكالمتبرع.

و إن كان (2) بطريق الشراء ففي وجوب قبول ذلك على الورثة نظر.

+++++++++++

- ليس سببا في العتق.

نعم تتشبث به بالحرية، و إنما تعتق بموت المولى، لأن ولدها ينتقل إليه من التركة شيء، أو تنتقل التركة إليه جميعا اذا كان هو الوارث الوحيد، فينعتق عليه بمقدار ما يرثه من التركة، لما علم: من أن ملك الولد لاحد أبويه يوجب عتقه عليه مطلقا.

و لو بقي منها شيء خارج عن ملكه سرى إليه العتق إن كان نصيبه من التركة يفي به، و إلا عتق منها بقدره.

و لو عجز النصيب عن المتخلف منها سعت هي فيه، و لا يلزم ولدها السعي فيه، و لا يسري عليه لو كان له مال من غير التركة لما سيأتي: من أن السراية مشروطة بالملك الاختياري، و الارث ليس منه، و إنما سرى عليه في باقي نصيبه من التركة، لاطلاق النصوص الكثيرة على أنها تعتق من نصيبه من التركة، و إلا لكان الأصل يقتضي أن لا تعتق عليه سوى نصيبه منها، و القائل بوجوب سعي الولد في فك باقيها ابن حمزة، انتهى ما افاده هناك.

(1) أي لو ادّى الولد ثمن جميع الأم فان اقبض جميع الثمن الى البائع كان حكم الولد في دفع بقية القيمة حكم المتبرع لجميع ثمنها ابتداء.

(2) خلاصة هذا الكلام: أنه لو كان اداء الولد بقية ثمن رقبة أمه بنحو الشراء من الورثة: بأن اشترى حصصهم منهم -.

ص: 330

من (1) الاطلاق، و من (2) الجمع بين حقي الاستيلاد و الدين.

و لو امتنع المولى من اداء الثمن من غير عذر فلجواز بيع البائع لها مقاصة مطلقا (3) أو مع اذن الحاكم وجه.

و ربما يستوجبه خلافه (4)، لأن (5) المنع لحق أمّ الولد فلا يسقط

+++++++++++

- فهنا هل يجب على هؤلاء الورثة قبول هذا الشراء: بأن يبيعوا حصصهم لاخيهم، أو لهم أن يبيعوها لغيره: من المشترين.

(1) هذا دليل لعدم وجوب قبول الورثة بيع حصصهم على أخيهم لأن قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 313:

نعم في ثمن رقبتها مطلق ليس فيه تقييد بالبيع على أخيهم فلهم بيع حصصهم على غيره من بقية المشترين.

(2) هذا دليل لجواز قبول الورثة بيع حصصهم على ولد الأمة أي لأن البيع عليه جمع بين الحقين: حق الاستيلاد، و حق الدين.

(3) أي سواء اذن الحاكم أم لا.

(4) أي خلاف جواز بيع الأمة المستولدة لو امتنع مولاها من اداء ثمنها من غير عذر.

لا يخفى عليك أن المستوجه هو المحقق التستري في كتابه المقابيس فانه وجّه عدم الجواز بأدلة ثلاث ذكرها الشيخ في المتن و نحن نشير عند رقمها الخاص.

(5) هذا هو الدليل الأول.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع أم الولد عند امتناع المولى عن اداء ثمنها إنما هو حق من حقوق أم الولد فلا يسقط هذا الحق بامتناع المولى عن اداء الثمن فلها أن تمنع البائع عن البيع.

ص: 331

بامتناع المولى، و لظاهر (1) الفتاوى، و تغليب (2) جانب الحرية.

و في الجميع نظر (3).

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع الامة المستولدة عند امتناع المولى عن اداء ثمنها ظاهر فتاوى الفقهاء.

(2) هذا هو الدليل الثالث.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع الامة عند امتناع المولى عن اداء ثمنها إنما هو لاجل تغليب جانب حريتها، فانه لو جوزنا بيعها في هذه الحالة بقيت على الرقية، و بقاؤها عليها خلاف ما اراده الشارع.

(3) هذه نظرية الشيخ حول الأدلة التي اقامها المحقق التستري على منع بيع الامة المستولدة لو امتنع مولاها عن اداء ثمنها يروم بها المناقشة معه في جميع أدلته.

و قد ذكر المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 458 وجه النظر في الأدلة الثلاثة، أليك خلاصته:

أما الجواب عن الدليل الأول فالمنع إنما كان من ناحية النص لا من ناحية حق أمّ الولد.

و أما الجواب عن الدليل الثاني فلأن الفتاوى ساكتة عن افادة عدم ترخيص البائع في البيع.

و أما الجواب عن الدليل الثالث فلأن الظاهر أن مورد تغليب جانب الحرية إنما هو ما لو تحرر البعض.

و ما نحن فيه ليس كذلك، اذ لم يحرر من الامة المستولدة شيء حتى يوجب تحرير الباقي، تغليبا لجانب الحرية.

ص: 332

و المراد بثمنها ما جعل عوضا لها في عقد مساومتها و إن كان صلحا (1)

و في الحاق الشرط المذكور في متن العقد بالثمن كما اذا اشترط الانفاق على البائع مدة معينة إشكال.

و على العدم (2) لو فسخ البائع فان قلنا بعدم منع الاستيلاد من الاسترداد بالفسخ استردت.

و إن قلنا بمنعه (3) عنه فتنتقل الى القيمة.

و لو قلنا بجواز بيعها حينئذ (4) في اداء القيمة امكن القول بجواز استردادها، لأن المانع عنه هو عدم انتقالها فاذا لم يكن بد من نقلها لاجل القيمة لم يمنع عن ردها الى البائع كما لو بيعت على البائع في ثمن رقبتها.

هذا مجمل القول في بيعها في ثمنها.

و أما بيعها في دين آخر فان كان مولاها حيا لم يجز اجماعا على الظاهر المصرح به في كلام بعض.

و إن كان بعد موته فالمعروف من مذهب الأصحاب المنع أيضا لأصالة (5) بقاء المنع في حال الحياة، و لاطلاق روايتي عمر بن يزيد

+++++++++++

(1) بأن قال البائع: صالحتك على هذه الامة بمائة دينار.

(2) أي و على عدم الحاق الشرط المذكور في متن العقد بالثمن.

(3) أي بمنع الاستيلاد عن الاسترداد.

(4) أي و حين أن قلنا بمنع الاستيلاد عن استرداد.

(5) المراد من الأصالة الاستصحاب أي استصحاب عدم جواز بيع الامة في غير ثمن رقبتها، فان البيع كان في حياة مولاها ممنوعا و بعد وفاة مولاها نشك في جواز بيعها فنجري استصحاب العدم.

ص: 333

المتقدمتين (1) منطوقا و مفهوما.

و بهما (2) يخصص ما دل بعمومه على الجواز مما يتخيل صلاحيته لتخصيص قاعدة المنع عن بيع أم الولد كمفهوم مقطوعة يونس في أم ولد ليس لها ولد مات ولدها، و مات عنها صاحبها و لم يعتقها هل يجوز لأحد تزويجها؟

قال: لا هي امة، لا يحل لأحد تزويجها إلا بعتق من الورثة، و إن كان لها ولد و ليس على الميت دين فهي للولد (3)، و اذا ملكها الولد

+++++++++++

(1) و هما: صحيحة عمر بن يزيد، و روايته الاخرى المشار إليهما في ص 312-313.

أما اطلاق المنطوق فكما في صحيحة عمر بن يزيد في جواب الامام عليه السلام في قول السائل: فتباع فيما سوى ذلك؟

قال عليه السلام: لا، فان الجواب مطلق ليس مقيدا بحال الحياة و الممات أي لا يجوز بيع الامهات في غير ثمن رقبتهن، لا في حال الحياة و لا في حال الممات.

و أما اطلاق المفهوم فكما في الرواية الثانية لعمر بن يزيد في قوله عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها، فان مفهومه لا يجوز بيعها في غير دين ثمن رقبتها.

(2) أي بروايتي عمر بن يزيد يخصص مفهوم رواية يونس الدال هذا المفهوم على عموم جواز بيع أمّ الولد، سواء أ كان دين المولى في ثمن رقبتها أم في غير ثمن رقبتها فيخصص هذا المفهوم القاعدة الكلية الدالة على منع بيع أم الولد.

(3) الشاهد في جملة: و إن كان لها ولد و ليس على الميت دين فهي للولد، حيث إن مفهومها و هو إن كان للامة ولد و كان على الميت دين -

ص: 334

عتقت بملك ولدها لها، و إن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيبه (1) و تستسعى (2) في بقية ثمنها.

خلافا للمحكي عن المبسوط فجوز البيع حينئذ (3) مع استغراق الدين.

و الجواز (4) ظاهر اللمعتين، و كنز العرفان، و الصيمري.

+++++++++++

- فهي ليست للولد فيجوز بيعها، فهذا المفهوم يخصص تلك القاعدة الكلية.

(1) أي من نصيب الولد.

(2) أي أم الولد تستسعى في بقية دين ثمنها.

راجع حول الحديث (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 126.

الباب 5. الحديث 3.

(3) أي حين أن كان للمولى الميت دين في غير ثمن رقبتها.

(4) أي جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها اذا كان الدين مستغرقا.

المراد من اللمعتين هو اللمعة الدمشقية و شرحها الروضة البهية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 258

أليك نص عبارة الشهيدين قدس سرهما في موارد استثناء بيع الامة المستولدة:

(و سابعها: اذا مات مولاها و لم يخلف سواها و عليه دين مستغرق و إن لم يكن ثمنا لها)، لأنها إنما تعتق بموت مولاها من نصيب ولدها، و لا نصيب له مع استغراق الدين فلا تعتق، و تصرف في الدين، انتهى ما افاده الشهيدان.

ص: 335

و لعل وجه تفصيل الشيخ (1) أن الورثة لا يرثون مع الاستغراق فلا سبيل الى انعتاق أم الولد الذي هو الغرض من المنع عن بيعها.

و عن نكاح المسالك أن الأقوى انتقال التركة الى الوارث مطلقا (2)

و إن منع (3) من التصرف بها على تقدير استغراق الدين فينعتق نصيب الولد منها (4).

كما (5) لو لم يكن دين و لزمه (6) اداء

+++++++++++

(1) أي و لعل تفصيل شيخ الطائفة في المبسوط بين الدين المستغرق فيجوز بيع الامة المستولدة و إن لم يكن الدين في ثمن رقبتها.

و بين الدين غير المستغرق فلا يجوز بيعها.

(2) أي سواء أ كان على الميت دين مستغرق أم لا.

(3) أي الوارث و إن كان ممنوع التصرف من الامة على فرض استغراق الدين لها، و لكن مع ذلك تنتقل التركة إليه.

(4) أي فينعتق من الامة بمقدار نصيب ولدها من التركة التي منها الأمة.

(5) يروم الشهيد الثاني أن يشبه منع تصرف الوارث في الأمة في صورة استغراق الدين لقيمة الأمة بما اذا لم يكن على الميت دين و خلف أمة.

أي فكما أن الوارث يكون ممنوعا من التصرف في الأمة في صورة عدم الدين.

كذلك يكون ممنوع التصرف فيها في صورة دين مستغرق لقيمة الأمة.

(6) أي و يجب على الولد ازاء نصيبه الذي عتقت به أمه أن يدفع مقدار نصيبه الى الدائن: بمعنى أنه ضامن لهذا المقدار، خذ لذلك مثالا -

ص: 336

قيمة النصيب من ماله (1).

و ربما (2) ينتصر للمبسوط على المسالك أولا (3) بأن المستفاد

+++++++++++

- مات رجل له امة مستولدة قيمتها تسعون دينارا و على الرجل دين مقداره تسعون دينارا.

و للرجل ثلاثة أولاد ذكور لكل منهم ثلث من الأمة، و من الأولاد ولد الأمة نصيبه منها ثلثها: و هو ثلاثون دينارا فينعتق منها بمقدار نصيبه منها، ثم يقوّم هذا المقدار من النصيب و يدفع الى الدائن.

(1) انتهى ما افاده الشهيد الثاني في هذا المقام.

(2) من هنا اخذ الشيخ فيما ذكره المحقق التستري في المقابيس في الانتصار لما ذهب إليه شيخ الطائفة: من جواز بيع الأمة المستولدة في دين غير دين ثمن رقبتها في صورة استغراق الدين لقيمة الأمة ردا لما افاده الشهيد الثاني: من جواز بيع الأمة المستولدة في الفرض المذكور مطلقا، سواء أ كان الدين مستغرقا أم لا.

و لما افاده: من أن اللازم على الولد اداء قيمة نصيبه الذي اعتقت به أمه، و دفع قيمة النصيب الى الدائن.

(3) هذا هو الاشكال الأول و خلاصته: أن أدلة الارث ليس فيها اقتضاء سوى تملك الوارث لما تركه الميت، من دون أن تكون فيها اقتضاء لتملك بدل ما تركه في ذمته، و أن نصيبه يقوّم عليه ثم يدفع ذلك المقدار المقوّم الى الدائن.

و أما دليل الانعتاق في العمودين فلا يقتضي إلا تملكهما بأي وجه اتفق على وجه الاختيار، أو القهر الموجب هذا التملك لانعتاقهما و أنهما اذا ملكا عتقا، من دون أن يكون الانعتاق ببدل في ذمة المنعتق عليه الذي هو الولد.

ص: 337

مما دل على أنها تعتق من نصيب ولدها: أن ذلك من جهة استحقاقه لذلك النصيب من غير أن يقوّم عليه اصلا:

و انما الكلام في باقي الحصص اذا لم يف نصيبه من جميع التركة لقيمة أمه هل تقوّم عليه، أو تسعى هي في اداء قيمتها؟

و ثانيا (1) بأن النصيب اذا نسب الى الوارث فلا يراد منه إلا ما يفضل من التركة بعد اداء الدين، و سائر ما يخرج من الأصل المقصود منه (2) النصيب المستقر الثابت، لا النصيب الذي يحكم بتملك الوراث له، تفصيا من لزوم بقاء الملك بلا مالك.

+++++++++++

(1) هذا هو الاشكال الثاني، و خلاصته: أن التركة بناء على القول بعدم انتقالها الى الديان اذا استوعب الدين التركة، و قلنا بانتقالها الى الورثة حتى لا يبقى الملك بلا مالك، و بناء على القول بانقطاع علاقة المالك عن الملك بموته.

لكن مقتضى كون الارث بعد الدين هو عدم جواز التصرف في الملك إلا بعد اداء الدين، فاستقرار الملك للورّاث لا يكون إلا بعد اداء الدين.

اذا عرفت هذا فنقول: إن اريد من انتقال أمّ الولد الى الورثة انتقالا تاما مستقرا فهذا مناف لما افيد آنفا: من كون الارث بعد الدين.

و ان اريد من الانتقال الانتقال الذي يكون على حد غير الامة من بقية الأموال فمثل هذا الانتقال لا يكون مانعا عن تعلق حق الديان فكيف يمنع عن أداء الدين؟

(2) أي من نصيب الولد.

ص: 338

و ثالثا (1) أن ما ادعاه من الانعتاق على الولد بمثل هذا الملك مما لم ينص عليه الأصحاب، و لا دل عليه دليل معتبر.

و ما توهمه الأخبار (2)، و كلام الأصحاب: من اطلاق الملك فالظاهر أن المراد به غير هذا القسم، و لذا (3) لا يحكم بانعتاق العبد

+++++++++++

(1) هذا هو الاشكال الثالث على ما افاده الشهيد الثاني بقوله:

و إن منع من التصرف.

و خلاصته: أن الانعتاق بكلا قسميه: الاختياري و القهري إنما يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به: بحيث يجوز فيه التصرف متى شاء المالك و أراد.

و ليس يترتب على مطلق الملك و إن تعلق به حق الآخرين، فاطلاق انعتاق الأمة المستولدة على ولدها قهرا في مثل هذا الملك الذي هو غير طلق لا يجوز فيه التصرف امر غريب لم ينص عليه من قبل الأصحاب و لا دل عليه دليل من الأخبار.

(2) أي و أما ما يوهم من الأخبار: من ترتب الانعتاق على مثل هذا الملك فالظاهر أن المراد به غير هذا القسم من الملك.

(3) أي و لأجل أن الانعتاق يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به، و أن المراد من الملك في لسان الأخبار، و كلمات الأصحاب غير هذا القسم من الملك الممنوع من التصرف.

هذا تعليل لكون الانعتاق يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به، لا على مطلق الملك و إن منع من التصرف فيه.

و خلاصة التعليل أن نظير ما نحن فيه في عدم الانعتاق مع أنه ملك هو وقف شخص عبده على من ينعتق عليه، فان العبد يملكه الموقوف عليه، بناء على القول بتملك الوقف في الوقف الخاص -

ص: 339

الموقوف على من ينعتق عليه، بناء على صحة الوقف، و انتقال الموقوف الى الموقوف عليه.

و رابعا (1) أنه يلزم على كلامه أنه متى كان نصيب الولد من اصل التركة

+++++++++++

- لكن لا ينعتق عليه، لتعلق حق الواقف، و البطون اللاحقة به.

ففيما نحن فيه إما لا يكون انتقال تام ابدا فحينئذ لا يكون انعتاق فلا مانع من صحة بيع الامة المستولدة.

و إما يكون انتقال تام مصحح للانعتاق.

لكن يكون الانتقال منافيا لاستقرار الارث بعد الدين.

(1) هذا هو الاشكال الرابع على ما افاده الشهيد الثاني في المسالك

و خلاصته: أنه يلزم على كلامه الذي نقله عنه الشيخ في ص 336 بقوله: و لزمه اداء قيمة النصيب من ماله محذور آخر غير المحذور الأول الذي هو كون الانعتاق مجانيا.

و أما على رأي المشهور فبقية التركة بين الكل يؤدّى بها الدين من نصيبهم على السواء من دون أن تقوّم عليهم.

و أما أمّ الولد فبالنسبة الى نصيب ولدها تنعتق عليه مجانا، لأنها لا تباع في الدين.

و أما بالنسبة الى نصيب سائر الورّاث فلا يترتب على الأمة الانعتاق لعدم موجب له، و لا تباع أيضا، لورود النص به.

بل تستسعى لفكاك رقبتها من حق الوارث اذا لم يكن هناك دين و من حق الديّان اذا كان هناك دين.

و أما على ما افاده الشهيد الثاني: من اداء قيمة النصيب من ماله فبمقتضى تعين حصة الولد من بقية التركة في أمه لازمه أن تقوّم عليه بتمامها، و تشتغل ذمة الولد بتمام قيمة الأم للديّان، و هذا مما لم يقل -

ص: 340

بأجمعها ما يساوي قيمة أمه يقوّم عليه، سواء أ كان هناك دين مستغرق أم لا.

و سواء (1) أ كان نصيبه الثابت في الباقي بعد الديون، و نحوها يساوي قيمتها أم لا.

و كذلك (2) لو ساوى نصيبه من الاصل نصفها، أو ثلثها

+++++++++++

- احد من الفقهاء به، لعدم موجب لذلك.

هذا اذا كان مجموع نصيب الولد من جميع التركة يساوي قيمة أمه

و المحذور الآخر عبارة عن أن النصيب المستقر الثابت الذي يترتب عليه الأثر إما أن يكون مجموعه الذي هو من مجموع التركة يساوي قيمة أمه فحينئذ لا نصيب له اصلا اذا استغرق الدين جميع التركة فينتفي موضوع التقويم، لعدم مجال للتقسيم حتى يكون للولد نصيب ثم تعتق أمه، ثم يقوّم نصيبه عليه.

بل تباع أمّ الولد، و بقية التركة المشتركة بين ولد الأمة، و بين سائر الورّاث و يؤدى به الدين كما افاده شيخ الطائفة عند نقل الشيخ عنه في ص 335 بقوله: خلافا للمحكي عن المبسوط فجوّز البيع حينئذ مع استغراق الدين.

(1) أي و كذلك لا فرق في ترتب المحذور المذكور بين كون نصيب الولد الثابت بعد الدين مساويا لقيمة أمه أم لا، اذ الفرض أن المعاملة مع مطلق نصيبه معاملة، لأن الانتقال إليه كان قبل الدين

(2) توضيح هذه العبارة أنه لو ساوى نصيب الولد من اصل التركة أي من مجموعها نصف الام، أو ثلثها، أو ربعها مثلا فيقوّم نصيب الولد عليه كائنا ما كان: من النصف، أو الربع أو الثلث، أو الخمس، ثم يسقط من قيمة الام نصيب الباقي -

ص: 341

..........

+++++++++++

- الثابت اذا كان له نصيب، ثم يطالب الولد بالباقي.

خذ لذلك مثالا:

مات شخص خلف امة مستولدة قيمتها تسعون دينارا، و تركة اخرى قيمتها ثلاثون دينارا، صار المجموع مائة و عشرون دينارا.

و على الميت ديون مقدارها مائة و عشرون دينارا فاستغرقت الديون جميع التركة.

و للميت ثلاثة أولاد ذكور احدهم من الامة المستولدة، و اثنان من غيرها فلكل واحد منهم ثلث الامة الذي قيمته ثلاثون دينارا، و ثلث من التركة الباقية: و هو عشرة دنانير فالمجموع يصير اربعين دينارا هو حصة كل واحد من الأولاد.

فهنا يقوّم نصيب الولد الذي هو ثلث أمه عليه و يسقط من مجموع التركة التي هي اربعون دينارا في المثال الذي ذكرناه لك نصيبه الباقي الثابت و هي عشرة دنانير و يبقى عشرون دينارا فيطالب الولد به فيعطي المجموع و هو ثلاثون دينارا الذي هو قيمة ثلث الام الى الديّان

هذا اذا كان للولد نصيب باق ثابت في تركة الميت غير الامة المستولدة

و يتحقق هذا النصيب الباقي الثابت في كل مورد تكون للميت تركة اخرى غير الامة المستولدة.

و أما اذا لم يكن للولد نصيب باق ثابت كما اذا لم يكن للميت تركة غير الامة فلا يكون هناك ما يسقط من سهم ولدها.

خذ لذلك مثالا:

كانت للميت امة مستولدة لا غير، و كان الورثة ثلاثة أولاد ذكور، و كان للميت دين يبلغ تسعين دينارا، و كانت قيمة الامة -

ص: 342

أو غير ذلك فانه يقوّم نصيبه عليه كائنا ما كان، و يسقط من القيمة نصيبه الباقي الثابت إن كان له نصيب و يطلب بالباقي.

و هذا مما لا يقوله احد من الأصحاب، و ينبغي القطع ببطلانه.

و يمكن دفع الأول (1) بأن المستفاد من ظاهر الأدلة انعتاقها

+++++++++++

- تسعين دينارا أيضا فيكون لكل واحد من الأولاد الثلاث ثلث من الامة تبلغ قيمته ثلاثون دينارا.

فحينئذ يقوّم نصيب الولد و هو ثلث الأمة فينعتق هذا الثلث ثم يطالب الولد بقيمة نصيبه منها: و هي الثلث.

فالحاصل أن اللازم مما افاده الشهيد الثاني في قوله في ص 335: و لزمه اداء قيمة النصيب من ماله انعتاق نصيب الولد منها، أو ما يساوي منها نصيبه من اصل التركة، و يغرم الولد مع ذلك قيمة ما انعتق منها

و هذا لم يقل به احد من الأصحاب في صورة استغراق الدين و إن افاد شيخ الطائفة في صورة عدم استغراق الدين قيمة الامة بفك باقي الامة من مال الولد بعد فك نصيب الولد منها بعد بذل ما قابل سهمه الذي ورثه من ابيه الميت.

(1) أي الاشكال الأول الذي اورده المحقق التستري على ما افاده الشهيد الثاني يمكن دفعه.

من هنا اخذ الشيخ في هدم ما اورده المحقق التستري في المقابيس ردا على ما افاده الشهيد الثاني: من الاشكالات الأربعة عليه.

و قد اشرنا الى الاشكال الأول في الهامش 3 ص 337

و خلاصة الدفع: أن أدلة انعتاق الام من نصيب ولدها لا تدل على لزوم اداء قيمة النصيب من ماله حتى يقال بمنع دلالتها على لزومه و الشهيد الثاني لا يقول بذلك، بل يقول: إن المستفاد من تلك -

ص: 343

من نصيب ولدها حتى مع الدين المستغرق، فالدين غير مانع من انعتاقها على الولد.

لكن ذلك (1) لا ينافي اشتغال ذمة الولد قهرا بقيمة نصيبه أو وجوب بيعها في القيمة، جمعا (2) بين ما دل على الانعتاق على الولد الذي يكشف عنه اطلاق النهي عن بيعها.

و بين ما دل على أن الوارث لا يستقر له ما قابل نصيبه من الدين على وجه يسقط حق الديان.

غاية الأمر سقوط حقهم (3) عن عين هذا المال الخاص، و عدم

+++++++++++

- الأدلة هو انعتاق الام من نصيب ولدها مجردا عن دلالتها على كيفية الانعتاق: من حيث لزوم اداء قيمة نصيبه من ماله، أو عدمه فالدين غير مانع عن انعتاقها على الولد و إن كان مستغرقا.

(1) أي ما قلناه: من المستفاد من ظاهر الأدلة هو انعتاق الام من نصيب ولدها لا ينافي اشتغال ذمة الولد قهرا بقيمة نصيبه للديّان أو وجوب بيعها في القيمة.

(2) تعليل لعدم المنافاة أي عدم المنافاة لاجل الجمع بين الأخبار المتضاربة الواردة في المقام، حيث بعضها يدل على النهي عن بيع الامة المستولدة في غير دين ثمن رقبتها و إن استغرق الدين قيمتها.

و بعضها يدل على جواز بيعها في الدين.

فطريق الجمع هو القول بانعتاقها، لكن يتحمل بدل قيمتها ولدها لعدم سقوط حق الديان.

(3) أي سقوط حق الديّان يكون عن عين الامة المستولدة لأنها ليست كسائر الأعيان التي يتعلق بها حق الديّان، و أنه يجب دفعها الى الديّان، و للديّان حق اخذها فيما اذا امتنع الوارث -

ص: 344

كونه كسائر الأموال التي يكون للوارث الامتناع عن اداء مقابلها و دفع عينها الى الديان، و يكون لهم اخذ العين اذا امتنع الوارث من اداء ما قابل العين.

و الحاصل (1) أن مقتضى النهي عن بيع أمّ الولد في دين غير ثمنها بعد موت المولى عدم تسلط الديان على اخذها و لو مع امتناع الولد عن فكها بالقيمة، و عدم تسلط الولد على دفعها، وفاء عن دين ابيه

و لازم ذلك (2) انعتاقها على الولد.

فيتردد (3) الامر حينئذ

+++++++++++

- عن اداء ما قابلها.

و أما اصل الدين فلا يسقط، بل يضمنه الولد فعليه دفعه الى الدائن كما عرفت آنفا.

(1) أي خلاصة الكلام في هذا المقام.

(2) أي و لازم هذين العدمين و هما:

عدم تسلط الديّان على أخذ الامة.

و عدم تسلط الولد عن دفع أمه الى الديّان وفاء لدين أبيه هو انعتاق الام على الولد، ثم على الولد دفع بدل قيمتها الى الديان فهذا طريق الجمع بين تلك الأخبار المتضاربة.

(3) الفاء فاء النتيجة وفاء التفريع على ما افاده: من أن لازم العدمين الّذين اشرنا إليهما في الهامش 2 هو انعتاق الام على الولد.

و خلاصة هذه النتيجة و التفريع: أنه في ضوء ما قلناه: من العدمين المذكورين تردد الامر بين احد الامور الاربعة المذكورة التي يذكرها الشيخ و نحن نشير الى كل واحد منها عند رقمها الخاص.

ص: 345

بين (1) سقوط حق الديان عن ما قابلها من الدين فتكون أمّ الولد نظير مئونة التجهيز التي لا يتعلق حق الديان بها.

و بين أن (2) يتعلق حق الديان بقيمتها على من يتلف في ملكه و تنعتق عليه و هو الولد.

و بين (3) أن يتعلق حق الديان بقيمتها على رقبتها فتسعى فيها.

و بين (4) أن يتعلق حق الديان بمنافعها فلهم أن يؤجروها مدة طويلة تفي اجرتها بدينهم كما قيل بتعلق حق الغرماء بمنافع أم ولد المفلس (5).

و لا (6) إشكال في عدم جواز رفع اليد عمّا دل على بقاء حق الديان متعلقا بالتركة فيدور الامر بين الوجهين (7) الأخيرين فتعتق على كل حال، و يبقى الترجيح بين الوجهين (8) محتاجا الى التأمل (9).

+++++++++++

(1) هذا هو الامر الأول.

(2) هذا هو الامر الثاني.

(3) هذا هو الامر الثالث.

(4) هذا هو الامر الرابع.

(5) أي المولى المفلس.

(6) من هنا يريد الشيخ الانصاري أن يبطل الامرين الأولين المشار إليهما في الهامش 1-2.

(7) و هما المشار إليهما في الهامش 3-4.

(8) أي الترجيح بين الوجهين الاخيرين المشار إليهما في الهامش 3-4 أي هل يرجح الثالث على الرابع، أو الرابع على الثالث؟

(9) مقتضى التأمل هو ترجيح الرابع على الثالث، لأن حق الديان يتعلق من التركة إما بشخصها، أو بقيمتها، أو بمنافعها -

ص: 346

و مما ذكرنا (1) يظهر اندفاع الوجه الثاني (2)، فان (3) مقتضى المنع عن بيعها مطلقا (4)، أو في دين غير ثمنها استقرار ملك

+++++++++++

- و من الواضح: أن حق الاستيلاد يمنع عن تعلق حق الديان بشخص التركة التي منها الامة المستولدة.

و كذلك يمنع تعلقه بقيمة التركة التي منها الامة المستولدة، لأن الظاهر من عدم تعلق حق بشيء هو عدم تعلقه به بماله: من القيمة و المالية.

فتعين الثالث: و هو تعلق حق الديان بمنافع الامة المستولدة، و هذا هو الامر الرابع الذي اشير إليه في الهامش 4 ص 346.

و أما بطلان الامر الأول المشار إليه في الهامش 1 ص 346:

و هو سقوط حق الديان فواضح.

و أما بطلان الامر الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 346 و هو تعلق حق الديان بقيمة الامة المستولدة لا بشخصها، و أن على الولد دفع قيمة الامة التي تلفت في ملكه فواضح أيضا، لاستلزام هذا التعلق بارتفاع حق الديان من التركة، و تعلقه بذمة الولد، و أن الديان ليسوا مسلّطين على طلبهم إلا على هذا الولد.

(1) أي في الدفاع عن الاشكال الأول الذي ذكره شيخنا الانصاري عن المحقق التستري على ما افاده الشهيد الثاني في الهامش 1 ص 343

(2) و هو الاشكال الذي ذكره شيخنا الانصاري عن المحقق التستري، ردا على ما افاده الشهيد الثاني، و قد عرفت الاشكال في الهامش 3 ص 337

(3) هذا وجه ظهور الاندفاع.

(4) أي سواء أ كان دين المولى دينا في ثمن رقبة الامة المستولدة أم في دين غير ثمن رقبتها.

ص: 347

الوارث عليها.

و منه (1) يظهر الجواب عن الوجه الثالث، اذ (2) بعد ما ثبت عدم تعلق حق الديان بعينها على أن يكون لهم اخذها عند امتناع الوارث من الاداء فلا مانع عن انعتاقها، و لا جامع (3) بينها، و بين الوقف الذي هو ملك البطن اللاحق كما هو ملك للبطن السابق.

+++++++++++

(1) أي و من الجواب عن الاشكال الثاني يظهر الجواب عن الاشكال الثالث الذي اورده على الشهيد الثاني و قد عرفت الجواب في ص 347

(2) هذا وجه ظهور الجواب عن الاشكال الثالث.

(3) هذا جواب عن التنظير الذي افاده شيخنا الانصاري في عدم الانعتاق القهري بقوله في ص 339. و لذا لا يحكم بانعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه.

و خلاصة الجواب أنه لا بدّ من القدر الجامع بين المنظور: و هو عدم انعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه، و المنظور عليه: و هي الامة المستولدة التي مات مولاها و خلف دينا في غير ثمن رقبتها مع أنه لا بدّ من الجامع بينهما.

و أما وجه عدم وجود الجامع فلتعلق حق البطن اللاحق بنفس الوقف و شخصه، و لذا يكون تملكه له مانعا عن الانعتاق على البطن السابق.

بالإضافة الى وجود خصوصية اخرى في الوقف: و هي حبس الملك على الواقف، و مقتضى نفوذ الوقف انحباس الملك عليه، فلا يعقل انعتاقه عليه، لأنه يلزم من وجوده عدمه.

ص: 348

و أما ما ذكره (1) رابعا فهو انما ينافي الجزم بكون قيمتها بعد الانعتاق متعلقا بالولد، أما اذا قلنا باستسعائها فلا يلزم شيء.

فالضابط (2) حينئذ أنها تنعتق على الولد ما لم يتعقبه ضمان من نصيبه

+++++++++++

(1) هذا دفاع عن الاشكال الرابع الذي ذكره شيخنا الانصاري عما اورده صاحب المقابيس على شيخنا الشهيد الثاني.

و قد عرفت الاشكال في الهامش 1 ص 340 فراجع

و خلاصة الدفاع: أن ما اورده صاحب المقابيس على صاحب المسالك إنما ينافي الجزم الذي افاده في كون قيمة أمّ الولد على الولد بعد انعتاقها كما في نقل الشيخ عنه بقوله في ص 335 و لزمه اداء قيمة نصيبه من ماله.

و أما اذا قلنا بالاستسعاء في نصيبه بالذات فلا يلزم منه إلا الاستسعاء فيما يكون له نصيب بالفعل.

و هذا لا يلزم منه أيّ محذور.

(2) أي القاعدة الكلية في انعتاق أمّ الولد حين أن قلنا باستسعائها في دين الديان.

و خلاصة هذه القاعدة أنه ينعتق سهم الولد سواء استغرق الدين أم لا، و سواء أ كان الدين في ثمن رقبتها أم لا، اذا لم يتعقب الانعتاق ضمان من نصيبه بإزاء ما استحقه من أمه، لعدم كون خسارته من ماله حتى يكون انعتاقها على الولد.

فالحاصل أنه لو لزم من الانعتاق ضرر مالي، أو ضمان عوضي لم يحصل الانعتاق على الولد، لعدم ضمان على الولد، بل الانعتاق يكون على الام نفسها و رقبتها فهي ضامنة للدين فتسعى في فكاك رقبتها من الدين باعطاء ما تأخذه من الاجرة لهم.

ص: 349

فان (1) كان مجموع نصيبه، أو بعض نصيبه يملكه مع ضمان اداء ما قابله من الدين كان ذلك في رقبتها.

و مما ذكرنا (2) يظهر أيضا أنه لو كان غير ولدها أيضا مستحقا لشيء منها بالارث لم يملك نصيبه مجانا، بل إما أن يدفع (3) الى الديان ما قابل نصيبه فتسعى أمّ الولد كما لو لم يكن دين فينعتق نصيب غير ولدها عليه (4) مع ضمانها، أو ضمان ولدها قيمة حصتها التي فكها من الديان.

و إما أن يخلي بينها، و بين الديان فتنعتق أيضا عليهم مع ضمانها أو ضمان ولدها ما قابل الدين لهم.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم ضمان الانعتاق على الولد لو لزمه ضرر مالي ازاء ما استحقه من أمه أي ففي ضوء ما ذكرنا فلو كان مجموع نصيب الولد، أو بعض نصيبه من أمه يملكه مع ضمان للديان كان ذلك الدين في رقبتها، و انعتاقها على نفسها لا على الولد.

(2) و هو عدم الانعتاق على الولد لو لزمه ضرر مالي.

(3) أي غير الولد يدفع الى الديان ازاء ما قابله من نصيبه ثم تسعى الامة في اداء هذا المال المدفوع الى الديان كما لو لم يكن على المولى الميت دين اصلا، فانه لو اصاب غير ولد الامة من هذه الامة نصيب فينعتق نصيب غير ولدها على غير الولد، لكن تكون أمّ الولد ضامنة لهذا الدفع الذي يدفعها غير الولد الى الديان فتسعى هي في فكاك رقبتها من الدين الذي دفعه غير الولد الى الديان، أو ولدها يكون ضامنا للدفع.

(4) أي على غير الولد.

ص: 350

و أما حرمان الديان عنها عينا و قيمة وارث الورثة لها، و اخذ غير ولدها قيمة حصته منها، أو من ولدها و صرفها في غير الدين فهو باطل لمخالفته لأدلة ثبوت حق الديان (1) من غير أن يقتضي النهي عن التصرف في أمّ الولد لذلك.

و مما ذكرنا (2) يظهر ما في قول بعض من اورد على ما في المسالك

+++++++++++

(1) تجتمع هنا حقوق ثلاثة:

حق الديان، و حق الورّاث، و حق أمّ الولد فيقع التعارض بينها فيقدم حق الديان على حق الورّاث، لحكومة أدلة اداء الديون على أدلة الارث.

و أما حق أمّ الولد و إن ورد النهي عن التصرف فيها ببيعها، لكن النهي لا يقتضي تقدم حقها على حق الديان فيقدم حقهم على حقها أيضا.

(2) و هو الدفاع عن الاشكال الأول الذي اورده صاحب المقابيس على ما افاده الشهيد الثاني.

و قد عرفت الدفاع في الهامش 1 ص 343 أي و مما ذكرناه في الدفاع:

و هو الالتزام بسقوط حق الديان من عين أمّ الولد، و تعلقه بقيمتها إما على الولد، أو على الام، أو تعلقه بمنافعها يظهر لك الاشكال في الجمع بين فتاوى الأصحاب و أدلتهم في هذا المقام كما افاد هذا الجمع صاحب المقابيس، حيث إنه قدس سره قال:

إن فتاوى الأصحاب بأجمعهم متكفلة لانعتاق أمّ الولد في دين غير ثمن رقبتها، مع أنهم يقيدون الدين بدين ثمن رقبتها.

و من ناحية اخرى أن أدلة الارث بأجمعها: كتابا و سنة، و إجماعا ناطقة بتقدم الدين على الارث من غير أن تقيد تلك الأدلة بدين -

ص: 351

بما ذكرنا أن الجمع بين فتاوى الأصحاب و أدلتهم مشكل جدا حيث إنهم قيدوا الذين بكونه ثمنا، و حكموا بأنها تعتق على ولدها من نصيبه، و أن ما فضل عن نصيبه تنعتق بالسراية، و تسعى

+++++++++++

- ثمن رقبتها، أو بغير ثمن رقبتها.

و طريق الجمع بين الفتاوى و الأدلة هو اقتضاء نصوص المقام استثناء أمّ الولد فهي كالكفن: في تقدمه على الديون، و أنها مستثنى عن ذلك.

و أما وجه الاشكال في هذا الجمع هو أن الفقهاء لم يصرحوا في باب تقديم الدين على الارث استثناء أمّ الولد كما صرحوا باستثناء الكفن عن الدين و تقديمه عليه.

و أما النصوص التي ذكرها صاحب المقابيس و جعلها ملاكا للجمع بين فتاوى الفقهاء، و بين تقديم أدلة الدين على أدلة الارث باستثناء أمّ الولد لا صراحة فيها على الاستثناء المذكور، اذ من المحتمل إرادة الدين غير المستغرق، لأنه إذا كان هناك من التركة ما يفي بالدين لا معنى لمنع استقرار النصيب على أمّ الولد فتورث و تنعتق.

نعم غاية ما تدل النصوص هو عدم جواز بيع الامة المستولدة لا سقوط الدين رأسا، فلا دلالة فيها لاستثناء أمّ الولد كاستثنائها للكفن.

هذه خلاصة ما افاده الشيخ قدس سره في هذا المقام.

و المراد من النصوص هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و رواية ثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

و مفهوم مقطوعة يونس المشار إليه في ص 334

ص: 352

في اداء قيمتها.

و لو قصدوا أن أم للولد، أو سهم الولد مستثنى من الدين كالكفن عملا بالنصوص المزبورة فله وجه، إلا أنهم لا يعدون ذلك من المستثنيات، و لا ذكر في النصوص صريحا، انتهى:

و أنت خبير بأن النصوص المزبورة لا تقتضي سقوط حق الديان كما لا يخفى.

منها: تعلق كفن مولاها بها

(و منها) (1): تعلق كفن مولاها بها على ما حكاه في الروضة بشرط عدم كفاية بعضها (2) له، بناء على ما تقدم نظيره (3) في الدين: من (4) أن المنع لغاية الارث

+++++++++++

(1) أي و من الموارد القابلة لاستثناء بيع أمّ الولد.

(2) أي عدم كفاية بعض الامة للكفن، فانه لو كفى بعضها له لا يجوز بيع كلها، بل يكتفى على هذا البعض.

راجع (اللمعة الدمشقية): من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 260

(3) أي تقدم نظير بيع بعض الامة في الكفن بيع بعضها في الدين اذا يمكن الاكتفاء به في قوله في ص 327: نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه كما عن غاية المراد التصريح به.

(4) كلمة من بيان لاستثناء بيع الامة في كفن مولاها أي المقصود الأولي من عدم جواز بيع الامة هو بقاؤها، لتورث حتى تعتق من نصيب ولدها، و مع عدم وجود الكفن للمولى لا إرث، لأن الكفن أول ما يبدأ به.

كما ورد في الحديث، أليك نص الحديث 2.

عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل مات و عليه دين بقدر ثمن كفنه.

ص: 353

و هو (1) مفقود مع الحاجة إلى الكفن.

و قد عرفت (2) أن هذه حكمة غير مطردة، و لا منعكسة.

+++++++++++

- قال: يجعل ما ترك في ثمن كفنه.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 405. الباب 27 الحديث 2.

(1) أي الارث مفقود مع عدم وجود الكفن للمولى.

(2) هذا رد على ما افيد في مقام جواز بيع الامة على عدم وجود الكفن للمولى: من أن الغاية من عدم بيعها هو بقاؤها لتورث فتعتق

و خلاصة الرد أن هذه الغاية حكمة فلا تكون عامة شاملة لجميع الموارد، و سارية فيها، و ليست بعلة حتى تكون سارية في جميع الأفراد و الموارد.

أما كونها غير مطردة فكما في موارد جواز بيعها في الدين بعد موت مولاها، أو في خصوص دين ثمن رقبتها، فانه لا يجوز للمولى أن ببيعها في حياته، مع أن حكمة الانعتاق غير موجودة.

و كما في مقام علم المولى باحتياجه الى الكفن بعد الموت، و أنه لا مال له حتى يشترى له الكفن، فانه لا يجوز له بيعها في حياته، ليهيئ من ثمنها كفنه.

و أما كونها غير منعكسة فكما في مقام كون الامة ذات ولد من مولاها، و كان الولد من نكاح شرعي عقد عليها الرجل قبل أن يشتريها و يصير مولا لها ثم اشتراها فمات.

فهنا تنعتق الامة من نصيب ولدها، لعدم تملك الولد عموديه و مع ذلك لا يحرم على المولى بيع هذه الامة في حياته، لأن حرمة البيع مختصة و منحصرة في أمّ الولد التي كانت بملك يمين، لا بالزواج -

ص: 354

و أما بناء على ما تقدم (1): من جواز بيعها في غير ثمنها من الدين مع أن الكفن يتقدم على الدين فبيعها له (2) أولى.

بل اللازم ذلك (3) أيضا، بناء على حصر الجواز في بيعها في ثمنها على ما تقدم: من أن وجود مقابل الكفن الممكن صرفه في ثمنها لا يمنع عن بيعها فيعلم (4) من ذلك تقديم الكفن على حق الاستيلاد

+++++++++++

- الشرعي قبل الشراء

(1) في ص 335 عند قوله: خلافا للمحكي عن المبسوط فجوّز البيع حينئذ مع استغراق الدين، و الجواز ظاهر اللمعة.

(2) أي بيع الامة للكفن أولى كما عرفت في الخبر المشار إليه في الهامش 4 ص 353

(3) أي بل اللازم بيع الامة للكفن أيضا.

خلاصة هذا الكلام أنه لو مات رجل و خلف امة مستولدة و عليه دين ثمن رقبتها و لم يخلف سواها، و ليس له كفن، و وجد مال يمكن تجهيزه به لصرف ذاك المال في التجهيز و لا يعطى في دين ثمن رقبتها و إن قلنا بحصر جواز بيع الامة في دين ثمن رقبتها، لتقدم حق الميت: و هو التجهيز على حق الاستيلاد بالالتزام، لاستفادة أقوائية حق الميت من حق الاستيلاد، لا من حيث تقدم حق الميت على حق الديان المتقدم على حق الاستيلاد.

(4) أي و يعلم من صرف وجود المال في تجهيز الميت، و أنه لا يعطى لدين ثمن رقبة الامة: تقدم حق الميت على حق الاستيلاد أيضا لو كان للميت دين خاص غير دين ثمن رقبة الامة، لتقدم حقه على حق الديان المتقدم على حق الاستيلاد.

ص: 355

و إلا (1) لصرف مقابله في ثمنها و لم تبع.

و من ذلك (2) يظهر النظر فيما قيل: من أن هذا القول مأخوذ من القول بجواز بيعها في مطلق الدين المستوعب.

و توضيحه أنه اذا كان للميت المديون أم ولد، و مقدار ما يجهّز به فقد اجتمع هنا حق الميت، و حق بائع أمّ الولد، و حق أمّ الولد.

فاذا ثبت عدم سقوط حق بائع أمّ الولد دار الأمر بين إهمال حق الميت بترك الكفن، و إهمال حق أمّ الولد ببيعها فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد حينئذ (3)، بناء (4) على ما تقدم في المسألة السابقة:

+++++++++++

(1) أي و لو لا أولوية الكفن على دين ثمن رقبة الامة، و لو لا تقدم حق الميت على حق الاستيلاد لصرف مقابل الكفن: و هو المال الموجود في ثمن رقبة الامة، و يحكم بعدم جواز بيع الامة في ثمن رقبتها:

(2) أي و من القول بجواز بيع الامة المستولدة في كفن مولاها مع حصر الجواز في ثمن رقبتها يظهر الاشكال فيما افيد: من أن هذا القول مأخوذ من القول بجواز بيع الامة في مطلق الدين المستوعب.

و أما الاشكال فيظهر في عبارة الشيخ في قوله: و توضيحه أي توضيح وجه الاشكال.

(3) أي حين أن دار الأمر بين إهمال حق الميت، و إهمال حق أمّ الولد، و قلنا بعدم جواز إهمال حق الميت، لتقدمه على حق الاستيلاد

(4) تعليل لعدم جواز إهمال حق الميت أي عدم جواز الاهمال مبني على ما تقدم في المسألة السابقة: و هي جواز بيع الامة في الكفن -

ص: 356

كان (1) معناه تقديم حق الميت على حق أمّ الولد، و لازم ذلك (2) تقديمه عليها مع عدم الدين، و انحصار الحق في الميت و أمّ الولد.

اللهم إلا أن يقال: لما ثبت بالدليل السابق (3) تقديم دين ثمن أمّ الولد على حقها، و ثبت بعموم النص (4) تقديم الكفن على الدين اقتضى

+++++++++++

- مع القول بحصر الجواز في دين ثمن رقبتها.

(1) جواب لاذا الشرطية في قوله في ص 356: فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد أي كان معنى هذا الجواز هو تقديم حق الميت على حق الاستيلاد

(2) أي و لازم هذا التقدم هو تقديم حق الميت على حق الاستيلاد مع عدم دين على الميت، و مع انحصار الحق في الميت و أمّ الولد.

هذه الجملة: و لازم ذلك تقديمه عليها مع عدم الدين، و انحصار الحق في الميت و أمّ الولد هو وجه النظر و الاشكال الذي اورده شيخنا الانصاري على ما افاده القيل: من أن القول بأولوية بيع الامة في الكفن مأخوذ من القول بجواز بيع الامة في مطلق الدين المستوعب

و خلاصته أنه مع هذه الملازمة لا يكون القول بجواز بيع الامة المستولدة في كفن مولاها مأخوذا من القول بجواز بيعها في مطلق الدين المستوعب كيف يكون مأخوذا من ذلك و قد يجوز البيع حتى مع عدم القول بجواز بيعها في الدين المستوعب، و مع حصر الجواز في خصوص دين ثمن رقبتها.

(3) المراد منه هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 و رواية عمر بن يزيد الثانية المشار إليها في ص 313

(4) و هو الحديث الوارد في تقدم الكفن على الديون المشار إليه في الهامش 4 ص 353

ص: 357

الجمع بينهما (1) تخصيص جواز صرفها (2) في ثمنها بما اذا لم يحتج الميت الى الكفن بنفسه، أو لبذل باذل، أو بما اذا كان للميت مقابل الكفن، لأن مقابل الكفن غير قابل للصرف في الدين، فلو لم يكن غيرها (3) لزم من صرفها في الثمن تقديم الدين على الكفن.

أما إذا لم يكن هناك دين، و تردد الأمر بين حقها، و حق مولاها الميت فلا دليل على تقديم حق مولاها، ليخصص به (4) قاعدة المنع عن بيع أمّ الولد، عدا ما يدعى من قاعدة تعلق حق الكفن بمال الميت.

لكن الظاهر اختصاص تلك القاعدة (5) بما اذا لم يتعلق به حق سابق مانع من التصرف فيه، و استيلاد من ذلك الحق (6).

و لو فرض تعارض (7) الحقين فالمرجع الى أصالة (8) فساد

+++++++++++

(1) أي بين الدليل السابق، و بين عموم النص.

(2) أي صرف الامة المستولدة ببيعها و صرف ثمنها في دينها.

(3) أي غير الامة المستولدة.

(4) أي بتقديم حق مولاها.

(5) و هي قاعدة تعلق حق الكفن بمال الميت.

(6) أي من الحق السابق المانع من التصرف فيه.

(7) و هما: دليل حق الميت، و دليل حق الاستيلاد، و لازم هذا التعارض التساقط، لا تقديم حق السابق المانع من التصرف فيه:

و هو حق الاستيلاد.

(8) المراد من الأصالة هنا الاستصحاب أي استصحاب فساد بيع الامة المستولدة قبل احتياج مولاها إلى الكفن و هو حالة الحياة، و بعد الوفاة، و احتياج مولاها إلى الكفن نشك في صحة بيعها فنجري -

ص: 358

بيعها قبل الحاجة الى الكفن، فتأمل (1).

نعم يمكن أن يقال نظير ما قيل في الدين: من أن الولد يرث نصيبه (2) و ينعتق (3) عليه، و تتعلق بذمته مئونة التجهيز، أو تستسعى أمه و لو بايجار نفسها في مدة، و اخذ الاجرة قبل العمل و صرفها في التجهيز، و المسألة محل إشكال.

منها: ما إذا جنت على غير مولاها في حياته.

(و منها) (4): ما إذا جنت على غير مولاها في حياته (5).

أما بعد موته (6) فلا إشكال في حكمها (7)، لأنها بعد موت المولى تخرج عن التشبث بالحرية إما إلى الحرية الخالصة (8)، أو الرقبة

+++++++++++

- استصحاب فساد بيعها.

(1) الظاهر أن الأمر بالتأمل هو عدم جريان هذا الاستصحاب لتغير الموضوع، لأن الأمة في زمن حياة مولاها إنما لا يجوز نقلها لكونها في ملك مولاها، و بعد موته قد انقطع ملك مولاها عنها فاختلف الموضوع.

(2) أي من أمه.

(3) أي هذا النصيب الذي ورثه من أمه.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة.

(5) أي في حياة مولاها.

(6) أي لو كانت الجناية على غير مولاها بعد مولاها.

(7) أي حكمها حينئذ يكون معلوما.

(8) كما لو كان المولى مدينا في غير ثمن رقبتها، فانها تنعتق بالتقويم و تكون القيمة على الولد، أو على رقبتها ثم تسعى في قيمتها و تسري الحرية على الباقي.

ص: 359

الخالصة (1).

و حكم جنايتها عمدا (2) أنه إن كان في مورد ثبت القصاص فللمجني عليه القصاص نفسا كان، أو طرفا (3) و له استرقاقها كلا أو بعضها على حسب جنايتها فيصير المقدار المسترق منها ملكا طلقا.

و ربما تخيل بعض (4) أنه يمكن أن يقال: إن رقيتها للمجني عليه لا تزيد على رقيتها للمالك الأول، لأنها تنتقل إليه على حسب ما كانت

+++++++++++

(1) كما إذا بيعت في ثمن رقبتها.

(2) أي في حياة مولاها.

(3) أي جزء من أجزاء المجني عليه كاحدى يديه، أو رجليه، أو عينيه

(4) و هو صاحب الجواهر.

خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام: أن الامة المستولدة لو جنت على غير مولاها في حياة مولاها لانتقلت الى المجنّي عليه، لكن لا تكون ملكا طلقا له يتصرف فيها كيف شاء و اراد، بل ملكيته لها على حدّ ملكية مالكها الأول: من عدم جواز بيعها، أو التصرف فيها بنقلها إلى غيره إلا بمثل ما كان جائزا للمالك الأول.

بعبارة اخرى أنه لا مقتضي للملك المطلق.

كما أن هناك مانعا عن الملك المطلق.

أما الأول فلعدم كون الاسترقاق هنا عبارة عن اخذ الشخص رقا له ابتداء كاسترقاقه للكافر حتى تكون ملكيته لها مطلقة.

بل الاسترقاق هنا عبارة عن اخذ الغير من هو رق لمولاه لنفسه فينتقل هذا الرق الى هذا الغير بمثل ما كان لمولاه.

و أما الثاني فلشمول أدلة منع بيع أمّ الولد مثل هذه الامة الجانية سواء أ كانت عند مولاها أم عند غيرها.

ص: 360

عند الأول ثم ادعى (1) أنه يمكن أن يدعى ظهور أدلة المنع (2)

خصوصا صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في عدم بيع أمّ الولد مطلقا (3).

و الظاهر أن مراده (4) بامكان القول المذكور مقابل امتناعه (5) عقلا، و إلا (6) فهو احتمال مخالف للاجماع، و النص الدال على الاسترقاق الظاهر في صيرورة الجاني رقا خالصا.

و ما وجّه به هذا الاحتمال: من أنها تنتقل الى المجني عليه (7)

+++++++++++

(1) أي صاحب الجواهر قدس سره.

(2) أي المنع عن جواز بيع الامة المستولدة.

و المراد من الأدلة هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

و مقطوعة يونس المشار إليها في ص 334

(3) أي سواء اولدها مولاها أم غير مولاها.

(4) أي مراد هذا البعض و هو صاحب الجواهر قدس سره.

(5) أي امتناع بيع الامة المستولدة.

الظاهر عدم منع عقلي على بيع أمّ الولد، إذ ليس البيع من قبيل الظلم حتى يستقل العقل بقبحه ثم يحكم بعدم جواز بيع الأمة.

(6) أي و إن لم يكن المراد من الامكان ما قابل امتناع البيع عقلا

(7) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 73. الباب 41 الأحاديث.

أليك نص الحديث 1-3.

عن زرارة عن احدهما عليهما السلام في العبد إذا قتل الحر؟

رفع الى أولياء المقتول، فان شاءوا قتلوه، و إن شاءوا استرقوه -

ص: 361

على حسب ما كانت عند الأول.

ففيه أنه ليس في النص إلا الاسترقاق: و هو جعلها رقا له كسائر الرقيق، لا انتقالها عن المولى الأول إليه حتى يقال: إنه إنما كان (1) على النحو الذي كان للمولى الأول (2).

و الحاصل أن المستفاد بالضرورة من النص (3) و الفتوى أن الاستيلاد يحدث للأمة حقا على مستولدها يمنع من مباشرة بيعها، و من البيع لغرض عائد إليه (4) مثل قضاء ديونه، و كفنه على خلاف في ذلك.

و إن كانت الجناية (5) خطأ فالمشهور أنها كغيرها من المماليك يتخير المولى بين دفعها، أو دفع ما قابل الجناية منها الى المجني عليه

و بين أن يفديها (6) بأقل الأمرين على المشهور، أو بالارش على ما عن الشيخ، و غيره.

+++++++++++

عن محمد بن ابي علي الوابشي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم ادعوا على عبدهم جناية تحيط برقبته فاقر العبد بها؟

قال: لا يجوز اقرار العبد على سيده، فان اقاموا البينة على ما ادعوا على العبد اخذ العبد بها، أو يفتديه مولاه.

(1) أي الانتقال.

(2) حتى يقال بجواز التصرف للدائن فيها كيف شاء.

(3) و هي رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293 في قوله عليه السلام: هي امته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل.

(4) أي إلى مولى الامة المستولدة.

(5) أي الجناية الصادرة من الامة المستولدة.

(6) أي يفدي مولى الامة المستولدة عن جنايتها بأقل الأمرين:

و هما قيمة الأمة، و دية الجناية التي ارتكبتها الأمة على الغير. -

ص: 362

و عن الخلاف و السرائر، و استيلاد المبسوط أنه لا خلاف في أن جنايتها تتعلق برقبتها.

لكن عن ديات المبسوط أن جنايتها على سيدها بلا خلاف (1) إلا من ابي ثور، فانه جعلها (2) في ذمتها تتبع بها بعد العتق و هو (3) المخالف لما في الاستيلاد من المبسوط.

+++++++++++

- فان كانت قيمة الامة أقل من دية الجناية فيدفع المولى القيمة إلى المجني عليه، لا الدية.

و إن كانت دية الجناية أقل من قيمة الامة فيدفع المولى الدية الى المجني عليه، لا الأمة.

(1) هذا هو القول الثاني للشيخ قدس سره في المبسوط.

(2) أي جعل ابو ثور الذي هو من (فقهاء اخواننا السنة) دية الجناية الخطأ على ذمة الجانية: و هي الامة المستولدة و قال: إن هذه الدية على ذمتها و تتبع في الاداء بعد عتقها.

إذا فالأقوال في مسألة جناية الأمة المستولدة على الغير خطأ ثلاثة:

(الأول): أن الفداء على رقبتها و قد ذهب إليه المشهور فتدفع إلى المجني عليه، و للمولى فكها بأقل الأمرين.

(الثاني): أن الفداء على سيدها ذهب إليه الشيخ في المبسوط هذا احد قوليه في المصدر نفسه، و القول الثاني عرفته في الهامش 1

(الثالث): أن الفداء على ذمتها، لكن تتبع هذه الدية بعد عتقها ذهب الى هذا القول ابو ثور و لم يذهب إليه احد من أصحابنا الامامية

(3) أي ما ذهب إليه الشيخ في ديات المبسوط: من أن دية جناية الامة على الغير اذا كانت خطاء على سيدها مخالف لما ذهب إليه في المبسوط في باب الاستيلاد: و أن دية جناية الخطئي على ذمتها.

ص: 363

و ربما يوجه (1) بإرادة نفي الخلاف بين العامة.

و ربما نسب إليه (2) الغفلة كما عن المختلف.

و الأظهر (3) أن المراد بكونها على سيدها عود خسارة جنايتها

+++++++++++

(1) أي قول الشيخ في ديات المبسوط: بلا خلاف: بأن المراد من نفي الخلاف هو نفي الخلاف بين (علماء اخواننا السنة)، لا نفي الخلاف عند (علماء الشيعة).

(2) أي إلى شيخ الطائفة الاشتباه.

نسبة الاشتباه إليه مبنية على أن المراد من قوله: لا خلاف إرادة نفي الخلاف عند الشيعة، فانه حينئذ تصح نسبة الاشتباه إليه، حيث إنه ذهب إلى أن دية جنايتها على رقبتها، و هذا خلاف ما ذهب إليه المشهور: من كون دية جنايتها على سيدها.

(3) هذا توجيه من الشيخ الانصاري يقصد به دفع التنافي بين قولي الشيخ في المبسوط في باب الديات، و الاستيلاد.

و قد عرفت القولين في ص 363

و خلاصة التوجيه: أن مراد الشيخ من قوله: إن جنايتها على سيدها:

أن عود خسارة جناية الامة و مآلها إلى سيدها، لأن المولى بسبب هذه الجناية يتضرر و تحصل النقيصة في ماله.

إما بدفع الامة الى المجني عليه، و إما بدفع مال آخر يعبر عنه بالفداء، فالقول هذا في مقابل القول بعدم خسارة المولى، لا من عين الجاني التي هي الامة، و لا من مال آخر.

و ليس معنى جنايتها على سيدها أنه يجب على سيدها فداء تلك الجناية.

و هذا لا ينافي ما ذكره الشيخ في المبسوط في باب الاستيلاد:

-

ص: 364

على السيد في مقابل عدم خسارة المولى، لا من عين الجاني، و لا من مال آخر.

و كونها (1) في ذمة نفسها تتبع بها بعد العتق، و ليس المراد وجوب فدائها.

و على هذا أيضا يحمل ما في رواية مسمع عن ابي عبد اللّه عليه السلام.

قال: أمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها، و ما كان من حقوق اللّه في الحدود، فان ذلك في بدنها (3).

فمعنى كونها (4) على سيدها: أن الامة بنفسها لا تتحمل من الجناية شيئا.

و مثلها (5) ما ارسل عن علي عليه السلام في قوله: المعتق على دبر فهو

+++++++++++

- من تعلق الجناية بعين الجاني و رقبته، مع أن المولى يكون مخيرا بين دفع الامة الجانية إلى المجني عليه، أو الفداء بمال آخر.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: عدم خسارة المولى أي القول بكون جنايتها على سيدها في مقابل القول بكون خسارة جناية الامة تتبع بها بعد العتق.

(2) أي و على التوجيه الذي قلناه في قول الشيخ: من أن جنايتها على سيدها يحمل قوله عليه السلام في رواية مسمع: أمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 76. الباب 43 الحديث 1.

(4) أي كون جناية الامة:

(5) أي و مثل رواية مسمع ما روي عن امير المؤمنين عليه السلام -

ص: 365

من الثلث، و ما جنى هو و المكاتب و أمّ الولد فالمولى ضامن لجنايتهم (1)

و المراد من جميع ذلك (2) خروج دية الجناية من مال المولى المردد بين ملكه (3) الجاني، أو ملك آخر.

و كيف كان (4) فاطلاقات (5) حكم جناية مطلق المملوك (6)

+++++++++++

- في قوله: فالمولى ضامن لجنايتهم، فان ضمان المولى جناية أمّ الولد يحمل على ما ذكرناه في قول الشيخ: جنايتها على سيدها.

(1) راجع (المصدر نفسه). الجزء 16. ص 93. الباب 8 الحديث 2.

(2) أي المقصود من جميع ما ذكرناه: من كلمات الأصحاب و من الأحاديث حول دية جناية الامة المستولدة خطاء هو بيان خروج هذه الدية عن مال المولى، و أن الدية مرددة بين تمليك المولى الجاني للمجني عليه، و بين تمليكه للمجني عليه ملكا آخر.

(3) في جميع النسخ الموجودة عندنا ملكه، و الأولى تمليكه، إذ الملك نتيجة التمليك، و مرجع الضمير في ملكه المولى أي تمليك المولى الجاني للمجني عليه

(4) أي أي شيء قلناه في دية جناية الامة المستولدة التي جنت على غير مولاها خطاء.

(5) المراد من الاطلاقات الأحاديث التي ذكرت في مصادرها الدالة على كيفية دية هذه الجناية.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 19 ص 154. الباب 8. الأحاديث.

(6) أي سواء أ كان عبدا أم امة، و الامة سواء أ كانت مستولدة أم غيرها.

خلاصة هذا الكلام أن تلك الاطلاقات التي ذكرت في مصادرها سليمة عن المخصص، و آبية عنه فلا يقال: إنها تخصص بتعين الدية على سيدها.

ص: 366

سليمة عن المخصص.

و لا يعارضها (1) أيضا اطلاق المنع عن بيع أمّ الولد، لأن (2) ترك فدائها و التخلية بينها، و بين المجني عليه ليس نقلا لها.

خلافا للمحكي عن موضع من المبسوط، و المهذب و المختلف من تعيين الفداء على السيد (3).

و لعله (4) للروايتين المؤيدتين بأن (5) استيلاد المولى هو الذي ابطل احد طرفي التخيير فتعين عليه الآخر، بناء على أنه لا فرق بين إبطال طرفي التخيير بعد الجناية كما لو قتل، أو باع عبده الجاني.

+++++++++++

(1) أي و كذا لا يعارض تلك الاطلاقات المذكورة في الهامش 5 ص 367 الواردة في كيفية دية جناية الامة المستولدة خطاء على غير سيدها ما ورد من الأحاديث في منع بيع الامة المستولدة كصحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

(2) تعليل لعدم معارضة ما ورد من الأخبار في منع بيع الامة المستولدة.

(3) لا التخيير كما هو المستفاد من الاطلاقات المذكورة في الهامش 5 ص 367

(4) أي و لعل هذا التعيين الذي افاده الشيخ مستفاد من الروايتين المتقدمتين و هما: رواية مسمع، و ما روي عن علي عليه الصلاة و السلام في ص 365 المؤيدتين لتعين الدية.

(5) الباء بيان للتأييد أي إن الروايتين المذكورتين مؤيدتان لكون استيلاد المولى الامة سببا لابطال احد طرفي التخيير، و تعيين الطرف الآخر: و هو تعيين الفداء على سيدها.

ص: 367

و بين إبطاله قبلها كالاستيلاد الموجب لعدم تأثير أسباب الانتقال فيها.

و قد عرفت معنى الروايتين (1).

و المؤيد مصادرة (2) لا يبطل به اطلاق النصوص (3).

منها: ما إذا جنت على مولاها بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجني عليه غير المولى.

(و منها) (4): ما إذا جنت على مولاها بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجني عليه غير المولى.

فهل تعود ملكا طلقا بجنايتها على مولاها فيجوز له التصرف الناقل فيها كما هي المحكي في الروضة (5)

+++++++++++

(1) أي في قول الشيخ: و على هذا يحمل أيضا ما في رواية مسمع و مثلها ما ارسل عن علي عليه السلام.

(2) أي كون الروايتين المذكورتين في ص 365 مؤيدتين لتعيين الدية على سيد الامة مصادرة بالمطلوب.

وجه كونهما مصادرة أن التأييد بهما مبني على أن الاستيلاد مبطل لأحد طرفي التخيير: و هو دفع الامة المستولدة الى المجني عليه، و الابطال متوقف على عدم جواز بيع الامة المستولدة، لشمول أدلة النهي له اذا كان المراد من البيع هو النقل، و النهي مبني على أن المراد من الدفع هو النقل، و هذا اوّل الكلام، لأنك عرفت آنفا في كلام الشيخ أن التخلية بينها، و بين المجني عليه ليس نقلا.

(3) و هي التي ذكرت في الهامش 5 ص 366

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة، و أنه يجوز بيعها.

(5) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 260 عند قول الشارح: و ثالث عشرها: إذا جنت على مولاها جناية -

ص: 368

عن بعض، و عدها (1) السيوري من صور الجواز، أولا (2) كما هو المشهور

إذ لم يتحقق بجنايتها على مولاها إلا جواز الاقتصاص منها.

و أما الاسترقاق فهو تحصيل للحاصل (3).

(و ما يقال) في توجيهه (4): من أن (5) الأسباب الشرعية تؤثر

+++++++++++

- تستغرق قيمتها.

(1) أي على هذه الصورة التي جنت الامة على مولاها بما يوجب استرقاقها.

(2) أي أو لا تعود الامة بجنايتها على سيدها ملكا طلقا له.

(3) لأنها كانت مملوكة له قبل جنايتها عليه، إلا أنه كان ممنوعا من التصرف فيها ببيعها و نقلها، لأنها متشبثة بالحرية من نصيب ولدها، فاصل الملكية كانت حاصلة لا تحتاج الى امر آخر يعبر عنه بسبب جديد.

(4) أي في توجيه هذا الاسترقاق.

القائل هو المحقق التستري في مقابيسه.

(5) هذا مقول قول المحقق التستري.

و خلاصته: أن الأسباب الشرعية الموجبة للتمليك التي من جملتها جناية الامة المستولدة على مولاها مؤثرة بقدر الوسع و الامكان في تمليك الشيء

فالامة بسبب استيلادها اصبحت ذات اهمية في المجتمع الانساني لتشبثها بالحرية من نصيب ولدها فلا يعامل معها معاملة الرقية و إن كانت مملوكة لمولاها فلا تباع و لا تنقل.

لكنها لما جنت على مولاها فارغاما لانفها ترجع الى الرقية السابقة فيصح بيعها و نقلها و أي تصرف آخر مناف لحريتها.

ص: 369

بقدر الامكان فاذا لم تؤثر الجناية الاسترقاق امكن أن يتحقق للمولى اثر جديد: و هو استقلال جديد في التصرف فيها، مضافا (1) إلى أن استرقاقها لترك القصاص كفكاك (2) رقابهن الذي انيط به الجواز في صحيحة ابن يزيد المتقدمة.

و مضافا (3) الى أن المنع عن التصرف لاجل التخفيف لا يناسب الجاني عمدا.

+++++++++++

- فان ابيت رجوعها الى الرقية بسبب الجناية فلا أقل من وجود اثر جديد للمولى بسبب الجناية، و ذاك الاثر الجديد هو استقلال المولى في التصرف فيها ببيعها و نقلها.

(1) هذا دليل ثان لصاحب المقابيس لتوجيهه استرقاق الامة بجنايتها على سيدها.

و خلاصته: أن استرقاق الامة بعد الجناية إنما هو لاجل ترك القصاص أي إنما نقول بعود رقيتها حتى لا يقتص منها مولاها.

(2) تشبيه لكون الاسترقاق لترك القصاص.

و خلاصته: كما أن بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها لاجل فكاك رقبتها من الدائن كما في صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في ص 312

كذلك استرقاقها لاجل ترك القصاص عنها.

(3) هذا دليل ثالث لصاحب المقابيس لتوجيهه استرقاق الامة الجانية على مولاها جناية تستغرق قيمتها.

و خلاصته: أن المنع عن تصرف بيع الامة المستولدة لاجل التخفيف عنها حتى لا تكون رقا للغير بموت مولاها.

أما اذا جنت على مولاها عمدا فلا معنى للتخفيف عنها بعدم بيعها بل المناسب لها استعمال العنف و الشدة بهذا العمل القبيح غير الانساني -

ص: 370

فيندفع (1) بما لا يخفى.

+++++++++++

- حتى لا يتكرر منها العمل، و لا تعود مرة ثانية، و لتكون عبرة لزميلاتها، فيزول حينئذ تشبثها بالحرية، و ترجع الى الرقية.

(1) هذا خبر للمبتدإ المتقدم في ص 369: و هو قوله: و ما يقال أي ما افاده صاحب المقابيس بأدلته الثلاثة المشار إليها في الهامش 5 ص 369 و الهامش 1 ص 370، و الهامش 3 ص 370، في استرقاق الامة الجانية ممنوع.

من هنا اخذ الشيخ في رد ما افاده صاحب المقابيس و إن لم يذكر الشيخ كيفية ردها، لكننا نذكرها لك مشروحا.

أما الجواب عن الأول: و هو امكان تحقق اثر جديد بجنايتها فهو و إن كان ممكنا، إلا أنه محتاج الى الدليل الذي هو مفقود هنا، اذ أدلة الامة المستولدة الجانية تخص المجني عليه غير المولى.

مضافا الى امكان القول بأن مقتضى أدلة منع الاستيلاد عن بيع الامة هو رفع استقلال المولى عن التصرف في الامة، و اذا كان رافعا له فيكون دافعا له بطريق أولى، اذ الدفع أهون من الرفع.

و أما الجواب عن الثاني: و هو استرقاق الامة فانما هو لاجل ترك القصاص عنها، كما أن بيعها في ثمن رقبتها لاجل فكاك رقبتها عن الدائن فلأن مقتضى صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 هو فك رقبتها من دين ثمنها فقط، لا مطلقا و عن كل دين حتى فك رقبتها عن القصاص باسترقاقها، لأنه قياس لا نقول به.

و أما الجواب عن الثالث: و هو كون المنع عن بيعها لاجل التخفيف و الامتنان عليها، و لا معنى للتخفيف عنها مع جنايتها على سيدها: فهو مسلم إلا أن عدم مناسبة التخفيف للجناية، بل المناسب لها العنف و الشدة -

ص: 371

و أما الجناية على مولاها خطأ فلا إشكال في أنها لا يجوز التصرف فيها كما لا يخفى.

و روى الشيخ في الموثق عن غياث عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام قال: اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ فهي حرة ليس عليها سعاية (1).

و عن الشيخ و الصدوق بإسنادهما عن وهب بن وهب عن جعفر عن ابيه صلوات اللّه و سلامه عليهما أن أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطأ فهي حرة لا تبعة عليها، و إن قتلته عمدا قتلت به (2).

و عن الشيخ عن حماد عن جعفر عن أبيه اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ سعت في قيمتها (3).

و يمكن حملها (4) على سعيها في بقية قيمتها اذا قصر نصيب ولدها

+++++++++++

- ممنوع، لأن انتفاعها بانعتاقها من نصيب ولدها لاجل ترك القصاص عنها، فالتخفيف الفعلي مستند الى ترك ولي القصاص القصاص، و الى عفوه عنه، لا الى الشارع، حيث إن الشيء يستند الى آخر أجزاء العلة التامة.

(1) (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 159. الباب 11 الحديث 2.

(2) راجع (المصدر نفسه) الحديث 3.

(3) راجع (التهذيب): الجزء 10. ص 200. الحديث 793-90 طبعة النجف الأشرف عام 1382.

(4) أي حمل رواية الشيخ عن حماد الواردة في سعي الامة المستولدة في قيمتها على قصور نصيب ولدها عمّا ورثه، فحينئذ لا تكون هذه الرواية معارضة للروايتين المتقدمتين المرويتين عن غياث و وهب -

ص: 372

و عن الشيخ في التهذيب و الاستبصار الجمع بينهما (1) بغير ذلك فراجع.

منها: ما اذا جنى حر عليها بما فيه ديتها

(و منها) (2): ما اذا جنى حر عليها بما فيه ديتها (3)، فانها لو لم تكن مستولدة كان للمولى التخيير بين دفعها الى الجاني، و اخذ

+++++++++++

- الظاهرتين في أن الامة المستولدة اذا قتلت سيدها خطاء لا سعاية و لا سبيل عليها.

(1) أي الجمع بين رواية حماد المشار إليها في ص 372 الدالة على سعي الامة الجانية في قيمتها في القتل الخطأ.

و بين روايتي غياث و وهب المشار إليهما في ص 372 الدالتين على عدم سعي الامة في القتل الخطأ.

أليك نص عبارة الشيخ في التهذيب نفس المصدر حول الجمع بين هاتين الروايتين:

و لا ينافي هذين الخبرين ما رواه محمد بن احمد بن يحيى عن ابي عبد اللّه عن الحسن بن علي عن حماد بن عيسى عن جعفر عن ابيه عليه السلام قال:

اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ سعت في قيمتها، لأن هذا الخبر (أي خبر حماد) نحمله على أنها اذا قتلته خطأ شبيه العمد، لأن من يقتل كذلك تلزمه الدية إن كان حرا في ماله خاصة.

و إن كان معتقا لا مولى له استسعى في الدية حسب ما تضمن الخبر

و أما الخطأ المحض فانه يلزم المولى، فان لم يكن له مولى كان على بيت المال حسب ما قدمناه.

(2) أي و من موارد استثناء بيع أمّ الولد.

(3) أي تكون الجناية محيطة بدية النفس في الحر، و بقيمة المملوك في المملوك.

ص: 373

قيمتها (1)، و بين امساكها و لا شيء له، لئلا يلزم الجمع بين العوض و المعوض.

ففي المستولدة يحتمل ذلك (2).

+++++++++++

(1) كما هو المعروف المشهور بين الفقهاء في انه قضى امير المؤمنين عليه السلام بذلك.

أليك نص الحديث:

عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في انف العبد، أو ذكره، أو شيء يحيط بقيمته أنه يؤدي الى مولاه قيمة العبد و يأخذ العبد.

راجع (التهذيب) الجزء 10. ص 194 الحديث 765-62

و قد ايّد الحديث بقاعدة عدم جواز الجمع بين العوض و المعوض فيما اذا اخذ المولى قيمة الجناية و لم يدفع العبد الى الجاني.

(2) أي يحتمل دفع الامة المستولدة الى الجاني و اخذ قيمتها من الجاني لو جنى عليها، أو امساكها عنده و لا شيء للمولى على الجاني.

و لا يخفى أن دفع القيمة الى المولى في هذه الجناية لا يكون بعنوان تدارك ما فات بالجناية، و عوضا عن الفائت، لأن مقتضى التدارك هو تدارك ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب، لا إعطاء تمام قيمة العبد، فاعطاء القيمة يكون بعنوان دية المملوك اذا لم تتجاوز قيمته شرعا.

و أما اذا جاوزت فتعطى قيمته الى المولى.

و لا يخفى عليك أيضا أن مقتضى الحديث أن المولى بدفعه المملوك بأخذ القيمة، و الجاني يأخذ المملوك فكل منهما يستحق ما على الآخر -

ص: 374

و يحتمل أن لا يجوز للمولى اخذ القيمة، ليلزم منه استحقاق الجاني للرقبة.

و أما احتمال منع الجاني عن اخذها، و عدم تملكه لها بعد اخذ الدية منه فلا وجه له، لأن الاستيلاد يمنع عن المعاوضة، أو ما في حكمها (1) لا عن (2) اخذ العوض بعد اعطاء المعوض بحكم الشرع و المسألة من اصلها موضع إشكال، لعدم لزوم الجمع بين العوض و المعوض (3) لأن الدية عوض شرعي عما فات بالجناية، لا عن رقبة العبد.

و تمام الكلام في محله.

منها: ما اذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت

(و منها) (4): ما اذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت حكاه

+++++++++++

- و لا يكون الاستحقاقان مستقلين بحيث لا يرتبط احدهما بالآخر اذ لو كان كذلك لاستحق الجاني مطالبة المملوك و إن اسقط المولى حقه: و هي قيمة الجناية، بل كل واحد من الاستحقاقين مرتبط بالآخر و متوقف عليه.

(1) أي في حكم المعاوضة كما في الهبة المجانية، أو الصدقة فان لازمهما النقل و الانتقال و هما غير جائزين.

(2) أي و لا يمنع الاستيلاد عن اخذ المولى العوض و هو قيمة الجناية بعد اعطائه للجاني المملوك، لأن ذلك بحكم الشرع كما عرفت في الحديث الوارد عن ابي جعفر عليه السلام في قضاء امير المؤمنين عليه السلام في الهامش 1 ص 374

(3) كما افيد الجمع بينهما لو اخذ المولى قيمة الجناية و امسك المملوك و لم يسلمه الى الجاني.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة. 6

ص: 375

في الروضة (1).

و كذا (2) لو أسّرها المشركون ثم استعادها المسلمون (3) فكأنه (4) فيما اذا اسرها غير مولاها (5) و لم يثبت كونها امة المولى

+++++++++++

(1) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 أليك نص قول الشارح:

(و سابع عشرها): اذا لحقت هي بدار الحرب ثم استرقت.

(2) أي و كذا تستثنى الامة المستولدة من عدم جواز بيعها لو أسرها المشركون و استعادها المسلمون في غنيمتهم.

(3) في النسخة التي بأيدينا توجد كلمة (في غنيمتهم) بعد ثم استعادها المسلمون، و كتبت الكلمة خارجة عن المتن، مدعيا الكاتب أنها موجودة في كثير من النسخ المتعددة التي صححها كثير من الأعلام و مدرسو الكتاب.

و الظاهر أن وجودها أصلح من عدمها، لاستقامة المعنى بها أكثر

(4) مرجع الضمير الاستثناء أي فكأن لاستثناء الامة المستولدة التي لحقت بدار الحرب ثم استرقت عن قاعدة عدم جواز بيعها شروطا و قيودا ثلاثة:

(الأول): كون السابي للامة غير مولاها.

(الثاني): عدم ثبوت كون الامة امة المولى إلا بعد تقسيم الغنائم التي منها الامة المسبية.

(الثالث): عدم انتقاص القسمة.

فاذا انتفى احد القيود الثلاثة بطل الاستثناء عن تلك القاعدة الكلية.

(5) هذا هو الشرط الأول. 6

ص: 376

إلا بعد القسمة (1)، و قلنا: إن القسمة لا تنقص (2)، و يغرم الامام قيمتها لمالكها.

لكن المحكي عن الأكثر و المنصوص أنها ترد على مالكها، و يغرم قيمتها للمقاتلة (3).

منها: ما اذا خرج مولاها عن الذمة و ملكت أمواله التي هي منها.

(و منها) (4): ما اذا خرج مولاها عن الذمة (5) و ملكت أمواله التي هي منها.

منها: ما اذا كان مولاها ذميا و قتل مسلما

(و منها) (6): ما اذا كان مولاها ذميا و قتل مسلما، فانه يدفع هو و أمواله (7) الى أولياء المقتول.

هذا ما ظفرت به من موارد القسم الأول: و هو ما اذا عرض لام الولد حق للغير أقوى من الاستيلاد.

و أما القسم الثاني: و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها أولى بالمراعاة من حق الاستيلاد.
اشارة

(و أما القسم الثاني): و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها أولى بالمراعاة من حق الاستيلاد.

+++++++++++

(1) هذا هو الشرط الثاني.

(2) هذا هو الشرط الثالث.

(3) بكسر التاء و هم الذين يصلحون للقتال في ساحة الحرب.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن عدم جواز بيعها.

(5) بأن حارب المسلمين، أو تجاهر بالمنكرات، أو لم يؤد الجزية.

(6) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن عدم جواز بيعها.

(7) التي من جملتها الامة المستولدة. 6

ص: 377

فمن موارده

فمن موارده (1) ما اذا اسلمت و هي امة ذمي، فانها تباع عليه بناء على أن حق اسلامها المقتضي لعدم سلطنة الكافر عليها أولى من حق الاستيلاد المعرّض للعتق

و لو فرض تكافؤ دليلهما (2) كان المرجع عمومات صحة (3) البيع دون قاعدة سلطنة الناس مسلطون على أموالهم المقتضية لعدم جواز بيعها عليه (4) لأن المفروض أن قاعدة السلطنة قد ارتفعت بحكومة أدلة نفي سلطنة الكافر على المسلم (5) فالمالك ليس مسلّطا قطعا، و لا حق له في عين الملك جزما.

إنما الكلام في تعارض حقي (6) أمّ الولد.

من (7) حيث كونها مسلمة فلا يجوز كونها مقهورة بيد الكافر.

و من (8) حيث كونها في معرض العتق فلا يجوز اخراجها عن

+++++++++++

(1) أي و من موارد القسم الثاني.

(2) أي دليل حق اسلامها، و دليل حق الاستيلاد.

(3) و قد عرفت هذه العمومات أكثر من مرة و المراد منها هنا كما يلي:

قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

(4) أي على مولاها الذمي.

(5) و هي قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

(6) و هما حق اسلامها، و حق الاستيلاد.

(7) هذا دليل لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(8) هذا دليل لتقدم حق استيلادها. 6

ص: 378

هذه العرضة.

و الظاهر أن الأول (1) أولى، للاعتبار (2)، و حكومة (3) قاعدة نفي السبيل على جل القواعد.

و لقوله (4) صلى اللّه عليه و آله: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه (5)

و مما ذكرنا (6) ظهر أنه لا وجه للتمسك باستصحاب المنع (7) قبل

+++++++++++

(1) و هو حق الاسلام.

(2) دليل لتقدم حق الاسلام.

خلاصته أن الاعتبار الذي هو شرافة الاسلام و علوّ الايمان مساعد لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها، إذ المولى الحكيم العادل لا يرضى ببخوع المسلم و خشوعه و تذلله تحت يد الكافر.

(3) هذا دليل ثان لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها أي و لحكومة قاعدة نفي السبيل المستفاد من الآية الكريمة، و الرواية الشريفة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه على كثير من القواعد الفقهية.

(4) هذا دليل ثالث لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(5) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 376. الباب 1 الحديث 11.

(6) و هو تقدم حق اسلامها علي حق استيلادها بالأدلة الثلاثة المذكورة في الهامش 2-3-4

(7) أي منع بيع الامة المستولدة قبل اسلامها.

خلاصة هذا الاستصحاب أن الامة المستولدة قبل اسلامها كانت ممنوعة من البيع، لحق استيلادها، و بعد اسلامها نشك في صحة بيعها فنجري استصحاب العدم.

ص: 379

اسلامها، لأن (1) الشك إنما هو في طرو ما هو مقدم (2) على حق الاستيلاد و الاصل عدمه (3).

مع امكان معارضة الاصل (4) بمثله لو فرض في بعض الصور تقدم الاسلام على المنع عن البيع.

و مع (5) امكان دعوى ظهور قاعدة المنع في عدم سلطنة المالك

+++++++++++

(1) تعليل لعدم وجه جريان استصحاب عدم جواز بيع الامة المستولدة و قد عرفته عند قولنا في الهامش 7 ص 379: خلاصة هذا الاستصحاب

(2) و هو اسلام الامة المستولدة.

(3) أي عدم تقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(4) أي معارضة هذا الاستصحاب باستصحاب آخر.

هذا إشكال آخر على استصحاب عدم جواز بيع الامة المستولدة

و خلاصة هذه المعارضة أن هنا استصحابا آخر: و هو استصحاب جواز بيع الامة قبل استقرار النطفة في رحمها، و قبل صيرورة النطفة علقة.

كما اذا اسلمت قبل أن تصير النطفة علقة، و قبل استقرارها في الرحم، فانها حينئذ جائزة البيع، و بعد استقرار النطفة في رحمها و صيرورتها علقة نشك في صحة بيعها فنستصحب الجواز.

فاستصحاب عدم جواز بيعها معارض بهذا الاستصحاب.

(5) هذا إشكال آخر على عدم جواز بيع الامة المستولدة بعد اسلامها.

و خلاصته أن هنا حقوقا ثلاثة:

حق المالك، و حق الاستيلاد، و حق اسلام الامة.

أما حق المالك الذمي فيذهب بواسطة حق الاستيلاد، لتقدم -

ص: 380

و تقديم حق الاستيلاد على حق الملك، فلا ينافي تقديم حق آخر لها (1) على هذا الحق (2).

منها: ما اذا عجز مولاها عن نفقتها و لو في كسبها فتباع على من ينفق عليها

(و منها) (3): ما اذا عجز مولاها عن نفقتها و لو في كسبها فتباع على من ينفق عليها على ما حكي عن اللمعة (4) و كنز العرفان و ابي العباس، و الصيمري و المحقق الثاني.

و قال في القواعد: لو عجز عن الانفاق على أمّ الولد امرت بالتكسب، فان عجزت انفق عليها من بيت المال، و لا يجب عتقها

و لو كانت الكفاية بالتزويج وجبت.

و لو تعذر الجميع ففي البيع إشكال، انتهى.

و ظاهره (5) عدم جواز البيع مهما امكن الانفاق من مال المولى أو كسبه، أو مالها، أو عوض بضعها (6)، أو وجود من يؤخذ

+++++++++++

- حق الاستيلاد على حق المالك، لظهور قاعدة منع بيعها في عدم سلطنة للمالك في الامة المستولدة في جواز بيعها.

و أما حق اسلامها فيقدم على حق الاستيلاد فيجوز بيعها حينئذ اذ لا منافاة بين تقديم حق الاستيلاد على حق المالك، و بين تقديم حق الاسلام على حق الاستيلاد.

(1) و هو حق الاسلام كما عرفت.

(2) و هو حق الاستيلاد كما عرفت.

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(4) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 257

(5) أي و ظاهر كلام العلامة في القواعد.

(6) و هو تزويج الامة المستولدة على نحو الزواج الموقت فتستفيد -

ص: 381

بنفقتها، أو بيت المال، و هو حسن.

و مع عدم ذلك كله فلا يبعد المنع عن البيع أيضا.

و فرضها (1) كالحر في وجوب سد رمقها كفاية على جميع من اطلع عليها.

و لو فرض عدم ذلك (2) أيضا، أو كون ذلك (3) ضررا عظيما عليها فلا يبعد الجواز (4)، لحكومة أدلة نفي الضرر، و لأن رفع هذا (5) عنها أولى من تحملها ذلك، رجاء أن تنعتق من نصيب ولدها مع جريان ما ذكرناه اخيرا: في الصورة السابقة (6): من احتمال

+++++++++++

- من اخذ الاجرة لمعاشها.

(1) أي و فرض هذه الامة المستولدة عند عدم وجود جميع ما ذكر كالحر عند عدم ما يسد رمقه به: في أنه يجب على جميع المسلمين كفاية الحفاظة على هذا الحر المسكين الفاقد قوت ليله و نهاره.

(2) أي عدم وجود من يسدّ رمق هذه الامة المستولدة.

(3) أي الانفاق عليها من قبل المسلمين من باب الوجوب الكفائي بمقدار سدّ رمقها.

(4) أي جواز بيع الامة المستولدة التي عجز مولاها عن الانفاق عليها.

(5) أي رفع الضرر عن الامة المستولدة ببيعها أولى من تحملها الضرر بعدم جواز بيعها برجاء بقائها حتى تعتق من نصيب ولدها.

(6) و هي ما لو اسلمت الامة المستولدة و مولاها ذمي.

و كلمة من احتمال ظهور أدلة المنع بيان لما ذكره الشيخ اخيرا:

و ما ذكره اخيرا هو قوله في ص 381: فلا ينافي تقديم حق آخر لها على هذا الحق.

ص: 382

ظهور أدلة المنع في ترجيح حق الاستيلاد على حق مالكها، لا على حقها الآخر فتدبر.

منها: بيعها على من تنعتق عليه

(و منها) (1): بيعها على من تنعتق عليه على ما حكي من الجماعة المتقدم إليهم الاشارة، لأن فيه (2) تعجيل حقها

و هو حسن لو علم أن العلة (3) حصول العتق.

فلعل الحكمة (4) انعتاق خاص.

اللهم إلا أن يستند (5) الى ما ذكرناه اخيرا: في ظهور أدلة المنع

+++++++++++

(1) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(2) أي لأن في هذا تعجيل للعتق، اذ الغاية من عدم جواز بيع الامة المستولدة هو عتقها من نصيب ولدها.

فاذا كانت هذه تحصل من طريق آخر وجب بيعها، تحصيلا للغرض

(3) أي العلة من بيع الامة المستولدة هو عتقها.

(4) أي و لعل الحكمة من عدم جواز بيع الامة المستولدة بقاؤها حتى تنعتق قهرا من نصيب ولدها.

فاذا كانت الحكمة ذلك فلا يجوز بيعها على من تنعتق عليه

و لا يخفى أن ما افاده شيخنا الانصاري قدس سره: من أن الحكمة انعتاق خاص محل تأمل، اذ من المحتمل موت الولد قبل أبيه فلا إرث حينئذ حتى تعتق من نصيب ولدها، أو طالت حياة مولاها مدة زادت على خمسين عاما، أو ماتت الامة قبل مولاها، فتبقى في هذه الحالات على رقيتها.

فالأولى التعجيل في الحصول على عتقها، تحصيلا لغرض الشارع

(5) أي يستند عدم جواز بيع الامة المستولدة الى ما ذكره -

ص: 383

أو يقال: إن هذا (1) عتق في الحقيقة.

و يلحق بذلك (2) بيعها بشرط العتق فلو لم يف المشتري احتمل وجوب استردادها كما عن الشهيد الثاني.

و يحتمل اجبار الحاكم، أو العدول المشتري على الاعتاق، اذ اعتاقها (3) عليه قهرا.

و كذلك (4) بيعها ممن اقر بحريتها.

و يشكل (5) بأنه إن علم المولى صدق المقر لم يجز له البيع، و اخذ الثمن في مقابل الحر (6).

و إن علم بكذبه لم يجز أيضا، لعدم جواز بيع أمّ الولد.

و مجرد صيرورتها حرة على المشتري في ظاهر الشرع مع كونها ملكا له (7) في الواقع، و بقائها في الواقع على صفة الرقية للمشتري

+++++++++++

- الشيخ في قوله في ص 380: و مع امكان دعوى ظهور قاعدة المنع في عدم سلطنة للمالك، و تقديم حق الاستيلاد على حق المالك.

فاذا كان مستند المنع ذلك فيقوى جانب منع بيعها حينئذ.

(1) أي بيعها على من تنعتق عليه في الواقع عتق، لا بيع.

(2) أي ببيع الامة المستولدة على من تنعتق عليه.

(3) أي هي تنعتق على من بيعت عليه بشرط العتق و لم يف المشتري بذلك.

(4) أي و و كذا يلحق بيع الامة المستولدة ممن أقر بحريتها ببيع الامة على من تنعتق عليه.

(5) أي و يشكل هذا الالحاق.

(6) اذ الحر غير قابل للبيع.

(7) أي ملكا للمشتري في الواقع.

ص: 384

لا يجوّز البيع، بل الحرية الواقعية (1) و إن تأخرت أولى من الظاهرية (2) و إن تعجلت.

منها: ما إذا مات قريبها و خلف تركة و لم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها للعتق و ترث قريبها.

(و منها) (3): ما إذا مات قريبها و خلف تركة و لم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها للعتق و ترث قريبها.

و هو مختار الجماعة السابقة، و ابن سعيد في النزهة.

و حكي عن العماني و عن المهذب اجماع الأصحاب عليه.

و بذلك (4) يمكن ترجيح أخبار الارث على قاعدة المنع (5).

+++++++++++

- هذا بناء على علم المولى بكذب المقرّ.

(1) و هي الحرية الحاصلة من نصيب ولدها بعد موت مولاها فانها متأخرة، لحصولها من نصيب ولدها بعد موت مولاها.

(2) و هي الحرية الحاصلة من اقرار المشتري فهي متقدمة، لحصولها حالا باقرار المشتري بكونها حرة.

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(4) أي و بهذا الاجماع المحكي عن العماني.

(5) أي قاعدة منع بيع الامة المستولدة.

و المراد من أخبار الارث أخبار شراء المملوك لكي يرث.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 404. الباب 20 الأحاديث. أليك نص الحديث 4.

عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يموت و له ابن مملوك؟

قال: يشترى و يعتق ثم يدفع إليه ما بقي.

ص: 385

مضافا (1) الى ظهورها في رفع سلطنة المالك.

و المفروض هنا (2) عدم كون البيع باختياره، بل تباع عليه لو امتنع.

موارد القسم الثالث أي تعلق حق سابق على الاستيلاد
اشارة

و أما (القسم الثالث) (3): و هو ما يكون الجواز لحق سابق على الاستيلاد

فمن مواردها ما اذا كان علوقها بعد الرهن.

فمن مواردها ما اذا كان علوقها بعد الرهن.

فان المحكي عن الشيخ و الحلي و ابن زهرة، و المختلف و التذكرة و اللمعة و المسالك و المحقق الثاني و السيوري و أبي العباس و الصيمري جواز بيعها حينئذ (4).

و لعله لعدم الدليل على بطلان حكم الرهن السابق بالاستيلاد اللاحق بعد تعارض أدلة حكم الرهن، و أدلة المنع عن بيع أم الولد في دين غير ثمنها (5).

+++++++++++

(1) أي و لنا دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة اذا مات قريبها بالإضافة الى دليل ترجيح أخبار الارث على أدلة قاعدة منع بيع الأمة المستولدة: و هو ظهور أدلة المنع في رفع سلطنة المالك عن الأمة، و تقديم حق الاستيلاد على حق المالك كما عرفت عند قول الشيخ في ص 380: و مع امكان دعوى ظهور قاعدة المنع.

(2) أي في باب بيع الامة المستولدة اذا مات قريبها، و لم يكن له وارث سواها.

(3) أي من المواضع القابلة لاستثناء بيع أم الولد التي أفادها الشيخ بقوله في ص 309: و أما المواضع القابلة للاستثناء.

(4) أي حين أن كان علوقها بعد الرهن.

(5) و بعد ترجيح أدلة حق الرهن على أدلة منع بيع أم الولد.

ص: 386

خلافا للمحكي عن الشرائع و التحرير فالمنع مطلقا (1).

و عن الشهيد في بعض تحقيقاته الفرق بين وقوع الوطء باذن المرتهن (2)، و وقوعه بدونه (3).

و عن الارشاد و القواعد التردد.

و تمام الكلام في باب الرهن.

منها: ما إذا كان علوقها بعد افلاس المولى، و الحجر عليه

(و منها) (4): ما إذا كان علوقها بعد افلاس المولى، و الحجر عليه، و كانت (5) فاضلة عن المستثنيات في اداء الدين فتباع حينئذ كما في القواعد و اللمعة و جامع المقاصد.

و عن المهذب و كنز العرفان، و غاية المرام، لما ذكر: من (6) سبق تعلق حق الديان بها، و لا دليل على بطلانه بالاستيلاد و هو حسن مع وجود الدليل على تعلق حق الغرماء بالأعيان (7).

+++++++++++

(1) أي سواء أ كان الرهن قبل الاستيلاد أم بعده.

(2) فلا يجوز بيع الامة المستولدة حينئذ.

(3) فيجوز بيع الامة المستولدة حينئذ.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(5) أي و كانت الامة المستولدة زائدة على مستثنيات المفلّس كالدار، و الثياب، و المركوب.

(6) كلمة من بيان لما ذكر أي ما ذكر عبارة عن سبق تعلق حق الديان على حق الاستيلاد.

(7) التي منها الامة المستولدة التي كان علوقها بعد إفلاس المولى فيجوز حينئذ بيعها.

ص: 387

أما لو لم يثبت إلا الحجر على المفلس (1) في التصرف، و وجوب بيع الحاكم أمواله في الدين فلا (2) يؤثر في دعوى اختصاصها بما هو قابل للبيع في نفسه، فتأمل (3) و تمام الكلام في باب الحجر إن شاء اللّه

منها: ما إذا كان علوقها بعد جنايتها

(و منها) (4): ما إذا كان علوقها بعد جنايتها، و هذا في الجناية التي لا تجوّز البيع لو كانت لاحقة، بل تلزم المولى بالفداء (5).

+++++++++++

(1) أي من دون تعلق حق الغرماء بالأعيان التي منها الامة المستولدة

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أنه إذا لم يثبت سوى الحجر على أموال المفلّس، دون تعلق حق للغرماء على أعيان ماله، أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا يؤثر الحجر فقط في دعوى اختصاص أموال المفلّس بمال له قابلية البيع في حد نفسه.

فمثل الامة خارجة عن أموال المفلّس فلا يجوز بيعها، لعدم قابليتها للبيع، لتعلق حق الديان بها رأسا.

(3) اشارة إلى أن احراز القابلية في المال المبيع مما لا بد منه، لحكم العقل بالقابلية فلا مجال لنفيه.

و من الواضح أن الأمة المستولدة التي كان علوقها بعد إفلاس مولاها ليست لها القابلية للبيع فلا يجوز بيعها.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(5) كما لو جنت على غير مولاها خطأ، فانه حينئذ يتعين الفداء على سيدها، بناء على رأي الشيخ في المبسوط و العلامة في المختلف في قبال قول المشهور: من أن المولى مخير بين الفداء، و بين دفعها إلى الجاني كما عرفت في ص 362 عند قوله: و إن كانت الجناية خطأ فالمشهور أنها.

ص: 388

و أما لو قلنا بأن الجناية اللاحقة أيضا ترفع المنع (1) لم يكن فائدة في فرض تقديمها.

منها: ما اذا كان علوقها في زمان خيار بائعها

(و منها) (2): ما اذا كان علوقها في زمان خيار بائعها، فان المحكي عن الحلي جواز استردادها (3) مع كونها ملكا (4) للمشتري

و لعله (5) لاقتضاء الخيار ذلك فلا يبطله الاستيلاد.

خلافا للعلامة و ولده، و المحقق و الشهيد الثانيين، و غيرهم فحكموا بأنه اذا فسخ (6) رجع بقيمة أم الولد.

و لعله (7) لصيرورتها منزلة التالف

و الفسخ بنفسه لا يقتضي إلا جعل العقد من زمان الفسخ كأن لم يكن.

و أما وجوب رد العين فهو من أحكامه (8) لو لم يمنع عقلا

+++++++++++

(1) أي المنع عن بيع الامة المستولدة.

(2) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(3) أي يجوز للبائع استرداد الامة المستولدة من قبل المشتري في زمن خيار البائع.

(4) أي ملكا متزلزلا

(5) أي و لعل جواز الاسترداد لاجل اقتضاء الخيار له

(6) أي البائع.

(7) أي و لعل رجوع البائع على المشتري بقيمة أم الولد اذا رجع عن بيعه لاجل أن الامة بالاستيلاد أصبحت بمنزلة التالف.

(8) أي من أحكام الفسخ اذا لم يكن هناك مانع عقلي كتلف المبيع أو مانع شرعي كالاستيلاد.

ص: 389

أو شرعا، و المانع الشرعي كالعقلي.

نعم (1) لو قيل: إن الممنوع انما هو نقل المالك (2) أو النقل من قبله لديونه.

أما الانتقال عنه (3) بسبب يقتضيه الدليل خارج (4) عن اختياره فلم يثبت فلا مانع شرعا من استرداد عينها.

و الحاصل أن منع الاستيلاد عن استرداد بائعها لها يحتاج الى دليل مفقود (5).

اللهم (6) إلا أن يدعى أن الاستيلاد حق لام الولد مانع عن انتقالها

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من أن وجوب ردّ العين من أحكام الفسخ.

و خلاصته: أن الذي يمنع رد العين هو النقل الاختياري من قبل المالك الذي هو المشتري، أو نقل العين من قبله الى الآخر بالبيع لاداء ديونه.

و أما الانتقال من قبله بالاجبار و هو فسخ البائع فلا يوجد مانع شرعي هنا

(2) المراد من المالك هنا هو مشتري الامة من البائع الذي جعل الخيار لنفسه كما عرفت.

(3) أي عن المشتري كما عرفت.

(4) بالجر صفة لكلمة بسبب الذي هو خيار البائع.

(5) أي هذا الدليل مفقود في المقام.

(6) استدراك عما افاده: من أن الانتقال القهري الحاصل بسبب فسخ البائع لا يكون مانعا عن استرداد العين شرعا و قد ذكر الشيخ الاستدراك في المتن فلا نعيده.

ص: 390

عن ملك المولى (1) لحقه، أو لحق غيره (2).

إلا أن يكون للغير حق أقوى (3) أو سابق يقتضي انتقالها و المفروض أن حق الخيار لا يقتضي انتقالها بقول مطلق، بل يقتضي انتقالها مع الامكان شرعا و المفروض أن تعلق حق أم الولد مانع شرعا كالعتق و البيع على القول بصحتهما في زمان الخيار، فتأمل (4).

منها: ما اذا كان علوقها بعد اشتراط اداء مال الضمان منها

(و منها) (5): ما اذا كان علوقها بعد اشتراط اداء مال الضمان (6) منها، بناء (7) على ما استظهر الاتفاق عليه من جواز

+++++++++++

(1) و هو المشتري.

(2) كما اذا كان المشتري مدينا في ثمن رقبة الامة.

(3) أي حق الغير أقوى من حق الاستيلاد.

(4) لعل الامر بالتأمل اشارة الى ضعف الاستدراك المذكور بقوله:

في ص 390 اللّهمّ إلا أن يدّعى، و يقال: إن الممنوع من الاستيراد العين بحسب أدلة المنع هو النقل الاختياري.

و أما الانتقال القهري الجبري الحاصل بفسخ البائع فخارج عن نطاق تلك الأدلة كما عرفت في قوله في ص 390: أما الانتقال عنه بسبب يقتضيه الدليل خارج عن اختياره فلا مانع شرعا من استردادها.

(5) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(6) كما لو ضمن شخص آخر و جعل اداء مال الضمان بشخص الامة ثم استولدها المالك الضامن.

(7) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل للجواز أي جواز بيع الامة المستولدة اذا كان استيلادها بعد اشتراط اداء مال الضمان منها مبني على القول بجواز اشتراط اداء مال الضمان بمال معين -

ص: 391

اشتراط الاداء من مال معين فيتعلق به حق المضمون له، و حيث فرض سابقا (1) على الاستيلاد فلا يزاحم به على قول محكي في الروضة (2).

منها: ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها صدقة إذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطء ثم حصل بعد

(و منها) (3): ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها (4) صدقة إذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطء ثم حصل بعد بناء على ما ذكروه: من خروج المنذور كونها صدقة عن ملك الناذر بمجرد النذر في المطلق بعد حصول الشرط في المعلق كما حكاه صاحب المدارك عنهم في باب الزكاة.

و يحتمل كون استيلادها كاتلافها فيحصل الحنث و تستقر القيمة جمعا بين حقي أم الولد، و المنذور له.

و لو نذر التصدق بها.

فان كان مطلقا قلنا بخروجها عن الملك بمجرد ذلك كما حكي عن بعض فلا حكم للعلوق.

و إن قلنا بعدم خروجها عن ملكه احتمل تقديم حق المنذور له في العين

+++++++++++

- يتعلق الاداء بعين الامة المستولدة.

(1) أي حيث فرضنا أن حق اداء مال الضمان من الامة المستولدة سابق على حق الاستيلاد فلا يزاحم حق الاستيلاد حق الضمان.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 عند قول الشارح: (و تاسع عشرها).

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيع الامة المستولدة.

(4) أي جعل الامة المستولدة.

ص: 392

و تقديم (1) حق الاستيلاد، و الجمع (2) بينهما بالقيمة.

و لو كان (3) معلقا فوطأها قبل حصول الشرط صارت أم ولد فاذا حصل الشرط وجب التصدق بها، لتقدم سببه (4).

و يحتمل انحلال النذر، لصيرورة التصدق مرجوحا بالاستيلاد، مع (5) الرجوع الى القيمة، أو بدونه (6).

و تمام الكلام يحتاج الى بسط تمام لا يسعه الوقت.

منها: ما إذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثم فسخت كتابته

(و منها) (7): ما إذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثم فسخت كتابته فللمولى أن يبيعها على ما حكاه في الروضة (8) عن بعض الأصحاب، بناء (9) على أن مستولدنه أم ولد بالفعل غير معلق على عتقه فلا يجوز له بيع ولدها.

+++++++++++

(1) أي و احتمل تقديم حق الاستيلاد علي حق المنذور له.

(2) أي و احتمل الجمع بين الحقين بدفع قيمة الامة المستولدة صدقة في سبيل اللّه عز و جل.

(3) أي و لو كان النذر بالتصدق بالامة المستولدة التي كان استيلادها بعد النذر بالتصدق معلقا على شرط ثم وطأها الناذر قبل حصول الشرط

(4) أي سبب التصدق.

(5) أي مع احتمال الرجوع الى القيمة حينئذ.

(6) أي و مع عدم احتمال الرجوع الى القيمة.

(7) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(8) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 عند قول الشارح: (و ثامن عشرها).

و جواز بيعها لاجل رجوعها الى الرقية بعد فسخ المكاتب الكتابة.

(9) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لاستثناء الامة المستولدة -

ص: 393

القسم الرابع: فهو ما كان ابقاؤها في ملك المولى غير معرّض لها للعتق

(و أما القسم الرابع) (1): فهو ما كان ابقاؤها في ملك المولى غير معرّض لها للعتق، لعدم توريث الولد من أبيه لاحد موانع الارث أو لعدم ثبوت النسب من طرف الام، أو الأب واقعا، لفجور أو ظاهرا باعتراف.

ثم إنا لم نذكر في كل مورد من موارد الاستثناء إلا قليلا من كثير ما يتحمله من الكلام، فيطلب تفصيل كل واحد من مقامه.

+++++++++++

- عن قاعدة عدم جواز بيعها.

و خلاصة التعليل أن الاستثناء المذكور مبني على كون الامة المستولدة أم ولد بالفعل، لتملك العبد المكاتب اياها.

إما بالشراء من ماله الذي اكتسبه، أو بهبتها له.

فلو لم تكن أم ولد بالفعل لخرجت عن موضوع البحث.

فلا تحتاج في خروجها عن القاعدة المذكورة الى الاستثناء.

ففعلية الامومة غير متوقفة على عتق العبد المكاتب باداء مال الكتابة كما افادها الشيخ بقوله في ص 393: غير معلق على عتقه.

فيجري حينئذ على ولدها حكم الحرية فلا يجوز للمولى بيعه، لعدم توقف حرية الولد على حرية الأب باداء مال الكتابة.

كما أن امومة الامة غير متوقفة على حرية الأب و الولد.

و الى هذين التوقفين ذهب العلامة قدس سره في أحد قوليه.

و مرجع الضمير في مستولدته العبد المكاتب.

كما هو المرجع في عتقه.

و مرجع الضمير في فلا يجوز له مولى العبد المكاتب.

(1) أي من المواضع القابلة لاستثناء بيع أم الولد التي افادها الشيخ بقوله في ص 309: و أما المواضع القابلة للاستثناء.

ص: 394

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأماكن و البقاع

7 - الكتب

8 - الخاتمة

9 - الخطأ و الصواب

ص: 395

1 - فهرس البحاث

ص الموضوع

6 الاهداء

9 اشتراط الاسلام في من يشتري العبد المسلم

11 ما اورده الشيخ على الأدلة المذكورة

13 توضيح الاندفاع

15 تفسير الآية الكريمة

17 الخدشة الثالثة

19 تفسير السبيل بما لا يشمل الملكية

21 في تمليك منافع المسلم من الكافر

23 لا فرق في الاجير بين كونه حرا أو عبدا

25 في ارتهان العبد المسلم عند الكافر

27 الكلام في الاسلام و الايمان

29 الحديث الوارد في التخريج

31 في المواضع المستثناة

33 في اشتراط البائع عتق العبد المسلم

35 في المعاني المحتملة لكلمة السبيل

37 في اندفاع ما يقال

39 هل يلحق كل ملك قهري بالارث أو لا؟

41 في عدم الخيار للمالك الكافر اذا باع العبد المسلم

ص الموضوع 43 مخالفة المحقق الكركي

45 في الرد على ما افاده المحقق الكركي

49 عدم خيار للكافر

51 في الرد على صاحب جامع المقاصد

53 في اثبات الخيار للكافر

55 في الحاق الأحاديث النبوية بالمصحف

58 القول في شرائط العوضين

59 في عدم مالية الشيء القليل

63 في إباحة التصرف في الأراضي الموات

65 في الأحاديث الواردة في الأراضي الموات.

67 الأحاديث الواردة في أقسام الأرضين

69 في تملك الأراضي الميتة و عدمها

71 منشأ اختلاف القولين اختلاف الأخبار

73 الأحاديث الواردة في الأراضي المفتوحة عنوة

77 ما افاده شيخ الطائفة في الأراضي المفتوحة عنوة

79 ما افاده شيخنا الانصاري في

ص: 396

أقسام الأرضين

81 في بيان الوجه الذي به يجوز التصرف في الأراضي المفتوحة

83 الأقوال في الأراضي المفتوحة عنوة

85 فيما ينفصل عن الأراضي المفتوحة عنوة

87 اشتراط الملكية المطلقة في الأرضين

89 في الحقوق المانعة عن التصرف في الملك

93 في تعلق حق الشفعة في المال

95 في أن الغنيمة مانعة عن التصرف في المال

97 البحث في الوقف

99 في الوصف الوارد في الحديث

101 في الجواب عن الدليل الثالث

103 في الامور الثلاثة المانعة عن بيع الوقف

105 بيع الوقف مناف لبقاء الوقف حتى يباع

107 في تضاد بيع الوقف مع بقائه على الوقف

109 في الاشكال على ما افاده صاحب الجواهر

111 اشارة اجمالية حول تحرير محل النزاع

113 في أقسام الوقف

115 أقوال الفقهاء في خروج الوقف عن عموم منع بيعه

119 في توجيه كلام من قال ببيع الوقف المنقطع

121 في نقل عبائر الفقهاء في الوقف

135 الكلام في الوقف المؤبد و المنقطع

137 ما ذكره كاشف الغطاء في بيع الوقف

143 الكلام في الآلات و الفرش و الثياب الموقوفة

145 في الاشكال على ما افاده كاشف الغطاء

147 الرواية الواردة في ثوب الكعبة

149 الفرق بين ثوب الكعبة و حصير المسجد

151 الكلام في مورد الشك

153 الفرق بين ارض المسجد و بين أجزاء البنيان

ص: 397

155 في أجزاء بنيان المسجد

159 في الحاق المشاهد المشرفة بالمسجد

161 في صور جواز بيع الوقف

163 جواز بيع الوقف لا ينافي قصد الواقف

165 في الفرض الثاني من الوقف الذي آل الى الخراب

167 عدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالموجودين

169 دعوى عدم تحقق الملك الشأني

171 مختار المحقق في ثمن الوقف المبيع

173 في أولوية اشتراك البطون في الثمن

175 في الفرق بين حق الرهن و الاختصاص

177 عدم احتياج بدل الوقف الى الصيغة

179 في كيفية صرف ثمن بيع الوقف

181 ما افاده العلامة حول ثمن بيع الوقف

183 الكلام فيمن يتولى بيع الوقف اذا آل الى الخراب

185 عدم الفرق في عروض الخراب على كل الوقف أو بعضه

187 الصورة الثانية من صور الوقف

189 المراد من النفع المنفي في قول الفقهاء

191 تحقيق حول ما افاده صاحب الجواهر

193 اعتراض الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

195 دفع احتمال من صاحب الجواهر

203 الصورة الثالثة من صور جواز بيع الوقف

205 عدم جواز البيع في الصورة الثالثة

207 الصورة الرابعة من صور جواز بيع الوقف

209 الكلام في رواية علي بن رئاب و الحميري

211 تأييد من الشيخ لجواز بيع الوقف اذا كان البيع أنفع

213 المراد من قول الامام عليه السلام في الرواية

215 عدم تعلق حق للبطون اللاحقة في ثمن الوقف المبيع

ص: 398

217 دلالة رواية جعفر بن حنان على جواز بيع الوقف

219 بين الحاجة و الضرورة، و بين مطلق الفقير عموم من وجه

221 الأقوال في الصورة السادسة من صور جواز بيع الوقف

223 ما افاده المحقق الكركي في الصورة السادسة

225 جواز بيع الوقف لا يكون منافيا لمقتضى الوقف

227 في الحديث الوارد عن الكافي في الوقف

229 كلام حول الاستشهاد بالحديث المروي عن الكافي

231 في صورة اداء الوقف الى الخراب

233 الصورة التاسعة و العاشرة من صور جواز بيع الوقف

235 الغرض من عدم جواز بيع الوقف

237 وجوب تأخير بيع الوقف الى آخر أزمنة الامكان

239 في الاعتراض على ما في التنقيح و المختلف و التذكرة

241 في الاشكال على ما افاده العلامة في المختلف و التذكرة

243 في المكاتبة الواردة عن علي بن مهزيار

245 الاشكال على الاستدلال بمكاتبة علي بن مهزيار

247 إشكال ثان و ثالث على المكاتبة

249 إشكال على الاستدلال بالمكاتبة للصورة الثامنة

251 تقريب الاستدلال بالمكاتبة في الصورة التاسعة و العاشرة

253 إشكال رابع على الاستدلال بالمكاتبة

255 مستند جواز بيع الوقف هي المكاتبة المذكورة

257 عدم كون المكاتبة معنيا بها عند المشهور

259 في الاعتراض على ما في التنقيح و المختلف و التذكرة

261 الغرض من عدم جواز بيع الوقف

ص: 399

263 في صور اداء الوقف الى الخراب

265 بين الحاجة و الضرورة و بين مطلق الفقير عموم من وجه

267 المراد من قول الامام عليه السلام في الرواية

269 الصورة التاسعة و العاشرة من صور جواز بيع الوقف

271 في الحديث الوارد عن الكافي في الوقف

273 عدم جواز بيع الوقف المنقطع إذا جهلت مدة الاستحقاق

275 جواز بيع الوقف عند انتقاله إلى الواقف

277 التأمل فيما حكي عن التنقيح

379 فيما أورد على القاضي في جوازه بيع الوقف المنقطع

281 في حكم بيع بعض البطون الوقف مع وجود من بعدهم

183 من موارد جواز بيع الامة المستولدة

287 ما افاده السيد المجاهد في جواز نقل الامة المستولدة بغير البيع

289 اختصاص منع بيع أم الولد بصورة بقاء ولدها

291 الأقوال في ولد ولد الامة إذا مات ابوه

293 دلالة الصحيحة على تحقق الولد بمجرد وجود الحمل

295 اتفاق الفقهاء على صدق الحمل بالمضغة

297 تحقق الولد بالعلقة

299 التأمل في دعوى الحمل بمجرد استقرار النطفة في الرحم

301 ذكر الفقهاء صور القاء النطفة بيان لانقضاء العدة

303 عدم اعتبار الوطء في تحقق العلوق

305 في أن العلة غير مطردة و لا منعكسة

307 في التمسك بالقاعدة المذكورة

309 في المواضع القابلة للاستثناء

311 في بيع الامة المستولدة بعد وفاة مولاها

313 في الحديث الوارد عن الامام الكاظم عليه السلام

ص: 400

315 توهم عدم جواز بيع الامة المستولدة في حياة مولاها

317 وضوح اندفاع التوهم بكلا وجهيه

319 في منع عموم القاعدة الكلية

320 وجه التوهم

321 في الاندفاع عن اصل المعارضة

323 هل يعتبر وجود مال للمولى يفي به دينه أو لا؟

325 حاصل السؤال و الجواب

327 هل يشترط في جواز بيع الامة مطالبة الدائن أو لا؟

329 في دوران الأمر بين الامة على من تنعتق عليه و بين غيره

331 توجيه من المحقق التستري في عدم جواز بيع الامة المستولدة

333 الكلام في بيع الامة في غير دين ثمن رقبتها

335 ما افاده الشهيدان في اللمعة

337 انتصار المحقق التستري لشيخ الطائفة

343 الدفاع عن الاشكال الأول

347 الدفاع عن الاشكال الثاني

349 الدفاع عن الاشكال الرابع

351 في الاشكال على ما افاده بعض الأعلام

353 من موارد استثناء بيع أمّ الولد

355 بيع الامة المستولدة للكفن أولى

357 مقتضى الجمع بين الدليلين جواز بيع الامة في ثمن دينها

359 من موارد استثناء بيع الامة المستولدة

361 في توجيه كلام صاحب الجواهر

363 جناية الامة المستولدة تتعلق برقبتها

365 في حمل رواية مسمع

367 عدم معارضة الاطلاقات المذكورة لما ورد

369 ما قيل في توجيه الاسترقاق

371 رد الشيخ على ما افاده صاحب المقابيس

373 من موارد استثناء بيع أمّ الولد

379 أولوية حق الاسلام على حق الاستيلاد

ص: 401

2 - فهرس التعليقات

14 الخدشة في الاستدلال بالآية الكريمة

15 في الرد على المقالة الفاسدة بنص الحديث

17 الخدشة الثالثة

17 و هم و الجواب عنه

19 و هم و الجواب عنه

20 مثال للاستصحاب

22 في الحديثين الواردين عن الامام امير المؤمنين و الصديقة فاطمة سلام اللّه عليهما

23 للامر بالتأمل احتمالان

27 و هم و الجواب عنه

28 الحديث الخامس

32 وجه الامر بالتأمل

33 خلاصة وجه النظر

34 الاحتمال الأول لمعنى السبيل

35 الاحتمال الثاني و الثالث لمعنى السبيل

37 موجبات الارث و أسبابه

42 تعليل و خلاصته

42 تعليل و خلاصته

43 تعليل و خلاصته

47 خلاصة وجه النظر

48 و هم و الجواب عنه

49 خلاصة إنكار الشيخ

49 لا يقال

50 فانه يقال

50 للامر بالتأمل احتمالان

51 استدراك و خلاصته

52 الامر الأول و خلاصته

52 خلاصة إشكال المحقق

63 في الحديث الأول

70 الشروط الخمسة في باب الاحياء

71 في حديث معاوية بن وهب و صحيحة الكابلي و الحديث الثالث

73 في النصوص المستفيضة

80 الحديث الثاني عشر في الأنفال

82 تأييد و خلاصته

84 تعليل و خلاصته

85 تعليل و خلاصته

90 في الحقوق الاربعة عشرة

93 الأقوال الخمسة في الفرض

96 الحقوق الاربعة الباقية

ص: 402

99 في الأدلة القائمة على عدم جواز بيع الوقف

101 الجواب عن الدليل الثالث

103 الحقوق الثلاثة المانعة عن بيع الوقف

105 لا يقال فانه يقال

106 رد الشيخ على مقالة صاحب الجواهر

108 الاشكال على ما افاده صاحب الجواهر

111 اشارة اجمالية حول تحرير محل النزاع

113 في أقسام الوقف

122 خذ لذلك مثالا

123 في صورة جواز بيع الوقف

137 خلاصة ما افاده بعض الأساطين

138 خلاصة ما افاده كاشف الغطاء

139 تحقيق حول السجلات و الطابو

144 الاحتمالات الاربعة في الوقف

146 أصالة الاباحة معارضة باستصحاب آخر

149 دفع سؤال مقدر و الجواب عنه

150 المراد من الحصير الوقفي و الثوب الوقفي

152 الأقسام المتصورة في الحصر الموضوعة في المسجد

153 اختلاف الفقهاء في بيع جذع النخل الوقفي

153 وجه التأمل

155 وجه النظر

156 اشارة اجمالية إلى فروع أربعة على جواز بيع الوقف، و عدمه

160 و هم و الجواب عنه

161 في رد الاجماع المدعى

163 خلاصة ما افاده القائل ببطلان الوقف عند جواز بيعه

163 وجه ضعف القول المذكور

164 اندفاع ما قيل في جريان الاستصحاب

164 دليل آخر بالإضافة الى الاندفاع المذكور

165 وجه المنافاة - و المثل السائر

166 استدراك و خلاصته

166 وجه الامر بالتأمل

168 و هم و الجواب عنه

ص: 403

169 تفريع و خلاصته و ذكر قياس اقتراني

172 تعليل و خلاصته

172 إشكال و خلاصته

173 رد شيخنا الانصاري على المحقق الحلي

174 تملك البطون اللاحقة و الموجودة لثمن العين الموقوفة المبيعة

174 الفرق بين ثمن العين الموقوفة المبيعة و بين دية العبد الموقوف

175 تعليل و خلاصته

176 تقسيم بدل العين الموقوفة المبيعة إلى قسمين

180 تعليل لاعطاء الثمن إلى الموقوف عليه

181 الجملة و التعليل من متممات القول بالحكم المذكور

182 مناقشة الشيخ مع العلامة

184 توضيح جملة

186 الفروع التي يأتي فيها الوجهان

188 تعليل و خلاصته

191 إشكال شيخنا الانصاري على ما افاده صاحب الجواهر

192 إشكالات أخرى من الشيخ على صاحب الجواهر

192 تعليل و خلاصته

193 تنظير و خلاصته

194 احتمال و خلاصته

195 خلاصة الدفع

196 فرض و خلاصته

197 ذكر الوجهين في عود الوقف إلى الواقف أو إلى الموقوف عليهم

198 اعتراض منا على مصححي الجواهر في الجزء 22 ص 559

199 ذكر العموم و الخصوص من وجه

200 في الرد على القيل و خلاصته

201 تفريع على ما افاده في رد القيل

201 دوران الأحكام الجعلية مدار العنوان

202 رد من الشيخ و خلاصته

204 النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظي

204 ما افاده المحقق التستري

205 إشكال من الشيخ على القيل

ص: 404

207 أدلة أربعة على عدم جواز بيع الوقف في الصورة الرابعة

210 المراد من مفهوم رواية جعفر

210 خلاصة هذا الكلام

211 جواب الامام عليه السلام عن كتاب علي بن مهزيار

212 المراد من صدر الرواية

216 خلاصة التفريع

217 خلاصة الرد

218 عموم و خصوص من وجه

219 الاشكال على الاستدلال برواية جعفر بن حنان

222 تعليل و خلاصته

223 تعليل و خلاصته

223 تعليل و خلاصته

224 ما أورده شيخنا الانصاري على المحقق الكركي

225 و لعل المنافاة لاطلاقه

226 تفريع و خلاصته

227 تحقيق حول ينبع

227 تحقيق حول كلمة (شروى)

228 احتمالان لمرجع الضمير

229 في الحديث جملتان يشهد بهما

230 وجه الأشكلية

232 في العبارات المنقولة عن الفقهاء

233 الصورة التاسعة على قسمين

234 غرض الشيخ

235 حاصل هذا الكلام

238 خلاصة وجه النظر

239 تنظير و خلاصته

241 دفع و الجواب عنه

245 تفريع و خلاصته

245 إشكال و خلاصته

247 الاشكال الثاني و الثالث و خلاصتهما

248 تعليل و تنظير

250 المراد من الاستصحاب

251 حمل التعليل - و كيفية الاستدلال بالمكاتبة

252 خلاصة الاستدلال - و الاشكال عليه

253 إشكال آخر على الاستدلال بالمكاتبة و خلاصته

254 خلاصة ما قيل

255 نظرية الشيخ حول مكاتبة

ص: 405

علي بن مهزيار

256 تعليل و خلاصته

257 تعليل و خلاصته

258 عموم و خصوص من وجه

259 تعليل و خلاصته

260 و هم و الجواب عنه

263 خلاصة ما افاده الشيخ

264 الامر الأول - استثناء و خلاصته

266 حاصل معنى العبارة

267 استثناء و خلاصته

268 في صور المحتملات

269 تعليل و خلاصته

273 وجه الاشكال

275 و هم و الجواب عنه

277 وجه التأمل

278 استدراك - وجه الامر بالتأمل

284 تفريع و خلاصته

286 نص عبارة صاحب المناهل

289 المراد من الاصل

290 تعليل و خلاصته

291 قول ثالث و خلاصته

292 وجوه ثلاثة

293 اعتراض شيخنا الايرواني

294 وجه النظر من جهتين

295 اعتراض على الشيخ في نقله الحديث عن الامام السجاد عليه السلام

298 نص عبارة (الفقه على المذاهب الاربعة)

299 المراد من الأخبار

301 تفريع - عبارة القواعد

302 ذكر صور الالقاء في موضعين

304 رد شيخنا الانصاري على ما افاده شيخ الطائفة

305 في أن العلة المذكورة غير جامعة للأفراد و لا مانعة للأغيار أي أنها مخدوشة طردا و عكسا

306 دليل آخر على اعتبار الحمل

307 الفاء تفريع

308 لا يصغى إلى التمسك بأصالة صحة البيع

311 تعليل لعدم المنافاة

312 خلاصة هذا الكلام

314 وجه القوة

315 خلاصة هذا التوهم

ص: 406

316 الوجه الأول - الوجه الثاني

317 رد الشيخ على الوجهين

318 بين الصحيحة و رواية محمد بن مارد عموم و خصوص من وجه

319 خلاصة هذا الكلام

320 وجه التوهم

321 المراد من الاصالة - و معارضة الاستصحاب

321 تعليل لعدم معارضة الاستصحاب

323 دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة

324 وجه الأقوائية

326 أقسام ثلاثة

328 الفاء تفريع

329 شرح موجز في السراية عن المسالك

331 الدليل الأول و خلاصته

332 الدليل الثاني و الثالث و خلاصتهما

333 المراد من الأصالة

334 إطلاق المنطوق و المفهوم

335 نص عبارة الشهيدين في اللمعة

336 ما افاده الشهيد الثاني

337 ما ذكره صاحب المقابيس من الاشكالات على الشهيد الثاني

338 خلاصة الاشكال الثاني و الثالث

340 خلاصة الاشكال الرابع

341 المحذور الآخر - و توضيح عبارة الشيخ

343 في هدم ما افاده المحقق التستري

345 تفريع و نتيجة

348 خلاصة الجواب

349 خلاصة القاعدة الكلية

351 ظهور الاشكال

353 نص الحديث

354 خلاصة الرد

355 خلاصة الكلام

357 اللازم و خلاصته

358 المراد من الأصالة

360 خلاصة ما أفاده الشيخ

361 الحديث 1-2

363 الأقوال في مسألة جناية الامة المستولدة

364 نسبة الاشتباه إلى شيخ الطائفة و توجيه النسبة

366 المراد من الاطلاقات

368 مصادرة و بيانها

ص: 407

369 خلاصة قول المحقق التستري

370 خلاصة قول المحقق التستري

370 تشبيه و خلاصته

371 رد الشيخ على ما افاده صاحب المقابيس

373 نص عبارة الشيخ في التهذيب

374 نص الحديث

376 القيود الثلاثة لاستثناء أمّ الولد

ص: 408

3 - (فهرس الآيات الشريفة)

- أ -

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 60/42/17

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 60/42/17

إن الأرض للّه يرثها من يشاء 64

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 60/42/17

- ث -

ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ 295

- ف -

فَلاٰ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى اَلْكُفّٰارِ 29

فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ 320

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ 111

- و -

و أولات الأحمال أجلهن 298

و لما يدخل الايمان في قلوبكم 27

و لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين 42/35/33/26/16/14/10

و من يعظم شعائر اللّه فإنها من تقوى القلوب 111

ص: 409

4 - (فهرس الأحاديث الشريفة)

- أ -

اذا كان الوقف على قوم 209

اذهبوا فبيعوه من المسلمين 40/12

الاسلام يعلو و لا يعلى عليه 10

أعلم فلانا أني آمره 243/211

أعلمه أن رأيي له إن كان 244

أنا و أهل بيتي الذين أورثنا اللّه 64

الأنفال ما لم يوجف بخيل 63

إنما أرض الخراج للمسلمين 75

إن الناس مسلطون على أموالهم 320/312/287/60/19/17

أيّ قوم أحيوا شيئا من الأرض 84

أيّما رجل أتى خربة بائرة 71

الايمان ما استقر في القلب 28

- ت -

تباع و تورث 309/308

- ج -

جائر للذي أوصى له بذلك 208

- خ -

خذ بيدها و قل 288/282

- ص -

قال: الصدقة: 72

صدقة لا تباع و لا توهب فاسدا: 100

100

- ف -

فلم أحللنا إذا لشيعتنا 63

- ك -

كذبوا عليهم غضب اللّه 16

كل شيء وضعته يستبين 296

كل شيء يكون لهم فيه الصلاح 60

كل ما كان في أيدي شيعتنا 65

- ل -

لا عتق إلا في ملك 30

لا و اللّه ما يحل 29

لا: و لا نعمة إن اللّه عز و جل يقول 29

لا يجوز شراء الوقف 189/162/97 242/207/19

- م -

المؤمنون عند شروطهم 287/225

من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له 65

من سبق الى ما لم يسبقه إليه مسلم 86/69

موتان الأرض للّه و لرسوله 63

- ن -

نعم من ثمن رقبتها 313

ص: 410

- و -

الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها 242/180/162/104/97

و كل ما كان في أيدي شيعتنا 82/80

و من يبيع ذلك و هي أرض المسلمين 73

- ه -

هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب 98

هو لجميع المسلمين، لمن هو اليوم 74

هي امتد إن شاء باع ما لم يحدث 293-306

هي له و لعقبه من بعده كما شرط 274

- ي -

يبيع ما أراد و يهب ما لم يرد 147

يرد عليها مهر مثلها 294

يشاطرهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال 75

يشترى و يعتق ثم يدفع إليه ما بقى 385

ص: 411

5 - (فهرس الأعلام)

أ

آل أبي طالب 228

ابان بن عثمان 67

ابن الجنيد 125

ابن الحجاج 296

ابن حمزة 304

ابن سعيد: 385

ابن شريح 76/75

ابن محبوب 208

ابو بردة 80/76/73

ابو بصير 67

ابو ربيع 76/75

ابو علي بن راشد 162/101/97

ابو المكارم 220/127/121

اسحاق بن عمار 67

الاسكافي 296/167/116/54/9

اسماعيل بن الفضل 76/75

امير المؤمنين عليه السلام 16/12 / 228/101/97/64/39/22

- ب -

الباقر: ابو جعفر عليه السلام 27 / 274/84/67

بني المطلب 228

بني هاشم 225

- ج -

جعفر بن حنان 219/214/208/132 272/221

جعفر بن محمد عليهما السلام 294

الجواد عليه السلام 243/132

- ح -

الحارث بن المغيرة 63

الحسين عليه السلام 228/16/15

الحسين بن نعيم 273

حفص بن البختري 63

الحلبي 120/117/74

الحلي: ابن إدريس 59/52/39/3

حماد 76/73/62

حمران بن أعين 27

الحميري 214/210/209

حنظلة بن أسعد 16

- ر -

الراوندي 217/127

ربعي بن عبد اللّه 98

- ز -

زرارة 308

ص: 412

الزهراء: الصديقة فاطمة عليها سلام اللّه 22

- س -

السجاد: علي بن الحسين عليهما السلام 299/274

السكوني 312/306/294

سلار 126/121

سليمان بن خالد 84/72

- ش -

الشهيد الأول 134/123/115/85 / 222/178/170

الشهيد الثاني 343/336/250/133

الشهيدان 285/273/203/167/153 335

- ص -

صاحب التنقيح 277/238

صاحب جامع المقاصد 51/47/45 / 270

صاحب الجواهر 191/109/106 / 231/201/194

صاحب الحدائق 33

صاحب الرياض 288/283

صاحب مصباح المنير 58

صاحب المقابيس: المحقق التستري 347/331/320/204/94/89

صاحب المناهل 287/286

الصادق: ابو عبد اللّه عليه السلام 293/209/132/98/75/71/63/28 / 306

الصدوق: 312/119/118

الصيمري: 335/131/55

- ط -

الطوسي 121/97/94/79/80

- ع -

علم الهدي: السيد المرتضى: 124 / 270/235/220/171

علي بن ابراهيم 67

علي بن رئاب 212/210/208

علي بن مهزيار 243/211/132/108 272/261

العمانى: 385

عمر بن يزيد 312/306/66/64 / 333/322/318

عيسى 16

- ف -

الفاضلان 314/203/134

الفاضل المقداد 298/297

ص: 413

فخر الاسلام 116

فخر الدين 167/116/41

فخر المحققين 204/178/167/153 / 285/274

فضل بن يسار 29/28

- ق -

القاضي: 280/279/117/31

القائم: عجل اللّه تعالى فرجه 65 / 209

- ك -

الكابلي 71/65/64

كاشف الغطاء: الشيخ جعفر 107 / 191/154/145/137

الكاظم (ع): ابو الحسن 147/15 / 312/296/274/162

الكليني: 312

- م -

المجتبى الحسن بن علي عليهما السلام 228/16

المجلسي: 262/261

المحدث البحراني: 261

المحقق الثاني: 153/85/46/39 / 280/274/203/167

المحقق الكركي: 222/127/52

محمد بن سليم: 84

محمد بن مارد: 322/318/306/293

مروان بن عبد الملك: 147

مسمع بن عبد الملك: 65

معاوية بن وهب: 71

المفيد: 171/161/131/123/115 270/230/214/206

- ن -

نجم الدين: 131

ص: 414

6 - (فهرس الامكنة و البقاع)

- ج -

جامعة النجف الدينية 140

- م -

مصر: 227

مكة المكرمة: 240/239

المملكة العربية السعودية: 227

منى: 240

- ي -

ينبع: 227

ص: 415

7 - (فهرس الكتب)

- أ -

الاحتجاج: 209

احياء الموات: 71

الارشاد: 220/178/131/129

الاستبصار: 295

الانتصار: 220/217/189/124 / 230

الايضاح: 221/204/116/41/22

إيضاح النافع: 231/131

- ب -

بحار الأنوار/ 312

- ت -

التحرير: 206/187/129/124 / 246

تحف العقول: 60

تذكرة الفقهاء: 66/55/30/21/9

تفسير السبيل: 18

تفسير العياشي: 67

تلخيص الخلاف: 131

التنقيح: 273/231/167/131/70 / 277

التهذيب: 295/78

- ج -

جامع المقاصد: 62/35/38/30/21 77

جواهر الكلام: 198

الجهاد: 54

- ح -

الحواشي: 42/34/25/21

- خ -

الخلاف: 203/73/62/33/21

- د -

الدروس: 155/77/45/33/21

- ر -

الرسائل: 33

الروضة: 311/210/132/33

الرياض/ 295/261

- س -

السرائر: 308/288/220/115/30

- ش -

الشرائع: 246/281/171/127/55

شرح القواعد: 145

- ع -

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 16/15

ص: 416

- غ -

غاية المراد: 327/178/123

غاية المرام: 241/239

الغنية: 297/189/126/62/9 / 230/220

- ف -

الفقه على المذاهب الأربعة: 298

فقه القرآن: 217/127

الفقيه: 295/118/30

- ق -

القاموس: 188

القواعد: 131/128/52/25/22 / 301/292/221

- ك -

الكافي: 295/227/117/28

الكافي (للحلبي): 118

كشف الغطاء: 138

الكفاية: 314/133

كنز العرفان: 335/10

- ل -

اللمعة: 311/285/231/155/133 335

اللمعتين: 335

- م -

المبسوط: 125/76/70/55/30/24

مجمع الفائدة: 282/178/167

المختلف: 239/214/190/116

المسالك: 273/78/62/30/21

مستدرك الوسائل: 86/64

المقابيس: 331/89

المقتصر: 178/167

مقرب النهاية: 21

المكاسب: 224/90/81/59/46

المناهل: 286

المهذب: 296/292/239/117/70

- ن -

النزهة: 230/217/127

نهاية الاحكام: 30/24

نهاية المرام: 314/298/292

- و -

وسائل الشيعة: 62/40/28/13/10 147/132/98/83/80/71/66

الوسيلة: 232/235/217/127

ص: 417

ص: 418

8 - خاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

و قل انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء العاشر) من كتاب (المكاسب لشيخنا الأعظم الأنصاري) قدس اللّه نفسه الزكية من بداية (مسألة يشترط في من ينتقل إليه العبد المسلم ثمنا أو مثمنا أن يكون مسلما) الى نهاية موارد استثناء بيع الأمة المستولدة التي قسمها الشيخ الى أربعة أقسام:

و أنهى القسم الاول الى ثمانية صور

و القسم الثاني الى أربعة صور

و القسم الثالث الى سبعة صور

و القسم الرابع الى صورة واحدة

و الأقسام مع صورها مذكورة من ص 309 - الى ص 394 حامدين اللّه تبارك و تعالى و شاكرين له هذه النعمة العظمى.

و كان الانهاء في ليلة الثلاثاء الثاني من شهر اللّه الأعظم عام 1400 في إدارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيى البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد أن استوفى العمل فيه مقابلة و تعليقا و تصحيحا سنة كاملة غاية الجهد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

و ذلك حبا منا بانجاز تحقيق الأجزاء و إصدارها و إخراجها إكبارا و إجلالا لفقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين

و اذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة فلأن

ص: 419

تحقيق الكتاب و تصحيحه و اخراجه اخراجا يليق بمكانته العلمية كان يستدعي منا دقة الملاحظة و عمق الامعان و لا سيما هذا الجزء الذي احتوى على مسائل غامضة و مطالب صعبة مستصعبة جدا فلقد أخذ من وقتي في الليل و النهار أكثر من ستة عشر ساعة.

فالى القراء الكرام هذه التحفة النفيسة، و الهدية الثمينة.

و كان الشروع فيه يوم الاول من شهر اللّه الأعظم عام 1399 فجاء بحمد اللّه تبارك و تعالى بهذه الحلة الرائعة و الاسلوب البديع.

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى الجزء الحادي عشر اوله

(مسألة و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا)

و إني لارى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لاتمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك و رحمتك الواسعة انك ولي ذلك و القادر عليه.

في ليلة الأربعاء الثالث من شهر اللّه الأعظم عام 1400

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 420

المجلد 11

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين

ص: 5

ص: 6

تتمة كتاب البيع

تتمة القول في شرائط العوضين

تتمة مسألة من شروط العوضين كونه طلقا
اشارة

ص: 7

ص: 8

مسألة: و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا: كونه مرهونا
اشارة

(مسألة):

و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا: كونه (1) مرهونا، فإن الظاهر، بل المقطوع به الاتفاق على عدم استقلال المالك (2) في بيع ملكه المرهون.

و حكي عن الخلاف(1) إجماع الفرقة، و أخبارهم (3) على ذلك، و قد حكي الاجماع عن غيره أيضا.

و عن المختلف(2) في باب تزويج الأمة المرهونة أنه أرسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم:

إن الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن (4).

إنما الكلام في أن بيع الراهن هل يقع باطلا من أصله؟ أو يقع موقوفا على الإجازة؟

و إنما الكلام في أن بيع الراهن هل يقع باطلا من أصله؟

أو يقع (5) موقوفا على الإجازة؟

+++++++++++(1) أي كون الملك مرهونا، فإنه بالرهن يخرج عن كونه ملكا طلقا فلا يجوز بيعه، و لا التصرف فيه من دون اجازة المرتهن.(2) أي مالك الملك المرهون ليس له استقلال في التصرف في الملك ببيعه، أو وقفه، أو هبته إلا بإجازة من المرتهن.

كما أن المرتهن لا يسوغ له التصرف في الملك المرهون عنده إلا بإجازة من الراهن.

(3) و هي الآتية في الهامش 1 ص 11

(4) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 496 الباب 17. الحديث 6.

(5) أي يقع بيع الراهن صحيحا، لكنه موقوف على اجازة المرتهن

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.

أو سقوط حقه (1) بإسقاطه، أو بالفك (2)؟

فظاهر عبائر جماعة من القدماء، و غيرهم الاول (1)، إلا أن صريح الشيخ في النهاية(3)، و ابن حمزة في الوسيلة(2)، و جمهور المتأخرين عدا شاذ منهم(3) هو كونه (4) موقوفا(4).

و هو (5) الأقوى، للعمومات (6) السليمة عن المخصص، لأن معقد

+++++++++++

فإن اجازه صح، و إلا بطل.

(1) أي يقع بيع الراهن صحيحا، لكنه موقوف على إسقاط المرتهن حقه، فإن أسقط صح، و إلا بطل.

(2) أي يقع بيع الراهن صحيحا، لكنه موقوف على فكه الرهن فإن فكه صح، و إلا فلا.

و الفك تارة من قبل الراهن، و أخرى من قبل متبرع.

فهذه أقوال أربعة(5) في بيع الراهن الرهن من دون استجازة من المرتهن

(الأول): البطلان رأسا.

(الثاني): الصحة، لكنها موقوفة على اجازة المرتهن.

(الثالث): الصحة أيضا، لكنها موقوفة على إسقاط المرتهن حقه.

(الرابع): الصحة أيضا، لكنها موقوفة على فك الرهن.

(3) و هو بطلان بيع الراهن رأسا إذا لم يستجز من المرتهن.

(4) أي بيع الراهن الرهن لا يكون باطلا من أصله، بل يقع صحيحا، لكنه موقوف على اجازة المرتهن.

(5) هذا رأي (الشيخ قدس سره) في بيع الراهن الرهن قبل الاستجازة من المرتهن.

(6) المراد من العمومات السليمة عن المعارض هو قوله تعالى: -

ص: 10


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
5- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الاجماع و الأخبار (1) الظاهرة في المنع عن التصرف هو الاستقلال (2)، كما (3).

+++++++++++

- وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

(1) المراد من الأخبار هو الخبر المشار إليه في الهامش 4 ص 9 و الأخبار المذكورة في (وسائل الشيعة).

أليك نص الحديث(1) الثاني عن المصدر المذكور.

عن اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم (عليه السلام) عن الرجل يكون عنده الرهن فلا يدري لمن هو من الناس؟

قال: لا أحب أن يبيعه حتى يجيء صاحبه.

فقلت: لا يدري لمن هو من الناس.

فقال: فيه فضل أو نقصان؟

قلت: فإن كان فيه فضل أو نقصان؟ قال: إن كان فيه نقصان فهو أهون يبيعه فيؤجر فيما نقص من ماله.

و إن كان فيه فضل فهو أشدهما عليه يبيعه و يمسك فضله حتى يجيء صاحبه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 124 الباب 4. الحديث 2 (2) أي من دون مراجعة الراهن إلى المرتهن، و أخذ الاجازة منه.

(3) أي كما يشهد بأن المراد من معقد الاجماع المذكور، و الأخبار الظاهرة في المنع عن التصرف في بيع الرهن هو استقلال الراهن في التصرف من دون مراجعة المرتهن: عطف المرتهن على الراهن

ص: 11


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

يشهد به عطف المرتهن على الراهن.

مع ما ثبت في محله: من وقوع تصرف المرتهن موقوفا، لا باطلا.

و على تسليم الظهور (1) في بطلان التصرف رأسا فهي موهونة بمصير جمهور المتأخرين على خلافه.

هذا كله مضافا إلى ما يستفاد من صحة نكاح العبد بالاجازة، معللا بأنه لم يعص اللّه و إنما عصى سيده (2)، اذ المستفاد منه (3) أن كل عقد كان النهي عنه لحق الآدمي يرتفع المنع (4).

+++++++++++

في الحديث المشار إليه في الهامش 4 ص 9

فكما أن المرتهن ممنوع عن التصرف في الرهن بالاستقلال، و بدون مراجعة الراهن.

كذلك يراد من المنع من تصرف الراهن في الرهن التصرف الاستقلالي لمكان العطف، فاتحد الملاك في المعطوف و المعطوف عليه.

(1) أي و على تسليم ظهور الأخبار المذكورة في الهامش 4 ص 9.

على بطلان بيع الراهن رأسا و من أصله، و لا يتوقف على اجازة المرتهن.

نقول: إن تلك الأخبار موهونة، لذهاب جمهور الفقهاء من المتأخرين على خلاف ذلك الظهور.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14 ص 523 الباب 24 الحديث 2.

(3) أي من الحديث الوارد في صحة نكاح العبد بالاجازة المشار إليه في الهامش 2

(4) أي يرتفع المنع عن نكاح العبد بدون اجازة سيده بعد اجازته، لأنه لم يعص اللّه عز و جل حتى يكون نكاحه فاسدا من أصله. -

ص: 12

و يحصل التأثير (1) بارتفاع المنع، و حصول الرضا.

و ليست تلك (2) كمعصية اللّه أصالة في ايقاع العقد التي (3) لا يمكن أن يلحقها رضى اللّه تعالى.

هذا (4) كله مضافا إلى فحوى (5) أدلة صحة الفضولي.

+++++++++++

- بل عصى سيده، و عصيان المخلوق لا يكون موجبا لبطلان النكاح.

(1) أي تأثير نكاح العبد الواقع بدون اجازة مولاه بعد صدور الاجازة منه، لأنه كما عرفت فرق بين عصيان الخالق، و عصيان المخلوق، اذ الاول موجب للبطلان من أصله، و الثاني متوقف على اجازة مولاه، فإن أجاز صح

(2) أي ليست معصية العبد مولاه كمعصيته لخالقه.

و قد عرفت شرح هذه العبارة في الهامش 4 ص 12

(3) كلمة التي صفة لكلمة معصية اللّه.

(4) أي ما ذكرناه لك من الأدلة حول جواز تصرف الراهن في الرهن قبل الاستجازة من المرتهن إن لم تكفك فلنا دليل آخر على الجواز

(5) هذا هو الدليل الآخر.

و خلاصته أن فحوى أدلة صحة عقد الفضولي تشمل ما نحن فيه الذي هو بيع الراهن الرهن من دون استجازة من المرتهن، لأن الاجازة الصادرة من المالك الأصلي إذا كانت مصححة للعقد الفضولي، مع أنه ليس بمالك أصلا.

فبطريق أولى تكون مصححة لبيع الراهن، لأنه مالك للملك المرهون، لكنه ممنوع من التصرف فيه، لثبوت حق المرتهن في الرهن فإذا أجاز البيع فقد ارتفع المنع.

ص: 13

لكن الظاهر من التذكرة(1) أن كل من أبطل عقد الفضولي أبطل العقد هنا (1).

و فيه (2) نظر، لأن من استند في البطلان في الفضولي إلى مثل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا بيع إلا في ملك لا يلزمه البطلان هنا (3).

بل الأظهر ما سيجيء عن إيضاح المنافع: من أن الظاهر وقوف

+++++++++++

- ففحوى تلك الأدلة التي هي الأولوية تشمل ما نحن فيه.

راجع حول أدلة صحة عقد الفضولي بعد الاجازة (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 من ص 164 إلى ص 200.

(1) أي في باب بيع الراهن الرهن، للملازمة بين بطلان بيع الفضولي، و بين بيع الراهن الرهن.

فكل من قال بالبطلان هناك افاده هنا.

(2) أي و فيما أفاده (العلامة قدس سره) من الملازمة المذكورة نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر أن دليل من قال ببطلان بيع الفضولي هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا بيع إلا في ملك الدال على عدم ملك للفضولي أصلا، و أنه باع ما لا يملكه.

بخلاف الراهن، فإنه مالك للرهن، لكنه ممنوع عن التصرف فيه، لثبوت حق للمرتهن فيه، فاذا أجاز البيع فقد ارتفع المنع، فلا ملازمة بين البطلان في العقد الفضولي، و البطلان في بيع الراهن، فالبيع متوقف على اجازة المرتهن.

(3) أى في بيع الراهن الرهن كما عرفت

ص: 14


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

هذا العقد (1) و إن قلنا ببطلان الفضولي

و قد ظهر من ذلك(1) (2) ضعف ما قوّاه بعض من عاصرناه (3):

من القول بالبطلان، متمسكا بظاهر الاجماعات (4)، و الأخبار (5) المحكية على المنع، و النهي (6) قال:

+++++++++++

(1) و هو عقد الراهن على الرهن، فإنه متوقف على اجازة المرتهن فقط كما عرفت في الهامش 2 ص 14

(2) أي من قولنا في ص 14: لا يلزمه البطلان هنا.

و من قولنا في ص 14: من أن الظاهر وقوف هذا العقد.

(3) و هو (المحقق التستري قدس سره) صاحب المقابيس فقد أفاد أن بيع الراهن باطل.

لكنك عرفت من قول الشيخ في ص 14: عدم بطلانه، لعدم الملازمة المذكورة التي أفادها (العلامة قدس سره).

(4) هذا هو الدليل الأول للمحقق التستري لإبطال عقد الراهن.

و المراد من الاجماعات ما نقله الشيخ عن العلامة و غيره بقوله في ص 9: و حكي عن الخلاف الاجماع، و قد حكي الاجماع عن غيره.

(5) هذا هو الدليل الثاني للمحقق التستري لبطلان عقد الراهن.

أي و تمسك بظاهر الأخبار الدالة على منع تصرف الراهن في الرهن بالاستقلال و الأصالة.

و قد ذكرت تلك الأخبار في الهامش 4 ص 9، و الهامش 1 ص 11

(6) هذا هو الدليل الثالث للمحقق التستري لبطلان بيع الراهن.

و الظاهر أن المراد من النهي هو النهي عن التصرف في مال الغير بدون اذن و رضاه، لا النهي للوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إن الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن المشار إليه

ص: 15


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو (1) موجب للبطلان و إن كان لحق الغير، إذ (2).

+++++++++++

في الهامش 4 ص 9

و لا يخفى عليك أن الدليل الثالث مشتمل على مقدمتين: صغرى، و كبرى.

الصغرى: النهي قد تعلق بأمر داخل راجع إلى أحد العوضين و هو الرهن.

الكبرى: و كل أمر كان كذلك يقتضي النهي فساد المعاملة فيه.

النتيجة: فعقد الراهن فاسد.

(1) هذا مقول قول صاحب المقابيس و هو نتيجة للصغرى و الكبرى المذكورتين في ص 16 عند قولنا: و لا يخفى عليك.

(2) هذا تعليل لبطلان بيع الراهن و إن كان النهي عنه قد تعلق بحق الغير الذي هو المرتهن و هو خارج عن البيع.

هذا التعليل في الواقع دفع وهم.

حاصل الوهم أن النهي في بيع الراهن قد تعلق بأمر خارج عن البيع كما عرفت، فكيف تحكمون ببطلان بيعه؟

فأجاب (المحقق التستري قدس سره) عن الوهم المذكور.

ما حاصله: إن الاعتبار و الملاك في فساد العقد تعلق النهي بشخصه و نفسه.

و فيما نحن فيه كذلك قد تعلق النهي بشخص العقد و إن كان سبب تعلقه به أمرا خارجا عن العقد: و هو حق المرتهن، لا بأمر خارج عن العقد حتى يقال: إن النهي قد تعلق بأمر خارج فكيف تحكمون ببطلان العقد؟

ص: 16

العبرة بتعلق النهي بالعقد، لا (1) لأمر خارج منه(1)، و هو (2) كاف في اقتضاء الفساد.

كما اقتضاه (3) في بيع الوقف، و أم الولد، و غيرهما، مع استوائهما (4) في كون سبب النهي حق الغير.

ثم أورد (5) على نفسه بقوله:

+++++++++++

(1) أي و ليس الاعتبار في فساد العقد تعلق النهي.

(2) أي و مثل هذا التعلق و إن كان سببه أمرا خارجا عن العقد كاف في فساد العقد و بطلانه.

(3) أي كما اقتضى النهي فساد العقد في بيع الواقف للوقف.

و في بيع المولى أمته المستولدة في غير موارد المستثناة.

(4) أى مع استواء بيع الواقف الوقف، و المولى الأمة المستولدة مع بيع الراهن الرهن في كون سبب تعلق النهي بهما هو تعلق حق الغير، فإن عدم جواز بيع الوقف، و الامة المستولدة إنما هو لأجل تعلق حق الموقوف عليهم بالوقف، و تعلق حق الأمة بنفسها: و هو عتقها من إرث ولدها.

(5) هذا كلام الشيخ الأنصاري أي المحقق التستري أورد على نفسه و خلاصة ما أورده أنه حسب ما أفيد في المقام: من بطلان عقد الراهن، لتعلق النهي بنفس العقد و شخصه، و إن كان سبب النهي أمرا خارجا عن العقد: يلزم بطلان عقد الفضولي، و المرتهن أيضا، لنفس الملاك الموجود في بطلان عقد الراهن، من دون فرق بين العقود الثلاثة.

فكيف تحكمون بصحة عقد المرتهن و الفضولي، و بطلان عقد الراهن؟

ص: 17


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

(فإن قلت): فعلى هذا يلزم بطلان العقد الفضولي، و عقد المرتهن، (1) مع أن كثيرا من الأصحاب ساووا بين الراهن و المرتهن في المنع كما دلت عليه (2) الرواية، فيلزم (3) بطلان عقد الجميع، أو صحته، فالفرق (4) تحكم.

(قلنا) (5): إن التصرف النهي عنه إن كان انتفاعا بمال الغير فهو محرم، و لا يحل له الاجازة المتعقبة.

و إن كان (6) عقدا، أو ايقاعا، فإن وقع بطريق الاستقلال

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر من المحقق التستري.

خلاصته: أنه بالإضافة إلى ما قلناه: من لزوم بطلان عقد الفضولي و المرتهن أيضا، لاتحاد الملاك فيهما، و في عقد الراهن: أن الفقهاء ساووا بين عقد الراهن و المرتهن في عدم وقوع العقد بهما مستدلين بالحديث النبوي المشار إليه في الهامش 4 ص 9 بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف.

(2) أي على التساوي المذكور الرواية المشار إليها في الهامش 1 ص 18 (3) أي فبناء على التساوي المذكور بين العقدين المشار إليهما في الهامش 1 ص 18 يلزم إما الحكم ببطلان العقود الثلاثة: عقد الفضولي، عقد الراهن، عقد المرتهن، أو الحكم بصحة الجميع.

(4) أي الفرق بين عقد الراهن ببطلانه، و بين عقد المرتهن، و الفضولي بصحتهما تحكم و تعسف.

(5) هذا جواب المحقق التستري عما أورده على نفسه المشار إليه في الهامش 5 ص 17

(6) أي التصرف المنهي عنه.

ص: 18

لا على وجه النيابة عن المالك فالظاهر أنه كذلك (1) كما سبق في الفضولي (2)، و إلا (3) فلا يعد تصرفا يتعلق به النهي.

فالعقد (4) الصادر عن الفضولي قد يكون محرما، و قد لا يكون كذلك.

و كذا الصادر عن المرتهن إن وقع بطريق الاستقلال المستند إلى البناء على ظلم الراهن، و غصب حقه، أو إلى زعم التسلط عليه بمجرد الارتهان: كان منهيا عنه.

و إن كان (5) بقصد النيابة عن الراهن في مجرد إجراء الصيغة

+++++++++++

(1) أي فهذا التصرف المنهي عنه محرم أيضا لا تصححه الإجازة، لوقوع العقد لا على وجه النيابة عن المالك.

(2) أي في بيع الفضولي مال الغير لنفسه بانيا على أنه المالك.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 223.

عند قول الشيخ: المسألة الثالثة أن يبيع الفضولي لنفسه.

(3) اي و إن لم يقع التصرف بنحو الاستقلال، بل على وجه النيابة عن المالك فالعقد صحيح.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده المحقق التستري: من أن التصرف إن كان على وجه الاستقلال فمحرم، و إن لم يكن كذلك فليس بمحرم أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون للعقد الفضولي فردان:

فرد يكون محرما إذا كان التصرف في مال الغير على وجه الاستقلال لا على وجه النيابة عن المالك.

و فرد يكون محللا إذا كان التصرف في مال الغير على وجه النيابة عن المالك.

(5) أي التصرف المنهي عنه.

ص: 19

فلا (1) يزيد عن عقد الفضولي، فلا يتعلق به نهي أصلا.

و أما المالك فلما حجر على ماله برهنه، و كان عقده لا يقع إلا مستندا إلى ملكه، لانحصار المالكية فيه، و لا معنى لقصده النيابة فهو (2) منهي عنه، لكونه (3) تصرفا مطلقا، و منافيا للحجر الثابت عليه، فتخصص العمومات (4) بما ذكر.

+++++++++++

(1) أي مثل هذا التصرف لا يزيد عن التصرف الفضولي في مال الغير: بأن يبيعه للمالك، أو برجاء صدور الاجازة عن المالك.

فكما أن العقد هناك صحيح، كذلك بيع الراهن صحيح.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 161 عند قول الشيخ: فهنا مسائل ثلاث.

(الأولى): أن يبيع للمالك مع عدم سبق من المالك.

و هذا هو القدر المتيقن من عقد الفضولي، و المشهور الصحة.

(2) أي عقد المالك المحجور على ماله المرهون يكون منهيا عنه.

(3) تعليل لكون عقد المالك المحجور منهيا عنه.

و خلاصته أن النهي المتعلق بمثل هذا العقد إنما هو لأجل أن تصرف الراهن في المال المرهون إنما كان تصرفا مطلقا غير مقيد بقيد الاستجازة من المرتهن فيكون تصرفه منافيا للحجر الثابت على الراهن في ماله فيكون البيع باطلا.

نعم لو كان تصرفه فيه مقيدا بقيد الاجازة ثم اجاز المرتهن صح البيع، لعدم كونه منافيا للحجر الثابت عليه.

(4) و هي المذكورة في ص 11، فإن تلك العمومات تخصص بما ذكر: و هو النهي الوارد عن تصرف الراهن في الرهن بدون اجازة المرتهن، لأن تصرفه تصرف مطلق فيكون منافيا للحجر -

ص: 20

و مجرد (1) الملك لا يقضي بالصحة، إذ (2) الظاهر بمقتضى التأمل الصادق أن المراد بالملك المسوّغ للبيع هو ملك الأصل مع التصرف فيه، و لذلك (3) لم يصح البيع في مواضع وجد فيها سبب الملك و كان ناقصا، للمنع (4) عن التصرف.

+++++++++++

- الثابت عليه.

اذا لا يصح التمسك بالعمومات المتقدمة على صحة بيع الراهن.

(1) أي و مجرد ملك الراهن الرهن لا يوجب صحة بيعه.

(2) تعليل لكون مجرد ملك الراهن الرهن لا يوجب صحة بيع الرهن.

و خلاصته أن المالك يحتاج في بيعه إلى أمرين:

(الأول): كونه مالكا للمبيع.

(الثاني): كونه مالكا للتصرف في المبيع.

و من الواضح أن الراهن لا يملك التصرف في الرهن و إن كان مالكا له، لتعلق حق المرتهن بالرهن، فالأمر الثاني مفقود في الراهن

(3) أي و لأجل أن المراد من التملك هو تملك الاصل مع تملك التصرف فيه لم يصح البيع في كثير من المواضع مع وجود سبب الملك فيها، لنقصان سبب الملك، لأن المالك ممنوع من التصرف في الملك و إن كان مالكا له، و عدم جواز التصرف في الملك يكون موجبا لنقص سبب الملك كما في المفلّس، و السفيه، و مالك الأمة المستولدة، فإن هؤلاء ممنوعون من التصرف في أموالهم و إن كانوا يملكونها، للسبب المذكور.

(4) تعليل لنقصان سبب الملك.

و قد عرفته في الهامش 3 عند قولنا: و عدم جواز التصرف

ص: 21

ثم قال (1): و بالجملة فالذي يظهر من تتبع الأدلة أن العقود ما لم تنته إلى المالك فيمكن وقوعها موقوفة على اجازته.

و أما إذا انتهت إلى اذن المالك، أو اجازته، أو صدرت عنه و كان تصرفه على وجه الأصالة فلا تقع على وجهين (2)، بل تكون فاسدة، أو صحيحة لازمة إذا كان وضع ذلك العقد على اللزوم.

و أما التعليل (3) المستفاد من الرواية المروية في النكاح: و هو قوله عليه السلام:

إنه لم يعص اللّه و إنما عصى سيده (4) فهو (5) جار فيمن لم يكن مالكا كالعبد لا يملك أمر نفسه.

+++++++++++

(1) أي المحقق التستري صاحب المقابيس.

(2) و هما: الصحة و الفساد.

(3) هذا من متممات كلام صاحب المقابيس يروم به عدم صحة الاستدلال بالتعليل الوارد في الحديث الوارد في صحة نكاح العبد:

على صحة بيع الراهن الرهن.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14 ص 523 الباب 23 - الحديث 1.

و للحديث صلة و هي قوله عليه السلام: فاذا اجاز فهو له جائز (5) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله: و أما التعليل أي التعليل الوارد في الحديث في أن العبد لم يعص اللّه في نكاحه، بل عصى سيده الدال على عدم بطلان نكاحه: يجري في كل شخص لم يكن مالكا لامر نفسه كالعبد، حيث إنه كَلٌّ عَلىٰ مَوْلاٰهُ لا يملك شيئا، فلو عقد بدون اجازة مولاه توقفت صحته على اجازته، لأنه لم يعص اللّه عز و جل. بل عصى مولاه، و عصيان المولى لا يوجب

ص: 22

و أما المالك المحجور عليه فهو عاص للّه بالأصالة بتصرفه، و لا يقال: إنه عصى المرتهن، لعدم (1) كونه مالكا(1)، و إنما (2) منع اللّه من تقويت حقه بالتصرف.

و ما ذكرناه (3) جار في كل مالك متول لأمر نفسه إذا حجر على ماله لعارض كالمفلس و غيره، فيحكم بفساد الجميع (4).

+++++++++++

- بطلان العقد.

بخلاف المالك المحجور عليه، فإن التعليل المذكور لا يجري فيه، لأنه عاص للّه عز و جل بتصرفه في الرهن تصرفا مستقلا و بالأصالة لا أنه عاص للمرتهن حتى يكون بيعه صحيحا.

(1) تعليل لكون الراهن البائع عاصيا للّه عز و جل، لا للمرتهن أي الراهن البائع غير مالك للرهن كما علمت.

(2) تعليل لمنع اللّه عز و جل المالك الراهن عن بيعه للرهن

و خلاصته أن منع الباري عز و جل الراهن إنما كان لأجل عدم تفويت حق المرتهن و تضييعه، لأنه ببيعه الرهين بدون استجازة من المرتهن قد ضيع حق المرتهن، فحفاظا لحقه منع اللّه جل شأنه عن بيعه.

(3) و هو أن الراهن البائع عاص للّه عز و جل لا للمرتهن فيكون بيعه فاسدا و باطلا، فعصيان اللّه جل شأنه علة تجري في حق كل من يملك شيئا، لكنه منع عن التصرف فيه، للحجر على ماله لعارض.

كما في المفلّس، و السفيه، و الواقف، و المولى المستولد أمته، فإن هؤلاء لو تصرفوا في أموالهم بالبيع، أو الهبة، أو الوقف عدّ تصرفهم باطلا، لكونهم عاصين اللّه عز و جل.

(4) أي معاملة السفيه، و المفلّس، و الراهن، و غيرهم.

ص: 23


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ربما (1) تتجه الصحة فيما إذا كان الغرض(1) من الحجر رعاية مصلحة كالشفعة.

+++++++++++

(1) هذا من متممات كلام المحقق التستري في المقابيس.

و خلاصته أنه و إن فرقنا بين من حجر على ماله كالراهن و المفلّس و السفيه في بطلان عقودهم، و أن الاجازة الصادرة فيما بعد غير مفيد.

و بين الفضولي في صحة عقده بعد الاجازة من المالك الأصلي.

لكن ليس كل من حجر على ماله لا يصح معاوضته، فإن قسما من الحجر يكون لمصلحة حق الغير، فإن مثل هذا الحجر إذا رضي صاحب الحق صحت المعاوضة على المال المحجور عليه.

كما فيمن له حق الشفعة في حصة شريكه، فإن النهي عن بيع الشريك حصته للأجنبي إنما هو لأجل مصلحة الشريك الآخر في حصة شريكه فإذا اجاز هذا صحت معاوضة الشريك في بيع حصته، فالنهي فيه إنما تعلق بحق الغير فلا يكون نهيا مولويا تعبديا يدل على فساد المعاوضة من أصله و أساسه حتى لا تصح المعاوضة بعد اجازة صاحب الحق.

بخلاف بيع الراهن، فإن النهي فيه نهي مولوي تعبدي لا يرتفع باجازة المرتهن، لأنه ببيعه قد عصى اللّه عز و جل.

كما أن النهي عن الربا، و عن جعل العنب خمرا نهي مولوي تعبدي لا يرتفع أثر الفساد و البطلان فيهما.

هذه غاية ما يمكن من حل هذه العبارة الغامضة التي تعد من الطلاسم.

و قد شرحناها بحمد اللّه تعالى شرحا وافيا حسب فهمنا القاصر.

ص: 24


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالقول (1) بالبطلان هنا كما اختاره أساطين الفقهاء هو الأقوى.

انتهى كلامه (2) رفع مقامه.

و يرد (3) عليه بعد منع الفرق في الحكم بين بيع ملك الغير على وجه الاستقلال، و بيعه (4) على وجه النيابة.

+++++++++++

(1) هذا من متممات كلام المحقق التستري في المقابيس.

و الفاء هنا فاء النتيجة أي ففي ضوء ما ذكرنا: من الفرق بين عصيان الخالق في أنه مبطل للعقد، و عصيان المخلوق في أنه غير مبطل للعقد ظهر بطلان بيع الراهن الرهن قبل الاستجازة من المرتهن.

و كذا كل عقد صدر من المالك المحجور على ماله كالمفلّس، و السفيه و مولى الأمة المستولدة، حيث إن النهي في هذه الموارد نهي مولوي تعبدي.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري أي انتهى ما افاده المحقق التستري في هذا المقام في المقابيس.

(3) من هنا يروم الشيخ في الرد على ما افاده المحقق التستري حرفيا.

خلاصة هذا الكلام أننا قبل الايراد على المحقق التستري نمنع الفرق بين بيع الفضولي، و المرتهن على وجه الاستقلال في كونهما باطلين.

و بين بيعهما على وجه النيابة عن المالك في أنهما صحيحان، لأن البيع في كلتا الحالتين باطل لا محالة.

فما أفاده من الفرق بقوله في ص 18: فإن وقع بطريق الاستقلال لا على وجه النيابة عن المالك فالظاهر أنه كذلك، و إلا فلا يعد تصرفا يتعلق به النهي: ممنوع.

(4) و كلمة و بيعه بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 25:

ص: 25

و منع (1) اقتضاء مطلق النهي لا لأمر خارج للفساد (2).

أولا أن (3) نظير ذلك يتصور في بيع الراهن، فإنه قد يبيع رجاء لاجازة المرتهن، و لا ينوي الاستقلال.

و قد يبيع (4).

+++++++++++

بين بيع أي و بعد منع الفرق بين بيع ملك الغير على وجه النيابة.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 25: بعد منع الفرق أي و بعد منع اقتضاء مطلق النهي المتعلق بامر داخل على فساد المنهي عنه: و هو الحكم الوضعي، بل يدل على الحكم التكليفي فقط كما في البيع وقت النداء، فإن البيع ليس فاسدا في وقت النداء، بل حرام.

(2) الجار و المجرور متعلق بكلمة اقتضاء.

(3) كلمة إن مع أسمها مرفوعة محلا فاعل لقوله في ص 25:

و يرد عليه.

هذه بداية الشروع في الايراد على المحقق التستري على ما افاده في المقابيس.

و قد أورد عليه الشيخ إيرادين:

(الأول): أن بيع الراهن الرهن نظير بيع الفضولي في كونه متوقفا على الاجازة، فإن اجاز المرتهن البيع صح و إلا فلا.

فليس في هذا البيع أي محذور سوى توقفه على الاجازة و هو أمر ممكن ليس بمحال.

و لا يقصد الراهن من بيعه هذا الاستقلال، و عدم الاعتناء بالمرتهن في الاستجازة منه، بل يقصد من بيعه رجاء حصول الاجازة.

(4) في الواقع هذا تعليل لعدم قصد الراهن بيع الرهن بالاستقلال. -

ص: 26

جاهلا بالرهن، أو بحكمه، أو ناسيا (1)، و لا حرمة في شيء من ذلك (2).

و ثانيا (3) أن المتيقن من الاجماع و الاخبار (4) على منع الراهن كونه على نحو منع المرتهن على ما تقتضيه عبارة معقد الاجماع و الأخبار:

اعني قولهم:

+++++++++++

و خلاصته أنه من الممكن أن يكون الراهن جاهلا برهن ملكه، لأنه لو كان عالما لما اقدم عليه، من دون استجازة من المرتهن.

أو يكون جاهلا بحكم الرهن الذي هو المنع عن التصرف فيه، و أن التصرف فيه متوقف على اجازة المرتهن.

(1) أي و من الممكن أن يكون الراهن ناسيا لأصل الرهن، أو لحكمه بعد أن كان عالما به، فلا يكون إقدامه على بيع الرهن إقداما مستقلا من دون مراجعة المرتهن.

فجميع هذه الاحتمالات و الامكانات قرينة على ما ذكرناه: من عدم إرادة الاستقلال في البيع.

(2) أي في جميع الاحتمالات الثلاث و هي:

جهل الراهن بأصل الرهن.

جهل الراهن بحكم الرهن.

نسيان الراهن بأصل الرهن، أو بحكمه بعد أن كان عالما بهما.

(3) هذا هو الايراد الثاني.

(4) المراد من الأخبار ما ذكر في الهامش 4 ص 9 و الهامش 1 ص 11.

كما أن المراد من الاجماعات ما ذكره صاحب المقابيس بقوله في ص 15: بظاهر الاجماعات.

ص: 27

الراهن و المرتهن ممنوعان.

و معلوم أن المنع في المرتهن إنما هو على وجه لا ينافي وقوعه موقوفا.

و حاصله (1) يرجع إلى منع العقد على الرهن، و الوفاء بمقتضاه على سبيل الاستقلال، و عدم مراجعة صاحبه في ذلك (2): و اثبات (3) المنع أزيد من ذلك يحتاج إلى دليل، و مع عدمه (4) يرجع إلى العمومات.

و أما ما ذكره (5): من منع جريان التعليل في روايات العبد فيما نحن فيه مستندا إلى الفرق فيما بينهما فلم اتحقق الفرق بينهما، بل

+++++++++++

(1) أي و حاصل منع بيع الرهن من قبل المرتهن.

(2) أي في البيع.

(3) أي و إثبات منع العقد على الرهن من قبل المرتهن إلى أزيد من المنع عن الاستقلال في التصرف، و عدم مراجعة المالك الراهن إلى المرتهن في حصول الاجازة منه يحتاج إلى دليل آخر لا يوجد في المقام.

(4) أي و مع عدم وجود دليل آخر في إثبات المنع إلى أزيد من المنع عن الاستقلال يرجع إلى العمومات الموجودة في صحة البيع.

و المراد بالعمومات قوله عز من قائل:

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم (5) هذا رد على ما أفاده المحقق التستري من عدم جريان التعليل -

ص: 28

الظاهر كون النهي في كل منهما لحق الغير، فإن (1) منع اللّه جل ذكره من تفويت حق الغير ثابت في كل ما كان النهي عنه لحق الغير، من غير فرق بين بيع الفضولي، و نكاح العبد، و بيع الراهن.

و أما (2) ما ذكره: من المساواة بين بيع الراهن، و بيع الوقف،

+++++++++++

- الوارد في الرواية المشار إليها في الهامش 4 ص 22 في بيع الراهن، و أنه مختص و جار في نكاح العبد فقط كما علمت في ص 23 عند قولنا: بخلاف المالك المحجور.

و خلاصة الرد عدم وجود الفرق بين بيع الراهن، و بين بيع الفضولي، و بين نكاح العبد، و بين نكاح العبد، فإن التعليل المذكور جار في بيع الرهن، و في نكاح العبد بدون إذن مولاه، لأن النهي في كل منهما لأجل تعلقه بحق الغير، اذ الملاك الموجود في عدم جواز بيع الرهن: و هو منع اللّه جل شأنه عن تفويت حق الغير موجود بعينه في كل ما كان النهي عنه لحق الغير، سواء أ كان المنهي عنه بيعا فضوليا أم بيع الراهن أم نكاح العبد.

فالفرق بين ما ذكر غير متحقق.

(1) تعليل لعدم الفرق بين بيع الراهن، و بيع الفضولي، و نكاح العبد.

و قد عرفته عند قولنا في ص 29: اذ الملاك الموجود.

(2) هذا رد على ما أفاده المحقق التستري من المساواة بين بيع الراهن، و بين بيع الوقف، و أم الولد في قوله في ص 17: كما اقتضاه في بيع الوقف و أم الولد، مع استوائهما في كون سبب النهي حق الغير.

و خلاصة الرد أن بطلان بيع الوقف و أم الولد لأجل ورود دليل تعبدي عليه، و لو لا ذلك الدليل التعبدي المحض لحكمنا بصحتهما أيضا -

ص: 29

و أم الولد ففيه أن الحكم فيهما (1) تعبد، و لذا لا يؤثر الاذن السابق في صحة البيع.

فقياس الرهن عليهما في غير محله.

و بالجملة (2) فالمستفاد من طريقة الأصحاب، بل الأخبار أن المنع من المعاملة إذا كان لحق الغير الذي يكفي اذنه السابق: لا يقتضي الإبطال رأسا.

بل إنما يقتضي الفساد: بمعنى عدم ترتب الأثر عليه مستقلا، من دون مراجعة ذي الحق.

و يندرج في ذلك (3) الفضولي، و عقد الراهن، و المفلّس، و المريض، و عقد الزوج لبنت اخت زوجته، أو اخيها، و للأمة على الحرة، و غير ذلك، فإن (4) النهي في جميع ذلك إنما يقتضي الفساد: بمعنى عدم ترتب الأثر المقصود من العقد عرفا: و هو صيرورته سببا مستقلا لآثاره، من دون مدخلية رضى غير المتعاقدين.

+++++++++++

- و لذا ترى أن الاذن السابق فيهما لا يؤثر في صحة البيع، لأنه لو لم يكن الدليل المذكور تعبديا صرفا لأثر الاذن السابق.

فقياس بيع الرهن ببيع الوقف و أم الولد قياس مع الفارق، لعدم جامع بينهما.

(1) مرجع الضمير بيع الوقف و أم الولد.

(2) أي و خلاصة الكلام في هذا المقام.

(3) أي في عدم ترتب الأثر على العقد الصادر مستقلا من دون مراجعة إلى ذي الحق.

(4) تعليل لاندارج ما ذكر في عدم ترتب الأثر على العقد الصادر مستقلا.

ص: 30

و قد يتخيل وجه آخر لبطلان البيع هنا (1)، بناء على ما سيجيء:

من أن ظاهرهم (2) كون الاجازة هنا كاشفة، حيث (3) إنه يلزم منه كون مال غير الراهن: و هو المشتري رهنا للبائع.

و بعبارة (4) أخرى الرهن و البيع متنافيان، فلا يحكم بتحققهما

+++++++++++

(1) أي في بيع الراهن الرهن بغير اذن المرتهن.

(2) أي ظاهر كلمات العلماء في بيع الراهن الرهن أن الاجازة كاشفة عن وقوع المبيع للمشتري من حين صدور العقد.

فيترتب عليه جميع الآثار: من تملك المشتري النماءات الحاصلة من المبيع.

(3) تعليل من المتخيل فيما افاده: من أن الاجازة الصادرة من المرتهن كاشفة عن وقوع المبيع للمشتري من حين صدور العقد، و أن المشتري مالك للنماءات الحاصلة منه.

و خلاصته أنه بناء على الكشف يلزم كون مال المشتري في زمن بين الرهن، و بين صدور الاجازة من المرتهن رهنا لمنفعة البائع، فيكون هذا اللزوم موجبا لبطلان بيع الراهن.

(4) هذا من متممات دليل المتخيل و قد صاغه في قالب آخر ليتضح مدعاه أكثر مما جاء به في الأول كما هو المقصود غالبا من قولهم: بعبارة اخرى في الاستدلالات.

و خلاصته أن هنا تنافيا بين الرهن و البيع في زمن واحد، لعدم إمكان تحققهما في آن واحد: و هو زمان ما قبل صدور الاجازة من المرتهن، لأن الملك قبل الاجازة كان مرهونا لا يجوز بيعه، فيلزم حينئذ كون الملك لشخصين: و هما البائع و المشتري في آن واحد، فيكون البيع و الرهن ضدين لا يمكن اجتماعهما، و هذا معنى التنافي.

ص: 31

في زمان واحد: اعني ما قبل الاجازة.

و هذا (1) نظير ما تقدم في مسألة من باع شيئا ثم ملكه: من أنه على تقدير صحة البيع يلزم كون الملك لشخصين في الواقع.

و يدفعه (2) ان القائل يلتزم بكشف الاجازة عن عدم الرهن في الواقع و إلا (3) لجري ذلك في العقد الفضولي أيضا، لأن فرض كون

+++++++++++

(1) تنظير من المتخيل جاء به لاثبات مدعاه: و هو بطلان بيع الراهن الرهن.

و خلاصته أن الإشكال هنا كالإشكال في بيع من باع شيئا ثم ملكه بعد البيع باحد أسباب التملك.

فكما أن البيع هناك باطل، كذلك هنا، لاتحاد الملاك في المقامين:

و هو لزوم كون الملك لشخصين في آن واحد.

و قد تقدمت هذه المسألة، و الإشكال فيها عن المحقق التستري في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 9 ص 42-43 عند نقل الشيخ عنه بقوله: الرابع أن العقد الأول إنما صح و ترتب عليه أثره.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به رفع ما زعمه المتخيل.

و خلاصته أن القائل بكون الاجازة في بيع الرهن كاشفة يلتزم بالكشف عن زوال الرهن آنا ما قبل وقوع البيع، و عدم وجوده في الواقع و نفس الامر في ظرف وقوع البيع، فلا يقع البيع في ظرف كون الملك رهنا عند المرتهن حتى يلزم كون الملك لشخصين في آن واحد، إذ لا وجه للبيع مع وجود الرهن.

(3) أي و إن لم يلتزم القائل بالكشف بما قلناه لجرى الإشكال المذكور: و هو كون الملك لشخصين في آن واحد في العقد الفضولي بجميع أقسامه أيضا، من دون اختصاصه بمسألة من باع شيئا ثم

ص: 32

المجيز مالكا للمبيع، نافذ الاجازة يوجب تملك مالكين لملك واحد قبل الاجازة.

و أما (1) ما يلزم في مسألة من باع شيئا ثم ملكه فلا يلزم في مسألة اجازة المرتهن.

نعم يلزم (2) في مسألة فك الرهن.

+++++++++++

- ملكه، لأن فرض كون المجيز مالكا للمبيع، و الاجازة منه كاشفة عن سبق الملك للمشتري بالعقد للواقع من البائع للفضولي: يوجب تملك مالكين لملك واحد في آن واحد قبل الاجازة.

(1) جواب عن التنظير الذي ذكره المتخيل بقوله: في ص 32 و هذا نظير ما تقدم.

و خلاصته: أن تنظير ما نحن فيه بمن باع شيئا ثم ملكه في غير محله لأن هنا ليس مالكان يملكان ملكا واحدا حتى يلزم المحذور المذكور إذ المالك هو البائع الراهن، و المرتهن ليست له ملكية بالنسبة إلى الملك المرهون حتى يصبح الملك لشخصين.

نعم إن للمرتهن حقا في الملك الرهين عنده بهذا الحق يتوقف بيع الراهن على اجازة المرتهن، فاذا اجاز صح البيع و مضى.

فما يلزم في مسألة من باع شيئا ثم ملكه: من كون الملك لشخصين في آن واحد لا يلزم في بيع الراهن الرهن.

(2) اي الإشكال المذكور: و هو كون الملك لشخصين إنما يلزم في فك الرهن، بناء على كون الاجازة كاشفة.

بيان ذلك أن البائع لما باع ملكه الرهين فقد اصبح الملك للمشتري بناء على الكشف فيكون الملك إذا مشتركا بينهما إلى أن يجيز المرتهن البيع، ففي فترة زمن صدور الاجازة يصدق الاشتراك المذكور.

ص: 33

و سيجيء التنبيه عليه (1) إن شاء اللّه تعالى.

ثم إن الكلام في كون الاجازة من المرتهن كاشفة أو ناقلة هو الكلام في مسألة الفضولي

ثم إن الكلام في كون الاجازة من المرتهن كاشفة أو ناقلة هو الكلام في مسألة الفضولي (2).

و محصله (3) أن مقتضى القاعدة النقل، إلا أن الظاهر من بعض الأخبار (4) هو الكشف.

و القول بالكشف هناك (5) يستلزمه هنا (6) بالفحوى(1)

+++++++++++

(1) اي على أن الملك لشخصين في فك الرهن.

(2) فكل ما قيل هناك يقال هنا.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 من ص 273 إلى ص 303.

(3) اي خلاصة ما قلناه هناك: هو أن مقتضى القاعدة التي هو الاصل الأوّلي العقلائي كون الاجازة ناقلة كما عرفت شرح ذلك مفصلا.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 128.

(4) ذكرنا هذه الأخبار هناك.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 165-169 178-179.

(5) اي في البيع الفضولي.

(6) اي في بيع الراهن الرهن.

و المراد من الفحوى هي الأولوية، لأن المالك إذا اجاز البيع في الفضولي و صح ففي الرهن إذا اجاز المرتهن بطريق أولى يصح البيع، لأن المرتهن ليس بمالك.

و خلاصة كلامه أن سبب التمليك شيئان: العقد و الاجازة. -

ص: 34


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لأن (1) اجازة المالك أشبه بجزء المقتضي، و هي (2) هنا من قبيل رفع المانع، و من اجل ذلك(1) (3) جوزوا عتق الراهن هنا مع تعقب اجازة المرتهن.

مع (4) أن الايقاعات عندهم لا تقع مراعاة.

و الاعتذار (5) عن ذلك ببناء العتق على التغليب كما فعله المحقق الثاني في كتاب الرهن في مسألة عفو الراهن عن جناية الجاني على العبد

+++++++++++

- فالعقد قد وقع ابتداء، و الاجازة قد صدرت بعده و هي جزء سبب فاذا جاز تقدم المسبب على احد جزئي السبب جاز تقدمه على ارتفاع المانع بطريق أولى.

(1) تعليل للفحوى المذكورة.

(2) اي الاجازة فيما نحن فيه: و هو بيع الرهن.

(3) اي و من اجل أن الاجازة من المرتهن كاشفة لا ناقلة جوز الفقهاء عتق الراهن إذا تعقبه الاجازة من المرتهن.

(4) اي مع أن العتق من الايقاعات، لا من العقود و الايقاعات لا تقع مراعا، فوقوع العتق من الراهن إذا تعقبه الاجازة دليل على أن الاجازة في الرهن كاشفة لا ناقلة.

(5) هذا اعتذار من القائل بوقوع العتق في الرهن.

اي الاعتذار عن هذا الوقوع: بأن الرهن مبني على التغليب حيث إن الشارع دوما في مقام تغليب جانب الحرية على الرقية و يريد فك الرقية بأي سبب حصلت و لو بواسطة الايقاع كما فعل المحقق الثاني وقوع العتق في الرهن عند ما ذكر مسألة عفو الراهن عن جناية الجاني على العبد المرهون.

ص: 35


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المرهون: مناف (1) لتمسكهم في العتق بعمومات العتق.

مع (2) أن العلامة قدس سره في تلك المسألة قد جوّز العفو مراعا بفك الرهن.

هذا (3) إذا رضي المرتهن بالبيع و اجازه.

أما إذا اسقط حق الرهن ففي كون الاسقاط كاشفا، أو ناقلا كلام يأتي في افتكاك الرهن، أو ابراء الدين.

هل تنفع الإجازة بعد الرد أم لا

ثم إنه لا إشكال في أنه لا ينفع الرد بعد الاجازة و هو واضح.

و هل ينفع الاجازة بعد الرد؟

وجهان

من (4) أن الرد في معنى عدم رفع اليد عن حقه فله إسقاطه بعد ذلك، و ليس ذلك كرد بيع الفضولي، لأن المجيز هناك في معنى احد المتعاقدين.

+++++++++++

(1) هذا جواب عن الاعتذار المذكور أي هذا الاعتذار مناف لتمسك الفقهاء في العتق بعمومات العتق مثل قولهم: انت حر لوجه اللّه، لأنه لو كان الامر كما يقول المعتذر لكان تمسك الفقهاء في العتق بالتغليب، لا بالعمومات المذكورة.

(2) هذا دفع عما افيد: من أن الايقاعات عند الفقهاء لا تقع مراعا.

و خلاصته أنه كيف يقال ذلك مع أن العلامة قدس سره افاد في القواعد بجواز عفو الراهن عن جناية الجاني على عبده المرهون بفك الرهن، مع أن العفو من الايقاعات؟

فقول العلامة يكون نقضا لتلك القاعدة.

(3) اي جواز عتق الرهن متعقبا بالاجازة من المرتهن.

(4) دليل لكون الاجازة نافعة بعد الرد.

ص: 36

و قد تقرر أن ردّ احد المتعاقدين مبطل لا نشاء العاقد الآخر.

بخلافه (1) هنا، فإن المرتهن اجنبي له حق في العين.

و من (2) أن الايجاب المؤثر إنما يتحقق برضا المالك و المرتهن فرضاء كل منهما جزء مقوم للايجاب المؤثر.

فكما أن ردّ المالك في الفضولي مبطل للعقد بالتقريب المتقدّم.

كذلك ردّ المرتهن.

و هذا (3) هو الأظهر من قواعدهم.

فك الرهن بعد البيع بمنزلة الإجازة

ثم إن الظاهر أن فك الرهن بعد البيع بمنزلة الاجازة، لسقوط حق المرتهن بذلك (4) كما صرح به في التذكرة.

و حكي عن فخر الاسلام، و الشهيد في الحواشي، و هو الظاهر من المحقق و الشهيد الثانيين.

و يحتمل عدم لزوم العقد بالفك كما احتمله في القواعد.

بل (5) بمطلق السقوط الحاصل بالإسقاط، أو الإبراء، أو بغيرهما.

نظرا (6) إلى أن الراهن تصرف فيما فيه حق المرتهن، و سقوطه

+++++++++++

(1) اي بخلاف الاجازة في الرهن.

(2) دليل لعدم كون الاجازة نافعة بعد الرد.

(3) اي عدم فائدة الاجازة بعد الرد هو الأظهر من القواعد الفقهية.

(4) اي بفك الرهن.

(5) عطف على المجرور بالباء في قوله: بالفك.

اي بل يحتمل عدم لزوم العقد بمطلق السقوط، أو الإبراء أو غيرهما.

(6) تعليل لاحتمال عدم لزوم العقد بالفك، أو بمطلق السقوط أو الإسقاط.

ص: 37

بعد ذلك لا يؤثر في تصحيحه.

الفرق بين الإجازة و الفك

و الفرق (1) بين الاجازة و الفك أن (2) مقتضى ثبوت الحق له هو صحة امضائه للبيع الواقع في زمان حقه، و إن لزم من الاجازة سقوط حقه، فيسقط حقه بلزوم البيع.

و بالجملة (3) فالاجازة تصرف من المرتهن في الرهن حال وجود حقه.

اعني حال العقد بما يوجب سقوط حقه، نظير اجازة المالك.

بخلاف (4) الإسقاط، أو السقوط بالإبراء، أو الاداء

+++++++++++

(1) اي الفرق بين اجازة المرتهن في أنها تؤثر في صحة عقد البيع الواقع عند صدور الاجازة منه.

و بين فك الرهن من قبل الراهن البائع في أنه لا يؤثر في صحة عقد البيع الواقع قبل الفك.

ثم لا يخفى عليك أن الشيخ إنما ذكر هذا الفرق بعد أن ذكر:

و يحتمل عدم لزوم العقد بالفك.

(2) هذا وجه الفرق بين الاجازة، و الفك.

و خلاصته: أن اجازة المرتهن لبيع الراهن تصرف منه في حقه الثابت له بالرهن، و مقتضى هذا الحق هو صحة امضائه و اجازته للبيع الصادر من البائع الراهن، و إن كان لازم هذه الاجازة سقوط حقه بلزوم البيع بعد صدور الاجازة منه.

فاجازته نظير اجازة المالك للبائع الفضولي في لزوم العقد، و خروجه عن التزلزل.

(3) اي و خلاصة الكلام في هذا المقام.

(4) اي بخلاف الإسقاط: و هو إسقاط الراهن حق المرتهن بفك الرهن، أو سقوط حق المرتهن من قبل نفسه بابراء الراهن -

ص: 38

فإنه (1) ليس فيه دلالة على مضي العقد حال وقوعه فهو أشبه شيء ببيع الفضولي أو الغاصب لنفسهما ثم تملكهما، و قد تقدم (2) الإشكال فيه عن جماعة.

مضافا (3) إلى استصحاب عدم اللزوم الحاكم على عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

+++++++++++

- أو باداء شخص آخر مال الرهن، فإن هذا الإسقاط، أو السقوط بشقيه: من الابراء، أو الاداء ليس فيه دلالة على مضي العقد حال وقوعه من قبل البائع الراهن، فيكون العقد في تلك الحالة نظير بيع الفضولي، أو الغاصب لنفسهما ثم تملكهما المبيع.

فكما أن البيع الصادر من الفضولي، أو الغاصب لنفسهما محل إشكال و تأمل.

كذلك بيع الراهن الرهن حالة وجود حق الراهن محل إشكال و إن فك البائع الرهن بعد ذلك.

(1) تعليل لكون الإسقاط، أو السقوط خلاف اجازة المرتهن.

و قد عرفته عند قولنا في هذه الصفحة: فإن هذا الإسقاط، أو السقوط.

(2) في الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 225.

عند قول الشيخ: و بعضها مشترك بين جميع صور المسألة.

و في ص 228 عند قوله: و قد تخيل بعض المحققين.

(3) اي و لنا دليل آخر على عدم لزوم العقد بالفك بالإضافة إلى الفرق المذكور في الهامش 1 ص 38: و هو استصحاب عدم لزوم العقد قبل سقوط حق المرتهن، فإنه قبل السقوط كان بيع الراهن غير لازم فبعد الفك نشك في رفعه فنجري استصحاب عدم لزوم عقد الراهن قبل اجازة المرتهن، و هذا الاستصحاب حاكم على عموم قوله تعالى:

ص: 39

بناء على أن هذا العقد غير لازم قبل السقوط فيستصحب حكم الخاص، و ليس (1) ذلك محل التمسك بالعام، إذ (2) ليس في اللفظ عموم زماني حتى يقال: إن المتيقن خروجه هو العقد قبل السقوط (3) فيبقى ما بعد السقوط داخلا في العام (4).

و يؤيد ما ذكرناه(1) (5)، بل يدل عليه(2) ما يظهر من بعض الروايات من عدم صحة نكاح العبد بدون اذن سيده بمجرد عتقه ما لم يتحقق الاجازة و لو بالرضا المستكشف من سكوت السيد مع علمه بالنكاح (6).

+++++++++++

- أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الشامل لبيع الراهن الرهن قبل اجازة المرتهن فيقع التعارض بين الاستصحاب المذكور، و بين هذا العموم فيقدم الاستصحاب، لحكومته عليه.

(1) اي و ليس بيع الرهن من المقامات التي يتمسك لها بالعموم المذكور، لحكومة الاستصحاب على ذلك كما علمت.

(2) تعليل لعدم كون بيع الرهن من المقامات التي يتمسك لها بالعموم.

(3) اي قبل سقوط حق المرتهن.

(4) و هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(5) و هو استصحاب عدم لزوم بيع الرهن قبل سقوط حق المرتهن، و أنه حاكم على العموم المذكور.

(6) أليك نص الحديث 2.

عن معاوية بن وهب قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فقال:

إني كنت مملوكا لقوم، و تزوّجت امرأة حرة بغير اذن مواليّ ثم اعتقوني بعد ذلك.

فاجدد نكاحي ايّاها حين أعتقت؟

ص: 40


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

هذا و لكن (1) الانصاف ضعف الاحتمال المذكور من جهة أن عدم تأثير بيع المالك في زمان الرهن ليس إلا لمزاحمة حق المرتهن المتقدم على حق المالك بتسليط المالك.

فعدم الاثر ليس لقصور في المقتضي (2)، و إنما هو (3) من جهة المانع فاذا زال (4) اثّر المقتضي.

+++++++++++

فقال له: أ كانوا علموا أنّك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم؟ فقال: نعم و سكتوا عني و لم يغيروا عليّ

قال: فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم:

اثبت على نكاحك الاول.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 525 الباب 16 الحديث 1.

فالشاهد في نكاح العبد، حيث توقفت صحته على اذن سيده و إن كان منشأ اذن سيده هو سكوته بعد علمه بتزوج عبده بدون اذنه كما عرفت في الحديث المشار إليه في الهامش 6 ص 40.

(1) من هنا يروم الشيخ أن يبدي نظره حول بيع الراهن الرهن بدون استجازة من المرتهن فاظهر الضعف حول الاحتمال المذكور في ص 37 بقوله: و يحتمل عدم لزوم العقد بالفك:

و قد ذكر وجه الضعف في المتن فلا نعيده.

(2) و هو العقد.

(3) اي عدم تأثير العقد في بيع الرهن إنما هو لاجل وجود المانع و هو عدم اجازة المرتهن الذي له حق في الرهن، لا أن في نفس العقد قصورا عن التأثير.

(4) أى المانع و هو عدم اجازة المرتهن: بأن اجاز فقد اثّر المقتضي الذي هو العقد اثره: و هو النقل و الانتقال.

ص: 41

و مرجع ما ذكرنا (1) إلى أن أدلة سببية البيع المستفادة من نحو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و من الناس مسلطون على أموالهم، و نحو ذلك (2) عامة (3).

و خروج زمان الرهن يعلم أنه من جهة مزاحمة حق المرتهن الذي هو أسبق (4) فاذا زال المزاحم (5) وجب تأثير السبب (6).

و لا مجال لاستصحاب (7) عدم تأثير البيع، للعلم (8) بمناط المستصحب و ارتفاعه.

فالمقام (9)

+++++++++++

(1) و هو ضعف الاحتمال المذكور في ص 41.

(2) كقوله تعالى: و احل اللّه البيع.

تجارة عن تراض.

(3) بالرفع خبر لاسم إن في قوله: الى أن أدلة.

(4) من حق المالك الراهن.

(5) و هو حق المرتهن بفك الرهن.

(6) و هو العقد الصادر من الراهن البائع بدون الاستجازة من المرتهن.

(7) كما افاده بقوله في ص 39: مضافا إلى استصحاب عدم اللزوم.

(8) تعليل لعدم مجال للاستصحاب المذكور.

و خلاصته أن للاستصحاب ركنين ركينين و هما:

اليقين السابق، و الشك اللاحق.

و من الواضح عدم وجود شك عارض هنا، للعلم بمناط المستصحب و ارتفاعه، لأنه بعد فك الرهن لا يبقى حق للمرتهن حتى يستصحب عند الشك في زوال حق المرتهن.

(9) و هو بيع الراهن الرهن من قبيل وجوب العمل بالعام -

ص: 42

من باب وجوب العمل بالعام، لا من (1) مقام استصحاب حكم الخاص فافهم (2).

و أما قياس ما نحن فيه (3) على نكاح العبد بدون اذن سيده فهو قياس مع الفارق، لأن المانع عن سببية نكاح العبد بدون اذن سيده قصور تصرفاته عن الاستقلال في التأثير، لا مزاحمة حق السيد لمقتضى النكاح، إذ لا منافاة بين كونه عبدا، و كونه زوجا.

و لاجل ما ذكرنا (4) لو تصرف العبد لغير السيد ببيع، أو

+++++++++++

- الذي هو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، فيحكم بلزوم العقد الصادر من الراهن البائع بفك الرهن ببيعه.

(1) اي و ليس المقام من باب وجوب العمل باستصحاب حكم الخاص: و هو عدم لزوم العقد بفك الرهن عند الشك في سقوط حق المرتهن.

(2) اشارة إلى دقة الموضوع، حيث إن الفرق بين المقامين يحتاج إلى امعان النظر.

(3) و هو بيع الراهن الرهن.

(4) و هو أن المانع من سبية نكاح العبد بدون اذن سيده هو قصور تصرفات العبد بالاستقلال، اي ليس له استقلال في تصرفاته حتى يقع نكاحه صحيحا و إن لم يأذن سيده بعد ذلك فالمانع هو هذا لا مزاحمة حق السيد لمقتضى النكاح.

خلاصة هذا الكلام أنه بعد أن علمت المانع فلو تصرف العبد لغير مولاه: بأن اشترى له، أو باع له، أو ضارب له، أو ساقى له وقعت تلك العقود المذكورة غير صحيحة و إن عتق بعد تلك التصرفات، لعدم افادة تصرفه في تصحيح تلك العقود.

ص: 43

غيره (1) ثم عتق العبد لم ينفع في تصحيح ذلك (2) التصرف (3).(1)

هل سقوط حق الرهانة كاشف أو ناقل

هذا (4)، و لكن (5) مقتضى ما ذكرنا كون سقوط حق الرهانة بالفك، أو الإسقاط أو الابراء، أو غير ذلك ناقلا و مؤثرا من حينه لا كاشفا عن تأثير العقد من حين وقوعه.

خصوصا بناء على الاستدلال على الكشف بما ذكره جماعة ممن قارب عصرنا: من أن مقتضى مفهوم الاجازة امضاء العقد من حينه فإن هذا (6) غير متحقق في فك الرهن.

+++++++++++

(1) مثل المساقاة، أو المضاربة كما علمت.

(2) اي العقود المذكورة كما علمت.

(3) بالرفع فاعل لقوله: لم ينفع كما عرفت.

(4) اي خذ ما تلوناه عليك.

(5) استدراك عما افاده في ص 41 بقوله: من أن عدم الاثر ليس لقصور في المقتضي.

خلاصته أنه بناء على ما ذكرنا تكون الاجازة من المرتهن ناقلة للملك من حين الفك، أو الإسقاط، أو الابراء.

و ليست كاشفة عن تأثير العقد من حين وقوعه من الراهن.

(6) اي امضاء العقد من حين وقوعه لا يمكن تحققه في فك الرهن، لأن الفك ليس له تأثير في العقد الواقع من قبل الراهن.

نعم لو كان هناك اذن من قبل المرتهن يمكن أن يقال بتأثيره في العقد الواقع من قبل الراهن.

ص: 44


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فهو (1) نظير بيع الفضولي ثم تملكه للمبيع، حيث إنه لا يسع القائل بصحته إلا التزام تأثير العقد من حين انتقاله عن ملك المالك الاول، لا من حين العقد.

و إلا (2) لزم في المقام كون ملك الغير رهنا لغير مالكه.

كما يلزم في تلك المسألة (3) كون المبيع لمالكين في زمان واحد لو قلنا بكشف الاجازة للتأثير من حين العقد، هذا (4).

ظاهر كل من قال بلزوم العقد هو الكشف

و لكن ظاهر كل من قال بلزوم العقد هو القول بالكشف.

و قد تقدم (5) عن القواعد في مسألة عفو الراهن عن الجاني على المرهون أن الفك يكشف عن صحته.

و يدل على الكشف أيضا ما استدلوا به على الكشف في الفضولي:

من أن العقد سبب تام.

إلى آخر ما ذكره في الروضة (6)، و جامع القاصد.

+++++++++++

(1) اي فك الرهن.

(2) اي و إن قلنا بتأثير العقد من حين وقوع العقد لزم أن نقول في فك الرهن بكون ملك الغير و هو المشتري رهنا لغير مالكه و هو المشتري، و هذا مما لا يقوله احد.

(3) و هي مسألة بيع الفضولى مال الغير لنفسه ثم يتملكه بالارث أو الشراء.

(4) اي خذ ما تلوناه عليك حول فك الرهن، و أن الاجازة فيه كاشفة، أو ناقلة.

(5) في ص 36 عند نقل الشيخ عن العلامة بقوله: مع أن العلامة قال في القواعد.

(6) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 229 -

ص: 45

ثم إن لازم الكشف كما عرفت في مسألة الفضولي (1) لزوم العقد قبل اجازة المرتهن من طرف الراهن (2) كالمشتري الأصيل فلا يجوز له (3) فسخه، بل و لا إبطاله بالاذن للمرتهن في البيع.

نعم (4) يمكن أن يقال بوجوب فكه من مال آخر، إذ (5) لا يتم الوفاء بالعقد الثاني إلا بذلك.

+++++++++++

- عند قول الشارح: لأن السبب الناقل للملك هو النقل.

(1) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 317 عند قول المصنف: اقول: مقتضى عموم وجوب الوفاء.

(2) أما من طرف الراهن فلكون المبيع المرهون ملكه.

و أما من قبل المشتري فلكونه مالكا جديدا بسبب شرائه الرهن من الراهن البائع.

(3) أي لا يجوز للراهن فسخ البيع الذي اوقعه على الرهن. و لا إبطاله: بأن يجيز للمرتهن ببيع الرهن.

(4) استدراك عما افاده: من عدم جواز فسخ البيع الصادر من الراهن، و لا إبطاله.

و خلاصته أنه يبقى هنا شيء واحد على الراهن: و هو امكان القول بوجوب فك الرهن عليه من مال آخر، لا من نفس ثمن المبيع(1)فإن الثمن غير ملك للبائع الراهن فلا يجوز له التصرف فيه، لتزلزل المبيع، و عدم استقراره، إذ من المحتمل لا يجيز المرتهن البيع الصادر من الراهن فيبطل كالبيع الفضولي إذا لم يجز المالك الاصيل البيع الصادر من الفضولي.

(5) تعليل لوجوب فك الرهن على الراهن.

و خلاصته أن العقد الجديد الواقع على الرهن الصادر من الراهن -

ص: 46


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالوفاء (1) بمقتضى الرهن غير مناف للوفاء بالبيع.

و يمكن (2) أن يقال: إنه إنما يلزم الوفاء بالبيع: بمعنى عدم جواز نقضه.

و أما دفع حقوق الغير (3)

+++++++++++

- لا يتحقق في الخارج، و لا يترتب عليه الاثر: و هو النقل و الانتقال إلا بفك الرهن، لأن تمامية الوفاء بالعقد الثاني، و تشخصه في الخارج موقوف على الفك و منوط به، لتعلق حق المرتهن بالرهن فيكون حقه أسبق من حق المشتري فيقدم فيجب الفك لا محالة.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من وجوب فك الرهن على الراهن في قوله في ص 46: نعم يمكن أن يقال بوجوب فكه أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا تنافي بين الوفاء بمقتضى الرهن و هو وجوب فكه.

و بين الوفاء بمقتضى العقد الجديد: و هو عدم جواز فسخه و إبطاله من قبل الراهن، فهما غير متضادين حتى لا يمكن اجتماعهما.

(2) مقصود الشيخ قدس سره من قوله هذا: و يمكن أن يقال هدم ما افاده: من وجوب فك الرهن على الراهن بقوله في ص 46:

نعم يمكن أن يقال.

و خلاصته أن الواجب على الراهن البائع هو الوفاء بمقتضى العقد:

بأن لا يفسخه و لا يبطله و لا ينقضه.

و أما دفع حق المرتهن، و رفع سلطنته عن الرهن فليس بواجب عليه حتى يتمكن المشتري من التسلط على المبيع، للزوم البيع بنفس العقد الصادر من الراهن، و بمجرد وقوعه منه فلا يحتاج اللزوم إلى شيء آخر: و هو فك الرهن.

(3) و هو المرتهن كما عرفت آنفا.

ص: 47

و سلطنته فلا يجب، و لذا (1) لا يجب على من باع مال الغير لنفسه أن يشتريه من مالكه و يدفعه إليه، بناء (2) على لزوم للعقد بذلك.

و كيف (3) كان فلو امتنع (4) فهل يباع عليه (5) لحق المرتهن لاقتضاء (6) الرهن ذلك و إن لزم من ذلك (7) إبطال بيع الراهن

+++++++++++

(1) أي و لاجل أن دفع حق المرتهن، و رفع سلطنته عن الرهن غير واجب على الراهن البائع.

هذا استشهاد من الشيخ على ما افاده: من عدم وجوب دفع حق المرتهن على الراهن.

و خلاصته أن من باع مال الغير لنفسه لا لمالكه لا يجب عليه أن يشتري هذا المبيع من مالكه الاصيل ثم يدفعه إلى المشتري لأن البيع صار لازما بنفس العقد الصادر من البائع الفضولي.

(2) تعليل لعدم وجوب الشراء على من باع مال الغير لنفسه ثم يدفعه إلى المشتري.

و قد عرفته في الهامش 1 ص من هذه الصفحة عند قولنا: لأن البيع صار لازما.

(3) يعني أي شيء قلنا حول فك الرهن في أنه واجب على الراهن أو ليس بواجب.

(4) أي الراهن البائع.

(5) أي على ضرر البائع: بأن يباع الرهن جبرا و قهرا عليه.

(6) تعليل لبيع الرهن رغما و قهرا على الراهن الممتنع عن البيع أي إن الرهن يقتضي بيع الرهينة عند امتناع الراهن عن بيعها لكونها وثيقة اخذت لمثل هذه الطواري حتى يتمكن المرتهن من الحصول على ماله.

(7) أي من هذا البيع القهري الالزامي.

ص: 48

لتقدم حق المرتهن.

أو يجبر الحاكم الراهن على فكه من مال آخر (1)، جمعا بين حقي المشتري، و المرتهن اللازمين (2) على الراهن البائع؟

وجهان:

و مع انحصار المال في المبيع فلا إشكال في تقديم حق المرتهن.

+++++++++++

(1) أي لا من ثمن الرهن المبيع، و قد عرفت وجه ذلك.

في الهامش 4 ص 46 عند قولنا: فإن الثمن غير.

(2) أي حق المشتري و حق المرتهن لازمان على الراهن فلا بد من الجمع بينهما بفك الرهن من مال آخر، لا من ثمن الرهن المبيع.

ص: 49

مسألة: إذا جنى العبد عمدا بما يوجب قتله، أو استرقاق كله أو بعضه.

(مسألة):

إذا جنى العبد عمدا بما يوجب قتله (1)، أو استرقاق كله أو بعضه.

فالأقوى صحة بيعه، وفاقا للمحكي عن العلامة و الشهيد و المحقق الثاني، و غيرهم.

بل في شرح الصيمري (2) أنه (3) المشهور، لأنه لم يخرج (4)

+++++++++++

(1) المراد من القتل هنا معناه الأعم الشامل لقصاص الطرف بقرينة قوله: أو استرقاق كله، أو بعضه.

(2) يأتي شرح حياته و مؤلفه في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(3) أي صحة البيع هي المشهور عند الفقهاء.

(4) أي لم يخرج العبد الجاني جناية موجبة لقتله، أو استرقاق كله أو بعضه.

ص: 50

باستحقاقه للقتل، أو الاسترقاق عن ملك مولاه على ما هو المعروف عمن عدا الشيخ في الخلاف كما سيجيء.

و تعلق حق المجني عليه (1) به لا يوجب خروج الملك عن قابلية الانتفاع به.

و مجرد امكان مطالبة أولياء المجني عليه له (2) في كل وقت بالاسترقاق، أو القتل لا يسقط اعتبار ماليته.

و على تقدير تسليمه (3) فلا ينقص ذلك عن بيع مال الغير فيكون موقوفا على افتكاكه عن القتل و الاسترقاق، فإن افتك لزم، و إلا بطل البيع من اصله.

و يحتمل أن يكون البيع غير متزلزل (4) فيكون تلفه (5)

+++++++++++

(1) أي بالعبد الجاني.

(2) أي للمجني عليه.

(3) أي و على فرض تسليم إسقاط اعتبار مالية العبد الجاني جناية موجبة لقتله، أو استرقاق كله، أو بعضه فلا يكون بيع هذا العبد أقل من بيع الفضولي مال الغير لنفسه ثم اجاز المالك البيع.

فكما أن هناك يقع البيع صحيحا بعد الاجازة.

كذلك هنا يقع صحيحا بعد فك المولى العبد من الاقتصاص أو الاسترقاق.

(4) أي يكون لازما ثابتا.

(5) أي تلف العبد الجاني لو اقتص منه، أو استرق كله، أو بعضه يكون من المشتري لو كان التلف في غير زمن خيار الحيوان الثابت للعبد.

ص: 51

من المشتري فى غير زمن الخيار، لوقوعه (1) في ملكه.

غاية الامر أن كون المبيع عرضة لذلك (2) يوجب الخيار مع الجهل كالمبيع (3) الأرمد إذا عمي، و المريض إذا مات بمرضه:

و يرده (4) أن المبيع(1) إذا كان متعلقا لحق الغير (5) فلا يقبل أن يقع لازما، لأدائه إلى سقوط حق الغير فلا بد إما أن يبطل (6) و إما أن يقع مراعا.

و قد عرفت (7) أن مقتضى عدم استقلال البائع في ماله و مدخلية الغير فيه وقوع بيعه مراعا، لا باطلا.

و بذلك (8) يظهر الفرق بين ما نحن فيه (9)، و بين بيع المريض الّذي يخاف عليه من الموت و الأرمد الّذي يخاف عليه من العمى الموجب للانعتاق، فإن الخوف في المثالين لا يوجب نقصانا في سلطنة

+++++++++++

(1) أي لوقوع هذا التلف في ملك المشتري.

(2) أى للتلف.

(3) و هو العبد الأرمد.

(4) أى و يرد هذا الاحتمال.

(5) و هو المجني عليه.

(6) أى بيع العبد الجاني.

(7) أى في بيع الرهن في ص 10 عند قول الشيخ: لأن معقد الاجماع و الأخبار الظاهرة.

(8) أى و بما قلناه: من أن مقتضى عدم استقلال البائع في ماله و مدخلية الغير فيه وقوع بيعه مراعا، لا باطلا.

(9) و هو بيع العبد الجاني، و بين بيع العبد المريض.

ص: 52


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المالك، مانعا عن نفوذ تمليكه منجزا، بخلاف تعلق حق الغير (1).

اللهم إلا أن يقال: إن تعلق حق المجني عليه لا يمنع من نفوذ تمليكه منجزا، لأن للبائع سلطنة مطلقة عليه (2)، و كذا للمشترى و لذا (3) يجوز التصرف لهما فيه من دون مراجعة ذى الحق (4).

غاية الامر أن له (5) التسلط على ازالة ملكهما، و رفعه بالاتلاف (6) أو التمليك (7)(1).

و هذا (8) لا يقتضي وقوع العقد مراعا، و عدم استقرار الملك.

و بما ذكرنا (9) ظهر الفرق بين حق المرتهن المانع من تصرف الغير، و حق المجني عليه غير المانع فعلا.

+++++++++++

(1) و هو المجني عليه.

(2) أى على العبد الجاني.

(3) أي و لاجل أن تعلق حق المجني عليه على العبد الجاني لا يمنع من نفوذ تمليكه منجزا، لأن للبائع سلطنة مطلقة على العبد الجاني.

(4) و هو المجني عليه.

(5) أي لذي الحق و هو المجني عليه.

(6) كما إذا اقتص من العبد الجاني.

(7) كما إذا استرق كله، أو بعضه.

(8) و هو تسلط ذي الحق الذي هو المجني عليه على إزالة ملك المشتري، أو البائع باتلاف العبد الجاني بالاقتصاص منه، أو تملكه بالاسترقاق.

(9) من أن تعلق حق المجني عليه على الجاني لا يمنع من نفوذ تمليكه للعبد منجزا، لأن للبائع سلطنة مطلقة، و كذا للمشتري، و لذا يجوز التصرف لهما فيه.

ص: 53


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

غاية الامر أنه (1) مانع شأنا.

و كيف (2) كان فقد حكي عن الشيخ في الخلاف(1) البطلان (3) فإنه قال فيما حكي عنه:

إذا كان للرجل عبد جان فباعه مولاه بغير اذن المجني عليه.

فإن كانت جنايته توجب القصاص فلا يصح البيع.

و إن كانت جنايته توجب الارش صح إذا التزم مولاه بالارش.

ثم استدل (4) بأنه إذا وجب عليه القود (5) فلا يصح بيعه (6) لأنه قد باع منه ما لا يملكه فإنه حق للمجني عليه.

و أما إذا وجب عليه الارش صح (7)، لأن رقبته سليمة و الجناية ارشها فقد التزمه السيد فلا وجه يفسد البيع، انتهى (8).

و قد حكي عن المختلف(2) أنه حكي عنه(3) في كتاب الظهار التصريح بعدم بقاء ملك المولى على الجاني عمدا، حيث قال:

إذا كان عبد قد جنى جناية فإنه لا يجزي عتقه عن الكفارة.

+++++++++++

(1) أي حق المجني عليه له المانعية الشأنية، لا الفعلية.

بمعنى أن له اتلاف العبد بالاقتصاص منه، أو استرقاقه.

(2) يعني أي شيء قلنا في بيع العبد الجاني.

(3) أي بطلان بيع العبد الجاني.

(4) أي الشيخ قدس سره في الخلاف.

(5) بفتح القاف و الواو مصدر قود و هو القصاص بقتل القاتل عوضا عن المقتول.

(6) أي بيع المولى هذا العبد الجاني الذي اوجبت جنايته القصاص منه.

(7) أي صح بيع المولى هذا العبد الجاني.

(8) أي ما افاده شيخ الطائفة قدس سره في الخلاف في هذا المقام.

ص: 54


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إن كانت خطاء جاز ذلك.

و استدل باجماع الفرقة فإنه لا خلاف بينهم أنه إذا كانت جنايته عمدا ينتقل ملكه إلى المجني عليه.

و إن كانت خطاء فدية ما جناه على مولاه، انتهى (1).

و ربما يستظهر ذلك (2) من عبارة الاسكافي في المحكي عنه في الرهن و هي:

إن من شرط الرهن أن يكون رهن الراهن مثبتا لملكه اياه، غير خارج بارتداد. أو استحقاق الرقبة بجنايته عن ملكه، انتهى.

و ربما يستظهر البطلان من عبارة الشرائع أيضا في كتاب القصاص حيث قال:

إذا قتل العبد حرا عمدا فاعتقه مولاه صح (3) و لم يسقط القود.

و لو قيل: لا يصح (4)، لئلا يبطل حق الولي من الاسترقاق كان حسنا.

و كذا بيعه (5)

+++++++++++

(1) أي ما افاده العلامة قدس سره في المختلف في هذا المقام.

(2) و هو عدم بقاء ملك المولى على الجاني عمدا.

(3) أى صحّ العتق.

(4) أى عتق العبد الجاني إذا قتل حرا عمدا.

(5) أى و كذا الصحة و البطلان تأتيان في بيع العبد الجاني و هبته، كما تأتي الاشارة إليهما.

و أما وجه استظهار بطلان بيع العبد الجاني عمدا من كلام المحقق فمن عطف قوله: و كذا بيعه و هبته على قوله: صح.

و على قوله: و لو قيل: لا يصح، لئلا يبطل الاسترقاق كان حسنا. -

ص: 55

و هبته، انتهى (1).

لكن يحتمل قويا أن يكون مراده بالصحة وقوعه (2) لازما غير متزلزل كوقوع العتق، لأنه (3) الّذي يبطل به حق الاسترقاق دون وقوعه، مراعا بافتكاكه عن القتل و الاسترقاق.

و كيف كان (4) فالظاهر من عبارة الخلاف الاستناد في عدم الصحة إلى عدم الملك (5).

و هو ممنوع، لأصالة بقاء ملكه، و ظهور لفظ الاسترقاق(1) في بعض الأخبار في بقاء الملك (6).

+++++++++++

- فكما أن المعطوف عليه: و هو صحة عتق العبد الجاني عمدا يجوز فيه الوجهان: الصحة و البطلان.

كذلك المعطوف: و هو بيع العبد الجاني وهبته يجوز فيه الوجهان:

الصحة و البطلان.

(1) أى ما افاده المحقق في الشرائع.

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة - الجزء 4 - ص 209.

(2) أي وقوع البيع.

(3) تعليل لكون المراد من صحة البيع هو اللزوم، لا البيع المتزلزل أى اللزوم هو الموجب لبطلان حق استرقاق المجني عليه لا وقوع البيع مراعا و متزلزلا.

(4) أى سواء قلنا بصحة بيع العبد الجاني عمدا أم لم نقل بذلك.

(5) كما نقل عنه الشيخ في ص 54 بقوله: فلا يصح بيعه، لأنه قد باع منه ما لا يملكه.

(6) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 19، ص 73 الباب 41 الحديث 1-2.

ص: 56


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

نعم فى بعض الأخبار ما يدل على الخلاف (1).

و يمكن أن يكون مراد الشيخ بالملك السلطنة عليه، فإنه ينتقل إلى المجني عليه.

و يكون عدم جواز بيعه من المولى مبنيا على المنع عن بيع الفضولي المستلزم للمنع عن بيع كل ما يتعلق به حق للغير (2) تنافيه السلطنة المطلقة من المشترى عليه كما في الرهن.

+++++++++++

- أليك نص الحديث الاول.

عن زرارة عن احدهما عليهما السلام في العبد إذا قتل الحر دفع إلى أولياء المقتول.

فإن شاءوا قتلوه، و إن شاءوا استرقوه.

فالشاهد في كلمة استرقوه، حيث تدل على بقاء العبد الجاني على ملكيته.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 19 ص 74، الحديث 5، أليك نص الحديث.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

العبد إذا قتل الحرّ دفع إلى أولياء المقتول.

فإن شاءوا قتلوه، و ان شاءوا استحيوا.

فالشاهد في هذا الحديث أنه ليس فيه كلمة استرقوه.

بل فيه لفظة استحيوا الدالة على بقاء العبد من غير استحقاق.

(2) كما فيما نحن فيه، حيث يتعلق حق للمجني عليه على العبد الجاني عمدا جناية توجب قتله، أو استرقاق كله أو بعضه.

ص: 57

مسألة: إذا جنى العبد خطاء صح بيعه

(مسألة):

إذا جنى العبد خطاء صح بيعه (1) على المشهور.

بل في شرح الصيمرى أنه لا خلاف في جواز بيع الجاني إذا كانت الجناية خطاء، أو شبه عمد، و يضمن المولى أقل الامرين:

من قيمته، و دية الجناية.

و لو امتنع (2) كان للمجني عليه، أولوية انتزاعه فيبطل البيع.

و كذا لو كان المولى معسرا فللمشترى الفسخ مع الجهالة (3) لتزلزل ملكه ما لم يفد به المولى، انتهى (4).

و ظاهره (5) أنه اراد نفي الخلاف عن الجواز قبل التزام السيد.

إلا أن المحكي عن السرائر و الخلاف أنه لا يجوز (6) إلا إذا افداه

+++++++++++

(1) أى بيع المولى العبد الجاني جناية خطأ.

(2) أى المولى لو امتنع من دفع أقل الامرين: قيمة العبد، أو دية الجناية.

(3) أى مع جهالة المشترى بجناية العبد خطأ.

(4) أى ما افيد في شرح الصيمرى.

(5) أى و ظاهر كلام الصيمرى.

(6) أى بيع العبد الجاني خطأ.

ص: 58

المولى، أو التزم بالفداء، إلا أنه إذا باع ضمن.

و الأوفق (1) بالقواعد أن يقال بجواز البيع، لكونه ملكا لمولاه.

و تعلق حق الغير (2) لا يمنع عن ذلك (3)، لأن كون المبيع مال الغير لا يوجب بطلان البيع رأسا (4)، فضلا عن تعلق حق الغير (5).

و لعل ما عن الخلاف (6) و السرائر مبني على اصلهما: من بطلان الفضولي و ما أشبهه: من كل بيع يلزم من لزومه بطلان حق الغير (7)

+++++++++++

(1) هذا رأي شيخنا الانصاري قدس سره حول الموضوع اي الأوفق بالقواعد الفقهية هو جواز بيع العبد الجاني خطأ.

و المراد بالقواعد هي:

قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و قوله تعالى: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلّطون على أموالهم

(2) و هو المجني عليه.

(3) أي لا يمنع عن البيع.

(4) كما ذكرنا عدم البطلان في بيع الفضولي بأقسامه في الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 151 - إلى ص 350.

(5) كما فيما نحن فيه: و هو تعلق حق المجني عليه على العبد الجاني خطأ.

(6) كما في نقل الشيخ عنه هنا في ص 58 بقوله: إلا أن المحكي عن الخلاف و السرائر أنه لا يجوز بيعه.

(7) كبيع العبد الجاني خطأ.

ص: 59

كما يؤمئ إليه استدلال الحلي (1) على بطلان البيع قبل التزامه و ضمانه: بأنه قد تعلق برقبة العبد الجاني، فلا يجوز إبطاله.

و مرجع هذا المذهب إلى أنه لا واسطة بين لزوم البيع و بطلانه.

فاذا صح البيع ابطل حق الغير.

و قد تقدم غير مرة أنه لا مانع من وقوع البيع مراعا باجازة ذي الحق، أو سقوط حقه (2).

اذا باع المولى فيما نحن فيه قبل اداء الدية، أو أقل الامرين على الخلاف وقع مراعا.

فإن فدّاه المولى، أو رضي المجني عليه بضمانه (3) فذاك.

و إلا انتزعه المجني عليه من المشتري.

و على هذا (4) فلا يكون البيع موجبا لضمان البائع(1) حق المجني عليه.

قال في كتاب الرهن من القواعد: و لا يجبر السيد على فداء الجاني و إن رهنه أو باعه، بل يتسلط المجني عليه.

فإن استوعبت الجناية القيمة (5) بطل الرهن، و إلا (6) ففي

+++++++++++

(1) و هو صاحب السرائر عند نقل الشيخ عنه في ص 58 بقوله: إلا إذا افداه المولى، أو التزم بالفداء.

(2) كما إذا أبرأ ذو الحق حقه.

(3) أي بضمان المولى جناية عبده.

(4) أي و على ما قلناه: من أن المولى لو فدّى جناية عبده، أو رضي المجني عليه بضمان المولى.

(5) أي قيمة العبد بطل رهن المولى العبد.

(6) أي و إن لم تستوعب الجناية قيمة العبد ففي المقابل:

من النصف، أو الثلث، أو الربع، أو غيرها.

ص: 60


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المقابل، انتهى (1).

لكن ظاهر العلامة في غير هذا المقام، و غيره (2) هو أن البيع بنفسه التزام بالفداء.

و لعل وجهه (3) أنه يجب على المولى، حيث تعلق بالعبد و هو مال من أمواله و في يده حق يتخير المولى في نقله عنه إلى ذمته: بأن يوفي حق المجني عليه.

إما من العين، أو من ذمته، فيجب عليه إما تخليص العبد من المشتري بفسخ أو غيره، و إما أن يفديه من ماله.

فاذا امتنع المشتري من ردّه و المفروض عدم سلطنة البائع على اخذه قهرا للزوم الوفاء بالعقد وجب عليه دفع الفداء.

و يرد عليه (4) أن فداء العبد غير لازم قبل البيع، و بيعه ليس اتلافا له حتى يتعين عليه الفداء، و وجوب الوفاء بالبيع لا يقتضي إلا رفع يده، لا رفع يد الغير.

بل هذا أولى بعدم وجوب الفك من الرهن الذي تقدم في آخر المسألة (5) الخدشة في وجوب الفك على الراهن بعد بيعه، لتعلق

+++++++++++

- فلو كانت دية الجاني تقابل نصف قيمة العبد فالرهن يكون صحيحا بالنسبة إليه، و هكذا

(1) أي ما افاده العلامة في كتاب الرهن من القواعد.

(2) أي و غير العلامة من الفقهاء.

(3) أي وجه هذا الالتزام الذي افاده العلامة.

(4) أي على ما افاده العلامة في هذا المقام.

(5) أي في مسألة بيع العبد المرهون في ص 47 بقوله: و أما دفع.

ص: 61

الدين هناك (1) بالذمة، و تعلق الحق هنا (2) بالعين، فتأمل (3).

ثم إن المصرح به في التذكرة، و المحكي عن غيرها أن للمشتري فك العبد، و حكم رجوعه (4) إلى البائع حكم قضاء الدين عنه.

+++++++++++

(1) أي في مسألة بيع العبد المرهون.

(2) اي في بيع العبد الجاني خطأ فلا بد في الاستيفاء من نفس العين.

(3) لعل وجه التأمل اشارة إلى أن الدين و إن كان متعلقا بالذمة في مسألة العبد المرهون، إلا أن استحقاق حق الدين متعلق بالعين المرهونة فللمرتهن الاستيفاء منها.

إذا لا فرق بين هذه المسألة، و بين تلك المسألة في تعلق الحق بالعين

(4) أي حكم رجوع المشتري إلى البائع حكم قضاء الدين عن العبد فكما أن الدين إذا كان باذن من المولى فللدائن حق الرجوع إلى المولى.

بخلاف ما إذا كان بغير اذنه فليس للدائن حق الرجوع على المولى.

كذلك المشتري هنا فإنه إذا كان عالما بتعلق الحق بذمة العبد فاقدم على الشراء فليس له حق الرجوع على البائع.

و أما إذا لم يكن عالما بذلك فله الرجوع على البائع.

ص: 62

مسألة: الثالث من شروط العوضين القدرة على التسليم
اشارة

(مسألة):

الثالث من شروط العوضين القدرة على التسليم، فإن الظاهر الاجماع على اشتراطها في الجملة (1) كما في جامع المقاصد.

و في التذكرة أنه اجماع.

و في المبسوط(1) الاجماع على عدم جواز بيع السمك في الماء، و لا الطير في الهواء.

و عن الغنية أنه إنما اعتبرنا في المعقود عليه أن يكون مقدورا عليه تحفظا مما لا يمكن فيه ذلك كالسمك في الماء، و الطير في الهواء، فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف.

و استدل في التذكرة على ذلك (2) بأنه نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع الغرر و هذا (3) غرر.

+++++++++++

(1) أي لا بنحو الايجاب الكلي، بل بنحو الايجاب الجزئي لأنه في صورة ضمان البائع المبيع، و علم المشتري بذلك فلا اعتبار بوجوب القدرة على تسليم المبيع.

(2) أى على وجوب القدرة على تسليم المبيع:

(3) أى عدم القدرة على تسليم المبيع من المبيع الغررى فيشمله الحديث النبوى المشهور.

ص: 63


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و النهي (1) هنا يوجب الفساد اجماعا على الظاهر المصرح به في موضع من الايضاح و اشتهار (2) الخبر بين الخاصة و العامة يجبر ارساله.

أما كون ما نحن فيه غررا فهو الظاهر من كلمات كثير من الفقهاء و اهل اللغة، حيث مثلوا للغرر ببيع السمك في الماء و الطير في الهواء مع أن معنى الغرر على ما ذكره أكثر أهل اللغة صادق عليه (3).

+++++++++++

- راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 - ص 29 و أما الحديث النبوى الوارد في نفي الغرر فراجع.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 330 الباب 40 - الحديث 3.

(1) هذا كلام شيخنا الانصارى اى النهي عن البيع إذا لم يكن البائع قادرا على تسليم المبيع يدل على الحكم الوضعي و هو الفساد باجماع من الطائفة.

(2) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم أن الخبر النبوى المشار إليه في ص 63.

الوارد في الغرر من المراسيل و الخبر إذا كان مرسلا لا يعمل به فيكون ساقطا عن درجة الاعتبار.

فاجاب قدس سره أن اشتهار هذا الحديث بين الشيعة و السنة يكون جابرا لارسال الحديث.

(3) اى على البيع الّذي فقد فيه شرط العوضين: و هو القدرة على تسليم كل واحد من المتبايعين كل واحد من العوضين إلى صاحبه، لأن البائع إذا لم يكن قادرا على التسليم و باعه كذلك و المشترى جاهل بعدم قدرة البائع على التسليم يكون مغرورا لصدق الغرر عليه حينئذ، لشمول الحديث النبوى المذكور: -

ص: 64

و المروي (1) عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه (2) عمل ما لا يؤمن معه الضرر (3).

+++++++++++

- (لا تبع ما ليس عندك) لهذا الغرر، فيكون البيع باطلا و فاسدا.

(1) بالنصب عطفا على اسم إن في قوله: مع أن معنى الغرر هذا دليل آخر على أن بيع ما لا يمكن تسليمه بيع غرري، أي و مع أن المروي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في تفسير الغرر:

أنه عدم الاطمئنان و الامان من الضرر في قوله عليه السلام:

إنه عمل ما لا يؤمن معه من الضرر، فيشمل العقد الذي لا يكون العاقد قادرا على تسليم المعقود عليه إلى صاحبه، أن كل واحد من المتبايعين لا يحصل له الاطمئنان و الوثوق على مثل هذا العقد فيكون العقد عقدا غرريا يشمله الحديث النبوي المذكور.

(2) أي الغرر كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) لم نعثر على مصدر لهذا الحديث الشريف في كتب الأحاديث المروية عن طرقنا.

و لعل القارئ النبيل يعثر على مصدره و يرشدنا إلى ذلك حتى ندرجه في الجزء الثالث عشر مع الشكر الجزيل المتواصل.

ثم إن الحديث مذكور في الجواهر هكذا.

إنه عمل ما لا يؤمن معه من الغرر.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 22 ص 387.

و هنا مروي كما اثبتناه.

و في المصابيح مروي هكذا:

إنه عمل ما لا يؤمن معه من الغرور.

و لنا خدش مع هؤلاء الأعلام قدس اللّه أسرارهم. -

ص: 65

معنى الغرر لغة

و في الصحاح الغرة الغفلة، و الغار الغافل، و اغره أي اتاه على غرة منه، و اغتر بالشيء أي خدع به، و الغرر الخطر.

و نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر (1): و هو مثل بيع السمك في الماء، و الطير في الهواء.

إلى أن قال (2): و التغرير حمل النفس على الغرر، انتهى (3).

و عن القاموس ما ملخصه: غره غرا و غرورا، و غرة بالكسر فو مغرور و غرير كامير خدعه و اطمعه بالباطل.

إلى أن قال (4): غرر نفسه تغريرا و تغرة كتحلّة أي عرضها للهلكة. و الاسم الغرر محركة.

+++++++++++

- و هو أنه كيف يصح تفسير الغرر بنفسه؟

فيقال في تعريفه: إنه عمل ما لا يؤمن معه من الغرر كما افاده الشيخ صاحب الجواهر.

أو من الغرور كما افاده السيد بحر العلوم في مصابيحه التي هي المصدر للجواهر و المكاسب، و إن لم يصرح الشيخ صاحب الجواهر و شيخنا الانصاري بالمصدر.

فالصحيح على فرض وجود مصدر للحديث ما اثبته شيخنا الانصاري و نحن اثبتناه هنا.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 330 الباب 40 الحديث 3.

(2) أي صاحب الصحاح.

(3) أي ما افاده صاحب الصحاح في هذا المقام.

(4) اي صاحب القاموس.

ص: 66

إلى أن قال (1): و الغار الغافل، و اغتر غفل، و الاسم الغرة بالكسر، انتهى (2).

و عن النهاية بعد تفسير الغرة بالكسر بالغفلة: أنه نهي عن بيع الغرر: و هو ما كان له ظاهر يغر المشتري: و باطن مجهول.

و قال الازهري: بيع الغرر ما كان على غير عهدة، و لا ثقة.

و تدخل فيه البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول.

و قد تكرر (3) في الحديث، و منه (4) حديث مطرف:

إن لي نفسا واحدة، و إني لا كره أن أغرر بها أي احملها على غير ثقة (5)، و به (6) سمّي الشيطان غرورا، لأنه يحمل الانسان على محابّة، و وراء ذلك ما يسوئه، انتهى.

و قد حكي أيضا عن الاساس و المصباح، و المغرب و الجمل و المجمع تفسير الغرر بالخطر ممثلا له في الثلاثة الاخيرة (7) ببيع السمك في الماء، و الطير في الهواء.

و في التذكرة: أن اهل اللغة فسروا بيع الغرر بهذين (8).

+++++++++++

(1) أي صاحب القاموس.

(2) أي ما افاده الفيروزآبادي في القاموس في هذا المقام.

(3) أي بيع الغرر قد تكرر في الحديث، هذا كلام الازهري.

(4) أي و من حديث الغرر الذي كثر ذكره في الحديث.

(5) خلاصة المعنى المستفاد من حديث مطرف أنه يقول:

إني لاكره أن احمل نفسي على امر لا اثق بسلامتها فيه.

(6) أى و بحمل النفس على امر لا يوثق بسلامتها فيه.

(7) و هي: (الجمل - و المغرب - و مجمع البحرين).

(8) و هما: بيع السمك في الماء، و الطير في الهواء.

ص: 67

و مراده (1) من التفسير التوضيح بالمثال.

+++++++++++

(1) أى و مراد العلامة من التفسير في قوله: إن اهل اللغة فسروا هذا دفع وهم.

و خلاصة الوهم أن بين تفسير صاحب النهاية الغرر بقوله:

هو ما كان له ظاهر يغرّ المشترى، و باطن مجهول.

و بين نقل العلامة في التذكرة عن اهل اللغة:

انهم فسّروا بيع الغرر بمثالين و هما:

بيع السمك في الماء، و الطير في الهواء:

تنافيا، إذ ظاهر تفسير صاحب النهاية الغرر هو أن البائع يبيع شيئا له ظاهر يغرّ المشترى، و باطن مجهول.

و تفسير اهل اللغة البيع الغررى بالمثالين يرى عدم اغترار المشترى بشراء السمك في الماء، و الطير في الهواء، لأنه ليس فيهما شيء مخفي يغتر به، لعلمه بوجود السمك في الماء، و الطير في الهواء فليس لهما ظاهر و باطن.

و هذا معنى التنافي بين التفسيرين.

فاجاب الشيخ قدس سره عن عدم المنافاة: بأن الاتيان بالمثالين إنما هو لاجل توضيح معنى الغرر لا غير، لا لاجل الاختلاف الواقع بين اهل اللغة، و صاحب النهاية في معنى الغرر.

و يمكن أن يقال في عدم المنافاة: إن نفس إقدام البائع على بيع السمك في الماء، و الطير في الهواء له ظاهر يغتر المشترى به في أن البائع قادر على تسليم السمك و الطير له فيقدم على الشراء.

اذا يتحد التفسيران.

ص: 68

و ليس في المحكي عن النهاية منافاة لهذا التفسير (1) كما يظهر بالتأمل.

و بالجملة (2) فالكل متفقون على اخذ الجهالة في معنى الغرر سواء تعلق الجهل باصل وجوده أم بحصوله في يد من انتقل إليه أم بصفاته كما و كيفا.

و ربما يقال (3): إن المنساق من الغرر المنهي عنه الخطر من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره، لا (4) مطلق الخطر

+++++++++++

(1) و هو تفسير اهل اللغة الغرر بالمثالين كما ذكرهما العلامة عنهم في التذكرة.

(2) من هنا يروم الشيخ الجمع بين التفاسير الواردة حول الغرر من اهل اللغة عند نقل الشيخ عنهم.

أى و خلاصة الكلام في هذا المقام أن جميع اللغويين عند ما فسّروا الغرر قد اخذوا الجهل في مفهومه بحيث جعلوه من مقوماته، سواء تعلق الجهل باصل وجود الشيء كما في بيع الكلي من حيث تحقق مصداقه، أم تعلق بحصول الشيء في يده كما في بيع العبد الآبق، أم تعلق بصفات الشيء من حيث الكم و الكيف.

فالجهل هو القدر الجامع بين التفاسير الواردة فى الغرر.

(3) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر.

و خلاصة ما افاده في هذا المقام هو تضييق دائرة معنى الغرر و تقييده بالخطر من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره، لا مطلق الخطر الحاصل من عدم امكان تسلم المشترى المبيع، أو امكانه ذلك الناشئ هذا الإمكان، أو عدمه من عدم قدرة البائع على التسليم لأن التسليم و التسلم خارجان عن مفهوم الخطر.

(4) عرفت معنى هذا في الهامش 3 عند قولنا: لا مطلق الخطر.

ص: 69

الشامل لتسليمه، و عدمه.

ضرورة (1) حصوله في بيع كل غائب، خصوصا إذا كان في بحر و نحوه بل هو (2) أوضح شيء في بيع الثمار و الزرع، و نحوهما.

و الحاصل أن من الواضح عدم لزوم المخاطرة في بيع مجهول المال بالنسبة إلى التسلم، و عدمه، خصوصا بعد جبره (3) بالخيار لو تعذر (4).

و فيه (5) أن الخطر من حيث حصول المبيع في يد المشترى أعظم

+++++++++++

(1) تعليل من الشيخ صاحب الجواهر لأن المراد من الغرر هو الخطر من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره، لا مطلق الخطر.

و خلاصته أن الخطر في بيع الغائب حاصل، مع أن بيع الغائب جائز، و لا سيما إذا كان المبيع الغائب في بحر، أو برّ يخشى عليه التلف.

و كذا الخطر في بيع الأثمار في السنة القادمة حاصل، مع أن بيع الأثمار الحاصلة من بستان خاص في العام القادم جائز.

بل الخطر المتوجه في بيع الأثمار و الزرع أوضح شيء فلو كان مطلق الخطر ملاكا في عدم جواز البيع لما صح بيع ما ذكر.

(2) أى الخطر كما عرفت عند قولنا: بل الخطر المتوجه.

(3) أى بعد جبر بيع مجهول الحال بالنسبة إلى التسلم و عدمه بالخيار عند تعذر التسلم.

(4) راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة الجزء 22 ص 388.

(5) أى و فيما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام نظر.

من هنا اخذ الشيخ في رد مقالة الشيخ صاحب الجواهر.

و خلاصة ما افاده أن الخطر الحاصل من المبيع الّذي في يد -

ص: 70

من الجهل بصفاته مع العلم بحصوله، فلا وجه لتقييد كلام اهل اللغة خصوصا بعد تمثيلهم (1) بالمثالين المذكورين.

و احتمال ارادتهم (2) ذكر المثالين لجهالة صفات المبيع، لا الجهل بحصوله في يده.

يدفعه (3) ملاحظة اشتهار التمثيل بهما في كلمات الفقهاء للعجز

+++++++++++

- المشتري أعظم من الخطر الحاصل من الجهل بصفات المبيع مع العلم بحصول المبيع، فعليه فلا وجه لتقييد كلام اهل اللغة: بأن يقال:

إن المنساق من الغرر هو الخطر من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره.

(1) أى بعد تمثيل اهل اللغة بالمثالين المذكورين و هما: بيع السمك في الماء، و الطير في الهواء كما افاد الشيخ هذا المعنى بقوله في ص 64:

حيث مثلوا للغرر ببيع السمك في الماء، و الطير في الهواء.

(2) أى إرادة اللغويين.

دفع وهم، يقصد من هذا الوهم تقوية ما افاده صاحب الجواهر في تقييده الغرر بالخطر المخصوص: لا بمطلق الخطر كما عرفت عند نقل الشيخ عنه في ص 69 بقوله: و ربما يقال.

حاصل الوهم أنه من المحتمل أن يكون غرض اللغويين من ذكرهم المثالين لاجل الجهل بصفات المبيع، لا لاجل الجهل حصول المبيع في يد المشتري فحينئذ يصح تقييد الغرر بما ذكر.

(3) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته أنه قد اشتهر أن التمثيل بالمثالين في كلمات الفقهاء انما هو لاجل العجز عن تسليم المبيع إلى المشتري، لا لاجل الجهل بالصفات، و هذا الاشتهار كاف في مقام الدفع عن الوهم المذكور.

ص: 71

عن التسليم، لا لجهالة بالصفات، هذا (1).

الاستدلال الفريقين بالنبوي المذكور على شرطية القدرة
اشارة

مضافا (2) إلى استدلال الفريقين: من العامة و الخاصة بالنبوي المذكور على اعتبار القدرة على التسليم كما يظهر (3) من الانتصار(1)حيث قال فيما حكي عنه.

و مما انفردت به الامامية القول بجواز شراء العبد الآبق مع الضميمة و لا يشترى وحده إلا إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري.

و خالف باقي الفقهاء (4) في ذلك، و ذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع الآبق على كل حال (5).

+++++++++++

(1) أى خذ ما تلوناه عليك: من الأدلة حول اشتراط القدرة على تسليم المبيع للمشترى.

(2) أى و لنا بالإضافة إلى ما ذكرناه لك: من الأدلة على اشتراط القدرة في تسليم العوضين دليل آخر على ذلك:

و هو استدلال جميع الفقهاء في جميع الأعصار: من (السنة و الشيعة) بالحديث النبوى المشار إليه في ص 63 بقوله: و استدل في التذكرة على ذلك بأنه نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر.

و استدلال كافة الفقهاء بالحديث المذكور دليل على اشتراط القدرة على التسليم.

(3) أى استدلال الفريقين بالحديث المذكور على اشتراط القدرة على تسليم المبيع يظهر من كتاب الانتصار.

و الانتصار (مؤلف شريف، و مصنف عظيم (للسيد المرتضى) قدس سره.

يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب).

(4) المقصود منهم فقهاء (اخواننا السنة).

(5) أى سواء أ كان البيع منضما مع شيء آخر يمكن بذل المال -

ص: 72


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلى أن قال: و يعول مخالفونا في منع بيعه على أنه بيع غرر و أن نبينا صلى اللّه عليه و آله و سلم نهى عن بيع الغرر.

إلى أن قال (1): و هذا ليس بصحيح، لأن هذا البيع (2) يخرجه من أن يكون غررا، لانضمام (3) غيره إليه، انتهى (4).

و هو (5) صريح في استدلال جميع العامة بالنبوى على اشتراط القدرة على التسليم.

فالظاهر اتفاق أصحابنا أيضا على الاستدلال به (6) كما يظهر للمتتبع.

و سيجيء في عبارة الشهيد التصريح به (7).

+++++++++++

- ازائه أم مجردا عن ذلك.

(1) أى السيد المرتضى قال: إن عدم القدرة على تسليم المبيع بيعا غرريا ليس بصحيح، فالاستدلال بالنبوى المذكور لا يكون صحيحا.

(2) و هو كونه منضما مع شيء آخر يمكن بذل المال بإزائه يخرج المبيع عن كونه بيعا غرريا.

(3) تعليل لخروج البيع المنضم إليه شيء آخر عن البيع الغررى.

و خلاصته: أن نفس الانضمام إلى مثل هذا البيع يخرج البيع عن البيع الغررى فلا يبقى مفهوم للغرر فالمال قد بذل ازاء شيء له مالية، و المشتري قادر على تسلمه.

(4) أى ما افاده (السيد المرتضى علم الهدى) قدس سره في كتابه الانتصار حول القدرة على التسليم.

(5) أى ما افاده (السيد المرتضى): من أن الشيعة و السنة مستدلين بالحديث النبوى المشهور على اشتراط القدرة على تسليم المبيع.

(6) أى بالاستدلال بالحديث النبوى المذكور.

(7) أى باتفاق أصحابنا الامامية على اشتراط القدرة على تسليم المبيع.

ص: 73

و كيف كان (1) فالدعوى المذكورة (2) مما لا يساعدها اللغة و لا العرف، و لا كلمات اهل الشرع.

كلام الشهيد في القواعد في تفسير الغرر

و ما أبعد ما بينه (3)، و بين ما عن قواعد(1) الشهيد رحمه اللّه حيث قال:

الغرر لغة ما كان له ظاهر محبوب، و باطن مكروه (4) قاله (5) بعضهم.

و منه (6) قوله تعالى: متاع الغرور.

+++++++++++

(1) يعني أى شيء قلنا في معنى الغرر.

(2) و هي التي افادها صاحب الجواهر: من اختصاص معنى الغرر بصورة الجهل بصفات المبيع.

لا مطلق الجهل الشامل لتسليمه و عدمه عند نقل الشيخ عنه في ص 69 بقوله: و ربما يقال: إن المنساق.

(3) أى بين تفسير صاحب الجواهر الغرر، و بين تفسير الشهيد الغرر في قواعده فى القاعدة الخامسة و المائتين كما نقل الشيخ عن الشهيد هنا بون بعيد كما تقف على تفسيره له.

من هنا يروم الشيخ أن يؤيد ما اورده على صاحب الجواهر بقوله في هذه الصفحة: و كيف كان فالدعوى المذكورة مما لا يساعد عليها اللغة و لا العرف، و لا كلمات اهل الشرع فاخذ في نقل كلام الشهيد حرفيا.

(4) هذا تفسير الشهيد الغرر لغة و هو مخالف لتفسير صاحب الجواهر الغرر كما وقفت عند تفسيره.

(5) هذا كلام الشهيد الاول أى قال هذا المعنى اللغوى للفظة الغرر بعض اهل اللغة.

(6) أى و من هذا المعنى اللغوى للغرر قوله عزّ من قائل:

متاع الغرور، حيث إن حطام الدنيا و زخرفتها لها ظاهر محبوب -

ص: 74


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و شرعا (1) هو جهل الحصول باليد و التصرف (2).

و أما المجهول المعلوم الحصول (3)، أو مجهول الصفة (4) فليس غررا، و بينهما (5) عموم و خصوص من وجه، لوجود (6) الغرر بدون الجهل في العبد الآبق إذا كان معلوم الصفة من قبل (7)

+++++++++++

- و باطن مكروه تغر الانسان فيقبل عليها، لكنها لا تدوم له كما قال أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام:

لا تدوم أحوالها، و لا تسلم نزّالها.

(نهج البلاغة) الجزء 2 ص 246 رقم الخطبة 221 شرح محمد عبده. تحقيق محمد محي الدين.

(1) أى و قال الشهيد في قواعده: الغرر شرعا.

(2) كما في العبد الآبق، أو الطير في الهواء، أو السمك في الماء فإن البائع غير قادر على تسليم المبيع للمشترى فيكون المشترى جاهلا بحصوله في يده، و لم يكن قادرا على تصرفه، فهذا المبيع يكون غرريا شرعا.

(3) كما في العبد الآبق الّذي يكون حصوله معلوما في يد المشترى لكنه مجهول من حيث المكان، فهذا المبيع لا يكون غرريا شرعا.

(4) كما في العبد لا يعلم أنه كاتب، أو ليس بكاتب.

أو لا يعلم أنه خياط، أو ليس بخياط، فهذا المبيع لا يكون غرريا شرعا.

(5) أى بين الغرر و الجهل من النسب الاربع.

(6) هذه مادة الافتراق من جانب الجهل: بأن يكون الغرر موجودا، و الجهل مفقودا كما في المثال المذكور.

(7) أى قبل بيع العبد كانت الصفة الموجودة في العبد -

ص: 75

أو بالوصف الآن (1)(1)

و وجود (2) الجهل بدون الغرر فى المكيل و الموزون و المعدود إذا لم يعتبر (3).

و قد يتوغل (4) في الجهالة كحجر لا يدرى أذهب أم فضة أم نحاس أو صخر؟

و يوجدان (5) في العبد الآبق المجهول الصفة.

و يتعلق الغرر و الجهل تارة بالوجود كالعبد الآبق المجهول الوجود.

و اخرى بالحصول كالعبد الآبق المعلوم الوجود، و الطير في الهواء.

+++++++++++

- كالكتابة معلومة للمشتري.

(1) أى صارت الصفة في العبد معلومة في آن البيع و الشراء.

(2) هذه مادة الافتراق من جانب الغرر: بأن يكون الجهل موجودا و الغرر مفقودا كما في المثال المذكور.

(3) أى إذا لم يكن المبيع الذي هو المكيل، أو الموزون، أو المعدود موزونا، أو مكيلا، أو معدودا، بأن لا يعرف مقداره من حيث الوزن و الكيل و العد بالضبط و التحقيق، بل يعرف اجمالا فهذا بيع غرري شرعا.(2)

(4) أى المبيع قد يتمحض في الجهالة.

الفرق بين هذا المبيع، و المبيع في المثال المذكور في الهامش 3 من هذه الصفحة أنه في الهامش 3 يكون معلوما بالاجمال كما عرفت عند قولنا: بأن لا يعرف مقداره، و هنا لا يكون معلوما اصلا.

(5) هذه مادة اجتماع الغرر و الجهل.

ص: 76


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و بالجنس (1) كحب لا يدرى ما هو (2)، و سلعة (3) من سلع مختلفة.

و بالنوع (4) كعبد من عبيد، و بالقدر (5) ككيل لا يعرف قدره.

و البيع (6) إلى مبلغ السهم.

و بالعين(1) (7) كثوب من ثوبين مختلفين.

+++++++++++

(1) أى و يتعلق الغرر و الجهل مرّة ثالثة بالجنس.

(2) أى لا يدرى أن جنس الحبّ بحسب النوع من أي أنواع الحبوب.

(3) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: كحب هذا مثال آخر أيضا لتعلق الغرر و الجهل بالجنس أى و كسلعة من سلع لا يدرى من أى نوع السلع هي؟

(4) أى و يتعلق الغرر و الجهل مرة رابعة بالنوع كالمثال المذكور فإن العبيد الموجودين عند البائع مختلفون لا يدرى أن العبد المبيع من أى نوع من العبيد؟

(5) أى و يتعلق الغرر و الجهل مرة خامسة بالقدر كالمثال المذكور، فإن البيع بالكيل الّذي لا يعرف مقداره بيع غرري مجهول.

(6) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله ككيل فهو مثال ثان للمبيع المجهول الغرري الذي لا يعرف مقداره أى و كالبيع ازاء وصول السهم، حيث لا يعرف مقدار وصوله.

(7) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: ككيل فهو مثال ثالث للمبيع المجهول الغرري الذي لا يعرف مقداره أى و كبيع ثوب من ثوبين مختلفين من حيث القيمة، فإنه لو بيع ثوب من ثوبين لا يعرف مقدار ثمنه بالتعيين يكون البيع بيعا غرريا مجهولا فهو كبيع شيء نقدا بسعر، و نسيئة بسعر آخر، فإن المشتري لو -

ص: 77


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و بالبقاء (1) كبيع الثمرة قبل بدو الصلاح عند بعض الأصحاب.

و لو شرط في العقد أن يبدو الصلاح لا محالة كان غررا عند الكل (2) كما لو شرط في العقد صيرورة الزرع سنبلا.

و الغرر قد يكون بماله مدخل ظاهرا في العوضين (3).

و هو ممتنع اجماعا.

و قد يكون (4) مما يتسامح به عادة، لقلته كاس الجدار

+++++++++++

- قال: قبلت فلا يدرى وقوع القبول على أيهما كان.

هل على النقد أو على النسيئة؟

فكما أن هذا النوع من البيع باطل، كذلك هذا النوع من البيع باطل أيضا.

(1) أى و يتعلق الغرر و الجهل مرة سادسة بالبقاء أى من حيث مقدار مدة بقاء المبيع كما في المثال المذكور، فإن بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح لا تعرف مدة بقائها على الشجرة حتى تقطف.

(2) لأن هذا الشرط موجب للجهل بحصول المبيع من حيث مقدار الزمن الذي يبدو فيه صلاح الثمرة فيكون غررا.

و أما لو لم يشترط ذلك في متن العقد فلا يكون البيع غررا عند الكل، بل عند بعض الأصحاب، لأن المبيع مجهول من حيث مقدار بقاء الثمرة على الشجرة كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) أى في ماليتهما: بحيث لا يتسامح العرف بهذا المقدار من الشيء الذي له مدخل في مالية العوضين، فالبيع هكذا يكون باطلا اجماعا لأنه بيع غرري.

(4) أى و قد يكون الغرر بشيء لا مدخلية له في مالية العوضين و هو مما يتسامح العرف به عادة، لكونه قليلا لا يعبأ به كما -

ص: 78

و قطن (1) الجبة.

و هو (2) معفو عنه اجماعا، و نحوه اشتراط الحمل (3).

و قد يكون (4)

+++++++++++

- في المثال المذكور في المتن، فإن اساس الجدار الداخل في الارض الذي يبنى بالحجارة إذا بني بأقل مما هو المتعارف عند البنائين:

بحجارة، أو حجارتين، أو ثلاثة يتسامح به فلا تكون هذه القلة موجبة للبطلان، لعدم صدق الغرر على هذا البيع.

(1) مثال ثان للشيء الذي لا مدخلية له في مالية العوضين لتسامح العرف به عادة، فإن الجبة إذا بيعت و كان قطنها قليلا و مما يتسامح العرف به عادة لا يكون البيع غرريا.

و المراد من قطن الجبة هو القطن الذي يضعه الخياط في صدر الجبة لاستقامتها.

(2) أى هذا المقدار من التسامح العرفي الذي منشأه القلة معفو في البيع اجماعا من الطائفة.

(3) هذا مثال ثالث للشيء الّذي لا مدخلية له في مالية العوضين و هو مما يتسامح العرف به عادة، لقلته التي لا يعبأ بها، فإن الحمل إذا وضع و كان ذكرا و المشتري يريد الأنثى، أو انثى و هو يريد الذكر مما يتسامح به العرف و لا يعتني به، فلا يكون البيع غرريا.

(4) أى و قد يكون الغرر مردّدا بين ماله دخل في مالية العوضين و هو مما لا يتسامح العرف به.

و بين ما ليس له دخل في ماليتهما و هو مما يتسامح العرف به.

و مثل هذا الغرر المردّد هو محل الاختلاف بين الفقهاء في كونه مبطلا للعقد، أو لا.

ص: 79

مرددا بينهما و هو محل الخلاف كالجزاف (1) في مال الاجارة، و المضاربة (2)

+++++++++++

- و قد ذكر الشيخ عن الشهيد عن قواعده موارد أربعة لمثل هذا الغرر، و نحن نذكرها تحت رقمها الخاص.

(1) هذا هو المورد الاول من تلك الموارد، أى مثل الجزاف الّذي هو بمعنى عدم المعلومية مال الاجارة فإنه قد اختلف الفقهاء في اشتراط معلومية مال الاجارة، و عدم الاشتراط فيها.

ذهب الاكثر إلى الاشتراط.

و ذهب السيد و الشيخ قدس سرهما في المبسوط(1) إلى عدم الاشتراط و أنه تكفي المشاهدة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 ص 333 أليك نص عبارتها:

و الأقرب أنه لا تكفي المشاهدة في الاجرة عن اعتبارها.

(2) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله في مال الاجارة، أى كالجزاف في مال المضاربة.

هذا هو المورد الثاني من الموارد الاربعة.

اختلف الفقهاء في راس مال المضاربة.

ذهب الأكثر إلى أنه لا بد من العلم بمقداره.

و ذهب بعض إلى كفاية المشاهدة فيه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 ص 320 321 أليك نص عبارة الشهيدين.

(و ينبغي أن يكون راس المال معلوما عند العقد)، ليرتفع الجهالة عنه، و لا يكتفى بمشاهدته.

و قيل: تكفي المشاهدة، و هو ظاهر اختيارها هنا.

ص: 80


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الثمرة (1) قبل بدوّ الصلاح، و الآبق (2) قبل الضميمة، انتهى (3).

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: في مال الاجارة أي كالجزاف في الثمرة.

هذا هو المورد الثالث من تلك الموارد الاربعة.

اختلف الفقهاء في جواز بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح فيها

ذهب الأكثر إلى عدم الجواز، و ذهب بعض إلى الجواز.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 355.

أليك نص العبارة.

و في جوازه قبله بعد الظهور خلاف أقربه الكراهة.

(2) بالجر عطفا على مجرور (في الجارة) في قوله: في مال الاجارة أي كالجزاف في بيع العبد الآبق قبل ضم شيء معه.

هذا هو المورد الرابع من الموارد الاربعة.

اختلف الفقهاء في أن المشتري إذا كان قادرا على تحصيل العبد الآبق هل يشترط بيعه إلى ضم ضميمة أو لا؟

ذهب الأكثر إلى الاشتراط.

و ذهب الشيخ و من تبعه إلى عدم الاشتراط.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 250 أليك نصّ العبارة (و لو قدر المشتري على تحصيله) دون البائع (فالأقرب عدم اشتراط الضميمة).

(3) أي ما افاده الشهيد الاول في قواعده في معنى الغرر لغة و عرفا و شرعا، و أن ما افاده خلاف لما افاده صاحب الجواهر في معنى الغرر.

ص: 81

كلام الشهيد في شرح الإرشاد في تفسير الغرر
اشارة

و في بعض كلامه (1) تأمل، ككلامه (2) الآخر في شرح الارشاد حيث ذكره (3) في مسألة تعيّن الأثمان بالتعيين الشخصي عندنا.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الايراد على ما افاده الشهيد أي و في بعض كلام الشهيد الاول تأمل.

و المراد من (في بعض كلامه) هو اختصاص الشهيد الغرر بصورة الجهل بالحصول باليد و التصرف في قوله في ص 75:

و شرعا هو جهل الحصول باليد و التصرف.

فمن جملة ما اورده شيخنا الانصاري على الشهيد الاول هو أن الجهل أعم منه، و من الجهل بالصفات: من حيث الكم و الكيف.

و من جملة ما اورده عليه أنه ادّعى ثبوت الحقيقة الشرعية في الغرر في قوله في ص 75: و شرعا هو جهل الحصول، مع أن الغرر باق على معناه اللغوي، بل ادعي اتفاق الفقهاء على بقائه على معناه اللغوي في جميع العقود و المعاملات.

و من جملة ما اورده عليه أن في كلامه تهافتا، إذ في صدر كلامه خص الغرر بالجهل بالحصول.

و في أوساط كلامه عمّم الجهل بالصفات بقوله في ص 76:

و يتعلق الغرر و الجهل تارة بالوجود، لأن الجهل بالجنس و النوع و المقدار و البقاء، و كل ما له دخل في مالية العوضين من قبيل الجهل بالصفات.

كما علمت شرح كل ذلك في الهامش 1-2-3-4-5-6-7 ص 77: و الهامش 1 ص 78 كما أن الجهل باساس الجدار، و قطن الجبة، و اشتراط الحمل جهل بالصفات أيضا.

(2) أي و كالتأمل في الكلام الآخر للشهيد في شرحه على الارشاد.

(3) أي حيث ذكر الشهيد كلامه الآخر في شرحه على الارشاد -

ص: 82

فقال: قالوا: يعني المخالفين من العامة:

تعيينها (1) غرر فيكون (2) منهيا عنه.

(أما الصغرى) (3) فلجواز عدمها، أو ظهورها مستحقة فينفسخ البيع.

(و أما الكبرى) (4)

+++++++++++

- في مسألة تعيّن الأثمان.

(1) أي تعيين الأثمان موجب للغرر.

(2) الفاء فاء النتيجة.

و خلاصتها أن (علماء اخواننا السنة) يريدون هنا تشكيل قياس منطقي من الشكل الاول هكذا:

(الصغرى): تعيين الأثمان من الغرر.

(الكبرى): و كل غرر منهي عنه شرعا.

(النتيجة): فتعيين الأثمان منهي عنه شرعا.

(3) هذا احتجاج (علماء اخواننا السنة) على عدم لزوم تعين الأثمان بالتعيين.

و المراد من الصغرى ما اشرنا إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة أى إنما نقول: إن تعيين الأثمان غرر فلامكان عدم وجودهما بعد البيع:

بأن سرق الثمن، أو فقد، أو ظهر مستحقا للغير.

فيلزم في هذه الموارد فسخ البيع.

(4) و هي التي اشرنا إليها في الهامش 2 من هذه الصفحة أي و إنما نقول:

إن الغرر منهي عنه فلامكان ظهور الأثمان مستحقة للغير، إذ بعد ثبوت الغرر لا محالة يشمله النهي فيكون منهيا عنه.

ص: 83

فظاهرة، إلى أن قال (1).

(قلنا) إنا: نمنع الصغرى، لأن الغرر احتمال مجتنب عنه في العرف بحيث لو تركه وبّخ عليه.

و ما ذكروه (2) لا يخطر ببال، فضلا عن اللّوم عليه، انتهى (3).

المناقشة فيما أفاده الشهيد في شرح الإرشاد

فإن مقتضاه (4)

+++++++++++

(1) أي الشهيد في شرحه على الارشاد.

من هنا يروم شيخنا الشهيد الإشكال على القياس المنطقي الذي افاده (علماء اخواننا السنة) و الذي رتبناه نحن في الهامش 2 ص 83 فاخذ في الرد على الصغرى حتى لا يبقى مجال للقياس المذكور.

(2) هذا كلام الشهيد الاول أي ما ذكره (علماء اخواننا السنة) من أن تعيين الأثمان غرر، لإمكان عدم وجودها لا ينسجم مع التفسير الذي ذكرناه للغرر، إذ لا يخطر معنى الغرر ببال احد حتى يتوجه اللّوم على المرتكب.

(3) أي ما افاده الشهيد في شرحه على الارشاد في تعين الأثمان بتعيينها، و الرد على ما ذكره (علماء اخواننا السنة).

(4) أي فإن مقتضى كلام الشهيد.

هذا وجه التأمل من شيخنا الانصاري على ما اورده على بعض كلام الشهيد المشار إليه في ص 82 بقوله: و في بعض كلامه تأمل.

و لما كان وجه التأمل دقيقا جدا لا يستفاد من ظاهر كلامه يحتاج إلى شرح واف التجأنا إلى ذلك حسب فهمنا القاصر.

اعلم أن لكلام الشهيد منطوقا و مفهوما.

أما المنطوق فصريح في أن الغرر ما يكون مجتنبا عنه بحيث لو اتى به فاعله لوبّخ على فعله، و عوتب على اتيانه و يقال له:

ص: 84

أنه (1) لو اشتري الآبق، أو الضال المرجو الحصول بثمن قليل لم يكن غررا، لأن العقلاء يقدمون على الضرر القليل، رجاء للنفع الكثير.

و كذا (2) لو اشتري المجهول المردد بين ذهب و نحاس بقيمة النحاس بناء على المعروف: من تحقق الغرر بالجهل بالصفة.

+++++++++++

- لما ذا فعلته؟

و هذا المنطوق هو قوله في ص 84، عند نقل الشيخ عنه لأن الغرر احتمال مجتنب عنه.

و أما المفهوم فلازمه ترتب الموارد الثلاثة التي ذكرها الشيخ.

و نحن نذكر كل واحد منها عند رقمه الخاص.

و المفهوم هو قوله في ص 84 عند نقل الشيخ عنه: فإن مقتضاه.

(1) هذا هو المورد الاول من تلك الموارد التي اشير إليها في هذه الصفحة.

و خلاصته أنه يجوز دفع ثمن قليل ازاء شراء عبد آبق، أو حيوان ضال يرجى الحصول عليهما، رجاء ربح كثير، لإقدام العقلاء بما هم عقلاء على ضرر قليل تجاه الحصول على نفع كثير.

فلازم هذا الجواز عدم وجود الغرر في مثل هذه المعاملة.

(2) هذا هو المورد الثاني من الموارد المشار إليها في هذه الصفحة.

و خلاصته أنه يجوز دفع ثمن قليل إزاء شيء مجهول مردد بين مادة نحاسية و ذهبية في مقابل قيمة النحاس.

و لازم هذا الجواز عدم وجود الغرر في مثل هذه المعاملة، مع وجوده فيها، للبناء على تحقق الغرر في معاملة مشتملة على الجهل بالصفة.

ص: 85

و كذا (1) شراء مجهول المقدار بثمن المتيقن منه، فإن ذلك (2) كله مرغوب فيه عند العقلاء.

بل (3) يوبخون من عدل عنه، اعتذارا (4) بكونه خطرا.

فالأولى (5) أن هذا النهي من الشارع لسد باب المخاطرة المفضية إلى التنازع في المعاملات، و ليس منوطا بالنهي من العقلاء، ليخص مورده بالسفهاء، أو المتسفهة.

+++++++++++

(1) هذا هو المورد الثالث من الموارد المشار إليها في الهامش 4 ص 85 و خلاصته أنه يجوز الإقدام على شراء مقدار مجهول من حيث الكم بثمن مقدار معين من حيث الكم.

و لازم هذا الجواز عدم وجود الغرر في مثل هذه المعاملة.

(2) تعليل لجواز الإقدام على الموارد الثلاثة أي الإقدام على الموارد المذكورة لاجل وجود رغبة العقلاء فيها للرجاء على حصول الربح لهم فيها.

(3) هذا ترق من الشيخ أي العقلاء يوبخون من لم يقدم على هذه الامور بحجة أن الإقدام عليها خطر، و لا يقبلون اعتذارهم لو اعتذروا بذلك.

(4) منصوبة على الحالية أي حالكون هؤلاء الذين لم يقدموا على هذه الامور يعتذرون بتوجه الخطر و الضرر نحوهم لو اقدموا عليها.

(5) هذه نظرية شيخنا الانصاري.

و خلاصتها أن النهي في مثل هذا المقام نهي تشريعي صدر من الشارع لسدّ باب النزاع بين المتعاقدين المحتمل وقوعه منهما في المعاملات إذا كان هناك غرر.

و ليس النهي هنا نهيا عقلائيا حتى يختص بالسفهاء، أو المتسفّهين.

ص: 86

ثم إنه قد حكي عن الصدوق رضوان اللّه عليه في معاني الأخبار تعليل فساد بعض المعاملات المتعارفة في الجاهلية كبيع المنابذة و الملامسة و بيع الحصاة (1): بكونها (2) غررا، مع (3) أنه لا جهالة في بعضها كبيع المنابذة، بناء على ما فسر به: من أنه قول احدهما لصاحبه: انبذ إليّ الثوب، أو انبذه أليك: فقد وجب البيع.

و بيع (4) الحصاة: بأن يقول: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع.

+++++++++++

(1) قد مضى شرح بيع المنابذة و الملامسة و الحصاة مفصلا في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة: ص 79-80.

و أما النهي الوارد فراجع (معاني الأخبار) ص 278.

و كذا راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 266 الباب 12.

الحديث 13.

(2) الباء بيان لفساد بعض المعاملات المذكورة التي هي المنابذة و الملامسة و الحصاة.

(3) هذا كلام الشيخ يروم به الاعتراض على ما افاده شيخنا الصدوق قدس سره: من أن البيع المذكور فاسد، لكونه مجهولا فيصير غرريا.

و خلاصته: أن الجهل لا يكون في المنابذة، بناء على التفسير الثاني لمعنى المنابذة كما علمته في الجزء 6 من (المكاسب) ص 80.

بل يمكن أن يقال بعدم وجود الجهل في بيع الملامسة و الحصاة:

بأن يقال: إن الملامسة عبارة عن إنشاء البيع باللمس بالمبيع بعد تعيين الثوب مثلا بين المتبايعين.

(4) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: كبيع المنابذة أي مع أنه لا جهالة في بيع الحصاة، لأنه عبارة عن قول -

ص: 87

و لعله (1) كان على وجه خاص يكون فيه خطر، و اللّه العالم.

التمسك بالنبوي المذكور أخفى من المدعى

و كيف كان فلا إشكال في صحة التمسك، لاعتبار القدرة على التسليم بالنبوي المذكور.

إلا أنه (2)

+++++++++++

- البائع: البيع اللازم، أو الواجب هو ما وقعت عليه الحصاة بعد تعيين المبيع بين المتبايعين.

(1) أي و لعل الجهل و الغرر الذي افاده (شيخنا الصدوق) قدس سره في معاني الأخبار بقوله: بكونها غررا لاجل جهة خاصة و هي المعنى الثاني للنبذ، و إلقاء الحصاة كأن يكون تعيين المبيع بالنبذ أو الحصاة. أو اللمس، لا بتعيين قبلي: بأن يقول البائع: المنبوذ من الثياب المتعددة، أو ما وقعت عليه الحصاة، أو لامسته هو المبيع.

إذا لا شك في جهالة المبيع.

(2) أي الدليل المذكور الذي هو الحديث النبوي المعروف الناهي عن بيع الغرر، لكونه خطرا أخص من المدعى الذي هو اعتبار القدرة على تسليم المبيع، لأن المدعى أعم من أن يكون في بيعه خطر أم لا، فالدليل لا ينسجم مع المدعى.

و أما وجه أخصية الدليل فلأن قسما من البيوع يمتنع تسليم المبيع إلى المشتري عادة كالعبد الغريق المشرف على الهلاك، فإن مثل هذا المبيع ليس فيه أي خطر، إذ الخطر يطلق على شيء تحتمل فيه السلامة و لو احتمالا ضعيفا، فبهذا يخرج هذا الفرد عن أطار البيع الغرري، لأن بيع الغرر ما فيه خطر كما في الدليل الذي هو الحديث النبوي، و إن كان يصح عتقه في سبيل اللّه من قبل مالكه لو قلنا بصحة مثل هذا العتق.

ص: 88

أخص من المدعى، لأن (1) ما يمتنع تسليمه عادة كالغريق في بحر يمتنع خروجه منه عادة، و نحوه ليس في بيعه خطر، لأن الخطر إنما يطلق في مقام تحتمل السلامة فيه و لو ضعيفا.

لكن هذا الفرد (2) يكفي في الاستدلال على بطلانه بلزوم السفاهة(1)و كون اكل الثمن في مقابله اكلا للمال بالباطل، بل لا يعدّ مالا عرفا و إن كان ملكا فيصح عتقه و يكون لمالكه لو فرض التمكن منه إلا أنه لا ينافي سلب صفة التمول منه عرفا، و لذا (3) يجب على غاصبه رد تمام قيمته إلى المالك فيملكه مع بقاء العين على ملكه على ما هو ظاهر المشهور.

ثمّ إنّه ربما يستدلّ على هذا الشرط بوجوه أُخر:
اشارة

ثم إنه ربما يستدل على هذا الشرط (4) بوجوه أخر:

منها: ما اشتهر عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله من قوله: «لا تبع ما ليس عندك»

(منها) (5): ما اشتهر عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم من قوله:

+++++++++++

(1) تعليل لأخصية الدليل من المدعى و قد عرفته عند قولنا في الهامش 2 ص 88: و أما وجه أخصية الدليل.

(2) و هو بيع العبد الغريق المشرف على الهلاك الذي ليس فيه أيّ خطر.

من هنا يروم الشيخ ادخال الغرر المذكور في أطار البيع الغرري و إن كان الدليل أخص من المدعى.

و قد ذكر كيفية دخوله في الإطار في المتن فلا نعيده.

(3) تعليل لكون سلب صفة المالية عن العبد الغريق المشرف على الهلاك لا ينافي ملكيته.

(4) و هو اعتبار القدرة على وجوب تسليم المبيع.

(5) أى من تلك الوجوه الاخر المستدل بها على اعتبار القدرة -

ص: 89


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا تبع ما ليس عندك، بناء (1) على أن كونه عنده لا يراد به الحضور (2)، لجواز (3) بيع الغائب و السلف اجماعا فهو كناية

+++++++++++

- في وجوب التسليم عند العقد، فعند كشف الخلاف يحكم ببطلان العقد و فساده.

(1) أى الاستدلال على اعتبار القدرة في وجوب التسليم بالحديث المذكور مبني على القول بعدم إرادة الحضور من كلمة عند، لصحة بيع الغائب و السلف، إذ كلمة عند احتمالات أربعة:

(الأول): الحضور أى لا تبع ما ليس حاضرا عندك.

و هذا ليس مرادا كما عرفت في صحة بيع الغائب و السلف.

(الثاني): الملكية أى لا تبع ما ليس ملكا لك.

و هذا أيضا ليس مرادا، لأنه لو اريد لقال صلى اللّه عليه و آله:

لا تبع ما ليس لك.

(الثالث): السلطنة على تسليم العين إلى المشتري.

و هذا ليس مرادا قطعا، لاتفاق الفقهاء على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير، مع أن البائع قادر على تسليم العين لكونها تحت يده و قدرته، و لتسلطه عليها.

(الرابع): السلطنة الفعلية الشرعية مع كون الملك تحت يده و هذه السلطنة يعبر عنها بالسلطنة التامة المطلقة.

و هذا هو المراد قطعا و هو مختار الشيخ في قوله في ص 92:

فتعين أن يكون كناية عن السلطنة.

(2) هذا هو الاحتمال الاول لكلمة عند المشار إليه في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) تعليل لعدم إرادة معنى الحضور من كلمة عند.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 من هذه الصفحة: لصحة بيع الغائب.

ص: 90

لا (1) عن مجرد الملك، لأن المناسب حينئذ ذكر لفظة اللام، و لا (3) عن مجرد السلطنة (2) عليه و القدرة على تسليمه، لمنافاته لتمسك العلماء: من الخاصة و العامة على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير ثم شراؤها من مالكها، خصوصا (4) إذا كان وكيلا عنه في بيعها و لو من نفسه(1)، فإن (5) السلطنة و القدرة على التسليم حاصلة، هذا (6).

مع أنه (7) مورد الرواية عند الفقهاء.

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثاني لكلمة عند المشار إليه في الهامش 1 ص 90.

(2) هذا هو الاحتمال الثالث لكلمة عند المشار إليه في الهامش 1 ص 90.

(3) أى لمنافاة الاحتمال الثالث.

(4) أى و لا سيما إذا كان البائع مال الغير وكيلا عن المالك في بيع ماله عن نفس المالك، لا عن نفسه كما هنا، حيث باع مال المالك عن نفسه ثم يجيء و يشتريه من مالكه.

(5) تعليل لوجود المنافاة بين المعنى الثالث لكلمة عند، و بين تمسك العلماء: من (الشيعة و السنة) على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير.

(6) أى خذ ما تلوناه عليك حول المعنى الثالث لكلمة عند.

(7) هذا إشكال آخر على إرادة المعنى الثالث لكلمة عند أى بالإضافة إلى ما ذكرناه: من منافاة إرادة المعنى الثالث، مع تمسك الفقهاء على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير: أن بيع مال الغير لنفسه ثم شراؤه من مالكه هو مورد الرواية: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: لا تبع ما ليس عندك.

ص: 91


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فتعين أن يكون (1) كناية عن السلطنة التامة الفعلية التي تتوقف على الملك مع كونه (2) تحت اليد حتى كأنه عنده و إن كان نائبا.

و على (3) أى حال فلا بد من اخراج بيع الفضولي عنه بأدلته،

+++++++++++

(1) أى معنى عند في قوله صلى اللّه عليه و آله: لا تبع ما ليس عندك هذا هو الاحتمال الرابع المشار إليه في الهامش 1 ص 90.

و لا يخفى أن هذا المعنى هو محل الاستشهاد من الحديث على اعتبار القدرة على التسليم في المبيع.

و خلاصة الاستشهاد أن بيع العبد الآبق، أو الطير في الهواء، أو السمك في البحر و إن كان ملكا لمالكها، لكنها ليست تحت يده و تصرفه كأنه عنده و ليست له سلطنة تامة فعلية عليها حتى يتمكن من تسليمها إلى المشتري لو باعها.

فلو باعها فكأنما باع ما ليس عنده فيكون البيع فاسدا.

فلا يحصل معنى الاسم المصدرى للعقد: و هو الاثر الحاصل من العقد المراد منه النقل و الانتقال.

(2) اى مع كون الملك تحت يده كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) كأن هذا دفع وهم.

و خلاصة الوهم أنه لو كان المراد من معنى عند هي السلطنة التامة الفعلية بحيث يكون الملك تحت يده و تصرفه حتى كأنه عنده و إن كان غائبا عنه، و لذا حكمتم ببطلان بيع العبد الآبق و نظائره لعدم التمكن من تسليمه المشتري فلما ذا حكمتم بصحة عقد الفضولي مع أن البائع ليست له السلطنة التامة الفعلية الشرعية؟

فاجاب عن الدفع بما حاصله: إن الحكم بصحة البيع الفضولي -

ص: 92

أو بحمله (1) على النهي المقتضي الفساد: بمعنى عدم وقوعه لبائعه لو اراد ذلك.

و كيف كان فتوجيه الاستدلال بالخبر على ما نحن فيه (2) ممكن.

و أما الايراد عليه (3) بدعوى أن المراد به الاشارة إلى ما هو المتعارف في تلك الأزمنة من بيع الشيء غير المملوك ثم تحصيله بشرائه و نحوه و دفعه إلى المشتري.

فمدفوع، لعدم الشاهد على اختصاصه (4) بهذا المورد.

و ليس في الأخبار المتضمنة لنقل هذا الخبر ما يشهد باختصاصه بهذا المورد.

نعم يمكن أن يقال: إن غاية ما يدل عليه هذا النبوي، بل

+++++++++++

- لاجل الأدلة القائمة عليها.

و قد ذكرت تلك الأدلة في الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 155 إلى ص 200 فراجع.

(1) أي أو بحمل النهي الوارد في حديث: لا تبع ما ليس عندك.

و خلاصة الحمل أن النهي هنا محمول على فساد المبيع لو اراد البائع الفضولي البيع لنفسه، و أن البيع لا يقع له، بل يقع للمالك الاصيل بعد الاجازة.

(2) و هو اعتبار القدرة على تسليم المبيع إلى المشتري.

(3) أي على حديث لا تبع ما ليس عندك: بأنه لا تدل على المدعى و هو اعتبار القدرة على تسليم المبيع للمشتري فلا يصح الاستدلال به.

(4) أي على اختصاص الحديث المذكور بالمورد: و هو بيع الشيء غير المملوك ثم تحصيله بشراء و نحوه، ثم دفعه إلى المشتري.

ص: 93

النبوي الاول أيضا فساد البيع: بمعنى عدم كونه (1) علة تامة لترتب الاثر المقصود.

فلا (2) ينافي وقوعه مراعا بانتفاء صفة الغرر، و تحقق (3) كونه عنده.

و لو ابيت إلا عن ظهور النبويين (4) في الفساد: بمعنى لغوية العقد راسا المنافية لوقوعه مراعا: دار الامر بين ارتكاب خلاف هذا الظاهر (5).

+++++++++++

(1) أي البيع، و المراد من الاثر المقصود هو النقل و الانتقال الذي هو نتيجة البيع المعبر عنها في لسان الفقهاء ب:

(معنى الاسم المصدري، أو نتيجة المصدر).

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من دلالة النبويين على فساد البيع:

بمعنى عدم كون مثل هذا البيع علة تامة لترتب الاثر المقصود أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا منافاة بين عدم ترتب الاثر.

و بين وقوع البيع معلفا و متوقفا على انتفاء صفة الغرر.

بمعنى أن حديث نفي الغرر لا اقتضاء له للبطلان عند الجهل بالقدرة الذي هو القوام للغرر، بل الانشاء الاولي باق على ما كان فاذا انتفى الغرر: بأن تحققت الملكية و العندية عند المالك اثّر ذاك الإنشاء اثره.

(3) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بانتفاء صفة الغرر أي فلا ينافي وقوع البيع معلقا إلى أن تتحقق العندية عند المالك كما عرفت آنفا.

(4) و هما: قوله صلى اللّه عليه و آله: لا غرر في البيع، لا تبع ما ليس عندك.

(5) المراد من الظاهر هو فساد البيع، و من خلاف الظاهر -

ص: 94

و بين اخراج بيع الرهن، و بيع ما يملكه بعد البيع، و بيع العبد الجاني عمدا، و بيع المحجور لرق، أو سفه، أو فلس، فإن البائع في هذه الموارد عاجز شرعا من التسليم و لا رجحان لهذه التخصيصات (1)

+++++++++++

- هو عدم كون البيع علة تامة لترتب الاثر المقصود.

و خلاصة هذا الكلام أنه لو كنت مصرا على ظهور النبويين المذكورين على فساد العقد نهائيا، و أنه لا اثر له و لو ملك البائع المبيع، و تحقق عنده: لدار الامر بين ارتكاب خلاف هذا الظاهر.

و بين كثرة التخصيصات: بأن يقال: إن بيع المرتهن الرهن بلا اجازة الراهن، و بيع البائع ما يملكه بعد البيع، و بيع العبد الجاني عمدا، و بيع المحجور لرق، أو سفه، أو فلس خارج عن عموم:

لا تبع ما ليس عندك، إذ البيع في الموارد المذكورة صحيح، مع أن البائع عاجز عن تسليم المبيع إلى المشتري شرعا، لعدم تحقق الملكية و العندية للبائع.

فيلزم خروج هذه الأفراد عن عموم لا تبع ما ليس لك، و لا تبع ما ليس عندك، و هذا معنى كثرة التخصيص.

و من الواضح أن ارتكاب خلاف هذا الظاهر أولى من ارتكاب تلك التخصيصات الكثيرة، مع أنه لا رجحان لبعضها على بعض:

بأن يقال: إن التخصيص في بيع العبد الجاني عمدا أولى من التخصيص في بيع المرتهن الرهن بدون اجازة الراهن مثلا.

(1) وجه عدم الرجحان هو أن التخصيص و إن كان أولى من بقية التصرفات كارتكاب خلاف الظاهر.

لكن تعدد التخصيص مع القول بخروج البيع الفضولي عن حريم النبوي المذكور: لا تبع ما ليس عندك مما يبعّد القول بالتخصيص. -

ص: 95

فحينئذ (1) لا مانع من التزام وقوع بيع كل ما يعجز عن تسليمه مع رجاء التمكن منه مراعا بالتمكن منه في زمان لا يفوت الانتفاع المعتد به.

و قد صرح الشهيد في اللمعة بجواز بيع الضالة و المجحود من غير بينة مراعا بامكان التسليم (2) «و احتمله في التذكرة».

لكن الانصاف أن الظاهر من حال الفقهاء اتفاقهم على فساد بيع الغرر: بمعنى عدم تأثيره رأسا كما عرفت من الايضاح (3).

منها: أنّ لازم العقد وجوب تسليم كلٍّ من المتبايعين العوضين إلى صاحبه،

(و منها) (4): أن لازم العقد وجوب تسليم كل من المتبايعين

+++++++++++

- إذا يتساوى الاحتمالان:

احتمال التخصيص، و احتمال المجاز.

هذا بناء على القول بعدم ترجيح المجاز على التخصيص.

و أما على القول به فيحصل الاجمال المخل بالاستدلال.

(1) أي و حين أن لم نقل برجحان احد التخصيصات.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3، ص 251.

عند قوله: أما الضال و المجحود فيصح بيعه.

(3) عند نقل الشيخ عنه في ص 64 بقوله: و النهي هنا يوجب الفساد إذا يكون الاتفاق المذكور كاشفا عن أن المراد من النبويين المذكورين في الهامش 4 ص 94: هو فساد البيع نهائيا.

(4) أي و من تلك الوجوه الاخر المستدل بها على اشتراط القدرة على وجوب التسليم عند العقد.

هذا الاستدلال بنحو مختصر مذكور في مصابيح (السيد بحر العلوم) قدس سره، و نحن نذكره مفصلا، لتطلب المقام ذلك.

أليك الاستدلال.

ص: 96

العوضين (1) إلى صاحبه فيجب أن يكون مقدورا، لاستحالة التكليف بالممتنع.

و يضعف (2) بأنه إن اريد أن لازم العقد وجوب التسليم وجوبا

+++++++++++

- يقول المستدل: إن هنا ملازمة بين وقوع العقد مؤثرا في النقل و الانتقال الذين هما الحكم الوضعي المنتزع هذا الحكم من الخطاب الوارد في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و بين اللازم الذي هو الحكم التكليفي: و هو وجوب تسليم كل واحد من المتبايعين كل واحد من العوضين إلى صاحبه وجوبا تكليفيا المنتزع هذا الوجوب من نفس الخطاب المذكور في قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

فيجب أن يكون التسليم مقدورا حين العقد، لاستحالة التكليف بالممتنع.

فالحكم الوضعي ملازم للحكم التكليفي، و مدركه نفس مدرك الحكم التكليفي كما عرفت آنفا.

و الحكم التكليفي ليس بمطلق، بل مقيد بالتمكن.

فلا يستفاد منه اطلاق وجوب التسليم.

فاذا كانت القدرة على التسليم شرطا في التكليف عند العقد فلا جرم أنه لا يكون مجال لانتزاع الحكم الوضعي في ظرف عدم القدرة على التسليم فينتفي حينئذ لازم العقد: و هو وجوب التسليم مطلقا المستلزم هذا الانتفاء لانتفاء ملزومه: و هي صحة العقد و بطلانه فتنتفي الملازمة المذكورة.

(1) أى كل واحد من العوض و المعوض كما عرفت آنفا.

(2) أي الاستدلال المذكور على وجوب القدرة على التسليم ضعيف -

ص: 97

مطلقا منعنا الملازمة.

و إن اريد مطلق وجوبه فلا ينافي كونه مشروطا بالتمكن.

+++++++++++

- افاد وجه الضعف (السيد بحر العلوم) قدس سره في مصابيحه و خلاصة ما افاده أنه إن اريد من اشتراط القدرة على التسليم عند العقد اشتراطها منجزا و فعليا اى غير معلق على البيع: بمعنى أن القدرة على التسليم واجبة وجوبا مطلقا في جميع الحالات و الأزمان سواء ا كان هناك بيع أم لا: منعنا الملازمة المذكورة بين العقد و وجوب القدرة على التسليم.

و كذا بين الحكم الوضعي، و الحكم التكليفي، لاختصاص وجوب القدرة على التسليم بحالة البيع، فالشرط المذكور من شرائطه، لا مطلقا حتى و إن لم يكن هناك بيع.

ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الوجوب المطلق هو الوجوب المطلق المجرد عن قيد القدرة، لأنه ما من وجوب إلا و هو مقيد بقيد القدرة لا محالة.

بل المراد من المطلق ما صار فعليا كما قيدناه بقولنا: منجزا و فعليا أى صار فعليا من جهة شرطه المعلق عليه.

و إن اريد من الاشتراط المذكور اثبات اشتراط القدرة لوجوب التسليم، لوجوب الإقدام على ما يمكن معه من فعل الواجب: منعنا الوجوب على الاطلاق، أى سواء أ كان قادرا على التسليم أم لا لأن التكليف مشروط بالقدرة على التسليم.

و العجز السابق على العقد كالعجز المتجدد بعد العقد.

فكما أنه لا يجب التسليم في العجز المتجدد.

كذلك لا يجب التسليم في العجز السابق.

ص: 98

كما (1) لو تجدد العجز بعد العقد.

و قد يعترض (2) بأصالة عدم تقيد الوجوب.

ثم يدفع (3) بمعارضته بأصالة عدم تقيد البيع بهذا الشرط.

+++++++++++

(1) تنظير لعدم منافاة كون وجوب التسليم مشروطا بالتمكن و هو القدرة.

و قد عرفت التنظير في ص 98 عند قولنا: فكما أنه لا يجب التسليم.

(2) المعترض هو العلامة (السيد بحر العلوم) قدس سره، فإنه ذكر هذا الاعتراض في مصابيحه بعنوان (لا يقال)

و خلاصة الاعتراض مع تصرف منا: هو أن الاصل الاولي العقلائي في وجوب تسليم المعقود عليه هو اطلاقه، و عدم تقيده بالقدرة.

و قد ثبت هذا العدم بالنسبة إلى العجز المتجدد بدليل خاص، و لذا حكم بصحة العقد فيه، فلا مجال للتمسك بالاصل المذكور للاطلاق.

و أما العجز السابق على العقد فلما لم يثبت فيه عدم تقيد وجوب التسليم بالقدرة فقد التجأنا للاطلاق، و عدم تقيد الوجوب بالقدرة بالاصل المذكور.

و الدليل على الاصل المذكور في العجز السابق هو أن القدرة لو كانت شرطا في وجوب التسليم لكان هذا الشرط بالنسبة إلى كلا العجزين: العجز السابق، و العجز المتجدد على حد سواء، لأن القدرة كانت مفروضة الحصول على هذا التقدير: و هو تقدير شرطية القدرة في وجوب التسليم، مع أنك قد عرفت ثبوت عدم تقيد وجوب التسليم في العجز المتجدد.

(3) المدافع هو (السيد بحر العلوم) قدس سره فقد ذكر -

ص: 99

و في الاعتراض (1) و المعارضة نظر واضح فافهم.

+++++++++++

- الدفع في مصابيحه بقوله: لأن هذا الاصل معارض بمثله.

و خلاصة الدفع أن الاصل المذكور معارض باصل آخر الذي هو أصالة البراءة في جانب البيع: من اشتراط صحة البيع بوجوب التقيد، فيدفع ذاك الاصل بهذا الاصل.

فيجب تقييد وجوب التسليم بحصول القدرة السابقة كاللاحقة لأنه القدر المتيقن من اشتراط صحة البيع بوجوب التقيد عند القدرة.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الإشكال على اصل الاعتراض الذي وجهه السيد بحر العلوم على الاستدلال المذكور في ص 99 بقوله: و قد يعترض.

و خلاصة وجه النظر كما افاده تلميذه المحقق المامقاني طاب ثراه في تعليقته على المكاسب في ص 642: أن أصالة عدم تقيد الوجوب في جانب البيع إنما تأتي إذا كان هناك لفظ دال عليه كلفظ الامر أو لفظ الوجوب حتى يبقى مجال للتمسك بإطلاقه و هو هنا منتف كما افاده لفظ الاستدلال المذكور في ص 96 بقوله: إن لازم العقد وجوب تسليم كل من المتبايعين.

فلا مساس لأصالة عدم تقيد الوجوب بهذا المقام.

و أما وجه النظر في معارضة الاصل المذكور باصل آخر الّذي ذكرناه في الهامش 1 من هذه الصفحة و الذي افاده السيد بحر العلوم قدس سره فخلاصته: أن أصالة عدم تقيد البيع بوجوب التسليم حاكم على أصالة اطلاق وجوب التسليم، لأنه في صورة جريان أصالة عدم تقيد البيع لا يبقى للبيع قيد و شرط حتى نقول:

إن الاصل الاولي العقلائي اطلاق شرطية وجوب التسليم، و عدم -

ص: 100

منها: أن الغرض من البيع انتفاع كل منها بما يصير إليه

(و منها) (1): أن الغرض من البيع انتفاع كل منها بما يصير إليه، و لا يتم إلا بالتسليم.

+++++++++++

- تقيده بالقدرة.

إلى هنا كان كلام السيد بحر العلوم قدس سره من الاستدلال و الاعتراض و المعارضة، و نظر الشيخ على اصل الاعتراض و المعارضة كما عرفت.

و لنا دليل آخر على عدم اشتراط وجوب التسليم بالقدرة، و أن العقد صحيح: و هو آيتي:

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

فإنهما كافيتان على صحة البيع مع عدم القدرة على التسليم.

فالدليل لا يكون منحصرا بآية: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ في اشتراط وجوب التسليم بالقدرة حتى يقال ببطلان البيع عند عدم القدرة على التسليم.

(1) أي و من تلك الوجوه الاخر المستدل بها على اشتراط القدرة على وجوب التسليم عند العقد المشار إليها في ص 89 بقوله:

ثم إنه ربما يستدل.

هذا الاستدلال مذكور في مصابيح (السيد بحر العلوم) قدس سره خلاصته مع تصرف منا أن الغرض من العقد هو انتفاع كل واحد من المتبايعين بما يصير إليه: من العوض، أو المعوض:

و هذا الغرض لا يتم إلا بتسليم كل واحد منهما ما عقد عليه إلى صاحبه.

و من الواضح أن في صورة عدم القدرة على التسليم ينتفي الغرض المذكور، فيكون اكل المال اكلا بالباطل فيبطل العقد.

ص: 101

و يضعفه(1) (1) منع توقف مطلق الانتفاع على التسليم، بل منع عدم كون الغرض منه إلا الانتفاع بعد التسليم، لا الانتفاع المطلق.

منها: أن بذل الثمن على غير المقدور سفه

(و منها) (2): أن بذل الثمن على غير المقدور سفه فيكون ممنوعا، و اكله اكلا بالباطل.

و فيه (3) أن بذل المال القليل في مقابل المال الكثير المحتمل الحصول

+++++++++++

(1) أي و يضعف هذا الاستدلال.

وجه التضعيف مذكور في مصابيح السيد بحر العلوم قدس سره و خلاصته مع تصرف منا: أنا نمنع كون الغرض في البيع هو الانتفاع بنحو مطلق و لو لم يسلم المبيع.

بل الانتفاع بعد التسليم هو الغرض، لأن الانتفاع بالمتعذر حالة البيع كالانتفاع بالمتعذر بعد البيع،

(2) أي و من تلك الوجوه الاخر المستدل بها على اشتراط القدرة على وجوب التسليم عند العقد المشار إليها في ص 89 بقوله:

ثم إنه ربما يستدل.

هذا الاستدلال مذكور في مصابيح (السيد بحر العلوم) قدس سره.

أليك خلاصته مع تصرف منا:

إن بذل المال ازاء شيء مشكوك الحصول غير مقدور تسليمه أو تسلمه عمل سفهي عبثي موجب لتضييع المال.

و الإقدام على مثل هذا العمل مما يقبحه العقلاء و يذمه الخبراء لأن خروج المال عن تحت يده امر قطعي بديهي.

لكن مجيء المال تجاهه امر مشكوك متزلزل، فيكون اكل المال اكلا بالباطل.

(3) أي و في الاستدلال المذكور نظر و إشكال.

ص: 102


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ليس سفها، بل تركه اعتذارا بعدم العلم بحصوله العوض سفه.

فافهم (1).

هل القدرة شرط أو العجز مانع
اشارة

ثم إن ظاهر معاقد الإجماعات كما عرفت (2) كون القدرة شرطا كما هو (3) كذلك في التكاليف.

و قد أكدت الشرطية(1) (4) في عبارة الغنية(2) المتقدمة (5)، حيث حكم (6)

+++++++++++

- خلاصة الإشكال أنا نمنع كون كل بذل سفها و عبثا و تضييعا للمال فإن بذل القليل من المال إزاء المال الخطير المتوقع الحصول مما يحسنه العقلاء، و يقدمون عليه، حتى أنه لو كان احتمال حصول المال مساويا لاحتمال عدم حصوله لكان الإقدام عليه حسنا، بل لو لم يقدم على مثل هذا الاحتمال لعده العقلاء سفيها لو اعتذر بعدم العلم بحصول العوض.

(1) اشارة إلى أن المقام يحتاج إلى التفهم و التدبر.

(2) عند قول العلامة، و الشيخ، و السيد ابن زهرة، و المحقق الكركي عند نقل الشيخ عنهم في ص 63 بقوله:

فإن الظاهر الإجماع على اشتراطها.

(3) أي كون القدرة شرطا في التكاليف: و هي الأمور العبادية المتوقفة على قصد القربة، فإن القدرة على اتيانها شرط في التكليف بها، و قد اشترطت بالبلوغ و العقل و القدرة.

و عبر عن هذه الشروط ب: (الشروط العامة).

(4) أي اشتراط القدرة في وجوب التسليم.

(5) في ص 63 عند نقل الشيخ عن الغنية بقوله: و عن الغنية:

إنه إنما اعتبرنا في المعقود عليه.

(6) أي صاحب الغنية.

ص: 103


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بعدم جواز بيع ما لا يمكن فيه التسليم (1)، فينتفي (2) المشروط(1)عند انتفاء الشرط.

المناقشة فيما استظهره صاحب الجواهر

و مع ذلك (3) كله فقد استظهر بعض من تلك العبارة أن العجز

+++++++++++

(1) عند نقل الشيخ عنه في ص 63 بقوله:

فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري، و الفاء تفريع على ما أفاده صاحب الغنية بقوله: فإن ما هذه حاله أي ففي ضوء ما ذكره في الغنية ينتفي المشروط: و هو البيع عند انتفاء شرطه: و هي قدرة كل واحد من المتبايعين تسليم كل واحد من العوضين إلى صاحبه.

(3) أي و مع هذه الإجماعات المصرحة من الشيخ و العلامة و المحقق الكركي، و صاحب الغنية المشار إليها في ص 63

من هنا يروم الشيخ أن يذكر نظرية صاحب الجواهر حول اشتراط القدرة في وجوب تسليم كل واحد من المتبايعين كل واحد من العوضين و عدم الاشتراط.

و خلاصة النظرية هي عدم اشتراط القدرة في وجوب التسليم عند العقد حتى تكون القدرة دخيلة في صحة العقد، بل العجز مانع.

ثم فرّع صاحب الجواهر على هذه النظرية الفرق بين القول بالشرطية و بين القول بوجود المانع، حيث حكم ببطلان العقد مطلقا على القول بالشرطية.

و بصحة العقد مطلقا على القول بوجود المانع.

و حكمه بهذه النظرية لأجل استظهاره من عبارة صاحب الغنية المنقولة في ص 63 بقول الشيخ: فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف.

ص: 104


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مانع، لا أن القدرة شرط.

قال (1): و تظهر الفائدة في موضع الشك

ثم ذكر (2) اختلاف الأصحاب في مسألة الضال و الضالة و جعله (3) دليلا على أن القدرة المتفق عليها ما إذا تحقق العجز.

+++++++++++

(1) أي صاحب الجواهر قال بعد نظريته هذه:

إن ثمرة النزاع المذكور بين الفقهاء إنما تظهر عند الشك في القدرة على وجوب التسليم.

فعلى القول بشرطية القدرة فلو شككنا في القدرة على وجوب تسليم كل واحد من المتبايعين كل واحد من لعوضين إلى صاحبه نحكم ببطلان العقد، للزوم احراز القدرة عند العقد لكل واحد من المتعاقدين لا محالة و القدرة هنا مشكوكة.

و أما على القول بأن العجز مانع عن صحة العقد فعند الشك في القدرة نحكم بصحة العقد، لأن الأصل يحكم بعدم وجود العجز عند العقد، فالمقتضي: و هو العقد يؤثر أثره، و أثره هي صحة المعاملة.

هذا ما أفاده صاحب الجواهر في هذا المقام.

(2) أي صاحب الجواهر ذكر في مسألة بيع العبد الضال، و الدابة الضالة اختلاف الفقهاء في صحة مثل هذا البيع، لأن منهم من ذهب إلى الصحة و إن لم يكن البائع قادرا على التسليم.

و منهم من ذهب الى البطلان، لاشتراط القدرة في وجوب التسليم و هنا غير قادر على التسليم.

(3) أي و جعل صاحب الجواهر هذا الاختلاف دليلا و تأييدا لمدعاه: و هو أن القدر المتيقن من بطلان العقد و فساده و المتفق عليه -

ص: 105

و فيه (1) مع ما عرفت: من أن صريح معاقد الإجماع، خصوصا عبارة

+++++++++++

- عند الإمامية هي صورة تحقق العجز عند التسليم، لا عند الشك على القدرة.

فاستظهر صاحب الجواهر قدس سره من هذا الاختلاف عدم شرطية القدرة على التسليم في صحة العقد، و بنى على هذا الاستظهار صحة بيع العبد الآبق مع علم المشتري بالاباق، و حكم بوقوع العتق لو أعتقه في سبيل اللّه.

(1) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر: من عدم شرطية القدرة في صحة العقد، و أن العجز عن القدرة مانع عن صحة العقد، و أنه فرق بين القول بالشرطية، و بين القول بكون العجز مانعا نظر و إشكال

خلاصة وجه النظر أنه بالإضافة إلى ما يرد عليه: من صراحة عبائر الاجماعات المنقولة عن أعلام الطائفة في ص 63، و لا سيما عبارة صاحب الغنية المنقولة في ص 63 بقوله: فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف: في أن القدرة شرط في وجوب التسليم، لا أن العجز مانع.

يرد عليه أن العجز أمر عدمي: بمعنى أنه عبارة عن عدم القدرة عمن من شأنه القدرة.

إما صنفا كما في الخياط، حيث له القدرة على تفصيل القماش ثوبا، أو قباء، أو غيرهما على طراز حسن جميل مرغوب فيه.

أو نوعا كما في الانسان، حيث له القدرة على تعلم الصنائع، و العلوم المتنوعة، و الاختراعات المدهشة.

أو جنسا كما في الحيوان، حيث له القدرة على قطع المسافة بالمشي اختيارا.

ص: 106

الغنية المتأكدة بالتصريح(1) بالانتفاء عند الانتفاء هي شرطية القدرة:

أن (1)(2) العجز أمر عدمي، لأنه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا، أو نوعا، أو جنسا أن يقدر فكيف يكون مانعا.

مع أن (2) المانع هو الامر الوجودي الذي يلزم من وجوده العدم.

ثم (3)

+++++++++++

- فلو كان العجز عبارة عن عدم القدرة، و أنه امر عدمي فكيف يجعل مانعا عن صحة المعاملة؟

مع لزوم كون المانع امرا وجوديا حتى يكون مانعا عن تأثير المقتضي الذي هو العقد، ليلزم من وجوده العدم.

(1) كلمة أن مع اسمها في محل الرفع خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله في ص 106: و فيه.

(2) مضى شرح هذه الجملة عند قولنا في هذه الصفحة: مع لزوم كون المانع.

(3) هذا تنازل من الشيخ و إشكال آخر على ما افاده صاحب الجواهر قدس سره: من صحة اطلاق المانع على امر عدمي، و أن العقد باطل مطلقا على القول بشرطية القدرة، و صحيح مطلقا على القول بكون العجز مانعا.

و خلاصته أنه على فرض صحة هذا الاطلاق لا ثمرة تترتب على ذلك، لأن اللازم في مقام الشك في تحقق القدرة و العجز هو ملاحظة الحالة السابقة و إحرازها.

فإن كانت الحالة السابقة هي القدرة نحكم ببقائها، و بصحة العقد لاستصحاب الحالة السابقة المعلومة: و هي القدرة.

بخلاف ما إذا كانت الحالة السابقة مشكوكة، فإنه يحكم بعدم -

ص: 107


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لو سلم صحة اطلاق المانع عليه (1) لا تمرة فيه (2)، لا في صورة الشك الموضوعي، أو الحكمي، و لا في غيرهما (3).

+++++++++++

- وجود القدرة، و بفساد العقد و بطلانه، لعدم وجود حالة سابقة معلومة حتى تستصحب.

فلا مجال للحكم ببطلان العقد مطلقا في كلتا الحالتين كما افاد البطلان مطلقا صاحب الجواهر.

و إن كانت الحالة السابقة هي العجز عن القدرة نحكم ببقاء العجز و بطلان العقد و فساده، لاستصحاب الحالة السابقة.

فالحكم بصحة المعاملة مطلقا حتى في صورة العلم ببقاء العجز كما افاده صاحب الجواهر غير صحيح.

فالخلاصة أن الملاك في صحة العقد و بطلانه هي معلومية الحالة السابقة، و عدمها.

فالفرق بين القول بشرطية القدرة، و بين القول بوجود المانع:

ببطلان العقد مطلقا على القول بالشرطية.

و بصحة العقد مطلقا على القول بوجود المانع كما افاده صاحب الجواهر غير صحيح.

إذا تكون القدرة شرطا في وجوب التسليم عند العقد.

كما عرفت من كلمات الأعلام في ص 63.

(1) أي على امر عدمي كما عرفت في الهامش 3 ص 107.

(2) أي في هذا الاطلاق كما عرفت في الهامش 3 ص 107.

(3) أي لا فى غير الشك الموضوعي، و لا في غير الشك الحكمي لعدم الواسطة بين القدرة و العجز.

كما في العدالة و الفسق، حيث لا واسطة بينهما.

ص: 108

فإنا (1) إذا شككنا في تحقق القدرة و العجز مع سبق القدرة فالاصل بقاؤها (2).

أو لا معه (3) فالاصل عدمها (4): اعني العجز، سواء (5) جعلت القدرة شرطا أم العجز مانعا.

و إذا شككنا (6) في أن الخارج عن عمومات الصحة هو العجز المستمر، أو العجز في الجملة.

+++++++++++

(1) هذا مثال للشك الموضوعي.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 107 عند قولنا: فإن كانت الحالة السابقة هي القدرة.

(2) أي بقاء القدرة كما عرفته عند قولنا فى الهامش 3 ص 107:

نحكم ببقائها.

(3) أي لا مع سبق القدرة كما عرفته عند قولنا في الهامش 3 ص 107: بخلاف ما.

(4) أي عدم القدرة كما عرفت في الهامش 3 ص 107 عند قولنا:

بخلاف ما إذا كانت الحالة السابقة مشكوكة.

(5) أي في صورة معلومية الحالة السابقة، و عدمها لا فرق بين القول بشرطية القدرة في وجوب التسليم.

و بين القول بوجود المانع، فكلاهما على حد سواء.

(6) هذا مثال للشك الحكمي.

و خلاصة معنى العبارة أنه في صورة الشك في الخارج عن عمومات صحة العقد التي هو قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ - وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ - تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

هل هو العجز المستمر من حين العقد إلى زمن التسليم؟ -

ص: 109

أو شككنا(1) (1) في أن المراد بالعجز ما يعم التعسر كما حكي أم خصوص التعذر؟

فاللازم التمسك بعمومات الصحة، من غير فرق بين تسمية القدرة شرطا، أو العجز مانعا.

و الحاصل (2) أن التردد بين شرطية الشيء، و مانعية مقابله إنما

+++++++++++

- أو العجز في الجملة؟:

يجب علينا التمسك بتلك العمومات، و الرجوع إليها في صحة المعاملة.

(1) هذا مثال للشك الموضوعي المصداقي.

و خلاصة معنى العبارة أنه إذا شككنا في أن المراد من العجز.

هل هو العجز الحقيقي؟

أو المراد منه معناه الأعم الشامل للتعسر؟

فاللازم علينا حينئذ التمسك بتلك العمومات المذكورة، و الرجوع إليها في صحة المعاملة.

من غير فرق بين أن يقال بشرطية القدرة.

أو بوجود المانع في هذه الموارد من الشك.

سواء أ كان الشك في الموضوع بكلا قسميه:

المفهومي، و المصداقي المشار إليهما في الهامش 1 من هذه الصفحة.

أم في الشك الحكمي المشار إليه في الهامش 6 ص 109.

(2) أي و خلاصة القول في هذا المقام أن التردد بين شرطية الشيء.

و بين مانعية مقابله إنما يكون مثمرا في الضدين الوجوديين كالعدالة و الفسق: حيث إن الشاك في مورد أن العدالة شرط، أو الفسق مانع يمكنه الفرق بينهما، و القول بأن العدالة إذا كانت شرطا ففي الشك في وجودها يحكم بعدمها، فتكون النتيجة فقدان المشروط -

ص: 110


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.

يصح و يثمر في الضدين مثل الفسق و العدالة(1) لا فيما نحن فيه (1) و شبهه(2) كالعلم و الجهل.

و أما اختلاف (3) الأصحاب في مسألة الضال و الضالة فليس لشك المالك في القدرة و العجز، و مبنيا على كون القدرة شرطا، أو العجز مانعا كما يظهر من أدلتهم على الصحة و الفساد.

+++++++++++

- بالعدالة بفقدان الشرط: و هي العدالة.

بخلاف ما إذا كان الفسق مانعا، فإنه يمكنه جريان أصالة عدمه و القول بصحة ما جعل فيه الفسق مانعا، لأن الصحة مقتضى الأصالة المذكورة.

(1) أي و لا يثمر الشك في شرطية الشيء، و مانعية مقابله الذي يلزم من وجود احد الضدين عدم الآخر كما فيما نحن فيه: و هو الشك في تحقق القدرة و العجز.

(2) أي و شبه ما نحن فيه: و هو كل مورد يلزم من وجود احد الضدين عدم الآخر كالعلم و الجهل.

ثم لا فرق بين أن يكون احد الضدين شرطا، أو الآخر مانعا.

(3) هذا رد من الشيخ على ما جاء به صاحب الجواهر من التأييد في مسألة بيع العبد الضال، و الدابة الضالة لمدعاه:

من عدم شرطية القدرة، و أن العجز مانع.

و خلاصة الرد أن اختلاف أصحابنا الامامية رضوان اللّه عليهم في صحة بيع الضالة و الضال، و فساده ليس لاجل أن شك المالك في القدرة و العجز مبني على أن القدرة شرط، أو العجز مانع:

بمعنى أن القائلين ببطلان بيع العبد الضال، و الدابة الضالة إنما يقولون بالبطلان لاجل كون القدرة شرطا في وجوب التسليم.

و أن القائلين بصحة بيع العبد الضال، و الدابة الضالة إنما يقولون -

ص: 111


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بل (1) لما سيجيء عند التعرض لحكمها.

العبرة بالقدرة في زمان الاستحقاق

ثم إن العبرة في الشرط المذكور (2) إنما هو في زمان استحقاق التسليم، فلا ينفع وجودها (3) حال العقد إذا علم بعدمها (4) حال استحقاق التسليم.

كما لا يقدح عدمها (5) قبل الاستحقاق و لو حين العقد.

+++++++++++

- بالصحة لاجل أن العجز عندهم مانع.

بل اختلافهم في ذلك لاجل الحديث الوارد في ذلك: و هو حديث جواز بيع العبد الآبق منضما، فبمفهومه: و هو عدم جواز بيعه منفردا يتمسك على عدم جواز بيع الضال و الضالة.

أو لاجل الحديث الوارد في نفي الغرر.

فلا المجوزون تمسكوا في صحة البيع أن العجز مانع.

و لا المانعون استدلوا لبطلان البيع بأن القدرة شرط.

و الدليل على ذلك كلمات الفقهاء الدالة على الصحة و الفساد التي تأتي الاشارة إليها.

و من الفقهاء الشهيد الثاني قدس سره، حيث ذكر في المسالك أن عدم جواز بيع الضال و المحجور، و الغصب إنما هو لاجل الغرر المنفي.

(1) أي بل اختلاف الفقهاء في مسألة بيع الضال و الضالة لاجل ما سيجيء في حكم هذه المسألة.

(2) و هي القدرة على التسليم.

(3) أي وجود القدرة.

(4) أي بعدم القدرة على التسليم حال استحقاق المبيع فيحكم ببطلان العقد.

(5) أي عدم القدرة قبل استحقاق المبيع كما في بيع السلف -

ص: 112

و يتفرع على ذلك (1) عدم اعتبارها اصلا إذا كانت العين في يد المشتري (2).

و فيما (3) لا يعتبر التسليم فيه رأسا كما إذا اشترى من ينعتق عليه فإنه ينعتق بمجرد الشراء، و لا سبيل لاحد عليه.

+++++++++++

- فيحكم حينئذ بصحة البيع.

فالملاك في صحة البيع هي القدرة على التسليم حال استحقاق المبيع لا حال البيع.

و في بطلان البيع هو عدم القدرة على التسليم حال استحقاق المبيع، لا حال البيع.

(1) أي على ما قلناه: من أن الملاك في صحة البيع هي القدرة على التسليم حال استحقاق المبيع.

و في بطلان البيع هو عدم القدرة على التسليم حال استحقاق المبيع.

من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يستنتج فروعا أربعة على قوله:

و يتفرع على ذلك عدم اعتبارها أي عدم اعتبار القدرة:

و نحن نذكر تلك الفروع عند رقمها الخاص.

(2) هذا هو الفرع الاول، فإن العين إذا كانت عند المشتري و تحت يده و تصرفه و سلطنته فلا حاجة إلى تسليمها إليه مرة ثانية من قبل البائع، لأن التسلم من قبل المشتري حاصل.

(3) هذا هو الفرع الثاني الذي لا يحتاج إلى القدرة على التسليم اصلا حال العقد، إذ الانسان لا يملك عموديه، و لا احدهما فيعتقان عليه حالا.

نعم يملكها آنا مّا حتى يصح عتقهما، لأنه لا عتق إلا في ملك كما عرفت أكثر من مرة، فلا معنى لوجود القدرة حال العقد.

ص: 113

و فيما (1) إذا لم يستحق التسليم بمجرد العقد إما لاشتراط تأخيره مدة.

و إما (2) لتزلزل العقد كما إذا اشترى فضولا، فإنه لا يستحق التسليم إلا بعد اجازة المالك فلا تعتبر القدرة على التسليم قبلها (3).

لكن يشكل (4) على الكشف، من حيث إنه لازم من طرف

+++++++++++

(1) هذا هو الفرع الثالث الذي لا يحتاج إلى القدرة على التسليم اصلا حال العقد، إذ اشتراط تأخير مدة التسليم يغنينا عن وجود القدرة على تسليم كل واحد من المتبايعين كل واحد من العوضين إلى صاحبه حال العقد لو كان الاشتراط من الطرفين، أو من طرف واحد

(2) هذا هو الفرع الرابع الذي لا يحتاج إلى القدرة على التسليم اصلا حال العقد.

(3) أي قبل الاجازة الصادرة من المالك الاصيل لا تعتبر القدرة على التسليم من قبل البائع الفضولي عند ما يوقع العقد.

(4) هذا الإشكال متوجه على الفرع الرابع المشار إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة.

و خلاصته أنه بناء على القول بكون الاجازة كاشفة عن سبق الملك للمشتري من حين وقوع العقد يشكل القول بعدم اعتبار القدرة اصلا عند إجراء العقد، لأن العقد لازم من طرف الاصيل الذي هو احد طرفي العقد الفضولي.

و هو المشتري لو كان المبيع فضوليا.

و البائع لو كان الثمن فضوليا، لأن البائع، أو المشتري لا يستحق التسليم، أو التسلم إلا بعد اجازة المالك، فقبل الاجازة لا يكون العاقد قادرا على التسليم، فيتحقق الغرر بالنسبة إلى الاصيل إذا انتقل إليه ما لم يقدر على تحصيله و تسلمه.

ص: 114

الاصيل، فيتحقق الغرر بالنسبة إليه إذا انتقل إليه ما لم يقدر على تحصيله.

نعم هو (1) حسن في الفضولي من الطرفين.

و مثله (2) بيع الرهن قبل اجازة المرتهن، أو فكه (3).

بل (4) و كذا لو لم يقدر على تسليم ثمن السلم، لأن (5) تأثير

+++++++++++

(1) أي عدم اعتبار القدرة اصلا عند العقد حسن فيما إذا كان طرفا العقد فضوليين.

(2) أي و مثل البيع الفضولي من طرف واحد بيع الرهن قبل اجازة المرتهن، أو قبل فك الرهن: في أن المشتري لا يستحق التسليم من قبل البائع قبل الاجازة، فلا تعتبر القدرة للبائع عند العقد.

فلو كان المشتري عالما برهن المبيع فلا غرر عليه حتى يكون البيع باطلا عند العقد.

(3) أي قبل فك الرهن.

(4) هذا من فروع عدم اعتبار القدرة على التسليم حال العقد أي و كذا لا تعتبر القدرة على التسليم اصلا لو كان المشتري في بيع السلف غير قادر على دفع ثمن السلف في مجلس عقد السلم.

(5) تعليل لعدم اعتبار القدرة في البائع اصلا عند العقد في البيع السلفي لو تعذر على المشتري تسليم الثمن للبائع في مجلس العقد.

و خلاصته: أن تأثير العقد السلمي و تماميته و صحته موقوف على تسليم المشتري الثمن في مجلس عقد السلمي إلى البائع.

فاذا تعذر التسليم فالعقد باطل و فاسد، فلا يستحق المشتري من البائع المبيع حتى تشترط القدرة في البائع عند تسليم المبيع السلمي -

ص: 115

العقد قبل التسليم في المجلس موقوف على تحققه (1) فلا يلزم غرر

و لو تعذر التسليم (2) بعد العقد رجع إلى تعذر الشرط.

و من المعلوم (3) أن تعذر الشرط(1) المتأخر حال العقد غير قادح.

بل (4) لا يقدح العلم بتعذره فيما بعده في تأثير العقد إذا اتفق

+++++++++++

- إلى المشتري.

(1) أي على تحقق تسليم الثمن من المشتري إلى البائع كما عرفت آنفا في الهامش 5 ص 115.

(2) أي لو تعذر بعد وقوع العقد تسليم الثمن من قبل المشتري إلى البائع في البيع السلمي و الصرفي المعتبر هذا التسليم في صحة العقد فقد بطل العقد، لأن مآله إلى مآل الشرط المتعذر، و حكمه حكمه.

فكما أن الشرط المتعذر حصوله مفسد للعقد.

كذلك تعذر تسليم الثمن في البيع السلمي مفسد للعقد، و مبطل له.

(3) هذا مطلب آخر.

و خلاصته أنه لو كان تعذر التسليم موجودا حال العقد فلا يقدح تعذره بعد العقد في تأثير العقد، و لا يكون مخلا لصحته.

بل العقد يعمل عمله، لأن هذا التعذر كالشرط المتأخر عن العقد حال صدور العقد.

فكما أنه غير قادح في بطلان العقد.

كذلك تعذر التسليم بعد العقد غير قادح في العقد، فلا يكون موجبا لسلب التأثير عن العقد.

(4) هذا ترق من الشيخ.

و خلاصته أنه في صورة علم المتعاقدين بتعذر تسليم الثمن من المشتري في البيع السلمي بعد صدور العقد لا يكون العلم مانعا عن تأثير -

ص: 116


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

حصوله، فإن (1) الشروط المتأخرة لا يجب احرازها حال العقد و لا العلم بتحققها فيما بعد.

و الحاصل (2) أن تعذر التسليم مانع في بيع يكون التسليم من أحكامه لا من شروط تأثيره.

+++++++++++

- العقد لو اتفق حصول الثمن في يد البائع و تسلطه عليه.

(1) تعليل لكون العلم بتعذر تسليم الثمن إلى البائع في البيع السلمي غير قادح عن تأثير العقد لو اتفق حصوله بعد العقد.

و خلاصته أن الشروط المتأخرة عن العقد التي لها دخل في صحة العقد لا يجب أن تكون محرزة حال وقوع العقد.

كما أنه لا يجب العلم بوجودها فيما بعد صدور العقد.

فعدم العلم بوجودها حال العقد، و بعدم وجودها فيما بعد صدور العقد لا يكون قادحا بالعقد، و مضرا به، اذ المفروض شرطية القبض بعد العقد، لا حاله.

فقدح عدم القبض حال العقد في العقد خلف.

(2) أي و خلاصة الكلام و زبدته في تعذر التسليم: هو أن التعذر إنما يكون مانعا عن صحة العقد، و موجبا لبطلانه إذا كان التسليم من أحكام العقد، و شرائط صحته التي لها دخل في تماميته.

لا ما إذا كان التسليم من شرائط تأثير العقد كما فيما نحن فيه: و هو البيع السلمي الذي يكون القبض فيه من قبل البائع جزء مؤثرا في العقد لأن المؤثر التام في النقل و الانتقال امران:

العقد المركب من الايجاب و القبول.

و قبض الثمن من قبل البائع من المشتري.

فاذا حصل الامران اثر العقد اثره: و هو النقل و الانتقال. -

ص: 117

و السر فيه (1) أن التسليم فيه جزء الناقل فلا يلزم غرر من تعلقه بغير المقدور.

و بعبارة اخرى (2) الاعتبار بالقدرة على التسليم بعد تمام النقل

+++++++++++

- و لا يلزم غرر لو تعلق العقد بغير المقدور حال العقد، و بعده لو اتفق حصوله بعد العقد.

بخلاف ما إذا لم يحصل الامران: بأن انتفى احدهما، فإنه لا يحصل الاثر المذكور.

(1) أي السر و العلة في أن العقد الباطل هو العقد الذي يكون التسليم فيه من شرائط أحكام العقد و صحته، لا من شرائط تأثيره:

هو أن التسليم جزء ناقل للمبيع إلى المشتري، و الجزء الآخر هو العقد المركب من الايجاب و القبول، و الجزء الناقل للمبيع فيما نحن فيه هو القبض فمتى حصل هذا الجزء تحقق العقد في الخارج، و اثر اثره:

و هو القل و الانتقال.

إذا لا يتحقق غرر لو تعلق العقد بغير مقدور حال العقد، و بعد العقد لو اتفق حصوله، لأن الشروط المتأخرة لا يجب احرازها حال العقد، و لا العلم بتحققها فيما بعد العقد.

(2) يروم الشيخ قدس سره في قوله: (بعبارة اخرى) صب المعنى المذكور حول تعذر تسليم الثمن في قالب آخر من الألفاظ بعبارة أخصر من الاولى حتى يتضح المعنى، حيث الغموض قد علاه.

أليك ما اراده الشيخ، أي الاعتبار و الملاك في القدرة على التسليم إنما هو بعد تمامية النقل و الانتقال.

و من الواضح أن التمامية المذكورة إنما تتحقق بالقبض الذي هو الجزء الاخير في الاثر المذكور: و هو النقل و الانتقال، و لذا -

ص: 118

و لهذا (1) لا يقدح كونه عاجزا قبل القبول إذا علم بتجدد القدرة بعده.

و المفروض أن المبيع بعد تحقق الجزء الاخير من الناقل: و هو القبض حاصل في يد المشتري.

فالقبض (2)

+++++++++++

- لا يقدح عجز المشتري عن اداء الثمن قبل قبول المبيع إذا كان عالما بتجدد القدرة له بعد القبول.

و المفروض أن المبيع بعد تحقق جزء الاخير من الناقل و هو القبض حاصل في يد المشتري، و موجود تحت تصرفه فلا يحصل غرر لو كان غير قادر على التسليم حال العقد، أو بعده لو اتفق حصوله كما هو المفروض.

(1) تعليل لكون الاعتبار في القدرة على التسليم بعد تمامية النقل و قد عرفته في الهامش 2 ص 118.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن القبض هو الجزء الاخير في تمامية العقد و تحققه في الخارج أي القبض مثل الاجازة في كونها هو الجزء الاخير للنقل و الانتقال.

فكما أنه لا بد من صدور الاجازة من المالك الاصيل في البيع الفضولي حتى ينتقل المبيع إلى المشتري فهو الجزء الاخير للتملك و أن البيع متزلزل و متوقف على الاجازة، و لولاها لما صح العقد، و لما تملك المبيع المشتري.

كذلك القبض في صورة عدم القدرة على التسليم حال العقد لا بدّ من تحققه في الخارج حتى يتحقق العقد خارجا.

هذا بناء على أن الاجازة ناقلة للمبيع إلى المشتري من حين صدور الإجازة.

ص: 119

مثل الاجازة، بناء على النقل، و أولى منها (1)، بناء على الكشف.

و كذلك الكلام (2) في عقد الرهن، فإن اشتراط القدرة على التسليم فيه بناء على اشتراط القبض إنما هو من حيث اشتراط القبض فلا يجب احرازه حين الرهن، و لا العلم بتحققه بعده.

فلو رهن ما يتعذر تسليمه ثم اتفق حصوله في يد المرتهن اثر العقد اثره.

و سيجيء الكلام في باب الرهن.

اللّهم (3) إلا أن يقال: إن المنفي في النبوي هو كل معاملة

+++++++++++

(1) أي القبض أولى من الاجازة لو قلنا: إنها كاشفة.

(2) أي لا تعتبر القدرة على التسليم في عقد الرهن حال ايقاعه أيضا، و لذا لو لم يعلم عند ايقاع الرهن بالقدرة على القبض بعد العقد صح العقد، و اثر اثره.

و كذا لو علم بعدم القدرة على التسليم عند ايقاع العقد لكن اتفق حصول القبض في يد المرتهن بعد العقد صح الرهن أيضا، لأن وجوب القدرة على التسليم في الرهن ليس إلا من جهة اشتراط القبض فيه فمتى حصل و لو بنحو الاتفاق الخارجي صح عقد الرهن، فلا يجب فيه احراز القدرة حين الرهن، و لا العلم بتحققه حين ايقاع عقد الرهن.

ففي الواقع أنه ليس في الرهن شرطان.

التسليم، و القبض حتى تعتبر القدرة عند ايقاع الرهن.

بل هناك شرط واحد: و هو القبض، فمتى حصل تحقق الرهن و صح.

(3) هذا استثناء من عدم اعتبار القدرة في حال ايقاع العقد الذي افاده الشيخ بقوله في ص 116: و من المعلوم أن تعذر.

ص: 120

يكون بحسب العرف غررا، فالبيع (1) المشروط فيه القبض كالصرف و السلم إذا وقع على عوض مجهول قبل القبض، أو غير مقدور غرر عرفا، لأن (2) اشتراط القبض في نقل العوضين شرعي، لا عرفي فيصدق الغرر (3)

+++++++++++

- و خلاصته أنه يمكن القول باعتبار القدرة حال ايقاع العقد في بيع الصرف و السلم: ببيان أن المستفاد من الغرر المنفي في الحديث النبوي المذكور في ص 63: هو كل معاملة يرى العرف فيها الغرر، سواء أ كان فيه قبض أم لا، فإنه بمجرد وقوع العقد يرى حصول الملكية، و يرتب عليها آثارها: من البيع، و الهبة، و الوقف.

و من الواضح أن بيع الصرف المشترط فيه التقابض في المجلس.

و السلم المشترط فيهما القبض إذا وقعا على عوض مجهول، أو على شيء غير مقدور: غرر عرفا فيكونان موردين للحديث النبوي فيبطل العقد لأن أكل المال فيهما اكل بالباطل حينئذ.

إذا تعتبر القدرة حال ايقاع العقد في بيع الصرف و السلم.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المنفي هو كل معاملة.

و قد عرفت التفريع عند قولنا في هذه الصفحة: و من الواضح.

(2) تعليل لغررية بيع الصرف و السلم إذا وقعا على عوض مجهول أو شيء غير مقدور.

(3) وجه صدق الغرر عرفا هو أن العرف لا يرى اشتراط القبض في نقل العوضين من كل من المتعاقدين إلى صاحبه، لأنه بمجرد وقوع العقد يرى حصول الملكية، و يرتب عليها آثارها كما عرفت.

ص: 121

و الخطر عرفا و إن لم يتحقق شرعا، اذ (1) قبل التسليم لا انتقال و بعده لا خطر.

لكن النهي و الفساد يتبعان بيع الغرر عرفا.

و من هنا (2) يمكن الحكم بفساد بيع غير المالك إذا باع لنفسه لا عن المالك ما لا يقدر على تسليمه.

+++++++++++

- لكنه غير مطمئن بحصول ما انتقل إليه بالعقد في بيع الصرف و السلم عند عدم تمكن البائعين في الصرف، و المشتري في السلم من التسليم فيقع في الغرر.

و من المعلوم أن النهي و الفساد تابعان لبيع الغرر العرفي.

فإن صدق الغرر عرفا صدق النهي و الفساد.

و إن لم يصدق لم يصدق النهي و الفساد، و فيما نحن فيه يصدق الغرر.

(1) تعليل لعدم صدق الغرر شرعا.

و خلاصته: أنه قبل التقابض في بيع الصرف، و القبض في بيع السلم لا ينتقل المبيع إلى المتبايعين، و لا إلى المشتري حتى يكون المتبايعان أو البائع على غرر و خطر في حصوله.

و بعد التسليم لا خطر و لا غرر على الثمن، لأنه قد حصل في يده و تحت تصرفه.

(2) أى و يعلم من قولنا في ص 120: إن المنفي في النبوي:

امكان الحكم بفساد بيع الفضولي مال الغير لنفسه، لأن العرف يرى هذا البيع غررا، لعدم قدرة البائع الفضولي مال الغير لنفسه على تسليمه للمشتري، لأنه ممنوع من التصرف شرعا، فيشمله الحديث النبوى، لأن هذه المعاملة اصبحت ذات غرر و خطر، فيصدق أن المشتري اقدم على البيع الغررى.

ص: 122

اللهم (1) إلا أن يمنع الغرر العرفي بعد الاطلاع على كون اثر

+++++++++++

- فما لم تصدر الاجازة من المالك الاصيل لم يؤثر العقد اثره.

و لشيخنا العلامة الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 195 إشكال على ما افاده الشيخ: من قياسه بيع الفضولي ببيع اشترط فيه التقابض و القبض كالصرف و السلم في الفساد.

و خلاصة الإشكال أن اشتراط القبض و التقابض في الصرف و السلم امر شرعي، لا عرفي، و البيع العرفى حاصل قبل القبض، إذ كما عرفت آنفا أن العرف بمجرد وقوع العقد خارجا يرتب الآثار عليه و لا يهمه القبض، أو التقابض، فيمكن أن يقال: إن مناط النهي هنا غررية البيع العرفي، لأن شرط القدرة. و هو القبض غير حاصل حال العقد.

بخلاف البيع الفضولي مال الغير لنفسه: فإن رضى المالك فيه دخيل في تأثير العقد عند العرف أيضا.

فما لم يحصل فيه رضاه لم يحصل العقد، و إذا حصل رضاه لم يكن غرر، لتحقق القدرة على التسليم بقدرة المالك عليه.

فحصول العقد، و عدمه دائر مدار الرضا وجودا و عدما.

(1) استثناء من الاستثناء الذي افاد الشيخ فيه أن المناط في الغرر هو صدقه عرفا بقوله في ص 120: اللهم إلا أن يقال: إن المنفي في الحديث النبوي.

و خلاصة الاستثناء: هو منع كون المنفي في الحديث النبوي كل معاملة فيها الغرر العرفي حتى يكون العرف هو الملاك في الغرر لا غير.

بل المناط هو العرف مقيدا بعد ملاحظته الآثار الشرعية المترتبة -

ص: 123

المعاملة شرعا على وجه لا يلزم منه خطر، فإن (1) العرف إذا اطلعوا على انعتاق القريب (2) بمجرد شرائه لم يحكموا بالخطر اصلا، و هكذا.

فالمناط (3) صدق الغرر عرفا بعد ملاحظة الآثار الشرعية للمعاملة

+++++++++++

- على المعاملة التي ليس فيها غرر و خطر، و بعد اطلاعه على تلك الآثار المقيدة بذاك القيد، و بعد علمه بها مقيدة بالقيد المذكور.

فكل معاملة تكون هذه صفتها يقدم عليها العرف فهو ينظر إليها بتلك النظّارة، و لذا ترى العرف يحكم بصحة شراء العمودين أو احدهما إذا علم بمجرد إعتاقهما عليه قهرا، لعدم وجود خطر و غرر فيه.

و من الواضح أن بيع الصرف و السلم لما اجريا بالعقد يراهما العرف واقعين غير محتاجين إلى شيء زائد: و هو التقابض في المجلس و القبض في السلم الّذي الزمه الشارع فيهما.

لكن لما يرى أنه بعد العقد لم يحصل له شيء، لعدم قدرة المتبايعين، أو احدهما على التسليم في الصرف، و المشتري في السلم يرى البيع بيعا غرريا فيحكم بغرريته.

إذا لا مجال لصدق الغرر العرفي مجردا عن تلك الخصوصية.

و هي ملاحظة الآثار الشرعية بعد أن لم يكن فيها خطر و غرر.

(1) تعليل لمنع صدق الغرر العرفي بعد اطلاع العرف و علمه بالآثار المترتبة شرعا على المعاملة التي ليس فيها خطر و غرر.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 123 عند قولنا: و خلاصة الاستثناء.

(2) كالعمودين، أو احدهما.

و قد عرفته عند قولنا في هذه الصفحة: و لذا ترى العرف يحكم.

(3) الفاء تفريع على ما افاده الشيخ في ص 123: من منع -

ص: 124

فتأمل (1).

ثم إن الخلاف في اصل المسألة (2) لم يظهر إلا من الفاضل

+++++++++++

- صدق الغرر العرفي على الآثار الشرعية المترتبة على المعاملة بعد اطلاع العرف على عدم وجود خطر و غرر في المعاملة.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 ص 123: بل المناط هو العرف مقيدا.

(1) افاد العلامة المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 462 في وجه التأمل ما حاصله:

لعل التأمل لدفع توهم.

أما التوهم فلامكان أن يقال: إن الغرر لا يكون عرفيا بعد أن كان المناط في صدق الغرر العرفي هو ملاحظة الآثار الشرعية المترتبة على المعاملة التي ليس فيها غرر و خطر.

بل الغرر اصبح شرعيا حينئذ.

و أما الدفع فهو أن الآثار الشرعية المترتبة على المعاملة التي كانت مقيدة بالقيد المذكور تكون من قبيل ما يتحقق به العنوان الّذي يحكم به العرف.

فهو نظير الحكم العقلي الّذي يتحقق موضوعه بالشرع.

خذ لذلك مثالا.

إن الشارع جعل الحدث منافيا للصلاة، و العقل حكم بعد هذا الجعل بعدم امكان اجتماع الصلاة و الحدث معا.

بمعنى أن العقل حاكم بأن الصلاة في ظرف كون المصلي محدثا لا يجتمعان، لأن الشارع جعل الحدث منافيا للصلاة، فلا يمكن اتيانها و المصلي على تلك الحالة.

(2) أى في مسألة بيع الصرف و السلم.

ص: 125

القطيفي (1) المعاصر للمحقق الثاني، حيث حكي عنه أنه قال في إيضاح النافع: إن القدرة على التسليم من مصالح المشتري فقط لا أنها شرط في اصل صحة البيع.

فلو قدر (2) على التسلم صح البيع و إن لم يكن البائع قادرا عليه.

بل لو رضي بالابتياع مع علمه بعدم تمكن البائع من التسليم جاز و ينتقل إليه، و لا يرجع (3) على البائع، لعدم القدرة إذا كان البيع على ذلك مع العلم، فيصح (4)

+++++++++++

- خلاصة الكلام أن اشتراط القدرة في تسليم البيع كان مسلما بين الأصحاب، و الاختلاف في اعتبارها و عدم اعتبارها نشأ من زمن الفاضل القطيفي المعاصر للمحقق الثاني، فإنه اوّل من استشكل في شرطيتها و لم يعتبرها قدس سرهما، و لم تكن المسألة ذات شأن عند فقهائنا القدامى رضوان اللّه عليهم.

(1) يأتي شرح حياته و مؤلفاته في (أعلام المكاسب).

(2) أى المشترى.

(3) أى ليس للمشتري خيار جواز فسخ المعاملة، و الرجوع على البائع إذا كان البيع برضى المشتري، و علمه بعدم قدرة البائع على التسليم.

(4) الفاء تفريع على ما افاده الفاضل القطيفي: من عدم حق الرجوع للمشتري على البائع إذا كان شراؤه منه برضاه، و علمه بعدم قدرة البائع على التسليم.

أى ففي ضوء ما ذكرنا يصح بيع الشيء المغصوب إذا كان المشتري -

ص: 126

بيع المغصوب(1)، و نحوه (1).

نعم (2) إذا لم يكن المبيع من شأنه أن يقبض عرفا لم تصح المعاوضة عليه بالبيع، لأنه في معنى اكل المال بالباطل.

و ربما احتمل امكان المصالحة عليه (3).

و من هنا (4) يعلم أن قوله: يعني المحقق في النافع: لو باع الآبق منفردا لم يصح إنما هو مع عدم رضا المشتري، أو مع عدم علمه، أو كونه بحيث لا يتمكن (5) منه عرفا.

+++++++++++

- راضيا بهذا البيع، و عالما بغصبية الشيء المبيع.

هذا بناء على مذهب الفاضل القطيفي.

(1) كالبائع الفضولي مال الغير لنفسه مع علم المشتري بكون البائع فضوليا، و رضاه بالبيع المذكور، فإنه يصح مثل هذا البيع.

هذا بناء على مذهب الفاضل القطيفي.

(2) هذا كلام الفاضل القطيفي، و استدراك عما افاده: من أن القدرة على التسليم من مصالح المشتري فقط: لا أنها شرط في اصل صحة البيع.

و خلاصته أن المبيع إذا لم يكن من شأنه و صفته أن يقبض عرفا كالطير في الهواء، و السمك في الماء فلا يصح المعاوضة عليه، لعدم قدرة البائع على تسليمه للمشتري اصلا، فيصدق عليه الغرر العرفي فيشمله الحديث النبوي المذكور فيكون اكل المال بإزائه اكلا بالباطل.

(3) أي على مثل هذا البيع الذي لا يكون من شأنه أن يقبض.

(4) هذا كلام الفاضل القطيفي، أي و يعلم من قولنا: بل لو رضي المشتري بالابتياع مع علمه بعدم تمكن البائع من التسليم جاز و ينتقل إليه.

(5) بصيغة المجهول.

ص: 127


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لو اراد (1) غير ذلك فهو غير مسلم، انتهى (2).

و فيه (3) ما عرفت: من الاجماع، و لزوم (4) الغرر غير المندفع(1)بعلم المشتري، لأن الشارع نهى عن الإقدام عليه.

+++++++++++

(1) هذا كلام الفاضل القطيفي، أي و لو اراد المحقق من قوله في (النافع): لو باع الآبق منفردا لم يصح غير ما فسرناه: و هو أن مراده من عدم صحة البيع هو صورة عدم رضى المشتري، أو مع علمه بالاباق، أو بحيث لا يتمكن منه عرفا: فلا نسلم له.

و قد علمت أن الفاضل القطيفي ينكر اشتراط وجوب القدرة على التسليم حال ايقاع العقد، فرده على المحقق على مبناه.

(2) أي ما افاده الفاضل القطيفي في إيضاح النافع حول اعتبار القدرة، و عدمه.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره يروم به الرد على الفاضل القطيفي قدس سره، أي و فيما افاده بقوله في ص 126: بل لو رضي المشتري بالابتياع مع علمه بعدم تمكن البائع من التسليم جاز و صح البيع و انتقل المبيع إليه:

نظر و إشكال، لقيام الاجماع على بطلان مثل هذا البيع، ففتواه بصحته مخالفة للاجماع.

و علم المشتري بعدم قدرة البائع على التسليم لا يخرجه عن صدق الإقدام على الضرر.

(4) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من الاجماع فهو دليل ثان من الشيخ في الرد على المقالة المذكورة.

أي و من لزوم الغرر في مثل هذا البيع و إن كان المشتري عالما بعدم تمكن البائع على التسليم، لعدم حصول شيء له تجاه هذه المعاملة فتبطل، لعدم صدق تجارة عن تراض على ذلك شرعا.

ص: 128


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا أن يجعل الغرر هنا (1) بمعنى الخديعة فيبطل (2) في موضع تحققه: و هو عند جهل المشتري:

و فيه (3) ما فيه.(1)

القدرة على التسليم شرط بالتبع و المقصد الأصلي هو التسلم

ثم إن الظاهر (4) كما اعترف به بعض الأساطين (5) أن القدرة

+++++++++++

(1) أي في مسألة اعتبار القدرة، و عدم القدرة، فاذا جعل الغرر بمعنى الخديعة فلا غرر في صورة علم المشتري بعدم قدرة البائع على التسليم، أو رضاه بالمبيع الّذي هكذا صفته.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الغرر إذا كان بمعنى الخديعة فلا غرر في الصورة المذكورة، أى ففي ضوء ما ذكرناه فلا غرر يتحقق خارجا إلا في موضع تحقق الغرر، و موضع تحقق الغرر هي صورة جهل المشتري بعدم قدرة البائع على التسليم.

(3) هذا إشكال من الشيخ على ما لو فسّر الغرر بمعنى الخديعة أى و في هذا التفسير إشكال.

و خلاصة الإشكال أن الفقهاء رضوان اللّه عليهم كما علمت قد استفادوا من الغرر في الحديث النبوى الخطر و الضرر.

كما أنه قد استفيد هذا المعنى من الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام المذكور في قوله في ص 65:

عمل ما لا يؤمن معه الضرر.

فالمعنى الشائع للغرر هو الخطر، و الإقدام على ما لا يؤمن معه الضرر، سواء أ كان ما لا يؤمن معه الضرر مالا أم غيره.

و أما الخديعة فليست بمعهودة عند الفقهاء.

(4) أى من كلمات الفقهاء.

(5) و هو الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدس سره.

ص: 129


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع، و إنما المقصد الاصلي هو التسلم (1).

و من هنا (2) لو كان المشتري قادرا (3) دون البائع كفى في الصحة كما عن الإسكافي، و العلامة، و كاشف الرموز، و الشهيدين و المحقق الثاني.

و عن ظاهر الانتصار(1) أن صحة بيع الآبق على من يقدر على تسلمه ممّا انفردت به الامامية.

و هو (4) المتجه(2)، لأن (5) ظاهر معاقد الاجماع بضميمة التتبع في كلماتهم، و استدلالاتهم بالغرر، و غيره مختص بغير ذلك (6).

+++++++++++

(1) أى التسلم من المشتري يكون اصلا، فوجوبه اصلي.

و التسليم من البائع تبعي فوجوبه مقدمي.

(2) أى و من قولنا: إن القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع.

(3) أى على التسلم.

(4) هذا كلام شيخنا الانصارى قدس سره أى انفراد الامامية على صحة بيع العبد الآبق على من يتمكن من تسلمه في الخارج هو المتوجه.

و أما وجه الصحة فلأن المقصود من اشتراط القدرة هو حصول المبيع تحت تصرف المشتري، فاذا كان قادرا على التسليم فقد حصل الفرض و انتفى الغرر.

(5) تعليل لكون انفراد الامامية على صحة بيع العبد الآبق على من يتمكن من تسلمه متجها.

(6) أى بغير صورة اقتدار المشتري على تسلم المبيع، لأنك عرفت -

ص: 130


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و منه (1) يعلم(1) أيضا أنه لو لم يقدر احدهما على التحصيل، لكن يوثق بحصوله في يد احدهما عند استحقاق المشتري للتسلم كما لو اعتاد الطائر العود صح، وفاقا للفاضلين و الشهيدين، و المحقق الثاني و غيرهم.

نعم عن نهاية الأحكام احتمال العدم (2) بسبب انتفاء القدرة في الحال على التسليم، و أن عود الطائر غير موثوق به، إذ ليس له عقل باعث.

و فيه (3)

+++++++++++

- آنفا أن المقصود الاولي في اشتراط القدرة على التسليم ليس البائع بل المقصود الاصلي هو المشتري، فالبائع تبع له.

فاذا كان المشتري هو المقصود الاصلي و هو قادر على تسلم المبيع فقد حصل الغرض و صحت المعاوضة، و لا تحتاج إلى تسليم البائع المبيع إلى المشتري.

(1) أي و يعلم من مقالة (السيد المرتضى) قدس اللّه نفسه في الانتصار: من انفراد الإمامية على صحة بيع العبد الآبق على من يتمكن من تسلمه.

(2) أي عدم صحة بيع ما يوثق بحصوله في يد من يتمكن على تسلمه.

(3) هذا إشكال من الشيخ قدس سره على ما أفاده العلامة قدس سره في نهاية الأحكام: من أن عود الطائر غير موثوق به، لعدم عقل ثابت له فلا يصح بيعه.

و خلاصة الإشكال أن العادة طبيعة ثانوية للحيوان الصامت و الناطق، فهي كالعقل: في أنها باعثة للطير للعود إلى محله و وكره.

فكما أن العقل باعث للإنسان، و مرشد له في ارتكابه الأمور -

ص: 131


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أن العادة باعثة كالعقل، (1) مع أن الكلام على تقدير الوثوق.

و لو لم يقدر على التحصيل، و تعذر عليهما إلا بعد مدة مقدرة عادة و كانت مما لا يتسامح فيه كسنة، أو أزيد.

ففي بطلان البيع، لظاهر الاجماعات المحكية (2)، و لثبوت الغرر (3).

+++++++++++

- المتصورة المقصودة.

كذلك العادة تبعث الحيوان على العود إلى محله و وكره.

فالعادة أشبه شيء في عصرنا الحاضر بالأمور (الأوتوماتيكية).

(1) هذا جواب آخر من الشيخ على ما أفاده العلامة في نهاية الأحكام.

و خلاصته أنه بالإضافة إلى الجواب الأول أن لنا جوابا آخر:

و هو أن الكلام في حصول الوثوق للمشتري على تمكنه من تسلم المبيع، لا ما لا يوثق به، لأن العبرة عند العقلاء هو الاطمئنان، فمتى حصل صحت المعاوضة.

و ليس لنا دليل على اعتبار القدرة على التسليم عند إيقاع العقد و إلا لكان بيع العبد حال كونه مسافرا مع الاطمئنان برجوعه باطلا مع أن الفقهاء حكموا بصحته.

ألا ترى أن العقلاء يقدمون على شراء الدار للاستفادة و لو كانت مستأجرة بعد مضي زمن إجارتها.

(2) أي الإجماعات التي حكيناها قامت على اشتراط القدرة.

و من الواضح أن القدرة في صورة عدم قدرتهما على التحصيل مفقودة.

(3) أي في مثل هذه المعاوضة التي لا قدرة للمتبايعين على تحصيل -

ص: 132

أو صحته، لأن (1) ظاهر معاقد الاجماع التعذر رأسا، و لذا (2) حكم مدعيه بالصحة هنا.

و الغرر (3) منفي مع العلم بوجوب الصبر عليه إلى انقضاء مدة كما إذا اشترط تأخير التسليم مدة.

وجهان، بل قولان تردد فيهما في الشرائع(1)، ثم قوّى الصحة.

و تبعه في محكي السرائر و المسالك و الكفاية، و غيرها.

نعم (4) للمشتري الخيار مع جهله بفوات منفعة الملك عليه مدة.

+++++++++++

- ما بيع إلا بعد مدة لا يتسامح فيها يكون بذل المال تجاه أمر باطل فيفسد العقد.

(1) تعليل لصحة المعاوضة على ما لا يقدر المتبايعان على تحصيله و خلاصته: أن الاجماع المذكور إنما قام على عدم جواز بيع ما لا يقدر المتبايعان على تحصيله رأسا.

لا ما كان التعذر فيه موقتا بوقت معين لا يتسامح فيه.

(2) تعليل لكون الإجماع إنما قام على عدم جواز بيع ما لا يقدر المتبايعان على تحصيله، لا ما كان التعذر فيه وقتيا، أي و لأجل قيام الاجماع على التعذر الوقتي حكم مدعي هذا الإجماع بصحة بيع ما يتعذر حصوله بعد مدة معينة لا يتسامح فيها.

(3) هذا رد على من ادعى ثبوت الغرر في بيع ما لا يقدر المتبايعان على تحصيله إلا بعد مدة معينة لا يتسامح فيها عادة.

(4) الظاهر أن كلمة (نعم) استدراك عما أفاده: من نفي الغرر بقوله في هذه الصفحة: و الغرر منفي مع العلم بوجوب الصبر عليه إلى انقضاء مدة كما هو المألوف في الاستدراكات.

فعليه لا مجال لفرض جهل المشتري بفوات منفعة الملك عليه مدة -

ص: 133


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لو كانت مدة التعذر غير مضبوطة عادة كالعبد المنفذ إلى الهند لأجل حاجة لا يعلم زمان قضائها ففي الصحة إشكال: من (1) حكمهم بعدم جواز بيع مسكن المطلقة المعتدة بالإقرار (2)، لجهالة (3) وقت تسليم العين.

و قد تقدم بعض الكلام فيه في بيع الواقف الوقف المنقطع (4).

+++++++++++

- لأن صورة الجهل خارجة عن أطار البحث.

(1) تعليل للاشكال في مدة التعذر إذا كانت غير مضبوطة.

أي إنما نستشكل في صحة عقد ما لو علق على مدة غير مضبوطة لحكم الفقهاء بعدم جواز بيع مسكن المرأة المطلقة المعتدة بالأقراء، لجهالة مدة الأقراء، لأن أقل الحيض ثلاثة أيام، و أقل الطهر عشرة أيام و بينهما مجهول.

و هذا الجهل مستلزم لجهالة وقت تسليم العين إلى المشتري.

و من هذا الحكم نستكشف عدم صحة بيع ما كانت مدة التعذر فيه غير مضبوطة، لتنقيح المناط.

و أقراء جمع قرء، و القرء من الأضداد يراد منه معنيان متضادان و هما:

الطهر و الحيض.

(2) التقييد بالأقراء لاخراج المرأة المعتدة بالمدة المعينة كالتي مات عنها بعلها، فإنها تعتد عدة الوفاة: و هي أربعة أشهر و عشرة أيام سواء دخل بها زوجها أم لا، و سواء بلغت سن اليأس أم لا، فإن البيع في هذه المدة صحيح، لكونها معلومة.

(3) تعليل لعدم جواز بيع مسكن المرأة المطلقة المعتدة بالأقراء.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 من هذه الصفحة: لجهالة وقت تسليم العين

(4) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. الجزء 10 ص 273 -

ص: 134

ثم إن الشرط هي القدرة المعلومة للمتبايعين

ثم إن الشرط هي القدرة المعلومة للمتبايعين (1)، لأن الغرر لا يندفع بمجرد القدرة الواقعية.

و لو باع ما يعتقد التمكن فتبين عجزه في زمان البيع، و تجددها بعد ذلك صح.

و لو لم تتجدد بطل.

و المعتبر هو الوثوق (2)، فلا يكفي مطلق الظن (3)، و لا يعتبر اليقين (4).

هل العبرة بقدرة الموكل أو الوكيل

ثم لا إشكال في اعتبار قدرة العاقد إذا كان مالكا، لا ما إذا كان وكيلا في مجرد العقد (5)، فإنه لا عبرة بقدرته، كما لا عبرة بعلمه (6)

+++++++++++

- عند قول الشيخ: و لذا منع الأصحاب كما في الإيضاح.

(1) أي المراد من القدرة المشترطة هي القدرة المعلومة ظاهرا و بالفعل للمتبايعين، لا القدرة الواقعية.

(2) أي المراد من معلومية القدرة هو حصول الوثوق و الاطمئنان فكلما حصل الاطمئنان بوقوع المبيع تحت تصرف يد المشتري اندفع الغرر و الخطر.

(3) أي و إن لم يحصل الاطمئنان بالحصول على المبيع، فإن مثل هذا الظن بالقدرة لا يصحح العقد.

(4) و هو العلم القطعي المانع عن النقيض.

(5) أي في مجرد إجراء صيغة العقد.

(6) أي بعلم الوكيل بأن الموكل قادر على التسليم، لأنه وكيل لمجرد إجراء صيغة العقد.

ص: 135

و أما لو كان وكيلا في البيع و لوازمه بحيث يعد الموكل أجنبيا عن هذه المعاملة فلا إشكال في كفاية قدرته (1).

و هل تكفي قدرة الموكل (2)؟

الظاهر نعم، مع علم المشتري بذلك (3) إذا علم بعجز العاقد (4) فإن اعتقد (5) قدرته(1) لم يشترط علمه بذلك.

و ربما قيد الحكم (6) بالكفاية(2) بما اذا رضي المشتري بتسليم الموكل و رضي المالك برجوع المشتري عليه.

+++++++++++

(1) أي في قدرة هذا الوكيل الذي أصبح وكيلا مفوضا مطلقا عن الموكل في البيع و لوازمه.

(2) خلاصة هذه العبارة أنه في صورة كون الوكيل وكيلا مفوضا في البيع و لوازمه.

هل تكفي في صحة العقد قدرة الموكل إذا كان الوكيل عاجزا عن القدرة أم لا بد من قدرة الوكيل؟

أفاد الشيخ بالكفاية إذا كان المشتري عالما بقدرة الموكل، و عالما بعجز العاقد الذي هو الوكيل المفوض.

(3) أي بقدرة الموكل كما علمت.

(4) و هو الوكيل المفوض في البيع و لوازمه.

(5) أي المشتري لو اعتقد قدرة الموكل على التسليم في صورة عجز العاقد على التسليم فلا يشترط علم الوكيل العاقد العاجز عن التسليم بقدرة الموكل على التسليم.

بل اعتقاد المشتري بقدرة الموكل كاف في ذلك.

(6) المراد من الحكم هو عدم اشتراط علم الوكيل العاجز عن التسليم بقدرة الموكل في صورة اعتقاد المشتري بالقدرة.

ص: 136


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و فرّع (1) على ذلك رجحان الحكم بالبطلان في الفضولي، لأن التسليم المعتبر في العاقد (2) غير ممكن قبل الإجازة.

و قدرة (3) المالك إنما تؤثر لو بني العقد عليها، و حصل التراضي بها حال البيع، لأن (4)

+++++++++++

- و المقيد هو (العلامة السيد بحر العلوم) قدس سره في مصابيحه عند ما راجعنا المصابيح.

و العجب من بعض المعلقين على المكاسب كيف أفاد بنحو الترديد:

أن المقيد إما (صاحب الجواهر أو بحر العلوم) من دون مراجعة المصابيح.

(1) أي السيد بحر العلوم فرع على القول بكفاية قدرة الموكل في صورة عجز الوكيل عن القدرة بشرط علم المشتري بقدرة الموكل.

(2) و هو الفضولي.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم أن المالك الأصيل قادر على الاذن في البيع الواقع فضولا و إن لم يكن العاقد قادرا على التسليم حين إجراء العقد، و هذه القدرة مؤثرة في صحة العقد و كافية في ذلك.

فأجاب عن الوهم ما حاصله:

إن قدرة الموكل إنما تؤثر إذا كان العقد حين صدوره مبنيا على الإجازة من قبل العاقد الفضولي، و على اتفاق البائع و المشتري على ذلك.

و من الواضح عدم وجود هذا البناء و هذا الاتفاق حين اجراء العقد من الفضولي و المشتري.

(4) تعليل لتأثير قدرة المالك الأصيل في العقد الفضولي إذا كان -

ص: 137

بيع المأذون لا تكفي فيه قدرة الآذن مطلقا، بل مع الشرط المذكور (1) و هو غير متحقق في الفضولي، و البناء على القدرة الواقعية باطل، اذ الشرط هي القدرة المعلومة (2)، دون الواقعية.

إلى أن قال (3): و الحاصل أن القدرة قبل الإجازة لم توجد (4) و بعدها (5) إن وجدت لم تنفع.

ثم قال (6): لا يقال: إنه قد يحصل الوثوق للفضولي بإرضاء المالك، و أنه (7) لا يخرج عن رأيه(1) فيتحقق له بذلك القدرة على

+++++++++++

- مبنيا على الاجازة و على الاتفاق المذكور.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 137 عند قولنا: و من الواضح.

(1) و هو البناء، و الاتفاق المذكورين في الهامش 3 ص 137

(2) أي في الظاهر، لا في الواقع.

(3) أي السيد بحر العلوم في مصابيحه.

(4) لعدم وجود قدرة للعاقد الفضولي حين اجراء العقد، لأن المالك لم يأذن له.

و القدرة الواقعية للمالك ليس لها اثر حين إجراء العقد، لعدم رضاء المالك حين العقد.

(5) أي القدرة بعد الإجازة الصادرة من المالك لم تنفع في صحة العقد، لاعتبار القدرة حين العقد، لا بعده.

(6) أي السيد بحر العلوم قال في مصابيحه.

(7) أي العاقد الفضولي لا يخرج عن رأي المالك الأصيل، لأنه لا محالة يسترضيه فيثبت للفضولي بهذا الاسترضاء اقتداره على تسليم المبيع للمشتري حال إجراء العقد.

ص: 138


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

التسليم حال العقد، لأن (1) هذا الفرض يخرج الفضولي عن كونه فضوليا، لمصاحبة الاذن للبيع.

غاية الأمر حصوله (2) بالفحوى، و شاهد الحال: و هما (3) من أنواع الاذن، و مع الاذن لا يكون فضوليا، و لا تتوقف صحة بيعه على الإجازة.

و لو سلمنا بقاءه (4) على الصفة فمعلوم أن القائلين بصحة الفضولي لا يقصرون الحكم على هذا الفرض (5).

+++++++++++

(1) هذا جواب من السيد بحر العلوم عن لا يقال.

(2) أي حصول الاذن.

(3) أي الفحوى، و شاهد الحال.

(4) أي لو تنازلنا عن مقالتنا: و هو خروج هذا العقد الفضولي عن كونه فضوليا، و قلنا: إنه باق على صفته السابقة و هي الفضولي

لكن نقول: ان القائلين بصحة العقد الفضولي بعد صدور الإجازة من المالك الأصيل لا يحصرون الصحة على هذا الفرض: و هو حصول الوثوق للعاقد الفضولي بإرضاء المالك، و عدم خروجه عن رأيه.

بل يحكمون بصحة كل عقد فضولي بعد صدور الاجازة.

(5) إلى هنا كان كلام (السيد بحر العلوم) قدس سره في (مصابيحه).

و لها صلة مذكورة هناك أليك نصها:

(كما يعلم من الرجوع إلى كلماتهم و تفريعاتهم التي فرعوها على هذا الأصل).

و الشيخ قدس سره لم ينقل نص العبارات بحذافيرها و أعيانها، و التي نقلت هنا بعد مراجعتنا المصدر وجدنا الاختلاف الشاسع بينهما -

ص: 139

..........

+++++++++++

- و نقل نص عبارة المصابيح بتفصيلها في تعليقتنا على المكاسب يحتاج إلى مئونة زائدة تخرجنا عن وضعنا و التعليق على الكتاب.

و أما (كتاب المصابيح) فهو مؤلف شريف و مصنف عظيم محتو على أمهات أبواب الفقه:

الطهارة - الصلاة - الزكاة - الحج - التجارة - البيع - المساقاة - الإجارة - الوكالة - الوصية - النكاح - الطلاق - الصيد و الذباحة - المواريث - الشهادات.

و الكتاب هذا مع نقصانه من بقية أبواب الفقه نفيس جدا، لاحتوائه على تحقيقات علمية، و قواعد فقهية، و فروع كثيرة مفيدة جدا.

و كل هذه القواعد و الفروع و التحقيقات العلمية تدل على غزارة علم المؤلف، و كثرة احاطته بجوانب المسائل.

و كفى في عظمة الكتاب و أهميته أن شيخنا الفقيه المتبحر الزخار (الشيخ محمد حسن) صاحب الجواهر قدس سره مع غزارة علمه، و طول باعه في الفقه الذي هو ابن بجدتها قد استفاد من المصابيح مطالب ذكرها في كتابه (جواهر الكلام).

كما أن (شيخنا الأعظم الانصاري) قدس سره في كثير من أبحاثه العلمية في كتابه (المكاسب) هذا الكتاب الذي بأيدينا و نحققه و نعلق عليه قد استفاد من تلك المصابيح، و جعل ما استفاده مورد اهتمامه و نظرياته، فلذا ترى أنه يشكل على كثير من جمل عباراته كل واحدة عقيب سابقتها كما ترى هنا، فإنه قد أورد على مبنى المسألة أولا.

ثم أشكل على قياس السيد بحر العلوم مسألة بيع الفضولي مال -

ص: 140

..........

+++++++++++

- الغير لنفسه بمسألة بيع الصرف و السلم ثانيا.

ثم أورد على اعتراض السيد ثالثا.

ثم اعترض على الجواب الأول للسيد رابعا.

ثم أورد على الجواب الثاني للسيد خامسا.

و هكذا في جميع المجالات العلمية المنقولة عن السيد بحر العلوم قدس سره.

و من المؤسف جدا أن الكتاب هذا بما له من الأهمية العلمية، و فوائده الكثيرة لم يطبع لحد الآن، و لم يقدم أحد من أفاضل الحوزة العلمية و رجالاتها بتحقيق الكتاب و تبويبه و ترقيمه، و ابرازه إلى عالم الوجود، ليضاف هذا التراث النفيس إلى سائر تراثنا الخالد، لتزان به المكتبات، و الحوزات العلمية، و ليستضيء رواد العلم و أبناؤه من تلك المصابيح.

هذا بالإضافة إلى أن بعض الأفاضل رحمه اللّه برحمته الواسعة من مقرري بحث سيدنا الاستاذ (آية اللّه السيد الخوئي) دام ظله في تقريرات درسه المكاسب لم يشر إلى الكتاب أصلا عند ما يعد المصادر الفقهية.

مع أن كثيرا من المتاخرين و على رأسهم العلمان: (الشيخ صاحب الجواهر - و الشيخ الأنصاري) كثيرا ما ينقلان عن المصابيح في كتابيهما: (الجواهر - و المكاسب).

و سيدنا الاستاذ دام فضله و علاه من تلامذة هؤلاء الأعلام فكيف خفي على المقرر اسم الكتاب حتى لم يجعله من المصادر.

و الذي زاد في تأسفي أن نسخ الكتاب قليلة جدا حتى أنه لم توجد -

ص: 141

..........

+++++++++++

- نسخة كاملة منها في المكتبات العامة و الخاصة بما فيها من الكتب المتنوعة حتى (الرطب و اليابس).

نعم توجد نسخة ناقصة بدايتها من أول كتاب المتاجر إلى آخر الشهادات في مكتبتنا (مكتبة جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.

و نسخة أخرى ناقصة أيضا في مكتبة المرحوم (آية اللّه السيد الحكيم) قدس سره العامرة إن شاء اللّه تعالى.

و أعجب من هذا و ذاك أن نسخة الكتاب لا توجد لدى أسرة السيد و أحفاده.

إن هذا لشيء عجاب.

و كان اللازم على الأسرة الاحتفاظ بالكتاب باستنساخه نسخا متعددة لتبقى نسخة لدى كل فرد من رجالات العلم من أحفاد السيد.

و ما أكثرهم بحمد اللّه و ما شاء اللّه.

و ظني أن عدم وجود الكتاب سبّب أن دعا المقرر المذكور أن لا يذكر الكتاب من جملة المصادر.

نعم عندنا نسخة كاملة خطية نفيسة جدا: من حيث الخط و الورق تاريخ كتابتها عام 1246.

لكنها مليئة بالأغلاط، و فارغة عن بعض الكلمات، لعدم تمكن الكاتب من قراءته النسخة الأصلية.

و النسخة هذه وقف على الحوزة العلمية على طلاب (النجف الأشرف) تفضل بها علينا زميلنا المكرم البحاثة الجليل الحجة السيد حسين بحر العلوم دام فضله.

ص: 142

و فيما (1)

+++++++++++

- و لو لا تفضله علينا بهذه الانسانية لفاتنا تصحيح كثير من عبارات الكتاب المنقولة هنا، لأننا عند ما راجعنا المصابيح وجدنا بين المنقول هنا، و الموجود هناك اختلافا شاسعا.

فعلى اللّه العزيز أجره، و منا الشكر المتواصل المتواضع.

كل هذه العوامل دعتني إلى القيام بطبع الكتاب بحوله و قوته طباعة جيدة أنيقة: من حيث الحروف و الورق بعد تبويبه و التعليق عليه.

و قد شرعت في استنساخ الكتاب و التعليق عليه مع كثرة أشغالي و أهمها التعليق على المكاسب.

(1) من هنا يروم شيخنا الأنصاري أن يورد على ما أفاده السيد بحر العلوم على مبنى مسألة الوكالة فيما إذا كان الوكيل وكيلا مفوضا في البيع و لوازمه و الموكل أجنبي عن المعاوضة رأسا.

و لم يذكر شيخنا الانصاري وجه النظر في المبني.

و نحن نذكره حسب ما أفاده تلميذه العلامة المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 462.

أليك الخلاصة.

أما وجه النظر في المبنى: و هو اعتبار رضا الموكل و المشتري برجوع أحدهما على الآخر فهو أن تقييد كفاية قدرة الموكل في صورة كون الوكيل وكيلا مفوضا في البيع و لوازمه و الموكل أجنبي بتمام معنى الكلمة: بما اذا رضي المشتري بتسليم الموكل المبيع له، و رضي المالك برجوع المشتري عليه مما لا وجه له، لعدم دخل شيء من رضا المشتري و المالك في تحقق مفهوم القدرة على التسليم لكفاية قدرة المالك مع -

ص: 143

ذكره من مبنى مسألة الفضولي، ثم (1) في تفريع الفضولي، ثم في (2) الاعتراض الّذي ذكره، ثم (3).

+++++++++++

- علم المشتري بها.

اللهم إلا أن يقال بعدم كفاية قدرة المالك في صورة كون الوكيل وكيلا مفوضا في البيع و لوازمه، و إذا قلنا بذلك فلا يكون رضاهما سببا لجعل قدرة المالك كافية.

(1) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده السيد بحر العلوم من تفريع مسألة بيع الفضولي مال الغير لنفسه على مسألة الوكالة، و قياسه هذه المسألة بتلك المسألة بقوله في ص 237: و فرّع على ذلك رجحان الحكم بالبطلان في الفضولي.

و خلاصة الإشكال أنه لا ربط و لا مساس لهذه المسألة بتلك العدم الملازمة بين ثبوت حكم في الوكيل و الموكل، و ثبوته في الفضولي و صاحبه.

(2) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده (السيد بحر العلوم) في الاعتراض بقوله في ص 138: لا يقال: إنه قد يحصل.

و خلاصته أن حصول الوثوق بإرضاء المالك، و عدم خروج الفضولي عن رأى المالك إنما يصير سببا لتحقق القدرة على التسليم في المستقبل و هو الزمان بعد زمان رضى المالك، لا لتحقق القدرة حال انعقاد العقد.

(3) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده السيد بحر العلوم في الجواب الأول عن الاعتراض المذكور بقوله في ص 139: لأن هذا الفرض.

و خلاصة الإشكال أن الفرض المذكور لا يجعل الاذن مصاحبا -

ص: 144

في الجواب عنه أولا، و ثانيا تأمل (1)، بل نظر فتدبر.

+++++++++++

- للبيع، بل غاية ما في الباب أن الاذن يكون متعقبا لرضى المالك و أين هذا من مصاحبة الرضا للعقد؟

ثم إنه من الممكن أن يقال: إن الاذن المقارن للبيع الفضولي الحاصل بالفحوى، أو بشاهد الحال هو السبب لخروج الفرض المذكور:

و هو وثوق الفضولي بإرضاء المالك فيما بعد عن عنوان بيع الفضولي لمقارنة العقد حين صدوره برضى المالك.

(1) هذا إشكال من الشيخ على ما أفاده السيد بحر العلوم في الجواب الثاني عن الاعتراض بقوله في ص 139: و لو سلمنا بقاءه.

و خلاصة الإشكال: أن عدم اكتفاء الفقهاء في صحة البيع الفضولي بالفرض المذكور: و هو وثوق البائع الفضولي بإرضاء المالك موقوف على اعتبار القدرة على التسليم في الفضولي، قياسا له بمسألة الصرف و السلم.

و قد عرفت ضعف هذا البناء و القياس في الهامش 1 ص 144 عند قولنا: و خلاصة الإشكال أنه لا ربط و لا قياس.

ص: 145

مسألة: لا يجوز بيع الآبق منفردا

(مسألة):

لا يجوز بيع الآبق منفردا على المشهور بين علمائنا كما في التذكرة (1) بل إجماعا كما في الخلاف(1) و الغنية(2) و الرياض(3)، و بلا خلاف كما عن كشف الرموز، لأنه مع اليأس عن الظفر بمنزلة التالف، و مع احتماله (2) بيع غرر منفي إجماعا نصا (3) و فتوى، خلافا لما حكاه في التذكرة عن بعض علمائنا.

و لعله الاسكافي، حيث إن المحكي عنه أنه لا يجوز أن يشتري الآبق وحده إلا إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري، أو يضمنه البائع(4)، انتهى

و قد تقدم عن الفاضل القطيفي في إيضاح النافع منع اشتراط القدرة على التسليم (4).

و قد عرفت ضعفه (5).

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 29 عند قوله: و المشهور عند علمائنا أنه لا يصح بيع العبد الآبق منفردا.

(2) أي و مع احتمال الظفر بالعبد الآبق.

(3) المراد من النص النبويان المشهوران.

في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا غرر في البيع.

و في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك.

و قد أشير إلى الحديثين في الهامش 4 ص 94.

(4) في ص 126 بقوله: إن القدرة على التسليم من مصالح المشتري فقط.

(5) بقوله في ص 128: و فيه ما عرفت من الاجماع.

ص: 146


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن يمكن أن يقال بالصحة (1) في خصوص الآبق، لحصول الانتفاع به بالعتق، خصوصا مع تقييد الاسكافي بصورة ضمان البائع فإنه يندفع به (2) الغرر عرفا.

لكن سيأتى ما فيه (3).

فالعمدة (4) الانتفاع بعتقه، و له وجه لو لا النص الآتي (5) و الاجماعات المتقدمة (6).

مع أن قابلية المبيع لبعض الانتفاعات لا يخرجه عن الغرر.

و كما لا يجوز جعله (7) مثمنا لا يجوز جعله منفردا ثمنا، لاشتراكهما في الأدلة.

+++++++++++

(1) أي بصحة العقد في خصوص العبد الآبق الذي لا يكون للمالك قدرة على تسليمه للمشتري.

(2) أي بضمان البائع بالتسليم لقاعدة: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه.

(3) أى يأتي قريبا فيما أفاده الاسكافي: من دفع الغرر بضمان البائع في ص 157 بقوله: و لكن يدفع جميع ما ذكر أن المنفي في حديث

(4) أى الاساس في جواز بيع العبد الآبق منفردا هي صحة الانتفاع به بعتقه.

(5) أى في المسألة الآتية في ص 162 بقوله:

مسألة يجوز بيع الآبق مع الضميمة.

(6) المنقولة في ص 146 بقوله:

بل اجماعا كما في الخلاف و الغنية و الرياض.

(7) أى جعل العبد الآبق منفردا.

ص: 147

و قد تردد (1) في اللمعة في جعله ثمنا بعد الجزم (2) بمنع جعله مثمنا و إن قرّب (2) أخيرا المنع منفردا.

و لعل (4) وجه الاستناد في المنع عن جعله مثمنا هو النص و الاجماع الممكن دعوى اختصاصهما بالمثمن، دون نفي الغرر الممكن منعه بجواز الانتفاع به في العتق.

+++++++++++

(1) أى الشهيد الأول قدس سره قد تردد في اللمعة في جعل العبد الآبق ثمنا بلا ضم ضميمة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 251 عند قوله: و في احتياج العبد الآبق المجعول ثمنا إلى الضميمة احتمال

(2) أى تردد الشهيد الأول في جعل العبد الآبق ثمنا كان بعد قطعه بعدم جواز جعل العبد الآبق مثمنا.

راجع (المصدر نفسه) ص 249 عند قوله: (و لو باع الآبق صح مع الضميمة)، فإن مفهومه أن البيع بلا ضم ضميمة باطل.

(3) أى الشهيد الأول قرّب أخيرا منع جعل العبد الآبق ثمنا بلا ضم ضميمة عند قوله: (و لعله الأقرب) أى و لعل الاحتياج إلى الضميمة أقرب إلى صحة جعل العبد الآبق ثمنا، فإن مفهومه أن جعل العبد الآبق ثمنا منفردا و بلا ضم ضميمة باطل.

راجع المصدر نفسه ص 251-252.

(4) مقصود الشيخ قدس سره من هذا الكلام بيان أن مبنى الشهيد الأول في منعه عن بيع العبد الآبق منفردا و عدم جواز جعله مثمنا لعل هو النص الآتي في المسألة الآتية في ص 162: و هي مسألة يجوز بيع الآبق مع الضميمة.

و الاجماعات المتقدمة المشار إليها في ص 146.

ص: 148

و يؤيده (1) حكمه بجواز بيع الضال و المحجور مع خفاء الفرق بينهما و بين الآبق في عدم القدرة على التسليم.

و نظير ذلك (2) ما في التذكرة، حيث ادعى أولا الاجماع على

+++++++++++

- لا قاعدة نفي الغرر، لامكان منع إتيان هذه القاعدة في بيع العبد الآبق الّذي يجوز الانتفاع بشرائه بعتقه في سبيل اللّه.

اذا ينحصر الدليل في المنع بالدليل التعبدى: و هو النص و الاجماع دون القاعدة المذكورة، لعدم وجود الغرر بعد إمكان الانتفاع من العبد بعتقه فلا مجال لاتيانه.

(1) أى و يؤيد ما قلناه: من أن مستند منع الشهيد عن بيع العبد الآبق و جعله مثمنا لعل هو النص و الاجماع، دون قاعدة نفي الغرر، لامكان عدم مجيئها في العبد الآبق إذا اشترى و عتق في سبيل اللّه: حكم الشهيد بجواز بيع الضال و المحجور، مع أن الملاك في العبد الضال و الشيء المحجور، و في العبد الآبق واحد: و هو عدم قدرة البائع على التسليم

فلو كان دليل المنع هو قاعدة الغرر لما كان لحكمه بجواز بيع الضال و المحجور مجال: لوجود الغرر هنا، لعدم قدرة البائع على تسليمهما للمشترى، فيلزم التنافي بين حكميه في العبد الآبق، و العبد الضال و المحجور.

فظهر أن الملاك في عدم جواز بيع العبد الآبق عند الشهيد هو النص و الاجماع المذكوران.

(2) أى و شبه ما أفاده الشهيد في اللمعة في الفرق بين العبد الآبق بعدم جواز بيعه منفردا.

و بين العبد الضال و المحجور بجواز بيعهما الظاهر منه التنافي:

ما أفاده العلامة في التذكرة.

ص: 149

اشتراط القدرة على التسليم، ليخرج البيع عن كونه بيع غرر.

ثم قال: و المشهور بين علمائنا المنع عن بيع الآبق منفردا.

إلى أن قال: و قال بعض علمائنا بالجواز، و حكاه عن بعض العامة أيضا.

ثم ذكر الضال و لم يحتمل فيه إلا جواز البيع منفردا، أو اشتراط الضميمة، فإن التنافي بين هذه الفقرات الثلاث (1) ظاهر (2).

+++++++++++

(1) المراد من الفقرات الثلاث هو ما يلي:

(الفقرة الاولى): ادعاء العلامة في التذكرة الاجماع على اشتراط القدرة على التسليم.

و الغاية من هذا الاشتراط هو إخراج كل مبيع لم يتمكن البائع من تسليمه للمشتري، و من تلك الموارد و المصاديق هو بيع العبد الآبق، فإنه لا يجوز بيعه منفردا.

(الفقرة الثانية): هو وقوع النزاع بين المشهور، و بين بعض الأصحاب في صحة بيع العبد الآبق منفردا، و عدم صحته.

(الفقرة الثالثة): هو تردد العلامة في جواز بيع العبد الضال منفردا، و عدم قطعه بالفساد.

(2) وجه ظهور التنافي بين الفقرات الثلاث هو أن العلامة ادعى عدم جواز بيع الآبق منفردا و نسبه إلى المشهور.

ثم أفاد جواز بيع العبد الضال منفردا، مع اتحاد الملاك فيه و في العبد الآبق: و هو عدم قدرة البائع على التسليم.

ثم أفاد ثانيا بعدم جواز بيع العبد الضال إلا مع الضميمة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء السابع ص 29-30

ص: 150

و التوجيه (1) يحتاج إلى تأمل.

+++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن التنافي موجود بين الفقرتين الأخيرتين و الفقرة الاولى، لأن الفقرة الاولى المشار إليها في الهامش 1 ص 150 دالة على عدم جواز بيع الآبق منفردا.

و الفقرة الثانية دالة على جواز بيع الضال منفردا.

و الفقرة الثالثة دالة على جواز بيع الضال منضما فالفقرتان الأخيرتان مع الفقرة الاولى متباينتان متنافرتان.

و أما نفس الفقرة الثانية و الثالثة فلا منافاة بينهما كما عرفت.

و الظاهر أن الشيخ قدس سره أراد من التنافي بين الفقرات الثلاث هو التنافي بين الفقرة الاولى و الثانية.

و بين الفقرة الاولى و الثالثة فبهذه المناسبة أفاد التنافي بين الفقرات الثلاث.

(1) أي توجيه كلام العلامة في التذكرة حتى يرتفع التنافي بين هذه الفقرات الثلاث محتاج إلى التأمل: بأن يقال: إن الاجماع المذكور في التذكرة القائم على اشتراط القدرة على التسليم المخرج للبيع عن الغررية إنما هو لأجل أن يتمكن المشتري من التصرف.

و من الواضح أن العبد الآبق بعتقه في سبيل اللّه يكون ممكن التصرف فيخرج البيع عن كونه غرريا، فلا يشمله الحديث النبوي فبيعه خارج عن تحت تلك المسألة الاجماعية.

و المشهور إنما ذهب إلى فساد بيعه منفردا، للنص إذا فلا تنافي بين الاجماع المدعى المعبر عنه بالفقرة الاولى و بين حكمه بجواز بيع العبد الضال منفردا المعبر عنه بالفقرة الثانية.

ص: 151

و كيف كان (1) فهل يلحق بالبيع الصلح عما يتعذر تسليمه فتعتبر فيه القدرة على التسليم؟

وجهان: بل قولان.

من (2) عمومات الصلح، و ما (3) علم من التوسع فيه، لجهالة المصالح عنه إذا تعذرت، أو تعسرت معرفته، بل مطلقا (4).

+++++++++++

(1) يعني أي شيء قلنا في هذه المسألة.

(2) هذا دليل لعدم إلحاق الصلح بالبيع، و أنه لا تعتبر فيه القدرة على التسليم، فإن الأخبار الواردة في الصلح عامة لا تقييد فيها بالصلح على شيء مقدور التسليم.

و أما العمومات الواردة في الصلح فقوله عليه السلام:

(الصلح جائز بين الناس، فالصلح في هذا الخبر عام يشمل الحالتين:

حالة القدرة على التسليم، و حالة عدم القدرة على التسليم.

و قوله عليه السلام: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البينة على المدعي، و اليمين على المدعى عليه.

و الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو حرّم حراما.

فالصلح في هذا الحديث عام يشمل الحالتين المذكورتين.

راجع الحديث الأول (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 164.

الباب 2. الحديث 1.

و راجع الحديث الثاني (المصدر نفسه) الحديث 2.

(3) هذا من متممات الدليل على عدم إلحاق الصلح بالبيع في اعتبار القدرة على التسليم فيه، أي الدليل الثانى على عدم الإلحاق هو مجال التوسع في الصلح الذي علم في الخارج.

(4) أي سواء تعذرت، أو تعسرت معرفة المصالح عنه أم لا.

ص: 152

و اختصاص (1) الغرر المنفي بالبيع.

و من (2) أن الدائر على ألسنة الأصحاب نفي الغرر من غير اختصاص بالبيع، حتى أنهم (3) يستدلون به في غير المعاوضات كالوكالة، فضلا عن المعاوضات كالإجارة، و المزارعة، و المساقاة و الجعالة.

بل (4) قد يرسل في كلماتهم عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

أنه نهى عن الغرر.

+++++++++++

(1) هذا من متممات الدليل على عدم إلحاق الصلح بالبيع في اعتبار القدرة على التسليم، ففي الواقع هو دفع وهم.

أما الوهم فحاصله أنه إذا لم تعتبر القدرة على التسليم في الصلح يلزم الغرر و الغرر منفي كما عرفت أكثر من مرة.

فأجاب عن الوهم ما حاصله: أن الغرر المنفي في الحديث النبوي مختص بالبيع و لا يشمل الصلح.

(2) هذا دليل لإلحاق الصلح بالبيع في اعتبار القدرة على التسليم فيه.

و خلاصته أن المقتضي للإلحاق موجود، و المقتضي هو استفادة سببية الغرر، و أنه علة للحكم في الحديثين المرويين عن النبي صلى اللّه عليه و آله.

(أولهما): نهي النبي صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر.

(و ثانيهما): نهي النبي صلى اللّه عليه و آله عن الغرر.

فالغرر عام لا اختصاص له بالبيع فيشمل الصلح.

(3) أي الأصحاب رضوان اللّه عليهم استدلوا بالغرر حتى في العقود التي ليس فيها معاوضة كالوكالة فكيف بالمعاوضات التي فيها مبادلة مال بمال كالإجارة و المزارعة و المساقاة و الجعالة.

(4) هذا ترق من الشيخ يروم به إلحاق الصلح بالبيع في اعتبار -

ص: 153

و قد رجح بعض الأساطين (1) جريان الاشتراط فيما لم بين على المسامحة من الصلح.

و ظاهر المسالك(1) في مسألة رهن ما لا يقدر على تسليمه على القول بعدم اشتراط القبض في الرهن جواز الصلح عليه (2).

و أما (3) الضال، و المحجور، و المغصوب، و نحوها مما لا يقدر على تسليمه. فالأقوى فيها عدم الجواز، وفاقا لجماعة، للغرر المنفي المعتضد بالاجماع المدعى (4) على اشتراط القدرة على التسليم.

إلا أن يوهن بتردد مدعيه كالعلامة في التذكرة في صحة بيع

+++++++++++

- القدرة على التسليم.

و خلاصته أنه أصبح حديث نفي الغرر المروي عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم من المسلمات في كلمات الفقهاء و إن كان هناك ضعف في سنده.

فأخذ الفقهاء الحديث بنحو ارسال المسلمات يكفينا في الالحاق.

(1) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره.

(2) أي على الرهن.

(3) أي بيع الضال و المحجور و المغصوب.

فالشيخ في مقام بيع هذه الثلاثة، لا الصلح عليها لكن العبارة موهمة في بادئ الرأي للصلح على هذه الثلاثة و لكن بالتأمل يتبين ما قلناه.

(4) و قد عرفت المدعين للاجماع في ص 63 عند نقل الشيخ عنهم بقوله: كما في جامع المقاصد، و في التذكرة أنه إجماع.

و في المبسوط الاجماع على عدم جواز بيع السمك في الماء.

ص: 154


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الضال منفردا (1)، و بمنع (2) الغرر، خصوصا فيما يراد عتقه بكون (3) المبيع قبل القبض مضمونا على البائع.

و أما (4).

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يهدم ما بناه: من بطلان بيع الضال و المحجور و المغصوب كما هو ديدنه قدس اللّه سره في جميع ما أفاده في الكتاب.

فقال: إلا أن نقول برهن الاجماع المدعى من قبل العلامة، حيث تردد في عدم جواز بيع العبد الضال بنقل الشيخ عنه في ص 150:

و لم يحتمل فيه إلا جواز البيع منفردا.

و قد ذكرنا قول العلامة عن التذكرة في الهامش 1 ص 150.

(2) هذا رد على من ادعى الغرر في بيع الضال و المحجور و المغصوب.

و خلاصته عدم صدق الغرر هنا حتى يبطل العقد، لأن المبيع قبل اقباض البائع للمشتري يكون مضمونا على البائع.

و هذه قاعدة كلية ما اختلف فيها اثنان.

فلا يتوجه غرر نحو المشتري حتى يكون المبيع من أفراد الحديث النبوي.

و لا سيما إذا أريد من شراء العبد الضال عتقه في سبيل اللّه فيصح الانتفاع به حينئذ، فيكون بذل المال ازاء بيع صحيح.

(3) الباء بيان لمنع صدق الغرر و قد عرفته عند قولنا في الهامش 2 من هذه الصفحة: لأن المبيع قبل اقباض.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه إذا جاز بيع العبد الضال و المحجور و المغصوب -

ص: 155

فوات منفعته مدة رجاء الظفر به فهو (1) ضرر قد أقدم عليه.

و جهالتها (2) غير مضرة، مع إمكان العلم بتلك المدة كضالة يعلم أنها لو لم توجد بعد ثلاثة أيام فلن توجد بعد ذلك.

و كذا في المغصوب، و المنهوب (3).

و الحاصل أنه لا غرر عرفا بعد فرض كون اليأس عنه في حكم

+++++++++++

- كل واحد منهم منفردا لدخل الوهن على الاجماع المذكور، و لمنع صدق الغرر.

فما تقولون في المنافع الفائتة عن المشتري خلال مدة رجاء الظفر بهم و لم يظفر؟

مع أن المدة الفائتة تعد ضررا على المشتري و هذا الضرر منفي بالحديث النبوي المذكور فيصدق البيع الغرري.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن الضرر المذكور إنما جاء من قبل المشتري، لأنه أقدم على ضرر نفسه، لعلمه بكون العبد ضالا، أو محجورا، أو مغصوبا فليس للبائع دخل في الضرر حتى يصدق الغرر.

(2) كأنما هذا دفع وهم آخر.

أما الوهم فهو أن مدة رجاء الظفر بالمذكورين مجهولة لا يعلمها المشتري حتى يكون ضرر فواتها عليه.

اذا يكون الجهل بالمدة المذكورة ضررا فيصدق الغرر فيبطل البيع فأجاب الشيخ عن الوهم بأن هذه الجهالة غير مضرة، لامكان حصول العلم بتلك المدة كما في الدابة الضالة إذا فتش عنها و فحص مدة ثلاثة أيام و لم توجد يعلم أنها لا توجد بعد تلك المدة فتنفسخ المعاملة حينئذ.

(3) أي حكم العبد المغصوب، أو المنهوب مثل الدابة الضالة في -

ص: 156

التلف المقتضي لانفساخ البيع من أصله.

و فرض (1) عدم تسلط البائع على مطالبته بالثمن، لعدم تسليم المثمن، فإنه لا خطر حينئذ في البيع.

خصوصا (2) مع العلم بمدة الرجاء التي يفوت الانتفاع بالمبيع فيها.

هذا (3) و لكن (4).

+++++++++++

- كونهما إذا وجدا مدة ثلاثة أيام و لم يوجدا يعلم بعدم الحصول عليهما بعد تلك المدة.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 156: بعد فرض أي و بعد فرض عدم تسلط البائع على مطالبة المشتري بالثمن، لعدم تسليمه المثمن فلا مجال للخطر، و صدق الغرر و الضرر بعد هذين الفرضين و هما:

فرض كون اليأس من الظفر في حكم التلف.

و فرض عدم تسلط البائع على مطالبة المشتري بالثمن.

(2) أي و لا سيما لا يصدق الخطر و الغرر مع العلم بمدة الرجاء.

(3) أي خذ ما تلوناه عليك حول العبد الضال و المحجور و المغصوب في جواز بيع كل واحد منهم منفردا، و عدم جوازه.

(4) من هنا يروم الشيخ أن يبني ما هدمه: من وهن الاجماع و منع الغرر، و عدم كون فوات المدة التي يرجى فيها الحصول على الضال و المحجور، و المغصوب ضررا، و عدم كون الجهل بالمدة المذكورة ضررا.

و البناء الجديد هو اثبات عدم صحة العقد على الضال و المغصوب و المحجور.

ص: 157

يدفع جميع ما ذكر أن المنفي في حديث الغرر كما تقدم: هو ما كان غررا في نفسه عرفا (1)، مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية الثابتة للبيع و لذا (2) قوينا فيما سلف جريان نفي الغرر في البيع المشروط تأثيره شرعا بالتسليم (3).

و من (4) المعلوم أن بيع الضال، و شبهه ليس محكوما عليه

+++++++++++

- و خلاصة ما افاده في هذا البناء أنك قد عرفت في ص 120 أن الغرر المنفي في الحديث النبوي هو كل معاملة يراها العرف غررا في نفسه مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية العارضة على تلك المعاملة.

و من المعلوم أن الحكم بضمان البائع للمبيع قبل تسليمه للمشتري و إقباضه له حكم شرعي اثبته الشارع على البائع و عارض على البيع الصحيح الذي في نفسه غرر عرفا.

و من الواضح أن العرف يرى مثل هذه المعاوضة التي لا يتمكن المشتري على حصول العبد الضال في يده غررا يشمله الحديث النبوي فيبطل العقد عليها.

(1) راجع ص 120 عند قوله: اللهم إلا أن يقال: إن المنفي في الحديث النبوي.

(2) أي و لاجل أن المراد من الغرر المنفي في الحديث النبوي هو كل معاملة يراها العرف غررا.

(3) راجع ص 123 عند قوله: اللّهم إلا أن يمنع الغرر العرفي بعد الاطلاع.

(4) هذا رد على ما افاده آنفا: بكون المبيع قبل القبض مضمونا على البائع، و قد عرفته عند قولنا في هذه الصفحة: و من المعلوم أن الحكم بضمان.

ص: 158

في العرف بكونه في ضمان البائع، بل يحكمون بعد ملاحظة إقدام المشتري على شرائه بكون تلفه منه.

فالانفساخ بالتلف حكم شرعي عارض للبيع الصحيح الذي ليس في نفسه غررا (1).

و مما ذكر (2) يظهر أنه لا يجدي في رفع الغرر الحكم بصحة البيع مراعى بالتسليم.

فإن تسلّم قبل مدة لا يفوت الانتفاع المعتد به، و إلا تخير بين الفسخ و الإمضاء كما استقر به في اللمعة (3)، فإن ثبوت الخيار حكم شرعي عارض للبيع الصحيح الذي فرض فيه العجز عن تسليم المبيع فلا يندفع به الغرر الثابت عرفا في البيع المبطل له.

لكن قد مرت المناقشة في ذلك بمنع اطلاق الغرر على مثل هذا بعد اطلاعهم على الحكم الشرعي اللاحق للمبيع (4): من (5) ضمانه

+++++++++++

(1) و قد عرفت في الهامش ص 158 أن العرف يحكم بالغرر هنا عند قولنا: و من الواضح أن العرف يرى.

(2) و هو أن بيع الضال و شبهه ليس محكوما عليه في العرف بكونه في ضمان البائع، و أن الانفساخ بالتلف حكم شرعي عارض للبيع الصحيح.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 251 عند قول الشهيدين: فإن امكن في وقت قريب لا يفوت به شيء من المنافع.

(4) عند قوله في ص 123: اللهم إلا أن يمنع الغرر العرفي بعد الاطلاع على كون اثر المعاملة شرعا.

(5) كلمة من بيانية للحكم الشرعي اللاحق للمبيع أي حكم -

ص: 159

قبل العلم(1)، و من (1) عدم التسلط على مطالبة الثمن، فافهم (2).

و لو فرض اخذ المتبايعين لهذا الخيار في متن العقد فباعه على أن يكون له الخيار إذا لم يحصل المبيع في يده إلى ثلاثة أيام امكن جوازه، لعدم الغرر حينئذ عرفا، و لذا (3) لا يعد بيع العين غير المرئية الموصوفة بالصفات المعينة من بيع الغرر، لأن ذكر الوصف بمنزلة اشتراطه فيه الموجب (4) للتسلط(2) على الرد.

و لعله لهذا (5) اختار في محكي المختلف تبعا للاسكافي(3) جواز بيع

+++++++++++

- الشارع عبارة عن ضمان البائع للمبيع قبل تسليمه المبيع للمشتري.

(1) هذا من متممات الحكم الشرعي اللاحق للمبيع أي و حكم الشارع عبارة عن عدم تسلط البائع على مطالبة المشتري للثمن قبل أن يسلم المبيع للمشتري.

و خلاصة الكلام أن العرف بعد اطلاعه على هذين الحكمين لم يكن المشتري مغرورا في إقدامه على شراء العبد الضال و المحجور و المغصوب فلا مجال للحكم بصدق الغرر هنا.

(2) اشارة إلى أن ما افاده في ص 159: من منع اطلاق الغرر على مثل هذه المعاملة التي اطلع العرف على حكم الشارع بضمان البائع المبيع للمشتري قبل تسليمه له، و بعدم تسلطه على مطالبة الثمن من المشتري: امر دوري، لأن عدم لزوم الغرر عرفا موقوف على حكم الشارع بضمان البائع المبيع للمشتري، و عدم تسلط البائع على مطالبة المشتري بالثمن و حكم الشارع بذلك موقوف على صحة البيع فيلزم الدور.

(3) أي و لاجل عدم وجود الغرر في مثل هذا البيع عرفا.

(4) بالنصب صفة لكلمة ذكر الوصف.

(5) أي و لعل لاجل أن ذكر الوصف بمنزلة اشتراطه في العقد -

ص: 160


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الآبق إذا ضمنه البائع، فإن الظاهر منه اشتراط ضمانه.

و عن حاشية الشهيد ظهور الميل إليه (1)، و إن كان قد يرد على هذا عدم اندفاع الغرر باشتراط الضمان، فتأمل (2).

+++++++++++

- الموجب هذا الذكر للتسلط على الرد.

(1) أي إلى جواز بيع العبد الآبق إذا ضمنه البائع.

(2) اشارة إلى عدم ورود الايراد على جواز بيع العبد الآبق مع اشتراط البائع بضمانه، لأن البيع مع الشرط المذكور يكون من أفراد البيع العرفي و ليس فيه غرر عرفا، فلا يتعلق به نهي حتى يشمله الحديث النبوي المذكور.

ص: 161

مسألة يجوز بيع الآبق مع الضميمة في الجملة

(مسألة):

يجوز بيع الآبق مع الضميمة في الجملة (1) كما عن الانتصار(1)و كشف الرموز و التنقيح.

بل بلا خلاف كما عن الخلاف(2) حاكيا فيه كما عن الانتصار اطباق العامة على خلافه.

و ظاهر الانتصار خروج البيع بالضميمة عن كونه غررا، حيث حكى احتجاج العامة بالغرر فانكره عليهم (2) مع الضميمة.

و فيه (3) إشكال.

و الأولى لنا التمسك قبل الاجماعات(3) المحكية المعتضدة بمخالفة من (4) جعل الرشد في مخالفته: بصحيحة رفاعة النخّاس.

+++++++++++

(1) أي لا في جميع الموارد حتى و لو لم يوجد الآبق.

(2) وجه الإنكار على (فقهاء اخواننا السنة) أن المعاملة إنما وقعت على الضميمة، و الثمن بذل بإزاء تلك الضميمة، و أن شيئا قليلا من الثمن كان بإزاء العبد الآبق، و كان وقوع المعاملة على هذه الضميمة باذن من الشارع، فلا مجال للانكار و القول بعدم صحة البيع.

(3) أي و في خروج بيع العبد الآبق مع الضميمة عن البيع الغرري إشكال.

وجه الإشكال أن الغرر الحاصل بالاباق لا يرتفع بالضميمة.

(4) المراد بكلمة من الموصولة (فقهاء اخواننا السنة)، فإنهم كما عرفت في الهامش السابق خالفوا الامامية في جواز بيع العبد الآبق مع الضميمة.

ص: 162


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام.

أ يصلح لي أن اشتري من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن و اطلبها انا؟

قال: لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها شيئا:

ثوبا، أو متاعا فتقول لهم: اشتري منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع بكذا و كذا درهما، فإن ذلك جائز (1).

و موثقة سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل قد يشتري العبد و هو آبق عن اهله؟

فقال: لا يصلح إلا أن يشتري معه شيئا آخر فيقول:

اشتري منك هذا الشيء و عبدك بكذا و كذا.

فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه (2).

و ظاهر السؤال (3)

+++++++++++

(1) راجع (اصول الكافي) الجزء 5 ص 194 الحديث 9.

فالشاهد في قوله عليه السلام: فإن ذلك جائز حيث دل على جواز البيع الجارية الآبقة مع الضميمة.

و المراد من النخّاس هنا بياع العبيد و الرقيق.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 263 الباب 11 - الحديث 2.

فالشاهد في قوله عليه السلام: اشتري منك هذا الشيء و عبدك بكذا و كذا، حيث دل على جواز بيع العبد الآبق مع الضميمة.

(3) أي و ظاهر السؤال في الرواية الاولى: و هي صحيحة رفاعة النخّاس المشار إليها في ص 162.

و جواب الامام عليه السلام في الرواية الثانية: و هي موثقة سماعة -

ص: 163

في الاولى، و الجواب في الثانية (1) الاختصاص (2) بصورة رجاء الوجدان.

و هو (3) الظاهر أيضا من معاقد الاجماعات المنقولة.

فالمأيوس (4) عادة من الظفر به الملحق بالتالف لا يجوز جعله

+++++++++++

- المشار إليها في ص 163.

مقصود الشيخ من هذا الكلام تقييد جواز بيع العبد الآبق مع الضميمة بصورة وجدانه و الحصول عليه، لا مطلقا حتى و لو لم يوجد.

و استدل على ذلك بسؤال الراوي في الرواية الاولى، حيث إن السؤال مشتمل على الطلب في قول الراوي: و اطلبها أنا، إذ لو لم يكن له رجاء على وجدان الجارية الآبقة لما كان لقوله: و اطلبها أنا وجه.

و كذلك استدل على ذلك بجواب الامام عليه السلام في قوله في موثقة سماعة: فإن لم يقدر على العبد كان الّذي نقده فيما اشتري منه، حيث دل الجواب على أن عدم قدرة البائع على حصول العبد الآبق في صورة اليأس عن الظفر به.

لا في صورة الرجاء به و الحصول عليه.

إذا انحصر جواز بيع العبد الآبق في صورة رجاء الحصول عليه و الظفر به و وجدانه، لا مطلقا حتى و لو لم يوجد.

(1) أى الرواية الثانية: و هي موثقة سماعة المشار إليها في ص 163.

(2) أى اختصاص جواز بيع العبد الآبق بصورة الوجدان كما عرفت.

(3) أى الاختصاص المذكور هو ظاهر الاجماعات المنقولة أيضا.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من اختصاص جواز بيع العبد -

ص: 164

جزءا من المبيع، لأن (1) بذل جزء من الثمن في مقابله (2) لو لم يكن سفها، أو أكلا للمال بالباطل لجاز جعله (3) مثمنا يباع به مستقلا.

فالمانع عن استقلاله بالبيع مانع عن جعله جزء مبيع، للنهي عن الغرر، السليم (4) عن المخصص.

نعم يصح تملكه (5) على وجه التبعية للمبيع باشتراط، و نحوه.

و أيضا (6) الظاهر اعتبار كون الضميمة مما يصح بيعها.

+++++++++++

- الآبق مع الضميمة بصورة رجاء حصوله و وجدانه أي ففي ضوء ما ذكرنا أنه لا يجوز جعل العبد الآبق جزء من المبيع حتى يبدل بإزائه جزء من الثمن.

(1) تعليل لعدم جواز جعل العبد الآبق جزء من المبيع.

و خلاصته: أن هناك ملازمة بين جواز جعل العبد الآبق جزء للمبيع، و بين جواز جعله تمام المبيع.

و لازم هذا جواز بيع الآبق منفردا و مستقلا و بلا ضم شيء معه مع رجاء الوجدان و الحصول عليه، مع أنه باطل إجماعا.

(2) أي في مقابل هذا العبد الآبق المأيوس من الظفر به.

(3) أي جعل هذا العبد المأيوس من الظفر به.

(4) أي هذا النهي سالم عن التخصيص.

(5) أي تملك هذا العبد المأيوس من الظفر به على وجه تبعيته للمبيع الآخر: و هي الضميمة، فكما أن المشتري يملك الضميمة في هذه المعاملة.

كذلك يملك العبد الآبق المأيوس من الظفر به بالتبع.

(6) أي كما أن الظاهر من الروايتين المتقدمتين في ص 162-163 هو -

ص: 165

و أما صحة بيعها (1) منفردة فلا تظهر من الرواية.

فلو أضاف إلى الضميمة (2) ما لا يتعذر تسليمه كفى، و لا يكفي ضم المنفعة.

إلا (3) اذا فهمنا من قوله عليه السلام: فإن لم يقدر، إلى آخر الرواية تعليل الحكم بوجود ما يمكن مقابلته للثمن، فيكون ذكر

+++++++++++

- اختصاص جواز بيع العبد الآبق بصورة رجاء الظفر به.

كذلك ظاهرهما أن تكون الضميمة عينا حتى يصح بيعها، لا منفعة لأن فيهما لفظ الاشتراء الظاهر في العين، لأنها تكون متعلق الشراء.

و من المعلوم أن تملك المنفعة التي تضم لا يتحقق إلا بعقد آخر أو بجعله شرطا و تابعا، و هما لا يستفادان من الصحيحة، و الموثقة.

فالخلاصة أنه يعتبر في الضميمة شيئان:

(الأول): قابليتها للبيع فبها يخرج ضم المنفعة.

(الثاني): قابليتها للبيع منفردة و مستقلة فيها يخرج ضم شيء قليل خارج عن الملكية كضم حبة حنطة مثلا.

أما الاعتبار الأول فلما عرفت في هذه الصفحة: من أن لفظ الشراء في الروايتين ظاهر في العين.

و أما الاعتبار الثاني فلوقوع الثمن ازاء الضميمة إذا لم يوجد العبد فلا بد من كونها متمولة حتى يبذل بإزائها الثمن.

(1) أي صحة بيع الضميمة مستقلة و منفردة لا تظهر من الصحيحة المشار إليها في ص 162، و الموثقة المشار إليها في ص 163.

(2) بأن كانت الضميمة غير قابلة للتسليم أيضا فضم إليها شيء آخر قابل للتسليم صحت المعاوضة.

(3) هذا استثناء من عدم جواز جعل المنفعة ضميمة العبد الآبق -

ص: 166

اشتراط الضميمة معه من باب المثال، أو كناية عن نقل مال، أو حق إليه مع الآبق، لئلا يخلو الثمن عن المقابل، فتأمل (1).

ثم إنه لا إشكال في انتقال الآبق إلى المشتري، إلا أنه لو بقي على إباقه و صار في حكم التالف لم يرجع على البائع بشيء و إن اقتضت قاعدة التلف قبل القبض (2) استرداد ما قابله من الثمن.

فليس (3) معنى الرواية أنه لو لم يقدر على الآبق وقعت المعاوضة

+++++++++++

- و خلاصته أن المناط و العلية في ضم الضميمة في بيع الآبق لو كان إمكان قابليتها لبذل الثمن بإزائها فلا مانع من ضم المنفعة المعلومة إلى الآبق، لقابليتها لبذل الثمن ازاءها.

فحينئذ يكون لفظ الاشتراء في الصحيحة و الموثقة الظاهر في العين من باب المثال، أو كناية عن أنه لا بد من أن ينتقل إلى المشتري شيء آخر مع الآبق حتى يخرج البيع عن كونه بيعا غرريا.

(1) الظاهر أن الامر بالتأمل لأجل أن صريح الصحيحة و الموثقة هو تعلق الشراء بشخص الضميمة و عينها كما في قوله عليه السلام:

اشتري منك هذا الشيء و عبدك.

و من الواضح أن تملك المنفعة لا يتحقق إلا بعقد آخر، أو بجعله شرطا و تابعا، مع أنه ليس شيء منهما في الصحيحة و الموثقة.

(2) و هي قاعدة: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم حق للمشتري في الرجوع على البائع في شيء من الثمن لو بقي العبد على اباقه أي ففي ضوء ما ذكرنا لا يكون معنى قوله عليه السلام في الرواية التي هي موثقة سماعة المشار إليها في ص 163:

فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه:

ص: 167

على الضميمة و الثمن، لتكون المعاوضة على المجموع، مراعاة لحصول الآبق في يده كما يوهمه (1) ظاهر المحكي عن كاشف الرموز: من (2) أن الآبق ما دام آبقا ليس مبيعا في الحقيقة، و لا جزء مبيع.

مع أنه (3) ذكر بعد ذلك ما يدل على إرادة ما ذكرناه (4).

+++++++++++

- وقوع المعاوضة على الضميمة و الثمن، لتكون المعاوضة على المجموع من حيث المجموع، و أنها معلقة على حصول الآبق في يد المشتري.

فإن حصل فلا شيء له من الثمن على البائع.

و إن لم يحصل فقد وقعت المعاوضة على الضميمة ابتداء فقط.

(1) أي كما يوهم ظاهر المحكي عن صاحب كاشف الرموز وقوع المعاوضة على المجموع معلقا على حصول الآبق في يد المشتري.

(2) كلمة من بيان للمحكي عن صاحب كاشف الرموز، و هذا المحكي هو الموهم.

و خلاصة المحكي أن العبد ما دام باقيا على اباقه لا يكون مبيعا في الواقع، و لا جزء مبيع.

(3) أي صاحب كاشف الرموز.

(4) و هو عدم ضمان البائع للعبد، و عدم حق للمشتري في استرجاع شيء من الثمن.

ثم لا يخفى عليك أن قوله عليه السلام في موثقة سماعة المشار إليها -

ص: 168

بل معناها (1) أنه لا يرجع المشتري بتعذر الآبق الذي هو في حكم التلف الموجب للرجوع بما يقابله (2) التالف (3) بما يقابله من الثمن.

و لو تلف (4) قبل اليأس ففي ذهابه على المشتري إشكال (5).

+++++++++++

- في ص 163: فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه له احتمالات ثلاثة:

(الأول): عدم ضمان البائع للعبد، و عدم حق للمشتري في استرجاع شيء من الثمن إذا لم يظفر به، فيخصص بهذا القاعدة الكلية:

كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع.

و هذا ذهب إليه الشيخ قدس سره.

(الثاني): أن المبيع قبل الظفر بالعبد هي الضميمة فقط، و أن وقوع جزء من الثمن ازاء العبد موقوف على الظفر به.

و هذا ذهب إليه صاحب كاشف الرموز.

(الثالث): أن المبيع هو مجموع العبد و الضميمة، فاذا لم يظفر المشتري بالعبد تنحل المعاوضة الواقعة على المجموع و توجد معاوضة جديدة قهرية بين الضميمة، و بين مجموع الثمن.

(1) أي معنى الرواية التي هي موثقة سماعة المشار إليها في ص 163

(2) مرجع الضمير (ما الموصولة) في قوله: بما.

و المراد من الموصول جزء من الثمن الذي يقابل التالف.

(3) المراد من التالف هو العبد الآبق.

(4) أي العبد الآبق.

(5) منشأ الإشكال أمران:

(الأول): اطلاق قوله عليه السلام في الموثقة المشار إليها في -

ص: 169

و لو تلفت الضميمة قبل القبض (1)(1)، فإن كان (2) بعد حصول الآبق في اليد فالظاهر الرجوع بما قابلته

+++++++++++

ص 163: فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه، حيث إن عدم الظفر بالعبد أعم من أن يكون باليأس، أو بتلفه قبل اليأس فهذا الإطلاق موجب لوقوع الثمن ازاء الضميمة فقط.

فهو كناية عن عدم ضمان البائع للمشتري شيئا من الثمن.

و عن عدم حق للمشتري في استرجاع شيء من الثمن.

فالضرر يتوجه نحو المشتري، فتخصص قاعدة:

كل مبيع تلف قبل القبض فهو من مال بائعه، لأن اليأس من الظفر بالعبد بمنزلة التلف، لا التلف الحقيقي.

(الثاني): انصراف اليأس من الظفر بالعبد إلى الانصراف الحقيقي لا ما كان بمنزلة التلف، فحينئذ قاعدة:

كل مبيع تلف قبل القبض فهو من مال بائعه لا تنخرم.

بل تبقى على عمومها فيتمسك بها في ضمان البائع.

فللمشتري حق استرجاع شيء من الثمن.

فهذا الانصراف موجب لضمان البائع.

ثم لا يخفى عليك أن ضمان البائع للعبد في هذه الصورة مبني على وقوع شيء من الثمن ازاء الآبق قبل حصوله في يده.

و على أن العبد مبيع، لا أنه معلق على حصوله في اليد كما ادعاه صاحب كاشف الرموز، و لو لا هذا لما كان للضمان و عدمه مجال.

(1) أي قبل قبض العبد الآبق.

(2) أي تلف الضميمة.

ص: 170


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الضميمة (1)، لا مجموع الثمن، لأن الآبق لا يوزع عليه الثمن ما دام آبقا، لا بعد الحصول في اليد (2).

و كذا (3) لو كان بعد اتلاف المشتري له مع العجز عن التسليم كما لو أرسل إليه طعاما مسموما، لأنه (4) بمنزلة القبض.

و إن كان (5) قبله ففي انفساخ البيع في الآبق تبعا للضميمة، أو بقائه بما قابله من الثمن.

وجهان:

+++++++++++

(1) فكل مقدار من الثمن وقع ازاء الضميمة يسترجعه المشتري

(2) لأنه بعد الحصول في اليد يوزع عليه الباقي من الثمن بعد إخراج ثمن الضميمة.

(3) أي و كذا لو كان تلف الضميمة بعد إتلاف المشتري العبد الآبق كما مثل له الشيخ قدس سره، فإن حكمه حكم التلف بعد حصول العبد في يد المشتري.

فكما أنه يوزع قسم من الثمن على العبد بعد حصوله في يد المشتري بعد إخراج ثمن الضميمة، و أن المشتري يرجع على البائع في ثمن الضميمة.

كذلك في صورة تلف الضميمة بعد إتلاف المشتري العبد، فإن المشتري يرجع على البائع في ثمن الضميمة.

(4) أى لأن إتلاف المشتري العبد باطعامه السم بمنزلة قبضه العبد الآبق من البائع.

(5) أي إن كان تلف الضميمة قبل حصول العبد في يد المشتري و قبل إتلافه العبد.

ص: 171

من (1) أن العقد على الضميمة(1) إذا صار كأن لم يكن تبعه العقد على الآبق، لأنه (2) كان سببا في صحته.

و من (3) أنه كان تابعا(2) له في الحدوث فيما إذا تحقق تملك المشتري له فاللازم من جعل الضميمة كأن لم يعقد عليها رأسا هو انحلال المقابلة الحاصلة بينه، و بين ما يخصه من الثمن

+++++++++++

(1) دليل لبقاء بيع العبد على عقده، و عدم انفساخ العقد فيه، و أنه يقابل جزء من الثمن لو تلفت الضميمة قبل حصول الآبق في يد المشتري.

(2) أي لأن العقد على الضميمة سبب في صحة العقد على العبد الآبق فهو تعليل لعدم تبعية العقد على الآبق للعقد على الضميمة فلا ينفسخ بتلف الضميمة، لأن العقد كما عرفت واقع على المجموع و إن كان ضم الضميمة و العقد عليها شرطا في صحة العقد على الآبق.

فالضميمة شرط فى تنفيذ المعاوضة و المعاملة على العبد الآبق.

أما تلفها بعد التنفيذ و التأثير فلا يوجب بطلان البيع، لعدم ترتب التأثير شيئا فشيئا حتى تحتمل شرطية وجود الضميمة بقاء، كما كانت شرطية وجودها حدوثا.

بل التلف في الضميمة لا يؤثر إلا في الانفساخ الذي يؤكد صحة البيع.

فتلف الضميمة في الواقع قبل تلف الآبق لا يوجب إلا انفساخ المعاملة بالنسبة إلى الضميمة فقط.

(3) دليل لانفساخ العقد على العبد الآبق تبعا للضميمة أي و من أن العقد على الضميمة، و الإقدام عليه لمّا كان تبعا و طفيليا للعقد على الآبق في الحدوث و الوجود لو تحقق للمشتري تملك الآبق.

ص: 172


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا (1) الحكم الاخر الذي كان يتبعه في الابتداء.

لكن ظاهر النص (2) أنه لا يقابل الآبق بجزء من الثمن اصلا و لا يوضع له شيء منه ابدا على تقدير عدم الظفر به.

و من هنا (3) ظهر حكم ما لو فرض فسخ العقد من جهة الضميمة فقط، لاشتراط خيار يخص بها.

نعم لو عقد على الضميمة فضولا و لم يجز مالكها انفسخ العقد بالنسبة إلى المجموع.

ثم لو وجد المشتري في الآبق عيبا سابقا.

إما بعد القدرة عليه، أو قبلها كان له الرجوع بارشه، كذا قيل.

+++++++++++

- فاللازم من هذه التبعية و الطفيلية في جعل الضميمة التي لم يعقد عليها مستقلا: انحلال مقابلة العبد لجزء من الثمن، الحاصلة هذه المقابلة بين العبد، و بين ما يخصه من الثمن فيما إذا تلفت الضميمة قبل حصول الآبق في يد المشتري.

فينفسخ العقد على الآبق بتلف الضميمة في هذه الصورة.

(1) أي و ليس لازم جعل الضميمة هو الحكم بصحة العقد على الآبق الّذي كان يتبع البيع على الضميمة ابتداء.

(2) المراد من النص هو قوله عليه السلام في موثقة سماعة المشار إليها في ص 163: فإن لم يقدر على العبد كان الّذي نقده فيما اشتري منه، حيث إنها صريحة فى أن الثمن بتمامه ازاء الضميمة في صورة عدم ظفره على الآبق.

(3) أى و من القول بالوجهين المذكورين في ص 172 في صورة تلف الضميمة. قبل تلف الآبق، و قبل حصوله في يد المشتري: يظهر حكم فسخ العقد من جهة الضميمة لو جعل لها الخيار في متن العقد، أو خارجه، فإن الوجهين المذكورين و هما:

البقاء على عقد الآبق، أو فسخه تبعا للضميمة باقيان في صورة فسخ الضميمة.

ص: 173

مسألة من شروط العوضين: العلم بقدر الثمن

(مسألة):

المعروف أنه يشترط العلم بالثمن قدرا.

فلو باع بحكم احدهما (1) بطل اجماعا كما عن المختلف(1) و التذكرة (2)و اتفاقا كما عن الروضة (2)، و حاشية الفقيه للسلطان (3).

و في السرائر(3) في مسألة البيع بحكم المشتري إبطاله: بأن كل مبيع لم يذكر فيه الثمن فإنه باطل بلا خلاف بين المسلمين.

و الاصل في ذلك (4) حديث نفي الغرر المشهور بين المسلمين (5).

+++++++++++

(1) أى بحكم البائع، أو المشتري بعد المعاوضة: بأن يتبانيا على حكم أحدهما في مقدار الثمن و تعيينه، و يكون الحكم نافذا في البيع و ماضيا فيه و مؤثرا.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 264 عند قول الشهيدين قدس سرهما:

فلا يصح البيع بحكم أحد المتعاقدين، أو أجنبي اتفاقا.

و أما منشأ الاتفاق فالظاهر هو الحديث النبوى المشهور بين المسلمين قاطبة الّذي مر ذكره في ص 63 و ص 90 أكثر من مرة: و هو نهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع الغرر، و عن بيع ما ليس عندك.

و لا شك أن الغرر بجميع معانيه المحتملة التي ذكرها الشيخ قدس سره في ص 64-65-66-67 مستلزم للجهالة في البيع بحكم أحد المتعاقدين.

(3) يأتي شرح حياة هذا العملاق في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(4) أى في اشتراط العلم بالثمن قدرا، و أن الحكم بأحد المتعاقدين باطل.

(5) أشير إلى هذه الشهرة في الهامش 2 من هذه الصفحة عند قولنا -

ص: 174


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يؤيده (1) التعليل في رواية حماد بن ميسرة عن جعفر عن ابيه عليه السلام:

أنه يكره أن يشترى الثوب بدينار غير درهم، لأنه لا يدرى كم الدينار من الدرهم (2).

لكن في صحيحة رفاعة النخّاس ما ظاهره المنافاة (3).

+++++++++++

- و أما منشأ الاتفاق.

(1) أى و يؤيد اشتراط العلم بالثمن قدرا، و أن الحكم بأحد المتعاقدين باطل: التعليل الوارد في قوله عليه السلام: لأنه لا يدرى حكم الدينار من الدرهم.

وجه التأييد أن استثناء الدرهم من الدينار بكلمة غير في قوله عليه السلام: بدينار غير درهم اذا كان موجبا للجهل بالثمن المستلزم للبطلان، لعدم العلم بنسبة الدينار من الدرهم.

هل هي عشرة دراهم، أو أكثر، أو أقل؟

فالبيع بحكم أحد المتعاقدين أولى بالبطلان بالثمن رأسا.

و لا يخفى أن الجهل بنسبة الدينار إلى الدراهم مبني على ارتفاع الأسعار السوقية في الدينار بالدراهم و نزولها، فإن الأسعار تختلف بحسب كثرة المعاملة و قلتها عليها.

أو على اختلاف الأوزان المضروبة في الدينار، فإن بعضها يساوي عشرة دراهم، و بعضها أقل، و بعضها أكثر فاختلف مقدار الدراهم باختلاف مقدار الدنانير.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 389 الباب 23 الحديث 4.

(3) أى منافاة هذه الصحيحة مع التعليل الوارد في الرواية المذكورة في هذه الصحيفة الدال على الاشتراط المذكور.

ص: 175

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت:

ساومت رجلا بجارية له فباعنيها بحكمي فقبضتها منه على ذلك ثم بعثت إليه بالف درهم فقلت له:

هذه الألف حكمي عليك فابى أن يقبلها مني و قد كنت مسستها (1) قبل أن ابعث إليه بالف درهم؟

قال: فقال: ارى أن تقوّم الجارية بقيمة عادلة.

فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت إليه كان عليك أن ترد إليه ما نقص من القيمة.

و إن كانت قيمتها أقل مما بعثت إليه فهو له.

قال: فقلت: أ رايت إن اصبت (2) بها عيبا بعد ما مسستها؟

قال: ليس لك أن تردها، و لك أن تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب (3).

+++++++++++

(1) أى جامعتها و قاربتها.

و التصرف هذا موجب لاسقاط الخيار، سواء حملت الجارية منه أم لا

(2) أى وجدت فيها نقصا.

(3) راجع (اصول الكافي) الجزء 5 ص 209 باب شراء الرقيق الحديث 4.

و المراد من أخذ قيمة ما بين الصحة و العيب هو الارش المراد منه التفاوت بين الحالتين، و قد ذكرنا الارش مسهبا.

في (اللمعة الدمشقية) من (طبعتنا الحديثة) من ص 475 - الى ص 495 فراجع كي تستفيد فوائد جمة.

و نذكره في (المكاسب) إن شاء اللّه تعالى في الخيارات عند قوله:

توضيح هذا المقام:

ص: 176

لكن التأويل فيها (1) متعين، لمنافاة (2) ظاهرها لصحة البيع

+++++++++++

- إن الاختلاف إما أن يكون في الصحيح فقط.

و الشاهد في قوله عليه السلام: ارى أن تقوم الجارية بقيمة عادلة حيث إنه ظاهر في عدم اشتراط العلم بالثمن قدرا، لأنه وقع جوابا عن سؤال الراوي: هذه الألف حكمي عليك و الجواب دال على تقريره عليه السلام حكم رفاعة النخّاس في الجارية.

و كان حكمه في حقها هو تعيين الألف درهم.

(1) أى في صحيحة رفاعة النخّاس المشار إليها في ص 175

(2) تعليل لتعين التأويل في الصحيحة المذكورة لا محالة.

و خلاصته أن ظاهر الصحيحة مناف لصحة بيع رفاعة النخّاس الجارية بحكمه في تعيين الثمن و مقداره المستلزم هذا الظهور لبطلان بيعه لأن الظاهر من قوله عليه السلام:

أرى أن تقوم الجارية بقيمة عادلة، و ارسال ما نقص إلى البائع:

أن حكم رفاعة في تعيين الثمن و مقداره غير صحيح، إذ لو كان حكمه صحيحا و نافذا في البيع لما حكم عليه السلام عليه ثانيا بتقويم المبيع قيمة عادلة، و إرسال ما نقص عن القيمة إلى البائع، لتعين المسمى عليه، دون القيمة الواقعية.

فالحكم هذا يتنافى و صحة البيع فلا بد لنا من التأويل حتى ترتفع المنافاة هذا وجه منافاة ظاهر الصحيحة لصحة البيع.

و أما التأويل فلم يذكره الشيخ قدس سره في منافاة ظاهر الصحيحة لصحة البيع.

و العجب أن شيخنا الانصارى يقول: نعم هي محتاجة إلى أزيد من هذا التأويل، بناء على القول بالفساد، مع أنه قدس سره -

ص: 177

و فساده (1).

+++++++++++

- لم يذكر كيفية التأويل أبدا فأين المشار إليه؟

و أعجب من ذلك ما افاده المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 464 في قوله:

ما ذكره المصنف رحمه اللّه في بيان وجه التأويل أحسن مما حكاه في الحدائق من حاشية السلطان رحمه اللّه على الفقيه، انتهى.

نعم ذكر شيخنا المحقق الاصبهاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 307 في وجه التأويل، و رفع المنافاة بين ظاهر الصحيحة و صحة البيع قوله:

و يمكن رفع المنافاة بالحمل على توكيل المشتري: بأن يبيع الجارية من نفسه بما يتعين في نظره، لا بالقيمة الواقعية، ليرد المحذور المذكور

و ارسال ما نقص، لمكان خيار الغين المؤكد لصحة البيع بنظره.

غاية الامر أنه يدعي الغبن بالإضافة إلى المسمّى الذي عينه بنظره كما إذا عينه البائع بنظره، فإن خياره ثابت.

و كذلك افاد المحقق الخونساري في تقريرات بحث استاذه المحقق النائيني في الجزء الاول ص 388 في وجه التأويل بقوله:

و لا ينافي ذلك ما في صحيحة رفاعة النخّاس الظاهرة في صحة البيع بحكم المشتري، لأن الظاهر من هذه القضية أن بائع الجارية وكّل المشتري في تعيين القيمة، لا أنه باعها بثمن يعينه بعد المعاملة

(1) اي لمنافاة ظاهر الصحيحة المذكورة في ص 175 لفساد البيع.

وجه المنافاة أن المعاملة إذا كانت فاسدة فلما ذا حكم الامام عليه السلام بتعين ما بعث به المشتري للبائع إذا كانت القيمة الواقعية أقل مما حكم به المشتري: و هو رفاعة النخّاس في تعيينه قيمة الجارية -

ص: 178

فلا (1) يتوهم جواز التمسك بها لصحة هذا البيع (2)، إذ (3) لو كان صحيحا لم يكن معنى لوجوب قيمة مثلها بعد تحقق البيع بثمن خاص.

نعم هي (4) محتاجة إلى أزيد من هذا التأويل (5)، بناء على القول بالفساد: بأن (6) يراد من قوله (7): باعنيها بحكمي

+++++++++++

- بالف درهم بحكمه؟

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من منافاة ظاهر الصحيحة لصحة البيع بحكم رفاعة النخّاس في تعيين الثمن، اي ففي ضوء ما ذكرنا فلا مجال للتمسك بهذه الصحيحة في صحة بيع رفاعة النخّاس الجارية بحكمه في تعيين الثمن، للمنافاة المذكورة التي اشرنا إليها في الهامش 2 ص 177 بقولنا:

و خلاصته أن ظاهر الصحيحة مناف.

(2) المراد من هذا البيع هو بيع رفاعة النخّاس الجارية كما عرفت.

(3) تعليل لعدم التوهم بجواز التمسك بالصحيحة.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 2 ص 177: إذ لو كان حكمه صحيحا

(4) اي صحيحة رفاعة النخّاس.

(5) اي التأويل الذي ذكرناه في جانب منافاة ظاهر الصحيحة لصحة بيع رفاعة النخّاس.

و قد عرفت في الهامش 2 ص 177 عدم ذكر من الشيخ للتأويل.

(6) الباء بيان لذكر تأويلات زائدة في جانب منافاة ظاهر الصحيحة لفساد بيع رفاعة النخّاس.

من هنا اخذ الشيخ قدس سره في ذكر تلك التأويلات.

(7) اى من قول رفاعة النخّاس:

ص: 179

قطع (1) المساومة على أن اقومها على نفسي بقيمتها العادلة في نظري.

حيث (2) إن رفاعة كان نخّاسا يبيع و يشتري الرقيق، فقوّمها رفاعة على نفسه بالف درهم.

إما (3) معاطاة، و إما مع إنشاء الإيجاب وكالة، و القبول أصالة.

فلما مسها (4) و بعث الدراهم (5) لم يقبلها المالك، لظهور غبن (6) له في المبيع، و أن رفاعة مخطئ في القيمة.

+++++++++++

(1) هذا احد التأويلات.

و المراد من قطع المساومة قطع المعاملة عن الثمن الّذي دفعه المشترى إلى البائع و كان أقل من القيمة الواقعية.

(2) تعليل لكون المراد من قول رفاعة النخّاس: باعنيها هو قطع المساومة، لأن من كان شغله البيع و الشراء من شأنه أن يقلل من ثمن الشيء المشترى و كذلك يزيد على ثمن المبيع.

(3) هذا بيان لكيفية قطع المساومة، فإن قطع المساومة يحصل باحد الامور الثلاثة: إما بالمعاطاة، أو بانشاء الايجاب بالوكالة من قبل المالك، و القبول من قبل المشتري بالأصالة: بأن انشأ المشتري بانشاء واحد الايجاب من قبل المالك وكالة، و القبول من قبل نفسه أصالة.

(4) اى مس رفاعة النخّاس الجارية و قاربها.

(5) المراد من الدراهم هي الدراهم التي عينها رفاعة النخّاس بحكمه و بعثها إلى مالك الجارية.

(6) أي لمالك الجارية ظهر غبن في السعر الذي سعره رفاعة النخّاس للجارية.

ص: 180

أو (1) لثبوت خيار الحيوان(1) للبائع على القول به.

و قوله عليه السلام: إن كانت قيمتها أكثر فعليك أن ترد ما نقص.

إما أن يراد به لزوم ذلك (2) عليه من باب إرضائه المالك إذا أراد (3) امساك الجارية، حيث إن المالك لا حاجة له في الجارية فيسقط خياره ببذل التفاوت.

و إما أن يحمل (4) على حصول الحبل بعد المس فصارت أم ولد فتعين عليه (5) قيمتها إذا فسخ البائع.

و قد يحمل (6) على صورة تلف الجارية، و ينافيه قوله عليه السلام فيما بعد:

فليس عليك أن تردها (7)، إلى آخر الرواية.

و كيف كان (8) فالحكم بصحة البيع بحكم المشتري، و انصراف الثمن

+++++++++++

(1) هذا هو الأمر الثالث لقطع المساومة.

و المراد من الحيوان هي الجارية المبيعة.

(2) أي لزوم رد ما نقص على المالك.

(3) أي رفاعة النخّاس.

(4) و هو لزوم رد ما نقص على المالك.

(5) أي على المشتري و هو رفاعة النخّاس.

(6) و هو لزوم رد ما نقص على المالك.

(7) فإن رد الجارية دليل على عدم تلفها، فالحمل المذكور لا مجال له

(8) يعني أي شيء قلنا حول منافاة صحيحة رفاعة النخّاس لصحة البيع الصادر منه، و فساده: من التأويلات المذكورة.

لكن صاحب الحدائق قدس سره قد عمل بظاهر الرواية، و حكم -

ص: 181


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلى القيمة السوقية لهذه الرواية (1) كما حكي عن ظاهر الحدائق:

فضعيف (2).

و أضعف منه (3) ما عن الإسكافي: من تجويز قول البائع:

+++++++++++

- بصحة البيع المذكور ببيان أن الصحة إنما كانت لأجل انصراف الثمن المعين من قبل حكم رفاعة النخّاس، و تعيينه إلى الأسعار السوقية، لأن أسعار السلع المبيعة و المشتراة في الأسواق و منها العبيد. و الإماء مع ما فيهما: من الكمال و الجمال، و عدمها معلومة لدى بائعيها و مشتريها، و ليست مختلفة حتى يصدق الغرر عند الاختلاف.

فالسعر الذي عينه رفاعة للجارية و هو الألف درهم إنما كان سعرها السوقي، لا زيادة فيه و لا نقيصة.

(1) و هي صحيحة رفاعة النخّاس

(2) وجه الضعف أن الصحة مخالفة للقواعد الفقهية، لأن من تلك القواعد قاعدة:

إنه لا بد من العلم بالثمن و مقداره، لأن الجهل به موجب للغرر المنفي بالحديث النبوي المشهور بين المسلمين الّذي مرّ ذكره أكثر من مرة.

بالإضافة إلى أن قوله عليه السلام في الصحيحة نفسها المذكورة في ص 175:

أرى أن تقوّم الجارية بقيمة عادلة، فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت إليه، إلى آخر الصحيحة: مخالف للاستدلال بالصحيحة على صحة البيع المذكور كما عرفت في الهامش 2 ص 177 عند قولنا: و خلاصته أن ظاهر الصحيحة.

(3) أي و أضعف مما أفاده صاحب الحدائق ما أفاده الاسكافي -

ص: 182

بعتك بسعر ما بعت، و يكون للمشتري الخيار (1).

و يرده (2) أن البيع في نفسه إذا كان غررا فهو باطل فلا يجبره الخيار.

+++++++++++

- في صحة البيع المذكور.

و قد ذكر الشيخ المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 464 نظرية شيخنا الأنصاري حول عبارة الاسكافي.

أليك نصها:

الظاهر من كلام المصنف رحمه اللّه أن مذهب الاسكافي هي الصحة في خصوص تحكيم المشتري للبائع، دون العكس.

و ظاهر العبارة المحكية عن الاسكافي هي الصحة على كل من تقديري تحكيم المشتري للبائع، و عكسه، و أن الخيار إنما يثبت في الصورة الاولى، دون الثانية، فإن الاسكافي قال:

لو وقع البيع على مقدار معلوم بينهما و الثمن مجهول لاحدهما جاز إذا لم يكن يواجبه و كان للمشتري الخيار إذا علم ذلك كقول الرجل:

بعني كرّ طعام بسعر ما بعت.

(1) أي خيار الغبن.

(2) أي و يردّ ما أفاده الاسكافي في صحة البيع بتحكيم أحد المتعاقدين في تعيين الثمن و مقداره بقول البائع للمشتري:

بعتك بسعر ما بعت، و يكون للمشتري الخيار إذا كان مغبونا في المبيع.

و خلاصة الرد أن البيع الواقع هكذا صفته هو في نفسه غرر فاذا صدق الغرر كان باطلا، لشمول الحديث النبوى المشهور لهذا البيع.

فعليه لا وجه القول بجبران الغرر بخيار المشتري.

ص: 183

و أما (1) بيع خيار الرؤية فذكر الأوصاف فيه بمنزلة اشتراطها المانع عن حصول الغرر.

كما تقدم عند حكاية قول الاسكافي(1) في مسألة القدرة على التسليم (2)

+++++++++++

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه كيف حكمتم ببطلان البيع رأسا لو تبين الغبن في تحكيم البائع بتسعيره المبيع بقوله:

بعتك بسعر ما بعت، مع قولكم بوجود الخيار للمشتري؟

و كيف تقولون بعدم جبران الخيار للغرر المترتب على هذا البيع عند كشف الخلاف.

و أما في صورة كشف الخلاف في العين المبيعة بغير الرؤية اكتفاء بذكر الأوصاف الموجودة فيها فتحكمون بصحة هذا البيع، و ثبوت الخيار للمشتري؟

فاجاب الشيخ قدس سره عن الوهم المذكور ما حاصله.

إن الحكم بصحة البيع في العين المذكورة، و ثبوت الخيار للمشتري إنما هو لاجل ذكر الأوصاف في المبيع في متن العقد بحيث يكون الذكر بمنزلة اشتراط الأوصاف في البيع.

و هذا الاشتراط يكون مانعا عن حصول الغرر في البيع عند ظهور الخلاف.

(2) اي كما تقدم نظير هذا: و هو بيع العين غير المرئية بالصفات المعينة عن الاسكافي في مسألة اعتبار القدرة على التسليم في ص 63 عند قوله: الثالث من شروط.

و لا يخفى على المتأمل الخبير أننا راجعنا مسألة اشتراط القدرة على التسليم من بداية المسألة إلى نهايتها سبع مرات مراجعة دقيقة -

ص: 184


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- سطرا بعد سطر من صفحة إلى صفحة فلم اجد ذكرا عن بيع العين غير المرئية بالصفات المعينة نقلا عن الاسكافي.

و راجعت بعض الأفاضل لعله بعد المراجعة و المطالعة يقف على ما افاده شيخنا الانصاري بقوله: كما تقدم عند حكاية قول الاسكافي في مسألة اشتراط القدرة على التسليم فراجع و طالع فلم يجد ذكرا عما افاده الشيخ من التقدم المذكور في مسألة اشتراط القدرة.

ثم عرضت ما افاده الشيخ قدس سره على سماحة سيدنا الجليل المولى العظيم الحجة السيد علي البعاج دام ظله و علاه عند ما يشرفنا للصلاة في جامعة النجف الدينية ليلا فأفاد بعد المطالعة و المراجعة.

الظاهر أن المقصود من مسألة اشتراط القدرة هي مسألة عدم جواز بيع الآبق منفردا المذكورة في ص 146: حيث إنها من فروع مسألة اشتراط القدرة على التسليم.

فقد ذكر الشيخ في مسألة بيع الآبق في ص 160 ما هذا نصه:

و لذا لا يعد بيع العين غير المرئية الموصوفة بالصفات المعينة من بيع الغرر، لأن ذكر الوصف بمنزلة اشتراطه الموجب للتسلط على الرد.

و لعله لهذا اختار في محكي المختلف تبعا للاسكافي جواز بيع الآبق إذا ضمنه البائع.

هذا ما افاده سيدنا البعاج دامت بركاته في هذا المقام و لنعم ما افاد و اجاد، حيث إني بعد المطالعة دقيقا اذعنت بما افاده: من أن المراد من قول الشيخ: كما تقدم عند حكاية الاسكافي هو تلك العبارة في مسألة بيع الآبق في ص 160.

ص: 185

مسألة من شروط العوضين: العلم بقدر المثمن
اشارة

(مسألة):

العلم بقدر المثمن كالثمن شرط باجماع علمائنا كما عن التذكرة (1).

و عن الغنية(1) العقد على المجهول باطل بلا خلاف.

و عن الخلاف(2) ما يباع كيلا فلا يصح بيعه جزافا و إن شوهد، اجماعا و في السرائر(3) ما يباع وزنا فلا يباع كيلا بلا خلاف.

و الاصل في ذلك (2) ما تقدم من النبوي المشهور (3).

في خصوص الكيل و الوزن خصوص الأخبار المعتبرة.
اشارة

و في خصوص (4) الكيل و الوزن خصوص الأخبار المعتبرة.

منها: صحيحة الحلبي
اشارة

(منها) (5): صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى من رجل طعاما: عدلا بكيل معلوم.

ثم إن صاحبه قال للمشتري: ابتع مني هذا العدل الاخر بغير

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 32 عند قوله:

مسألة اجمع علماؤنا على أن العلم شرط فيهما، ليعرف ما الذي ملك بإزاء ما بذل فينتفي الغرر.

(2) اي في اشتراط العلم بقدر المثمن.

(3) و هو نهي النبي صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر.

و عن بيع ما ليس عندك، و قد اشير إلى الحديثين في الهامش 4 ص 94.

(4) اى و الاصل في اشتراط العلم في خصوص مقدار المكيل و الموزون هي الأحاديث المعتبرة الواردة في المقام.

(5) اى من بعض تلك الأحاديث المعتبرة الواردة فيما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا.

ص: 186


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كيل، فإن فيه مثل ما في الاخر الّذي ابتعته؟

قال: لا يصلح إلا أن يكيل.

و قال: و ما كان من طعام سميت فيه كيلا، فإنه لا يصلح مجازفة.

هذا مما يكره من بيع الطعام (1).

و في رواية الفقيه فلا يصح بيعه مجازفة (2).

الإيراد على الصحيحة و الجواب عنه

و الايراد على دلالة الصحيحة بالاجمال (3)، أو باشتمالها (4)

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 254 الباب 4 الحديث 2 فالشاهد في قوله عليه السلام: لا يصلح إلا أن يكيل، حيث دل على اشتراط العلم بقدر المثمن إذا كان مكيلا.

(2) راجع (المصدر نفسه) ص 255 الحديث 3.

(3) اى و قد اورد على الاستدلال بالصحيحة بكونها دالة على اشتراط العلم بمقدار ما كان يكال، أو يوزن.

و خلاصته أن فيها اجمالا، حيث إن قوله عليه السلام: و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة: مجمل لأن الظاهر من سميت فيه كيلا هو الاشتراء بعنوان الكيل، و من المعلوم أن الاشتراء بعنوان الكيل يوجب بطلان بيعه جزافا، بل إن كان الجزاف باطلا فهو باطل، سواء وقع اشتراؤه جزافا أم لم يقع.

(4) اى أو باشتمال صحيحة الحلبي على خلاف المشهور.

هذا هو الايراد الثاني على الصحيحة المذكورة.

و كلمة من بيان لكيفية اشتمال الصحيحة على خلاف المشهور اى خلاف المشهور عبارة عن عدم تصديق البائع، مع أن المشهور هو تصديق البائع فيما بقوله كما في الرواية الآتية في ص 191.

ص: 187

على خلاف المشهور: من عدم تصديق البائع: غير وجيه، لأن (1) الظاهر من قوله عليه السلام: سميت فيه كيلا: أنه يذكر فيه الكيل فهي كناية عن كونه مكيلا في العادة.

اللّهم (2) إلا أن يقال: إن وصف الطعام كذلك الظاهر في التنويع.

مع أنه ليس من الطعام ما لا يكال، و لا يوزن، إلا (3) في مثل

+++++++++++

(1) تعليل لكون الايراد غير وجيه، و أنه لا اجمال في الصحيحة.

و خلاصة التعليل أن الظاهر من قوله عليه السلام: سميت فيه كيلا هو بيان للمقدار الموجود في العدل الاخر الّذي يبيعه بغير كيل فيكون قول البائع كناية عن كون العدل الاخر من الطعام مكيلا غير محتاج إلى الكيل ثانيا فلا اجمال في الصحيحة حتى يورد عليها.

(2) مقصود الشيخ الانصارى من هذا الاستثناء هو الاعتراف بالاجمال في الصحيحة.

و خلاصته أن وصف البائع العدل الاخر بأنه مكيل لا يحتاج إلى الكيل ثانيا ظاهر في تنويع الطعام الموجود عنده، و أنه على قسمين:

قسم مكيل، و قسم غير مكيل، مع أنه لا يوجد في الخارج طعام لا يكال و لا يوزن، و هذا الوصف يبعّد ما قلناه: من أن قول البائع للمشتري: ابتع مني هذا العدل الاخر بغير كيل كناية عن كون العدل الاخر مكيلا في العادة فيثبت الاجمال حينئذ.

(3) استثناء من قوله: مع أنه ليس من الطعام ما لا يكال و لا يوزن اي إلا الزرع الذي هو من الطعام، فإنه يجوز بيعه بلا وزن و لا كيل و هو قائم على سنبله، و لا سيما إذا صار سنبلا و انعقد حبه فلا يشترط في صحة بيعه وزن و لا كيل.

ص: 188

الزرع قائما: يبعد (1) إرادة هذا المعنى (2)، فتأمل (3).

و أما الحكم (4) بعدم تصديق البائع فمحمول على شرائه، سواء زاد أم نقص، خصوصا إذا لم يطمئن بتصديقه، لا شراؤه (5) على أنه القدر المعين الذي اخبر به البائع، فإن هذا لا يصدق عليه الجزاف.

+++++++++++

و هذا المقدار يكفي في صدق تنويع الطعام إلى قسمين:

قسم يكال، و قسم لا يكال.

(1) الجملة مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في ص 188:

اللهم إلا أن يقال: إن وصف الطعام.

و عرفت معنى هذه الجملة عند قولنا في الهامش 2 ص 188:

و خلاصته أن وصف.

(2) و هو أن قول البائع: ابتع مني هذا العدل الآخر كناية عن كون العدل الآخر مكيلا كما عرفته.

(3) الظاهر أن الامر بالتأمل اشارة إلى أن وصف الطعام بالمكيل ليس لتنوعه، بل للاشارة إلى علة الحكم، و أنه لا يجوز بلا كيل حيث إنه من المكيل.

(4) اي و أما حكم الامام عليه السلام بعدم تصديق البائع، و أنه لا بد من كيل العدل الآخر في قوله: لا يصلح إلا أن يكيل، مع أن المشهور كما عرفت تصديق البائع:

فمحمول على شراء المشتري هذا المكيل، أو الموزون، سواء أ كان زائدا عن المقدار المقرر أم ناقصا عنه، و لا سيما إذا لم يكن للمشتري وثوق و اطمئنان بقول البائع.

(5) اي و ليس حكم الامام عليه السلام بعدم تصديق البائع في إخباره عن كون العدل الاخر مكيلا محمولا على صورة شراء المشتري -

ص: 189

قال في التذكرة: لو اخبره البائع بكيله، ثم باعه بذلك الكيل صح عندنا (1).

و قال في التحرير: لو اعلمه بالكيل فباعه بثمن، سواء زاد أم نقص لم يجز (2).

و أما نسبة الكراهة (3) إلى هذا البيع فليس فيه ظهور في المعنى المصطلح(1) يعارض ظهور لا يصلح، و لا يصح في الفساد.

+++++++++++

- العدل الاخر على أنه القدر المعين مع العدل الاول الّذي كاله البائع، لأن البائع في هذه الصورة صادق عما اخبر به، و لا يردّ قوله.

فحينئذ لا مجال لصدق الجزاف هنا.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 50

(2) معنى هذه العبارة أن شراء الطعام من البائع في صورة إخباره عن مقدار الطعام على قسمين:

(الاول): الشراء بلا اطمئنان و وثوق عن إخبار البائع، سواء زاد المبيع عن مقدار ما اخبر به أم نقص.

(الثاني): الشراء مع الاعتماد على المقدار الّذي اخبر به البائع و أن المشتري بان على ذلك المقدار.

أما الاول فباطل كما افاده في التحرير.

و أما الثاني فصحيح كما افاده في التذكرة و ادعى الاجماع عليه كما عرفت عند نقل الشيخ عنه في هذه الصفحة: صح عندنا.

(3) هذا دفع وهم.

أما الوهم فحاصله أن بيع الطعام بغير كيل إذا كان مجازفة و ممنوعا.

فلما ذا قال الامام عليه السلام في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 187: هذا مما يكره من بيع الطعام؟

ص: 190


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
رواية سماعة

و في الصحيح (1) عن ابن محبوب عن زرعة عن سماعة قال:

سألته عن شراء الطعام و ما يكال، أو يوزن.

هل يصلح شراؤه بغير كيل، و لا وزن؟

فقال: إما أن تأتي رجلا في طعام قد اكتيل، أو وزن تشتري منه مرابحة فلا بأس إن انت اشتربته منه و لم تكله، و لم تزنه إذا كان المشتري الاول قد اخذه بكيل، أو وزن، و قلت له عند البيع:

إني اربحك فيه كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك (2).

و دلالتها (3) أوضح من الاولى.

+++++++++++

- فإن الكراهة لا يستفاد منها الحرمة و المنع فتكون معارضة لظهور لا يصلح في الفساد.

فاجاب الشيخ قدس سره عن الوهم بما حاصله:

إن المراد من الكراهة هنا معناها اللغوي: و هو المنع، لا المعنى المصطلح عند الفقهاء.

إذا لا تكون معارضة لظهور لا تصلح في الفساد.

(1) هذه هي الرواية الثانية المستدل بها على أن ما يباع كيلا فلا يصح بيعه جزافا.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 257 الباب 5 - الحديث 7.

(3) اى و دلالة هذه الصحيحة على المطلوب: و هو أنه لا بد من أن يكال أو يوزن الطعام إذا اريد بيعه أوضح من صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 186.

وجه الأوضحية في هذه الصحيحة هو عدم الاجمال، و عدم اشتمالها على خلاف المشهور.

ص: 191

رواية أبان

و رواية (1) ابان عن محمد بن حمران قال: قلت لأبى عبد اللّه عليه السلام:

اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله فصدقناه و اخذناه بكيله؟ فقال: لا بأس.

فقلت: أ يجوز أن ابيعه كما اشتريته بغير كيل؟

فقال: لا، أما انت فلا تبعه حتى تكيله (2):

دلت على عدم جواز البيع بغير كيل، إلا إذا اخبره البائع فصدقه

رواية أبي العطارد

و فحوى (3) رواية أبي العطارد، و فيها قلت: فاخرج الكرّ و الكرين فيقول الرجل: اعطنيه بكيلك.

+++++++++++

- بخلاف صحيحة الحلبي، فإن فيها اجمالا، و أنها مشتملة على خلاف المشهور كما عرفت في الهامش 3 ص 187.

بالإضافة إلى أن الكيل أو الوزن لو لم يكونا معتبرين لم يكن لاشتراط جواز الشراء باخذ المشتري الاول بالكيل أو الوزن وجه في قوله عليه السلام في ص 191: إذا كان المشترى الاول قد اخذه بكيل، أو وزن.

(1) هذه ثالثة الروايات المستدل بها على أن ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 256 الباب 5.

الحديث 4.

(3) هذه رابعة الأحاديث المستدل بها على أن ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا إذا كان طعاما أن يكال، أو يوزن اى و يستدل بمفهوم رواية أبي العطارد.

ص: 192

فقال: إذا ائتمنك فلا بأس (1).

مرسلة ابن بكير

و مرسلة (2) ابن بكير عن رجل سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل.

يشتري الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل؟

فقال: إما أن يأخذ كله بتصديقه، و إما أن يكيله كله (3).

فإن المنع (4) من التبعيض المستفاد منه ارشادى محمول على أنه إن صدّقه فلا حاجة إلى كلفة كيل البعض، و إلا فلا يجزي كيل البعض.

و تحتمل الرواية (5) الحمل على استيفاء المبيع بعد الاشتراء.

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه) ص 257 الحديث 6

فالشاهد في قوله عليه السلام: إذا ائتمنك فلا بأس، فإن مفهومه إذا لم يأتمنك ففيه بأس.

(2) هذه خامسة الأحاديث المستدل بها على أن ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا.

(3) راجع (المصدر نفسه) ص 256. الحديث 3.

(4) المراد منه هو المنع المستفاد من قوله عليه السلام: إما أن يأخذ كله بتصديقه، و إما أن يكيله كله اى لا تأخذ بعضه بكيل، و بعضه بلا كيل، فيكون المنع ارشاديا اى ارشادا إلى عدم الاخذ هكذا، لأنه إن صدّق المشتري البائع في مقالته فلا يحتاج إلى أن يكيل الباقي و إن لم يصدّقه فلا يكفي كيل البعض.

(5) و هي مرسلة ابن بكير المذكورة في هذه الصفحة.

مقصود الشيخ أن هذه المرسلة تحتمل أن تكون واردة في البيع الكلي الّذي يكون في الذمة، فإنه لا يحتاج إلى الوزن، أو الكيل الخارجي إلا عند التسليم، حيث يحتاج إلى الوزن، أو الكيل، -

ص: 193

و كيف كان (1) ففي مجموع ما ذكر من الأخبار (2)، و ما لم يذكر (3) مما فيه ايماء إلى المطلب (4) من حيث ظهوره في كون الحكم (5) مفروغا عنه عند السائل.

و تقرير الامام كما في رواية كيل ما لا يستطاع عده (6)

+++++++++++

- و لذا لو باعه كليا بأن باعه مائة طن من الطعام ثم تبين خلافه عند التسليم: بأن لم يكن المبيع مائة طن لم يبطل البيع.

بخلاف البيع الشخصي، فإنه لو ظهر معيبا، أو مستحقا للغير بطل البيع.

فاذا جاء هذا الاحتمال بطل الاستدلال بالمرسلة على المطلوب لأن الكلام في البيع الشخصي الخارجي، لا البيع الكلي.

(1) اى سواء أ كانت المرسلة واردة في البيع الكلي أم الشخصي.

(2) و هي صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 186

و صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 191

و رواية ابان المشار إليها في ص 192

و فحوى مفهوم رواية أبي العطارد المشار إليها في ص 192

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 من ص 254 إلى ص 258

(4) و هو أن ما يباع كيلا، أو وزنا لا يصح بيعه جزافا.

(5) و هو عدم جواز بيع ما يكال، أو يوزن جزافا.

(6) راجع (المصدر نفسه) ص 258 الباب 7 - الحديث 1.

أليك نص الحديث.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟ قال: لا بأس به.

ص: 194

و غيرها (1).

مع ما ذكر من الشهرة المحققة، و الاتفاقات المنقولة كفاية في المسألة (2).

هل الحكم منوط بالغرر الشخصي أم لا

ثم إن ظاهر اطلاق جميع ما ذكر أن الحكم ليس (3) منوطا بالغرر الشخصي و إن كانت حكمته سد باب المسامحة المقتضية إلى الوقوع في الغرر.

كما أن حكمة الحكم باعتبار بعض الشروط في بعض المعاملات رفع المنازعة المتوقعة عند اهمال ذلك الشرط (4).

فحينئذ (5) يعتبر التقدير بالكيل، أو الوزن و إن لم يكن في شخص المقام غرر.

+++++++++++

(1) اي و غير رواية كيل ما لا يستطاع عده.

راجع (المصدر نفسه).

(2) اي في مسألة عدم جواز بيع ما يكال، أو يوزن جزافا.

(3) اي ليس الملاك في عدم جواز البيع المذكور هو حصول الغرر الشخصي حتى يقال: إن المشتري لو اطمئن من إخبار البائع بمقدار العدل الآخر الذي هو غير مكيل و لا موزون يصح له الشراء لعدم وجود الغرر في هذا المبيع حتى يشمله الحديث النبوي المشهور.

بل المناط هو حصول الغرر النوعي الحاصل في نوع البيع.

و المراد من جميع ما ذكر هو الأخبار المشار إليها في ص 186-191-192.

(4) كاعتبار ذكر الثمن و تعيينه في البيع، و ذكر الاجرة في الاجارة و القبض من الطرفين في بيع الصرف، و قبض الثمن في بيع السلف.

(5) اي حين أن قلنا: إن الملاك في عدم جواز البيع المذكور هو حصول الغرر النوعي، لا الغرر الشخصي.

ص: 195

كما (1) لو باع مقدارا من الطعام بما يقابله في الميزان من جنسه أو غيره المتساوي له في القيمة، فإنه لا يتصور هنا غرر اصلا، مع الجهل بمقدار كل من العوضين، لأنه مساو للآخر في المقدار.

أو (2) يحتمل غير بعيد(1) حمل الاطلاقات، و لا سيما الأخبار

+++++++++++

(1) مثال لعدم وجود الغرر في شخص المبيع، و لكن مع ذلك يعتبر فيه التقدير بالكيل، أو الوزن.

(2) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من أن المناط في عدم جواز البيع المذكور هو الغرر النوعي الكلي، لا الشخصي.

و يريد أن يقول، إن المناط في عدم الجواز هو الغرر الشخصي فإنه المدار في الجواز و العدم.

فإن وجد الغرر الشخصي وجد عدم جواز البيع.

و إن لم يوجد جاز البيع المذكور.

و استدل على ذلك بحمل الاطلاقات الواردة في كلمات الفقهاء كالاجماع المدعى من الشيخ في الخلاف، و من ابن ادريس في السرائر و من ابن زهرة في الغنية، و من العلامة في التذكرة.

و قد اشير إلى هذه الكلمات في ص 186.

و بحمل الأخبار الواردة في هذا المقام و هي:

صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 186.

و صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 191.

و رواية ابان المشار إليها في ص 192.

و مرسلة ابن بكير المشار إليها في ص 193: على المورد الغالب.

ص: 196


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على المورد الغالب: و هو (1) ما كان رفع الغرر من حيث مقدار العوضين، موقوفا على التقدير.

فلو فرض اندفاع الغرر بغير التقدير كفى كما في الفرض المزبور (2) و كما (3) إذا كان(1) للمتبائعين حدس قوي بالمقدار نادر التخلف عن الواقع.

و كما (4) إذا كان المبيع(2) قليلا لم يتعارف وزن الميزان لمثله كما لو دفع فلسا و اراد به دهنا لحاجة، فإن الميزان لم يوضع لمثله، فيجوز بما تراضيا عليه من التخمين.

و لا منافاة بين كون الشيء من جنس المكيل و الموزون.

و بين عدم دخول الكيل و الوزن فيه (5)، لقلته كالحبتين، و الثلاثة

+++++++++++

(1) هذا هو المورد الغالب.

(2) المشار إليه في ص 196 بقوله: كما لو باع مقدارا من الطعام بما يقابله.

(3) هذا مثال ثان لما كان رفع الغرر من حيث مقدار العوضين موقوفا على التقدير.

(4) هذا مثال ثالث لما كان رفع الغرر من حيث مقدار العوضين موقوفا على التقدير.

(5) اي في جنس هذا الشيء الذي هو من جنس المكيل، أو الموزون: بأن لا يكال و لا يوزن فلا يكون الكيل أو الوزن دخيلا فيه.

و عدم دخل هذا الشيء في الكيل، أو الوزن، مع أنه من جنس المكيل، أو الموزون لاحد الامرين:

إما لقلته كما مثل لها الشيخ بحبتين، أو الثلاثة من الحنطة.

و إما لكثرته كما مثل لها الشيخ بزبرة الحديد.

ص: 197


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من الحنطة، أو لكثرته كزبرة (1) الحديد كما نبّه عليه في القواعد و شرحها و حاشيتها.

و مما ذكرنا (2) يتضح عدم اعتبار العلم بوزن الفلوس المسكوكة فإنها و إن كانت من الموزون، و لذا صرح في التذكرة بوقوع الربا فيها، إلا أنها عند وقوعها ثمنا حكمها كالمعدود: في أن معرفة مقدار ماليتها لا تتوقف على وزنها فهي كالقليل و الكثير من الموزون الذي لا يدخله الوزن.

و كذا شبه الفلوس من المسكوكات المركبة من النحاس و الفضة كأكثر نقود بغداد في هذا الزمان.

و كذا الدرهم و الدينار الخالصان، فإنهما و إن كانا من الموزون و يدخل فيهما الرباء اجماعا.

إلا أن ذلك (3) لا ينافي جواز جعلهما عوضا من دون معرفة بوزنهما، لعدم غرر في ذلك (4) اصلا.

+++++++++++

(1) بضم الزاي و سكون الباء و فتح الراء وزان غرفة جمعها زبر كغرف هي القطعة العظيمة من الحديد التي يصعب وزنها جدا، لثقلها هذا في الأزمنة القديمة.

و أما في عصرنا الحاضر فتوزن القطع العظيمة الثقيلة جدا مع حاملاتها:

و هي السيارات بالآلات المستحدثة الوازنة لهذه الأشياء، و غيرها و تسمى: (قبان).

(2) من عدم المنافاة بين كون الشيء من جنس المكيل، أو الموزون و بين عدم كون الوزن، أو الكيل دخيلا فيه.

(3) اي دخول الرباء في الدينار و الدرهم.

(4) اي في عدم المعرفة بوزن الدينار أو الدرهم و إن كانا -

ص: 198

و يؤيد ذلك (1) جريان سيرة الناس على المعاملة بهما من دون معرفة أغلبهم بوزنها.

نعم يعتبرون فيهما عدم نقصانهما عن وزنها المقرر في وضعهما (2) من حيث تفاوت قيمتهما بذلك (3)، فالنقص فيهما عندهم (4) بمنزلة العيب

و من هنا (5) لا يجوز اعطاء الناقص منهما، لكونه غشا و خيانة.

و بهذا (6) يمتاز الدرهم و الدينار عن الفلوس السود، و شبهها حيث إن نقصان الوزن لا يؤثر في قيمتها، فلا بأس باعطاء ما يعلم نقصه (7).

+++++++++++

- من جنس الموزون.

(1) اي و يؤيد كون عدم المعرفة بوزن الدينار، أو الدرهم لا يعد غررا و إن كانا من جنس الموزون.

(2) اي عند ضربهما بالسكة الدارجة المعبر عنها ب: (عملة) بضم العين و سكون الميم و فتح اللام، فإن الوزن فيهما عند الضرب معلوم.

(3) اي بالنقصان، لا من حيث المعرفة بوزنهما المقرر عند الضرب لأنك عرفت أن وزنهما عند الضرب معلوم.

(4) اي عند الناس.

(5) اي و من أن النقص في الدينار و الدرهم من وزنهما المقرر عند الضرب يعد عند الناس عيبا.

(6) اي و بعدم جواز إعطاء الدينار و الدرهم الناقصين عن وزنهما المقرر، لكون النقص يعد عيبا عند الناس.

(7) من الفلوس السود.

ص: 199

و إلى ما ذكرنا من الفرق (1) اشير في صحيحة عبد الرحمن قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الشيء بالدراهم فاعطي الناقص الحبة و الحبتين (2)؟

قال: لا حتى تبينه، ثم قال: إلا أن يكون نحو هذه الدراهم الأوضاحية (3) التي تكون عندنا عددا (4).

و بالجملة (5) فإناطة الحكم بوجوب معرفة وزن المبيع و كيله

+++++++++++

(1) اي الفرق بين أن الناقص إذا كان موجبا لتفاوت القيمة فيه كالدينار و الدرهم.

و بين ما لم يكن النقص موجبا لتفاوت القيمة فيه كالفلوس السود، فإن الاول لا يجوز اعطاؤه وفاء عن الثمن، بخلاف الثاني.

(2) الحبة و الحبتين بيان لمقدار الناقص في الدراهم اي المقدار الناقص في الدراهم المضروبة عبارة عن الحبة و الحبتين.

(3) الأوضاحية هي الدراهم الصحيحة الخالية من الغش التي لا تنقص عن الوزن المقرر عند الضرب، و التي تكون رائجة بين الناس: فإنها كانت رائجة في (المدينة المنورة) في عهد الامام الصادق عليه السلام.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 2 ص 473 الباب 10 الحديث 7، و كلمة عددا منصوبة على التمييز، بناء على أنها تمييز لكلمة نحو في قوله عليه السلام: إلا أن يكون نحو هذه الدراهم.

فالشاهد في قوله عليه السلام: لا حتى تبينه، فإنه دال على عدم جواز جعل الدراهم الناقصة بحبة، أو حبتين، أو اكثر عن الوزن المقرر ثمنا.

(5) اي و خلاصة الكلام في الغرر المترتب على البيع.

و المراد من الحكم هو جواز جعل الدراهم الناقصة ثمنا.

ص: 200

مدار الغرر الشخصي قريب في الغاية.

إلا (1) أن الظاهر كونه مخالفا لكلمات الأصحاب في موارد كثيرة.

وجوب معرفة العدد في المعدود و الدليل عليه

ثم إن الحكم في المعدود، و وجوب معرفة العدد فيه حكم المكيل و الموزون بلا خلاف ظاهر.

و يشير إليه، بل يدل عليه تقرير الامام عليه السلام في الرواية الآتية المتضمنة لتجويز الكيل في المعدود المتعذر عدّه.

و يظهر من المحكي عن المحقق الاردبيلي المناقشة في ذلك.

بل الميل إلى منعه (2)، و جواز بيع المعدود مشاهدة.

و ترده رواية الجواز الآتية في ص 205.

و المراد بالمعدودات ما يعرف مقدار ماليتها بإعدادها كالجوز و البيض.

بخلاف مثل الشاة و الفرس و الثوب (3).

و عدّ العلامة البطيخ و الباذنجان في المعدودات، حيث قال في شروط السلم من القواعد:

و لا يكفي في السلم و صحته العدّ في المعدودات، بل لا بد من الوزن في البطيخ و الباذنجان و الرمان.

و إنما اكتفى بعدّها (4)

+++++++++++

(1) عدول عما افاده: من أن المناط في الحكم هو الغرر الشخصي اي القول بكون المناط في الحكم هو الغرر الشخصي مخالف لكلمات الأصحاب كما عرفتها في ص 186.

(2) اي إلى منع وجوب معرفة العدد في المعدود، و أن حكمه حكم المكيل و الموزون.

(3) لأن معرفة مقدار مالية هذه الثلاثة بالمشاهدة، لا بالعد.

(4) اي إنما جعل البطيخ و الباذنجان و الرمان في المعدودات -

ص: 201

في البيع، للمعاينة، انتهى (1).

و قد صرح في التذكرة بعدم الربا في البطيخ و الرمان إذا كانا رطبين (2)، لعدم الوزن، و ثبوته (3) مع الجفاف.

بل يظهر منه (4) كون القثاء و الخوخ و المشمش أيضا غير موزونة.

و كل ذلك محل تأمل لحصول الغرر أحيانا بعدم الوزن.

فالظاهر أن تقدير المال عرفا في المذكورات بالوزن، لا بالعدد كما (5) في الجوز و البيض.

+++++++++++

- إذا بيعت، لأنها تشاهد و تعاين حين البيع فتكفي المشاهدة.

بخلاف السلم، فإن المثمن ليس موجودا حتى يرى و يشاهد.

(1) اي ما افاده العلامة في القواعد.

(2) فلو بيعا بالتفاضل جاز.

(3) اي و ثبوت الرباء في حالة جفاف البطيخ و الرمان، فلا يجوز بيع بعضهما ببعض متفاضلا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 127.

(4) اي من كتاب التذكرة، أو من قول العلامة في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 121.

(5) التمثيل بالجوز و البيض لاجل أن تقدير المالية فيهما بالعدّ لا بالوزن، فالتشبيه هنا بالعكس اي و ليست المالية في المذكورات بالعدّ كما في البيض و الجوز، حيث إن المالية فيهما بالعدّ.

ص: 202

مسألة التقدير بغير ما يتعارف التقدير به
اشارة

(مسألة):

لو قلنا: بأن المناط في اعتبار تقدير المبيع في المكيل و الموزون و المعدود بما يتعارف التقدير به هو عدم حصول الغرر الشخصي فلا إشكال في جواز تقدير كل منها (1) بغير ما يتعارف تقديره به إذا انتفى الغرر بذلك.

بل في كفاية المشاهدة فيها من غير تقدير اصلا.

لكن تقدم (2) أن ظاهر الأخبار الواردة في هذا الباب اعتبار التقدير من غير ملاحظة الغرر الشخصي، لحكمة سد باب الغرر المؤدي إلى التنازع المقصود رفعه من اعتبار بعض الخصوصيات في أكثر المعاملات زيادة على التراضي الفعلي حال المعاملة.

و حينئذ (3) فيقع الكلام و الإشكال في تقدير بعض المعاملات بغير

+++++++++++

(1) اي من الكيل و الوزن و العد، فإنه بناء على أن المناط هو الغرر الشخصي فلو كيل الموزون، أو وزن المكيل، أو وزن المعدود فلا إشكال في صحة البيع باحد المذكورات بغير ما تعارف به

(2) اي في ص 159: من أن الأخبار الواردة في هذا المقام و هي:

صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 186.

و صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 191.

و رواية ابان المشار إليها في ص 192.

و مرسلة ابن بكير المشار إليها في ص 193.

(3) اي و حين أن قلنا: إن ظاهر الأخبار المذكورة المشار إليها -

ص: 203

ما تعارف فيه.

هل يجوز بيع المكيل وزنا و بالعكس
اشارة

فنقول: اختلفوا في جواز بيع المكيل وزنا، و بالعكس (1) و عدمه (2) على أقوال (3):

(ثالثها): جواز الكيل وزنا، دون العكس، لأن الوزن اصل الكيل و أضبط، و إنما عدل إليه في المكيلات تسهيلا.

فالمحكي عن الدروس(1) في السلم جوازه مطلقا (4)، حيث قال:

و لو اسلم في المكيل وزنا، و بالعكس فالوجه الصحة، لرواية وهب عن الامام الصادق عليه السلام.

+++++++++++

- في ص 186-191-192 في هذا الباب هو اعتبار التقدير فقط من دون ملاحظة الغرر الشخصي.

(1) و هو بيع الموزون كيلا.

(2) اي عدم جواز بيع المكيل وزنا، و بيع الموزون كيلا.

(3) اي أقوال ثلاثة:

(الاول): الجواز مطلقا في المكيل و الموزون اي يجوز بيع كل منهما بالآخر.

(الثاني): عدم الجواز مطلقا اي لا يجوز بيع الموزون بالمكيل و لا المكيل بالموزون.

(الثالث): جواز بيع ما يكال وزنا، و عدم جواز بيع ما يوزن كيلا، لأن الوزن اصل، و إلى هذا القول اشار الشيخ بقوله في هذه الصفحة: ثالثها جواز الكيل.

(4) اي جواز بيع ما يوزن كيلا، و بيع ما يكال وزنا جائز في بيع السلف.

ص: 204


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كأنه (1) اشار بها إلى رواية وهب عن جعفر عن ابيه عن علي صلوات اللّه عليهم قال:

لا بأس بسلف ما يوزن فيما يكال، و ما يكال فيما يوزن (2).

و لا يخفى (3) قصور الرواية سندا بوهب، و دلالة: بأن الظاهر

+++++++++++

(1) اي و كأن الشهيد الاول قدس سره اشار إلى وجه صحة بيع ما يكال وزنا، و بيع ما يوزن كيلا في بيع السلف إلى رواية وهب المروية عن الامام الصادق عليه السلام.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 63 الباب 7 الحديث 1.

خلاصة استدلال الشهيد برواية وهب أن الرواية تصرح بجواز إسلاف ما من شأنه أن يوزن كيلا.

و بجواز إسلاف ما من شأنه أن يكال وزنا بعد أن كان الكيل و الوزن مقدرين اي معلومي المقدار فيهما.

(3) من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يرد ما افاده الشهيد في الدروس في هذا المقام بتمسكه برواية وهب.

و خلاصته أن في رواية وهب قصورين:

قصورا سنديا، لانتهائها بوهب، حيث إنه مشترك بين الثقة و غيرها.

و قصورا دلالتيا، إذ الرواية المذكورة إنما تجوّز إسلاف الموزون في المكيل: بأن يباع شيء سلفا و هو مما يوزن و الثمن كان من المكيل و قد اخذ كيلا.

أو يباع شيء سلفا و هو مما يكال و الثمن كان من الموزن و قد اخذ وزنا.

و الباء في بأن الظاهر منها بيان لكيفية قصور الرواية دلالة كما عرفت.

ص: 205

منها (1) جواز إسلاف الموزون في المكيل، و بالعكس (2)، لا جواز (3) تقدير المسلم فيه المكيل بالوزن، و بالعكس.

و يعضده (4) ذكر الشيخ الرواية (5)(1) في باب إسلاف الزيت في السمن.

الكلام في مقامين
اشارة

فالذي (6) ينبغي أن يقال: إن الكلام تارة (7) في كفاية كل من التقديرين في المقدر بالآخر من حيث جعله دليلا على التقدير

+++++++++++

(1) اي من رواية وهب المشار إليها في ص 205.

(2) و هو جواز إسلاف المكيل في الموزون كما عرفت.

(3) اي و ليس المراد من الجواز في رواية وهب ما فهمه الشهيد الاول و افاده في الدروس: و هو الجواز مطلقا بقوله: و لو اسلم في المكيل وزنا، و بالعكس فالوجه الصحة عند نقل الشيخ عنه في ص 204 بقوله: فالمحكي عن الدروس.

(4) اي و يقوّي ما ذكرناه نحن، لا ما افاده الشهيد في الدروس ذكر الشيخ قدس سره رواية وهب في باب إسلاف الزيت في السمن:

بأن يباع الزيت سلفا و كان من الموزون و اخذ ثمنه من السمن كيلا.

(5) و هي رواية وهب المشار إليها في ص 205.

(6) خلاصة الكلام في هذا المقام أن بيع المكيل بالوزن، و الموزون بالكيل على قسمين:

و نشير إلى كل واحد منهما عند رقمه الخاص.

(7) هذا هو القسم الاول: و هو عبارة عن كفاية كل من التقديرين و هما: تقدير الموزون بالمكيل، و المكيل بالموزون: بحيث يحمل التقدير الآخر على التقدير المعتبر فيه: بأن يستكشف من الكيل وزن الموزون، أو من الوزن كيل المكيل.

ص: 206


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المعتبر فيه: بأن يستكشف من الكيل وزن الموزون، و بالعكس (1).

(و تارة) (2) في كفايته فيه اصلا من غير ملاحظة تقديره بالمتعارف.

أمّا الأوّل، التقدير بغير ما تعارف تقديره به من حيث جعله طريقا إلى ما تعارف فيه

أما الاول (3) فقد يكون (4) التفاوت المحتمل مما يتسامح به عادة.

و قد يكون (5) مما لا يتسامح فيه.

أما الاول (6) فالظاهر جوازه، خصوصا مع تعسر تقديره بما يتعارف فيه، لأن ذلك غير خارج في الحقيقة عن تقديره مما يتعارف فيه.

غاية ما في الباب أن يجعل التقدير الآخر طريقا إليه.

+++++++++++

(1) بأن يستكشف من الوزن كيل المكيل.

(2) هذا هو القسم الثاني: و هو عبارة عن كفاية كل من التقديرين المذكورين في التقدير الآخر أصالة و بالاستقلال اي من غير ملاحظة التقدير المتعارف.

(3) و هو القسم الاول المشار إليه في الهامش 7 ص 206.

يروم الشيخ بكلامه هذا تقسيما للقسم الاول: بأن يجعله مقسما اي القسم الاول المشار إليه في ص 206 على قسمين:

(4) هذا هو القسم الاول للقسم الاول.

(5) هذا هو القسم الثاني للقسم الاول.

(6) اي القسم الاول المشار إليه في الهامش 4 من هذه الصفحة من القسم الاول المشار إليه في الهامش 7 ص 206: و هو ما كان التفاوت بين الوزن و الكيل تفاوتا جزئيا يتسامح به عادة و عرفا فالظاهر جواز بيعه لأن المفروض طريقية كل واحد منهما للآخر اي طريقية الوزن للكيل و الكيل للوزن و إن كانت طريقية احدهما بالأصالة، و الآخر بالعرض

ص: 207

و تؤيده (1) رواية عبد الملك بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري مائة راوية من زيت فاعترض راوية، أو اثنتين فأتزنهما ثم آخذ سائره على قدر ذلك؟

قال: لا بأس (2).

و استدل بها (3) في التذكرة على جواز بيع الموزون عند تعذر

+++++++++++

(1) اي و نؤيد جواز بيع القسم الاول المشار إليه في الهامش 4 ص 207 من القسم الاول المشار إليه في الهامش 7 ص 206: و هو ما كان التفاوت بين الوزن و الكيل تفاوتا جزئيا يتسامح به عرفا و عادة:

رواية عبد الملك بن عمرو.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 255 الباب 5 - الحديث 1.

وجه تأييد رواية عبد الملك لصحة البيع الذي يكون الوزن طريقا إلى الكيل، أو الكيل طريقا إلى الوزن أن مضمونها يدل على اختيار احد الموزونين بقياسه إلى ما يماثله في القطر.

أو قياس احد عدلي الحمل بالآخر، و ليس ذلك إلا من باب الطريقية.

ثم إنه بعد القول بانفتاح باب الطريقية لا فرق بين ما لو جعل احد المتماثلين طريقا إلى الآخر.

و بين ما لو جعل الكيل طريقا إلى الوزن، أو جعل الوزن طريقا إلى الكيل.

(3) اي و استدل العلامة برواية عبد الملك على صحة البيع المذكور بقوله:

(الثاني): لو تعذر الوزن، أو العدد كيل بعضه بمكيال، أو -

ص: 208

وزنه بوزن واحد من المتعدد و نسبة الباقي إليه، و اردفه (1) بقوله:

و لأنه يحصل المطلوب: و هو العلم (2).

و استدلاله (3) الثاني يدل على عدم اختصاص الحكم بصورة التعذر.

و التقييد (4) بالتعذر لعله استنبطه من الغالب في مورد السؤال:

و هو تعذر وزن مائة راوية من الزيت.

+++++++++++

- وزن، أو عدّ، و نسب إليه الباقي،

و سئل عليه السلام اشتري مائة راوية من زيت و اعترض راوية، أو اثنتين فأتزنهما ثم آخذ سائره على قدر ذلك؟

فقال: لا بأس.

(1) اي العلامة عقّب دليله الاول الذي هي الرواية بدليل ثان:

و هو قوله: و لأنه يحصل المطلوب و هو العلم.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 45.

(3) هذا رد من الشيخ على الاستدلال الثاني للعلامة: و هو قوله:

في هذه الصفحة: و لأنه يحصل المطلوب: و هو العلم.

و خلاصته أن حصول العلم بمقدار المبيع بالكيفية المذكورة لا اختصاص له بصورة وزنه بوزن واحد من المتعدد المتعذر، بل يشمل عدم التعذر أيضا.

(4) يروم الشيخ قدس سره توجيه التعذر الوارد في كلام العلامة مع أن كلمة التعذر ليست واردة في رواية عبد الملك كما عرفت.

و خلاصة التوجيه أن التقييد بذلك لعله لاجل أن العلامة قد استنبط التعذر من الغالب في موارد السؤال، حيث إنه يتعذر غالبا توزين الأشياء الكثيرة التى تأخذ وقتا زائدا موجبا لإتلاف النهار، إذ من الصعب جدا توزين مائة راوية.

ص: 209

و لا يخفى (1) أن هذه العلة لو سلّمت على وجه يقدح في عموم ترك الاستفصال إنما يجب الاقتصار على موردها(1) (2) لو كان الحكم مخالفا لعمومات وجوب التقدير.

و قد عرفت أن هذا (3) في الحقيقة تقدير و ليس بجزاف.

نعم (4) ربما ينافي ذلك(2) التقرير المستفاد من الصحيحة الآتية في بيع الجوز كما سيجيء.

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر من الشيخ على العلامة بعد توجيه التعذر.

و خلاصته أن العلة المذكورة و هو التعذر لو كانت بنحو العلية:

بحيث يضر في عموم ترك الاستفصال من الامام عليه السلام بين التعذر، و غيره لكان الواجب الاقتصار على مورد العلة:

و هي مائة رواية لا غير.

(2) اي مورد العلة و هي مائة راوية كما عرفت آنفا.

(3) اي التقدير بما يكون متعارفا هو في الواقع و نفس الامر تقدير، و ليس بجزاف، لأنه طريق إلى معرفة وزنه.

و فيما نحن فيه يكون كيل ما يوزن طريقا إلى معرفة وزنه، و توزين ما يكال طريقا إلى معرفة كيله.

(4) استدراك عما افاده: من أن الاكتفاء بالتقدير المتعارف في الواقع تقدير و ليس بجزاف، لأنه طريق إلى معرفة وزنه.

و خلاصته أن الاكتفاء بالتقدير بما يكون متعارفا يتنافى و كونه مطلقا طريقا إلى معرفة وزنه حتى و لو لم يكن هناك تعذر لأن مقتضى الاكتفاء بالتقدير بغير المتعارف هو عدم الاكتفاء به إلا في صورة التعذر، إذ الراوي فرض الاكتفاء في عد الجوز بالكيل الموصل إليه: بصورة التعذر، و ظاهره عدم جوازه في غيرها، و لذا -

ص: 210


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما لو كان (1) التفاوت مما لا يتسامح فيه فالظاهر أيضا الجواز مع البناء على ذلك المقدر المستكشف من التقدير إذا كان ذلك التقدير أمارة على ذلك المقدار، لأن ذلك أيضا خارج عن الجزاف فيكون نظير إخبار البائع بالكيل، و يتخير المشتري لو نقص.

و ما تقدم من صحيحة الحلبي (2) في اوّل الباب من المنع عن شراء احد العدلين بكيل احدهما قد عرفت توجيهه هناك (3).

هذا كله مع جعل التقدير غير المتعارف أمارة على المتعارف.

التقدير بغير ما تعارف تقديره به مستقلا

و أما كفاية (4) احد التقديرين عن الآخر اصالة من غير ملاحظة

+++++++++++

- لم ينكر عليه الامام عليه السلام: بأن يقول له: لا يختص جعل الكيل طريقا بصورة التعذر، كما في صحيحة الحلبي الآتية في ص 214

(1) هذا هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 5 ص 207 من القسم الاول المشار إليه في الهامش 7 ص 206.

(2) المشار إليها في ص 186.

و المراد من اوّل الباب اوّل مسألة العلم بقدر المثمن المذكورة في ص 186، حيث إن هذه المسألة اوّل مسألة من مسائل العلم بقدر المبيع التي ينبغي عقد باب لها.

(3) راجع الهامش 1 من ص 188 عند قولنا: و خلاصة التعليل.

(4) هذا هو القسم الثاني من القسمين الذين افادهما الشيخ في ص 206 بقوله: إن الكلام تارة في كفاية كل من التقديرين.

و في ص 207 بقوله: و تارة في كفايته فيه اصلا.

و قد اشير إلى القسم الثاني في الهامش 5 ص 207.

ص: 211

التقدير المتعارف فالظاهر جواز بيع الكيل وزنا على المشهور كما عن الرياض، لأن ذلك ليس من بيع المكيل مجازفة المنهي عنه في الأخبار، و معقد الاجماعات، لأن الوزن أضبط من الكيل و مقدار مالية المكيلات معلوم به (1) أصالة من دون ارجاع إلى الكيل.

و المحكي المؤيد بالتتبع أن الوزن اصل الكيل، و أن العدول إلى الكيل من باب الرخصة، و هذا معلوم لمن تتبع موارد تعارف الكيل في الموزونات.

و يشهد لأصالة الوزن أن المكاييل المتعارفة في الأماكن المتفرقة على اختلافها في المقدار ليس لها مأخذ إلا الوزن، إذ ليس هنا كيل واحد تقاس المكاييل عليه (2).

+++++++++++

(1) اي بالوزن، فإنه المعيار في مقدار مالية المكيلات.

(2) اورد المحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 198 على ما افاده الشيخ قدس سره في هذا المقام.

و خلاصته مع تصرف منا: إن عدم وجود كيل واحد في الخارج تقاس المكاييل الموجودة بأجمعها عليه منقوص بالوزن، فإنه ليس في الخارج وزن خاص، و ثقل معين معلق بين الارض و السماء من قبل الباري عزّ و جلّ تقاس الأوزان الموجودة عليه، و إنما مبدأ كل وزن كان اقتراحيا من قبل الناس ثم حصل التداول بينهم شيئا فشيئا.

و هذا الملاك بعينه جار في جانب الكيل حرفيا، لأن معرفة المقادير بالكيل، أو الوزن معرفة تخمينية، إذ مآل المعرفة بالوزن إلى معرفة ثقله لو حمله بيده مثلا.

و إلا فتقدير (الحقة) بالمثاقيل ثم المثاقيل بالحمص، و الحمص بحب الشعير، و هكذا لا ينتهي إلا إلى ما ذكرناه: -

ص: 212

و أما كفاية الكيل في الموزون من دون ملاحظة كشفه (1) عن الوزن ففيه إشكال، بل لا يبعد عدم الجواز.

و قد عرفت عن السرائر (2) أن ما يباع وزنا لا يباع كيلا بلا خلاف، فإن هذه مجازفة صرفة، إذ ليس الكيل فيما لم يتعارف فيه وعاء منضبط فهو بعينه ما منعوه من التقدير بقصعة حاضرة، أو ملأ اليد، فإن الكيل من حيث هو لا يوجب في الموزونات معرفة زائدة على ما يحصل بالمشاهدة.

فالقول بالجواز فيما نحن فيه (3) مرجعه إلى كفاية المشاهدة.

+++++++++++

- و هو الإحالة إلى ما يعرف مقدار ثقله بحمله.

و كذلك في جانب الكيل يرجع الامر بالاخرة إلى المعرفة بالمشاهدة هذا ما اورده شيخنا الايرواني على الشيخ قدس سرهما.

و لكن يمكن أن يقال: إن مقصود الشيخ من أن الوزن اصل الكيل، و أن العدول إلى الكيل من باب الرخصة هو كون الوزن اصلا عقلائيا اوجده العقلاء لمعاملاتهم و معاوضاتهم التي يتعاطون بها حتى لا يبقى مجال للنزاع فيما بينهم.

و ليس المقصود أن هناك سببا متصلا للوزن بين السماء و الارض حتى يورد عليه بتلك المقالة.

و ما قلناه: من الإمكان في الدفاع عن الشيخ غير خفي على القراء الكرام.

(1) اي من دون كون الكيل طريقا إلى معرفة الوزن، بل يكون هو اصلا بالاستقلال.

(2) في ص 186 عند نقل الشيخ عنه بقوله:

و في السرائر: ما يباع وزنا فلا يباع كيلا.

(3) و هو كفاية الكيل فيما يوزن.

ص: 213

ثم إنه قد اعلم مما ذكرنا (1) أنه لو وقعت معاملة الموزون بعنوان معلوم عند احد المتبايعين، دون الآخر كالحقة و الرطل و الوزنة باصطلاح اهل العراق الذي لا يعرفه غيرهم، خصوصا الأعاجم: فهي غير جائزة لأن مجرد ذكر احد هذه العنوانات عليه، و جعله في الميزان، و وضع صخرة مجهولة المقدار معلومة الاسم في مقابله لا يوجب للجاهل معرفة زائدة على ما يحصل بالمشاهدة.

هذا كله (2) في المكيل و الموزون.

و أما المعدود فإن كان الكيل، أو الوزن طريقا إليه فالكلام فيه كما عرفت في اخويه (3).

و ربما ينافيه (4) التقرير المستفاد من صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه

+++++++++++

(1) اي في تعريف الوزن و الكيل من بداية المسألة المشار إليها في ص 186 - إلى ص 213.

(2) اي ما قلناه من بداية المسألة المشار إليها في ص 186 كله كان حول المكيل و الموزون.

(3) و هما الكيل و الوزن، فإنك عرفت أن احدهما إذا صار طريقا إلى معرفة تقدير الاخر بغير ما يتعارف فلا إشكال في صحة البيع به هكذا.

فكذلك المعدود إذا كان الكيل، أو الوزن طريقا إلى معرفته فلا إشكال في صحة البيع به هكذا.

(4) اي و ربما ينافي القول بكفاية الكيل، أو الوزن إذا كان احدهما طريقا إلى معرفة المعدود تقرير الامام عليه السلام المستفاد من صحيحة الحلبي

هذه هي الصحيحة التي افادها الشيخ بقوله في ص 210:

نعم ربما ينافي ذلك التقرير المستفاد من الصحيحة الآتية.

ص: 214

عليه السلام أنه سئل عن اجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال، ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد؟

قال: لا بأس به (1)، فإن (2) ظاهر السؤال اعتقاد السائل عدم جواز ذلك في غير حال الضرورة، و لم يردعه الامام عليه السلام بالتنبيه، على أن ذلك (3) غير مختص بصورة الاضطرار.

لكن التقرير (4) غير واضح فلا تنهض الرواية لتخصيص العمومات (5)، و لذا (6) قوى في الروضة الجواز مطلقا.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12، ص 258 الباب 7، الحديث 1.

(2) هذا وجه المنافاة و قد عرفته في الهامش 4 ص 210 عند قولنا و خلاصته أن الاكتفاء بالتقدير.

(3) و هي صحة بيع ما كان معدودا بالوزن، أو الكيل إذا صار احدهما طريقا إلى معرفة المعدود.

(4) اي تقرير الامام عليه السلام: و هو عدم إنكاره على السائل:

بأن يقول له: لا اختصاص لجعل الكيل طريقا بصورة التعذر:

غير واضح على اختصاص الجواز بصورة الاضطرار و الاعتذار.

(5) الدالة على صحة بيع ما كان معدودا بالوزن، أو الكيل إذا صار احدهما طريقا إلى معرفة المعدود.

و المراد من العمومات قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ - و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(6) اي و لاجل أن تقرير الامام عليه السلام غير واضح، و لا ينهض لتخصيص العمومات المذكورة الدالة على الجواز مطلقا قوى -

ص: 215

و أما كفاية الكيل فيه (1) أصالة فهو مشكل، لأنه لا يخرج عن المجازفة، و الكيل لا يزيد على المشاهدة (2).

و أما الموزون فالظاهر كفايته (3)، بل ظاهر قولهم في السلم:

إنه لا يكفي العد في المعدودات و إن جاز بيعها معجلا بالعد، بل

+++++++++++

- الشهيد الثاني قدس سره في الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية جواز البيع المذكور مطلقا.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 366 عند قول الشارح رحمه اللّه:

بل لو قيل بجوازه مطلقا، لزوال الغرر، و حصول العلم، و اغتفار التفاوت كان حسنا، و في بعض الأخبار دلالة عليه.

انتهى ما افاده هناك.

و مراد الشهيد الثاني من بعض الأخبار صحيحة الحلبي التي فيها السؤال عن الجواز المذكورة في ص 214 عند قول الشيخ:

و ربما ينافيه التقرير المستفاد من صحيحة الحلبي.

(1) اي في المعدود أصالة و استقلالا، من دون أن يكون الكيل أو الوزن طريقا إلى معرفة مقدار المعدود.

(2) اي الكيل في صورة كونه بالأصالة و الاستقلال من دون أن يكون طريقا إلى معرفة المعدود لا يكون زائدا في المعرفة على المشاهدة كما أن المشاهدة في المبيع من دون العلم بمقداره لا يصحح البيع.

كذلك الكيل من دون أن يكون طريقا إلى معرفة المعدود لا يكون مصححا لبيع المعدود كيلا.

(3) اي الظاهر كفاية وزن المعدود على أن يكون الوزن طريقا إلى معرفة المعدود، ثم بيعه كذلك، و أن البيع صحيح.

ص: 216

لا بد من الوزن: أنه (1) لا خلاف في أنه أضبط، و أنه (2) يغني عن العد.

فقولهم (3) في شروط العوضين: إنه لا بد من العد في المعدودات محمول على أقل مراتب التقدير.

لكنه ربما ينافي ذلك (4) تعقيب بعضهم ذلك بقولهم:

و يكفي الوزن عن العد، فإنه (5) بوهم كونه الاصل في الضبط.

إلا أن يريدوا (6) هنا الأصالة و الفرعية بحسب الضبط المتعارف لا بحسب الحقيقة، فافهم.

+++++++++++

(1) اي وزن المعدود على أن يكون الوزن طريقا إلى معرفة المعدود، ثم بيعه كذلك اضبط و اصح من العد.

(2) اي الوزن يغتني عن عد بقية المعدود المبيع.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من كون الوزن اضبط من العد و أنه يغني عن العد اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون قول الفقهاء في شروط العوضين: إنه لا بد من العد في المعدودات محمولا على أن العد اقل مراتب التقدير، لا أنهم لا يجوزون أن يكون الوزن طريقا إلى معرفة المعدود.

(4) اي ربما ينافي تعقيب بعض الفقهاء جواز وزن المعدود على نحو الطريقية بقولهم: و يكفي الوزن.

(5) تعليل للمنافاة المذكور اي قول بعض الفقهاء بكفاية الوزن عن العد يوهم أن الوزن فرع، و العد اصل من حيث الضبط، مع أننا بنينا على أن الوزن اصل، و العد فرع، لأن الوزن اضبط.

(6) اي إلا أن يقصد الفقهاء من قولهم: إن العد اصل في الضبط و الوزن فرع الأصالة و الفرعية بحسب الضبط المتعارف بين الناس.

لا أن العد بحسب الواقع و الحقيقة هو الضبط المتعارف.

ص: 217

بقي الكلام في تعيين المناط في كون الشيء مكيلا، أو موزونا.

بقي (1) الكلام في تعيين المناط في كون الشيء مكيلا، أو موزونا.

+++++++++++

- إذا لا مجال للايهام المذكور.

(1) من هنا يروم الشيخ قدس سره بعد الفراغ عن ذكر تلك الكبرى الكلية التي افادها في الموزون و المكيل، و المعدود و المزروع: و هي كل مكيل لا بد أن يكال.

كل موزون لا بد أن يوزن.

كل معدود لا بد أن يعد.

كل مذروع لا بد أن يذرع:

أن يبحث عن صغريات تلك الكبريات و مصاديقها، و تعيين أن اي شيء يكون من المكيل، أو اي شيء من الموزون، أو اي شيء من المعدود، أو اي شيء من المذروع، و أي شيء يصح بيعه مشاهدة.

و يريد أن يعطيك درسا كاملا عن ذلك حتى يكون هو المعيار و المناط في الموزون و المكيل و المعدود و المذروع.

و قبل الدخول في البحث عن الصغريات لا بد أن تعلم أن نزاع الفقهاء ليس في المعاني اللغوية لهذه الألفاظ، فإن مفاهيمها اللغوية من حيث الوضع اللغوي معلومة، إذ معنى (الوزن) هو الامتحان و الاختبار بآلة مهيأة لذلك يعبر عنها ب: (الميزان)، ليعلم ثقل الشيء و خفته بما يعادله.

يقال: هذا يزن رطلا اي يعدل رطلا.

و كذلك الكيل، فإن معناه تعيين كمية و مقدارها بواسطة آلة معدة لذلك كالصاع مثلا.

و كذلك العد، فإن معناه هو إحصاء عدد تعارف العد به. -

ص: 218

فقد قيل (1): إن الموجود في كلام الأصحاب اعتبار الكيل و الوزن فيما بيع بهما في زمن الشارع.

و حكم الباقي في البلدان ما هو المتعارف فيهما، فما (2) كان مكيلا

+++++++++++

- و كذلك الذرع، فإن معناه هو القياس اي قياس مقدار من القماش، أو الارض بآلة مهيأة لذلك.

و يعبر عن تلك الآلة في عصرنا الحاضر ب:

متر - سانتيمتر - فوت - انج.

و في القرون الماضية يعبر عنها ب: ذرع - ذراع.

إذا عرفت ذلك فاللازم علينا حينئذ البحث عن تلك الصغريات و مصاديقها حتى تطبق عليها الكبريات المذكورة.

فنحن نتبع الشيخ فيما افاده حول الصغريات و المصاديق حرفيا و نذكرها في أماكنها.

(1) من هنا اخذ الشيخ في نقل أقوال الفقهاء في صغريات تلك الكبريات فقال: و قد قيل.

خلاصة هذا القيل: أن الاعتبار و المناط في مكيلية الشيء، أو موزونيته، أو معدوديته، أو مذروعيته: هو كون الشيء مكيلا، أو موزونا، أو معدودا، أو مذروعا في عهد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فكل ما كان كذلك، و علم أنه مكيل، أو موزون في عهده صلى اللّه عليه و آله يباع مكيلا، أو موزونا لا محالة.

و أما حكم باقي الأجناس و الأشياء التي تكون في البلدان فيكون تابعا لما هو المتعارف في تلك البلاد.

(2) الفاء تفريع على ما افاده من أن حكم باقي الأجناس -

ص: 219

أو موزونا في بلد يباع كذا، و إلا (1) فلا.

و عن ظاهر مجمع البرهان (2)، و صريح الحدائق نسبته (3) إلى الأصحاب.

و ربما منع ذلك (4) بعض المعاصرين قائلا: إن دعوى الاجماع على كون المدار هنا على زمانه صلى اللّه عليه و آله و سلم على وجه المذكور غريبة، فإني لم اجد ذلك (5) في كلام احد من الأساطين

+++++++++++

- الموجودة في البلاد تابع لتلك البلاد اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون كل شيء مكيلا، أو موزونا في بلد لا بد أن يباع بالوزن، أو الكيل في ذلك البلد.

(1) اي و إن لم يكن باقي الأجناس مكيلا، أو موزونا في بلد فلا يباع مكيلا، أو موزونا.

(2) مجمع البرهان للمحقق الاردبيلي قدس سره.

يأتي شرح الكتاب و المؤلف في (أعلام المكاسب).

أليك نص عبارته.

ثم اعلم أنهم قالوا: المراد بالمكيل و الموزون ما ثبت به الكيل و الوزن في زمانه صلى اللّه عليه و آله.

و حكم الباقي في البلدان ما هو المتعارف فيها.

فما كان مكيلا في بلد، أو موزونا فيه يباع كذلك، و إلا فلا.

راجع (نهج الفقاهة) الجزء 1. ص 416.

(3) اي نسبة هذا القول إلى أصحابنا الامامية.

(4) اي منع المناط المذكور في مكيلية الشيء و موزونيته.

و المراد من بعض المعاصرين هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره

(5) اي المناط المذكور.

ص: 220

فضلا عن أن يكون اجماعا.

نعم قد ذكروا (1) ذلك بالنسبة إلى حكم الربا لا (2)، أنه كذلك بالنظر إلى الجهالة.

و الغرر الذي من المعلوم عدم المدخلية لزمانه صلى اللّه عليه و آله و سلم في رفع شيء من ذلك و اثباته، انتهى (3).

اقول (4): ما ذكره دام ظله (5): من عدم تعرض جل الفقهاء لذلك هنا: يعني في شروط العوضين، و إنما ذكروه في باب الربا حق

+++++++++++

(1) اي الفقهاء ذكروا المناط المذكور في باب الربا:

بمعنى أن كل ما كان يجري فيه الكيل، أو الوزن في عهده صلى اللّه عليه و آله يجري فيه الربا.

(2) اي و ليس الامر كذلك بالنسبة إلى الجهالة و الغرر، لعدم مدخلية عهده صلى اللّه عليه و آله لا في رفع مكيلية شيء، أو موزونيته.

(3) اي ما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة. الجزء 22 من ص 425 إلى ص 427.

فقد ذكر قدس سره في المصدر نفسه ما ذكره استاذه الشيخ كاشف الغطاء قدس سره في المكيل و الموزون، ثم افاد أنه تبع صاحب الحدائق في ذلك، ثم ذكر مناقشة صاحب الحدائق مع المحقق الاردبيلي فيما افاده، ثم اورد الشيخ صاحب الجواهر على صاحب الحدائق.

(4) من هنا اخذ الشيخ في الرد على صاحب الجواهر فيما افاده في هذا المقام حرفيا.

(5) جملة: دام ظله قرينة على أن اعتراض شيخنا الانصاري على صاحب الجواهر كان في حياته.

ص: 221

إلا أن المدار وجودا و عدما في الربا على اشتراط الكيل و الوزن في صحة بيع جنس ذلك الشيء.

و اكثر الفقهاء (1) لم يذكروا تحديد هذا الشرط، و المعيار فيه هنا: يعني في شروط العوضين: إلا أن الأكثر ذكروا في باب الربا ما هو المعيار هنا (2)، و في ذلك الباب (3).

و أما اختصاص هذا المعيار (4) بمسألة الربا، و عدم (5) جريانه في شروط العوضين كما ذكره فهو خلاف الواقع.

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام أن جلّ الفقهاء في مبحث شروط العوضين لم يذكروا هذا الشرط: و هو كون الشيء مكيلا، أو موزونا عند تحديد شروط العوضين و تعريفها.

و كذا لم يذكروا المعيار و المناط في المكيل و الموزون عند شروط العوضين، و أن المراد بهما هو المكيل و الموزون في عهد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله.

(2) اي ما هو المناط في شروط العوضين.

(3) اي في باب الربا.

(4) اي اختصاص الوزن و الكيل بالأجناس الربوية في زمن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله كما افاده صاحب الجواهر بقوله:

في ص 221.

نعم قد ذكروا ذلك بالنسبة إلى حكم الربا.

(5) اي و عدم جريان المعيار في شروط العوضين كما ذكره صاحب الجواهر بقوله في ص 221 عند نقل الشيخ عنه: لا أنه كذلك بالنظر إلى الجهالة.

ص: 222

أما (1) أولا فلشهادة تتبع كلمات الأصحاب بخلافه.

قال (2) في المبسوط في باب الربا: إذا كانت عادة الحجاز على عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم في شيء الكيل لم يجز إلا كيلا في سائر البلاد.

و ما كانت فيه وزنا لم يجز إلا وزنا في سائر البلاد.

و المكيال مكيال اهل المدينة، و الميزان ميزان اهل مكة هذا كله لا خلاف فيه.

فإن كان مما لا تعرف عادته في عهده صلى اللّه عليه و آله حمل على عادة البلد الذي فيه ذلك الشيء، فاذا ثبت ذلك.

فما عرف بالكيل لا يباع إلا بالكيل، و ما عرف فيه الوزن لا يباع إلا وزنا، انتهى (3).

و لا يخفى عموم ما ذكره (4)

+++++++++++

(1) من هنا اخذ الشيخ في رد ما افاده صاحب الجواهر: من عدم جريان المكيل و الموزون في شروط العوضين فقال:

أما أوّلا فلشهادة تتبع كلمات الأصحاب بخلاف ما افاده.

(2) من هنا اخذ الشيخ في نقل كلمات الأصحاب في خلاف ما افاده صاحب الجواهر فاول كلام نقله كلام شيخ الطائفة.

(3) راجع (المبسوط) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 90.

(4) اي ما ذكره الشيخ في المبسوط في الكيل و الوزن عام يشمل ما كان المبيع بالمثل، أو بالغير، أو بالنقد، حيث قال:

إن كانت عادة اهل الحجاز في عهده في شيء.

فإن كلمة شيء عامة تشمل كل مبيع.

ص: 223

من التحديد لمطلق البيع، لا (1) لخصوص مبايعة المتماثلين.

و نحوه (2) كلام العلامة في التذكرة.

و أما ثانيا فلأن ما يقطع به بعد التتبع في كلماتهم (3) هنا، و في باب الربا أن الموضوع في كلتا المسألتين شيء واحد: اعني المكيل و الموزون قد حمل عليه حكمان:

(احدهما): عدم صحة بيعه جزافا (4).

(و الآخر) عدم صحة بيع بعضه ببعض متفاضلا (5).

و يزيده (6) وضوحا ملاحظة أخبار المسألتين المعنونة بما يكال أو يوزن.

+++++++++++

(1) اي و ليس ما ذكره في المبسوط مختصا بالجنسين المتماثلين المرويين.

(2) اي و نحو كلام الشيخ في المبسوط في أن المعيار في المكيل و الموزون ما كان مكيلا أو موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم كلام العلامة في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 221-224.

(3) اي في كلمات الفقهاء في شروط العوضين.

(4) اي تخمينا بلا كيل، و لا وزن.

يقال: باعه، أو اشتراه جزافا اي بغير كيل و لا وزن.

(5) كما في الجنسين الربويين.

(6) اي و يزيد هذا المطلب: و هو عدم اختصاص المكيل و الموزون بالربا: بل جريانهما في شروط العوضين:

ملاحظة الأخبار الواردة في مسألة شروط العوضين، و مسألة الربا، و قد ذكر الشيخ أخبار مسألة شروط العوضين و هي:

صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 186.

ص: 224

فإذا ذكروا ضابطة لتحديد (1) الموضوع فهي مرعية في كلتا المسألتين (2).

و أما ثالثا فلأنه يظهر من جماعة تصريحا، أو ظهورا أن من شرط الربا كون الكيل و الوزن شرطا في صحة بيعه.

قال المحقق (3) في الشرائع بعد ذكر اشتراط اعتبار الكيل و الوزن في الربا تفريعا على ذلك:

إنه لا رباء في الماء، إذ لا يشترط في بيعه الكيل، أو الوزن (4) و قال في الدروس(1): و لا يجري الربا في الماء، لعدم اشتراطهما في صحة بيعه نقدا.

ثم قال: و كذا الحجارة و التراب و الحطب، و لا عبرة ببيع الحطب وزنا في بعض البلدان، لأن الوزن غير شرط في صحته، انتهى.

و هذا المضمون (5) سهل الإصابة لمن لاحظ كلماتهم فلاحظ

+++++++++++

- و صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 191.

و رواية ابان المشار إليها في ص 192.

و مرسلة ابن بكير المشار إليها في ص 193.

(1) اي لتعريف المكيل و الموزون.

(2) و هما: مسألة شروط العوضين، و مسألة الربا.

(3) من هنا اخذ الشيخ في نقل كلمات الأعلام الصريحة، أو الظاهرة في أن من شروط الربا أن يكون الكيل، أو الوزن شرطا في صحة بيعه فقال: قال المحقق.

(4) راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة. الجزء 2 ص 45.

(5) و هو عدم اختصاص الكيل، أو الوزن بالربا، بل يجريان حتى في شروط العوضين.

ص: 225


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المسالك هنا، و شرح القواعد، و حاشيتهما للمحقق الثاني و الشهيد عند قول العلامة:

و المراد بالمكيل و الموزون هنا (1) جنسه و إن لم يدخلاه، لقلته كالحبة و الحبتين من الحنطة، أو لكثرته كالزبرة.

و لازم ذلك: يعني اشتراط دخول الربا في جنس باشتراط الكيل و الوزن في صحة بيعه أنه إذا ثبت الربا في زماننا في جنس، لثبوت كونه مكيلا، أو موزونا على عهد رسول صلى اللّه عليه و آله لزم أن لا يجوز بيعه جزافا، و إلا (2) لم يصدق ما ذكروه:(1)

من اشتراط الربا باشتراط التقدير في صحة بيعه.

و بالجملة فتلازم الحكمين: اعني دخول الربا في جنس، و اشتراط بيعه بالكيل، أو الوزن مما لا يخفى على المتتبع في كتب الأصحاب.

و حينئذ (3) فنقول: كل ما ثبت كونه مكيلا، أو موزونا

+++++++++++

(1) اي المناط في كون الشيء مكيلا أو، موزونا في شروط العوضين هو جنس المكيل، أو الموزون.

فكل جنس من شأنه أن يوزن فهو موزون.

و كل جنس من شأنه أن يكال فهو مكيل.

و لا مدخلية للوزن و الكيل في جنس المكيل و الموزون.

سواء أ كان جنس المكيل، أو الموزون قليلا كالحبة و الحبتين أم كثيرا كالزبرة التي هي القطعة العظيمة من الحديد.

(2) اي و إن لم يثبت الربا في جنس في زماننا، لعدم ثبوت كون الجنس مكيلا، أو موزونا في عهد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(3) اي و حين أن قلنا: إن المناط في مكيلية الشيء و موزونيته -

ص: 226


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في عصره صلى اللّه عليه و آله فهو ربوي في زماننا، و لا يجوز بيعه جزافا.

فلو فرض تعارف بيعه جزافا عندنا كان باطلا، و إن لم يلزم غرر للاجماع، و لما عرفت: من أن اعتبار الكيل و الوزن لحكمة سد باب نوع الغرر (1)، لا شخصه (2)، فهو (3) حكم لحكمة غير مطردة

نظير النهي عن بيع الثمار قبل الظهور لرفع التنازع، و اعتبار الانضباط في المسلم فيه، لأن في تركه مظنة التنازع و التغابن، و نحو ذلك.

و الظاهر كما عرفت من غير واحد (4) أن المسألة اتفاقية.

و أما ما علم أنه كان يباع جزافا في زمانه صلى اللّه عليه و آله و سلم

+++++++++++

- هو ما كان مكيلا أو موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(1) و هو الغرر الكلي الحاصل لنوع المبيع كما تقدم عن الشيخ في ص 203 عند قوله: من غير ملاحظة الغرر الشخصي، لحكمة سد باب الغرر.

(2) اي لا غرر الشخصي الحاصل لشخص المبيع.

(3) اي عدم جواز بيع المكيل و الموزون جزافا حكم لحكمة:

و هي عدم الغرر، و هذه الحكمة غير مطردة حتى يكون الحكم دائرا مدار الحكمة: وجودا و عدما.

بخلاف ما إذا كان الحكم علة، فإنه يكون دائرا مدارها:

وجودا و عدما.

(4) اي عرفت من غير واحد من أعلام الطائفة في بحث المكيل و الموزون أن الاعتبار في مكيلية الشيء و موزونيته ما كان موزونا في عهد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم، و عرفت أن المسألة متفق عليها.

ص: 227

فالظاهر جواز بيعه كذلك (1) عندنا مع عدم الغرر قطعا.

و الظاهر أنه اجماعي كما يشهد به دعوى بعضهم الاجماع على أن مثل هذا ليس بربوي، و الشهرة محققة على ذلك.

نعم ينافي ذلك (2) بعض ما تقدم: من اطلاق النهي عن بيع المكيل و الموزون جزافا الظاهر فيما تعارف كيله في زمان الامام عليه السلام أو في عرف السائل، أو في عرف المتبايعين، أو احدهما، و إن لم يتعارف في غيره.

و كذلك (3) قوله عليه السلام: ما كان من طعام سميت فيه

+++++++++++

(1) اي بيع الشيء جزافا في زماننا حتى و لو كان الكيل و الوزن متعارفا فيه عندنا.

و لا يخفى جواز بيع الشيء جزافا في زماننا إذا كان يباع في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم جزافا مقيد بقيد عدم ترتب غرر نوعي عليه.

(2) اي ينافي القول بأن المعيار في المكيل و الموزون ما كان مكيلا و موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم: اطلاق النهي المتقدم الوارد في عدم جواز بيع المكيل و الموزون جزافا، لأن المكيل و الموزون الواردين في تلك الأخبار المذكورة في ص 186 ظاهران في الكيل و الوزن المتعارفين في عهد الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين، أو في عهد السائل، أو عهد المتبايعين.

إذا تتنافى تلك الأخبار و القول بالمعيار المذكور.

و المراد من النهي المتقدم هي صحيحة الحلبي المذكورة في ص 186 في قوله عليه السلام: لا يصلح إلا بكيل.

(3) اي و كذلك ينافي قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي -

ص: 228

كيلا فلا يصلح مجازفة الظاهر في وضع المكيال عليه عند المخاطب و في عرفه و إن لم يكن كذلك في عرف الشارع.

اللهم (1) إلا أن يقال: إنه لم يعلم أن ما تعارف كيله، أو وزنه في عرف الأئمة و أصحابهم كان غير مقدر في زمان الشارع حتى يتحقق المنافاة.

و الاصل (2) في ذلك أن مفهوم المكيل و الموزون في الأخبار لا يراد بهما كلما فرض صيرورته كذلك حتى يعم ما علم كونه غير مقدر في زمن الشارع.

+++++++++++

المذكورة في ص 186: ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة:

و كذا القول بأن المعيار في المكيل و الموزون ما كان مكيلا و موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و قد ذكر شيخنا الانصاري وجه المنافاة بقوله في ص 229:

الظاهر في وضع المكيال عليه فلا نشرحه.

(1) هذا الاستثناء في مقام رفع التنافي المذكور.

مقصوده قدس سره منه اثبات أن المعيار في المكيل و الموزون ما كان مكيلا و موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

إذا يكون المكيل و الموزون في العهدين:

عهد الرسول الأعظم، و عهد الأئمة الأطهار صلى اللّه عليهم اجمعين متحدين، فلا يتحقق المنافاة.

(2) كأنما الشيخ قدس سره في مقام ابداء نظريته حول المكيل و الموزون، و اعطاء قاعدة كلية يمكن انطباقها على مصاديقها و صغرياتها في الخارج حتى لا يتحقق المنافاة المذكورة فقال ما حاصله: -

ص: 229

بل المراد (1) بهما المصداق الفعلي المعنون بهما في زمان المتكلم و هذه الأفراد لا يعلم عدم كونها مكيلة، و لا موزونة في زمن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

لكن يرد على ذلك (2) مع كونه (3) مخالفا للظاهر المستفاد

+++++++++++

- إن الاساس و العمدة في عدم تحقق المنافاة بين المكيل و الموزون في العهدين: هو عدم إرادة المفهوم الكلي من الكيل و الوزن الواردين في تلك الأخبار المذكورة في ص 186، و ص 192 بحيث كلما فرضا و تصورا يصير مفهومهما كليا.

بعبارة اخرى أن الحكم في المكيل و الموزون لم يتعلق بنفس العنوان و شخصه حتى يشمل مفهومهما كل مكيل و موزون لم يكونا مقدرين في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(1) اي بل المراد من المكيل و الموزون هو مصداقهما الفعلي المعنون بهما في عهد الأئمة عليهم السلام و أصحابهم، لأن البحث عنهما بحث عن أفرادهما و صغرياتهما.

فالأفراد الموجودة منهما غير معلومة الوزن و الكيل في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم لا تكون من المكيل و الموزون.

(2) اي يرد على ما قلناه: من أن المراد من المكيل و الموزون مصداقهما الفعلي.

من هنا يروم الشيخ هدم ما افاده في المكيل و الموزون، و يورد عليه إشكالين.

و نحن نشير إلى كل واحد منهما عند رقمهما الخاص.

(3) هذا هو الإشكال الاول.

و خلاصته أن القول بكون المراد منهما هو مصداقهما الفعلي -

ص: 230

من عنوان ما يكال، أو يوزن أنه (1) لا دليل حينئذ على اعتبار الكيل فيما شك في كونه مقدرا في ذلك الزمان، مع تعارف التقدير

+++++++++++

- خلاف ظاهرهما المستفاد من عنوان ما يكال و يوزن، الواردين في الأحاديث، لأن الأحكام دوما تتوجه نحو المفاهيم الكلية، لا نحو المصاديق و الصغريات.

خذ لذلك مثالا.

لو قال الشارع المقدس: الدم نجس، الغصب حرام لا يريد بالدم و الغصب دما معينا، و غصبا معينا.

بل يروم بذلك مطلق الدم، و مطلق الغصب.

ففيما نحن فيه: و هو المكيل و الموزون قد تعلق الحكم بهما بعنوان كلي المكيل، و كلي الموزون سواء أ كانا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم أم في عهد الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم.

و لم يتعلق بهما بما أنهما كانا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و لا سيما التعبير عنهما بلفظ المضارع الدال على الحدوث و التجدد فإنه يؤيد ذلك.

(1) أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لقوله: لكن يرد على ذلك.

هذا هو الإشكال الثاني.

و خلاصته أنه لا دليل لنا حين أن قلنا: إن إرادة المصداق الفعلي من المكيل و الموزون مخالف للظاهر المستفاد من عنوانهما: على اعتبار الكيل و الوزن في الموارد المشكوكة التي لا يعلم أنها كانت مقدرة بالكيل و الوزن في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

مع أن هذه الموارد المشكوكة كانت مقدرة في الأزمنة الاخيرة التي كانت بعد عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم في جميع البلدان -

ص: 231

فيه في الزمان الآخر، إذ (1) لا يكفي في الحكم حينئذ دخوله في مفهوم المكيل و الموزون.

بل لا بد من كونه احد المصاديق الفعلية في زمان صدور الأخبار و لا دليل أيضا على الحلق كل بلد لحكم نفسه مع اختلاف البلدان (2)

+++++++++++

- لأن الملاك و المعيار بناء على هذا القول هو عهده، لا عهد الآخرين.

ففي الموارد المشكوكة نتمسك بعمومات صحة البيع.

و هي: و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(1) تعليل لعدم وجود دليل على اعتبار الكيل و الوزن في الموارد المشكوكة التي لا يعلم أنها كانت مقدرة بالكيل و الوزن في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و خلاصته أن مجرد الحكم بمكيلية شيء، أو موزونيته حين القول بأن إرادة المصداق الفعلي من المكيل و الموزون خلاف للظاهر المستفاد من عنوانهما: لا يكفي في دخول الموارد المشكوكة في المفهوم الكلي من المكيل و الموزون.

بل لا بد من كون تلك الموارد المشكوكة احد المصاديق الفعلية للمكيل و الموزون في زمان صدور أخبار الكيل و الوزن.

(2) بأن يكون لكل مدينة كيل خاص و وزن خاص، مع اختلاف البلدان، و هذا غير ممكن، فلا بد من اعتبار التقدير بالوزن و الكيل في زمن صدور الأخبار، أو عدم التقدير بهما في جميع البلدان إذا لم يقدر بهما في زمن صدور الأخبار.

ص: 232

و الحاصل أن الاستدلال بأخبار المسألة (1) المعنونة بما يكال، أو يوزن على ما هو المشهور: من كون العبرة في التقدير بزمان النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، ثم بما اتفقت عليه البلاد، ثم بما تعارف في كل بلدة بالنسبة إلى نفسه في غاية الإشكال.

فالأولى تنزيل الأخبار على ما تعارف تقديره عند المتبايعين و اثبات ما ينافي ذلك من الأحكام المشهورة (2) بالاجماع المنقول المعتضد بالشهرة المحققة.

و كذا الإشكال لو علم التقدير في زمن الشارع و لم يعلم كونه بالكيل أو بالوزن.

و مما ذكرنا (3) ظهر ضعف ما في كلام جماعة: من التمسك (4)

+++++++++++

(1) و هي مسألة المكيل و الموزون.

(2) المراد من الأحكام المشهورة هو عدم جواز بيع ما يكال و ما يوزن في عصر الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم جزافا في غير عصره.

و جواز بيع ما لا يوزن و لا يكال في عصره جزافا في غير عصره إذا لم يكن في هذا البيع غرر.

(3) و هو تنافي الأخبار الواردة في المكيل و الموزون في عصر الأئمة عليهم السلام، و القول بأن المراد منهما ما كان يكال و يوزن في عصر الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلم

(4) خلاصة هذا الكلام أن جماعة من الفقهاء تمسكوا للمناط و المعيار في مكيلية الشيء و موزونيته ما كان مكيلا و موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم بامرين:

(احدهما): وجوب حمل اللفظ على ما هو المتعارف عند الشارع -

ص: 233

لكون الاعتبار في التقدير بعادة الشرع: بوجوب (1) حمل اللفظ على المتعارف عند الشارع.

و لكون (2) المرجع فيما لم يعلم عادة الشرع هي العادة المتعارفة في البلدان: بأن (3) الحقيقة العرفية هي المرجع عند انتفاء الشرعية.

و لكون المرجع عادة كل بلد إذا اختلف البلدان:

بأن العرف الخاص قائم مقام العام عند انتفائه (4)،

+++++++++++

- (ثانيهما): أن المرجع عند عدم العلم بعادة الشرع هي العادة المتعارفة، لأن الحقيقة العرفية هي المرجع عند انتفاء الحقيقة الشرعية و بعد انتفاء الحقيقة العرفية فالمرجع هو للعرف الخاص.

كما أن المرجع عند اختلاف البلدان هو عادة كل مدينة.

و أما وجه ضعف هذا التمسك هو عدم تحمل اللفظ الواحد لأكثر من معنى واحد، لأنه إذا قصد من لفظ ما يكال و ما يوزن الكيل و الوزن في زمن الشارع، لوجوب حمل اللفظ على المتعارف عنده:

فلا مجال حينئذ لارادة معنى آخر منهما: و هو إرادة المكيل و الموزون المتعارفين في العرف العام، و في جميع البلاد، أو في العرف الخاص.

و إن اريد منهما ما يكون مكيلا و موزونا في العرف العام فلا مجال لاحتمال أن المراد من المكيل و الموزون ما كان مكيلا و موزونا في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(1) هذا هو الامر الاول المشار إليه في الهامش 4 ص 233.

(2) هذا هو الامر الثاني المشار إليه في هذه الصفحة.

(3) الباء في بأن الحقيقة العرفية بيان لكون الحقيقة العرفية هي القائمة مقام الحقيقة الشرعية عند انتفائها.

(4) اي عند انتفاء العرف العام.

ص: 234

انتهى (1).

و ذكر المحقق الثاني أيضا أن الحقيقة العرفية يعتبر فيها ما كان يعتبر فى حمل اطلاق لفظ الشارع عليها (2).

فلو (3) تغيرت فى عصر بعد استقرارها فيما قبله فالمعتبر هو العرف السابق.

و لا اثر للتغير الطاري، للاستصحاب (4)

+++++++++++

(1) اي ما افاده جماعة في هذا المقام.

(2) اي على تلك الحقيقة.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الحقيقة العرفية يعتبر فيها كل ما يعتبر في الحقيقة الشرعية اي ففي ضوء ما ذكرنا فلو تغيرت الحقيقة العرفية في عصر بعد أن كانت في العصور السابقة على خلاف هذه الحقيقة حاليا فالاعتبار بالحالة السابقة، لا الطارية.

خذ لذلك مثالا.

لو كانت الحنطة و الشعير فى القرن الخامس الهجري و ما قبله إلى القرن الثالث عشر مما يكال، أو يوزن فى عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم

و فى القرن الرابع عشر اصبحتا مما يباع جزافا فهنا لا بد من كيلهما أو وزنهما، لعدم تأثير للتغير الطاري.

(4) تعليل لعدم تأثير للتغير الطاري اي عدم التأثير لاجل استصحاب الحالة السابقة، فإن الحنطة و الشعير قبل تغير حالتهما مما كانا يباعان بالكيل، أو الوزن، و الآن يباعان بالجزاف فنشك في تأثير هذا التغير فنستصحب الحالة السابقة و هي البيع بالكيل، أو الوزن، و عدم تأثير للتغير.

ص: 235

و لظاهر (1) قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

حكمي على الواحد حكمي على الجماعة (2).

و أما (3) في الأقارير و الأيمان، و نحوهما فالظاهر الحوالة على عرف ذلك العصر الواقع فيه شيء عنها، حملا له على ما يفهمه الموقع انتهى (4).

+++++++++++

(1) دليل ثان لعدم تأثير للتغير الطاري، اي و لظاهر قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم الدال على ما قلناه، فإن معنى قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: حكمي على الواحد حكمي على الجميع: أني إذا حكمت على شخص فقد حكمت على الجميع، و لا اختصاص له بالمسلم المخاطب.

ففيما نحن فيه و هي الحنطة و الشعير لو قال صلى اللّه عليه و آله و سلم فيهما:

إنهما تباعان وزنا، أو كيلا فمعناه أنهما في كل عصر من الأعصار و في أي بلد من البلاد لا بد أن تباعا بالكيل، أو الوزن، و لا يصح بيعهما بالجزاف و إن تعارف بيعهما جزافا في عصر من الأعصار.

(2) راجع (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة. الجزء 2 ص 272 الحديث 2. باب القواعد العامة.

(3) إلى هنا كان الكلام حول ما يباع، أو يوزن، حيث كان المعتبر فيه عهد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله، و أنه و سلم لا بد من حمل لفظ الكيل و الوزن على المراد منهما في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم للتعبد المحض المستفاد من الاجماع.

و أما الأقارير و الأيمان فإنه لا بد من حملهما على عرف العصر الذي وقعا فيه: و هو عرف المقرّ و المعترف و الحالف، من دون مدخلية عصره صلى اللّه عليه و آله و سلم فيهما.

(4) اي ما افاده المحقق الثاني في هذا المقام.

ص: 236

اقول: ليس الكلام في مفهوم المكيل و الموزون، بل الكلام فيما هو المعتبر في تحقق هذا المفهوم، فإن المراد بقولهم عليهم السلام:

ما كان مكيلا فلا يباع جزافا (1).

و لا يباع بعضه ببعض إلا متساويا (2):

إما أن يكون ما هو المكيل في عرف المتكلم، أو يراد به ما هو المكيل في العرف العام، أو ما هو المكيل في عرف كل مكلف.

و على أي تقدير فلا يفيد الكلام لحكم غير ما هو المراد، فلا بد لبيان حكم غير المراد من دليل خارجي.

و إرادة جميع هذه الثلاثة (3)، خصوصا مع ترتيب خاص في ثبوت

+++++++++++

(1) مرّ ذكره في ص 187.

(2) مرّ ذكره في ص 187.

(3) و هي: عرف المتكلم المراد منه عرف الشارع و العرف العام و عرف كل متكلم المراد منه العرف الخاص.

مقصود الشيخ من قوله: و إرادة جميع هذه الثلاثة إلى قوله: غير صحيحة: أن إرادة جميع المعاني و هي التي ذكرناها لك من لفظ يكال، أو يوزن الواردين في الأخبار المشار إليها في ص 186 - إلى 193، و لا سيما مع إرادة ترتيب خاص في المعاني الثلاثة: و هو تقديم عرف الشارع و لحاظه أولا على العرفين: العام، و الخاص، ثم تقديم العرف العام على العرف الخاص عند عدم العلم بعرف الشارع، ثم العرف الخاص عند فقدان العرف العام: في ثبوت الحكم: و هو اعتبار التقدير بالكيل و الوزن الواردين في الأخبار المشار إليها في ص 186.

خصوصا مع عدم العلم بمرتبة كل لاحق من هذه المراتب الثلاث بسابقه: غير صحيحة

ص: 237

الحكم (1) بها، و خصوصا مع كون مرتبة كل لاحق مع (1) عدم العلم بسابقه، لا مع (3) عدمه غير (4) صحيحة كما لا يخفى.

و لعل المقدس الاردبيلي اراد ما ذكرنا (5)، حيث (6) تأمل فيما ذكروه من الترتيب بين عرف الشارع، و عرف العام، و العرف الخاص، معللا (7) باحتمال إرادة الكيل و الوزن المتعارف عرفا عاما، أو في أكثر البلدان، أو في الجملة مطلقا، أو بالنسبة إلى كل بلد بلد كما قيل في المأكول و الملبوس في السجدة من الامر الوارد بهما (8) لو سلم.

+++++++++++

(1) المراد من الحكم هو اعتبار التقدير بالكيل و الوزن الواردين في الأخبار المشار إليها في ص 186 - إلى ص 193 كما عرفت آنفا.

(2) جملة مع عدم العلم بسابقه منصوبة محلا خبر لكلمة كون الواقعة في قوله: مع كون مرتبة.

و قد عرفت معنى هذه الجملة آنفا في الهامش 3 ص 237 عند قولنا:

خصوصا مع عدم العلم.

(3) اي لا مع عدم وجود المعنى الشرعي للفظ يكال و يوزن، فإنه في صورة عدم الوجود لا مجال لحمل لفظ يكال و يوزن على المعنى العرفي، بل لا بد من الاجتهاد كما يصرح الشيخ قريبا.

(4) كلمة غير مرفوعة خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 237: و إرادة جميع.

(5) و هو إرادة جميع المعاني الثلاثة، إلى آخر ما ذكرناه في الهامش 3 ص 273.

(6) تعليل لكون مراد المقدس الاردبيلي قدس سره هو مرادنا.

(7) اي علّل المحقق الاردبيلي فيما ذكره الفقهاء: من الترتيب المذكور.

(8) اي في المأكول و الملبوس، حيث علّق جواز السجود -

ص: 238

و الظاهر هو الاخير (1)، انتهى (2).

و قد رده (3) في الحدائق بأن (4) الواجب في معاني الألفاظ الواردة في الأخبار حملها على عرفهم صلوات اللّه عليهم.

فكل ما كان مكيلا، أو موزونا في عرفهم وجب اجراء الحكم عليه في الأزمنة المتأخرة.

و ما لم يعلم فهو بناء على قواعدهم يرجع إلى العرف العام إلى آخر ما ذكره: من التفصيل.

ثم قال (5): و يمكن أن يستدل للعرف العام بما تقدم

+++++++++++

- و عدمه عليهما بما كان الاكل و اللبس فيهما مألوفا و متعارفا في البلاد فإن تعارف اكل شيء، أو لبسه في مدينة فلا يصح السجود عليه.

كما أنه إذا كان المأكول و الملبوس المتعارفين في مدينة غير مأكولين و لا ملبوسين في مدينة اخرى صح السجود عليهما.

ففيما نحن فيه: و هو ما يكال أو يوزن لو كانت عادة اهل المدينة كيله، أو وزنه فيكال، أو يوزن لا محالة.

و أما إن كان ما يوزن، أو يكال في هذه المدينة لا يكال و لا يوزن في مدينة اخرى، بل يباع جزافا، أو معدودا فحكمه حكم هذه المدينة، لا المدينة التي كان يزان، أو يكال فيها.

(1) و هو أن المدار في مكيلية الشيء، أو موزونيته، أو عدمهما هو كل مدينة.

(2) اي ما افاده المحقق الاردبيلي قدس سره في هذا المقام.

(3) اي و قد رد صاحب الحدائق قدس سره المحقق الاردبيلي.

(4) الباء بيان لكيفية الرد.

(5) اي صاحب الحدائق.

ص: 239

في صحيحة الحلبي من قوله: ما كان من طعام سميت فيه كيلا (1) فإن الظاهر أن المرجع في كونه مكيلا إلى تسميته عرفا مكيلا.

و يمكن تقييده (2) بما لم يعلم حاله في زمانهم عليهم السلام انتهى (3).

اقول (4): قد عرفت (5) أن الكلام هنا ليس في معنى اللفظ لأن مفهوم الكيل معلوم لغة، و إنما الكلام في تعيين الاصطلاح (6) الذي يتعارف فيه هذا المفهوم.

ثم لو فرض كون الكلام في معنى اللفظ كان اللازم حمله على العرف العام إذا لم يكن عرف شرعي، لا إذا جهل عرفه الشرعى (7)، فإنه لم يقل احد بحمل اللفظ(1) حينئذ (8) على المعنى العرفى، بل لا بد من الاجتهاد فى تعيين ذلك المعنى الشرعي.

و مع العجز (9) يحكم باجمال اللفظ كما هو واضح.

+++++++++++

(1) راجع حول الصحيحة ص 187.

(2) اي تقييد ما ذكر في صحيحة الحلبي.

(3) اي ما افاده صاحب الحدائق في هذا المقام.

(4) من هنا اخذ الشيخ في الرد على ما افاده صاحب الحدائق.

(5) راجع الهامش 1 ص 218 عند قولنا:

و قبل الدخول في البحث.

(6) اي في تعيين المراد من المكيل و الموزون.

(7) كما عرفت فى الهامش 3 ص 238 عند قولنا: اي لا مع عدم وجود المعنى الشرعي.

(8) اي حين أن لم يكن عرف شرعى.

(9) اي عن الاجتهاد فى المعنى الشرعى.

ص: 240


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

هذا كله مع أن الأخبار (1) إنما وصلت إلينا من الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم، فاللازم اعتبار عرفهم، لا عرف الشارع.

و أما ما استشهد (2) به للرجوع إلى العرف العام من قوله عليه السلام ما سميت فيه كيلا إلى آخره فيحتمل أن يراد به عرف المخاطب فيكون المعيار العرف الخاص بالمتبايعين.

نعم (3) مع العلم بالعرف العام لا عبرة بالعرف الخاص، لمقطوعة ابن هاشم الآتية (4)

+++++++++++

(1) اي أخبار الكيل و الوزن المشار إليها في ص 186 - إلى ص 193.

(2) اي صاحب الحدائق في قوله في ص 239: و يمكن أن يستدل للعرف العام.

(3) استدراك عما افاده: من احتمال إرادة عرف المخاطب الذي هو العرف الخاص من قول الامام عليه السلام في صحيحة الحلبي في ص 187:

ما كان من طعام سميت فيه كيلا، فيكون المعيار هو العرف الخاص

و خلاصة الاستدراك أن رواية علي بن ابراهيم الآتية تصرح بعدم اعتبار العرف الخاص مع وجود العرف العام في قوله عليه السلام في ص 248:

و لا ينظر فيما يكال و يوزن إلا إلى العامة، و لا يؤخذ فيه بالخاصة.

إذا يكون القول كما ذهب إليه صاحب الحدائق قدس سره:

من الرجوع إلى العرف العام عند عدم العلم بما يكال، أو يوزن في عهده صلى اللّه عليه و آله و سلم، أو في عرف الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم.

(4) هذه الرواية مروية عن علي بن ابراهيم، لا عن علي بن هاشم

راجع (اصول الكافي) الجزء 5: باب المعاوضات ص 192.

الحديث 1.

ص: 241

فتأمل (1).

و أبعد شيء في المقام (2) ما ذكره في جامع المقاصد: من أن الحقيقة العرفية يعتبر فيها ما كان يعتبر في حمل اطلاق لفظ الشارع عليهما، فلو تغيرت في عصر بعد استقرارها فيما قبله، إلى آخره (3).

و بالجملة فاتمام المسائل الثلاث (4) بالأخبار مشكل.

+++++++++++

(1) يمكن أن يكون الامر بالتأمل اشارة إلى وجوب الرجوع إلى العرف العام مطلقا من غير أن يكون مشروطا بعدم العلم بالعرف الخاص.

و يمكن أن يكون اشارة إلى أن الرواية مقطوعة، لارسالها فلا تكون حجة في الاستدلال بها على المراد.

و يحتمل أن يكون اشارة إلى أن مضمون الرواية من فتوى علي بن ابراهيم، لا من قول الامام عليه السلام كما افاد هذا المعنى شيخنا العلامة المجلسي قدس سره في شرحه على الكافي.

قال: و الظاهر أنه فتوى علي بن ابراهيم، أو بعض مشايخه استنبطه من الأخبار، و هذا من أمثاله غريب.

راجع (مرآة العقول) الطبعة الحجرية الجزء 3 ص 411.

إذا لا يبقى مجال لتقدم العرف العام على العرف الخاص.

(2) و هو المناط و المعيار في مكيلية الشيء و موزونيته.

وجه الأبعدية أنه بعد القول بعدم وجود عرف للشارع لا مجال للقول بتقدم عرف على في زمان، دون آخر.

فكل عرف في عصره يكون معتبرا.

(3) اي إلى آخر ما افاده المحقق الثاني و نقل عنه الشيخ هنا في ص 235 بقوله: و ذكر المحقق الثاني.

(4) و هي: عرف الشارع - و العرف العام - و العرف الخاص: -

ص: 242

لكن الظاهر أن كلها (1) متفق عليها.

نعم اختلفوا فيما إذا كانت البلاد مختلفة في أن لكل بلد حكم نفسه من حيث (2) الربا، أو أنه يغلب جانب التحريم (3) كما عليه جماعة من أصحابنا.

+++++++++++

- بأن نقول بتقدم عرف الشارع، ثم بعد عدم العلم به نقول بتقدم العرف العام، ثم بعد فقدانه نقول بتقدم العرف الخاص.

و المراد من الأخبار هو المشار إليها في ص 186 و ص 191-192-193.

(1) اي كل المسائل الثلاث: و هي مسألة تقدم عرف الشارع أو لا إذا علم بوجوده.

ثم مسألة تقدم العرف العام عند عدم العلم بعرف الشارع.

ثم مسألة تقدم العرف الخاص عند فقدان العرف العام.

(2) بأن كان شيء في بلد يكال، أو يوزن، و في بلد آخر لا يكال و لا يوزن.

ففي البلد الذي يكال، أو يوزن يجري فيه حكم الربا.

بمعنى أنه لا يجوز في ذلك الشيء التفاضل، بل لا بد من بيعه متماثلا و متقابلا بلا زيادة و لا نقيصة في جميع الأعصار و الأزمان.

و في البلد الذي لا يكال و لا يوزن لا يجري فيه حكم الربا فيجوز بيعه بالتفاضل و النقيصة في جميع الأعصار و الأزمان.

(3) بأن يقال: إن الشيء إذا يكال و يوزن في بلد، و لا يكال و لا يوزن في بلد آخر يجري فيه حكم الربا في البلدين معا، تغليبا لجانب التحريم: و هو وجود الربا في البلد الذي يكال الشيء أو يوزن

و نظير هذا فيما يصح السجود عليه، أو لا يصح، فإن شيئا إذا اصبح مأكولا، أو ملبوسا في مدينة فلا يصح السجود عليه -

ص: 243

لكن الظاهر اختصاص هذا الحكم (1) بالربا، لا (2) في جواز البيع جزافا في بلد لا يتعارف فيه التقدير.

ثم إنه يشكل الامر (3) فيما علم كونه مقدرا في زمان الشارع لكن لم يعلم أن تقديره بالكيل، أو بالوزن ففيه وجوه:

أقواها و أحوطها اعتبار ما هو أبعد من الغرر (4).

و أشكل من ذلك ما لو علم كون الشيء غير مكيل فى زمان

+++++++++++

- و إذا صح ذاك الشيء في مدينة اخرى غير مأكول و لا ملبوس صح السجود عليه.

أو يقال بتغليب جانب عدم صحة السجود حتى في المدينة التي اصبح ذاك الشيء غير مأكول، و لا ملبوس كما افاده الشهيد الثاني.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 1 ص 227 عند قول الشهيد الثاني: و لو اعتيد احدهما دون بعض فالأقوى عموم التحريم.

(1) و هو تغليب جانب الربا في جميع البلدان و إن لم يكن الشيء في بعض البلاد مكيلا، أو موزونا.

(2) اي و أما فى شروط العوضين فلا يجري حكم التغليب فيها فإنه إذا كان شيء في بلد يكال، أو يوزن فلا يجوز بيعه جزافا.

و إذا كان ذلك الشيء فى بلد آخر لا يكال و لا يوزن، فإنه يجوز بيعه جزافا.

(3) و هو مكيلية شيء، أو موزونيته.

(4) فإن كان الوزن أبعد من الغرر الموجود فى الكيل بيع الشيء بالوزن.

و إن كان الكيل أبعد من الغرر الموجود فى الوزن بيع ذلك الشيء بالكيل.

ص: 244

الشارع، أو فى العرف العام، مع لزوم الغرر فيه عند قوم خاص و لا يمكن جعل ترخيص الشارع لبيعه جزافا تخصيصا لأدلة نفي الغرر، لاحتمال كون ذلك الشيء من المبتذلات فى زمن الشارع، أو فى العرف بحيث يتحرز عن الغرر بمشاهدته و قد بلغ عند قوم فى العزة إلى حيث لا يتسامح فيها.

فالأقوى وجوب الاعتبار فى الفرض المذكور (1) بما يندفع فيه الغرر: من الكيل، أو الوزن، أو العد.

و بالجملة فالأولى جعل المدار فيما لا اجماع فيه على وجوب التقدير:

بما بني الامر فى مقام استعلام مالية الشيء على ذلك التقدير.

فاذا سئل عن مقدار ما عنده من الجوز فيجاب بذكر العدد.

بخلاف ما إذا سئل عن مقدار مالية ما عنده من الرمان و البطيخ فإنه لا يجاب إلا بالوزن.

و إذا سئل عن مقدار الحنطة و الشعير فربما يجاب بالكيل، و ربما يجاب بالوزن.

لكن الجواب بالكيل مختص بمن يعرف مقدار الكيل: من حيث الوزن، اذ الكيل بنفسه غير منضبط،

بخلاف الوزن، و قد تقدم في ص 204 أن الوزن اصل في الكيل.

و ما ذكرنا (2) هو المراد بالمكيل و الموزون الذين حمل عليهما الحكم بوجوب الاعتبار بالكيل و الوزن عند البيع، و بدخول الربا فيهما.

+++++++++++

(1) و هو المذكور فى ص 244 بقوله: و أشكل من ذلك ما لو علم كون الشيء.

(2) المراد من ما ذكر هو قوله فى هذه الصفحة:

و بالجملة فالأولى جعل المدار فيما لا اجماع فيه.

ص: 245

و أما ما لا يعتبر مقدار ماليته بالتقدير باحد الثلاثة (1) كالماء و التين و الخضريات فالظاهر كفاية المشاهدة فيها من غير تقدير.

فإن اختلفت البلاد في التقدير و العدم فلا إشكال في التقدير في بلد التقدير.

و أما بلد عدم التقدير فإن كان ذلك (2) لابتذال الشيء عندهم بحيث يتسامح في مقدار التفاوت المحتمل مع المشاهدة كفت المشاهدة.

و إن كان (3) لعدم مبالاتهم بالغرر، و إقدامهم عليه (4) حرصا مع الاعتياد بالتفاوت المحتمل بالمشاهدة فلا اعتبار بعادتهم، بل يجب مخالفتها (5)، فإن النواهي الواردة في الشرع (6) عن بيوع الغرر، و المجازفات كبيع الملاقيح (7)،

+++++++++++

(1) و هي الكيل، و الوزن، و العد.

(2) اي عدم التقدير في بلد.

(3) اي عدم التقدير في بلد.

(4) اي إقدامهم على الغرر إنما هو لاجل حرصهم على المعاملة.

(5) اي مخالفة عادتهم.

(6) ذكر الشيخ قدس سره هذه النواهي في ص 90، و ص 63

(7) بفتح الميم جمع ملقوح.

قال العلامة قدس سره في التذكرة:

لا يجوز بيع الملاقيح: و هي ما في بطون الامهات.

و لا المضامين: و هي ما في أصلاب الفحول.

يقال: لقحت الناقة، و الولد ملقوح به، إلا أنهم استعملوه بحذف الجار.

و قيل: جمع ملقوحة.

ص: 246

و المضامين، و الملامسة (1)، و المنابذة و الحصاة على بعض تفاسيرها (2) و ثمر الشجر قبل الوجود، و غير ذلك لم ترد إلا ردا على من تعارف

+++++++++++

- و مضامين جمع مضمون.

يقال: ضمن الشيء اي تضمنه و استسره.

و منهم من عكس التفسيرين (1).

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 39.

(1) مضى تفسير الملامسة و المنابذة و الحصاة مفصلا.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. الجزء 6 ص 79-80.

أليك شرح الثلاثة.

الملامسة مصدر باب المفاعلة من لامس يلامس.

معناه أن يقول احد المتبايعين للآخر إذا لامست البيع وجب البيع عندنا.

و المنابذة مصدر باب المفاعلة من نابذ ينابذ.

معناه أن يقول شخص آخر: إذا نبذت متاعك، أو نبذت متاعي فقد وجب البيع.

و الحصاة بفتح الحاء مفرد جمعه حصيات وزان بقرة بقرات.

معناه أن يقول شخص لشخص آخر: بعتك من السلع ما تقع حصاتك عليه إذا رميت بها.

أو إذا نبذت أليك الحصاة فقد وجب البيع.

و يطلق الحصى على صغار الحجارة أيضا.

كان هذا البيع متداولا في العصر الجاهلية.

(2) فإن لبيع الحصاة تأويلين:

- (1) اي فسر الملاقيح ببيع ما في أصلاب الفحول.

و فسّر المضامين ببيع ما في بطون الأمهات.

ص: 247

عندهم الإقدام على الغرر، و البناء على المجازفات الموجبة لفتح أبواب المنازعات.

و إلى بعض ما ذكرنا (1) اشار ما عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن رجاله ذكره في حديث طويل قال:

و لا ينظر فيما يكال، أو يوزن إلا إلى العامة، و لا يؤخذ فيه بالخاصة.

فإن كان قوم يكيلون، اللحم، و يكيلون الجوز فلا يعتبر بهم لأن اصل اللحم أن يوزن، و اصل الجوز أن يعد (2).

و على ما ذكرنا (3) فالعبرة ببلد فيه وجود المبيع، لا ببلد العقد

+++++++++++

- (احدهما): أن يكون البيع مجهولا عند المتعاملين ابتداء لكنه معلوم بعد وقوع الحصاة عليه: بأن يتفق المتبايعان على أن المبيع هو الذي تقع عليه الحصاة.

و لا يخفى بطلان مثل هذا البيع، لكونه بيعا غرريا.

(ثانيهما): أن يكون البيع معلوما عند المتبايعين، لكن لزومه بعد وقوع الحصاة عليه فبالوقوع عليه يصير البيع لازما.

فالنهي الوارد في الحديث إنما هو على التأويل الاول.

(1) الظاهر أن ما ذكره هو كون المدار ببلد التقدير.

و مرجع بلد التقدير هو العرف الخاص، فيكون العرف الخاص هو المدار و الرواية المستدل بها و هي رواية علي بن ابراهيم دالة على عكس ذلك، حيث إنها صريحة في تقديم العرف العام، و أن العرف الخاص لا ينظر إليه.

(2) اشرنا إلى مصدر الحديث في الهامش 4 ص 241 فراجع.

(3) و هو أن لكل بلد حكم نفسه عند اختلاف البلدان في مكيلية الأشياء و موزونيتها، أو أنه عند الاختلاف يبنى على القرعة.

ص: 248

و لا ببلد المتعاقدين.

و في شرح القواعد لبعض الأساطين: ثم الرجوع إلى العادة (1) مع اتفاقها اتفاقي، و لو اختلفت (2) فلكل بلد حكمه كما هو المشهور.

و هل يراد به (3) بلد العقد، أو المتعاقدين؟:

الأقوى الاول.

و لو تعاقدا في الصحراء رجعا إلى حكم بلدهما (4).

و لو اختلفا (5) رجح الأقرب، أو الأعظم (6)، أو ذو الاعتبار

+++++++++++

(1) اي إلى عادة اهل البلاد فإن كانت عادتهم متفقة في كيل شيء أو وزنها فيعمل بها.

(2) اي عادة اهل البلاد في كيل شيء أو وزنها.

(3) اي بالبلد المختلف فيه.

(4) فلو كان في بلدهما يباع الشيء مكيلا فلا بد من كيله.

أو يباع وزنا فلا بد من وزنه.

(5) بأن كان الشيء في بلد البائع يكال، و في بلد المشتري يوزن فهنا يلاحظ أقربية بلدهما إلى الصحراء.

فإن كان بلد البائع أقرب إلى الصحراء و في بلده يكال الشيء و في بلد المشتري يوزن فيتبع بلد البائع.

و كذلك العكس: بأن كان الشيء في بلد البائع يوزن، و في بلد المشتري يكال فيتبع بلد البائع أيضا.

و إن كان بلد المشتري أقرب إلى الصحراء التي وقع العقد فيها.

فهنا يتبع بلد المشتري.

(6) اي و كذلك يرجح الأعظم: بأن كان البائع من اهل اللواء أو العاصمة، و المشتري من اهل القضاء، أو بالعكس. -

ص: 249

على ذي الجزاف (1)، أو البائع في مبيعه، و المشتري في ثمنه (2).

أو يبنى على الإقراع (3) مع الاختلاف، و ما اتفقا عليه مع الاتفاق (4) أو التخيير (5).

و لعله (6) الأقوى.

+++++++++++

- فهنا يتبع اللواء و المحافظة، دون القضاء.

فلو كان في مدينة البائع يكال الشيء المبيع، و في مدينة المشتري يوزن فيرجح بلد البائع.

و كذلك لو كان الامر بالعكس: بأن كان المشتري من اهل المحافظة، و البائع من اهل القضاء فيقدم المشتري.

(1) بأن كان الشيء عند البائع يكال، أو يوزن، و عند المشتري يباع جزافا فهنا يقدم جانب البائع.

أو كان الامر بالعكس فيقدم جانب المشتري.

(2) بأن يرجع البائع إلى حكم بلده، و المشتري إلى حكم بلده.

فلو كان المثمن مما يكال، و الثمن مما يوزن، أو بالعكس.

فهنا يكون لكل من الثمن و المثمن حكمه، فالمثمن يكال، و الثمن يوزن، أو المثمن يوزن، و الثمن يكال لو كان الامر بالعكس.

(3) اي القرعة عند اختلاف بلد المشتري و البائع في الكيل و الوزن في تعيين احد البلدين عند اختلاف المتبايعين في إجراء حكم كل واحد منهما حكم بلده عليه.

(4) بأن يبنى على حكم البلد الذي اتفق المتبايعان على اجراء حكمه عليه مع الاتفاق على ذلك بينهما.

(5) بأن يبنى على التخيير في تعيين البلد من بلديهما.

(6) اي التخيير هو الأقوى.

ص: 250

و يجري مثله (1) في معاملة الغرباء في الصحراء مع اختلاف البلدان.

و الأولى التخلص بايقاع المعاملة على وجه لا تفسدها الجهالة:

من صلح، أو هبة بعوض، أو معاطاة(1)، و نحوها.

و لو حصل الاختلاف (2) في البلد الواحد على وجه التساوي فالأقوى التخيير.

و مع الاختصاص (3) بجمع قليل إشكال، انتهى (4).

+++++++++++

(1) اي و مثل اهل المدن لو اوقعوا العقد في الصحراء الغرباء:

في أن المدار و المعيار هي أقربية مدينة المتعاقدين إلى الصحراء، أو أعظميتها إليها عند اختلاف بلدان المتعاقدين من الغرباء.

و الغرباء هم التجار الذين يسيحون و يجولون في البلاد لجلب السلع و المتاع و استيرادها، لتباع فيقيدون و يستفيدون بأرباحها، لتدار شئونهم الحياتية طيلة حياتهم.

(2) بأن كان نصف سكان المدينة يكيلون الشيء، و النصف الآخر يزنونه، فهنا يتخير المتعاقدان بين كيل ذلك الشيء، أو وزنه.

(3) بأن كان ثلاثة أرباع سكان المدينة يكيلون، و ربع منهم يزنون.

(4) اي البحث عن مسألة المكيل و الموزون، فقد أسهب شيخنا الانصاري قدس سره الكلام فيهما، لتطلبهما ذلك.

ص: 251


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
مسألة: لو اخبر البائع بمقدار المبيع جاز الاعتماد عليه على المشهور.
اشارة

(مسألة):

لو اخبر البائع بمقدار المبيع جاز الاعتماد عليه على المشهور.

و عبارة التذكرة مشعرة بالاتفاق عليه (1).

و يدل عليه غير واحد من الأخبار المتقدمة (2).

و ما تقدم في صحيحة الحلبي (3) الظاهرة في المنع عن ذلك محمول على صورة ايقاع المعاملة غير مبنية على المقدار المخبر به و إن كان الإخبار داعيا إليها، فإنها لا تخرج بمجرد ذلك (4) عن الغرر.

و قد تقدم عن التحرير ما يوافق ذلك (5).

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 50 عند قوله: لو اخبره البائع بكيله ثم باعه بذلك الكيل صح عندنا

(2) و هي صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 191.

و رواية ابان المشار إليها في ص 192.

و رواية ابن أبي العطارد المشار إليها في ص 192.

و مرسلة ابن بكير المشار إليها في ص 193.

(3) المشار إليها في ص 186 في قوله عليه السلام: لا يصلح إلا أن بكيل، فإن جملة لا يصلح إلا أن يكيل ظاهرة في عدم جواز بيع ما اخبر به البائع.

(4) و هو ايقاع المعاملة غير مبنية على المقدار الخبر به.

(5) راجع قول العلامة في التحرير عند نقل الشيخ عنه في ص 190:

لو اعلمه بالكيل فباعه بثمن سواء زاد أم نقص لم يجز.

وجه عدم الجواز أن شراء الطعام من البائع في صورة إخباره -

ص: 252

هل يعتبر كون الخبر طريقا عرفيا للمقدار

ثم إن الظاهر اعتبار كون الخبر طريقا عرفيا للمقدار كما تشهد به الروايات المتقدمة (1)، فلو (2) لم يفد ظنا فإشكال.

من (3) بقاء الجهالة الموجبة للغرر.

+++++++++++

- عن مقدار الطعام على قسمين:

الاول الشراء بلا اطمئنان من إخبار البائع، سواء زاد المبيع عن مقدار ما اخبر به أم نقص.

(الثاني): الشراء مع الاعتماد على اقتدار الذي اخبر به البائع و أن المشتري بان على ذلك المقدار.

فالبطلان و عدم الجواز يتوجه على القسم الاول، لا على القسم الثاني.

(1) و هي المشار إليها في ص 186 و ص 191-192، فإن في بعض تلك الروايات اعتبار الائتمان كما في فحوى رواية ابن أبي عطارد المشار إليها في ص 192.

و في بعضها الاطلاق كما في رواية ابن محبوب المشار إليها في ص 191 فمن مجموع هذه الأخبار يستفاد أن إخبار البائع بالمقدار طريق عرفي إليه فيفيد الظن.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن إخبار البائع بالمقدار له الطريقية فيفيد إخباره الظن اي ففي ضوء ما ذكرنا فلو لم يفد إخبار البائع الظن ففيه إشكال.

(3) هذا وجه الإشكال اي وجه الإشكال هو بقاء الجهل الموجب هذا البقاء للغرر و هو منفي.

ص: 253

و من (1) عدم تقييدهم الإخبار بافادة الظن، و لا المخبر بالعدالة.

و الأقوى (2) بناء على اعتبار التقدير(1) و إن لم يلزم الغرر الفعلي هو الاعتبار.

نعم (3) لو دار الحكم مدار الغرر كفى في صحة المعاملة ايقاعها مبنية على المقدار المخبر به و إن كان مجهولا.

و يندفع (4)

+++++++++++

(1) هذا دليل لعدم وجه الإشكال اي و من عدم تقييد الفقهاء إخبار البائع بافادته الظن، و لا تقييدهم المخبر بالعدالة فالبيع صحيح لعدم ما يوجب الغرر.

(2) خلاصة هذا الكلام أنه في صورة عدم إفادة إخبار البائع الظن بما اخبر به فالأقوى اعتبار طريقية إخبار البائع بمقدار المبيع: بمعنى أن قبول خبره ليس من باب التعبد حتى يقبل قوله و لو انكشف الخلاف.

بل قبول قوله من باب العرف فيكون إخباره طريقا فتبطل المعاملة لو انكشف الخلاف.

(3) خلاصة هذا الاستدراك أنه لو قلنا: إن المدار و الملاك في صحة بيع البائع إذا اخبر بمقدار المبيع هو عدم وجود الغرر.

و في عدم الصحة هو وجود الغرر لكفى في صحة مثل هذه المعاملة حينئذ ايقاعها مبنية على أن المبيع هو المقدار المخبر به و إن كان ذلك المقدار المخبر به مجهولا في الظاهر.

(4) اي و يندفع الغرر الذي جاء من ناحية الجهل بالمقدار المخبر به.

هذا دفع وهم.

حاصل الوهم أنه في صورة وجود الغرر الناشئ من ناحية الجهل المذكور كيف حكمتم بصحة العقد المذكور؟

ص: 254


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الغرر ببناء (1) المتعاملين على ذلك المقدار، فإن ذلك ليس بأدون من بيع العين الغائبة على أوصاف مذكورة في العقد فيقول:

بعتك هذه الصبرة على أنها كذا و كذا صاعا.

و على كل (2) تقدير فالحكم فيه الصحة.

+++++++++++

(1) هذا جواب عن الوهم المذكور.

حاصله أن الغرر المذكور مندفع ببناء المتعاقدين على ذلك المقدار المخبر به و هو كاف في صحة العقد.

(2) اي سواء قلنا: إن المدار في الحكم المذكور هو وجود الغرر أم لم نقل بذلك، فالحكم في هذه المعاملة هي الصحة.

أما صحة هذه المعاملة على القول بايقاع المعاملة مبنية على المقدار المخبر به فواضحة.

و أما صحتها على عدم ايقاعها مبنية على المقدار المخبر به فواضحة أيضا، لأن النسبة بين تلك الأخبار المذكورة في ص 186-191-192-193 الدالة على جواز الاعتماد على إخبار البائع مطلقا، سواء افاد خبره الظن أم لا، و بين الحديث النبوي المشهور: لا غرر في البيع: عموم و خصوص من وجه، لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب الحديث النبوي: بأن تكون تلك الأخبار موجودة، و الحديث النبوي غير موجود كما في إخبار البائع بمقدار المبيع و كان إخباره مطابقا للواقع.

و أما مادة الافتراق من جانب الأخبار: بأن يكون الحديث النبوي موجودا، و تلك الأخبار غير موجودة.

كما إذا بيع شيء جزافا فهنا حديث الغرر يشمله.

و أما تلك الأخبار فلا تشمله، لأن الملاك فيها الكيل، و الوزن -

ص: 255

فلو (1) تبين الخلاف فإما أن يكون بالنقيصة، و إما أن يكون بالزيادة.

ثبوت الخيار للمشتري لو تبين الخلاف بالنقيصة
اشارة

فإن كان بالنقيصة تخير المشتري بين الفسخ، و بين الامضاء.

بل في جامع المقاصد احتمال البطلان كما لو باعه ثوبا على أنه كتان فبان قطنا، ثم ردّه (2)

+++++++++++

- لا البيع الجزافي.

و أما مادة الاجتماع من الجانبين كما إذا بيع شيء و اخبر البائع بمقدار وزنه، أو كيله ثم تبين خلافه فهنا يجتمع حديث الغرر مع تلك الأخبار، لعدم افادة قول البائع الاطمئنان، فالجهالة باقية، فالبيع من هذه الجهة باطل.

و اطلاق الأخبار المذكورة: و هو الاكتفاء بقول البائع بما اخبر به في صحة المعاملة يشمله.

فاجتمع الحديث و الأخبار فيتعارضان فيتساقطان فترجع إلى العمومات الدالة على صحة المعاملة و هي قوله تعالى:

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ - أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من صحة المعاملة لو دار الحكم مدار الغرر، بناء على ايقاع المعاملة مبنية على المقدار المخبر به.

اي ففي ضوء ما ذكرنا فلو انكشف الخلاف بأن كان ما اخبر به ناقصا، أو زائدا.

(2) اي رد صاحب جامع المقاصد القائل ببطلان بيع البائع لو اخبر بمقدار المبيع ثم تبين خلافه، و ردّ تشبيهه البيع الناقص بالثوب المبيع بكونه كتانا ثم ظهر أنه قطن.

و خلاصة الرد أن قياس ما نحن فيه: و هو المبيع الناقص بالثوب -

ص: 256

بكون ذلك من غير الجنس و هذا (1) منه و إنما الفائت الوصف.

لكن (2) يمكن أن يقال: إن مغايرة الموجود الخارجي لما هو عنوان العقد حقيقة مغايرة حقيقية لا تشبه مغايرة الفاقد للوصف لواجده (3).

لاشتراكهما (4) في اصل الحقيقة.

بخلاف الجزء و الكل (5)، فتأمل (6).

+++++++++++

- المذكور باطل، لأن القطن من غير جنس الكتان، و المعاملة قد وقعت على الكتان، لا على القطن، فالبطلان من هذه الجهة.

بخلاف ما نحن فيه: و هو نقصان المبيع عما اخبر به البائع، فإن الناقص من جنس ما اخبر به، و الاختلاف من حيث الوصف الفائت لا من حيث الجنس اي الاختلاف من حيث الكم، لا من حيث الكيف فالمبيع الناقص هو عين جنس المبيع الكامل.

(1) اي ما نحن فيه من جنس المبيع الكامل كما عرفت.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يرد ما افاده صاحب جامع المقاصد.

(3) اي لواجد الوصف.

(4) تعليل لعدم مغايرة فاقد الوصف لواجد الوصف اي لاشتراك فاقد الوصف لواجد الوصف في اصل الحقيقة، حيث إن حقيقتهما شيء واحد فلا يتوجه البطلان نحوه.

(5) كما فيما نحن فيه، فإن المبيع الناقص بمقدار كيلو، أو ثلاثة أو خمسة مثلا الذي يعبر عن هذا الناقص بالجزء خلاف المبيع الكامل الذي يعبر عنه بالكل.

(6) الظاهر أن الامر بالتأمل اشارة إلى فساد ما وجهه الشيخ بقوله:

لكن يمكن أن يقال

وجه الفساد أن الجزء و الكل مشتركان في اصل الحقيقة.

ص: 257

فإن (1) المتعين الصحة و الخيار.

ثم إنه قد عبر في القواعد عن ثبوت هذا الخيار للبائع مع الزيادة و للمشتري مع النقيصة بقوله: تخير المغبون، فربما تخيل بعض تبعا لبعض أن هذا (2) ليس من خيار فوات الوصف، أو الجزء، معللا بأن خيار الوصف إنما يثبت مع التصريح باشتراط الوصف في العقد.

و يدفعه تصريح العلامة في هذه المسألة (3) في التذكرة بأنه لو ظهر النقصان رجع المشتري بالناقص (4)(1).

و في باب الصرف من القواعد بأنه لو تبين المبيع على خلاف ما اخبر به البائع تخير المشتري بين الفسخ، و الإمضاء بحصة (5) معينة(2) من الثمن.

+++++++++++

- بداهة أن الحنطة الخارجية الناقصة حقيقتها عين الحنطة الكاملة و الاختلاف كما عرفت من حيث الكم، لا من حيث الكيف.

(1) الفاء تفريع على الامر بالتأمل اي ففي ضوء ما ذكرناه:

من التأمل في التوجيه المذكور تكون صحة بيع البائع بما اخبر بمقداره متعينا، لكن للمشتري الخيار حينئذ.

(2) و هو المبيع الذي اخبر بمقداره البائع ثم ظهر خلافه.

(3) و هي مسألة إخبار البائع بمقدار المبيع ثم ظهر خلافه.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 50.

(5) اي بارجاع حصة معينة من الثمن تجاه النقصان.

فلو فرض أن المبيع كان مائة كيلو من الحنطة بسعر عشرة دنانير ثم تبين أن وزن الحنطة التي تسلمها تسعون كيلوا.

فهنا يسترجع المشتري من البائع دينارا واحدا تجاه المقدار الناقص و هو عشرة كيلوات، حيث إن سعر الكيلو الواحد مائة فلس، و سعر مجموع العشرة دينار واحد.

ص: 258


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و تصريح جامع المقاصد في المسألة الاخيرة (1) بابتنائها على المسألة المعروفة: و هي مسألة ما لو باع متساوي الأجزاء على أنه مقدار معين فبان أقل.

و من المعلوم أن الخيار في تلك المسألة إما لفوات الوصف، و إما لفوات الجزء على الخلاف الآتي.

و أما التعبير بالمغبون فيشمل البائع على تقدير الزيادة، و المشتري على تقدير النقيصة.

نظير التعبير الشهيد في اللمعة عن البائع و المشتري في بيع العين الغائبة برؤيتها السابقة مع تبين الخلاف، حيث قال: تخير المغبون منهما (2).

و أما ما ذكره (3): من أن الخيار إنما يثبت في تخلف الوصف إذا اشتراط في متن العقد.

ففيه أن ذلك في الأوصاف الخارجة التي لا يشترط اعتبارها في صحة البيع ككتابة العبد و خياطته.

و أما الملحوظ في عنوان المبيع بحيث لو لم يلاحظ لم يصح البيع كمقدار معين من الكيل، أو الوزن، أو العدّ فهذا لا يحتاج

+++++++++++

(1) و هي مسألة بيع الصرف، فإن المحقق الثاني قال في (جامع المقاصد) في بيع الصرف:

سيأتي فيما لو باعه متساوي الأجزاء، أو مختلفها على أنه مقدار معين فتبين أنه أقل: أن يأخذ الاول بالحصة، و الثاني على خلاف.

راجع (جامع المقاصد) الطبعة الحجرية ص 230.

(2) اي من البائع، أو المشتري.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 269-270.

(3) اي هذا البعض المتخيل.

ص: 259

إلى ذكره في متن العقد، فإن هذا أولى من وصف الصحة الذي يغني بناء العقد عليه عن ذكره في العقد، فإن (1) معرفة وجود ملاحظة الصحة ليست من مصححات العقد.

بخلاف معرفة وجود المقدار المعين.

عدم الإشكال في كون هذا الخيار خيار التخلف

و كيف كان فلا إشكال في كون هذا الخيار (2) خيار التخلف و إنما الإشكال في أن المتخلف في الحقيقة.

هل هو جزء المبيع، أو وصف من اوصافه؟

فلذلك اختلف في أن الامضاء.

هل هو بجميع الثمن، أو بحصة منه، نسبتها إليه كنسبة الموجود من الأجزاء إلى المعدوم؟

و تمام الكلام في موضع تعرض الأصحاب للمسألة (3).

كل ما يكون طريقا عرفيا إلى مقدار البيع فهو بحكم إخبار البائع

ثم إن في حكم إخبار البائع بالكيل و الوزن من حيث ثبوت الخيار عند تبين الخلاف: كل ما يكون طريقا عرفيا إلى مقدار المبيع و أوقع العقد بناء عليه كما إذا جعلنا الكيل في المعدود و الموزون طريقا إلى عدّه، أو وزنه (4).

+++++++++++

(1) تعليل للأولوية المذكورة في قوله: فإن هذا.

(2) و هو خيار البائع لو ظهر المبيع زائدا عن مقداره المقرر.

و خيار المشتري لو ظهر المبيع ناقصا عن مقداره المقرر.

(3) اي مسألة إخبار البائع بمقدار المبيع ثم ظهر خلافه.

(4) فكل ما قلناه في المكيل من الخيار للبائع، أو المشتري لو ظهر خلافه نقول به في المعدود و الموزون لو بيعا بالكيل ثم ظهر خلافه.

ص: 260

مسألة هل يجوز بيع الثوب و الأراضي مع المشاهدة

(مسألة):

قال في الشرائع: يجوز بيع الثوب و الارض مع المشاهدة.

و إن لم يمسحا (1) و لو مسحا كان أحوط، لتفاوت الغرض في ذلك (2)، و تعذر ادراكه (3) بالمشاهدة، انتهى (4).

و في التذكرة: لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة صح كالثوب (5) و الدار، و الغنم اجماعا (6).

و صرح في السرائر(1) بجواز بيع قطيع الغنم و إن لم يعلم عددها.

+++++++++++

(1) المراد من المسح هنا هو الذرع بأن يعين مقدار الثوب و الارض إذا بيعا.

و في عصرنا الحاضر يعبر عن الذرع و الذراع ب: متر.

(2) اي في المسح عند العقلاء من حيث قلة مقداره و كثرته.

(3) اي ادراك المسح الذي هو مقدار الذراع المبيع.

(4) راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 18.

(5) يمكن تصور اختلاف الأجزاء في الثوب باعتبار أنه ذو كمين و أن بعضه صغير، و بعضه كبير، و بعضه طويل، و الآخر قصير، و بعضه ضيق، و بعضه واسع.

و كذا الدار فإنها مشتملة على الغرف و المطبخ و الحمام، و مرافق الصحة، و السطح و السرداب.

و كذا الغنم، فإنه مشتمل على الرأس و الرجلين و اليدين و السمن و الهزال و الكراع.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 50.

ص: 261


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اقول: يشكل الحكم بالجواز في كثير من هذه الموارد، لثبوت الغرر غالبا، مع جهل أذرع الثوب، و عدد قطيع الغنم.

و الاعتماد على عددها على ما يحصل تخمينا بالمشاهدة عين المجازفة.

و بالجملة فاذا فرضنا أن مقدار مالية الغنم قلة و كثرة يعلم بالعدد (1) فلا فرق بين الجهل بالعدد فيها.

و بين الجهل بالمقدار في المكيل و الموزون و المعدود.

و كذا الحكم في عدد الأذرع و الطاقات (2) و الكرابيس (3) و الجريان (4) في كثير من الأراضي المقدرة عادة بالجريب.

+++++++++++

(1) فإن عدد الغنم إذا كان مائة تكون قيمتها مائة دينار مثلا و إذا كان تسعين تكون قيمتها تسعين دينارا مثلا فاذا كان عدد الغنم مجهولا تكون مالية الغنم مجهولة قلة و كثرة.

(2) جمع طاقة، و المراد منها هنا حسب ذكرها مع مثيلاتها مقدار معين من كل نوع من القماش، و كل نوع منه يطبق بعضه على بعض

و يعبر عن الطاقة في عصرنا الحاضر في عرف بياع الأقمشة ب:

(الطّول).

و كانت تطلق في السابق على مقدار معين من القماش النفيس جدا تهدى للرؤساء و الزعماء و الشخصيات البارزة، و تهدى صلة للشعراء عند ما يلقون قصائدهم في حق الرجال الكبار.

و الظاهر أن الكلمة فارسية.

(3) بفتح الكاف جمع كرباس بفتح الكاف أيضا قماش يحاك من القطن الأبيض تتخذ منه الثياب و السراويل، و الكلمة فارسية.

(4) بضم الجيم و سكون الراء جمع جريب بفتح الجيم.

الظاهر أن المراد من الجريب حسب ذكرها مع زميلاتها مقدر معين من الأراضي الزراعية يقدر ب: عشرة آلاف ذراع، و الذراع -

ص: 262

نعم ربما يتفق تعارف عدد خاص في أذرع بعض طاقات الكرابيس (1) لكن الاعتماد على هذا من حيث كونه طريقا إلى عدد الأذرع نظير إخبار البائع (2)، و ليس هذا (3) معنى كفاية المشاهدة.

و تظهر الثمرة في ثبوت الخيار، إذ على تقدير كفاية المشاهدة لا يثبت خيار مع تبين قلة الأذرع بالنسبة إلى ما حصل التخمين به من المشاهدة.

إلا إذا كان النقص عيبا، أو اشترط عددا خاصا من حيث الذراع طولا و عرضا.

و بالجملة فالمعيار هنا (4)

+++++++++++

- هو المتر.

و في العصر الحاضر يعبر بدلا عنه ب: (هكتار).

راجعنا كتب اللغة لم نر تفسيرا عن الجريب بالمقدار الذي ذكرناه.

لكن ذكر صاحب مجمع البحرين في مادة جرب ما هذا نصه:

مقدار الجريب من الارض بستين ذراعا في ستين، و الذراع بسبع قبضات، و القبضة بأربع أصابع.

و عشر هذا الجريب يسمى قفيزا.

و عشر هذا القفيز يسمى عشيرا.

(1) كما مثلنا لك في الهامش 2 ص 262 عند قولنا: و كانت تطلق في السابق.

(2) حيث كان إخباره بمقدار المبيع طريقا إلى معرفة ذلك المقدار.

(3) و هو كونه طريقا إلى عدد الأذرع.

(4) اي في بيع الثوب و الارض دفع الغرر الشخصي، لا الغرر النوعي الكلي.

ص: 263

دفع الغرر الشخصي، إذ (1) لم يرد هنا نص بالتقدير، ليحتمل إناطة الحكم به و لو لم يكن غرر كما استظهرناه (2) في المكيل و الموزون فافهم (3).

+++++++++++

(1) تعليل لكون المعيار في بيع الثوب و الارض دفع الغرر الشخصي، لا النوعي الكلي.

و خلاصته أنه لم يرد نص بالتقدير في بيع الثوب و الارض حتى يحتمل توقف الحكم على التقدير و إن لم يكن غرر شخصي.

(2) اي الغرر الكلي في بيع ما يكال و يوزن، لتوقف الحكم على التقدير، حيث ورد النص بالتقدير في المكيل و الموزون.

(3) اي افهم الفرق بين بيع الثوب و الارض، و بين بيع المكيل و الموزون، حيث إن الملاك في الاول هو دفع الغرر الشخصي

و في الثاني دفع الغرر الكلي، لعدم ورود نص في التقدير في الاول و ورود النص على التقدير في الثاني.

ص: 264

مسألة: بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء
اشارة

(مسألة):

بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء كصاع من صبرة مجتمعة الصيعان (1)، أو متفرقتها (2)، أو ذراع (3) من كرباس، أو عبد من عبدين، و شبه ذلك (4) يتصور على وجوه:

الأول أن يريد بذلك البعض كسرا واقعيا من الجملة مقدرا بذلك العنوان

(الاول) أن يريد بذلك البعض كسرا واقعيا من الجملة مقدرا بذلك العنوان، فيريد بالصاع مثلا من صبرة تكون عشرة أصوع عشرها (5) و من عبد من العبدين نصفهما.

+++++++++++

(1) بأن كانت الصيعان من صبرة الطعام مكوّمة بعضها فوق بعض و الصيعان جمع صاع.

(2) اي متفرقة الصيعان: بأن كانت الصيعان معبأة في أكياس متعددة معلومة من حيث الوزن.

(3) هذا مثال لمختلفة الأجزاء، حيث إن العبد، أو الشاة أو ذرع من الكرباس من القيميات، لاختلاف أفرادها غالبا، و ليست متساوية القيمة.

بخلاف الصيعان من الطعام سواء أ كانت مكوّمة بعضها فوق بعض، أو معبأة في أكياس متعددة معلومة من حيث الوزن، فإنها متساوية الأجزاء من حيث الصفة المستلزمة لتساوي قيمتها في الخارج.

(4) كبيع شاة من الشاتين.

(5) و هو كيلوغرام واحد مثلا إذا كانت الصبرة عشرة كيلوات فهذا العشر و هو الكيلو الواحد كسر حقيقي واقعي، لأن الكسر كما قرر في محله عبارة عن السدس، أو الخمس، أو السبع، أو الثمن -

ص: 265

و لا إشكال في صحة ذلك (1)، و لا (2) في كون المبيع مشاعا في الجملة.

و لا فرق بين اختلاف العبدين في القيمة و عدمه، و لا بين العلم بعدد صيعان الصبرة و عدمه. لأن الكسر مقدر بالصاع فلا يعتبر العلم بنسبته إلى المجموع، هذا (3).

و لكن قال في التذكرة: و الأقرب أنه لو قصد الاشاعة في عبد من عبدين، أو شاة من شاتين بطل، بخلاف الذراع من الارض انتهى (4).

و لم يعلم وجه الفرق (5) إلا منع ظهور الكسر المشاع من لفظ العبد و الشاة.

+++++++++++

- أو التسع أو العشر، أو الربع، أو النصف أو الثلث، أو الثلثين.

فلو باع عشرا من الصيعان فقد حصلت الشركة للمشتري في مجموع الصيعان بنسبة العشر، فإن نسبة المبيع إلى المجموع هو العشر.

و كذا تحصل الشركة للمشتري في العبدين، أو الشاتين بنسبة النصف، لأن نسبة المبيع إلى مجموع العبدين، أو الشاتين هو النصف.

(1) اي في صحة مثل هذا البيع.

(2) و لا إشكال أيضا في كون المبيع مشاعا في مجموع الصبرة و مجموع العبدين، أو الشاتين.

(3) اي خذ ما تلوناه عليك حول بيع جزء مشاع.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 52

(5) اي بين عبد من عبدين، أو شاة من شاتين.

و بين ذراع من الارض، حيث حكم بالبطلان في الاول، و الصحة في الثاني، مع وحدة الملاك في كليهما.

ص: 266

الثاني: أن يراد به بعض مردد بين ما يمكن صدقه عليه من الأفراد المتصورة في المجموع.
اشارة

(الثاني) (1): أن يراد به بعض مردد بين ما يمكن صدقه عليه من الأفراد المتصورة في المجموع.

نظير تردد الفرد المنتشر بين الأفراد، و هذا يتضح في صاع من الصيعان المتفرقة.

و لا إشكال في بطلان ذلك، مع اختلاف المصاديق في القيمة كالعبدين المختلفين، لأنه غرر، لأن المشتري لا يعلم بما يحصل في يده منهما.

و أما مع اتفاقهما في القيمة كما في الصيعان المتفرقة فالمشهور أيضا كما في كلام بعض المنع، بل في الرياض نسبته (2) إلى الأصحاب

و عن المحقق الاردبيلي قدس سره أيضا نسبة المنع عن بيع ذراع من كرباس مشاهد من غير تعيين احد طرفيه (3) إلى الأصحاب.

و استدل على المنع (4) بعضهم بالجهالة التي يبطل معها البيع اجماعا.

و آخر (5) بأن الإبهام في البيع مبطل له، لا من حيث الجهالة.

+++++++++++

(1) اي الوجه الثاني من الوجوه المتصورة في بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء التي افاده بقوله في ص 265: يتصور على وجوه:

أن يراد به بيع بعض مردد.

(2) اي نسبة المنع.

(3) اي احد طرفي الكرباس: و هو ابتداؤه، أو آخره.

(4) اي على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء، لعدم تعين المبيع عند المتبايعين فيكون مجهولا فيبطل.

(5) اي استدل آخر على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء بالإبهام في المبيع، و الإبهام مبطل للبيع.

وجه الإبهام أن المبيع مردد بين ما يمكن صدقه عليه من الأفراد -

ص: 267

و يؤيده (1) أنه حكم في التذكرة مع منعه عن بيع احد العبدين المشاهدين المتساويين: بأنه لو تلف احدهما فباع الباقي و لم يدر أيهما هو صح (2)، خلافا لبعض العامة.

و ثالث (3) بلزوم الغرر.

و رابع (4) بأن الملك صفة وجودية محتاجة إلى محل تقوم به كسائر الصفات الموجودة في الخارج، و احدهما على سبيل البدل غير قابل

+++++++++++

- المتصورة في المجموع.

(1) اي و يؤيد أن سبب بطلان بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء هو الإبهام، لا الجهالة: ما ذكره العلامة في التذكرة.

وجه التأييد أنه لو كانت الجهالة سببا لبطلان البيع لكان اللازم هو الحكم ببطلانه في الباقي أيضا بعد تلف احد العبدين، لبقاء الجهالة حينئذ، حيث لم يشخص المشتري المبيع فيصدق الغرر فيشمله الحديث النبوي.

(2) وجه الصحة أن المبيع بعد تلف احد العبدين لم يكن فيه إبهام حتى يبطل البيع بسببه، لعدم وجود تردد فيه، بل المبيع هو احد العبدين الموجودين في الخارج.

فالبيع وقع على الموجود الخارجي المتعين في شخص العبد الباقي فلا إبهام فيه حتى يوجب البطلان.

بخلاف بيع احد العبدين قبل تلف احدهما، فإن فيه ابهاما لا يدري المراد من احد العبدين أيّهما اراده البائع، فيكون هذا الإبهام موجبا لبطلان البيع.

(3) اي و استدل ثالث على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء.

(4) اي و استدل رابع على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء -

ص: 268

لقيامه به، لأنه (1) امر انتزاعي من امرين معينين.

و يضعف الاول (2) بمنع المقدمتين، لأن (3) الواحد على سبيل البدل

+++++++++++

- و خلاصة الاستدلال أن الملك رابطة وجودية بين المالك و المملوك و هذه الرابطة محتاجة إلى محل تقوم به خارجا كما في جميع الصفات الوجودية الخارجية.

و من الواضح أن بيع احد العبدين على سبيل البدل و بلا تعيين غير قابل لقيامه بالملك فيكون مجهولا فلا يصح بيعه.

(1) تعليل لكون بيع احد العبدين على سبيل البدل غير قابل لقيامه بالملك.

و خلاصته أن بيع احدهما كذلك امر انتزاعي لا وجود له خارجا حتى يباع و يتملك، و المبيع لا بد له من وجود خارجي حتى يتعلق البيع به، ليقع صحيحا كما عرفت.

(2) من هنا اخذ الشيخ في الرد على القائلين بمنع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء اي و يضعف القول الاول المستدل به على المنع بجهالة المبيع الموجبة لبطلان البيع.

و المراد من المقدمتين: الصغرى و الكبرى، لأن استدلاله مركب من قياس منطقي من الشكل الاول هكذا:

الصغرى: بيع احد العبدين بلا تعيين من الجهالة.

الكبرى: و كل جهالة موجبة للبطلان.

النتيجة: فالبيع هكذا باطل.

فالشيخ قدس سره. يقول: نمنع الصغرى و الكبرى.

(3) هذا تعليل لمنع الصغرى.

ص: 269

غير مجهول، إذ لا تعين له في الواقع حتى يجهل، و المنع (1) عن بيع المجهول و لو لم يلزم غرر غير مسلم.

نعم وقع في معقد بعض الاجماعات ما يظهر منه صدق كلتا المقدمتين (2).

ففي السرائر (3) بعد نقل الرواية التي رواها في الخلاف على جواز بيع عبد من عبدين قال:

إن ما اشتملت عليه الرواية مخالف لما عليه الامة بأسرها، مناف لاصول مذهب أصحابنا و فتاواهم و تصانيفهم، لأن (4) المبيع إذا كان مجهولا كان المبيع باطلا بغير خلاف، انتهى (5).

و عن الخلاف (6) في باب السلم أنه لو قال: اشتري منك احد هذين العبدين، أو هؤلاء العبيد لم يصح الشراء.

دليلنا أنه (7) بيع مجهول فيجب أن لا يصح، و لأنه بيع غرر

+++++++++++

(1) هذا تعليل لمنع الكبرى.

(2) و هما: الصغرى و الكبرى.

(3) من هنا اخذ الشيخ في ذكر ما ظهر من كلمات بعض الأعلام في معقد اجماعاتهم على صدق كلتا المقدمتين: الصغرى و الكبرى.

(4) جملة: لأن المبيع إذا كان مجهولا كان البيع باطلا دليل على صدق الصغرى، و الكبرى المذكورتين في الهامش 2 ص 269.

(5) اي ما افاده ابن ادريس في السرائر.

و راجع (الخلاف) الطبعة الحروفية الجزء 2. ص 17.

(6) هذا هو الكلام الثاني الظاهر من كلمات بعض الأعلام في صدق كلتا المقدمتين.

(7) جملة: إنه بيع مجهول فيجب أن لا يصح، و لأنه بيع غرر -

ص: 270

لاختلاف قيمتي العبدين، و لأنه لا دليل على صحة ذلك في الشرع.

و قد ذكرنا هذه المسألة في البيوع و قلنا: إن أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين.

فإن قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية، و لم يقس غيرهما عليهما، انتهى (1).

و عبارته المحكية في باب البيوع أنه روى أصحابنا أنه إذا اشترى عبدا من عبدين على أن للمشتري أن يختار أيهما شاء: أنه جائز، و لم يرووا في الثوب شيئا.

ثم قال: دليلنا اجماع الفرقة.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم، انتهى (2).

و سيأتي (3) أيضا في كلام فخر الدين أن عدم تشخيص المبيع من الغرر الذي يوجب النهي عنه الفساد اجماعا.

و ظاهر هذه الكلمات صدق الجعالة، و كون مثلها قادحة اتفاقا مع فرض عدم نص.

بل قد عرفت رد الحلي (4)، للنص المجوز بمخالفته لاجماع الامة.

+++++++++++

- لاختلاف قيم العبيد دليل على صدق الصغرى و الكبرى المذكورتين في الهامش 2 ص 269.

(1) راجع (الخلاف) الجزء 2 ص 95 آخر كتاب السلم.

و مقصود شيخ الطائفة قدس سره، من قوله: و قد ذكرناه هذه المسألة في البيوع اي في كتاب الخلاف.

(2) راجع (الخلاف) الطبعة الحروفية الجزء 2 ص 17.

(3) في ص 286 عند نقل شيخنا الأنصاري عنه بقوله:

قال في الايضاح في ترجيح التنزيل على الاشاعة.

(4) و هو ابن ادريس في سرائره، حيث رد على الشيخ -

ص: 271

و مما ذكرنا: من منع كبرى (1) الوجه الاول يظهر حال الوجه الثاني (2) من وجوه المنع: اعني كون الإبهام مبطلا (3).

و أما الوجه الثالث (4) فيرده منع لزوم الغرر، مع فرض اتفاق الأفراد في الصفات الموجبة لاختلاف القيمة، و لذا (5) يجوز الإسلاف في الكلي من هذه الأفراد (6)، مع أن الانضباط في السلم آكد.

و أيضا فقد جوزوا بيع الصاع الكلي من الصبرة، و لا فرق بينهما (7) من حيث الغرر قطعا، و لذا (8) ردّ في الايضاح حمل الصاع من الصبرة

+++++++++++

- القائل بجواز بيع عبد من عبدين.

و قد اشير إلى هذا النقل و الرد في ص 270.

(1) و هي كل جهالة موجبة للبطلان المشار إليها في الهامش ص 270

(2) و هو المذكور في ص 267 بقوله: و آخر بأن الإبهام في البيع مبطل.

(3) لأنك عرفت أن الكلية في الكبرى ممنوعة، إذ ليس كل إبهام موجبا للبطلان، مع أنه لا بد في الشكل الاول من كلية الكبرى

(4) و هو المذكور في ص 268 بقوله: و ثالث بلزوم الغرر.

(5) اي و لاجل فرض اتفاق الأفراد في الصفات الموجبة لاختلاف القيمة.

(6) و هو الكلي المنتزع من الأفراد المتفقة في الصفات الموجبة لاختلاف القيمة.

(7) اي بين بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء كبيع صاع من صبرة مجتمعة الصيعان.

و بين بيع الصاع الكلي من الصيعان.

(8) اي و لاجل عدم الفرق بين بيع بعض من جملة متساوية -

ص: 272

على الكلي برجوعه (1) إلى عدم تعيين المبيع الموجب للغرر المفسد اجماعا.

و أما الرابع (2) فيمنع احتياج صفة الملك إلى وجود خارجي فإن الكلي المبيع سلما، أو حالا مملوك للمشتري و لا وجود لفرد منه في الخارج بصفة كونه مملوكا للمشتري.

فالوجه (3) أن الملكية امر اعتباري يعتبرها العرف و الشرع، أو احدهما في مواردها، و ليست صفة وجودية متأصلة كالحموضة و السواد (4) و لدا (5) صرحوا بصحة الوصية باحد الشيئين، بل باحد الشخصين و نحوهما.

+++++++++++

- الأجزاء، و بين بيع الصاع الكلي من الصيعان من حيث الغرر قطعا.

(1) الباء بيان لكيفية الرد اي فخر المحققين في الايضاح ردّ من قال: إن بيع صاع من الصبرة يحمل على الكلي منها.

و كيفية الرد أن هذا النوع من البيع مآله إلى عدم تعيين المبيع و من الواضح أن عدم التعيين موجب للغرر، و الغرر مفسد للبيع اجماعا.

(2) اي و أما الرد على الاستدلال الرابع و هو المذكور بقوله في ص 268: و رابع بأن الملك صفة وجودية محتاجة إلى محل تقوم به كسائر الصفات الموجودة في الخارج.

(3) اي القول الصحيح و الحق المطابق للواقع.

هذا راي شيخنا الانصاري في عدم جواز بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء.

(4) حيث إنهما من الصفات الوجودية المتاصلة المحتاجة في الخارج إلى محل تقومان به.

(5) اي و لاجل أن الملكية امر اعتباري يعتبره الشارع، أو العرف و لا تحتاج إلى محل شخصي تقوم به تصح الوصية باحد الشيئين أو احد الشخصين، فإن إنشاء احد الشيئين، أو احد الشخصين -

ص: 273

فالانصاف كما اعترف به جماعة اولهم المحقق الاردبيلي عدم دليل معتبر على المنع (1).

قال (2) في شرح الارشاد على ما حكي عنه بعد أن حكى عن الأصحاب المنع عن بيع ذراع من كرباس من غير تقييد كونه من أي الطرفين (3): و فيه (4) تأمل، إذ لم يقم دليل على اعتبار هذا المقدار (5) من العلم، فإنهما إذا تراضيا على ذراع من هذا الكرباس من أي طرف اراد المشتري، أو من أي جانب كان من الارض.

فما المانع بعد العلم بذلك؟، انتهى (6).

فالدليل (7) هو الاجماع لو ثبت، و قد عرفت من غير

+++++++++++

- من الوصي امر اعتباري، لأن تملك احد الشيئين، أو تصرف احد الشخصين بالوصية يكون بعد موت الموصي.

فنفس احد الشيئين، أو احد الشخصين امر اعتباري لا وجود له خارجا، فلا فرق بين الوصية و البيع من هذه الناحية.

مع أن الكل متفقون على صحة الوصية.

(1) اي على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء كصاع من صبرة مجتمعة الصيعان.

(2) اي المحقق الاردبيلي قدس سره.

(3) اي من الرأس، أم من الآخر أم من الوسط.

(4) اي و في المنع تأمل، هذا مقول قول المحقق الاردبيلي و قد اورده على ما افيد في المقام.

(5) و هو تقييد المبيع بكونه من أي الطرفين.

(6) اي ما افاده المحقق الاردبيلي في شرح الارشاد.

(7) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم ابداء النظر في بطلان -

ص: 274

واحد نسبته (1) إلى الأصحاب.

قال بعض الأساطين (2) في شرحه على القواعد بعد حكم المصنف (3) بصحة بيع الذراع من الثوب، و الارض الراجع إلى بيع الكسر المشاع (4): و إن (5)

+++++++++++

- مثل هذا البيع اي ليس لنا دليل على بطلان بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء مرددا سوى الاجماع إن ثبت أن هناك اجماعا على ما افيد في المقام، لا الأدلة المتقدمة المذكورة في ص 267 و ص 268 بقوله:

و استدل بعضهم على المنع بالجهالة، و آخر بأن الابهام، و ثالث بلزوم الغرر، و رابع بأن الملك صفة وجودية.

(1) اي نسبة هذا الاجماع إلى أصحابنا الامامية.

كما في قول صاحب الرياض الذي نقله الشيخ في ص 267 بقوله:

بل في الرياض نسبته إلى الأصحاب.

و كما في قول المحقق الاردبيلي عند نقل الشيخ عنه في ص 267 بقوله: و عن المحقق الاردبيلي قدس سره أيضا نسبة المنع إلى الأصحاب.

(2) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره.

(3) و هو العلامة الحلي قدس اللّه نفسه الزكية الطاهرة.

(4) المراد من الكسر المشاع هو الجزء، فإنه كسر بالنسبة إلى الكل كالواحد من مائة متر 01 0

(5) هذا مقول قول بعض الأساطين و هو الشيخ كاشف الغطاء قدس سره.

و خلاصة كلامه أن المتبايعين لو قصدا من بيع جزء من جملة متساوية الأجزاء جزء معينا كبيع كيلوغرام من الصبرة، أو بيع

ص: 275

قصدا معينا من عين، أو كليا (1) لا على وجه الاشاعة بطل لحصول (2) الغرر بالإبهام في الاول، و كونه (3) بيع المعدوم و باختلاف (4)

+++++++++++

- متر واحد من (طول القماش) من دون تعيين الكيلو غرام أو المتر.

(1) اي أو قصد المتبايعان من بيع جزء من جملة متساوية الأجزاء جزء كليا في معين لا على نحو الإشاعة فقد بطل البيع في كلتا الصورتين

و قد ذكر الشيخ كاشف الغطاء لبطلانهما أدلة أربعة نذكرها عند رقمها الخاص.

(2) هذا دليل بطلان بيع جزء معين لا على التعيين من جملة متساوية الأجزاء، اي مستند البطلان هو حصول الغرر بسيب الإبهام فإن بيع كيلوغرام واحد، أو متر واحد من دون تعيينه غير مشخص خارجا، لعدم تحقق وجود خارجي للكيلو، أو المتر بما هو كيلوغرام أو متر واحد، بل التشخص إنما يتحقق بعد الاخذ و الحصول عليه خارجا.

و المراد من الاول هو بيع جزء معين لا على التعيين كما عرفت.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لحصول الغرر اي و لكون بيع الكلي لا على نحو الاشاعة بيع معدوم.

هذا دليل بطلان البيع الكلي لا على نحو الاشاعة من جملة متساوية الأجزاء اي مثل هذا البيع بيع معدوم، لأن الكلي بما هو كلي ليس له وجود خارجي، بل الموجود أفراده كما قال المنطقيون.

و الحق أن وجود الطبيعي بمعنى وجود أشخاصه.

نعم لو بيع على نحو الاشاعة صح البيع.

(4) هذا دليل ثان لبطلان بيع الكلي لا على نحو الاشاعة اي -

ص: 276

الأغراض في الثاني غالبا، فيلحق (1) به النادر، و للاجماع (2) المنقول فيه.

إلى أن قال (3): و الظاهر بعد امعان النظر، و نهاية التتبع

+++++++++++

- مستند البطلان ما ذكر، و اختلاف أغراض المتبايعين، فإن أذواقهما مختلفة.

و أما وجه اختلاف الأغراض فظاهر، لأنه عند عدم قصد الاشاعة تختلف أذواق الناس و أغراضهم، إذ رب مشتر دارا من عشر دور في الخارج مثلا لا على نحو الاشاعة يريد الدار الاولى التي أقرب إلى الشارع، أو الزقاق.

و رب مشتر يروم الثانية منها، للجار الساكن في الاولى، و رب ثالث يريد الثالثة منها، لغرض آخر.

و رب خامس يقصد الرابعة منها، لخصوصية فيها، و هكذا.

و المراد بالثاني هو بيع الكلي لا على وجه الإشاعة كما عرفت.

(1) اي و يلحق بالغالب الفرد النادر: و هو الذي لا تختلف فيه الأغراض و الدواعي، فإن البيع مع هذا الفرد النادر فاسد و باطل فحكمه حكم الغالب.

و مرجع الضمير في فيه القسم الثاني: و هو بيع الكلي لا على نحو الاشاعة كما عرفت.

(2) هذا هو الدليل الرابع لعدم جواز بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء.

(3) اي بعض الأساطين و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

قال: إنه لا ملازمة بين الغرر الشرعي و العرفي: بحيث كلما صدق الغرر الشرعي صدق الغرر العرفي كما في بيع العبد الآبق مع الضميمة -

ص: 277

أن الغرر الشرعي لا يستلزم الغرر العرفي، و بالعكس (1).

و ارتفاع (2) الجهالة في الخصوصية قد لا يثمر مع حصولها في اصل الماهية.

و لعل (3) الدائرة في الشرع أضيق و إن كان بين المصطلحين (4)

+++++++++++

- فإن العرف يراه غررا و الشرع لا يراه غررا.

(1) اي و كذا لا تلازم بين الغرر العرفي و الشرعي:

بمعنى أنه كلما صدق الغرر العرفي يصدق الغرر الشرعي.

(2) خلاصة هذا الكلام أنه في البيع الكلي لا على نحو الإشاعة و إن كانت الجهالة فيه ترتفع بذكر الصفات المشخصة في الخارج.

لكن الجهالة مع ذلك باقية في اصل ماهيته و نوعيته.

خذ لذلك مثالا:

لو بيع كيلوغرام واحد من الدهن المأكول بصفاته المشخصة خارجا، لكن لا يعين نوعيته: و أنه من أي دهن هو.

هل من الحيوان أم من النبات؟:

فهنا يكون البيع باطلا، لبقاء الجهالة في اصل الماهية و إن ارتفعت الجهالة بذكر الصفات و الخصوصيات.

(3) هذا من كلام بعض الأساطين، اي و لعل دائرة المعاملات الخارجية الفارغة عن الغرر الشرعي المحكومة بالصحة أضيق من دائرة المعاملات الخارجية الفارغة عن الغرر العرفي:

(بعبارة اخرى) أن دائرة بطلان المعاملات الخارجية شرعا أوسع من دائرة بطلان المعاملات الخارجية عرفا، لأن العرف لا يرى الغرر في كثير من معاملاتهم الواقعة فى الخارج.

(4) و هما: الغرر الشرعي، و الغرر العرفي، اي بين هذين الاصطلاحين -

ص: 278

عموم و خصوص من وجهين (1).

و فهم الأصحاب مقدم، لأنهم أدرى بمذاق الشارع و أعلم انتهى (2) و لقد اجاد (3)، حيث التجأ إلى فهم الأصحاب فيما

+++++++++++

- عموم و خصوص من وجه:

لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب الغرر الشرعي: بأن يصدق الغرر العرفي، دون الغرر الشرعي كما في بيع العبد الآبق مع الضميمة، مع الشك في حصول العبد في يد البائع، أو المشتري.

و كما في بيع الصرف و السلم المشترط فيهما القبض عند وقوع المعاوضة على عوض مجهول قبل القبض، أو لا يكون المشتري قادرا على تسليم الثمن للبائع، أو كل منهما كما في بيع الصرف.

و أما مادة الافتراق من جانب الغرر العرفي: بأن يصدق الغرر الشرعي و لا يصدق الغرر العرفي كما في بيع شيء مكيل، أو موزون بمثله غير مكيل و لا موزون، فإن العرف لا يراه غررا. لكن الشارع يراه غررا.

و أما مادة الاجتماع فكما في بيع شيء مجهول من حيث الجنس أو النوع، أو الوصف المعتنى به عند العرف.

فهنا يجتمع الغرر الشرعي و العرفي معا فيبطل البيع على كلا الملاكين: و هما الغرر الشرعي، و الغرر العرفي.

(1) التثنية باعتبار كل واحد من العموم و الخصوص اي عموم من وجه، و خصوص من وجه.

(2) اي ما افاده بعض الأساطين و هو كاشف الغطاء في هذا المقام.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري اي و لقد اجاد بعض الأساطين.

ص: 279

يخالف العمومات.

فرع: على المشهور من المنع لو اتفقا على أنهما ارادا غير شائع لم يصح البيع

(فرع):

على المشهور من المنع (1) لو اتفقا (2) على أنهما ارادا غير شائع لم يصح البيع، لاتفاقهما على بطلانه.

و لو اختلفا فادعى المشتري الاشاعة فيصح البيع و قال البائع:

اردت معينا (3).

ففي التذكرة الأقرب قبول قول المشتري، عملا بأصالة الصحة (4) و أصالة عدم التعيين، انتهى (5).

و هذا (6) حسن لو لم يتسالما على صيغة ظاهرة في احد المعنيين.

+++++++++++

(1) اي من منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء: بأن قصد المتبايعان جزء كليا لا على نحو الاشاعة.

(2) اي البائع و المشتري.

(3) اي فردا معينا من غير تعيين له.

(4) لأن المشتري يدعي الصحة و هي مقدمة على القول بالبطلان و هو قول البائع.

(5) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 51.

(6) اي ما افاده العلامة في التذكرة: من تقدم قول المشتري في بيع بعض جملة متساوية الأجزاء جزء كليا لا على نحو الإشاعة لأصالة الصحة، و أصالة عدم التعيين: حسن إذا لم يتفق البائع و المشتري على اداء لفظ ظاهر في الإشاعة كلفظ الربع، أو النصف أو الثلث، أو غير ذلك من الكسور الاعشارية، أو ظاهر في المبيع -

ص: 280

أما معه (1) فالمتبع هو الظاهر، و أصالة (2) الصحة لا تصرف الظواهر.(1)

+++++++++++

- المعين، فإنه في تلك الحالة و التسالم عليها يكون الظاهر هو المتبع سواء أ كان اللفظ ظاهرا في الاشاعة، أم في التعيين لتقدم الظواهر اللفظية على الاصول العملية التي منها أصالة الصحة.

(1) اي مع التسالم الخارجي.

(2) هذا رد على ما افاده العلامة في تقديم قول المشتري بأصالة الصحة في قوله في ص 280: عملا بأصالة الصحة، حيث إن المشتري مدع للصحة، و البائع مدع للفساد و مدعي الصحة مقدم على مدعي الفساد.

و خلاصة الرد أن الاصول العملية لا تصرف الاصول اللفظية عن ظواهرها إذا كان هناك لفظ ظاهر في الاشاعة أو التعيين، لحكومة الظواهر اللفظية على الاصول العملية، لأن حجيتها من باب الكشف و حجية الاصول العملية من باب التعبد كما ثبت في علم الاصول.

ثم لا يخفى عليك أن نظير هذه المسألة ذكرت في باب الرشوة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 2، ص 431 - و ص 432 الهامش 8 و ص 433.

أليك نص عبارة الشيخ في الجزء 2 ص 431.

لو ادعى الدافع أنها هدية ملحقة بالرشوة في الفساد و الحرمة و ادعى القابض أنها هبة صحيحة لداعي القربة، أو غيرها احتمل تقدم الاول: لأن الدافع أعرف بنيته.

إلى أن يقول قدس سره.

و يحتمل العدم إذ لا عقد مشترك هنا اختلفا في صحته و فساده حيث إن احدهما يدعي الاجارة، و الثاني يدعي الهبة فبين الاجارة و الهبة تباين لا جامع بينهما حتى يقال بتقديم قول مدعي الصحة على من يدعي الفساد.

ص: 281


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و أما أصالة (1) عدم التعيين فلم اتحققها.

و ذكر بعض من قارب عصرنا (2) أنه لو فرض الكلام ظهور في عدم الاشاعة كان حمل الفعل على الصحة قرينة صارفة.

+++++++++++

- فالدافع منكر لاصل العقد الذي يدعيه القابض.

(1) هذا رد على ما افاده العلامة في تقديم قول المشتري على البائع بأصالة عدم التعيين في قوله في ص 280: و أصالة عدم التعيين.

و خلاصة الرد أن مآل الشك في بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء إلى أنه لا يدرى أنه اريد المعين، أو غيره فكل من الارادتين حادث في عرض الحادث الآخر، و ليس هناك شيء قد تعلق به الإرادة سابقا ثم شك في عروض التعيين عليه حتى تستصحب تلك الحالة.

(بعبارة اخرى) أن التعيين ليس عبارة عن قصد الاشاعة متخصصة بمعين حتى يكون قصد الاشاعة متعينا، لتكون أصالة الصحة مثمرة في تقديم قول المشتري.

بل القصد إلى التعيين ضد القصد إلى الإشاعة.

و أصالة عدم قصد كلّ معارض بأصالة عدم قصد الآخر فيتعارضان فيتساقطان.

(2) الظاهر هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره.

و خلاصة ما افاده: أنه على فرض كون كلام احد المتبايعين ظاهرا في عدم الاشاعة، و كون مؤداه بطلان البيع.

لكن نقول هنا بالصحة، لحمل فعل المسلم على الصحة.

اذا يكون الحمل على الصحة قرينة صارفة عن ظهور الكلام على عدم الإشاعة إلى الاشاعة.

ص: 282

و فيه (1) نظر.(1)

الثالث من وجوه بيع البعض من الكل أن يكون المبيع طبيعة كلية منحصرة المصاديق في الأفراد المتصورة في تلك الجملة
اشارة

(الثالث) من وجوه بيع البعض من الكل أن يكون المبيع طبيعة كلية منحصرة المصاديق في الأفراد المتصورة في تلك الجملة (2).

الفرق بين هذا الوجه، و الوجه الثاني

و الفرق بين هذا الوجه (3)، و الوجه الثاني (4) كما حققه (5)

+++++++++++

(1) اي و فيما افاده بعض من قارب عصرنا نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر أن ما افاده: من صحة البيع لاجل حمل فعل المسلم على الصحة صحيح لو كان أصالة الصحة من الاصول العملية التي مرتبتها عقيب مرتبة الظواهر، حيث إن الظواهر من الأمارات و هي متقدمة على الاصول العملية فلا مجال لها مع وجود الأمارات.

و أما بناء على أن أصالة الصحة من الأمارات كما يستفاد هذا المعنى من بعض الروايات في قوله عليه السلام: هو حين يتوضأ أذكر فالظاهر أن أماريتها مختصة بما إذا لم يكن في موردها ظهور.

(2) كأن بيعت عشرة كيلوات من الحنطة المكدسة في مئات الأكياس كل كيس منها محتو على عشرة كيلوات.

فالحنطة المتصفة بالطبيعة الكلية التي هي المئات من الأكياس منحصرة المصاديق في تلك الأفراد التي هي الأكياس.

فمثل هذا البيع صحيح ليس فيه غرر حتى يشمله الحديث النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(3) و هو الوجه الثالث الذي قلنا بصحة البيع فيه في الهامش 2 من هذه الصفحة عند قولنا: فمثل هذا البيع.

(4) و هو بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء على نحو التردد المشار إليه في ص 267 بقوله: و لا إشكال في بطلان ذلك.

(5) اي حقق المحقق الكركي الفرق بين الصورة الثانية التي قيل -

ص: 283


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في جامع المقاصد بعد التمثيل للثاني(1) بما (1) إذا فرقت الصيعان و قال: بعتك احدها: أن المبيع هناك (2) واحد من الصيعان المتميزة المشخصة غير معين فيكون بيعه مشتملا على الغرر (3).

و في هذا الوجه (4) امر كلي غير متشخص، و لا متميز بنفسه و يتقوّم كل واحد من صيعان الصبرة و يوجد (5) به.

و مثله (6) ما لو قسّم الأرباع و باع ربعا منها من غير تعيين.

و لو باع ربعا قبل القسمة (7) صح، و تنزل على واحد منها مشاعا، لأنه حينئذ امر كلي.

(فإن قلت): المبيع في الاولى (8) أيضا امر كلي.

+++++++++++

- ببطلانها، و الثالثة التي قيل بصحتها.

(1) الباء بيان لكيفية الفرق بين الصورتين من حيث الصحة و الفساد.

(2) و هي الصورة الثانية المشار إليها في ص 267.

(3) لكون المبيع مرددا فيكون مبهما و الإبهام موجب للغرر.

(4) و هي الصورة الثالثة المشار إليها في ص 283.

(5) اي الامر الكلي يوجد و يتشخص في الخارج بكل واحد من الصيعان الموجودة في الخارج كما عرفت في الهامش 2 ص 283 عند قولنا: فالحنطة المتصفة بالطبيعة الكلية.

(6) اي و مثل الصورة الثانية المشار إليه في ص 267 في البطلان لوجود الإبهام في غير المعين الموجب للغرر.

(7) اي قبل أن يجعل البائع الصبرة من الطعام في الأكياس المعلومة من حيث المقدار.

(8) و هي الصورة الثانية المشار إليها في ص 267 الذي قلنا ببطلان البيع فيها، لوجود الإبهام فيها الموجب للغرر.

ص: 284


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

(قلنا): ليس كذلك، بل هو واحد من تلك الصيعان المتشخصة مبهم بحسب صورة العبارة (1) فيشبه الامر الكلي (2) و بحسب الواقع جزئي غير معين و لا معلوم.

و المقتضي لهذا المعنى (3) هو تفريق الصيعان، و جعل كل واحد منها برأسه فصار اطلاق احدها منزلا على شخصي غير معلوم فصار كبيع احد الشياه، و احد العبيد.

و لو قال: بعتك صاعا من هذه شايعا في جملتها لحكمنا بالصحة انتهى (4).

و حاصله (5) أن المبيع مع الترديد جزئي (6) حقيقي فيمتاز عن المبيع الكلي (7) الصادق على الأفراد المتصورة في تلك الجملة.

+++++++++++

(1) حيث إن البائع يقول للمشتري: بعتك واحدا من تلك الصيعان المتشخصة المتميزة غير معين فيكون المبيع إذا مبهما موجبا للغرر.

(2) اي بحسب الظاهر، لا الواقع.

(3) و هو كون المبيع في الصورة الثانية المشار إليها في ص 267 يشبه الامر الكلي ظاهرا، لكن بحسب الواقع جزئي غير معين.

(4) اي ما افاده المحقق الكركي في كتابه جامع المقاصد.

راجع (جامع المقاصد) الطبعة الحجرية ص 216 عند قوله:

و لو قال: بعتك صاعا من هذه الصيعان.

(5) اي حاصل ما افاده المحقق الثاني في جامع المقاصد في بيع صاع من الصيعان في الصورة الثانية المشار إليها في ص 267.

و في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 283.

(6) و هي الصورة الثانية المشار إليها في ص 267.

(7) و هي الصورة الثالثة المشار إليها في ص 283.

ص: 285

و في الايضاح أن الفرق بينهما (1) هو الفرق بين الكلي المقيد بالوحدة، و بين الفرد المنتشر.

ثم الظاهر صحة بيع الكلي بهذا المعنى (2) كما هو صريح جماعة منهم الشيخ و الشهيدان و المحقق الثاني و غيرهم، بل الظاهر عدم الخلاف فيه و إن اختلفوا في تنزيل الصاع من الصبرة على الكلي، أو الاشاعة.

لكن يظهر مما عن الايضاح وجود الخلاف في صحة بيع الكلي (3) و أن منشأ القول بالتنزيل (4) على الاشاعة هو بطلان بيع الكلي بهذا المعنى (5)، و الكلي الذي يجوز بيعه هو ما يكون في الذمة.

قال في الايضاح في ترجيح التنزيل على الاشاعة: إنه لو لم يكن مشاعا لكان غير معين فلا يكون معلوم العين و هو الغرر الذي يدل

+++++++++++

(1) اي بين الصورتين و هما: الصورة الثانية و الثالثة.

خلاصة كلام صاحب الايضاح أن الفرق بين الصورتين هو الفرق بين الكلي المفيد بالوحدة اي الموجود من هذا الكلي هو الفرد الخارجي الذي يتحقق الكلي فيه، حيث إن الكلي لا وجود له خارجا إلا بوجود أفراده كما عرفت في الهامش 3 ص 276 عند قولنا:

و الحق أن وجود الطبيعي.

إذا يكون الفرد متعينا فيصح بيعه.

بخلاف الكلي الموجود في ضمن فرد متردد على نحو الانتشار فإن الفرد حينئذ يكون مبهما موجبا للغرر، لأنه امر انتزاعي لا يصح وقوع البيع عليه.

(2) و هو المقيد بالوحدة.

(3) و هو المشار إليه في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(4) اي تنزيل الكلي المقيد بالوحدة الموجود في الخارج هو الفرد المتحقق فيه الكلي.

(5) و هو الكلي المقيد بقيد الوحدة.

ص: 286

النهي عنه على الفساد اجماعا، و لأن احدهما (1) بعينه لو وقع البيع عليه ترجيح من غير مرجح، و لا بعينه هو المبهم، و إبهام المبيع مبطل، انتهى (2).

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني لصاحب الايضاح على عدم جواز بيع الكلي المقيد بقيد الوحدة، إذ دليله الاول هو أن الكلي إذا لم يكن مشاعا لكان غير معين، و إذا كان غير معين يكون غير معلوم العين.

و إذا كان كذلك يكون غررا.

(2) اي ما افاده في الايضاح.

ثم لا يخفى عليك أن للمرحوم المحقق الشيخ موسى الخونساري طاب ثراه في تقريرات بحث استاذه المحقق النائيني قدس سره في الجزء 1 ص 397-398 تحقيقا رشيقا حول تصور كسر المشاع فراجع كي تستفيد منه فوائد جمة.

و خلاصته أن بعض الحكماء و أكثر المتكلمين قبل ظهور الاسلام كانوا قائلين بأن مادة الجسم المطلق هي الأجزاء التي ليست قابلة للقسمة لا خارجا و لا ذهنا.

و يسمون كل جزء من هذه الأجزاء بالجوهر الفرد، و الجوهر الذي لا يتجزى.

و ذهب النظّام إلى أن الجسم مركب من أجزاء غير متناهية.

و اختار بعض المحققين من المتكلمين و جمهور الحكماء بطلان الجزء الذي لا يتجزى، و على فرض تحققه فليس هو مادة الجسم المطلق

و صار بطلان عدم قابلية الجزء للقسمة من أوضح البديهيات في عصرنا الحاضر، لأن كل متحيز بالذات الذي هو قابل للاشارة الحسية إليه لا بدّ أن يكون ما يحاذي منه جهة الفوق غير ما يحاذي منه جهة التحت -

ص: 287

- و كذا باقي الجهات الست فلا محيص من أن يكون الجزء منقسما و إن لم يكن فعلا كذلك، لعدم وجود آلة لنا لتقسيمه.

هذا مضافا إلى ما برهنوا عليه: من لزوم تفكك الرحى (1) و نفي الدائرة.

+++++++++++

(1) راجع حول الجزء الذي لا يتجزى، و تفكك الرحى، و نفي الدائرة ما افاده الحكيم المتأله السبزواري قدس سره في منظومته.

أليك شطرا منها:

غرر في إبطال الجزء الذي لا يتجزى.

حادث له مادة و مدّة، إذ مع القول بتركب الجسم مما لا يتجزى لا يمكن القول بالهيولى و الصورة كما لا يخفى.

اعلم أن بطلان الجزء في هذه الأعصار صار قريبا من البديهيات لكثرة ما اقام الأفاضل من البراهين المحكمة الطبيعية و الهندسية، فلا يحتاج المطلب إلى مزيد عناية، و لذلك اقتصرنا على ذكر بعضها فقلنا:

تفكك الرّحى و نفي الدائرة ** و حجج اخرى لديهم دائرة اللازم من القول بالجزء.

و بيانه أنا إذا فرضنا خطا جوهريا من مركز الرحى إلى الطوق العظيم منها كان مركبا من أجزاء لا يتجزى، فاذا تحرك الجزء الذي على الطوق العظيم مقدار جزء من المسافة.

فالأجزاء التي تليه إلى آخرها و هو الذي على الطوق الصغير المجاور لمركز الرحى إن تحرك شيء منها أقل من مقدار جزء فقد تصور أقل من الجزء.

و إن تحرك كل واحد منها أيضا مقدار جزء من المسافة لزم -

ص: 288

- و هكذا بطلان مذهب النظّام صار بديهيا، لأنه لو كان الجسم مركبا فعلا من أجزاء غير متناهية يلزم امتناع قطع مسافة معينة في مدة متناهية إلا بالطفرة.

إذا عرفت ذلك فحيث إن الجزء قابل للقسمة فمعنى الشركة على الإشاعة أن كل جزء يفرض في الجسم لكل واحد من الشريكين المتساويين مالك لنصف هذا الجزء، لا أن كل واحد مالك في تمام الجزء، و لا أن لكل واحد جزء خاصا واقعا غير معلوم ظاهرا -

+++++++++++

تساوي مسافاتها، و كذا تساوي حركاتها و هو محال بالظاهر.

و إن سكن ما يلي رأس الخط حين ما تحرك الرأس مقدار جزء لزم انفكاكه عنه.

و هكذا تنقل الكلام إلى الآخر فيلزم تفكك الرحى على مثال دوائر بعضها محيطة ببعض و هو باطل، لشهادة الحس بخلافه، و لاستلزامه الخرق في الفلك إذا فرض هذا في كوكبين يدور احدهما عند القطب و الآخر عند المنطقة، إلى آخر ما افاده هناك(1).

ثم إني احببت أن اذكر في هذا المقام عند ما جرى البحث عن الجزء الذي لا يتجزى، و أنه قابل للقسمة ما انشده بعض الظرفاء من الشعراء يصف محبوبته بصغر فمنها الذي هو احد ملامح الفتاة و ما أجمله، إذ كان كثيرا ما يعبرون عن محبوبتهم بالحبيب قال:

برهن اقليدس في فنه *** بأنما النقطة لا تنقسم

فلي حبيب فمه نقطة *** فانتقض البرهان إذ يبتسم

ص: 289


1- راجع (منظومة السبزواري) قسم الطبيعيات ص 217.

و تبعه (1)

+++++++++++

- نعم لو انتهى الامر إلى الالتزام بصحة لجزء الذي لا يتجزى فلا محيص إلا عن القول بأن كل واحد منهما مالك الجزء معين، أو مالك لتمام هذا الجزء.

و على هذه المسالك يبتنى القولان في قسمة المشاع: من إنها بيع أو افراز حق، فإن كونها افراز حق ملازم لأن يكون كل واحد شريكا مع الآخر في كل جزء بحسب نسبة الملك: بأن يكون نصفه، أو ثلثه، أو غير ذلك من الكسور لاحد الشريكين، و الباقي للآخر.

و حيث إن النصف من كل جزء امر كلي قابل للانطباق على النصف من أي طرف من الجسم فبالقسمة يميز و يخرج عن الإبهام و الكلية و يعين في الطرف الشرقي، أو الغربي، و كونها بيعا ملازم لأن يبيع كل واحد اضافته بالنسبة إلى هذا الجزء باضافته بالنسبة إلى الجزء الآخر.

و بالجملة من التزم بالجوهر الفرد، و الجزء الذي لا يتجزى فإما أن يلتزم بأن كل جزء له مالكان حتى يمكنه تصور الاشاعة.

و إما أن يلتزم بأن بعض الأجزاء بتمامه ملك لاحد الشريكين واقعا و بعضه بتمامه ملك للآخر كذلك، إلا أنه غير متميز خارجا.

و أما القائل بأن الجزء قابل للقسمة إلى ما لا نهاية له فمعنى الاشاعة على مختاره عدم تمييز الكسر المشاع، و كونه كليا قابلا للانطباق على كل كسر.

و كيف كان فلا إشكال في صحة بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء على نحو الاشاعة، انتهى ما افاده هناك فراجع.

(1) اي و تبع بعض المعاصرين فخر المحققين فيما ذهب إليه:

من وجود الخلاف في صحة البيع الكلي بالمعنى الثالث الذي اشير إليه -

ص: 290

بعض المعاصرين، مستندا تارة إلى ما في الايضاح: من (1) لزوم الإبهام و الغرر.

و اخرى (2) إلى عدم معهودية ملك الكلي في غير الذمة، لا على وجه الاشاعة.

و ثالثة (3) باتفاقهم على تنزيل الأرطال المستثناة من بيع الثمرة على الاشاعة.

و يرد الاول (4) ما عرفت: من منع الغرر في بيع الفرد المنتشر (5) فكيف نسلم في الكلي (6).

+++++++++++

- في الهامش 2 ص 283.

و ذكر المعاصر للمنع وجوها ثلاثة نذكرها عند رقمها الخاص.

(1) هذا هو الوجه الاول

(2) هذا هو الوجه الثاني.

(3) هذا هو الوجه الثالث.

(4) اي الوجه الاول المشار إليه في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(5) و هي الصورة الثانية من صور بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء المشار إليها في ص 267 بقوله: الثاني أن يراد به بعض مردّد.

و المراد من قوله: ما عرفت قوله في ص 274:

فالانصاف كما اعترف به جماعة اولهم المحقق الاردبيلي عدم دليل معتبر على المنع.

(6) و هي الصورة الثالثة المشار إليها في ص 283 بقوله:

الثالث من وجوه بيع البعض من الكل أن يكون المبيع طبيعة كلية منحصرة المصاديق في الأفراد، اي إذا قلنا بصحة بيع الكلي المقيد بالوحدة فكيف لا نقول بصحة بيع طبيعة كلية منحصرة المصاديق

ص: 291

و الثاني (1) بأنه معهود في الوصية، و الإصداق (2).

مع أنه (3) لم يفهم مراده من المعهودية، فإن أنواع الملك، بل

+++++++++++

- في الأفراد المتصورة في تلك الجملة.

(1) اي و يرد الوجه الثاني الذي اشير إليه في الهامش 2 ص 291.

و خلاصة الرد أن جعل الكلي بالمعنى الثالث معهود في الوصية كما علمت عند قوله في ص 273: و لذا صرحوا بصحة الوصية باحد الشيئين، بل احد الشخصين.

و قد عرفت وجه ذلك في الهامش 5 ص 273 عند قولنا: اي و لاجل أن الملكية امر اعتباري.

(2) اي و معهود في جعل الكلي بالمعنى الثالث مهرا و صداقا للنساء: بأن يجعل المهر كليا متعلقا بالعين الخارجية لا على وجه الإشاعة، بناء على اكتفاء الفقهاء بارتفاع أكثر المجهولات، و عدم لزوم التناهي فيه، و لذا جوز الفقهاء في المكيل و الموزون و المعدود الاكتفاء بالمشاهدة فيها في مقام البيع، مع الجهل بالوزن و الكيل و العدد،

فما افاده المعاصر: من عدم معهودية ملك الكلي لا على وجه الاشاعة منتقض بالوصية و الصداق كما عرفت، لإمكان معهودية الملك على الوجه المذكور فيهما.

(3) هذا جواب آخر عن الوجه الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 291.

و خلاصته أنه إن كان مراد المعاصر من عدم معهودية بيع الكلي هو عدم معهودية نوع مكان نوع آخر، أو جنس مكان جنس آخر بأن لم تعهد ملكية الهبة المعوضة، أو الصلح في مورد البيع، أو البيع في مورد الاجارة: بأن يقال: إنه انشأ الهبة المعوضة و اراد البيع، أو انشأ الصلح و اراد المساقاة، أو انشأ البيع و اراد الاجارة فهذا صحيح لا إشكال فيه -

ص: 292

كل جنس لا يعهد تحقق احدها في مورد الآخر، إلا (1) أن يراد منه عدم وجود مورد يقيني حكم فيه الشارع بملكية الكلي المشترك بين أفراد موجودة، فيكفي في رده النقض بالوصية، و شبهها.

هذا (2) كله مضافا إلى صحيحة الأطنان الآتية، فإن موردها إما بيع الفرد المنتشر، و إما بيع الكلي في الخارج.

و أما الثالث (3) فسيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.

+++++++++++

- لكن نقول له: هذا لا ربط له في المقام.

(1) اي و إن اراد من عدم معهودية بيع الكلي عدم وجود مورد تعييني حكم فيه الشارع بملكية الكلي المشترك بين أفراده الخارجية:

بأن يقال: إن البائع انشأ بيعا خاصا كبيع احد العدلين، فإنه بيع خاص، لكن متعلق الإنشاء مردد بين فردين، أو أفراد موجودة في الخارج.

فنقول له: نظير هذا موجود و معهود في الخارج كما في الوصية باحد العدلين، حيث افتى الفقهاء بصحة مثل هذه الوصية.

و كذا في مورد صداق المرأة، حيث افتوا بصحة جعل المهر كليا متعلقا بالعين الخارجية.

(2) اي ما اجبناه عن الوجوه الثلاثة إن لم يكف في المقام فلنا بالإضافة إلى ذلك دليل آخر و هي صحيحة الأطنان الآتية في ص 296 في مسألة بيع صاع من صبرة، فإنها وردت إما في بيع الفرد المنتشر الذي هي الصورة الثانية المشار إليها في ص 267.

أو في بيع الكلي الذي هي الصورة الثالثة المشار إليها في ص 283 و قد عرفت بطلان الصورة الثانية، و صحة الصورة الثالثة.

(3) اي و أما الرد على الوجه الثالث من وجوه استدلال المعاصر -

ص: 293

..........

+++++++++++

- على عدم صحة بيع الكلي المنحصرة مصاديقه في الأفراد المتصورة في تلك الجملة التي اشير إليها في الهامش 6 ص 291:

فسيأتي في المسألة الآتية في ص 295.

فتحصل من مجموع ما ذكر في مسألة بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء أن البيع كذلك يتصور على وجوه ثلاثة:

(الاول): إرادة كسر مشاع من البعض كبيع صاع من صيعان سواء أ كانت الصيعان مجتمعة أم متفرقة كما علمت في الهامش 3 ص 265.

و سواء أ كانت متساوية الأجزاء من حيث الصفة المستلزمة لتساوي قيمتها كما في صبرة من طعام.

أم مختلفة الأجزاء كما في عدل من العدلين، أو شاة من الشاتين لاختلاف أفرادهما كما عرفت في الهامش 3 ص 265.

و هذا يصح بيعه و لا إشكال فيه.

(الثاني): إرادة بعض مردد منتشر بين الأفراد المتصورة في المجموع من جملة متساوية الأجزاء.

و هذا مما لا إشكال في بطلانه، و عدم صحة بيعه.

(الثالث): إرادة طبيعة كلية منحصرة المصاديق في الأفراد المتصورة في تلك الجملة، و لا إشكال في صحة بيع هذا الكلي بالمعنى المذكور: -

ص: 294

مسألة: لو باع صاعا من صبرة فهل ينزل على الوجه الاول من الوجوه الثلاثة المتقدمة:
اشارة

(مسألة):

لو باع صاعا من صبرة (1) فهل ينزل على الوجه الاول من الوجوه الثلاثة المتقدمة: اعني كسر المشاع، أو على الوجه الثالث: و هو الكلي، بناء على المشهور: من صحته؟

وجهان، بل قولان.

+++++++++++

(1) بأن كانت جملة الصبرة مجتمعة فبيع صاع منها.

فهذا الصاع المبيع فيه ثلاثة أقوال:

(الاول): أنه يحمل على الإشاعة كما اشير إليه في ص 265.

(الثاني): أنه يحمل على الفرد المنتشر المردد كما اشير إليه في ص 267.

(الثالث): أنه يحمل على الكلي الطبيعي المتعين في الخارج.

و استدل للأول بما حاصله: إن مقتضى المعنى العرفي أن يكون قول البائع: بعتك صاعا اشارة إلى مقدار معين من تلك الصبرة قدره صاع، ثم يلاحظ نسبة هذا الصاع إلى تلك الصبرة المجتمعة فيكون هذا الصاع هو الكسر المشاع بين جميع الصبرة، لأن المقدار المذكور من مجموع الصبرة مشاع فيه.

و استدل للثاني بأن التنوين في قوله: بعتك صاعا يدل على التنكير وضعا، فإنه وضع لذلك، و مقتضى هذا الوضع هو صرف الكلي الطبيعي إلى الفرد المنتشر المردد بين الأفراد.

و استدل للثالث بأن الذي يفهم عرفا و يسبق إلى الذهن من قول البائع: بعتك صاعا هو الكلي الطبيعي من الصاع الموجود في الصبرة. -

ص: 295

حكي ثانيهما (1) عن الشيخ و الشهيدين، و المحقق الثاني و جماعة.

و استدل في جامع المقاصد بأنه (2) السابق إلى الفهم.

و برواية بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن قصب في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة و الأنبار فيه ثلاثون الف طن.

فقال البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن:

فقال المشتري: قد قبلت و اشتريت و رضيت فاعطاه المشتري من ثمنه الف درهم، و وكل المشتري من يقبضه فاصبحوا و قد وقع النار في القصب فاحترق منه عشرون الف طن و بقي عشرة آلاف طن؟

فقال عليه السلام: العشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري و العشرون التي احترقت من مال البائع (3).

و يمكن دفع الاول (4):

+++++++++++

- و هذا الكلي يتعين خارجا باول وجود منه:

و هذا مختار شيخنا الانصاري كما يصرح بذلك في ص 298 بقوله: فالقول الثاني.

(1) و هو الكلي الطبيعي المتعين في الخارج باول وجود منه.

و قد اشير إليه في ص 295 بقولنا: و استدل للثالث.

(2) اي الكلي الطبيعي المتعين فى الخارج هو السابق إلى الفهم.

و قد عرفت خلاصة استدلال المحقق الثاني فى ص 295.

عند قولنا: و استدل للثالث بأن الذي يفهم عرفا.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 272 الباب 19 - الحديث 1.

(4) اي رد الاستدلال الاول الذي استدل به المحقق الثاني:

و هو سبق الكلي الطبيعي إلى الفهم عرفا.

ص: 296

بأن مقتضى الوضع في قوله: صاعا من صبرة هو الفرد المنتشر الذي عرفت سابقا أن المشهور، بل الاجماع على بطلانه (1).

و مقتضى المعنى العرفي (2) هو المقدار المقدّر بصاع، و ظاهره حينئذ الاشاعة، لأن المقدار المذكور عن مجموع الصبرة مشاع فيه.

و أما الرواية (3) فهي أيضا ظاهرة في الفرد المنتشر (4) كما اعترف به في الرياض.

لكن (5) الانصاف أن العرف يعاملون في البيع المذكور معاملة الكلي فيجعلون الخيار في التعيين إلى البائع، و هذه أمارة فهمهم الكلي (6)

+++++++++++

- و قد عرفت هذا الرد في الاستدلال الثاني في ص 295 عند قولنا: بأن التنوين في قوله: بعتك صاعا.

(1) عند قوله في ص 267: و لا إشكال في بطلان ذلك مع اختلاف المصاديق.

(2) اي و مقتضى الفهم العرفي من قوله: بعتك صاعا هو المقدار المقدر بصاع و هذا يقتضي الاشاعة في مجموع الصبرة، لا الكلي الطبيعي المتعين في الخارج باول وجود منه.

(3) هذا رد على الاستدلال الثاني للمحقق الثاني: و هي رواية بريد بن معاوية.

(4) الذي اشير إليه في ص 295 عند قولنا:

الثاني أنه يحمل على الفرد المنتشر.

(5) من هنا يريد الشيخ الانصاري أن يبدي نظره حول بيع صاع من صبرة في تنزيل الصاع على أي معنى من المعاني الثلاثة التي ذكرناها في ص 294 عند قولنا: الاول - الثاني - الثالث.

(6) و هو الكلي الطبيعي المتعين في الخارج الذي اشير إليه -

ص: 297

و أما الرواية (1) فلو فرضنا ظهورها في الفرد المنتشر فلا بأس بحملها على الكلي (2) لاجل القرينة الخارجية (3).

و تدل (4) على عدم الاشاعة من حيث الحكم ببقاء المقدار المبيع و كونه مالا للمشتري.

فالقول الثاني (5) لا يخلو من قوة، بل لم نظفر بمن جزم بالاول (6) و إن حكاه في الايضاح قولا.

ثم إنه يتفرع على المختار من كون المبيع كليّا امور:
اشارة

ثم إنه يتفرع على المختار (7) من كون المبيع كليّا امور:

منها: كون التخيير في تعيينه بيد البائع

(احدها) (8): كون التخيير في تعيينه (9) بيد البائع، لأن (10)

+++++++++++

- في ص 295 عند قولنا: الثالث أنه يحمل على الكلي.

(1) هذا رد على ما افاده الشيخ قدس سره: من فرض ظهور رواية بريد بن معاوية في أن المراد من الكلي هو الكلي المنتشر في الفرد المردد

(2) و هو الكلي الطبيعي المنحصر في الفرد المعين.

(3) و هو احتمال كون التنوين للتمكن، أو ظهور اللفظ في الكلي الطبيعي، و مع هذا الظهور فلا وجه لحمل الكلي على الفرد المنتشر.

(4) اي رواية بريد بن معاوية.

(5) و هو حمل الكلي على الكلي الطبيعي المتعين في الخارج.

(6) و هو حمل الكلي على الفرد المنتشر المشار إليه في ص 295.

(7) و هو المشار إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة.

(8) اي احد تلك الامور المتفرعة على أن المبيع من صاع من صبرة هو كلي طبيعي: اي احدى الثمرات المترتبة على الوجهين:

الكلي المنحصر في المعين، و الكلي على الاشاعة.

(9) اي في تعيين الكلي الطبيعي.

(10) تعليل لكون اختيار تعيين الصاع المشترى بيد البائع -

ص: 298

المفروض أن المشتري لم يملك إلا الطبيعة المعراة عن التشخيص الخاص، فلا يستحق على البائع خصوصية فاذا طالب بخصوصية زائدة على تلك الطبيعة فقد طالب ما ليس حقا له.

و هذا (1) جار فى كل من ملك كليّا في الذمة، أو في الخارج فليس لمالكه اقتراح الخصوصية على من عليه الكلي، و لذا (2) كان اختيار التعيين بيد الوارث إذا وصى الميت لرجل بواحد من متعدد يملكه الميت كعبد من عبيده،

+++++++++++

- لا المشتري على القول بأن المراد من الكلي هو المتعين في الخارج.

و خلاصته أن المشتري لا يملك الا الصاع المشترى، دون خصوصية اخرى: و هو كون الصاع من هذا الجانب من كومة الصبرة، أو من ذاك الجانب منها.

فالمملوك هي الطبيعة المجردة المعراة عن كل شيء، و عن كل خصوصية متشخصة خارجية يستحقها من المالك البائع.

فاذا طالب المشتري بخصوصية زائدة على تلك الطبيعة المعراة فقد طالب شيئا لا يستحقه على البائع، و اقترح خصوصية ليست له.

فحكم هذا الصاع حكم الكلي في الذمة، أو في الخارج، من دون فرق بينهما، سوى من حيث ضيق الدائرة في الكلي المعين، و التوسعة في الكلي في الذمة، أو في الخارج.

بخلاف ما لو قلنا: إن المراد من الكلي هو الكلي المشاع، فإن الخصوصية داخلة في المبيع، فتعيين احد جانبي الصبرة متوقف على رضى البائع و المشتري.

(1) اي عدم مطالبة خصوصية زائدة على الطبيعة المعراة.

(2) اي و لاجل أن عدم خصوصية زائدة على الطبيعة المعراة جار فى كل من ملك كليا فى الذمة، أو فى الخارج.

ص: 299

و نحو ذلك (1).

إلا أنه قد جزم المحقق القمي (2) قدس سره في غير موضع من أجوبة مسائله بأن الاختيار فى التعيين بيد المشتري، و لم يعلم له وجه مصحح.

فيا ليته (3) قاس ذلك على طلب الطبيعة، حيث إن الطالب لما ملك الطبيعة على المأمور و استحقها منه لم يجز له بحكم العقل مطالبة خصوصية، دون اخرى.

+++++++++++

(1) كشاة من شياه، أو ثوب من ثياب، أو دار من دور.

(2) يأتي شرح حياة هذا المحقق العظيم و مؤلّفه الشريف:

(أجوبة المسائل) إن شاء اللّه تعالى في (أعلام المكاسب).

(3) من هنا يروم شيخنا الانصاري أن يرد على المحقق القمي فيما افاده فقال:

فيا ليت المحقق القمي قاس الطبيعة المعراة في بيع صاع من الصبرة على طلب الطبيعة في الأوامر و النواهي.

خلاصة هذا الكلام أنه كما أن المولى حينما يأمر عبده بشيء، أو ينهاه عنه إنما يستحق منه بطلبه و بعثه، و الزامه عليه نفس الطبيعة المجردة عن كل شيء، و المعراة عن أية خصوصية، فلا يستحق من العبد سوى الامتثال فى مقام العبودية، و اختيار تطبيق الكلي على الفرد بيد العبد

فاذا لم يستحق شيئا زائدا على اصل الطبيعة فلا معنى لاقتراح المولى خصوصية زائدة على اصل الطبيعة على عبده.

فكذلك فيما نحن فيه: و هو بيع صاع من صيعان الصبرة، لأن المفروض أن البيع قد تعلق بنفس الطبيعة المعراة عن كل خصوصية، و مجردة عن كل مزية: و هو الصاع المبيع من الصيعان.

ص: 300

و كذلك مسألة التمليك (1) كما لا يخفى.

و أما على الإشاعة (2) فلا اختيار لاحدهما، لحصول الشركة فتحتاج القسمة إلى التراضي.

منها: أنّه لو تلف بعض الجملة و بقي مصداق الطبيعة انحصر حقّ المشتري فيه

(و منها) (3): أنه لو تلف (4) بعض الجملة و بقي مصداق

+++++++++++

- فالمشتري فى مقام تمليك البائع له صاعا لا يستحق من المالك البائع شيئا سوى تعلقه بالمبيع، و تملكه له لا غير.

فاذا لم يستحق من البائع سوى ذلك فليس له اقتراح خصوصية زائدة على البائع في اختياره من هذا الجانب، أو من ذاك الجانب من كومة الصبرة، بل الاختيار بيد البائع.

هذا إذا كان المثمن كليا.

و أما إذا كان الثمن كليا يكون اختيار تعيين الكلي الطبيعي بيد المشتري كما افاده المحقق القمي قدس سره.

ثم إن لشيخنا المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 469 وجها مصححا لما افاده المحقق القمي: فى كون اختيار تعيين الكلي بيد المشتري.

فمن اراد الوقوف عليه فليراجع المصدر نفسه، لعدم اقتضاء المقام نقله هنا.

(1) و هي مسألة بيع صاع من صبرة مجتمعة كما عرفت فى ص 299 عند قولنا: فالمملوك هي الطبيعة المجردة.

(2) اى و أما على القول بالاشاعة.

(3) اى و من تلك الامور المتفرعة على أن المبيع من صبرة هو كلي طبيعي متعين في الخارج فى قوله فى ص 298: ثم إنه يتفرع على المختار.

(4) هذه هي الثمرة الثانية المترتبة على القولين.

ص: 301

الطبيعة انحصر حق المشتري فيه (1)، لأن كل فرد من أفراد الطبيعة و إن كان قابلا لتعلق ملكه به بخصوصه، إلا أنه يتوقف على تعيين مالك المجموع، و إقباضه (2).

فكل (2) ما تلف قبل إقباضه خرج عن قابلية ملكيته للمشتري فعلا فينحصر في الموجود.

و هذا بخلاف المشاع، فإن ملك المشتري فعلا ثابت في كل جزء من المال، من دون حاجة إلى اختيار و اقباض.

فكل ما يتلف من المال فقد تلف من المشتري جزء بنسبة حصته (4).

منها: أنه لو فرضنا أن البائع بعد ما باع صاعا من الجملة باع من شخص آخر صاعا كليا آخر

(و منها) (5): أنه لو (6) فرضنا أن البائع بعد ما باع صاعا من الجملة باع من شخص آخر صاعا كليا آخر فالظاهر أنه إذا بقي صاع واحد كان للاول (7)، لأن الكلي المبيع ثانيا إنما هو سار

+++++++++++

(1) اي في مصداق الطبيعة الموجودة.

(2) اي إقباض البائع المبيع للمشتري.

(3) خلاصة هذا الكلام أن المبيع بناء على أنه الكلي المتعين ينطبق عليه صرف الوجود من الطبيعي فما دام مقدار حق المشتري موجودا في الصبرة فقد انحصر حقه فيه.

(4) فإن كانت حصة المشتري سدسا فقد تلف من حصته سدس و إن كانت خمسا فخمس، و إن كانت ثمنا فثمن.

(5) اي و من تلك الامور المتفرعة على أن المبيع من صبرة هو كلي طبيعي معين التي افادها في قوله في ص 298: ثم إنه يتفرع على المختار.

(6) هذه هي الثمرة الثالثة المترتبة على القولين.

(7) اي للمشتري الاول، لأن المجموع ما عدا الصاع المبيع -

ص: 302

في مال البائع و هو ما عدا الصاع من الصبرة، فاذا تلف ما عدا الصاع (1) فقد تلف جميع ما كان الكلي فيه ساريا (2) فقد تلف المبيع الثاني قبل القبض.

و هذا بخلاف ما لو قلنا بالإشاعة (3).

صور إقباض الكلي

ثم اعلم أن المبيع إنما يبقى كليا (4) ما لم يقبض.

و أما إذا قبض فإن قبض منفردا عما عداه كان مختصا بالمشتري.

و إن قبض في ضمن الباقي: بأن اقبضه البائع مجموع الصبرة فيكون بعضه وفاء، و الباقي امانة حصلت الشركة (5)، بحصول

+++++++++++

- لو تلف ينطبق الباقي على ملكه، بناء على القول بأن المراد من الكلي هو الكلي المتعين.

(1) اي ما عدا الصاع المبيع للمشتري الاول كما عرفت آنفا.

(2) لأن الصاع الثاني الّذي بيع للمشتري الثاني تسرى كليته في جميع الصبرة عدا الصاع الاول المبيع للمشتري الاول فاذا تلف فقد تلف قبل إقباض البائع الصاع للمشتري فيكون البائع ضامنا له، فتشمله قاعدة:

كل مال تلف قبل إقباض البائع فقد تلف من ماله.

فلا يتلف من مال المشتري الثاني شيء.

هذا بناء على أن المراد من الكلي المتعين في الخارج.

(3) اى و أما بناء على أن المراد من الكلي هو الكلي المشاع فالتالف يوزع على البائع و المشتري الاول، و الثاني، لعدم انحصار المبيع في الصاع الباقي، و عدم سريان البيع الثاني إلى ما بقي من الصبرة، بل إلى مجموع الصبرة.

(4) اى كليا طبيعيا.

(5) اى فيما بين البائع و المشتري.

ص: 303

ماله في يده، و عدم توقفه على تعيين و اقباض حتى يخرج التالف عن قابلية تملك المشتري له فعلا، و ينحصر حقّه في الباقي، فحينئذ (1) حساب التالف على البائع، دون المشتري ترجيح بلا مرجح فيحسب عليهما.

و الحاصل (2) أنّ كل جزء معيّن قبل الإقباض قابل لكونه كلاّ (3) أو بعضا (4) ملكا فعليا للمشترى، و الملك الفعلي له حينئذ هو الكلي الساري، فالتالف المعين غير قابل لكون جزئه محسوبا على المشتري، لأن تملكه لمعين موقوف على اختيار البائع و اقباضه فيحسب على البائع.

بخلاف التالف بعد الاقباض، فإن تملك المشتري لمقدار منه حاصل فعلا، لتحقق الاقباض.

فنسبة كل جزء معين من الجملة إلى كل من البائع و المشتري على حد سواء.

نعم لو لم يكن اقباض البائع للمجموع على وجه الايفاء، بل على وجه التوكيل في التعيين، أو على وجه الامانة حتى يعين البائع

+++++++++++

(1) اى فحين أن حصلت الشركة بين البائع و المشتري بعد تسليم البائع حصة المشتري إليه، و بعد بقاء الباقي تحت يد المشتري امانة مالكية فلا معنى لاختصاص التالف بالبائع، دون المشتري، لكون الاختصاص ترجيحا بلا مرجح فلا بد من التوزيع عليهما.

(2) اى و خلاصة ما قلناه في بقاء العين كليا قبل اقباض البائع.

أو كليا مشاعا بعد الاقباض للمشتري.

(3) كما إذا كان الجزء المعين بمقدار المبيع كله،

(4) كما إذا كان الجزء المعين أزيد من مقدار المبيع.

ص: 304

بعد ذلك كان حكمه حكم ما قبل القبض (1).(1)

لو باع ثمرة شجرات و استثنى منها أرطالا معلومة

هذا كلّه مما لا إشكال فيه، و إنما الإشكال (2) في أنهم ذكروا فيما لو باع ثمرة شجرات و استثنى منها أرطالا معلومة: أنه لو خاست الثمرة سقط من المستثنى بحسابه (3).

و ظاهر ذلك (4) تنزيل الأرطال المستثناة على الإشاعة، و لذا (5) قال في الدروس:(2)

إن في هذا الحكم (6) دلالة على تنزيل الصاع من الصبرة على الاشاعة، و حينئذ (7) يقع الإشكال في الفرق بين المسألتين، حيث إن مسألة الاستثناء ظاهرهم الاتفاق على تنزيلها على الاشاعة.

+++++++++++

(1) اى يكون التالف من مال المشتري.

(2) اى و إنما الإشكال فيما ذكره الفقهاء.

(3) فلو كان المستثنى عشرة أرطال (اى كيلوات) مثلا و خاست جميع الثمرات المبيعة فيسقط من المستثنى بحسابه اى يوزع التالف على البائع و المشتري.

فهنا يسقط من حصة البائع عشر من مجموع عشرة كيلوات المستثناة إن كان المستثنى عشرة كيلوات.

(4) اى و ظاهر القول بسقوط مقدار من المستثنى بحسابه.

(5) اى و لاجل أن ظاهر القول بسقوط مقدار من المستثنى بحسابه هو تنزيل الأرطال المستثناة على الاشاعة

(6) و هو تنزيل الأرطال المستثناة على الإشاعة.

(7) اى و حين أن نزلنا الأرطال المستثناة على الاشاعة يقع الإشكال و السؤال عن الفرق بين المسألتين و هما:

مسألة بيع صاع من صبرة مجتمعة، حيث يحمل الكلي فيها -

ص: 305


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المشهور هنا التنزيل على الكلي، بل لم يعرف من جزم بالاشاعة (1) و ربما (2) يفرق بين المسألتين بالنص (3) فيما نحن فيه على التنزيل

+++++++++++

- على الكلي الطبيعي المعين كما عرفت.

فالتالف قبل الاقباض من مال البائع.

و بعد الاقباض من مال المشتري.

و مسألة الأرطال المستثناة، حيث يحمل الكلي فيها على الاشاعة فالتالف من مال البائع و المشتري.

فلما ذا يكون الفرق؟

(1) اي في بيع صاع من صبرة مجتمعة.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يذكر طرق التفصي عن العويصة المعروفة: و هي

سؤال الفرق بين المسألتين المشار إليها في الهامش 7 ص 305-306.

اي لما ذا فرق بين المسألتين؟

بعد البناء على متابعة المشهور: من اختيارهم الكلي المعين في بيع صاع من صبرة مجتمعة، دون الكسر المشاع.

ثم حملوا الكلي في الأرطال المستثناة على الكلي المشاع، و لذا افتى الفقهاء بأنه لو خاست الثمرة، أو تلف بعضها سقط من المستثنى بحسابه كما عرفت في الهامش 3 ص 305.

ثم إنهم ذكروا طرقا متعددة في التفصي عن العويصة المعروفة ذكرها الشيخ هنا و قد بلغت أربعة.

فنحن نذكر كل طريقة تحت رقمها الخاص.

(3) هذه اوّل طريقة للتفصي عن العويصة المعروفة.

و المراد من ما نحن فيه هو بيع صاع من صبرة مجتمعة.

ص: 306

على الكلي: و هو (1) ما تقدم من الصحيحة المتقدمة.

و فيه (2) أن النص إن استفيد منه حكم القاعدة لزم التعدي عن مورده إلى مسألة الاستثناء، أو (3)

+++++++++++

(1) اي النص الفارق بين المسألتين هي رواية بريد بن معاوية المشار إليها في ص 296.

و خلاصة الاستدلال في الطريقة الاولى أن مقتضى الكلام في كلتا المسألتين و هما:

مسألة بيع صاع من الصبرة المجتمعة.

و مسألة الأرطال المستثناة من ثمرة شجرات:

هو حمل الكلي فيهما على الكسر المشاع.

لكن الفقهاء حملوا الكلي في بيع الصاع على الكلي المعين، لوجود النص المذكور، و بقيت مسألة الاستثناء تحت قاعدة الاشاعة.

و قد عرفت كيفية دلالة الرواية على الكلي المعين في الهامش 1 ص 295 فراجع.

(2) اي و فيما افيد في الفرق بالنص المذكور نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر أنه إن استفيدت من النص المذكور قاعدة كلية بحيث تجعل كبرى كلية تنطبق على جميع صغرياتها و مفرداتها فلا بد من التعدي عن مورد النص: و هي مسألة الأطنان من القصب المبيعة إلى مسألة الأرطال المستثناة فيحمل الكلي في كلا المقامين على الكلي الطبيعي المتعين في أفراده، لا بحمل الكلي في النص على الكلي المتعين، و الكلي في الأرطال المستثناة على الكلي المشاع.

(3) اي أو لا بد من بيان الفارق بين المسألتين إذا لم نجعل النص المذكور قاعدة كلية بحيث تستفاد منه كبرى كلية تنطبق على صغرياتها -

ص: 307

بيان الفارق، و خروجها (1) عن القاعدة.

و إن اقتصر على مورده (2) لم يتعد إلى غير مورده حتى في البيع إلا بعد إبداء الفرق بين موارد التعدي، و بين مسألة الاستثناء.

و بالجملة (3) فالنص بنفسه لا يصلح فارقا، مع البناء على التعدي عن مورده الشخصي.

و أضعف من ذلك (4) الفرق بقيام الإجماع على الاشاعة في مسألة

+++++++++++

- و مصاديقها فيقال مثلا:

إن الفارق بين المسألتين كذا و كذا.

فيحمل الكلي في النص المذكور على الكلي المتعين.

و الكلي في مسألة الأرطال على الاشاعة.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بيان الفارق أي أو بيان خروج مسألة الأرطال عن القاعدة الكلية بعد أن جعلنا النص كبرى كلية تنطبق على جميع صغرياتها إذا لم يكن هناك فارق بين المسألتين.

(2) أي و إن اقتصرنا على مورد النص الذي هي رواية بريد بن معاوية في حمل الكلي فيها على الكلي المتعين فلا بد من عدم التعدي إلى غير مورده حتى إلى بيع صاع من صبرة مجتمعة فلا نقول بحمل الكلي في الصاع المبيع على الكلي المتعين في الأفراد.

(3) أي فخلاصة الكلام في المقام أن النص المذكور و هي رواية بريد بن معاوية لا يصلح بنفسه أن يكون فارقا بين مسألة بيع صاع من صبرة، و مسألة الأرطال المستثناة بعد أن بنينا على التعدي من مورد الرواية إلى بقية الموارد من المبايعات.

و مورد الشخصي من الرواية هو بيع أطنان من القصب.

(4) أي من الفرق الاول الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 306: و ربما يفرق -

ص: 308

الاستثناء (1)، لأنا (2) نقطع بعدم استناد المجمعين فيها إلى توقيف بالخصوص.

و أضعف من هذين (3) الفرق بين مسألة الاستثناء، و مسألة

+++++++++++

- هذه هي الطريقة الثانية للتفصي عن العويصة المذكورة.

و خلاصتها أن مقتضى ظاهر لفظ الكلي هو حمله على الكلي المتعين في مسألة بيع صاع من صبرة مجتمعة.

و مسألة الأرطال المستثناة.

لكن الاجماع قام على حمل الكلي في مسألة الأرطال على الاشاعة

(1) و هي استثناء أرطال من ثمرة شجرات.

(2) تعليل لأضعفية الطريقة الثانية من الطريقة الاولى.

و خلاصته أننا قاطعون بعدم استناد المدعين للاجماع المذكور إلى دليل خاص ورد في مسألة الأرطال المستثناة يدل على حمل الكلي فيها على الاشاعة حتى يكون الحمل المذكور حملا تعبديا.

بل استنادهم في الحمل على الإشاعة في مسألة الأرطال المستثناة هو اجتهادهم في ذلك و هو لا يكون حجة.

(3) هذه هي الطريقة الثالثة للتفصي عن العويصة المذكورة.

و قد افادها صاحب الجواهر قدس سره، أي و أضعف من الفرق الاول المشار إليه في الهامش 3 ص 306، و الفرق الثاني المشار إليه في الهامش 4 ص 308.

و خلاصة ما افاده في الفرق أن اقباض المبيع للمشتري واجب فيلزم امتثاله بحسب الامكان، و الامكان إنما يجري فيما لو بقي شيء من الصبرة يصدق عليه عنوان المبيع.

فاذا بقي شيء منها يجب دفعه إلى المشتري، لكونه متعلق -

ص: 309

الزكاة، و غيرهما ممّا يحمل الكلي فيها على الإشاعة.

و بين البيع باعتبار القبض في لزوم البيع و ايجابه على البائع، فمع وجود فرد يتحقق فيه البيع يجب دفعه إلى المشتري، إذ (1) هو شبه الكلي في الذمة.

و فيه (2) مع أن ايجاب (3) القبض متحقق في مسألتي الزكاة و الاستثناء: أن (4) ايجاب القبض على البائع يتوقف على بقائه، إذ مع عدم بقائه كلا، أو بعضا ينفسخ البيع في التالف، و الحكم بالبقاء

+++++++++++

- الوجوب، فلا يشمل التلف شيئا من مال المشتري.

(1) تعليل لكون التلف لا يشمل شيئا من مال المشتري.

و خلاصته أن بيع صاع من صبرة يشبه الكلي في الذمة.

فكما أن الكلي في الذمة يحمل على الكلي الطبيعي، فاذا تلف منه شيء فقد تلف من مال البائع.

كذلك الكلي في بيع صاع من صبرة يحمل على الكلي الطبيعي فاذا تلف منه شيء فقد تلف من مال البائع.

راجع (جواهر الكلام) الجزء 22. ص 423 الطبعة الجديدة.

(2) أي و فيما افاده الشيخ صاحب الجواهر من الفرق المذكور بين المسألتين نظر و إشكال.

(3) هذا إشكال نقضي.

خلاصته أن وجوب الاقباض في مسألة الزكاة، و مسألة الأرطال المستثناة متحقق أيضا، من دون فرق بينهما، و بين مسألة بيع صاع من صبرة.

(4) هذا جواب حلي عن الفرق المذكور.

و خلاصته أن ايجاب الاقباض على البائع متوقف على بقاء المبيع -

ص: 310

يتوقف على نفي الاشاعة، فنفي الاشاعة بوجوب الاقباض لا يخلو عن مصادرة كما لا يخفى.

و أما (1) مدخلية القبض في اللزوم فلا دخل له اصلا في الفرق.

و مثله (2) في الضعف لو لم يكن عينه ما في مفتاح الكرامة من الفرق: بأن (3) التلف من الصبرة قبل القبض فيلزم على البائع

+++++++++++

- لأنه إذا لم يبق منه إما كله أو بعضه فقد انفسخ العقد لا محالة في التالف، و الحكم بالبقاء متوقف على نفي الاشاعة و نفي الاشاعة مصادرة و اوّل الكلام.

و اما إذا قلنا بالاشاعة فالتالف يحسب عليهما، و ينفسخ البيع بمقدار حق المشتري.

(1) هذا رد على ما افاده صاحب الجواهر: من قياس ما نحن فيه بباب الكلي في الذمة كما عرفته في الهامش 1 ص 310 بقولنا:

فكما أن الكلي في الذمة.

و الجواب أن القياس المذكور فرع احراز كون المقام من باب الكلي في المعين، و قد عرفت أن هذا اوّل الكلام، لأننا لا نعلم أن الكلي في المقام كلي معين، أو كلي مشاع، لأن كلامنا في أنه:

لما ذا فرّق بين المسألتين؟

(2) هذه هي الطريقة الرابعة للتفصي عن العويصة المذكورة.

و قد افادها صاحب مفتاح الكرامة أي و مثل الفرق المذكور عن صاحب الجواهر في الضعف: الفرق الذي ذكره صاحب مفتاح الكرامة.

(3) الباء بيان لكيفية الفرق.

و خلاصة ما افاده في الفرق بين المسألتين أن التلف في باب بيع صاع من صبرة قد وقع على المبيع قبل أن يقبض المشتري من المالك -

ص: 311

تسليم المبيع منها (1) و إن بقي قدره (2) فلا ينقص المبيع لاجله.

بخلاف (3) الاستثناء، فإن التلف فيه بعد القبض، و المستثنى بيد المشتري امانة على الإشاعة بينهما فيوزّع الناقص عليهما، و لهذا (4)

+++++++++++

- الصاع المشترى فالواجب على البائع اقباض المبيع من الصبرة لأن التالف يحسب على البائع.

بخلاف الأرطال المستثناة، فإن التلف قد وقع على ثمرة شجرات بعد اقباض المالك الكلي و هو البائع فالتالف يحسب على البائع و المشتري.

و خلاصة الكلام في الفرق أن التلف في الصبرة كان قبل اقباض البائع الصاع للمشتري، فاللازم عليه تسليم المبيع من الصبرة و إن بقي من الصبرة مقدار المبيع و هو الصاع، و لا ينقص من هذا المقدار الباقي شيء لاجل التلف من الصبرة، طبقا للقاعدة المعروفة:

كل مبيع تلف قبل اقباض البائع فهو من ماله،

(1) أي من الصبرة كما عرفت آنفا.

(2) اي قدر المبيع كما عرفت آنفا عند قولنا: و إن بقي من الصبرة

(3) أي بخلاف التلف في باب الأرطال المستثناة، فإن التلف يحسب على البائع و المشتري، لأن المستثنى و هي الأرطال المستثناة كانت بيد المشتري امانة على الاشاعة بينهما، لأن بائع ثمرة الأشجار لم يملك المشتري جميع الأثمار حتى ثمرة المستثناة، ليتملك المشتري المستثنى.

بل جعل المستثنى عنده امانة على الاشاعة فيوزع التالف عليهما لو خاست ثمرة الأشجار.

(4) اي و لاجل أن المستثنى كان بيد المشتري امانة على الاشاعة و يوزع التالف عليهما لم يحكم بضمان المشتري للأرطال المستثناة في باب الاستثناء.

ص: 312

لم يحكم بضمان المشتري هنا.

بخلاف البائع هناك (1) انتهى.

و فيه (2) مع ما عرفت: من أن التلف من الصبرة قبل القبض إنما يوجب تسليم تمام المبيع من الباقي بعد ثبوت عدم الاشاعة.

فكيف يثبت به؟:

أنه إن اريد (3) من كون التلف في مسألة الاستثناء بعد القبض أنه بعد قبض المشترى.

ففيه أنه موجب لخروج البائع عن ضمان ما يتلف من مال المشترى و لا كلام فيه و لا إشكال.

+++++++++++

(1) اي في باب بيع صاع من صبرة، فإن البائع كما عرفت ضامن للصاع، لأن التلف وقع قبل الاقباض.

(2) اى و فيما افاده صاحب مفتاح الكرامة من الفرق المذكور بين المسألتين نظر و إشكال.

من هنا اخذ الشيخ في الإشكال على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة و تحليل كلامه تحليلا علميا، و المناقشة معه نقاشا دقيقا.

فقال: إنك مع ما عرفت في الجواب عما افاده صاحب الجواهر:

من إن وجوب تسليم المبيع من الباقي بعد التلف، و قبل إقباض البائع الصاع للمشترى مبني على عدم ثبوت الإشاعة، و القول بأنه لا اشاعة هنا مصادرة، و أنه اوّل الكلام.

فكيف يمكن اثبات الكلي في بيع صاع من صبرة كليا طبيعيا بعدم الاشاعة؟

نقول ما المراد من التلف بعد القبض في مسألة الاستثناء؟

(3) اى إن كان المراد من التلف بعد القبض في مسألة الأرطال -

ص: 313

و إنما الإشكال (1) في الفرق بين المشتري في مسألة الصاع، و البائع في مسألة الاستثناء، حيث (2) إن كلاّ منهما يستحق مقدارا من المجموع لم يقبضه مستحقه.

فكيف يحسب نقص التلف على احدهما دون الآخر؟

+++++++++++

- المستثناة هو التلف بعد قبض المشتري حقه من البائع في ضمن قبض جميع ثمرة الشجرات المبيعة التي منها الأرطال المستثناة للبائع:

فيرد عليه أن هذا النحو من التلف باعث لخروج ذمة البائع عن ضمان ما يتلف من مال المشتري، و هذا مما لا إشكال فيه و لا كلام.

(1) أي الإشكال في الفرق بين المسألتين.

و أنه لما ذا يفرق بين المشتري في مسألة شرائه صاعا من صبرة؟ و بين البائع في مسألة الأرطال؟

حيث حكم الفقهاء بضمان البائع للمشتري في الصاع لو تلفت الصبرة و أنه يجب عليه دفع الباقي إلى المشتري، و أن التالف يحسب عليه.

و حكموا بعدم ضمان المشتري للبائع في الأرطال المستثناة لو خاست ثمرة الأشجار، و أن الخامس يحسب على البائع و المشتري كل واحد منهما بحسابه.

(2) تعليل للاشكال في الفرق المذكور بين المسألتين.

و خلاصته أن بائع ثمرة شجرات يستحق من المشتري أرطاله المستثناة التي كانت بيد المشتري امانة بعد أن اقبضه البائع جميع ثمرة الشجرات المبيعة التي منها الأرطال المستثناة فهو لم يتسلم من المشتري تلك الأرطال.

و أن مشتري صاع من صبرة يستحق الصاع من البائع و هو لم يقبضه منه فكلاهما مشتركان في عدم قبض حقهما الكلي.

ص: 314

مع اشتراكهما في عدم قبض حقهما الكلي.

و إن اريد (1) من كون التلف بعد القبض أن الكلي الذي يستحقه البائع قد كان في يده بعد العقد فحصل الاشتراك فاذا دفع الكل إلى المشتري فقد دفع مالا مشتركا.

فهو (2) نظير ما إذا دفع البائع مجموع الصبرة إلى المشتري فالاشتراك كان قبل القبض.

ففيه (3) أن الإشكال بحاله، إذ يبقى سؤال الفرق بين قوله:

بعتك صاعا من هذه الصبرة،

+++++++++++

- فلما ذا يفرق بينهما في الضمان، و عدمه؟

(1) اي و إن كان المراد من التلف بعد القبض في مسألة الأرطال مقصود الشيخ قدس سره أن المراد من القبض إن كان قبض البائع حقه بعد العقد و قبل التسليم:

بمعنى أن الأرطال التي يستحقها البائع كانت في يده في ضمن مجموع المبيع، و تحت تصرفه بعد العقد، و باقباض البائع الجميع إلى المشتري قد حصل الاشتراك، و بتسلمه قد سلّم مالا مشتركا بينهما.

فالتلف يكون بعد القبض، لأن المفروض أن المشتري قد قبض المستثنى و المستثنى منه جميعا من البائع.

(2) أي ما نحن فيه يكون نظير بيع صاع من صبرة لو دفع البائع مجموع الصبرة: من المبيع، و من مال نفسه إلى المشتري فيكون التلف على المشتري في هذه الصورة.

لكنه لم يدفعه إليه فلو تلف يكون التلف على البائع، لأن المفروض أن الصبرة بيده و لم يقبضها للمشتري.

(3) أي ففيما افاده صاحب مفتاح الكرامة نظر و إشكال، لأن -

ص: 315

و بين قوله: بعتك هذه الصبرة، أو هذه الثمرة إلا صاعا منها.

و ما الموجب (1) للاشتراك في الثاني، دون الاول؟

مع كون (2) مقتضى الكلي عدم تعين فرد منه، أو جزء منه لمالكه، إلا بعد إقباض مالك الكل الذي هو المشتري في مسألة الاستثناء فإن كون الكل بيد البائع المالك الكلي لا يوجب الاشتراك.

هذا (3)،

+++++++++++

- كلامنا ليس في التلف قبل القبض، أو بعده.

بل الكلام في أنه ما السبب في الصاع الوارد في قول البائع:

بعتك صاعا من هذه الصبرة، و بين قولك:

بعتك صاعا من هذه الصبرة، أو هذه الثمرة إلا صاعا منها؟

حيث يحمل الصاع في الاول الذي هو حق المشتري على الكلي.

و يحمل الصاع الذي هو حق البائع على الاشاعة؟

(1) أي و ما الموجب لاشتراك البائع و المشتري في الإضرار في الثاني دون الاول؟

(2) هذا إشكال آخر على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة في الفرق المذكور بين المسألتين.

و خلاصة الإشكال أن مجرد كون المجموع: و هو المستثنى و المستثنى منه في يد البائع و تحت تصرفه لا يقتضي اشتراك البائع المالك للمستثنى مع المشتري.

بل لا بد من بعد وصول المال بيد المشتري أن يدفع المشتري إلى البائع حقه حتى يتعين و يتشخص في فرد من الكل، أو في جزئه.

(3) أى خذ ما اوردناه على صاحب مفتاح الكرامة في هذا المقام:

من أن مجرد كون المجموع تحت تصرفه لا يقتضي الاشتراك.

ص: 316

مع (1) أنه لم يعلم من الأصحاب في مسألة الاستثناء الحكم بعد العقد بالاشتراك، و عدم جواز تصرف المشترى إلا باذن البائع كما يشعر به (2) فتوى جماعة منهم الشهيدان و المحقق الثاني بأنه لو فرّط المشترى وجب اداء المستثنى من الباقي.

و يمكن (3) أن يقال: إن بناء المشهور في مسألة استثناء الأرطال إن كان على عدم الاشاعة قبل التلف، و اختصاص (4)

+++++++++++

(1) أى بالإضافة إلى الإشكال المذكور لنا إشكال آخر على ما افاده من اشتراك البائع مع المشترى و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده.

(2) أى بعدم الاشتراك بينهما.

وجه الإشعار أنه لو كان مجرد وجود المستثنى منه و المستثنى تحت يد البائع و تصرفه موجبا للاشتراك فلا وجه لوجوب اداء حق البائع من خصوص الباقي، بل المشترى مخير بين الاداء من الباقي و من غيره كما هو مقتضى الضمان في سائر موارده.

(3) خلاصة هذا الكلام أنه يمكن القول بعدم الاشاعة في الأرطال المستثناة قبل التلف، و بالاشاعة و الاشتراك بعد التلف.

و الدليل على ذلك فتوى جماعة من الفقهاء بأن المشترى لو فرّط في تلف البعض من الثمرة و بقي قسم منها يكون الباقي حصة البائع لا غير، و ليس للمشترى فيه نصيب.

فمن هذه الفتوى نستكشف عدم الاشاعة في التالف قبل القبض و الاشاعة في التالف بعد القبض: بأن يحسب التالف عليهما، لكن المشترى ضامن لحصة البائع التالفة.

(4) بالنصب عطف على اسم إن في قوله في هذه الصفحة: إن بناء المشهور، أى و يمكن أن يقال: إن اختصاص الاشتراك بالتالف.

ص: 317

الاشتراك بالتالف، دون الموجود كما ينبئ عنه (1) فتوى جماعة منهم بأنه لو كان تلف البعض بتفريط المشترى كانت حصة البائع في الباقي.

و يؤيده (2) استمرار السيرة في صورة استثناء الأرطال المعلومة من الثمرة على استقلال المشترى في التصرف، و عدم المعاملة مع البائع معاملة الشركاء.

فالمسألتان (3) مشتركتان في التنزيل على الكلي، و لا (4) فرق بينها إلا فى بعض ثمرات التنزيل على الكل و هو حساب التالف عليهما

و لا يحضرني وجه واضح لهذا الفرق (5)، إلا (6) دعوى أن المتبادر من الكلي المستثنى هو الكلي الشائع فيما يسلم للمشترى

+++++++++++

(1) أى عن عدم الاشاعة قبل التلف، و بالاشاعة بعده.

(2) أى و يؤيد القول بعدم الاشاعة قبل التلف، و بالاشاعة بعده

(3) و هما: مسألة بيع صاع من صبرة، و بيع ثمرة من شجرات استثنى البائع أرطال معينة من ثمرة تلك الشجرات المبيعة، حيث إن الكلي مبهم يحمل على الكلي المعين.

(4) أى و ليس فرق بين المسألتين من حيث حمل الكلي فيهما على الكلي المعين إلا في ترتب الاثر في الأرطال المستثناة، حيث عرفت أنها بعد التلف يحمل الكلي فيها على الاشاعة، و أن التالف يحسب على البائع و المشترى و إن كان المشترى ضامنا للبائع لما تلف منه.

(5) و هو الفرق بين مسألة بيع صاع من صبرة مجتمعة.

و بين مسألة بيع ثمرة شجرات، و استثناء أرطال معينة منها حيث يحمل الكلي في الاولى على المتعين، و في الثانية على الاشاعة.

(6) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من امكان حمل الكلي في مسألة الأرطال المستثناة على عدم الاشاعة، و يقصد حمله على الاشاعة. -

ص: 318

..... - و خلاصة العدول أن المتبادر عرفا من الكلي عند اطلاقاته هو الكلي المشاع و التبادر علامة الحقيقة فيحمل الكلي في جميع مجالاته العرفية على الاشاعة، فالتالف يحسب على البائع و المشترى.

فحينئذ لو تلف من المجموع مقدار و بقي منه مقدار.

فإن كان المجموع عشرة كيلوات مثلا و التالف تسعة كيلوات و كانت حصة البائع المستثناة كيلوا واحدا، و حصة المشترى تسعة كيلوات و الباقي بعد التلف كيلوغرام واحد.

فالباقي هنا يوزع على البائع و المشترى بنسبة حصتهما.

فحصة البائع من المجموع العشر أى كيلوغرام واحد من عشرة كيلوات فيكون الباقي من الكيلو الواحد من حصته بنسبتها هو العشر فيعطى له.

و حصة المشترى من المجموع تسعة كيلوات فيكون الباقي من الكيلو الواحد من حصته بنسبة التالف و هي تسعة كيلوات تسعة أعشار فتعطى له فيكون مجموع التالف من حصته ثمانية كيلوات و عشر الكيلو.

أليك الشرح.

المجموع 10 كيلوات.

حصة البائع 1 كيلوغرام واحد.

حصة المشترى 9 كيلوات.

التالف 9 كيلوات.

الباقي 1 كيلوغرام واحد.

ص: 319

لا مطلق الموجود وقت البيع.

و إن كان (1) بناؤهم على الإشاعة من أول الأمر أمكن أن يكون

+++++++++++

- نسبة حصة البائع 1 10 كيلو من عشرة كيلوات.

و نسبة حصة المشترى 9 10 كيلوات من عشرة كيلوات.

التالف من حصة البائع 1-109101 كيلوات من عشرة كيلوات.

و التالف من حصة المشترى 9-1011081109 و 8 كيلوات.

حصة البائع من الكيلو الواحد الباقي 1-101109 كيلو من الكيلو الواحد.

حصة المشترى من الكيلو الواحد الباقي 9-1091081 9 0 كيلو من الكيلو الواحد.

(لا يقال): إن حصة البائع وقت البيع حينما استثناها كانت كيلوا واحدا فلما ذا يعطى له عشر من الكيلو؟

(فإنه يقال): إن المعيار في الكلي المشاع هو الباقي من المجموع عند المشترى، لا وقت البيع.

و من المعلوم أن الباقي و السالم من المجموع بعد التلف هو كيلو واحد.

اذا فلا عبرة بكون حصة البائع كانت وقت البيع كيلوا واحدا فيعطى للبائع بنسبة حصته.

(1) مقصود الشيخ قدس سره من هذه العبارة أنه من الممكن أن يكون الوجه في احتساب التالف على البائع و المشترى في مسألة الأرطال المستثناة هو أن المستثنى و المستثنى منه كلاهما كليان: -

ص: 320

الوجه في ذلك أن المستثنى كما يكون ظاهرا في الكلي.

كذلك يكون عنوان المستثنى منه الذي انتقل إلى المشتري بالبيع كليا:

بمعنى أنه ملحوظ بعنوان كلي يقع عليه البيع.

فمعنى (1) بعتك هذه الصبرة إلا صاعا منها بعتك الكلي الخارج الذي هو المجموع المخرج عنه الصاع فهو كلي كنفس الصاع، فكل منهما مالك لعنوان كلي فالموجود مشترك بينهما، لأن نسبة كل جزء منه إلى كل منهما على نهج، سواء فتخصيص احدهما به ترجيح من غير مرجح.

و كذا التالف نسبته إليهما على السواء فيحسب عليهما.

+++++++++++

- بمعنى أن البائع حينما استثنى كيلوا واحدا فقد ملك كليا من مجموع الثمرة.

و كذلك المشتري عند ما انتقل إليه المستثنى منه فقد ملك كليا فكل منهما مالك لعنوان كلي.

إذا يكون التالف مشتركا بينهما، و الموجود مشتركا بينهما كل بنسبة حصته، لأن نسبة كل جزء من التالف و الموجود إلى كل منهما على حد سواء، من غير فرق بينهما، لأن تخصيصه باحدهما موجب للترجيح بلا مرجح.

فالتالف يحسب عليهما، و الموجود يقسم عليهما كل بحسب حصته كما عرفت آنفا.

(1) الفاء تقريع على ما افاده: من إمكان كون الكلي في مسألة الاستثناء كليا مشاعا في كلا الطرفين و هما: المستثنى و المستثنى منه.

ص: 321

و هذا (1) بخلاف ما إذا كان المبيع كليا، فإن مال البائع ليس ملحوظا بعنوان كلي في قولنا: بعتك صاعا من هذه الصبرة، إذ لم يقع موضوع الحكم في هذا الكلام حتى يلحظ بعنوان كلي كنفس الصاع.

(فإن قلت (2): إن مال البائع بعد بيع الصاع ليس جزئيا حقيقيا متشخصا في الخارج فيكون كليا كنفس الصاع.

(قلت) (3): نعم و لكن ملكية البائع له ليس بعنوان كلي

+++++++++++

(1) مقصود الشيخ قدس سره أن مسألة بيع صاع من الصبرة خلاف مسألة بيع ثمرة شجرات، حيث إن المبيع في مسألة الصاع الذي هو حق المشتري يكون كليا لا غير.

و أما بقية الصبرة التي هي حق البائع فليست ملكيتها للبائع بعنوان كلي بحيث لوحظ ذاك العنوان بما هو كلي في قوله: بعتك هذه الصبرة إلا صاعا منها، لأن المبيع لم يقع في هذا الكلام موضوعا للحكم حتى يلحظ بعنوان كلي كنفس الصبرة المبيعة للمشتري، حيث كانت كليا.

(2) خلاصة إن قلت أن ما بقي من الصبرة التي هو مال البائع بعد بيع الصاع كلي و ليس جزئيا حقيقيا كما كان قبل البيع جزئيا حقيقيا فعليه يكون ما بقي من الصبرة مع الصاع المبيع على حد سواء في الكلية فيكون مشتركا بينهما، و التالف يحسب عليهما.

إذا تكون النتيجة أن الكلي هنا مشاع كما كان في مسألة الأرطال المستثناة، حيث إن المستثنى منه و المستثنى كلاهما كليان.

(3) خلاصة قلت: أن الامر كما قلت أي مال البائع بعد بيع صاع من الصبرة صار كليا و ليس بجزئي حقيقي.

لكن نقول: إن ملكية البائع لما بقي من الصبرة لم تكن حادثة من جديد، و لم توجد بسبب جديد حتى تصير معنونة بعنوان حتى تقول -

ص: 322

حتى يبقى ما بقي ذلك العنوان، ليكون الباقي بعد تلف البعض مصداقا لهذا العنوان، و عنوان الصاع على نهج سواء، ليلزم من تخصيصه باحدهما الترجيح من غير مرجح فيجيء الاشتراك، فاذا لم يبق إلا صاع كان الموجود مصداقا لعنوان ملك المشتري فيحكم بكونه مالكا له، و لا يزاحمه بقاء عنوان ملك البائع، فتأمل (1).

هذا ما خطر عاجلا بالبال، و قد اوكلنا تحقيق هذا المقام الذي لم يبلغ إليه ذهني القاصر إلى نظر الناظر البصير الخبير الماهر.

عفى اللّه عن الزلل في المعاثر.

أقسام بيع الصبرة

قال في الروضة تبعا للمحكي عن حواشي الشهيد:

إن أقسام بيع الصبرة عشرة، لأنها إما أن تكون معلومة المقدار

+++++++++++

- إن عنوان ملكيته صار كليا فلا وجه لتقديم تطبيق عنوان ملكية المشتري على ما بقي بعد التلف، ليكون الكلي مشاعا فيما يبقى للمشتري

بل عنوان ملكية المشتري، و عنوان ملكية البائع منطبقان على الموجود بعد التلف فيقسم بينهما.

و أما عنوان الكلي فمنطبق على الصاع المشترى، و على الصاع الموجود فيأخذه، و ليس للبائع فيه شيء اصلا، لأنك عرفت آنفا أن ملكية البائع لا تكون معنونة بعنوان حتى يقال: إن عنوان ملكيته صار كليا.

(1) لعل الامر بالتأمل كما افاده المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 471 اشارة إلى أن العنوان الجاري في اللفظ ليس معتبرا إلا لاجل أنه سبب للواقع، و مع كون المبيع كليا يكون ملك البائع أيضا كليا كما افاد هذا المعنى الشيخ قدس سره بقوله في ص 322: قلت: نعم فيكون عنوان ملك البائع الثابت واقعا يزاحم ملك المشتري.

ص: 323

أو مجهولة.

فإن كانت معلومة صح بيعها اجمع (1).

+++++++++++

(1) لا يخفى عليك أن شيخنا الشهيد الثاني ذكر هذه الأقسام عند ما افاد الشهيد الاول في بيع الصبرة بقوله:

(و لو باع قفيزا من صبرة صح و إن لم يعلم كمية الصبرة)، و لما كانت الأقسام العشرة غير مشروحة شرحا وافيا مع تطلب المقام ذلك.

بالإضافة إلى عدم تصريح بذكر تمام الأقسام الخمسة الجائزة للبيع و تمام الأقسام الخمسة غير جائزة للبيع.

و نحن عند ما اقدمنا على طبع (اللمعة الدمشقية) مع شرحها (الروضة البهية)، و التعليق عليهما لم نذكر تلك الأقسام بكاملها و لم نشرحها شرحا مناسبا و مقامها:

فرأينا هنا عند ما افاد شيخنا الانصاري ذكر الأقسام عن الشهيد الثاني بيان تلك الأقسام بتمامها، و إسهاب الكلام فيها حسب اقتضاء المقام ذلك، ليكون القارئ النبيل محيطا بشتى جوانب الأقسام، و ما يترتب عليها.

ثم إن الشهيد الثاني قسم الصبرة قسمين: معلومة - و مجهولة و جعل لكل واحد منهما خمسة أقسام، و رتب صحة البيع على المعلومة و عدم الصحة على المجهولة كما ستعرفها عند ما نذكر عبارته.

أليك نص عبارته:

قال قدس سره:

و اعلم أن أقسام بيع الصبرة عشرة.

ذكر المصنف بعضها منطوقا، و بعضها مفهوما.

ص: 324

- و جملتها (1) أنها (2) إما أن تكون معلومة المقدار، أو مجهولة من هنا اخذ الشهيد الثاني في عدّ تلك الأقسام.

و حاصل ما افاده في هذا المقام: أن الصبرة الموجودة المعروضة للبيع إما أن يكون مقدارها معلوما، أو مجهولا.

ثم قال طيب اللّه رمسه:

فإن كانت (3) معلومة صح بيعها اجمع.

و بيع (4) جزء منها معلوم مشاع.

و بيع (5) مقدار كقفيز تشتمل عليه.

+++++++++++

(1) اي و مجموع تلك الأقسام العشرة.

(2) اي الصبرة المعروضة للبيع.

(3) اي الصبرة المعروضة للبيع إن كان مقدارها معلوما صح بيع تمامها بكاملها، لمعلومية المبيع.

من هنا اخذ الشهيد الثاني في عد الأقسام الخمسة الجائزة للبيع.

فهذا اوّل قسم من الأقسام الخمسة الجائزة للبيع.

(4) بالرفع عطفا على فاعل صح اي و صح بيع جزء معين من تلك الصبرة المعلومة المقدار على نحو الاشاعة كبيع ثلث منها: أو ربع أو خمس، أو سدس، أو سبع، أو ثمن، أو تسع، أو عشر.

فهذا هو القسم الثاني من الأقسام الخمسة الجائزة للبيع.

(5) بالرفع عطفا على فاعل صح اي و صح بيع مقدار من الصبرة المعلومة المقدار كبيع قفيز منها تشتمل تلك الصبرة على ذاك القفيز.

هذا هو القسم الثالث من الأقسام الخمسة التي يجوز بيعها.

و الفرق بين هذا القسم، و القسم الثاني هو أن المبيع في القسم الثاني جزء معين على نحو الاشاعة، و في القسم الثالث مقدار معين على نحو التعيين.

ص: 325

و بيعها (1) كل قفيز بكذا.

لا بيع (2) كل قفيز منها بكذا.

+++++++++++

(1) بالرفع عطفا على فاعل صح اي و صح بيع الصبرة المعلومة المقدار بتمامها قفيز منها بدرهم مثلا.

هذا هو القسم الرابع من الأقسام الخمسة التي يجوز بيعها.

و الفرق بين هذا القسم و القسم الاول المشار إليه في الهامش 3 ص 325 هو أن المبيع هناك هو مجموع الصبرة المعلومة بكاملها من دون أن يقال كل قفيز منها بكذا.

و هنا و إن كان المبيع مجموع الصبرة أيضا، لكن المبيع في الواقع هو كل قفيز من تلك الصبرة، لا الصبرة بشخصها، فالبيع قد تعلق بالقفيز، لا بالصبرة.

(2) اي و لا يصح بيع كل قفيز من تلك الصبرة المعلومة المقدار بدرهم مثلا، للجهل بمقدار المبيع من الصبرة، حيث لا يدرى مقدار القفيز المبيع و إن كانت الصبرة معلومة المقدار، لأنه لا يعلم كون المبيع هو تمام الصبرة المعلومة المقدار، أو بعضها.

و على فرض كون المبيع هو البعض من الصبرة المعلومة المقدار لا يعلم أيضا أن المبيع منها هو قفيز واحد أو أكثر.

فعدد القفيز في هذه المعاملة مجهول، فيكون البيع باطلا.

فالمبيع هنا في الجهالة يشبه القبول الصادر من المشتري في جواب قول البائع:

بعتك نقدا بدينار، و مؤجلا بدينارين، حيث لا يعلم تعلق -

ص: 326

و المجهولة (1) يبطل بيعها في جميع الأقسام الخمسة.

+++++++++++

(1) من هنا اخذ شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في ذكر بقية الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها و هي أربعة، إذ ذكر واحدا من الأقسام الخمسة في الصبرة المعلومة المقدار و ذكرناه في الهامش 2 ص 326 حيث كان المبيع مجهولا و إن كانت الصبرة معلومة المقدار

و شيخنا الشهيد الثاني طيب اللّه رمسه لم يصرح بذكر بقية الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها إلا بنحو الاشارة، لأنه احال استخراج بقية الأقسام الباطلة على الأقسام الصحيحة.

و حيث كان تشخيص تلك البقية من الصبرة المعلومة صعبا جدا على الطالب الكريم التجأنا إلى التصريح بها واحدا بعد واحد.

أليك الأقسام الاربعة الباقية من الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها

(الاول): عدم جواز بيع جميع الصبرة المجهولة المقدار.

(الثاني): عدم جواز بيع جزء مشاع من الصبرة المجهولة المقدار كبيع ثلث، أو نصف، أو ربع، أو ثمن، أو خمس، أو سدس، أو سبع، أو ثمن، أو تسع، أو عشر.

(الثالث): عدم جواز بيع الصبرة المجهولة المقدار كل قفيز منها بدرهم مثلا.

(الرابع): عدم جواز كل قفيز من الصبرة المجهولة المقدار - - القبول بأي المبيعين: النقدي - أو المؤجل.

فكما أن المبيع هنا باطل.

كذلك فيما نحن فيه باطل أيضا.

فهذا القسم اوّل قسم من الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها.

ص: 327

إلا الثالث (1)

+++++++++++

- بدرهم مثلا، حيث لا يدرى مقدار المبيع، لعدم العلم بمقدار الصبرة

ثم إن الفرق بين القسم الرابع و الثالث: أن المبيع في القسم الثالث هي الصبرة المجهولة كل قفيز منها بدرهم.

و من القسم الرابع هو القفيز المجهول من الصبرة المجهولة.

كما أن الفرق بين القسم الرابع من الأقسام التي لا يجوز بيعها.

و بين القسم الاول من الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها المشار إليها في الهامش 1 ص 327: هو أن المبيع في القسم الاول القفيز المجهول من الصبرة المعلومة كما علمت.

و في القسم الرابع المبيع هو القفيز المجهول من الصبرة المجهولة المقدار أيضا كما عرفت.

و أما وجه عدم الجواز في الأقسام الخمسة المذكورة فمجهولية المبيع: سواء تعلق البيع بالقفيز أم بالصبرة فالمبيع مجهول لا محالة.

(1) استثناء من الصبرة المجهولة المقدار اي إلا القسم الثالث فإنه يجوز بيعه و إن كانت الصبرة مجهولة، لكون المبيع هو المقدار المعين من الصبرة، لا الصبرة المجهولة حتى يكون البيع باطلا.

فعليه يكون المراد من الثالث هو المقدار المعين من الصبرة المجهولة المقدار.

فهذا هو القسم الخامس من الأقسام الخمسة التي يجوز بيعها.

و أما وجه الصحة فيه مع أن الصبرة مجهولة المقدار فمعلومية المبيع حيث إن المبيع هو المقدار المعين من الصبرة المجهولة المقدار:

و هو القفيز من الصبرة.

ص: 328

- و هل ينزل القدر المعلوم في الصورتين (1) على الإشاعة؟

أو يكون المبيع ذلك المقدار في الجملة (2).

وجهان؛

أجودهما الثاني (3).

و تظهر الفائدة (4) فيما لو تلف بعضها.

فعلى (5) الاشاعة بتلف من المبيع بالنسبة.

و على الثاني (6)

+++++++++++

(1) و هما: صورة العلم بمقدار الصبرة، و صورة الجهل بمقدارها.

(2) اي المبيع هو المقدار الداخل في الصبرة في الجملة.

(3) و هو أن المبيع هو المقدار الداخل في الصبرة في الجملة.

(4) اي فائدة القول بتنزيل القدر المعلوم على الاشاعة، أو أن المبيع هو المقدار الداخل في الصبرة في الجملة.

(5) الفاء تفريع على ما افاده بقوله: و تظهر الفائدة اي ففي ضوء ما ذكرنا فعلى القول بالاشاعة تظهر فائدته فيما لو تلف من الصبرة شيء فيتلف من المبيع بنسبة ما تلف من الصبرة، فإن كان التالف ربعا فيتلف من حصة المشتري ربع، و إن كان التالف نصفا فيتلف من حصة المشتري نصف، و إن كان ثلثا فثلث.

و إن كان خمسا فخمس، و هكذا.

(6) اي و على القول الثاني: و هو أن المبيع هو المقدار الداخل في جملة الصبرة.

خلاصة هذا الكلام أنه على هذا القول فلو تلف من الصبرة شيء فالتالف يكون من المبيع الذي هو حصة البائع، لا من حصة المشتري. -

ص: 329

يبقى المبيع ما بقي قدره (1)

+++++++++++

- فحينئذ لو بقي شيء من الصبرة و كان الباقي بمقدار حصة المشتري التي اشتريت من البائع يدفع له.

و إن كان الباقي أكثر من حصة المشتري فالزائد من الحصة للبائع يعطى له.

(1) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 268، و التعاليق التي علقناها هناك، و إن كان ما علقناه هنا أكثر مما علق هناك.

فتحصل من مجموع ما ذكر أن أقسام بيع الصبرة عشرة.

خمسة منها يصح بيعها كما عرفت.

و خمسة لا يصح و الخمسة التي يصح بيعها:

أربعة منها الصبرة فيها معلومة المقدار، و واحد منها الصبرة فيه مجهولة المقدار، لكن المبيع منها معلوم المقدار.

أليك الأقسام الخمسة التي يجوز بيعها بالترتيب و التسلسل.

(الاول): جواز بيع تمام الصبرة المعلوم مقدارها.

(الثاني): جواز بيع جزء معين من الصبرة المعلومة على نحو الاشاعة

(الثالث): جواز بيع مقدار معين من الصبرة المعلومة على نحو التعيين كبيع خمسين كيلوغرام منها تكون الصبرة مشتملة على المبيع

(الرابع): بيع الصبرة المعلومة مقدارها كل كيلوغرام منها بدرهم،

(الخامس): بيع مقدار معين من الصبرة المجهولة من حيث المقدار كبيع مائة كيلوغرام منها بحيث تكون الصبرة مشتملة على المبيع.

و الفرق بين القسم الخامس، و الأقسام الاربعة المذكورة الأول -

ص: 330

و بيع (1) جزء منها معلوم مشاع.

و بيع (2) مقدار كقفيز (3) تشتمل عليه.

+++++++++++

(1) اشير إليها في الهامش 1 ص 330.

(2) اشير إليها في الهامش 1 ص 330.

(3) مفرد: جمعه أقفزة - قفزان.

- أن الأربعة الأول الصبرة فيها معلومة المقدار.

بخلاف القسم الخامس، فإن الصبرة فيه مجهولة المقدار.

لكن المبيع منها معلوم المقدار كما عرفت.

أليك الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها بالترتيب و التسلسل.

(الاول): عدم جواز بيع تمام الصبرة المجهولة من حيث المقدار

(الثاني): عدم جواز بيع جزء من الصبرة المجهولة من حيث المقدار على نحو الاشاعة كبيع ثلث، أو ربع، أو خمس، أو سدس منها مثلا.

(الثالث): عدم جواز بيع الصبرة المجهولة من حيث المقدار كل كيلوغرام منها بدرهم مثلا.

(الرابع): عدم جواز بيع كل قفيز من الصبرة المجهولة المقدار بدرهم مثلا، حيث لا يدرى مقدار القفيز المبيع لعدم العلم بمقدار الصبرة، لكونها مجهولة المقدار.

(الخامس): عدم جواز بيع كل قفيز من الصبرة المعلومة المقدار، حيث لا يدرى مقدار القفيز المبيع و إن كانت الصبرة معلومة المقدار.

فالبيع قد تعلق بنفس القفيز الذي هو مجهول العدد، لا بالصبرة التي هي معلومة المقدار حتى يكون البيع صحيحا.

ص: 331

و بيعها (1) كل قفيز بكذا، لا بيع (2) كل قفيز منها بكذا.

و المجهولة كلها باطلة (3) إلا الثالث (4): و هو بيع مقدار معلوم تشتمل الصبرة عليه (5).

و لو لم يعلم باشتمالها (6) عليه فظاهر القواعد و المحكي عن حواشي الشهيد، و غيرها عدم الصحة، و استحسنه (7) في الروضة.

+++++++++++

- و هو مكيال مخصوص مقداره تسعون رطلا بغداديا.

و أما بوزن العصر الجديد فمقداره بالكيلوغرام 27 كيلوا و 817 غراما إلا بضعة سنتيمات.

و أما بوزن المثقال فمقداره 8100 مثقال.

و أما بوزن الدرهم فمقداره 11447 درهما.

قال هذه المقادير للقفيز احمد رضا في كتابه (معجم متن اللغة) في مادة ق ف ز.

(1) اشير إليها في الهامش 1 ص 326.

(2) اشير إليها في الهامش 2 ص 326.

(3) اشير إليها في الهامش 1 ص 327.

(4) اشير إليها في الهامش 1 ص 328.

(5) اي على المقدار المعلوم المبيع.

(6) اي باشتمال الصبرة على المقدار المعلوم المبيع.

(7) اي عدم صحة مثل هذا البيع استحسنه الشهيد الثاني في الروضة التي هي شرح (اللمعة الدمشقية).

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 267 عند قول الشهيد الثاني: و اعتبر بعضهم العلم باشتمالها على المبيع، أو إخبار البائع به، و إلا لم يصح، و هو حسن.

ص: 332

ثم قال (1): نعم لو قيل بالاكتفاء بالظن الغالب باشتمالها عليه كان متجها.

و المحكي عن ظاهر الدروس و اللمعة الصحة.

قال (2) فيها: فإن نقصت تخير بين اخذ الموجود منها بحصة من الثمن، و بين الفسخ، لتبعض الصفقة.

و ربما يحكي عن المبسوط و الخلاف خلافه (3).

و لا يخلو (4)

+++++++++++

(1) اي الشهيد الثاني راجع (المصدر نفسه).

(2) اي الشهيد الاول قال في (اللمعة الدمشقية) بصحة مثل هذا البيع.

و خلاصة ما افاده هناك أن الصبرة التي بيع منها قفيز لو نقصت عن مقدار المبيع يكون المشتري حينئذ مخيرا بين اخذ الموجود من الصبرة بمقدار من الثمن المقابل لهذه الصبرة الموجودة: بأن تلحظ النسبة الموجودة إلى المبيع الاصلي فإن كان الموجود نصفه اخذه بنصف الثمن، و إن كان ربعه فربعه، و إن كان خمسه فخمسه، و هكذا.

و بين الفسخ، لتبعض الصفقة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 267 و لا يخفى أن شيخنا الانصاري قد ادرج عبارة الشهيد الثاني مع عبارة الشهيد الاول.

فعليك بمراجعة المصدر حتى تميز بين العبارتين.

(3) اي خلاف القول بالصحة: و هو القول ببطلان البيع المذكور.

(4) هذه نظرية شيخنا الانصاري حول البيع المذكور اي البطلان كما ذهب إليه الشيخ لا يخلو عن قوة.

ص: 333

من قوة، و إن كان في تعيينه (1) نظر، لا (2) لتدارك الضرر بالخيار لما (3) عرفت غير مرة: من أن الغرر إنما يلاحظ في البيع مع قطع النظر عن الخيار الذي هو من أحكام العقد فلا يرتفع به الغرر الحاصل عند العقد بل (4) لمنع الغرر.

(و إن قيل): عدم العلم بالوجود من أعظم أفراد الغرر.

+++++++++++

(1) اي في تعيين القول بالبطلان، و أن البطلان مسلم نظر.

يروم شيخنا الانصاري بقوله هذا تأييد من ذهب إلى صحة البيع المذكور لو ظهرت الصبرة ناقصة عن مقدار القفيز.

(2) اي و ليس القول بالصحة لاجل تدارك الضرر بالخيار المذكور.

(3) تعليل لكون القول بالصحة ليس لاجل تدارك الضرر بالخيار حيث إن المشتري مخير بين الاخذ بالموجود، و استرجاع مقدار من الثمن الذي وقع ازاء النقصان، و بين الفسخ.

و خلاصة التعليل أنك عرفت مرارا أن الغرر انما يلاحظ و يتصور في البيع بما أنه غرر و ضرر، لا بما أنه ملحوظ مع الخيار الذي هو من أحكام العقد و طواريه و آثاره.

بعبارة اخرى أن الغرر يلاحظ بنحو الاستقلال الذي هو المعنى الاسمي، لا بنحو الآلية التي هو المعنى الحرفى و هو لحاظه مع الخيار حتى يقال: إن الغرر في البيع المذكور مرتفع بالخيار.

بل الغرر حاصل عند اجراء العقد فلا يرتفع بالخيار المذكور.

(4) هذا دليل لصحة البيع المذكور اي القول بالصحة لاجل منع الغرر رأسا و اساسا، لأن المشتري يسترجع ثمنه كله فلا نزاع بين البائع و المشتري فلا يحصل الغرر.

ص: 334

(قلت): نعم إذا بني العقد على جعل الثمن في مقابل الموجود (1)

و أما إذا بني على توزيع الثمن على مجموع المبيع (2) غير المعلوم الوجود بتمامه فلا غرر عرفا.

و ربما تحتمل الصحة (3) مراعا بتبيّن اشتمالها عليه.

و فيه (4) أن الغرر إن ثبت حال البيع لم ينفع تبيّن الاشتمال.

هذا (5)، و لكن (6) الأوفق بكلماتهم في موارد الغرر عدم الصحة، إلا مع العلم بالاشتمال (7)، أو الظن الذي يتعارف الاعتماد عليه و لو كان من جهة استصحاب (8) الاشتمال.

+++++++++++

(1) و من الواضح أن الموجود غير معلوم المقدار، فالبيع باطل للجهل بمقدار الصبرة المبيع منها قفيز فيحصل الغرر المنفي.

(2) سواء أ كانت الصبرة المبيع منها قفيز مشتملة على مقدار القفيز أم ناقصة، لكن يكون تدارك نقصان القفيز من الخارج فلا مجال للغرر.

(3) اي صحة بيع قفيز من الصبرة المجهولة متوقف على اشتمال الصبرة على مقدار القفيز المبيع، فإن كانت مشتملة صح البيع و إلا بطل.

(4) اي و في احتمال الصحة مراعا بتبين اشتمال الصبرة على القفيز نظر و إشكال.

(5) اي خذ ما تلوناه عليك حول بيع قفيز من الصبرة المجهولة.

(6) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من الصحة حول بيع قفيز من الصبرة المجهولة.

(7) اي باشتمال الصبرة المجهولة على مقدار القفيز المبيع.

(8) بأن كانت الصبرة قبل بيع قفيز منها مشتملة على مقدار -

ص: 335

و أما الرابع (1) مع الجهالة: و هو بيعها كل قفيز بكذا فالمحكي عن جماعة المنع.

و عن ظاهر اطلاق المحكي من عبارتي المبسوط(1) و الخلاف(2) أنه لو قال:

بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم صح البيع.

قال في الخلاف: لأنه لا مانع منه و الاصل جوازه، و ظاهر (2) اطلاقه يعم صورة الجهل بالاشتمال.

و عن الكفاية نفي البعد (3) عنه، إذ المبيع معلوم بالمشاهدة و الثمن مما يمكن أن يعرف: بأن تكال الصبرة، و يوزّع الثمن على قفزاتها.

قال (4): و له نظائر ذكر جملة منها في التذكرة.

+++++++++++

- القفيز المبيع، لكن وقت البيع شك في بقائها على ذلك المقدار فنستصحب بقاء الاشتمال.

(1) اي من أقسام مجهولة المقدار.

(2) اي و ظاهر اطلاق عبارة الشيخ قدس سره في الخلاف:

و هو قوله: و الاصل جوازه عام يشمل صورة العلم باشتمال الصبرة و صورة الجهل بالاشتمال.

(3) اي بعد صحة قول القائل: بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم.

(4) اي صاحب الكفاية قال في الكفاية لمثل هذا البيع نظائر كثيرة ذكرها العلامة قدس سره في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 46.

أليك نص ما افاده العلامة في التذكرة.

ص: 336


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و فيه (1) نظر.

+++++++++++

فروع:

(الاول) لو قال: بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم.

فإن علما قدر القفزان صح البيع، و إلا بطل، للجهالة.

و قال مالك و الشافعي و احمد و ابو يوسف و محمد:

يصح، لأنه معلوم بالمشاهدة، و الثمن معلوم، لاشارته إلى ما يعرف مثله بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين: و هو أن تكال الصبرة، و يقسط الثمن على قدر قفزانها فيعلم مبلغه.

و نحن نمنع العلم، و قد سبق.

و قال ابو حنيفة: يصح البيع في قفيز واحد، و يبطل فيما سواه لجهالة الثمن كما لو باع المتاع برقمه.

و لو قال: بعتك هذه الارض، أو هذا الثوب كل ذراع بدرهم أو هذه الأغنام كل راس بدرهم لم يصح عندنا.

و به قال ابو حنيفة أيضا، و إن سوغ البيع في قفيز واحد من الصبرة.

و قال الشافعي: يصح، سواء أ كانت الجملة معلومة أم مجهولة إلى آخر ما ذكره العلامة هناك من ص 46 - إلى ص 50.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري اي و فيما افاده صاحب الكفاية:

من نفي البعد عن صحة بيع القائل: بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم نظر و إشكال.

وجه النظر: منع كفاية مجرد المشاهدة فيما لا يندفع به الغرر إلا بالوزن، أو الكيل، أو العد.

ص: 337

مسألة إذا شاهد عيناً في زمان سابق على العقد عليها،
اشارة

(مسألة):

إذا شاهد عينا في زمان سابق على العقد عليها (1).

فإن اقتضت العادة تغيرها (2) عن صفاتها السابقة إلى غيرها المجهول عند المتبايعين فلا يصح البيع إلا بذكر صفات تصحح بيع الغائب، لأن الرؤية القديمة غير نافعة.

و إن اقتضت العادة بقاءها (3) عليها فلا إشكال في الصحة، و لا خلاف فيها أيضا إلا من بعض الشافعية.

و إن احتمل الامران (4) جاز الاعتماد على أصالة عدم التغير

+++++++++++

(1) اي على العين.

اعلم أن العين المشاهدة قبل العقد عليها إذا اريد العقد عليها في غير زمان المشاهدة و احتمل التغير لا بد من ذكر أوصافها الخاصة عند العقد لأن قوام ماليتها بذكر تلك الأوصاف بحيث لو شك في حصول تلك الأوصاف في العين عدّ البيع غرريا فلا يصح الإقدام على هذا البيع لبطلانه في نظر الشارع فلا يترتب عليه الاثر الذي هو النقل و الانتقال.

(2) اي تغير العين المبيعة التي رؤيت قبل العقد عليها.

كما إذا كان المبيع حيوانا، فإنه قابل للزيادة و النقيصة.

(3) اي بقاء العين على تلك الصفات المشاهدة قبل البيع.

(4) و هما: اقتضاء العادة تغير العين المشاهدة عن أوصافها.

و اقتضاء العادة بقاء العين على أوصافها المشاهدة.

كما إذا كان المبيع خاتما، أو سجادا، أو حديدا، أو ما شابه هذه المذكورات.

ص: 338

و البناء عليها (1) في العقد فيكون نظير إخبار البائع بالكيل و الوزن لأن الاصل من الطّرق التي يتعارف التعويل عليها.

و لو فرضناه (2) في مقام لا يمكن التعويل عليه، لحصول أمارة (3) على خلافه.

فإن بلغت (4) قوة الظن حدا يلحقه بالقسم الاول: و هو ما اقتضت العادة تغيره لم يجز البيع، و إلا (5) جاز ذكر تلك الصفات، لا بدونه (6) لأنه (7) لا ينقص عن الغائب الموصوف الذي يجوز بيعه بصفات لم يشاهد عليها.

+++++++++++

(1) اي على أصالة عدم التغير.

و المراد من الأصالة هنا الاستصحاب، حيث إن المشتري في مقام الشراء بعد الرؤية السابقة على العقد يشك في بقاء العين على ما كانت عليه في الزمن السابق فيستصحب البقاء.

(2) اي هذا الاصل الذي اجريناه في عدم التغير.

(3) كقيام بينة عادلة على تغير المبيع.

(4) اي الأمارة القائمة على خلاف أصالة عدم التغير.

(5) اي و إن لم تبلغ الأمارة القائمة على خلاف أصالة التغير في القوة إلى حد يلحق بالقسم الاول المشار إليه في هذه الصفحة.

(6) اي لا بدون ذكر الصفات في صورة عدم بلوغ الأمارة إلى حد يلحق بالقسم الاول المشار إليه في هذه الصفحة.

بقوله: و هو ما اقتضت العادة تغيره.

(7) تعليل لجواز بيع العين المشاهدة قبل العقد عليها بعد أن اجريت أصالة عدم التغير عند ما قامت الأمارة على خلافها.

لكن الأمارة لم تبلغ قوة الظن فيها إلى حد يلحقه بالقسم الاول -

ص: 339

بل يمكن القول بالصحة في القسم الاول (1)، إذا لم يفرض كون ذكر الصفات مع اقتضاء العادة عدمها لغوا.

لكن هذا كله خارج عن البيع بالرؤية القديمة (2).(1)

و كيف كان (3) فاذا باع، أو اشترى برؤية قديمة فانكشف التغير تخيير المغبون:(2) و هو البائع إن تغير إلى صفات زادت في ماليته (4)

و المشتري إن نقصت عن تلك الصفات (5)، لقاعدة الضرر

و لأن الصفات المبنيّ عليها في حكم الصفات المشروطة فهي من قبيل تخلف الشرط كما اشار إليه في نهاية الأحكام و المسالك(3) بقولهما:

الرؤية بمثابة الشرط في الصفات الكائنة في المرئي، فكل ما فات منها فهو بمثابة التخلف في الشرط، انتهى.

و توهم أن الشروط إذا لم تذكر في متن العقد لا عبرة بها فما نحن فيه (6) من قبيل ما لم يذكر من الشروط في متن العقد.

+++++++++++

- الذي اقتضت العادة تغير العين.

(1) و هو بلوغ قوة الظن في الأمارة القائمة على خلاف أصالة عدم التغير إلى حد يلحقه بالقسم الاول المشار إليه في ص 339.

(2) لأن عدم التغير و التغير يستفادان من الاستصحاب، و الأمارة لا من الرؤية السابقة.

(3) اي سواء أ كان بقاء الصفات السابقة بالرؤية أم بالاستصحاب أم بالأمارة.

(4) كالسمن في الحيوان.

(5) كالهزال في الحيوان.

(6) و هو بيع العين المشاهدة في زمان سابق على العقد.

ص: 340


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مدفوع (1) بأن الغرض من ذكر الشروط في العقد صيرورتها مأخوذة فيه حتى لا يكون العمل بالعقد بدونها وفاء بالعقد.

و الصفات المرئية سابقا، حيث إن البيع لا يصح إلا مبنيا عليها دخولها في العقد: كان أولى من دخول الشرط المذكور على وجه الشرطية، و لذا (2) لو لم يبن البيع عليها، و لم يلاحظ وجودها في البيع كان البيع باطلا.

فالذكر اللفظي إنما يحتاج إليه في شروط خارجة لا يجب ملاحظتها في العقد.

و احتمل في نهاية الأحكام البطلان (3).

و لعله (4)، لأن المضيّ على البيع، و عدم نقضه عند تبين الخلاف إن كان وفاء بالعقد وجب فلا خيار.

و إن لم يكن وفاء لم يدل دليل على جوازه (5).

(و بعبارة اخرى) العقد إذا وقع على الشيء الموصوف انتفى متعلقه بانتفاء صفته، و إلا فلا وجه للخيار مع أصالة اللزوم.

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام أنه فرق بين الشروط و الصفات، إذ الشروط خارجة عن حقيقة العقد و ماهيته.

بخلاف الصفات فإنها داخلة في ماهيته و حقيقته.

(2) اي و لاجل أن دخول الصفات أولى من دخول الشرط في العقد، و أن الصفات من مقومات العقد و ماهيته، و أنها داخلة فيه.

بخلاف الشروط، حيث إنها خارجة عن حقيقة العقد و ماهيته.

(3) اي بطلان مثل هذا البيع راسا من دون أن يكون لاحدهما خيار.

(4) اي و لعل احتمال البطلان في نهاية الأحكام.

(5) اي على صحة مثل هذا العقد.

ص: 341

و يضعفه (1) أن الأوصاف الخارجة عن حقيقة المبيع إذا اعتبرت فيه عند البيع إما ببناء العقد عليها (2)، و إما بذكرها في متن العقد لا تعدّ من مقومات العقد.

كما أنها (3) ليست من مقومات المبيع، ففواتها فوات حق للمشتري ثبت بسببه (4) الخيار، دفعا (5) لضرر الالتزام بما لم يقدم عليه.

و تمام الكلام في باب الخيار إن شاء اللّه

+++++++++++

(1) اي و يضعف ما افاده في البطلان في نهاية الأحكام.

(2) اي على تلك الأوصاف في الخارج: بأن تبانى البائع و المشتري عليها خارج العقد ثم عقدا عليها.

(3) أي كما أن الأوصاف الخارجة عن حقيقة المبيع ليست من مقومات المبيع.

(4) أي بسبب فوات هذه الأوصاف الخارجة عن حقيقة المبيع يثبت هذا الخيار للمشتري.

(5) منصوب على أنه مفعول لاجله أي إنما نقول بثبوت الخيار للمشتري لاجل أنه لا يلتزم بالعقد، لأن الالتزام به ضرر و الضرر منفي.

ص: 342

فرعان
اشارة

(فرعان) (1):

الفرع الأوّل لو اختلفا في التغيير فادّعاه المشتري

(الأول) لو اختلفا (2)

+++++++++++

(1) هذان الفرعان مبنيان على المسألة السابقة التي ذكرها الشيخ قدس سره في ص 338 بقوله: مسألة إذا شاهد عينا في زمان سابق.

و هما من أصعب الفروع و أشكلها، لكثرة الاصول التي ذكرها الشيخ فيهما، و معارضتها باصول اخرى، و كثرة الايرادات الواردة على الأدلة - القائمة من المثبتين و النافين حول تقديم قول المشتري، أو البائع في اختلافهما في التغير، و كثرة التشاويش في العبارات كما ستقف عليها عند ما نشير إليها.

و نحن بحوله و قوته فسرناهما تفسيرا واضحا، و علقنا على كل جملة من كلمات الشيخ تعليقا وافيا، و اشرنا إلى تلك التشاويش، و إلى اصلاحها

(2) أي البائع و المشتري في العين المشاهدة قبل العقد في زمان سابق عليه ثم جرت المعاوضة على تلك العين بعد زمن متأخر عن الرؤية السابقة.

اعلم أنه لا بد من ذكر قاعدة كلية لمعرفة المدعي و المدعى عليه قبل الخوض في التعليق على الفرعين، ليتمكن القارئ الكريم من تطبيق تلك الكبرى الكلية على صغرياتها و مصاديقها، ليتميز المدّعي من المدّعى عليه

فنقول: قال الشهيد في اللمعة، و الشهيد الثاني في الروضة.

المدّعي هو الذي يترك او ترك الخصومة و هو المعبر عنه بأنه الذي يخلّى و سكوته.

بنصب سكونه، بناء على أنه مفعول معه أي المدّعي هو الذي إذا سكت عن حقه يخلّى عنه و ترفع اليد عنه، و يترك مع سكوته.

بخلاف المدّعى عليه، فإنه لا ينفعه سكوته، لأنه لا يترك لو سكت، و لا ترفع اليد عنه، بل يؤخذ بتلابيبه حتى يتبين الحق

هذا إذا لم يترك المدّعي حقه.

و أما إذا تركه و لم يدع شيئا فلا يؤخذ المدعى عليه، و يترك -

ص: 343

- و قيل: هو من يخالف قوله الاصل (1)، او الظاهر (2) و المنكر مقابله في الجميع (3).

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 76.

ثم لا يخفى عليك أن التعاريف المذكورة للمدعي و المدعى عليه تعاريف فقهائية عرفهما بها الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين.

إذا عرفت هذا فاعلم أنه إذا اختلف البائع و المشتري في تغير المبيع المشاهد قبل العقد في زمان سابق على العقد: بأن اختلفا في تحقق تغير المبيع بنقصانه عما وقعت المشاهدة عليه: بأن قال المشتري:

كان الحيوان المبيع عند المشاهدة سمينا و الآن اراه مهزولا فالبيع واقع على المهزول، لا على السمين الذي شاهدته قبل العقد فلي الخيار.

و انكر السمن البائع و قال: إنه كان مهزولا عند المشاهدة -

+++++++++++

- كما يترك المدّعي.

(1) المراد من الاصل هنا هو أصالة العدم المقتضية لعدم وجود حق للمدعي على المدعى عليه، لأن ادعاءه عليه حقا مخالف للاصل.

(2) أي قول المدعي مخالف للظاهر أيضا، لأن ما في يد زيد يكون له، لا لشخص آخر، فادعاء الآخر أنه له مخالف للظاهر.

هذا إذا كان الشيء المدعى في يد زيد.

و أما إذا كان في ذمته فيرجع قول المدعي إلى مخالفة الاصل لأن الاصل براءة ذمة زيد عن الدين المدعى عليه.

(3) أي المنكر مقابل للمدعي في جميع ما ذكر له، لأنه لو ترك الخصومة لا يترك، و لا يخلى و سبيله مع سكوته، و لا يكون قوله مخالفا للاصل، و لا للظاهر.

ص: 344

في التغير فادعاه (1) المشتري.

ففي المبسوط(1) و التذكرة و الايضاح و الدروس(2)، و جامع المقاصد و المسالك تقديم قول المشتري، لأن (2) يده على الثمن كما في الدروس و هو راجع إلى ما في المبسوط و السرائر من أن المشتري هو الذي ينتزع منه الثمن، و لا ينتزع منه إلا بإقراره، أو ببينة تقوم عليه: انتهى.

+++++++++++

- و العقد قد وقع على المهزول فليس لك الخيار.

فهنا قولان:

قول بتقديم قول المشتري.

و قول بتقديم قول البائع.

و قد ذكر الشيخ أدلة الطرفين مع الرد على أدلتهما، و اختياره ما هو الأوفق بالاصول و القواعد، ثم كرّ و فرّ، و جال في ميدان التحقيق قدس اللّه نفسه الزكية الطاهرة الراضية المرضية المطمئنة.

و نحن نذكر جميع الأدلة مع الردود، و مختاره عند رقمه الخاص بحوله و قوته، جلت عظمته و آلاؤه.

(1) أي ادعى المشتري التغير في المبيع كما عرفت آنفا.

(2) تعليل لتقديم قول المشتري.

من هنا اخذ الشيخ في ذكر أدلة تقديم قول المشتري.

و هي ثلاثة:

(الاول): اليد.

و المراد بها هنا الاستصحاب، فإن المشتري كانت يده ثابتة على الثمن قبل الشراء، لأن منه ينتزع الثمن، و بعد البيع و ادعائه التغير لشك في رفع يده عنه، لعدم انتقال ما وقع العقد عليه بعد المشاهدة إليه فنستصحب بقاءها عليه.

ص: 345


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و تبعه (1) العلامة أيضا في صورة الاختلاف في أوصاف المبيع الموصوف إذا لم يسبقه برؤية، حيث تمسك بأصالة براءة ذمة المشتري من الثمن (2) فلا يلزمه ما لم يقربه، أو يثبت بالبينة.

و لأن (3) البائع يدعي علمه بالمبيع على هذا الوصف الموجود و الرضا به و الاصل عدمه كما في التذكرة (4).

و لأن (5)

+++++++++++

(1) أي و تبع العلامة ابن ادريس في تقديم قول المشتري لو ادعى التغير.

(2) أي من ثمن هذا المبيع المدعى من قبل المشتري تغيره.

(3) هذا هو الدليل الثاني الدال على تقديم قول المشتري لو اختلف البائع و المشتري في تغير المبيع.

و خلاصته أن البائع يدعي علم المشتري بالمبيع على الوصف الموجود حاليا عند المشتري.

و يدعي البائع أيضا أن المشتري كان راضيا بهذا المبيع الموجود في يده و قد اخذه عن رضاه و طيب نفسه.

لكن نقول: الاصل عدم علم المشتري بالوصف الموجود، و عدم رضاه بالمبيع الموجود، لأننا نستصحب عدم علم المشتري بالمبيع إلى حين العقد، و عدم رضاه بالصفة الموجودة في المبيع.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 37 عند قوله: و يقدم قول المشتري لو ادعى التغير، لأن البائع يدعي عليه الاطلاع.

(5) هذا هو الدليل الثالث الدال على تقديم قول المشتري عند اختلاف البائع و المشتري في التغير.

ص: 346

الاصل عدم وصول حقه إليه كما في جامع المقاصد (1).

و يمكن (2) أن يضعّف الأول بأن يد المشتري على الثمن بعد اعترافه بتحقق الناقل الصحيح يد امانة، غاية الأمر أنه يدعي سلطنته على الفسخ فلا ينفع تشبثه باليد.

+++++++++++

- و خلاصته أن المشتري بالعقد قد استحق المبيع بصفة مخصوصة على البائع فعند ادعائه التغير، و بعد اقباض البائع المبيع المتصف بالصفة الموجودة إلى المشتري نشك في وصول حق المشتري إليه فنستصحب عدم وصوله إليه.

(1) راجع (جامع المقاصد) الطبعة الحجرية ص 217.

(2) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في الرد على الأدلة الثلاثة فقال: و يمكن أن يضعف الاول.

و خلاصة الرد أن الدليل الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 345 ضعيف، حيث إن المشتري معترف بانتقال الثمن إلى البائع بناقل صحيح: و هو العقد الواقع بينه و بين البائع.

و معترف أيضا بأن الثمن ليس ملكا له، بل هو للبائع فتكون يده عليه يد امانة، و ليس للمشتري أي تعلق بالثمن.

نعم إن المشتري يدعي له حق الخيار في هذه المعاملة.

و ليس المورد من موارد تقديم قول ذي اليد حتى يقدم قول المشتري، لأن تقديم قول ذي اليد يصدق في مقام يقول ذو اليد:

إن ما في يدي هو ملكي، ثم يدعي آخر أن ما في يد هذا هو ملكي ثم ينكر ذو اليد ملكية المدعي.

و ما نحن فيه ليس كذلك، لأنك قد عرفت أن المشتري يعترف بانتقال الثمن إلى البائع بناقل صحيح فليس ما في يده و تحت تصرفه -

ص: 347

إلا (1) أن يقال: إن وجود الناقل لا يكفي في سلطنة البائع على الثمن، بناء على ما ذكره العلامة في أحكام الخيار من التذكرة (2) و لم ينسب خلافه إلا إلى بعض الشافعية: من عدم وجوب تسليم الثمن و المثمن في مدة الخيار و إن تسلم الآخر.

و حينئذ (3) فالشك في ثبوت الخيار يوجب الشك في سلطنة البائع على اخذ الثمن، فلا (4) مدفع لهذا الوجه إلا أصالة عدم سبب

+++++++++++

- ملكه حتى يقدم قوله:

(1) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من عدم تقديم قول المشتري، و يريد اثبات تقديم قوله.

حاصل العدول أنه إذا قلنا بعدم وجوب تسليم الثمن و المثمن في زمن الخيار و إن تسلم الآخر فلا تثبت سلطنة للبائع على الثمن بمجرد العقد و قبل مضي زمن الخيار، فاذا لم تحصل سلطنة للبائع فلا يكون الثمن الموجود في يد المشتري ملكا للبائع حتى تثبت يد البائع عليه.

إذا تكون سلطنة المشتري على الثمن باقية فيقدم قوله.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 420 عند قول العلامة: الثالث لا يجب على البائع.

(3) أي و حين أن قلنا بعدم ثبوت سلطنة للبائع على الثمن بمجرد العقد و قبل مضي زمن الخيار.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الشك في ثبوت الخيار موجب للشك في سلطنة البائع على الثمن أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا شيء يدفع هذا الإشكال: و هو عدم ثبوت سلطنة للبائع على الثمن المسبّب من الشك في ثبوت الخيار: سوى أصالة عدم سبب الخيار و سبب الخيار هو عدم وصول حق المشتري إليه.

ص: 348

الخيار لو تم كما سيجيء (1).

و الثاني (2)

+++++++++++

- و المراد من الاصل هو الاستصحاب، لأنه لم يكن للمشتري قبل وصول الحق إليه خيار، و بعد الوصول و ادعائه عدم مطابقة العين لما شاهده نشك في حصول الخيار له فنستصحب العدم، فتثبت السلطنة للبائع على الثمن الموجود في يد المشتري بمجرد العقد فلا تكون يد المشتري على الثمن يد امانة.

هذا بناء على تمامية هذا الاستصحاب.

و أما بناء على عدم تماميته كما يستفاد من كلام الشيخ بقوله:

لو تم كما سيجيء فالإشكال باق على حاله.

(1) المراد من كما سيجيء هو قوله في ص 360: و الحاصل أن هنا امرين

(2) اي و يضعف الدليل الثاني المشار إليه في الهامش 3 ص 346 الدال على تقديم قول المشتري عند اختلاف البائع و المشتري في التغير

و لتضعيف الدليل الثاني جوابان:

نقضي، و حلي.

أما النقضي فنقول: إن استصحاب عدم علم المشتري بالمبيع الموجود المتصف بالصفة الموجودة معارض باستصحاب آخر: و هو استصحاب عدم علم المشتري بوصف آخر غير هذا الوصف حتى يثبت له الخيار فالثمن الموجود في يده للبائع، فلا تكون يده عليه يد امانة.

و أما الحلي فنقول: إن الشك في علم المشتري بالوصف الموجود أو علمه بغيره مسبب عن الشك في وجود غير هذا الوصف سابقا فاللازم حينئذ جريان الاصل في السبب، لا في المسبب، لأن جريان الاصل في السبب مقدم على جريانه في المسبب.

ص: 349

مع معارضته بأصالة (1) عدم علم المشترى بالمبيع على وصف آخر حتى يكون حق له يوجب الخيار: بأن (2) الشك في علم المشترى بهذا الوصف و علمه بغيره مسبب عن الشك في وجود غير هذا

+++++++++++

- فحينئذ نقول: الاصل عدم كونه مسبوقا بوصف غير هذا الوصف الموجود في المبيع.

فالنتيجة أن الاصل عدم تغير المبيع عما كان عليه فبعد جريانه لا تصل النوبة إلى أن الاصل عدم علمه بهذا الوصف.

أو أن الاصل عدم علمه بوصف آخر غير هذا الوصف.

إذا يكون مفاد الاصل السببي هو عدم ثبوت الفسخ للمشترى.

و لتقدم الاصل السببي على الاصل المسببي نظائر كثيرة.

و قد ذكر الشيخ قدس سره هذا التقدم في كتابه (الرسائل) فراجع.

و أليك نظيره.

تنجس ثوب غسل بماء مشكوك الكرية مع العلم بالحالة السابقة للماء المشكوك الكرية.

فإن كانت الحالة السابقة لهذا الماء المشكوك الكرية هي الكرية فالثوب المغتسل بالماء المشكوك طاهر، لاستصحاب الكرية السابقة.

و إن كانت حالته السابقة هي عدم الكرية فالثوب المغتسل بالماء المشكوك نجس، لاستصحاب الحالة السابقة، لأن الكرية و عدمها سبب في طهارة الثوب و نجاسته، و الطهارة و النجاسة مسببتان عن السبب فإجراء الاصل في السبب لا يعطي مجالا لإجرائه في المسبب فهو مقدم عليه، فلا معنى لإجرائه في المسبب دون السبب.

(1) هذا هو الجواب النقضي و قد عرفته في الهامش 2 ص 349.

(2) هذا هو الجواب الحلي و قد عرفته في الهامش 2 ص 349.

ص: 350

الوصف سابقا فاذا انتفى غيره بالاصل الّذي يرجع إليه أصالة عدم تغير المبيع لم يجز أصالة عدم علمه بهذا الوصف.

و الثالث (1) بأن حق المشترى من نفس العين قد وصل إليه قطعا، و لذا (2) يجوز له امضاء العقد.

و ثبوت حق له (3) من حيث الوصف المفقود غير ثابت فعليه (4)

+++++++++++

(1) أى و يضعف الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 5 ص 346 القائم على تقديم قول المشترى عند دعواه التغير في المبيع.

و خلاصة الرد أن للمشترى حقا قد تعلق بنفس العين المبيعة و هذا الحق قد وصل إليه قطعا من دون ريب.

لكن المشترى يدعي حقا زائدا على ذلك: و هو كون المبيع متصفا بالوصف الّذي شاهده قبل العقد عليه و الموجود في يده غير المشاهد.

و إنما يدعي هذا ليثبت له الخيار فهو يدعي حقا زائدا على نفس العين المبيعة، و البائع ينكره، فلم يثبت حق للمشترى زائدا على ذلك حتى يثبت له الخيار.

إذا نرجع إلى أصالة اللزوم في العقد إلى العمومات، من قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ .

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(2) أى و لاجل أن للمشترى حقا متعلقا بنفس العين و قد وصل إليه، و ليس له حق زائد على نفس العين.

(3) أى و ثبوت حق زائد على نفس العين للمشترى غير ثابت.

(4) أى فعلى المشترى اثبات حق زائد على نفس العين.

ص: 351

الاثبات.

و المرجع (1) أصالة لزوم العقد.

و لاجل (2) ما ذكرنا قوّى بعض تقديم قول البائع.

هذا (3)، و يمكن (4) بناء المسألة على أن بناء المتبايعين حين العقد على الأوصاف الملحوظة حين المشاهدة.

هل هو كاشتراطها في العقد فهي كشروط مضمرة في نفس المتعاقدين كما عرفت عن النهاية و المسالك؟

+++++++++++

(1) اى المرجع عند ادعاء المشترى حقا زائدا على نفس العين و عند إنكار البائع ذاك الحق الزائد هي أصالة اللزوم المستفادة من العمومات المذكورة في الهامش 1 ص 351.

(2) اى و لا جل أن حق المشترى قد تعلق بنفس العين و ليس له حق زائد عليها و قد وصل هذا الحق إليه فيكون المرجع حينئذ هي أصالة اللزوم.

(3) اى خذ ما تلوناه عليك حول الأدلة القائمة على تقديم قول المشترى في دعواه تغير المبيع، و ما ذكر من الرد عليها.

(4) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من عدم دلالة الأدلة المذكورة على تقديم قول المشترى اى و يمكن بناء مسألة اختلاف البائع و المشترى في تغير المبيع في العين المشاهدة قبل زمان العقد عليها.

و خلاصة هذا الامكان أن المتعاقدين حين العقد على الأوصاف الملحوظة في المبيع.

(تارة) يلاحظانها من حيث الشرطية: بمعنى أنها تلاحظ بما أنها زائدة على المبيع و خارجة عن حقيقتها و ماهيتها و قد اخذت -

ص: 352

و لهذا (1) لا يحصل من فقدها (2) إلاّ خيار لمن اشترطت له و لا يلزم بطلان العقد.

أو أنها (3) مأخوذة في نفس المعقود عليه بحيث يكون المعقود عليه هو الشيء المقيد، و لذا (4) لا يجوز الغاؤها في المعقود عليه.

كما يجوز الغاء غيرها من الشروط؟

+++++++++++

- في العين بنحو تعدد المطلوب، و أنها من شروط الكمال، لا من شروط الصحة.

بل بما أنها كشروط مضمرة في نفس المتعاقدين، و لهذا لا يحصل سوى الخيار لمن اشترطت تلك الشروط له إذا فقدت، و لا يلزم بطلان العقد عند فقدانها.

(و اخرى) يلاحظانها من حيث الوصفية: بمعنى أنها صفات داخلة في حقيقة العقد و ماهيته، و أنها من أركانها، و من شروط الصحة و قد اخذت في العقد بنحو وحدة المطلوب بحيث يكون المعقود عليه هو الشيء المقيد، و لذا لا يجوز الغاء تلك الشروط في المعقود عليه.

كما كان يجوز إلغاء غيرها من الشروط.

(1) عرفت معنى هذا التعليل في هذه الصفحة عند قولنا:

و لهذا لا يحصل سوى الخيار.

(2) اي من فقد تلك الشروط.

(3) اي أو أن تلك الشروط مأخوذة.

و قد عرفت معناها في هذه الصفحة عند قولنا:

و اخرى يلاحظانها من حيث الوصفية.

(4) و قد عرفت معناها في هذه الصفحة عند قولنا:

و لذا لا يجوز إلغاء تلك الشروط في المعقود عليه.

ص: 353

فعلى الأول (1) يرجع النزاع في التغير، و عدمه إلى النزاع في اشتراط خلاف هذا الوصف الموجود على البائع و عدمه و الاصل مع البائع.

(و بعبارة اخرى) (2) النزاع في أن العقد وقع على الشيء الملحوظ فيه الوصف المفقود أم لا؟

لكن (3) الانصاف أن هذا البناء في حكم الاشتراط من حيث ثبوت الخيار، لكنه ليس شيئا مستقلا حتى يدفع عند الشك بالاصل.

+++++++++++

(1) و هو المشار إليه في الهامش 4 ص 352 عند قولنا:

تارة يلاحظانها أي فعلى القول الاول يكون مآل النزاع في التغير و عدمه إلى اشتراط وصف آخر غير هذا الوصف الموجود في المبيع أو عدم الاشتراط.

فحينئذ يكون القول قول البائع، لأن المشتري يدعي على البائع وصفا آخر زائدا على الوصف الموجود، و البائع ينكره فيقدم قوله لاقتضاء الاصل الذي هو الاستصحاب عدم الاشتراط.

(2) لما كان المعنى غامضا جدا، و لم يفهم من العبارة الاولى اراد قدس سره أن يفرغه في قالب آخر، ليستفاد منه المراد.

فقال: بعبارة اخرى كما هو المعني من عبارة اخرى في مجالات التعبير.

و خلاصتها أن مرجع النزاع في القسم الاول المشار إليه في الهامش 4 ص 352 إلى أن العقد هل وقع على الشيء الملحوظ فيه الوصف مقيدا به المفقود حاليا؟

ليكون القول قول المشتري حتى يقدم.

أو وقع على العقد المجرد عن ذلك، ليكون القول قول البائع حتى يقدم؟

(3) من هنا يروم الشيخ إبداء نظريته حول البناء المذكور. -

ص: 354

بل (1) المراد به ايقاع العقد على العين الملحوظ كونها متصفة بهذا الوصف.

و ليس هنا (2) عقد على العين، و التزام بكونها متصفة بذلك الوصف

فهو (3) قيد ملحوظ في المعقود عليه نظير الأجزاء، لا شرط ملزم في العقد.

+++++++++++

- و خلاصتها أنه في مقام النزاع في التغير لا توجد دعويان.

(احداهما): راجعة إلى الاشتراط المذكور.

(ثانيتهما): راجعة إلى اثبات الخيار للمشتري.

اي الانصاف أن هاهنا دعوى واحدة: و هي ثبوت الخيار للمشتري فقط: و لا مجال لجريان أصالة عدم الخيار عند الشك فيه عند ما راى المشتري عدم اتصاف العين بالصفة المرئية وقت العقد حتى يثبت لزوم العقد العقد و وجوب الوفاء به، ليقدم قول البائع.

(1) اي بل المراد بالوصف هو وقوع العقد على العين المقيدة بقيد كونها سليمة عن العيب، أو سمينة، بحيث يكون الوصف داخلا فيها على نحو القيدية و الجزئية، و ملحوظا فيها بنحو وحدة المطلوب كما عرفت في ص 353 عند قولنا: و اخرى يلاحظها.

(2) اي و ليس فيما نحن فيه: و هو نزاع البائع و المشتري في العين المتغيرة عقد قد تعلق بالعين، و التزام بكونها متصفة بذلك الوصف على نحو الشرطية بحيث يكون الوصف خارجا عن حقيقة العين و ماهيتها على نحو تعدد المطلوب.

(3) الفاء فاء النتيجة اي فنتيجة القول بأن المراد من الوصف المذكور هو ما ذكرناه، لا الوصف بمعنى الشرط الخارجي: يكون -

ص: 355

فحينئذ (1) يرجع النزاع إلى وقوع العقد على ما ينطبق على الشيء الموجود حتى يلزم الوفاء به، و عدمه (2)، و الاصل عدمه (3).

و دعوى (4) معارضته بأصالة عدم وقوع العقد على العين المقيدة

+++++++++++

- الوصف نظير ملاحظة الأجزاء في المعقود عليه التي تلاحظ بلحاظ العين بنحو القيدية، لا أنها تلاحظ بلحاظ الشرطية.

فبأي نحو من الأنحاء تلاحظ الأجزاء في المعقود عليه يلاحظ الوصف في العين المعقود عليها من غير فرق بينهما.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الوصف المذكور نظير الأجزاء في المعقود عليه التي تلاحظ بلحاظ العين بنحو القيدية اي فحين أن قلنا: إن الوصف نظير الأجزاء يكون مصب النزاع و محوره في أن العقد هل وقع على هذا الموجود الخارجي حتى يلزم العقد و يجب الوفاء به كما يقوله البائع ليقدم قوله؟

أو وقع على الموجود الخارجي المتصف بالوصف المفقود حاليا كما يقوله المشتري، ليقدم قوله؟

(2) اي عدم وقوع العقد على ما ينطبق على الموجود الخارجي كما عرفت عند قولنا في هذه الصفحة أو وقع على الموجود الخارجي

(3) اي بعد أن عرفت محور النزاع فالاصل و هو الاستصحاب عدم وقوع العقد على العين الموجودة، و المتصفة بالصفة الحالية.

(4) خلاصة هذه الدعوى أن الاصل المذكور إنما يصار إليه إذا بقي سليما عن المعارض.

و من الواضح أن هذا الاصل معارض باصل آخر: و هو أن الاصل عدم وقوع العقد على غير هذه العين الموجودة المتصفة بصفة غير هذه الصفة الحالية و هي الصفة المفقودة حتى يثبت لزوم العقد -

ص: 356

بالوصف المفقود، ليثبت اللزوم (1).

مدفوعة (2)

+++++++++++

- ليقدم قول البائع، فيحصل التعارض بين الاصلين فيتساقطان فيرجع إلى اصل آخر.

(1) اللام هنا بمعنى حتى أي حتى يثبت اللزوم كما عرفت.

ثم لا يخفى عليك أن في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا هكذا (ليثبت الجواز) و الصحيح ما اثبتناه، لعدم انسجام الجواز هنا لأنه في صورة إجراء الاصل الثاني المعارض للاصل الاول يثبت قول البائع و لازم ثبوت قوله لزوم البيع، لا الجواز.

و الدليل على ما نقول كلام الشيخ قدس سره في الجواب عن الدعوى المذكورة بعد امعان النظر في كلامه.

ثم إني راجعت نسختي المصححة على نسخة سيدنا الاستاذ المرحوم (السيد يحيى المدرسي) قدس سره عند ما كنت احضر معهد بحثه الشريف في داره في عقد الكروري قبل تسعة و ثلاثين عاما فرأيت العبارة كما اثبتناها هنا.

(2) وجه الدفاع هو أن إجراء الاصل الثاني: و هو عدم وقوع العقد على العين المقيدة بالوصف المفقودة في المبيع لا يثبت لزوم العقد على العين الموجودة حاليا حتى يجب الوفاء به من قبل المشتري، إلا بالاصل المثبت:

و هو أن الاصل عدم وقوع العقد على العين المقيدة بوصف مفقود حاليا، و اثبات لزوم العقد بالاصل المثبت غير جائز، لأنه قد تقرر في علم الاصول أن الاصول المثبتة لا تكون حجة، لعدم كونها من الأمارات حتى يعمل بها، و إنما يعمل بها في الموارد -

ص: 357

بأن عدم وقوع العقد على العين المقيدة لا يثبت لزوم (1) العقد الواقع، إلاّ بعد اثبات وقوع العقد على العين غير المقيدة بأصالة عدم وقوع العقد على المقيدة و هو غير جائز كما حقق في الاصول.

و على الثاني (2) يرجع النزاع إلى رجوع العقد و التراضي على الشيء المطلق بحيث يشمل الموصوف بهذا الوصف الموجود، و عدمه (3) و الاصل (4) مع المشتري.

+++++++++++

- المشكوكة لا غير، فلا تتجاوز مواردها، فلا يثبت بها لوازمها.

و مورد الشك هو عدم وقوع العقد على العين المقيدة بوصف مفقود

و أما ثبوت لزوم العقد و إن كان من لوازمه، لكنه لا يثبت بذلك الاصل.

(1) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا هكذا (لا يثبت الجواز) و الصحيح ما اثبتناه و الموجود في نسختنا المصححة على نسخة سيدنا الاستاذ المرحوم قدس سره كما اثبتناه هنا.

(2) اي و على القول الثاني المشار إليه في ص 353 الذي اخذ فيه الوصف على نحو القيدية بحيث يكون ملحوظا في نفس المعقود عليه و لا يجوز الغاؤه: يكون مصب النزاع و مرجعه في صورة اختلاف البائع و المشتري في التغير: إلى أن العقد هل وقع على الشيء المطلق بحيث يشمل الموصوف بهذا الوصف الموجود؟

(3) اي أو عدم رجوع العقد و التراضي على الشيء المطلق.

(4) اي بعد أن عرفت محور النزاع و مصبه في القول الثاني يكون الاصل و هو الاستصحاب مع المشتري فيقدم قوله فيثبت له الخيار.

ص: 358

و دعوى (1) معارضته بأصالة عدم وقوع العقد على الشيء الموصوف بالصفة المفقودة.

مدفوعة: بأنه لا يلزم من عدم تعلقه بذاك تعلقه بهذا حتى يلزم على المشتري الوفاء به، فالزام المشتري بالوفاء بالعقد موقوف على ثبوت تعلّق العقد بهذا و هو غير ثابت و الاصل عدمه.

و قد تقرر (2) في الأصول أن نفي احد الضدين بالاصل لا يثبت الضد الآخر، ليترتب عليه حكمه.

و بما ذكرنا (3) يظهر فساد التمسك بأصالة اللزوم، حيث (4)

+++++++++++

(1) هذه الدعوى و الجواب عنها بعينها الدعوى الاولى و الجواب عنها المشار إليهما في الهامش 4 ص 356 و الهامش 2 ص 357 فلا نعيد هما عليك.

(2) هذا من متممات القول بأن الاصول المثبتة لا تكون حجة فلا تثبت بها لوازمها، اي قد ثبت في علم الاصول أن نفي احد الضدين بالاصل لا يثبت الضد الآخر.

و هذا معنى قولهم: إن الاصل المثبت لا يكون حجة.

و خلاصة الكلام في هذا المقام أن الاصل حكم شرعي لا يثبت و لا يرفع إلا حكما شرعيا، أو موضوع الحكم الشرعي، و لا يثبت الأحكام العقلية، و اثبات الشيء برفع ضده هو حكم عقلي فلا تشمله أدلة الاصول.

و هذا هو الاصل المثبت الذي اشار الشيخ إليه بقوله في ص 348-349 إلا أصالة عدم سبب الخيار لو تم كما سيجيء.

(3) و هو أن أصالة عدم وقوع العقد على العين المقيدة بالوصف المفقود لا يثبت لزوم العقد الواقع على العين الموجودة حاليا إلا بالاصل المثبت و هو غير حجة.

(4) هذا حجة المتمسك بأصالة اللزوم في المبيع المختلف فيه -

ص: 359

إن المبيع ملك المشتري، و الثمن ملك البائع اتفاقا، و إنما اختلافهما في تسلّط المشتري على الفسخ فينفى (1) بما تقدم: من قاعدة اللزوم.

توضيح الفساد (2) أن الشك في اللزوم و عدمه من حيث الشك في متعلق العقد، فإنا نقول: الاصل عدم تعلق العقد بهذا الموجود حتى لا يثبت اللزوم، و هو وارد على أصالة اللزوم.

و الحاصل (3) أن هنا امرين:

(احدهما) (4): عدم تقييد متعلّق العقد بذلك الوصف المفقود و اخذه فيه، و هذا الاصل ينفع في عدم الخيار، لكنه غير جار، لعدم الحالة السابقة.

+++++++++++

- البائع و المشتري في التغير.

(1) أي تسلط المشتري على الفسخ منفي بقاعدة:

الاصل في العقود أن تكون لازمة.

و كلمة من بيان لقوله: بما تقدم.

(2) خلاصة وجه الفساد أن موضوع التمسك بأصالة اللزوم إنما يتحقق بعد فرض وقوع العقد على الشيء الموجود المعبر عنه بما ينطبق مع الموجود، و إذا قلنا: إن الاصل عدم وقوع العقد على هذا الشيء الموجود فقد انتفى الموضوع فلا مجال للتمسك بأصالة اللزوم، لأن الشك في الحكم مسبب عن الشك في موضوعه، و قد علمت أن الاصل السببي مقدم على الاصل المسببي رتبة.

فأصالة عدم وقوع العقد على الشيء الموجود وارد على أصالة اللزوم.

(3) اي خلاصة الكلام في هذا المقام أن هنا اصلين:

(4) هذا هو الاصل الاول، و خلاصته أن الاصل عدم تقييد متعلق العقد بذلك الوصف المفقود.

ص: 360

(و الثاني) (1): عدم وقوع العقد على الموصوف بذاك الوصف المفقود و هذا جار غير نافع.

نظير (2) الشك في كون الماء المخلوق دفعة كرا من اصله فإن أصالة عدم كرّيته نافعة غير جارية، و أصالة عدم وجود الكر جارية غير نافعة في ترتب آثار القلّة على الماء المذكور.

فافهم و اغتنم.

+++++++++++

- و هذا الاصل ينفع في عدم الخيار للمشتري، لكنه لا يجزي لعدم حالة سابقة له، لأنه حين وقوع العقد من اوله نشك في وقوعه مقيدا أم مطلقا.

فالحالة السابقة ليست معلومة حتى تستصحب.

(1) اي (و ثانيهما).

هذا هو الاصل الثاني، و خلاصته: أن الاصل عدم وقوع العقد على الموصوف بذاك الوصف المفقود.

و هذا الاصل له حالة سابقة، لكنها لا تنفع في المقام، لأن الاصل المذكور لا يثبت وقوع العقد على هذا الشيء مطلقا حتى يفيد اللزوم.

(2) تنظير لكون الاصل الاول نافعا، لكنه غير جار.

و الاصل الثاني جاريا، لكنه غير نافع.

و خلاصة التنظير أن ما نحن فيه نظير الشك في الماء المخلوق دفعة:

في أنه كر من اصله أم لا، فإن أصالة عدم كريته نافعة، لكنها غير جارية، لعدم حالة سابقة للماء.

و استصحاب عدم وجود الكر و إن كان له حالة سابقة. و يجري لكنه غير مفيد، لعدم ترتب آثار القلة على الماء، لأنك قد عرفت في الهامش 2 ص 359 أن نفي احد الضدين بالاصل لا يثبت -

ص: 361

و بما ذكرنا (1) يظهر حال التمسك بالعمومات المقتضية للزوم العقد الحاكمة على الاصول العملية المتقدمة.

مثل (2) ما دل على حرمة اكل المال(1) إلا أن تكون تجارة عن تراض

و عموم (3): لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه.

+++++++++++

- وجود الضد الآخر.

(1) و هو أن إجراء أصالة عدم تعلق العقد بالوصف المفقود لا يثبت وقوع العقد على ما ينطبق على الشيء الموجود حتى يكون العقد لازما كما يقوله البائع.

خلاصة هذا الكلام أنه كما لا تفيد أصالة اللزوم في لزوم العقد فيما نحن فيه.

كذلك لا يفيد التمسك بالعمومات المقتضية للزوم العقد.

و المراد من العمومات هو قوله تعالى:

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ - أَوْفُوا بِالْعُقُودِ - تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(2) من هنا اخذ الشيخ في عد الاصول العملية فقال:

مثل ما دل على حرمة اكل المال إلا أن تكون تجارة.

و المراد من ما دل على حرمة اكل المال هي القواعد المستفادة من الأخبار الدالة على حرمة اكل المال بدون التجارة و التراضي.

و ليس المراد منه الآية الشريفة، لأنها لا تكون من الاصول العملية فافهم حتى لا يشتبه عليك الامر.

(3) هذا ثاني الاصول العملية، و قد اشير إليه في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 180-181 فراجع.

ص: 362


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و عموم (1): إن الناس مسلّطون على أموالهم، بناء (2) على أنها تدل على عدم تسلّط المشتري على استرداد الثمن من البائع، لأن (3) المفروض صيرورته ملكا، إذ (4) لا يخفى عليك أن هذه العمومات مخصصة قد خرج عنها بحكم أدلة الخيار المال الذي لم يدفع عوضه الذي وقع المعاوضة عليه إلى المشتري، فاذا شك في ذلك فالاصل عدم دفع العوض و هذا هو الذي تقدم: من أصالة عدم وصول حق المشتري إليه، فإن عدم وصول حقه إليه يثبت موضوع خيار تخلف الوصف.

(فإن قلت (5): لا دليل على كون الخارج عن العمومات

+++++++++++

(1) هذا ثالث الاصول العملية، و قد اشير إليه في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 109 فراجع.

(2) تعليل لاقتضاء العمومات المذكورة لزوم العقد فيما نحن فيه و خلاصته أن الاقتضاء المذكور مبني على دلالة العمومات المذكورة على عدم تسلط المشتري على استرداد الثمن من البائع.

(3) تعليل لعدم تسلط المشتري على استرداد الثمن من البائع.

(4) تعليل لكون التمسك بالعمومات المذكورة لا يفيد في المقام.

و خلاصته أن العمومات المذكورة لم تبق على عمومها، لأنها مخصصة بما إذا لم يدفع حق المشتري إليه.

و هنا نشك في وصول الحق إليه فنجري أصالة عدم الوصول إليه فيثبت التخصيص، فيكون دليل الخاص حاكما على العام فلا يمكن التمسك بالعمومات المذكورة على افادتها اللزوم فيما نحن فيه، فيثبت موضوع خيار تخلف الوصف للمشتري باستصحاب عدم وصول حقه إليه.

(5) خلاصة إن قلت أننا لا نقبل خروج عنوان عدم وصول حق المشتري إليه عن تحت تلك العمومات المذكورة الدالة على لزوم -

ص: 363

المذكورة معنونا بالعنوان المذكور، بل نقول: قد خرج عن تلك العمومات المال الذي وقع المعاوضة بينه، و بين ما لم ينطبق على المدفوع فاذا شك في ذلك فالاصل عدم وقوع المعاوضة المذكورة،

(قلت) (1): السبب في الخيار و سلطنة المشتري على فسخ العقد و عدم وجوب الوفاء به عليه هو عدم كون العين الخارجية منطبقة على ما وقع العقد عليه.

(و بعبارة اخرى (2) هو عدم وفاء البائع بالعقد بدفع العنوان الذي وقع العقد عليه إلى المشتري، لا (3) وقوع العقد على ما لا يطابق العين الخارجية.

+++++++++++

- العقد فيما نحن فيه.

بل الذي خرج هو عنوان ما لا ينطبق المدفوع على ما وقع عليه المعاوضة، فاذا شككنا في ذلك فالاصل عدم وقوع المعاوضة على ما لا ينطبق على المدفوع فحينئذ يجب العمل بالعمومات، لأن المخصص:

و هو عدم وصول حق المشتري إليه منفي بالاصل المذكور: و هو أن الاصل عدم وقوع المعاوضة على ما لا ينطبق على المدفوع إلى المشتري.

(1) خلاصة قلت أن السبب الوحيد في الخيار للمشتري و سلطنته على فسخ العقد، و عدم وجوب الوفاء عليه بالعقد هو عدم مطابقة العين الخارجية و هي الشاة المهزولة مع ما وقع عليه العقد.

(2) اي و بعبارة أوضح أن السبب الوحيد في الخيار هو عدم وفاء البائع بالعقد بدفعه إلى المشتري العنوان الذي وقع عليه العقد.

(3) اي و ليس سبب الخيار هنا وقوع العقد على ما لا يطابق العين الخارجية حتى يقال: إن الذي خرج عن تحت تلك العمومات هو عنوان ما لا يطابق المدفوع على ما وقع عليه المعاوضة فعند الشك -

ص: 364

كما (1) أن السبب في لزوم العقد تحقق مقتضاه: من انتقال العين بالصفات التي وقع العقد عليها إلى ملك المشتري، و الاصل (2) موافق للأول، و مخالف (3) للثاني.

+++++++++++

- في ذلك يجري الاصل: و هو عدم وقوع المعاوضة على ما لا ينطبق على المدفوع.

فالحاصل أن سبب الخيار امر عدمي: و هو عدم وجوب الوفاء من قبل البائع بالعقد بدفع العنوان الذي وقع عليه العقد، لا امر وجودي: و هو خروج عنوان ما لا ينطبق المدفوع على ما وقع عليه المعاوضة عن تحت تلك العمومات حتى ينفى هذا الامر الوجودي بالاصل المذكور في قولك: الاصل عدم وقوع المعاوضة على مالا لا ينطبق على المدفوع.

(1) تنظير لكون سبب الخيار هو عدم وفاء البائع بدفعه إلى المشتري العنوان الذي وقع عليه العقد.

و خلاصته كما أن للسبب الوحيد في لزوم العقد هو تحقق مقتضاه و تحقق مقتضى العقد هو انتقال العين من البائع إلى المشتري بالصفات التي وقع العقد عليها.

كذلك فيما نحن فيه السبب الوحيد في الخيار هو ما عرفته في الهامش 1 ص 364 عند قولنا: خلاصة قلت.

(2) اي الاصل الذي هو الاستصحاب موافق للاول: و هو عدم مطابقة العين الخارجية لما وقع عليه العقد، و عدم وفاء البائع بالصفات التي وقع عليها العقد.

(3) اي الاصل المذكور و هو الاستصحاب مخالف للثاني: و هو دفع البائع المبيع إلى المشتري بالصفات التي وقع عليها العقد.

ص: 365

مثلا (1) إذا وقع العقد على العين على أنها سمينة فبانت مهزولة فالموجب للخيار هو أنه لم ينتقل إليه في الخارج ما عقد عليه و هو السمين، لا وقوع العقد على السمين، فإن (2) ذلك لا يقتضي الجواز و إنما المقتضي للجواز عدم انطباق العين الخارجية على متعلّق العقد، و من المعلوم أن عدم الانطباق هو المطابق للأصل عند الشك (3).

فقد تحقق مما ذكرنا (4) صحة ما تقدم: من أصالة عدم وصول حق المشتري إليه.

و كذلك (5) صحة ما في التذكرة: من أصالة عدم التزام المشتري بتملك هذا الموجود حتى يجب الوفاء بما الزم.

+++++++++++

- و عدم الموافقة هو السبب للخيار.

فالحاصل أن عدم المطابقة هو الموافق للاصل، لا الانطباق موافق للاصل.

(1) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في الاتيان بالمثال الخارجى حتى تنقح كيفية موافقة الاصل للاول، و مخالفته للثاني.

(2) تعليل لكون وقوع العقد على السمن لا يقتضي جواز العقد حتى يكون للمشتري الخيار.

(3) اى عند الشك في انطباق العين الخارجية على متعلق العقد.

(4) خلاصة هذا الكلام أنه تحقق و ظهر مما ذكرنا: و هو أصالة عدم وقوع العقد على الموجود بهذه الصفة الفعلية، و عدم وفاء البائع بالعقد بدفع العنوان الّذي وقع عليه العقد، و عدم معارضة اصل آخر لهذا الاصل: عدم وصول حق المشترى إليه.

(5) اى و كذا ظهر مما ذكرناه لك: من أن الاصل عدم وقوع العقد على الموجود بهذه الصفة صحة ما افاده العلامة في التذكرة -

ص: 366

نعم ما في المبسوط و السرائر و الدروس: من أصالة بقاء يد المشتري على الثمن كأنه (1) لا يناسب أصالة اللزوم، بل (2) يناسب أصالة الجواز عند الشك في لزوم العقد كما يظهر من المختلف

+++++++++++

- من أن الاصل عدم التزام المشتري تملك الموجود بالصفة الحالية حتى يجب عليه الوفاء بما ألزم: و هو دفع الثمن إلى البائع.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 36.

(1) خلاصة هذا الكلام أن ما افاده شيخ الطائفة في المبسوط و ابن ادريس في السرائر، و الشهيد في الدروس: من أصالة بقاء يد المشتري على الثمن لا يناسب لزوم العقد فيما نحن فيه، لأن القائل بذلك لا ينظر إلى مورد الأصالة إلا بالانتقال إلى ملزومها:

و هو عدم كونه مطابقا لما وقع عليه العقد.

بخلاف ما قلنا: من أن الاصل هو عدم وصول حق المشتري إليه.

و بخلاف ما افاده العلامة في التذكرة: من أن الاصل هو عدم التزام المشتري بتملك هذا الموجود، فإنهما يناسبان أصالة اللزوم المتمسك بها في المقام، لأن منشأ الشك في مورد الأصالة هو أن الموجود المدفوع من البائع إلى المشترى.

هل هو مطابق لما وقع عليه العقد أم لا؟

لأن أصالة عدم وصول حق المشتري إليه يرفع المطابقة فلازمه هو رفع اللزوم عن العقد، إذ لو كان مطابقا كان حقه و اصلا إليه.

و كذا أصالة عدم التزام المشتري بهذا الموجود يرفع حكمه اللازم له.

(2) اى ما افاده هؤلاء الأعلام في المبسوط و السرائر و الدروس يناسب القول بجواز العقد.

ص: 367

في باب السبق و الرماية.

و سيأتي تحقيق الحال في باب الخيار.

و أما (1) دعوى ورود أصالة عدم تغير المبيع على الأصول المذكورة، لأن (2) الشك فيها مسبّب عن الشك في تغير المبيع.

فهي (3) مدفوعة، مضافا (4) إلى منع جريانه فيما إذا علم بالسمن قبل المشاهدة فاختلف في زمن المشاهدة.

+++++++++++

- وجه المناسبة أن المشتري له حق عدم اعطاء الثمن إلى البائع في زمن الخيار فهو مسلط على الثمن.

بخلاف القول باللزوم، فإن الواجب على المشتري تمكين البائع من الثمن.

(1) خلاصة هذا الكلام: أن أصالة عدم تغير المبيع واردة على الاصول المذكورة و هي:

الاصل عدم وصول حق المشتري إليه.

الاصل عدم وقوع العقد على هذه الصفة الموجودة الحالية.

الاصل بقاء سلطنة المشتري على الثمن: لأن الشك في الاصول الثلاثة المذكورة مسبب عن الشك في السبب الّذي هو التغير.

فاذا اجرينا الاصل في السبب و قلنا بعدم التغير فلا يبقى مجال لجريان الاصول المذكورة، فيكون البيع لازما فالقول قول البائع.

(2) تعليل لكون أصالة عدم التغير واردة على الاصول المذكورة.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: لأن الشك.

(3) اى الدعوى المذكورة مردودة و باطلة بشيئين.

(4) هذا هو الشيء الاول و قد ذكره الشيخ قدس سره في المتن فلا نعيده.

ص: 368

كما إذا علم بكونها سمينة و أنها صارت مهزولة.

و لا يعلم أنها في زمان المشاهدة كانت باقية على السمن، أو لا؟

فحينئذ (1) مقتضى الأصل تأخر الهزال عن المشاهدة فالاصل ناخر التغير، لا عدمه (2) الموجب (3) للزوم العقد.

بأن (4) مرجع أصالة عدم تغير المبيع إلى عدم كونها حين المشاهدة سمينة.

و من المعلوم أن هذا بنفسه لا يوجب لزوم العقد نظير أصالة عدم وقوع العقد على السمين.

نعم لو ثبت بذلك الاصل (5) هزالها عند المشاهدة، و تعلق العقد

+++++++++++

(1) اي فحين أن علم بكون الشاة سمينة و أنها صارت مهزولة و لا يعلم كونها في زمن المشاهدة باقية على السمن، أو لا؟

(2) اي لا عدم التغير حتى يلزم البيع و يكون القول قول البائع

(3) برفع كلمة الموجب، بناء على أنها صفة لكلمة لا عدمه.

(4) هذا هو الشيء الثاني المشار الى الشيئين في الهامش 3 ص 368.

و خلاصته: أن مآل أصالة عدم التغير إلى عدم كون الشاة سمينة حين المشاهدة.

و من الواضح أن مجرد المآل المذكور إلى عدم كون الشاة سمينة لا يكفي في لزوم العقد، بل لا بد من اثبات وقوع العقد على الشاة المهزولة، لأنك عرفت في الهامش 2 ص 359 أن نفي الشيء لا يثبت وجود ضده الآخر، فعليه لا مجال لجريان الاصل المذكور حتى يكون واردا على الاصول المذكورة المشار إليها في الهامش 1 ص 368.

(5) و هو أن الاصل عدم تغير المبيع.

ص: 369

بالمهزول ثبت لزوم العقد، و لكن الاصول العدمية (1) في مجاريها لا تثبت وجود أضدادها.

هذا كله مع دعوى المشتري النقص الموجب للخيار.

و لو ادّعى البائع الزيادة الموجبة لخيار البائع فمقتضى (2) ما ذكرنا في طرف المشتري تقديم قول البائع، لأن الاصل عدم وقوع العقد على هذا الموجود حتى يجب عليه الوفاء به.

و ظاهر عبارة اللمعة تقديم قول المشتري هنا (3)، و لم يعلم وجهه.

+++++++++++

(1) منها الاصول المذكورة في الهامش 1 ص 368.

و قد عرفت معنى عدم جريان الاصول العدمية في مجاريها عند قولنا في الهامش 1 ص 368: إن نفي احد الضدين.

(2) اي كل ما قلناه في جانب المشتري عند دعواه التغير في المبيع:

من جريان الاصول الثلاثة المذكورة في الهامش 1 ص 368 نقوله في جانب البائع عند دعواه الزيادة في المبيع فنقول:

الاصل عدم وصول حق البائع إليه.

الاصل بقاء يد البائع على المبيع.

الاصل عدم وقوع العقد على هذا المبيع المتصف بالصفة الموجودة فلا يجب عليه الوفاء بالعقد، لأن المشتري يدعي على البائع علمه بالزيادة و أن العقد وقع عليها و البائع ينكره.

(3) اي عند دعوى البائع زيادة المبيع الموجبة هذه الزيادة لخياره.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 270 عند قول المصنف قدس سره:

(و لو اختلفا في التغير قدّم قول المشتري مع يمينه).

بناء على أن الشهيد اراد الاطلاق من التقديم، حيث لم يقيد -

ص: 370

..........

+++++++++++

- التقديم بصورة دعوى المشتري النقص في المبيع.

و للشهيد الثاني قدس سره في المصدر نفسه في ص 271 إشكال على المصنف في تقديم قول المشتري في جانب الزيادة و النقيصة بقوله:

و في تقديم قول المشتري فيهما جمع بين متنافيين مدعا و دليلا.

و نحن ذكرنا وجه الإشكال هناك، و كيفية الجمع بين المتنافيين مدعا و دليلا في ص 272 في المصدر نفسه.

و حرصنا البالغ على زيادة اطلاع روّاد العلم و أبنائه على كيفية الإشكال ذكرنا هنا ما سجلناه هناك.

حاصل الإشكال و إن لم يصرح قدس اللّه نفسه إلى كيفية الجمع بين المتنافيين في الصورتين و هما:

ادعاء النقيصة في المبيع من جانب المشتري، و تقديم قوله مع اليمين.

و ادعاء الزيادة في المبيع من جانب البائع، و تقديم قول المشتري أيضا.

أن لازم ذلك هو الجمع بين المتنافيين مدعا و دليلا.

أما لزوم الجمع بين المتنافيين من حيث المدعى فلأن المشتري كان في الصورة الاولى: و هي نقيصة المبيع منكرا لما يدعيه البائع:

من علم المشتري بالتغير فيقدم قوله، طبقا للاصول المذكورة في الهامش 1 ص 368.

و أما في الصورة الثانية: و هي ادعاء زيادة المبيع من جانب البائع فيكون المشتري مدعيا علم البائع بزيادة المبيع و البائع ينكره.

فكيف يقدم قول المشتري مع كونه مدعيا، و المقام تقديم قول البائع، لا قول المشتري؟

و لا يصح القول في هذه الصورة بأن المشتري منكر، لادعائه -

ص: 371

..........

+++++++++++

- علم البائع بزيادة المبيع، فلا مجال لصدق الانكار عليه.

فتقديم قوله يلزم الجمع بين المتنافيين مدعا و دليلا.

و أما لزوم الجمع بين المتنافيين من حيث الدليل فهو أن البائع إذا ادعى علم المشتري بالنقيصة في الصورة الاولى و قلنا بتقديم قول المشتري مع يمينه.

فكيف يمكن القول في الصورة الثانية أيضا بأن البائع يدعي علم المشتري و اطلاعه على الزيادة و المشتري منكر؟

فلازم ذلك تقديم قول المشتري، لأنه منكر، فاذا قلنا بتقديم قول المشتري لزم الجمع بين المتنافيين من حيث الدليل، لأن الدليل الذي اقتضى تقديم قول المشتري في الصورة الاولى هو بعينه يقتضي تقديم قول البائع فى الصورة الثانية.

و الوجه الذي بموجبه كان المشتري منكرا هو بعينه يكون البائع به منكرا في الصورة الثانية.

و أما الوجه الثاني لتقديم قول المشتري في الصورة الاولى فهي أصالة عدم وصول حقه إليه.

و في الصورة الثانية إذا اجرينا هذا الاصل: و هو أصالة عدم وصول حقه إليه أيضا فقد خبطنا خبط عشواء.

كيف و في البين دعوى الزيادة على حقه؟

و هل هذا إلا الجمع بين المتنافيين؟

و هكذا قل في الوجه الثالث من وجوه تقديم قول المشتري فيما إذا ادعى النقيصة.

ص: 372

الفرع الثاني لو اتّفقا على التغيّر بعد المشاهدة، و وقوع العقد على الوصف المشاهَد، و اختلفا في تقدّم التغيّر على البيع ليثبت الخيار، و تأخّره عنه

(الثاني) (1): لو اتفقا على التغير بعد المشاهدة، و وقوع

+++++++++++

(1) اي الفرع الثاني من الفرعين الذين ذكرهما الشيخ في ص 343 بقوله: فرعان.

خلاصة هذا الفرع: أن البائع و المشتري لو اختلفا في تقدم التغير على البيع، و تأخره عنه مع اتفاقهما على التغير.

فإن كان المشتري مدعيا لتقدم التغير على البيع حتى يبطل البيع ليأخذ الثمن، لأن الاصل عدم تقدم البيع على التغير الذي هو الهزال مثلا فالقول قول المشتري فيثبت له الخيار.

و مرجع هذا الاصل إلى عدم وقوع البيع حالة السمن.

لكن لا اثر لهذا الاصل، لأن موضوع الحكم بجواز العقد امر وجودي: و هو وقوع العقد على الهزال، و هذا الاصل لا يثبت وقوع العقد على الهزال، إلا أنه افاد عدم وقوع العقد على السمن.

و إن كان مدعي تأخر التغير عن البيع البائع، ليستقر له البيع، و تصح المعاملة، ليستحق الثمن، لأن الاصل عدم تقدم التغير على المبيع فلا موجب للخيار، فالقول قوله فيقدم.

و مرجع هذا الاصل إلى أصالة بقاء السمن، و عدم وجود الهزال حالة البيع، فيكون البيع لازما يجب على المشتري الوفاء به.

لكن لا اثر لهذا الاصل و إن كان بقاء السمن امرا وجوديا لأن اللزوم من أحكام وصول ما عقد عليه، و من أحكام انتقال ما عقد عليه إلى المشتري.

و من الواضح أن أصالة بقاء السمن لا يثبت وصول السمن إلى المشتري، لأن الوصول ليس حكما شرعيا، بل هو امر خارجي و اللزوم مترتب على هذا الامر الخارجي فيكون الاصل من الاصول -

ص: 373

العقد على الوصف المشاهد، و اختلفا في تقدم التغير على المبيع (1)، ليثبت الخيار، و تاخره عنه (2) على وجه لا يوجب الخيار(1)تعارض كل من أصالة عدم تقدم البيع (3)، و التغير (4) على صاحبه.

و حيث إن مرجع الاصلين (5) إلى أصالة عدم وقوع البيع حال السمن مثلا، و أصالة (6) بقاء السمن، و عدم وجود الهزال حال البيع.

+++++++++++

- المثبتة التي لا تكون حجة.

كما أن إجراء أصالة عدم تقدم البيع على التغير كما يدعيه المشتري لا ينفي عدم وصول ما وقع عليه العقد إلى المشتري، لأن الوصول و العدم امر وجودي خارجي، لا شرعي، فالاصلان بلا اثر.

(1) كما يقوله المشتري و قد عرفت شرح هذا في الهامش 1 ص 373 عند قولنا: فالقول قول المشتري.

(2) كما يدعيه البائع، و قد عرفت شرح هذا في الهامش 1 ص 373 عند قولنا: فالقول قوله.

(3) اي تقدم البيع على التغير كما يدعيه المشتري.

(4) اى تقدم التغير على البيع كما يدعيه البائع.

(5) و هما: أصالة عدم تقدم البيع على التغير كما يدعيه المشترى و قد عرفته.

و أصالة عدم تقدم التغير على البيع كما يدعيه البائع و قد عرفته.

(6) بالجر عطفا على مدخول (إلى الجارة) في قوله: إلى أصالة اى و مرجع الاصل الثاني الّذي هو قول البائع إلى أصالة بقاء السمن، و إلى عدم وجود الهزال إلى حال البيع.

و قد عرفت هذا المرجع في الهامش 1 ص 373 عند قولنا: -

ص: 374


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الظاهر أنه لا يترتب على شيء منهما (1) الحكم بالجواز و اللزوم لأن (2) اللزوم من أحكام وصول ما عقد عليه، و انتقاله (3) إلى المشتري، و أصالة (4) بقاء السمن لا يثبت وصول السمين إليه.

كما أن (5) أصالة عدم وقوع البيع حال السمن لا ينفيه.

فالمرجع (6)

+++++++++++

- و مرجع هذا الاصل.

(1) اي من الاصلين المذكورين في الهامش 4 ص 360، و الهامش 1 ص 361 و قد عرفت عدم ترتب الحكم بالجواز و اللزوم في الهامش 1 ص 373 عند قولنا: لكن لا اثر لهذا الاصل.

(2) تعليل لعدم ترتب الحكم بالجواز و اللزوم على شيء من الاصلين.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 373 عند قولنا: لأن موضوع الحكم بجواز العقد.

(3) اي انتقال ما عقد عليه العقد.

(4) عرفت معنى هذا في الهامش 1 ص 373 عند قولنا:

و من الواضح أن أصالة.

(5) عرفت معنى هذا في ص 374 عند قولنا:

كما أن إجراء أصالة عدم تقدم البيع.

(6) الفاء تفريع على خبر إن في قوله في ص 374: و حيث إن مرجع الاصلين، اي فبناء على ما ذكرنا يكون المرجع عند تعارض الاصلين المذكورين في الهامش 4 ص 360، و الهامش 1 ص 361 إلى أصالة عدم وصول حق المشتري إليه فيكون له الخيار.

و نظير ما نحن فيه هو ما إذا كان عندنا ماء قليل لاقى متنجسا -

ص: 375

إلى أصالة عدم وصول حق المشتري إليه كما (1) في المسألة السابقة.

إلا (2) أن الفرق بينهما هو أن الشك في وصول الحق هناك (3) ناش عن الشك في نفس الحق، و هنا (4) ناش عن الشك في وصول

+++++++++++

- و صار كرا، لكن شك في تقديم كريته على الملاقات، أو في تقديم ملاقاته على الكرية.

فهنا إن لم يكن زمان كل واحد منهما معلوما فأصالة عدم تقدم الكرية معارض بأصالة عدم تقدم الملاقات فيكون الشك في بقاء نجاسة المتنجس

و أما إن كان مسببا عن الشك في تقدم الكرية على الملاقات، أو تأخرها عنها فيجري الاصل: اعني بقاء نجاسة المتنجس في المسبب دون السبب، لتعارض الاصل في السبب.

(1) اي الفرع الثاني كالفرع الاول في تقديم قول المشتري على قول البائع.

(2) اي لكن فرق بين الفرعين، حيث إن الشك في الفرع الاول إنما هو في وقوع العقد على السمن، أو الهزال فمآله حينئذ إلى الشك في اصل الحق، لأنه إذا وقع العقد على السمن فللمشتري حق الخيار لعدم وصول حقه إليه، فإن الذي وصل إليه هو المبيع المهزول.

نعم لو وقع العقد على المهزول فليس للمشتري حق الخيار.

و أما الفرع الثاني فإن صار المبيع بعد الرؤية سمينا و كان قبل العقد مهزولا فقد وقع العقد على المهزول و وصل حق المشتري إليه.

و إن كان المبيع قبل العقد سمينا ثم صار مهزولا بعد العقد فقد وقع العقد على السمين و لم يصل حق المشتري إليه.

(3) اي في الفرع الاول كما علمت آنفا.

(4) اي في الفرع الثاني.

ص: 376

الحق المعلوم.

(و بعبارة اخرى) الشك هنا (1) في وصول الحق، و هناك (2) في حقه الواصل، و مقتضى الاصل في المقامين عدم اللزوم.

و من ذلك (3) يعلم الكلام فيما لو كان مدّعي الخيار هو البائع بأن اتفقا على مشاهدته مهزولا، و وقوع العقد على المشاهد، و حصل السمن و اختلفا في تقدمه على البيع، ليثبت الخيار للبائع.

+++++++++++

(1) اي في الفرع الثاني في وصول الحق، لأن المتبايعين متفقان في التغير، لكنهما مختلفان في التقدم و التأخر، فالشك في وصول الحق إلى المشتري.

(2) اي في الفرع الاول في وصول حق المشتري إليه، لأنهما مختلفان في التغير، فالمشتري يدعي التغير و البائع ينكره فيكون الشك في حق المشتري الواصل إليه.

هل هو هذا الموجود أم العين المشتملة على الصفة المفقودة؟

فالاصل عدم وصول حقه إليه فيكون القول قوله كما عرفت.

(3) اي و مما قلناه في الفرع الثاني: من أن المشتري لو ادعى الخيار يعلم حال البائع لو كان مدعيا للخيار.

فكل ما قلناه هناك: من جريان الاصول المذكورة و عدمه و أن القول قول المشتري يأتي هنا.

خذ لذلك مثالا.

لو اتفق البائع و المشتري على مشاهدة المبيع مهزولا و وقع العقد على هذا العنوان، و بعد العقد ادعى البائع أن المبيع صار سمينا قبل البيع و انا لا اعلم به فالخيار لي.

و ادعى المشتري أن السمن صار بعد العقد و وقع في ملكي فليس -

ص: 377

فافهم (1) و تدبّر، فإن المقام لا يخلو عن إشكال و اشتباه.

و لو وجد (2) المبيع تالفا بعد القبض (3) فيما يكفي في قبضه

+++++++++++

- لك الخيار في ذلك.

فهنا يمكن إجراء أصالة تأخر البيع عن السمن فيكون القول قول البائع فيقدم.

و يمكن إجراء أصالة تأخر السمن عن البيع فيكون القول قول المشتري فيقدم.

لكن لا اثر لهذين الاصلين، لأنهما لا يثبتان اللزوم و الجواز، لعين الملاك الموجود في صورة ادعاء المشتري.

و قد عرفت عدم تأثير الاصلين و كيفية عدم اثباتهما اللزوم و الجواز في ص 361 فراجع هناك.

(1) لعل الامر بالتفهم و التدبر في محله جدا، لأن مطالب الفرعين كما عرفت أيها الطالب الذكي في مطاوي الشروح من أصعب المطالب العلمية التي مرت عليك في (المكاسب) من البداية إلى هذا المقام.

و لعمر الحق لقد اتعبني الفرعان، و اخذا من وقتي في الليل و النهار أكثر من ساعات و أيام، و لذا افاد الشيخ قدس سره:

إن المقام لا يخلو من إشكال و اشتباه.

(2) اي المشتري وجد المبيع تالفا.

(3) تقييد وجدان المبيع بما بعد القبض لاجل أن لا يكون ضمان على البائع، لأن المبيع إن كان تالفا قبل القبض فتلفه على البائع.

كما أن المبيع لو تلف في زمن خيار المشتري في الخيارات الزمانية يكون تلفه على البائع و لو كان التلف بعد القبض.

ص: 378

التخلية، و اختلفا (1) في تقدم التلف على البيع و تاخره، فالأصل بقاء ملك المشتري على الثمن، لأصالة (2) عدم تأثير البيع.

و قد يتوهم (3) جريان أصالة صحة البيع هنا، للشك في بعض شروطه؛ و هو وجود المبيع.

و فيه (4) أن صحة العقد عبارة عن كونه بحيث يترتب عليه الاثر

+++++++++++

(1) اى البائع و المشتري: بأن ادعى المشتري تقدم التلف على القبض، ليكون التلف من مال البائع فالاصل هنا بقاء ملك المشتري على الثمن.

(2) تعليل لبقاء ملك المشتري على الثمن.

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب.

و خلاصته أن البيع بنفسه لم يخرج المبيع عن الضمان للمشتري، بل بعد إقباضه إليه سالما يخرج عن ضمان البائع له.

فاذا شككنا في حصول قبض المبيع سالما فنستصحب عدم تأثير البيع في إخراج المبيع عن عهدة ضمان البائع له.

(3) خلاصة هذا التوهم أن البيع قد وقع، لكن المشتري يقول بفساده، و عدم تأثيره، لعدم وجود شرط الصحة: و هو كون المبيع غير تالف، و البائع يدعي الصحة.

و من المعلوم أن قول مدعي الصحة مقدم على مدعي الفساد.

(4) هذا جواب عن التوهم.

و خلاصته: أن وجود المبيع عند العقد من الأركان، لا من الشرائط فاذا لم يكن المبيع الشخصي موجودا حين العقد فلا يقع العقد اصلا و ابدا لأنه لا تأثير عقلا لشيء معدوم في الواقع في تمليك العين فإن -

ص: 379

شرعا، فاذا فرضنا أنه عقد على شيء معدوم في الواقع فلا تاثير له عقلا في تمليك العين، لأن تمليك المعدوم لا على قصد تمليكه عند الوجود، و لا على قصد تمليك بدله مثلا أو قيمة غير معقول

و مجرد انشائه باللفظ لغو عرفا يقبح مع العلم، دون الجهل بالحال.

فاذا (1) شككنا في وجود العين حال العقد فلا يلزم من الحكم بعدمه فعل فاسد من المسلم، لأن (2) التمليك الحقيقي غير متحقق و الصّورى و إن تحقق لكنه ليس بفاسد، إذ اللغو فاسد عرفا اى قبيح إذا صدر عمن علم بالحال.

+++++++++++

- تمليك المعدوم لا على قصد تمليكه عند الوجود، و لا على قصد تمليك بدله مثلا، أو قيمة غير معقول بمجرد انشائه باللفظ، لأنه لغو عرفا فيقبح مع العلم به، لا مع الجهل.

و الحاصل أن العقد لم يقع اصلا إذا لم يكن المبيع الشخصي موجودا حين العقد، لا أنه يقع فاقدا لبعض شروطه.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن العقد على الشيء المعدوم لا تأثير له عقلا، و أن العقد لا يقع اصلا.

و خلاصته أنه في صورة الشك في وجود العين حين صدور العقد لا يلزم من الحكم بعدم وجود العين صدور فعل فاسد من المسلم حتى يقال: إن المسلم بما أنه مسلم لا يصدر منه الفعل الفاسد، فما يصدر عنه لا بد أن يكون صحيحا، لحمل فعله على الصحة.

(2) تعليل لكون ما يصدر من المسلم لا يلزم أن يكون فاسدا.

و خلاصته: أن التمليك الحقيقي غير صادر من المسلم، لأنه في صورة الشك في وجود العين لا يمكن إنشاء تمليك العين جدا و جزما لعدم قابلية المعدوم للتمليك.

ص: 380

و بالجملة (1) الفاسد شرعا الذي تنزه عنه فعل المسلم هو التمليك الحقيقي المقصود الذي لم يمضه الشارع، فافهم هذا (2)، فإنه قد غفل عنه بعض (3) في مسألة الاختلاف في تقدم بيع الراهن على رجوع المرتهن عن اذنه في البيع، و تاخيره عنه، حيث تمسّك بأصالة صحة

+++++++++++

- و أما التمليك الصوري فهو و إن كان ممكنا، لكنه لغو عند العقلاء و ليس بفاسد، لأن الفاسد هو العقد الذي تحقق وجوده، لكن بعض شرائطه مفقود فلم يمضه الشارع، لفقدان هذا البعض.

(1) اي خلاصة الكلام في هذا المقام أن التمليك الفاسد شرعا و الذي يتنزه عنه فعل المسلم هو التمليك الحقيقي الذي قصده البائع و الذي لم يمضه الشارع، لا ما كان صوريا و لغوا عرفا.

(2) اي تبصر و تفهم و تعقل هذا المطلب الدقيق، فإنه دقيق جدا محتاج إلى التفهم و التبصر، و قد ذكر الشيخ وجه الامر بالتفهم بقوله: فإنه قد غفل عنه بعض:

(3) هذا البعض هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره، فإنه افاد في هذا المقام ما نصه.

إلا أنه يعارض ذلك أصالة الصحة في رجوعه، ضرورة كونه فعلا من أفعال المسلم الذي ينبغي حملها على الصحة التي هي هنا الحكم بكونه(1) قبل البيع حتى يؤثر فسادا فصحيحه ذلك، و فاسده الواقع بعد البيع، لعدم تأثيره، إذ ليس معنى الفساد و الصحة إلا ترتب الاثر و عدمه.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 25، ص 267.

ص: 381


1- اي بكون رجوع المرتهن عن اذنه للبيع وقع قبل البيع.

الرجوع عن الاذن، لأن (1) الرجوع لو وقع بعد بيع الراهن كان فاسدا، لعدم مصادفته محلا يؤثر فيه.

نعم (2) لو تحققت قابليّة التأثير عقلا، أو تحقق الانشاء الحقيقي عرفا و لو فيما إذا باع بلا ثمن، أو باع ما هو غير مملوك كالخمر و الخنزير، و كالتالف شرعا كالغريق و المسروق، أو معدوم قصد تملكه عند وجوده كالثمرة المعدومة، أو قصد تمليك بدله مثلا أو قيمة كما لو باع ما اتلفه زيد على عمرو، أو صالحه اياه بقصد حصول اثر الملك في بدله تحقق مورد الصحة و الفساد، فاذا حكم بفساد شيء من ذلك، ثم شك في أن العقد الخارجي منه أم من الصحيح حمل على الصحيح.

+++++++++++

(1) تعليل لغفلة (الشيخ صاحب الجواهر).

و خلاصته أنه إذا شككنا في وجود المرهون حال رجوع المرتهن عن الاذن يكون مآل الرجوع إلى أنه.

هل للرجوع موضوع أم لا؟

فاذا لم يكن له موضوع فالرجوع يكون لغوا، لعدم مصادفة الرجوع محلا يؤثر فيه.

(2) هذا كلام الشيخ الانصاري و هو استدراك عما افاده من أن التمليك الفاسد شرعا، و الذي يتنزه عنه فعل المسلم هو التمليك الحقيقي، لا ما كان صوريا و لغوا عرفا.

و قد ذكر الاستدراك فلا نعيده.

ص: 382

الفهارس

اشارة

(1) البحوث

(2) التعاليق

(3) الآي الكريمة

(4) الأحاديث الشريفة

(5) الأعلام

(6) الأماكن و البقاع

(7) الشعر

(8) الكتب

(9) الخطأ و الصواب

ص: 383

ص: 384

1 - (فهرس البحوث)

ص الموضوع

الإهداء

9 خروج الملك بالرهن عن كونه ملكا طلقا

11 المراد من معقد الاجماع و الأخبار

13 الكلام في صحة بيع الراهن

15 في تضعيف كلام صاحب المقابيس

17 ما افاده صاحب المقابيس في بيع الرهن

19 ما اورده على نفسه صاحب المقابيس

21 ما افاده صاحب المقابيس حول بيع الرهن

25 ما اورده شيخنا الانصاري على صاحب المقابيس

31 دليل آخر لبطلان بيع الراهن الرهن

33 الجواب عن التنظير الذي افيد

35 كاشفية الاجازة في الفضولي ملازمة للاجازة في الرهن

37 هل الاجازة تنفع بعد الرد

39 عدم لزوم العقد بفك الرهن

40 نظرية الشيخ حول بيع الراهن الرهن

ص الموضوع

43 بطلان قياس بيع الرهن بنكاح العبد

45 بيع الرهن نظير بيع الفضولي

47 المراد من لزوم الوفاء بالعقد عدم جواز نقصه

49 قولان في صورة امتناع الراهن البائع عن فك الرهن

51 صحة بيع العبد الجاني جناية موجبة لقتله

53 الفرق بين العبد الجاني و بين العبد المريض

55 أقوال الفقهاء في العبد الجاني

57 مراد شيخ الطائفة من الملك

59 في جناية العبد خطأ

61 فيما افاده العلامة حول جناية العبد خطأ

63 القدرة على التسليم من شروط العوضين

65 في الحديث المستدل على تفسير الغرر

67 ذكر أقوال اللغويين في تفسير الغرر

69 فيما افاده صاحب الجوهر في معنى الغرر

ص: 385

ص الموضوع

71 احتمال و دفعه

73 ما افاده السيد المرتضى

75 في تفسير الغرر لغة و شرعا

77 في النسبة بين الغرر و الجهل

79 في المعاني المترتبة على الغرر

81 ما افاده الشهيد الأول في معنى الغرر

83 ما افاده علماء اخواننا السنة في عدم تعين الأثمان بالتعيين

85 في رد الشهيد على ما افاده علماء إخواننا السنه

87 ما افاده شيخنا الصدوق حول فساد بعض المعاملات

89 في أخصية الدليل من المدعى

91 في المعاني المستفادة من لفظة عند الواردة في الحديث النبوي

93 في الايراد على عدم دلالة الحديث على المدعى

95 عدم وجود رجحان للتخصيصات المذكورة

97 في الرد على الاستدلال بوجوب القدرة على التسليم

99 فيما افاده السيد بحر العلوم

ص الموضوع

101 في الاستدلال بوجه آخر على وجوب القدرة على التسليم

103 في أن القدرة على التسليم شرط

105 ما افاده الشيخ صاحب الجواهر في القدرة على التسليم

107 ما اورده شيخنا الانصاري على ما افاده صاحب الجواهر

109 عدم ترتب ثمرة على الشك الموضوعي أو الحكمي أو غيرهما

111 ما اورده شيخنا الانصاري على ما افاده صاحب الجواهر

113 في الفروع المتفرعة على القول بوجوب القدرة على التسليم

115 بيع الرهن قبل اجازة المرتهن كبيع الفضولي

117 خلاصة الكلام في تعذر التسليم

119 في أن الاعتبار بالقدرة على التسليم بعد تمام النقل

121 امكان القول باعتبار القدرة على التسليم

123 لا يكون المنفي في الحديث النبوي كل معاملة فيها الغرر العرفي

125 منشأ الخلاف في مسألة بيع الصرف و السلم

ص: 386

ص الموضوع

127 مراد المحقق في النافع

129 إشكال من الشيخ على تفسير الغرر بالخديعة

131 ما افيد في نهاية الأحكام

133 ما افاده المحقق في الشرائع حول ما لا يوثق حصوله

135 في عدم اعتبار قدرة العاقد اذا كان وكيلا في العقد

137 في التفريع الذي افاده السيد بحر العلوم

139 جواب السيد بحر العلوم عن الإشكال

145 ما اورده الشيخ على أجوبة السيد بحر العلوم

147 في عدم جواز بيع العبد الآبق منفردا

149 تأييد من الشيخ لما افاده الشهيد

151 توجيه كلام العلامة محتاج الى تأمل

153 هل يلحق الصلح بالبيع

155 وهم و الجواب عنه

157 عدول الشيخ عما افاده في العبد الضال

159 الحكم بصحة البيع مراعا بالتسليم لا يرفع الغرر

161 تمايل الشهيد إلى جواز بيع الآبق اذا ضمنه البائع

ص الموضوع

163 الحديث الوارد في الجارية الآبقة

165 عدم جواز جعل الآبق جزء من الثمن

167 عدم استفادة صحة بيع الضميمة، مستقلة من الحديث

169 ما ذكره صاحب كاشف الرموز

171 في حكم الضميمة إذا تلفت بعد تلف الآبق

173 لو وجد المشتري عيبا سابقا في العبد الآبق

175 في اشتراط العلم بمقدار الثمن

177 التأويل متعين في صحيحة رفاعة

179 عدم جواز التمسك بصحيحة رفاعة على صحة بيعه

181 في الصور المحتملة لقول الامام عليه السلام

183 في أضعفية ما افاده الاسكافي

187 في الحديث الوارد في اشتراط العلم بقدر المثمن

189 حكم الامام بعدم تصديق البائع

191 الاستدلال بصحيحة سماعة على اشتراط العلم بقدر المثمن

193 الاستدلال بمرسلة ابن بكير

ص: 387

ص الموضوع

195 الغرر الشخصي لا يكون ملاكا في عدم جواز البيع المذكور

197 كفاية اندفاع الغرر بغير التقدير

199 عدم المعرفة بوزن الدينار أو الدرهم لا يعد غررا

201 تقرير الامام جواز كيل المعدود اذا تعذر عده

203 المناط في اعتبار تقدير المكيل و الموزون و المعدود

205 قصور رواية وهب سندا و دلالة

207 أقسام بيع المكيل بالوزن و الموزون بالكيل

209 استدلال العلامة برواية عبد الملك

211 في جواز البيع اذا كان التفاوت بما لا يتسامح به

213 كفاية الكيل في الموزون لا يخلو عن إشكال

215 منافاة تقرير الامام لكفاية الكيل أو الوزن في المعدود

217 المراد من قول الفقهاء في المكيل ص الموضوع

و الموزون

219 اعتبار الكيل و الوزن فيما باع بهما في زمن الشارع

221 ما اورده شيخنا الانصاري على الشيخ صاحب الجواهر

229 في رفع التنافي

231 هدم من شيخنا الانصاري لما أفاده

233 عدم دليل على اعتبار الكيل و الوزن في الموارد المشكوكة

235 ما افاده المحقق الثاني حول المكيل و الموزون

237 كلام حول الأقارير و الأيمان

239 ما اورده شيخنا المحدث البحراني على المحقق الاردبيلي

241 ما اورده شيخنا الانصاري على المحدث البحراني

243 اختلاف الفقهاء فيما اذا كانت الأوزان و المكاييل مختلفة

245 المدار فيما لا اجماع فيه هو بناء العرف

247 كفاية المشاهدة فيما لا يعتبر في مالية الشيء التقدير

249 بلد المبيع هو المعتبر في مكيلية الشيء

ص: 388

ص الموضوع

و موزونيته و معدوديته

251 الغرباء مثل اهل المدن في ايقاع العقد

253 في طريقية إخبار البائع للمقدار

255 وهم و الجواب عنه

257 مغايرة الموجود الخارجي مع عنوان العقد مغايرة حقيقية

259 ما افاده المحقق الثاني في بيع الصرف

261 في بيع الثوب و الارض

263 ترتب الثمرة على ثبوت الخيار

265 في بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

267 في المراد من بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

269 في الأدلة القائمة على منع بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

271 ما افاده شيخ الطائفة في بيع عبد من العبدين

273 ما افاده فخر الاسلام في الايضاح

275 نظرية الشيخ حول بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

277 ما افاده الشيخ كاشف الغطاء حول بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

ص الموضوع

279 استحسان شيخنا الانصاري ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

281 نظرية شيخنا الانصاري حول ما افاده العلامة

283 الوجه الثالث من بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

285 إشكال و الجواب عنه

291 متابعة بعض المعاصرين فيما افاده فخر الاسلام

293 جواب آخر من شيخنا الانصاري عن الوجه الثاني

295 في بيع صاع من صبرة

297 في الرد على الاستدلال الاول

299 في امور تتفرع على القول بكون المبيع كليا

301 من الامور المتفرعة على القول بكون المبيع كليا

303 بقاء المبيع على كليته ما لم يقبض

305 الإشكال على ما ذكره الفقهاء

307 فيما افيد نظر و إشكال

309 الطريقة الثانية للتفصي من العويصة

311 في الرد على الشيخ صاحب الجواهر

ص: 389

ص الموضوع

فيما افاده

313 في الرد على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة

315 رد آخر على صاحب مفتاح الكرامة

317 امكان عدم القول بالاشاعة في الأرطال المستثناة

319 المتبادر من الكلي عند اطلاقاته هو الكلي المشاع

321 نسبة التالف إلى المتبايعين على حد سواء

323 الأقسام العشرة في بيع الصبرة

333 ما افاده الشهيدان في اللمعة و الروضة

335 إشكال و الجواب عنه

337 الإشكال على ما افاده صاحب الكفاية

339 في صور بيع عين لو شوهدت في زمن سابق على العقد

341 وهم و الجواب عنه

343 فرعان

345 اختلاف البائع و المشتري في تغير المبيع

347 الرد على الدليل الاول

343 الرد على الدليل الثاني

351 الرد على الدليل الثالث

ص الموضوع

353 في الأوصاف الملحوظة حين مشاهدة المبيع

355 لا توجد دعويان عند النزاع في التغير

357 معارضة الاصل المذكور باصل آخر

359 دعوى و الجواب عنها

361 فساد التمسك بأصالة اللزوم

363 لا فائدة في التمسك بالعمومات على لزوم العقد

365 سبب الخيار هو عدم وفاء البائع بالعقد

367 مخالفة ما في المبسوط و السرائر و الدروس لأصالة اللزوم

369 مقتضى الاصل تأخر الهزال عن المشاهدة

373 الفرع الثاني

375 عدم ترتب الجواز و اللزوم على الاصلين المذكورين

377 فرق بين الشك في الفرع الاول و الثاني

379 توهم جريان أصالة صحة البيع هنا

381 خلاصة الكلام في المقام

ص: 390

2 - (فهرس التعاليق)

ص الموضوع

10 الأقوال الاربعة في بيع الراهن الرهن

10 راي الشيخ حول بيع الراهن الرهن

10 المراد من العمومات السليمة عن المعارض

11 المراد من الاجماع المذكور و الأخبار

12 وهن الأخبار المذكورة في قبال قول جمهور الفقهاء

13 دليل آخر و خلاصته

14 ما اورده شيخنا الأنصاري على ما افاده العلامة

15 أدلة صاحب المقابيس

16 اشتمال الدليل الثالث على قياس منطقي من الشكل الاول

17 ما اورده شيخنا الانصاري على المحقق التستري

18 إشكال من المحقق التستري و خلاصته

19 تفريع على ما افاده المحقق التستري

20 المسائل الثلاث

21 احتياج المالك في بيع ملكه الى امرين

21 المراد من التملك

ص الموضوع

22 من متممات كلام المحقق التستري

22 تحقيق حول الحديث الوارد في العبد

23 تعليل و خلاصته

24 من متممات كلام المحقق التستري

25 من متممات كلام المحقق التستري

25 رد شيخنا الانصاري على ما افاده المحقق التستري

26 ايرادان على المحقق التستري من الشيخ الانصاري

26 تعليل و خلاصته

28 المراد من العمومات

29 رد و خلاصته

29 رد آخر و خلاصته

31 تعليل و خلاصته

31 من متممات دليل التخيل

32 تنظير من المتخيل و خلاصته

32 جريان الإشكال لو لم يلتزم القائل بالكشف بما قلناه

33 جواب عن التنظير و خلاصته

33 لزوم الإشكال المذكور مبني على

ص: 391

ص الموضوع

كون الاجارة كاشفة

34 المراد من الفحوى

35 اعتذار من القائل بوقوع العتق في الرهن

36 جواب عن الاعتذار

36 دفع عما افيد في الايقاعات

38 الفرق بين اجازة المرتهن و فك الرهن من قبل الراهن

38 وجه الفرق و خلاصته

38 كلام حول السقوط و الإسقاط

39 دليل آخر على عدم لزوم العقد بالفك

40 الحديث الوارد عن معاوية بن وهب

41 نظرية الشيخ الانصاري حول بيع الراهن الرهن

42 عدم مجال للاستصحاب

43 خلاصة الكلام في المقام

44 استدراك و خلاصته

46 استدراك و خلاصته

47 تفريع

47 مقصود الشيخ و خلاصته

55 استظهار و وجهه

57 نص الحديث الاول و الخامس

ص الموضوع

59 راي شيخنا الانصاري حول جناية العبد خطأ

59 المراد من القواعد

62 وجه التأمل

62 حكم رجوع المشتري الى البائع مثل حكم قضاء الدين عن العبد

64 وهم و الجواب عنه

65 دليل آخر على أن عدم القدرة على التسليم بيع غرري

65 عدم العثور على مصدر الحديث المذكور

65 ذكر الحديث في الجواهر و المصابيح و المكاسب بعبارات مختلفة

65 خدش مع الأعلام

68 وهم و الجواب عنه

68 دفع الوهم بطريق آخر

69 الجمع بين التفاسير الواردة في معنى الغرر

69 خلاصة ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

70 تعليل من صاحب الجواهر و خلاصته

70 ما اورده شيخنا الانصاري على صاحب الجواهر

ص: 392

ص الموضوع

71 وهم و الجواب عنه

72 دليل آخر على اشتراط القدرة على التسليم

72 الانتصار و مؤلفة

73 تعليل و خلاصته

74 الفرق بين تفسير الشهيد الغرر، و بين تفسير صاحب الجواهر

74 تأييد من شيخنا الانصاري لما افاده صاحب الجواهر

74 ما ورد في القرآن المجيد مطابق لتفسير الغرر

75 بين الغرر و الجهل من النسب الاربع

75 مادة الافتراق من جانب الجهل

76 مادة الافتراق من جانب الغرر

76 مادة الاجتماع بين الغرر و الجهل

77 أمثلة متعددة لتعلق الغرر و الجهل بالقدر

78 تعلق الغرر و الجهل بالبقاء من حيث المدة

78 اشتراط بد و الصلاح عند العقد غرر

78 عدم مدخلية الغرر في مالية الشيء لا يعد غررا

ص الموضوع

69 مثال ثالث لما لا مدخلية له في مالية العوضين

79 تردد الغرر بين ماله دخل في مالية العوضين و بين ما ليس له دخل في ذلك

80 موارد أربعة ذكرها الشهيد للغرر المردد بين ذاك و ذاك

80 نص عبارة الشهيد في اللمعة

81 المورد الثالث و الرابع من الموارد الاربعة

81 نص عبارة الشهيد في اللمعة

81 ما افاده الشهيد حول معنى الغرر لغة و عرفا و شرعا

82 ما اورده شيخنا الانصاري على ما افاده شيخنا الشهيد حول معنى الغرر

83 ما افاده علماء اخواننا السنة حول الغرر من الشكل الاول

84 إشكال شيخنا الشهيد على الشكل الاول

84 إشكال شيخنا الانصاري على ما افاده الشهيد الاول منطوقا و مفهوما

ص: 393

ص الموضوع

85 ترتب موارد ثلاثة على مفهوم كلام الشهيد

86 المورد الثالث

86 ترق من الشيخ الانصاري

86 نظرية شيخنا الانصاري و خلاصتها

87 اعتراض شيخنا الانصاري على ما افاده شيخنا الصدوق

88 توجيه من شيخنا الانصاري لما افاده شيخنا الصدوق

88 أخصية الدليل و أعمية المدعى

90 احتمالات أربعة لكلمة عند الواردة في الحديث

91 إشكال على الاحتمال الثالث لكلمة عند

92 احتمال الرابع لكلمة عند الواردة في الحديث

92 وهم و الجواب عنه

94 تفريع

94 المراد من الظاهر و من خلاف الظاهر

95 وجه عدم الرجحان

96 استدلال آخر على اشتراط القدرة على التسليم

ص الموضوع

98 إشكال من السيد بحر العلوم على الاستدلال الآخر

99 اعتراض من السيد بحر العلوم على نفس الاشتراط

99 جواب من السيد بحر العلوم على الاعتراض المذكور

100 إشكال شيخنا الانصاري على اصل الاعتراض

101 دليل آخر على عدم اشتراط القدرة على التسليم

101 استدلال آخر على اشتراط القدرة مذكور في المصابيح

102 تضعيف هذا الاستدلال كما في المصابيح

102 استدلال آخر على اشتراط القدرة في التسليم ذكره السيد بحر العلوم في مصابيحه

102 إشكال من شيخنا الانصاري على هذا الاستدلال

104 تفريع على ما افاده صاحب الغنية

105 ثمرة النزاع

105 ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

ص: 394

ص الموضوع

106 استظهار صاحب الجواهر من الاختلاف المذكور عدم اشتراط القدرة على التسليم

106 إشكال شيخنا الانصارى على الاستظهار المذكور

107 تنازل من شيخنا الانصارى و خلاصته

108 كلام حول الشك الموضوعي و الحكمي

109 عدم الفرق بين القول بشرطية القدرة و بين القول بوجود المانع في صورة معلومية الحالة السابقة و عدمها

109 مثال للشك الحكمي

110 مثال للشك الموضوعي المصداقي

110 خلاصة الكلام في اشتراط القدرة على التسليم

111 إشكال من شيخنا الانصارى على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

113 الملاك في صحة البيع و بطلانه

113 فروع أربعة مترتبة على عدم اعتبار القدرة على التسليم

113 الفرع الاول و الثاني

114 الفرع الثالث و الرابع

ص الموضوع

114 إشكال من شيخنا الانصارى على الفرع الرابع

115 بيع الرهن مثل بيع الفضولي

115 من فروع عدم اعتبار القدرة على التسليم

115 تعليل و خلاصته

116 مطلب آخر و خلاصته

117 تعليل و خلاصته

118 عبارة اخرى

119 تفريع

120 عدم اعتبار القدرة على التسليم حال وقوع الرهن

120 استثناء من عدم اعتبار القدرة على التسليم

121 وجه صدق الغرر عرفا

122 تعليل و خلاصته

122 إمكان الحكم بفساد بيع الفضولي مال الغير لنفسه

123 إشكال من المحقق الايرواني على ما افاده شيخنا الانصارى

123 استثناء من الاستثناء و خلاصته

125 ما افاده المحقق المامقاني في وجه التأمل

ص: 395

ص الموضوع

126 منشأ الاختلاف في اعتبار القدرة على التسليم من الفاضل القطيفي

126 تفريع ما افاده الفاضل القطيفي

127 كلام الفاضل القطيفي

128 كلام الفاضل القطيفي

128 ما اورده شيخنا الانصارى على ما افاده الفاضل القطيفي

129 تفريع

129 إشكال و خلاصته

130 كلام شيخنا الانصارى في صحة بيع العبد الآبق لو تمكن المشتري من تسلمه في الخارج

131 إشكال من الشيخ الانصارى على ما افاده العلامة

132 جواب آخر من الشيخ الانصارى على ما افاده العلامة

133 تعليل و خلاصته

133 تعليل للاجماع المدعى

133 كلمة نعم استدراك من نفي الغرر

134 تعليل

134 وجه التقييد بالأقراء

ص الموضوع

136 خلاصة معنى عبارة الشيخ الانصارى

137 المقيّد هو السيد بحر العلوم

137 تفريع من السيد بحر العلوم

137 وهم و الجواب عنه

137 تعليل لتأثير قدرة المالك

139 على فرض التنازل نقول

139 صلة لكلام السيد بحر العلوم في مصابيحه

140 تحقيق حول كتاب المصابيح و عظمته من شتى جوانبه

142 في الاعتراض على اسرة السيد بحر العلوم حول كتاب المصابيح

142 في الاستفادة من النسخة الخطية

143 ايراد شيخنا الانصارى على ما افاده السيد بحر العلوم

144 إشكال آخر من الشيخ الانصارى على ما افاده السيد بحر العلوم

144 إشكال ثالث من الشيخ الأنصارى على ما افاده السيد بحر العلوم

144 إشكال رابع من الشيخ الانصارى على ما افاده السيد بحر العلوم

144 إشكال خامس من الشيخ الانصارى

ص: 396

ص الموضوع

على ما افاده السيد بحر العلوم

145 إشكال سادس من الشيخ الانصاري على ما افاده السيد بحر العلوم

148 ما افاده الشهيد حول بيع العبد الآبق في اللمعة

148 لعل مبنى الشهيد من منع بيع العبد الآبق هو النصّ و الاجماع

149 تأييد من شيخنا الانصاري لما افاده في وجه المنع

150 المراد من الفقرات الثلاث

151 التنافي الموجود بين الفقرتين الاخيرتين

151 التنافي بين الفقرة الاولى و الثانية، و بين الفقرة الاولى و الثالثة

151 توجيه كلام العلامة لارتفاع التنافي محتاج إلى التأمل الدقيق

152 دليل لعدم الحاق الصلح بالبيع

152 من متممات الدليل المذكور

152 من متممات الدليل المذكور

152 دليل لا لحاق الصلح بالبيع

152 ترق من الشيخ

153 هدم من شيخنا الانصاري لما بناه

155 رد على من ادعى الغرر في بيع ص الموضوع

الضال و المحجور

155 وهم

156 جواب عن الوهم المذكور

156 وهم و الجواب عنه

157 بناء من شيخنا الانصاري لما هدمه

158 رد على ما افاده آنفا

160 من متممات الحكم الشرعي

160 لزوم الغرر لو قلنا بمنع اطلاق الغرر

161 عدم ورود الايراد على جواز بيع العبد الآبق

162 وجه الإنكار على فقهاء علماء اخواننا السنة

162 وجه الإشكال

163 ظاهر السؤال و جواب الامام

164 تفريع

165 تعليل و خلاصته

166 يعتبر في الضميمة شيئان

166 استثناء و خلاصته

167 وجه الامر بالتأمل

167 تفريع

169 لقوله عليه السلام احتمالات ثلاثة

169 منشأ الإشكال امران

ص: 397

ص الموضوع

170 كلام في ضمان البائع للعبد

171 كلام في تلف الضميمة لو اتلف المشتري العبد الآبق

172 العقد على الضميمة سبب لصحة العقد على العبد الآبق

172 دليل انفساخ العقد

172 تفريع

173 ظهور حكم فسخ العقد من جهة الضميمة

174 ما افاده الشهيد في اللمعة

175 تأييد لاشتراط العلم بالثمن قدرا

176 كلام حول الارش

177 تعليل لتعين التأويل و خلاصته

178 ما افاده المحقق المامقاني و الاصفهاني

178 إمكان رفع المنافاة

179 تفريع

179 بيان التأويلات الزائدة

180 احد التأويلات

180 المراد من قطع المساومة

180 بيان كيفية قطع المساومة

181 أي شيء قيل حول صحيحة رفاعة النخّاس

ص الموضوع

182 وجه الضعف

183 نصّ عبارة الإسكافي

183 رد على ما افاده الإسكافي

184 وهم و الجواب عنه

184 كلام حول عبارة الشيخ الانصاري

187 محل الاستشهاد من كلام الامام

187 الايراد على الاستدلال بالصحيحة

188 تعليل

188 مقصود الشيخ الانصاري و خلاصته

189 وجه الامر بالتأمل

189 حكم الامام محمول

189 حكم الامام لا يكون محمولا على شراء المشتري

190 لشراء الطعام من البائع صورتان

190 وهم و حاصله

191 الجواب عن الوهم

191 وجه الأوضحية

192 الأحاديث الواردة على عدم صحة بيع ما يكال جزافا

193 كلام حول مرسلة ابن بكير

194 نص الحديث الوارد عن الامام أبي عبد اللّه

ص: 398

ص الموضوع

195 الغرر الشخصي لا يكون ملاكا في عدم جواز بيع ما يكال جزافا

195 اعتبار ذكر الثمن و تعيينه في البيع

196 مثال لعدم وجود الغرر في شخص البيع

196 عدول شيخنا الانصاري عما افاده

197 أمثلة لتوقف رفع الغرر على التقدير

197 عدم المنافاة بين كون الشيء من المكيل أو الموزون.

و بين عدم مدخلية الكيل و الوزن في ذلك الشيء

198 تحقيق حول كلمة زبرة

200 تحقيق حول كون الناقص موجبا لتفاوت القيمة و عدم كونه موجبا

101 عدول من الشيخ الأنصاري عما افاده

202 الغرض من تمثيل الجوز و البيض

203 المراد من الأحاديث

204 الأقوال الثلاثة في جواز بيع المكيل بالوزن و بيع الموزون بالكيل

205 رد على ما افاده الشهيد في الدروس

206 بيع المكيل بالوزن و الموزون بالكيل ص الموضوع

على قسمين

207 جواز بيع القسم الاول

208 في تأييد رواية عبد الملك و وجه التأييد

209 رد من شيخنا الانصاري على الاستدلال الثاني للعلامة

209 توجيه للتعذر الوارد في كلام العلامة

210 إشكال آخر من شيخنا الانصاري على العلامة

210 استدراك و خلاصته

212 ايراد المحقق الايرواني على شيخنا الانصاري

213 توجيه كلام شيخنا الانصاري لدفع الايراد المذكور

214 منافاة القول بكفاية الكيل أو الوزن إذا صار احدهما طريقا إلى معرفة الآخر

214 منافاة صحيحة الحلبي لكفاية الكيل أو الوزن إذا كان احدهما طريقا إلى الآخر

215 ما قواه الشهيد الثاني في الروضة

217 تفريع

ص: 399

ص الموضوع

217 تعليل

217 المقصود من قول الفقهاء

218 ما افاده شيخنا الانصاري من ذكر كبرى كلية في المقام

219 نقل أقوال الفقهاء في صغريات تلك الكبرى الكلية

219 تفريع

220 نص عبارة المحقق الاردبيلي

221 ما ذكره الشيخ صاحب الجواهر

222 خلاصة كلام جلّ الفقهاء

224 عدم اختصاص المكيل و الموزون بالربا

226 المناط في مكيلية الشيء أو موزونيته

228 النهي المتقدم ينافي القول بأن المدار في مكيلية الشيء أو موزونيته ما كان مكيلا أو موزونا في عهده

229 اعطاء الشيخ الانصاري قاعدة كلية حول مكيلية الشيء أو موزونيته

230 إشكالان على مكيلية الشيء أو موزونيته

231 الإشكال الثاني

233 تعليل و خلاصته ص الموضوع

233 إشكال من شيخنا الانصاري على كلام جماعة من الفقهاء

235 تفريع و تعليل

236 دليل ثان لعدم تأثير التغير الطاري

237 مقصود الشيخ الانصاري

239 كلام حول ما يسجد عليه

241 استدراك و خلاصته

242 وجه الامر بالتأمل

243 المسائل الثلاث 243 تحقيق حول المكيل و الموزون و ما يصح السجود عليه

246 تحقيق حول الملاقيح و المضامين

247 تحقيق حول الملامسة و الحصاة و المنابذة

247 تفسير آخر لبيع الحصاة

249 إذا كان الشيء في بلد البائع يكال و في بلد المشتري يوزن

251 الغرباء مثيل اهل المدن

252 وجه عدم الجواز في صورة إخبار البائع

254 استدراك و خلاصته

254 وهم

ص: 400

ص الموضوع

255 الجواب عن الوهم

255 النسبة بين الأخبار و بين الحديث النبوي

256 رد على صاحب جامع المقاصد

257 وجه التأمل

258 تفريع على الامر بالتأمل

258 استرجاع حصة معينة من الثمن تجاه النقصان

262 تحقيق حول الطّول و الكرباس و الجريب

264 تعليل و خلاصته

267 تحقيق حول الكسر

268 تأييد و وجهه

268 وجه الصحة

268 استدلال رابع و خلاصته

269 المراد من المقدمتين

273 كيفية رد فخر المحققين مقالة من حمل الصاع على الكلي

273 في أن الملكية امر اعتباري

275 نظرية الشيخ في بطلان بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء

276 دليل بطلان بيع جزء معين لا على ص الموضوع

التعيين

276 دليل بطلان بيع الكلي لا على نحو الإشاعة

277 ذهاب الشيخ كاشف الغطاء إلى عدم الملازمة بين الغرر الشرعي و العرفي

278 و ذهابه أيضا إلى عدم الملازمة بين الغرر العرفي و الشرعي

278 بين الغرر الشرعي و العرفي العموم و الخصوص من وجه

279 استحسان شيخنا الانصاري ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

280 استحسان شيخنا الانصاري ما افاده العلامة في التذكرة

281 رد من شيخنا الانصاري على ما افاده العلامة في التذكرة

281 نظير المسألة ما ذكره شيخنا الانصارى في المكاسب في الجزء 2 ص 431

282 رد آخر على ما افاده العلامة في التذكرة

283 الإشكال على ما افاده المحقق التستري

283 ما افاده المحقق الكركي في الفرق

ص: 401

ص الموضوع

بين الصورتين

284 خلاصة كلام صاحب الايضاح

287 تحقيق من المحقق الخونساري حول الجزء الّذي لا يتجزى على رأى القدامى

288 ما افاده الحكيم المتاله السبزوارى في منظومته حول الجزء

289 ذكر بيتين عن احد الشعراء الظرفاء حول الجزء

291 رد الوجه الاول

292 ردّ الوجه الثاني

292 تحقيق حول جعل الكلي وصية و صداقا

292 جواب آخر عن الوجه الثاني

293 دلالة صحيحة الأطنان على بيع صاع من صبرة

294 الوجوه الثلاثة في بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء 295 الأقوال الثلاثة في الصاع المبيع

297 نظرية شيخنا الانصارى حول بيع صاع من صبرة

298 تعليل و خلاصته

300 ما اورده شيخنا الانصارى على ص الموضوع

المحقق القمي

305 الإشكال في الفرق بين المسألتين

307 الإشكال على ما افيد في الفرق بين المسألتين

308 المراد من النص رواية بريد بن معاوية

309 تعليل لأضعفية الطريقة الثانية

309 الطريقة الثالثة للتفصي عن العويصة

310 تعليل

310 إشكال نقصي

310 جواب حلي

311 ردّ من شيخنا الانصارى على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

311 الطريقة الرابعة للتفصي عن العويصة

311 بيان كيفية الفرق بين المسألتين و خلاصته

312 تحقيق حول التلف في الأرطال المستثناة

313 إشكال من شيخنا الانصارى على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة

315 الإشكال في الفرق بين المسألتين

314 تعليل و خلاصته

ص: 402

ص الموضوع

315 ما افاده شيخنا الانصاري حول التلف بعد القبض

315 ما نحن فيه نظير بيع صاع من صبرة

316 إشكال آخر على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة

317 خلاصة الامكان الذي افاده الشيخ الانصاري

318 الفرق بين مسألة بيع صاع من صبرة مجتمعة و بين ثمرة شجرات و استثناء أرطال من تلك الشجرات

319 المتبادر من الكلي عند اطلاقته هو الكلي المشاع

320 لا يقال فإنه يقال

320 مقصود شيخنا الانصاري

321 تفريع

322 مقصود شيخنا الانصاري

322 خلاصة إن قلت و قلت

323 المراد من الامر بالتأمل

324 ما ذكره الشهيد الثاني في أقسام بيع الصبرة

325 الأقسام العشرة في بيع الصبرة

328 استثناء من الصبرة المجهولة

ص الموضوع

328 وجه الصحة في جواز بيع القسم الخامس

329 تفريع و خلاصة الكلام

330 الأقسام الخمسة التي يجوز بيعها

331 الأقسام الخمسة التي لا يجوز بيعها

333 خلاصة ما افاده الشهيد الاول في اللمعة

334 تعليل و خلاصته

337 فروع

338 تحقيق حول العين المشاهدة

339 تعليل

343 مبنى الفرعين

343 ما ذكره الشهيد الثاني حول المدعي و المدعى عليه

345 أدلة تقديم قول المشتري

348 الرد على الدليل الاول

349 المراد من الاصل الاستصحاب

349 الرد على الدليل الثاني

350 مفاد الاصل السببي

350 تنظير

351 الرد على الدليل الثالث

351 المراد من العمومات

ص: 403

ص الموضوع

352 إمكان و خلاصته

354 ابداء الشيخ الانصاري نظريته

355 نتيجة

356 تفريع

356 دعوى و خلاصتها

357 الجواب عن الدعوى

358 تحقيق حول عبارة المكاسب

359 خلاصة الكلام في المقام

360 خلاصة وجه الفساد

360 الاصل الاول

361 الاصل الثاني

361 تنظير

362 عدم افادة التمسك بالعمومات في المقام

363 تعليل و خلاصته

363 إن قلت و خلاصته

364 جواب إن قلت

ص الموضوع

364 الخارج عن العمومات

365 تنظير و خلاصته

367 خلاصة الكلام

368 خلاصة الكلام

369 الشيء الثاني و خلاصته

370 الاصول الثلاثة

370 ما افاده الشهيد في اللمعة

371 ما افاده الشهيد الثاني في الروضة

373 تحقيق حول الفرع الثاني

376 تنظير

377 مثال

378 المراد من الامر بالتأمل

379 تحليل و خلاصته

380 تحليل و خلاصته

381 ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

382 تعليل و خلاصته

ص: 404

(3 - فهرس الآي الكريمة)

- أ -

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 11، 28، 59

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 11، 39، 59

- ت -

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 11، 28، 42، 59

- م -

مَتٰاعُ اَلْغُرُورِ 74

ص: 405

4 - (فهرس الأحاديث الشريفة)

- أ -

إذا ائتمنك فلا بأس 193

ارى أن تقوّم الجارية 176

أ كانوا علموا أنك تزوّجت 41

إما أن تأتي رجلا في طعام قد اكتيل 191

إما أن يأخذ كلّه بتصديقه 193

إن الراهن و المرتهن ممنوعان 9، 15، 28

إن الناس مسلطون على أموالهم 28، 263

إنه عمل ما لا يؤمن معه الضرر 65، 129

إنه لم يعص اللّه و إنما عصى سيده 22

إنه يكره أن يشتري الثوب 175

- ب -

البينة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه 152

- ح -

حكمي على الواحد حكمي على الجماعة 236

- ص -

الصلح جائز بين الناس 152

- ع -

العشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري 296

- ف -

فإن شاءوا قتلوه و إن شاءوا استحيوا 57

فإن شاءوا قتلوه و إن شاءوا استرقوه 57

- ل -

لا أحب أن يبيعه حتى يجيء صاحبه 11

(قلت: اشترينا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله فصدقناه و اخذناه بكيله) فقال عليه السلام: لا بأس 192

(قلت: اشتري مائة راوية من زيت فاعترض راوية أو اثنتين فأتزنهما ثم آخذ سائره على قدر ذلك؟) فقال عليه السلام: لا بأس 208

(سئل في الجوزة نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد) قال عليه السلام: لا بأس به 194، 215

لا بيع إلا في ملك 14

لا تبع ما ليس عندك 65، 90، 146

لا تدوم أحوالها و لا تسلم نزّالها 75

لا حتى تبينه 200

ص: 406

لا غرر في البيع 94، 146

لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه 362

لا يصلح إلا أن يشتري معه شيئا آخر 167

لا يصلح الا أن يكيل 187، 228، 237، 240

لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها شيئا 163

- م -

المؤمنون عند شروطهم 271

ص: 407

5 - (فهرس الاعلام)

- أ -

ابان بن تغلب: 192، 203، 252

ابن بكير: 193، 203، 252

ابن حمزة: 10

ابن زهرة: 153

ابن محبوب: 191، 203، 252

ابو ابراهيم: الامام الكاظم عليه السلام 11، 163

ابو حنيفة: 327

ابو عبد اللّه: الامام الصادق عليه السلام:

401، 163، 176، 186، 192، 200 204، 208

ابو العطارد: 192، 252

ابو يوسف: 327

احمد: 337

الأردبيلي: المحقق: 201، 221، 238 274، 275

الأزهري: 67

اسحاق بن عمار: 11

الإسكافي: 55، 130، 146، 160، 182

الاصبهاني: 178

امير المؤمنين: الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: 65، 75، 129

الايرواني: 223، 212

- ب -

الباقر: الامام ابو جعفر عليه السلام: 175

بحر العلوم: 66، 96، 101، 137

بحر العلوم: حسين: 142

بريد بن معاوية: 296

بعاج. علي: 185

- ح -

الحكيم: محسن: 142

الحلبي: 186، 203، 211، 240، 252

حماد بن ميسرة: 175

- خ -

الخوئي: ابو القاسم: 141

الخونساري: 178، 287

- ر -

رسول اللّه: النبي محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم: 9، 63، 66، 72

رفاعة: النخّاس: 162، 175

ص: 408

- ز -

زرارة: 57

زرعة: 191

- س -

السبزواري: المحقق: 288

سلطان العلماء: 174

سماعة: 163، 168، 191

- ش -

الشافعي: 337

الشهيد الاول: 37، 50، 73، 84، 96

الشهيد الثاني: 37، 12، 216، 324

الشهيدان: 80، 130، 286، 296، 317

شيخ الطائفة: الطوسي: 10، 50، 4، 57

- ص -

صاحب الجواهر: 66، 69، 105، 137 220، 309

صاحب الحدائق: المحدث البحراني: 239

صاحب الكفاية: 336

الصدوق: 87

- ع -

عبد الرحمن: 200

عبد الملك بن عمرو: 208

العلامة: الحلي: 14، 36، 45، 50،

55، 61

علي بن ابراهيم: 241

علي بن الحسين: الامام السجاد عليه السلام 205

علي بن هاشم: 241

- ف -

الفاضلان: 131

فخر الاسلام: فخر المحققين: 37، 271، 290

- ق -

القطيفي: الفاضل: 126، 146

- ك -

كاشف الغطاء: جعفر: 129، 154، 168، 221، 275

الكركي: المحقق 103، 283

- م -

مالك: 337

المامقانيّ: 100، 143، 178، 301

المجلسي: 242

المحقق: 225

المحقق التستري (صاحب المقابيس) 15 18، 22، 25، 282

المحقق الثاني: 35، 50، 126، 226، 235

ص: 409

المحقق القمي: 300

محمد بن حمران: 192

محمد: 337

محمد عبده: 75

محمد محي الدين: 75

المدرسي: يحيى: 357

المرتضى: علم الهدى: 72، 80، 131

معاوية بن وهب: 40

- ن -

النائيني: 178، 287

- و -

وهب: 204

ص: 410

6 - (فهرس الامكنة و البقاع)

- ج -

جامعة النجف الدينية: 185

- ع -

العراق: 214

عقد الكروري: 357

- م -

المدينة المنورة: 200

مكتبة السيد الحكيم: 142

مكتبة جامعة النجف الدينية: 142

ص: 411

7 - (فهرس الشعر)

- م -

برهن اقليدس في فنّه *** بأنما النقطة لا تنقسم

289

ص: 412

8 - فهرس (الكتب)

- ا -

أجوبة المسائل: 300

الاساس: 67

اصول الكافي: 163، 176، 241

الانتصار: 72، 130، 162

الايضاح: 64، 35، 273، 286، 344

إيضاح النافع: 14، 26، 146

- ب -

بحار الأنوار: 236

- ت -

التحرير: 190

تذكرة الفقهاء: 14، 37، 62، 68، 146

تعليقة الاصبهاني على المكاسب: 178

تعليقة الايرواني على المكاسب: 243، 212

تعليقة المامقاني على المكاسب: 100، 178، 301

تقريرات درس النائيني: 178، 287

التنقيح: 162

- ج -

جامع المقاصد: 45، 63، 154، 259 284، 296، 344

الجمل: 67

جواهر الكلام: 65، 69، 310

- ح -

حاشية الفقيه: 174، 178

حاشية القواعد: 198، 226

حاشية المسالك: 226

الحدائق: 178، 182، 220، 239

حواشي الشهيد: 37، 161، 323

- خ -

الخلاف: 9، 50، 56، 146، 162

د - الدروس: 204، 225، 233، 344

- ر -

الرسائل (فرائد الاصول): 350

الروضة: 45، 174، 216، 323

الرياض: 146، 267

- س -

السرائر: 58، 132، 174، 186

- ش -

شرايع الاسلام: 55، 133، 225، 261

شرح الارشاد: 82، 274

ص: 413

شرح الصيمري: 50، 58

شرح القواعد: 198، 226، 249، 275

- ص -

الصحاح: 66

- غ -

الغنية: 103، 146، 186

- ق -

القاموس: 66

القواعد: 37، 45، 74، 198، 258

- ك -

كاشف الرموز: 130، 146، 162

كفاية: 163، 336

- ل -

اللمعة الدمشقية: 45، 10، 96، 48، 159

- م -

المبسوط: 63، 154، 223، 323، 344

مجمع البحرين: 67

مجمع البرهان: 220

المختلف: 9، 54، 160، 174

مرآة العقول: 242

مسالك: 112، 133، 154، 226

المصابيح: 65، 96، 101، 177

المصابيح: 67

معاني الأخبار: 87

المغرب: 67

مفتاح الكرامة: 311

منظومة السبزواري: 289

- ن -

نهاية الأحكام: 10، 132، 140، 352

النهاية: 67

نهج الفقاهة: 220

- و -

وسائل الشيعة: 9، 11، 41، 56، 215، 296

الوسيلة: 10

ص: 414

لفت نظر

إن الاخ المرتب قد اشتبه في الجزء الثاني من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في ص 335-336 في ترتيب الحديث الشريف الذي ذكرناه في الهامش 2 ص 335 فقد رتبه مشوشا و ناقصا.

و كان عزمنا تداركه في الجزء الثالث لكن النسيان غلبنا حتى هذا الجزء فرأينا من المناسب و الواجب تداركه ليقف القارئ النبيل على ما في الحديث الشريف من الاهتمام البالغ من (أئمة اهل البيت) حول الخلق و المخلوقات.

و لو كان هناك من يحمل عنهم هذه الاكتشافات و التنبؤات لأفاضوا عليهم من نفحات القدس فساد المسلمون العالم برمته؟

أليك نص الحديث.

حدثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدثنا سعد بن عبد اللّه.

قال: حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

أَ فَعَيِينٰا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (1) .

فقال: يا جابر تأويل ذلك أن اللّه عزّ و جلّ اذا افنى هذا الخلق و هذا العالم، و اسكن اهل الجنة الجنة، و اهل النار النار جدّد اللّه عزّ و جلّ عالما غير هذا العالم، و جدّد عالما من غير فحولة و لا إناث، يعبدونه و يوحدونه.

ص: 415


1- سورة ق: الآية 15.

و خلق لهم ارضا غير هذه الارض تحملهم، و سماء غير هذه السماء تظلهم.

لعلك ترى أن اللّه عزّ و جلّ إنما خلق هذا العالم الواحد.

و ترى أن اللّه عزّ و جلّ لم يخلق بشرا غيركم.

بل و اللّه لقد خلق اللّه تبارك و تعالى الف الف عالم، و الف الف آدم، انت في آخر تلك العوالم، و أولئك الآدميين.

راجع (الخصال) لشيخنا الصدوق رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه ص 615 الحديث 54 طباعة النجف الاشرف منشورات المطبعة الحيدرية عام 1391.

و المراد من الف الف عالم مليون عالم.

اي يضرب 1000 * 1000 1000000.

كما أن المراد من الف الف آدم مليون آدم.

اي يضرب 1000 * 1000 1000000.

أيها القارئ الكريم و المثقف النبيل الذي تفتخر باكتشاف الغربيين، حيث تقول:

إن الغربيين قد اكتشفوا بحفرياتهم، و أجهزتهم العلمية الدقيقة في الأزمنة الاخيرة: أن هناك جماجم من البشر و عظاما من الحيوانات تدل على أنها ترجع الى الملايين من السنين.

و أن هناك عوالم غير هذا العالم المرئي.

هذا إمامنا الخامس (الامام ابو جعفر محمد الباقر) خامس (أئمة اهل البيت) الذين اذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا قد اخبر عن تلك العوالم، و عن أولئك الآدميين قبل ثلاثة عشر قرنا.

و قبل أن يشرف علماء الغرب ساحة الوجود حسب زعمك!

ص: 416

و كم (لأئمة اهل البيت) عليهم الصلاة و السلام من هذه التنبؤات في أحاديثهم الشريفة المروية عنهم في كتب أحاديثنا المطولة.

راجع كتب الأحاديث الدورات المطولة تجد ضالتك هناك.

و كم لك من ضالة اهملتها و تركتها و لم تقدم عليها.

أيها المثقف النبيل لم يسعني المقام بذكرها و لو لبعضها.

ص: 417

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الذي انشأ الخلق إنشاء، و ابتدأه ابتداء، بلا رويّة آجالها، و لا تجربة استفادها، و لا حركة احدثها، و لا همامة نفس اضطرب فيها.

احال الأشياء لأوقاتها، و لاءم بين مختلفاتها، و غرّز غرائزها و الزمها أشباحها.

عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها و انتهائها، عارفا بقرائنها و أحنائها.

و قد أنهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء الحادي عشر) من كتاب (المكاسب لشيخنا الأعظم الانصاري) قدس اللّه نفسه الزكية الطاهرة و كانت بداية هذا الجزء.

(مسألة و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا كونه مرهونا).

و كان الشروع في اليوم الخامس من شهر اللّه الأعظم عام 1400.

و كان الإنهاء في اليوم الخامس عشر من شعبان المعظم عام 1403 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة إن شاء اللّه تعالى

بعد أن استوفى العمل فيه مقابلة و تعليقا و تصحيحا غاية الجد و الطافة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

هذا مع كثرة الأشغال و تردي الأحوال و انهيار القوى و الأعصاب انهيارا بالغا.

ص: 418

و ذلك حيا منا بإنجاز تحقيق الأجزاء و إصدارها و إخراجها.

إكبارا و اجلالا لفقه (أئمة اهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين.

و إذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة فلأن تحقيق الكتاب و تصحيحه و إخراجه إخراجا يليق بمكانته العلمية و لا سيما هذا الجزء الذي كان مشتملا على مطالب غامضة و مسائل صعبة مستعصبة جدا.

فقد أتعبني هذا الجزء و أخذ من و فتي في الليل و النهار أكثر من ستة عشر ساعة و لذا كان يستدعي منا دقة الملاحظة و عمق الإمعان.

فإلى القراء الكرام هذه التحفة النفيسة و الهدية الثمينة و إني لأرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء.

إنك ولي ذلك و القادر عليه.

و يتلوه الجزء الثاني عشر إن شاء اللّه تبارك و تعالى اوله:

(مسألة لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة فيما تختلف قيمته)

ص: 419

اتحفنا بهذه الأبيات ولدنا العزيز الفاضل الاديب الشيخ ابراهيم علوان النصيراوي حفظه اللّه تعالى

***

احييت من شرع النبي محمد *** ما ينبغي احياؤه للمهتدي

و صنعت من علم الهداة سبائكا *** رصّعتها بالدر أو بالعسجد

و جعلتها للطالبين مكاسبا *** درّت بأرباح لها لم تنفد

فتباركت تلك الجهود و اينعت *** تلك الثمار و مثلها لم تحصد

فاللّه باركها لأنك لا ترى *** إلاّه في الأعمال خير مسدّد

(و المرتضى) فرح لما اسدينه *** من حل إشكال و كشف تعقد

(و القائم المهدي) ضمّك عطفه *** و حنانه فاهنأ بعيش أرغد

كانت جهودك (لمعة) قد نوّرت *** بشعاعها أذهان كل موحّد

و نمير منهلك ارتوى من مائه *** طلابه اكرم به من مورد

يا غارفا من فيضه ارخت (قل: *** زهت المكاسب من شروح محمد)

130 412 154 90 514 92 1392

ص: 420

المجلد 12

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تتمة كتاب البيع

اشارة

ص: 7

ص: 8

تتمة القول في شرائط العوضين

مسألة: لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة فيما تختلف قيمته باختلاف ذلك

(مسألة):

لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة فيما تختلف قيمته باختلاف ذلك (1) كما فى كل وصف يكون كذلك، اذ لا فرق في توقف رفع الغرر على العلم بين هذه الأوصاف، و بين تقدير العوضين بالكيل و الوزن، و العد (2).

و يغني الوصف عن الاختبار فيما يضبط من الأوصاف، دون ما لا يضبط كمقدار الطعم و الرائحة و اللون و كيفياتها، فإن (3) ذلك مما لا يمكن ضبطه إلا باختبار شيء من جنسه (4)، ثم الشراء على ذلك النحو من الوصف (5) مثل (6) أن يكون الاعمى قد راى قبل العمى

+++++++++++

(1) أي تختلف قيمته باختلاف لونه، أو طعمه، أو رائحته.

(2) أي كما أن الغرر يرتفع بالكيل، أو الوزن، أو العد كذلك يرتفع الغرر عن المبيع بذكر وصفه: بأن يقال: ابيعك الحنطة الشمالية، أو الجنوبية.

(3) تعليل لكون ما لا يضبط بالأوصاف لا يغني ذكر الوصف عن الاختبار، بل لا بد في هذه الموارد التي مثل لها (الشيخ قدس سره)(1)بقوله: كمقدار الطعم و الرائحة و اللون، و كيفياتها من الاختبار.

(4) فإن كان المبيع من المطعومات فيختبر بالطعم، و إن كان من المذوقات فيختبر بالذوق، و إن كان من المشمومات فيختبر بالشم.

(5) فإن كان المبيع مطابقا لما وصفه البائع فالبيع ماض، و إن كان مخالفا للوصف فللمشتري الخيار بين الرد، و بين أخذ المبيع مع الأرش.

(6) تنظير لكون المبيع الموصوف ان كان مطابقا لما وصفه البائع -

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب.

لؤلؤة فبيعت منه لؤلؤة أخرى على ذلك الوصف.

و كذا (1) الكلام في الطعم و الرائحة لمن كان مسلوب الذائقة و الشامة.

نعم لو لم يرد من اختبار الأوصاف إلا استعلام صحة المبيع و فساده جاز شراؤها بوصف الصحة كما في الدبس و الدهن مثلا، فان المقصود من طعمهما ملاحظة عدم فسادهما.

بخلاف بعض أنواع الفواكه و الروائح التي تختلف قيمتها باختلاف طعمها و رائحتها، و لا يقصد من اختبار أوصافها ملاحظة صحتها و فسادها.

و اطلاق (2) كلمات الأصحاب في جواز شراء ما يراد طعمه

+++++++++++

- صح، و إلا فللمشتري الخيار بأحد الأمرين المذكورين.

و خلاصته أن حكم المبيع الموصوف حكم شراء الأعمى قبل أن يصير أعمى.

فان كان مطابقا لما راه قبل العمى باخبار آخر بذلك مضى البيع و صح، و إلا فللمشترى الخيار بين الرد، و الاخذ مع الارش.

كذلك المبيع الموصوف فحكمه حكم ما راه طابق النعل بالنعل.

(1) أي و كذا يأتي الكلام بعينه فيمن كان مسلوب الذائقة، أو معدوم الشامة: من أن ما اشتراه إن كان مطابقا للواقع الموصوف مضى البيع و صح، و إلا فللمشتري الخيار باحد الأمرين المذكورين.

(2) حيث قال الفقهاء: يجوز شراء ما يراد طعمه و رائحته بالوصف خلاصة هذا الكلام أن كلمات الفقهاء و إن كانت مطلقة في هذا المقام إذ لم يفرقوا بين ما يراد اختباره لأجل الاستعلام عن صحة البيع.

و بين ما يراد اختباره لأجل الاختلاف في قيمته بالوصف، لكن كلماتهم محمولة على أن المراد بالوصف ما كان له مدخلية في صحة -

ص: 10

و رائحته بالوصف محمول على ما إذا اريدت الأوصاف التي لها مدخلية في الصحة، لا (1) الزائدة على الصحة التي تختلف بها القيمة، بقرينة (2) تعرضهم بعد هذا البيان لجواز شرائها (3) من دون اختبار، و لا وصف، بناء (4) على أصالة الصحة.

+++++++++++

- البيع، لأن الوصف على قسمين:

(الأول): ما كان له مدخلية في صحة البيع، و أنه مقوم له.

(الثاني): ما كان له مدخلية في ارتفاع سعر المبيع و زيادته.

(1) أي و ليس المراد من الوصف ما كان له مدخلية في ارتفاع السعر راجع حول كلمات الفقهاء في هذا المقام.

(اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3. ص 276.

(2) أي القرينة على أن المراد من الوصف هو القسم الأول تعرض الفقهاء بعد تجويزهم بيع ما يراد اختباره بالطعم و الريح بالوصف:

لتجويزهم شراء ما يراد طعمه و ريحه بدون الاختبار و الوصف، فتجويزهم هذا النوع من الشراء قرينة على أن المراد من الوصف ما ذكرناه، لا ما كان له مدخلية في ارتفاع السعر و زيادته.

(3) مرجع الضمير ما الموصولة في قوله في ص 10: ما يراد طعمه و رائحته.

(4) تعليل لتجويز الفقهاء الشراء بدون الاختبار و الوصف.

و خلاصته أن الجواز المذكور لأجل أصالة الصحة التى هو بناء العقلاء بما هم عقلاء في جميع عقودهم: من البيوع، و الاجارات، و المصالحات حتى الايقاعات، فانهم يبنون من بادئ الأمر على صحة كل ما يتعاملون عليه، و يتعاطون به بطبيعتهم الأولية، لكونهم في مقام الربح، لكي يتمكنوا من ادارة شئونهم الحياتية خلال بقائهم في الدنيا.

ص: 11

و كيف كان فقد قوىّ في السرائر(1) عدم الجواز (1) أخيرا بعد اختيار جواز بيع ما ذكرنا (2) بالوصف، وفاقا (3) للمشهور المدعي عليه الاجماع في الغنية.

قال (4): يمكن أن يقال: إن بيع العين المشاهدة المرئية لا يجوز أن يكون بالوصف، لأنه غير غائب فيباع (5) مع خيار الرؤية بالوصف.

فاذا لا بد من شمه و ذوقه، لأنه حاضر مشاهد غير غائب يحتاج إلى الوصف، و هذا (6) قوي، انتهى (7).

و يضعفه (8) أن المقصود من الاختبار رفع الغرر فاذا فرض رفعه

+++++++++++

(1) أي عدم جواز بيع ما يراد طعمه و رائحته بالوصف.

(2) المراد من ما ذكرنا هو قوله في ص 10: نعم لو لم يرد من اختبار الأوصاف إلا استعلام صحة المبيع، أو فساده جاز شراؤها.

(3) تعليل من صاحب السرائر لما ادعاه: من عدم جواز بيع ما يراد طعمه و رائحته بالوصف أي عدم الجواز لأجل موافقة المشهور حيث ادعى ابن زهرة في الغنية الاجماع على ذلك.

(4) أي قال ابن ادريس في السرائر (5) الفاء هنا بمعنى حتى أي حتى تباع العين المرثية بالوصف ثم يكون للمشتري الخيار على فرض ظهور العين مخالفة للوصف.

(6) هذا رأي ابن ادريس الذي افاده الشيخ بقوله: فقد قوىّ في السرائر عدم الجواز اخيرا.

(7) أي ما افاده ابن ادريس في هذا المقام في السرائر.

(8) هذا رأي الشيخ يروم به الرد على ما افاده ابن ادريس.

ص: 12


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.

بالوصف كان الفرق بين الحاضر و الغائب تحكما، بل (1) الأقوى جواز بيعه من غير اختبار و لا وصف، بناء على أصالة الصحة (2) وفاقا للفاضلين (3) و من تأخر عنهما، لأنه إذا كان المفروض ملاحظة الوصف من جهة دوران الصحة معه فذكره (4) في الحقيقة يرجع إلى ذكر وصف الصحة، و من المعلوم (5) أنه غير معتبر في البيع اجماعا بل يكفي بناء (6) المتعاقدين عليه اذا لم يصرح البائع بالبراءة من العيوب.

و أما (7) رواية محمد بن العيص عن الرجل يشتري ما يذاق:

أ يذوقه قبل أن يشتري؟

قال (8):

+++++++++++

(1) هذا رأي الشيخ في جواز بيع ما يراد طعمه و رائحته بالوصف.

(2) المراد منها ما اشير إليه في الهامش 4 ص 11.

(3) و هما المحقق و العلامة قدس اللّه نفسيهما.

(4) أي ذكر وصف صحة المبيع في العقد.

(5) أي و من الواضح أن ذكر وصف صحة المبيع في العقد عند اجرائه غير معتبر عند العقلاء.

(6) و قد عرفت هذا البناء في الهامش 4 ص 11 عند قولنا:

و خلاصته أن الجواز المذكور لأجل أصالة الصحة.

(7) دفع وهم.

حاصل الوهم انه لو كان ذكر وصف الصحة في المبيع غير معتبر فكيف يأمر الامام عليه السلام السائل بذوق المبيع قبل الشراء، و لا يقدم على الشراء إلا بعد أن يذوق المبيع الذي يراد طعمه و رائحته؟

(8) أي الامام عليه السلام قال في جواب السائل.

ص: 13

نعم فليذقه، و لا يذوقن ما لا يشتري (1).

فالسؤال (2) فيها عن جواز الذوق، لا عن وجوبه.

ثم إنه ربما نسب الخلاف في هذه المسألة (1) الى المفيد و القاضي و سلار و ابي الصلاح و ابن حمزة.

قال (4) في المقنعة(3): كل شيء من المطعومات و المشمومات يمكن للانسان اختباره من غير افساد له كالأدهان المختبرة بالشم، و صنوف الطيب، و الحلويات (5).

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 279 الباب 25.

الحديث 1 لا يخفى أنه يوجد اختلاف يسير في الحديث الموجود هنا مع ما في المصدر، و لعل (الشيخ قدس سره) نقله بالمعنى كما هو ديدنه

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته أن سؤال السائل في الرواية إنما كان عن جواز الذوق قبل الشراء، لا عن وجوبه، فالرواية لا تدل على الوجوب.

(3) أي في مسألة بيع ما يراد اختبار طعمه، أو رائحته.

(4) أي (الشيخ المفيد قدس اللّه نفسه).

من هنا أخذ الشيخ في ذكر أقوال الذين نسب الخلاف إليهم في مسألة بيع ما يراد اختبار طعمه، أو رائحته، و هم:

الشيخ المفيد و القاضي و سلاّر، و ابو الصلاح و ابن حمزة.

فابتدأ بالأقوال مرتبة كما ابتدأ بأسمائهم مرتبة و المقنعة كتاب لشيخنا المفيد أعلى اللّه مقامه الشريف يأتي شرحها و شرح مؤلفها في (أعلام المكاسب).

(5) في بعض نسخ المكاسب حلويات، و في بعضها حلوات.

و حيث كان الجمع المذكور غير صحيح راجعت كتب اللغة التي بأيدينا

ص: 14


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المذوقة، فانه لا يصح بيعها (1) بغير اختبار، فان ابتيعت بغير اختبار كان البيع باطلا، و المتبايعان فيها بالخيار، فان تراضيا بذلك لم يكن به بأس، انتهى (2).

و عن القاضي(1) (3) أنه لا يجوز بيعها (4) إلا بعد أن يختبر، فإن ببعت من غير اختبار كان المشتري مخيرا في رده (5) لها على البائع.

+++++++++++

- فلم أجد مجيء هذا الجمع للحلواء، بل جاء جمعه حلاوي بكسر الواو و تشديدها وزان صحاري إذا كان مفرده ممدودا، أو حلاوى بفتح الواو و تخفيفها إذا كان مفرده مقصورا، و صدور مثل هذه اللغة عن مثل شيخنا المفيد و هو ضليع بالأدب العربي بالإضافة الى أنه قحطانى:

جعلني اشك في صحته.

و كتاب المقنعة ليس موجودا عندي حتى اراجعه و اطبق المنقول عليه، و راجعت بعض التعاليق الموجودة لدي فلم أعثر على شيء.

ثم رجعت تعليقة شيخنا المامقاني (الشيخ محمد حسن قدس سره) على المكاسب فوجدت ضالتي، أليك نص ما نقله عن المقنعة.

قال في المقنعة: و كل شيء من المطعومات و المشمومات يمكن للانسان اختباره من غير افساد له كالأدهان المختبرة بالشم، و صنوف الطيب و الحلواء المذوقة. فإنه لا يصح بيعه بغير اختبار له.

راجع تعليقة الشيخ المامقاني قدس سره ص 473.

(1) مرجع الضمير بيع كل شيء من المطعومات و المشمومات.

(2) أي ما أفاده شيخنا المفيد قدس سره في هذا المقام.

(3) هذا هو القول الثاني في مسألة بيع ما يراد طعمه، أو رائحته

(4) أي بيع كل شيء من المطعومات و المشمومات.

(5) أي في رد المشتري كل شيء من المطعومات و المشمومات.

ص: 15


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المحكي (1) من سلار(1) و أبي الصلاح(2) و ابن حمزة(3) اطلاق القول بعدم صحة البيع من غير اختبار فيما لا يفسده الاختبار، من غير تعرض لخيار المتبايعين كالمفيد (2)، أو للمشتري (3) كالقاضي.

ثم المحكي عن المفيد و سلاّر أن ما يفسده الاختبار يجوز بيعه بشرط الصحة.

و عن النهاية و الكافي أن بيعه (4) جائز على شرط الصحة، أو البراءة من العيوب.

و عن القاضي لا يجوز بيعه (5) إلا بشرط الصحة، و البراءة من العيوب.

قال في محكي المختلف بعد ذكر عبارة (6) القاضى: إن (7) هذه العبارة توهم اشتراط أحد القيدين، إما الصحة، أو البراءة من العيوب،

+++++++++++

(1) هذا هو القول الثالث في مسألة بيع ما يراد طعمه، أو رائحته.

(2) أي كما أفاد الخيار لكل من المتبايعين الشيخ المفيد بقوله في ص 15 و المتبايعان فيها بالخيار.

(3) أي أو كان الخيار للمشتري كما أفاد هذا المعنى القاضي في قوله عند نقل الشيخ عنه في ص 15: كان المشتري مخيرا في رده على البائع.

(4) أي بيع ما يفسده الاختبار.

(5) أي بيع ما يفسده الاختبار.

(6) و هي التي نقلها الشيخ عنه في ص 15 بقوله: لا يجوز بيعه إلا بشرط الصحة.

(7) هذا مقول قول العلامة قدس سره.

ص: 16


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ليس (1) بجيد، بل الأولى انعقاد البيع، سواء شرط أحدهما، أم خلي عنهما، أم شرط العيب.

و الظاهر (2) أنه إنما صار الى الإبهام من عبارة الشيخين، حيث قالا: إنه جاز على شرط الصحة، أو بشرط الصحة.

و مقصودهما (3) أن البيع بشرط الصحة، أو على شرط الصحة جائز، لا أن جوازه مشروط بالصحة، أو البراءة، انتهى (4).

+++++++++++

(1) هذا كلام العلامة يروم به الإشكال على ما أفاده القاضي في كلامه الموهم لاشتراط أحد القيدين:

إما الصحة، أو البراءة من العيوب.

(2) هذا كلام العلامة تعليل منه لإيهام عبارة القاضي قدس سره اشتراط أحد القيدين المذكورين في ص 16 بوصفه في بيع ما يراد اختباره

و خلاصته أن منشأ الإبهام المذكور هو عبارة الشيخين: الشيخ المفيد، و الشيخ الطوسي، حيث قالا: إنه جاز على شرط الصحة، أو بشرط الصحة.

فهذه العبارة منهما أوهمت القاضي حتى قال بوجوب أحد القيدين المذكورين في ص 16 في بيع ما يراد اختباره.

(3) هذا كلام العلامة في المختلف يروم به بيان مراد الشيخين أي و الحال أن الشيخين لا يقصدان من تقييد المبيع المذكور بأحد القيدين بنحو الوجوب حتى إذا لم يقيد به يكون البيع باطلا.

بل مقصودهما من التقييد التقييد بنحو الجواز.

فما استفاده القاضي من كلام الشيخين في غير محله.

(4) أي ما أفاده العلامة في المختلف في هذا المقام.

ص: 17

أقول (1): و لعله لنكتة بيان أن مطلب الشيخين ليس وجوب ذكر الوصف في العقد كما عبر في القواعد فيما يفسده الاختبار بقوله:

جاز شرط الصحة.

لكن (2) الانصاف أن الظاهر من عبارتي المقنعة و النهاية(1)، و نحوهما هو اعتبار ذكر الصحة في العقد كما يظهر بالتدبر في عبارة المقنعة من أولها إلى آخرها.

و عبارة النهاية هنا (3) هي عبارة المقنعة بعينها فلاحظ.

و ظاهر الكل (4) كما ترى اعتبار خصوص الاختبار فيما لا يفسده كما تقدم عن الحلى (5)، فلا يكفي ذكر الأوصاف، فضلا عن الاستغناء

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري أي و لعل الذي أفاده العلامة في منشأ الإيهام إنما هو لأجل بيان أن مراد الشيخين من ذكر وصف المبيع باحد القيدين ليس بنحو الالزام و الوجوب في العقد.

كما أن عدم وجوب ذكر وصف احد القيدين هو رأي العلامة في القواعد.

(2) هذا رأي شيخنا الانصاري حول عبارة الشيخين في المقنعة و النهاية.

(3) أي في ذكر الوصف في بيع ما يراد اختباره.

(4) أي ظاهر عبارة هؤلاء الأعلام كالشيخين و سلاّر، و ابن حمزة و ابي الصلاح، و ابن إدريس و السيد ابي زهرة و القاضي: أن الاختبار معتبر في خصوص ما لا يفسده الاختبار، و أنه لا يكتفى في ذلك بذكر الأوصاف فقط.

(5) عند نقل الشيخ عنه في ص 12 بقوله: بعد اختبار جواز بيع ما ذكرنا بالوصف.

ص: 18


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

عنها (1) بأصالة السلامة.

و بدل عليه (2) أن هؤلاء اشترطوا في ظاهر عبائرهم المتقدمة اشتراط الوصف، أو السلامة من العيوب فيما يفسده الاختبار (3)، و إن فهم (4) في المختلف خلاف ذلك.

لكن قدّمنا ما فيه (5).

+++++++++++

(1) أي عن الأوصاف و الاكتفاء بأصالة الصحة التي أشير إليها في الهامش 4 ص 11، فإذا لا يجوز الاستغناء عن الأوصاف فكيف يجوز الاعتماد على أصالة الصحة فقط؟

(2) أي على أن ظاهر كلمات الكل هو اعتبار الاختبار في خصوص ما لا يفسده الاختبار، لا فيما يفسده.

(3) راجع عبارة الشيخ المفيد و سلاّر عند نقل الشيخ عنهما في ص 16 بقوله: ثم المحكي عن المفيد و سلاّر.

و عبارة النهاية و الكافي عند نقل الشيخ عنهما في ص 16 بقوله:

و عن النهاية و الكافي.

و عبارة القاضي عند نقل الشيخ عنه في ص 16 بقوله: و عن القاضي فالاشتراط المذكور في كلمات هؤلاء الأعلام دليل على أن المراد من ظاهرها هو اعتبار الاختبار في خصوص ما لا يفسده الاختبار.

(4) أي و إن استفاد العلامة خلاف هذا في المختلف، حيث لم يذكر الاختبار أصلا، بل قال بجواز البيع و انعقاده، سواء شرط أحدهما، أم خلي عنهما، أم شرط العيب.

و لقد عرفت عبارة العلامة في المختلف عند نقل الشيخ عنه في ص 16 بقوله: قال في محكي المختلف.

(5) هذا اعتراض شيخنا الانصاري على ما استفاده العلامة

ص: 19

فينبغي أن يكون كلامهم (1) في الأمور التي لا تضبط خصوصية طعمها و ريحها بالوصف. و الظاهر (2) أن ذلك في غير الأوصاف التي تدور عليها السلامة من العيب (3).

إلا أن تخصيصهم الحكم بما لا يفسده الاختبار كشاهد (4).

+++++++++++

في المختلف أي عرفت الإشكال منا على العلامة بقولنا في ص 18:

لكن الانصاف.

(1) أي كلام هؤلاء الأعلام الذين ذكرناهم في الهامش 4 ص 18.

(2) هذا رأي شيخنا الانصاري أي الظاهر من كلمات هؤلاء الأعلام أن المراد من الأوصاف هي الأوصاف الزائدة على صحة البيع.

و الأوصاف هذه يعبر عنها ب: (أوصاف الكمال).

و ليس المراد من الأوصاف الأوصاف الدخيلة في صحة البيع المعبر عنها ب: (أوصاف الصحة).

وجه الظهور أن الأوصاف الدخيلة تكون مضبوطة دائما.

بخلاف الأوصاف الزائدة، فإنها لا تكون مضبوطة دائما.

(3) من هنا يروم الشيخ العدول عما افاده: من ظهور كلمات الأعلام في أن المراد من الأوصاف الأوصاف الزائدة.

و خلاصة العدول أن تخصيص الفقهاء جواز بيع ما يراد طعمه أو رائحته بما لا يفسده الاختبار كشاهد على أن المراد من الأوصاف هي الأوصاف الدخيلة في صحة البيع.

(4) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا حتى النسخة المصححة من قبل جمع من أفاضل الحوزة العلمية ب: قم (كالمشاهد) و الصحيح ما أثبتناه، إذ لا معنى لكلمة كالمشاهد هنا لمن أمعن النظر لأن الشيخ قدس سره يريد اتيان شاهد على عدوله.

ص: 20

على أن المراد بالأوصاف التي لا يفسد اختبارها ما (1) هو مناط السلامة.

كما (2) أن مقابله: و هو ما يفسد الشيء باختباره كالبيض، و البطيخ كذلك غالبا.

و يؤيده (3) حكم القاضي بخيار المشتري.

+++++++++++

(1) كلمة (ما الموصولة) مرفوعة محلا خير لكلمة إن في قول الشيخ: على أن المراد.

(2) أي كما ان المراد من الأوصاف فيما يفسده الاختبار هي الأوصاف الدخيلة في صحة المبيع، و مقومة له.

(3) أي و يؤيد ما قلناه: من أن المراد من الأوصاف فيما لا يفسده الاختبار، و يفسده الاختبار هي الأوصاف الدخيلة في صحة المبيع حكم القاضي قدس سره بخيار المشتري في قوله عند نقل الشيخ عنه في ص 15: فإن بيعت من غير اختبار كان المشتري مخيرا في رده لها على البائع.

وجه التأييد أنه لو كان المراد من الأوصاف الأوصاف الزائدة على المبيع التي تختلف بها قيمة المبيع، لا الأوصاف الدخيلة في الصحة لما كان لتخصيص القاضي الخيار بالمشتري في صورة البيع بلا اختبار وجه، لأن الخيار كما يكون للمشتري.

كذلك يكون للبائع، فإن خيار المشتري إنما يتحقق بعد ظهور العيب في المبيع، و لا يتحقق الخيار لو تبين تخلف وصف غير مذكور، لعدم كون مثل هذا التخلف موجبا لأن يصير المبيع معيبا حتى يتحقق خيار للمشتري.

ص: 21

و كيف كان (1) فإن كان مذهبهم تعيين الاختبار فيما لا يضبط بالأوصاف فلا خلاف معهم منا، و لا من الأصحاب.

و إن (2) كان مذهبهم موافقا للحلى، بناء على إرادة الأوصاف التي بها قوام السلامة من العيب: فقد عرفت أنه ضعيف في الغاية.

و إن كان مذهبهم (3) عدم كفاية البناء على أصالة السلامة عن الاختبار و الوصف، و إن كان ذكر الوصف كافيا عن الاختبار

+++++++++++

(1) يعني أي شيء قلنا في الأوصاف: سواء قلنا: إنها دخيلة في صحة البيع و مقومة له، أم أنها زائدة على الصحة.

خلاصة هذا الكلام أن هؤلاء الأعلام الذين نقلنا عنهم كلماتهم لو حصروا الاختبار في الأشياء التي لا تضبط بالأوصاف كما في بعض الصفات الزائدة على الصحة، و المجوهرات الثمينة، و الأحجار الكريمة، لعدم تميزها بوصفها فتبقى الجهالة بحالها فلا بد حينئذ من مشاهدتها حتى ترتفع الجهالة:

فلا خلاف اذا بيننا و بينهم، و لا بينهم و بين بقية الأصحاب.

(2) أي و إن كان مذهب هؤلاء الأعلام الذين ذكرنا كلماتهم في صدر المسألة القائلين باختصاص الاختبار بالأشياء التي لا تضبط بالوصف موافقا لمذهب ابن إدريس القائل بعدم الاكتفاء بالوصف في العين المشاهدة المرئية، سواء أ كانت مضبوطة أم غير مضبوطة، بل لا بد من الشم و الذوق فيها: فقد عرفت أن هذا المذهب ضعيف في الغاية عند قولنا في ص 12: و يضعفه أن المقصود.

(3) أي مذهب هؤلاء الأعلام الذين ذكرنا أسماءهم في الهامش 4 ص 14.

ص: 22

فقد عرفت (1) أن الظاهر من حالهم، و حال غيرهم عدم التزام ذكر الأوصاف الراجعة إلى السلامة من العيوب في بيع الأعيان الشخصية (2)

و يمكن أن يقال بعد منع جريان أصالة السلامة في الأعيان (3) لعدم الدليل عليها، لا من بناء العقلاء، إلا فيما إذا كان الشك في طروّ المفسد، مع أن الكلام في كفاية أصالة السلامة عن ذكر الأوصاف أعم (4)، و لا (5) من الشرع، لعدم الدليل عليه: إن (6) السلامة من العيب الخاص متى ما كانت مقصودة على جهة الركنية للمال كالحلاوة في الدبس، و الرائحة في الجلاّب، و الحموضة في الخل، و غير ذلك مما يذهب بذهابه معظم المالية فلا بد في دفع الغرر من إحراز السلامة من هذا العيب الناشئ من عدم هذه الصفات:

و حيث فرض عدم اعتبار أصالة السلامة فلا بد من الاختبار، أو الوصف، أو الاعتقاد بوجودها (7)، لامارة عرفية مغنية عن الاختبار و الوصف.

+++++++++++

(1) جواب لان الشرطية.

و المراد من فقد عرفت قوله في ص 13: و من المعلوم.

(2) بل يكتفون بأصالة السلامة.

(3) أي الأعيان الشخصية.

(4) أي أعم من كون الفساد قد طرأ على المبيع بعد البيع، أو كان موجودا فيه من بادئ الأمر.

(5) أي و لعدم وجود الدليل على أصالة السلامة في الأعيان الشخصية من الشرع أيضا.

(6) مقول لقول الشيخ: و يمكن أن يقال.

(7) أي الاعتقاد بوجود الصفات المذكورة: و هي الحلاوة

ص: 23

و متى ما كانت (1) مقصودة لا على هذا الوجه لم يجب احرازها نعم (2) لما كان الاطلاق منصرفا إلى الصحيح جاز الخيار عند تبين العيب، فالخيار (3) من جهة الانصراف.

نظير (4) انصراف الاطلاق إلى النقد، لا النسيئة، و انصراف (5)

+++++++++++

في الدبس، و الرائحة في الجلاب، و الحموضة في الخل بسبب قرينة عرفية تغنينا من اختبار تلك الصفات، أو وصفها.

(1) خلاصة هذا الكلام أن الصفات المذكورة في ص 23 إذا لم تكن مقصودة على وجه الاختبار عند بيع ما ذكر: من الدبس، و الجلاب، و الخل فلا يجب إحراز تلك الصفات، و وجودها عند البيع.

(2) استدراك عما افاده آنفا: من عدم وجوب احراز الصفات المذكورة إذا لم تكن مقصودة على وجه الاختبار.

و خلاصته أن الاطلاق في البيع لما كان منصرفا الى البيع الصحيح، بناء على أصالة الصحة التي أشير إليها في الهامش 4 ص 11 جاز للمشتري الخيار عند تبين العيب في المبيع، فيكون شرط الخيار ضمنيا.

(3) أي و منشأ هذا الخيار هو الانصراف فقط.

(4) تمثيل لكون منشأ هذا الخيار هو الانصراف لا غير أي كما ان الاطلاق في البيع منصرف الى الثمن النقدي، لا الى النسيئة.

(5) تمثيل ثان لكون منشأ هذا الخيار هو الانصراف لا غير أي كما ان الاطلاق في المبيع منصرف إلى المبيع غير مسلوب المنفعة مدة يعتد بها.

فكما أن الانصراف حجة في هذين الموردين كذلك حجة فيما نحن فيه.

ص: 24

اطلاق الملك في المبيع إلى غير مسلوب المنفعة سدة يعتدّ بها، لا (1) من جهة الاعتماد في إحراز الصحة، و البناء عليها على أصالة السلامة:

بعبارة أخرى الشك في بعض العيوب قد لا يستلزم الغرر ككون الجارية ممن لا تحيض في سن الحيض، و مثل هذا لا يعتبر احراز السلامة منه.

و قد يستلزمه (2) ككون الجارية خنثى، و كون الدابة لا تستطيع من المشي، أو الركوب، و الحمل عليه، و هذا (3) مما يعتبر إحراز السلامة منها.

و حيث فرض عدم إحرازها (4) بالاصل فلا بد من الاختبار، أو الوصف، هذا (5).

و يؤيد ما ذكرناه: من التفصيل (6) أن بعضهم كالمحقق في النافع، و العلامة في القواعد عنونا المسألة بما كان المراد طعمه، أو ريحه،

+++++++++++

(1) أي و ليس منشأ هذا الخيار هو الاعتماد على احراز الصحة في المبيع المنتزع هذا الاحراز من أصالة السلامة المشار إليها في الهامش 4 ص 11 حتى يقال بسقوط الخيار عند تبين العيب في المبيع.

(2) أي يستلزم الغرر.

(3) أي كون الجارية خنثى، و الدابة لا تستطيع من المشي، و من الركوب، و الحمل عليها.

(4) أي عدم إحراز ما ذكر: من كون الجارية خنثى، أو الدابة لا تستطيع من المشي، أو الركوب و الحمل عليها.

(5) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام.

(6) و هو كون الشك في بعض العيوب قد لا يستلزم الغرر، و قد يستلزمه.

ص: 25

هذا (1).

و لكن (2) الانصاف أن مطلق العيب إذا التفت إليه المشتري و شك فيه فلا بد في رفع الغرر من إحراز السلامة عنه إما بالاختبار، و إما بالوصف، و إما بالإطلاق إذا فرض قيامه مقام الوصف إما لأجل الانصراف، و إما لأصالة السلامة، من غير تفرقة بين العيوب (3) أصلا، فلا بد إما من كفاية الاطلاق (4) في الكل، للأصل، و الانصراف و إما من عدم كفايته (5) في الكل، نظرا إلى أنه لا يتوقع به الغرر، إذا حصل منه الوثوق، حتى أنه لو شك في أن هذا العبد صحيح، أو أنه أجذم لم يجز البناء على أصالة السلامة إذا لم يفد الوثوق، بل لا بد من الاختبار، أو وصف كونه غير أجذم.

+++++++++++

- خلاصة هذا الكلام أن المحقق و العلامة قدس سرهما الذين هما آيتان في الفقه قد حصرا الاختبار في المبيع الذي يراد طعمه، أو لونه، أو ريحه، لا في كل مبيع.

فالحصر منهما يكون مؤيدا للتفصيل الذي ذكرناه في ص 25.

(1) أي خذ ما تلوناه عليك من التأييد حول التفصيل الذي ذهبنا إليه.

(2) من هنا يروم الشيخ العدول عما أفاده: من التفصيل، و ما جاء به من التأييد.

(3) كما أفاد بالتفرقة شيخنا الانصاري بقوله في ص 25: بعبارة أخرى الشك في بعض العيوب قد لا يستلزمه الغرر.

(4) أي الاطلاق المنصرف إلى صحة البيع في الكل، سواء أ كانت العيوب مستلزمة للغرر أم لا كما عرفت في التفصيل في ص 25.

(5) أي عدم كفاية الاطلاق المنصرف إلى صحة البيع في الكل.

ص: 26

و هذا (1) و إن كان لا يخلو عن وجه، إلا أنه مخالف لما يستفاد من كلماتهم في غير موضع: من (2) عدم وجوب اختبار غير ما يراد طعمه، أو ريحه من حيث سلامته من العيوب، و عدمها.

مسألة: يجوز ابتياع ما يفسده الاختبار من دون اختبار اجماعا على الظاهر.

(مسألة):

يجوز ابتياع ما يفسده الاختبار من دون اختبار اجماعا على الظاهر.

و الأقوى عدم اعتبار اشتراط الصحة في العقد، و كفاية الاعتماد على أصالة السلامة كما فيما لا يفسده الاختبار، خلافا لظاهر جماعة تقدم ذكرهم من اعتبار اشتراط الصحة، أو البراءة من العيوب، أو خصوص أحدهما.

و قد عرفت تأويل العلامة في المختلف لعبارتي المقنعة و النهاية (3) الظاهرتين في ذلك (4)، و ارجاعهما (5) إلى ما اراده من قوله في القواعد: جاز بيعه بشرط الصحة: من أنه مع الصحة يمضي البيع، و لا معها يتخير المشتري.

و عرفت أن هذا التأويل مخالف للظاهر (6)، حتى أن قوله

+++++++++++

(1) و هو عدم كفاية الاطلاق المنصرف إلى صحة البيع في الكل إلا مع الوثوق و الاطمئنان.

(2) كلمة من بيان لما يستفاد من كلمات العلماء.

(3) عند نقل الشيخ عنه في ص 17 بقوله: و مقصودهما أن البيع.

(4) أي في اعتبار اشتراط الصحة، أو البراءة من العيوب.

(5) أي ارجاع العلامة عبارتي الشيخين.

(6) عند إيراد الشيخ عنه في ص 18 بقوله: لكن الانصاف أن الظاهر.

ص: 27

في القواعد ظاهر في اعتبار شرط الصحة، و لذا (1) قال في جامع المقاصد: كما يجوز بيعه بشرط الصحة يجوز بيعه مطلقا (2).

و كيف كان (3) فاذا تبين فساد البيع(1) (4) فإن كان (5) قبل التصرف فيه بالكسر، و نحوه، فإن كان لفاسده قيمة كبيض النعامة و الجوز تخير بين الرد و الارش.

و لو فرض بلوغ الفساد إلى حيث لا يعد الفاسد من أفراد ذلك الجنس عرفا كالجوز الأجوف الذي لا يصلح إلا للاحراق فيحتمل قويا بطلان البيع إن لم يكن لفاسده قيمة(2) تبين بطلان البيع لوقوعه على ما ليس بمتموّل.

و إن كان تبين الفساد بعد الكسر ففي الأول (6) تبين الارش خاصة، لمكان التصرف فيه.

و يظهر من المبسوط(3) قول بأنه لو كان تصرفه على قدر يستعلم فيه فساد المبيع لم يسقط الرد.

و المراد بالأرش تفاوت ما بين صحيحه و فاسده غير (7).

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن قول العلامة في القواعد ظاهر في اعتبار شرط الصحة.

(2) أي بشرط الصحة، و بدون شرط الصحة.

(3) أي سواء قلنا بعدم جواز بيع ما يفسده الاختبار أم قلنا بالجواز.

(4) و هو البيع الذي يفسد بالاختبار.

(5) أي تبين فساد المبيع.

(6) و هو ما كان لمكسور المبيع الفاسد قيمة.

(7) كلمة غير مجرورة صفة لكلمة و فاسده.

ص: 28


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المكسورة، لأن (1) الكسر نقص حصل في يد المشتري.

و منه (2) يعلم ثبوت الارش أيضا و لو لم يكن لمكسوره قيمة، لأن العبرة في التمول بالفاسد غير المكسور، و لا عبرة بخروجه بالكسر عن التمول، و ببطل البيع في الثاني: اعني ما لم يكن لفاسده قيمة، وفاقا للمبسوط و السرائر، و ظاهر من تأخر عنهما.

و ظاهرهم بطلان البيع من رأس كما صرح به الشيخ و الحلي و العلامة في التذكرة مستدلين بوقوعه على ما لا قيمة له كالحشرات. و هو (3) صريح جماعة ممن تأخر عنهم، أو ظاهر آخرين عدا الشهيد في الدروس(1)، فإن ظاهره انفساخ البيع من حين تبين الفساد، لا من أصله، و جعل الثاني (4): احتمالا، و نسبه (5).

+++++++++++

(1) تعليل لكون المراد بالارش هو المقدار المتفاوت بين الصحيح و الفاسد قبل كسر المبيع.

(2) أي و من أن المراد بالارش هو المقدار المتفاوت بين الصحيح و الفاسد قبل كسر المبيع يعلم ثبوت الارش أيضا في المبيع الفاسد الذي لم يكن لمكسوره قيمة.

(3) أي احتمال بطلان البيع من رأسه.

(4) و هو بطلان البيع من أصله و رأسه.

(5) أي القول الثاني المشار إليه في الهامش 4 نسبه الشهيد الأول إلى ظاهر جماعة.

و في اللمعة لم يرجح أحد القولين على الآخر.

قال قدس سره: و هل يكون العقد مفسوخا من أصله، أو يطرأ عليه العقد نظر.؟

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 277.

ص: 29


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب - أمر البائع و اذنه، فما صرفه في سبيل النقل على البائع فهو الضامن له، و الواجب عليه دفعه الى المشترى. و ليس للبائع الامتناع عن نقل المبيع، بل الواجب عليه أن يخلي بين المشترى، و بين المبيع.

إلى ظاهر الجماعة، و لم يعلم (1) وجه ما أختاره، و لذا (2) نسب في الروضة خلافه إلى الوضوح، و هو (3) كذلك، فإن (4) الفاسد الواقعي إن لم يكن من الأموال الواقعية كان العقد عليه فاسدا، لأن (5)

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري أي و لم يعلم دليل لما اختاره الشهيد الأول: من انفساخ العقد من حين تبين فساد المبيع.

(2) أي و لأجل عدم وجود دليل لما اختاره الشهيد في الدروس نسب الشهيد الثاني في الروضة القول ببطلان البيع من رأسه إلى الوضوح في قوله:

و رجحان الأول واضح، لأن ظهور الفساد كشف عن عدم المالية في نفس الأمر حين البيع، لا احدث عدمها حينه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 277.

(3) هذا تأييد من الشيخ الانصاري لما ذهب إليه الشهيد الثاني:

من انفساخ العقد من أصله، لا من حين الفساد بعد الكسر كما أفاد هذه الحينية الشهيد الأول.

(4) تعليل من الشيخ للتأييد الذي أنى به.

(5) تعليل من الشيخ لما افاده: من أن الفاسد الواقعي إذا لم يكن من الأموال الواقعية كان العقد عليه فاسدا.

و خلاصته كما عرفت اكثر من مرة أن من شرائط العوضين كونهما من الأموال في الواقع و نفس الأمر حتى يصح بذلهما ازاء ما يباع و يشترى، لأن ماليتهما من أركان البيع و مقوماته، و لذا ترى الفقهاء في تعريفهم البيع قالوا: البيع مبادلة مال بمال، فالمالية مأخوذة في مفهومهما لا محالة.

ص: 30

اشتراط تمول العوضين واقعي، لا علمي (1).

و إن كان (2) من الأموال الواقعية، فإن لم يكن بينه (3)، و بين الصحيح تفاوت في القيمة لم يكن هنا ارش و لا رد، بل كان البيع لازما و قد تلف المبيع بعد قبضه (4).

و إن كان بينه (5) و بين الصحيح الواقعي تفاوت فاللازم هو

+++++++++++

(1) أي و ليس اشتراط مالية العوضين أمرا علميا حتى يقال: إن علم المتبايعين بمالية شيء ظاهرا كاف في وقوع البيع صحيحا و إن لم يكن المبيع ذا مالية في الواقع، اذ من شأن العلم كونه طريقا محضا، و ليس من حقه جعل الموضوع.

اللهم إلا ان يقام دليل خاص خارجي على انه من حقه جعل الموضوع كما في صورة علم المصلي بالجهر و الاخفات في مواردهما فتعمد الى خلاف ما كان واجبا عليه بطلت صلاته.

(2) أي الفاسد الواقعي الذي وقع العقد عليه، و تبين فساده بعد الكسر.

(3) أي بين الفاسد الواقعي.

(4) خذ لذلك مثالا.

وقع العقد على دهن كان جائفا في الواقع، و لم يمكن استعماله للأكل لكن يصح استعماله في الأخشاب بتدهينها كما في دهن الزيت، ثم بعد القبض وقع الدهن من يد المشتري على الارض، و لم يكن بين هذا الدهن الفاسد و صحيحه فرق في السعر، فهنا صح البيع و لزم، و ليس للمشتري ارش، و لا رد.

(5) أي بين المبيع الفاسد الواقعي الذي تبين فساده بعد الكسر.

ص: 31

استرجاع نسبة تفاوت ما بين الصحيح و الفاسد من الثمن، لا جميع الثمن (1)

اللهم (2) إلا ان يقال: إنه مال واقعي إلى حين تبين الفساد، فاذا سقط عن المالية لأمر سابق على العقد. و هو فساده واقعا كان في ضمان البائع فينفسخ البيع حينئذ (3).

+++++++++++

(1) فالتفاوت بين الصحيح و الفاسد إن كان ثمنا فالمرجوع من الثمن هو الثمن، و إن كان خمسا فخمس، و إن كان سدسا فسدس، و هكذا.

(2) من هنا يروم الشيخ توجيه ما افاده الشهيد الأول في الدروس:

من انفساخ العقد من حين تبين الفساد، لا من اوّل الأمر.

و الغاية من هذا التوجيه صحة العقد حتى لا يرد على الشهيد الأول أن المعاملة قد وقعت من بادئ الأمر على شيء لا مالية له، مع أن المالية كما عرفت في الهامش 5 ص 30 قد اخذت في مفهوم البيع.

و خلاصة التوجيه أن المبيع الفاسد كان ذا مالية واقعية.

غاية الأمر قد سقطت عنه لامر سابق على ماليته: و هو تبين كونه فاسدا واقعا، و بعد التبين يتوجه ضمان هذا المبيع الفاسد على البائع، لانفساخ العقد من حين تبين الفساد فيجب على البائع رد تمام الثمن إلى المشتري فيشبه هذا المبيع المبيع التالف قبل إقباض البائع له للمشتري، أو تلفه في زمن الخيار للمشتري.

فكما أن ضمان هذا المبيع على البائع.

كذلك ضمان هذا المبيع الفاسد الذي تبين فساده قبل الكسر على البائع.

(3) أي حين تبين فساد المبيع بعد الكسر كما عرفت في ص 29

ص: 32

بل (1) يمكن أن يقال بعدم الانفساخ فيجوز له (2) الامضاء فيكون مكسوره ملكا له و إن خرج عن المالية بالكسر، و حيث (3) إن خروجه عن المالية لأمر سابق على العقد كان مضمونا على البائع، و تدارك هذا العيب: اعني فوات المالية لا يكون إلا بدفع تمام الثمن.

لكن (4) سيجيء ما فيه: من مخالفته للقواعد و الفتاوي.

+++++++++++

(1) هذا من متممات كلام القيل.

خلاصته أنه في صورة كون الفاسد مالا واقعيا إلى حين تبين الفساد يمكن أن يقال بعدم انفساخ العقد، فللمشتري حينئذ امضاء البيع بعد كسر المبيع و تبين فساده، و مكسوره ملك للمشتري و إن خرج عن المالية بالكسر.

لكن لما كان خروجه عن المالية سابقا على العقد فضمانه على البائع فعليه أن يتدارك هذا العيب: و هو فوات المالية بدفع تمام الثمن إلى المشتري.

(2) أي للمشتري كما علمت آنفا.

(3) حيث هنا زمانية، و ليست تعليلية.

و قد عرفت معناها في الهامش 1 ص 33 عند قولنا: لكن لما كان.

(4) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما أفاده القيل بقوله في ص 33 بل يمكن أن يقال.

و المراد من سيجيء ما فيه قوله في ص 46:

فإن الرجوع بعين الثمن لا يعقل بدون البطلان.

و نحن نذكر خلاصة الإشكال قبل مجيئه.

فنقول: إن الإمكان المذكور مخالف للقواعد الفقهية، و فتاوي الأصحاب، لأن المبيع إذا كان فاسدا في الواقع، و ساقطا عن المالية -

ص: 33

و فيه (1) وضوح كون ماليته عرفا و شرعا من حيث الظاهر.

و أما إذا انكشف الفساد حكم بعدم المالية الواقعية من أول الأمر، مع (2) أنه.

+++++++++++

- في نفس الأمر رأسا كيف يمكن فرض المالية له.؟

مع أن مالية الثمن و المثمن كما عرفت في الهامش 5 ص 30 من أركان العقد و مقوماته حتى يصح وقوع العقد.

ثم إن استرجاع تمام الثمن للمشتري في صورة تبين فساد المبيع بعد الكسر أمر غير ممكن، لأن المبيع إن كان يعد من الأموال الواقعية، و لم يكن بينه، و بين الصحيح تفاوت أصلا فليس للمشتري الرد، و لا الأرش.

و إن كان بينه، و بين الصحيح تفاوت فللمشتري استرجاع مقدار من الثمن: و هو نسبة تفاوت ما بين الصحيح و الفاسد، لا تمام الثمن.

و قد عرفت ذلك المقدار في الهامش 1 ص 32 عند قولنا:

فالتفاوت بين الصحيح و الفاسد إن كان ثمنا فثمن.

(1) أي و في هذا القيل الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 32:

اللهم إلا أن يقال دلالة واضحة على أن المراد من مالية المبيع هي المالية الظاهرية شرعا و عرفا، لا المالية الواقعية، و لذا لو انكشف الفساد يحكم بعدم مالية المبيع من أول وقوع العقد فينفسخ العقد من حين تبين الفساد.

(2) هذا إشكال آخر على ما أفاده القيل: بأن الفاسد مال واقعي إلى حين تبين الفساد فيكون البائع ضامنا بدفع تمام الثمن في قوله في ص 32: اللهم إلا أن يقال.

و خلاصته أنه على فرض كون الفاسد مالا واقعيا يكون العيب قد حدث -

ص: 34

لو كان مالا واقعيا فالعيب حادث في ملك المشتري، فإن (1) العلم مخرج له عن المالية، لا كاشف، فليس (2) هذا عيبا مجهولا، و لو سلم (3)

+++++++++++

- في ملك المشتري، لكونه عالما بالفساد عند تبين الفساد، فعلمه بذلك مخرج للمبيع عن المالية، لا أنه كاشف عن عدم انصافه بالمالية قبل تبين الفساد، فلا ضمان على البائع، لأن التالف من مال المشتري، فليس العيب الظاهر بالكسر عيبا مجهولا حتى يقال: إنه قد حدث في ملك البائع فهو ضامن له فيستحق المشتري تمام الثمن.

(1) تعليل لكون العيب حادا في ملك المشتري.

و قد عرفته في ص 35 عند قولنا: فعلمه بذلك مخرج.

(2) تفريع على ما أفاده: من أن العلم بالفساد لا يكون كاشفا عن الفساد و قد عرفته عند قولنا في ص 35: لا أنه كاشف.

(3) هذا تنازل من الشيخ.

و خلاصته أننا لا نسلم أن العيب كان مجهولا حتى يكون البائع ضامنا لتمام رد الثمن.

و على فرض جهله يكون هذا العيب من قبيل الرمد في العين الذي يكون سببا للعمى بعد شراء العبد، أو من قبيل العبد المريض الذي يموت بعد الشراء، فكما أن للمشتري في المثالين الأرش أي اخذ نسبة تفاوت ما بين قيمة العبد صحيحا، و قيمته أرمد، و بين قيمة العبد صحيحا، و قيمته مريضا.

كذلك فيما نحن فيه فالواجب على المشتري استرجاع نسبة تفاوت ما بين المبيع الصحيح غير مكسور، و بين الفاسد غير مكسور فيأخذ من الثمن بتلك النسبة، لا أنه يأخذ تمام الثمن من البائع.

ص: 35

فهو كالأرمد يعمى بعد الاشتراء، و المريض يموت، مع (1) أن فوات المالية يعد تلفا، لا عيبا.

ثم إن (2) فائدة الخلاف تظهر في ترتب آثار ملكية المشتري الثمن إلى حين تبين الفساد.

و عن الدروس و اللمعة أنها (3) تظهر في مئونة نقله عن الموضع الذي اشتراه فيه إلى موضع اختباره.

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر على عدم انفساخ العقد الذي أفاده القيل في ص 33 بقوله: بل يمكن أن يقال.

و خلاصته أن البيع هنا باطل، لأن فوات المالية في الواقع و نفس الأمر يعد تلفا، لا عيبا، فحينئذ على البائع رد تمام الثمن، لأن كل مبيع تلف قبل اقباضه للمشتري فهو من مال البائع.

و كذا المنافع المترتبة على الثمن للمشتري إن كانت موجودة، و مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة.

و لا يخفى أنه من الممكن أن تفوت المالية و لا يصدق التلف و لا العيب.

كما في أخذ الماء من محل له مالية إلى جنب الشط.

(2) خلاصة هذا الكلام أن ثمرة الخلاف بين القولين.

و هما: انفساخ العقد و بطلانه من أصله و رأسه.

و انفساخه من حين تبين الفساد: تظهر في المنافع المترتبة على الثمن

فعلى القول بانفساخ العقد من أصله تكون المنافع للمشتري.

و على القول بانفساخه من حين تبين الفساد تكون للبائع.

(3) أي ثمرة الخلاف بين القولين.

ص: 36

فعلى الأول (1) على البائع، و على الثاني (2) على المشتري، لوقوعه في ملكه.

+++++++++++

(1) أي فعلى القول الأول: و هو انفساخ العقد و بطلانه من أصله و رأسه تكون مئونة نقل البيع من الموضع الذي اشتراه إلى محل اختباره على البائع، لأن المبيع الفاسد حينئذ ملك للبائع.

ثم إن موضع النقل أعم من الحانوت: أو المخزن، أو المدينة، أو بلاد أخرى غير بلاد المشتري.

(2) أي و على القول الثاني: و هو انفساخ العقد من حين تبين الفساد تكون مئونة النقل، و جميع مصاريفه من الموضع المشترى الى محل اختباره على المشتري، لوقوعه في ملكه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 278 عند قول الشهيد الأول: و تظهر الفائدة في مئونة نقله عن الموضع.

ثم إن للشهيد الثاني في شرح اللمعة في نفس الجزء و الصفحة إشكالا على أن مئونة النقل على القول الأول على البائع، أليك نصه:

و يشكل بأنه و إن كان (1) ملكا للبائع حينئذ (2)، لكن نقله بغير امره، فلا يتجه (3) الرجوع عليه بالمئونة (4).

- (1) أي المبيع الفاسد الذي تبين فساده بعد الكسر.

- (2) أي حين أن نقل المشتري المبيع الفاسد من مكان البائع.

- (3) أي فلا معنى لرجوع المشتري على البائع فيما اغترمه من المصاريف في سبيل نقل المبيع.

- (4) لا يخفى ما في هذا الإشكال، لأن المشتري مالك بحسب الظاهر و المبيع ملك للبائع في الواقع و نفس الأمر.

فنقل المشتري المبيع من ذلك المكان الى محل الاختبار مستند الى أمر البائع و اذنه، فما صرفه في سبيل النقل على البائع فهو الضامن له، و الواجب عليه دفعه الى المشترى.

و ليس للبائع الامتناع عن نقل المبيع، بل الواجب عليه أن يخلي بين المشترى، و بين المبيع.

ص: 37

و في جامع المقاصد الّذي يقتضيه النظر أنه ليس له (1) رجوع على البائع بها، لانتفاء المقتضي، و تبعه (2) الشهيد الثاني فقال:

لأنه نقله بغير امره فلا يتجه الرجوع عليه بها.

و كون (3) المشترى هنا كجاهل استحقاق المبيع، حيث رجع بما غرم إنما يتجه مع الغرور و هو (4) منفي.

+++++++++++

(1) أى ليس للمشتري حق الرجوع على البائع فيما اغترمه في سبيل نقل المبيع من موضع الشراء الى محل الاختبار.

(2) أى و تبع الشهيد الثاني صاحب جامع المقاصد في عدم حق للمشتري على البائع فيما اغترمه.

و قد عرفت هذه التبعية عند قولنا في الهامش 2 ص 37:

ثم إن للشهيد الثاني إشكالا.

(3) هذا دفع و هم من الشهيد الثاني عما ذهب إليه: من عدم حق للمشتري على البائع فيما اغترمه.

و حاصل الوهم أنه لا يقال: إن المشترى كان جاهلا بفساد المبيع فكل ما صرفه في سبيل النقل على البائع، لأنه مغرور يشمله حديث نفي الغرر.

(4) هذا جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أن الغرر منفي فيما نحن فيه، لاشتراك البائع و المشترى في الجهل بفساد المبيع: لعدم اختصاص الجهل بالمشترى. -

ص: 38

هنا، لاشتراكهما في الجهل، انتهى (1):

و اعترض عليه (2) بأن الغرر لا يختص بصورة علم الغار.

و هنا (3) قول ثالث نفى عنه البعد بعض الأساطين: و هو كونه (4) على البائع على التقديرين.

+++++++++++

- فحكم المشترى هنا حكم المشترى الجاهل بكون المبيع ملكا للغير.

فكما أن كل ما يصرفه المشترى هنا على البائع.

كذلك مصاريف نقل المبيع الفاسد على البائع.

(1) أي ما أفاده الشهيد الثانى في مصاريف النقل.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 278 279.

(2) أي على الشهيد في جوابه عن الوهم.

و حاصله أن الغرر المتوجه نحو المشتري لا يخص صورة علم الغارّ:

و هو البائع حتى يقال: إن البائع كان جاهلا بالفساد أيضا، فلا شيء عليه من المصاريف.

بل الغرر متوجه نحو المشتري لا محالة، سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم جاهلا به، لوقوع الثمن ازاء شيء لا مالية له في الواقع.

(3) أي في مصاريف نقل المبيع الفاسد من محل الشراء إلى موضع اختباره قول ثالث أفاده الشيخ كاشف الغطاء قدس سره.

(4) هذا هو القول الثالث أي كون الضرر الذي اغترمه المشترى في سبيل نقل المبيع على البائع على التقديرين و هما:

انفساخ العقد من رأسه، أو انفساخه من حين تبين الفساد، لأنك عرفت في ص 35 أن سقوط المالية عن المبيع الفاسد من حين تبين فساده فالعيب الحادث قد وقع في ملك المشتري.

ص: 39

و هو (1) بعيد على تقدير الفسخ من حين تبين الفساد.

هذا كله في مئونة النقل من موضع الشراء إلى موضع الكسر.

و أما مئونة نقله من موضع الكسر لو وجب تفريغه (2) منه، لمطالبة مالكه، أو لكونه (3) مسجدا، أو مشهدا:

فإن (4) كان المكسور مع عدم تموله ملكا نظير حبة الحنطة فالظاهر (5) على البائع على التقديرين، لأنه بعد الفسخ ملكه.

و أما لو لم يمكن (6).

+++++++++++

(1) أي القول الثالث الذي أفاده الشيخ كاشف الغطاء: بأن ما صرفه المشتري في سبيل النقل على التقديرين على البائع بعيد عن الواقع.

وجه البعد أن الفساد قد تبين في ملك المشتري على التقدير الثاني فلا معنى لضمان البائع ما غرمه المشتري في سبيل نقل المبيع.

(2) أى تفريغ المكان عن المبيع: بأن كان المبيع بعد نقله من محل البيع في ملك الغير فطالب هذا الغير المشتري بتخلية محله عنه:

(3) بأن كان المبيع الفاسد بعد نقله عن محل البيع في مسجد، أو حسينية، أو مدرسة فطالب المتولي على هذه الأماكن من المشتري تفريغ مكانه من المبيع.

(4) من هنا يروم الشيخ بيان حكم مصاريف نقل المبيع من الأماكن المذكورة لو احتاج النقل إلى مصاريف.

(5) أي الظاهر أن مصاريف النقل من الأماكن المذكورة على البائع على التقديرين و هما:

تقدير انفساخ العقد من أصله، و تقدير انفساخه من حين تبين الفساد.

(6) أي لو لم يكن لمكسور المبيع الّذي لا مالية له ملكية أيضا -

ص: 40

قابلا للتملك فلا يبعد مؤاخذة المشتري به، و في رجوعه (1) على البائع ما تقدم في مئونة نقله إلى موضع الكسر (2).

ثم إن المحكي في الدروس عن الشيخ و أتباعه أنه لو تبرأ للبائع عن البيع(1)فيما لا قيمة لمكسوره صح.

قال (3): و يشكل بأنه أكل مال بالباطل، و تبعه (4) الشهيد

+++++++++++

- فلا يبعد أن تكون مصاريف نقل المبيع من ملك الغير على المشتري:

(1) أى الكلام في رجوع المشتري على البائع في مصاريف نقل المبيع من ملك الغير في صورة عدم ملكية لمكسور المبيع كما لم يكن له مالية كالكلام في مصاريف نقل المبيع من محل المبيع إلى موضع الكسر فكل ما قيل هناك يقال هنا.

(2) و قد عرفت ما قيل هناك عند قول المصنف قدس سره في ص 37.

فعلى الأول على البائع، و على الثاني على المشتري.

(3) أى قال الشهيد في الدروس: إن القول بصحة العقد لو تبرأ البائع من العيب مشكل، لأنه حينئذ يكون أكل المال بالباطل، إذ على فرض فساد جميع المبيع يكون الفساد منافيا لمقتضى العقد، لأن مقتضاه وجود مقابل للثمن و الحال أنه لا شيء هنا يقابله عند تبين فساد الجميع فيكون بذل المال من المشتري إزاء لا شيء في الواقع.

(4) أى و تبع الشهيد الثاني الشهيد الأول في الإشكال على صحة العقد على المبيع بشرط تبرئ البائع عن العيب.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 28 عند قول الشهيد الثاني:

و يشكل صحة الشرط على تقدير فساد الجميع.

ص: 41


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المحقق الثانيان.

و قد تصدى بعض (1) لتوجيه صحة الاشتراء بالبراءة بما حاصله منع بطلان البيع و إن استحق المشتري مجموع الثمن من باب الأرش المستوعب، فإن (2) الارش غرامة (3) أوجبها الشارع بسبب العيب لا أنه جزء من الثمن استحق (4) بسبب فوات ما قابله من المثمن، و لذا (5) يسقط بالإسقاط، و لا (6) يتعين على البائع الإعطاء من نفس الثمن، ليسقط (7) بالتبري.

+++++++++++

(1) و هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره. فإنه أفاد هذا التوجيه في الجواهر حتى يصحح مثل هذا العقد عند تبين الفساد.

(2) من هنا كلام صاحب الجواهر، و في المصدر بناء على أن الأرش.

(3) في المصدر شيء، و المراد من شيء حق أى الأرش حق من الحقوق.

(4) الظاهر أنه بصيغة المعلوم و فاعله يرجع إلى المشترى، و المفعول و هو الضمير محذوف يرجع إلى الأرش أى استحق هذا الأرش المشترى بسبب ما فات من المثمن.

(5) أى و لأجل أن الأرش حق من الحقوق، و ليس جزء من الثمن يسقط بإسقاط صاحبه و هو المشترى لو اسقطه.

(6) أى و لأجل أن الارش حق من الحقوق، و ليس جزء من الثمن لا يتعين على البائع اعطاء الارش من نفس الثمن الموجود عنده.

(7) هذه الجملة ليست موجودة في الجواهر.

و الموجودة في جميع نسخ (المكاسب) كما اثبتناه هنا.

و الظاهر أن الصحيح (فيسقط بالتبرى) أى بناء على أن الأرش -

ص: 42

و ليس (1) هذا كاشتراط عدم المبيع في عقد البيع، إذ (2) المثمن يتحقق على حسب معاملة العقلاء، و لم يعلم اعتبار أزيد من ذلك في

+++++++++++

- حق من الحقوق الشرعية، و ليس جزء من الثمن، فلو تبرأ البائع عن العيب عند العقد سقط الأرش عن ذمة البائع، لتقدم سبب الأرش على كشف الفساد، و سبب الأرش هو الفساد.

(1) أى و ليس هذا المبيع نظير اشتراط عدم كون المبيع في عقد البيع، لأن مثل هذا الاشتراط مخالف لمقتضى العقد و مفهومه.

خذ لذلك مثالا.

لو اشترطت المرأة في عقد النكاح مع الزوج عدم تمكينها له بأى نحو من أنحاء التمتع بطل العقد، لكون الشرط مخالفا لمقتضى عقد النكاح، لأن الغاية من النكاح الاستمتاعات الجنسية.

و كذا لو اشترط البائع عند بيع داره عدم تسليم الدار للمشترى بطل البيع، لكون الشرط مخالفا لمقتضى عقد البيع، لأن الغاية من البيع و الشراء انتقال كل من الثمن و المثمن إلى صاحبه، ليستفيد كل من البائع و المشتري منهما، فلا يشبه ما نحن فيه ما ذكر فالعقد صحيح لو تبرأ البائع عن العيب.

(2) تعليل من الشيخ صاحب الجواهر قدس سره لصحة عقد البائع لو تبرأ من العيب.

و في الواقع هو دفع وهم.

حاصل الوهم أنه كيف يعقل الحكم بصحة مثل هذا العقد مع أن الثمن وقع ازاء شيء لا مالية له؟

فأجاب ما حاصله أن المدار و المحور في مالية الشيء و ثبوتها، و المعتبر عند العقلاء في معاملاتهم هي مالية الشيء في الواقع و نفس -

ص: 43

صحة البيع، فمع فرض رضاه (1) بذلك يكون قادما على بذل ماله على هذا النحو.

نعم لو لم يشترط (2) استحق الرجوع بالارش المستوعب، و لعله (3) لذلك لم يعبروا بالبطلان و إن ذكر المحقق(1) و غيره الرجوع بالثمن، و فهم منه (4) جماعة بطلان البيع، لكنه (5).

+++++++++++

- الأمر، و من المعلوم أن المشترى إنما أقدم على هذا الشراء بهذا الفرض فكان راضيا بهذه المعاملة فبذل ماله على هذا النحو، و لا يعتبر في المعاملات عند العقلاء أزيد من هذا.

و هذا المقدار من المالية كاف في صحة مثل هذا العقد.

(1) أى رضى المشتري بهذا المقدار من المالية كما عرفت آنفا:

(2) أي لو لم يشترط البائع تبريه من العيب استحق المشتري الرجوع على البائع الأرش المستوعب لقيمة المبيع عند تبين فساده اجمع:

(3) أى و لعله لأجل فرض الاكتفاء يرضى المشتري بهذا المقدار من المالية لم يعبر الفقهاء بطلان مثل هذا البيع.

و إن أفاد المحقق و غيره من أعلام الطائفة استحقاق المشتري الثمن المدفوع الى البائع فيرجع عليه بأخذه منه عند تبين فساد المبيع اجمع.

(4) أى و قد استفاد جماعة من الفقهاء من حكم المحقق و غيره برجوع المشتري على البائع بالثمن بطلان البيع عند تبين فساد المبيع.

(5) هذا كلام صاحب الجواهر قدس سره يروم به دفع هذا القول من كلام المحقق و غيره.

و خلاصته أننا فمنع هذا البطلان، لعدم خروج المبيع عن المالية -

ص: 44


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قد يمنع بعدم خروجه عن المالية و إن لم يكن له قيمة و هو (1) أعم من بطلان البيع، انتهى (2) محصله.

و فيه (3) مواقع للنظر، فإن المتعرضين للمسألة (4) بين مصرح ببطلان البيع كالشيخ في المبسوط، و الحلي في السرائر، و العلامة في التذكرة، معللين ذلك (5) بأنه لا يجوز بيع ما لا قيمة له.

و بين من صرح برجوع المشتري بتمام الثمن الظاهر في البطلان (6)

+++++++++++

- و إن لم يكن ذا قيمة:

(1) أي خروج هذا المبيع عن المالية، و عدم قيمة له لا يدل على بطلان البيع، و فساد العقد، لأن الخروج، و عدم القيمة أعم من البطلان.

(2) أي انتهى ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره في توجيه صحة بيع البائع لو تبرأ من العيب:

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 22 ص 439-440

(3) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر من التوجيه في صحة العقد في كثير من مطالبه نظر و إشكال.

(4) و هي مسألة بيع البائع لو تبرأ من البيع.

(5) أي علل هؤلاء الأعلام بطلان مثل هذا البيع بأن المبيع مما لا قيمة له.

فهنا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: هذا المبيع مما لا قيمة له.

الكبرى: و كل ما لا قيمة له لا يجوز بيعه.

النتيجة: فهذا لا يجوز بيعه.

(6) أي في بطلان مثل هذا البيع الذي رجع المشتري بتمام الثمن -

ص: 45

فإن (1) الرجوع بعين الثمن لا يعقل من دون البطلان، و يكفي في ذلك (2) ما تقدم من الدروس: من أن ظاهر الجماعة البطلان من أول الأمر، و اختار (3) قدس سره الانفساخ من حين تبين الفساد، فعلم أن لا قول بالصحة (4) مع الارش.

بل ظاهر العلامة رحمه اللّه في التذكرة عدم هذا القول (5) بين المسلمين، حيث إنه بعد حكمه بفساد البيع، معللا بوقوع العقد على ما لا قيمة له، و حكاية ذلك (6) عن بعض الشافعية قال (7):

+++++++++++

- على البائع.

(1) تعليل لبطلان البيع عند رجوع المشتري بتمام الثمن على البائع و هذا التعليل أشار إليه الشيخ قدس سره بقوله في ص 33:

لكن سيجيء ما فيه: من مخالفته للقواعد و الفتاوي.

و قد أشرنا إليه في الهامش 4 ص 33 بقولنا: و نحن نذكر خلاصة الإشكال:

(2) أي يكفي في فساد مثل هذا البيع و بطلانه ما تقدم عن الشهيد الأول في ص 29 عند نقل الشيخ عنه بقوله:

و جعل الثاني: (أي بطلان العقد من رأسه) احتمالا، و نسبه (أي الشهيد الأول نسب هذا البطلان) الى ظاهر الجماعة.

(3) أي الشهيد الأول قدس سره اختار الانفساخ من حين تبين فساد البيع عند نقل الشيخ عنه في ص 29 بقوله: فإن ظاهره.

(4) أي بصحة مثل هذا البيع الذي تبرأ البائع من العيب.

(5) أي صحة مثل هذا البيع لا يوجد له قائل.

(6) أي فساد بيع ما لو تبرأ البائع من عيبه.

(7) أي العلامة في التذكرة قال: إن بعض الشافعية قال بفساد مثل -

ص: 46

و قال بعضهم بفساد البيع، لا لهذه العلة، بل (1) لأن الرد ثبت على سبيل استدراك الظلامة (2)

و كما يرجع (3) بجزء من الثمن عند انتقاص جزء من المبيع.

كذلك يرجع (4) بكل الثمن عند فوات كل المبيع.

و تظهر فائدة الخلاف (5) في أن القشور الباقية بمن يختص حتى يجب عليه تطهير الموضع عنها، انتهى (6).

+++++++++++

- هذا البيع، لا للعلة المذكورة: و هي وقوع العقد على ما لا قيمة له.

(1) أي العلة في بطلان هذا البيع و فساده.

(2) بفتح الظاء و ضمها مفرد جمعها مظالم.

و هي عبارة عن كل شيء يحتمله الانسان من غيره.

فيقال لمثل هذا: ظلامة.

و بما أن المشتري اصبح بعد تبين فساد البيع مظلوما يرى ماله عند البائع فيستدرك ظلامته بدفع البائع الثمن له فإذا دفع الثمن إليه ارتفعت ظلامته.

(3) أي المشتري.

(4) أي المشتري.

(5) أى تظهر فائدة الخلاف في صحة مثل هذا البيع و فساده في مئونة نقل المبيع الفاسد من موضع كسره إلى محل البيع.

فإن قلنا بفساده فالمئونة على المشتري.

و إن قلنا بفساده فالمئونة على البائع، لأن المبيع الفاسد من قبيل المبيع التالف قبل الاقباض فتلفه من البائع.

(6) أى ما افاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 389-390 -

ص: 47

هذا (1) مع أنه (2) لا مجال للتأمل في البطلان، بناء على ما ذكرنا: من القطع بأن الحكم بمالية المبيع هنا شرعا و عرفا حكم ظاهري و تمول العوضين شرط واقعي لا علمي، و لذا (3) لم يتأمل ذو مسكة في بطلان بيع من بان حرا، أو (4) ما بان خمرا، و غير ذلك (5)

+++++++++++

- و للعبارة صلة أليك نصها.

و إن كان لفاسده قيمة كالبطيخ الحامض، أو المدوّد بعض الأطراف فله الأرش، و لا رد، لتصرفه فيه.

(1) أي خذ ما تلوناه عليك من مواقع النظر فيما أفاده صاحب الجواهر.

(2) هذا إشكال آخر على ما أفاده صاحب الجواهر في توجيه صحة بيع البائع لو تبرأ من العيب:

و خلاصة الإشكال أنه بناء على ما ذهبنا إليه: من أن الحكم بمالية هذا المبيع شرعا و عرفا من باب الحكم الظاهرى كما عرفت عند قوله في ص 34: و فيه وضوح كون ماليته عرفا و شرعا من حيث الظاهر.

فالعرف إنما يرتب الآثار على مالية هذا المبيع من حيث الظاهر فإذا ظهر خلاف ذلك ينقض ما رتب عليه سابقا، لأنك عرفت أن مالية المبيع أمر واقعي، لا علمي.

راجع ص 48 عند قوله: و تمول العوضين شرط واقعي لا علمي، اذ العلم له الطريقية فقط، لا الموضوعية.

(3) أي و لأجل أن الحكم بمالية المبيع أمر واقعي لا علمي.

(4) أي و كذا لا يتأمل ذو مسكة في بطلان بيع ما بان أنه خمر.

(5) بأن كان المبيع كلبا، أو خنزيرا.

فكما أن العاقل لا يشك في بطلان بيع المذكورات، لعدم وجود -

ص: 48

إذ (1) انكشاف فقد العوض مشترك بينهما.

ثم (2) إن الجمع بين عدم خروجه عن المالية، و بين عدم القيمة

+++++++++++

- مالية لها.

كذلك لا يشك في بطلان بيع ما نحن فيه عند انكشاف الفساد، لعين الملاك الموجود في الخمر و الخنزير، و الكلب و الحر: و هو عدم مالية لها، اذ انكشاف فقد العوض: و هو عدم وجود شيء يقابل الثمن مشترك بين ما نحن فيه.

و بين بيع الحر و الخمر و الخنزير و الكلب.

و لا يخفى أن قياس ما نحن فيه: و هو تبيين الفساد في بيع ما تبرأ البائع من عيبه ببيع ما بان أنه حر، أو خمر، أو كلب أو خنزير قياس مع الفارق، لأن البيع تمليك عين بعوض قابل للملكية، و النقل و الانتقال شرعا و في عرف المتشرعة.

و من الواضح أن الحر و الخمر و الكلب و الخنزير مما لا يقبل الملكية شرعا فلا يجوز بيعها.

بخلاف ما نحن فيه، فإنه قابل للملكية ظاهرا شرعا و عرفا و إن تبين عدم مالية له في الواقع بعد الكسر.

فمجرد اشتراك الكل في عدم المالية مع قابلية ما نحن فيه للتملك لا يوجب إلحاق ما نحن فيه بما ذكر.

(1) تعليل لكون العاقل لا يشك في بطلان بيع ما ذكر.

و قد عرفته في ص 49 عند قولنا: اذ انكشاف فقد العوض.

(2) هذا إشكال آخر على ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره في توجيه صحة بيع ما تبين فساده لو تبرأ البائع من عيبه.

و خلاصته أنه كيف التوفيق بين القول بعدم خروج المبيع الفاسد -

ص: 49

لمكسوره مما لا يفهم، فلعله (1) أراد الملكية.

مضافا إلى أن الأرش المستوعب للثمن لا يخلو تصوره عن إشكال لأن الأرش كما صرحوا به تفاوت ما بين قيمتي الصحيح و المعيب (2)

نعم (3) ذكر العلامة في التذكرة و التحرير و القواعد أن المشتري للعبد الجاني عمدا يتخير مع الجهل بين الفسخ فيسترد الثمن، أو طلب

+++++++++++

- عن المالية.

و بين القول بعدم قيمة لمكسوره كما أفاد هذا المنافاة الشيخ صاحب الجواهر قدس سره في قوله عند نقل الشيخ عنه في ص 44:

لكنه قد يمنع بعدم خروجه عن المالية و إن لم يكن له قيمة، لأن المبيع الفاسد إن لم يخرج عن المالية فيبقى لمكسوره قيمة. و بقيت له ماليته و إن خرج عن المالية فلا يبقى لمكسوره قيمة.

و الخلاصة أن الخروج عن التقويم عين الخروج عن المالية.

(1) توجيه من الشيخ لكلام صاحب الجواهر المستفاد منه عدم إمكان الجمع بين القول يعدم خروج المبيع الفاسد عن المالية، و بين القول بعدم بقاء مكسوره على المالية أي و لعل صاحب الجواهر أراد من عدم المالية عدم الملكية أي قد يمنع بعدم خروج المبيع الفاسد عن الملكية و لو لم تبق قيمة لمكسوره.

(2) أي لا تمام الثمن كما أطلق صاحب الجواهر الأرش على تمام الثمن، فإرجاع تمام الثمن للمشتري مناف لمفهوم الأرش، اذ مفهومه كما عرفت هو النسبة ما بين تفاوت قيمتي الصحيح و الفاسد فهو موضوع للجزء، لا للكل.

(3) من هنا يروم الشيخ بيان وجه لتصحيح اطلاق صاحب الجواهر الارش على تمام الثمن فاستشهد على ذلك بكلام العلامة في كتبه.

ص: 50

الأرش، فإن استوعبت الجناية القيمة كان الأرش جميع الثمن (1) أيضا

و قد تصدى جامع المقاصد لتوجيه عبارة القواعد في هذا المقام (2) بما لا يخلو عن بعد فراجع (3):

و كيف كان (4) فلا أجد وجها لما ذكره.

و أضعف من ذلك (5) ما ذكره بعض آخر: من منع حكم الشيخ و أتباعه بصحة البيع، و اشتراط البائع على المشتري البراءة من العيوب، و زعم أن معنى اشتراط البراءة في كلامهم اشتراط المشتري على البائع البراءة من العيوب، فيكون مرادفا لاشتراط الصحة.

+++++++++++

(1) هذا محل الاستشهاد، فإن اطلاق الأرش على جميع الثمن، مع أن الفقهاء لم يطلقوه إلا على بعض الثمن: و هو التفاوت ما بين قيمتي الصحيح و الفاسد.

(2) أي في مقام بيع العبد الجاني جناية عمدا استوعبت جنايته جميع قيمته.

(3) راجع (جامع المقاصد) الطبعة الحجرية ص 251 عند قوله:

المراد بثمنه قيمته:

(4) هذا كلام الشيخ الأنصاري يقول: إن الشيخ صاحب الجواهر أي شيء قصد من صحة بيع ما اشترط البائع تبرئته من العيب، و أي شيء نحن قلنا في توجيه كلامه فمع ذلك لم أر وجها صحيحا لما أفاده: من صحة مثل هذا العقد.

(5) أي و أضعف مما ذكره صاحب الجواهر في صحة بيع ما تبرأ البائع من عيبه قول من يقول: إن الشيخ و أتباعه حكموا بصحة بيع من تبرأ من العيب، و أرادوا من البراءة من العيب براءة المشترى منه، لا البائع.

ص: 51

و أنت خبير بفساد ذلك (1) بعد ملاحظة عبارة الشيخ و الأتباع، فإن كلامهم ظاهر، أو صريح في أن المراد براءة البائع من العيوب، لا المشتري.

نعم (2) لم أجد في كلام الشيخين و المحكي عن غيرهما تعرضا لذكر هذا الشرط (3) في خصوص ما لا قيمة لمكسوره.

ثم إنه ربما يستشكل في جواز اشتراط البراءة من العيوب غير المخرجة عن المالية أيضا: بلزوم (4) الغرر، فإن (5) بيع ما لا يعلم صحته و فساده لا يجوز، إلا بناء على أصالة الصحة (6)، و اشتراط البراءة كان بمنزلة البيع من غير اعتذار (7) بوجود العيوب و عدمها.

و قد صرح العلامة و جماعة بفساد العقد لو اشترط سقوط خيار الرؤية في العين الغائبة (8).

+++++++++++

(1) أى بفساد ما أفاده هذا البعض.

و قد ذكر الشيخ وجه الفساد في المتن فلا نعبده.

(2) استدراك عما أفاده: من أن كلام الشيخ و أتباعه ظاهر، أو صريح في أن المراد من البراءة براءة البائع من العيب لا المشترى.

(3) و هو اشتراط البراءة من العيب.

(4) الباء بيان لكيفية الإشكال في جواز اشتراط البراءة من العيوب

(5) تعليل لكيفية لزوم الغرر لو اشترط البائع البراءة من العيوب

(6) المراد من أصالة الصحة ما عرفنه في الهامش 4 ص 11

عند قولنا: و خلاصته أن الجواز المذكور.

(7) أى من غير اعتناء.

(8) بأن راى المشترى السلعة قبل إقدامه على شرائها ثم بعد مدة وقع البيع عليها، لكن العين كانت غائبة فاشترط البائع مع -

ص: 52

و سيجيء توضيحه في باب الخيارات إن شاء اللّه.

مسألة: المشهور من غير خلاف يذكر جواز بيع المسك.

(مسألة):

المشهور من غير خلاف يذكر جواز بيع المسك (1).

+++++++++++

- المشترى سقوط خيار الرؤية السابقة.

(1) هو طيب يؤخذ من دم الظبي يقال لهذا الظبي:

(غزال المسك) قال المتنبي في وصف هذا الطيب:

فإن تفق الأنام و أنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال

ذكر الأطباء القدامى، و الذين لهم معرفة بخواص الأشياء: أن للمسك أقساما.

(الأول): ما كان مجتمعا في فأرة الظبي الى أن يستحيل إلى المسك.

و يقال له: نافجة المسك، و جمعها نوافج:

و إنما سميت بذلك، لنفاستها.

و هذا النوع هو المعروف و هو من أحسن أقسامه.

و هو طاهر حلال بإجماع من الطائفة الامامية.

و إذا قيل: المسك فينصرف إلى هذا النوع.

سواء أخذ من الحيوان المذكى أم من غيره.

و سواء أ كان الحيوان حيا أم ميتا، لأن حكمه حكم (الإنفحة)(1) -

ص: 53


1- - بكسر الهمزة و سكون النون و فتح الفاء و تخفيف الحاء شيء يخرج من بطن الجدي لونها أصفر يعصر في صوف مبتلة في اللبن في بطن الجدى

.............

+++++++++++

- (الثاني): ما تضعه الظبية على الصخور من الرطوبة الدسمة الشبيهة بالسواد و الدم.

و هذا طاهر أيضا كبقية الأشياء الجارية فيها أصالة الطهارة.

و للشك في كونه دما فيحكم بطهارته و حليته.

(الثالث): الدم المسفوح من الظبية.

سواء أ كانت مذبوحة أم غير مذبوحة:

و يقال لهذا النوع من المسك: (المسك الهندي).

و هذا نجس حرام كغيره من الدماء، للأصل، و اخذا للمتيقن:

و هو المسك بالمعنى الأول و الثاني.

و قد ذكر الأعلام من الطائفة قدس اللّه أسرارهم عن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام في طهارة المسك بالمعنى الأول و الثاني أحاديث، و كذا في التطيب به.

أليك شطرا من تلك الأحاديث الواردة في التطيب.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كان يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه(1) في مفارقه.

و عن الوشاء قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

كان لعلي بن الحسين عليهما السلام اشبيدانة رصاص معلقة فيها مسك فاذا أراد أن يخرج و لبس ثيابه تناولها و أخرج منها فتمسح به.

و عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: -

ص: 54


1- - و بيص الشيء برقه و لمعانه من قولهم: وبص الطير وبيصا إذا برق و لمع.

في فأره (1).

و الفأر بالهمزة قيل: جمع فأرة كتمر و تمرة.

و عن النهاية أنه (2) قد لا يهمز تخفيفا:

و مستند الحكم (3) العمومات غير المزاحمة بما يصلح التخصيص، عدا توهم النجاسة المندفع في باب النجاسات بالنص (4) و الاجماع،

+++++++++++

- سألته عن المسك في الدهن أ يصلح؟

قال: إني لا صنعه في الدهن و لا بأس.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 1 ص 445-446 الباب 95 الحديث 4-3-7، و هناك أحاديث أخرى فراجع.

فهذه الأحاديث، و التي لم تذكر هنا و ذكرت في المصدر كلها تدل على طهارة هذا النوع من المسك، و حلية بيعه و شرائه و استعماله.

(1) بفتح الفاء و سكون الألف وعاء يجعل فيه المسك.

(2) أى الفأر.

(3) و هو جواز بيع المسك في فأر.

و المراد من العمومات قوله عز من قائل:

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(4) المراد بالنص رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال: كانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ممسكة إذا هو توضأ أخذها بيده و هي رطبة فكان إذا خرج عرفوا أنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برائحته.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 2 ص 1078 الباب 58 الحديث 1 -

ص: 55

أو توهم (1) جهالته، بناء على ما تقدم: من احتمال عدم العبرة بأصالة الصحة (2) في دفع الغرر.

و يندفع (3) بما تقدم: من بناء العرف على الأصل في نفي الفساد، و بناء الأصحاب على عدم التزام الاختبار في الأوصاف التي تدور معها الصحة.

لكنك خبير بأن هذا كله حسن لدفع الغرر الحاصل من احتمال الفساد.

و أما الغرر من جهة تفاوت أفراد الصحيح الذي لا يعلم إلا بالاختبار فلا رافع له.

نعم قد روى في التذكرة مرسلا عن الامام الصادق عليه السلام جواز بيعه (4).

+++++++++++

- فاحتمال توهم نجاسة المسك مندفع بهذا الحديث.

و بالأحاديث المتقدمة المشار إليها في الهامش 1 ص 54-55.

(1) أي عدا توهم جهالة مقدار المسك الموجود في وعائه، الموجبة هذه الجهالة كون البيع بيعا غرريا فيشمله الحديث النبوي:

لا غرر في البيع.

(2) عند قوله في ص 23: و حيث فرض عدم اعتبار أصالة السلامة

(3) أي عدا توهم جهالة مقدار المسك مندفع بما تقدم: من بناء العرف على أصالة السلامة.

راجع قول المصنف في ص 13: بل الأقوى جواز بيعه من غير اختبار و لا وصف، بناء على أصالة الصحة.

(4) أي جواز بيع المسك.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 57.

ص: 56

لكن (1) لم يعلم إرادة ما في الفأرة.

و كيف كان (2) فاذا فرض أنه ليست له (3) أوصاف خارجية يعرف بها الوصف الذي له دخل في القيمة.

فالأحوط ما ذكروه: من فتقه (4) بإدخال خيط فيها بابرة، ثم إخراجه و شمه.

ثم لو شمه و لم يرض به فهل يضمن هذا النقص الذي أدخل عليه من جهة الفتق لو فرض حصوله فيه و لو بكونه (5) جزء أخيرا لسبب النقص: بأن (6) فتق قبله بإدخال الخيط و الإبرة مرارا؟

وجه (7) مبني على ضمان النقص في المقبوض بالسوم.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به أن المرسلة المستدل بها في التذكرة لا يعلم منها الجواز في فأره، أو الجواز خارجا عن وعائه حيث إنها مطلقة.

(2) يعني أي شيء قلنا خول جواز بيع المسك.

(3) أي للمسك.

(4) أي فتق المسك بالكيفية المذكورة في المتن.

(5) أي و لو بكون الفتق الوارد في المسك بإدخال ابرة هو الجزء الاخير لسبب ورود النقص عليه.

(6) الباء بيان لكيفية كون الفتق الوارد على المسك هو الجزء الاخير لسبب النقص فيه أي نفرض أن الابرة أدخلت في المسك و أخرجت منه أكثر من مرة، لكن لم ينقص منه إلا بالمرتبة الاخيرة من الإدخال و الإخراج.

(7) أي لضمان هذا النقص الوارد في المسك بسبب ادخال الإبرة فيه و اخراجها منه أكثر من مرة لاختبار صحنه من فساده ثم لم يقدم -

ص: 57

فالأولى أن يباشر البائع ذلك (1) فيشم المشتري الخيط.

ثم إن الظاهر من العلامة عدم جواز بيع اللؤلؤ في الصدف:

و هو (2) كذلك.

و صرح (3) بعدم جواز بيع البيض في بطن الدجاج، للجهالة، و هو (4) حسن اذا لم يعرف لذلك الدجاج فرد معتاد من البيض:

من حيث الكبر و الصغر.

مسألة: لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضم معلوم إليه، و عدمه،

(مسألة):

لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضم معلوم إليه، و عدمه،

+++++++++++

- على شرائها: قول مبني هذا الضمان على ضمان النقص الوارد في السلعة المقبوضة من البائع بالسوم.

فإن قلنا بالضمان هناك قلنا بالضمان هنا.

و إن لم نقل بالضمان هناك لم نقل بالضمان هنا.

و المراد بالسوم هنا هو عرض البائع سلعته للمشتري عند شرائها فسلمها له ثم دخل عليها نقص، أو تلفت و هي في يده.

(1) و هو ادخال خيط بابرة في المسك حتى تعرف صحته من فساده

(2) هذا رأي شيخنا الانصاري في عدم جواز بيع اللؤلؤ في الصدف يؤيد به ما ذهب إليه العلامة: من عدم جواز بيعه على تلك الحالة.

(3) أي العلامة قدس سره.

(4) هذا رأي شيخنا الانصاري يؤيد ما ذهب إليه العلامة لكنه يقيد عدم الجواز بصورة عدم وجود فرد معتاد لهذا الدجاج له بيض أكبر، أو أصغر من البيض الموجود في بطن الدجاج.

ص: 58

لأن ضم المعلوم إليه لا يخرجه (1) عن الجهالة فيكون المجموع مجهولا إذ لا نعني بالمجهول ما كان كل جزء جزء منه مجهولا (2).

و يتفرع على ذلك (3) أنه لا يجوز بيع سمك الآجام (4) و لو كان مملوكا، لجهالته و إن ضم إليه القصب، أو غيره.

و لا (5) اللبن في الضرع و لو ضم إليه ما يحلب منه، أو غيره على المشهور كما في الروضة (6).

+++++++++++

(1) أي لا يخرج المجهول.

(2) حتى يقال: إن بيع المجهول بواسطة انضمام المعلوم إليه جائز لعدم وقوع البيع على مجهول من جميع الأجزاء.

فالملاك في عدم جواز بيع المجهول هو مجهولية المبيع و إن ضم إليه شيء معلوم.

(3) أي على عدم جواز بيع المجهول و إن ضم إليه معلوم.

(4) جمع منتهى الجموع، مفرده أجمة بفتح الألف و الجيم و الميم وزان قصبة، و جمع اجمة أجمات وزان قصبات.

و لأجمة جمعان آخران هما: أجم و أجم.

و أجم يطلق على أرض ذات قصب و هي مأوى الاسد:

(5) أي و كذلك لا يجوز بيع اللبن و هو في الضرع و إن ضم إليه شيء معلوم من اللبن المحلوب، لأن ضميمة المعلوم إلى المجهول تصير مجهولا بسبب اللبن المجهول في الضرع.

و الضرع بفتح الضاد و سكون الراء هو ثدي الابل و البقر و الجاموس و الشاة و الظبي.

(6) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 282 عند قول الشارح: أي و إن انضم إليه شيء و لو لبنا محلوبا.

ص: 59

و خص المنع (1) جماعة بما إذا كان المجهول مقصودا بالاستقلال (2) أو منضما (3) الى المعلوم، و جوزوا بيعه (4) إذا كان تابعا للمعلوم و هو المحكي عن المختلف و شرح الارشاد لفخر الاسلام و المقتصر، و استحسنه (5) المحقق و الشهيد الثانيان.

و لعل المانعين لا يريدون إلا ذلك (6)، نظرا (7) إلى أن جهالة التابع لا يوجب الغرر، و لا صدق اسم المجهول على المبيع عرفا حتى

+++++++++++

(1) أي منع بيع المجهول في صورة انضمام المعلوم إليه.

(2) بأن كان هو المقصود من البيع، لا المعلوم، بل المعلوم يكون تبعا للمجهول.

(3) أى المجهول يكون منضما إلى المعلوم، لكن المقصود الاوّلي و الاستقلالي في البيع هو المجهول، لا المعلوم.

(4) أى بيع المجهول منضما الى المعلوم بأن كان المقصود الأوّلى و الاستقلالي في البيع هو المعلوم، لا المجهول، لكن ضم المجهول إليه يكون تبعيا.

(5) أى جواز بيع المجهول المنضم الى معلوم إذا كان المجهول تابعا للمعلوم بالكيفية التي ذكرناها في الهامش 4 ص 60.

(6) أى و لعل المانعين عن بيع المجهول لا يريدون من جواز بيعه إلا منضما مع معلوم يكون المجهول تابعا للمعلوم كما أفاد هذا النوع من الجواز هؤلاء الأعلام.

(7) تعليل لكون جهالة المبيع إذا ضم الى معلوم يكون المجهول تبعا له لا يصير سببا للغرر، و لا موجبا لصدق اسم المجهول على مثل هذا النوع من البيع عرفا حتى يدخل في اطلاق ما يستفاد من الاجماع على عدم جواز بيع المجهول.

ص: 60

يندرج في اطلاق ما دل من الاجماع على عدم جواز بيع المجهول، فإن (1) أكثر المعلومات بعض أجزائها مجهول.

خلافا للشيخ في النهاية، و ابن حمزة في الوسيلة (2).

و المحكي عن الاسكافي و القاضي، بل في مفتاح الكرامة أن الحاصل من التتبع أن المشهور بين المتقدمين هو الصحة (3)، بل عن الخلاف و الغنية الاجماع في مسألة السمك، و اختاره من المتأخرين المحقق الاردبيلي و صاحب الكفاية، و المحدث العاملي، و المحدث الكاشاني (4).

و حكي عن ظاهر غاية المراد (5).

+++++++++++

(1) تعليل لعدم صدق اسم المجهول عرفا على مثل هذا النوع من المبيع منضما مع معلوم يكون المجهول تابعا للمعلوم.

و المراد من أجزائها هي الأجزاء التابعة التي لا تكون مقصودة بالاستقلال عند البيع.

(2) فإن هذين العلمين جوزا بيع المجهول منضما إلى معلوم بنحو الاطلاق أى سواء أ كان المجهول تبعا للمعلوم: بأن وقع البيع على المعلوم أولا و بالمقصود و المجهول كان تبعا له.

أم كان المجهول بنحو الاستقلال: بأن وقع البيع عليه مستقلا، مع قطع النظر عن المعلوم.

(3) أى صحة بيع المجهول منضما الى معلوم يكون المجهول تابعا للمعلوم.

(4) يأني شرح هؤلاء الأقطاب في (أعلام المكاسب).

(5) غاية المراد شرح على نكت الإرشاد.

الشرح للشهيد الاول و المتن للعلامة قدس سرهما.

و الشرح هذا موافق لنسق القدماء: من تقديم المتن ثم التعقيب -

ص: 61

و صريح حواشيه (1) على القواعد.

و حجتهم (2) على ذلك الأخبار المستفيضة الواردة في مسألتي السمك و اللبن، و غيرهما.

ففي (3) مرسلة البزنطي التي ارسالها بوجود سهل فيها سهل (4) عن أبى عبد اللّه عليه السلام قال:

+++++++++++

- عليه بشكل التعليق.

و قد شرح الشهيد نكت الارشاد من بداية كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الأيمان، و فرغ من شرحه عام 757.

طبع الكتاب في (ايران) أكثر من مرة عام 1302.

يأتي شرح الكتاب و حياة الشهيد في (أعلام المكاسب).

(1) أى حواشي الشهيد الاول على قواعد العلامة قدس سرهما.

(2) أى دليل هؤلاء الأعلام على صحة بيع المجهول منضما إلى معلوم هي الأخبار المستفيضة.

(3) من هنا أخذ الشيخ في ذكر الأحاديث المستفيضة.

فهذه المرسلة أول الأحاديث المستدل بها على صحة بيع المجهول منضما إلى معلوم.

(4) مقصود الشيخ قدس سره أن المرسلة و إن كانت ضعيفة من جهتين:

(الأولى) إرسالها.

(الثانية) اشتمالها على سهل بن زياد و هو ضعيف كما أفاد هذا الضعف شيخنا العلامة المجلسي في شرحه على (أصول الكافي)، لكنهما مندفعان.

أما الأولى فلانجبارها بكونها مشهورة عند القدماء و قد عملوا بها. -

ص: 62

إذا كانت أجمة ليس فيها قصب أخرج شيء من سمك فيباع و ما في الأجمة (1).

و رواية (2) معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

لا بأس بأن يشترى الآجام إذا كانت فيها قصب (3).

و المراد (4).

+++++++++++

- بالإضافة إلى اعتضادها بروايات أخرى وردت في المقام التي تتلى عليك.

و أما الثانية فلانجبارها بكون سهل بن زياد من مشايخ الاجازة كما صرح بذلك شيخنا العلامة المجلسي قدس سره.

بالإضافة إلى ذلك كله أن المرسلة مشتملة على البزنطي و هو من أصحاب الاجماع على صحة ما يصح عنه، و أقروا له بالفقه.

فهذه الجهات تجبر إرسال الحديث.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 263 الباب 12 الحديث 1.

فالشاهد في قوله عليه السلام: فيباع و ما في الأجمة، حيث جوز بيع ما في الأجمة الّذي مقداره مجهول مع السمك المخرج منها و مقداره معلوم.

(2) هذه ثانية الروايات المستدل بها على صحة بيع المجهول المنضم إليه شيء معلوم.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 264 الباب 12 الحديث 5.

(4) أى المراد من الشراء في قوله عليه السلام: لا بأس بأن يشترى الآجام: شراء ما في الآجام، و من الواضح أن ما في الآجام مقدار -

ص: 63

شراء ما فيها بقرينة الرواية السابقة (1) و اللاحقة (2).

و رواية (3) أبى بصير عن أبى عبد اللّه عليه السلام في شراء الأجمة، ليس فيها قصب إنما هي ماء؟.

قال: تصيد كفا من سمك تقول: اشترى منك هذا السمك و ما في هذه الأجمة بكذا، و كذا (4).

و موثقة (5) سماعة عن أبى عبد اللّه عليه السلام كما في الفقيه قال:

+++++++++++

- مجهول لا يجوز بيعه، لكنه لما ضم إليه شيء معلوم و هو وجود القصب في الآجام صح بيعه.

و القرينة على أن المراد من الشراء هو شراء ما في الآجام، لا الآجام قوله عليه السلام في المرسلة السابقة: و ما في الأجمة.

و كذا قوله عليه السلام في رواية أبى بصير الآتية: و ما في هذه الأجمة.

(1) و هي المرسلة المذكورة في ص 63.

(2) و هي رواية أبى بصير.

(3) هذه ثالثة الروايات المستدل بها على صحة بيع المجهول المنضم إليه شيء معلوم.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 264 الباب 12 الحديث 6.

فالشاهد في قوله عليه السلام: و ما في هذه الأجمة، حيث إنه مجهول المقدار لا يصح بيعه، لكن لما ضم إليه شيء معلوم و هو السمك الموجود في كف الصياد جاز بيع المجهول معه.

(5) هذه رابعة الروايات المستدل بها على صحة بيع المجهول لو ضم إليه شيء معلوم.

ص: 64

سألته عن اللبن يشترى و هو في الضرع؟

قال: لا، إلا أن يحلب لك في سكرجة (1) فيقول: اشتر مني هذا اللبن الذي في الأسكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمّى، فإن لم يكن في الضرع شيء كان ما في السكرجة (2).

و عليها (3) تحمل صحيحة عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له نعم يبيع ألبانها بغير كيل؟

+++++++++++

(1) اختلف أهل اللغة في ضبط هذه الكلمة بعد اتفاقهم على أنها فارسية الأصل معربة.

قال بعض أهل اللغة: إنها أسكرجة بالألف المضمومة، و السين الساكنة، و الكاف المضمومة، و الراء المشددة المضمومة، و الجيم المفتوحة

و قال بعضهم: إنها سكرجة بإسقاط الألف مع الحركات المذكورة و هي اناء صغير يوضع فيها من الإدام ما يشهي اكل الطعام فتوضع على المائدة.

و قال بعض أهل اللغة: إن أكثر ما يوضع فيها (كواميخ) و هي جمع كامخ بفتح الميم.

و كامخ كلمة فارسية بالأصل معربة و هي إدام يؤتدم به.

و لعل المراد ب: (سكرجة) في الحديث كيل خاص معلوم المقدار و الوزن بقرينة قوله عليه السلام: إلا أن يحلب في سكرجة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 259 الباب 8 الحديث 2 فالشاهد في قوله عليه السلام: و ما في ضروعها، حيث إنه مجهول المقدار لا يجوز بيعه، و لكن لما ضم إليه مقدار معلوم و هو ما في (أسكرجة) جاز شراؤه.

(3) أي و على الروايات الأربع المذكورة الدالة على جواز بيع -

ص: 65

قال: نعم حتى تنقطع، أو شيء منها (1)، بناء (2) على أن المراد بيع اللبن الذي في الضرع بتمامه.

أو بيع شيء منه محلوب في الخارج، و ما بقي في الضرع بعد حلب شيء منه.

+++++++++++

- المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم تحمل صحيحة عيص بن القاسم:

هذه خامسة الروايات المستدل بها على صحة بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 259 الباب 8 الحديث 1.

(2) تعليل لكيفية دلالة الصحيحة على صحة بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

و لما كانت الصحيحة مشتملة على جملتين في قول الامام عليه السلام:

و هما: نعم حتى تنقطع، أو شيء منها

و كانت الجملة الاولى لا تدل على المراد: و هو جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم، لأن المالك قد باع كل ما كان في الضرع، و المشتري قد رضي بذلك فليس هنا شيء مجهول بيع مع شيء معلوم ضم إليه، فالجملة خارجة عما نحن بصدده:

أفاد الشيخ قدس سره بناء على أن المراد من بيع اللبن الذي في الضرع هو تمامه بنحو الترديد:

و أما الجملة الثانية: و هي (أو شيء منها) فلما لم يكن لها ظهور في جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم أفاد أنها تحمل هذه الصحيحة على تلك الروايات الأربع حتى يصح الاستدلال بها فأخذ قدس سره في توجيه الجملة الثانية فأفاد.

أو المراد بيع مقدار محلوب منها في الخارج (معلوم وزنا، أو -

ص: 66

و في الصحيح (1) إلى ابن محبوب عن أبي ابراهيم الكرخي قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة و ما في بطونها: من حمل بكذا و كذا درهما؟

قال: لا بأس، إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس، ماله في الصوف (2).

و موثقة (3) اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتقبل بخراج الرجال، و جزية رءوسهم، و خراج النخل و الشجر و الآجام، و المصائد و السمك و الطير و هو لا يدري لعله لا يكون

+++++++++++

كيلا) و ما بقي في الضرع بعد حلب شيء منه أي مع ما بقي في الضرع.

فبهذا التوجيه يصح الاستدلال بالجملة الثانية من الصحيحة على المدعى، لأن ما تبقى في ضرع النعم مجهول لا يدرى مقداره فلا يجوز بيعه، لكن لما ضم إليه المقدار المحلوب في الخارج المعلوم وزنا و كيلا جاز بيعه.

(1) هذه سادسة الروايات المستدل بها على صحة جواز بيع شيء مجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 261 الباب 10 الحديث 1 فالشاهد في قوله عليه السلام: لا بأس إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف، حيث أجاز بيع المجهول: و هو ما في بطون مائة نعجة مع ضم شيء معلوم إليه: و هي أصواف تلك النعاج.

(3) هذه سابعة الروايات المستدل بها على صحة بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

ص: 67

شيء من هذا أبدا، أو يكون.

أ يشتريه، و في أي زمان يشتريه و يتقبل به؟

قال عليه السلام: إذا علم(1) من ذلك شيئا واحدا أنه قد أدرك فاشتره و تقبل به (1).

و ظاهر (2) الأخيرين كموثقة سماعة أن الضميمة المعلومة إنما تنفع من حيث عدم الوثوق بحصول المبيع، لا من حيث جهالته، فإن ما في الاسكرجة غير معلوم بالوزن و الكيل.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 264 الباب 12 الحديث 4 فالشاهد في قوله عليه السلام: إذا علمت من ذلك شيئا واحدا انه قد أدرك فاشتره و تقبل به، حيث وقع جوابا عن سؤال الراوي في جواز تقبل الخراج و الجزية، و ضريبة النخل و الشجر، و الآجام و المصائد و السمك و الطير و هو لا يعلم أن شيئا منها قد يحصل له أولا.

فيقدم على شراء هذه؟

مع أن المذكورات مجهولة لا يجوز شراؤها، لكن لما ضم إليها شيء معلوم: و هو علم المشتري بإدراك واحد من المذكورات جاز شراؤها.

(2) من هنا أخذ الشيخ في الخدش في الروايات المذكورة المستدل بها على جواز شراء المجهول و بيعه اذا ضم إليه شيء معلوم.

و خلاصته أن الروايتين الاخيرتين و هما:

صحيحة ابن محبوب، و موثقة اسماعيل بن الفضل الهاشمي، و كذا موثقة سماعة أجنبية عن المدعى، لأن المدعى هو جواز بيع شيء مجهول الصفة، مقطوع الحصول، و الروايات الثلاث وردت في شيء مجهول الحصول -

ص: 68


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كذا (1) المعلوم الحصول من الأشياء المذكورة في رواية الهاشمي.

مع (2) أن المشهور كما عن الحدائق المنع عن بيع الأصواف على ظهور الغنم، بل (3) عن الخلاف(1) عليه الاجماع، و القائلون (4).

+++++++++++

- بالإضافة إلى أن الضميمة في الروايات مجهولة من حيث الكم و الوزن، مع أن الضميمة فيها من المكيل و الموزون فلا بد أن تكون معلومة المقدار، أو الأوصاف حتى يصح بيعها منفردا و مستقلا، فلا ينفع ضم هذا الشيء الى المجهول لصحة بيعه.

(1) أى و كذا الإشكال وارد في الشيء الواحد المعلوم وجوده في الأشياء المذكورة في موثقة اسماعيل بن الفضل الهاشمي، لأن ضمه إلى الشيء المجهول لا يجدي في المقام، لكونه مجهول المقدار.

(2) هذا إشكال آخر وارد على صحيحة ابن محبوب المشار إليها في ص 67

و خلاصته أن المشهور عدم جواز بيع الصوف على ظهور الغنم كما أفاده في الحدائق، فيكون ضم هذا من قبيل ضم ما لا يجوز بيعه إلى مثله: و هو المجهول الّذي لا يجوز بيعه، فتكون الموثقة أجنبية عن المدعى.

(3) هذا إشكال آخر على صحيحة ابن محبوب المستدل بها على صحة بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

و خلاصته أن الاجماع من الطائفة قائم على منع بيع أصواف الغنم على ظهورها.

فكيف يستدل بها على جواز بيع المجهول اذا ضم إليه شيء معلوم؟

(4) تأييد من الشيخ لما أفاده: من عدم صحة الاستدلال بصحيحة ابن محبوب على جواز بيع المجهول اذا ضم إليه شيء معلوم -

ص: 69


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بجوازه استدلوا برواية الكرخي، مع منعهم عن مضمونها من حيث ضم ما في البطون الى الأصواف، فتبين (1) أن الرواية لم يقل أحد بظاهرها.

و مثلها (2) في الخروج عن مسألة ضم المعلوم إلى المجهول روايتا أبى بصير و البزنطي، فإن (3) الكف من السمك لا يجوز بيعه،

+++++++++++

- و خلاصته أن القائلين بجواز بيع الأصواف على ظهور الغنم و إن استدلوا بهذه الصحيحة، لكنهم لم يعملوا بمضمونها من حيث ضم المعلوم الّذي هي الأصواف على ظهور الأغنام إلى المجهول الّذي هو ما في بطونها من حيث الحمل.

فعدم العمل بمضمونها دليل على عدم عمل الأصحاب بظاهرها

(1) أى فظهر مما ذكرنا أن صحيحة ابن محبوب لم يعمل أحد من الأصحاب بظاهرها كما علمت آنفا.

(2) أى و مثل الروايات الثلاث المتقدمة؛ و هي

صحيحة ابن محبوب، و موثقة اسماعيل بن الفضل الهاشمي، و موثقة سماعة: روايتا أبى بصير، و مرسلة البزنطي في عدم صحة الاستدلال بهما على جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

و يحتمل أن يكون مرجع الضمير في مثلها صحيحة ابن محبوب فقط لا الروايات الثلاث.

(3) تعليل لكون روايتي أبى بصير، و مرسلة البزنطي مثل الصحيحة أو مثل الروايات الثلاث المتقدمة.

و خلاصته أن السمك من الموزون فلا بد عند بيعه أن يوزن، فبيع كف منه جزافا يكون مجهولا و إذا صار مجهولا فلا يصح بيعه، فلا يصح ضمه إلى مجهول آخر، فلا يجدي الاستدلال بهما على المدعى.

ص: 70

لكونه من الموزون، و لذا (1) جعلوه من الربويات.

و لا ينافي (2) ذلك تجويز بيع سمك الآجام إذا كانت مشاهدة لاحتمال (3) أن لا يعتبر الوزن في بيع الكثير منه.

كالذى (4) لا يدخل في الوزن، لكثرته كزبرة الحديد.

بخلاف (5) القليل منه.

+++++++++++

(1) تعليل لكون السمك من الموزون، أى و لأجل أن السمك من الموزون قال الفقهاء بجريان الربا فيه، و من الواضح جريان الربا في الموزون و المكيل.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه لو كان السمك من الموزون لم يجز بيعه في الآجام، مع أن الفقهاء اجازوا بيعه فيها، فالتجويز هذا دليل على عدم كون السمك من الموزون.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته أن جواز بيع السمك في الآجام مع أنه من الموزون لاحتمال عدم اعتبار الوزن في الكثير منه، فإن السمك في الآجام لكثرته يصعب وزنه فاكتفوا بالمشاهدة.

(4) تنظير لكون الشيء إذا كان كثيرا يصعب وزنه يكتفى بمشاهدته كما في زبرة الحديد التي هي القطعة الضخمة، فإنها لضخامتها و ثقلها يصعب وزنها.

و زبرة وزان غرفة جمعها زبر وزان غرف.

(5) أى بخلاف الشيء القليل من السمك، فإن الوزن معتبر فيه لا محالة، فلا يجوز بيعه جزافا.

ص: 71

و أما (1) رواية معاوية بن عمار فلا دلالة فيها على بيع السمك، إلا بقرينة روايتي أبى بصير و البزنطي اللتين عرفت حالهما، فتأمل (2)

+++++++++++

(1) هذا رد على الاستدلال برواية معاوية بن عمار المشار إليها في ص 63 التي استدل بها على جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم

و خلاصته أن الرواية لا دلالة فيها على ذلك، لأنه لم يعلم وجود القصب في الآجام حتى تضم إلى المجهول: و هو شراء الآجام.

اللهم إلا أن يقال بدلالة الرواية على جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم بقرينة مرسلة البزنطي، و رواية أبي بصير اللتين استدل بهما على المدعى، فبهذه القرينة يمكن الاستدلال بهما على المدعى

لكنك عرفت الإشكال فيهما في الهامش 2 ص 70.

(2) الأمر بالتأمل اشارة إلى العدول عما أفاده: من امكان كون مرسلة البزنطي، و رواية أبى بصير قرينتين على مراد رواية معاوية بن عمار، و نفي كونهما قرينتين على مراد رواية معاوية.

اذا لا يصح الاستدلال برواية عمار على المدعى: و هو جواز بيع المجهول منضما إلى معلوم.

و خلاصة العدول أن مرسلة البزنطي، و رواية أبى بصير تفيدان جواز بيع ما في الأجمة إذا لم يكن فيها قصب.

و رواية معاوية بن عمار تفيد جواز شراء الأجمة إذا كان فيها قصب فاختلف مؤداها عن مؤدى الروايتين، فلا تكونان قرينتين على المراد من رواية معاوية بن عمار.

إلا أن يقال باستفادة عدم وجود القصب في رواية عمار بالمفهوم:

و هو أنه إذا لم يكن في الآجام قصب ففي شرائها بأس، و أريد من الشراء شراء ما فيها -

ص: 72

ثم على تقدير الدلالة (1) إن أريد انتزاع قاعدة (2) منها: و هي جواز ضم المجهول إلى المعلوم و إن كان المعلوم غير مقصود بالبيع إلا حيلة، لجواز (3) نقل المجهول، فلا (4) دلالة فيها على ذلك:

و لم (5) يظهر من العاملين بها التزام هذه القاعدة بل المعلوم من

+++++++++++

- فنقول: إن هذا المفهوم يكون منافيا لما أفادته مرسلة البزنطي، و رواية أبى بصير، لأنه ليس في هذا المفهوم دلالة على ارتفاع البأس مع الضميمة الى الشيء المجهول.

(1) أي ثم على فرض دلالة رواية معاوية بن عمار على المدعى:

و هو جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

(2) أي قاعدة كلية من رواية عمار حتى تجعل كبرى كلية، لتنطبق على صغرياتها و مصاديقها في جميع مجالات بيع المجهول اذا ضم إليه شيء معلوم.

(3) اللام هنا بمعنى حتى أي إنما يضم المجهول إلى شيء معلوم حتى يجوز بيعه، إذ لو لا الضميمة المذكورة لما صح بيع المجهول مستقلا.

(4) الفاء جواب لإن الشرطية في قوله في ص 73: إن أريد انتزاع قاعدة كلية أي إذا أريد ذلك فلا دلالة للرواية على تلك القاعدة المنتزعة منها حتى تجعل كبرى كلية، لتطبق على صغرياتها و مفرداتها.

(5) هذا استشهاد من الشيخ لما أفاده: من عدم دلالة رواية معاوية ابن عمار على انتزاع قاعدة كلية تنطبق على صغرياتها.

و خلاصته أنه لم يظهر من العاملين بهذه الرواية أنهم التزموا بإفادتها قاعدة كلية منتزعة منها، لتطبق على صغرياتها.

بل المعلوم من حال بعض الفقهاء، بل كلهم خلاف ذلك أي -

ص: 73

بعضهم، بل كلهم خلافه، فإنا (1) نعلم من فتاواهم عدم التزامهم لجواز بيع كل مجهول من حيث الوصف، أو التقدير بمجرد ضم شيء معلوم إليه كما يشهد به (2) تتبع كلماتهم.

و إن أريد (3) الاقتصار على مورد النصوص (4): و هو (5) بيع سمك الآجام، و لبن الضرع، و ما في البطون مع الأصواف فالأمر سهل على تقدير الاغماض عن مخالفة هذه النصوص (6) القاعدة المجمع عليها بين الكل: من (7) عدم جواز بيع المجهول مطلقا.

+++++++++++

- أفادوا بعدم دلالتها على قاعدة كلية.

(1) تعليل من الشيخ لما أفاده: من أن كل الفقهاء قالوا بعدم دلالة رواية معاوية على انتزاع قاعدة كلية منها.

(2) أي بعلمنا من أن فتاواهم عدم التزامهم لجواز بيع كل مجهول من حيث الوصف.

(3) هذا هو الشق الثانى لفرض دلالة رواية معاوية بن عمار على المراد: و هو جواز بيع المجهول إذا ضم إليه شيء معلوم.

(4) المراد من النصوص هي مرسلة البزنطي، و رواية معاوية بن عمار، و رواية أبى بصير، و صحيحة عيص بن القاسم، و موثقة سماعة و صحيحة ابن محبوب، و موثقة اسماعيل بن الفضل الهاشمي:

(5) مرجع الضمير مورد النصوص.

(6) المراد بالنصوص ما أشير إليها في الهامش 4 ص 74.

(7) كلمة من بيان للقاعدة المجمع عليها من قبل الفقهاء.

أي المراد من تلك القاعدة: هو عدم جواز بيع المجهول مطلقا سواء ضم إليه شيء معلوم أم لا.

ص: 74

بقي الكلام في توضيح التفصيل المتقدم (1) و أصله من العلامة.

قال في القواعد في باب شرط العوضين: كل (2) مجهول مقصود بالبيع لا يصح بيعه و إن انضم إلى معلوم، و يجوز مع الانضمام إلى معلوم إن كان (3) تابعا، انتهى (4).

و ارتضى هذا التفصيل جماعة ممن تأخر عنه (5)، إلا أن مرادهم من المقصود و التابع غير واضح.

و الذي يظهر من مواضع من القواعد و التذكرة أن مراده بالتابع ما يشترط دخوله في البيع، و بالمقصود (6) ما كان جزء.

قال (7) في القواعد في باب الشرط في ضمن البيع: لو شرط

+++++++++++

(1) في كلامه في ص 60: و خص المنع جماعة بما إذا كان المجهول مقصودا بالاستقلال، و جوزوا بيعه إذا كان تابعا للمعلوم.

فالتفصيل هذا من العلامة قدس سره في كتابه القواعد:

(2) هذا هو التفصيل المتقدم الذي ذكره الشيخ في ص و ذكرناه هنا في الهامش 1 ص 75

(3) أي إن كان بيع المجهول منضما للمعلوم: بمعنى أن المقصود بالذات من البيع هو المعلوم، لا المجهول، بل المجهول تابع له.

(4) أي ما أفاده العلامة قدس سره من التفصيل في القواعد.

(5) كالشهيد الثاني في الروضة عند قوله:

و فصل آخرون فحكموا بالصحة، مع كون المقصود.

الى أن يقول: و هو حسن أي هذا التفصيل حسن.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 282.

(6) أي و مراد العلامة من المقصود بالذات.

(7) من هنا أخذ الشيخ في ذكر ما استظهره من القواعد: من -

ص: 75

أن الأمة حامل، أو الدابة كذلك (1) صح.

أما لو باع الدابة و حملها، و الجارية و حملها بطل، لأن كل ما لا يصح بيعه منفردا لا يصح جزء من المقصود، و يصح تابعا، انتهى (2).

و في باب ما يندرج في المبيع قال: السادس العبد، و لا يتناول ماله الذي ملّكه مولاه، إلا أن يستثنيه (3) المشتري إن قلنا: إن العبد يملك فينتقل (4) إلى المشتري مع العبد، و كان جعله للمشتري ابقاء له على العبد فيجوز (5) أن يكون مجهولا، أو غائبا.

+++++++++++

- أن مراده بالتابع ما يشترط دخوله في البيع، و بالمقصود ما كان جزء

(1) أي اشترط البائع أن الامة حامل.

(2) أي ما أفاده العلامة في القواعد في هذا المقام.

(3) أي يستثني المشتري مال العبد الذي لا يدخل في المبيع، عند إرادة شرائه من مولاه: بأن يقول للبائع: إنى اشترط معك دخول ماله معه.

(4) أي مال العبد عند اشتراط المشتري دخوله معه ينتقل إلى المشتري أيضا كدخول نفس العبد إليه.

و لا يخفى أنه ليس المراد من انتقال مال العبد إلى المشتري أنه يصير كبقية أمواله يجوز له التصرف فيه كيف شاء و أراد، و ليس للعبد تعلق بهذا المال.

بل المراد من الانتقال بقاؤه عند المشتري كبقائه عند البائع قبل البيع، و أنه امانة عنده كما كان عند المولى:

و الدليل على ما قلناه: قول الشيخ: و كان جعله للمشتري ابقاء له على للعبد.

(5) القاء تفريع على ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد: من -

ص: 76

أما إذا أحلنا تملكه و باعه و ما معه صار جزء من المبيع فتعتبر فيه شرائط البيع، انتهى (1).

و بمثل (2) ذلك في الفرق بين جعل المال شرطا، و بين جعله جزء صرح في التذكرة في فروع مسألة تملك العبد و عدمه، معللا (3) بكونه مع الشرط كماء الآبار، و أخشاب السقوف.

و قال (4) في التذكرة أيضا في باب شروط العوضين: لو باع

+++++++++++

- تملك العبد لو بنينا على ذلك.

أي ففي ضوء ما ذكرنا: من أن مال العبد إذا بيع يبقى عند المشتري عند اشتراطه مع البائع دخول مال العبد مع العبد في الشراء أمانة بكون هذا المال مجهولا أو غائبا، لأنه ليس جزء للمبيع، و ليس مقصودا بالذات مع المبيع، و لا وقع العقد عليه.

(1) أي ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد في هذا المقام.

(2) أي و بمثل ما أفاده العلامة في القواعد: من أن مال العبد يدخل معه في المبيع لو اشترط المشتري دخوله معه، بناء على تملكه صرح في التذكرة أيضا.

(3) أي حالكون العلامة قدس سره علل في التذكرة في دخول مال العبد معه في المبيع لو اشترط المشتري: بأن دخوله معه كدخول ماء البئر مع البئر، و دخول أخشاب السقف مع السقف عند البيع.

فكما أن ماء البئر تابع للبئر في المبيع، و أخشاب السقف تابعة للسقف في المبيع.

كذلك مال العبد تابع له عند الاشتراط.

(4) من هنا أخذ الشيخ في ذكر ما استظهره من التذكرة: من أن مراد العلامة من التابع التابع الذي يشترط دخوله في البيع، و المراد -

ص: 77

الحمل، مع أمه جاز اجماعا (1).

و في موضع آخر من باب الشرط في العقد: لو قال: بعتك هذه الدابة و حملها لم يصح عندنا، لما تقدم: من أن الحمل لا يصح جعله مستقلا بالشراء، و لا جزء (2).

و قال أيضا: و لو باع الحامل و يشترط للمشتري الحمل صح، لأنه تابع كاسس الحيطان، و إن لم يصح ضمه في البيع، مع الأم للفرق بين الجزء و التابع (3).

و قال في موضع آخر: لو قال: بعتك هذه الشاة و ما في ضرعها

+++++++++++

- من المقصود ما كان جزء للمبيع.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7: ص 39 عند قوله: تذنيب لو باع الحمل مع أمه جاز اجماعا.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 187 عند قوله: الثانى لو قال: بعتك هذه الدابة و حملها لم يصح عندنا ثم إن الفرق بين قوله: بعتك هذه الدابة و حملها لم يصح.

و بين قوله: لو باع الحمل مع أمه جاز: هو أن الحمل في الأول يكون بيعا مستقلا و مقصودا بالذات.

و من الواضح أنه مجهول فلا يصح بيعه.

بخلاف بيع الحمل في المثال الثانى، فإنه ليس مقصودا بالذات و مستقلا، بل بيعه تابع للمعلوم و هي الام التي هي المقصودة بالذات و مستقلة بالبيع، فالجهل بالحمل لا يضر بالبيع، لكونه منضما مع الأم:

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 186 عند قوله: و لو باع الحامل و شرط المشتري الحمل صح.

ص: 78

من اللبن لم يجز عندنا (1).

و قال في موضع آخر: لو باعه دجاجة ذات بيضة و شرطها صح و إن جعلها جزء من المبيع لم يصح (2).

و هذه (3) كلها صريحة في عدم جواز ضم المجهول على وجه الجزئية من غير فرق بين تعلق الغرض الداعي بالمعلوم، أو المجهول:

و قد ذكر هذا (4) المحقق الثاني في جامع المقاصد في مسألة اشتراط دخول الزرع في بيع الأرض:

قال: و ما قد يوجد (5).

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 187.

عند قوله: الثالث لو قال: بعتك هذه الشاة و ما في ضرعها من اللبن.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 188.

عند قوله: الخامس لو باعه دجاجة ذات بيضة و شرطها صح.

(3) أي هذه الأقوال التي ذكرناها عن العلامة عن التذكرة كلها شاهدة و صريحة في عدم صحة التفصيل المتقدم المشار إليه في الهامش 1 ص 57

فلا مجال لذهاب جماعة إلى التفصيل المتقدم الذي ذكره الشيخ عنهم في ص 60 بقوله: و خص المنع جماعة بما إذا كان المجهول مقصودا بالاستقلال، أو منضما بالمعلوم.

و جوزوا بيعه إذا كان تابعا للمعلوم.

(4) أي هذا المطلب: و هو اختصاص منع بيع المجهول بما إذا كان المجهول مقصودا بالاستقلال، و جواز بيعه بما إذا كان تابعا للمعلوم.

(5) جملة و ما قد يوجد في بعض الكلام هي المذكورة في جامع المقاصد

ص: 79

في بعض الكلام: من (1) أن المجهول إن جعل جزء من المبيع لا يصح، و إن اشترط صح، و نحو ذلك (2) فليس (3) بشيء، لأن (4) العبارة لا اثر لها، و الشرط محسوب من جملة المبيع. و لأنه (5) لو باع الحمل و الام صح البيع و لا يتوقف على بيعها و اشتراطه، انتهى (6).

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما يوجد في بعض الكلام أي ما يوجد في بعض الكلام عبارة عن أن المجهول إذا جعل جزء من المبيع لا يصح، و إن اشترط صح.

(2) أي و نحو هذا الكلام الموجود في بعض الكلام حول بيع المجهول منضما مع المعلوم إذا كان جزء من المبيع لا يصح و إن اشترط صح.

(3) هذا كلام صاحب جامع المقاصد أي و هذا التفصيل الموجود في كلام بعض ليس بصحيح.

(4) تعليل من صاحب جامع المقاصد لعدم صحة التفصيل المذكور في كلام بعض.

و خلاصته أن ضم المعلوم إلى المجهول سواء أ كان بنحو الشرطية أم الجزئية يكون جزء من المبيع، فالتقييد بالشرطية لا يصحح البيع، فلا أثر لاشتراط ضم المعلوم إلى المجهول في صحة البيع.

(5) هذا دليل ثان من صاحب جامع المقاصد في عدم الفرق بين كون ضم المعلوم إلى المجهول بنحو الجزئية، أو الشرطية.

خلاصته أن البائع لو باع الحمل مع الأم صح البيع، و لا تتوقف صحة هذا البيع على بيع الأم مستقلا، و اشتراط الحمل مع بيع الأم

(6) أى ما أفاده صاحب جامع المقاصد في هذا المقام.

ص: 80

و هو (1) الظاهر من الشهيدين في اللمعة و الروضة، حيث اشترطا في مال العبد المشروط دخوله في بيعه استجماعه لشروط البيع.

و قد صرح الشيخ(1) في مسألة اشتراط مال العبد اعتبار العلم بمقدار المال (2).

و عن الشهيد لو اشتراه و ماله صح و لم يشترط علمه (3)، و لا التفصي من الربا إن قلنا: إنه يملك، و إن أحلنا ملكه اشترط.

و قال في الدروس: لو جعل الحمل جزء من البيع فالأقوى الصحة، لأنه (4)

+++++++++++

(1) أى عدم الفرق بين ضم المعلوم الى المجهول بنحو الجزئية، أو الشرطية في اعتبار المعلومية هو الظاهر من كلام الشهيد الأول و الثاني قدس سرهما.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 313.

عند قول الشهيد الأول: فلو اشتراه و معه مال فللبائع، إلا بالشرط فيراعى فيه شروط المبيع.

فالشاهد في قول شيخنا الشهيد: فيراعى فيه شروط المبيع، حيث عدّ الشرط من المبيع و لم يفرق بينه، و بين الجزء كما أفاد عدم التفرقة صاحب جامع المقاصد.

و تبعه في ذلك الشهيد الثاني في المصدر نفسه و لم يخالفه في ذلك فهما أفادا كما أفاد صاحب جامع المقاصد.

(2) فالشاهد في قول شيخ الطائفة، حيث اكتفى بالعلم فقط(2)، سواء أ كان بنحو الشرطية أم بنحو الجزئية.

(3) فالشاهد في قول الشهيد: و لم يشترط علمه، حيث اكتفى بعدم اشتراط العلم بمقدار مال العبد، من دون فرق بين الشرط و الجزء

(4) أي لأن الجزء بمنزلة الاشتراط، فالشهيد في الدروس جعل -

ص: 81


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب.

بمنزلة الاشتراط، و لا يضر الجهالة، لأنه تابع، انتهى (1)،

و اختاره (2) جامع المقاصد.

ثم إن التابع في كلام هؤلاء يحتمل أن يراد به (3) ما يعد في العرف تابعا كالحمل مع الأم، و اللبن مع الشاة، و البيض مع الدجاج، و مال العبد معه، و الباغ في الدار، و القصر في البستان، و نحو ذلك مما نسب البيع عرفا إلى المتبوع، لا إليهما (4) معا، و ان فرض تعلق الغرض الشخصي بكليهما (5).

+++++++++++

- الجزء بمنزلة الشرط، من دون فرق بين الجزء و الشرط.

(1) أي ما أفاده الشهيد في الدروس في هذا المقام.

(2) أي اختار المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد ما أفاده الشهيد في الدروس.

(3) أي المراد من التابع في كلام الفقهاء: و هم الشهيدان و المحقق الثاني كما عرفت عند نقل الشيخ عنهم في ص 82: لأنه تابع: هو التابع العرفي الذي يتعلق به الغرض النوعي، أي العرف يحكم بأنه تابع للمبيع كالأمثلة التي ذكرها الشيخ، فإن العرف يرى هذه الأشياء من متعلقات المبيع و من توابعه، و إن نسب البيع إلى المتبوع، و أوقع العقد عليه.

لكن مع ذلك يرى الأشياء المذكورة من متعلقات المبيع.

(4) أى و لا ينسب العرف البيع إلى التابع و المتبوع معا: بأن يكون كل واحد من الحمل و الحامل مرادا بإرادة مستقلة.

(5) اي بالتابع و المتبوع كما في الشاة الحامل، فإن الغرض و الداعي من شراء الشاة هي و حملها معا، لترتب الفائدة على الحمل أيضا و هو الجلد.

بل لو أمعن النظر فإن المشتري إنما يقدم في الواقع على شراء الام لأجل -

ص: 82

في بعض الأحيان، بل (1) بالتابع خاصة كما قد يتفق في حمل بعض أفراد الخيل، و هذا (2) هو الظاهر من كلماتهم في بعض المقامات كما تقدم عن الدروس (3)، و جامع المقاصد (4): من (5) صحة بيع الأم و حملها، لأن الحمل تابع.

قال في جامع المقاصد في شرح قوله (6) المتقدم عن القواعد: و يجوز (7) مع الانضمام إلى معلوم إذا كان تابعا: إن (8) اطلاق العبارة يشمل ما

+++++++++++

- الحمل، لنفاسة جلده الذي يدفع بإزائه مبالغ باهضة.

لكن مع ذلك ينسب العرف البيع إلى التابع و المتبوع.

(1) أي بل قد يتعلق الغرض الشخصي، و المقصود الأولي بالتابع فقط، دون المتبوع كما في بعض أفراد الخيل كالجواد العربي الحامل، فإن المقصود من شراء هذا الجواد هو الحمل، و الغرض قد تعلق به، لا بالأم.

(2) أي الاحتمال بأن يراد من التابع ما يعد في العرف تابعا و إن نسب البيع إلى المتبوع عرفا هو الظاهر من كلمات الفقهاء.

(3) عند نقل الشيخ عنه في ص 81 و قال في الدروس.

(4) عند نقل الشيخ عنه في ص 82 و أختاره صاحب جامع المقاصد.

(5) كلمة من بيان لما تقدم من الشهيد في الدروس، و من صاحب جامع المقاصد.

(6) أي في شرح قول العلامة في القواعد.

(7) هذا قول العلامة في القواعد و قد أشير إليه في ص 75 عند نقل الشيخ عنه:

و يجوز مع الانضمام إلى معلوم إن كان تابعا.

(8) هذا مقول قول صاحب جامع المقاصد.

ص: 83

إذا شرط حمل دابة في بيع دابة أخرى.

إلا (1) أن يقال: التبعية إنما تتحقق مع الأم، لأنه حينئذ بمنزلة بعض أجزائها.

و مثله (2) زخرفة جدران البيت، انتهى (3).

و في التمثيل (4) نظر، لخروج زخرفة الجدران عن محل الكلام في

+++++++++++

- و خلاصته أن عبارة العلامة التي نقلناها عن القواعد مطلقة تشمل المبيع الذي إذا اشترط المشتري مع البائع شراء دابة مع بيع حمل الموجود في بطن دابة أخرى، و لا اختصاص لعبارته بشراء دابة حامل مع اشتراط حملها معها.

(1) هذا من تتمة عبارة صاحب جامع المقاصد.

(2) أي و مثل الحمل في كونه تابعا للأم في المبيع زخرفة جدران البيت و غرفه، و مرافقه الصحية في أنها تابعة للبيت، و الدار في البيع.

(3) أي ما أفاده صاحب جامع المقاصد في شرحه على القواعد في هذا المقام.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به الإشكال على ما أفاده المحقق الثاني: من الحاق زخرفة الجدران بالبيت في البيع.

وجه النظر أن زخرفة الجدران و الغرف خارجة عن محل البحث:

و هو التابع خروجا موضوعيا، لأن الكلام ليس فيما يدخل في المبيع وقت البيع و إن لم يذكر في البيع عند اجراء العقد حتى يقال بدخول الزخرفة في البيع، لكونها تابعة للمبيع، سواء ذكرت وقت العقد أم لا فحكمها حكم الأوتاد، و المفاتيح الداخلية، و الأشياء الثابتة في البيت و الدار.

فكما أن هذه الأشياء داخلة في المبيع، كذلك الزخرفة.

بل الكلام و البحث فيما لا دخل له في المبيع أصلا و رأسا كالحمل.

ص: 84

المقام. إلا (1) أن يريد مثال الأجزاء، لا مثال التابع.

لكن (2) هذا ينافي ما تقدم(1): من اعتبارهم العلم في مال العبد، وفاقا للشيخ رحمه اللّه، مع أن مال العبد تابع عرفي كما صرح به في المختلف في مسألة بيع العبد، و اشتراط ماله:

و يحتمل (3) أن يكون مرادهم من التابع بحسب قصد المتبايعين:

و هو ما يكون المقصود بالبيع غيره و إن لم يكن تابعا عرفيا كمن اشترى قصب الآجام و كان فيها قليل من السمك (4).

+++++++++++

(1) عدول عما أورده الشيخ على تمثيل صاحب جامع المقاصد بالزخرفة، و إلحاقها بالحمل في تابعيتها للمبيع، و يقصد بالعدول توجيه كلام جامع المقاصد في الإلحاق.

و خلاصته أنه يمكن أن يكون مراد المحقق الثاني من الزخرفة الزخارف الخارجية المعلقة المنفصلة عن البيت و الغرف و الجدران كالثريات و اللوحات النفيسة الثمينة التي فيها تصاوير الأودية و الجبال و الصحارى، و الأشجار، و الغايات و البحار، و الطيور و الحيوانات بأنواعها.

فاذا أريد من الزخارف هذه فتكون ملحقة بالحمل في أنها جزء للمبيع، أو بالشرط.

(2) هذا عدول من الشيخ عن التوجيه المذكور.

و خلاصته أن التوجيه المذكور مناف لما تقدم من الفقهاء: من اعتبارهم العلم في مال العبد إذا بيع و اشترط المشتري دخوله مع العبد في البيع.

(3) هذا هو الاحتمال الثاني في التابع أي و يحتمل أن يكون مقصود الفقهاء: و هم الشهيدان و المحقق الثاني من التابع في قولهم: لأنه تابع.

(4) فإن السمك هو المقصود من شراء الآجام، لا الآجام.

ص: 85


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

أو اشترى سمك الآجام و كان فيها قليل من القصب (1).

و هذا (2) أيضا قد يكون كذلك بحسب النوع (3).

و قد يكون (4) كذلك بحسب الشخص كمن (5) أراد السمك القليل لأجل حاجة، لكن لم يتهيأ له شراؤه إلا في ضمن قصبة الأجمة.

و الأول (6) هو الظاهر من مواضع من المختلف.

منها (7): في بيع اللبن في الضرع مع المحلوب منه، حيث حمل رواية سماعة المتقدمة (8) على ما إذا كان المحلوب يقارب الثمن و بصير أصلا، و الّذي في الضرع تابعا.

+++++++++++

(1) فإن الآجام هي المقصودة من شراء السمك، لا السمك.

(2) أي كون الشيء تابعا بحسب قصد المتعاقدين على قسمين:

قسم يكون تابعا لقصد المتعاقدين بحسب نوع المتعاقدين، كما هو المتعارف عند أكثر الناس.

و قسم يكون تابعا بحسب شخص المتعاقدين.

(3) هذا هو القسم الأول المشار إليه في الهامش 2 ص 86.

(4) هذا هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 86.

(5) هذا مثال للقسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 86

(6) و هو الاحتمال الأول الّذي كان مراعاة الغرض النوعي متعلقا بنوع المتعاقدين كما أفاده الشيخ بقوله في ص 82.

ثم إن التابع في كلام هؤلاء يحتمل أن يراد به ما يعد في العرف تابعا.

(7) من هنا أخذ الشيخ في عد تلك المواضع الظاهرة التي ذكرها العلامة في المختلف.

فهذا أول موضع من تلك المواضع التي تظهر من المختلف.

(8) في ص 64 عند قول الشيخ: و موثقة سماعة.

ص: 86

و قال (1) في مسألة بيع ما في بطون الأنعام مع الضميمة:

و المعتمد أن نقول: إن كان الحمل تابعا صح البيع كما لو باع الأم و حملها (2) أو باع ما يقصد مثله بمثل الثمن (3) و ضم الحمل، فهذا لا بأس به، و إلا (4) كان باطلا.

و أما الاحتمال الثاني: اعني مراعاة الغرض الشخصي للمتبايعين فلم نجد عليه شاهدا، إلا ثبوت الغرر على تقدير الغرض الشخصي بالمجهول و انتفائه (5) على تقدير تعلقه بالمعلوم.

و يمكن تنزيل اطلاقات عبارات المختلف (6) عليه (7) كما لا يخفى

+++++++++++

(1) أى و قال العلامة في المختلف:

هذا هو الموضع الثاني من تلك المواضع الظاهرة المذكورة في المختلف

(2) بأن باع شاة حاملا بعشرة دنانير و كانت قيمتها كذلك فضم الحمل إليها من دون زيادة في سعرها.

كما أنها لو لم تكن حاملا لا ينقص سعرها عن عشرة دنانير إذا بيعت فالجهل بالحمل لا يضر في صحة المعاملة، لعدم كونه المقصود الاولي بالبيع.

(3) كما لو باع شاة بشاة.

(4) أى و إن لم تكن الشاة حاملا، أو لم يبع ما يقصد مثله بمثل الثمن في بيع بطون ما في الأنعام كان البيع باطلا، للجهل بالمبيع فيكون غرريا و هو منفي شرعا.

(5) أى و انتفاء الغرر على تقدير تعلق الغرض الشخصي.

(6) و هي التي ذكرها الشيخ في ص 86 بقوله: منها، و في 87 ص بقوله: و قال في مسألة بيع ما.

(7) أى على ما فسرناه: و هو ثبوت بيع الغررى على تقدير تعلق -

ص: 87

و ربما احتمل بعض (1)، بل استظهر أن مراده بكون المعلوم مقصودا، و المجهول تابعا: كون المقصود بالبيع ذلك المعلوم: بمعنى أن الاقدام منهما و لو بتصحيح البيع، على أن المبيع المقابل بالثمن هذا المعلوم الّذي هو و إن سمي ضميمة، لكنه (2) المقصود في تصحيح البيع قال (3):

+++++++++++

- الغرض الشخصي بالمجهول.

و انتفاء الغرر على تقدير تعلق الغرض الشخصي بالمعلوم.

(1) المراد به الشيخ صاحب الجواهر قدس سره، فإنه احتمل هذا المعنى في كتابه (جواهر الكلام)، و نقله عنه شيخنا الأنصارى هنا بالمعنى.

و خلاصته أن المقصود من الأصالة و التبعية في كلمات الفقهاء، و هم العلامة و الشهيدان و المحقق الثاني قدس اللّه أسرارهم: ما كان تابعا و أصليا بحسب جعل المتبايعين، و تبانيهما على ذلك: بمعنى أنهما أقدما على المبيع المعلوم و جعلاه مقابلا للثمن، و العقد قد وقع عليه، و المجهول تابع له، و منزل منزلته، و إن لم يكن كذلك بنظر العرف، لأن العرف يرى أن غرض المتبايعين من البيع هو البيع المجهول، و أن المعلوم تابع له.

لكن مع ذلك كله نقول: الأصالة و التابعية بحسب جعل المتبايعين و تبانيهما.

و إنما يقدمان على ذلك حتى يصح بيعهما في الخارج و لا يقع باطلا

(2) أى المعلوم هو المقصود من جعل المتبايعين، و تبانيهما على ذلك كما عرفت في الهامش 1 ص 88 عند قولنا: بمعنى أنهما اقدما.

(3) أى صاحب الجواهر قال: و لا ينافيه.

هذا في الواقع دفع وهم:

ص: 88

و لا ينافيه كون المقصود بالنسبة إلى الغرض ما فيه الغرر.

نظير (1) ما يستعمله بعض الناس في التخلص.

+++++++++++

- حاصل الوهم أن تباني المتبايعين على المبيع المعلوم مناف لمقصودهما و غرضهما المترتب على بيع المجهول الذي فيه الغرر، فإن ما يقال في الخارج عرفا عن وقوع العقد و البيع هو البيع المجهول، لا البيع المعلوم فالمجهول هو المقصود بالبيع.

(1) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته أن تبعية المجهول للمعلوم، و جعل المعلوم ضميمة للمجهول، و أن المجهول هو المقصود بالبيع: غير مناف لصحة المعاملة، لأن ما نحن فيه نظير ما يستعمله بعض الناس من الحيل، للتخلص من العراك، و عدم تطرق النزاع عند ما يريد بيع سلعته فيوجب ايقاع العقد على شيء معين معلوم مضبوط، و يجعل المقصود الأصلي من البيع الذي هو المجهول تابعا غير منصب عليه جعل المعاملي بالاستقلال و الأصالة و إن وقع عليه العقد المعاملي بالتبع و اطلق البيع عليه خارجا.

كما لو عرض للمشتري عارض للشراء بعد المعاملة مثل الندم، أو هبوط في الأسعار السوقية فيدعي المشتري الجهل بصفات المبيع، تحيلا منه حتى يبطل العقد و يفسده، فالبائع لسد هذا الباب، و عدم تطرق النزاع يستعمل تلك الحيلة من البداءة فيوقع العقد كما قلناه.

و لمثل هذه المعاملة نظائر كثيرة في الكتب الفقهية أليك أمثلة منها.

(الأول): ضميمة شيء معلوم إلى العبد الآبق، فإن البيع في الخارج قد وقع على العبد الشارد، و أنه هو المقصود بالبيع، مع أنه مجهول و تابع للمعلوم، لكن الموجب يوقع العقد على تلك الضميمة التي هي معلومة، و يجعل المجهول تابعا لها غير منصب عليه جعل المعاملي -

ص: 89

من المخاصمة بعد ذلك (1) في الذي يراد بيعه، لعارض (2) من العوارض بايقاع العقد على شيء معين معلوم لا نزاع فيه، و جعل ذلك (3) من التوابع و اللواحق لما عقد عليه البيع فلا يقدح حصوله (4) و عدم حصوله كما أومئ إليه (5) في ضميمة الآبق، و ضميمة الثمر

+++++++++++

- بالاستقلال.

(الثاني): ضميمة شيء معلوم مع الثمر المجهول على الشجر

(الثالث): ضميمة شيء معلوم مع ما في الضروع من الحليب المجهول.

(الرابع): ضميمة شيء معلوم مع ما في الآجام من السمك المجهول.

فإن في جميع هذه الموارد يوقع الموجب العقد على تلك الضميمة المعلومة، و يجعل المجهول تابعا لها غير منصب عليه جعل المعاملي بالاستقلال

(1) أي بعد البيع.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: من المخاصمة، لا بيراد بيعه، أي التخلص من المخاصمة لأجل عارض كما عرفت العارض في الهامش 1 ص 89 عند قولنا: كما لو عرض للمشتري.

(3) أي المجهول الذي فيه الغرر المتعلق به غرض المتبايعين يجعل من التوابع.

(4) أي حصول ذلك المجهول، أو عدمه، لأن البائع اوقع العقد على ذلك الشيء المعلوم.

(5) أي كما أشير إلى هذا الشيء المعلوم الّذي يجعل ضميمة للمجهول في العبد الآبق في السابق.

و قد عرفت هذه النظائر في الهامش 1 ص 89 عند قولنا: كما في -

ص: 90

على الشجر، و ضميمة ما في الضروع، و ما في الآجام، انتهى (1).

و لا يخفى (2) أنه لم توجد عبارة من عبائرهم تقبل هذا الحمل، إلا أن يريد (3) بالتابع جعل المجهول شرطا، و المعلوم مشروطا فيريد (4) ما تقدم من القواعد و التذكرة.

و لا أظن (5).

+++++++++++

- ضميمة شيء معلوم، و كما في ضميمة.

(1) أي ما أفاده الشيخ صاحب الجواهر في هذا المقام.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 22 ص 445.

عند قوله: نعم قد يقال: إن المحصل منها جواز بيع الشيء للاطلاع.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم الإشكال به على ما أفاده الشيخ صاحب الجواهر: من الاحتمال المذكور.

(3) أى صاحب الجواهر من الحمل المذكور.

(4) أى إذا أراد من التابع ما ذكرناه: من جعل المجهول شرطا، و المعلوم مشروطا يكون مراده حينئذ ما تقدم من العلامة عن القواعد في ص 75 عند نقل الشيخ عنه: و قال في القواعد في باب الشرط.

و ما تقدم من العلامة في التذكرة عند نقل الشيخ عنه في ص 77 و بمثل ذلك في الفرق بين جعل المال شرطا، و بين جعله جزء صرح في التذكرة.

(5) هذا كلام شيخنا الأنصارى يقصد به الايراد على صاحب الجواهر خلاصته أنه إن أراد صاحب الجواهر من التابع ما تقدم عن العلامة في القواعد و التذكرة فلا اظن أن مراد العلامة من التابع ما ذكره صاحب الجواهر: من جعل المجهول شرطا، و المعلوم -

ص: 91

إرادة ذلك من كلامه، بقرينة (1) استشهاده بأخبار الضميمة في الموارد المتفرقة.

و الأوفق (2) بالقواعد أن يقال: أما الشرط و الجزء فلا فرق بينهما من حيث لزوم الغرر بالجهالة.

و أما (3) قصد المتبايعين بحسب الشخص فالظاهر أنه غير مؤثر في الغرر وجودا و عدما، لأن الظاهر من حديث الغرر من كلماتهم عدم مدخلية قصد المتبايعين في الموارد الشخصية.

+++++++++++

- مشروطا، لأن العلامة يستشهد بأخبار الضميمة التي هي مرسلة البزنطي و رواية معاوية بن عمار، و رواية أبي بصير، و موثقة سماعة، و موثقة اسماعيل بن الفضل الهاشمي، و الضمائم المذكورة في هذه الأخبار ليست من قبيل الشروط في عبارة العقد.

(1) هذا تأييد من الشيخ لما أورده على صاحب الجواهر.

و خلاصته أن القرينة على ما أوردناه عليه هو استشهاد العلامة بأخبار الضميمة في الموارد المتفرقة.

فالاستشهاد هذا دليل على أن المراد من التابع هو ما أراده العلامة لا ما أفاده صاحب الجواهر.

(2) هذه نظرية الشيخ في التابع.

و خلاصتها أنه لا فرق في الشرط و الجزء.

بين جعل المجهول شرطا، و المعلوم مشروطا.

و بين جعل المجهول جزء، للزوم الغرر في البيع بسبب جهالة كل من الشرط و الجزء، و الجهالة بهما موجبة لفساد البيع.

(3) أى و أما قصد المتبايعين، و إقدامهما على المبيع المعلوم بتبانيهما على ذلك فلا يصحح البيع المجهول إذا ضم إليه معلوم.

ص: 92

بل (1) و كذلك قصدهما بحسب النوع على الوجه الّذي ذكره في المختلف: من كون قيمة المعلوم تقارب الثمن المدفوع له، و للمجهول

و أما (2) التابع العرفي فالمجهول منه و إن خرج عن الغرر عرفا،

+++++++++++

- كما أفاد هذا التصحيح صاحب الجواهر، لعدم تأثير القصد في التصحيح وجودا و عدما، لعدم مدخلية قصد المتبايعين في الموارد الشخصية كما هو الظاهر من كلمات الفقهاء في حديث الغرر.

(1) أى و كذا قصد المتبايعين لا أثر له في الغرر وجودا و عدما في غير الموارد الشخصية بحسب النوع: بأن كانت قيمة المعلوم الّذي جعل تابعا للمجهول تقارب مع الثمن المدفوع له و المجهول، فإن هذا القصد لا يدفع الغرر، لأن قيمة المجهول غير معلومة حقيقة فتكون قيمة المجموع اذا غير معلومة.

و المراد من الغرر الممنوع عدم مجهولية المبيع، و المفروض أن المبيع مجهول هنا و إن كانت قيمته متقاربة للثمن المدفوع، لأن التقارب لا يرفع المجهولية:

(2) لا يخفى عليك أن التابع العرفي له حالات ثلاثة:

(الأولى): لحاظ التابع بنحو الجزئية عند ما يجري العقد كلحاظ متبوعه، فيكون لحاظه في عرض لحاظ المتبوع.

و قد أشار إليها شيخنا المحقق المدقق الشيخ محمد حسين الاصفهاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 327.

و قد استفاد هذه الحالات من عبارة المكاسب.

و نحن نشير إلى كل واحدة من تلك الحالات التي استفيدت من عبارة الشيخ مع تصرف منا.

ص: 93

إلا (1) أن المجعول منه جزء داخل ظاهرا في معقد الاجماع على اشتراط العلم بالمبيع المتوقف على العلم بالمجموع.

نعم لو كان الشرط تابعا عرفيا (2) خرج عن بيع الغرر، و عن معقد الاجماع على اشتراط كون المبيع معلوما فيقتصر (3) عليه.

هذا (4) كله في التابع من حيث جعل المتبايعين.

+++++++++++

(1) هذه هي الحالة الأولى.

و خلاصتها أن التابع يلاحظ على نحو الجزئية عند اجراء العقد.

كما يلاحظ متبوعه، فلحاظه في عرض لحاظ المتبوع.

فحكم هذا التابع حكم المتبوع في اعتبار العلم به، لأنه مبيع مستقل كمتبوعه، و ليس من لوازم المبيع حتى يتملك تبعا للمتبوع.

بل ملكيته مستقلة في عرض ملكية المتبوع.

فيعتبر فيه كل ما يعتبر في المتبوع عند اجراء العقد.

(2) هذه هي الحالة الثانية.

و خلاصتها أن التابع يلاحظ على نحو الشرطية.

و بما أن هذا اللحاظ لا يكون قيدا للمبيع، و لا هو بيع مستقل.

بل هو التزام، و الالتزام في حد نفسه لا يعتبر العلم به، لأن هذا الالتزام التزام بما لا يعتبر العلم به، فلا يعتبر العلم بالتابع عند اجراء العقد.

(3) أى فيقتصر في اشتراط العلم بالتابع على التابع الّذي أخذ على نحو الجزئية، و أنه لوحظ هكذا، و لا يتجاوز الى غيره.

(4) أى ما تكلمناه من بداية مسألة عدم جواز بيع المجهول و لو ضم إليه شيء معلوم.

ص: 94

و أما (1) التابع للمبيع الّذي يندرج في المبيع و إن لم يضم إليه حين العقد، و لم يخطر ببال المتبايعين فالظاهر عدم الخلاف و الإشكال في عدم اعتبار العلم به.

إلا (2) إذا استلزم غررا في نفس المبيع، إذ (3) الكلام في مسألة الضميمة من حيث الغرر الحاصل في المجموع، لا (4).

+++++++++++

(1) هذه هي الحالة الثالثة.

و خلاصتها أن التابع باق على طبيعته الأولية: و هي عدم لحاظه عند اجراء العقد أبدا.

ففي مثل هذه الحالة لا يعتبر الالتفات الى التابع، فضلا عن اعتبار العلم به، لأنه مندرج في المبيع و إن لم يضم إليه حين إجراء العقد و لم يخطر ببال المتعاقدين.

(2) استثناء عما افاده في الحالة الثالثة المشار إليها في الهامش 1 ص 95: من عدم اعتبار العلم فيها.

و خلاصته أن التابع إذا كان مستلزما لغرر في نفس المبيع بحيث يوجب الجهالة فيه فقد أصبح البيع بيعا غرريا فيكون فاسدا.

ففي هذه الحالة لا بد من اعتبار العلم بالتابع، فرارا عن الجهالة.

(3) تعليل للاستثناء المذكور.

و خلاصته أن الغرر المبحوث عنه في مسألة التابع المجهول المنضم إليه شيء معلوم، و القول بأن الغرر لا يكون قادحا في مثل هذا المبيع إنما هو في الغرر الّذي هو وصف للمجموع باعتبار الجهل ببعض المجموع، لا بالجميع، لأن بعض المبيع الآخر معلوم، لا مجهول.

فالجهالة تكون وصفا منتزعا بالنسبة إلى ذلك البعض الآخر.

(4) أي و ليس الكلام في التابع المجهول الذي تري الجهالة منه

ص: 95

الساري من المجهول إلى المعلوم، فافهم (1).

+++++++++++

- إلى المعلوم، فإن المبيع فاسد حينئذ، للجهل به الناشئ هذا الجهل من السريان.

خذ لذلك مثالا.

قطعة ثمينة نفيسة من حيث البداعة و الفن مطعّمة بالذهب لا يدرى مقدار الذهب فيها، و الغرض من البيع هي القطعة النفيسة المعلومة، لا الذهب الذي طعّمت القطعة به.

فهنا الجهل بالذهب موجب للجهل بالقطعة النفيسة فلا يجوز بيعها لسريان الجهل من الذهب إلى القطعة الثمينة.

نعم لو كان المجهول المنضم إلى المعلوم منفصلا عن المعلوم لما سرى الجهل منه الى المعلوم فيجوز بيعه حينئذ.

(1) اشارة إلى أن الفرق بين التابع المجهول المنضم إليه شيء معلوم بنحو الاتصال، أو الانفصال دقيق جدا يحتاج الفرق بينهما إلى إمعان النظر، و دقة زائدة حتى لا يشتبه عليك الأمر.

ص: 96

مسألة: يجوز أن يندر لظرف ما يوزن مع ظرفه مقدار يحتمل الزيادة و النقيصة على المشهور.

(مسألة):

يجوز أن يندر (1) لظرف ما يوزن مع ظرفه مقدار يحتمل الزيادة و النقيصة على المشهور.

بل لا خلاف فيه في الجملة، بل عن فخر الاسلام التصريح بدعوى الاجماع.

+++++++++++

(1) بالدال المهملة فعل مضارع مجهول من باب الإفعال من أندر يندر إندارا وزان أكرم يكرم إكراما.

معناه الإسقاط، يقال: أندر الشيء أي اسقطه.

و المراد منه هنا إسقاط مقدار معين للظرف الذي فيه المظروف و هو الدهن، أو الدبس، أو العسل، أو شيء آخر، و يكون الإسقاط عند التعامل على المذكورات.

ثم إنه يحتمل أن يكون مقدار المندر هو مقدار الظرف في الواقع.

و يحتمل أن يكون زائدا على ذلك بمقدار يسير، أو أنقص منه بشيء يسير أيضا.

بخلاف ما إذا علم قطعيا أن المندر أزيد من مقدار الظرف، فإنه لا يجوز حينئذ الإندار إلا بالتراضي، لأنه اذا لم يكن تراض في هذه الصورة لصدق تضييع المال لأحدهما.

ثم لا يخفى عليك أن موضوع هذه المسألة غير موضوع المسألة الآتية و هي مسألة بيع المظروف مع ظرفه مجتمعا، لأن موضوع مسألتنا هو بيع المظروف فقط، دون ظرفه، و لذا يتفرع على هذه المسألة إندار مقدار للظرف، دون تلك المسألة.

ص: 97

قال فيما حكي عنه: نص الأصحاب على أنه يجوز الإندار للظروف بما يحتمل الزيادة و النقيصة، فقد استثني من المبيع أمر مجهول، و استثناء المجهول مبطل للبيع، إلا في هذه الصورة (1)، فإنه لا يبطل إجماعا، انتهى (2).

و الظاهر أن اطلاق (3) الاستثناء باعتبار خروجه عن المبيع و لو من أول الأمر، بل الاستثناء الحقيقي (4).

+++++++++++

(1) و هي صورة الإندار.

(2) أي ما أفاده (فخر الاسلام) قدس سره في هذا المقام.

(3) أي اطلاق الاستثناء على المندر في قول فخر الاسلام كما نقله عنه الشيخ بقوله: فقد استثني من المبيع.

(4) الاستثناء الحقيقي هو اخراج المستثنى من المستثنى منه من بادئ الأمر: بمعنى أن المتكلم حين إلقاء الكلام على المخاطب يروم اثبات الحكم للمستثنى منه فقط، من دون اثباته للمستثنى.

خذ لذلك مثالا:

القائل: جاءني القوم إلا زيدا في مقام اثبات المجيء للقوم فقط، من دون أن يخطر بباله اثباته لزيد حتى يحتاج إلى اخراجه عن الحكم.

فزيد خارج عن الحكم من البداية.

فمقصود الشيخ قدس سره من هذه العبارة:

بل الاستثناء الحقيقي من المبيع يرجع إلى هذا أيضا:

هو أن البائع من أول الأمر يقصد استثناء مقدار معين للظرف، فيكون المستثنى الّذي هو المقدار المعين خارجا عن المستثنى منه الذي هو المبيع من بداية التعامل على بيع الدهن مثلا.

ص: 98

من المبيع يرجع إلى هذا (1) أيضا.

ثم إن الأقوال في تفصيل المسألة (2) ستة:

(الأول): جواز الإندار بشرطين:

كون المندر متعارف الإندار عند التجار (3).

و عدم العلم بزيادة ما يندره:

و هو (4) للنهاية و الوسيلة، و عن غيرهما.

+++++++++++

(1) أي إلى خروج الظرف و هو المستثنى عن المستثنى منه:

و هو المبيع كما عرفت.

ثم اعلم أن الإندار على قسمين:

(الأول): خروج المندر قبل رتبة البيع و ايقاعه كما هو المفروض في الاستثناء الحقيقي.

(الثاني): خروج المندر بعد رتبة البيع و ايقاعه.

أما الأول فلا إشكال في صحته، لمعلومية المبيع بإخراج المندر قبل البيع.

و أما الثاني فالقول بصحته لا يخلو من إشكال، لأن المبيع يكون مجهولا، حيث إن الاندار يقع بعد البيع فلا يعلم مقدار ما يخرج للظرف بعد وزن الظرف و المظروف، و بيع المظروف فقط.

(2) أي مسألة اخراج مقدار معين للظرف المعبر عن المخرج.

ب: (مندر).

(3) بخلاف ما إذا لم يكن إسقاط مقدار معين متعارفا عند التجار فلا يجوز إسقاطه حينئذ إلا بالتراضي من الطرفين.

(4) أي هذا القول للشيخ في النهاية، و لصاحب الوسيلة، و غيرهما.

ص: 99

(الثاني): عطف النقيصة على الزيادة في اعتبار عدم العلم بها، و هو (1) للتحرير.

(الثالث): اعتبار العادة مطلقا و لو علم الزيادة، أو النقيصة:

و مع عدم العادة فيما يحتملهما، و هو (2) لظاهر اللمعة، و صريح الروضة.

(الرابع): التفصيل بين ما يحتمل الزيادة و النقيصة فيجوز مطلقا (3) و بين ما علم الزيادة (4) فالجواز بشرط التراضي.

(الخامس): عطف العلم بالنقيصة على الزيادة (5)، و هو (6) للمحقق الثاني، ناسبا له إلى كل من لم يذكر النقيصة.

+++++++++++

(1) أي و هذا القول العلامة في التحرير.

(2) أي القول الثالث ظاهر الشهيدين في اللمعة و شرحها.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 284.

أليك نص عبارتهما.

(الثالثة عشرة) إذا كان المبيع في ظرف جاز بيعه مع وزنه معه (و أسقط ما جرت العادة به للظرف).

و لو لم تطرد العادة لم يجز إسقاط ما يزيد إلا مع التراضي.

(3) أي سواء أ كان هناك تراض أم لا.

(4) أي زيادة ما يسقط عن الظرف: بأن كان المندر كيلوا واحدا و الظرف 800 غرام.

(5) أي كما أن العلم بزيادة المندر عن الظرف يعتبر.

كذلك العلم بنقصان المندر عن الظرف معتبر أيضا.

(6) أي القول الثاني للمحقق الثاني.

ص: 100

(السادس): إناطة (1) الحكم بالغرر.

ثم إن صور المسألة (2) أن يوزن مظروف مع ظرفه فيعلم أنه عشرة أرطال، فإذا اريد بيع المظروف فقط كما هو المفروض، و قلنا بكفاية العلم بوزن المجموع، و عدم اعتبار العلم بوزن المبيع منفردا على ما هو مفروض المسألة، و معقد الاجماع المتقدم (3).

(فتارة) يباع المظروف المذكور جملة بكذا، و حينئذ (4) فلا يحتاج إلى الإندار، لأن الثمن و المثمن معلومان بالفرض.

(و أخرى) يباع على وجه التسعير: بأن يقول: بعتكه كل رطل بدرهم فتجيء مسألة الإندار (5)، للحاجة إلى تعيين ما يستحقه البائع من الدراهم:

و يمكن أن تحرر المسألة (6) على وجه آخر: و هو (7) أنه بعد ما

+++++++++++

(1) أي توقف الزيادة و النقيصة على الغرر.

فإن تحقق الغرر فيهما فلا يجوز الإندار.

و إن لم يتحقق جاز الإندار.

(2) أي أقسام مسألة الإندار.

(3) في قول فخر الاسلام عند نقل الشيخ عنه في ص 98 بقوله:

إلا في هذه الصورة فإنه لا يبطل اجماعا.

(4) أي و حين أن باع المظروف جملة بكذا.

(5) أي في هذا القسم. و هو بيع المظروف على وجه التسعير.

(6) أي و يمكن اثبات مسألة الإندار بأسلوب آخر غير الأسلوب الثاني الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 101: و أخرى يباع على وجه التسعير.

(7) هذا هو الوجه الآخر. -

ص: 101

علم وزن الظرف و المظروف، و قلنا بعدم لزوم العلم بوزن المظروف منفردا فإندار أي مقدار للظرف يجعل وزن المظروف في حكم المعلوم.

و هل هو منوط بالمعتاد بين التجار و التراضي، أو بغير ذلك؟

فالكلام في تعيين مقدار المندر لأجل إحراز شرط صحة بيع المظروف بعد قيام الاجماع على عدم لزوم العلم بوزنه بالتقدير (1)، أو بإخبار البائع.

و إلى هذا الوجه (2) ينظر بعض الأساطين، حيث (3) أناط مقدار المنذر بما لا يحصل معه غرر.

+++++++++++

- الفرق بين هذا الوجه، و الوجه الثاني: و هو بيع المظروف على وجه التسعير: هو أن الإندار على الوجه الثاني يجوز أن يكون بعد البيع اذا احتيج إليه لتعيين الثمن، و لا يشترط كونه قبل البيع، لأنه بدون البيع يصح الإندار فيه، اذ الإندار يمكن أن يكون لغرض آخر غير تصحيح البيع.

و أما على هذا الوجه: و هو ما أفاده الشيخ بقوله في ص 101:

و يمكن أن تحرر المسألة على وجه آخر: فلا بد من كون الإندار قبل البيع، لاعتبار صحته في بيع المظروف من جهة إيجابه، لكونه في حكم المعلوم و إن لم يكن في الواقع معلوما.

(1) هذا بناء على الاكتفاء بتخمين الظرف و مقدار وزنه.

(2) أي و إلى إمكان تحرير مسألة الإندار على وجه آخر ذهب إليه بعض الأساطين و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره.

(3) تعليل لذهاب الشيخ كاشف الغطاء الى الوجه الآخر.

و خلاصته أن الإندار معلق و منوط على عدم حصول الغرر، فإن لم يحصل جاز الإندار، و إلا فلا. -

ص: 102

و اعترض (1) على ما في القواعد، و مثلها: من (2) اعتبار التراضي في جواز إندار ما يعلم زيادته: بأن (3) التراضي لا يدفع غررا، و لا يصحح عقدا، و تبعه (4) في ذلك بعض أتباعه.

و يمكن أن يستظهر هذا الوجه (5) من عبارة الفخر المتقدمة (6)

+++++++++++

فالجواز و العدم داثران مدار حصول الغرر و عدمه.

(1) أي كاشف الغطاء بناء على ما أفاده: من الاناطة المذكورة اعترض على ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد، و مثل القواعد من الكتب الفقهية: من اعتبار التراضي في جواز إندار ما يعلم زيادته، فإن وجد التراضي صح الإندار، و إلا فلا فجواز الإندار و عدمه داثران مدار التراضي و عدمه.

(2) كلمة من بيان لما أفاده العلامة في القواعد و قد عرفته عند قولنا: من اعتبار التراضي.

(3) الباء بيان لاعتراض كاشف الغطاء على ما أفاده العلامة في القواعد، و بقية الكتب الفقهية.

و خلاصة الاعتراض أن جواز الإندار، و عدمه داثران مدار صدق الغرر و عدمه، فإن صدق الغرر صدق عدم جواز الإندار، و إن كان التراضي موجودا، و إن لم يصدق صح الإندار و إن لم يكن التراضي موجودا.

(4) أي و تبع كاشف الغطاء في الاعتراض المذكور بعض العلماء ممن تأخر عنه.

(5) و هو تحرير مسألة الإندار على وجه آخر الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 101: و يمكن أن تحرر المسألة.

(6) بقوله في ص 97 عند نقل الشيخ عنه: بل عن فخر الاسلام التصريح بدعوى الاجماع.

ص: 103

حيث (1) فرع استثناء المجهول من المبيع على جواز الإندار، اذ (2) على الوجه الأول يكون استثناء المجهول متفرعا على جواز بيع المظروف

+++++++++++

(1) تعليل لإمكان الاستظهار المذكور من عبارة فخر الاسلام.

و خلاصته أن القرينة على الاستظهار المذكور هي تفريع فخر الاسلام استثناء المجهول من المبيع في قوله في ص 98: فقد استثني من المبيع أمر مجهول: على جواز الإندار بقوله في ص 98: على أنه يجوز الإندار للظروف بما يحتمل الزيادة و النقيصة، فإن هذا التفريع المستفاد من حرف الفاء في قول فخر الاسلام: فقد استثني على الاستظهار المذكور، لأن الإندار لا يكون في الوجه الأول المشار إليه في ص 101 فتارة يباع المظروف المذكور جملة بكذا، لأنك عرفت أن المبيع في هذا الوجه هو المظروف جملة و هو غير محتاج إلى الإندار، حيث إن الثمن و المثمن كليهما معلومان كما هو الفرض، فلا يكون قول فخر الاسلام: فقد استثني تفريعا على قوله: على أنه يجوز الإندار للظروف بما يحتمل الزيادة و النقيصة.

بل الاستثناء المذكور تفريع على الوجه الثاني: و هو المذكور في قول الشيخ في ص 101: (و أخرى يباع على وجه التسعير) في قول البائع: بعتكه على رطل بدرهم.

فهنا تجيء مسأله الإندار، فالتفريع في محله.

(2) تعليل لكون قول فخر الاسلام: فقد استثني تفريعا على الوجه الأخير، لا على الوجه الأول.

و خلاصته أن قوله: فقد استثني لو كان تفريعا على الوجه الاول لكان الاستثناء متفرعا على جواز بيع المظروف بدون الظرف المجهول لا على جواز مقدار معين، لأنك عرفت أن الإندار لا يكون في

ص: 104

بدون الظرف المجهول، لا على جواز إندار مقدار معين، اذ (1) الاندار حينئذ لتعيين الثمن. فتأمل (2).

+++++++++++

الوجه الأول.

(1) تعليل لعدم كون فقد استثني متفرعا على الوجه الأول.

و خلاصته أنه في صورة تفريع الاستثناء على الوجه الاول لا مجال لاندار مقدار معين، لأن الاندار حينئذ يكون لتعيين مقدار الثمن، لا لتقدير مقدار معين، اذ الوجه الاول كان الثمن و المثمن فيه متعينين غير محتاج إلى تعيينهما.

(2) لعل الأمر بالتأمل اشارة الى دفع وهم:

حاصل الوهم أنه من الامكان أن يقال: إن فخر الاسلام أراد من معنى الاندار من عبارته المتقدمة التي نقلها عنه الشيخ في ص 97 بقوله: بل عن فخر الاسلام: المعنى الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 101: و يمكن أن تحرر المسألة على وجه آخر، لأن تطبيق عبارة الفخر على الوجه الثاني: و هو قول الشيخ في ص 101: و أخرى يباع على وجه التسعير متوقف على أن المراد من لفظة المبيع في قول فخر الاسلام: فقد استثني من المبيع ما كان مشرفا على إرادة البيع.

و من الواضح أن إرادة ذلك مجاز مخالف للظاهر.

بخلاف ما لو أريد من عبارة فخر الاسلام التوجيه الأخير لمعنى الاندار الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 101: و يمكن أن تحرر المسألة على وجه آخر، لأن إرادة المبيع من لفظه الواقع في عبارة فخر الاسلام إرادة حقيقة، لاستعماله في معناه الحقيقي: و هو وقوع البيع عليه فعلا

و أما دفع الوهم فخلاصته أن قول فخر الاسلام: و استثناء المجهول مبطل للبيع لا يلائم قوله: فقد استثني من المبيع أمر مجهول، لأن -

ص: 105

و كيف كان (1) فهذا الوجه (2) مخالف لظاهر كلمات الباقين، فإن جماعة منهم كما عرفت من الفاضلين و غيرهما خصوا اعتبار التراضي بصورة العلم بالمخالفة (3).

فلو كان الإندار لاحراز وزن المبيع، و تصحيح العقد لكان (4) معتبرا مطلقا، إذ لا معنى لإيقاع العقد على وزن مخصوص بثمن مخصوص من دون تراض.

و قد صرح المحقق و الشهيد الثانيان في وجه اعتبار التراضي مع العلم

+++++++++++

- الاستثناء المذكور يكون بعد وقوع البيع على المظروف، و وقوع الاستثناء بعد البيع يكون لغوا، لا مبطلا للعقد، لوضوح أن استعمال المبيع فيما يراد بيعه شايع متعارف في اصطلاح الفقهاء رضوان اللّه عليهم

بل قيل: إن الاستعمال المذكور أكثر من استعمال المبيع فيما وقع البيع عليه فعلا.

(1) يعني أي شيء قلنا في تحرير مسألة الإندار.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يورد على ما أفاده: من إمكان تحرير مسألة الإندار على وجه آخر بقوله في ص 101:

و يمكن تحرير المسألة.

و يورد أيضا على كاشف الغطاء: من إنكاره التراضي بقوله في ص 103 عند نقل الشيخ عنه: بأن التراضي لا يرفع غررا.

و لوضوح الإيرادين في المتن تركنا شرحهما.

(3) أي بمخالفة المندر للواقع: بأن كان أنقص من الواقع، أو أزيد منه، فهنا لا بد من التراضي من المتبايعين.

(4) أي لكان التراضي معتبرا مطلقا، سواء أ كان العلم بمخالفة المندر للواقع موجودا أم لا.

ص: 106

بالزيادة، أو النقيصة: بأن (1) الإندار من دون التراضي تضييع لمال أحدهما.

و لا يخفى (2) أنه لو كان اعتبار الإندار قبل العقد لتصحيحه لم يتحقق تضييع المال، لأن الثمن وقع في العقد في مقابل المظروف، سواء فرض زائدا أم ناقصا، هذا (3).

مع (4) أنه إذا فرض كون استقرار العادة على إندار مقدار معين يحتمل الزيادة و النقيصة.

فالتراضي على الزائد عليه (5)، أو الناقص عنه (6) يقينا لا يوجب غررا.

بل يكون كاشتراط زيادة مقدار على المقدار المعلوم: غير قادح في صحة البيع.

مثلا لو كان المجموع عشرة أرطال و كان المعتاد إسقاط رطل

+++++++++++

(1) الباء بيان لوجه اعتبار التراضي.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الايراد على المحقق و الشهيد الثانيين فيما أفاداه: من أن الإندار مع العلم بالزيادة و النقيصة محتاج إلى التراضي، اذ لو لاه لكان الإندار تضييعا لمال أحدهما، و لوضوح الايراد تركنا ذكره.

(3) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام.

(4) هذا إشكال شيخنا الانصاري على كاشف الغطاء القائل بأن التراضي لا يدفع غررا إذا كان مقدار المندر موجبا لحصول الغرر في قوله في ص 103 عند نقل الشيخ عنه: بأن التراضي لا يدفع غررا.

(5) أي على ذلك المقدار المعين المحتمل للزيادة و النقيصة.

(6) أي عن ذلك المقدار المعين المحتمل للزيادة و النقيصة.

ص: 107

للظرف فاذا تراضيا على أن يندر للظرف رطلا فكأنه (1) شرط للمشتري أن لا يحسب عليه رطلا.

و لو تراضيا على إندار نصف رطل فقد اشترط المشتري جعل ثمن تسعة أرطال و نصف ثمنا للتسعة، فلا معنى للاعتراض (2) على من قال في اعتبار التراضي في إندار ما علم زيادته، أو نقيصته: بأن (3) التراضي لا يدفع غررا، و لا يصحح عقدا.

و كيف كان فالظاهر هو الوجه الأول (4)، فيكون (5) دخول

+++++++++++

(1) أي فكأن البائع قد اشترط على المشتري على هذا الفرض أن لا يحسب عليه الرطل الذي يندر عوضا عن الظرف.

(2) المعترض هو الشيخ كاشف الغطاء عند نقل الشيخ عنه في ص 103 بقوله: و اعترض على ما في القواعد.

(3) الباء بيان لكيفية اعتراض كاشف الغطاء على ما في القواعد.

(4) و هو قول الشيخ في ص 101: (و أخرى يباع على وجه التسعير)، بناء على أن الوجه الآخر و هو قوله في ص 101: و يمكن أن تحرر المسألة على وجه آخر: هو الوجه الثاني:

و ليس المراد من الوجه الأول ما أفاده الشيخ بقوله في ص 101:

(فتارة يباع المظروف المذكور جملة بكذا)، لأن هذا الوجه لا يحتاج إلى تعيين العوضين، لمعلوميتهما، فالإندار غير موجود في هذا الوجه كما قال الشيخ في ص 101: فلا يحتاج إلى الإندار.

فالوجه الأول هو ما قلناه.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الظاهر من الإندار هو الوجه الأول أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون ادراج هذه المسألة في فروع مسألة تعيين العوضين بعد اختيار أن الإندار في كلمات الفقهاء -

ص: 108

هذه المسألة في فروع مسألة تعيين العوضين من حيث تجويز بيع المظروف بدون ظرفه المجهول كما عنون (1) المسألة بذلك في اللمعة.

بل نسبه (2) في الحدائق إليهم، لا من (3) حيث إندار مقدار معين للظرف المجهول وقت العقد، و التواطي على إيقاع العقد على الباقي بعد الإندار.

و ذكر المحقق الاردبيلي رحمه اللّه في تفسير عنوان المسألة (4) أن المراد أنه يجوز بيع الموزون: بأن يوزن مع ظرفه ثم يسقط من

+++++++++++

- ليس لأجل تعيين المبيع المتوقفة عليه صحة المعاملة:

بل لتعيين ما يستحقه البائع من الثمن بعد انعقاد المعاملة صحيحة! من حيث جواز بيع المظروف مع جهالة وزنه، لا من حيث الإندار

(1) أي كما عنون الشهيد الأول قدس سره مسألة الإندار في ادراجها في مسألة تعيين العوضين: من حيث تجويز بيع المظروف بدون ظرفه مع جهالة وزنه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 284.

(2) أي نسب صاحب الحدائق قدس سره هذا القول إلى الأصحاب

(3) أي و ليس ذكر الإندار في مسائل تعيين العوضين لأجل أن الاندار لتعيين المبيع، إذ فرق بين المقامين:

مقام ذكر الاندار لتعيين العوضين.

و مقام ذكر الاندار لتعيين المبيع.

اذا تكون مسألة الاندار من وجوب معرفة وزن المبيع، و ذكر الاندار بعد ذلك لأجل تعيين ما يستحقه البائع من الثمن.

فافهم الفرق بين المقامين.

(4) أي مسألة الاندار.

ص: 109

المجموع مقدار الظرف تخمينا بحيث يحتمل كونه مقدار الظرف لا أزيد و لا أنقص بل و إن تفاوت لا يكون إلا بشيء يسير متساهل به عادة، ثم دفع ثمن الباقي مع الظرف إلى البائع، انتهى (1).

فظاهره (2) الوجه الأول الذي ذكرناه، حيث (3) جوز البيع بمجرد وزن المظروف مع الظرف، و جعل (4) الاندار لأجل تعيين الباقي الذي يجب عليه دفع ثمنه.

و في الحدائق في مقام الرد على من الحق النقيصة بالزيادة في اعتبار عدم العلم بها قال:

إن الاندار حق للمشتري، لأنه قد اشترى مثلا مائة منّ من السمن في هذه الظروف فالواجب قيمة المائة المذكورة، و له إسقاط ما يقابل المظروف من هذا الوزن، انتهى (5).

و هذا الكلام (6) و إن كان مؤيدا لما استقر بناه (7) في تحرير المسألة إلا أن جعل الاندار حقا للمشتري.

+++++++++++

(1) أي ما أفاده المحقق الأردبيلي في مسألة الاندار.

(2) أي ظاهر ما أفاده المحقق الأردبيلي قدس سره في مسألة الاندار هو الوجه الأول المشار إليه في الهامش 4 ص 108.

(3) تعليل من الشيخ لكون ما أفاده المحقق الأردبيلي في مسألة الاندار هو الوجه الأول.

(4) أي المحقق الأردبيلي قدس سره جعل الاندار.

(5) أي ما أفاده صاحب الحدائق قدس سره في مسألة الاندار.

(6) أي كلام صاحب الحدائق.

(7) ما استقر به الشيخ في مسألة الاندار ما ذكرناه في الهامش 5 ص 108 عند قولنا: الفاء تفريع على ما أفاده.

ص: 110

و التمثيل (1) بما ذكره لا يخلو من نظر، فإن المشتري لم يشتر مائة منّ من السمن في هذه الظروف، لأن التعبير بهذا مع العلم بعدم كون ما في هذه الظروف مائة منّ لغو.

بل المبيع في الحقيقة ما في هذه الظروف التي هي مع المظروف مائة من، فإن باعه بثمن معين فلا حاجة إلى الاندار، و لا حق للمشتري و إن اشتراه على وجه التسعير بقوله: كل منّ بكذا.

فالاندار إنما يحتاج إليه، لتعيين ما يستحقه البائع على المشتري من الثمن.

فكيف يكون الواجب قيمة المائة كما ذكره المحدث (2)؟

و قد علم مما ذكرنا أن الاندار الذي هو عبارة عن تخمين الظرف الخارج عن المبيع بوزن إنما هو لتعيين حق البائع، و ليس حقا للمشتري.

و أما الأخبار (3) فمنها موثقة حنّان قال: سمعت معمّر الزّيات قال لأبي عبد اللّه عليه السلام:

+++++++++++

و أما وجه تأييد كلام صاحب الحدائق لما أفاده الشيخ في مسألة الاندار قوله في ص 110 عند نقل الشيخ عنه: و له إسقاط ما يقابل هذه الظروف، فإن هذه الجملة كناية عن عدم استحقاق البائع ما يقابل الظروف من الثمن، و أن المعاملة قد تمت و كملت، و الثمن قد لزم إلا في مقدار ما يوازي الظروف.

(1) أي تمثيل صاحب الحدائق بقوله في ص 110 عند نقل الشيخ عنه: مثلا مائة منّ من السمن في هذه الظروف.

(2) أي المحدث البحراني قدس سره صاحب الحدائق.

(3) لا يخفى عليك أن الشيخ قدس سره لم يتعرض في صدر مسألة الاندار لما يستفاد من الأخبار فيما هو غاية الاندار، و أنه لغاية تعيين -

ص: 111

إنا نشتري الزيت في زقاقه (1) فيحسب لنا النقصان لمكان الزقاق؟

فقال له: إن كان يزيد و ينقص فلا بأس، و إن كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه (2).

قيل (3): و ظاهره عدم اعتبار التراضي.

أقول (4): المفروض في السؤال هو التراضي، لأن الحاسب هو

+++++++++++

المبيع تخمينا، تصحيحا للعقد.

أو لغاية تعيين الثمن بعد انعقاد البيع صحيحا كما هو مختاره (قدّس سرّه)

(1) بكسر الزاي وزان كتاب جمعه أزقاق، و زقاق، و زقاق، و أزق يراد منه الظرف.

و بضم الزاي يراد منه الطريق، جمعه أزقة:

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 273 الباب 20 الحديث 4.

و المقصود من قوله عليه السلام: إن كان يزيد و ينقص: أن المقدار الواقعي للظرف يزيد، أو ينقص عن المقدار الظاهري للظرف.

(3) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره أي و ظاهر موثقة حنان.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 22 ص 448.

و إنما قال الشيخ: و قيل، لعدم الرضا بما أفاده الشيخ صاحب الجواهر: من اطلاق قول الامام عليه السلام في الموثقة المذكورة في ص 111، و أنها لا تختص بصورة التراضي فقط، و أن التراضي غير معتبر في الاندار.

(4) اعتراض من شيخنا الانصاري على ما أفاده الشيخ صاحب

ص: 112

البائع، أو وكيله و هما مختاران و المحسوب له هو المشتري.

و التحقيق (1) أن مورد السؤال صحة الاندار مع ابقاء الزقاق للمشتري بلا ثمن، أو بثمن مغاير للمظروف، أو مع ردها الى البائع من دون وزن لها، فإن السؤال عن صحة جميع ذلك بعد الفراغ عن تراضي المتبايعين عليه، فلا اطلاق فيه يعم صورة عدم التراضي.

+++++++++++

- الجواهر: من عدم اعتبار التراضي في الاندار، لاطلاق قول الامام عليه السلام في الموثقة المذكورة:

و قد ذكره في المتن فلا نعيده، لوضوحه.

(1) هذا من متممات الاعتراض المذكور، و حيث لم يشرحه الشيخ كما هو حقه تداركه هنا فقال: و التحقيق.

و خلاصة التحقيق أن السائل في الموثقة في مقام السؤال عن صحة الاندار و إسقاط مقدار معين للظرف مع ابقاء الزقاق الذي هو الظرف للمشتري بلا ثمن يقابل الزقاق.

أو بثمن نجاه الظرف، لكن مغاير لثمن المظروف الذي باعه على المشتري بسعر معين.

أو مع رد الزقاق إلى البائع من دون وزن للزقاق فالسائل إنما يسأل عن صحة هذه الأشياء.

و من الواضح أن السؤال عن تلك إنما كان بعد الفراغ عن تراضي المتعاقدين على الاندار فهو خارج عن محل السؤال.

اذا فلا اطلاق في قوله عليه السلام في الموثقة المذكورة: إن كان يزيد و ينقص فلا بأس حتى يشمل التراضي و عدمه ثم يقال بعدم اعتبار التراضي في الاندار.

ص: 113

و يؤيده (1) النهي عن ارتكابه مع العلم بالزيادة، فإن النهي عنه ليس ارتكابه بغير تراض، فافهم (2).

فحينئذ (3) لا يعارضها ما دل على صحة ذلك (4) مع التراضي مثل (5) رواية علي بن أبي حمزة.

+++++++++++

(1) أي و يؤيد عدم وجود اطلاق في قوله عليه السلام في الموثقة المذكورة النهي الوارد في الفقرة الثانية من قوله عليه السلام في نفس الموثقة: و ان كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه.

وجه التأييد أن النهي و هو لا تقربه قد تعلق بشيء لا يكون فيه النقيصة أي لا تقرب ما يكون هكذا صفته، و عدم القرب الى هذا لا يكون مع عدم التراضي، لأنه مع عدم التراضي لا يصدق القرب، فالسؤال عنه يكون لغوا، فلا ظهور لقوله عليه السلام في عدم اعتبار التراضي.

(2) اشارة إلى دقة المطلب، حيث يحتاج إلى امعان زائد حتى يتجلى للقاريء الكريم عدم تحقق القرب مع عدم وجود التراضي.

(3) أي فحين أن قلنا: إنه لا اطلاق في الفقرة الاولى من قوله عليه السلام في موثقة حنان: (إن كان يزيد و ينقص فلا بأس) حتى يشمل صورة التراضي و عدم التراضي فلا يعارض هذه الموثقة مفهوم ما ورد في الأخبار: من عدم صحة الإندار إذا لم يكن تراض من المتبايعين المستفاد هذا المفهوم من منطوق تلك الأخبار التي ذكرت في هذه الصفحة، و التي يأتي ذكرها في ص 116.

(4) أي الإندار.

(5) هذه أول رواية يدل مفهومها على عدم صحة الاندار إذا لم يكن هناك تراض -

ص: 114

قال: سمعت معمّر الزيّات يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام قال:

جعلت فداك نطرح ظروف السمن و الزيت كل ظرف كذا و كذا رطلا فربما زاد و ربما نقص؟

قال: إذا كان ذلك (1) عن تراض منكم فلا بأس (2)، فإن (3) الشرط فيه مسوق لبيان كفاية التراضي في ذلك، و عدم المانع منه شرعا فيشبه التراضي العلة التامة غير متوقفة على شيء.

+++++++++++

- من هنا أخذ الشيخ في ذكر الأحاديث الدالة بظاهرها على معارضتها للموثقة المذكورة في ص 111

(1) أي طرح ظروف السمن و الزيت كل ظرف كذا و كذا رطلا

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 272 الباب 20 الحديث 1.

فالشاهد فى قوله عليه السلام: (إذا كان ذلك عن تراض فلا بأس) حيث إن منطوقه يدل على صحة الاندار مع التراضي من المتبايعين:

و مفهومها يدل على عدم صحة الاندار إذا لم يكن هناك تراض.

(3) تعليل لعدم معارضة مفهوم رواية علي بن أبي حمزة مع تلك الموثقة.

و خلاصته أن الشرط في هذه الرواية و هو قوله عليه السلام: اذا كان ذلك عن تراض إنما سيق و جيء لبيان كيفية التراضي في الاندار، و أنه لا مانع من قبل الشارع في الاندار بعد حصول التراضي من المتبايعين:

بمعنى أن الاندار ليس تعبدا محضا متوقفا على اذن الشارع حتى يمنعه عن ذلك.

بل هو متوقف على تراضي المتبايعين فاذا حصل صح الإندار، و إلا فلا -

ص: 115

و نحوه (1) اشتراط التراضي في خبر علي بن جعفر المحكي عن قرب الاسناد عن أخيه موسى عليه السلام عن الرجل يشتري المتاع وزنا في الناسية (2) و الجوالق فيقول: أدفع للناسية رطلا، أو أكثر من ذلك أ يحل ذلك البيع؟

قال (3): إذا لم يعلم وزن الناسية.

+++++++++++

- فالتراضي أشبه شيء بالعلة التامة.

فكما أن العلة إذا وجدت وجد المعلول.

كذلك التراضي إذا وجد وجد الاندار.

فهو العامل الوحيد في صحته، و ليس متوقفا على شيء آخر.

(1) أي و نحو مفهوم رواية علي بن أبي حمزة مفهوم رواية علي بن جعفر في عدم معارضته للموثقة المذكورة.

هذه ثانية الروايات الدالة بمفهومها على عدم صحة الاندار إذا لم يكن هناك تراض.

(2) هذه الكلمة في الرواية موجودة هكذا: (ناسية) بالياء فراجعنا كتب اللغة التي بأيدينا فلم نجد معنى مناسبا لها، و راجعنا المصدر لعلنا نجد لها معنى من المحققين لكتاب (وسائل الشيعة) فلم نعثر عليه.

و الظاهر أنها فارسية الأصل معربة بقرينة زميلتها (جوالق) التي هو جمع جالق و هي معربة (جوال):

و المراد من الناسية الظرف الذي توضع فيها البضاعة.

كما أن المراد من جالق العدل الذي يحاك من الصوف، أو الشعر لتجعل فيه البضاعة.

(3) أي (الامام موسى بن جعفر) عليهما السلام.

ص: 116

و الجوالق فلا بأس إذا تراضيا (1):

ثم (2) إن قوله عليه السلام: إن كان يزيد و ينقص في الرواية الاولى يحتمل (3) أن يراد به الزيادة و النقيصة في هذا المقدار المندر في شخص المعاملة: بمعنى زيادة مجموع ما أندر لمجموع الزقاق، أو نقصانه عنه.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 273 الباب 20 الحديث 3.

فالشاهد في قوله عليه السلام: فلا بأس اذا تراضيا، حيث إن منطوقه يدل على صحة الاندار إذا كان هناك تراض:

و مفهومه المستفاد من إذا الشرطية في قوله عليه السلام: فلا بأس اذا تراضيا يدل على عدم صحة الاندار إذا لم يكن هناك تراض، فلا معارضة بين مفهوم الروايتين:

رواية علي بن أبي حمزة المشار إليها في ص 114.

و رواية علي بن جعفر المشار إليها في ص 116، بناء على عدم الاطلاق في الفقرة الاولى من موثقة حنان المشار إليها في ص 116.

نعم يقع التعارض بين كل من مفهومي الروايتين، و الموثقة بناء على ما أفاد الاطلاق الشيخ صاحب الجواهر في الفقرة الاولى من الموثقة

(2) من هنا يروم الشيخ بيان الاحتمالات الواردة في الفقرة الاولى من موثقة حنان: و هو قوله عليه السلام:

إن كان يزيد و ينقص المشار إليها في ص 112

(3) هذا هو الاحتمال الأول من الفقرة الاولى من الموثقة:

ص: 117

أو بمعنى (1) أنه يزيد في بعض الزقاق، و ينقص في بعض آخر

أو أن (2) يراد به الزيادة و النقيصة في نوع المقدار المندر في نوع هذه المعاملة بحيث قد يتفق في بعض المعاملات الزيادة، و في بعض أخرى النقيصة.

و هذا (3) هو الّذي فهمه في النهاية، حيث اعتبر أن يكون ما يندر للظروف مما يزيد تارة و ينقص أخرى، و نحوه (4) في الوسيلة.

و يشهد (5) للاحتمال الاول رجوع ضمير يزيد و ينقص إلى مجموع النقصان المحسوب لمكان الزقاق.

و للثانى (6) عطف النقيصة على الزيادة بالواو الظاهر في اجتماع نفس المتعاطفين، لا احتمالها.

و للثالث (7) ما ورد في بعض الروايات: من أنه ربما يشترى الطعام من أهل السفينة ثم يكيله فيزيد؟

قال عليه السلام: و ربما نقص؟

قلت: و ربما نقص؟

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثانى من الفقرة الاولى من الموثقة.

أي و يحتمل أن يراد من قوله عليه السلام.

(2) هذا هو الاحتمال الثالث من الفقرة الاولى من الموثقة. أي و يحتمل أن يراد من قوله عليه السلام.

(3) أي الاحتمال الثالث قد استفاده الشيخ قدس سره في النهاية.

(4) أي الاحتمال الثالث قد فهمه صاحب الوسيلة قدس سره أيضا.

(5) من هنا أخذ الشيخ في ذكر الشواهد الدالة على الاحتمالات الثلاثة المذكورة فقال: و يشهد للاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 3 ص 117

(6) أي و يشهد للاحتمال الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 118

(7) أى و يشهد للاحتمال الثالث المشار إليه في الهامش 3 ص 118

ص: 118

قال: فإذا نقص يردون عليكم؟

قلت: لا

قال: لا بأس (1).

فيكون معنى الرواية (2) أنه اذا كان الّذي يحسب لكم زائدا مرة، و ناقصا أخرى فلا بأس بما يحسب و ان بلغ ما بلغ.

و ان زاد دائما فلا يجوز (3) إلا بهبة، أو إبراء (4) من الثمن، أو مع (5) التراضي، بناء على عدم توقف الشق الاول عليه، و وقوع (6)

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 403 الباب 27 الحديث 2

(2) و هي موثقة حنان المشار إليها في ص 111

(3) أى الاندار في صورة زيادة المندر دائما عن الظرف الّذي استثني له مقدار معين، إلا بعنوان هبة المالك تلك الزيادة للمشترى اذا كانت موجودة لدى المشترى.

(4) أى و كذا لا يجوز الاندار في صورة زيادة المندر إلا بعنوان ابراء المالك تلك الزيادة للمشترى إذا كانت تالفة عنده.

(5) هذا هو الأمر الأول أى التراضي المذكور في الهامش 3 ص 115 متوقف على عدم توقف الفقرة الاولى من موثقة حنان المشار إليها في ص 112: و هي قوله عليه السلام: إن كان يزيد و ينقص فلا بأس: على التراضي، لأنه لو توقف على ذلك لم يبق فرق بين هذه الفقرة، و الفقرة الثانية من نفس الموثقة و هي قوله عليه السلام: إن كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه، حيث إن زيادة المندر فيها دوما، فهذه الفقرة هي التي تتوقف على تراضي المتعاقدين، و لو لاه لما صح الاندار.

(6) بجر كلمة وقوع عطفا على المجرور بعلى و هي كلمة توقف -

ص: 119

المحاسبة من السمسار بمقتضى العادة من غير اطلاع صاحب الزيت:

و كيف كان (1) فالذي يقوى في النظر و هو المشهور بين المتأخرين:

جواز إندار ما يحتمل الزيادة و النقيصة، لأصالة عدم زيادة المبيع عليه، و عدم استحقاق البائع أزيد مما يعطيه المشتري من الثمن.

لكن العمل بالاصل لا يوجب ذهاب حق أحدهما عند انكشاف الحال (2).

و أما مع العلم بالزيادة (3) أو النقيصة فإن كان هنا (4) عادة تقتضيه كان العقد واقعا عليها (5).

+++++++++++

- أي التراضي المذكور في الهامش 3 ص 115 مبني على وقوع المحاسبة و هو الإندار من قبل السمسار(1) لا على اطلاع صاحب الزيت و إخباره حتى يندر هو للظرف مقدارا، لأن مقتضى العادة الجارية بين التجار هو إسقاط مقدار معين للظرف من قبل السمسار، من دون توقف ذلك على مراجعة صاحب الزيت.

(1) يعني أي شيء قلنا في الإندار، و أي شيء قلنا في توجيه موثقة حنان المشار إليها في ص 111

(2) بأن انكشف أن المندر كان زائدا في الواقع، أو ناقصا.

(3) أي بزيادة المندر، أو نقصانه.

(4) أي في صورة العلم بزيادة المندر، أو نقصانه اذا توجد عادة تقتضي الإندار.

(5) أي العقد واقع على تلك العادة الجارية المقتضية للإندار.

ص: 120


1- - كلمة فارسية يراد منها الوسيط بين البائع و المشتري. و يعبر عنه في العصر الحاضر ب: (دلال).

مع علم (1) المتبايعين بها.

و لعله (2) مراد من لم يقيده بالعلم.

و مع الجهل (3) بها، أو عدمها (4) فلا يجوز إلا مع التراضي، لسقوط (5) حق من له الحق، سواء تواطيا على ذلك (6) في متن

+++++++++++

(1) هذا قيد لوقوع العقد على العادة الجارية أي وقوع العقد على تلك العادة مقيد بصورة علم المتعاقدين بتلك العادة بحيث لو لا العلم لم يقع العقد صحيحا.

(2) أي و لعل تقييد وقوع العقد على العادة الجارية بصورة علم المتعاقدين بتلك العادة مراد من لم يقيد وقوع العقد على العادة بصورة علم المتعاقدين بالعادة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 284.

عند قول المصنف: و اسقط ما جرت العادة به للظرف.

و عند قول الشارح: سواء أ كان ما جرت العادة به زائدا عن وزن الظرف قطعا أم ناقصا.

(3) من هنا أخذ الشيخ في بيان حكم جهل المتعاقدين بالعادة الجارية المقتضية للاندار أي و في صورة الجهل بذلك لا يجوز الإندار إلا مع التراضي.

(4) أي و كذا لا يجوز الاندار في صورة عدم جريان العادة للاندار إلا مع التراضي.

(5) تعليل لجواز الاندار في الصورتين المشار إليهما في الهامش 3 ص 121 و الهامش 4 ص 121 أى علة جواز الاندار في صورة التراضي هو سقوط حق من له الحق عند وجود التراضي من المتبايعين.

(6) أى على الاندار.

ص: 121

العقد: بأن قال: بعتك ما في هذه الظروف كل رطل بدرهم على أن يسقط لكل ظرف كذا فهو هبة له، أو تراضيا عليه (1) بعده بإسقاط من الذمة، أو هبة للعين.

هذا (2) كله مع قطع النظر عن النصوص.

و أما مع ملاحظتها (3) فالمعوّل عليه (4) رواية حنان المتقدمة الظاهرة في اعتبار الاعتياد من حيث (5) ظهورها: في كون (6) حساب المقدار

+++++++++++

(1) أى على الاندار بعد العقد عند صدوره في الخارج.

(2) أى ما ذكرناه لك: من الصور، و من العلم بالعادة، أو الجهل بها، أو عدم العادة بالاندار أصلا لدى التجار: كان بحسب القواعد الفقهية المتحررة في متونها، لا بحسب النصوص و الأحاديث الواردة في الاندار.

(3) أى و أما مع ملاحظة النصوص التي ذكرناها لك في ص 111 114-116 الواردة في الاندار فالذى يعتمد عليه هي موثقة حنان المشار إليها في ص 111.

(4) أى الاعتبار و الملاك في الاندار هي العادة الجارية المتبعة عند العرف، فالعادة هي المناط في ذلك.

فإن كانت هناك عادة جارية لاسقاط شيء معلوم معين للظرف فهي المتبعة لا غير، و إلا فلا.

(5) تعليل لظهور موثقة حنان في أن الاندار متوقف على العادة الجارية المألوفة لدى التجار.

فصحة الاندار، و عدمها دائرة مدار العادة و عدمها، فإن وجدت صح الاندار، و إلا فلا.

(6) هذا هو القيد الاول للاندار أى الاندار متوقف على كونه -

ص: 122

الخاص متعارفا.

و اعتبار (1) عدم العلم بزيادة المحسوب عن الظروف بما لا يتسامح به في بيع كل مظروف بحسب حاله:

و كأن (2) الشيخ رحمه اللّه في النهاية فهم ذلك من الرواية(1) فعبر بمضمونها، كما هو (3) دأبه في ذلك الكتاب.

و حيث إن ظاهر الرواية (4) جواز الاندار واقعا: بمعنى عدم وقوعه مراعا بانكشاف الزيادة، أو النقيصة عملنا بها (5) كذلك، فيكون (6).

+++++++++++

- أمرا متعارفا جرت العادة به.

(1) هذا هو القيد الثاني للإندار أى الاندار متوقف على عدم العلم بزيادة مقداره بحيث لا يتسامح العرف عادة بتلك الزيادة، بل لا بد من كون الساقط مقدارا يتسامح به، فاذا ثبت القيدان صح الاندار حينئذ، و إلا فلا الاستفادة هذين القيدين من ظاهر موثقة حنان.

(2) أى و كأن الشيخ استفاد من موثقة حنان ما ذكرناه لك من القيدين المشار إليهما في الهامش 6 ص 122، و الهامش 1 ص 123

(3) أى كما أن ديدن الشيخ قدس سره في النهاية هو العمل بمضمون كل رواية ذكرها في النهاية، و لا اختصاص للعمل بالموثقة المذكورة فقط

(4) و هي موثقة حنان.

(5) أى نحن أيضا عملنا بمضمون الموثقة كذلك: يعني بما أن الاندار أمر واقعي متحقق، لا بما أن الاندار يقع مراعا و متوقفا على انكشاف الزيادة، أو النقيصة.

(6) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ: من أن الاندار أمر واقعي متحقق غير متوقف على انكشاف الزيادة، أو النقيصة، أى ففي -

ص: 123


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مرجع النهي عن ارتكاب ما علم بزيادته نظير (1) ما ورد من النهي عن الشراء بالموازين الزائدة عما يتسامح به، فإن (2) تلك تحتاج إلى هبة جديدة، و لا يكفي (3) إقباضها من حيث كونها حقا للمشترى.

+++++++++++

- ضوء ما ذكرنا يكون النهي الوارد في موثقة حنان: و هو قوله عليه السلام في الفقرة الثانية منها: إن كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه قد تعلق في الواقع بنفس الزيادة غير المتسامح بها في العرف، لا بنفس الاندار الّذي هو المقدار المعين المتعارف عند التجار، و الّذي قيدناه بالقيدين المشار إليهما في الهامش 6 ص 122، و الهامش 1 ص 123

(1) أى النهي الوارد في الموثقة: و هو قوله عليه السلام: فلا تقربه نظير النهي الوارد عن الشراء بالأوزان الزائدة عن المقدار غير المتسامح به في العرف.

فكما أن النهي هناك قد تعلق بالزيادة غير المتسامح بها، لا بنفس الزيادة المتعارف بها.

كذلك النهي فيما نحن فيه قد تعلق بالزيادة غير المتعارف بها، لا بنفس الزيادة المتعارف بها.

(2) تعليل لتعلق النهي فيما نحن فيه بنفس الزيادة غير المتسامح بها، لا بنفس الزيادة المتعارف بها.

و خلاصته أن تلك الزيادة غير المتسامح بها محتاجة إلى هبة جديدة و لا يملكها المشترى إلا بها، لأنها خارجة عن المتعارف عند الباعة.

(3) دفع وهم.

حاصله أن تلك الزيادة غير المتسامح بها قد أقبضها البائع الى المشترى فهي حق له يملكها بنفس الاقباض، فلا تحتاج الى هبة جديدة.

فأجاب الشيخ قدس سره أن الاقباض المذكور لا يكفي في تحقق -

ص: 124

هذا (1) كله مع تعارف إندار ذلك المقدار، و عدم العلم بالزيادة

و أما مع عدم احد القيدين (2) فمع الشك في الزيادة و النقيصة، و عدم العادة يجوز الاندار، لكن مراعا بعدم انكشاف أحد الأمرين:

و معها (3) يجوز، بناء على انصراف العقد إليها (4).

لكن (5) فيه تأمل لو لم يبلغ حدا يكون كالشرط في ضمن العقد لأن (6) هذا ليس من أفراد المطلق حتى ينصرف بكون العادة

+++++++++++

- ملكية المقدار الزائد عن المتعارف، بل لا بد من هبة جديدة، حيث إن المشترى لا يملكها بمجرد الاقباض.

(1) أى ما ذكرناه لك حول الاندار من البداية الى النهاية كان مقيدا بالقيدين المذكورين في الهامش 6 ص 122 و الهامش 1 ص 123

(2) خلاصة هذا الكلام أن القيدين المذكورين في الهامش 6 ص 122، و الهامش 1 ص 123 لو لم يجتمعا: بأن وجد الاول: و هو كون المندر أمرا متعارفا لدى الباعة و التجار، دون القيد الثاني:

و هو عدم العلم بزيادة المندر عن مقدار الظرف الذي تعارف له الإسقاط.

أو وجد القيد الثاني و لم يوجد الأول: جاز الاندار عند الشك في الزيادة و النقيصة، و عدم العادة بإسقاط مقدار معين، إلا أن الجواز مقيد بقيد عدم انكشاف أحد القيدين المذكورين في الهامش 6 ص 122 و الهامش 1 ص 123

(3) أى و مع العادة المقتضية للاندار جاز الاندار.

(4) أي الى العادة المقتضية للاندار.

(5) أى في جواز مثل هذا الاندار المبني على الانصراف تأمل إذا لم يصل هذا الاندار الى حد يكون كالشرط الضمني في العقد.

(6) تعليل للتأمل في مثل هذا الاندار المبني على الانصراف -

ص: 125

صارفة له.

ثم الظاهر أن الحكم المذكور (1) غير مختص بظروف السمن و الزيت بل يعم كل ظرف.

كما هو (2) ظاهر معقد الاجماع المتقدم عن فخر الدين رحمه اللّه.

+++++++++++

- و خلاصته أن المشترى لو أقدم على شراء المظروف على أن يكون سعر كل كيلو بدرهم، و المفروض أن الظرف و المظروف محتويان على الف كيلو، و كان المتعارف إسقاط عشرة كيلوات للظرف.

فهنا قد وقع الشراء على المظروف بمبلغ قدره تسعمائة و تسعون درهما فيسقط من الثمن للظرف عشرة دراهم حسب الوزن المقدر للظرف:

و هو عشرة كيلوات سعر كل كيلو بدرهم.

و من الواضح أن تسعمائة و تسعين درهما الواقع في قبال المظروف ليس من أفراد كل كيلو بدرهم الذي هو عنوان الثمن حتى ينصرف إليه كانصراف الثمن عند اطلاقه إلى النقد.

فحينئذ لا بد من بلوغ الإندار إلى حد يكون كالشرط الضمني في متن العقد.

(1) و هو جواز الاندار للظرف حسب القيدين المشار إليهما في الهامش 6 ص 122، و الهامش 1 ص 123.

(2) أي كما أن الحكم المذكور: و هو جواز الاندار ظاهر عبارة فخر الاسلام التي نقلها عنه الشيخ في ص 97 بقوله: (بل عن فخر الاسلام التصريح بدعوى الاجماع قال فيما حكي عنه: نص الأصحاب على أنه يجوز الاندار للظروف)، فإن كلمة الظروف عامة تشمل كل ظرف، سواء أ كان للسمن أم لغيره.

ص: 126

و عبارة (1) النهاية، و الوسيلة (2)، و الفاضلين، و الشهيدين، و المحقق الثاني رحمهم اللّه جميعا.

و تؤيده (3) الرواية المتقدمة عن قرب الإسناد.

+++++++++++

(1) أي كما أن عدم اختصاص الحكم المذكور: و هو جواز الاندار هو المستفاد من عبارة الشيخ في النهاية.

راجع ص 118 عند نقل شيخنا الانصاري عنه بقوله: و هذا هو الذي فهمه في النهاية، حيث اعتبر هناك أن يكون ما يندر للظروف، فإن كلمة الظروف عامة تشمل كل ظرف، و ليس فيه اختصاص بظروف السمن، أو الزيت.

(2) أي عدم اختصاص الحكم المذكور هو ظاهر عبارة الوسيلة، و ظاهر عبارة الفاضلين: و هما المحقق و العلامة، و ظاهر عبارة الشهيدين و المحقق الثاني قدس اللّه أرواحهم.

(3) أي و تؤيد عدم اختصاص الحكم المذكور: و هو الاندار بظروف السمن و الزيت، بل تشمل كل وعاء رواية قرب الاسناد المروية في ص 116

وجه التأييد أن كلمتي الناسية و الجوالق في سؤال الراوي عن الامام عليه السلام عن الرجل يشتري المتاع وزنا في الناسية و الجوالق: تدلان على أن المراد بالظرف مطلق الظرف، لا خصوص الذي يجعل فيه الدهن و الزيت لأن الناسية و الجوالق كما عرفت في الهامش 2 ص 116 وعاءان يحاكان من الصوف، أو الشعر يجعل فيهما المتاع، و المتاع عام لا اختصاص له بظروف الدهن و الزيت، بل الغالب جعل الطعام و البقول و الخضروات و الفواكه فيهما كما يجعل فيهما ظروف الدهن و الزيت أيضا كما هو الغالب عند أهل القرى و الأرياف.

ص: 127

لكن (1) لا يبعد أن يراد بالظروف خصوص الوعاء المتعارف بيع الشيء فيه، و عدم تفريغه منه كقوارير (2) الجلاب (3):

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ العدول عما أفاده: من أن المراد بالظرف مطلق الوعاء، لا خصوص ظرف الدهن و الزيت.

و خلاصته أنه من الامكان أن يراد من الظروف خصوص الظروف التي يباع فيها الشيء معها، من دون تفريغ الشيء عنها كما في قوارير الجلاب و العطور، فإن باعة الجلاب و العطور عند ما يبيعونهما فإنما يبيعونهما مع قواريرهما، لا بدونها.

كما هو الشأن في ظروف السمن و الزيت، فإنهما يباعان مع ظروفهما، من دون تفريغهما منها كما في عصرنا الحاضر، فلا يشمل الظرف كل وعاء يجعل فيه و يفرغ منه، فلا إندار لكل وعاء.

اذا يكون الاندار مختصا بالظروف التي لا يفرغ منها الشيء.

(2) بفتح القاف جمع قارورة، و القارورة شيء يصنع من الزجاج:

و هو اناء يجعل فيه الطيب و الشراب.

و أما القوارير التي جاءت في قوله عز من قائل:

كانت قواريرا قوارير من فضة:

فالمراد منها القوارير المخلوقة من الفضة التي خلقها اللّه عز و جل و التي تجمع بين بياض الفضة.

و بين صفاء القوارير المصنوعة من الزجاج.

و معنى كانت قوارير أنها تكون قوارير بتكوين اللّه عز و جل، و ارادته بها، و تفخيمه لتلك الخلقة العجيبة الجامعة بين صفتي الجوهرتين المتضادتين.

(3) بضم الجيم وزان رمان معرب (كل آب) -

ص: 128

و العطريات (1)، لا (2) مطلق الظرف اللغوي: اعني الوعاء.

و يحتمل العموم (3)، و هو ضعيف:

نعم يقوى تعدية الحكم (4) إلى كل مصاحب للمبيع يتعارف بيعه

+++++++++++

- و هذه الكلمة فارسية مركبة من كلمتين:

گل، و آب، و كلمة گل بمعنى الورد، و آب بمعنى الماء، أي ماء الورد.

و الفرس الايرانيون دوما يقدمون المضاف إليه على المضاف، و لا سيما سكان بلاد (جيلانات و مازندران و بحر خزر).

و هنا قدم أيضا المضاف إليه على المضاف.

(1) لم اجد هذا الجمع في كتب اللغة التي بأيدينا.

(القاموس - تاج العروس - لسان العرب - الصحاح مجمع البحرين) و جاء جمعه عطور، و مفرده عطر بكسر العين.

و المراد من العطر مطلق الطيب الذي ذو رائحة طيبة.

و يقال لمحب العطر: عاطر جمعه عطر.

و يقال لبائع العطر: عطّار.

(2) أي و ليس المراد من الظرف مطلق الظرف اللغوي الذي يطلق على الوعاء، ليشمل كل وعاء يجعل فيه الشيء و يباع و إن لم يفرغ منه، فعليه لا يشمل الحكم المذكور، و هو الاندار كل وعاء كما عرفت في الهامش 1 ص 128

(3) أي و يحتمل إرادة مطلق الوعاء من الظرف حتى يشمل الاناء الذي يجعل فيه الشيء و يباع و إن لم يفرغ منه.

(4) و هو جواز الاندار.

ص: 129

معه كالشمع في الحلي المصنوعة من الذهب (1) و الفضة (2).

و كذا المظروف الذي يقصد ظرفه بالشراء إذا كان وجوده فيه تبعا له كقليل من الدبس في الزقاق.

و أما تعدية الحكم (3) الى كل ما ضم إلى المبيع مما لا يراد بيعه معه فمما لا ينبغي احتماله.

+++++++++++

(1) أي الذهب المحشو بالشمع.

(2) أي الفضة المحشوة بالشمع.

(3) و هو جواز الاندار.

و خلاصة هذا الكلام أن صحة الاندار، و جواز إسقاط مقدار معين للظرف إنما كانت في الظروف التي تجعل فيها الدهن و الزيت، و السمن و العسل، و الدبس.

و أما غير تلك الظروف التي لا يراد بيعها مع مظروفها فلا يشملها الحكم المذكور: و هو جواز الاندار فلا يصح إسقاط مقدار معين لتلك الظروف.

ص: 130

مسألة: يجوز بيع المظروف مع ظرفه الموزون معه و ان لم يعلم إلا بوزن المجموع على المشهور.

(مسألة):

يجوز بيع المظروف مع ظرفه الموزون معه و ان لم يعلم إلا بوزن المجموع على المشهور.

بل لم يوجد قائل بخلافه من الخاصة إلا ما أرسله في الروضة (1) و نسبه (2) في التذكرة إلى بعض العامة (3)، استنادا إلى أن وزن ما يباع وزنا غير معلوم، و الظرف لا يباع وزنا.

بل لو كان موزونا لم ينفع، مع جهالة وزن كل واحد (4)، و اختلاف (5) قيمتهما.

+++++++++++

(1) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 284.

عند قول الشهيد الثاني قدس سره: و قيل لا يصح حتى يعلم مقدار كل منهما، لأنهما في قوة مبيعين، و هو ضعيف.

و المراد من الارسال نسبة هذا القول إلى القيل، حيث لم يذكر القائل، و لا ما استند عليه.

(2) أي و نسب العلامة عدم جواز بيع المظروف مع ظرفه.

و المراد من بعض العامة بعض الشافعية، و بعض الحنابلة.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 55 عند قول العلامة قدس سره: و منع منه بعض الشافعية و بعض الحنابلة

(4) أي كل واحد من الظرف و المظروف.

(5) أي مع اختلاف قيمة كل واحد من الظرف و المظروف.

ص: 131

فالغرر الحاصل في بيع الجزاف حاصل هنا (1):

و الذي (2) يقتضيه النظر أما فيما نحن فيه (3) مما جوز شرعا بيعه منفردا عن الظرف مع جهالة وزنه (4) فالقطع (5) بالجواز منضما، اذ (6) لم يحصل من الانضمام مانع، و لا ارتفع شرط:

+++++++++++

(1) أي في بيع الظرف و المظروف، فيكون البيع بيعا غرريا.

(2) من هنا يروم الشيخ ابداء نظريته حول مسألة بيع الظرف مع مظروفه:

فقال: و الذي يقتضيه النظر.

(3) و هو بيع المظروف مع ظرفه.

(4) أي مع جهالة وزن الظرف.

(5) جواب لكلمة أما التفصيلية في قوله: أما فيما نحن فيه:

خلاصة مراده قدس سره أن الشارع قد جوز في الخارج بيع المظروف منفردا و مستقلا، من دون أن يباع معه الظرف، مع الجهل بمقدار وزن الظرف:

فبيع المظروف منضما إلى بيع الظرف جائز قطعا:

(6) تعليل لجواز بيع المظروف منضما إلى الظرف.

خلاصته أنه لم يحصل من ضم أحدهما مع الآخر مانع عن بيعهما.

بالإضافة الى عدم اختلال شرط من شروط البيع من هذا الانضمام و بيعهما معا، اذ شروط البيع و هي العقل و البلوغ و الاختيار، و معلومية العوضين، و قابلية المبيع للتملك، و القدرة على تسليمه للمشتري كلها موجودة في بيع المظروف منضما إلى ظرفه:

فلما ذا لا يصح بيعهما معا؟

ص: 132

و أما في غيره (1): من أحد المنضمين الذين لا يكفي في بيعه منفردا معرفة وزن المجموع: فالقطع بالمنع مع لزوم الغرر الشخصي كما لو باع سبيكة من ذهب مردد (2) بين مائة مثقال، و الف، مع وصلة من رصاص قد بلغ وزنها الفي مثقال، فإن الإقدام على هذا البيع إقدام على ما فيه خطر (3) يستحق لأجله اللوم من العقلاء.

و أما (4) مع انتفاء الغرر الشخصي، و انحصار المانع في النص

+++++++++++

(1) أي في غير ما نحن فيه، و كلمة من بيان لغير ما نحن فيه.

(2) بالنصب على الحالية أي حالكون الذهب مرددا بين هذا المقدار و بين ذاك المقدار: و هو الف مثقال.

(3) أي ضرر شخصي على المشتري في صورة شراء سبيكة ذهب مردد بين مائة مثقال، أو الف مثقال.

و هذا الغرر مما يقبحه العقلاء، و يوجهون لومهم على المشتري.

(4) خلاصة هذا الكلام أن بيع المظروف مع ظرفه اذا لم يتوجه نحو المشتري ضرر شخصي جائز قطعا كما علمت في الهامش 6 ص 132 و إن كان مقدار وزن مجموع الظرف مع مظروفه مجهولا، لأن المانع المتصور هو النص و الاجماع الدالان على لزوم اعتبار العلم بالمكيل، أو الموزون اذا كان المبيع منهما.

أما النص فرواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام المشار إليها في ص 116 فهي بمفهومها تدل على عدم جواز شراء المتاع و هو في الناسية و الجوالق إذا لم يراضيا، لأن منطوقها هو قوله عليه السلام:

إذا لم يعلم وزن الناسية و الجوالق فلا بأس اذا تراضيا.

و أما الاجماع فهو الاتفاق من الطائفة على عدم جواز بيع ما كان من المكيل، أو الموزون اذا لم يعلم مقدارهما.

ص: 133

الدال على لزوم الاعتبار بالكيل و الوزن، و الاجماع المنعقد على بطلان البيع إذا كان المبيع المجهول المقدار في المكيل و الموزون: فالقطع بالجواز، لأن (1) النص و الاجماع إنما دلاّ على لزوم اعتبار العلم بالمبيع لا (2) على كل جزء منه.

و لو كان (3) أحد الموزونين يجوز بيعه منفردا مع معرفة وزن المجموع، دون الآخر.

+++++++++++

- هذه خلاصة الاستدلال بالنص و الاجماع على بطلان بيع المظروف مع ظرفه إن لم يعلم مقدار مجموع وزنهما.

(1) هذا جواب من الشيخ عن النص و الاجماع المستدل بهما على بطلان بيع المظروف مع ظرفه إذا لم يعلم مقدار وزن المجموع.

و خلاصته أن النص و الاجماع المذكورين إنما دلاّ على لزوم اعتبار العلم بمقدار المبيع إذا كان من المكيل، أو الموزون، لا على لزوم اعتبار العلم بكل جزء من المبيع.

و من الواضح أن البائع و المشتري عالمان اجمالا بمقدار وزن الظرف و المظروف عند إقدامهما على البيع و الشراء و إن لم يكونا عالمين بمقدار وزن كل واحد منهما علما تفصيليا، و هذا المقدار من العلم كاف في صحة البيع.

اذا فلا مجال للاستدلال بالنص و الاجماع على بطلان بيع المظروف مع ظرفه.

(2) أي و لا دلالة للنص و الاجماع على لزوم اعتبار العلم بكل جزء من أجزاء المبيع كما عرفت عند قولنا: و من الواضح.

(3) خلاصة هذا الكلام أنه اذا كان شيئان من المكيل، أو الموزون -

ص: 134

كما لو فرضنا جواز بيع الفضة المحشوة (1) بالشمع، و عدم (2)

+++++++++++

- و كان العلم بوزن مجموعهما موجودا: جاز بيع أحدهما منفردا و مستقلا، دون الآخر:

خذ لذلك مثالا.

لنا معلقة من المعلقات كالثريا مصوغة قوائمها و غصونها من الفضة، أو الذهب، و هذه القوائم و الغصن محشوة بالشمع، أو الجص كما هي عادة الصاغة.

و فرضنا جواز بيع هذه الفضة، أو الذهب المحشوة منفردا و مستقلا و فرضنا عدم جواز بيع الشمع التابع للفضة، أو الذهب منفردا و مستقلا، للجهالة بمقدار وزن الشمع، لكن الجهالة به لا تضر ببيع الفضة، لكونه تابعا لها.

(1) في جميع النسخ الموجودة عندنا (المحشى).

و الظاهر أن الصحيح (المحشوة) كما أثبتناها، لأن كلمة المحشى تطلق على متون الكتب التي يعلق عليها، لغموض مطالبها، و تعقيدها فتحشى تلك المطالب و يعلق عليها ليفهم مراد المتن و المصنف، فهي بمنزلة التفسير لها.

بخلاف كلمة المحشوة، فإنها تطلق على الشيء الذي يجعل في جوفه مقدارا معينا من الشمع، أو الجص، لسدّ فراغ تلك الأغصان و القوائم في الثريات، أو الخلخال الذي تلبسه المرأة و تجعله حليا لها كما تلبس السوار.

(2) بالنصب عطفا على كلمة جواز في قوله: كما لو فرضنا جواز أى و كما لو فرضنا عدم جواز بيع الشمع الذي حشيت به الفضة، للجهل بمقدار وزنه كما علمت عند قولنا: للجهالة بمقدار.

ص: 135

جواز بيع الشمع كذلك، فإن فرضنا الشمع تابعا: لا تضر جهالته (1) و إلا (2) فلا.

ثم إن بيع المظروف مع الظرف يتصور على صور (3).

(احداها): أن يبيعه مع ظرفه بعشرة مثلا فيقسط الثمن على قيمتي كل من المظروف و الظرف لو احتيج إلى التقسيط.

فاذا قيل قيمة الظرف درهم و قيمة المظروف تسعة كان للظرف عشر الثمن (4):

(الثانية): أن يبيعه (5) مع ظرفه بكذا، على أن كل رطل من المظروف بكذا فيحتاج الى إندار مقدار للظرف، و تكون قيمة

+++++++++++

(1) أي الجهالة بمقدار وزن الشمع كما علمت.

(2) أي و إن كانت الجهالة بمقدار وزن الشمع التابع للفضة في البيع مضرة للمبيع فالبيع باطل في الفرض المذكور: و هو جواز بيع أحد الموزونين منفردا و مستقلا، دون الآخر الذي هو تابع للمبيع كالمعلقة من الفضة المحشوة بالشمع.

(3) أي صور ثلاث.

(4) أي واحدا من العشرة 0/1.

(5) أي يبيع المظروف مع ظرفه بعشرة دراهم مثلا.

فرض المسألة هكذا:

ظرف يشتمل على مقدار من الدهن هو و الدهن وزنهما عشرة كيلوات، و فرضنا أنه بيع الدهن مع ظرفه بعشرة دراهم.

فهنا يندر مقدار معين للظرف و هو كيلو واحد مثلا فتبقى تسعة كيلوات للدهن بعد إسقاط كيلو واحد للظرف، فيعطى للبائع تسعة دراهم.

ص: 136

المظروف ما بقي بعد ذلك (1)، و هذا (2) في معنى بيع كل منهما منفردا.

(الثالثة): أن يبيعه (3) مع الظرف كل رطل بكذا على أن يكون التسعير للظرف و المظروف.

و طريقة التقسيط (4) لو احتيج إليه كما في المسالك: أن يوزن الظرف منفردا، و ينسب (5) إلى الجملة و يؤخذ له (6).

+++++++++++

(1) أي بعد إسقاط مقدار معين للظرف.

(2) أي بيع المظروف مع ظرفه بمبلغ معين على أن يكون سعر كل كيلو درهما واحدا، و بعد إسقاط مقدار معين للظرف هو في معنى بيع كل من الظرف و المظروف منفردا و مستقلا.

(3) أي يبيع المظروف مع الظرف كل كيلو بدرهم بشرط أن يكون التسعير لكل من الظرف و المظروف: بمعنى وقوع جزء من الثمن ازاء الظرف كما يقع مقدار من الثمن ازاء المظروف.

(4) أي و طريقة تقسيط الثمن على المظروف و الظرف على الصورة الثالثة التي لا بد من وقوع جزء من الثمن ازاء الظرف: أن يوزن الظرف مستقلا و منفردا حتى يعلم مقدار وزنه ثم بعد ذلك ينسب المقدار المعين إلى مجموع وزن الظرف و المظروف.

فإن كان مقداره عشرا أي واحدا من العشرة التي كانت مجموع وزنهما فيعطى للمشتري عشر من الثمن أي واحدا من العشرة: 0/1.

و إن كان ثمنا يعطى للمشتري ثمن من الثمن و إن كان سبعا فسبع، و إن كان سدسا فسدس، و هكذا.

(5) أي وزن الظرف الى مجموع وزن الظرف و المظروف كما علمت

(6) أي للظرف.

ص: 137

من الثمن بتلك النسبة (1).

و تبعه (2) على هذا غير واحد.

و مقتضاه (3) أنه لو كان الظرف رطلين و المجموع عشرة أخذ له (4) خمس الثمن.

و الوجه في ذلك (5) ملاحظة الظرف و المظروف شيئا واحدا،

+++++++++++

(1) و هي الثمن، أو العشر، أو التسع، أو السبع، أو الخمس

(2) أي و تبع الشهيد الثاني غير واحد من أعلام الطائفة قدس اللّه أسرارهم في هذه الطريقة: و هي طريقة تقسيط الثمن على الظرف و المظروف.

(3) أي و مقتضى هذا التقسيط الذي أفاده الشهيد الثاني في المسالك و الذي عرفته منا مفصلا في الهامش 4 ص 137 عند قولنا: أي و طريقة تقسيط الثمن. خلاصة هذا الكلام أنه لو كان وزن الظرف كيلوين، و مجموع وزن الظرف و المظروف عشرة كيلوات يؤخذ للظرف حينئذ من الثمن خمسه أي بناء على أن كل كيلو درهم و المجموع عشرة دراهم يؤخذ للمشتري من مجموع الثمن خمس: و هو درهمان أي 0/2

و قد عرفت كيفية ذلك مشروحا في الهامش 4 ص 137

عند قولنا: فإن كان مقداره عشرا.

(4) أي يؤخذ للظرف خمس الثمن كما عرفت آنفا.

(5) أي العلة في كيفية التقسيط المذكور الذي أفاده شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في المسالك هو أن الظرف و المظروف هنا قد لوحظا شيئا واحدا بحيث يجوز لنا أن نفرض تمام الظرف كسرا مشاعا من المجموع أي جزء معينا عنه، و المجموع هو الظرف و المظروف.

فاذا كان وزن الظرف كيلوين، و وزن المظروف ثمانية كيلوات -

ص: 138

حتى أنه يجوز أن يفرض تمام الظرف كسرا مشاعا من المجموع، ليساوي (1) ثمنه من المظروف.

فالمبيع (2) كل رطل من هذا المجموع، لا (3) من المركب من

+++++++++++

- صار وزن المجموع عشرة كيلوات فيؤخذ حينئذ للظرف من الثمن خمسه أي اثنان من العشرة، فيسترد من الثمن درهمان بعد أن كانت قيمة كل رطل درهما.

(1) تعليل لكون الظرف كسرا مشاعا.

و خلاصته أنه إذا صار الظرف كسرا مشاعا لازمه مساواة ثمنه لثمن المظروف من حيث مقدار الثمن، فإنه اذا كان ثمن كل كيلو درهما و كان وزن الظرف كيلوين و المظروف ثمانية كيلوات فقد وقع ازاء وزن الظرف درهمان كما وقع ازاء وزن المظروف ثمانية دراهم فساوى ثمن الظرف ثمن المظروف.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الظرف و المظروف لوحظا شيئا واحدا بحيث يجوز أن يفرض تمام الظرف كسرا مشاعا أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون المبيع عبارة عن كل كيلو من مجموع الظرف و المظروف الذين لوحظا شيئا واحدا من جنس واحد.

إما من جنس الظرف، أو من جنس المظروف المغاير جنسه مع جنس الآخر.

(3) أي و ليس المبيع كل كيلو مركب من الظرف و المظروف من دون ملاحظتهما شيئا واحدا.

و الفرق بين الأول: و هو كون المبيع عبارة عن كل كيلو من مجموع الظرف و المظروف الذين لوحظا شيئا واحدا من جنس واحد.

و بين الثاني: و هو كون المبيع كل كيلو مركب من الظرف -

ص: 139

.............

+++++++++++

- و المظروف من دون ملاحظتهما شيئا واحدا:

هو أن الثمن في الأول يوزع على المظروف و ظرفه بنسبة واحدة لأن المفروض هو بيع كل كيلو من المظروف بدرهم، و بيع كل كيلو من الظرف بدرهم أيضا.

فعلى فرض كون وزن الظرف كيلوين يكون درهمان بإزائهما من مجموع عشرة الدراهم التي كانت سعر عشرة كيلوات: أي يكون ازاء وزن الظرف خمس العشرة 0/2.

و أما على كون المبيع كل كيلو مركب من الظرف و المظروف من دون ملاحظتهما شيئا واحدا فيوزع الثمن على الظرف و المظروف بنحو يكون كل رطل مركب من الظرف و المظروف بإزاء درهم واحد.

فلو كان وزن الظرف كيلوين، و وزن المظروف ثمانية كيلوات يقسم المجموع خمسة أقسام كل قسم من الخمسة مركب من المظروف و ظرفه بنحو تكون نسبة الجزء من الظرف المفروض مع مظروفه نسبة الخمس الى أربعة أخماس.

و المفروض أن الدرهم واقع بإزاء هذا القسم المركب من خمسة أقسام، فلازم هذا الفرض ان يقع من هذا الدرهم الواقع بإزاء الخمس الواقع فيه من الظرف: ما تقتضيه نسبة هذا الخمس واقعا من القيمة الى الاربعة أخماس.

فحينئذ ربما تكون قيمة هذا الخمس واقعا مساوية لقيمة الأربعة اخماس من المظروف فيكون مجموع الأخماس من الظرف الواقعة في ضمن أخماس المركب من الظرف و المظروف درهمين و نصف درهم

و منشأ هذا التفاوت أن الظرف على الأول: و هو كون المبيع -

ص: 140

الظرف و المظروف، لأنه إذا باع كل رطل من الظرف و المظروف بدرهم مثلا وزّع الدرهم على الرطل و المظروف بحسب قيمة مثلهما:

فاذا كانت قيمة خمس الرطل المذكور الذي هو وزن الظرف الموجود فيه مساوية لقيمة أربعة الأخماس التي هي مقدار المظروف الموجود.

فكيف (1) يقسط الثمن عليه أخماسا؟

+++++++++++

- عبارة عن كل كيلو من مجموع الظرف و المظروف الذين لوحظا شيئا واحدا من جنس واحد: وقع بإزائه درهمان، لملاحظة الظرف كالمظروف من دون فرق بينهما.

بخلاف الثاني: و هو كون المبيع كل كيلو مركب من الظرف و المظروف من دون ملاحظتهما شيئا واحدا، فإنه لم يقع بإزاء الظرف بحسب جعل المتبايعين درهمان بنحو التسعير، بل وقع درهم بإزاء الكيلو المركب.

و أما وقوع كل جزء من الدرهم بإزاء جزء من المركب فيتبع نسبة الجزء من الظرف إلى أجزاء المظروف بحسب ما تقتضيه قيمته الواقعية.

هذه خلاصة ما أفاده المحقق الاصفهاني قدس سره في هذا المقام في تعليقته على المكاسب في ص 330.

(1) هذا إشكال من الشيخ قدس سره على ما أفاده الشهيد الثاني أعلى اللّه مقامه الشريف في المسالك في بيع الظرف مع المظروف في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 137 في كيفية تقسيط الثمن على الظرف و المظروف.

و خلاصته أن ما أفاده يتم على الفرض الأول: و هو كون المبيع -

ص: 141

.............

+++++++++++

- عبارة عن كل كيلو من مجموع الظرف و المظروف الذين لوحظا شيئا واحدا من جنس واحد، فيكون ازاء وزن الظرف خمس العشرة 0/2

و أما على الفرض الثاني: و هو كون المبيع عبارة عن كل كيلو مركب من الظرف و المظروف من دون ملاحظتهما فلا يكون ازاء وزن الظرف خمس العشرة و هو درهمان.

بل كما عرفت في الهامش 3 ص 139-140 زاء وزن الظرف درهمان و نصف درهم.

فتدبر جيدا، فإن المقام دقيق جدا يحتاج الى إمعان زائد.

ص: 142

تنبيهات البيع

مسألة: المعروف بين الأصحاب تبعا لظاهر تعبير الشيخ بلفظ ينبغي استحباب التفقه في مسائل الحلال و الحرام المتعلقة بالتجارات،

(مسألة):

المعروف بين الأصحاب تبعا لظاهر تعبير الشيخ بلفظ ينبغي استحباب (1) التفقه في مسائل الحلال و الحرام المتعلقة بالتجارات، ليعرف (2) صحيح العقد من فاسده، و يسلم من الربا.

و عن إيضاح النافع أنه قد يجب، و هو (3) ظاهر عبارة الحدائق أيضا.

و كلام المفيد رحمه اللّه في المقنعة(1) أيضا لا يأبى الوجوب، لأنه بعد ذكر قوله تعالى:

لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (4) و قوله تعالى:

أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ لاٰ تَيَمَّمُوا اَلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (5).

قال (6): فندب الى الانفاق من طيب الاكتساب، و نهى عن طلب الخبيث للمعيشة و الانفاق، فمن لم يعرف فرق ما بين الحلال من المكتسب و الحرام لم يكن مجتنبا للخبيث من الأعمال، و لا كان

+++++++++++

(1) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله: المعروف.

(2) أي التاجر المسلم.

(3) أي وجوب النفقة في مسائل الحلال و الحرام.

(4) النساء: الآية 33.

(5) البقرة: الآية 269.

(6) أي الشيخ المفيد قدس اللّه نفسه.

ص: 143


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على ثقة في تفقه من طيب الاكتساب.

و قال تعالى أيضا:

ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا و أحلّ اللّه البيع و حرم الربا (1).

فينبغي أن يعرف البيع المخالف للربا، ليعلم بذلك ما أحلّ اللّه، و حرم من المتاجر و الاكتساب:

و جاءت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول:

من اتجر بغير علم فقد ارتطم (2) في الربا ثم ارتطم (3).

ثم قال (4): قال الصادق عليه السلام:

من أراد التجارة فليتفقه في دينه، ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، و من لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات (5).

+++++++++++

(1) البقرة: الآية 276.

(2) فعل ماض من باب الافتعال مصدره ارتطام.

معناه الدخول في الشيء يتعسر الخروج منه بسهولة.

يقال: ارتطم عليه الأمر اذا لم يقدر على الخروج.

و يقال: ارتطم في الوحل أي دخل فيه و احتبس.

فالداخل في التجارة بغير التفقه و التعلم بمسائل الحلال و الحرام يوشك أن يقع في الربا، و في الحرام ثم لا يتمكن من الخروج منهما.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 - ص 283 الباب 4 - الحديث 2.

(4) أي الشيخ المفيد قدس سره.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 283 الباب 4 - الحديث 4.

ص: 144

انتهى (1).

أقول: ظاهر كلامه (2) رحمه اللّه الوجوب.

إلا (3) أن تعبيره بلفظ ينبغي ربما يدعى ظهوره في الاستحباب.

إلا (4) أن الانصاف أن ظهوره ليس بحيث يعارض ظهور ما في

+++++++++++

(1) أي ما أفاده الشيخ المفيد في هذا المقام.

(2) أي ظاهر كلام الشيخ المفيد وجوب التفقه في المسائل الشرعية

وجه الظهور دلالة قوله عند نقل الشيخ عنه في ص 143: و نهى عن طلب الخبيث للمعيشة و الانفاق، فمن لم يعرف فرق ما بين الحلال من المكتسب من الحرام لم يكن مجتنبا للخبيث من الأعمال.

فهذه الجمل بتمامها تدل على وجوب التفقه، اذ معرفة الفرق بين الحلال و الحرام من المكتسب هي الموجبة لاجتناب كل شيء يكون سببا لاكتساب الخبيث من الأعمال المنهي عنها لدى الشارع.

(3) من هنا يروم الشيخ أن يقول: نحن و إن قلنا: إن ظاهر كلام شيخنا المفيد قدس سره في وجوب التفقه، لكن كلمة ينبغي في قوله في ص 144: فينبغي أن يعرف المبيع ظاهرة في الاستحباب، فلا يستفاد الوجوب اذا من ظاهر كلامه.

(4) من هنا يروم الشيخ أن يؤيد ظهور كلام الشيخ المفيد في الوجوب، و إن كانت كلمة ينبغي ظاهرة في الاستحباب.

و خلاصته أنه لا تنافي بين الظهورين، لأن ظهور كلمة ينبغي في الاستحباب ليس بمقدار يمكنه معارضة ظهور كلامه في وجوب التفقه لأن وجوبه وجوب مقدمي من باب أنه مقدمة للواجب الذي هو ترك المحرمات، فإن التاجر إذا لم يكن عالما بمسائل الحلال و الحرام فقد وقع في المحرمات، و ترك المحرمات واجب، فالتفقه في المسائل الشرعية -

ص: 145

كلامه في الوجوب من باب المقدمة، فإن (1) معرفة الحلال و الحرام واجبة على كل احد بالنظر الى ما يبتلى به من الأمور، و ليست معرفة جميعها مما يتعلق بالانسان وجوبها فورا و دفعة.

بل عند الالتفات الى احتمال الحرمة في فعل يريد أن يفعله، أو عند إرادة الإقدام على أفعال يعلم بوجود الحرام بينها، فإنه معاقب على ما يفعله من الحرام لو ترك التعلم و إن لم يلتفت عند فعله إلى احتمال تحريمه، فإن التفاته السابق، و علمه بعدم خلو ما يريد مزاولتها من الأفعال من الحرام كاف في حسن العقاب، و إلا (2) لم يعاقب أكثر الجهال على أكثر المحرمات، لأنهم يفعلونها و هم غير ملتفتين الى احتمال حرمتها عند الارتكاب، و لذا (3) اجمعنا على أن الكفار يعاقبون على الفروع

+++++++++++

- واجب.

ففي الواقع هنا قياس منطقي من الشكل الأول هكذا:

الصغرى: تعلم المسائل الشرعية مقدمة لترك المحرمات.

الكبرى: و كلما كان مقدمة لذلك فهو واجب.

النتيجة: فتعلم المسائل الشرعية واجب.

اذا لا تعارض كلمة ينبغي الظاهرة في الاستحباب هذا الوجوب المقدمي.

(1) تعليل للوجوب المقدمي في تعلم المسائل الشرعية.

و اشارة الى القياس المنطقي الذي أشرنا إليه و الى التعليل الذي ذكرناه في الهامش 4 ص 145 عند قولنا: لأن وجوبه وجوب مقدمي.

(2) أي و إن لم يكن علم المكلف بعدم خلو ما يريد مزاولتها من الأفعال من الحرام كافيا في حسن العقاب.

(3) أي و لأجل أن علم المكلف بعدم خلو ما يريد مزاولتها من -

ص: 146

و قد ورد ذم الغافل المقصر في معصيته في غير واحد من الأخبار (1)

ثم (2) لو قلنا بعدم العقاب على فعل المحرم الواقعي الذي يفعله من غير شعور كما هو ظاهر جماعة تبعا للأردبيلي رحمه اللّه من عدم العقاب على الحرام المجهول حرمته عن تقصير، لقبح خطاب الغافل فيقبح عقابه.

لكن وجوب تحصيل العلم، و ازالة الجهل واجب على هذا القول كما اعترفوا به.

و الحاصل أن التزام عدم عقاب الجاهل المقصر لا على فعل الحرام،

+++++++++++

- الأفعال عن الحرام كافيا في حسن عقابه اجمع الفقهاء على أن الكفار معاقبون على الفروع كعقابهم على الاصول.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 من ص 282 الباب 4 الأحاديث.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 18 ص 12-13-14 الباب 4 الأحاديث، فإنه يستفاد من تلك الأحاديث ذم الغافل المقصر في معصيته.

(2) مقصود الشيخ من كلامه هذا إلى قوله: و الحاصل: هو أن التعلم واجب على كل حال.

إما بالوجوب النفسي كما افاده المحقق الأردبيلي قدس سره.

و إما بالوجوب العقلي الغيري، لتنجز الأحكام الواقعية، و توقف امتثالها على تعلمها بحدودها.

اذا كيف يعقل الالتزام بعدم عقاب الجاهل المقصر لا على فعل الحرام، و لا على ترك التعلم كما ورد في بعض الأخبار:

هلا تعلمت؟

ص: 147

و لا على ترك التعلم إلا اذا كان حين الفعل ملتفتا إلى احتمال تحريمه لا يوجد له وجه بعد ثبوت أدلة التحريم (1)، و وجوب (2) طلب العلم على كل مسلم، و عدم (3) تقبيح عقاب من التفت الى وجود الحرام من أفراد البيع التي يزاولها تدريجا على ارتكاب الحرام في هذا الأثناء و إن لم يلتفت حين إرادة ذلك الحرام.

ثم إن المقام (4) يزيد على غيره بأن الأصل في المعاملات الفساد فالمكلف إذا أراد التجارة، و بنى على التصرف فيما يحصل في يده من أموال الناس على وجه (5) العوضية يحرم عليه ظاهرا الإقدام على كل

+++++++++++

(1) أي أدلة تحريم المعاوضة، فإنها عامة تشمل حتى صورة الجهل بالحرمة.

(2) بالجر عطفا على مدخول بعد أي و بعد وجوب طلب العلم.

الظاهر أن المراد من وجوب تعلم العلم على كل مسلم هو وجوبه في الأصول و العقائد الدينية التي لا يجوز فيها التقليد.

و ليس المراد منه تعلم مسائل الحلال و الحرام، فإن وجوب التعلم بها على كل مسلم ليس بمعلوم.

نعم تعلمها واجب على التاجر و الكاسب، و كل من يتعاطى و يتعامل حتى لا يقع في الحرام، و لا يرتطم فيه كما عرفت ذلك من الأحاديث المذكورة في ص 144

(3) بالجر عطفا على مدخول بعد أي و بعد عدم تقبيح.

(4) أي مقام التجارة و المعاملة يزداد على بقية الأبواب الفقهية، حيث إن الأصل في المعاملات الفساد.

(5) أي ما يعطيه البائع إلى المشتري يكون ازاء ما يعطيه المشتري من الثمن -

ص: 148

تصرف منها (1) بمقتضى أصالة عدم انتقالها (2) إليه، إلا مع العلم بامضاء الشارع لتلك المعاملة.

و يمكن أن يكون في قوله (3) عليه السلام:

التاجر فاجر، و الفاجر في النار إلا من أخذ الحق و اعطى الحق (4) اشارة إلى هذا المعنى (5).

+++++++++++

- و كذلك ما يعطيه المشتري للبائع يكون بإزاء ما يعطيه البائع له من المثمن، و لذا ترى الفقهاء قالوا في تعريف البيع:

البيع مبادلة مال بمال، حيث اعتبروا المالية في مفهومه.

و أنه كما عرفت أكثر من مرة من مقومات البيع.

كما أن النحاة عبروا عن هذا الباء.

ب: باء المعاوضة، و باء المقابلة، و باء الأثمان عند قول المصنف:

و هو في الاصل كما عن المصباح المنير: مبادلة مال بمال.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 6 ص 9:

(1) أي من أموال الناس التي تحصل في يده:

(2) أي انتقال تلك الأموال التي تحصل في يده من الناس.

(3) أي و يمكن أن يكون في قول الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام: التاجر فاجر، و الفاجر في النار إلا من أخذ الحق و اعطى الحق اشارة الى المعنى الذي ذكرناه: و هي حرمة الإقدام على كل تصرف فيما يحصل للانسان من أموال الناس، إلا بعد العلم بإمضاء الشارع تلك المعاملة، لأن الغالب في التجار ارتكابهم للمعاملات المحرمة، اذ قد عرفت أن الأصل في المعاملات الفساد.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 282 الباب 4 الحديث 1.

(5) و هو الذي ذكرناه في الهامش 2 ص 149 عند قولنا: و هي -

ص: 149

بناء (1) على أن الخارج من العموم ليس إلا من علم بإعطاء الحق، و أخذ الحق، فوجوب (2) معرفة.

+++++++++++

- حرمة الإقدام.

(1) تعليل لكون قول الامام أمير المؤمنين عليه السلام: التاجر فاجر، و الفاجر في النار اشارة الى المعنى الذي ذكرناه في الهامش 3 ص 149

و خلاصته: أن كلمة التاجر عامة، حيث إنها مفرد معرفة بالالف و اللام فنفيد العموم أي تشمل كل تاجر فخرج عن تحت ذاك العموم التاجر الذي يعطي الحق، و يأخذ الحق.

فهذان الفردان هما الخارجان عن تحت ذاك العموم، و أنهما لا يدخلان في النار.

و أما غيرهما فلا يخرجان عن تحت ذاك العموم، لأنك عرفت آنفا أن الغالب في التجار ارتكابهم للمعاملات المحرمة، لكون الأصل الأوّلي في المعاملات الفساد.

فما قلناه: من أن قول الامام عليه السلام اشارة الى المعنى الذي ذكرناه في الهامش 3 ص 149 بعد البناء على اخراج للفردين المذكورين و هما:

التاجر الذي يعطي الحق، و التاجر الذي يأخذ الحق: هو الصواب و الموجه.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ في ص 148: من حرمة الإقدام على كل تصرف في أموال الناس التي تحصل في يده، أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون وجوب المعاملة الصحيحة في هذا المقام: و هو مقام البناء على أن الخارج من العموم ليس إلا من علم بإعطاء الحق، و اخذ -

ص: 150

المعاملة الصحيحة في هذا المقام (1) شرعي، لنهي الشارع عن التصرف في مال لم يعلم انتقاله إليه، بناء (2) على أصالة عدم انتقاله إليه، و في غير (3) هذا المقام عقلي مقدمي، لئلا يقع في الحرام.

و كيف كان فالحكم باستحباب التفقه للتاجر محل نظر.

+++++++++++

- الحق: شرعيا أي تعبدي، لنهي الشارع عن التصرف في صورة عدم العلم بالانتقال.

(1) و هو مقام البناء على ما أشرنا إليه في الهامش 2 ص 150

(2) تعليل لعدم انتقال المال إليه.

و خلاصته أن عدم انتقال المال إليه مبني على الاستصحاب أي استصحاب عدم انتقال المال الى التاجر الذي لا يتفقه في مسائل الحلال و الحرام المتعلقة بالتجارة، فإن المال قبل الإقدام على التجارة عليه لم ينتقل الى التاجر المتعامل على المال، و بعد الإقدام عليه نشك في انتقاله إليه و هو بعد لم يتفقه في مسائل الحلال و الحرام فنستصحب عدم الانتقال، فاذا أخذ المال لا يكون اخذه عن حق.

و كذا اذا اعطى المال لا يكون اعطاؤه عن حق.

(3) أي و في غير مقام المعاملة و المعاوضة يكون وجوب معرفة الحكم عقليا.

كما أنه لو أراد شرب الدخانيات فشك في حرمته و حليته فالعقل يحكم بوجوب تعلم الحلية، و بعد ثبوتها من ناحية الدليل يحكم بجواز استعمال شرب الدخان.

فليس في هذه الواقعة دليل تعبدي: من حديث، أو اصل يحكم بوجوب تعلم حكمها، بل العقل هو الحاكم، لئلا يقع المكلف في الحرام الواقعي.

ص: 151

بل الأولى وجوبه (1) عليه عقلا و شرعا، و إن كان وجوب معرفة باقي المحرمات من باب العقل فقط.

و يمكن توجيه كلامهم (2) بإرادة التفقه الكامل، ليطلع على مسائل الربا الدقيقة، و المعاملات الفاسدة كذلك (3)، و يطلع على موارد الشبهة (4)، و المعاملات غير الواضحة الصحة فيجتنب (5) عنها في العمل، فإن قدر الواجب هو معرفة المسائل العامة البلوى.

لا (6) الفروع الفقهية المذكورة في المعاملات.

و يشهد للغاية الاولى (7) قوله عليه السلام في مقام تعليل وجوب التفقه:

+++++++++++

(1) أي وجوب التفقه على التاجر.

(2) أي كلام الفقهاء اذا قلنا: إنهم يريدون الاستحباب من التفقه

و خلاصة التوجيه أنهم و إن أرادوا الاستحباب من التفقه، لكنهم يقصدون التفقه الكامل بحيث يحيط التاجر علما على المسائل الدقيقة في الربا، و على موارد الشبهة، و المعاملات غير الواضحة من حيث الصحة حتى لا يقع في الحرام.

(3) أي مسائلها الدقيقة أيضا.

(4) أي من حيث الصحة كما عرفت.

(5) الفاء بمعنى حتى أي حتى يجتنب التاجر عن المعاملات الفاسدة الدقيقة و غير الواضحة من حيث الصحة بمعرفته مسائل الحلال و الحرام حتى لا يقع في الربا.

(6) أي و ليس المراد من التفقه في المسائل هو التفقه في جميع المسائل الفرعية المذكورة في الكتب الفقهية حتى يتنافى تعلمها و أوقات التجارة، ليستلزم العسر و الحرج.

(7) و هي الاطلاع على مسائل الربا الدقيقة، و المعاملات الفاسدة -

ص: 152

إن الربا أخفى من دبيب النملة على الصفا (1).

و للغاية الثانية (2) قول الصادق عليه السلام في الرواية المتقدمة (3):

من لم يتفقه ثم اتجر تورط في الشبهات (4).

لكن ظاهر صدره (5) الوجوب فلاحظ.

+++++++++++

- الدقيقة.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 282 الباب 1 الحديث 1

معنى الحديث الشريف أن خفاء الربا في المعاملات الجارية بين أمتي، و التي يتعاملون عليها أخفى من حركة النملة على الصخرة الصافية الملساء، فلا يلتفت الى الوقوع في الربا اذا لم يتفقه في مسائل الحلال و الحرام.

فكما أن حركة النملة على الصخرة الناعمة كالرخام لا تسمع أبدا

كذلك الربا في المعاملات يكون مخفيا بحيث لا يلتفت إليه التاجر اذا لم يكن عالما بمسائل الحرام و الحلال.

فاللازم عليه تعلم المسائل الشرعية الفرعية.

(2) أي و يشهد للغاية الثانية: و هي الاطلاع على موارد الشبهة، و المعاملات غير الواضحة: من حيث الصحة و الفساد.

(3) في ص 144

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 283 الباب 4 الحديث 4

فالشاهد في كلمة الشبهات، حيث تدل على الغاية الثانية.

(5) أي ظاهر صدر قول الامام الصادق عليه السلام:

من أراد التجارة فليتفقه يدل على الوجوب، حيث إن كلمة فليتفقه أمر و الامر يدل على الوجوب.

ص: 153

و قد حكي توجيه كلامهم (1) بما ذكرنا (2) عن غير واحد،

و لا يخلو (3) عن وجه في مقام التوجيه.

ثم إن التفقه (4) في مسائل التجارة لما كان مطلوبا، للتخلص عن المعاملات الفاسدة التي أهمها الربا الجامعة بين أكل المال بالباطل، و ارتكاب الموبقة الكذائية لم يعتبر فيه كونه عن اجتهاد، بل يكفي فيه التقليد الصحيح.

فلا (5) تعارض بين أدلة التفقه هنا، و أدلة تحصيل المعاش.

+++++++++++

(1) أي كلام الفقهاء القائلين باستحباب التفقه في المسائل.

(2) و هو التفقه الكامل، ليطلع التاجر على مسائل الربا.

(3) أي و لا يخلو التوجيه المذكور من اعتبار.

(4) أي كون التفقه في المسائل الشرعية.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن التفقه في المسائل الشرعية لا يعتبر فيه الاجتهاد، بل يكفي فيه التقليد الصحيح: بأن كان التقليد عن معرفة شخصية، أو موازين شرعية المذكورة في مباحث التقليد.

أي ففي ضوء ما ذكرناه فلا تعارض بين أدلة التفقه في المسائل الشرعية التي أشير إليها في ص 149 و ص 153

و بين أدلة وجوب طلب المعاش، و القوت لنفسه، و لعائلته الواجبة النفقة: و هي الآتية في ص 156 و ص 157، لأن التعارض إنما يحصل اذا كان المراد من التفقه هو الاجتهاد في المسائل الشرعية، فإن ذلك هو المانع عن طلب المعاش، و اكتساب المال، لا التقليد الصحيح، فإنه لا يكون مانعا عن الجمع بين التفقه في المسائل الشرعية و اكتساب المال.

ص: 154

نعم ربما أورد في هذا المقام (1) و إن كان خارجا عنه التعارض بين أدلة طلب مطلق العلم (2) الشامل (3) لمعرفة مسائل العبادات، و أنواع المعاملات المتوقف على الاجتهاد.

و بين أدلة طلب الاكتساب و الاشتغال في تحصيل المال (4) لأجل الانفاق على من ينبغي أن ينفق عليه (5)، و ترك إلقاء كلّه (6) على

+++++++++++

(1) أي في مقام التفقه في المسائل الشرعية.

(2) راجع (أصول الكافي) الجزء 1 من ص 30 - الى ص 34 باب صفة العلم و فضله. الأحاديث. أليك نص الحديث 1.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن اللّه يحب بغاة(1) العلم، أليك نص الحديث الثاني:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلب العلم فريضة.

أليك نص الحديث 7 من ص 31.

عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

عليكم بالتفقه في دين اللّه و لا تكونوا أعرابا، فإنه من لم يتفقه في دين اللّه لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، و لم يزك له عملا.

(3) بالجر صفة لكلمة (طلب) في قوله: طلب مطلق العلم.

(4) و هي الآتية في ص 156 و ص 157

(5) كالزوجة و الأبوين، و الأولاد و إن نزلوا.

(6) أي ثقله، حيث إن المستعطي، و من يعيش على صدقات -

ص: 155


1- بضم الباء جمع باغ وزان هداة جمع هاد معناها الطالب أي إن اللّه عز و جل يحب طلاب العلم.

الناس، الموجب (1) لاستحقاق اللعن، فإن الأخبار من الطرفين (2) كثيرة.

يكفي (3) في طلب الاكتساب ما ورد (4): من أن أمير المؤمنين عليه السلام.

قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود.

يا داود إنك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا.

+++++++++++

- الناس و هو صحيح و قادر على الاكتساب، و تحصيل المال و لم يقدم على ذلك فقد اصبح كلاّ و ثقيلا على المجتمع، و لهذا يحرم الاستعطاء و الاستجداء و هو قادر على الاكتساب.

و بهذا المعنى يقال لأخوة الام: (كلالة)، حيث إنهم ثقيلون على الرجل، لقيامه بمصالحهم، مع عدم التولد منه الذي يوجب مزيد الإقبال، و الخفة على النفس.

راجع حول الكلالة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 8، ص 69.

(1) بالجر صفة لكلمة (إلقاء).

(2) و هما: أدلة وجوب طلب مطلق العلم الشامل لمعرفة مسائل العبادات، و أنواع المعاملات.

و أدلة طلب الاكتساب و الاشتغال في تحصيل المال لأجل الانفاق على من ينبغي ان ينفق عليه.

(3) من هنا أخذ الشيخ في ذكر الأحاديث الدالة على طلب الاكتساب و الاشتغال.

(4) هذا أحد الأحاديث المروية في طلب الاكتساب، و الذي أشرنا

ص: 156

قال (1): فبكى داود عليه السلام أربعين صباحا فأوحى اللّه الى الحديد: أن لن لعبدي داود فألان اللّه عز و جل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بالف درهم فعمل ثلاثمائة و ستين درعا فباعها و استغنى عن بيت المال (2)، الى آخر الحديث (3).

و ما (4) أرسله في الفقيه عن الصادق عليه السلام:

ليس (5) منا من ترك دنياه لآخرته، أو آخرته لدنياه (6).

العبادة (7) سبعون جزء أفضلها طلب الحلال (8).

+++++++++++

إليه في الهامش 5 ص 154 بقولنا: و هي الآتية.

(1) أي أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام، فإن الحديث مروي عنه

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 22 الباب 9 الحديث 3

(3) ليس للحديث صلة في الوسائل.

(4) أي و يكفى في طلب الاكتساب ما أرسله الشيخ الصدوق قدس سره.

(5) هذا هو الحديث الثاني المستدل به على طلب الاكتساب، و الذي أشرنا إليه في الهامش 5 ص 154 بقولنا: و هي الآتية

(6) راجع (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3 ص 94 الباب 58 الحديث 3.

و هناك أحاديث اخرى حول طلب اكتساب المال فراجع.

(7) هذا هو الحديث الثالث المستدل به على طلب اكتساب المال، و الذي اشرنا إليه في الهامش 5 ص 154 بقولنا: و هي الآتية

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 11 الباب 4 الحديث 6 -

ص: 157

و أما الأخبار (1) في طلب العلم و فضله فهي أكثر من أن تذكر، و أوضح من أن تحتاج الى الذكر.

و ذكر في الحدائق ان الجمع (2) بينهما بأحد الوجهين:

(احدهما): و هو الأظهر بين علمائنا تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم، و يقال بوجوب ذلك (3) على غير طالب العلم المستقل تحصيله و استفادته، و تعليمه و افادته.

قال (4) و بهذا الوجه (5) صرح الشهيد الثاني قدس سره في رسالته المسماة ب: (منية المريد في آداب المفيد و المستفيد،) (6).

+++++++++++

- و الحديث هذا مروي في المصدر عن الامام أبي جعفر عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و ليس في المصدر كلمة إن كما اثبتناه هنا.

(1) قد أشرنا الى هذه الأخبار و مصدرها في الهامش 2 ص 155.

(2) أي الجمع بين الأحاديث الواردة في الحث على طلب العلم

و بين الأحاديث الدالة على الحث في طلب الاكتساب.

(3) أي بوجوب طلب الاكتساب، و تحصيل المعاش.

(4) أى المحدث البحراني قدس سره.

(5) و هو تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم: بأن يقال: إن طلب الرزق، و اكتساب المعيشة واجب على غير طالب العلم.

و أما هو فإن اللّه سبحانه و تعالى قد تكفل له و ضمن رزقه.

(6) مؤلّف شريف، و كتاب نفيس جدا و هو و إن كان صغير الحجم لكنه كثير الفائدة.

يذكر (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره في الكتاب ما يلزم على -

ص: 158

حيث قال (1) في جملة شرائط العلم:

و أن (2) يتوكل على اللّه، و يفوض أمره إليه، و لا يعتمد على الأسباب فيتوكل (3) عليها فيكون (4) وبالا عليه، و لا (5) على أحد من خلق اللّه تعالى:

بل يلقي مقاليد (6) أمره

+++++++++++

- العالم و المتعلم المواظبة عليه: من الأخلاق الفاضلة، و الخصال الحميدة و ما يجب على القاضي و المفتي حين القضاء و الإفتاء.

يأتي شرح الكتاب و مؤلفه شيخنا الشهيد الثاني في (أعلام المكاسب)

(1) أى الشهيد الثاني قدس سره في كتابه: (منية المريد).

(2) هذا مقول قول الشهيد الثاني في المصدر نفسه.

(3) الفاء بمعنى حتى أي حتى يتوكل طالب العلم على الأسباب الظاهرية، بل لا بد له من التوكل على اللّه سبحانه و تعالى، و يعلم أنه لا مؤثر في الوجود إلا ذاته المقدسة، و أنه سبحانه و تعالى ليقطعن أمل كل مؤمل غيره.

(4) الفاء هنا فاء النتيجة أي نتيجة التوكل على الأسباب الظاهرية هو الخسران، و الوبال على المتوكل عليها.

(5) أي و كذا لا يتوكل طالب العلم على أحد من خلق اللّه تعالى، فإن المخلوق أعجز من أن يعتمد عليه.

(6) بفتح الميم جمع مقلد بكسر الميم و سكون القاف، و فتح اللام و سكون الدال وزان منجل.

و قيل: جمع مقلاد.

و قيل: جمع لا مفرد له من لفظه.

معناها تفويض الأمور و تسليمها إلى الغير -

ص: 159

إلى اللّه تعالى يظهر له من نفحات (1) قدسه، و لحظات (2) انسه ما به يحصل به مطلوبه، و يصلح به مراده.

و قد (3) ورد في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه و آله: قد تكفل

+++++++++++

- و المراد منها هنا طلب معظلات الامور، و متعلقاتها من اللّه عز و جل، و تفويضها إليه جل و علا.

و في غير هذا المقام يراد منها المفاتيح كما في قوله عز من قائل:

و له مقاليد السموات و الأرض أي مفاتيحها: و هي كناية عن أن رتقها و فتقها و القدرة و السلطة على تدبيرها و تغييرها بيده كما قال الحكيم السبزوارى رحمة اللّه عليه في منظومته:

أزمة الأمور طرا بيده *** و الكل مستمدة من مدده(1)

(1) بفتح النون و الفاء جمع نفحة بفتح النون و سكون الفاء، معناها انتشار الروائح الطيبة.

و المراد منها هنا إفاضة الرحمة و البركة من جانب المقدس الكبير المتعال نحو العبد عند ما يكون قابلا لتلك النفحات.

(2) بفتح اللام و الحاء جمع لحظة بفتح اللام و سكون الحاء.

معناها آنات - ثواني - دقائق.

و المراد بها هنا أوقات استيناس العبد بذات البارى عز و جل عند ما يتوجه نحوه في العبادة، أو المسألة خاضعا خاشعا متصدعا، سواء أ كانت هذه اللحظات كثيرة أم قليلة.

(3) هذا كلام شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في كتابه:

(منية المريد).

ص: 160


1- - راجع (المنظومة) قسم الإلهيات ص 3.

لطالب العلم برزقه عما ضمنه لغيره (1):

بمعنى (2) أن غيره محتاج الى السعي على الرزق حتى يحصل له و طالب العلم لا يكلف بذلك، بل بالطلب (3)، و كفاه (4) مئونة الرزق إن احسن النية، و أخلص القربة.

و عندي (5) في ذلك من الوقائع ما لو جمعته لا يعلمه إلا اللّه. من حسن صنع اللّه تعالى، و جميل ما اشتغلت(1) بالعلم و هو (6) مبادي العشر الثلاثين و تسعمائة إلى يومنا هذا و هو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة.

و بالجملة (7) ليس الخبر كالعيان.

+++++++++++

(1) إلى هنا مضمون ما ورد في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم حول طالب العلم.

(2) هذا التفسير من شيخنا الشهيد الثاني قدس سره للحديث النبوي أي غير طالب العلم يحتاج إلى السعي في طلب رزقه.

(3) أي كلّف طالب العلم بطلب العلم فحسب، دون طلب الرزق

(4) أي إن اللّه سبحانه و تعالى كفى طالب العلم مئونة رزقه، فلا يحتاج إلى طلب الرزق، و اكتساب المال، لأنه كافله.

(5) هذا كلام شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في كتابه (منية المريد).

و كلمة من في قوله: من صنع اللّه بيان للوقائع التي جرت لشيخنا الشهيد الثاني.

(6) أي زمان اشتغالي بتحصيل العلم كان في بداية عام 930.

(7) هذا كلام (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره في كتابه (منية المريد)، أي خلاصة الكلام في هذا المقام.

ص: 161


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و روى (1) شيخنا المقدم محمد بن يعقوب الكليني قدس سره بإسناده الى الحسين بن علوان قال:

كنا في مجلس نطلب فيه العلم و قد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابي:

من تؤمل لما قد نزل بك؟

فقلت: فلانا.

فقال (2): اذا و اللّه لا تسعف (3) بحاجتك، و لا تبلغ أملك و لا تنجح طلبتك.

قلت: و ما علّمك رحمك اللّه؟

قال (4): إن أبا عبد اللّه عليه السلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن اللّه تبارك و تعالى يقول:

+++++++++++

(1) هذا كلام (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره في كتابه (منية المريد).

(2) أي بعض الأصحاب.

(3) بضم التاء و سكون السين فعل مضارع مجهول من سعف يسعف فهو متعد.

و المشتق من هذه المادة يأتي لمعان كثيرة:

الإعانة، المساعدة، الإمداد الفوري، و لذا يقال لسيارات المستشفيات الحاملة للمرضى: (سيارات الإسعاف).

و يأتي بمعنى القصد و التوجه، و قضاء الحاجة.

و المراد من هذه الكلمة: و هي لا تسعف هنا قضاء الحاجة أي فلا تقضى حاجة من يؤمل غير اللّه عز و جل.

(4) أي بعض الأصحاب.

ص: 162

و عزتي و جلالي و مجدي، و ارتفاعي على عرشي لاقطعن أمل كل مؤمل من الناس غيري باليأس، و لأكسونه ثوب المذلّة عند الناس و لأنحينه من قربي، و لأبعدنه من فضلي.

أ يؤمل غيري في الشدائد و الشدائد بيدي؟

و يرجو غيري و يقرع بالفكر باب غيري و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني.

فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟!

و من ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني؟

جعلت آمال عبادي عندى محفوظة فلم يرضوا بحفظي، و ملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي - و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي، فلم يثقوا بقولي.

أ لم يعلم أن من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد اذني؟

فمالي أراه لاهيا عني؟

أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده و سأل غيري.

أ فيراني ابدا بالعطاء قبل المسألة ثم أسأل فلا اجيب سائلي؟!

أ بخيل انا فيبخلني عبدي؟

أو ليس الجود و الكرم لي؟

أو ليس العفو و الرحمة بيدي؟!

أو ليس انا محل الآمال فمن يقطعها دوني؟

أ فلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري؟

فلو أن اهل سماواتي و اهل أرضي أمّلوا جميعا ثم اعطيت كل واحد

ص: 163

منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو (1) ذرة.

و كيف ينقص ملك انا قيّمه؟

فيا بؤسا (2) للقانطين من رحمتي.

و يا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني.

انتهى الحديث الشريف (3).

و انتهى كلام شيخنا الشهيد الثاني رحمه اللّه (4).

+++++++++++

(1) بضم العين و سكون الضاد معناه الجزء أي مقدار جزء ذرة و هذا منتهى المبالغة، حيث إن الذرة بناء على قبولها القسمة كما عرفت في الهامش 1 ص 289 من الجزء 11 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة تصورها صعب جدا فكيف في تصور جزء منها.

(2) معناه هنا الحزن أي فالحزن على من يقنط من رحمتي.

(3) أي هذا الحديث المروي عن الكافي في كتاب منية المريد.

و الحديث هذا الذي رواه الشيخ الأنصاري عن المحدث البحراني و المحدث عن كتاب منية المريد لشيخنا الشهيد الثاني عطر اللّه مراقدهم و قدس اللّه أسرارهم بعد ما راجعت المصدر (منية المريد) رأيت فيه اختلافا شاسعا بين المذكور هنا.

و بين ما ذكره الشهيد الثاني في كتابه (منية المريد).

و لما كان شيخنا الشهيد الثاني قدس سره رواه عن الكافي فراجعت الكافي فطبقته على الكافي.

راجع (أصول الكافي) الجزء 2 ص 66-67 باب التفويض الى اللّه، و التوكل عليه. الحديث 7 طباعة مطبعة الحيدري الطبعة الثانية عام 1381 الهجرى منشورات مكتبة الصدوق.

(4) راجع (منية المريد) ص 45-46-47 طباعة (مطبعة الغرى) النجف الأشرف عام 1365.

ص: 164

قال (1) في الحدائق: و يدل على ذلك (2) بأصرح دلالة ما رواه في الكافي بإسناده إلى أبي اسحاق السبيعي عمن حدثه قال:

سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم و العمل به.

ألا و إن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال.

إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه لكم و سيفي لكم.

و العلم مخزون عند أهله و قد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه.

الى آخر الخبر (3).

قال (4): و يؤكد ما رواه في الكافي بسنده عن أبي جعفر (ع)

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: يقول اللّه عز و جل:

و عزتي و جلالي، و عظمتي و كبريائي، و نورى و علوى، و ارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت عليه أمره، و لبّست

+++++++++++

(1) أى المحدث البحراني قدس سره.

(2) أى على أن طالب العلم مأمور بطلب العلم، لا بطلب الرزق لأن رزقه مقسوم قد تكفل له البارى عز و جل.

(3) راجع (أصول الكافي) الجزء الأول ص 30 كتاب فضل العلم باب فرض العلم، و وجوب طلبه، و الحث عليه: الحديث 1 نفس الطباعة و نفس عام الطباعة، و ليس للخبر صلة.

(4) أي (المحدث البحراني) قدس سره افاد أنه يؤكد ما افاده (الشهيد الثاني) قدس سره في كتابه منية المريد: من أن العبد لا بد -

ص: 165

عليه دنياه، و شغلت قلبه بها، و لم أؤته منها إلا ما قدرت له.

و عزتي و جلالي، و عظمتي و نوري، و علوي و ارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي، و كفّلت السماوات و الأرض رزقه، و كنت له من وراء تجارة كل تاجر واتته الدنيا و هي راغمة، إلى آخر الحديث (1)، انتهى كلامه (2).

و أنت (3) خبير بأن ما ذكره (4) من كلام الشهيد الثاني رحمه اللّه و ما ذكره من الحديث القدسي (5) لا ارتباط له بما ذكر: من دفع التنافي بين أدلة الطرفين (6).

+++++++++++

- أن يتوكل على اللّه، و لا يربط قلبه بغير اللّه ما رواه (شيخنا الكليني) عطر اللّه مرقده في هذا الباب.

(1) راجع (أصول الكافي) الجزء 2 ص 335 باب اتباع الهوى الحديث 2 طباعة مطبعة الحيدري منشورات مكتبة الصدوق عام الطبع 1381 الهجري، و ليس للحديث صلة.

(2) أي كلام المحدث البحراني قدس سره.

(3) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره الإشكال على المحدث البحراني.

(4) أي ما ذكره المحدث البحراني عن الشهيد الثاني قدس سرهما عن كتابه (منية المريد).

(5) و هو الحديث المشار إليه في ص 165

(6) و هما: الأحاديث الدالة على طلب المال و اكتساب الرزق.

و الأحاديث الدالة على طلب العلم المانع عن اكتساب المال.

و دفع التنافي بتخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار طلب العلم: بأن يقال: -

ص: 166

لأن ما ذكر (1) من التوكل على اللّه، و عدم ربط القلب لغيره لا ينافي الاشتغال بالاكتساب، و لذا (2) كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و على أخيه و زوجته و ولديه و ذريته جامعا بين أعلى مراتب التوكل، و أشد مشاق الاكتساب: و هو الاستقاء لحائط اليهودي (3).

و ليس الشهيد أيضا في مقام أن طلب العلم أفضل من التكسب و إن كان (4) أفضل، بل في مقام أن طالب العلم إذا اشتغل بتحصيل العلم فليكن منقطعا عن الأسباب الظاهرة الموجودة غالبا لطلاب العلوم:

من الوظائف المستمرة من السلاطين، و الحاصلة من الموقوفات للمدارس و أهل العلم، و الموجودة الحاصلة غالبا للعلماء و المشتغلين من معاشرة السلطان و أتباعه، و المراودة مع التجار و الأغنياء، و العلماء الذين لا ينتفع منهم إلا بما في أيديهم: من وجوه الزكوات، و رد المظالم و الأخماس و شبه ذلك كما كان متعارفا في ذلك الزمان، بل في كل زمان.

+++++++++++

- إن وجوب طلب الرزق مختص بغير طالب العلم، لأن رزق طالب العلم مضمون.

(1) أي ما ذكره الشهيد الثاني فى كتابه منية المريد بقوله:

و أن يتوكل على اللّه كما ذكره الشيخ في ص 159

(2) أي و لأجل أنه لا منافاة بين التوكل، و بين الاشتغال بالاكتساب:

(3) راجع شرح (نهج البلاغة) لابن أبي الحديد الجزء 1 ص 22 تحقيق محمد أبو الفضل.

(4) أي و إن كان طلب العلم افضل من طلب المال، لكن الشهيد الثاني ليس في مقام تفضيل طلب العلم على طلب المال، و أن طلب العلم أفضل من طلب المال.

ص: 167

فربما جعل الاشتغال بالعلم بنفسه سببا للمعيشة من الجهات التي ذكرناها (1).

و بالجملة فلا شهادة فيما ذكره من كلام الشهيد الثاني رحمه اللّه من أوله الى آخره، و ما أضاف إليه من الروايات في الجمع المذكور (2):

اعني تخصيص أدلة طلب الحلال بغير طالب العلم.

ثم إنه لا إشكال في أن كلا من طلب العلم، و طلب الرزق ينقسم إلى الأحكام الأربعة، أو الخمسة.

و لا ريب أن المستحب من أحدهما (3) لا يزاحم الواجب.

و لا الواجب (4) الكفائي الواجب العيني.

+++++++++++

(1) أى في ص 167: و هي الوظائف المستمرة من السلاطين، و الحاصلة من الموقوفات.

و المراد من الوظائف هي الرواتب و الأموال التي تعين من قبل الدولة للموظفين.

يقال: وظفه توظيفا أي جعل له راتبا معينا في كل يوم: من طعام و غيره.

(2) كما أفاده شيخنا المحدث البحراني قدس سره بقوله عند نقل الشيخ عنه في ص 158: و ذكر في الحدائق أن الجمع بينهما بأحد الوجهين

(3) و هو إما طلب المال، أو طلب العلم.

فإن كان طلب المال واجبا، و طلب العلم مستحبا فلا يزاحم طلب العلم طلب المال.

و إن كان طلب العلم واجبا، و طلب المال مستحبا فلا يزاحم طلب المال طلب العلم.

(4) أي و كذا لا يزاحم الواجب الكفائي الواجب العيني.

فإن كان طلب المال واجبا عينيا، و طلب العلم واجبا كفائيا فلا -

ص: 168

و لا إشكال أيضا في أن الأهم من الواجبين المعينين (1) مقدم على غيره.

و كذا الحكم في الواجبين الكفائيين مع ظن قيام الغير به.

و قد يكون كسب الكاسب مقدمة لاشتغال غيره بالعلم فيجب (2) أو يستحب (3) مقدمة.

بقي الكلام في المستحب من الأمرين (4) عند فرض عدم امكان الجمع بينهما.

و لا ريب في تفاوت الحكم بالترجيح باختلاف الفوائد المترتبة على الامرين:

فربّ من لا يحصل له باشتغاله بالعلم إلا شيء قليل لا يترتب عليه كثير فائدة، و يترتب على اشتغاله بالتجارة فوائد كثيرة (5).

(منها) (6).

+++++++++++

- يزاحم طلب العلم طلب المال.

و إن كان طلب العلم واجبا عينيا، و طلب المال واجبا كفائيا فلا يزاحم طلب المال طلب العلم.

(1) بأن كان طلب العلم، و طلب المال كلاهما واجبين معينين.

لكن طلب العلم أهم من طلب المال فيقدم هنا طلب العلم.

أو كان طلب المال أهم من طلب العلم فيقدم هنا طلب المال.

(2) أي الكسب يكون مقدما على طلب العلم حينئذ.

(3) أي كسب الكاسب يكون مستحبا فيقدم حينئذ أيضا.

(4) و هما: كسب المال، و طلب العلم.

(5) فلا شك حينئذ في تقديم طلب المال على طلب العلم.

(6) أي من تلك الفوائد الكثيرة المترتبة على اشتغال الانسان بالتجارة -

ص: 169

تكفل أحوال المشتغلين (1) من ماله، أو مال أقرانه: من التجار المخالطين معه على وجه الصلة، أو الصدقة الواجبة و المستحبة فيحصل بذلك (2) ثواب الصدقة، و ثواب الاعانة الواجبة (3)، أو المستحبة (4) على تحصيل العلم.

و رب (5) من يحصل بالاشتغال مرتبة عالية من العلم يحيي بها فنون علم الدين فلا يحصل له من كسبه إلا قليل من الرزق، فإنه لا إشكال في أن اشتغاله بالعلم، و الأكل من وجوه الصدقات أرجح.

و ما (6) ذكر من حديث داود على نبينا و آله و عليه السلام فإنما هو لعدم مزاحمة اشتغاله بالكسب لشيء من وظائف النبوة، و الرئاسة العلمية.

و بالجملة فطلب كل من العلم و الرزق إذا لوحظ المستحب منهما من حيث النفع العائد الى نفس الطالب كان طلب العلم أرجح.

و اذا لوحظ من جهة النفع الواصل الى الغير كان اللازم ملاحظة

+++++++++++

- من هنا يريد الشيخ تفضيل المال على طلب العلم.

(1) أي المشتغلين بالعلوم الدينية.

(2) أي بتكفل المشتغلين بالعلوم الدينية.

(3) إذا كان تحصيل العلم واجبا فتكون إعانة المشتغلين بالعلم واجبة.

(4) اذا كان تحصيل العلم مستحبا فتكون اعانة المشتغلين بالعلم مستحبة.

(5) من هنا يروم الشيخ تفضيل العلم على طلب المال.

(6) هذا رد على الاستدلال بالخبر الدال على ترجيح طلب المال على طلب العلم إذا كان طلب العلم مانعا عن طلب المال في ارتزاقه.

ص: 170

مقدار النفع الواصل.

فتثبت من ذلك كله أن تزاحم هذين المستحبين كتزاحم سائر المستحبات المتنافية كالاشتغال بالاكتساب، أو طلب العلم غير الواجبين مع المسير الى الحج المستحب، أو الى مشاهد الأئمة صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين، أو مع السعي في قضاء حوائج الأخوان الذي لا يجامع طلب العلم، أو المال الحلال.

إلى غير ذلك مما لا يحصى.

ص: 171

مسألة: حكم تلقي الركبان تكليفا

(مسألة):

لا خلاف في مرجوحية تلقي الركبان (1) بالشروط الآتية.

و اختلفوا في حرمته و كراهته.

فعن التقي و القاضي و الحلي و العلامة في المنتهى الحرمة، و هو المحكي عن ظاهر الدروس، و حواشي المحقق الثانى.

و عن الشيخ و ابن زهرة لا يجوز، و أوّل في المختلف عبارة الشيخ بالكراهة، و هي أي الكراهة مذهب الأكثر.

بل عن إيضاح النافع أن الشيخ ادعى الاجماع على عدم التحريم

و عن نهاية الأحكام تلقي الركبان مكروه عند أكثر علمائنا و ليس حراما اجماعا، و مستند التحريم ظواهر الأخبار.

(منها) (2): عن منهال القصاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لا تلقّ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم نهى عن التلقي

قال: و ما حد التلقي؟

قال: ما دون غدوة (3).

+++++++++++

(1) بضم الراء و سكون الكاف جمع راكب، و جاء جمعه ركّاب و ركوب، و ركبة و ركب و ركبة.

و قيل: اسم جمع، و المراد منه خلاف الماشي.

(2) أي من جملة تلك الأخبار الظاهرة في تحريم تلقي الركبان.

(3) بضم الغين و سكون الدال، و فتح الواو. و إنما يقال لها:

الغدوة باعتبار أنها مسيرة نصف النهار من أول الصبح إلى الزوال:

ص: 172

أو روحة (1).

قلت: و كم الغدوة و الروحة؟

قال: أربعة فراسخ:

قال: ابن أبى عمير: و ما فوق ذلك فليس بتلق (2).

و في خبر عروة عن أبى جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

لا يتلقى أحدكم تجارة خارجا من المصر، و لا يبيع حاضر لباد و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض (3).

و في رواية أخرى: لا تلقّ و لا تشتر ما تلقّى و لا تأكل منه (4).

و ظاهر النبي (5) عن الأكل كونه لفساد المعاملة، فيكون (6)

+++++++++++

(1) بفتح الراء و سكون الواو، و فتح الحاء.

و إنما يقال لها: روحة باعتبار أنها مسيرة ما بين الزوال إلى سقوط الشمس، فما دون الغدوة و الروحة أربعة فراسخ فيكون مجموع حد التقصير للمسافر مسير بياض يوم: و هو ثمانية فراسخ، أربعة منها في الغدو، و أربعة منها في الرواح.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 326 الباب 36 الحديث 1.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 326 الباب 36 الحديث 5.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 326 الباب 36 الحديث 2.

(5) أي في الاخبار المذكورة آنفا.

(6) أي الثمن الحاصل من التلقي المنهي عنه يكون أكلا بالباطل -

ص: 173

أكلا بالباطل، و لم يقل به (1) إلا الإسكافي(1).

و عن ظاهر المنتهى الاتفاق على خلافه (2) فتكون الرواية (3) مع ضعفها مخالفة لعمل الأصحاب (4) فتقصر (5) عن افادة الحرمة و الفساد (6).

نعم لا بأس بحملها (7) على الكراهة لو وجد القول بكراهة الأكل مما يشترى من المتلقي، و لا بأس به (8)، حسما (9) لمادة التلقي.

+++++++++++

- لظاهر النهي الوارد في الأخبار المشار إليها في الهامش 2-3-4 ص 173

(1) أي بتحريم تلقي الركبان.

(2) أي على خلاف ما ذهب إليه الاسكافي من التحريم، فإن الفقهاء لم يقولوا بالتحريم.

(3) و هي الدالة على حرمة الأكل المشار إليها في الهامش 4 ص 173

(4) حيث إن عمل الأصحاب على خلاف الحرمة.

(5) أي الرواية المشار إليها في الهامش 4 ص 173

(6) لضعف الرواية المشار إليها في الهامش 4 ص 173

و لمخالفة الأصحاب لها، حيث لم يعملوا بها.

(7) أي يحمل الرواية المشار إليها في الهامش 4 ص 173 على الكراهة، لمخالفة الأصحاب لها، حيث لم يعملوا بها، لضعفها.

(8) أي بهذا الحمل.

(9) تعليل لعدم البأس بالحمل المذكور أي عدم البأس لأجل قطع مادة التلقي حتى لا يصدق التلقي بإقدامهم على ذلك: بأن يقطع من أصله.

ص: 174


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و مما ذكرنا (1) يعلم ان النهي في سائر الأخبار (2) أيضا محمول على الكراهة، لموافقته (3) للأصل، مع ضعف الخبر (4)، و مخالفته للمشهور.

ثم إن حد التلقي أربعة فراسخ كما في كلام بعض.

و الظاهر أن مرادهم (5) خروج الحد عن المحدود (6)، لأن الظاهر زوال المرجوحية إذا كان (7) أربعة فراسخ، و قد تبعوا (8) بذلك مرسلة الفقيه.

و روي (9) أن حد التلقي روحة.

+++++++++++

(1) و هو أن الأصحاب اتفقوا على عدم التحريم في التلقي.

(2) أي التي لم تذكر هنا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 326-327 الباب 36 الأحاديث.

(3) أي حمل النهي الوارد في الأخبار المذكورة على الكراهة لأجل موافقة الكراهة للأصل: و هو أصالة البراءة من الحرمة.

(4) و هو المشار إليه في الهامش 4 ص 173.

(5) أي الفقهاء.

(6) هذا البحث كالبحث عن الغاية و المغيّا: في أن الغاية داخلة في المغيّا أم خارجة عنها، فكل ما يقال هناك يقال هنا.

(7) أي اذا كان التلقي قد بلغ الى أربعة فراسخ فقد خرج عن حكم التلقي فلا يصدق الكراهة إن قلنا بها، أو الحرمة لو قيل بها

(8) أي الفقهاء تبعوا في خروج الحد عن المحدود مرسلة (الشيخ الصدوق) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

(9) هذه هي مرسلة الصدوق.

ص: 175

فاذا صار إلى أربعة فراسخ فهو جلب (1)، فإن (2) الجمع بين صدرها و ذيلها لا يكون إلا بإرادة خروج الحد عن المحدود.

كما أن ما في الرواية السابقة (3) أن حده ما دون غدوة، أو روحة محمول على دخول الحد في المحدود.

لكن (4) قال في المنتهى حد علماؤنا التلقي بأربعة فراسخ فكرهوا

+++++++++++

(1) راجع (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3 ص 174 الباب 86 باب التلقي الحديث 3 طباعة مطبعة النجف عام 1378 الطبعة الرابعة

و المراد من فهو جلب أن التلقي اذا وصل الى أربعة فراسخ فقد خرج عن التلقي و دخل في الاستجلاب الّذي هي التجارة.

(2) تعليل لخروج التلقي عن مفهومه اذا بلغ الى أربعة فراسخ فيكون حينئذ جلبا.

و خلاصة التعليل أنه لو لا ذيل المرسلة المذكورة: و هو قوله عليه السلام: الى أربعة فراسخ لكان الحد داخلا في المحدود.

لكن الذيل قرينة على خروج الحد عن المحدود.

(3) و هي المشار إليها في الهامش 9 ص 175

(4) يروم الشيخ بكلامه هذا العدول عما افاده: من ان الحد داخل في المحدود فاستشهد بكلام العلامة فقال: إن العلامة افاد في المنتهى أن علماءنا الامامية عينوا حدا لتلقي الركبان: و هي أربعة فراسخ، فحكموا بكراهة التلقي الى ذلك الحد.

فكلامه هذا و هو حكم الفقهاء بكراهة التلقي الى ذلك الحد دليل على أن الحد خارج عن المحدود يعني لا بد من إتمام أربعة فراسخ حتى يصدق التلقي.

ص: 176

التلقي الى ذلك الحد، فإن زاد (1) على ذلك كان تجارة و جلبا.

و هو ظاهر، لأن بمضيه و رجوعه يكون مسافرا يجب عليه القصر فيكون سفرا حقيقيا، الى ان قال (2): و لا يعرف بين علمائنا خلاف فيه، انتهى (3).

و التعليل (4) بحصول السفر الحقيقي يدل على مسامحة في التعبير.

+++++++++++

(1) أي التلقي لو زاد على أربعة فراسخ كان السفر سفر تجارة و جلب منفعة فيصدق عليه أنه مسافر، لأنه بالذهاب و الرجوع تحصل المسافة المعينة: و هي ثمانية فراسخ فيجب عليه القصر فيكون سفره سفرا حقيقيا.

(2) أي العلامة في المنتهى.

(3) أي ما افاده العلامة في المنتهي.

(4) من هنا يروم الشيخ الخدش مع العلامة في عبارته فقال:

إن تعليل العلامة زيادة السفر على أربعة فراسخ: بأنه يحصل السفر الحقيقي و هو ثمانية فراسخ بالذهاب و الاياب: دليل على المسامحة في تعبيره: و هو فإن زاد على ذلك.

وجه دلالة التعليل المذكور على المسامحة في التعبير هو أن السفر الحقيقي يحصل بمجرد اكمال ثمانية فراسخ الملفقة من الأربعة الذهابية و الإيابية، و لا يحتاج إلى زيادة شيء منهما.

و يمكن أن يكون مراد الشيخ من أن تعليل العلامة بحصول السفر الحقيقي يدل على المسامحة في التعبير: أن المناسب أن يقول: السفر الشرعي ، لأن حكم تلقي الركبان سواء أ كان مكروها أم حراما متوقف على السفر الشرعي الذي هي ثمانية فراسخ ذهابا و إيابا، أو ذهابا فقط مع شرائط -

ص: 177

و لعل الوجه في التحديد بالاربعة ان الوصول على الأربعة بلا زيادة و لا نقيصة نادر، فلا (1) يصلح أن يكون ضابطا لرفع الكراهة، اذ (2) لا يقال: إنه وصل الى الأربعة إذا تجاوز عنها و لو يسيرا.

فالظاهر أنه لا إشكال في أصل الحكم (3) و إن وقع اختلاف

+++++++++++

- السقر الموجب للقصر المذكورة في الكتب الفقهية في أحكام المسافر.

و أما السفر الحقيقي فهو السفر العرفي الذي لم يقيد بثمانية فراسخ و لم يشترط فيه أحد الشروط المذكورة في شرائط المسافر في السفر الشرعي، حيث إن العرف يرى من خرج من مدينته قاصدا مكانا آخر أو مدينة أخرى مسافرا، سواء أ كان سفره مشتملا على المعصية أم لا و سواء كان ناويا المسافة أم لا، الى آخر الشروط المذكورة في الكتب الفقهية، فالتعبير بالسفر الحقيقي مسامحة.

و الفرسخ عبارة عن ثلاثة أميال فضرب الثلاثة في ثمانية الفراسخ أي 3 * 8 24 ميلا.

و كل ميل كيلومترين فضرب الاثنين في أربعة و عشرين ميلا أي 2 * 24 48 كم، فيكون مجموع المسافة الشرعية الموجبة لقصر الصلاة، و الافطار ثمانية و أربعين كيلومترا.

(1) الفاء تفريع على ما ذكره: من ان الوصول الى أربعة فراسخ بلا زيادة و نقيصة نادر، اي ففي ضوء ما ذكرنا لا يكون التحديد بأربعة فراسخ في تعيين التلقي قاعدة كلية لرفع الكراهة اذا كان التلقي مكروها، او لرفع الحرمة اذا كان حراما.

(2) تعليل لعدم كون التحديد المذكور قاعدة كلية يعتمد عليها.

(3) و هي الكراهة، أو الحرمة.

ص: 178

في التعبير في النصوص و الفتاوى.

ثم انه لا إشكال في اعتبار القصد (1)، إذ بدونه لا يصدق عنوان التلقي.

فلو تلقى الركب في طريقه ذاهبا، أو جائيا لم يكره المعاملة معهم

و كذا (2) في اعتبار قصد المعاملة من المتلقي، فلا يكره لغرض آخر (3).

و لو اتفقت المعاملة (4) قيل: ظاهر التعليل في رواية عروة المتقدمة اعتبار جهل الركب بسعر البلد (5).

+++++++++++

(1) أي قصد التلقي معتبر في التلقي، لأن هيئة التفعل تقتضي ذلك، فإن المشتق من مادة تفعل يتفعل تفعلا يقتضي القصد، و لا يصدق بدونه.

يقال: تقمص فلان الثوب أي قصد لبسه و لبسه.

و يقال: تصرف الدينار اي قصد تغييره الى الدراهم.

(2) اي و كذا لا إشكال في اعتبار قصد المعاملة.

(3) كالتفرج لسلعهم و امتعتهم، او قاصدا زيارتهم، لصلة بينه و بينهم برحم، او صداقة.

(4) بأن خرج من مدينته قاصدا التنزه فصادف وصوله الى أربعة فراسخ نزول الركب فتعامل معهم.

(5) هذا بيان لحكم المعاملة الإنفاقية المشار إليها في الهامش 3 ص 179

و خلاصته: أن التعليل الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله في رواية عروة المشار إليها في ص 173:

و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض: ظاهر في اعتبار جهل الركب بأسعار السلع في المدينة، اذ المقصود من كراهة التلقي هو

ص: 179

و فيه (1) انه مبني على عدم اختصاص القيد بالحكم الاخير فيحتمل ان تكون العلة في كراهة التلقي مسامحة الركب في الميزان بما لا يتسامح به المتلقي، أو مظنة حبس المتلقين ما اشتروه، أو ادخاره عن أعين الناس و بيعه تدريجا.

+++++++++++

- مجيء الركب في المدينة ليبيعوا سلعهم إلى أهاليها، لينتفع الأهالي منهم حتى يتحقق يرزق اللّه بعضهم: و هم الركب من بعض: و هم اهل المدينة.

و هذا لا يتحقق إلا في صورة جهل الركب بالأسعار.

و اما في صورة علمهم بالاسعار فلا يتحقق التلقي، لعدم صدق التعليل المذكور بترك التلقي حين أن كان الركب عالما بالأسعار.

فبناء على اعتبار الجهل في صدق التلقي فلو خرج من مدينته قاصدا التنزه فتعامل مع الركب الذين صادف نزولهم مع وصوله الى أربعة فراسخ و كان الركب جاهلا بالأسعار فقد صدق التلقي المكروه

و إن كان الركب عالما بالأسعار فلا يصدق التلقي.

(1) اي و في ظهور التعليل المذكور في اعتبار الجهل في صدق التلقي نظر و اشكال.

و خلاصة النظر أن الظهور المذكور مبني على عدم اختصاص القيد:

و هو التعليل المذكور بالجملة الاخيرة من الحديث الشريف: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: و لا يبيع حاضر لباد.

و لكن يحتمل اختصاصه بها، فحينئذ يحتمل ان تكون العلة في كراهة التلقي هو مسامحة الركب في الميزان بما لا يتسامح به المتلقي، الى آخر ما ذكره الشيخ في وجه كراهة التلقي على فرض اختصاص التعليل بالجملة الأخيرة.

ص: 180

بخلاف ما اذا أتى الركب و طرحوا أمتعتهم في الخانات و الأسواق فإن له اثرا بينا في امتلاء أعين الناس، خصوصا الفقراء في وقت الغلاء اذا اتي بالطعام.

و كيف كان فاشتراط الكراهة (1) بجهلهم بسعر البلد محل مناقشة

ثم انه لا فرق بين أخذ المتلقي بصيغة البيع، أو الصلح، أو غيرهما.

نعم لا بأس باستيهابهم (2) و لو باهداء شيء إليهم.

و لو تلقاهم لمعاملات أخر غير شراء متاعهم (3) فظاهر الروايات (4) عدم المرجوحية.

نعم لو جعلنا المناط ما يقرب (5) من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

+++++++++++

(1) أي اشتراط كراهة التلقي بجهل الركب، و تقييده به.

(2) أي بطالب المتلقي من الركب هبة السلع له و إن كان الاستيهاب منهم بواسطة هبة المتلقي لهم شيئا، فحينئذ ترتفع كراهة التلقي، لخروج هذا القسم من التلقي عن مصداق الأخبار المذكورة في ص 172-173 175: لأن مرجع هذا التلقي الى أصالة الاباحة المقتضية للجواز.

(3) أي تلقي الركب لمعاملات أخرى كأن يبيع لهم، أو يؤجر لهم المحلات، أو الدور لسكناهم.

(4) و هي رواية منهال القصاب المذكورة في ص 172 و خبر عروة المذكورة في ص 173

و رواية أخرى المذكورة في ص 175

(5) أي لو جعلنا العلة في كراهة التلقي قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المسلمون يرزق اللّه بعضهم بعضا تكون سراية كراهة التلقي الى معاملات أخرى قوية، لأن العلة بنفسها موجودة في هذه المعاملات -

ص: 181

المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض قوى سراية الحكم (1) الى بيع شيء منهم، و ايجارهم المساكن و الخانات.

كما أنه اذا جعلنا المناط في الكراهة كراهة غبن الجاهل كما يدل عليه النبوي العامي:

لا تلقّوا الجلب، فمن تلقّاه و اشترى منه فاذا اتى السوق فهو بالخيار (2) قوى سراية الحكم (3) الى كل معاملة توجب غبنهم كالبيع و الشراء منهم متلقيا، و شبه ذلك (4).

لكن الأظهر هو الأول (5).

و كيف كان (6) فاذا فرض جهلهم (7) بالسعر و ثبت لهم الغبن الفاحش كان لهم الخيار.

و قد يحكى عن الحلي ثبوت الخيار(1) و إن لم يكن غبن (8).

+++++++++++

- كالبيع و ايجار المساكن و المحلات لهم.

(1) و هي كراهة التلقي.

(2) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 469 الباب 29 الحديث 3.

(3) و هي كراهة تلقي الركبان.

(4) كإيجار المساكن و المحلات لهم.

(5) و هو أن كراهة تلقي الركبان مختصة بالشراء منهم، لا بمعاملات أخرى.

(6) يعني أي شيء قلنا في كراهة التلقي، سواء أقلنا باختصاصها بالشراء من الركب أم يبيع شيء لهم، أم بمعاملات أخرى.

(7) أي جهل الركب.

(8) أي و إن لم يكن هناك غبن فاحش للركب.

ص: 182


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لعله (1) لاطلاق النبوي المتقدم المحمول على صورة تبين الغبن بدخول السوق، و الاطلاع على القيمة.

و اختلفوا في كون هذا الخيار (2) على الفور، أو التراخي على قولين.

سيجيء ذكر الأقوى منهما في مسألة خيار الغبن إن شاء اللّه.

+++++++++++

(1) أي و لعل ذهاب ابن إدريس الى الخيار للركب و إن لم يكن الغبن فاحشا لأجل اطلاق رواية النبوي المتقدمة في ص 182 في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

فاذا أتى السوق فهو بالخيار، حيث إن الخيار في قوله صلى اللّه عليه و آله مطلق لا تقييد فيه بالغبن الفاحش، أي سواء أ كان الغبن فاحشا أم ليس بفاحش.

(2) أي الخيار الثابت للركب بعد تبين الغبن لهم بدخولهم السوق و بعد اطلاعهم على الأسعار السوقية.

ص: 183

مسألة: يحرم النجش

(مسألة):

يحرم النجش (1) على المشهور كما في الحدائق، بل عن المنتهى و جامع المقاصد أنه محرم اجماعا، لرواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

الواشمة و المتوشمة، و الناجش و المنجوش ملعونون على لسان محمد (2) صلى اللّه عليه و آله و سلم (3).

+++++++++++

(1) بفتح النون و الجيم، من نجش ينجش وزان نصر ينصر.

الاسم منه النجش، و اسم الفاعل ناجش، و صيغة المبالغة نجّاش معناه لغة: البحث و الاستشارة، و الاجتماع بعد التفرق و التنفير في الصيد، و بمعنى ايقاد النار، و الاذاعة في الحديث.

و معناه في البيع مدح الرجل السلعة المعروضة للبيع، ليروجها أو يزيد في سعرها و هو لا يريد شراءها، ليرغب الآخر في الشراء حتى يشتريها، بناء على مواطاة هذا الرجل البائع على ذلك كما أفاد هذا المعنى شيخنا الانصاري بقوله في ص 186: و الظاهر.

و لا يخفى عليك أنه تقدم البحث عن هذه المسألة من شيخنا الانصاري قدس سره.

فلما ذا كرر البحث عنها هنا؟

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 ص 277.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 337. الباب 49 الحديث 2

(3) الظاهر أن جملة صلى اللّه عليه و آله و سلم ليست من كلام الرسول -

ص: 184

و في النبوي المحكي عن معاني الأخبار: لا تناجشوا و لا تدابروا (1) قال (2): معناه أن يزيد الرجل الرجل في ثمن السلعة و هو لا يريد شراءها، و لكن ليسمعه (3) غيره فيزيد لزيادته: و الناجش الخائن.

و أما (4) التدابر(1) فالمصارمة و الهجران مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره و يعرض عنه بوجهه، انتهى كلام الصدوق (5).

+++++++++++

- الأعظم صلى اللّه عليه و آله، حيث لا يثني على نفسه المقدسة، بل من النساخ.

(1) راجع (معاني الأخبار) ص 284 طباعة مكتبة الصدوق.

(2) كلمة قال لشيخنا الانصاري أي قال الصدوق في المصدر نفسه: إن معنى التناجش هو أن يزيد الرجل الرجل الذي أقدم على الشراء حتى يزيد في سعر السلعة، مع أنه لا يريد الشراء.

(3) فعل مضارع مبني للفاعل من باب الإفعال من اسمع يسمع، و كلمة غير منصوبة على المفعول به، و اللام في ليسمعه للتعليل أي إنما يزيد على سعر الرجل المقدم على الشراء حتى يسمع غيره ليرغب في الشراء بهذا السعر الذي زاده على سعر الرجل المشتري.

(4) هذا كلام (شيخنا الصدوق) أعلى اللّه مقامه يروم به تفسير التدابر الواقع في حديث الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

أي معنى التدابر هنا هو الهجران و المقاطعة: بمعنى أن الناجش الذي يزيد في سعر السلعة بعد علميته هذه يتدابر عن صاحبه صاحب السلعة، و يعرض عنه بوجهه، و يدير إليه ظهره، و يهجره و يتركه، لأنه لم يقصد شراء السلعة، و إنما أقدم على الزيادة، ليرغب الآخر في شرائها، فإقدامه كان صوريا.

(5) أي ما افاده شيخنا الصدوق أعلى اللّه مقامه في المصدر نفسه -

ص: 185


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الظاهر (1) أن المراد بزيادة الناجش مواطاة البائع المنجوش له

+++++++++++

- في هذا المقام.

(1) يروم الشيخ من كلامه هذا تفسيرا زائدا للناجش، حيث لم يفسره شيخنا الصدوق قدس اللّه نفسه الزكية تفسيرا واضحا يستفاد منه مواطاة الناجش مع البائع الذي هو المنجوش له حتى يكون موردا لشمول لعن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم في الحديث فقال:

و الظاهر أن المراد من زيادة الناجش هو مواطاته مع البائع، لا مطلقا و إن لم يواطي معه، و لو لا هذا التفسير لم يشمل اللعن الناجش بمجرد زيادته.

ص: 186

مسألة: إذا دفع انسان إلى غيره مالا ليصرفه في قبيل يكون المدفوع إليه منهم،

(مسألة):

إذا دفع انسان إلى غيره مالا ليصرفه في قبيل (1) يكون المدفوع إليه منهم، و لم يحصل (2) للمدفوع إليه ولاية على ذلك المال من دون الدافع كمال (3) الامام، أو ردّ المظالم المدفوع الى الحاكم فله (4) صور.

+++++++++++

(1) أي في عشيرة خاصة كالفقهاء، أو بني هاشم مثلا.

(2) أي و ليست للمدفوع إليه ولاية مستقلة على المال الذي دفع إليه ليوزعه على قبيل خاص الذي هو أحدهم، ليتصرف فيه كيف شاء و أراد، من دون أن يكون للدافع ولاية على المال الذي دفع إلى المأمور للتوزيع على قبيل خاص بحيث سلبت عنه الولاية بسبب الدفع الى المأمور.

(3) مثال للمنفي الذي هو المال المدفوع إلى المأمور للتوزيع اي هذا المال المدفوع ليس من قبيل حق الامام عليه السلام، أو رد المظالم الذي يعطى للحاكم الشرعي الذي له حق التصرف فيه كيف شاء و أراد حيث إن الفقهاء نواب (الحجة المنتظر) في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج اذا كانوا موصوفين بما وصفهم الامام عليه السلام بقوله:

من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.

(4) أي لهذا المال المدفوع الى المأمور للتوزيع على قبيل خاص.

ص: 187

(احداها) (1): أن تظهر قرينة على عدم جواز رضاه (2) بالأخذ منه.

كما إذا عيّن له (3) منه مقدارا قبل الدفع، أو بعده.

و لا إشكال في عدم الجواز (4)، لحرمة التصرف في مال الناس على غير الوجه المأذون فيه.

(الثانية) (5): أن تظهر قرينة حالية، أو مقالية على جواز أخذه (6) منه مقدارا مساويا لما يدفع الى غيره، أو أنقص، أو أزيد.

و لا اشكال في الجواز حينئذ (7)، إلا أنه قد يشكل الأمر فيما لو اختلف مقدار المدفوع إلى الأصناف المختلفة كأن عيّن للمجتهدين مقدارا، و للمشتغلين مقدارا (8).

+++++++++++

(1) أي إحدى الصور.

(2) أي عدم رضى الدافع بأخذ المأمور من هذا المال.

(3) أي عين الدافع للمأمور على التوزيع مقدارا من المال المدفوع إليه، سواء أ كان التعيين قبل الدفع أم بعده.

(4) أي في عدم جواز اخذ المأمور من هذا المال المدفوع إليه للتوزيع بعد تعيين مقدار معين من قبل الدافع له.

(5) أي الصورة الثانية من تلك الصور المشار إليها في ص 187 بقوله: فله صور.

(6) اي اخذ المأمور من ذاك المال المدفوع إليه للتوزيع.

(7) اى حين ظهور القرينة الحالية، او المقالية على جواز اخذ المأمور من المال المدفوع إليه.

(8) بأن عين للمجتهدين من المال المدفوع الى المأمور مائة دينار، و للمشتغلين بالعلوم الدينية خمسين دينارا

ص: 188

و اعتقد الدافع عنوانا يخالف معتقد المدفوع إليه (1).

و التحقيق (2) هنا مراعاة معتقد المدفوع إليه إن كان عنوان الصنف على وجه الموضوعية (3) كأن يقول: ادفع الى كل مشتغل كذا، و الى كل مجتهد كذا و خذ انت ما يخصك.

و إن كان (4) على وجه الداعي: بأن كان الصنف داعيا الى تعيين ذلك المقدار كان المتبع اعتقاد الدافع، لأن الداعي إنما يتفرع على الاعتقاد، لا الواقع.

(الثالثة) (5):

+++++++++++

(1) بأن اعتقد الدافع ان فلانا مجتهد فيجب دفع مائة دينار إليه و اعتقد المأمور أنه من الأفاضل و لم يبلغ درجة الاجتهاد، و رتبة الاستنباط فالواجب عليه دفع خمسين دينارا إليه.

(2) هذه نظرية شيخنا الانصارى في هذا المقام اى التحقيق في مثل هذا النوع من الاختلاف النظرى و الاعتقادي بين الدافع و المأمور.

(3) بأن يكون الاجتهاد، أو الاشتغال بالعلم موضوعا لاعطاء مائة دينار، أو خمسين دينارا، بحيث لو لا الاجتهاد، او الاشتغال لم يعط لهما من المال المقدار المعين لهما.

ففي مثل هذا الاختلاف لا بد من مراعاة معتقد المأمور، لا الدافع لأن احراز الموضوع: و هو الاجتهاد، أو الاشتغال بالعلوم الدينية على عهدة المخاطب، فاعتقاده هو المتبع نفيا و اثباتا.

(4) اى عنوان الصنف: و هو الاجتهاد، أو الاشتغال بالعلوم الدينية.

(5) اى الصورة الثالثة من الصور التي افادها الشيخ بقوله في ص 187: فله صور.

ص: 189

ان لا تقوم قرينة على احد الأمرين (1)، و يطلق المتكلم.

و قد اختلفت كلماتهم فيها (2)، بل كلمات واحد منهم.

فالمحكي عن وكالة المبسوط(1)، و زكاة السرائر و الشرائع و التحرير و الارشاد و المسالك و الكفاية، و مكاسب النافع، و كشف الرموز و المختلف و التذكرة (3)، و جامع المقاصد تحريم الأخذ مطلقا (4).

و عن النهاية و مكاسب السرائر و الشرائع و التحرير و الارشاد و المسالك و الكفاية أنه يجوز له (5) الأخذ منه ان أطلق من دون زيادة على غيره

و نسبه (6) في الدروس الى الأكثر، و في الحدائق (7) إلى المشهور

و في المسالك هكذا (8) شرط كل من سوّغ له الأخذ.

+++++++++++

(1) و هما: الصورة الأولى المشار إليها في ص 188

و الصورة الثانية المشار إليها في ص 188

(2) أى في الصورة الثالثة.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) الطبعة الحجرية - كتاب الزكاة الفصل الخامس في اللواحق ص 247.

(4) سواء اطلق الدافع في كلامه: بأن لم يصرح حول اخذ المأمور من المال المدفوع إليه، لا نفيا و لا اثباتا أم لم يطلق في كلامه.

(5) اى المأمور في توزيع المال.

(6) اى و نسب الشهيد الأول في الدروس القول الثاني: و هو عدم جواز الأخذ من المال المدفوع إلى المأمور للتوزيع إلى أكثر الفقهاء.

(7) أى و نسب المحدث البحرانى قدس سره القول الثانى إلى المشهور.

(8) و هو جواز اخذ المأمور من المال ان اطلق الدافع في كلامه

ص: 190


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و عن نهاية الاحكام و التنقيح و المهذب البارع و المقنعة الاقتصار على نقل القولين (1).

و عن المهذب البارع حكاية التفصيل (2): بالجواز (3) إن كانت الصيغة بلفظ ضعه فيهم، أو ما ادى معناه.

و المنع (4) ان كانت بلفظ ادفعه.

و عن التنقيح عن بعض الفضلاء انه ان قال (5): هو للفقراء جاز (6).

و إن قال (7): اعطه للفقراء، فإن علم (8) فقره لم يجز (9)

+++++++++++

(1) و هما: تحريم اخذ المأمور من المال المدفوع إليه للتوزيع، سواء اطلق الدافع أم لا.

و جواز الأخذ إن اطلق الدافع.

(2) اى صاحب المهذب البارع ذهب الى التفصيل.

(3) هذا أحد فردي التفصيل اى قال بجواز اخذ المأمور من المال المدفوع إليه للتوزيع.

(4) هذا هو الفرد الثانى للتفصيل اى و قال بمنع اخذ المأمور عن المال المدفوع إليه للتوزيع.

(5) أي الدافع.

(6) اى للمأمور الأخذ من ذاك المال المدفوع إليه للتوزيع على قبيل خاص.

(7) اى الدافع.

(8) اى علم الدافع فقر المأمور الّذي دفع إليه المال للتوزيع.

(9) أى للمأمور الأخذ من ذلك المال.

ص: 191

اذ لو اراده (1) لخصه، و ان لم يعلم (2) جاز.

احتج القائل بالتحريم (3) مضافا (4) الى ظهور اللفظ في مغايرة المأمور بالدفع للمدفوع إليهم، المؤيد (5) بما قالوه: فمن(1) (6) وكلته امرأة ان يزوجها من شخص فزوجها من نفسه.

+++++++++++

(1) اى لو أراد الدافع اخذ المأمور من ذلك المال لذكره عند ما دفع إليه المال، و عيّن له مقدارا منه، فعدم التخصيص دليل على عدم جواز الاخذ.

(2) أى و ان لم يعلم الدافع فقر المأمور جاز للمأمور الاخذ من ذلك المال.

(3) اى بتحريم اخذ المأمور من المال الّذي دفع إليه للتوزيع على الفقراء.

و للقائل بالتحريم دليلان نشير الى كل واحد منهما عند رقمه الخاص

(4) هذا هو الدليل الأول.

و خلاصته أن صيغة الأمر في قول دافع المال الى المأمور: ادفع هذا المال الى الفقراء لها ظهور في مغايرة المأمور مع الفقراء، فلا يشمله عنوان الاخذ من المال المدفوع الى الفقراء، و هذا الظهور كاف في تحريم الاخذ من المال.

(5) بالجر صفة لكلمة ظهور في قوله: الى ظهور اللفظ، أى الظهور المتصف بالتأييد بأقوال الفقهاء.

(6) هذا مقول قول الفقهاء.

و خلاصته ان المرأة لو وكلت شخصا في تزويجها للغير فتزوجها الوكيل لنفسه فقد وقع العقد باطلا، لأن صيغة الأمر في قولها: زوجني للغير لها ظهور في مغايرة التزويج للغير مع التزويج للنفس، فيقع -

ص: 192


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو وكله (1) في شراء شيء فأعطاه من عنده:

+++++++++++

- التزويج للنفس باطلا.

الظاهر أن استشهاد الشيخ بالمثال المذكور للتأييد بما أفاده: من حرمة أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه، ليوزعه على قبيل خاص.

مخدوش من جهتين:

(الأولى): عدم اتفاق الفقهاء على بطلان عقد وكيل المرأة اياها لنفسه، لأن كثيرا منهم ذهب إلى صحته بعد امضاء المرأة العقد و اجازتها له كما في صحة عقد العبد إذا وقع بدون اذن مولاه.

و قد مضى التصريح بصحته في الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 137 إلى 142، و من ص 178 الى ص 181 فراجع.

فالعقد هنا كبقية العقود الفضولية التي تقع صحيحة بعد الإجازة فإنها أشبه شيء بالهياكل العظمية التي لا روح فيها فاذا نفخ فيها الروح أصبحت متحركة متجولة في بطون أمهاتهم.

(الثانية): قياس ما نحن فيه بتزويج الوكيل موكلته لنفسه على فرض بطلان العقد كما أفاده المحقق التستري قدس سره في المقابيس، و ذكرنا مقالته في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الجزء 8 ص 178-179 قياس مع الفارق، لأن موضوع التزويج هو الفروج و قد أكد الشارع في الفروج و الأنفس اهتماما بالغا فوق ما يمكن تصوره، فلا ربط بين المقيس و المقيس عليه، مع الإنفاق من الكل على أنه لا بد من وجود قدر جامع بينهما، و بدونه لا يصح القياس.

(1) هذا تأكيد آخر لحرمة أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه ليوزعه على قبيل خاص:

و خلاصته أنه لو و كل شخص شخصا آخر لشراء شيء له من

ص: 193

بمصححة (1) ابن الحجاج المسندة في التحرير إلى مولانا الصادق عليه السلام، و إن أضمرت (2) في غيره.

قال: سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسّمه في محاويج (3)

+++++++++++

- السوق فأعطى الوكيل لموكله ما عنده من السلعة التي ارادها الموكل و أجرى العقد عليها بطل العقد، لعدم شمول صيغة الأمر الواقعة في قول الموكل للوكيل: اشتر لي شيئا، لظهور الصيغة في مغايرة الشراء من الغير مع الشراء من نفس الوكيل.

و يرد على هذا التأييد بمثل ما أوردناه على التأييد الأول، لجواز تولي الوكيل طرفي العقد أولا، و لإمكان وقوع مثل هذا العقد ثانيا، لعموم الخطاب في قول الموكل: اشتر لي شيئا، لشمول الشراء من الغير، أو من نفسه.

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 192: احتج القائل بالتحريم

هذا هو الدليل الثاني من القائلين بتحريم أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه ليوزعه على قبيل خاص،.

و خلاصته أن لنا بالإضافة الى ما ذكرناه: من المغايرة و التأييد:

مصححة ابن الحجاج.

(2) أي و إن لم تكن الصحيحة مسندة الى الامام الصادق عليه السلام بالصراحة في غير كتاب التحرير، بل ذكرت بلفظة عنه عليه السلام.

(3) جمع محوج بصيغة المفعول وزان مكرم من باب الإفعال من أحوج يحوج، و قياس جمعه بالواو و النون: بأن يقال: محوجون وزان مكرمون، لأن محوج صفة بما قل، و كل ما كان كذلك جمعه بالواو و النون.

لكن في عرف الناس يجمع على فواعيل كما هنا، فإن السائل قد -

ص: 194

أو في مساكين و هو محتاج أ يأخذ منه لنفسه و لا يعلمه (1)؟

قال (2): لا يأخذ منه شيئا حتى يأذن له صاحبه (3).

و احتج المجوزون (4) بأن العنوان المدفوع إليه شامل له و الفرض الدفع إلى هذا العنوان، من غير ملاحظة لخصوصية في الغير.

و اللفظ (5) و إن سلّم عدم شموله له (6).

+++++++++++

- استعمل هذا الجمع في سؤاله.

(1) من باب الإفعال من أعلم يعلم معناه الإخبار و الاطلاع.

(2) أي الإمام الصادق عليه السلام قال في جواب السائل.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 216 الباب 84 الحديث 3.

(4) أي القائلون بجواز أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه ليوزعه على قبيل خاص.

و خلاصة الاستدلال أن العنوان الذي سبب دفع المال إلى الفقراء أو الفقهاء هو الفقر، أو العلم، و هذا العنوان بعينه ينطبق على المأمور، لفرض أنه منهم.

و من المعلوم أن المال قد دفع للفقراء، أو الفقهاء بهذا العنوان لا لخصوصية موجودة في الآخذ الذي هو الفقير، أو الفقيه حتى لا يشمل الأخذ المأمور.

(5) هذا رد على من احتج على عدم الجواز بظهور المغايرة بين المأمور بالدفع، و بين المدفوع إليه الذي هو الفقير، أو العالم في قوله في 192 ص: مضافا الى ظهور اللفظ.

(6) أي للمأمور كما علمت.

ص: 195

لغة إلا أن المنساق عرفا صرفه (1) إلى كل من اتصف بهذا العنوان فالعنوان (2) موضوع لجواز الدفع يحمل عليه الجواز.

نعم لو كان المدفوع إليهم اشخاصا خاصة، و كان الداعي على الدفع اتصافهم بذلك الوصف لم يشمل المأمور (3).

و الرواية (4) معارضة بروايات أخر.

مثل (5) ما في الكافي في الصحيح عن سعد بن يسار قال:

قلت لأبي عبد اللّه: عليه السلام: الرجل يعطي الزكاة فيقسمها في أصحابه أ يأخذ منها شيئا؟

قال: نعم (6).

و عن (7) الحسين بن عثمان في الصحيح، أو الحسن عن أبي ابراهيم

+++++++++++

(1) أي صرف اللفظ الواقع في قول الدافع: ادفع المال، أو ضعه فيه إلى كل شخص متصف بصفة الفقر، أو الفقاهة كما علمت

(2) و هو الفقر، أو الفقاهة كما عرفت.

(3) كما عرفت عند قولنا في الهامش 4 ص 195: لا لخصوصية موجودة.

(4) هذا رد على القائل بتحريم أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه للتوزيع، و المستدل على ذلك بصحيحة ابن الحجاج المتقدمة في ص 194

(5) هذا أول رواية معارضة لصحيحة ابن الحجاج المتقدمة في ص 194

(6) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 306 الباب 84 الحديث 1.

(7) هذه رواية ثانية معارضة لصحيحة ابن الحجاج المتقدمة في ص 194

ص: 196

عليه السلام في رجل أعطي مالا يفرقه فيمن يحل له.

أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه و إن لم يسمّ له؟

قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره (1).

و صحيحة (2) ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسمها و يضعها في مواضعها (3) و هو ممن تحل له الصدقة؟

قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره.

قال: و لا يجوز له أن يأخذ إذا أمره ان يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه (4).

و الذي (5) ينبغي أن يقال: أما من حيث دلالة اللفظ الدال على

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 6 ص 200 الباب 40 الحديث 2.

(2) هذه رواية ثالثة معارضة لصحيحة ابن الحجاج المتقدمة في ص 194، و هي صحيحة ثانية لابن الحجاج.

(3) أي يعطي الدراهم لأهلها حسب تعيين الدافع: من الفقراء أو العلماء، أو المشتغلين بالعلوم الدينية.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 6 ص 200 الباب 40 الحديث 3.

(5) من هنا أخذ الشيخ في تحقيق مسألة المال المدفوع إلى المأمور ليوزعه على قبيل خاص و هو منهم.

و خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام أن صيغة الأمر الواقعة في قول الدافع: ادفع المال، أوضعه فيه لها ظهوران:

(الأول): ظهور لغوي من حيث الوضع.

(الثاني): ظهور عرفي يستفاد من العرف.

أما الأول فمنصرف إلى غير المأمور أي لا تشمله، لأن معنى ادفعه -

ص: 197

الاذن في الدفع و الصرف فإن المتبع الظهور العرفي (1)، و إن كان ظاهرا بحسب الوضع اللغوي في غيره (2).

كما أن الظهور الخارجي الذي يستفاد من القرائن الخارجية مقدم على الظهور العرفي الثابت للفظ المجرد (3) من تلك القرائن.

ثم إن التعبد في حكم هذه المسألة لا يخلو عن بعد (4).

+++++++++++

- أوضعه هو الدفع الى الغير، لا الى نفسه و شخصه، فلا تشمل صيغة الأمر المأمور بتاتا، فلا يجوز له الأخذ من المال.

(و أما الثاني): فيشمله فيجوز له أخذ المال لنفسه، لأن العرف هو المتبع في هذه المجالات، اذ صيغة الأمر دالة على اعطاء المال الى الفقراء و صرفه إليهم بهذا العنوان، و المفروض أن المأمور أحدهم، و الدافع لم يدفع المال لخصوصية موجودة في الفقراء.

(1) هذا هو الظهور الثاني المشار إليه في الهامش 5 ص 197

(2) هذا هو الظهور الأول المشار إليه في الهامش 5 ص 197

(3) أي يستفاد المعنى من حاق اللفظ وحده، لا بمعونة القرائن الخارجية.

(4) مقصود الشيخ قدس سره أن حرمة أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه ليوزعه على قبيل خاص و هو أحدهم ليست لأجل أن الأخذ من المال تصرف في مال الغير و هو غير جائز.

و كذا جواز أخذ المأمور من المال ليس لأجل أنه مأذون من قبل الدافع.

بل كل من الجواز و الحرمة تعبد محض ثبت بالأخبار المجوزة، و الأخبار المانعة، المعبر عن هذه الأخبار ب: دليل التعبد، إلا أن اثبات مثل هذا التعبد لا يخلو عن بعد.

ص: 198

فالأولى (1) حمل الأخبار المجوزة على ما اذا كان غرض المتكلم صرف المدفوع في العنوان المرسوم له من غير تعلق الغرض بخصوص فرد دون آخر.

و حمل الصحيحة السابقة المانعة على ما اذا لم يعلم الآمر (2) فقر المأمور.

فأمره (3) بالدفع الي مساكين على وجه تكون المسكنة داعية إلى الدفع، لا موضوعا، و لما لم يعلم (4) المسكنة في المأمور لم يحصل داع على الرضا بوصول شيء من المال إليه.

ثم على تقدير (5) المعارضة.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن التعبد في حكم المسألة لا يخلو من بعد أي ففي ضوء ما ذكرناه لا بد لنا من الجمع بين هذه الأخبار المتعارضة - الدال بعضها على الجواز.

كصحيحة سعد بن يسار المذكورة في ص 196

و صحيحة الحسين بن عثمان المذكورة في ص 196

و صحيحة ابن الحجاج الثانية المذكورة في ص 197

و الدال بعضها على الحرمة كالصحيحة الأولى لابن الحجاج المذكورة في ص 194

(2) و هو دافع المال.

(3) أي أمر الآمر المأمور بدفع المال الى الفقراء.

(4) أي و لما يعلم الآمر فقر المأمور.

(5) أي و على فرض معارضة الصحيحة الاولى لابن الحجاج المذكورة في ص 194 الدالة على عدم جواز أخذ المأمور من المال الذي دفع إليه للتوزيع على الفقراء، مع الأخبار الدالة على الجواز: و هي التي أشير -

ص: 199

فالواجب الرجوع إلى ظاهر اللفظ، لأن (1) الشك بعد تكافؤ الأخبار في الصارف الشرعي عن الظهور العرفي.

و لو لم يكن للفظ ظهور فالواجب بعد التكافؤ الرجوع إلى المنع (2)

+++++++++++

- إليها في ص 196-197، و أنه لا يمكن الجمع بين الطائفتين من الأخبار المذكورة بالحمل المذكور في الأخبار المجوزة على ما اذا كان غرض المتكلم صرف المدفوع كما أفاده في ص 199

و بحمل الأخبار المانعة على ما اذا لم يعلم الآمر فقر المأمور كما أفاده في ص 199، لتكافؤ الطائفتين من الأخبار من حيث السند:

فلا بد من رفع اليد عن طرفي المعارضة، و الرجوع إلى ظاهر اللفظ الصادر عن الدافع، و القول بأصالة الظهور.

(1) تعليل لرفع اليد عن طرفي المعارضة، و الرجوع إلى ظاهر اللفظ.

و خلاصته أن الشك بعد تكافؤ الطائفتين من الأخبار المذكورة في الصارف الشرعي عن الظهور العرفي ففي مثل هذه الموارد يكون المدار هو الرجوع الى أصالة الظهور.

(2) أي الى الأخبار المانعة عن أخذ المأمور عن المال الذي دفع إليه للتوزيع على قبيل خاص الذي هو أحدهم كصحيحة ابن الحجاج الأولى المشار إليها في ص 194

و لا يخفى عليك أن شيخنا المحقق الإيرواني قدس سره له تعليقة هنا أفاد الرجوع إلى الجواز، لترجيح أخبار الجواز على أخبار المنع، لعدم تكافئهما، لقوة أخبار الجواز على أخبار المنع سندا، و شهرة من حيث فتوى الفقهاء بذلك -

ص: 200

اذ (1) لا يجوز التصرف في مال الغير إلا بإذن من المالك، أو الشارع.

+++++++++++

- راجع تعليقته على (المكاسب) ص 216 عند قوله: و لا تكافؤ، لقوة أخبار الجواز بالشهرة سندا.

(1) تعليل للرجوع الى أخبار المنع بعد عدم ظهور للفظ الصادر عن الدافع.

و قد ذكر التعليل في المتن فلا نعيد.

ص: 201

مسألة: احتكار الطعام
اشارة

(مسألة):

احتكار الطعام و هو كما في الصحاح، و عن المصباح: جمع الطعام و حبسه يتربص (1) به الغلاء:

لا خلاف في مرجوحيته.

و قد اختلف في حرمته، فعن المبسوط و المقنعة و الحلبي في كتاب المكاسب، و الشرائع و المختلف الكراهة.

و عن كتب الصدوق و الاستبصار و السرائر و القاضي و التذكرة و التحرير و الإيضاح و الدروس، و جامع المقاصد و الروضة (2) التحريم.

و عن التنقيح و الميسية تقويته (3).

و هو (4) الأقوى بشرط عدم باذل الكفاية، لصحيحة سالم الحنّاط قال:

+++++++++++

(1) فعل مضارع وزان يتصرف من باب التفعل.

معناه الانتظار و التوقع.

يقال: تربصت الامر أي انتظرته.

و يقال: تربصت بفلان الأمر أي توقعت نزوله به.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 298 عند قول الشهيد الثاني قدس سره:

و الأقوى تحريمه مع حاجة الناس إليه.

(3) أي تقوية تحريم الاحتكار كما أفاد الحرمة الشهيد الثاني.

(4) هذه نظرية الشيخ في الاحتكار أي التحريم هو الأقوى.

ص: 202

قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: ما عملك؟

قلت: حنّاط (1)، و ربما قدمت على نفاق (2)، و ربما قدمت على كساد (3) فحبست.

قال: فما يقول من قبلك فيه؟

قلت: يقولون محتكر.

فقال: يبيعه أحد غيرك؟

قلت: ما أبيع أنا من الف جزء جزءا.

قال: لا بأس إنما كان ذلك رجل من قريش يقال له: حكيم بن حزام، و كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمرّ عليه النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال له:

+++++++++++

(1) بفتح الحاء و تشديد النون وزان فعّال، إما يراد من هذه الصيغة هنا المبالغة، أو النسبة أي الرجل كان مكثارا لبيع الحنطة أو ينسب إليه بيع الحنطة.

(2) بفتح النون معناه النفاد.

يقال: نفق ماله أي نفد، و المقصود منه هنا رواج بيع الحنطة، و كثرة رغبة الناس إلى شرائها، و لازم الرواج و الرغبة النفاد.

و معنى ربما قدمت على نفاق أني أقدم على بيع الحنطة فتباع سريعا و لا يبقى منها شيء.

(3) بفتح الكاف معناه عدم نفاد الشيء، لقلة الراغبين فيه.

معنى ربما قدمت على كساد أني لم أقدم على بيع الحنطة فأحبسها الى زمن ثم أخرجها لا بيعها، لاستفيد بثمنها أكثر مما أبيعها في زمن كسادها.

ص: 203

يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر (1)، فإن الظاهر منها (2) أن عليّة عدم البأس (3) وجود الباذل (4) فلولاه (5) حرم.

و صحيحة (6) الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن الحكرة؟

فقال: إنما الحكرة أن تشتري طعاما و ليس في المصر غيره فتحتكره

فإن كان في المصر طعام، أو متاع يباع غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل (7).

و زاد في الصحيحة المحكية عن الكافي و التهذيب قال:

و سألته عن الزيت؟

فقال: إن كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه (8).

و عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في (نهج البلاغة) في

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 316 الباب 28 الحديث 3.

(2) أي من هذه الصحيحة.

(3) في قول الامام أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام في ص 203: لا بأس.

(4) في قول السائل في ص 203 في جواب سؤال الامام عليه السلام:

ما أبيع أنا من الف جزء جزءا.

(5) أي فلو لا وجود الباذل على بيع الطعام، و عرضه في الأسواق حرم احتكاره في زمن يكثر الراغبون لشراء الطعام.

(6) هذه صحيحة ثانية جاء بها الشيخ لأقوائية حرمة احتكار الطعام.

(7) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 315 الباب 28 الحديث 1

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 164 الحديث 3.

ص: 204

كتابه الى مالك (1) الاشتر: فامنع من الاحتكار، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم منع منه.

و ليكن البيع بيعا سمحا (2) بموازين عدل، و أسعار لا تجحف بالفريقين: من البائع و المبتاع.

فمن قارف (3) حكرة بعد نهيك إياه فنكّل به، و عاقبه في غير اسراف (4).

و صحيحة (5) الحلبي قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام و يتربص به هل يصلح ذلك؟

قال: إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به، و إن كان الطعام قليلا لا يسع الناس، فإنه يكره أن يحتكر الطعام، و يترك الناس

+++++++++++

(1) هو مالك بن حارث النخعي قحطاني يماني.

يأني شرح حياة هذا المجاهد العظيم الذي جاهد في سبيل اللّه جل و علا في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(2) أي بيعا سهلا يراعي فيه جانب التساهل بحيث لا يضر البائع و لا المشتري.

و يفسر هذا المعنى قوله عليه السلام: و أسعار لا تجحف بالفريقين.

(3) أي فمن قارب الاحتكار بعد نهيك عنه فنكّل به، أي أوقعه في العذاب، ليكون عقوبة له.

لكن بغير اسراف في التعذيب بحيث تجاوز حد العدل و الوسط.

(4) راجع (نهج البلاغة) الجزء 3 شرح الاستاذ محمد عبده ص 110 طباعة مطبعة الآداب.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 315 الباب 27 الحديث 13

(5) هذه صحيحة ثالثة يستدل بها الشيخ على أقوائية تحريم الاحتكار.

ص: 205

ليس لهم طعام (1)، فإن (2) الكراهة في كلامهم عليهم الصلاة و السلام و إن كانت تستعمل في المكروه و الحرام، إلا أن في تقييدها بصورة عدم باذل غيره، مع ما دل على كراهة الاحتكار مطلقا (3) قرينة (4) على إرادة التحريم (5).

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 313 الباب 27 الحديث 2.

(2) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم أن الكلام في الاستشهاد بالأحاديث على أقوائية تحريم الاحتكار و الصحيحة هذه مشتملة على كلمة يكره في قوله عليه السلام: فإنه يكره أن يحتكر الطعام.

فاجاب قدس سره عن الوهم المذكور ما حاصله:

إن الكراهة الواردة في كلمات الأئمة الهداة صلوات اللّه و سلامه عليهم و إن كانت تستعمل في الكراهة و الحرام

لكن تقييد الامام عليه السلام الكراهة بصورة عدم وجود باذل للطعام غير هذا قرينة على إرادة تحريم الاحتكار من الكراهة الواردة في الصحيحة.

بالإضافة إلى ما دل على كراهة الاحتكار مطلقا، سواء وجد باذل غيره أم لا.

(3) أي سواء وجد باذل أم لا كما عرفت آنفا.

(4) بالنصب اسم لكلمة إن في قوله في ص 206: إلا أن في تقييدها.

(5) أي إرادة التحريم من الكراهة الواردة في الصحيحة كما عرفت آنفا.

ص: 206

و حملها (1) على تأكد الكراهة أيضا مخالف لظاهر يكره كما لا يخفى

و إن (2) شئت قلت: إن المراد بالبأس في الشرطية الأولى التحريم لأن الكراهة ثابتة في هذه الصورة أيضا، فالشرطية الثانية (3) كالمفهوم لها.

و يؤيد التحريم (4) ما عن المجالس بسنده عن أبي مريم الانصاري عن أبي جعفر عليه السلام:

قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أيما رجل اشترى طعاما فكبسه أربعين صباحا يريد به غلاء للمسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه

+++++++++++

(1) أي و حمل الكراهة الواردة في الصحيحة المشار إليها في ص 205 على تأكد الكراهة و إن كان يوجه التقييد المذكور بالصورة: و هي الحمل على الحرمة.

لكن الحمل المذكور مخالف لظاهر يكره، لأن كلمة يكره لها ظهور في شخص الكراهة و نفسها، لا في تأكدها.

(2) مقصود الشيخ من هذا الكلام اثبات أقوائية تحريم الاحتكار كما أفادها في قوله في ص 202: و هو الأقوى.

و خلاصته أن جملة الشرطية الاولى في كلام الامام عليه السلام:

و هو قوله عليه السلام: إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به كما في الصحيحة المذكورة في ص 205: تدل على ثبوت البأس في الاحتكار إن كان الطعام قليلا بحيث لا يسع الناس، الذي هو مفهوم الجملة الشرطية الاولى.

فحينئذ يحرم الاحتكار فثبتت أقوائية حرمته.

(3) عرفتها في الهامش 2 ص 207 عند قولنا: إن كان الطعام قليلا.

(4) أي تحريم الاحتكار.

ص: 207

لم يكن كفارة لما صنع (1).

و في السند (2) بعض بني فضال.

و الظاهر (3) أن الرواية مأخوذة من كتبهم التي قال العسكري عليه السلام عند سؤاله عنها: خذوا بما رووا، و ذروا ما رأوا.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 314 الباب 27 - الحديث 6.

فالشاهد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع، فإن عدم وقوع التصدق كفارة لما صنعه يكون مؤيدا لتحريم الاحتكار.

و المراد من لما صنع كبس الحنطة من قبل صاحبها يقصد بهذا الكبس انتظار الغلاء بسعرها حتى يربح أكثر.

(2) دفع وهم جاء به الشيخ لاثبات أقوائية التحريم كما أفادها في ص 202 بقوله: و هو الأقوى.

حاصل الوهم أن في سند الحديث المروي من المجالس بعض بني فضال، و بنو فضال من الفطحية الذين قالوا بإمامة عبد اللّه بن الامام الصادق عليه السلام و لم يعترفوا بإمامة الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، و لا بإمامة بقية الأئمة صلوات اللّه عليهم.

فكيف يستدل بهذا الحديث في تأييد حرمة الاحتكار؟

(3) هذا جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أن الاستدلال بالحديث المذكور على تأييد التحريم صحيح، لأن الامام الحسن العسكري عليه السلام عند ما سألوه عن كتب بني فضال، حيث كانت بيوت الشيعة منها مليئة، لكثرة ما فيها من الروايات المروية عن الأئمة الى الامام الصادق صلوات اللّه عليهم أجمعين:

ص: 208

ففيه (1) دليل على اعتبار ما في كتبهم، فيستغنى بذلك (2) عن ملاحظة من قبلهم في السند.

و قد ذكرنا (3) أن هذا الحديث أولى بالدلالة على عدم وجوب

+++++++++++

خذوا ما رووا، و ذروا ما رأوا.

أي خذوا الروايات المذكورة في كتب بني فضال، و اتركوا ما اجتهدوا فيه، و دونوه في كتبهم.

(1) أي ففي جواب الامام الحسن العسكري عليه السلام حول السؤال عن كتب بني فضال دليل واضح على اعتبار ما دونوه في كتبهم من حيث الرواية، لا من حيث الاجتهاد و النظر.

(2) أي بعد جواب الامام عليه السلام عن السؤال المذكور نستغني عن الإشكال عمن كان واقعا في سند الحديث كبعض بني فضال الذي كان فطحي المذهب، فلا يهمنا اشتمال الحديث على بعض هؤلاء.

(3) أي في (الرسائل)(1) المعبر عنه ب: (فرائد الأصول)

في باب العمل بالخبر الواحد في الاستدلال بالأحاديث الواردة عن (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين على حجية خبر الواحد.

أليك نص ما افاده قدس سره هناك.

و مثل ما في كتاب الغيبة بسنده الصحيح إلى عبد اللّه الكوفي خادم الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، حيث سأله أصحابه عن -

ص: 209


1- مؤلف عظيم في علم الأصول فريد في بابه من الكتب الدراسية المهمة لشيخنا الأعظم الانصاري قدس سره بانين على شرحه و اخراجه إلى عالم الوجود إن شاء اللّه تعالى.

الفحص عما قبل هؤلاء: من الاجماع الذي ادعاه الكشيّ (1) على تصحيح ما يصح عن جماعة (2).

+++++++++++

- كتب (الشلمغاني)(1) فقال الشيخ:

أقول فيها ما قاله (العسكري) عليه السلام في كتب بني فضال حيث قالوا له:

ما نصنع بكتبهم و بيوتنا منها ملاء؟

قال: خذوا ما رووا، و ذروا ما رأوا، فإنه دل بمورده على جواز الأخذ بكتب بني فضال، و بعدم الفصل على كتب غيرهم:

من الثقات، و رواياتهم، و لهذا أن الشيخ الجليل المذكور الذي لا يظن به القول في الدين بغير سماع من الامام عليه السلام قال:

أقول في كتب الشلمغاني: ما قاله العسكري عليه السلام في كتب بني فضال.

مع أن هذا الكلام بظاهره قياس باطل.

(1) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(2) و قال شيخنا الانصاري في موضع آخر من كتابه (الرسائل) في باب القرائن الدالة على صدق مقالة الشيخ:

اجماع الأصحاب على العمل بالخبر الواحد:

فمن تلك القرائن ما ادعاه الكشي: من اجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة، فإن من المعلوم أن معنى التصحيح المجمع عليه هو عدّ خبره صحيحا:

بمعنى عملهم به، لا القطع بصدوره، اذ الاجماع وقع على التصحيح لا على الصحة -

ص: 210


1- - يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

و يؤيده (1) أيضا ما عن الشيخ الجليل الشيخ ورّام (2) أنه ارسل عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن جبرائيل عليه السلام قال:

اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم يغلى،

فقلت: يا مالك لمن هذا؟

فقال: لثلاثة: المحتكرين، و المدمنين الخمر، و القوادين (3).

و مما يؤيد التحريم (4) ما دل على وجوب البيع عليه (5)، فإن الزامه بذلك ظاهر في كون الحبس محرما، اذ الالزام على ترك المكروه

+++++++++++

- مع أن الصحة عندهم على ما صرح غير واحد عبارة عن الوثوق و الركون، لا القطع و اليقين.

انتهى ما أفاده شيخنا الانصاري قدس سره في كتابه (الرسائل)

(1) أي و يؤيد تحريم الاحتكار أيضا.

هذا تأييد آخر لما ادعاه الشيخ من أقوائية حرمة الاحتكار في ص 202 بقوله: و هو الأقوى.

(2) يأتي شرح حياة هذا العالم الجليل و مؤلفه في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 314 الباب 27 الحديث 11.

و أما وجه التأييد فهو دخول المحتكر في وادي في جهنم يغلى، و دخوله فيه دليل على حرمة الاحتكار، لا كراهته.

(4) هذا تأييد ثالث لما ذهب إليه الشيخ: من أقوائية تحريم الاحتكار في قوله في ص 202: و هو الأقوى.

(5) أي الزام المحتكر ببيعه الطعام: بمعنى أن الحاكم الشرعي يلزمه ببيع الطعام بقيمة عادلة لا تضر البائع، و لا المشتري.

ص: 211

خلاف الظاهر، و خلاف قاعدة سلطنة:

الناس مسلطون على أموالهم.

ثم إن كشف الإبهام عن أطراف المسألة (1) إنما يتم ببيان أمور:
اشارة

ثم إن كشف الإبهام عن أطراف المسألة (1) إنما يتم ببيان أمور:

الأول: في مورد الاحتكار

(الأول): في مورد الاحتكار، فإن ظاهر التفسير المتقدم عن أهل اللغة (2)، و بعض الأخبار المتقدمة (3) اختصاصه (4) بالطعام.

و في رواية غياث بن ابراهيم:

ليس الحكرة إلا في الحنطة و الشعير، و التمر و الزبيب و السمن (5)

و عن الفقيه زيادة الزيت (6).

+++++++++++

(1) أي مسألة الاحتكار،

(2) كما في قول الصحاح، و المصباح المنير عند نقل الشيخ عنهما في ص 202:

هو جمع الطعام و حبسه يتربص به الغلاء.

(3) و هي صحيحة سالم الحنّاط المذكورة في ص 202

و صحيحة الحلبي الأولى المذكورة في ص 204

و صحيحة الحلبي الثانية المذكورة في ص 205

و رواية أبي مريم المذكورة في ص 207

(4) أي اختصاص الاحتكار بالطعام.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 313 الباب 27 الحديث 4.

(6) راجع (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3 ص 168 الباب 78 باب الحكرة و الأسعار - الحديث 1 - طباعة مطبعة النجف.

ص: 212

و قد تقدم في بعض الأخبار المتقدمة دخول الزيت أيضا (1).

و في المحكي عن قرب الإسناد برواية أبي البختري عن علي عليه الصلاة و السلام.

قال: ليس الحكرة إلا في الحنطة و الشعير، و التمر و الزبيب و السمن (2).

و عن الخصال في رواية السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قال:

الحكرة في ستة أشياء: في الحنطة و الشعير، و التمر و الزبيب، و السمن و الزبيب (3).

ثم إن ثبوته (4) في الغلات الأربع بزيادة السمن لا خلاف فيه ظاهرا.

و عن كشف الرموز، و ظاهر السرائر دعوى الاتفاق عليه (5)

و عن مجمع الفائدة نفي الخلاف فيه.

و أما الزيت فقد تقدم في غير واحد من الأخبار (6).

+++++++++++

(1) و هي صحيحة الحلبي الأولى المذكورة في ص 204 في قول الشيخ: و زاد في الصحيحة المحكية.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 314 الباب 27 الحديث 7.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 314 الباب 27 الحديث 10.

(4) أي ثبوت الاحتكار.

(5) أي على ثبوت الاحتكار في الغلات الاربع بزيادة السمن.

(6) و هي رواية من لا يحضره الفقيه المذكورة في ص 212 -

ص: 213

و لذا (1) اختاره الصدوق و العلامة في التحرير، حيث ذكر (2) أن به رواية حسنة، و الشهيدان و المحقق الثاني.

و عن الإيضاح أن عليه (3) الفتوى.

و أما الملح فقد ألحقه بها (4) في المبسوط(1) و الوسيلة(2) و التذكرة (5) و نهاية الأحكام و الدروس و المسالك.

و لعله (6) لفحوى التعليل الوارد في بعض الأخبار من حاجة الناس إليه (7).

+++++++++++

- و صحيحة الحلبي المذكورة في ص 204

و رواية قرب الإسناد المذكورة في ص 213

و رواية الخصال المذكورة في ص 213

(1) أي و لاجل ورود الزيت في الأخبار المذكورة التي أشير إليها في ص 212، و ص 213

(2) أي العلامة ذكر أن باحتكار الزيت رواية.

(3) أي على تحريم احتكار الطعام.

(4) أي بالحنطة، أو بالمذكورات: و هي الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و السمن.

(5) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 205 عند قوله: الاحتكار هو حبس الحنطة و الشعير.

(6) أي و لعل الحاق الزيت بالحنطة، أو بالمذكورات في الهامش 4 ص 214

(7) و هي صحيحة الحلبي المذكورة في ص 205، حيث فيها فإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس.

ص: 214


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
الثاني: ما هو الاحتكار

(الثاني): (1) روى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن الحكرة في الخصب أربعون يوما، و في الشدة و البلاء ثلاثة أيام، فما زاد على الاربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون، و ما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون (2).

و يؤيدها (3) ظاهر رواية المجالس المتقدمة (4).

و حكي عن الشيخ(1) و محكي القاضي و الوسيلة العمل بها (5).

و في الدروس(2) أن الأظهر تحريمه (6) مع حاجة الناس، و مظنتها (7) الزيادة على ثلاثة أيام في الغلاء، و اربعين في الرخص، للرواية (8)

+++++++++++

(1) اي الامر الثاني من الامور التي افادها الشيخ بقوله في ص 212: ثم إن كشف الابهام عن أطراف المسألة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 312 الباب 27 الحديث 1.

(3) اي و يؤيد رواية السكوني المذكورة في ص 213 الدالة على أن الحكرة في الخصب اربعون يوما.

(4) و هي المذكورة في ص 207.

(5) اي برواية السكوني.

(6) اي تحريم الاحتكار مع احتياج الناس الى الطعام و الملح.

(7) هذا من متممات كلام الشهيد الاول في الدروس.

و مرجع الضمير في مظنتها حاجة الناس، أي الملاك في تحريم الاحتكار هو احتكار الطعام زيادة عن ثلاثة أيام في وقت احتياج الناس إليه، و أكثر من أربعين يوما في أيام الرخص.

فالمناط في الحرمة هو تجاوز الحدين من حيث الشدة و الرخص.

(8) تعليل لكون المناط في التحريم هو تجاوز الحدين أي العلة في -

ص: 215


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

انتهى (1).

و أما تحديده (2) بحاجة الناس فهو حسن كما عن المقنعة و غيرها و يظهر (3) من الأخبار المتقدمة.

و أما ما ذكره (4): من حمل رواية السكوني (5) عن بيان مظنة الحاجة فهو جيد.

و منه (6) يظهر عدم دلالتها على التحديد بالعددين تعبدا.

+++++++++++

- ذلك هي رواية السكوني المذكورة في ص 215

(1) أي ما أفاده الشهيد في هذا المقام في الدروس.

(2) هذا كلام الشيخ يروم به تأييد ما أفاده الشهيد في الدروس في تحديد الاحتكار بالحدين المذكورين في الهامش 7 ص 215

(3) أي التحديد المذكور الذي أفاده الشهيد يظهر من الأخبار المتقدمة كرواية السكوني المشار إليها في ص 215

و رواية ابن أبى مريم الانصاري المذكورة في ص 207

(4) أي الشهيد الاول في الدروس عند نقل الشيخ عنه في ص 215 بقوله: و مظنتها الزيادة على ثلاثة أيام.

(5) المذكورة في ص 215

(6) أي و من حمل الشهيد رواية السكوني على أن الملاك في تحريم الاحتكار هو احتياج الناس إلى الطعام: يظهر عدم دلالة الرواية على التحديد بالعددين من باب التعبد، بل الملاك هو احتياج الناس إلى الطعام، اذ ربما تكون احتياج الناس إلى الطعام في الشدة أقل من ثلاثة أيام فيحرم الاحتكار حينئذ.

و ربما يكون أقل من أربعين يوما في أيام الرخص فيحرم الاحتكار أيضا.

ص: 216

الثالث: عدم حصر الاحتكار في شراء الطعام بل مطلق جمعه و حبسه

(الثالث) (1): مقتضى ما في صحيحة الحلبي المتقدمة (2) في بادئ النظر حصر الاحتكار في شراء الطعام.

لكن الأقوى التعميم (3) بقرينة تفريع قوله (4) عليه السلام:

فإن كان في المصر طعام.

و يؤيد ذلك (5) ما تقدم من تفسير الاحتكار في كلام أهل اللغة بمطلق جمع الطعام و حبسه (6)، سواء أ كان بالاشتراء أم بالزرع،

+++++++++++

(1) أي الأمر الثالث من الأمور التي أفادها الشيخ في ص 212 بقوله: ثم إن كشف الابهام عن أطراف المسألة.

(2) و هي المذكورة في ص 204 في قول الامام عليه السلام:

إنما الحكرة أن تشتري طعاما ليس في المصر غيره.

(3) أي تعميم حرمة الاحتكار، سواء أ كان بالشراء أم بغيره.

(4) أي قول الامام عليه السلام في الصحيحة المذكورة في ص 204:

فإن كان في المصر طعام غيره.

وجه كون التفريع قرينة على التعميم المذكور وجود الطعام في المصر عند صاحبه، فإن الوجود أعم من الشراء و الزرع، و الهبة و الارث، و لا اختصاص له بالشراء.

و العجب(1) من بعض المعلقين على المكاسب عند تعليقته على هذا الكلام أفاد أني لم أعرف كيف يكون التفريع المذكور قرينة على التعميم.

(5) أي و يؤيد تعميم الاحتكار بالشراء و غيره.

(6) راجع ص 202 عند نقل الشيخ عن الصحاح، و المصباح المنير:

هو جمع الطعام و حبسه.

ص: 217


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو الحصاد، أو الاحراز، إلا (1) أن يراد جمعه في ملكه.

و يؤيد التعميم (2) تعليل الحكم (3) في بعض الأخبار: بأن يترك الناس ليس لهم طعام (4).

و عليه (5) فلا فرق بين أن يكون ذلك من زرعه، أو من ميراث أو يكون موهوبا له، أو كان قد اشتراه لحاجة فانقضت الحاجة و بقي الطعام لا يحتاج إليه المالك فحبسه متربصا للغلاء.

الرابع: أقسام حبس الطعام كثيرة

(الرابع): (6) أقسام حبس الطعام كثيرة، لأن الشخص إما أن يكون قد حصّل الطعام لحبسه (7)، أو لغرض آخر (8)، أو حصل له من دون تحصيل له (9).

+++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن المراد من جمع الطعام عند اللغويين هو جمعه في ملكه بالشراء، لا بسبب آخر حتى يفيد التعميم.

(2) أي تعميم احتكار الطعام بالشراء و غيره.

وجه التأييد هو تعليل الامام عليه السلام حرمة الاحتكار، أو كراهته بقوله في الصحيحة المذكورة في ص 205: و يترك الناس ليس لهم طعام، فإن هذا التعليل يعم حرمة الاحتكار بأي نحو كان.

(3) و هو تحريم الاحتكار، أو كراهته كما عرفت آنفا.

(4) و هي الصحيحة المذكورة في ص 205

(5) أي و على تعميم حرمة الاحتكار بأي طريق حصل الطعام.

(6) أي الأمر الرابع من الأمور التي ذكرها الشيخ في ص 212 بقوله: ثم إن كشف الابهام عن أطراف المسألة.

(7) هذا هو القسم الأول من أقسام حبس الطعام.

(8) هذا هو القسم الثانى من أقسام حبس الطعام أي يحبس الطعام لأداء دينه.

(9) هذا هو القسم الثالث من أقسام حبس الطعام أي حصل له الطعام بطريق الارث أو الهبة مثلا.

ص: 218

و الحبس إما أن يراد منه نفس تقليل الطعام إضرارا بالناس في أنفسهم (1).

أو يريد به الغلاء و هو إضرارهم من حيث المال (2).

أو يريد (3) به عدم الخسارة من رأس ماله و إن حصل ذلك لغلاء عارضي لا يتضرر به أهل البلد كما قد يتفق ورود عسكر، أو زوار في البلاد و توقفهم يومين، أو ثلاثة أيام، فتحدث للطعام عزة لا تضر بأكثر أهل البلد.

و قد يريد بالحبس لغرض آخر (4) المستلزم للغلاء غرضا آخر،

هذا (5) كله مع حصول الغلاء بحبسه.

و قد يحبس انتظارا لأيام الغلاء من دون حصول الغلاء بحبسه، (6) بل لقلة الطعام في آخر السنة، أو لورود عسكر، أو زوار ينفد الطعام.

ثم حبسه لانتظار أيام الغلاء قد يكون للبيع بأزيد من قيمة الحال (7).

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الرابع من أقسام حبس الطعام.

(2) هذا هو القسم الخامس من أقسام حبس الطعام.

(3) هذا هو القسم السادس من أقسام حبس الطعام.

(4) هذا هو القسم السابع من أقسام حبس الطعام.

(5) أي ما ذكرناه لك حول الاحتكار إذا كان هو السبب لحصول الغلاء.

و أما اذا لم يكن هو السبب للغلاء فقد أشار إليه الشيخ قدس سره بقوله في هذه الصفحة: و قد يحبس انتظارا.

(6) هذا هو القسم الثامن من أقسام حبس الطعام.

(7) هذا هو القسم التاسع من أقسام حبس الطعام.

ص: 219

و قد يكون (1) لحب اعانة المضطرين و لو بالبيع عليهم، و الارفاق بهم.

ثم حاجة الناس قد تكون لا كلهم (2)، و قد تكون للبذر (3) أو لعلف الدواب، (4) أو للاسترباح بالثمن (5).

+++++++++++

(1) هذا هو القسم العاشر من أقسام حبس الطعام.

(2) هذا هو القسم الحادي عشر من أقسام حبس الطعام.

(3) هذا هو القسم الثاني عشر من أقسام حبس الطعام.

(4) هذا هو القسم الثالث عشر من أقسام حبس الطعام.

(5) هذا هو القسم الرابع عشر من أقسام حبس الطعام.

هذه هي الأقسام التي أفادها الشيخ قدس سره في هذا المقام بقوله في ص 218: الرابع أقسام حبس الطعام كثيرة.

و قد استخرجناها حسب فهمنا القاصر بحوله و قوته، و لطفه و كرمه علينا، شاكرين له عز اسمه الشريف هذه النعمة العظمى الجسيمة الجليلة.

و لعلنا قد اشتبهنا في الاستخراج المذكور كمّا.

فالرجاء الأكيد من قرائنا الكرام النبلاء ارشادنا الى خطأنا حتى نتداركه في الجزء الثالث عشر إن شاء اللّه تعالى في كتاب الخيارات

و أما احكام هذه الأقسام فهي أربعة حسب ما يلي:

الحرام - الواجب - المستحب - المباح.

أما الاحتكار الحرام فهو عند احتياج الناس الى الطعام، سواء أ كان الاحتياج لأكلهم أم لأكل دوابهم اذا كان أكل الدواب متوقفا على الطعام.

أم كان احتياجهم الى الطعام لأجل البذر للزراعة: بحيث لو لا بذل -

ص: 220

.............

+++++++++++

- صاحب الطعام البذر لم يحصل لهم زرع.

و الغرض من حبس الطعام هو إضرار الناس نفوسا، أو أموالا.

و قد اشار شيخنا الانصاري قدس سره إلى هذين القسمين من الاحتكار بقوله في ص 219: و الحبس.

إما أن يراد منه نفس تقليل الطعام إضرارا بالناس في أنفسهم أو يريد به الغلاء و هو إضرارهم من حيث المال و إلى قوله في ص 220:

ثم حاجة الناس قد تكون لأكلهم، و قد تكون للبذر، أو لعلف الدواب، أو للاسترباح بالثمن.

و أما الاحتكار الواجب فهو ما كان لأجل الانفاق على الفقراء عند عدم تمكنهم من الشراء و هم محتاجون إلى الطعام حاجة ماسة.

و قد أشار الشيخ إلى هذا النوع من الاحتكار الواجب بقوله في ص 220: و قد يكون لحب اعانة المضطرين و لو بالبيع عليهم.

و أما الاحتكار المستحب فهو ما كان لأجل الارفاق على الفقراء و المساكين، و ذوي الحاجات: من أهل العفة و الشرف و النجابة الذين يصعب عليهم السؤال و الاستعطاء من المجتمع الذي يعيشون معهم.

بناء على اتصاف الكسب و طلب المال بالمستحب كما أفاده الشيخ في المكاسب.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 1 ص 54 عند قوله:

مع امكان التمثيل للمستحب بمثل الزراعة و الرعي.

فهنا يكون الاحتكار بالطعام مستحبا.

و أما الاحتكار المباح فهو عند عدم احتياج الناس إلى الطعام فحبسه يكون مباحا حينئذ.

و أما الاحتكار المكروه فعلى القول بعدم كراهة الاحتكار لا يوجد له مثال خارجي -

ص: 221

و عليك باستخراج هذه الأقسام (1)، و تمييز المباح و المكروه و المستحب من الحرام.

الخامس: الظاهر عدم الخلاف كما قيل في اجبار المحتكر على البيع حتى على القول بالكراهة

(الخامس) (2): الظاهر عدم الخلاف كما قيل في اجبار المحتكر على البيع حتى على القول بالكراهة، بل عن المهذب البارع الاجماع عليه (3).

و عن التنقيح كما في الحدائق عدم الخلاف فيه (4).

و هو (5) الدليل المخرج عن قاعدة عدم جواز الإجبار لغير الواجب (6)

+++++++++++

- و أما على القول بكراهة الاحتكار فتتحقق الأحكام الخمسة اذا.

كما لو حبس الطعام انتظارا لغلاء سعره و حصل الغلاء بسبب الحبس لكن الطعام لم يكن منحصرا عنده، بل يوجد عند غيره و قد بذله الغير للمشتري.

فهذا الحبس يكون مكروها.

(1) و قد عرفت الأقسام و أحكامها في الهوامش المذكورة في ص 218-219-220-222 فراجعها، و أمعن النظر فيها.

(2) أي (الأمر الخامس) من الأمور التي أفادها الشيخ في ص 212 بقوله: ثم إن كشف الإبهام عن أطراف المسألة.

(3) أي الاجماع قام من الطائفة على اجبار المحتكر على بيع الطعام الموجود عنده.

(4) أي لا خلاف من الطائفة في اجبار المحتكر على البيع.

(5) أي الاجماع المذكور من الطائفة على اجبار المحتكر على بيع الطعام هو الدليل المخرج للإجبار المذكور عن قاعدة: عدم جواز إجبار الشخص على بيع ماله في غير الواجب، إذ لو لاه لما جاز الإجبار

(6) كما لو كان الشخص مدينا و هو قادر على الاداء و الدائن يطالبه و هو لا يعطيه.

فهنا يجبر المدين على بيع ماله الزائد على المستثنيات لاداء دينه، لأنه واجب، و الاجبار لا يكون مخالفا لقاعدة عدم جواز إجبار الشخص على بيع ماله.

ص: 222

و لذا (1) ذكرنا أن ظاهر أدلة الإجبار تدل على التحريم (2)، لأن الزام غير اللازم خلاف القاعدة.

نعم لا يسعّر عليه (3) اجماعا كما عن السرائر، و زاد (4) وجود

+++++++++++

(1) أي و لأجل قيام الاجماع من الطائفة على اجبار المحتكر على بيع طعامه قلنا في ص 211

و مما يؤيد التحريم ما دل على وجوب البيع عليه، فإن إلزامه بذلك ظاهر في كون الحبس محرما.

و أما الأخبار الدالة على اجبار المحتكر على بيع طعامه فاليك نص الحديث.

عن أبى عبد اللّه عليه السلام قال: نفد الطعام على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فأتاه المسلمون.

فقالوا يا رسول اللّه: قد نفد الطعام و لم يبق منه شيء إلا عند فلان فمره ببيعه.

قال: فحمد اللّه و اثنى عليه، ثم قال:

يا فلان إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شيئا عندك فأخرجه و بعه كيف شئت و لا تحبسه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 316 الباب 29 الحديث 1

(2) أي على تحريم الاحتكار.

(3) أي على المحتكر.

(4) أي ابن إدريس قدس سره زاد اضافة على الاجماع وجود الأخبار الدالة على عدم جواز التسعير على المحتكر.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 317 الباب 30 - الأحاديث -

ص: 223

الأخبار المتواترة.

و عن المبسوط عدم الخلاف فيه (1).

لكن عن المقنعة أنه يسعّر عليه (2) بما يراه الحاكم.

و عن جماعة منهم العلامة و ولده و الشهيد أنه يسعّر عليه (3) إن اجحف بالثمن، لنفي الضرر (4).

و عن الميسي و الشهيد الثاني أنه يؤمر (5).

+++++++++++

- أليك نص الحديث الأول.

عن علي بن أبى طالب عليه السلام أنه قال: مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج الى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها.

فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: لو قوّمت عليهم فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم حتى عرف الغضب في وجهه.

فقال: أنا اقوّم عليهم، إنما السعر الى اللّه يرفعه اذا شاء، و يخفضه اذا شاء.

و الحديث المشار إليه في الهامش 1 ص 223 صريح أيضا في عدم جواز التسعير على المحتكر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: و بعه كيف شئت و لا تحبسه.

(1) أي في عدم جواز التسعير على المحتكر.

(2) أي على المحتكر.

(3) أي على المحتكر.

(4) بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار، فإن اجحاف صاحب الطعام بالسعر موجب لضرر المشتري و هو منفي عنه.

(5) أي المحتكر يؤمر بإخراج الطعام إلى الأسواق من دون أن

ص: 224

بالنزول من دون تسعير، (1)، جمعا بين النهي عن التسعير، و الجبر بنفي الإضرار (2).

+++++++++++

- يسعّر عليه.

(1) منصوب على المفعول لأجله أي إنما يؤمر بإخراج الطعام من دون تسعير عليه لأجل الجمع بين الأخبار الناهية عن التسعير كما ذكرت في الهامش 4 ص 223-224، و الهامش 1 ص 223

و بين الأخبار الآمرة بإجبار المحتكر و إلزامه على بيع الطعام كما أشير إليها في الهامش 1 ص 223

(2) أي عن المحتكر، لأنه اذا اجبر على البيع و سعّر عليه الطعام و لم يكن له تسلط على ماله في التسعير فقد توجه نحوه الضرر و هو منفي بالحديث الشريف.

ص: 225

خاتمة:

(خاتمة) (1):

و من أهم آداب التجارة الاجمال (2).

+++++++++++

(1) أي هذه خاتمة كتاب البيع.

يقصد الشيخ الانصاري قدس سره من ذكر خاتمته هذه اعطاء درس كلي لمن يكون في صدد التجارة بعد ورود الحث الأكيد البالغ في الشريعة الاسلامية حول التجارة.

و قد عرفت الأحاديث الواردة في ذلك عن (الرسول الأعظم و الأئمة من أهل البيت) صلى اللّه عليه و عليهم اجمعين في ص 156 - 157 فراجع.

فخلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام أن التاجر عند ما يدخل في التجارة لا ينبغي له ان يقبل عليها كل الإقبال و يشغل أوقاته كلها فيها فيترك أخرته لدنياه فيكون مصداقا لقوله عليه السلام:

ليس منا من ترك آخرته لدنياه كما عرفت الحديث في ص 157، اذ التكاثر في الأموال يلهي الانسان عن كل شيء حتى عن الارتياحات النفسية، و لازم ذلك نسيان اللّه عز و جل، و ترك الآخرة.

قال اللّه عز من قائل:

أَلْهٰاكُمُ اَلتَّكٰاثُرُ حَتّٰى زُرْتُمُ اَلْمَقٰابِرَ كَلاّٰ سَوْفَ تَعْلَمُونَ

فاللازم على التاجر أن يأخذ في التجارة طريقا وسطا، و حدا معتدلا كما قال صلى اللّه عليه و آله و سلم:

خير الأمور أوساطها.

و الحد الوسط هو المطلوب في كل شيء حتى في العبادات.

(2) المراد به هو الاختصار -

ص: 226

في الطلب، و الاقتصاد (1) فيه.

ففي (2) مرسلة ابن فضال عن رجل عن أبى عبد اللّه عليه السلام:

ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع (3)، و دون طلب الحريص (4) الراضي (5) بدنياه، المطمئن إليها.

و لكن أنزل نفسك من ذلك (6) منزلة المنصف المتعفف.

ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف، و تكسب ما لا بد للمؤمن منه، إن الذين أعطوا المال ثم لم يشكروا لا مال لهم (7).

+++++++++++

(1) هو ضد الإفراط، و هو حد وسط بين الإفراط و التقتير.

(2) من هنا أخذ الشيخ في ذكر الأحاديث الشريفة الدالة على طلب الرزق طلبا لا إفراط فيه و لا تفريط.

(3) المراد من المضيّع من يضيّع حياته طوال عمره عبثا، و لا بهتم بأمور معاشه، و هو خامل بين المجتمع الانساني.

و لربما اصبح كلا على الناس، و وبالا عليهم.

(4) يطلق الحريص على من اشغل ميله نحو الشيء بولع شديد.

(5) هذه الجملة و الجملة التالية صفتان للحريص.

و معنى الحديث الشريف ان طلب الرزق واجب على الانسان لإعاشته، و اعاشة واجبي نفقته.

لكن الطلب لا بد أن لا يكون مثل كسب المضيع، بل فوقه.

و كذا لا بد أن يكون دون كسب الحريص الذي يكون راضيا بالدنيا الدنية بحيث لا يكون له هم سوى الاكتساب و جلب المال، تخيلا منه أنه يعيش فيها أبدا، و تدوم له حالاتها.

(6) أي في طلب الدنيا.

(7) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 30 الباب 13 الحديث 3.

ص: 227

و في صحيحة الثمالي عن أبى جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في حجة الوداع:

ألا إن الروح الأمين (1) نفث (2) في روعي (3) انه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا اللّه عز و جل، و اجملوا (4) في الطلب، و لا يحملنكم (5).

+++++++++++

(1) هو جبرائيل عليه السلام.

(2) بفتح النون و الفاء يراد منه هنا الشيء الشبيه بالنفخ لأن النفخ أقل من التفل، اذ التفل لا يكون إلا و معه شيء من الريق و النفث نفخ لطيف بلا ريق.

يقال: نفث في روعي أي نفخ في قلبى.

و يراد منه في غير هذا المكان الساحرة النفّاثة التي تعقد في الخيوط عقدا و تنفث عليها أي تتفل.

يقال: نفثت الساحرة أي عقدت خيوطا و تفلت عليها.

قال العزيز عزّ من قائل:

و من شر النفّاثات في العقد.

(3) بضم الراء و سكون الواو يراد منه القلب و العقل.

يقال: نفث في روعي أي نفخ في قلبي و أوقع في بالى.

و بفتح الراء و سكون الواو الفزع و الخوف.

يقال: روّعت زيدا أي افزعته و خوفته.

و معنى الحديث: أن جبرائيل الهم و القى في قلبي.

(4) أي اقتصدوا في الطلب، و لا يكون كدّكم و سعيكم في الطلب سعيا فاحشا، خارجا عن حد الوسط و الاعتدال.

(5) معناه هنا الحث البالغ.

ص: 228

استبطاء (1) شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية اللّه، فإن اللّه تبارك و تعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا، و لم يقسمها حراما، فمن اتقى اللّه عز و جل و صبر آتاه اللّه برزقه من حلّه، و من هتك حجاب الستر و عجل فأخذه من غير حلّه قصّ (2) به من رزقه الحلال، و حوسب عليه يوم القيامة (3).

و عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما يقول:

اعلموا علما يقينا أن اللّه عز و جل لم يجعل للعبد و إن اشتد جهده و عظمت حيلته، و كثرت مكابدته أن يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم

و لم يحل من العبد في ضعفه، و قلة حيلته أن يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم.

أيها الناس إنه لن يزداد امرئ نقيرا بحذقه، و لم ينتقص امرئ نقيرا لحمقه.

فالعالم لهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعته، و العالم لهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرته.

و رب منعم عليه مستدرج بالاحسان إليه.

و رب مغرور في الناس مصنوع له.

+++++++++++

(1) مصدر باب الاستفعال من استبطأ يستبطأ.

معناه تأخير شيء من الرزق.

(2) يحتمل أن يكون بمعنى القطع، او بمعنى النقيصة أي يقطع رزقه نهائيا، او ينقص منه.

(3) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 80 - باب الاجمال في الطلب - الحديث 1 طباعة چاپخانه حيدري عام 1378.

ص: 229

فأفق أيها الساعي من سعيك، و قصّر من عجلتك، و انتبه من سنة غفلتك، و تفكّر فيما جاء عن اللّه عز و جل على لسان نبيه صلى اللّه عليه و آله و سلم (1).

و عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

إن اللّه عز و جل وسع في ارزاق الحمقى، ليعتبر العقلاء، و يعلموا أن الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة (2).

و في مرفوعة سهل بن زياد قال: قال امير المؤمنين عليه السلام:

كم من متعب نفسه، مقتر عليه، و مقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير (3).

و في رواية علي بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد اللّه (ع):

ما فعل عمر بن مسلم؟

قلت: جعلت فداك اقبل على العبادة و ترك التجارة.

فقال: ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له.

إن قوما من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم لما نزلت:

و من يتّق اللّه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب (4):

اغلقوا الأبواب، و اقبلوا على العبادة و قالوا: قد كفينا.

+++++++++++

(1) راجع (فروع الكافي) الجزء 5: ص 81 باب الاجمال في الطلب الحديث 9.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 30 الباب 13 - الحديث 1.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 30 - الباب 13 الحديث 2.

(4) سورة الطلاق: الآية 2-3.

ص: 230

فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه و آله فأرسل إليهم فقال:

ما حملكم على ما صنعتم؟

قالوا: يا رسول اللّه تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة.

فقال: إنه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب (1).

و قد تقدم في رواية أنه: ليس منا من ترك آخرته لدنياه، و لا من ترك دنياه لآخرته (2).

و تقدم أيضا حديث داود على نبينا و آله و عليه السلام، و على جميع أنبيائه الصلاة و السلام (3).

بعد الحمد للّه الملك العلام على ما انعم علينا بالنعم الجسام التي من أعظمها الاشتغال بمطالعة، و كتابة كلمات أوليائه الكرام التي (4) هي مصابيح الظلام للخاص و العام.

+++++++++++

(1) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 - ص 84 - باب الرزق من حيث لا يحتسب الحديث 5.

(2) راجع ص 151

(3) راجع ص 151

(4) بالجر صفة لكلمة كلمات أي الكلمات المتصفة بكونها مصابيح الظلام.

ص: 231

ص: 232

الفهارس

اشارة

1 الأبحاث

2 التعليقات

3 الآيات الكريمة

4 الأحاديث الشريفة

5 الاعلام

6 الاماكن و البقاع

7 الكتب

8 الخاتمة

9 الخطا و الصواب

ص: 233

ص: 234

1 - فهرس الابحاث

الموضوع

الاهداء

9 مسألة

11 المراد من معقد الاجماع و الأخبار

13 الكلام في صحة بيع الراهن

15 في تضعيف كلام صاحب المقابيس

17 ما افاده صاحب المقابيس في بيع الراهن

19 ما اورده على نفسه صاحب المقابيس

21 ما افاده صاحب المقابيس حول بيع الراهن

23 ما اورده شيخنا الانصاري على صاحب المقابيس

31 دليل آخر لبطلان بيع الراهن الرهن

33 في توجيه كلام الشهيد الاول

35 تحقيق حول المبيع الفاسد بعد انكشافه

37 في ثمرة الخلاف بين القولين

39 في الاعتراض على ما افاده صاحب الجواهر

41 تحقيق حول تبري البائع عن العيب

43 توجيه صاحب الجواهر كلام من قال بصحة الاشتراء بالتبرئة

45 ما اورده شيخنا الانصاري على توجيه صاحب الجواهر

49 إشكال آخر على ما افاده صاحب الجواهر

51 في الاشكال على ما افاده المحقق الثاني و غيره

53 في جواز بيع المسك في فأره

55 في بيان مستند جواز بيع المسك

57 في بيان ضمان النقص الوارد في المسك و عدمه

59 الكلام في ضم المعلوم الى المجهول

61 كلمات الأعلام حول ضم المعلوم

63 الى المجهول

في الاحاديث الواردة في جواز بيع المجهول اذا ضم إليه معلوم

69 خدش شيخنا الانصاري على الاستدلال بالأحاديث

75 في التفصيل الذي افاده العلامة

77 الفرق بين جعل المال شرطا في متن القعد و بين جعله جزء

ص: 235

ص الموضوع

79 ما افاده العلامة في القواعد و التذكرة

81 في بيع الام مع حملها

83 ما افاده المحقق الثاني

85 المراد من التابع في البيع

87 في بيع ما في بطون الأنعام

89 ما افاده صاحب الجواهر في الأصالة و التبعية

91 ما اورده شيخنا الانصاري على صاحب الجواهر

97 في الاندار

99 الكلام في الاندار

101 صور الاندار

103 اعتراض كاشف الغطاء على ما في القواعد

105 امكان الاستظهار من كلام فخر المحققين

107 رد شيخنا الانصاري على ما افاده كاشف الغطاء

109 إرادة الوجه الاول من الاندار

111 رد شيخنا الانصاري على ما افاده المحدث البحراني

113 تحقيق حول الاعتراض على صاحب ص الموضوع

الجواهر

115 في الأحاديث الواردة في المقام

117 تحقيق حول الشق الاول من الحديث

119 الاستشهاد بالحديث على الاحتمال الثالث

121 راي الشيخ في الاندار

123 موثقة حنان هو محل الاعتماد في الإندار

125 جواز الإندار عند الشك في الزيادة و النقيصة

127 عدم اختصاص الظروف بظروف السمن و الزيت

129 في تعدية الإندار الى كل مصاحب للمبيع

131 في بيع الظرف مع مظروفه

133 نظرية شيخنا الانصاري حول بيع الظرف مع مظروفه

135 في جواز بيع احد الموزونين منفردا

137 في صور بيع الظرف مع مظروفه

139 ما افاده الشهيد الثاني في كيفية تقسيط الثمن

141 إشكال شيخنا الانصاري على كيفية التقسيط المذكور

143 استحباب التفقه في التجارة

ص: 236

ص الموضوع

145 تحقيق من شيخنا الانصاري

147 تحقيق حول التفقه في المسائل الشرعية

149 تحقيق من شيخنا الانصاري حول الحديث الوارد

151 نظرية شيخنا الانصاري حول التفقه في المسائل الشرعية

153 في الأحاديث الواردة في التفقه في المسائل الشرعية

155 في التعارض بين أدلة طلب العلم و طلب الاكتساب

157 في الأحاديث الواردة في طلب الاكتساب و الحث عليه

159 ما افاده الشهيد الثاني حول طالب العلم

161 الأحاديث الواردة في فضيلة طالب العلم

163 في الحديث القدسي

165 في فضيلة طلب العلم

167 رد شيخنا الانصاري على ما افاده المحدث البحراني

169 في الجمع بين الأحاديث الواردة في طلب العلم و طلب المال

ص الموضوع

171 في معنى التزاحم بين طلب المال و طلب العلم

173 في تعريف تلقي الركبان و تحديده

175 في الأحاديث الواردة في تلقي الركبان

177 خدش شيخنا الانصاري مع العلامة فيما افاده

179 اعتبار قصد التلقي في التلقي

181 الكلام في تلقي الركبان لمعاملات اخرى

183 الخيار ثابت للركب بعد تبين الغبن

185 في النجش

187 فيما لو دفع مال الى شخص لتوزيعه على قبيلة

189 تحقيق حول اختلاف عقيدة الدافع و المدفوع إليه

191 الأقوال في جواز اخذ المدفوع إليه من المال و عدمه

193 احتجاج القائل بتحريم اخذ المال

195 الاحتجاج بالأحاديث الدالة على التحريم

197 في الأحاديث الدالة على جواز اخذ المال

ص: 237

ص الموضوع

199 في الجمع بين الأحاديث المجوزة و المانعة

201 تعليل للرجوع الى الاحاديث المانعة

203 في الأحاديث الواردة في الاحتكار

207 وهم و الجواب عنه

209 ما قاله الامام العسكري حول كتب بني فضّال

211 تأييد من الحديث النبوي حول تحريم الاحتكار

213 الأحاديث الواردة في شمول الاحتكار لغير الطعام

ص الموضوع

215 تحديد مدة الاحتكار

217 انحصار الاحتكار في الطعام بشرائه

219 في أقسام حبس الطعام

223 قيام الاجماع في اجبار المحتكر على بيع طعامه

225 في أن المحتكر يؤمر باخراج طعامه في الأسواق

227 في آداب التجارة

229 ما افاده الشهيد الثاني في طالب العلم

231 فى الاحاديث الواردة فى الحث لطلب العلم على طالب العلم

ص: 238

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

10 الأقوال الاربعة فى بيع الراهن الرهن

10 العمومات السليمة عن المعارض المراد من معقد الاجماع و الأخبار من عدم

11 جواز بيع الراهن الرهن وهن الأخبار المستدل بها على عدم جواز

12 بيع الراهن الرهن بذهاب الجمهور على خلاف ذلك

13 دليل آخر على جواز بيع الراهن الرهن

14 خلاصة وجه النظر على ما افاده العلامة

15 الدليل الاول للمحقق التستري

15 الدليل الثاني للمحقق التستري

15 الدليل الثالث للمحقق التستري

16 فى اشتمال الدليل الثالث على صغرى و كبرى

17 خلاصة ما اورده شيخنا الانصاري على المحقق التستري

18 إشكال آخر من المحقق التستري

19 للعقد الفضولي فردان

ص الموضوع

20 خلاصة التعليل على أن عقد المحجور عليه منهي عنه

21 احتياج المالك فى بيع ملكه الى امرين

22 التعليل الوارد فى الحديث عن نكاح العبد

23 خلاصة تعليل منع اللّه عز و جل عن بيع الراهن الرهن

23 فى جريان التعليل المذكور لكل عاص

24 خلاصة متممات كلام المحقق التستري

25 تتميم آخر للمحقق التستري

25 خلاصة ما اورده شيخنا الانصاري على ما افاده المحقق التستري

26 ايرادان على ما افاده المحقق التستري

26 تعليل لعدم وجود قصد الاستقلال فى بيع الرهن من الراهن

28 المراد من العمومات

29 خلاصة الرد على ما افاده المحقق التستري

ص: 239

ص الموضوع

29 رد آخر على ما افاده المحقق التستري

31 خلاصة تعليل من المحقق التستري حول كون الاجازة كاشفة

31 تتميم آخر للمحقق التستري حول كون الاجازة كاشفة

32 تنظير من المحقق التسترى لاثبات مدعاه

32 ما اورده شيخنا الانصاري على ما افاده المحقق التستري

33 تتميم آخر للمحقق التستري فيما افاده

33 خلاصة إشكال

34 إشكال على ما افيد فى القيل

35 تنازل من الشيخ

36 إشكال آخر على عدم انفساخ العقد

36 ثمرة الخلاف بين القولين

37 إشكال من الشهيد الثاني على مئونة النفل

38 حاصل وهم و الجواب عنه

39 حاصل الاعتراض على ما افاده الشهيد الثاني

39 القول الثالث فى مصاريف النقل

40 الاشكال على القول الثالث

ص الموضوع

41 الكلام فى رجوع المشتري على البائع فى المصاريف

41 ما افاده الشهيد فى الدروس عند تبرأ البائع عن العيب عند العقد

42 تحقيق حول جملة: ليسقط بالتبري ذكر مثال لكون الاشتراط المذكور

43 مخالفا لمفهوم العقد

43 وهم و الجواب عنه

44 جواب صاحب الجواهر عما افاده المحقق

45 قياس منطقي من الشكل الاول

47 تحقيق حول الظلامة

ظهور فائدة الخلاف في صحة البيع

47 و فساده

48 إشكال آخر على ما افاده صاحب الجواهر

48 تحقيق حول ما إذا كان المبيع كلبا أو خنزيرا

49 إشكال آخر على ما افاده صاحب الجواهر

ص: 240

ص الموضوع

50 تصحيح من شيخنا الانصاري حول ما افاده صاحب الجواهر

51 ما افاده بعض حول مقالة الشيخ

53 تحقيق حول المسك و ما ذكره الأطباء القدامى في أقسامه

54 الأحاديث الواردة في التطيب بالمسك

55 في رواية عبد اللّه بن سنان حول المسك

59 تحقيق حول الآجام

62 ضعف المرسلة من جهتين

63 الأحاديث الواردة في بيع المجهول اذا ضم إليه معلوم

65 تحقيق حول كلمة أسكرجه و كلمة كافح

66 دلالة الصحيحة على صحة بيع المجهول اذا ضم إليه معلوم

67 محل الشاهد من قوله عليه السلام:

لا بأس إن لم يكن في بطونها حمل

68 محل الشاهد من قوله عليه السلام:

اذا علمت من ذلك

ص الموضوع

68 خدش الشيخ في الروايات المستدل بها

69 خلاصة الإشكال الوارد على صحيحة ابن محبوب

69 إشكال آخر على صحيحة ابن محبوب

69 تأييد من الشيخ لما اورده على صحيحة ابن محبوب

الإشكال في رواية أبي بصير و مرسلة البزنطي

71 وهم و الجواب عنه

72 رد على الاستدلال برواية معاوية ابن عمار

72 ذكر وجه للامر بالتأمل

73 استشهاد شيخنا الانصاري لما اورده على رواية معاوية بن عمار

74 المراد من النصوص

76 المراد من انتقال مال العبد إلى المشتري

76 تفريع على ما افاده العلامة

78 الفرق بين قول البائع: بعتك هذه الدابة و حملها و بين قوله:

لو باع الحمل مع أمه:

في أن الاول غير جائز، و الثاني جائز

80 تعليل و خلاصته

ص: 241

ص الموضوع

81 محل الشاهد في قول الشهيد الاول

81 محل الشاهد من كلام شيخ الطائفة

81 محل الشاهد من كلام الشهيد الاول

82 المراد من التابع في كلام الفقهاء

82 الغرض من شراء الشاة الحامل

83 تعلق الغرض الشخصي بالتابع

84 خلاصة ما افاده صاحب جامع المقاصد

84 إشكال شيخنا الانصاري على ما افاده المحقق الثاني

85 عدول الشيخ من الإشكال و خلاصته

85 عدول الشيخ عن التوجيه المذكور لكلام صاحب جامع المقاصد

85 الاحتمال الثاني في التابع

86 تابعية الشيء في المبيع على قسمين

86 في المواضع الظاهرة من كلام العلامة في المختلف

88 احتمال من صاحب الجواهر حول الأصالة و التبعية

89 وهم و الجواب عنه

89 نظائر كثيرة في الكتب الفقهية للمعاملة المذكورة

ص الموضوع

91 ايراد شيخنا الانصاري على ما افاده صاحب الجواهر

92 نظرية الشيخ الانصاري حول التابع

92 قصد المتتابعين لا يصحح بيع المجهول إذا ضم إليه معلوم

93 قصد المتبايعين لا اثر له في الغرر وجودا و عدما

93 الحالات الثلاثة للتابع العرفي

95 الاستثناء عن الحالة الثالثة

95 تعليل للاستثناء المذكور

95 تحقيق حول التابع المجهول

66 الفرق بين التابع المجهول المنضم بنحو الاتصال

و التابع المجهول المنضم بنحو الانفصال

97 تحقيق حول كلمة الاندار و المراد منه في الفقه

97 في الفرق بين بيع المظروف فقط و بين بيع الظرف و المظروف معا

98 تحقيق حول الاستثناء الحقيقي

ص: 242

ص الموضوع

99 الاندار على قسمين

99 الأقوال الواردة في الاندار

101 امكان اثبات الاندار بأسلوب آخر

102 الفرق بين هذا الأسلوب و الوجه الثاني

102 تعليل لذهاب كاشف الغطاء إلى الوجه الآخر

103 اعتراض و خلاصته

104 تعليل و خلاصته

104 تعليل و خلاصته

105 تعليل و خلاصته

105 ذكر وجه للامر بالتأمل

107 ايراد شيخنا الانصاري على ما افاده المحقق و الشهيد الثانيين

107 إشكال شيخنا الانصاري على الشيخ كاشف الغطاء

108 بيان كيفية الاعتراض على ما افاده كاشف الغطاء

108 تفريع

109 الفرق بين المقامين

111 وجه تأييد كلام صاحب الحدائق

ص الموضوع

111 عدم تعرض شيخنا الانصاري لذكر الأحاديث

في صدر الاندار

112 المقصود من قوله عليه السلام: إن كان يزيد و ينقص

112 كلام حول ما افاده صاحب الجواهر

113 تحقيق حول الاعتراض المذكور

114 تأييد لعدم وجود اطلاق في قوله عليه السلام

114 ذكر وجه للامر بقوله: فافهم

114 ذكر الأحاديث التي لا تدل على الاندار

115 محل الشاهد في قوله عليه السلام:

إذا كان ذلك

115 تعليل لعدم التعارض بين مفهوم رواية علي بن أبي حمزة و الموثقة

116 تحقيق حول كلمة ناسية و جوال

117 محل الشاهد من قوله عليه السلام:

فلا بأس إذا

117 بيان الاحتمالات الواردة

في الفقرة الاولى من قوله عليه السلام إن كان يزيد

ص: 243

ص الموضوع

118 ذكر الشواهد الدالة على الاحتمالات الثلاثة

119 الامر الاول

120 تحقيق حول كلمة (سمسار)

122 صحة الاندار و عدمها متوقفة على العادة و عدمها

122 القيد الاول للاندار

123 القيد الثاني للاندار

123 الاندار امر واقعي

123 تفريع على كون الاندار امرا واقعيا

124 تعليل و خلاصته

124 وهم و الجواب عنه

125 خلاصة الكلام حول القيدين

125 تعليل للامر بالتأمل و خلاصته

126 تحقيق حول كلمة الظروف

127 استفادة عدم اختصاص الظروف بظروف السمن و الزيت من كلمات الفقهاء

127 تأييد لعدم اختصاص الاندار بظروف السمن و الزيت

128 عدول من شيخنا الانصاري حول ما افاده:

ص الموضوع

من التعميم في الظروف

128 تحقيق حول كلمة قوارير

128 تحقيق حول كلمة جلاب

129 تحقيق حول كلمة العطر و العاطر

130 كلام حول الظروف التي تجعل فيهما السمن و الدهن

132 تعليل و خلاصته

133 خلاصة الكلام حول بيع المظروف مع ظرفه

134 جواب شيخنا الانصاري عن النص و الاجماع

134 خلاصة الكلام حول شيئين من المكيل و الموزون

135 تحقيق حول كلمة المحشوة

136 فرض مسألة بيع المظروف مع ظرفه

137 طريقة تقسيط الثمن على المظروف و ظرفه

138 مقتضى التقسيط المذكور

138 العلة في كيفية التقسيط المذكور

139 تعليل حول كون الظرف كسرا مشاعا و خلاصته

ص: 244

ص الموضوع

139 تفريع على أن الظرف و المظروف لوحظا شيئا واحدا

139 الفرق بين كون المبيع عبارة عن كل كيلو من مجموع الظرف و المظروف

و بين كون المبيع كل كيلو مركب من الظرف و المظروف

141 إشكال شيخنا الانصاري على ما افاده الشهيد الثاني

144 تحقيق حول كلمة ارتطم

145 ظاهر كلام الشيخ المفيد

145 تأييد من شيخنا الانصارى لما افاده شيخنا المفيد قدس سره

147 تحقيق حول تعلم العلم

148 المراد من وجوب تعلم العلم

148 تحقيق حول المراد من المعاوضة

149 امكان كون كلام الامام

أمير المؤمنين عليه السلام اشارة إلى ما ذكر

150 تفريع

151 تعليل و خلاصته

ص الموضوع

152 توجيه كلام الفقهاء و خلاصته

153 تحقيق حول الحديث الشريف الوارد في أن الربا أخفى من دبيب النملة

154 تفريع

155 الأحاديث الواردة في فضيلة العلم

156 الأحاديث الواردة فى طلب الاكتساب و الاشتغال

158 ما ذكره الشهيد الثاني حول العالم و المتعلم

159 تحقيق حول كلمة مقاليد و المراد منها هنا

160 تحقيق حول كلمة نفحات - لحظات

162 تحقيق حول كلمة لا تسعف

164 تحقيق حول كلمة عضو

166 فى دفع التنافي بين أدلة طلب المال و أدلة طلب العلم

168 المراد من الوظائف

168 في عدم المزاحمة بين طلب المال و طلب العلم

169 الفوائد الكثيرة المترتبة على الاشتغال بالتجارة

172 تحقيق حول كلمة ركبان - و غدوة

ص: 245

ص الموضوع

173 تحقيق حول كلمة روحة

175 تحقيق حول خروج الحد عن المحدود

176 تعليل و خلاصته

176 عدول شيخنا الانصاري عما افاده:

من دخول الحد في المحدود

177 خدش شيخنا الانصاري مع العلامة فيما افاده

178 تحقيق حول الفرسخ

178 تفريع

179 المراد من التعليل الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المسلمون يرزق اللّه بعضهم

180 إشكال و خلاصته

184 تحقيق حول كلمة نجش

185 تحقيق حول كلمة يسمع

185 ما افاده شيخنا الصدوق قدس سره

186 تفسير زائد من شيخنا الانصاري حول كلمة ناجش

187 عدم ولاية مستقلة للمدفوع إليه

187 الحديث الوارد في وصف المرجع ص الموضوع

الديني

189 نظرية شيخنا الانصاري في المقام

189 في الفرق بين ما لو كان الاجتهاد موضوعا و بين ما لو كان على وجه الداعي

192 للقائل بتحريم اخذ المال دليلان

192 الدليل الاول و خلاصته

192 مقول قول الفقهاء

193 استشهاد شيخنا الانصاري بالمثال مخدوش من جهتين

193 تأكيد آخر لحرمة المأمور من المال الذي دفع إليه

194 الدليل الثاني و خلاصته

194 تحقيق حول كلمة محوج

195 استدلال و خلاصته

195 رد على المستدل بالمغايرة بين المأمور و المدفوع إليه

196 الأحاديث المعارضة لصحيحة ابن الحجاج

197 خلاصة ما افاده شيخنا الانصاري في المقام

198 مقصود الشيخ الانصاري من حرمة

ص: 246

ص الموضوع

اخذ المأمور من المال

199 تفريع

199 في الجمع بين الأخبار المتعارضة

200 تعليل و خلاصته

200 ما افاده شيخنا الايرواني في تعليقته على المكاسب في ص 216

202 تحقيق حول كلمة يتربص

203 تحقيق حول كلمة حناط و كلمة نفاق و كلمة كساد

204 الاستدلال بالأحاديث على أقوائية حرمة الاحتكار

205 الصحابي الجليل مالك الاشتر

206 وهم و الجواب عنه

207 حمل الكراهة على الحرمة مخالف لظاهرها

207 مقصود شيخنا الانصاري من قوله:

و إن شئت

ص الموضوع

208 وهم و الجواب عنه

209 ما افاده شيخنا الانصاري في الوسائل

215 ما افاده الشهيد في الدروس

215 تعليل

216 تأييد من شيخنا الانصاري لما افاده الشهيد في الدروس

217 وجه كون التفريع قرينة

218 تأييد

218 أقسام حبس الطعام

219 أقسام حبس الطعام

220 أقسام حبس الطعام

220 أحكام أقسام حبس الطعام

222 الاجماع هو الدليل المخرج

223 الأحاديث الدالة على اجبار المحتكر

226 مقصود شيخنا الانصاري من ذكر الخاتمة

227 المراد من المضيع

228 تحقيق حول كلمة نفث - روعي

229 الأحاديث الواردة في طلب المال

ص: 247

3 - فهرس الآي الكريمة

الف

ألهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر 226

انفقوا من طيبات ما كسبتم 143

أوفوا بالعقود 55

ذ -

ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا 144

ل -

لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 55-143

و -

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 55

وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاٰ يَحْتَسِبُ 230

ص: 248

4 - فهرس الاحاديث الشريفة

التاجر فاجر و الفاجر في النار 149

إذا علم من ذلك شيئا واحدا 68

إذا كانت أجمة ليس فيها قصب 63

إذا كان ذلك عن تراض منكم 115

إذا لم يعلم وزن الناسية و الجوالق 116

اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم 211

اعلموا علما يقينا أن اللّه لم يجعل للعبد 229

ألا إن روح الامين نفث في روعي 228

الحكرة في ستة أشياء 213

العبادة سبعون جزء أفضلها 157

الناس مسلطون على أموالهم 211

إن الحكرة في الخصب اربعون صباحا 215

إن الربا أخفى من دبيب النملة على الصفا 153

إن اللّه وسّع في أرزاق الحمقى 230

إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كان يتطيب 54

إن كان الطعام كثيرا يسع الناس: 205-218

إن كان عند غيرك فلا بأس: 204

إن كان يزيد و ينقص فلا بأس: 112

إني لأصنعه في الدهن: 55

إنما الحكرة أن تشتري طعاما: 204

أيما رجل اشترى طعاما: 27

أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم 165

الواشمة و المتوشمة 184

اوحى اللّه تعالى إلى داود:

يا داود إنك نعم العبد 156

ت -

تصيد كفا من سمك تقول.... 64

خ -

خذوا بما رووا.... 208، 210

خير الأمور أوساطها 226

ط -

طلب العلم فريضة 155

طلب العلم فريضة على كل مسلم 155

ع -

عليكم بالتفقه في دين اللّه 155

ف -

فامنع من الاحتكار 205

ق -

قد تكفل لطالب العلم برزقه 160

ك -

كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم 55

ص: 249

ممسكة... 55

كان لعلي بن الحسين عليه السلام اشبيدانة.... 54

كم من متعب نفسه.... 230

ل -

لا، إلا أن يحلب لك في سكرجة... 65

لا بأس إن لم يكن في بطونها حمل... 67

لا بأس إنما كان ذلك رجل 203

من قريش....

لا بأس أن يأخذ بنفسه.... 197

لا بأس بأن يشتري الآجام.... 63

لا تلق، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم نهى عن التلقي.... 172

لا تلق و لا تشتر.... 173

لا ضرر و لا ضرار 224

لا يأخذ منه حتى يأذن.... 195

لا يتلقى احدكم تجارة خارجا من المصر....

173

ليس الحكرة إلا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب.... 212

ليس الحكرة إلا في الحنطة و الشعير و التمر و الزيت.... 213

ليس منا من ترك دنياه لدينه....

157، 231

ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيع....

227

م --

ما حملكم على ما صنعتم.... 231

من اتجر بغير علم فقد ارتطم في الربا.. 444

من اراد التجارة فليتفقه في دينه....

144، 153

مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم بالمحتكرين.... 224

ن -

قلت لأبى عبد اللّه عليه السلام: الرجل...

قال: نعم 196

نعم حتى تنقطع، أو شيء منها.... 66

نعم فليذقه.... 14

نفد الطعام على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.... 223

و -

و ربما نقص؟ قلت: و ربما نقص.... 118

و عزتي و جلالي و عظمتي و كبريائي.... 165

و عزتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي.. 163

ويحه أما علم أن.... 230

ي -

يأخذ منه لنفسه.... 197

ص: 250

5 - فهرس الاعلام

- أ -

ابن أبي عمير: 173

ابن الحجاج: 194، 196، 197، 199

ابن حمزة: 14، 16، 18، 61

ابن زهرة: 12، 18، 172

ابن فضال: 217

ابن محبوب: 67، 68، 69، 74

أبو بصير: 64، 70، 72، 74، 92

أبو الحسن: 54

أبو صلاح: 14، 16، 18

الأردبيلي (المحقق): 61، 109، 110، 147

الاسكافي: 64

الاشتر: مالك: 205

الاصبهاني: المحقق محمد حسين: 93، 141

أمير المؤمنين: علي بن أبي طالب عليه السلام: 144، 149، 150، 156 157، 165، 167، 197، 204، 213، 224، 229

الانصاري: أبو مريم: 207، 212، 216

الايرواني (المحقق): 200

- ب -

الباقر: الامام أبو جعفر عليه السلام:

165، 173، 207، 228

البختري أبو: 213

البزنطي: 62، 63، 70، 72، 74، 92

بني فضال: 208، 210

ت -

التستري: (المحقق): 193

التقي: 172

ث -

الثمالي: 228

ج -

جبرائيل عليه السلام: 211، 228

ح -

حسين بن روح: 209

حسين بن عثمان (أبو حسن): 196، 99

حسين بن علوان: 162

الحلبي: 202، 204، 205، 212، 214، 217

الحلي: (ابن ادريس، صاحب السرائر) 12، 18، 22، 28، 29، 45، 172

ص: 251

182، 183، 223

الحنابلة: 131

الحناط: سالم 202، 212

حنان: 111، 117، 119، 22

د -

داود عليه السلام: 231

الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم

54-55-155-158-160-165 - 303-205-211-223

ز -

الزيات: معمر 111-115

س -

السبزواري (الحكيم): 160

السبيعي: أبو اسحاق: 165

السجاد: الامام علي بن الحسين عليهما السلام 54

سعد بن يسار: 196-199

السكوني: 213-214-216

سلار: 14-16-18-19

سماعة: 64-68-74-86-92

سهل بن زياد: 62-230

ش -

الشافعية: 46-161

الشلمغاني: 21

الشهيد الاول: محمد بن مكي العاملي:

29-30-32-37-61-62-81 - 615-216-224

الشهيد الثاني زين الدين الجبعي: 30 - 37-39-60-106-131-141 - 108-162-165-167-214

الشهيدان: 81-82-85-127-214

الشيخان: 17-18-27

ص -

صاحب الحدائق (المحدث البحراني):

109-110-111-165-166-168

صاحب الكفاية: 61

صاحب الوسيلة: 99-118

صاحب المهذب: 191

الصادق: الامام أبو عبد اللّه جعفر عليه السلام: 54-55-56-62-63 64-65-144-155-157-172 - 194-195-203-204-213-215 229-230

الصدوق: 157-185-205-214

ص: 252

- ط -

الطوسي: (شيخ الطائفة): 17 - 29-30-41-52-61-81-85 - 99-118-123-143-172-215

ع -

العاملي: (المحدث): 61

عبد اللّه بن الامام الصادق 208

عبد اللّه بن سليمان: 230

عبد اللّه بن سنان: 55-184

عروة: 173-179

العسكري: الامام أبو محمد الحسن عليه السلام

208، 209، 210

العلامة: 16، 17، 18، 19، 25، 26، 27، 45، 46، 52، 58، 61، 75، 84، 88، 91، 103، 131

علي بن أبى حمزة: 114، 116، 117

علي بن جعفر: 54، 116، 117

علي بن عبد العزيز: 230

عمر بن مسلم: 230

عيص بن القاسم: 65، 66، 74

غ -

غياث بن ابراهيم: 212

ف -

الفاضلان: 12، 106، 137

فخر الاسلام (فخر المحققين): علي بن يوسف: 60، 97، 98، 101، 103 104، 105، 126، 224

ق -

القاضي: 14، 15، 16، 17، 18 19، 21، 61، 172، 202، 215

القصاب: منهال: 172

ك -

الكاشاني (المحدث): 61

كاشف الغطاء: جعفر (الكبير): 39 40، 102، 103، 107، 108

الكاظم: الامام أبو الحسن موسى عليه السلام: 116، 196، 208

الكرخي: ابراهيم: 67، 70

الكشي: 210

الكليني: 162، 166

الكوفي: عبد اللّه: 209

م -

المامقانيّ: 15

المجلسي (العلامة): 62، 63

محمد بن العيص: 12

المحقق: 25، 26، 44

المحقق الثاني (صاحب جامع المقاصد):

ص: 253

38، 42، 60، 82، 83، 84، 100، 106، 107، 127، 214

معاوية بن عمار: 63، 72، 74، 92

مفضل بن عمار: 150

المفيد: 14، 15، 16، 19، 143، 144، 145

المنتظر (الحجة) عجل اللّه تعالى فرجه:

187

الميسي: 224

و -

ورّام: الشيخ: 211

الوشّاء: 54

ه -

الهاشمي: اسماعيل بن الفضل: 67، 68 66، 69، 74، 92

ص: 254

6 - فهرس الامكنة و البقاع

- ب -

بحر خزر: 121

ج -

جيلانات: 129

- ق -

قم: 20

م -

مازندران: 129

ص: 255

7 - فهرس الشعر

ل -

فإن تفق الأنام و انت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال 53

ه -

أزمة الامور طرا بيده *** و الكل مستمدة من مدده 160

ص: 256

8 - فهرس الكتب

- أ -

الارشاد: 190

الاستبصار: 202

الاقتصار: 191

إيضاح النافع: 172، 202، 214

ت -

تاج العروس: 129

التحرير: 50، 100، 190، 194، 202، 214

التذكرة: 29، 45، 47، 50، 56، 5، 77، 78، 91، 131، 190، 202، 214

التنقيح: 191، 202، 222

التهذيب: 204

ج -

جامع المقاصد: 28، 38، 51، 79، 82، 82، 184، 190، 220

الجواهر: 42، 45، 88، 91، 112

ح -

الحدائق: 69، 109، 110، 143، 158، 165، 168، 184، 190، 222

حواشي الشهيد: 62

حواشي المحقق الثاني: 172

خ -

الخصال: 213، 214

الخلاف: 69

الدروس: 29، 30، 32، 36، 41، 81، 82، 172، 190، 202

ر -

الروضة: 20، 59، 81، 100، 131 202

س -

السرائر: 12، 29، 45، 190، 202 213، 223

ش -

للشرائع: 190، 202

شرح الإرشاد: 60

ص -

الصحاح: 129، 202، 212، 217

غ -

غاية المراد: 61

الغنية: 12، 61

ص: 257

الغيبة: 209

ف -

فرائد الاصول (الرسائل): 209، 211

الفقيه: 64، 157، 212

ق -

القاموس: 129

قرب الاسناد: 116، 127، 213، 214

القواعد: 18، 25، 27، 28، 50، 51، 62، 75، 77، 83، 84، 91، 92، 103

ك -

الكافي: 16، 19، 155، 164، 165 166، 196، 202، 229، 230، 231

كشف الرموز: 190، 213

الكفاية: 190

ل -

لسان العرب: 129

اللمعة الدمشقية: 11، 29، 26، 36، 37، 39، 59، 75، 81، 100، 109، 120، 131، 156، 202

م -

المبسوط: 28، 29، 45، 190، 202 214، 224

المجالس: 207، 208، 215

مجمع البحرين: 129

مجمع الفائدة: 213

المختلف: 16، 17، 19، 27، 60، 87، 172، 190، 202

مرآة العقول (شرح الكافي): 62

المسالك: 138، 141، 190، 214

مستدرك وسائل الشيعة: 182

المصباح المنير: 149، 202، 212

معاني الأخبار: 185

مفتاح الكرامة: 61

المقابيس: 193

المقتصر: 60

المقنعة: 14، 15، 17، 18، 27، 143، 191، 202، 216، 224

المنتهى: 172، 174، 176، 177، 184

من لا يحضره الفقيه: 157، 176، 212، 213، 217

منية المريد: 158، 159، 160، 164 166

المهذب البارع: 191، 222

الميسية: 202

ص: 258

- ن -

النافع: 25، 190

نكت الارشاد: 66

النهاية: 16، 17، 18، 19، 27، 55، 61، 99، 118، 123، 127، 190

نهاية الأحكام: 172، 191، 214

نهج البلاغة: 167، 204، 205

- و -

وسائل الشيعة: 14، 55، 63، 64، 65، 66، 67، 112، 115، 117، 119، 144، 149، 153، 157، 184، 195، 196، 204، 205، 206 211، 212، 223، 227

الوسيلة: 61، 99، 127، 214، 215

ص: 259

9 - خاتمة المطاف

بسم اللّه الرّحمن الرحيم

يا من تحل به عقد المكاره و يا من يفثأ به حد الشدائد و يا من يلتمس منه المخرج إلى روح الفرج.

ذلت لقدرتك الصعاب و تسببت بلطفك الأسباب و جرى بقدرتك القضاء و مضت على ارادتك الأشياء.

فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة و بإرادتك دون نهيك منزجرة.

انت المدعو في المهمات و انت المفزع في الملمات.

لا يندفع منها إلا ما دفعت و لا ينكشف منها إلا ما كشفت.

و قد انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء الثاني عشر) من كتاب (المكاسب لشيخنا الاعظم الانصاري) قدس اللّه نفسه الزكية حسب تجزئتنا.

و هو آخر جزء من أجزاء البيع و به انتهى ما افاده الشيخ طاب ثراه في المكاسب المحرمة و البيع.

و كانت بداية هذا الجزء مسألة: لا بد من اختبار الطعم إلى نهاية قوله قدس سره:

بعد الحمد للّه الملك العلام على ما أنعم.

و كان الانهاء في ليلة السبت الرابع عشر من ربيع الثاني عام 1403

ص: 260

بعد أن استوفى العمل فيه مقابلة و تعليقا و تصحيحا غاية الجد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

هذا مع كثرة الأشغال، و تردي الأحوال، و انهيار الأعصاب انهيارا بالغا.

و ذلك حيا منا بانجاز تحقيق الأجزاء و اصدارها و اخراجها، إكبارا و اجلالا لفقه (أئمة اهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين.

و إذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة فلأن تحقيق الكتاب و تصحيحه و اخراجه اخراجا يليق بمكانته العلمية كان يستدعي منا دقة الملاحظة و عمق الامعان و لا سيما هذين الجزءين.

(الجزء الحادي عشر و الثاني عشر) حيث احتويا على مطالب غامضة و مسائل صعبة مستصعبة جدا.

فقد اخذ الجزءان من وقتي في الليل و النهار أكثر من ستة عشرة ساعة.

فالى القراء الكرام هذه التحفة النفيسة و الهدية الثمينة.

و كان الشروع في الجزءين يوم الخامس من شهر اللّه الاعظم عام 1400.

و إني لأرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لا تمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك و رحمتك الواسعة.

إنك ولي ذلك و القادر عليه.

و يتلوه (الجزء الثالث عشر) إن شاء اللّه تبارك و تعالى.

اوله: القول في الخيار و أقسامه و أحكامه.

ص: 261

تفضل بهذه التواريخ الثلاثة المولى الكريم الاخ العزيز الفاضل الاديب الاستاذ الجليل فضيلة (الشيخ عبد الغفار الانصاري) حفظه اللّه تعالى و دام فضله و علاه.

*****

هذا الكتاب (مكاسب) للمرتضى *** فيه استطال إلى السماء علوه

و قد استنار بنور شرع (محمد) *** ارخ (بتوضيح المكاسب زهوه)

(1403)

*****

أيها المحمود فينا (يا محمد) *** قد حباك اللّه علما بالمواهب

شرحك الوافي على اللمعة يزهو *** في سما الأعلام في دنيا الثواقب

لمن التعليق بالابداع هذا *** قال ارخ (لي ذا شرح المكاسب)

(1403)

*****

شرع النبي محمد نور الهدى *** قد جاء في نهج المكاسب هاديا

(و أبو علاء) جاء في شرح له *** ما في الشريعة للمسالك حاويا

فاجاد بالابداع في تبيانه *** لصدور اهل العلم اصبح شافيا

هو منهل من أي نحو قد أتي *** يجدونه عذبا رويا صافيا

من بعد ما تلقي العصا تجد المنى *** ارخ (بتوضيح المكاسب زاهيا)

(1403)

ص: 262

10 فهرس المقدمة

الجزء الاول ص فهرس المقدمة

5 الاهداء

7 شكر و تقدير

9 تقريض

10 آي كريمة

13 المقدمة

17 كلمة حول الشيخ الانصاري قدس سره

19 حياة الشيخ الانصاري

20 اسم الشيخ و اسم ابيه

20 سادات كلانتر - سادات كوشه

20 انتهاء نسب الشيخ الانصاري إلى جابر بن عبد اللّه الانصاري

21 كنية جابر بن عبد اللّه الانصاري

22 يوم الاربعين

23 زيارة الاربعين

24 والد الشيخ الانصاري

25 والدة الشيخ الانصاري

26 ما جرى بين الشيخ و والدته

27 جد شيخنا الانصاري لامه

28 بيئة الشيخ الانصاري

ص فهرس المقدمة

29 دراسات الشيخ الانصاري البدائية

30 أسفار شيخنا الانصاري

30 السفرة الاولى - العراق

31 حضور شيخنا الانصاري معهد درس السيد المجاهد في كربلاء

32 حادثة ميرآخور

32 وجه تسمية ميرآخور

35 السفرة الثانية - العراق

37 وجه تلقيب الشيخ موسى كاشف الغطاء ب: المصلح بين الدولتين

38 مسافرة الشيخ الانصاري إلى ربوع ايران

39 محاورة الشيخ مع والدته

39 بناء الشيخ على الاستخارة

39 تحقيق حول الاستخارة

41 نزول الشيخ الانصاري في المدرسة الدينية في (مدينة بروجرد)

41 كلمة حول (مدينة بروجرد)

41 ما انجبت هذه المدينة من النوابغ و رجالات الدين

ص: 263

ص فهرس المقدمة

41 العلامة السيد بحر العلوم و السيد آغا حسين البروجردي من أعلام هذه المدينة

41 آثار السيد البروجردي

41 مؤسس المدرسة الدينية في بروجرد

42 زيارة السيد البروجردي مؤسس المدرسة شيخنا الانصاري

42 مغادرة الشيخ مدينة بروجرد قاصدا اصبهان

42 تحقيق عن مدينة اصبهان و ما جرى عليها من حكام التتار

44 ما انجبت مدينة اصبهان من النوابغ و الدورات العلمية

45 السيد محمد باقر الشفتي المعروف ب: حجة الاسلام

46 حضور شيخنا الانصاري مجلس بحث السيد الشفتي

47 زيارة السيد الشيخ الانصاري

48 نزول الشيخ ضيفا عند السيد الشفتي

49 حياة المولى احمد النراقي

ص فهرس المقدسة

50 دراسات المولى النراقي

51 تلامذة المولى النراقي

51 مؤلفات المولى النراقي

55 وفاة المولى النراقي

55 كرامة للمولى النراقي بعد وفاته

56 ورود الشيخ معهد درس المولى النراقي

57 تتلمذ الشيخ عند المولى النراقي

58 مغادرة الشيخ مدينة كاشان

59 اجازة المولى النراقي للشيخ و صورتها

65 كلمة مع القراء الكرام

67 مدينة خراسان

68 الحرم الرضوي

69 غارات مدينة خراسان

71 مكتبة الامام الرضا (ع)

71 المدارس الدينية في خراسان

72 رجالات خراسان

75 مغادرة الشيخ مدينة كاشان قاصدا مدينة خراسان

76 رجوع الشيخ من مدينة خراسان

77 ورود الشيخ إلى وطنه دزفول

78 الأقوال في مغادرة الشيخ عن وطنه

81 كلمة حول الاجتهاد

ص: 264

ص فهرس المقدمة

82 أقسام الاجتهاد

83 رجوع الجاهل إلى العالم

84 أقسام المجتهدين

85 في امكان التجزي

86 كلمة حول التقليد

87 أدلة رجوع الجاهل إلى العالم

88 إن للّه في كل واقعة حكما

89 وجود الاجتهاد في كل عصر

90 أساتذة الشيخ

91 السيد المجاهد

92 المذهب الوهابي

93 المؤسس لمذهب الوهابي

94 حملة الوهابين على كربلاء

95 مأساة الوهابين

97 ما صنعه الرسول الأعظم مع المشركين

99 مؤلفات السيد المجاهد

100 الاستاذ شريف العلماء

101 المولى احمد النراقي استاذ الشيخ

102 الشيخ علي كاشف الغطاء استاذ الشيخ

103 كلمة حول تتلمذ الشيخ عند الشيخ صاحب الجواهر

104 اجتماع المحقق الرشتي مع الشيخ الانصاري

ص فهرس المقدمة

105 المبتكر للحكومة

106 ما افاده زميلنا المكرم

107 الاجازة و أقسامها

108 أقسام الاجازة

109 شيوخ اجازة الشيخ

110 كلمة حول المرجعية المرجعية في العصرين:

112 الغيبة الصغرى - و الغيبة الكبرى

112 السفير الاول عثمان بن سعيد

113 السفير الثاني محمد بن عثمان

114 السفير الثالث الحسين بن روح

115 السفير الرابع السيمري

116 عصر الغيبة الكبرى

177 اجتماع رجال الحل و العقد

118 تصريح الشيخ صاحب الجواهر بأن الشيخ الانصاري هو المرجع

119 كلمة مع القراء حول المرجعية

120 إعراض الشيخ عن المرجعية

121 سبب إعراض الشيخ عن المرجعية

122 مراسلة الشيخ مع سعيد العلماء المازندراني

ص: 265

ص فهرس المقدمة

123 حكاية حول قبول الشيخ الزعامة

124 زعامة الشيخ الانصاري

125 زعامة الشيخ العلمية

126 اهتمام الشيخ بتربية الأفاضل

127 قد جمع الشيخ الأنصاري بين الأضداد

128 زهد الشيخ و تورعه

129 حكايات عن زهد الشيخ

131 تلامذة الشيخ

132 السيد المجدد الشيرازي

133 أسفار السيد المجدد الشيرازي

134 مهاجرة السيد المجدد الشيرازي

135 بقاء السيد المجدد الشيرازي في سامراء

136 القصيدة الميلادية

136 السيد ميرزا إسماعيل الشيرازي

136 السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي

139 عقلية السيد المجدد الشيرازي الجبارة

140 موقف السيد المجدد الشيرازي من التنباك

141 تقريرات بحث السيد المجدد الشيرازي

142 آثار السيد المجدد الشيرازي و وفاته

143 الشيخ جعفر التستري

144 مسافرة الشيخ التستري إلى ايران

ص فهرس المقدمة

145 مؤلفات الشيخ التستري

146 المحقق الرشتي

147 أسفار المحقق الرشتي

148 معهد درس المحقق الرشتي

149 السيد الكوه كمري

150 أسفار السيد الكوه كمري

151 مرض السيد الكوه كمري

152 الشيخ المامقاني

153 المحقق الخراساني

154 أسفار المحقق الخراساني

155 موقف المحقق الخراساني تجاه الحكم الدستوري

156 نشاطات اخرى للمحقق الخراساني

157 آثار المحقق الخراساني العلمية

158 الميرزا الآشتياني

159 أسفار الميرزا الآشتياني

160 ميرزا أبو القاسم كلانتر

161 أسفار المحقق ميرزا أبو القاسم كلانتر

162 معهد بحث المحقق ميرزا أبو القاسم

163 الشيخ هادي الطهراني

164 الفقيه الشيخ محمد طه نجف

166 المحقق النهاوندى

ص: 266

ص فهرس المقدمة

167 أسفار المحقق النهاوندى

168 الشيخ العارف ملا حسين قلي

169 الفقيه الخليلي

170 نشاطات الفقيه الخليلي

171 الفقيه الشيخ عبد الحسين الجواهرى

172 الفقيه الشيخ صادق العاملي

173 الفقيه الشربياني

183 وجه تلقيب الشيخ الانصارى ب:

المؤسس

185 آثار الشيخ الانصارى العلمية

186 عظم المكاسب و الرسائل

187 ما افاده أساتذتي حول المكاسب و الرسائل

188 ما افاده الأعلام في المكاسب و الرسائل

189 تأليفات اخرى للشيخ الأنصارى

191 ملكات شيخنا الانصارى الفاضلة

193 المحشون على المكاسب

ص فهرس المقدمة

194 المحقق الهمداني

195 الفقيه الطباطبائى اليزدى

196 المحقق الميرزا محمد تقى الشيرازى

197 المجاهد العظيم الشيخ البلاغي

198 الفقيه الاصولي الشيخ محمد حسين الاصبهانى

199 الفقيه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

200 رحلات الشيخ كاشف الغطاء

201 آثار الشيخ كاشف الغطاء العلمية

202 الفقيه الشيخ موسى الخونساري

204 الفقيه الميرزا فتاح الشهيدي

205 الفقيه الايروانى

206 الفقيه السيد الحكيم

207 آثار السيد الحكيم العلمية

212 وفاة الشيخ الانصارى

313 كرامة من الشيخ الانصارى عند وفاته

214 ما قيل في وفاة الشيخ الانصارى

216 ما قيل في تاريخ شروع المكاسب

ص: 267

المجلد 13

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

الخيارات

ص: 7

ص: 8

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الخيارات

القول في الخيار و أقسامه و أحكامه)

اشارة

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين.

(القول في الخيار (1) و أقسامه و أحكامه)

+++++++++++

(1) بكسر الخاء فهو لغة اسم مصدر من الاختيار من باب الافتعال ماضيه اختار أصله اختير قلبت الياء الفا حسب الإعلال الصرفي.

يقال: أنت بالخيار أي اختر ما شئت: من الفعل، أو الترك.

(و شرعا)(1) إزالة أثر العقد المملك فيرجع كل عوض إلى صاحبه الأول و أما مصدره فهو خيرة - خيرة - خيرا.

يقال: خيّر الشيء على غيره أي فضّله عليه.

و أما معنى الخيار الذي هو اسم المصدر فهو تسلط أحد المتبايعين على فسخ العقد.

و الخيار على قسمين:

(تعبدي): و هو ما يكون وضعه و جعله بيد الشارع.

و هي ستة كما ذكرها شيخنا الأنصاري قدس سره في الخيارات:

(خيار المجلس - خيار الحيوان - خيار الغبن - خيار التأخير - خيار للرؤية - خيار العيب).

(و جعلي): و هو ما يكون وضعه و جعله بيد أحد المتبايعين أو كليهما: بأن يجعل احدهما، أو كلاهما الخيار لنفسه، أولهما بواسطة -

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

مقدمتان

اشارة

(مقدمتان):

الاُولى في معنى الخيار

(الأولى):

الخيار لغة اسم مصدر (1)

+++++++++++

- الشرط في متن العقد.

و يسمى في اصطلاح الفقهاء ب: (خيار الشرط)

و ذكره الشيخ في أقسام الخيار.

و قد ذكرنا القسمين في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 6 ص 17.

و قد ذكر الشهيد في اللمعة أربعة عشر قسما للخيار.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 من ص 447 إلى ص 511.

(1) ذكرنا الفرق بين المصدر، و اسم المصدر في اللمعة الدمشقية في الجزء الأول من طبعتنا الحديثة الطبعة الاولى، و الثانية - القسم الأول ص 245 فراجع.

أليك خلاصة ما ذكرناه هناك مع الفرق و هي خمسة:

(الأول): أن اسم المصدر يدل على مجرد الحدث إن كان علما كحماد علما للمحمدة.

أو كان مبدوءا بميم زائدة لغير المفاعلة كمضرب.

أو متجاوزا فعله الثلاثة و هو بزنة اسم الحدث الثلاثي كغسل من اغتسل فهو اسم مصدر.

(الثاني): أن المصدر يدل على الحديث بنفسه، و اسم المصدر يدل على الحديث بواسطة المصدر.

فمدلول المصدر معنى المصدر، و مدلول اسم المصدر لفظ المصدر.

(الثالث): أن المصدر يدل على الحدث، و اسم المصدر يدل على -

ص: 10

من الاختيار (1)، غلّب في كلمات جماعة من المتأخرين في ملك (2) فسخ العقد على ما فسره به في موضع من الإيضاح.

فيدخل (3).

+++++++++++

- الهيئة الحاصلة منه: و هي المسماة ب: نتيجة المصدر.

(الرابع): أن اسم المصدر ما ليس على أوزان مصدر فعله، لكنه بمعناه كما في أسماء الأفعال، فإنها تدل على المعاني الفعلية من غير أن تكون على أوزان الأفعال.

(الخامس): أن المصدر موضوع لفعل الشيء و الانفعال به.

و اسم المصدر موضوع لأصل ذلك الشيء.

خذ لذلك مثالا.

الاغتسال موضوع لايجاد أفعال تدريجية مخصوصة: من غسل الرأس مع الرقبة، و الجانب الأيمن بتمامه، و الجانب الأيسر بتمامه و معهما العورة.

و الغسل بضم الغين عبارة عن مجموع تلك الأفعال.

اذا عرفت هذا فالفرق بين الخيار و الاختيار هو الفرق بين المصدر و اسم المصدر.

(1) مصدر باب الافتعال وزان اكتساب من اختار يختار، أصل اختار اختير بعد الإعلال صار اختار.

(2) هذا تعريف للخيار أي الخيار عبارة عن تملك أحد المتعاقدين أو كليهما فسخ العقد: بمعنى أن له القدرة و السلطنة على امضاء العقد و اثباته، و له القدرة و السلطة على فسخه و حلّه.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده صاحب الايضاح في تفسير الخيار:

ص: 11

ملك الفسخ في العقود الجائزة، و في عقد (1) الفضولي.

و ملك (1) الوارث رد العقد على ما زاد على الثلث.

و ملك (2) العمة و الخالة لفسخ العقد على بنت الأخ و الأخت.

+++++++++++

- من أنه ملك فسخ العقد.

من هنا يروم الشيخ أن يورد على تعريف صاحب الايضاح الخيار بما ذكر، و أنه يشمل الموارد الآتية، فيكون التعريف منتقضا.

أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح في تعريف الخيار يدخل في عموم تعريف العقود الجائزة. لأنها ملك فسخ(2)

مع أنه ليس في العقود الجائزة خيار.

هذا أول الموارد المنتقضة.

(1) أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح يدخل في عموم تعريف العقد الفضولي اذا لم يجز البائع العقد(3)، لأن للمشتري ملك فسخ للعقد إذا كان البائع فضوليا.

و كذا للبائع ملك فسخ العقد اذا كان المشتري فضوليا.

هذا هو المورد الثاني من الموارد المنتقضة.

(2) أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح يدخل في عموم التعريف رد الوارث الوصية إذا كانت زائدة على ثلث الميت الموصي لأن الوارث يملك فسخ العقد و هي الوصية.

هذا ثالث الموارد المنتقضة.

(3) أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح يدخل في عموم التعريف فسخ الخالة عقد بنت الاخت إذا تزوجها زوجها عليها.

و كذا فسخ العمة عقد بنت الاخ اذا تزوجها زوجها عليها.

هذا رابع الموارد المنتقضة.

ص: 12


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و ملك (1) الامة المزوجة من عبد فسخ العقد اذا أعتقت:

و ملك (2) كل من الزوجين للفسخ بالعيوب.

و لعل (3) التعبير بالملك، للتنبيه على أن الخيار من الحقوق،

+++++++++++

(1) أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح يدخل في عموم تعريف فسخ الأمة المتزوجة بعبد عقدها اذا أعتقها مولاها.(1)

هذا خامس الموارد المنتقضة.

(2) أي ففي ضوء ما ذكره صاحب الايضاح يدخل في عموم تعريف تملك كل من الزوجين فسخ عقد زواجهما اذا وجد في احدهما احد العيوب الموجبة للفسخ.

هذا سادس الموارد المنتقضة.

ففي جميع هذه الموارد المنتقضة يصدق التعريف المذكور، مع أنه ليس خيار في أغلبها.

(3) يروم الشيخ قدس سره بهذا دفع ما أورده على العموم المذكور في تفسير صاحب الايضاح للخيار.

و خلاصته أن التملك يطلق على الحقوق، لا على الأحكام.

فتعبير صاحب الايضاح بالملك في قوله: ملك فسخ العقد يخرج الفسخ عن العقود التي يكون الفسخ فيها من قبيل الأحكام.

فجواز الرد و الاجازة في الفضولي حكم، لاحق و ملك.

و كذلك التسلط في العقود الجائزة حكم، لاحق.

و السر في ذلك أن الحكم لا يورث و لا يسقط بالإسقاط.

بخلاف الحقوق، فإنها تورث و تسقط بالإسقاط.

و قد ذكر الشيخ هذا الفرق بين الحكم و الحق بقوله في ص 15:

و لذا لا تورث و لا تسقط بالإسقاط -

ص: 13


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- و هناك فرق آخر: و هو أن الحق يجوز أخذ المال بإزائه.

و قد ذكرنا الفرق بين الحق و الحكم في الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 351 - إلى ص 353 مسهبا:

أليك الموجز مما حققناه هناك.

إن الفرق بين الحق و الحكم من حيث المفهوم و الحقيقة واضح، لأن الحق يطلق على السلطنة على شيء متعلق بعين كحق التحجير، و حق الرهانة، و حق الديّان في تركة الميت، و حق الخيار المتعلق بالعقد:

و الحكم مجرد جعل الاذن في اتيان شيء، أو تركه، أو رخصة من الشارع بترتب أثر على فعل شيء، أو تركه.

خذ لذلك مثالا.

الخيار في العقود اللازمة عند ثبوته كما في خيار الحيوان حق من الحقوق الثابتة لذوي الخيار فقد جعله الشارع للمتعاقدين اذا كان العوضان حيوانا، أو لأحدهما إذا كان أحد العوضين حيوانا.

فله سلطنة و استقلال على العقد من حيث الفسخ، أو الامضاء.

و حكم الشارع بأنه مالك لأمره في اختيار أيهما شاء.

و أما الجواز في العقود الجائزة فهو حكم من الأحكام لم يجعل الشارع فيه إلا مجرد اذن في الفسخ، أو الامضاء.

و ليس للمتعاقدين، أو لأحدهما سلطنة مجعولة من الشارع على الفسخ، أو الامضاء.

ص: 14

لا من الأحكام، فيخرج ما كان من قبيل الاجازة، و الرد لعقد الفضولي و التسلط على فسخ العقود الجائزة، فإن ذلك من الأحكام الشرعية، لا من الحقوق، و لذا (1) لا تورث،(1) و لا تسقط بالإسقاط.

و قد يعرّف (2) بأنه ملك إقرار العقد، و إزالته.

و يمكن الخدشة فيه (3).

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن الخيار من الحقوق، لا من الأحكام تورث الحقوق، و لا تورث الأحكام.

(2) أي الخيار عرّف بتعريف آخر غير تعريف المتأخرين.

و هذا التعريف للقدماء من الأصحاب، و تبعهم على ذلك الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة - الجزء 23 ص 3.

خلاصة هذا التعريف أن الخيار عبارة عن تملك المتعاقدين اذا كان الخيار لهما.

أو تملك أحدهما اذا كان الخيار لاحدهما، فلهما امضاء العقد و اثباته.

و كذا للمتعاقدين، أو لاحدهما ازالة العقد و حلّه.

و الخلاصة أن القدرة تتعلق بطرفي العقد و هما:

الامضاء و الحلّ، لأن من بيده الامضاء بيده الحلّ، و من بيده الحلّ بيده الاقرار و الامضاء.

(3) خلاصة هذا الخدش أنه ما المراد من الاقرار؟

فإن كان المراد منه ابقاء العقد على ما كان: بأن لا ينفسخ فذكر الاقرار يكون مستدركا غير محتاج إليه، لأن القدرة على فسخ العقود و ازالتها عبارة عن اقرار العقد و امضائه:

بمعنى أن الاقرار و الامضاء يكون بيده و تحت قدرته، فلا يحتاج -

ص: 15


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بأنه إن أريد من اقرار العقد ابقاؤه على حاله بترك الفسخ فذكره مستدرك، لأن (1) القدرة على الفسخ عين القدرة على تركه(1)، اذ (2) القدرة لا تتعلق بأحد الطرفين.

و إن أريد منه (3) الزام العقد و جعله غير قابل لأن يفسخ.

ففيه (4) أن مرجعه الى إسقاط حق الخيار فلا يأخذ في تعريف

+++++++++++

- الى ذكر الاقرار في التعريف كما أفيد في هذا التعريف، فيكون ذكر الاقرار مستدركا، لأن القدرة لا تتعلق بأحد الطرفين: من الفعل، أو الترك:

بل لا بدّ من تعلقها بالطرفين، لأن الفعل اذا كان تحت القدرة كذلك الترك يكون تحت القدرة:

و كذا اذا كان الترك تحت القدرة يكون الفعل أيضا تحت القدرة.

فالفعل و الترك على حد سواء فهما ككفتي الميزان لا ترجيح لأحدهما على الآخر.

(1) تعليل لكون ذكر الاقرار في التعريف يكون مستدركا اذا كان المراد من الاقرار ابقاء العقد و امضاءه.

و قد ذكرناه عند قولنا في هذه الصفحة: بل لا بدّ من تعلقها بالطرفين:

(2) تعليل لكون القدرة على الفسخ عين القدرة على تركه.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: بل لا بدّ من تعلقها بالطرفين.

(3) أي من اقرار العقد الزام العقد كما هو الظاهر من لفظ الاقرار بحيث يجعل غير قابل للفسخ.

(4) أي ففي إرادة الالزام من الاقرار إشكال -

ص: 16


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

نفس الخيار(1)

مع (1) أن ظاهر الالزام في مقابل الفسخ جعله لازما مطلقا.

فينتقض بالخيار المشترك(2)، فإن (2) لكل منهما الزامه من طرفه، لا (3) مطلقا.

+++++++++++

- خلاصة الإشكال أن مآل هذه الإرادة الى إسقاط حق الخيار.

و حينئذ لا يمكن أن يؤخذ الالزام في تعريف الخيار، لأنه مزيل له.

و من الواضح أن التعريف إنما يؤتى بالمقوم، أو اللازم للشيء، لا بالمزيل له.

(1) هذا إشكال آخر على إرادة اللازم من اقرار العقد.

أي و لنا بالإضافة إلى الإشكال الأول إشكال آخر.

خلاصته أن الظاهر من الالزام المقابل للفسخ هو الزام العقد من الجانبين: و هما البائع و المشتري، لا من طرف واحد، لأنه لو اختص بطرف واحد لانتقض بالخيار المشترك بين الطرفين كما في خيار الحيوان لو كان العوضان حيوانا، أو شرط البائع و المشتري الخيار لهما في متن العقد.

(2) تعليل لكون ظاهر الالزام المقابل للفسخ هو الزام العقد من الطرفين، لا من طرف واحد.

و خلاصته أن لكل واحد من المتعاملين في صورة اشتراكهما في الخيار حق الزام العقد من طرفه، لا الزام العقد مطلقا بحيث لا يكون للآخر فسخه و ازالته، لأن إرادة ذلك خلاف مفهوم الالزام المأخوذ في تعريف الخيار.

(3) أي و ليس المراد من الزام العقد هو الالزام المطلق.

و قد عرفت معناه عند قولنا في هذه الصفحة: لا الزام العقد مطلقا

ص: 17


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ثم إن ما ذكرناه: من معنى الخيار هو المتبادر منه عرفا عند الاطلاق في كلمات المتأخرين.

و إلا فاطلاقه (1) في الأخبار، و كلمات الأصحاب على سلطنة الاجازة، و الرد لعقد الفضولي (2)، و سلطنة الرجوع في الهبة (3) و غيرهما من أفراد السلطنة شايع.

الثانية الأصل في البيع اللزوم
اشارة

(الثانية) (4): ذكر غير واحد تبعا للعلامة في كتبه أن الأصل في البيع اللزوم.

قال في التذكرة: الأصل في البيع اللزوم (5)، لأن الشارع وضعه (6)

+++++++++++

(1) أي اطلاق لفظ الخيار.

خلاصة هذا الكلام أن اطلاق لفظ الخيار في الأخبار، و كلمات الأصحاب يشمل مطلق أفراد السلطنة على فعل و إن كان ذلك من جهة حكم شرعي، لا حق ملكي كما ذكرناه.

فلا بد من ملاحظة موارد الاطلاقات، و تمييز أحد المعنيين من الآخر.

(2) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 من ص 165 إلى ص 197.

(3) راجع الهامش 1 من ص 12، و الهامش 2-3 من ص 12.

(4) أي المقدمة الثانية من المقدمتين اللتين ذكرهما الشيخ في ص 10 بقوله: مقدمتان.

(5) أي بناء العقلاء على لزوم العقد(1)، لا على جوازه و إن كان قد يعرض الجواز على بعض أفراده في بعض الأحيان، فإن العرف بان على التزام كل عاقد بما ينشؤه في الخارج للآخر.

(6) أي الشارع وضع البيع و جعله لنقل الملك.

هذا هو الدليل الأول للعلامة على أن الأصل في البيع اللزوم -

ص: 18


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

مفيدا لنقل الملك، و الأصل الاستصحاب (1)، و الغرض (2) تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار إليه، و إنما يتم (3) باللزوم ليأمن (4)

+++++++++++

- و المراد من الوضع الوضع التأكيدي، لا الوضع التأسيسي.

(1) هذا هو الدليل الثاني للعلامة على أن الأصل في البيع اللزوم، أي استصحاب بقاء الملكية، و الأثر الحادث الذي هو النقل و الانتقال الحاصلان بمجرد وقوع العقد بعد تمامية شرائط المتعاقدين و العوضين.

فعند الشك في زوال الملكية، و الأثر الحادث بعد الفسخ و الرجوع نستصحب بقاء الملكية، و الأثر الحادث.

(2) أي الغرض من البيع.

هذا هو الدليل الثالث(1) للعلامة على أن الأصل في البيع اللزوم.

خلاصته أن الغرض من التعامل هو تمكين كل من المتعاقدين صاحبه على ما نقله إليه و صار عنده، و هذا لا يتم إلا بكون العقد لازما.

(3) أي الغرض المذكور إنما يتم اذا كان العقد لازما كما عرفت

(4) تعليل من العلامة على أن الغرض من البيع اللزوم و هذا إنما يتم اذا كان العقد لازما.

و خلاصته أن العقد اذا كان لازما يأمن كل من المتعاقدين من تمكنه من التصرف فيما صار إليه من أنواع التصرف، اذ لو لا الاطمئنان المذكور لما أقدم كل من المتعاقدين في التصرف فيما صار إليه بأنواع التصرف.

و من المعلوم أن الاطمئنان انما يحصل اذا كان العقد دالا على اللزوم.

ص: 19


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

من نقض صاحبه عليه، انتهى (1).

معاني الأصل
اشارة

(أقول) (2): المستفاد من كلمات جماعة أن الأصل هنا (3) قابل لارادة معان (4).

الأول: الراجح

(الأول): الراجح (5) احتمله (6) في جامع المقاصد، مستندا في تصحيحه الى الغلبة.

و فيه (7):

+++++++++++

(1) أي ما أفاده العلامة في التذكرة:

راجع (تذكرة الفقهاء)، من طبعتنا الحديثة الجزء 7، ص 305 عند قوله: المقصد الثالث في وثاقة عقد البيع، و ضعفه.

(2) من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يفسر الأصل الذي أفاده العلامة قدس سره في التذكرة.

(3) أي في كتاب البيع.

(4) أي معان أربعة معروفة عند الفقهاء رضوان اللّه عليهم.

(5) المراد من الراجح هو الظاهر أي الظاهر من البيع هو اللزوم

(6) أي احتمل هذا المعنى المحقق الكركي في جامع المقاصد.

و قد أسند صحة هذا المعنى الى غلبة أفراد البيع، حيث إن أكثر أفراده يقع لازما، فاذا وقع في الخارج بيع نحكم بأن الظاهر منه هو اللزوم، لا الجواز.

(7) أي و فيما أفاده المحقق الثاني من أن منشأ المعنى الأول هو غلبة الأفراد نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر أنه ما المراد من الغلبة؟

فإن كان المراد منها غلبة الأفراد: بمعنى وقوع أغلب أفراد البيع في الخارج لازما، فإنا نرى بالعيان خلاف ذلك، لوجود خيار المجلس -

ص: 20

أنه إن أراد غلبة الأفراد فغالبها (1) ينعقد جائزا، لأجل خيار المجلس، أو الحيوان، أو الشرط.

و إن أراد غلبة الأزمان فهي (2) لا تنفع في الأفراد المشكوكة.

مع (3) أنه لا يناسب ما في القواعد: من قوله:

+++++++++++

- أو الحيوان، أو الشرط، أو العيب، أو الغبن، أو الرؤية.

فأي لزوم يكون للبيع مع وجود هذه الخيارات؟

و إن كان المراد من الغلبة غلبة الأزمان: بمعنى وقوع العقد في غالب الأزمان على صفة الوجوب و اللزوم:

لا تنفع هذه الأغلبية في الفرد المشكوك الذي لا يدرى هو من العقود اللازمة أم من الجائزة، لأن أغلبية البقاء في الأفراد اللازمة لا توجب الحاق الفرد المشكوك اللزوم باللزوم.

(1) أي غالب أفراد البيع كما عرفت في الهامش 7 ص 20 عند قولنا: فإنا نرى بالعيان.

(2) أي غلبة الأزمان كما عرفت في هذه الصفحة عند قولنا:

و إن كان المراد من الغلبة.

(3) هذا إشكال آخر على ما أفاده المحقق الثانى: من أن المراد من الأصل هو المعنى الراجح.

و خلاصة الإشكال أنه إن كان المراد من الأصل هو المعنى الراجح بحسب الغلبة فلا يناسب ما أفاده العلامة في القواعد بقوله: و انما يخرج من الأصل لأمرين:

وجه عدم المناسبة أن ظاهر عبارة القواعد المعبر فيها بلفظ يخرج:

أن موارد الخيار، و ظهور العيب داخلة في الأصل المذكور، و إنما -

ص: 21

و إنما يخرج من الأصل لأمرين: ثبوت خيار، أو ظهور عيب

الثاني: القاعدة المستفادة من العمومات التي يجب الرجوع إليها عند الشك في بعض الأفراد، أو في بعض الأحوال

(الثاني) (1): القاعدة المستفادة من العمومات (2) التي يجب الرجوع إليها عند الشك في بعض الأفراد (3)، أو في بعض الأحوال (4) و هذا (5) حسن، لكن لا يناسب ما ذكره في التذكرة في توجيه الأصل.(1)

+++++++++++

- خرجت عن الاصل لجهة وجود الدليل على خلاف الأصل كما يشير إليه قوله: و إنما يخرج من الأصل لأمرين:

بالإضافة الى أن مقتضى الغلبة التي أفادها المحقق الكركي قدس سره هو أن تكون موارد الخيار و العيب في مقابلها، لا داخلة فيها.

(1) أي المعنى الثاني من المعاني الأربعة للأصل التي أفادها الشيخ في ص 20 بقوله: إن الأصل هنا قابل لارادة معان

(2) المراد من العمومات قوله تعالى:

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ :

(3) بأن شك في عقد أنه من بادئ الأمر من العقود اللازمة، أو من العقود الجائزة.

فهنا نرجع إلى تلك العمومات و نستدل بها على لزوم العقد المشكوك فيه و نحكم بصحته.

(4) كما اذا كان المشتري أو البائع مغبونا فنشك في هذه الحالة أن هذا العقد المشتمل على الغبن هل هو من العقود اللازمة، أو الجائزة فحينئذ نتمسك بتلك العمومات فنحكم بلزوم العقد و صحته.

(5) أي المعنى الثاني الذي فسر به الأصل معنى حسن، لكنه غير -

ص: 22


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
الثالث: الاستصحاب

(الثالث) (1): الاستصحاب، و مرجعه إلى أصالة عدم ارتفاع أثر العقد بمجرد فسخ أحدهما.

و هذا (2) حسن.

الرابع: المعنى اللغوي
اشارة

(الرابع) (2): المعنى اللغوي: بمعنى أن وضع البيع و بناءه عرفا و شرعا على اللزوم، و صيرورة المالك الأول كالأجنبي (4).

و إنما جعل الخيار فيه (5)

+++++++++++

- مناسب لما ذكره العلامة في التذكرة في المراد من الأصل عند قوله:

و الاصل هو الاستصحاب.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7، ص 305.

و أما عدم مناسبة المعنى الثاني لما ذكره العلامة في التذكرة فلأن الاستصحاب دليل مستقل في قبال بقية الأدلة حيث لا دليل هناك.

فكيف التوفيق بين المعنى الثاني المراد من الاصل و هي القاعدة المستفادة من العمومات.

و بين إرادة الاستصحاب من الاصل في التذكرة؟

(1) أي المعنى الثالث الذي فسر به الأصل من المعاني الأربعة التي أشير إليها في ص 20

(2) أي المعنى الثالث للأصل:

(3) أي المعنى الرابع من المعاني الاربعة التي فسر بها الأصل التي أشير إليها في ص 20.

(4) أي البائع ببيعه قطع اضافة الملك عن نفسه فأصبح أجنبيا عنه كبقية الأجانب بالنسبة إلى هذا الملك.

(5) أي في البيع: بمعنى أن الخيار حق خارجي عن مقتضى العقد اذ مقتضاه اللزوم، و عدم خيار لاحدهما.

ص: 23

حقا خارجيا لأحدهما (1)، أولهما (2) يسقط بالإسقاط، و بغيره (3).

و ليس البيع كالهبة التي حكم الشارع فيها بجواز رجوع الواهب:

بمعنى كونه (4) حكما شرعيا له، أصلا (5) و بالذات بحيث لا يقبل الإسقاط.

و من هنا (6) ظهر أن ثبوت خيار المجلس في أول أزمنة انعقاد البيع لا ينافي كونه في حد ذاته (7) مبنيا على اللزوم، لأن الخيار حق خارجي قابل للانفكاك.

نعم لو كان (8) في أول انعقاده محكوما شرعا بجواز الرجوع

+++++++++++

(1) كما في خيار العيب، و خيار الغبن، و خيار التأخير.

(2) كما في خيار المجلس.

(3) كالمعاوضة عليه.

(4) أي جواز رجوع الواهب عن هبته حكم شرعي ثابت له.

(5) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لكون جواز رجوع الواهب عن هبته حكم شرعي ثابت له.

و خلاصته أن جواز الرجوع للواهب باعتبار حكم الشرع له لا غير من دون أن يكون للواهب حق في الرجوع.

(6) أي و من أن بناء المتعاملين من أول الأمر في العقود على اللزوم دائما شرعا و عرفا، و أن الخيار في البيع حق خارجي لاحدهما أولهما، و ليس من مفهوم العقد و حقيقته و مقتضاه.

و أن البيع ليس كالهبة في كون الرجوع للواهب عن هبته حكما شرعيا فقط لا يقبل الإسقاط.

(7) أي البيع باعتبار نفسه مجردا عن ضم كل حيثية إليه.

(8) أي لو كان البيع في أول انعقاده مجردا عن كل حيثية محكوما -

ص: 24

بحيث يكون حكما فيه، لا حقا مجعولا قابلا للسقوط: كان منافيا لبنائه على اللزوم.

فالأصل (1) هنا كما قيل: نظير قولهم: إن الأصل في الجسم الاستدارة، فإنه لا ينافي كون أكثر الأجسام على غير الاستدارة، لأجل القاسر الخارجي.

و مما ذكرنا (2)

+++++++++++

- شرعا بالجواز كما هو الحال في الهبة إلى غير ذي رحم لكان هذا الحكم الشرعي منافيا لبناء البيع على اللزوم.

(1) الفاء هنا تفريع على ما أفاده: من أن بناء المتعاقدين من أول الأمر في العقود على اللزوم دائما، و أن الخيار فيه حق خارجي لأحدهما أو لكليهما، و أنه يسقط بالإسقاط.

و خلاصة التفريع أن الأصل هنا نظير الأصل في الأجسام في قول الفلاسفة:

إن الأصل في الأجسام أن تكون كروية و مستديرة، سواء أ كانت علوية أم سفلية أي الطبيعة الأولية في الأجسام أن تكون كروية لو خليت و طبعها.

و قد اعترف بهذا الأصل علماء علم الحديث أيضا.

فكما أنه لا ينافي هذا الأصل و لا يعارضه عدم كروية أكثر الأجسام في الخارج لأجل القاسر الخارجي.

كذلك لا ينافي الأصل في البيع اللزوم كثرة الجواز في البيع باعتبار أمر خارج عن مقتضى أصل البيع.

(2) و هو أن الاصل في البيع اللزوم، لكونه وضع شرعا و عرفا على ذلك، و أن الخيار فيه حق خارجي يسقط بالإسقاط.

ص: 25

ظهر وجه النظر (1) في كلام صاحب الوافية، حيث أنكر هذا الأصل لأجل خيار المجلس.

إلا أن يريد (2) أن الاصل بعد ثبوت خيار المجلس بقاء عدم اللزوم.

و سيأتي ما فيه (3).

بقي الكلام في معنى قول العلامة في القواعد و التذكرة:

بقي الكلام في معنى قول العلامة في القواعد و التذكرة:(1)

+++++++++++

(1) وجه النظر أنك بعد أن عرفت وضع البيع و بناءه، و أن الخيار في العقود اللازمة عند ثبوته كما في خيار الحيوان حق من الحقوق الثابتة لذى الخيار فقد جعله الشارع المتعاقدين إذا كان العوضان حيوانا، أو لأحدهما اذا كان أحد العوضين حيوانا، و جعل لكل منهما سلطنة على العقد: من حيث الفسخ، أو الامضاء، و حكم أنه مالك لأمره في اختيار أيهما شاء.

و أما الجواز في العقود الجائزة فهو حكم من الأحكام لم يجعل الشارع فيه إلا مجرد اذن في الفسخ، أو الامضاء.

و ليس للمتعاقدين، أو لأحدهما سلطنة مجعولة من الشارع على الفسخ أو الامضاء:

فلا مجال لانكار صاحب الوافية هذا الأصل: و هو اللزوم في البيع.

(2) أي صاحب الوافية.

خلاصة هذا الكلام أن صاحب الوافية يقول: إن العقد بخيار المجلس للمتعاقدين قبل تفريقهما يثبت عدم لزوم العقد للمتعاقدين، و بعد تفرقهما نشك في زوال عدم اللزوم فنستصحب بقاء عدم اللزوم.

(3) أي و سيأتي الإشكال فيما أفاده صاحب الوافية: من استصحاب بقاء عدم اللزوم -

ص: 26


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

إنه (1) لا يخرج من هذا الأصل (2) إلا بأمرين:

ثبوت (3) خيار، أو ظهور عيب (4)، فإن ظاهره (5) أن ظهور العيب سبب لتزلزل البيع في مقابل الخيار، مع أنه (6) من أسباب الخيار.

و توجيهه (7)

+++++++++++

- و خلاصته أن ثبوت الخيار للمتعاقدين بالمجلس مقيد بقبل تفرقهما في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع.

و أما بعد التفرق يكون العقد لازما فلا خيار لهما.

(1) هذا مقول قول العلامة في التذكرة و القواعد.

(2) و هو أن الاصل في البيع اللزوم، لكون وضعه و بنائه على ذلك.

(3) أي ما ثبت بدليل تعبدي كخيار الحيوان، و خيار المجلس و خيار تخلف الرؤية.

(4) أي ما ثبت بدليل عقلائي، فإن وجود العيب في المبيع على خلاف الأصل العقلائي، حيث إن العقلاء بما هم عقلاء إنما يقدمون على التعامل فيما بينهم صحيحا، لا معيبا و فاسدا.

(5) أي ظاهر كلام العلامة: و هو أو ظهور عيب سبب مستقل للخروج عن الاصل المذكور في قبال السبب الاول: و هو ثبوت خيار

(6) هذا إشكال من الشيخ على ظاهر ما يستفاد من كلام العلامة قدس سره، أي مع أن ظهور العيب من أسباب الخيار، لا أنه سبب مستقل في قبال الأول: و هو الخيار.

(7) أي توجيه الإشكال المذكور بأن أو ظهور عيب من باب عطف -

ص: 27

بعطف الخاص على العام كما في جامع المقاصد غير (1) ظاهر، اذ (2) لم يعطف العيب على أسباب الخيار؛ بل عطف على نفسه و هو مباين له، لا أعم.

نعم قد يساعد عليه (3) ما في التذكرة من قوله: و إنما يخرج عن الاصل بأمرين:

+++++++++++

- الخاص على العام: و هو ثبوت خيار.

(1) غير بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في ص 27 و هو و توجيهه أي التوجيه المذكور غير ظاهر:

(2) تعليل لعدم ظهور للتوجيه المذكور.

و خلاصته أن أو ظهور عيب لم يعطف على أسباب الخيار حتى يكون من قبيل عطف الخاص على العام.

بل هو معطوف على نفس الخيار، و نفس الخيار مباين لظهور عيب، لا أنه أعم من ظهور عيب، لأن الخيار مسبب عن أسباب خاصة، و معناه كما عرفت في قول الشيخ في ص 11: ملك فسخ العقد.

و من المعلوم أن ظهور العيب ليس بنفسه ملك فسخ العقد، بل يستلزمه.

(3) أي قد يساعد على توجيه المحقق الكركي كلام العلامة: أو ظهور عيب: بأنه من قبيل عطف الخاص على العام: ما أفاده العلامة في التذكرة بقوله: و إنما يخرج عن أصله بأمرين:

أحدهما ثبوت الخيار إما لاحد المتعاقدين، أولهما من غير نقص في أحد العوضين، بل للتروي خاصة.

و الثاني ظهور عيب في أحد العوضين -

ص: 28

(أحدهما): ثبوت الخيار لهما، أو لاحدهما من غير نقص في أحد العوضين، بل (1) للتروي خاصة.

+++++++++++

- راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 305.

وجه المساعدة أنه ذكر في الامر الاول تزلزل العقد من جهة مطلق الخيار، سواء أ كان للبائع أم للمشتري أم لكليهما، ثم ذكر الأمر الثاني فعطفه على الأمر الأول و قال: و الثاني ظهور العيب في أحد العوضين.

و هذا الثاني يختص بالخيار الناشئ عن نقص في أحد العوضين فيكون من قبيل ذكر الخاص بعد العام.

فاذا تم هذا التوجيه في عبارة التذكرة فيحمل عليها العطف في عبارة القواعد: من حيث حمل المتشابه على المحكم، و نفسرها بأنها من قبيل عطف الخاص على العام و إن كان في هذا التفسير تكلف كما أفاده الشيخ قدس سره، و ستعرف وجه التكلف في الهامش 2 ص 31 عند قولنا: وجه التكلف.

(1) أي ثبوت الخيار للمتعاقدين اذا كان لهما، أو لأحدهما لأجل أن يتروى و يتأمل كل منهما في أمر البيع حتى اذا وجد في المثمن، أو الثمن ما ينفعه أمضى البيع و أثبته؛ و اذا وجد ما يضره فسخه و أبطله.

و قد أشار إلى هذا المعنى العلامة قدس سره بقوله في المسألة الثانية من مسائل خيار المجلس:

و المقصود من الخيار أن ينظر و يتروى لدفع الغبن عن نفسه:

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 308.

ص: 29

(و الثاني): ظهور عيب في أحد العوضين، انتهى (1).

و حاصل التوجيه (2) على هذا أن الخروج عن اللزوم لا يكون إلا بتزلزل العقد لأجل الخيار.

و المراد بالخيار (3) في المعطوف عليه (4) ما كان ثابتا بأصل الشرع، أو يجعل المتعاقدين، لا لاقتضاء نقص في أحد العوضين.

و بأو (5) ظهور عيب ما كان الخيار لنقص في أحد العوضين.

+++++++++++

(1) أي ما أفاده العلامة في هذا المقام، راجع (المصدر نفسه)

(2) أي توجيه صاحب جامع المقاصد في عطف أو ظهور العيب على الخيار في كلام العلامة في القواعد.

(3) مقصود الشيخ قدس سره من هذا الكلام تفسير قول العلامة في القواعد: لا يخرج من هذا الأصل إلا بأمرين:

ثبوت خيار، أو ظهور عيب.

و خلاصة التفسير أن العلامة قدس سره يقول:

إن منشأ الخيار أحد الأمرين لا محالة.

(الأول) أن يكون يجعل من الشارع كخيار الحيوان، أو يجعل من أحد المتعاقدين، أو كليهما كخيار الشرط.

(الثاني) أن يكون باقتضاء في نفس أحد العوضين، و خصوصية فيه كظهور العيب و النقص في المثمن، أو الثمن، أو كليهما.

كما عرفت ذلك في الهامش 3-4 ص 27 عند قولنا: ما ثبت بدليل تعبدي، و ما ثبت بدليل عقلائي.

(4) و هو قول العلامة في القواعد: أحدهما ثبوت الخيار.

(5) أي و المراد من أو بظهور العيب في كلام العلامة في القواعد بقوله: أو ظهور عيب.

ص: 30

لكنه (1) مع عدم تماميته تكلف (2) في عبارة القواعد.

مع أنه في التذكرة ذكر في الأمر الأول الذي هو الخيار فصولا سبعة بعدد أسباب الخيار، و جعل السابع منها (3) خيار العيب، و تكلم فيه (4) كثيرا.

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ قدس سره الرد على ما أفاده المحقق الكركي في توجيه كلام العلامة في القواعد.

و خلاصة الرد أن التوجيه المذكور غير تام، لأن انحصار تزلزل العقد و خروجه عن اللزوم لأجل الخيار منتقض بالعقد الفضولي، لتزلزله اذا لم يجز المالك، مع عدم وجود خيار فيه، بناء على أن الاجازة، أو الرد ليسا من الخيار، لكونهما من الأحكام، لا من الحقوق.

و كذا منتقض بالبيع المعاطاتي، لتزلزله، بناء على افادته الملكية الجائزة، و أن أفادته اللزوم متوقف على ذهاب احدى العينين أو كليهما كما أفاده المحقق الكركي.

راجع حول المعاطاة الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 68 - ص 200.

(2) وجه التكلف أن العلامة قدس سره لم يذكر في القواعد منشأ الخيار أصلا حتى يوجه كلامه بأنه من قبيل عطف الخاص على العام

لكن ذكر في التذكرة منشأ الخيار لهما، أو لاحدهما بقوله:

من غير نقص في أحد العوضين، بل للتروي خاصة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 205.

(3) أي من أسباب الخيار.

(4) أي في البحث السابع الذي هو خيار العيب، و الذي هو -

ص: 31

و مقتضى التوجيه (1) أن يتكلم في الأمر الأول فيما عدا خيار العيب.

و يمكن توجيه ذلك (2) بأن العيب سبب مستقل لتزلزل العقد في مقابل الخيار، فإن نفس ثبوت الارش بمقتضى العيب و إن لم يثبت خيار الفسخ موجب لاسترداد جزء من الثمن.

فالعقد بالنسبة إلى جزء من الثمن متزلزل، قابل (3).

+++++++++++

- أحد أسباب الخيار.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 من ص 352 الى ص 371.

(1) و هو توجيه أو ظهور عيب بأنه من قبيل عطف الخاص على العام، أي لازم هذا التوجيه أن يبحث المحقق الكركي قدس سره في الأمر الاول من الامرين الذين أفادهما العلامة في القواعد، لا في الأمر الثاني، لأنه بناء على أن العطف من قبيل عطف الخاص على العام لا مجال للبحث عن الامر الثانى.

(2) هذا توجيه من الشيخ قدس سره يروم به توجيه كلام العلامة قدس سره: من عطفه أو ظهور العيب على ثبوت الخيار.

و حاصل التوجيه أن العيب سبب مستقل لتزلزل العقد، لأنه موجب لاسترداد جزء من الثمن في قبال النقص الموجود في المبيع كالخيار في كونه سببا لتزلزل العقد من دون فرق بينهما، إلا في شيء واحد:

و هو أن الخيار موجب لتزلزل العقد بالنسبة الى جميع الثمن و المثمن و العيب موجب لتزلزل العقد بالنسبة الى جزء من الثمن.

(3) بالجر صفة لكلمة جزء من الثمن أي هذا الجزء من الثمن له حالتان: -

ص: 32

لا بقائه (1) في ملك البائع، و اخراجه (2) عنه.

و يكفي (3) في تزلزل العقد ملك اخراج جزء مما ملكه البائع بالعقد عن ملكه.

و إن شئت قلت: إن مرجع ذلك (4) الى ملك فسخ العقد للواقع على مجموع العوضين من حيث المجموع، و نقض (5) مقتضاه:

من تملك كل من مجموع العوضين في مقابل الآخر.

+++++++++++

- حالة ابقائه في ملك البائع، و حالة إخراجه عن ملك البائع.

(1) هذه هي الحالة الاولى، و ذلك عند ابراء المشتري ذمة البائع عن الجزء من الثمن لو ظهر المبيع معيبا، و لا يتصور له غير ذلك، (2) هذه هي الحالة الثانية اي الجزء من الثمن قابل لاخراجه عن ملك البائع لأنه في صورة ظهور العيب يسترد المشتري بمقدار النقيصة شيئا من الثمن فلا يبقى الجزء في ملك البائع.

(3) مقصوده قدس سره أن العيب و إن لم يكن موجبا لتزلزل العقد و لا موجبا لفسخه ابتداء، إلا أنه يوجب اخراج جزء من الثمن عن ملك البائع، و هذا يكفي في تزلزل العقد.

(4) أي مرجع جواز استرداد الجزء الى ملك فسخ العقد الواقع على مجموع العوضين من حيث المجموع.

(5) بالجر عطف على مدخول إلى في قوله: إلى ملك فسخ العقد أي و مرجع جواز استرداد الجزء إلى نقض مقتضى العقد، فإن مقتضاه تملك كل من البائع و المشتري مال الآخر تماما، فاذا ظهر عيب في المبيع فقد نقض تملك البائع مجموع الثمن من حيث هو مجموع.

و كذلك اذا ظهر في الثمن عيب فقد نقض تملك المشتري مجموع المبيع من حيث هو مجموع.

ص: 33

لكنه (1) مبني على كون الارش جزء حقيقيا من الثمن كما عن بعض العامة، ليتحقق انفساخ العقد بالنسبة إليه (2) عند استرداده.

و قد صرح (3) العلامة في كتبه بأنه لا يعتبر في الارش كونه جزء من الثمن.

بل له (4) إبداله، لأن الأرش غرامة.

و حينئذ فثبوت الارش لا يوجب تزلزلا في العقد.

ثم إن الاصل بالمعنى الرابع (5) انما ينفع مع الشك في ثبوت خيار في خصوص البيع، لأن (6) الخيار حق خارجي يحتاج ثبوته إلى الدليل.

أما لو شك في عقد آخر من حيث اللزوم و الجواز فلا يقتضي

+++++++++++

(1) أي هذا التوجيه الذي أفاده الشيخ مبني على أن الأرش الثابت بالعيب جزء حقيقي من الثمن، لا غرامة، و أنه يجب على البائع أداؤه من الثمن.

(2) أي بالنسبة الى جزء من الثمن عند استرداد الثمن.

(3) من هنا يروم الشيخ قدس سره أن يبين أن الأرش ليس جزء من الثمن، و أن ثبوته لا يؤثر تزلزلا في العقد.

(4) أي بل للبائع إبدال الجزء من الثمن بشيء آخر، و اعطاء ذلك الشيء الى المشتري، لأن الأرش غرامة ما ظهر من النقص في المبيع.

(5) يعني أصالة اللزوم بالمعنى الذي مضى تفسيره في ص 23 عند قول الشيخ: الرابع المعنى اللغوي: إنما يختص بالبيع فقط، و لا يجري في سائر العقود اذا شك في اللزوم، و عدمه فيها.

(6) تعليل لاختصاص معنى الرابع بالبيع، و عدم جريانه في سائر العقود عند الشك في لزومها، و عدمه فيها.

ص: 34

ذلك الأصل لزومه (1)، لأن (2) مرجع الشك حينئذ إلى الشك، في الحكم الشرعي.

و أما الأصل بالمعنى الأول (3) فقد عرفت (4) عدم تماميته.

و أما بمعنى الاستصحاب (5) فيجري في البيع و غيره اذا شك في لزومه (6) و جوازه.

الأدلة على أصالة اللزوم
اشارة

و أما بمعنى القاعدة (7) فيجري في البيع و غيره، لأن أكثر العمومات الدالة على هذا المطلب (8) يعم غير البيع.

+++++++++++

(1) أي لزوم العقد المشكوك.

(2) تعليل لعدم اقتضاء ذلك الأصل لزوم العقد المشكوك.

و خلاصته أن أصالة اللزوم في البيع بناء على المعنى الرابع للأصل هو بناء العرف و الشرع في خصوص البيع على اللزوم، و هذا البناء لم يثبت في بقية العقود المشكوكة.

و لما كان هذا اللزوم على هذا المبنى حكما شرعيا فإثباته لبقية العقود المشكوكة يحتاج إلى دليل.

(3) و هو الراجح الذي أفاده الشيخ في ص 20 بقوله: الاول الراجح (4) عند قوله في ص 20-21: و فيه أنه إن أراد غلبة الأفراد.

(5) و هو المعنى الثالث الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 23:

الثالث الاستصحاب.

(6) أي اذا شك في لزوم غير البيع و جوازه.

(7) و هو المعنى الثاني الذي أفاده الشيخ بقوله في ص 22:

الثاني القاعدة المستفادة من العمومات.

(8) و هو أن المراد من الأصل القاعدة المستفادة من العمومات المشار إليها في الهامش 2 ص 22

ص: 35

و قد أشرنا في مسألة المعاطاة إليها (1)، و نذكرها هنا تسهيلا على الطالب.

الاستدلال بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

(فمنها) (2): قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ دل على وجوب الوفاء بكل عقد.

و المراد بالعقد مطلق العهد كما فسر به (3) في صحيحة ابن سنان المروية في تفسير علي بن ابراهيم (4)، أو ما يسمى عقدا لغة و عرفا

+++++++++++

(1) أي إلى تلك العمومات.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 6 من ص 70 - ص 200.

(2) أي من تلك العمومات.

(3) أي العقد فسر بمطلق العهد فيشمل حينئذ جميع العقود و الإيقاعات حتى النذر و الأيمان، لأنها داخلة في العهود التي بين الخلق و الخالق.

(4) راجع (تفسير علي بن ابراهيم القمي) الجزء 1 ص 160 طباعة مطبعة النجف عام 1386 تحقيق السيد طيب الموسوي الجزائري.

و قد مر تفسير العقد بالعهد عن الشيخ قدس سره في باب المعاطاة في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 189 مستندا في ذلك إلى صحيحة عبد اللّه بن سنان، من دون إسنادها إلى تفسير علي ابن ابراهيم القمي.

و نحن بعد مراجعتنا مصادر الحديث وجدنا الصحيحة في الوسائل راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16 ص 248 الباب 25 الحديث 3 إلا أن الصحيحة في المصدر مروية عن تفسير العياشي.

راجع (تفسير العياشي) الجزء 1 - ص 289 - الحديث 5 -

ص: 36

و المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد في نفسه (1) بحسب الدلالة اللفظية(1) (2) نظير الوفاء بالنذر (3) فاذا دل العقد مثلا على تمليك العاقد ما له من غيره (4) وجب العمل بما يقتضيه التمليك:

من (5) ترتيب آثار ملكية ذلك الغير له، فأخذه (6) من يده

+++++++++++

- و هنا أسند الشيخ الصحيحة الى تفسير علي بن ابراهيم القمي.

و نحن أرجعناها الى مصدرها و هو التفسير المذكور.

(1) أي مجردا عن أية اضافة و خصوصية أخرى.

(2) أي بحسب الوضع اللغوي لمادة الوفاء.

(3) فإن الوفاء بالنذر هو العمل بما التزمه على نفسه لذات الباري عزّ و جلّ.

(4) كما في تمليك البائع ما له للمشتري.

(5) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: بما يقتضيه.

أي اقتضاء التمليك عبارة عن ترتيب آثار ملكية المشتري لما انتقل إليه:

بمعنى أن العقد اذا اقتضى تمليك البائع ماله للمشتري يكون معنى الوفاء بالعقد هو ترتيب المشتري آثار الملكية على ما انتقل إليه، و عدم مزاحمة الغير في تصرفاته، و عدم جواز تصرف البائع بعد العقد فيما انتقل عنه.

(6) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن العقد اذا دل على تمليك العاقد ما له من غيره وجب العمل بمقتضى ذلك العقد.

أي ففي ضوء ما ذكرنا بكون أخذ البائع المبيع من يد المشتري من دون رضاه، و تصرفه فيه مخالفا لمقتضى العقد و مفهومه، و منافيا لوجوب الوفاء بالعقد المستفاد من الآية الكريمة، فيكون جميع تصرفات البائع في المبيع بدون رضى المشتري حراما.

ص: 37


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بغير رضاه، و التصرف فيه (1) كذلك (2) نقض لمقتضى ذلك العهد فهو حرام.

فاذا حرم (3) بإطلاق الآية جميع ما يكون نقضا لمضمون العقد و منها التصرفات الواقعة بعد فسخ المتصرف من دون رضا صاحبه:

كان (4) هذا لازما مساويا للزوم العقد، و عدم انفساخه بمجرد فسخ أحدهما، فيستدل (5) بالحكم التكليفي على الحكم الوضعي: أعني

+++++++++++

(1) أي في المبيع.

(2) أي من غير رضى المشتري.

(3) أي التصرف في المبيع بدون اذن صاحبه و هو المشتري بإطلاق آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، لأنها نقتضي بإطلاقها حرمة جميع التصرفات في المبيع التي منها التصرف فيه بغير اذن المشتري، لأن التصرف خلاف مقتضى العقد.

كما أنها تقتضي بإطلاقها جواز جميع التصرفات بعد العقد للمشتري، لأنه مقتضى العقد و مفهومه.

(4) جواب لا ذا الشرطية في قوله في هذه الصفحة: فاذا حرم أي اذا حرم التصرف في المبيع بإطلاق آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ كانت هذه الحرمة نقضا لمقتضى العقد و مفهومه، لأن حرمة التصرف من لوازم العقد أي لازما مساويا له، فلا ينفسخ العقد بمجرد فسخه من قبل أحد الطرفين.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن حرمة جميع التصرفات في المبيع من لوازم العقد و مقتضياته أي ففي ضوء ما ذكرنا يستدل على فساد الفسخ، و عدم ترتب أثر على الفسخ الصادر من أحد الطرفين الذي هو الحكم الوضعي: بالحكم التكليفي: و هي حرمة التصرف في -

ص: 38

فساد الفسخ من أحدهما بغير رضا الآخر و هو (1) معنى اللزوم.

بل (2) قد حقق في الأصول أن لا معنى للحكم الوضعي إلا ما انتزع من الحكم التكليفي.

و مما ذكرنا (3) ظهر ضعف ما قيل(1) من أن معنى وجوب الوفاء

+++++++++++

- المبيع بدون رضا المشتري المستفادة هذه الحرمة من الأمر في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

فالحكم الوضعي منتزع من الحكم التكليفي كما هو مبنى الشيخ قدس سره في جميع الأحكام الوضعية: من أنها منتزعة من الأحكام التكليفية.

(1) أي فساد الفسخ الذي هو الحكم الوضعي المنتزع من الحكم التكليفي هو معنى لزوم العقد:

فحرمة جميع التصرفات، و عدم ترتيب الأثر على الفسخ الصادر من أحد الطرفين هو معنى للزوم، اذ لا معنى للزوم إلا هذا.

(2) هذا تأييد لما أفاده: من دلالة الحكم التكليفي على فساد الفسخ من أحد الطرفين، و أن الحكم الوضعي منتزع من الحكم التكليفي

و خلاصة هذا التأييد أنه ثبت في علم الاصول أن الأحكام الوضعية منتزعة من الأحكام التكليفية، و أنها ليست مجعولة في حد ذاتها و نفسها، بل مآلها و مرجعها إلى الأحكام التكليفية.

راجع ما أفاده الشيخ في هذا المقام (كتاب الرسائل).

(3) و هو أن فساد الفسخ من لوازم العقد، و أن الحكم الوضعي و هو الفساد منتزع من الحكم التكليفي.

من هنا يروم الشيخ أن يرد على ما أفاده العلامة قدس سره:

من أن آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لا تدل على الحكم الوضعي فلا يمكن الاستدلال -

ص: 39


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بالعقد العمل بما يقتضيه: من لزوم و جواز، فلا يتم (1) الاستدلال به على اللزوم.

توضيح (2) الضعف أن اللزوم و الجواز من الأحكام الشرعية للعقد، و ليسا من مقتضيات العقد في نفسه مع قطع النظر عن حكم الشارع.

+++++++++++

- بها على فساد الفسخ، لأن الوفاء معناه إنهاء العمل و اتمامه.

فالعقد الذي ينشؤه كل واحد من المتعاقدين إن كان بحسب بنائه الشرعي و العرفي لازما يجب الوفاء به لزوما.

و إن كان جائزا يجب الوفاء به جوازا، فلا يستفاد من وجوب الوفاء بالعقد أن العقد لازم، لأن الجواز و اللزوم في المرتبة السابقة على الوفاء، و من مقتضيات نفس العقد بما هو عقد.

لا أنهما منتزعان من وجوب الوفاء بالعقد، و عدم وجوب الوفاء به (1) هذا من متممات كلام القيل(1) و قد عرفت أن القائل هو العلامة أي ففي ضوء ما ذكرنا: من أن الجواز و اللزوم في المرتبة السابقة على الوفاء، و أن العقد بحسب بنائه الشرعي و العرفي إن كان لازما يجب الوفاء به لازما، و ان كان جائزا يجب الوفاء به جائزا: فلا يمكن الاستدلال بوجوب الوفاء على لزوم فساد الفسخ، و أنه من لوازم العقد.

(2) هذا وجه ضعف ما أفاده العلامة في هذا المقام.

و خلاصته أن الجواز و اللزوم في العقود ليسا من مقتضيات العقود بحسب بناء المتعاملين، بل هما ناشئان من الشرع، لأن العقود في حد نفسها لا تقتضي اللزوم، و لا الجواز.

لكن الشارع لما أوجب الوفاء بمضمون بعض العقود فقد انتزع -

ص: 40


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

نعم (1) هذا المعنى: أعني وجوب الوفاء بما يقتضيه العقد في نفسه يصير بدلالة الآية حكما شرعيا للعقد مساويا للّزوم.

و أضعف من ذلك (2) ما نشأ من عدم التفطن لوجه دلالة الآية على اللزوم، مع الاعتراف بأصل الدلالة، لمتابعة المشهور: و هو أن المفهوم من الآية عرفا حكمان: تكليفي و وضعي.

+++++++++++

- منه اللزوم.

و لما أجاز الوفاء بمضمون بعض العقود فقد انتزع منه الجواز فالجواز و اللزوم من عوارض العقد، لكن بعد حكم الشارع بوجوبه، أو جوازه.

(1) استدراك عما أفاده: من أن اللزوم و الجواز ليسا من مقتضيات العقد في نفسه و حد ذاته، مع قطع النظر عن حكم الشارع.

و خلاصته أن العقد بعد وقوعه يقتضي تمليك كل من العوضين الى صاحبه، أي تمليك المثمن للمشتري، و تمليك الثمن للبائع.

و معنى تمليك المثمن للمشتري هو ترتيب آثار الملكية من قبل المشتري على ما انتقل إليه: من بيعه و وقفه، و هبته، و غير ذلك من بقية آثار الملكية.

و عدم جواز التصرف في المبيع بغير اذن المشتري و ان كان هذا، التصرف بعد فسخ العقد من قبل المشتري.

فوجوب الوفاء بما يقتضيه العقد المستفاد هذا الوجوب من قوله عزّ من قائل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : حكم شرعي للعقد، و اذا صار وجوب الوفاء حكما شرعيا فقد أصبح مساويا للزوم العقد فاذا صار لازما فقد دل على الحكم الوضعي بالدلالة الالتزامية.

(2) أي و أضعف مما أفاده العلامة قدس سره: من أن آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لا تدل على الحكم الوضعي فلا يمكن الاستدلال بها على الحكم -

ص: 41

و قد عرفت (1) أن ليس المستفاد منها إلا حكما واحدا تكليفيا يستلزم حكما وضعيا.

الاستدلال بآية أحل الله البيع

و من ذلك (2) يظهر لك الوجه في دلالة قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ

+++++++++++

- الوضعي: ما نشأ من بعض.

و خلاصة ما نشأ أن بعض الفقهاء لم يتفطن لوجه دلالة آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ على لزوم الحكم الوضعي للحكم التكليفي و افاد أنها تدل على الحكم التكليفي فقط.

مع أنه تابع المشهور في افادة آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ حكمين:

حكما تكليفيا: و هو وجوب الوفاء بالعقد، و حكما وضعيا: و هو فساد الفسخ، و عدم ترتب الأثر عليه.

(1) هذا رد على متابعة البعض للقول المشهور: من دلالة الآية للكريمة على الحكمين: التكليفي، و الوضعي.

و خلاصته أنك عرفت في هذه الصفحة أن الآية لا تدل إلا على حكم واحد: و هو الحكم التكليفي المستلزم للحكم الوضعي.

و ليس هناك حكمان مستقلان أحدهما تكليفي، و الآخر وضعي يكون كلاهما بالمطابقة مستفادين من الآية.

بل الآية تدل بالمطابقة على الحكم التكليفي، و بالالتزام على الحكم الوضعي.

(2) أي و مما ذكرناه في هذه الصفحة: من أن الآية تدل على الحكم التكليفي فقط المستلزم هذا الحكم للحكم الوضعي، و أن وجوب الوفاء بما يقتضيه العقد في نفسه يكون مساويا للزوم العقد: يظهر لك كيفية دلالة آية و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ على لزوم العقد، و عدم جواز الفسخ من البائع -

ص: 42

اَلْبَيْعُ على اللزوم، فإن حلية البيع التي لا يراد منها إلا حلية جميع التصرفات المترتب عليه (1) التي منها (2) ما يقع بعد فسخ أحد المتبايعين بغير رضا الآخر مستلزمة (3) لعدم تأثير ذلك الفسخ، و كونه لغوا غير مؤثر.

الاستدلال بآية تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

و منه (4) يظهر وجه الاستدلال على اللزوم بإطلاق حلية أكل المال بالتجارة عن تراض، فإنه يدل على أن التجارة سبب لحلية التصرف بقول مطلق حتى بعد فسخ أحدهما من دون رضا الآخر.

+++++++++++

- فكل ما قلناه في تلك الآية: من دلالتها على الحكم التكليفي فقط المستلزم هذا الحكم للحكم الوضعي نقوله في الآية المذكورة بغير فرق بين الآيتين الكريمتين في كيفية دلالتهما على ذلك.

(1) أي على البيع، و كلمة التي صفة لكلمة التصرفات.

(2) أي من تلك التصرفات المترتبة على البيع.

(3) كلمة مستلزمة خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة: فإن حلية البيع أي إن حلية البيع مستلزمة لعدم تأثير الفسخ: أي أن مقتضى حلية البيع هي حلية جميع التصرفات المتوقفة على الملك المسببة تلك التصرفات عن البيع للمشتري على الاطلاق.

سواء أ كانت قبل فسخ أحد المتبايعين أم بعد فسخه.

و لازم هذا الاطلاق هو عدم تأثير الفسخ، و لو وجد كان لغوا غير مؤثر.

و هذا معنى كون وجوب الوفاء حكما شرعيا مساويا للزوم العقد و اذا صار لازما فقد دل على الحكم الوضعي بالدلالة الالتزامية.

(4) أي و من الاستظهار المذكور في آية و أحلّ اللّه البيع يظهر وجه الاستدلال على لزوم العقد بإطلاق آية تجارة عن تراض أي -

ص: 43

فدلالة (1) الآيات الثلاث على أصالة اللزوم على نهج واحد.

لكن (2) يمكن أن يقال: إنه إذا كان المفروض الشك في تأثير

+++++++++++

- اطلاق حلية أكل المال بالتجارة يدل على أن التجارة سبب لحلية جميع التصرفات بقول مطلق للمشتري، سواء أ كانت قبل فسخ أحد المتبايعين أم بعده، و لا يجوز التصرف في المبيع بدون رضاه، سواء أ كان هناك فسخ من أحد المتبايعين أم لم يكن.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الآيات الثلاث.

و هي: آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ، إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ :

تدل بإطلاقها على حلية جميع التصرفات، أي ففي ضوء ما ذكرنا تكون دلالة الآيات الثلاث على حلية جميع التصرفات على نسق واحد من دون فرق بين كل واحدة منها من حيث الاطلاق، فاطلاقها يدل على حلية جميع ذلك.

(2) استدراك عما أفاده: من أن دلالة الآيات الثلاث على حلية جميع التصرفات على نسق واحد من حيث الاطلاق.

و خلاصته هو الفرق بين الآية الأولى، و بين الآيتين الأخيرتين:

بأن يقال: إن الآية الأولى لها اطلاقان:

اطلاق أفرادي يستدل به على حلية جميع التصرفات، سواء أ كانت قبل الفسخ أم بعده، لأنها مشتملة على صيغة الأمر و هو أَوْفُوا .

و اطلاق أزماني يستدل به على أن كل فرد من أفراد البيع في كل زمن من الأزمان، سواء أ كان قبل الفسخ أم بعده يجب الوفاء به لأنها مشتملة على صيغة العموم و هي لفظة العقود و هي محلاة بالألف -

ص: 44

الفسخ في رفع الآثار الثابتة بإطلاق الآيتين الأخيرتين لم يمكن التمسك في رفعه، إلا (1) بالاستصحاب، و لا ينفع الاطلاق.

الاستدلال بآية أكل المال بالباطل

(و منها) (2): قوله تعالى: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ (3)

+++++++++++

- و اللام، و الجمع المحلى يفيد العموم.

بخلاف الآيتين الأخيرتين، فإنهما لا اطلاق لهما من حيث الزمان، بل لهما الاطلاق من حيث الأفراد فقط أي كل فرد من أفراد البيع سبب لحلية جميع التصرفات، و للتمليك.

و كذا التجارة، فإنها سبب لحلية جميع التصرفات، و للتمليك في جميع أفرادها.

أما بقاء هذه الحلية و التمليك إلى بعد الفسخ فليس بمعلوم، فلا يمكن اثبات جميع التصرفات في جميع الأزمان بالآيتين الأخيرتين.

(1) استثناء عما أفاده: من عدم اطلاق زماني للآيتين الأخيرتين.

يروم الشيخ قدس سره بهذا الاستثناء اثبات الاطلاق الزماني للآيتين بالاستصحاب فقط، لا بنفس الآيتين:

ببيان أن جواز جميع التصرفات لكل واحد من المتبايعين قبل الفسخ كان ثابتا، و بعد الفسخ نشك في بقائه فنستصحب البقاء، فثبت جواز جميع التصرفات به، لا بالإطلاق، لعدم وجوده.

(2) أي و من تلك العمومات الدالة على لزوم العقد، و حلية جميع التصرفات قبل الفسخ و بعد الفسخ.

(3) هذه الآية الكريمة غير آية لاٰ تَأْكُلُوا1(7) أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ التي ليس فيها حرف الواو، فإن التي فيها حرف الواو في سورة البقرة: الآية 188.

و ما ليس فيها حرف الواو في سورة النساء: الآية 28.

ص: 45

دل (1) على حرمة الأكل بكل وجه يسمى باطلا عرفا.

و موارد (2) ترخيص الشارع(1) ليس (3) من الباطل، فإن أكل

+++++++++++

(1) أي قوله تعالى.

(2) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم أن في الشريعة الاسلامية موارد قد جوّز الشارع لنا فيها التصرف في مال الغير بدون اذن صاحبه.

كجواز الأكل للمارة من أثمار الأشجار.

و كجواز الأخذ بالشفعة و الخيار لصاحبهما.

و ما نحن فيه: و هو التملك و التصرف في مال الغير بدون اذن صاحبه و رضاه بعد الفسخ من تلك الموارد المرخصة من قبل الشارع.

فكما أن تلك الموارد لا تعد من أفراد أكل المال بالباطل، و لا من مصاديقه، لاذن الشارع فيها.

كذلك ما نحن فيه لا يكون من أفراد أكل المال بالباطل و مصاديقه فهو خارج خروجا حكيما كخروج تلك الموارد.

نعم لو لا اذن الشارع لكان أخذ مال الغير و تملكه من دون اذن صاحبه باطلا عرفا.

فاذن الشارع كاشف عن ثبوت حق للفاسخ قد تعلق بالعين كثبوت حق للمارة، و لذوي الخيار و الشفعة بنفس اذن الشارع.

(3) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته أن كون موارد الرخصة التي ذكرت من الأكل من الباطل مبني على أنها من أفراد الباطل و مصاديقها عرفا، و أن الشارع رخص في التصرف فيها فأخرجها عن الباطل حكما.

لكن نقول: إن المبنى المذكور ممنوع، اذ الأفراد المذكورة -

ص: 46


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

المارة من ثمرة الأشجار التي تمر بها باطل لو لا اذن الشارع الكاشف عن عدم بطلانه.

و كذلك الأخذ بالشفعة و الخيار، فإن رخصة الشارع في الأخذ بهما يكشف عن ثبوت حق لذوي الخيار و الشفعة.

و ما نحن فيه(1) (1) من هذا القبيل، فإن (2) أخذ مال الغير و تملكه من دون اذن صاحبه باطل عرفا.

نعم لو دل (3).

+++++++++++

- و ما نحن فيه ليست من مصاديق الباطل عرفا حتى يقال بخروجها عن الباطل خروجا حكيما.

بل اذن الشارع و ترخيصه في تلك الموارد تخطئة للعرف في عدّها من أفراد الباطل، أو من مصاديق الغصب على حد تعبير البعض.

فالموارد المذكورة، و ما نحن فيه خارجة عن موضوع الباطل خروجا موضوعيا، لا حكيما كما أفيد.

فما ذهب إليه العرف: من عدّ تلك الموارد من أفراد الباطل باطل

(1) أي ما نحن فيه: و هو التصرف في مال الغير بعد الفسخ من قبيل ثبوت حق للفاسخ، و ليس من أفراد الباطل كما عرفت معنى ذلك آنفا.

(2) تعليل لكون ما نحن فيه: و هو الفسخ بعد تحقق البيع ليس من قبيل أكل المال بالباطل.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 46 عند قولنا: اذا الأفراد المذكورة

(3) في الواقع هذا تعليل لخروج الموارد المذكورة، و ما نحن فيه عن أكل المال بالباطل خروجا موضوعيا.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: فالموارد المذكورة.

ص: 47


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

الشارع على جوازه كما في العقود الجائزة (1) بالذات، أو بالعارض (2) كشف ذلك عن حق المفاسخ متعلق بالعين.

الاستدلال بروايتي لا يحل مال امرئ مسلم و الناس مسلطون

و مما ذكرنا (3) يظهر (4)

+++++++++++

(1) كما في الهبة بغير ذي رحم، أو بغير عوض(1) قبل التصرف فيها، فإن للواهب الرجوع عن هبته و يجوز له التصرف فيها و إن ملكها المتهب، لأن مثل هذه الهبة من العقود الجائزة بالذات التي يجوز المواهب الرجوع فيها، لاذن الشارع في التصرف فيها الكاشف هذا الاذن عن سبق حق ثابت للواهب.

(2) كما في العقود اللازمة التي تصير متزلزلة بواسطة العيب، أو الغبن، أو تبين كون المبيع للغير، فالعقد في هذه الموارد يكون جائزا بعد أن كان لازما: بمعنى أنه يصح للفاسخ التصرف في المبيع بإذن من الشارع الكاشف هذا الاذن عن سبق حق للفاسخ.

(3) و هو أن الآيات الثلاث المذكورة في الهامش 1 ص 44 تدل على لزوم العقد، و أنه لا يجوز لأحد المتبايعين التصرف فيما ملّكه للغير و إن فسخ أحدهما.

(4) كيفية ظهور الاستدلال بالحديث أنه لا بدّ من جواز التصرف في مال الغير و حليته من رضا المالك و طيب نفسه لا محالة، سواء جعلنا الرضا علة تامة للحلية أم جعلناه جزء السبب، و الجزء الثاني الايجاب و القبول اللفظيين، أم العقد الفعلي المعاطاتي.

فلو رجع أحد المتبايعين بفسخ لا يجوز للآخر التصرف في مال الآخر (2)بدون رضاه و اذنه، لأن التصرف بدون الرضا يكون من غير طيب نفسه.

ص: 48


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

وجه الاستدلال بقوله عليه السلام:

لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه (1).

(و منها) (2): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إن الناس مسلطون على أموالهم (3).

فان (4) مقتضى السلطنة التي امضاها الشارع أن لا يجوز اخذه (5) من يده، و تملكه عليه من دون رضاه، و لذا (6) استدل المحقق في الشرائع على عدم جواز رجوع المقرض فيما اقرضه: بأن (7)

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 3 ص 425 الباب 3 الحديث 3.

و في المصدر هكذا:

و لا يحل لمؤمن مال اخيه إلا عن طيب نفسه منه.

و في (مستدرك الوسائل) المجلد 3 ص 143 - الحديث 1 كما هنا.

(2) اي و من تلك العمومات الدالة على لزوم العقد، سواء أ كان هناك فسخ أم لا.

(3) راجع (بحار الأنوار) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 271 - الحديث 7.

(4) تعليل للتسلط المذكور في الحديث الشريف.

(5) اي اخذ المبيع من يد صاحبه بعد أن تملكه بالشراء الصحيح الشرعي.

(6) اي و لاجل عدم جواز اخذ كل واحد من المتبايعين ما ملكه من صاحبه.

(7) الباء بيان لكيفية الاستدلال على عدم جواز رجوع المقرض فيما اقرضه للمقترض اي فعلى فرض جواز الرجوع فيما اقرضه لا تحصل -

ص: 49

فائدة الملك التسلط عليه (1).

و نحوه (2) العلامة في بعض كتبه.

و الحاصل أن جواز العقد الراجع الى تسلط الفاسخ على تملك ما انتقل عنه، و صار مالا لغيره.

و اخذه منه بغير رضاه: مناف لهذا العموم (3).

الاستدلال برواية المؤمنون عند شروطهم

(و منها) (4): قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم (5).

+++++++++++

- للمقترض السلطنة على ما اقترضه، و لا استفاد منه شيئا.

إذا فما الغاية من هذا الاستقراض؟.

(1) راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة الجزء - 3 ص 68.

عند قوله: - و هل للمقرض ارتجاعه؟.

قيل: نعم.

(2) اي و نحو استدلال المحقق استدلال العلامة قدس سرهما على عدم جواز تصرف المقرض فيما اقرضه.

(3) و هو عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إن الناس مسلطون على أموالهم.

(4) اي و من تلك العمومات الدالة على لزوم العقد، سواء أ كان هناك فسخ أم لا.

(5) راجع (التهذيب) الطبعة الجديدة - الجزء 7 ص 371 - الحديث 1503-66.

ذكرنا كيفية الاستدلال بالحديث مشروحا مفصلا. -

ص: 50

و قد استدل به (1) على اللزوم غير واحد.

منهم المحقق الاردبيلي قدس سره، بناء (2) على أن الشرط مطلق الالزام و الالتزام و لو ابتداء من غير ربط بعقد آخر، فان (3) العقد على هذا شرط، فيجب الوقوف عنده (4)، و يحرم التعدي عنه (5).

فيدل على اللزوم بالتقريب المتقدم (6) في أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لكن (7)

+++++++++++

- راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 6 ص 190-191.

(1) اي و قد استدل بالحديث الشريف المشار إليه في الهامش 5 ص 50 على لزوم العقد.

(2) تعليل للزوم العقد.

و خلاصته أن المراد بالشرط في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم هو مطلق الالزام و الالتزام بالعقد و إن كان الشرط من الشروط الابتدائية.

اي لا يكون هناك ربط عقد في ضمن عقد آخر.

(3) تعليل لكون الشرط هو مطلق الالزام و الالتزام بالعقد و إن كان الشرط من الشروط الابتدائية اي العقد على مثل هذا الشرط الذي هو شرط ابتدائي شرط يجب التوقف عنده، و يحرم التعدي عنه.

(4) اي عند هذا العقد.

(5) اي عن هذا العقد.

(6) عند قوله قدس سره في ص 27: و المراد بوجوب الوفاء.

(7) عدول عما افاده قدس سره: من أن المراد بالشروط الشروط الابتدائية و يروم أن يفيد أن المراد بالشروط الشروط التبعية كما هو المتبادر منها عرفا.

ص: 51

لا يبعد منع صدق الشرط في الالتزامات الابتدائية.

بل المتبادر عرفا هو الالزام التابع.

كما (1) يشهد به موارد استعمال هذا اللفظ حتى في مثل قوله (2) عليه السلام في دعاء التوبة (3):

و لك يا رب شرطي ألا اعود في مكروهك.

و عهدي أن اهجر جميع معاصيك.

+++++++++++

(1) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في الاستشهاد بكلمات (أئمة اهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الذين هم أبناء من هو (أفصح من نطق بالضاد) صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و بكلمات (اللغويين) لما افاده: من أن المراد بالشرط هو مطلق الالزام و الالتزام بالعقد، و أن المراد من الشروط الشروط التبعية.

(2) اي قول (الامام للسجاد) عليه السلام.

هذا اوّل كلام استشهد به شيخنا الانصاري.

(3) (دعاء التوبة) احد أدعية (الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) عليهم الصلاة و السلام.

و هو الامام الرابع من (أئمة اهل البيت) الذين اذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.

و دعاء التوبة في ضمن مجموعة أدعية انشأها (الامام السجاد) عليه السلام.

و هذه الأدعية معروفة لدى المسلمين قاطبة ب:

(الصحيفة السجادية - أو زبور آل محمد).

على منشئها آلاف التحية و الثناء: -

ص: 52

و قوله (1) عليه السلام في أوّل دعاء الندبة:

+++++++++++

- يقول عليه السلام في دعاء التوبة:

اللّهمّ إنّي أتوب أليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي و صغائرها، و بواطن سيّئاتي و ظواهرها و سوالف زلاّتي و حوادثها.

توبة من لا يحدّث نفسه بمعصية، و لا يضمر أن يعود بعدها في خطيئة و قد قلت يا إلهي في محكم كتابك:

إنّك تقبل التوبة عن عبادك، و تعفوا عن السيّئات و تحبّ التّوابين.

فاقبل توبتي كما وعدت و اعف عن سيّئاتي كما ضمنت و اوجب لي محبّتك كما شرطت.

و لك يا ربّ شرطي ألاّ اعود لك في مكروهك.

و ضماني لك ألاّ ارجع في مذمومك.

و عهدي أن اهجر جميع معاصيك.

راجع (الصحيفة السجادية) دعاء 30 ص 82.

طباعة (بغداد دار الآداب و العلوم).

فالشاهد في قوله عليه السلام: و لك شرطي.

حيث اطلق الشرط على الالتزام بعد الرجوع الى المعاصي(1) في ضمن عقد آخر: و هو (عقد التوبة) مع (الخالق الجليل) جلّت عظمته و لم يطلقه على الالتزام الابتدائي.

(1) استشهاد ثان منه قدس سره إلى ما أفاده: من اطلاق الشرط على الشروط التبعية، و قد استشهد بكلام (الامام الثاني عشر -

ص: 53


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدّنيا الدّنيّة(1)

كما لا يخفى (1) على من تأمّلها.

+++++++++++

- الحجة المنتظر) عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

و هو الذي يملأ الارض قسطا بعد ما ملئت ظلما و جورا.

و (دعاء الندبة) منسوب إليه عليه السلام ذكره في جملة الأدعية (شيخنا العلامة المجلسي) أعلى اللّه مقامه الشريف في كتابه.

(بحار الأنوار) الطباعة القديمة المجلد 22 ص 362.

قال عليه السلام:

بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدّنيا الدنيّة و زخرفها و زبرجها فشرطوا لك ذلك.

فالشاهد في قوله عليه السلام: فشرطوا لك ذلك.

حيث اطلق الشرط على الالتزام بشيء في ضمن عقد آخر: و هو قوله عليه السلام:

اللّهمّ لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك الّذين استخلصتهم لنفسك و دينك اذا اخترت لهم جزيل ما عندك منّ النّعيم المقيم الّذي لا زوال له و لا اضمحلال.

فان اللّه عزّ و جلّ لما وعد أولياءه بالنعيم الابدي السرمدي الذي لا زوال له و لا اضمحلال، و لا فناء ازاء الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية: فشرطوا له و التزموا بذلك.

(1) اي كما لا يخفى ما قلناه على المتأمل الخبير، و المتتبع البصير -

ص: 54


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

مع (1) أن كلام بعض اهل اللغة يساعد على ما ادعيناه:

من الاختصاص.

ففي القاموس (2): الشرط الزام الشيء و التزامه في البيع و نحوه (3).

منها: الأخبار المستفيضة:

(و منها) (4): الأخبار المستفيضة: في أن البيّعين بالخيار

+++++++++++

- لأنه لو امعن النظر في موارد استعمال كلمة (شرط) في محاورات (أئمة اهل البيت) الذين هم من ولد (اسماعيل بن ابراهيم) عليهما السلام الذي هو جد (العرب العدنانيين):

لعلم علما بتيا أنهم عليهم السلام اطلقوا الشرط على الشروط التبعية.

(و اهل البيت أدرى بما في البيت).

و هذا الاطلاق يعبر عنه في اصطلاح الفقهاء ب: (التزام في التزام) اي في ضمن عقد آخر.

(1) اي و لنا بالإضافة إلى كلمات (الأئمة الأطهار) دليل آخر:

و هو استعمال اللغويين كلمة (شرط) في الشروط التبعية.

(2) من هنا اخذ الشيخ الانصاري قدس سره الاستشهاد بكلمات اللغويين لما افاده: من اطلاق الشرط على الشروط التبعية، و في ضمن عقد آخر.

فهو اوّل استشهاد بكلام لغوي و هو صاحب القاموس.

(3) اي و نحو البيع من بقية العقود اللازمة، أو الجائزة.

راجع (القاموس) الجزء 3 ص 367 مادة شرط طباعة مطبعة السعادة بمصر.

(4) اي و من تلك العمومات الدالة على لزوم العقد و عدم جواز فسخه و حلّه.

ص: 55

ما لم يفترقا، و أنه إذا افترقا وجب البيع، و أنه لا خيار لهما بعد الرضا (1).

فهذه جملة من العمومات (2) الدالة على لزوم البيع عموما، أو خصوصا.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 345-346 - الباب 1 الأحاديث.

أليك نص الحديث الاول.

عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

البيّعان بالخيار حتى يفترقا.

و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام.

أليك نص الحديث الثاني.

عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سمعته يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيّعان بالخيار حتى يفترقا.

أليك نص الحديث الرابع.

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: أيّما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى يفترقا فاذا افترقا وجب البيع.

(2) و هي تسعة كما يلي:

(الاول): آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المشار إليها في ص 36.

(الثاني): آية و احل اللّه البيع المشار إليها في ص 42.

(الثالث): آية تجارة عن تراض المشار إليها في ص 43. -

ص: 56

و قد عرفت أن ذلك (1) مقتضى الاستصحاب أيضا(1)

مقتضى الاستصحاب أيضا اللزوم

و ربّما يقال: إن مقتضى الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك (2)

+++++++++++

- (الرابع): آية و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل المشار إليها في ص 45.

(الخامس): قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

لا يحل مال امرئ إلاّ عن طيب نفسه المشار إليه في ص 49.

(السادس): قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

إن الناس مسلّطون على أموالهم المشار إليه في ص 49.

(السابع): قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم المشار إليه في ص 50.

(الثامن): الأخبار المستفيضة المشار إليها في ص 56.

و قد ذكرنا قسما منها في الهامش 1 ص 56.

(التاسع): الاستصحاب(2) المشار إليه في ص 23 عند قوله:

الثالث: الاستصحاب، و مرجعه إلى أصالة.

(1) اي في ص 23 أن لزوم العقد من مقتضى الاستصحاب عند قوله في ص 23: الثالث الاستصحاب.

و أما وجه كون لزوم العقد مقتضى الاستصحاب.

فهو أن اثبات الملكية بعد الفسخ بالاستصحاب مساو للزوم العقد، و هذا معنى الاقتضاء.

(2) اي المالك الاول الذي اخرج المبيع عن ملكه، و اضافه إلى المشتري الّذي اصبح مالكا جديدا للعين المشتراة.

ص: 57


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

من العين، فان الظاهر من كلماتهم عدم انقطاع علاقة المالك (1) من العين التي له فيها الرجوع.

و هذا الاستصحاب (2) حاكم على الاستصحاب المتقدم المقتضي (3) للزوم.

و ردّ (1): بأنه إن اريد بها بقاء علاقة الملك أو علاقة تتفرع

+++++++++++

(1) و هو المالك الاول.

(2) و هو استصحاب عدم انقطاع علاقة المالك الاول عن العين.

خلاصة هذا الكلام أن هنا استصحابين:

(الاول): استصحاب بقاء ملكية المبيع للمالك الثاني الذي هو المشتري للعين.

(الثاني): استصحاب بقاء علقة مالكية المالك الاول الذي باع العين ثم فسخ العقد.

فهذا الاستصحاب معارض بالاستصحاب الثاني.

و الثاني حاكم على الاول فيقدم عليه، لأن الشك في بقاء علقة مالكية المالك الثاني بعد فسخ مالك الاول مسبّب عن الشك في زوال علقة الملكية عن المالك الاول: بحيث لا يبقى له الرجوع إلى عينه المبيعة.

أو الشك في عدم زوال علقة الملكية عن المالك الاول.

و قد عرفت غير مرة أن الاستصحاب السببي مقدم على الاستصحاب المسببي.

(3) بالجر صفة لكلمة الاستصحاب المجرورة بعلى في قوله:

على الاستصحاب المتقدم.

(4) من هنا اخذ الشيخ الانصاري قدس سره في ردّ القائل -

ص: 58

على الملك.

فلا ريب في زوالها بزوال الملك.

و إن (1) اريد بها سلطنة اعادة العين في ملكه.

+++++++++++

- بحكومة الاستصحاب الثاني، و ناقشه نقاشا دقيقا علميا من شتى جوانب ما افاده القيل، وسائله عن العلقة المالكية الحاصلة من الاستصحاب.

و خلاصته أن موضوع الاستصحاب هو.

(اليقين السابق و الشك اللاحق).

و فيما نحن فيه ليس كذلك، لأن المراد من بقاء علقة المالكية إن كان هو المالك الاول:

أو علقة متفرعة على الملك الذي باعه مالكه للمشتري.

فلا شك في زوال هذه العلقة بكلا تفسيريها باخراج المالك ملكه بالبيع و اضافته إلى المشتري الجديد الذي ملكه بالشراء و هو المالك الحقيقي الواقعي.

فحينئذ لا مجال لاستصحاب بقاء تلك العلقة للمالك الاول حتى يقال بجريانها، ثم يقال بحكومته على ذاك الاستصحاب، لتقدمه عليه لأن موضوع الاستصحاب الاول الذي هو اليقين السابق و الشك في اللاحق قد ارتفع بالبيع، و اخراج ملكه عن تحت تصرفه. و اضافته إلى المشتري.

(1) هذا هو الشق للثاني للردّ و النقاش.

اي و إن كان المراد من بقاء علقة الملكية هي سلطنة المالك الاول على عينه المبيعة في ارجاعها إليه بالفسخ.

فلا شك في استحالة اجتماع هذه السلطنة في ظرف علقة المالك الثاني الذي ملك العين بالشراء، لأن معنى تملك المالك الثاني المعين هو عدم -

ص: 59

فهذه علاقة يستحيل اجتماعها مع الملك(1) و إنما تحدث (1) بعد زوال الملك، لدلالة دليل، فاذا فقد الدليل فالاصل عدمها (2).

و إن (3) اريد بها العلاقة التي كانت في مجلس البيع فانها تستصحب عند الشك فيصير الاصل في البيع بقاء الخيار.

كما يقال (1): الاصل في الهبة بقاء جوازها بعد للتصرف.

+++++++++++

- جواز مزاحمة الآخرين له في ملكه و سلطنته عليه، و أنه لا يجوز لاحد التصرف في ملكه إلا باذنه و رضاه، لانتقال العين إليه.

فمن أين تبقى علقة للمالك الاول في ملكه حتى يجريها بالاستصحاب؟

ففيما نحن فيه لا وجود للاستصحاب الاول حتى يقال بحكومته على الاستصحاب الثاني:

و علاقة المالك الاول على العين المبيعة إنما تحدث ملكية جديدة إذا وجد الدليل على الاحداث.

و من المعلوم عدم وجود دليل على ذلك، لأن الملكية قد فاتت بسبب البيع، و السلطنة من المالك الاول قد زالت باضافتها إلى المشتري.

(1) اي علقة الملكية كما عرفت آنفا.

(2) اي عدم علقة الملكية للمالك الاول في العين المبيعة كما عرفت آنفا.

(3) هذا هو الشق الثالث للرد و النقاش المذكور.

و خلاصته أنه إن كان المراد من بقاء علقة الملكية للمالك الاول هي العلقة الحاصلة من مجلس العقد بسبب الخيار الثابت له فيستصحبها المالك الاول عند الشك بها بالفسخ: فالاصل حينئذ بقاء الخيار و اثبات علقة الملكية.

(4) تنظير لعدم قطع علقة الملكية عن المالك الاول. -

ص: 60


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

في مقابل (1) من جعلها لازمة بالتصرف.

ففيه (2) مع عدم جريانه فيما لا خيار فيه في المجلس.

+++++++++++

- و خلاصته أن ما نحن فيه نظير ثبوت الخيار للواهب إذا وهب شيئا لغير ذي رحم، فانه يجوز له الرجوع في هبته و إن تصرف فيها الموهوب له، بناء على مذهب من يجوز ذلك.

فكما أن الواهب يجوز له الرجوع في هبته و إن تصرف الموهوب له فيها.

كذلك يجوز للمالك الاول الرجوع فيما باعه بسبب الخيار الحاصل له من مجلس العقد.

(1) اي جواز رجوع الواهب في هبته و إن تصرف فيها الموهوب له في مقابل قول من لا يجوز ذلك، لأن القائل بالعدم يرى التصرف في الهبة موجبا للزومها فلا مجال للرجوع إليها.

(2) اي في هذا المراد نظر و إشكال.

يروم الشيخ الانصاري مناقشة القائل بالمقالة المذكورة نقاشا علميا تحليليا.

و خلاصة النقاش أن الاستصحاب المذكور لا يجري فيما لا خيار له في مجلس العقد.

بل لا يجري حتى فيما ثبت له خيار المجلس، بناء على لحاظ الأفراد في موارد الشك في العموم الأزماني، لأنه إن كان هناك اصل لفظي يؤخذ به فلا تصل التوبة الى اصل عملي لوجوب الرجوع الى اصل لفظي في مقام الشك.

ففيما نحن فيه إذا شك في العموم الأزماني بالنسبة إلى المبيع الذي -

ص: 61

بل (1) مطلقا، بناء على أن الواجب هنا الرجوع في زمان الشك إلى عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، لا الاستصحاب:

أنه (2) لا يجدي بعد

+++++++++++

- فسخه احد المتبايعين: يرجع في لزومه إلى عموم قوله عزّ من قائل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، لافادته العموم الزماني لا إلى الاستصحاب المذكور الذي هو اصل من الاصول العملية.

بالإضافة إلى أن خيار المجلس المدّعى سببيّته للاستصحاب المذكور مقيد بحسب الدليل اللفظي بالغاية التي هو الافتراق المستفاد هذا الافتراق من الأخبار المتواترة التي ذكرناها في الهامش 1 ص 56 و منها قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيّعان بالخيار ما لم يفترقا.

و لا شك أنه بعد الافتراق ينقطع الخيار، فلا مجال للعلقة المالكية حتى تستصحب، فملكية كل واحد من المتعاقدين باقية، و سليمة عن المعارض فتستصحب.

إذا لا يجوز لكل منهما التصرف في مال الآخر بفسخ احدهما إلا باذن صاحبه و رضاه.

فلا تعارض بين الاستصحابين المذكورين، ليكون احدهما: و هو استصحاب بقاء علقة المالكية حاكما على استصحاب بقاء ملكية كل منهما.

(1) هذا ترق من الشيخ الانصاري يروم به عدم جريان الخيار حتى فيما ثبت له خيار المجلس.

و قد عرفته في الهامش 2 ص 61 عند قولنا: بل لا يجري.

(2) إن مع اسمها مرفوعة محلا مبتدأ للخبر المتقدم في قوله -

ص: 62

تواتر الأخبار (1) بانقطاع الخيار مع الافتراق فيبقى ذلك الاستصحاب سليما عن الحاكم، فتأمل (2).

ظاهر المختلف أن الأصل عدم اللزوم و المناقشة فيه

ثم إنه يظهر من المختلف(1) في مسألة أن المسابقة لازمة، أو جائزة:

أن الاصل عدم اللزوم و لم يردّه من تأخر عنه.

إلا (3) بعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و لم (4) يكن وجه صحيحا لتقرير هذا الأصل(2)

+++++++++++

- في ص 62: فقيه.

و قد عرفت المقصود من قوله: إنه لا يجدي في هامش ص 62 عند قولنا: بالإضافة إلى أن.

(1) و قد ذكرناها في الهامش 1 ص 56.

(2) الظاهر أن الامر بالتأمل اشارة إلى أن الأخبار المتواترة المشار إليها في الهامش 1 ص 56 كما تكون سببا لرفع اليد(3) عن الاصل الحاكم و هو استصحاب بقاء علقة ملكية كل من المتعاقدين، فلا يبقى اصل ابدا، لأن الدليل الاجتهادي كما يرفع حكم الاستصحاب المخالف له.

كذلك يرفع حكم الاستصحاب الموافق له.

(3) استثناء عما افاده: من عدم ردّ احد من الفقهاء ممّن تأخر عن عصر العلامة على ما افاده: من أن الاصل في عقد المسابقة هو عدم اللزوم.

و خلاصته أن ما افاده العلامة مردود بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، حيث إن المسابقة عقد من العقود فيشمله عمومها فيجب الوفاء به.

(4) هذا كلام شيخنا الانصاري اي و لم يوجد وجه صحيح لهذا الاصل الذي ذهب إليه العلامة في عقد المسابقة.

ص: 63


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

نعم (1) هو حسن في خصوص المسابقة، و شبهه ممّا لا يتضمن تمليكا، أو تسليطا، ليكون (2) الاصل بقاء ذلك الاثر، و عدم زواله بدون رضى الطرفين.

إذا شك في عقد أنه من مصاديق العقد اللازم أو الجائز

ثم (3) إن ما ذكرناه: من العمومات المثبتة لأصالة اللزوم إنما هو في الشك في حكم الشارع باللزوم.

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من عدم وجود وجه صحيح للاصل الذي افاده العلامة في عقد المسابقة.

و خلاصته أن ما افاده العلامة حسن في خصوص عقد المسابقة و الجعالة مما لا يوجب تمليكا للمال، و لا تسليطا عليه بنفس العقد.

فهنا تجري أصالة عدم اللزوم.

(2) تعليل للمنفي(1) و هو عدم كون عقد المسابقة و الجعالة موجبا للتمليك و التسليط على المال اي العقد المذكور لا يكون موجبا للتمليك و التسليط حتى يكون مفاد الاصل هو استصحاب بقاء اثر العقد:

و هو اللزوم، و أن الاثر لا يزول بمجرد فسخ احد المتعاقدين، بل لا بدّ له من رضى الطرفين.

(3) خلاصة هذا الكلام أن التمسك بالعمومات المشار إليها في الهامش 2 ص 56-57 المثبتة لأصالة اللزوم: إنما تجري في الشك في حكم الشارع في لزوم العقد.

كما في الشبهات الحكمية، فانه لو شك في أن الهبة للزوجة المتمتع بها لازمة حتى لا يجوز للزوج الرجوع فيها.

أم جائزة حتى يجوز الرجوع فيها بعد أن صارت الهبة للزوجة الدائمة لازمة لخروجها عن الجواز الذي هو الاصل في الهبة غير -

ص: 64


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و تجري (1) أيضا فيما اذا شك في عقد خارجي أنه من مصاديق العقد اللازم، أو الجائز، بناء (2) على أن المرجع في الفرد المردد بين عنواني العام و المخصّص: إلى العموم.

و أما بناء على خلاف ذلك (3) فالواجب الرجوع عند الشك في اللزوم: الى الاصل: بمعنى استصحاب الاثر، و عدم زواله بمجرد فسخ احد المتعاقدين.

+++++++++++

- المعوضة، و لغير ذي رحم.

فهنا محل جريان تلك العمومات فنحكم بلزوم الهبة للزوجة المتمتع بها أيضا، فلا يجوز للزوج الرجوع فيها.

(1) اي العمومات المذكورة في الهامش 2 ص 56-57 تجري أيضا في الشبهات المصداقية.

كما اذا شك في عقد خارجي أنه من مصاديق اللزوم، أو الجواز فنحكم باللزوم، لجريان تلك العمومات.

(2) تعليل لجريان العمومات المذكورة في الشبهات المصداقية.

و خلاصته أن الحكم بالجريان مبني على أن المرجع و المآل في مثل هذا الفرد المشكوك المردد بين عنواني العام و المخصص: الى العموم.

(3) بأن لا يكون المرجع في الفرد المردد بين العنوانين هو العموم بل هو الاستصحاب اي استصحاب اثر العقد الذي هو اللزوم الحاصل بنفس العقد ثم بعد الرجوع نشك في زواله فنستصحب اللزوم و عدم زواله بمجرد فسخ احد المتعاقدين.

فاللزوم هنا ثابت بالاستصحاب، لا بالعمومات المذكورة.

ص: 65

إلا (1) أن يكون هنا اصل موضوعي يثبت العقد الجائز.

كما إذا شك في أن الواقع هبة، أو صدقة، فان الاصل عدم قصد القربة فيحكم بالهبة الجائزة.

لكن (2) الاستصحاب المذكور إنما ينفع في اثبات صفة اللزوم.

+++++++++++

(1) استثناء عما افاده: من أن اللزوم مستفاد من الاستصحاب في صورة عدم كون المرجع في الفرد المردد هو العموم.

و خلاصته أن يمكن القول بوجود اصل موضوعي يدخل العقد في العقود الجائزة و يخرجه عن موضوع العقود اللازمة ليصح للعاقد الرجوع فيما عقده.

خذ لذلك مثالا.

اعطى شخص شخصا آخر دينارا، و بعد الاعطاء شك في أنه هل كان العطاء هدية، ليصح له الرجوع فيها؟.

أو كان صدقة حتى لا يصح الرجوع فيها، لأنها قربة؟

و ما كان قربة لا يصح الرجوع فيه، لأن ما كان للّه عزّ و جلّ لا يرجع إليه.

فهنا يجري الاصل الموضوعي فنقول: إن الاصل في العطية أن يكون بنحو الهدية، لعدم احتياجها إلى قصد القربة الذي هي مئونة زائدة، و ليست العطية صدقة، لاحتياجها إلى مئونة زائدة و هي القربة.

فالعطية دخلت هنا في العقود الجائزة و خرجت عن اللازمة بسبب وجود الاصل الموضوعي.

(2) المقصود من هذا الاستدراك بيان الفارق.

بين ما إذا كان مستند أصالة اللزوم العمومات المذكورة. -

ص: 66

و أما تعيين العقد اللازم حتى يترتب عليه سائر آثار العقد اللازم.

كما (1) إذا اريد تعيين البيع عند الشك فيه، و في الهبة: فلا.

بل (2) يرجع في أثر كل عقد إلى ما يقتضيه الاصل بالنسبة إليه.

فاذا شك في اشتغال الذمة بالعوض حكم بالبراءة التي هي من آثار الهبة.

(3) و أما اذا شك في الضمان مع فساد العقد حكم بالضمان، لعموم:

+++++++++++

- و بين ما إذا كان مستندها الاستصحاب.

و الفارق هو أن العام بناء على حجيته في تمييز المصاديق في الشبهات المصداقية يفيد تعيين العقد اللازم أيضا.

بخلاف الاستصحاب، فانه لا يفيد سوى اثبات صفة اللزوم:

و هي الملكية. و عدم زوالها بمجرد الفسخ.

و أما تعيين العقد اللازم بحيث تترتب عليه سائر آثار العقد اللازم:

بأن يقال: إن المراد من العقد هو البيع، دون الهبة:

فلا يثبت بالاستصحاب، و إنما الثابت به طبيعي العقد الصادر.

هذا بناء على انحصار مستند أصالة اللزوم عند الشك في الشبهات المصداقية: في الاستصحاب.

(1) تمثيل لعدم دلالة الاستصحاب على تعيين العقد اللازم.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: و أما تعيين، (2) خلاصة هذا الكلام أنه إذا تردد عقد من أنه بيع، أو هبة عند الشك فيه:

فهنا تجري براءة الذمة بالنسبة إلى اشتغال الذمة بالعوض، لعدم العلم بوقوع العقد بيعا حتى يثبت العوض.

(3) خلاصة هذا الكلام أنه إذا كان العقد فاسدا و شك في ضمان -

ص: 67

على اليد إن كان هو المستند في الضمان في العقود الفاسدة.

و إن كان (1) المستند دخوله في ضمان العين.

أو قلنا بأن خروج الهبة من ذلك العموم مانع عن الرجوع إليه فيما احتمل كونه (2) مصداقا لها: كان الاصل البراءة أيضا

+++++++++++

- كل واحد من المتعاقدين.

فيحكم حينئذ بضمان كل واحد منهما فيما صار في يده، لشمول قاعدة: على اليد ما اخذت، لأن ثبوت اليد على مال الغير قطعي.

أما كونه بلا عوض فمشكوك فيه فتجري القاعدة المذكورة:

هذا إذا كان المستند في ضمان العقد الفاسد قاعدة:

(كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) المستفادة هذه القاعدة من قاعدة: على اليد.

(1) أي و أما إذا كان المستند في الضمان قاعدة:

من أقدم، و دخول كل من المتعاقدين في ضمان العين.

أو قلنا: إن خروج الهبة عن عموم على اليد ما اخذت مانع عن الرجوع إلى تلك القاعدة في الموارد التي يحتمل كون العقد مصداقا لتلك القاعدة:

فهنا يحكم أيضا ببراءة الذمة بالنسبة إلى ما في يده، لأن الاصل عدم إقدامه على الضمان، إذ القاعدة المذكورة بعد أن خصصت بالهبة ثم شك في عقد أنه هبة، أو بيع فالتمسك بقاعدة: على اليد، و الرجوع إليها يكون من الرجوع إلى العموم في الشبهات المصداقية و هو ممنوع.

بل في مثله لا بدّ من الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص.

(2) اي احتمل كون العقد مصداقا لتلك القاعدة كما عرفت.

ص: 68

القول في أقسام الخيار

اشارة

(القول في أقسام الخيار).

و هي كثيرة.

إلا أن أكثرها (1) متفرقة، و المجتمع منها (2) في كل كتاب سبعة.

و قد أنهاها (3) بعضهم إلى أزيد من ذلك.

حتى أن المذكور في اللمعة مجتمعا أربعة عشر (4)، مع (5) عدم ذكر لبعضها.

+++++++++++

(1) اي أكثر تلك الأقسام متفرقة في الكتب الفقهية الاستدلالية

(2) اي المجتمع من تلك الأقسام المتفرقة في كل كتاب فقهي استدلالي سبعة.

(3) اي و قد عدّ تلك الأقسام بعض الفقهاء و أنهاها إلى أزيد من سبعة.

(4) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 من ص 447 إلى ص 511.

(5) اي مع عدم ذكر الشهيد الاول قدس سره بعض الأقسام الاربعة عشر.

لا يخفى على القارئ النبيل أن شيخنا للشهيد عطر اللّه مرقده قد ذكر في المصدر جميع الأقسام الاربعة عشر و لم يترك واحدا منها.

أليك نصّ عبارته.

(الاول) خيار المجلس.

(الثاني) خيار الحيوان.

(الثالث) خيار الشرط. -

ص: 69

و نحن نقتفي اثر المقتصر على السبعة كالمحقق(1) و العلامة(2) قدس سرهما لأن ما عداها (1)

+++++++++++

(الرابع) خيار التأخير.

(الخامس) خيار ما يفسد ليومه.

(السادس) خيار الرؤية.

(السابع) خيار الغبن.

(الثامن) خيار العيب.

(التاسع) خيار التدليس.

(العاشر) خيار الاشتراط.

المراد منه هو تخلف الشرط الذي اشترطه المشتري، أو البائع ثم لا يسلّم له الشرط.

و أما خيار الشرط الذي سبق في الهامش 5 ص 69 فهو شرط الخيار اي شرط ثبوته ابتداء و إن لم يكن بموجب نقص، أو عيب.

(الحادي عشر) خيار الشركة.

(الثاني عشر) خيار تعذر التسليم.

(الثالث عشر) خيار تبعض الصفقة.

(الرابع عشر) خيار التفليس.

و أليك نص عبارة الشهيد الثاني في شرح عبارة الشهيد الاول قدس سرهما في آخر خيار التفليس في ص 511 في المصدر نفسه:

اذا وجد غريم المفلّس متاعه فانه يتخير بين اخذه مقدما على الغرماء.

(1) اي ما عدا الأقسام السبعة التي اقتصر عليها المحقق و العلامة قدس سرهما.

ص: 70


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لا يستحق عنوانا مستقلا، إذ (1) ليس له أحكام مغايرة لسائر أنواع الخيار.

فنقول و باللّه التوفيق.

الأول: في خيار المجلس
اشارة

(الاول): في خيار المجلس.

و المراد بالمجلس (2) مطلق مكان المتبايعين حين البيع.

و إنما (3) عبر بفرده الغالب.

+++++++++++

(1) تعليل للاقتصار على الأقسام السبعة التي اقتصر عليها المحقق و العلامة.

اي ليس لما عد السبعة الذي لا يستحق عنوانا مستقلا احكام في الكتب الفقهية.

(2) مقصود شيخنا الأنصاري قدس سره أنه لا اختصاص للمجلس.

في ثبوت الخيار، لأن هذا الخيار كما يتحقق في ضمن الجلوس.

كذلك يتحقق في ضمن القيام و المشي و الاضطجاع و غيرها.

فلا يكون هذا الخيار وليدا من الجلوس فقط، لأن المطلوب في هذا الخيار هو اجتماع المتبايعين على البيع بأقسامه بأي نحو حصل و في ضمن أي كيفية وجد.

فالهيئة الاجتماعية هي الدخيلة في المقام لا غير، و لذا قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

(3) (و هم و الجواب عنه).

و خلاصة الوهم أن الجلوس لو لم يكن من مختصات هذا الخيار و أنه وليد منه.

فلما ذا يضاف الخيار إلى المجلس؟ -

ص: 71

و اضافة (1) الخيار إليه، لاختصاصه و ارتفاعه بانقضائه الذي هو الافتراق.

و لا خلاف بين الامامية في ثبوت هذا الخيار (2)، و النصوص به (3) مستفيضة.

و الموثق (4) الحاكي لقول علي عليه الصلاة و السلام:

+++++++++++

- فيقال: خيار المجلس.

(الجواب) إن اضافة الخيار إلى المجلس بالنظر إلى تحقق غالب أفراد البيع في ضمن الجلوس خارجا.

و ليس للجلوس خصوصية في تحقق الخيار حتى يكون من مختصاته فالاضافة إليه بتلك المناسبة.

(1) يروم شيخنا الانصاري قدس سره بيان سبب تسمية هذا الخيار بخيار المجلس.

و خلاصة ما افاده قدس سره أن اضافته للمجلس لاجل اختصاص المجلس بهذا الخيار، لأن الخيار يرتفع بانقضاء المجلس، و هيئته الاجتماعية الحاصلة من المتبايعين بواسطة افتراقهما عن مطلق مكانهما و عن مطلق ما كانا عليه، سواء أ كانا جالسين أم قائمين أم مضطجعين.

فاذا ارتفعت تلك الهيئة الاجتماعية بالافتراق فقد انقضت مدة الخيار و سقطت، فلا يبقى حق للمتبايعين.

(2) اي خيار المجلس.

(3) اي الأحاديث الواردة في ثبوت خيار المجلس كثيرة.

و قد ذكرنا شطرا منها في الهامش 1 ص 56 فلا نعيدها عليك.

(4) دفع وهم. -

ص: 72

اذا صفق الرجل على البيع فقد وجب و إن لم يفترقا (1).

مطروح (2)، أو مأوّل.

و لا فرق (3) بين أقسام البيع، و أنواع المبيع.

نعم سيجيء استثناء بعض أشخاص المبيع كالمعتق على المشتري.

و تنقيح مباحث هذا الخيار و مسقطاته يحصل برسم مسائل:
اشارة

و تنقيح مباحث هذا الخيار (4)

+++++++++++

- حاصل الوهم أنه قد ورد في الحديث الموثق عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام:

اذا صفق الرجل على البيع فقد وجب و إن لم يفترقا.

فالموثقة هذه مخالفة للنصوص المتقدمة المشار إليها في الهامش 1 ص 56 الدالة على بقاء الخيار للمتبايعين ما داما جالسين و لم يفترقا.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 347 الباب 1 الحديث 7.

(2) جواب عن الوهم.

حاصله أن الموثقة المذكورة لا تحلو من احد امرين:

إما مطروح اي يصرف النظر عنها و لا يعمل بها.

و إما مأوّل: بأن يقال:

إن المراد من الوجوب في قوله عليه الصلاة و السلام:

وجب البيع هو الثبوت، لا اللزوم.

(3) مقصوده قدس سره أن خيار المجلس ثابت في جميع أقسام البيع من دون اختصاصه بفرد منها.

و كذلك ثابت في جميع أنواع المبيع من أي نوع كان.

(4) اي خيار المجلس.

ص: 73

و مسقطاته يحصل برسم مسائل (1).

مسائل في خيار المجلس
مسألة: لا إشكال في ثبوته للمتبايعين اذا كانا أصيلين.
اشارة

(مسألة) (2):

لا إشكال في ثبوته (3) للمتبايعين اذا كانا اصيلين.

و لا (4) في ثبوته للموكلين في الجملة.(1)

و هل يثبت لهما (5) مطلقا؟.

خلاف.

قال في التذكرة:

لو اشترى الوكيل، أو باع، أو تعاقد الوكيلان تعلق الخيار بهما (6)

+++++++++++

(1) و هي خمسة يذكرها شيخنا الانصاري قدس سره مترتبة كل واحدة منها تلو الاخرى.

و نحن نشير الى كل واحدة منها عند رقمها الخاص.

(2) اي المسألة الاولى من المسائل الخمس المثبتة لخيار المجلس.

(3) اي في ثبوت خيار المجلس اذا كان المتعاقدان اصيلين:

بأن كانا مباشرين لاجراء العقد بشخصهما.

(4) اي و كذلك لا إشكال في ثبوت هذا الخيار للوكيلين.

في الجملة اذا كانا وكيلين مفوضين في البيع و الشراء.

(5) اي و هل يثبت خيار المجلس للوكيلين مطلقا؟.

اي سواء أ كانا مفوضين في البيع و الشراء، و القبض و الاقباض.

و يعبر عن مثل هذا الوكيل ب: (الوكيل المفوض).

أم كانا وكيلين في إجراء الصيغة فقط؟.

(6) اي بالوكيلين.

ص: 74


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و بالموكلين (1)، مع حضورهما في المجلس، و إلا (2) فبالوكيلين.

فلو مات الوكيل في المجلس و الموكل غائب انتقل الخيار إليه (3) لان (4) ملكه أقوى من ملك الوارث.

و للشافعية قولان (5)(1)

(احدهما): أنه (6) يتعلق بالموكل.

(و الآخر): أنه (7) يتعلق بالوكيل، انتهى (8):

أقسام الوكيل
1 - أن يكون وكيلا في مجرد إجراء العقد

(اقول (9): و الأولى أن يقال: إن الوكيل إن كان وكيلا

+++++++++++

(1) اي و بالموكلين أيضا اذا كانا حاضرين في المجلس.

(2) اي و إن لم يحضر الموكلان في المجلس فالخيار يتعلق بالوكيلين فقط، دون الموكلين.

(3) اي الى الموكل، لأن تملكه للخيار أقوى من تملك وارث الوكيل للخيار، لأن انتقال الخيار الى وارث الوكيل على فرض القول به إنما هو بموت الوكيل: فانتقاله الى الموكل مع وجوده، و موت الوكيل أولى من انتقاله الى وارث الوكيل.

(4) تعليل للانتقال المذكور و قد عرفته في الهامش 3 من هذه الصفحة:

(5) اي في صورة موت الوكيل و الموكل حيّ موجود.

(6) اي خيار المجلس.

(7) اي خيار المجلس.

(8) اي ما افاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 321.

عند قوله: الخامس عشر: لو اشترى.

(9) هذه نظرية شيخنا الانصاري قدس سره حول ثبوت الخيار -

ص: 75


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

في مجرد اجراء العقد: فالظاهر عدم ثبوت الخيار لهما (1). وفاقا لجماعة.

منهم المحقق و الشهيد الثانيان(1) لأن (2) المتبادر من النص غيرهما و إن (3) عممناه لبعض أفراد الوكيل و لم نقل بما قيل، تبعا (4)

+++++++++++

- للوكيلين أو عدمه لهما.

(1) اي للوكيلين اذا كانا مجريين صيغة العقد فقط.

(2) تعليل لعدم ثبوت خيار المجلس للوكيلين اذا كان لمجرد إجراء الصيغة.

و خلاصته أن المتبادر من النص الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

البيّعان بالخيار هو المالك و صاحب المال، لدلالة كلمة: البيّعان على ذلك، بل هي صريحة في المالك.

و من الواضح أن الوكيل لاجراء صيغة العقد فقط ليس بمالك حتى يثبت له الخيار، فلا يشمله النص المذكور.

(3) إن هنا وصلية و ليست بشرطية.

و خلاصة المعنى هنا أنه و إن عممنا الخيار و قلنا بجريانه في الوكيل المفوّض في البيع و الشراء، و المستقل في القبض و الإقباض، و أن مثل هذا الوكيل يثبت له الخيار.

و لم نقل بمقالة من يقول: إن الخيار منصرف بحكم الغلبة إلى خصوص المالك العاقد، و ينكر سريانه في الوكيل المفوض.

لكن مع ذلك لا يجري الخيار في الوكيل المجري صيغة العقد فقط.

(4) كلمة تبعا منصوبة على الحالية(2) اي القائل بعدم جريان الخيار حتى في الوكيل المفوض المستقل تبع صاحب جامع المقاصد قدس سره.

ص: 76


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لجامع المقاصد: بانصرافه (1) بحكم الغلبة إلى خصوص العاقد المالك.

مضافا (2) إلى أن مفاد أدلة الخيار اثبات حق و سلطنة لكل من المتعاقدين على ما انتقل إلى الآخر بعد الفراغ عن تسلطه على ما انتقل إليه، فلا يثبت بها (3) هذا التسلط لو لم يكن مفروغا عنه في الخارج.

ألا (4) ترى أنه لو شك المشتري في كون المبيع ممن ينعتق عليه لقرابة، أو يجب صرفه لنفقة، أو اعتاقه لنذر.

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: بما قيل اي ما قيل عبارة عن انصراف الخيار الى المالك العاقد بحكم الغلبة.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 74 عند قولنا: إن الخيار منصرف.

(2) هذا ترق من الشيخ الانصاري قدس سره يروم به تأييد ما افاده: من عدم خيار للوكيل المجري صيغة العقد فقط.

و خلاصته أن مقتضى أدلة الخيار و هي الأحاديث المشار إليها في الهامش 1 ص 56 اثبات الخيار في الموارد التي يكون المتعاقدان مسلطين على العوض المنتقل إليه، ليتمكنا من نقلهما اياه إلى الآخر.

و من الواضح أن الوكيل لاجراء الصيغة فقط ليس له هذا التصرف لأن امر المال ليس بيده و تحت تصرفه حتى يكون مسلطا عليه، ليفعل به ما يشاء.

فالتسلط على المال لا يكون مفروغا عنه في الخارج.

فكيف يمكن اثبات التصرف لمثل هذا الوكيل بتلك الأدلة ليثبت له الخيار؟.

(3) اي بتلك الأدلة المشار إليها في الهامش 1 ص 56.

(4) استشهاد ثان من شيخنا الانصاري تأييدا لما افاده: من عدم -

ص: 77

فلا يمكن الحكم بعدم وجوبه (1) لأدلة الخيار: بزعم (2) اثباتها للخيار، المستلزم (3) لجواز رده (4) على البائع، و عدم وجوب عتقه.

هذا (5).

+++++++++++

- خيار للوكيل المجرد لاجراء الصيغة، لعدم ثبوته بتلك الأدلة المشار إليها في الهامش 1 ص 56.

خلاصته أن المشتري لو شك في كون المبيع ممن يعتق عليه، لقرابة بينهما كما اذا كان احد عموديه.

أو يجب صرفه ببيعه لنفقة.

أو يجب عتقه بنذر.

ففي هذه الموارد لا يمكن الحكم بعدم وجوب العتق، أو عدم وجوب الصرف، أو عدم وجوب عنقه بحجة وجود أدلة الخيار المشار إليها في الهامش 1 ص 56 بزعم المشتري أن تلك الأدلة مثبتة للخيار المستلزم هذا الخيار لردّ المبيع الى البائع، المستلزم هذا الرد لعدم وجوب عنقه: و عدم وجوب بيعه، لصرف ثمنه في نفقة.

(1) اي بعدم وجوب المبيع ممن يعتق عليه كما عرفت آنفا.

(2) اي بزعم المشتري كما عرفت آنفا.

(3) بالجر صفة لكلمة الخيار كما عرفت.

(4) المصدر مضاف إلى المفعول: و هو المبيع، و الفاعل و هو المشتري محذوف اي لجواز ردّ المشتري المبيع إلى البائع.

(5) اي خذ ما تلوناه عليك حول عدم الخيار للوكيل المجري صيغة العقد فقط.

ص: 78

مضافا (1) الى ملاحظة بعض أخبار هذا الخيار المقرون فيه (2)

+++++++++++

(1) ترق آخر من شيخنا الانصاري حول عدم خيار للوكيل المجرد لاجراء صيغة العقد.

و خلاصته أن لنا بالإضافة الى ما ذكرناه من الأدلة:

دليل آخر على عدم وجود الخيار للوكيل المجرد لاجراء الصيغة.

و الدليل هو بعض الأخبار المذكورة في الخيار:

و هي صحيحة محمد بن مسلم رضوان اللّه عليه في قوله عليه السلام:

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان.

و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الحديث 1.

فالشاهد في جمع الامام عليه السلام بين الخيارين:

خيار المجلس و خيار الحيوان الذي يخص المشتري: و هو المالك للعاقد.

فهذه الصحيحة دالة على انحصار الخيار للمالك العاقد، و لا تشمل الوكيل المجري صيغة العقد فقط.

فالمقارنة بين الخيارين كاشفة أن(1) المتبايعان المراد من قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا: هو المالك العاقد لاختصاص كلمة المتبايعان به لا غير.

و لا يخفى عليك أن الاستدلال بالصحيحة على أن المراد من كلمة المتبايعان هو المالك العاقد: مبني على حمل بيع حيوان بحيوان، ليثبت الخيار للبائع، و إلا لم يثبت له، و لو لا هذا الحمل لم يثبت خيار للبائع، لاختصاصه بالمشتري.

(2) اي في بعض أخبار الخيار و هي صحيحة محمد بن مسلم كما عرفت.

ص: 79


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بينه (1)، و بين خيار الحيوان الذي لا يرضى الفقيه بالتزام ثبوته (2) للوكيل في اجراء الصيغة، فان المقام (3) و إن لم يكن من تعارض المطلق و المقيد.

+++++++++++

(1) اي بين خيار المجلس، و خيار الحيوان.

و قد عرفت المقارنة في الهامش 1 ص 79 عند قولنا: فالشاهد.

(2) اي ثبوت الخيار كما عرفت آنفا.

(3) و هو الجمع بين خيار المجلس، و خيار الحيوان.

كما في صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في الهامش 1 ص 79.

خلاصة هذا الكلام أن المقام و إن لم يكن من باب تعارض المطلق و المقيد، لأن حمل المطلق على المقيد عند تعارضهما إنما يكون في الدليلين المتنافيين: من حيث السلب و الايجاب، و النفي و الاثبات كما في قولك:

اكرم العلماء، و لا تكرم الفساق منهم.

و ما نحن فيه: و هو الجمع بين الخيارين ليس كذلك، لأن دليل خيار المجلس، و دليل خيار الحيوان كليهما مثبتان للخيار، اذ دليل خيار المجلس اثبات الخيار للمتبايعين.

و دليل خيار الحيوان اثبات الخيار للمالك العاقد أيضا الذي هو المشتري.

فهما من قبيل قولك: اكرم العلماء، اكرم الشعراء: في أن كليهما مثبتان للاكرام.

و من الواضح أن في مثلهما لا يحمل المطلق على المقيد.

لكن سياق الجمع بين الخيارين في الصحيحة المذكورة. دليل واضح على اتحاد المراد من كلمة المتبايعان في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم(1)

ص: 80


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

إلاّ أن سياق الجميع يشهد باتحاد المراد من لفظ المتبايعين(1)

مع (1) أن ملاحظة حكمة الخيار تبعّد ثبوته للوكيل المذكور.

مضافا (2) الى أدلة سائر الخيارات

+++++++++++

- البيعان بالخيار ما لم يفترقا المشار إليه في الهامش 1 ص 56.

و المتبايعان في صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في الهامش 1 ص 79، حيث يراد من تلك الكلمتين.

المالك العاقد و إن كانت كلمة البيعان في الحديث النبوي مطلقة تشمل حتى الوكيل المجري صيغة العقد فقط.

لكن الجمع بين الخيارين في الصحيحة المذكورة، مع اختصاص خيار الحيوان بالمالك العاقد: دليل واضح على اتحاد المراد من الكلمتين: البيعان - المتبايعان.

(1) تأييد آخر من شيخنا الانصاري لما افاده: من عدم خيار للوكيل المجري صيغة العقد فقط.

و خلاصته أن الحكمة من جعل الخيار هو الارفاق بالمالك، ليتروى و بتفكر كل واحد من المتعاقدين المالكين فيما باع و اشترى، ليدفعا عنهما الغبن إذا كان موجودا في الثمن أو المثمن حتى لا يتوجه نحوهما ضرر فيما تعاملا عليه.

و هذه الحكمة تبعّد ثبوت الخيار للوكيل المجري صيغة العقد.

(2) اي و لنا بالإضافة إلى ما ذكرناه من الأدلة على عدم خيار للوكيل المجري صيغة العقد فقط:

دليل آخر: و هي أدلة سائر الخيارات:

من خيار الحيوان، و خيار الشرط، و خيار الغبن، و خيار العيب -

ص: 81


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فان القول بثبوتها (1) لموقع الصيغة لا ينبغي من الفقيه.

و الظاهر (2) عدم دخوله في اطلاق العبارة المتقدمة عن التذكرة فان (3) الظاهر من قوله: اشترى الوكيل، أو باع:

تصرف الوكيل بالبيع و الشراء، لا مجرد ايقاع الصيغة.

و من جميع ذلك (4) يظهر ضعف القول

+++++++++++

- و خيار التأخير، فان هذه الخيارات باجمعها لم تثبت للوكيل المذكور خيارا، و القول بثبوتها لمثل هذا الوكيل لا ينبغي صدوره من الفقيه.

(1) اي بثبوت الخيارات المذكورة في الهامش 2 ص 81 كما عرفت.

(2) يروم شيخنا الانصاري (قدس سره) أن يدفع ما يوهم دخول الوكيل المجري صيغة العقد في عبارة العلامة (قدس سره) المذكورة في التذكرة فقال:

و الظاهر عدم دخول مثل هذا الوكيل في عبارة التذكرة المتقدمة في ص 74 بقوله: قال في التذكرة:

لو اشترى الوكيل، أو باع، أو تعاقد الوكيلان تعلق الخيار بهما و بالوكيلين.

(3) تعليل لعدم الدخول.

و خلاصته أن المراد من الوكيل هنا هو الوكيل المفوض و المستقل في البيع و الشراء، و القبض و الاقباض.

و ليس المراد منه الوكيل في اجراء صيغة العقد فقط.

(4) اي و من جميع ما ذكرناه لك من الأدلة المتقدمة في المسألة الاولى في ص 77 حول عدم خيار للوكيل المجري صيغة العقد فقط:

ظهر لك ضعف قول من ذهب إلى ثبوت خيار المجلس للوكيلين -

ص: 82

بثبوته للوكيلين المذكورين كما هو (1) ظاهر الحدائق(1)

و أضعف منه (2) تعميم الحكم بصورة منع الموكل من الفسخ: بزعم أن الخيار حق ثابت للعاقد بمجرد اجرائه العقد.

فلا يبطل (3) بمنع الموكل.

و على المختار (4).

فهل يثبت للموكلين؟(2)

+++++++++++

- المذكورين: و هما وكيل البائع، و وكيل المشتري إذا كانا وكيلين لاجراء صيغة العقد فقط.

(1) اي ثبوت خيار المجلس للوكيلين المجريين صيغة العقد فقط هو ظاهر عبارة صاحب الحدائق قدس سره.

(2) اي و أضعف مما افاده صاحب الحدائق ما افاده بعض الفقهاء.

من ثبوت الخيار للوكيلين المذكورين و إن منعهما الموكل عن الفسخ فان هذا القائل اخذ في الإفراط.

كما اخذ صاحب الحدائق في التفريط(3)

(3) الفاء تفريع على ما افاده بعض الفقهاء: من ثبوت خيار المجلس للوكيلين المجريين صيغة العقد فقط و إن منعهما الموكل عن فسخ العقد أي ففي ضوء ما ذكره القائل فلا يبطل الحق الثابت و هو الخيار:

بمنع الموكل الوكيلين عن الفسخ.

(4) اي و على ما اخترناه: و هو عدم ثبوت خيار المجلس للوكيلين المذكورين.

فهل يثبت خيار المجلس للموكلين في صورة منعهما الوكيلين عن الفسخ أم لا يثبت؟.

ص: 83


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فيه (1) إشكال.

من (2) أن الظاهر من البيعين في النص المتعاقدان، فلا يعم الموكلين.

و ذكروا (3) أنه لو حلف على عدم البيع لم يحنث ببيع وكيله.

و من (4) أن الوكيلين فيما نحن فيه كالآلة للمالكين.

و نسبة (5) الفعل إليهما شائعة(1) و لذا (6) لا يتبادر من قوله:

+++++++++++

(1) اي في هذا الثبوت إشكال.

(2) دليل لعدم ثبوت خيار المجلس لهما.

(3) اي الفقهاء رضوان اللّه عليهم ذكروا أن الموكّل لو حلف على عدم بيع متاعه فباعه الوكيل.

لم يكن الموكل حانثا ليمينه.

(4) دليل لثبوت خيار المجلس للموكلين المذكورين.

أي و من أن الوكيلين فيما نحن فيه: و هو وكالتهما في إجراء صيغة العقد فقط كالآلة للموكلين: في عدم استقلالهما.

(5) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه إذا كان الوكيلان المذكوران كالآلة.

فلما ذا ينسب الفعل إليهما و يقال: باع الوكيلان؟.

فاجاب بأن مثل هذه النسبة شائعة بين الأعراف بكثرة، من دون لزوم محذور، و لو صدرت صيغة البيع من الوكيل.

(6) اي و لاجل كثرة مثل هذه النسبة و شياعها فلا يتبادر من قولك: باع فلان داره، أو مزرعته، أو متاعه:

أنه كان مباشرا للصيغة.

ص: 84


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

باع فلان ملكه الكذائي: كونه مباشرا للصيغة.

و عدم (1) الحنث بمجرد التوكيل في اجراء الصيغة ممنوع.

فالأقوى ثبوته (2) لهما، و لكن مع حضورهما في مجلس العقد.

و المراد به (3) مجلسهما المضاف عرفا إلى العقد.

فلو جلس هذا (4) في مكان، و ذاك (5) في مكان آخر فاطلعا على عقد الوكيلين: فمجرد ذلك (6) لا يوجب الخيار لهما.

إلا اذا صدق كون مكانيهما (7) مجلسا لذلك العقد: بحيث يكون الوكيلان كلساني الموكلين.

و العبرة (8) بافتراق الموكلين عن هذا المجلس، لا بالوكيلين.

+++++++++++

(1) رد على القائل بعدم حصول الحنث للموكلين لو حلفا على عدم البيع ثم باع وكيلاهما اي و عدم الحنث بمجرد التوكيل في إجراء الصيغة ممنوع.

(2) اي ثبوت خيار المجلس للموكلين و إن كان مجري الصيغة للعقد الوكيلين و إن منعهما الموكلان عن الفسخ(1)

لكن الثبوت مشروط بحضور الموكلين في مجلس العقد.

(3) اي بمجلس العقد.

(4) اي احد الموكّلين الذي هو البائع، أو المشتري.

(5) اي الموكّل الآخر الذي هو البائع، أو المشتري.

(6) اي مجرد جلوس احد الموكلين في مكان، و الآخر في مكان آخر لا يوجب الخيار للموكلين.

(7) اي مكان الموكّلين.

(8) اي الاعتبار في الافتراق بعد ثبوت الخيار للموكلين بافتراق -

ص: 85


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

هذا (1) كله إن كان وكيلا في مجرد اجراء العقد.

2 - أن يكون وكيلا مستقلا في التصرف المالي

و إن كان وكيلا في التصرف المالي كأكثر الوكلاء.

فان كان مستقلا في التصرف في مال الموكل: بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها.

نظير العامل في القراض (2)، و أولياء القاصرين.

+++++++++++

- الموكلين عن مجلس العقد.

و ليس الاعتبار في الافتراق بافتراق الوكيلين.

(1) اي ما تلوناه عليك حول ثبوت الخيار و عدمه للوكيل.

اذا كان وكيلا في مجرد اجراء الصيغة.

(2) بكسر القاف مصدر باب المفاعلة من قارض يقارض مقارضة معناه في المال المضاربة اي ضاربه في المال اي دفع صاحب المال مبلغا معينا لشخص معين ليكتسب به على أن تكون لهذا العامل حصة معينة من الأرباح الحاصلة من المال المكلف به حسب المعاهدة فيما بينهما: من الربع، أو الثلث، أو النصف مثلا.

و يسمّى هذا النوع من الاكتساب عند اهل الحجاز ب: (قراض).

و هو مشتق من القرض بمعنى القطع.

يقال: قرض الشيء اي قطعه، حيث إن صاحب المال يقتطع من ماله مقدارا و يسلّمه الى العامل، ليتجر به.

أو يقتطع المالك من الأرباح الحاصلة من المال المكتسب به قطعة للعامل تجاه عمله.

أو مشتقة من المقارضة: و هي المساواة.

و بهذا المعنى و رد قول القائل. -

ص: 86

فالظاهر ثبوت الخيار له (1)، لعموم النص (2).

و دعوى (3) تبادر المالكين ممنوعة (4)، خصوصا اذا استندت إلى الغلبة، فان معاملة الوكلاء و الأولياء لا تحصى.

+++++++++++

- قارض الناس ما قارضوك، فان تركتهم لم يتركوك.

اي ساوهم في الامور ما داموا ساووك فيها:

من الحركات و السكنات و العادات، فانك إن تركت عاداتهم و اعتزلتهم فالناس لا يتركونك و شأنك.

راجع حول كلمة القراض.

(اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة - الجزء 4 ص 211.

(1) اي لهذا الوكيل المستقل في التصرف في مال الموكل.

(2) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فان الظاهر من كلمة البيعان كل من كان بيده البيع حدوثا و بقاء، من غير فرق بين أن يكون البائع هو المالك العاقد.

أو العاقد المفوض إليه امر المعاملة و المعاوضة.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه لو ادّعي أن المتبادر من كلمة البيعان من النص المذكور هو المالك، لا العاقد المفوض إليه امر المعاوضة و التبادر علامة الحقيقة، فالخيار غير ثابت لمثل هذا الوكيل المستقل في التصرف.

(4) اي الدعوى المذكورة ممنوعة، و لا سيما إذا كان مدركها الغلبة، لامتناع الغلبة صغرى و كبرى.

أما صغرى فلعدم غلبة الأفراد فيها، لأن معاملة الوكلاء -

ص: 87

و هل يثبت للموكلين أيضا مع حضورهما كما تقدم عن التذكرة (1)؟.

إشكال:

من (2) تبادر المتعاقدين من النص.

و قد تقدم (3) عدم حنث الحالف على ترك البيع ببيع وكيله.

و من (4) أن المستفاد من أدلة سائر الخيارات، و خيار الحيوان

+++++++++++

- و الأولياء في الخارج لا تحصى كثرة.

و أما كبرى فلعدم موجبية غلبة الأفراد للانصراف، لأنه لا بدّ في الغلبة من كثرة الاستعمال، و انس الذهن بها.

و من الواضح فقدان كليهما فيما نحن فيه.

و قد اسهبنا الكلام في منشأ هذه الغلبة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 1 من ص 139 الى ص 142.

(1) راجع ص 75 عند نقل شيخنا الانصاري قدس سره عنها بقوله:

و بالموكلين مع حضورهما في المجلس.

(2) دليل لعدم ثبوت خيار للموكلين و إن كانا حاضرين في المجلس.

أما وجه عدم الثبوت فلأن المتبادر من النص المشار إليه في ص 56-80 هو ثبوت الخيار لمن بيده امر عقد البيع.

و المفروض أن ذلك هو الوكيل، لا الموكلان، لعدم صدق التبايع عليهما.

(3) في ص 84 عند قوله (قدس سره): و قد ذكروا أنه لو حلف.

(4) دليل لثبوت الخيار للموكلين اذا كانا حاضرين في المجلس.

ص: 88

المقرون بهذا الخيار (1) في بعض النصوص (2):

كون الخيار حقا لصاحب المال شرعا، ارفاقا له.

و أن ثبوته (3) للوكيل، لكونه نائبا عنه يستلزم ثبوته للمنوب عنه.

إلا (4) أن يدعى مدخلية المباشرة للعقد فلا يثبت لغير المباشر.

و لكن الوجه الاخير (5) لا يخلو عن قوة.

و حينئذ (6) فقد يتحقق في عقد واحد الخيار لأشخاص كثيرين من طرف واحد، أو من الطرفين.

+++++++++++

(1) و هو خيار المجلس.

(2) و هي صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 80، حيث جمع الامام عليه السلام فيها بين خيار المجلس، و خيار الحيوان.

(3) اي ثبوت الخيار للوكيل مستلزم لثبوته للمنوب عنه: و هو الموكل، لأنه اذا ثبت الخيار للوكيل النائب عن الموكل.

فبطريق أولى يثبت للموكل.

(4) استثناء عما افاده قدس سره: من ثبوت الخيار للموكل بطريق أولى بالملازمة المذكورة في هذه الصفحة.

و خلاصة هذه الدعوى أنه لو قيل بمدخلية مباشرة شخص العاقد في العقد فلا مجال لثبوت الخيار للمنوب عنه: و هو الموكل، لعدم المباشرة منه في اجراء صيغة العقد.

إذا ينحصر الخيار في الوكيل المجري صيغة العقد فقط.

(5) و هو ثبوت الخيار للموكلين اذا كانا حاضرين في المجلس:

(6) اي و حين أن قلنا: إن خيار المجلس للموكلين الحاضرين في المجلس فقد يتحقق الخيار لأشخاص كثيرين في عقد واحد. -

ص: 89

فكل من سبق من اهل الطرف الواحد الى إعماله (1) نفذ و سقط خيار الباقين بلزوم العقد، أو بانفساخه.

و ليس (2) المقام من تقديم الفاسخ على المجيز،

+++++++++++

- كما اذا و كل محمد عليا في التصرف في ماله مستقلا، أعمّ من أن يكون مباشرا في التصرف.

أو يكون له حق التوكيل و التخويل للآخر: بأن يوكل شخصا آخر في التصرف في المال الذي خوّل إليه من قبل الموكل الاول و كان هذا التوكيل و التخويل بنحو الاستقلال في مال موكله الخاص فباع الوكيل الثاني المال في مجلس العقد، و كان الموكل الاول و الموكل الثاني الذي كان وكيلا مخولا عن الموكل الاول، و الوكيل الثاني الذي كان وكيلا عن الموكل الثاني حاضرين في مجلس العقد، ثم اجرى العقد الوكيل الثاني.

فهنا يثبت الخيار لكل من الثلاثة:

الموكل الاول، و الموكل الثاني، و الوكيل عن الموكل الثاني.

(1) اي إعمال الخيار و الاستفادة منه.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه.

لما ذا يقدم الامضاء على الفسخ فيما اذا سبق واحد من اهل الطرف الواحد الذي له الخيار فقط، و لا يقدم الفسخ على الامضاء، ليحكم بسقوط خيار الآخرين؟.

كما هو المفروض في مسألة الفسخ و الاجازة، حيث يقدم الفسخ على الاجازة و إن تأخر الفسخ عنها.

ص: 90

فان (1) تلك المسألة فيما اذا ثبت للجانبين، و هذا فرض من جانب واحد.

ثم على المختار (2): من ثبوته للموكلين.

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته أن ما نحن فيه ليس من باب تقديم الفاسخ على المجيز لأن ذلك فيما اذا كان للطرفين و هما: الموجب و القابل خيار مستقل بحيث لا ربط لأحدهما بالآخر.

كما في بيع حيوان بحيوان، فان لكل من المتبايعين خيارا مستقلا فلو فسخ احدهما و اجاز الآخر قدم الفسخ على الاجازة و إن تأخر الفسخ عن الامضاء.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 449 عند قول الشهيد الاول قدس سره (و لو فسخ احدهما و اجاز الآخر قدم الفاسخ) و إن تأخر عن الاجازة.

بخلاف ما نحن فيه، فان الخيار هنا لجانب واحد لا غير.

فلو امضى احدهما سقط خيار الآخر بلزوم العقد.

(2) خلاصة هذا الكلام أنه بناء على ما اختاره شيخنا الانصاري قدس سره: من ثبوت الخيار للموكلين اذا كانا حاضرين في مجلس العقد عند قوله في ص 89: و لكن الوجه الاخير لا يخلو من قوة.

فهل الملاك في سقوط الخيار من الطرفين هو تفرق الموكلين عن مجلسهما الذي حضرا فيه حال العقد؟.

أو عن مجلس العقد و إن لم يحضرا فيه؟.

أو المناط في السقوط هو تفرق المتعاقدين، لا الموكلين؟.

أو الاعتبار في السقوط هو تفرق الجميع: من الموكلين و المتعاقدين؟. -

ص: 91

فهل العبرة فيه (1) بتفرقهما عن مجلسهما حال العقد؟

أو عن مجلس العقد؟.

أو بتفريق المتعاقدين؟.

أو بتفرق الكل؟.

فيكفي (2) بقاء اصيل مع وكيل آخر في مجلس العقد؟.

وجوه أقواها (3) الاخير؟،

3 - أن لا يكون مستقلا في التصرف

و إن لم يكن (4) مستقلا في التصرف في مال الموكل قبل العقد و بعده.

+++++++++++

- افاد قدس سره أن هنا وجوها و أقوالا.

أقوى تلك الوجوه و الأقوال هو الاخير:

و هو تفرق الكل: من الموكلين و المتعاقدين، لأنه بحصول هذا التفرق يسقط الخيار بتا و قطعا.

(1) اي في هذا الخيار كما عرفت آنفا.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الاعتبار في سقوط الخيار من الطرفين هو تفرق الكل: من الموكلين و المتعاقدين.

أي ففي ضوء ما ذكرنا يكفي في ثبوت هذا الخيار من بقاء اصيل واحد مع وجود وكيل عن الاصيل الآخر، لعدم تفرق الجميع الذي هو الملاك في السقوط.

(3) اي أقوى الوجوه و الأقوال هو القول الاخير:

و هو تفرق الكل و الجميع.

(4) اي الوكيل، هذا مبنى آخر غير مبنى الاول.

و خلاصة هذا الكلام أن الوكيل لو كان وكيلا في التصرف -

ص: 92

بل كان وكيلا في التصرف على وجه المعاوضة.

كما إذا قال له: اشتر لي عبدا.

فالظاهر حينئذ (1) عدم الخيار للوكيل.

لا (2) لانصراف الاطلاق إلى غير ذلك.

بل (3) لما ذكرنا في القسم الاول:

من (4) أن اطلاق أدلة الخيار مسوق لافادة سلطنة كل من العاقدين

+++++++++++

- في المال على نحو المعاوضة فقط ثم تم العقد.

فقد اصبح الوكيل حينئذ اجنبيا عن مال الموكل، و حكمه حكم الأشخاص الأجانب.

كما لو قال الموكل للوكيل: اشتر لي عبدا فاشتراه فبعد الشراء اصبح هذا الوكيل كبقية الأشخاص الأجانب الذين ليس لهم السلطنة على أموال الناس.

فليس لهذا الوكيل بعد الشراء حق التصرف في العبد بأي نحو من الأنحاء.

(1) اي حين أن كان الوكيل وكيلا في تصرف المال على وجه المعاوضة.

(2) اي عدم ثبوت الخيار لمثل هذا الوكيل الذي هو وكيل في التصرف المالي على وجه المعاوضة: ليس لاجل انصراف أدلة الخيار إلى غير هذا الوكيل.

(3) اي عدم الثبوت لاجل ما ذكرناه في القسم الاول من الوكيل:

و هو الوكيل لاجراء صيغة العقد في ص 75 بقوله: اقول: و الأولى

(4) كلمة من بيانية لقوله: لما ذكرنا في القسم الاول. -

ص: 93

على ما نقله عنه بعد الفراغ عن تمكنه من ردّ ما انتقل إليه.

فلا تنهض (1) لاثبات هذا التمكن عند الشك فيه (2).

و لا (3) لتخصيص ما دل على سلطنة الموكل على ما انتقل إليه المستلزمة لعدم جواز تصرف الوكيل فيه بردّه الى مالكه الاصلي.

و في ثبوته (4) للموكلين ما تقدم.

+++++++++++

- و ما ذكره هو قوله في ص 77: مضافا إلى أن مفاد أدلة الخيار.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن عدم ثبوت الخيار لمثل هذا الوكيل لاجل ما ذكرناه في القسم الاول من الوكيل، لا لاجل انصراف أدلة الخيار إلى غير هذا الوكيل، اي ففي ضوء ما ذكرناه فلا تقاوم أدلة الخيار المشار إليها في الهامش 1 ص 56 لاثبات مثل هذه السلطنة لمثل هذا الوكيل عند الشك في التمكن من السلطنة.

(2) اي في التمكن من السلطنة على ما انتقل الى الموكل.

كما افاده الشيخ الانصاري قدس سره بقوله في ص 77:

فلا يثبت بها هذا التسلط لو لم يكن مفروغا عنه في الخارج.

(3) أي و كذا ليس عدم ثبوت الخيار لمثل هذا الوكيل لاجل اختصاص السلطنة على ما انتقل إلى الموكل بعد العقد دون الوكيل، المستلزمة هذه السلطنة لعدم جواز تصرف الوكيل فيما انتقل الى الموكل بردّه الى مالكه الاصلي.

بل السر في عدم ثبوت الخيار للوكيل المذكور ما ذكرناه في الهامش 1 ص 77 بقولنا: مضافا الى أن مفاد أدلة الخيار.

(4) أي و في ثبوت خيار المجلس للموكلين في كون الوكيل وكيلا في التصرف المالي على وجه المعاوضة فقط: -

ص: 94

و الأقوى (1) اعتبار الافتراق عن مجلس العقد.

كما عرفت في سابقه

هل للموكل تفويض حق الخيار إلى الوكيل؟

ثم هل للموكل بناء على ثبوت الخيار له تفويض الامر الى الوكيل بحيث يصير ذا حق خياري؟.

الأقوى العدم (2)، لأن (3) المتيقن من الدليل ثبوت الخيار للعاقد في صورة القول به عند العقد.

لا (4) لحوقه له بعده.

نعم يمكن توكيله (5) في الفسخ، أو في مطلق التصرف فسخا، أو التزاما.

+++++++++++

- مبنيّ على ما تقدم عنه قدس سره في ص 85 بقوله: فالأقوى ثبوته لهما.

(1) اي الأقوى في صورة ثبوت الخيار للموكلين افتراقهما اذا كان الوكيل وكيلا في التصرف المالي على وجه المعاوضة: عن مجلس العقد.

كما افاده قدس سره في ص 92 بقوله: أقواها الاخير.

و المراد بالاخير هو تفرق الوكيل و الموكل عن مجلس العقد.

(2) اي عدم جواز تفويض الامر الى الوكيل من جانب الموكل.

(3) تعليل لعدم الجواز.

و خلاصته أن المتيقن من دليل الخيار ثبوت الخيار للعاقد، بناء على القول به عند ما يجري العقد.

فهنا يصح للموكل اعطاء الخيار للوكيل.

و أما ثبوت الخيار للوكيل بعد اجرائه العقد فلا.

(4) عرفت معناه في هذه الصفحة عند قولنا: و أما ثبوت.

(5) استدراك عما افاده قدس سره: من عدم جواز تفويض -

ص: 95

عدم ثبوت الخيار للفضولي

و مما ذكرنا (1) اتضح عدم ثبوت الخيار للفضوليين، و إن جعلنا الاجازة كاشفة:

لا (2) لعدم صدق المتبايعين، لأن البيع هو النقل و لا نقل هنا كما قيل.

+++++++++++

- الامر الى الوكيل من جانب الموكل بعد اجراء العقد.

و خلاصته أنه يجوز ذلك على نحو التوكيل في الفسخ.

أو في مطلق التصرف، سواء أ كان على نحو الفسخ أم على نحو الالتزام.

(إن قلت):

ما الفرق بين التفويض و التوكيل؟.

حيث لا يجوز تفويض الامر للوكيل بعد العقد.

و يجوز اعطاء الخيار له على نحو التوكيل.

(قلنا): الفرق هو عدم جواز سلب التفويض عن الوكيل لعدم قابليته للارتفاع عمن فوض إليه الامر.

و جواز سلب الوكالة عن الوكيل و عزله.

(1) اي في ص 93 عند قوله قدس سره:

من أن اطلاق أدلة الخيار مسوق لافادة سلطنة.

و أما وجه الوضوح فهو عدم قدرة و سلطنة للفضوليين، اذ من الممكن أن لا يجيز المالك البيع فيكون البيع الصادر منهما حينئذ بلا تأثير فلا يشمله قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

(2) اي و ليس عدم ثبوت خيار المجلس للعاقد الفضولي لاجل عدم صدق المتبايعين عليه اصلا، لا شرعا و لا عرفا. -

ص: 96

لاندفاعه (1): بأن البيع هو النقل العرفي و هو موجود هنا.

نعم (2) ربما كان ظاهر الأخبار حصول الملك شرعا بالبيع.

+++++++++++

و قد افاد هذا المعنى بعض الأعلام، حيث قال:

إن معنى البيع هو النقل و الانتقال الشرعي و العرفي: و هما منتفيان في الفضولي.

أما شرعا فلعدم كون الفضولي مالكا، مع أنه لا بيع إلا في ملك فلا يحصل النقل هنا.

و أما عرفا فلعدم رضى المالك فلا يصدق النقل أيضا.

(1) اي لاندفاع القبل.

خلاصة الاندفاع على مذهب الشيخ الانصاري قدس سره.

إن البيع عبارة عن النقل و الانتقال العرفي و هما موجودان في البائع الفضولي فيصدق عليه قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

و إذا ثبت النقل العرفي في البيع الفضولي.

ثبت الخيار في الفضوليين.

(2) استدراك عما افاده: من ثبوت الخيار في الفضوليين بسبب وجود النقل العرفي في الفضولي.

يروم قدس سره من الاستدراك اثبات عدم وجود النقل العرفي في الفضولي حتى لا يثبت الخيار للفضوليين.

و خلاصة ما افاده أن ظاهر الأخبار المشار إليها في الهامش 1 ص 56 الواردة في خيار المجلس و منها النبوي المذكور آنفا

هو حصر سبب الملكية شرعا بالبيع: -

ص: 97

و هذا المعنى (1) منتف في الفضولي قبل الاجازة.

و يندفع (2) أيضا: بأن مقتضى ذلك عدم الخيار في الصرف و السلم قبل القبض.

مع أن (3) هذا المعنى لا يصح على مذهب الشيخ القائل بتوقف الملك على انقضاء الخيار.

+++++++++++

- بمعنى أن البيع قد اخذ في لسان الشارع موضوعا للحكم الشرعي و هو الخيار، فهو السبب في الملكية الشرعية، و عند حصولها يحصل الخيار.

و من الواضح عدم حصول الملكية في البيع الفضولي اذا لم يجز المالك البيع الصادر من الفضولي، لعدم تحقق مصداق البيع في الخارج و إذا لم يتحقق لم تتحقق الملكية.

إذا فلا يثبت الخيار.

(1) و هو حصول الملكية الشرعية.

(2) اي الاستدراك المذكور مندفع أيضا.

كما اندفع قول القائل بعدم وجود نقل في البيع الفضولي.

و خلاصة الاندفاع أن ما أفيد: من عدم وجود النقل في البيع الفضولي لحصر أخبار الملكية في الملكيّة الشرعية بسبب البيع:

غير مفيد، لأن مقتضى الحصر عدم وجود خيار المجلس في بيع الصرف و السلم قبل القبض، لعدم حصول الملكية فيهما قبل القبض فلا يحصل النقل فلا يثبت الخيار فيهما.

مع أن الفقهاء رضوان اللّه عليهم بأجمعهم قالوا بثبوت الخيار فيهما قبل القبض.

(3) إشكال آخر على القول بظهور الأخبار المشار إليها في -

ص: 98

فالوجه (1) في عدم ثبوته للفضوليين فحوى ما تقدم:

من عدم ثبوته للوكيلين غير المستقلين.

نعم في ثبوته (2) للمالكين بعد الاجازة مع حضورهما في مجلس العقد: وجه

+++++++++++

- الهامش 1 ص 56 في حصر سبب الملكية الشرعية بالبيع.

و خلاصته أن ما افيد في المقام لا ينسجم مع ما افاده شيخ الطائفة قدس سره: من توقف الملك في المعاملة الخيارية على انقضاء مدة الخيار، لعدم حصول النقل الشرعي قبل الانقضاء.

(1) هذا رايه قدس سره حول عدم جريان خيار المجلس للعاقدين الفضوليين.

و خلاصته أن السبب الوحيد في عدم ثبوت الخيار لهما.

هو مفهوم عدم ثبوته للوكيلين إذا كانا وكيلين في مجرد إجراء الصيغة كما تقدم في ص 75.

فاذا لم يثبت الخيار فيهما مع أنهما وكيلان عن المالكين الاصيلين.

ففي الفضوليين بطريق أولى.

(2) اي في ثبوت خيار المجلس للمالكين بعد اجازتهما العقد إذا كانا حاضرين في المجلس له وجه، لأن العقد باجازتهما للفضوليين كأنه وقع منهما، و صدر عنهما من حين الاجازة و إن كان صادرا عن الفضوليين.

و المفروض أن المالكين كانا حاضرين في المجلس.

اذا يتحقق موضوع الخيار، فيثبت لهما.

ص: 99

و اعتبار (1) مجلس الاجازة على القول بالنقل له وجه.

خصوصا على القول بأن الاجازة عقد مستأنف على ما تقدم توضيحه في مسألة عقد الفضولي (2).

و يكفي حينئذ (3) الانشاء أصالة من احدهما، و الاجازة من الآخر اذا جمعهما مجلس عرفا.

نعم (4) يحتمل في اصل المسألة أن تكون الاجازة من المجيز التزاما بالعقد فلا خيار بعدها.

+++++++++++

(1) بعد أن افاد قدس سره عدم خيار المجلس للفضوليين.

و افاد ثبوته للمالكين إذا كانا حاضرين في المجلس.

اراد اثبات أن الاعتبار في ثبوت الخيار للمالكين: بمجلس صدور الاجازة، لا بمجلس العقد، لأن العقد صدر من غير اهله: و هو الفضولي، بناء على أن الاجازة ناقلة.

(2) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 273.

عند قوله: أو ناقلة: بمعنى ترتب آثار العقد من حينها.

(3) اي حين أن قلنا: إن الاعتبار في ثبوت الخيار للمالكين بمجلس صدور الاجازة، لا بمجلس العقد:

يكفي كون إنشاء العقد من احد المتبايعين بالأصالة.

و من الآخر بالاجازة: بأن يكون الموجب، و هو البائع اصيلا، و القابل: و هو المشتري فضوليا، أو بالعكس:

بأن يكون البائع فضوليا، و المشتري اصيلا.

هذا إذا كان اجتماع الاصيل و الفضولي في مجلس واحد.

(4) استدراك عما افاده قدس سره: من ثبوت الخيار للمالكين. -

ص: 100

خصوصا (1) إذا كانت بلفظ التزمت.

فتأمل (2).

و لا فرق في الفضوليين بين الغاصب، و غيره.

فلو (3) تبايع غاصبان ثم تفاسخا لم يزل العقد عن قابلية لحوق الاجازة.

+++++++++++

- و من أن الاعتبار في ثبوت الخيار بمجلس الاجازة، لا بمجلس العقد.

و المقصود من الاستدراك اثبات عدم الخيار للاصيل و الفضولي.

و خلاصته: أنه من المحتمل كون الاجازة الصادرة من المجيز في العقد الفضولي التزاما بنفس العقد.

فحينئذ لا خيار لهما، لكونها التزاما بالعقد.

لا أنها عقد بنفسه، و لا بمنزلة العقد.

فلا مجال لصدق مجلس العقد حتى يثبت الخيار لهما.

(1) اي عدم صدق الخيار للمالكين مسلم و لا سيما إذا كانت الاجازة الصادرة من المالك الاصيل بلفظ (التزمت)، لعدم خيار لهما حينئذ اصلا.

(2) الظاهر أن الامر بالتأمل كما افاده المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 489 للاشارة الى أن الاجازة و إن كانت بلفظ التزمت، إلا أن هذه اللفظة لا تزيد على ايقاع اصل عقد البيع فيكون الالتزام الحاصل منها بمقداره و على حده، فلا يرتفع الخيار الذي هو من لوازم العقد و توابعه.

(3) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من عدم الفرق في الفضوليين بين كونهما غاصبين، أو غيرهما.

ص: 101

بخلاف ما لو رد الموجب منهما (1) قبل قبول الآخر (2)، لاختلال صورة المعاقدة (3).

و اللّه العالم.

(مسألة) (4):

+++++++++++

(1) اي من الفضوليين الغاصبين، أو غيرهما.

(2) المراد منه هو القابل من الفضوليين الغاصبين، أو غيرهما.

(3) لأن العقد ماهية مركبة من الايجاب و القبول.

و الماهية المركبة تنتفي بانتفاء احد جزئيها.

و برد الموجب قبل قبول الآخر قد انتفى المركب.

و بانتفائه اختلفت صورة المعاوضة، لسقوط الايجاب عن الاعتبار عند العقلاء حينئذ.

و هذا هو السر في اشتراط الموالاة في العقد.

(4) اي المسألة الثانية من المسائل الخمس من مسائل خيار المجلس المشار إليها في ص 74 بقوله: يحصل برسم مسائل.

ثم لا يخفى عليك أن الغرض من ذكر هذه المسألة.

هو بيان أن ما ذكر في المسألة السابقة المشار إليها في ص 74:

اثبات الخيار للمتعاقدين إذا كانا متعددين حتى يصدق الافتراق الخارجي كما هو المتبادر من الافتراق وضعا.

و هنا بيان أنه.

هل يثبت خيار المجلس للعاقد الواحد المتعدد خارجا:

باعتبار كونه موجبا من جهة؟.

و قابلا من جهة أخرى؟. -

ص: 102

مسألة هل يثبت الخيار إذا كان العاقد واحدا؟

لو كان العاقد واحدا لنفسه (1)، أو غيره (2) عن نفسه، أو غيره (3)،

+++++++++++

- أو لا يثبت؟.

و على فرض الثبوت.

كيف يمكن تصور الافتراق عن مجلس العقد مع اتحاد العاقد؟.

ثم اعلم أن لهذه المسألة صورا ثلاثة قابلة للتصور.

و قد صرح قدس سره بهذه الصور.

و نحن نشير الى كل واحدة منها عند رقمها الخاص.

(1) هذه (هي الصورة الاولى):

و الصورة هذه شراء العاقد مال الغير لنفسه، و يتولى طرفي العقد بنفسه.

فمن حيث إنه بائع مال غيره يكون موجبا.

و من حيث إنه مشتر مال غيره لنفسه يكون قابلا.

(2) هذه (هي الصورة الثالثة).

و الصورة هذه شراء العاقد مال نفسه لغيره، و يتولى طرفي العقد.

فمن حيث إنه يبيع مال نفسه لغيره يكون موجبا.

و من حيث إنه يشتري مال نفسه لغيره يكون قابلا.

(3) هذه (هي الصورة الثالثة).

و الصورة هذه شراء العاقد مال غيره لغيره، و يتولى طرفي العقد.

فمن حيث إنه يبيع مال الغير يكون موجبا.

و من حيث إنه يشتري مال غيره لغيره يكون قابلا.

و هذه الصور الثلاث قابلة للتصور، و أنها واقعة خارجا.

و أما تصور صورة رابعة: بأن يشتري العاقد مال نفسه لنفسه -

ص: 103

ولاية (1)، أو وكالة على وجه يثبت له (2) الخيار مع التعدد: بأن كان وليا، أو وكيلا مستقلا (3) في التصرف.

و المحكي عن ظاهر الخلاف(1) و القاضي و المحقق و العلامة و الشهيدين، و المحقق الثاني و المحقق الميسي و الصيمري و غيرهم ثبوت هذا الخيار له (4)

+++++++++++

- فغير ممكن خارجا.

(1) اي تولي العاقد طرفي العقد في الصور الثلاث على قسمين:

(الاول): على نحو الولاية على الموجب و القابل.

كما لو كانا صغيرين:

(الثاني): على نحو الوكالة عنهما.

إذا تكون الصور ستة.

أليك الصور بأجمعها.

(الصورة الاولى): شراء العاقد مال غيره لنفسه ولاية عليه.

(الصورة الثانية): شراء العاقد مال نفسه لغيره ولاية عليه.

(الصورة الثالثة): شراء العاقد مال غيره لغيره ولاية عليه.

(الصورة الرابعة): شراء العاقد مال غيره لنفسه وكالة عنه.

(الصورة الخامسة): شراء العاقد مال نفسه لغيره وكالة عنه.

(الصورة السادسة): شراء العاقد مال غيره لغيره وكالة عنه.

(2) اي للعاقد المتحد على نحو يثبت للعاقد المتعدد.

(3) المراد من المستقل هو الوكيل المفوض في البيع، و الشراء، و القبض و الاقباض، و غيرها: من أنواع التصرفات.

(4) اي خيار المجلس للعاقد المتحد المتولي لطرفي العقد، و اجرائه عن اثنين: و هما البائع و المشتري.

ص: 104


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

عن الاثنين، لأنه بائع و مشتر، فله (1) ما لكل منهما.

كسائر (2) أحكامهما الثابتة لهما: من حيث كونهما متبايعين.

و احتمال (3) كون الخيار لكل منهما بشرط انفراده بانشائه فلا يثبت مع قيام العنوانين لشخص واحد.

مندفع (4) باستقرار سائر أحكام المتبايعين.

+++++++++++

(1) اي فللعاقد المجري صيغة العقد عن اثنين كل ما كان. ثابتا للعاقد المتعدد: من القبض و الاقباض، و الفسخ و الامضاء.

(2) اي ثبوت كل ما كان للعاقد المتعدد للعاقد الواحد.

كثبوت بقية أحكام المتعاقدين كالبلوغ و العقل و القدرة و الاختيار و شرائط العوضين، و تقديم الايجاب على القبول، و الماضوية و العربية إن اعتبرناها.

(3) دفع وهم.

يرام به اثبات عدم خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

خلاصة الوهم أن ثبوت الخيار لكل واحد من المتعاقدين مشروط بانفراد كل منهما بالاستقلال في توليه طرف العقد عند إنشائه العقد.

لا ما كان العنوانان: و هما عنوان الموجب، و عنوان القابل:

قائمين بشخص واحد، لعدم ثبوت خيار لمن هذه صفته.

(4) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله أن استقرار جميع أحكام المتبايعين و ثبوتها في العاقد الواحد من المسلمات.

و من جملة تلك الأحكام خيار المجلس.

فلا فرق بينه و بينها من هذه الجهة. -

ص: 105

و جعل (1) الغاية التفرق المستلزم للتعدد.

مبني (2) على الغالب.

+++++++++++

- فكل ما يقال فيها يقال فيه.

(1) دفع وهم آخر.

يرام بالوهم عدم خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

خلاصة الوهم أن الحديث الشريف النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار حتى يفترقا مشتمل على الغاية: و هي كلمة حتى يفترقا.

و من الواضح أن موضوع الافتراق عدم تحققه في الخارج(1) إلا بالتعدد: بمعنى أن الاثنينية من لوازم مفهوم الافتراق و مقوماته، إذ لولاها لما تحقق مفهومه خارجا.

كما أن الاثنينية من لوازم مفهوم الاجتماع و مقوماته.

فالتعدد مستلزم للافتراق لا محالة.

كاستلزامه للاجتماع.

إذا كيف يمكن تحقق هذا المفهوم في العاقد الواحد المتولي لطرفي العقد في الخارج؟.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته أن التعدد المذكور المستفاد من الحديث الشريف مبني على الغالب، لأن الغالب في المتبايعين خارجا هو التعدد.

لا أن التعدد من لوازم الافتراق و مقوماته حتى يقال بعدم ثبوت الخيار في العاقد الواحد.

ثم لا يخفى عليك أن الأحاديث الواردة في خيار المجلس مختلفة من حيث الألفاظ، متحدة من حيث المعنى و المراد. -

ص: 106


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

خلافا للمحكي في السرائر(1) من القول بالعدم (1).

و استقربه (2) فخر الدين، و مال إليه (3) المحقق الاردبيلي، و الفاضل الخراساني (4)، و المحدث البحراني (5):

و استظهره (6) بعض الأفاضل ممن عاصرناهم.

و لا يخلو (7) عن قوة

+++++++++++

- فبعضها مشتمل على كلمة (حتى يفترقا).

و بعضها مشتمل على كلمة (ما لم يفترقا).

راجع (وسائل الشيعة) الطبعة الحديثة الجزء 12 ص 345-346 الباب 1 - الأحاديث.

(1) اي بعدم ثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

(2) اي استقرب فخر المحققين عدم خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

(3) اي الى عدم ثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

(4) يأتي شرح حياته و مؤلفه الشريف في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(5) يأتي شرح حياة هؤلاء الأعلام الفطاحل في (أعلام المكاسب).

(6) اي عدم ثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

و المراد من بعض الأفاضل (المحقق التستري) قدس سره صاحب المقابيس.

(7) هذه نظرية الشيخ الانصاري قدس سره حول خيار المجلس للعاقد الواحد المتولي لطرفي العقد. -

ص: 107


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بالنظر إلى ظاهر النص، لأن (1) الموضوع فيه صورة التعدد، و الغاية فيه الافتراق المستلزم للتعدد.

و لولاها (2) لامكن استظهار كون التعدد في الموضوع لبيان حكم

+++++++++++

- يروم بهذه النظرية اثبات عدم خيار المجلس للعاقد المذكور.

خلاصتها أن عدم الخيار له قوي، لظهور النص الذي هو النبوي المذكور في ص 56 في ذلك، لاشتماله على كلمتين دالتين على اعتبار التعدد في العاقد و إن كانت الثانية أدل و أصرح من الاولى، لاستلزامهما للتعدد، و الكلمتان هما: «البيعان - و يفترقا).

فالتعدد من لوازم الافتراق و مقوماته.

فكلما اطلق استفيد منه التعدد.

إذا فالموضوع في النص المذكور في ص 56.

هو التعدد الذي هو من لوازم الافتراق.

فلا يبقى مجال لخيار المجلس في العاقد الواحد المتولي لطرفي العقد.

(1) تعليل لظهور النص المذكور في التعدد.

و قد عرفته في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا: إذا فالموضوع.

(2) اي و لو لا الغاية المذكورة في النص: و هي كلمة حتى يفترقا.

لامكن استظهار تعلق الخيار بشخص العنوان و جنسه: و هو عنوان البائع، و عنوان المشتري، سواء أ كانا متحدين أم متعددين، لعدم تعلق التعدد بالعنوان.

و لامكن القول بعدم تعلق الخيار بالمعنون: و هو شخص البائع، و شخص المشتري حتى يحتاج ذلك الى التعدد ثم يقال بعدم خيار المجلس للعاقد الواحد. -

ص: 108

كل من البائع و المشتري كسائر أحكامهما، اذ (1) لا يفرق العرف بين قوله: المتبايعان كذا،

و قوله: لكل من البائع و المشتري.

إلا (2) أن التقييد بقوله: حتى يفترقا ظاهر في اختصاص الحكم

+++++++++++

- فالحاصل أن متعلق الخيار هو العنوان و هو لا يحتاج إلى التعدد:

لا شخص المعنون حتى يحتاج إلى التعدد.

فالغاية هذه: (حتى يفترقا) هي الموجبة للتعدد.

فلولاها لكان حكم (البيعان بالخيار).

حكم بقية أحكام البائع و المشتري: من تعلقها بشخص العنوان غير المحتاج الى التعدد.

لا بالمعنون المحتاج الى التعدد.

(1) تعليل للاستظهار المذكور.

و خلاصته أن العرف لا يفرق بين قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار.

و بين قول القائل:

لكل من البائع و المشتري.

و قد عرفت خلاصته في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا: فالحاصل.

و نعيد عليك ثانية ما قلناه في الهامش 1 ص 106.

إن التعدد من لوازم مادة الافتراق و مقوماته، لتطلب مادته ذلك.

كما أن التعدد من لوازم مادة الاجتماع، لتطلبها ذلك.

فالمادتان موضوعتان للاثنينية و التعدد.

(2) من هنا يروم قدس سره اثبات خيار المجلس للعاقد المتعدد. -

ص: 109

بصورة امكان فرض الغاية، و لا يمكن فرض التفرق في غير المتعدد.

و منه (1) يظهر سقوط القول: بأن كلمة حتى تدخل على الممكن و المستحيل.

+++++++++++

- و خلاصة ما افاده قدس سره: أنه لو خلينا و انفسنا مع قطع النظر عن الحديث الشريف.

لوجدنا تعلق الخيار بشخص العنوان، لا بالمعنون.

و قد عرفت في الهامش 2 ص 108 أن العنوان غير محتاج إلى التعدد و أن المعنون هو المحتاج إلى التعدد.

لكن يظهر من تقييد الخيار بجملة: (حتى يفترقا) اختصاصه بصورة امكان فرض الغاية و تحققها خارجا و هو التعدد.

لا بصورة المستحيل: و هو العاقد الواحد:

(1) تأييد منه لما افاده قدس سره: من ظهور تقييد الخيار بالجملة المذكورة في اختصاصه بصورة امكان فرض الغاية لا المستحيل.

و خلاصة التأييد أنه يظهر مما ذكرناه سقوط قول القائل: بأن كلمة حتى تدخل على الأعم أي تدخل.

(تارة): على امر ممكن كقولك:

قدم الحاج حتى المشاة، فان مجيء الحاج بعد اداء المناسك امر ممكن غير مستحيل و قد وقع.

(و اخرى): على امر مستحيل كقوله عزّ من قائل:

وَ إِذْ قُلْتُمْ يٰا مُوسىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى نَرَى اَللّٰهَ جَهْرَةً (1)

فان رؤية الباري عزّ و جلّ امر مستحيل.

ص: 110


1- البقرة: الآية 55.

إلا (1) أن يدعى أن التفرق غاية مختصة

+++++++++++

- و قد حقق ذلك في (علمي الفلسفة و الكلام) مشروحا مفصلا.

و لا يسعنا المقام للخوض فيه هنا.

و كقوله عز اسمه الشريف:

حَتّٰى يَلِجَ اَلْجَمَلُ فِي سَمِّ اَلْخِيٰاطِ (1) .

فان دخول الابل في ثقب الابرة: بحيث لا يصغر الجمل و لا يكبر الثقب امر مستحيل عادة و عقلا.

فالقائل يقول: إن كلمة حتى في الحديث الشريف دخلت على المستحيل: بمعنى عدم امكان تحقق الافتراق خارجا، لتوقفه على الاثنينية و هي ممنوعة في صورة اتحاد العاقد.

لكن الخيار موجود، لعدم تأثير للتعدد، و عدم التعدد في الخيار.

و أما وجه ظهور سقوط القول المذكور.

فهو أن دخول كلمة حتى على المستحيل إنما يصح لو كان المغيا مستمرا.

أو يستحيل انتفاؤه كقول القائل المعتقد باستحالة الرؤية:

و اللّه لا افعل هذا الامر حتى ارى اللّه جل جلاله جهرة.

و من الواضح أن ما نحن فيه ليس كذلك.

بل هو من قبيل امكان الغاية: و هي جملة: حتى يفترقا، و المغيا:

و هو الخيار.

(1) هذه الدعوى لاثبات خيار المجلس للعاقد الواحد.

و خلاصتها أن الافتراق الوارد في الحديث الشريف ظرف للتعدد -

ص: 111


1- الاعراف: الآية 39.

بصورة التعدد، لا (1) مخصصة للحكم بها.

و بالجملة (2) فحكم المشهور بالنظر الى ظاهر للفظ مشكل.

+++++++++++

- اي للحكم بالخيار في صورة تعدد العاقد.

و الظرف لا يقيد المظروف الذي هو الخيار.

فخيار المجلس ثابت سواء امكن الافتراق.

كما في صورة التعدد.

أم لم يمكن كما في صورة الاتحاد.

فالافتراق قيد للخيار، و غاية لانتهاء امده.

فينتهي بمجرد حصول الافتراق.

(1) هذه الجملة من متممات الدعوى يقصد بها الرد على من يقول بعدم خيار للعاقد الواحد.

و خلاصة الرد أن الغاية التي هو الافتراق ليست تخصص صورة التعدد اي تقيد خيار المجلس بصورة التعدد حتى يكون المقيد الذي هو الخيار عدم عند عدم القيد الذي هو الافتراق، ليثبت عدم الخيار للعاقد الواحد: لاستحالة وجود الافتراق مع اتحاد العاقد، لعدم امكان افتراق عن نفسه

(2) اي و خلاصة الكلام في هذا المقام أن مستند حكم المشهور ثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد لو كان ظاهر لفظ حتى يفترقا الوارد في الحديث الشريف:

فمشكل، لأن الافتراق من الامور المتضايفة القائمة بشخصين، و المتقومة بفردين خارجا.

فمن المستحيل تحققه في ضمن فرد واحد و إن كان معنونا بعنوانين. -

ص: 112

نعم (1) لا يبعد بعد تنقيح المناط.

لكن الإشكال فيه (2).

و الأولى (3) التوقف فيه، تبعا للتحرير و جامع المقاصد.

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من عدم خيار المجلس للعاقد الواحد إذا كان مستند الحكم بالثبوت هو ظاهر حتى يفترقا.

و خلاصته أنه قدس سره يروم اثبات الخيار له من باب تنقيح المناط على فرض ثبوت التنقيح:

ببيان أن المناط و الملاك في تشريع الخيار و جعله لو كان هو التروي و التفكر: اي جعل الخيار و شرع، ليتروى المتعاقدان و ينظران فيما اشترياه، و تبادلاه: من الثمن و المثمن، ليطلعا على عيبهما لو كان فيهما حتى لا يوجب العيب الحزازة و الضغائن في نفسيهما:

فثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد حينئذ ليس ببعيد، لعين الملاك الموجود في العاقدين: في العاقد الواحد.

(2) اي لكن الإشكال في ثبوت هذا التنقيح، حيث لا علم لنا بمناطات الأحكام و عللهما، لقصور عقولنا بدركها.

فلا يمكننا القول بأن المناط في وضع الخيار و جعله هو التروي و التفكر حتى نقول بجريانه في العاقد الواحد بعين الملاك الموجود في المتعدد.

بالإضافة إلى أن احتمال التعدد الحقيقي دخيل في الحكم بخيار المجلس للعاقد، لا التعدد الاعتباري:

(3) هذه نظرية اخرى لشيخنا الانصاري قدس سره غير النظرية الاولى التي افاده في ص 107 بقوله: و لا يخلو عن قوة.

اي الأول التوقف في ثبوت خيار المجلس للعاقد الواحد، فلا -

ص: 113

ثم لو قلنا بالخيار (1) فالظاهر بقاؤه إلى أن يسقط باحد المسقطات غير التفرق:

مسألة: قد يستثنى بعض أشخاص المبيع عن عموم ثبوت هذا الخيار
اشارة

(مسألة) (2):

قد يستثنى بعض أشخاص المبيع عن عموم ثبوت هذا الخيار (3).

منها: من ينعتق على احد المتبايعين.

(منها) (4): من ينعتق على احد المتبايعين.

و المشهور كما قيل: عدم الخيار مطلقا (5).

بل عن ظاهر المسالك أنه (6) محل وفاق.

+++++++++++

- نحكم لا بثبوته له، و لا بعدمه.

(1) اي بخيار المجلس للعاقد الواحد.

فالظاهر بقاؤه إلى أن يأتي احد المسقطات فيسقط حينئذ.

هذا إذا لم يكن المسقط الافتراق.

و أما هو فلا يسقط الخيار به، لعدم تصوره في العاقد الواحد كما عرفت، فنستصحب الخيار في الافتراق إلى أن يأتي مسقط آخر.

(2) اي المسألة الثالثة من المسائل الخمس من مسائل خيار المجلس المشار إليها في الهامش 1 ص 74.

(3) اي خيار المجلس.

(4) اي من بعض اشخاص المبيع المستثنى من خيار المجلس.

هو المبيع الذي يعتق على احد المتبايعين.

كما في الابوين، أو احدهما:

(5) اي لا للبائع، و لا للمشتري.

(6) اي عدم الخيار مطلقا، لا للبائع و لا للمشتري فيمن يعتق عليهما محل وفاق و اتفاقي بين اصحابنا الامامية.

ص: 114

و احتمل في الدروس ثبوت الخيار للبائع.

و الكلام فيه (1) مبني على القول المشهور: من عدم توقف الملك على انقضاء الخيار، و إلا (2) فلا إشكال في ثبوت الخيار.

و الظاهر أنه لا إشكال في عدم ثبوت الخيار بالنسبة إلى نفس العين (3)، لأن (4) مقتضى الأدلة الانعتاق بمجرد الملك.

و الفسخ (5) بالخيار من حينه، لا من اصله.

+++++++++++

(1) اي في ثبوت خيار المجلس للبائع.

(2) اي و إن قبل بتوقف الملك على انقضاء مدة الخيار، كما افاده الشيخ اعلى اللّه مقامه.

فلا إشكال في ثبوته للبائع، لعدم حصول التلف بالاعتاق، لعدم تحقق الملكية حينئذ.

(3) و هي من يعتق على البائع.

(4) تعليل لعدم ثبوت الخيار بالنسبة الى من يعتق على احد المتبايعين.

خلاصته: أن مقتضى أدلة عتق من يعتق على احد المتبايعين هو عتقه بمجرد تملكه من قبلهما، لأنه بعد حصول الملكية الآنية يعتق المبيع حالا و بدون أي تعطيل، فلا يبقى ملك للمشتري حتى يثبت للبائع خيار فيه، ليتمكن من استرداده من المشتري.

فالخيار بالنسبة إلى العين المعتقة على المشتري مفقود في المقام ليتمسك به البائع.

(5) دفع وهم.

حاصل الوهم أنه.

لما ذا لم يأخذ البائع بخياره، ليسترد للبيع؟.

ص: 115

و لا دليل على زواله (1) بالفسخ، مع قيام الدليل على عدم زوال الحرية بعد تحققها.

إلا (2) على احتمال ضعفه في التحرير: فيما لو ظهر من ينعتق عليه

+++++++++++

- لأن له حق الفسخ فيه يثبت الخيار فيسترد.

فاجاب قدس سره أن الفسخ بالخيار من حين الفسخ، لا من اصل العقد الذي هو اوّل زمن تحققه و حدوثه، ليثبت للبائع الخيار.

بعبارة أوضح أن فسخ البيع إنما يؤثر في زوال البيع من حين الفسخ لا من حين حدوث البيع و اوّل تحققه.

و أما العتق فيتحقق بالملكية الآنية من حين حدوث البيع، و تملكه للمبيع.

و الفسخ يوجب الزوال من حين الفسخ.

فحين الفسخ لم يكن المبيع ملكا للمشتري حتى يتمكن البائع من استرداد من يعتق على المشتري.

فالعين المبيعة خارجة عن مورد الخيار، لزوال الملكية بالاعتاق الحاصل بالشراء.

فلا اثر للعقد حتى يبقى خيار للبائع.

(1) اي و لا دليل على زوال عتق من عتق على المشتري بمجرد شرائه و تملكه له آنا مّا: بدعوى أن للبائع حق الفسخ بالخيار.

و كذا لا دليل على عود الحر الى الرقية بعد تحقق الحرية فيه.

مع قيام الحجة على عدم زوال الحرية بعد تحققها.

(2) اي نعم هناك احتمال ضعيف.

و هو رجوع الحر الى الرقية فيما إذا ظهر من يعتق على المشتري معيبا.

و هذا الاحتمال مبني على تزلزل العتق حينئذ. -

ص: 116

معيبا: مبني (1) على تزلزل العتق (2).

و أما الخيار بالنسبة إلى اخذ القيمة (3) فقد يقال:

إنه (4) مقتضى الجمع بين ادلة الخيار.

و بين دليل عدم عود الحر إلى الرقية.

فيفرض المعتق كالتالف.

فلمن (5) انتقل إليه أن يدفع القيمة و يسترد الثمن.

و ما ذكره في التذكرة: من (6) أنه وطّن نفسه على الغبن المالي و المقصود من الخيار أن ينظر و يتروى لدفع الغبن عن نفسه.

+++++++++++

- و قد ضعّف العلامة قدس سره هذا الاحتمال في التحرير.

(1) بالجر صفة لكلمة احتمال في قوله في ص 116: إلا على احتمال.

(2) الى هنا كان الكلام حول خيار المجلس ثبوتا و نفيا.

بالنسبة الى العين المبيعة: و هي من يعتق على المشتري.

(3) من هنا اخذ في البحث عن قيمة من يعتق على المشتري.

(4) اي ثبوت خيار المجلس للبائع بالنسبة إلى قيمة من يعتق على المشتري، ليأخذها منه: هو مقتضى الجمع بين دليل ثبوت الخيار بالنسبة إلى القيمة.

و بين دليل عدم عود الحر إلى الرقية.

(5) المراد منه المشتري اي فله بسبب انتقال من يعتق عليه اعطاء البائع قيمته السوقية، ثم يسترد من البائع الثمن الذي دفعه إليه تجاه من عتق عليه.

(6) من بيان لما ذكره العلامة قدس سره في التذكرة:

ص: 117

ممنوع (1)، لأن التوطين على شرائه عالما بانعتاقه عليه.

ليس توطينا على الغبن من حيث المعاملة:

و كذا (2) لمن انتقل عنه أن يدفع الثمن و يأخذ القيمة.

+++++++++++

- و خلاصة ما ذكره قدس سره هناك: أن المشتري ليس له خيار لأنه وطّن نفسه و هيأها للغبن و الضرر المالي: لعلمه بعتق من اقدم على شرائه فلا خيار له في اصل العين، و لا في قيمة العين، لأن الخيار في القيمة فرع الخيار في العين و هي ليس فيها خيار، لأن الغرض من تشريع الخيار و وضعه هو تروي المتعاقدين و تفكرهما حتى يدفعا عنهما الغبن و الضرر المالي فيما إذا كان هناك.

و لا غبن هنا، لعلم المشتري بعتق من يشتريه بمجرد الشراء بعد تملكه له آنا مّا.

فلا مجال للغبن حتى يدفع بالخيار.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 308.

عند قوله: (الثانية) لو اشترى من ينعتق عليه بالملك.

(1) رد على ما افاده العلامة و قد ذكره في المتن فلا نعيده.

(2) اي و كذا يجب على من انتقل عنه المبيع: و هو البائع دفع الثمن المأخوذ من المشتري إليه و يأخذ منه القيمة.

و أما إذا كان الثمن في ذمة المشتري و لم يؤخذ منه.

فلا مورد للرد، للتهاتر القهري إذا كانت القيمة و الثمن متساويتين.

و أما إذا كان احدهما زائدا عن الآخر.

فالتهاتر القهري يحصل في المتساويين.

و أما الزائد فيرجع إلى صاحبه.

ص: 118

و ما (1) في التذكرة: من تغليب جانب العتق.

إنما يجدي مانعا عن دفع العين.

لكن (2) الانصاف أنه لا وجه للخيار لمن انتقل إليه

+++++++++++

(1) رد آخر منه على ما افاده العلامة قدس سرهما في التذكرة.

خلاصة ما افاده العلامة هناك:

إن البائع لا خيار له أيضا، لأننا نغلب جانب العتق، فلا يبقى خيار له، ليسترد المبيع.

و خلاصة الرد أن تغليب جانب العتق إنما يفيد مانعا عن الخيار في نفس العين: لا في قيمة العبد المعتق، فلا مجال للاستدلال بالغلبة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 308 عند قوله:

و أما من جهة البائع فهو و إن كان غير معاوضة.

لكن النظر إلى جانب العتق أقوى.

ثم لا يخفى عليك أن في المصدر لا توجد كلمة التغليب كما رايت عند نقلنا عبارة التذكرة بقوله:

لكن النظر إلى جانب العتق اقوى.

فالشيخ الانصاري قدس سره نقل مراد العلامة قدس سره بالمعنى.

(2) رجوع منه قدس سره عما افاده: من ثبوت الخيار للمشتري فله استرجاع الثمن من البائع.

و من ثبوت الخيار للبائع فله اخذ قيمة العبد المعتق على المشتري:

من المشتري.

يروم قدس سره بهذا الرجوع اثبات عدم خيار المجلس للمشتري.

و خلاصته أن المشتري كان عالما بالعتق، فهو اقدم على ضرر -

ص: 119

لأن (1) شراءه اتلاف له في الحقيقة، و اخراج له عن المالية.

و سيجيء (2) سقوط الخيار بالاتلاف، بل بأدنى تصرف.

فعدم ثبوته (3) أولى.

و منه (4) يظهر عدم ثبوت الخيار لمن انتقل عنه، لأن (5) بيعه ممن ينعتق عليه اقدام على اتلافه، و اخراجه عن المالية.

و الحاصل (6) أنا إذا قلنا: إن الملك فيمن ينعتق عليه تقديري، لا تحقيقي.

+++++++++++

- نفسه، و اتلاف ماله، لأنه بشرائه فقد اقدم على اتلاف ماله و اخرجه عن المالية.

إذا تشمله قاعدة: (من اقدم على نفسه).

(1) اي شراء المشتري من يعتق عليه كما عرفت آنفا.

(2) اي في مسقطات خيار المجلس، و خيار الحيوان و خيار الشرط في هذا الجزء.

(3) اي عدم ثبوت خيار المجلس للمشتري بالاتلاف.

أولى من عدم ثبوت الخيار له بأدنى تصرف.

(4) اي و مما قلناه: من عدم خيار لمن انتقل إليه: و هو المشتري:

يظهر وجه عدم ثبوت الخيار لمن انتقل المبيع عنه: و هو البائع.

(5) هذا وجه الظهور.

و خلاصته أن بيع من يعتق على المشتري إقدام من البائع على اتلاف ماله، و اخراجه عن المالية، لتحرره عن المالية حالا بعد تملك المشتري لمن يعتق عليه آنا مّا.

إذا تشمله قاعدة: (من اقدم).

(6) اي و خلاصة الكلام في المقام أن لنا نوعين من الملك. -

ص: 120

فالمعاملة عليه من المتبايعين مواطاة على اخراجه عن المالية، و سلكه في سلك ما لا تتمول

+++++++++++

- تقديريا - و تحقيقيا، لأن منشأهما هو اختلاف النظر بين الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين في الجمع بين الخبرين و هما:

قوله عليه السلام: العمودان لا يملكان.

الظاهر في عدم قابليتهما للتملك ابدا.

و في قوله عليه السلام: لا عتق إلا في ملك.

الظاهر في قابلية العمودين للتملك.

فطريق الجمع بين الخبرين هو رفع اليد عن ظهور الاول، و حمله على استقرار التملك ابدا.

فيكون المراد من عدم تملك الولد العمودين هو التملك الحقيقي بنحو الاستقرار و الدوام.

لا بنحو الآنية المعبر عنها ب: الملك التقديري اي الفرضي.

اي لا يملكهما دائما و ما داما موجودين.

أو رفع اليد عن ظهور الثاني و حمله على الملك الفرضي.

فيكون المراد من الملك حينئذ الملكية التقديرية.

اي يملكهما آنا مّا حتى يحصل العتق.

ففيما نحن فيه لو قلنا بالملكية التقديرية.

فالمعاملة على من يعتق عليه المبيع تكون مواطاة من البائع و المشتري على اخراج المبيع عن المالية، و جعله في جملة الأحرار الذين لا يجوز بيعهم. و لا يبذل بإزائهم المال تجاه المعاملة عليهم.

فيكونان في سلك ما لا يتمول.

ص: 121

لكنه (1) حسن مع علمهما، فتأمل (2).

و قد يقال (3): إن ثبوت الخيار لمن انتقل عنه مبني على أن الخيار و الانعتاق.

هل (4) يحصلان بمجرد البيع؟.

+++++++++++

(1) اي التحقيق المذكور حول تقسيم الملك إلى نوعين:

(التقديري - و التحقيقي).

و جعل الملكية في المشتري على من يعتق عليه ملكية تقديرية، و أنه لا خيار له:

حسن فيما إذا كان البائع و المشتري عالمين بعتق المبيع حالا و بمجرد الشراء، لعدم تملك المشتري عموديه.

(2) اشارة إلى أن التصرف و الاتلاف المتأخرين عن العقد هما اوجبا سقوط الخيار بحكم الأخبار الظاهرة في ذلك.

و أين هذا من تواطئهما قبل العقد على العقد؟ الذي هو سبب للتلف.

فلا يجري حكم الاول: و هو التواطؤ على الثاني و هو العقد.

و سقوط الخيار استفيد من الأخبار الدالة على أن التصرف و الاتلاف هما الموجبان لسقوط الخيار، لا تواطؤ المتعاقدين.

و تأتي الاشارة إلى هذه الاخبار في خيار الحيوان إن شاء اللّه تعالى.

(3) القائل هو المحقق التستري قدس سره في مقابيسه.

يروم به اثبات الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق.

و بنى ثبوت الخيار للبائع على أربعة احتمالات.

و نحن نذكر كل احتمال عند رقمه الخاص.

(4) هذا هو الاحتمال الاول.

ص: 122

أو بعد (1) ثبوت الملك آنا مّا؟.

أو الاول (2) بالاول، و الثاني بالثاني؟.

أو بالعكس (3)؟.

فعلى الاولين (4) و الأخير (5) يقوى القول بالعدم لأنصية (6) أخبار العتق.

+++++++++++

- خلاصته: إن الخيار و العتق يوجدان في الخارج دفعة واحدة بمجرد تحقق البيع.

(1) هذا هو الاحتمال الثاني.

خلاصته: إن الخيار و العتق يتحققان خارجا بعد تحقق الملك للمشتري آنا مّا.

(2) هذا هو الاحتمال الثالث.

خلاصته: هو تحقق الخيار خارجا بمجرد تحقق العتق(1) عقيب ثبوت الملك للمشتري آنا مّا.

(3) هذا هو الاحتمال الرابع.

خلاصته: تحقق العتق خارجا بالبيع و الخيار بعد ثبوت الملك للمشتري آنا مّا.

(4) و هما الاحتمال الاول و الثاني.

(5) و هو الاحتمال الرابع، اي فعلى الاحتمال الاول و الثاني و الرابع يقوى القول بعدم ثبوت خيار المجلس للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

(6) تعليل لعدم ثبوت الخيار على الاحتمال الاول و الثاني و الرابع اي عدم الثبوت لاجل أن أخبار عتق العمودين أشد صراحة في خروج العين المبيعة عن الملكية، و أنهما يصيران حرين بمجرد الشراء فلا مجال للخيار.

ص: 123


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و كون (1) القيمة بدل العين فيمتنع استحقاقها من دون المبدل.

و لسبق (2) تعلقه على الاخير.

و يحتمل (3) قويا الثبوت:

جمعا (4) بين الحقين.

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في ص 123 لأنصية:

هذا هو التعليل الثاني لعدم ثبوت خيار المجلس للبائع على الاحتمال الاول و الثاني و الرابع.

و خلاصته: إن قيمة العبد بدل عن العين التالفة بحكم العتق.

و من الواضح عدم استحقاق البائع المبدل الذي هي العين المبيعة لتحررها بمجرد الشراء، و اذا لم يستحق العين فلا مجال لاسترداده قيمة العين حينئذ.

(2) هذا هو التعليل الثالث لعدم ثبوت خيار المجلس للبائع على الاحتمال الاول و الثاني و الرابع.

خلاصته: إنه على فرض احتمال الرابع.

و هو حصول الحرية بالبيع، و الخيار بعد ثبوت الملك:

يكون حصول العتق قبل حصول الخيار.

إذا يكون العتق اسبق على الخيار.

(3) هذا من متممات كلام المحقق التستري قدس سره.

اي و يحتمل قويا ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

و قد استدل على ذلك بأدلة ثمانية.

نشير إلى كل واحد منها عند رقمها الخاص.

(4) هذا هو الدليل الاول اي القول بثبوت الخيار للبائع لاجل -

ص: 124

و دفعا (1) للمنافاة من البين.

و عملا (2) بالنصين.

+++++++++++

- الجمع بين الحقين و هما:

حق البائع، و حق العتق، لأنه في صورة القول بعدم الثبوت له يلزم تفويت حق البائع: و هو الخيار.

إذا لا حق له للرجوع إلى القيمة التي يستحقها بالفسخ.

(1) هذا هو الدليل الثاني اي القول بثبوت الخيار للبائع لقيمة العبد المعتق لاجل دفع المنافاة الحاصلة في البين.

و خلاصة المنافاة هو التنافي الحاصل.

بين استحقاق البائع الفسخ.

و بين رجوع العبد المعتق إلى الحرية، لأن البائع يستحق الفسخ المقتضي لرجوع كل من العوضين إلى صاحبه الاصلي.

و من الواضح تعذر عود العبد إلى الرقية بعد تحقق الحرية فيه.

و أما دفع المنافاة فعبارة عن فسخ البائع، ليرجع إلى قيمة العبد المعتق ليأخذها من المشتري، و المشتري يسترد الثمن من البائع، لتعذر عود العبد المعتق إلى الرقية.

فبهذا الدفع يرتفع المنافاة.

(2) هذا هو الدليل الثالث لثبوت خيار المجلس للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

اي القول بثبوت الخيار لاجل النصين الواردين في المقام و هما:

حق الخيار، و دليل عتق العبد بمجرد الشراء.

و لازم العمل بهما هو رجوع المشتري إلى الثمن، و بقاء المبيع -

ص: 125

و بالاجماع (1) على عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين.

و تنزيلا (2) للفسخ منزلة الارش، مع ظهور عيب في احدهما.

+++++++++++

- على حريته.

و نتيجة هذا العمل هو زوال يد البائع عن العوضين و هو خلاف الاجماع، فلذا اضطر صاحب المقابيس قدس سره إلى ذكر الاجماع فعطفه على العمل بالنصين فقال:

و بالاجماع على عدم امكان.

(1) هذا هو الدليل الرابع لثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

اي القول بثبوت الخيار لأجل الاجماع القائم على عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين.

(2) هذا هو الدليل الخامس لثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

اي القول بثبوت الخيار لاجل تنزيل فسخ البائع في اخذه بدل المبيع منزلة الارش عند ظهور عيب في العبد المعتق:

فكما أن الغاية من جعل الارش في المبيع المعيب هو تدارك الضرر المتوجه على احد المتعاقدين.

كذلك فيما نحن فيه: و هو عتق العبد على المشتري، فان دفع قيمة هذا العبد له لاجل تدارك الضرر المتوجه نحوه.

و إنما قال المحقق التستري قدس سره.

تنزيلا للفسخ: لكون الفسخ فيما نحن فيه ليس فسخا حقيقيا، ليستدعي عود كل من العوضين بعينهما إلى صاحبه. -

ص: 126

و العتق (1) بمنزلة تلف العين.

و لأنهم (2) حكموا بجواز الفسخ و الرجوع الى القيمة فيما اذا باع بشرط العتق فظهر كونه ممن ينعتق على المشتري.

+++++++++++

- بل الفسخ هنا عبارة عن أخذ قيمة العين بلا فسخ للمعاملة.

كما أن اخذ الارش في قبال الوصف الفائت، أو الجزء التالف لو ظهر المبيع معيبا، أو الثمن معيبا، مع أن العين باقية على حالها.

(1) عطف على قوله: و تنزيلا اي و تنزيلا للعتق منزلة تلف العين.

هذا هو الدليل السادس لثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري.

و خلاصته إن القول بالثبوت لاجل تنزيل العبد المعتق منزلة تلف العين في أيام الخيار اذا كان لاحد المتبايعين، أو لكليهما.

كما في بيع الحيوان بالحيوان، أو كان لاحدهما خيار الشرط.

فكما أن لصاحب الخيار الفسخ، و الرجوع الى البدل إن كانت العين تالفة.

كذلك فيما نحن فيه: و هو العتق القهري في العبد المبيع على من يعتق عليه، فللبائع قيمة هذا العبد بدلا عنه.

(2) هذا هو الدليل السابع لثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق قهرا على المشتري.

اي القول بثبوت الخيار لاجل حكم الفقهاء بجواز الفسخ و الرجوع الى قيمة العبد اذا بيع على عبد بشرط أن يعتقه(1) ثم ظهر أنه يعتق على المشتري قهرا: بأن كان اباه.

فكما أن البائع يرجع الى القيمة، ليتدارك ضرره، لعدم رجوع -

ص: 127


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

أو تعيب (1) بما يوجب ذلك.

و الظاهر (2) عدم الفرق بينه و بين المقام.

و على الثالث (3) يتجه الثاني،

+++++++++++

- العبد الى الرقية.

كذلك فيما نحن فيه يرجع البائع الى القيمة، لعين الملاك.

(1) هذا هو الدليل الثامن لثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري قهرا.

و خلاصته: إن القول بالرجوع لاجل أن المبيع صار ذا عيب بسبب تحرره و عتقه القهري.

و هذا التعيب يوجب الفسخ و الرجوع الى القيمة، ليتدارك الضرر المتوجه نحو البائع.

(2) هذا كلام صاحب المقابيس قدس سره.

و خلاصته: إنه لا فرق ظاهرا بين المبيع المشترط عتقه، ثم ظهر كونه ممن يعتق عليه.

و بين المبيع الذي لم يشترط فيه العتق:

في الرجوع الى القيمة، لاتحاد الملاك فيهما.

كما عرفت آنفا.

(3) هذا من متممات كلام المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره:

و خلاصته: إنه على الاحتمال الثالث المشار إليه في الهامش 2 ص 123.

و هو حصول الخيار بمجرد البيع، و الاعتاق بالملك المعبر عنه في قول الشيخ قدس سره في ص 129: -

ص: 128

لما مرّ (1)، و لسبق (2) تعلق حق الخيار.

+++++++++++

- أو الاول بالاول، و الثاني بالثاني:

يتجه الاحتمال الثاني: و هو ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق قهرا على المشتري عند قول شيخنا الانصاري قدس سره في ص 123.

أو بعد ثبوت الملك آنا مّا.

(1) تعليل لاتجاه الاحتمال الثاني على الاحتمال الثالث.

اي الاتجاه المذكور لاجل الأدلة الثمانية التى اقامها صاحب المقابيس قدس سره بقوله: و يحتمل قويا الثبوت، جمعا

و نحن ذكرنا الأدلة الثمانية.

في الهامش 4 ص 124.

و الهامش 1 ص 125.

و الهامش 2 ص 125.

و الهامش 1 ص 126.

و الهامش 2 ص 126.

و الهامش 1 ص 127.

و الهامش 2 ص 127.

و الهامش 1 ص 128.

(2) تعليل ثان لاتجاه الاحتمال الثاني على الاحتمال الثالث.

اي القول بثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري قهرا: هو تقدم حق الخيار على حق الانتقال.

ص: 129

و عروض (1) العتق.

ثم قال (2): و حيث كان المختار في الخيار أنه بمجرد العقد.

و في العتق أنه بعد الملك.

و دل (3) ظاهر الأخبار، و كلام الأصحاب على أن أحكام العقود و الايقاعات تتبعها بمجرد حصولها إذا لم يمنع عنها مانع.

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور اللام الجارة في قوله في ص 129:

و لسبق، اي و لعروض العتق.

و هو تعليل ثالث لاتجاه الاحتمال الثاني على الاحتمال الثالث.

خلاصته: إن العتقية قد حصلت بعد حصول الخيار.

فهي متأخرة زمانا عن حق الخيار، و أسبق منه رتبة(1) لأن الخيار يثبت بمجرد العقد الحاصل في الخارج بالايجاب و القبول.

و العتق يحصل بعد تملك المشتري عموديه، أو احدهما آنا مّا.

فهذا المقدار من التأخر كاف في حصول التقدم في الخيار.

(2) اي صاحب المقابيس افاد أن مختارنا في ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري قهرا:

هو تحققه بمجرد العقد، و في تحقق العتق بعد تحقق الملك آنا مّا.

(3) هذا من متممات كلام المحقق التستري قدس سره في مقابيسه يروم بكلامه هذا تأييد مذهبه: و هو ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المبيع و المعتق على المشتري قهرا.

و خلاصته أن ظاهر الأحاديث الواردة في العبد المعتق على المشتري.

و ظاهر كلمات الأصحاب رضوان اللّه عليهم:

دال على أن أحكام العقود و الايقاعات تابعة لموضوعاتها، اي -

ص: 130


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

من غير فرق (1) بين الخيار، و غيره.

بل قد صرحوا بأن الخيار يثبت بعد العقد، و أنه علة و المعلول لا يتخلف عن علته.

كما أن الاعناق لا يتخلف عن الملك (2).

فالأقرب (3) هو الاخير(1) كما هو ظاهر المختلف و السرائر(2)

+++++++++++

- يتحقق وجودها خارجا بوجود موضوعاتهما.

فمتى تحققنا تحققت أحكامهما، لأنهما علتان لها، و الأحكام معلولات فلا يجوز الانفكاك بينهما.

و من الواضح أن تحقق العقود خارجا بعد تمامية تاء قبلت، و هكذا.

و كذا تحقق الايقاعات بعد تمامية قاف انت طالق مثلا.

(1) اي لا يكون هناك فرق في متابعة الأحكام لموضوعاتها.

بين الخيار، و غيره: من بقية أحكام العقود و الايقاعات:

في ترتبها على موضوعاتها.

(2) اي يحصل العتق بمجرد الملكية الآنية، بناء على أنه لا عتق إلا في ملك.

(3) هذا رأي صاحب المقابيس قدس سره في خيار المجلس للبائع في قيمة العبد المبيع على المشتري، المعتق عليه قهرا.

و خلاصته: إن الأقرب إلى الصواب.

هو القول الاخير: و هو الاحتمال الرابع. المشار إليه في الهامش 3 ص 123:

و هو تحقق العتق خارجا بالبيع.

و الخيار بعد ثبوت الملك للمشتري آنا مّا. -

ص: 131


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و مال (1) إليه الشهيد(1) إن لم يثبت الاجماع على خلافه.

و يؤيده (2) اطلاق الأكثر، و دعوى ابن زهرة الاجماع(2) على ثبوت خيار المجلس في جميع ضروب (3) المبيع من غير استثناء.

انتهى كلامه (4) رفع مقامه.

+++++++++++

- و قد صرح صاحب المقابيس قدس سره بالثبوت بقوله كما نقل عنه شيخنا الانصاري في ص 124:

و يحتمل قويا الثبوت، جمعا بين الحقين.

(1) هذا من متممات كلام صاحب المقابيس أيضا.

اي و مال الى ثبوت الخيار للبائع الشهيد الاول قدس سره.

(2) هذا من متممات كلام صاحب المقابيس قدس سره.

اي و يؤيد ثبوت الخيار للبائع اطلاق كلمات أكثر الفقهاء رضوان اللّه عليهم في الخيار، حيث قالوا في خيار المجلس:

إنه ثابت للبائع و المشتري.

فهذا الاطلاق شامل بيع المملوك على من يعتق عليه قهرا.

(3) اي أقسام البيع و أنواعه حتى بيع العبد على من يعتق عليه.

فالاطلاقات الواردة من أكثر الفقهاء.

و الاجماع المدعى من ابن زهرة قدس سره.

كافيتان في جميع أقسام البيع حتى بيع المملوك على من يعتق عليه:

في ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري قهرا.

(4) اي ما افاده المحقق التستري قدس سره في مقابيسه.

ص: 132


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

اقول (1): إن قلنا (2): إنه يعتبر في فسخ العقد بالخيار

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به النقاش مع المحقق التستري قدس سرهما فيما افاده: من ثبوت الخيار للبائع في قيمة العبد المعتق على المشتري قهرا.

كما هو ديدن شيخنا الانصاري في جميع محاوراته العلمية مع الأعاظم في كتابيه: (الرسائل و المكاسب).

و قد أفاد قدس سره أن ثبوت الخيار للبائع، و عدمه يدور مدار المعنى المراد من الفسخ فقال:

إن حقيقة الفسخ لا تخلو من احد امرين في الواقع و نفس الامر على سبيل منع الخلو.

و نحن نشير إليهما عند رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الامر الاول.

و خلاصته: إنه إن اعتبرنا في فسخ العقد بالخيار، أو بالتقايل خروج الملك عن ملك من انتقل إليه الذي هو المشتري بعد أن دخل في ملكه بالشراء.

و دخوله في ملك من انتقل عنه الذي هو البائع بعد أن خرج عن ملكه بالبيع، لاستلزام خروج احد العوضين عن ملك احدهما:

دخوله في ملك الآخر و لو على نحو الملكية الفرضية التقديرية المعبر عنها ب: (الملكية الآنية):

لم يكن وجه لخيار البائع، و إن قلنا بحصول الخيار للبائع بمجرد وقوع العقد، و قلنا بحصول العتق عقيب تملك العبد على نحو الترتب:

بمعنى تأخر رتبة العتق عن رتبة الخيار كما عرفت آنفا.

ص: 133

أو بالتقايل خروج الملك عن ملك من انتقل إليه الى ملك من انتقل عنه، نظرا (1) إلى أن خروج احد العوضين عن ملك احدهما يستلزم دخول الآخر فيه و لو تقديرا:

لم يكن وجه للخيار فيما نحن فيه، و لو (2) قلنا يكون الخيار بمجرد العقد، و الانعتاق عقيب الملك آنا مّا، إذ (2) برفع العقد لا يقبل المنعتق عليه: لأن يخرج عن ملك المشتري الى ملك البائع و لو تقديرا، إذ (4) ملكية المشتري لمن ينعتق عليه ليست على وجه يترتب عليه سوى الانعتاق.

+++++++++++

(1) تعليل لملازمة خروج الملك عمن انتقل إليه الى دخوله في ملك الآخر.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 ص 133: لاستلزام خروج.

(2) كلمة لو وصلية و ليست شرطية حتى يقال:

أين جزاؤها؟

(3) تعليل لعدم وجه لخيار البائع على الاعتبار المذكور في قوله قدس سره في ص 133: إنه إن قلنا: إنه يعتبر.

و خلاصته: إن الفسخ من البائع موجب لرفع العقد و إذا رفع العقد فلا مجال لخروج العبد المعتق عن ملك المشتري، و دخوله في ملك البائع و لو تقديرا، لعدم قابليته لذلك.

(4) تعليل لعدم قابلية خروج العبد المعتق عن ملك المشتري و دخوله في ملك البائع.

و خلاصته: إن تملك المشتري من يعتق عليه قهرا ليس على حد بقية الأشياء المملوكة للانسان القابلة للتصرف فيها كيف شاء و اراد. -

ص: 134

و لا يجوز تقديره (1) بعد الفسخ قبل الانعتاق خارجا عن ملك المشتري الى ملك البائع ثم انعتاقه مضمونا على المشتري.

كما (2) لو فرض بيع المشتري المبيع في زمن الخيار ثم فسخ البائع.

+++++++++++

- بل تملكه له محدود، و تصرفه فيه معين:

و هو التملك الآني، و التصرف اللحاظى، ليتسنى له عتقه، حيث لا عتق إلا في ملك، ليمكن الجمع بين دليل: لا عنق إلا في ملك.

و دليل: إن الولد لا يملك عموديه.

فلا يجوز تقدير ملكية العبد المعتق مرة ثانية بعد فسخ البائع و خروج العبد عن ملك المشتري، و دخوله في ملك البائع ثم عتقه على المشتري مشروطا عليه ضمانه قيمة العبد و دفعها الى البائع.

(1) اي تقدير ملكية العبد المعتق مرة ثانية.

و قد عرفت معناه في هذه الصفحة عند قولنا: فلا يجوز.

(2) تنظير لعدم قابلية ارجاع العبد المعتق الى ملكية البائع.

و خلاصته: إن ما نحن فيه نظير بيع المشتري ما اشتراه في زمن خيار البائع ثم فسخ البائع البيع.

فكما أن المبيع لا يمكن رده الى البائع بعد فسخه.

فيجب حينئذ على المشتري اعطاء قيمة المبيع إلى البائع.

كذلك فيما نحن فيه الواجب على المشتري اعطاء قيمة العبد المعتق عليه قهرا الى البائع.

هذا إذا لم يكن للمشتري حق الخيار في بيع ما اشتراه في زمن خيار البائع.

و أما إذا كان له الخيار فالواجب عليه استرداد المبيع بخياره و رده -

ص: 135

..........

+++++++++++

- إلى البائع إذا اراد العين و لم يرض بالقيمة.

ثم إن شيخنا الانصاري قدس سره افاد في هذا المقام هكذا:

اذ يرفع العقد لا يقبل المنعتق عليه لأن يخرج عن ملك المشتري الى ملك البائع و لو تقديرا.

و لما كانت العبارة خارجة عن السلاسة و الفصاحة.

فراجعت النسخ الموجودة من (المكاسب) عندنا.

فرأيتها كما هنا.

فاحببت لفت نظر قرائنا الكرام النبلاء إلى جهات ثلاثة كلها مهمة بنظري القاصر.

اذكر لك تلك الجهات، لتطالعها بامعان.

و لتكن انت الحكم في صدق مقالتي، أو خطئي.

(الجهة الاولى):

كثر استعمال كلمة: (انعتق منعتق انعتاق) في الكتب الفقهية لعلمائنا الأعلام، و فطاحلهم الأفذاذ قدس اللّه أسرارهم، و عطر اللّه مراقدهم.

هذا (سيدنا المرتضى) قدس اللّه نفسه الزكية.

قد استعمل الكلمة في مصنفه العظيم (الانتصار) بقوله:

و مما انفردت به الامامية أن العبد إذا كان بين شريكين، أو أكثر من ذلك فاعتق احد الشركاء نصيبه.

انعتق ملكه من العبد خاصة.

فان كان هذا المعتق موسرا طولب بابتياع حصص شركائه -

ص: 136

..........

+++++++++++

- فاذا ابتاعها انعتق جميع العبد.

راجع (الانتصار) الجزء 2 ص 169 طباعة.

(المطبعة الحيدرية - النجف الاشرف) عام 1391.

و هذا شيخنا المشتهر في الآفاق فقيه الدهر.

(المحقق الحلي) قدس اللّه نفسه الزكية.

قد استعمل الكلمة في مصنفه النفيس الثمين.

(شرائع الاسلام) بقوله:

و لو كان اسمها حرة فقال:

انت حرة، فان قصد الإخبار لم تنعتق.

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الحديثة الجزء 3 ص 106.

و قال قدس اللّه نفسه في موضع آخر:

و لو قال: إن ملكتك فانت حر لم ينعتق مع الملك.

راجع (المصدر نفسه) ص 107.

و هذا استاد الكل على الاطلاق المشتهر في الآفاق نابغة الدهر و فريد العصر مفخرة الكون بلا منازع و مخالف.

(شيخنا العلامة الحلي) قدس اللّه روحه الطاهرة.

قد استعمل الكلمة في مصنفيه العظيمين الخالدين ببقاء الاسلام:

(تذكرة الفقهاء - و قواعد الأحكام):

قال قدس سره:

(الثانية): لو اشترى من ينعتق عليه بالملك.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 308. -

ص: 137

..........

+++++++++++

- و قال طيب اللّه رمسه:

و لا ينعتق على المرأة سوى العمودين.

و لو ملك احدهما من الرضاع من ينعتق عليه لو كان نسبا عتق عليه، و يثبت العتق حتى يتحقق الملك.

و من ينعتق عليه بالملك كله ينعتق بعضه لو ملك ذلك البعض.

راجع (قواعد الأحكام) الطبعة الحجرية - كتاب العتق.

الفصل الثالث - المطلب الثاني في عتق القرابة.

و هذا (شيخنا الشهيد الثاني) قدس روحه الطاهرة.

فقيه الطائفة، اعجوبة الكون.

قد استعمل الكلمة في مصنفه العظيم:

(الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية).

قال قدس سره:

و هل تنعتق حصة الشريك بعتق المالك حصته؟.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة - الجزء 6 ص 264 عند قوله: و لو كان مديونا يستغرق دينه ماله.

و هذا شيخ المحدثين و عظيمهم (شيخنا الحر العاملي) عطر اللّه مرقده الشريف، و افاض عليه من شآبيب رحمته.

قد استعمل الكلمة في موسوعته العظيمة الجبارة الخالدة.

(وسائل الشيعة) بقوله:

باب إن الرجل إذا ملك احد الآباء، أو الأولاد، أو احدى النساء المحرمات انعتق عليه، و أنه يملك من عداهم: من الأقارب. -

ص: 138

..........

+++++++++++

- و لا ينعتق عليه، بل يستحب عتقه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16 ص 11 الباب 7 - الأحاديث.

و قال قدس سره:

باب إن المرأة اذا ملكت حدا من الأقارب، أو الامهات، أو الأولاد العتق.

راجع (المصدر نفسه) ص 15 الباب 9.

و هذا خاتم الفقهاء العظام، مالك ازمة التحرير و التأسيس، و مربي أكابر اهل التصنيف و التدريس:

(شيخنا الانصاري) قدس اللّه روحه الطاهرة:

قد استعمل الكلمة في بحوثه العلمية في شتى مجالاتها.

و قد استعملها في مصنفه العظيم، و كتابه الجليل الذي لم يسبق بمثيل، و لم يلحق بنظير.

(المكاسب): في موارد عديدة.

قال قدس اللّه روحه الطاهرة في خيار المجلس:

لم يكن وجه للخيار فيما نحن فيه و لو قلنا بكون الخيار بمجرد العقد: و الانعتاق عقيب الملك آنا مّا، إذ برفع العقد لا يقبل المنعتق عليه: لأن يخرج عن ملك المشتري الى ملك البائع و لو تقديرا، إذ ملكية المشتري لمن ينعتق عليه ليست على وجه يترتب عليه سوى الانعتاق.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 134.

و هناك موارد كثيرة قد استعملت الكلمة فيها في كتب الأعلام في مؤلفاتهم القيمة، و مصنفاتهم الثمينة. -

ص: 139

..........

+++++++++++

- و حيث لم اجد استعمال الكلمة في الأحاديث الشريفة المروية عن (الرسول الأعظم) و اهل بيته الطاهرين الذين هم (أئمة اهل البيت) صلى اللّه عليه و عليهم اجمعين.

و هم اصول العرب، و سادة الأمم، و الناطقين بالضاد، و أفصح من نطق بها.

(بيد أنهم من قريش).

ثم راجعت مصادر اللغة التي بأيدينا.

(المصباح المنير - الصحاح - القاموس - لسان العرب - تاج العروس - النهاية - مجمع البحرين -).

مراجعة دقيقة أكثر من مرة في مادة (عتق).

فلم اجد فيها مجيء كلمة:

(انعتق - ينعتق - منعتق - انعتاق).

و حب الاستطلاع دعاني إلى مراجعة كتب (علماء اخواننا السنة):

من الحديث و الفقه و التفسير.

فلم اعثر على ضالتي فيها.

فراجعت (صحيح البخاري) الجزء 3 ص 179-180 مطبوعات محمد علي صبيح و أولاده بميدان (الأزهر بمصر).

و راجعت (صحيح مسلم) الجزء 10 - ص 135-153.

ثم راجعت الكتب الفقهية لهم:

(المحلّى) الجزء 6 من ص 200 الى ص 204.

فلم اجد فيها هذه الكلمة. -

ص: 140

..........

+++++++++++

- نعم افاد (شيخ الطائفة) قدس سره في مصنفه الشريف (المبسوط) نقلا عن بعض (علماء اخواننا السنة) بقوله:

و قال بعضهم: شريكه بالخيار بين أن يعتق نصيبه و بين أن يستسعيه ليؤدي فينعتق.

راجع (المبسوط) الجزء 6 ص 55 طباعة (المكتبة المرتضوية).

و العجب من هؤلاء الأعلام و هم.

(عرب أقحاح بين قحطان و عدنان).

كيف استعملوا هذه الكلمة:

(انعتق - انعتاق - ينعتق - المنعتق) في شتى مجالات بحوثهم العلمية؟.

و الذي يسهل الخطب أن صياغة الفعل المزيد فيه من الثلاثي المجرد لما كان امرا قياسيا، لا سماعيا حتى يتوقف استعمال الفعل المزيد فيه على سماعه من واضعي اللغة، ليكون امرا توقيفيا.

و لا سيما أن الفصاحة و البلاغة قبل كل شيء معتمدة على صفاء الاستعداد الفطري، و الدقة في ادراك الجمال.

فلذلك فقد اختار هؤلاء الأعلام الأفذاذ الذين هم الأساطين.

في (الادب العربي).

و قد بلغ (سيدنا المرتضى) أعلى اللّه مقامه الشريف القمة في ذلك:

الوزن المذكور، لتأدية المعنى المراد منه في الفعل الثلاثي المجرد.

(الجهة الثانية):

إن العبارة الواقعة في قوله قدس سره في ص 34:

ص: 141

..........

+++++++++++

إذ يرفع العقد لا يقبل المنعتق عليه لأن يخرج من ملك المشتري الى ملك البائع و لو تقديرا الى آخر العبارة.

خارجة عن السلاسة و الفصاحة.

مع أنه قدس سره ضليع في الادب العربي، و خريت هذه الصناعة و ابن بجدتها في صياغة الكلمات في قوالبها.

فلو ابدلت كما يأتي لكان أجمل و أخصر هكذا.

إذ برفع العقد بسبب فسخ البائع لو فرض الفسخ لم ينتقل العبد من ملك المشتري الى ملك البائع، لصيرورته حرا بمجرد شرائه له.

(الجهة الثالثة):

المرجع في ضمير عليه في قوله في ص 134: (المنعتق عليه) هو المشتري.

و المراد من المنعتق هو العبد الذي عتق على المشتري قهرا و جيرا حيث لا يملكه، لأنه ابوه.

هذا ما خطر ببالي القاصر حول الجهات الثلاث.

اضعها بين يدي قرائنا الكرام، ليطالعوها مطالعة دقيقة بامعان.

لعلني كنت خاطئا في مقالتي هذه.

ص: 142

و الحاصل (1) أن الفاسخ يتلقى الملك من المفسوخ عليه.

و هذا (2) غير حاصل فيما نحن فيه.

و إن (3) قلنا: إن الفسخ لا يقتضي أزيد من رد العين إن كانت موجودة، و بدلها ان كانت تالفة، أو كالتالف (4).

و لا يعتبر في صورة التلف امكان تقدير تلقي الفاسخ الملك من

+++++++++++

- فيرشدونني الى ذلك، لا تداركه في الأجزاء اللاحقة إن شاء اللّه تعالى.

مع الشكر الجزيل المتواصل و الثناء الجميل المتواضع و الاشارة الى اسمه الكريم.

(1) اي خلاصة ما يمكن أن يقال في هذا المقام:

إن كل فاسخ لعقده يتلقى الملك الراجع له من المفسوخ عليه بعد فسخه.

و من الواضح أن الفاسخ فيما نحن فيه:

و هو بيع العبد على من يعتق عليه قهرا غير متمكن على استرجاعه لعدم امكان رجوعه الى الرقية بعد أن صار حرا.

فلا يمكن لمثل هذا الفاسخ تلقي ملكه من المفسوخ عليه.

(2) اي تلقي الملك من المفسوخ عليه كما عرفت.

(3) هذا هو الامر الثاني من الامرين الذين اشرنا إليهما في الهامش 1 ص 133 بقولنا: إن حقيقة الفسخ لا تخلو من احد امرين.

(4) كما لو غصبت العين: بحيث لا يمكن استخلاصها و استرجاعها من الغاصب.

ص: 143

المفسوخ عليه و تملكه منه (1).

بل يكفي أن تكون العين المضمونة بثمنها قبل الفسخ.

مضمونة بعد الفسخ و بقيمتها مع التلف.

كما يشهد به (2) الحكم بجواز الفسخ و الرجوع الى القيمة فيما تقدم في مسألة البيع بشرط العتق ثم ظهور المبيع منعتقا على المشتري.

و حكمهم (3) برجوع الفاسخ الى القيمة لو وجدت العين منتقلة بعقد لازم، مع عدم امكان تقدير عود الملك قبل الانتقال الذي هو بمنزلة التلف الى الفاسخ.

+++++++++++

(1) اي من المفسوخ منه.

(2) اي باختلاف الضمان و مراتبه.

خلاصة هذا الاستشهاد:

إن حكم الفقهاء بجواز الفسخ و الرجوع الى القيمة فيما إذا باع بشرط العتق.

كما نقله عن المحقق التستري قدس سره في ص 127 بقوله: و لأنهم حكموا:

أكبر شاهد على أن الضمان له مراتب مختلفة باختلاف الحالات و الأزمان.

و هذه الاختلافات بسبب الحالات كافية على أن تكون العين مضمونة بثمنها قبل الفسخ و مضمونه لقيمتها بعد الفسخ مع التلف.

فان كانت العين موجودة قبل فسخ بائعها كان الضمان متعلقا بثمنها.

و إن كانت تالفة فالضمان متعلقة بقيمتها.

(3) بالرفع عطفا على فاعل يشهد في قوله في هذه الصفحة: -

ص: 144

كان (1) الأوفق بعمومات الخيار القول به هنا و الرجوع الى القيمة

+++++++++++

- كما يشهد به الحكم اي و كما يشهد بمراتب الضمان و اختلافه باختلاف الحالات:

حكم الفقهاء برجوع الفاسخ الى القيمة.

(1) جواب لإن الشرطية في قوله في ص 143:

و إن قلنا: إن الفسخ لا يقتضي.

و الجواب هذا جواب عن الشق الثاني لمناقشة شيخنا الانصاري قدس سره مع صاحب المقابيس اعلى اللّه مقامه في قوله في ص 133

اقول: إن قلنا: إنه يعتبر.

و خلاصة الجواب: إنه لو قلنا بعدم اقتضاء الفسخ أزيد من رد العين إذا كانت موجودة.

و ببدلها و هي القيمة إن كانت تالفة:

كان الأوفق بالعمومات الواردة في الخيار التي ذكرت في الهامش 1 ص 56: هو القول بالخيار للبائع في القيمة في العبد المبيع على من يعتق عليه.

و يمكن أن يقال: إن هذا الجواب نظرية الشيخ الانصاري قدس سره في هذا المقام.

و إن كان ديدنه قدس سره هو الكر و الفر في البحوث العلمية فيما حققه و دونه في كتابيه العظيمين:

(الرسائل و المكاسب)، و لذا ترى رجوعه عن هذه النظرية التي قال بها بقوله في ص 145: إلا مع إقدام.

ص: 145

إلا (1) مع إقدام المتبايعين على المعاملة مع العلم بكونه (2) ممن ينعتق عليه.

فالأقوى (3) العدم، لأنهما (4) قد تواطئا على اخراجه عن المالية الذي (5) هو بمنزلة اتلافه.

و بالجملة (6) فان الخيار حق في العين، و إنما يتعلق بالبدل بعد

+++++++++++

(1) استثناء و رجوع عما افاده: من ثبوت الخيار للبائع على فرض عدم اقتضاء الفسخ أزيد من رد العين إن كانت موجودة.

و خلاصته: إنه في صورة إقدام المتبايعين على البيع و الشراء و هما عالمان بكون المبيع يعتق على المشتري بمجرد الشراء: أو علم البائع بذلك.

فلا خيار للبائع حينئذ، لأنهما قد تواطئا على اخراج المبيع عن المالية ببيعه على من يعتق عليه قهرا.

فهما مقدمان على ضرر نفسيهما.

فتشمل البائع قاعدة: (من أقدم)، فلا خيار له.

(2) اي المبيع كما علمت.

(3) اي الأقوى عدم القول بالخيار للبائع.

كما علمت آنفا عند قولنا: فلا خيار للبائع.

(4) اي المتبايعان.

(5) مجرورة محلا صفة لكلمة اخراجه في قوله: على اخراجه.

(6) اي و خلاصة الكلام.

يروم قدس سره في قوله: و بالجملة:

انكار الخيار للبائع في قيمة العبد المبيع على من يعتق عليه قهرا.

و خلاصته: إن الخيار من الحقوق المتعلقة بشخص العين عند وجودها. -

ص: 146

تعذرها (1)، لا (2) ابتداء.

فاذا (3) كان نقل العين إبطالا لماليتها، و تفويتا لمحل الخيار.

+++++++++++

- و تعلقه بالبدل و هي القيمة عند تعذر العين.

فلا يتعلق بالقيمة ابتداء.

فاذا نقلت العين إلى الغير بالبيع على من يعتق عليه مع علمه بعتقه فقد ابطل البائع مالية هذه العين، و اسقط محل خياره عنها، اذ محله العبد و قد خرج بالحرية عن محل الخيار بعلمه بعتقه.

فهو بنفسه فوت عليه محل الخيار.

كما لو فوت البائع نفس الخيار و شخصه باشتراط سقوطه.

فكما أن هنا ليس له خيار اصلا و ابدا.

كذلك فيما نحن فيه ليس له خيار في العين.

فلا يحدث في العين حق حتى يتعلق ذاك الحق ببدلها: و هي القيمة.

(1) اي بعد تعذر العين بعتق العبد.

(2) اي و ليس تعلق الخيار بالبدل ابتداء حتى يستحق البائع قيمة العين عند تعذرها.

و قد عرفت معنى هذه العبارة في هذه الصفحة.

عند قولنا: و تعلقه بالبدل.

(3) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من عدم تعلق الخيار بالعين في صورة علم المتبايعين بعتق العبد.

اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون نقل العين إلى المشتري الذي يعتق عليه المبيع إبطالا لماليته من قبل البائع العالم بعتقه.

و تفويتا لمحل الخيار، فلا مجال لرجوع العبد إلى الرقية.

ص: 147

كان كتفويت (1) نفس الخيار باشتراط سقوطه.

فلم (2) يحدث حق في العين حتى يتعلق ببدلها(1)

و قد (3) صرح بعضهم بارتفاع خيار البائع باتلاف المبيع، و نقله إلى من ينعتق عليه كالاتلاف له من حيث المالية.

فدفع (4) الخيار به أولى و أهون من رفعه.

+++++++++++

(1) تنظير لكون نقل العين تفويتا لماليتها.

اي هذا التفويت مثيل تفويت نفس الخيار و شخصه بسبب اشتراط سقوطه في متن العقد، أو خارجه.

فكما أن الخيار يسقط باشتراط سقوطه.

كذلك يسقط باقدام المتبايعين على البيع مع علمهما بعتقه، فلم يحدث حق في العين حتى يتعلق ببدلها.

(2) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أن البائع في صورة علمه بتلف المبيع فقد فوت شخص الخيار في العين فلا مجال لخياره.

اي ففي ضوء ما ذكرنا فلم يحدث حق في العين بعد هذا التفويت حتى يتعلق ببدلها و ينتقل إليه.

(3) تأييد منه لما ادعاه: من عدم تعلق حق بالعين اصلا في صورة علم البائع بعتق العبد، لأنه أقدم على ضرر نفسه.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم حدوث حق في العين (2)اصلا حتى يتعلق ببدلها.

اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون دفع الخيار بهذا الاتلاف للعين و الابطال لماليتها بعد علم المتبايعين.

أولى و أهون من رفع الخيار، إذ الرفع بعد المجيء، و الدفع -

ص: 148


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فتأمل (1).

و منها: العبد المسلم المشترى من الكافر

(و منها) (2):

+++++++++++

- قبل المجيء.

و ما نحن فيه من قبيل الدفع، إذ باتلاف العين، و إبطال ماليتها لا يبقى مجال للخيار فلم يحدث من بادئ الامر.(1) لعل الامر بالتأمل بناء على ما حققه المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 490.

إلى أن أولوية الدفع بالنسبة إلى الرفع(2) إنما هي من الامور الاعتبارية غير المحققة، فلا مجال لاعتبارها للدليل الشرعي.

و افاد نجله طاب ثراه في تعليقته على المكاسب، تكميلا لتعليقة الشيخ الوالد قدس سره: في وجه التأمل بعينه:

(2) اي و من أفراد المبيع المستثناة عن عموم ثبوت خيار المجلس للبائع:

المولى الكافر.

خذ لذلك مثالا.

مولى كافر له عبد كافر فاسلم العبد و مولاه باق على كفره.

فهنا يباع العبد المسلم قهرا و جبرا على مولاه الكافر، لعدم تملكه له حينئذ، لأن لازم تملكه له السبيل و العلو على عبده المسلم.

و هو منفي بقوله عزّ من قائل:

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) .

فعموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار حتى يفترقا الذي يثبت الخيار لكل من المتعاقدين: -

ص: 149


1- النساء: الآية 141.
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

العبد المسلم المشترى من الكافر، بناء على عدم تملك الكافر للمسلم اختيارا (1)، فانه قد يقال:

بعدم ثبوت الخيار لاحدهما (2):

أما (3) بالنسبة إلى العين فلفرض عدم (4) جواز تملك الكافر للمسلم، و تمليكه (5) اياه.

+++++++++++

- البائع و المشتري ما داما جالسين في مجلس المعاوضة و لم يفترقا:

لا يشمل هذا البائع الكافر، لخروجه عن ذاك العموم بكفره.

(1) التقييد بالاختيار لاخراج التملك القهري كما في الارث.

خذ لذلك مثالا.

مولى كافر له عبد كافر فاسلم عبده و مولاه باق على كفره.

فهنا لا بدّ من بيع العبد قهرا على مولاه، لعدم تملكه له كما عرفت آنفا.

لكن قبل بيع العبد المسلم مات مولاه و له ولد كافر.

فانتقل العبد إلى الولد قهرا.

و بما أنه لا يملكه فيباع عليه قهرا حتى لا يكون له عليه سبيل.

(2) المراد من احدهما: هي العين، أو القيمة.

(3) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في الاستدلال لما قيل: من عدم خيار المجلس للبائع الكافر في عبده المسلم المبيع عليه قهرا، لا في العين و لا في القيمة، لا بنحو التملك و لا بنحو التمليك.

(4) عرفت علة عدم جواز التملك له في الهامش 2 ص 149 في قولنا: لأن لازم تملكه له.

(5) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: فلفرض عدم جواز -

ص: 150

و أما بالنسبة إلى القيمة فلما تقدم: من أن الفسخ يتوقف على رجوع العين إلى مالكها الاصلي و لو تقديرا، لتكون (1) مضمونة له بقيمتها على من انتقل إليه.

و رجوع المسلم إلى الكافر غير جائز.

و هذا (2) هو المحكي عن حواشي الشهيد رحمه اللّه.

حيث (3) قال: إنه يباع، و لا يثبت له (4) خيار المجلس و لا الشرط.

+++++++++++

- اي فلفرض عدم جواز تمليك المشتري للبائع الكافر العبد المسلم المشتري منه لو كان له الخيار، لاستلزام التمليك ارجاع العبد إلى مولاه اللازم من هذا الارجاع السبيل و العلو للكافر على العبد المسلم، و هو منفي كما علمت.

(1) تعليل لكون الفسخ عبارة عن رجوع العين إلى مالكها الاصلي.

و خلاصته: إن معنى الخيار هو الفسخ، أو الإمضاء.

فلو اختار البائع الكافر توقف الفسخ على رجوع العين الاصلي لتبقى العين مضمونة على ذمة المشتري و عهدته لمالكها الاصلي الذي هو البائع الكافر فيما نحن فيه.

و من الواضح عدم جواز رجوع العين إلى هذا البائع، لاستلزامه السبيل من قبله على العبد المسلم و هو منفي بقوله تعالى:

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

(2) اي عدم ثبوت الخيار للبائع الكافر بالنسبة إلى عبده المسلم المبيع.

(3) تعليل للمحكي عن الشهيد قدس سره.

(4) اي للبائع الكافر.

ص: 151

و يمكن (1) أن يريد بذلك عدم ثبوت الخيار للكافر فقط و إن ثبت للمشتري.

فيوافق (2) مقتضى كلام فخر الدين في الايضاح:(1)

من (3) أن البيع بالنسبة إلى الكافر استنقاذ.

+++++++++++

(1) هذا كلام المصنف قدس سره يروم به توضيح كلام شيخنا الشهيد عطر اللّه مرقده.

و خلاصته: إنه من الامكان أن يكون مراد الشهيد: من عدم ثبوت الخيار للبائع الكافر: عدم ثبوته له خاصة.

و أما بالنسبة الى المشتري المسلم فهو ثابت له.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من الامكان المذكور من كلام الشهيد اي ففي ضوء ما ذكرناه من الامكان يكون كلام الشهيد.

موافقا لما افاده فخر الدين قدس سرهما في الايضاح في هذا المقام.

(3) كلمة من بيان لما افاده فخر الدين قدس سره في الايضاح.

اي ما افاده عبارة عن أن مفهوم البيع لا يتصور في حق المولى الكافر، لأنه لا يتمكن من ارجاع عبده المسلم المبيع حتى يثبت له الخيار، إذ الاسترجاع هي الغاية الموجبة لتشريع الخيار و جعله.

فالبيع هنا بالنسبة إلى البائع استنقاذ لماله حتى لا يذهب هباء فليس البيع بيعا حقيقيا.

و لهذا الاستنقاذ نظير: و هو بيع المسلم الخمر، أو الخنزير للكافر المستحل لهما، ليستنقذ ماله منه.

فكما أن البيع هنا للاستنقاذ:

كذلك فيما نحن فيه يكون البيع للاستنقاذ. -

ص: 152


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و بالنسبة إلى المشتري كالبيع، بناء (1) منه على عدم تملك السيد الكافر له، لأن الملك سبيل، و إنما له (2) حق استيفاء ثمنه منه.

لكن (3) الانصاف أنه على هذا التقدير لا دليل على ثبوت الخيار

+++++++++++

- و قد مضى شرح هذه المسألة: من حيث الاشتراط فيمن ينتقل إليه العبد المسلم ثمنا، أو مثمنا: أن يكون مسلما، لعدم انتقاله إلى الكافر، لاستلزام السبيل من الكافر عليه، و هو منفي بالآية المذكورة في الهامش 1 ص 151.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 10 من ص 9 - إلى ص 54.

(1) تعليل من المصنف قدس سره لما افاده فخر الدين عطر اللّه مرقده: من أن البيع بالنسبة إلى الكافر استنقاذ.

اي ما افاده الفخر مبني على عدم تملك يد المولى الكافر العبد المسلم، لأن تملكه له سبيل عليه، و هو منفي كما علمت.

(2) اي للمولى الكافر كما عرفت معناه آنفا.

و المراد من الاستيفاء هو الاستنقاذ كما عرفت.

و قد عبر الفقهاء رضوان اللّه عليهم عن الاستيفاء.

ب: (الاستنقاذ):

(3) هذا رأي شيخنا الانصاري قدس سره حول العبد المسلم المبيع.

و خلاصته: إن الانصاف على تقدير عدم تملك المولى الكافر العبد المسلم، لاستلزامه السبيل عليه و هو منفي فلا يثبت له الخيار.

لا دليل أيضا على ثبوت الخيار للمشتري أيضا في هذه المعاملة.

ص: 153

للمشتري أيضا، لأن (1) الظاهر من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار.

اختصاص الخيار بصورة تحقق البيع من الطرفين.

مع (2) أنه لا معنى لتحقق العقد البيعي من طرف واحد

+++++++++++

(1) تعليل لعدم ثبوت خيار المجلس للمشتري أيضا.

و خلاصته: إن الظاهر من قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار:

هو اختصاص الخيار بصورة تحقق البيع في الخارج من الطرفين لا من طرف واحد كما فيما نحن فيه، حيث وقع البيع من الكافر البائع لاجل استنقاذ ماله و استيفائه ببيعه العبد المسلم، لعدم جواز بقائه تحت تصرفه.

فالبيع الواقع منه بيع صوري، لا واقعي.

فما يعطيه المشتري إنما هو لاجل رفع اليد عن العبد المسلم.

فاختلف تحقق مصداق قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار، اذا فلا خيار للمشتري أيضا، لأن الخيار دائر مدار تحقق مصداق البيعان و لم يتحقق.

(2) هذا إشكال آخر على عدم تحقق مصداق البيعان في الخارج.

و خلاصته: إنه لا معنى لتحقق العقد البيعي من طرف واحد لأن شروط البيع: و هي شروط المتعاقدين و العوضين، و شروط الصيغة:

من العربية و الماضوية و الموالاة، و تقديم الايجاب على القبول:

إن كانت موجودة فقد تحقق العقد البيعي خارجا من الطرفين:

و إن لم تكن موجودة فلا معنى لتحققه اصلا.

ص: 154

فان (1) شروط البيع إن كانت موجودة فقد تحقق العقد البيعي من الطرفين، و إلا (2) لم يتحقق اصلا.

كما اعترف به (3) بعضهم في مسألة بيع الكافر الحربي من ينعتق عليه (4).

+++++++++++

(1) تعليل لعدم تحقق العقد البيعي من طرف واحد.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 154 عند قولنا: لأن شروط البيع.

(2) اي و إن لم تكن شروط البيع.

(3) اي بعدم تحقق العقد البيعي من طرف واحد خارجا.

(4) فرض المسألة هكذا:

كافر محارب مع المسلمين في ساحة الحرب.

له اب مسلم يحارب مع الكفار.

فاسر الولد الكافر اباه بالغلبة عليه، فبعد الاسر باعه.

فهنا اجتمع شيئان:

(الاول): الاسر بالغلبة.

(الثاني): القرابة و الرحمية بالابوة و البنوة.

فبالاول تحصل الملكية للولد الكافر على ابيه بالسبي، لأنه احد الأسباب المملكة.

و بالثاني يحصل العتق قهرا على الولد الكافر، لعدم تملكه له.

فهنا قال هذا البعض: إن البيع لم يتحقق من الطرفين.

و قد مضت كيفية عدم تحقق البيع من الطرفين في الهامش 1 ص 154 عند قولنا: فالبيع الواقع منه بيع.

ص: 155

و الأقوى (1) في المسألة وفاقا لظاهر الأكثر و صريح كثير.

ثبوت الخيار في المقام، و إن تردد في القواعد(1) بين استرداد العين، أو القيمة.

و ما ذكرنا: من أن الرجوع بالقيمة مبني على امكان تقدير الملك في ملك المالك الاصلي لو اغمضنا عن منعه (2).

كما تقدم في المسألة السابقة (3):

غير (4) قادح هنا، لأن (5) تقدير المسلم في ملك الكافر بمقدار

+++++++++++

(1) هذا رأي الشيخ الانصاري قدس سره في مسألة بيع العبد المسلم جبرا و قهرا على مولاه.

(2) اي عن منع تقدير الملك في ملك المالك الاصلي.

(3) المراد من المسألة السابقة هي مسألة خروج بعض أفراد المبيع عن العموم الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار.

و من جملة الأفراد الخارجة مسألة العبد المشترى من الكافر.

و هنا في ص 135 قال قدس سره: و لا يجوز تقديره بعد الفسخ قبل العتق.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة: و ما ذكرنا اي ما ذكرناه في المسألة السابقة في ص 135 بقولنا:

و لا يجوز تقديره بعد الفسخ:

لا يضر ما نذكره في هذه المسألة: من ثبوت الخيار.

(5) تعليل لعدم القدح لما ذكرناه هنا مع ما ذكرناه هناك.

ص: 156


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

يثبت عليه بدله ليس سبيلا للكافر على المسلم، و لذا (1) جوزنا له شراء من ينعتق عليه.

و قد مر بعض الكلام في ذلك في شروط المتعاقدين (2).

منها: شراء العبد نفسه، بناء على جوازه

(و منها) (3):

شراء العبد نفسه، بناء على جوازه، فان (4) الظاهر عدم الخيار فيه (5) و لو بالنسبة إلى القيمة

+++++++++++

(1) اي و لاجل أن هذا المقدار من تقدير العبد المسلم في ملك الكافر حتى يثبت على المشتري بدله: لا يعد سبيلا ليد الكافر على العبد المسلم:

جوزنا شراء الكافر من يعتق عليه، إذ لو لا القول بهذه الملكية الفرضية الآتية لما صح عتقه، لأنه لا عتق إلا في ملك.

فالملكية الآتية التقديرية غير قادحة في مسألتنا:

و هي مسألة بيع المولى الكافر عبده المسلم.

(2) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 10 من ص 9 إلى ص 38.

(3) اي و من أفراد المبيع التي استثني عن عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار: في عدم ثبوت خيار المجلس له:

شراء العبد نفسه من مولاه:

(4) تعليل للاستثناء المذكور.

(5) اي في العبد المشتري نفسه من مولاه لا في العين، و لا في القيمة:

ص: 157

لعدم شمول أدلة الخيار له (1).

و اختاره (2) في التذكرة.

و فيها (3) أيضا: إنه لو اشترى جمدا في شدة الحر.

+++++++++++

(1) اي لمثل هذا النوع من المعاملة.

و أما العلة في عدم شمول أدلة خيار المجلس لمثل هذا النوع من المعاملة فلاحد امرين لا محالة.

(الاول): انصراف أدلة الخيار عن المبيع المتحد فيه البائع و المشتري، إذ بحسب الاستقصاء في جميع موارد البيع هي المغايرة.

و فيما نحن فيه قد اتحدا كما علمت في الهامش 1 ص 154.

(الثاني): عدم تحقق مفهوم البيع بالنسبة الى العبد الذي اقدم على شراء نفسه لنفسه من مولاه، لأن المشتري و هو العبد يقصد تملك المبيع بالشراء لنفسه.

و من الواضح أن المبيع هو نفس العبد و شخصه، و لا يعقل تملك الانسان نفسه، فلا يتحقق البيع الحقيقي الذي وضعت له لفظة البيع.

بل المتحقق في الخارج هو البيع الصوري، و البيع الصوري ليس بيعا حقيقيا.

إذا لا خيار في مثل هذا النوع من المعاملة.

(2) اي اختار عدم خيار المجلس في مثل هذه المعاملة العلامة قدس سره في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 309.

عند قوله: الثالثة لو اشترى العبد نفسه من مولاه.

(3) اي و في التذكرة أيضا. -

ص: 158

ففي الخيار إشكال.

و لعله (1) من جهة احتمال اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد ليتعلق بها الخيار.

فلا (2) يندفع الإشكال بما في جامع المقاصد:

من (3) أن الخيار

+++++++++++

- راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء - 7 ص 309.

عند قوله: الرابعة لو اشترى جمدا، اي ثلجا.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره يروم به بيان منشأ إشكال العلامة في عدم مجيء الخيار في الجمد المشتري في شدة الحر.

و خلاصة منشأ الإشكال: إن عدم مجيء الخيار في الجمد لعله لاحتمال عدم بقاء الثلج في الحر الشديد حتى يأتي فيه الخيار.

و قابلية بقاء العين بعد العقد ليأتي فيها الخيار من الامور المعتبرة في العقد.

و من الواضح عدم قابلية الثلج للبقاء بعد العقد في ذاك الحر الشديد، لذوبانه سريعا، و لا سيما في العصور الماضية التي لم تكن الوسائل موجودة لاحتفاظ الثلج.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من بيان منشأ الإشكال في عدم ثبوت الخيار في الثلج.

اي ففي ضوء ما ذكرناه: في بيان منشأ إشكال العلامة في مجيء الخيار في الثلج.(1)

فلا يندفع ما افاده المحقق الكركي قدس سره في جامع المقاصد.

(3) كلمة من بيان لما افاده المحقق الكركي من الرد على إشكال العلامة. -

ص: 159


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لا يسقط بالمتلف (1):

لأنه (2) لا يسقط به إذا ثبت قبله

+++++++++++

- و خلاصته إن الخيار ثابت بالاستصحاب، لأنه قبل ذوبان الجمد كان الخيار ثابت.

و بعد الذوبان نشك في السقوط بالتلف فنستصحب البقاء.

(1) الى هنا كلام المحقق الكركي في جامع المقاصد، و قد نقله بالمعنى.

راجع (جامع المقاصد) الطبعة الحجرية ص 242.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به اثبات عدم دفاع إشكال العلامة بما افاده المحقق الكركي.

و ليس من متممات كلام المحقق الكركي.

كما افاد التتميم المحقق الطباطبائي اليزدي قدس (61) سره في تعليقته على المكاسب في الجزء 2 ص 8 مبحث الخيارات عند قوله:

فلا يتم ما وقع به كلام جامع المقاصد:

من أنه لا يسقط به إذا ثبت قبله، لأن المفروض.

و العجب من سيدنا المحقق الطباطبائي:

كيف خفي عليه ذلك؟.

و ليس بعجيب، إذ وقع مثل هذا لكثير من الأعلام الفطاحل الذين بلغوا القمة في التحقيق.

و هذا دليل على أن (العصمة) منحة آلهية خصها اللّه عز و جل أولياءه الكرام: و هم.

(الأنبياء و الأئمة الهداة) الذين اذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، طهارة تكوينية. -

ص: 160

فتأمل (1).

+++++++++++

- و الطهارة التكوينية هي المعنيّة في قول (الامام الصادق) عليه السلام في زيارته لجده (الحسين) عليه الصلاة و السلام:

اشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهرة.

لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها.

و لم تلبسك من مدلهمات ثيابها.

و أما ما افاده شيخنا الأعظم في الرد على ما افاده المحقق الكركي قدس سرهما.

فاليك خلاصته:

إن عدم سقوط الخيار بالنسبة إلى الجمد المشتراة مسلم إذا كان ثبوت الخيار قبل التلف حتى يتحقق موضوع استصحابه عند الشك في التلف، لتأخر التلف حينئذ.

و أما إذا كان مقارنا للتلف ففي ثبوته إشكال.

إذا لا يبقى مجال للاستصحاب المذكور، لعدم تحقق موضوعه الذي هو اليقين السابق و الشك في اللاحق.

(1) لعل الامر بالتأمل اشارة إلى أن عدم اندفاع إشكال العلامة بما افاده المحقق الكركي قدس سرهما:

فرع ورود إشكال العلامة على ثبوت الخيار في الثلج المشتراة.

و إشكال العلامة مبني على احتمال اعتبار قابلية العين للبقاء، و الاحتمال هذا موهوم ضعيف.

ص: 161

مسألة لا يثبت خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع عند علمائنا

(مسألة) (1) لا يثبت خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع عند علمائنا كما في التذكرة (2).

و عن تعليق الارشاد و غيرهما.

و عن الغنية الاجماع عليه (3)(1)

+++++++++++

(1) اي المسألة الرابعة من المسائل الخمس من مسائل خيار المجلس المشار إليها في الهامش 1 ص 74.

كان الأنسب في المقام هو البحث في هذه المسألة عن امرين.

(الاول): اختصاص خيار المجلس بالبيع فقط، و أنه غير جار في بقية العقود اللازمة، لاختصاص أدلة الخيار بالبيع.

(الثاني): عدم تصور الخيار في العقود الجائزة بالذات كالوكالة و الوديعة و العارية و القراض و الحوالة، لأن الخيار فيها ذاتي، فلا معنى لجريانه فيها.

و على فرض تعقل جريان الخيار فيها يكون لغوا و بلا اثر، لأن المقصود من الخيار الذي هو الفسخ موجود في هذه العقود الجائزة بالذات.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 309.

عند قوله: مسألة و لا يثبت خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع.

(3) اي على عدم ثبوت الخيار لغير البيع: من العقود.

ص: 162


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و صرح الشيخ في غير موضع من المبسوط بذلك (1) أيضا.

بل عن الخلاف الاجماع(1) على عدم دخوله (2) في الوكالة، و العارية و القراض و الحوالة و الوديعة.

إلا أنه في المبسوط بعد ذكر جملة من العقود التي يدخلها الخيار و التي لا يدخلها الخيار قال:

و أما الوكالة و الوديعة و العارية و القراض (3) و الجعالة.

فلا يمنع من دخول الخيارين فيها مانع، انتهى (4).

و مراده (5) خيار المجلس و الشرط.

و حكي نحوه عن القاضي(2)

و لم يعلم معنى الخيار في هذه العقود (6).

+++++++++++

(1) اي بعدم ثبوت خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 82 عند قوله:

العتق لا يدخله الخياران معا، لأن خيار المجلس يختص بالبيع و خيار الشرط يفسده العتق.

(2) اي على عدم دخول خيار المجلس.

(3) المراد من القراض هي المضاربة.

و قد مر شرحه في الهامش 2 ص 86-87 فراجع.

(4) اي ما افاده شيخ الطائفة قدس سره في المبسوط.

(5) اي و مراد الشيخ في المبسوط من الخيارين.

هما: خيار المجلس - و خيار الشرط.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 82.

منشورات (المكتبة المرتضوية).

(6) و هي الوكالة و العارية و الوديعة و الحوالة و القراض.

ص: 163


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

بل جزم في التذكرة: بأنه لا معنى للخيار فيها (1)، لأن (2) الخيار فيها ابدا.

و احتمل في الدروس(1) (3) أن يراد بذلك عدم جواز التصرف قبل انقضاء الخيار.

+++++++++++

(1) اي في العقود الجائزة المشار إليها في الهامش 6 ص 163.

(2) تعليل لعدم معنى للخيار في العقود الجائزة.

و خلاصته: إن الخيار في هذه العقود دوما موجود، لأنه من لوازمها الذاتية فلا مجال للقول بجريان الخيارين فيها.

(3) يروم شيخنا الشهيد توجيه ما افاده الشيخ قدس سرهما في المبسوط.

و خلاصة مراده: إن الشيخ اراد من دخول الخيارين: خيار المجلس - و خيار الشرط في العقود الجائزة:

دخولهما بملاحظة أنهما مانعان من ترتب آثارهما عليها قبل انقضاء مدة الخيار.

و المراد من الآثار هو التصرف.

و ليس المراد من دخول الخيارين في تلك العقود أنهما موجبان لجواز الفسخ فيها، لعدم انحصار ثمرة الخيار في الفسخ حتى يقال:

إن الخيار في هذه العقود دائمي.

كما افاد الدوام العلامة قدس سره في التذكرة بقوله:

أما الجائز من الطرفين فلأنهما بالخيار ابدا، فلا معنى لخيار المجلس.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 310.

ص: 164


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و لعل (1) مراده التصرف المرخص فيه شرعا للقابل في هذه العقود.

لا الموجب، إذ لا معنى لجواز تصرف المالك في هذه العقود على انقضاء الخيار، لأن (2) اثر هذه العقود تمكن غير المالك (3) من التصرف، فهو الذي يمكن توقفه على انقضاء الخيار الذي جعل الشيخ قدس سره اثر البيع متوقفا عليه.

لكن (4) الانصاف أن تتبع كلام الشيخ في المبسوط في هذا

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به البناء على صحة توجيه الشهيد ما افاده الشيخ في المبسوط.

و خلاصة الصحة: إنه و لعل أن الشهيد اراد من التوجيه المذكور بيان أن مقصود الشيخ من عدم جواز التصرف قبل انقضاء مدة الخيار:

هو عدم جواز تصرف القابل، لعدم اجازة الشارع التصرف له فيما يحصل له بالعقود الجائزة.

و ليس المراد من عدم جواز التصرف تصرف الموجب، لأنه لا معنى لتوقف جواز تصرفه في تلك العقود على انقضاء مدة الخيار فانه مالك.

(2) تعليل منه قدس سره لصحة توجيه الشهيد كلام الشيخ.

و قد عرفته عند قولنا في هذه الصفحة: و خلاصة الصحة.

(3) و هو القابل كما عرفت آنفا.

(4) من هنا يروم شيخنا الانصاري بيان ما اراده الشيخ في المبسوط، و أن التوجيه المذكور غير موجه.

فهذا البيان عدول عما بناء: من الصحة للتوجيه.

و خلاصته: إن من تتبع كلمات الشيخ في المبسوط و امعن النظر -

ص: 165

المقام (1) يشهد بعدم ارادته هذا المعنى (2)، فانه (3) صرح في مواضع قبل هذا الكلام و بعده باختصاص خيار المجلس بالبيع.

و الذي (4) يخطر بالبال أن مراده دخول الخيارين في هذه العقود

+++++++++++

- فيها لشهد بعدم إرادة الشيخ المعنى الذي افاده الشهيد في التوجيه المذكور.

أليك نص عبارته في المبسوط.

العتق لا يدخله الخياران معا، لأن خيار المجلس يختص بالبيع و خيار الشرط يفسده العتق، لأن العتق بشرط لا يصح عندنا.

أيها القارئ الكريم هذا كلام الشيخ بحذافيره(1) نقلناه لك لتكون الحكم فيما افاده في الخيار حول جريانه، و عدم جريانه في العقود الجائزة.

(1) اي مقام ثبوت الخيارين(2)

(2) و هو توجيه الشهيد قدس سره.

(3) تعليل لعدم إرادة الشيخ ما افاده الشهيد: من التوجيه.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا العتق لا يدخله الخياران.

(4) من هنا يروم شيخنا الانصاري بيان ما اراده الشيخ في المبسوط حتى لا ينسب كلامه إلى التناقض.

و خلاصته: إن مراد الشيخ من دخول الخيارين:

خيار المجلس، و خيار الشرط في العقود الجائزة في قوله:

و أما الوكالة و العارية، و الوديعة و القراض و الجعالة.

فلا يمنع من دخول الخيارين فيها معا مانع. -

ص: 166


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

إذا وقعت في ضمن عقد البيع فتنفسخ (1) بفسخه في المجلس.

و هذا المعنى (2) و إن كان بعيدا في نفسه.

إلا (3) أن ملاحظة كلام الشيخ في المقام يقربه إلى الدهن.

+++++++++++

- راجع (المبسوط) الجزء 2. ص 82:

هو دخولهما في هذه العقود إذا وقعت في ضمن عقد لازم كالبيع.

فتنفسخ هذه العقود بفسخ عقد البيع الذي هو لازم في نفسه في المجلس.

لا أن تلك العقود تنفسخ بالاستقلال، و بدون وقوعها في ضمن عقد لازم.

(1) اي العقود الجائزة المذكورة في الهامش 4 ص 166.

(2) و هو الذي افاده الشيخ الانصاري بقوله:

و الذي يخطر بالبال أن مراده.

و أما وجه البعد فلعدم قرينة تدل على أن الخيار في العقود الجائزة ضمني إذا وقعت في ضمن عقد البيع، فتنفسخ عند انفساخه.

و ليس الخيار فيها استقلالي حتى تنفسخ بنفسها.

(3) استثناء عما افاده: من بعد ما ذكره في مراد الشيخ في المبسوط.

و خلاصته: إن الامعان في النظر في كلام الشيخ حول الخيار في البيع و العقود الجائزة:

يقرب ما ذكرناه لك في مراد الشيخ الى الذهن، و يرفع البعد الذي ذكرناه لك، و الذي اشرناه إليه في هذه الصفصة بقولنا:

و أما وجه البعد.

ص: 167

و قد ذكر (1) نظير ذلك في جريان الخيارين في الرهن و الضمان.

+++++++++++

(1) تأييد من شيخنا الانصاري لما افاده: من أن مراد الشيخ من جريان الخيارين في العقود الجائزة ما قلناه، لا ما افاده الشهيد.

و خلاصته: إن الشيخ قدس سره قال في المبسوط:

و أما الرهن فعلى ضربين:

رهن بدين، و رهن في بيع.

إلى أن يقول:

و إن كان رهنا في بيع مثل أن قال:

بعتك داري هذه بالف على أن ترهن عبدك هذا.

فاذا وقع البيع على هذا الشرط نظرت.

فان كان في مدة خيار المجلس، أو الشرط.

فالراهن بالخيار بين أن يقبض الرهن، أو يدع.

إلى أن يقول:

و أما الضمان فعلى ضربين:

مطلق و مقيد في بيع.

فالمطلق مثل أن يكون له دين على رجل فيبذله غيره.

الى أن يقول:

و إن كان في بيع مثل أن يقول:

بعتك على أن يضمن لي الثمن فلان.

أو تقيم لي به ضامنا، فاذا فعلا نظرت.

فان ضمن في مدة الخيار في البيع لزم من حيث الضمان.

فان لزم العقد فلا كلام فيه. -

ص: 168

و صرح في السرائر بدخول الخيارين(1) في هذه العقود (1)، لأنها جائزة فيجوز الفسخ في كل وقت (2).

و هو (3) محتمل كلام الشيخ، فتأمل (4).

و كيف كان (5) فلا إشكال.

+++++++++++

- و إن فسخا العقد، أو احدهما زال الضمان.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 79-80.

هذا كلام الشيخ قدس سره في المبسوط فهو صريح في أن المراد من جريان الخيارين في العقود الجائزة: نحو جريانهما في الرهن و الضمان:

في كونهما إذا وقعا في ضمن عقد البيع: في أن الفسخ فيهما ضمني تبعي.

(1) و هي العقود الجائزة.

(2) اي لكل واحد من المتعاقدين حق الفسخ في هذه العقود في أي وقت شاءا، أو ارادا.

(3) اي ما افاده ابن ادريس قدس سره في السرائر.

هو ما افاده الشيخ في المبسوط.

(4) لعله اشارة إلى عدم كون كلام ابن ادريس موافقا لما افاده الشيخ في المبسوط، لأن الشيخ كما عرفت في الهامش 1 ص 163 افاد في المبسوط: أنه لا يمنع من دخول الخيارين في العقود الجائزة مانع.

فعبارته هذه صريحة في الخيار العرضي، دون الجواز الذاتي الثابت لهذه العقود.

(5) يعني أي شيء قلنا حول الخيارين في العقود الجائزة: من الجريان، و عدمه.

ص: 169


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

في اصل هذه المسألة (1).

+++++++++++

(1) و هي مسألة عدم جريان خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع.

ص: 170

مسألة: مبدأ هذا الخيار من حين العقد

(مسألة) (1):

مبدأ هذا الخيار (2) من حين العقد، لأن (3) ظاهر النص كون المبيع علة تامة.

و مقتضاه (4) كظاهر الفتاوى شمول الحكم للصرف و السلم قبل القبض.

+++++++++++

(1) اي المسألة الخامسة من المسائل الخمس من مسائل خيار المجلس المشار إليها في الهامش 1 ص 74.

(2) اي خيار المجلس المختص بالبيع.

(3) تعليل لكون مبدأ خيار المجلس من حين وقوع العقد.

خلاصته: إن ظاهر النص: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار: أن المبيع علة تامة لثبوت خيار المجلس للمتعاقدين إذ الظاهر من اخذ هذا العنوان في لسان دليل الحكم هو أنه تمام الموضوع لذلك الحكم و هو الخيار.

فاذا صدر العقد ثبت الخيار من حين صدوره و وقوعه، و نرتب عليه حالا، لكونه معلولا، و المعلول لا ينفك عن علته لحظة واحدة ما دامت العلة موجودة.

(4) اي و مقتضى كون البيع علة تامة لثبوت الخيار، و أنه تمام الموضوع للخيار.

كما هو الظاهر من فتاوى الفقهاء عند الافتاء:

شمول الحكم: و هو خيار المجلس لبيع الصرف و السلم.

ص: 171

و لا إشكال (1) فيه لو قلنا بوجوب التقابض في المجلس في الصرف و السلم وجوبا تكليفيا.

إما (2) للزوم الربا(1)

+++++++++++

(1) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في تحقيق شمول خيار المجلس لبيع الصرف و السلم اثباتا و نفيا.

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: إنه لا إشكال في ثبوت الخيار للصرف و السلم إن قلنا بوجوب التقابض فيهما في المجلس وجوبا تكليفيا: بمعنى حصول النقل و الانتقال إلى المتبايعين بنفس العقد من دون اشتراط التقابض في النقل و الانتقال المعبر عنه ب: (الوجوب الوضعي) فانه لو حصل التقابض و هما جالسان في المجلس و لم يتفرقا ثبت لهما الخيار: إما بالفسخ، أو بالامضاء، لشمول عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتى يفترقا.

(2) تعليل لوجوب التقابض في مجلس العقد في بيع الصرف و السلم.

و خلاصته: إن القول بالوجوب لاحد امرين لا محالة على سبيل منع الخلو.

(الاول): لزوم ربا الحكمي لو لم نقل بالتقابض من الطرفين في المجلس، لأنه لو قبض احدهما و لم يقبض الآخر ثم ارادا الافتراق و لم يتفاسخا العقد في المجلس:

لزم المحذور المذكور، إذ قبض احد المتبايعين بدون قبض الآخر لازمه اشتمال المقبوض زيادة على غير المقبوض، لحصول المقبوض في يد القابض.

و عدم حصول غير المقبوض في يد من اريد انتقاله إليه. -

ص: 172


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

كما صرح به (1) في صرف التذكرة.

و إما (2) لوجوب الوفاء بالعقد

+++++++++++

- فبهذا الحصول من طرف واحد تتحقق الزيادة المذكورة:

فيجري العقد مجرى بيع المال الربوي بعضه ببعض نسيئة.

فيلزم الربا الحكمي.

فهربا من الربا الحكمي لا بدّ من القول بوجوب التقابض في المجلس.

فالخيار موجود للمتعاقدين ما داما في المجلس.

سواء حصل التقابض من الطرفين أم من طرف واحد أم لم يحصل من احدهما، إذ الثبوت مبني على الوجوب التكليفي كما افاده قدس سره.

(1) استشهاد مما افاده العلامة قدس سره في التذكرة لصحة ما ادعاه شيخنا الانصاري: من لزوم الربا لو لم نقل بوجوب التقابض في المجلس اي كما صرح بلزوم الربا الحكمي العلامة.

أليك ما صرح به في التذكرة.

قال قدس سره: (التاسع): لو تعذر عليهما التقابض في المجلس و ارادا الافتراق لزمهما أن يتفاسخا العقد بينهما.

فان تفرقا قبله كان ذلك ربا و جرى مجرى بيع مال الربا بعضه ببعض نسيئة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 281.

(2) هذا هو الامر الثاني من الامرين الذين اشير إليهما في الهامش 2 ص 172 بقولنا: إن القول بالوجوب لاحد امرين على سبيل منع الخلو و خلاصته: إن القول بوجوب التقابض في المجلس. -

ص: 173

و إن لم يكن (1) بنفسه مملكا، لأن (2) ثمرة الخيار(1) حينئذ جواز الفسخ، فلا يجب التقابض.

و أما لو (3) قلنا بعدم وجوب التقابض

+++++++++++

- لاجل وجوب الوفاء بالعقد في قوله عز من قائل:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، فتحققا للامر المذكور يجب التقابض من الطرفين في المجلس في بيع الصرف و السلم. لأنه احد سببي التمليك، و السبب الآخر العقد.

فالتقابض يتم التمليك من الطرفين، إذ العقد بوحده لا يكون مملكا، فيثبت الخيار لهما فيهما بالتقابض(2)

(1) اي العقد كما علمت آنفا بقولنا: إذ العقد بوحده.

(2) تعليل لكون وجوب التقابض وجوبا تكليفيا.

و خلاصته: إن فائدة الخيار و نتيجته حين القول بالوجوب التكليفي في التقابض:

هو جواز الفسخ في المعاملة الواقعة في الصرف و السلم.

إذا لا يجب التقابض في المجلس فيهما.

إلى هنا كان الكلام حول وجوب التقابض في المجلس وجوبا تكليفيا.

(3) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره أن يبين مجيء الخيار في الصرف و السلم، أو عدم مجيئه لو قلنا بعدم الوجوب التكليفي في التقابض: بأن قلنا بالوجوب الوضعي.

و قلنا بجواز ترك التقابض إلى أن يتحقق الافتراق الذي يكون سببا لإبطال العقد.

ص: 174


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و جواز (1) تركه إلى التفرق المبطل للعقد.

ففي (2) اثر الخيار خفاء، لأن (3) المفروض بقاء سلطنة كل من المتعاقدين على ملكه، و عدم حق لاحدهما في مال الآخر.

و يمكن (4) أن يكون اثر الخيار خروج العقد بفسخ ذي الخيار:

عن قابلية لحوق القبض المملك.

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله في ص 174:

بعدم اي و أما لو قلنا بجواز ترك التقابض.

(2) الفاء فاء النتيجة اي نتيجة القول بعدم وجوب التقابض وجوبا تكليفيا: خفاء اثر الخيار.

(3) تعليل لخفاء اثر الخيار على القول بعدم وجوب التقابض وجوبا تكليفيا.

و خلاصته: إنه على فرض عدم وجوب التقابض:

تكون سلطنة كل واحد من المتعاقدين باقية على ملكه، و أنه لا يجوز لاحد منهما حق التصرف في مال الآخر، لعدم احتياج هذه السلطنة إلى الخيار، لأن الغرض من ثبوت الخيار هو التمكن و القدرة و السلطنة على استرجاع ماله من الآخر لنفسه.

و من الواضح حصول هذا المعنى في صورة عدم التقابض في المجلس إذا لم يكن هناك وجوب تكليفي بالنسبة إلى التقابض.

فالسلطنة الباقية غير محتاجة الى الخيار لاسترجاع المال.

(4) من هنا يروم الشيخ الانصاري قدس سره بيان امكان اثر و نتيجة للخيار و إن قلنا بعدم وجوب التقابض وجوبا تكليفيا

و خلاصة الإمكان: إن العقد في بيع الصرف و السلم لما وقع -

ص: 175

فلو (1) فرض اشتراط سقوط الخيار في العقد لم يخرج العقد بفسخ المشروط عليه عن قابلية التأثير.

قال (2) في التذكرة:

لو تقابضا في عقد الصرف ثم اجازا في المجلس لزم العقد.

+++++++++++

- في المجلس و صدر فقد اثر اثرا ناقصا يكمل هذا النقصان بالتقابض من الطرفين، لأنك عرفت في الهامش 1 ص 173-174 أن العقد احد سببي التمليك، و السبب الآخر هو التقابض.

فاذا حصل القبض من طرف واحد و لم يحصل من الآخر فقد ثبت خيار لهذا الآخر الذي لم يقبض.

فاذا ثبت له الخيار فله فسخ العقد.

فاذا فسخ فقد ارتفع الاثر الناقص الحاصل من العقد.

إذا يبطل العقد فيخرج عن قابليته لعروض القبض الذي هو احد سببي التمليك.

فهذا المقدار من الاثر كاف في ثبوت الخيار و إن لم نقل بوجوب التقابض وجوبا تكليفيا.

(1) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من: إمكان فرض نتيجة للخيار و إن لم يحصل التقابض من الطرفين.

اي ففي ضوء ما ذكرنا لو اشترط في متن العقد سقوط الخيار لم يخرج العقد بفسخ من شرط عليه السقوط عن قابليته للتأثير.

(2) يروم قدس سره من ذكر كلام العلامة قدس سره تأييد ما افاده: من امكان أن يكون للخيار اثر خاص في الواقع و إن لم يحصل التقابض من الطرفين.

ص: 176

و إن اجازا قبل التقابض فكذلك (1)، و عليهما التقابض.

فان تفرقا قبله (2) انفسخ العقد.

ثم إن تفرقا عن تراض لم يحكم بعصيانهما.

فان انفرد احدهما بالمفارقة عصى، انتهى (3).

و في الدروس (4) يثبت: يعني خيار المجلس في الصرف تقابضا أو لا.

فان التزما به (5) قبل القبض وجب التقابض.

فلو هرب احدهما عصى و انفسخ العقد.

و لو هرب قبل الالتزام فلا معصية.

+++++++++++

(1) اي لزم العقد أيضا.

فالشاهد في قول العلامة: و إن اجاز اقبل التقابض فكذلك حيث يدل على أن للعقد اثرا خاصا و إن لم تحصل الملكية قبل الاجازة فان العقد بما هو عقد له تأثيره الخاص.

و الاثر هو لزوم العقد بالاجازة.

(2) اي قبل التقابض:

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 322.

عند قوله: (الخامس): لو تقابضا في عقد الصرف.

(4) هذا تأييد ثان منه قدس سره لما افاده: من إمكان أن يكون للخيار تأثير و إن لم يحصل التقابض في المجلس من الطرفين.

(5) اي بالبيع:

فالشاهد هنا، حيث يدل على أن للعقد اثرا خاصا في الواقع و إن كان الالتزام بالعقد قبل القبض.

ص: 177

و يحتمل (1) قويا عدم العصيان مطلقا (2)، لأن للقبض مدخلا في اللزوم، فله تركه، انتهى (3).

و صرح (4) الشيخ أيضا في المبسوط بثبوت (5) الخيار في الصرف قبل التقابض.

و مما ذكرنا (6) يظهر الوجه في كون مبدأ الخيار للمالكين الحاضرين في مجلس عقد الفضوليين على القول بثبوت الخيار لهما من زمان اجازتهما على القول بالنقل.

+++++++++++

(1) هذا من متممات كلام الشهيد الاول في الدروس حول ما افاده: من أن للعقد اثره الخاص.

(2) اي سواء هرب احدهما قبل الالتزام بالعقد أم لم يهرب.

(3) اي ما افاده الشهيد قدس سره في الدروس.

(4) تأييد ثالث منه قدس سره لما افاده: من أن للخيار اثره الخاص و إن لم يحصل التقابض من الطرفين.

(5) هذا محل الشاهد: حيث إن الشيخ قدس سره اثبت في المبسوط خيار المجلس في بيع الصرف و إن لم يحصل التقابض في المجلس.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 79 عند قوله و أما الصرف فيدخله:

(6) و هو ظهور النص الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار حتى يفترقا: من أن البيع علة تامة، و تمام الموضوع لثبوت الخيار في ص 171.

وجه الظهور: إن المالكين الحاضرين في مجلس عقد الفضوليين عند صدور الاجازة منهما ينسبان البيع إلى نفسيهما، لأنهما من حين -

ص: 178

و كذا على الكشف، مع احتمال كونه (1) من زمن العقد:

القول في مسقطات الخيار
اشارة

(القول في مسقطات الخيار) -

و هي أربعة على ما ذكرها في التذكرة:

اشتراط (2) سقوطه في ضمن العقد.

و إسقاطه (3) بعد العقد.

و التفرق (4).

و التصرف (5).

فيقع الكلام في مسائل (6).

+++++++++++

- صدور الاجازة منهما يصدق عليهما أنهما بيعان فيثبت لهما خيار المجلس.

(1) اي مع احتمال كون ثبوت الخيار للمالكين الحاضرين في مجلس عقد الفضوليين من زمن صدور الاجازة(1)

(2) هذا هو المسقط الاول.

(3) هذا هو المسقط الثاني.

(4) هذا هو المسقط الثالث،

(5) هذا هو المسقط الرابع.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 314.

عند قوله: مسألة مسقطات خيار المجلس أربعة.

(6) و هي ثمانية كما نشير الى كل واحدة منها عند رقمها الخاص.

ص: 179


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
مسألة المسقط الأول اشتراط السقوط في ضمن العقد
اشارة

(مسألة) (1):

لا خلاف ظاهرا في سقوط هذا الخيار (2) باشتراط سقوطه في ضمن العقد.

و عن الغنية الاجماع عليه(1) (3).

و يدل عليه (4) قبل ذلك (5): عموم المستفيض(2)

المؤمنون، أو المسلمون عند شروطهم (6).

+++++++++++

(1) هذه هي المسألة الاولى من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و قد اشرنا إليها في الهامش 6 ص 179 بقولنا: و هي ثمانية.

(2) اي خيار المجلس.

(3) اي و على سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه في ضمن العقد: قام اجماع الطائفة الامامية.

(4) اي على سقوط خيار المجلس بالاشتراط المذكور.

(5) اي قبل الاجماع.

(6) هذا هو العموم الدال على سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه في ضمن العقد و متنه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353-354.

الباب 6 - الحديث 1-5.

و راجع الجزء 15 ص 49-50 الباب 40 الحديث 5-7.

و راجع الجزء 16 ص 103 الباب 4 الحديث 5-7.

ص: 180


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
توهم معارضة اشتراط السقوط لعموم أدلة الخيار و دفعه

و قد يتخيل معارضته (1) بعموم أدلة الخيار.

و يرجح على تلك الأدلة بالمرجحات (2).

+++++++++++

(1) اي و قد يتخيل معارضة عموم (المؤمنون عند شروطهم) مع عموم أدلة الخيار.

المتخيل هو (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره، فانه قد تمسك لترجيح عموم المؤمنون على عموم أدلة الخيار بامرين حتى يسقط الخيار.

و نحن نذكر كل واحد منهما عند رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الامر الاول الموجب لترجيح عموم المؤمنون على أدلة الخيار عند تعارضهما.

و المقصود من المرجحات هو عمل الأصحاب بعموم (المؤمنون عند شروطهم عند التعارض، بناء على أن دلالته على سقوط الخيار في متن العقد أظهر من دلالة (عموم أدلة الخيار) على ثبوت الخيار.

و أما التعارض المذكور فيقع في مورد اجتماع دليل الخيار.

و دليل المؤمنون عند شروطهم بالعموم من وجه:

بيان ذلك:

إن النسبة بين هذين العمومين.

هو العموم و الخصوص من وجه.

و قد عرفت أكثر من مرة أن العموم من وجه.

له مادتا افتراق و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب (دليل الخيار).

فوجود (دليل المؤمنون)، و عدم وجود دليل الخيار.

كما في بيع الدار مثلا: فان البائع لو اشترط غير شرط السقوط -

ص: 181

و هو (1) ضعيف، لأن الترجيح من حيث الدلالة و السند مفقود.

+++++++++++

- مع المشتري سكنى الدار إلى سنة معينة و قبل المشتري بذلك.

فهنا دليل الاشتراط موجود لا بدّ من العمل به، و لا يأتي دليل الخيار.

و أما مادة الافتراق من جانب (عموم المؤمنون):

فوجود دليل الخيار، و عدم وجود دليل المؤمنون.

كما في البيع إذا لم يشترط فيه سقوط الخيار في متن العقد، فان دليل الخيار موجود، و دليل المؤمنون ليس موجودا.

و أما مادة الاجتماع من الجانبين: بأن يكون كلاهما موجودين.

كما في البيع إذا اشترط فيه سقوط الخيار.

فهنا يجتمع الدليلان فيقع التعارض بينهما، إذ دليل المؤمنون يعطي السقوط للبائع فيقول: لا خيار.

و دليل الخيار يعطي الخيار للمشتري فيقول بعدم سقوطه.

فيرجح دليل الشرط على عموم أدلة الخيار، بناء على أظهرية دليله على دليل الخيار.

و سنذكر لك منشأ هذا الترجيح.

(1) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يرد على ما افاده (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره.

و خلاصته: إن منشأ الترجيح.

إما الاستفاضة.

أو التواتر.

أو السند. -

ص: 182

و موافقة (1) عمل الأصحاب.

لا يصير (2) مرجحا بعد العلم بانحصار مستندهم في عموم أدلة الشروط.

+++++++++++

- أو الدلالة.

أما من حيث الافاضة و التواتر.

فكلا العمومين:

(البيعان بالخيار حتى يفترقا).

(المؤمنون عند شروطهم):

متساويان، لا ترجيح لاحدهما على الآخر.

و أما الترجيح السندي و الدلالي فمفقود في المقام.

(1) هذا منشأ ترجيح عموم المؤمنون على عموم أدلة الخيار.

و خلاصته: إن عمل الأصحاب بعموم المؤمنون موجب للترجيح لكون دلالة عموم المؤمنون، أظهر على سقوط الخيار.

من دلالة عموم أدلة الخيار على ثبوت الخيار.

(2) رد من شيخنا الانصاري على المنشأ المذكور.

و خلاصته: إن عمل الأصحاب بالعموم المذكور. إنما يكون منشأ للترجيح إذا كانت هناك مزية لاحد العمومين على الآخر.

و من الواضح فقدان هذه المزية هنا، لعلمنا بانحصار مدرك هؤلاء الأصحاب في الترجيح، اذ مدركهم نفس أدلة الشروط.

و الأدلة هذه لا تكون موجبة للترجيح.

كما في الاجماع إذا علم مدركه، فان الحجية حينئذ للمدرك -

ص: 183

كما يظهر (1) من كتبهم:

و نحوه في الضعف التمسك بعموم.

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2).

بناء على صيرورة شرط عدم الخيار كالجزء من العقد الذي يجب الوفاء به، اذ (3) فيه أن أدلة الخيار أخص فيخصص بها العموم.

+++++++++++

- لا الاجماع، اذ هو ساقط عن الحجية.

(1) اي هذا الانحصار.

(2) هذا هو الامر الثاني لترجيح عموم المؤمنون على عموم أدلة الخيار.

اي و مثل الدليل الاول في الضعف: الدليل الثاني الذي افاده (صاحب الجواهر) قدس سره.

و خلاصته: إن معنى اشتراط سقوط خيار المجلس في متن العقد:

صيرورة الاشتراط كالجزء من العقد.

و إذا صار كالجزء منه فقد شمله عموم قوله عز من قائل:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و إذا شمله فقد وجب الوفاء بالعقد نفسه.

اذا يقدم دليل عموم المؤمنون. على عموم أدلة الخيار المثبتة للخيار.

فيسقط الخيار.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 12 عند قوله: لأصالة اللزوم مع الشك فيه، و عموم الامر بالوفاء، و صحيح المؤمنون عند شروطهم الذي هو أرجح مما دل على الخيار من وجوه فيحكم عليه.

(3) من هنا يروم شيخنا الانصاري الرد على ما افاده (الشيخ -

ص: 184

بل (1) الوجه مع انحصار المستند في عموم دليل الشروط.

+++++++++++

- صاحب الجواهر) قدس سرهما:

و خلاصته: إن دليل أَوْفُوا بِالْعُقُودِ عام يشمل جميع الأنواع:

من حيث البيع و الاجارة و الصلح و غيرها.

و جميع الأحوال: من حيث كون المبيع صحيحا أو معيبا.

و من حيث كونه في المجلس، و غيره.

بخلاف دليل الخيار: و هو البيعان، فانه أخص مختص بالبيع قبل الافتراق، فيخصص عموم أَوْفُوا فيقدم عليه.

إذا فلا مجال للتمسك به على ترجيح المؤمنون على دليل الخيار.

كما أنه لا مجال للتعارض المذكور حتى يقدم دليل المؤمنون على أدلة الخيار عند تعارضهما في مورد الاجتماع.

(1) هذا راي الشيخ الانصاري حول ترجيح عموم المؤمنون على أدلة الخيار: لا لاجل التعارض.

و خلاصته: إن السر في التقديم و الترجيح مع انحصار مستند القائلين بتقديم عموم المؤمنون: في أدلة الشروط:

هو خلوها عن المعارضة مع أدلة الخيار، لأن الغرض من وضع أدلة الخيار و تشريعها هو اثبات الخيار في العقد بما هو عقد، و بعنوانه الأولي.

مع قطع النظر عن سقوطه بالاشتراط في متن العقد الطارئ على العقد بعنوانها الثانوي.

فاقتضاء العقد للخيار بجعل الشارع إنما هو بهذا العنوان.

و أما أدلة عموم المؤمنون فهي موضوعة للعناوين الطارئة على العقد بعناوينها الثانوية. -

ص: 185

عدم (1) نهوض أدلة الخيار للمعارضة، لأنها (2) مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل الشرع.

فلا ينافي سقوطه بالمسقط الخارجي: و هو الشرط، لوجوب العمل به شرعا.

بل (3) التأمل في دليل الشرط يقضي (4): بأن المقصود منه رفع اليد عن الأحكام الاصلية (5) الثابتة للمشروطات قبل وقوعها في حين

+++++++++++

- فهي تثبت سقوط الخيار بهذا العنوان.

و من الواضح أن التعارض إذا وقع بين الحكم بعنوانه الاولي.

و بين الحكم بعنوانه الثانوي:

فلا محالة من تقديم الحكم بعنوانه الثانوي، لأنه حاكم، و ذاك محكوم.

اذا فلا مجال للتعارض بين العمومين المذكورين حتى يقال بترجيح أدلة عموم المؤمنون على عموم أدلة الخيار بالتعريف المتقدم في الامرين الذين افادهما الشيخ صاحب الجواهر المشار إليهما في الهامش 2 ص 181 و الهامش 2 ص 184.

(1) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 185:

بل الوجه، و قد عرفته في الهامش 1 ص 175 عند قولنا:

و خلاصته: إن السر في التقديم.

(2) اي أدلة الخيار كما عرفتها في الهامش 1 ص 56.

(3) هذا ترق من شيخنا الانصاري قدس سره.

يروم به حكومة أدلة عموم المؤمنون على أدلة عموم الخيار.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: لأنه حاكم و ذاك محكوم.

(4) اي بحكم.

(5) المراد بالأحكام الاصلية هي الأحكام الاولية الثابتة للمشروطات. -

ص: 186

الاشتراط، فلا تعارضه (1) أدلة تلك الأحكام:

فحاله (2) حال أدلة وجوب الوفاء بالنذر و العهد في عدم مزاحمتها بأدلة أحكام الأفعال المنذورة لو لا النذر.

و يشهد لما ذكرنا: من حكومة أدلة الشرط، و عدم معارضتها للأحكام الاصلية حتى يحتاج إلى المرجح.

+++++++++++

- و هي العقود بما أنها عقود، مع قطع النظر عن المسقطات الخارجية.

و قد عرفت معناها في الهامش 1 ص 185 عند قولنا: لأن الغرض من وضع أدلة الخيار.

(1) مرجع الضمير دليل الشرط، اي فلا تعارض أدلة الخيار التي هي الأحكام الاصلية الثابتة للعقود و بما هي، مع قطع النظر عن المسقطات الطارئة الخارجية:

دليل الشرط حتى يقال بتقديمه على تلك.

(2) اي فحال دليل الشرط.

هذا تنظير لدليل الشرط مع النذر و العهد و اليمين:

في أن أدلة الأحكام الاصلية الثابتة للعقود لا تعارض دليل الشرط.

و خلاصته: إن حال دليل الشرط و حكمه حكم أدلة وجوب الوفاء بالنذر و العهد و اليمين.

فكما أنه لا مزاحمة و لا معارضة، و لا منافاة بين هذه الأدلة.

و بين الأحكام الاصلية الثابتة للمنذور و المعهود عليه، و المحلوف عليه.

كذلك لا معارضة بين دليل عموم: المؤمنون.

و بين عموم أدلة الخيار.

خذ لذلك مثالا. -

ص: 187

استشهاد الامام عليه السلام في كثير من الأخبار بهذا العموم (1) على مخالفة كثير من الأحكام الاصلية.

+++++++++++

- الصوم في شهر رجب و شعبان مستحب في نفسه.

و هذا الاستحباب ثابت فيهما بعنوانه الاولي:

و هو الصوم في:

الشهرين رجب و شعبان.

لكن قد يصير واجبا عند ما تعلق به النذر، أو العهد، أو اليمين.

فهذا الوجوب الطارئ على الصوم في شهري رجب و شعبان لا ينافي استحبابه النفسي فيهما، لأن الوجوب إنما عرض له بالعنوان الثانوي و هو النذر، أو العهد، أو اليمين.

و الاستحباب فيهما ثابت بالعنوان الاولي.

فهذا شأن جميع الأحكام الاصلية الثابتة للمشروطات: و المنذورات بعناوينها الاولية، و الثانوية.

و بعناوينها الثانوية تقدم الشروط و النذور، و العهود و الأيمان على المشروطات، و المنذورات:

بحيث لو لا هذه العناوين لكانت الأحكام الاصلية المعبر عنها ب:

(العناوين الاولية) ثابتة على ما كانت عليها:

من الاستحباب، و ثبوت الخيار، و غير ذلك.

اذا لا مزاحمة بين العنوانين، لأنه بالعنوان الاولى صارت الأحكام الاصلية كذا.

و بالعنوان الثانوي صارت كذا.

(1) و هو عموم: (المؤمنون عند شروطهم).

ص: 188

(منها) (1):

صحيحة مالك بن عطية عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل كان له اب مملوك، و كانت لابيه امرأة مكاتبة قد ادت بعض ما عليها؟.

فقال لها ابن العبد:

هل لك أن اعينك في مكاتبتك حتى تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار على أبي اذا انت ملكت نفسك؟.

قالت: نعم.

فاعطاها في مكاتبتها على أن لا يكون لها الخيار بعد ذلك.

قال (2): لا يكون لها الخيار.

المسلمون عند شروطهم (3).

+++++++++++

(1) اي من تلك الأخبار التي استشهد بها الامام عليه السلام بعموم المؤمنون.

(2) اي الامام عليه السلام قال لسليمان بن خالد.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 16 ص 112 الباب 11 الحديث 1.

و الحديث هذا مروي عن (الكافي و التهذيب).

و المذكور هنا مخالف في بعض كلماته مع ما في الوسائل.

فراجعنا الكافي و التهذيب فصححناه عليهما:

راجع (فروع الكافي) الجزء 6 ص 188 الحديث 13.

و راجع (التهذيب) الجزء 8 ص 269 الحديث 12. -

ص: 189

و الرواية محمولة (1) بقرينة الاجماع: على عدم لزوم الشروط الابتدائية

+++++++++++

- فالشاهد في استشهاد الامام عليه السلام على عدم الخيار للمكاتبة اذا ملكت نفسها:

بعموم (المؤمنون عند شروطهم).

فقدم عليه السلام دليل الشرط على دليل الخيار، لأن الخيار إنما يكون للزوجة المكاتبة بعد ان تصير حرة باداء تمام مال كتابتها، فاذا ادت تمامه تكون حرة مختارة في بقائها مع زوجها المملوك.

أو في مفارقتها اياه.

مع أن الامام عليه السلام اجاز اشتراط عدم الخيار لها بقوله:

(المؤمنون عند شروطهم).

و ليس هذه الاجازة إلا لكفاية التشبث بالحرية في سقوط خيارها.

(1) إنما افاد شيخنا الانصاري قدس سره هذا الحمل، لأن المشهور ذهب إلى عدم وجوب الوفاء بالشروط الابتدائية التي لم تقع في متن العقود اللازمة.

بل لا بدّ من وقوعها في ضمن العقود اللازمة، لقيام الاجماع على ذلك.

و من المعلوم أن اشتراط سقوط الخيار في الصحيحة المذكورة كان ابتدائيا لا ضمنيا كما هو الظاهر من الصحيحة، فلذا قال بالحمل المذكور حتى يصح الاستشهاد بالصحيحة.

و لو لا الحمل المذكور لما صح الاستشهاد بالصحيحة، لمخالفتها المشهور المدعي قيام الاجماع على عدم وجوب الوفاء بالشروط الابتدائية التي لم تقع في ضمن العقد.

ص: 190

على صورة (1) وقوع الاشتراط (2) في ضمن عقد لازم.

أو المصالحة (3) على إسقاط الخيار المتحقق سببه بالمكاتبة بذلك المال.

و كيف كان (4) فالاستدلال بها بقاعدة الشروط على نفي الخيار الثابت بالعمومات:

دليل على حكومتها عليها.

لا معارضتها (5) المحوجة إلى التماس المرجح.

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: محمولة اي الصحيحة المذكورة محمولة على وقوع الاشتراط في ضمن العقود اللازمة.

كما عرفت في الهامش 1 ص 190 عند قولنا: بل لا بدّ من وقوعها.

(2) اي اشتراط سقوط خيار المجلس.

(3) اي أو الصحيحة المذكورة محمولة على صورة المصالحة على سقوط الخيار المتحقق سببه بالمكاتبة بالمال المبذول من قبل ولد العبد لزوجة ابيه التي كانت مكاتبة.

(4) يعني أي شيء قلنا في الصحيحة: من الحمل، أو المصالحة فالاستدلال بها بسبب عموم المؤمنون على نفي الخيار الثابت بأدلته المشار إليها في الهامش 1 ص 56:

دليل على حكومة عموم المؤمنون. على أدلة الخيار.

(5) اي و ليست أدلة الخيار تعارض عموم المؤمنون حتى تحتاج المعارضة إلى المرجحات الخارجية. ثم يرجح عموم المؤمنون على أدلة الخيار.

كما افاد هذا الترجيح الشيخ صاحب الجواهر.

ص: 191

نعم (1) قد يستشكل التمسك بدليل الشروط في المقام من وجوه:(1)

(الاول) (2):

إن الشرط يجب الوفاء به إذا كان العقد المشروط فيه لازما لأن الشرط في ضمن العقد الجائز لا يزيد حكمه (3) على اصل العقد بل (4) هو كالوعد.

فلزوم الشرط يتوقف على لزوم العقد.

فلو ثبت لزوم العقد بلزوم الشرط لزم الدور (5).(2)

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده قدس سره: من حكومة قاعدة:

المؤمنون على أدلة الخيار.

و قد ذكر في الاستدراك وجوها أربعة للاشكال على الترجيح المذكور.

و نحن نذكر كل وجه عند رقمه الخاص.

(2) هذا هو الوجه الاول.

(3) اي حكم الشرط حكم اصل العقد، إذ اصل العقد إذا كان جائزا يكون الشرط أيضا جائزا.

(4) اي حكم الشرط حكم الوعد.

فكما أن الوعد جائز لا يجب الوفاء به.

كذلك الشرط جائز لا يجب الوفاء به:

(5) بيان الدور.

إن لزوم الشرط متوقف على لزوم العقد.

و ثبوت العقد(3) متوقف على كون الشرط لازما حتى يثبت لزوم العقد، لان العقد كان جائزا فبلزوم الشرط صار لازما. -

ص: 192


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

(الثاني) (1) إن هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد على ما هو ظاهر قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار.

فاشتراط عدم كونهما بالخيار اشتراط لعدم مقتضيات العقد.

(الثالث) (2):

ما استدل به بعض الشافعية على عدم جواز اشتراط السقوط (3):

من (4) أن إسقاط الخيار في ضمن العقد إسقاط لما لم يجب، لأن الخيار لا يحدث إلا بعد البيع.

فاسقاطه فيه كاسقاطه قبله.

+++++++++++

- اذا لزم الدور، و هو باطل.

(1) هذا هو الوجه الثاني للاشكال على الترجيح المذكور.

و خلاصته: إن اشتراط سقوط خيار المجلس في متن العقد مناف و مخالف لمقتضى العقد، لأن مقتضاه هو ثبوت الخيار للمتعاقدين ما داما هما في المجلس، لاستفادة الاقتضاء المذكور من ظاهر قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتى يفترقا.

فاشتراط السقوط اشتراط لعدم اقتضاء العقد الخيار، مع أنه كان مقتضيا له.

(2) هذا هو الوجه الثالث للاشكال على الترجيح المذكور.

(3) اي سقوط خيار المجلس بالاشتراط

(4) كلمة من بيان لكيفية استدلال بعض الشافعية(1) على عدم سقوط خيار المجلس بالاشتراط.

ص: 193


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

هذا (1).

و لكن (2) شيء من هذه الوجوه لا يصلح للاستشكال.

أما الاول (3) فلأن الخارج عن عموم الشرط.

الشروط الابتدائية، لأنها كالوعد.

و الواقعة في ضمن العقود الجائزة بالذات، أو بالخيار، مع بقائها على الجواز، لأن الحكم بلزوم الشرط مع فرض جواز العقد المشروط به.

مما لا يجتمعان، لأن الشرط تابع.

و كالتقييد للعقد المشروط به.

+++++++++++

- و خلاصة الاستدلال(1) إن اشتراط سقوط الخيار في متن العقد إسقاط لشيء لم يجب بعد، اذ الخيار إنما يصير واجبا في المجلس بعد تمامية العقد و تحققه خارجا.

و تمامية هذه، و التحقق الخارجي إنما تحصل بالايجاب و القبول.

فكيف يجمع بين الإسقاط، و الخيار الذي لم يتحقق بعد؟.

(1) اي خذ ما تلوناه عليك من الوجوه الثلاثة الحاوية لكيفية الإشكال على ترجيح عموم: المؤمنون على عموم. أدلة الخيار في باب الحكومة.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره يفند تلك الوجوه بحذافيرها.

(3) هذا رد على الوجه الاول الحاوي للاشكال على الترجيح المذكور المشار إليه في الهامش 5 ص 192 و هو لزوم الدور،

و خلاصته: منع توقف لزوم الشرط على لزوم العقد و إن كان لزوم العقد متوقفا على لزوم الشرط. -

ص: 194


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- بل لزوم الشرط متوقف على قوله عليه السلام:

(المؤمنون عند شروطهم)، فهو عام يجب الوفاء به.

لكنه قد خصص فخرج منه ما خرج، و بقي الباقي تحت ذاك العموم و الخارج عن تحت ذاك العموم ثلاثة.

(الاول): الشروط الابتدائية، حيث إنها كالوعد في عدم وجوب الوفاء بها كما علمت في الهامش 4 ص 192.

(الثاني): الشروط الواقعة في ضمن العقود الجائزة بالذات كالوكالة و الجعالة و العارية.

أو واقعة في ضمن العقود الجائزة بالعرض:

كشرط الخيار فيها، مع بقائها على جوازها، فان هذه العقود الجائزة بالذات، أو بالعرض يجوز فسخها.

فكذلك شروطها جائزة لا يجب الوفاء بها.

فلا يزيد حكمها عن حكم اصل العقود، لعدم امكان التفكيك بين الشرط و المشروط.

اذ كيف يمكن الحكم بلزوم الشرط مع فرض جواز العقد؟

فلا يمكن أن يكون الشرط لازما و المشروط جائزا، لأن الجواز و اللزوم ضدان لا يجتمعان، فان الشرط تابع و جزء للعقد.

(الثالث) تقييد العقد بشرط كما لو قال شخص لشخص آخر:

اذا اشتريت ناقتي بمائة دينار اعطيك ابنتها معها.

فقال ذاك الشخص: بشرط أن تقصد هذا المعنى عند إجراء العقد فوافق صاحب الناقة على ذلك.

فبهذا الشرط صار العقد مقيدا بقيد اعطاء الناقة مع ابنتها.

و عند ما قال له صاحب الناقة: -

ص: 195

أما (1) اذا كانت نفس مؤدى الشرط لزوم ذلك العقد المشروط به كما فيما نحن فيه، لا التزاما آخر مغايرا لالتزام اصل العقد.

فلزومه الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط عين لزوم العقد.

فلا يلزم تفكيك بين التابع و المتبوع في اللزوم و الجواز.

و أما الثاني (2) فلأن الخيار حق للمتعاقدين اقتضاه العقد لو خلي

+++++++++++

- بعتك هذه الناقة بمائة دينار قصد في قرار نفسه أن يعطيها و ابنتها معها:

غاية الامر لم يقصد ذلك لفظا عند اجراء الصيغة.

فهذا الشرط لا يجب الوفاء به، لأنه خارج عن متن العقد و صلبه.

(1) خلاصة هذا الكلام.

إن الشروط الباقية تحت ذاك العموم ثلاثة أيضا.

(الاول): الشروط الواقعة في ضمن عقد لازم بالذات غير جائز بالعرض.

(الثاني): الشروط الواقعة في ضمن عقد لازم بالذات جائز بالعرض.

(الثالث): الشروط الواقعة في ضمن عقد جائز بالذات لازم بالعرض.

أما وجه خروج هذه الأقسام الثلاثة عن العموم المذكور.

فلأن نفس مؤدى الشرط لزوم ذلك العقد المشروط به.

كما في خيار المجلس المشترط فيه سقوط الخيار.

فليس في هذا الشرط التزام آخر مغايرا للالتزام باصل العقد لأنهما في افق واحد، إذ لزوم الشرط الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط عين لزوم العقد، لعدم جواز التفكيك بين الشرط و المشروط، و التابع و المتبوع في الجواز و اللزوم.

(2) هذا رد على الوجه الثاني الحاوي للاشكال على الترجيح -

ص: 196

و نفسه، فلا ينافي سقوطه بالشرط.

و بعبارة اخرى (1) المقتضي للخيار العقد (بشرط لا).

لا طبيعة العقد من حيث هي حتى لا يوجد (2) بدونه.

+++++++++++

- المذكور، المشار إليه في الهامش 1 ص 193.

و قد ذكر الرد واضحا فلا نعيده.

(1) اراد بقوله: بعبارة اخرى توضيح المطلب بنحو أبسط و شرح أعمق.

و خلاصة ما افاده قدس سره:

إن العقد موضوع للطبيعة (بشرط لا) اي بشرط أن لا يكون معها اشتراط سقوط الخيار.

و ليس موضوعا لطبيعة العقد بما هي هي. و من حيث هي هي المعبر عنها ب: (الطبيعة المطلقة السارية) حتى لا يوجد عقد بدون خيار.

فلا يكون الخيار من مقتضيات العقد مطلقا حتى في صورة اشتراط سقوطه في متن العقد.

بل الدليل إنما دل على وجود الخيار في صورة فقدان اشتراط السقوط.

اذا فلا مجال للقول بأن اشتراط سقوط الخيار في متن العقد مناف لمقتضى العقد، و مخالف له.

(2) اي لا يوجد عقد بدون خيار كما عرفت آنفا.

ثم إن السيد الفقيه الطباطبائي اليزدي قدس سره.

افاد في تعليقته على المكاسب في الجزء 2 ص 11:

إن في عبارة الشيخ تهافتا. -

ص: 197

و قوله (1) صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار و إن كان له ظهور في العلية التامة (2).

إلا (3) أن المتبادر من اطلاقه صورة الخلو عن شرط السقوط.

مع (4) أن مقتضى الجمع بينه، و بين دليل الشرط.

كون العقد مقتضيا لاتمام العلة، ليكون التخلف ممتنعا شرعا.

+++++++++++

- لكن لا يخفى على القارئ النبيل بعد الامعان في عبارة الشيخ عدم وجود تهافت فيها بعد أن كان المراد من الفاعل في قوله: لا يوجد (العقد).

و بعد أن كان المرجع في ضمير بدونه (الخيار).

(1) هذا رد على الوجه الثاني للاشكال على الترجيح المذكور المشار إليه في الهامش 1 ص 193.

من أن اشتراط سقوط الخيار مناف لظاهر قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتى يفترقا.

و قد اوضحه قدس سره فلا نكرره.

(2) معنى العلية التامة أن العقد بنفسه من دون توقفه على شيء آخر موجب للخيار.

(3) استثناء عما افاده: من ظهور البيعان في العلية التامة.

و خلاصته: إن المتبادر من اطلاق البيعان.

هي صورة خلوه عن اشتراط سقوط الخيار في متن العقد، لا مطلقا حتى و لو اشترط السقوط له ظهور في العلية التامة.

فعند الخلو عن الاشتراط يكون له ظهور في العلية التامة.

(4) اي بالإضافة إلى التبادر المذكور لنا دليل آخر على عدم -

ص: 198

..........

+++++++++++

- دلالة البيعان: على ثبوت الخيار بمقتضى العقد و طبيعته.

و خلاصة الدليل: إن البيعان بالخيار و إن كان له ظهور في العلية التامة، و أنه تمام الموضوع للخيار.

إلا أن أدلة عموم المؤمنون تصرف هذه الظاهرة.

فنقول: إن المراد من العلية الاقتضاء اى البيع مقتض للخيار.

و ليس المراد من العلية التامة أنها تمام العلة حتى يكون تخلف الخيار عن العقد عند اشتراط سقوطه في متن العقد امرا ممتنعا، و مخالفا لمقتضى طبيعة العقد شرعا.

و هذا هو مقتضى الجمع بين أدلة الشرط.

و أدلة الخيار، حيث إنهما متعارضان.

و لا يمكن الجمع بينهما إلا بهذا النحو: بأن يجعل احد المتعارضين منشأ للتأويل الآخر: بأن يرفع اليد عن ظهوره.

كما فعلنا هنا برفع اليد عن العلية التامة و قلنا باقتضائها للخيار حيث لم يوجد جمع دلالي بين الدليلين يكون احدهما نصا، و الآخر ظاهرا.

أو احدهما أظهر، و الآخر ظاهر حتى يدفع ظاهر كل منهما بنص الآخر.

أو يدفع الظاهر منهما بالأظهر.

و هذا النحو من الجمع هو الملاك في الجمع الدلالي بين خبرين متعارضين، المعبر عنه.

ب: (الجمع التبرعي) و قد افاده (شيخ الطائفة) قدس سره و قد مر نظيره في الجمع بين قوله عليه السلام: -

ص: 199

نعم (1) يبقى الكلام في دفع توهم أنه.

لو بني على الجمع بهذا الوجه.

بين دليل الشرط، و عمومات الكتاب و السنة:

لم يبق شرط مخالف للكتاب و السنة.

بل و لا لمقتضى العقد.

و محل ذلك (2) و إن كان في باب الشروط.

إلا أن مجمل القول في دفع ذلك فيما نحن فيه:

إنا حيث علمنا بالنص و الاجماع أن الخيار حق مالي قابل للاسقاط و الارث.

لم يكن سقوطه منافيا للمشروع.

+++++++++++

- ثمن العذرة سحت.

و بين قوله عليه السلام: لا بأس بثمن العذرة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 1 ص 71-72.

(1) هذا الاستدراك دفع وهم.

حاصل الوهم: إنه بناء على التوجيه المذكور في الجمع بين عموم المؤمنون، و أدلة الخيار:

عدم بقاء شرط مخالف للكتاب و السنة، و مقتضى العقد، لأنه ما من شرط اذا وجه بالتوجيه المذكور يكون موافقا للكتاب و السنة و مقتضى العقد.

مع العلم بكثرة مخالفة الشروط للكتاب و السنة و مقتضى العقد.

كاشتراط الزوجة في متن العقد زمام الطلاق و امره بيدها.

(2) هذا أوان الشروع في الجواب عن الوهم. -

ص: 200

فلم يكن اشتراطه (1) اشتراطا للمنافي.

كما (2) لو اشترط في هذا العقد سقوط الخيار في عقد آخر.

+++++++++++

- و خلاصته: إن المناسب للبحث عن هذه الجهة.

هو باب الشروط، لا هنا.

لكننا مجبورون في الدفع عن التوهم المذكور.

فنقول: إن المعلوم من النص و الاجماع:

هو كون الخيار من الحقوق المالية القابلة للاسقاط و التوريث و النقل و الانتقال.

و ليس من الأحكام حتى يكون اشتراط سقوط الخيار منافيا للكتاب و السنة و مقتضى العقد.

فلا يكون حكما دائميا غير قابل للسقوط.

فاشتراط سقوطه لا يوجب تحليل حرام، أو تحريم حلال.

كما هو الملاك في الشروط المخالفة للكتاب و السنة، و مقتضى العقد في قوله عليه السلام:

إلا شرطا حلل حراما، أو حرم حلالا(1).

(1) اي اشتراط سقوط الخيار كما علمت.

(2) تنظير لعدم منافاة اشتراط سقوط الخيار للكتاب و السنة و مقتضى العقد.

و خلاصته: إنه كما يجوز للمتعاقدين في العقد الذي يجريانه اشتراط سقوط الخيار في عقد آخر.

ص: 201


1- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 - الحديث 5.

و أما (1) من الثالث فيما عرفت:

من (2) أن المتبادر من النص المثبت للخيار صورة الخلوّ عن الاشتراط، و إقدام المتبايعين على عدم الخيار.

+++++++++++

- كما لو قال احدهما للآخر.

بعتك داري بشرط أن تسقط خيارك إذا بعتني بستانك.

فلا يلزم هنا المنافاة المذكور.

كذلك يجوز اشتراط سقوط الخيار في ضمن عقد مستقل، من دون أن يلزم المنافاة.

(1) هذا جواب عن الوجه الثالث في الإشكال الوارد على الترجيح المذكور في الهامش 2 ص 193.

(2) كلمة من بيان لما عرفت.

و خلاصة ما عرفت: إنك عرفت في ص 198.

إن المتبادر من البيعان بالخيار:

هي صورة خلو العقد عن اشتراط سقوط الخيار:

بمعنى أن الاشتراط يدفع الخيار عن تحقق وقوعه خارجا، و عن اقتضاء العقد حسب طبعه الاولي للخيار، و جعله عقيما من بادئ الامر.

و ليس معنى الاشتراط رفع الخيار عن العقد:

بمعنى أن الخيار كان موجودا في العقد و ثابتا فيه و جاء الاشتراط فرفعه حتى يقال:

إن هذا النوع من الاشتراط اشتراط لإسقاط ما لم يجب بعد.

و قد عرفت أكثر من مرة الفرق بين الدفع و الرفع، فان الدفع يأتي قبل وقوع الشيء. -

ص: 202

ففائدة (1) الشرط إبطال المقتضي (2) لا اثبات (3) المانع.

و يمكن أن يستأنس (4)

+++++++++++

- و الرفع يأتي بعد وقوعه:

(1) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أن المتبادر من البيعان بالخيار.

و قد عرفت معناه في الهامش 2 ص 202 عند قولنا:

و خلاصة ما عرفت.

(2) بصيغة الفاعل المراد منه العقد.

(3) و قد عرفت معناه في الهامش 2 ص 202 عند قولنا:

و ليس معنى الاشتراط.

(4) اى لدفع إشكال بعض الشافعية القائل بعدم جواز اشتراط سقوط الخيار في متن العقد، للزومه إسقاط ما لم يجب.

خلاصة هذا الكلام: إنه من الامكان أن يستأنس.

للاشكال الثالث الذي قاله بعض الشافعية:

من إن اشتراط إسقاط الخيار موجب لإسقاط ما لم يجب بعد.

و للاشكال الثاني المشار إليه في ص 193 بقوله:

الثاني: إن هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد:

بصحيحة مالك بن عطية.

أما وجه الاستيناس بالصحيحة لدفع الإشكال الثالث و الثاني:

فحكم الامام عليه السلام بسقوط خيار الامة في عقد نكاحها إذا ملكت نفسها: بأن صارت حرة.

و حكمه عليه السلام بجواز اشتراط سقوط الخيار معها قبل حصوله -

ص: 203

لدفع الاشكال (1) من هذا الوجه الثالث، و من (2) سابقه:

بصحيحة (3) مالك بن عطية المتقدمة.

ثم إن هذا الشرط يتصور على وجوه.
اشارة

ثم إن هذا الشرط (4) يتصور على وجوه.

أحدها: أن يشترط عدم الخيار.

(احدها) (5): أن يشترط عدم الخيار.

و هذا هو مراد المشهور: من اشتراط السقوط فيقول:

بعت بشرط أن لا يثبت خيار المجلس.

كما مثل به (6) في الخلاف و المبسوط و الغنية و التذكرة(1) لأن

+++++++++++

- لها: بتعليله: المؤمنون عند شروطهم.

فلو كان اشتراط السقوط موجبا لاسقاط ما لم يجب بعد، أو مخالفا لمقتضى العقد:

لما جاز إسقاطه.

فمن جواز إسقاطه في ضمن العقد الضمان: و هو ضمان ابن المملوك للجارية التي كانت زوجة ابيه: بدفع مال كتابتها.

لا في نفس عقد النكاح:

يستأنس بجواز اشتراط السقوط في نفس العقد.

(1) و هو إشكال بعض الشافعية كما عرفت آنفا.

(2) و هو الإشكال الثاني المشار إليه في ص 193.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: و يمكن أن يستأنس.

(4) و هو اشتراط سقوط الخيار.

(5) اي احد تلك الوجوه المتصورة.

(6) اي بالمثال المذكور في قول البائع:

بعت بشرط أن لا يثبت خيار المجلس.

ص: 204


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب.

المراد بالسقوط هنا (1) عدم الثبوت، لا الارتفاع.

الثاني: أن يشترط عدم الفسخ

(الثاني) (2): أن يشترط عدم الفسخ فيقول:

بعت بشرط أن لا افسخ في المجلس، فيرجع (3) الى التزام ترك حقه.

فلو خالف الشرط (4) و فسخ فيحتمل قويا عدم نفوذ الفسخ لأن وجوب الوفاء بالشرط (5) مستلزم لوجوب (6)

+++++++++++

(1) اي في باب اشتراط سقوط الخيار:

(2) اي الوجه الثاني من الوجوه المتصورة في باب اشتراط سقوط الخيار:

هو اشتراط البائع في متن العقد على نفسه أن لا يفسخ:

فيكون مآل هذا الاشتراط إلى الالتزام بترك حقه: الذي هو الفسخ.

(3) اي هذا الاشتراط كما عرفت آنفا.

(4) اي البائع المشترط على نفسه عدم الفسخ:

بأن فسخ.

(5) المراد من وجوب الوفاء قوله عز من قائل:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و بالشرط قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون، فان أَوْفُوا يوجب الايفاء بالشروط، و الالتزام بها.

فعند مخالفة البائع ما اشترط على نفسه و التزم به يعد فسخه فاشلا غير نافذ مفعوله.

(6) تعليل لعدم نفوذ فسخه و فشله.

و خلاصته: إن الامر بالوفاء يلزم البائع على العمل بما التزمه -

ص: 205

اجباره عليه، و عدم (1) سلطنته على تركه.

كما لو (2) باع منذور التصدق به على ما ذهب إليه غير واحد.

فمخالفة الشرط: و هو الفسخ غير نافذة في حقه.

و يحتمل النفوذ (3)، لعموم دليل الخيار.

و الالتزام (4)

+++++++++++

- على نفسه، و اجباره على عدم سلطنة له على الفسخ، و أن العقد باق على لزومه، و عدم تضعضعه بالفسخ، فهو كالجبل لا تحركه العواصف.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لوجوب اجباره، فهو تعليل ثان لعدم نفوذ فسخه، و قد عرفته في هذه الصفحة بقولنا؛ و اجباره على عدم سلطنة له.

(2) تنظير لكون مخالفة شرط البائع لما التزم على نفسه غير نافذة.

و خلاصته: إن من نذر عينا مشخصة.

لا يجوز له التصرف فيها بمخالفة نذره.

فلو باعها لا يكون البيع نافذا اى وقع باطلا.

كذلك من اشترط على نفسه بعدم الفسخ.

فلا يجوز له الفسخ.

فلو فسخ اصبح فسخه غير نافذ المفعول.

(3) اى نفوذ الفسخ لو خالف البائع ما اشترط على نفسه.

تعليل للنفوذ في صورة المخالفة.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: -

ص: 206

بترك الفسخ لا يوجب (1) فساد الفسخ على ما قاله بعضهم: من أن بيع منذور التصدق حنث موجب للكفارة، لا فاسد.

و حينئذ (2) فلا فائدة في هذا غير الاثم على مخالفته، إذ (3) ما يترتب على مخالفة الشرط في غير هذا المقام:

من تسلط المشروط له على الفسخ لو خالف الشرط.

غير مرتب هنا.

+++++++++++

- إنه كيف يمكن القول باحتمال نفوذ الفسخ بعموم أدلة الخيار.

مع أن البائع قد التزم على نفسه بترك الفسخ، و أنه لا يأخذ بخياره؟

و الالتزام المذكور موجب لفساد الفسخ.

فلا مجال لأدلة الخيار حتى يأخذ البائع بالفسخ.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله. إن الالتزام المذكور لا يوجب الفساد، بناء على مذهب من يقول:

إن بيع العين المشخصة المنذورة حنث للنذر، و موجب للكفارة فقط.

لا أنه موجب لفساد البيع.

و فيما نحن فيه كذلك، فان مخالفة الشرط لا توجب فساد الفسخ.

(2) اي و حين أن قلنا بنفوذ الفسخ عند مخالفة الاشتراط، و أنها لا توجب فساد الفسخ.

فلا فائدة في اشتراط سقوط الخيار، و لا يترتب على هذه المخالفة سوى الاثم و العصيان الذي هو الحكم التكليفي.

(3) تعليل لعدم فائدة تترتب على مخالفة الاشتراط سوى الاثم و العصيان.

ص: 207

و الاحتمال الاول (1) أوفق بعموم وجوب الوفاء بالشرط الدال على وجوب ترتب آثار الشرط: و هو عدم الفسخ في جميع الأحوال حتى بعد الفسخ.

فيستلزم (2) ذلك كون الفسخ الواقع لغوا.

كما تقدم (3) نظيره في الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد:

على كون فسخ احدهما منفردا لغوا لا يرفع وجوب الوفاء.

الثالث: أن يشترط إسقاط الخيار

(الثالث) (4):

+++++++++++

(1) و هو احتمال عدم نفوذ الفسخ عند مخالفة اشتراط السقوط و ما التزم البائع على نفسه.

(2) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أوفقية احتمال عدم نفوذ الفسخ بعموم وجوب الوفاء بالشرط.

و خلاصته: انه في ضوء ما ذكرنا يكون لازم مخالفة الشرط:

بأن يأخذ بالفسخ:

لغوية الفسخ الصادر من البائع.

و كلمة كون الفسخ منصوبة على أنها مفعول لقوله: فيستلزم اي فيستلزم القول بعدم ترتب آثار الفسخ حتى بعد الفسخ لو اخذ به كون الفسخ لغوا.

(3) في قوله في ص 38: للزوم الوفاء، و عدم انفساخه بمجرد فسخ احدهما.

و في قوله في ص 43: لعدم تأثير ذلك الفسخ.

(4) اي الوجه الثالث من الوجوه المتصورة في اشتراط سقوط الخيار في متن العقد في قوله ثم إن هذا الشرط يتصور على وجوه.

ص: 208

أن يشترط (1) إسقاط الخيار.

و مقتضى ظاهره (2) وجوب الإسقاط بعد العقد.

+++++++++++

(1) اي على نحو شرط الفعل، لا على نحو شرط النتيجة بخلاف الوجه الاول المشار إليه في ص 204، حيث كان على نحو شرط النتيجة.

أليك شرح شرط النتيجة.

و شرح شرط الفعل، لتكون واعيا و خبيرا بكليهما.

أما شرط النتيجة فكما في اشتراط البائع على المشتري في متن العقد أن يكون وكيلا عنه في امر من اموره.

فهنا تحصل الوكالة للمشتري بمجرد الاشتراط.

و بمجرد ايقاع العقد، من دون احتياج الوكالة إلى عقد جديد بعد أن تم العقد.

و هذا النحو من الشرط يسمى في اصطلاح المتأخرين.

ب: (شرط النتيجة).

و أما شرط الفعل فهو اشتراط البائع على المشتري في متن العقد توكيله عنه:

بمعنى أنه يشترط عليه حين اجراء العقد أن ينشأ له عقد الوكالة عن نفسه بعد إتمام العقد.

فهنا لا تحصل الوكالة للبائع من المشتري باجراء صيغة العقد.

بل لا بدّ من حصولها بانشاء صيغة جديدة حتى تتحقق خارجا.

و مثل هذا الشرط يسمى في اصطلاح المتأخرين.

ب: (شرط الفعل).

(2) اي ظاهر اشتراط إسقاط الخيار.

ص: 209

فلو اخل به (1) و فسخ العقد.

ففي تأثير الفسخ الوجهان المتقدمان (2).

و الأقوى (3) عدم التأثير.

و هل للمشروط له الفسخ بمجرد عدم إسقاط المشترط الخيار بعد العقد و إن لم يفسخ؟

وجهان:

من (4) عدم حصول الشرط.

و من (5) أن المقصود منه ابقاء العقد.

+++++++++++

(1) اي باشتراط إسقاط الخيار.

(2) و هما: احتمال عدم نفوذ الفسخ، لأن وجوب الوفاء بالشرط مستلزم لوجوب اجباره عليه.

و احتمال نفوذ الفسخ، لعموم دليل الخيار.

و قد اشار قدس سره الى الاول في ص 205 بقوله:

و يحتمل قويا عدم نفوذ الفسخ.

و اشار الى الثاني في ص 206 بقوله:

و يحتمل النفوذ.

(3) هذا راي شيخنا الانصاري في الوجه الثالث من الوجوه المتصورة لاشتراط إسقاط الخيار.

اي الأقوى عدم تأثير الفسخ لو فسخ البائع عند مخالفة الاشتراط:

بمعنى عدم نفوذه، و أن العقد باق كما كان.

(4) هذا دليل للفسخ، اي فللمشروط له الفسخ حينئذ.

(5) هذا دليل لعدم جواز الفسخ. -

ص: 210

فلا يحصل التخلف، إلا (1) إذا فسخ.

و الأولى (2) بناء على القول بعدم تأثير الفسخ:

هو عدم الخيار، لعدم تخلف الشرط.

و على القول بتأثيره (3) ثبوت الخيار، لأنه (4) قد يكون الغرض من الشرط عدم تزلزل العقد.

+++++++++++

- خلاصته: إن المقصود من اشتراط إسقاط الخيار هو ابقاء العقد على حاله.

و المفروض أنه باق كما كان.

فلا يحصل تخلف في البين حتى يتحقق الخيار.

(1) اي اللهم إذا فسخ المشتري، فانه حينئذ لا يبقى العقد على حاله الذي هو اللزوم.

(2) هذا رأي شيخنا الانصاري في المشروط له الذي هو المشتري عند ما لم يف البائع بشرطه و فسخ.

خلاصته: إنه بناء على القول بعدم تأثير فسخ البائع لو فسخ و خالف شرطه:

فلا خيار للمشروط له الذي هو المشتري، لأنه لم يتخلف الشرط حيث إن المقصود من الاشتراط هو إسقاط الخيار و قد حصل السقوط بعدم تأثير فسخ البائع لو فسخ.

(3) اي و على القول بتأثير فسخ البائع لو فسخ و خالف شرطه.

يثبت الخيار للمشروط له الذي هو المشتري.

(4) تعليل لثبوت الخيار للمشتري لو فسخ البائع و خالف شرطه.

و خلاصته: إن الغرض و الهدف من اشتراط إسقاط الخيار هو -

ص: 211

و يكون بقاء المشترط (1) على سلطنة الفسخ مخالفا لمصلحة المشروط له (2).

و قد (3) يموت ذو الخيار و ينتقل الى وارثه.

+++++++++++

- عدم تزلزل العقد، و أنه يبقى على لزومه كما هو مقتضى الاصل الاولي العقلائي.

و بقاء المشترط الذي هو البائع على سلطنته بالفسخ مخالف لمصلحة المشروط له.

و من المعلوم أن العقد يتزلزل لو فسخ، لأنه بناء على تأثير الفسخ في عدم نفوذ العقد يصير العقد بلا اثر.

فلو خالف البائع فيما اشترطه على نفسه.

فللمشتري الخيار حينئذ.

(1) بصيغة الفاعل المراد منه البائع.

(2) و هو المشتري كما عرفت آنفا.

(3) عطف على قوله في هذه الصفحة: و يكون بقاء المشترط.

و الجملة هذه من متممات التعليل الذي افاده قدس سره: في أنه بناء على تأثير الفسخ في العقد ثبوت الخيار للمشتري بقوله في ص 211 لأنه قد يكون الغرض من الشرط.

و خلاصة هذا العطف: إنه على القول بالخيار للبائع و أن له الفسخ لربما مات البائع في أثناء المعاملة قبل أن يفسخ فينتقل خياره إلى ورائه حسب قاعدة:

ما تركه الميت فهو لورثته.

و من جملة ما تركه الخيار، لأنه من الحقوق و الحقوق تنتقل. -

ص: 212

بقي الكلام في أن المشهور هو أن تأثير الشرط إنما هو مع ذكره في متن العقد.

بقي الكلام في أن المشهور هو أن تأثير الشرط إنما هو مع ذكره في متن العقد.

فلو ذكراه (1) قبله لم يفد، لعدم الدليل على وجوب الوفاء به (2):

و صدق (3) الشرط على غير المذكور في العقد:

+++++++++++

- و من المحتمل أن المشروط له الذي هو المشتري لا يرغب أن يكون طرفا للعقد الواقع مع الورثة، لأسباب:

منها كثرتهم مثلا، أو تفرقهم في البلاد النائية: بحيث يصعب الوصول إليهم، أو صغر أعمارهم المحتاج الى قيم.

ففي هذه الحالات الطارئة على موت ذي الخيار.

لو لم يكن للمشروط له الخيار يتوجه نحوه الضرر المنفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(1) اي المتبايعان.

(2) اي بمثل هذا الشرط الذي لم يقع في متن العقد، و وقع قبله خارجا.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن أدلة جواز اشتراط إسقاط الخيار مطلقة تشمل الشرط المذكور في متن العقد.

و الشرط الذي يذكر قبله.

و ليس في تلك الأدلة ما يقيدها بمتن العقد حتى تخرج الشروط المذكورة قبله.

اذا يصدق على مثل هذه الشروط أنها شروط يجب الوفاء بها -

ص: 213

غير (1) ثابت، لأن المتبادر عرفا هو الالزام و الالتزام المرتبط بمطلب آخر.

و قد تقدم (2) عن القاموس أنه الالزام و الالتزام في البيع، و نحوه.

و عن الشيخ و القاضي تأثير الشرط المتقدم (3).

قال (4) في محكي الخلاف:(1)

لو شرطا قبل العقد أن لا يثبت بينهما خيار صح الشرط و لزم العقد بنفس الايجاب و القبول.

+++++++++++

- و الصدق كاف في المقام.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: إن الصدق المذكور غير ثابت، لأن المتبادر من الشرط هو الالزام و الالتزام، و التعهد بمطلب آخر بحيث يكون هذا الشرط ذي ربط به، لا خارجا عنه.

و من المعلوم أن الشرط المرتبط بمطلب آخر:

هو الشرط الداخل في متن العقد، لا في خارجه، لأن الشروط الخارجة شروط ابتدائية شبيهة بالوعد لا يجب الوفاء بها.

(2) في ص 55 بقوله: ففي القاموس الشرط الزام الشيء و التزامه في البيع، و نحوه.

(3) هذا هو القول الثاني في الشرط الذي يذكر خارج العقد.

و هذا القول خلاف المشهور.

و خلاصته: إن الشرط المتقدم مؤثر في العقد:

بمعنى أنه لازم يجب الوفاء به.

فهو كالشرط المذكور في متن العقد.

(4) اى شيخ الطائفة قدس سره:

ص: 214


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ثم نقل الخلاف عن بعض أصحاب الشافعي.

ثم قال (1): دليلنا (2) أنه لا مانع من هذا الشرط و الاصل (3) جوازه:

و عموم (4) الأخبار في جواز الشرط.

يشمل هذا الموضع، انتهى.

و نحوه (5) المحكي عن جواهر القاضي(2)

و قال (6) في المختلف(3) على ما حكي عنه بعد ذلك:

+++++++++++

(1) اي شيخ الطائفة قدس سره.

(2) استدل الشيخ على ما ذهب إليه بأدلة ثلاثة:

(الاول) عدم وجود مانع من تأثير الشرط المتقدم على العقد و الواقع في الخارج.

و يعبر عن مثل هذا الشرط ب: (الشرط المتقدم).

(3) هذا هو الدليل الثاني.

و المراد من الاصل هو الاصل الاولي العقلائي.

(4) هذا هو الدليل الثالث.

و المراد من عموم الأخبار قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم، حيث يعم الشروط المذكورة في متن العقد و خارجه.

و ليس لها اختصاص بالشروط المذكورة في متن العقد.

(5) اي و مثل ما افاده الشيخ في صحة تأثير الشروط المذكورة خارج العقد:

(6) اي العلامة(4) قدس سره

ما افاده القاضي(1) قدس سره في كتابه الجواهر، حيث قال -

ص: 215


1- يأتي شرح حياة هذا العملاق و مؤلفه الشريف في (أعلام المكاسب إن شاء اللّه).
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و عندي في ذلك نظر، فان (1) الشرط إنما يعتبر حكمه لو وقع في متن العقد.

نعم (2) لو شرطا قبل العقد و تبايعا على ذلك الشرط.

صح ما شرطاه، انتهى (3).

+++++++++++

- هناك: بتأثير الشروط المتقدمة:

و خلاصة ما افاده هناك: إن فيما افاده الشيخ في الخلاف: من صحة الشرط المتقدم: في أنه يؤثر في إسقاط الخيار لو شرط متقدما على العقد:

نظر و إشكال.

(1) هذا وجه النظر.

و خلاصته: إن الملاك في صحة الشرط المتقدم،(1) و اعتبار حكمه الذي هو سقوط الخيار:

هو وقوعه في متن العقد، لا في خارجه و قبل العقد، فانه لو وقع خارجه لا يكون مؤثرا في الإسقاط.

(2) استدراك من العلامة قدس سره عما اورده على الشيخ قدس سره: من عدم تأثير للشرط المتقدم على العقد.

و خلاصته: إن الشرط المتقدم إنما يكون مؤثرا لو شرط المتعاقدان خارجا على إسقاط الخيار، و تبانيا على ذلك ثم عقدا على ذلك الشرط و تبايعا عليه، فانه حينئذ يجب الوفاء بمثل هذا العقد المشترط فيه خارج العقد و يكون لازما.

(3) اي ما افاده العلامة قدس سره في المختلف.

ص: 216


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

اقول (1): التبايع على ذلك الشرط.

إن كان (2) بالاشارة إليه في العقد: بأن يقول مثلا:

+++++++++++

(1) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يورد على ما افاده العلامة قدس سره في الاستدراك المذكور.

فهو في مقام التساؤل عن العلامة فقال:

ما المراد من التبايع على ذلك الشرط؟.

في قولك: نعم لو شرطا قبل العقد و تبايعا على ذلك الشرط:

فان كان المراد من المشار إليه من كلمة ذلك.

هو الشرط المذكور في العقد في قول البائع:

بعتك على ما ذكر:

كان الشرط كأنما ذكر في متن العقد.

فلا يكون الشرط قد ذكر خارج العقد و متقدما عليه.

فلا إشكال على ما افاده الشيخ قدس سره.

و إن كان المراد من التبايع على ذلك الشرط.

هو القصد الى ذلك الشرط، و البناء عليه من الطرفين عند ما ينشئان العقد و يوجدانه في الخارج.

فهذا ظاهر كلام الشيخ، لأنه افاد في الخلاف بقوله:

لو شرطا قبل العقد أن لا يثبت بينهما خيار، لأن ظاهر هذا الكلام هو التبايع على الشرط بالقصد فقط، و إن لم يكن هناك اشارة.

فمثل هذا الشرط صحيح و مؤثر لا يرد عليه إشكال.

و قد افاد هذا التأثير و الصحة في مثل هذا الشرط الشيخ في الخلاف.

(2) هذا هو التساؤل الاول. -

ص: 217

بعت على ما ذكر فهو من المذكور في متن العقد.

و إن كان (1) بالقصد إليه، و البناء عليه عند الإنشاء.

فهذا (2) هو ظاهر كلام الشيخ.

نعم (3) يحتمل أن يريد الصورة الاولى.

و اراد (4) بقوله: قبل العقد قبل تمامه.

+++++++++++

- و قد ذكرناه في الهامش 1 ص 217 بقولنا: فان كان المراد.

(1) هذا هو التساؤل الثاني.

و قد ذكرناه في الهامش 1 ص 217 بقولنا: و إن كان.

(2) اي التساؤل الثاني هو الظاهر من كلام الشيخ في الخلاف.

(3) استدراك عما افاده من التساؤلين في كلام العلامة قدس سرهما:

و خلاصته: إنه من المحتمل أن يقصد الشيخ قدس سره في الخلاف بقوله: لو شرطا قبل العقد:

التساؤل الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 217.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: إنه لو كان مراد الشيخ قدس سره في الخلاف بقوله: لو شرطا قبل العقد:

هو التساؤل الاول اي الاحتمال الاول.

فلما ذكر جملة: (قبل العقد)؟

حيث إنها دالة على أن المراد من الشرط قبل العقد هو الشرط المذكور قبل وقوعه.

و ليس المراد من الشرط الشرط المذكور في متن العقد.

فاجاب شيخنا الانصاري قدس سره بما حاصله: -

ص: 218

و هذا (1) هو المناسب للاستدلال له بعد المانع من هذا الاشتراط.

و يؤيده (2) أيضا، بل يعينه أن بعض أصحاب الشافعي إنما يخالف في صحة اصل هذا الاشتراط في متن العقد.

و قد صرح (3) في التذكرة بذكر خلاف بعض الشافعية في اشتراط

+++++++++++

- إن المراد من قبل العقد قبل تماميته.

و ليس المراد من القبل الوقوع الخارجي قبل العقد حتى يرد الاشكال، فكأنما ذكر الشرط في متن العقد.

(1) اي التساؤل الاول هو المناسب للاستدلال على صحة اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد بقوله في الخلاف: دليلنا: إنه لا مانع لدينا من هذا الشرط.

وجه المناسبة: إن عدم وجود المانع مبني على فرض ثبوت المقتضي و ثبوت المقتضي متوقف على صدق الشرط، و صدق الشرط لا يتحقق الا بذكره في متن العقد.

(2) اي و يؤيد كون مراد الشيخ في الخلاف من قوله: نعم لو شرطا قبل العقد:

هو التساؤل الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 218.

و خلاصة التأييد: إن مخالفة بعض أصحاب الشافعي معنا: في صحة اشتراط إسقاط الخيار في متن العقد، لا قبل العقد، لاستدلاله على ذلك: بأنه إسقاط لما لا يجب بعد:

دليل على أن مراد الشيخ من قوله:

قبل العقد قبل تماميته، لا قبل وقوع العقد خارجا.

(3) استشهاد منه قدس سره للتأييد المذكور. -

ص: 219

عدم الخيار في متن العقد.

و استدل (1) عنهم: بأن الخيار بعد تمام العقد.

فلا يصح إسقاطه قبل تمامه.

و الحاصل (2): إن ملاحظة عنوان المسألة في الخلاف و التذكرة.

و استدلال (3) الشيخ على الجواز.

+++++++++++

- و أن مخالفة بعض أصحاب الشافعي معنا:

إنما هو في صحة الاشتراط في متن العقد، لا قبله.

(1) اي استدل العلامة من قبل بعض الشافعية لاثبات دعواهم بقوله:

و اختلفت الشافعية في ذلك على طريقين:

(احدهما): إن هذا الشرط لا يصح قولا واحدا، لأنه خيار يثبت بعد تمام العقد، فلا يسقط باسقاطه قبل تمام العقد.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 315.

(2) اي نتيجة ما ذكرناه حول اشتراط إسقاط الخيار في متن العقد: أن المتتبع البصير لو لاحظ عنوان مسألة اشتراط إسقاط الخيار فيما افاده الشيخ قدس سره في الخلاف.

و كذا لو لاحظ ما افاده العلامة قدس سره في التذكرة حول مسألة الاشتراط.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في هذه الصفحة: ملاحظة عنوان المسألة.

اي و كذا لو لاحظ القارئ الكريم ما استدل به الشيخ في الخلاف على جواز اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد.

ص: 220

و بعض (1) الشافعية على المنع:

يكاد (2) يوجب القطع بعدم إرادة الشيخ صورة ترك الشرط في متن العقد.

و كيف كان (3).

فالأقوى (4) أن الشرط غير المذكور في متن العقد غير مؤثر لأنه لا يلزم بنفس اشتراطه السابق، لأن المتحقق في السابق.

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 220:

و استدلال الشيخ.

اي و كذا لو لاحظ المطالع النبيل استدلال بعض الشافعية على منع اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد.

(2) الجملة مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في ص 202:

و الحاصل أن ملاحظة اي نتيجة هذه الملاحظات التي ذكرت في الهامش 2 ص 220، و الهامش 3 ص 220، و الهامش 1 ص 221

هو القطع بعدم إرادة الشيخ قدس سره صورة ترك الشرط في متن العقد.

بل اراد ذكر الشرط في متن العقد بالنحو الذي افاده شيخنا الانصاري قدس سره بقوله في ص 217:

إن كان بالاشارة إليه في العقد: بأن يقول:

بعت على ما ذكر فهو من المذكور في متن العقد.

(3) يعني أي شيء قيل حول جواز اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد.

(4) هذه نظرية شيخنا الانصاري قدس سره حول اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد.

و خلاصتها: إن اشتراط إسقاط الخيار قبل العقد لا يكون مؤثرا -

ص: 221

إما (1) وعد بالتزام.

أو التزام (2) تبرعي لا يجب الوفاء به.

و العقد (3) اللاحق و إن وقع مبنيا عليه:

لا يلزمه (4)، لأنه الزام مستقل لا يرتبط بالتزام العقد إلا يجعل المتكلم.

+++++++++++

- في الإسقاط، لعدم لزوم مثل هذا الشرط السابق على العقد بنفس الاشتراط المذكور، لأن الشرط المتحقق وقوعه في الزمن السابق على العقد لا يخلو من احد امرين لا محالة:

(1) هذا هو الامر الاول.

(2) هذا هو الامر الثاني. اي التزام ابتدائي غير مذكور في متن العقد.

و كلا الامرين لا يجب الوفاء بهما.

(3) هذا دفع وهم.

حاصل الوهم: إن العقد العارض على هذا الشرط الواقع في خارج العقد و قبله فقد وقع تبانيا عليه من المتبايعين فكأنما وجد العقد و تحقق في الخارج بسبب هذا الشرط.

فلما ذا لا يكون هذا الشرط موجبا إسقاط الخيار المشترط سقوطه قبل العقد بالكيفية المذكورة؟

(4) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: إن العقد العارض على الشرط الواقع خارج العقد و إن وقع تبانيا عليه من المتبايعين.

لكنه غير لازم، لأن الشرط بنفسه الزام مستقل لا يرتبط بالتزام -

ص: 222

و إلا (1) فهو بنفسه ليس من متعلقات الكلام العقدي.

مثل (2) العوضين و قيودهما حتى (3) يقدر شرطا منويا فيكون

+++++++++++

- العقد، فلا يكون لازما، لعدم سراية اللزوم من العقد إلى هذا الشرط.

اذا لا يجب الوفاء به.

اللهم إلا أن يكون التزام الشرط يجعل من المتكلم في متن العقد.

حتى يجب.

و المفروض أن المتكلم لم يجعله في متن العقد.

بل جعله في خارجه فاجرى العقد عليه.

اذا فلا يجب الوفاء بمثل هذا الشرط.

(1) اي و إن لم يكن الشرط بجعل من المتكلم في متن العقد فهو لا يكون بنفسه من متعلقات الكلام العقدي، ليصير لازما حتى يجب الوفاء به.

(2) مثال للنفي، لا للمنفي، اي ليس الشرط المتقدم المذكور قبل العقد من قبيل العوضين، و قيودهما الذين هما من متعلقات العقد و ماهيته، و ضرورياته التي يمكن جعل العقد دالا عليهما، و على قيودهما حيث إن إنشاء العقد إنشاء للعوضين و قيودهما.

بخلاف الشروط المتقدمة المذكورة قبل العقد، فانها خارجة عن ماهية العقد و حقيقته.

فلا يمكن ارادتها بنفس العقد الصادر بعدها بدون نصب قرينة لفظية دالة على ارادتها.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله في هذه الصفحة: ليس من متعلقات -

ص: 223

كالمحذوف النحوي بعد نصب القرينة.

فان (1) من باع داره في حال بنائه في الواقع على عدم الخيار له:

لم يحصل له في ضمن بيعه إنشاء التزام بعدم الخيار، و لم يقيد (2) انشاءه بشيء.

بخلاف قوله:

+++++++++++

- اي الشرط المذكور الذي لم يكن بجعل من المتكلم في متن العقد ليس من متعلقات الكلام العقدي حتى يقدر منويا، ليصير حكم هذا الشرط المقدر حكم المحذوف النحوي بعد نصب القرينة على حذفه.

كما في قولك في جواب السائل:

كيف زيد؟:

مريض، فان القرينة على حذف المبتدا الذي هي كلمة زيد موجودة. و هي لفظة زيد في سؤال السائل: كيف زيد، فلا يتكرر زيد مرة ثانية.

كما قال ابن مالك في ارجوزنه:

و حذف ما يعلم جائز كما *** تقول زيد بعد من عندكما

و في جواب كيف زيد قل دنف *** فزيد استغني عنه اذ عرف

(1) تعليل لكون الشرط المتقدم الزاما مستقلا غير مرتبط بالتزام العقد، و أنه ليس من متعلقات الكلام العقدي.

و قد عرفته في الهامش 4 ص 222 عند قولنا: و خلاصته إن العقد العارض.

(2) اي البائع داره بانيا على عدم الخيار له لم يقيد انشاءه بشيء في ضمن بيعه عند ما انشأ العقد. -

ص: 224

بعتك على أن لا خيار لي الذي مؤداه (1):

بعتك ملتزما على نفسي، و بانيا على أن لا خيار لي.

فان (2) إنشاءه للبيع قد اعتبر مقيدا بانشائه التزام عدم الخيار.

+++++++++++

- فلم يحصل له في ضمن هذا البيع التزام بعدم الخيار له حتى يسقط خياره.

(1) اي مؤدى قوله: بعتك على أن لا خيار لي.

هو بعتك ملتزما على نفسي، و بانيا عليها على أن لا خيار لي.

و هذه الصورة خلاف الصورة الاولى التي باع الرجل داره بانيا على أن لا خيار له من دون حصول إنشاء له في ضمن بيعه بالالتزام على عدم الخيار.

(2) تعليل لكون مؤدى بعتك على أن لا خيار لي هو الالتزام على نفسه بعدم الخيار له.

و خلاصته: إن البائع لما قال: بعتك على أن لا خيار لي فقد انشأ بيعه مقيدا بالقيد المذكور: و هو عدم الخيار له، فتكون نتيجة الشرط هو الزام في التزام.

و المراد من الالزام هو الوجوب.

و من الالتزام هو الالتزام بالبيع.

و حاصل معنى الشرط: و هو الزام في التزام).

هو وجوب شيء على نفسه في ضمن الالتزام بالبيع، و المراد من تقييد الثاني بالاول.

هو تقييد البيع بالشرط: و هو إسقاط الخيار.

فالشرط من قيود البيع. -

ص: 225

فحاصل الشرط الزام في التزام.

مع اعتبار تقييد الثاني بالاول.

و تمام الكلام في باب الشروط إن شاء اللّه.

فرع: ذكر العلامة في التذكرة موردا لعدم جواز اشتراط نفي خيار المجلس، و غيره في متن العقد:

(فرع):

ذكر العلامة في التذكرة موردا لعدم جواز اشتراط نفي خيار المجلس، و غيره (1) في متن العقد:

و هو (2) ما إذا نذر المولى أن يعتق عبده اذا باعه:

بأن قال: للّه علي أن أعتقك اذا بعتك.

قال (3): لو باعه بشرط نفي الخيار لم يصح البيع (4)، لصحة

+++++++++++

- فالبيع اصبح مقيدا، لا مطلقا.

(1) اي و غير خيار المجلس كخيار الحيوان، و خيار العيب.

(2) اي ذاك المورد الذي ذكره العلامة في التذكرة.

(3) اي قال العلامة في التذكرة.

(4) وجه عدم صحة البيع هو تقدم النذر على البيع.

فيكون النذر صحيحا و البيع باطلا.

فيجب الوفاء بالنذر حينئذ.

لكن لا يخفى أن عدم صحة البيع مبني على عدم امكان استرداد العين من المشتري عادة.

و أما في صورة الامكان كالثقة بالمشتري في استردادها منه: بنحو الشراء، أو الإقالة، أو الاستيهاب.

فالبيع يكون صحيحا، فيثبت له خيار المجلس فيفسخ حتى تثبت له الملكية، ليتمكن من عتقه، حيث لا عتق إلا في ملك.

ص: 226

النذر فيجب الوفاء به، و لا يتم (1) برفع الخيار(1)

و على قول بعض علمائنا: من (2) صحة البيع مع بطلان الشرط.

يلغو الشرط و يصح البيع و يعتق، انتهى (3).

(اقول) (4):

هذا مبني على أن النذر المعلق بالعين يوجب عدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية له.

+++++++++++

(1) اي البيع لا يتم لو رفع الخيار عن نفسه: بأن اشترط نفي الخيار في ضمن إنشاء العقد.

(2) كلمة من بيان لما قاله بعض علمائنا.

اي افاد بعض علمائنا أن البيع في صورة نذر المولى عتق عبده لو باعه بشرط نفي الخيار صحيح، و أن الشرط باطل، فيلغو الشرط و يعتق العبد.

(3) اي ما افاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 194.

عند قوله: و على الصورة التي تجوز عندنا.

(4) من هنا يروم شيخنا الانصاري توجيه كلام العلامة.

و خلاصته: إنّ بطلان بيع العبد المنذور، و صحة النذر مبني على أن النذر المعلق بالعين موجب لعدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية للنذر.

و من الواضح أن البيع الصادر من الناذر تصرف مناف للنذر:

فلا يصح تصرفه بالبيع فيمنع منه.

ص: 227


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و قد مر أن الأقوى في الشرط كونه كذلك (1).

+++++++++++

(1) اي الشرط مثل النذر: في أنه يوجب عدم جواز تصرف المشروط عليه فيما اشترط فيه تصرفا منافيا للشرط.

و المراد من قوله: و قد مر.

ما ذكره في ص 205 بقوله:

الثاني أن يشترط عدم الفسخ.

ص: 228

مسألة المسقط الثاني إسقاط هذا الخيار بعد العقد
اشارة

(مسألة) (1):

و من المسقطات (2) إسقاط هذا الخيار (3) بعد العقد:

بل هذا (4) هو المسقط الحقيقي.

و لا خلاف (5) ظاهرا في سقوطه بالإسقاط.

و يدل عليه (6) بعد الاجماع فحوى ما سيجيء من النص (7)

+++++++++++

(1) اي المسألة الثانية من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و قد اشرنا إليها بقولنا في الهامش 6 ص 179:

و هي ثمانية.

(2) اي مسقطات خيار المجلس.

(3) و هو خيار المجلس.

(4) اي اشتراط إسقاط خيار المجلس بعد إجراء العقد هو المسقط الحقيقي، اذ الظاهر من كلمة (إسقاط) هو تعلقها بشيء ثابت متحقق.

فهو فرع ثبوت الخيار.

بخلاف اطلاق الإسقاط على الخيار في متن العقد، فانه اطلاق مجازي باعتبار ما يئول إليه، حيث إنه مانع عن ثبوت الخيار.

(5) اي عند الامامية.

(6) اي على أن شرط إسقاط الخيار بعد العقد من المسقطات الحقيقية.

(7) المراد منه هي رواية علي بن رئاب الآتية في ص 230 في قوله عليه السلام:

فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام -

ص: 229

الدال على سقوط الخيار بالتصرف، معللا (1) بأنه رضى بالبيع.

مضافا (2) الى القاعدة المسلمة:

من (3) أن لكل ذي حق إسقاط حقه.

و لعله (4) لفحوى: تسلط الناس على أموالهم.

+++++++++++

- فذلك رضا منه فلا شرط.

و المراد من الفحوى: مفهوم هذه الرواية، لأن منطوقها يدل على أن التصرف من ذي الخيار رضى بالبيع، لتعليله عليه السلام سقوط الخيار برضى المشتري في قوله: فذلك رضى منه فلا شرط.

اي الإحداث في الحيوان في أيام الخيار علة لرضاه بالبيع.

فاذا كان سقوط الخيار بالتصرف كافيا.

فسقوطه بالإسقاط أولى، لكونه أقوى في التصرف في الدلالة على الرضا.

(1) اي الامام عليه السلام علل.

و قد عرفت التعليل في هذه الصفحة.

(2) اي و لنا دليل آخر بالإضافة إلى الاجماع.

و فحوى النص المذكور في الهامش 7 ص 229.

(3) كلمة من بيان للقاعدة المسلمة عند الفقهاء.

و المراد من القاعدة:

هو جواز إسقاط كل ذي حق حقه.

فبهذه القاعدة المسلمة يسقط صاحب الخيار حقه بشرط الإسقاط بعد العقد.

(4) اي و لعل الاستدلال بالقاعدة المسلمة لاجل مفهوم قوله -

ص: 230

فهم أولى بالتسلط على حقوقهم المتعلقة بالأموال.

و لا معنى لتسلطهم على مثل هذه الحقوق غير القابلة للنقل إلا نفوذ تصرفهم فيها بما يشمل الإسقاط.

+++++++++++

- صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إن الناس مسلطون على أموالهم.

فكما أن للناس تسلطا على أموالهم في كيفية التصرف فيها كيف شاءوا و ارادوا.

كذلك لهم التسلط على حقوقهم في كيفية التصرف فيها كيف شاءوا و ارادوا.

و من جملة التصرفات شرط إسقاط حق خيارهم بعد العقد.

و قد اورد على الاستدلال(1) بمفهوم الحديث النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

خلاصته: إن ملاك الحكم و مناطه لا بدّ أن يكون في الفرع الذي هو الحق أقوى و أشد من وجوده في الاصل الذي هو تسلط الناس على أموالهم.

مع أن الامر بالعكس، حيث إن الملاك فيه أشد و أقوى من الفرع لأقوائية علقة المالك بالاصل من علقة صاحب الحق، لأن للحق(87) مرتبة ضعيفة، فيكون التسلط عليه ضعيفا.

إذا لا يلزم من ثبوت حكم للأقوى ثبوته للأضعف.

و على فرض الثبوت في الضعيف:

فهو مجد فيما إذا كان سنخ التسلط على إسقاط الخيار في الاصل ثابتا.

و من الواضح أن سنخه في الاصل الذي هي الأموال. -

ص: 231


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و يمكن الاستدلال له (1) بدليل الشرط لو فرض شموله للالتزام الابتدائي.

ثم إن الظاهر سقوط الخيار بكل لفظ يدل عليه باحدى الدلالات العرفية.

ثم إن الظاهر (2) سقوط الخيار بكل لفظ يدل عليه باحدى الدلالات العرفية.

للفحوى المتقدمة (3).

+++++++++++

- عبارة عن زوال الملك بالإعراض عنه.

و زوال الملك بالإعراض غير ثابت حتى يثبت الإعراض عن الحق الذي هو الفرع، ليصح الاستدلال بمفهوم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

إن الناس مسلطون على أموالهم: على أنه من المسقطات.

(1) اي لسقوط الخيار بشرط الإسقاط بعد العقد(1) بدليل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم.

ببيان أن شرط الإسقاط بعد العقد احد شروط المؤمنين.

فيشمله الحديث الشريف، بناء على شموله للشروط الابتدائية كما فيما نحن فيه.

(2) اي الظاهر من الاطلاقات و العمومات الواردة في المقام سقوط الخيار بالإسقاط بكل لفظ يدل على الإسقاط، من دون اعتبار العربية، لأن العربية إنما اعتبرت في العبادات، حيث إنها توقيفية.

و على فرض اعتبارها في العقود و الايقاعات فهنا غير معتبرة.

و استدل شيخنا الانصاري للسقوط بكل لفظ دال عليه بوجوه ثلاثة و نحن نشير إلى كل واحد منها عند رقمه الخاص.

(3) هذا هو الوجه الاول. -

ص: 232


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و فحوى (1) ما دل على كفاية بعض الأفعال في اجازة عقد الفضولي.

+++++++++++

- و خلاصته: إن مفهوم: إن الناس مسلطون تدل على السقوط بأي لفظ كان.

و من جملة التسلط و أنواعه هو التسلط على إسقاط حقه الذي هو الخيار بأي كيفية شاء و اراد.

و التخصيص بلفظ دون لفظ يتنافى و السلطنة المطلقة المستفادة من فحوى الحديث الشريف.

و للمحقق النائيني رحمه اللّه ايراد على هذا الوجه.

خلاصته: إن الاستدلال بالفحوى المذكورة غير صحيح، لأنه على فرض دلالتها صراحة على سلطنة الناس على حقوقهم فهي لا تفيد إسقاط الخيار، إذ السلطنة على المال و الحق عبارة عن التصرف الذي تحت سلطنته بأي لفظ كان، لا التصرف الذي فوق سلطنته.

بعبارة اخرى: إن مثل إن الناس مسلطون لا يدل على صحة الإعراض عن الملك الذي هو اذهاب موضوع الملك.

أما التسلط على إسقاط الخيار الموجب لاذهاب موضوع الحق.

فلا دلالة للفحوى المذكورة عليه: لأن معنى التسلط على الحق هو نفوذ تصرفه بالنقل، أو باعمال الخيار، أو بالإمضاء.

و ليس معناه اعدامه و إسقاطه رأسا.

راجع تقريرات تلميذه المحقق الشيخ موسى الخونساري طاب ثراه الجزء 2 ص 27.

(1) بالجر محلا عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في ص 332: للفحوى المتقدمة اي و لفحوى ما دل، -

ص: 233

و صدق (1) الإسقاط النافذ بمقتضى ما تقدم:

من التسلط على إسقاط الحقوق.

و على (2) هذا فلو قال احدهما:

+++++++++++

- هذا هو الوجه الثاني.

و خلاصته: إن فحوى الأخبار الدالة على كفاية بعض الأفعال في اجازة عقد الفضولي:

دالة على كفاية سقوط الخيار بالإسقاط بأي لفظ وقع كما في سكوت المولى عن نكاح عبده بغير اذنه، فان سكوته دال على اجازته للعقد.

و كما في تصرف المالك في الثمن إذا بيع ما يملكه فضوليا.

و كما في التصرف في المثمن اذا اشتري بمال زيد شيئا.

فكل هذه الأفعال: من السكوت و التصرف.

تدل على اجازة عقد الفضولي، و هي ليست بألفاظ.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في ص 232:

للفحوى المتقدمة اي و لصدق السقوط بالإسقاط.

هذا هو الوجه الثالث لسقوط الخيار بالإسقاط بأي لفظ كان.

و خلاصته: إن الإسقاط النافذ يصدق بمقتضى ما تقدم في ص 231:

من تسلط الناس على حقوقهم المتعلقة بالأموال.

فكما أن الناس مسلطون على إسقاط حقوقهم التي منها الخيار.

كذلك مسلطون على إسقاط هذا الخيار بأي لفظ كان من دون اختصاصه بلفظ.

(2) اي و بناء على هذا الصدق.

ص: 234

اسقطت الخيار من الطرفين فرضي الآخر:

سقط خيار الراضي أيضا، لكون رضاه (1) باسقاط الآخر خياره إسقاطا أيضا.

+++++++++++

(1) اي رضى الطرف الآخر الذي هو المخاطب في قول القائل:

اسقطت الخيار من الطرفين.

ص: 235

مسألة لو قال أحدهما لصاحبه: اختر

(مسألة) (1):

لو قال احدهما لصاحبه:

اختر.

فان اختار المأمور الفسخ فلا إشكال في الفساخ العقد.

و إن اختار (2) الإمضاء.

ففي (3) سقوط خيار الآمر أيضا مطلقا (4)،

+++++++++++

(1) اي المسألة الثالثة من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و قد اشرنا في الهامش 6 ص 179 بقولنا: و هي ثمانية.

(2) اي المأمور الذي قال له صاحبه: اختر.

(3) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يبين موقف الآخر الذي قال لصاحبه: اختر فاختار الامضاء، و خلاصته: إن الآمر عند ما يختار صاحبه امضاء العقد فيسقط خياره هل يسقط خياره مطلقا؟

أو بشرط إرادة الآمر تمليك خياره لصاحبه؟

أو مع قيد إرادة الاستكشاف؟

فأفاد قدس سره أن الأقوال هنا ثلاثة.

و نحن نشير الى كل واحد منها عند رقمه الخاص.

(4) هذا هو القول الاول.

اي يسقط خيار الآمر عند سقوط خيار المأمور مطلقا، سواء اراد الآمر تمليك خياره لصاحبه أم لا. -

ص: 236

كما عن ظاهر الأكثر.

بل عن الخلاف الاجماع عليه.

أو بشرط (1) ارادته تمليك الخيار لصاحبه.

و إلا (3) فهو باق مطلقا.

كما هو ظاهر التذكرة (3).

أو مع (4) قيد إرادة الاستكشاف

+++++++++++

- ذهب الى هذا القول أكثر فقهاء الامامية.

و هو الظاهر منهم، و قد ادعي الاجماع عليه.

(1) هذا هو القول الثاني.

اي يسقط خيار الآمر عند ارادته تمليك خياره لصاحبه الذي قال له: اختر.

(2) اي و أما لو لم يقصد الآمر ذلك فخياره باق مطلقا، سواء اراد من قوله لصاحبه: اختر استكشاف حال صاحبه: بأنه أي شيء يختار، هل يختار الفسخ أو الامضاء؟

أم اراد تفويض الامر إليه و تسليمه له.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 322 عند قوله: و لو لم يقصد لم يسقط خياره.

(4) هذا هو القول الثالث.

اي يسقط خيار الآمر لو اراد استكشاف حال صاحبه: بأن كان في مقام اختباره و امتحانه.

ص: 237

دون التفويض (1).

و يكون (2) حكم التفويض كالتمليك؟.

أقوال (3).

(اقول) (4):

و لو سكت فخيار الساكت باق اجماعا.

و وجهه (5) واضح.

و أما خيار (6) الآمر.

+++++++++++

(1) اي و ليس في مقام تفويض الامر إليه.

(2) اي و أما لو كان الآمر في مقام تفويض امر خياره الى صاحبه لكان حكم التفويض حكم تمليك خياره إليه.

و قد علمت حكم التمليك في الهامش 1 ص 237.

عند قولنا: هذا هو القول الثاني.

(3) مبتدأ للخبر المتقدم في قوله في ص 236: ففي سقوط.

(4) اي المامور الذي قال له الآمر: اختر.

(5) اي وجه بقاء خيار الساكت واضح، لعدم وجود قرينة تدل على رضاه بالعقد، أو الفسخ.

إلى هنا كان الكلام حول خيار المامور لو سكت عند ما قال له الآمر: اختر.

(6) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في الكلام حول خيار الآمر عند سكوت المأمور.

فأفاد أن الأقوال في المسألة ثلاثة أيضا.

و نحن نشير الى كل واحد منها عند رقمه الخاص.

ص: 238

ففي (1) بقائه مطلقا.

أو بشرط (2) عدم إرادة تمليك الخيار.

كما هو ظاهر التذكرة (3).

أو (4) سقوط خياره مطلقا.

كما عن الشيخ.

أقوال (5).

و الأولى (6) أن يقال:

إن كلمة اختر بحسب وضعها لطلب اختيار المخاطب احد طرفي العقد:

من الفسخ، أو الامضاء.

+++++++++++

(1) هذا هو القول الاول اي و في بقاء خيار الآمر حينئذ مطلقا:

سواء اراد تمليك خياره لصاحبه أم لا.

(2) هذا هو القول الثاني اي و في بقاء خيار الآمر مشروطا بإرادة تمليك خياره لصاحبه.

كما افاده العلامة قدس سره في التذكرة.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 322.

عند قوله: و لو لم يقصد لم يسقط خياره، سواء اختار الآخر أم سكت.

(4) هذا هو القول الثالث اي أو يسقط خيار الآمر مطلقا، سواء اراد الآمر تمليك الخيار لصاحبه أم لا، لأنه بمجرد امره صاحبه بالخيار بقوله: اختر يسقط خياره.

(5) مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم في قوله في هذه الصفحة: ففي بقائه

(6) هذا رأي شيخنا الانصاري قدس سره حول كلمة:

(اختر) الصادرة من الآمر في حق مخاطبه الذي هو احد -

ص: 239

و ليس فيها (1) دلالة على ما ذكروه:

من تمليك الخيار، أو تفويض الامر، أو استكشاف الحال.

نعم (2) الظاهر عرفا من حال الآمر أن داعيه استكشاف حال المخاطب.

+++++++++++

- طرفي المعاملة عند ما يقول له: اختر.

و خلاصته: إن كلمة اختر موضوعة بحسب الوضع اللغوي لطلب الآمر من مخاطبه اختيار احد طرفي العقد: بأن يختار إما الفسخ أو الإمضاء.

(1) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في الرد على ما افاده الأعلام الأفذاذ في المعاني المذكورة لكلمة اختر.

و خلاصته: إنه ليس في كلمة اختر ما يدل على المعاني الثلاثة التي فسرت بها كلمة اختر:

من التمليك، أو التفويض - أو الاستكشاف، لأنك عرفت آنفا أن معناها لغة هو طلب الآمر من مخاطبه اختيار احد طرفي العقد من دون دلالة فيها على احد المعاني المذكورة.

(2) استدراك عما افاده قدس سره: من عدم دلالة كلمة اختر على احد المعاني المذكورة.

و خلاصته: إن كلمة اختر لو خليت و نفسها.

ليس فيها دلالة على ما ذكروه من المعاني.

لكن هناك ظهور عرفي، حيث يستفاد من حال الآمر عند ما يأمر مخاطبه بقوله: اختر.

أن غرضه من الامر، و باعثه على ذلك.

هو استكشاف حال صاحبه: -

ص: 240

و كأنه (1) في عرف السابق كانت ظاهرة في تمليك المخاطب امر الشيء.

كما (2) يظهر من باب الطلاق.

+++++++++++

- هل هو يريد امضاء العقد و ابقاءه؟

أو يريد فسخه؟.

(1) من هنا يريد شيخنا الانصاري قدس سره أن يظهر ميوله إلى دلالة كلمة اختر على تمليك الآمر امر خياره لصاحبه.

و خلاصته: إن العرف سابقا كان يستعمل هذه الكلمة في تمليك المخاطب مخاطبه امر الشيء.

و كان لهذا التمليك ظهور عرفي.

و من هذا الاستعمال و الظهور في ذلك يمكن استفادة التمليك من كلمة اختر.

(2) استشهاد منه قدس سره على ما ادعاه:

من أن لكلمة اختر ظهورا عرفيا في التمليك.

و خلاصته: إن هذا الظهور يظهر في باب الطلاق من الأحاديث الشريفة الواردة فيه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 15 ص 335 إلى ص 340 الباب 41 - الأحاديث.

إليك نص الحديث الرابع:

عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها.

بانت منه؟. -

ص: 241

فان تمت دلالتها (1) حينئذ على إسقاط الآمر خياره بذلك.

+++++++++++

- قال: لا.

إنما هذا شيء كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم خاصة أمر بذلك ففعل.

و لو اخترن أنفسهن لطلقهن.

و هو قول اللّه عز و جل:

قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اَلْحَيٰاةَ اَلدُّنْيٰا وَ زِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً(1) .

فالشاهد في كلمة اختر، حيث استعملت في التمليك عرفا، لظهورها فيه عرفا.

ثم إن الحديث مروي في الكافي كما هنا حرفيا.

راجع (فروع الكافي) الجزء 6 ص 137 باب الخيار الحديث 3.

إلا في لفظة (فطلقن)، فانها ليست موجودة فيها:

لكنها موجودة في التهذيب.

راجع (التهذيب) الجزء 8 ص 87 - الحديث 299-218.

و (للمحقق الفيض الكاشاني) قدس سره تعليقة على لفظة (فطلقن)، راجع (فروع الكافي) الجزء 6 ص 137 - الحديث 3.

(1) اي دلالة كلمة اختر.

خلاصة هذا الكلام: إنه لو تم الظهور العرفي في تمليك الآمر الخيار لصاحبه.

فلا شك في سقوط خيار الآمر حينئذ.

ص: 242


1- الأحزاب: الآية 28.

و إلا (1) فلا مزيل لخياره.

و عليه (2) يحمل على تقدير الصحة: ما ورد في ذيل بعض أخبار خيار المجلس:

إنهما بالخيار ما لم يفترقا.

أو يقول احدهما لصاحبه: اختر (3).

ثم إنه لا إشكال في أن إسقاط احدهما خياره لا يوجب سقوط خيار الآخر.

+++++++++++

(1) اي و إن لم يتم الظهور العرفي في التمليك.

فلا يسقط خيار الآمر حينئذ عند ما يأمر صاحبه بقوله: اختر.

(2) اي و على فرض ظهور كلمة اختر عرفا في التمليك.

يحمل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

أو يقول احدهما لصاحبه: اختر.

في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

هذا الحديث رواه شيخنا المحدث النوري قدس سره في موسوعته الخالدة التي خدم بها الاسلام، و رواد العلم و طلاب الأحاديث الشريفة المروية عن اهل بيت العصمة و الطهارة.

(3) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 473 الباب 2 من أبواب خيار المجلس - الحديث 3.

و الحديث مروي عن (غوالي اللئالي)(1) لابن أبي جمهور الأحسائي قدس سره عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: -

ص: 243


1- يأتي شرح هذا المؤلف الشريف و مصنفه في (أعلام المكاسب)

و منه (1) يظهر أنه لو اجاز احدهما و فسخ الآخر انفسخ العقد لأنه (2) مقتضى ثبوت الخيار.

فكان (3) العقد بعد اجازة احدهما جائزا من طرف الفاسخ دون المجيز.

كما (4) لو جعل الخيار من اوّل الامر لاحدهما.

و هذا (5) ليس تعارضا بين الاجازة و الفسخ و ترجيحا له عليها.

+++++++++++

- و إنما افاد الشيخ الانصاري قدس سره: على تقدير الصحة لضعف سند الحديث.

(1) اي و من قولنا: لا إشكال في أن إسقاط احدهما خياره لا يوجب سقوط خيار الآخر.

(2) تعليل لانفساخ العقد عند ما اجاز احدهما و فسخ الآخر.

(3) كلمة كان بمعنى صار، اي صار العقد حينئذ جائزا.

كما في قولك: كان الطين آجرا اي صار:

(4) تنظير لانفساخ العقد باجازة احدهما و فسخ الآخر، و أن العقد صار جائزا اي جواز العقد حينئذ كجوازه من بداية الامر لو جعل الخيار لاحدهما، فان العقد متزلزل الى أن يختار احدهما الامضاء فيصير لازما، أو الفسخ فينفسخ فيصير جائزا.

(5) اي انفساخ العقد بفسخ الآخر و اجازة احدهما ليس من باب التعارض بين الفسخ و الاجازة حتى يرجح الفسخ على الاجازة، لاختلاف متعلقهما، حيث إن متعلق الاجازة حق المجيز.

و متعلق الفسخ حق الفاسخ.

فلكل واحد منهما التصرف في حقه. -

ص: 244

نعم لو اقتضت الاجازة لزوم العقد من الطرفين (1).

كما لو فرض ثبوت الخيار من طرف احد المتعاقدين، أو من طرفهما (2) المتعدد كالاصيل و الوكيل فاجاز احدهما و فسخ الآخر دفعة واحدة.

أو تصرف (3) ذو الخيار في العوضين دفعة واحدة.

كما لو باع عبدا بجارية ثم أعتقهما جميعا، حيث إن اعتاق العبد فسخ، و اعتاق الجارية اجازة.

+++++++++++

- و ليس له التصرف في حق الآخر.

مع أن متعلق التعارض لا بدّ أن يكون متحدا.

(1) و هما البائع و المشتري.

(2) اي من طرفي المتعاقدين إذا كانا متعددين.

كما في الاصيل و الوكيل المفوض، لا الوكيل في اجراء الصيغة فقط، فاذا اجتمعا في مجلس العقد:

فأن كان لكل واحد من المتعاقدين وكيل.

فاجرى الوكيلان العقد فاجاز الاصيلان.

و هما: البائع و المشتري.

ثم فسخ الوكيلان في آن واحد في مجلس العقد.

فهنا يقع التعارض بين الفسخ و الاجازة، لاتحاد متعلقهما.

(3) هذا مورد ثان لوقوع التعارض بين الفسخ و الاجازة لاجل اتحاد متعلقهما عند اجتماعهما.

و محله ما لو باع شخص عبده و جعل ثمنه جارية المشتري: بأن اشترى ممن اشترى عبده جاريته. -

ص: 245

أو اختلفت (1) الورثة في الفسخ و الاجازة:

تحقق التعارض.

و ظاهر (2) العلامة في جميع هذه الصور تقديم الفسخ.

+++++++++++

- فاعتق مشتري الجارية و بائع العبد كليهما بصيغة واحدة:

بأن قال: انتما حران.

فاعتاق العبد فسخ لبيعه.

و اعتاق الجارية اجازة من ناحيته اي الزام منه بالشراء.

فاجتمع الفسخ و الاجازة فتعارضا.

(1) مورد ثالث للتعارض بين الفسخ و الاجازة لاجل اتحاد متعلقهما عند اجتماعهما.

و محله ما لو تعاقد شخصان فمات احدهما بعد العقد و بقي الآخر في مجلس العقد.

و كان للميت ورثة متعددة حاضرين في المجلس، و بحكم انتقال الخيار إليهم اجاز بعضهم العقد و فسخه الآخر:

فهنا اجتمع الفسخ و الاجازة فتعارضا.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره بيان حكم هذا التعارض فقال قدس سره:

إن العلامة أعلى اللّه مقامه الشريف كما يظهر من كلماته في التذكرة:

يرى تقديم الفسخ على الاجازة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 319 عند قوله:

(العاشر) لو فسخ بعضهم و اجاز بعضهم.

ص: 246

و لم يظهر (1) له وجه تام.

و سيجيء الاشارة الي ذلك (2) في موضعه.

+++++++++++

(1) هذا راي الشيخ الانصاري قدس سره حول اجتماع الفسخ و الاجازة.

اي و لم يظهر لما افاده العلامة قدس سره: من تقديم الفسخ على الاجازة:

دليل تام يحسن السكوت عنده.

(2) اي الى عدم ظهور وجه تام لما افاده العلامة قدس سره.

ص: 247

مسألة المسقط الثالث افتراق المتبايعين
اشارة

(مسألة) (1):

من جملة مسقطات الخيار (2) افتراق المتبايعين.

و لا إشكال في سقوط الخيار به (3).

و لا (4) في عدم اعتبار ظهوره في رضاهما بالبيع.

و إن كان ظاهر بعض الأخبار ذلك (5).

مثل قوله عليه السلام:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما (6).

+++++++++++

(1) اي المسألة الرابعة من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و نحن اشرنا إليها في الهامش 6 ص 179 بقولنا:

و هي ثمانية.

(2) اي خيار المجلس.

(3) اي خيار المجلس بافتراق المتبايعين عن مجلس العقد.

و قد تأتي كيفية ذلك مفصلا.

(4) اي و كذا لا إشكال في أنه لا يعتبر ظهور الافتراق ان يكون له ظهور في رضا المتبايعين: بمعنى كون افتراقهما حاصلا من رضاهما بالبيع.

(5) اي و إن كان بعض الأخبار الواردة في الافتراق له ظهور في كون الافتراق لا بدّ أن يكون حاصلا في رضا المتعاقدين بالبيع.

(6) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 346 الباب 1 الحديث 3.

فالشاهد في قوله عليه السلام: -

ص: 248

معنى الافتراق المسقط

و معنى (1) حدوث افتراقهما المسقط مع كونهما متفرقين حين العقد.

+++++++++++

- فلا خيار بعد الرضا منهما، حيث دل على تحقق الافتراق خارجا مقيدا بقيد رضى المتبايعين بالبيع.

و سيأتي الاشارة الى هذا القيد في المسألة الآتية في ص 258 و هي:

مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن إكراه.

فالحاصل: إنه قدس سره يقول: و إن كان ظاهر هذا الحديث اعتبار رضى المتعاقدين بالبيع عند افتراقهما.

لكن مع ذلك يراد من الافتراق: الافتراق الحاصل برضى المتعاقدين بالبيع عند إجراء صيغة العقد.

لا رضاهما به عند الافتراق.

(1) خلاصة ما اراده الشيخ الانصاري قدس سره في هذا المقام:

إن معنى ايجاد الافتراق من جانب المتبايعين.

هو الافتراق الحاصل من الهيئة الاجتماعية المتحققة لهما في مجلس العقد قبل تفرقهما، و التي كانت موضوعة للخيار.

فاذا انفصلت هذه الهيئة المتصلة و تفرقت فقد حصل الافتراق و تحقق خارجا.

اذا وجب البيع و سقط الخيار:

و لا يحتاج هذا الافتراق الى ضم شيء آخر إليه.

كالمشي خطوة، أو خطوات، لأنه من الأمور المتضايفة، و من مقولة التشكيك قابل للتحقق و لو بمسماه:

فالخلاصة أن المعتبر في الافتراق هو تفرق تلك الهيئة الاجتماعية لا غير: بحيث لا يصدق عرفا أن المتبايعين مجتمعان في مجلس العقد.

ص: 249

افتراقهما بالنسبة الى الهيئة الاجتماعية الحاصلة (1) لهما حين العقد.

فاذا حصل الافتراق الاضافي و لو بمسماه (2):

ارتفع الخيار، فلا (3) تعتبر الخطوة، و لذا (4) حكي عن جماعة التعبير بأدنى الانتقال.

و الظاهر (5) أن ذكرهما في بعض العبارات.

لبيان (6) أقل الأفراد.

+++++++++++

(1) بالجر صفة لكلمة الهيئة الاجتماعية.

(2) اي بمسمى الافتراق كما عرفت آنفا.

(3) الفاء تفريع على ما افاده آنفا: من كفاية مسمى الافتراق.

و قد عرفت معناه في الهامش 1 ص 249 عند قولنا: لأنه من الامور.

(4) اي و لاجل حصول الافتراق و لو بمسماه الاضافي من دون اعتبار الخطوة، أو الخطوات في تحقق مفهومه خارجا.

فقد حكي عن جماعة من الفقهاء التعبير عن الافتراق بأدنى الانتقال و إن كان الأدنى أقل من خطوة.

(5) الظاهر أن هذا دفع وهم.

خلاصة الوهم: إنه بناء على مبناكم: من عدم اعتبار الخطوة أو الخطوات في تحقق مفهوم الافتراق.

و أن مسمى الافتراق كاف في تحقق مفهومه خارجا.

فلما ذا اعتبرت الخطوة، أو الخطوات في عبارات بعض الأعلام؟

(6) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: إن ذكر الخطوة، أو الخطوات في بعض العبارات.

إنما هو لاجل بيان أقل أفراد الافتراق، لعدم امكان تحققه خارجا -

ص: 250

خصوصا (1) مثل قول الشيخ في الخلاف:

أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة:

مبني (2) على الغالب في الخارج.

أو في التمثيل لأقل الافتراق.

+++++++++++

- إلا بالأقل، و أقل الأفراد هي الخطوة.

فليس ذكر الخطوة، أو الخطوات لاجل تحديد الافتراق بهما حتى يقال: إن ذكرهما دليل على اعتبارهما في تحقق مفهوم الافتراق خارجا و أنهما من مقوماته:

(1) استشهاد بكلام شيخ الطائفة قدس سره لاثبات.

التوهم المذكور، و أن ذكر الخطوة، أو الخطوات لبيان أقل أفراد ما يتحقق به الافتراق خارجا.

اي و لا سيما مثل عبارة الشيخ في الخلاف بقوله:

أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا.

راجع (الخلاف) الجزء 2 ص 9 طباعة مطبعة الحكمة (قم)

فعبارته هذه تدل ظاهرا على اعتبار الخطوة، أو الخطوات في تحقق مفهوم الافتراق.

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم لقوله في هذه الصفحة:

مثل قول الشيخ.

خلاصة هذا الكلام: إن ذكر الخطوة فصاعدا مبني على احد امرين.

إما لاجل أن الافتراق بين المتبايعين يحصل في الخارج غالبا بالخطوة لبنائه على ذلك عرفا.

أو لأن ذكر الخطوة من باب التمثيل لأقل الافتراق.

ص: 251

فلو (1) تبايعا في سفينتين متلاصقتين كفى مجرد افتراقهما.

و يظهر من بعض اعتبار الخطوة (2)، اقتداء (3) بتمثيل كثير(1)من الأصحاب.

و عن صريح (4) آخر التأمل في كفاية الخطوة

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من عدم اعتبار الخطوة و الخطوات في تحقق مفهوم الافتراق.

و أن ما ذكر منهما في بعض عبارات الأعلام.

فهو من باب بيان أقل الأفراد.

لا أن الخطوة من مقومات الافتراق.

اي ففي ضوء ما ذكرنا فلو تبايعا في سفينتين في البحر و هما متلاصقتان ثم تحركتا و انفصلتا بالحركة.

لصدق هنا الافتراق عن مجلس البيع.

و أن هذا المقدار من الافتراق كاف في تحقق مفهومه خارجا فيسقط خيارهما حينئذ.

(2) اي في تحقق مفهوم الافتراق خارجا.

(3) منصوب على المفعول لاجله، اي ذهاب هذا البعض إلى اعتبار الخطوة في تحقق مفهوم الافتراق إنما كان لاجل الاقتداء بكثير من الأصحاب في هذا المقام، حيث مثلوا بالخطوة فاراد الاقتداء بهم في ذلك.

و لو لا قصده الاقتداء لما كان لهذا الاعتبار دليل موجود.

(4) اي و يظهر من صراحة بعض الفقهاء التأمل في الاكتفاء بخطوة في تحقق مفهوم الافتراق، فاعتبر أكثر منها. -

ص: 252


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لانصراف (1) الاطلاق الى أزيد منها فيستصحب الخيار.

و تؤيده (2) قوله عليه السلام في بعض الروايات:

+++++++++++

فقد افرط هذا البعض في الاعتبار بالأكثر.

فتحصل من مجموع ما ذكر أن الأقوال في تحقق مفهوم الافتراق ثلاثة.

(الاول): كفاية مجرد الافتراق و لو كان أقل من خطوة.

و هذا مختار شيخنا الانصاري قدس سره.

(الثاني): اعتبار الخطوة لا الأقل كما ذهب إليه البعض.

(الثالث): اعتبار أكثر من خطوة كما ذهب إليه البعض الآخر.

(1) هذا دليل المتأمل في الأقل من خطوة القائل بأكثر منها(1)و خلاصته: إن اعتبار الأكثر إنما هو لاجل انصراف اطلاق الافتراق الى أزيد من خطوة، حيث لا تحديد فيه و لا تقييد.

فيحمل المطلق على أكثر من خطوة بحكم الانصراف فيستصحب الخيار عند الشك في حصول الافتراق بخطوة، لأنه قبل الافتراق بخطوة كان الخيار موجودا.

و بعد الافتراق بخطوة نشك في حصوله بها فيستصحب بقاء الخيار.

(2) اي و يؤيد صراحة هذا البعض القائل باعتبار أكثر من خطوة قوله عليه السلام؛

فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ثم رجعت.

فاردت أن يجب البيع حين افترقنا.

وجه التأييد: إن كلمة خطا جمع و أقل الجمع ثلاثة:

فلا بد من المشي أكثر من خطوة حتى يتحقق مفهوم الافتراق.

ص: 253


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا (1)، ليجب البيع حين افترقنا (2).

و فيه (3) منع الانصراف، و دلالة (4) الرواية.

+++++++++++

(1) بضم الخاء و فتح الطاء منولة جمع خطوة بضم الخاء و سكون الطاء و فتح الواو.

و لكلمة خطوة جمع آخر جمعت بالالف و التاء.

(منها) خطوات بضم الخاء و الطاء.

(و منها) خطوات بضم الخاء و فتح الطاء.

(و منها) خطوات بضم الخاء و سكون الطاء.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 347-348 الباب 2 الحديث 3.

(3) اي و فيما افاده البعض من اعتبار أكثر من خطوة في تحقق مفهوم الافتراق:

نظر و إشكال.

أما وجه النظر في الانصراف.

فلأنك عرفت أن الافتراق من الامور المتضايفة يحصل خارجا بتفرق الهيئة الاجتماعية.

سواء أ كان منشأ التفرق خطوة، أم أكثر منها.

فلا انصراف لهذا الاطلاق الى الأكثر من الخطوة حتى يكون الأكثر معتبرا في تحقق مفهوم الافتراق خارجا.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في هذه الصفحة منع الانصراف: اي و منع دلالة الرواية المذكورة على التأييد المذكور.

من هنا اخذ قدس سره في بيان وجه النظر في تأييد الرواية. -

ص: 254

ما يحصل به الافتراق

ثم اعلم (1) أن الافتراق على ما عرفت من معناه.

يحصل بحركة احدهما، و بقاء الآخر في مكانه.

فلا تعتبر الحركة من الطرفين في صدق افتراقهما.

فالحركة (2) من احدهما لا تسمى افتراقا حتى يحصل عدم المصاحبة من الآخر.

+++++++++++

- و خلاصته: إن التأييد المذكور مبني على القول بأن اللقب الذي هو قوله عليه السلام قمت: فمشيت خطا له مفهوم: بمعنى عدم تحقق الافتراق عند عدم تحقق الخطوات.

و لم يثبت في محله أن اللقب ذو مفهوم.

فالرواية واردة في مقام استيجاب البيع بالافتراق بالمشي فقط من دون دلالتها على تحديد المشي و تعيينه بخطوة أو أكثر.

(1) مقصوده قدس سره من هذا الكلام:

إن الافتراق كما عرفت من معناه: من الامور المتضايفة الحاصل بتفرق الهيئة الاجتماعية.

و هذا يحصل تارة بحركة احدهما، و بقاء الآخر.

و اخرى يحصل بافتراقهما معا: كأن يذهب احدهما نحو المشرق و الآخر نحو المغرب.

أو احدهما نحو الشمال، و الآخر نحو الجنوب.

و ثالثة يحصل بسكون احدهما و ذهاب الآخر.

فلا اعتبار بحركة الطرفين معا في صدق الافتراق.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم اعتبار الحركة من الطرفين في تحقق مفهوم الافتراق. -

ص: 255

فذات (1) الافتراق من المتحرك.

و اتصافها (2) بكونها افتراقا من الساكن.

و لو تحرك كل منهما كانت حركة كل منهما افتراقا بملاحظة عدم مصاحبة الآخر.

و كيف كان (3) فلا تعتبر في الافتراق المسقط (4) حركة كل منهما إلى غير جانب الآخر.

+++++++++++

- اي ففي ضوء ما ذكرناه لا يحصل الافتراق ما لم يحصل عدم مصاحبة الآخر مع المتحرك الى الجانب الذي تحرك فيه المتحرك حتى يتحقق سقوط الخيار.

(1) الفاء فاء النتيجة اي نتيجة ما قلناه في الافتراق:

إن الافتراق لا يتحقق في الخارج إلا بشيئين:

(الاول): بحركة احد المتعاقدين عن مجلس العقد، و ذهابه الى جانب من الجوانب.

(ثانيهما): بسكون الآخر(1) و عدم تحركه الى الجانب الذي مشى فيه صاحبه.

فالحركة من احدهما إنما تتصف بالافتراق إذا سكن صاحبه.

فما لم يسكن لم تتصف بالافتراق.

فاذا تحقق هذان خارجا تحقق الافتراق.

(2) مرجع الضمير الحركة.

(3) اي خلاصة الكلام في الافتراق.

(4) اي لخيار المجلس،

ص: 256


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

كما تدل عليه (1) الروايات الحاكية لشراء الامام ارضا، و أنه عليه السلام قال:

فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ثم رجعت فاردت أن يجب البيع حين افترقنا (2).

فاثبت عليه السلام افتراق الطرفين بمشيه فقط.

+++++++++++

(1) اي على عدم اعتبار الحركة من الجانبين في الافتراق.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 347 الباب 2 - الحديث 2.

و راجع نفس المصدر تجد حديثا آخر في هذا الباب.

فالحديث هذا اثبت حصول الافتراق من الطرفين بمشي الامام عليه السلام فقط، من دون احتياج الى افتراقهما معا.

ص: 257

مسألة: المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه
اشارة

(مسألة) (1):

المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه (2)

+++++++++++

(1) اي المسألة الخامسة من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و قد اشرنا إليها بقولنا في الهامش 6 ص 179:

و هي ثمانية:

(2) مقصوده قدس سره من التعرض لهذه المسألة.

بيان أن الملاك في تحقق الافتراق الخارجي.

هل هو الافتراق الاختياري؟

اي الموجب لسقوط خيار المجلس و منشأه.

هو الافتراق الحاصل باختيار كل واحد من المتعاقدين، و بتأثيرهما و انشائهما؟

أو الملاك في تحققه هو حصوله بأي نحو وجد.

و بأي طريقة انشأ؟

و إن كان ايجاده بامر قهري قسري.

فعلى الاول لا يحصل الافتراق ما لم يتحقق عن اختيار و رغبة من الطرفين.

فلا يسقط خيارهما لو اجبرا على الافتراق.

بل هو باق ببقاء الإجبار و الإكراه حتى يرتفع.

و على الثاني يسقط الخيار بمجرد حصول الافتراق و إن كان قهريا و قسريا -

ص: 258

اذا منع (1) عن التخاير أيضا، سواء بلغ (2) حد سلب الاختيار أم لا، لأصالة (3)

+++++++++++

- خذ لذلك مثالا:

لو تعاقدا و هما راكبان في باخرتين:

بأن كان الموجب في باخرة، و القابل في اخرى.

فتحركت الباخرتان بعد اجراء العقد.

أو فرق بينهما ريح عاصف.

فهنا يسقط خيارهما، لصدق الافتراق، بناء على أن الأفعال المشتملة على معنى المطاوعة و منها باب الافتعال.

لا يعتبر فيها الاختيار، و الافتراق من تلك الأفعال، لأنه من باب الافتعال.

فيكفي في الافتراق حصوله بأي نحو وجد و أحدث.

(1) اي اذا منع احد المتبايعين، أو كلاهما عن اخذ الخيار.

بالإضافة الى كونه، أو كلاهما مكرهين على الافتراق.

(2) اي سواء بلغ اكراه المتبايعين، أو احدهما على الافتراق حدا لا يمكنه، أو لا يمكنهما الاختيار: بحيث صارا مسلوبي الإرادة و الاختيار، أم لم يبلغ.

(3) تعليل لعدم سقوط الخيار بالافتراق الحاصل عن إكراه.

و خلاصته: إن عدم السقوط بمثل هذا الافتراق لاجل استصحاب الخيار الثابت بمجرد العقد ما داما جالسين في المجلس و لم يفترقا.

فاذا افترقا عن رضى و اختيار فقد سقط خيارهما.

و إن كان بغير اختيار فيشك في سقوطه. -

ص: 259

بقاء الخيار بعد (1) تبادر الاختيار من الفعل (2) المسند الى الفاعل المختار.

مضافا (3) الى حديث رفع ما استكرهوا عليه.

+++++++++++

- فيستصحب البقاء حتى يقطع بمزيله.

و المزيل هو الافتراق الاختياري.

(1) اي التمسك بالاستصحاب إنما هو بعد القول بتبادر الاختيار من الافتراق، لأن مرتبته متأخرة عن مرتبة التبادر، فهذا دليل اجتهادي، و ذاك دليل فقاهتي و الاجتهادي مقدم على الفقاهتي.

(2) المراد من الفعل هو عنوان الافتراق.

اي الافتراق المسند الى الفاعل المختار هو المتبادر منه عند ما يطلق و في جميع مجالاته.

(3) اي و لنا دليل آخر على عدم سقوط خيار المجلس إن كان الافتراق اضطراريا، و المتبايعان ممنوعان من التخاير أيضا.

و ذاك الدليل هو (حديث الرفع) الوارد عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم في قوله:

وضع عن امتي تسعة أشياء:

(السهو و الخطأ و النسيان - و ما أكرهوا عليه - و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون - و الطيرة - و الحسد - و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق به الانسان بشفة)(1).

و قد أستشهد الامام عليه السلام(2) بهذا الحديث بجملة: (و ما أكرهوا عليه) على رفع الاثر عن الافتراق الحاصل بالاكراه و الاجبار.

اذا لا يسقط خيار المجلس بالافتراق الاضطراري. -

ص: 260


1- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 5 ص 345 الباب 30 - الحديث 2.
2- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و قد تقدم في مسألة اشتراط الاختيار في المتبايعين ما يظهر منه (1) عموم الرفع للحكم الوضعي (2) المحمول (3) على المكلف، فلا (4) يختص برفع التكليف.

هذا (5).

و لكن (6) يمكن منع التبادر، فان المتبادر هو الاختياري في مقابل الاضطراري الذي لا يعد فعلا حقيقيا قائما بنفس الفاعل.

+++++++++++

- فالحاصل أن لنا في هذا المقام أدلة ثلاثة:

الاستصحاب - التبادر - حديث الرفع.

لكن التمسك بالاستصحاب بعد التمسك بالتبادر، و بعد حديث الرفع حيث إن الاستصحاب في طول التبادر، و طول حديث الرفع، لا في عرضهما.

فاذا لم يستدل بهما تصل النوبة إليه.

و إلا فلا مجال للتمسك بالاستصحاب.

(1) اي من حديث الرفع.

(2) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 56.

عند قوله: و ظاهره و إن كان رفع المؤاخذة.

و قد اسهبنا الكلام حول الحديث من شتى جوانبه فراجع هناك.

(3) بالجر صفة لكلمة (للحكم) في قوله في هذه الصفحة: (للحكم لوضعي).

(4) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من ظهور حديث الرفع في عموم الرفع سواء أ كان الحكم حكما تكليفيا أم وضعيا.

اي ففي ضوء ما ذكرنا فلا اختصاص لحديث الرفع بالحكم التكليفي.

(5) اي خذ ما تلوناه عليك حول الافتراق.

(6) من هنا يروم قدس سره أن يمنع التبادر المدعى. -

ص: 261

بل يكون (1) صورة فعل قائمة بجسم المضطر.

لا (2) في مقابل المكره الفاعل بالاختيار لدفع الضرر المتوعد على تركه، فان التبادر ممنوع (3).

فاذا (4) دخل الاختياري المكره عليه دخل الاضطراري، لعدم القول بالفصل.

+++++++++++

- حتى لا يبقى مجال للاستدلال بالاستصحاب على بقاء الخيار.

و خلاصته: إن دعوى تبادر الاختيار من الافتراق ممنوعة، لأن المتبادر من الاختيار هو الاختياري في مقابل الاضطراري الذي لا يعد في الواقع و نفس الامر فعلا حقيقيا قائما بشخص الفاعل الصادر منه الفعل باختياره، لأن صدور مثل هذا الفعل الاضطراري هو في الواقع صورة فعل قائمة بجسم المضطر.

كما في الحركة الصادرة من اليد المرتعشة، فان الحركة في مثل هذه اليد حركة اضطرارية غير اختيارية.

(1) اي الفعل الاضطراري الذي لا يعد في الواقع فعلا حقيقيا كما عرفت آنفا.

(2) اي و ليس المراد من الاختيار الاختيار في مقابل المكره بالفتح الذي يصدر منه الفعل باختياره لدفع الضرر المتوعد به من قبل المكره بالكسر: بحيث لو لم يأت بالفعل و لم يقدم عليه: لأضره المكره بالكسر.

(3) عرفت معناه عند قوله في ص 261: و لكن يمكن.

(4) خلاصة هذا الكلام: إنه لو قلنا بدخول الاختياري المكره عليه في مسقطات خيار المجلس.

لقلنا بدخول الاضطراري فيها، لعدم القول بالفصل. -

ص: 262

مع (1) أن المعروف بين الأصحاب أن الافتراق و لو اضطرارا مسقط للخيار اذا كان الشخص متمكنا من الفسخ و الامضاء، مستدلين عليه (2) بحصول التفرق المسقط للخيار.

قال (3) في المبسوط

+++++++++++

- فكما أن الافتراق الحاصل من ذاك الاختياري موجب للسقوط.

كذلك الافتراق الحاصل من الاضطراري موجب للسقوط.

(1) الظاهر أن هذا إشكال آخر بالإضافة الى منع التبادر.

و خلاصته: إن التبادر المدعى على فرض صدقه.

لا يصح استناد عدم سقوط الخيار إليه، لأن المعروف من قول الفقهاء هو سقوط الخيار بالافتراق الحاصل من الاضطرار.

و الدليل على ذلك ذهابهم الى سقوط الخيار بالافتراق الحاصل بلا التفات الى العقد، سواء أ كان منشأه عدم الالتفات السهو، أم النسيان، أم الخطأ.

(2) اي مع أنه لا دليل لهم على ذلك سوى اطلاق الافتراق:

بمعنى أن الافتراق موجب لسقوط الخيار بأي نحو كان و وجد في الخارج، بالاختيار أو بالاضطرار.

فالملاك في السقوط هو تفرق الهيئة الاجتماعية.

و قد حصل هذا التفرق عن مجلس العقد.

فلا مجال للقول بثبوت الخيار، لصدق قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار حتى يفترقا.

(3) هذا اوّل استشهاد منه بكلام شيخ الطائفة قدس سرهما يروم به اثبات مدعاه: و هو سقوط خيار المجلس بالافتراق الاضطراري.

ص: 263

في تعليل الحكم (1) المذكور:

لأنه اذا كان متمكنا من الإمضاء و الفسخ و لم يفعل حتى وقع التفرق:

كان ذلك دليلا على الرضا و الامضاء، انتهى (2).

و في جامع (3) المقاصد تعليل الحكم المذكور بقوله: لتحقق الافتراق مع التمكن من الاختيار، انتهى (4).

و منه (5) يظهر أنه لا وجه للاستدلال بحديث رفع

+++++++++++

(1) و هو سقوط خيار المجلس بالافتراق الاضطراري.

(2) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 84.

(3) استشهاد ثان منه بكلام المحقق الكركي قدس سرهما لاثبات مدعاه: و هو سقوط خيار المجلس بالافتراق الاضطراري.

و خلاصته: إن صاحب جامع المقاصد علل سقوط الخيار بالافتراق الاضطراري: بتحقق الافتراق في صورة تمكن المتعاقدين من اخذ الخيار و لم يأخذا، و إن كان الافتراق الحاصل اضطراريا.

(4) اي ما افاده المحقق الكركي في هذا المقام.

(5) اي و مما افاده المحقق الكركي: من سقوط الخيار في صورة تمكن المتبايعين من اخذ الخيار و لم يأخذا و إن كان الافتراق اضطراريا.

يظهر وجه عدم صحة الاستدلال على عدم سقوط الخيار بالافتراق الاضطراري مع التمكن من اخذ الخيار: بحديث الرفع.

وجه الظهور: إن حديث الرفع إنما يرفع الحكم: و هو عدم السقوط اذا كان هناك اكراه.

و من الواضح عدم صدق الاكراه مع التمكن من التخاير.

ص: 264

الحكم عن المكره، للاعتراف (1) بدخول المكره و المضطر إذا تمكنا من التخاير.

و الحاصل أن فتوى الأصحاب هو أن التفرق عن اكراه عليه (2) و على ترك التخاير غير مسقط للخيار.

و أنه (3) لو حصل احدهما باختياره سقط خياره.

و على هذا (4) فلا يصح الاستدلال عليه باختصاص الأدلة بالتفرق الاختياري.

+++++++++++

(1) تعليل لعدم صحة الاستدلال على عدم سقوط الخيار بحديث الرفع.

و خلاصته: إن الفقهاء معترفون بدخول افتراق المكره بالفتح في مسقطات الخيار لو كان المتبايعان متمكنين من اخذ الخيار.

و هذا الاعتراف كاف في سقوط الخيار.

(2) اي على التفرق كما عرفت آنفا.

(3) عطف على قوله في هذه الصفحة: إن فتوى الأصحاب.

اي و الحاصل أن فتوى الاصحاب أنه لو حصل احد الامرين:

إما الافتراق الاختياري لكن مع المنع من التخاير أو الاخذ من التخاير مع الاجبار على الافتراق:

موجبة لسقوط الخيار عن المتعاقدين.

فكما أن اتفاقهم كاف على سقوط الخيار في صورة الافتراق الاجباري، و المنع من التخاير.

كذلك اتفاقهم كاف على سقوط الخيار في صورة حصول احد الامرين المذكورين.

(4) اي ففي ضوء ما ذكرناه: من أن فتوى الأصحاب كافية -

ص: 265

و لا (1) بأن مقتضى حديث الرفع جعل التفرق للمكره عليه كلا تفرق، لأن (2) المفروض أن التفرق الاضطراري أيضا مسقط مع وقوعه في حال التمكن عن التخاير.

الاستدلال على كون المسقط هو الافتراق عن رضا

فالأولى (3)

+++++++++++

- في سقوط الخيار لو حصل احد الامرين المذكورين.

فلا مجال للاستدلال على عدم سقوط الخيار عند حصول احد الامرين المذكورين: بحجة اختصاص أدلة السقوط بالافتراق الاختياري.

(1) اي و كذا لا يصح الاستدلال على عدم سقوط خيارهما و إن حصل احد الامرين المذكورين في الهامش 3 ص 265:

بمقتضى حديث الرفع، حيث إن مقتضاه جعل الافتراق الاضطراري كلا افتراق:

(2) تعليل لعدم صحة الاستدلال بمقتضى حديث الرفع على عدم السقوط.

و خلاصته: إن المتبايعين كانا متمكنين من اخذ التخاير و لم يمنعا من ذلك، و إن كانا مكرهين على الافتراق و مجبرين عليه.

فعدم السقوط لا يكون من مقتضى حديث الرفع، لعدم اكراه على كلا الامرين، بل كانا على احدهما مختارين.

كما عرفت.

(3) من هنا اخذ قدس سره في سقوط خيار المجلس اذا كان الافتراق اضطراريا و إن كان المتعاقدان متمكنين من اخذ الخيار.

لكن استدلاله بنحو آخر غير ما استدل به الأعلام من الطائفة قدس اللّه أسرارهم. -

ص: 266

..........

+++++++++++

- فقال ما حاصله: إن الأولى في الاستدلال على السقوط.

بقول الامام عليه السلام في صحيحة فضيل بن يسار رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما.

و صدر الحديث هكذا:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

وجه الاستدلال: إن قوله عليه السلام: فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما: يدل على أن الافتراق الحاصل من الرضا بالبيع مسقط خيارهما، سواء حصل عن اختيار أم عن اضطرار.

راجع حول الحديث.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 346 الباب 1 - الحديث 3.

هذا بالإضافة إلى وجود الشهرة الثابتة و المحققة لدى الأصحاب و الجابرة للاجماع المحكي الذي افاده قدس سره بقوله في ص 265:

و الحاصل: أن فتوى الأصحاب.

و بالإضافة الى التبادر المستفاد من الافتراق عند ما يطلق، فان المتبادر منه هو الافتراق الحاصل من رضاهما بالعقد، سواء أ كان صادرا عن اختيار أم عن اجبار و اكراه:

فالحاصل أنه قدس سره قد استدل على السقوط.

بأدلة ثلاثة:

(الاول): بقول الامام عليه السلام. -

ص: 267

الاستدلال عليه (1).

مضافا (2) إلى الشهرة المحققة الجابرة للاجماع (3) المحكي.

و إلى أن (4) المتبادر من التفرق ما كان عن رضاه بالعقد، سواء وقع (5) اختيارا أم اضطرارا:

بقوله (6) عليه السلام في صحيحة فضيل:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما:

دل (7) على أن الشرط في السقوط: الافتراق و الرضا منهما.

+++++++++++

(الثاني): بالتبادر.

(الثالث): بالاجماع المحكي المنجبر بالشهرة المحققة.

(1) اي على سقوط الخيار بالافتراق الاجباري إذا لم يمنع المتعاقدان عن التخاير.

(2) عرفت معناه في الهامش من ص 267.

(3) عرفت معناه في الهامش من ص 267.

(4) اي و لنا بالإضافة الى ما ذكرنا: من قول الامام عليه السلام و من الاجماع المحكي.

دليل آخر: و هو المتبادر.

و قد عرفته في الهامش من ص 267.

(5) اي الافتراق.

(6) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 266:

فالأولى الاستدلال عليه.

(7) اي قوله عليه السلام في صحيحة فضيل.

و قد عرفت كيفية الدلالة في الهامش من ص 267.

ص: 268

و لا ريب أن الرضا المعتبر ليس الا المتصل بالتفرق بحيث يكون التفرق عنه (1)، إذ لا يعتبر الرضا في زمان آخر إجماعا.

أو يقال (2): إن قوله عليه السلام: بعد الرضا.

اشارة إلى اناطة السقوط بالرضا بالعقد المنكشف عنه عن افتراقهما

+++++++++++

(1) اي الافتراق الحاصل عن الرضا.

و قد عرفت معناه في الهامش من ص 267.

الى هنا كان كلامه قدس سره حول سقوط الخيار بالافتراق الحاصل من الرضا بالعقد، سواء أ كان بالاختيار أم بالاضطرار.

(2) من هنا يروم قدس سره أن يبين أن الافتراق لو كان له الطريقية و الكاشفية.

فهو مسقط لخيار المجلس.

بالإضافة الى ما ذكرناه: من الاستدلال.

و حاصل ما افاده: إنه بناء على القول بطريقية الافتراق و كاشفيته بأن يقال:

إن قوله عليه السلام في صحيحة فضيل المذكورة في ص 268:

بعد الرضا:

اشارة إلى توقف الافتراق على الرضا بالعقد، الكاشف هذا الافتراق عن ذاك الرضا، و المعبر عن هذا الكشف و الانكشاف ب: (الطريقية).

فهذا الكشف و الانكشاف دليل على أن الافتراق بما هو افتراق من دون تقييده بشيء زائد على ذلك: من الاختيار أو الاضطرار.

مسقط للخيار بأي نحو حصل.

ص: 269

فيكون الافتراق مسقطا، لكونه كاشفا نوعا عن رضاهما بالعقد و إعراضهما عن الفسخ.

و على كل تقدير (1) فيدل على أن المتفرقين إذا كانا متمكنين من الفسخ و لم يفسخا كشف ذلك نوعا عن رضاهما بالعقد فسقط خيارهما.

فهذا (2) هو الذي استفاده الشيخ قدس سره.

كما صرح به (3) في عبارة المبسوط المتقدمة.

+++++++++++

(1) اي سواء قلنا: إن الافتراق له الموضوعية أم الطريقية و الكاشفية.

فالحديث الشريف المروي عن فضيل:

دال على المطلوب: و هو سقوط خيار المجلس المتعاقدين إذا كانا متمكنين من التخاير و لم يأخذا، لدلالة عدم الاخذ بالتخاير على رضاهما بالعقد، و إعراضهما عن الفسخ.

(2) اي ما قلناه: و هو سقوط الخيار في صورة تمكن المتعاقدين من اخذ الخيار و لم يأخذا.

هو ما استفاده الشيخ قدس سره في المبسوط.

كما ذكرناه لك في الهامش 2 ص 264.

(3) اي بما قلناه و اخترناه: من الأولوية في الاستدلال.

و قد عرفت ما نقله عن المبسوط في ص 263 بقوله:

قال في المبسوط في تعليل الحكم المذكور.

و نحن ذكرنا مصدر النقل في الهامش 2 ص 264.

ص: 270

الفهارس

اشارة

ص: 271

ص: 272

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه الذي بطن خفيات الامور.

و دلّت عليه أعلام الظهور.

و امتنع على عين البصير.

فلا عين من لم يره تنكره.

و لا قلب من اثبته يبصره.

سبق في العلو فلا شيء أعلى منه.

و قرب في الدنو فلا شيء أقرب منه.

فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه.

و لا قربه ساواهم في المكان به.

لم يطلع العقول على تحديد صفته.

و لم يحجبها عن واجب معرفته.

فهو الذي تشهد له أعلام الوجود.

على إقرار قلب ذي الجحود.

تعالى اللّه عما يقول المشبهون به.

و الجاحدون له علوا كبيرا(1).

ص: 273


1- (نهج البلاغة) الجزء 1 ص 94 الخطبة 48 شرح الاستاذ المرحوم الشيخ محمد عبده.

هذا هو الجزء الثالث عشر من المكاسب.

و هو اوّل جزء من الخيارات: و هي ستة كانت البداية فيه يوم الاول من شهر جمادي الاولى عام 1403.

و قد استوفى العمل فيه و في بقية أجزاء الخيارات.

مقابلة و تصحيحا و تعليقا غاية الجهد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

مع كثرة الأمراض و الآلام و الأشغال و انا اعانيها.

و ذلك حبا منا بانجاز تحقيق الأجزاء و إصدارها و اخراجها إلى عالم الوجود.

إكبارا و اجلالا لفقه (أئمة اهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين.

و إذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة.

فلأن تحقيق الكتاب و تصحيحه و إخراجه إخراجا يليق بمكانته العلمية.

و لا سيما أجزاء الخيارات المشتملة على مطالب غامضة، و مسائل صعبة مستصعبة جدا:

كان يستدعي منا دقة الملاحظة، و عمق الإمعان في هذه الأجزاء:

(الخيارات).

و لا سيما الجزء الرابع عشر الذي نقل فيه شيخنا الأعظم الانصاري عن فخر الاسلام قدس سرهما (مطالب حكمية فلسفية) حول سقوط الخيار و عدم سقوطه، مبنيا على الأكوان.

كما تشاهدها إن شاء اللّه تعالى قريبا عنه اخراجه من الطبع

و كذلك الجزء الاخير المذكور فيه خيار العيب، حيث إنه مشتمل

ص: 274

على (مسائل رياضية) غامضة جدا، و ستقف عليها عند ذكر الارش الذي هو مقدار التفاوت بين السعرين:

بين قيمة الصحيحة و المعيبة.

هذا إذا كان المقومون متحدين في التسعير.

و أما عند الاختلاف فحل المسائل أشكل و أشكل و أشكل.

و لعمرك أيها القارئ النبيل الكريم.

لقد اتعبتني أجزاء الخيارات تعبا شديدا.

فقد اخذت من وقتي في الليل و النهار فوق ما تتصوره.

بالإضافة الى مشاكل انجازات العمل وفق المراد، فان الطباعة بهذه الصورة المزدانة بمطالب توضيحية، و في اسلوب شيق.

كلفتني فوق ما كنت اتصوره:

من حساب و أرقام مما جعلتني أئن تحت عبئه الثقيل

و ليس لي من مؤازر و لا مساعد سوى اللّه عز و جل.

و لنعم المؤازر و المساعد.

فرأيت نفسي بين امرين:

الترك حتى يقضي اللّه امرا كان مفعولا.

أو الإقدام المجهد مهما كلف الامر من صعوبات.

فاخترت الطريق الثاني، و احتملت صعوباته في سبيل الدين، و الإشادة بشريعة (سيد المرسلين، و الأئمة الهداة المعصومين) صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم اجمعين.

فاتبعت بعون اللّه تبارك و تعالى (الجزء الثالث عشر و الرابع عشر) ببقية أجزائهما السابقة.

ص: 275

فاليك أيها القارئ الكريم.

هذه التحفة الثمينة، و الهدية النفيسة التي هي عصارة حياتي.

و إني لأرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي).

على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي و ربي و سيدي و مولاي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء.

إنك ولي ذلك و القادر عليه.

و يتلوه الجزء الرابع عشر إن شاء اللّه تعالى.

و اوله: (مسألة لو اكره احدهما على التفرق).

كتبت هذه الأسطر في اليوم السادس من محرم الحرام عام 1408 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 276

فهرس البحوث

9 الخيارات

11 تعريف الخيار

13 ما يدخل في تعريف الخيار من الموارد الآتية

15 تعريف آخر للخيار

17 ما اورده شيخنا الانصاري على التعريف الثاني للخيار

19 الاصل في البيع اللزوم

21 تفسير شيخنا الانصاري الاصل الذي افاده العلامة

25 الاصل الذي افاده العلامة نظير الاصل في الأجسام

27 المراد من قول العلامة في التذكرة و القواعد

29 توجيه كلام العلامة

31 ما اورده شيخنا الانصاري على التوجيه المذكور

33 توجيه شيخنا الانصاري كلام العلامة

35 ما اورد شيخنا الانصاري على المعاني الاربعة للاصل

37 المراد من وجوب الوفاء

39 الحكم الوضعي منتزع من الحكم التكليفي

41 في أضعفية ما افيد في توجيه كلام العلامة

43 في الاستدلال على لزوم العقد بإطلاق آية تجارة عن تراض

45 من العمومات الدالة على لزوم العقد آية و لا تأكلوا

47 في موارد ترخيص الشارع في التصرف في مال الغير

49 في الاستدلال بالأحاديث على لزوم العقد

51 في استدلال الأعلام بالحديث الشريف

53 في الاستدلال بالأدعية المأثورة

55 في الاستدلال بكلمات اللغويين و الأخبار المستفيضة

57 في الاستدلال بالاستصحاب

59 في الرد على الاستصحاب المذكور

63 ما افاده العلامة في المختلف

ص: 277

65 جريان العمومات المذكورة في الشبهات المصداقية

67 بيان الفارق بين المستندين

69 أقسام الخيار

71 في خيار المجلس

73 في الجواب عن الحديث الموثق

75 للشافعية قولان

77 نظرية الشيخ الانصاري حول ثبوت الخيار للوكيلين

79 دليل آخر لعدم وجود الخيار للوكيل

81 الحكمة في جعل الخيار تبعد ثبوت الخيار للوكيل

83 تضعيف قول القائل بثبوت الخيار للوكيل

85 نظرية شيخنا الانصاري حول الخيار للوكيل

87 في الرد على دعوى التبادر

89 ثبوت الخيار للموكلين اذا كانا حاضرين

91 في بيان ملاك سقوط الخيار

93 في البحث عن الوكيل اذا لم يكن مستقلا في التصرف

95 في البحث عن تفويض الامر إلى

الوكيل

97 عدم ثبوت خيار المجلس للعاقدين الفضوليين

99 الملاك في عدم ثبوت الخيار للفضوليين

101 عدم الفرق في الفضوليين بين كونهما غاصبين أو غيرهم

103 في ثبوت الخيار للعاقد الواحد أم عدم ثبوته

105 أقوال الفقهاء حول ثبوت الخيار و عدمه

107 ذهاب فخر الاسلام و من تبعه إلى عدم الخيار للعاقد الواحد

109 امكان القول بعدم تعلق الخيار بشخص العنوان

113 اثبات الخيار بتنقيح المناط

115 بناء ثبوت الخيار للبائع على القول المشهور

117 الخيار في اخذ القيمة مقتضى الجمع بين الأدلة

119 في الرد على ما افاده العلامة

121 عدم الخيار لمن انتقل إليه و لا لمن انتقل عنه

ص: 278

121 فيما افاده المحقق التستري

123 في الخيار للقيمة

125 نظرية المحقق التستري في الخيار للبائع في القيمة

127 في أدلة المحقق التستري لاثبات الخيار للبائع في القيمة

129 الأدلة التي اقامها المحقق التستري للخيار

133 مناقشة الشيخ الانصاري مع المحقق التستري

143 المعنى المراد من الفسخ

145 نظرية شيخنا الانصاري حول الخيار

149 العبد المسلم من أفراد المبيع المستثناة

151 عدم جواز رجوع العبد المسلم إلى الرقية

153 عدم ثبوت الخيار للمشتري أيضا

155 اختصاص الخيار بصورة تحقيق البيع من الطرفين

157 من أفراد المبيع المستثناة شراء العبد نفسه.

159 في بيان منشأ إشكال العلامة

161 ما افاده العلامة في التذكرة

163 في عدم ثبوت خيار المجلس لغير البيع

165 توجيه الشهيد كلام العلامة

167 تحقيق حول ما افاده الشيخ في المبسوط

169 ما افاده الأعلام حول دخول الخيارين في العقود الجائزة

173 في جريان الخيار في بيع الصرف و السلم و عدمه

175 ما افاده شيخنا الانصاري حول الخيار في الصرف و السلم

177 ما افاده العلامة حول الخيار في بيع الصرف

179 القول في ثبوت الخيار للمالكين الحاضرين مع الفضوليين

181 سقوط الخيار باشتراط سقوطه

183 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

187 في حكومة أدلة الشرط على أدلة الخيار

189 في استشهاد الامام بعموم المؤمنون في كثير من الأحكام

191 الاستدلال بالرواية دليل على حكومة دليل الشرط

193 إشكال ثالث على اشتراط السقوط

195 الشروط الخارجة عن تحت العموم

197 المقتضي للخيار العقد بشرط

ص: 279

199 في الجمع بين دليل الشرط و دليل الخيار

201 الخيار من الحقوق لا من الاحكام

203 الاستيناس بصحيحة مالك بن عطية لدفع الإشكال

205 الوجوه المتصورة في اشتراط سقوط الخيار.

207 عدم ترتب شيء على مخالفة الشرط سوى العصيان

209 اشتراط إسقاط الخيار في متن العقد

211 نظرية شيخنا الانصاري في المشروط له

213 الكلام حول ذكر الشرط خارج العقد

215 استدلال الشيخ لجواز اشتراط إسقاط الخيار

217 تساؤل شيخنا الانصاري عما افاده العلامة

219 ما افاده بعض الشافعية في اشتراط الاسقاط قبل العقد

221 نظرية شيخنا الانصاري حول اشتراط الإسقاط

223 شرط الإسقاط يكون يجعل من المتكلم

225 في مؤدى قول البائع

227 توجيه كلام العلامة حول العين المنذورة

229 في إسقاط الخيار بعد العقد

231 تسلط الناس على حقوقهم أولى من تسلطهم على أموالهم

233 في سقوط الخيار بكل لفظ

235 لو قال احد المتبايعين اسقطت الخيار

237 لو قال احد المتبايعين لصاحبه اختر

239 الأقوال في بقاء الخيار بعد قول القائل اختر

241 ظهور كلمة اختر في التمليك أيضا

243 إسقاط احدهما خياره لا يوجب سقوط خيار الآخر

245 الموارد التي يتحقق فيها التعارض

247 في الرد على ما افاده العلامة من التقديم

249 الافتراق موجب لسقوط الخيار

251 في بيان ما يتحقق به الافتراق

253 أقوال ثلاثة في تحقق مفهوم الافتراق

255 عدم اعتبار الحركة من الطرفين في تحقق مفهوم الافتراق

257 الأحاديث الدالة على عدم اعتبار

ص: 280

الحركة من الجانبين

259 عدم اعتبار الافتراق الحاصل عن اكراه

261 منع تبادر الاختيار من الافتراق

263 المعروف من قول الفقهاء في الافتراق

265 فتوى الأصحاب حول الافتراق

267 في الاستدلال على سقوط الخيار بصحيحة فضيل

269 المعتبر في الرضا هو الرضا المتصل بالافتراق

ص: 281

(فهرس التعاليق)

9 تعريف الخيار لغة و شرعا

9 الخيار على قسمين

10 الفرق بين المصدر و اسم المصدر

11 تعريف صاحب الايضاح للخيار

12 ايراد شيخنا الانصاري على تعريف صاحب الايضاح

12 الموارد المنتقضة لتعريف صاحب الايضاح و هي ستة

13 تحقيق حول الحق و الحكم

14 فرق آخر بين الحق و الحكم

15 تعريف آخر للخيار

17 الإشكال على التعريف الآخر

19 الأدلة الثلاثة التي اقامها العلامة على لزوم البيع

19 تعليل لبيان أن الاصل في البيع اللزوم

20 إشكال و خلاصته

21 إشكال آخر و خلاصته

22 المراد من العمومات

22 التمسك بالعمومات عند الشك في لزوم البيع

25 تشبيه الاصل في البيع بالاصل في الأجسام

26 النظر و وجهه

26 ما افاده صاحب الوافية

27 الإشكال على ما افاده صاحب الوافية

28 توجيه المحقق الكركي كلام العلامة

28 ما يساعد التوجيه المذكور

29 وجه المساعدة

30 تفسير كلام العلامة

31 الايراد على ما افاده المحقق الكركي

31 تكلف في التفسير المذكور

32 توجيه كلام العلامة

32 للجزء من الثمن حالتان

35 تعليل لعدم اقتضاء الاصل لزوم البيع

36 تحقيق حول صحيحة ابن سنان

37 حرمة اخذ البائع المبيع من يد المشتري

38 حرمة جميع التصرفات من لوازم العقد

39 في انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي

39 ايراد على ما افاده العلامة

40 وجه ضعف ما افاده العلامة

41 استدراك

ص: 282

41 ضعفية ما افاده غير العلامة

42 رد على متابعة البعض للمشهور

42 دلالة الآية على الحكم التكليفي فقط

42 رد على متابعة البعض للقول المشهور

42 كيفية دلالة آية و احل اللّه البيع على لزوم العقد

43 حلية البيع مستلزمة لحلية جميع التصرفات

43 ظهور آية و تجارة عن تراض على لزوم العقد

44 استدراك عما افاده

45 استثناء عما افاده

46 وهم

46 الجواب عن الوهم

49 الاستدلال بحديث لا يحل مال امرئ مسلم

52 الاستشهاد بكلمات الأئمة من الصحيفة السجادية

54 الاستشهاد بكلام الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه الشريف من دعاء الندبة

55 الاستشهاد بكلام اللغويين

56 الحديث المروي عن الرسول الاعظم

56 العمومات الدالة على لزوم البيع و هي تسعة

58 وجود استصحابين في المقام

60 الشق الثالث في الرد و النقاش

61 عدم جريان الاستصحاب فيما لا خيار له

63 استثناء عما افاده

64 استدراك عما افاده

65 بيان موارد التمسك بالعمومات المذكورة

65 جريان العمومات المذكورة في الشبهات المصداقية

65 تعليل لجريان العمومات المذكورة

66 استثناء عما افاده

66 استدراك عما افاده

67 خلاصة هذا الكلام

68 مستند الضمان

69 في أقسام الخيار

71 عدم اختصاص المجلس في ثبوت الخيار

71 و هم

72 الجواب عن الوهم

72 وجه تسمية خيار المجلس بالمجلس

ص: 283

73 وهم

73 الجواب عن الوهم

74 ثبوت خيار المجلس للوكيلين المفوضين

76 تعليل و خلاصته

77 ترق و خلاصته

77 استشهاد

79 ترق آخر و خلاصته

80 الجمع بين خيار المجلس و خيار الحيوان في حديث محمد بن مسلم

81 عدم خيار للوكيل المجري صيغة العقد

81 دليل آخر لعدم خيار المجلس للوكيل المجري صيغة العقد فقط

82 تعليل لعدم الخيار و خلاصته

84 وهم و الجواب عنه

86 تحقق حول القراض

87 وهم و الجواب عنه

89 استثناء عما افاده

89 تحقق الخيار لأشخاص كثيرين

90 وهم

91 الجواب عن الوهم

96 إن قلت قلنا

97 خلاصة الاندفاع

97 استدراك عما افاده

98 دفع الاستدراك

98 إشكال آخر و خلاصته

100 استدراك عما افاده

102 تحقيق حول ذكر المسألة الثانية

102 الصور المحتملة في المسألة الثانية

104 مجموع الصور

105 وهم و الجواب عنه

106 وهم آخر و الجواب عنه

107 نظرية الشيخ الانصاري حول خيار المجلس

108 امكان تعليق الخيار بشخص العنوان

109 تعليل لاستظهار تعلق الخيار بشخص العنوان

110 تاييد منه لما افاده بكلمة حتى

112 الرد على القائل بعدم خيار المجلس للعاقد الواحد

113 استدراك عما افاده

114 تعليل و خلاصته

118 خلاصة ما افاده العلامة في التذكرة

119 رد اخر على ما افاده العلامة

199 رجوع منه عما افاده

ص: 284

120 تحقيق حول كيفية الملك

122 الملك التقديري و الملك التحقيقي

122 الاحتمالات الاربعة في ثبوت الخيار للبائع

122 ما افاده المحقق التستري

124 التعليلات الثلاثة

129 اثبات الخيار للبائع بأدلة ثمانية في العلل التي ذكرها المحقق التستري لما افاده

130 تعليل ثالث لما افاده المحقق التستري

131 رأي صاحب المقابيس في خيار المجلس للبائع

133 مناقشة مع المحقق التستري

134 تحقيق في مقدار تملك من يملك عموديه

135 تنظير لعدم قابلية ارجاع العبد الى الرقية

136 تحقيق حول كلمة انعتق ينعتق

137 ذكر جهات ثلاث حول عبارة الشيخ الانصاري

146 استثناء و خلاصته

146 انكار الخيار للبائع

148 تنظير

148 تفريع على ما افاده

149 لعل الامر بالتأمل

151 تعليل و خلاصته

152 ما افاده فخر الدين

153 تعليل منه لما افاده فخر الدين

154 تعليل بعدم ثبوت الخيار للمشتري

155 اجتماع شيئين في الولد الكافر إذا أسر أباه المسلم في ساحة الحرب

158 في ذكر امرين لعدم شمول أدلة الخيار لبعض المعاملات

159 بيان منشأ اشكال العلامة

160 ايراد على ما افاده السيد الطباطبائي اليزدي

161 في الرد على ما افاده المحقق الكركي

164 تعليل لعدم معنى الخيار في العقود الجائزة

164 توجيه كلام الشيخ في المبسوط

165 ما افاده قدس سره في صحة التوجيه

165 هدم لما افاده من صحة التوجيه

165 تعليل لعدم إرادة الشيخ ما افاده الشهيد

167 وجه البعد

168 تأييد منه قدس سره و خلاصته

ص: 285

169 وجه التأمل

171 تعليل و خلاصته

172 تحقيق في شمول خيار المجلس لبيع الصرف و السلم

172 تعليل لوجوب التقابض في المجلس و خلاصته

174 استشهاد مما افاده العلامة

174 تعليل للوجوب التكليفي في التقابض في المجلس

175 تعليل لخفاء اثر الخيار

175 بيان امكان النتيجة للخيار

178 ظهور النص و وجه الظهور

181 ما افاده صاحب الجواهر في ترجيح دليل المؤمنون على أدلة الخيار

183 منشأ الترجيح

183 ما اورده على صاحب الجواهر

184 الامر الثاني لترجيح المؤمنون على أدلة الخيار

184 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

187 تنظير و خلاصته

188 استشهاد الامام بدليل المؤمنون

192 استدراك

193 دور و بيانه

193 كيفية استدلال بعض الشافعية

194 رد على الدور

195 الشروط الخارجة عن تحت العموم

196 الشروط الباقية تحت العموم

197 عبارة اخرى و خلاصتها

197 ما افاده السيد اليزدي و الرد عليه

198 استثناء عما افاده

199 دليل آخر على عدم ثبوت الخيار

199 في الجمع بين الدليلين

200 وهم و الجواب عنه

201 تنظير لعدم منافاة اشتراط الخيار للكتاب و السنة

202 الاشتراط يدفع الخيار عن التحقق الخارجي

203 الاستيناس بالحديث لدفع الاشكال عن بعض الشافعية

206 تنظير و خلاصته

206 وهم

207 الجواب عن الوهم

209 تحقيق حول شرط النتيجة و شرط الفعل

211 رأيه حول المشروط له

211 تعليل و خلاصته

ص: 286

212 عطف و خلاصته

213 وهم

214 جواب عن الوهم

215 استدلال الشيخ بأدلة ثلاثة

216 نظر و وجه النظر

216 استدراك و خلاصته

217 ايراده على ما افاده العلامة

218 تساؤلات ثلاثة منه عن العلامة

218 وهم و الجواب عنه

219 مناسبة التساؤل الاول للاستدلال و وجه المناسبة

221 نظريته حول اشتراط الإسقاط و خلاصتها

222 وهم و الجواب عنه

223 الشرط المتقدم ليس من قبيل العوضين

225 تعليل و خلاصته

226 وجه عدم صحة بيع المنذور

227 توجيه كلام العلامة

228 رواية علي بن رئاب

230 المراد من الفحوى

231 الاستدلال بالقاعدة لاجل مفهوم الحديث

231 الايراد على الاستدلال المذكور

232 الظاهر من الاطلاقات

233 ما افاده المحقق النائيني

234 الوجه الثاني و خلاصته

238 الأقوال الثلاثة حول خيار الآمر

239 رأيه حول كلمة اختر

240 استدراك عما افاده حول كلمة اختر

241 استشهاد و خلاصته

241 نص الحديث الرابع

242 تحقيق حول الحديث و لفظة فطلقن من المحقق الكاشاني

244 تنظير لانفساخ العقد

244 انفساخ العقد و اجازة الآخر ليس من باب التعارض

245 مورد ثان لوقوع التعارض

246 مورد ثالث لوقوع التعارض

248 الاستشهاد بقول الامام

249 ايراد و خلاصته

250 وهم و الجواب عنه

251 الاستشهاد بكلام الشيخ

251 خلاصة الكلام في ذكر الخطوة

252 تفريع و خلاصته

253 الأقوال الثلاثة في تحقق مفهوم

ص: 287

الافتراق خارجا

253 دليل المتأمل في صدق الافتراق بأقل من خطوة

253 تأييد منه لما افاده المتأمل

254 تحقيق حول لفظة خطوة

254 نظر و وجه النظر

255 في مبنى التأييد المذكور

255 الافتراق من الامور المتضايفة

255 تفريع و خلاصته

256 عدم تحقق الافتراق خارجا إلا بشيئين

258 الملاك في تحقق الافتراق خارجا

259 مثال لتحقق الافتراق خارجا

259 تعليل لعدم سقوط الافتراق بالاكراه

260 التمسك بالاستصحاب بعد اليأس عن الدليل الاجتهادي

260 الاستدلال بحديث الرفع

260 استشهاد الامام بحديث الرفع

261 الأدلة الثلاثة على عدم سقوط الخيار بالافتراق الاضطراري

262 منع التبادر

262 الملازمة بين دخول الاختياري في المسقطات و دخول الاضطراري

263 إشكال آخر و خلاصته

263 استشهاد بكلام الشيخ

264 استشهاد ثان

265 تعليل و خلاصته

265 الاستدلال بفتوى الاصحاب تعليل و خلاصته

266 استدلاله لسقوط خيار المجلس بنحو آخر مخالف لاستدلال الأعلام

267 الاستدلال على السقوط بأدلة ثلاثة

269 لو كان للافتراق طريقية و كاشفية

ص: 288

(فهرس الآي الكريمة)

- أ -

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : 62/56/44/39/36/22 / 184

- ت -

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ : 56/44/22

- ح -

حَتّٰى يَلِجَ اَلْجَمَلُ فِي سَمِّ اَلْخِيٰاطِ : 111

- ق -

قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ ...: 242

- و -

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ: 56/44/42/22

وَ إِذْ قُلْتُمْ يٰا مُوسىٰ ...: 110

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ ...: 57/45

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ ...: 151/149

ص: 289

(فهرس الأحاديث الشريفة)

- أ -

اذا صفق الرجل على البيع...: 73

أشهد انك كنت نورا...: 161

ان الناس مسلطون على اموالهم: 49 231/57

ايما رجل اشترى من رجل: 56

- ب -

بعد ان شرطت عليهم الزهد: 54

البيعان بالخيار ما لم يفترقا: 56/27 149/106/96/87/81/76/71/62 193/171/154

- ع -

العمودان لا يملكان: 121

- ف -

فلما استوجبتها قمت: 254

- ل -

لا ضرر و لا ضرار: 213

لا يحل مال امرئ مسلم: 57/49

- م -

المؤمنون عند شروطهم: 57/50 232/195/188/181

المتبايعان بالخيار ثلاثة: 79

- و -

وضع عن امتي تسعة اشياء: 260

و لك يا رب شرطي الا اعود: 52

ص: 290

(فهرس الاعلام)

- أ -

ابن مالك: 224

الأحسائي (ابن أبي جمهور): 243

الأردبيلي (المحقق): 107/51

اسماعيل بن ابراهيم عليه السلام: 55

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : 72

اهل البيت عليهم السلام: 140/55/52 243/160

- ب -

البحراني (المحدث): 107

- ت -

التستري (المحقق): 128/124/107 144/130

- ج -

الجزائري (السيد طيب): 36

- ح -

الحلي (المحقق): 169/137

- خ -

الخراساني (الفاضل): 107

الخونساري (موسى): 243

- ر -

رسول اللّه (النبي محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم) 96/76/71/56/50/49/27/9 260/193/171/154/149/106

- ز -

زرارة: 56

- س -

السجاد (الامام زين العابدين عليه السلام) : 52

سليمان بن خالد: 89

سيد الشهداء (الحسين بن علي عليه السلام) : 161

- ش -

الشافعية: 203/75

الشهيد الأول: 152/104/91/69/10 164

الشهيد الثاني: 128/104/76/70

- ص -

صاحب الحدائق: 83

صاحب الجواهر: 191/184/181/15

صاحب الوافية، 26

ص: 291

الصادق (الامام جعفر بن محمد عليه السلام) : 241/189/161/56

الصيمري: 104

- ط -

الطباطبائي (السيد اليزدي): 197/160

الطوسي (شيخ الطائفة): 163/141 263/251/239/220/224/199/169 / 270

- ع -

العاملي (الحر): 138

عبد اللّه بن سنان: 36

العلامة: 30/28/26/21/5/18

علي بن ابراهيم: 36

علي بن رئاب: 229

عيص بن القاسم: 241

- ف -

فخر الدين: 152/107

فضيل: 268

- ق -

القاضي (الحلبي): 214/163/104/56

- ك -

الكاشاني (المحدث الفيض): 242

الكركي (المحقق): 76/31/28/22/20 264/161/59/104

- م -

مالك بن عطية: 204/189

المامقاني (المحقق): 149/101

المجلسي: 54

المحقق: 104/70/49

محمد بن مسلم: 89/79/56

المرتضى: 141/136

المنتظر: (الامام المهدي عجل اللّه فرجه) : 54

الميسي (المحقق): 104

- ن -

النائيني: 223

النوري (المحدث): 243

ص: 292

(فهرس الكتب)

- أ -

الانتصار: 136

الايضاح: 152/11

- ب -

بحار الأنوار: 54/49

- ت -

تاج العروس: 104

التحرير: 117/113

تذكرة الفقهاء: 26/22/20/28

تعليق الارشاد: 162

تفسير العياشي: 36

تفسير القمي: 36

التهذيب: 242/189/50

- ج -

جامع المقاصد: 113/77/30/28/20

جواهر الكلام: 184/15

الجواهر (للقاضي الحلبي): 215

- ح -

الحدائق: 83

الحواشي: 151

- خ -

الخلاف: 220/214/204/163/104 251/237

- د -

الدروس: 164/114

- ر -

الرسائل (فرائد الاصول): 133/39

الروضة البهية: 138

- س -

السرائر: 169/131/107

- ش -

شرائع الاسلام: 137/50/49

- ص -

الصحاح: 140

صحيح البخاري: 140

صحيح مسلم: 140

الصحيفة السجادية: 52

- غ -

الغنية: 204/180/162

غوالي اللئالي: 243

ص: 293

- ق -

القاموس المحيط: 214/140/55

القواعد: 137/32/30/26/21

- ك -

الكافي: 242/189

- ل -

لسان العرب: 140

اللمعة الدمشقية: 91/87/69/10

- م -

المبسوط: 204/178/167/163/141 / 270/264

مجمع البحرين: 104

المحلى: 140

المختلف: 215/121

المسالك: 114

مستدرك الوسائل: 243/49

المصباح المنير: 140

المقابيس: 107

المكاسب: 51/36/31/18/10

- ن -

النهاية: 140

- و -

وسائل الشيعة: 79/73/56/49/36 / 248/241/201/189/180/138/107 / 267/260/257/254

ص: 294

المجلد 14

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين

ص: 5

ص: 6

الخيارات

تتمة القول في الخيار و أقسامه و أحكامه

تتمة القول في أقسام الخيار

تتمة الأول في خيار المجلس
تتمة القول في مسقطات هذا الخيار
تتمة مسألة المسقط الثالث افتراق المتبايعين
اشارة

ص: 7

ص: 8

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

مسألة: لو اكره أحدهما على التفرق، و منع عن التخاير.
اشارة

(مسألة) (1):

لو اكره احدهما (2) على التفرق، و منع عن التخاير (3).

و بقي الآخر في المجلس (4).

فان منع (5) من المصاحبة و التخاير.

لم يسقط خيار احدهما (6)، لأنهما مكرهان على الافتراق

+++++++++++

(1) اي المسألة السادسة من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار.

و نحن ذكرناها في الهامش 6 ص 197 من الجزء الثالث عشر بقولنا:

و هي ثمانية:

(2) اي احد المتعاقدين.

(3) اي من اخذ الخيار لنفسه.

(4) اي في مجلس العقد.

(5) اي الذي بقي في مجلس العقد لو لم يمنع من المصاحبة(1) مع صاحبه الذي اكره على التفرق، و منع عن اخذ التخاير.

(6) المقصود من احدهما هو كل واحد من المتعاقدين اي لم يسقط

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ترك (1) التخاير:

فدخلت (2) في المسألة السابقة.

+++++++++++

- خيار كل واحد منهما في هذه الصورة، و الأنسب في العبارة أن يقال هكذا:

لم يسقط خيار كل واحد منهما، لأن لازم معنى عبارته قدس سره:

سقوط الخيار عن الثاني فقط.

مع أن الامر ليس كذلك، لأنه في صورة اكراه احد المتبايعين على الافتراق، و منعه عن اخذ الخيار، و بقاء الآخر في المجلس و منعه عن المصاحبة و اخذ التخاير:

ثبوت الخيار لهما، و عدم سقوطه عنهما.

لا سقوطه عن احدهما.

و الدليل على أن المراد عدم سقوط الخيار عنهما.

قوله قدس سره في ص 9: لأنهما مكرهان على الافتراق، و ترك التخاير إذ الملاك في عدم سقوط الخيار هو الافتراق الاجباري و إن كان من جانب واحد.

فكيف و قد حصل هنا من الجانبين المنع من اخذ الخيار، و احدهما اجبر على الافتراق، و الآخر منع عن المصاحبة؟

(1) بالجر عطفا على المجرور في قوله في ص 9:

على الافتراق: اي و لأنهما مكرهان على ترك التخاير

(2) جواب لإن الشرطية في قوله في ص 9:

فان منع من المصاحبة و التخاير، اي دخلت هذه المسألة السادسة من المسائل الثمان في المسألة الخامسة المذكورة في ص 258 ج 13 بقوله

ص: 10

و إن لم يمنع (1) من المصاحبة.

ففيه (2) أقوال.

و توضيح ذلك (3).

+++++++++++

قدس سره: مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه.

وجه الدخول هي وحدة الملاك في كلتيهما، لأن الملاك في عدم سقوط الخيار في المسألة السابقة هو اكراه المتعاقدين على الافتراق.

و هذا الملاك بعينه موجود في هذه المسألة التي يحقق عنها قدس سره حيث إن المتعاقد الثاني الباقي في المجلس قد منع عن مصاحبة صاحبه، و عن اخذ الخيار لنفسه كزميله.

(1) اي الآخر الذي بقي في المجلس لو لم يمنع من مصاحبة صاحبه الذي اجبر على الافتراق.

(2) اي ففي هذا الآخر الذي لم يمنع من مصاحبة صاحبه:

أقوال: يعني في سقوط خياره، أو عدم سقوطه أقوال، و سيذكرها قدس سره مشروحا مفصلا.

و نحن نذكر كل واحد من تلك الأقوال عند رقمه الخاص.

(3) لما كان سقوط خيار هذا الآخر، أو عدم سقوطه متوقفا على زيادة توضيح و تحقيق:

اخذ قدس سره في شرحه مفصلا

فقال: و توضيح ذلك.

اي و توضيح كيفية السقوط، أو عدم السقوط:

هو أن المراد من الافتراق الموجب سقوط الخيار.

هو الافتراق الحاصل من اختيار المتعاقدين الناشئ عن ارادتهما

ص: 11

إن افتراقهما المستند إلى اختيارهما كما عرفت (1):

يحصل بحركة احدهما اختيارا.

و عدم (1) مصاحبة الآخر كذلك.

و أن (3) الاكراه على التفرق لا يسقط حكمه(2).

ما لم يضم معه الاكراه على ترك التخاير.

+++++++++++

و طيب نفسيهما.

و الافتراق المتحقق بحركة احدهما اختيارا.

و بعدم مصاحبة الآخر له اختيارا، و عن إرادة اختيارية.

فهذا الافتراق هو السبب لايجاب البيع المستفاد من قوله عليه السلام:

فاذا افترقا وجب البيع.

بخلاف الافتراق الحاصل عن اكراه، و الناشئ من اجبار، فانه لا يوجب سقوط حكمه الذي هو الخيار، و لازم عدم السقوط هو بقاء العقد على وجوبه.

فالايجاب باق على ما كان ما دام لم يضم إليه الاكراه على ترك التخاير، و عدم الاخذ به.

و إلى هذا المعنى اشار قدس سره بقوله:

كما عرفت اي في ص 258 من الجزء الثالث عشر بقوله:

مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه.

(1) اشرنا الى محله آنفا.

(2) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

بحركة احدهما: اي و أن الافتراق يحصل بعدم مصاحبة الآخر اختيارا.

(3) عطف على قوله في ص 11: و توضيح ذلك، -

ص: 12


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فحينئذ (1) نقول:

تحقق (2) الاكراه المسقط (3) في احدهما، دون الآخر.

+++++++++++

اي و توضيح كيفية سقوط الخيار من المتبايعين.

أو ثبوته لهما في صورة اكراه احد المتبايعين على الافتراق، و منعه عن اخذ التخاير، و ابقاء الآخر في المجلس، و عدم منعه عن المصاحبة و عن اخذ الخيار.

و قد عرفت معنى هذا المعطوف في الهامش من ص 12 عند قولنا بخلاف الافتراق الحاصل.

(1) اي حين أن قلنا: إن الاكراه على الافتراق لا يسقط حكمه.

من هنا اخذ قدس سره في تحقيق المسألة السادسة، و ذكر أقسامها و بيان كيفية سقوط الخيار عن احدهما دون الآخر، أو سقوط خيارهما.

ثم اخذ في ذكر الأقوال في المسألة:

و هي أربعة كما يأتى في ص 14 بقوله: و الاقوال فيه أربعة:

ثم شرع في مبنى الأقوال الاربعة،

ثم ذكر ما افاده فخر الاسلام في شرح كلام والده قدس سرهما و ابداء نظريته حول مبنى الأقوال.

و سنذكر بحوله و قوته كل ما ذكر في هذه المسألة.

مسهبا مشبعا، لتطلب المقام ذلك.

(2) من هنا اخذ قدس سره في تقسيم الاكراه المسقط خيار احد المتعاقدين، دون الآخر: إلى قسمين.

(3) اي الموجب سقوط الخيار.

ص: 13

يحصل (1).

(تارة) (2) باكراه احدهما على التفرق و ترك التخاير، و بقاء الآخر في المجلس مختارا في المصاحبة، أو التخاير.

(و اخرى) (3) بالعكس: بابقاء احدهما في المجلس كرها.

مع المنع من التخاير، و ذهاب الآخر اختيارا

محل الكلام ما لو أكره أحدهما المعين على الافتراق

و محل الكلام هو الاول (4)،

و سيتضح به (5) حكم الثاني.

و الأقوال فيه (6) أربعة:

(سقوط خيارهما (7):

+++++++++++

(1) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 13:

تحقق الإكراه اي ثبوت الاكراه و تحققه خارجا يحصل باحد القسمين.

(2) هذا هو القسم الاول.

(3) هذا هو القسم الثاني.

(4) اي القسم الاول الذي اكره احد المتعاقدين على الافتراق و ترك التخاير:

و بقي الآخر في المجلس مختارا في المصاحبة، أو التخاير.

(5) اي بذكر القسم الاول يتضح لك حكم القسم الثاني.

فلا يحتاج الى تفصيل الكلام فيه.

(6) اي في القسم الاول المشار إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة.

(7) اي سقوط خيار المتعاقدين رأسا.

هذا هو القول الاول.

ص: 14

كما عن ظاهر (1) المحقق و العلامة (2) و ولده (3) السعيد

+++++++++++

(1) اي هذا القول هو الظاهر من كلام المحقق قدس سره.

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 21.

عند قوله:

و لو ضرب بينهما حائل لم يبطل الخيار.

و كذا لو أكرها على التفرق و لم يتمكنا من التخاير.

و لا يخفى على الناقد البصير عدم ظهور لهذا الكلام في سقوط خيار المتعاقدين او اكراه احدهما على الافتراق و ترك التخاير، و بقاء الآخر في المجلس مختارا في المصاحبة أو التخاير كما هو المدعى في القسم الاول.

بل كلامه قدس سره ظاهر في سقوط خيارهما معا لو اكرها معا.

(2) وجه ظهور سقوط خيار المتعاقدين من كلام العلامة:

هو ما افاده في القواعد بقوله قدس سره.

أما الثابت فان منع من التخاير، أو المصاحبة لم يسقط.

و إلا فالأقرب السقوط.

فظاهر كلامه قدس سره سقوط خيارهما، حيث حكم بسقوط خيار الثابت في المجلس اذا لم يمنع من المصاحبة و اخذ الخيار.

ثم فرّع على سقوط خيار هذا: سقوط خيار صاحبه المكره من المصاحبة، و من اخذ الخيار، و إن كان سقوط خيار احدهما بالأصالة و الثاني بالتبعية.

(3) وجه ظهور كلام فخر الاسلام قدس سره في سقوط خيار المتبايعين هو تقرير ما افاده والده قدس سره في القواعد: -

ص: 15

و السيد (1) العميد، و شيخنا الشهيد(1) قدس اللّه أسرارهم.

(و ثبوته (2) لهما):

كما عن ظاهر (3) المبسوط،

+++++++++++

- بعدم اعتراضه عليه في هذا السقوط.

(1) وجه ظهور كلام السيد العميد قدس سره في سقوط خيار المتعاقدين:

هو تقرير ما افاده العلامة في القواعد.

أليك خلاصة ما في القواعد:

و على فرض عدم منع الآخر من المصاحبة.

فلو اختار البقاء في المجلس سقط خياره، لأن بقاءه في المجلس مختارا مفارقة اختيارية لا جبرية.

فاذا سقط خيار هذا فقد سقط خيار الاول أيضا، و إن قلنا باستمرار خيار الاول في صورة اكراهه على المفارقة، اذ الملاك في سقوط الخيار هو حصول الافتراق من احدهما اختيارا.

فهنا حصل الافتراق الاختياري فسقط الخياران اتفاقا.

(2) هذا هو القول الثاني في خيار الباقي في المجلس.

اي و قيل بثبوت الخيار للمتعاقدين لو بقي الآخر في المجلس و لم يمنع من المصاحبة.

(3) راجع (المبسوط) الطبعة الحديثة الجزء 4 ص 84.

طباعة (چاپ خانه حيدري طهران) عند قول الشيخ قدس سره:

فان اكراها أو احدهما على التفرق في المكان.

ص: 16


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المحقق (1) و الشهيد الثانيين، و محتمل (2) الارشاد.

و سقوطه (3) في حق المختار خاصة.

+++++++++++

(1) اي كما عن ظاهر المحقق و الشهيد الثانيين.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 449 عند قول الشهيد الثاني قدس سره:

فلو اكرها، أو احدهما عليه(1) لم يسقط(2)، مع منعهما(3)من التخاير.

فكلامه هذا ظاهر في ثبوت الخيار لهما لو اكره المتعاقدان أو احدهما على الافتراق، و على المنع من اخذ الخيار.

فمفهوم كلامه أنه في صورة بقاء الآخر في المجلس، و عدم منعه عن المصاحبة يسقط خيارهما.

(2) اي كما أن هذا القول محتمل ظاهر الإرشاد، فان ظاهر كلامه سقوط خيار المتعاقدين عند بقاء الآخر في المجلس، و عدم منعه عن المصاحبة و اخذ الخيار.

و (الارشاد) مصنف عظيم للعلامة قدس سره.

يأتي البحث عنه في حياته في (أعلام المكاسب):

(3) هذا هو القول الثالث.

اي و قيل بسقوط خيار من كان باقيا في المجلس مختارا.

دون من كان مكرها على الافتراق، فان خياره ثابت.

ص: 17


1- اي على الافتراق.
2- اي خيارهما.
3- اي عدم سقوط خيارهما مقيد بمنع المتعاقدين عن استعمال حق الخيار.

و فصل (1) في التحرير.

بين بقاء المختار في المجلس.

فالثبوت (2) لهما.

و بين مفارقته (3).

فالسقوط (4) عنهما.

+++++++++++

(1) هذا هو القول الرابع و هو للعلامة قدس سره.

(2) اي ثبوت الخيار للمتعاقدين على هذا التفصيل.

(3) اي و بين مفارقة الباقي في مجلس العقد.

(4) اي سقوط الخيار عن المتعاقدين في صورة بقاء الآخر في المجلس مختارا في المصاحبة، أو التخاير.

فالحاصل أن الأقوال أربعة:

(الاول): سقوط خيار المتعاقدين رأسا.

(الثاني): ثبوت الخيار للمتعاقدين.

(الثالث) سقوط خيار من بقي في المجلس مختارا و لم يمنع من المصاحبة، و لا من اخذ الخيار لنفسه.

و ثبوت الخيار لمن اكره عن الافتراق، و عن اخذ الخيار لنفسه.

(الرابع): التفصيل في المسألة كما افاده العلامة قدس سره في التحرير.

و التفصيل هو:

بين بقاء المتعاقد الثاني في المجلس مختارا، من دون أن يمنع -

ص: 18

و مبنى (1) الأقوال على أن افتراقهما المجعول غاية لخيارهما.

+++++++++++

- من المصاحبة، و من اخذ الخيار.

فالخيار ثابت للمتعاقدين.

و بين مفارقة الثاني الذي بقي في المجلس مختارا و لم يمنع من المصاحبة، و لا من اخذ الخيار.

فالسقوط ثابت للمتعاقدين.

و سيجيء التصريح من الشيخ بأن مرجع هذا التفصيل إلى القول الثاني:

و هو ثبوت الخيار للمتعاقدين.

(1) من هنا اخذ الشيخ قدس سره في استخراج مباني الأقوال الاربعة المذكورة.

و قد حقق في الاستخراج تحقيقا دقيقا علميا، لتطلب المقام ذلك:

فجعل الافتراق مقسما، ليمكن استخراج مباني الأقوال الاربعة.

فنحن نذكر مبنى كل قول عند ما يفيده الشيخ:

و نشرحه لك شرحا وافيا حسب اقتضاء المقام ذلك.

و ما أصعب هذه المباني؟

و ما أدقها؟

و ما أشكلها؟

و خلاصة الكلام في هذا المقام.

إن الافتراق الوارد في الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأعظم و اهل بيته الطاهرين صلّى اللّه عليه و عليهم اجمعين التي اشير إليها في الجزء 13 ص 248 و ص 254.

ص: 19

هل يتوقف (1) حصوله على اختيارهما؟

أو يكفي (2) فيه حصوله عن اختيار احدهما.

+++++++++++

- و الذي قد جعله الشارع غاية لخيار المتعاقدين:

بمعنى أن نهاية مدة خيارهما هو افتراقهما عن مجلس العقد الذي وقع العقد فيه.

و الغاية من جعل الخيار هو تروي المتعاقدين فيما تعاقدا عليه.

من (الثمن، أو المثمن) حتى يختبراهما.

لعله يوجد فيهما عيب، أو ينكشف أنهما للغير، أو كانا مغبونين أو احدهما، ليكون لهما حق الرجوع فيما تعاقدا عليه في هذه الموارد:

هل يتوقف حصوله على اختيارهما: بأن يكون كلاهما مختارين في الافتراق: بحيث لو وجد الاكراه في الافتراق من احدهما:

لم يتحقق حكم الافتراق الذي هو ايجاب البيع خارجا؟

أو يتوقف حصول الافتراق و لو من طرف واحد؟:

بمعنى كفاية تحققه في الحكم المذكور من طرف واحد، من دون احتياجه إلى طرفي العقد:

و هما الموجب و القابل.

فالافتراق المذكور اصبح قسمين كما عرفت.

(1) هذا هو القسم الاول المشار إليه في هذه الصفحة.

بقولنا: هل يتوقف حصوله.

(2) هذا هو القسم الثاني المشار إليه في هذه الصفحة بقولنا.

أو يتوقف حصول الافتراق.

فحصر الافتراق بين القسمين المذكورين.

ص: 20

فعلى الاول (1).

+++++++++++

- حصر عقلي دائر بين النفي و الاثبات كما عرفت.

(1) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يجعل القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 20 مقسما، و يقسمه قسمين فقال:

فعلى الاول اي فعلى القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 20.

و الحصر هنا عقلي كالحصر السابق المشار إليه في الهامش 2 ص 20.

و خلاصة ما افاده قدس سره:

إن الافتراق الحاصل من الطرفين.

هل يكون غاية لخيار الطرفين على نحو المجموع و الاستغراق؟:

بمعنى مدخلية خيار كل واحد في سقوط خيار الآخر.

ففي ضوء هذا المبنى يثبت الخيار لكل من المتعاقدين، و لا يسقط خيارهما، لأن احد المتعاقدين كان مكرها على الافتراق، و ممنوعا عن اخذ الخيار لنفسه، فلم يحصل الافتراق الاختياري من الطرفين.

و هذا هو مبنى القول الثاني الذي افاده الشيخ قدس سره في ص 16 بقوله: و ثبوته لهما كما عن ظاهر المبسوط.

أو يكون الافتراق الحاصل من الطرفين غاية لخيار الطرفين على نحو التوزيع و الانحلال؟

ففي ضوء هذا المبنى يسقط خيار المختار خاصة:

و هو الباقي في مجلس العقد مختارا، لأن بقاءه فيه كان باختياره و بإرادته و طيب نفسه و رضاه، و لم يكن ممنوعا عن اخذ الخيار له.

و أما خيار الآخر الذي فارق المجلس كرها و كان ممنوعا عن اخذ الخيار فثابت. -

ص: 21

هل (1) يكون اختيار كل منهما مسقطا لخياره؟

أو (2) يتوقف سقوط خيار كل واحد على مجموع اختيارهما؟

فعلى (3) الاول يسقط خيار المختار خاصة.

كما عن الخلاف و جواهر القاضي (4).

و على الثاني (5) يثبت الخياران.

+++++++++++

- و هذا مبنى القول الثالث الذي افاده الشيخ في ص 17 بقوله:

و سقوطه في حق المختار خاصة.

(1) هذا هو القسم الاول من القسم الاول.

و قد اشرنا إليه بقولنا في الهامش 1 ص 21:

هل يكون غاية لخيار الطرفين.

(2) هذا هو القسم الثاني من القسم الاول.

و قد اشرنا إليه في الهامش 1 ص 21 بقولنا:

أو يكون الافتراق الحاصل.

(3) اي فعلى القسم الاول المشار إليه في هامش 1 من هذه الصفحة من القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 20.

و قد اشرنا إليه في الهامش 1 ص 21 بقولنا: هل يكون غاية.

و هذا هو مبنى القول الثالث.

(4) و هو ابن البراج الحلبي قدس سره.

يأتي شرح حياته و مؤلفه الشريف في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى.

(5) اي و على القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 من هذه الصفحة من القسم الاول. -

ص: 22

كما عن ظاهر المبسوط (1) و المحقق و الشهيد الثانيين (2)، و على الثاني (3).

+++++++++++

- و قد اشرنا إليه في الهامش 1 ص 21 بقولنا:

أو يكون الافتراق الحاصل.

و لا يخفى أن هذا هو مبنى القول الثاني.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 21.

(1) راجع (المبسوط) الطبعة الجديدة الجزء 4 ص 84.

عند قول الشيخ قدس سره:

فان اكرها، أو احدهما على التفرق في المكان.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 449 عند قول الشارح قدس سره:

فلو اكرها، أو احدهما عليه(1) لم يسقط(2) مع منعهما من التخاير(3).

(3) و هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 20 بقوله:

أو يكفي فيه حصوله من القسم الاول المشار إليه في ص 20 بقوله: هل يتوقف:

و قد اشرنا الى القسم الثاني بقولنا في ص 20:

أو يتوقف حصول الافتراق.

يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يجعل هذا القسم مقسما أيضا كزميليه السابقين: -

ص: 23


1- اي على الافتراق.
2- اي الخيار.
3- اي و منعا عن استعمال الخيار.

فهل (1) يعتبر في المسقط لخيارهما كونه فعلا وجوديا، و حركة صادرة باختيار احدهما؟

أو يكفي (2) كونه تركا اختياريا؟

+++++++++++

- فقسمه قسمين:

و الحصر فيهما حصر عقلي دائر بين النفي و الاثبات:

و خلاصة ما افاده في هذا المقام:

إن القسم الثاني الذي قلنا فيه بكفاية الافتراق في سقوط الخيار و لو من طرف واحد.

هل المعتبر في مسقط الخيار عن المتبايعين:

كونه من الأفعال الوجودية الاختيارية الصادرة عن اختيار المتعاقدين و ارادتهما؟

ففي ضوء هذا يسقط الخيار عن المتعاقدين معا

و هذا مبنى القول الاول الذي افاده الشيخ قدس سره بقوله:

في ص 14: سقوط خيارهما.

أو لا يعتبر ذلك؟

بل يكفي في مسقط الخيار كونه امرا عدميا:

بأن بقي الآخر في مجلس العقد مختارا و لم يتحرك.

(1) هذا هو القسم الاول من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 3 ص 23.

و قد اشير الى القسم الاول في هذه الصفحة بقولنا:

هل المعتبر في مسقط الخيار.

(2) هذا هو القسم الثاني من القسم الثاني.. -

ص: 24

كالبقاء في مجلس العقد مختارا.

فعلى الاول (1) يتوجه التفصيل) (2) المصرح به في التحرير.

+++++++++++

- و قد اشير الى القسم الثاني في ص 24 بقولنا.

بل يكفي في مسقط الخيار كونه امرا عدميا.

(1) اي القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 24.

من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 3 ص 23.

(2) و هو القول الرابع الذي ذكره شيخنا الانصاري عن العلامة قدس سرهما عن التحرير في ص 18 بقوله: و فصل في التحرير.

و خلاصة هذا التفصيل أن الآخر الذي لم يجبر على الافتراق.

و لم يمنع من اخذ الخيار.

لا يخلو من احد امرين.

إما أن يبقى في المجلس مختارا و لم يتحرك.

فهذا يبقى خياره و لا يسقط، لعدم صدور فعل وجودي منه اصلا.

و كذلك لا يسقط خيار المتعاقد الاول، لأنه كان مكرها على الافتراق و على ترك اخذ الخيار.

فالخياران ثابتان للمتعاقدين.

و هذا مبنى القول الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 16.

و إما أن يفارق المجلس الذي كان باقيا فيه مختارا.

فهذا ساقط خياره، لصدور فعل اختياري وجودي منه.

و كذا يسقط خيار الاول بسقوط خيار الثاني.

و هذا مبنى القول الاول المشار إليه في الهامش 7 ص 14.

ص: 25

بين بقاء الآخر فى مجلس العقد، و ذهابه (1).

و على الثاني (2) يسقط الخياران.

كما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعيد و السيد العميد و شيخنا الشهيد.

و اعلم (3) أن ظاهر الايضاح أن قول التحرير ليس قولا مغايرا للثبوت (4) لهما.

و أن محل الخلاف ما إذا لم يفارق الآخر المجلس اختيارا و إلا (5)

+++++++++++

(1) اي و بين ذهاب الثابت في المجلس مختارا عن المجلس.

فسقوط الخيار عن المتعاقدين كما عرفت آنفا.

و بين بقاء الثاني في المجلس مختارا.

فثبوت الخيار للمتعاقدين كما عرفت.

(2) اي القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 24 من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 22.

و اشير إليه في ص 24 بقولنا:.

بل يكفي في مسقط الخيار كونه امرا عدميا.

(3) من هنا يروم شيخنا الانصاري قدس سره أن يجمع بين كلام العلامة قدس سره القائل بالتفصيل المذكور في ص 18.

و بين كلام القائل بثبوت الخيار للمتعاقدين.

كما هو القول الثاني المشار إليه في ص 16 بقوله: و ثبوته لهما.

(4) اي لثبوت الخيار للمتعاقدين.

(5) اي و إن لم يفارق الثاني المجلس و بقي فيه مختارا فقد سقط خيار المتعاقدين: -

ص: 26

سقط خيارهما اتفاقا، حيث (1) قال في شرح قول والده:(1)

لو حمل (2) احدهما و منع عن التخاير لم يسقط خياره على إشكال.

و أما الثابت (3).

فان منع من المصاحبة و التخاير لم يسقط خياره.

و إلا (4) فالأقرب سقوطه فيسقط خيار الاول، انتهى (5).

+++++++++++

(1) تعليل لما ادعاه قدس سره: من ظهور كلام فخر الاسلام قدس سره في الايضاح: في عدم مغايرة كلام والده قدس سره القائل بالتفصيل المذكور في ص 18:

مع كلام القائل بثبوت الخيار للمتعاقدين في الصورة المذكورة و خلاصة التعليل:

إن العلامة افاد في التحرير أن احد المتعاقدين لو اكره على الافتراق و منع عن اخذ الخيار لنفسه.

لم يسقط خياره على إشكال:

(2) هذا مقول قول العلامة قدس سره في التحرير.

و الحمل هنا بمنع الاكراه اي لو اكره على الافتراق.

(3) و هو المتعاقد الثاني الباقي في مجلس العقد.

(4) اي و إن لم يمنع الثابت في المجلس من المصاحبة و التخاير 5

(5) اي ما افاده فخر الاسلام قدس سره في الايضاح في هذا المقام.

ص: 27


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال (1): إن هذا مبني على بقاء الأكوان، و عدمه؟

و افتقار (2) الباقي الى المؤثر، و عدمه (3).

و أن (4) الافتراق ثبوتي، أو عدمي؟

فعلى (5) عدم البقاء.

+++++++++++

(1) اي فخر الاسلام افاد في الايضاح أن سقوط خيار الثابت في المجلس، أو عدم سقوطه:

مبني على القول ببقاء الأكوان، أو عدم بقائها.

(2) اي القول بالسقوط، أو عدم السقوط مبني أيضا على القول باحتياج الباقي إلى المؤثر، أو عدم افتقاره إليه.

(3) اي القول بالسقوط، أو عدم السقوط.

مبني أيضا على أن الافتراق امر وجودي، أو عدمي:

(4) اي القول بالسقوط، أو عدم السقوط.

مبني أيضا على القول بأن الامر العدمي يعلل، أو لا يعلل.

(5) الفاء فاء النتيجة على اصطلاح المنطقيين.

و فاء التفريع على اصطلاح النحويين.

من هنا اخذ شيخنا فخر الاسلام قدس سره في بيان شرح كلام والده قدس سره.

فقال عطر اللّه مرقده الشريف:

فعلى القول بعدم بقاء الأكوان على ما هي عليها.

اي ففي ضوء ما ذكرناه في الأكوان:

من البقاء، أو عدمه.

و من احتياج الباقي إلي المؤثر أو عدمه. -

ص: 28

أو (1) افتقار الباقي الى المؤثر.

يسقط، لأنه (2) فعل المفارقة.

و على (3) القول ببقائها، و استغناء الباقي عن المؤثر، و ثبوتية (4) الافتراق.

لم يسقط (5) خياره.

+++++++++++

- فلو قلنا: إن الأكوان ليست باقية، و إنها تتجدد.

فيسقط خيار الثابت في المجلس اختيارا.

(1) اي أو قلنا باحتياج الباقي الى المؤثر.

مع القول ببقاء الأكوان على ما هي عليها.

و أنها لا تتجدد

كذلك بسقط خيار الثابت في المجلس اختيارا.

(2) تعليل لسقوط خيار الثابت في المجلس اختيارا.

سواء قلنا ببقاء الأكوان أم لم نقل.

و لكن قلنا باحتياج الباقي إلى المؤثر.

اي سقوط الخيار لاجل أن الثابت في المجلس اختيارا قد اوجد الافتراق بفعله و اختياره.

(3) اي و أما على القول ببقاء الأكوان على ما هي عليها.

و على القول باستغناء الباقي عن المؤثر.

(4) اي و على القول بأن الافتراق امر ثبوتي.

(5) اي لم يسقط خيار الثابت في المجلس اختيارا على القول ببقاء الأكوان، و استغناء الباقي عن المؤثر.

و أن الافتراق امر ثبوتي.

ص: 29

لأنه (1) لم يفعل شيئا.

و إن قلنا بعدمية الافتراق، و العدم ليس بمعلل.

فكذلك لم يسقط (2).

و إن قلنا: إنه يعلل (3) سقط أيضا.

و الأقرب (4) عندي السقوط. لأنه (5)

+++++++++++

(1) تعليل من شيخنا الفخر قدس سره، لعدم سقوط خيار الثابت في المجلس اختيارا:

على القول بالمباني المذكورة في الهامش 1 ص 28.

و الهامش 3 ص 28، و الهامش 4 ص 28.

(2) اي خيار الثابت في المجلس اختيارا لم يسقط أيضا.

على القول بالمباني المذكورة في الهامش 4 ص 28.

و الهامش 3 ص 28، و الهامش 4 ص 28.

(3) اي و إن قلنا: إن العدم يعلل.

سقط أيضا خيار الثابت في المجلس اختيارا.

(4) هذه نظرية شيخنا الفخر قدس سره حول مسألة اكراه احد المتعاقدين على الافتراق.

و على منعه عن اخذ الخيار لنفسه.

و بقاء الآخر في المجلس مختارا.

و عدم منعه عن اخذ الخيار.

اي الأقرب إلى الصواب.

سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا.

(5) تعليل لسقوط خيار الثابت في المجلس اي سقوطه كان لاجل -

ص: 30

مختار في المفارقة، انتهى (1).

+++++++++++

بقائه في المجلس.

مختارا في الافتراق، و أنه لم يمنع عن اخذ الخيار لنفسه.

و بسقوط خياره يسقط خيار الاول أيضا.

(1) اي ما افاده فخر الاسلام في هذا المقام.

اقول:

لما انجر بنا الكلام إلى ذكر الأكوان.

و الى ما افاده فخر الاسلام قدس سره في هذا المقام.

رأينا من المناسب أن نذكر على سبيل الاجمال حول الأكوان ما يقتضي المقام، ليكون القارئ النبيل واقفا على حقيقة الأكوان.

فنقول مستعينا بواهب العطيات:

(أكوان) جمع كون بفتح الكاف و سكون الواو.

مصدر كان مضارعه يكون.

و المراد من الأكوان هي:

(الحركة - و السكون - و الاجتماع - و الافتراق).

و الأقوال في الأكوان ثلاثة:

(الاول): أنها غير ثابتة و غير باقية:

اي أنها تتجدد في كل آن من الآنات، و لحظة من اللحظات و ثانية من الثوان.

ففي ضوء هذا القول.

إن لكل جسم من الأجسام، سواء أ كان ساكنا أم متحركا، أم مجتمعا أم متفرقا: -

ص: 31

..........

+++++++++++

- حركة جديدة، و سكونا حديثا، و افتراقا حادثا، و اجتماعا طارئا.

فالحركة الجديدة غير الحركة الاولى.

و السكون الحادث غير السكون الاول.

و الاجتماع الحديث غير الاجتماع الاول.

و الافتراق الطارئ غير الافتراق الاول.

فالجسم بما أنه جسم لا بد له من الاشتغال بفعل من الأفعال في كل دقيقة من الدقائق.

و يبدو ان هذا القول هو الموافق للصواب كما سيأتي اثباته قريبا مضافا الى أنه يمكن أن يتفق مع نظرية العصر الحاضر، حيث ثبت فيه علميا أن الأكوان تتجدد في الحالات الطارئة على الجسم.

(القول الثاني):

إن الأكوان باقية و ثابتة و مستمرة في الجسم ابد الآباد، و أنها غير محتاجة إلى التجدد و الحدوث في الآنات الطارئة عليها.

و بقاؤها على ما هي عليه غني عن المؤثر.

فالسكون و بقية زميلاته باقية في الجسم.

ما دام الجسم ساكنا، أو متحركا، أو مجتمعا، أو متفرقا.

فالجسم لا يكون مؤثرا في احد المذكورات.

ففي ضوء هذا القول من الامكان.

عدم اشتغال الجسم بفعل من الأفعال.

(القول الثالث):

إن الأكوان ثابتة و مستمرة و باقية في الجسم ابد الآباد، و أنها -

ص: 32

..........

+++++++++++

- غير محتاجة إلى التجدد و الحدوث.

إلا أنها محتاجة في البقاء إلى الجسم في كل ثانية من الثوان.

كاحتياج النهار في وجوده و بقائه إلى طلوع الشمس، حيث إنها مؤثرة في وجود النهار، و علة له، إذ لولاها لما وجد، لأنه بمجرد افول الشمس يزول النهار.

فالسكون و بقية زميلانه و إن كانت مستمرة و باقية في الجسم ما دام ساكنا، أو متحركا، أو متفرقا، أو مجتمعا.

إلا أن السكون سكون واحد.

و الحركة حركة واحدة.

و الاجتماع اجتماع واحد.

و الافتراق افتراق واحد.

بمعنى أن المجموع بما هو مجموع محتاج إلى المؤثر.

و المؤثر هو الجسم الساكن، أو المتحرك، أو المجتمع، أو المتفرق.

هذه هي الأقوال في الأكوان.

ثم لا يخفى عليك أن احتياج الأكوان إلى المؤثر، بناء على فرض بقائها و ثبوتها، و عدم تجددها:

هو الحق فيها.

بيان ذلك:

إن الكائنات و الموجودات برمتها:

من العلوية و السفلية.

و من بدئها إلى ختامها. -

ص: 33

..........

+++++++++++

- و من لوازمها و خصوصياتها:

الزمانية - و المكانية.

و عند تحولاتها و تبدلاتها و تغيراتها.

و لدى بقائها و فنائها:

محتاجة بقاء إلى موجد و خالق.

كاحتياج حدوثها إلى موجد و خالق.

و الموجد و الخالق في كلتا الحالتين.

هو اللّه جل جلاله، المستجمع لجميع صفات الكمال و الجمال و الجلال.

المعبر عنه في القرآن الكريم.

ب: (الغني) في قوله عز من قائل:

يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَرٰاءُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ (1) .

و في لسان الحكماء و الفلاسفة:

ب: (واجب الوجود).

و إن كان لايجاد الأشياء و إبقائها في الخارج أسباب ظاهرية.

إلا أن مصدر تلك الأسباب هو اللّه جل جلاله، لأن القوة على ايجادها و ابقائها، و الإرادة على انشائها: من اللّه سبحانه و تعالى.

خذ لذلك مثالا.

إن الانسان حينما يتناول شيئا من الارض و يرفعه و هو في يده و لم يقع على الارض فمن اللّه عز و جل. -

ص: 34


1- فاطر: الآية 15.

..........

+++++++++++

- فهذا البقاء، و عدم وقوعه على الارض و إن كان تحت يد الفاعل المختار و قوته و ارادته.

لكن منشأ تلك القوة و الإرادة في انشائها و ايجادها من اللّه تبارك و تعالى.

و هكذا النعم الموهوبة على الموجودات و الممكنات برمتها، فان ابقاءها و ازالتها، و اكثارها و تقلبها كلها بيد اللّه تبارك تعالى.

فأزمة الامور و الأشياء و اختيارها تحت قدرته و تصرفه و سلطنته.

كما قال الحكيم المتأله السبزواري قدس سره:

أزمة الامور طرا بيده *** و الكل مستمدة من مدده (1)

و معنى ذلك أن ايجادها و إعدامها و ابقاءها و افناءها بإرادته و اشاءته عز و جل.

و قد دلت على ذلك الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة.

أليك شطرا من الآيات الكريمة:

قال عز من قائل:

كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ (2) .

إن مسخ هؤلاء الذين عصوا و اعتدوا في السبت، و خالفوا امر اللّه عز و جل.

و جعلهم بصورة القردة بعد تحولهم من الصورة البشرية.

كان بإرادة الباري جلّ شأنه إرادة تكوينية.

كما أن ايجادهم قبل المسخ بصورة بشرية كان بإرادة منه عز و جل -

ص: 35


1- راجع (منظومة السبزواري) قسم الإلهيات ص 3.
2- البقرة: الآية 65 - الأعراف: الآية 165

..........

+++++++++++

- و هكذا قوله جل شأنه:

إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ (1) .

فان تغيير النعم و سلبها عن قوم إنما هو بإرادة من اللّه عز و جل.

كما أن اعطاءها لهم بإرادته جل شأنه.

و كذا قوله عز من قائل:

وَ يُمْسِكُ اَلسَّمٰاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى اَلْأَرْضِ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ (2) .

فان ابقاء السماء مرفوعة لئلا تقع على الارض، و امساكها بإرادة من اللّه عز و جل.

كما أن خلقها و ايجادها كان بإرادة منه.

و هكذا قوله جلت عظمته:

فَسُبْحٰانَ اَلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (3) .

اي هو مالك الامور لا غير.

فله السلطة و السلطنة عليها.

و منه الإرادة و الإشاءة على الأشياء.

اذا عرفت ما قررناه عليك حول الأكوان.

فاعلم أنه اختلفت كلمات المتكلمين و الحكماء حول التقابل بين الحركة و السكون، و الافتراق و الاجتماع. -

ص: 36


1- الرعد: الآية 12.
2- الحج: الآية 65.
3- يس: الآية 83.

..........

+++++++++++

- هل التقابل بينها تقابل الضدين؟

أو تقابل العدم و الملكة؟

ذهب الى الاول المتكلمون.

و الحكماء الى الثاني.

قال العلامة قدس سره:

اختلف الناس في تحقيق ماهية السكون.

هل هي وجودية، أو عدمية؟

فالمتكلمون على الاول، حيث جعلوها عبارة عن حصول الجسم في حيز واحد أكثر من زمان واحد.

و الحكماء على الثاني، حيث قالوا:

إن السكون هو عدم الحركة عما من شأنه أن يتحرك.

ذهب المصنف قدس سره الى الاول.

فقال: إن السكون امر وجودي، و التقابل بينه و بين الحركة تقابل الضدين، لا تقابل العدم و الملكة.

و إنه عبارة عن حفظ النسب بين الأجسام الثابتة على حالها(1).

و قال صدر المتألهين في الأسفار:

إن السكون مقابل للحركة بالاتفاق.

و التقابل بينهما لا يتحقق إلا اذا كان مفهوم السكون عدميا -

ص: 37


1- راجع (كشف المراد) ص 167.

..........

+++++++++++

- لما تقرر: من أن حدود المتقابلات متقابلات(1).

و قال الحكيم السبزواري في منظومته:

إن التقابل بين السكون و الحركة.

من قبيل العدم و الملكة: لأن السكون عبارة عن سلب الحركة عن موضوع قابل لها، فهو عدم للملكة التي هي الحركة.

و ليس بين الحركة و السكون تقابل الضدين(2).

فصدر المتألهين يرى أن السكون امر عدمي، و التقابل بينه و بين الحركة تقابل العدم و الملكة.

هذا في الحركة و السكون.

و أما في الافتراق و الاجتماع.

فالنزاع بعينه جار فيهما، لأنهما أيضا من المتقابلات.

فالافتراق إن كان امرا وجوديا.

كان التقابل بينهما تقابل الضدين.

و إن كان امرا عدميا.

كان التقابل تقابل العدم و الملكة.

اذا عرفت ما تلوناه عليك و جعلته نصب عينيك فنقول:

إن الافتراق الذي هو محل البحث، و معركة الآراء.

إن اريد منه زوال الهيئة الاجتماعية الحاصلة للمتعاقدين. -

ص: 38


1- راجع (الأسفار) الطبعة الجديدة الجزء 3 ص 190.
2- راجع (المنظومة) قسم الطبيعيات ص 251.

..........

+++++++++++

- فلا شك أنه امر عدمي.

فعليه يكون التقابل بين الاجتماع و الافتراق تقابل العدم و الملكة بالنسبة الى حالة العقد.

و إن اريد منه صدور حالة اخرى، و تغيير أين فلا شك أنه تنافي حالة الاجتماع و اين الأول، فعليه يكون التقابل بين الاجتماع و الافتراق تقابل الضدين.

ثم على فرض أن الافتراق امر عدمي فهو داخل في الكبرى.

و هي:

هل العدم محتاج الى العلة؟

أم لا؟

قال المحقق الطوسي قدس سره:

و عدم الممكن يستند الى عدم علته(1)، حيث إن الثابت لدى الحكماء أن الماهية من حيث هي لا موجودة و لا معدومة.

فعروض كل: من الوجود و العدم عليها لا يستغني عن العلة.

و قال صدر المتألهين:

إن العقل يتصور ماهية الممكن فيضاف إليها معنى الوجود و العدم فيجدها بحسب ذاتها خالية عن التحصل و اللاتحصّل.

سواء أ كانا بحسب الذهن أم بحسب الخارج فيحكم بأنها في انضمام كل من المعنيين تحتاج الى امر آخر(2).

و ذهب الحكيم السبزواري قدس سره الى خلاف ذلك.

ص: 39


1- راجع (تجريد العقائد) ص 43.
2- راجع (الأسفار) الطبعة الحديثة الجزء 1 ص 216.

..........

+++++++++++

قال: إن العدم لا يعلل.

و إن ما نطقوا به امر تقريبي، فقال في منظومته:

كذاك في الأعدام لا علية *** و إن بها فاهوا فتقريبية

اي لا علية حقيقية، و إن نطقوا بها و قالوا: إن عدم العلة علة لعدم المعلول.

فتقريبية اي قول على سبيل التقريب و المجاز(1).

ثم لا يخفى عليك أيها القارئ الكريم النبيل.

إنك لو امعنت النظر في القول الثالث الذي ذهب الى الثبوت و البقاء في الأكوان، و عدم التجدد و التغير فيها، و إن كان بقاؤها محتاجا الى المؤثر:

لرأيت أن مآله الى القول الاول، فان أجزاء الأكوان و إن كانت لها وحدة نوعية عرفية.

لكن لها تعددات أجزائية بالحس و العيان، لأن وجودها كوجود أجزاء الماء الجاري:

في أن لها وحدة نوعية، حيث إن العرف يراها متحدة نوعا.

مع أن كل جزء من أجزاء الماء عند جريانه يتغير و يتجدد ما دام جاريا كذلك ما نحن فيه:

و هي الأكوان، فان أجزاء السكون و الحركة، و الاجتماع و الافتراق بحسب الدقة العقلية: تكون في التجدد و التغير و إن كان لها وحدة نوعية عرفية. -

ص: 40


1- راجع (منظومة السبزواري) الجزء 2 ص 42.

..........

+++++++++++

- فاذا اتضح ما ذكرناه لك حول الأكوان.

فاعلم أن الصور المحتملة في مسألة إكراه احد المتعاقدين على الافتراق و منعه عن اخذ الخيار.

و ابقاء الثاني في المجلس مختارا.

و عدم منعه عن اخذ الخيار.

اثنتا عشرة صورة حسب ما استفدناه و استخرجناه من كلام فخر الاسلام قدس سره، لأنه بنى الأقوال الاربعة المذكورة في ص 31 و ص 32.

على بقاء الأكوان على ما هي عليه.

أو على عدم البقاء.

فست على القول بالبقاء.

و ست على القول بعدم البقاء.

و منشأ الحصر في كلتا الحالتين في الستة هو أن الأكوان.

إما مفتقرة الى المؤثر، أو مستغنية عنه.

و الافتراق إما امر ثبوتي وجودي، أو امر عدمي.

و العدم إما يعلل، أو لا يعلل.

فهذه ست صور للقول على بقاء الأكوان.

أليك تفصيل الصور بتمامها.

(الصورة الاولى):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و الباقي محتاج الى المؤثر. -

ص: 41

..........

+++++++++++

- و إن الافتراق امر ثبوتي وجودي.

(الصورة الثانية):

إن الأكوان باقيه على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير: و إن الافتراق امر وجودي، لكن الباقي غير محتاج الى المؤثر.

(الصورة الثالثة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و الباقي محتاج الى المؤثر، لكن الافتراق امر عدمي.

(الصورة الرابعة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و الافتراق امر عدمي.

لكن الباقي مستغن عن المؤثر.

(الصورة الخامسة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير.

و الباقي محتاج الى المؤثر.

و الافتراق امر عدمي.

لكن العدم يعلل.

(الصورة السادسة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه. -

ص: 42

..........

+++++++++++

- و إنها لا تتجدد و لا تتغير.

و الباقي مستغن عن المؤثر.

و الافتراق امر عدمي.

لكن العدم لا يعلل.

هذه هي الصور الست المستنبطة من بقاء الأكوان على ما هي عليه.

و أما على القول بعدم بقاء الاكوان على ما هي عليه.

بل أنها تتجدد و تتغير.

فالصور المنتجة عن هذا القول ست أيضا.

أليك الصور تفصيلا.

(الصورة الاولى):

إن الأكوان غير باقية على ما هي عليه.

و إنها تتجدد و تتغير، و محتاجة الى المؤثر.

و إن الافتراق امر ثبوتي وجودي.

(الصورة الثانية):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و إن الافتراق امر ثبوتي وجودي.

لكن الباقي غير محتاج الى المؤثر.

(الصورة الثالثة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و الباقي محتاج الى المؤثر.

لكن الافتراق امر عدمي. -

ص: 43

..........

+++++++++++

- (الصورة الرابعة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه:

و إنها لا تتجدد و لا تتغير و الافتراق امر عدمي.

لكن الباقي مستغن عن المؤثر.

(الصورة الخامسة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تتجدد و لا تتغير، و الافتراق امر عدمي.

لكن العدم يعلل.

(الصورة السادسة):

إن الأكوان باقية على ما هي عليه.

و إنها لا تجدد و لا تتغير، و الباقي مستغن عن المؤثر، و الافتراق امر عدمي.

لكن العدم لا يعلل.

هذه هي الصور الست المنتجة من القول بعدم بقاء الأكوان على ما هي عليه.

اضفها الى الصور الست المنتجة من القول ببقاء الأكوان.

فيتكامل المجموع اثنتي عشرة صورة، و أما سقوط الخيار من هذه الصور.

ففي الصورة الاولى و الثالثة و الخامسة من الصور الست على القول بعدم بقاء الأكوان.

و الى هذا السقوط من الصور اشار شيخنا الفخر قدس سره -

ص: 44

..........

+++++++++++

- بقوله في ص 28:

فعلى عدم البقاء، أو افتقار الباقي الى المؤثر.

يسقط، لأنه فعل المفارقة.

و بقوله في ص 30:

و إن قلنا: إنه يعلل سقط أيضا.

و كذلك يسقط الخيار في الصورة الاولى و الخامسة من الصور الست على القول ببقاء الأكوان على ما هي عليها.

و الملاك في السقوط نفس الملاك الذي قلناه في السقوط على القول بعدم البقاء في الهامش ص 44 بقولنا: و الى هذا السقوط من الصور.

و أما عدم سقوط الخيار.

ففي الصورة الثانية و الرابعة و السادسة من الصور الست على القول بعدم البقاء.

و في الصورة الثانية و الثالثة و الرابعة و السادسة من الصور الست على القول بالبقاء.

و الى عدم السقوط من الصور المذكورة.

اشار شيخنا الفخر قدس سره بقوله في ص 29:

و على القول ببقائها، و استغناء الباقي عن المؤثر، و ثبوتية الافتراق.

لم يسقط خياره، لأنه لم يفعل شيئا.

و إن قلنا بعدمية الافتراق و العدم ليس بمعلل.

فكذلك لم يسقط.

هذه خلاصة الكلام في الأكوان. -

ص: 45

..........

+++++++++++

- فخذها و اغتنمها و كن من الشاكرين.

فلقد اتعبت نفسي في بيانها و تحقيقها، و اخراج تلك الصور و انحصارها في اثنتي عشرة صورة.

و موارد سقوط الخيار، و عدم السقوط فيها.

و تطبيق موارد السقوط، و عدم السقوط.

على ما افاده الفخر قدس سره في هذا المقام.

ثم أيها القارئ النبيل.

اود أن اذكر لك على سبيل الاجمال و الاختصار.

معنى قول فخر الاسلام قدس سره:

و العدم ليس بمعلل.

و إن قلنا: إنه يعلل، لتكون محيطا بهذه التعابير الفلسفية و الاصطلاحات الحكمية.

فاقول مستعينا بواهب العطيات:

الشيء (إما واجب وجوده):

(أو ممتنع):

(أو ممكن):

(و الواجب) ما كانت ماهيته و ذاته علة و مقتضية لوجوده.

من دون احتياج وجوده الى علة يستند إليها.

(و الممتنع) ما كانت ذاته و ماهيته علة لعدم وجوده في الخارج.

(و الممكن) ما كان وجوده و عدمه محتاجا الى علة يستند إليها.

فماهيته و ذاته الى الوجود و العدم على حد سواء. -

ص: 46

و هذا (1) الكلام و إن نوقش فيه:

+++++++++++

و يعبر عن هذه الماهية ب: (اللااقتضائية).

و العلة في الامور الاختيارية هي إرادة فاعلها، و اختياره فيها.

اذا عرفت هذا.

فاعلم أن معنى قولهم: إن العدم يعلل:

أنه لا بد من استناده الى علة، لأن الافتراق بناء على أنه امر عدمي مستند الى الثابت في المجلس اختيارا، و الى ارادته.

و معنى قولهم: إن العدم لا يعلل:

إن الممكن كما عرفت و إن كانت ذاته و ماهيته لا اقتضاء فيها.

لا من حيث الوجود، و لا من حيث العدم.

لكن هناك فرقا بين الوجود و العدم من ناحية اخرى:

و هو أن الوجود محتاج في تحققه الى علة يستند إليها.

و العلة كما عرفت هي إرادة الفاعل بايجاده.

و العدم لا يحتاج الى علة يستند إليها.

بل نفس ذات الممكن، و هو الافتقار و الاحتياج، مع عدم العلة للوجود.

كافيان في عليتهما للعدم.

فهو ليس كالوجود في استناده الى علة.

فعدم العلة للوجود كاف في عدم الممكن فالعدم، على هذا لا يعلل.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره.

يروم به المناقشة مع شيخنا الفخر قدس سره فيما افاده في المسألة:

من ابتناء السقوط على بقاء الأكوان، و على عدم البقاء.

ص: 47

بمنع (1) بناء الأحكام على هذه التدقيقات.

إلا (2) أنه على كل حال صريح في أن الباقي لو ذهب اختيارا.

فلا خلاف في سقوط خياره.

+++++++++++

(1) الباء بيان لكيفية المناقشة.

و خلاصتها أن الأحكام الشرعية التي جاء بها الاسلام.

و التي شرعها الدين الحنيف

لم تكن بهذه المثابة: من التدقيقات العقلية التي لا يفهمها إلا الاوحدي من المؤمنين الذين اخذوا الحكمة المتعالية، و الفلسفة الراقية من اهلها، و وفقوا فيما استفادوا.

حيث جاء الاسلام بالشريعة السهلة السمحاء بحسب فهم العرف.

و البيئة التي يعيش فيها المجتمع البشري.

فهذه التدقيقات العقلية خارجة عن ابتناء الأحكام الشرعية عليها.

و هنا مجال للمناقشة مع شيخنا الانصاري قدس سره.

فيقال له:

يا شيخنا الأعظم اذا كنت تمنع بناء الأحكام الشرعية على التدقيقات العقلية، حيث بنيت على شريعة سهلة سمحاء.

فلما ذا ذكرت هذه التدقيقات؟

و لما ذا لم تشرحها و تركتها على علاتها بعد أن ذكرتها؟

لست ادري!

(2) اي كلام الفخر صريح في عدم وجود خلاف في سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا، لأنه كان مختارا في المفارقة و لم يفعل(1)

ص: 48


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ظاهره (1) كظاهر عبارة القواعد:

في أن سقوط خياره لا ينفك عن سقوط خيار الآخر.

فينتفي (2) القول المحكي عن الخلاف و الجواهر -

+++++++++++

(1) أي و ظاهر كلام الفخر في الايضاح:

كظاهر كلام والده قدس سرهما في القواعد:

في سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا.

و بسقوط خياره يسقط خيار الآخر الذي هو المكره على الافتراق و عن أخذ الخيار، لأن سقوط خيار هذا ملازم لسقوط خيار ذاك.

فالحاصل أنه كلما تحقق سقوط خيار الثابت.

تحقق سقوط خيار المكره، لعدم انفكاك سقوط أحدهما عن سقوط خيار الآخر.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره:

من أن ظاهر كلام الفخر كظاهر كلام والده قدس سرهما في القواعد: في أن سقوط خيار الثابت في المجلس لا ينفك عن سقوط خيار المكره.

و خلاصته أنه في ضوء ما ذكرناه.

فلا مجال للقول المحكي عن الخلاف و الجواهر:

و هو سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا خاصة الذي هو القول الثالث المشار إليه في الهامش 3 ص 17

دون من أكره على الافتراق.

و عن أخذ الخيار لنفسه -

ص: 49

لكن (1) العبارة المحكية عن الخلاف.

ظاهرة في هذا القول:

قال: (2) إذا أكره المتعاقدان، أو أحدهما على التفرق بالأبدان على وجه يتمكنان من الفسخ و التخاير و لم يفعلا بطل خيارهما

(3) أو خيار من تمكن

+++++++++++

- فعلى هذا الظاهر ينتفي المحكي عن العلامة.

و قد استفاد هذا الظاهر، أو الصراحة من عبارة العلامة صاحب (مفتاح الكرامة) قدس سرهما.

(1) استدراك عما افاده قدس سره: -

من أنه بناء على ظهور كلام العلامة في القواعد: في الملازمة بين سقوط الخيارين الذين عرفتهما في الهامش 1 ص 49:

ينتفي القول المحكي عن الخلاف و الجواهر.

و خلاصته أن العبارة المحكية عن الخلاف لها ظهور في القول الثالث الذي هو سقوط خيار الثابت في المجلس خاصة.

دون من أكره على الافتراق، و منع عن أخذ التخاير.

و قد استشهد على ذلك بنقل عبارة الخلاف.

(2) من هنا أخذ في نقل عبارة الخلاف.

اي قال شيخ الطائفة قدس سره في الخلاف.

(3) هذا محل الاستشهاد أي و يبطل خيار الثابت في المجلس مختارا المتمكن من أخذ الخيار لنفسه و لم يأخذ.

فقوله هذا ظاهر في القول الثالث، بل صريح فيه.

ص: 50

من ذلك (1).

و نحوه (2) المحكي عن القاضي.

فانه (3) لو لا جواز التفكيك بين الخيارين.

لاختصر على قوله: بطل خيارهما.

+++++++++++

(1) راجع (الخلاف) الجزء 2 ص 12 طباعة (قم) مطبعة الحكمة.

(2) أي و نحو قول الشيخ في الخلاف: في ظهوره في القول الثالث قول المحكي عن القاضي ابن البراج الحلبي في الجواهر الظاهر في القول الثالث.

(3) تعليل منه قدس سره لظهور كلام الشيخ في الخلاف على القول الثالث.

و خلاصته أنه لو لا جواز التفكيك بين الخيارين.

و هما: خيار المكره على الافتراق: بأنه باق.

و خيار الثابت في المجلس: بأنه ساقط.

لاختصر الشيخ قدس سره على قوله:.

بطل خيارهما، من دون أن يذكر جملة:

أو خيار من تمكن من ذلك.

فاتيان هذه الجملة معطوفة على الجملة الأولى:.

و هي بطل خيارهما.

دليل واضح على أن مذهب الشيخ هو القول الثالث المشار إليه في الهامش 3 ص 17.

ص: 51

فتأمل (1).

+++++++++++

(1) أفاد السيد الطباطبائي اليزدي قدس سره في تعليقته على (المكاسب) في وجه التأمل ما حاصله.

يحتمل أن يكون مراد الشيخ و القاضي من سقوط الخيار هو سقوط خيار من تمكن من التخاير، مع قطع النظر عن التلازم بين سقوط الخيارين.

و إلا فبملاحظة التلازم يسقط الخياران.

و للمحقق الاصفهاني قدس سره في تعليقته على المكاسب وجه اخر للتأمل.

خلاصته إن ترك المتعاقدين، أو احدهما الفسخ مع تمكنهما، أو تمكنه من الأخذ و لم يأخذا:

دليل على الرضا بالعقد، فيسقط خيارهما، أو خياره خاصة.

و جواز التفكيك بين الخيارين(1) من حيث الرضا و الامضاء.

لا دخل له بجوازه من حيث حصول الافتراق، و كونه غاية للخيار.

فان كان المسقط هو الافتراق.

فيما أنه عنوان اضافي قائم بالطرفين.

فلا يمكن التفكيك بينهما،

و إن كان المسقط هو الرضا بالعقد.

و الافتراق عن اختيار كاشف عنه.

ص: 52


1- و هما: خيار المكره على الافتراق، و خيار الثابت.

..........

+++++++++++

فهنا يمكن التفكيك بين الخيارين.

فالترديد في كلام الشيخ في الخلاف(1).

لعله باعتبار الترديد في تشخيص المسقط و مناطه.

لا باعتبار الاختيار و التمكن(2).

و لا يخفى عليك أن شيخنا الفخر قدس سره..

لم يذكر مباني الأقوال الاربعة بكاملها.

و إنما ذكر منها اثنين و هما:

مبنى القول الأول الذي هو سقوط الخيار عن المتعاقدين.

و مبنى القول الثاني الذي هو ثبوت الخيار لهما.

و أما مبنى القول الثالث الذي هو سقوط الخيار للثابت في المجلس مختارا خاصة.

و عدم سقوطه عن المكره على الافتراق.

و مبنى القول الرابع الذي هو التفصيل المذكور عن العلامة قدس سره.

فلم يذكرهما:

و لعل الوجه في عدم ذكرهما: أن مرجع القول الرابع إلى القول الثاني.

و مرجع القول الثالث إلى القول الاول، حيث إن سقوط خيار

ص: 53


1- و هو قوله في الخلاف: أو خيار من تمكن من ذلك.
2- راجع تعليقته على (المكاسب) الجزء الثاني ص 31.

بل حكي (1) هذا القول عن ظاهر التذكرة، أو صريحها (2).

+++++++++++

المكره لا ينفك عن سقوط خيار الثابت في المجلس، حيث عرفت أن الافتراق مفهوم انتزاعي بسيط يسقط الخيار بتحققه.

فاذا تحقق سقوط خيار أحد المتعاقدين تحقق سقوط خيار الثاني بالملازمة.

و عدم التفكيك بينهما.

(1) هذا ترق من شيخنا الانصاري قدس سره.

يروم به تأييدا لما ذهب إليه: من ظهور عبارة الشيخ في الخلاف في القول الثالث.

أي حكي القول الثالث عن ظاهر التذكرة، أو صريحها.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 319 عند قوله:

(الحادي عشر): لو اكرها على التفرق، و ترك التخاير لم يسقط خيار المجلس و كان باقيا.

إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضا باللزوم.

و عند قوله: و كذا لو حمل أحد المتعاقدين و أخرج عن المجلس مكرها، و منع عن الفسخ: بأن يسدّ فوه.

و أما وجه الظهور، أو الصراحة الذي حكاه صاحب (مفتاح الكرامة) عن عبارة التذكرة.

فللتشبيه الواقع في قوله: و كذا لو حمل.

أي و كذا لا يسقط خيار من أخرج عن المجلس كرها، و منع

ص: 54

و فيه تأمل (1).

و كيف (2) كان فالأظهر (3) في بادئ النظر.

ثبوت الخيارين، للاصل (4).

+++++++++++

عن أخذ الفسخ.

فمفهوم هذا التشبيه: أنه لو لم يخرج عن المجلس بل بقي فيه مختارا، و لم يأخذ خياره فقد سقط خياره خاصة.

و هذا هو القول الثالث.

(1) وجه التأمل.

إن مجرد عدم سقوط خيار المكره: لا يدل على سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا.

(2) يعني أي شيء قلنا حول خيار الثابت في المجلس: من السقوط أو البقاء.

(3) هذه نظرية شيخنا الانصاري في مسألة إكراه أحد المتعاقدين على الافتراق، و منعه عن أخذ الخيار، و ابقاء الآخر في المجلس مختارا.

و قد اختار قدس سره من الأقوال الاربعة المذكورة في الهامش 7 ص 14 و في الهامش 2 ص 16 و الهامش 3 ص 17 و الهامش 1 ص 18.

القول الثاني: و هو ثبوت الخيار للمتعاقدين.

و قد أشير إليه في الهامش 2 ص 16.

و استدل على ذلك بأدلة ثلاثة.

نشير إلى كل واحد منها عند رقمه الخاص.

(4) هذا هو الدليل الاول -

ص: 55

و لما (1) تقدم:

من تبادر تفرقهما عن رضا منهما.

فان التفرق و إن لم يعتبر كونه اختياريا من الطرفين، و لا من أحدهما،

+++++++++++

- أي ثبوت الخيار للمتعاقدين لاجل وجود الأصل الذي هو الاستصحاب: يعني استصحاب بقاء الخيار عند الشك في زواله عند حصول الافتراق من أحد المتعاقدين كرها.

و السبب في بقائه هو حصوله في أول آن من آنات تحقق البيع في المجلس.

فيجري هذا البقاء عند الشك في زواله.

(1) هذا هو الدليل الثاني.

أي ثبوت الخيار للمتعاقدين لاجل تبادر الافتراق الاختياري من الافتراق، فان رضى كل منهما بالافتراق يعتبر في الافتراق،

و من الواضح أن الافتراق الاختياري لم يحصل من رضى الطرفين بل حصل و صدر من الثابت في المجلس مختارا.

و مثل هذا الرضا غير كاف في سقوط خيارهما، و لا في سقوط خيار الراضي بالبقاء في المجلس مختارا، إذ الغاية التي هو الافتراق غاية لكلا الخيارين.

فان تحققت لكلا المتعاقدين فقد سقط خيارهما.

و إن لم تتحقق لهما فقد ثبت لهما الخيار.

و المراد من قوله: و لما تقدم:

هو قوله في ج 13 ص 259: لأصالة بقاء الخيار بعد تبادر الاختيار من

ص: 56

إلا أن المتبادر رضاهما بالبيع حين التفرق.

فرضى احدهما في المقام: و هو الماكث:

لا دليل على كفايته في سقوط خيارهما.

و لا في سقوط خيار الراضي (1)، إذ الغاية (2) غاية للخيارين.

فان تحققت سقطا، و إلا ثبتا.

و يدل (3) عليه ما تقدم: من صحيحة فضيل المصرحة باناطة سقوط الخيار بالرضا منهما المنفي بانتفاء رضى احدهما.

+++++++++++

الفعل المسند إلى الفاعل المختار.

(1) و هو الثابت في المجلس مختارا.

(2) تعليل لكون المتبادر من الافتراق رضا المتعاقدين.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 56 عند قولنا.

و مثل هذا الرضا غير كاف.

(3) هذا هو الدليل الثالث أي و يدل على ثبوت الخيار للمتعاقدين:

صحيحة فضيل المتقدمة في الهامش 1 ص 59 في قوله عليه السلام:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما.

وجه دلالتها على المراد أنه عليه السلام أناط سقوط الخيار برضى كل واحد من المتعاقدين.

و من الواضح أنه لم يتحقق هذا فيما نحن فيه من الطرفين، لأن أحدهما كان مكرها على الافتراق، و ممنوعا من اخذ الخيار لنفسه، و إن كان الآخر الذي بقي في المجلس مختارا في البقاء.

ص: 57

و لكن (1) يمكن التفصي عن الاصل بصدق تفرقهما.

و تبادر (2) تقيده: بكونه عن رضى كليهما: ممنوع.

بل المتيقن اعتبار رضى احدهما.

+++++++++++

فالرضا من الطرفين لم يحصل فالسقوط لا يتحقق.

(1) من هنا يروم قدس سره تفنيد تلك الأدلة التي أقامها لاثبات الخيار للمتعاقدين، و اثبات سقوطه عنهما.

فأخذ في تفنيدها واحدا بعد واحد.

فأول ما فنده هو الاستصحاب الذي جيء به لبقاء الخيار.

فقال: و لكن يمكن التفصي عن الاصل.

و حاصل التفصي: هو أن الرجوع إلى الاستصحاب إنما يصح لو لم يكن هناك دليل اجتهادي

و أما إذا كان كما فيما نحن فيه فلا مجال للرجوع إلى الاستصحاب فان اطلاقات الاخبار الواردة في سقوط الخيار بالتفرق شاملة للافتراق الاكراهي أيضا.

فالافتراق المذكور في تلك الاخبار المشار إليها في ص 59-60 مطلق غير مقيد، لا بقيد الاختيار، و لا بقيد الإكراه، لأنك عرفت في ج 13 ص 261 منع التبادر الاختياري من الافتراق في مقابل الاكراهي.

بل القدر المسلم هو تبادر الاضطراري الصادر من الانسان قهرا و جبرا عليه، و بلا إرادة منه.

كما في حركة اليد المرتعشة.

(2) رد على الدليل الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 56 -.

ص: 58

و ظاهر (1) الصحيحة و إن كان اعتبار ذلك.

+++++++++++

- و خلاصته أن دعوى تبادر تقيد الافتراق بكونه صادرا عن رضى الطرفين، لا من طرف واحد:

ممنوعة، لأن المتيقن من الافتراق و المعتبر منه هو الافتراق الصادر عن رضى احدهما.

و هو كاف في سقوط الخيار من الطرفين.

(1) رد على الدليل الثالث المشار إليه في ج 13 الهامش 3 ص 57.

و خلاصته أن الصحيحة المشار إليها في ص 268 و إن كان ظاهرها و هو المنطوق دالا على اعتبار رضى الطرفين في الافتراق الموجب سقوط الخيار في قوله عليه السلام:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضى منهما.

لكن تعارض هذا الظاهر الرواية المشار إليها في ص 60 الدالة على اطلاق الافتراق، من دون أخذ قيد فيها في قوله عليه السلام:

فمشيت خطا، ليجب البيع حين افترقنا، لأنه عليه السلام جعل مجرد مشيه علة لصدق الافتراق المجعول من قبل الشارع المقدس غاية للخيار.

كما جعل وجوب البيع و لزومه علة غائية للافتراق.

و لم يعتبر عليه السلام رضى الآخر منشأ للغايتين.

و هما: كون الافتراق غاية للخيار.

و لزوم البيع غاية للافتراق.

و كذلك لم يعتبر عليه السلام التفات الآخر، و شعوره لمشيه.

ليكون دخيلا في تحقق الافتراق، ليترتب وجوب البيع على افتراقهما.

ص: 59

إلا أنه (1) معارض بإطلاق ما يستفاد من الرواية السابقة الحاكية لفعل الامام عليه السلام، و أنه قال:

فمشيت خطأ ليجب البيع حين افترقنا.

حيث (2) جعل عليه السلام مجرد مشيه سببا لصدق الافتراق المجعول (3) غاية للخيار.

و جعل (4) وجوب البيع علة غائية له (5)، من دون اعتبار رضى الآخر، أو شعوره (6) بمشي الإمام عليه السلام.

+++++++++++

فالاطلاق المستفاد من ظاهر الرواية.

يعارض منطوق تلك الصحيحة.

فيكون حاكما عليها فيؤخذ به.

إذا يسقط الخياران.

هذه خلاصة المعارضة.

(1) أي ظاهر الصحيحة كما عرفت آنفا.

و كلمة معارض بصيغة المفعول.

(2) تعليل لبيان معارضة الرواية السابقة لظاهر الصحيحة.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 59 عند قولنا:

فانه عليه السلام جعل مجرد مشيه.

(3) بالجر صفة لكلمة الافتراق.

(4) أي الشارع المقدس كما علمت آنفا.

(5) أي للافتراق كما عرفت آنفا.

(6) أي و من دون أن يعتبر الامام عليه السلام التفات المتعاقد

ص: 60

و دعوى (1) انصرافه إلى صورة شعور الآخر، و تركه (2) المصاحبة اختيارا: ممنوعة (3).

+++++++++++

الثاني و شعوره دخيلا في لزوم البيع.

(1) خلاصة هذه الدعوى:

إن الاطلاق المستفاد من الرواية المشار إليها في ص 60.

منصرف إلى صورة التفات المتعاقد الثاني إلى مشي الامام عليه السلام حين أن قام و مشى خطا، ليجب البيع.

(2) بالجر عطفا على مجرور إلى في قوله في هذه الصفحة: إلى صورة.

أي و كذلك اطلاق الرواية منصرف إلى صورة ترك المتعاقد الثاني مصاحبة المتعاقد الاول مختارا و برضى منه.

(3) أي الدعوى المذكورة:

ممنوعة، لأن الامام عليه السلام لما قام و مشى خطا لم يكن المتعاقد الثاني متوجها إلى مشيه أصلا و أبدا حتى يقال:

إن الاطلاق المذكور منصرف إلى صورة التفات المتعاقد الثاني.

و إلى صورة ترك المتعاقد الثاني مصاحبة المتعاقد الاول.

(لا يقال): إن المصنف قدس سره: في ص 59 قال و ظاهر الصحيحة.

و في الدليل الثالث الذي أقامه لاثبات الخيار للمتعاقدين الذي أشار إليه في ص 57 قال:

و يدل عليه ما تقدم من صحيحة فضيل.

(فانه يقال):

إن السر في ذلك هو أن الصحيحة نص في الرضا فقط -

ص: 61

و ظاهر (1) الصحيحة و إن كان أخص.

إلا أن ظهور الرواية في عدم مدخلية شيء آخر زائدا على مفارقة أحدهما صاحبه:

مؤيد (2): بالتزام مقتضاه في غير واحد من المقامات:

+++++++++++

- و ظاهرة في حصول الافتراق من الطرفين، فلذا اختلف تعبيره قدس سره في الموضعين.

(1) يروم شيخنا الانصاري قدس سره بكلامه هذا إسقاط الخيار عن المتعاقدين في هذه المسألة.

و خلاصة ما افاده: إن ظاهر الصحيحة و منطوقها أخص:

بمعنى اختصاص سقوط خيار المتعاقدين بصورة حصول الافتراق من كليهما و برضى منهما.

و مورد رواية ابن أبي عمير رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه المشار إليها في ص 60:

أعم، لظهورها في كفاية الافتراق الحاصل من رضى أحدهما، سواء حصل الافتراق من الآخر أم لا.

و لظهورها في عدم مدخلية شيء آخر زائدا على مفارقة أحدهما صاحبه.

فالرواية هذه مطلقة من حيث هاتين الظاهرتين.

إذا يسقط الخياران بمجرد حصول الافتراق من رضى احدهما و إن لم يحصل من الآخر.

(2) بالرفع و بصيغة المفعول فهو خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة -

ص: 62

مثل (1) ما إذا مات أحدهما، أو فارق الآخر اختيارا، فان الظاهر منهم (2) عدم الخلاف في سقوط الخيارين.

و قد قطع به (3) في جامع المقاصد، مستدلا: (4) بأنه قد تحقق الافتراق و سقط الخياران.

مع أن (5) ما نسب إليه ثبوت الخيار لهما فيما نحن فيه

+++++++++++

- إلا أن ظهور الرواية.

خلاصة هذا التأييد: إن ظاهر الرواية السابقة مؤيد بالالتزام بالعمل بمقتضاه في كثير من المقامات.

و سنشير إلى تلك المقامات عند رقمها الخاص.

(1) من هنا أخذ شيخنا الانصاري قدس سره في عد تلك المقامات.

فهذا أول مقام يسقط فيه الخياران.

(2) أي من الفقهاء.

(3) أي بسقوط الخيارين.

(4) أي استدل صاحب جامع المقاصد لسقوط الخيارين في صورة موت أحد المتعاقدين، و مفارقة الآخر مجلس العقد اختيارا:.

بتحقق الافتراق بموت احدهما، و بمفارقة الآخر اختيارا: فلا مجال للخيار أصلا.

(5) اعتراض من شيخنا الانصاري على ما أفاده المحقق الثاني قدس سرهما.

و خلاصته: إنه نسب إلى المحقق الثاني ثبوت الخيارين فيما نحن فيه:

و هو إكراه أحد المتعاقدين على الافتراق، و منعه عن أخذ التخاير و بقاء الآخر في المجلس اختيارا -

ص: 63

و كذا (1) لو فارق احدهما في حال نوم الآخر.

أو غفلته (2) عن مفارقة صاحبه.

مع تأييد (3) ذلك بنقل الاجماع عن السيد عميد الدين.

و ظاهر (4) المبنى المتقدم عن الايضاح أيضا عدم الخلاف: في عدم

+++++++++++

- فثبوت الخيارين فيما نحن فيه.

و سقوطهما عن أحد المتعاقدين لو مات.

أو فارق الآخر المجلس اختيارا:

تهافت و تناقض من المحقق الثاني.

(1) عطف على قوله في ص 63: مثل ما إذا مات فهو مقام ثان من المقامات التي يسقط فيها الخياران.

(2) أي أو غفلة المتعاقد الآخر عن مفارقة صاحبه له.

(3) أي و لنا تأييد آخر على سقوط الخيارين فيما نحن فيه:

و هو نقل السيد عميد الدين قدس سره:

الاجماع على سقوط الخيارين فيما نحن فيه.

(4) هذا تأييد ثان للاطلاق المستفاد من رواية ابن أبي عمير أي مبنى فخر الاسلام الذي تقدم في ص 28 بقوله: فعلى عدم البقاء.

أو افتقار الباقي إلى المؤثر:

يسقط، لأنه فعل المفارقة، إذ المراد من السقوط خيار المجلس عن المتعاقدين.

مع أن احدهما خرج عن المجلس كرها، و منع عن التخاير:

فمجرد بقاء الثاني في المجلس مختارا.

كاف في سقوط الخيار عنهما.

ص: 64

اعتبار الرضا من الطرفين.

و إنما الخلاف في أن البقاء اختيارا.

مفارقة اختيارية أم لا؟.

بل (1) ظاهر القواعد أيضا أن سقوط خيار المكره متفرع على سقوط خيار الماكث (2)، من غير اشارة إلى وجود خلاف في هذا التفريع (3).

و هو (4) الذي ينبغي، لأن (5) الغاية إن حصلت سقط الخياران

+++++++++++

(1) المراد من ظاهر القواعد ما ذكره شيخنا الانصاري عن القواعد بقوله في ص 27.

و الا فالأقرب سقوطه فيسقط خيار الاول.

(2) فان قلنا بسقوط خياره سقط خيار المكره أيضا.

و إن لم نقل ثبت خيارهما.

(3) و هو تفريع سقوط خيار المكره على سقوط خيار الثابت في المجلس مختارا.

كما عرفت في الهامش 2 ص 49.

فان العلامة قدس سره لم يشر إلى وجود مخالف في هذا التفريع:

أي تفريع سقوط خيار المكره على سقوط خيار الثابت في المجلس.

(4) أي سقوط خيار المكره متفرعا على سقوط خيار الثابت في المجلس:

هو الذي ينبغي أن يؤخذ و يقال به.

(5) تعليل لما أفاده: من أن سقوط خيار المكره على سقوط خيار -

ص: 65

و إلا بقيا.

فتأمل (1).

و عبارة الخلاف المتقدمة (2) و ان كانت ظاهرة في التفكيك بين

+++++++++++

- الثابت في المجلس هو الذي ينبغي أن يؤخذ.

و خلاصته: ان الغاية التي هو الافتراق إن حصلت و تحققت في الخارج فقد سقط الخياران.

و إن لم تتحقق فخيارهما باق.

(1) الظاهر أن وجه التأمل هو انحلال خيار المجلس إلى خيارين:

بمعنى أن لكل واحد من المتعاقدين خيارا مستقلا يختص به، فيترتب لكل واحد منهما أثره:

و هو الفسخ، أو الامضاء.

و كذلك لكل من المتعاقدين بالنسبة إلى خياره افتراق مستقل يخص شخصه.

فغاية كل واحد منهما هو افتراق شخصه و نفسه لا افتراق الآخر.

و فيما نحن فيه قد حصل الافتراق من جانب واحد: و هو الثابت في المجلس مختارا.

فيسقط خياره المترتب على الافتراق الاختياري.

و أما خيار المكره فلا يسقط، لعدم حصول الغاية التي هو الافتراق الاختياري، و بطيب نفسه.

اذا فلا مجان لتفريع سقوط خياره على سقوط خيار الثابت.

و لا بقاؤه على بقاء خيار الثابت.

(2) و هي المذكورة في ص 22 بقوله نقلا عنه -.

ص: 66

المتبايعين في الخيار.

إلا أنها (1) ليست بذاك الظهور، لاحتمال (2) إرادة سقوط خيار المتمكن (3) من التخاير من حيث تمكنه، مع قطع النظر عن حال الآخر (4)،

+++++++++++

- أو خيار من تمكن من ذلك.

و قد عرفت كيفية ظهور عبارة الشيخ في التفكيك في الهامش 3 ص 51 عند قولنا:

و خلاصته أنه لو لا جواز التفكيك.

(1) أي عبارة الخلاف ليست بذاك الظهور في سقوط خيار المتمكن خاصة: بحيث لا تحتمل سقوط خيار الآخر الذي فارق المجلس كرها و منع من أخذ الخيار لنفسه.

(2) تعليل لعدم كون عبارة الخلاف بذاك الظهور.

و خلاصته: إنه من المحتمل أن يكون سقوط خيار المتمكن من أخذ الخيار لاجل تمكنه على ذلك، و بقاء سلطنته على أخذ الخيار و هو لم يأخذ و لم يستعمل فسقط خياره.

و هذا السقوط لا ربط له بسقوط خيار الآخر.

نعم يمكن القول بسقوط خيار الآخر بسبب آخر غير سبب سقوط خيار المتمكن:

و هو التلازم بين سقوط الخيارين، لأجل اتحادهما في الغاية التي هو الافتراق، لتحققه من كل واحد منهما.

(3) و هو الثابت في المجلس كما عرفت.

(4) و هو الذي فارق المجلس كرها، و منع عن التخاير.

ص: 67

فلا (1) ينافي سقوط خيار الآخر لأجل التلازم بين الخيارين من حيث اتحادهما في الغاية.

مع أن (2) شمول عبارته لبعض الصور التي لا يختص ببطلان الخيار(1)

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن عبارة الخلاف ليست بذاك الظهور.

و قد عرفت التفريع في الهامش 4 ص 67 عند قولنا: نعم يمكن القول.

(2) تأييد منه قدس سره لما أفاده: من أن عبارة الخلاف ليست بذاك الظهور.

و خلاصته: إن عبارة الخلاف المتقدمة في ص 22:

تشمل جميع الصور المحتملة حتى الصور التي ذكرها شيخنا الانصاري قدس سره في ص 63 بقوله:

مثل ما إذا مات احدهما، أو فارق الآخر.

و في ص 64 بقوله: و كذا لو فارق في حال نوم الآخر و في ص 64 بقوله: أو غفلته من مفارقة صاحبه.

ففي جميع هذه الصور التى لا يحتاج بطلان الخيار فيها بالمتمكن من أخذ الخيار:

يسقط الخياران، لكون السقوط فيها قهريا.

إما بموت أحد المتعاقدين.

أو بنوم أحدهما.

أو بغفلة أحدهما عن مفارقة صاحبه.

و قد خرج الآخر عن المجلس مختارا -

ص: 68


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيها بالمتمكن مما لا بد منه (1).

كما لا يخفى على المتأمل.

و حملها (2) على ما ذكرناه: من إرادة المتمكن لا بشرط إرادة خصوصه فقط:

+++++++++++

فسقوط الخيارين في هذه الموارد حتمي.

فلا مجال للقول باختصاص عبارة الخلاف:

بسقوط خيار المتمكن من أخذ الخيار و لم يأخذ.

(1) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في ص 68: مع أن شمول.

(2) أي حمل عبارة الخلاف التقدمة في ص 22 على ما قلناه:

و هو إرادة المتمكن لا بشرط إرادة خصوصه فقط.

خلاصة مراده: إن المقام مقام دوران الامر بين ارتكاب المجاز في عبارة الخلاف:

بأن يقال: إن الشيخ قدس سره أراد من عبارته هذه سقوط خيار المتمكن من أخذ الخيار و لم يأخذ.

و لم يرد من عبارته هذه خصوص المتمكن المتصف بهذا الشرط:

و هو التمكن حتى يكون له مفهوم:

و هو عدم سقوط خيار المكره على الافتراق.

و الذي اجبر على ترك أخذ الخيار.

و بين ارتكاب التخصيص في العبارة المذكورة:

بأن يقال: إنه أراد من عبارته سقوط خيار خصوص المتمكن من أخذ الخيار المتصف بهذه الصفة و الشرط -

ص: 69

أولى من تخصيصها ببعض (1) الصور.

و لعل (2) نظر الشيخ و القاضي إلى ان الافتراق المستند إلى اختيار هما جعل غاية لسقوط خيار كل منهما.

+++++++++++

- لكنها تخص في سقوط الخيارين ببعض الصور:

و هي ما ذكره قدس سره بقوله في ص 63

مثل ما إذا مات أحدهما.

و في ص 64 بقوله: و كذا لو فارق.

و في ص 64 بقوله: أو غفلة عن مفارقة صاحبه.

و لا شك في أولوية ارتكاب المجاز على ارتكاب التخصيص، لكثرة استعمال المجاز في لغة العرب، و إن كان استعمال اللفظ في كليهما استعمالا في غير ما وضع له.

و قد أورد (المحقق الايرواني) قدس سره على ما أفاده شيخنا الانصاري.

أليك نص عبارته.

و فيه أن التخصيص مقدم على سائر أنحاء التجوز مع، ما عرفت:

من استلزام التصرف المذكور لغوية عبارة الخلاف و هو قوله:

أو خيار من تمكن من ذلك.

راجع تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 15.

و أما وجه لغوية الخلاف فواضح، لأن القول بسقوط خياري المتعاقدين لم يبق محالا للعبارة المذكورة في الخلاف.

(1) عرفت بعض الصور في الهامش 2 ص 69

(2) عدول عما أفاده قدس سره في توجيه كلام الشيخ أعلى اللّه -

ص: 70

و المستند إلى اختيار أحدهما مسقط لخياره خاصة.

و هو (1) استنباط حسن.

لكن لا يساعد عليه (2) ظاهر النص.

+++++++++++

- مقامه المنقول في ص 50:

أو خيار من تمكن من ذلك:

بأن سقوط الخيارين من باب التلازم، و عدم التفكيك بينهما.

و خلاصة العدول: إنه من الامكان أن يكون نظر الشيخ و القاضي ابن البراج: إلى أن الافتراق الحاصل من اختيار المتعاقدين، و المستند إلى رضاهما جعل غاية لسقوط خيارهما.

و أما الافتراق المستند إلى اختيار أحدهما.

فمسقط خياره خاصة كما فيما نحن فيه، فان الثابت في المجلس مختارا قد اسقط خياره باختياره البقاء فيه، فلم يجبر على الافتراق و لا على ترك الخيار

بخلاف المكره على الافتراق، و على ترك الخيار، فان خياره باق و ثابت.

(1) أي ما قلناه في نظرية الشيخ استنباط حسن.

(2) أي على هذا الاستنباط لا يساعد ظاهر النص، لظهوره في أن الافتراق جعل غاية لسقوط خيار المجلس، لا لخيار كل واحد منهما، حيث إن قوله عليه السلام في صحيحة فضيل المذكورة في ص 268 ج 13.:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما -:

ص: 71

إذا أكره أحدهما على البقاء

ثم إنه يظهر مما ذكرنا (1) حكم عكس المسألة:

و هو ما إذا أكره أحدهما على البقاء ممنوعا من التخاير، و فارق الآخر اختيارا، (2) فان مقتضى ما تقدم من الايضاح:

+++++++++++

- صريحة في أن الافتراق جعل غاية لسقوط خيار المجلس.

(1) و هو سقوط الخيارين، أو سقوط خيار أحدهما خاصة.

في مسألة من أكره على الافتراق، و منع عن أخذ التخاير، و بقي الآخر في المجلس مختارا.

خلاصة هذا الكلام: أنه يظهر مما تقدم في المسألة المذكورة في ص 9:

حكم عكس المسألة.

و قد ذكر قدس سره عكس المسألة بقوله في هذه الصفحة:

و هو ما إذا اكره أحدهما على البقاء.

(2) تعليل لوجه الظهور.

خلاصته: إن عكس المسألة لو بني على ما افاده فخر الاسلام قدس سره في أصل المسألة في ص 28 بقوله:

إن هذا مبني على بقاء الأكوان و عدمه.

و افتقار الباقي إلى المؤثر و عدمه.

و ان الافتراق امر ثبوتي أو عدمي.

إلى آخر ما ذكره في تلك الصفحة:

فلا خلاف في سقوط الخيار في عكس المسألة، لأنه مختار في المفارقة -.

ص: 72

من مبنى الخلاف: عدم الخلاف في سقوط الخيارين هنا (1).

و مقتضى (2) ما ذكرنا: من مبنى الأقوال جريان الخلاف (3) هنا أيضا.

و كيف (4) كان فالحكم بسقوط الخيار عنهما هنا أقوى (5).

كما لا يخفى.

+++++++++++

- فلا خلاف في سقوط الخيار في عكس المسألة، لأنه مختار في المفارقة.

(1) أي في عكس المسألة كما عرفت.

(2) أي و أما لو بنينا عكس المسألة على ما ذهبنا نحن إليه:

من مبنى الأقوال الأربعة المذكورة في ص 14 و ص 16 و ص 17 و ص 18:

فيأتي الخلاف في سقوط الخيارين عنهما، أو ثبوته لهما:

أو سقوط خيار المختار خاصة المتقدم في ص 17.

و عدم سقوط خيار المكره المتقدم في ص 17.

أو التفصيل المتقدم في ص 18.

فيأتي الخلاف هنا أيضا.

كما أتى الخلاف في أصل المسألة.

(3) أي في عكس المسألة كما عرفت.

(4) يعني أي شيء قلنا في عكس المسألة:

من جريان الخلاف فيه، أو عدم الجريان.

فسقوط الخيار عن المتعاقدين هنا أقوى.

(5) وجه الأقوائية: -

ص: 73

..........

+++++++++++

- إن مشي الامام عليه السلام خطا ليجب البيع دليل على سقوط الخيارين بمجرد مشيه، من دون توجه الآخر بالمشي، و علمه به بداهة أن المتحرك هنا غير مكره، حيث انه فارق المجلس مختارا.

بخلاف المفارق في أصل المسألة، فانه كان مجبرا على الافتراق، و على ترك التخاير.

ص: 74

(مسألة: لو زال الاكراه

(مسألة) (1):

لو زال الاكراه (2) فالمحكي عن الشيخ و جماعة امتداد الخيار بامتداد مجلس الزوال (3).

و لعله (4) لأن الافتراق الحاصل بينهما في حال الاكراه كالمعدوم

+++++++++++

(1) أي المسألة السابعة من المسائل الثمان التى تذكر فيها مسقطات الخيار المشار إليها في الهامش 6 ص 179 من الجزء 14 من المكاسب.

(2) أي عن المتعاقد الذي أكره على الافتراق، و أجبر على ترك أخذ الخيار له.

(3) أي زوال الاكراه.

خلاصة الكلام: إن الخيار مستمر إلى أن يحصل الافتراق الاختياري من هذا المجلس الذي زال فيه الاكراه.

أو يحصل افتراق كاشف عن الرضا بالعقد.

فلو حصل الافتراق من مجلس زوال الإكراه و إن كان أحد المتعاقدين في النجف الأشراف.

و الآخر في المدينة المنورة، فانه يسقط الخيار حينئذ، قضاء لحق الغاية التي هو الافتراق الواقع في قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلم):

البيعان بالخيار ما لم يفترقا و إذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما.

(4) توجيه لامتداد الخيار بامتداد مجلس الزوال و قد ذكره قدس سره فلا نعيده.

ص: 75

فكأنهما بعد مجتمعان في مجلس العقد فالخيار باق.

و فيه (1) أن الهيئة الاجتماعية الحاصلة حين العقد قد ارتفعت حسا.

غاية الأمر عدم ارتفاع حكمها (2): و هو الخيار بسبب الاكراه و لم يجعل (3) مجلس زوال الاكراه بمنزلة مجلس العقد.

و الحاصل أن الباقي بحكم الشرع هو الخيار، لا مجلس العقد.

فالنص (4) ساكت عن غاية هذا الخيار.

+++++++++++

(1) أي و في هذا التوجيه نظر و إشكال.

خلاصته: إن الهيئة الاجتماعية التي كانت موجودة في مجلس العقد قد زالت حسا بواسطة الافتراق الاكراهي.

و من الواضح عدم جعل الشارع مجلس زوال الاكراه بمنزلة مجلس العقد حتى يستفاد من عموم المنزلة:

كون الخيار في مجلس زوال الإكراه مغيا بالافتراق.

فاذا حصل الافتراق سقط الخيار، و إلا بقي.

نعم يبقى شيء واحد: و هو عدم ارتفاع حكم الهيئة الاجتماعية التي تفرقت و تمزقت بواسطة الافتراق الاجباري.

و ذلك الحكم هو الخيار بسبب الاكراه.

(2) أي حكم الهيئة الاجتماعية كما عرفت.

(3) أي الشارع كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

عند قولنا: و من الواضح.

(4) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فان هذا النص ساكت عن امد -

ص: 76

..........

+++++++++++

- هذا الخيار و غايته.

و للمحقق الطباطبائي قدس سره في تعليقته على المكاسب.

إشكال على ما افاده المصنف قدس سره.

أليك خلاصته مع تصرف منا.

إن النص غير ساكت عن مدة الخيار بعد زوال الاكراه.

بل هو دال على بقائه دوما و أبدا إلى أن يحصل الافتراق الاختياري الصادر عن إرادة المتعاقدين برضاهما، و طيب نفسيهما، حيث إنه المسقط حسب الفرض في الافتراق.

و فيما نحن فيه لم يحصل الافتراق الاختياري.

كما أنه لم تبق شأنية و قابلية لتحقق الافتراق الاختياري، اذا المفروض حصول الافتراق حسا و إن لم يكن عن اختيار، و الشيء إذا وجد لم يوجد مرة ثانية.

و ما نحن فيه نظير ما لا يمكن فيه الافتراق من الأصل كما في المتبايعين المتلازمين:

بان باع أحدهما و اشترى الآخر.

كما في انسان له رأسان على حقو واحد، فان الافتراق لا يمكن تصوره فيه.

اذا فالخيار فيما نحن فيه باق إلى أن يأتي أحد المسقطات المذكورة بل بقاء الخيار هنا أولى مما لم يمكن فيه الافتراق من الأصل كالمثال المذكور، لإمكان القول بعدم شمول النص المذكور في الهامش 4 ص 76 -:

ص: 77

فلا بد إما من القول بالفور (1) كما عن التذكرة (2).

و لعله (3)

+++++++++++

- لما لا يمكن فيه الافتراق، لأن الكلام في شموله لما يمكن فيه الافتراق.

و ما نحن فيه يمكن فيه الافتراق من بداية الامر كما هو المفروض لعدم تأثير في الافتراق الاكراهي في إسقاط الخيار.

ثم ان القول ببقاء الخيار مبني على القول بانصراف الافتراق إلى الافتراق الاختياري.

و كذا نقول ببقاء الخيار و إن لم نقل بالانصراف المذكور، لبقائه من باب حديث الرفع، لأن المفروض عدم تأثير الافتراق.

كما أن المفروض عدم وجود مسقط آخر في المقام.

راجع تعليقته على (المكاسب) الجزء 2 ص 16.

(1) أي يؤخذ بالخيار فورا بعد زوال الاكراه.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 418 عند قوله:

ثم هو على الفور، أو يمتد بامتداد مجلس الخيار.

و الاول عندي أقرب.

(3) توجيه منه لما افاده العلامة قدس سرهما في التذكرة: من الفورية.

و خلاصته: إن القول باخذ الخيار فورا لاجل أنها هو القدر المتيقن من الخيار في مجالات ثبوته، اذ بالفورية يتدارك حق المتبايعين و يجمع بين الحقين -

ص: 78

لأنه (1) المقدار الثابت يقينا، لاستدراك حق المتبايعين.

و إما من القول بالتراخي إلى أن تحصل المسقطات (2) لاستصحاب الخيار.

و الوجهان (3) جاريان في كل خيار لم يظهر حاله من الأدلة.

+++++++++++

- و هما: حق البائع، و حق المشتري، لأنه لو لم يؤخذ به فورا لتوقفت تصرفات كل واحد منهما راكدة عاطلة.

اذا لا يحصل الغرض المترتب على المعاوضة.

(1) تعليل لكون الفورية هي القدر المتيقن.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 78 عند قولنا.

اذ بالفورية يتدارك حق المتبايعين.

(2) بيان الاستصحاب إن الخيار قد حصل و تحقق خارجا في أول آن من آنات وقوع العقد تامة الأجزاء و الشرائط.

و بعد حصول الافتراق الاكراهي، و زوال الإكراه، و عدم الاخذ بالخيار فورا.

نشك في زواله فيستصحب ذاك الخيار الثابت الحاصل من العقد إلى أن يحصل أحد المسقطات.

(3) و هما؛ الفورية و التراخي.

ص: 79

مسألة المسقط الرابع التصرف

(مسألة) (1):

من مسقطات هذا الخيار (2).

التصرف على وجه يأتي في خياري الحيوان و الشرط.

ذكره (3) الشيخ في المبسوط في خيار المجلس (4)، و في الصرف (5).

+++++++++++

(1) أي المسألة الثامنة من المسائل الثمان التي تذكر فيها مسقطات الخيار المشار إليها في الهامش 6 ص 179 من الجزء 13 من المكاسب

(2) أي خيار المجلس.

(3) أي سقوط خيار المجلس.

(4) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 83 عند قوله:

فاذا ثبت ذلك فلا يخلو أن يتصرف المشتري فيه، أو لا يتصرف فان تصرف فيه بالهبة، أو التمليك، أو العتق، و نحو ذلك.

لزم العقد من جهته، و يبطل خياره و نفوذ تصرفه و كان خيار البائع باقيا.

(5) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 96 عند قوله:

و أما إذا تقابضا و لم يتفرقا و لم يتخايرا.

لكنه اشترى منه بالذهب الذي قبضه دراهم مكسرة.

صح الشراء، لأن شروعهما في البيع قطع للخيار، و امضاء للبيع لأنا قد بينا أنه إذا تصرف فيه أو أحدث بطل خياره.

و هنا قد حصل التصرف منهما.

ص: 80

و العلامة في التذكرة (1)، و نسب (2) إلى جميع من تأخر عنه بل ربما يدعى اطباقهم (3) عليه.

و حكي (4) عن الخلاف و الجواهر، و الكافي و السرائر(1)

و لعله (5) لدلالة التعليل في بعض أخبار خيار الحيوان.

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 314 عند قوله: الرابع التصرف.

فان كان من المشتري سقط خياره في الرد، لأنه بتصرفه التزم بالملك، و اختار ابقاء العقد.

و إن كان من البائع كان فسخا للعقد.

(2) أي سقوط خيار المجلس بالتصرف نسب إلى جميع من تأخر عن زمن العلامة:.

من فقهاء الامامية رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم.

(3) أي اطباق فقهاء الامامية على سقوط خيار المجلس بالتصرف

(4) أي حكي سقوط الخيار عن الشيخ و القاضي ابن البراج و صاحب الكافي، و ابن ادريس صاحب السرائر.

(5) أي و لعل سقوط خيار المجلس بالتصرف يستفاد من التعليل الوارد في سقوط خيار الحيوان في الأيام الثلاثة في قوله عليه السلام:

الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري.

اشترط أم لم يشترط.

فان أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط.

ص: 81


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو (1) الوجه أيضا في اتفاقهم على سقوط خيار الشرط.

و إلا (2) فلم يرد فيه نص بالخصوص.

بل سقوط خيار المشتري بتصرفه مستفاد من نفس تلك الرواية المعللة، حيث قال (3):

فان أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا

+++++++++++

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 الحديث 1

فان قوله عليه السلام: فذلك رضا منه فلا شرط.

تعليل لسقوط خيار حيوان في الثلاثة الأيام.

أي التصرف الذي هو الإحداث من المشتري فيما اشتراه دليل على إسقاط خياره.

فمن هذا التعليل يستفاد سقوط خيار المجلس بالتصرف لو تصرف أحد المتبايعين، أو كلاهما فيما تعاملا عليه و هما جالسان في المجلس و لم يتفرقا، و كان تصرفهما تصرف تمليك كالبيع، أو الهبة، أو الوقف أو العتق.

(1) أي سقوط خيار المجلس بالتصرف في المبيع هو الملاك في اتفاق الفقهاء على سقوط خيار الشرط بالتصرف.

(2) أي و لو لا دلالة التعليل المذكور في سقوط خيار الحيوان في الثلاثة الأيام: على سقوط خيار المجلس:

لما كان هناك دليل خاص وارد في النصوص على سقوط خيار المجلس بالتصرف.

(3) أي الامام عليه السلام.

ص: 82

منه فلا شرط.

فان (1) المنفي يشمل شرط المجلس و الحيوان.

فتأمل (2).

و تفصيل التصرف المسقط سيجيء ان شاء اللّه تعالى.

+++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام: فلا شرط، حيث نفى بقاء الخيار لمن تصرف في الحيوان في الأيام الثلاثة، فان نقي الخيار بالتصرف في الحيوان يشمل سقوط خيار المجلس بالتصرف.

(2) الظاهر أن الوجه في الأمر بالتأمل:

هو أن الشرط المنفي الذي هو خيار الحيوان بالتصرف في الأيام الثلاثة:

لا يشمل خيار المجلس إذا تصرف في المبيع، لأنه لا يراد من قوله عليه السلام: لا شرط:

بقية الشروط: من سائر الخيارات التي منها خيار المجلس.

بل نظره عليه السلام من قوله: فلا شرط خصوص خيار الحيوان.

فلا يبقى اطلاق في قوله عليه السلام: فلا شرط، حتى يتمسك به لبقية الشروط.

ص: 83

الثاني: خيار الحيوان
اشارة

(الثاني (1): خيار الحيوان) لا خلاف بين الامامية في ثبوت الخيار في الحيوان للمشتري.

و ظاهر النص (2) و الفتوى العموم لكل ذي حياة:

+++++++++++

(1) أي القسم الثاني من أقسام الخيار التي أفادها قدس سره بقوله في ص 69 من الجزء 13 من المكاسب:.

و المجتمع منها في كل كتاب سبعة.

(2) المراد منه هي الأحاديث الشريفة الواردة في خيار الحيوان، فانها مطلقة ليس فيها ما يخص حيوانا دون حيوان.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الأحاديث أليك نص الحديث الاول.

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري.

و هو بالخيار فيها، إن شرط أو لم يشترط.

فان لفظ الحيوان عام ليس فيه ما يخص حيوانا.

اذا يشمل المذكورات.

مثل الجراد و الزنبور، و السمك و العلق و دود القز.

أليك نص الحديث الثاني.

عن الحسن بن علي بن الفضال.

قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول:

ص: 84

فيشمل (1) مثل الجراد و الزنبور، و السمك و العلق (2) و دود (3) القز.

+++++++++++

صاحب الحيوان المشتري بالخيار بثلاثة أيام.

فان لفظة الحيوان هنا مطلقة أيضا ليس فيها اختصاص بحيوان دون حيوان.

اذا تشمل المذكورات.

و المراد من الفتوى فتاوي الفقهاء في كتبهم الفقهية، حيث عمموا خيار الحيوان، سواء أ كان طويل العمر أم قصيرا.

(1) الفاء تفريع على ما افاده من أن ظاهر النص و الفتوى العموم لكل ذي حياة.

و قد عرفته في الحديثين المشار إليهما في الهامش 2 ص 84-85

(2) مضى شرحه في الجزء الثاني من المكاسب ص 141

(3) بفتح القاف، و تشديد الزاء المعجمة.

هي احدى الحشرات الارضية من فصيل (القزيات)، جمعه قزوز بضم القاف و الزاي و سكون الواو.

و هو الابريسم، أو الحرير نتاج هذا الحيوان.

كان هذا الحيوان و لا يزال موضع عناية بالغة لكثير من الملل و الشعوب.

و لا سيما لدى الشعبين: (الصيني و الياباني).

و قد اهتم الشعبان بتربية هذا الحيوان غاية الاهتمام.

ص: 85

..........

+++++++++++

قيل: كان الاهتمام بتربيته قبل الفي عام قبل ميلاد (سيدنا المسيح) عليه السلام.

نقل هذا الحيوان من بلاد (الصين و اليابان) إذا كانتا مصدره:

إلى سائر المدن و البلاد.

و هناك حكاية تروى حول انتقاله من البلدين إلى سائر المدن.

تركت ذكرها، لأنها إلى الأسطورة أقرب.

عرف هذا الحيوان لدى الشعوب الشرقية و الغربية في

(القرون الوسطى).

(خلقة هذا الحيوان).

خلقت هذه الدودة على شكل (الاسطوانة)

و في الهيكل العظمي منها اثنتا عشرة حلقة.

في كل حلقة من الحلقات سوى الحلفة الرابعة و الخامسة (رجلان)

بعض هذه الأرجل بطنية.

و بعضها صدرية.

و الدودة هذه تبيض.

تضع الانثى من هذه الدودة بيضتها في (شرنقة) من الشرانق و شرانق جمع شرنقة:

و هي بيوت لهذه الدودة التى تنسجها لنفسها بتدبيرها و إدراكها الذي أعطاها الباري عز و جل.

و يقال لهذه الشرانق: (فيالج) أيضا.

ص: 86

..........

+++++++++++

و لهذه الدودة مراحل منذ تكوينها:

تكون ابتداء في شرنقة ذات خصر.

ثم في شرنقة بيضاوية.

ثم في شرنقة ذهبية مستديرة.

ثم في شرنقة مدببة.

ثم في شرنقة بيضاوية مستديرة كالبداية.

(تغذية هذا الحيوان):

يتغذى هذا الحيوان من ورق (التوت الاخضر).

و تغذيته بالورق محتاجة إلى عناية خاصة، و رعاية تامة:

فلا بد من تنظيم الحرارة و البرودة، و ازالة الطعام البائت، و الروث الجاف عن الورق.

و لا بد من اخراج (البرقات الضعيفة) المريضة و اهلاكها.

(نتاج هذا الحيوان).

نتاجه (الحرير الطبيعي).

و هذا الحرير من أجمل و أنفس المواد الليفية.

(كيفية النتاج).

لهذا الحيوان مكان مرتفع تحت فمه، أو أنفه على شكل مخروطي تخرج مادة الحرير من هذا المكان.

فسبحان من هداه إلى هذه العملية.

قال عز من قائل:

ص: 87

..........

+++++++++++

سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى و الذي قدر فهدى الأعلى: الآية 2-3-4.

أي نزه ربك عن كل ما لا يليق به من الصفات المذمومة، و الأفعال القبيحة، و قدسه غاية التقديس.

الذي خلق الخلق فسوى بينهم: من حيث اليدين و الرجلين و العينين.

و الذي قدر فهدى أي قدر الخلق على ما خلقهم فيه: من الصور و الهيئات.

و أجرى لهم أسباب معايشهم:.

من الأرزاق و الأقوات.

ثم هداهم إلى طلبها، و أرشدهم إلى ما فيه منفعتهم و مضرتهم حتى الطفل هداه إلى ثدي أمه.

و هدى الفرخ حتى طلب الرزق من أبيه و أمه.

و هدى الدواب و الطيور حتى فزع كل منها إلى أمه، و طلب المعيشة من جهته.

و لهذا الحرير في القرون الماضية معامل يدوية تحاك بها الأقمشة النفيسة التي تعد من أنفس الأقمشة الحريرية و ألطفها.

تؤخذ من هذه الأقمشة ملابس للنساء.

ما أجملها و ما انعمها؟ هنيئا لمن رزقه اللّه منهن.

و تؤخذ منها الأستار و الكلل.

ص: 88

و لا يبعد اختصاصه (1) بالحيوان المقصودة حياته في الجملة.

فمثل (2) السمك المخرج من الماء، و الجراد المحرز في الاناء،

+++++++++++

و لا يزال لهذا الحرير سوق رائج.

يرغب له طلابه و ما أكثرهم.

قيل: إن فن غزل الحرير لصناعة النسيج قد تم اكتشافه قبل ميلاد (السيد المسيح) عليه السلام ب 2640 عاما.

و المكتشفة لهذا الغزل زوجة (الإمبراطور هوانج تي).

نسب هذا التاريخ إلى الصينيين إن صح.

فالصينيون قد حافظوا كل الحفاظ على سر مهنتهم، حيث احتكروا تجارة الحرير لمدة لا تقل عن الفي عام بعد هذا التاريخ.

و بانتهاء هذه الفترة أي ستمائة عام قبل الميلاد كانت تجارة الحرير بين (الصينيين).

(و بلاد البحر المتوسط).

تجري على نطاق واسع جدا:

إن اردت الاحاطة بهذا الحيوان:

من شتى جوانبه الحياتية.

فعليك بمراجعة (المعرفة).

المجلد التاسع من ص 1463 - إلى ص 1465.

(1) أي اختصاص الحيوان الوارد ذكره في الأحاديث:

بالحيوان المقصودة حياته في الجملة:.

أي يعيش مدة من الزمن.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من اختصاص الحيوان بالحيوان

ص: 89

و شبه ذلك خارج، لأنه (1) لا يباع من حيث إنه حيوان.

بل من حيث إنه لحم.

و يشكل (2) فيما صار كذلك لعارض.

+++++++++++

المقصودة حياته في الجملة.

و خلاصته: انه بناء على الاختصاص المذكور.

فلا يشمل مثل الجراد المحرز في الإناء.

و السمك المخرج من الماء حيا.

و ما شاكل هذين الحيوانين، لخروجهما، و خروج ما ضاهاهما عما نحن فيه و بصدد بيانه.

(1) تعليل لوجه الخروج.

و خلاصته: إن المذكورات لا تباع من حيث إنها حيوان، و العقد لا يقع عليها.

بل هذه تباع من حيث إنها لحوم و تشترى بهذه الغاية.

فالعقد واقع عليها بهذا العنوان.

(2) من هنا أخذ قدس سره الايراد على ما أفاده: من عدم البعد باختصاص الحيوان الوارد في النصوص المتقدمة في الهامش 2 ص 84-85:

بالحيوان المقصودة حياته.

و خلاصة الايراد: إن الحيوان الذي بالعرض يصير قصير العمر كالسمك و الغزال و الجراد مثلا فيشرف على الموت.

إما بسبب اصابته السهم.

ص: 90

كالصيد المشرف على الموت باصابة (1) سهم(1)

أو بجرح الكلب المعلم.

و على كل (2) فلا يعد زهاق روحه تلفا من البائع قبل القبض، أو في زمان (3) الخيار.

و في منتهى خياره (4) مع عدم بقائه إلى الثلاثة.

+++++++++++

أو بسبب الجرح الواقع عليه من الكلب المعلم:.

يشكل الحكم، بالخيار فيه، لأن قصر عمره أمر عرضي بسبب الاشراف على الموت: بحيث لولاه لكان عمره كيفية الحيوانات التي لا تصاد:

في وقوع الخيار فيها.

(1) الباء بيان لكيفية إشراف الصيد على الموت.

و قد عرفته في الهامش 2 ص 90 عند قولنا: أما بسبب اصابته.

(2) أي سواء قلنا بثبوت الخيار لهذا الحيوان أم لم نقل.

(3) و هي الأيام الثلاثة.

(4) أي في أمد خيار هذا الحيوان الذي صار بالعرض قصير العمر أقوال أربعة.

(الأول): استمرار الخيار إلى نهاية الأيام الثلاثة و ان مات الحيوان قبل انتهاء الايام الثلاثة.

(الثاني): امتداد الخيار إلى موت الحيوان.

فبموته يبطل الخيار.

(الثالث): امتداد الخيار إلى ان يأتي أحد المسقطات و إن تمت

ص: 91


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

وجوه:

ثم إنه هل يختص هذا الخيار (1) بالمبيع المعين؟.

+++++++++++

الأيام الثلاثة.

(الرابع): فورية الخيار بعد الموت، فان لم يؤخذ به بطل الخيار.

و القول الاول هو المتعين.

و مبناه أن متعلق الخيار شخص العقد.

لا نفس الحيوان حتى بموته يرتفع الخيار.

فلا معنى لأن تكون غايته غير غاية الحيوان الطويل عمره بعد شمول أدلة الخيار لمثل هذا الحيوان الذي عمره قصير.

و أما مبنى القول الثاني.

فبناء على تعلق الخيار بالعين، لا بالعقد.

فبموت الحيوان يسقط الخيار، لانتفائه بانتفاء موضوعه:

و هو الحيوان، حيث مات.

فلا مجال لبقاء الخيار إلى آخر يوم الثالث.

و أما مبنى القول الثالث.

فبناء على تعلق الخيار بشخص العقد، لا بشخص الحيوان.

و التحديد بالثلاثة فللاحتراز عن الزيادة في خصوص الحيوان الذي لا يعلم عدم بقائه إلى الثلاثة الأيام، لا مطلقا حتى و لو علم البقاء إلى الثلاثة.

(1) أي خيار الحيوان.

ص: 92

كما هو (1) المنساق في النظر من الاطلاقات.

+++++++++++

(1) من هنا أخذ قدس سره في ابداء نظريته حول الاختصاص و خلاصتها: إن المتبادر ابتداء من الاطلاقات الواردة في هذا المقام بعد الامعان و النظر.

هو اختصاص الخيار بالحيوان الشخصي المتعين خارجا، لأن قوله عليه السلام.

في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري.

و كذا قوله عليه السلام.

صاحب الحيوان المشتري بالخيار بثلاثة أيام.

و كذا قوله عليه السلام.

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان.

و هكذا بقية الاحاديث الواردة في المقام.

فان هذه الاطلاقات الواردة يتبادر منها أن المراد من الحيوان الحيوان الشخصي الخارجي. الذي يكون معينا للمشتري.

لا ما كان كليا في ذمة البائع غير موجود في الخارج.

و السر في كونه شخصيا خارجيا معينا.

هو رؤية المشتري له، ليرغب في شرائه، فان للرؤية كل المدخلية و الاثر في الشراء و الإقبال عليه.

راجع حول الاطلاقات و الاحاديث المذكورة.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 من ص ص 348 إلى ص 350.

ص: 93

مع (1) الاستدلال له في بعض معاقد الاجماع كما في التذكرة (2) بالحكمة غير الجارية في الكلي الثابت في الذمة.

أو (3) يعم الكلي؟.

كما هو (4) المتراءى من النص و الفتوى.

+++++++++++

(1) استدلال آخر لاختصاص الخيار بالحيوان الشخصي الخارجي.

و خلاصته كما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة.

إن عيوب الحيوانات أكثرها باطنية لا تبان و لا تظهر في الخارج إلا بالرؤية، و الاختيار لا يمكن تحققه إلا إذا كان المبيع شخصيا خارجيا لترى عيوبه إذا كانت موجودة فيه.

فهذه الحكمة هي الباعثة للاختصاص المذكور.

و لا تجري هذه الحكمة في الكلي الثابت في الذمة.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 324

(3) أي أو أن الخيار يعم فيشمل الكلي الثابت في الذمة أيضا.

(4) أي تعميم الحكم حتى يشمل الكلي.

هو المتراءى من النصوص و الفتاوى.

هذه نظريته حول التعميم أفادها من النصوص و الفتاوي.

أما النصوص فلكون كلمة (الحيوان) الواردة في النصوص:

محلاة بالالف و اللام فيستفاد من هذا التحلي الجنس، و هو دال على الكلي و على الشخصي، و إن كان الجنس يتشخص فيما بعد بالشخصي الخارجى.

و كذا كلمة (الدابة) الواردة في رواية الصفار رضوان اللّه تبارك

ص: 94

لم أجد مصرحا بأحد الأمرين (1).

نعم يظهر من بعض المعاصرين الاول (2).

و لعله (3) الأقوى.

+++++++++++

و تعالى عليه.

نكرة، لوجود التنوين فيها الدال على التنكير:

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 351 الباب 4 الحديث 2 و أما الفتوى فالمراد منها فتوى الفقهاء المذكورة في كتبهم الفقهية الدالة على التعميم.

(1) أي لا بالاختصاص، و لا بالتعميم.

(2) و هو الاختصاص بالحيوان الشخصي الخارجي.

(3) أي الاختصاص بالمشتري(1) هو الأقوى.

و المراد من بعض المعاصرين.

هو المحقق (الشيخ على كاشف الغطاء) قدس سره.

راجع تعليقته على متن خيارات اللمعة ص 36 عند قوله:

و في هذه الرواية دلالة على المطلوب من وجوه.

منها الحصر المستفاد من التعريف.

و أما وجه الأقوائية.

فلعله لاجل ما تعارف بين الناس في بيع الحيوان.

فان المتعارف هو الحيوان الشخصي، لما عرفت من تأثير الرؤية في الإقدام على الشراء، أو عدم الإقدام.

كما عرفته في ذكر الحكمة المشار إليها في الهامش 1 ص 94.

ص: 95


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
فالكلام فيمن له هذا الخيار و في مدته من حيث المبدأ و المنتهى. و مسقطاته يتم برسم مسائل
اشارة

و كيف (1) كان فالكلام فيمن له هذا الخيار (2).

و في مدته (3): من حيث المبدأ و المنتهى.

و مسقطاته (4).

يتم (5) برسم مسائل (6).

+++++++++++

فالحكمة هذه لا توجد في المبيع الكلي في الذمة.

و لا يخفى عليك أن القول بالاختصاص.

ليس لاجل الانصراف كما قيل، لأنه لو كان كذلك لكانت سائر أحكامه كذلك.

(1) أي سواء قلنا بالاختصاص أم بالتعميم.

(2) أي هل المشتري صاحب الخيار؟.

أو البائع، أو كلاهما؟.

(3) أي و الكلام في مدة هذا الخيار:.

من حيث البداءة و النهاية.

(4) أي و الكلام في مسقطات هذا الخيار.

(5) جملة يتم مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله فالكلام.

(6) و هي خمس ذكرها قدس سره مترتبة و نحن نقتفي أثره.

فنشير إلى كل مسألة منها عند رقمها الخاص.

ص: 96

مسألة: المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشتري.

(مسألة) (1):

المشهور اختصاص هذا الخيار (2) بالمشتري.

حكي عن الشيخين(1) (3) و الصدوقين (2)(4) و الاسكافي (5) و ابن حمزة (6)(3) و الشاميين الخمسة (7)، و الحلبيين (8) الستة، و معظم المتأخرين.

+++++++++++

(1) هذه هي المسألة الأولى من المسائل الخمس.

(2) أي خيار الحيوان.

(3) و هما: شيخ الأمة الشيخ المفيد و شيخ الطائفة قدس سر هما

(4) و هما: الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.

و والده علي بن الحسين قدس سرهما.

(5) هو محمد بن احمد بن الجنيد أبو علي الكاتب قدس سره.

(6) هو عماد الدين محمد بن علي بن محمد الطوسي المشهدي قدس سره.

(7) هم الشهيد الاول و الثاني و المحقق الكركي و نجله، و صاحب المدارك قدس اللّه أسرارهم.

(8) اختلفت النسخ في ضبط هذه الكلمة.

ففي بعضها كتبت بالباء أي الحلبيين.

و في بعضها بالياء أي الحليين.

فعلى الكتابة الأولى لا بد من قراءتها بصيغة التثنية. -

ص: 97


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- و المراد منها مدينة (حلب).

و هي قاعدة الشمال السوري، و من أهم مدن العالم و أقدمها بألفي عام قبل الميلاد.

اتخذها سيف الدولة الحمداني عاصمة لمملكته.

ازدهرت فيها العلوم و الفنون الاسلامية.

فيها آثار مشهورة.

(منها القلعة الشهيرة).

(منها المدرسة الحلبية).

و لا تزال فيها حياكة الأقمشة.

إذا لا بد من قراءة الكلمة بصيغة التثنية.

و المراد منهما: ابن البراج القاضي تقي الدين قدس سره.

و السيد ابن زهرة أبو المكارم قدس سره.

صاحب الغنية.

و تكون كلمة الستة زائدة بناء على قراءة الصيغة تثنية.

و على القراءة الثانية.

تكون الكلمة بصيغة الجمع.

و المراد منها (مدينة الحلة).

و هي احدى محافظات العراق.

و هي من المدن الجميلة العامرة.

و فيها آثار قديمة جدا.

ص: 98

و عن الغنية(1) (1) و ظاهر الدروس (2) الاجماع عليه (3) لعموم (4) قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

+++++++++++

- و قد أنجبت هذه المحافظة نوابغ يعدون من ألمع شخصيات العالم الاسلامي.

و كلمة الستة على هذه القراءة لا تكون زائدة.

و المراد من الستة.

(المحقق و العلامة و فخر الاسلام و ابن إدريس و ابن سعيد و السبوري) المعروف ب: (مقداد) قدس اللّه أسرارهم الطاهرة.

و سيأتي شرح حياة هؤلاء الأعلام الأفذاذ الذين هم أركان الدين و حملة الكتاب الكريم.

مع مؤلفاتهم الثمينة في (أعلام المكاسب).

(1) مؤلف شريف و مصنف عظيم للسيد ابن زهرة.

(2) للشهيد الأول.

(3) أي على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

(4) من هنا أخذ قدس سره في الاستدلال للاختصاص المذكور و خلاصة الاستدلال: إنك عرفت في الجزء 13 من المكاسب ص 18: إن الأصل في البيع اللزوم:

بمعنى أنه بعد أن تمت الأجزاء و الشرائط:

من العوضين و المتعاقدين في العقد صار العقد لازما.

فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع عما تعاقدا عليه، إلا بالإقالة أو باحد الخيارات المجعولة من قبل الشارع المقدس التى ذكرت في -

ص: 99


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إذا افترقا وجب البيع خرج المشتري و بقي البائع.

بل (1) لعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بالنسبة إلى ما ليس فيه خيار المجلس

+++++++++++

- الهامش 1 من الجزء 13 من المكاسب ص 9.

أو من قبل المتعاقدين كخيار الشرط.

و قد مضى ذكره في الهامش 1 من الجزء 13 من المكاسب ص 59

و بما أن بيع الحيوان احدى المعاوضات.

فلا بد من دخوله تحت ذاك الأصل المقرر.

لكن لما جاءت النصوص المذكورة في الهامش 1 ص 102-105:

من أن للمشتري الخيار.

خرج بيع الحيوان عن ذاك الأصل الاصيل من جانب المشتري.

و بقي البائع تحت تلك القاعدة و لم يخرج عنها اذا خصص الخيار بالمشتري.

هذا بالإضافة إلى الاجماع المذكور في ص 99:

في أن للمشتري الخيار.

مضافا إلى الحكمة المذكورة في الهامش 1 ص 116 الدالة على اختصاص الخيار بالمشتري.

(1) دليل ثان للاختصاص المذكور.

خلاصته: إن الآية الكريمة عامة تدل على وجوب الوفاء بكل عقد تمت أجزاؤه و شرائطه، و ليس فيه خيار المجلس بالأصل.

كما في بيع من يعتق على المشتري كأحد أبويه، أو كليهما.

أو كان العاقد وكيلا في إجراء الصيغة فقط. -

ص: 100

بالاصل(1) أو (1) بالاشتراط، و يثبت الباقي (2) بعدم القول بالفصل.

و يدل عليه (3) أيضا ظاهر غير واحد من الأخبار (4).

+++++++++++

- أو عدم الخيار إنما كان بالعرض.

كما إذا كان أحد المتعاقدين في (النجف الأشرف).

و الثاني في (كربلاء).

أو اشترط سقوط خيار المجلس في متن العقد أو في خارجه (2)فمثل هذا العقد، و بقية العقود تكون لازمة يجب الوفاء بها من المتعاقدين.

لكن لما جاءت النصوص بخروج المشتري عن هذا العموم في شرائه الحيوان.

فلا يجب عليه الوفاء بالعقد قبل مضي الايام الثلاثة.

بقي البائع داخلا تحت تلك العمومات، و ذاك الاصل الاصيل:

من وجوب الوفاء بالعقد.

فخصص الخيار بالمشتري لعدم القول بالفصل.

(1) أي باشتراط سقوط خيار المجلس في متن العقد، أو خارجه كما عرفت آنفا.

(2) أي بقية العقود الجارية في غير الحيوان باقية تحت ذاك العموم كما عرفت آنفا.

(3) أي على الاختصاص المذكور.

(4) و هي خمس صحاح وردت في الاختصاص المذكور ذكرها -

ص: 101


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

(منها (1):

صحيحة (2) فضيل بن يسار عن أبى عبد اللّه عليه السلام.

قال: قلت له:

ما الشرط في الحيوان؟،

قال: ثلاثة أيام للمشتري.

قلت: و ما الشرط في غير الحيوان؟.

قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما (3).

و ظهورها (4) في اختصاص الخيار بالمشتري.

+++++++++++

- قدس سره واحدة بعد أخرى.

و نشير إلى كل واحدة منها عند رقمها الخاص.

(1) أي من تلك الصحاح الخمس الدالة على الاختصاص.

(2) هذه أول صحيحة من تلك الصحاح.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الحديث 5، و ص 346 الباب 1 الحديث 3.

فالشاهد في قوله عليه السلام:

ثلاثة أيام للمشتري، حيث إن اللام في للمشتري للاختصاص كما في قولك: الجل للفرس.

مضافا إلى ذكر المشتري الدال على حصر الخيار له.

(4) أي ظهور هذه الصحيحة.

خلاصة هذا الكلام: -

ص: 102

و اطلاق نفي الخيار لهما (1) في بيع غير الحيوان بعد الافتراق:

+++++++++++

- إن للصحيحة صدرا و ذيلا.

فصدرها هو قوله عليه السلام:

ثلاثة أيام للمشتري في جواب فضيل بن يسار.

رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

السائل من الامام بقوله. قلت له:

ما الشرط في غير الحيوان؟.

و الصدر هذا دال على الاختصاص المذكور، و ذيلها و هو قوله عليه السلام:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما.

في جواب فضيل عند سؤاله عنه؟.

ما الشرط في غير الحيوان؟.

فالجواب مطلق يدل على نفي الخيار عن المتبايعين إذا تبايعا و تعاوضا على غير الحيوان عند ما يفترقان.

فاطلاقه يشمل ما إذا كان الثمن حيوانا.

كما لو بيعت حنطة فتسلم البائع عوض الثمن حيوانا، فانه عند تفارق البائع و المشتري المجلس يسقط خيارهما، و ان كان الثمن حيوانا لأن الملاك في سقوط الخيار هنا هو وقوع الحيوان ثمنا، لا مثمنا حتى يثبت الخيار للمشتري.

(1) أي للمتبايعين كما عرفت.

ص: 103

يشمل (1) ما إذا كان الثمن حيوانا.

و تتلوها (2) في الظهور رواية علي بن أسباط عن أبى الحسن الرضا عليه السلام.

قال: الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري (3)،

فان ذكر القيد (4) مع اطلاق الحكم قبيح، إلا لنكتة جلية.

و نحوها (5) صحيحة الحلبي في الفقيه عن أبى عبد اللّه عليه السلام قال:

+++++++++++

(1) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 102 و ظهورها، و اطلاق نفي الخيار.

(2) أي و تتلو صحيحة فضيل في ظهورها في الاختصاص رواية علي بن أسباط.

هذه هي الصحيحة الثانية الظاهرة في الاختصاص.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 3 الحديث 8.

(4) خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا المقام:

إن في تقييد الامام عليه السلام كلامه بقيد المشتري دلالة على أن هناك نكتة واضحة:

و النكتة هو اختصاص خيار الحيوان بالمشتري لأنه لو كان المراد من الحكم: و هو ثبوت الخيار:

العموم و الاطلاق بحيث يشمل حتى البائع لكان تقييد الكلام بالقيد المذكور قبيحا و مستهجنا، لعدم مجال لذكره.

(5) أي و نحو صحيحة فضيل بن يسار المذكورة في ص 102 -

ص: 104

في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري (1).

و صحيحة (2) ابن رئاب عن أبى عبد اللّه عليه السلام.

قال: الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري (3).

و أظهر (4) من الكل صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية.

لمن الخيار؟.

للمشتري، أو للبائع، أو لهما كلاهما؟.

+++++++++++

- صحيحة الحلبي الدالة على الاختصاص المذكور.

هذه هي الصحيحة الثالثة المستدل بها.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 - الباب 3 الحديث 1.

فالشاهد في كلمة للمشتري، حيث تدل على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

المستفاد هذا الاختصاص من اللام.

(2) أي و نحو صحيحة فضيل بن يسار في الاختصاص صحيحة ابن رئاب.

هذه هي الصحيحة الرابعة من الصحاح الخمس.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 - الحديث 1، فانها صريحة في كون الخيار.

للمشتري لا غير، و استفادة هذا الحصر من اللام.

(4) أي و أظهر من الصحاح الاربعة المقدمة في الاختصاص -

ص: 105

فقال (1): الخيار لمن (2) اشترى ثلاثة أيام نظرة.

+++++++++++

- المذكور.

صحيحة ابن رئاب الثانية المحكية عن قرب الاسناد.

هذه خامسة الصحاح التي تدل على الاختصاص المذكور.

وجه الأظهرية: إن الامام عليه السلام خص خيار الحيوان بالمشتري فقط في قوله:

الخيار لمن اشترى ثلاثة أيام نظرة.

في جواب السائل:

لمن الخيار؟.

للمشتري، أو لبائع، أو لهما؟.

أي الخيار لا للبائع، و لا لكليهما.

بل للمشتري الذي اشترى الحيوان.

بالإضافة إلى التعليل في قوله عليه السلام:

نظرة، الدال على الاختصاص المذكور، حيث يعلل عليه السلام جهة الاختصاص: بأنه إنما اختص الخيار بالمشتري، لينظر في الحيوان خلال المدة المذكورة: و هي ثلاثة أيام.

حتى إذا ظهر فيه عيب يرجعه إلى صاحبه، ليسترد منه الثمن، لأن العيوب تظهر خلال المدة المذكورة.

و هذه العلة لا توجد في البائع حتى يكون له الخيار، حيث إن الحيوان كان عنده.

(1) أي الامام عليه السلام.

(2) اللام هنا للاختصاص. -

ص: 106

فاذا مضت ثلاثة أيام فقد وجب الشراء (1).

و عن سيدنا (2) المرتضى(1) قدس سره، و ابن طاوس رحمه اللّه.

ثبوته للبائع أيضا.

و حكي عن الانتصار دعوى الاجماع عليه (3)، لأصالة (4).

+++++++++++

- كقولك: المال لزيد:

أي الخيار مختص للمشتري.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 3 الحديث 9.

(2) من هنا يروم قدس سره أن يذكر ما أفاده الاعلام من الطائفة قدس اللّه أسرارهم في ثبوت الخيار للبائع أيضا في بيع الحيوان

فقال: عن سيدنا المرتضى و ابن طاوس رحمهما اللّه:

ثبوت الخيار للبائع أيضا.

(3) أي على ثبوت خيار الحيوان للبائع أيضا.

(4) تعليل للاجماع المدعى من قبل السيد قدس سره على ثبوت الخيار للبائع أيضا.

و المراد من أصالة الجواز هنا هو القسم الثالث من الأقسام الثلاثة المذكورة للاستصحاب الكلي، حسب تقسيمه له.

كما هي المذكورة في مصنفه العظيم: (الرسائل) أليك المذكور هناك حول الاستصحاب الكلي.

قال قدس سره:

(و أما الثالث): -

ص: 107


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- و هو ما إذا كان الشك في بقاء الكلي مستندا إلى احتمال وجود فرد آخر غير الفرد المعلوم حدوثه و ارتفاعه.

فهو على قسمين، لأن الفرد الآخر:

إما أن يحتمل وجوده مع ذلك الفرد المعلوم حاله.

و إما يحتمل حدوثه بعده.

إما بتبدله إليه.

كما في تبدل السواد الشديد بالضعيف.

و إما بمجرد حدوثه مقارنا لارتفاع ذلك الفرد.

إلى آخر ما أفاده هناك.

راجع مصنفه الشريف (الرسائل).

من أقسام الاستصحاب الكلي ص 373 الطبعة الحجرية.

و أما المراد من (الاستصحاب الكلي) فيما نحن فيه.

فخلاصة ما أفاده قدس سره.

أن يباع حيوان في المجلس و المتبايعان جالسان فيه و لم يفترقا.

فلا شك هنا في ثبوت خيار المجلس لهما ما داما جالسين في المجلس.

و للمشتري بالإضافة إلى خيار المجلس خيار الحيوان، بناء على جواز اجتماع أزيد من خيار في موضوع واحد.

كما أفاد هذا المعنى (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره بقوله:

و لا يقدح اجتماع خيارين فصاعدا. -

ص: 108

جواز العقد من الطرفين بعد ثبوت خيار المجلس.

+++++++++++

- راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 450 و أما إذا افترقا عن المجلس، و ذهب كل واحد منهما إلى خلاف ما يذهب الآخر.

فهنا يشك في ارتفاع الخيار الكلي:

أي (كلي الخيار) الثابت وجوده بنفس البيع و شخصه في المجلس و الذي تحقق من قبل المجلس.

و عدم الارتفاع بالنسبة إلى البائع فهنا يستصحب ذلك الخيار الكلي في حق البائع إلى أن يثبت مزيله.

و ليس المراد هنا من المستصحب شخص خيار المجلس حتى يقال:

إنه قد ارتفع و زال فلا مجال للقول بالتمسك بالاستصحاب بعد قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

فاذا افترقا وجب البيع، لتحقق الافتراق هنا.

بل المستصحب هنا شخص الخيار الكلي:

أي (كلي الخيار).

فالقيل ليس في محله:

ثم الشك هنا ناشئ عن احتمال وجود فرد جزئي مقارن للفرد المعلوم حدوثا و ارتفاعا فيبقى.

و عن عدم احتمال وجود فرد آخر مقارن للفرد المعلوم حدوثا فيرتفع.

ص: 109

و لصحيحة (1) محمد بن مسلم:

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان.

و فيما سوى ذلك (2): من بيع حتى يفترقا (3).

+++++++++++

(1) تعليل آخر من (السيد علم الهدى) قدس سره لاثبات مدعاه:

و هو ثبوت خيار الحيوان للبائع أيضا:

و هو التمسك بصحيحة محمد بن مسلم رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه و خلاصة التمسك: إن الامام عليه السلام جعل الخيار في الحيوان للمتبايعين في قوله:

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان.

و لا شك أن المراد منهما البائع و المشتري.

و لا يخفى عليك أن (الشهيد الثاني) قدس سره مال إلى هذا القول بوجود هذه الصحيحة بقوله:

و قيل: لهما، و به رواية صحيحة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 450.

(2) أي و في سوى بيع الحيوان:

من بقية البيوع الواقعة في المجلس فللمتبايعين الخيار فيها ما داما جالسين فيه.

و أما إذا افترقا فلا خيار لهما بعد أن كان الافتراق برضى منهما و طيب نفسيهما.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الحديث 3. -

ص: 110

و بها (1) تخصص عمومات اللزوم مطلقا.

+++++++++++

- هذه خلاصة ما استدل به (السيد علم الهدى) قدس سره.

و قد وقعت هذه الصحيحة معركة الآراء.

بين (المحدثين و الفقهاء)، لمعارضتها للصحاح الخمس المتقدمة في ص 102-105.

و لمخالفتها لما ذهب إليه المشهور؛

من اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

و للفتوى، حيث أفتى الفقهاء بالاختصاص المذكور. أليك ما ذهب إليه المحدثون.

أفاد (شيخنا الحر العاملي) قدس اللّه نفسه الطاهرة الزكية في هذا المقام:

أقول: حمله الأصحاب على بيع حيوان بحيوان(1).

و إلا لم يكن للبائع خيار، لما مضى(2).

و يحتمل الحمل على التقية، و على الشرط(3).

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الحديث 53

(1) أي بهذه الصحيحة التي استدل بها السيد قدس سره لثبوت خيار الحيوان للبائع أيضا -

ص: 111


1- أي ما كان العوضان: الثمن و المثمن حيوانين.
2- المراد من ما مضى الصحاح الخمس المتقدمة في ص 102، و ص 103، و ص 104-105 عن المصدر المذكور في الهامش 1 ص 105
3- أي شرط الخيار للبائع عند اجراء العقد.

أو (1) بعد الافتراق.

و هي (2) أرجح بحسب السند من صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الإسناد.

+++++++++++

- تخصص العمومات الواردة في لزوم البيع مطلقا:

أي قبل الافتراق، و بعده.

كقوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ.

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ.

فان هذه العمومات تصرح بلزوم العقد بمجرد وقوعه اذا وقع تام الأجزاء و الشرائط مطلقا: أي سواء أ كان افتراق أم لم يكن.

و ليس لاحد من المتبايعين خيار.

لكن الصحيحة المذكورة في ص 110 تخصص هذه العمومات، حيث تصرح بثبوت الخيار للمتبايعين إلى ثلاثة أيام.

و أن العقد يصير لازما في بيع الحيوان بعد مضي الثلاثة.

(1) أي أو يكون العقد لازما بهذه العمومات بعد الافتراق، لا مطلقا.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري يؤيد ما ذهب إليه (السيد علم الهدى) قدس سرهما.

فأخذ في الايراد على تلك الصحاح الخمس المتقدمة المذكورة في ص 102-105.

ص: 112

..........

+++++++++++

- فأول ما أورده على الصحيحة الخامسة المشار إليها في ص 105 و التي هي الصحيحة الثانية لابن رئاب.

و خلاصة ما أورده عليها:

إن هذه الصحيحة و إن كانت صريحة بالمنطوق على نفي الخيار للبائع في قوله عليه السلام:

الخيار لمن اشترى ثلاثة أيام نظرة.

في جواب السائل:

لمن الخيار؟.

للمشتري، أو للبائع، أو لهما؟.

لكن صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 110 التي استدل بها (السيد علم الهدى) قدس سره لاثبات خيار الحيوان للبائع.

صريحة في ثبوت الخيار للبائع أيضا.

فحينئذ يقع التعارض بينهما.

و من شأن التعارض التساقط إذا لم يكن هناك أحد المرجحات:

من السند؛ أو الدلالة.

لكن في صحيحة محمد بن مسلم أحد المرجحات موجود: و هو السند.

فترجح على صحيحة ابن رئاب الثانية المحكية عن قرب الاسناد المشار إليها في ص 105.

و قد صرح الفقهاء و المحدثون رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم أجمعين -

ص: 113

و قد صرحوا بترجيح مثل رواية محمد بن مسلم و زرارة، و اضرابهما على غيرهم: من الثقات.

مضافا (1) إلى ورودها في الكتب الاربعة المرجحة على مثل قرب الاسناد من الكتب التي لم يلتفت إليها أكثر أصحابنا.

مع بعد (2) غفلتهم عنها، أو عن مراجعتها.

+++++++++++

- بترجيح روايات محمد بن مسلم، و زرارة بن أعين عليهما رضوان اللّه و شآبيبه:

على بقية الروايات المروية عن الثقات.

فهذا التصريح كاف في ترجيح صحيحة محمد بن مسلم على صحيحة ابن رئاب.

(1) هذا دليل آخر منه لترجيح صحيحة محمد بن مسلم على صحيحة ابن رئاب.

أي و لنا دليل آخر على الترجيح بالإضافة إلى السند.

و هو وجود صحيحة محمد بن مسلم في الكتب الاربعة:

(الكافي - من لا يحضره الفقيه - التهذيب - الاستبصار).

و وجود صحيحة ابن رئاب في (قرب الاسناد).

و من الواضح ترجيح الكتب الاربعة على قرب الاسناد، و أمثاله:

من الكتب التي لم يعتن بها أكثر الأصحاب، و لم يلتفت إليها جلهم.

(2) دفع و هم.

حاصل الوهم: لعل عدم التفات أكثر الاصحاب بالكتاب -

ص: 114

و أما الصحاح (1) الآخر المكافئة سندا لصحيحة ابن مسلم.

فالانصاف أن دلالتها بالمفهوم لا تبلغ في الظهور مرتبة منطوق الصحيحة.

+++++++++++

- المذكور:

لاجل غفلتهم عن الكتاب، و عن مراجعته.

فأجاب قدس سره عن الوهم بما حاصله:

إن غفلة أكثر العلماء عن الكتب المذكورة بعيدة جدا:

و لا سيما غفلة المحدثين و الرواة و أهل الرجال، لأنه كيف يعقل ذلك؟.

مع حرصهم الشديد على التفحص عن الكتب المدونة فيها الأحاديث الشريفة.

و قد اتعبوا أنفسهم الزكية في هذا المضمار.

(1) من هنا يروم قدس سره أن يرجح صحيحة محمد بن مسلم التي استدل بها (السيد علم الهدى) قدس سره على الصحاح الاربع المذكورة في ص 102-105.

و خلاصة الترجيح.

إن الصحاح الاربع المتقدمة و إن كانت متكافئة مع صحيحة محمد بن مسلم سندا، و لا ترجيح لها من هذه الناحية.

إلا أنها ترجح عليها من جهة أخرى.

و هي دلالة الصحيحة على ثبوت خيار الحيوان للبائع بالمنطوق.

و دلالة تلك الصحاح الاربع المتقدمة على عدم الخيار للبائع -

ص: 115

فيمكن حملها (1) على بيان الفرد.

+++++++++++

- بالمفهوم.

و أين دلالة المفهوم في الظهور؟.

من دلالة المنطوق في الظهور؟.

فان قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم:

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان:

صريح في ثبوت الخيار لهما.

بخلاف قوله عليه السلام في صحيحة فضيل المتقدمة في ص 102:

ثلاثة أيام للمشتري، فان مفهومها يدل على عدم الخيار للبائع بالمفهوم و هكذا بقية الصحاح.

فتأملها بدقة و إمعان، ليتضح لك كيفية دلالة صحيحة محمد بن مسلم بالمنطوق.

و دلالة تلك الصحاح الاربع بالمفهوم.

(1) دفع و هم:

حاصل الوهم: إنه لو كان الخيار للمتبايعين. فلما ذا خص الخيار بالمشتري في الصحاح الخمس؟.

فأجاب قدس سره: إن السر في التخصيص هو أن الامام عليه السلام في مقام بيان الفرد الشديد الحاجة من المتعاملين.

و من المعلوم أن الفرد الشديد الحاجة في شراء الحيوان هو المشتري إذ الغالب في المعاملات على الحيوانات وقوع الفسخ عليها من جانب المشتري، حيث إنه يطلع خلال الأيام الثلاثة المجعولة من قبل الشارع -

ص: 116

الشديد الحاجة، لأن (1) الغالب في المعاملة خصوصا معاملة الحيوان:

كون إرادة الفسخ في طرف المشتري، لاطلاعه على خفايا الحيوان و لا ريب (2) أن الأظهرية في الدلالة متقدمة في باب الترجيح على الأكثرية.

+++++++++++

- المقدس:

على العيب الذي إذا كان موجودا فيه.

بخلاف البائع، فان البائع قد تسلم الثمن الذي هي العملة الرائجة في البلاد.

و العملة الرائجة في البلاد قل فيها العيب و الغش، لأنها تضرب من قبل الحكومات.

و لا شك أن الحكومات لا تضرب النقود المزيفة.

فلا يحتاج إلى التروي و التفكر، ليجعل له أمد معين حتى يفسخ إذا وجد عيبا في النقود المزيفة.

(1) تعليل لحمل الصحاح الاربع المتقدمة:

على الفرد الشديد الحاجة.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 116 عند قولنا:

هو أن الامام عليه السلام في مقام بيان.

(2) تأييد آخر منه قدس سره لترجيح صحيحة محمد بن مسلم المذكورة في ص 110 على الصحاح الاربع.

و خلاصته: إنه لو قيل: إن الصحاح الاربع ترجح على صحيحة محمد بن مسلم: من حيث أكثريتها عددا. -

ص: 117

و أما (1) ما ذكر في تأويل صحيحة محمد بن مسلم:

+++++++++++

- فيقال في الجواب:

إن أكثرية العدد و إن كانت موجبة للترجيح.

إلا أن الأظهرية من حيث الدلالة في صحيحة محمد بن مسلم متقدمة على الصحاح الاربع، حيث إن الأظهرية في الصحيحة بالمنطوق.

(1) هذا تأويل لبعض الأعلام حول صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في ص 110 الصريحة في اثبات الخيار للبائع أيضا.

و لما كان التأويل غير صحيح أفاد قدس سره: أنه في غاية السقوط.

فنحن نشرح التأويل أولا ثم نذكر جهة السقوط.

فنقول: مقصود المؤول: إن الصحيحة لم تكن مخالفة للصحاح الخمس المتقدمة.

فكما تلك دالة على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

كذلك هذه الصحيحة تدل على ذلك.

ببيان أنه لما كان خيار المشتري في الحيوان على البائع أي على ضرره.

فلازمه أن الخيار للمجموع: أي للبائع و المشتري:

لكن في البائع على ضرره، و في المشتري لنفعه.

إذا تدل الصحيحة المتقدمة في ص 110

على الاختصاص المذكور،

و أما وجه سقوط التأويل إلى النهاية.

فلأنه خلاف ظاهر عبارة الامام عليه السلام، فانه يقول: -

ص: 118

من أن خيار الحيوان للمشتري على البائع فكان (1) بين المجموع:

ففي غاية السقوط.

و أما (2) الشهرة المحققة فلا تصير حجة على السيد.

بل مطلقا بعد العلم بمستند المشهور، و عدم (3) احتمال وجود مرجح لم يذكروه.

و اجماع (4) الغنية لو سلم رجوعه إلى اختصاص الخيار بالمشتري

+++++++++++

- البيعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان، فان كلمة البيعان صريحة في البائع و المشتري: أي لهما الخيار في الحيوان.

كما أن جملة: فاذا افترقا وجب البيع مشتركة بينهما.

فليس في عبارة الامام عليه السلام ما يشعر على أن الخيار بين المتبايعين على نحو يكون في البائع على ضرره، و في المشتري لنفعه.

(1) أي الخيار كان بين البائع و المشتري كما عرفت آنفا.

(2) رد على الشهرة المتمسك بها للاختصاص المذكور في الصحيحة المذكورة في ص 97 بقوله:

المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشتري:

أي الشهرة المذكورة لا تكون ردا على السيد علم الهدى و غيره:

من القائلين بثبوت خيار الحيوان للبائع أيضا لمعلومية مستند الشهرة.

(3) أي و لا يحتمل وجود مرجح للصحاح الخمس المتقدمة على صحيحة محمد بن مسلم المذكورة في ص 110 الدالة على ثبوت خيار الحيوان للبائع منطوقا.

(4) هذا رد على الاجماع المدعى من قبل صاحب الغنية المذكور -

ص: 119

لا مجرد ثبوته له:

تعارض اجماع الانتصار الصريح في ثبوته (1) للبائع.

و لعله (2) لذلك قوى في المسالك قول السيد(1)

مع (3) قطع النظر عن الشهرة.

+++++++++++

- في ص 99.

و خلاصته: إن الاجماع ليس في مقام اثبات الخيار للمشتري خاصة و لا غير.

بل في مقام مجرد الاثبات له.

ثم على فرض اثباته للاختصاص المذكور.

فهو معارض بالاجماع المدعى من قبل (السيد علم الهدى) قدس سره المذكور في مؤلفه الشريف (الانتصار) الدال على اثبات الخيار البائع أيضا بالصراحة.

و من شأن التعارض التساقط.

فلا مجال للعمل باجماع صاحب الغنية.

(1) أي في ثبوت الخيار.

(2) أي و لعل اجماع السيد صار سببا لتقوية الشهيد الثاني مذهب السيد قدس سرهما في المسالك و لم ينظر إلى الشهرة المدعاة.

و قد ذهب إلى هذا الرأي في الروضة.

كما أشرنا إليه في الهامش 1 ص 110.

(3) أي و مع غض نظر الشهيد الثاني عن الشهرة:

بمعنى أنه لم يعتن بالشهرة المدعاة. -

ص: 120


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بل (1) الاتفاق على خلافه.

و تبعه (2) على ذلك في المفاتيح.

و توقف (3) في غاية المراد و حواشي القواعد. و تبعه (4) في المقتصر، هذا (5).

و لكن (6) الانصاف أن أخبار المشهور من حيث المجموع لا تقصر ظهورها عن الصحيحة.

+++++++++++

(1) أي و مع قطع نظر الشهيد الثاني عن انفاق الفقهاء على الاختصاص المذكور الذي هو مخالف لمذهب السيد:

فقد مال إلى مذهب السيد قدس سرهما.

(2) أي و تبع صاحب المفاتيح الشهيد الثاني في تقويته لمذهب السيد.

(3) أي الشهيد الاول توقف في مصنفيه العظيمين:

غاية المراد - و حواشي القواعد.

(4) أي و تبع صاحب المقتصر الشهيد الثاني(1) فيما قوى مذهب السيد.

(5) أي ما امليناه عليك حول ثبوت خيار الحيوان للبائع، أو نفيه عنه.

(6) هذا عدول منه قدس سره عما أفاده.

من صحة ما ذهب إليه (السيد علم الهدى).

و يروم أن يذهب إلى ما أفاده المشهور:

من اختصاص الخيار بالمشتري. -

ص: 121


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مع (1) اشتهارها بين الرواة حتى محمد بن مسلم الراوي للصحيحة (2) مع (3) أن المرجع بعد التكافؤ عموم أدلة لزوم العقد بالافتراق، و المتيقن خروج المشتري.

+++++++++++

- و خلاصته: إن الصحاح الخمس المتقدمة.

لا تقصر ظهورا في الاختصاص المذكور عن الصحيحة المتقدمة في ص 110.

(1) هذا ترق منه.

أي بالإضافة إلى الظهور المستفاد من الصحاح الخمس.

إن الصحاح مشهورة عند الرواة و منهم محمد بن مسلم الذي هو راوي الصحيحة المتقدمة التي استدل بها السيد علم الهدى الشريف المرتضى قدس سره لاثبات الخيار للبائع.

(2) أي الصحيحة المتقدمة في ص 110.

(3) هذا تأييد منه لما أفاده(1): من اشتهار الصحاح الخمس عند الرواة حتى عند محمد بن مسلم الراوي لصحيحته.

و خلاصته: إن الصحاح الخمس المتقدمة.

و صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في ص 110.

متكافئة من حيث السند، و لا ترجيح لها على تلك.

إذا يتساقط كلها.

فيكون المرجع في لزوم العقد هي العمومات المتقدمة في ص 112 عند جريان العقد بعد تمامية الأجزاء و الشرائط.

فالمتعاقدان في بيع الحيوان داخلان تحت تلك العمومات، فيكون -

ص: 122


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فلا (1) ريب في ضعف هذا القول.

نعم (2) هنا قول ثالث لعله أقوى منه:

و هو (3) ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان.

ثمنا، أو مثمنا.

+++++++++++

- البيع بالنسبة إليهما لازما.

لكن لما جاء الدليل الخاص على اخراج المشتري عنها فقد ثبت الخيار للمشتري في الحيوان ثلاثة أيام. فلا يكون البيع بالنسبة إليه لازما في الثلاثة إلا بعد مضيها.

(1) هذه نظرية الشيخ الانصاري حول ما أفاده السيد علم الهدى قدس سرهما.

أي و بعد هذه الردود و الإشكالات على ما أفاده السيد أعلى اللّه مقامه و أنار برهانه:

فلا ريب في ضعف ما ذهب إليه.

و للمحقق النائيني رحمه اللّه حول اختصاص خيار الحيوان بالمشتري تحقيق انيق لمقرر بحثه الفاضل المدقق الشيخ موسى الخونساري طاب ثراه.

راجع (منية الطالب) الجزء 2 ص 32-33-34.

(2) أي في مسألة خيار الحيوان قول ثالث أقوى من القول الثاني.

الذي أفاده (سيدنا الشريف المرتضى) قدس سره.

(3) هذا هو القول الثالث. -

ص: 123

نسب (1) إلى جماعة من المتأخرين:

منهم الشهيد في المسالك و لعموم (2) صحيحة محمد بن مسلم المتبايعان بالخيار حتى يفترقا.

و صاحب (3) الحيوان بالخيار ثلاثة أيام (4).

و لا ينافيه (5) تقييد صاحب الحيوان بالمشتري في موثقة ابن

+++++++++++

- و خلاصته: إن الخيار ثابت لمن انتقل إليه الحيوان.

سواء أ كان المنتقل إليه البائع أم المشتري.

فالملاك في ثبوت الخيار هو انتقال الحيوان.

(1) أي القول الثالث.

(2) تعليل للقول الثالث.

(3) جملة (و صاحب الحيوان) محل استشهاد القول الثالث.

فالجملة هذه تدل على عموم الخيار للمتبايعين.

أي صاحب الحيوان له حق الخيار، سواء أ كان البائع أم المشتري.

و هذا يتصور فيما إذا كان الثمن، أو المثمن، أو كلاهما حيوانين

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 345 الباب 1 الحديث 1.

(5) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن تقييد صاحب الحيوان بالمشتري في موثقة ابن فضال: مناف للعموم المدعى في الصحيحة.

إذ كيف يمكن الجمع بين الدعوى المذكورة، و التقييد الموجود في -

ص: 124

فضال (1)، لاحتمال (2) ورود التقييد مورد الغالب، لأن الغالب كون صاحب الحيوان مشتريا.

و لا ينافي (3) هذه الدعوى التمسك بإطلاق صحيحة محمد بن مسلم لأن (4) الغلبة.

+++++++++++

- قوله عليه السلام: صاحب الحيوان المشتري بالخيار؟.

فالتقييد المذكور مناف للصحيحة.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 الحديث 2.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: إن تقييد صاحب الحيوان بالمشتري في الموثقة المذكورة يحتمل أن يكون لأجل وروده مورد الغالب: حيث إن الغالب وقوع الحيوان مثمنا، و إن كانت هذه الغلبة لا توجب انحصار المثمن في الحيوان، إذ قد يقع الحيوان ثمنا فيكون للبائع حينئذ خيار أيضا.

(3) دفع و هم آخر حول الدعوى المذكورة.

و خلاصة الوهم.

إن الدعوى المذكورة التي هو ورود القيد المذكور مورد الغالب.

لا تبقي مجالا للتمسك بإطلاق الصحيحة المذكورة، لمنافاة التقييد مع دعوى العموم.

فالقول الثالث ساقط.

(4) جواب عن الوهم المذكور. -

ص: 125

..........

+++++++++++

- و خلاصته: إن الغلبة على قسمين:

قسم يكون موجبا أحيانا لتنزيل القيد عليها.

و قسم لا يوجب تنزيل الاطلاق عليها(1).

و ما نحن فيه من القسم الثاني.

إذا يبقى الاطلاق على حاله فيصح التمسك به.

و للمحقق المامقاني قدس سره تحقيق رشيق في هذا المقام.

إليك خلاصته:

إن الغلبة الناقصة قابلة للاعتماد عليها في ايراد القيد الوارد على طبقها، مع تعلق الحكم بأصل الطبيعة.

بخلاف الاطلاق، فانه لا يصح الاعتماد عليه في تقييده على الغلبة الناقصة: بحيث يكون الحكم متوقفا على ما هو الغالب على وجه الغلبة الناقصة.

بل لا بد من الاعتماد على الغلبة من الاطلاق:

من كون الغلبة كاملة تامة.

و السر في ذلك هو أن اتيان القيد في الكلام دائر مدار أهمية رافعة لجعل القيد لغوا.

بخلاف الاطلاق المراد به المقيد، فانه محتاج إلى قرينة صالحة لأن تكون صارفة عن الظهور الأصلي الذي هو الإطلاق: بحيث يصير اللفظ ظاهرا في المقيد.

و من البديهي أن هذا المعنى غير حاصل، إلا في الغلبة الصالحة -

ص: 126


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قد تكون (1) بحيث توجب تنزيل التقييد عليها، و لا توجب (2) تنزيل الاطلاق.

و لا ينافيها (3) أيضا ما دل على اختصاص الخيار بالمشتري لورودها (4) مورد الغالب:

+++++++++++

- الكاملة لتعيين المقيد بشخصه.

راجع تعليقته على المكاسب ص 493.

(1) هذا هو القسم الأول.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) هذا دفع و هم ثالث.

و خلاصة الوهم انه ورد في أحاديث أخر.

اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

كما عرفت في الصحاح الخمس المتقدمة في ص 102، و ص 103 و ص 104-105.

و كما في رواية زرارة و موثقة ابن فضال المتقدمتين في ص 124 و ص 104.

فهذا الاختصاص ينافي الصحيحة المذكورة الدالة على ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان، سواء أ كان ثمنا أم مثمنا.

إذا فلا يصح التمسك بإطلاق الصحيحة، و دعوى عمومها لثبوت القول الثالث.

(4) جواب عن الوهم المذكور.

و تأنيث الضمير في لورودها باعتبار ما الموصولة في قوله في هذه الصفحة -

ص: 127

من كون الثمن غير حيوان.

و لا صحيحة (1) محمد بن مسلم المثبتة للخيار للمتبايعين، لامكان (2) تقييدها و إن بعد: بما إذا كان العوضان حيوانين.

لكن (3) الإشكال في اطلاق الصحيحة الأولى.

من جهة قوة انصرافه إلى المشتري.

+++++++++++

- ما دل.

و المراد من ما الموصولة الأحاديث الواردة في اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

و خلاصة الجواب إن الأحاديث الواردة في اختصاص الخيار بالمشتري إنما وردت مورد الغالب: حيث إن الغالب أن الثمن غير حيوان.

و ليس معناه أنه لا يقع الثمن حيوانا أصلا حتى يختص الخيار بالمشتري لا غير.

(1) أي و كذلك لا تنافي الدعوى المذكورة في الهامش 4 ص 127 صحيحة محمد بن مسلم التي استدل بها (السيد المرتضى) قدس سره على ثبوت الخيار للبائع أيضا المذكورة في ص 110.

(2) جواب عن عدم منافاة الصحيحة للدعوى المذكورة.

و خلاصته: إن الصحيحة المذكورة يمكن تقييدها بما إذا كان العوضان حيوانين، و إن كان هذا الامكان بعيدا، لأن الامام عليه السلام في مقام اعطاء الحكم و الجواب عن السؤال.

(3) من هنا يروم الشيخ الانصاري قدس سره أن يؤيد القول الاول و هو قول المشهور القائل باختصاص خيار الحيوان بالمشتري -

ص: 128

فلا (1) مخصص يعتد به، لعمومات اللزوم مطلقا، أو بعد المجلس.

+++++++++++

- و رفع اليد عن القول الثاني و الثالث.

و خلاصته ان هنا إشكالا واضحا جليا لا يمكن رفع اليد عنه.

و هو الاطلاق الوارد في الصحيحة الأولى المذكورة في ص 124.

و التي استدل بها الذاهب إلى القول الثالث، حيث إن الاطلاق فيها قوي جدا ينصرف إلى المشتري في قوله عليه السلام:

و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام.

و إنما عبر شيخنا الانصاري قدس سره عن هذه الصحيحة بالاولى مع أنها الصحيحة الثانية لمحمد بن مسلم، فان محمد بن مسلم رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه له في خيار الحيوان صحيحتان:

الأولى التي استدل بها (السيد المرتضى) أعلى اللّه مقامه الشريف لثبوت الخيار للبائع أيضا و قد ذكرت في ص 110.

و الثانية التي استدل بها صاحب القول الثالث قد ذكرت في ص 124، لأنها أول دليل للقول الثالث.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الإشكال في اطلاق الصحيحة الأولى. أي ففي ضوء ما ذكرناه لا يوجد مخصص قابل للاعتناء به حتى يخصص العمومات الواردة في لزوم العقد مطلقا، سواء أ كان في المجلس أم بعده بعد أن وقع تام الاجزاء و الشرائط.

أو بعد الافتراق عن المجلس.

فالبيع لازم بالنسبة إلى المتعاقدين. -

ص: 129

فلا محيص عن المشهور (1).

+++++++++++

- خرج عن هذا اللزوم و العموم المشتري بالأدلة المذكورة.

و بقي البائع تحت العموم و اللزوم.

(1) و هو اختصاص خيار الحيوان بالمشتري لا غير.

فتحصل من مجموع ما ذكر.

أن الأقوال في مسألة خيار الحيوان ثلاثة:

(الأول): اختصاصه بالمشتري لا غير.

و هذا قول المشهور و الجل من الأصحاب:

(الثاني): ثبوته للبائع أيضا.

ذهب إلى هذا (سيدنا الشريف المرتضى) علم الهدى قدس سره

(الثالث): ثبوته لمن انتقل إليه الحيوان، سواء أ كان ثمنا أم مثمنا.

فيشمل انتقال الحيوان إلى البائع و المشتري.

ص: 130

مسألة: لا فرق بين الأمة و غيرها في مدة الخيار.

(مسألة) (1):

لا فرق (2) بين الامة و غيرها في مدة الخيار.

و في (3) الغنية كما عن الحلبي(1) أن مدة خيار الامة مدة استبرائها.

+++++++++++

(1) أي المسألة الثانية من المسائل الخمس المذكورة في الهامش 1 ص 97.

(2) أي لا فرق في مدة خيار الحيوان التي هي ثلاثة أيام.

بين كون الحيوان إنسانا أم بهيمة.

و استدلوا على ذلك بصحيحة الحلبي في قوله عليه السلام.

في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349 الباب 3 - الحديث 1.

و الشاهد في لفظة كله: حيث إلها من ألفاظ العموم وضعا الشاملة للانسان و البهائم، فخيارهما على حد سواء.

(3) هذا قول آخر لمدة خيار الأمة أفاده السيد أبو المكارم ابن زهرة في كتابه الغنية: بأن مدة خيار الامة مدة استبرائها.

و مدة استبرائها أحد امرين:

إما مضي حيضة، أو مضي خمسة و اربعين يوما.

فاذا انقضت هذه المدة انقضت مدة خيارها.

و ذهب إلى هذا القول الشهيدان قدس اللّه روحيهما. -

ص: 131


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بل عن الاول (1) دعوى الاجماع.

و ربما ينسب هذا (2) إلى المقنعة و النهاية و المراسم:

من جهة (3) حكمهم بضمان البائع لها مدة الاستبراء(2).

+++++++++++

- راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 315.

إليك نص عبارتهما.

(و يجب) على البائع (استبراء الامة قبل بيعها) إن كان قد وطأها و إن عزل:

(بحيضة، أو مضي خمسة و اربعين يوما.

فيمن لا تحيض و هي في سن من تحيض، و يجب على المشتري أيضا استبراؤها(1) إلا أن يخبره الثقة بالاستبراء).

(1) و هو صاحب الغنية.

(2) أي مضي حيضة، أو خمسة و اربعين يوما.

نسب هذا الى (شيخ الامة الشيخ المفيد) قدس سره، و صاحب النهاية و المراسم.

(3) هذا دليل القائلين بأن مدة خيار الامة مدة استبرائها.

و خلاصته ان الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين حكموا بضمان البائع للامة إذا تلفت في مدة استبرائها.

و من هذا الضمان استفادوا أن مدة خيار الامة مدة استبرائها.

ثم لا يخفى عليك أن حكم الفقهاء بضمان البائع الامة لو تلفت في مدة استبرائها.

ص: 132


1- - هذا إذا لم يستبرئها البائع.
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب -

و لم أقف (1) لهم على دليل.

+++++++++++

- مبني على أنه من صغريات القاعدة المعروفة:

كل مبيع تلف في زمن الخيار فهو ممن لا خيار له.

و قد عرفت أن البائع ليس له خيار في الحيوان إذا باعه.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري حول كون مدة استبراء الامة مدة خيارها أي لم أقف لهؤلاء الاعلام فيما أفادوه:

من مدة الخيار للامة على دليل سوى الاجماع المدعى من قبل صاحب الغنية.

ص: 133

مسألة: مبدأ هذا الخيار من حين العقد.

(مسألة) (1):

مبدأ هذا الخيار (2) من حين العقد.

فلو لم يتفرقا ثلاثة أيام انقضى خيار الحيوان.

و بقي خيار المجلس (3)، لظاهر (4) قوله عليه السلام:

إن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام(1).

و في غيره حتى يفترقا (5).

+++++++++++

(1) أي المسألة الثالثة من المسائل الخمس المذكورة في الهامش 1 ص 97.

(2) أي خيار الحيوان، سواء أ كان انسانا أم بهيمة.

(3) هذا على فرض بقاء المتبايعين في المجلس إلى ثلاثة أيام.

متواليات و هو فرض غير ممكن عادة، إذ لا أقل من المفارقة للمرافق الصحية.

(4) تعليل لكون مبدأ خيار الحيوان من حين صدور العقد.

(5) هذا الحديث بعينه لم أجده في الكتب الموجودة لدينا.

نعم يوجد شطر منه في حديث، و شطر آخر في حديث آخر.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 351 الباب 4 - الحديث 1 - و ص 346 الباب 1 - الحديث 5.

و أما وجه ظهور الحديث على أن مبدأ خيار الحيوان من حين العقد. -

ص: 134


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- هو جعل الامام عليه السلام خيار الحيوان قبال خيار المجلس.

فكما أن خيار المجلس من حين صدور العقد.

كذلك خيار الحيوان من حين صدوره.

و هاهنا نقطة مهمة لا بد من التنبيه عليها(1).

و قد أفادها المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 493 نذكرها لك مع تصرف قليل منا.

قال قدس سره: إن المبيع في صورة كونه حيوانا يجتمع فيه خياران:

خيار المجلس - و خيار الحيوان، لقوله عليه السلام:

إن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام.

إلا أن استفادة خيار المجلس في الحيوان من ألفاظ الحديث مشكل لأن المغيا و هو قوله عليه السلام: حتى يفترقا أثبت الخيار بالتفرق في غير الحيوان.

و مقتضاه اختصاص الحيوان بثلاثة أيام.

و اختصاص غيره بخيار المجلس.

و هكذا يسري الإشكال بعينه في صحيحة فضيل المتضمنة، لقوله عليه السلام في جواب سؤال الراوي قلت: و ما الشرط في الحيوان؟

قال: ثلاثة أيام للمشتري.

و في صحيحة محمد بن مسلم في قوله عليه السلام في جواب سؤال الراوي:

و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا. -

ص: 135


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

خلافا للمحكي عن ابن زهرة فجعله (1) من حين التفرق.

+++++++++++

- راجع حول الحديثين.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 349-350 - الحديث 3-5 هذه هي النقطة في هذه الأحاديث الثلاثة.

و أما الجواب عن النقطة المذكورة.

فنقول: إن المراد من سؤال الراوي:

ما الشرط في الحيوان؟

السؤال عن الحيوان بما أنه حيوان.

و المراد من قوله:

و ما الشرط في غير الحيوان؟.

غير الملحوظ بعنوان كونه حيوانا.

إذا فالحديث المذكور و الحديثان الآخران تشمل الحيوان باعتبار لحاظه مبيعا، لا باعتبار لحاظه حيوانا.

(1) أي جعل ابن زهرة مبدأ خيار الحيوان من حين الافتراق عن المجلس، و إن كان الافتراق قد حصل بعد ساعات.

فالساعات المتقدمة على الافتراق لا تعد من خيار الحيوان الذي هي ثلاثة أيام بلياليها.

و هذه هي الثمرة بين القول بأن مبدأ الخيار من حين العقد؛ أو من حين الافتراق.

فعلى الاول لو حصل الافتراق بعد اثني عشر ساعة فرضا تعد الساعات هذه من ثلاثة أيام خيار الحيوان و تنقص منها.

و على الثاني لا تعد من ثلاثة أيام، بل من بداية الافتراق.

ص: 136

و كذا الشيخ و الحلي في خيار الشرط المتحد (1) مع هذا الخيار في هذا الحكم من جهة الدليل الذي ذكراه.

قال (2) في المبسوط:

الأولى أن يقال: إنه يعني خيار الشرط يثبت من حين التفرق لأن (3) الخيار يدخل إذا ثبت العقد و العقد لم يثبت قبل التفرق،

+++++++++++

(1) بالجر صفة لكلمة خيار في قوله: في خيار الشرط أي خيار الشرط المتحد مع خيار الحيوان في هذا الحكم:

و هو حصوله من حين الافتراق.

فالملاك فيهما واحد عند الشيخ و ابن إدريس من حيث للدليل الذي ذكراه في مبدأ خيار الشرط.

فالدليل الدال على أن مبدأ الخيار في خيار الشرط من حين الافتراق شامل لخيار الحيوان أيضا.

(2) من هنا أخذ شيخنا الانصاري قدس سره في ذكر الدليل الذي اقامه الشيخ قدس سره على أن مبدأ الخيار في الشرط و الحيوان من حين الافتراق.

و خلاصته ان خيار الشرط إنما يثبت و يتحقق عند التفرق من المجلس، لأن ثبوت الخيار و تحققه منوط بثبوت العقد، و ثبوته قبل التفرق لم يتحقق، فالخيار لم يثبت ما لم يثبت العقد.

إذا ثبت أن مبدأ خيار الشرط من حين التفرق.

و هذا الملاك بعينه موجود في خيار الحيوان.

(3) تعليل لثبوت خيار الشرط من حين التفرق.

و قد عرفته في الهامش 2 من هذه الصفحة عند قولنا: و خلاصته.

ص: 137

انتهى (1).

و نحوه (2) المحكي عن السرائر(1).

و هذه (3) الدعوى لم نعرفها.

+++++++++++

(1) راجع المبسوط الجزء 2 ص 85 عند قوله: و الأولى أن نقول:

(2) أي و نحو ما أفاده الشيخ في خيار الشرط.

ما أفاده ابن إدريس قدس سرهما في السرائر.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري.

أي ما أفاده الشيخ و ابن إدريس في خيار الشرط.

من أن الخيار فرع ثبوت العقد و العقد لم يثبت قبل التفرق فلم يثبت الخيار: لم نعرف له وجها صحيحا بحسب الظاهر.

و للمحقق الاصفهاني قدس سره.

تحقيق رقيق حول ما أفاده شيخنا الانصاري. من أن هذه الدعوى لم نعرفها.

أليك خلاصة ما أفاده.

قال عطر اللّه مرقده:

إن المراد من الثبوت إن كان ما يساوق الوجود فهو موجود.

و إن كان المراد منه ما يساوق اللزوم.

فإن أريد من اللزوم اللزوم الفعلي.

فمن المستحيل اجتماع اللزوم الفعلي و الخيار الفعلي.

و إن أريد اللزوم الاقتضائي الشأني.

ففيه أن نسبة خيار الحيوان، و خيار المجلس إلى العقد على -

ص: 138


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

نعم (1) ربما يستدل عليه بأصالة (2) عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة أيام من حين العقد،

+++++++++++

- حد سواء.

فالعقد البيعي مقتض اللزوم، و لو لا الخيار لكان اللزوم فعليا.

فكلا الخيارين بمنزلة المانع عن مقتضى اللزوم.

لا أن عدم خيار المجلس جزء مقوّم للمقتضي حتى لا تصل النوية المانعة عنه إلى خيار الحيوان، مع وجود خيار المجلس.

راجع تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 34.

(1) استدراك عما أفاده قدس سره: من أن هذه الدعوى لم نعرفها:

و خلاصته انه قد استدل لهذه الدعوى بأدلة أربعة:

و لما كانت دعواه مشتملة على جزءين:

ثبوتي: و هو بقاء خيار الحيوان للمشتري بعد انقضاء مدة خيار الحيوان(1)

و سلبي: و هو عدم حدوث خيار الحيوان في المجلس بعد صدور العقد.

فلذا احتجنا إلى أصلين: ثبوتي و سلبي أيضا.

و نحن نذكر كل أصل عند رقمه الخاص.

(2) هذا هو الدليل الأول و هو الاصل الأولي الايجابي الثبوتي

و المراد من الأصالة هنا الاستصحاب أي استصحاب بقاء خيار الحيوان بعد مضي مدته: و هي الثلاثة الأيام بمقدار زمن المجلس.

فبناء على هذا الاصل يأخذ المشتري بالمدة الفائتة في المجلس، لبقاء خياره.

ص: 139


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بل أصالة (1) عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس.

و بلزوم (2) اجتماع السببين على مسبب واحد.

و بما (3) دل على أن تلف الحيوان في الثلاثة من البائع.

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني: و هو الاصل الثانوي السلبي.

و المراد من الأصالة هنا الاستصحاب أيضا أي استصحاب عدم حدوث خيار الحيوان إلى انتهاء المجلس.

فبناء على هذا الأصل خياره باق أيضا.

(2) هذا هو الدليل الثالث.

و خلاصته انه لو قلنا: إن مبدأ خيار الحيوان من حين صدور العقد لزم اجتماع سببين و هما:

خيار المجلس، و خيار الحيوان.

على مسبب واحد: و هو الفسخ.

و اجتماع سببين على مسبب واحد محال، للزومه اجتماع تأثيرين و علتين في معلول واحد.

و هو من المستحيلات العقلية.

(3) هذا هو الدليل الرابع على أن مبدأ خيار الحيوان من حين الافتراق المشار إليه في ص 137

و خلاصته ان الأخبار الواردة على أن تلف الحيوان في الأيام الثلاثة على البائع:

دليل على أن مبدأ الخيار من حين الافتراق، لأنه لو كان من حين العقد و صدوره الذي يشترك فيه البائع و المشتري في الخيار:

لما كان التلف من مال البائع. -

ص: 140

..........

+++++++++++

- بل كان من مال المشتري.

فقاعدة: كل مبيع تلف في زمن الخيار فهو من مال البائع.

و كذا قاعدة:

كل مبيع تلف في زمان الخيار المشترك فهو من مال المشتري:

تحكمان بأن مبدأ خيار الحيوان من حين الافتراق.

و أما الأخبار الواردة من أن تلف الحيوان في الأيام الثلاثة من مال البائع فراجع.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 351 الباب 5 الأحاديث.

إليك نص الحديث الأول.

عن عبد الرحمن عن أبى عبد اللّه عليه السلام.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى امة بشرط من رجل يوما، أو يومين فماتت عنده و قد قطع الثمن.

على من يكون الضمان؟.

فقال: ليس على الذي اشترى ضمان حتى يمضي شرطه.

إليك نص الحديث الثانى.

عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام.

عن الرجل يشتري الدابة، أو العبد و يشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة، أو يحدث فيه حدث على من ضمان ذلك.

فقال: على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير البيع للمشتري.

و في المصدر نفسه أحاديث أخرى وردت في أن ضمان تلف الحيوان -

ص: 141

مع (1) أن التلف في الخيار المشترك من المشتري.

و يرد (2) الاصل.

+++++++++++

- في أيام خياره على البائع.

(1) هذا بناء على أن مبدأ خيار الحيوان من زمن العقد.

أي فلو كان مبدأه من حين العقد و هو زمن خيار المشترك بين البائع و المشتري:

لما كان ضمان الحيوان عند تلفه في ذلك الزمان على البائع.

بل لا بد أن يكون على المشتري، طبقا للقاعدة المذكورة.

فالحاصل أن القاعدة المستفادة من الأخبار. الواردة في المقام التي ذكرنا لك منها حديثين.

تعطي درسا كاملا على أن مبدأ الخيار من حين الافتراق.

كما أفاده شيخ الطائفة أعلى اللّه مقامه.

لا من حين صدور العقد.

(2) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في الرد على الأدلة الاربعة.

فهذا رد على الدليل الأول: و هو أصالة بقاء الخيار.

و خلاصته إن الأصل المذكور إنما يصار إليه.

و يؤخذ به إذا لم يكن هناك ظهور في أدلة القائلين بأن مبدأ الخيار من حين العقد.

لكن الأدلة التي نقلناها و هي الأخبار المذكورة في ص 102-104-105 لها ظهور لفظي في تعيين مبدأ الخيار من حين العقد، فإن قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي:

في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري. -

ص: 142

ظاهر الدليل، مع (1) أنه بالتقريب الثاني مثبت.

و أدلة (2) التلف من البائع محمولة على الغالب: من كونه بعد المجلس.

+++++++++++

- و في صحيحة محمد بن مسلم:

و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام.

و هكذا بقية الصحاح التي ذكرناها في ص 104-105.

نعم لو لا هذا الظهور لكان للاصل المذكور مجال و جريان.

(1) هذا رد على الدليل الثاني، و هو أصالة عدم حدوث خيار الحيوان إلى انتهاء المجلس.

و خلاصته ان الأصل هنا من الاصول المثبتة:

بمعنى أنه لو لم يكن هناك خيار في المجلس فلا بد من وجوده بعد الافتراق(1)

و هذا من اللوازم العقلية التي لا حجية لها. لأن المقصود اثبات كون خيار الحيوان بعد انقضاء خيار المجلس، و كونه بعده من اللوازم العادية، لعدم كونه قبله.

(2) هذا رد على الدليل الرابع الذي هو التمسك بالأخبار الدالة على أن مبدأ الخيار من حين الافتراق المشار إليها في الهامش 3 ص 140-141.

و خلاصته أن أدلة تلف الحيوان في زمن الخيار من البائع محمولة على الغالب، حيث إن الغالب في تلفه بعد انقضاء المجلس و انتهائه، إذ من البعيد جدا أن يكون تلفه في المجلس آنيا و بلا فاصلة.

ص: 143


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يرد (1) التداخل: بأن الخيارين إن اختلفا من حيث الماهية فلا بأس بالتعدد.

و إن (2) اتحدا فكذلك.

إما (3) لأن الاسباب الشرعية معرفات.

+++++++++++

(1) هذا رد على الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 2 ص 140 و خلاصته إن الخيارين المجتمعين، أو أكثر.

إما أن تختلف ماهيتهما و حقيقتهما.

كما في خيار المجلس، و خيار الحيوان مثلا، لأن حقيقة خيار المجلس شيء: و هو الافتراق أي افتراق الهيئة الاجتماعية.

و حقيقة خيار الحيوان هو انقضاء ثلاثة أيام بتمامها.

فهما من قبيل الانسان و الفرس، فان ماهية الاول حيوان ناطق، و ماهية الثاني حيوان صامت.

فعلى هذا المبنى لا بأس بتعدد الاسباب و اجتماعها.

(2) أي و إما أن يتحد الخياران، أو أكثر كما هو الحق و الواقع، حيث إن ماهية الخيار و حقيقته هو تملك العاقد ازالة العقد.

أو تملك فسخ العقد، فهو واحد بالذات و مختلف بالاعتبار فلا يجتمع المثلان، فلا استحالة فيهما.

ففي هذه الصورة لا بأس أيضا بالقول بتعدد الأسباب، و اجتماعها على سبب واحد.

و قد أقام الشيخ الانصاري قدس سره لهذه الصورة تعليلين نشير إلى كل واحد منهما عند رقمه الخاص.

(3) هذا هو التعليل الاول بعدم البأس في صورة تعدد الأسباب -

ص: 144

و إما (1) لأنها علل و مؤثرات يتوقف استقلال كل واحد منها في التأثير على عدم مقارنة الآخر، أو سبقه.

فهي علل تامة إلا من هذه الجهة.

+++++++++++

- و خلاصته ان عدم البأس في صورة تعدد الأسباب الشرعية إنما هو لأجل أن هذه الأسباب التي هي أسباب بحسب ظاهر الأدلة ليست أسبابا و عللا واقعية.

بل هي من قبيل المعرفات التي هي بمنزلة الاشارات و العلامات:

بمعنى عدم تأثير لها.

فحينئذ يمكن اجتماع اثنين منها، أو أكثر على حكم واحد.

و لا يخفى عليك أنه ليس معنى كون الأسباب الشرعية ليست أسبابا و عللا!

أنها ليست أسبابا واقعية، و عللا حقيقية لتشريع الأحكام.

و كيف يمكن القول بذلك؟.

مع أن الأحكام الواقعية منبعثة من علل و أسباب كما هو الشأن في كل ممكن، و تكون تلك العلل هي المصالح و المفاسد له.

بل الأسباب الواقعية، و العلل الحقيقية أسباب و علل حقيقية لتشريع الأحكام.

(1) هذا هو التعليل الثاني لعدم البأس في صورة تعدد الأسباب.

و خلاصته ان الأسباب الشرعية علل و مؤثرات حقيقية يتوقف استقلال كل واحد من تلك الأسباب في التأثير على عدم مقارنة السبب الآخر له في التأثير: أي بشرط لا عن انضمام الآخر.

بعبارة أخرى أن معنى كون الأسباب الشرعية عللا و مؤثرات -

ص: 145

و هو (1) المراد مما في التذكرة في الجواب عن أن الخيارين مثلان فلا يجتمعان:

من (2) أن الخيار واحد، و الجهة متعددة.

+++++++++++

- هو أن عدم مقارنة الآخر دخيل في التأثير.

و لازم هذا ثبوت التأثير للآخر، سواء أكان الآخر موجودا أم لم يكن كذلك.

و هذا عين عدم الدخل، و عين استقلال صاحبه بالتأثير.

أو يتوقف استقلال كل واحد من تلك الأسباب على عدم سبق الآخر في التأثير.

فالحاصل أن الأسباب الشرعية علل واقعية، و مؤثرات حقيقية تامة من كل الجهات إلا من هذه الجهة:

و هو توقف استقلال كل منهما على عدم مقارنة الآخر، و بشرط لا عن انضمام الآخر.

(1) أي ما قلناه في التعليل الثاني المشار اليه في الهامش 1 ص 145 هو مراد العلامة أعلى اللّه مقامه في التذكرة في الجواب على ما أفاده شيخ الطائفة قدس سره في مبدأ خيار الحيوان: من أنه من حين الافتراق، لا من حين العقد، للزومه اجتماع خيارين على القول بذلك، و الخياران مثلان، و اجتماع مثلين محال.

(2) هذا جواب العلامة عما اورده على شيخ الطائفة.

و خلاصته كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

إن الخيار في صورة الاجتماع واحد لكن الجهات مختلفة أي له جهات متعددة: -

ص: 146

ثم إن المراد من زمان (1) العقد.

هل زمان مجرد (2) الصيغة كعقد الفضولي على القول بكون الاجازة ناقلة؟.

+++++++++++

- جهة المجلس، جهة الحيوان، جهة الشرط.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 331.

ثم لا يخفى عليك أن بعضا أفاد أنه لا فائدة تترتب على هذا النزاع، لأن خيار الحيوان هو خيار المجلس.

و خيار المجلس في غير الحيوان مدته إلى حين الافتراق، و فيه إلى ثلاثة أيام مبدأه من حين العقد.

و لكن يقال في جوابه: إنه بناء على ما أفاده (السيد المرتضى) قدس سره: من ثبوت الخيار للبائع في الحيوان أيضا.

يتوجه الإشكال المذكور و له وجه.

و أما لو قلنا بمقالة المشهور: من اختصاص خيار الحيوان بالمشتري فلا كلام في مغايرة خيار الحيوان مع خيار المجلس موضوعا و محمولا، لأن خيار المجلس ثابت لكليهما ما داما في المجلس و المجلس موجود، سواء أكانت مدته طويلة أم قصيرة.

و خيار الحيوان مختص بالمشتري إلى ثلاثة أيام فأين هذا الخيار من ذاك الخيار؟.

(1) الذي قاله في ص 134 عند قوله:

مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد.

(2) أي هل المراد من زمان العقد في قول الفقهاء: مبدأ الخيار هو زمن العقد: هو زمان إجراء صيغة العقد كما في عقد الفضولي -

ص: 147

أو زمان (1) الملك.

+++++++++++

- بناء على القول بأن الاجازة فيه ناقلة.

فحينئذ يكون مبدأ من حين صدور الاجازة(1)

و كذا لو قلنا: إن الاجازة فيه كاشفة بالكشف الحكمي الذي هو عبارة عن إجراء أحكام الكشف بقدر الامكان.

كالقول بانتقال النماء في الزمن المتخلل بين صدور العقد و صدور الاجازة إلى المشتري من حين صدور العقد، و إن كان أصل التملك قبل صدور الاجازة، بناء على أن الشرط فيه هو الوصف المنتزع: و هو تعقب الاجازة، و لحوقها بالعقد، لأن الدليل الدال على ترتب الآثار من حين العقد بعينه يدل على ترتب آثار الملكية.

و لا يدل الدليل على أن الاستناد إلى المالك الذي يتحقق بحسب الخارج. بالاجازة من حين العقد أيضا، لأن الأصول كما لا تترتب عليها سوى الآثار الشرعية.

كذلك الأدلة الواردة لاثبات حكم تعبدي لا يترتب عليها إلا المقدار الذي ورد التعبد به، دون لوازمه العادية.

و أما بناء على الكشف الحقيقي الذي هو عبارة عن ترتب آثار العقد من حين وقوعه بعد الاجازة حتى كأن الاجازة واقعة مقارنة للعقد:

بمعنى أن نماءات الثمن للبائع.

و نماءات المثمن للمشتري: بناء على أن الشرط هو وصف التعقب

(1) أي أو و هل المراد من زمن الخيار هو زمن الملك؟.

و لا يخفى عليك أن هذا القول مبني على كون المراد من الاجازة -

ص: 148


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

عبر (1) بذلك للغلبة؟.

الظاهر هو الثاني (2) كما استظهره (3) بعض المعاصرين.

قال (4):

+++++++++++

- هي الناقلة، لا الكاشفة.

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم: إنه لو كان المراد من زمن مبدأ الخيار هو زمن الملك، لا زمن العقد و اجراء صيغته.

فلماذا يعبر عن مبدأ الخيار في اصطلاح الفقهاء رضوان للّه عليهم بأن مبدأه هو زمن العقد؟.

فأجاب قدس سره: بأن ذلك من باب الغلبة، حيث إن الغالب في الزمان هو زمان العقد، لا زمن الملك(1)

ثم لا يخفى عليك أن مبدأ خيار الحيوان في لسان الأحاديث الشريفة هو مجموع الثلاثة الأيام.

(2) و هو أن المراد من زمن العقد هو زمان الملك أي مبدأ الخيار هو زمن الملك، لا زمن إجراء صيغة العقد.

(3) أي كما استظهر زمان الملك بعض المعاصرين، حيث قال:

مبدأ الخيار هو زمان التملك، لا زمن إجراء الصيغة.

(4) أي بعض المعاصرين.

كان الظن الغالب من بعض المعاصرين هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

و الذي جعلنا نؤمن بذلك ما أفاده بعض الأعلام من المحشين قدس سره، حيث افاد أن المراد من بعض المعاصرين هو صاحب الجواهر. -

ص: 149


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

- و لكن لما كانت العبارة محتاجة إلى التطبيق فراجعنا الجواهر الجزء 23 باب خيار الحيوان من ص 23 إلى ص 31.

فلم نجدها هناك.

ثم راجعنا المصدر باب خيار الشرط من ص 32 إلى ص 41.

فلم نعثر عليها هناك.

ثم راجعنا المصدر باب خيار المجلس من ص 20 إلى ص 23.

فلم نجدها هناك.

ثم راجعنا المجلد الرابع من الطبعة الحجرية باب الصرف و السلم حيث لم يوجد الجزء 24 عندنا.

فلم نعثر على ضالتنا.

ثم راجعنا المقابيس و المصابيح، حيث إنه قدس سره يذكر كثيرا ما عن المحقق الشيخ اسد اللّه التستري، و عن السيد بحر العلوم قدس سرهما فلم نجدها هناك.

و بعد اللتيا و التي تبين أن المراد من بعض المعاصرين هو المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره، فإنه في تعليقته على خيارات متن اللمعة الدمشقية أفاد هكذا:

(قال المصنف من حين العقد).

الظاهر اعتبار التملك.

فلو اسلم حيوانا بطعام فخياره من حين العقد.

راجع (الخيارات) الطبعة الحجرية ص 43.

و أما المراد من العبارة. -

ص: 150

فعلى (1) هذا لو أسلم حيوانا بطعام(1) و قلنا بثبوت الخيار لصاحب الحيوان و إن كان بائعا:

كان مبدأه بعد القبض.

و تمثيله (2) بما ذكر.

+++++++++++

- فهو أنه على القول بأن مبدأ خيار الحيوان هو زمن تملكه، لا زمن اجراء الصيغة.

فلو اسلم شخص حيوانا بطعام:

بأن جعل الحيوان ثمنا، و الطعام مثمنا:

بأن قال: اسلمتك حيوانا بطعام.

فمبدأ هذا الخيار من حين تسلم بائع الطعام الحيوان.

فمتى تسلمه من مشتري الطعام يكون وقت التسلم منه هو وقت خياره.

فوقت الخيار لبائع الطعام هو ذاك الوقت.

و المراد من بائعا في قوله في هذه الصفحة: و ان كان بائعا.

هو بائع الطعام، و اسم كان يرجع إليه.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده كاشف الغطاء قدس سره في خيار الحيوان بقوله: قال المصنف: من حين العقد.

و قد عرفت معنى التفريع في ص 150 عند قولنا:

و أما المراد من العبارة.

(2) أي و تمثيل بعض المعاصرين و هو المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء بقوله: فلو أسلم حيوانا.

هذا دفع ايراد. -

ص: 151


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مبني (1) على عدم اختصاص الخيار بالحيوان المعين.

و قد تقدم (2) التردد في ذلك.

+++++++++++

- و خلاصة الايراد ان المحقق الشيخ علي قائل بعدم جريان خيار الحيوان في المبيع الكلي، بل يجري في المبيع الشخصي الجزئي لا غير.

فكيف مثّل بالحيوان الكلي في قوله: فلو أسلم حيوانا؟

حيث إن كلمة حيوانا كلي.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته إن التمثيل بذلك مبني على عدم اختصاص خيار الحيوان بالحيوان المعين الشخصي الجزئي.

فعلى هذا المبنى يجوز التمثيل المذكور.

(2) هذا رد من شيخنا الانصاري على المبنى المذكور.

و خلاصته انك عرفت في ص 92 عند قولنا!

ثم إنه هل يختص هذا الخيار بالمبيع المعين؟.

أو يعم الكلي؟.

كما هو المتراءى من النص و الفتوى.

نعم يظهر من بعض المعاصرين الأول.

و هو الأقوى:

التردد في جريان خيار الحيوان في الحيوان الكلي.

ثم لا يخفى عليك أنه في كثير من النسخ الموجودة عندنا لا توجد كلمة (عدم) في قوله: مبني على اختصاص خيار الحيوان بالمعين الكلي. -

ص: 152

ثم إن ما ذكروه (1) في خيار المجلس!

في جريانه في الصرف و لو قبل القبض: يدل على أنه لا يعتبر في الخيار الملك.

+++++++++++

- و في بعض النسخ المصححة توجد كلمة عدم كما اثبتناها هنا.

و هذا هو الصحيح، فإن من أمعن النظر و اتقنه، لوجد كلمة عدم مما لا بد من وجودها، لعدم انسجام دفع الايراد لولاها.

كما لا يخفى على المتأمل الدقيق الخبير.

(1) و هو أن مبدأ الخيار.

هل هو من زمن إجراء الصيغة، أو زمن الملك؟.

من هنا يروم قدس سره الايراد على ما أفاده المحقق، الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره: من أن المراد من مبدأ الخيار هو زمن الملك، لا زمن العقد.

و خلاصة الايراد: إن ما ذكره الفقهاء. من جريان خيار المجلس في بيع الصرف و السلم و لو كان قبل القبض:

يدل على عدم اعتبار الملكية في مبدأ الخيار و إن اعتبرنا الاثر في الخيار.

كما لو رأى المشتري في المعاملة السلمية طعاما ثمنه أقل من ثمن الطعام المشترى سلما.

أو نوعيته أجود من ذلك و أحسن.

فهنا له الفسخ، و هذا الفسخ هو أثر الخيار.

فعلى ما ذكره الفقهاء من الجريان المذكور:

يلزم أن يكون المراد من مبدأ الخيار هو زمن العقد الذي هو وقت -

ص: 153

لكن لا بد له (1) من أثر!

و قد تقدم الإشكال في ثبوته (2) في الصرف قبل القبض لو لم نقل بوجوب التقابض.

+++++++++++

- اجراء الصيغة.

(1) أي للخيار كما عرفت عند قولنا: و إن اعتبرنا الاثر.

(2) أي في ثبوت خيار المجلس في الصرف.

عند قوله في ص 174:(1) أما لو قلنا بعدم وجوب التقابض، و جواز تركه إلى التفرق المبطل للعقد:

ففي أثر الخيار خفاء.

ص: 154


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
مسألة: لا إشكال في دخول الليلتين المتوسطتين في الثلاثة الأيام

(مسألة (1):

لا إشكال في دخول الليلتين (2) المتوسطتين في الثلاثة الأيام،

+++++++++++

(1) أي المسألة الثالثة من المسائل الخمس المذكورة في الهامش 1 ص 97.

(2) المراد من الليلتين هما الليلتان من الثلاثة الأيام من خيار الحيوان إذا جعلنا مبدأ خياره من أول يوم بيعه(1)

فقبل الشروع فيما أفاده قدس سره في هذا المقام.

لا بد من تعريف اليوم ثم الدخول في الموضوع.

فنقول: اليوم عبارة عن بداية طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

و أما النهار فعبارة عن ابتداء طلوع الشمس إلى نهاية غروبها.

فلا يصدق اليوم على الليل و النهار معا.

كذلك لا يصدق النهار على اليوم و الليل معا.

فلو أطلق اليوم على مجموع الليل و النهار كان الاطلاق مجازيا.

و كان الاستعمال فيهما بقرينة خارجية.

فالنهار ضد الليل و إنما قيل له النهار، لانكشاف الظلمة عن الضياء بسببه.

كما أن اطلاق اليوم على اليوم الصومي الذي هو من بداية طلوع الفجر إلى نهاية زوال الحمرة المشرقية في لسان الشارع: يكون بقرينة خارجية.

و قد ادعى بعض أنه لم يطلق اليوم على مجموع الليل و النهار اطلاقا -

ص: 155


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

- حقيقيا، بل اطلاقه عليه اطلاق مجازي.

فعليه لو أريد إلحاق الليل باليوم، سواء أكان الإلحاق به من ابتداء اليوم، أو انتهائه، أو في أثنائه:

لكان الالحاق إلحاقا حكميا! بمعنى أن حكم الليل في الخيار حكم اليوم.

فكما أنه يجوز لصاحب الخيار الأخذ بالخيار يوما كذلك يجوز له الاخذ ليلا.

و لا يراد من هذا الالحاق دخول الليل في مفهوم اليوم.

بل يراد منه جهات أخر اقتضت الالحاق به.

إذا عرفت هذا.

فأعلم أنه لا شبهة في دخول الليلتين المتوسطتين في الأيام الثلاثة، لاستفادة الاستمرار بدخولها فيها من الأحاديث الواردة في خيار الحيوان التي أشير اليها في ص 102-105، فإن لسان الأخبار هو و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام.

و ليس في الأخبار تعيين مقدار الأيام.

و دخول الليلتين في الأيام الثلاث أمر طبيعي.

كدخول الليالي في الاقامة عشرة أيام للمسافر.

فعليه لو فرض وقوع العقد في بداية الغروب لاستمر هذا الخيار إلى آخر يوم الثالث.

فدخول الليلتين، أو الثلاثة في بعض الموارد ليس لأجل دخولهما في مفهوم الأيام الثلاثة. -

ص: 156

- و هذا امر واضح ليس فيه إشكال.

و إنما الكلام في أنه.

هل الحكم الذي هو الخيار المترتب على الأيام مرتب على خصوص اليوم التام؟.

أو يكفي التلفيق؟.

ثم التلفيق على قسمين:

(الأول): حصوله من نصف يوم مع نصف ليل.

(الثاني): حصوله من نصف يوم مع نصف يوم آخر.

إذا أحطت بما ذكرناه لك.

فأعلم أن للحكم المذكور مرحلتين:

مرحلة الثبوت.

و مرحلة الاثبات.

أما مرحلة الثبوت فلا تخلو من أحد الوجوه الثلاث:

(الأول): عدم وجود خصوصية لليوم أصلا و أبدا.

و إنما الخصوصية راجعة إلى المقدار المعين الحاصل من الحركة الفلكية.

(الثاني): وجود خصوصية لليوم.

و هذا (تارة) يكون من حيث المقدار المعين من البياض.

(و أخرى) يكون لخصوصية تمامية اليوم.

و أما مرحلة الاثبات فلا بد فيها من وجود قرينة قائمة على أن المراد هو احد الوجوه الثلاثة. -

ص: 157

لا لدخول (1) الليل في مفهوم اليوم.

بل (2) للاستمرار المستفاد من الخارج (3).

و لا (4) في دخول الليالي الثلاث عند التلفيق مع الانكسار.

+++++++++++

- و ليس من البعيد القول بقيام القرينة النوعية على كفاية.

التلفيق من يومين، لأن ظاهر ما أوجب اعتبار اليوم.

أو الأيام في موضوعات الأحكام إنما هو اعتبار هذا المقدار من البياض.

لا اعتبار هذا المقدار من حركة الفلك.

و لا اعتبار هذا المقدار من تمام البياض من يوم واحد.

(لا يقال): لو كان التلفيق كافيا من يومين.

فلماذا لم يكن كافيا في الاعتكاف؟،

(فإنه يقال): إن عدم الكفاية إنما هو لأجل اعتبار الصوم في الاعتكاف، و لو لا ذلك لكان التلفيق كافيا في الاعتكاف.

و قد ثبت شرعا أن يوم الصوم و ابتداءه من أول طلوع الفجر إلى نهاية زوال الحمرة المشرقية.

(1) أي و ليس دخول الليلتين المتوسطتين في الأيام الثلاثة لاجل أن الليل داخل في مفهوم اليوم كما علمت آنفا.

(2) أى بل دخول الليلتين في الأيام الثلاث لاجل استمرار دخولهما في الأيام الثلاثة المستفاد هذا الاستمرار من القرائن الخارجية: و هي الأخبار الواردة في خيار الحيوان كما علمت آنفا.

(3) أي من العرف، لا من لفظ اليوم.

(4) أي و ليس دخول الليلتين المتوسطتين في الأيام الثلاثة لاجل -

ص: 158

- دخول الليالي الثلاث عند التلفيق مع الانكسار، لأن معنى اليوم لغة و شرعا و عرفا هو البياض المقابل لليل.

فلما فهم اتصال الخيار بالعقد في جميع أزمنة وقوعه، سواء أكان في الليل ام في النهار.

فلا بد من تحقق مصداق مضي الثلاثة الأيام.

فالليلتان و غيرهما داخلتان في الأيام الثلاثة.

و كذا المنكسر من اليوم داخل في الأيام الثلاثة.

فلو وقع العقد في ظهر يوم السبب مثلا.

فالخيار متصل إلى أن يتحقق مصداق مضي ثلاثة أيام و ذلك لا يكون إلا بانتهاء ظهر يوم الثلاثاء.

و هو زوال الشمس من يوم الثلاثاء.

و كذا لو وقع العقد في ليلة الخميس مثلا.

فالخيار متصل إلى أن يتحقق مصداق مضي ثلاثة أيام.

و ذلك لا يكون إلا بانتهاء يوم السبت:

و هو غروب الشمس منه:

فدخول الليلة إنما هو لاجل الحكم، لا لدخولها في اسم اليوم.

و يستفاد هذا من صحيحة ابن رئاب في قوله عليه السلام:

فاذا مضت ثلاثة أيام فقد وجب الشراء(1).

ص: 159


1- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 350 الباب 3 الحديث 9.

فلو عقد (1) في الليل فالظاهر بقاء الخيار إلى آخر اليوم الثالث و يحتمل النقص (2) عن اليوم الثالث بمقدار ما بقي من ليلة العقد.

لكن فيه (3) أنه يصدق حينئذ الأقل من ثلاثة أيام:

+++++++++++

- فمفهوم الصحيحة بقاء العقد على الخيار ما لم تمض الثلاثة الأيام اذا فالمنكسر: من الليل، أو النهار داخل في حكم البقاء على الخيار إلى أن تحصل الغاية: و هي مضي ثلاثة أيام.

لا في مفهوم الأيام المنافي للّغة و الشرع و العرف.

(1) الفاء فاء التفريع أي ففي ضوء ما ذكرناه لك:

من دخول الليلتين المتوسطتين في الأيام الثلاثة لاجل الاستمرار المستفاد من الخارج

لا لاجل دخول الليل في مفهوم اليوم:

فلو عقد على حيوان ليلا و قد بقيت من الليل ساعتان مثلا فلا تعدان من المدة المعينة للخيار:

و هي الثلاثة الأيام.

بل الخيار باق إلى غروب الشمس من اليوم الثالث.

(2) خلاصة هذا الاحتمال أنه بناء على وقوع العقد ليلا عند بقاء ساعتين منه فرضا: ينقص من اليوم الثالث الذي هو آخر أيام الخيار بمقدار ساعتين منه.

فهذه النقيصة في قبال تلك الزيادة.

(3) رد على الاحتمال المذكور،

و خلاصته أنه بناء على التنقيص من اليوم الثالث بمقدار ما بقي -

ص: 160

و الاطلاق (1) على المقدار المساوي للنهار و لو من الليل خلاف (2) الظاهر.

+++++++++++

- من الليل يلزم أن تكون مدة الخيار أقل من ثلاثة أيام.

مع أن ثلاثة أيام بكاملها و تمامها عبارة عن بداية طلوع الشمس من اليوم الاول إلى نهاية غروب اليوم الثالث.

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم أن اليوم يطلق على المقدار المساوي للنهار و النهار أربعة و عشرون ساعة:

فاليوم يساوي هذا المقدار من الزمان.

فاذا ضممنا مقدارا من الليل إلى اليوم الثالث الذي نقص منه بمقدار ما بقي من الليل الواقع فيه العقد: و هي ساعتان،

لارتفع إشكال صدق الأقلية من ثلاثة أيام عن مدة الخيار في صورة تنقيص مقدار ما بقي من الليل من اليوم الثالث.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته ان اطلاق اليوم على المقدار المساوي للنهار خلاف الظاهر المراد من اليوم عرفا، فإن مقدار اليوم من طلوع الشمس إلى غروبها.

هذا هو الظاهر من كلمة (يوم) متى أطلقت في مصطلح العرف.

لا أن لفظة يوم عبارة عن 24 ساعة المساوية هذه المدة للنهار حتى يقال: إذا ضم مقدار من الليل إلى اليوم يتدارك به ما نقص من اليوم الثالث بمقدار ما بقي من الليل.

ص: 161

قيل (1): و المراد بالأيام الثلاثة ما كانت مع الليالي الثلاث، لدخول (2) الليلتين أصالة فتدخل الثالثة (3).

و الا (4) لاختلفت.

+++++++++++

(1) القائل هو (السيد بحر العلوم) قدس سره في مصابيحه.

أليك نص عبارته هناك.

و الظاهر دخول الليلتين أصالة فتدخل الثالثة.

و إلا اختلف معنى الآحاد في استعمال واحد.

الظاهر أن الشيخ قدس سره نقل عبارة المصابيح بالمعنى كما هو ديدنه أعلى اللّه مقامه.

(2) تعليل لكون المراد من الأيام الثلاثة الأيام مع لياليها الثلاث.

و خلاصته إن الليلتين داخلتان في الأيام الثلاثة بالأصالة، لاتصالهما باليومين، و استمرارهما بهما، لتحققهما خارجا، فتدخل الليلة الثالثة في اليوم الثالث تبعا و عرضا.

(3) أي الليلة الثالثة كما عرفت.

(4) أي و إن لم تدخل الليلة الثالثة في اليوم الثالث تبعا لاختلف معنى الآحاد أي مفردات الجمع، لأن الأيام جمع يوم، و للايام مفردات ثلاثة:

اليوم الاول - اليوم الثاني - اليوم الثالث.

و لا شك في دخول الليلة الاولى في اليوم الاول، و دخول الليلة الثانية في اليوم الثاني.

و أما الليلة الثالثة من اليوم الثالث.

فلا بد من دخولها فيه، لئلا يوجد الاختلاف في مفردات الأيام -

ص: 162

مفردات الجمع في استعمال واحد، انتهى (1).

فإن (2) اراد الليلة السابقة على الأيام فهو حسن.

إلا أنه لا يعلل بما ذكر.

+++++++++++

- فاذا لم تدخل فلسان حالها.

ما ذنبي لا ادخل و زميلتاي داخلتان؟

ثم تقول: باؤهما تجر و بائي لا تجر.

(1) أي ما أفاده السيد بحر العلوم قدس سره في هذا المقام.

(2) ايراد منه على السيد بحر العلوم قدس سرهما في مقام التساؤل عن الليلة السابقة، و قسمه إلى سؤالين،

فقال: ما المراد من الليلة السابقة؟

هذا هو السؤال الاول.

و خلاصته: إنه لو كان المراد من الليلة الثالثة.

الليلة الماضية و السابقة على الأيام الثلاثة.

فما أفاده حسن.

لكن التعليل المذكور بقوله في ص 162:

لدخول الليلتين أصالة فتدخل الثالثة:

لا يشمل الليلة الثالثة، لأن دخول الليلتين من باب اللامحالية، اذ بدون دخولهما لا يتحقق اليوم الاول و الثاني، لأننا لا نقول باستعمال اليومين الاولين في اليوم و الليلة.

و لا باستعمال اليوم الثالث في خصوص اليوم الثالث فقط، من دون استعماله في الليلة.

فالمناسب للتعليل هو اعتبار الاستمرار من حين العقد إلى مضي -

ص: 163

و إن اراد (1) الليلة الأخيرة.

فلا يلزم من خروجها اختلاف مفردات الجمع في استعمال واحد

+++++++++++

- الثلاثة الأيام.

(1) هذا هو السؤال الثاني من السيد بحر العلوم.

و خلاصته: إنه لو كان المراد من الليلة الثالثة.

الليلة الأخيرة: بأن وقع العقد في أول النهار كما هو الظاهر:

فلا حسن في دخولها في الأيام الثلاثة، لعدم دليل على الدخول، و لا يلزم من خروجها منها اختلاف في مفردات الجمع، لأننا لا نقول باستعمال اليوم الاول و الثاني في ليلتيهما: بمعنى استعمال اليوم الاول بليلته.

و استعمال اليوم الثاني في ليلته.

بل نقول: إن اليوم الثالث مستعمل في خصوص النهار، أو مقداره من نهارين.

و ليس مستعملا في مجموع النهار و الليل، أو مقدارهما حتى يشمل الليلة الثالثة.

و كذلك ليس مستعملا في باقي النهار و إن كان ملفقا من الليل.

كما إذا وقع العقد في النصف من ليلة السبت فدخول الليلة الاولى و الثانية في اليوم ليس من باب دخولهما في مفهوم اليوم حتى يقال بدخول الليلة الثالثة في مفهوم اليوم.

بل دخولهما فيهما من باب إرادتهما من لفظيهما و إن كان لمحض الاتصال و الاستمرار.

ص: 164

إذ (1) لا نقول باستعمال اليومين الاولين في اليوم و الليلة، و استعمال اليوم الثالث في خصوص النهار.

بل نقول: إن اليوم مستعمل في خصوص النهار، أو مقداره (2) من نهارين.

لا في (3) مجموع النهار و الليل، أو مقدارهما.

و لا في (4) باقي النهار و لو ملفقا من الليل.

و المراد من الثلاثة الأيام هي بلياليها:

أي (5) ليالي مجموعها، لا كل (6) واحد منها.

فالليالي (7) لم ترد من نفس اللفظ.

و إنما أريدت من جهة الاجتماع(1)، و ظهور اللفظ الحاكمين في المقام باستمرار الخيار، فكأنه قال:

الخيار يستمر إلى أن تمضي ستة و ثلاثون ساعة من النهار.

+++++++++++

(1) تعليل لعدم لزوم خروج الليلة الثالثة من مفردات الجمع و قد عرفته في الهامش 1 ص 164 عند قولنا: و لا يلزم من خروجها.

(2) أي مقدار النهار كما عرفت.

(3) أي و ليس اليوم مستعملا كما عرفت.

(4) أي و ليس اليوم مستعملا في باقي النهار كما عرفت.

(5) كلمة أي تفسير لجملة هي بلياليها أي المراد من الأيام الثلاثة الأيام مع مجموع لياليها، سواء أ كانت الليالي ثلاثة أم اثنتين.

(6) أي و ليس المراد من الليالي كل ليلة من الليالي الثلاث حتى تدخل الليلة الثالثة في اليوم الثالث.

(7) الفاء فاء تفريع أي ففي ضوء ما ذكرناه لك: من أن اليوم -

ص: 165


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- مستعمل في خصوص النهار، أو مقداره من نهارين.

لا تكون الليالي مرادة من نفس اللفظ أي من مفهومه هذا بحسب اعتدال النهار، و تساوي اليوم و الليل.

و أما عند الاختلاف كالفصول الاربعة.

الربيع - الصيف - الخريف - الشتاء.

فالنهار يختلف طولا و قصرا، فلا بد في هذه الصورة من مراعاة زمان وقوع العقد و مكانه.

ص: 166

مسألة: يسقط هذا الخيار بأمور:

اشارة

(مسألة) (1):

يسقط هذا الخيار (2) بأمور:

أحدها: اشتراط سقوطه في العقد.

(أحدها) (3): اشتراط سقوطه في العقد.

و لو شرط سقوط بعضه (4) فقد صرح بعض بالصحة.

و لا (5) بأس به.

الثاني: إسقاطه بعد العقد.

(الثاني) (6): إسقاطه بعد العقد.

+++++++++++

(1) أي المسألة الرابعة من المسائل الخمس المشار إليها في الهامش 1 ص 97.

(2) أي خيار الحيوان.

من هنا أخذ شيخنا الانصاري قدس سره في عد مسقطات خيار الحيوان فقال: يسقط هذا الخيار بأمور.

(3) أي احد الأمور المسقطة لخيار الحيوان:

اشتراط سقوطه في متن العقد من المتعاقدين.

(4) أي سقوط بعض الخيار كسقوط يوم، أو يومين، أو نصف يوم من ثلاثة أيام الخيار.

(5) هذا رأى شيخنا الانصاري حول اشتراط سقوط بعض مدة خيار الحيوان.

(6) أي ثاني الامور المسقطة لخيار الحيوان.

إسقاط الخيار بعد العقد و تمامه.

ص: 167

و قد تقدم الأمران (1):

الثالث: التصرف
اشارة

(الثالث) (2): التصرف(1) و لا خلاف في إسقاطه في الجملة لهذا الخيار.

+++++++++++

(1) و هما: اشتراط سقوط الخيار في متن العقد.

و اشتراط إسقاطه بعد العقد.

أما الاول فقد تقدم في مسقطات خيار المجلس، في الجزء 13 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 180 عند قوله: مسألة لا خلاف ظاهرا في سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد.

و أما الثاني فقد تقدم في خيار المجلس أيضا في الجزء 13 من المكاسب ص 229 عند قوله: مسألة و من المسقطات إسقاط هذا الخيار بعد العقد.

(2) أي ثالث الامور المسقطة لخيار الحيوان التصرف.

و لما انجر بنا الكلام إلى التصرف المسقط للخيار.

لا بأس باشارة اجمالية حول التصرف، و ما يراد منه.

فنقول مستعينا بواهب العطيات:

البحث عن التصرف المسقط يتوقف على بيان أمرين:

(أحدهما): في المراد من التصرف؟.

(الثاني): في بيان المراد من قوله عليه السلام في صحيحة ابن رئاب:

فإن أحدث المشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضى منه و لا شرط له.

أما الأمر الأول -

ص: 168


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- فنقول: إن الأفعال التي تدل على التصرف في المبيع على قسمين:

(الاول) أن تلك الأفعال لا تعد تصرفا في العين المبيعة عرفا.

كما في النظر إلى الجارية المشتراة، فإنها لا تعد تصرفا فيها.

فالنظر إليها كالنظر إلى الحرة، و كاستماع غنائها فكما أنهما لا يعدان تصرفا.

كذلك النظر إلى الجارية لا يعد تصرفا.

و ان كان النظر و الاستماع محرمين.

إلا أن الحرمة شرعا ليست من باب أنها من التصرف في العين حتى يتوقف النظر إليها، و استماع غنائها على الاذن من مالكها:

بل الحرمة في النظر و الاستماع نفسية، لوجود مفسدة في نفس النظر و الاستماع: و هي اثارتهما الشهوة.

و هكذا سقي الدابة، و إطعامها العلف.

لا يعدان تصرفا فيها.

(الثاني): أن تكون الأفعال التي تمس المبيع مما يعد تصرفا في العين.

كما في ركوب الدابة و نعلها: و أخذ حافرها لا مثل سقي الدابة و إعلافها، فان هذه الأشياء، و ما شابهها تعد تصرفا في العين لا محالة

و أما الأمر الثاني: و هو المراد من قوله عليه السلام.

فان أحدث المشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام.

فذلك رضى منه و لا شرط له؟

فنقول: بما أن التصرف من الأفعال الخارجية، و الرضا من -

ص: 169

..........

+++++++++++

- الأمور القلبية أي الصادرة من القلب.

فلا مجال لحمل أحدهما على الآخر.

و لشيخنا الانصاري قدس سره في هذا المقام من الاحتمالات أربعة نذكرها لك، لتكون بصيرا في الجمع بين التصرف و الرضى.

إليك الاحتمالات.

(الأول): حمل الرضا على التصرف من باب التنزيل في الحكم الشرعي: بمعنى أنه مسقط شرعا.

نظير تنزيل الطواف في البيت على الصلاة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

الطواف في البيت صلاة، فان الشارع نزل حقيقة الطواف حول الكعبة منزلة الصلاة:

بمعنى عدم الفرق بين الطواف، و بين الصلاة.

ففيما نحن فيه نزل الشارع الرضا منزلة التصرف في سقوط الحكم الشرعي الثابت في الحيوان، و الحكم الشرعي هو الخيار.

و التنزيل هنا يحصل بأحد أمرين:

إما أن التصرف يعد من أفراد الرضا ادعاء.

كادعاء أن زيدا أسد في قولك: زيد أسد.

فحينئذ يكون التصرف و الرضا متحدين وجودا: بالحمل الشائع الصناعي الذي ملاكه و مناطه هو الاتحاد في الوجود.

فيكون حكم التصرف حكم الرضا بعد هذا الاتحاد.

و إما أن يكون التصرف عبارة عن الرضا فى الاسقاط، و لا يكون -

ص: 170

..........

+++++++++++

- اتحاد بين التصرف و الرضا في الوجود الخارجي حتى ادعاء.

نعم لهما اتحاد في معنى ثالث: و هو الاسقاط.

فكما أن الرضا مسقط للخيار.

كذلك التصرف مسقط له.

(الاحتمال الثاني): أن يكون التصرف في العين كاشفا عن الرضا فيكون مسقطا للخيار تعبدا.

و معنى الكاشفية ملاحظته على وجه الحكمة. لا على وجه العلية حتى يدور مدارها نفيا و اثباتا:

بمعنى أن التصرف لا يكون في جميع الموارد كاشفا عن الرضا.

(الاحتمال الثالث): هو حمل الرضا على التصرف بنحو الكاشفية كالاحتمال الثاني.

لكن بنحو العلية: بحيث يدور الحكم مدارها نفيا و اثباتا:

بمعنى أن اقتضاء الكشف للاسقاط لاجل اقتضاء المكشوف به فيكون من باب حمل المنكشف على الكاشف، فجعل الشارع الكاشف عنه حجة.

و مقتضى الحجية إعطاء حكم المكشوف للكاشف.

(الاحتمال الرابع): هو المعنى الثالث بعينه.

لكن بضميمة شيء آخر معه:

و هو إرادة الكاشفية الشخصية الفعلية عن الرضا.

و هنا فرق آخر بين الاحتمال الثالث و الرابع:

و هو كفاية عدم العلم بالخلاف في الثالث -

ص: 171

و تدل عليه (1) قبل الاجماع(1) النصوص.

ففي (2) صحيحة ابن رئاب.

فان أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك (3) رضى منه فلا شرط (4) له.

قيل له (5): و ما الحدث؟.

+++++++++++

- بخلاف الرابع، فانه لا بد فيه من العلم بالرضا.

ثم لا يخفى عليك أن الحمل في الرابع و الثالث و الثاني على نحو اتحاد الكاشف و المكشوف.

فليس التصرف بما هو تصرف رضا من المشتري.

بل بما هو كاشف عن الرضا، لأن المكشوف بالذات مع الكاشف متحدان كاتحاد الماهية و الوجود.

و من الواضح أن المكشوف بالذات الذي هي طبيعة الرضا متحد مع الرضا الخارجي كاتحاد الطبيعي مع فرده في الوجود الخارجي،

(1) أي على هذا التصرف المسقط للخيار في الحيوان.

الأحاديث الشريفة الواردة في المقام.

(2) من هنا أخذ في عد تلك الأحاديث.

فصحيحة ابن رئاب احدى الصحاح الدالة على أن التصرف مسقط للخيار.

(3) أي الاحداث من قبل المشتري فيما اشتراه.

(4) أي فلا خيار له.

(5) أي للامام عليه السلام.

ص: 172


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال (1): إن لا مس (2) أو قبّل، أو نظر منها إلى ما كان يحرم عليه (3) قبل الشراء (4).

و صحيحة (5) الصفار.

كتبت إلى أبي محمد عليه السلام في الرجل اشترى من رجل دابة فأحدث فيها حدثا: من أخذ الحافر (6)، أو نعلها (7) أو ركب ظهرها فراسخ.

أله أن يردها في الثلاثة الأيام التي له فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها؟

أو الركوب الذي يركبها؟.

فوقّع عليه السلام: إذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء إن شاء اللّه (8).

+++++++++++

(1) أي الامام عليه السلام.

(2) أي المشتري لا مس الجارية المشتراة.

(3) أي على المشتري.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 الحديث 1.

(5) هذه ثانية الصحاح الدالة على اسقاط الخيار بالتصرف.

(6) مفرد جمعه حوافر.

و الحافر يخص الحيوان فهو بمنزلة القدم التى يخص الانسان.

(7) نعل الحيوان عبارة عن طبق من حديد، أو جلد يوقى به الحافر، أو الخف، و يكون للحيوان كالحذاء لقدم الانسان.

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 351 الباب 4 الحديث 2.

ص: 173

و في ذيل الصحيحة المتقدمة (1) عن قرب الاسناد.

قلت له (2):

أ رأيت إن قبلها المشتري، أو لا مس؟

قال (3): فقال: إذا قبل، أو لا مس، أو نظر ما يحرم على غيره فقد انقضى الشرط (4) و لزمته (5).

و استدل عليه (6) في التذكرة بعد الاجماع: بأن (7) التصرف دليل الرضا (8).

و في موضع آخر منها (9) أنه (10) دليل على الرضا بلزوم العقد (11).

+++++++++++

(1) و هي الصحيحة الاولى المذكورة في ص 172

(2) أي للامام عليه السلام.

(3) أي الراوي قال: فقال الامام عليه السلام.

(4) أي مدة خيار الحيوان: هي الأيام الثلاثة.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 351 الباب 4 الحديث 3.

(6) أي على أن التصرف في الحيوان مسقط خياره.

(7) الباء بيان لكيفية الاستدلال.

(8) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 324 عند قوله: فان تصرف فيه سقط خياره اجماعا، لأنه دليل على الرضا به.

(9) أي من (تذكرة الفقهاء).

(10) أي التصرف.

(11) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 351 -

ص: 174

و في (1) موضع آخر منها كما في الغنية: ان التصرف اجازة.

أقول (2): المراد بالحدث إن كان مطلق التصرف الذي لا يجوز لغير المالك إلا بالرضى كما يشير إليه قوله: أو نظر إلى ما كان يحرم عليه قبل الشراء.

فلازمه كون مطلق استخدام المملوك، بل مطلق التصرف فيه مسقطا كما صرح به (3) في التذكرة في بيان التصرف المسقط للرد بالعيب.

من (4) أنه لو استخدمه (5) بشيء خفيف:

مثل اسقني، أو ناولني الثوب، أو اغلق الباب فقد سقط الرد أيضا (6).

+++++++++++

- عند قوله: لأن تصرفه قبل انقضاء مدة الشرط دليل على الرضا بلزوم العقد.

(1) أي و قال العلامة قدس سره في موضع آخر من تذكرة الفقهاء.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 351

(2) من هنا يروم الشيخ الانصاري قدس سره أن يحلل كلمة (حدثا) الواقعة في صحيحة علي بن رئاب المذكورة في ص 172

فقال قدس سره: المراد بالحدث

(3) أي بأن المراد من الحدث مطلق التصرف في المبيع. دون تصرف خاص معين.

(4) هذا تصريح العلامة قدس سره في التذكرة حول التصرف.

(5) أي استخدم العبد.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382.

عند قوله: و لو كان بشيء خفيف مثل اسقني، أو ناولني.

ص: 175

ثم استضعف (1) قول بعض الشافعية بعدم السقوط، معللا (2):

بأن (3) مثل هذا قد يؤمر به غير المملوك (4).

و ليس (5) بشيء.

+++++++++++

(1) أي العلامة قدس سره استضعف في التذكرة قول بعض الشافعية الذي قال بعدم سقوط خيار المشتري لو استخدم الرقيق بشيء خفيف مثل اسقني أو ناولني الثوب.

(2) حال لبعض الشافعية أي حالكون بعض الشافعية علل عدم السقوط.

(3) الباء بيان لكيفية تعليل بعض الشافعية القائل بعدم سقوط خيار الحيوان لو استخدم بشيء خفيف.

و خلاصة التعليل ان مثل هذه الأمور:

و هو السقي، و مناولة الثوب، و إغلاق الباب و ما شابهها أمور خفيفة جدا بحيث يؤمر بها من لم يكن مملوكا، فلا تعد الأشياء المذكورة تصرفا موجبا سقوط الخيار.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382.

(5) هذا وجه استضعاف العلامة قول بعض الشافعية القائل بعدم سقوط الخيار لو تصرف المشتري تصرفا خفيفا.

و خلاصته ان القول بأن مثل هذه الأمور لا تعد تصرفا، لخفتها.

ليس بحق، لأن الملاك في سقوط الخيار هو مطلق التصرف و ان كان خفيفا، و لذا ترى أن المملوك(1) أيضا قد يؤمر بأفعال كثيرة.

ص: 176


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لأن المسقط مطلق التصرف (1).

و قال (2) أيضا: لو كان له على الدابة سرج، أو إكاف (3) فتركهما عليها بطل الرد، لأنه استعمال و انتفاع، انتهى (4).

و قال (5) في موضع من التذكرة:

عندنا أن الاستخدام، بل كل تصرف يصدر من المشتري قبل علمه بالعيب، أو بعده يمنع الرد، انتهى (6).

فهو (7) في غاية الإشكال.

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382.

(2) أي العلامة قدس سره قال في التذكرة أيضا.

(3) بكسر الهمزة كساء يلقى على وجه الدابة، صونا من الآفات تسمى: (برذعة).

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382.

عند قوله: و لو كان عليها سرج، أو إكاف.

(5) أي العلامة قدس سره قال في موضع آخر من التذكرة.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 391.

عند قوله: إذا عرفت هذا فعندنا أن الاستخدام، بل كل تصرف.

(7) جواب عن الشرط المذكور في قول شيخنا الانصاري قدس سره في ص 175: أقول: إن كان المراد بالحدث مطلق التصرف.

ص: 177

لعدم تبادر ما يعم ذلك (1) من لفظ الحدث، و عدم (2) دلالة ذلك على الرضا بلزوم العقد.

مع (3) أن من المعلوم عدم انفكاك المملوك المشترى عن ذلك في أثناء الثلاثة (4) فيلزم جعل الخيار فيه كاللغو.

+++++++++++

- و خلاصة الجواب انه إن كان المراد من الحدث في قوله عليه السلام في ص: 172

فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا:

مطلق التصرف فهذا في غاية الإشكال، لأنه لا يتبادر من لفظة حدثا شيء يعم مطلق التصرف و لو كان خفيفا كالأمثلة المذكورة في قوله: في ص 175 و لو كان بشيء خفيف مثل اسقني.

و كذلك لا تدل لفظة حدثا على الرضا بلزوم العقد و وجوبه.

(1) أي مطلق التصرف.

(2) بالجر عطفا على مجرور اللام الجارة في قوله في هذه الصفحة لعدم أي و لعدم دلالة مطلق التصرف على الرضا بلزوم العقد كما عرفت آنفا.

(3) إشكال آخر على أنه لو كان المراد من لفظة حدثا مطلق التصرف.

و خلاصته إنه من الواضح و المعلوم أن المملوك المشترى لا ينفك عن مثل هذه التصرفات الخفيفة في أيام الخيار: و هي الثلاثة الأيام.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم تبادر ما يعم جميع التصرفات حتى الخفيفة من لفظة حدثا.

و خلاصته أنه لو كان مطلق التصرف يعد تصرفا، و موجبا لسقوط الخيار، مع عدم انفكاك المملوك المشترى عن مثل هذه التصرفات فى -

ص: 178

مع (1) أنهم ذكروا أن الحكمة في هذا الخيار الاطلاع على أمور خفية في الحيوان توجب زهادة (2) المشتري.

و كيف يطلع الانسان على تلك (3) بدون النظر إلى الجارية و لمسها، و أمرها (4) بغلق الباب و السقي، و شبه ذلك؟

+++++++++++

- أيام الخيار:

لكان جعل الخيار في مدة الخيار لغوا، لأن سقوط مدة الخيار بمجرد أقل تصرف لا يبقي مجالا للاطلاع على عيوب الحيوان في المدة المذكورة.

(1) أي مع أن الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين.

هذا إشكال آخر على أن التصرف الخفيف كيف يكون مسقطا للخيار، و موجبا للزوم العقد؟.

و قد عرفته في هذه الصفحة عند قولنا: لكان جعل الخيار.

و خلاصته انه إنما شرع الخيار في الحيوان، ليطلع المشتري على عيوبه الخفية لو كانت هناك عيوب حتى يعرض عن شرائه و يرده إلى صاحبه، و يأخذ الثمن.

فالحكمة في جعل الخيار هذه لا غير.

(2) المراد من هذه الكلمة في هذه المقامات هو الإعراض.

يقال: فلان زهد عن الدنيا أي أعرض عنها،

و استعمالها في العبادة بمعنى الإقبال

يقال: فلان زاهد أي مقبل على العبادة و على الآخرة.

(3) أي على تلك الامور الخفية الموجودة في الحيوان.

(4) بالجر عطفا على مجرور الباء الجارة في قوله: بدون. -

ص: 179

و إن كان المراد (1) مطلق التصرف بشرط دلالته على الرضا بلزوم العقد.

كما يرشد إليه (2) وقوعه في معرض التعليل في صحيحة ابن رئاب و يظهر (3) من استدلال العلامة و غيره على المسألة:

+++++++++++

- أي و بدون أمر الجارية بغلق الباب.

(1) أي و إن كان المراد من كلمة حدثا الواقعة في صحيحة ابن رئاب المذكورة في ص 172

هو مطلق التصرف.

بشرط دلالة التصرف على الرضا بلزوم العقد و وجوبه.

(2) أي كما يرشد إلى أن المراد من الحدث مطلق التصرف بشرط دلالته على الرضا بلزوم العقد:

وقوع كلمة حدثا في مقام التعليل في صحيحة ابن رئاب المتقدمة في ص 172 في قوله عليه السلام:

فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا.

فذلك رضا منه فلا شرط.

فالشاهد في كلمة فذلك، حيث تشير إلى الحدث الذي أوجده المشتري فيما اشتراه، و الذي وقع معرضا لتعليل الامام عليه السلام أي الحدث علة لعدم خيار للمشتري في الحيوان، اذ إحداث الحدث تصرف منه دال على الرضا بلزوم العقد، و وجوب الوفاء به.

(3) أي و كما يظهر التصرف الدال على الرضا بلزوم العقد من استدلال العلامة قدس سره في التذكرة بقوله في ص 323

بأن التصرف دليل على الرضا بلزوم العقد

ص: 180

بأن (1) التصرف دليل على الرضا بلزوم العقد (2).

فهو (3) لا يناسب اطلاقهم الحكم بإسقاط التصرفات التي ذكروها.

و دعوى (4) أن جميعها مما يدل لو خلي و طبعه على الالتزام بالعقد فيكون اجازة فعلية.

+++++++++++

(1) الباء بيان لكيفية استدلال العلامة.

(2) و قد ذكرنا مصدر الاستدلال و كيفيته في الهامش 3 ص 180

(3) جواب لأن الشرطية في قوله في ص 180.

و إن كان المراد مطلق التصرف بشرط دلالته.

و خلاصة الجواب أنه او كان المراد من التصرف.

هو التصرف الدال على الرضا بلزوم العقد.

فلا يناسب اطلاق الفقهاء الحكم: و هو سقوط خيار الحيوان بواسطة التصرفات الطفيفة الخفيفة التي ذكروها، فإن مثل هذه الأمور الخفيفة مما لا بد منها في زمن الخيار، و لا تكون موجبة لسقوط الخيار لأن الدابة إذا لم تسق، أو لم تعلف خلال المدة فلربما ماتت.

و كذا لو لم يركب عليها لم تعرف عيوبها الخفية لو كانت فيها.

فكيف تكون هذه التصرفات دالة على الرضا بلزوم العقد، و وجوب الوفاء به؟.

(4) خلاصة هذه الدعوى أن هذه التصرفات البسيطة الحفيفة التي لا بد منها أيام الخيار لو خليت و طبعها.

تدل على الالتزام بالعقد، فيكون هذا التصرف اجازة فعلية لا قولية.

ص: 181

كما ترى (1).

ثم (2) إن قوله عليه السلام في الصحيحة: فذلك رضا منه.

يراد منه الرضا بالعقد في مقابلة كراهة ضده: اعني الفسخ.

و إلا (3) فالرضا بأصل الملك مستمر من زمان العقد إلى حين الفسخ.

+++++++++++

(1) أي هذه الدعوى كما ترى ليس لها واقعية.

بل هي باطلة من أصلها.

إذ كيف تدل التصرفات المذكورة على لزوم العقد؟.

و كيف تكون اجازة فعلية؟.

(2) من هنا أخذ قدس سره في التحقيق حول قول الامام عليه السلام في صحيحة ابن رئاب المذكورة في ص 182:

فذلك رضا منه.

و خلاصته أن المراد من هذا الرضا هو الرضا بنفس العقد، و بثبوته، و بالتزامه، و لا يريد فسخه، و رفع اليد عنه.

فالرضا هنا في قبال كراهة ضده الذي هو الفسخ.

أي أراد هذا العقد و أنه ثابت عليه، و يلتزم به.

فلا يريد فسخه.

(3) أي و لو لم يرد من الرضا ما قلناه، و أريد منه الرضا باصل الملك:

للزم تحصيل الحاصل، اذ الرضا بأصل الملك كان مستمرا من بداية صدور العقد و انشائه إلى أن يحصل الفسخ.

فمثل هذا الرضا لا يكون محلا لقوله عليه السلام: فذلك رضا منه

ص: 182

و يشهد (1) لهذا المعنى رواية عبد اللّه بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في رجل اشترى عبدا بشرط ثلاثة أيام فمات العبد في الشرط (2)؟.

قال: يستحلف (3) باللّه ما رضيه ثم هو (4) بريء.

من الضمان (5).

فإن (6) المراد بالرضا الالتزام بالعقد.

+++++++++++

(1) استشهاد منه قدس سره لما ادعاه: من أن المراد من الرضا هو الرضا بالعقد، لا الرضا بأصل الملك.

(2) أي في أيام خيار الحيوان: و هي ثلاثة أيام.

(3) أي البائع يستحلف المشتري: بأنه ما رضي بالعقد، و ما التزم به، و ما كان بانيا على ثبوته.

(4) أي المشتري بعد أن استحلفه البائع و حلف له بمثل ما قلناه في الهامش 3 من هذه الصفحة.

فقد برئت ذمته من الضمان.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12: ص 352 الباب 5 الحديث 4.

(6) تعليل من الشيخ الانصاري قدس سره لما ادعاه:

من أن المراد من الرضا هو الرضا بالعقد، لا بأصل الملك.

و خلاصته أن الرضا يراد منه الالتزام بالعقد الصادر بينهما، و تعاقدا عليه، و لا يقصد منه الرضا بأصل الملك.

ص: 183

و الاستحلاف (1) في الرواية محمول (2) على سماع دعوى التهمة.

أو (3) على صورة حصول القطع للبائع بذلك.

+++++++++++

(1) دفع و هم.

حاصل الوهم أنه لما ذا يستحلف المشتري؟.

مع أن التلف وقع في أيام الخيار.

و التلف في أيام الخيار من مال البائع، لا من مال المشتري.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

و حاصله إن فيما نحن فيه دعوى و انكارا.

أما الدعوى فمن البائع: و هي ادعاؤه أن المشتري قد التزم بالبيع و اسقط خياره فليس له حق استرجاع الثمن، فالثمن لي.

و أما الإنكار فمن المشتري: لأنه منكر لما ادعاه البائع.

فعلى قاعدة:

البينة للمدعي، و اليمين على من أنكر.

تتوجه اليمين على المشتري، لعدم بينة للمدعي، فلذا قال صلى اللّه عليه و آله و سلم للبائع:

يستحلف باللّه ما رضيه، ثم هو بريء من الضمان

و منشأ الاستحلاف أحد وجهين لا محالة.

إما ظن البائع بالتزام المشتري بالعقد، و إسقاط خياره.

هذا بناء على سماع دعوى التهمة.

(3) هذا هو المنشأ الثاني للاستحلاف.

و خلاصته إن البائع قاطع بالتزام المشتري بالعقد و إسقاط خياره:

فلا مجال لاسترداد ثمنه، و مطالبته من البائع.

ص: 184

إذا عرفت هذا فقوله عليه السلام.

فذلك رضا منه فلا شرط له يحتمل وجوها.

(احدها) (1): أن تكون الجملة (2) جوابا للشرط (3).

فتكون (4) حكما شرعيا: بأن التصرف التزام بالعقد، و إن لم يكن (5) التزاما عرفا.

+++++++++++

(1) أي أحد الوجوه المحتملة في جملة فذلك رضا منه.

و خلاصة الاحتمال إن الجملة جواب للشرط الواقع في قوله عليه السلام في الصحيحة:

فإن أحدث المشتري فيما اشترى.

فعلى هذا الاحتمال تكون الجملة المذكورة حكما شرعيا:

و هو سقوط خيار المشتري.

و السقوط هذا ناشئ عن التصرف الذي أحدثه المشتري فيما اشتراه سواء أ كان التصرف خفيفا بسيطا أم مهما، لأنه كاشف عن التزام المشتري بالعقد، و عدم إرادة فسخه، و إن لم يكن التصرف في المبيع التزاما بالعقد عرفا.

(2) و هو قوله عليه السلام: فذلك رضا منه.

(3) و هو قوله عليه السلام في الصحيحة المذكورة في ص 172:

فإن أحدث المشتري فيما اشتراه.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أن جملة فذلك رضا منه جواب للشرط.

و قد عرفت معناه في الهامش 1 من هذه الصفحة عند قولنا: فعلى هذا.

(5) أي التصرف من المشتري.

ص: 185

(ثانيها) (1): أن تكون توطئة للجواب: و هو قوله عليه السلام: و لا شرط له.

لكنها (2) توطئة لحكمة الحكم، و تمهيد له، لا علة حقيقية.

فتكون (3) اشارة إلى أن الحكمة في سقوط الخيار.

+++++++++++

(1) أي ثاني الوجوه المحتملة لجملة فذلك رضا منه.

حاصل الاحتمال إن الجملة توطئة و مقدمة و تمهيد للجواب الواقع في قوله عليه السلام: و لا شرط له أي لا خيار للمشتري بعد أن أحدث حدثا فيما اشتراه.

إلا أن هذه التوطئة توطئة و حكمة للحكم الذي هو سقوط الخيار أي الحكمة للسقوط هو التصرف الصادر من المشتري بإحداثه حدثا فيما اشتراه.

و ليست الجملة المذكورة علة حقيقية لجواب الشرط.

بحيث كلما وجدت العلة وجد المعلول أي كلما وجد التصرف وجد سقوط الخيار، و إذا لم توجد لم يسقط.

بخلاف الحكمة، فإنها ليست كلما وجد التصرف وجد السقوط.

بل معناها أن التصرف في المبيع غالبا يدل على رضا المشتري به و التزامه للعقد.

و هذا هو الفارق بين الحكمة و العلة الحقيقية.

(2) أي جملة فذلك رضا منه.

عرفت معنى التوطئة في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا: إلا أن هذه

(3) أي جملة فذلك رضا منه.

و قد عرفت معناها في الهامش 1 من هذه الصفحة عند قولنا: بل معناها

ص: 186

بالتصرف (1) دلالته (2) غالبا على الرضا.

نظير (3) كون الرضا حكمة في سقوط خيار المجلس بالتفرق في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما، فإنه لا يعتبر في الافتراق دلالة على الرضا.

و على هذين المعنيين (4) فكل تصرف مسقط و إن علم.

+++++++++++

(1) الباء سببية أي التصرف سبب لسقوط الخيار.

(2) أي دلالة هذا التصرف.

(3) تنظير لكون التصرف بما هو تصرف مسقطا للخيار غالبا.

و خلاصته إن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم. جعل نفس الافتراق عن المجلس الصادر عن اختيار حكمة في سقوط خيار المتبايعين.

و لم يعتبر صلى اللّه عليه و آله و سلم في هذا الافتراق دلالته على الرضا بالعقد، و الالتزام به.

فمن هنا نستكشف أن الملاك في سقوط الخيار هو نفس التصرف و إن كان خفيفا.

من دون اعتبار شيء زائد على ذلك.

و هو الالتزام بالعقد.

(4) و هما: الاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 185

و الاحتمال الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 186

و خلاصة ما أفاده قدس سره أنه على هذين الاحتمالين لجملة فذلك رضا منه يكون كل تصرف من المشتري في المبيع، سواء أ كان خفيفا -

ص: 187

عدم دلالته (1) على الرضا.

(ثالثها) (2): أن تكون الجملة (3) اخبارا عن الواقع، نظرا

+++++++++++

- بسيطا أم مهما: مسقطا للخيار، و إن علمنا من الخارج عدم دلالة التصرف على الرضا بالعقد؛ و الالتزام به.

(1) أي عدم دلالة التصرف كما عرفت آنفا.

(2) أي ثالث الوجوه المحتملة لجملة فذلك رضا منه:

و خلاصته إن الجملة المذكورة تكون إخبارا عن الواقع و نفس الأمر أي التصرف في المبيع يكون مسقطا للخيار غالبا في نفس الامر و الواقع، مع قطع النظر عن بعض الجهات و القرائن الموجودة الدالة على أن تصرفا خاصا لا يكون مسقطا للخيار، كبعض التصرفات البسيطة كسقي الدابة مثلا.

بعبارة أخرى أن الملحوظ في مسقطية التصرف هو نوع التصرف لو خلي و طبعه.

لا شخص التصرف و التصرف الشخصي حتى يقال:

إن التصرف في المقام غير مسقط للخيار، لكونه تصرفا خفيفا بسيطا لا يعتنى به عرفا.

فهذا هو الملاك و المناط في السقوط.

فجملة فذلك رضا منه علة للجواب الذي هو.

و لا شرط له أي العلة في عدم خيار للمشتري.

هو إحداثه في المبيع حدثا.

(3) أي جملة فذلك رضى منه.

ص: 188

إلى الغالب، و ملاحظة نوع التصرف لو خلي و طبعه، و تكون (1) علة للجواب.

فيكون (2) نفي الخيار معللا بكون التصرف غالبا دالا على الرضا بلزوم العقد.

و بعد (3) ملاحظة وجوب تقييد اطلاق الحكم بمؤدى علته.

+++++++++++

(1) أي جملة فذلك رضا منه علة للجواب: و هو قوله عليه السلام و لا شرط له.

(2) الفاء فاء النتيجة أي نتيجة ما قلناه في الاحتمال الثالث.

المشار إليه في الهامش 2 ص 188 أن نفي الخيار في قوله عليه السلام و لا شرط له معلل أي جاء بسبب التصرف الدال غالبا على الرضا، و الالتزام بالعقد.

فالتصرف علة و السقوط معلول.

و العلة هذه مستفادة من الإحداث الذي أحدثه المشتري فيما اشتراه و الذي أشار إليه الامام عليه السلام بقوله: فذلك رضا منه.

(3) هذا من متممات الاحتمال الثالث.

و خلاصته أنه لما كان الحكم: و هو سقوط الخيار المستفاد من قوله عليه السلام: و لا شرط له: مطلقا، حيث إنه لا يعلم سبب السقوط و أنه من أي نوع من التصرف يحصل السقوط:

فلا بد من تقييد السقوط بمؤدى علته، و علة السقوط هو التصرف الدال غالبا على الالتزام بالعقد.

فقيد سقوط الخيار بالتصرف النوعي الغالبي الدال على الالتزام بالعقد. -

ص: 189

كما في (1) قوله: لا تأكل الرمان، لأنه حامض:

دل (2) على اختصاص الحكم بالتصرف الذي يكون كذلك أي دالا بالنوع غالبا على الالتزام بالعقد، و إن لم يدل (3) في شخص المقام

فيكون التصرف المسقط ما كان له ظهور نوعي في الرضا (4).

نظير ظهور الألفاظ في معانيها، مقيدا (5) بعدم قرينة توجب صرفها عن الدلالة.

+++++++++++

- فالسقوط مختص بهذا النوع من التصرف.

(1) تنظير لتقييد اطلاق الحكم بمؤدى علته:

و خلاصته أنه كما يقيد اطلاق النهي عن أكل الرمان في قول القائل:

لا تأكل الرمان: بالرمان الحامض، حيث يشمل الحلو، و الحامض و المز.

كذلك يقيد اطلاق السقوط.

بمؤدى علته: و هو التصرف الدال على الالتزام بالعقد.

(2) أي اطلاق الحكم.

(3) أي التصرف و إن لم يدل على سقوط الخيار في هذا المورد بخصوصه.

و قد عرفت معناه عند قولنا في الهامش 2 ص 188:

لا شخص التصرف و التصرف الشخصي.

(4) أي في الرضا بالالتزام بالعقد.

(5) أي حال كون هذا الظهور مقيدا بعدم وجود قرينة توجب صرف الألفاظ عن ظهورها في معانيها، و عن دلالتها عليها، فإنه اذا وجدت قرينة على ذلك فلا مجال لدلالة ظهور الألفاظ على معانيها

ص: 190

كما (1) إذا دل الحال، أو المقال (2) على وقوع التصرف للاختبار.

أو (3) اشتباها بعين مملوكة أخرى.

و يدخل فيه (4) كل ما يدل نوعا على الرضا (5) و إن لم يعد تصرفا عرفا.

كالتعريض (6) للبيع، و الاذن (7) للبائع في التصرف فيه.

+++++++++++

(1) تنظير لما إذا وجدت قرينة على أنه ليس له المراد من التصرف التصرف المسقط للخيار.

و خلاصته أنه إذا دلت قرينة حالية على أن التصرف للاختبار، لا لإسقاط الخيار.

كما إذا كان هناك سباق في الخيل فاراد المشتري اختبار جواده فدخل مع السابقين.

(2) أي كما إذا كانت هناك قرينة مقالية على أن التصرف للاختبار لا غير كقول المشتري في سباق الخيل:

أركب الجواد لاختبر عدوه.

(3) أي أو كان التصرف في المبيع وقع من المشتري اشتباها ففي هذه الموارد لا يعد التصرف تصرفا مسقطا للخيار.

(4) أي في التصرف المسقط للخيار.

(5) أي على الرضا بالالتزام بالعقد.

(6) فإن تعريض المشتري المبيع للبيع تصرف واضح(1) على الرضا بالالتزام بالمبيع فيسقط خياره.

(7) أي و كالإذن من المشتري للبائع في التصرف في المبيع، فهذا -

ص: 191


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

(رابعها) (1): أن تكون إخبارا عن الواقع، و تكون العلة هي نفس الرضا الفعلي الشخصي، و يكون اطلاق الحكم مقيدا بتلك العلة.

+++++++++++

- الاذن صريح في أنه راض بالعقد، و التزام منه بذلك فيسقط خياره

(1) أي رابع الوجوه المحتملة لجملة فذلك رضا منه الواقعة في الصحيحة المتقدمة في ص 172

خلاصة هذا الاحتمال أن الجملة المذكورة إخبار عن الواقع و نفس الأمر الذي هو الرضا بالعقد، و الالتزام به كالاحتمال الثالث.

غاية الأمر أن العلة في سقوط الخيار هي نفس الرضا الفعلي الشخصي الواقع من شخص المشتري في كل معاملة و معاوضة لكن اطلاق الحكم الذي هو سقوط الخيار يقيد بهذه العلة.

و هو الرضا الفعلي الشخصي، حيث إن السقوط مطلق لم يذكر فيه الرضا، و عدم الرضا.

فموضوع السقوط في هذا الاحتمال في الحقيقة و الواقع هي نفس الرضا الفعلي الشخصي الصادر من المشتري.

فكل مكان صدق فيه الرضا الشخصي الفعلي.

يصدق فيه السقوط.

و الفرق بين الاحتمال الثالث و الرابع.

هو أنه لا يعتبر في كل معاملة رضا كل فرد فرد من المتعاقدين في سقوط الخيار على الاحتمال الثالث.

فلو علمنا بعدم رضا احدهما نحكم بسقوطه أيضا.

بخلاف الاحتمال الرابع، فانه لا بدّ في كل معاملة من العلم برضا -

ص: 192

فيكون (1) موضوع الحكم في الحقيقة هو نفس الرضا الفعلي.

فلو لم يثبت الرضا الفعلي لم يسقط الخيار.

ثم إن الاحتمالين الاولين (2) و إن كانا موافقين لاطلاق سائر الأخبار (3)، و اطلاقات بعض كلماتهم (4).

مثل (5) ما تقدم من التذكرة:

من أن مطلق التصرف لمصلحة نفسه مسقط (6).

و كذا غيره كالمحقق و الشهيد الثانيين.

بل لاطلاق بعض معاقد الاجماع.

+++++++++++

(1) تفريع على ما أفاده قدس سره في ص 192 بقوله: و تكون العلة هي نفس الرضى الفعلي الشخصي.

و قد علمت التفريع في الهامش 1 ص 192 عند قولنا:

بخلاف الاحتمال الرابع، فإنه لا بد في كل معاملة.

(2) و هو الاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 186.

و الاحتمال الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 186.

(3) التي ذكر قدس سره قسما منها في ص 172 ص 173-174 و نحن ذكرنا قسما مع مصادرها:

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350-351 الباب 4 الأخبار.

(4) أي كلمات الفقهاء رضوان اللّه عليهم أجمعين.

(5) من هنا أخذ قدس سره بنقل كلمات الأعلام من الطائفة.

فابتدأ بنقل ما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 391 عند قوله: إذا عرفت هذا فعندنا أن الاستخدام، بل كل -

ص: 193

إلا أنهما (1) بعيدان عن ظاهر الخبر (2).

مع مخالفتهما (3) لأكثر كلماتهم، فإن (4) الظاهر منها (5) عدم السقوط بالتصرف للاختبار و الحفظ.

بل (6) ظاهرها اعتبار الدلالة في الجملة على الرضا كما سيجيء

+++++++++++

- تصرف.

(1) أي الاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 185

و الاحتمال الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 186

(2) المراد من الخبر صحيحة علي بن رئاب المتقدمة في ص 172.

أما بعد الاحتمال الاول عن ظاهر الصحيحة.

فلأن حمل الرضا الواقع في قوله عليه السلام: فذلك رضا منه على الحدث الذي أحدثه المشتري فيما اشتراه.

ظاهره إخبار عن الواقع و نفس الأمر، لا أنه حكم تعبدي.

و أما بعد الاحتمال الثاني عن الصحيحة.

فلأن الظاهر من الرضا أنه دخيل في سقوط الخيار و ليس معنى هذا إلا أنه علة للسقوط.

(3) هذا إشكال آخر على بعد الاحتمالين: الاول و الثاني عن ظاهر الصحيحة.

(4) تعليل لمخالفة الاحتمالين لأكثر كلمات الفقهاء.

(5) أي من كلمات الفقهاء

(6) أي ظاهر كلمات الفقهاء.

خلاصة الإضراب أن ظاهر كلمات الفقهاء دال على اعتبار الرضا بالالتزام بالعقد في التصرف. -

ص: 194

و يؤيده (1) حكم بعضهم بكفاية الدال على الرضا و إن لم يعد تصرفا كتقبيل الجارية للمشتري على ما صرح به (2) في التحرير و الدروس.

فعلم (3) أن العبرة بالرضا.

+++++++++++

- فاذا لم يكن هناك رضا فلا يقيد التصرف.

(1) أي و يؤيد هذا الظاهر.

هذا تأييد آخر لكون الاحتمالين المذكورين مخالفين لظاهر الصحيحة المتقدمة في ص 172.

و خلاصته إن بعض الفقهاء حكم بكفايتهما و هذا الحكم يدل على الرضا بالتزام العقد لسقوط الخيار، و إن لم يعد تصرفا.

كما في تقبيل المشتري الجارية المشتراة، فان التقبيل دال على الرضا بالعقد، و الالتزام به، لكنه لا يعد تصرفا عرفا.

(2) أي بهذا الحكم.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من ظهور كلمات الفقهاء في اعتبار الرضا بالعقد، و الالتزام به في التصرف.

و تفريع على ما أفاده: من حكم بعض الفقهاء بكفاية التصرف الدال على الرضا بالعقد و ان لم يعد تصرفا عرفا.

و خلاصة التفريع أنه في ضوء ما ذكرناه لك.

إن الاعتبار في سقوط الخيار بالتصرف الدال على الرضا بالعقد و الالتزام به.

لا التصرف المجرد عن الرضا كسقي الدابة، أو علفها.

فالاحتمالان الأولان مخالفان لهذه الظواهر.

ص: 195

و إنما (1) اعتبر التصرف، للدلالة (2).

و ورود (3) النص أيضا على أن العرض على البيع اجازة.

+++++++++++

(1) كأنما هذا دفع و هم.

حاصل الوهم إنه إذا كان الاعتبار في السقوط.

هو التصرف الدال على الرضا بالعقد و الالتزام به.

فلما ذا اعتبر الفقهاء في سقوط الخيار مجرد التصرف؟.

و لم يقيدوه بدلالته على الرضا بالعقد.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله إن عدم تقييدهم التصرف بذلك لاجل دلالة التصرف على الرضا بالعقد كلما ذكر في هذه المجالات.

(3) بالرفع عطفا على فاعل و يؤيده أي و يؤيده ظاهر كلمات الفقهاء ورود النص في ذلك أيضا في عرض المشتري المبيع في الاسواق، فإنه اجازة منه، و لازم هذه.

الاجازة الرضا بالعقد، و الالتزام به.

أليك نص الحديث.

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

إن أمير المؤمنين عليه السلام قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط إلى نصف النهار فعرض له ربح فاراد بيعه.

قال: ليشهد أنه قد رضيه فاستوجبه، ثم ليبعه إن شاء.

فإن اقامه في السوق و لم يبع فقد وجب عليه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 359 الباب 12 - الحديث 1. -

ص: 196

مع أنه (1) ليس حدثا عرفا.

و مما (2) يؤيد عدم إرادة الأصحاب كون التصرف مسقطا إلا من جهة دلالته على الرضا:

+++++++++++

- وجه تأييد النص لكون ظاهر كلمات الفقهاء.

هو اعتبار دلالة التصرف في الجملة على الرضا و إن لم يعد هذا التصرف تصرفا عرفا.

هو حكم الامام صلوات اللّه و سلامه عليه بوجوب البيع و لزومه بمجرد عرض الثوب في السوق لبيعه.

فمجرد العرض يكون رضا بالبيع، و التزاما به و إن لم يعد هذا التصرف تصرفا عرفا.

(1) أي مع أن العرض على البيع ليس من قبيل الإحداث في المبيع.

(2) هذه العبارة كزميلاتها من حيث إنها من الطلاسم محتاجة إلى الحل، و إلى شرح أبسط.

أليك الحل.

قد عرفت في مطاوي ما ذكرناه لك.

أن الخيار من الامور الوضعية الاعتبارية التسببية فإيجاده لا يكون إلا بسبب عقلائي إن كان هو من الامور العقلائية.

كذلك إسقاطه لا يكون إلا بسبب عقلائي.

من غير فرق هناك بين كون السبب قولا.

كما في قولك: اسقطت خياري.

أو فعلا دالا عليه كاحداثك فيما اشتريته. -

ص: 197

..........

+++++++++++

- فكل قول، أو فعل دال عرفا على إسقاط الخيار، و الارتضاء بالبيع فهو مسقط إذا كان هناك عزم للاسقاط.

و أما الرضا الباطني، و الالتزام القلبي بنحو حديث النفس فلا يكون مسقطا للخيار، و لا يعد من أفراد الاسقاط.

فالتصرف بما هو تصرف مجردا عن دلالته عن الرضا بالبيع، و الالتزام به، و مجردا عن كونه كاشفا عن الرضا الفعلي الشخصي:

لم يعد مسقطا، لأن الرضا الفعلي هي العلة للسقوط في الحقيقة و الواقع، و هو الموضوع للحكم.

و ليس الرضا الفعلي الشخصي حكمة للسقوط كما قيل.

اذا عرفت ما تلوناه عليك.

فاعلم أن خلاصة ما أفاده الشيخ قدس سره بقوله:

و مما يؤيد عدم إرادة الأصحاب كون التصرف مسقطا إلا من جهة دلالته على الرضا:

حكمهم بأن كل تصرف يكون اجازة من المشتري في المبيع يكون فسخا من البائع:

بمعنى أن تصرف البائع في المبيع مثل تصرف المشتري فيه فهو كاشف عن فسخه في المبيع، و عدم الارتضاء ببيعه.

فكما أن تصرف المشتري في المبيع اجازة منه.

كذلك تصرف البائع في المبيع فسخ منه: لأنه لا يجوز التصرف في مال الغير إلا برضا صاحبه: فلما تصرف البائع فيما باعه نعلم أنه فسخ البيع حتى يجوز له التصرف فيه. -

ص: 198

حكمهم: (1) بأن كل تصرف يكون اجازة من المشتري في المبيع يكون فسخا من البائع.

فلو كان التصرف مسقطا تعبديا عندهم من جهة النص (2) لم يكن وجه للتعدي عن كونه إجازة إلى كونه فسخا (3).

و قد (4) صرح في التذكرة بأن الفسخ كالاجازة يكون بالقول، و بالفعل، و ذكر التصرف مثالا للفسخ و الاجازة الفعليين (5).

+++++++++++

- فمن هذا الحكم الذي حكم به الأصحاب يستفاد أن تصرف المشتري في المبيع ليس اجازة من باب التعبد، و ورود النص به، سواء دل الاجازة على الرضا أم لم يدل، لأنه لو كان من باب التعبد و النص لما كان الأصحاب يتعدون عن مورد تصرف المشتري إلى مورد تصرف البائع، لأن التعدي قياس و القياس باطل عندنا لا نقول به.

بل لا بد من دلالته على الرضا بالبيع و الالتزام به.

فهو من أفراد الاجازة الذي لا بد فيه من الرضا.

و ليس التصرف مقابلا للاجازة و ضدا له.

(1) بالرفع مبتدأ للخبر المتقدم في قوله ص 197: و مما.

(2) علمت معناه في هذه الصفحة عند قولنا:

يستفاد أن تصرف المشتري في المبيع.

(3) لأنه يلزم القياس الذي لا نقول به.

كما عرفت في هذه الصفحة عند قولنا: لأن التعدي قياس.

(4) من هنا يروم الشيخ قدس سره الاستشهاد بكلمات الأصحاب الحاكمين بأن كل تصرف يكون اجازة من المشتري في المبيع يكون فسخا من البائع.

(5) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 -

ص: 199

فاندفع (1) ما يقال في تقريب كون التصرف مسقطا.

+++++++++++

- ص 420.

(1) خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام: من القيل و الاندفاع إنه بعد أن عرفت أن الأعلام من الطائفة و لا سيما العلامة قدس اللّه أسرارهم جعلوا التصرف من المشتري فيما اشتراه من أفراد الاجازة:

من حيث دلالته على الرضا بالعقد و الالتزام به.

و ليس التصرف شيئا آخر مقابلا للاجازة و مخالفا له:

بمعنى أنه لا يدل على الرضا و الالتزام بالعقد.

بل هو فرد من أفراد الاجازة.

فما يتصرفه المشتري فيما اشتراه فهو اجازة منه و رضا بالعقد، و التزام به.

فلا مجال لما قيل: من أن تصرف المشتري فيما اشتراه مسقط خياره بما هو تصرف، لا لأجل دلالته على الرضا بالعقد و الالتزام به.

بدعوى أن الأصحاب جعلوا التصرف في قبال الاجازة.

و قد عرفت معنى التقابل آنفا عند قولنا: بمعنى أنه هذا ما قيل

و أما وجه الاندفاع فلما علمت: من أن جعل التصرف من أفراد الاجازة لا لأجل التعبد، و ورود النص بذلك، إذ لو كان لأجل ذلك لما جاز التعدي من تصرف المشتري فيما اشتراه إلى تصرف البائع فيما باعه في أنه فسخ منه، و رضا بعد البيع.

بل لأجل دلالته على الرضا، فلذا تعدى الأصحاب من تصرف المشتري إلى تصرف البائع فيما باعه و قالوا: إنه فسخ.

ص: 200

لا للدلالة (1) على الرضا.

بأن (2) الأصحاب يعدونه (3) في مقابل الاجازة.

و أما المعنى الرابع (4) فهو و إن كان أظهر الاحتمالات من حيث اللفظ، بل جزم به (5) في الدروس.

و يؤيده (6) ما تقدم (7): من رواية عبد اللّه بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام الحاكية (8) للنبوي الدال أيضا على الاعتبار بنفس الرضا كما في الدروس، و ظاهر (9) بعض كلماتهم الآتية.

+++++++++++

(1) أي لا لأجل دلالة التصرف على الرضا كما علمت.

(2) الباء بيان لكيفية ما يقال.

(3) أي يعدون التصرف في قبال الاجازة.

لا من أفراد الاجازة كما علمت في الهامش 1 ص 200 عند قولنا:

فلا مجال لما قيل.

(4) الذي أفاده قدس سره في ص 193 بقوله: أن تكون إخبارا عن الواقع و تكون العلة هي نفس الرضا.

(5) أي بالمعنى الرابع الذي قيل لجملة فذلك رضا منه.

(6) أي المعنى الرابع.

وجه التأييد أن ظاهر الرضا في قوله عليه السلام: فذلك رضا منه هو الرضا الفعلي الشخصي.

(7) راجع ص 183 عند قوله قدس سره: و يشهد لهذا المعنى

(8) بالجر صفة لكلمة رواية في قوله: من رواية.

كما أن كلمة الدال مجرورة صفة لكلمة للنبوي.

(9) بالرفع عطف على فاعل و يؤيده ما تقدم. -

ص: 201

إلا (1) أن المستفاد من تتبع الفتاوى الاجماع على عدم اناطة.

الحكم (2) بالرضا الفعلي بلزوم (3) العقد.

مع (4) أن أظهريته بالنسبة إلى المعنى الثالث غير واضحة فتعين إرادة المعنى الثالث

+++++++++++

- اي و يؤيد الاحتمال الرابع ظاهر كلمات الأعلام من الطائفة، حيث أفادوا أن العلة في سقوط الخيار هو الرضا الفعلي الشخصي بالعقد، و الالتزام به.

لا التصرف المجرد عن الرضا الفعلي الشخصي.

(1) عدول منه قدس سره عما أفاده: من أظهرية المعنى الرابع من بقية الوجوه المحتملة في جملة فذلك رضا منه.

(2) و هو سقوط الخيار: و المراد من الاناطة هو التوقف.

(3) الباء بيان لكيفية رضا الفعلي الشخصي أي الرضا.

الفعلي الشخصي عبارة عن لزوم العقد.

(4) هذا إشكال آخر على أظهرية المعنى الرابع على الاحتمال الثالث أي و لنا بالإضافة إلى دلالة الفتاوى المتتبعة، و الاجماع المتتبع على عدم توقف سقوط الخيار على الرضا الفعلي الشخصي.

بل كفاية الرضا النوعي الحاصل في نوع.

العقود الصادرة من نوع الاشخاص.

إشكال آخر: و هو عدم أظهرية المعنى الرابع على المعنى الثالث الذي أفاده قدس سره بقوله في ص 188: ثالثها أن تكون الجملة إخبارا عن الواقع.

و أما وجه عدم أظهرية المعنى الرابع على الاحتمال الثالث. -

ص: 202

و محصله (1) دلالة التصرف لو خلي و طبعه على الالتزام و إن لم يفد في خصوص المقام، فيكون التصرف اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

و هذا (2) هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه.

قال (3) في المقنعة(1)

+++++++++++

- فهو أن جملة فذلك رضا منه في الصحيحة لا تدل على الرضا الشخصي الفعلي متعينا حتى يكون الاحتمال الرابع أظهر من الاحتمال الثالث.

(1) أي و خلاصة الاحتمال الثالث أن التصرف بما هو تصرف مع قطع النظر عن القرائن الخارجية لو خلي و طبعه يدل على الالتزام بالعقد، و رضا منه فهو طريق الى الواقع و ان لم يشمل التصرف ما نحن فيه.

فاذا كان الملاك هو الرضا النوعي فيكون التصرف اجازة فعلية في قبال الاجازة القولية بقول المشتري: أجزت المعاملة.

(2) أي الاحتمال الثالث لجملة فذلك رضا منه هو المطلوب و المعتمد عليه، لأن غالب المعاملات و المعاوضات الصادرة من غالب الاشخاص دالة على الرضا بالعقد، و الالتزام به.

(3) من هنا أخذ قدس سره في الاستشهاد بكلمات الأعلام من الطائفة الدالة على ان التصرف بما هو تصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي الاجازة الفعلية.

فأول كلام استشهد به لما أفاده كلام (شيخ الامة الشيخ المفيد) قدس سره. -

ص: 203


1- - راجع الحاشية الجديدة فى اخر هذا الكتاب

إن هلاك الحيوان في الثلاثة من البائع.

إلا أن يحدث فيه المبتاع حدثا يدل على الرضا.

بالابتياع، انتهى.

و مثل (1) للتصرف في مقام آخر(1) بأن (2) ينظر إلى الامة إلى ما يحرم لغير المالك.

و قال (3) في المبسوط في أحكام العيوب.

إذا كان المبيع بهيمة فأصاب بها عيبا فله ردها.

فاذا كان في طريق الرد جاز له ركوبها و سقيها، و علفها، و حلبها و أخذ لبنها، و إن نتجت كان له نتاجها.

ثم قال: و الرد لا يسقط، لأنه إنما يسقط بالرضا بالعيب، أو بترك الرد بعد العلم به.

+++++++++++

- و الشاهد في قوله: إلا أن يحدث فيه المبتاع حدثا يدل على الرضا بالابتياع، فإن المراد من الإحداث هو التصرف، الدال على الرضا النوعي الذي هو الاجازة الفعلية.

(1) أي (الشيخ المفيد) قدس سره.

(2) الباء بيان لكيفية التصرف أي التصرف عبارة عن نظر المشتري إلى الجارية المشتراة نظرا لا يجوز مثل هذا النظر لغير مالكها.

فالشاهد في قوله قدس سره: بأن ينظر، حيث إن النظر هو التصرف و هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

(3) استشهاد ثان لما أفاده قدس سره: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية. -

ص: 204


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو بأن يحدث فيه عيب عنده، و ليس هاهنا شيء من ذلك، انتهى (1).

و في الغنية (2):(1) لو هلك المبيع في مدة الخيار فهو من مال بائعه إلا أن يكون المبتاع قد أحدث فيه حدثا يدل على الرضى، انتهى.

و قال (3) الحلبي في الكافي(2) في خيار الحيوان.

فإن هلك في مدة الخيار فهو من مال البائع، إلا أن يحدث فيه حدثا يدل على الرضا. انتهى.

+++++++++++

- و الشاهد في قوله: و ليس هاهنا شيء من ذلك، لأن مفهومه أنه اذا وجد شيء مما ذكر فهو تصرف دال على الرضا النوعي بالعقد الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

(1) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 139 طباعة (جابخانه حيدري).

(2) ثالث استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه دال على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

و الشاهد في قوله: إلا أن يكون المبتاع قد أحدث فيه حدثا يدل على الرضا، حيث إن المراد من الاحداث هو التصرف الدال على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(3) رابع استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه دال على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية. -

ص: 205


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و في السرائر (1) بعد حكمه(1) بالخيار في الحيوان إلى ثلاثة أيام.

قال: هذا إذا لم يحدث في هذه المدة حدثا يدل على الرضا، و يتصرف فيه تصرفا تنقص قيمته.

أو يكون لمثل ذلك التصرف أجرة: بأن (2) يركب الدابة.

+++++++++++

- و الشاهد في قوله: إلا أن يحدث حدثا يدل على الرضا، فإن الاحداث هو التصرف الدال على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(1) خامس استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

و الشاهد في قوله: هذا إذا لم يحدث في هذه المدة حدثا يدل على الرضا، و يتصرف فيه تصرفا تنقص قيمته، فإن مفهومه أن المشتري لو أحدث فيما اشتراه في مدة الخيار التي هي الثلاثة الأيام فقد تصرف فيه تصرفا دالا على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(2) الباء بيان لكيفية أجرة المثل للتصرف.

و المراد من الركوب هو الركوب إلى مسافة لقضاء حاجته، سواء أ كانت المسافة طويلة أم قصيرة، فإنه مسقط للخيار و ليس المراد من الركوب الركوب لأجل الرد، فإن هذا لا يكون مسقطا للخيار، و ان كانت المسافة بعيدة.

فالركوب على الدابة لأجل قضاء حاجته تصرف منه في الحيوان يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل -

ص: 206


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو يستعمل (1) الحمار، أو يقبل الجارية (2). أو يلامسها.

أو يدبرها تدبيرا ليس له الرجوع فيه (3) كالمنذور، انتهى.

و قال (4) في موضع آخر:(1)

+++++++++++

- الاجازة القولية.

(1) بأن يحمل المشتري على الدابة المشتراة سلعته التي لها أجرة لو حملها على غيرها: من بقية الحيوانات.

فالتحميل هكذا تصرف منه في الدابة يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(2) أي الجارية المشتراة، فإن تقبيلها تصرف منه فيها الدال هذا.

التصرف على الرضا النوعي بلزوم العقد الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية، لأن تقبيل الجارية حرام إذا لم تكن ملكا لمن يقبلها.

(3) بأن قال المشتري: للّه عليّ أن ادبر امتي: بأن تكون حرة دبر وفاتي ثم أجرى صيغة التدبير، فإن النذر هكذا مانع عن رجوع المدبر عن تدبير الامة.

ففي هذه الموارد يسقط خيار المتصرف، لأن تصرفه دليل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(4) أي ابن ادريس قدس سره.

سادس استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي للزوم العقد و هو اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية. -

ص: 207


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إذا لم يتصرف فيه (1) تصرفا يؤذن بالرضا في العادة.

و أما (2) العلامة رحمه اللّه فقد عرفت أنه استدل على أصل الحكم (3) بأن التصرف دليل على الرضا باللزوم (4).

و قال (5) في موضع آخر:

+++++++++++

- و الشاهد في قوله: تصرفا يؤذن بالرضا في العادة، فإن مفهومه أن المشتري لو تصرف فيما اشتراه تصرفا مشعرا على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية: فيسقط خياره.

(1) أي فيما اشتراه.

(2) استشهاد سابع منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي للزوم العقد الذي هي اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

(3) و هو سقوط خيار الحيوان:

(4) عند نقله عنه في ص 174 بقوله:

و في موضع آخر منها أنه دليل على الرضا بلزوم العقد.

و الشاهد في قوله: على الرضا الدال على اللزوم، فإن المراد من الرضا هو الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(5) أي العلامة قدس سره.

هذا ثامن استشهاد منه قدس سره لما افاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

ص: 208

لو ركب الدابة ليردها، سواء قصرت المسافة أم طالت لم يكن ذلك رضا بها (1).

ثم قال (2): و لو سقاها الماء، أو ركبها ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك رضا منه بامساكها (3).

و لو حلبها (4) في طريقه فالأقرب أنه تصرف يؤذن بالرضا بها.

و في (5) التحرير في مسألة سقوط رد المعيب بالتصرف.

+++++++++++

(1) أي بالدابة: بأن لم يكن راضيا بشرائها.

(2) أي العلامة قدس سره.

(3) أي سقي الدابة، أو ركوبها للسقي ثم يردها لم يكن دليلا على امساكها و شرائها.

فمثل هذه التصرفات لا تعد تصرفا دالا على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد.

(4) هذا كلام العلامة يروم الشيخ الانصاري قدس سرهما.

الاستشهاد به لما أفاده: من أن التصرف يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد، فإن ما مثل به:

من سقي الدابة، أو ركوبها للسقي ثم الرد ليس تصرفا مؤذنا و مشعرا بالرضا النوعي.

(5) أي و قال العلامة قدس سره.

هذا تاسع استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

ص: 209

قال (1): و كذا لو استعمل المبيع، أو تصرف فيه بما يدل على الرضا.

و قال (2) في الدروس:(1) استثنى بعضهم من التصرف ركوب الدابة، و الطحن عليها و حلبها، إذ (3) بها يعرف حالها، ليختبر (4).

و ليس (5) ببعيد.

+++++++++++

(1) أي العلامة قدس سره قال في التحرير.

فقوله: بما يدل على الرضا يراد منه الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(2) أي الشهيد الاول قدس سره.

هذا عاشر استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(3) أي بالركوب على الدابة، و الطحن بها، و حلبها يعلم حال الدابة: من صحة و سقم.

فهذا تعليل لاستثناء بعض التصرفات عن التصرف الدال على الرضا النوعي، فإن مثل المذكورات لا يعد تصرفا مسقطا لخيار الحيوان، لأنها تستعمل للاختبار و الامتحان.

(4) أي لتمتحن الدابة كما عرفت.

فمفهوم قول الشهيد قدس سره أن التصرفات إذا لم تكن للاختبار و الامتحان، بل كانت دالة على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم الفعل في مقابل الاجازة القولية: تكون مسقطة للخيار.

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره. -

ص: 210


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و قال (1) المحقق الكركي: لو تصرف ذو الخيار غير عالم كأن ظنها (2) جاريته المختصة فتبينت ذات الخيار.

أو ذهل (3) عن كونها المشتراة ففي الحكم (4) تردد ينشأ:

من (5) اطلاق الخبر بسقوط الخيار بالتصرف.

و من (6) أنه غير قاصد إلى لزوم البيع.

+++++++++++

- أي ما أفاده الشيخ الشهيد قدس سره: من استثناء بعض التصرفات كالأمثلة المذكورة ليس ببعيد عن الصواب، فإن هذه التصرفات إذا كانت في مقام الاختبار لا تدل على الرضا بالعقد أصلا.

(1) هذا حادي عشر استشهاد لما أفاده قدس سره:

من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(2) أي ظن أن هذه الأمة جاريتها فوطأها.

(3) أي غفل عن أن هذه الامة هي الامة المشتراة فتصرف فيها من غير قصد.

(4) و هو سقوط الخيار بهذا النوع من التصرف:

بأن ظن الامة جاريته المختصة فوطأها.

أو غفل عن كونها ذات الخيار فوطأها بغير قصد.

(5) دليل لسقوط الخيار في مثل هذه التصرفات، فإن الصحيحة المتقدمة في ص 172 مطلقة ليس فيها تقييد التصرف بتصرف العالم، أو تقييده بالقصد.

فالخيار ساقط، و إن لم يكن المشتري عالما، أو قاصدا.

(6) دليل لعدم سقوط الخيار بهذا النوع من التصرف لأن المتصرف -

ص: 211

إذ (1) لو علم لم يفعل و التصرف إنما عد مسقطا، لدلالته (2) على الرضا باللزوم.

و قال (3) في موضع آخر:

و لا يعد ركوب الدابة للاستخبار، أو لدفع جموحها (4)؛ أو للخوف من ظالم، أو ليردها: تصرفا (5).

ثم قال (6): و هل يعد حملها (7) للاستخبار تصرفا:

ليس (8) ببعيد.

+++++++++++

- لم يكن عالما، أو لم يكن قاصدا.

(1) تعليل لعدم السقوط و قد عرفته آنفا،

(2) هذا محل استشهاد الشيخ بكلام المحقق الكركي قدس سرهما.

أي لدلالة التصرف على الرضا النوعي الذي هي اجازة فعلية للزوم العقد في مقابل الاجازة القولية.

(3) أي المحقق الكركي قدس سره.

(4) بضم الجيم و الميم مصدر ثالث لجمح، اذ مصدره الاول جمحا بفتح الجيم و سكون الميم و مصدر الثاني جماحا بكسره الجيم.

و معناه: التمرد و العصيان.

يقال: فرس جموح أي متمرد و عاص.

(5) مفعول ثان لكلمة و لا يعد، اذ مفعوله الاول كلمة ركوب في قوله: ركوب الدابة، و ركوب نائب فاعل لكلمة و لا يعد.

(6) أي المحقق الكركي قدس سره.

(7) أي حمل الدابة المشتراة في الأيام الثلاثة.

(8) هذا رأي المحقق الكركي قدس سره أي ليس ببعيد أن لا يعد -

ص: 212

أن (1) لا يعد،

و كذا (2) لو أراد ردها و حلبها لاخذ اللبن على إشكال ينشأ:

من (3) أنه ملكه فله استخلاصه، انتهى.

و حكي (4) عنه في موضع آخر أنه قال:

و المراد بالتصرف المسقط ما كان المقصود منه التملك. لا الاختبار و لا حفظ المبيع كركوب الدابة للسقي، انتهى.

و مراده (5) من التملك البقاء عليه، و الالتزام به.

+++++++++++

- حمل الدابة للاستخبار من التصرف.

(1) جملة أن لا يعد مرفوعة محلا اسم لكلمة ليس أي عدم عد.

حمل الدابة للاستخبار تصرفا ليس ببعيد.

(2) هذا من متممات كلام المحقق الكركى قدس سره.

فهو عطف على قوله: ليس ببعيد أن لا يعد.

أي و ليس ببعيد أيضا أن لا يعد من التصرف حلب الدابة لو أراد ردها إلى صاحبها.

و لكن مع إشكال في عدم البعد.

(3) هذا منشأ الاشكال أي من أن الدابة ملك للمشتري في أيام الخيار فحلبها لا يوجب سقوط الخيار فله ذلك.

و من أن الصحيحة المتقدمة في ص 172 مطلقة ليس فيها تقييد التصرف بتصرف مسقط.

(4) هذا ثاني عشر استشهاد منه قدس سره لما أفاده: من أن التصرف لو خلي و طبعه يدل على الرضا النوعي.

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره أي مراد المحقق الكركي

ص: 213

و يحتمل أن يراد به (1) الاستعمال للانتفاع بالملك، لا الاختبار، أو الحفظ.

هذا (2) ما حضرني من كلماتهم في هذا المقام الظاهرة في المعنى الثالث.

و حاصله (3) التصرف على وجه يدل عرفا لو خلي و طبعه على

+++++++++++

(1) أي يراد بالتملك الواقع في كلام المحقق الكركي قدس سره:

استعمال الحيوان لأن ينتفع به.

لا إرادة البقاء عليه، و الالتزام بالعقد.

و كذلك لا يراد من التملك الاختبار.

أو حفظ الدابة عن الهلاك و الضياع.

(2) أي ما ذكرته لك من الاستشهادات بكلمات الاعلام.

من الطائفة حول الاحتمال الثالث لجملة فذلك رضا منه المشار إليه في ص 172.

كنت مستحضرا عليها عند ما اكتب عن خيار الحيوان.

و قد علمت ظهور الكلمات في المعنى الثالث.

و علمت أيضا عدم وضوح أظهرية المعنى الرابع بالنسبة الى المعنى الثالث.

(3) أي حاصل ظهور تلك الكلمات في المعنى الثالث:

أن المراد من التصرف هو التصرف الدال عرفا على الالتزام بالعقد لو خلي و طبعه حتى يكون سببا لإسقاط الخيار فعلا، فهو اجازة فعلية في مقابل الاجازة القولية.

ص: 214

الالتزام بالعقد، ليكون (1) إسقاطا فعليا للخيار، فيخرج (2) منه ما دلت القرينة على وقوعه، لا عن الالتزام.

لكن (3) يبقى الاشكال المتقدم سابقا: من أن أكثر أمثلة.

+++++++++++

(1) أي التصرف كما علمت.

(2) الفاء فاء التفريع على ما أفاده: من أن المراد من التصرف هو التصرف الدال عرفا على الالتزام بالعقد لو خلي و طبعه.

أي ففي ضوء ما ذكرنا يخرج التصرف الواقع من المشتري لغرض غير الالتزام بالعقد.

و الخروج عن ذلك بواسطة القرائن الخارجية.

فمثل هذا التصرف غير مسقط للخيار.

(3) استدراك عما أفاده: من أن التصرف يدل عرفا على الالتزام بالعقد لو خلي و طبعه.

و خلاصته أن أكثر التصرفات الواردة في النصوص و الفتاوى يراد منها التصرف الذي ليس فيه دلالة على الالتزام بالعقد.

بل التصرفات الصادرة من المشتري أيام الخيار تقع غالبا بدون قصد إلى ما اشتراه كظن المشتري أن الامة جاريته فوطأها ثم بان خلافه.

أو تقع على نحو التردد، لا مع القطع و اليقين.

أو على نحو العزم على الفسخ مطلقا، سواء اطلع على ما يوجب رغبته إلى ما اشتراه أم لم يطلع(1)

فمثل هذه التصرفات غير دالة في نفسها على الرضا النوعي الذي هي الاجازة الفعلية على الالتزام بالعقد. -

ص: 215


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

التصرف المذكورة في النصوص (1) و الفتاوى ليست (2) كذلك بل هي (3) واقعة غالبا مع الغفلة، أو التردد، أو العزم على

+++++++++++

- اذا لا مجال للقول بأن التصرف يدل عرفا لو خلي و طبعه على الالتزام بالعقد.

و المراد من النصوص هي الصحاح الثلاث المتقدمة في ص 172 و ص 173-174.

و من الفتاوى الفتاوى الصادرة من الأعلام حول خيار الحيوان.

فالحاصل أنه لا يمكن الحكم بسقوط الخيار بمجرد التصرف الصادر من المشتري بحجة أن التصرف لو خلي و طبعه يدل عرفا على الالتزام بالعقد.

فلا يكون هكذا النوع من التصرف من صغريات تلك الكبرى الكلية: و هو أن كل تصرف يدل عرفا على الالتزام بالعقد لو خلي و طبعه، المستظهرة هذه الكبرى الكلية من النصوص و الفتاوى.

فلا يمكن الجمع بين هذه الأمثلة المذكورة في النصوص و الفتاوى و بين هذه الكبرى الكلية الدالة على الرضا بالعقد عرفا.

(1) هذا بيان للاشكال المتقدم.

و قد علمته في الهامش 3 ص 215 عند قولنا: و خلاصة الاستدراك

(2) أي التصرفات المذكورة في الأمثلة الواردة في النصوص و الفتاوى ليست دالة على الرضا بالعقد.

و قد عرفته في الهامش 3 ص 215 عند قولنا التصرف الذي ليس فيه دلالة.

(3) أي التصرفات المذكورة. -

ص: 216

الفسخ: مطلقا (1): أو اذا اطلع على ما يوجب زهده (2) فيه، فهي (3) غير دالة في نفسها عرفا على الرضا.

و منه (4) يظهر وجه النظر في دفع الاستبعاد الذي ذكرناه سابقا.

من (5) عدم انفكاك اشتراء الحيوان من التصرف فيه في الثلاثة فيكون مورد الخيار في غاية الندرة:

+++++++++++

(1) و قد عرفت معنى مطلقا في الهامش 3 ص 215 عند قولنا:

سواء اطلع.

(2) أي رغبة المشتري فيما اشتراه.

(3) أي هذه التصرفات المذكورة في النصوص و الفتاوى.

(4) أي و من عدم دلالة أكثر التصرفات المذكورة في الأمثلة الواردة في النصوص و الفتاوى على الالتزام بالعقد عرفا بل تقع غالبا بلا التزام للعقد، و لا لنفوذه.

(5) هذا هو الاستبعاد المذكور منه قدس سره في ص 178 بقوله:

مع أن من المعلوم عدم انفكاك المملوك المشترى عن ذلك في أثناء الخيار.

و خلاصة الاستبعاد أنه من البعد جدا عدم تصرف المشتري فيما اشتراه أيام خياره، إذ لا أقل من ركوبه للاختبار عن صحته و سقمه أو عن معرفة كونه صعبا في مقابل كونه ذلولا.

أو ركوبه لاستخلاصه من أرض ذات سباع.

أو لأجل خلاصه من يد غاشم يريد أخذه قهرا و ظلما. -

ص: 217

بأن (1) الغالب في التصرفات وقوعها مع عدم الرضا باللزوم فلا يسقط بها الخيار.

اذ (2) فيه أن هذا يوجب استهجان تعليل السقوط بمطلق الحدث بأنه رضاء: لأن المصحح لهذا التعليل مع العلم بعدم كون بعض أفراده

+++++++++++

- فمثل هذه التصرفات في الحيوان في الأيام الثلاثة مما لا بد منه.

اذا كيف يمكن الحكم بسقوط الخيار بمجرد وجود هذه التصرفات بحجة أنه لو خلي التصرف و طبعه لدل عرفا على الرضا بالالتزام بالعقد؟.

فلو كانت تلك التصرفات دالة على الرضا عرفا.

لكان جعل الخيار من قبل الشارع المقدس في الأيام الثلاثة قبيحا مستهجنا و لغوا.

بل لا يبقى للخيار مجال أصلا، أو يبقى نادرا.

(1) هذا هو دفع الاستبعاد المذكور.

و خلاصة الدفع أن الاستبعاد المذكور في غير محله، لأن الغالب في التصرفات الواقعة في أيام الخيار لا تقع عن الرضا بلزوم العقد و الالتزام به، فلا تكون مسقطة للخيار، فلا يلزم المحذور المذكور في قولكم:

من عدم انفكاك اشتراء الحيوان من التصرف فيه في الأيام الثلاثة فيكون مورد الخيار في غاية الندرة.

(2) هذا وجه النظر في الدفع عن الاستبعاد المذكور.

و خلاصته أن لازم ما أفيد في الدفع: من أن الغالب في التصرفات وقوعها من عدم الرضا بالالتزام فلا يسقط بها الخيار. -

ص: 218

رضاء هو ظهوره (1) فيه (2) عرفا من أجل الغلبة.

+++++++++++

- استهجان تعليل الامام عليه السلام سقوط الخيار بمطلق الحدث في قوله في الصحيحة المتقدمة في ص 172: فإن أحدث المشتري فيما اشتراه حدثا قبل الثلاثة فذلك رضا منه، اذ الذي يصحح هذا التعليل مع العلم بأن بعض أفراد التصرف لا يصدر عن رضا المشتري بالالتزام بالعقد:

هو ظهور التصرف بالرضا بالعقد و الالتزام به.

و منشأ الظهور هي الغلبة عرفا، حيث إن العرف. يرى أن هذه التصرفات كاشفة عن الرضا النوعي بالعقد، و اجازة فعلية بالالتزام.

فلو فرضنا أن الغالب في التصرفات وقوعها مع عدم الرضا بالالتزام على حد تعبير الدافع عن الاستبعاد المذكور.

بل كان وقوعها مع الإرادة على فسخ العقد.

أو أن المشتري يتردد بين الامضاء و الفسخ.

أو أنه غافل أصلا عن وقوع عقد فيتصرف فيه لا عن شعور و إرادة للالتزام بالعقد.

يلزم أن يكون تعليل السقوط بمطلق الحدث و التصرف بالعلة المذكورة في قوله عليه السلام؛

فذلك رضا منه.

مستهجنا، لأن العلة المذكورة لا توجد إلا في فرد قليل، لا في جميع أفراد التصرف.

(1) أي ظهور التصرف كما عرفت آنفا.

(2) أي في الرضا كما علمت آنفا.

ص: 219

فاذا (1) فرض أن الغالب في مثل هذه التصرفات وقوعها، لا عن التزام للعقد.

بل (2) مع العزم على الفسخ، أو التردد فيه، أو الغفلة:

كان تعليل الحكم (3) على المطلق بهذه العلة (4) غير الموجودة إلا في قليل من أفراده مستهجنا.

و أما الاستشهاد لذلك (5) بما سيجيء: من أن (6) تصرف

+++++++++++

(1) عرفت معنى هذا الفرض في الهامش ص 219 عند قولنا:

فلو فرضنا أن الغالب.

(2) عرفت معنى هذا الاضراب في الهامش ص 219 عند قولنا:

بل كان وقوعها.

(3) و هو سقوط الخيار.

(4) المراد من العلة قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة في ص 172: فذلك رضا منه كما عرفت آنفا.

(5) أي لوقوع التصرفات غالبا عن عدم الرضا بالالتزام بالعقد.

(6) كلمة من بيان لما سيجيء.

و خلاصة ما سيجيء أنه اتفق الفقهاء من الطائفة أن البائع لو تصرف في ثمن المبيع أيام خيار المشتري(1) فلا يكون التصرف مسقطا لخيار المشتري.

محتجين لذلك بأن التصرف المذكور لم يصدر. عن الالتزام بالعقد و أنه اجازة منه لانتقال الملك إلى المشتري، و قطع اضافة الملكية و علاقتها عنه.

بل صدور التصرف منه مع العزم على الفسخ، و برد الثمن إلى

ص: 220


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

البائع في ثمن بيع الخيار غير مسقط لخياره اتفاقا، و ليس ذلك (1)(1)إلا من جهة صدوره لا عن التزام بالعقد، بل (2) مع العزم على الفسخ برد الثمن.

ففيه (3) ما سيجيء(2)

و مما ذكرنا: من استهجان التعليل على تقدير كون غالب التصرفات واقعة لا عن التزام.

يظهر فساد الجمع بهذا الوجه (4):

+++++++++++

المشتري.

(1) أي التصرف المذكور كما عرفت آنفا.

(2) بل كان التصرف المذكور كما عرفت آنفا.

(3) رد منه قدس سره على الاستشهاد المذكور.

و يأتي الرد إن شاء اللّه.

(4) و هو أن غالب التصرفات الواقعة تصدر لا عن الالتزام بالعقد.

خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا المقام.

إن بعض الفقهاء قد جمع بين الأخبار المتضاربة الواردة في خيار الحيوان.

الدال بعضها على سقوط الخيار بمجرد التصرف.

كالصحاح الثلاث المتقدمة في ص 172 و ص 173-174.

و الدال بعضها على عدم السقوط بمجرد التصرف.

كرواية زيد بن علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم.

اجمعين المتقدمة في ص 183، حيث إن رسول اللّه صلى اللّه عليه -

ص: 221


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

يعني حمل الأخبار المتقدمة (1) على صورة دلالة التصرفات المذكورة على الرضا بلزوم العقد، جمعا بينها.

و بين ما دل من الأخبار على عدم سقوطه بمجرد التصرف.

مثل رواية عبد اللّه بن الحسن بن زيد المتقدمة (2) التي لم يتفصل في جوابها.

بين تصرف المشتري في العبد المتوفى في زمان الخيار، و عدمه (3)

+++++++++++

- و آله و سلم لم يستفصل جواب الراوي.

بين تصرف المشتري من العبد المتوفى في زمن الخيار.

و بين عدم تصرفه في العبد في زمن الخيار.

فلم يعلق صلى اللّه عليه و آله و سلم عدم استحلاف المشتري بسقوط خياره بمجرد التصرف.

بل علق السقوط بالرضا الفعلي.

و الذي جمع بين هذه الأخبار إنما جمعها بحجة أن غالب التصرفات الواقعة من المشتري في الحيوان إنما كانت لا عن التزام بالعقد.

فالشيخ قدس سره يقول: بعد أن عرفت.

استهجان التعليل المذكور في الصحيحة المتقدمة في ص 172 لو قلنا بوقوع غالب التصرفات عن غير التزام بالعقد:

تعلم أن مبنى الجمع بهذا الدليل فاسد، للزوم استهجان التعليل المذكور.

(1) في ص 172-173-174 كما عرفت آنفا.

(2) في ص 183 عند قول الشيخ: و يشهد لهذا المعنى.

(3) أي و بين عدم تصرف المشتري كما علمت.

ص: 222

و إنما أنيط (1) سقوط الخيار فيها بالرضا الفعلي.

و مثل (2) الخبر المصحح في رجل اشترى شاة فأمسكها ثلاثة أيام ثم ردها.

فقال: إن كان في تلك الثلاثة الأيام يشرب لبنها رد معها ثلاثة أمداد.

و إن لم يكن لها لبن فليس عليه شيء (3).

+++++++++++

(1) أي و انما علق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم في رواية زيد بن علي بن الحسين عليهم الصلاة سقوط الخيار كما علمت.

(2) هذا ثاني الأخبار الدالة على عدم سقوط الخيار بمجرد التصرف.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 360 الباب 13 - الحديث 1.

و الشاهد في تقرير الامام عليه السلام رد المشتري الشاة، و أمره برد ثلاثة أمداد من اللبن مع الشاة ازاء اللبن الذي استفاده منها،

مع أن المشتري قد تصرف في الشاة بحلب لبنها.

ثم لا يخفى عليك أن هذه الرواية مروية بطرق ثلاث، و كلها منتهية إلى الامام الصادق عليه السلام.

فالسائل و المسئول، و المسئول عنه فيها واحد.

ثم لا يخفى عليك أيضا أن هذه الرواية صريحة في أن رد الشاة كان بعد مضي أيام الخيار، لا فيها.

فكيف استدل بها الجامع بين الاخيار المتضاربة في خيار الحيوان على عدم سقوط الخيار بمجرد التصرف؟. -

ص: 223

و نحوه (1) الآخر.

+++++++++++

- و قد صرح بذلك المحقق الايرواني قدس سره.

في تعليقته على المكاسب في الجزء 2 ص 20 بقوله:

حيث فرض فيها الرد بعد الثلاثة؟

و العجب من بعض المعلقين الفطاحل.

كيف خفي عليهم هذا الأمر؟.

ثم إنه لا يعلم المراد من ثلاثة أمداد.

أ هي أمداد من الحليب؟.

أم أمداد من الطعام؟.

كما هو المتعارف من المد.

و هكذا في الصاع لا يعلم المراد منه.

و يحتمل أن تكون القرينة الحالية تصاعد على مد و صاع من اللبن حيث إنه المستفاد من الشاة، فإزاؤه يكون حليبا.

(1) أي و نحو الخبر المصحح خبر آخر.

هذا ثالث الاخبار الدالة على عدم سقوط خيار الحيوان بمجرد التصرف فيه.

أليك نص الخبر.

من اشترى محفلة فليرد معها صاعا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 360 الباب 13 - الحديث 3.

و الشاهد في الشاة، أو الناقة المحلوبة التي تصرف المشتري فيها بحلب لبنها ثم ردها، و الامام عليه السلام قرر اعطاء صاع لصاحب -

ص: 224

..........

+++++++++++

- الشاة عند رد الشاة.

ثم لا يخفى عليك أنه لا يوجد في كتب الأحاديث التي بأيدينا حديث آخر في هذا المقام غير هذا الخبر المشتمل على صاع.

و الخبر المشتمل على أمداد هو الخبر المشار إليه في ص 223.

و الذي يلفت النظر أن الصاع في اللغة و عند الفقهاء أربعة أمداد.

فكيف عبر شيخنا الانصاري قدس سره عن الصاع بثلاثة أمداد في قوله:

و ما فيهما من رد ثلاثة أمداد لعله محمول على الاستحباب؟.

و مرجع الضمير في فيهما الخبر المصحح و الخبر الآخر.

و كلمة (محفلة) بالتشديد اسم مفعول من باب التفعيل من حفل يحفل تحفيلا.

معناه الزيادة و الكثرة و الجمع.

يقال: دار حافلة أي كثيرة الاهل.

و يقال: شاة حافل، و ناقة حافلة أي كثير لبنها.

و يقال: واد حافل أي كثير ماؤه وسيله.

و المراد من المحفلة هنا الشاة التي لم تحلب أياما، ليجتمع اللبن في ضرعها حتى يباع.

فالتحفيل و التصرية بمعنى واحد.

و قد نهي التحفيل و التصرية في الاسلام.

و لهما عنوان مستقل في الكتب الفقهية.

ص: 225

و ما فيهما (1) من رد ثلاثة أمداد لعله محمول على الاستحباب.

مع أن (2) ترك العمل به.

+++++++++++

(1) أي في الخبر المصحح المشار إليه في ص 223

و خبر الصاع المشار إليه في الهامش 1 ص 224

كأن هذا دفع وهم.

حاصل الوهم:

إنه لما ذا يدفع المشتري ثلاثة أمداد إلى البائع.

كما في خبر المصحح المشار إليه في ص 223؟.

أو صاعا إليه كما في الخبر الآخر المشار إليه في الهامش 1 ص 224؟.

مع أن ما حلبه من الشاة كان في أيام الخيار و هي في ملكه.

فأجاب قدس سره أن الدفع على وجه الاستحباب.

لا على وجه الوجوب.

و لا يخفى عليك أن ما اجابه قدس سره بناء على مذهب المشهور:

من عدم توقف تملك المشتري المبيع في زمن الخيار: على القضاء مدة الخيار.

و أما على مذهب شيخ الطائفة قدس سره: من توقف التملك على انقضاء مدة الخيار.

فدفع ثلاثة أمداد، أو صاع واجب.

(2) جواب آخر عن أنه.

لما ذا يكون دفع ثلاثة أمداد، أو صاع مستحبا و لم يك واجبا؟، خلاصته إنه إذا تركنا العمل ببعض الخبر: بأن قلنا بعدم وجوب -

ص: 226

لا يوجب رد الرواية (1)، فتأمل (2).

+++++++++++

- دفع ثلاثة أمداد، أو صاع.

فلا يلزم منه ترك العمل بالبعض الآخر من الرواية:

و هي حجيتها بالنسبة إلى عدم سقوط الخيار بمجرد التصرف في المبيع، لأنه قد ثبت في علم الاصول.

إنه اذا ترك العمل ببعض الرواية.

فلا يلزم منه سقوطها عن الحجية بالنسبة إلى مدلولها الآخر.

(1) المراد بها الخبر المصحح المشار إليه في ص 223.

(2) خلاصة وجه التأمل.

إن عدم الملازمة بين ترك العمل ببعض الرواية.

و العمل ببعضها الآخر.

إنما يتحقق فيما إذا كان هناك كلامان متغايران، و قامت القرينة على ترك أحدهما.

لا فيما نحن فيه: و هو الخبر المصحح المشار إليه في ص 443 الذي يكون فهم الحكمين منه من جملة واحدة.

و الحكمان هما:

جواز رد الشاة - ورد ثلاثة أمداد معها.

و لا سيما أن فهم أحد الحكمين بالمداول الالتزامي:

و هو رد الشاة.

و فهم الآخر بالمدلول المطابقي: و هو رد ثلاثة أمداد معها.

فلا مجال لترك العمل بالمدلول المطابقي، و رفع اليد عنه.

و العمل بالمدلول الالتزامي الذي هو لازم للمدلول المطابقي -

ص: 227

و قد افتى بذلك (1) في المبسوط فيما لو باع شاة غير مصراة و حلبها أياما ثم وجد المشتري فيها عيبا.

ثم قال (2):

+++++++++++

- و المراد من الجملة الواحدة هو قوله عليه السلام في الخبر المصحح المذكور في ص 223:

إن كان فى تلك الثلاثة الأيام يشرب لبنها رد معها ثلاثة أمداد.

ثم إن (للمحقق الايرواني) قدس سره حول التأمل وجها آخر.

أليك خلاصته مع تصرف قليل منا:

لو قلنا: بوجوب رد ثلاثة أمداد.

لا مجال للاعتراض بأن الحليب المستفاد قد حدث.

في ملكه: و هي أيام الخيار.

فكيف يقال بوجوب الدفع؟.

لأن الرواية غير ظاهرة في أن الرد كان لاجل خيار الحيوان، اذ من المحتمل أن يكون الرد لاجل العيب الذي فيه.

و يؤيد هذا الاحتمال أن الرد فيها كان بعد ثلاثة أيام، لأن قوله عليه السلام: فأمسكها ثلاثة أيام ثم ردها صريح في كون الرد بعد أيام الخيار، لوجود كلمة ثم الدالة على التراخي و الانفصال.

قال ابن مالك في منظومته.

و الفاء للترتيب باتصال *** و ثم للترتيب بانفصال

(1) أي بعدم سقوط خيار الحيوان بالتصرف فيه أيام الخيار.

(2) أي (شيخ الطائفة) قدس سره.

ص: 228

و قيل: ليس له ردها، لأنه تصرف بالحلب (1).

و بالجملة (2) فالجمع بين النص و الفتوى الظاهرين في كون

+++++++++++

(1) راجع (المبسوط) الجزء 2، ص 125-126 طباعة (جابخانه حيدري).

أليك نص عبارته هناك:

و إذا باع شاة غير مصراة و حلبها أياما ثم وجد بها عيبا فاراد ردها نظر.

فإن اشتراها محلوبة لا لبن في ضرعها كان له ردها.

و ما حل من اللبن في ضرعها له و لا شيء عليه، لأنه حدث في ملكه.

و إن كان في ضرعها لبن نظر.

فإن كان قد استهلك(1) لم يجز له ردها، لأن بعض المبيع قد تلف، و له المطالبة بالارش.

و إن كان قائما(2) لم يستهلك كان له ردها.

و قيل(3): ليس له ردها، لأنه تصرف باللبن بالحلب.

(2) أي خلاصة الكلام حول سقوط خيار الحيوان بالتصرف أو -

ص: 229


1- المراد من الاستهلاك هو الاستعمال بنحو الشرب، أو طريق أخر.
2- المراد من القيام هو بقاء الحليب بعد أن حلبه: بأن لم يشربه
3- - مراد القيل أنه بعد الحلب لا يجوز له رد الشاة، لأن التصرف مسقط للخيار. فهذا القيل في مقابل فتوى الشيخ بعدم سقوط الخيار.

التصرف مسقطا، لدلالته على الرضا بلزوم العقد.

و بين ما تقدم (1): من التصرفات المذكورة في كثير من الفتاوى.

خصوصا ما ذكره غير واحد: من الجزم بسقوط الخيار بالركوب في طريق الرد، أو التردد فيه، و في التصرف للاستخبار، مع العلم بعدم اقترانهما بالرضا بلزوم العقد.

في (2) غاية الاشكال و اللّه العالم بحقيقة الحال.

+++++++++++

- عدم سقوطه بالتصرف.

هذا اشكال آخر على من جمع بين الأخبار الواردة في خيار الحيوان.

الدال بعضها على سقوط الخيار بالتصرف.

و الدال بعضها على عدم السقوط بالتصرف.

بل التصرف دال على عدم الالتزام بالعقد.

(1) في ص 204 عند قوله: و قال في المبسوط.

و في ص 205 عند قوله: و في الغنية لو هلك المبيع.

و في ص 206 عند قوله: و في السرائر بعد حكمه بالخيار.

و في ص 209 عند قوله: و في التحرير في مسألة سقوط.

و في ص 208 عند قوله: و أما العلامة فقد عرفت.

و في ص 208 عند قوله: و قال في موضع آخر: لو ركب الدابة.

و في ص 210 عند قوله: و في الدروس استثنى.

و في ص 211 عند قوله: و قال المحقق الكركي.

(2) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم لكلمة -

ص: 230

الثالث خيار الشرط:
اشارة

(الثالث) (1).

خيار الشرط: أعني (2) الثابت بسبب اشتراطه في العقد (3).

و لا خلاف في صحة هذا الشرط.

و لا في (4) أنه لا يتقدر بحد عندنا.

+++++++++++

- فالجمع في قوله في ص 229: و بالجملة فالجمع أي خلاصة الكلام إن الجمع بين هذين التصرفين المستفادين من النصوص المتقدمة، و الفتاوي المذكورة في غاية الاشكال.

(1) أي القسم الثالث من أقسام الخيار التي كانت سبعة.

و قد ذكر قدس سره القسم الأول: و هو خيار المجلس في ج 13 ص 71 و القسم الثاني: و هو خيار الحيوان في ص 84.

(2) تفسير لخيار الشرط.

(3) أي في متن العقد.

(4) أي و لا خلاف عندنا أيضا في أن خيار الشرط لا يتقدر في أصل الشرع بقدر معين.

بل يجوز للمتعاقدين شرط الخيار أي مقدار أرادا، و شاءا من الزمن، سواء طال أم قصر، و سواء أ كان يوما، أم ثلاثة أيام شهرا أم سنة، أم سنتين.

نعم لا بد أن تكون المدة معلومة مضبوطة بما لا يحتمل الزيادة و النقصان، ابتداء و انتهاء.

فلا يصح تعليقه بقدوم الحاج: أو بحصاد الزرع، أو نزول الغيث لعدم ضبطه بما ذكر، فيبطل العقد لو علق عليها. -

ص: 231

و نقل الاجماع فيه (1) مستفيض.

و الاصل فيه (2) قبل ذلك.

الأخبار العامة المسوغة لاشتراط كل شرط، إلا ما استثني (3).

و الاخبار الخاصة الواردة في بعض أفراد المسألة (4).

فمن الاولى (5) الخبر المستفيض الذي لا يبعد دعوى تواتره.

(المسلمون عند شروطهم) (6).

+++++++++++

- فالحاصل أن الضابط و الملاك في صحة خيار الشرط هو مقدار احتياج الناس الى المدة.

و مقدار الحاجة يختلف حسب اختلاف الاشخاص و الأحوال، فيجب الضبط بما يعرفه المتعاقدان: من المدة التي يحتاجان إليها.

(1) أي في خيار الشرط.

(2) أي في تشريع خيار الشرط قبل الاجماع القائم على ذلك.

(3) و هو الشرط المخالف لكتاب اللّه عز و جل.

أو لسنة رسوله الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

أو لمقتضى العقد.

(4) أي مسألة خيار الشرط.

(5) و هي الأخبار العامة المجوزة لكل شرط يشترط في متن العقد إلا شرطا مخالفا للكتاب، أو السنة، أو لمقتضى العقد.

(6) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 الحديث 1-3.

و راجع (المصدر نفسه) الجزء 15 ص 50 الباب 40 الحديث 4. -

ص: 232

و يزيد في صحيحة ابن سنان.

إلا كل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز (1).

و في موثقة اسحاق بن عمار.

إلا شرطا حرم حلالا، أو احل حراما (2).

نعم في صحيحة أخرى لابن سنان:

من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له.

و لا يجوز على الذي اشترط عليه.

و المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل (3).

لكن المراد منها (4) بقرينة المقابلة.

+++++++++++

- لكن الموجود هنا فإن المسلمين.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 الحديث 2.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 الحديث 5.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 الحديث 1.

فهذه الأحاديث الشريفة كلها تدل بالعموم على صحة خيار الشرط و لا اختصاص لها بمورد دون مورد.

(4) أي من كلمة وافق الواقعة في قوله (عليه السلام): وافق كتاب اللّه.

خلاصة هذا الكلام إن المقصود من الموافقة بقرينة مقابلها و هي المخالفة هو عدم مخالفة الشرط للكتاب، أو السنة. -

ص: 233

عدم المخالفة (1)، للاجماع على عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الكتاب.

و تمام الكلام في معنى هذه الاخبار (2).

و توضيح المراد من الاستثناء (3) الوارد فيها يأتي في باب الشرط في ضمن العقد إن شاء اللّه.

المقصود هذا بيان أحكام الخيار المشترط في العقد و هي تظهر برسم مسائل
اشارة

و المقصود هذا بيان أحكام الخيار المشترط في العقد.

و هي (4) تظهر برسم مسائل (5).

+++++++++++

- و ليس المراد منها موافقة الشرط للكتاب، أو السنة:

بمعنى أنه لو لم يكن مذكورا في الكتاب، أو السنة لا يجوز العمل به، و أنه لو شرط يبطل العقد بحجة أنه لا يوجد في الكتاب.

بل المراد عدم مخالفته للكتاب، أو السنة.

(1) تعليل لكون المراد من الموافقة عدم مخالفة الشرط للكتاب أو السنة.

(2) التي ذكرت في ص 232، و ص 233.

(3) أي الواقع في قوله عليه السلام: إلا كل شرط خالف كتاب اللّه.

كما في حديث عبد اللّه بن سنان المشار إليه في ص 233

و في قوله عليه السلام: إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما كما في موثقة اسحاق بن عمار المشار إليه في ص 233.

(4) أي أحكام الخيار.

(5) و هي سبعة تذكر كل واحد منها مستقلا مشروحا.

ص: 234

مسألة: لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد، أو منفصلا عنه

(مسألة) (1):

لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد (2)، أو منفصلا عنه (3) لعموم أدلة الشرط.

قال في التذكرة:

لو شرط خيار الغد، دون اليوم صح عندنا، خلافا للشافعي (4) و استدل (5) له فى موضع.

+++++++++++

(1) هذه هي المسألة الاولى من المسائل السبع.

(2) بأن كان مبدأ الخيار المشترط في متن العقد من حينه.

بأن يقول أحد المتعاقدين، أو كلاهما:

بعتك على أن لي الخيار من بداية هذا اليوم إلى عشرة أيام.

(3) أي عن العقد: بأن كان مبدأ خيار الشرط متأخرا عن مجلس البيع: بأن يحصل بينهما فصل: بأن يقول أحد المتعاقدين، أو كلاهما ب بعتك بشرط أن يكون لي الخيار من بداية الشهر القادم.

ففي خلال هذه الفترة المتخللة بين العقد.

و بين مجيء الشهر القادم يكون البيع لازما.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 333 عند قوله:

الثالث لو شرط خيار الغد، دون اليوم صح عندنا، خلافا للشافعي.

(5) الظاهر أن الفاعل في استدل الشافعي(1) أي استدل الشافعي لما -

ص: 235


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

آخر (1) بلزوم صيرورة العقد جائزا بعد اللزوم.

و رده (2) بعدم المانع من ذلك.

مع أنه (3) كما في التذكرة.

+++++++++++

- ذهب إليه: من عدم صحة خيار الغد دون اليوم.

و قد ذكر العلامة قدس سره الاستدلال في التذكرة.

بقوله: و قال الشافعي: لا يجوز، لأنه إذا تراخت المدة عن العقد لزم، و إذا لزم لم يعد جائزا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 332.

(1) أي من تذكرة الفقهاء كما علمت آنفا في هذه الصفحة.

(2) أي ورد العلامة الشافعي فيما ذهب إليه.

و خلاصة الرد أنه لا مانع من لزوم العقد في الفترة المتخللة بين العقد، و زمن مجيء الخيار، لا عقلا، و لا شرعا.

نعم انقلاب اللازم جائزا، أو انقلاب الجائز لازما محال.

لكن هذا غير لازم هنا.

(3) هذا إشكال آخر على ما ذهب إليه الشافعي: من عدم صحة خيار الغد، دون اليوم بالاستدلال المذكور.

أي و لنا بالإضافة إلى ذلك الرد إشكال آخر:

و هو أن دليله منتقض بخيار الرؤية، حيث إن الخيار لم يثبت قبل الرؤية، لأنه إنما يحدث عند رؤية المبيع الموصوف، و وجد أنه مخالف للوصف.

فالبيع بين فترة العقد، و رؤية المبيع لازم، ثم يصير جائزا، و هو يعترف بصحة خيار الرؤية. -

ص: 236

منتقض بخيار التأخير، و خيار الرؤية (1):

نعم يشترط تعيين المدة (2).

+++++++++++

- و كذا ينتقض دليله بخيار التأخير بعد الثلاثة الأيام، فإنه لم يسلم بعد، مع أن العقد لازم من حين وقوعه إلى يوم التسلم ثم يصير جائزا، و هو يعترف بصحة خيار التأخير.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 332.

(2) أي مدة خيار الشرط.

البحث عن تعيين مدة الخيار يتوقف على ذكر مراتب المدة.

فنقول: إن مراتبها ستة.

(الاولى): أن تذكر المدة مطلقة كأن يقول أحد المتعاقدين:

بعتك على أن يكون لي الخيار مدة.

(الثانية): أن تذكر ما دام العمر كأن يقول أحد المتعاقدين:

بعتك على أن يكون لي الخيار ما دمت في الحياة.

(الثالثة): أن تذكر معينة بحسب كمية الأيام و مقدارها من دون تعيين وقوع الأيام من أشهر السنة.

كأن يقول أحد المتعاقدين: بعتك على أن يكون لي الخيار عشرة أيام.

و هذه الايام تكون بنحو السيلان و الجريان في جميع أيام السنة.

فهي مفاد النكرة و مطابقة لها، فتعيينها يكون بيد أحدهما، أو بيد ثالث.

(الرابعة): أن تذكر معينة كما و وقتا: -

ص: 237

فلو (1) تراضيا على مدة مجهولة كقدوم الحاج بطل بلا خلاف.

بل حكي الاجماع عليه (2) صريحا، لصيرورة المعاملة بذلك (3) غررية

+++++++++++

- كأن يقول احد المتبايعين: بعتك على أن يكون لي الخيار عشرة أيام من شهر الحرم عام 1406.

(الخامسة): أن تذكر المدة معينة كما، لا وقتا كأن يقول أحد المتبايعين:

بعتك على أن يكون لي الخيار عشرة أيام:

(السادسة): أن تذكر المدة غير معينة كما، لكنها معينة وقتا.

كأن يقول أحد المتبايعين:

بعتك على أن يكون لي الخيار في المحرم من عام 1406.

و لا فرق في التعيين الوقتي بين كونه في المبدأ، أو في المنتهى هذه هي مراتب المدة التي تذكر في خيار الشرط.

اذا احطت بهذه المراتب.

فأعلم أن هذه المراتب لا تكون من مصاديق البيع الغرري.

فلا يشملها الغرر لو وقع العقد على احداها، و إن كان يحصل الغرر بالجهل بمدة الخيار، لأن لازم شمول الغرر لهذه المراتب لاجل الجهل بمدة الخيار.

بطلان جميع البيوع، للجهل بمدة خيار المجلس، لعدم العلم بحصول الافتراق حتى يسقط خيار المجلس.

(1) الفاء تفريع على ما أفاده: من أنه يشترط تعيين مدة الخيار.

(2) أي على بطلان العقد لو علق العقد على مدة مجهولة.

(3) أي بالتراضي على مدة مجهولة تصبح المعاملة غررية، و إذا -

ص: 238

و لا عبرة (1) بمسامحة العرف في بعض المقامات، و اقدام العقلاء عليه أحيانا، فإن (2) المستفاد من تتبع أحكام المعاملات عدم رضا الشارع بذلك، اذ (3) كثيرا ما يتفق التشاح في مثل الساعة و الساعتين

+++++++++++

- صارت غررية يشمله نهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في قوله:

لا غرر في البيع.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 330 الباب 40 الحديث 3.

أليك نص الحديث.

عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام نحوه.

و زاد: و قد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

عن بيع المضطر، و عن بيع الغرر.

(1) كأنما هذا دفع وهم.

حاصل الوهم إن العرف يتسامح في بعض مجالاتهم في تعليقهم معاملاتهم على مدة مجهولة:

فأجاب قدس سره على عدم اعتبار مسامحة في هذه المجالات، و ان كان العقلاء منهم يقدمون على ذلك.

(2) تعليل لعدم اعتبار مسامحة العرف.

و خلاصته أن الشارع لا يرضى بهذه المسامحة.

فالملاك رضا الشارع في العقود و الايقاعات لا رضا العرف.

(3) تعليل لعدم رضا الشارع بمسامحة العرف في المدة المجهولة القليلة.

و خلاصته إنا نرى بالعيان وقوع النزاع و التشاح بين المتعاقدين -

ص: 239

من زمان الخيار، فضلا عن اليوم و اليومين.

و بالجملة (1) فالغرر لا ينتفي بمسامحة الناس في غير زمان الحاجة إلى المداقة، و إلا (2) لم يكن بيع الجزاف، و ما تعذر تسليمه، و الثمن المحتمل للتفاوت القليل، و غير ذلك من الجهالات:

غررا (3)، لتسامح الناس في غير مقام الحاجة إلى المداقة في أكثر المجالات:

+++++++++++

- الذين هما من العرف و العقلاء في مدة وجيزة، فضلا عن اليوم و اليومين.

فالشارع المقدس لرفع غائلة النزاع و التشاح لم يرض بمثل هذه المسامحة من العرف و لم يعترف بها.

(1) أي خلاصة الكلام في هذا المقام إن الغرر الموجود من ناحية الجهل بالمدة لا يرتفع بسبب مسامحة العرف في بعض المجالات غير المحتاجة الى الدقة و التعمق.

(2) أي و إن انتفى الغرر بمسامحة الناس في غير زمان الحاجة لم يكن بيع الجزاف المجهول مقداره و كميته و بيع المتعذر تسليمه للمشتري المجهولة مدة الحصول على المبيع.

و الثمن المحتمل للتفاوت القليل، المجهول مقدار تفاوته و غير ذلك من المجهولات:

بيعا غرريا، لتسامح العرف في أكثر المجهولات غير المحتاجة الى المداقة.

(3) تعليل لعدم كون ما ذكرناه: من البيع الغرري.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 2 من هذه الصفحة لتسامح العرف.

ص: 240

و لعل هذا (1) مراد بعض الأساطين من قوله:

إن دائرة الغرر في الشرع أضيق من دائرته في العرف.

و الا (2) فالغرر لفظ لا يرجع في معناه إلا الى العرف.

نعم (3) الجهالة التي لا يرجع الامر معها غالبا الى التشاح بحيث يكون النادر كالمعدوم.

+++++++++++

(1) أي و لعل لأجل مسامحة العرف في إقدامهم على المعاملة الغررية و تجويزهم ذلك.

و عدم تجويز الشارع على الإقدام على المعاملة الغررية، و عدم امضائه لمثل هذا التسامح.

أفاد الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدس سره:

أن دائرة الغرر عند الشارع أضيق من دائرته عند العرف.

فرب معاملة يراها الشارع غررية، و العرف لا يراها غررية، لتسامحه بذلك.

و ليس المراد أن بعض المجهولات ليس غررا عند العرف، و هو غرر عند الشارع.

(2) أي و لو لا أن دائرة الغرر عند الشارع أضيق من دائرته.

لدى العرف:

لكان مرجع الغرر هو العرف: بمعنى أن المحور في صدق المعاملة غررية، أو ليست غررية هو العرف.

(3) استدراك عما أفاده قدس سره: من أنه لا بد من تعيين المدة في خيار الشرط، فلا يجوز التراضي على مدة مجهولة، لأنها مثار النزاع و التشاح بين المتعاقدين. -

ص: 241

لا تعد غررا كتفاوت المكاييل و الموازين.

و تشير إلى ما ذكرنا (1) الأخبار الدالة على اعتبار كون السلم إلى أجل معلوم (2).

و خصوص (3) موثقة غياث:

+++++++++++

- خلاصته إن الجهالة اذا لم يكن مرجعها الى التسامح الكثير.

بل كان التسامح فيها تسامحا قليلا نادرا بحيث يعد كالمعدوم.

لا تعد هذه الجهالة غررا كالتفاوت في المكاييل و الموازين تفاوتا جزئيا.

فكما أن هذا المقدار من التفاوت في الأوزان و الأكيال لا يضر في المعاملة، و لا يجعلها مجهولة المقدار.

كذلك المقدار القليل من التسامح في مدة الخيار لا يضر بالمعاملة و لا يجعلها مجهولة المقدار و المدة فلا تشاح فيها.

(1) أي إلى أن المدة في شرط الخيار لا بد أن تكون معلومة و مضبوطة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 من ص 57 - إلى 59 الباب 3 - الأحاديث.

فإن الأحاديث الواردة في السلم كلها تدل على وجوب تعيين المدة لأن الجهل بها موجب للغرر الموجب لمثار النزاع و العراك و التشاح.

فهذا الملاك: و هو الجهل بالمدة موجود فيما نحن فيه.

(3) بالرفع عطفا على فاعل و تشير: و هي كلمة الاخبار.

أي و يشير خصوص خبر غياث بن ابراهيم الى وجوب تعيين مدة الخيار.

ص: 242

لا بأس بالسلم كيلا معلوما إلى أجل معلوم.

و لا تسلمه (1) إلى دياس، و لا إلى حصاد (2).

مع (3) أن التأجيل إلى الدياس و الحصاد و شبههما فوق حد الاحصاء بين العقلاء الجاهلين بالشرع.

+++++++++++

(1) أي و لا تعين مدة السلم على وقت الدوس و الحصاد، حيث إن وقت الدوس و الحصاد مجهول لا يعرف بالضبط، فيكون البيع غرريا.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 - ص 58 الباب 3 - الحديث 4:

و كلمة دياس بكسر الدال مصدر داس يدوس و له مصدر آخر:

و هو دوس.

و اصل داس دوس أجوف واوي و زان قال أعل فيه اعلاله.

معناه: الدق و الدوس أي دق السنبلة، ليخرج منها الحب.

و كلمة (حصاد) بفتح الصاد و كسرها(1) مصدر حصد يحصد و زان نصر ينصر.

معناه: القطع بالمنجل.

يقال: حصد الزرع أي قطعه بالمنجل.

و منه المثل السائر:

من زرع الشر حصد الندامة.

اسم فاعله حاصد جمعه حصدة و حصاد.

(3) تأييد لعدم جواز بيع الطعام سلفا بتعيين المدة فيه إلى دياس و حصاد.

ص: 243


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ربما يستدل على ذلك (1): بأن اشتراط المدة المجهولة مخالف للكتاب و السنة، لأنه (2) غرر.

و فيه (3) أن كون المبيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة

+++++++++++

- و خلاصته إننا نرى بالعيان كثيرا من العقلاء الجاهلين بأحكام الشرع يقدمون على شراء الطعام سلفا، و يوقتون مدة التسليم و التسلم فيه إلى الدياس و الحصاد.

و مع ذلك فقد نهي عن بيع الطعام سلفا هكذا.

كما عرفت في الرواية المشار إليها في ص 243.

(1) أي على وجوب تعيين مدة الخيار في خيار الشرط.

المستدل هو (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره.

أليك نص عبارته في شرح عبارة المحقق قدس سره:

(لكن يجب أن يكون) ما يشترطانه: من مدة الخيار.

(مدة مضبوطة) و لذا (لا يجوز أن يناط بما يحتمل الزيادة و النقصان كقدوم الحاج)، و نحوه قولا واحدا، للغرر حتى في الثمن، لأن له قسطا منه، فيدخل فيما نهى النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم).

فاشتراطه مخالف للسنة، و ما دل على وجوب اتباعها من الكتاب.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 32.

(2) أي اشتراط المدة المجهولة.

(3) أي و فيما أفاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سره:

من أن شرط شيء متوقف على الزيادة و النقصان كقدوم الحاج -

ص: 244

غير كون نفس الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

ففي الثاني (1) يفسد الشرط، و يتبعه البيع.

و في الاول (2) يفسد البيع فيلغو الشرط.

+++++++++++

- مخالف للسنة القائلة بعدم جواز البيع الغرري، و مخالف للكتاب:

نظر و إشكال.

حاصل الإشكال إن المخالف للسنة إنما هو شخص البيع بواسطة الشرط المجهول، فلا مجال للدعوى بأن الشرط مخالف للسنة، لأن المفروض أن النهي إنما تعلق بالبيع الغرري، لا بالشرط الغرري.

فالتفريع في قولك: فاشتراطه مخالف للسنة.

و ما دل على وجوب اتباعها من الكتاب:

غير صحيح، لأن الصحيح أن يقال:

إن البيع المشتمل على الشرط المذكور مخالف للكتاب و السنة لأن كون المبيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

غير نفس الشرط المخالف للكتاب و السنة، لأن الفساد في الشرط المخالف للكتاب و السنة إنما يتوجه أولا و بالذات إلى الشرط ثم بالتبع و العرض يتوجه الى البيع.

بخلاف ما إذا كان المبيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة؛ فإن الفساد أولا و بالذات يتوجه نحو البيع و الشرط يلغو.

(1) و هو كون نفس الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

(2) و هو كون المبيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

و قد عرفت معنى الثاني و الاول في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا:

لأن الفساد في الشرط المخالف.

ص: 245

اللهم (1) إلا أن يراد أن نفس الالتزام بخيار في مدة مجهولة غرر و إن لم يكن بيعا، فيشمله دليل نفي الغرر، فيكون (2) مخالفا للكتاب و السنة.

لكن (3) لا يخفى سراية الغرر الى البيع فيكون الاستناد في فساده إلى فساد شرطه المخالف للكتاب كالأكل من القفاء.

+++++++++++

- و عند قولنا: بخلاف ما اذا كان.

(1) توجيه من شيخنا الانصاري لما أفاده صاحب الجواهر قدس سرهما و خلاصته إن مرجع الضمير في فيدخل في قول صاحب الجواهر الشرط، لا البيع.

و مراده من النهي في قوله: فيما نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم هو النهي عن الغرر و ان كان في الشرط،

إذا يكون الشرط الغرري مخالفا للنهي الوارد في السنة عن مطلق الغرر و إن كان في غير البيع: من الشرط و نحوه.

فيكون التفريع المذكور في كلام (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره الذي نقلناه لك في الهامش 1 ص 244: صحيحا.

(2) أي الشرط الغرري كما عرفت آنفا.

(3) عدول عما أفاده: من التوجيه المذكور في الهامش من هذه الصفحة و خلاصته إنه يصدق حينئذ على شخص البيع و نفسه الذي اشترط فيه الخيار مدة مجهولة لا تعرف كميتها:

أنه بيع غرري، فيسري الغرر في الشرط إلى الغرر في البيع، فيكون حينئذ شبيها بالاكل من القفاء، لأن شخص البيع فاسد، فلا يحتاج فساده إلى فساد الشرط. -

ص: 246

مسأله: لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدة المجهولة كقدوم الحاج.

(مسأله) (1):

لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدة المجهولة كقدوم الحاج.

و بين عدم ذكر المدة أصلا كأن يقول:

بعتك على أن يكون لي الخيار

و بين ذكر المدة المطلقة كأن يقول:

بعتك على أن يكون لي الخيار مدة، لاستواء الكل في الغرر.

خلافا (2) للمحكي من المقنعة(1) و الانتصار و الخلاف و الجواهر و المغنية

+++++++++++

إذا يشمله الحديث النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(1) أي المسألة الثانية من المسائل السبع التي ذكرناها في الهامش 5 ص 234 بقولنا: و هي سبعة.

(2) خلاصة هذا الكلام إن صاحب المقنعة: و هو شيخ الامة (شيخنا المفيد).

و صاحب الانتصار: و هو سيدنا المرتضى.

و صاحب الخلاف: و هو شيخ الطائفة.

و صاحب الجواهر: و هو شيخنا القاضي ابن البراج.

و صاحب الغنية: و هو السيد أبو المكارم ابن زهرة الحلبي.

و الشيخ تقي الحلبي قدس اللّه أسرارهم جميعا ذهبوا إلى صحة الشرط لو كانت المدة مجهولة و لم تذكر أصلا كما في الصورة الثانية.

و قالوا: إن المدة إذا لم تذكر أصلا تكون مدة الخيار في هذه الصورة الثلاثة الأيام، و بعد انقضائها لا خيار له.

ص: 247


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الحلبي(1) فجعلوا مدة الخيار في الصورة الثانية ثلاثة أيام (1).

و حمل حل الثالثة(2) عليها (2).

و عن الانتصار و الغنية و الجواهر الاجماع عليه (3).

و في محكي الخلاف وجود أخبار الفرقة به (4).

و لا شك أن هذه الحكاية (5) بمنزلة ارسال أخبار.

+++++++++++

(1) راجع (الخلاف) الجزء 2 ص 9 مسألة 25.

عند قوله قدس سره:

من ابتاع شيئا بشرط الخيار و لم يسم وقتا و لا أجلا بل اطلق كان له الخيار ثلاثة أيام، و لا خيار له بعد ذلك.

(2) أي على الصورة الثانية.

و المراد من الصورة الثانية هي الصورة التي لم تذكر فيها المدة أصلا كأن يقول:

بعتك على أن يكون لي الخيار.

و قد عرفتها أصلا عند قوله في ص 247: و بين عدم ذكر المدة أصلا.

(3) أي على هذا القول: و هي الصورة الثانية المشار إليها في الهامش ص 238.

(4) أي بهذا القول: و هي الصورة الثانية المشار إليها في الهامش ص 238.

راجع (الخلاف) الجزء 2 ص 9 المسألة 25 عند قوله قدس سره دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم.

(5) و هو قول الشيخ: و في محكي الخلاف. -

ص: 248


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيكفي في انجبارها الاجماعات المنقولة، و لذا (1) مال إليه في محكي الدروس(1)

لكن العلامة في التذكرة لم يحك هذا القول (2) إلا عن الشيخ قدس سره.

و أوله (3) بإرادة خيار الحيوان.

+++++++++++

- خلاصة الكلام إن نقل الشيخ في الخلاف بقوله: و أخبارهم يكون بمنزلة نقل الأخبار المرسلة فتكفي في انجبار ضعفها الاجماعات المنقولة في هذا المقام.

و المقصود من ذكر هذا هو بيان عدم الوقوف على شيء من هذه الأخبار: من النصوص التي وردت في خيار الشرط.

و قد أفاد هذا المعنى (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره.

راجع (الجواهر) الجزء 23 ص 33.

(1) أي و لأجل كفاية الاجماعات المنقولة في انجبار ضعف الأخبار المرسلة التي ذكرها الشيخ في الخلاف بقوله:

دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم:

مال شيخنا الشهيد قدس سره إلى الصورة الثانية المشار إليها في الهامش 2 ص 237، و ذهب إلى صحتها.

(2) و هي الصورة الثانية المشار إليها في الهامش 2 ص 237.

(3) أي و أول العلامة ما أفاده الشيخ قدس سرهما.

في الخلاف حول الصورة الثانية و قال:

إن المراد من قول الشيخ: و له الخيار في الثلاثة الأيام أن له خيار الحيوان. -

ص: 249


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و عن العلامة الطباطبائي في مصابيحه الجزم به (1).

و قواه (2) بعض المعاصرين، منتصرا لهم بما في مفتاح الكرامة:

من أنه ليس في الأدلة ما يخالفه، اذ الغرر مندفع بتحديد الشرع، و إن لم يعلم به المتعاقدان كخيار الحيوان الذي لا إشكال في صحة العقد مع الجهل به، أو بمدته.

+++++++++++

- راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 328 عند قوله: و للشيخ رحمه اللّه قول: إنه يصح البيع و يكون الخيار الثلاثة الأيام، و لا خيار له بعد ذلك.

و هو محمول على إرادة خيار الحيوان.

(1) أي بهذا القول: و هي الصورة الثانية المشار إليها في الهامش ص 238.

راجع (المصابيح كتاب البيع - الخيارات).

المصباح السادس عند قول (السيد بحر العلوم) قدس سره.

و مال في الدروس إليه.

و هو الأقوى، للاجماع كما في الانتصار و الخلاف و الجواهر و الغنية و للأخبار المرسلة في الخلاف.

(2) أي و قوى صاحب الجواهر قدس سره، الصورة الثانية المشار إليها في الهامش 2 ص 237.

راجع (الجواهر) الطبعة الحديثة الجزء 33 ص 34.

عند قوله: اذ الغرر مندفع بتحديد الشرع و ان لم يعلم به المتعاقدان كخيار الحيوان الذي لا إشكال في صحة العقد مع الجهل به، أو بمدته من الزمان.

ص: 250

و زاد في مفتاح الكرامة التعليل (1): بأن الجهل يئول الى العلم الحاصل من الشرع.

و فيه (2) ما تقدم في مسألة تعذر التسليم: من أن بيع الغرر موضوع عرفي حكم فيه الشارع بالفساد.

+++++++++++

(1) أي و اضاف صاحب (مفتاح الكرامة) قدس سره.

على التعليل الذي أفاده الشيخ صاحب الجواهر:

من أن الغرر مندفع بتحديد الشارع:

بأن الجهل بمدة الخيار في خيار الشرط مآله إلى العلم بها الحاصل هذا العلم من تحديد الشارع، و تعيينه مدة الخيار.

فالجهل بالمدة لا يجعل البيع غرريا فلا يكون من مصاديقه.

(2) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر نظر و إشكال.

خلاصته إن الغرر موضوع عرفي يحكم به العرف في جميع مجالاته:

بمعنى أن تشخيص الغرر و تعريفه بيد العرف ايجابا و سلبا، و لا يمت إلى الشارع.

فكل معاملة يراها العرف غررية و حكم بها فهي غررية.

و كل معاملة لا يراها العرف غررية و لا يحكم بها فليست غررية.

نعم الحكم بصحة المعاملة، أو فسادها بيد الشارع.

ففي كل مجال من مجالات حكم العرف بالغررية يحكم الشارع بفساد المعاملة.

و في كل مكان لم يحكم العرف بالغررية لا يحكم الشارع بالغررية.

و قد تقدم نظير هذا في شرائط العوضين في القدرة على تسليم المبيع. -

ص: 251

و التحديد (1) بالثلاثة تعبد شرعي لم يقصده المتعاقدان.

فإن ثبت بالدليل كان مخصصا لعموم نفي الغرر، و كان التحديد تعبديا.

+++++++++++

- راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 11 من ص 118 - إلى ص 128.

و (للمحقق الاصفهاني) قدس سره في تعليقته على المكاسب إشكال آخر على ما أفاده الشيخ صاحب الجواهر في تنظيره بخيار الحيوان.

أليك خلاصته:

إن المراد من الغرر المنهي عنه هو كون الإقدام المعاملي أمرا غرريا و ليس المراد من الغرر هو الإقدام على الحكم الذي هي الثلاثة الأيام في خيار الحيوان.

ففي صورة الجهل باصل الخيار في الحيوان، أو في مدته لا يوجد إقدام على معاملة غررية من المتعاقدين، لأن الحكم و هي الثلاثة الأيام ليس من مقومات ما أقدم عليه المتعاقدان، و لا من قيوده و حدوده.

فلا يوجد غرر في المعاملة لتعد غررية، و من مصاديقها.

بخلاف ما نحن فيه: و هو خيار الشرط المجهولة مدته، فإن الخيار الذي أقدم المتعاقدان عليه موجبا لغررية المعاملة(1).

و من الواضح بطلان المعاملة إذا كانت غررية.

فلا مجال لتصحيحها بتحديد الشارع و تعيينه مدة الخيار، لعدم ارتفاع الغرر عما أقدما عليه المتعاقدان.

(1) هذا من متممات الإشكال على ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره -

ص: 252


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

نظير (1) التحديد الوارد في بعض الوصايا المبهمة.

+++++++++++

- و خلاصته أن تحديد الشارع مدة الخيار في صورة عدم تعيينها من قبل المتعاقدين بالثلاثة الأيام.

كما استفيدت هذه المدة من التنظير بخيار الحيوان:

تعبد شرعي محض، حيث لم يقصدها المتعاقدان.

فعلى فرض ثبوتها بدليل شرعى يكون هذا الدليل.

مخصصا لعموم نفي الغرر الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم لا غرر في البيع: بمعنى أن الغرر منتف إلى هذا المقدار من الزمن:

و هي الثلاثة الأيام، و ما زاد عنها يكون غررا.

(1) تنظير لكون التحديد بذلك المقدار من الزمن تعبدا شرعيا.

و خلاصته إن هذا التحديد مثل التحديد من الشارع في الوصايا المبهمة في قول الموصي:

أعطوا فلانا جزء، أو سهما من مالي.

أو أعطوا فلانا سدسا.

أو أعطوا فلانا شيئا.

فحمل الجزء على العشر كما في بعض الروايات: و هي حسنة ابان بن تغلب.

أو على السبع كما في صحيحة البزنطي.

و حمل السهم على الثمن كما في حسنة صفوان.

أو حمله على السدس كما في الحديث المروي عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و حمل الشيء على السدس اجماعا و بلا خلاف: -

ص: 253

أو يكون (1) حكما شرعيا ثبت في موضع خاص.

و هو اهمال مدة الخيار.

و الحاصل (2) أن الدعوى في تخصيص أدلة نفي الغرر، لا في تخصصها.

+++++++++++

- تحديد من الشارع.

فكما أن هذا التحديد في أمثال هذه الوصايا المبهمة تحديد تعبدي شرعي.

كذلك التحديد فيما نحن فيه تحديد شرعي تعبدي.

راجع حول الأحاديث في الوصايا المبهمة.

(وسائل الشيعة) الجزء 13 - من ص 442 إلى ص 447 الباب 54 الأحاديث.

و من ص 448 إلى ص 450 الباب 55 الأحاديث.

و من ص 450 إلى ص 451 الباب 56 الأحاديث.

و راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 5 ص 33-34.

(1) أي أو يكون ثبوت الخيار في اشتراط الخيار في مدة غير معلومة المقدار حكما شرعيا ثبت في موضوع خاص:

و هو اشتراط الخيار في مدة مجهولة المقدار، لكنه قد أهمل الشارع في مثل هذا الخيار مدته و مقداره.

بعبارة أخرى أن الشارع أثبت للمتعاقدين الخيار فقط، من دون تعيينه مقداره.

(2) أي خلاصة الكلام و جوهره في خيار الشرط المجهولة مدته -

ص: 254

و الانصاف (1) أن ما ذكرنا: من حكاية الأخبار، و نقل الاجماع لا ينهض لتخصيص قاعدة الغرر، لأن (2) الظاهر بقرينة عدم تعرض

+++++++++++

- ان النزاع في وجود مخصص لأدلة نفي الغرر التي هي كبرى كلية كما عرفت في حديث نفي الغرر فإن ثبت دليل و مخصص لهذه الكبرى الكلية.

فلا شك في تخصيص تلك الأدلة، و خروج مثل هذا الشرط عن تحت تلك الكبرى الكلية، و أن هذا الفرد ليس من مصاديقها و صغرياتها.

و ليس النزاع في تخصص تلك الأدلة، ليكون خروج هذا الفرد خروجا موضوعيا.

(1) هذه نظرية الشيخ قدس سره حول خيار الشرط الذي ذكرت المدة فيه مجهولة، و الرد على الأخبار المدعاة في الخلاف.

و خلاصتها إن الأخبار التي ادعاها الشيخ قدس سره في الخلاف بقوله: دليلنا اجماع الفرقة و أخبارهم.

و قد أشرنا إلى هذه الحكاية في الهامش 5 ص 248.

و أن الاجماع الذي ادعاه الأعلام قدس اللّه أسرارهم و نقله عنهم هنا في ص 248 بقوله:

و عن الانتصار و الغنية و الجواهر الاجماع عليه:

لا ينهضان و لا يقاومان لتخصيص تلك الكبرى الكلية.

(2) دليل لعدم النهوض.

و خلاصته إن الأخبار التي ادعاها الشيخ في الخلاف لا أثر منها في كتابيه: (الاستبصار و التهذيب) الذين وضعا لايداع الأخبار، -

ص: 255

الشيخ لذكر شيء من هذه الأخبار في كتابيه الموضوعين لايداع الأخبار:

أنه (1) عول في هذه الدعوى على اجتهاده في دلالة الأخبار الواردة في شرط الحيوان.

و لا ريب (2) أن الاجماعات المحكية إنما تجبر قصور السند المرسل المتضحة دلالته، أو القاصرة دلالته

+++++++++++

- و ثبتها فيهما.

و كذلك لا يوجد أثر منها في بقية المصادر الموضوعة لايداع الأحاديث.

(1) توجيه من شيخنا الانصاري لما ادعاه الشيخ قدس سرهما في الخلاف: من الأخبار الدالة على صحة شرط الخيار بمدة.

و خلاصته إن الشيخ قدس سره اعتمد على هذه الدعوى باجتهاده حيث اجتهد في صحة الشرط المذكور و استنبط بالأخبار الواردة في خيار الحيوان، فإن قوله عليه السلام:

الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أو لم يشترط.

يدل بالفحوى على أن الشرط في غيره ثلاثة أيام، مع اشتراط الخيار و إن لم تشترط الثلاثة.

فمن هنا اجتهد و استنبط على أن مدة الخيار في خيار الشرط المجهولة الثلاثة الأيام.

(2) رد على الاجماعات المنقولة المدعاة أنها تجبر الأخبار المرسلة

و خلاصته إن الاجماع المحكي انما يجبر قصور السند إذا كانت دلالته متضحة، أو قاصرة.

ص: 256

لا المرسل المجهول العين المحتمل لعدم الدلالة رأسا.

فالتعويل حينئذ (1) على نفس الجابر.

و لا حاجة الى ضم المنجبر (2)، اذ نعلم (3) اجمالا أن المجمعين.

اعتمدوا على دلالات اجتهادية استنبطوها من الأخبار.

و لا ريب (4) أن المستند غالبا في اجماعات القاضي و ابن زهرة اجماع السيد في الانتصار.

+++++++++++

- و أما إذا كان الخبر المرسل مجهول العين و الاثر في الكتب الموضوعة لتدوين الأحاديث و ايداعها فيها.

فلا مجال حينئذ للتعويل عليها.

بل الاعتماد حينئذ على نفس الجابر: و هو الاجماع، لا المنجبر الذي هي الأخبار المدعاة في الخلاف: و التي لا عين لها و لا أثر في مظانها: و هي الكتب الموضوعة لتدوين الأحاديث.

(1) أي حين أن كان الخبر المرسل مجهول العين و الاثر.

(2) و هو الخبر المرسل المجهول العين و الاثر كما فيما نحن فيه.

(3) تعليل لعدم الاحتياج إلى ضم المنجبر إذا كان.

الخبر المرسل مجهول العين و الاثر.

بل التعليل على نفس الجابر.

و قد عرفت التغليل في الهامش 1 ص 256 عند قولنا: و خلاصته إن الشيخ.

(4) هذا رد على الاجماع المدعى.

بعد أن أفاد شيخنا الانصاري قدس سره أن التعويل على الجابر الذي هو الاجماع. -

ص: 257

نعم (1) قد روي في كتب العامة أن (2) حنان بن منقذ.

+++++++++++

لا على المنجبر الذي هي الأخبار المدعاة.

أراد أن يهدم كيان الاجماع المدعى من قبل القاضي ابن البراج، و ابن زهرة بعد أن أفاد أن الاعتماد على هذا الجابر: و هو الاجماع.

و خلاصته إنه كيف يمكن الركون و الاعتماد على مثل هذا الاجماع الذي مدركه و مستنده اجماع السيد قدس سره؟.

(1) استدراك عما أفاده: من عدم وجود خبر في كتبنا الموضوعة لايداع الأحاديث فيها.

و خلاصته إنه لا يوجد من طرقنا المروية عن (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه عليهم أجمعين عين و لا أثر من الأخبار المدعاة في الخلاف

و أما من طرق (علماء إخواننا السنة) فيوجد حديث مختلف في نقله: من حيث المخاطب و الألفاظ.

(2) هذا هو الحديث المروي في كتب (علماء إخواننا السنة) ذكره البخاري في صحيحه هكذا:

عن ابن عمر أن رجلا ذكر للنبي صلى اللّه عليه و سلم أنه يخدع في البيوع،

فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة.

راجع (صحيح البخاري) الجزء 2 ص 13. مطبعة دار إحياء الكتب العربية.

و في صحيح مسلم هكذا:

عن عبد اللّه بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول:

ذكر رجل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أنه يخدع في البيوع -

ص: 258

..........

+++++++++++

- فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

من بايعت فقل: لا خلاية.

فكان إذا بايع يقول: لا خلابة.

راجع (صحيح مسلم) الجزء 5 ص 11 مطبوعات مكتبة، و مطبعة محمد علي صبيح و أولاده.

و في كنز العمال هكذا:

إذا بايعت فقل: لا خلابة.

راجع (كنز العمال) الجزء 4 ص 33 الفرع 3 في الخداع و الغش الطبعة الثانية مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية (هند حيدرآباد دكن) عام الطباعة 1373 الهجري.

و في (أسد الغابة) هكذا:

منقذ بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الانصاري الخزرجي، له صحبة و هو جسد محمد بن يحيى بن حبان.

و كان قد أصابته ضربة في رأسه فتغير لسانه و عقله.

فكان يخدع في البيع، و كان لا يدع التجارة.

فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

إذا ابتعت شيئا فقل: لا خلابة.

و جعل له الخيار في كل سلعة يشتريها ثلاث ليال.

راجع (أسد الغابة) الجزء 4 ص 420-421 طباعة أوفسيت (طهران) مطبعة اسلامية. -

ص: 259

كان يخدع في البيع، لشجة اصابته في رأسه فقال له النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إذا بعت فقل: لا خلابة، و اجعل له الخيار ثلاثا.

و في رواية (1): و لك الخيار ثلاثا.

و الخلابة (2) الخديعة.

+++++++++++

- و ذكرها العلامة قدس سره في التذكرة هكذا:

و عن ابن عمر أن حبان بن منقذ اصابته آمة(1) في رأسه فكان يخدع في البيع فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم له:

(إذا بايعت فقل: لا خلابة)، و جعل له الخيار ثلاثة أيام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 326.

و كلمة (حبان) اختلف في ضبطها.

فقيل: حنان بالنون كما في التذكرة في النسخ الحجرية.

و قيل: حيان بالياء كما في بعض النسخ.

و قيل: حبان بالياء و هو الأصح كما صححناه في التذكرة.

(1) هذا هو النقل الثاني.

(2) بكسر الخاء و اللام الخفيفة.

معناه: الخديعة باللسان بالقول اللطيف.

ص: 260


1- - آمة شجة تحدث في الرأس. و كلمة شج بفتح الشين و الجيم المشددة المفتوحة. جمعها شجان بكسر الشين مشتقة من شج يشج من باب نصر ينصر: و هي جرح يحصل في الرأس بواسطة الضرب. -

و في دلالتهما (1) فضلا عن سندهما (2) ما لا يخفى.

و جبرهما (3) بالاجماعات كما ترى.

+++++++++++

- و هي من باب قتل يقتل: و من باب ضرب يضرب.

يقال: خلبه أي خدعه.

اسم الفاعل من هذه المادة خلوب و زان رسول.

(1) أي و في دلالة هاتين الروايتين المرويتين عن طرق (علماء إخواننا السنة) على المدعى إشكال.

فضلا عن سندهما.

أما عدم دلالتهما على المدعى فكما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة بقوله:

لا خلابة عبارة في الشرع عن اشتراط الخيار ثلاثا: اذا اطلقاها عالمين بمعناها كان كالتصريح بالخيار.

لأن الحديث يدل على ثبوت الخيار ثلاثة أيام لمن يخدع في البيع، و كلامنا في اشتراط الخيار في مدة لا يعلم مداها لا في الخديعة.

بالإضافة إلى أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم عين لمن يخدع ثلاثة أيام.

و المدعى اشتراط الخيار في مدة مجهولة لا يعلم مداها.

فبين الدليل و المدعى تناف.

(2) هذا وجه النظر في سند الحديثين.

و خلاصته إن سند الحديثين ضعيف لا يمكن الاعتماد عليهما، و الركون إليهما، لجهالة سند رواة الحديثين.

(3) أي و جبر ضعف الحديثين المشار إليهما في الهامش من ص 260 -

ص: 261

إذ (1) التعويل عليها مع ذهاب المتأخرين إلى خلافها في الخروج عن قاعدة الغرر مشكل، بل غير صحيح.

فالقول (2) بالبطلان لا يخلو عن قوة.

ثم إنه ربما يقال ببطلان الشرط (3) دون العقد.

و لعله (4) مبني على أن فساد الشرط لا يوجب فساد العقد.

+++++++++++

- بالاجماعات المنقولة: أضعف من ضعف أصل الحديثين.

(1) تعليل لأضعفية جبر الاجماعات ضعف سند الحديثين.

و خلاصته إن الاعتماد على هذه الاجماعات المنقولة مع أن المتأخرين من الأعلام كالعلامة و من بعده قدس اللّه أسرارهم:

ذهبوا إلى خلاف العمل بهذه الاجماعات، لأن العمل بها مستلزم للخروج عن العمل بالقاعدة الكلية المسلمة و هي: لا غرر في البيع.

فرفع اليد عن هذه الكبرى الكلية المسلمة.

و العمل بهذه الاجماعات المنقولة الموهونة.

كتشبث الغريق بكل حشيش، و لذا قال شيخنا الانصاري قدس سره بل غير صحيح، اي الاعتماد على الاجماعات الموهونة، و رفع اليد عن الكبرى الكلية غير صحيح.

(2) هذه نظرية الشيخ الانصاري قدس سره حول مثل هذا الشرط أي القول ببطلان مثل هذا العقد الذي اشترط فيه الخيار مدة مجهولة لا يعرف مداها: غير بعيد.

(3) بمعنى عدم الخيار لهما، أو لاحدهما حسب الشرط.

و أما البيع فصحيح باق على حكمه الوضعي الذي هي الصحة،

(4) أي القول بفساد الشرط، دون فساد اصل البيع.

ص: 262

و فيه (1) أن هذا على القول به فيما إذا لم يوجب الشرط فسادا في أصل البيع كما (2) فيما نحن فيه، حيث ان جهالة الشرط توجب كون البيع غرريا.

و الا (3) فالمتجه فساد البيع، و لو لم نقل بسراية الفساد من الشرط إلى المشروط.

و سيجيء تمام الكلام في مسألة الشروط.

+++++++++++

(1) أي في هذا المعنى نظر و إشكال من جهتين:

(الاولى): أنه لا نقول بكون فساد الشرط لا يوجب فساد العقد، بل يفسده.

و على فرض القول به إنما يصح لو لم يلزم من الشرط الفاسد فساد في أصل البيع.

و أما إذا أوجب ذلك كما فيما نحن فيه، حيث إن الجهالة بالشرط توجب كون البيع غرريا.

كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(2) مثال لما يوجب فساد الشرط فسادا في أصل البيع.

و قد عرفته في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) أي و إن لم نقل: إن فساد الشرط لا يوجب فساد أصل البيع.

ص: 263

مسألة: مبدأ هذا الخيار من حين العقد

(مسألة) (1):

مبدأ هذا الخيار (2) من حين العقد، لأنه (3) المتبادر من الاطلاق و لو كان زمان الخيار منفصلا كان مبدأه أول جزء من ذلك الزمان.

فلو (4) شرط خيار الغد كان مبدأه من طلوع فجر الغد فيجوز جعل مبدئه.

+++++++++++

(1) أي المسألة الثالثة من المسائل السبع التي ذكرناها في الهامش 5 ص 234 بقولنا: و هي سبعة.

(2) أي خيار الشرط.

(3) أي حين العقد هو المتبادر من اطلاق الألفاظ المستعملة في خيار الشرط.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده(1): من أن الخيار لو كان منفصلا يكون مبدأه أول جزء من ذلك الزمان.

و خلاصته إنه لو قال أحد المتبايعين، أو كلاهما:

بعت على أن يكون لي الخيار، أو لكلينا من بداية محرم الحرام عام 1406، و كان المبيع حيوانا، و قد جعلا خيارهما في الغد.

كان مبدأ هذا الخيار من أول جزء من طلوع الفجر بعد أن انقضى خيار الحيوان و هي الثلاثة الأيام، بناء على أن مبدأ خيار الحيوان من حين العقد.

ص: 264


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من (1) انقضاء خيار الحيوان، بناء (2) على أن مبدأ من حين العقد و لو جعل مبدأه (3) من حين التفرق بطل، لأدائه (4) إلى جهالة مدة الخيار.

و عن الشيخ و الحلي أن مبدأه (5) من حين التفرق.

و قد تقدم (6) عن الشيخ وجهه.

+++++++++++

(1) أي مبدأ خيار الغد في خيار الشرط.

(2) تعليل لكون مبدأ خيار الغد في شرط الخيار من انقضاء مدة خيار الحيوان.

و خلاصته إن جعل مبدأ خيار الغد بعد مدة انقضاء خيار الحيوان مبني على كون خيار الحيوان من حين العقد.

(3) أي و أما بناء على جعل مبدأ خيار الحيوان من حين التفرق كما أفاده شيخ الطائفة أعلى اللّه مقامه فالشرط باطل.

(4) تعليل لبطلان الشرط على الجعل المذكور.

و خلاصته إن لازم هذا البناء هو الجهل بمدة الخيار المجعول بالشرط المذكور، اذ لا يعرف متى يحصل افتراق المجلس.

فلربما يحصل في مدة وجيزة.

و لربما يحصل في مدة طويلة.

اذا تكون المدة مجهولة، و قد عرفت معنى أنه لا بد من تعيين المدة في خيار الشرط عند قوله في ص 237:

نعم يشترط تعيين المدة.

(5) أي مبدأ خيار الشرط.

(6) أي و قد تقدم عن الشيخ دليل مبدأ خيار الشرط من أنه من حين -

ص: 265

مع (1) عدم تماميته.

نعم (2) يمكن أن يقال هنا: إن المتبادر من جعل الخيار جعله له في زمان لو لا الخيار لزم العقد، كما (3) أشار إليه في السرائر(1)

لكن (4) لو تم هذا لاقتضى كونه في الحيوان من حين انقضاء

+++++++++++

- التفرق عند نقل شيخنا الانصاري عنه في ص 137 بقوله:

قال في المبسوط: الأولى أن يقال: إنه يعني خيار الشرط يثبت من حين التفرق، لأن الخيار يدخل اذا ثبت العقد، و العقد لم يثبت قبل التفرق.

(1) أي و تقدم الرد أيضا على مقالة الشيخ، و أن دليله غير تام في ص 138 عند قوله: و هذه الدعوى لم نعرفها.

(2) استدراك عما أفاده قدس سره في صدر المسألة في ص 264 عند قوله: مبدأ هذا الخيار من حين العقد، لأنه المتبادر.

و خلاصته إنه من الممكن أن يقال: إن مبدأ خيار الشرط من حين التفرق، لأن المتبادر من جعل خيار الشرط هو جعله في زمان لو لا هذا الخيار لكان العقد لازما، فالخيار هذا جعل العقد متزلزلا، فإن العقد بعد انقضاء المجلس، و افتراق المتبايعين عنه يصير لازما فثبوت الخيار لا يكون إلا بعد مضي خيار المجلس.

و من الواضح أن المضي لا يتحقق خارجا إلا بعد الافتراق.

اذا صح جعل مبدأ خيار الشرط من حين الافتراق عن المجلس.

(3) أي كما أشار إلى أن مبدأ خيار الشرط من حين الافتراق ابن ادريس قدس سره في كتابه السرائر.

(4) خلاصة هذا الكلام إنه بناء على أن مبدأ خيار الشرط من -

ص: 266


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الثلاثة، مع أن هذا (1) إنما يتم مع العلم بثبوت خيار المجلس.

و إلا فمع الجهل به لا يقصد إلا الجعل من حين العقد

بل (2) الحكم بثبوته من حين التفرق حكم على المتعاقدين.

بخلاف قصدهما.

+++++++++++

- حين الافتراق يلزم أن يكون مبدأ الخيار في المبيع اذا كان حيوانا بعد مضي مدة خيار الحيوان، لا من حين الافتراق عن مجلس البيع لأن مدة خيار الحيوان مجعولة من قبل الشارع فهو حق للمشتري فلا بد من مضيه، فالعقد لا يكون في خلال هذه المدة لازما.

و أما خيار الشرط فمجعول من قبل المتعاقدين، أو من أحدهما فوقته يكون من حين مضي خيار الحيوان.

(1) أي القول بكون مبدأ خيار الشرط من حين الافتراق.

هذا إشكال آخر على القول بأن مبدأ خيار الشرط من حين الافتراق.

و خلاصته إن القول بذلك متوقف على علم المتعاقدين بثبوت خيار المجلس لهما حتى تتحقق مبدئية خيار الشرط من حين الافتراق، و يمكن صدقه في الخارج.

و أما في صورة جهلهما به فلا يقصد الخيار إلا جعله من حين العقد لا غير.

(2) أي بل حكم الفقيه بثبوت خيار الشرط للمتعاقدين حكم على ضررهما، و على خلاف قصدهما، لأن قصدهما مع الجهل بثبوت خيار المجلس لهما هو ثبوت الخيار لهما من حين العقد.

فيلزم حينئذ وقوع ما لم يقصد، و عدم وقوع ما قصد. -

ص: 267

مسألة: يصح جعل الخيار لا جنبي.

(مسألة) (1):

يصح جعل الخيار لا جنبي.

قال في التذكرة:

لو باع العبد و شرط الخيار للعبد صح البيع و الشرط عندنا معا (2) و حكي عنه (3) الاجماع في الاجنبي (4).

قال (5): لأن العبد بمنزلة الاجنبي.

+++++++++++

- أي ما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

(1) أي المسألة الرابعة من المسائل السبع التي ذكرناها في الهامش 5 ص 234 بقولنا: و هي سبعة.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 336.

عند قوله قدس سره: التاسع لو باع عبدا و شرط الخيار.

(3) أي عن العلامة قدس سره.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 334.

عند قوله:

و هل يجوز جعل الخيار للاجنبي؟،

ذهب علماؤنا اجمع إلى جوازه، و أنه يصح البيع و الشرط.

(5) أي العلامة راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7. ص 336 عند قوله قدس سره: لأن العبد بمنزلة الاجنبي.

ص: 268

و لو جعل الخيار لمتعدد كان كل منهم ذا خيار.

فان اختلفوا في الفسخ و الاجازة (1) قدم الفاسخ، لأن مرجع الاجازة إلى اسقاط خيار المجيز خاصة.

بخلاف ما لو و كل جماعة في الخيار، فإن النافذ هو تصرف السابق لفوات محل الوكالة بعد ذلك (2).

و عن الوسيلة(1) أنه اذا كان الخيار لهما و اجتمعا على فسخ، أو امضاء نفذ (3).

و إن لم يجتمعا (4) بطل.

و إن كان (5) لغيرهما و رضي نفذ البيع.

و إن لم يرض (6)،

+++++++++++

(1) بأن أراد احدهما الفسخ، و الآخر الاجازة: بأن يمضي العقد.

(2) أي بعد تصرف السابق لم يبق مجال لو كالة الآخر.

(3) أي نفذ و مضى ما فسخه المتعاقدان، أو امضياه مجتمعين.

(4) أي المتعاقدان لو لم يجتمعا على الفسخ، أو الامضاء بطل ما عمله أحد المتعاقدين بالاستقلال، و بدون حضور الآخر، لأن البطلان هو مقتضى اشتراط الخيار لهما مجتمعين.

(5) أي و إن كان الخيار لغير المتعاقدين و قد رضي بهذا الخيار المجعول له من قبل المتعاقدين فقد نفذ البيع و مضى.

(6) أي و إن لم يرض غير المتعاقدين الذي جعل له الخيار من قبلهما فللمشتري فسخ العقد، أو إمضاؤه.

و خيار المبتاع الذي هو المشتري إنما جاء له من قبل تأخير الشرط حيث إن الاجنبي لم يرض بالخيار الذي جعله المتعاقدان، أو احدهما له

ص: 269


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كان المبتاع (1) بالخيار بين الفسخ و الامضاء، انتهى (2).

و في الدروس يجوز اشتراطه (3) لاجنبي منفردا، و لا اعتراض عليه (4).

و معهما (5)، أو مع (6) أحدهما.

و لو خولف (7) أمكن اعتبار فعله.

+++++++++++

(1) و هو المشتري كما عرفت آنفا.

(2) أي ما ذكرناه عن الوسيلة في هذا المقام.

(3) أي اشتراط خيار الشرط لاجنبي من قبل المتعاقدين، أو احدهما.

(4) أي و لا اعتراض للمتعاقدين، و لا لاحدهما على الاجنبي الذي جعل له الخيار من قبلهما: أو من أحدهما في تصرفاته التي جاءت له من قبل الخيار، سواء أ كانت تصرفاته في النفوذ و الامضاء أم في الفسخ.

(5) أي و يجوز جعل الخيار للاجنبي من المتعاقدين منضما معهما.

(6) أي و يجوز جعل الخيار للاجنبي من أحد المتعاقدين منضما معه.

(7) هذا من متممات كلام الشهيد قدس سره في الدروس.

و خلاصة ما أفاده: إنه في صورة مخالفة المتعاقدين، أو أحدهما بأن اجاز الاجنبي العقد، و المتعاقدان امضياه.

أو فسخ الاجنبي العقد و المتعاقدان فسخاه:

يمكن أن يكون الاعتبار و الملاك بفعل الاجنبي:

بمعنى أن اجازته، أو امضاءه نافذان.

و لا اعتبار بفسخ المتعاقدين لو اجاز الاجنبي. -

ص: 270

و إلا (1) لم يكن لذكره فائدة، انتهى (2).

أقول (3): و لو لم يمض فسخ الاجنبي مع اجازته و المفروض عدم مضي اجازته مع فسخه:

لم يكن لذكر الاجنبي فائدة.

+++++++++++

- و كذا لا اعتبار باجازتهما لو فسخ الاجنبي.

فالمناط في الفسخ و الامضاء هو فعل الاجنبي و اختياره.

(1) أي و لو لم يكن الملاك و الاعتبار بفعل شخص الاجنبي و اختياره فلا فائدة في جعل الخيار له في متن العقد.

بل يعد هذا الجعل سخرية و استهزاء.

(2) أي ما أفاده شيخنا الشهيد في هذا المقام في الدروس.

(3) تأييد من شيخنا الانصاري لما أفاده شيخنا الشهيد قدس سرهما:

من لغوية جعل الخيار للاجنبي لو لم يكن لفسخه، أو امضائه وقع و اعتبار في الخارج.

و خلاصة التأييد إنه لو كان تأثير فسخ الأجنبي متوقفا على فسخ الجاعل، و اجازته متوقفة على اجازة الجاعل:

اذا يلزم كون الجعل لغوا، و عبثا، سواء أ كان هذا الجعل للاجنبى بعنوان التمليك، أو التوكيل، لأن الاول مقتضى كون الاجنبى ذا حق فهو مستقل في فسخ العقد، أو اجازته، من دون اناطتهما على فسخ الجاعل، أو اجازته.

و الثاني مقتضى استقلاله في التصرف، فلا معنى لتوقف فسخه على فسخه، و اجازة موكله، لأن لازم هذا التوقف و ماله إلى عدم سلطنة للاجنبى بعد أن جعل المتعاقدان، أو احدهما له تلك السلطنة -

ص: 271

ثم إنه ذكر غير واحد أن الاجنبى يراعي المصلحة للجاعل.

و لعله (1) لتبادره من الاطلاق، و إلا (2) فمقتضى التحكيم نفوذ حكمه على الجاعل من دون ملاحظة مصلحة.

فتعليل (3) وجوب مراعاة الأصلح: بكونه أمينا.

لا يخلو عن نظر.

+++++++++++

- في الفسخ و الامضاء.

(1) أي و لعل ما ذكره غير واحد من الفقهاء: من أن الاجنبى لا بد من مراعاة المصلحة للجاعل عند جعل الجاعل الخيار له.

إنما هو لأجل تبادر المصلحة من اطلاق كلام المتعاقدين عند ما يجعلان له الخيار، لأن الجاعل لو أراد عدم المصلحة فيما جعل له الخيار قبلهما لقيد خياره بعدم إرادة مراعاة المصلحة.

فما لم يقيده بذلك يعلم منه تبادر مراعاة المصلحة.

(2) أي و لو لا تبادر الاطلاق من كلام المتعاقدين لكان مقتضى جعل الخيار من قبلهما للاجنبى، و تحكيمهما له نفوذ حكم للاجنبى مطلقا، سواء أ كانت هناك مصلحة أم لا.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أن مقتضى التحكيم نفوذ حكمه أي ففي ضوء ما ذكرنا فتعليل بعض الأعلام وجوب مراعاة الأصلح: بأن الاجنبى أمين فلا بد له من أن يراعي الأصلحية لأن عدم مراعاة الأصلحية مناف للأمانة:

لا يخلو عن نظر و إشكال، لأن المطلوب من الأجنبى عند ما يجعل له الخيار أن لا يضر المتعاقدين في أصل المصلحة.

و أما الأصلحية فليست مطلوبة منه، اذ الأصلحية لو كانت مطلوبة. -

ص: 272

ثم إنه ربما يتخيل أن اشتراط الخيار للاجنبى مخالف للمشروع.

نظرا إلى أن الثابت في الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ (1).

أو بدخول (2) الخيار بالاصل كخياري المجلس و الشرط.

أو (3) بالعارض كخيار الفسخ برد الثمن لنفس المتعاقدين.

+++++++++++

- لكان المتعاقدان يذكرانه له عند ما جعلا له الخيار.

(1) و التفاسخ لا يتصور إلا في المتعاقدين، لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

البيعان بالخيار و الاجنبى ليس ببائع حتى يثبت له الخيار، ثم يتحقق له التفاسخ فهو أجنبى عن العقد و الوفاء به.

(2) هذا من تتمة كلمات القائل بأن اشتراط الخيار للاجنبي مخالف للمشروع.

و خلاصتها إن ثبوت الخيار إما بالاصل كحق خيار المجلس، و حق خيار الشرط فيما اذا شرط المتعاقدان. أو أحدهما في متن العقد أن للاجنبى حق الفسخ، أو الامضاء متى شاء و أراد من بداية اجراء الصيغة إلى ستة أشهر.

فهذا الخيار ثابت بالاصل أي باصل العقد.

(3) هذا من تتمة كلام القائل بأن اشتراط الخيار للاجنبى مخالف للمشروع،

و خلاصتها إن ثبوت الخيار إما بالعارض كما في رد البائع الثمن، فانه يحصل به الخيار للمشتري، و لا يحصل له قبل الرد.

و سيجيء قريبا شرح هذا مفصلا عند ما يذكر قدس سره أول الوجوه من الوجوه الخمسة الآتية لبيع الخيار. -

ص: 273

و هو (1) ضعيف: لمنع اعتبار كون الفسخ من أحد المتعاقدين شرعا و عقلا بل. المعتبر فيه تعلق حق الفاسخ بالعقد، أو بالعين، و إن كان أجنبيا.

فحينئذ يجوز للمتبايعين اشتراط حق للاجنبى في العقد،

و سيجيء (2) نظيره في إرث الزوجة للخيار، مع عدم ارثها من العين.

+++++++++++

- فالحاصل أن منشأ الخيار عند هذا المتخيل أحد الامور الثلاثة:

(الاول): التفاسخ و هو لا يتصور إلا في حق المتعاقدين، لا الاجنبى.

(الثاني): الاصل كما في خياري الشرط و المجلس.

(الثالث): العارض كما في رد الثمن بالعارض.

(1) رد منه قدس سره على ما أفاده المتخيل.

و حاصله إننا نمنع اعتبار الفسخ من المتعاقدين، أو من احدهما:

لعدم وجود دليل عليه شرعا و عقلا:

بل الاعتبار في الفسخ بتعلق حق الفاسخ به إما بالعقد، أو بالعين و إن كان الفاسخ اجنبيا، فعليه يصح للمتعاقدين اشتراط حق الخيار في متن العقد للاجنبى.

(2) أي و سيجيء نظير هذا الخيار في خيار الزوجة بالارث.

و حاصل التنظير أنه لو اشترى رجل ارضا و جعل لنفسه الخيار، و لم يعمله في حياته حتى مات، و له زوجة.

فالخيار ينتقل إلى زوجته بالارث، بناء على القاعدة المسلمة:

ما تركه الميت: من مال، أو حق فهو لوارثه. -

ص: 274

مسألة: يجوز لهما اشتراط الاستئمار

(مسألة) (1):

يجوز لهما (2) اشتراط الاستئمار (3): بأن يستأمر المشروط عليه الاجنبى في أمر العقد فيأتمر بامره، أو بأن يأتمره اذا أمره ابتداء.

+++++++++++

- و من جملة ما تركه الخيار، لأنه من الحقوق، و من جملة الوراث الزوجة.

مع أنها لا ترث من العقار و عينها.

فكما أن خيار الزوجة بالارث هنا صحيح.

كذلك خيار الاجنبى باشتراط المتعاقدين في متن العقد صحيح.

(1) أي المسألة الخامسة من المسائل السبع التي ذكرناها في الهامش 5 ص 234 بقولنا: و هي سبعة.

(2) أي للمتعاقدين.

(3) مصدر باب الاستفعال من استأمر يستأمر.

معناه المؤامرة من المتعاقدين، أو احدهما:

بأن يشترطا، أو أحدهما استئمار من سمياه و عيناه في الرجوع إلى أمره مدة معينة مضبوطة.

فيلزم العقد حينئذ من ناحية المتعاقدين، و ليس لهما حق الفسخ ما دام لم يحكم الذي عيناه في ذلك الشيء على امضائه، أو فسخه.

فإن أمر بالفسخ جاز للمشروط له استئماره الفسخ، فإن الشرط هو الرجوع إلى ما أمره المستأثر بالفتح.

و ليس لذلك الثالث التدخل في أصل العقد بنفسه. -

ص: 275

و على الاول (1) فإن فسخ المشروط عليه من دون استئمار لم ينفذ (2).

و لو استأمره (3) فإن أمره (4) بالاجازة لم يكن له الفسخ قطعا اذ (5) الغرض من الشرط.

+++++++++++

- بل له حسب الشرط أن يأمر الذي جعل له حق الفسخ، أو الامضاء: و هو المتعاقدان، أو احدهما، فللمستأمر بالفتح الامر و النهي خاصة.

و بما أن هذا الامر لا يلتزم العمل به، فلذلك يجوز للمأمور الامتثال، أو الرفض.

ثم إن أمره بالالتزام لم يكن للمستأمر بالكسر الفسخ قطعا، و ان كان الفسخ أصلح: عملا بالشرط، حيث كان الشرط هو الرجوع إلى أمره و المفروض أنه أمر بالالتزام، و لا موجب وراء ذلك.

لاثبات حق الفسخ للمتبايعين، أو احدهما أصلا.

هذه خلاصة معنى الاستئمار.

(1) و هو استئمار المشروط عليه الاجنبى في أمر العقد و يأتمر بأمره.

(2) أي ما فسخه المشروط عليه من دون استئمار.

(3) أي استأمر المشروط عليه الاجنبى: بأن طلب منه الامر.

(4) أي فإن أمر المستأمر بالفتح المستأمر بالكسر باجازة.

العقد فليس للمستأمر بالكسر فسخ العقد حينئذ.

(5) تعليل لعدم حق الفسخ للمستأمر بالكسر بعد أمر المستأمر بالفتح بالاجازة. -

ص: 276

ليس مجرد الاستئمار، بل الالتزام بأمره، مع (1) أنه لو كان الغرض مجرد ذلك لم يوجب ذلك أيضا ملك الفسخ، و إن (2) أمره بالفسخ لم يجب عليه الفسخ.

بل غاية الأمر ملك الفسخ حينئذ، اذ لا معنى لوجوب الفسخ عليه.

أما (3) مع عدم رضا.

+++++++++++

- و خلاصته إن فائدة شرط الاستئمار ليست منحصرة في الاستئمار فقط، بل بالإضافة إلى ذلك هو الالتزام بما يأمره المستأمر بالفتح.

(1) تنازل من شيخنا الانصارى قدس سره عما أفاده.

من عدم انحصار الغرض من شرط الاستئمار هو الاستئمار لا غير.

و خلاصته إنه مع التنازل، و القول بعدم غرض آخر يترتب على الاستئمار، بل الغاية هو مجرد الاستئمار.

نقول إن مجرد الاستئمار لا يوجب تملك المستأمر بالكسر فسخ العقد، لأن أمر المستأمر بالفتح المستأمر بالكسر بالاجازة هو الالزام فحينئذ يكون العقد لازما.

بالإضافة إلى أن اللزوم هي طبيعة العقد و مقتضاه.

و لا يعدل عن هذه الطبيعة و الاقتضاء إلا بما يوجب فسخ العقد.

(2) أي و إن أمر المستأمر بالفتح المستأمر بالكسر بفسخ العقد فلا يجب على المستأمر بالكسر إعمال الفسخ، لعدم وجود ما يوجب الفسخ بل غاية الأمر أن المستأمر بالكسر يكون مالكا للفسخ بسبب أمر المستأمر بالفتح بالفسخ.

(3) من هنا يروم قدس سره أن يذكر وجه عدم وجوب إعمال -

ص: 277

الآخر (1) بالفسخ فواضح، اذ المفروض أن الثالث لا سلطنة له على الفسخ و المتعاقدان لا يريد انه (2).

و أما (3) مع طلب الآخر للفسخ فلأن وجوب الفسخ حينئذ على المستأمر بالكسر راجع إلى حق لصاحبه عليه.

فإن (4) اقتضى اشتراط الاستئمار ذلك الحق على صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه على الفسخ.

+++++++++++

- الفسخ على المستأمر بالكسر و قد ذكر له وجهين، فهذا هو الوجه الأول.

و خلاصته إن المتعاقد الثاني الذي لم يأمره المستأمر بالفتح.

إذا لم يرض بالفسخ فعدم وجوب إعمال الفسخ على المستأمر بالكسر واضح، لأن المفروض أن الثالث و هو المستأمر بالفتح ليس له سلطنة على الفسخ، و إنما له الامر و النهي فقط كما علمت، و المتعاقدان لا يريدان الفسخ: فلا مجال للفسخ.

(1) و هو المتعاقد الثاني كما علمت.

(2) أي لا يريدان الفسخ كما علمت.

(3) هذا هو الوجه الثاني.

و خلاصته إن في صورة طلب المتعاقد الثاني الفسخ عند عدم وجوب الفسخ على المستأمر بالكسر:

يكون المرجع في وجوب الفسخ إلى حق لصاحب هذا المستأمر بالكسر و هو العاقد الثاني الذي لم يأمر المستأمر.

(4) من هنا يروم قدس سره أن يشرح الوجه الثاني المشار إليه في الهامش من هذه الصفحة بقولنا: هذا هو الوجه الثاني. -

ص: 278

فيرجع اشتراط الاستئمار إلى شرط لكل منهما على صاحبه:

و الحاصل (1) ان اشتراط الاستئمار(1) من واحد منهما على صاحبه إنما يقتضي ملكه للفسخ إذا اذن له الثالث المستأمر.

و اشتراطه (2) لكل منهما على صاحبه يقتضي ملك كل واحد منهما للفسخ عند الاذن (3).

+++++++++++

- و خلاصته إن ذلك الحق إن كان مقتضى اشتراط الاستئمار عرفا فمعناه تسلط صاحب المستأمر بالكسر على الفسخ فيفسخ حينئذ، لأن مآل اشتراط الاستئمار الى شرط يكون لكل منهما على صاحبه.

(1) أي خلاصة الكلام في صورة طلب العاقد الثاني الفسخ عند ما استأمر العاقد الاول من المستأمر بالفتح و أمره بالفسخ و قلنا بعدم وجوب الفسخ على المستأمر بالكسر:

إن اشتراط الاستئمار من واحد من المتعاقدين للاجنبى: يقتضي تملك المشترط عند ما يأذنه المستأمر بالفتح بالفسخ فله حق الفسخ.

(2) أي و اشتراط الاستئمار من كل واحد من المتعاقدين على صاحبه.

يقتضي تملك كل واحد من المتعاقدين الفسخ عند ما يأذن و يأمر المستأمر بالفتح بالفسخ.

فيصح لكل واحد منهما الفسخ عند ما يأمر المستأمر بالفتح بالفسخ.

(3) أي اذن المستأمر بالفتح كما عرفت آنفا.

إلى هنا كان الكلام حول طلب المستأمر بالكسر من المستأمر بالفتح الامر.

ص: 279


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و مما (1) ذكرنا يتضح حكم الشق الثاني: و هو الائتمار بأمره الابتدائي، فإنه إن كان (2) شرطا لاحدهما ملك الفسخ لو أمره به.

و ان كان (3) لكل منهما ملكا (4) كذلك.

ثم في اعتبار مراعاة المستأمر للمصلحة (5) و عدمه وجهان.

أوجههما العدم (6) إن لم يستفد الاعتبار (7) من اطلاق العقد بقرينة حالية، أو مقالية.

+++++++++++

(1) من هنا يروم قدس سره أن يجيل القلم حول الامر الابتدائي الذي لم يسبقه استئمار المستأمر بالكسر.

و خلاصته إنه بعد ما ذكرنا لك حول المستأمر بالكسر.

يتضح لك حكم الشق الثاني: و هو ائتمار المستأمر بالفتح أمرا(1)ابتدائيا من دون مطالبة المستأمر بالكسر منه.

فان كان الاستئمار شرطا لاحد المتعاقدين فقد ملك الفسخ لو أمره المستأمر بالفتح بالفسخ.

و إن كان الاستئمار شرطا لكليهما فقد ملكا الفسخ لو أمرهما المستأمر بالفتح بالفسخ.

(2) أي الاستئمار كما علمت آنفا.

(3) أي الاستئمار كما علمت آنفا.

(4) أي الفسخ لو أمرهما المستأمر بالفتح بالفسخ.

(5) أي لمصلحة كل واحد من المتعاقدين.

(6) أي عدم مراعاة المصلحة.

(7) أي اعتبار مراعاة المصلحة، فإنه إذا استفيد الاعتبار المذكور بواسطة قرينة حالية، أو مقالية: فلا شك في اعتبار مراعاة المستأمر -

ص: 280


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- بالفتح المصلحة للمتعاقدين.

ثم اعلم أنه لا بد في الاستئمار من معلومية مدته و ضبطها، لأن الجهالة فيه توجب سريان الجهالة و جريانها إلى العقد، و الجهل بالعقد مضر بصحته.

ثم على القول بالتحديد لا ينحصر الاستئمار في مدة معينة.

بل يجوز اشتراط ما أريد من الزمان: قل أو كثر، لكن بشرط ضبط المدة.

ص: 281

ص: 282

الخاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

سبحان من جمع من حزن الارض و سهلها، و عذبها و سبخها:

تربة سنها بالماء حتى خلصت، و لاطها بالبلة حتى لزبت فجبل منها صورة ذات أحناء و وصول، و أعضاء و فصول.

أجمدها حتى استمسكت و اصلاها حتى صلصلت لوقت معدود.

و أمد معلوم.

ثم نفخ فيها من روحه فمثلت انسانا ذات أذهان يجليها، و فكر يتصرف بها، و جوارح يختدمها، و أدوات يقلبها، و معرفة يفرق بها بين الحق و الباطل، و الأذواق و المشام، و الألوان و الأجناس.

معجونا بطينة الألوان المختلفة، و الأشباه المؤتلفة و الأضداد المتعادية، و الأخلاط المتباينة:

من الحر و البرد، و البلة و الجمود.

(نهج البلاغة) الجزء 1 ص 13-14-15 شرح الاستاذ محمد عبده طباعة (مطبعة الاستقامة).

ص: 283

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

هذا هو الجزء الرابع عشر من (المكاسب) و هو ثاني جزء من الخيارات.

كانت البداية فيه يوم الرابع عشر من شهر شوال المكرم عام 1404 ه.

و قد استوفى العمل فيه مقابلة و تصحيحا و تعليقا غاية الجهد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

مع كثرة الأمراض و الآلام و الاشغال و أنا اعانيها.

و ذلك حبا منا بانجاز تحقيق الأجزاء و إصدارها و اخراجها الى عالم الوجود.

اكبارا و اجلالا لفقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.

و إذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة

فلأن تحقيق الكتاب و تصحيحه و اخراجه اخراجا يليق بمكانته العلمية.

و لا سيما هذا الجزء و بقية أجزاء الخيارات المشتملة على مطالب -

ص: 284

- غامضة، و مسائل صعبة مستصعبة جدا.

كان يستدعي منا دقة الملاحظة، و عمق الإمعان في هذه الاجزاء:

(الخيارات).

و لعمرك أيها للقارىء النبيل الكريم.

لقد أتعبني إخراج هذا الجزء من الطبع، حيث إني مبتلى بمرض القلب و هو يستدعي الراحة و السكون و الاستقرار و هذا العمل يتنافى معها.

فقد أخذ هذا الجزء من وقتي في الليل و النهار أكثر من خمسة عشرة ساعة و أنا أئن تحت عبئه الثقيل.

فاتبعت بعون اللّه تبارك و تعالى الجزء الرابع عشر بالجزء الثالث عشر.

فاليك أيها القارئ العزيز.

هذه التحفة الثمينة، و الهدية النفيسة التى هي عصارة حياتي.

و أرى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي).

على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي و ربي و سيدي و مولاي على هذه النعمة الجسيمة و الآلاء العميمة.

و اسألك اللهم و أدعوك بحرمة صاحب هذا القبر المقدس التوفيق لاتمام بقية الاجزاء، و المشروعات الخيرية النافعة للامة الاسلامية جمعاء.

ص: 285

إنك ولي ذلك و القادر عليه.

و يتلوه الجزء الخامس عشر إن شاء اللّه تبارك و تعالى و أوله:

(مسألة من أفراد خيار الشرط ما يضاف إليه)

كتبت هذه الأسطر في اليوم الثالث عشر من شهر اللّه الأعظم عام 1408 ه وقت الظهر في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 286

الفهارس

اشارة

ص: 287

ص: 288

فهرس البحوث

9 لو اكره أحدهما على التفرق

11 الأقوال في خيار الباقي في المجلس مختارا.

13 في تقسيم الاكراه إلى قسمين

15 ظاهر كلام الأعلام في خيار الباقي في المجلس.

19 في مبنى الأقوال الاربعة.

21 في تقسيم القسم الاول إلى قسمين:

23 في تقسيم القسم الثاني إلى قسمين:

25 في التفصيل الذي أفاده العلامة

27 ما افاده فخر الاسلام في شرح كلام والده.

29 في بيان مبنى الاكوان.

49 في ظاهر كلام فخر الإسلام

51 في القول المحكي عن القاضي

55 نظرية الشيخ الانصاري

57 ما أفاده الشيخ الانصاري

59 في تفنيد الأدلة الثلاثة.

61 دعوى انصراف اطلاق الرواية

63 في المقامات الدالة على سقوط الخيارين.

65 ما أفاده العلامة في القواعد

67 تحليل شيخنا الانصاري عبارة الخلاف.

69 تحقيق حول عبارة الخلاف

71 توجيه كلام الشيخ

73 في حكم عكس المسألة

75 في بيان زوال حكم الاكراه

77 ما أفاده السيد الطباطبائي اليزدي.

79 أحد القولين في الخيار مما لا بد منه.

81 التصرف مسقط خيار المجلس

83 في الحديث الدال على أن التصرف مسقط للخيار.

ص: 289

85 في اختصاص خيار الحيوان بالمشتري

91 اشكال مجيء خيار الحيوان فيما اذا كان قصير العمر.

93 في أن خيار الحيوان هل يختص بالمعين أو يعم.

95 ظهور كلمات بعض الأعلام في الاختصاص بالمعين.

97 في اختصاص خيار الحيوان بالمشتري.

101 الاستدلال بالاخبار على الاختصاص.

107 ما أفاده علم الهدى في عدم الاختصاص.

109 ما أستدل به علم الهدى على عدم الاختصاص.

111 تخصيص العمومات بصحيحة محمد بن مسلم.

113 ما أورده الشيخ على الصحيحة

115 في ترجيح الصحيحة على الصحاح الأخر.

117 و هم و الجواب عنه.

119 في الرد على الشهرة و الاجماع

121 متابعة صاحب المفاتيح للسيد علم الهدى.

123 في تضعيف قول علم الهدى

125 عدم منافاة الدعوى للصحيحة

127 دفع و هم ثالث.

عدم وجود مخصص قابل.

129 في المقام.

131 عدم الفرق بين الأمة و غيرها

133 عدم الوقوف على دليل.

135 في مبدأ خيار الحيوان.

137 ما أفاده الشيخ في المبسوط

139 في الاستدلال بالاستصحاب على عدم ارتفاع الخيار في

141 الأخبار الواردة في تلف.

الحيوان في الثلاثة.

143 في الرد على الاستصحاب.

145 في الجواب عن تداخل الاسباب

147 ما المراد من زمن العقد.

149 زمن التملك هو زمن العقد

151 ما أفاده المحقق الشيخ علي

ص: 290

كاشف الغطاء.

153 عدم اعتبار الملكية في زمن الخيار.

161 و هم و الجواب عنه.

163 ما أفاده السيد بحر العلوم في الايام الثلاثة.

165 رد الشيخ الانصارى على السيد بحرم العلوم.

167 في سقوط الخيار بامور.

171 ما افاده الشيخ الانصاري من الاحتمالات.

173 فيما يحدثه المشتري في الحيوان

175 ما أفاده العلامة في التذكرة

177 ما أفاده العلامة حول التصرف في الحيوان.

179 في الحكمة في جعل الخيار في الحيوان.

181 ظهور التصرف في لزوم العقد

183 الاستشهاد بالرواية في المراد من الرضا.

185 في الوجوه المحتملة في جملة فذلك رضا منه.

187 تنظير للتصرف في كونه مسقطا للخيار.

189 في الاحتمال الثالث.

191 في وجود قرينة لفظية أو حالية

193 في الاحتمال الرابع

195 مخالفة الاحتمالين لظاهر الصحيحة

197 عدم إرادة الأصحاب ان التصرف مسقط

199 تصريح العلامة بأن الفسخ كالاجارة

201 نفس الرضا بالعقد يعتبر في لزومه.

203 ما أفاده شيخنا المفيد في المقنعة

205 ما أفاده الحلبى في خيار الحيوان.

207 ما أفاده العلامة في التذكرة

309 ما أفاده المحقق الكركي

213 ما أفاده العلامة في التذكرة

215 حاصل ظهور كلمات الفقهاء

217 الإشكال في دفع الاستبعاد

ص: 291

219 استهجان التعليل لو لم نقل بسقوط الخيار بالتصرف

221 فساد الجمع بين الأخبار المتضاربة.

223 في الاستدلال بالخبر المصحح

227 استحباب رد ثلاثة أمداد لصاحب الشاة

229 ما أفاده شيخ الطائفة في خيار الشرط.

233 في الأحاديث الواردة في خيار الشرط.

235 في عدم الفرق في اتصال زمن الخيار أو انفصاله

237 في اشتراط تعيين المدة في خيار الشرط

239 عدم الاعتبار بمسامحة العرف

241 توجيه ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء

243 التأجيل إلى الدياس و الحصاد أمر متعارف

245 ما أورده الشيخ صاحب الجواهر.

247 لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدة و عدم ذكرها

249 انجبار الأخبار المرسلة بالاجماعات المنقولة

251 ما أفاده في مفتاح الكرامة

253 التحديد بمقدار معين تعبد شرعي.

255 ما أفاده الشيخ الانصاري في المقام

ص: 292

(فهرس التعليقات)

9 المقصود من أحدهما

10 وجه دخول المسألة السادسة في المسألة الخامسة

11 توضيح كيفية السقوط

16 خلاصة ما في القواعد

17 الأقوال الاربعة في خيار المتعاقدين.

19 تحقيق حول جعل الخيار.

20 الافتراق على قسمين

21 تقسيم القسم الاول إلى قسمين

21 ذكر مباني الأقوال الاربعة.

23 في جعل القسم الثاني قسمين

29 في بيان مبنى الأكوان الأربعة

31 تحقيق مهم حول الأكوان الأربعة.

31 الأقوال الثلاثة في الأكوان

37 تحقيق مهم حول التقابل بين.

الأكوان الأربعة

39 ما أفاده العلامة و المولى صدرى و الحكيم السبزواري

41 في الصور المفروضة في الأكوان

47 في معنى قول الحكماء: ان العدم لا يعلل

50 استدراك و خلاصته

51 تعليل و خلاصته

53 ما أفاده السيد الطباطبائي اليزدي في تعليقته على المكاسب

55 وجه لظهور فيما حكاه صاحب مفتاح الكرامة

57 دلالة صحيحة فضيل على ثبوت الخيار.

58 دلالة الأدلة على ثبوت الخيار

61 دعوى و خلاصتها

62 خلاصة ما أفاده في سقوط الخيار عن المتعاقدين

65 تعليل و خلاصته

66 وجه التأمل

67 تعليل و خلاصته

ص: 293

68 تأييد و خلاصته

66 خلاصة مراده قدس سره

70 عدول و خلاصته

72 تعليل و خلاصته

75 تحقيق حول زوال الاكراه

76 توجيه و خلاصته

77 ما أفاده السيد الطباطبائي اليزدي

79 بيان الاستصحاب

82 تعليل و بيان

83 نص الحديث الوارد في الحيوان

85 تحقيق حول دود القز

90 المراد من الحيوان الوارد في لسان الاحاديث.

91 الأقوال الاربعة في أمد عمر الحيوان القصير العمر بالعرض

93 نظرية الشيخ حول الاختصاص

94 استدلال آخر حول الاختصاص

95 المراد من بعض المعاصرين

97 تحقيق حول كلمة الحلبيين

99 استدلال و خلاصته

100 دليل ثان للاختصاص و خلاصته

102 تحقيق حول صحيحة فضيل بن يسار.

104 تحقيق حول تقييد الامام (ع)

106 تحقيق حول صحيحة ابن رئاب.

107 تحقيق حول الاستصحاب الكلي و أقسامه

110 تحقيق من السيد و خلاصته

111 ما أفاده شيخنا الحر العاملي

111 استدلال السيد بالصحيحة

112 ما أورده على السيد قدس سره

114 و هم و الجواب عنه

115 ترجيح و خلاصته

116 و هم و الجواب عنه

117 تأييد و خلاصته

118 تأييد لبعض الأعلام

122 ترق منه

122 تأييد و خلاصته

123 قول ثالث

123 قول ثالث

123 وهم

124 الجواب عن الوهم

124 و هم و الجواب عنه

125 وهم و الجواب عنه

ص: 294

127 و هم و الجواب عنه

128 تأييد منه للقول الأول

130 الأقوال الثلاثة في مسألة خيار الحيوان

132 نص عبارة الشهيدين في اللمعة

134 وجه ظهور الحديث الوارد في خيار الحيوان.

138 تحقيق من المحقق الاصفهاني

139 في الأدلة الاربعة

141 في الاخبار الواردة في تلف الحيوان.

142 في الرد على الأدلة الاربعة

144 في التعليل الاول

145 في التعليل الثاني

146 جواب من العلامة

147 المراد من زمن العقد

149 وهم و الجواب عنه

149 تحقيق حول بعض المعاصرين و تحليل عبارته

151 ايراد و الجواب عنه

153 الايراد على ما أفاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء

155 تحقيق حول اليوم

159 تحقيق حول التلفيق

161 و هم و الجواب عنه

162 المراد من القيل حول السيد بحر العلوم.

163 ايراد منه على السيد بحر العلوم

164 السؤال الثاني من السيد بحر العلوم.

168 تحقيق حول التصرف

170 احتمالات أربعة منه حول الرضا

176 تعليل بعض الشافعية و الجواب عنه من العلامة.

177 جواب عن الشرط و خلاصته

178 إشكال آخر و الجواب عنه

179 إشكال آخر

180 الاستشهاد بكلمة فذلك

181 جواب و خلاصته

183 تعليل و خلاصته

184 و هم و الجواب عنه

185 خلاصة الاحتمال الاول

186 خلاصة الاحتمال الثاني

188 خلاصة الاحتمال الثالث

189 خلاصة تتميم الاحتمال الثالث

ص: 295

192 خلاصة الاحتمال الرابع

196 و هم و الجواب عنه

198 حل عبارة غامضة

200 خلاصة ما أفاده في الاندفاع

202 اشكال آخر على أظهرية المعنى الرابع.

203 الاستشهاد بكلمات الاعلام و هو اثنا عشر واحدا

215 استدراك و خلاصته

217 استبعاد و خلاصته

218 دفع الاستبعاد

220 خلاصة ما سيجيء

221 خلاصة ما أفاده حول التصرفات.

225 تحقيق حول الحديث الوارد في الصاع

226 اشكال و الجواب عنه

228 خلاصة وجه التأمل

228 ما أفاده المحقق الايرواني حول التأمل

229 نص عبارة الشيخ في المبسوط في الجمع بين الأخبار الواردة

230 في خيار الحيوان

236 إشكال من العلامة على ما ذهب إليه الشافعي

237 مراتب مدة الخيار

239 دفع و هم و الجواب عنه

239 تعليل و خلاصته.

241 ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء في المقام

241 استدراك و خلاصته

243 تحقيق حول كلمة دياس و حصاد.

243 تأييد و خلاصته

245 إشكال و حاصله

246 توجيه منه قدس سره

247 خلاصة ما أفاده الأعلام في المدة.

250 ما ذكرناه عن التذكرة و المصابيح و جواهر الكلام.

251 ما أفاده صاحب مفتاح الكرامة

251 إشكال على ما أفاده صاحب الجواهر.

252 ما أفاده المحقق الاصفهاني في الغرر.

ص: 296

252 في تتمة الإشكال على ما أفاده صاحب الجواهر

253 تنظير و خلاصته

254 خلاصة الكلام في الخيار المجهولة مدته.

255 نظرية شيخنا الانصاري

256 توجيه و خلاصته

257 رد على الاجماع المدعى

258 استدراك و خلاصته

258 تحقيق مهم حول الحديث المروي في الخيار.

260 تحقيق حول كلمة (حبان)

261 الخدشة في دلالة الحديثين و سندهما

262 تضعيف جبر الاجماعات المنقولة لضعف الحديث المرسل

265 ما أفاده شيخ الطائفة

266 استدراك و خلاصته

270 ما أفاده الشهيد حول الخيار للاجنبي.

271 تأييد منه و خلاصته

272 تفريع حول المصلحة و الأصلحية

273 تتمة كلام القائل بأن اشتراط الخيار للاجنبي مخالف للمشروع

274 منشأ الخيار عند المتخيل أحد الامور الثلاثة.

275 تحقيق حول الاستئمار

277 تعليل و خلاصته

278 خلاصته ما أفاده قدس سره حول المتعاقد الثاني

280 تحقيق حول الأمر الابتدائي

ص: 297

(فهرس الآيات الكريمة)

- أ -

إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ 36

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 100-112

س -

سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى اَلَّذِي خَلَقَ فَسَوّٰى وَ اَلَّذِي قَدَّرَ فَهَدىٰ 84

ف -

فَسُبْحٰانَ اَلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ 3(6) شَيْ ءٍ .

- ك -

كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ 35

و -

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 112

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 112

وَ يُمْسِكُ اَلسَّمٰاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى اَلْأَرْضِ 36

ي -

يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَرٰاءُ إِلَى 3(4) اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ

ص: 298

(فهرس الاحاديث)

أ -

البيعان بالخيار 102-119

إذا ابتعت شيئا فقل: لا خلابة 259

إذا أحدث فيها حدثا وجب الشراء 173

إذا بعت فقل: لا خلابة 260

إذا بايعت فقل: لا خلابة 260

أ رأيت إن قبّلها المشتري أو لامس 174

اشترى من رجل دابة فاحدث فيها 173

اشترى شاة فامسكها ثلاثة أيام 223

أله أن يردها 173

إلا كل شرط خالف كتاب اللّه 233

إلا شرطا حرم حلالا. أو أحل حراما 233

المتبايعان بالخيار 93-110-116

المسلمون عند شروطهم 233

إن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام 134

إن حنان بن منقذ 258

ث -

ثلاثة أيام في الحيوان 116

ص: 299

- ص -

صاحب الحيوان المشتري 93-125

ف -

فاذا افترقا وجب البيع 178

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما 183-182

فذلك رضا منه 185-189-225

فإن أحدث المشتري فيما اشتراه 172-185-219

فقال: إذا بايعت فقل: لا خلابة 258

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم: 259

فقال: على البائع حتى يمضي الشرط 141

فقال: ليس على الذي اشتراه ضمان 141

فقال: الخيار لمن اشترى 106-116

فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا 60

ق -

قال ثلاثة أيام للمشتري 102-103

قال: الشرط في الحيوان ثلاثة أيام 105-105

قال: البيعان بالخيار 102-119

قال: الخيار في الحيوان 104

قال: في الحيوان كله شرط 104

قلت: و ما الشرط في غير الحيوان؟ 102

ص: 300

قال: قلت له 102-103

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام 141-141

قلت: له 174

قال: فقال: إذا قبل، أو لامس 174

قال: يستحلف باللّه ما رضيه 183

ل -

لا بأس بالسلم كيلا معلوما إلى أجل معلوم 243

لمن الخيار 105

(م)

ما الشرط في الحيوان؟ 102

و -

و المسلمون عند شروطهم 233

و في غيره حتى يفترقا 134

و قد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم 239

و لا تسلمه إلى دياس و لا إلى حصاد 243

و ما الشرط في غير الحيوان؟ 136

و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام 143

ص: 301

(فهرس الاعلام)

أ -

أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام 84

أبا عبد اللّه عليه السلام 141

أبان بن تغلب 253

ابن أبي عمير 64

ابن البراج (تقي الدين) 22-98

ابن إدريس 99

ابن الجنيد 97

ابن رئاب 105-112-113-172-180-182

ابن زهرة أبو المكارم 98-147

ابن سنان 233

اسحاق بن عمار 233

ابن عمر 127

ابن فضال 127

ابن مالك 228

الانصاري 21-54-62-65-129-152-167-290 225-262-266-277-133-137

الايرواني 70-228

ص: 302

- ب -

البخاري 258

ت -

الشيخ أسد اللّه (التستري) 150

ج -

جعفر بن محمد عليهما السلام 183

ح -

الحر العاملي 111

الحسن بن علي بن فضال 84

الحكيم السبزواري 38

الحلبي 84-104-105-131

س -

السيد المسيح عليه السلام 98

السيد بحر العلوم 250

السيوري 99

السيد العميد 16-26-64

السيد المرتضى 247-258

سيف الدولة الحمدانى 98

ش -

شيخ الطائفة 142-226-227-247-265

الشهيد الاول 16-26-97-99-210-211-249

الشيخ الطوسي 51-70-80-81

الشهيد الثاني 17-97-121

ص: 303

- ص -

صاحب الجواهر 244-249-251-252

صاحب مفتاح الكرامة 251

صاحب المفاتيح 121

الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي 97

صدر المتألهين الشيرازي 37

ع -

علي عليه السلام 239

العلامة 15-17-26-50-69-81-94-99 175-176-177-180-210-262-268

علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي 97

علي بن رئاب 175-194

علي بن أسباط 104

علم الهدى 110-111-113-120-121-122-130-135

عبد الرحمن 141

عماد الدين محمد بن علي بن محمد الطوسي 97

ف -

فخر الاسلام 30-31-49-99

فضيل بن يسار 102-103-105-116

ك -

كاشف الغطاء علي 95-151-152

كاشف الغطاء الشيخ الكبير الشيخ جعفر 241

ص: 304

- م -

المامقاني 135

المحقق 15-26-99

المحقق الطوسي 39

المحقق الكركي 17-64-97-211

محمد بن مسلم 110-113-114-115-116-118-122 128-129

المرتضى 107-123-129-130

موسى الخونساري 123

شيخ الامة (المفيد) 97-132-205-247

ن -

النائيني 123

ي -

الطباطبائي (البزدي) 77

ص: 305

(فهرس الكتب)

أ -

الاستبصار 144-255

الاسفار 38-39

الانتصار 130-247

الايضاح 27-49-64

ت -

التجريد 29

التحرير 23

التذكرة 78-81-174-175-176-177-193 199-236-360-228.

التهذيب 14-255

ج -

جامع المقاصد 63

الجواهر 49-150-250

خ -

الخلاف 49-50-52-53-66-68-247 268-230.

د -

الدروس 230

ص: 306

- ر -

الرسائل 107-108

س -

السرائر 138-230

غ -

الغنية 119-205-230

ق -

قرب الإسناد 114

القواعد 49-65

ك -

الكافي 114

كشف المراد 37

ل -

اللمعة الدمشقية 23-109-110-150-254

م -

المبسوط 23-80-138-204-205-229-230

المصابيح 250

المفاتيح 121

مفتاح الكرامة 251

المكاسب 52-53-70-77-78-84-127-252

منظومة السبزواري 35-38-45

منية الطالب 123

من لا يحضره الفقيه 114

ص: 307

- و -

وسائل الشيعة 82-84-94-107-110-111 124-125-131-134-136 141-159-173-174-183 193-223-224-232-233 239-242-243-254.

ص: 308

(فهرس الشعر)

أ -

أزمة الأمور طرا بيده *** و الكل مستمدة من مدده

35 ك -

كذاك في الأعدام لا علية *** و إن بها فاهوا فتقريبية

40 و -

و الفاء للترتيب باتصال *** و ثم للترتيب بانفصال

238

ص: 309

(فهرس المدن)

ح -

(حلب) 98

(حلة) 98

ص -

(صين) 86

ي -

(يابان) 86

ص: 310

المجلد 15

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين

ص: 5

ص: 6

تتمة القول في الخيار و أقسامه و أحكامه

تتمة القول في أقسام الخيار

تتمة الثالث خيار الشرط
تتمة المقصود هذا بيان أحكام الخيار المشترط في العقد و هي تظهر برسم مسائل
مسألة: من أفراد خيار الشرط ما يضاف البيع إليه و يقال له: بيع الخيار
اشارة

(مسألة) (1):

من أفراد (2) خيار الشرط ما يضاف البيع إليه و يقال له:

بيع الخيار، و هو جائز عندنا كما فى التذكرة (3)، و عن غيرها الاجماع(1)عليه (4):

و هو (5) أن يبيع شيئا و يشترط الخيار لنفسه مدة:

+++++++++++

(1) اي المسألة السادسة من المسائل السبع التي ذكرت في الهامش 1 ص 235 من المكاسب - الجزء 14.

(2) اي من أقسام خيار الشرط.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 238 عند قوله: بيع الخيار جائز عندنا.

(4) اي و عن غير التذكرة قام الاجماع على جواز بيع خيار الشرط و لا يخلى عليك أن الاجماع يستفاد من كلام العلامة قدس اللّه نفسه الزكية أيضا، حيث قال: عندنا، و هذه الكلمة تفيد الاجماع.

(5) من هنا اخذ فى تعريف بيع خيار الشرط.

و لا يخفى عليك أنه إنما اتى بهذا التعريف، لأنه من أظهر أقسام بيع الخيار و مصاديقه، اذ له أقسام أخر منها اشتراط الخيار في آخر المدة: بأن يشترط البائع الخيار لنفسه عند انقضاء ستة أشهر، أو عند انقضاء سنتين مثلا.

ص: 7


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بأن يردّ الثمن فيها (1) و يسترجع المبيع، و الاصل فيه (1) بعد العمومات المتقدمة (2) في الشرط: النصوص المستفيضة.

(منها) (4) موثقة اسحاق بن عمار قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال:

رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى اخيه فقال له: ابيعك داري هذه و تكون (5) لك أحب الي من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن انا جثتك بثمنها (6) إلى سنة أن ترد علي؟

فقال (7):

+++++++++++

(1) اي في تلك المدة المعينة المشروطة.

(2) اي في بيع الخيار.

(3) المراد منها هو الاجماع المنقول في ص 7 بقوله: و نقل الاجماع عليه(2)، و الأخبار(3) المذكورة في الجزء 14 من المكاسب ص 223 بقوله: و الاصل فيه قبل ذلك الأخبار العامة.

(4) اي من تلك النصوص الدالة على صحة بيع الخيار.

(5) جملة تكون مرفوعة، بناء على أنها مبتدأ مقدم خبره جملة أحب، و جملة تكون مؤولة بالمصدر اي و كون الدار لك أحب إليّ من أن تكون لغيرك.

و نظير هذه الجملة المؤولة بالمصدر المثل السائر المعروف: (و تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) اي سماعك بالمعيدي خير لك من أن ترى شخصه.

(6) اي بثمن الدار المبيعة المشروطة.

(7) اي الامام الصادق عليه السلام.

ص: 8


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها (1) عليه.

قلت (2): فانها (3) كانت فيها غلة (1) كثيرة فاخذ (5) الغلة لمن تكون الغلة؟

فقال (6): الغلة للمشتري ألا (7)

+++++++++++

(1) اي رد الدار المبيعة المشروطة إلى صاحبها.

(2) اي السائل قال: قلت للامام.

(3) اي الدار المبيعة المشروطة.

(4) بفتح الغين و اللام المشددة يراد منها الفوائد الحاصلة من الزرع و الفواكه و التمور و الاجارة.

و المراد منها هنا هي المزرعة الموجودة في الدار، فهي تابعة للدار المبيعة المشروطة، و جمع الغلة غلات.

(5) اي المشتري.

(6) اي الامام الصادق عليه السلام.

و الحديث هذا دليل على أن النماء الحاصلة في زمن الخيار للمشتري فهو يتملكه قبل انقضاء مدته، خلافا لما هو المشهور: من أن الشيع قدس سره لا يذهب الى التملك إلا بعد انقضاء مدة الخيار.

(7) استشهاد من الامام الصادق عليه السلام على أن الغلة للمشتري.

خلاصته إن تلف الغلة بالاحتراق(4) كما يكون من مال المشتري كذلك يكون وجودها في الدار للمشتري، بناء على قاعدة:

(من عليه الغرم فله الغنم).

و أما كون الاحتراق من مال المشتري فلأن الخيار منا للبائع.

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله (1).

و رواية (2) معاوية بن ميسرة قال: سمعت أبا الجارود يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الذي اشترى منه الدار حاصر (3) فشرط أنك إن اتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فاتاه بماله؟

فقال (4): له شرطه.

قال (5) ابو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب (6) في ذلك المال في ثلاث سنين؟

قال (7) هو ماله، و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355 الباب 8 - الحديث 1.

(2) هذا هو النص الثاني الدال على صحة البيع بشرط الخيار.

(3) كلمة حاصر يراد منها الحاجز - المانع - الحد اي كان بين داره و دار جاره مانع و حد معين.

(4) اي الامام الصادق عليه السلام قال للسائل: شرط البائع ماض و صحيح:

(5) اي سأل أبو الجارود من الامام عليه السلام.

(6) اي قد التفع البائع من الثمن الذي اخذه من المشتري خلال السنين المشروطة.

(7) اي الامام الصادق عليه السلام قال لابي الجارود: إن الربح الذي استفاده البائع من الثمن هو ماله.

ص: 10

أ رأيت (1) لو أن الدار احترقت من مال من كانت؟

تكون الدار دار المشتري (2)(1)

و عن (3) سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام:

إنا نخالط (4) اناسا من اهل السواد (5) و غيرهم فنبيعهم و نربح (6) عليهم العشرة (7) - اثني عشرة، و العشرة ثلاثة عشر و نؤخر ذلك

+++++++++++

(1) استشهاد من الامام عليه السلام للحكم الذي افاده للسائل:

و هو كون المنافع الحاصلة من الثمن للبائع.

خلاصته إن الاحتراق كما يكون من مال المشتري، لأن الدار داره.

كذلك المنافع الحاصلة من الدار تكون للمشتري، لقاعدة:

من له الغنم فعليه الغرم، فكذلك منافع الثمن للبائع.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355 الباب 8 - الحديث 3.

(3) هذا هو النص الثالث الدال على صحة البيع بشرط الخيار

(4) اي نعاشرهم و نتعامل معهم.

(5) المراد منهم سكان العراق بين البصرة و الكوفة و ما بينهما من القرى و الأرياف.

(6) يقال: ربح عليهم اي اعطى المشتري الباعة ربحا على سلعتهم.

(7) كلمة العشرة منصوبة بنزع الخافض، و كلمة اثني عشر عطف بيان لها اي نربح من عشرة دنانير أو دراهم اثني عشر دينارا أو درهما اي در همين نربح من العشرة.

و كذلك العشرة الثانية منصوبة بنزع الخافض، و جملة ثلاثة عشر عطف بيان لها اي أو نربح من عشرة دراهم ثلاثة دراهم.

ص: 11


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فيما بيننا و بينهم السنة (1)، و نحوها و يكتب لنا الرجل (2) على داره أو ارضه بذلك المال الذي فيه الفضل (3) الذي اخذ منا شراء و قد باع (4) و قبض الثمن منه فنعده (5) إن جاء بالمال إلى وقت بيننا و بينه أن نرد عليه الشراء (1)، فان جاء الوقت (7) و لم يأتنا بالدراهم فهو لنا.

فما ترى (8) في ذلك الشراء؟

فقال (9):

+++++++++++

(1) اي إلى سنة حتى تنتهي.

(2) اي المشتري الذي أخذ منه ربح العشرة.

(3) اي يسجل لنا ذلك الرجل المشتري الذي ربحنا منه ازاء مجموع الدراهم، أو الدنانير التي اخذها منا مع أرباحها: داره، أو ارضه اي عقاره باسمنا إلى مدة معينة مضبوطة.

(4) كلمة باع هنا يراد منها الشراء(6) و هي من الأضداد اي و قد اشترى منا تلك الدراهم و قبضها منا.

(5) اي نحن الباعة و المرابحون نعد المشتري و نقول له: إن جئت بالمال الذي اخذته منا مع ربحه بعد انقضاء المدة المحدودة بيننا و بينك نرد عليك دارك، أو ارضك المسجلة باسمنا.

(6) المراد به الدار، أو الارض كما عرفت.

(7) و هي المدة المضروبة المحدودة كما عرفت.

(8) خطاب من السائل متوجه إلى الامام عليه السلام اي.

فما رأيك في هذا النحو من المعاملة؟

(9) اي الامام عليه السلام.

ص: 12


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ارى إنه (1) لك إن لم يفعل، و إن جاء بالمال للوقت (2) فرد عليه (3):

و عن (4) أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام.

قال: إن بعت (5) رجلا على شرط، فان اتاك بمالك (6)، و إلا (7) فالبيع لك (8).

فتوضيح المسألة يتحقق بالكلام في أمور
اشارة

اذا عرفت هذا (9) فتوضيح المسألة (10) يتحقق بالكلام في امور (11).

الأمر الأوّل أنّ اعتبار ردّ الثمن في هذا الخيار يتصوّر على وجوه:

(الاول) (12)

+++++++++++

(1) اى ما سجله المشتري باسمك: من الدار، أو الأرض.

(2) و هو الوقت المحدود.

(3) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 172 - الحديث 14.

فالشاهد في قوله عليه السلام: ارى أنه لك، الدال على صحة بيع خيار الشرط.

(4) هذا هو النص الرابع الدال على صحة بيع خيار الشرط.

(5) فعل ماض مخاطب.

(6) و هي الدراهم، أو الدنانير المأخوذة مع زيادة أرباحها عليها.

(7) اي و إن لم يأت الرجل بالمال الذي اخذه منك مع أرباحها فالدار لك.

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 354 الباب 7 - الحديث 2.

(9) اي اذا عرفت ما ذكرناه لك من النصوص حول بيع خيار الشرط.

(10) اي مسألة بيع الخيار.

(11) و هي ثمانية.

(12) اي الامر الاول من الامور الثمانية المذكورة في الهامش 1 ص 13.

ص: 13

إن اعتبار رد الثمن في هذا الخيار (1) يتصور على وجوه (2):

(احدها) (3) أن يؤخذ (4) قيدا للخيار على وجه التعليق أو التوقيت، فلا (5) خيار قبله و تكون مدة الخيار منفصلة دائما عن العقد(1) و لو بقليل (6)، و لا خيار قبل الرد.

و المراد برد الثمن فعل ماله دخل في القبض من طرفه (7) و إن ابى المشتري.

+++++++++++

(1) و هو بيع الخيار.

(2) و هي خمسة كما تذكر.

(3) اي احد الوجوه الخمسة المذكورة آنفا.

(4) اي اعتبار رد الثمن يؤخذ قيدا للخيار على وجه التعليق:

بأن يكون الخيار معلقا وجوده و تحققه في الخارج على رد الثمن من جانب المشتري(2)، فان رده تحقق الخيار و إلا فلا.

و للمحقق الايرواني قدس سره تحقيق انيق حول التعليق و التوقيت راجع تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 22.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن رد الثمن قد يؤخذ قيدا للخيار على وجه التعليق، أو التوقيت اي ففي ضوء ما ذكرناه لك فلا خيار قبل رد الثمن، و أما المدة الفاصلة بين العقد، ورد الثمن فمستقلة لا خيار فيها اصلا و انما الخيار يتحقق برد الثمن.

(6) اي و لو كانت المدة الفاصلة بين العقد، ورد الثمن قليلة فلا خيار في هذه المدة الوجيزة.

(7) خلاصة الكلام إن المراد من رد الثمن من قبل البائع هو إعمال فعل من جانبه يوجب قبض المبيع و إن ابى المشتري عن تسلم

ص: 14


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

(الثاني) (1) أن يؤخذ (2) قيدا للفسخ: بمعنى (3) أن له الخيار في كل جزء من المدة المضروبة (4)، و التسلط على الفسخ على وجه مقارنته (5) لرد الثمن، أو تأخره (6) عنه.

(الثالث) (7):

+++++++++++

- الثمن كما لو سكن في الدار المبيعة، أو آجرها، أو وهبها، أو وقفها، أو جعلها مسجدا، أو مدرسة دينية يسكنها رواد العلوم الدينية،

(1) اي الوجه الثاني من الوجوه الخمسة المحتملة المذكورة في الهامش 1 ص 14.

(2) اي رد الثمن يؤخذ قيدا للفسخ.

خلاصة هذا الوجه إن للبائع عند رد الثمن من قبل المشتري في أي لحظة من لحظات المدة المضروبة في متن العقد: التسلط على الفسخ في كل جزء من المدة المضروبة متى شاء و اراد، سواء أ كان الفسخ مقارنا للرد أم متأخرا عنه، فمتى حصل الرد تحقق الفسخ.

(3) الباء بيان لكيفية كون الرد قيدا للفسخ.

و قد عرفته عند قولنا: خلاصة هذا الوجه.

(4) و هي المدة المضروبة في متن العقد.

(5) اي مقارنة الفسخ للرد.

(6) اي أو كان الفسخ متأخرا عن الرد.

(7) اي الوجه الثالث من الوجوه الخمسة المذكورة في الهامش، ص 14.

خلاصة هذا الوجه(1) أن المراد من رد الثمن تمليك البائع الثمن للمشتري عند رده إليه، ليتملك منه المبيع، فيكون الرد فسخا

ص: 15


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

أن يكون رد الثمن فسخا فعليا: بأن (1) يراد منه تمليك الثمن ليتملك منه المبيع، و عليه (2) حمل في الرياض ظاهر الأخبار الدالة على عود المبيع بمجرد رد الثمن.

(الرابع) (3): أن يؤخذ رد الثمن قيدا لانفساخ العقد فمرجع (4)

+++++++++++

- فعليا كالمعاطاة و لا يحتاج الى الفسخ القولي: بأن يقول البائع عند تسلمه الثمن من المشتري(1). فسخت البيع.

(1) الباء بيان لكون رد الثمن فسخا فعليا.

و قد عرفته في الهامش 1 ص 15 عند قولنا: و خلاصة هذا الوجه.

(2) اي و على الوجه الثالث لتوجيه رد الثمن حمل صاحب الرياض الأخبار المذكورة في ص 8، و ص 10، و ص 11 على الفسخ الفعلي المعاطاتي بمجرد رد الثمن، من دون احتياج إلى الفسخ القولي.

(3) اي المعنى الرابع لرد الثمن من الوجوه الخمسة المشار إليها في الهامش 1 ص 14.

خلاصته إن رد الثمن يكون قيدا للانفساخ: بمعنى ان العقد ينفسخ حالا.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه لو كان العقد ينفسخ بمجرد رد الثمن من دون احتياجه الى الفسخ الفعلي، أو القولي.

فلما ذا يثبت الخيار للبائع برد الثمن؟

لأن معنى ثبوت الخيار له احتياج العقد إلى الفسخ، سواء أ كان فعليا أم قوليا، و أن العقد لا ينفسخ بمجرد رد الثمن.

ص: 16


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ثبوت الخيار له: إلى كونه (1) مسلطا على سبب الانفساخ، لا على مباشرة الفسخ.

و هذا (2) هو الظاهر من رواية معاوية بن ميسرة.

و يحتمل الثالث (3) كما هو (4)

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن ثبوت الخيار للبائع في هذه الصورة لاجل تسلط البائع على سبب الانفساخ الذي هو رد الثمن، لا على مباشرته للفسخ.

(2) اي التوجيه الرابع لرد الثمن هو الظاهر من رواية معاوية ابن ميسرة المذكورة في ص 10.

وجه الظهور إن قوله عليه السلام: له شرطه ظاهر في انفساخ البيع بمجرد ردّ الثمن من قبل المشتري و تسليمه للبائع(1) من دون احتياجه إلى الفسخ الفعلي أو القولي.

(3) ثاني احتمال لرواية معاوية بن ميسرة اي و يحتمل أن يكون الظاهر من الرواية هو المعنى الثالث: و هو كون رد الثمن فسخا فعلها معاطاتيا، لأن قوله عليه السلام: له شرطه دال على أن نفس الرد فسخ فعلي لا يحتاج إلى الفسخ القولي، لأنه عليه السلام لم يقل له:

قل: فسخت.

(4) اي كما أن الوجه الثالث المشار إليه في ص 15 هو الظاهر من رواية سعيد بن يسار المشار إليها في ص 11، و من موثقة اسحاق بن عمار المشار إليها في ص 8.

وجه الظهور إن الامام عليه السلام قال في جواب السائل:

إنا نخالط اهل السواد: و إن جاء بالمال للوقت فرد عليه: جعل

ص: 17


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

ظاهر روايتي سعيد بن يسار، و موثقة (1) اسحاق بن عمار.

و عنوان (2) المسألة بهذا الوجه هو الظاهر من الغنية(1). حيث (3) لم يذكر هذا القسم من البيع في الخيار اصلا، و إنما ذكره في أمثلة الشروط الجائزة في متن العقد قال: أن يبيع و يشترط على المشتري إن رد الثمن عليه في وقت كذا كان المبيع له، انتهى (4).

(الخامس) (5) أن يكون رد الثمن شرطا لوجوب الإقالة على المشتري: بأن يلتزم المشتري على نفسه أن يقيله اذا جاء بالثمن و استقاله، و هو (6) ظاهر الوسيلة(2) حيث (7) قال:

+++++++++++

- نفس الرد فسخا فعليا معاطاتيا و لم يقل له: قل: فسخت.

(1) اي و المعنى الثالث هو المحتمل من موثقة اسحاق المذكورة في ص 8، فان قوله عليه السلام فيها: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه دال على أن نفس الرد فسخ فعلي معاطاتي غير محتاج إلى الفسخ القولي، حيث لم يقل له: قل: فسخت.

(2) اي عنوان مسألة بيع الخيار بالوجه الرابع المذكور في ص 16 هو الظاهر من عبارة الغنية.

(3) تعليل لوجه الظهور من كلام صاحب الغنية.

(4) اي ما افاده السيد ابن زهرة في الغنية.

(5) اي التوجيه الخامس من الوجوه الخمسة المذكورة في الهامش 11 ص 13 بقولنا: و هي ثمانية.

(6) اي التوجيه الخامس.

(7) من هنا يروم قدس سره أن يبين وجه الظهور من كلام صاحب الوسيلة قدس سره.

ص: 18


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اذا باع شيئا على أن يقبله في وقت كذا بمثل الثمن الذي باعه منه لزمته الاقالة اذا جاءه بمثل الثمن في المدة، انتهى (1).

فان (2) ابى اجيره الحاكم، أو اقال عنه، و إلا (3) استقل بالفسخ و هو (4) محتمل روايتي سعيد بن يسار و اسحاق بن عمار على (5) أن يكون رد المبيع إلى البائع فيهما كناية عن ملزومة: و هي الإقالة لا أن (6) يكون وجوب الرد كناية عن تملك البائع للمبيع بمجرد

+++++++++++

(1) اي ما افاده صاحب الوسيلة.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري اي فان ابى المشتري عن الإقالة بعد أن استقاله البائع و جاء بالثمن فللحاكم احد امرين لا محالة:

إما اجبار المشتري بالإقالة، أو يقيل هو عنه.

(3) اي و إن لم يجبر الحاكم المشتري على الإقالة، أو لم يقل الحاكم عنه فيستقل البائع بالفسخ، من دون توقف الفسخ على الحاكم.

(4) اي التوجيه الخامس ارد الثمن في بيع الخيار.

(5) تعليل لكون الوجه الخامس هو المحتمل من روايتي سعيد بن يسار، و رواية اسحاق بن عمار.

خلاصته إن في الروايتين لازما و ملزوما.

أما اللازم فهو رد الثمن من البائع إلى المشتري.

و أما الملزوم فالإقالة من المشتري، حيث إن معنى الرد و مفهومه هو الاستقالة من البائع و هذه الاستقالة كناية عن ملزومها و هي الإقالة فحينئذ يصح مجيء احتمال الخامس في الروايتين.

(6) اي و ليس معنى وجوب رد المبيع إلى البائع عند ما يملك الثمن للمشتري برده إليه تملكه للمبيع.

ص: 19

فسخه بعد رد الثمن على ما فهمه (1) الأصحاب، و مرجعه (2) إلى احد الاولين.

و الأظهر (3) في كثير من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذكرة هو الثاني.

+++++++++++

(1) اي ما ذكرناه لك مبني على ما فهمه الأصحاب من بيع الخيار، حيث قالوا: إن وجوب رد الثمن كناية عن تملك البائع عند تمليكه الثمن للمشتري.

(2) اي و مآل هذا الفهم إلى احد الاولين.

و المراد بالاولين هما التوجيه الاول و الثاني لمعنى رد الثمن.

واحد الاولين إما التوجيه الاول، أو الثاني.

(3) هذا اجتهاده قدس سره حول رد الثمن المستنبط من كلمات الفقهاء.

خلاصته إنه و إن قلنا: إن مآل ما فهمه الأصحاب إلى احد الاولين لا على التعيين، لكن الأظهر عند النظر و الامعان هو التوجيه الثاني لتفسير معنى رد الثمن المشار إليه في ص 15: و هو اخذ رد الثمن قيدا للفسخ: بمعنى أن للبائع الفسخ و الخيار في كل جزء من المدة المضروبة.

و قد استشهد لهذا الاجتهاد بكلمات الأعلام الأفذاذ كالمحقق في الشرائع، و العلامة في القواعد.

راجع (الشرائع) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 22 عند قوله:

و اشتراط مدة برد البائع فيها الثمن اذا شاء و يرتجع المبيع.

فالشاهد في قوله: و يرتجع المبيع، حيث دل على ثبوت الخيار

ص: 20

لكن (1) الظاهر صحة الاشتراط بكل من الوجوه الخمسة عدا (2) الرابع، فان (3) فيه اشكالا: من جهة أن انفساخ البيع بنفسه بدون إنشاء فعلي، أو قولي يشبه انعقاده بنفسه في مخالفة المشروع:

من توقف المسببات على أسبابها الشرعية:

+++++++++++

للبائع في أية لحظة من لحظات المدة المضروبة اذا رد الثمن للمشتري من دون اختصاص الرجوع بوجه من الوجوه الخمسة.

و راجع (القواعد) كتاب المتاجر المطلب الثاني المقصد الخامس الفصل الاول في الخيار المطلب الاول القسم الثالث عند قوله: ورد المبيع في المدة المعينة يرد البائع فيها الثمن.

فالشاهد في قوله: برد البائع فيها الثمن، حيث دل على ثبوت الخيار للبائع في أية لحظة من لحظات المدة المضروبة اذا رد فيها الثمن و لا اختصاص له بالثاني.

(1) هذا رأيه قدس سره حول ثبوت الخيار للبائع عند ما يرد الثمن اي الظاهر المستفاد هي صحة الاشتراط بكل واحد من الوجوه الخمسة المذكورة لتفسير رد الثمن.

(2) اي عدا المعنى الرابع الذي فسر به رد الثمن: و هو اخذ الرد قيدا لانفساخ العقد.

(3) تعليل لاستثناء الوجه الرابع اي السبب في عدم صحة الاشتراط بالتوجيه الرابع لمعنى الرد.

خلاصة الاشكال إن انفساخ البيع بنفسه مستقلا من دون إنشاء فعلي، أو قولي مخالف للمشروع، حيث ثبت في الشرع توقف المسببات على أسبابها الشرعية، و فيما نحن فيه: و هو الانفساخ

ص: 21

و سيجيء في باب الشروط (1) ما يتضح به صحة ذلك و سقمه.

الأمر الثاني الثمن المشروط رده إما أن يكون في الذمة و إما أن يكون معينا.

(الامر الثاني) (2) الثمن المشروط رده إما أن يكون في الذمة (3) و إما أن يكون معينا (4).

و على كل تقدير (5)

+++++++++++

القهري لم يثبت له سبب شرعي، لا فعلي و لا قولي.

فكيف ينفسخ العقد من تلقاء نفسه؟

(لا يقال): هناك عقود شرعية ثبت في الشريعة انفساخها بمجرد وجود عيوب في المعقود عليه كعقد النكاح اذا وجد في المرأة، أو الرجل العيوب المقررة في الكتب الفقهية في باب النكاح.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 5 من ص 380 - إلى ص 394.

(فانه يقال): إن ما ذكر في النكاح قد خرج بدليل خاص و لولاه لما خرج النكاح عن تلك القاعدة الكلية: و هي (توقف المسببات على أسبابها الشرعية).

(1) اي في باب الشروط.

(2) اي الامر الثاني من الامور الثمانية المذكورة في الهامش 11 ص 13 عند قولنا: و هي ثمانية.

(3) اي في ذمة البائع، أو المشتري كما يأتي.

(4) اي عينا شخصية خارجية.

(5) اي سواء أ كان الثمن المشروط رده عينا خارجية شخصية أم في ذمة البائع، أو المشتري.

ص: 22

إما أن يكون قد قبضه، و إما لم (1) يقبضه.

فان لم (2) يقبضه فله الخيار و إن لم يتحقق رد الثمن، لأنه (3) شرط على تقدير قبضه.

و إن لم (4) يفسخ حتى انقضت المدة لزم البيع.

و يحتمل العدم (5)، بناء (6) على أن اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله.

+++++++++++

(1) فهذه صور ست(1)

(الاولى): العين الخارجية الشخصية المقبوضة.

(الثانية): العين الخارجية الشخصية غير المقبوضة.

(الثالثة): الثمن الذمي في ذمة البائع و قد قبضه.

(الرابعة): الثمن الذمي في ذمة البائع و لم يقبضه.

(الخامسة): الثمن الذمي في ذمة المشتري و قد قبضه.

(السادسة): الثمن الذمي في ذمة المشتري و لم يقبضه.

(2) اي فان لم يقبض الثمن الذي اشترط رده في متن العقد و لم يتحقق رده من جانب البائع: فالخيار لمن لم يقبض.

(3) تعليل لاستحقاق الخيار لمن لم يقبض الثمن.

خلاصته(2) إن ثبوت الخيار للبائع لاجل اشتراطه رد الثمن في متن العقد في المدة المضروبة على تقدير قبضه و هو لم يقبضه بعد.

(4) اي البائع.

(5) اي عدم الخيار للبائع إن لم يقبض الثمن في المدة المضروبة.

(6) تعليل لعدم خيار للبائع إن لم يقبض الثمن.

خلاصته إن اشتراط رد الثمن بمنزلة اشتراط القبض قبل الرد

ص: 23


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إن قبض (1) الثمن المعين فاما أن يشترط رد عينه: أو يشترط رد ما يعم بدله مع عدم التمكن من العين بسبب (2)، لا منه، أو مطلقا (3)(1)، أو و لو مع التمكن منه (4)

+++++++++++

مع أنه لم يحصل القبض فلا يمكن الرد المتفرع على القبض و الذي هو سبب للخيار(2)

و لا يخفى أن هذا القول مبني على أن الرد.

هل هو على نحو الموضوعية، أو الطريقية؟

فان قلنا بالاول فلا خيار للبائع اذا لم يفسخ في المدة المضروبة (3)للرد و إن لم يقبض، لعدم تحقق شرطه المسبوق بالرد الذي هو الموضوع للخيار.

و إن قلنا بالثاني فللبائع الخيار في صورة عدم القبض و إن لم يفسخ (4)في المدة المضروبة، لعدم حصول الثمن عنده.

و القول الثاني هو الغالب المستفاد من العرف، لأن العرف ينظر الى الرد على نحو الطريقية، لعدم تعلق غرض له في تحقق موضوع الرد بما هو رد.

(1) اي البائع الذي اشترط الخيار لنفسه في متن العقد.

(2) سواء أ كان عدم التمكن من رد العين لاجل تلفها الشخصي أو لأسباب أخر ليست حاصلة من قبله.

(3) اي أو لم يشترط البائع، لا رد عين الثمن و لا رد ما يعم بدله، لأن هذا هو معنى الاطلاق عند ما يشترط.

(4) اي و لو مع التمكن من رد الثمن بعينه.

فهنا صور اربع:

ص: 24


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على إشكال في الاخير (1) من حيث (2) اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العين مع الامكان.

و في جواز اشتراط رد القيمة في المثلي، و بالعكس (3) وجهان (4).

و إما أن يطلق (5)،

+++++++++++

(الاولى): اشتراط رد عين الثمن.

(الثانية): اشتراط رد ما يعم بدله مع عدم التمكن من رد عين الثمن.

(الثالثة): اطلاق الرد عند ما يشترط الرد.

(الرابعة): اشترط رد ما يعم بدله و لو مع التمكن من رد العين.

(1) و هي صورة تمكن البائع من رد عين الثمن.

وجه الإشكال إنه لا يعقل الفسخ مع وجود العين و بقائها إلا مع ردها.

نعم يعقل ذلك اذا كان هناك معاملة جديدة و المفروض عدمها في المقام.

(2) هذا وجه الإشكال و قد عرفته آنفا.

(3) و هو رد المثل في القيمي.

(4) وجه بالجواز: و هو عموم أدلة الشروط: و هي الأخبار المتقدمة في ص 232، و ص 233 من المكاسب الجزء 14.

و وجه بالعدم، لأن الثابت بالفسخ إنما هو البدل، و بدل المثلي إنما هو المثل لا القيمة، و بدل القيمي إنما هي القيمة لا المثلي.

(5) اي لا يشترط لا رد عين الثمن، و لا رد ما يعم بدل الثمن هذا هو الشق الثاني لصورة قبض الثمن اذ شقه الاول هو -

ص: 25

فعلى الاول (1) لا خيار إلا برد العين، فلو (2) تلفت لا من البائع فالظاهر عدم الخيار، إلا أن يكون اطلاق اشتراط رد العين في الخيار لإفادة سقوطه باتلاف البائع فيبقى الخيار في اتلاف غيره على حاله (3) و فيه نظر (4).

و على الثاني (5) فله رد البدل في موضع صحة (6) الاشتراط(1)

+++++++++++

اشتراط رد عينه، أو اشتراط رد بدل ما يعمه(2) و قد مضى في ص 34 عند قوله: و إن قبض الثمن.

(1) و هو اشتراط رد عين الثمن في صورة قبض الثمن المشار إليه في ص 24 عند قوله: فاما أن يشترط.

(2) الفاء تفريع على ما افاده؛ من أن في صورة اشتراط رد عين الثمن لا خيار له إلا برد العين اي ففي ضوء ما ذكرنا فلا خيار للبائع أيضا لو تلفت عين الثمن لا بسبب من البائع، بل بسبب من المشتري، أو الاجنبي، أو بآفة سماوية.

(3) كما فيما نحن فيه، حيث تلفت عين الثمن بواسطة آخرين.

(4) اي و في هذا الاطلاق إشكال، لعدم افادة الاطلاق اختصاص سقوط الخيار باتلاف من البائع حتى يبقى له الخيار عند ما تلفت عين الثمن على يد المشتري أو الأجنبي.

(5) و هو اشتراط رد بدل ما يعم عين الثمن المشار إليه في ص 24 بقوله: أو يشترط رد ما يعم بدله.

(6) المراد من صحة الاشتراط عدم تمكن البائع من رد عين الثمن، لا صورة تمكنه من ردها، فان رد البدل في هذه الصورة غير جائز، لوجود عين الثمن، و قد افاد هذا المعنى بقوله في

ص: 26


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما الثالث (1) فمقتضى ظاهر الشرط فيه رد العين.

و يظهر من اطلاق محكي الدروس(1) و حاشية الشرائع أن الاطلاق لا يحمل على العين، و يحتمل حمله (2) على الثمن الكلي و سيأتي.

و إن كان (3) الثمن كليا، فان كان (4) في ذمة البائع كما هو مضمون رواية سعيد بن يسار المتقدمة فرده باداء ما في الذمة، سواء قلنا إنه عين الثمن، أو بدله من حيث إن ما في ذمة البائع سقط

+++++++++++

ص 24: أو و لو مع التمكن منه على اشكال في الاخير.

(1) و هي صورة اطلاق البائع عند اشتراط الرد.

(2) و هو حمل الاطلاق الوارد في قول البائع(2)

(3) من هنا اخذ قدس سره في بيان الثمن اذا كان كليا و في ذمة احد المتعاقدين، و لهذا الثمن الكلي صورتان:

(4) هذه هي الصورة الاولى.

و خلاصتها(3) إن كلية الثمن مستفادة من رواية سعيد بن يسار المذكورة في ص 11، حيث إن البائع لما تسلم الثمن من المشتري ازاء بيع داره أو ارضه» و جعل مدة معينة لادائه: فقد تصرف في الثمن، لاحتياجه إليه، اذ لو لا الاحتياج لما باع داره، أو أرضه و بتصرفه في الثمن لكونه ملكه فقد اشتغلت ذمته ببدله، لتلف العين بالتصرف فيها، و الاشتغال كان بالكلي، فالواجب عليه حين الاداء اداء ذاك الكلي، فالذمة المشتغلة بالبدل في تلك الحالتين: حالة الاشتغال و حالة الاداء هو الكلي، من دون امتياز لهذا الكلي الاول حتى يكون الكلي الثاني فرعا و الاول اصلا.

فالبائع لما جاء بالمال إنما جاء ببدله لا بعينه؛ لأن العين قد تصرف فيها.

ص: 27


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

عند صيرورته ملكا له فكأنه تلف، فالمراد (1) برده المشترط رد بدله.

و إن لم (2) يكن الثمن في ذمة البائع و قبضه، فان (3) شرط رد ذلك الفرد المقبوض، أو رد (4) مثله باحد الوجوه المتقدمة

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من كلية الثمن التي اشتغلت ذمة البائع بها و قد عرفته في الهامش 4 ص 27 عند قولنا: و خلاصتها.

(2) هذه هي الصورة الثانية: و هو كون الثمن كليا في ذمة المشتري و لهذه الصورة قسمان نذكرهما تحت رقمهما الخاص.

(3) هذا هو القسم الاول.

خلاصته: إن الثمن اذا كان في ذمة المشتري و قد قبضه البائع منه فلا يخلو إما أن يشترط رد ذلك الثمن المقبوض بعينه و شخصه، أو رد مثل الثمن المقبوض باحد الوجوه المتقدمة في ص 24 بقوله:

أو يشترط رد ما يعم بدله.

فالحكم في هذه الحالة حسب مقتضى الشرط المذكور في متن العقد فان شرط رد عين الثمن المقبوض فعليه ردها، و إن شرط رد مثلها فعليه رد المثل، و إن شرط رد ما يعم البدل مع عدم التمكن من رد عينه، أو مع التمكن من رد عينه فعليه بمثل ما شرط.

(4) هذا هو القسم الثاني.

خلاصته: إن المشتري عند ما يشترط رد الثمن فهو يطلق الاشتراط(1)بمعنى أنه لا يشترط على البائع شيئا لارد العين و لارد البدل، و لارد ما يعم البدل، فيوكل الامر الى البائع حسب ارادته.

فالحكم في هذه الحالة هو رد ما يعم البدل، سواء أ كانت العين موجودة أم مفقودة.

ص: 28


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالحكم على مقتضى الشرط.

و إن اطلق فالمتبادر بحكم الغلبة في هذا القسم من البيع المشتهر ببيع الخيار هو رد ما يعم البدل إما مطلقا (1)(1) أو مع فقد العين.

و يدل (2) عليه صريحا بعض الأخبار المتقدمة، إلا (3) أن المتيقن منها صورة فقد العين.

الأمر الثالث لا يكفي مجرّد الردّ في الفسخ.

(الامر الثالث) (4)

+++++++++++

(1) عرفت معنى الاطلاق عند قولنا: سواء أ كانت.

(2) اي و الدليل على أن الحكم في القسم الثاني هو رد ما يعم البدل هي صراحة بعض الأخبار المتقدمة.

منها صراحة رواية معاوية بن ميسرة المذكورة في ص 10، حيث إن البائع قد رد إلى المشتري بدل الثمن لا عينه، لأنه قد تصرف فيها.

و منها صراحة موثقة اسحاق بن عمار المذكورة في ص 8، حيث فيها إن البائع قد رد إلى المشتري بدل الثمن، لا عينه، لأنه قد تصرف فيها، لاحتياجه إليه.

(3) استثناء عما افاده قدس سره: من صراحة بعض الأخبار المتقدمة على أن البائع قد رد إلى المشتري بدل الثمن.

خلاصته إننا و إن قلنا ذلك، لكن المتيقن من تلك الأخبار هي صورة فقدان العين، فان في هذه الحالة يصح رد بدل الثمن، و أما في صورة التمكن من رد العين و وجودها فالمتيقن حينئذ هو رد العين.

راجع تلك الأخبار بامعان و دقة حتى يتضح لك الامر.

(4) اي الامر الثالث من الامور الثمانية المشار إليها في الهامش 11 ص 13.

ص: 29


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قيل (1): ظاهر الأصحاب. بناء على ما تقدم من أن رد الثمن في هذا البيع عندهم مقدمة لفسخ البائع: إنه لا يكفي مجرد الرد في الفسخ، و صرح به (2) في الدروس و غيره(1)

و لعل (3) منشأ الظهور إن هذا القسم فرد من خيار الشرط مع

+++++++++++

(1) خلاصة القيل إنه بناء على اختيارنا الوجه الثاني من الوجوه الخمسة بقولنا في ص 20: و الأظهر في كثير:

إن الفسخ لا يحصل بمجرد رد الثمن، بل يحتاج إلى قصد انشائه (2)فعند الانشاء يحصل الفسخ، و إلا فلا.

و ليس مراد القيل: إن الفسخ الفعلي غير كاف في الفسخ، كيف و هو من القائلين بكفايته في ذلك.

بل غرضه من عدم حصول الفسخ بمجرد الثمن هو عدم كون الرد من باب حصول الانفساخ القهري بمجرد الرد اي يحصل (اتوماتيكها) عند حصول الرد و إن لم يقصد إنشاء الفسخ.

و كذلك ليس الرد من باب سببيته للفسخ بمجرد الرد و إن يقصد إنشاء الفسخ.

(2) اي و صرح شيخنا الشهيد قدس سره في الدروس بعدم كفاية مجرد رد الثمن في الفسخ إذا لم يكن معه قصد انشائه(3)

(3) من هنا يروم قدس سره أن يذكر سببا للظهور المستفاد من كلمات الأعلام قدس اللّه أسرارهم.

خلاصة ما افاد إن منشأ عدم افادة الرد للفسخ المجرد عن قصد الانشاء: هو أن بيع الخيار بشرط الرد في المدة المضروبة نوع من خيار الشرط و فرد من أفراده، لكنه مع اعتبار امر زائد على -

ص: 30


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اعتبار شيء زائد فيه: و هو رد الثمن، و عللوا ذلك (1) أيضا بأن الرد من حيث هو لا يدل على الفسخ اصلا.

و هو (2) حسن مع عدم الدلالة، أما لو فرض الدلالة عرفا إما (3) بأن يفهم منه كونه تمليكا للثمن من المشتري، ليتملك منه المبيع على وجه المعاطاة.

+++++++++++

ذلك و هو رد الثمن، فوجود الشرط: و هو رد الثمن لا يدل على وجود المشروط: و هو الفسخ، لأن الشرط ليس كالسبب: بحيث كلما وجد وجد المسبب، بل يمكن بوجود الشرط يوجد المشروط.

نعم يلزم في الشرط عدم المشروط عند عدم شرطه كما في الوضوء بالنسبة الى الصلاة، فانه شرط للصلاة: بمعنى أنه لو لم يوجد الوضوء لم تحصل الصلاة خارجا، لكنه لا يلزم من وجوده وجود الصلاة، فمن عدمه يلزم العدم أما من وجوده لا يلزم وجود الصلاة.

(1) اي و علل الفقهاء عدم دلالة مجرد الرد على الفسخ: بأن الفسخ بما هو فسخ مع قطع النظر عن قصد إنشائه لا يدل على الفسخ.

(2) اي هذا التعليل حسن اذا لم تكن هناك قرينة عرفية على أن الرد دال على الفسخ و إن لم يكن قصد إنشاء الفسخ، و أما اذا كانت قرينة عرفية تدل على أن الرد فسخ فلا مجال للقول بعدم كفاية الرد في الفسخ.

و قد ذكر قدس سره لدلالة العرف على أن الرد فسخ احد امرين على سبيل منع الخلو نذكر كل واحد منهما عند رقمه الخاص

(3) هذا هو الامر الاول.

خلاصته إن ما يفهم من رد البائع الثمن هو تمليكه الثمن -

ص: 31

و إما (1) بأن يدل الرد بنفسه على الرضى بكون المبيع ملكا له و الثمن ملكا للمشتري، فلا وجه لعدم الكفاية.

مع (2) اعترافهم بتحقق الفسخ فيما هو أخفى من ذلك دلالة.

+++++++++++

للمشتري ليسترد منه المبيع و تملكه بعد أن باعه له إزاء الثمن المأخوذ منه و من الواضح أن هذا النحو من التمليك و التملك يكون على نحو المعاطاة المعبر عنه ب: (الفسخ الفعلي)، و هذا النوع من التمليك و التملك قد يوجد أحيانا و الوجدان قاض بثبوته في بعض المجالات، فلا مجال للسالبة الكلية، لأنها تزول بالموجبة الجزئية.

(1) هذا هو الامر الثاني:

خلاصته إن الرد بما هو رد مع قطع النظر عن اضافته الى شيء آخر يدل على الرضا الفعلي بكون المبيع الحاصل عند المشتري بالبيع الشرطي اصبح ملكا للبائع.

كما أن الثمن بعد رد البائع اصبح ملكا للمشتري.

اذا فلا وجه للقول بعدم كفاية الرد في الفسخ

(2) إشكال آخر منه قدس سره على القائل بعدم كفاية مجرد الرد على الفسخ.

خلاصته إن الفقهاء قد اعترفوا بتحقق الفسخ بامر هو أخفى دلالة من الرد كما في تصرف كثير من المسلمين الذين لا يبالون في التصرف في أموال الناس، فان تصرفهم مع عدم قصدهم إلى الرد موجب لتحقق الفسخ.

ص: 32

و ما (1) قيل من أن الرد يدل على إرادة الفسخ و الإرادة غير المراد.

ففيه (2) أن المدعى دلالته على إرادة كون المبيع ملكا له، و الثمن ملكا للمشتري، و لا يعتبر في الفسخ الفعلي أزيد من هذا.

مع أن (3) ظاهر الأخبار كفاية الرد في وجوب رد المبيع.

بل (4) قد عرفت في رواية معاوية بن ميسرة حصول تملك المبيع برد الثمن، فيحمل على تحقق الفسخ الفعلي به.

+++++++++++

(1) إشكال آخر على القول بكفاية الرد في الفسخ من دون توقفه على قصد إنشاء الفسخ.

خلاصته: إن الرد يدل على إرادة الفسخ و الإرادة غير المراد فلا يكفي الرد في الفسخ.

(2) جواب عن الإشكال.

خلاصته: إن الرد يدل على نفس الفسخ لا على إرادة الفسخ كي يحصل التغاير بين الإرادة و المراد حتى يقال: إن الإرادة غير المراد.

(3) جواب آخر عن الإشكال.

خلاصته: إن الأخبار المتقدمة في ص 8، و ص 10، و ص 11 الدالة على صحة بيع خيار الشرط: ظاهرة في كفاية رد الثمن على الفسخ.

و قد عرفت كيفية ذلك في الهامش 3 ص 31 عند قولنا: خلاصته

(4) تأييد منه لما افاده: من كفاية رد الثمن في الفسخ.

خلاصته: إن قوله عليه السلام في رواية معاوية بن ميسرة المتقدمة في ص 10: له شرطه: دال على أن البائع يحصل له تملك المبيع برده

ص: 33

الأمر الرابع يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد العقد على الوجه الثاني من الوجهين الاولين

(الامر الرابع) (1).

يسقط هذا الخيار (2) باسقاطه بعد العقد على الوجه الثاني: من الوجهين الاولين، بل (3)

+++++++++++

الثمن الى المشتري فيتحقّق حينئذ برده الفسخ الفعلي.

(1) اي من الامور الثمانية التي ذكرت في الهامش 11 ص 13.

(2) اي خيار الشرط يسقط باسقاطه بعد العقد بالتوجيه الثاني الذي فسر الشيخ به معنى الرد في ص 15 بقوله: الثاني أن يؤخذ قيدا للفسخ: بمعنى أن له الخيار في كل جزء من المدة المضروبة.

خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام: إنه بعد ما ثبت للبائع حق الخيار باعماله فسخ العقد في بيع الشرط بالتوجيه لرد الثمن فله إسقاط هذا الحق في أية لحظة من المدة المضروبة لخياره، و من جملة المدة المضروبة إسقاطه بعد العقد، فاذا تم العقد بين البائع و المشتري ثم اسقط حقه فلا يبقى له مجال لفسخ العقد، لوجوب البيع و لزومه، و خروجه عن التزلزل بالإسقاط.

(3) اي و كذا يسقط الخيار باسقاطه بعد العقد بالتوجيه الاول الذي فسر به معنى رد الثمن في ص 14 بقوله: احدها أن يؤخذ قيدا للخيار على وجه التعليق، أو التوقيت فلا خيار قبله، فتكون مدة الخيار منفصلة دائما من العقود و لو بقليل.

و أما كيفية السقوط فهو أن البائع يجعل الخيار لنفسه في متن العقد في بيع خيار الشرط على نحو التعليق، أو التوقيت:

فيثبت له حق التعليق، أو التوقيت، فاذا تم العقد بين المتبايعين فقد ثبت الحق المذكور للبائع، فاذا اسقط هذا الحق بنحو التعليق

ص: 34

على الوجه الاول، بناء (1) على أن تحقق السبب: و هو العقد كاف في صحة إسقاط الحق.

لكن (2) مقتضى ما صرح به في التذكرة. من أنه لا يجوز إسقاط خيار الشرط، أو الحيوان بعد العقد، بناء على حدوثهما من زمان التفرق: عدم الجواز أيضا.

+++++++++++

أو التوقيت فقد سقط حق فسخه العقد، للزوم البيع و وجوبه باسقاطه حق التعليق، أو التوقيت، فلا يبقى له مجال لإعماله الفسخ لأن مرتبة الإعمال بعد مرتبة ثبوت الحق.

(1) دفع إشكال في الواقع(1) و ليس تعليلا لسقوط حق الخيار على التوجيه الاول، أو الثاني.

و خلاصة الإشكال إنه على القول بسقوط حق الخيار بالإسقاط يلزم إسقاط ما لم يجب، لعدم تحقق هذا الحق حتى يسقطه، و إسقاط ما لم يجب غير جائز.

و أما الجواب فخلاصته إن إسقاط ما لم يجب إنما يلزم لو كان قبل العقد و جريانه، فمثله غير جائز.

و أما اذا كان بعد العقد الذي هو الموجب للخيار و المقتضي له.

فلا يلزم ما ذكر: من اسقاط ما لم يجب، إذ نفس فعلية الاقتضاء كافية في إسقاط الخيار.

فعليه لا يبقى مجال لإعمال الفسخ بعد الإسقاط، و إن كان تنجز المقتضى بالفتح، و تحقق الاثر بعد فترة قليلة.

(2) استدراك منه عما افاده: من صحة إسقاط خيار الشرط على التوجيه الثاني و الاول المشار إليهما في ص 14-15.

ص: 35


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا (1) أن يفرق هنا:

+++++++++++

و خلاصته إن مقتضى ما افاده العلامة في التذكرة في خيار الشرط:

هو عدم سقوط خيار الشرط المقيد برد الثمن بالإسقاط بعد العقد لأنه قال هناك:

الرابع لو قلنا: إن مبدأ المدة العقد و اسقطا الخيار مطلقا قبل التفرق سقط الخياران: خيار المجلس، و الشرط.

و إن قلنا بالتفرق سقط خيار المجلس، دون خيار الشرط، لأنه غير ثابت بعد: و هو أصح وجهي الشافعية.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 332 فظاهر هذا الكلام الذي هو عدم سقوط الخيار في الشرط المطلق الذي لم يقيد برد الثمن: هو عدم سقوطه بالإسقاط بعد العقد في شرط الخيار المقيد برد الثمن أيضا.

(1) بروم قدس سره بهذا الاستثناء توجيه كلام العلامة، ليكون تأييدا لما افاده: من سقوط خيار الشرط المقيد برد الثمن بالإسقاط بعد العقد مباشرة

و خلاصته: إن هنا ثلاثة خيارات:

خيار حيوان، و خيار شرط مطلق غير مقيد برد الثمن.

و خيار شرط مقيد برد الثمن.

و الفرق بين هذه الخيارات واضح، لأن من اشتراط له رد المبيع عند رد الثمن يثبت له حق خيار الفسخ بنفس العقد، فيكون مالكا للخيار قبل رد الثمن و إن كان منشأ التملك للخيار هو التملك

ص: 36

بأن المشروط له مالك للخيار قبل الرد و لو من حيث تملكه للرد الموجب له (1) فله إسقاطه، خلاف ما في التذكرة.

و يسقط (2) أيضا بانقضاء المدة، و عدم رد الثمن، أو بدله مع الشرط (3)، أو مطلقا (4)(1)

+++++++++++

للرد، فاذا صار مالكا للخيار فقد اصبح متمكنا لإسقاطه حق خياره بعد تمامية العقد.

بخلاف خيار الشرط المطلق الذي لم يقيد برد الثمن، فانه لا يوجد فيه حق قبل التفرق عن مجلس العقد حتى يثبت للمشروط له حق الخيار، ليسقطه بعد العقد مباشرة، فلا يسقط بالإسقاط، لتوقفه على الافتراق، فما لم يحصل لم يتحقق الإسقاط في الخارج.

و هكذا في خيار الحيوان، فانه ليس للمشتري حق الإسقاط بعد العقد إلا بعد الافتراق عن المجلس.

هذه غاية توجيه ما افاده العلامة في التذكرة.

و استفادة التوجيه المذكور من كلامه كان امرا صعبا جدا يظهر للقارىء الكريم بالتأمل الدقيق.

و تقسيمنا الخيار الى الأقسام الثلاثة شاهد صدق على صعوبة استفادة التوجيه المذكور من كلام العلامة و شيخنا الانصاري قدس سرهما.

(1) اي لتملك الخيار كما عرفت آنفا.

(2) اي خيار الشرط المقيد برد الثمن.

(3) اي مع اشتراط رد بدل الثمن.

(4) مراده قدس سره إن البائع عند ما يطلب من المشتري اشتراطه له رد المبيع عند ما يرد الثمن له:

ص: 37


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على التفصيل المتقدم (1).

و لو تبين المردود من غير الجنس فلا رد (2).

و لو ظهر (3) معيبا كفى في الرد و له الاستبدال، و يسقط أيضا

+++++++++++

يطلب منه أيضا أن لا يشترط عليه رد بدل الثمن، و لا عدم رد البدل، بل يطلق ذلك.

(1) اي عند قوله في ص 24، فاما أن يشترط رد عينه، أو يشترط رد ما يعم بدله مع عدم التمكن من العين بسبب، لا منه، أو مطلقا، أو و لو مع التمكن منه.

(2) معنى فلا رد هو عدم صدق رد الثمن عند ما يرده البائع فلو ظهر أن الثمن من غير الجنس الذي سلمه المشتري الى البائع:

بأن سلمه عملة عراقية ثم رد البائع الى المشتري عملة سعودية، أو كويتية مثلا.

ففي هذه الصورة لا يسقط خيار البائع اذا لم تكن المدة المضروبة منتهية، لأن الثمن لم يرد بعينه(1)

(3) اي الثمن المردود لو ظهر معيبا لصدق الرد حينئذ.

لكن للمشتري حق رده الى البائع و اخذ غيره، من دون فرق بين نوعية الثمن، سواء أ كانت النوعية من النقود أم من العروض.

و سيجيء الفرق قريبا إن شاء اللّه تعالى بين الصورتين:

صورة تبين المردود من غير جنس الثمن فلا رد.

و صورة ظهور الثمن معيبا فيصدق الرد.

و يمكن أن يقال:

كيف لا يصدق الرد في الصورة الاولى مع أن الخيار باق؟

ص: 38


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

و كيف يصدق الرد في الصورة الثانية مع تبديل المعيب و الرد غير باق؟

و لما انجر بنا الكلام الى هنا فلا بأس باشارة اجمالية الى ذلك الفرق حسب ما استقدته من تقريرات بحث شيخنا المحقق النائيني بقلم تلميذه الفاضل الشيخ موسى الخونساري قدس سرهما في الجزء 20 ص 47 أليك خلاصته:

لا ريب في أن قوام مالية كل ما يتمول و يصدق عليه اسم المال إنما هو بصورته التي بقولها الحكماء و الفلاسفة: المعبر عنها ب: (الهيولى) و هذه الصورة أعم من الاولى.

فالعبد و الجارية عندهم من نوع واحد، حيث إنهما بشران سويان في اصل الخلقة و الطبيعة لا فرق بينهما من هذه الجهة.

و على القول بكون مالية المال بصورته النوعية العرفية.

فلو باع شخص عبدا حبشيا فظهر أنه غزال وحشي بطل البيع لأن المبيع المطلوب هو العبد الحبشي بصورته النوعية العرفية، لا بمادته الهيولائية حتى يصح بيع الغزال عند تسليم البائع اياه للمشتري.

و لا فرق في صورة بيع العبد الحبشي أنه يعينه بنحو الوصف أو الشرط.

و أما لو باع عبدا متصفا بصفة الكتابة. أو مشروطا بها فتبين بعد البيع و التسليم و التسلم أنه غير كاتب فلا يبطل البيع فللمشتري الخيار فله الرضا بذلك، و اخذ ما به التفاوت بين لعبد المتصف بصفة الكتابة، و بين فاقدها، فله فسخ البيع، أو استبدال العبد بعبد واجد للكتابة.

ص: 39

بالتصرف (1) في الثمن المعين مع اشتراط رد العين، أو حمل الاطلاق عليه (2).

و كذا (3) الفرد المدفوع من الثمن الكلي اذا حمل الاطلاق على اعتبار رد عين المدفوع.

كل (4) ذلك لاطلاق ما دل على أن تصرف ذي الخيار فيما انتقل

+++++++++++

و المراد من (ما به التفاوت).

هو (الارش): و هو المعبر عنه في اصطلاح الفقهاء.

(1) من هنا اخذ شيخنا الانصاري في التحقيق عن سقوط الخيار بالتصرف فقال: و يسقط بالتصرف في الثمن أيضا اذا اشترط رد عينه، أو كان الرد مطلقا من غير تقييد بالعين، بناء على حمل الاطلاق على رد الثمن.

و المراد من التصرف هو التصرف المزيل لعين الثمن كبيعه، أو هبته، أو وقفه.

(2) اي أو حمل اطلاق شرط الخيار على صورة اشتراط رد العين.

(3) اي و كذا يسقط خيار بيع الشرط بالتصرف بالثمن اذا كان مدفوعا من الثمن الكلي لو حملنا الاطلاق على هذا الفرد المدفوع من الثمن الكلي: كأن باع الدار بالف دينار في ذمة المشتري، أو بالف دينار غير معين ثم دفع المشتري الى البائع الف دينار خارجي عوضا عن الكلي الواقع عليه العقد.

فاذا تصرف البائع في هذا الثمن فقد سقط خياره، و لا مجال لفسخ العقد، لعدم خيار له حتى يعمله.

(4) اي كل ما قلناه في سقوط الخيار بالتصرف في الثمن المعين أو الفرد المدفوع من الثمن الكلي منشأه الأحاديث الواردة

ص: 40

..........

+++++++++++

في أن تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليه رضى منه بالعقد، و أنه مسقط خياره. أليك نص الحديث الاول.

عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 الحديث 1.

(لا يقال): مورد الحديث خصوص الحيوان اي أن التصرف فيه موجب سقوط الخيار،

فكيف يستدل به على سقوط خياري المجلس و الشرط بالتصرف؟ مع أن المدعى عام: و هو سقوط مطلق الخيار بالتصرف.

(فانه يقال): الامر كما قيل، لأن الدليل خاص ورد في التصرف في الحيوان و المدعى عام.

لكن نقول: إن الفقهاء رضوان اللّه عليهم قد استفادوا من العلة المذكورة في قوله عليه السلام: فذلك رضى منه فلا شرط: العموم فاجروها في جميع الخيارات اذا تصرف في المبيع.

فالتصرف بما هو تصرف موجب سقوط الخيار، سواء أ كان له خيار حيوان أم مجلس أم شرط.

و العموم هذا هو المعبر عنه في اصطلاح الفقهاء ب: (تنقيح المناط) و المراد من الإحداث في الحيوان في قوله عليه السلام: فان احدث المشتري فيما اشتراه: هو التصرف بأنواعه.

ص: 41

إليه رضى بالعقد و لا خيار، و قد عمل الأصحاب بذلك (1) في غير مورد النص كخياري المجلس و الشرط (2).

و المحكي (3) عن المحقق الاردبيلي و صاحب الكفاية أن الظاهر عدم سقوط هذا الخيار (4) بالتصرف في الثمن، لأن (5) المدار في هذا الخيار عليه، لأنه (6)

+++++++++++

(1) اي بتلك العلة المذكورة في رواية علي بن رئاب في قوله عليه السلام: فذلك رضى منه.

(2) مثالان لغير مورد النص، لأن مورد النص هو سقوط خيار الحيوان بالتصرف كما علمت.

(3) من هنا يروم قدس سره أن يذكر ما افاده المحققان:

الاردبيلي في كتابه (مجمع الفوائد).

و المحقق السبزواري في كتابه (الكفاية):

في أن التصرف لا يكون مسقطا خيار الشرط.

و استدلا على ذلك بأدلة ثلاثة نذكرها لك بتمامها عند رقمها الخاص.

(4) و هو خيار الشرط.

(5) هذا هو الدليل الاول لعدم سقوط خيار الشرط بالتصرف.

و خلاصته إن المدار و المحور في هذا الخيار هو التصرف في الثمن المأخوذ من المشتري، ليقضي حاجته التي سببت بيع داره، ثم بعد انقضاء المدة المضروبة ورد الثمن يسترجع داره.

(6) تعليل لكون المدار في هذا الخيار هو التصرف.

و خلاصته: إن هذا الخيار إنما شرع لاجل انتفاع البائع من الثمن لقضاء حاجته، فلو قلنا بسقوط الخيار سقطت الفائدة المذكورة

ص: 42

شرّع لانتفاع البائع بالثمن، فلو سقط الخيار سقطت الفائدة (1).

و للموثق (2) المتقدم المفروض في مورده تصرف البائع في الثمن و بيع (3) الدار لاجل ذلك.

و المحكي (4) عن العلامة الطباطبائي في مصابيحه

+++++++++++

و بقيت يدا البائع مغلولتين لا يدري من أين يقضي حاجته، لأنه لا يريد بيع داره نهائيا فلاجل هذه الغاية شرع الخيار،

(1) و هو انتفاع البائع من الثمن لقضاء حاجته.

(2) هذا هو الدليل الثاني لعدم سقوط خيار الشرط بالتصرف.

و خلاصته: إن الامام عليه السلام في الموثقة المذكورة في ص 8 قد اقر بالمعاملة المسئول عنها في جواب السائل عن رجل مسلم احتاج الى بيع داره، و حكم بصحتها في قوله عليه السلام: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى سنة ردها عليه.

و من الواضح أن السؤال و حكم الامام عليه السلام بصحة المعاملة كان بعد تصرف البائع في الثمن، لأنه المفروض.

فلو كان التصرف مسقطا للخيار لما حكم الامام بصحة المعاملة و كان تصرف البائع في الثمن باطلا غير جائز.

(3) هذا هو الدليل الثالث(1) لعدم سقوط خيار الشرط بالتصرف و قد عرفته في الهامش 5 من ص 42 عند قولنا: التي سببت بيع داره هذه خلاصة أدلة المحقق الاردبيلي و السبزواري.

(4) من هنا يروم قدس سره أن يذكر ما اورده السيد بحر العلوم قدس سره في مصابيحه على المحققين المذكورين: من افادتهما عدم سقوط خيار البائع بالتصرف في الثمن.

ص: 43


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الرد على ذلك بعد الطعن (1) عليه: بمخالفته (2) لما عليه الأصحاب بما حاصله:

إن (3) التصرف المسقط ما وقع في زمن الخيار

+++++++++++

(1) اي بعد طعن السيد بحر العلوم على ما افاده المحققان.

(2) الباء بيان للطعن اي طعنه على المحققين عبارة عن مخالفة قولهما للمشهور، حيث إن المشهور قائل بسقوط خيار البائع بالتصرف في الثمن.

فكيف خالفا المشهور؟

(3) من هنا اخذ في بيان رد السيد بحر العلوم على ما افاده المحققان قدس اللّه أسرارهم.

أليك حاصل عبارة المصابيح، حيث إن المنقول هنا مختصر جدا لا يفي بالمراد:

إن القائل بأن التصرف مسقط للخيار إنما اراد من التصرف التصرف الواقع في زمن الخيار.

و من الواضح أن الخيار يحصل بعد رد الثمن، لأنه مشروط ببعد الرد، فزمانه متأخر عن زمن الرد.

و مقتضى النص الذي هي موثقة اسحاق بن عمار المشار إليها في ص 8، و التعليلين الذين افادهما المحققان.

و هما: إن المدار في هذا الخيار على التصرف.

و إن الخيار إنما شرع لاجل انتفاع البائع من الثمن.

عدم سقوط الخيار الواقع قبل رد الثمن، لا بعد رده، لأن البائع قد تصرف في الثمن وقت الحاجة و اللزوم، و وقت اللزوم إنما كان قبل الرد

ص: 44

و لا خيار هنا (1) إلا بعد الرد.

و لا ينافي (2) شيء مما ذكر لزومه بالتصرف بعد الرد، لأن (3) ذلك (4)

+++++++++++

فلا يسقط هذا الخيار بالرد.

و ليس المراد من التصرف في الثمن هو التصرف قبل الرد حتى يقال: إن القول بالسقوط لازمه عدم الانتفاع بالثمن الذي بيعت الدار لاجله، و عدم فائدة لتشريع الخيار.

(1) اي في خيار الشرط(1)

(2) هذا من متممات كلام السيد بحر العلوم قدس سره.

فهو في الواقع دفع وهم.

خلاصته إن البائع قادر على ايجاد سبب الخيار الذي هو رد الثمن و القدرة على ايجاد السبب هي القدرة على ايجاد المسبب و إن كانت القدرة على ايجاد السبب شأنية و اقتضائية، و الشأنية كافية في إسقاط الخيار، ثم يتصرف البائع في الثمن قبل رده حتى لا يلزم التناقض و التنافي بين القول بتأسيس خيار الشرط، و تشريعه للانتفاع.

و بين القول بلزوم عدم الانتفاع بالثمن لو قلنا بسقوط الخيار

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: إن التنافي و التناقض إنما يلزم لو كان التصرف في الثمن بعد رده، لا قبله.

و المفروض تصرف البائع في الثمن قبل رده، لاحتياجه إلى التصرف الموجب هذا الاحتياج الى بيع داره كما هو مورد الموثقة المذكورة في ص 8.

(4) مرجع الاشارة التناقض كما عرفت.

ص: 45


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

منه (1) بعده (2)(1) لا قبله (3) و إن كان قادرا على ايجاد سبيه فيه اذ (4) المدار على الفعل، لا على القوة.

على (5) أنه لا يتم فيما اشترط فيه الرد في وقت منفصل عن العقد كيوم بعد سنة مثلا، انتهى (6) محصل كلامه.

+++++++++++

(1) مرجع الضمير القول بسقوط الخيار.

(2) مرجع الضمير الرد اي بعد الرد.

(3) مرجع الضمير الرد اى لا قبل الرد.

و خلاصة هذه ذكرناها لك في الهامش 2 ص 45 عند قولنا:

خلاصته إن البائع قادر.

(4) هذا من متممات كلام السيد بحر العلوم قدس سره يريد الرد على المتوهم القائل بكفاية القدرة الشأنية الاقتضائية في سقوط خيار الشرط بالتصرف و في الواقع تعليل لعدم كفاية القدرة الشأنية اي المدار في سقوط الخيار هي القدرة الفعلية، لا الشأنية الاقتضائية.

(5) هذا أيضا من متممات كلام السيد بحر العلوم.

فهو في الواقع إشكال على ما افاده المتوهم: من كفاية القدرة الشأنية في سقوط خيار الشرط.

و خلاصته إنه على فرض كفاية القدرة الشأنية نقول: إن الفرض المذكور لا يتم في مورد اشترط فيه رد الثمن في وقت منفصل عن زمن العقد كيوم بعد مضي سنة عيّن فيها رد الثمن، لعدم قدرة البائع على الرد قبل مضي السنة، فلا فائدة للقدرة الشأنية حينئذ.

(6) راجع (المصابيح) كتاب البيع - الخيارات - المصباح السادس

ص: 46


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ناقش (1) بعض من تأخر عنه فيما ذكره: من (2) كون حدوث الخيار بعد الرد، لا قبله: بأن (3) ذلك يقتضي جهالة مبدأ الخيار:

+++++++++++

(1) هذا كلام الشيخ الانصاري يروم أن يذكر مناقشة الشيخ صاحب الجواهر مع السيد بحر العلوم فيما افاده.

و المناقشة مشتملة على أدلة ثلاثة ذكرها شيخنا الانصاري غير مصرح بكل واحد منها مرتبا.

و نحن نذكرها لك مرتبة حسب ما ذكرت في الجواهر، مع بيان سلس، لتكون على بصيرة من ذلك اي و ناقش بعض من تأخر عن السيد بحر العلوم فيما افاده،

(2) كلمة من بيان لما افاده السيد بحر العلوم.

(3) هذا هو الدليل الاول للمناقشة،

و خلاصته: إن القول بحدوث الخيار بعد الرد لا قبله لازمه الجهل بمبدإ الخيار و ابتدائه على التوجيه الاول لمعنى رد الثمن الذي هو التعليق، أو التوقيت، لأنه لا يعلم ابتداء وقت الثمن من قبل البائع لو قال: لي الخيار من بداية العقد الى نهاية سنة لو رددت الثمن.

أو قال: لي الخيار لو رددته بعد ثلاثة أيام، أو يوم، فان في الصورة الاولى لا يعلم متى يرد البائع الثمن.

أ هو في بداية السنة، أو وسطها، أو نهايتها؟

و في الصورة الثانية أيضا كذلك، حيث لا يعلم وقت الرد.

هل هو في بداية اليوم الاول، أو الثاني، أو الثالث؟

و قد عرفت في ص 7 أنه لا بدّ من العلم بوقت الرد.

ص: 47

و بأن (1) الظاهر من اطلاق العرف، و تضعيف (2) كثير من الأصحاب قول الشيخ: بتوقف (3) الملك على انقضاء مدة الخيار:

ببعض (4)

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني للشيخ صاحب الجواهر في الرد على ما افاده السيد بحر العلوم قدس سرهما.

و خلاصته إن العرف حاكم بكون زمن الخيار هو مجموع المدة المضروبة بعد اجراء العقد، سواء أ كان قبل الرد أم بعده، و ليس خصوص زمن الرد هو زمان الخيار لا غير، لأن الخيار بمجرد إجراء العقد يجري من بداية زمن المدة المضروبة الى نهاية انتهائها و تحققها خارجا.

(2) بالجر عطفا على مدخول (من الجارة) في قوله: و بأن الظاهر من اطلاق العرف اي و بأن الظاهر من تضعيف قول الشيخ.

هذا هو الدليل الثالث للشيخ صاحب الجواهر في رد ما افاده السيد بحر العلوم قدس سرهما.

و خلاصته: إن تضعيف أكثر الفقهاء قول الشيخ:

و هو توقف الملك في الخيار على انقضاء مدة الخيار:

دليل على أن زمن الخيار هو مجموع المدة المضروبة، لا أنه بعد الرد فقط.

(3) الباء بيان لقول الشيخ.

(4) الباء بيان لجهة تضعيف أكثر الفقهاء قول الشيخ اي جهة ذلك هو ورود بعض الأخبار المتقدمة في مسألة بيع خيار الشرط:

و هي موثقة اسحاق بن عمار المذكورة في ص 8.

ص: 48

الأخبار المتقدمة في هذه المسألة (1) الدالة (2) على أن غلة المبيع للمشتري:

+++++++++++

(1) المراد من المسألة هي مسألة بيع خيار الشرط.

(2) بالجر صفة لكلمة بعض الأخبار، و التأنيث باعتبار المضاف إليه: و هي كلمة المتقدمة.

و أما كيفية التضعيف، و الاستدلال بالموثقة المذكورة.

فهو أن اسحاق بن عمار يقول: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و أنا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى اخيه فقال: ابيعك داري هذه و تكون عندك احب الي من أن تكون لغيرك: على أن تشترط لي إن انا جئت بثمنها الى سنة أن ترد عليّ.

فقال(1): لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى السنة ردها عليه قلت: فانها كانت فيها غلة كثيرة فاخذ الغلة لمن الغلة؟.

فقال(2): الغلة للمشتري.

ألا ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله.

فحكم الامام عليه السلام بكون الغلة للمشتري دليل على أن المبيع و الثمن يملكان بمجرد العقد، لا به، و بانقضاء مدة الخيار، و لا سيما استفهامه عليه السلام من السائل بقوله: ألا ترى انها لو احترقت لكانت من ماله.

فلو لا تملك المتعاقدين الثمن و المثمن بمجرد العقد لما كانت الغلة

ص: 49


1- اي الامام عليه السلام.
2- اي الامام عليه السلام

هو (1) كون مجموع المدة زمان الخيار، انتهى (2).

اقول (3): في اصل الاستظهار المتقدم، و الرد المذكور عن المصابيح، و المناقشة على الرد نظر.

+++++++++++

التي هو نماء الارض المبيعة للمشتري، لأن الغلة تابعة للاصل الذي هي الارض.

فان كان الاصل للبائع فالنماء له.

و إن كان للمشتري فالنماء له.

فهذه الموثقة، و بقية الأحاديث الواردة في المقام التي استدل بها الأكثر تضعيف لقول الشيخ.

راجع حول الموثقة و بقية الأحاديث.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355 الباب 8 - الحديث 1.

(1) خبر لاسم إن في قوله في ص 48: و بأن الظاهر.

هذا من متممات كلام الشيخ صاحب الجواهر لدليله الاول و الثاني

(2) اي ما افاده صاحب الجواهر في النقاش فيما افاده السيد بحر العلوم.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 40.

الى منا آخر المطاف من الأدلة التي اقامها الشيخ صاحب الجواهر في النقاش مع السيد بحر العلوم.

(3) من هنا يروم شيخنا الأنصاري هدم اصل الاستظهار الذي افاده المحقق الاردبيلي و السبزواري، و هدم ما افاده السيد بحر العلوم و هدم النقاش الذي افاده صاحب الجواهر.

ص: 50

أما الاول (1) فلأنه لا مخصص لدليل سقوط الخيار بالتصرف المنسحب في غير مورد النص عليه باتفاق الأصحاب.

و أما (2) بناء هذا العقد على التصرف فهو من جهة أن الغالب

+++++++++++

(1) هذا رد على اصل الاستظهار.

و خلاصته إنه لا وجه لاختصاص سقوط الخيار بالتصرف بخيار الحيوان الذي هو مورد النص، و اخراج خياري المجلس و الشرط و القول بعدم جريان السقوط فيهما بعد أن اتفق الفقهاء بجريانه فيهما لاستفادتهم ذلك من عموم العلة الواردة في خيار الحيوان في قوله عليه السلام: فذلك رضى منه فلا شرط، و هذه العلة يعبر عنها في اصطلاح الفقهاء ب: (تنقيح المناط).

و قد عرفته في ص 41 عند قولنا: لا يقال.

فعليه لا مجال للاختصاص المذكور.

(2) هذا رد على ما افاده المحققان المذكوران في ص 42: من أن المدار على خيار الشرط هو التصرف في الثمن، فلو قلنا بالسقوط فلا يبقى مجال للتصرف.

و خلاصته إن البناء على المدار المذكور لاجل أن الغالب في المعاوضات المالية هي المعاوضة بالثمن الكلي المتحقق هذا الكلي في الخارج في احد مصاديقه و أفراده كما هو الحق في الكلي الطبيعي، فالتصرف في ثمن مثل هذا البيع الذي تعارف عليه بالثمن الكلي لا يكون موجبا للرضى بالعقد.

بل لاجل التواطؤ الخارجي الصادر من المتعاقدين.

ص: 51

المتعارف البيع بالثمن الكلي، و ظاهر (1) الحال فيه كفاية رد مثل الثمن، و لذا (2) قوينا حمل الاطلاق في هذه الصورة على ما يعم البدل و حينئذ (3) فلا يكون التصرف في عين الفرد المدفوع دليلا على الرضى بلزوم العقد، اذ (4) لا منافاة بين فسخ العقد، و صحة هذا التصرف و استمراره (5):

و هو (6) مورد الموثق المتقدم.

+++++++++++

(1) اي و ظاهر الحال في مثل هذا البيع الذي تعارف عليه بالثمن الكلي هي كفاية رد مثل الثمن فيه عند انقضاء المدة، فلا يحتاج الرد إلى رد عين الثمن و شخصه.

(2) اي و لاجل كفاية مثل الثمن في مثل هذا البيع الذي تعارف عليه الثمن الكلي: قوينا سابقا حمل الاطلاق الوارد في كلام المشتري الذي لا يشترط، لا شخص الثمن و لا رد مثله: على الثمن الذي يعم البدل، سواء أ كان الثمن شخصيا أم كليا.

و المراد من قوله: سابقا هو ما افاده في ص 29:

و إن اطلق فالمتبادر بحكم الغلبة في هذا البيع المشهور ببيع خيار الشرط: هو رد ما يعم البدل.

(3) اي و حين أن قلنا: إن ظاهر الحال كفاية رد مثل الثمن و حين أن قوينا حمل الاطلاق على ما يعم البدل.

(4) تعليل لعدم كون التصرف في عين الفرد المدفوع دليلا على الرضا بلزوم العقد

(5) اي و استمرار التصرف الى نهاية المدة المضروبة لخيار الشرط.

(6) الواو حالية اي و الحال أن عدم المنافاة بين فسخ العقد بعد

ص: 52

أو منصرف (1) اطلاقه، أو (2) من جهة تواطؤ المتعاقدين على ثبوت الخيار مع التصرف أيضا أو للعلم (3) بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف في الثمن.

+++++++++++

نهاية المدة المضروبة للخيار.

و بين صحة التصرف في الثمن و استمرار هذا التصرف الى أن تنتهي المدة المضروبة: هو مورد الموثقة المتقدمة في ص 8، حيث إن الامام عليه السلام حكم بصحة المعاملة المذكورة، و جواز التصرف في الثمن الى نهاية المدة المضروبة للخيار في قوله عليه السلام:

لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى سنة ردها عليه.

و لما كان لعدم المنافاة المذكورة احتمالات أربعة اخذ قدس سره في عدها واحدا بعد آخر.

فاول الاحتمالات مورد الموثق المذكور في ص 8.

و قد عرفته في ص 52 عند قوله: و هو مورد.

(1) هذا هو الاحتمال الثاني لعدم المنافاة المذكورة.

اي أو عدم المنافاة لاجل ان التصرف في الثمن هو المتصرف من اطلاق بيع الخيار، لأنه كلما اطلق استفيد منه هذا الانصراف، اذ الغاية من تشريع مثل هذا البيع و جعله هو التصرف في الثمن، فلو لم يتصرف فيه لزمت لغوية الغاية.

(2) هذا هو الاحتمال الثالث لعدم المنافاة المذكورة.

اي أو عدم المنافاة لاجل أن المتعاقدين قد تواطئا على ثبوت الخيار الى المدة المضروبة لرد الثمن مع التصرف فيه.

(3) هذا هو الاحتمال الرابع لعدم المنافاة المذكورة.

ص: 53

و قد مر (1) أن السقوط بالتصرف ليس تعبدا شرعيا مطلقا حتى المقرون منه بعدم الرضى بلزوم العقد.

و أما (2) الثاني فلأن المستفاد من النص و الفتوى كما عرفت:

كون التصرف مسقطا فعليا كالقولي يسقط الخيار في كل مقام يصح إسقاطه بالقول.

+++++++++++

اي أو عدم المنافاة لاجل علم المشتري بأن البائع لا يلتزم بلزوم العقد و وجوبه عند تصرفه في الثمن، فلذا يقدم على الشراء مع قبوله رد المبيع الى بائعه عند ما يرد الثمن.

(1) اي في ص 199 من الجزء 14 من المكاسب عند قوله في خيار الحيوان:

في موجبات سقوط الخيار: فلو كان التصرف عندهم مسقطا تعبديا من جهة النص لم يكن وجه للتعدي عن كونه اجازة: الى كونه فسخا.

فالتصرف لا يكون دليلا على سقوط الخيار مطلقا حتى في مورد لم يكن فيه رضى من البائع بلزوم العقد و وجوبه.

بل السقوط المستفاد من التصرف هو الذي فيه رضى بلزوم العقد.

الى هنا كان كلامه حول ما استظهره المحققان.

(2) من هنا اخذ في الايراد على ما اورده السيد بحر العلوم على الاستظهار المذكور من المحققين.

و خلاصته إن ما يستفاد من النص الوارد في سقوط خيار الحيوان بالتصرف.

و بتعميم هذا التصرف في خياري المجلس و الشرط: و كذا ما يستفاد من فتاوى الفقهاء:

هو أن التصرف مسقط فعلي كالمسقط القولي.

ص: 54

و الظاهر (1) عدم الإشكال في جواز إسقاط الخيار قولا قبل الرد هذا (2) مع أن حدوث الخيار بعد الرد مبني على الوجه الاول المتقدم من الوجوه الخمسة في مدخلية الرد في الخيار.

+++++++++++

فكما أن القول مسقط للخيار قبل الرد و بعده.

كذلك الفعل مسقط للخيار بعد الرد و قبله، لأن مفهوم الفسخ شيء واحد: و هو رفع الوجوب و الالزام عن العقد، سواء أ كان بالقول أم بالفعل.

لكن موجبات الفسخ و أسبابه مختلفة.

تارة يتحقق خارجا بالقول، و اخرى بالفعل.

ففي كل مقام يصح إسقاط الخيار بالقول يصح إسقاطه بالفعل من دون فرق بينهما.

(1) هذه نظرية شيخنا الانصاري حول سقوط خيار بيع الشرط و خلاصتها إن الظاهر المستفاد من النصوص و الفتاوى عدم الإشكال في سقوط الخيار بالقول قبل الرد.

كذلك لا إشكال في سقوطه بالفعل قبل الرد.

(2) إشكال آخر منه على ما افاده السيد بحر العلوم: من اختصاص سقوط الخيار ببعد الرد.

حاصله إن القول بالاختصاص و عدم جريانه بقبل الرد مبني على التوجيه الاول المفسر به الرد من الوجوه الخمسة المذكورة لمعنى رد الثمن: من مدخلية الرد في تحقق الخيار خارجا كما افاده بقوله في ص 14: احدها أن يؤخذ قيدا للخيار.

فعلى ما افاده السيد بحر العلوم يلزم اختصاص الخيار بالتوجيه

ص: 55

و لا دليل على تعينه (1) في بيع الخيار المتعارف بين الناس.

بل الظاهر (2) من عبارة غير واحد هو الثاني.

أو نقول (3): إن المتبع مدلول الجملة الشرطية الواقعة في متن العقد، فقد يؤخذ الرد فيها قيدا للخيار، و قد يؤخذ قيدا للفسخ.

+++++++++++

الاول، و عدم جريانه في بقية التوجيهات التي فسر بها معنى الرد مع أنه لا دليل على الاختصاص المذكور، لأن بيع الشرط كان امرا متعارفا عند عامة الناس يجعلون فيه الخيار بشتى معاني الرد المذكورة في تفسير الرد، و لم يجعلوه مختصا للتوجيه الاول.

(1) مرجع الضمير التوجيه الاول و قد عرفته آنفا.

(2) رد آخر على ما افاده السيد بحر العلوم في المقام.

خلاصته إن ما افاده مخالف لكثير من عبارات الفقهاء، لدلالتها على اختصاص الخيار للتوجيه الثاني لمعنى الرد الذي فسره به شيخنا الأنصاري في ص 15 بقوله: الثاني أن يؤخذ قيدا للفسخ.

(3) رد آخر منه على ما افاده السيد بحر العلوم.

خلاصته إن المتبع و المدار في جريان الخيار قبل الرد، أو عدم الجريان: هو مدلول الجملة الشرطية الواردة في متن العقد بين المتعاقدين، و التي ذكرت فيها كلمة الرد في قول الشارط: إن أنا جئتك بالثمن الى مضي سنة أن ترد علي المبيع، فالرد الواقع في هذه الجملة الشرطية له احتمالان:

احتمال أن يؤخذ قيدا للخيار: بمعنى أن للشارط أن يقول: إن لي الخيار إن رددت الثمن، فهنا لا خيار للشارط قبل الرد، بل له بعده.

ص: 56

نعم (1) لو جعل الخيار و الرد في جزء معين من المدة كيوم بعد السنة: كان التصرف قبله تصرفا، مع لزوم العقد.

و جاء فيه (2) الإشكال في صحة الإسقاط هنا و لو قولا:

من (3) عدم تحقق الخيار، و من (4) تحقق سببه.

+++++++++++

أو يقول: إن لي خيار الفسخ إن رددت الثمن، فهنا يكون الشارط مرددا بين الخيار فلا يثبت له قبل الرد، فاذا كان لمدلول الجملة الشرطية المقيدة بقيد الرد احتمالان.

فكيف يحكم قطعيا بعدم الخيار للبائع قبل الرد؟

(1) استدراك عما افاده: من أن المتبع في المحاورات العرفية هو مدلول القضية الشرطية.

و خلاصته إنه لو جعل الخيار و الرد في جزء معين من المدة المضروبة كيوم بعد مضي سنة: بأن قال البائع: إن رددت الثمن بعد يوم من مضي سنة فلي الخيار:

كان التصرف في الثمن قبل الرد لا محالة بعد تصرفا، و أن العقد لازم.

(2) اي و جاء في هذا القسم من الجعل الذي جمع بين الرد و الخيار في جزء معين من المدة: الإشكال في صحة إسقاط الخيار و لو قولا قبل مضي المدة المضروبة، و الإشكال هو.

هل يصح إسقاط الخيار في هذه الصورة أم لا؟

(3) دليل لعدم صحة إسقاط الخيار، حيث لم يتحقق بعد و إنما يتحقق بعد انقضاء المدة المضروبة.

(4) دليل لصحة إسقاط الخيار في هذه الصورة.

ص: 57

و أما (1) المناقشة في تحديد مبدأ الخيار بالرد بلزوم (2) جهالة مدة الخيار.

ففيه (3) أنها لا تقدح مع تحديد زمان التسلط على الرد، و الفسخ بعده إنشاء.

نعم (4) ذكر في التذكرة أنه لا يجوز اشتراط الخيار من حين التفرق اذا جعلنا مبدأ عند الاطلاق من حين العقد(1)

+++++++++++

خلاصته إن سبب الخيار الذي هو العقد قد تحقق خارجا و إن لم يتحقق فعلا، لتوقف تحقق فعليته على مضي المدة المضروبة.

(1) من هنا اخذ شيخنا الانصاري في الرد على مناقشة صاحب الجواهر على ما افاده السيد بحر العلوم.

و قد عرفت أن نقاشه مبني على ثلاثة أدلة و الشيخ يرد كل واحد منها. و نحن نشير الى الكل عند رقمها الخاص.

(2) هذا هو الدليل الاول للشيخ صاحب الجواهر المذكور في الهامش 3 ص 47.

(3) هذا هو الرد على الدليل الاول.

و خلاصته إن الجهل بمبدإ الخيار إنما يقدح لو كانت المدة طويلة و لم تكن تحت قدرته و تسلطه.

و أما اذا كانت قليلة، و يتمكن من القدرة عليها: بحيث كلما اراد و شاء احداثه في أي جزء من المدة المضروبة لفعل.

فلا تقدح الجهالة حينئذ و لا تضر بالعقد.

(4) استدراك عما افاده: من أن الجهل بمبدإ الخيار غير مضر اذا كانت المدة وجيزة.

ص: 58


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن (1) الفرق يظهر بالتأمل.

+++++++++++

و خلاصته إن العلامة قدس سره ذكر في التذكرة عدم جواز اشتراط الخيار من بداية تفرق المجلس لو جعل مبدأ التفرق عند الاطلاق من حين العقد، لأن بداية التفرق حينئذ مجهولة لا يعلم متى يحصل الافتراق.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 332 عند قوله: الثالث إن قلنا: إن ابتداء المدة.

فظاهر هذا القول أن الجهل بالمدة و إن كانت قليلة قادح بالعقد.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الرد على العلامة فيما افاده: من أن الجهل بمبدإ الخيار مضر بالعقد و إن كانت المدة و جيزة و افاده أنه فرق بين مقالتنا و مقالته، و لم يذكر الفرق سوى أنه قال:

لكن الفرق يظهر بالتأمل.

أليك خلاصة الفرق بين المقالتين.

إن الجهل المضر بالعقد هو الجهل بالشروط و غيرها: من الامور التي يبني عليها المتعاقدان.

لا الجهل في وضع الشارع قانونا كليا منطبقا على كل مورد من الامور الشخصية الفردية، فان الجهل به لا يضر بالعقد.

فما افاده العلامة قدس سره من قبيل الاول، لأن الاشتراط نشأ من العاقد لامر مجهول لا يعلم مداه.

و ما افاده شيخنا الانصاري من قبيل الثاني، لأنه مبني على جعل الشارع مبدأ الخيار من حين الرد.

فالحاصل أن ما افاده العلامة و الشيخ الانصاري و إن كان مشتركا

ص: 59

و أما (1) الاستشهاد عليه بحكم العرف ففيه أن زمان الخيار عرفا لا يراد به إلا ما كان الخيار متحققا فيه شرعا، أو بجعل المتعاقدين و المفروض أن الخيار هنا (2) جعلي.

+++++++++++

في اصل جهالة مبدأ الخيار، لكنه فرق بين الافادتين، لأن زمن التسلط على الرد الموجب للخيار المعلق على الافتراق معلوم و ليس بمجهول.

بخلاف زمان التسلط على الرد في الخيار المعلق على الافتراق فانه مجهول لا يعرف مداه.

و هذا المقدار من الفرق كاف في عدم وجود الغرر في الاول و وجوده في الثاني.

(1) هذا رد على الدليل الثاني للشيخ صاحب الجواهر قدس سره المذكور في ص 48 بقوله: و بأن الظاهر.

و خلاصته إن حكم العرف في خيار بيع الشرط تابع للشرع إذا كان منشأ الخيار في هذا البيع هو الشرع.

أو تابع لجعل المتعاقدين اذا كان المنشأ هو جعل المتعاقدين فحكمه تابع إما للشرع، أو للجعل.

فكلما حكم الشرع حكم العرف به.

و كلما جعل المتعاقدان و وضعا الخيار حكم العرف به.

و ليس للعرف عرف خاص وراء الحكمين المذكورين حتى يكون هو المتبع، و من المعلوم و المفروض أن الخيار في بيع الشرط من وضع المتعاقدين و جعلهما، و العرف يحكم حسب وضعهما و لا يتعداهما.

(2) اي في بيع الشرط.

ص: 60

فالشأن (1) في تحقق الخيار قبل الرد بجعل (2) المتعاقدين.

و أما (3) ما ذكره بعض الأصحاب في رد الشيخ من بعض أخبار المسألة:

فلعلهم (4) فهموا من مذهبه توقف الملك على انقضاء زمان الخيار مطلقا حتى المنفصل، كما لا يبعد عن اطلاق كلامه، و اطلاق ما استدل له به: من الأخبار.

+++++++++++

(1) الفاء فاء النتيجة اي نتيجة ما قلناه حول حكم العرف في الرد على الشيخ صاحب الجواهر: هو أن المناط في تحقق الخيار قبل الرد بجعل المتعاقدين و وضعهما فباي نحو وضعاه يتحقق خارجا.

(2) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة فالشأن: اي الاعتبار بجعل المتعاقدين.

(3) رد على الدليل الثالث للشيخ صاحب الجواهر المذكور في ص 48.

(4) هذه كيفية الرد.

خلاصتها إن الخيار في بيع الشرط على قسمين:

(متصل) كأن يقول البائع: بعت ولي الخيار من هذا اليوم إلى نهاية السنة.

(و منفصل) كأن يقول البائع: بعت ولي الخيار بعد شهرين فالفقهاء لعلهم استفادوا من مذهب الشيخ القائل بتوقف الملكية على انقضاء مدة الخيار: التوقف مطلقا حتى في الخيار المنفصل، لكون كلامه مطلقا، و استدلاله بالأخبار الواردة في المقام مطلق أيضا.

فمن هذين الاطلاقين استفادوا الاطلاق.

ص: 61

الأمر الخامس لو تلف المبيع كان من المشتري

(الامر الخامس) (1).

لو تلف المبيع كان (2) من المشتري، سواء أ كان (3) قبل الرد أم بعده، و نماؤه أيضا له (4) مطلقا.

و الظاهر عدم سقوط خيار البائع فيسترد المثل (5)، أو القيمة (6) برد (7) الثمن، أو بدله.

و يحتمل عدم الخيار (8)، بناء (9) على أن مورد هذا الخيار هو الزام أن له رد الثمن و ارتجاع المبيع.

+++++++++++

(1) اي من الامور الثمانية التي ذكرت في الهامش 11 ص 13

(2) اي تلف المبيع كان من ملك المشتري فهو ضامن.

(3) اي تلف المبيع، و المراد من قبل الرد قبل الفسخ(1)

(4) اي للمشتري مطلقا: سواء أ كان قبل الرد أم بعده.

(5) اي مثل المبيع التالف اذا كان مثليا.

(6) اي قيمة التالف اذا كان قيميا.

(7) الظاهر أن الباء هنا بمعنى عند اي البائع عند ما يسترد مثل المبيع التالف اذا كان مثليا، أو قيمته اذا كان قيميا عند ما برد الثمن أو بدله إلى المشتري.

(8) اي للبائع عند تلف المبيع.

(9) تعليل لعدم وجود خيار للبائع عند تلف المبيع.

خلاصته إن مورد خيار بيع الشرط هو الزام البائع نفسه على أن يرد الثمن الى المشتري و يسترجع المبيع منه، و ظاهر هذا الالتزام أنه يعتبر بقاء المبيع سالما في بقاء الخيار للبائع و المفروض أن المبيع قد تلف و بتلفه لا يبقى مجال لخيار البائع حتى يأخذه.

ص: 62


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ظاهره (1) اعتبار بقاء المبيع في ذلك (2) فلا خيار (3) مع تلفه.

ثم (4) إنه لا تنافي بين شرطية البقاء، و عدم جواز تفويت الشرط، فلا يجوز للمشتري اتلاف المبيع كما سيجيء في أحكام الخيار لأن (5) غرض البائع من الخيار استرداد عين ماله، و لا يتم إلا بالتزام إبقائها للبائع.

+++++++++++

(1) اي ظاهر هذا الالزام كما علمت.

(2) اي في بقاء الخيار للبائع كما علمت.

(3) اي للبائع عند تلف المبيع.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم إن هنا تنافيا بين عدم جراز اتلاف المبيع من قبل المشتري، و أن الواجب عليه ابقاؤه حتى يتمكن البائع من استرجاعه عند ما يرد الثمن.

و بين القول بأن الخيار معلق على بقاء المبيع، لأنه لو كان الخيار معلقا على بقاء العين فلا يكون ابقاؤها واجبا على المشتري كما في مقدمة الواجب، لعدم وجوب المقدمة في التكاليف الشرعية.

(5) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن الابقاء واجب على المشتري، لأن غرض البائع من جعل الخيار لنفسه هو استرجاع عين ماله، و هذا لا يتم إلا بالتزام المشتري على نفسه أن يحتفظ بالعين للبائع حتى يحصل غرض البائع من البيع: و هو استرجاع المبيع، و لو لا هذا الإبقاء لما حصل الغرض المذكور.

الى هنا كان الكلام حول تلف المثمن: و هو المبيع عند المشتري.

ص: 63

و لو تلف (1) الثمن فان كان بعد الرد و قبل الفسخ فمقتضى ما سيجيء: من أن التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له.

كونه (2) من المشتري و إن كان (3) ملكا للبائع.

إلا (4) أن يمنع شمول تلك القاعدة للثمن، و يدعى اختصاصها بالمبيع كما ذكره بعض المعاصرين، و استظهره (5) من رواية معاوية بن ميسرة المتقدمة.

+++++++++++

(1) من هنا اخذ قدس سره في البحث عن تلف الثمن عند البائع

(2) مرفوع محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله. فمقتضى.

(3) اي و إن كان الثمن التالف عند المشتري ملكا للبائع إلا أننا نقول تلفه على المشتري، لكون التلف كان قبل انقضاء مدة الخيار.

(4) يروم قدس سره بهذا الاستثناء عدم شمول القاعدة المذكورة و هي (التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له من المشتري):

الثمن بل هي مختصة للمثمن فقط.

و ذكر هذا الاختصاص أيضا الشيخ صاحب الجواهر المعني هنا ببعض المعاصرين.

(5) اي استظهر هذا الاختصاص صاحب الجواهر من رواية معاوية بن ميسرة المتقدمة في ص 10.

أليك نص الرواية.

عن معاوية بن ميسرة قال: سمعت أبا الجارود يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشترى منه حاصر(1) فشرط إنك إن اتيتنى بمالي ما بين

ص: 64


1- مضى شرحه في الهامش 3 ص 10

..........

+++++++++++

ثلاث سنين فالدار دارك فاتاه بماله؟

قال(1): له شرطه:

قال(2) أبو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب(3) في ذلك المال في ثلاث سنين؟.

قال(4): هو ماله.

و قال(5) أبو عبد اللّه عليه السلام:

أ رايت لو أن الدار احترقت من مال من كانت؟

تكون الدار دار المشتري.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355 الباب 8 الحديث 3:

و أما كيفية ظهور الرواية في اختصاص التلف بالثمن دون الثمن فقول الامام عليه السلام: أ رأيت لو أن الدار احترقت من مال من كانت؟.

في جواب سؤال ابي الجارود عن الامام عليه السلام بقوله:

فان ذلك الرجل قد اصاب في ذلك المال في ثلاث سنين، فإن حكم الامام عليه السلام يكون تلف الدار لو احترقت من مال المشتري

ص: 65


1- اي الامام عليه السلام قال لأبي الجارود.
2- اي سأل الامام عن سبب ذلك.
3- اي انتفع البائع من الثمن الذي هو ملك المشتري.
4- اي الامام عليه السلام.
5- اي و خاطب الامام عليه السلام أبا الجارود.

و لم اعرف (1) وجه الاستظهار، اذ ليس فيها (2) إلا أن نماء الثمن للبائع، و تلف المبيع من المشتري.

و هما (3) اجماعيان حتى في مورد كون التلف ممن لا خيار له (4) فلا حاجة لهما (5) الى تلك الرواية: و لا تكون الرواية مخالفة للقاعدة (6)

+++++++++++

له ظهور في أن التالف و هي الدار هو المثمن، فمن هذا الظهور استفاد الشيخ صاحب الجواهر اختصاص التلف بالمثمن دون الثمن راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 88 عند قوله: و هو من غرائب الكلام.

(1) من هنا اخذ الشيخ الانصاري في الرد على استظهار الشيخ صاحب الجواهر.

خلاصته إنه ليس في رواية معاوية بن ميسرة قرينة ظاهرة تدل على اختصاص التلف بالمثمن.

نعم إن فيها نماء الثمن للبائع، و تلف المثمن من المشتري كما عرفت.

(2) اي في رواية معاوية بن ميسرة.

(3) اي نماء الثمن للبائع، و تلف المبيع من مال المشتري من اجماع الطائفة الامامية.

(4) و هو المشتري، حيث لا خيار له و إنما الخيار للبائع في بيع خيار الشرط.

(5) اي فلا حاجة لكون نماء الثمن للبائع، و تلف المبيع من مال المشتري في الاستدلال برواية معاوية بن ميسرة، لقيام الاجماع على ذلك كما عرفت.

(6) اي رواية معاوية لا تكون مخالفة لقاعدة: التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له من مال المشتري(1) لمطابقة رواية معاوية مع

ص: 66


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إنما (1) المخالف لها هي قاعدة:

إن الخراج بالضمان اذا انضمت الى الاجماع على كون النماء للمالك.

نعم (2) الإشكال في عموم تلك القاعدة للثمن كعمومها لجميع أفراد الخيار.

لكن (3) الظاهر من اطلاق غير واحد عموم القاعدة للثمن

+++++++++++

القاعدة المذكورة كما عرفت.

(1) اي نعم قاعدة: (الضمان بالخراج) تكون مخالفة لرواية معاوية، لأن مفاد القاعدة الاولى أن التلف من مال المشتري و مفاد القاعدة الثانية أن التلف من مال البائع، لأنه يملك نماء الثمن فتلفه عليه، فتكون القاعدة الثانية معارضة للرواية، و لا سيما اذا انضمت الى القاعدة الثانية الاجماع على أن نماء الثمن للمالك الذي هو البائع فتكون مخالفة الرواية مع القاعدة الثانية أشد و آكد.

(2) استدراك منه عما افاده: من عدم اختصاص للقاعدة المذكورة بالمثمن بل تشمل الثمن أيضا، و خالفنا صاحب الجواهر في ذلك، حيث ذهب بالاختصاص.

لكن نقول: إن التعميم لا يخلو عن إشكال.

كما أن تعميم القاعدة الاولى لجميع أفراد الخيارات: اعني الخيارات السبعة محل إشكال.

(3) استدراك عن الاستدراك المذكور يقصد به تعميم القاعدة الاولى، و أنها تشمل الثمن أيضا.

و خلاصته إن الظاهر من اطلاق غير واحد من العلماء أن القاعدة الاولى تشمل حتى الثمن.

ص: 67

و اختصاصها (1) بالخيارات الثلاثة:

اعني خيار المجلس، و الشرط، و الحيوان.

و سيجيء (2) الكلام في أحكام الخيار.

و إن كان (3) التلف قبل الرد فمن البائع، بناء (4) على عدم ثبوت الخيار قبل الرد.

و فيه (5) مع ما عرفت: من (6)

+++++++++++

(1) اي كما أن الظاهر من اطلاق غير واحد أن القاعدة الاولى لا عمومية لها، و أنها لا تشمل جميع أفراد الخيارات.

بل تشمل خيار المجلس، و خيار الحيوان، و خيار الشرط فقط.

(2) اي و سيجيء البحث عن هذا الموضوع في أحكام الخيارات إن شاء اللّه تعالى.

(3) هذا هو الشق الثاني لتلف الثمن، إذ الشق الاول هو التلف بعد الرد.

(4) تعليل لكون التلف قبل الرد من مال البائع: اي القول بذلك مبني على عدم ثبوت خيار للبائع قبل رد الثمن.

بل الثابت هو بعد الرد، فالتلف من المشتري.

(5) اي و فيما افيد نظر و إشكال.

و لما كان ما افيد مبنيا على امرين:

(الاول) عدم الخيار قبل الرد.

(الثاني) إن عدم الخيار مبني على عدم ثبوت الخيار(1)

اراد شيخنا الأنصاري أن يهدم البنائين.

(6) هذا هو المبنى الاول، و هو رد على السيد بحر العلوم فيما افاده:

من اختصاص الخيار ببعد الرد، لا قبله.

ص: 68


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

منع المبنى منع (1) البناء، فان (2) دليل ضمان من لا خيار له مال صاحبه: هو تزلزل البيع، سواء أ كان بخيار متصل أم منفصل كما

+++++++++++

و خلاصته إنك عرفت في الهامش (ص 56 أن ثبوت الخيار و عدمه تابع لمدلول الجملة الشرطية المذكورة فيها كلمة الرد، فان اشترط تحقق الخيار عند رد الثمن لم يكن له خيار قبل الرد قطعا، و إن اشترط له الخيار في تمام المدة المضروبة، و علق إعمال الخيار على رد مثل الثمن في مجموع تلك المدة: فلا شبهة في ثبوت الخيار له في مجموع تلك المدة الى أن تنتهي.

(1) هذا هو المبنى الثاني.

خلاصته إننا نمنع توقف تلف الثمن ممن ليس له الخيار على ثبوت الخيار الفعلي.

بل الخيار الشأني كاف في ثبوت الخيار، فمفاد القاعدة الاولى أن تلف الثمن في زمن الخيار الشأني من مال المشتري، لأن المقتضي لضمان من لا خيار له مال صاحبه نفس تزلزل البيع، سواء أ كان هذا الخيار في زمن منفصل من العقد أم متصل به.

بعبارة اخرى إن البيع في معرض الارتفاع بسبب الخيار، و الارتفاع هذا كان موجودا قبل الرد على المبنى المذكور، لتسلط البائع على الخيار بسبب العقد الموجب لتسلطه على الفسخ.

و هذا هو مقتضى الأحاديث الواردة في مسألة بيع خيار الشرط التي تقدمت في ص 8-10-11-13 و ذكرنا قسما منها الذي لم يذكر في المنن في الهامش ص

(2) تعليل لفساد المبنى المذكور الذي عرفته آنفا(1)

ص: 69


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

تقتضيه أخبار تلك المسألة كما سيجيء (1).

ثم إن قلنا بأن تلف الثمن من المشتري انفسخ البيع.

و إن قلنا بأنه من البائع فالظاهر بقاء الخيار فبرد (2) البدل و يرتجع المبيع.

الأمر السادس: لا إشكال في القدرة على الفسخ برد الثمن على نفس المشتري أو برده على وكيله المطلق

(الامر السادس) (3):

لا إشكال في القدرة على الفسخ (4) برد الثمن على نفس المشتري أو برده على وكيله المطلق أو الحاكم، أو العدول مع التصريح بذلك في العقد.

+++++++++++

و المراد من الدليل المقتضي كما عرفت(1)

و المراد من تزلزل البيع تعرضه للارتفاع بالخيار كما عرفت.

(1) اي في أحكام الخيارات.

(2) اي البائع.

و لا يخفى أن للبحث عن هذا الموضوع صلة يأتي الاشارة إليها إن شاء اللّه تعالى في احكام الخيارات.

(3) اي من الامور الثمانية المذكورة في الهامش 1 ص 13.

(4) خلاصة هذا الكلام إن البائع يصير قادرا على الفسخ عند ما يرد الثمن إلى المشتري اذا كان موجودا، أو الى وكيله العام الذي هو وكيل عنه في جميع شئونه، لا وكيلا عنه في خصوص اخذ الثمن من البائع.

أو الى الحاكم الشرعي عند عدم وجود المشتري، أو وكيله العام.

أو الى عدول المؤمنين من باب الامور الحسبية اذا لم يكن الحاكم الشرعي موجودا.

ص: 70


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إن كان المشروط هو رده (1) الى المشتري مع عدم التصريح

+++++++++++

فالوكيل المطلق، و الحاكم الشرعي، و عدول المؤمنين كل واحد منهم في طول الآخر، لا في عرضه: بمعنى أن كل واحد منهم مأمور بالاخذ عند عدم وجود الآخر.

و ليس معنى جواز الاخذ لهؤلاء جواز الاخذ، لهم في عرض الآخر: بمعنى أن كل واحد يصح له الاخذ مع وجود الآخر فجواز الاخذ لهم طولي.

ثم لا يخفى أن الشرط اذا كان معلقا على رد الثمن الى خصوص المشتري بنحو التقييد، فلا يصح قيام غيره مقامه، لتضيق دائرة المردود عليه.

و أما اذا كان معلقا على الرد الى المشتري، أو الى وكيله، أو الى الحاكم الشرعي فيتحقق المعلق عليه بنفس الاشتراط، لا من حيث الوكالة عن المشتري، أو الحكومة عليه.

هذا اذا كان المشتري ملحوظا بنحو التقيبد، أو بنحو العنوانية و أما اذا لم يكن ملحوظا كذلك، لا بنحو التقييد و لا بنحو العنوانية بل الرد إليه ثابت لا بلحاظ أنه مشتر فقط.

فهنا يمكن اقامة غير المشتري مقامه، تنزيلا للغير مقامه في كل شيء يكون له، أو عليه، ففي جميع الاحتمالات المذكورة لو امتنع البائع عن الفسخ بلا عذر عقلي أو شرعي، أو عرفي يسقط خيار فسخه فيكون البيع لازما. فالمثمن للبائع، و الثمن للمشتري.

(1) اي رد الثمن.

ص: 71

ببدله فامتنع رده (1) إليه عقلا، لغيبة (2) و نحوها (3)، أو شرعا (4)، لجنون، و نحوه (5).

ففي (6) حصول الشرط برده الى الحاكم كما اختاره المحقق القمي

+++++++++++

(1) اي رد الثمن إلى المشتري.

(2) تعليل لامتناع رد الثمن من البائع الى المشتري عقلا اي كان سبب الامتناع هو غياب المشتري.

(3) اي و نحو الغياب السجن اذا كان المشتري سجينا.

(4) اي أو يكون سبب الامتناع هو العذر الشرعي كالجنون، فإنه موجب لعدم رد الثمن الى المشتري.

(5) اي أو يكون سبب الامتناع نحو الجنون كالمرض، فان المشتري اذا كان مريضا بحيث يتعذر دفع الثمن إليه فلا يصح الدفع إليه.

(6) الفاء تفريع على ما ذكره: من أنه لو كان المشروط هو رد الثمن الى شخص المشتري على نحو التقييد و كان الوصول ممتنعا إليه عقلا: أو شرعا كالأمثلة المذكورة اي ففي ضوء ما ذكر.

فهل يحصل الشرط الذي هو رد الثمن برده الى الحاكم، أو لا يحصل؟

فهنا قولان: قول بحصول شرط الفسخ لو رد البائع الثمن الى الحاكم الشرعي، و هو مختار المحقق القمي صاحب القوانين قدس سره و قول بعدم الحصول، و هو مختار السيد الطباطبائي استاذ شيخنا الانصاري صاحب المناهل قدس سرهما.

و قد مضى شرح حياته في الجزء 1 من المكاسب من طبعتنا الحديثة من ص 91 و ص 98 الى ص 101.

ص: 72

في بعض أجوبة مسائله.

و عدمه (1) كما اختاره سيد مشايخنا (2) في مناهله:

قولان (3).

و ربما يظهر من صاحب الحدائق الانفاق على عدم لزوم رد الثمن الى المشتري مع غيبته، حيث (4) إنه بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم (5) في فسخ ذي الخيار، و أنه لا اعتبار بالإشهاد (6)، خلافا لبعض علمائنا (7):

قال (8): إن (9) ظاهر الرواية (10) اعتبار حضور المشتري

+++++++++++

(1) اي و عدم حصول الشرط بالرد الى الحاكم.

(2) المراد منه هو صاحب المناهل.

(3) و قد عرفت القولين في الهامش 6 ص 72.

(4) تعليل منه قدس سره للظهور المستفاد من كلام المحدث البحراني قدس سره.

(5) و هو المشتري و المراد من ذي الخيار البائع.

(6) اى باشهاد البائع عند ما يسلم الثمن الى غير المشتري عند غيابه.

(7) حيث قال: إن الاشهاد من البائع عند غياب المشتري معتبر.

(8) اي صاحب الحدائق قدس سره.

(9) هذا مقول قول صاحب الحدائق قدس سره.

(10) الظاهر أن المراد من الرواية جنسها الوارد في بيع خيار الشرط: و هي الرواية الاولى و الثالثة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355-356 الباب 8 - الحديث 1-3.

ص: 73

ليفسخ البائع بعد دفع الثمن إليه (1).

فما (2) ذكروه: من جواز الفسخ مع عدم حضور المشتري

+++++++++++

و ليس المراد من الرواية خصوص رواية معاوية بن ميسرة:

و هي الرواية الثالثة المذكورة في المصدر نفسه، و التي ذكرها قدس سره في ص 10 لأنه لا توجد فيها خصوصية تزيد على الرواية الاولى دالة على حضور المشتري عند فسخ البائع، فالالف و اللام في قول شيخنا المحدث البحراني أنار اللّه تربته الطاهرة: إن ظاهر الرواية: للجنس، لا للعبد الذكري حتى تكون راجعة الى رواية معاوية بن ميسرة المذكورة في ص 10.

(1) اي الى المشتري.

(2) هذا من متممات كلام صاحب الحدائق قدس سره، و الفاء فيه للتفريع على ما افاده من أن ظاهر الرواية اعتبار حضور المشتري عند فسخ البائع اي ففي ضوء ما ذكرناه فما افاده الفقهاء رضوان اللّه عليهم: من عدم اعتبار حضور المشتري عند فسخ البائع، و أنه يجوز له جعل الثمن عنده امانة شرعية الى أن يجيء المشتري فيرده عليه:

بعيد عن ظاهر تلك الأخبار الواردة في بيع خيار الشرط و مساقها، و إن كان ظاهر كلام الفقهاء الاتفاق على عدم اعتبار حضور المشتري عند الفسخ.

أما وجه البعد فلان قوله عليه السلام في الرواية الاولى: و هي رواية اسحاق بن عمار المتقدمة في ص 8: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى سنة ردها عليه في جواب السائل: رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى اخيه فقال: ابيعك داري هذه، و تكون لك

ص: 74

و جعل الثمن امانة الى أن يجيء المشتري، و إن كان ظاهرهم الاتفاق عليه (1)، إلا أنه (2) بعيد عن مساق الأخبار المذكورة (3)، انتهى (4).

+++++++++++

أحب الي من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن انا جئتك بثمنها الى سنة أن ترد علي:

يدل على أن حضور المشتري عند فسخ البائع بعد أن رد الثمن معتبر.

و أما الرواية الثالثة: و هي رواية معاوية بن ميسرة المروية في ص 10 في قوله عليه السلام: له شرطه في جواب السائل عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشترى منه الدار حاصر(1)، فشرط إنك إن اتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فاتاه بماله:

فهي تقرير لكل ما سأله السائل، و من جملة ما سأله: فاتاه بماله و معنى فاتاه بماله إن البائع جاء بالثمن الذي اخذه من المشتري فسلمه إليه بحضوره ففسخ البيع و استرد المبيع.

(1) اي على عدم اعتبار حضور المشتري عند الفسخ.

(2) اي عدم الاعتبار المذكور.

أما وجه البعد فقد عرفته في ص 74 عند قولنا: أما وجه البعد.

(3) المراد من الأخبار المذكورة هي الرواية الاولى المشار إليها في ص 8، و الرواية الثانية المشار إليها في ص 10.

(4) اي ما افاده صاحب الحدائق قدس سره حول اعتبار حضور المشتري عند فسخ البائع.

ص: 75


1- الحاصر معناه المانع و الحاجز

اقول (1): لم اجد فيما رايت من تعرض لحكم رد الثمن مع غيبة المشتري في هذا الخيار، و لم يظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن امانة عند البائع حتى يحضر المشتري، و ذكرهم (2) لعدم اعتبار حضور الخصم في فسخ ذي الخيار إنما هو لبيان حال الفسخ من حيث هو في مقابل العامة و بعض الخاصة: حيث اشترطوا في الفسخ بالخيار حضور الخصم.

+++++++++++

(1) من هنا اخذ في النقاش مع الشيخ المحدث البحراني قدس سرهما حول اعتبار حضور المشتري عند فسخ البائع.

خلاصته إني لم اجد في عبارات احد من الفقهاء الصادرة منهم حول بيع خيار الشرط التعرض لحكم رد الثمن عند غياب المشتري اذا اراد البائع الفسخ، و لم استظهر منها ما يدل على جواز الفسخ، و جعل الثمن امانة عنده حتى يحضر المشتري.

فمن أين افاد شيخنا المحدث ذلك؟ فقال: إن الفقهاء قد اتفقوا على جواز الفسخ مع عدم حضور المشترى، و أن البائع يجعل الثمن عنده امانة حتى يحضر المشتري.

(2) رد آخر على ما افاده المحدث البحراني قدس سره.

خلاصته إن الفقهاء لم يتعرضوا لهذا العنوان في مسألة بيع خيار الشرط و إنما كلامهم في حكم الفسخ من حيث هو فسخ و هذا لا ينافي الفسخ المستلزم لحضور المشتري عند رد الثمن إليه، لأن الفسخ مشروط برد الثمن إليه، و الرد إليه لا يستلزم حضوره عند الفسخ فحضوره من جهة الرد إليه، لا من جهة الفسخ، فاذا حضر ورد البائع الثمن إليه فقد حصل الشرط فللبائع الفسخ، سواء أ كان

ص: 76

و لا تنافي (1) بينه، و بين اعتبار حضوره لتحقق شرط آخر للفسخ: و هو رد الثمن الى المشتري: مع (2) أن ما ذكره: من أخبار المسألة لا يدل على اعتبار حضور الخصم في الفسخ، و إن كان موردها صورة حضوره لاجل تحقق الرد، إلا أن الفسخ قد يتأخر عن الرد بزمان، بناء (3) على مغايرة الفسخ للرد، و عدم الاكتفاء به عنه.

نعم (4) لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها بحضور الخصم.

+++++++++++

حاضرا عند الفسخ أم لا: فلا تلازم بين حضوره و الفسخ، و إنما التلازم بين الرد و الحضور.

(1) قد عرفت معنى و لا تنافي في الهامش 2 ص 76 عند قولنا و هذا لا ينافي.

(2) رد آخر على ما افاده المحدث البحراني قدس سره.

خلاصته إن الأخبار المذكورة في ص 8-10-11 لا تدل على اعتبار حضور المشتري عند الفسخ، لأن موردها صورة حضوره لدى البائع عند رده الثمن إليه، و لذا ترى تأخر الفسخ عن الرد بزمان كثير ربما بلغ شهرا، أو أكثر.

(3) تعليل لتأخر الفسخ عن الرد اي صحة التأخر مبنية على تغاير الفسخ مع الرد، و أنه لا يكتفى بالرد عن الفسخ، بل الفسخ بعد الرد مما لا بدّ عنه. فالرد شيء، و الفسخ شيء آخر.

(4) استدراك منه عما افاده: من عدم دلالة للأخبار المذكورة في ص 8-10-11-12 على اعتبار حضور المشتري عند الفسخ.

ص: 77

لكن (1) الأصحاب لم ينكروا اعتبار الحضور في هذا الخيار(1)خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد رد الثمن، فافهم.

و كيف (2) كان فالأقوى فيما لم يصرح باشتراط الرد الى خصوص المشتري هو قيام الولي مقامه، لأن (3) الظاهر من الرد الى المشتري

+++++++++++

خلاصته إنه لو قلنا بحصول الفسخ بعد ما يرد البائع الثمن بمجرد الرد فلا مناص من القول بأن مورد الأخبار المذكورة هو حضور المشتري عند الفسخ عند ما يرد البائع الثمن إليه.

(1) قد يتخيل أن هذا الاستدراك عين الاستدراك الاول فلما ذا كرره؟ كما توهم بعض المعلقين على المكاسب ذلك، حيث قال: فيما يرتبط هذا الاستدراك مع ملاحظة قوله: نعم، الى آخر ما افاده هناك.

لكن المتأمل الدقيق بعد الامعان و النظر يرى أن الاستدراك الثاني غير الاول، لأن الاستدراك الاول مستفاد من الأخبار الواردة في بيع خيار الشرط، و الثاني يستفاد من آراء الفقهاء و اجتهادهم، و الى ما قلناه اشار قدس سره بقوله: فافهم

(2) يعني أي شيء قلنا في الرد: من أنه قيد للمشتري(2) كما هو المعنى الخامس للرد، أو قيد للمردودية و هو الخيار كما هو المعنى الاول له، أو قيد للفسخ، أو يكون الرد فسخا فعليا، أو يكون قيدا للانفساخ، فلو لم يصرح باشتراط رد الثمن الى المشتري فالأقوى قيام الولي مقامه، و لا يحتاج التسليم إليه حينئذ، و الولي هو الحاكم الشرعي، لأنه ولي الغائبين، و القاصرين، و المجانين.

(3) تعليل لقيام الولي مقام المشتري.

خلاصته إن الظاهر من دفع البائع الثمن الى المشتري مع عدم

ص: 78


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

حصوله عنده، و تملكه له حتى لا يبقى الثمن في ذمة البائع بعد الفسخ، و لذا (1) لو دفع الى وارث المشتري لكفى. و كذا (2) لو رد وارث البائع، مع أن (3) المصرح به في العقد رد البائع

+++++++++++

التصريح برده إليه في متن العقد: هو إرادة تملك المشتري الثمن و إرادة تحوله إليه من ذمة البائع حتى لا تبقى ذمته مشغولة و مدينة إليه.

ثم اذا ضممنا الى هاتين الارادتين أن الحاكم ولي الغائبين فقد تم حصول شرط فسخ العقد فيرد الثمن إليه فتبرأ ذمة البائع فتنفسخ المعاملة.

و من هنا ينكشف أن مراد من اطلق الرد هي صورة عدم كون الرد قيدا للمشتري، لأنه لو كان قيدا له لما صح رده الى الحاكم فلا يحصل الفسخ لاشتراط حضوره.

(1) تعليل لكون الظاهر من رد الثمن هو إرادة حصول الثمن في يد المشتري، لتبرأ ذمة البائع بالرد إليه.

خلاصته إن الدليل على ذلك براءة ذمة البائع لو دفع الثمن الى وارث المشتري لو مات المشتري، لأنه لو لم تبرأ ذمته بهذا الدفع لما حكم الفقهاء ببراءة ذمته حينئذ.

(2) اي و كذا تبرأ ذمة البائع لو مات و قد دفع الثمن وارثه الى المشتري، لعين ما ذكرناه في دفع الثمن الى وارث المشتري لو مات المشتري.

(3) تأييد منه قدس سره لما افاده: من براءة ذمة البائع لو مات و دفع وارثه الثمن الى المشتري اي مع أنه قد صرح في متن العقد بدفع البائع الثمن الى المشتري، لا وارثه، فبراءة ذمته دليل على الظهور المستفاد من رد الثمن: و هو حصوله في يد المشتري سواء أ كان من شخص البائع مباشرة، أم من وارثه عند موته.

ص: 79

و ليس (1) ذلك لاجل إرثه للخيار، لأن (2) ذلك متفرع على عدم مدخلية خصوص البائع في الرد، و كذا الكلام في وليه (3).

و دعوى (4) أن الحاكم إنما يتصرف في مال الغائب على وجه

+++++++++++

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم إن براءة ذمة البائع بدفع وارثه الثمن الى المشتري إنما هو لاجل أن الوارث يرث الخيار، لكونه من الحقوق و هي تنقل الى الوارث، و لو لا ذلك لما برأت ذمة البائع عن الثمن.

(2) جواب عن الوهم.

خلاصته إن إرث الوارث الخيار من البائع متفرع على عدم مدخلية شخص البائع في الرد الى المشتري، أو الى وكيله: و هو الحاكم، مع أن شخصه في الرد دخيل في متن العقد، لا وارثه.

فبراءة ذمته ليس لاجل ذلك، بل لاجل الظهور المذكور.

(3) مرجع الضمير يحتمل امرين:

(الاول): البائع اي كما تبرأ ذمة البائع عن اشتغالها للمشتري بدفع وارثه الثمن الى المشتري.

كذلك تبرأ ذمة البائع لو دفع وليه الثمن الى المشتري لو عرض الجنون مثلا عليه.

(الثاني): المشتري اي كما تبرأ ذمة البائع من اشتغالها لو رد الثمن الى وارث المشتري عند موته.

كذلك تبرأ ذمته لو دفع الثمن الى ولي المشتري لو عرضه جنون.

فكلما قلنا في الوارث يأتي في ولي البائع، أو المشتري.

(4) خلاصة الدعوى إن مبنى تصرف الحاكم في مال الغائب

ص: 80

الحفظ و المصلحة، و الثمن قبل رده باق على ملك البائع، و قبضه (1) عنه الموجب لسلطنة البائع على الفسخ: قد (2) لا يكون مصلحة للغائب، أو شبهه، فلا يكون وليا في القبض فلا يحصل ملك المشتري المدفوع بعد الفسخ.

مدفوعة (3) بأن هذا ليس تصرفا اختياريا من قبل الولي حتى

+++++++++++

إنما هو لاجل الاحتفاظ على ماله، ليؤمن من الضياع و التلف أو لاجل مصلحة تعود إلى الغائب، مع أن الثمن باق على ملك البائع بعده حيث لم يخرجه عن ملكه قبل رده إلى المشتري فلم يدخل في ملك المشتري حتى يصح للحاكم التصرف فيه.

فكيف يحكم بصحة تصرف الحاكم في الثمن؟

(1) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه من الممكن القول بصحة تصرف الحاكم في الثمن ببيان أنه يأخذه من البائع، ليكون الاخذ موجبا لسلطنة البائع على الفسخ، فاذا صار قادرا على الفسخ يفسخ فيصح حينئذ للحاكم التصرف في الثمن، ليحرسه من التلف، حسبة و مصلحة للمشتري.

(2) جواب عن الوهم المذكور:

خلاصته إن اخذ الحاكم المال من البائع و قبضه منه على التقرير المذكور قد لا يكون فيه مصلحة و إذا لم يكن هناك مصلحة فلا ولاية للحاكم على الغائب في الاخذ و اذا فقدت الولاية فلا ملكية للمشتري فلا يصح للحاكم التصرف في الثمن بدفع البائع إلى الحاكم.

(3) جواب عن الدعوى المذكورة.

خلاصته إن تصرف الحاكم في هذه الموارد ليس تصرفا اختياريا

ص: 81

يناط بالمصلحة، بل (1) البائع حيث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب يصح له الفسخ، اذ (2) لا يعتبر فيه قبول المشتري أو وليه للثمن حتى يقال: إن ولايته في القبول متوقفة على المصلحة.

بل المعتبر تمكين المشتري، أو وليه منه إذا حصل الفسخ.

+++++++++++

من تلقاء نفسه حتى يقال: إن تصرفه متوقف على وجود مصلحة و هنا لا مصلحة له فلا ولاية للحاكم فلا يجوز له التصرف.

بل تصرفه في هذه الموارد اجباري كتصرفه في أموال المجنون و السفيه و الصغير، ليحرس أموالهم فلا يناط تصرفه بالمصلحة حتى يقال: إن الثمن قبل الرد باق على ملك البائع فلا ولاية للحاكم على التصرف.

(1) ترق منه قدس سره.

خلاصته إن لنا بالإضافة إلى ما قلناه: من أن تصرف الحاكم في هذه الموارد اجباري، لا اختياري حتى يناط بالمصلحة: دليل آخر و هو أن فسخ البائع غير متوقف على قبول المشتري، أو وليه للثمن حتى يقال: إن الثمن قبل رده إلى المشتري باق على ملك البائع حتى لا يصح للحاكم التصرف فيه، بل للبائع الفسخ بمجرد أن يجد من يكون منصوبا من قبل الشارع.

(2) تعليل لصحة فسخ البائع إذا وجد من كان منصوبا من قبل الشارع.

خلاصته إنه لا يعتبر في الفسخ قبول المشتري، أو وليه للثمن حتى يقال: إن ولاية الحاكم في التصرف متوقفة على المصلحة و لا مصلحة هنا فلا يجوز له التصرف.

ص: 82

و مما ذكرنا (1) يظهر (2) جواز الفسخ برد الثمن إلى عدول المؤمنين، ليحفظوها حسبة عن الغائب و شبهه.

و لو اشترى الأب للطفل بخيار (3) البائع.

فهل يصح له (4) الفسخ مع رد الثمن إلى الولي الآخر: اعني

+++++++++++

بل المعتبر تمكين المشتري، أو وليه من اخذ الثمن بعد حصول الفسخ من البائع حتى يعطي الحاكم الثمن إلى المشتري بعد حضوره.

(1) و هو أن للبائع حق الفسخ متى وجد من كان منصوبا من قبل الشارع، و أنه لا يعتبر في الفسخ قبول المشتري، و أن تمكينه كاف في ذلك.

(2) وجه الظهور هو أن الملاك في إعطاء الثمن للحاكم، أو لعدول المؤمنين عند عدم وجود الحكام: هو حفظ مال الغائب من التلف و الضياع.

فهذا المناط شيء واحد في الحكام و العدول فلا فرق في الإعطاء للمشتري عند وجوده، و إلى الحاكم عند عدمه، و إلى العدول عند عدم الحكام.

و لا يخفى أن ولاية الحكام و العدول طولية: بمعنى أن ولاية الحكام عند عدم وجود المشتري، و ولاية العدول عند عدم وجود الحكام، و ليست ولايتهما عرضية في عرض ولاية المشتري حتى يجوز اعطاء الثمن إلى المشتري، أو إلى الحاكم، أو إلى العدول.

(3) اي بجعل البائع الخيار لنفسه في متن العقد.

(4) اي لهذا البائع الذي جعل الخيار لنفسه.

ص: 83

الجد مطلقا (1)، أو مع (2) عدم التمكن من الرد إلى الأب أولا (3)؟ وجوه (4).

+++++++++++

(1) اي سواء تمكن البائع من رد الثمن إلى الأب أم لا.

(2) اي أو يصح للبائع الفسخ ورد الثمن إلى الجد اذا لم يتمكن من رده إلى الأب.

(3) اي أو لا يصح للبائع الفسخ مطلقا، سواء تمكن من رد الثمن إلى الأب أم لا، و سواء تمكن من رده إلى الجد أم لا.

(4) و هي ثلاثة.

أليك شرح الأقوال.

(الاول) جواز الفسخ للبائع مع رد الثمن الى الولي الآخر و هو الجد الابي، سواء تمكن من رد الثمن الى الأب أم لا.

و سببه إن ولاية الجد في عرض ولاية الأب، فولايتهما في درجة واحدة، و منزلة متساوية، فيصح لاحدهما الشراء، و للآخر اخذ الثمن من البائع.

(الثاني) جواز الفسخ للبائع و دفع الثمن الى الجد اذا لم يمكن رده الى الأب.

و سببه قيام الأب مقام الصغير، فالدفع الى الأب دفع إليه الذي هو صاحب المتاع المشتري، فالاب بمنزلة الطفل و نفسه، فتسلمه الثمن من البائع كأنما تسلمه الصغير.

(الثالث): عدم جواز الدفع إلى الجد مع التمكن من الرد إلى الأب و سببه إن مورد دليل الدفع هو المشتري، فاذا دفع إلى غيره يشك في براءة ذمته فنستصحب لزوم العقد عند دفع الثمن إلى الولي الآخر مع التمكن من الرد إلى الأب، خرج عن هذا اللزوم دفع الثمن إلى ولي الطفل: و هو الأب و بقي الجد تحت قاعدة أصالة اللزوم في العقد

ص: 84

و يجري مثلها (1) فيما لو اشترى الحاكم للصغير فرد البائع الى حاكم آخر، و ليس (2) في قبول الحاكم الآخر مزاحمة للاول حتى

+++++++++++

و لا يخفى أن اشتراط رد الثمن إلى الأب في متن العقد يتصور على وجوه ثلاثة:

(الاول) الرد إليه بما هو اب فهنا لا بدّ من الرد إليه.

(الثاني) الرد إلى الأب بما هو ولي الطفل، فهنا يعم العنوان الجد أيضا، فيصح للبائع رد الثمن الى الجد و إن كان متمكنا من الرد الى الأب.

(الثالث) الرد الى ذات الأب، من دون أن يكون هناك نظر إلى عنوان الولاية، أو الى خصوصية للاب بما هو اب، فهنا لا يقوم الجد مقام الأب، و إن قلنا بقيام الحاكم مقامه، لأن ولاية الحاكم معنونة بعنوان قيامه مقام الولي الموجب لتقدم رتبته على الجد.

(1) اي مثل هذه الوجوه الثلاثة التي جرت في شراء الأب للصغير يجري في شراء الحاكم للصغير اذا رد البائع الثمن الى حاكم آخر غير الحاكم الاول. فكلما قلناه هناك يأتي هنا، من دون فرق بينهما.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم إن هنا مانعا آخر عن فسخ البائع اذا رد الثمن إلى حاكم آخر غير الحاكم الاول الذي اشترى للطفل: و المانع هو احتمال كون الدفع الى الحاكم الثاني مزاحما للحاكم الاول، فلا ولاية للحاكم الثاني حينئذ على الطفل فلا يكون بمنزلة المالك في هذا التصرف فلا يصح الرد إليه، لأن المفروض دفع المال الى الحاكم الاول، لكونه ذا ولاية يصح له التصرف في المال.

ص: 85

لا يجوز قبوله للثمن، و لا تجري (1) ولايته(1) بالنسبة إلى هذه المعاملة بناء (2) على عدم جواز مزاحمة حاكم لحاكم آخر في مثل هذه الامور (2)لما (3) عرفت: من أن اخذ الثمن من البائع ليس تصرفا اختياريا.

بل البائع إذا وجد من يجوز أن يتملك الثمن من المشتري عند فسخه جاز له الفسخ، و ليس في مجرد تملك الحاكم الثاني الثمن من المشتري مزاحمة للحاكم الاول.

+++++++++++

نظير هذا ما لو كان للمالك وكيلان:

احدهما وكيل في البيع، و الآخر في الشراء، فلا يصح دفع الثمن لو اشتري ممن كان وكيلا في البيع إلا إليه.

اجاب قدس سره عن هذا الوهم ما حاصله:

إن في قبول الحاكم الثاني المال ليس مزاحمة للحاكم الاول حتى يقال: لا يجوز له اخذ الثمن، لعدم ولاية له.

(1) عطف على جملة و ليس في قبول الحاكم اي و ليس في قبول الحاكم الثاني المال مزاحمة للحاكم الاول حتى لا تجري ولاية الحاكم الثاني على المعاملة الصادرة من الحاكم الاول بالنسبة للصغير.

(2) تعليل لعدم مزاحمة قبول الحاكم الثاني للحاكم الاول في هذه المعاملة.

خلاصته إن عدم وجود المزاحمة هنا مبني على عدم جواز مزاحمة حاكم لحاكم آخر في مثل هذه الامور.

و أما على القول بجواز المزاحمة فلا شك في جواز اخذ الحاكم الثاني الثمن من البائع.

(3) تعليل لجريان ولاية الحاكم الثاني بالنسبة إلى هذه الامور و كلمة من بيان لما عرفت.

ص: 86


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

غاية الامر وجوب دفعه (1) إليه، مع احتمال عدم الوجوب (2) لأن (3) هذا ملك جديد للصغير لم يتصرف فيه الحاكم الاول، فلا مزاحمة.

لكن (4) الأظهر أنها مزاحمة عرفا.

الأمر السابع إذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له ذلك إلا برد الجميع.

(الامر السابع) (5).

إذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثمن(1) لم يكن له ذلك (6) إلا برد الجميع.

فلو (7) رد بعضه لم يكن له الفسخ، و ليس للمشتري التصرف في المدفوع إليه، لبقائه (8) على ملك البائع.

+++++++++++

(1) اي وجوب دفع الثمن الى الحاكم الاول.

(2) اي مع احتمال عدم وجوب دفع الثمن إليه.

(3) تعليل لاحتمال عدم وجوب الدفع إليه.

و خلاصته إن اخذ الحاكم الثاني الثمن من البائع للصغير ملك جديد له لم يتصرف فيه الحاكم الاول، فلا مزاحمة في اخذ الحاكم الثاني مع وجود الحاكم الاول.

(4) عدول عما افاده: من عدم مزاحمة الحاكم الثاني للحاكم الاول في اخذ الثمن من البائع: اي الأظهر أن ولاية الحاكم الثاني للحاكم الاول مزاحمة فلا يصح له اخذ الثمن.

(5) اي من الامور الثمانية المذكورة في الهامش 11 ص 13.

(6) اي لم يكن للبائع فسخ البيع إلا برد جميع الثمن بكامله.

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم حق الفسخ للبائع اذا لم يرد جميع الثمن بكامله: اي ففي ضوء ما ذكرناه لو رد بعض الثمن فليس له حق الفسخ، و لا يجوز للمشتري التصرف في هذا البعض.

(8) تعليل لعدم جواز تصرف المشتري في هذا البعض.

ص: 87


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الظاهر أنه (1) ضامن له لو تلف إذا دفعه إليه على وجه الثمنية إلا (2) أن يصرح بكونه أمانة عنده إلى أن يجتمع قدر الثمن فيفسخ البائع و لو شرط البائع الفسخ في كل جزء برد ما يخصه (3) من الثمن جاز الفسخ فيما قابل المدفوع، و للمشترى خيار التبعيض (4) إذا لم يفسخ البائع بقية المبيع و خرجت المدة.

و هل له (5) ذلك قبل خروجها؟

+++++++++++

(1) اي المشتري ضامن لهذا الثمن الناقص لو تلف عنده لو دفعه البائع إليه على أنه من الثمن، بناء على قاعدة: (على اليد ما اخذت حتى تؤدي)، فعلى القول بالضمان إن كان التالف مثليا يجب عليه المثل، و إن كان قيميا وجب عليه القيمة.

(2) استثناء عن الضمان الذي قاله: اي عدم الضمان متوجه لو قال البائع للمشتري: إن هذا الثمن الناقص يكون عندك امانة حتى ادفع البقية، لعدم شمول القاعدة له، لخروجه عنها.

(3) اي يخص الجزء.

خلاصة ما افاده إنه لو باع شخص داره لشخص آخر و اشترط لنفسه حق الفسخ في كل جزء من الدار بمقدار ما يسلمه إلى المشتري من الثمن، فلو ببعت الدار بالف دينار مثلا ثم دفع البائع قبل مضيّ زمن الخيار مائتي و خمسين دينارا: اي ربع قيمة الدار، فللبائع هنا حق الفسخ بمقدار ربع الدار مشاعا، و ليس له أزيد من ذلك.

(4) لأن دفع بعض الثمن موجب حق خيار التبعيض للمشتري.

(5) اي و هل للمشتري حق خيار التبعيض قبل مضي زمن بيع شرط الخيار، أو ليس له ذلك؟

ص: 88

الوجه ذلك (1).

و يجوز اشتراط الفسخ في الكل برد جزء معين (2) من الثمن في المدة، بل بجزء غير معين، ليبقى الباقي في ذمة البائع بعد الفسخ

الأمر الثامن: كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن.

(الامر الثامن) (3):

كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن.

كذا يجوز للمشتري اشتراط الفسخ برد المثمن (4)

و لا (5) إشكال في انصراف الاطلاق إلى العين،

+++++++++++

(1) هذا رأيه قدس سره حول الخيار، و عدمه في الفرض المذكور اي و للمشتري حق خيار التبعيض قبل مضي زمن شرط بيع الخيار لحصول سبب الخيار: و هو التبعيض.

(2) اي بجزء معين من الثمن كمائة دينار، أو مائتي دينار، و نحوهما من مقدار ثمن الدار المبيعة.

و المراد من جزء غير معين هو الجزء الذي ليس له تعين في مرحلة الاشتراط و إن كان يتعين قهرا بعد الرد.

(3) اي من الامور الثمانية المذكورة في الهامش 11 ص 13.

(4) و هي العين المبيعة: بأن يقول المشتري للبائع حين إجراء العقد في متنه: لو رددت عليك المبيع بعد مضي سنة مثلا لي حق الفسخ، لأنه شرط سائغ يشمله قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم.

(5) اي و لا إشكال في صورة جواز اشتراط المشتري فسخ العقد برد المثمن و هي العين المبيعة: انصراف مثل هذا الاطلاق إلى العين المأخوذة من البائع، لا إلى غيرها: من الأعيان الخارجية لو كان

ص: 89

و لا (1) في جواز التصريح برد بدلها مع تلفها، لأن (2) مرجعه إلى اشتراط الخيار برد المبيع مع وجوده، و بدله مع تلفه، و عدم (3) بقاء مال البائع عند المشتري بعد الفسخ.

و في جواز اشتراط (4) رد بدله و لو مع التمكن من العين إشكال:

من (5) أنه خلاف مقتضى الفسخ، لأن مقتضاه رجوع كل من العوضين إلى صاحبه، فاشتراط البدل اشتراط للفسخ على وجه غير مشروع.

+++++++++++

الفسخ من قبل المشتري.

(1) اي و كذا لا إشكال في جواز التصريح من قبل المشتري في صورة جواز الفسخ من قبله لو رد المبيع برد بدل العين إذا تلفت أو سرقت، أو غصبت و لم يمكن الحصول عليها.

(2) تعليل لعدم إشكال في انصراف الاطلاق، و في جواز التصريح برد بدل.

إن مآل هذا الاشتراط إلى اشتراط الخيار برد المبيع مع وجود؟؟؟ و برد تلفه مع تلفه، و مآله أيضا إلى عدم بقاء مال البائع عند المشتري لو فسخ البائع.

(3) بالجر خفضا على مجرور إلى في قوله: إلى اشتراط الخيار اي و مآل هذا إلى اشتراط عدم بقاء كما؟؟؟:

(4) اي اشتراط المشتري

(5) دليل لعدم جواز الاشتراط المذكور.

خلاصته إن الاشتراط المذكور مخالف لمقتضى الفسخ و مناف له لأن مقتضاه؟؟؟ كل واحد من العوضين الذين تسلمهما المتبايعان إلى صاحبه:؟؟؟ يرجع الثمن بعينه إلى المشتري، و المثمن بعينه إلى البائع.

ص: 90

بل (1) ليس فسخا حقيقيا.

نعم (2) لو اشترط رد التالف بالمثل في القيمي، و بالقيمة في المثلي امكن الجواز، لأنه بمنزلة اشتراط ايفاء ما في الذمة بغير جلسه، لا اشتراط ضمان التالف المثلي بالقيمة، و القيمي بالمثل

و لا اشتراط رجوع غير ما اقتضاه العقد إلى البائع، فتأمل (3).

+++++++++++

(1) هذا ترق منه قدس سره حول الاشتراط المذكور.

خلاصته إن الفسخ ليس فسخا في الواقع، لأنك عرفت أن مقتضى الفسخ هو رجوع كل واحد من العوضين إلى صاحبه و هنا لم يتحقق مفهوم ذلك.

(2) استدراك عما افاده: من عدم جواز اشتراط رد بدل المعين مع التمكن من ردها.

خلاصته إنه من الممكن أن يقال: إنه يجوز الاشتراط المذكور لو اشترط رد التالف بالمثل إذا كان التالف قيميا، و بالقيمة إذا كان مثليا، لأن هذا الاشتراط بمنزلة اشتراط ما في الذمة بغير جنسه و ليس من قبيل اشتراط ضمان التالف المثلي بالقيمة، و القيمة بالمثلي.

و ليس أيضا من قبيل اشتراط رجوع غير مقتضى العقد إلى البائع حتى يقال بعدم تحقق مفهوم الفسخ.

أو يقال: إن الفسخ ليس فسخا حقيقيا مع الاشتراط المذكور.

(3) اشارة إلى عدم صحة الاستدراك المذكور، لأن اشتراط ايفاء ما في الذمة بغير جنسه إنما يتحقق لو كان ذلك بعد استقراره في الذمة كتحويل الدراهم التي في ذمة زيد المدين إلى الدنانير و هنا ليس كذلك.

ص: 91

و يجوز اشتراط الفسخ لكل منهما برد ما انتقل إليه، أو بدله و اللّه العالم.

مسألة: لا إشكال و لا خلاف في عدم اختصاص خيار الشرط بالمبيع و جريانه في كل معاوضة لازمة
اشارة

(مسألة) (1):

لا إشكال و لا خلاف في عدم اختصاص خيار الشرط بالمبيع و جريانه (2) في كل معاوضة لازمة كالاجارة و الصلح و المزارعة و المساقاة.

+++++++++++

(1) اي المسألة السابعة من المسائل السبع التي ذكرت في الجزء الرابع عشر من المكاسب: في الهامش 5 ص 234.

(2) بالجر عطفا على مدخول (في الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

في عدم: اي و لا إشكال أيضا في جريان خيار الشرط في كل معاوضة اعلم أنه لا بدّ قبل الشروع في جريان خيار الشرط، أو عدمه من ذكر أقسام المعاوضات المتداولة بين العرف، ليعلم القارئ النبيل أن خيار الشرط في أي قسم منها يجري، و في أي قسم منها لا يجري و الذي يجري فيه.

هل هو متفق عليه، أو محل الخلاف؟

فنقول بعون اللّه تبارك و تعالى: إن المعاوضات إما من العقود أو الايقاعات، و المعاوضات إما مشتملة على المال من الجانبين كالبيع أو ليس كذلك.

و الثاني إما مشتمل على المال من احد الجانبين فقط كالوقف، أو لا يشتمل على المال اصلا كالوكالة، اذ الغالب فيها مجانا و بلا عوض

ص: 92

بل قال في التذكرة: الأقرب عندي دخول الشرط (1) في كل عقد معاوضة، خلافا للجمهور (2).

+++++++++++

أما العقود اللازمة فجريان الخيار فيها مبني على امرين:

(الاول) عدم كون اللزوم من مقتضيات ذات العقد: بحيث لو اشترط الخيار فيها لخرجت المعاملة عن كونها لازمة ذاتا.

(الثاني) إنه لا بدّ من كون السلطنة على العقد تحت يد المتعاقدين و تصرفهما ابقاء و فسخا كسلطنتهما عليه إحداثا و ايجادا: بحيث لو ارادا حلّه لتمكنا من ذلك، إذا عرفت هذين الامرين.

فاعلم أن جريان الخيار في بعض موارد العقود اللازمة كالبيع و الاجارة و المزارعة و المساقاة و الصلح، لا في جميعها، لأن اللزوم في العقود المذكورة ليس من مقتضيات ذاتها، لا لغة، و لا عرفا، و لا شرعا.

بالإضافة إلى أن المتعاقدين لهما السلطنة على العقد في الفسخ و الإبقاء كسلطنتهما عليه إحداثا فلهما حلّه متى شاءا، و ارادا.

و أما في مثل الوقف و النكاح و العتق و الطلاق فلا يجري الخيار فيها، لكون اللزوم فيها من مقتضيات ذاتها شرعا، و ليس للمتعاقدين حق الفسخ و الحلّ.

نعم لكل واحد منهما حق الفسخ في النكاح في العيوب الموجودة في الرجل، أو المرأة الموجبة للفسخ، فلا اثر لجريان الخيار فيها بعد أن كانت لازمة بالذات.

(1) اي شرط الخيار.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 341.

ص: 93

و مراده (1) ما يكون لازما: لأنه (2) صرح بعدم دخوله في الوكالة و الجعالة، و القراض و العارية و الوديعة، لأن (3) الخيار لكل منها دائمي، فلا معنى لدخول خيار الشرط فيها (4). و الاصل فيما ذكر (5) عموم: المؤمنون عند شروطهم (6).

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري: اي مراد العلامة من كل عقد معاوضة هي العقود اللازمة.

(2) تعليل لكون مراد العلامة من كل عقد معاوضة العقود اللازمة اي دليلنا على ذلك تصريح العلامة بعدم دخول الخيار، في الوكالة و العارية و القراض.

(3) تعليل من العلامة لعدم دخول خيار الشرط في العقود الجائزة

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 241 عند قوله: و أما الوكالة و العارية.

(5) اي الدليل لجريان خيار الشرط في العقود اللازمة.

(6) فإن كلمة شروطهم عامة تشمل كل شرط يجري فيما بين المتعاقدين من المؤمنين: و من جملة الشروط شرط الخيار في العقود اللازمة.

و أما الحديث فراجع (التهذيب) الجزء 7 ص 371 الحديث 66 طباعة مطبعة النعمان عام 1380.

و لا يخفى عليك أن الحديث في الكافي و وسائل الشيعة هكذا:

المسلمون عند شروطهم.

راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 404 الحديث 8.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 - الحديث 1-5.

ص: 94

بل الظاهر المصرح به في كلمات جماعة دخوله (1) في غير المعاوضات:

من العقود اللازمة و لو من طرف واحد، بل اطلاقها (2) يشمل العقود الجائزة، إلا (3) أن يدعى من الخارج عدم معنى للخيار في

+++++++++++

(1) اي دخول شرط الخيار في غير المعاوضات كالصلح على غير الأموال كالصلوات على محمد و آله الطاهرين، و كالهبة لذى رحم و غير المعوضة.

(2) اي بل اطلاق كلمات جماعة من العلماء بشمل العقود الجائزة أيضا كالوكالة و الجعالة و القراض و العارية و الوديعة.

(3) هذه العبارة محتاجة إلى شرح أبسط و أكثر.

فقول: إن منشأ عدم تصور معنى لخيار الشرط في العقود الجائزة احد الامور الثلاثة كما استفدناه من تعليقة شيخنا المحقق الاصفهاني قدس سره على المكاسب الجزء 2 - ص 34.

(الاول) إنه من باب تحصيل الحاصل، لأن المقصود من جعل الخيار هو التسلط على الفسخ، و معلوم أن السلطنة على العقود الجائزة حاصلة لها دوما بحيث لا ينفك الفسخ عن السلطنة ابدا في جميع الأزمان لأن الفسخ من لوازمها الذاتية، فلا يحتاج المتعاقدان للتسلط على الفسخ إلى شرط الخيار لها في متن العقد، و لذا لا يسقط باسقاطه.

و اجاب قدس سره عن الإشكال بما حاصله:

إن محالية تحصيل الحاصل عقلا إنما هو فيما لو اريد من شرط الخيار ايجاد الموجود بنفس العقد، و أما لو اربد ايجاد فرد آخر مماثل للموجود فليس هذا من باب تحصيل الحاصل حتى يكون محالا عقليا.

(الثاني) لزوم اجتماع مثلين في شيء واحد أو تأثير سببين في

ص: 95

..........

+++++++++++

مسبب واحد لو قلنا بجريان شرط الخيار في العقود الجائزة، و هو محال.

و المراد من المثلين، أو السببين هما:

العقد و شرط الخيار، لأن السلطنة على الفسخ من لوازم العقود الجائزة كما علمت، فالجواز سبب للفسخ، و شرط الخيار سبب آخر له فاجتمع المثلان، أو السببان على مسبب واحد: و هو الفسخ.

و لا يخفى عليك أن للفقهاء تعابير مختلفة في هذا المحذور العقلي فعبر عنه العلامة قدس سره ب: (اجتماع مثلين) بقوله: قال الشيخ رحمه اللّه: المبدأ انقضاء خيار المجلس بالتفرق، لا من حين العقد و هو احد قولي الشافعية.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 331.

و عبر عنه المحقق التستري قدس سره في المقابس ب: (اجتماع علتين) في قوله: إن الثابت قيل التفرق إما خياران، أو خيار واحد، فإن كان الثابت خيارين لزم اجتماع مثلين، و إن كان واحدا بسببين:

المجلس، و كون المبيع حيوانا: لزم اجتماع علتين على معلول واحد.

و لعل نظريته قدس سره إلى ما افاده المشهور: من أن من شرط استحالة اجتماع المثلين هي وحدة الجهة، و أما اذا تعددت الجهة فلا استحالة في اجتماعهما.

و للمحقق الاصفهاني قدس سره رد على مقالته ردا فلسفيا دقيقا ليس هنا محل ذكره راجع المصدر المذكور في الهامش 3 ص 95.

و عبر عن المحذور المذكور شيخنا الانصاري قدس سره ب: (اجتماع سببين) في قوله في المكاسب الجزء 14 ص 140: و بلزوم اجتماع سببين على مسبب واحد.

ص: 96

..........

+++++++++++

و للشيخ صاحب الجواهر قدس سره في الدفع عن المحذور المذكور جواب آخر، أليك نصه.

و الخيار واحد بالذات، مختلف بالاعتبار، فلا يجتمع المثلان و فائدته البقاء باحد الاعتبارين مع سقوط الآخر فلا يتداخل السببان و الأسباب الشرعية معرفات لا مؤثرات فلا استحالة في اجتماعهما كما اجتمعت في المجلس و العيب و خيار الرؤية.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 28.

(الثالث): لزوم اللغوية في خيار الشرط في العقود الجائزة لأن الغرض من اشتراطه هي السلطنة على فسخ العقد و حله متى شاء المتعاقدان و ارادا، و هذا المعنى حاصل بنفس العقد الجائز، من دون احتياجه إلى الشرط المذكور.

و اجاب المحقق الاصفهاني قدس سره عن الإشكال المذكور ما حاصله:

إن الخيار الذي يحصل بالشرط عبارة عن ثبوت حق للمتعاقدين أو لاحدهما لحل العقد و فسخه مع ترتب فوائد هذا الحق: من حيث امكان المصالحة عليه، و بقائه مع التصرف و التلف، و انتقاله إلى الوارث، و نحو ذلك:

و هذه غير متحققة في الحكم الذي هو مجرد جواز الرجوع عن الفسخ و من الواضح إن الذي يصلح لان يكون مجعولا بالشرط ليس إلا حق حلّ العقد، لا السلطنة التكليفية و الوضعية، لأن مرجع الاولى إلى الترخيص في الرجوع، و مرجع الثانية إلى القدرة على الفسخ و الرجوع لنفوذ انشائه منه، و كلتاهما مترتبة على حق الفسخ.

ص: 97

العقود الجائزة و لو من طرف واحد.

فعن (1) الشرائع و الارشاد و الدروس و تعليق الارشاد، و مجمع البرهان و الكفاية: دخول خيار الشرط في كل عقد، سوى النكاح (2) و الوقف و الطلاق و العتق.

و ظاهرها (3) ما عدا الجائز، و لذا (4) ذكر نحو هذه العبارة في التحرير بعد ما منع الخيار في العقود الجائزة.

+++++++++++

و ليس المراد أن الحق مترتب عليهما، و أن الخيار في لسان الأخبار مساوق للسلطنة.

فظهر من جميع ما ذكر جواز اشتراط الخيار في العقود الجائزة.

هذه هي الامور الثلاثة التي لكل واحد منها مدخلية في عدم تصور معنى لجعل الخيار في العقود الجائزة.

و قد استفدناها من تعليقة شيخنا المحقق الاصفهاني قدس سره.

راجع تعليقته على (المكاسب) الجزء 2 ص 47-48.

(1) من هنا اخذ قدس سره في الاستشهاد بكلمات الأعلام لما ادعاه: من عدم معنى للخيار في العقود الجائزة، فاول كلام استشهد به كلام المحقق قدس سره في الشرائع.

(2) إخراج النكاح و الوقف و الابراء و الطلاق و العتق، عن دخول الخيار فيها، لكونها من الايقاعات و هي لا يتصور فيها التعليق.

(3) اي ظاهر هذه الكلمات أن شرط الخيار يجري في غير العقود الجائزة.

(4) تعليل لكون ظاهر الكلمات عدم دخول الخيار في العقود الجائزة اي و لاجل هذا الظهور ذكر مثل هذه العبارة العلامة قدس سره في التحرير:

ص: 98

و كيف كان (1) فالظاهر عدم الخلاف بينهم (2) في أن مقتضى عموم أدلة الشرط (3) الصحة في الكل و إنما الإخراج لمانع، و لذا (4)

+++++++++++

(1) يعني أي شيء قلنا في العقود الجائزة: من حيث جريان الخيار فيها، أو عدم الجريان.

(2) اي بين الفقهاء.

(3) المراد من عموم أدلة الشرط هو قوله صلى اللّه عليه و آله:

و المسلمون عند شروطهم.

المسلمون عند شروطهم.

إن المسلمين عند شروطهم.

راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 404 الحديث 4.

و راجع (التهذيب) الجزء 8 ص 368 الحديث 8 و ص 269 - الحديث 12.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 6 الحديث 1-5.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المؤمنون عند شروطهم.

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 371 - الحديث 66.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 15 ص 30 الباب 20 الحديث 4.

حاصل كلامه إن مقتضى عموم هذه الأدلة هو جريان الخيار في جميع العقود لازمة كانت أو جائزة، إلا أن العقود الجائزة خرجت بدليل خاص.

(4) اي و لاجل أن مقتضى عموم الأدلة دخول الخيار في جميع العقود حتى الجائزة.

ص: 99

قال في الدروس بعد حكاية المنع من دخول خيار الشرط في الصرف عن الشيخ قدس سره: إنه (1) لم يعلم وجهه، مع (2) عموم صحيحة ابن سنان: المؤمنون عند شروطهم.

+++++++++++

(1) هذا مقول قول الشهيد في الدروس: اي لم يعلم وجه عدم دخول الخيار في بيع الصرف مع تلك الأدلة.

(2) إشكال آخر من الشهيد على ما افاده الشيخ: من عدم دخول الخيار في بيع الصرف: اي و لنا بالإضافة إلى تلك الأدلة دليل آخر و هو عموم صحيحة ابن سنان و هو قوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم فعموم هذا يشمل بيع الصرف، فلا وجه لمنع دخول الخيار في بيع الصرف.

و لا يخفى عليك إن حديث المؤمنون عند شروطهم ليس مرويا عن ابن سنان، بل هو مروي عن منصور بزرج.

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 371 - الحديث 66.

و أما المروي عن ابن سنان فهو المسلمون عند شروطهم.

و قد عرفت مصدره في الهامش 3 ص 99.

و أما وجه ما افاده الشيخ في عدم جريان الخيار في بيع الصرف فهو أن الصرف محتاج إلى التقابض حتى يصير البيع لازما فاذا جعل فيه الخيار فلا يحصل التقابض، لأنه من المحتمل اختيار الفسخ فلا يتحقق اللزوم، مع أنه لا بدّ من اللزوم. و استفدنا هذا من عبارة الشيخ في المبسوط.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 79 باب خانه حيدري عند قوله: و أما خيار الشرط.

ص: 100

فالمهم هنا (1) بيان ما خرج عن هذا العموم (2).

عدم جريان خيار الشرط في الإيقاعات

فنقول: أما الايقاعات فالظاهر عدم الخلاف في عدم دخول الخيار فيها كما يرشد إليه (3) استدلال الحلي في السرائر(1) على عدم دخوله (4) في الطلاق بخروجه عن العقود.

+++++++++++

و افاد العلامة في هذا المقام ردا على الشيخ قدس سرهما بمنع الملازمة المذكورة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 341 عند قوله: فالسلم يدخله خيار الشرط.

(1) اى في مسألة بيع خيار الشرط.

(2) و هو عموم الأخبار المتقدمة في الهامش 3 ص 99 الدالة على جريان الخيار في مطلق العقود جائزة كانت أو لازمة.

(3) اي إلى عدم الخلاف في عدم دخول الخيار في الايفاعات.

(4) اي عدم دخول الخيار في الطلاق بسبب خروجه عن العقود لأنه من الايقاعات.

ص: 101


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قيل (1): لأن المفهوم من الشرط ما كان بين اثنين كما (2)

+++++++++++

(1) من هنا اخذ قدس سره في الاستشهاد بكلمات الأعلام في عدم وقوع الخيار في الايقاعات و قائل القيل هو السيد بحر العلوم قدس سره في مصابيحه.

خلاصة ما افاده هناك إن الايقاعات بنيت على النفوذ و التحقيق بمجرد اجراء الصيغة، و اشتراط الخيار فيها مناف مع النفوذ، فإن المطلّق عند اجراء صيغة الطلاق يقطع علاقة الزوجية بينهما و يجب عليها الاعتداد، و يحرم عليها التزويج بآخر و هي في العدة.

بالإضافة إلى أن مفهوم الشرط وقوعه بين اثنين: المشترط، و المشترط عليه اذ لو لا الاثنينية لما تحقق مفهوم الشرط في الخارج، لأن الاثنينية من مقوماته.

بخلاف الايقاع، فإن تحققه خارجا غير متوقف على اثنين، بل يتحقق بوجود واحد الذي هو مجري الصيغة، فقوامه بواحد.

(2) من متممات كلام السيد بحر العلوم اي ما قلناه: من أن مفهوم الشرط قائم باثنين هو المستفاد من الأحاديث الشريفة الواردة في بيع شرط الخيار.

أليك نص صحيحة ابن سنان.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له، و لا يجوز على الذي اشترط عليه.

أليك نص حديث الحلبي.

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا و كان المال دينا عليهما فقال احدهما لصاحبه اعطني رأس المال و الربح

ص: 102

نبهت عليه جملة من الأخبار، و الايقاع إنما يقع بواحد (1).

و فيه (2) إن المستفاد من الأخبار كون الشرط قائما بشخصين:

+++++++++++

لك و ما توى عليك؟

فقال(1): لا بأس به إذا اشترط عليه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 353 الباب 16 الحديث 1-4، فالحديثان صريحان في احتياج الشرط إلى اثنين و تقومه بشخصين: المشترط و المشترط عليه.

(1) راجع (المصابيح) كتاب البيع - قسم الخيارات - المصباح السادس عند قوله: لابتناء الايقاع على النفوذ بمجرد الصيغة، فلا يدخله الخيار.

(2) من هنا اخذ في الرد على مقالة السيد بحر العلوم اي و فيما افاده نظر، لأن المستفاد من الأحاديث الواردة في شرط الخيار المذكورة في الهامش 4 ص 102 هو قيام خيار الشرط بشخصين و تقومه باثنين فهو مبدأ لعنوانين متضايفين كما هو صريح صحيحة ابن سنان المتقدمة في الهامش 2 ص 102، و الشخصان هما: المشروط له و المشروط عليه.

و ليس معنى التقوم بشخصين أن مورده و محله امر متقوم باثنين و هذه الاثنينية لا تتحقق إلا بفعل شخصين: الموجب و القابل، و على فرض لزوم القبول من جانب المشروط عليه فهو قبول للشرط، لا لتقوم الايقاع به حتى يلزم الخلف باشتراط الخيار: فالشرط في الايقاع امر ممكن صحيح لا يتنافى و نفوذه.

ص: 103


1- اي الامام عليه السلام.

المشروط و المشروط عليه، لا كونه (1) متوقفا على الايجاب و القبول.

ألا ترى (2) أنهم جوزوا أن يشترط في اعتاق العبد خدمة مدة تمسكا بعموم: المؤمنون عند شروطهم.

غاية (3) الامر توقف لزومه كاشتراط (4) مال على العبد: على قبول العبد على قول بعض، لكن (5) هذا غير اشتراط وقوع

+++++++++++

(1) اي و ليس معنى التقوم، و قد اشرنا إليه آنفا.

(2) استشهاد منه قدس سره لما افاده: من أنه ليس معنى التقوم بشخصين عدم تحققه إلا بفعل شخصين: الموجب و القابل.

خلاصته إن الفقهاء اجازوا اشتراط المولى على عبده عند إرادة عتقه: أن يخدمه مدة معينة تمسكا بقوله صلى اللّه عليه و آله: المسلمون عند شروطهم.

فالاشتراط هنا واقع بين اثنين و متقوم بهما لكنه لم يقع بين الموجب و القابل، بل بين المشترط و المشترط عليه.

(3) اي نهاية الامر توقف لزوم هذا الشرط على قبول العبد فإن قبل لزم و إلا فلا، و المراد من القبول هو قبول الشرط لا القبول الذي هو احد ركني العقد لأن هذا عتق و العتق من الايقاعات فلا معنى لتصور القبول فيه.

(4) تنظير لجواز صحة الاشتراط في الايقاعات.

خلاصته: إن صحة اشتراط الخدمة على العبد عند اعتاقه نظير اشتراط المولى على العبد دفع مال له عند عتقه.

فكما أن هذا جائز كذلك ذاك جائز.

(5) اي اشتراط الخدمة على العبد عند عتقه غير اشتراط وقوع

ص: 104

الشرط بين الايجاب و القبول.

فالأولى (1) في الاستدلال عليه، مضافا إلى امكان منع صدق

+++++++++++

الشرط بين الايجاب و القبول، فإن مثل هذا الشرط يصح وقوعه في الايقاعات، لأنه لا يكون تعليقا في الانشاء حتى يقال: إن الايقاعات بنيت على النفوذ و التحقق في الخارج بمجرد الانشاء و التعليق يتنافى و الانشاء.

(1) هذا رأيه قدس سره حول عدم جريان الخيار في الايقاعات خلاصة ما افاده في عدم الجريان شيئان:

(الاول) منع صدق الشرط على الايقاعات لغة و عرفا.

أما لغة فلكون الشرط موضوعا للالزام بالشيء و الالتزام به في البيع و غيره، و هذا المعنى لا يصدق إلا في العقود، سواء أ كانت لازمة أم جائزة، لوجود السلطنة على الفسخ بالشرط فيمكن الالزام بالشيء و الالتزام به.

و أما الايقاعات فالالزام بالشيء و الالتزام به فيها غير متصور لنفوذها بمجرد إنشاء الصيغة، فلا مجال للسلطنة على الفسخ فيها حتى تقبل الخيار.

و إلى هذا الدليل اشار بقوله: مضافا إلى امكان منع.

(الثاني) إن الفسخ في الايقاعات غير مشروع حتى يأتي فيها الخيار و تقبله، لأن الخيار عبارة عن اشتراط السلطنة على الفسخ و الايقاع لم يشرع فيه الفسخ، فلا معنى الاشتراط الخيار فيه، و ليس لنا على مشروعية الفسخ في الايقاعات دليل، لعدم العهد من الشارع اجازة نقض اثر الايقاعات بعد تحققها و وقوعها في الخارج.

ص: 105

الشرط و انصرافه (1)(1) خصوصا (2) على ما تقدم عن القاموس:

بعدم (3) مشروعية الفسخ في الايقاعات حتى تقبل (4)، لاشتراط (5) التسلط على الفسخ فيها(2) و الرجوع (6) في العدة ليس فسخا في

+++++++++++

بخلاف العقود، فان الدليل الشرعي جاء على مشروعية الاقالة فيها، و كذا جاء الدليل الشرعي على ثبوت خيار المجلس و الحيوان و الرؤية و الغبن و خيار الشرط فيها.

و إلى هذا الدليل اشار بقوله في هذه الصفحة بعدم مشروعية الفسخ.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 105: منع صدق اي و إلى امكان منع انصراف الشرط إلى الايقاعات: بمعنى أن الشرط لا ينصرف إليها اصلا و ابدا.

(2) اي و لا سيما نمنع صدق الشرط على الايقاعات و انصرافه إليها لغة و عرفا بناء على ما تقدم في الجزء 13 من المكاسب ص 55 عن القاموس في تعريف الشرط في قوله:

الشرط الزام الشيء و الالتزام به في البيع و نحوه.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: في الاستدلال اي الأولى في الاستدلال على عدم جريان الخيار في الايقاعات بعدم مشروعية الفسخ و قد عرفت معنى الأولوية في الهامش 1 ص 105 عند قولنا: الثاني.

(4) اي حتى تقبل الايقاعات الخيار.

(5) تعليل لعدم مشروعية الفسخ في الايقاعات.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 ص 105: فلا معنى.

(6) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه لو لم يتصور مجيء الخيار في الايقاعات لعدم

ص: 106


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الطلاق بل (1) هو حكم شرعي في بعض أقسامه لا يقبل (2) الثبوت في غير مورده بل (3) و لا السقوط في مورده.

و مرجع هذا (4) إلى أن مشروعية الفسخ لا بدّ لها من دليل و قد وجد في العقود من جهة مشروعية الاقالة، و ثبوت خيار المجلس و الحيوان، و غير هما في بعضها (5)، بخلاف الايقاعات، فانه لم يعهد من الشارع تجويز نقض اثرها بعد وقوعها حتى يصح اشتراط

+++++++++++

وجود دليل شرعي على مشروعية الخيار فيها.

فلم جاز الرجوع في الطلاق الرجعي؟ اذ الرجوع فيه فسخ للطلاق الذي هو من الايقاعات.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن الرجوع الى المرأة المطلقة رجعيا و هي في العدة حكم شرعي جاء و ثبت من قبل الشارع في هذا القسم من الطلاق، و لم يثبت في غيره: من بقية أقسام الطلاق، لأن الشارع قد اذن باستعادة تلك العلاقة الزوجية التى قطعها و حلها الطلاق إلى الرجوع إليها قولا أو فعلا.

(2) اي لا يقبل الطلاق الرجوع في غير مورد الطلاق الرجعي.

(3) اي كما أن هذا الحكم: و هو الرجوع الى الزوجة في الطلاق الرجعي لا يقبل السقوط او اراد الزوج إسقاطه، لأنه حكم شرعي و ليس بحق حتى يقبل الإسقاط.

(4) اي و مآل أن الخيار لا يجري في الايقاعات.

و قد عرفت معناه في الهامش 1 ص 105 عند قولنا: الثاني.

(5) اي في بعض العقود: و هي العقود اللازمة.

ص: 107

ذلك (1) فيها.

و بالجملة (2) فالشرط لا يجعل غير السبب الشرعي سببا، فاذا لم يعلم كون الفسخ سببا لارتفاع الايقاع، أو علم عدمه، بناء (3) على أن اللزوم في الايقاعات حكم شرعي كالجواز في العقود الجائزة:

فلا (4) يصير سببا باشتراط التسلط عليه في متن الايقاع.

+++++++++++

(1) اي الخيار في الايقاعات.

(2) اي خلاصة الكلام في سبب عدم جريان الخيار في الايقاعات هو عدم العلم بكون الفسخ فيها من الأسباب الشرعية لرفع اثر الايقاع بعد أن وقع، فاشتراطه فيها و الحالة هذه لا تجعل الفسخ سببا شرعيا فاذا لم يعلم سببيته شرعا، أو علمنا من الخارج عدم سببيته شرعا فلا مجال لجعله سببا لاشتراط التسلط عليه في متن الايقاع.

(3) اي عدم العلم المذكور مبني على أن اللزوم في الايقاعات حكم شرعي نظير الجواز في العقود الجائزة: من حيث عدم قابليتها شرعا للتغير عند الطواري.

و لا يخفى عليك أنه ليس المراد من اللزوم في العقود اللازمة أن اللزوم من الحقوق، و في الايقاعات من الأحكام، لأنه لو كان كذلك لكان قابلا للاسقاط، مع أنه ليس كذلك.

نعم اللزوم قابل للازالة بالاقالة في العقود.

(4) الفاء جواب لاذا الشرطية في قوله في هذه الصفحة: فاذا لم يعلم و قد عرفته في الهامش 1 ص 105 عند قولنا: فلا مجال.

و لا يخفى عليك أن هنا بعض الأدلة اقيمت على عدم جريان الخيار في الايقاعات.

ص: 108

..........

+++++++++++

(منها) إن الخيار عبارة عن تملك الفسخ و حلّ العقد بسببه و هما لا يصدقان إلا بين امرين مرتبطين احدهما بالآخر كما في القرارين الصادرين من الموجب و القابل.

و أما الايقاعات فلا يتصور فيها الامر المذكور، لعدم وجود معاهدة بين شخصين: احدهما موجب و الآخر قابل.

بل هناك معاهدة قائمة بشخص واحد: و هو الموجد لصيغة الايقاع و اجيب عنه بأن المشروط و هو الخيار عبارة عن رفع الشيء كرفع الملكية التي هو اثر العقد أو رفع علقة الزوجية الموجودة بين الزوج و الزوجة بالطلاق، أو باحد العيوب الموجودة فيهما الموجب للفسخ من دون دلالة الخيار على تقومه بامرين مرتبطين.

بالإضافة الى أن عنوان الحل و الفسخ لا يقتضي على فرض التسليم كونهما مرتبطين، لأن المسبب المرتبط بسببه اذا انفك عن السبب فقد انحل احدهما عن الآخر، و هذا النحو من الانحلال امر معقول جائز الوقوع في الايقاعات.

(منها) إن مفهوم الايقاع من الامور العدمية كما في زوال الزوجية بالطلاق، أو باحد العيوب الموجبة للفسخ.

و كما في اخراج الملك عن الملكية بالوقف.

و كما في ابراء الدائن ذمة المدين عن الدين.

و من الواضح إن الرجوع في مثل هذه الأمور العدمية من قبيل اعادة المعدوم في الاستحالة.

بخلاف العقود، حيث إن مفاهيمها امور وجودية يمكن الرجوع

ص: 109

هذا (1) كله مضافا الى الاجماع عن المبسوط، و نفي الخلاف عن السرائر(1) على عدم دخوله في العتق و الطلاق، و اجماع المسالك على عدم دخوله في العتق و الإبراء.

+++++++++++

فيها بعد الفسخ و الحل.

و اجيب عن هذا الإشكال بأن حقيقة الفسخ و ماهية الرجوع هو تملك جديد يحصل للفاسخ بسبب الفسخ، لأنه يقطع الملكية الصادرة منه التي اضافها إلى المشتري، و يضيفها الى نفسه، و هذا الرجوع قد حصل قهرا بمجرد الفسخ الذي حصل بالخيار، و التملك الجديد وليد هذا القطع، و ليس معنى الفسخ أن الفاسخ بفسخه يحدث شيئين:

قطع الملكية عن المشتري، و اضافتها الى نفسه، فالملكية الجديدة حاصلة له قهرا إثر الفسخ.

(1) اي ما ذكرناه لك حول عدم جريان الخيار في الايقاعات كان بحسب الدليل العقلي.

و أما بحسب الدليل الشرعي فهناك اجماعات صريحة منقولة عن الأعلام نذكر منها ثلاثة.

(الاول) الاجماع المنقول عن الشيخ قدس سره بقوله: و أما النكاح فلا يدخله الخياران اجماعا.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 81.

و الى هذا اشار بقوله: الى الاجماع عن المبسوط.

(الثاني) الاجماع المنقول عن ابن ادريس قدس سره في السرائر بقوله: لا يدخل الخيار في العتق و الطلاق بغير خلاف.

و الى هذا اشار بقوله: و نفي الخلاف عن السرائر.

ص: 110


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
عدم جريان خيار الشرط في العقود المتضمنة للإيقاع

و مما ذكرنا (1) في الايقاع يمكن أن يمنع دخول الخيار فيما تضمن الايقاع و لو كان عقدا كالصلح المفيد فائدة الإبراء كما في التحرير و جامع المقاصد.

و في غاية المرام إن الصلح إن وقع معاوضة (2) دخله خيار

+++++++++++

(الثالث) الاجماع المنقول عن الشهيد الثاني قدس سره في المسالك بقوله: و لا يدخل الخيار في العتق و الطلاق اجماعا.

و الى هذا اشار بقوله: و اجماع المسالك.

(1) و هو الدليل العقلي المشار إليه في ص 105 بقوله: فالأولى في الاستدلال عليه.

خلاصة مقصوده قدس سره إنه كل ما قلناه في الايقاعات: من عدم جريان الخيار فيها.

يمكن القول بعدم جريانه في كل عقد متضمن للايقاع كالصلح المفيد فائدة الابراء في إسقاط الحق في قول الدائن للمدين: صالحتك عن ديني الذي في ذمتك فقال المدين: قبلت، فهذا الصلح و إن كان عقدا لكنه يفيد فائدة الإبراء في إسقاط الحق فيكون متضمنا للايقاع فلا يجري فيه الخيار،

ثم لا يخفى عليك إن القول بأن الصلح يفيد فائدة الإبراء ليس معناه أنه لا يحتاج إلى القبول كالإبراء في عدم احتياجه الى القبول، بل هو محتاج الى الايجاب و القبول.

(2) كأن يقول شخص لآخر: صالحتك هذا بهذا، فان هذه المصالحة معاوضة فيدخل فيها خيار الشرط، لأنه في حكم البيع.

ص: 111

الشرط، و إن وقع (1) عما في الذمة مع جهالته (2)، أو (3) على إسقاط الدعوى قبل ثبوتها (4) لم يدخله (5)، لأن (6) مشروعيته

+++++++++++

(1) اي و إن وقع الصلح عما في الذمة كأن يدعي شخص على آخر طلبا و المدعى عليه يقول: لا ادري بذلك، فدفعا للنزاع يقول المدعى عليه: صالحتك ما تدعيه بكذا فيقبل المدعي، فهنا لا يجري الخيار، لأنه ليس معاوضة، بل هو صلح وقع لحسم مادة النزاع.

و لربما يعلم المدعى عليه كذب المدعي فصونا لعرضه و ماء وجهه يصالح على ذلك مع جهله بالواقع.

(2) اي مع جهالة ما يدعيه.

(3) اي أو وقع الصلح على إسقاط دعوى قبل ثبوتها فهنا لا يجري الخيار أيضا.

(4) اي ثبوت الدعوى.

(5) اي لم يدخل الخيار في مثل هذا الصلح في الصورتين:

و هما: الصلح على ما في الذمة مع الجهل بما في الذمة.

و الصلح على إسقاط دعوى قبل ثبوتها.

(6) تعليل لعدم دخول الخيار في الصلح في كلتا الصورتين.

خلاصته إن الغاية من الصلح عند ما جعله الشارع هو حسم مادة النزاع بين المتخاصمين حتى لا يتولد عراك و تشاجر ثم تتولد منه حزازات و ضغائن.

فلو جوزنا الخيار فيه لعاد العراك و النزاع، فنقض ما جعله الشارع غرضا و هدفا.

ص: 112

لقطع المنازعة فقط، و اشتراط (1) الخيار لعود الخصومة ينافي مشروعية (2)، و كل شرط ينافي مشروعية العقد غير لازم (3) انتهى (4).

و الكبرى (5) المذكورة فى كلامه راجعة الى ما ذكرناه في وجه المنع عن الايقاعات، و لا أقل (6) من الشك في ذلك الراجع إلى الشك في سببية الفسخ لرفع الايقاع.

أقسام العقود من حيث دخول خيار الشرط فيها
ما لا يدخله اتّفاقاً

و أما (7) العقود

+++++++++++

(1) عرفت معناه في الهامش 6 ص 112 عند قولنا: خلاصته.

(2) اي مشروعية الصلح كما عرفت.

(3) هنا قياس منطقي من الشكل الاول هكذا:

(الصغرى) اشتراط الخيار موجب لعود الخصومة المنافي لمشروعية الصلح.

(الكبرى) و كل شرط كان منافيا لمشروعية العقد غير لازم.

(النتيجة) فاشتراط الخيار في الصلح غير لازم.

(4) اي ما افاده العلامة قدس سره في غاية المرام.

(5) خلاصة هذا الكلام إن الكبرى التي ذكرها العلامة بقوله:

و كل شرط ينافي مشروعية العقد غير لازم هو مرجع ما ذكرناه في عدم جريان الخيار في الايقاعات في ص 106 بقولنا: بعدم مشروعية الفسخ في الايقاعات، فما قلنا هو المستفاد من هذه الكبرى الكلية.

(6) خلاصة هذا الكلام إنه لو لم تكن الكبرى المذكورة كافية في عدم جريان الخيار في الايقاعات فلا أقل من أنها موجبة للشك في سببية الفسخ لرفع اثر الايقاع، فاذا جاء الشك فلا مجال للجريان.

(7) من هنا اخذ قدس سره في بيان إن أي عقد لا يدخل فيه

ص: 113

فمنها (1) ما لا يدخله اتفاقا.

(و منها) (2): ما اختلف فيه.

(و منها) (3) ما يدخله اتفاقا،

فالاول (4) النكاح، فانه لا يدخله اتفاقا كما عن الخلاف و المبسوط (5) و السرائر و جامع المقاصد، و عن المسالك الاجماع عليه، و لعله (6) لتوقف ارتفاعه شرعا على الطلاق، و عدم مشروعية التقايل فيه.

ما اختلف في دخوله فيه
الوقف

و من الثاني (7) الوقف، فان المشهور عدم دخوله فيه.

+++++++++++

الخيار و أي عقد اختلف فيه، و أي عقد يدخله الخيار، فقسم العقود إلى ثلاثة أقسام.

(1) هذا هو القسم الاول الذي لا يدخله الخيار اجماعا.

(2) هذا هو القسم الثاني الذي اختلف الفقهاء في دخول الخيار فيه، أو عدم الدخول.

(3) هذا هو القسم الثالث الذي يدخله الخيار اتفاقا.

(4) اي القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 في هذه الصفحة.

(5) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 81 عند قوله: و أما النكاح فلا يدخله الخياران معا، للاجماع على ذلك.

(6) اي و لعل عدم دخول الخيار في النكاح لاجل توقف رفعه شرعا على الطلاق، لا بالفسخ و الخيار هو الفسخ،

و كذلك لا يصح الإقالة فيه، لعدم مشروعيتها.

فمن هذا و ذاك لا يدخل الخيار في النكاح.

(7) اي القسم الثاني المشار إليه في الهامش 1 هذه الصفحة المختلف فيه.

ص: 114

و من المسالك إنه (1) موضع وفاق.

و يظهر من محكي السرائر و الدروس وجود الخلاف فيه (2).

و ربما علل (3) باشتراط القربة فيه و أنه فك ملك بغير عوض و الكبرى (4) في الصغريين ممنوعة.

+++++++++++

(1) اي عدم دخول الخيار في الوقف اجماعي.

(2) اي في الوقف، حيث قال بعض بدخول الخيار فيه، و بعض بعدم الدخول فيه.

(3) اي علل الفقهاء عدم دخول الخيار في الوقف بشيئين:

(الاول) اشتراط قصد القربة فيه.

(الثاني) إن الوقف فك ملك بلا عوض.

و لا يخفى عليك أن كل واحد من هذين يشكل قياسا منطقيا من الشكل الاول هكذا:

أما الشكل الاول للشيء الاول فهكذا:

(الكبرى) الوقف مما يشترط فيه قصد القربة.

(الصغرى) و كل ما يشترط فيه قصد القربة لا يأتي فيه الخيار (النتيجة) فالوقف لا يأتي فيه الخيار.

و أما الشكل الاول من الشيء الثاني فهكذا:

(الصغرى) الوقف فك ملك بلا عوض،

(الكبرى) و كل ما كان فكا بلا عوض لا يأتي فيه الخيار.

(النتيجة) فالوقف لا يأتي فيه الخيار.

(4) اي كلية الكبرى في الشكل الاول من الشيئين المشار إليها في الهامش 3 من هذه الصفحة ممنوعة، لعدم الملازمة بين اشتراط قصد

ص: 115

و يمكن الاستدلال له (1) بالموثقة المذكورة في مسألة شرط الواقف كونه أحق بالوقف عند الحاجة و هو قوله عليه السلام: من اوقف ارضا ثم قال: إن احتجت إليها فأنا أحق بها ثم مات الرجل، فانها (2) ترجع الى الميراث (3).

و قريب منها (4)

+++++++++++

القربة في الوقف، و عدم مجيء الخيار فيه.

و كذا لا ملازمة بين فك الملك بلا عوض في الوقف، و عدم مجيء الخيار فيه، لأنه من الممكن مجيء الخيار في الوقف مع اشتراط قصد القربة فيه.

و كذا من الامكان مجيء الخيار في الوقف مع أنه فك ملك بلا عوض، فلا مانع شرعا و عقلا في ذلك في الكبريين من الصغريين.

(1) اي للقول المشهور: و هو عدم دخول خيار الشرط في الوقف.

(2) اي الارض الموقوفة.

(3) راجع (التهذيب) الجزء 9 ص 15 الحديث 612.

و أما كيفية الاستدلال بالموثقة للقول المشهور.

فخلاصته إن رجوع الوقف الى الوارث في حكم الامام عليه السلام كناية عن بطلان الوقف رأسا، لأن الواقف اشترط كونه أحق بالملك عند احتياجه إليه، فهذا الشرط فاسد و مفسد، لمنافاته للوقف.

ثم لا فرق في بطلان الشرط بين كونه بنفسه باطلا، أو اشترط إبطاله بالخيار.

(4) اي من هذه الموثقة غيرها من الأحاديث الدالة على القول المشهور، أليك نصه.

ص: 116

غيرها، و في دلالتها (1) على المدعى تأمل.

و يظهر من المحكي عن المشايخ الثلاثة (2) في تلك المسألة(2) تجويز اشتراط الخيار في الوقف.

+++++++++++

الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان عن اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير و قال: إن احتجت الى شيء من مالي، أو في غلة فأنا أحق به.

أله ذلك و قد جعله للّه؟

و كيف يكون حاله اذا هلك الرجل؟

أ يرجع ميراثا، أو يمضي صدقة؟

قال(1) يرجع ميراثا على اهله.

راجع (التهذيب) الجزء 9 ص 146 الحديث 607.

فحكم الامام عليه السلام برجوع المال، أو الغلة الى اهله ميراثا دليل على بطلان الوقف رأسا، و أن خيار الشرط لا يدخل فيه.

(1) اي و في دلالة الموثقة المذكورة على عدم دخول الخيار في الوقف تأمل.

وجه التأمل إن الشرط في هذه الوقفية عبارة عن اشتراط عود الوقف ملكا للواقف عند احتياجه إليه و هذا الشرط اجنبي عن شرط الخيار.

(2) و هم (الشيخ الصدوق و الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي) قدس اللّه أسرارهم و أنار برهانهم.

ص: 117


1- اي الامام عليه السلام
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لعله (1) المخالف الذي اشير إليه في محكي السرائر و الدروس.

و أما حكم الصدقة فالظاهر أنه حكم الوقف (2).

قال (3) في التذكرة في باب الوقف: إنه يشترط في الوقف الالزام، فلا يقع لو شرط الخيار فيه لنفسه، و يكون الوقف باطلا كالعتق (4) و الصدقة. انتهى (5).

لكن (6) قال في باب خيار الشرط: أما الهبة المقبوضة فان كانت لاجنبي غير معوض عنها، و لا قصد بها القربة، و لا تصرف المتهب فيها: يجوز للواهب الرجوع فيها (7)،

+++++++++++

و المراد من تلك المسألة مسألة اشتراط الرجوع في الوقف عند الحاجة.

(1) اي و لعل هذا المحكي عن المشايخ الثلاثة.

(2) اي من حيث عدم جريان خيار الشرط فيه.

(3) استشهاد منه من كلام العلامة قدس سرهما لما افاده: من عدم جريان الخيار في الوقف.

(4) اي كما أن العتق و الصدقة لو وقع فيهما الخيار لبطلا.

(5) اي ما افاده العلامة قدس سره.

راجع (تذكرة الفقهاء) الطبعة الحجرية المجلد الثاني كتاب الوقف المبحث الثاني المطلب الثالث في الالزام عند قوله: مسألة يشترط في الوقف الالزام.

(6) استدراك عما نقل عن العلامة: من عدم وقوع الوقف لو شرط فيه الخيار، و يقصد بهذا الاستدراك وقوع الوقف لو شرط فيه الخيار اذا لم يقصد فيه القربة.

(7) اي في الهبة المقبوضة.

ص: 118

و إن اختل احد القيود (1) لزمت.

و هل يدخلها (2) خيار الشرط؟

الأقرب ذلك (3)، انتهى (4).

و ظاهره (5) دخول الخيار في الهبة اللاحقة(1) حتى الصدقة.

و كيف (6) كان

+++++++++++

(1) و هي: عدم التعويض بالهبة المقبوضة.

و عدم قصد القربة بها.

و عدم تصرف الموهوب له في الهبة.

فلو اختل احد هذه القيود الثلاثة: بأن كانت الهبة المقبوضة معوضة أو اعطيت لذي الرحم، أو قصد بها القربة أو تصرف الموهوب له فيها: صارت لازمة.

(2) اي هذه الهبة المقبوضة.

(3) هذا رأي العلامة قدس سره: اي الأقرب الى الصواب وقوع الخيار في الهبة المقبوضة.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 342 عند قوله: و أما الهبة المقبوضة.

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري اي ظاهر كلام العلامة و هو قوله: الأقرب ذلك دخول الخيار في الهبة اللازمة حتى الصدقة و هو مناف لما افاده: من عدم دخول الخيار في العتق و الصدقة في قوله: كالعتق و الصدقة.

(6) يعني أي شيء قلنا في الهبة المقبوضة في دخول الخيار فيها أو عدم الدخول.

ص: 119


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالاقوى (1) عدم دخوله فيها، لعموم (2) ما دل على أنه لا يرجع

+++++++++++

(1) هذا رأي شيخنا الانصاري اي الأقوى عدم دخول الخيار في الهبة المقبوضة المعوضة، و الصدقة اذا قصد بها القربة.

(2) تعليل لعدم دخول الخيار في الهبة المقبوضة.

و المراد من العموم الأحاديث الواردة في هذا المقام. أليك نص بعض تلك الأحاديث.

عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: اذا عوض صاحب الهبة فليس له أن يرجع.

أليك نص الحديث الثاني.

عن عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته؟

فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

إنما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقيء ثم يعود في قيئه.

و أليك نص الحديث الثالث.

عن داود بن الحسين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته هل لاحد أن يرجع في صدقة أو هبة؟

قال: أما ما تصدق به للّه فلا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 - الباب 9 الحديث 1.

و ص 316 - الباب 11 - الحديث 2.

و ص 339 - الباب 6 - الحديث 3.

فهذه الأحاديث عامة تدل على عدم جواز الرجوع في كل شيء كان للّه.

ص: 120

فيما كان للّه، بناء (1) على أن المستفاد منه كون اللزوم حكما شرعيا لماهية الصدقة.

نظير (2) الجواز للعقود الجائزة، و لو شك (3) في ذلك كفى (4) في عدم سببية الفسخ التي تتوقف صحة اشتراط الخيار عليها.

+++++++++++

(1) اي ما قلناه في عدم دخول الخيار في الهبة المقبوضة مبني على أن المستفاد من العموم المذكور هو أن اللزوم في الصدقة و الهبة المقبوضة حكم شرعي لماهيتهما، لعدم تحققها في الخارج إلا كونها لازمة، فاللزوم دوما لا ينفك عن الصدقة و الهبة، سواء قصد القربة بها أم لا و سواء أ كانت الهبة معوضة أم لا.

(2) تنظير لكون اللزوم حكما شرعيا لماهية الصدقة.

خلاصته إن اللزوم المذكور كلزوم الجواز لماهية العقود الجائزة فكما أن الجواز لا ينفك عنها، لأنه من لوازمها، كذلك اللزوم من لوازم الصدقة و الهبة، لأنه قد تعلق بذات الطبيعة و شخصها مجردة عن العوارض فلا تقبل الفسخ.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم إننا نشك في كون اللزوم حكما شرعيا لماهية الصدقة.

(4) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن استصحاب بقاء اللزوم كاف في عدم سببية الفسخ للعقد فلا مجال للشك المذكور.

و مرجع الضمير في عليها سببية الفسخ اى هذه السببية هي الموجبة لأن تتوقف صحة اشتراط الخيار عليها.

ص: 121

و توهم (1) امكان اثبات السببية بنفس دليل الشرط واضح الاندفاع.

منه الصلح

و منه (2) الصلح، فان الظاهر المصرح به في كلام جماعة كالعلامة في التذكرة دخول الخيار فيه مطلقا (3).

بل عن المهذب البارع في باب الصلح الاجماع على دخوله (4) فيه بقول مطلق.

و ظاهر المبسوط كالمحكي عن الخلاف(1) عدم دخوله فيه (5).

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الوهم إنه لو قيل: إن عموم المؤمنون عند شروطهم يثبت السببية للفسخ فاذا ثبتت ثبت الفسخ و اذا ثبت الفسخ تعرض العقد للجواز.

فيقال في الجواب: إنه لا يمكن اثبات السببية لشيء بدليل عموم الوفاء بالشرط، لأن وجوب الوفاء غير متعرض لبيان سببية شيء لشيء آخر.

بل اذا كان شيء في حد نفسه مع قطع النظر عن دليل عموم الشرط امرا جائزا و شرط في عقد لازم وجب الوفاء به. فالسببية و الجواز، و عدم الجواز لا بدّ من احرازهما قبل دليل الشرط، و لذا ورد أن الشرط لا يحلل و لا يحرم.

(2) اي و من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 114 الذي اختلف الفقهاء في دخول الخيار عليه، أو عدم الدخول.

(3) اي سواء أ كان الصلح مفيدا للابراء أم لا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 341

(4) اي على دخول الخيار في الصلح.

(5) اي عدم دخول الخيار في الصلح، فتبين أن الصلح من الموارد المختلفة.

ص: 122


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و قد تقدم التفصيل عن التحرير و جامع المقاصد و غاية المرام (1)(1)و لا يخلو (2) عن قرب، لما تقدم (3) من الشك في سببية الفسخ لرفع الإبراء، أو ما يفيد فائدته (4).

منه الضمان

و منه (5) الضمان، فان المحكي عن ضمان التذكرة و القواعد دخول خيار الشرط فيه(2) و هو (6) ظاهر المبسوط.

و الأقوى (7) دخوله فيه لو قلنا بالتقايل فيه (8).

+++++++++++

(1) اي في ص 111 عند قوله: الصلح إن وقع معاوضة دخله خيار الشرط، و إن وقع عما في ذمته مع جهالته أو على اسقاط الدعوى قبل ثبوتها لم يدخله.

(2) هذا رأي الشيخ في القسم الثاني الذي منه الصلح: اي هذا التفصيل هو القريب الى الصواب.

(3) اي في ص 113 عند قوله: و لا أقل من الشك في ذلك.

(4) اي فائدة الابراء.

(5) اي و من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 114 الذي اختلف الفقهاء في دخول الخيار عليه أو عدم الدخول.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 340.

(6) هذا كلام شيخنا الأنصاري اي ما افاده العلامة في التذكرة و القواعد ظاهر ما افاده الشيخ في المبسوط.

(7) هذا رأي شيخنا الانصاري: اي الأقوى دخول خيار الشرط في الضمان لو قلنا بجواز الاقالة فيه.

(8) مرجع الضمير الضمان.

ص: 123


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
منه الرهن

و منه (1) الرهن، فان المصرح به في غاية المرام عدم ثبوت الخيار للراهن، لأن الرهن وثيقة للدين، و الخيار ينافي الاستيثاق، و لعله (2) لذلك استشكل في التحرير، و هو (3) ظاهر المبسوط، و مرجعه (4) الى أن مقتضى طبيعة الرهن شرعا، بل عرفا كونها وثيقة و الخيار مناف لذلك (5).

و فيه (6) إن غاية الامر كون وضعه على اللزوم، فلا ينافي جواز جعل الخيار بتراضي الطرفين.

+++++++++++

(1) اي و من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 114 الذي اختلف الفقهاء في دخول الخيار فيه، أو عدم الدخول.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي و لعل لاجل أن الخيار مناف للاستيناف(1) استشكل العلامة في التحرير من وقوع الخيار في الرهن.

(3) اي عدم ثبوت الخيار في الرهن هو ظاهر ما افاده شيخ الطائفة في المبسوط. راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 79-80.

(4) اي مآل إشكال العلامة في غاية المرام(2) و التحرير و الشيخ في المبسوط.

(5) اي للوثيقة التي شرعت في الرهن، لأنها وضعت لئلا يضيع حق المرتهن فيما اذا لم يمكن الحصول على طلبه.

(6) اي و فيما افاده العلامة في غاية المرام و التحرير نظر و إشكال.

خلاصته إن غاية ما يمكن أن يقال في هذا الخيار المنافي للرهن.

إن الرهن موضوع للزوم و الخيار مناف له.

لكن اذا تراضى الراهن و المرتهن بالخيار فلا منافاة بين اللزوم و الخيار.

ص: 124


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
منه الصرف

و منه (1) الصرف، فان صريح المبسوط و الغنية و السرائر عدم دخول خيار الشرط فيه، مدّعين على ذلك (2) الاجماع.

و لعله (3) لما ذكره في التذكرة للشافعي المانع عن دخوله في الصرف و السلم: من (4) أن المقصود من اعتبار التقابض فيهما (5) أن يفترقا و لا تبقى بينهما (6) علفة، و لو اثبتنا الخيار لبقيت العلقة (7) و الملازمة (8)

+++++++++++

(1) اي و من القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 114 الذي اختلف الفقهاء في دخول الخيار فيه، أو عدم الدخول.

(2) اي على عدم دخول الخيار في الصرف.

(3) اي و لعل عدم الدخول لاجل ما ذكره العلامة في التذكرة عن الشافعي، حيث منع دخول الخيار في الصرف و السلم.

(4) كلمة من بيان لما ذكره العلامة عن الشافعي.

خلاصته إن المقصود من اعتبار التقابض في الصرف و السلم هو حصول الافتراق من الجانبين حتى لا تبقى العلقة المالكية بينهما: اي علقة ملكية المثمن للبائع، و علقة ملكية الثمن للمشتري. فلو قلنا بثبوت الخيار لهما فيهما لبقيت تلك العلقة، و بقاؤها مناف للتقابض الوارد في المجلس.

(5) اي في الصرف و السلم.

(6) اي بين المتعاقدين كما عرفت.

(7) اي العلقة المالكية كما عرفت.

(8) هذا كلام العلامة قدس سره يروم الرد على الشافعي: اي الملازمة التي ذكرها الشافعي بقوله: و لو اثبتنا الخيار لبقيت العلاقة

ص: 125

ممنوعة كما في التذكرة (1)، و لذا (2) جزم فيها بدخوله في الصرف و إن استشكله أولا كما (3) في القواعد.

ما يدخله خيار الشرط اتفاقا

و من الثالث (4): أقسام البيع ما عدا الصرف (5) و مطلق (6) الاجارة و المزارعة و المساقاة، و غير ما ذكر: من موارد الخلاف، فان الظاهر عدم الخلاف فيها (7).

هل يدخل خيار الشرط في القسمة؟

و اعلم أنه ذكر في التذكرة تبعا للمبسوط دخول خيار الشرط في القسمة و إن لم يكن فيها رد، و لا يتصور إلا بأن يشترط الخيار في

+++++++++++

ممنوعة، لأنه من الممكن ثبوت الخيار و عدم القول ببقاء العلقة للمتبايعين

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 341.

(2) اي و لاجل أن الملازمة المذكورة ممنوعة عند العلامة قطع في التذكرة بدخول الخيار في الصرف و إن استشكل أولا دخول الخيار في الصرف في المصدر نفسه بقوله: و كذا الصرف إشكال فيه.

(3) التشبيه لقطع العلامة قدس سره بدخول الخيار في الصرف و ليس لاستشكاله على دخول الخيار في الصرف اي كما أن العلامة قطع في التحرير بدخول الخيار في الصرف.

(4) اي و من القسم الثالث المشار إليه في الهامش 3 ص 114 الذي يدخله الخيار اتفاقا و هو من العقود بقوله: و منها ما يدخله اتفاقا: أقسام البيع: من المرابحة و المواضعة و المساومة و التولية، و النقد و النسيئة.

(5) حيث عرفت الاختلاف في دخول الخيار فيه.

(6) عطف على قوله: أقسام البيع: اي و كذا يدخل الخيار في مطلق الاجارة و المزارعة و المساقاة.

(7) اي لا خلاف في دخول الخيار في هذه الأقسام.

ص: 126

التراضي القولي بالسهام (1).

و أما (2) التراضي الفعلي فلا يتصور دخول خيار الشرط فيه بناء على وجوب ذكر الشرط في متن العقد.

و منه (3) يظهر عدم جريان هذا الخيار في المعاطاة و إن قلنا بلزومها

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام إن القسمة نوعان:

(الاول) ما يكون قابلا للتقسيم من دون زيادة و لا نقيصة حتى تحتاج الى الرد كأن كان هناك شاة مشتركة بين اثنين و هي متساوية من حيث الوزن فتقسم بينهما بالسوية كل يأخذ سهمه.

(الثاني) ما يكون محتاجا الى الرد كأن كان هناك شاة و بقر مشتركان بين شخصين فارادا القسمة فاخذ احدهما الشاة و الآخر البقر، و بما أن سعر البقرة تزود على سعر الشاة فلا بد من رد زيادة ثمن البقرة الى من اخذ الشاة، فالخيار يأتي فيهما و إن احتاج الثاني الى الرد.

لكن شيخنا الانصاري قائل بتوقف اتيان الخيار على اشتراطه بالتراضي القولي من الطرفين في جانب إلهام. بأن يقول: قبلت السهام، و الى هذا اشار بقوله في ص 126: و لا يتصور إلا بأن يشترط (2) اي و أما اذا كان هناك تراض فعلي في القسمة: بأن اخذ كل واحد من الشريكين حصته من دون أن يقول: قبلت.

فلا يتصور فيه مجيء الخيار، لأنه بناء على وجوب ذكره في متن العقد لا يعقل مجيئه في التراضي الفعلي.

(3) اي و من عدم تصور مجيء الخيار في التراضي الفعلي يظهر عدم مجيئه في المعاطاة، لأنه عقد فعلي عار عن اللفظ الذي هو الايجاب و القبول اللفظيين.

ص: 127

من أول الامر، أو بعد التلف.

و السر في ذلك (1) إن الشرط القولي لا يمكن ارتباطه بالانشاء الفعلي.

و ذكر (2) فيها أيضا دخول الخيار في الصداق.

و لعله (3) لمشروعية الفسخ فيه في بعض المقامات كما (4) اذا زوجها الولي بدون مهر المثل.

و فيه (5) نظر.

+++++++++++

(1) اي العلة في عدم مجيء خيار الشرط في المعاطاة هو أن الشرط القولي الذي هو وجوب ذكر خيار الشرط في متن العقد لا يمكن ارتباطه بالانشاء الفعلي الحاصل من فعل المتعاطيين.

(2) اي العلامة قدس سره ذكر في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 342 عند قوله: و إن شرط الخيار في الصداق وحده صح: للعموم.

و مراده من العموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المسلمون عند شروطهم.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري بروم به توجيه كلام العلامة أي السر في مجيء الخيار في الصداق هو مشروعية الفسخ في الصداق في بعض الموارد.

(4) مثال لمشروعية الفسخ في الصداق في بعض الموارد: و هو أن يزوج الولي الصغيرة بدون مهر المثل: بأن زوجها بمهر أقل من صداق أمثالها، فلها هنا حق فسخ ذاك الصداق و المطالبة بصداق أمثالها.

(5) اي و في هذا التوجيه الذي جيء به لجواز دخول خيار الشرط في الصداق بقوله: و لعله لمشروعية الفسخ: نظر و اشكال

ص: 128

و ذكر في المبسوط أيضا دخول هذا الخيار في السبق و الرماية (1) للعموم (2).

اقول (3): و الأظهر بحسب القواعد اناطة دخول خيار الشرط بصحة التقايل في العقد، فمتى شرع التقايل مع التراضي بعد العقد جاز تراضيهما حين العقد على سلطنة احدهما أو كليهما على الفسخ، فان (4)

+++++++++++

خلاصة وجه النظر إن تزويج الولي الصغيرة بأقل من مهر المثل فضولي، حيث لم تكن له ولاية عليها في ذلك، فيكون جواز رد الصداق و مطالبتها بمهر أمثالها من باب الرد لفعل الفضولي، لا من باب الفسخ بالخيار، و لا منافاة بين الرد، و بين ولاية الولي عليها، لعدم ولاية له عليها في تزويجها بأقل من مهر المثل: فتعيين الأقل من مهر المثل منه فضولي تتوقف صحته على اجازتها.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 342 عند قوله: و السبق و الرمي.

(2) هذا دليل العلامة قدس سره اي مجيء خيار الشرط في السبق و الرماية لاجل عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم،

(3) هذا رأي الشيخ الانصاري حول دخول الخيار في السبق و الرماية.

و خلاصته إننا إن قلنا بصحة التقايل فيهما صح دخول الخيار فيهما.

و إن قلنا بعدم صحة التقايل لم يصح دخوله فيهما.

فالدخول متوقف على التقايل: و عدمه على عدمه.

(4) تعليل لاناطة دخول خيار الشرط على(1) صحة التقايل في السبق و الرماية.

ص: 129


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اقدامه على ذلك حين العقد كاف في ذلك (1) بعد ما وجب عليه شرعا القيام و الوفاء بما شرط على نفسه.

فيكون (2) امر الشارع اياه بعد العقد: بالرضى (3) بما يفعله صاحبه: من (4) الفسخ، أو الالتزام، و عدم الاعتراض عليه:

قائما مقام رضاه الفعلي بفعل صاحبه و إن لم يرض فعلا.

و أما (5) إذا لم يصح التقايل فيه لم يصح اشتراط الخيار(1)

+++++++++++

و خلاصته إن إقدام احد المتعاقدين، أو كليهما على العقد مقيدا تراضيهما بسلطنة احدهما أو كليهما على الفسخ الذي هو مفاد صحة التقايل: كاف في دخول خيار الشرط في السبق و الرماية بعد أن وجب عليهما شرعا الوفاء بما شرطا على نفسيهما.

(1) اي في دخول خيار الشرط في السبق و الرماية كما علمت.

(2) الفاء تفريغ على ما افاده قدس سره: من كفاية إقدام احد المتعاقدين، أو كليهما في دخول خيار الشرط في السبق و الرماية اي ففي ضوء ما ذكرناه لك يكون امر الشارع احد المتعاقدين، أو كليهما بالرضا بما يفعله صاحبه بعد العقد: من الفسخ بالعقد، أو الالتزام به، من دون اعتراض منه عليه: قائما مقام رضاه الفعلي بفعل صاحبه و إن لم يكن راضيا فعلا.

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: امر الشارع.

(4) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: بما بفعله.

(5) هذا من متممات رأي الشيخ الانصاري حول دخول الخيار و عدمه في السبق و الرماية اي و أما على القول بعدم صحة التقابل فيهما فلا يصح اشتراط الخيار فيهما.

ص: 130


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لأنه (1) اذا لم يثبت تأثير الفسخ بعد العقد عن تراض منهما فالالتزام (2) حين العقد لسلطنة احدهما عليه لا يحدث له اثرا، لما عرفت: من أن الالتزام حين العقد لا يفيد إلا فائدة الرضى الفعلي بعد العقد لفسخ صاحبه، و لا يجعل (3) الفسخ مؤثرا شرعيا (و اللّه العالم).

الرابع: خيار الغبن
اشارة

(الرابع) (4): خيار الغبن (5).

الغبن لغة و اصطلاحا

و اصله (6) الخديعة، قال في الصحاح:

+++++++++++

(1) تعليل لعدم صحة خيار الشرط في السبق و الرماية على القول بعدم صحة التقابل فيهما.

(2) اي التزام احد المتعاقدين أو كليهما بما شرط على نفسه.

(3) اي التزام المذكور.

(4) اي القسم الرابع من أقسام الخيار التي ذكرها قدس سره في الجزء 13 من المكاسب في ص 69 بقوله: و هي سبعة.

(5) بفتح الغين و سكون الباء مصدر غبن.

مضارعه يغبن بكسر الباء وزان ضرب يضرب.

(6) اي معناه اللغوي الذي وضع له لفظ الغبن هي الخديعة.

يقال: غبنه في البيع اي خدعه: بأن باعه شيئا بأكثر من سعره السوقي الواقعي، مع جهل المشتري بالزيادة و النقيصة، فيقال للبائع حينئذ: الغابن، و للمشتري الجاهل: المغبون.

و من هذا المعنى جاء الغبن في الحديث الشريف:

نعمتان مغبون فيهما: الصحة و الفراغ، فان من باع أيام صحته و فراغه بامور دنيوية تافهة فانية لا قيمة لها فقد اصبح مغبونا، لأنه باع الكثير بالقليل.

ص: 131

هو (1) بالتسكين في البيع، و الغبن بالتحريك (2) في الرأي و هو (3) في اصطلاح الفقهاء تمليك ماله (4) بما يزيد (5) على قيمته مع جهل الآخر، و تسمية الملك (6) غابنا، و الآخر (7) مغبونا، مع أنه قد لا يكون خدع اصلا.

+++++++++++

(1) اي الغبن بالسكون يطلق على البيع.

(2) اي بفتح الغين و الباء هي الخديعة في الرأي: بحيث يؤدي مثل ذلك نقصا في البيع، إما نقصا ماديا أو معنويا.

فالغبن بفتحتين اذا اطلق يراد منه الخديعة في الرأي.

(3) اي الغبن بفتح الغين و سكون الباء.

(4) الظاهر أن المراد من ماله هو العروض.

و يحتمل أن تكون ما موصولة و كلمة له صلتها، و يكون العروض مرادا ضمنا.

(5) اي بثمن يزيد على سعره السوقي الواقعي.

و المراد من اصطلاح الفقهاء المعنى الذي تكون دائرته أوسع من دائرة المعنى الذي يراد من الغبن بالسكون لغة، لشمول اصطلاح الفقهاء المعاملة غير المقصود بها الخديعة من جانب البائع: بأن كان جاهلا بالسعر السوقي.

بخلاف الغين في اصطلاح اللغويين، فان قصد الخديعة مما لا بد فيه.

(6) و هو البائع.

(7) و هو المشتري، أو بالعكس: بأن اشترى السلعة بسعر أزيد من سعرها الواقعي مع جهل البائع بالسعر الواقعي.

ص: 132

كما (1) لو كانا جاهلين، لاجل (2) غلبة صدور هذه المعاوضة (3) على وجه الخدع.

و المراد بما يزيد أو ينقص (4):

+++++++++++

(1) مثال لصورة لا يوجد فيها خديعة اصلا، لأن جهل المتبايعين باصل السعر السوقي لا يوجب خديعة و إن اوجب غبنا، اذ من الممكن التفكيك بين الخديعة و الغبن: بأن يوجد غبن و لا توجد خديعة كمن باع داره بالف دينار جهلا بقيمتها السوقية ثم تبين بعد ذلك أن سعرها السوقي ثمانمائة دينار، فالغبن هنا موجود و الخديعة مفقودة أو توجد الخديعة و لا يوجد الغبن كمن وصف داره بأوصاف كثيرة و هي مطلوبة فاوجبت الأوصاف رغبة للمشتري في شرائها فاشتراها ثم تبين فقدانها بعد الشراء، لكن قيمتها المشتراة مطابقة للقيمة السوقية، فهنا الخديعة موجودة و الغبن مفقود.

(2) تعليل لوجه تسمية المملك غابنا و الآخر مغبونا مع عدم وجود غبن اصلا في بعض الأحيان.

خلاصته إن السر في ذلك هو غلبة صدور هذه المعاوضة على وجه الخديعة و الحيلة، و لو لا الغلبة لما كان وجه صحيح يوجد للتسمية المذكورة.

(3) المراد منها المعاملة المغبون فيها.

(4) جملة لا ينقص لم تكن موجودة في اصطلاح الفقهاء الذي نقله عنهم بقوله في ص 132: و هو في اصطلاح الفقهاء تمليك ماله بما يزيد على قيمته مع جهل الآخر.

نعم هي موجودة في تعريف بعض الآخرين من الفقهاء عند ما عرفوا الغبن، فهو قدس سره اراد الجمع بين التعريفين.

ص: 133

العوض (1)، مع ملاحظة ما انضم إليه: من الشرط، فلو (2) باع ما يساوي مائة دينار بأقل منه مع اشتراط الخيار للبائع فلا غبن، لأن المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع اللازم، و هكذا غيره (3) من الشروط.

+++++++++++

هذا بالإضافة الى ان كل زيادة مستلزمة للنقيصة فعليه لا مجال للايراد عليه قدس سره كما اورد عليه بعض المعلقين على المكاسب.

و أما المراد من الزيادة و النقيصة فهو العوض الذي هو الثمن إذا كان البائع غابنا.

و المثمن اذا كان المشتري مغبونا.

(1) المراد من هذه العبارة إن الزيادة و النقيصة تلاحظان مع قيد الشرط المشترط في المبيع.

فان كان المشرط موجبا للزيادة، أو النقيصة تحقق الغبن، و إلا فلا.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الزيادة و النقيصة ملاحظتان مع قيد الشرط المنظم إلى المبيع اي ففي ضوء ما ذكرنا فالبائع داره المساوية قيمتها مائة دينار بأقل من سعرها السوقي الواقعي، مع اشتراط البائع الخيار لنفسه:

لا يصدق عليه الغبن، لعدم نقصان موجود في قيمة الدار مع وجود الخيار للبائع.

بخلاف ما لو باعها بلا خيار فحينئذ يصدق الغبن باشتراط الزيادة و النقيصة، للزوم البيع.

و لقد قيل قديما و حديثا؟ إن للشرط قسطا من الثمن.

(3) اي و كذلك اشتراط غير الخيار: من بقية الشرائط اذا

ص: 134

و الظاهر أن كون الزيادة مما لا يتسامح به شرط خارج عن مفهومه (1)، بخلاف الجهل بقيمته (2).

تم إن ثبوت الخيار به (3) مع الشرط المذكور هو المعروف بين الأصحاب، و نسبه (4) في التذكرة إلى أصحابنا. و عن نهج الحق

+++++++++++

كان موجبا للزيادة و النقيصة يكون موجبا لتحقق الغبن خارجا.

(1) خلاصة هذا الكلام إن كون الزيادة مما لا يتسامح به شرط خارج عن مفهوم الغبن، لأن معنى الغبن هي الزيادة، سواء أ كانت يتسامح بها أم لا.

نعم الزيادة التي لا يتسامح بها شرط في تحقق الخيار، فانها إن وجدت جاء الخيار، و إلا فلا، اذ الزيادة الجزئية ليست قابله لمجيء الخيار و إن كانت محرمة، بناء على حرمة الغبن.

(2) اي بخلاف الجهل بقيمة المبيع، فانه شرط في تحقق الغبن خارجا، لان المتعاقدين، أو احدهما اذا كانا عالمين بقيمة المبيع و اقدما على الزيادة على السعر المقرر فليسا بمغبونين و لا غابنين.

(3) اي ثبوت الخيار بالغبن بالشرط المذكور و هي الزيادة التي لا يتسامح بها.

(4) اي نسب العلامة قدس سره ثبوت الخيار بالغبن بالشرط المذكور الى علماء الامامية.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص ص 343 عند قوله: الغبن سبب ثبوت الخيار للمغبون عند علمائنا.

فالنسبة هذه دليل على ثبوت الخيار بالغبن بالمعنى المذكور اجماعا.

ص: 135

نسبته (1) الى الامامية.

و عن الغنية و المختلف الاجماع عليه صريحا(1)نعم (2) المحكي عن المحقق قدس سره في درسه إنكاره.

و لا يعدّ (3) ذلك خلافا في المسألة.

+++++++++++

(1) اي نسبة ثبوت الخيار بالغبن مع الشرط المذكور.

(2) استدراك عما افاده قدس سره: من اجماع علماء الامامية على ثبوت الخيار بالغبن بالمعنى المذكور كأن قائلا يقول: إن المحقق قدس سره الذي هو من أعاظم علماء الامامية قد انكر ثبوت الخيار بالغبن بالمعنى المذكور في مجلس درسه الشريف.

فكيف يدعى الاجماع على ذلك؟

(3) جواب عن الاستدراك.

خلاصته إن إنكار المحقق قدس سره لا يعد خلافا في مسألة ثبوت الخيار بالغبن بالمعنى المذكور، فلا يضر بالاجماع المذكور، لأن الموجود في كتابه خلاف هذا الانكار حيث قال هناك: من اشترى شيئا و لم يكن من اهل الخبرة و ظهر فيه غبن لم تجر العادة فيه: كان له فسخ العقد اذا شاء، و لم يسقط ذلك الخيار بالتصرف اذا لم يخرج عن الملك.

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 23.

و مما يؤيد أن الإنكار المحكي لا يعد خلافا ما افاده الشيخ صاحب الجواهر بقوله: و الموجود في كتابه خلاف ذلك.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة الجزء 23 ص 41.

ص: 136


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كسكوت (1) جماعة من الفقهاء عن التعرض له.

نعم (2) حكي عن الاسكافي منعه، و هو (3) شاذ.

الاستدلال بآية تجارة عن تراض على هذا الخيار

و استدل (4) في التذكرة على هذا الخيار (5) بقوله تعالى:

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ (1) .

قال (6): و معلوم أن المغبون لو عرف الحال لم يرض به.

+++++++++++

(1) اي انكار المحقق قدس سره نظير سكوت جماعة من الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين، حيث لم يقولوا شيئا حول ثبوت الخيار بالغبن بالمعنى المذكور.

فكما أن هذا السكوت لا يضر بالاجماع المذكور.

كذلك إنكار المحقق لا يضر بالاجماع المذكور.

(2) استدراك عما افاده: من الاجماع المحكي اي الاسكافي منع ثبوت الخيار بالمعنى المذكور.

(3) اي هذا المنع عن الاسكافي شاذ لا يلتفت إليه.

(4) اي العلامة قدس سره.

(5) و هو الخيار بالغبن بزيادة لا يتسامح بها.

(6) اي العلامة افاد في التذكرة في كيفية دلالة الآية الشريفة على ثبوت الخيار بالمعنى المذكور.

و خلاصتها إن المغبون لو اطلع على أن ما اشتراه، أو باعه لم تساو قيمته القيمة السوقية: بأن كانت أقل منها: لم يرض بهذه المعاوضة فتكون تجارته تجارة غير صادرة عن الرضا فتكون المعاوضة باطلة.

ص: 137


1- النساء: الآية 28.

و توجيهه (1): بأن رضى المغبون يكون ما يأخذه عوضا عما يدفعه مبنى على عنوان مفقود: و هو عدم نقصه عنه في المالية فكأنه قال:

اشتريت هذا الذي يساوي درهما بدرهمين، فاذا تبين أنه لا يساوي درهما تبين أنه لم يكن راضيا به عوضا.

لكن لما كان المفقود صفة من صفات المبيع لم يكن تبين فقده كاشفا عن بطلان البيع، بل كان كسائر الصفات المقصودة التي لا يوجب تبين فقدها إلا الخيار، فرارا عن استلزام لزوم المعاملة الزامه بما لم يلتزم و لم يرض به.

+++++++++++

(1) من هنا يروم شيخنا الانصاري توجيه استدلال العلامة قدس سرهما بالآية المذكورة. حيث لا يخلو من نظر.

و خلاصته إن مراد العلامة بعدم وجود الرضا هو عدم وجود الرضا القلبي الذي هو المحور و المدار في صحة المعاملات، و حلية الأموال و الفروج.

بيان ذلك إن رضى المغبون بشراء ما يساوي درهما بدرهمين منحل الى رضاءين:

رضى بشراء العين الخارجية.

و رضى بالعين بعنوان أنها تساوي درهما بدرهمين، و بما أنها موصوفة بهذه الصفة اي و لها مالية بمقدار ما وقع العقد عليها و هو الدرهم الواحد فالرضى الاول يعتبر في الصحة، و الثاني في لزوم العقد، و من الواضح أن ظهور فقدان الصفات المرضي بها حالة العقد يوجب الخيار، و عدم لزوم العقد، لأن الحكم باللزوم يستلزم اجبار المشتري المغبون بما لم يرض به. لأنه كان راضيا بما يساوي درهما بدرهمين

ص: 138

فالآية (1) انما تدل على عدم لزوم العقد فاذا حصل التراضي بالعوض غير المساوي كان كالرضا السابق، لفحوى (2) حكم الفضولي و المكره.

و يضعف (3) بمنع كون الوصف المذكور عنوانا.

بل ليس إلا من قبيل الداعي الذي لا يوجب تخلفه شيئا.

+++++++++++

لا ما يساوي أقل من درهم الذي هو الفاقد للوصف: و هو مساواة ما اشتراه بدرهم.

ففقدان هذه الصفة التي هي من صفات المبيع عند تبين فقدانها لم يكن كاشفا عن بطلان البيع من اصله، فهذا الفقدان كبقية الصفات المفقودة في المبيع في أنها غير موجبة للبطلان عند تبين خلافها.

كما لو بيع شيء متصفا بصفات كمال ثم عند التسلم ظهر أنه على غير ما وصف به، فهنا له الخيار إن شاء امضى، و ان شاء فسخ.

(1) و هي التي استدل بها العلامة في التذكرة على ثبوت الخيار بالغبن إذا كان مما لا يتسامح به.

(2) تعليل لكون الرضى اللاحق كالرضى السابق.

و خلاصته إن مفهوم الرضى الصادر في العقد الفضولي و المكره يدل على صحة المعاملة الغبنية بالغبن غير المتسامح به، لأن رضى المالك في العقد الفضول و المكره اذا كان مؤثرا في صحة العقد و اصل الانعقاد كذلك رضى اللاحق يكون مؤثرا، بل هو أولى في التأثير من السابق في لزومه و صحته بعد الانعقاد.

(3) اي التوجيه المذكور ضعيف، لأننا نمنع كون الوصف

ص: 139

بل (1) قد لا يكون داعيا أيضا كما إذا كان المقصود ذات المبيع من دون ملاحظة مقدار ماليته، فقد يقدم على اخذ الشيء و إن كان ثمنه أضعاف قيمته و التفت الى احتمال ذلك، مع أن أخذه على وجه التقييد لا يوجب خيارا اذا لم يذكر في متن العقد.

الاستدلال بآية و لا تأكلوا أموالكم

و لو ابدل (2) قدس سره هذه الآية بقوله تعالى:

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ (1) .

كان أولى، بناء على أن اكل المال على وجه الخدع ببيع ما يساوي درهما بعشرة مع عدم تسلط المخدوع بعد تبين خدعه على رد المعاملة و عدم نفوذ رده: اكل المال بالباطل.

أما مع رضاه بعد التبين بذلك فلا يعد اكلا بالباطل.

و مقتضى الآية (3) و إن كان حرمة الاكل حتى قبل تبين الخدع

+++++++++++

المذكور عنوانا حتى يثبت به الخيار، بل الوصف المذكور يكون داعيا على إقدام الشراء و محركا نحو الفعل من دون أن يذكر في متن العقد.

(1) هذا ترق منه قدس سره.

خلاصته إنه قد لا يوجد داع على إقدام الشراء اصلا كما لو اشترى زيد سلعة بأكثر من سعرها المقرر السوقي و هو يعلم بذلك، فهنا لا يوجد خديعة اصلا فلا خيار له.

(2) اي العلامة قدس سره لو ابدل الاستدلال بالآية المذكورة بآية وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ (1).

(3) اي آية و لا تأكلوا أموالكم بالباطل.

ص: 140


1- البقرة: الآية 188.

إلا أنها (1) خرجت بالاجماع، و بقي ما بعد اطلاع المغبون و رده للمعاملة (2).

لكن يعارض الآية (3) ظاهر قوله تعالى:

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

+++++++++++

(1) اي حرمة الاكل خرجت عن تحت الآية الكريمة بالاجماع قبل تبين الخدع، لأن هذا النوع من التصرف من قبل البائع الغابن إذا كان الغبن في الثمن، و من قبل المشتري إذا كان الغبن في المثمن.

(2) و هي حرمة التصرف فى الثمن، أو المثمن بعد ظهور الغبن بقيت تحت الآية الكريمة.

(3) خلاصة هذا التعارض إن آية إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (1)( 61)تصرح بعدم جواز الاكل بالباطل، لأن الزيادة الحاصلة من الخديعة اكل مال بالباطل.

و آية إلا أن تكون تجارة عن تراض تصرح بجواز اكل الزيادة الحاصلة من الغبن، لوجود الرضى باصل المعاملة، فالزيادة لا تخرج المعاملة عن موضوع التراضي فالخيار ثابت.

فهذه الآية مع الآية الاولى متكافئة من حيث الدلالة و الصراحة فتتعارضان فتتساقطان فلا خيار، فيرجع حينئذ الى أصالة اللزوم التي هي العمومات المتقدمة و هو قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (2) .

ص: 141


1- النساء: الآية 28.
2- المائدة: الآية 1.

بناء على ما ذكرنا: من عدم خروج ذلك عن موضوع التراضي فمع التكافؤ يرجع إلى اصالة اللزوم.

إلا (1) أن يقال: إن التراضي مع الجهل بالحال لا يخرج عن كون اكل الغابن لمال المغبون الجاهل اكلا بالباطل،

+++++++++++

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ (1) .

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (2).

(1) من هنا يروم قدس سره نفي التعارض المذكور بين الآيتين الكريمتين، و القول بحكومة آية و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ على آية إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

و خلاصة الحكومة إن التراضي من جانب المغبون باصل المعاملة مع جهله بالغبن و الخديعة لا يوجب خروج المعاملة عن اكل المال بالباطل فتكون آية و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ حاكمة على آية إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، فيثبت للمغبون الخيار.

هذا بناء على وجود لاء النافية على كلمة يخرج كما هو الموجود في أغلب النسخ، و هو الأصح كما اثبتناها(3)

و أما بناء على النسخة التي لا توجد فيها كلمة لاء النافية فآية إلا أن تكون حاكمة على آية و لا تأكلوا، لكون المعنى هكذا: إن التراضي باصل المعاملة مع الجهل بالغبن يخرج المعاوضة عن موضوع اكل المال بالباطل فلا خيار للمغبون اصلا.

ص: 142


1- البقرة: الآية 275.
2- النساء: الآية 28.
3- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يمكن أن يقال (1): إن آية التراضي تشمل غير صورة الخدع كما اذا اقدم المغبون على شراء العين محتملا لكونها بأضعاف قيمتها فتدل على نفي الخيار في هذه الصورة من دون معارضة فيثبت عدم الخيار في الباقي (2) بعدم القول بالفصل فتعارض مع آية النهي المختصة بصورة الخدع الشاملة غيرها بعدم القول بالفصل، فيرجع بعد تعارضهما بضميمة عدم القول بالفصل، و تكافئهما: إلى أصالة اللزوم.

+++++++++++

(1) من هنا يروم قدس سره نفي المعارضة اصلا.

و خلاصته إن آية إلا أن تكون تجارة تشمل الصورة التي لا يكون فيها خدع اصلا كما في إقدام من يشتري سلعة بسعر مضاعف بكثير و هو يعلم أن قيمتها أقل من ذلك بكثير، فالخيار هنا لا يأتي، لإقدام المشتري على الغبن فلا تعارض بين الآيتين في هذه الصورة.

(2) و هي الصورة التي فيها خداع و لا يعلم بالغبن، و لا يعلم أنه لا يعلم و هو الجهل المركب، كما أن الصورة الاولى التي لا خداع فيها هو الجهل البسيط.

ففي هذه الصورة يقع التعارض بين الآيتين، لأن آية إلا أن تكون تثبت الخيار، لوجود التراضي بأصل المعاوضة.

و آية و لا تأكلوا تنفي الخيار، لاختصاصها بصورة الخديعة و هي قد حصلت.

لكن مع ذلك نقول بعدم وجود الخيار في الصورة الاولى و هي الصورة التي لا خداع فيها، بناء على القول بعدم الفصل بين الصورتين.

فاذا ثبت التعارض ثبت التساقط، لتكافئهما، فيرجع حينئذ الى اصالة اللزوم المستفادة من العمومات المذكورة في الهامش 3 ص 141-142.

ص: 143

ما استدل به في التذكرة و المناقشة فيه

و استدل (1) أيضا في التذكرة: بأن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم اثبت الخيار في تلقي الركبان (2)، و انما (3) اثبته للغبن.

و يمكن (4) أن يمنع صحة حكاية اثبات الخيار، لعدم وجودها (5) في الكتب المعروفة بين الامامية، ليقبل ضعفها بالانجبار بالعمل (6).

الاستدلال بلا ضرر و لا ضرار

و أقوى (7) ما استدل به

+++++++++++

(1) اي العلامة قدس سره.

(2) في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم.

لا تلقوا الجلب فمن تلقاه و اشترى منه فاذا اتى السوق فهو بالخيار.

راجع (مستدرك الوسائل) المجلد 2 ص 469 الباب 29 الحديث 2، و الحديث هذا مروي عن طرق (علماء اخواننا السنة):

(3) هذا كلام العلامة قدس سره اي انما اثبت الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم الخيار لصاحب السلعة اذا دخل السوق بعد أن اشتريت منه السلعة لأجل الغبن الحاصل له.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 343.

(4) من هنا يروم قدس سره رد الاستدلال بالحديث المروي.

و خلاصته ان الرواية المستدل بها ليست مروية عن طرقنا، و لا توجد في احد الكتب المعتبرة عندنا و المعروفة لدينا، و لو كانت مذكورة فيها لامكن الاستدلال بها، لانجبار ضعف سندها بعمل الطائفة.

(5) اي وجود الرواية المذكورة.

(6) اي يعمل الأصحاب من الامامية.

(7) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره.

و الظاهر أن كلمة أقوى لا يراد منها معنى أفعل التفضيل، إذ

ص: 144

على ذلك (1) في التذكرة و غيرها قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

(لا ضرر و لا ضرار في الاسلام) (2).

و كأن (3) وجه الاستدلال أن لزوم مثل هذا البيع (4)، و عدم تسلط المغبون على فسخه ضرر عليه و اضرار به فيكون (5) منفيا.

فحاصل الرواية (6) أن الشارع لم يحكم بحكم يكون فيه الضرر، و لم بسوغ اضرار المسلمين بعضهم بعضا، و لم يمض لهم من التصرفات ما فيه ضرر على الممضي عليه.

و منه (7) تظهر صحة التمسك لتزلزل كل عقد يكون لزومه ضررا على الممضي عليه، سواء أ كان من جهة الغبن أم لا، و سواء أ كان في البيع أم في غيره كالصلح غير المبني على المسامحة و الاجارة (8) و غيرها: من المعاوضات.

+++++++++++

ليست في الأدلة المستدل بها في التذكرة قوة حتى يكون هذا الدليل أقوى منها،

(1) اي على وجود الخيار للمغبون.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 343.

(3) من هنا يروم قدس سره توجيه كيفية استدلال العلامة قدس سره في التذكرة بحديث لا ضرر على اثبات الخيار للمغبون.

(4) و هو البيع الغبني.

(5) اي الضرر و الاضرار.

(6) اي رواية لا ضرر و لا ضرار.

(7) اي و من حديث لا ضرر و لا ضرار.

(8) اي و كالاجارة التى تعد من المعاوضات فانه إذا كان فيها

ص: 145

هذا (1) و لكن يمكن الخدشة في ذلك (2): بأن (3) انتفاء اللزوم، و ثبوت التزلزل في العقد لا يستلزم ثبوت الخيار للمغبون بين الرد و الامضاء بكل الثمن، اذ يحتمل أن يتخير بين امضاء العقد بكل الثمن، و بين رده في المقدار الزائد.

غاية الامر ثبوت الخيار للغابن، لتبعض المال عليه، فيكون حال المغبون حال المريض اذا اشترى بأزيد من ثمن المثل، و حاله (4) بعد العلم بالقيمة حال الوارث إذا مات ذلك المريض المشتري: في أن له (5)

+++++++++++

ضرر على الموجر، أو المستأجر يشمله حديث لا ضرر و لا ضرار فيثبت الخيار للمغبون، اذ لو لا الخيار لثبت الضرر و هو منفي.

(1) اي خذ ما تلوناه عليك حول ثبوت الخيار للمغبون.

(2) اي في ثبوت الخيار للمغبون.

(3) الباء بيان لكيفية الخدشة في ثبوت الخيار للمغبون.

(4) ملخص الكلام إن حال المغبون حال المريض الذي اشترى سلعة بأزيد من سعرها السوقي، أو باع بأقل منه ثم مات المريض و اطلع الوارث على الزيادة أو النقيصة.

فكما أن لهذا الوارث استرجاع تلك الزيادة من البائع، أو المشتري في صورة البيع بأقل من ثمن المثل.

كذلك للمغبون بعد العلم بالغبن استرجاع تلك الزيادة فقط، و ليس له فسخ العقد كلا أو بعضا.

(5) اي المغبون.

ص: 146

استرداد الزيادة من (1) دون رد جزء من العوض كما عليه الأكثر في معاوضات المريض المشتملة على المحاباة (2)، و إن اعترض عليهم (3) العلامة بما حاصله:

+++++++++++

(1) اي و ليس للمغبون حق رد جزء من العوض، لأن خمسة دنانير المأخوذة من المغبون زيادة، و التي كانت زائدة على السعر السوقي الواقعي اذ سعر الواقعي للسلعة عشرة دنانير و هي في الواقع لا تساوي إلا عشرة: لا تكون جزء من الثمن و إن كان مجموع الخمسة عشرة في مقام الاثبات و إنشاء المعاملة عوضا.

(2) مصدر باب المفاعلة من حابى يحابي.

معناه بيع الانسان شيئا بدون ثمن مثله.

يقال: حبوت الرجل حباء بالكسر و المد: اي اعطيته الشيء بغير عوض، و الاسم منه الحبوة بالضم، و جاء بالكسر أيضا و الفتح أفصح.

و منه بيع المحاباة: و هو بيع الانسان شيئا بدون ثمن مثله، فالزائد عن قيمة المبيع عطية.

يقال: حابيته في البيع محاباة.

راجع (مجمع البحرين) الطبعة الجديدة الجزء 1 ص 94 - مادة حبأ.

و راجع (لسان العرب) الجزء 14 - ص 160 طباعة بيروت - عام 1375 ه مادة حبو.

(3) اي و إن اعترض العلامة على الأكثرين من الفقهاء القائلين باسترداد المغبون الزيادة، دون رد جزء من العوض.

ص: 147

إن (1) استرداد بعض احد العوضين من دون رد بعض الآخر ينافي مقتضى المعاوضة.

و يحتمل (2) أيضا أن يكون نفي اللزوم بتسلط (3) المغبون على

+++++++++++

(1) هذا وجه الاعتراض.

خلاصته إن مقتضى المعاوضات المالية أن يجعل كل واحد من العوضين في قبال لآخر: لأن مجموع خمسة عشرة دينارا وقع في مقام الاثبات و الإنشاء عوضا، فلكل واحد من المتعاقدين حق ارجاع ما بذله إزاء ما يأخذه من الآخر بتمامه، فاسترداد شيء من عين احد العوضين من دون بعض الآخر مناف لمقتضى المعاوضة.

هذا ما افاده العلامة قدس سره.

لكنك عرفت أن الزيادة ليست جزء واقعيا، بل هي جزء في مقام الاثبات و الإنشاء.

(2) احتمال ثان من شيخنا الانصاري قدس سره حول الخدشة في ثبوت الخيار للمغبون.

خلاصته إنه لا يلزم من نفي اللزوم ثبوت الخيار للمغبون، لأنه من المحتمل أن يكون لازم النفي تسلط المغبون على الزام الغابن باحد امرين:

إما الفسخ عن تمام البيع، أو التدارك في المقدار الذي فات من المغبون: و هي الزيادة.

فهذه الزيادة تعطى للمغبون اذا كانت موجودة، و بدلها إذا كانت تالفة.

(3) الباء بيان لكيفية الاحتمال الثاني.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 ص 148: خلاصته.

ص: 148

الزام الغابن باحد امرين: من (1) الفسخ في الكل، و من (2) تدارك ما فات على المغبون برد قدر الزائد، أو بدله.

و مرجعه (3) الى أن للمغبون الفسخ اذا لم يبذل الغابن التفاوت فالمبذول غرامة لما فات على المغبون على تقدير امضاء البيع، لا هبة مستقلة كما (4) في الايضاح(1) و جامع المقاصد، حيث انتصرا للمشهور القائلين بعدم سقوط الخيار ببذل الغابن للتفاوت (5): بأن (6) الهبة المستقلة لا تخرج المعاملة عن الغبن الموجب للخيار، و سيجيء ذلك (7) و ما ذكرناه (8) نظير ما اختاره

+++++++++++

(1) هذا هو الامر الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 148.

(2) هذا هو الامر الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 148.

(3) اي و مآل هذا التسلط.

(4) اي كما افاد فخر المحققين قدس سره في الايضاح و المحقق الثاني قدس سره في جامع المقاصد: في أن المبذول غرامة لما فات، و إنما افادا ذلك انتصارا للمشهور، حيث ذهب المشهور الى ذلك، خلافا لبعض حيث قال: إن المبذول هبة مستقلة و ليست غرامة عما فات.

(5) و هي الزيادة المأخوذة من الغابن.

(6) الباء بيان لانتصار الفخر و المحقق الثاني للمشهور.

خلاصة الانتصار إن القول بكون المبذول هبة مستقلة لا يخرج المعاوضة عن الغبن الذي سبب الخيار للمغبون، فعلى فرض القول بها فالخيار باق،

(7) اي في ص 151 عند قوله: ثم إن المبذول ليس.

(8) و هو سقوط خيار المغبون ببذل الغابن ما به التفاوت

ص: 149


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

العلامة في التذكرة (1)(1)

و احتمله (2) في القواعد(2) من (3) أنه اذا ظهر كذب البائع مرابحة في إخباره برأس المال فبذل المقدار الزائد مع ربحه (4) فلا خيار للمشتري، فإن (5) مرجع هذا الى تخيير البائع بين رد التفاوت

+++++++++++

و عدم سقوطه بعدم بذله.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 445 عند قوله: و لو دفع الغابن احتمل سقوط خيار المغبون، لانتفاء موجبه، و عدمه، لأنه ثبت له فلا يزول منه إلا بسبب شرعي و لم يثبت.

(2) اي احتمل العلامة في القواعد ما قلناه: من سقوط الخيار لو بذل الغابن التفاوت، و عدم سقوطه لو لم يبذله.

(3) كلمة من بيان لما احتمله العلامة قدس سره في القواعد.

(4) اي مع ربح الزائد على السعر الواقعي.

خذ لذلك مثالا.

باع علي سلعته من محمد بالمرابحة: بأن قال: اشتريتها بمائة دينار و ابيعك بمائة و عشرة دنانير مرابحة: اي آخذ منك بالمائة عشرة دنانير 10 ثم ظهر كذب البائع: بأن تبين أنه اشتراها بثمانين دينارا.

فهنا على البائع أن يرد على المشتري اثنين و عشرين دينارا:

عشرين عن الزيادة و اثنين عن ربح العشرين، حيث اخذ منه عن كل عشرة دنانير دينارا واحدا، لأن سعر السلعة كان ثمانين دينارا فلازمه أن يأخذ من المشتري ثمانية دنانير لا عشرة.

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره اي مآل ما افاده

ص: 150


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و بين الالتزام بفسخ المشتري.

و حاصل الاحتمالين (1) عدم الخيار للمغبون مع بذل الغابن التفاوت فالمتيقن من ثبوت الخيار له (2) صورة امتناع الغابن من البذل:

و لعل هذا (3) هو الوجه في استشكال العلامة(1) في التذكرة في ثبوت الخيار مع البذل، بل قول بعض بعدمه (4) كما يظهر من الرياض(2).

ثم (5) إن المبذول ليس هبة مستقلة حتى يقال: إنها لا تخرج المعاملة المشتملة على الغبن عن كونها مشتملة عليه.

+++++++++++

العلامة في القواعد هو التخيير المذكور.

(1) و هما: الاحتمال الاول المشار إليه في ص 146 في قوله:

اذ يحتمل أن يتخير بين امضاء العقد بكل الثمن.

و الاحتمال الثاني المشار إليه في ص 148 في قوله: و يحتمل أيضا أن يكون نفي اللزوم بتسلط المغبون.

(2) اي للمغبون.

(3) و هو أن مقتضى؟؟؟ الزائد لا ثبوت الخيار.

(4) اي بعدم ثبوت الخيار مع بدل التفاوت.

ثم لا يخفى عليك إنه فرق بين الاحتمالين المذكورين في ص 146 و 148، اذ في الاحتمال الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 146 يكون التخيير للمغبون، و في الاحتمال الثاني يكون التخيير للغابن.

(5) هذا رد على فخر المحققين قدس سره القائل بكون المبذول هبة مستقلة، و أنها لا تخرج المعاوضة الغبنية عن الغبنية.

و خلاصة الرد إن المبذول ليس اصلا هبة مستقلة حتى يقال ذلك بل هو غرامة لما اتلفه الغابن على المغبون كما عرفت في الهامش 2 ص 152.

ص: 151


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لا جزء (1) من احد العوضين حتى يكون استرداده مع العوض الآخر جمعا بين جزء المعوّض و تمام العوض منافيا لمقتضى المعاوضة.

بل (2) هو غرامة لما اتلفه الغابن عليه (3) في الزيادة بالمعاملة الغبنية، فلا يعتبر كونه (4) من عين الثمن نظير (5) الارش في المعيب.

و من (6) هنا تظهر الخدشة فيما في الايضاح و جامع المقاصد: من الاستدلال على عدم السقوط مع البذل بعد الاستصحاب (7):

+++++++++++

(1) هذا رد على إشكال العلامة قدس سره الذي عرفته في الهامش 1 ص 148 و قد ذكره في المتن فلا نعيده.

(2) اي المبذول عوضا عن الزيادة.

(3) اي على المغبون.

(4) اي المبذول عوضا عن الزيادة لا يعتبر أن يكون من عين الثمن و شخصه حتى يستلزم المنافاة المذكورة.

(5) اي هذا المبذول عوضا عن الزيادة نظير الارش المأخوذ عن المعيب.

فكما أنه لا يشترط في استرداد الارش كونه من عين الثمن و شخصه.

كذلك لا يشترط ذلك في هذا المبذول عوضا.

(6) اي و من قولنا: إن المبذول غرامة عما اتلفه الغابن على المغبون تظهر الخدشة فيما افاده فخر المحققين، و المحقق الثاني قدس سرهما:

من عدم سقوط الخيار مع البذل، و استدلا على ذلك بدليلين نشير الى كل واحد منهما عند رقمهما الخاص.

(7) هذا هو الدليل الاول: و هو الاستصحاب.

ص: 152

بأن (1) بذل التفاوت لا يخرج المعاملة عن كونها غبنية، لأنها (2) هبة مستقلة، حتى أنه لو دفعه على وجه الاستحقاق لم يحل اخذه اذ لا ريب في أن من قبل هبة الغابن لا يسقط خياره، انتهى (3) بمعناه.

وجه (4) الخدشة ما تقدم: من (5) احتمال كون المبذول غرامة لما اتلفه الغابن على المغبون قد دل عليها (6) نفي الضرر.

و أما الاستصحاب (7) ففيه أن الشك في اندفاع الخيار بالبذل:

+++++++++++

خلاصته إن بالغبن ثبت الخيار، و ببذل العوض عن الزائد نشك في رفع الخيار فنستصحبه، ابقاء لليقين على ما كان.

(1) هذا هو الدليل الثاني.

خلاصته إن بذل العوض عن التالف من الغابن لا يخرج المعاملة الغبنية عن الغبن، بل هي باقية على ما كانت.

(2) تعليل لعدم اخراج البذل المعاملة الغبنية عن الغبن.

خلاصته إن هذا المبذول هبة مستقلة لا ربط لها بالمعاملة، و لذا لو دفعه الى المغبون على وجه الاستحقاق لا يجوز للدافع اخذه و التصرف فيه.

(3) اي ما افاده الفخر في الايضاح، و المحقق الثاني قدس سرهما في جامع المقاصد نقلا بمعناه.

(4) اي وجه الخدشة في استدلال هذين العلمين بالامرين المذكورين.

(5) كلمة من بيان لما تقدم اي تقدم في ص 152 عند قوله: بل هو غرامة لما اتلفه الغابن عليه.

(6) اي قد دل على هذه الغرامة و أنها واجبة الدفع حديث نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(7) هذا رد على الاستصحاب المستدل به من العلمين المذكورين

ص: 153

لا (1) في ارتفاعه به، اذ (2) من المحتمل المتيقن ثبوت الخيار على الممتنع (3)، دون الباذل.

ثم إن الظاهر أن تدارك ضرر المغبون باحد الاحتمالين (4) المذكورين أولى من اثبات الخيار له (5) لأن (6) الزام الغابن بالفسخ ضرر

+++++++++++

المشار إليه في الهامش 7 ص 152.

و خلاصته إن الشك بعد اعطاء العوض عن الفائت في المقتضي:

و هو اندفاع الخيار بالبذل: بمعنى أنه بعد اعطاء البذل عن الفائت.

هل يبقى خيار أو لا؟

(1) اي و ليس الشك في ارتفاع الخيار بسبب دفع العوض حتى يستصحب الخيار و يقال بجريانه.

(2) تعليل لعدم كون الشك في ارتفاع الخيار

(3) اي على الغابن الممتنع من دفع عوض التالف على المغبون لا على الغابن الباذل للعوض.

(4) و هما المشار إليه في الهامش 1 ص 151.

(5) اي للمغبون.

(6) تعليل للأولوية المذكورة.

خلاصته إن الأغراض النوعية الصادرة من نوع الأشخاص في معاوضاتهم المالية، و لا سيما ما هو المحور في المعاملات: و هي العملة المضروبة المعبر عنها: ب (النقود).

إنما تتعلق باعواض شيء في مقابل شيء آخر لتدور رحى الأعمال الضرورية الاعاشية فيما بينهم، و بهذه المناسبة يقال للمكان الذي تجلب إليه الأمتعة، و توضع فيه: (سوق)، لأن البضائع و السلع

ص: 154

لتعلق غرض الناس بما ينتقل إليهم: من (1) أعواض أموالهم خصوصا النقود (2)، و نقض الغرض ضرر و إن لم يبلغ (3) حد المعارضة لضرر المغبون، إلا (4) أنه يصلح مرجحا لاحد الاحتمالين المذكورين

+++++++++++

الموجودة في العالم برمتها انما تجلب لاجل الإعطاء و الاخذ: اي اعطاه سلعة في مقابل اخذ نقد: اي ساق شيئا الى مكان، و ساق شيئا آخر بدله إليه.

فهذه الأغراض هي الموجبة للمعاوضات المالية.

و من الواضح إن نقض هذه الأغراض بسبب فسخ البائع، أو المشتري ضرر عليهما و الضرر منفي بحديث لا ضرر و لا ضرار، فدفعا لهذا الضرر لا بدّ من القول بامضاء المعاملات، و لا سيما في المعاملة الغبنية حتى لا يترتب عليها ضرر.

فدفعا للنزاع و الضرر لا بدّ من القول بامضاء المعاملة الغبنية، و اعطاء التفاوت من جانب الغابن.

(1) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: بما ينتقل إليهم.

(2) المراد من النقود هي الدنانير الصفر، و الدراهم البيض المضروبة من الذهب و الفضة المعبر عنها ب (العملة) و كانت رائجة الى عصرنا.

(3) اي و إن لم يبلغ نقض غرض البائع من حيث الضرر مقدار ضرر المغبون و المعارضة معه لكن مع ذلك يعد ضررا عليه.

(4) اي لكن هذا المقدار من الضرر على الغابن يعد مرجحا لاحد الاحتمالين المذكورين في الخدشة.

ص: 155

على ما اشتهر: من تخييره (1) بين الرد و الامضاء بكل الثمن.

إلا (2) أن يعارض ذلك بأن (3) غرض المغبون قد يتعلق

+++++++++++

و هما، المشار إليهما في الهامش 1 ص 151.

(1) اي من تخيير المغبون.

(2) استدراك عما افاده: من أن نقض غرض البائع يعد ضررا عليه فيصلح مرجحا لاحد الاحتمالين المذكورين.

خلاصته إن هاهنا غرضين:

(احدهما) غرض البائع الغابن.

(ثانيهما) غرض المغبون فيتعارضان فيقدم غرض المغبون على غرض الغابن، لأن غرض المغبون قد يتعلق بتملك عين صحيحة ذات قيمة ثمينة، اذ المقصود من شرائها هو اقتناؤها للتجمل، أو التظاهر بمظاهر الزينة، و الامور الاعتبارية التي جرت عليها نفوس المجتمع البشري حديثا و قديما خذ لذلك مثالا.

اشترى شخص سيارة (موديل) 87 بالف دينار تجاه سيارته المبيعة موديل 86 سعرها ثمانمائة دينار، و الذي حثه على ذلك هو التظاهر بهذا الموديل الجديد، لاشتماله على بعض المزايا الطفيفة ليس موجودا في ذاك الموديل.

اذا يتعارض الغرضان فيقدم غرض المغبون على غرض الغابن فيثبت له الخيار.

(3) كلمة بأن بيان لكيفية معارضة الغرضين.

و قد عرفتها في الهامش 2 من هذه الصفحة عند قولنا: خلاصته.

ص: 156

بتملك عين ذات قيمة، لكون (1) المقصود اقتناءها للتجمل، و قد يستنكف عن اقتناء ذات القيمة اليسيرة للتجمل فتأمل (2).

الاستدلال على خيار الغبن بالأخبار الواردة في حكم الغبن

و قد (3) يستدل على الخيار بأخبار واردة في حكم الغبن.

فعن (4) الكافي بسنده الى اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المسترسل سحت (5).

و عن (6) الميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المؤمن حرام (7).

+++++++++++

(1) تعليل لتعلق غرض المغبون بتملك عين ذات قيمة، و قد عرفته آنفا.

(2) الظاهر أن الامر بالتأمل لاجل أن الغرض المذكور نادر و قليل فلا يعد مخالفته ضررا عرفيا، اذ من الممكن تمليك الغابن ما يملكه للآخر بأزيد عن قيمة مثله، فكل غرض مخالف للعرف و العادة لا يعد ضررا.

(3) المستدل هو المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره فقد استدل على ثبوت الخيار للمغبون عند تبين الغبن بالأخبار المذكورة في تعليقته.

راجع تعليقته على متن اللمعة الدمشقية الطبعة الحجرية ص 100-101.

(4) هذا اوّل حديث استدل به المحقق المذكور.

(5) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 363 الباب 17 - الحديث 1.

(6) هذا هو الحديث الثاني المذكور في التعليقة.

(7) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 364 الباب 17 الحديث 2.

ص: 157

و في (1) رواية اخرى.

و لا تغبن المسترسل، فان غبنه لا يحل (2).

و عن مجمع البحرين إن الاسترسال الاستيناس و الطمأنينة إلى الانسان و الثقة به فيما يحدثه.

و اصله (3) السكون و الثبات، و منه (4) الحديث.

أيما مسلم استرسل الى مسلم فغبنه فهو كذا (5).

+++++++++++

(1) هذا هو الحديث الثالث المذكور في التعليقة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 285 الباب 2 الحديث 7.

(3) اي و اصل الاسترسال.

(4) اي و من هذا المعنى.

(5) لم نعثر على مصدر لهذا الحديث في كتبنا.

لكن وجدناه في كتب (علماء اخواننا السنة).

و الحديث بهذه الألفاظ المذكورة عن مجمع البحرين منقول عن النهاية و الصحاح و تاج العروس في مادة رسل.

و هكذا نفله بنفس الألفاظ صاحب لسان العرب في مادة رسل.

ثم إنه لا توجد في السنن و كنز العمال كلمة فهو كذا، و لذا نذكر لك نص الحديث عن المصدرين.

عن ابي إمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

من استرسل الى مؤمن فغبنه كان غبنه ذلك ربا

راجع (السنن) الجزء 5 ص 349 باب ما ورد في غبن المسترسل.

و راجع (كنز العمال) الجزء 4 ص 35 الطبعة الثانية الحديث 328

ص: 158

و منه (1) غبن المسترسل سحت (2)، انتهى (3).

و يظهر (4) منه أن ما ذكره أو لا حديث رابع(1)

و الانصاف (5) عدم دلالتها على المدعى، فان ما عدا الرواية

+++++++++++

و ص 42 الحديث 397.

(1) اي و من هذا المعنى:

(2) ذكرنا مصدره في الهامش 1 ص 157.

(3) اي ما افاده صاحب مجمع البحرين قدس سره في هذا المقام.

راجع (مجمع البحرين) الطبعة الحديثة الجزء 5 ص 383 مادة رسل.

(4) اي و يظهر من صاحب مجمع البحرين أن الحديث الذي ذكره بقوله: و منه أيما مسلم استرسل إلى مسلم فغبنه فهو كذا: هو اوّل حديث من الأحاديث الدالة على ثبوت الخيار للمغبون، و لكن هو رابع حديث من تلك الأحاديث التي ذكرها المحقق كاشف الغطاء في تعليقته التي اشرنا إليها، و لذا قال هناك: و ظاهره اي و ظاهر عبارة صاحب مجمع البحرين إن هناك حديثا رابعا دالا على المقصود، و كأنه لم يعثر على مصدره فقال: و ظاهره وجود حديث رابع: و هو الذي نقله صاحب مجمع البحرين.

(5) من هنا اخذ شيخنا الانصاري قدس سره في الرد على الأخبار المستدل بها على ثبوت الخيار للمغبون.

خلاصته إنه لو انصفنا و طالعنا تلك الأخبار لوجدنا عدم دلالتها على المدعى و أنها آبية عن ذلك، لأن الرواية الثانية المشار إليها في ص 157، و الثالثة المشار إليها في ص 158: دالتان على حرمة الخيانة عند المشورة: بمعنى أن المؤمن اذا استشار اخاه المؤمن في موضوع

ص: 159


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الاولى ظاهرة في حرمة الخيانة في المشاورة فيحتمل (1) كون الغبن بفتح الباء.

و أما الرواية الاولى (2) فهي و إن كانت ظاهرة فيما يتعلق بالأموال (3) لكن (4) يحتمل حينئذ أن يراد كون الغابن بمنزلة آكل السحت في استحقاق العقاب (5) على اصل العمل، و الخديعة في اخذ المال.

+++++++++++

فيحرم على المستشار الخديعة و المكر بالمستشير، فالروايتان اجنبيتان عن المدعى.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من دلالة الأخبار المذكورة على حرمة الخيانة في المشاورة اي ففي ضوء ما ذكرنا يحتمل أن تكون كلمة غبن في الرواية الثانية المذكورة في ص 157، و كلمة غبنه في الرواية الثالثة المذكورة في ص 158 بفتح الباء، لا بسكونها، فحينئذ يراد من هذه الكلمة الخديعة كما علمت في ص 132 أن الغبن بالفتح هي الخديعة في الرأي، و بالسكون هي الخديعة في البيع.

(2) و هي رواية اسحاق بن عمار المذكورة في ص 157.

(3) اي في المعاوضات المالية بقرينة كلمة سحت، حيث إنها مختصة بالأموال، و لا تطلق إلا عليها، و هذا الظهور أقوى من لفظ الغبن في المعنى الحدثي المصدري، فكلمة غبن المسترسل في الرواية الاولى بسكون الباء.

(4) من هنا يروم قدس سره اثبات حكمين: تكليفي، و وضعي للرواية الاولى المذكورة في ص 157، بناء على قراءة كلمة غبن بسكون الباء، و نحن نشير الى الحكمين عند رقمهما الخاص.

(5) هذا هو الحكم التكليفي، فعليه لا خيار للمغبون.

ص: 160

و يحتمل (1) أن يراد كون المقدار الذي يأخذه زائدا على ما يستحقه بمنزلة السحت في الحرمة و الضمان.

و يحتمل (2) إرادة كون مجموع العوض المشتمل على الزيادة بمنزلة السحت في تحريم الاكل في صورة خاصة: و هو اطلاع المغبون و رده للمعاملة المغبون فيها.

و لا ريب أن الحمل على احد الاولين (3) أولى، و لا أقل من المساواة للثالث (4)، فلا دلالة (5).

العمدة في المسألة الإجماع

فالعمدة في المسألة (6) الاجماع المحكي المعتضد بالشهرة المحققة.

و حديث (7) نفي الضرر بالنسبة الى خصوص الممتنع عن بذل التفاوت.

+++++++++++

(1) هذا هو الحكم الوضعي، فعليه يثبت الخيار للمغبون(1)

(2) يقصد قدس سره بهذا الاحتمال إبطال اصل المعاوضة فالمعاملة (2)هذه كالمعاملة الربوية.

فكما أنها باطلة من اصلها، لا المشتملة على الزيادة.

كذلك هذه فاسدة من اصلها.

(3) و هو الاحتمال الاول المشار إليه في هذه الصفحة (3)و الاحتمال الثاني المشار إليه في هذه الصفحة.

(4) اي مساواة الاحتمال الاول و الثاني للاحتمال الثالث.

(5) اي للأخبار المذكورة على المدعى: و هو ثبوت الخيار للمغبون.

(6) و هي مسألة ثبوت الخيار للمغبون.

(7) اي العمدة في المسألة أيضا حديث نفي الضرر.

ص: 161


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
ثم إن تنقيح هذا المطلب يتم برسم مسائل.
اشارة

ثم إن تنقيح هذا المطلب (1) يتم برسم مسائل (2).

يشترط في هذا الخيار أمران:
اشارة

(مسألة) (3).

يشترط في هذا الخيار (4) امران:

الأمر الأول عدم علم المغبون بالقيمة

(الاول) عدم علم المغبون بالقيمة، فلو علم بالقيمة فلا خيار بل و لا غبن كما عرفت بلا خلاف و لا إشكال، لأنه اقدم على الضرر.

ثم إن الظاهر عدم الفرق بين كونه (5) غافلا عن القيمة بالمرة أو ملتفتا إليها، و لا بين كونه مسبوقا بالعلم، و عدمه، و لا بين الجهل المركب (6)، و البسيط (7)، مع الظن بعدم الزيادة و النقيصة أو الظن بهما، أو الشك.

+++++++++++

(1) و هو ثبوت الخيار للمغبون، أو عدمه له.

(2) و هي خمسة.

(3) اي المسألة الاولى من المسائل الخمس التي اشرنا إليها في الهامش 2 من هذه الصفحة بقولنا: و هي خمسة.

(4) اي في خيار الغبن.

(5) اي كون المغبون.

(6) الجهل المركب عبارة عن عدم علم الانسان بالشيء، و عدم علمه بأنه لا يعلم، فمثل هذا الجاهل لا يصل الى مطلوبه ما دام في الحياة.

(7) الجهل البسيط عبارة عن عدم علم الانسان بالشيء، لكنه يعلم بأنه لا يعلم، فمثل هذا الجاهل يصل الى مطلوبه و إن طال الزمن.

و قد شبه هذا بالدابة العرجاء الحاملة للراكب، أو المتاع

ص: 162

و يشكل في الاخيرين (1) اذا اقدم على المعاملة بانيا على المسامحة على تقدير الزيادة و النقيصة، فهو كالعالم، بل الشاك في الشيء اذا اقدم عليه بانيا على تحمله فهو في حكم العالم، من حيث استحقاق المدح عليه، أو الذم، و من حيث عدم مقدوريته لو كان ذلك الشيء مما يعذر الغافل فيه.

و الحاصل أن الشاك الملتفت الى الضرر مقدم عليه.

و من أن مقتضى عموم نفي الضرر، و اطلاق الاجماع المحكي (2) ثبوته (3) بمجرد تحقق الضرر خرج المقدم عليه (4) عن علم، بل مطلق الشاك ليس مقدما على الضرر، بل قد يقدم برجاء عدمه (5) و مساواته (6) للعالم في الآثار ممنوعة حتى في استحقاق المدح و الذم لو كان المشكوك مما يترتب عليه ذلك (7)

+++++++++++

فانها لا محالة توصل الراكب، أو المتاع الى المقصد.

(1) و هما كون الشاك مسبوقا بالعلم، أو عدمه.

و كون جهل الشاك بسيطا، أو مركبا،

(2) و قد عرفته في ص 136 عند قوله: و عن الغنية و المختلف الاجماع عليه.

(3) اي ثبوت خيار الغبن.

(4) اي على الضرر مع علم المقدم بالضرر.

(5) اي مع رجاء المقدم على الضرر عدم الضرر.

(6) اي تساوي مطلق الشاك بالضرر مع العالم بالضرر في جميع الآثار.

(7) اي المدح، أو الذم.

ص: 163

عند الاقدام عليه، و لذا (1) قد يحصل للشاك بعد اطلاعه على الغبن حالة اخرى لو حصلت له قبل العقد لم يقدم عليه (2).

نعم لو صرح (3) في العقد بالالتزام به و لو على تقدير ظهور الغبن كان ذلك (4) راجعا الى إسقاط الغبن.

و مما ذكرنا (5) يظهر ثبوت الخيار للجاهل و إن كان قادرا على السؤال كما صرح به في التحرير و التذكرة (6).

و لو اقدام (7) عالما على غبن يتسامح به فبان أنه أزيد بما لا يتسامح

+++++++++++

(1) اي و لاجل منع مساواة مطلق الشاك مع العالم في جميع الآثار حتى في استحقاق المدح، أو الذم.

(2) اي على الغبن.

(3) اي الشاك في الضرر.

(4) اي تصريح الشاك في متن العقد بالالتزام بالعقد.

(5) و هو أن مقتضى عموم نفي الضرر، و اطلاق الاجماع المحكي عن الغنية و المختلف.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 344 عند قوله: و إنما يثبت الغبن بشرطين.

(7) خلاصة هذا الكلام إن المشتري أو البائع لو اقدم على شراء شيء، أو بيعه مع علمه بالغبن المتسامح به: بأن اشترى سلعة بسعر فيه زيادة على سعرها السوقي: و هي خمسة دنانير مثلا، ثم بعد ذلك ظهر أن الغبن أزيد بمقدار لا يتسامح بهذا الزائد الذي هي عشرة دنانير مثلا، و لا بتلك الزيادة المعلومة التي هي خمسة دنانير، فهنا لا يبعد ثبوت الخيار، لأنه كان مقدما على غبن خمسة دنانير، لا

ص: 164

بالمجموع منه (1)، و من المعلوم فلا يبعد الخيار.

و لو اقدام على ما لا يتسامح به فبان أزيد مما يتسامح به منفردا (2)(1)أو بما لا يتسامح به ففي الخيار وجه (3).

ثم إن المعتبر القيمة حال العقد (4)، فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون على النقصان حين العقد لم ينفع، لأن (5) الزيادة إنما حصلت في ملكه، و المعاملة وقعت على الغبن.

+++++++++++

على خمسة اخرى زيادة على الخمسة المعلومة.

(1) مرجع الضمير الزائد الذي ظهر فيما بعد.

(2) اي مستقلا من دون تلك الزيادة التي ظهرت فيما بعد:

بمعنى أنه كان يتسامح بخمسة دنانير من بادئ الامر، لكن لا يتسامح بالزيادة التي ظهرت بعد منظمة الى الزيادة الاولية المتسامح بها مستقلة و منفردة.

(3) الظاهر أن الوجه في ذلك هو عموم نفي الضرر، لأن الإقدام على ما لا يتسامح به في الواقع لغرض عقلائي لا يوجب صحة المعاملة الغبنية عند ظهور زيادة العوض عن اصل المبيع.

(4) مقصوده قدس سره إن الاعتبار و الميزان في الغبن الموجب للخيار هو حالة العقد: بأن لا يكون سعر المبيع أزيد مما يتسامح به عند اجراء العقد سواء استمر عدم علم المغبون بالغبن أم لا.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الميزان في ثبوت الخيار هو وقت اجراء العقد اي ففي ضوء ما ذكرنا لو زادت القيمة بعد اجراء العقد و كان سعر المبيع زائدا على ما يتسامح به فالخيار باق للمغبون و إن كانت الزيادة قبل علم المغبون على نقصان سعر المبيع

ص: 165


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يحتمل (1) عدم الخيار حينئذ، لأن (2) التدارك حصل قبل الرد فلا يثبت الرد المشروع لتدارك الضرر كما (3) لو برئ المعيوب قبل الاطلاع على عيبه.

بل في التذكرة أنه مهما زال العيب قبل العلم، أو بعده قبل الرد سقط حق الرد (4).

+++++++++++

من القيمة السوقية، لأن الزيادة الحاصلة بعد العقد لا تنفع في رفع الخيار، اذ هذه الزيادة وقعت في ملك المغبون و المعاملة كانت واقعة على الغبن.

تعليل لبقاء الخيار في صورة ازدياد القيمة بعد العقد، و قد ذكرناه عند قولنا في الهامش 5 ص 165: اي ففي ضوء ما.

(1) اي و يحتمل عدم بقاء الخيار في الصورة المذكورة.

(2) تعليل لعدم بقاء الخيار في الصورة المذكورة.

خلاصته إن تدارك النقيصة الحاصلة في المبيع عند العقد إنما كان قبل رد المغبون، فلا يثبت بهذا الرد الرد المشروع حتى يتدارك الضرر، فلا يثبت الخيار.

(3) تنظير لعدم ثبوت الخيار للمغبون اي ما نحن فيه نظير المعيب الذي يرتفع عيبه قبل اطلاع المشتري على العيب فكما أنه ليس للمشتري حق الخيار عند رفع العيب و برئه.

كذلك ليس للمغبون خيار عند تدارك الغبن بارتفاع القيمة لحصول التدارك قبل الرد.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 439 في المسألة الرابعة عند قوله: بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده.

ص: 166

و أشكل منه (1) ما لو توقف الملك على القبض فارتفع الغبن قبله (2) لأن (3) الملك قد انتقل إليه حينئذ (4) من دون نقص في قيمته.

نعم (5) لو قلنا بوجوب التقابض بمجرد العقد كما صرح به (6) العلامة في الصرف يثبت الخيار، لثبوت الضرر بوجوب إقباض الزائد في مقابلة الناقص (7).

+++++++++++

(1) اي و أشكل مما قلناه: من ثبوت الخيار في الصورة المذكورة ثبوته فيما لو قلنا بتوقف الملك على وجوب التقابض في المجلس ثم ارتفع العيب قبل القبض.

(2) اي قبل القبض كما عرفت.

(3) تعليل للأشكلية المذكورة.

خلاصته إن ملكية المبيع قد انتقلت الى المغبون عند القبض فلا يوجد نقص في قيمته حتى يثبت له الخيار، فالقول بثبوته له هنا أشكل من ثبوته له في تلك الصورة.

(4) اي حين أن قلنا بتوقف الملك على القبض.

(5) استدراك عما افاده: من الأشكلية في صورة توقف الملكية على التقابض في المجلس.

خلاصته إنه لو قلنا بوجوب التقابض فورا و بمجرد العقد كما افاده العلامة قدس سره في بيع الصرف فقد ثبت الخيار، لثبوت الضرر بسبب وجوب إقباض الزائد في قبال النقص الوارد على المشتري عند ظهور الغبن في المبيع.

(6) اي بوجوب التقابض كما علمت.

(7) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 279

ص: 167

لكن ظاهر المشهور عدم وجوب التقابض (1).

و لو ثبتت الزيادة، أو النقيصة بعد العقد، فانه لا عبرة بهما اجماعا كما في التذكرة (2).

ثم إنه لا عبرة بعلم الوكيل في مجرد العقد، بل العبرة بعلم الموكل و جهله.

نعم لو كان (3) وكيلا في المعاملة و المساومة فمع علمه، و فرض صحة المعاملة فحينئذ(1) (4) لا خيار للموكل، و مع جهله (5) يثبت الخيار للموكل، إلا أن يكون (6) عالما بالقيمة، و بأن وكيله يعقد على أزيد منها و يقرره له، و اذا ثبت الخيار في عقد الوكيل (7) (2)فهو للموكل خاصة، إلا أن يكون وكيلا مطلقا بحيث يشمل مثل الفسخ، فانه كالولي حينئذ (8)، و قد مر ذلك مشروحا

+++++++++++

عند قوله: من شرط الصرف التقابض في المجلس.

(1) اي فورا.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 344 عند قوله: و إنما تؤثر الزيادة الفاحشة، و النقيصة الفاحشة في تزلزل العقد.

(3) اي لو كان الوكيل وكيلا مطلقا، و مخولا مفوضا.

(4) اي حين أن كان الوكيل وكيلا مطلقا.

(5) اي و مع جهل الوكيل المطلق بمثل هذه الوكالة.

(6) اي الموكل.

(7) اي الوكيل المجري صيغة العقد فقط.

(8) اي حين أن كان الوكيل وكيلا مطلقا و مفوضا.

ففي هذه الصورة يثبت له الخيار.

ص: 168


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في خيار المجلس (1).

ثم إن الجهل (2) إنما يثبت باعتراف الغابن (3)، و بالبينة (4) إن تحققت، و بقول مدعيه (5) مع اليمين، لأصالة (6) عدم العلم

+++++++++++

(1) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 86 عند قوله: فان كان مستقلا في التصرف في مال الموكل بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها نظير العامل في القراض و أولياء القاصرين.

فالظاهر ثبوت الخيار له، لعموم النص.

و لا يخفى أن ثبوت الخيار هناك تعبدي يمكن منع صدقه على الوكيل(1)و ثبوته هنا من باب قاعدة نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم لا ضرر و لا ضرار، فلا يصدق الضرر على الوكيل، بل يصدق على الموكل الذي هو المالك، فالخيار له، لا الوكيل، لاختلاف العنوانين

(2) اي جهل المغبون بالغبن.

(3) بأن يقول: إن المغبون كان جاهلا بالغبن؟؟؟.

(4) اي و يثبت جهل المغبون بالغبن باقامة البينة من قبل المغبون اذا ثبتت البينة في صورة انكار الغابن جهل المغبون بالغبن.

(5) اي و يثبت جهل المغبون بادعائه الجهل بالغبن اذا حلف بذلك.

(لا يقال): إن اليمين على من انكر، لا على المدعى.

فكيف يقال: مع يمين المدعي في هذه الحالة؟

(فانه يقال): إن المراد من المدعي هنا هو المنكر، حيث ينكر ادعاء الغابن بعلمه بالغبن.

(6) تعليل لتعلق اليمين على مدعي الجهل بالغبن.

خلاصته إن هنا اصلين:

ص: 169


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الحاكمة على أصالة اللزوم، مع (1) أنه قد يتعسر إقامة البينة على الجهل، و لا يمكن للغابن الحلف على علمه (2)، لجهله بالحال (3)(1)فتأمل (4).

+++++++++++

أصالة لزوم البيع حتى لا يثبت خيار للمغبون.

و أصالة عدم علم المغبون بالغبن حتى يثبت الخيار، فتعارض الاصلان فيقدم الاصل الثاني على الاصل الاول، لحكومته عليه.

(1) إشكال آخر على أصالة اللزوم بالإضافة الى أصالة عدم علم المغبون بالغبن الحاكمة على أصالة اللزوم.

خلاصته إنه من الصعب جدا إقامة البينة من قبل المغبون على جهله بالغبن، لأن العلم و الجهل من الصفات النفسانية و حالاتها فلا يعرفان إلا من قبل صاحبهما، و لا يمكن للغير الاطلاع عليهما، فصاحبهما أولى على الاطلاع عليهما من الغير.

(2) اي على علم المغبون بالجهل(2)

(3) اي لجهل الغابن بحقيقة الحال: و هي زيادة القيمة عن السعر السوقي عند اجراء العقد.

(4) لعل الامر بالتأمل اشارة الى أن مجرد عسر اقامة البينة للاطلاع على جهل المغبون بالغبن غير كاف في المقام، لأن للجهل و العلم أسبابا محسوسة كما اذا كان مدعي الجهل من اهل الخبرة، فانه لا يقبل قوله حينئذ.

و كذلك لهما مسببات محسوسة كما اذا كان المشتري عند اجراء العقد مسرورا بالمعاملة، فانه لا يقبل قوله حينئذ.

ص: 170


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

هذا (1) كله اذا لم يكن المغبون من اهل الخبرة: بحيث لا تخفى عليه (2) القيمة الا لعارض: من غفلة أو غيرها، و الا (3) فلا يقبل قوله كما في الجامع و المسالك.

و قد يشكل (4) بأن هذا إنما يوجب عدم قبول قوله من حيث تقديم الظاهر على الاصل، فغاية الامر أن يصير مدعيا من جهة مخالفة قوله للظاهر، لكن المدعي لما تعسرت إقامة البينة عليه و لا يعرف

+++++++++++

(1) اي ما قلناه حول ثبوت الجهل باعتراف الغابن، أو بالبينة أو بدعوى الجهل مع اليمين إنما هو في صورة إمكان الجهل في حق المغبون بحيث تخفى عليه الأسعار كأن كان بدويا قرويا بعيدا عن المدن و عن المعاوضات الجارية المتداولة بين الناس.

(2) اي على من كان من اهل الخبرة و الاطلاع.

(3) اي و أما لو كان المغبون من اهل الخبرة و الاطلاع: بحيث لا يخفى عليه الأسعار السوقية فلا يقبل منه ادعاء الجهل.

(4) خلاصة الإشكال(1) إن عدم قبول قول مدعي الجهل انما هو لاجل أنه من اهل الخبرة، فظاهر حاله مخالف مع ادعائه الجهل فيتعارض هذا الظاهر مع أصالة اللزوم فيقدم الظاهر على ذاك الاصل كما هو الشأن غالبا فيما اذا تعارض الظاهر مع الاصل فيقدم الظاهر على الاصل.

لكن نقول: إنه لما كان المغبون مدعيا تعسر اقامة البينة لاثبات جهله بالغبن، لكون الجهل من الحالات النفسانية التي لا تعرف إلا من قبل صاحبها: فلا مانع من قبول قوله مع يمينه، لا بدونها.

ص: 171


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا من قبله يقبل قوله مع اليمين فليكن (1) هذا من هذا القبيل.

إلا (2) أن يقال: إن مقتضى تقديم الظاهر جعل مدعيه مقبول القول بيمينه، لا جعل مخالفه مدعيا يجري عليه جميع أحكام المدعي حتى في قبول قوله اذا تعسرت عليه اقامة البينة.

ألا (3) ترى أنهم لم يحكموا بقبول قول مدعي فساد العقد اذا

+++++++++++

(1) اي فيكون هذا المورد: و هو قبول قول من يدعي الغبن بيمينه و إن كان من اهل الخبرة من الموارد التي يقدم مع اليمين، و إن كان في صورة التعارض يقدم الظاهر على الاصل.

(2) من هنا يروم قدس سره العدول عما افاده: من قبول قول مدعي الجهل بيمينه و إن كان من اهل الخبرة.

خلاصته إن المراد من تقديم الظاهر على الاصل هو جعل مدعي الظاهر مقبول القول بيمينه، و مدعي الظاهر هنا هو الغابن القائل بأن المغبون عالم بزيادة القيمة و ليس جاهلا بها، لكونه من اهل الخبرة و البصيرة، و ليس المراد من قبول قول مدعي الظاهر بيمينه هو جعل مخالف الظاهر: و هو الخبير و للبصير بالقيمة الزائدة، المدعي جهله بها: مدعيا حتى تجري عليه أحكام المدعي التي من جملتها قبول قوله بيمينه عند تعسر اقامة البينة على جهله بزيادة القيمة.

(3) استشهاد منه قدس سره لاثبات أنه ليس كل من كان قوله مخالفا للظاهر يقبل قوله مع يمينه.

خلاصته إن الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم لم يحكموا بقبول قول من يدعي فساد للعقد بيمينه، فعدم الحكم دليل على عدم قبول قول من يدعي الجهل بالزيادة بيمينه مع أنه من اهل الخبرة

ص: 172

تعسرت عليهم اقامة البينة على سبب الفساد.

هذا (1)، مع (2) أن عموم تلك القاعدة ثم اندراج المسألة فيها محل تأمل.

+++++++++++

و البصيرة و يتعسر عليه اقامة البينة.

(1) اي خذ ما تلوناه عليك حول ما ذكرناه.

(2) إشكال آخر بالإضافة إلى الإشكال الاول المشار إليه في الهامش 4 ص 171.

خلاصته إننا نمنع أولا كلية قاعدة قبول قول المدعي بيمينه عند تعسر اقامة البينة عليه لامرين:

(الاول) اقامة اليمين مقام البينة عند تعسر البينة مناف للقاعدة المسلمة:

البينة على المدعي، و اليمين على من انكر.

(الثاني) إن تعسر اقامة البينة على المدعي و إن كان موجبا لسقوطها و موجبا لاقامتها مقامها.

لكن العمل بهذا فيما اذا كان عدم قبول قوله بيمينه مستلزما لضياع حق من الحقوق، لا فيما نحن فيه الذي لا يوجب شيئا سوى تفاوت جزئي ممكن التدارك.

(و ثانيا) نمنع صدق تلك الكبرى الكلية على هذه الصغرى و أنها من مصاديقها و أفرادها ثم اندراجها تحت تلك الكبرى الكلية و ذلك لامرين:

(الاول) امكان اقامة البينة في هذه الموارد من نوع الأشخاص و لا اعتبار بعدم قيامها من شخص واحد، لأن العبرة بالنوع في القضايا

ص: 173

و لو اختلفا في القيمة وقت العقد (1)، أو في القيمة بعده مع تعذر الاستعلام (2) فالقول قول منكر سبب الغبن، لأصالة عدم

+++++++++++

الشخصية، لا بالشخص.

(الثاني) امكان اليمين من المنكر للغبن مع جهله بالزيادة و النقيصة.

(1) فرض المسألة هكذا:

شخص اشترى كتابا من شخص آخر بعشرة دنانير و ادعى المشتري بعد ذلك أن القيمة السوقية للكتاب وقت الشراء كانت خمسة دنانير و إن كان المشتري معترفا بأن قيمته قبل وقوع العقد كانت عشرة دنانير إلا أنها نزلت وقت الشراء الى الخمسة.

ثم ادعى البائع خلاف ذلك و قال باتحاد السعر وقت الشراء و وقت اجراء العقد.

فعلى قول المشتري يكون هو المغبون بهذا الغبن الفاحش فله الخيار.

لكن لما كان البائع مدعيا خلاف ذلك و قائلا باتحاد السعر في الوقتين، فهنا إن امكن الاستعلام و الاستخبار الخارجي من اهل الخبرة و البصيرة عن القيمة السوقية عند وقوع البيع فلا مجال للنزاع، لأنه اذا ثبت أن القيمة السوقية كما يدعيها المشتري فله الخيار.

و إن ثبت أن قيمة يوم العقد كما يدعيها البائع فلا مجال لدعوى الغبن من قبل المشتري، فالقول قول البائع.

و أما إن تعذر الاستعلام عن السعر السوقي فالمرجع حينئذ أصالة عدم تغير القيمة، و عدم نزولها عما كانت عليه قبل البيع، بالإضافة الى أصالة اللزوم، لأن البائع ينكر سبب الغبن.

(2) فرض المسألة هكذا:

ص: 174

التغير، و أصالة اللزوم.

و منه (1) يظهر حكم ما لو اتفقا على التغير و اختلفا في تاريخه.

+++++++++++

شخص قد اشترى كتابا من شخص آخر بعشرة دنانير ثم بعد مدة ادعى أن قيمته الآن خمسة دنانير و البائع ينكر ذلك و يقول: ان قيمته لم تنزل عن العشرة حتى الآن، مع توافقهما و تسالمهما على أن قيمة الكتاب في الوقت الذي وقع فيه البيع لم تختلف عن قيمته السوقية في هذا الآن المتأخر عن وقت البيع.

فهنا إن امكن الاستعلام من اهل الخبرة عن القيمة السوقية في هذا الآن، ليكون هو المعيار و الميزان لقيمته وقت البيع فلا مجال للنزاع، لأنه يجري في حق كل منهما ما يحكمه اهل البصيرة: من ثبوت الخيار، أو لزوم البيع.

و أما اذا لم يمكن الاستعلام عن القيمة عن الآن المتأخر عن وقت البيع فالقول قول البائع المنكر بسبب الغبن، لأصالة عدم نزول القيمة عن العشرة المتيقنة قبل وقوع العقد، بالإضافة الى أصالة اللزوم في العقود.

(1) اي و من تقديم قول الغابن في الموارد المذكورة عند عدم الحصول على الاستعلام و الاستخبار يظهر حكم ما لو اتفقا على التغير لكنهما اختلفا في تاريخ التغير: بأن قال الغابن: كان التغير في يوم السبت، ليصير العقد لازما.

و قال المغبون: إن التغير كان يوم الجمعة، ليثبت له الخيار فيأخذ به.

ففي هذه الصورة يقدم قول الغابن أيضا، لأصالة اللزوم، و لأصالة عدم تقدم التغير عما يدعيه المغبون.

ص: 175

و لو علم تاريخ التغير فالاصل (1) و إن اقتضى تأخر العقد الواقع على الزائد عن القيمة إلا أنه لا يثبت به (2) وقوع العقد على الزائد حتى يثبت الغبن.

الأمر الثاني كون التفاوت فاحشا
اشارة

(الامر الثاني) (3) كون التفاوت فاحشا، فالواحد، بل

+++++++++++

(1) المراد من الاصل هنا هو الاصل المثبت.

(2) اي بهذا الاصل المثبت.

(3) خلاصة هذا الكلام في هذا المقام إن الاصل هنا لا يفيده لأنه من الاصول المثبتة، و مورد الاستصحاب و جريانه هو اليقين السابق و الشك في اللاحق، فالحكم الشرعي، أو موضوعه هو مورد الاستصحاب.

و أما اللوازم العقلية، أو العرفية، أو العادية فلا تثبت بالاستصحاب خذ لذلك مثالا.

مات شخص كانت له زوجتان و له من كل واحدة منهما ولد ذكر فادعت كل واحدة منهما تقدم ولادة ولدها على الآخر، لتكون الحبوة نصيب ولدها.

فاذا قلنا: إن الاصل عدم تقدم تولد ولد المدعية على ولد المدعية الاخرى فلا يثبت بهذا الاصل تقدم مولود كل واحدة على الآخر حتى يثبت أنه أكبر منه ليأخذ الحبوة، لأن كونه أكبر من اللوازم العقلية و اللوازم العقلية ليست من الأحكام الشرعية.

و من الواضح إن الاستصحاب إنما يجري في نفس الحكم الشرعي اذا كان هناك يقين سابق و شك لاحق.

أو يجري في موضوع الحكم الشرعي من الامرين الدين افادهما قدس سره في ص 162 بقوله: مسأله يشترط في هذا الخيار امران.

ص: 176

الاثنان في العشرين لا يوجب الغبن (1).

حد التفاوت الفاحش

و حده (2) عندنا كما في التذكرة ما لا يتغابن الناس بمثله (3).

و حكى فيها (4) عن مالك أن التفاوت بالثلث لا يوجب الخيار و ان كان بأكثر من الثلث اوجبه.

و رده (5): بأنه تخمين لم يشهد له اصل في الشرع، انتهى (6) و الظاهر أنه لا إشكال في كون التفاوت بالثلث، بل بالربع فاحشا نعم الإشكال في الخمس.

و لا يبعد دعوى عدم مسامحة الناس فيه (7) كما سيجيء التصريح به (8) من المحقق القمي في تصويره لغبن كلا المتبايعين (9).

+++++++++++

(1) لخروج الغبن اليسير عن الضرر خروجا موضوعيا لتسامح العرف به.

(2) اي و تعريف الغبن عند الامامية.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 345 عند قوله في المسألة الثالثة: بل الضابط ما قلناه.

(4) اي العلامة حكى في التذكرة.

راجع نفس المصدر و الصفحة عند قوله: و قال مالك.

(5) اي ورد العلامة على قول مالك، و الباء بيان لكيفية الرد راجع نفس المصدر عند قوله: و هو تخمين.

(6) اي ما افاده العلامة قدس سره في نفس المصدر.

(7) اي في الخمس، لأن العرف يراه تفاوتا فاحشا.

(8) اي بعدم مسامحة العرف في الخمس. لأنه تفاوت فاحش.

(9) عند ما ينقل الشيخ عنه في ص 185 بقوله: منها ما ذكره المحقق القمي.

ص: 177

ما هو المناط في الضرر الموجب للخيار
اشارة

ثم إن المرجع عند الشك في ذلك (1) هو أصالة ثبوت الخيار لأنه ضرر لم يعلم تسامح الناس فيه.

و يحتمل الرجوع الى أصالة اللزوم، لأن الخارج هو الضرر الذي يناقش فيه، لا مطلق الضرر (2).

بقي هنا (3) شيء:

+++++++++++

(1) اي في اصل الغبن.

و المراد من الاصل هو الاصل اللفظي المستفاد من عموم نفي الضرر و ليس المراد منه الاستصحاب، لعدم وجود حالة سابقة هنا حتى يستدل به، لكون الشك في حدوث الخيار، لا في بقائه حتى يستصحب

(2) لأن مطلق الضرر ليس محلا للنقاش عند العرف في معاملاتهم و معاوضاتهم، بل النقاش في الضرر المعتنى به الذي لا يتسامح به.

(3) من هنا يروم قدس سره أن يستدل لكلا المناطين في الضرر المنفي في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار فاستدل بظاهرتين نشير الى كل منهما برقمهما الخاص.

و خلاصته إن محل النزاع في الضرر المنفي.

هل المقصود هو الضرر المالي؟

اي المتعلق به شخص المال. سواء أ كان قليلا أم كثيرا.

أو المناط في الضرر المنفي هو الضرر الحالي؟

اي للحوظ من الشارع المقدس في الضرر هو حال الأشخاص من حيث العسر و اليسر، لا شخص المال و وجوده، فاذا اشتملت المعاوضة على غبن لا يتسامح به الناس فهو ضرر.

ص: 178

و هو (1) أن ظاهر الأصحاب و غيرهم أن المناط في الضرر الموجب للخيار كون (2) المعاملة ضررية، مع قطع النظر عن ملاحظة حال أشخاص المتبايعين، و لذا (3) حدوه: بما لا يتغابن به الناس.

أو بالزائد عن الثلث كما عرفت عن بعض العامة.

و ظاهر (4) حديث نفي الضرر المستدل عليه في أبواب الفقه ملاحظة الضرر بالنسبة الى شخص الواقعة، و لذا (5) استدلوا به

+++++++++++

(1) هذه هي الظاهرة الاولى.

خلاصتها إن ظاهر كلمات أصحابنا الامامية رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم: هو أن الملاك في الضرر المنفي الضرر المالي الموجب للخيار: بأن تكون المعاملة مشتملة على ضرر مع قطع النظر عن ملاحظة حال الأشخاص المتعاقدين: من حيث السعة و الضيق، فاذا اشتملت المعاملة على غبن لا يتسامح به عرفا فهو ضرر.

(2) خبر لاسم أن في قوله في هذه الصفحة: و هو أن ظاهر.

(3) اي و لاجل أن الملاك في الضرر هو الضرر المالي الذي لا يتسامح به عرفا، أو يكون زائدا على ثلث السعر السوقي الذي تعامل المتعاقدان عليه كما ذهب الى الثلث مالك من (علماء اخواننا السنة) و قد عرفت قوله في ص 177.

(4) هذه هي الظاهرة الثانية.

خلاصتها إن ظاهر الحديث المستدل في المقام على حرمة الغبن هو الضرر الحالي اي الملحوظ فيه هو شخص الواقعة، لا المال، لأن النخلة كانت مضرة بحال الرجل الأنصاري، لا بماله.

(5) اي و لاجل أن الملاك في الضرر هو الضرر الحالي، لا المالي:

ص: 179

على عدم وجوب شراء ماء التوضؤ بمبلغ كثير اذا اضر بالمكلف و وجوب شرائه بذلك المبلغ على من لا يضر به ذلك، مع أن اصل

+++++++++++

استدل الفقهاء بالحديث على وجوب شراء الماء للتوضؤ بمبلغ كثير مهما بلغ و لو اضر بحال المكلف. و على عدم وجوب الشراء على من يضر بحاله اذا كان معسرا ليس له مال يشتري الماء، مع أن شراء الماء بمبلغ كثير ضرر مالي بحال جميع أفراد المكلفين، سواء أ كانوا أثريا أم فقراء.

و أما شأن ورود الحديث المستدل به في المقام:

فاليك نصه.

عن عبد اللّه بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

إن سمرة بن جندب كان له (عذق)(1) في حائط لرجل من الأنصار و كان منزل الأنصاري بباب البستان فكان يمر به الى نخلته و لا يستأذن فكلمه الأنصاري أن يستأذن اذا جاء فأبى سمرة فلما تأبّى جاء الأنصاري الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فشكا إليه و خيّره الخبر فارسل إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فخيّره بقول الأنصاري و ما شكا، و قال اذا اردت الدخول فاستأذن فأبى، فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء اللّه فأبى أن يبيع فقال: لك بها عذق يمد لك في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله للأنصاري:

اذهب فاقلعها و ارم بها إليه، فانه لا ضرر و لا ضرار:

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17 ص 341 الباب 12 الحديث 3.

ص: 180


1- بكسر العين و سكون الدال جمعه عذوق و أعذاق: هو كل غصن له شعب، و المراد به هنا عنقود التمر.

شراء الماء بأضعاف قيمته معاملة ضررية في حق الكل.

و الحاصل (1) إن العبرة اذا كانت بالضرر المالي لم يجب شراء ماء التوضؤ بأضعاف قيمته.

و إن كانت (2) بالضرر الحالي تعين التفصيل في خيار الغبن بين ما يضر بحال المغبون، و غيره.

الأظهر اعتبار الضرر المالي

و الأظهر (3) اعتبار الضرر المالي، لأنه ضرر في نفسه من غير مدخلية لحال الشخص.

و تحمله (4) في بعض المقامات إنما خرج بالنص.

+++++++++++

(1) اي خلاصة الكلام في هذا المقام إنه اذا كان المعيار و الميزان في الضرر المنفي في الحديث هو الضرر المالي فلا يجب شراء الماء للتوضؤ بأضعاف قيمته.

و إن كان الملاك في الضرر هو الضرر الحالي تعين التفصيل بين من كان مثريا فيجب عليه شراء الماء للتوضؤ مهما كلف الامر و بلغ سعره.

و بين من كان معسرا فلا يجب عليه الشراء.

(2) اي إن كانت العبرة.

(3) هذا رأيه قدس سره في الضرر المنفي في الحديث.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه لو كان الملاك في الضرر هو الضرر المالي فلما ذا يتحمل الضرر المالي في شراء الماء للتوضؤ لمن كان مثريا على الشراء؟

فاجاب قدس سره إن التحمل في بعض المقامات إنما هو لورود النص بذلك، و لولاه لكان القول بوجوب عدم الشراء هو المتعين.

ص: 181

و لذا (1) اجاب في المعتبر عن الشافعي المنكر لوجوب التوضؤ في الفرض المذكور: بأن الضرر لا يعتبر مع معارضة النص.

و يمكن (2) أيضا أن يلتزم بالضرر المالي في مقام التكليف. لا لتخصيص عموم نفي الضرر بالنص، بل لعموم كونه ضررا(1) بملاحظة ما بإزائه من الاجر.

كما يشير إليه (3) قوله عليه السلام بعد شرائه عليه السلام ماء وضوئه بأضعاف قيمته:

+++++++++++

(1) اي و لاجل أن خروج بعض أفراد الضرر المالي عن عموم قاعدة: لا ضرر و لا ضرار: إنما هو لاجل النص الوارد: رد المحقق قدس سره في المعتبر على الشافعي عند ما انكر وجوب شراء الماء للتوضؤ بمبلغ كثير: بأن الضرر غير معتبر في معارضته مع النص لأن النص مخصص للقاعدة المذكورة.

و الباء في قوله: بأن الضرر بيان لكيفية رد المحقق على الشافعي و قد عرفتها الآن.

(2) تأييد لما افاده قدس سره: من أن الملاك في الضرر هو الضرر المالي.

خلاصته إنه من الممكن أن يقال: بالتزام الضرر المالي في الحديث في العبادات أيضا كما التزمنا به في جانب المعاوضات: و ذلك لاجل الحصول على الاجر الاخروي في مقابل الضرر المالي، لا لاجل أن تحمل الضرر في العبادات لاجل ورود النص المخصص لعموم قاعدة نفي الضرر.

(3) اي و يشير الى ما قلناه: من الاجر الاخروي مقابل

ص: 182


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ما يسوؤني (يسوني) بذلك مال كثير (1).

نعم لو كان الضرر مجحفا (2) بالمكلف انتفى بأدلة نفي الحرج لا لدليل نفي الضرر، فنفي الضرر المالي في التكاليف (3) لا يكون إلا اذا كان تحمله حرجا.

تصوير الغبن من الطرفين و الإشكال فيه
اشارة

إشكال ذكر (4) في الروضة و المسالك تبعا لجامع المقاصد في أقسام الغبن: إن (5) المغبون إما أن يكون هو البائع، أو المشتري، أو هما انتهى (6).

+++++++++++

الضرر المالي قوله عليه السلام: و ما يسوؤني بذلك مال كثير و في بعض النسخ: و ما يسنوني.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 2 ص 997. الباب 26 - الحديث 1.

(2) اي مضرا ضررا كثيرا: بحيث لا يتسامح به عرفا.

فهنا يقال بانتفائه حتى في العبادات.

و وجه الانتفاء هو لزوم الخرج المنفي في الدين بقوله عز من قائل:

وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .

و ليس انتفاء الضرر في هذه الحالة لاجل عموم لا ضرر و لا ضرار.

(3) اي في العبادات الشرعية.

(4) اي الشهيد الثاني قدس سره.

(5) هذه مقالة الشهيد الثاني في الروضة.

(6) اي ما افاده الشهيد الثاني في الروضة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 367 عند قوله: و المغبون إما البائع.

ص: 183

فيقع الإشكال في تصور غبن كل من المتبايعين معا.

و المحكي عن بعض الفضلاء (1) في تعليقته على الروضة ما حاصله:

استحالة ذلك (2)، حيث قال (3):

قد عرفت أن الغبن في طرف البائع إنما هو اذا باع بأقل من القيمة السوقية، و في طرف المشتري اذا اشترى بأزيد منها، و لا يتفاوت الحال بكون الثمن و المثمن من الأثمان (4)، أو العروض (5) أو مختلفين (6).

و حينئذ (7) فلا يعقل كونهما معا مغبونبن، و إلا لزم (8) كون الثمن أقل من القيمة السوقية و أكثر و هو (9) محال،

+++++++++++

(1) و هو المحقق الفاضل المولى احمد التوني قدس سره، له تعليقة على الروضة.

(2) و هو تصور الغبن في البائع و المشتري في معاوضة واحدة.

(3) اي المولى احمد التوني.

(4) اي من النقود و العملة المتداولة بين الناس.

(5) المراد منه السلع كالحنطة و الشعير و التمر و التمن و الأغنام و الأحجار الكريمة و الأراضي و البساتين و الدور و الكتب و الحبوب و المزارع و السجاد و الأقمشة و الأخشاب، و غيرها.

(6) بأن كان الثمن من النقود، و المثمن من العروض.

أو الثمن من العروض و المثمن من النقود.

(7) اي و حين أن كان الغبن في طرفي العقد: و هما البائع و المشتري.

(8) اي و لو كان البائع و المشتري كلاهما مغبونين.

(9) اي لزوم أقلية الثمن و أكثريتها من القيمة السوقية في

ص: 184

فتأمل (1)، انتهى (2).

الوجوه المذكورة في تصوير ذلك
اشارة

و قد تعرض غير واحد ممن قارب عصرنا(1) (3) لتصور ذلك (4) في بعض الفروض.

منها ما ذكره المحقق القمي صاحب القوانين قدس سره

(منها) (5) ما ذكره المحقق القمي صاحب القوانين قدس سره في جواب من سأله عن هذه العبارة من الروضة (6).

قال (7): إنها (8) تفرض فيما اذا باع متاعه بأربعة توامين من

+++++++++++

معاملة واحدة محال.

(1) اشارة الى أن المطلب دقيق، اذ كيف يعقل مغبونية كليهما مع أن الغبن في طرف البائع إنما يكون اذا باع شيئا بأقل من قيمته السوقية، و في طرف المشتري اذا اشترى شيئا بأزيد من قيمته السوقية سواء أ كان الثمن و المثمن من النقود أم من العروض، أو احدهما من احدهما و الآخر من الآخر.

(2) اي ما افاده المولى احمد التوني في تعليقته على الروضة في هذا المقام.

(3) الظاهر أن المراد به المحقق التستري صاحب المقابس قدس سره.

(4) و هو غبن كل من المتبايعين في معاملة واحدة.

(5) اي من تلك الفروض المتصورة في مجيء الغبن في كل واحد من البائع و المشتري في معاملة واحدة.

(6) و هي العبارة المنقولة عن الشهيد الثاني قدس سره في ص 183 بقوله: إشكال ذكر في الروضة.

(7) اي المحقق القمي قدس سره.

(8) اي عبارة الشهيد الثاني قدس سره في الروضة.

ص: 185


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الفلوس على أن يعطيه عنها (1) ثمانية دنانير معتقدا أنها (2) تساوي

+++++++++++

خلاصة ما افاده المحقق القمي في تعقل عبارة الشهيد الثاني في كون الغبن في معاملة واحدة في البائع و المشتري هكذا:

باع شخص متاعه من زيد بأربعة توامين بشرط أن يعطيه ثمانية دنانير مقابل أربعة توامين و كان البائع معتقدا أن ثمانية دنانير تساوي أربعة توامين، ثم بعد تمام المعاملة ظهر أن متاعه يساوي خمسة توامين، و أن الدنانير الثمانية تساوي خمسة توامين إلا خمس تومان: و هو قرانان حيث إن التومان عشرة قرانات فخمسه قرانان.

فهنا اجتمع غبنان في معاملة واحدة:

غبن من طرف البائع، و غبن من طرف المشتري.

أما الغبن من طرف البائع فهو قرانان، حيث إن متاعه يساوي خمسة توامين، و الدنانير الثمانية التي اخذها من المشتري تساوي خمسة توامين إلا خمس تومان، فربح من الدنانير ثمانية قرانات و خسر قرانين فصار سعر متاعه أقل من القيمة السوقية.

و أما الغبن من طرف المشتري فلأن الدنانير التي اعطاها إلى البائع تساوي خمسة توامين إلا خمس تومان و هو يعتقد أنها تساوي أربعة توامين فما اعطاه الى البائع أكثر من القيمة السوقية و إن كان رابحا ثمانية قرانات، لكن لما كان ملتزما بدفع ثمانية دنانير فالواجب عليه دفع تلك له، فالثمن أكثر من القيمة السوقية.

(1) اي عن أربعة توامين كما عرفت.

(2) اي الدنانير الثمانية.

ص: 186

أربعة توامين، ثم تبين أن المتاع يساوي خمسة توامين، و أن الدنانير (1) تساوي خمسة توامين إلا خمسا (2)، فصار البائع مغبونا، لأن الثمن أقل (3) من القيمة السوقية بخمس من التومان، و المشتري (4) مغبونا من جهة زيادة الدنانير على أربعة توامين.

فالبائع مغبون في اصل البيع.

و المشتري مغبون فيما التزمه: من (5) اعطاء الدنانير عن الثمن و إن لم يكن مغبونا في اصل البيع (6)، انتهى (7).

اقول (8): الظاهر أن مثل هذا البيع المشروط بهذا الشرط

+++++++++++

(1) اي الثمانية.

(2) اي خمس تومان: و هو قرانان من عشرة قرانات كما عرفت في الهامش 8 ص 185.

(3) اي ثمن المتاع الذي باعه من زيد.

و قد عرفت كيفية الأفلية.

(4) و قد عرفت كيفية غبن المشتري في الهامش من ص 176.

(5) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: فيما التزمه.

(6) عرفت كيفية ربح المشتري في الهامش من ص 186.

(7) اي ما افاده المحقق القمي قدس سره في تعقل عبارة الشهيد الثاني قدس سره في لزوم كون الثمن في معاملة واحدة أقل و أكثر.

(8) من هنا يروم قدس سره الرد على المحقق القمي و أن المعاملة المذكورة ليس فيها غبنان: غبن من طرف المشتري و غبن من طرف البائع، لتلزم المحالية: و هو لزوم كون الثمن في معاملة واحدة أقل من القيمة السوقية و أكثر منها.

ص: 187

يلاحظ فيه حاصل ما يصل الى البائع بسبب مجموع العقد و الشرط كما (1) لو باع شيئا يساوي خمسة دراهم بدرهمين على أن يخيط له ثوبا، مع فرض كون اجرة الخياطة ثلاثة دراهم.

+++++++++++

خلاصته إن المعاملة المذكورة المشترطة بالشرط المذكور يلاحظ فيها حاصل ما وصل الى البائع بسبب مجموع العقد و الشرط: و هو اعطاء ثمانية دنانير له في مقابل المتاع المبيع للمشتري، باضافة ثمانية ريالات التي زادت على أربعة توامين التي وقع العقد عليها و كان البائع و المشتري يعتقدان أن هذه الثمانية تساوي أربعة توامين ثم ظهر خلاف ذلك.

فالبائع لم يكن مغبونا إلا في قرانين الذين هما خمس التومان و هذا الخمس مما يتسامح به، ففي الواقع ليس هنا غبن، و لو قيل بوجود الغبن لدل على لئامة البائع و خمسه.

(1) تنظير لكون الملحوظ في المعاملة المذكورة هو حاصل ما وصل الى البائع بسبب مجموع العقد و الشرط.

خلاصته إن ما نحن فيه نظير من باع شيئا يعادل خمسة دراهم بدرهمين بشرط أن يخيط له ثوبا، مع أن اجرة الخياطة في الخارج ثلاثة دراهم.

فهنا لوحظ مجموع الدرهمين و اجرة الخياطة التي هي ثلاثة دراهم للبائع و لصاحب الثوب: و هو البائع أيضا، لا أن الملحوظ هو الدرهمان فقط حتى يقال: إن البائع مغبون بثلاثة دراهم، حيث باع ما يعادل خمسة دراهم بدرهمين.

ص: 188

و من هنا (1) يقال: إن للشروط قسطا من العوض.

و إن ابيت (2) إلا عن أن الشرط معاملة مستقلة و لا مدخل له في زيادة الثمن فقد خرج ذلك عن فرض غبن كل من المتبايعين في معاملة واحدة.

لكن (3) الحق ما ذكرناه: من (4) وحدة المعاملة، و كون الغبن من طرف واحد.

+++++++++++

(1) اي و من اجل أن للشرط أهمية و مدخلية في الموضوع و يلاحظ مع العقد و في ضمنه من حيث المجموع.

قيل: إن للشروط قسطا من الثمن اي لها نصيب منها حتى قبل أيضا قديما و حديثا:

(للهيكل قسط من الثمن) و هو الحق.

(2) اي و إن كنت مصرا على أن الشرط معاملة مستقلة و ليس في ضمن العقد و مجموعه.

فنقول: إن للفرض المذكور خارج عن كون المعاملة مشتملة على غبن كل واحد من المتعاقدين في معاملة واحدة، بل الغبن هنا قد حصل في معاملتين مستقلتين.

(3) هذا رأيه قدس سره حول الإشكال الوارد على عبارة الشهيد الثاني قدس سره في الروضة اي الحق في المقام ما ذكرناه: من وحدة المعاملة، و أن الغبن في طرف البائع، حيث غبن ريالين لا غير و هما خمس تومان كما عرفت مشروحا في الهامش من ص 186.

فعلى هذا الرأي لا خيار في هذه المعاملة.

(4) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: ما ذكرناه.

ص: 189

منها: ما ذكره بعض المعاصرين

(و منها) (1): ما ذكره بعض المعاصرين: من فرض المسألة فيما اذا باع شيئين في عقد واحد بثمنين فغبن البائع في احدهما و المشتري في الآخر.

و هذا (2) الجواب قريب عن سابقه في الضعف، لأنه إن جاز

+++++++++++

(1) اي و من تلك الفروض المتصورة في اجتماع الغبن في كل من البائع و المشتري: ما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سره: و هو أننا نفرض المعاملة الواقعة في شيئين قد وقعت في معاملة واحدة:

بأن باع شخص من زيد كيلو حنطة بخمسين فلسا، و باع كيلو تمر بخمسين فلسا فقال البائع في صيغة واحدة: بعتهما لك بكذا و كذا ثم تبين غبن البائع في احد المبيعين و ربحه في الآخر.

و كذا المشتري قد ربح في احدهما و خسر في الآخر.

راجع (الجواهر) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 44 عند قوله:

بل لو فرض تصور الغبن فيهما.

فهنا قد اجتمع الغبن في البائع و المشتري في معاملة واحدة.

(2) من هنا يروم الرد على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سرهما.

و خلاصته إن هذا الجواب عن تلك العويصة قريب في الضعف عن الجواب الاول لأن بيع شيئين في معاملة واحدة لا يخلو من احد امرين:

على سبيل منع الخلو.

إما أن يجوز التفكيك بينهما، أو لا يجوز.

فان جاز فلا محالة من كون المبيعين معاملتين مستقلتين، فهنا يثبت الخيار لاحدهما دون الآخر، لوجود الغبن له في احدى

ص: 190

التفكيك بينهما عند فرض ثبوت الغبن لاحدهما (1) خاصة حتى يجوز له الفسخ في العين المغبون بها خاصة: فهما معاملتان مستقلتان: كان الغبن في كل واحدة منهما (2) لاحدهما خاصة، فلا وجه لجعل هذا قسما ثالثا لقسمي غبن البائع خاصة، و المشتري خاصة.

و إن لم يجز التفكيك بينهما (3) لم يكن غبن اصلا (4) مع تساوي الزيادة في احدهما، و النقيصة في الآخر.

و مع عدم المساواة (5) فالغبن من طرف واحد.

منها: أن يراد بالغبن في المقسم معناه الأعم

(و منها) (6): أن يراد بالغبن في المقسم معناه الأعم الشامل

+++++++++++

المعاملتين، و الغابن هنا هو البائع، دون المشتري.

و إن لم يجز التفكيك بين الشيئين فهنا لا يوجد خيار، لعدم وجود غبن في البين، لأن المفروض أن كل واحد منهما قد ربح و خسر و كان ضرر كل واحد منهما مساويا لربحه.

نعم لو لم يكن الضرر مساويا للربح فالغبن له، لا للآخر فيثبت الخيار للمغبون.

(1) اي لاحد المتبايعين كما عرفت.

(2) اي في كل واحدة من المعاملتين كما عرفت.

(3) اي بين الشيئين كما عرفت.

(4) اي لا للبائع و لا للمشتري.

(5) اي و مع عدم مساواة الضرر مع الربح: بأن كان الضرر أكثر من الربح فالغبن ثابت لاحدهما، و هو الذي ضرره أكثر من ربحه كما علمت.

(6) اي و من تلك الفروض المتصورة في اجتماع الغبن في البائع

ص: 191

لصورة خروج العين المشاهدة سابقا على خلاف ما شاهده، أو (1) خروج ما اخبره البائع بوزنه على خلاف خبره.

+++++++++++

و المشتري في معاملة واحدة: ما افيد: من أن المراد من الغبن في المقسم: و هو قول الشهيد الثاني قدس سره في الروضة: و المغبون إما البائع، أو المشتري أو هما: معناه الأعم بأن يشمل صورة خروج العين عما شوهدت قبلا: بأن كانت جيدة قبل العقد ثم رؤيت بعد ذلك رديئة.

(1) هذا فرد آخر للغبن بالمعنى الأعم.

و خلاصته إن البائع قبل العقد اخبر بأن وزن المبيع عشرة كيلوات مثلا و بعد الوزن تبين أن الموزون تسعة كيلوات.

ففي هذين الفردين اجتمع الغبن في البائع و المشتري من دون استحالة حتى تلزم أقلية الثمن من القيمة السوقية و أكثر منها في معاملة واحدة.

و أما كيفية اجتماع الغبن في البائع و المشتري في الفرد الاول المشار إليه في هذه الصفحة: و هو خروج العين المشاهدة سابقا على خلاف ما شاهده: فكما في شخص شاهد قطعة فرش عند شخص فباعها هذا الشخص له بعشرة دنانير بعد الانفاق على العشرة، و إنما دفع المبلغ ازاء هذه القطعة لاجل ما شاهده فيها: من المواصفات التي اعجبته فعند تسلمها وجدها على خلاف ما شاهده سابقا.

فهنا يتحقق الغبن في حقه، لتخلف الوصف.

و يتحقق الغبن في حق الغابن، لما ظهر له أن قيمة السوقية للقطعة المبيعة عند وقوع العقد عليها خمسة عشر دينارا فهو مغبون

ص: 192

و قد اطلق الغبن على هذا المعنى الأعم العلامة في القواعد و الشهيد في اللمعة (1)، و على هذا (2) المعنى الأعم يتحقق الغبن في كل منهما (3)، و هذا (4) حسن.

لكن (5) ظاهر عبارة الشهيد و المحقق الثانيين إرادة ما عنون به هذا الخيار: و هو الغبن بالمعنى الأخص (6) على ما فسروه به.

+++++++++++

بخمسة دنانير فتحقق اجتماع الغبن في كليهما في معاملة واحدة.

و أما اجتماع الغبن في كليهما في الفرد الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 192: و هو خروج ما اخبر البائع بوزنه على خلاف ما خبر به كما في شخص اشترى كمية من السمن في ظرف اعتمادا على إخبار البائع بمقداره بقطعة من الفضة وزنها عشرون مثقالا اعتمادا على إخبار المشتري و بعد التقابض تبين النقص بمقدار لا يتسامح به في الثمن و المثمن فبهذا تحقق الغبن لكل من البائع و المشتري في معاملة واحدة.

(1) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 369-370 عند قوله: فان ظهر المخالفة تخير المغبون.

(2) بيان منه قدس سره لكيفية اجتماع الغبن في كل من البائع و المشتري.

(3) اي في كل من البائع و المشتري.

(4) هذا رأيه قدس سره في الاجتماع المذكور اي إرادة المعنى الأعم من الغبن في المقسم ليمكن تصور الاجتماع المذكور: حسن.

(5) عدول منه قدس سره عما افاده: من أن إرادة المعنى الأعم من الغبن في المقسم حسن.

(6) و هو الضرر المالي، لأنه المنصرف منه عرفا عند ما يطلق لا المعنى الأعم.

ص: 193

منها: ما ذكره بعض: من أنه يحصل بفرض المتبايعين في وقت العقد في مكانين

(و منها) (1): ما ذكره بعض: من أنه يحصل بفرض المتبايعين في وقت العقد في مكانين كما اذا حصر العسكر البلد، و فرضت قيمة الطعام خارج البلد ضعف قيمته في البلد فاشترى بعض اهل البلد من وراء سور البلد طعاما من العسكر بثمن متوسط بين القيمتين (2) فالمشتري مغبون، لزيادة الثمن على قيمة الطعام في مكانه، و البائع مغبون، لنقصانه عن القيمة في مكانه.

و يمكن رده (3): بأن المبيع بعد العقد باق على قيمته حين العقد و لا غبن فيه للمشتري ما دام في محل العقد، و إنما نزلت قيمته بقبض المشتري و نقله اياه (4) الى مكان الرخص.

و بالجملة (5) الطعام عند العقد لا يكون إلا في محل واحد له قيمة واحدة.

منها: ما ذكره في مفتاح الكرامة: من فرضه فيما إذا ادّعى كلٌّ من المتبايعين الغبن

(و منها) (6): ما ذكره في مفتاح الكرامة:

+++++++++++

(1) اي و من تلك الفروض المتصورة لكيفية اجتماع الغبن من البائع و المشتري من دون لزوم استحالة كون الثمن أقل من القيمة السوقية و أكثر منها في معاملة واحدة، و قد ذكر كيفية الاجتماع في المتن فلا نعيدها.

(2) و هي القيمة الزائدة و الناقصة.

(3) رد منه قدس سره على الفرض المذكور.

(4) اي و نقل المشتري الطعام المشتري من مكان الشراء الذي هو خارج البلد و كان سعر الطعام فيه ضعف السعر الذي في البلد.

(5) اي و خلاصة الكلام في هذا المقام.

(6) اي و من تلك الفروض المتصورة في اجتماع الغبن في البائع

ص: 194

من (1) فرضه فيما اذا ادعى كل من المتبايعين الغبن كما اذا بيع ثوب بفرس بطن المساواة (2) ثم ادعى كل منهما نقص ما في يده عما في يد الآخر و لم يوجد المقوم ليرجع إليه فتحالفا فيثبت الغبن لكل منهما فيما وصل إليه.

و قال (3): و يتصور غبنهما (4) في احد العوضين (5) كما لو تبايعا شيئا بمائة درهم ثم ادعى البائع كونه يساوي بمائتين: و المشتري ادعى كونه لا يساوي إلا بخمسين و لا مقوم يرجع إليه فيتحالفان و يثبت الفسخ لكل منهما، انتهى (6).

و فيه (7) أن الظاهر أن لازم التحالف عدم الغبن في المعاملة

+++++++++++

و المشتري من دون لزوم كون الثمن أقل من القيمة السوقية و أكثر منها في معاملة واحدة،

(1) كلمة من بيان لما ذكره في مفتاح الكرامة.

و ما نقله عنه قدس سرهما في كيفية الاجتماع واضح جدا لا يحتاج الى التوضيح.

(2) أي مساواة سعر الثوب مع سعر الفرس.

(3) اي صاحب مفتاح الكرامة قدس سره قال فيه.

(4) اي غبن البائع و المشتري.

(5) المراد من احد العوضين هو الثمن بخلاف ما تقدم، فان الغبن كان في العوضين اي ثمن الفرس و ثمن الثوب.

(6) اي ما افاده صاحب مفتاح الكرامة قدس سره في هذا المقام.

(7) رد منه على مقالة صاحب مفتاح الكرامة.

ص: 195

اصلا (1)، مع أن (2) الكلام في الغبن الظاهري، دون (3) الواقعي و الأولى من هذه الوجوه هو الوجه الثالث (4) و اللّه العالم.

+++++++++++

(1) وجه عدم وجود الغبن في المعاملة اصلا هو أن التحالف موجب سقوط دعواهما، و موجب رجوع كل من العوض و المعوض الى صاحبه، فعليه لا غبن اصلا.

(2) هذا إشكال آخر على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة قدس سره.

خلاصته ان النزاع في الغبن الظاهري لا الغبن الواقعي و هنا لا غبن ظاهرا، لعدم تصوره في حقهما، لأن القيمتين إما متساويتان في الظاهر فلا غبن لاحداهما، و إما يكون احداهما زائدة على الأخرى فالغبن لاحداهما خاصة، لعدم امكان اجتماع الأكثرية و الأقلية في شيء واحد في معاملة واحدة.

(3) اي و ليس الكلام في الغبن الواقعي، حيث إنهما يدعيان الغبن في الواقع و ليس لهما بينة حتى يثبت الغبن لاحدهما ان كانت البينة لاحدهما و ان كانت لكليهما فالتفاسخ و التساقط قهرا كما هو الحكم أيضا لو لم يكن لاحدهما بينة.

(4) و هو إرادة المعنى الأعم من الغبن في المقسم لا المعنى الأخص الذي هو الضرر المالي.

و أما وجه الأولوية فهو امكان تصور الغبن في البائع و المشتري في معاملة واحدة فيما اذا كانت قيمة السلعة منضمة مع شيء آخر أزيد من قيمتها منفردة كما في مصراعي الباب، حيث إن قيمتهما مجتمعتين ستة دنانير مثلا، و قيمة كل واحد منهما منفردا ديناران فبيع احد المصراعين بثلاثة دنانير فاشتراه شخص.

ص: 196

مسألة: ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار؟ أو كاشف عقلي عن ثبوته حين العقد؟

(مسألة) (1):

ظهور الغبن شرط شرعي (2) لحدوث الخيار؟

أو كاشف (3) عقلي عن ثبوته حين العقد؟

وجهان: منشؤهما (4) اختلاف كلمات العلماء في فتاويهم، و معاقد اجماعهم و استدلالاتهم.

فظاهر (5) عبارة المبسوط و الغنية و الشرائع و غيرهما هو الأول (6)

+++++++++++

فهنا يكون البائع مغبونا بدينار واحد، لأن قيمة كل مصراع منفردا ديناران و هو باعه ثلاثة دنانير.

و المشتري مغبون بدينار واحد أيضا، لكون قيمة المصراع الواحد ديناران فهو اشتراه بثلاثة دنانير.

(1) اي المسألة الثانية من المسائل الخمس التي افادها بقوله في ص 162: برسم مسائل.

(2) المراد من الشرط الشرعي هو الدليل التعبدي الدال على ثبوت الخيار للمغبون.

(3) اي أو ثبوت الخيار للمغبون بارشاد العقل، لأنه الكاشف عن ثبوت الخيار للمغبون من حين جريان العقد؟

(4) اي منشأ القولين.

(5) من هنا اخذ قدس سره في الاستشهاد بنقل اختلاف كلمات الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم.

(6) و هو أن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار.

ص: 197

و في (1) الغنية الاجماع على أن ظهور الغبن سبب للخيار(1)و ظاهر (2) كلمات الآخرين هو الثاني (3).

و في التذكرة إن الغبن سبب لثبوت الخيار للمغبون عند علمائنا (4).

و قولهم (5): لا يسقط هذا الخيار بالتصرف، فان (6) المراد التصرف قبل العلم بالغبن، و عدم (7) سقوطه ظاهر في ثبوته.

+++++++++++

(1) هذا هو الاستشهاد الثاني منه قدس سره.

(2) هذا هو الاستشهاد الثالث.

(3) و هو أن الغبن كاشف عقلي لحدوث الخيار من حين العقد و اجرائه.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 343 عند قوله: الغبن سبب لثبوت الخيار.

(5) هذا من متممات قول العلامة قدس سره في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 345 عند قوله: و لا يسقط هذا الخيار بتصرف المغبون، لأصالة الاستصحاب.

و لا يخفى أن المراد بالاستصحاب هنا هو استصحاب بقاء ثبوت الخيار بالغبن بعد العلم به، و بالتصرف يشك في زواله فيستصحب.

(6) توجيه من شيخنا الانصاري قدس سره للتصرف الذي لا يكون مسقطا للخيار: اي المراد من التصرف في كلام العلامة هو التصرف قبل العلم بالغبن، و إلا فبعد العلم به لا يجوز له التصرف لأن الواجب عليه هو الاخذ بالخيار فورا، فان تصرف مع العلم به و عدم الاخذ به فورا فقد سقط خياره، لدلالة مثل هذا التصرف على الرضا بالغبن.

(7) اي و عدم سقوط الخيار بالتصرف قبل العلم بالغبن له

ص: 198


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و مما (1) يؤيد الاول: إنهم اختلفوا في صحة التصرفات الناقلة في زمان الخيار، و لم يحكموا ببطلان التصرفات الواقعة من الغابن حين جهل المغبون، بل صرح بعضهم بنفوذها (2)، و انتقال المغبون فيه بعد ظهور غبنه الى البدل،

+++++++++++

ظهور واضح في ثبوت الخيار للمغبون.

(1) من هنا يريد أن يبدي رأيه حول ظهور الغبن فأيد القول الاول:

و هو أن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار.

و خلاصة ما استدل على ذلك إن الفقهاء اختلفوا في التصرفات الناقلة من قبل الغابن في زمن خيار المغبون مع جهله بالغبن فقالوا:

هل التصرفات صحيحة أو فاسدة؟

و لم يحكموا ببطلان تلك التصرفات الواقعة من قبل الغابن في زمن خيار المغبون مع جهله بالغبن، فهذا الاختلاف، و عدم الحكم بالبطلان ظاهر في عدم خيار للمغبون قبل ظهور الغبن و علمه به، إذ لو كان هناك خيار له لكان اللازم على الفقهاء الإشكال على تلك التصرفات الصادرة من الغابن، للملازمة بين وجود الاثر و المؤثر، لأن الحكم و الموضوع من قبيل الاثر و المؤثر: من حيث الوجود و العدم، فان كان هناك خيار كانت التصرفات باطلة و إن لم يكن لم يك بطلان فمن هذا و ذاك: ظهر أن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار،

لا كاشف عقلي عن ثبوته حين العقد.

(2) اي بنفوذ تلك التصرفات الصادرة من الغابن في زمن خيار المغبون مع جهله بالغبن.

ص: 199

و يؤيده (1) أيضا الاستدلال في التذكرة و الغنية على هذا الخيار (2) بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم في حديث تلقي الركبان: إنهم بالخيار اذا دخلوا السوق (3)، فان (4) ظاهره حدوث الخيار بعد الدخول (5) الموجب لظهور الغبن، هذا (6).

و لكن (7) لا يخفى امكان

+++++++++++

(1) اي و يؤيد القول الاول أيضا.

(2) اي خيار الغبن للمغبون مع جهله بالغبن.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 343 عند قوله: و لأن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و أما الحديث فراجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 464 الباب 29 - الحديث 3.

و لا يخفى أن شيخنا الانصارى قدس سره ذكر هذا الحديث في باب تلقي الركبان بلفظ: فاذا اتى السوق، و هنا ذكره بلفظ: فاذا دخلوا، و هو الصحيح كما في المصدر.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 12 ص 182.

و أما وجه التأييد فهو أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم اثبت الخيار للمغبون بعد دخوله السوق، فلو كان ثبوته له بمجرد العقد، سواء أ كان عالما بالغبن أم جاهلا لم يقيد الغبن بالدخول في السوق.

(4) هذا كلام شيخنا الانصاري: اي ظاهر هذا الحديث النبوي.

(5) اي بعد دخول الركبان في السوق.

(6) اي خذ ما تلوناه عليك حول القول الاول.

(7) من هنا يروم قدس سره تحليل كلمات الفقهاء التي قيلت

ص: 200

ارجاع الكلمات (1) الى احد الوجهين: بتوجيه (2) ما كان منها ظاهرا في المعنى الآخر.

و توضيح ذلك (3) إنه (4) إن اريد بالخيار السلطنة الفعلية التي يقتدر بها على الفسخ و الإمضاء قولا أو فعلا فلا يحدث (5) إلا بعد ظهور الغبن.

و إن (6) اريد ثبوت حق للمغبون لو علم به لقام بمقتضاه فهو

+++++++++++

في هذا المقام تحليلا علميا دقيقا، ليعطي حظا وافرا للقول الثاني الذي هو كاشفية العقل عن ثبوت الخيار للمغبون بمجرد صدور العقد سواء أ كان عالما بالغبن أم جاهلا به حتى لا يحرم عن شمول كلمات الفقهاء له.

(1) اي كلمات الفقهاء التي قيلت في هذا المقام.

(2) الباء بيان لامكان ارجاع كلمات الفقهاء الى احد الوجهين:

و هو إما القول الاول: أو الثاني: اي بتوجيه كلمات الفقهاء التي قيلت فى هذا المقام يتوجه القول الثاني.

(3) اي و توضيح هذا التوجيه، و في هذا التوضيح يذكر قدس سره توجيهين للكلمات، ففي التوجيه الاول يثبت القول الاول و في التوجيه الثاني يثبت القول الثاني.

(4) هذا هو التوجيه الاول لكلمات الفقهاء الدال على القول الاول

(5) اي هذا الخيار لا يتحقق إلا بعد علم المغبون بالغبن فاذا علم به يثبت له الخيار، فظهور الغبن على هذا يكون شرطا شرعيا لحدوث الخيار.

(6) هذا هو التوجيه الثاني لكلمات الفقهاء الدال على القول الثاني.

ص: 201

ثابت قبل العلم (1)، و إنما يتوقف على العلم إعمال هذا الحق (2) فيكون (3) حال الجاهل بموضوع الغبن كالجاهل بحكمه (4)، أو بحكم خياري المجلس و الحيوان، أو غيرهما،

ثم إن الآثار (5) المجعولة للخيار

+++++++++++

(1) اي قبل علم المغبون بالغبن.

(2) و هو الخيار.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من توقف إعمال الخيار على العلم بالغبن اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون حال الجاهل بموضوع الغبن:

و هي الزيادة أو النقيصة حال الجاهل بحكم الغبن: و هو الخيار.

فكما أن الجاهل بالحكم يأخذ بالخيار لو علم بالغبن.

كذلك الجاهل بموضوع الغبن بأخذ بالخيار بعد علمه بالغبن:

بمعنى أنه يعمله، لثبوت الخيار له بالعقد.

(4) اي أو يكون حال الجاهل بموضوع الغبن حال الجاهل بحكم خيار المجلس، أو خيار الحيوان، أو غيرهما: من خيار التأخير و العيب و الرؤية: في أنه يأخذ به متى علمه.

(5) المراد من الآثار المجعولة للخيار هو الفسخ أو الإمضاء، و إسقاط الخيار في متن العقد، و سقوطه بالتصرف من قبل المغبون أو بتلف المبيع عند المغبون قبل ظهور الغبن، فهذه كلها آثار جعلت شرعا للخيار.

و هي على ثلاثة أقسام:

قسم منها مترتب على السلطنة الفعلية.

و قسم منها مترتب على الحق الواقعي.

و قسم منها مردد بين القسم الاول و الثاني.

ص: 202

بين (1) ما يترتب على تلك السلطنة الفعلية كالسقوط بالتصرف، فانه لا يكون إلا بعد ظهور الغبن، فلا يسقط قبله كما سيجيء.

و منه (2) التلف، فان الظاهر أنه (3) قبل ظهور الغبن من المغبون اتفاقا لو قلنا بعموم قاعدة كون التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له لمثل (4) خيار الغبن: كما جزم به (5) بعض، و تردد فيه (6) آخر.

+++++++++++

و نحن نشير الى كل قسم من هذه الأقسام عند ما يذكره شيخنا الأعظم قدس سره.

(1) هذا هو القسم الاول من الآثار: و هو مترتب على السلطنة الفعلية كما في سقوط الخيار بتصرف المغبون، فان هذا السقوط لا يتحقق الا بعد ظهور الغبن و بعد الظهور تتحقق السلطنة الفعلية للخيار.

(2) اي و مما يترتب على تلك السلطنة الفعلية كون التلف من الغابن اذا صادف وقوع التلف حين ظهور الغبن لو تم القول بأن خيار الغبن يشمله عموم قاعدة: كون التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له.

و أما لو وقع التلف قبل ظهور الغبن فالظاهر أنه من المغبون اتفاقا على حد تعبير شيخنا الانصاري قدس سره.

فكما أن تصرف المغبون متوقف على السلطنة الفعلية.

كذلك التلف مما يتوقف على السلطنة الفعلية.

(3) اي تلف المبيع كما علمت.

(4) الجار و المجرور متعلق بقوله في هذه الصفحة: لو قلنا بعموم.

(5) اي قطع بهذا العموم و الشمول بعض الفقهاء.

(6) اي و تردد بعض الفقهاء في هذا العموم و الشمول.

ص: 203

و بين (1) ما يترتب على ذلك الحق الواقعي كاسقاطه (2) بعد العقد قبل ظهوره.

و بين (3) ما يتردد بين الامرين (4) كالتصرفات الناقلة فان (5)

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الثاني من الآثار المجعولة للخيار: اي و من تلك الآثار الاثر المترتب على الحق الواقعي كما في إسقاط الخيار في متن العقد قبل ظهور الغبن، فانه مترتب على الحق الواقعي، حيث لم يظهر الغبن بعد.

و معنى الترتب على الحق الواقعي أنه لو كان هناك خيار لي و ثبت فانا اسقطه من هذا الوقت.

(2) اي إسقاط الخيار.

(3) هذا هو القسم الثالث من الآثار المجعولة للخيار: اي و من تلك الآثار الاثر المتردد بين أن يكون مترتبا على السلطنة، و بين أن يكون مترتبا على الحق الواقعي كما في التصرفات الناقلة: مثل البيع و الوقف و الهبة.

(4) و هما: السلطنة الفعلية، و الحق الواقعي المعبر عنه بالسلطنة الشأنية.

(5) تعليل للقسم الثاني: و هو ترتب الأثر المجعول للخيار على الحق الواقعي الذي هي السلطنة الشأنية، سواء علم المغبون بالغبن أم لا.

و خلاصته إن الفقهاء عللوا منع غير ذي الخيار عن التصرف في العين: بأن التصرفات فيها مفوتة لحق ذي الخيار فيها، و التعليل هذا ظاهر في ترتب المنع على وجود نفس الحق الواقعي: و هي السلطنة الشأنية و إن لم يكن المغبون عالما بذاك الحق الواقعي الذي هو الخيار.

ص: 204

تعليلهم المنع: بكونها (1) مفوتة لحق ذي الخيار في العين ظاهر (2) في ترتب المنع على وجود نفس الحق (3) و إن لم يعلم به (4).

و حكم (5) بعض من المنع من التصرف في زمان الخيار(1)

+++++++++++

(1) الباء بيان لكيفية المنع و قد عرفتها.

(2) خبر لاسم إن في قوله قدس سره في ص 204: فان تعليلهم و قد عرفته في الهامش 5 ص 204 عند قولنا: و خلاصته.

(3) و هو الخيار الواقعي.

(4) اي و إن لم يعلم المغبون بذلك الحق الواقعي.

(5) بالنصب عطف على اسم إن في قوله في ص 204: فان تعليلهم اي و إن حكم بعض الفقهاء.

و هذا تعليل للقسم الاول: و هو ترتب الاثر المجعول للخيار على السلطنة الفعلية.

و خلاصته إن بعض الأصحاب الذين منعوا من التصرف الناقل في زمان الخيار: حكم بصحة التصرفات الواقعة من الغابن في ظرف جهل المغبون فيظهر من هذا البعض أن الزمان الذي كان المغبون فيه جاهلا ليس زمانا للخيار، بل زمن الخيار إنما يحدث عند حدوث علم المغبون بغبنه، فدائرة الزمان الذي لا يجوز فيها التصرف عند الفقهاء أضيق عند هذا البعض، بناء على ما تقدم: من استظهار شيخنا الانصاري قدس سره في تعليلهم المنع، فبهذا اللحاظ يكون المنع من التصرف الناقل اثرا مترتبا على الخيار بمعنى أن السلطنة الفعلية للتي تحدث حين علم المغبون بغبنه هي المراد، لا الانشائية، و فيما نحن فيه لم يظهر للمغبون الغبن حتى يمنع الغابن من التصرفات الناقلة.

ص: 205


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بمضي (1) التصرفات الواقعة من الغابن قبل علم المغبون: يظهر (2) منه أن المنع لاجل التسلط الفعلي.

و المتبع (3) دليل كل واحد من تلك الآثار:

فقد يظهر منه (4) ترتب الاثر على نفس الحق الواقعي و لو كان مجهولا لصاحبه.

و قد يظهر منه (5) ترتبه على السلطنة الفعلية.

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 205: و حكم بعض و قد عرفت معناه عند قولنا في الهامش 5 ص 205: حكم بصحة.

(2) الجملة مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في ص 205:

و حكم بعض اي و يظهر من حكم هذا البعض الذي يمنع من التصرف في زمن الخيار.

و قد عرفت معناه عند قولنا في الهامش 5 ص 205: فيظهر.

(3) هذا رأي شيخنا الانصاري قدس سره حول ترتب الآثار المجعولة للخيار.

و خلاصته إن الملاك و المناط في الترتب هو دليل كل واحد من تلك الآثار، و قد ذكر لكل من الآثار المترتبة على السلطنة الفعلية أو نفس الحق الواقعي دليلا يستظهر منه احدهما و نحن نذكره عند رقمه الخاص.

(4) هذا دليل لترتب الاثر على نفس الحق الواقعي و إن لم يعلم المغبون بالغبن اي تارة يظهر من الدليل ترتب الاثر على نفس الحق الواقعي.

(5) هذا دليل لترتب الاثر على السلطنة الفعلية اي و مرة ثانية يظهر من الدليل ترتب الاثر على نفس السلطنة الفعلية.

ص: 206

و تظهر ثمرة الوجهين (1) أيضا فيما لو فسخ المغبون الجاهل اقتراحا (2)، أو بظن وجود سبب معدوم (3) في الواقع فصادف (4) الغبن.

+++++++++++

(1) المراد من الوجهين هما:

هل ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار؟

أو هو كاشف عقلي عن ثبوته حين العقد؟

خلاصة الكلام في ظهور ثمرة الوجهين إن ثمرة هذين الوجهين تظهر أيضا فيما لو فسخ المغبون الجاهل بالغبن رغبة و اختيارا، أو بظن أن لفسخه سببا و هو معدوم في الواقع كما لو ظن أن له خيار الحيوان و الخيار هذا مدته خمسة أيام و هو اخذ بالخيار يوم الخامس ثم بعد ذلك تبين خلافه: بأن ظهر أن المدة ثلاثة أيام و هو قد اخذ بالخيار بعد انقضاء المدة، و بعد مرور يوم قد جاوز عن الثلاثة ثم ظهر أن فسخه كان مصادفا للواقع: بأن تبين أن له حق الفسخ.

و أما وجه ظهور الثمرة في الوجهين فهو أنه لو قلنا: إن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار لكان فسخه لغوا، لوقوعه من غير سبب واقعي، لأنه لم يظهر له بعد الغبن، لجهله به.

و أما لو قلنا: إن ظهور الغبن كاشف عقلي عن ثبوت الخيار من حين العقد كان العقد مؤثرا في الواقع لا الفسخ، لأن العقد هو سبب الخيار.

(2) اي رغبة و اختيارا كما عرفت.

(3) عرفت معنى السبب المعدوم عند الهامش 1 من هذه الصفحة.

(4) اي الفسخ صادف الغبن.

ص: 207

ثم إن ما ذكرناه في الغبن من الوجهين (1) جار في العيب.

و قد يستظهر من عبارة القواعد في باب التدليس الوجه الاول (2) قال (3): و كذا يعني لا رد لو تعيبت الامة المدلسة عنده قبل علمه بالتدليس، انتهى (4)، فانه (5) ذكر في جامع المقاصد أنه لا فرق بين تعيبها قبل العلم و بعده، لأن العيب مضمون على المشتري، ثم قال (6): إلا أن يقال: إن العيب بعد للعلم غير مضمون على المشتري، لثبوت الخيار.

و ظاهره (7) عدم ثبوت الخيار قبل العلم بالعيب لكون العيب في زمان الخيار مضمونا على من لا خيار له.

لكن (8) الاستظهار المذكور مبني على شمول قاعدة: التلف ممن

+++++++++++

(1) و هما المذكوران في الهامش 1 ص 207.

(2) و هو أن ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار.

(3) اي العلامة قدس اللّه نفسه الزكية في القواعد.

خلاصة ما افاده إن الامة المدلسة لو تعيبت عند مولاها قبل علمه بتدليسها فلا مجال لردها قبل العلم فقيد عدم جواز الرد بعدم العلم بالتدليس، فمفهومه إنه لو علم بالتدليس فله حق الرد حينئذ، فجواز الرد متوقف على العلم بالتدليس، و عدم جواز الرد على عدم العلم.

(4) اي ما افاده العلامة في القواعد في هذا المقام.

(5) هذا كلام شيخنا الانصاري ذكره تعليلا للاستظهار المذكور.

(6) اي صاحب جامع المقاصد قدس سره.

(7) اي ظاهر كلام جامع المقاصد.

(8) هذا كلام شيخنا الانصاري اي الاستظهار الذي استفدته

ص: 208

لا خيار له لخيار العيب، و سيجيء عدم العموم إن شاء اللّه.

و أما خيار الرؤية فسيأتي أن ظاهر التذكرة حدوثه بالرؤية فلا يجوز إسقاطه قبلها (1).

مسألة: يسقط هذا الخيار بأمور
اشارة

(مسألة) (2):

يسقط هذا الخيار (3) بأمور (4):

الأول: إسقاطه بعد العقد

(الاول) (5): إسقاطه بعد العقد، و هو (6) قد يكون بعد العلم بالغبن فلا إشكال في صحة إسقاطه بلا عوض مع العلم بمرتبة (7) الغبن،

+++++++++++

في كلام العلامة مبني على عموم القاعدة، و القول بشمولها لخيار العيب.

(1) اي قبل الرؤية.

(2) اي المسألة الثانية من المسائل الخمس المشار إليها في الهامش 2 ص 162.

(3) و هو خيار الغبن.

(4) و هي أربعة كما يلي.

(5) اي اوّل تلك الامور.

(6) اي إسقاط خيار الغبن بعد العقد.

(7) اي مع العلم بمقدار الغبن و كميته.

ص: 209

و لا مع (1) الجهل بها اذا اسقط الغبن، المسبب عن أي مرتبة كان فاحشا كان أو أفحش.

و لو اسقطه (2) بزعم كون المتفاوت عشرة فظهر مائة ففي السقوط (3) وجهان:

من (4) عدم طيب نفسه بسقوط هذا المقدار من الحق كما (5) لو اسقط حق عرض بزعم أنه شتم لا يبلغ القذف فتبين كونه (6) قذفا.

+++++++++++

(1) اي و كذا لا إشكال في صحة إسقاط الخيار بعد العقد في صورة الجهل بمقدار الغبن و كميته، و بمقدار مراتبه، سواء أ كان الغبن فاحشا، أم أفحش، فالخيار يسقط مهما بلغ الغبن.

(2) اي خيار الغبن.

(3) اي سقوط هذا الخيار المزعومة قلته ثم تبينت كثرته بكثير عما زعمه.

(4) دليل لعدم سقوط مثل هذا الغبن المزعومة قلته ثم ظهرت كثرته بكثير.

(5) تنظير لعدم سقوط خيار مثل هذا الغبن.

خلاصته إنه لو اسقط شخص حق الشتم المتوجه إليه بزعم أنه لا يوجب القذف الموجب لثمانين سوطا ثم بعد ذلك تبين أن الشتم كان قذفا موجبا للحد المذكور.

فكما أن هذا الحد لا يسقط باسقاطه بعد ظهوره.

كذلك لا يسقط الخيار لو اسقطه بزعم أن الغبن قليل ثم تبينت كثرته، لعدم التسامح في الغبن الكثير،

(6) اي الشتم كان قذفا موجبا للحد المذكور.

ص: 210

و من (1) أن الخيار امر واحد مسبّب عن مطلق التفاوت الذي لا يتسامح به و لا تعدد فيه فيسقط بمجرد الإسقاط. و القذف (2) و ما دونه: من الشتم حقان مختلفان.

و أما الإسقاط (3) بعرض: بمعنى المصالحة عنه به فلا إشكال فيه (4) مع العلم بمرتبة الغبن، أو (5) التصريح بعموم المراتب و لو اطلق (6) و كان للاطلاق منصرف كما لو صالح عن الغبن

+++++++++++

(1) دليل لسقوط خيار الغبن المزعومة قلته ثم ظهرت كثرته.

خلاصته إن الغبن ليس قابلا للتبعيض حتى يقال: لو كان قليلا لكان موجبا للاسقاط، و أما لو كان كثيرا فلا يوجب الاسقاط و الدليل على ذلك أن الخيار مسبب عن سبب واحد: و هو مطلق التفاوت الذي لا يتسامح به، فاذا اسقطه يسقط حالا و بمجرد الإسقاط اذا فالخيار لا يتعدد.

(2) رد على التنظير المشار إليه في الهامش 5 ص 210.

خلاصته إن القذف و الشتم حقان مختلفان لا ربط بينهما، لأن نسبة القذف أغلظ و أفحش من نسبة الشتم فذاك موجب للحد و هذا لا يوجب ذلك.

(3) اي إسقاط هذا الخيار في مقابل عوض معين: بأن يصالح عليه بالعوض المعين.

(4) اي في صحة هذا الإسقاط.

(5) اي يصرح المسقط خياره بأني اسقطت خياري مهما بلغت مرتبة الغبن و مقداره.

(6) اي المسقط لو اطلق في اسقاط خياره: بأن قال:

ص: 211

المحقق في المتاع المشتري بعشرين بدرهم، فان المتعارف من الغبن المحتمل في مثل هذه المسألة هو كون التفاوت أربعة، أو خمسة في العشرين فيصالح عن هذا المحتمل بدرهم، فلو ظهر كون التفاوت ثمانية عشرة و أن المبيع يساوي درهمين ففي بطلان الصلح، لأنه (1) لم يقع على الحق الموجود، أو صحته (2) مع لزومه، لما ذكرنا:

من (3) أن الخيار حق واحد له سبب واحد: و هو التفاوت الذي له أفراد متعددة فاذا اسقط سقط.

أو صحته (4) متزلزلا، لأن الخيار الذي صالح عنه باعتقاد أن عرضه المتعارف درهم ثم تبين كونه مما يبدل في مقابله أزيد(1) من الدرهم، ضرورة أنه كلما كان التفاوت المحتمل أزيد يبذل في مقابله أزيد مما يبذل في مقابله لو كان أقل فيحصل الغبن في المصالحة، اذ لا فرق في الغبن بين كونه للجهل بمقدار ماليته مع العلم بعينه. و بين كونه لاجل الجهل بعينه.

+++++++++++

اسقطت خياري و لم يعين مقدار الإسقاط.

(1) اي الصلح لم يقع على الحق الموجود، لأن الحق الموجود هو الصلح على درهم لا على ثمانية عشر درهم.

(2) اي صحة هذا الصلح و أنه لازم.

(3) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: لما ذكرنا اي ما ذكرناه من أن التفاوت ذو أفراد متعددة، فرد منه عشرة دراهم، و فرد آخر خمسة عشر درهما، و فرد ثالث عشرون درهما، و هكذا.

(4) اي أو صحة الصلح متزلزلا اي متوقفا على التراضي، فان رضي المغبون بالزائد صح الصلح، و إلا فلا.

ص: 212


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

وجوه (1)، و هذا (2) هو الأقوى، فتأمل (3).

و أما إسقاط هذا الخيار (4) بعد العقد قبل ظهور الغبن فالظاهر أيضا جوازه، و لا يقدح عدم تحقق شرطه (5)(1) بناء على كون ظهور الغبن شرطا لحدوث الخيار، اذ يكفي في ذلك (6) تحقق السبب المقتضي للخيار: و هو الغبن الواقعي و إن لم يعلم به، و هذا (7) كاف في جواز إسقاط المسبب قبل حصول شرطه (8)

+++++++++++

(1) و هي ثلاثة: البطلان، و الصحة مع لزوم العقد، و الصحة مع تزلزل العقد.

(2) اي الوجه الاخير: و هي الصحة مع تزلزل العقد متوقفا على رضى المغبون هو أقوى من الوجهين الاولين الذين هما البطلان و الصحة مع لزوم العقد.

(3) اي امعن النظر في هذا المقام جدا، حيث إن الموضوع دقيق محتاج الى الامعان.

(4) و هو خيار الغبن.

(5) اي شرط الإسقاط: و هو ظهور الغبن.

(6) اي في حدوث الخيار يكفي تحقق السبب في الواقع و التحقق هو المقتضي للخيار، لا ظهور الغبن حتى يكون متوقفا على علم المغبون بالغبن.

(7) اي الغبن الواقعي كاف في اسقاط المسبب الذي هو الخيار قبل حصول شرط الخيار: و هو العلم بالغبن و ظهوره

(8) مرجع الضمير خيار الغبن كما علمت.

و المراد بالشرط هو ظهور الغبن.

ص: 213


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كإبراء (1) المالك الودعي المفرط عن الضمان، و كبراءة (2) البائع من العيوب الراجعة الى إسقاط الحق المسبب عن وجودها قبل العلم بها.

و لا يقدح في المقام (3) أيضا كونه إسقاطا لما لم يتحقق(1) اذ (4) لا مانع منه إلا التعليق، و عدم الجزم الممنوع (5) عنه في العقود

+++++++++++

(1) تنظير لامكان إسقاط الخيار قبل حصول شرطه اي كما أن الودعي المفرط تبرأ ذمته لو أبرأ المالك ذمته عن ضمان الوديعة لو سرقت أو احرقت، مع أنه لم يتحقق بعد موجب الضمان الذي هي السرقة و الحريقة.

كذلك يجوز إسقاط الخيار لو اسقطه صاحبه و إن لم يتحقق موجب الخيار بعد: و هو الظهور.

(2) تنظير آخر لجواز إسقاط الخيار قبل تحقق شرطه اي كما أن البائع تبرأ ذمته من العيوب التي مآلها إلى إسقاط حق للمشتري على البائع المسبب هذا الحق عن السبب: و هو العيب الموجود في المبيع مع أن البائع غير عالم بالعيب، كذلك يجوز إسقاط الخيار قبل العلم بظهور الغبن.

(3) اي في سقوط خيار المغبون لو اسقطه و إن لم يحصل شرط الإسقاط: و هو ظهور الغبن.

(4) تعليل لسقوط الخيار لو اسقطه المغبون و إن لم يحصل شرطه خلاصته إن المانع من ذلك هو التعليق و عدم الجزم، و من الواضح أن عدم الجزم في العقود(2) و عدم التعليق فيها المنوع فكيف في الايقاعات و الإنشاءات؟

(5) بالجر صفة لكلمة الجزم اي الجزم الممنوع في العقود(3)

ص: 214


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فضلا عن الايقاعات، و هو (1) غير قادح هنا، فان الممنوع منه هو التعليق على ما لا يتوقف تحقق مفهوم الانشاء عليه.

و أما ما نحن فيه (2)، و شبهه مثل طلاق مشكوك الزوجية و اعتاق مشكوك الرقبة منجزا، أو الإبراء عما احتمل الاشتغال به فقد تقدم (3) في شرائط الصيغة أنه لا مانع منه، لأن (4) مفهوم العقد معلق عليها في الواقع، من دون تعليق المتكلم.

و منه (5) البراءة عن العيوب المحتملة في المبيع

+++++++++++

(1) اي التعليق و عدم الجزم لا يضر فيما نحن فيه: و هو إسقاط الخيار قبل حصول شرطه، لأن الممنوع منه هو تعليق الانشاء على امر لم يعلم حصوله، أو عدم حصوله.

و أما تعليق الحكم على موضوعه فليس بتعليق واقعي، اذ هو من قبيل قولك: إن رزقت ولدا فاختنه، فالمعلق هو مفهوم العقد:

لا انشاؤه.

(2) و هو إسقاط الخيار و إن لم يحصل شرطه بعد.

(3) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 من ص 102 - الى ص 129 فقد اسهب قدس سرة هناك، و ذكرنا حول الموضوع شرحا وافيا مع الصور المحتملة، و التقادير المتصورة فيه.

(4) تعليل لعدم المانع من إسقاط الخيار و إن لم يحصل شرطه و تطليق مشكوك الزوجية، و اعتاق مشكوك الرقية، و أمثال هذه.

و قد عرفته في الهامش 1 من هذه الصفحة عند قولنا: اي التعليق.

(5) اي و من قسم تعليق مفهوم العقد، لا انشاؤه البراءة من العيوب المحتملة في المبيع عند البيع في قول البائع: بعتك و ذمتي بريئة

ص: 215

و ضمان (1) درك المبيع عند ظهوره مستحقا للغير.

نعم قد يشكل الامر: من حيث العوض المصالح به، فانه لا بدّ من وقوع شيء بإزائه (2) و هو (3) غير معلوم.

فالأولى ضم شيء الى المصالح عنه (4) المجهول التحقق، أو ضم سائر الخيارات إليه (5): بأن يقول (6) صالحتك عن كل خيار لي بكذا، و لو تبين عدم الغبن لم يسقط العوض عليه(1) (7)

+++++++++++

من كل عيب في المبيع لو كان موجودا فيه: اذ التعليق هذا غير مضر كما عرفت.

(1) بالجر عطفا على مجرور عن الجارة في قوله في ص 215: عن العيوب اي و من قسم تعليق مفهوم العقد لا انشاؤه البراءة عن ضمان درك المبيع لو ظهر أنه مستحق للغير، فان هذا التعليق غير مضر هنا كما عرفت

(2) اي بإزاء المصالح به، لعدم جواز اكل العوض بعنوان المعاوضة الصلحية، مع عدم وجود الحق المعوض عنه في الواقع و مع هذا العدم فلا تتحقق المعاوضة، فيكون اكل العوض اكلا للمال بالباطل،

(3) اي وقوع شيء إزاء المصالح به غير معلوم، لعدم تحقق الغبن حتى يقع شيء منه ازاء المصالح به.

(4) و هو الغبن كما يضم شيء الى العبد الآبق، و الطير الشارد.

(5) اي الى المصالح عنه: و هو الغبن.

(6) اي المصالح.

(7) اي على عدم الغبن الذي لم يكن متحققا في الواقع.

ص: 216


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لأن (1) المعدوم انما دخل على تقدير وجوده، لا منجرا باعتقاد الوجود.

الثاني من المسقطات اشتراط سقوط الخيار في متن العقد

(الثاني) من المسقطات اشتراط سقوط الخيار في متن العقد و الإشكال فيه (2): من الجهات المذكورة هنا، أو المتقدمة في إسقاط الخيارات المتقدمة قد علم التفصي عنها (3).

نعم هنا وجه آخر للمنع يختص بهذا الخيار (4)، و خيار الرؤية و هو (5) لزوم الغرر من اشتراط إسقاطه.

قال (6) في الدروس في هذا المقام ما لفظه.

و لو اشترطا (7) رفعه، أو رفع خيار الرؤية فالظاهر بطلان

+++++++++++

(1) تعليل لعدم وقوع شيء من العوض على عدم الغبن الذي غير متحقق في الواقع.

(2) اي في أن اشتراط سقوط الخيار مسقط.

خلاصة هذا الكلام إنه كل ما قيل في المسقط الاول: من الإشكالات يجري في هذا المسقط أيضا.

و كل ما قيل: من الجواب و التفصي عنها يقال عنها هنا.

(3) مرجع الضمير الجهات المذكورة.

(4) و هو خيار الغبن.

(5) اي الوجه الآخر للمنع عن اشتراط إسقاط خيار الغبن في متن العقد.

(6) من هنا اخذ قدس سره في بيان كيفية لزوم الغرر لو اشترط إسقاط خيار الغبن في متن العقد.

(7) اي المتبايعان لو اشترطا في متن العقد رفع خيار الغبن.

ص: 217

العقد للغرر، التهى (1).

ثم احتمل (2) الفرق بين الخيارين: بأن (3) الغرر في الغبن سهل الإزالة، و جزم الصيمري في غاية المرام ببطلان العقد و الشرط (4) و تردد فيه (5) المحقق الثاني، إلا (6) انه استظهر الصحة.

+++++++++++

(1) اي ما افاده الشهيد الاول قدس سره في الدروس.

(2) اي الشهيد الاول قدس سره احتمل في الدروس الفرق بين خيار الغبن، و خيار الرؤية.

(3) الباء بيان لكيفية الفرق بين الخيارين.

خلاصة الكيفية إن الغرر بعد حصوله في خياري الغبن و الرؤية يمكن رفعه لو شرط إسقاطه في متن العقد: بأن يأخذ الارش الذي هو مقدار التفاوت بين القيمتين، و هذا المقدار من التفاوت يقابل الغبن فيتدارك الغرر له و هو امر سهل بسيط جدا.

بخلاف الضرر في خيار الرؤية، فانه ليس قابلا للجبران و التدارك لأن خيار الرؤية انما يتحقق بسبب تخلف شيء من الأوصاف المفقودة في المبيع الذي رؤي قبل الشراء و التسلم، فالتدارك ليس امرا سهلا.

و لا يخفى عليك أن سهولة ازالة الغرر في خيار الغبن لا تخرج البيع عن البيع الغرري المنهي عنه عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم عند ما يقع العقد مشتملا على الغبن.

(4) اي كلاهما يبطلان لو اشترط إسقاط الخيار في متن العقد.

(5) اي في بطلان العقد و الشرط.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره اي المحقق الثاني قدس سره بعد التردد في البطلان استظهر صحة العقد.

ص: 218

و لعل (1) توجيه كلام الشهيد هو (2) أن الغرر باعتبار الجهل بمقدار مالية المبيع كالجهل بصفاته، لأن وجه كون الجهل بالصفات غررا هو رجوعه الى الجاهل بمقدار ماليته، و لذا (3) لا غرر مع الجهل بالصفات التي لا مدخل لها في القيمة.

لكن (4) الأقوى الصحة، لأن مجرد الجهل بمقدار المالية لو

+++++++++++

(1) توجيه من شيخنا الانصاري لكلام الشهيد الاول قدس سرهما حيث افاد بطلان العقد لو شرط إسقاط الخيار في متن العقد.

(2) هذا هو التوجيه.

خلاصته إن منشأ الغرر هو الجهل بمقدار مالية المبيع كما في الجهل بصفاته التي لها مدخلية في المبيع كالحنطة الشمالية و الجنوبية، حيث إن سعر الشمالية أكثر من الجنوبية فالجهل بسعرها موجب للجهل بمقدار ماليته الموجب للغرر الذي هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم لا ضرر و لا ضرر.

(3) اي و لاجل أن الجهل بصفات المبيع مآله هو الجهل بماليته و هو موجب للغرر المنفي.

(4) هذا رأيه قدس سره حول إن اشتراط إسقاط الخيار لا يكون مبطلا للعقد، ردا على ما افاده الشهيد قدس سره.

خلاصته إن مجرد الجهل بمقدار مالية المبيع لا يوجب الغرر اذ لو كان مجرد ذلك موجبا للغرر لما صحت المعاوضة على الأعيان الخارجية مع الشك في قيمتها، مع أنا نرى كثيرا من الناس يقدمون على شرائها مع الجهل بقيمة تلك الأعيان.

هذا بالإضافة الى أن الاشتراط المذكور لا يكون مخالفا للكتاب

ص: 219

كان غررا لم يصح البيع مع الشك في القيمة.

و أيضا (1) فان ارتفاع الغرر عن هذا البيع ليس لاجل الخيار حتى يكون إسقاطه موجبا لثبوته (2)، و إلا (3) لم يصح البيع، اذ لا يجدي في الاخراج عن الغرر ثبوت الخيار، لأنه حكم شرعي لا يرتفع به موضوع الغرر، و إلا (4) لصح كل بيع غرري على وجه التزلزل و ثبوت (5) الخيار

+++++++++++

و السنة إذا يشمله قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم.

(1) رد آخر منه على ما افاده الشهيد الاول قدس سرهما.

خلاصته إن رفع الخيار عن البيع الغبني ليس لاجل الخيار حتى يكون إسقاطه في متن العقد موجبا لثبوت الغرر.

(2) اي لثبوت الغرر كما عرفت.

(3) اي و لو كان ارتفاع الغرر لاجل الخيار لما صح البيع اصلا لعدم فائدة لثبوت الخيار في اخراج المبيع الغبني عن الغرر، لأن الخيار حكم شرعي لا يرتفع به موضوع الغرر، فان الشارع لاجل تدارك الغبن جعل الخيار و شرّعه.

(4) اي و لو كان في ثبوت الخيار فائدة تترتب على اخراج البيع عن موضوع الغرر لصح كل بيع غرري على وجه التزلزل.

(5) بالجر عطفا على مجرور على في قوله في هذه الصفحة: على وجه التزلزل اي و لصح كل بيع غرري على وجه ثبوت الخيار، فانه بناء على ثبوت فائدة للخيار يصح كل بيع يكون فيه غرر على وجه التزلزل و ثبوت الخيار له.

ص: 220

كبيع (1) المجهول وجوده، و المتعذر تسليمه.

و أما خيار (2) الرؤية فاشتراط سقوطه راجع الى إسقاط اعتبار ما اشترطاه: من الأوصاف في العين غير المرئية (3) فكأنهما تبايعا سواء وجد فيها تلك الصفات أم لا، فصحة البيع موقوفة على اشتراط تلك الأوصاف، و إسقاط الخيار في معنى الغائها (4) الموجب (5) للبطلان، مع (6) احتمال الصحة هناك أيضا، لأن (7) مرجع إسقاط خيار الرؤية الى التزام عدم تأثير تخلف تلك الشروط، لا الى عدم

+++++++++++

(1) اي كما في بيع المجهول وجوده، أو يتعذر تسليمه كبيع العبد الآبق، أو الابل الشارد، أو الطير الطائر في السماء، فان لازم القول بكون الخيار يرفع موضوع الغرر: صحة البيع في الموارد المذكورة بلا ضم ضميمة، مع أنه غير صحيحة بالاجماع،

و مدرك الاجماع هو نهي النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن بيع الغرر.

(2) من هنا يروم توجيه كلام الشهيد قدس سرهما القائل ببطلان العقد لكونه بيعا غرريا

(3) بان تكون العين عند التسليم و التسلم غير ما رؤيت قبل الشراء.

(4) اي الغاء تلك الصفة المرئية قبل الشراء.

(5) بالجر صفة لكلمة الغاء اي الغاء تلك الصفات موجب لبطلان العقد.

(6) هذا رأيه قدس سره حول إسقاط خيار الرؤية في متن العقد اي صحة الإسقاط هنا محتمل أيضا كما أنه احتمل الصحة في إسقاط خيار الغبن في متن العقد في ص 219 بقوله: لكن الأقوى الصحة.

(7) تعليل لصحة إسقاط خيار الرؤية في متن العقد.

ص: 221

التزام ما اشترطاه: من الأوصاف (1).

و لا تنافي بين أن يقدم على شراء العين بانيا على وجود تلك الأوصاف، و بين الالتزام بعدم الفسخ لو تخلفت (2)، فتأمل (3).

و سيجيء تمام الكلام في خيار الرؤية.

و كيف (4) كان فلا ارى إشكالا في اشتراط سقوط خيار الغبن

+++++++++++

(1) حتى يلزم بطلان العقد المسبب من الغرر.

(2) أما وجه عدم التنافي بين البناء المذكور و بين الالتزام بعدم الفسخ لو تخلفت تلك الشروط:

هو أن الالتزام المشروط بعدم الفسخ لو تخلفت الأوصاف المرئية إنما هو لاجل إسقاط ما يستحقه: من الحق على البائع، و من الواضح إن هذا الاستحقاق لا يتحقق في الخارج إلا بعد ثبوته، و المنافي للاستحقاق هو نفيه، لا إسقاط الحق.

و نظير عدم المنافاة في المقام موضوع الظهار، فانه مبغوض عند اللّه تبارك و تعالى، و محرم و منهي عنه، لكنه عز و جل يعفو عمن يريد الرجوع إليها بالكفارة، فيرفع عنه العقاب الاخروي، و الاثر الوضعي في الدنيا و هو الوطء، فالمنافي لتحريم الظهار إنما هي إباحة المنهي عنه، لا إسقاط العقاب عن المظاهر و العفو عنه.

(3) الظاهر أن الامر بالتأمل اشارة الى دقة الموضوع، و صعوبة فهمه، حيث إنه محتاج الى الامعان في وجه عدم التنافي، و أنه كيف لا يلزم ذلك؟

(4) يعني أي شيء قلنا في إسقاط خيار الغبن عند اشتراطه في متن العقد: من الجواز أو العدم.

ص: 222

من حيث لزوم الغرر، إذ لو لم يشرع الخيار في الغبن اصلا لم يلزم منه غرر (1).

الثالث تصرف المغبون باحد التصرفات المسقطة للخيارات المتقدمة بعد علمه بالغبن.

(الثالث) (2) تصرف المغبون باحد التصرفات المسقطة للخيارات المتقدمة (3) بعد علمه بالغبن.

و يدل عليه (4) ما يدل على سقوط خياري المجلس و الشرط به (5) مع عدم ورود نص فيهما (6)، و اختصاص (7) النص بخيار الحيوان و هو (8) اطلاق بعض معاقد الاجماع: بأن تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليه اجازة، و فيما انتقل عنه فسخ.

+++++++++++

(1) لأنه في صورة لزوم الغرر يكون البيع من اصله باطلا، لعدم وجود ضرر حتى يثبت الخيار، فلو لم يشرع الخيار لم يلزم غرر.

(2) اي من الامور المسقطة لخيار الغبن هو تصرف المغبون فيما اشتراه غبنا بعد علمه بالغبن.

(3) كخيار المجلس و الحيوان و الشرط.

(4) اي على سقوط خيار الغبن بالتصرف.

(5) فكل شيء دل على سقوط تلك الخيارات بالتصرف يدل على سقوط خيار الغبن بالتصرف، سوى التصرفات الخفيفة.

(6) اي في خيار المجلس و الشرط.

(7) اي و مع اختصاص النص الوارد في الخيارات بخيار الحيوان.

(8) كلمة هو بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: و يدل عليه ما دل اي ما دل على سقوط خيار الغبن بالتصرف عبارة عن اطلاق معاقد اجماعات الفقهاء، حيث قالوا بنحو الاطلاق: إن تصرف

ص: 223

و عموم (1) العلة المستفاد من النص في خيار الحيوان المستدل بها في كلمات العلماء على السقوط: و هو (2) الرضا بلزوم العقد، مع (3) أن الدليل هنا إما نفي الضرر (4).

+++++++++++

ذي الخيار فيما انتقل إليه اجازة للزوم البيع.

كما أن تصرف البائع في المبيع فسخ لبيعه.

فمن هذا الاطلاق يستفاد أن التصرف بما هو تصرف، و هي آية معاملة حصلت دال على لزوم العقد، لكونه كاشفا عن الرضا باللزوم.

(1) بالرفع عطفا على قوله في ص 223: و هو اطلاق اي و مما دل على سقوط خيار الغبن بالتصرف هو عموم العلة المستفاد من النص الوارد في سقوط خيار الحيوان بالتصرف فيه، فان قوله عليه السلام: و ذلك رضا منه عام يستدل به على سقوط كل خيار بالتصرف، لأن منشأ التصرف هو الرضا بلزوم العقد، و الرضا مسبب عن التصرف، ففي كل مورد حصل التصرف فقد حصل الرضا السابق عليه.

(2) كلمة هو بيان لعموم العلة.

(3) ترق منه قدس سره: خلاصته إنه مع التسليم بعدم كون التصرف مسقطا لخيار الغبن، إلا أننا نقول: ثبوته إما لاجل دليل نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار و إما للاجماع، و قد ذكر قدس سره كل واحد منهما و نشير إليهما عند رقمهما الخاص.

(4) هذا هو الدليل الاول للقائل بعدم سقوط خيار الغبن

ص: 224

و إما (1) الاجماع، و الاول (2) منتف فانه (3) كما لا يجري مع الإقدام عليه، كذلك (4) لا يجري مع الرضا به بعده.

و أما (5) الاجماع فهو غير ثابت مع الرضا.

+++++++++++

بالتصرف: و هو الضرر الوارد في الحديث.

(1) هذا هو الدليل الثاني للقائل بعدم سقوط خيار الغبن بالتصرف و هو الاجماع.

(2) هذا رد على الدليل الاول الذي هو الضرر.

خلاصته إن الضرر هنا: و هو اقدام المشتري على التصرف بالمبيع مع علمه بالغبن ليس ضررا، لأن منشأ الضرر هو اختيار المغبون المعاملة الغبنية بالتصرف، فلا يعد مثل هذا ضررا حتى يشمله حديث لا ضرر و لا ضرار، فالضرر منفي فيما نحن فيه.

(3) تعليل لانتفاء الضرر فيما نحن فيه اي الضرر لا يجري مع الإقدام عليه.

(4) اي كما أن الضرر لا يجري مع الرضا بالضرر: و هو التصرف الكاشف عن الرضا به مع العلم بالغبن.

(5) هذا رد على الدليل الثاني: و هو الاجماع.

خلاصته إن الاجماع دليل لبي لا اطلاق فيه حتى يشمل ما نحن فيه و هو تصرف المغبون في المبيع مع علمه بالغبن، فالقدر المتيقن من شمول الاجماع للمعاملة الغبنية هي المعاملة التي لم يرض بها المغبون مع علمه بالغبن، و أما مع التصرف الكاشف عن الرضا بالغبن فلا مجال لشمول الاجماع له.

ص: 225

إلا (1) أن يقال: إن الشك في الرفع لا الدفع فيستصحب (2) فتأمل (3).

أو ندّعي إن ظاهر قولهم فيما نحن فيه (4): إن (5) هذا الخيار

+++++++++++

(1) خلاصة الاستدراك إنه لو قلنا: إننا نشك في رفع الخيار بعد التصرف في المبيع في صورة العلم بالغبن فاستصحاب البقاء جار لأن الشك في المقتضي فيثبت الخيار، فيكون البيع لازما.

و ليس الشك في دفع الخيار حتى يقال: إنه بالتصرف لا يسقط لعدم مجال للاستصحاب هنا.

(2) اي بقاء الخيار،

(3) افاد المحقق الاصفهاني قدس سره وجوها ثلاثة في الامر بالتأمل، و لم يؤيد احدها.

أليك خلاصة الاحتمال الثاني مع تصرف منا:

من الامكان أن يكون التأمل اشارة الى أن الشك في بقاء الخيار من حيث إن الشك في مقتضى الخيار، لأن المقتضي هو الضرر المتوجه الى المشتري بالغبن و عند تصرفه في المبيع مع علمه بالغبن فقد رضي بالغبن فلا يبقى موضوع للضرر فلا مجال لاستصحاب بقاء الخيار، لأن الحق الثابت: و هو الخيار المسبب عن الغبن مشكوك الحال، لأنه محدود بنفسه الى مدة معينة: و هي قبل التصرف، و بعد التصرف زال ذاك الحق الثابت، فمجرد عدم كون الشك في الدفع لا يوجب تعيين كون الشك في الرفع حتى يجري الاستصحاب.

(4) و هو تصرف المغبون في المبيع مع علمه بالغبن.

(5) هذا مقول قول الفقهاء.

ص: 226

لا يسقط بالتصرف: شموله (1) للتصرف بعد العلم بالغبن و اختصاص هذا الخيار (2) من بين الخيارات بذلك (3).

لكن الانصاف عدم شمول التصرف في كلماتهم لما بعد العلم بالغبن و غرضهم (4) من تخصيص هذا الحكم بالخيار(1) أن التصرف مسقط لكل خيار و لو وقع قبل العلم بالخيار كما في العيب و التدليس، سوى هذا الخيار (5).

و يؤيد ذلك (6) ما اشتهر بينهم: من أن التصرف قبل العلم بالعيب و التدليس ملزم (7) لدلالته (8) على الرضا بالبيع فيسقط الرد، و إنما يثبت الارش في خصوص العيب، لعدم دلالة التصرف

+++++++++++

(1) اي شمول قول الفقهاء.

(2) اي خيار الغبن.

(3) بأن يقال: إن التصرف في المبيع بعد العلم بالغبن لا يكون مسقطا للخيار، فيختص عدم السقوط بالتصرف بخيار الغبن دون بقية الخيارات، حيث إن التصرف في المبيع في بقية الخيارات مسقط للخيار.

(4) اي غرض الفقهاء من الاختصاص المذكور هو عدم سقوط خيار الغبن بالتصرف بعد العلم بالغبن.

(5) و هو خيار الغبن.

(6) اي غرض الفقهاء، الذي(2) هو اختصاص عدم سقوط خيار الغبن بالتصرف من بقية الخيارات.

(7) اي ملزم للعقد: بمعنى أن التصرف يجعل العقد لازما.

(8) اي لدلالة التصرف في المبيع قبل العلم بالعيب و التدليس.

ص: 227


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على الرضا بالعيب.

و كيف كان فاختصاص التصرف غير المسقط في كلامهم بما قبل العلم لا يكاد يخفى على المتتبع في كلماتهم.

نعم لم اجد لهم تصريحا بذلك (1) عدا ما حكي عن صاحب المسالك و تبعه جماعة، لكن الاستشكال من جهة ترك التصريح (2) مع وجود الدليل مما لا ينبغي، بل ربما يستشكل في حكمهم (3) بعدم السقوط بالتصرف قبل العلم، مع حكمهم بسقوط خيار التدليس و العيب بالتصرف قبل العلم، و الاعتذار (4) بالنص إنما يتم (5) في

+++++++++++

(1) اي باختصاص التصرف غير المسقط في كلام الفقهاء بما قبل العلم.

(2) اي لما ذا لم يصرح الفقهاء بالاختصاص المذكور في كلماتهم؟ مع وجود الدليل على الاختصاص المذكور، و هو غير خفي على من تتبع كلمات الفقهاء.

(3) اي في حكم الفقهاء، حيث حكموا بعدم سقوط خيار الغبن بالتصرف قبل العلم بالغبن.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن حكم الفقهاء بعدم سقوط خيار الغبن بالتصرف قبل العلم بالغبن مع حكمهم بسقوط خيار التدليس و العيب بالتصرف قبل العلم بهما: إنما هو لاجل النص الوارد.

بخلاف التصرف في المبيع الغبني قبل العلم بالغبن، فانه لم يرد نص بسقوطه، فلذا لا يسقط.

(5) جواب عن الوهم المذكور.

ص: 228

العيب دون التدليس، فانه مشترك مع خيار الغبن في عدم النص و مقتضى القاعدة في حكم التصرف قبل العلم فيهما (1) واحد.

و التحقيق (2) أن يقال: إن مقتضى القاعدة عدم السقوط، لبقاء لضرر، و عدم دلالة التصرف مع الجهل على الرضا بلزوم العقد و تحمل الضرر.

نعم قد ورد النص في العيب على السقوط، و ادعي عليه الاجماع مع أن ضرر السقوط فيه (3) متدارك بالارش، و إن كانت نفس امساك العين (4) قد تكون ضررا، فان تم دليل في التدليس أيضا قلنا به (5) و إلا (6) وجب الرجوع الى دليل خياره.

+++++++++++

خلاصته إن النص وارد في العيب فقط، دون التدليس، اذ هو مشترك مع الغبن في عدم ورود نص مع أن الفقهاء حكموا بسقوط خيار التدليس بالتصرف قبل العلم بالتدليس، و لم يحكموا بذلك في خيار الغبن.

(1) اي في خيار الغبن و التدليس.

(2) من هنا يروم قدس سره ابداء اختياره في خيار الغبن بالتصرف في المبيع قبل العلم بالغبن.

(3) اي في العيب.

(4) اي بلا رجوع في الفسخ، و لا رجوع المعيب الى صاحبه.

(5) اي قلنا بسقوط خيار الغبن أيضا بالتصرف و إن كان التصرف بعد العلم بالغبن بنفس الدليل الوارد في سقوط خيار التدليس بالتصرف.

(6) اي و في صورة عدم تمامية الدليل في التدليس فلا نقول

ص: 229

ثم إن الحكم بسقوط الخيار بالتصرف بعد العلم بالغبن مبني على ما تقدم في الخيارات السابقة: من (1) تسليم كون التصرف دليلا على الرضا بلزوم العقد، و إلا (2) كان اللازم في غير ما دل فعلا على التزام بالعقد من أفراد التصرف: الرجوع الى أصالة بقاء الخيار.

الرابع: من المسقطات تصرف المشتري المغبون قبل العلم بالغبن تصرفا مخرجا عن الملك على وجه اللزوم كالبيع و العتق
اشارة

(الرابع) (3): من المسقطات تصرف المشتري المغبون قبل العلم بالغبن تصرفا مخرجا (4) عن الملك على وجه اللزوم كالبيع و العتق، فان المصرح به في كلام المحقق و من تأخر عنه هو سقوط خياره حينئذ (5).

+++++++++++

بسقوط الخيار فيهما، بل الواجب الرجوع الى دليل خيار كل منهما، فمرجع الدليل في خيار الغبن هو لا ضرر، فيثبت الخيار ما دام الضرر موجودا و المغبون ليس راضيا بالضرر.

(1) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: على ما تقدم اي ما تقدم عبارة عن التسليم بأن التصرف دليل على الرضا بلزوم العقد.

(2) اي و إن لا نسلم أن التصرف دليل على الرضا بلزوم العقد ففي للوارد المشكوكة من أفراد التصرف في أنها موجبة للالتزام بالعقد فلا بد من الرجوع الى أصالة بقاء الخيار: و هو الاستصحاب.

(3) اي من الامور المسقطة لخيار المشتري المغبون التصرف في المبيع المغبون فيه قبل العلم بالغبن.

(4) بالنصب حال لكلمة تصرفا(1) اي حالكون التصرف مخرجا للمغبون فيه عن الملكية.

(5) اي حين أن تصرف المشتري المغبون في المبيع تصرفا مخرجا له عن الملكية.

ص: 230


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و قيل: إنه (1) المشهور، و هو (2) كذلك بين المتأخرين.

نعم ذكر الشيخ(1) في خيار المشتري مرابحة (3) عند كذب البائع أنه لو هلكت السلعة، أو تصرف فيها سقط الرد.

و الظاهر اتحاد هذا الخيار (4) مع خيار الغبن(2) كما يظهر من جامع المقاصد في شرح قول الماتن(3) و لا (95)(5) يبطل الخيار بتلف العين فراجع.

+++++++++++

(1) اي السقوط هو المشهور بين الفقهاء.

(2) اي السقوط أيضا هو المشهور بين المتأخرين.

(3) مصدر باب المفاعلة من رابح يرابح.

معناه بيع السلعة بزيادة من الثمن المشترى:

بأن يقول البائع: بعتك السلعة المشتراة بعشرة دنانير باثني عشر دينارا.

و يجب في المرابحة علم كل من البائع و المشتري بقدر الثمن، و قدر الربح و المصاريف التي صرفت على السلعة المعبر عنها ب: المؤن.

(4) و هو خيار تصرف المشتري في المبيع المغبون فيه تصرفا مخرجا له عن الملكية قبل العلم بالغبن.

و لا يخفى عدم اتحاد الخيارين: خيار الغبن، و خيار تصرف المشتري المغبون في المبيع تصرفا مخرجا له عن الملكية لأنه في صورة مساواة قيمة السلعة مع القيمة السوقية لم يخسر المشتري شيئا و إن كان البائع كاذبا في إخباره بالشراء.

نعم في صورة عدم المساواة مع السعر السوقي يتحد الخياران.

(5) هذا مقول قول الماتن و هو العلامة قدس سره في التحرير.

ص: 231


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و استدل على هذا الحكم (1) في التذكرة: بعدم امكان استدراكه (2) مع الخروج عن الملك (3).

و هو (4) بظاهره مشكل، لأن الخيار غير مشروط عندهم بامكان رد العين.

و يمكن (5) أن يوجه: بأن حديث لفي الضرر لم يدل على الخيار، بل المتيقن منه جواز رد العين المغبون فيها، فاذا امتنع ردها فلا دليل على جواز فسخ العقد.

و تضرر (6) المغبون من جهة زيادة الثمن

+++++++++++

(1) و هو سقوط خيار المشتري المتصرف في المبيع تصرفا مخرجا له عن الملكية قبل العلم بالغبن.

(2) اي استدراك المبيع الخارج عن الملكية كبيعه، أو هبته.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 345 عند قوله: لعدم التمكن من استدراكه.

(4) اي حكم العلامة قدس سره بسقوط خيار المشتري المتصرف تصرفا مخرجا للمبيع عن الملكية: بالاستدلال بعدم امكان استدراكه مشكل بحسب الظاهر و قد ذكر وجه الاشكال فلا نعيده.

(5) من هنا يروم شيخنا الانصاري توجيه كلام العلامة قدس سرهما.

و قد ذكر التوجيه في المتن فلا نكرره.

(6) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن المغبون الذي هو المشتري يتضرر هنا من حيث الزيادة الماخوذة منه من قبل البائع عند ظهور كونه كاذبا.

ص: 232

معارض (1) بتضرر الغابن بقبول البدل، فان دفع الضرر من الطرفين إنما يكون بتسلط المغبون على رد العين (2)، فيكون حاله (3) من حيث إن له القبول، و الرد حال العالم بالغبن قبل المعاملة: في أن له أن يشتري، أو يترك.

و ليس هكذا بعد خروج العين عن ملكه، مع أن اخراج (4) المغبون العين عن ملكه التزام بالضرر و لو جهلا منه به (5).

هذا (6).

و لكن اعترض عليهم شيخنا الشهيد قدس سره السعيد في اللمعة (7) بما توضيحه:

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن ضرر المشتري المغبون معارض بضرر البائع: من حيث تقبله البدل عن العين التالفة باخراجها عن الملكية.

(2) مع أنه غير قادر على الرد من حيث اخراج العين عن ملكه بالبيع، أو الهبة، أو الوقف.

(3) اي حال المغبون.

(4) المصدر مضاف الى الفاعل و المفعول كلمة العين اي مع أن إخراج المغبون العين عن ملكه التزام بقبوله الضرر: و هي زيادة الثمن، فانه لو لم يكن راضيا بالضرر لما باع العين.

(5) اي بالغبن.

(6) اي خذ ما تلوناه عليك حول سقوط خيار المشتري المغبون بالتصرف المخرج للغبن عن الملكية لو كان التصرف قبل العلم بالغبن،

(7) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3

ص: 233

إن (1) الضرر الموجب للخيار قبل التصرف ثابت مع التصرف.

و التصرف مع الجهل بالضرر ليس إقداما عليه (2)، لما عرفت من أن الخارج عن عموم نفي الضرر ليس الا صورة الإقدام عليه (3) عالما به، فيجب تدارك الضرر باسترداد ما دفعه من الثمن الزائد برد نفس العين مع بقائها على ملكه، و بدلها مع عدمه.

و فوات (4) خصوصية العين على الغابن ليس ضررا، لأن (5) العين المبيعة إن كانت مثلية فلا ضرر بتبديلها مثلها.

و إن كانت قيمية فتعريضها للبيع يدل على إرادة قيمتها فلا ضرر اصلا، فضلا عن أن يعارض ضرر زيادة الثمن على القيمة

+++++++++++

ص 465 عند قوله: و لا يسقط بالتصرف، إلا أن يكون المغبون المشتري و قد اخرجه عن ملكه.

و فيه نظر، للضرر مع الجهل.

(1) هذا هو التوضيح الذي ذكره فيما افاده الشهيد الاول قدس سره في اللمعة الدمشقية: من أن سقوط خيار المشتري المغبون ضرر عليه و قد ذكر التوجيه في المتن و نحن لا نذكره، لوضوحه على القارئ النبيل.

(2) اي على الضرر.

(3) اي على الضرر مع كونه عالما بالضرر.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن الضرر متوجه على البائع لا محالة، حيث فاتته عينه المبيعة بفقدها شخصها و صورتها.

فاجاب قدس سره عنه: بأن فوات خصوصية العين لا تعد ضررا.

(5) تعليل لكون فوات خصوصية العين ليس ضررا.

ص: 234

خصوصا مع الإفراط (1) في الزيادة.

و الانصاف (2) أن هذا حسن جدا.

لكن (3) قال في الروضة. إن لم يكن الحكم اجماعيا.

+++++++++++

(1) اي من جانب البائع: بأن قال للمشتري: ابيعك السلعة المشتراة بثلاثين دينارا بخمسة و ثلاثين دينارا، ثم تبين أنه اشتراه بخمسة عشر دينارا فهنا قد أفرط البائع بالزيادة بنصف القيمة.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره اي ما افاده الشهيد الاول: من الاعتراض على العلامة، حيث حكم بسقوط خيار المشتري المغبون بتصرفه بالمبيع تصرفا مخرجا له عن الملكية مع الجهل بالغبن.

حسن جدا، لعدم تضرر البائع بأي ضرر: جزئيا كان أو كليا

(3) استدراك عما افاده: من أن اعتراض الشهيد الاول على العلامة حسن جدا.

و خلاصته: إن الاعتراض في محله لو لا دعوى الشهيد الثاني في الروضة الاجماع على سقوط خيار المشتري المغبون بتصرفه في المبيع تصرفا مخرجا له عن الملكية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 466 عند قوله: و هذا الاحتمال متوجه، لكن لم اقف على قائل له.

فمن عدم وقوف الشهيد الثاني على قائل بما افاده الشهيد الاول من عدم سقوط خيار المشتري المتصرف: افاد الشيخ الانصاري الاجماع، و لو لا هذا التوجيه من عنده لما وجدت كلمة الاجماع في كلام الشهيد الثاني قدس سره في الروضة.

ص: 235

اقول (1): و الظاهر عدمه، لأنك عرفت عدم عنوان المسألة في كلام من تقدم على المحقق فيما تتبعت.

ثم إن مقتضى دليل المشهور (2) عدم الفرق في المغبون المتصرف بين البائع و المشتري.

قال (3) في التحرير بعد أن صرح ثبوت الخيار للمغبون بائعا كان، أو مشتريا:

و لا يسقط (4) الخيار بالتصرف مع امكان الرد.

و مقتضى اطلاقه (5) عدم الفرق بين الناقل اللازم و بين فك الملك كالعتق و الوقف و بين المانع عن الرد، مع البقاء على الملك كالاستيلاد بل و يعم (6) التلف.

+++++++++++

(1) هذا رأيه قدس سره اي الظاهر عدم وجود اجماع في سقوط خيار المشتري.

(2) القائلين بسقوط خيار المشتري المتصرف.

(3) من هنا اخذ قدس سره في الاستشهاد بكلام العلامة قدس سره في عدم الفرق في المغبون المتصرف، بين كونه بائعا أو مشتريا.

(4) هذا مقول قول العلامة قدس سره في التحرير.

(5) اي اطلاق كلام العلامة في التحرير، حيث اطلق عدم سقوط الخيار(1) بالتصرف و لم يقيد التصرف بنوع خاص: من كون الناقل لازما، أو بين كونه فك ملك، أو غير ذلك.

(6) اي التصرف يشمل حتى تلف المبيع و لو لم يبق على الملكية فلو تصرف المشتري المغبون في المبيع بتلفه فقد سقط خياره.

ص: 236


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و عن جماعة تخصيص العبارة (1) بالمشتري.

فان ارادوا (2) قصر الحكم عليه فلا يعرف له وجه.

إلا (3) أن يبنى على مخالفته لعموم دليل الخيار اعني نفي الضرر فيقتصر على مورد الاجماع.

+++++++++++

(1) اي عبارة العلامة في التحرير بالمشتري:

بمعنى أن الخيار مختص بالمشتري في عنوان الفقهاء عند ذكرهم هذه المسألة، فلا يسقط خياره بالتصرف مع امكان رد المبيع، و يسقط مع امتناعه.

(2) اي إن اراد هؤلاء الجماعة من الاختصاص حصر الحكم الذي هو سقوط الخيار بالتصرف مع امتناع الرد:

على المشتري فلا يعرف له وجه: لأن دليل نفي الضرر عام يشمل المغبون، سواء أ كان بائعا أم مشتريا.

فيثبت الخيار لهما، من دون اختصاص باحدهما.

من هنا يروم قدس سره النقاش مع الجماعة القائلين باختصاص السقوط بالمشتري، دون البائع.

فحاصله إن هؤلاء إن كان مرادهم من الاختصاص هو حصر السقوط في المشتري فلا يعرف لهم دليل للحصر.

(3) خلاصة هذا الاستثناء: إنه لو قلنا: إن التصرف سواء أ كان من المشتري أم من البائع موجب لسقوط خيارهما.

يلزم مخالفة العموم المستفاد من قاعدة نفي الصور.

ففرارا عن هذا اللزوم لا بدّ من القول ببقاء الضرر بعد التصرف لكن مع رفع اليد عن العموم المذكور في مورد الاجماع القائم

ص: 237

ثم إن ظاهر التقييد (1): بصورة (2) امتناع الرد.

و ظاهر (3) التعليل بعدم امكان الاستدراك: ما (4) صرح به جماعة: من أن الناقل الجائز لا يمنع الرد بالخيار اذا فسخه فضلا (5) عن مثل التدبير و الوصية: من التصرفات غير الموجبة للخروج عن الملك فعلا.

+++++++++++

على اختصاص السقوط بالمشتري، و يبقى تصرف البائع تحت ذاك العموم فلا يسقط خياره.

(1) يريد قدس سره أن يبين أن هنا ظهورين: ظهورا مستفادا من التقييد: و هو اختصاص السقوط بالمشتري.

و هذا الظهور مرجعه الى صورة امتناع الرد.

و أما في صورة امكان الرد فلا يسقط خياره.

و ظهورا مستفاد من تعليل العلامة قدس سره السقوط بعدم امكان رد المبيع عند تلفه.

و هذا الظهور مآله الى تصريح جماعة من الفقهاء: بأن الناقل اذا كان جائزا كما لو بيعت السلعة بالخيار فلا يمنع من الرد اذا فسخ ذو الخيار.

(2) هذا هو الظهور الاول المشار إليه في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(3) هذا هو الظهور الثاني المشار إليه في الهامش 1 من هذه الصفحة.

(4) بالرفع محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: في هذه الصفحة.

و ظاهر التعليل.

(5) ترق منه قدس سره،

خلاصته: إنه اذا كان الناقل الجائز غير مانع من الرد.

فبالأحرى أن لا يكون مثل الوصية و التدبير الذين لا يوجبان

ص: 238

و هو (1) حسن، لعموم نفي الضرر.

و مجرد (2) الخروج عن الملك لا يسقط (3) تدارك ضرر الغبن.

و لو (4) اتفق زوال المانع كموت ولد أمّ الولد، و فسخ العقد اللازم، لعيب، أو غبن، ففي جواز الرد وجهان.

من (5) أنه متمكن حينئذ، و من (6) استقرار البيع.

+++++++++++

خروج متعلقهما عن الملك مانعا من الرد اذا فسخ و رجع عن الوصية و التدبير.

(1) اي ما افيد في هذا المقام حسن، لأن نفي الضرر عام يشمل ما نحن فيه.

(2) دفع وهم،

حاصل الوهم: إن مثل الوصية و التدبير يخرج الملك عن الملكية فلا مجال حينئذ للرد عن الوصية و التدبير.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن مجرد الخروج لا يكون سببا لسقوط الخيار الذي هو الموجب لتدارك الضرر.

(4) هذا فرع متفرع على ما افيد في المقام.

(5) دليل الجواز الرد، لأن المشتري قادر على الرد عند ما زال المانع بموت ولد أمّ الولد، حيث لا مجال لحريتها، فانها إنما تصير حرة بواسطة نصيب ولدها و الولد قد مات.

و كذا عند ما زال المانع عن المبيع اللازم عند ظهوره معيبا، أو كان المشتري مغبونا.

(6) دليل لعدم جواز الرد و إن زال المانع، لأن البيع قد استقر و ثبت بالتلف فلا مجال للرد حينئذ بزوال المانع.

ص: 239

و ربما يبنيان (1) على أن الزائل العائد كالذي لم يزل.

أو كالذي لم يعد.

و كذا الوجهان (2) فيما لو عاد إليه بناقل جديد.

و عدم الخيار هنا (3) أولى، لأن (4) العود هنا بسبب جديد و في الفسخ برفع السبب السابق.

+++++++++++

(1) اي جواز الرد و عدم جوازه يبنيان على المسألة الاصولية المعروفة: و هي:

هل الزائل العائد كالذي لم يزل؟

أو أن الزائل العائد كالذي لم يعد؟

و إن قلنا بالاول فخياره باق.

و إن قلنا بالثاني فخياره ساقط.

(2) و هما جواز الرد، و عدم جوازه، لأنه لو عادت السلعة الى المشتري المتصرف بناقل جديد:

من الشراء، أو الهبة يأتي الوجهان في هذه الصورة.

(3) اي عدم جواز الرد فيما لو عادت السلعة الى المشتري بناقل جديد: أولى من جواز الرد، لأن منشأ العود هنا سبب جديد غير السبب الاول، و السبب الجديد هو النقل الجديد: من بيع، أو هبة و نحو ذلك.

بخلاف الفسخ، فان منشأه هو السبب السابق و قد ارتفع بالتصرف المخرج عن الملكية.

(4) تعليل لأولوية عدم جواز الرد.

و قد عرفته آنفا في الهامش 3 من هذه الصفحة عند قولنا: فان منشأه.

ص: 240

و في لحوق الاجارة (1) بالبيع قولان:

من (2) امتناع الرد و هو مختار الصيمري و ابي العباس.

و من (3) أن موارد الاستثناء هو التصرف المخرج عن الملك.

و هو (4) المحكي عن ظاهر الأكثر.

و لو لم يعلم (5) بالغبن إلا بعد انقضاء الاجارة توجه الرد.

و كذا لو لم يعلم به (6) حتى انفسخ البيع.

و في لحوق الامتزاج مطلقا (7) أو في الجملة (8)

+++++++++++

(1) اي في سقوط خيار الموجر، حيث إنه تصرف في المبيع بالاجارة.

(2) دليل لعدم جواز الرد في صورة اجارة المبيع.

خلاصته إن العين المستأجرة ممنوعة من الرد في مدة اجارتها فيسقط خياره بهذه الاجارة لكون الموجر قد تصرف في المشترى.

(3) دليل لجواز رد العين المستأجرة.

خلاصته: إن مورد الاستثناء من موارد ثبوت الخيار مع التصرف في العين المشتراة قبل العلم بالغبن.

هو التصرف المخرج للملك عن الملكية. و الاجارة ليست مخرجة الملك عن الملكية و إن كان تصرفا في الملك المستأجر.

فبعد انقضاء مدة الاجارة لا مانع من رد العين.

(4) اي جواز الرد هو المحكي عن كثير من الفقهاء.

(5) اي المغبون المتصرف تصرفا مخرجا للملك عن الملكية.

(6) اي بالغبن.

(7) اي سواء أ كان الامتزاج و الاختلاط في مال الغابن أو المغبون.

(8) اي أو كان الاختلاط في مال المغبون فقط، أم في مال

ص: 241

بالخروج (1) عن الملك وجوه.

أقواها (2) اللحوق، لحصول الشركة فيمتنع رد العين الذي هو مورد الاستثناء.

و كذا (3) لو تغيرت العين بالنقيصة.

و لو تغيرت بالزيادة العينية (4)، أو الحكمية (5)، أو من الجهتين (6) فالاقوى الرد في الوسطى (7)، بناء على حصول الشركة

+++++++++++

ثالث أم في الأجود أم في الأردإ.

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله: الامتزاج اي و في الحاق الامتزاج بالتصرف المخرج للملك عن الملكية.

(2) اي أقوى تلك الوجوه هو الحاق الامتزاج بالملك المخرج عن الملكية في سقوط الخيار، لأنه بالامتزاج سواء أ كان مطلقا أم في الجملة حصلت الشركة للغابن و المغبون في العينين.

فحينئذ يمتنع الرد، فيكون الاشتراك من الموارد المستثناة من ثبوت الخيار مع التصرف في العين المغبون فيها.

(3) اي و كذا تلحق العين المغبون فيها بالخروج عن الملك لو تغيرت بالنقيصة فيمتنع الرد فيها.

(4) كما لو كان المبيع المغبون فيه شاة فسمنت عند المشتري.

(5) كقصارة الثوب: بأن صبغ فزادت قيمته، ارغبة الناس إليه بالصبغ.

(6) بأن تغيرت العين زيادة عينية، و حكمية.

(7) و هي الزيادة الحكمية، فانه يجوز رد العين اذا تغيرت بالزيادة الحكمية.

ص: 242

في غيرها (1) المانعة عن ردها، فتأمل (2).

هذا (3) كله في تصرف المغبون.

و أما تصرف الغابن فالظاهر انه لا وجه لسقوط خيار المغبون به (4).

+++++++++++

و أما في الزيادة العينية، أو في الزيادة العينية و الحكمية فلا يجوز الرد، لحصول الاشتراك بين الغابن و المغبون في العين.

(1) اي في غير الوسطى التي هي الزيادة الحكمية.

و المراد من الغير هي الزيادة العينية فقط، أو الزيادة العينية و الحكمية.

(2) الظاهر أن التأمل اشارة الى ما افاده المحقق الاصفهاني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 63.

و هو أن الاشتراك إنما يحصل بالرد فلا يعقل أن يكون مانعا عن الرد و إنما قلنا بحصول الاشتراك بالرد، لأنه قبل الرد لا معنى لحصول الاشتراك للمغبون مع نفسه.

(3) اي ما قلناه في تصرف المشتري في المبيع من أنواع التصرفات سواء أ كانت بنقل لازم أم جائز أم مانع من الرد كالاستيلاد.

و في لحوق الاجارة بالبيع، أو عدم اللحوق بالخروج عن الملك.

و في لحوق الامتزاج مطلقا، أو في الجملة بالخروج عن الملك.

و كذا في لحوق تغير العين بالنقيصة بالخروج عن الملك.

و كذا في لحوق تغير العين بالزيادة العينية، أو الحكمية. أو من الجهتين: بالخروج عن الملك.

كله كان في تصرف المغبون في المبيع.

و أما تصرف الغابن في الثمن فيأتيك شرحه مفصلا.

(4) اي بواسطة تصرف الغابن في الثمن.

ص: 243

و حينئذ (1) فان فسخ (2) و وجد العين خارجة عن ملكه

+++++++++++

(1) اي و حين أن قلنا بعدم سقوط خيار المغبون بتصرف الغابن في الثمن.

(2) اي المغبون.

خلاصة هذا الكلام: إن المغبون لو فسخ بعد أن رأى أن الغابن قد تصرف في الثمن، و وجد أن عين الثمن خارجة عن ملك الغابن خروجا لازما بسبب احد الأسباب المملكة كالعتق، أو الوقف، أو البيع اللازم: ففي هذه الحالات.

هل يكون المغبون مسلطا و قادرا على إبطال تلك المعاملة الصادرة من الغابن بالنسبة الى الثمن من حين فسخه؟

أو يكون مسلطا على إبطال اصل المعاملة من حين صدورها.

فان قلنا بالاول يكون حاله حال الشفيع لو علم أن شريكه باع حصته من الغير في أنه يرجع الى المشتري و يعطيه ثمنه فيأخذ بحصته و لا يرجع الى الشريك البائع.

و إن قلنا بالثاني يكون حاله حال المرتهن الذي باع الرهينة بدون اجازة الراهن و لم يجز الراهن البيع: في أن المرتهن يرجع الى الراهن و يأخذ ما اعطاه للراهن منه، لا من المشتري، لأن العقد كان متزلزلا فلما لم يجز الراهن بطلت المعاملة من اصلها.

فهنا يرجع المغبون الى الغابن، لا الى المشتري الثاني الذي وقع العقد معه من الغابن، لأنه لما فسخ اصبح قادرا و مسلطا على إبطال اصل المعاملة.

ص: 244

لزوما (1). بالعتق، أو الوقف، أو البيع اللازم.

ففي تسلطه (2) على إبطال ذلك من حينه، أو من اصلها (3) كالمرتهن (4)، و الشفيع (5)، أو رجوعه الى البدل.

؟ وجه؟ (6).

من (7) وقوع العقد في متعلق حق الغير، فان حق المغبون ثابت باصل المعاملة الغبنية: و إنما يظهر له بظهور السبب فله الخيار في استرداد العين اذا ظهر السبب.

+++++++++++

(1) اي خروجا لازما كما عرفت آنفا.

(2) اي تسلط المغبون كما عرفت آنفا.

(3) اي من اصل المعاملة.

(4) تنظير لتسلط المغبون على إبطال اصل المعاملة.

(5) تنظير لتسلط المغبون على إبطال العقد من حين اختياره الفسخ.

فالتنظيران على اللف و النشر المشوش، اذ المرتهن مثال لإبطال اصل المعاملة، و الشفيع مثال لإبطال المعاملة من حين اختياره الفسخ.

(6) و هي ثلاثة كما ستعرفها.

(7) دليل لتسلط المغبون على إبطال المعاملة الصادرة من الغابن المتصرف في الثمن من حين اختيار المغبون الفسخ، هذا هو الوجه الاول.

خلاصته إن العقد الصادر من الغابن قد وقع في حق الغير و هو المغبون، لثبوت حقه باصل المعاملة الغبنية، فلما ظهر سبب الفسخ و هو الغبن فللمغبون حق الخيار باسترداد العين اذا كانت موجودة و ببدلها اذا كانت تالفة.

ص: 245

و حيث وقع العقد في ملك الغابن فلا وجه لبطلانه من راس.

و من (1) ان وقوع العقد في متعلق حق الغير يوجب تزلزله من راس كما في بيع الرهن.

+++++++++++

فلا معنى لبطلان العقد من اصله و اساسه، لوقوع العقد في ملك الغابن العاقل البالغ، فيرجع المغبون الى المشتري، لا الى الغابن.

فحكمه حكم الشفيع في رجوعه الى المشتري بعد علمه ببيع الشريك حصته، لا الى الشريك فيأخذ بدل الثمن من الغابن اذا كان تالفا.

(1) دليل لتسلط المغبون على إبطال اصل المعاملة عند تصرف الغابن في الثمن، هذا هو الوجه الثاني.

خلاصته إن العقد الصادر من الغابن قد وقع في حق الغير الذي هو المغبون.

و مثل هذا الوقوع موجب لتزلزل العقد من اصله و اساسه.

فحال هذا المغبون حال المرتهن: في الرجوع الى الغابن، لا الى المشتري الثاني.

فكما أن المرتهن يرجع الى الراهن في اخذ الثمن لا الى المشتري الثاني اذا لم يجز الراهن المعاملة الفضولية الصادرة من المرتهن.

كذلك المغبون اذا فسخ يرجع الى الغابن لا الى المشتري، لأن مقتضى فسخ البيع الاول من قبل المغبون هو تلقيه الملك من الغابن الذي وقع العقد معه.

لا من المشتري الثاني الذي لم يقع العقد معه.

ص: 246

و مقتضى (1) فسخ البيع الاول تلقي الملك من الغابن الذي وقع البيع معه. لا من المشتري الثاني.

و من (2) أنه لا وجه للتزلزل.

+++++++++++

(1) هذا من متممات الوجه الثاني القائل ببطلان اصل المعاملة من راسها.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 ص 246: لأن مقتضى فسخ البيع.

(2) هذا هو الوجه الثالث حول تصرف الغابن في الثمن و هو مختاره قدس سره.

خلاصته إنه لا دليل على التزلزل المذكور، و أن المعاملة فاسدة من اساسها. و ذلك لاحد امرين:

(الاول): صحة تصرف الغابن في زمن خيار المغبون، و على هذه الصحة ظاهر جماعة من الفقهاء، حيث ذهبوا إليها.

و الصحة هذه هي المقررة في أحكام الخيارات الآتية، فيسترد المغبون البدل من الغابن المتصرف.

(الثاني): عدم تحقق الخيار للمغبون ما لم يظهر سبب الفسخ:

و هو الغبن، بناء على أن الظهور شرط شرعي لثبوت الخيار، لا كاشف عقلي لثبوته من حين العقد.

فلا مانع من تصرف من عليه الخيار: و هو الغابن قبل ظهور الغبن على المبنى المذكور، لكون متعلق الخيار هو العقد، لا العين.

كما هو الحال في خيار العيب، حيث يجوز للبائع التصرف في

ص: 247

إما (1) لأن التصرف في زمان خيار غير المتصرف صحيح لازم كما سيجيء في أحكام الخيار فيسترد الفاسخ البدل.

و إما (2) لعدم تحقق الخيار قبل ظهور الغبن فعلا على وجه يمنع من تصرف من عليه الخيار كما هو ظاهر الجماعة هنا.

و في خيار العيب قبل ظهوره، فان غير واحد ممن منع من تصرف غير ذي الخيار بدون اذنه، أو استشكل فيه:

حكم بلزوم العقود الواقعة قبل ظهور الغبن و العيب.

و هذا (3) هو الأقوى.

و ستأتي تتمة لذلك (4) في أحكام الخيار.

+++++++++++

الثمن قبل ظهور العيب للمشتري، لحكم كثير من الفقهاء: بلزوم العقود الصادرة من الغابن قبل ظهور الغبن.

و من البائع قبل ظهور العيب.

(1) هذا هو الامر الاول و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 247.

(2) هذا هو الامر الثاني اشير إليه في الهامش 2 ص 247.

(3) اي القول الثالث: و هو عدم بطلان المعاملة، من راسها هو الأقوى.

و قد عرفت في الهامش 2 ص 247 أن القول الثالث هو مختاره قدس سره.

(4) اي لكون القول الثالث هو الأقوى.

فتحصل من مجموع ما ذكر أن الأقوال في خروج الملك بالنقل اللازم ثلاثة.

(الاول): تسلط المغبون على فسخ المعاملة من حين الاخذ

ص: 248

و كذا الحكم (1) لو حصل مانع من رده كالاستيلاد.

و يحتمل هنا (2) تقديم حق الخيار، لسبق (3) سببه على الاستيلاد.

ثم إن مقتضى ما ذكرنا (4) جريان الحكم في خروج المبيع عن ملك الغابن بالعقد الجائز: لأن (5) معنى جوازه تسلط احد المتعاقدين على فسخه.

+++++++++++

بالفسخ، فحكمه حكم الشفيع، فيرجع الفاسخ الى المشتري:

(الثاني): تسلطه على فسخ المعاملة من اصلها فحكمه حكم المرتهن فيرجع الفاسخ الى الغابن.

(الثالث): رجوع المغبون الى البدل فلا وجه لتزلزل العقد من رأسه و اساسه.

(1) المراد من الحكم هو الأقوال الثلاثة في خروج الملك بالنقل اللازم، اي و كذلك تجري الأقوال الثلاثة لو حصل من رد الملك مانع كاستيلاده بوطء الامة من قبل المشتري الثاني.

(2) اي في خروج الملك بسبب الاستيلاد.

(3) تعليل لتقديم حق ذي الخيار على حق صاحب الولد في خروج الملك عن الرد بالاستيلاد اي حق ذي الخيار و هو المغبون أسبق من حق الاستيلاد، لأنه ثبت بالعقد، و حق الاستيلاد عارض على الحق الاول.

(4) و هي الأقوال الثلاثة التي ذكرت في خروج الملك بالنقل اللازم اي ما ذكرناه من الأقوال الثلاثة يجري في خروج الملك بالعقد الجائز أيضا.

فكل ما قيل هناك يأتي هنا.

(5) تعليل لجريان حكم المنقول بالعقد اللازم الى المنقول

ص: 249

أما تسلط الاجنبي و هو المغبون فلا دليل عليه بعد فرض وقوع العقد (1) صحيحا.

و في المسالك لو كان الناقل مما يمكن إبطاله كالبيع بخيار الزم (2) بالفسخ، فان امتنع فسخه الحاكم، و إن تعذر فسخه المغبون.

و يمكن النظر فيه (3): بأن فسخ المغبون إما بدخول العين في ملكه و إما بدخول بدلها.

فعلى الاول (4) لا حاجة الى الفسخ حتى يتكلم في الفاسخ.

+++++++++++

بالعقد الجائز.

خلاصته إن مفهوم العقد الجائز هو تسلط احد المتعاقدين على فسخ العقد و هنا المسلط هو الغابن الناقل الملك بالعقد الجائز.

و أما المغبون فهو اجنبي عن الفسخ، لأنه لم يكن احد طرفي العقد في المعاملة الثانية بل طرفاه هو الغابن و المستأجر، أو الغابن و المشتري الثاني فالمغبون اجنبي ليس له حق الفسخ، لفرض وقوع العقد الصادر من الغابن و المستأجر صحيحا.

(1) اي العقد الثاني الذي صدر من الغابن.

(2) اي الغابن من قبل الحاكم الشرعي.

(3) اي في القول باختصاص الفسخ بالغابن دون المغبون.

(4) و هو دخول العين في ملك المغبون بفسخه، فانه لا حاجة الى البحث حول الفاسخ بعد أن دخلت العين في ملك المغبون بفسخه.

ص: 250

و على الثاني (1) فلا وجه للعدول عما استحقه بالفسخ الى غيره (2) اللهم (3) إلا إن يقال: إنه لا منافاة، لأن البدل المستحق بالفسخ إنما هو للحيلولة فاذا امكن رد العين وجب على الغابن تحصيلها.

لكن ذلك (4) إنما يتم مع كون العين باقية على ملك الغابن.

و أما مع عدمه (5)، و تملك المغبون للبدل فلا دليل على وجوب تحصيل العين.

ثم على القول بعدم وجوب الفسخ في الجائز لو اتفق عود الملك إليه (6) لفسخ.

فان كان ذلك (7) قبل فسخ المغبون.

+++++++++++

(1) و هو دخول بدل العين في ملك المغبون بفسخه.

خلاصة هذا القول: إن الذي استحقه المغبون بفسخه هو البدل فبعد الاستحقاق لا يبقى مجال للعدول الى غير البدل: و هي العين.

(2) و هي العين كما عرفت.

(3) استدراك عما افاده: من أن استحقاق الغابن للبدل لا يبقي مجالا للعدول الى غيره الذي هي العين.

و قد ذكره قدس سره في المتن فلا نعبده.

(4) اي وجوب تحصيل العين على الغابن في صورة امكان ردها.

(5) اي و أما مع عدم بقاء العين على ملك مالكها.

(6) اي الى الغابن الناقل.

(7) اي اتفاق عود الملك الى الغابن الناقل.

ص: 251

فالظاهر وجوب رد العين (1).

و إن كان (2) بعده فالظاهر عدم وجوب ردها (3)، لعدم الدليل بعد تملك البدل.

و لو كان العود بعقد جديد فالأقوى عدم وجوب الرد مطلقا (4) لأنه ملك جديد تلقاه (5) من مالكه.

و الفاسخ (6) إنما يملك بسبب ملكه السابق بعد(1) ارتفاع السبب الناقل.

و لو تصرف الغابن تصرفا مغيرا للعين.

فاما أن يكون (7) بالنقيصة، أو (8) بالزيادة

+++++++++++

(1) اي الى المغبون.

(2) اي انفاق عود الملك الى الغابن الناقل بعد فسخ المغبون.

(3) اي عدم وجوب رد العين على المغبون الفاسخ بعد أن فسخ العقد و كان العود بعد فسخه.

(4) اي سواء أ كان فسخ المغبون قبل العود بعقد جديد أم بعده.

(5) اي الغابن الناقل بالعقد الجائز.

و المراد من المالك هو المستأجر، أو المشتري الثاني.

(6) خلاصة هذا الكلام إن الفاسخ الذي هو الغابن إنما يملك العين بسبب ملكه السابق بعد أن ارتفع السبب الناقل و هنا قد ملك العين بعقد جديد فبطريق أولى لا يجب رد العين على المغبون.

(7) اي يكون هذا التصرف موجبا لنقصان في العين.

(8) اي أو يكون هذا التصرف موجبا للزيادة في العين كغرس الارض بالأشجار، فان الغرس يوجب ارتفاع سعر الارض بكثير.

ص: 252


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو بالامتزاج (1) فان كان (2) بالنقيصة.

فاما أن يكون (3) نقصا يوجب الارش.

و إما أن يكون (4) مما لا يوجبه.

فان اوجب (5) اخذها مع الارش كما هو مقتضى الفسخ، لان الفائت مضمون بجزء من العوض فاذا رد (6) تمام العوض وجب رد مجموع المعوض فيتدارك الفائت منه (7) ببدله (8).

و مثل ذلك (9) ما لو تلف بعض العين.

+++++++++++

(1) اي التصرف في العين يكون سببا لاختلاطها بعين اخرى بحيث لا يمكن انفصالها عنها.

كخبط(1) الحنطة بالحنطة، أو الماش بالماش أو غيرهما.

(2) اي التصرف المغير.

(3) اي هذا النقص.

(4) اي هذا النقص لا يكون سببا لاستحقاق الارش.

(5) اي هذا التصرف الموجب للنقص لو اوجب الارش فعلى المغبون اخذ العين مع الارش، لأن اخذ كليهما هو مقتضى الفسخ.

(6) اي المغبون.

(7) اي من المعوض.

(8) اي ببدل الفائت عن المعوض و هو الارش.

(9) اي و مثل التصرف المغير للعين الموجب للارش:

تلف بعض العين، فان الواجب على المغبون رد تمام العوض فاذا رده وجب رد مجموع المعوض و صدق رد تمام المجموع باخذ ارش تلف بعض العين.

ص: 253


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إن كان (1) مما لا يوجب شيئا ردها بلا شيء.

و منه (2) ما لو وجد العين مستأجرة، فان على الفاسخ الصبر الى أن تنقضي مدة الاجارة.

و لا يجب على الغابن بذل عوض المنفعة المستوفاة بالنسبة الى بقية المدة بعد الفسخ: لأن (3) المنفعة من الزوائد المنفصلة المتخللة بين العقد و الفسخ فهي ملك للمفسوخ عليه (4).

فالمنفعة الدائمة تابعة للملك المطلق (5)، فاذا تحقق في زمان

+++++++++++

(1) اي التصرف المغبر للعين إن لم يكن موجبا للارش فعلى المغبون اخذ العين فقط.

(2) اي و من قسم التصرف في العين اجارتها:

خلاصة هذا الكلام إنه لو اشترى شخص من شخص دارا بمائة دينار ثم تبين أن سعرها مائتا دينار ثم فسخ البائع بعد اطلاعه على الغبن.

لكن وجد الدار مستأجرة من قبل المشتري الى سنة كاملة مثلا و قد قبض المشتري الاجارة كلها و مضت من السنة ستة أشهر.

فهنا يجب على الفاسخ الصبر الى أن تنقضي مدة الايجار بكاملها و ليس له من الاجارة شيء و إن لم يستوف المستأجر تمام الاجارة.

و لا يجب على الغابن دفع عوض المنفعة المستوفاة بالنسبة الى بقية المدة الى المغبون.

(3) تعليل لعدم وجوب بذل العوض على الغابن.

(4) المراد به هو الغابن.

(5) لأن الغابن هنا يملك العين ملكا طلقا.

ص: 254

ملك منفعة العين باسرها.

و يحتمل انفساخ الاجارة في بقية المدة (1)، لأن (2) تملك منفعة الملك المتزلزل متزلزل.

و هو (3) الذي جزم به المحقق القمي فيما اذا فسخ البائع بخياره المشروط له في البيع.

+++++++++++

فكذلك يملك منافعها بأسرها بعد أن تحققت الملكية المطلقة بالشراء.

(1) اي في بقية المدة الباقية من الاجارة.

فيأخذ المغبون العين المستأجرة من المستأجر و يرجع في بقية ثمن الاجارة الباقية الى الغابن الذي هو الموجر.

(2) تعليل لانفساخ الاجارة في المدة الباقية.

خلاصته إن الملكية فى مثل هذه المعاملة الغبنية متزلزلة فكذلك المنفعة تكون متزلزلة، لأنها إن لم تكن متزلزلة يلزم مزية الفرع و هي المنفعة على الاصل و هو اصل الملكية، فتنفسخ الاجارة الباقية.

(3) اي بانفساخ الاجارة بالنسبة الى المدة الباقية قطع المحقق قدس سره.

خلاصة ما افاده في هذا المقام إنه لو باع شخص دارا مثلا و اشترط مع المشتري الخيار لنفسه في متن العقد، ثم استعمل الخيار و فسخ.

لكنه وجد العين مستأجرة سنة كاملة و قد مضى نصف المدة و تسلم المشتري الاجارة بكاملها.

فهنا تنفسخ الاجارة في المدة الباقية و ليس على المستأجر شيء يجب دفعه الى البائع من الاجرة المأخوذة، لأنه كان يملك الدار ملكا مطلقا.

ص: 255

و فيه (1) نظر، لمنع تزلزل ملك المنفعة.

نعم (2) ذكر قدس سره في القواعد فيما اذا وقع التفاسخ لاجل اختلاف لمتبايعين. أنه اذا وجد البائع العين مستأجرة كانت الاجرة للمشتري

+++++++++++

كذلك يملك منافعها بأسرها.

و بهذه المناسبة حكم المحقق القمي قدس سره فيما نحن فيه بانفساخ الاجارة في المدة الباقية.

(1) اي و فيما افيد في وجه الانفساخ بالنسبة الى المدة الباقية عن الاجارة بكون تملك منفعة الملك المتزلزل متزلزلا(1) نظر و اشكال، لمنع تزلزل ملك المنفعة و إن كان اصل الملك متزلزلا.

(2) استدراك عما افاده: من الإشكال في الفساخ الاجارة بالنسبة الى المدة الباقية و يروم أن يذكر ما استنبطه من كلام العلامة قدس سره في القواعد.

أليك نص عبارته هناك قال:

و لو تلف بعضه أو تعيب، أو كاتبه المشتري، أو رهنه، أو آبق، أو آجره: رجع بقيمة التالف و ارش المعيب، و قيمة المكاتب و الرهون و الآبق و المستأجر.

و للبائع استرجاع المستأجر، لكنه يترك عند المستأجر مدة الاجارة و الاجرة المسماة للمشتري و عليه اجرة المثل للبائع، انتهى.

فمن قوله: و عليه اجرة المثل للبائع استفاد شيخنا الانصاري أن المراد من دفع اجرة المثل هي المدة الباقية من الاجارة في محل النزاع الحاصل منه التفاسخ القهري.

ص: 256


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الموجر، و وجب عليه للبائع اجرة المثل للمدة الباقية بعد الفسخ.

و قرره (1) على ذلك شراح الكتاب.

و سيجيء (2) ما يمكن أن يكون فارقا بين المقامين.

و إن كان (3) التغير بالزيادة.

فان كانت (4) حكمية محضة كقصارة الثوب و تعليم الصنعة.

فالظاهر ثبوت الشركة فيها (5) بنسبة تلك الزيادة:

+++++++++++

و ليس المراد من المدة الماضية، لأن تلك المدة كانت ملكا طلقا للمشتري.

فبهذه المناسبة فستنتج انفساخ مدة الاجارة الباقية فيما نحن فيه:

و هي المعاملة الغبنية.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري قدس سره.

اي اثبت شراح القواعد ما افاده العلامة في انفساخ المدة الباقية من الاجارة في صورة اختلاف المتبايعين، و لم ينكر احد عليه.

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري اي و سيجيء ما يمكن أن يكون فارقا بين التفاسخ في صورة اختلاف المتبايعين، و بين الفسخ في صورة ظهور الغبن.

(3) اي التغير الحادث من التصرف في العين.

(4) اي الزيادة الحاصلة من التغير.

(5) اي في هذه الزيادة الحاصلة من التغير.

خلاصة هذا الكلام إن المغبون يكون صاحب حق بالنسبة الى تلك الزيادة الحاصلة من التغير في العين.

ص: 257

بأن (1) تقوّم العين معها و لا معها (2) و تؤخذ النسبة.

و لو لم يكن للزيادة مدخل في زيادة القيمة.

فالظاهر عدم شيء لمحدثها (3)، لأنه (4) إنما عمل فيما له، و عمله لنفسه غير مضمون على غيره (5) و لو (6) لم يحصل منه (7) في الخارج ما يقابل المال و لو في ضمن العين.

+++++++++++

(1) هذه كيفية معرفة الزيادة.

خلاصتها: إن العين تقوّم مرتين.

مرة تقوّم مع الزيادة

و اخرى تقوّم مجردة عن الزيادة.

فعلى الاول تفرض قيمة العين خمسة عشرة دينارا.

و على الثاني تفرض عشرة دنانير.

فيأخذ المغبون هذه الزيادة التي هي الخمسة، لأنها النسبة بين العشرة و الخمسة عشرة، فان نسبة الخمسة الى الخمسة عشرة بالثلث فالثلث هي الزيادة.

(2) اي و بأن تقوّم العين لا مع الزيادة، بل مجردة عنها كما عرفت آنفا.

(3) اي لمحدث الزيادة و هو المغبون.

(4) اي محدث الزيادة.

(5) و هو الغابن.

(6) كلمة لو هنا وصلية، و ليست شرطية.

(7) اي من العمل الزائد.

ص: 258

و لو كانت الزيادة عينا محضا (1) كالغرس.

ففي تسلط المغبون على القلع (2) بلا ارش.

كما اختاره (3) في المختلف في الشفعة.

+++++++++++

(1) اي من دون أن تكون الزيادة موجبة لزيادة العين من حيث القيمة، بل الزيادة إنما حصلت في الأفراد الخارجية التي هي الأشجار (2) اي قلع الأشجار الراجعة للمغبون من دون أن يدفع كل منهما شيئا الى الآخر.

لا المغبون يدفع ارشا الى الغابن مقابل الحفر التي وقعت في ارضه المحتاجة الى الطم، و الطم الى بذل المال.

و لا الغابن يدفع شيئا الى المغبون مقابل أشجار المقلوعة التي تصير حطبا بعد أيام قلائل.

فلكل واحد من الغابن و المغبون حق و سلطنة.

فسلطنة الغابن و حقه تخليص ارضه من الأشجار.

و هذا لا يحصل إلا بالقلع و القلع بالحفر و هو بالطم.

و سلطنة المغبون و حقه تخليص أشجاره من ارض الغابن.

و هذا لا يحصل إلا بالقلع، و قلعها يؤول الى الحطب.

(3) اي و قد اختار هذا الرأي العلامة قدس سره في المختلف في باب الشفعة، و خلاصة ما افاده هناك:

ان احد الشريكين لو باع حصته للغير و المشتري غرس أشجارا في الأرض، ثم علم الشريك الثاني بالبيع فاخذ بالشفعة.

فعلى المشتري قلع أشجاره و تسليم الارض الى الشفيع، من دون ارش يدفع كل منهما الى الآخر.

ص: 259

أو عدم تسلطه (1) عليه مطلقا.

كما عليه (2) المشهور فيما اذا رجع بائع الارض المغروسة بعد تغليس المشتري.

أو تسلطه (3) عليه مع الارش.

كما اختاره (4) في المسالك هنا.

+++++++++++

لا الشفيع يدفع ارشا الى المشتري تجاه الأشجار.

و لا المشتري يدفع ارشا الى الشفيع تجاه الحفر.

فمن حكمه قدس سره هناك حكم في الغبن أيضا.

(1) اي أو عدم تسلط المغبون على القلع مطلقا.

لا مع الارش، و لا بدون الارش.

فتبقى الأشجار هناك إما بدفع اجرة مثل البقاء إلى صاحب الارض أو بيعها له، أو بالمصالحة معه.

(2) اي كما على هذا الرأي ذهب المشهور، حيث قالوا: بعدم جواز قلع أشجار المفلس، فرض المسألة هكذا.

باع شخص ارضا من غيره بثمن معين و لم يقبضه فغرسها المشتري ثم افلس فحكم الحاكم بتفليسه فللبائع استرجاع ارضه.

كما هو المعيار في كل من وجد عين ماله في أموال المفلّس، فان له ان يأخذ عين ماله، و لا يتعلق للغرماء حق بها.

و لكن الأشجار تتعلق بالغرماء فليس للبائع قلعها، لا مع الارش و لا بدون الارش.

(3) اي أو تسلط المغبون على القلع مع الارش.

(4) اي و قد اختار هذا الرأي الشهيد الثاني قدس سره في المسالك

ص: 260

و قيل به (1) في الشفعة و العارية:

وجوه (2).

من (3) أن صفة كونه منصوبا المستلزمة لزيادة قيمته، إنما هي عبارة عن كونه في مكان صار ملكا للغير فلا حق للغرس.

+++++++++++

في خيار الغبن: بأن يقلع المغبون الأشجار مع الارش.

(1) اي و قيل بقلع الأشجار أيضا مع دفع الارش الى صاحب الارض في الشفعة و العارية، فان المشتري حصة الشريك بعد اخذ الشفيع بشفعته يقلع أشجاره و يدفع ارشا الى الشفيع.

و كذلك المستعير اذا استعار ارضا و غرس فيها ثم استرجع المعير ارضه فعليه قلع أشجاره مع دفع الارش الى المعير.

(2) مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم في قوله في ص 259: ففي تسلط المغبون و الوجوه ثلاثة كما عرفتها.

و قد ذكرنا الوجه الاول في الهامش 2 ص 259.

و الوجه الثاني في الهامش 1 ص 260.

و الوجه الثالث في الهامش 3 ص 260.

(3) هذا دليل جواز قلع الأشجار بلا ارش المشار إليه في ص 259 خلاصته: إن اتصاف الغرس بصفة القيام في الأرض المستلزم هذا القيام لزيادة قيمة الغرس و قد صار هذه الارض بعد علم المغبون بالغبن ملكا للغابن، فلا حق للمغبون في إبقاء أشجاره فيها فلا بد من اخذها.

ص: 261

كما (1) اذا باع ارضا مشغولة بماله و كان ماله في تلك الارض أزيد قيمة.

مضافا (2) الى ما في المختلف في مسألة الشفعة:

من (3) أن الفائت لما حدث في محل معرض للزوال لم يجب تداركه.

و من (4) أن الغرس المنصوب الذي هو مال للمشتري مال مغاير للمقلوع عرفا.

+++++++++++

(1) تنظير لكون الأشجار في مكان صار ملكا للغير:

و هو الغابن فلا بد للمغبون من قلعها.

خلاصته إن ما نحن فيه نظير الارض المبيعة و فيها اثاث و أموال توجب زيادة قيمة الارض(1)

فعلى بائع الارض اخذ أمواله و تسليم الارض الى المشتري.

(2) اي و لنا بالإضافة الى ما قلناه دليل آخر على تسلط المغبون على قلع أشجاره، و عدم وجوب دفع الارش عليه.

و هو ما افاده العلامة قدس سره في المختلف في مسألة الشفعة.

(3) من بيان لما افاده العلامة في المختلف.

خلاصته إن الفائت الذي هي الأشجار المغروسة قد حدث في ملك معرض للزوال بسبب علم المغبون بالغبن و فسخه، لأن الارض صارت ملكا للغابن كما عرفت فحينئذ لا يجب تدارك القلع بالارش.

لا من طرف الغابن، و لا من طرف المغبون.

(4) هذا دليل لعدم تسلط المغبون على القلع مطلقا لا مع الارش و لا بدون الارش المشار إليه في ص 260.

ص: 262


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ليس (1) كالمتاع الموضوع في بيت: بحيث تكون تفاوت قيمته باعتبار المكان.

مضافا (2) الى مفهوم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

+++++++++++

خلاصته إن الأشجار المنصوبة في الارض مال للمشتري و اذا قلعت اصبحت مغايرة لحالة انتصابها، لأنها في حالة النصب حية مثمرة ذات نمو، و في حالة القلع ميتة غير مثمرة و تؤول الى الحطب.

فالمقلوعة غير المنصوبة عرفا، فاختلفت الحالتان.

فلا تسلط للمغبون على القلع مطلقا.

(1) هذا من متممات دليل عدم تسلط المغبون على القلع.

فهو في الواقع دفع وهم.

حاصل الوهم إن الأشجار المنصوبة نظير المتاع الموضوع في مكان راجع الى الغير فينقل الى مكان آخر:

فكما أن ضرر المتاع بنقله الى مكان آخر موجب لتفاوت قيمته ليس على صاحب البيت و لا يتدارك.

كذلك ضرر قلع الأشجار ليس على صاحب الارض.

فاجاب قدس سره بأن الأشجار ليست من قبيل المتاع، حيث إن الضرر العارض عليه عرضي حصل بموجب النقل الى مكان نازل قل رواده عليه في ذاك المكان، لكنه يباع و يشترى بقيمة نازلة.

بخلاف الأشجار، فان الضرر الوارد عليها يتعلق بشخصها و ذاتها و لا قيمة لها بعد القلع سواء أ كانت في الارض التي كانت مغروسة فيها أم في ارض أخرى، حيث اصبحت حطبا.

(2) اي و لنا دليل آخر على عدم تسلط المغبون على القلع.

ص: 263

ليس لعرق ظالم حق (1)، فيكون (2) كما لو باع الارض المغروسة.

+++++++++++

و هو مفهوم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

ليس لعرق ظالم حق، فان مفهومه ثبوت الحق لعرق أشجار غير الظالم الذي غرسها في الارض بحق، فان المغبون حينما غرسها كانت الارض ملكا له، و لما ظهر الغبن له و فسخ رجعت الارض الى صاحبها و تبقى الأشجار فيها ثم يعطي صاحب الارض لصاحب الأشجار قيمتها قيمة عادلة لا يتضرر احد منهما.

و هناك رواية تدل على ما قلناه: من تقويم الأشجار قيمة عادلة أليك نصها.

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.

في رجل اكترى دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأهر صاحب الدار في ذلك؟

فقال: عليه الكراء و يقوم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عادلة و يعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك.

و إن لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يقلعه و يذهب به حيث شاء.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17 ص 310 الباب 2 - الحديث 2.

(1) راجع (المصدر نفسه) ص 311 الباب 3 - الحديث 1.

(2) اي الغرس في الارض الغبنية من قبيل بيع الارض المغروسة بالأشجار.

فكما أن الأشجار في هذه الارض للمشتري.

كذلك هذه الارض التي غرست فيها أشجار ثم تبين أن البائع

ص: 264

و من (1) أن الغرس إنما وقع في ملك متزلزل.

و لا دليل على استحقاق الغرس في الارض البقاء.

و قياس (2) الارض المغروسة على الارض المستأجرة، حيث لا تفسخ اجارتها، و لا تغرم لها اجرة المثل.

+++++++++++

مغبون و فسخ العقد تكون الأشجار تابعة للارض فهي لصاحبها مع اعطاء ثمنها كما هو حقه.

(1) دليل لتسلط المغبون على القلع مع الارش المشار إليه في ص 260.

خلاصته إن الغرس قد وقع في ملك متزلزل: من حيث ظهور الغبن المسبب للفسخ.

فمن حين الفسخ لا دليل على إبقاء الأشجار في الملك المتزلزل، لعدم استحقاقها ذلك،

فعليه يقلع المغبون الأشجار و يأخذ ارشها من الغابن.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم إن هذه الارض المغروسة التي ظهر الغبن فيها من قبيل الارض المشتراة ثم اجرت عشر سنوات مثلا و استوفى الموجر اجارتها كلها و قد مضى من الاجارة خمس سنوات و بقيت خمسة اخرى ثم فسخ البائع البيع فلا تفسخ الاجارة في المدة الباقية و لا يدفع الموجر اجارة المثل الى صاحب الارض.

فهنا أيضا لا يدفع الغابن ارشا الى المغبون تجاه أشجاره، و لا المغبون يدفع ارشا الى الغابن تجاه الحفر الحاصل في ارضه المحتاجة الى الطم.

ص: 265

فاسد (1)، للفرق: بتملك المنفعة في تمام المدة قبل استحقاق الفاسخ هناك.

بخلاف ما نحن فيه، فان المستحق هو الغرس المنصوب، من دون استحقاق مكان في الارض.

فالتحقيق (2) أن كلا من المالكين يملك ماله لا بشرط حق له على الآخر، و لا عليه له.

فلكل منهما تخليص ماله عن مال صاحبه.

فان (3) اراد مالك الغرس قلعه فعليه ارش طم الحفر.

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إنه فرق بين الارض الغبنية، و بين الارض المستأجرة.

و الفرق هو تملك الموجر تمام المنفعة في المدة المستأجرة قبل استحقاق الفاسخ الارض.

بخلاف ما نحن فيه، فان الاستحقاق راجع الى شخص للغرس المنصوب في المكان، من دون استحقاق للغارس مكانا في الارض بعد الفسخ.

(2) من هنا يروم قدس سره التحقيق حول تسلط المغبون على القلع، أو على عدمه.

و قد شرحه شرحا وافيا من جميع جوانب الموضوع جزاه اللّه عز و جل عن الاسلام و المسلمين خيرا و قد فعل عز اسمه الشريف.

و نحن نكتفي بشرحه فلا نزيد عليه شيئا، لوضوح المطلب بعد الشرح.

(3) هذا شرح لبيان كيفية تخليص كل واحد من الغابن و المغبون

ص: 266

و إن اراد مالك الارض تخليصها فعليه ارش الغرس:

اعني (1) تفاوت ما بين كونه منصوبا دائما، و كونه مقلوعا.

و كونه (2) مالا للمالك على صفة النصب دائما:

ليس (3) اعترافا بعدم

+++++++++++

ماله عن مال صاحبه.

(1) تفسير لارش الغرس.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم إن الغرس لما كان مالا للمالك الغارس و هو المغبون على صفة النصب دائما فله ابقاء الأشجار على ما كانت عند ما يفسخ لأن استحقاقه خصوصية النصب و صفته موجب لاستحقاقه صفة الابقاء و خصوصيته، اذ الاعتراف بالنصب اعتراف باستحقاق النصب دائما في المكان، اذا فلا تسلط للغابن على القلع.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن مال المغبون هو الغرس المنصوب في المكان فهو يملك دوام ملكية هذا الغرس المنصوب بهذه الصفة، و لا يملك دوام حق النصب، فالدوام صفة للملك و هو المغروس، لا للبقاء.

فالاعتراف باستحقاق الغارس النصب، و أن هذا الاستحقاق ملازم لاستحقاق بقاء الغرس في المكان.

ليس اعترافا بعدم تسلط الغابن على القلع، لأن مال الغارس كما عرفت عبارة عن الغرس المنصوب: لا بقية كون النصب في المكان المعبر عن البقية بالبقاء.

ص: 267

تسلطه (1) على قلعه، لأن المال هو الغرس المنصوب.

و مرجع دوامه (2) الى دوام ثبوت هذا المال الخاص له.

فليس هذا (3) من باب استحقاق الغرس للمكان، فافهم (4).

+++++++++++

(1) مرجع الضمير الغابن كما علمت، لا المغبون كما توهم اي عدم تسلط الغابن على قلع الغرس.

(2) اي دوام النصب.

خلاصة هذا الكلام إن الدوام الذي نحن قلناه في النصب و قيدناه به هو الدوام في النصب ما دام الغرس منصوبا و قائما.

و ليس المراد من الدوام الدوام الى الابد حتى يشمل البقاء ابدا.

فالغارس يملك دوام المنصوب ما دام الغرس قائما و ثابتا في المكان.

و لا يملك دوام البقاء حتى لا يجوز للغابن قلع الأشجار.

ففرق بين دوام المنصوب و دوام البقاء، حيث يملك المالك الاول دون الثاني، فللغابن حق القلع بعد الفسخ.

(3) اي فليس هذا الدوام المتصف به الغرس المنصوب من باب استحقاق الغرس الدوام في المكان، ليستفاد منه الدوام في البقاء حتى لا يجوز للغابن قلع الأشجار.

(4) اشارة الى أن المطلب دقيق جدا، حيث يحتاج الى تعمق زائد، لأن الفرق بين تملك الغارس دوام الغرس المنصوب ما دام ثابتا و باقيا.

و بين عدم تملكه دوام البقاء: صعب جدا لا يتوجه إليه كل احد.

ص: 268

و يبقى الفرق بين ما نحن فيه (1)، و بين مسألة التفليس، حيث ذهب الأكثر إلى أن ليس للبائع الفاسخ قلع الغرس و لو مع الارش.

و يمكن (2) الفرق بكون حدوث ملك الغرس في ملك متزلزل فيما نحن فيه فحق المغبون إنما تعلق بالارض قبل الغرس.

بخلاف مسألة التفليس، لأن سبب التزلزل هناك بعد الغرس فتشبه (3) بيع الارض المغروسة.

+++++++++++

(1) و هي مسألة الغبن.

خلاصة هذا الكلام إنه اذا جاز للغابن قلع الأشجار.

فلما ذا لا يجوز في التفليس قلع الأشجار لصاحب الارض المرجوعة و لو مع دفع الارش الى المفلّس؟ فقد ذهب أكثر الفقهاء، الى عدم جواز قلع البائع الفاسخ الأشجار المغروسة في ارضه من قبل المفلّس بعد حكم الحاكم بتفليسه.

(2) من هنا يروم قدس سره بيان الفرق بين الغبن و التفليس.

خلاصة الفرق إن ملكية الغارس الغرس قد حصلت في ملك متزلزل، حيث إنه يفسخ بعد علمه بالغبن، فحقه إنما تعلق بالارض قبل الغرس فجاز للغابن قلع الأشجار.

بخلاف المفلّس، فانه قد غرس الأشجار في ملكية ثابتة، و التزلزل إنما جاء بعد الغرس، لا قبله، لأنه افلس و الحاكم حكم بتفليسه فتعلق حق الغرماء بالأشجار فلا يجوز لصاحب الارض بعد الفسخ قلع الأشجار.

(3) اي مسألة التفليس تشبه بيع الارض المغروسة:

من حيث عدم جواز قلع أشجارها و لو مع الارش، فان من اشترى ارضا ثم غرسها ثم فسخ البائع فليس للمشتري قلع الأشجار

ص: 269

و ليس للمشتري قلعه (1) و لو مع الارش بلا خلاف.

بل عرفت (2) أن العلامة في المختلف جعل التزلزل موجبا لعدم استحقاق ارش الغرس.

ثم اذا جاز القلع:

فهل يجوز للمغبون مباشرة القلع؟

أم له (3) مطالبة المالك بالقلع؟

و مع امتناعه (4) يجبره الحاكم، أو يقلعه (5)؟

وجوه (6)

+++++++++++

بعد ردّ الارض الى صاحبها و لو مع الارش بلا خلاف عند الفقهاء.

(1) اي قلع الغرس.

(2) في ص 262 عند نقل شيخنا الانصاري عن العلامة قدس سرهما بقوله: من إن الفائت لما حدث في محل معرض للزوال لم يجب تداركه.

فالحاصل: إن الفرق بين مسألة الغبن، و مسألة التفليس واضح جدا.

(3) اي للمغبون.

(4) اي و مع امتناع المالك عن القلع بعد مطالبة المغبون القلع.

(5) اي أو يقلع المغبون الغرس مع امتناع الغابن عن القلع.

(6) و هي أربعة:

مباشرة المغبون للقلع رأسا.

مطالبة المغبون مالك الارض بالقلع.

اجبار الحاكم الغابن بالقلع مع امتناعه من القلع.

ص: 270

ذكروها (1) فيما لو دخلت أغصان شجر الجار الى داره.

و يحتمل الفرق بين المقامين (2):

من (3) جهة كون الدخول هناك بغير فعل المالك، و لذا (4) قيل فيه بعدم وجوب اجابة المالك الجار الى القلع، و إن جاز للجار قلعها (5) بعد الامتناع، أو قبله (6).

+++++++++++

قلع المغبون الأشجار رأسا عند امتناع الغابن عن القلع و إن لم يجبره الحاكم.

(1) اي ذكر الفقهاء هذه الوجوه الاربعة في مسألة دخول أغصان شجر الجار في دار جار آخر.

فمن ذكرهم هذه في تلك ذكروها في مسألة الغبن.

(2) و هما: مقام دخول أغصان شجر الجار في دار الجار الآخر.

و مقام الغبن.

(3) هذا بيان الفرق بين المقامين.

خلاصته إن دخول الأغصان في دار الجار الآخر كان بطبيعة النمو لا ربط له بفعل المالك لأنه كان بسبب الطبيعة.

بخلاف العين فان غرس الأشجار في الارض كان بسبب مالك الأشجار.

(4) اي و لاجل أن دخول الأغصان كان بسبب الطبيعة.

قيل في الأغصان: إنه لا يجب على مالك أغصان الشجر اجابة الجار في قلعها، و إن جار للجار قلع الأغصان بعد امتناع مالكها عن القلع.

(5) اي قلع الأغصان.

(6) اي أو جواز قلع الأغصان للجار قبل امتناع المالك.

ص: 271

هذا (1) كله حكم التخليص.

و أما لو اختار المغبون الإبقاء (2).

فمقتضى ما ذكرنا: من (3) عدم ثبوت حق لاحد المالكين على الآخر: استحقاقه (4) الاجرة على البقاء، لأن (5) انتقال الارض الى المغبون بحق سابق على الغرس، لا بسبب لاحق له.

هذا (6) كله حكم الشجر.

+++++++++++

(1) اي ما قلناه: من جواز قلع الأشجار بدون الارش.

أو عدم الجواز مع الارش، و بدون الارش.

أو جواز القلع مع الارش.

و من مباشرة المغبون للقلع بشخصه من دون توقف على اذن المالك.

أو مطالبة المغبون من مالك الارض القلع.

أو اجبار الحاكم المالك بالقلع مع امتناعه عن القلع:

كان حكم تخليص كل واحد من المالك و الغارس ما يملكه: من الارض و الشجر.

(2) اي ابقاء الأشجار في الارض.

(3) كلمة من بيان لما ذكرناه.

(4) اي استحقاق مالك الارض اجرة مثل بقاء الأشجار في الارض.

(5) تعليل لاستحقاق مالك الارض في صورة إبقاء الأشجار في الارض اجرة المثل.

(6) اي ما قلناه في صورة إبقاء الأشجار: من اجرة المثل كان راجعا الى الأشجار المغروسة.

ص: 272

و أما الزرع ففي المسالك أنه يتعين ابقاؤه بالاجرة (1)، لأن (2) له امدا ينتظر.

و لعله (3) لامكان الجمع بين الحقين على وجه لا ضرر فيه على الطرفين.

بخلاف مسألة الشجر، فان في تعيين ابقائه بالاجرة ضررا على مالك الارض، لطول مدة البقاء.

فتأمل (4):

+++++++++++

(1) اي باجرة المثل.

(2) تعليل لاجرة المثل للزرع اي الاجرة لاجل أن للزرع من حيث النضوج و قابليته للاكل مدة معينة لا بدّ لصاحب الارض من إمهال صاحب الزرع و المدة تختلف بحسب البلاد و المناخ: شتاء و صيفا.

(3) هذا رأيه قدس سره حول إبقاء الزرع و اخذ اجرة المثل اي و لعل اخذ اجرة المثل لاجل الجمع بين حق مالك الارض و صاحب الزرع، لأنه اذا ابقى صاحب الزرع زرعه في الارض بلا اجرة المثل فقد ضاع حق مالك الارض.

و اذا قلنا بجواز قلعه من قبل مالك الارض فقد ضاع حق صاحب الزرع و تضرر ضررا كثيرا فاحشا.

فالجمع بين الحقين هو الابقاء، و اعطاء اجرة المثل.

و مدة الإبقاء في الزرع قليلة.

(4) الظاهر أنه اشارة الى عدم مدخلية طول المدة و قصرها في الإبقاء و القلع.

نعم ربما يمكن أن يكون طول المدة في الأشجار لو ابقيت مضرا

ص: 273

و لو طلب مالك الغرس القلع.

فهل لمالك الارض منعه (1)؟

لاستلزامه (2) نقص ارضه، فان كلا منهما مسلط على ماله و لا يجوز تصرفه في مال غيره الا باذنه.

أم لا (3)؟(1)

لأن (4) التسلط على المال لا يوجب منع مالك آخر عن التصرف فى ماله.

وجهان: أقواهما الثاني (5).

و لو كان التغير (6) بالامتزاج فاما أن يكون (7) بغير جنسه.

+++++++++++

ضررا فاحشا بصاحب الارض تجاه اجرة المثل التي يأخذها من الغارس: فان إبقاء الشجر مدة طويلة يمنع المالك عن التصرف فيها فانه ربما يستفيد منها ببناء المحلات، أو الدور فيها فيأتيه منها اجور كثيرة، و منافع باهظة تجاه اجارتها.

(1) اي منع المغبون عن قلع الأشجار.

(2) تعليل لمنع المالك الغارس عن قلع الأشجار.

(3) اي أم ليس لمالك الارض قلع الأشجار؟

(4) تعليل لعدم جواز قلع مالك الارض الأشجار.

(5) و هو عدم جواز قلع مالك الارض الأشجار.

(6) اي الحاصل من قبل الغابن.

(7) اي الامتزاج و الاختلاط.

ص: 274


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إما أن يكون (1) بجنسه.

فان كان (2) بغير جنسه.

فان كان (3) على وجه الاستهلاك عرفا بحيث لا يحكم في مثله بالشركة كامتزاج ماء الورد المبيع بالزيت فهو في حكم التالف (4) يرجع الى قيمته.

و إن كان (5) لا على وجه يعدّ تالفا كالخل الممتزج مع الانجبين (6) ففي كونه (7) شريكا، أو كونه (8) كالمعدوم؟

وجهان:

من (9) حصول الاشتراك قهرا لو كانا لمالكين.

+++++++++++

(1) اي الاختلاط.

(2) اي الامتزاج.

(3) اي الاختلاط بغير الجنس.

(4) لعدم الاستفادة من ماء الورد بعد امتزاجه بالزيت.

(5) اي الامتزاج بغير الجنس.

(6) و هو السكر، أو العسل، فان الاختلاط معه لا يعد اتلافا للخل، بل يستفاد من الاختلاط شربة يستعمل في الصيف يهنى للشارب شربه.

(7) اي المغبون يكون شريكا مع الغابن.

(8) اي أو كون هذا الاختلاط بعد اتلافا فيرجع المغبون الى الغابن باخذ قيمته منه.

(9) دليل لكون المغبون شريكا مع الغابن بعد هذا الاختلاط الذي لا يعد اتلافا له.

ص: 275

و من (1) تغير حقيقته فيكون كالتالف الرافع للخيار.

و إن كان الامتزاج بالجنس.

فان كان بالمساوي فقد ثبتت الشركة (2).

و إن كان بالأردى فكذلك (3).

و في استحقاقه (4) لارش النقص، أو تفاوت (5) الرداءة من

+++++++++++

(1) دليل لعدم اشتراك المغبون مع الغابن بهذا الاختلاط.

(2) اي للغابن و المغبون في المبيع المختلط بالمساوي.

(3) اي تثبت الشركة أيضا للغابن و المغبون.

(4) اي و في استحقاق المغبون لارش النقيصة، حيث إنه اختلطت سلعته بالأردى.

(5) اي و في استحقاق المغبون تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج بأن، يأخذ المغبون مقدارا من الجنس الردي يساوي سعر المبيع الأجود المختلط مع الردي.

ثم الفرق بين تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج.

و بين ارش النقص يظهر فيما اذا اوجب المزج بالردي نقصا في قيمة مجموع الممتزجين عن قيمة كل واحد منهما حالة الانفراد:(1) بأن كانت قيمة المبيع الأجود عشرة دنانير، و قيمة الجنس الردي ثمانية دنانير، و بعد الامتزاج صارت قيمة المبيع ثمانية دنانير، و سعر الردي ستة دنانير.

فالنقص هنا عبارة عن نقصان مقدار حصة المغبون من العين الممتزجة بالجيد و الردي، قياسا لهذه الحصة الى الجيد الخالص المساوي لها في المقدار.

ص: 276


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الجنس الممتزج: أو من ثمنه (1).

وجوه (2):

و لو كان (3) بالأجود احتملت الشركة (4) في الثمن: بأن (5) يباع و يعطى من الثمن بنسبة قيمته.

+++++++++++

و تفاوت الرداءة عبارة عن التفاوت الحاصل بين نفس الردي و الجيد: فعليه يكون ارش النقص أقل من تفاوت الرداءة غالبا أو دائما.

(1) اي أو يعطى تفاوت الرداءة للمغبون من ثمن جنس الردي.

(2) و هي ثلاثة كما علمت.

أليك التفصيل.

(الاول): استحقاق المغبون ارش النقص.

(الثاني): استحقاقه تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج بالجيد و الردي كما علمت في الهامش 5 ص 276.

(الثالث): استحقاقه تفاوت الرداءة من ثمن جنس الردي.

(3) اي الاختلاط المغير للعين لو كان بالجنس الأجود الأعلى.

(4) اي اشتراك المغبون مع الغابن في هذا الجنس المختلط المغير للعين في مالية العين الممتزجة و قيمتها، لا في اصل العين، فان العين للغابن.

(5) الباء بيان لكيفية اشتراك المغبون مع الغابن في مالية العين التي هو ثمنها.

خلاصتها إن المال المختلط يباع مجموعا و تقسم القيمة فيعطى للمغبون بنسبة قيمة الردي الى الجيد.

ص: 277

و تحتمل الشركة (1) بنسبة القيمة.

فاذا (2) كان الأجود يساوي قيمتي الردي كان المجموع بينهما أثلاثا.

و رده (3) الشيخ في مسألة رجوع البائع على المفلّس بعين ماله:

بأنه يستلزم الربا.

+++++++++++

فلو باع المال المختلط بثلاثة دراهم.

فيعطى لصاحب الأجود در همان.

و لصاحب الردي درهم واحد.

فالتقسيم بينهما يكون أثلاثا.

(1) اي و يحتمل اشتراك الغابن و المغبون في اصل المال المختلط بالأجود، إلا أن مقدار الشركة في العين المختلطة يكون بنسبة قيمة الردي الى الجيد.

فاذا كان الأجود يساوي ضعفي قيمة الردي.

فالعين المختلطة تكون بين الغابن و المغبون مشتركة أثلاثا اي ثلثاها لصاحب الأجود و ثلثها لصاحب الأردإ.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: و تحتمل الشركة.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 1 من هذه الصفحة فاذا كان.

(3) اي رد هذا الاحتمال الشيخ قدس سره في مسألة رجوع البائع على المفلّس بعين ماله.

و قد ذكر المسألة في المبسوط مفصلا في الجزء للثاني ص 263 و بهذه المناسبة افاد قدس سره لزوم الربا فيما نحن فيه.

و نحن نذكر لك خلاصة ما افاده هناك.

لو باع شخص مكيالا من الزيت مثلا ثم افلس المشتري بالثمن

ص: 278

..........

+++++++++++

و وجد البائع عين زيته مختلطة بزيت آخر.

إما مساوله، أو أردى منه، أو أجود.

فاذا كان زيته مختلطا بزيت مساو فقد اصبح البائع شريكا مع المشتري في الزيت المختلط، لعدم سقوط حقه بالاختلاط، فله مطالبة المشتري بالقسمة و اخذ حقه منه.

و قيل: يباع الزيت كله ثم يقسم الثمن بينهما فيأخذ كل حصته من الثمن بقدر ما يخصه منه.

و إن كان زيته مختلطا بزيت أردى من زيته.

فهنا تتعلق قيمة زيته بعينه، و يصح له مطالبة المشتري بقسمته بعد رضائه باخذ المختلط مع الردي.

و يجوز له المطالبة ببيع الزيت المختلط و مقاسمة الثمن و يعطى له بقدر ما يستحقه من ثمن الزيت الجيد.

و قيل: لا يجوز بيعه و لكن يقسم بينهما على قدر حقهما.

و أما اذا اختلط زيته بزيت أجود من زيته.

فهل يسقط حقه من عين زيته أم لا؟

فهنا وجهان:

(الاول) السقوط و هو الصحيح، لأن عين زيته قد تلفت بالاختلاط و ليست موجودة حتى يأخذها، فليس له مطالبة المفلّس بالقسمة فيضرب بدينه مع الغرماء.

(الثاني): عدم سقوط حقه بالاختلاط، لأنه يباع الزيتان معا و يؤخذ ثمنه ثم يقسم بينهما على قدر قيمة الزيتين فيأخذ كل

ص: 279

قيل: و هو (1) حسن. مع (2) عموم الربا لكل معاوضة.

بقي الكلام في حكم تلف العوضين مع الغبن.

بقي الكلام في حكم تلف العوضين (3) مع الغبن.

و تفصيله (4): إن التلف إما أن يكون فيما وصل الى الغابن أو

+++++++++++

حقه بقدر ما يستحقه من ثمن زيته.

و قيل: لا يباع الزيت المختلط، لكن يأخذ البائع الذي زيته أردى بمقدار ما يخصه من زيته الردي.

خذ لذلك مثالا.

باع شخص كيلوا من الدهن الردي من رجل و لم يقبض الثمن ثم افلس المشتري و قد اختلط زيت البائع مع زيته الجيد و قدره كيلو واحد و كان سعر الزيت الردي دينارين و سعر الزيت الجيد أربعة دنانير.

فسعر جملة الزيتين ستة دنانير فحصة البائع من زيته الردي ثلث مجموع سعر الزيتين و هو ديناران من ستة دنانير.

فعوض ما يساوي نصف المجموع بما يساوي ثلث المجموع.

فيلزم الربا حينئذ، لأن المفروض أن الحصتين كانتا متساويتين.

فمن لزوم الربا هناك حكم الشيخ قدس سره بلزوم الربا في موضوع الغابن اذا اختلط مال المغبون مع مال الغابن بالأردى.

(1) اي ما افاده الشيخ قدس سره: من لزوم الربا في اختلاط الرديء بالجيد حسن.

(2) اي لزوم الربا صحيح لو قلنا بعموم الربا في كل معاوضة:

من الصلح و المعاملة، و اختلاط الجنس الرديء مع الجنس الجيد.

(3) و هما: الثمن، و المثمن.

(4) اي و تفصيل تلف العوضين.

ص: 280

فيما وصل الى المغبون.

و التلف إما بآفة (1)، أو باتلاف احدهما (2)، أو باتلاف الاجنبي.

و حكمها (3) أنه لو تلف ما في يد المغبون، فان كان بآفة.

فمقتضى ما تقدم من التذكرة في الإخراج عن الملك (4).

من (5) تعليل السقوط بعدم امكان الاستدراك:

سقوط (6) الخيار.

لكنك قد عرفت الكلام في مورد التعليل (7)

+++++++++++

(1) أي بآفة سماوية.

(2) اي باتلاف الغابن، أو المغبون.

(3) اي و حكم العين التالفة.

(4) في قوله في ص 232 نقلا عن العلامة قدس سره.

و استدل على هذا الحكم في التذكرة: بعدم امكان استدراكه مع الخروج عن الملك.

(5) كلمة من بيان لما تقدم اي و ما تقدم عبارة عن تعليل العلامة قدس سره سقوط خيار المشتري المغبون المتصرف في المبيع الغبني تصرفا مخرجا للعين عن الملكية كبيعها، أو وقفها، أو هبتها بقوله:

بعدم امكان الاستدراك.

(6) مرفوع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة فمقتضى ما تقدم اي مقتضى ما افاده العلامة من التعليل المذكور سقوط خيار ما تلف في يد المغبون بآفة سماوية.

(7) عند قوله في ص 232: و هو بظاهره مشكل، لأن الخيار غير مشروط عندهم بامكان رد العين، فان مورد تعليل العلامة قدس سره

ص: 281

فضلا عن غيره (1) و لذا (2) اختار غير واحد بقاء الخيار فاذا فسخ (3) غرم قيمته يوم التلف أو يوم الفسخ و اخذ ما عند الغابن أو بدله.

و كذا (4) او كان باتلافه.

و لو كان (5) باتلاف الاجنبي ففسخ المغبون اخذ الثمن، و رجع الغابن الى المتلف (6) إن لم يرجع المغبون عليه (7).

+++++++++++

هو سقوط خيار المشتري المغبون المتصرف في المبيع تصرفا مخرجا للعين عن الملكية.

فاذا كان التعليل المذكور لا يشمل هذا المورد.

فعدم شموله لغيره: و هو تلف ما في يد المغبون بآفة سماوية.

لا بتصرف منه بطريق أولى.

(1) اي عن غير مورد التعليل كما عرفت آنفا.

(2) اي و لاجل أن الإشكال في مورد التعليل فضلا عن غير مورد التعليل.

(3) اي المغبون اذا فسخ لا بدّ من أن يغرم قيمة العين التالفة يوم أن تلفت، أو يوم أن فسخ، ثم يأخذ ما اعطاه الغابن اذا كان موجودا عنده، أو يأخذ بدله اذا كان تالفا.

(4) اي و كذا يغرم المغبون قيمة العين اذا كان تلفها من قبله ثم يأخذ ما اعطاء للغابن اذا كان موجودا، أو يأخذ بدله اذا كان تالفا.

(5) اي تلف العين.

(6) و هو الاجنبي التالف.

(7) اي على المتلف و هو الاجنبي.

ص: 282

و إن رجع (1) عليه بالبدل(1) ثم ظهر الغبن (2) ففسخ رد (3) على الغابن القيمة يوم التلف، أو يوم الفسخ.

و لو كان (4) باتلاف الغابن.

فان لم يفسخ المغبون اخذ القيمة من الغابن.

و إن فسخ اخذ الثمن.

و لو كان اتلافه (5) قبل ظهور الغبن فابرأه المغبون من الغرامة ثم ظهر الغبن ففسخ (6) وجب عليه (7) رد القيمة(2)، لأن (8)

+++++++++++

و أما اذا رجع المغبون على المتلف فالغابن يرجع على المغبون حينئذ.

(1) اي ان رجع المغبون على الغابن في صورة اتلاف الاجنبي العين بالبدل.

(2) اي ظهور الغبن كان بعد اتلاف الاجنبي العين.

(3) اي المغبون.

(4) اي تلف العين.

(5) اي اتلاف الغابن العين كان قبل ظهور الغبن ثم أبرأ المغبون ذمة الغابن عن دفع المثل: أو القيمة ثم بعد الابراء ظهر الغبن ففسخ المغبون العقد بموجب خياره.

(6) اي المغبون.

(7) اي وجب على الغابن رد قيمة ما اتلفه الى المغبون.

(8) تعليل لوجوب رد القيمة على الغابن الى المغبون.

و التعليل هذا دفع وهم في الواقع.

حاصل الوهم:

ص: 283


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ما أبرأه بمنزلة المقبوض.

و لو تلف ما في يد الغابن بآفة (1)، أو باتلافه (2) ففسخ المغبون اخذ البدل.

و في اعتبار القيمة يوم التلف، أو يوم الفسخ قولان.

ظاهر الأكثر الاول (3).

و لكن (4) صرح في الدروس و المسالك، و محكي حاشية الشرائع للمحقق الثاني، و صاحب الحدائق، و بعض آخر:

إنه (5) لو اشتريت عين بعين فقبضت احداهما دون الاخرى فبيعت المقبوضة ثم تلف غير المقبوضة:

+++++++++++

لما ذا يجب على الغابن رد قيمة التالف الى المغبون مع ان المغبون قد أبرأ ذمة الغابن قبل ظهور الغبن؟

فاجاب بأن ما أبرأه المغبون بمنزلة المقبوض: أي أن الغابن قد قبض ما اسقطه المغبون فصار ما اسقطه بمنزلة المقبوض.

فعليه يجب على الغابن رد قيمة التالف الى المغبون ازاء ما قبضه.

(1) اي بآفة سماوية.

(2) اي باتلاف الغابن.

(3) و هو اعتبار القيمة بيوم التلف.

(4) استدراك عما افاده: من كون الاعتبار بيوم التلف.

و يروم بيان أن الاعتبار بقيمة يوم الانفساخ.

(5) جملة أنه لو اشتريت تصريح الشهيدين و المحقق الثاني قدس اللّه أسرارهم.

ص: 284

إن (1) البيع الاول ينفسخ بتلف متعلقه قبل القبض.

بخلاف البيع (2) الثاني، فيغرم (3) البائع الثاني ما باعه يوم تلف غير المقبوض.

+++++++++++

(1) جواب للو الشرطية، و هو من متممات التصريح.

و المراد من البيع الاول هو شراء عين بعين اخرى قبضت احداهما دون الاخرى، ثم تلف غير المقبوض.

و أما وجه انفساخ هذا البيع فلتلف متعلقه قبل القبض، بناء على القاعدة المشهورة:

كل مبيع تلف قبل القبض فهو من مال بائعه.

و أما كون التالف من مال البائع مع أنه دخل في ملك المشتري.

فبناء على تملك البائع للتالف قبل التلف آنا مّا حتى يصح الانفساخ و لولاه لما صح ذلك.

(2) و هو بيع المقبوض. ثم بعد البيع تلف غير المقبوض، فانه لا ينفسخ و انه صحيح.

و أما وجه صحة هذا البيع، و انه لا ينفسخ.

فلوجود المقتضي في الصحة، لصدوره عن اهله، و وقوعه في محله، لأن البائع الثاني عند ما باع العين المقبوضة قبل تلف العين الثانية كان مالكا للعين المقبوضة بالعقد الاول الصادر في البيع الاول فلا مانع من صحة هذا البيع مع وجود ذاك المقتضي.

(3) اي فعلى صحة هذا البيع يجب على البائع الثاني غرامة قيمة ما باعه يوم أن تلفت العين غير المقبوضة.

ص: 285

و هذا (1) ظاهر، بل صريح في أن العبرة بقيمة يوم الانفساخ (2) دون تلف العين (3).

و الفرق بين المسألتين (4) مشكل.

و تمام الكلام في باب الإقالة إن شاء اللّه.

+++++++++++

(1) اي تصريح الشهيدين و المحقق الثاني ظاهر في ان الاعتبار هو يوم الانفساخ عند دفع القيمة، لانه يوم تلف العين.

و أما وجه ظهور عبارة هؤلاء و صراحتها في ان الاعتبار بيوم الانفساخ، لا بيوم التلف:

فهو أن التالف انما هو غير المقبوض المبيع ثانيا.

و الغارم قيمة ما باعه انما يغرم قيمته يوم الانفساخ بسبب تلف العين الثانية التي لم تقبض.

فلو كان المناط في دفع القيمة يوم التلف لكان اللازم على الغارم دفع قيمة يوم بيعه للعين الثانية المقبوضة.

(2) لأنه يوم تلف العين غير المقبوضة كما عرفت.

(3) و هي العين التي قبضت و غرمت قيمتها.

(4) و هما مسألة تلف المبيع في يد الغابن.

في أن الاعتبار في دفع القيمة بيوم التلف.

و مسألة اشتراء عين بعين قبضت احداهما و لم تقبض الاخرى فبيعت المقبوضة و تلفت العين غير المقبوضة:

في ان الاعتبار في دفع القيمة بيوم الانفساخ.

وجه الإشكال عدم وجود فرق بين المسألتين، لأن التلف قد حصل في كلتيهما، و زمن الخيار غير زمن الفسخ، و التفاوت في القيمة

ص: 286

و لو تلف (1) باتلاف الاجنبي رجع المغبون بعد الفسخ (2) إلى الغابن، لأنه (3) الذي يرد إليه العوض فيؤخذ منه (4) المعوض أو بدله، و لأنه (5) ملك القيمة على المتلف.

و يحتمل الرجوع (6) الى المتلف، لأن المال في ضمانه، و ما لم يدفع

+++++++++++

في الزمنين حاصل.

(1) اي المبيع الذي كان فيه الغبن.

(2) اي بعد فسخ المغبون.

(3) اي لأن الغابن هو الذي يرد إليه العوض فلا بد من اخذ المعوض منه.

هذا دليل لرجوع المغبون الى الغابن بعد فسخه.

(4) اي من الغابن كما علمت.

(5) تعليل ثان لرجوع المغبون بعد فسخه الى الغابن عند تلف المبيع.

و خلاصته: ان الغابن هو الذي يملك قيمة التالف على المتلف فهو الذي يؤخذ منه المعوض.

و لا يصح الرجوع الى المتلف، لعدم صلاحية تملك المغبون قيمة التالف أيضا، لأن الشيء الواحد لا يملكه شخصان على نحو الاستقلال في ظرف واحد.

(6) اي رجوع المغبون على التالف(1)

خلاصة هذا الكلام: إن المتلف بعد ان تلف العين فذمته قد تعلقت بها أولا فاذا تلفت فتنتقل الذمة الى مثل العين اذا كانت مثلية و الى القيمة اذا كانت قيمية، فالمال المتلف في ضمانه و في عهدته.

فما دام لم يدفع العوض فنفس المال في عهدته، و ان ذمته مشغولة

ص: 287


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

العوض فنفس المال في عهدته، و لذا (1) صرح في الشرائع بجواز المصالحة على ذلك المتلف بما لو صولح به (2) على قيمته لزم الربا (3).

و صرح العلامة بأنه لو صالحه على نفس المتلف (4) بأقل من قيمته لم يلزم الربا.

و إن صالح على قيمته (5) بالأقل لزم الربا: بناء (6) على جريانه

+++++++++++

به، فعليه يصح للمغبون الرجوع الى المتلف في اخذ عوض التالف منه.

(1) اي و لاجل أن المال في ضمان المتلف، و في عهدته ما لم يدفعه الى صاحبه يصح للمغبون الرجوع على التالف:

صرح المحقق قدس سره في الشرائع بصحة المصالحة على ذاك المتلف و نفسه، لا على قيمة المتلف، لأن المصالحة على ذاك المتلف قد وقعت عنه، لا عن قيمته حتى يلزم الربا.

أليك نص عبارته هناك.

و لو اتلف على رجل ثوبا قيمته درهم فصالحه منه على درهمين:

صح على الأشبه، لأن الصلح وقع عن الثوب، لا عن الدرهم.

راجع (الشرائع) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 122.

(2) اي بذاك المتلف.

(3) حيث إن المصالحة قد وقعت على نفس القيمة التي هي العملة الخارجية.

(4) و هو الثوب مثلا.

(5) اي على قيمة المتلف.

(6) تعليل للزوم الربا لو صالحه على قيمته بالأقل.

ص: 288

في الصلح (1).

و يحتمل التخيير (2).

إما الغابن فلأنه ملك البدل.

و إما المتلف فلأن المال المتلف في عهدته قبل اداء القيمة.

و إن كان (3) باتلاف المغبون، فان لم يفسخ (4) غرم بدله.

و لو أبرأه (5) الغابن من بدل المتلف فظهر الغبن ففسخ.

+++++++++++

اي لزوم الربا في ذلك مبني على القول بجريان الربا في كل معاوضة و منها الصلح.

و أما على القول بعدمه فلا يلزم الربا.

(1) راجع التحرير الطبعة الحجرية.

و لكن لا يخفى أن هذا إنما يتم لو قلنا بضمان القيمي بمثله.

أما على القول الأصح كما افاده الشهيد الثاني قدس سره من ضمانه بقيمته فاللازم على ذمته إنما هو الدرهمان.

فعليه فلا يصح الصلح عليهما بزيادة عنهما، و لا نقصان مع اتفاق الجنس.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 ص 181.

(2) اي يكون المغبون مخيرا في الرجوع على أيهما شاء:

إما الغابن، لأنه مالك للبدل.

و إما المتلف، لأن المال المتلف في عهدته قبل اداء القيمة و في ضمانه:

(3) اي و إن كان المبيع الذي فيه الغبن قد تلف باتلاف شخص المغبون.

(4) اي المغبون إن لم يفسخ يعطي بدل المتلف الى الغابن.

(5) اي لو أبرأ الغابن المغبون التالف ثم ظهر الغبن ففسخ المغبون رد الثمن الى الغابن ثم اخذ من الغابن قيمة المتلف المدفوعة الى الغابن.

ص: 289

رد الثمن و اخذ قيمة المتلف، لأن (1) المبرأ منه كالمقبوض.

هذا (2) قليل من كثير في هذا المقام يكون قابلا له من الكلام و ينبغي احالة الزائد على ما ذكروه في غير هذا المقام.

و اللّه العالم بالأحكام و رسوله و خلفاؤه الكرام صلوات اللّه عليه و عليهم الى يوم القيام.

+++++++++++

(1) تعليل لوجوب رد الثمن من المغبون الى الغابن مع أن الغابن قد أبرأ ذمة المغبون عن التالف.

خلاصته كما علمت في الهامش 5 ص 289:

إن المبرأ منه كالمقبوض فعليه يجب رد الثمن الى الغابن اي أن المغبون قد قبض ما اسقطه الغابن فصار ما سقط بمنزلة المقبوض.

(2) اي ما كتبناه حول خيار الغبن من البداية الى النهاية على جميع تقاديره و مراتبه: من تفسير معناه لغة و شرعا.

و أن المملك هو الغابن، و الآخر هو المغبون.

و الاستدلال على ثبوته من الآيات و الأحاديث.

و أنه يشترط فيه امران:

عدم علم المغبون بالقيمة، و كون التفاوت فاحشا.

و أن ظهور الغبن هل هو شرط شرعي، أو كاشف عقلي؟

و أن الغبن يسقط بامور أربعة:

(الاول) اسقاطه بعد العقد.

(الثاني) اشتراط سقوط الخيار في متن العقد.

(الثالث) تصرف المغبون في العين باخراجها عن ملكه.

ص: 290

مسألة: الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة مالية

(مسألة (1):

الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة مالية، بناء (2) على الاستناد في ثبوته في البيع الى نفي الضرر.

نعم (3) لو استند الى الاجماعات المنقولة امكن الرجوع في غير (4) البيع الى أصالة اللزوم.

+++++++++++

(الرابع) تصرف المشتري المغبون في العين.

و الكلام في تصرف الغابن.

و في حكم تلف العوضين مع الغبن.

(1) اي المسألة الرابعة من المسائل الخمس التي افادها قدس سره في ص 162 بقوله: برسم مسائل.

(2) تعليل لثبوت الخيار في كل معاوضة مالية.

اي الثبوت مبني على أن الملاك في ثبوت الخيار في البيع هو نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضرر و لا ضرار، فاذا كان هذا هو المناط فلا شك في أن بقية العقود يشملها نفي الضرر فيجري الخيار فيها.

(3) استدراك عما افاده من الملاك المذكور.

اي لو قلنا بأن المناط في ثبوت الخيار هي الاجماعات المنقولة:

لامكن القول بأصالة اللزوم في بقية المعاوضات عدا البيع، فحينئذ لا يجري الخيار فيها.

(4) المراد من غير البيع بقية المعاوضات كما عرفت.

ص: 291

و ممن حكي عنه التصريح بالعموم (1) فخر الدين قدس سره في شرح الارشاد، و صاحب التنقيح، و صاحب إيضاح النافع.

و عن اجارة جامع المقاصد جريانه (2) فيها مستندا (3) الى أنها من توابع المعاوضات.

نعم (4) حكي عن المهذب البارع عدم جريانه (5) في الصلح.

و لعله (6) لكون الغرض الاصلي فيه قطع المنازعة، فلا يشرع فيه الفسخ (7).

و فيه (8) ما لا يخفى.

+++++++++++

(1) اي جريان الخيار في جميع المعاوضات.

(2) اي جريان الخيار في الاجارة.

(3) هذا تعليل لجريان الخيار في الاجارة اي حالكون المحقق الكركي قدس سره اسند جريانه فيها الى كون الخيار من توابع المعاوضات و من المعاوضات الاجارة.

(4) استدراك عما افاده: من جريان الخيار في جميع المعاوضات.

(5) اي جريان الخيار.

(6) توجيه منه قدس سره لعدم جريان الخيار في الصلح.

(7) لأن الفسخ موجب لاثارة النزاع و العراك، و العراك مبغوض لدى الشارع فاذا قلنا بالخيار في الصلح لزم الفسخ المنافي لمفهوم الصلح، فلا يجري الخيار فيه.

(8) اي في هذا التوجيه ما لا يخفى من الإشكال، لأن الصلح ليس من لوازمه وقوعه على الشيء الكثير، اذ كثيرا ما يقع على أشياء بسيطة لا قيمة لها فلا يقع الصلح في الأشياء التافهة

ص: 292

و في غاية المرام التفصيل بين الصلح الواقع على وجه المعاوضة فيجري (1) فيه.

و بين (2) الواقع على إسقاط دعوى قبل ثبوتها ثم ظهرت حقيقة ما يدعيه و كان مغبونا فيما صالح به.

و الواقع (3) على ما في الذمم و كان مجهولا ثم ظهر بعد عقد الصلح، و ظهر غبن احدهما (4).

على تأمل (5):

و لعله (6) للاقدام في هذين على رفع اليد عما صالح عنه كائنا ما كان فقد اقدم على الضرر.

و حكي عن بعض التفصيل بين كل عقد وقع شخصه على وجه المسامحة، و كان الإقدام فيه على المعاملة مبنيا على عدم الالتفات الى

+++++++++++

لرفع التنازع، لعدم وجود نزاع حتى يقع الصلح لرفعه.

(1) اي الخيار يجري في مثل هذا الصلح.

(2) اي و التفصيل بين الصلح الواقع.

(3) اي و التفصيل بين الصلح الواقع على ما في الذمم.

(4) اي احد المتعاقدين.

(5) اي عدم جريان الخيار في هاتين الصورتين محل تأمل.

(6) توجيه منه قدس سره لعدم جريان الخيار في الصورتين المذكورتين:

خلاصته إن عدم الجريان في الصورتين لعله لأجل أن ذا الحق قد اقدم على رفع اليد عما صالح عنه و إن بلغ ما صالح عليه ما بلغ فهو في الواقع قد اقدم على ضرر نفسه فيسقط خياره.

ص: 293

النقص و الزيادة، بيعا كان، أو صلحا، أو غيرهما، فانه لا يصدق فيه (1) اسم الغبن.

و بين غيره (2)(1)

و فيه (3) مع أن منع صدق الغبن محل نظر:(2)

إن (4) الحكم بالخيار لم يعلق في دليل على مفهوم لفظ الغبن حتى تتبع مصاديقه، فان الفتاوى مختصة بغبن البيع.

+++++++++++

(1) اي في هذا العقد الذي بني الإقدام فيه على عدم الالتفات في الزيادة و النقيصة، سواء أ كان العقد بيعا أم صلحا أم غيره.

(2) اي و بين غير العقد الذي لم بين الإقدام فيه على التفات الزيادة و النقيصة: بأن بني من الأول على الالتفات بالزيادة و النقيصة.

(3) اي و في هذا التفصيل بالإضافة الى منع عدم صدق الغبن على العقد الذي بني الإقدام فيه على عدم الالتفات بالزيادة و النقيصة:

إشكال و نظر.

(4) هذا محل النظر و الإشكال.

و خلاصته: إن الحكم بالخيار غير معلق على لفظ مفهوم الغبن (3)حتى يقال: إنه لا بدّ من تتبع مصاديق الغبن: بأن يقال: إن العقد الذي بني الإقدام فيه على عدم الاعتناء بالزيادة و النقيصة لا يجري فيه الخيار، و إن العقد الذي لا يكون مبنيا على ذلك يجري فيه الخيار.

بل المستفاد من الفتاوى الواردة في الخيار هو اختصاصها بغبن البيع، فحينئذ لا مجال للقول بلزوم تتبع مصاديق الغبن حتى يقال:

فرد منه يجري فيه الخيار، و فرد منه لا يجري فيه.

ص: 294


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و حديث نفي الضرر عام (1) لم يخرج منه إلا ما استثني في الفتاوى في صورة الإقدام على الضرر عالما به.

نعم (2) لو استدل بآية التجارة عن تراض.

أو النهي عن اكل المال بالباطل.

امكن اختصاصها(1) (3) بما اذا اقدم على المعاملة، محتملا للضرر مسامحا في دفع ذلك الاحتمال.

و الحاصل إن المسألة (4) لا تخلو عن إشكال:

+++++++++++

(1) اي يشمل جميع مصاديق الغبن بلا استثناء و المستثنى من الحديث هي صورة الإقدام على الضرر عالما بالضرر، و قاصدا به:

(2) استدراك عما افاده: من جريان الخيار في جميع افراد الغبن و يروم بيان عدم الجريان في جميع الأفراد.

و خلاصته: إنه لو استدل على ثبوت خيار الغبن بآية: لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ : النساء: الآية 27.

لامكن القول باختصاص الآية الكريمة بالغبن الصادر عن المعاوضات التي(2) يتسامح(3) فيها الغبن، و التى يكون(4) الغبن فيها عن تراض، ففي مثل هذه الموارد يجري الخيار.

و أما المعاملات الصادرة عن الإقدام على الضرر، و التي يكون الغبن فيها متسامح به، فلا يجري خيار الغبن فيها، لصدوره عن نفسه عالما به.

(3) اي اختصاص الآية الكريمة كما عرفت.

(4) اي مسألة ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة مالية.

ص: 295


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من (1) جهة أصالة (2) اللزوم، و اختصاص (3) معقد الاجماع و الشهرة بالبيع، و عدم (4) تعرض الأكثر، لدخول هذا الخيار في

+++++++++++

(1) من بيان لمنشإ الإشكال و المنشأ ثلاثة امور.

(2) هذا هو المنشأ الاول في عدم خلو المسألة عن الإشكال.

خلاصته إن القول بجريان خيار الغبن في كل معاوضة مالية يتنافى و أصالة اللزوم في العقود فلا بد من الاقتصار على مورد اليقين.

و هو الإقدام على الضرر عالما به.

(3) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله في هذه الصفحة من جهة اي و من جهة اختصاص.

هذا هو المنشأ الثاني في عدم خلو المسألة عن الإشكال.

خلاصته إن الاجماع المدعى و الشهرة المدعاة مختصان بالبيع: بمعنى أن خيار الغبن يجري فيه لا غير، و أنه لا يجري في غيره: من بقية المعاوضات.

(4) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله في في هذه الصفحة من جهة اي و من جهة تعرض الاكثر.

هذا هو المنشأ الثالث لعدم خلو المسألة عن الإشكال.

و خلاصته إن أكثر الفقهاء لم يتعرضوا لدخول خيار الغبن في غير لبيع، بل إنما تعرضوا لدخوله في البيع فقط، و عدم التعرض دليل على عدم جريانه في غير البيع.

هذه هي الامور الثلاثة لمنشإ الإشكال في المسألة.

ص: 296

غير البيع، كما (1) تعرضوا لجريان خيار الشرط.

و تعرضهم (2) لعدم جريان خيار المجلس في غير البيع.

لكونه (3) محل خلاف لبعض العامة في بعض أفراد ما عدا البيع

+++++++++++

(1) تأييد منه قدس سره لما افاده: من عدم خلو المسألة عن الإشكال:

و خلاصته إن الفقهاء تعرضوا لدخول خيار الشرط في جميع أفراد المعاوضات المالية و العقود اللازمة و لم يتعرضوا لخيار الغبن.

فعدم تعرضهم لدخول خيار الغبن في جميع أفراد المعاوضات المالية دليل على عدم جريانه فيها.

(2) دفع و هم.

حاصل الوهم إن الفقهاء قد تعرضوا لعدم جريان خيار المجلس في غير البيع: من بقية المعاوضات المالية.

فتقييدهم الخيار بخيار المجلس دليل على عدم ارادتهم خيار الغبن حيث إن القيد هنا احترازي عن خيار الغبن، فانه يجري في جميع المعاوضات.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن تعرض الفقهاء لخيار المجلس، و تقييدهم الخيار بذلك لم يكن للاحتراز عن خيار الغبن حتى يقال: إن القيد قيد احترازي و أنه يدل على العموم في خيار الغبن: بأنه يجري حتى في المعاوضات.

بل ذكر القيد و هو المجلس إنما كان لنكتة: و هو بيان الخلاف الواقع بين بعض (علماء اخواننا السنة)، حيث قال بعضهم بجريان خيار المجلس في غير البيع من أفراد بعض المعاوضات، فذكر القيد لم يكن إلا لاجل هذه النكتة.

ص: 297

البيع، فلا يدل (1) على عموم غيره لما عدا البيع.

و من (2) دلالة حديث نفي الضرر على عدم لزوم المعاملة المغبون فيها في صورة امتناع الغابن عن بذل التفاوت بعد الحاق غيرها (3) بظهور (4) عدم الفصل عند الأصحاب

و قد استدل به (5) الأصحاب على اثبات كثير من الخيارات.

فدخوله (6) فيها عدا البيع لا يخلو عن قوة.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم كون ذكر المجلس قيدا احترازيا اي ففي ضوء ما ذكرنا: من أن القيد لاجل نكتة كما عرفت فلا يدل تعرض الفقهاء على العموم في خيار الغبن حتى يقال بجريانه في جميع المعاوضات.

الى هنا كان البحث عن عدم جريان خيار الغبن في المعاوضات المالية، و عن المنشأ لذلك.

(2) من هنا يروم قدس سره اثبات جريان خيار الغبن في المعاوضات المالية و قد استدل لذلك بحديث نفي الضرر.

(3) اي بعد الحاق صورة غير امتناع الغابن بصورة الامتناع.

(4) الباء سببية اي سبب الالحاق هو ظهور عدم القول بالفصل بين صورة امتناع الغابن، و صورة عدم الامتناع، اذ لم يفصل احد بينهما، فلم يقل بجريان الخيار في صورة الامتناع، و عدم جريانه في صورة غير الامتناع.

(5) اي بنفي الضرر.

(6) هذا رايه قدس سره حول جريان خيار الغبن في بقية المعاوضات المالية: اي فبناء على كون المستند في ثبوت خيار

ص: 298

نعم (1) يبقى الإشكال في شموله للصورة المتقدمة:

و هي ما اذا علم من الخارج بناء شخص تلك المعاملة:

بيعا كان، أو غيره على عدم المغابنة و المكايسة: من حيث المالية.

كما اذا احتاج المشتري الى قليل من شيء مبتذل لحاجة عظيمة:

دينية، أو دنيوية، فانه لا يلاحظ في شرائه مساواته للثمن المدفوع بإزائه، فان (2) في شمول الأدلة لمثل هذا خفاء، بل منعا، إلا (3)

+++++++++++

الغبن قاعدة نفي الضرر فجريان خيار الغبن في بقية المعاوضات لا يخلو عن قوة، لأنه كلما وجد الضرر جاء الخيار، طبقا للقاعدة المذكورة.

(1) استدراك عما افاده: من أن المستند اذا كانت قاعدة نفي الضرر فدخول خيار الغبن في غير البيع: من أفراد المعاوضات المالية لا يخلو عن قوة.

خلاصته إنه و إن قلنا بدخول خيار الغبن في بقية المعاوضات، و أنه يجري فيها أيضا بقاعدة نفي الضرر.

لكن نمنع هذا الجريان و الشمول للصورة المتقدمة.

و قد ذكر الصورة في المتن فلا نعيدها.

(2) تعليل للاشكال في شمول قاعدة نفي الضرر للصورة المتقدمة.

خلاصته إنه لما كانت الصورة مبنية على عدم اعتبار الغبن الحاصل و انه مما يتسامح به احد المتعاقدين و لا يعتني به: فلا مجال لجريان الخيار في هذه الصورة، اذ هو اقدم على ضرر نفسه.

ففي مجيء الخيار خفاء و منع.

(3) استدراك عما افاده: من خفاء مجيء الخيار في الصورة المتقدمة و انه ممنوع: اي اللهم إلا ان يقال: إن مجيء الخيار في الصورة

ص: 299

أن يتم بعدم القول بالفصل.

و اللّه العالم.

مسألة: اختلف أصحابنا في كون هذا الخيار على الفور، أو على التراخي

(مسألة) (1):

اختلف أصحابنا في كون هذا الخيار (2) على الفور، أو على التراخي على قولين:

و استند للقول الاول (3) و هو (4) المشهور ظاهرا الى: كون الخيار على خلاف الاصل فيقتصر فيه على المتيقن (5).

+++++++++++

المتقدمة يتم على عدم القول بالفصل بين هذه الصورة و بين بقية الصور.

فحينئذ يأتي الخيار في الصورة المتقدمة المذكورة آنفا.

(1) اي المسألة الخامسة من المسائل الخمس التي افادها قدس سره بقوله في ص 162 برسم مسائل.

(2) اي خيار الغبن.

(3) و هو الفور.

(4) هذا رأيه قدس سره اي القول بالفور هو المشهور بحسب ظاهر الأدلة و الفتاوى.

(5) و هو الفور، لأن مجيء الخيار في العقود اللازمة على خلاف الأصل، اذ الاصل فيها اللزوم، لكن لما جاء الدليل: و هو لا ضرر و لا ضرار خرج من هذا العموم المعاملة الغبنية فانها ليست بلازمة حتى يتبين مصيرها من الامضاء، أو الفسخ، فيؤخذ بالخيار.

ص: 300

و قرره (1) في جامع المقاصد: بأن (2) العموم في أفراد العقود يستتبع عموم الأزمنة، و إلا (3) لم ينتفع بعمومه، انتهى (4).

و للقول (5) الثاني الى الاستصحاب.

و ذكر في الرياض ما حاصله:

+++++++++++

(1) اي و اثبت القول بالفورية المحقق الكركي قدس سره في كتابه (جامع المقاصد).

(2) الباء بيان لكيفية التقرير.

خلاصة الكيفية إن العموم المستفاد من قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ عموم أفرادي، و العموم الأفرادي يستتبع العموم الأزماني: بمعنى أن عمومه ينبسط على كل زمن من الأزمنة أي يجب الوفاء بكل عقد في كل زمان خرج عن تحت هذا العموم المعاملة الغبنية، فانها ليست بلازم الوفاء حتى يأخذ المغبون بخياره، و الخيار خلاف الاصل فلا بد من الأخذ به فورا فاذا لم يأخذ به فورا فقد سقط خياره، لوجوب الاقتصار على القدر المتيقن، لأنك عرفت أن الخيار خلاف الاصل:

(3) اي و ان لم يستتبع عموم أفراد العقد عموم أفراد الأزماني و قلنا بعدم سقوط الخيار اذا ما استفدنا بعموم الأفرادي.

(4) اي ما افاده المحقق الكركي في جامع المقاصد.

(5) اي و استند للقول الثاني: و هو تراخي وقت خيار الغبن الى الاستصحاب: اي استصحاب بقاء الخيار بعد عدم الاخذ به فورا عند الشك في رفعه في الأزمنة اللاحقة.

ص: 301

إن المستند في هذا الخيار (1) إن كان الاجماع المنقول،

اتجه التمسك بالاستصحاب (2).

و إن كان (3) نفي الضرر وجب الاقتصار على الزمان الاول (4) اذ (5) به يندفع الضرر.

(اقول) (6): و يمكن الخدشة في جميع الامور المذكورة.

أما (7) في وجوب الاقتصار على المتيقن.

+++++++++++

(1) اي خيار الغبن.

(2) و هو المستند للقول الثاني المشار إليه في الهامش 5 ص 301 و أما كون التمسك بالاستصحاب متجها فلأن الاجماع المنقول دليل لبي لا لسان له، فليس دليلا لفظيا حتى يؤخذ بإطلاقه، أو بعمومه، فاذا لم يؤخذ بالخيار في الآن الثاني و بقية الآنات فيشك في بقاء الخيار فيستصحب البقاء فيؤخذ به.

(3) هذا من متممات كلام صاحب الرياض قدس سره:

اي و ان كان المستند في ثبوت الخيار.

(4) و هو الفور.

(5) تعليل لوجوب الاقتصار على الزمن الاول.

اي بالاخذ بالزمان الاول: و هي الفورية يندفع الضرر عن المغبون فلا يبقى مجال للضرر.

(6) من هنا اخذ قدس سره في تفنيد جميع ما افيد في القولين.

(7) هذا رد على القول الأول: و هي الفورية.

خلاصته إن وجوب الاكتفاء بالقدر المتيقن، و الاقتصار عليه الذي هو الآن الاول غير صحيح مع وجود استصحاب بقاء الخيار الثابت

ص: 302

فلأنه غير متوجه مع الاستصحاب.

و أما (1) ما ذكره في جامع المقاصد: من عموم الأزمنة.

فان (2) اراد به عمومها المستفاد من اطلاق الحكم بالنسبة الى

+++++++++++

بالغبن» و المشكوك زواله بعدم الاخذ به فورا في الآن الاول من الآنات.

فالاستصحاب دليل قوي غير محكوم بالزوال:

(1) من هنا اخذ في الرد على ما افاده المحقق الكركي: من أن عموم الأزماني تابع للعموم الأفرادي، و لازم ذلك سقوط خياره اذا لم يؤخذ به في الآن الأول، لمجيء العموم الأفرادي المستفاد من قوله عز من قائل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و يروم النقاش معه، و قد فعل، حيث ناقشه نقاشا علميا دقيقا اصوليا كما ستقف عليه حرفيا إن شاء اللّه تعالى.

و قبل الخوض في النقاش و النقض و الابرام لا بد من ان تعرف أن للعموم الأزماني فردين كما ذكرهما قدس سره.

و نحن نشير الى كل واحد منهما تحت رقمه الخاص.

(2) هذا هو الفرد الأول و يتساءل فيه عنه و يقول:

ما المراد من عموم الأزمنة التابع للعموم الأفرادي؟

و خلاصة ما افاده في هذا المقام ان العموم في العموم الأزماني يلاحظ فيه الزمان على وجه الاستمرار و الدوام كما في قولك:

اكرم العلماء دائما، فإن الزمان الملحوظ ظرف للاكرام على مدى وجود العلماء من غير احتياج الاكرام الى امر جديد في كل يوم، فالاكرام مستمر فيه على مدى الوجود.

و العموم في هذا الفرد لا يفرق فيه بين أن يكون مستفادا من

ص: 303

زمانه الراجع بدليل الحكمة الى استمراره في جميع الأزمنة.

فلا (1) يخفى أن هذا العموم في كل فرد من موضوع الحكم تابع لدخوله تحت العموم.

فاذا فرض خروج فرد منه فلا يفرق فيه بين خروجه عن حكم العام

+++++++++++

الاطلاق المنزل على العموم بدليل مقدمات الحكمة، أو من ظاهر اللفظ.

فان اراد المحقق الكركي قدس سره من العموم عموم الأزمنة المستفاد من اطلاق الحكم بالنسبة الى زمانه الراجع الى استمراره في جميع الأزمنة:

فهنا لا يجوز التمسك بالعام بالنسبة الى بقية الازمان بعد خروج احد أفراده عن تحت حكمه.

كما في المعاملة الغبنية، حيث إنها خرجت عن تحت حكم العام:

و هو لزوم العقد من بداية الامر فلا يشملها ذاك الحكم اصلا و ابدا حتى يؤخذ بالعموم بعد خروج القدر المتيقن، بل اللازم استصحاب حكم الخاص بعد زوال القدر المتيقن.

فالواجب في مثل المقامات التمسك باستصحاب بقاء الخيار المتيقن به سابقا بواسطة الغبن الموجب له.

فالخلاصة إن العموم في هذا الفرد من أفراد موضوع الحكم تابع لدخوله تحت العموم، و المفروض أن فردا من أفراد هذا العموم قد خرج عن تحت ذاك العموم سواء أ كان خروجه عن تحت حكم العام دائما أم في زمان ما.

(1) عرفت معنى هذا في الهامش 2 ص 403 عند قولنا: و خلاصة ما.

ص: 304

دائما، أو في زمان ما، اذ (1) ليس في خروجه دائما زيادة تخصيص في العام حتى يقتصر عند الشك فيه على المتيقن.

نظير (2) ما اذا ورد تحريم فعل بعنوان العموم و خرج منه فرد خاص من ذلك الفعل.

+++++++++++

(1) تعليل لعدم الفرق بين خروج فرد من أفراد العام عن تحت حكم العام بنحو الدوام، أو في زمان ما.

خلاصته إنه ليس في خروج بقية الأفراد دائما زيادة تخصيص في العام حتى يقال: إن الاصل فيه عدم الزيادة فيقتصر عند الشك في خروج البقية عن تحت حكم العام على القدر المتيقن: و هو الفور.

(2) تنظير لما إذا فرض خروج فرد فلا يفرق في خروجه عن حكم العام دائما، أو زمنا ما.

خلاصته إن ما نحن فيه نظير شيء نهي عن اتيانه و ايجاده في الخارج و حرّم بعنوان العموم، ثم خرج منه فرد خاص عن تحت حكم ذاك العام.

خذ لذلك مثالا.

إن اللّه عز و جل حرم الربا بنحو العموم على جميع الطبقات ثم احل الربا بين الأب و الابن، و الزوجة و الزوج من الطرفين فقال:

لا ربا بين هاتين الطائفتين، ثم بعد ذلك شك في أن خروجهما عن تحت ذاك العموم الذي هي الحرمة.

هل هو مختص ببعض الأزمنة كيوم الجمعة مثلا، أو في جميع الأيام؟ فالواجب هنا استصحاب حكم الخاص: و هي حلية الربا بين الطائفتين في جميع الأزمنة، لا الرجوع الى حكم العالم الذي هي الحرمة.

ص: 305

لكن وقع الشك في أن ارتفاع الحرمة عن ذلك الفرد مختص ببعض الأزمنة، أو عام لجميعها، فان (1) اللازم هنا استصحاب حكم الخاص: اعني الحلية.

لا الرجوع (2) فيما بعد الزمان المتيقن الى عموم التحريم.

و ليس (3) هذا من معاوضة العموم للاستصحاب.

و السر فيه (4) ما عرفت: من تبعية العموم الزماني للعموم الأفرادي.

فاذا (5) فرض خروج بعضها فلا مقتضي للعموم الزماني فيه حتى يقتصر فيه من حيث الزمان على المتيقن (6).

بل الفرد الخارج واحد دام زمان خروجه، أو انقطع.

+++++++++++

(1) تعليل لعدم اختصاص الحكم ببعض الأزمنة.

و قد عرفته في الهامش 2 ص 305 عند قولنا. فالواجب.

(2) قد عرفت معنى هذا فى الهامش 2 ص 305 عند قولنا:

لا الرجوع.

(3) اي و ليس الحكم بالاستصحاب فيما نحن فيه من باب معاوضة العموم مع الاستصحاب حتى يقال بتقديم العام على الاستصحاب:

لأن العموم اصل لفظي و الاستصحاب اصل عملي و اللفظي مقدم على العملي

(4) اي و السر في هذا التقدم هو أن العموم الأزماني تابع للعموم الأفرادي كما عرفت في الهامش من ص 304.

(5) الفاء تفريع على ما افاده في هذه الصفحة: من أن اللازم هنا استصحاب حكم الخاص: اعني الحلية، و قد عرفته في الهامش 2 ص 305.

(6) و هي الفورية.

ص: 306

نعم (1) لو فرض افادة الكلام للعموم الزماني على وجه يكون الزمان مكثرا لأفراد العام: بحيث يكون الفرد في كل زمان مغايرا

+++++++++++

(1) هذا هو الفرد الثاني للعموم الأزماني.

خلاصة الكلام في هذا المقام إن الزمان في هذا العموم يلاحظ على نحو العموم: اي يكون كل فرد منه موضوعا مستقلا لا ربط له بالزمان القبلي، نظير العموم الأفرادي، إلا أن أفراد هذا العموم هو الأزمان كما في قولك:

اكرم العلماء كل يوم، فالظرف في هذا العموم قيد مكثر للموضوع:

بمعنى أن اكرام زيد في يوم الجمعة غير اكرامه في يوم السبت و اكرامه فيه غير اكرامه في يوم الاحد، و هلمّ جرا:

ففي هذا الفرد من العموم الأزماني لو ورد حكم عام ثم خرج منه بعض الأفراد في بعض الأزمان و شك في حكم هذا الفرد بالنسبة الى ما بعد ذاك الزمان.

فهل يرجع في هذا الفرد المخرج المشكوك حكمه بالنسبة الى ما بعد ذاك الزمان الى عموم العام، أو يتمسك باستصحاب حكم المخصص؟ ذهب الى الاول جماعة و منهم شيخنا الانصاري فأفاد أن العموم الزماني اذا كان بنحو الاستغراق: بأن كان الزمان مكثرا لأفراد العام على نحو الطولي: اي يكون الفرد في زمان مغايرا له في زمان آخر كما في وجوب الصوم ثلاثين يوما.

أو يكون مكثرا لأفراد العام على نحو العرضي كقولك: اكرم العلماء كل يوم.

فلو ورد مخصص هنا بجواز الافطار، أو وجوبه في أيام المرض

ص: 307

..........

+++++++++++

و شك في الجواز، أو الوجوب في أيام البرء:

فالمرجع هنا هو العموم، لأنك عرفت أن كل زمان موضوع مستقل لا ربط له بالزمان السابق، لا الى الاستصحاب.

بخلاف ما اذا كان العموم عموما مجموعيا و يكون الحكم فيه حكما واحدا مستمرا كما في قولك: اكرم العلماء دائما، فان المرجع عند الشك هو الاستصحاب كما علمت في الهامش 2 ص 305.

فالحاصل إنه فرق بين ما اذا كان العموم الزماني استغراقيا فمرجعه هو العموم عند الشك.

و بين ما اذا كان مجموعيا فمرجعه هو الاستصحاب.

و بعد هذا التحقيق عرفت وجه استدراك شيخنا الانصاري بقوله في ص 306 نعم لو فرض، فمقصوده قدس سره إن آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لو كانت من قبيل العموم الاستغراقي ثم الاستدلال بها على فورية خيار الغبن لأنه بعد خروج المعاملة الغبنية عن تحت دائرة عموم الآية بعد أن كانت لازمة، ليأخذ المغبون حقه: من الفسخ، أو الامضاء، فاذا لم يبادر الى ذلك ثم شككنا في استمرار خروج هذا الفرد من المعاملة فيرجع الى عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فيسقط حق الخيار حينئذ و يتم للمحقق الثاني قدس سره الاستدلال بالآية على وجوب الفورية و لزوم العقد في الفرد المشكوك و يقول باستمرار الحكم له.

بخلاف ما إذا كانت الآية الكريمة من قبيل العموم المجموعي، فان المرجع هو الاستصحاب كما علمت مفصلا.

هذه خلاصة ما افاده قدس سره من بداية قوله في ص 307: نعم لو فرض

ص: 308

له في زمان آخر: كان اللازم بعد خروج فرد في زمان ما، الاقتصار على المتيقن (1)، لأن خروج غيره من الزمان مستلزم لخروج فرد اخر من العام غير ما علم خروجه كما اذا قال المولى لعبده:

اكرم العلماء في كل يوم: بحيث كان اكرام كل عالم في كل يوم واجبا مستقلا غير اكرام ذلك العالم في اليوم الآخر؟

فاذا علم بخروج زيد العالم و شك في خروجه عن العموم يوما، أو أزيد وجب الرجوع فيما بعد اليوم الاول الى عموم وجوب الاكرام لا الى استصحاب عدم وجوبه

بل (2) لو فرضنا عدم وجود ذلك العموم لم يجز التمسك بالاستصحاب.

بل يجب الرجوع الى اصل آخر (3).

+++++++++++

الى نهاية قوله في هذه الصفحة: لا الى استصحاب عدم وجوبه.

(1) و هو الرجوع الى العام.

(2) خلاصة هذا الكلام إن العموم الاستغراقي الذي يكون الزمان مكثرا لأفراده لو فرض أنه فى مورد من الموارد قد اعتراه الاجمال لاجمال المخصص، بناء على أن اجمال المخصص يسري الى العام المخصص به فلا يصلح حينئذ الرجوع الى هذا العام:

و كذا لا يجوز التمسك باستصحاب حكم المخصص، لفرض تغير الموضوع، بل الواجب الرجوع الى اصل من اصول أخر المقتضية للمورد: من البراءة، أو الاشتغال، أو غيرهما في الموارد التكليفية أو الرجوع الى الصحة و الفساد في الموارد الوضعية.

(3) عرفت الاصل الآخر آنفا:

ص: 309

كما أن في الصورة الاولى (1) لو فرضنا عدم حجية الاستصحاب لم يجز الرجوع الى العموم.

فما أوضح الفرق بين الصورتين (2)؟

ثم لا يخفى أن مناط هذا الفرق (3) ليس كون عموم الزمان في الصورة الاولى من الاطلاق المحمول على العموم بدليل الحكمة، و كونه في الصورة الثانية عموما لغويا.

بل المناط كون الزمان في الاولى ظرفا للحكم (4).

+++++++++++

(1) و هي الصورة التي كان العموم فيها على نحو العموم المجموعي الذي تقدم في الهامش من ص 308، و الذي ذهب إليه شيخنا الانصاري قدس سره في الرجوع الى استصحاب حكم المخصص لو خصص العام و شك بعد ذلك في استمرار حكم المخصص في الفرد الخارج عن تحت هذا العموم إن لم يكن هناك مانع من الرجوع إليه.

و أما لو فرض عدم حجية الاستصحاب في مورد ما كما لو كان من باب المقتضي الذي ليس بحجة عند شيخنا الأنصاري، أو لم يحرز موضوعه، أو كان معارضا باستصحاب آخر.

ففي هذه الموارد لا يرجع الى العموم المذكور.

(2) و هما: صورة كون العموم الأزماني بنحو العموم الاستغراقي و صورة كون العموم الأزماني بنحو العموم المجموعي و قد عرفت الفرق بين الصورتين في الهامش 1 من ص 307، و الهامش من ص 308 فراجع و امعن النظر.

(3) اي الفرق بين الصورتين كما علمت آنفا.

(4) كما عرفت في الهامش 1 ص 307.

ص: 310

و إن فرض عمومه لغويا، فيكون الحكم فيه حكما واحدا مستمرا لموضوع واحد فيكون مرجع الشك فيه الى الشك في استمرار حكم واحد و انقطاعه فيستصحب (1).

و الزمان في الثانية مكثر لأفراد موضوع الحكم (2).

فمرجع الشك في وجود الحكم في الآن الثاني: الى ثبوت حكم الخاص لفرد من العام مغاير للفرد الاول.

و معلوم أن المرجع فيه الى أصالة العموم (3).

فافهم (4) و اغتنم (5).

و بذلك (6) يظهر فساد دفع كلام

+++++++++++

(1) كما عرفت في الهامش 1 ص 310.

(2) كما عرفت في الهامش 1 ص 307.

(3) كما عرفت في الهامش من ص 308.

(4) اي هذا المطلب الدقيق الذي القيناه عليك.

(5) اي اجعل هذه التحقيقات و التدقيقات مغنما تهتم به اهتماما بالغا و لا تنظر إليها نظرة خاطف.

(6) اي و بما قلناه: من أن مناط الفرق بين الصورة الاولى التي كانت محلا لجريان الاستصحاب كما عرفت في الهامش 1 ص 307 و بين الصورة الثانية التي كانت موردا لجريان عموم العام كما عرفت في الهامش 2 ص 310.

و عرفت أنه ليس الفرق بين الصورتين هو كون عموم الزمان في الصورة الاولى مستفادا من الاطلاق المحمول على العموم بدليل مقدمات الحكمة.

ص: 311

جامع المقاصد: بأن (1) آية أَوْفُوا ، و غيرها مطلقة، لا عامة فلا تنافي الاستصحاب.

إلا أن يدعي (2) أن العموم الاطلاقي لا يرجع إلا الى العموم الزماني على الوجه الاول.

+++++++++++

و في الصورة الثانية: هو كون العموم فيها عموما لغويا وضعيا.

بل الفرق في الصورتين هو أن الزمان في الصورة الاولى ظرف للحكم و إن فرض عمومه بالوضع، لا بالإطلاق.

و أن الزمان في الصورة الثانية مكثر لأفراد موضوع الحكم، و جزء لكل فرد و إن فرض عمومه بالإطلاق و دليل الحكمة:

يظهر فساد ما اورده صاحب الجواهر قدس سره على صاحب جامع المقاصد قدس سره.

(1) هذا ايراد صاحب الجواهر على صاحب جامع المقاصد.

خلاصته إن الآية الكريمة التي استدل بها صاحب جامع المقاصد على فورية خيار الغبن مطلقة لا عموم فيها حتى يتمسك بها على عموم لزوم العقد عند عدم الاخذ بالفورية، فالمقام مقام استصحاب الخيار عند عدم الاخذ به، فالآية الكريمة تدل على التراخي لا على الفورية.

و أما وجه ظهور فساد الايراد فهو أنه.

إن كان المراد من الاطلاق في قوله: مطلقة لا عامة هو الاطلاق المحمول على العموم بدليل مقدمات الحكمة.

فغير صحيح، لما ذكرناه من الفرق بين الصورتين.

(2) اي صاحب الجواهر قدس سره.

خلاصة هذا الاستثناء إنه إن كان المراد في الاطلاق هو اطلاق

ص: 312

فقد ظهر أيضا مما ذكرنا: من (1) تغاير موردي الرجوع الى الاستصحاب، و الرجوع الى العموم:

فساد ما قيل (2) في الاصول:

+++++++++++

العموم الزماني الذي مآله الى الوجه الاول الذي ذكر في الصورة الاولى: و هي التي يكون الزمان فيها ظرفا للحكم، و الذي كان موجبا لجريان الاستصحاب: فهو صحيح.

(1) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: مما ذكرنا.

(2) القائل هو السيد بحر العلوم قدس سره في فوائده الأصولية و شيخنا قدس سره نقل عنه هذه المقالة في كتابه النفيس:

(فرائد الاصول - أو الرسائل) في التنبيه العاشر من تنبيهات الاستصحاب.

أليك خلاصة ما افاده السيد بحر العلوم قدس سره في فوائده.

إن نسبة الاستصحاب الى العموم في مثل الصورة الاولى مثل نسبة الخاص الى العام.

فكما أنه يقدم على العام، كذلك الاستصحاب قد يقدم على العام و يخصصه، و قد مثل لذلك بقوله: باستصحاب النجاسة و التحريم عند الشك في ذهاب ثلثي العصير بعد الغليان و الفوران، لأنه بالغليان قد تنجس و حرم شربه، لكن نشك في طهارته، و رفع المانع عن شربه بواسطة الغليان: بأن شك.

هل ذهب ثلثاه حتى يطهر و يحل شربه؟

أو لم يذهب فتستصحب النجاسة و يحكم بحرمة شربه، لليقين السابق: و هي النجاسة بالغليان؟.

ص: 313

..........

+++++++++++

و من جملة ما افاده في هذا المقام قدس سره.

إن الخاص و إن كان استصحابا مقدم على العام و إن كان؟ كتابا؟ كما حقق في محله.

و من المناسب نقل عبارته لتحيط بها علما.

أليك نص عبارته.

استصحاب الحكم المخالف للأصل في شيء دليل شرعي رافع لحكم الاصل، و مخصص لعمومات الحل كاستصحاب حكم العنب، فان الاصل قد انتقض فيه بالاجماع و النصوص الدالة على تحريمه بالغليان و عمومات الكتاب و السنة قد تخصصت بهما قطعا، فحينئذ ينعكس الامر في الزبيب و يكون الحكم فيه بقاء التحريم الثابت له قبل الزبيب بمقتضى الاستصحاب فلا يرتفع إلا مع العلم بزواله.

و الخاص و إن كان استصحابا مقدم على العام و إن كان كتابا كما حقق في محله.

و أما استصحاب الحل فغايته الحلية بالفعل، و هي لا تنافي التحريم بالقوة، و الحل المنجز يرتفع بحصول شرائط التحريم.

(فان قيل): مرجع الاستصحاب الى ما ورد في النصوص:

من عدم جواز نقض اليقين بالشك و هذا عام لا خاص.

(قلنا): الاستصحاب في كل شيء ليس إلا بقاء الحكم الثابت له و هذا المعنى خاص بذلك الشيء و لا يتعداه الى غيره، و عدم نقض اليقين بالشك و إن كان عاما، إلا أنه واقع في طريق الاستصحاب و ليس نفس الاستصحاب المستدل به.

ص: 314

من (1) أن الاستصحاب قد يخصص العموم

+++++++++++

و العبرة في الخصوص و العموم بنفس الأدلة، لا بأدلة الأدلة و إلا لزم أن لا يوجد في الأدلة الشرعية دليل خاص اصلا، اذ كل دليل ينتهي إلى أدلة عامة هي دليل حجيته.

و ليس عموم قولهم عليهم السلام: لا تنقض اليقين بالشك بالقياس إلى أفراد الاستصحاب و جزئياته إلا كعموم قوله تعالى: إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ بالقياس الى أخيار الآحاد المروية.

فكما أن ذلك لا يتنافى كون الخير خاصا اذا اختص مورده بشيء معين.

فكذا هذا، و لذا ترى الفقهاء يستدلون باستصحاب النجاسة و الحرمة في مقابل الاصول و العمومات الدالة على طهارة الأشياء و حليتها.

و كذا باستصحاب اشتغال الذمة في قبال براءة الذمة: من الاصل و العمومات.

و في مسائل العصير ما يبتنى على ذلك أيضا كمسألة الشك في ذهاب الثلثين، و كون التحديد فيه تحقيقيا لا تقريبيا.

و كذا مسألة خضب الإناء، و صيرورة العصير دبسا قبل ذهاب ثلثيه، و غير ذلك من المسائل.

و لو لا أن الاستصحاب دليل خاص يجب تقديمه على الاصل و العمومات لما صح شيء من ذلك.

و هذا من نفائس المباحث فاحتفظ به.

راجع (الفوائد الاصولية) الطبعة الحجرية ص 116-117.

(1) كلمة من بيان لما قاله السيد بحر العلوم و قد عرفته في الهامش 2 ص 313.

ص: 315

و مثّل (1) له بالصورة الاولى (2)، زعما منه أن الاستصحاب قد خصص العموم.

و قد عرفت (3) أن مقام جريان الاستصحاب لا يجوز فيه الرجوع الى العموم و لو على فرض عدم الاستصحاب.

و مقام جريان العموم لا يجوز الرجوع الى الاستصحاب و لو على فرض عدم العموم.

فليس (4) شيء منهما ممنوعا بالآخر في شيء من المقامين.

+++++++++++

(1) اي و مثل السيد بحر العلوم للاستصحاب المخصص للعموم.

(2) المشار إليها في الهامش 2 ص 310.

(3) من هنا يروم وجه فساد كلام السيد بحر العلوم (قدس سرهما).

و قد ذكره مشروحا فلا نعيده.

(4) الفاء تفريع على ما افاده في هذه الصفحة بقوله: و قد عرفت:

اي ففي ضوء ما ذكرنا لا يكون شيء: من الاستصحاب و العموم يمنع بالآخر، فلا الاستصحاب يعارض العام، و لا العام يعارض الاستصحاب لتغاير موردي الرجوع الى الاستصحاب.

فما افاده السيد بحر العلوم قدس سره: من أن المورد الذي لا يرجع فيه الى العموم، بل يرجع فيه الى الاستصحاب انما هو لاجل أن الاستصحاب مانع من الرجوع الى العموم فيكون من قبيل المخصص للعموم، و بالطبع إنه مع وجود الخاص لا يرجع الى العام:

غير صحيح في نظر شيخنا الانصاري، لأنه في مورد الرجوع الى الاستصحاب، و عدم جواز الرجوع الى العام كما في الصورة الاولى التي كان العموم فيها مجموعيا إنما هو لاجل عدم وجود

ص: 316

اذا عرفت هذا فما نحن فيه (1).

+++++++++++

المقتضي للرجوع الى العام، الاجل وجود المانع من الرجوع إليه و لذا لو فرض عدم جريان الاستصحاب في مورد جريانه لمانع ما فلا يرجع الى العموم أيضا، بل يرجع الى اصل آخر.

كما أنه في مورد الرجوع الى العموم كما في الصورة الثانية التي كان العموم فيها استغراقيا و لا يجوز فيها الرجوع الى الاستصحاب لو فرض حصول مانع ما من الرجوع الى العموم

فالحاصل إن عدم الرجوع الى العموم في مورد جريان الاستصحاب إنما هو لقصور المقتضي عن الرجوع إليه، لا لوجود المانع.

و يؤيد هذا المعنى الذي قصده شيخنا الانصاري قدس سره ما ظهر من خلال عبارته في الصورة الاولى التي ناقش فيها صاحب جامع المقاصد، حيث قال: و ليس هذا من باب معارضة العموم للاستصحاب الى أن قال: فلا مقتضي للعموم الزماني فيه حتى يقتصر فيه من حيث الزمان على المتيقن، بل الفرد الخارج واحد دام زمان خروجه أو انقطع.

(1) خلاصة هذا الكلام إنه لما عرفت مناط الفرق بين مورد جريان استصحاب الحكم المخصص، و بين مورد الرجوع الى عموم العام، و أنه ليس شيء منهما ممنوعا بالآخر:

فما نحن فيه: و هي المعاملة الغبنية الخارجة عن تحت عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : يكون من صغريات تلك الكبرى الكلية التي هي الصورة الاولى للعموم الزماني المفروض فيها العموم مجموعيا على ما يستفاد من صاحب جامع المقاصد.

ص: 317

من قبيل الاول، لأن (1) العقد المغبون فيه اذا خرج عن عموم وجوب الوفاء.

فلا فرق بين عدم وجوب الوفاء به في زمان واحد.

و بين عدم وجوبه رأسا، نظير (2) العقد الجائز دائما.

فليس (3) الامر دائرا بين قلة التخصيص، و كثرته حتى يتمسك بالعموم فيما عدا المتيقن.

+++++++++++

فما نحن فيه يكون موردا لاستصحاب حكم المخصص.

و ليس موردا للرجوع الى عموم العام.

(1) تعليل لكون ما نحن فيه من قبيل الاول.

خلاصته إن الوجه في أن ما نحن فيه من صغريات تلك الكبرى الكلية، و أن المرجع فيه هو استصحاب حكم المخصص، لا الرجوع الى عموم العام: هو أن المعاملة الغبنية لما كانت داخلة تحت عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و كانت فردا من أفراد موضوعه: كانت مشمولة لحكمه الواحد: و هو استمرار وجوب الوفاء به.

لكن بعد خروجها عن تحت ذاك العموم بمخصص ما كما علمت فقد انفصل عن حكم العام بالكلية الذي كان هو وجوب الوفاء و بهذا الخروج لا ينثلم حكم العام و استمراريته لبقية أفراد موضوعه سواء أ كان خروج هذا الفرد عن تحت الحكم آنا مّا، أو دائما كما في العقود الجائزة التي خرجت عن تحت حكم العموم دائما و على الاستمرار

(2) مثال لعدم وجوب الوفاء بالعقد رأسا.

و قد عرفته آنفا عند قولنا: كما في العقود الجائزة.

(3) دفع وهم.

ص: 318

فلو فرض عدم جريان الاستصحاب في الخيار (1) على ما سنشير إليه (2) لم يجز التمسك بالعموم أيضا (3).

+++++++++++

حاصل الوهم إن الاقتصار على الفرد الخارج عن تحت حكم العام.

و هو الآن الاول المتيقن خروجه عن تحته ثم الرجوع الى عموم العام:

يكون أقل تخصيصا.

بخلاف ما اذا انفصل عن حكم عموم العام بالكلية، و اخذ باستصحاب حكم المخصص، فانه يلزم منه كثرة التخصيص، لوضوح ان زمان انفصاله عن العموم دائما أطول من زمن انفصاله آنا ما اذا يدور الامر بين قلة التخصيص و كثرته.

و من المعلوم أن قلة التخصيص أولى من كثرته.

هذه خلاصة التوهم.

و أما الجواب عن هذا الوهم فقد عرفته في الدفاع الذي افاده شيخنا الأنصاري قدس سره بارجاع عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بعد تخصيصه بالمعاملة الغبنية الى الصورة الاولى التي ذكرت في الهامش 2 ص 310

(1) لعدم احراز موضوع الاستصحاب، و لأنه من موارد الشك في المقتضي الذي لا يجري فيه الاستصحاب كما هو رأيه قدس سره على ما هو المعروف عنه في الاصول، و ان كان الظاهر من عبارته هنا إن المانع من جريان الاستصحاب هو عدم احراز الموضوع.

(2) و هو عند ما يختار الفورية في خيار الغبن عند قوله في ص 331 إن الأقوى كون الخيار هنا على الفور.

(3) لما تقدم في الهامش 1 ص 317 ان عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ من قبيل العموم المجموعي فلا يجوز التمسك به في الزمان الثاني لاثبات

ص: 319

نعم يتمسك فيه (1) حينئذ (2) بأصالة (3) اللزوم الثابتة (4) بغير العمومات.

و أما استناد القول بالتراخي الى الاستصحاب فهو حسن على ما اشتهر من المسامحة في تشخيص الموضوع في استصحاب الحكم الشرعي الثابت بغير الأدلة اللفظية (5) المشخصة للموضوع، مع كون الشك

+++++++++++

فورية خيار الغبن.

(1) اي في فرض عدم جريان الاستصحاب.

(2) اي حين عدم جواز التمسك بالعموم أيضا.

(3) المراد بها هو الاصل العملي الذي هو استصحاب بقاء الملكية و اثر العقد الذي هو النقل و الانتقال الحاصلان بمجرد وقوع العقد بعد تمامية شرائط المتعاقدين و العوضين، فعند الشك في زوال الملكية بعد مجيء الغبن، و عدم الاخذ بالخيار فورا: نستصحب البقاء.

و قد مر شرح هذا الاستصحاب في الدليل الثاني الذي افاده العلامة قدس سره في التذكرة بقوله:

إن الاصل في البيع اللزوم، لأن الشارع وضعه مفيدا لنقل الملك: و الاصل الاستصحاب.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 18-19 عند قول شيخنا الانصاري قدس سره: الثانية ذكر غير واحد تبعا للعلامة في كتبه: إن الاصل.

(4) بالجر صفة لكلمة بأصالة اي الأصالة التي ثبتت بغير العمومات.

(5) اذ خيار الغبن حكم شرعي ثابت من الاجماع، و ليس له دليل لفظي.

ص: 320

من حيث استعداد (1) الحكم للبقاء.

+++++++++++

بخلاف بقية الخيارات كخيار المجلس و الحيوان و الشرط و العيب و الرؤية، فانها ثابتة من الأدلة اللفظية الواردة في الخيارات كقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم في خيار المجلس:

البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع.

و كقوله عليه السلام في خيار الحيوان:

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان.

و كقوله عليه السلام في خيار الشرط:

و المسلمون عند شروطهم.

و كقوله عليه السلام في خيار العيب:

إن كان الشيء قائما بعينه ردّه على صاحبه و اخذ الثمن:

و إن كان الثوب قد قطّع، أو خيط، أو صبغ يرجع بنقصان العيب:

و كقوله عليه السلام في خيار الرؤية:

إنه لو قلب منها و نظر الى تسعة و تسعين قطعة ثم بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية.

راجع حول الأحاديث.

(وسائل الشيعة) الجزء 12 - الباب 5 من ص 345 الى 363، (1) المراد من الاستعداد هو الاقتضاء: اي الحكم الذي هو الخيار بعد الشك في بقائه عند عدم الاخذ به في الآن الاول فورا

هل هناك مقتض لبقائه في الأزمنة اللاحقة؟

أو لم يكن هناك مقتض للبقاء؟

ص: 321

و أما على التحقيق: من عدم (1) احراز الموضوع في مثل ذلك على وجه التحقيق فلا يجري فيما نحن (2) فيه الاستصحاب، فان (3) المتيقن سابقا ثبوت الخيار لمن لم يتمكن من تدارك ضرره بالفسخ.

فاذا فرضنا ثبوت هذا الحكم (4) من الشرع فلا معنى لانسحابه (5) في الآن اللاحق، مع كون الشخص (6) قد تمكن من التدارك و لم يفعل، لأن (7)

+++++++++++

(1) الظاهر أن كلمة عدم هنا سهو من النساخ.

و الصواب أن يقال: و أما على التحقيق: من لزوم احراز الموضوع في مثل ذلك تحقيقا و تدقيقا كما حقق في محله.

(2) و هو بقاء خيار الغبن في الأزمنة اللاحقة بعد عدم الاخذ بالخيار فورا في الآن الاول.

(3) تعليل لعدم ثبوت خيار الغبن في الأزمنة اللاحقة.

(4) و هو خيار الغبن.

(5) اي لا معنى لانسحاب استصحاب هذا الحكم، و هو الخيار في الآن اللاحق.

(6) و هو المغبون القادر على اخذ الخيار و لم يأخذ به.

(7) تعليل لسقوط خيار المغبون في الأونة الأخيرة لو كان متمكنا من اخذ الخيار و لم يأخذ اي اثبات الخيار لمثل هذا المغبون القادر على الاخذ و لم يأخذ قياسا له بالآن الاول قياس باطل و محرم لا نعترف به، لأن حق الخيار في الآن الاول كان بسبب الغبن بعد العلم به لا في الآونة اللاحقة، فلا مجال للتمسك بالاستصحاب.

بل يتمسك بعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

ص: 322

هذا موضوع آخر يكون اثبات الحكم له (1) من القياس المحرم.

نعم (2) لو احرز الموضوع (3) عن دليل لفظي على المستصحب(1) (4) أو كان (5) الشك في رافع الحكم حتى لا يحتمل أن يكون الشك لاجل تغير الموضوع: اتجه التمسك بالاستصحاب.

+++++++++++

(1) اي لهذا الشخص المتمكن من اخذ الخيار فورا و لم يأخذ به (2) استدراك عما افاده: من عدم جريان الاستصحاب في الأزمنة اللاحقة لمن كان متمكنا من الاخذ بالخيار و لم يأخذ به:

و لهذا الاستدراك فردان:

فرد يحرز فيه الموضوع الذي هو الخيار من دليل لفظي، لا من الاجماع الذي هو المدرك لخيار الغبن.

كأن يقال: إن للمغبون الخيار. فهنا يثبت الخيار له في الأزمنة اللاحقة بالاستصحاب و إن كان متمكنا من الاخذ و لم يأخذ به.

(3) و هو الخيار كما عرفت.

(4) و هي الأزمنة اللاحقة.

(5) هذا هو الفرد الثاني للاستدراك.

خلاصته إنه من الممكن أيضا جريان استصحاب خيار الغبن في الآونة الاخيرة لو كان الشك في رافع الحكم و هو الخيار كأن يقال:

إن موضوع خيار الغبن هو البيع الذي وقع فيه الغبن.

لكن بعد علمه بالغبن، و عدم اخذه بالخيار فورا يشك في رفع الخيار بهذا التأخير فهنا نستصحب بقاء الخيار.

بخلاف ما اذا كان الشك في تغير الموضوع.

ص: 323


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما (1) ما ذكره في الرياض ففيه أنه إن بني الأمر على التدقيق في موضوع الاستصحاب كما اشرنا هنا و حققناه في الاصول (2).

فلا يجري الاستصحاب، و إن كان المدرك للخيار الاجماع.

و إن (3) بني على المسامحة فيه كما اشتهر جرى الاستصحاب.

+++++++++++

كما إذا لا يدري أن موضوع خيار الغبن هو البيع الذي اخذ فيه الخيار فورا بعد علمه بالغبن؟

أو موضوعه أعم من الذي يؤخذ به فورا، أو متأخرا؟

بعد علمه بالغبن في الحالتين.

فهنا لا مجال لجريان الاستصحاب، لعدم العلم من بداية الامر بموضوع الخيار، و هذا معنى قوله قدس سره: حتى لا يحتمل أن يكون الشك لاجل تغير الموضوع.

(1) هذا رد على ما افاده صاحب الرياض بنقل شيخنا الانصاري قدس سرهما عنه في ص 301 بقوله: و ذكر في الرياض ما حاصله.

خلاصة الرد إن موضوع الاستصحاب إن كان مبنيا على التحقيق العقلي و التدقيق القطعي كما اشار الى هذا المعنى بقوله ص 322:

و أما على التحقيق:

فلا مجال لجريان الاستصحاب هنا و إن كان مدرك الاستصحاب هو الاجماع، لا الدليل اللفظي.

(2) راجع (فرائد الاصول) الطبعة الحجرية مبحث تنبيهات الاستصحاب.

(3) اي و أما اذا كان موضوع الاستصحاب مبنيا على المسامحة العرفية كما هو المشهور عند الأصحاب فيجري الاستصحاب.

ص: 324

و إن استند (1) في الخيار(1) الى قاعدة الضرر كما اعترف به (2) ولده قدس سره في المناهل، مستندا (3) الى احتمال أن يكون الضرر علة محدثة: يكفي (4) في بقاء الحكم (5) و إن ارتفع.

إلا أن يدعي (6) أنه اذا استند الحكم الى الضرر فالموضوع للخيار هو المتضرر العاجز عن تدارك ضرره و هو غير محقق في الزمان اللاحق كما اشرنا إليه (7).

+++++++++++

هذا اذا كان مدرك خيار الغبن هو الاجماع.

(1) اي و أما اذا كان مدركه مستندا الى قاعدة نفي الضرر في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

فهنا يجري الاستصحاب أيضا.

و قد افاد هذا المعنى نجل صاحب الرياض السيد محمد قدس سرهما في المناهل، استنادا الى احتمال كون الضرر علة محدثة لثبوت الخيار في الآونة اللاحقة، و ان ارتفع الخيار في الآن الاول الذي لم يؤخذ به.

(2) اي باستناد خيار الغبن الى قاعدة نفي الضرر.

(3) حال لصاحب المناهل قدس سره.

(4) جواب لإن الشرطية في قوله في قوله الصفحة: و إن استند في الخيار.

(5) و هو الخيار.

(6) اي صاحب المناهل قدس سره.

(7) في ص 322 عند قوله: فلا معنى لانسحابه في الآن اللاحق مع كون الشخص قد تمكن من التدارك.

ص: 325


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ثم إنه بنى بعض المعاصرين (1) المسألة (2) على ما لا محصل (3) له.

فقال ما لفظه: إن المسألة (4) مبتنية على أن لزوم العقد معناه أن اثر العقد (5) مستمر الى يوم القيامة، و أن عموم الوفاء بالعقود عموم زماني، للقطع (6) بأن ليس المراد من الآية الوفاء بالعقود آنا ما، بل على الدوام.

و قد فهم المشهور منها (7) ذلك، باعتبار أن الوفاء بها (8) هو العمل بمقتضاها.

و لا ريب أن مفاده (9) عرفا، و بحسب قصد المتعاقدين الدوام.

+++++++++++

(1) و هو المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره.

راجع خياراته الطبعة الحجرية ص 86-87 عند قوله.

و التحقيق أن المسألة مبنية.

(2) اي مسألة خيار الغبن.

(3) اي لا نتيجة لهذا المبنى الذي بنى المسألة عليه.

(4) اي مسألة خيار الغبن.

(5) و هو النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري.

(6) تعليل لكون اثر العقد الذي هو مفاد اللزوم و مقتضاه مستمرا الى يوم القيامة.

(7) اي المشهور فهم من آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الدوام.

(8) اي الوفاء بالعقود على الدوام و الاستمرار الى يوم القيامة هو العمل بمقتضى الآية الكريمة: اي الدوام و الاستمرار هو من مقتضيات أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(9) اى مفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

ص: 326

فان دل دليل على ثبوت خيار: من (1) ضرر، أو اجماع، أو نص في ثبوته في الماضي، أو مطلقا (2)، بناء (3) على الاهمال (4) لا الاطلاق (5) في الأخبار،(1) فيكون (6) استثناء من ذلك العام و يبقى العام (7) على عمومه.

كاستثناء (8) أيام الاقامة.

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لقوله: فان دل دليل: اي الدليل الدال على الخيار من الخارج، سواء أ كان دليل لا ضرر، أو الاجماع، أو نصا الدال هذا الدليل على ثبوت الخيار في الزمن الماضي بواسطة الغبن.

(2) أو يدل ذلك الدليل على ثبوت الخيار مطلقا، من دون اختصاص له بالزمن الماضي.

(3) تعليل لدلالة الدليل على ثبوت الخيار مطلقا اي منشأ الاطلاق هو الاجمال المستفاد من الآية حيث لم يصرح فيها كيفية ثبوت الخيار:

من حيث الدوام، أو الفور.

(4) و هو الاجمال.

(5) اي و ليس الاهمال و الاجمال لاجل الاطلاق في الأخبار.

(6) الفاء تفريع على ما افاده: فان دل دليل: اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون استثناء خيار الغبن من ذلك العموم: و هو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(7) و هو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ يبقى على عمومه: و هو لزوم العقد بالنسبة الى الأزمنة اللاحقة فلا مجال للخيار فيها.

(8) تنظير لكون الخيار مستثنى من ذلك العموم، و أن العام بعد الاستثناء باق على عمومه: اي كما ان حكم المسافر في مدة الاقامة عشرة أيام، أو بعد مضي ثلاثين يوما مترددا، أو كان سفره سفر

ص: 327


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الثلاثين (1)، و وقت المعصية (2)، و نحوها: من (3) حكم السفر.

أو أن اللزوم (4) ليس كالعموم و إنما يثبت (5) ملكا سابقا و يبقى حكمه (6) مستصحبا الى المزيل (7) فتكون المعارضة بين الاستصحابين (8).

+++++++++++

معصية مستثنى من حكم المسافر: بمعنى ان عليه اتيان الصلاة تماما في الموارد المذكورة الى أن يسافر بعد الاقامة، أو بعد ثلاثين يوما أو أن يرجع عن نية المعصية فيرجع حكمه حينئذ الى حكم المسافر فيجب عليه اتيان الصلاة قصرا.

(1) اي بعد بقاء ثلاثين يوما مترددا كما علمت.

(2) اي اذا كان سفره معصية كما علمت.

(3) الجار و المجرور متعلق بكلمة كاستثناء.

(4) اي اللزوم في البيع ليس كالعموم في عمومية الأزمان، لأن اللزوم إنما يثبت الملكية السابقة عند الشك في زوالها، فحكم اللزوم في الموارد المشكوكة انما يثبت بالاستصحاب.

بخلاف العموم، فإنه باق على عموميته، ففي الأزمنة اللاحقة يرجع الى العموم.

(5) اي اللزوم كما علمت.

(6) اي حكم اللزوم و هي الملكية الثابتة بالعقد.

(7) اي المزيلة للملكية و هو الخيار.

(8) و هما: استصحاب لزوم الملكية في الموارد المشكوكة.

و استصحاب بقاء الخيار في الأزمنة اللاحقة بعد أن لم يؤخذ بالخيار فورا.

ص: 328

و الثاني (1) و ترد على الاول فيقدم (2) عليه.

و الاول (3) أقوى، لأن (4) حدوث الحادث مع زوال العلة السابقة يقضي (5) بعدم اعتبار السابق.

أما مع بقائها (6) فلا يلغو اعتبار السابق

+++++++++++

(1) و هو استصحاب بقاء الخيار.

(2) اي استصحاب بقاء الخيار يقدم على استصحاب لزوم الملكية في الموارد المشكوكة.

(3) هذا رأي المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره: اي الاول: و هو لزوم العقد و استمرار اثره الى يوم القيامة، و أن العموم فيه عموم زماني لفظي يستفاد من اطلاق اللفظ:

أقوى من القول باستصحاب بقاء الخيار في الأزمنة اللاحقة.

(4) تعليل لكون الاول أقوى.

خلاصته إن حدوث الحادث الذي هو الخيار المسبّب لزوال العلة السابقة التي هو العقد: يقضي بعدم اعتبار السابق الذي هو لزوم العقد: بمعنى أن حدوث الحادث إنما يوجب الرجوع الى استصحاب بقاء الخيار اذا قضى باعتبار هذا الحدث الذي هو الخيار، و عدم اعتبار السابق الذي هو اللزوم مع زوال العلة التي هو العقد بسبب مجيء الخيار.

(5) جملة يقضي مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله: لأن حدوث:

(6) اي و أما مع بقاء العلة السابقة كما فيما نحن فيه فلا مجال للقول بلغوية السابق الذي هو اللزوم، لبداهة وجود العقد مع الخيار.

اذا لازم القول ببقاء العلة هو الحكم بلزوم العقد و استمرار

ص: 329

انتهى (1)،

و لا يخفى (2) أن ما ذكره: من المبنى للرجوع الى العموم:

و هو استمرار اللزوم مبني لطرح العموم، و الرجوع الى الاستصحاب.

و أما ما ذكره اخيرا (3) لمبنى الرجوع الى الاستصحاب،

و حاصله إن اللزوم إنما يثبت بالاستصحاب فاذا ورد عليه استصحاب الخيار قدّم (4) عليه.

ففيه (5) أن الكل متفقون على الاستناد في أصالة اللزوم الى

+++++++++++

اثره الى يوم القيامة، لا القول باستصحاب الخيار، و عدم لزوم العقد

(1) اي ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره في هذا المقام.

راجع (خياراته) الطبعة الحجرية ص 80-87.

(2) من هنا يروم الرد على ما افاده من التمسك بالاستصحاب في لزوم العقد و استمراره الى يوم القيامة.

خلاصته ان المبنى الذي ذكره في الرجوع الى عموم لزوم العقد باستصحاب بقاء الملكية السابقة: موجب لطرح العموم اللفظي: و هو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و موجب للرجوع الى الاستصحاب، مع أن الرجوع الى العموم اللفظي مقدم على الرجوع الى الاستصحاب.

(3) من معارضة الاستصحابين بقوله في ص 328: فتكون المعارضة بين الاستصحابين.

(4) اي قدّم استصحاب بقاء الخيار على استصحاب بقاء لزوم الملكية كما عرفت.

(5) اي و فيما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره:

ص: 330

عموم آية الوفاء، و إن امكن الاستناد فيه الى الاستصحاب أيضا فلا وجه للاغماض عن الآية أيضا، و ملاحظة الاستصحاب المقتضي للزوم مع استصحاب الخيار.

ثم إنه قد علم من تضاعيف ما اوردناه على كلمات الجماعة (1) أن الأقوى كون الخيار هنا (2) على الفور، لأنه لما لم يجز التمسك في الزمان الثاني بالعموم (3)، لما عرفت سابقا، من أن مرجع

+++++++++++

من أن لزوم العقد ثابت بالاستصحاب، و أما إن عارض هذا الاستصحاب بقاء الخيار قدّم على استصحاب لزوم الملكية:

إشكال خلاصته: إن الفقهاء بأجمعهم سواء أ كانوا قائلين بأخذ الخيار فورا أم تراخيا: متفقون على ان مدرك لزوم الملكية و استمرار العقد الى يوم القيامة: هو عموم آية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لا الاستصحاب و ان كان استناد اللزوم الى الاستصحاب امرا ممكنا.

لكن لا دليل على الاغماض من عموم الآية و التمسك باستصحاب بقاء اللزوم حتى يقال عند اجتماع الاستصحابين و معارضتها: يقدم استصحاب بقاء الخيار على استصحاب بقاء اللزوم.

(1) القائلين بفورية الخيار، أو التراخي عند ما اورده قدس سره في ص 302 بقوله: و يمكن الخدشة في الكل.

و عند ما اورده على المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره في ص 330 بقوله: و لا يخفى أن ما ذكره: من المبنى.

و عند قوله في ص 330: ففيه أن الكل متفقون:

(2) اي في خيار الغبن.

(3) اي بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بعد أن لم يأخذ بالخيار فورا.

ص: 331

العموم الزماني في هذا المقام (1) الى استمرار الحكم في الأفراد فاذا انقطع (2) الاستمرار فلا دليل على العود إليه (3) كما في جميع الأحكام المستمرة اذا طرأ عليها الانقطاع.

و لا (4) باستصحاب الخيار، لما عرفت: من (5) أن الموضوع غير محرز، لاحتمال (6) كون(1)

+++++++++++

(1) المراد منه هي الآونة الاخيرة التي يريد المغبون اخذ الخيار فيها عند ما لم يأخذ بالخيار فورا بعد علمه بالغبن.

(2) اي بواسطة مجيء الخيار بظهور الغبن.

(3) اي الى استمرار الحكم: و هو الوفاء بالعقد في بقية الآونة الاخيرة.

و هناك فرق بين المقامين، حيث إن المقتضي للاستمرار فيما نحن فيه هو العموم اللفظي و هو دليل اجتهادي، فلا يجوز معه الرجوع الى الاصل العملي.

بخلاف سائر الموارد التي ثبت فيها استمرار الحكم، فان مجرد المقتضي ليس دليلا حتى يرجع إليه، فلا بد من العمل بالاصل العملي.

(4) اي و كذلك لا دليل على استصحاب بقاء الخيار في الآونة الاخيرة عند ما لم يؤخذ بالخيار.

(5) كلمة من بيان لما عرفت: اي ما عرفته سابقا في ص 322:

و هو أن الموضوع في الاستصحاب غير محرز: لأنه لم يعلم.

هل هو مبني على المسامحة العرفية في تشخيص الموضوع؟

أم على احراز الموضوع على وجه التحقيق؟

(6) تعليل لعدم وجود دليل على الرجوع الى استصحاب بقاء الخيار في الآونة الاخيرة عند عدم الاخذ بالخيار فورا.

ص: 332


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

موضوع الحكم (1) عند الشارع هو من لم يتمكن من تدارك ضرره بالفسخ فلا يشمل الشخص المتمكن منه (2) التارك له (3).

بل قد يستظهر ذلك (4) من حديث نفي الضرر:

تعين (5) الرجوع الى أصالة فساد فسخ المغبون، و عدم (6) ترتب الاثر عليه: و بقاء (7) آثار العقد فيثبت (8) اللزوم من

+++++++++++

(1) المراد به هو الخيار.

(2) اي من اخذ الخيار فورا.

(3) اي لاخذ الخيار.

(4) اي عدم جواز اخذ الخيار في الآونة الاخيرة عند عدم الاخذ بالخيار فورا: هو ظاهر حديث لا ضرر و لا ضرار.

(5) هذا رأيه قدس سره اذا لم يأخذ المغبون بالخيار فورا عند ما ظهر له الغبن: اي عند عدم وجود دليل للرجوع الى العموم اللفظي في الآونة الاخيرة.

و عند عدم وجود دليل للرجوع الى استصحاب بقاء الخيار:

يتعين الرجوع الى أصالة فساد فسخ المغبون.

و جملة تعين الرجوع جواب لقوله في ص 331: لأنه لما لم يجز التمسك.

(6) المراد من عدم ترتب الاثر على فسخ المغبون هو عدم حق له لاسترجاع الثمن من الغابن.

(7) بالرفع عطفا على فاعل تعين: اي و تعين بقاء آثار العقد:

و هو النقل و الانتقال: بمعنى أنه يبقى الثمن عند الغابن، و المثمن عند المغبون.

(8) اي علة ثبوت لزوم العقد في مورد الشك الذي هي الآونة.

ص: 333

هذه الجهة.

و هذا (1) ليس كاستصحاب الخيار، لأن الشك هنا في الرافع فالموضوع محرز.

كما (2) في استصحاب الطهارة بعد خروج الذي.

+++++++++++

الاخيرة: هو استصحاب بقاء الملكية الذي هو الاصل العملي لا من جهة العموم اللفظي الذي هو الوفاء بالعقد، لأن العموم بواسطة مجيء الغبن بعد العلم به قد ذهب فلا مجال لجريانه.

(1) اي استصحاب بقاء الملكية ليس كاستصحاب بقاء الخيار لأن الشك في الاصل العملي في الرافع.

و الشك في استصحاب بقاء الخيار في احراز الموضوع.

فالموضوع في استصحاب بقاء الملكية محرز.

بخلاف استصحاب بقاء الخيار، فان الموضوع غير محرز فيه فالشك في احراز الموضوع، لا في الرافع.

(2) هذا تنظير لكون استصحاب بقاء الملكية ليس كاستصحاب بقاء الخيار.

خلاصة التنظير إن استصحاب بقاء الملكية نظير استصحاب بقاء الطهارة بعد خروج الذي من المتوضّئ.

فكما أنه يجري استصحاب الطهارة عند الشك في خروج البول مع المذي و يحكم ببقاء الطهارة، لأن الشك في الرافع، لا في احراز الطهارة.

كذلك فيما نحن فيه نستصحب بقاء الملكية، و نحكم بثبوتها و لزومها لكون الشك في الرافع، لا في احراز الموضوع.

ص: 334

فافهم (1) و اغتنم، و الحمد للّه.

هذا (2) مضافا الى ما قد يقال هنا (3)، و فيما يشبهه: من (4) اجازة عقد الفضولي و نكاحه، و غيرهما: من (5) أن تجويز التأخير فيها

+++++++++++

(1) اشاره الى دقة المطلب و غموضه، و أنه محتاج إلى تفكر عميق، و تأمل دقيق حتى يتبين لك أنه.

كيف يجري استصحاب بقاء الملكية؟

و أن المقام مقام التمسك بالاستصحاب، لا بالعموم اللفظي الذي هو قوله عزّ من قائل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و أنه كيف لا يكون هذا الاستصحاب مثل استصحاب بقاء الخيار؟ و أنه كيف يكون الشك فيما نحن فيه في الرافع؟

و في استصحاب بقاء الخيار في احراز الموضوع؟

(2) اي ما ذكرناه لك حول عدم بقاء الخيار للمغبون بعد عدم الاخذ بخياره فورا: اذا لم يكفك في المقام قلنا دليل آخر، و هذا الدليل في الواقع تأييد لما ذهب إليه: من استصحاب بقاء الملكية.

و الدليل هو دخول الضرر على الغابن لو قلنا بجواز تأخير الخيار في الآونة اللاحقة، لأنه بناء على جواز التأخير يلزم على الغابن الانتظار الى أن يأخذ المغبون خياره، مع أن مدة الانتظار مجهولة و الجهل بالمدة و الانتظار إليها مما يوجب الضرر على الغابن.

(3) اي في باب خيار الغبن الذي لم يؤخذ به.

(4) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله: و فيما يشبهه: اي ما يشبه عبارة من الاجازة الصادرة من صاحب المال، أو من بيده عقدة النكاح.

(5) كلمة من بيان لقوله في هذه الصفحة: قد يقال: اي جواز

ص: 335

ضرر على من عليه الخيار، و فيه (1) تأمل.

ثم إن مقتضى ما استند إليه للفورية عدا هذا المؤيد الاخير (2) هي الفورية العرفية، لأن الاقتصار على الحقيقية (3). حرج على ذي الخيار فلا ينبغي تدارك الضرر بها (4).

و الزائد عليها (5) لا دليل عليه عدا الاستصحاب (6) المتسالم على رده بين اهل هذا القول.

+++++++++++

التأخير قد يستشكل عليه: بأنه موجب للضرر على من عليه الخيار فان من عليه الخيار فيما نحن فيه: و هو خيار الغبن هو الغابن، و في عقد الفضولي المشتري أو البائع، و في نكاح الفضولي الرجل، أو المرأة.

(1) اي و في هذا التأييد: و هو الضرر على من عليه الخيار نظر و إشكال و تأمل.

وجه التأمل هو أننا نمنع كون مطلق التأخير موجبا للضرر على من عليه الخيار، لأن الغابن متمكن من التصرف فيما انتقل إليه بأنواع التصرفات قبل فسخ المغبون.

بل له التصرف على نحو الانتقال و الاتلاف.

(2) و هو تجويز التأخير ضرر على من عليه الخيار.

(3) اي الفورية الحقيقية التي تحصل في الآن الاول.

(4) اي بالفورية الحقيقية، اذ من الصعب جدا تدارك الضرر بهذه الفورية الحقيقية عادة، فحينئذ لا بدّ من تداركه بالفورية العرفية.

(5) اي على الفورية العرفية: و هي الآونة الاخيرة.

(6) و هو استصحاب بقاء الخيار.

خلاصة الكلام إنه لا دليل على أزيد من الفورية العرفية سوى

ص: 336

لكن (1) الذي يظهر من التذكرة في خيار العيب على القول بفوريته: ما هو الأوسع من الفور العرفي.

قال (2): خيار العيب ليس على الفور على ما تقدم.

خلافا للشافعي: فانه اشترط الفورية و المبادرة بالعادة، فلا يؤمر (3) بالعدو، و لا الركض ليرده.

و إن كان (4) مشغولا بصلاة، أو اكل، أو قضاء حاجة فله الخيار الى أن يفرغ.

و كذا لو اطلع (5) حين دخل وقت هذه الامور فاشتغل بها (6) فلا بأس اجماعا، و كذا لو ليس ثوبا، أو اغلق بابا.

و لو اطلع (7) على العيب ليلا فله التأخير الى أن يصبح و إن لم يكن عذر انتهى (8).

+++++++++++

استصحاب بقاء الخيار، و هذا الاستصحاب متفق على رده القائلون بالفورية العرفية، و المنكرون الزائد عليها.

(1) استدراك عما افاده: من الفورية العرفية.

(2) اي العلامة قال في التذكرة في هذا المقام.

(3) اي من له الخيار: و هو المغبون.

(4) اي المغبون الذي له الخيار.

(5) اي و كذا لو اطلع المغبون على غبنه و أن له الخيار.

(6) اي بالامور المذكورة: من الصلاة و الاكل و الشرب

(7) اي المغبون.

(8) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 280 المسألة 13، و يكن في و إن لم يكن من الأفعال التامة بمعنى يوجد.

ص: 337

و قد صرح (1) في الشفعة على القول بفوريتها بما يقرب من ذلك (2) و جعلها من (3) الأعذار.

و صرح في الشفعة: بأنه لا يجب المبادرة على خلاف العادة و يرجع في ذلك كله الى العرف (4):

فكل ما لا يعد به تقصيرا لا تبطل به الشفعة.

و كل ما بعد تقصيرا و توانيا في الطلب فانه مسقط لها (5)، انتهى (6)

+++++++++++

(1) اي العلامة قدس سره.

(2) اي بأن المراد من الفورية هي الفورية العرفية، لا الفورية الحقيقية.

(3) اي و جعل العلامة قدس سره الامور المذكورة التي هي الصلاة و الاكل و الشرب، و ليس الثوب، و غلق الباب، و قضاء حاجة من جملة أعذار المغبون فخياره باق و إن لم يأخذ به فورا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 302 المسألة 4.

(4) اي العلامة قدس سره في التذكرة في باب الشفعة.

راجع (المصدر نفسه) المسألة 3.

(5) هذا من متممات كلام العلامة، و الفاء تفريع على ما افاده:

من عدم وجوب المبادرة في اخذ الخيار على خلاف العادة، و أن المبادرة موكول الى العرف.

(5) اي للشفعة.

(6) راجع (المصدر نفسه) ص 302 - المسألة الثالثة.

ص: 338

و المسألة (1) لا تخلو عن إشكال، لأن (2) جعل حضور وقت الصلاة، أو دخول الليل عذرا في ترك الفسخ المتحقق بمجرد قوله.

فسخت لا دليل عليه.

نعم لو توقف الفسخ على الحضور عند الخصم، أو القاضي أو على الاشهاد، توجه ما ذكر (3) في الجملة، مع أن قيام الدليل (4) عليه مشكل.

إلا أن يجعل الدليل على الفورية الإضرار لمن عليه الخيار.

+++++++++++

(1) اي الحكم بأن الامور المذكورة في الهامش 6 ص 337 تعد من الأعذار لا يخلو من إشكال.

(2) هذا وجه الإشكال.

خلاصته إن الفسخ يتحقق بمجرد قول المغبون «فسخت، و التلفظ بهذا اللفظ لا يحتاج الى مئونة زائدة، لأن منتهى تحققه خلال ثانية لا غير.

فكيف تعد الامور المذكورة في الهامش 6 ص 337 من الأعذار؟ و انها مبررة لترك الفسخ في الآن الاول بعد العلم بالغبن، و بأن له الخيار.

(3) و هو كون الامور المذكورة في الهامش 6 ص 337 تعد من الأعذار، اذ حضور المغبون في مجلس من ذكر للفسخ موجب لترك صلاته لو كان الوقت ضيقا.

أو موجب لضعفه لو كان جائعا و هو لا يتمكن من الصبر.

أو غير متمكن من دفع البول، أو الغائط و هو يحتاج الى الدفع.

(4) اي على كون الامور المذكورة من الأعذار لا دليل عليه.

ص: 339

فيندفع ذلك (1) بلزوم المبادرة العرفية بحيث لا يعد متوانيا فيه فان (2) هذا هو الذي يضر بحال من عليه الخيار من جهة عدم استقرار ملكه (3)، و كون تصرفاته فيه في معرض النقص.

لكنك (4) عرفت التأمل في هذا الدليل.

+++++++++++

(1) اي إشكالنا على عد الامور المذكورة من الأعذار يندفع لو جعل الدليل على عدم سقوط خيار المغبون: هو ورود الضرر عليه لو لم يأخذ به في الآونة الأخيرة فيجب عليه المبادرة العرفية حينئذ بشرط أن لا يقصر في الاخذ: بحيث تطول مدة الاخذ و تعد تواليا و تقصيرا منه.

(2) تعليل لعدم جواز التوالي من المغبون في اخذ خياره في الآونة الأخيرة.

خلاصته إن التأخير و التوالي في الاخذ لو لم يبادر مبادرة عرفية ضرر على من عليه الخيار: و هو الغابن: من حيث ان التأخير في الاخذ يوجب عدم استقرار ملكه، و إبطال تصرفاته، و أن جميع تصرفاته متزلزلة، فهذا كله ضرر على الغابن، فدفعا للضرر يجب المبادرة العرفية.

(3) مرجع الضمير من عليه الخيار، كما هو المرجع في ضمير تصرفاته:

(4) عدول منه قدس سره عما افاده: من أن التأخير موجب للاضرار على من عليه الخيار اي عرفت في ص 336 التأمل في هذا الاضرار، بعدم صدقه عليه.

و عرفت وجه التأمل منا في الهامش 1 ص 336.

ص: 340

فالانصاف أنه إن تم الاجماع الذي تقدم عن العلامة (1) على عدم البأس بالامور المذكورة، و عدم قدح أمثالها في الفورية فهو (2):

و إلا (3) وجب الاقتصار على اوّل مراتب امكان إنشاء الفسخ.

و اللّه العالم.

ثم (4) إن الظاهر أنه لا خلاف في معذورية الجاهل بالخيار في ترك المبادرة، لعموم نفي الضرر، اذ لا فرق بين الجاهل بالغبن

+++++++++++

(1) عند نقل شيخنا الأنصاري عن العلامة قدس سرهما في ص 337 بقوله: فاشتغل بها فلا بأس اجماعا.

(2) اي عدم بأس الامور المذكورة هو المطلوب، بناء على الاجماع المدعى من قبل العلامة قدس سره.

(3) اي و إن لم يثبت الاجماع المذكور.

(4) هذا دفع توهم في الواقع.

خلاصة الوهم إنه قد اشتهر بين الأعلام أن الجاهل بالموضوع معذور، و أن الجاهل بالحكم غير معذور، و لازم هذا القول هو الفرق بين الجاهل بالغبن، و الجاهل بحكم الغبن: حيث إن الجاهل بالغبن معذور، بخلاف الجاهل بحكم الغبن فانه غير معذور.

و أما خلاصة دفع الوهم فهو أنه لا فرق هنا بين الجاهل بالغبن أو بحكمه، اذ منشأ الخيار هنا هي قاعدة نفي الضرر و الضرر هذا لا يزول بسبب الجهل بالحكم، اذا يثبت الخيار.

اجل لو كان منشأ الخيار هو التعبد فقد اتجه الفرق بين الجهل بالحكم، و بين الجهل بالموضوع.

ثم إنه يمكن ان يقال: إن التوهم المذكور في غير محله، لاختصاص

ص: 341

و بين الجاهل بحكمه (1)

و ليس (2) ترك الفحص عن الحكم الشرعي منافيا لمعذوريته (3) كترك (4) الفحص عن الغبن و عدمه.

+++++++++++

قاعدة معذورية الجاهل بالحكم بالأحكام التكليفية(1)، دون الأحكام الوضيعة لعدم تبدل الأحكام الوضعية بالجهل بها حتى يمكن تعقل المعذورية فيها، و بديهي أن حكم الغبن حكم وضعي.

(1) اي بحكم الغبن كما علمت.

(2) خلاصة مراده قدس سره إن ترك الفحص عن الحكم الشرعي نظير ترك الفحص عن نفس الغبن.

فكما أن هذا لا بعد منافيا لمعذورية المغبون.

كذلك ترك الفحص عن حكم الخيار لا يكون منافيا لمعذورية المغبون بعبارة اخرى إن تعمد المكلف على عدم الإقدام على الأحكام الشرعية التي منها الفحص عن خيار الغبن لا يكون منافيا لمعذورية المغبون خذ لذلك مثالا.

لو دخل الوقت و المكلف كان متمكنا من اداء الصلاة متوضأ و لم يصل متعمدا ثم ضاق الوقت و لم يجد ماء للتوضؤ، فهنا يكون معذورا يجب عليه التيمم و اتيان الصلاة و إن كان متعمدا في تركها في اوّل الوقت.

(3) اي معذورية المغبون:

(4) اي كما في ترك الفحص عن موضوع الغبن و حكمه.

و قد عرفت معناه آنفا.

ص: 342


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لو جهل (1) الفور فظاهر بعض الوفاق على المعذورية.

و يشكل (2) بعدم جريان نفي الضرر هنا (3)، لتمكنه من الفسخ، و تدارك الضرر فيرجع الى ما تقدم: من (4) أصالة بقاء آثار العقد، و عدم صحة فسخ المغبون بعد الزمان الاول.

و قد يحكى عن بعض الأساطين عدم المعذورية في خيار التأخير و المناط (5) واحد.

+++++++++++

(1) اى المغبون لو جهل فورية الخيار فلا يسقط خياره، لكونه معذورا، لاتفاق الفقهاء على ذلك.

(2) اي و يشكل الحكم بمعذورية الجاهل بالفورية.

خلاصة الاشكال إن قاعدة نفي الضرر لا تجري هنا، لكون المغبون متمكنا من الفسخ، و من تدارك الضرر، فمآله الى أصالة لزوم الملك، و الى بقاء آثار العقد، و عدم حق الفسخ له،

(3) اي في هذا النوع من الخيار:

(4) كلمة من بيان لما تقدم، و ما تقدم عبارة عن قوله في ص 333: تعين الرجوع الى أصالة فساد فسخ المغبون.

(5) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره اي لو لم يعد عدم الأخذ بالخيار فورا في خيار التأخير عذرا، لتمكنه من الاخذ.

كذلك لا يعد عذرا لمن لم يأخذ بخياره فورا في خيار الغبن لوحدة الملاك.

و أورد بعض الأعلام على وحدة الملاك أليك حاصله:

إنه من الامكان التفرقة بين خيار التأخير، و خيار الغبن: بأن

ص: 343

و لو ادعى (1) الجهل بالخيار فالأقوى (2) القبول إلا (3) أن يكون ممن لا يخفى عليه هذا الحكم الشرعي الا (4) لعارض

+++++++++++

يقال: إن مدرك حجية خيار التأخير هو النص فلذا يعد عدم الاخذ بالخيار فورا عذرا.

و أما مدرك حجية خيار الغبن هي قاعدة نفي الضرر فلذا لا يعد عدم الاخذ بالخيار فورا عذرا.

(1) اي المغبون.

(2) اي الأقوى قبول قول المغبون لو ادعى الجهل بحكم الخيار:

و هي الفورية.

و أما وجه القبولية فاحد أمرين لا محالة:

إما لأصالة عدم العلم في حقه، و هذه الأصالة محققة من ناحية كونه منكرا فيقبل قوله بيمينه.

و إما لاجل تعسر إقامة البينة و تعذرها عليه و المقام مقام اقامة البينة لأنه مدع.

(3) استثناء عما افاده: من قبول قول مدعي الجهالة بفورية الخيار اي اللهم إلا أن يكون المغبون المدعي لجهالة فورية الخيار من الذين لا يخفى عليه حكم الخيار: بمعنى أنه رجل عالم بالمسائل الشرعية و أحكامها، فحينئذ لا يقبل دعواه لو ادعى الجهالة بفورية الخيار.

(4) استثناء عن الاستثناء الاول اي إلا أن يكون خفاء الحكم الشرعي الذي هي فورية الخيار على المغبون لاجل عارض كعروض مرض عليه أوجب نسيان الأحكام الشرعية بعد أن كان عالما بها.

ص: 344

ففيه (1) نظر.

و قال (2) في التذكرة في باب الشفعة.

إنه لو قال (3): إني لم اعلم ثبوت حق الشفعة.

أو قال: اخرت، لأني لم اعلم أن الشفعة على الفور، فان كان (4) قريب العهد بالاسلام.

أو نشأ في برية (5) لا يعرفون الأحكام،

قبل قوله، و له الاخذ بالشفعة، و الا (6) فلا.

+++++++++++

(1) اي و في قبول قول من تخفى عليه الأحكام الشرعية لعارض نظر و إشكال.

خلاصة الإشكال إن قبول قول مدعي الجهل بفورية الخيار انما هو لاجل أصالة عدم العلم، و لما كان هو ممن لا تخفى عليه الأحكام الشرعية إلا لعارض يكون قوله مخالفا للظاهر فصار مدعيا يحتاج الى اقامة البينة، لأن المدعي هو الذي اذا ترك الدعوى ترك: اي يخلى و سكوته و المنكر هو الذي لا يترك لو ترك الخصومة.

فاللازم هنا هو عدم قبول قول مدعي الجهل مطلقا، سواء أ كان ممن لا تخفى عليه الأحكام الشرعية، أو تخفى لعارض.

(2) اي العلامة قدس سره.

(3) اي من له حق الشفعة.

(4) اي مدعي الشفعة.

(5) بأن كان في القرى و الأرياف:

(6) اي و إن لم يكن من الذين قرب عهده بالاسلام، و لا ممن عاش في القرى و الأرياف فلا يقبل قوله.

ص: 345

انتهى (1).

فان (2) اراد بالتقييد المذكور(1) تخصيص السماع بمن يحتمل في حقه الجهل فلا حاجة إليه، لأن (3) اكثر العوام، و كثيرا من الخواص لا يعلمون مثل هذه الاحكام (4).

و إن اراد (5) تخصيص السماع بمن يكون الظاهر في حقه عدم العلم ففيه (6) أنه لا داعي الى اعتبار الظهور، مع أن الاصل العدم و الأقوى أن الناسي في حكم الجاهل و في سماع دعواه النسيان نظر:

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 307 المسألة 9.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري اي لو اراد العلامة من قوله:

إني لم اعلم ثبوت حق الشفعة، أو لأني لم اعلم أن الشفعة لي فلا حاجة الى هذا التقييد.

(3) تعليل لعدم الاحتياج الى التقييد المذكور.

(4) و من جملة هذه الأحكام الشفعة و أحكامها.

(5) اي العلامة لو اراد من التقييد المذكور اختصاص قبول قول مدعي الجهل بمن يكون ظاهر حاله أنه لا يعلم الشفعة و أحكامها.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الإشكال على ما افاده العلامة: من اختصاص سماع مدعي الجهل بالشفعة: بمن يكون ظاهر حاله أنه لا علم له بها.

خلاصته إنه لا داعي على اعتبار ظهور حاله في ذلك، لأن الاصل عدم العلم بذلك.

ص: 346


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من (1) أنه مدع: و من (2) تعسر اقامة البينة عليه.

و أنه (3) لا يعرف إلا من قبله.

و أما الشك (4) في ثبوت الخيار فالظاهر معذوريته.

و يحتمل عدم معذوريته (5)، لتمكنه (6) من الفسخ بعد الاطلاع على الغبن، ثم السؤال عن صحته (7) شرعا، فهو متمكن من الفسخ

+++++++++++

(1) دليل لعدم سماع دعوى من يدعي النسيان.

خلاصته إنه مدع و المدعي لا بدّ له من اقامة البينة.

(2) دليل لسماع دعواه النسيان.

خلاصته إنه و إن كان مدعيا يجب عليه اقامة البينة حسب القاعدة المسلمة: (البينة للمدعي و اليمين على من انكر) لكن المقام مما يتعسر عليه اقامة البينة.

(3) دليل آخر لسماع دعواه.

خلاصته ان دعوى النسيان امر مخفي لا يعرف الا من قبله فلو ادعاه يكون صادقا فيقبل قوله.

(4) خلاصة هذا الكلام إن المغبون لو كان شاكا في ثبوت الخيار:

بأن لا يدري أن له الخيار أولا: لكان معذورا فله الاخذ بالخيار إما الفسخ و اما القبول مع اخذ الزائد، أو هبته للغابن.

(5) اي عدم معذورية الشاك في ثبوت الخيار.

(6) تعليل لعدم معذورية الشاك في ثبوت الخيار.

(7) اي عن صحة الفسخ شرعا.

ص: 347

العرفي (1)، اذ الجهل بالصحة لا يمنع من الانشاء (2) فهو مقصر بترك الفسخ لا لعذر، فانهم (3).

و اللّه العالم.

+++++++++++

(1) اي و إن لم يكن متمكنا من الحكم الشرعي: و هو ثبوت الخيار، لأنه شاك في ذلك.

(2) اي عن إنشاء الفسخ، لانه يحصل من قوله: فسخت بلحظة لعدم الاحتياج الى مئونة زائدة، فهو مقصر بسبب تركه الفسخ لا مبرر لتركه، فلا يعد معذورا حينئذ.

(3) اشارة الى أن احتمال عدم معذورية الشاك في ثبوت الخيار ليس في محله، لانه لا يصدق عليه قانون: (من اقدم على ضرر نفسه).

ص: 348

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعاليق

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الخاتمة

ص: 349

ص: 350

1 - فهرس البحوث

7 في بيع الخيار و تعريفه

9 الأخبار الواردة في بيع الخيار

15 في الوجوه المحتملة في رد الثمن

17 التوجيه الثالث و الرابع هو الظاهر من الأخبار

19 التوجيه الخامس لرد الثمن

21 رأيه حول رد الثمن

23 الامر الثاني من الامور الثمانية

25 في صور اشتراط البائع الخيار لنفسه

27 في صور اطلاق البائع اشتراط رد الثمن

29 في الامر الثالث من الامور الثمانية

31 ما افاده في منشأ ظهور كلمات الفقهاء

33 إشكال و الجواب عنه

35 الامر الرابع من الامور الثمانية

37 توجيه كلام العلامة

39 ما افاده المحقق النائيني في الفرق

41 في سقوط الخيار بالتصرف

43 عدم سقوط الخيار بالتصرف في الثمن

45 ما افاده السيد بحر العلوم على العلمين

47 مناقشة صاحب الجواهر مع السيد

بحر العلوم

49 في الأدلة التي اقامها صاحب الجواهر

51 في الرد على استظهار المحقق الاردبيلي و السبزواري

55 في الرد على السيد بحر العلوم

57 في الرد على أدلة الشيخ صاحب الجواهر

59 في الجواب عن الوهم

65 استظهار صاحب الجواهر باختصاص القاعدة بالثمن

67 الاختلاف في قاعدة: الخراج بالضمان

69 الكلام فيما اذا كان التلف قبل رد الثمن

71 في القدرة على الفسخ مما لا بدّ منه

73 هل يتحقق رد الثمن برده الى الحاكم الشرعي

75 بعد جواز الفسخ مع عدم حضور المشتري

77 في الرد على ما افاده المحدث البحراني

79 قيام الولي مقام المشتري

81 دعوى و جوابها

83 في شراء الأب للطفل بخيار للبائع

ص: 351

85 في شراء الحكم للصغير

87 في الامر السابع

89 في الامر الثامن

91 في اشتراط رد المثل بالقيمي و القيمة في المثلي

93 ما افاده العلامة في التذكرة

95 دخول خيار الشرط في غير المعاوضات

97 ما افاده صاحب الجواهر عن المحذور

99 مقتضى عموم أدلة الشرط الصحة في الكل

101 تحقيق حول الايقاعات

103 في الرد على ما افاده السيد بحر العلوم

105 ما افاده حول عدم وقوع الخيار في الحيوانات

107 كل ما قيل في الايقاعات فيما يتضمنه

113 قياس منطقي من الشكل الاول

115 اختلاف الفقهاء في وقوع الخيار في الوقت

117 ما افاده المشايخ الثلاثة في الوقف

119 ما افاده العلامة في الهبة المقبوضة

121 اللزوم في الهبة و الصدقة حكم شرعي

123 التفصيل الواقع من الصلح هو الأقرب

125 اختلاف الفقهاء في دخول الخيار

في الصرف

127 توهم أن اشتراط الخيار للاجنبي مخالف

129 دخول الخيار في السبق و الرماية

131 في خيار الغبن

132 في الفرق بين الغبن بالكسر و الغبن بالفتح

135 ثبوت الخيار في الغبن بشرط الزيادة أو النقيصة

137 ثبوت الخيار في الغبن بزيادة لا يتسامح بها

139 في توجيه استدلال العلامة

141 معارضة آية لا تأكلوا مع آية إلا أن تكون

142 نفي المعارضة المذكورة بين الآيتين

145 استدلال العلامة بحديث لا ضرر

147 للمغبون استرداد الزيادة فقط

149 احتمال آخر حول الخدشة في ثبوت الخيار للمغبون

151 في أن المبذول ليس هبة مستقلة

153 الخدشة في الاستدلال و وجهها

155 تدارك ضرر المغبون أولى من اثبات الخيار له

ص: 352

157 الاستدلال بالأحاديث في اثبات خيار التأخير

161 في احتمال دلالة رواية اسحاق على الحكم التكليفي و الوضعي

163 اشتراط امرين في ثبوت خيار الغبن

165 فيما لو اقدم على الغبن عالما به

167 في ارتفاع العين قبل قبض المبيع

169 في ثبوت جهل الغابن بالغبن

171 في حكم المغبون اذا كان من اهل الخبرة

173 عدم كلية قاعدة قبول قول المدعي بيمينه

175 في حكم ما لو اتفق المتعاقدان على التغير

177 في أن الغبن لا بد أن يكون فاحشا

179 في الظاهرة الاولى

181 المناط في الضرر

183 في نفي الضرر اذا كان مجحفا بالمكلف

185 في تصور غبن كل من المتبايعين في معاملة واحدة

187 ما افاده المحقق القمي في تصور الفرض المذكور

189 رأي الشيخ في الفرض المذكور

191 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

193 في إرادة المعنى الأعم من الغبن

195 ما افاده صاحب مفتاح الكرامة في الفرض المذكور

197 ظهور الغبن شرط شرعي أو كاشف عقلي

199 تأييد للقول الاول

201 تحليل من الشيخ لكلمات الفقهاء

203 تلف المبيع قبل ظهور الغبن من مال المغبون

205 في الآثار المجعولة للخيار

207 في ظهور ثمرة الوجهين

209 في سقوط الغبن بامور

211 لو ظهر التفاوت في الغبن بأكثر مما زعم

213 في إسقاط الخيار قبل ظهور الغبن

215 في إسقاط الخيار و إن لم يحصل شرطه

216 اشتراط سقوط الخيار في متن العقد

219 في توجيه كلام الشهيد

221 توجيه كلام الشهيد في خيار الرؤية

223 تصرف المغبون مسقط للخيار

225 في الرد على الدليل الاول و الثاني

227 تحقيق منه حول تصرف المغبون

231 ما افاده شيخ الطائفة في خيار المشتري مرابحة

ص: 353

233 اعتراض الشهيد على ما افاده الفقهاء

235 ما افاده الشهيد الثاني في الروضة

237 ما المراد من الاختصاص في كلمات الفقهاء

239 فيما لو اتفق زوال المانع

241 في الحاق الاجارة بالبيع في سقوط خيار الموجر

242 الكلام في تصرف الغابن في الثمن

245 في تسلط المغبون على إسقاط المعاملة

247 ما قيل في إبطال اصل المعاملة

249 جريان الأقوال الثلاثة في العقد الجائز

251 استدراك عما افيد في استحقاق الغابن

253 في تصرف الغابن تصرفا مغيرا

255 احتمال انفساخ الاجارة في بقية المدة

257 في الزيادة الحاصلة في الغبن بسبب التغير

259 لو كانت الزيادة في العين فقط

261 في الوجوه الثلاثة

263 ما افاده العلامة في المختلف

265 دليل تسلط المغبون على القلع مع الارش

267 كيفية تخليص كل منهما ماله من صاحبه

269 في بيان الفرق بين الغبن و التفليس

271 في الفرق بين دخول أغصان الشجر

و مقام الغبن

273 الكلام في حكم الزرع

275 في صور الامتزاج و الاختلاط

277 في الاختلاط المغير للعين بالأجود

279 ما افاده الشيخ في المبسوط في صور الامتزاج

281 في صور تلف العين

283 لو كان تلف العين باتلاف الغابن

285 ما افاده الشهيد في الدروس

287 في صور اتلاف الاجنبي العين

289 في تخير الغابن على أيهما شاء

291 في ثبوت الخيار في كل معاوضة

293 ما افاده في غاية المرام من التفصيل

295 في عمومية نفي الضرر

297 عدم تعرض الفقهاء لدخول خيار الغبن في كل معاوضة

299 الإشكال في الصور المتقدمة

301 في أن خيار الغبن على الفور أو التراخي

303 في الإشكال على ما افاده المحقق الكركي

307 ملاحظة الزمان على نحو العموم

309 عروض الاجمال على العموم الاستغراقي

311 فساد ما افاده صاحب جامع المقاصد

ص: 354

313 فى الرد على ما افاده السيد بحر العلوم

317 في عدم معارضة كل من الاستصحاب و العام للآخر

319 عدم جواز التمسك بالعموم لو فرض عدم جريان الاستصحاب

321 المسامحة في تشخيص الموضوع في استصحاب الحكم الشرعي

323 في احراز الموضوع عن دليل لفظي

325 موضوع الخيار هو الشخص المتضرر العاجز

327 استفادة الدوام من آية أَوْفُوا

329 فى التعارض بين الاستصحابين

331 في أن الخيار على الفور

333 تعين الرجوع الى أصالة فسخ المغبون

335 دليل آخر على عدم بقاء الخيار للمغبون

337 ما يستفاد من كلام العلامة أوسع من الفورية العرفية

339 عد الامور المذكورة من الأعذار مشكل

341 إن تم الاجماع المذكور صحت الفورية

343 فيما لو جهل المغبون بالغبن

345 ما افاده العلامة حول الفور في الشفعة

347 معذورية الشاك في ثبوت الخيار

ص: 355

2 - فهرس التعاليق

16 دفع وهم

17 الجواب عن الوهم

17 الاحتمال الثاني لرواية معاوية

17 الوجه الثالث هو الظاهر من الرواية

19 الوجه الخامس هو المحتمل

20 اجتهاده حول رد الثمن

21 خلاصة الإشكال

22 لا يقال فإنه يقال

23 الصور الست في رد الثمن

24 في أن الرد على نحو الموضوعية أو الطريقية

24 الصور الاربع مع التمكن من رد الثمن

25 وجه بالعدم، و وجه بالجواز

26 المراد من صحة الاشتراط

27 للثمن الكلي صورتان

27 الصورة الاولى

28 الصورة الثانية لها قسمان

28 القسم الاول

28 القسم الثاني

30 خلاصة القبل

30 في منشأ الظهور و خلاصته

31 الامر الاول

32 الامر الثاني

32 إشكال

33 إشكال آخر

33 جواب عن الإشكال

34 في سقوط خيار الشرط بالاسقاط بعد العقد بالتوجيه الثاني

34 و كذا يسقط بالتوجيه الاول

35 إشكال و الجواب عنه

36 استدراك

36 استثناء يروم به توجيه كلام العلامة يستفاد منه ثلاثة خيارات

39 فيما افاده المحقق النائيني

40 منشأ سقوط الخيار بالتصرف الأحاديث

41 لا يقال فانه يقال

42 ما افاده المحقق الاردبيلي و السبزواري

44 ما افاده السيد بحر العلوم و الرد عليه

46 مناقشة صاحب الجواهر مع السيد بحر العلوم

51 فيما افاده الشيخ في الرد على هؤلاء

ص: 356

53 في الاحتمالات الاربعة

55 ما اورده على السيد بحر العلوم

59 في الرد على ما افاده العلامة

61 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

63 وهم و الجواب عنه

64 استظهار صاحب الجواهر من الرواية

66 في الرد على ما افاده صاحب الجواهر

66 قاعدة: التلف في زمن الخيار

قاعدة: الضمان بالخراج

67 استدراك

68 في الرد على ما افاده السيد بحر العلوم

69 خلاصة المبنى الثاني

70 في قدرة البائع على الفسخ

72 تفريع

74 المراد من الرواية

74 متممات كلام صاحب الحدائق

74 وجه البعد

76 نقاش الشيخ مع المحدث البحراني

77 رد و تعليل و استدراك

78 رد التخيل الصادر عن بعض

78 تعليل لقيام الولي مقام المشتري

80 دفع وهم و الجواب عنه

81 دفع وهم و الجواب عنه

82 فرق و خلاصته

83 تعليل و خلاصته

83 وجه الظهور

84 الأقوال الثلاثة و شرحها

85 دفع وهم

91 استدراك و خلاصته

93 مبنى جريان الخيار في العقود الجائزة

95 شرح أبسط لكلام الشيخ

98 الاستشهاد بكلمات الأعلام

99 في بيان عموم أدلة الشروط

100 إشكال الشهيد على ما افاده الشيخ

100 وجه عدم جريان الخيار في بيع الصرف

102 الاستشهاد بكلمات الأعلام

103 في عدم وقوع الخيار في الايقاعات في الرد على مقالة السيد بحر العلوم

105 رأيه حول عدم جريان الخيار في

الايقاعات

106 وهم

107 الجواب عن الوهم

107 في الأدلة القائمة علي عدم وقوع الخيار في الايقاعات

111 في الاجماعات المنقولة عن الأعلام

113 خلاصة الكلام في الكبرى

ص: 357

115 في الشكل الاول للشيء الاول

115 الشكل الاول للشيء الثانى

125 تعليل لعدم دخول الخيار في الهبة المقبوضة

121 وهم و الجواب عنه

122 و هم و الجواب عنه

127 في أن تقسيم السهام على نوعين

128 الإشكال في التوجيه

129 رأي الشيخ و خلاصته

129 تعليل و خلاصته

131 تحقيق حول معنى الغبن

133 وجود خديعة في صورة و عدم

وجودها في صورة اخرى

134 تفريع

136 استدراك و الجواب عنه

138 توجيه استدلال العلامة

139 تعليل و خلاصته

140 تعارض و خلاصته

142 نفي التعارض و القول بالحكومة

143 نفي المعارضة اصلا

147 معنى المحاباة

148 اعتراض و خلاصته

150 في بذل المال مع ربحه

152 في الدليل الاول

153 في الدليل الثاني

154 تعليل الأولوية و خلاصته

156 استدراك القصد منه ذكر غرضين

158 عدم العثور على الحديث المذكور

159 ما افاده صاحب مجمع البحرين

159 ما افاده شيخنا الأنصاري في الرد على الأخبار المستدل بها

160 اثبات الحكمين: التكليفي و الوضعي

162 تحقيق حول الجهل المركب و البسيط

164 في ظهور العين غير المتسامح به

167 تعليل و خلاصته

167 استدراك و خلاصته

169 لا يقال فانه يقال

169 تعليل و خلاصته

170 إشكال و خلاصته

171 خلاصة الإشكال

172 عدول منه و خلاصته

173 إشكال و خلاصته

174 فرض المسألة

174 فرض المسألة

176 في الاصل المثبت

178 في الاستدلال بكلا المناطين

ص: 358

179 الظاهرة الاولى و خلاصتها

179 الظاهرة الثانية و خلاصتها

179 تحقيق حول الضرر الوارد في الحديث، و ذكر الحديث

181 وهم و الجواب عنه

182 تأييد منه في أن المراد من الضرر هو الضرر المالي

186 خلاصة ما افاده المحقق القمي

187 في الرد على المحقق القمي

188 تنظير

190 الفرض المتصور في اجتماع الغبن في كل من البائع و المشتري

191 فرض آخر

192 فرد آخر للغبن بالمعنى الأعم

196 الإشكال على ما افاده صاحب

مفتاح الكرامة

198 توجيه التصرف غير مسقط للخيار

199 في أن الغبن شرط شرعي

200 وجه التأييد

201 توجيهان

202 تفريع

202 الأقسام الثلاثة للآثار المجعولة للخيار

203 القسم الاول

204 القسم الثاني

204 تعليل للقسم الثاني و خلاصته

205 تعليل للقسم الاول و خلاصته

206 رأيه حول ترتب تلك الآثار

207 المراد من الوجهين

208 خلاصة ما افاده العلامة في القواعد

211 دليل لسقوط خيار الغبن

214 تنظير

218 تحقيق حول الفرق بين الخيارين

219 تحقيق لتوجيه كلام الشهيد

222 تحقيق حول عدم التنافي

224 منشأ ثبوت خيار الغبن إما حديث لا ضرر و إما الاجماع

225 في الرد على الدليلين

226 ما افاده المحقق الاصفهاني

228 وهم و الجواب عنه

231 تحقيق حول المرابحة

232 وهم

233 الجواب عن الوهم

234 وهم و الجواب عنه

235 استدراك و خلاصته

237 استثناء و خلاصته

239 وهم و الجواب عنه

ص: 359

244 تحقيق حول فسخ المغبون

245 تحقيق لدليل تسلط المغبون على إبطال المعاملة

246 دليل آخر لتسلط المغبون

247 في تصرف الغابن في الثمن

247 عدم دليل على التزلزل لامرين

248 الأقوال الثلاثة في خروج الملك

249 تعليل

254 من قسم التصرف في العين اجارتها

255 تعليل و خلاصته

255 خلاصة ما افاده في انفساخ الاجارة

256 استدراك

258 كيفية معرفة الزيادة

259 خلاصة ما افاده العلامة في المختلف

259 خلاصة دليل جواز قطع الأشجار

265 ذهاب المشهور الى عدم جواز قطع

أشجار المفلس

261 دليل جواز قلع الأشجار بلا ارش

262 ما افاده العلامة في المختلف

265 وهم

266 الجواب عن الوهم

267 وهم و الجواب عنه

268 خلاصة الكلام في دوام نصب الأشجار

269 خلاصة الفرق

270 الأقوال الاربعة في قلع الأشجار

271 بيان الفرق بين المقامين

273 تعليل لاجرة المثل

276 في استحقاق المغبون تفاوت الرداءة

277 الوجوه الثلاثة في استحقاق المغبون لارش النقيصة

278 خلاصة ما ذكر في المبسوط

287 في رجوع المغبون على التالف

290 في سقوط الغبن بامور أربعة

294 إشكال و خلاصته

297 وهم و الجواب عنه

302 في الرد على القول الاول

303 في الرد على ما افاده المحقق الكركي

305 تعليل و تنظير

307 الفرد الثاني للعموم الأزماني

311 الفرق بين الصورتين

312 ما افاده صاحب الجواهر

313 ما افاده السيد بحر العلوم في الفوائد الاصولية

316 في الرد على ما افاده السيد بحر العلوم

317 في أن المعاملة الغبنية من صغريات

تلك الكبرى الكلية

ص: 360

318 تعليل و خلاصته

318 وهم

319 الجواب عن الوهم

320 في المراد من الاصل

320 في أن ثبوت خيار الغبن من الاجماع

323 استدراك و له فردان

324 في الرد على ما افاده صاحب الرياض

327 تنظير

329 تعليل و خلاصته

330 في الرد على ما افيد في الاستصحاب

330 في الرد على الشيخ علي كاشف الغطاء

336 وجه التأمل

ص: 361

3 - فهرس الأحاديث الشريفة

- أ - اذا اردت الدخول فاستأذن 180

اذا عوض صاحب الهبة 120

اذهب فاقلعها و ارم بها إليه 180

ارى أنه لك 13-27-33

أما ما تصدق به للّه 120

إن كان الشيء قائما بعينه رده على صاحبه 321

إن كان الثوب قد قطع أو خيط 321

إنما مثل الذي يتصدق 120

إنهم بالخيار اذا دخلوا السوق 200

إنه لو قلب منها و نظر الى تسعة و تسعين 321

أيما مسلم استرسل الى مسلم 158

ب البيعان بالخيار ما لم يفترقا 321

- ع - عليه الكراء و يقوم صاحب 264

- غ - غبن المسترسل 157-159

غبن المؤمن حرام 157

- ل - لا بأس بهما 8-17-18

لا بأس به اذا 103

لا تلقوا الجلّب 144

لا ضرر و لا ضرار 145-219-219-325

ليس لعرق ظالم حق 264

لك بها عذق يمد لك في الجنة 180

له شرطه 10-17-33

- م - المؤمنون عند شروطهم 94-99-104-129

المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام 321

المسلمون عند شروطهم 94-99

من استرسل الى مؤمن 158

من اشترط شرطا 102

من اوقف ارضا 116

- و - و لا تغبن المسترسل 158

و المسلمون عند شروطهم 321

و ما يسوؤني (يسرني) 183

- ي - يرجع ميراثا الى اهله 117

ص: 362

4 - فهرس الآيات الكريمة

ا إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 137-144

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 141-203-312

و و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 142

و لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ 140

5 - فهرس الاغلاط

ص\س\الغلط\الصواب

17\14 \ثان\ثاني

39\20\20\2

155\12 \و الضرر\و الضرر

176\(2)

176\15 \أو يجري في موضوع

الحكم الشرعي

176\16\(3) اى من الامرين

ص\س\الغلط\الصواب

الذين أفادهما شيخنا

الانصاري

180\22 \الدال\ابدال

223\1 \سقط الخيار\مسقط للخيار

286\19 مسألة\و مسألة

298\7 \فا\فما

311 \في الهامش في الهامش 1 ص 307

ص: 363

الخاتمة

اشارة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

اللهم لك الحمد على ما لم ازل اتصرف فيه من سلامة في بدني.

و لك الحمد على ما احدثت بي من علة في جسدي.

فما ادري يا إلهي:

أي الحالين أحق بالشكر لك؟

و أي للوقتين أولى بالحمد لك؟

أوقت الصحة التي هنأتني فيها طيبات رزقك.

و نشأتني بها لابتغاء مرضاتك و فضلك.

و قويتني معها على ما وفقتني له من طاعتك؟

أم وقت العلة التي محصتني بها، و النعم التي أتحفتني بها؟

تخفيفا لما ثقل به على ظهري من الخطيئات:

و تطهيرا لما انغمست فيه من السيئات.

و تنبيها لتناول التوبة، و تذكيرا لمحو الحوبة بتقديم النعمة.

و في خلال ذلك ما كتب لي الكاتبان:

من زكي الأعمال ما لا قلب فكر فيه، و لا لسان نطق به و لا جارحة تكلفته

بل إفضالا منك عليّ، و احسانا من صنيعك إليّ.

اللهم فصل على محمد و آل محمد.

(الصحيفة السجادية) على منشئها آلاف الثناء و التحية.

طباعة (دار الآداب و العلوم بغداد) الدعاء 15 ص 40.

ص: 364

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

هذا هو الجزء الخامس عشر من (المكاسب) و هو ثالث جزء من الخيارات.

كان الشروع فيه بداية يوم الثامن عشر من ذي حجة الحرام 1405.

و قد استوفى العمل فيه مقابلة و تصحيحا و تعليقا غاية الجهد و الطاقة بقدر الوسع و الامكان.

و الإقدام على طباعة هذا الجزء و اخراجه الى عالم الوجود و اذا مبتلى بمرض القلب و البروستات و الفقرات مع منع الطبيب عن كل حركة ليس إلا عناية ربانية تقاض على عبده العاجز الفقير بالذات اذ طبع الكتاب و تصحيحه يتنافى و الأمراض المذكورة، لأنها تتطلب الراحة الكاملة.

و لعمرك أيها القارئ الكريم لقد اتعبنى هذا الجزء و اخذ من وقتي حتى الساعة الثانية عشرة ليلا.

و تركت جلّ اموري: من الواجبات العرفية الضرورية التي لا بد من ادائها.

لكن ما ذا اصنع و انا شغوف بانجاز تحقيق هذه الأجزاء واحدا تلو آخر، و اصدارها و اخراجها الى عالم الوجود؟

كل ذلك إجلالا و اكبارا لفقه (أئمة اهل البيت) عليهم صلوات اللّه و سلامه اجمعين.

ص: 365

و سنقف أيها القارئ النبيل على ما بذلته حول هذا الجزء لو امعنت النظر بعين الانصاف مجردا نفسك عن العواطف كلها.

فخذ أيها القارئ الكريم هذه التحفة الثمينة و الهدية النفيسة التي هي عصارة حياتي.

و إني لأرى كل هذه الافاضات من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي و مولاي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة و اسألك اللهم و ادعوك أن توفقني لاتمام بقية الأجزاء، و المشروعات الخبرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء، إنك ولي ذلك و القادر عليه و يتلوه الجزء السادس عشر أوله:

(الخامس خيار التأخير)، و قد طبعت منه ملزمة واحدة و سيخرج بقية الملازم إن شاء اللّه تعالى بالقريب العاجل.

ص: 366

(بشرى مهمة)

لقد اضفت تحقيقات قيمة و تعاليق ثمينة نفيسة جدا، و شروحا واسعة أوسع من الشروح السابقة بكثير على أجزاء اللمعة بكاملها، مع ذكر كثير من الأحاديث الشريفة و مصادرها.

و قسمت بعض الأجزاء الى قسمين كالجزء الأول و الثالث و الخامس و السادس.

و الجزء الاول قسمته الى قسمين:

الاول الطهارة، الثاني الصلاة.

و شرحت شرحا وافيا حول الحيض، و تحقيقا واسعا لجميع عبارات اللمعة و الروضة.

كما أني في القسم الثاني من الجزء الاول حول المسافة الشرعية الموجبة لقصر الصلاة و الافطار في شهر رمضان المبارك ذكرت ما يطابق (الكيلومترات) بالحساب الدقيق الرياضي.

فعلى طالبي تجارة لن تبور التفضل علي و على رواد العلم بطباعة هذه الأجزاء.

و هكذا الجزء 3-4-5-6 من تعليقتي على كفاية الاصول المسماة ب: (دراسات في اصول الفقه) مهيأة للطبع و قد وافقت وزارة الاعلام على نشرها.

أضع الأجزاء بين يدي تجار العلوم التي هي الآثار الخالدة.

ص: 367

فمن أراد نشرها فليتفضل عليّ و له الشكر المتواصل.

و الأجزاء هذه كالجزء 1-2 مشتملة على فوائد اصولية بعبارات سلسة.

و في الختام أتقدم بشكري الجزيل للاخ العزيز المعتز باخوته فضيلة الاستاذ عبد الصاحب الدجيلي دام افضاله و اطال الباري عز اسمه الشريف عمره بخير و عافية، حيث تفضل عليّ بأبيات امرني بنشرها فامتثالا لأمره نشرتها.

أبا علاه يا سليل الألى *** كانوا لمن والاهم حصنا

ما زلت تنمى للنهى مثلما *** بالعلم و الدين معا تثنى

كنت منارا للهدى و التقى *** و للمعالي ابدا خدنا

و كنت في التحقيق قد زدتنا *** علما كما قد زدته وزنا

و من تجلى مشرقا نيّرا *** فالمدح لا يرفعه شأنا

كتبت هذه الاسطر في ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) في اليوم الثامن من صفر الخير عام 1410 وافقت وزارة الاعلام على طبعه

رقم الاجارة 968 تأريخها 19886/7

رقم الايداع في المكتبة الوطنية بغداد 991 لسنة 1989 سعر النسخة 8 دنانير/عدد النسخ المطبوعة 2000 مطبعة الآداب - النجف الأشرف - هي عدن

ص: 368

المجلد 16

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

تتمة القول في الخيار و أقسامه و أحكامه

تتمة القول في أقسام الخيار

تتمة الخامس في خيار التأخير
اشارة

(الخامس) (1) خيار التأخير:

قال (2) في التذكرة:

من باع شيئا و لم يسلمه الى المشتري، و لا قبض الثمن، و لا شرط تأخيره و لو ساعة لزم البيع ثلاثة أيام.

فان جاء المشتري بالثمن في هذه الثلاثة فهو أحق بالعين.

و إن مضت الثلاثة و لم يأت بالثمن تخيّر البائع:

بين فسخ العقد و الصبر، و المطالبة بالثمن عند علمائنا اجمع (3).

و الاصل (4) في ذلك قبل الاجماع(1) المحكي عن الانتصار و الخلاف و الجواهر(2) و غيرها المعتضد (5) بدعوى الاتفاق المصرح بها في

+++++++++++

(1) اي القسم الخامس من أقسام الخيارات التي ذكرها قدس سره في الجزء 13 من المكاسب في ص 69 بقوله:

و المجتمع في كل كتاب سبعة.

(2) اي العلامة قدس سره.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 345 عند قوله: البحث الخامس في خيار التأخير.

(4) اي المدرك في مشروعية خيار التأخير.

(5) بالجر صفة لكلمة الاجماع اي الاجماع المحكي المعتضد بادعاء العلامة الاتفاق من الفقهاء على ذلك.

ص: 7


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

التذكرة (1) و الظاهرة (2) من غيرها.

و بما (1) ذكره في التذكرة: من (4) أن الصبر ابدا مظنة الضرر المنفي بالخبر (5).

بل الضرر هنا (6) أشد من الضرر في الغبن، حيث (7) إن

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 246 عند قوله: عند علمائنا اجمع

(2) بالجر صفة لكلمة بدعوى الاتفاق اي و بدعوى الاتفاق الظاهر من غير التذكرة أيضا.

(3) عطف على قوله في ص 7: و الاصل(3) في ذلك اي و الاصل في مشروعية خيار التأخير أيضا ما ذكره العلامة في التذكرة.

(4) كلمة من بيان لما ذكره العلامة في التذكرة اي ما ذكره العلامة في التذكرة في مشروعية خيار التأخير عبارة عن أن الصبر الى مدة غير معلومة موجب للضرر على البائع و لازم هذا الضرر عدم انتفاع المالك من متاعه و هذا النحو من الضرر منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (لا ضرر و لا ضرار).

فعليه لا بد أن تكون المدة المضروبة معينة مضبوطة، لئلا يتضرر البائع.

(5) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 346 عند قوله: لأن الصبر أبدا مضر بالبائع.

(6) اي في خيار التأخير.

(7) تعليل لكون الضرر في خيار التأخير أشد من الضرر الحاصل في خيار الغبن.

خلاصته إن المبيع في خيار التأخير في ضمان البائع فيكون دركه -

ص: 8


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

المبيع هنا في ضمانه، و تلفه منه، و ملك (1) لغيره لا يجوز له التصرف فيه:

الأخبار (2) المستفيضة:

(منها) (3) رواية علي بن يقطين.

قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل:

يبيع البيع (1) و لا يقبضه (5) صاحبه، و لا يقبض (6) الثمن؟

+++++++++++

- و تلفه عليه، بخلاف المبيع في خيار الغبن، فان تلفه على المغبون لو كان في يده و تحت تصرفه، نهاية الأمر يثبت له الخيار، إما الامضاء و اخذ الارش، و إما الفسخ و اخذ الثمن كله من الغابن.

(1) هذا من متممات التعليل المذكور اي بالإضافة الى ما ذكرنا من أشدية الضرر(4) في خيار التأخير من الضرر الحاصل في خيار الغبن:

هو أن المبيع في خيار التأخير ملك للمشتري لا يجوز للبائع التصرف فيه بأي نحو من أنحاء التصرفات، فهذا ضرر عليه و أي ضرر.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله في ص 7: و الأصل في ذلك اي المدرك لمشروعية خيار التأخير هي الأخبار المستفيضة الواردة في المقام.

(3) من هنا اخذ قدس سره في عد الأخبار المستفيضة اي من بعض تلك الأخبار المستفيضة.

(4) المراد منه المبيع و هو المتاع و السلعة.

(5) من باب الافعال من اقبض بقبض اي و لا يقبض البائع المبيع لصاحبه: و هو المشتري.

(6) من قبض يقبض من باب ضرب يضرب و الفاعل فيه -

ص: 9


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

قال (1): الأجل بينهما ثلاثة أيام:

فان قبّض (2) بيعه، و إلا (3) فلا بيع بينهما (4).

و رواية (5) اسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام.

قال: من اشترى بيعا فمضت ثلاثة أيام و لم يجئ (6) فلا بيع له (7).

و رواية (8) ابن الحجاج:

+++++++++++

- البائع اى و لم يقبض البائع الثمن أيضا.

(1) اي الامام عليه السلام قال في جواب السائل.

(2) من باب التفعيل اي البائع لو سلم مبيعه الى المشتري فهو المطلوب.

(3) اي و إن لم يقبض البائع المبيع للمشتري و لم يقبض من المشتري الثمن بطل البيع.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 من ص 357 الباب 9 الحديث 4.

(5) اي و من بعض تلك الأخبار المستفيضة الدالة على مشروعية خيار التأخير رواية اسحاق بن عمار.

(6) اي المشتري لم يأت بالثمن ليأخذ المبيع.

(7) اي لا يتحقق في الخارج بيع للمشتري، بل المبيع باق على ملك البائع في صورة عدم اقباض البائع المبيع للمشتري، و عدم قبضه الثمن منه.

(8) اي و من تلك الأخبار المستفيضة الدالة على مشروعية خيار التأخير رواية عبد الرحمن بن الحجاج.

ص: 10

قال اشتريت محملا و اعطيت بعض ثمنه و تركته عند صاحبه، ثم احتبست اياما ثم جئت الى بائع المحمل لآخذه فقال (1): قد بعته فضحكت، ثم قلت (2): لا و اللّه لا ادعك (3)، أو اقاضيك؟

فقال (4) لي: ترضى بأبي بكر (1) بن عياش؟

قلت: نعم فأتيناه فقصصنا عليه قصتنا.

+++++++++++

(1) اي البائع قال للمشتري: قد بعت المحمل.

(2) اي المشتري يقول: ثم قلت للبائع بعد أن ضحك(5)

(3) أو بمعنى حتّى(2): اي حتى اقاضيك.

(4) اي البائع قال المشتري:

أ ترضى بقضاوة ابي بكر بن عياش؟

(5) قيل: اسمه كنيته.

و قيل: اسمه شعبة.

و قيل: اسمه سالم.

كان من رواة (علماء اخواننا السنة)، و كان اسديا من اهل الكوفة، ادرك من (أئمة اهل البيت) عليهم صلوات اللّه و سلامه اجمعين أربعة:

(الامام الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا)، توفي عام 193 ه في الكوفة و دفن هناك.

له موقف مشرف لدى طاغية (بني العباس) موسى بن عيسى العباسي عند ما امر بهدم قبر ريحانة الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم سيد شباب اهل الجنة خامس أصحاب الكساء الامام ابي عبد اللّه الحسين صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص: 11


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فقال أبو بكر: بقول من تريد أن اقضي بينكما؟

بقول صاحبك (1) أو غيره؟

قال: قلت: بقول صاحبي.

قال (2): سمعته يقول:

من اشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه، و بين ثلاثة أيام، و إلا فلا بيع له (3).

و صحيحة (4) زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عقده فيقول: حتى آتيك بثمنه؟

قال (5): إن جاء فيما بينه، و بين ثلاثة أيام،

و إلا (6) فلا بيع له (7).

+++++++++++

(1) المراد به احد الأئمة الثلاثة الذين ادركهم عبد الرحمن بن الحجاج و روى عنهم و هو من أصحابهم: و هم

الامام الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام.

(2) اي ابو بكر بن عياش.

(3) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 باب الشرط و الخيار ص 172 الحديث 16. عام الطباعة 1378 ه.

(4) اي و من تلك الأحاديث المستفيضة الدالة على مشروعية الخيار صحيحة زرارة.

(5) اي الامام عليه السلام.

(6) اي و ان لم يأت المشتري بالثمن خلال الأيام الثلاثة.

(7) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 356 الباب 3 الحديث 1.

ص: 12

و ظاهر (1) هذه الأخبار بطلان البيع كما فهمه في المبسوط، حيث قال (2):

و روى أصحابنا: إنه اذا اشترى شيئا بعينه بثمن معلوم و قال للبائع: اجيئك بالثمن و مضى.

فان جاء في هذه الثلاثة كان البيع له.

و إن لم يرتجع بطل البيع، انتهى (3):

و ربما يحكى هذا (4) عن ظاهر الاسكافي المعبّر (5) بلفظ الروايات.

و توقف فيه (6) المحقق الأردبيلي.(1) و قواه (7) صاحب الكفاية.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره اي ظاهر الأحاديث التي نقلناها هنا حول مشروعية خيار التأخير.

(2) اي شيخ الطائفة قدس سره قال في المبسوط.

(3) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 87 عند قوله:

و روى أصحابنا أنه اذا اشترى شيئا.

(4) اي و ربما يحكى بطلان البيع اذا لم يأت المشتري بالثمن خلال الأيام الثلاثة عن ظاهر كلام الاسكافي قدس سره.

(5) بالجر صفة لكلمة الاسكافي. و هذه الكلمة بصيغة الفاعل اي الاسكافي عبّر(2) عن البطلان بلفظ الروايات الواردة في المقام:

بأن قال: اذا لم يأت المشتري بالثمن في الأيام الثلاثة فلا بيع بينهما فلا بيع له، و لم يقل: إن البيع باطل.

(6) اي في بطلان البيع اذا لم يأت المشتري بالثمن.

(7) اي و قوى هذا التوقف صاحب الكفاية قدس سره(3)

ص: 13


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و جزم به (1) في الحدائق، طاعنا (2) على العلامة في المختلف:

حيث (3) إنه اعترف بظهور الأخبار (4) في خلاف المشهور ثم اختار (5) المشهور، مستدلا (6) بأن الاصل بقاء صحة العقد و حمل (7) الأخبار.

+++++++++++

(1) اي و قطع المحدث البحراني قدس سره بهذا التوقف(1) في (الحدائق الناضرة).

(2) منصوب على الحالية للمحدث البحراني.

(3) من هنا اخذ المحدث البحراني قدس سره في الطعن على العلامة قدس سره.

خلاصة الطعن إن المشهور قائل بأن المشتري اذا لم يأت بالثمن في الأيام الثلاثة فالبيع لا يكون لازما، لا أنه غير صحيح، و العلامة ذهب الى خلاف المشهور: بأن قال: إن البيع فاسد، لاعترافه بطهور الأخبار المذكورة في ص 9-1-12 عل خلاف المشهور(2) اي تدل على نفي الصحة، ثم بعد ذلك اختار قول المشهور، و استدل على ذلك باستصحاب بقاء صحة العقد عند الشك في زوالها اذا لم يأت المشتري بالثمن في المدة المذكورة، و حمل تلك الأخبار المذكورة في ص 9-10-12 على نفي اللزوم، لا على نفي الصحة، و الاختلاف هذا تهافت منه قدس سره.

(4) اي المذكورة في ص 9-10-12.

(5) اي العلامة قدس سره.

(6) اي العلامة قدس سره استدل على ذلك.

(7) اي العلامة حمل الأخبار المذكورة في ص 9-10-12

ص: 14


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

على نفي اللزوم (1).

اقول (2): ظهور الأخبار في الفساد في محله.

إلا أن فهم العلماء، و حملهم الأخبار على نفي اللزوم مما يقرب هذا المعنى.

مضافا (3) الى ما يقال: من أن قوله عليه السلام في أكثر تلك الأخبار:

لا بيع له ظاهر في انتفاء البيع بالنسبة الى المشتري فقط.

و لا يكون نفي اللزوم إلا من طرف البائع(1)

+++++++++++

(1) اي نفي لزوم البيع، لا على نفي الصحة.

(2) من هنا يروم شيخنا الأنصاري قدس سره أن يكون حكما(2) بين ما ذهب إليه المشهور: من نفي اللزوم.

و بين اعتراف العلامة بظهور الأخبار المذكورة في ص 9-10-12 في نفي الصحة.

فقال: إن ما افاده العلامة: من ظهور الأخبار المذكورة على نفي الصحة في محله لا كلام فيه.

لكن العلماء فهموا من البطلان نفي اللزوم، لا نفي الصحة و حملوا الأخبار المذكورة على اللزوم.

فهذا الفهم و الحمل مما يقرب قول المشهور القائل بأن المشتري اذا لم يأت بالثمن في الأيام الثلاثة يكون البيع غير لازم.

(3) تأييد آخر لما افاده قدس سره: من أن فهم العلماء، و حملهم الأخبار المذكورة على نفي اللزوم يقرب قول المشهور.

خلاصته إنه لو تنازلنا عن ذلك و قلنا: إنه يراد من نفي البيع -

ص: 15


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

إلا (1) أن في رواية ابن يقطين: فلا بيع بينهما.

و كيف كان (2) فلا أقل من الشك فيرجع الى استصحاب الآثار المترتبة على البيع.

و توهم (3) كون الصحة سابقا في ضمن

+++++++++++

- نفي الصحة، لا نفي اللزوم.

فنقول: إن أكثر الأخبار الواردة في المقام تدل على نفي البيع من جانب المشتري فقط، و ليس فيها ما يدل على نفي البيع من الجانبين: البائع و المشتري، و لا يكون نفي اللزوم إلا من طرف البائع مع أن المدعى نفي البيع من الطرفين.

(1) استثناء عما افاده: من أن الأخبار المذكورة ظاهرة في نفي المبيع بالنسبة الى المشتري فقط.

خلاصته إن في رواية علي بن يقطين المتقدمة في ص 9 تصريح بأن نفي البيع من الجانبين في قوله عليه السلام: فلا بيع بينهما.

(2) اي سواء قلنا: إنه يراد من لا بيع نفي صحة البيع أو نفي اللزوم فلا أقل من الرجوع الى استصحاب بقاء آثار العقد المترتبة على العقد عند الشك في زوالها.

و مورد الشك ما اذا لم يأت المشتري بالثمن خلال المدة المضروبة فنجري صحة بقاء الآثار المترتبة على العقد الذي وقع صحيحا.

(3) هذا التوهم لهدم الاستصحاب المذكور.

خلاصته إن صحة العقد التي كانت سابقة انما كانت في ضمن اللزوم و اللزوم قد ارتفع بعدم مجيء المشتري بالثمن، و اذا ارتفع اللزوم ارتفعت الصحة عن البيع فلم يبق لها آثار حتى تستصحب.

ص: 16

اللزوم فترتفع (1) بارتفاعه:

مندفع (2): بأن اللزوم ليس من قبيل الفصل للصحة.

و إنما (3) هو حكم مقارن لها (4) في خصوص البيع الخالي من الخيار.

ثم إنه يشترط في هذا الخيار أمور:
اشارة

ثم إنه يشترط في هذا الخيار (5) امور:

+++++++++++

(1) اي الصحة السابقة التي كانت في ضمن اللزوم ترتفع بارتفاع اللزوم فلم يبق لها اثر حتى تستصحب كما علمت.

(2) جواب عن التوهم المذكور.

خلاصته إن اللزوم ليس من قبيل الفصل للصحة الذي هو من لوازم الجنس و ماهيته: بحيث اذا فقد فقد الجنس.

كما في الناطقية، حيث إنها من لوازم الانسان و ماهيته فانها اذا فقدت يفقد الانسان، بل هو صفة من الصفات كالزنجية و الرومية.

(3) اي اللزوم إنما هو حكم عارض على الموضوع و مقارن للصحة فاذا فقد لم يفقد الموضوع كما في البيع الخالي عن الخيار.

فالصحة و اللزوم حكمان شرعيان مستقلان لا ملازمة بينهما من الطرفين بل الملازمة من طرف واحد: و هو طرف اللزوم، فبينهما عموم و خصوص مطلق، لأنه.

كلما صدق اللزوم صدقت الصحة.

و ليس كلما صدقت الصحة صدق اللزوم.

(4) اي الصحة كما علمت.

(5) اي في خيار التأخير يشترط امور أربعة:

ص: 17

الشرط الأول عدم قبض المبيع

(احدها) (1) عدم قبض المبيع، و لا خلاف في اشتراطه ظاهرا.

و يدل عليه (2) من الروايات المتقدمة (3) قوله (4) في صحيحة علي بن يقطين المتقدمة: فان قبض بيعه، و إلا فلا بيع بينهما، بناء على أن البيع هنا (5) بمعنى المبيع.

لكن في الرياض(1) إنكار دلالة الأخبار (6) على هذا الشرط، و تبعه (7) بعض المعاصرين.

+++++++++++

(1) اي احد تلك الامور الاربعة المشروطة في خيار التأخير.

(2) اي على الأمر الاول الذي هو عدم قبض المبيع من جانب المشتري و عدم قبض الثمن من جانب البائع.

(3) اي في ص 9-10-12-13.

(4) بالرفع فاعل لقوله: و يدل اي و يدل على هذا الشرط قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين المتقدمة في ص 9.

(5) اي في صحيحة علي بن يقطين.

(6) اي (صاحب الرياض) قدس سره انكر دلالة الأخبار المتقدمة على هذا الشرط: و هو عدم قبض المبيع.

(7) اي و تبع (صاحب الجواهر صاحب الرياض) قدس سرهما:

في عدم دلالة الأخبار المذكورة على الشرط المذكور.

راجع (الجواهر) الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 53 عند قوله:

و لو لا ذلك لأمكن المناقشة في اشتراط الثاني، لاطلاق الموثق و غيره الذي لا يقيده ما في صحيح ابن يقطين، و قد اعترف بعض الأفاضل بعدم ظهور النصوص في الشرط المزبور بل ظاهرها خلافه، انتهى -

ص: 18


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- و المراد من بعض الأفاضل هو صاحب الرياض.

ثم لا يخفى عليك أن الأخبار الواردة في المقام ستة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 256-297 الباب 9 الأحاديث (و شيخنا الأنصاري) قدس سره ذكر منها أربعة.

ففي بعضها: و هي صحيحة علي بن يقطين المذكورة في ص 9 مناط خيار التأخير: هو عدم إقباض البائع المبيع الى المشتري، سواء قبض من المشتري الثمن أم لا، فهذه مطلقة من هذه الجهة.

و مناط خيار التأخير في الثلاثة الاخيرة المذكورة في ص 10-12-13:

هو عدم قبض البائع الثمن، سواء قبض المشتري من البائع المبيع أم لا، فهذه مطلقة من هذه الجهة.

اذا يقع التعارض بينهما فلا بد من العلاج في الجمع بينهما.

فنقول: إن التكلم حول اعتبار هذا الشرط: و هو (إن قبّض بيعه) يقع من جهتين:

(الاولى) اثباته من الأخبار الواردة في المقام بغض النظر عن دعوى الاجماع على اعتباره.

(الجهة الثانية) الوجه في اشتراكه مع الشرط الثاني في ترتب الجزاء الذي هو ثبوت الخيار للبائع عليهما.

أما الكلام من الجهة الاولى فاثباته من الروايات متوقف على أن يكون المراد من قوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين: (فان قبّض بيعة) هو اقباض البائع المبيع للمشتري، فتكون النتيجة في -

ص: 19

..........

+++++++++++

- قوله عليه السلام في الصحيحة: (و إلا فلا بيع بينهما) هو عدم بيع بين البائع و المشتري إن لم يقبض البائع المبيع للمشتري، بناء على أن المنفي هنا هو لزوم البيع، لا حقيقة البيع، فيثبت الخيار للبائع.

و أما الكلام من الجهة الثانية فاشتراك الشرط الاول مع الشرط الثاني في علية التأثير لترتب الجزاء عليهما معا: بحيث يكون كل واحد منهما جزء من العلة التامة المؤثرة في ترتب الجزاء الذي هو ثبوت الخيار للبائع، و هذا الاشتراك مبني على كيفية علاج التعارض الظاهر بين صحيحة علي بن يقطين المتقدمة في ص 9 المتضمنة للشرط الاول.

و بين الطائفة الاخرى من الروايات المتضمّنة للشرط الثاني، فان الصحيحة تنص على أن الشرط في اثبات هذا الخيار هو عدم اقباض البائع المبيع للمشتري.

كما أن الظاهر من اطلاقها أن هذا الشرط هو تمام العلة في التأثير لترتب الجزاء عليه، سواء اقبض المشتري الثمن للبائع أم لا.

و الطائفة الاخيرة من الروايات تنص على أن الشرط في ثبوت هذا الخيار هو عدم إقباض المشتري الثمن للبائع، و الظاهر من اطلاقها أن هذا الشرط هو تمام العلة في التأثير لترتب الجزاء عليه، سواء أ كان البائع اقبض المبيع الى المشتري أم لا، فيقع التعارض حينئذ بين هذين الاطلاقين فلا بد اذا من التماس وجه لمعالجة هذا التعارض و الجمع بين الطائفتين و ذلك بتقييد اطلاق كل منهما بنص الاخرى بطريق العطف بالواو بين الجملتين، بناء على الأنسب بتقييد هذا -

ص: 20

..........

+++++++++++

- الاطلاق هو العطف بالواو فتكون النتيجة هكذا:

(إن لم يقبض البائع المبيع للمشتري، و لم يقبض المشتري الثمن للبائع فلا بيع بينهما).

فالجملتان هاتان و إن كانتا في قضيتين مستقلتين منفصلتين بلا فرق بين صدورهما من متكلم واحد، أو أكثر و في مجلس واحد أو أكثر.

إلا أن الجمع العرفي بهذا الوجه يجعلهما كالكلام الواحد من متكلم واحد في مجلس واحد، فبهذا يتم للشرط الاول جزئية التأثير و اشتراكه مع الشرط الثاني في ترتب الجزاء عليهما معا كما افاده في المتن قدس سره.

هذا تمام الكلام فيما اذا كان تقييد الاطلاق بالعطف بالواو كما هو المشهور و المذكور في المتن.

و أما على رأي من يقول بأن الأنسب في تقييد هذا الاطلاق أن يكون العطف بأو:

فيكون الشرط الاول عدلا للشرط الثاني، لا أنه جزء معه:

و الوجه في ذلك أن اطلاق كل من القضيتين و إن كان ظاهرا في أن هذا الشرط هي العلة التامة في التأثير لترتب الجزاء عليه، إلاّ أن له ظهورا آخر في أن هذا التأثير منحصر بهذا الشرط، و ليس له عدل يقوم مقامه.

و حيث إن الظهور في التمامية أقوى من الظهور في الانحصار فالأجدر أن يكون التصرف في الجمع بينهما في الظهور الأضعف:

و هو الظهور الثاني، فحينئذ لا بد من رفع اليد عن كلا الاطلاقين -

ص: 21

و لا (1) اعلم له وجها غير (2) سقوط هذه الفقرة عن النسخة

+++++++++++

- من حيث الانحصار في علية هذا الشرط و يبقى ظهور كل منهما في التمامية و الاستقلال في التأثير على حاله، فبهذا الوجه يكون كل واحد من الشرطين عدلا للآخر، لا جزء معه.

فالنتيجة على هذا النحو من الجمع بين الصحيحة و الأخبار الاخرى تكون هكذا.

إن لم يقبّض البائع المبيع للمشتري.

أو لم يقبّض المشتري الثمن الى البائع.

فلا بيع بينهما

فيترتب احد الشرطين بترتب الجزاء الذي هو ثبوت الخيار للبائع عليه، سواء تحقق الشرط الآخر أم لا.

(1) هذا كلام (شيخنا الأنصاري) اي لا اعرف لانكار صاحب الرياض عدم دلالة الصحيحة المذكورة على الشرط المذكور في الصحيحة وجها صحيحا.

(2) من هنا يروم قدس سره توجيه انكار صاحب الرياض قدس سره، و كلمة غير هنا بمعنى إلا الاستثنائية اي و يمكن التوجيه المذكور بعدم وجود الفقرة المذكورة في الصحيحة: و هي (فان قبّض بيعه و إلا فلا بيع بينهما) عن النسخة التي اخذت منها الصحيحة

و لا يخفى أن الفقرة المذكورة في الصحيحة موجودة في جميع النسخ التي نقلت عنها الصحيحة.

راجع (التهذيب) الطبعة الحديثة الجزء 7 ص 24.

و راجع (التهذيب) الطبعة الحجرية الجزء 2 ص 124 الحديث 93-2 -.

ص: 22

المأخوذة منها الرواية (1).

+++++++++++

- و راجع (الاستبصار) الطبعة الحديثة - الجزء 3 ص 78 الحديث (259).

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 356 الباب 9 الحديث 3.

و راجع (الجواهر) الجزء 23 ص 51 - القسم الخامس.

و راجع (الجواهر) الطبعة الحجرية المجلد 4 ص 112.

ثم إن في الجواهر الطبعة القديمة و الحديثة توجد كلمة (جاء) في الفقرة المذكورة عن الصحيحة هكذا.

فان جاء قبّض بيعه، مع أنها لا توجد في التهذيب و الاستبصار و الوسائل، و لست ادري أنها كيف جاءت في نسخة الجواهر، و من أين جاءت؟

و العجب ممن أشرف على تصحيح الجواهر، و ارجع الأحاديث الموجودة فيها إلى الوسائل.

كيف خفي عليه تطبيق هذا الحديث على المصدر مع أن الحديث موجود في المصادر بغير لفظة (جاء)، و هو ارجعه إليها.

و الكلمة هذه بالإضافة إلى كونها مخلة بالفصاحة و البلاغة مخلة بالمعنى أيضا.

فرجاؤنا الأكيد من هؤلاء الأعلام الذين تصدوا لتصحيح الكتب النفيسة، و صرفوا أعمارهم الثمينة، و بذلوا جهودهم القيمة، و كرسوا أوقاتهم الغالية في سبيل احياء تراث (اهل البيت) الذين اذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا:

بذل عناية أكثر و أكثر، و لا يكتفون بكتابة قولهم:

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار - الحديث 1-3.

ص: 23

و احتمال (1) قراءة قبض بالتخفيف، و بيعه بالتشديد: يعني قبض بايعه الثمن.

و لا يخفى ضعف هذا الاحتمال (2)، لأن استعمال بيّع بالتشديد مفردا نادر، بل لم يوجد (3)، مع امكان (4) اجراء أصالة عدم التشديد.

نظير (5) ما ذكره في الروضة: من أصالة عدم المد في لفظة البكاء الوارد في قواطع الصلاة (6).

+++++++++++

(1) اي في رواية علي بن يقطين.

هذا توجيه آخر منه قدس سره لانكار صاحب الرياض قدس سره دلالة الأخبار الواردة في خيار التأخير على الشرط المذكور.

خلاصته إنه من المحتمل أن تقرأ كلمة قبض بالتخفيف، و قراءة بيّع بالتشديد و يراد منه البائع اي قبض بائع السلعة ثمنه من المشتري فحينئذ لا دلالة للصحيحة المذكورة على الشرط المذكور حتى يدل على الخيار للبائع.

(2) اي الاحتمال المذكور في هذه الصفحة.

(3) اي لا يوجد استعمال بيّع بالتشديد في لغة العرب.

(4) اي بالإضافة إلى ضعف الاحتمال المذكور:

لنا دليل آخر: و هو أصالة عدم مجيء التشديد في لفظة بيّع عند الشك في المجيء.

(5) اي أصالة عدم مجيء التشديد نظير أصالة عدم مجيء المد في كلمة البكاء عند ذكر الفقهاء لها في قواطع الصلاة كما افاد هذا المعنى الشهيد الثاني قدس سره.

(6) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة - الجزء 1 -

ص: 24

ثم إنه لو كان عدم قبض المشتري لعدوان البائع: بأن بذل له الثمن فامتنع من اخذه، و اقباض المبيع.

فالظاهر عدم الخيار (1)، لأن ظاهر النص و الفتوى كون هذا الخيار ارفاقا للبائع، و دفعا لتضرره، فلا يجري فيما إذا كان الامتناع من قبله.

و لو قبضه المشتري على وجه يمكن للبائع استرداده.

كما إذا كان (2) بدون اذنه، مع (3) عدم إقباض الثمن.

ففي كونه (4) كلا قبض مطلقا أو (5) مع استرداده، أو كونه (6)

+++++++++++

- ص 234 عند قوله: و أصالة عدم النقل معارض.

(1) اي للبائع في هذه الصورة.

(2) اي قبض المشتري المبيع كان بغير اذن من البائع.

(3) اي بالإضافة إلى أن القبض كان بدون اجازة البائع أن المشتري لم يدفع الثمن إلى البائع أيضا.

(4) هذا هو الوجه الاول اي مثل هذا القبض الذي حصل في يد المشتري بدون اذن المالك، و لم يدفع الثمن إلى البائع.

هل يعد كلا قبض مطلقا، سواء تمكن البائع من استرداد المبيع أم لا؟

(5) هذا هو الوجه الثاني اي مثل هذا القبض الذي حصل بدون اذن البائع و لم يدفع المشتري الثمن إلى البائع: يعد قبضا إن لم يتمكن البائع الخيار أيضا(1)

و أما إذا تمكن من الاسترداد فالقبض هذا لا يعد قبضا.

(6) هذا هو الوجه الثالث اي و مثل هذا القبض يعد قبضا.

أما مستند الوجه الاول فلأن ظاهر القبض هو القبض الصحيح: -

ص: 25


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قبضا؟: وجوه (1).

رابعها (2) ابتناء المسألة (3) على ما سبجيء في أحكام(1) القبض من أن ارتفاع الضمان عن البائع بهذا القبض (4)، أو عدمه (5).

و لعله (6) الأقوى، اذ (7) مع ارتفاع الضمان(2) بهذا القبض لا ضرر

+++++++++++

- و هو أن يكون باذن من المالك و باعطائه للمشتري، و مثل هذا القبض الذي حصل بدون اذن المالك لا يعد قبضا.

و أما مستند الوجه الثاني فهو امكان استرداد المبيع للبائع فالقبض هذا لا يعد قبضا.

و أما مستند الوجه الثالث فهو أن القبض الذي هو المطلوب قد حصل و إن كان بغير اذن من المالك، لأن اذنه غير دخيل في القبض.

(1) و هي أربعة ثلاثة منها تقدمت في الهامش 4-5-6 في ص 25.

(2) اي رابع تلك الوجوه.

(3) و هي مسألة خيار التأخير.

(4) و هو القبض الحاصل في يد المشتري بغير اذن المالك.

(5) اي أو عدم ارتفاع الضمان عن البائع بمثل هذا القبض الحاصل في يد المشتري بدون اذن البائع.

(6) اي و لعل الوجه الرابع الذي بنيت مسألة خيار التأخير على أن ارتفاع الضمان عن البائع يحصل بمثل هذا القبض الذي تحقق في يد المشتري بدون اذن المالك، أو عدم ارتفاع الضمان عن البائع بمثل هذا القبض هو الأقوى.

(7) تعليل لأقوائية الوجه الرابع.

خلاصته إنه لا مانع من اختيار الوجه الرابع سوى تضرر البائع -

ص: 26


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

على البائع، إلا (1) من جهة وجوب حفظ المبيع لمالكه، و تضرره (2) بعدم وصول ثمنه إليه.

و كلاهما (3) ممكن الاندفاع باخذ المبيع مقاصة.

و أما (4) مع عدم ارتفاع الضمان بذلك فيجري دليل الضرر بالتقريب المتقدم و إن ادعي انصراف الأخبار إلى غير هذه الصورة.

+++++++++++

- بهذا القبض الذي لم يكن باذن من المالك فتتوجه نحوه الضمان ظاهرا و المفروض ارتفاع الضمان بهذا القبض فاذا ارتفع الضمان فلا يبقى ضرر عليه إلا من ناحيتين: نشير إليهما تحت رقمهما الخاص.

(1) هذه هي الناحية الأولى.

(2) هذه هي الناحية الثانية، و كلمة تضرره مجرورة عطفا على مجرور (من الجارة)(1) في قوله في هذه الصفحة إلا من جهة: اي و إلا من جهة تضرر البائع بسبب عدم وصول ثمن المبيع إليه.

(3) أي و كلتا الناحيتين المذكورتين في الهامش 1-2 من هذه الصفحة يمكن اندفاعهما باخذ البائع مبيعه مقاصة، لثبوت الخيار له.

(4) خلاصة هذا الكلام إنه بناء على عدم ارتفاع الضمان عن للبائع بمثل هذا القبض الذي لم يكن باذن من البائع يأتي فيه دليل الضرر الذي تقدم منه (قدس سره) في ص 8 بقوله: حيث إن المبيع هنا في ضمانه و تلفه منه و ملك لغيره لا يجوز التصرف فيه، و إن قلنا بانصراف تلك الأخبار(2) المتقدمة في ص 9-10-12-13 الواردة في خيار التأخير: الى صورة ارتفاع الضمان عن البائع بهذا القبض الذي لم يحصل باذن من المالك.

ص: 27


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

لكنها (1) مشكلة، كدعوى (2) شمولها و لو قلنا بارتفاع الضمان و لو مكّن (3) المشتري من القبض فلم يقبض.

فالأقوى أيضا ابتناء المسألة (4) على ارتفاع الضمان و عدمه (5).

+++++++++++

(1) اي لكن دعوى انصراف تلك الأخبار الى صورة ارتفاع الضمان(1) عن البائع بذاك القبض مشكلة، لأن منشأ الانصراف إما الغلبة في الوجود، أو كثرة الاستعمال و كلاهما منتفيان هنا.

(2) اي هذه الدعوى كدعوى شمول تلك الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13 لصورة ارتفاع الضمان(2) عن البائع بمثل القبض المذكور، و ثبوت الخيار للبائع.

فكما أن هذه الدعوى غير ثابتة، لأن مناط ثبوت الخيار الذي هو دفع الضرر عن البائع يوجب تخصيص القول بصورة ارتفاع الضمان عنه بمثل هذا القبض الذي حصل للمشتري بغير اذن المالك، و الحكم بعدم الخيار للبائع.

كذلك دعوى انصراف الأخبار المذكورة الى صورة ارتفاع الضمان عن البائع بمثل هذا القبض غير ثابتة كما عرفت، لعدم توجه ضرر نحو البائع حين ارتفاع الضمان عنه.

(3) بصيغة المجهول: اي لو مكن البائع المشتري في اخذ المبيع بأن جعله تحت يده و تصرفه و سلطنته.

(4) اى مسألة خيار التأخير.

(5) فان قلنا بارتفاع الضمان عن البائع بمثل هذا القبض(3) الّذي حصل للمشتري بدون اذن من البائع فيثبت الخيار للبائع.

و إن قلنا بعدم الارتفاع فلا خيار للبائع.

ص: 28


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و ربما يستظهر (1) من قول السائل في بعض الروايات:

ثم يدعه (2)

+++++++++++

(1) المستظهر هو (الشيخ صاحب الجواهر) قدس سره.

راجع الجواهر الطبعة الحديثة الجزء 23 ص 58-59.

خلاصة هذا الاستظهار(1) إن ظاهر قول السائل من الامام عليه السلام.

رجل اشترى متاعا من رجل و اوجبه، غير أنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه فسرق المتاع.

من مال من يكون؟

قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته، قال فاذا اخرجه من بيته فالمبتاع ضامن في حقه حتى يرد ماله إليه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص - 358 - الباب - 10 - الحديث 1.

هو دلالة قوله (عليه السلام): حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته: على عدم كفاية التمكين المجرد من القبض: اى البائع مسئول عن المتاع حتى يقبضه الى المشتري و يسلمه له و مخرجه من بيته، مع أن المشتري بعد التمكين و الشراء ترك المتاع عند البائع.

فمجرد تمكين البائع المشتري على أخذ المتاع لا يدل على لزوم العقد، و عدم خبار للبائع، بل لا بد من اقباضه له و اخراجه من بيته حتى لا تكون له خيار، لأن من شرط عدم الخيار الاقباض.

(2) المراد منه هو الترك: اى يترك المشتري المتاع عند البائع.

و لا يخفى أن الموجودة في هذه(2) الرواية التي استظهر منها الشيخ -

ص: 29


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

عنده: عدم (1) كفاية التمكين.

و فيه (2) نظر.

و الأقوى (3) عدم الخيار، لعدم الضمان.

و في كون قبض بعض المبيع كلا قبض، لظاهر (4) الأخبار،

أو (5) كالقبض،

+++++++++++

- صاحب الجواهر عدم كفاية التمكين في القبض كلمة ترك المتاع عنده كما عرفت في الهامش 1 ص 29، لا كلمة يدعه.

نعم هذه اللفظة توجد في رواية اخرى في المصدر نفسه.

(1) بالرفع نائب فاعل لقوله في ص 29: و ربما يستظهر.

(2) اى و في عدم كفاية التمكين في اخذ المتاع عن القبض نظر و إشكال.

وجه النظر(1) عدم دلالة ترك المتاع على التمكين، حيث إن الترك أعم من كونه بعد التمكين، أو قبله، فلا يدل الترك على الاقباض.

(3) هذا رأي (شيخنا الأنصارى) قدس سره: أي الأقوى في صورة تمكين البائع المشتري على اخذ المتاع عدم خيار للبائع، لارتفاع الضمان عنه حينئذ.

(4) تعليل لكون قبض بعض المبيع كلا قبض: اى ظاهر الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13: يدل على أن اقباض جميع المبيع شرط في عدم ثبوت الخيار للبائع، لا اقباض بعض المبيع.

(5) هذا هو القول الثاني في قبض بعض المبيع: أى و قيل: إن قبض بعض المبيع كقبض جميعه، فحينئذ لا خيار للبائع، لارتفاع الضمان عنه.

ص: 30


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لدعوى (1) انصرافها إلى صورة عدم قبض شيء منه.

أو تبعيض (2) الخيار بالنسبة إلى المقبوض و غيره، استنادا (3) مع (4) تسليم الانصراف المذكور إلى (5) تحقق الضرر بالنسبة إلى

+++++++++++

(1) تعليل لكون قبض بعض المبيع كقبض الجميع: اى قبض البعض كقبض الجميع لاصل ادعاء انصراف تلك الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13 الى صورة عدم قبض شيء من المبيع، لا قليله، و لا كثيره، و لا تدل على أن قبض البعض كلا قبض.

(2) هذا هو القول الثالث في قبض المبيع.

و خلاصته إنا نختار التبعيض: بمعنى أنه لا خيار للبائع بالنسبة الى المقبوض، و ثبوت الخيار له بالنسبة الى عدم المقبوض.

(3) تعليل للتبعيض المذكور: اى التبعيض المذكور لاجل تحقق الضرر في جالب البائع بالنسبة الى غير المقبوض، لعدم ارتفاع الضمان عنه.

و عدم تحقق الضرر له بالنسبة الى المقبوض، لارتفاع الضمان عنه بالقبض.

(4) هذه الجملة معترضة: أى التبعيض المذكور بعد تسليم أن الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13 - منصرفة الى عدم قبض شيء من المبيع اصلا، لا جزء و لا كلا، لا الى قبض شيء منه.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: استنادا: اى التبعيض المذكور لأجل تحقق الضرر بالنسبة الى غير المقبوض، و عدم تحققه بالنسبة الى المقبوض.

ص: 31

غير المقبوض، لا غيره (1).

وجوه (2).

الشرط الثاني عدم قبض مجموع الثمن.

(الشرط الثاني) (3) عدم قبض مجموع الثمن.

و اشتراطه (4) مجمع عليه نصا (5)

+++++++++++

(1) اي لا غير المقبوض، فان الضرر متحقق هنا، لعدم ارتفاع الضمان عن البائع كما علمت، فالخيار ثابت له.

(2) و هي ثلاثة: أليك التفصيل:

(القول الأول): قبض بعض المبيع كلا قبض، و سببه ظهور الأخبار في ذلك كما علمت الظهور في ص 9-10-12-13

(القول الثاني): إن قبض بعض المبيع كقبض كله و سببه انصراف تلك الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13 - الى عدم قبض شيء من المبيع، و أنها لا تنصرف الى صورة شمول بعض المبيع.

(القول الثالث): تبعيض الخيار: بأن يقال الخيار للبائع في غير المقبوض، لعدم ارتفاع الضمان عنه.

و عدم الخيار له بالنسبة الى المقبوض، لارتفاع الضمان عنه، بناء على تسليم أن الأخبار المذكورة منصرفة الى عدم قبض شيء من المبيع أصلا.

(3) اى الشرط الثاني في ثبوت الخيار للبائع.

(4) اى اشتراط هذا الشرط في ثبوت الخيار اجماعي.

(5) المراد من النص رواية زرارة، أليك نصها:

عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له:

الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده فيقول: حتى -

ص: 32

و فتوى (1)

و قبض البعض (2) كلا قبض بظاهر (3) الأخبار المعتضد (4)

+++++++++++

- آتيك بثمنه؟.

قال(1). إن جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام، و إلا فلا بيع له فالشاهد في كلمة بثمنه، حيث تدل على اتيان كل الثمن.

و تقرير الامام عليه السلام بقوله: إن جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام دليل على أن المراد بثمنه تمام الثمن.

فهذا القول و التقرير شاهدا صدق على أن قبض الثمن كله شرط في تحقق عدم الخيار، و عدم قبض كله دليل على تحقق الخيار للبائع.

(1) اي و اشتراط عدم قبض مجموع الثمن في ثبوت الخيار للبائع أيضا مجمع عليه فتوى، فان الفقهاء افتوا بأن البائع إذا لم يقبض مجموع الثمن فله الخيار.

(2) اي و قبض بعض ثمن المبيع كلا قبض، فللبائع الخيار حينئذ.

(3) اي منشأ هذا القول و سببه هو ظهور رواية زرارة المتقدمة في الهامش 5 ص 32 بالتقريب المتقدم.

(4) بالجر صفه لكلمة بظاهر: اي الظاهر المتصف بكونه معتضدا بما فهمه ابو بكر بن عياش في رواية ابن الحجاج المتقدمة في ص 10.

خلاصة اعتضاد رواية زرارة و تأييدها بفهم أبي بكر بن عياش هو أن أبا بكر استفاد و فهم من قول الامام عليه السلام: من اشترى شيئا و جاء بالثمن: كل الثمن، و لذا قال للمتخاصمين المتحاكمين عنده:

برأي صاحبك احكم بينكما، أو غيره؟ -

ص: 33


1- اى الامام عليه السلام.

بفهم أبي بكير بن عياش في رواية ابن الحجاج المتقدمة (1).

و ربما يستدل (2) بتلك الرواية، تبعا (3) للتذكرة.

و فيه (4) نظر،

+++++++++++

- قال المشتري: برأي صاحبي: اي الامام الباقر عليه السلام حيث كان شيعيا اماميا.

(1) اي في ص 10 كما علمت.

(2) المستدل هو (صاحب الرياض) قدس سره.

و المراد من تلك الرواية هي رواية عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة آنفا.

(3) اي حال كون (صاحب الرياض) في استدلاله بهذه الرواية:

في أن قبض بعض الثمن كلا قبض تبع العلامة، حيث إنه ذهب إلى أن قبض بعض الثمن كلا قبض مستدلا بهذه الرواية.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 347 عند قوله: و لو قبض البائع بعض الثمن لم يبطل الخيار، لأنه يصدق عليه حينئذ أنه لم يقبض الثمن. و لما رواه عبد الرحمن بن الحجاج.

(4) اي و في الاستدلال برواية ابن عياش تأييدا لما تقدم: من دلالة بعض الأخبار على أن قبض بعض الثمن ليس قبضا نظر و إشكال

وجه النظر من وجهين:

(الاول) ضعف سند الرواية، لجهالة ابن عياش.

(الثاني) عدم حجية فهم ابن عياش.

و ردّ الاول بانجبار الرواية بالشهرة، و عمل الأصحاب.

و الثاني باعتبار ما يبادر إلى أذهان اهل اللسان، و مما لا شك فيه أن أبا بكر بن عياش، و عبد الرحمن بن الحجاج كانا من اهل -

ص: 34

و القبض (1) بدون الاذن كعدمه، لظهور (2) الأخبار في اشتراط وقوعه بالاذن في بقاء البيع على اللزوم.

مع (3) أن ضرر ضمان المبيع، مع عدم وصول الثمن إليه على وجه يجوز له (4)

+++++++++++

- اللسان عارفين بالعربية، و من اهل الفصاحة و البلاغة، فما تبادر في أذهانهما من قول الامام عليه السلام حجة.

(1) اي و قبض الثمن بدون اجازة المشتري بمنزلة عدم القبض.

(2) تعليل لكون قبض الثمن بدون اذن المشتري كلا قبض.

و لا يخفى عليك أن المراد من الأخبار هي التي ذكرت في ص 9-10-12-13 و هي آبية عن صراحة(1): إن قبض بعض الثمن كلا قبض.

نعم إن ذلك يستفاد منها ضمنا، فان قوله عليه السلام: فجاء بالثمن كما في قول ابي بكر بن عياش يدل على تمام الثمن، لا على بعضه، و هكذا في بقية الأحاديث الواردة في المقام.

(3) تأييد منه لما ذهب إليه من أن قبض بعض الثمن كلا قبض.

خلاصته إن ضرر ضمان تلف المبيع على البائع باق عليه ما دام لم يصل إليه ثمن المبيع بكامله و تمامه، لعدم جواز التصرف للبائع في المبيع الواصل إليه بعض الثمن، لأنه اصبح مقدار من المبيع ملكا للمشتري فبهذا المقدار لا يصح للبائع التصرف فيه، فعدم جواز التصرف ضرر عليه، و الضرر منفي بحديث لا ضرر و لا ضرار، فحينئذ يثبت الخيار للبائع.

(4) أي مع أن ضرر ضمان البيع باق على البائع، مع أنه لم -

ص: 35


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

التصرف فيه: باق (1).

نعم (2) لو كان القبض بدون الاذن حقا.

كما إذا عرض المبيع على المشتري فلم يقبضه:

فالظاهر عدم الخيار، لعدم (3) دخوله في منصرف الأخبار.

و عدم (4) تضرر البائع بالتأخير.

+++++++++++

- يقبض الثمن من المشتري حتى يتمكن من التصرف فيه متى شاء و اراد.

(1) خبر لاسم أن في قوله: مع أن ضرر ضمان المبيع.

(2) استدراك عما افاده: من أن قبض البائع ثمن المبيع بدون اذن من المشتري كأنه لم يقبضه، فحينئذ لا خيار للبائع(1)

خلاصته إنه من الممكن أن يكون القبض بلا اذن من المشتري صحيحا و باستحقاق كما لو سلم البائع المبيع إلى المشتري و هو لم يقبضه منه، فاخذ البائع الثمن و إن لم يكن الاخذ باذن منه، فهنا ليس للبائع خيار.

(3) تعليل لعدم خيار للبائع حينئذ.

خلاصته إن الأخبار المتقدمة في ص 9-10-12-13 منصرفة إلى صورة عدم إقباض البائع المبيع إلى المشتري، فهنا يأتي الخيار لا الى صورة إقباضه له، فانها غير منصرفة لتلك الأخبار(2)

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لعدم دخوله: اي و لعدم تضرر يتوجه نحو البائع في صورة اقباض المبيع إلى المشتري، نظرا إلى أن المبيع تحت يده و سلطنته، حيث لم يقبضه المشتري فهو متمكن من التصرف فيه متى شاء و اراد.

ص: 36


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و ربما يقال (1) بكفاية القبض هنا مطلقا، مع (2) الاعتراف باعتبار الاذن في الشرط السابق: اعني قبض المبيع، نظرا (3) إلى أنهم شرطوا في عناوين المسألة (4) في طرف المبيع عدم اقباض المبيع

+++++++++++

(1) القائل هو (السيد بحر العلوم) قدس سره.

خلاصة ما افاده(1) في هذا المقام إنه يكفي في الثمن القبض مطلقا سواء أ كان هناك اذن من المشتري أم لا، لأن قبض الثمن من فعل البائع فيكفي فيه مجرد القبض.

كما أن إقباض المبيع للمشتري من فعله، سواء دفع المشتري الثمن أم لا، فيسقط حقه بالقبض و الاقباض، فلا يبقى له خيار، لا في جانب قبضه الثمن و إن لم يكن باذن من المشتري.

و لا في جانب اقباضه المبيع للمشتري و إن لم يدفع المشتري الثمن إلى البائع.

بخلاف المبيع، فان قبض المشتري المبيع ليس فعلا له، بل هو فعل للبائع فلا بد من اذنه في القبض، فلا يسقط حق البائع بفعل غيره.

راجع (المصابيح) كتاب البيع - القول في الخيارات المصباح الخامس عند قوله: و يكفي في الثمن مطلق القبض.

(2) اي مع اعتراف هذا القائل بأن الاذن من قبل البائع في اقباض المبيع للمشتري معتبر كما علمت آنفا.

(3) تعليل لما افاده القائل بكفاية القبض مطلقا في الثمن.

و قد عرفته في الهامش 1 من هذه الصفحة عند قولنا: لأن قبض الثمن.

(4) اي مسألة خيار التأخير.

ص: 37


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

اياه (1)، و في طرف (2) الثمن عدم قبضه.

و فيه (3) نظر، لأن هذا النحو من التعبير من مناسبات عنوان المسألة باسم البائع، فيعبر في طرف الثمن و المثمن بما هو فعل له:

و هو القبض في الاول (4)، و الاقباض في الثاني (5).

+++++++++++

(1) اي عدم اقباض البائع المبيع للمشتري كما علمت.

(2) اي و أن الفقهاء اشترطوا في جانب الثمن عدم قبضه من قبل البائع.

ففي هاتين الحالتين: و هما.

عدم اقباض البائع المبيع للمشتري.

و عدم قبض المبيع الثمن(1) يثبت الخيار للبائع.

(3) اي و فيما افاده السيد بحر العلوم إشكال.

و خلاصة الإشكال إن الفقهاء لما عنونوا مسألة خيار التأخير باسم البائع رأوا من المناسب أن يعتبروا إقباض المبيع إلى المشتري من جانب البائع، و عدم قبض الثمن أيضا من جانبه، فلذا اعتبروا في طرف الثمن و المثمن بما هو فعل البائع، و من المعلوم أن فعل البائع هو قبضه الثمن، و اقباضه المبيع.

و ليس الاعتبار المذكور لاجل خصوصية في اللفظين: و هما:

الثمن و المثمن حتى يقال: إن القبض و الاقباض من فعل البائع فلا بد أن يكون من جانبه، فيكفي مجرد القبض و إن لم يكن اذن.

(4) و هو الثمن كما علمت.

(5) و هو المثمن كما علمت.

ص: 38


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

فتأمل (1).

و لو اجاز المشتري قبض الثمن، بناء على اعتبار الاذن كانت (2) في حكم الاذن.

و هل (3) هي كاشفة، أو مثبتة (4)؟

أقواهما (5) الثاني.

و يترتب عليه (6) ما لو قبض قبل الثلاثة فاجاز المشتري بعدها.

+++++++++++

(1) اشارة إلى أنه كان بوسع الفقهاء و امكانهم التعبير على وجه لا يكون عنوان المسألة باسم البائع حتى تحتاج المناسبة المذكورة إلى اعتبار الاقباض من جانب البائع، و عدم قبض الثمن في جانبه أيضا فبهذه المناسبة نظر السيد بحر العلوم إلى اعتبار الاقباض من جانب البائع، و عدم قبض الثمن من جانبه أيضا.

(2) اي الاجازة الصادرة من المشتري بعد قبض الثمن بلا اذن منه.

(3) اي الاجازة الصادرة من المشتري بعد أن لم يكن القبض باذن منه.

(4) أي أو هل هي ناقلة؟

و قد تقدم بحث مفصل في الاجازة في أنها كاشفة، أو ناقلة في الجزء 8 من المكاسب من طبعتنا الحديثة من ص 273 إلى ص 359 فراجع و لا تسامح، كي تطبق ما ذكرناه هناك هنا.

(5) اي أقوى القولين و هما: الكشف، أو النقل هو النقل.

(6) اي على القول بالكشف، أو النقل.

خلاصة هذا الكلام إنه لو قلنا إن الاجازة كاشفة: بمعنى -

ص: 39

الشرط الثالث: عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين

(الشرط الثالث) (1): عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين لأن المتبادر من النص (2) غير ذلك، فيقتصر في مخالفة الاصل (3) على منصرف النص، مع أنه (4) في الجملة اجماعي.

+++++++++++

- أنها تكشف عن كون الثمن ملكا للبائع من حين صدور(1) العقد فجميع تصرفاته صحيحة و منافعه له، و كذا في جانب المشتري.

فحينئذ لا خيار للبائع.

و أما على القول بالنقل: بمعنى أن الاجازة تنقل الثمن إلى البائع من حين صدور الاجازة، فالمنافع الصادرة قبلها راجعة إلى المشتري.

فحينئذ لا خيار(2) للبائع أيضا.

و لا يخفى أنه لا ثمرة مترتبة على كلا القولين، لأن الخيار ساقط على الكشف و النقل بعد صدور الاجازة.

(1) اي الشرط الثالث من الشروط الاربعة التي ذكرناها في ص 17 لثبوت خيار التأخير للبائع.

(2) المراد منه هي الأخبار المذكورة في ص 9-10-12-13 اي الذي يتبادر من تلك النصوص هو ثبوت الخيار للبائع إذا لم يشترط تأجيل تسليم احد العوضين، لأن الاصل يقتضي عدم وجود خيار للبائع، فثبوت الخيار له على خلاف الاصل، فيجب الاقتصار على موضع النص: و هو تأخير الثمن من قبل المشتري.

(3) المراد من الاصل هو أصالة اللزوم في العقد، فانه بالعقد لزم البيع، لكن جاء الخيار فيه بواسطة تأخير الثمن ثم اشترط التأجيل(3) فنقول بعدم الجواز اقتصارا على هذا الاصل.

(4) اي بالإضافة الى أن اشتراط تأجيل الثمن بعد انقضاء -

ص: 40


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
الشرط الرابع: أن يكون المبيع عينا، أو شبهها.

(الشرط الرابع) (1): أن يكون المبيع عينا، أو شبهها.

كصاع (2) من صبرة نص عليه الشيخ في عبارته المتقدمة (3) في نقل مضمون روايات أصحابنا.

و ظاهره (4) كونه ملتى به عندهم.

و صرح به (5) في التحرير، و المهذب البارع، و غاية المرام.

+++++++++++

- المدة مخالف للاصل لنا دليل آخر على عدم جواز ذلك، و الدليل هو الاجماع المدعى من قبل السيد بحر العلوم قدس سره بقوله: و يشترط فيه الحلول، فلو شرط التأجيل سقط الخيار.

راجع (المصابيح) كتاب البيع - الخيارات - المصباح الخامس.

(1) اي من الشروط الاربعة المتوقف عليها ثبوت الخيار للبائع المشار إليها فى ص 17 و المراد من المعين كون المبيع شخصيا خارجيا، لا كليا الذي يتحقق في الذمة.

(2) مثال لشبه العين، إذ الصاع من الصبرة ما دام لم يتشخص خارجا و لم ينفصل عن الصبرة لم يتعين تعينا عينيا، لكنه في حكم التعين.

(3) اي في ص 13 عند قوله: و روى أصحابنا أنه إذا اشترى شيئا بعينه بثمن معلوم، فان تعبير الأصحاب عن الرواية شيئا بعينه دليل على أن المبيع لا بد أن يكون عينا خارجية.

(4) اي و ظاهر قول الشيخ: و روى أصحابنا أن هذا فتوى أصحابنا الامامية بأجمعهم: بأن المبيع لا بد من كونه شخصيا.

(5) من هنا اخذ في عد أقوال العلماء قدس اللّه أسرارهم الصريحة في كون المبيع لا بد أن يكون شخصيا: اي و صرح العلامة في التحرير و المهذب(1) و غاية المرام بكون المبيع لا بد من كونه شخصيا، و عينا خارجية.

ص: 41


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو (1) ظاهر جامع المقاصد(1)، حيث قال:

لا فرق في الثمن بين كونه عينا، أو في الذمة (2).

و قال (3) في الغنية(2)

و روى أصحابنا أن المشتري اذا لم يقبض المبيع (4) و قال:

اجيئك بالثمن و مضى فعلى البائع الصبر عليه ثلاثا.

ثم هو بالخيار بين فسخ البيع، و مطالبته بالثمن.

هذا (5) اذا كان المبيع مما يصح بقاؤه.

+++++++++++

(1) هذا نقل ثان اي اشتراط كون المبيع عينا خارجية افاده المحقق الكركي قدس سره.

(2) فان ظاهر هذا الكلام هو عدم الفرق في الثمن بين كونه عينا خارجية أو في ذمته.

و أما المثمن فلا بد من كونه عينا خارجية.

(3) هذا نقل ثالث في كون المبيع لا بد أن يكون عينا خارجية اي السيد أبو المكارم ابن زهرة قال في الغنية في هذا المقام:

و لا يخفى من الشواهد الكثيرة في كلامه تدل على أن المبيع لا بد أن يكون عينا خارجية.

(4) هذا احد الشواهد، لأن المبيع اذا لم يكن عينا خارجية لا يمكن قبضه، فالقبض فرع التشخص.

(5) اي القول بكون المبيع(3) لا بد أن يكون عينا خارجية اذا كان من الموجودات التي يمكن بقاؤها في الخارج.

و هذا شاهد ثان على ان السيد أبا المكارم اراد من المبيع كونه عينا خارجية، لأن امكان البقاء لا يمكن تصوره في الموجودات الذهنية -

ص: 42


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فان لم يكن كذلك (1) كالخضروات فعليه الصبر يوما واحدا.

ثم هو (2) بالخيار.

ثم ذكر (3) أن تلف المبيع قبل الثلاثة من مال المشتري، و بعده من مال البائع.

ثم قال (4): و يدل على ذلك (5) كله اجماع الطائفة، انتهى (6).

+++++++++++

- المعبر عنها في العقود ب (الكلي في الذمة)، فتصور البقاء يكون في الموجودات الخارجية.

(1) اي و أما اذا كان المبيع من الموجودات التي لا يمكن بقاؤها ثلاثة أيام كالخضروات.

و لا يخفى أن عدم بقاء الخضروات الى ثلاثة أيام كان في الأعصار الماضية التي لم توجد الوسائل لحفظها.

و أما في عصرنا الحاضر فبقاؤها الى امد بعيد من البديهيات لوجود الثلاجات و المجمدات، و إن كان في العصور الماضية توجد طرق اخرى في بعض البلاد لحفظ الفواكه و الخضروات.

(2) اي البائع بالخيار في الخضروات بعد مرور يوم واحد.

(3) اي السيد أبو المكارم ابن زهرة قدس سره ذكر في الغنية أن تلف المبيع.

و لا يخفى أن تلف المبيع شاهد ثالث على أن المراد بالمبيع لا بد أن يكون عينا خارجية، لأن تلف المبيع فرع تشخصه في الخارج.

(4) اي السيد ابن زهرة قدس سره في الغنية.

(5) اي على أن المبيع لا بد أن يكون عينا خارجيه(1)

(6) اي ما افاده السيد أبو المكارم في الغنية في هذا المقام.

ص: 43


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و في معقد (1) اجماع الانتصار، و الخلاف، و جواهر القاضي(1)لو باع شيئا معينا (2) بثمن معين.

لكن في بعض نسخ الجواهر:

لو باع شيئا غير معين.

و قد اخذ عنه (3) في مفتاح الكرامة(2)، و غيره (4).

و نسب الى القاضي دعوى الاجماع على غير المعين.

و اظن (5) الغلط في تلك النسخة.

و الظاهر أن المراد بالثمن المعين (6) في معقد اجماعهم هو المعلوم في مقابل المجهول، لأن (7) تشخص الثمن غير معتبر اجماعا و لذا (8) وصف في التحرير(3) تبعا للمبسوط المبيع بالمعين، و الثمن بالمعلوم.

+++++++++++

(1) هذا نقل رابع في أن المبيع لا بد أن يكون عينا خارجية.

(2) كلمة معينا تدل على أن المبيع عين خارجية، لأن التعين من لوازم الموجودات الخارجية.

(3) اي و بسبب وجود كلمة غير معين في بعض نسخ الجواهر افاد (صاحب مفتاح الكرامة) بأنه لو باع شيئا غير معين:

(4) اي و اخذ غير صاحب مفتاح الكرامة من بعض نسخ الجواهر.

(5) هذا احتمال من (شيخنا الأنصاري) قدس سره اي و اظن أن الغلط و السهو في تلك النسخة.

(6) اي في دعوى الاجماع من قبل صاحب الانتصار و الخلاف و جواهر القاضي:

(7) تعليل لكون المراد من الثمن المعين في معقد اجماعات العلماء هو الثمن المعلوم. -

ص: 44


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

و من البعيد (1) اختلاف عنوان ما نسبه في الخلاف الى اجماع الفرقة و أخبارهم، مع ما نسبه الى(1) المبسوط الى روايات أصحابنا.

+++++++++++

- لا العين الخارجية: اي و لاجل أن المراد من الثمن المعين هو الثمن المعلوم في قبال الثمن المجهول، لا العين الخارجية.

(1) المقصود من نفي البعد هو اثبات أن المراد من الثمن المعين هو الثمن المعلوم في قبال المجهول، لا العين الخارجية فقال: إن الشيخ قدس سره افاد في الخلاف بقيام الاجماع على أنه لو باع شيئا معينا بثمن معين عند نقله عنه في ص 44 بقوله: و في معقد اجماع الانتصار و الخلاف و جواهر القاضي: لو باع شيئا معينا بثمن معين فعبر عن الثمن بالثمن المعين.

و ادعى الاجماع أيضا في المبسوط بقوله: و روى أصحابنا إنه اذا اشترى شيئا بعينه بثمن معين(2) كما نقل عنه (شيخنا الأنصاري) في ص 13 بقوله: كما فهمه في المبسوط، حيث قال: و روى أصحابنا إنه اذا اشترى شيئا بعينه بثمن معلوم، فعبر عن الثمن هنا بثمن معلوم خلافا لما عبر عنه في الخلاف كما علمت، فيكون بين الاجماعين تناف اذا لم نقل بأن المراد من الثمن المعين هو الثمن المعلوم.

و أما وجه البعد فلعدم صحة تحقق الاجماع في مسألة واحدة على معنيين احدهما أعم: و هو الثمن المعين الخارجي الذي هو أعم من كونه معلوما أو مجهولا، و الثاني أخص: و هو الثمن المعلوم في مقابل المجهول، حيث لا يعقل فيه الجهل.

ثم إن ظهور المعلوم أقوى من ظهور المعين، لقيام الاجماع على -

ص: 45


1- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

مع (1) أنا نقول: إن ظاهر المعين في معاقد الاجماعات التشخص العيني، لا مجرد المعلوم في مقابل المجهول.

و لو كان (2) كليا خرجنا عن هذا الظاهر بالنسبة الى الثمن للاجماع (3) على عدم اعتبار التعيين فيه.

مع (4) أنه فرق بين الثمن المعين، و الشيء المعين، فان الثاني ظاهر في الشخصي، بخلاف الاول.

+++++++++++

- عدم التعين الخارجي في الثمن، و قيامه في المثمن.

(1) من هنا يروم قدس سره الرجوع عما افاده(1): من أن المراد من الثمن المعين الثمن المعلوم، لا الشخصي الخارجي، و يفيد أن المراد منه هو الشخصي الخارجي.

(2) هذا تأييد منه لما افاده: من الرجوع عن مقالته السابقة

خلاصته إن الثمن لو كان كليا، لا شخصيا خارجيا للزم الخروج عن الظاهرة المجمع عليها في جميع اجماعاتهم لأنك عرفت آنفا أن كلمة المعين لها ظهور في التشخص الخارجي في اجماعات الفقهاء متى أطلقت، و ليس المراد من المعلوم في تعابير الفقهاء مجرد المعلوم في مقابل المجهول.

(3) تعليل للزوم الخروج عن الظاهرة المذكورة(2) اي الخروج عن تلك الظاهرة لاجل الاجماع القائم على عدم اعتبار التعيين الخارجي في الثمن.

(4) تأييد منه لما افاده: من قيام الاجماع على عدم اعتبار التعيين الخارجي في الثمن.

خلاصته إن هنا تعبيرين و هما: -

ص: 46


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما (1) معقد اجماع التذكرة المتقدم في عنوان المسألة فهو مختص بالشخصي، لأنه ذكر في معقد الاجماع أن المشتري لو جاء بالثمن في الثلاثة فهو أحق بالعين.

و لا يخفى أن العين ظاهرة في الشخصي.

هذه (2) حال معاقد الاجماعات.

و أما (3) حديث نفي الضرر

+++++++++++

- الثمن المعين، و الشيء المعين.

فان قيل: الثمن المعين اريد منه الثمن المعلوم في مقابل المجهول و ان قيل: الشيء المعين اريد منه الفرد الشخصي الخارجي، لا الكلي في الذمة.

(1) من هنا يريد أن يبين مراد العلامة من الاجماع المذكور في التذكرة: اي ما ذكرناه كان حول الاجماعات المنقولة عمن تقدم على العلامة.

و أما المراد من الاجماع في التذكرة فهي العين الشخصية الخارجية لا غير، لظهور العين في الشخصي الخارجي.

(2) اي ما ذكرناه بدرا و ختاما: من الاجماعات فقد عرفت مدى صحتها فلا تحتاج الى شرح اكثر.

(3) من هنا يروم قدس سره بيان المراد من الضرر الوارد في حديث: لا ضرر و لا ضرار.

فقال: هل المراد منه الشخصي و الكلي الذي في الذمة؟

أو أن المراد منه الاختصاص بالشخصية؟

فحينئذ لا يشمل الكلي.

ص: 47

فهو مختص بالشخصي، لأنه (1) المضمون على البائع قبل القبض فيتضرر بضمانه، و عدم (2) جواز التصرف فيه، و عدم (3) وصول بدله إليه، بخلاف (4) الكلي.

و أما (5) النصوص فروايتا علي بن يقطين و ابن عمار مشتملتان

+++++++++++

- فاد قدس سره اختصاصه بالشخصي.

و استدل على ذلك بأدلة(1) ثلاثة نشير إليها.

(1) هذا هو الدليل الاول: اي الشخصي هو المضمون على البائع قبل أن يسلم المبيع الى المشتري و يقبضه له لأنه أو تلفت العين الخارجية قبل ذلك لكان هو المسئول عنها و تداركها عليه فيتوجه الضرر نحوه، بخلاف ما اذا كان المبيع كليا.

(2) هذا هو الدليل الثاني اي البائع بعد البيع لا يسوغ له التصرف في العين الخارجية، بخلاف ما اذا كان كليا.

(3) هذا هو الدليل الثالث اي و لعدم وصول بدل المبيع الخارجي الى البائع عند ما يكون عينا خارجية.

(4) اي بخلاف ما اذا كان المبيع كليا، فان بدل الكلي و إن لم يصل الى الشخص لكنه لم يؤخذ بإزائه منه شيء ليتضرر بذلك و كذلك بقية الامور المذكورة في الهامش 2-3 من هذه الصفحة.

(5) المراد منها رواية علي بن يقطين المذكورة في ص 9.

و رواية اسحاق بن عمار المذكورة في ص 10.

و رواية ابن الحجاج المذكورة في ص 10.

و صحيحة زرارة المذكورة في ص 12.

من هنا يروم قدس سره أن يذكر أن أيّا من هذه الأخبار -

ص: 48


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على لفظ البيع المراد به المبيع الذي يطلق قبل البيع على العين المعرضة للبيع، و لا مناسبة (1) في اطلاقه على الكلي كما لا يخفى.

و رواية (2) زرارة ظاهرة أيضا في الشخصي من جهة (3) لفظ المتاع، و قوله (4): يدعه عنده.

فلم يبق (5) إلا قوله عليه السلام في رواية ابي بكر (6) بن عياش

+++++++++++

براد منها العين الخارجية بالقطع و اليقين، و أيا منها يراد منه هذا المعنى ظاهرا فقال:

أما رواية علي بن يقطين المشار إليها في ص 9، و رواية اسحاق ابن عمار المذكورة في ص 10 فلا شك في أن لفظة البيع المذكورة فيهما يراد منها المبيع، و المبيع يطلق على العين الخارجية لا غير.

(1) اي و ليس للفظ البيع الوارد في الروايتين الذي يطلق على العين الخارجية قبل البيع تناسب في اطلاقه على المبيع الكلي المتعلق بالذمة.

(2) اي و أما صحيحة زرارة المذكورة في ص 12 فهي ظاهرة أيضا في إرادة العين الخارجية من المبيع، لقرينتين هناك نذكرهما لك عند رقمهما الخاص.

(3) هذه هي القرينة الاولى، فان لفظة المتاع يدل على الموجود الخارجي، لا على الكلي في الذمة.

(4) اي و من جهة قوله: يدعه عنده هذه هي القرينة الثانية، فان كلمة يدعه عنده تدل على أن المبيع موجود خارجي، لعدم صحة أن يقال الشيء الكلي في الذمة: يدعه عنده.

(5) اي من الروايات التي ذكرت في ص 9-10-12.

(6) و هي المذكورة في ص 9-10-12.

ص: 49

من اشترى شيئا، فان اطلاقه و إن شمل المعين و الكلي.

إلا أن الظاهر من لفظ الشيء هو الموجود الخارجي

كما في قول القائل: اشتريت شيئا (1) و لو في ضمن (2) امور متعددة كصاع (3) من صبرة. و الكلي المبيع ليس موجودا خارجيا اذ (4) ليس المراد من الكلي هنا الكلي الطبيعي الموجود في الخارج، لأن (5)

+++++++++++

(1) اي شيئا خارجيا، حيث إن الشيء لا يطلق الا على الموجود الخارجي.

(2) اي و إن كان الشيء في ضمن امور متعددة.

(3) فان الصاع من الصبرة في ضمن أصواع و صيعان منها، لكن لا يراد منه إلا الموجود الخارجي.

(4) تعليل لكون المراد من الكلي(1) في خيار التأخير ليس الكلي الطبيعي الموجود في الخارج.

و خلاصته إن المبيع قد يكون معدوما في الخارج كما في الفواكه و الخضروات و الغلات في غير أوانها، و بعض السلع.

فكيف يعقل أن يكون المراد من الكلي هو الكلي الموجود في الخارج، مع أن المذكورات معدومة؟

(5) تعليل آخر(2) لعدم كون المراد من الكلي في باب خيار التأخير هو الكلي الموجود الخارجي: اي الموجود من الكلي قد لا يملكه البائع كما اذا كان مغصوبا، أو ليس تحت يده و تصرفه فليس البائع قادرا على تمليكه للمشتري اذا اراد بيعه.

فكيف يراد من الكلي الطبيعي الكلي الموجود الخارجي؟

ص: 50


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المبيع قد يكون معدوما عند العقد، و الموجود منه (1) قد لا يملكه البائع حتى يملّكه، بل هو (2) امر اعتباري يعامل في العرف و الشرع معه معاملة الأملاك، و هذه المعاملة (3) و إن اقتضت صحة اطلاق لفظ الشيء عليها، أو على ما يعمه (4).

+++++++++++

(1) اي الموجود من الكلي الطبيعي(1)

(2) اي الكلي الذي يراد بيعه هو امر اعتباري يعامل معه شرعا و عرفا معاملة الأملاك الشخصية في بذل المال ازائها، أو هبتها، و غير ذلك:

ثم اعلم أن الكلي على ثلاثة أقسام.

(الاول) الكلي المنطقي: و هو الذي لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين، لأن المنطقي يبحث عن الكلي بما هو هو، و لا يبحث عن جزئيات المصاديق.

(الثاني) الكلي الطبيعي: و هو معروض الكلي كما في الانسان و الحيوان، و هذا يوجد في الطبائع اي في الخارج.

(الثالث) الكلي العقلي: و هو المجموع المركب من العارض و المعروض كما في قولك: الانسان الكلي، و الحيوان الكلي، و هذا ليس له وجود في الخارج، بل وجوده في العقل.

ثم إنه ليس المراد من الكلي الطبيعي أن كل كلي طبيعي موجود في الخارج.

بل المراد ان الكلي الطبيعي في الجملة موجود فى الخارج، لأن من الكليات الطبيعية ممتنع الوجود كشريك الباري عز و جل.

(3) و هو الكلي(2) الذي امر اعتباري يعامل معه معاملة الأملاك الشخصية

(4) اي يعم الكلي و الشخصي.

ص: 51


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا أنها (1) ليست بحيث لو اريد من اللفظ (2) خصوص ما عداه من الموجود الخارجي الشخصي احتيج الى قرينة على التقييد (3).

فهو (4) نظير المجاز المشهور، و المطلق (5) المنصرف الى بعض أفراده انصرافا لا يحوج إرادة المطلق الى القرينة، فلا (6) يمكن هنا دفع احتمال إرادة خصوص الموجود الخارجي بأصالة عدم القرينة.

+++++++++++

(1) اي هذه المعاملة(1) التي هي امر اعتباري يعامل معها معاملة الأملاك الشخصية، و التي يصح اطلاق لفظ الشيء عليها، أو على ما يعمه.

(2) اي من اللفظ الذي(2) صح اطلاقه على هذه المعاملة.

(3) و هو الموجود الخارجي(3) الشخصي.

خلاصة الكلام في هذا المقام إن لفظ الشيء و إن صح اطلاقه على هذه المعاملة الكلية التي يعامل معها معاملة الأملاك الشخصية، و على الأعم منها الذي هو الموجود الخارجي الشخصي، لكن الاطلاق المذكور ليس بمثابة أنه لو اريد منه الموجود الخارجي يحتاج الى نصب قرينة صارفة عن المعنى الكلي.

(4) اي اطلاق لفظ الشيء(4) على الكلي من قبيل اطلاق اللفظ الموضوع للمعنى الحقيقي على المعنى المجازي المشهور كاستعمال لفظ زيد في الأسد في قولك: زيد اسد، حيث لا يحتاج هذا الاستعمال المذكور الى نصب قرينة بقولك: يرمي، أو في الحمام، أو رأيته يصلي.

(5) اي أو أن هذا الاطلاق نظير انصراف المطلق الى بعض أفراده كانصراف الماء الى الماء العذب الحلو في عدم احتياجه الى نصب القرينة.

(6) الفاء تفريع على ما افاده: من أن اطلاق لفظ الشيء على الكلي نظير المجاز المشهور، أو نظير انصراف المطلق الى بعض أفراده -

ص: 52


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فافهم (1).

فقد ظهر مما ذكرنا (2) أن ليس في أدلة المسألة (3): من النصوص، و الاجماعات المنقولة، و دليل الضرر ما يجري في المبيع الكلي (4).

و ربما ينسب التعميم(1) (5) الى ظاهر الأكثر، لعدم تقييدهم (6) البيع بالشخصي.

و فيه (7) أن التأمل في عباراتهم مع الانصاف يعطي الاختصاص

+++++++++++

- في عدم إرادة المعنى الحقيقي، أو المطلق الى نصب قرينة: اي ففي ضوء ما ذكرنا فلا مانع من إرادة المعنى الحقيقي، أو المطلق، و لا يمكن القول برفع إرادة المعنى الحقيقي، أو المطلق بأصالة عدم نصب القرينة: بأن يقال، لو كان المعنى الحقيقي، أو المطلق مرادا لكان الواجب نصب القرينة، فما دام لم تنصب لم يكن المعنى الحقيقي مرادا.

(1) الظاهر أنه اشارة الى دقة المطلب الذي أفاده قدس سره حيث إنه دقيق جدا.

(2) و هي الاجماعات المنقولة، و النصوص الواردة، و تصريحات الأعلام المذكورة في ص 13-14، و دليل نفي الضرر.

(3) و هي مسألة خيار التأخير.

(4) بل الأدلة كلها واردة في البيع الشخصي المعين.

(5) و هي إرادة المبيع الشخصي و الكلي من أدلة مسألة خيار التأخير.

(6) اي أكثر الفقهاء لم يقيدوا المبيع بالمبيع الشخصي، و عدم التقييد دليل على التعميم.

(7) اي و في هذا التعميم و الاستدلال نظر و إشكال.

ص: 53


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بالمعين، أو الشك في التعميم.

مع أنه (1) معارض بعدم تصريح احد يكون المسألة محل الخلاف من حيث التعميم و التخصيص، إلا (2) الشهيد في الدروس(1) حيث قال:

إن الشيخ قدس سره قيد في المبسوط هذا الخيار (3) بشراء المعين فانه (4) ظاهر في عدم فهم هذا التقييد من كلمات باقي الأصحاب.

لكنك (5) عرفت أن الشيخ قدس سره قد اخذ هذا التقييد من مضمون روايات أصحابنا.

+++++++++++

(1) إشكال آخر على القائل بالتعميم اي مع أن القول بالتعميم يعارضه عدم تصريح احد من الفقهاء بأن مسألة خيار التأخير محل الخلاف: من حيث إن المراد منها.

هل هو المبيع الشخصي، أو العموم من الشخصي و الكلي؟

اي عدم تصريح الفقهاء بالخلاف دليل على عدم إرادة العموم من المبيع في خيار التأخير.

(2) اي إلا الشهيد الأول، فانه قد ذكر عن الشيخ قدس سرهما عبارة تدل على مخالفة باقي فقهاء الامامية.

(3) و هو خيار التأخير، فتقييد الشيخ الخيار بشراء العين الظاهرة في المبيع الشخصي الخارجي يستفاد منه أن باقي الفقهاء لم يقيدوا هذا الخيار بشراء العين.

(4) تعليل لعدم تقييد(2) باقي الفقهاء هذا الخيار بشراء العين.

و قد عرفته في الهامش 3 من هذه الصفحة عند قولنا: يستفاد منه.

(5) هذا رد على ما استفاده الشهيد من عبارة الشيخ. -

ص: 54


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كيف (1) كان فالتأمل في أدلة المسألة، و فتاوى الأصحاب يشرف (2) الفقيه على القطع باختصاص الحكم (3) بالمعين.

ثم إن هنا أمورا قيل باعتبارها في هذا الخيار
اشارة

ثم إن هنا (4) امورا قيل باعتبارها في هذا الخيار (5).

منها: عدم الخيار لأحدهما

(منها) (6): عدم الخيار لاحدهما (7)،

+++++++++++

- خلاصته إن اخذ الشيخ التقييد المذكور في خيار التأخير من اجل أنه من مضامين الروايات التي رواها أصحابنا، لا أنه بيان لعدم فهم هذا التقييد(1) من كلمات باقي أصحابنا.

(1) يعني أي شيء قلنا في المبيع في خيار التأخير، سواء أ كان معينا شخصية أم كلية فالتأمل في أدلة مسألة خيار التأخير: و هي الاجماعات المذكورة في ص 13-14 و الأحاديث المروية في ص 9-10-12 و عبارات الفقهاء المنقولة في ص 41-42-43-44 يحيط الفقيه علما قطعيا:

باختصاص الخيار في خيار التأخير بالعين الشخصية الخارجية.

(2) بمعنى الاحاطة و الاطلاع.

(3) و هو الخيار كما علمت.

(4) اي في خيار التأخير، و القائل هو السيد بحر العلوم قدس سره حيث ذهب الى ذلك، مستدلا! بأن الخيار إنما شرّع لدفع الضرر فاذا كان للبائع خيار فلا ضرر عليه.

(راجع (المصابيح) كتاب البيع - الخيارات المصباح الرابع عند قوله: و يشترط الخلو عن خيار البائع.

(5) اي في خيار التأخير.

(6) اي من بعض تلك الامور التي قيل باعتبارها في خيار التأخير.

(7) كما في خيار الحيوان اذا كان ثمنا للمبيع الذي دفع الى البائع.

ص: 55


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أولهما (1).

قال (2) في التحرير: و لا خيار للبائع لو كان في المبيع خيار لاحدهما.

و في السرائر (3) قيد الحكم (4) في عنوان المسألة بقوله:

و لم يشترطا (5) خيارا لهما، أو لاحدهما.

و ظاهره (6) الاختصاص بخيار الشرط.

و يحتمل (7) أن يكون الاقتصار عليه لعنوان المسألة في كلامه بغير الحيوان: و هو المتاع (8).

+++++++++++

(1) كما اذا كان الثمن و المثمن حيوانين.

(2) اي العلامة قدس سره(1)

(3) اي قال ابن ادريس قدس سره في السرائر(2)

(4) و هو الخيار.

(5) اي المتعاقدان.

(6) اي ظاهر قول ابن ادريس هو اختصاص عدم الخيار بخيار الشرط.

(7) خلاصة هذا الاحتمال إن الاقتصار على خيار الشرط و الاكتفاء به يمكن أن يكون عنوان مسألة خيار التأخير فى عبارة ابن ادريس قدس سره في السرائر لغير خيار الحيوان، لأن خيار الحيوان امر ذاتي لا يحتاج الى الاشتراط.

و المراد من المتاع هنا غير الحيوان الشامل لبقية الخيارات: و هي خيار المجلس - خيار الغبن - خيار العيب - خيار التأخير - خيار الرؤية.

(8) حتى تجري بقية الخيارات كما علمت آنفا.

ص: 56


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كيف (1) كان فلا اعرف وجها معتمدا في اشتراط هذا الشرط (2).

سواء اراد ما يعم خيار الحيوان أم خصوص خيار الشرط.

و سواء اريد مطلق الخيار و لو اختص بما قبل انقضاء الثلاثة أم اريد خصوص الخيار المحقق فيما بعد الثلاثة.

سواء احدث (3) فيها أم بعدها (4).

و أوجه (5) ما يقال في توجيه هذا القول، مضافا (6) الى دعوى انصراف النصوص الى غير هذا الفرض.

إن (7) شرط الخيار في قوة اشتراط التأخير و تأخير المشتري بحق الخيار ينفي خيار البائع.

+++++++++++

(1) يعني أي شيء قلنا في عدم الخيار لاحدهما، أو لكليهما، أو اختصاص العدم بخيار الشرط.

(2) و هو شرط عدم الخيار لاحدهما، أو لكليهما، أو اختصاص العدم بخيار الشرط كما افاده ابن ادريس.

(3) اي احدث البائع في المبيع في الأيام الثلاثة.

(4) اي أم احدث البائع فيه بعد الأيام الثلاثة.

(5) من هنا يروم أن يوجه ما افاده السيد بحر العلوم قدس سره من اعتبار عدم الخيار للبائع، و لا للمشتري.

(6) اي بالإضافة الى أن النصوص التي وردت في خيار التأخير المذكورة في ص 9-10-12، و ص 10، و ص 12 غير شاملة لهذا الفرض بل منصرفة الى غيره.

(7) هو مقول القول، و توجيه لما قيل.

خلاصته إن شرط الخيار للمشتري في قوة تأخير خيار البائع(1)

ص: 57


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و توضيح ذلك (1) ما ذكره في التذكرة في أحكام الخيار:

من (2) أنه لا يجب على البائع تسليم المبيع.

و لا على المشتري تسليم الثمن في زمان الخيار.

و لو تبرع احدهما بالتسليم لم يبطل خياره، و لا يجبر الآخر على تسليم ما عنده، و له استرداد المدفوع، قضية (3) للخيار.

و قال بعض الشافعية: ليس له استرداده (4)، و له اخذ ما عند صاحبه بدون رضاه كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع، انتهى (5).

و حينئذ (6) فوجه هذا الاشتراط

+++++++++++

- لأن المشتري بسبب استحقاقه التأخير بالشرط المذكور ينفي خيار البائع و يبقى بلا خيار فيتضرر بهذا التأخير.

(1) اي و توضيح كيفية نفي خيار البائع، و أنه يبقى بلا خيار فيتضرر هو ما افاده العلامة قدس سره في التذكرة.

(2) كلمة من بيان لما افاده العلامة في التذكرة في التوضيح.

(3) اي استرداد المدفوع مقتضى الخيار.

(4) اي استرداد المدفوع.

(5) اي ما افاده العلامة قدس سره في التوضيح المذكور.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 420 عند قوله الثالث لا يجب على البائع.

(6) اي و بناء على ما افاده العلامة قدس سره في التذكرة في هذا المقام فتوجيه هذا الاشتراط: و هو اشتراط أن لا يكون الخيار لهما، أو لاحدهما من مورد خيار التأخير: أن الظاهر من الأخبار المشرعة للبائع حق الخيار عند عدم مجيء المشتري الثمن بعد الثلاثة -

ص: 58

أن ظاهر الأخبار (1) كون عدم مجيء المشتري بالثمن غير(1) حق التأخير و ذو الخيار (2) له حق التأخير.

و ظاهرها (3) أيضا كون عدم اقباض البائع لعدم قبض الثمن.

لا (4) لحق له في عدم الاقباض.

و الحاصل (5) إن الخيار بمنزلة تأجيل أحد العوضين.

+++++++++++

- الأيام: هو ثبوت هذا الحق للبائع فيما اذا لم يكن عدم مجيء المشتري بالثمن بحق يجوز له تأخير الثمن.

و أما اذا كان تأخير الثمن من جانب المشتري بحق كما اذا اشترط لنفسه تأجيل الثمن الى مدة معلومة فهنا لا يكون للبائع خيار التأخير لأن المشتري هو ذو الخيار فله حق التأخير.

(1) المراد من الأخبار المشرعة ما ذكرت في ص 9-10-12.

(2) اي و الحال أن المشتري الذي اشترط لنفسه تأجيل الثمن الى مدة مضبوطة هو ذو الخيار.

(3) اي و كذلك ظاهر تلك الأخبار المشرّعة للبائع حق الخيار المذكورة في ص 9-10-12: أن الخيار ثابت له اذا لم يسلم المبيع الى المشتري بسبب عدم إعطاء المشتري الثمن الى البائع، لا بسبب امر آخر كاشتراط المشتري التأجيل لنفسه الى مدة معلومة مضبوطة: فحينئذ ليس للبائع الخيار.

(4) اي و ليس للبائع حق الخيار(2) اذا كان تأخير الثمن من قبل المشتري بحق كما اذا اشترط التأجيل لنفسه الى مدة مضبوطة كما علمت آنفا.

(5) اي خلاصة هذا الاشتراط إن ثبوت الخيار للبائع اذا كان تأجيل الثمن من قبل المشتري.

و ثبوت الخيار للمشتري اذا اشترط الخيار لنفسه، فأي العوضين: -

ص: 59


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و فيه (1) بعد تسليم الحكم في الخيار، و تسليم (2) انصراف الأخبار الى كون التأخير بغير حق.

إنه ينبغي على هذا القول كون مبدأ الثلاثة من حين التفرق.

+++++++++++

- و هما الثمن و المثمن تأخر يثبت الخيار لاحد المتبايعين.

(1) اي و في هذا التوجيه نظر و إشكال.

خلاصته إننا بعد التسليم بأن لا يكون لاحد المتابعين، أو لاحدهما اشتراط الخيار في مورد التأخير.

و بعد تسليم الصراف تلك الأخبار الواردة في ص 9-10-12 الى أنها ظاهرة في عدم تسليم المشتري الثمن الى البائع من دون حق التأخير للمشتري، لا ما اذا كان التأخير بحق.

نقول: إنه يلزم على هذا القول أن يكون مبدأ الثلاثة الأيام التي تسبق خيار التأخير من حين التفرق عن مجلس العقد كما هو احد القولين في المسألة حتى تكون الفترة الزمنية بين صدور العقد الى ما قبل العقد(1). و هي فترة خيار المجلس في قوله عليه السلام البيعان بالخيار ما لم يفترقا خارجة عن الثلاثة التي يكون العقد فيها لازما.

و أما على القول الثاني في المسألة: و هو كون مبدأ الثلاثة من حين العقد لا من حين الافتراق فتكون فترة الزمنية لخيار المجلس داخلة في الثلاثة التي تسبق خيار التأخير.

اذا يقع التنافي بين لزوم العقد في تمام الثلاثة.

و بين عدم اللزوم في فترة خيار المجلس الداخلة في ضمن الثلاثة.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بعد تسليم الحكم اي و بعد تسليم انصراف تلك الأخبار كما علمت في الهامش 1 من هذه الصفحة.

ص: 60


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كون (1) هذا الخيار مختصا بغير الحيوان، مع (2) اتفاقهم على ثبوته كما يظهر من المختلف.

و ذهب (3) الصدوق قدس سره الى كون الخيار في الجارية بعد شهر.

+++++++++++

(1) بالرفع عطفا على كلمة كون في قوله في ص 60: كون مبدأ الثلاثة: اي و ينبغي على هذا القول كون مبدأ هذا الخيار(1)و هو خيار تأخير الثمن.

خلاصة هذا الكلام انه يلزم على هذا القول أيضا عدم ثبوت خيار التأخير في مورد خيار التأخير: بمعنى اختصاصه بغير الحيوان، لأن لزوم البيع في الثلاثة التي سبقت خيار التأخير: لا يجتمع مع عدم لزومه فيها من جهة خيار الحيوان.

(2) هذا إشكال منه على اللزومين المذكورين في الهامش 1 ص 60 على القول بالاشتراط المذكور في ص 41: اي مع أن معظم الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم اتفقوا على ثبوت خيار التأخير حتى في مورد يكون فيه خيار الحيوان كما يظهر هذا الاتفاق من العلامة قدس سره في المختلف(2)

(3) الغاية من ذكر قول الصدوق قدس سره هنا يحتمل أن تكون ل لأمرين:

(الاول): مخالفته قدس سره لما ذهب إليه المعظم: من أن مبدأ خيار التأخير في الجارية المشتراة، أو مطلق الحيوان بعد الثلاثة الأيام، لا بعد شهر واحد.

(الثاني): ذكره مذهب الصدوق قدس سرهما ليس إلا لاجل استشهاد ثبوت خيار التأخير في مورد خيار الحيوان أيضا -

ص: 61


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا (1) أن يراد بما في التحرير عدم ثبوت خيار التأخير ما دام الخيار ثابتا لاحدهما فلا ينافي ثبوته في الحيوان بعد الثلاثة.

و قد يفصّل (2) بين ثبوت الخيار للبائع من جهة اخرى فيسقط معه هذا الخيار لأن لخيار التأخير إنما شرّع لدفع ضرره و قد اندفع بغيره.

+++++++++++

- و عدم اختصاصه بغير الحيوان بغض النظر عن جهة مخالفة الصدوق.

و هذا الاحتمال بمقام الفقيه أليق.

و أما من جهة كون قول الصدوق قدس سره يكون حينئذ مخالفا لما اتفق عليه معظم الفقهاء.

فسيأتي البحث عنها قريبا.

(1) يروم قدس سره بهذا الاستثناء و التوجيه رفع الإشكال الظاهر من عبارة (التحرير)، و قد ذكر التوجيه فلا نعيده.

(2) المفصل هو (صاحب مفتاح الكراهة) قدس سره.

و التفصيل هذا يتصيد من عبارته هناك.

و خلاصة التفصيل إن المشترط لنفسه حق الخيار من غير جهة تأخير الثمن من ناحية المشتري اذا كان هو البائع فقد سقط خياره من جهة خيار تأخير الثمن، سواء أ كان خياره بعد الثلاثة أم في أثنائها.

و السر في ذلك هو أن خيار تأخير الثمن إنما شرع ارفاقا للبائع و لدفع ضرره فاذا اشترط لنفسه حق خيار الفسخ بعد الثلاثة الأيام فلا معنى لبقاء خيار التأخير له، لاندفاع ضرره بما اشترطه لنفسه و لدلالة النصوص و فتاوى الأصحاب على لزوم البيع في تمام الثلاثة الأيام التي سبقت حدوث خيار التأخير فلا يبقى مجال لثبوت خيار التأخير له عند ما اشترط الخيار لنفسه خلال الثلاثة و قبل انقضائها، لوقوع -

ص: 62

و لدلالة (1) النص و الفتوى على لزوم البيع في الثلاثة فيختص بغير صورة ثبوت الخيار له.

قال (2): و دعوى أن المراد من الأخيار اللزوم من هذه الجهة

مدفوعة (3): بأن التأخير سبب للخيار و لا يتقيد الحكم بالسبب.

+++++++++++

- التنافي بين عدم لزوم البيع في الثلاثة بسبب ما اشترطه لنفسه.

و بين اللزوم في تمام الثلاثة الذي يترتب عليه حدوث خيار التأخير فيسقط حقه اذا من هذه الجهة.

(1) هذا هو الدليل الثاني لصاحب (مفتاح الكرامة).

(2) هذا إشكال من صاحب مفتاح الكرامة على ما افاده في التفصيل المذكور في الدليل الثاني: و هي دلالة النصوص و فتاوى الأصحاب من الشق الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 62.

خلاصة الإشكال إن وقوع التنافي بين لزوم البيع في تمام المدة السابقة على حدوث خيار التأخير، و عدم لزومه من جهة اشتراط الخيار فيها إنما هو لو كان مفاد النصوص و الفتاوى هو اللزوم في تمام المدة من جميع الجهات.

أما اذا كان المراد منها هو اللزوم في تمام هذه المدة بالنسبة الى خيار التأخير خاصة، لا بالنسبة إلى كل خيار.

فأي مانع من أن يكون المنفي بلزوم العقد في تمام المدة هو خصوص خيار تأخير الثمن، و يكون جائزا من جهة الخيار المشترط في أثنائها، و مع اختلاف الجهة يندفع التنافي بين اللزوم و عدم اللزوم؟

(3) خبر عن المبتدأ المتقدم: و هو قوله: و دعوى و جواب عن الإشكال المذكور. -

ص: 63

و بين (1) ما اذا كان الخيار للمشتري فلا وجه لسقوطه (2).

مع (3) أن اللازم منه عدم ثبوت هذا الخيار (4) في الحيوان.

و وجه (5) ضعف هذا التفصيل أن ضرر الصبر بعد الثلاثة

+++++++++++

- خلاصته إن معنى لزوم البيع في تمام الثلاثة هو انتفاء الخيار مطلقا، سواء أ كان الخيار خيار شرط أم غيره.

و ليس المراد باللزوم نفي خصوص خيار التأخير، لأن التأخير سبب لحدوث الخيار بعد انتهاء اللزوم في تمام المدة، لا أنه قيد له فان السبب و هو تأخير الثمن لا يكون قيدا للحكم: و هو الخيار، لأنه من قبيل تقييد الحكم بالموضوع و هو محال كما نقل هذه الاستحالة الشيخ قدس سره عنه بقوله في ص 63: و لا يتقيد الحكم بالسبب.

(1) هذا هو الشق الثاني للتفصيل المذكور في ص 62 بقوله: و قد يفصل بين ثبوت الخيار،

خلاصته إن المشترط لنفسه حق الخيار اذا كان هو المشتري فلا وجه لسقوط خيار التأخير بالنسبة الى البائع، لأن ضرر تصبره على تأخير قبض ثمن مبيعه من قبل المشتري لا يتدارك و لا يندفع بخيار المشتري.

(2) اي لسقوط خيار تأخير البائع كما علمت.

(3) هذا إشكال آخر على عدم سقوط خيار(1) التأخير بالنسبة الى البائع: اي لازم القول بسقوطه في هذه الصورة هو عدم ثبوت خيار التأخير أيضا في مورد خيار الحيوان، مع أن عمومات الأخبار الواردة في خيار التأخير شاملة لثبوت الخيار في الحيوان

(4) اي خيار التأخير.

(5) من هنا يروم الرد على ما افاده صاحب (مفتاح الكرامة) قدس سرهما

ص: 64


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- فالرد هذا على الشق الاول من التفصيل الذي ذكرناه في الهامش 2 ص 62.

و خلاصة الرد على الشق الاول الذي هو سقوط خيار البائع من جهة تأخير الثمن عند اشتراط الخيار لنفسه من غير جهة تأخير الثمن وجهان:

(الاول): إن ضرر الصبر بعد الثلاثة لا يندفع بالخيار في الثلاثة.

و الظاهر أن هذا إنما يستفاد من مؤدي عبارة المفصل قدس سره الذي ذكره الشيخ عنه في ص 62 بقوله: و قد يفصل، لكن الإشكال غير متوجه عليه، لأن مفاد عبارة المفصل تشمل على دعوى و دليلين.

أما الدعوى فهي أن البائع اذا اشترط لنفسه خيار الفسخ من غير جهة(1) تأخير الثمن سقط خياره من غير جهة التأخير.

و الدعوى هذه منحلة الى صورتين:

(الاولى): اشتراط البائع لنفسه حق خيار الفسخ بعد الثلاثة الأيام،

(الثانية): اشتراط البائع لنفسه حق خيار الفسخ قبل انتهاء الثلاثة.

و أما الدليلان فالاول هو اندفاع ضرر البائع الذي شرع من اجله خيار تأخير الثمن: بما اشترط لنفسه، و هذا الدليل يرجع الى الصورة الاولى من الدعوى.

و أما الدليل الثاني فهو أن لزوم البيع في تمام الثلاثة الأيام التي سبقت حدوث خيار تأخير الثمن لا يجتمع مع الخيار المشترط في ضمن الثلاثة الذي مقتضاه عدم اللزوم، و هذا الدليل راجع الى الصورة الثانية من الدعوى المشار إليها في هذه الصفحة. -

ص: 65


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا يندفع بالخيار في الثلاثة.

و أما (1) ما ذكره: من عدم تقييد الحكم بالسبب فلا يمنع من

+++++++++++

- فبعد هذه الاحاطة و التأمل فيما ذكرناه يتضح لك عدم تمامية هذا الوجه من الإشكال على الدليل الأول.

إلا على اعتباره دليلا في الصورة الثانية من الدعوى و هو خلاف ما يحصل من عبارة المفصل.

و لعل شيخنا الأنصاري قدس سره نظر الى دعوى المفصل من خلال الصورة الثانية فقط: و هي صورة اشتراطه حق خيار الفسخ قبل انقضاء الثلاثة، و أن الدليلين كليهما يرجعان الى هذه الصورة فتصدى للاشكال على التفصيل بتضعيف الدليل الاول.

و سيأتي الاشارة الى إشكاله على الدليل الثاني.

(1) يروم بهذا تضعيف ما افاده صاحب (مفتاح الكرامة) قدس سرهما بقوله في ص 63: و لا يتقيد الحكم بالسبب.

و خلاصة التضعيف إن ما ذكره المفصل لا يجدي في دفع الدعوى - التي سجلها على نفسه، لأنه لا مانع من كون المراد بلزوم البيع في الثلاثة التي سبقت خيار تأخير الثمن هو نفي الخيار من هذه الجهة، لا من جميع الجهات.

و الشاهد على ذلك ثبوت خيار المجلس في الثلاثة التي سبقت حدوث خيار التأخير هذا.

و لا يخفى أن ما لاحظه شيخنا الأنصاري قدس سره في هذا الوجه من الايراد على الدليل الثاني لصاحب (مفتاح الكرامة) قدس سره امران: -

ص: 66

..........

+++++++++++

- (احدهما): إنه لم يذكر وجها لعدم مانعية تقييد الحكم بالسبب لكون المراد باللزوم في الثلاثة هو نفي الخيار من جهة تأخير الثمن لا من جميع الجهات.

و لقد اجاد الشيخ الشهيدي طاب ثراه في تعليقته على المكاسب في هذا المقام ما ذكره في وجه ذلك.

راجع تعليقته على (المكاسب) ص 485.

(ثانيهما): إن عدم منافاة خيار التأخير لثبوت خيار المجلس في ضمن الثلاثة التي سبقت هذا الخيار مبني على القول بأن مبدأ الثلاثة من حين العقد، لا من حين المفارقة كما عليه جماعة اخرى منهم صاحب القول بالتفصيل المذكور في ص 62 فلا يتم النقض به عليه.

أليك نصا من كلام صاحب (مفتاح الكرامة) في المقام.

قال قدس اللّه نفسه الزكية.

و مبدأ المدة هنا من حين التفرق ثم استشهد لذلك بكلمات بعض الأصحاب، ثم قال: إن المتبادر من ذلك أنه من حين المجيء حال الاجتماع، إلا اذا اريد به مجرد دفع الثمن و هو خلاف الظاهر و حينئذ يمكن الاستدلال بقوله عليه السلام، في حديث زرارة:

و إن جاء ما بينه و بين ثلاثة أيام.

مضافا الى ما سلف: من دلالة الأخبار المذكورة و فتاوى الأصحاب على لزوم البيع في تمام المدة.

و لو كانت من حين العقد لاشتملت على خيار المجلس فينتفي اللزوم في مجموعها، بل في جميعها حيث تدوم مدة المجلس، و عدم -

ص: 67

كون نفي الخيار في الثلاثة من جهة التضرر بالتأخير، و لذا (1) لا ينافي هذا الخيار خيار المجلس.

منها: تعدد المتعاقدين

(و منها) (2): تعدد المتعاقدين، لأن النص (3) مختص بصورة التعدد.

+++++++++++

- المفارقة ثلاثة أيام انتهى ما افاده قدس سره.

(1) اي و لاجل أنه لا يمنع من كون نفي الخيار في الثلاثة من جهة التضرر بسبب تأخير الثمن، لا من جميع الجهات: لا ينافي وجود خيار التأخير مع وجود خيار المجلس، لامكان اجتماعه معه، لأن التأخير الى ما قبل هذه الثلاثة ليس سببا للخيار، لا أنه سبب لعدم وجود مطلق الخيار حتى خيار المجلس.

و الدليل على كون المعنى نفي سببية التأخير الى ما قبل الثلاثة للخيار لا سببيته لعدم وجود مطلق الخيار: أنه لو كان المعنى الثاني هو المراد لوقع التنافي بين خياري التأخير و المجلس: بمعنى عدم امكان اجتماعهما في عقد واحد و لو مع اختلاف زمانهما، لأن مقتضى ثبوت خيار المجلس عدم وجود خيار التأخير: و هو لزوم العقد في الأيام الثلاثة الموجب هذا اللزوم لانتفاء هذا الخيار.

و مقتضى ثبوت خيار التأخير وجود موضوعه فيها، و لازم هذا انتفاء خيار المجلس.

(2) اي و من تلك الامور التي قيل باعتبارها التي ذكرها الشيخ قدس سره بقوله في ص 55: ثم إن هنا امورا قيل باعتبارها.

(3) و هو الوارد في خيار التأخير المذكور في ص 9-10-12-13.

ص: 68

و لأن هذا الخيار (1) ثبت بعد خيار المجلس، و خيار المجلس باق مع اتحاد العاقد، إلا (2) مع إسقاطه.

و فيه (3) أن المناط عدم الاقباض و القبض.

و لا إشكال في تصوره (4) من المالكين مع اتحاد العاقد من - قبلهما.

و أما خيار المجلس فقد عرفت (5) أنه غير ثابت للوكيل في مجرد العقد.

و على تقديره (6) فيمكن إسقاطه.

+++++++++++

(1) و هو خيار التأخير.

(2) اي خيار المجلس لا يكون(1) باقيا إلا في صورة إسقاطه في متن العقد.

(3) اي و في اعتبار تعدد المتعاقدين في خيار التأخير نظر و إشكال خلاصة الرد إن الميزان و الاعتبار في خيار التأخير هو عدم اقباض البائع المبيع الى المشتري، و عدم قبضه الثمن منه فقط.

(4) اي في تصور عدم الإقباض و القبض في صورة تعدد المالكين مع اتحاد العاقد إن كان وكيلا عنهما.

(5) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 75 عند قوله: أقول: و الأولى أن يقال: إن الوكيل اذا كان وكيلا في مجرد اجراء العقد فالظاهر عدم ثبوت الخيار لهما، وفاقا لجماعة.

(6) اي و على فرض ثبوت خيار المجلس للوكيل المجرد لإجراء العقد كما ذهب إليه صاحب الحدائق قدس سره.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 82 عند قوله:

و من جميع ذلك يظهر ضعف القول بثبوته للوكيلين المذكورين كما هو ظاهر الحدائق

ص: 69


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو اشتراط عدمه (1).

نعم لو كان العاقد وليا بيده العوضان لم يتحقق الشرطان الاولان أعني عدم الاقباض و القبض، و ليس ذلك (2) من جهة اشتراط التعدد.

منها: أن لا يكون المبيع حيواناً أو خصوص الجارية

(و منها) (3):

+++++++++++

(1) اي اشتراط عدم خيار المجلس للعاقد الذي كان وكيلا لإجراء الصيغة فقط.

(2) اي عدم تحقق الشرطين: اعني عدم الاقباض و القبض الذين هما ركنان لتحقق خيار التأخير.

(3) اي و من تلك الامور التي قيل باعتبارها في تحقق خيار التأخير التي نقلها الشيخ قدس سره بقوله في ص 55: ثم إن هنا امورا قيل باعتبارها.

الغرض من ذكر هذا الأمر هو أن المشهور ذهب الى أن النهاية في خيار التأخير هي ثلاثة أيام، سواء أ كان المبيع حيوانا أم غيره.

لكن شيخنا الصدوق رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه ذهب الى أن المبيع لو كان جارية جاز التأخير الى شهر، و استدل على ذلك برواية علي بن يقطين رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهما.

أليك نص الحديث.

عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن علي بن يقطين قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية و قال:

اجيئك بالثمن؟

فقال: إن جاء فيما بينه و بين شهر، و إلا فلا بيع. -

ص: 70

أن لا يكون المبيع حيوانا (1)، أو خصوص (2) الجارية، فان (3) المحكي عن الصدوق(1) قدس سره في المقنع.

أنه (4) اذا اشترى جارية فقال: اجيئك بالثمن فان جاء بالثمن فيما بينه و بين شهر، و إلا فلا بيع له (5).

و ظاهر المختلف نسبة الخلاف الى الصدوق في مطلق الحيوان (6) و المستند فيه (7) رواية ابن يقطين.

عن رجل اشترى جارية و قال: اجيئك بالثمن.

فقال (8): إن جاء بالثمن فيما بينه و بين شهر، و إلا فلا بيع له.

+++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 357 الباب 9 الحديث 6.

و لما كان قول شيخنا الصدوق قدس سره مخالفا لما ذهب إليه المشهور اعتبر بعض عدم كون المبيع حيوانا مطلقا، سواء أ كان أناسيا أم غيره، أو كان خصوص الجارية.

(1) سواء أ كان اناسيا أم غيره كما علمت.

(2) كما ذهب إليه شيخنا الصدوق قدس سره.

(3) تعليل لاعتبار عدم كون المبيع حيوانا، أو خصوص الجارية

(4) مثال للمنفي، لا للنفي.

(5) ذكرنا مصدر الحديث في الهامش 3 ص 70.

(6) اي سواء أ كان انسانا أم غيره.

(7) اي المدرك لما ذهب إليه شيخنا الصدوق رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه.

(8) ذكرنا مصدر الحديث في الهامش 3 ص 70.

ص: 71


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لا (1) دلالة فيها على صورة عدم اقباض الجارية.

و لا قرينة على حملها (2) عليها، فيحتمل الحمل (3) على اشتراط المجيء بالثمن الى شهر في متن العقد، فيثبت الخيار عند تخلف الشرط.

و يحتمل الحمل (4) على استحباب صبر البائع، و عدم فسخه الى شهر و كيف كان (5) فالرواية مخالفة لعمل المعظم، فلا بد من حملها (6) على بعض الوجوه.

ثم إن مبدأ الثلاثة (7) من حين التفرق؟

أو من حين العقد؟

وجهان:

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي لا دلالة لهذه الرواية.

(2) اي حمل هذه الرواية على صورة عدم اقباض الجارية من قبل البائع.

(3) اي حمل هذه الرواية.

(4) اي حمل الرواية المذكورة.

(5) يعني أنه أي شيء قلنا في حمل الرواية فالرواية مخالفة لما ذهب إليه معظم فقهائنا.

و قد علمت كيفية المخالفة في الهامش 3 ص 70.

(6) اي حمل تلك الرواية على بعض الوجوه:

و هو إما الحمل على اشتراط مجيء الثمن الى شهر في متن العقد.

و إما حملها على استحباب صبر البائع.

(7) اي الثلاثة الأيام التي هي مدة خيار التأخير.

ص: 72

من (1) ظهور قوله عليه السلام فان جاء بالثمن بينه و بين ثلاثة أيام في كون مدة الغيبة ثلاثة.

و من (2) كون ذلك كناية عن عدم التقابض ثلاثة أيام كما هو ظاهر قوله عليه السلام في رواية ابن يقطين الاجل بينهما ثلاثة أيام فان قبض بيعه، و إلا فلا بيع بينهما.

و هذا (3) هو الأقوى.

+++++++++++

(1) دليل لكون المبدأ في الأيام الثلاثة من حين التفرق عن المجلس: لظهور النص و الفتوى في لزوم البيع في تمام المدة، اذ لو كان المبدأ من حين العقد لاشتملت المدة على خيار المجلس فينتفي اللزوم في المجموع.

و يمكن أن يقال: إن المتبادر من قوله عليه السلام: ان جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام: مجيئه من وقت المفارقة، لعدم تعقل المجيء حال الاجتماع.

(2) دليل لكون المبدأ في الأيام الثلاثة من حين العقد، لا من حين التفرق.

خلاصته إن قوله عليه السلام: إن جاء بالثمن بينه و بين ثلاثة أيام كناية عن عدم التقابض لا من جانب الثمن، و لا من جانب المثمن.

و القرينة على كون قوله عليه السلام كناية عن عدم التقابض هو قوله عليه السلام في رواية علي بن يقطين: فان قبّض بيعه، و إلا فلا بيع بينهما: اي أقبض البائع مبيعه الى المشتري و تسلم الثمن منه.

(3) اي كون المبدأ في الأيام الثلاثة من حين العقد هو الأقوى.

ص: 73

مسألة: يسقط هذا الخيار بأمور
اشارة

(مسألة) (1):

يسقط هذا الخيار (2) بامور:

أحدها إسقاطه بعد الثلاثة بلا إشكال و لا خلاف.

(احدها) (3) إسقاطه بعد الثلاثة بلا إشكال و لا خلاف.

و في سقوطه (4) بالإسقاط في الثلاثة وجهان:

من (5) أن السبب فيه الضرر الحاصل بالتأخير

+++++++++++

(1) و هي أربعة كما يذكرها قدس سره في هذا التأخير(1)و هذه هي الأولى منها.

(2) اي خيار التأخير يسقط بسبب امور:

و هي أربعة كما ذكرها، و نحن نشير الى كل واحد منها.

(3) اي احد تلك الامور الاربعة إسقاط هذا الخيار بعد الأيام الثلاثة المجعولة له.

(4) اي و في سقوط هذا الخيار باسقاطه في أثناء تلك الأيام وجهان:

وجه بالعدم، و وجه بالجواز.

(5) دليل لعدم سقوط خيار التأخير باسقاطه في الأثناء.

خلاصته إن السبب في هذا الخيار هو الضرر الحاصل من التأخير و الحال أنه لم يتحقق بعد لعدم انتهاء الثلاثة فيستصحب بقاء الخيار عند زوال الشك فيه، بناء على عدم سقوط هذا الخيار بمثل هذا الإسقاط، لكونه إسقاطا لما لم يجب بعد، فهذا الإسقاط مثل إسقاط نفقة الزوجة.

فكما أنها لم تسقط بالإسقاط، لأنها إسقاط لما لم يجب حيث -

ص: 74


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فلا يتحقق (1) الا بعد الثلاثة، و لذا (2) صرح في التذكرة بعدم جواز إسقاط خيار الشرط قبل التفرق اذا قلنا بكون مبدئه بعده مع أنه (3) أولى بالجواز.

و من (4) أن العقد سبب للخيار فيكفي وجوده في إسقاطه.

+++++++++++

- إنها موزعة على الأزمان التي تكون الزوجة في قيد الحياة.

بالإضافة الى توقفها على عدم نشوزها.

كذلك ما نحن فيه لم يسقط بالإسقاط، لعدم انتهاء الأيام الثلاثة فالضرر لم يتحقق بعد.

فكيف يعقل بسقوطه بالإسقاط قبل انتهاء الأيام؟

(1) اي الضرر كما علمت.

(2) اي و لاجل عدم تحقق الضرر إلا بعد الأيام الثلاثة قال العلامة قدس سره في التذكرة: بعدم جواز إسقاط خيار الشرط قبل التفرق عن المجلس، بناء على أن مبدأ خيار الشرط بعد التفرق، لا بالعقد.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 232 عند قوله: الرابع لو قلنا.

(3) اي مع أن سقوط خيار التأخير بالإسقاط أولى(1) من سقوطه بالإسقاط في خيار الشرط.

وجه الأولوية هو أن سبب سقوط خيار الشرط هو التفرق عن المجلس، و هذا التفرق كثيرا ما يحصل بالاختيار، بخلاف انتهاء الأيام الثلاثة، فانها ليست تحت الاختيار، بل الانتهاء متوقف على سير الزمن: و هو مضي اثنين و سبعين ساعة فلا اقتضاء للعقد في ذلك.

(4) دليل لجواز سقوط خيار التأخير بالإسقاط في أثناء الأيام الثلاثة. -

ص: 75


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مضافا (1) الى فحوى جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد.

الثاني: اشتراط سقوطه في متن العقد.

(الثاني) (2): اشتراط سقوطه (3) في متن العقد.

حكي ذلك (4) عن الدروس(1) و جامع المقاصد و تعليق الارشاد.

و لعله (5) لعموم أدلة الشروط.

+++++++++++

- خلاصته إن العقد هو السبب لتحقق خيار التأخير، فبمجرد وقوعه يحصل له الخيار اذا تأخر المشتري عن إعطاء الثمن بعد انتهاء الثلاثة، فبالتأخير يسقط الخيار(2) لأنه مقتضى عموم ما دل على سقوط الحقوق بالإسقاط، بناء على منع كون إسقاط الثلاثة قبل انتهائها إسقاطا لما لم يجب، لحصول السبب الذي هو العقد و هو كاف في الإسقاط.

و إسقاط ما نحن فيه غير إسقاط حقوق الزوجة و نفقتها، لأن إسقاط ما نحن فيه حق واحد مستمر.

بخلاف نفقة الزوجة فهي موزّعة على الأزمان، و على عدم النشوز كما علمت، فاسقاطها من قبيل إسقاط ما لم يجب.

(1) اي و لنا دليل آخر على جواز سقوط خيار التأخير قبل انتهاء الأيام الثلاثة بالإضافة الى السبب الذي هو العقد: و هي الأولوية المستفادة: من جواز اشتراط سقوط خيار التأخير في ضمن العقد و متنه قبل الابتداء و الاخذ في الأيام الثلاثة، فاذا جاز ذلك.

فبطريق أولى يجوز سقوطه بالإسقاط في أثناء الثلاثة.

(2) اي من الامور الاربعة المسقطة لخيار التأخير.

(3) اي سقوط خيار التأخير.

(4) اي اشتراط سقوطه(3) في متن العقد محكي عن هذه الكتب الثلاثة.

(5) اي و لعل حكاية اشتراط سقوطه في متن العقد لاجل أدلة -

ص: 76


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يشكل (1) على عدم جواز إسقاطه في الثلاثة، بناء على أن السبب في هذا الخيار هو الضرر الحادث بالتأخير، دون العقد، فان الشرط إنما يسقط به ما يقبل الإسقاط بدون الشرط.

و لا يوجب شرعية سقوط ما لا يشرع إسقاطه بدون شرط.

فان كان اجماع على السقوط بالشرط كما حكاه بعض.

قلنا به، بل بصحة الإسقاط بعد العقد، لفحواه.

+++++++++++

- الشروط التي هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

المسلمون عند شروطهم.

(1) خلاصة هذا الكلام. إنه بناء على ما افاده في الأمر الاول من أنه لا يجوز إسقاط خيار(1) الغبن في أثناء الأيام الثلاثة التي تسبق حدوثه، بناء على أن مدرك خيار الغبن هو الضرر الحادث بتأخير المشتري الثمن، و الضرر هذا لا يتحقق خارجا إلا بعد انتهاء الثلاثة بكاملها: فلا وجه لإسقاطه في الأثناء، لأنه من قبيل إسقاط ما لم يجب و لم يتحقق بعد.

فبناء على هذا المسلك بشكل القول بسقوطه باشتراط سقوطه في متن العقد، لأن اشتراط الإسقاط هو شرط الفعل، لا شرط السقوط الذي هو شرط النتيجة.

و لا سيما عند ما يقصد المشترط سقوط خياره قبل انتهاء الأيام الثلاثة، لأنه نظير اشتراط سقوط ما لم يجب و لم يتحقق بعد لأن الشرط انما يصبر سببا لسقوط الخيار اذا كان قابلا للاسقاط الفعلي الذي لم يسبقه شرط، لعدم وجود مزية لاشتراط سقوطه في متن العقد على الإسقاط الفعلي، ليكون موجبا لسقوط الخيار حتى -

ص: 77


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إلا (1) فللنظر فيه مجال.

+++++++++++

- في مورد عدم سقوطه بالإسقاط الفعلي.

و خلاصة الكلام: إنه في مورد جواز سقوط الخيار بالإسقاط الفعلي كمورد حدوثه بعد الثلاثة يجوز سقوطه بالاشتراط في متن العقد اذا قصد اشتراط سقوطه في ذلك المورد.

و أما المورد الذي لا يسقط فيه بالإسقاط الفعلي فلا يسقط فيه باشتراط سقوطه في متن العقد:

و الفرق بين الإسقاط الفعلي، و اشتراط السقوط في متن العقد كالفرق بين نذر الفعل، و نذر النتيجة، و هذا الفرق واضح لن يتأمل.

أما نذر الفعل فكقولك: او عوفي ولدي عليّ أن اتصدق بهذا، فان النذر فيه منعقد فعلا.

و أما نذر النتيجة فكقولك: هذه صدقة او عوفي ولدي، فان قصد الصدقة انشأ حالا.

و في صحة هذا النذر إشكال، لأن نذر النتيجة محتاج الى أسباب خاصة، و النذر لا يكون سببا للصدقة.

و لا يخفى عليك أن ما ذكرناه لك هو مقتضى القاعدة.

نعم لو كان هناك اجماع على السقوط عند اشتراطه.

في متن العقد كما حكي عن بعض فالتزمنا به.

بل و نلتزم بصحة الإسقاط الفعلي في الأيام الثلاثة أيضا، لفحوى سقوطه بالاشتراط في متن العقد.

(1) اي و لو لا حكاية الاجماع على ذلك لكان للاشكال في السقوط مجال، لأن الخيار الذي سببه شيء متأخر عن العقد لا معنى لاشتراط -

ص: 78

الثالث: بذل المشتري للثمن بعد الثلاثة

(الثالث) (1): بذل المشتري للثمن بعد الثلاثة، فان المصرح به في التذكرة(1) سقوط الخيار حينئذ (2).

و قيل بعدم السقوط بذلك (3)، استصحابا (4).

و هو (5) حسن لو استند في الخيار الى الأخبار.

+++++++++++

- سقوطه في متن العقد، لأنه اشتراط لسقوط ما لم يجب بعد: و هو غير معقول.

(1) اي من الامور الاربعة المسقطة لخيار التأخير.

(2) اي حين أن بذل المشتري الثمن للبائع بعد أن مضت الأيام الثلاثة بمدة قليلة مثلا.

(3) اي ببذل المشتري الثمن.

(4) منصوب على المفعول لاجله: اي عدم سقوط خيار التأخير مع بذل المشتري الثمن للبائع إنما هو لاجل استصحاب بقاء الخيار بالتأخير و إن كانت مدته و جيزة مثلا.

و القائل باستصحاب بقاء الخيار هو السيد بحر العلوم قدس سره و ادعى على ذلك ذهاب أكثرية الفقهاء الى القول بذلك.

راجع (المصابيح) الخيارات - المصباح الثالث عند قوله: و لا يسقط باسقاطه، و لا باحضار الثمن بعدها، لظاهر الأكثر، الى أن يقول: و إن حصل الشك به فيستصحب.

(5) اي القول بعدم سقوط الخيار باحضار المشتري الثمن بعد الثلاثة حسن اذا كان مدرك هذا الخيار الأخبار المتقدمة في ص 9 - 10-12-13.

ص: 79


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما اذا استند فيه (1) الى الضرر فلا شك في عدم الضرر حال بذل الثمن، فلا ضرر ليتدارك بالخيار.

و لو فرض تضرره (2) سابقا بالتأخير فالخيار لا يوجب تدارك ذلك، و انما (3) بتدارك به الضرر المستقبل.

و دعوى (4) أن حدوث الضرر قبل البذل يكفي في بقاء الخيار.

مدفوعة (5): بأن الأحكام المترتبة على نفي الضرر تابعة للضرر الفعلي، لا مجرد حدوث الضرر في زمان.

+++++++++++

(1) اي و أما اذا كان مستند خيار التأخير هو حديث نفي الضرر فعدم السقوط غير حسن، لعدم وجود ضرر على البائع عند إحضار المشتري الثمن.

(2) اي تضرر البائع في الزمن السابق بسبب تأخير المشتري الثمن لا يتدارك بالخيار، لأن المنافع المفروضة للبائع المترتبة على الثمن المؤخر عن وقت حلول اجله قد فاتت بالتأخير.

(3) اي نعم انما يتدارك الضرر القادم بالخيار.

(4) هذه الدعوى ناظرة الى أن حديث نفي الضرر إنما يدل على أن حدوث الضرر في لحظة من اللحظات سبب لحدوث الخيار فيه، و علة لبقائه فيما بعده.

(5) اي الدعوى المذكورة مدفوعة.

خلاصة الدفع إن الخيار يدور مدار الضرر و عدمه.

فان وجد الضرر وجد الخيار، و إن لم يوجد فلا، فدوران الخيار من حيث الوجود و العدم يدور مدار وجود الضرر و العدم.

ص: 80

و لا يبعد دعوى انصراف الأخبار (1) الى صورة التضرر فعلا بلزوم العقد: بأن يقال: إن عدم حضور المشتري علة لانتفاء اللزوم يدور معها وجودا و عدما.

و كيف كان (2) فمختار التذكرة لا يخلو عن قوة.

الرابع: أخذ الثمن من المشتري

(الرابع) (3): اخذ الثمن من المشتري، بناء على عدم سقوطه (4) بالبذل، و الا لم يحتج (5) الى الاخذ به، و السقوط به

+++++++++++

(1) و هي المذكورة في ص 8-9-10-12-13.

و أما وجه انصراف هذه الأخبار الى صورة التضرر الفعلي فللزوم(1)العقد، لعدم وجود ضرر على البائع فعلا بعد أن جاء بالثمن، لأن عدم حضور الثمن علة لانتفاء لزوم البيع، فاذا انتفت هذه العلة انتفى الضرر.

فانتفاء اللزوم دائر مدار العلة من حيث الوجود و العدم، فاذا وجدت العلة انتفى اللزوم، و اذا لم توجد وجد اللزوم.

(2) يعنى أي شيء قلنا في هذا السقوط فما اختاره العلامة قدس سره في التذكرة: من سقوط الخيار عند بذل المشتري الثمن لا يخلو من قوة.

(3) اي من الامور المسقطة لخيار التأخير.

(4) اي بناء على عدم سقوط خيار التأخير.

(5) اي و لو كان خيار التأخير يسقط بالبذل المجرد عن الاخذ لما احتاج هذا الخيار(2) الى اخذ الثمن، و لما احتاج السقوط الى اخذ الثمن.

ص: 81


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لأنه (1) التزام فعلي بالبيع، و رضا بلزومه.

و هل يشترط افادة العلم بكونه (2) لأجل الالتزام؟

أو يكفي الظن (3)؟

فلو (4) احتمل كون الاخذ بعنوان العارية، أو غيرها لم ينفع أم لا يعتبر الظن أيضا.

وجوه (5):

من عدم (6) تحقق موضوع الالتزام إلا بالعلم.

+++++++++++

(1) تعليل لكون أخذ الثمن مسقطا لخيار التأخير.

(2) اي اخذ الثمن من المشتري هل يشترط فيه افادة العلم للمشتري بأن البائع إنما اخذه لأجل أنه ملتزم بالبيع؟.

(3) اي يكفي حصول الظن للمشتري بأن البائع انما اخذ الثمن لأجل التزامه بالبيع، فلا يكفي ما دون الظن.

(4) هذا تفريع على كفاية حصول الظن للمشتري بأن البائع انما اخذ الثمن لأجل التزامه بالبيع، و أن ما دون الظن غير كاف.

(5) و هي ثلاثة:

(الأول): اشتراط افادة العلم بكون الآخذ انما اخذ الثمن لأجل التزامه بالبيع.

(الثاني): كفاية الظن بذلك.

(الثالث): عدم اعتبار الظن أيضا.

(6) دليل لاشتراط افادة العلم بكون اخذ الثمن انما كان لأجل أن البائع ملتزم بالبيع و راض به.

ص: 82

و من (1) كون الفعل مع افادة الظن أمارة عرفية على الالتزام كالقول.

و مما تقدم (2): من سقوط خيار الحيوان، أو الشرط بما كان رضا نوعيا بالعقد، و هذا (3) من أوضح أفراده.

و قد بينا (4) عدم اعتبار الظن الشخصي في دلالة التصرف على الرضا.

و خير الوجوه أوسطها (5).

+++++++++++

(1) دليل لعدم اشتراط افادة العلم بذلك، و ان حصول الظن بذلك كاف، فالاخذ التزام فعلي بالبيع فهو مثل الالتزام القولي بالبيع لو قال البائع: التزمت بالبيع.

(2) دليل(1) ثان لكفاية الظن النوعي في أن اخذ الثمن من المشتري التزام من البائع بالبيع، و كلمة من بيان لما تقدم.

(3) اي اخذ البائع الثمن من المشتري من أوضح أفراد الرضى النوعي.

(4) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 14 ص 188 و راجع تعليقتنا هناك الهامش 2 ص 188.

(5) و هو كفاية حصول الظن النوعي، لا الظن الشخصي.

أما كون الوجه الثاني خير من الاول فللقطع بعدم اشتراط العلم بخصوصه، لأن الظن الفعلي اذا افاد يكون أمارة عرفية على التزام البائع بالبيع، لاعتبار الشارع الأمارات العرفية المعتبرة عند العقلاء في مقاصدهم. -

ص: 83


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن الأقوى الأخير (1).

و هل يسقط الخيار (2) بمطالبة الثمن المصرح به في التذكرة، و غيرها (3)؟

قيل (4) بالعدم، للاصل (5)، و عدم (6) الدليل.

+++++++++++

- و أما كون الوجه الثاني خيرا من الوجه الثالث فلأنه القدر المتيقن من بين الأفراد التى كانت فيها رضى نوعيا.

(لا يقال): إن الذهاب الى كون القول الثاني خيرا من القول الثالث مناف مع القول بأن القول الثالث أقوى الأقوال.

(فانه يقال): أقوائية القول الثالث من البقية لأجل قيام الدليل عليه كقيام الدليل على سقوط خياري الحيوان و الشرط اذا حصل الرضى النوعي كما عرفت في الجزء 14 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 188 الهامش 2.

(1) و قد عرفت وجه أقوائية القول الاخير آنفا.

(2) اي خيار التأخير.

(3) اي و غير التذكرة كالقواعد و جامع المقاصد و المسالك.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 347 عند قوله: الثالث لو مضت ثلاثة أيام ثم طالب البائع المشتري بالثمن.

(4) اي بعدم سقوط الخيار لو طالب البائع الثمن من المشتري.

(5) تعليل لعدم سقوط الخيار: اي عدم السقوط لأجل بقاء استصحاب الخيار الحاصل بالتأخير.

(6) بالجر عطفا على مجرور للام الجارة في قوله في هذه الصفحة:

للاصل: أي و لعدم وجود مسقط شرعي.

و لكن رد هذا الدليل بوجود الرضا بالبيع، و الالتزام به.

ص: 84

و يحتمل السقوط (1)، لدلالته (2) على الرضا بالبيع.

و فيه (3) ان سبب الخيار هو التضرر في المستقبل، لما عرفت:

من أن الخيار لا يتدارك به ما مضى: من ضرر الصبر.

و مطالبة (4) الثمن لا يدل على التزام الضرر المستقبل حتى يكون التزاما بالبيع.

بل مطالبة الثمن إنما هو استدفاع للضرر المستقبل كالفسخ لا الالتزام(1)بذلك الضرر (5)، ليسقط الخيار.

و ليس الضرر هنا (6) من قبيل الضرر في بيع الغبن، و نحوه:

مما كان الضرر حاصلا بنفس العقد حتى يكون الرضا به بعد العقد

+++++++++++

- و هذا الرضا و الالتزام هو مسقط شرعي، و الأمارة العرفية الحاصلة دالة على الرضا(2) و البيع أيضا، فيسقط الخيار بهذا المسقط الشرعي، و الأمارة العرفية، و بسقوط هذا يسقط الاستصحاب المستدل به أيضا لحكومة أدلة الأمارات على الاستصحاب.

(1) اي سقوط خيار التأخير بمطالبة البائع من المشتري الثمن.

(2) تعليل للسقوط: اي السقوط لاجل دلالة المطالبة على الرضا بالبيع و الالتزام به.

(3) اي و في هذا الاحتمال نظر و إشكال:

و قد ذكر قدس سره وجه النظر مشروحا فلا نعيده فعليك بالتعمق في فهمه من عبارته.

(4) اي مطالبة البائع الثمن من المشتري.

(5) و هو الضرر في الزمن الماضي، لعدم تداركه حينئذ.

(6) اي في باب خيار التأخير.

ص: 85


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و العلم بالضرر التزام(1) بالضرر الذي هو سبب الخيار.

و بالجملة فالمسقط لهذا الخيار (1) ليس إلا دفع الضرر المستقبل ببذل الثمن، أو التزامه (2) باسقاطه، أو اشتراط (3) سقوطه.

و ما تقدم: من سقوط الخيارات المتقدمة مما يدل على الرضا فانما هو حيث يكون العقد سببا للخيار و لو من جهة التضرر بلزومه و ما نحن فيه (4) ليس من هذا القبيل.

مع ان سقوط تلك الخيارات بمجرد مطالبة الثمن أيضا محل نظر لعدم كونه (5) تصرفا و اللّه العالم.

مسألة: في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي؟

مسألة (6):

في كون هذا الخيار (7) على الفور أو التراخي؟

+++++++++++

(1) اي خيار التأخير.

(2) اي التزام المشتري(2) البائع باسقاط خياره.

(3) اي أو يشترط المشتري مع البائع من بادئ الأمر سقوط الخيار

(4) و هو خيار التأخير لا يكون مثيل الخيارات المتقدمة، حيث إن العقد لا يكون موجبا للخيار، بل الموجب له هو تأخير الثمن.

(5) اي لعدم كون مجرد مطالبة الثمن يعد تصرفا من البائع في الثمن حتى تعد المطالبة مسقطا للخيار في بقية الخيارات المتقدمة التي هى خيار المجلس - خيار الحيوان - خيار الشرط.

(6) اي المسألة الثانية من المسائل الأربع التي ذكرناها في الهامش 1 ص 74 بقولنا: و هي أربعة.

(7) اي خيار التأخير.

ص: 86


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قولان:

و قد تقدم (1) ما يصلح ان يستند إليه لكل من القولين (2) في مطلق الخيار. مع قطع النظر عن خصوصيات الموارد (3).

و قد عرفت (4) أن الأقوى الفور.

+++++++++++

(1) اي في خيار الغبن في الجزء 15 من المكاسب ص 300-301.

(2) و هما: الفور، أو التراخي.

اشارة الى ما افاده قدس سره في ص 301 من الجزء 15 في خيار الغبن:

من ابتناء الفورية على التمسك بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بعد أن لم يأخذ المشتري بالخيار بعد العلم بالغبن فيحكم بلزوم العقد حينئذ، لجعل الدوام و الاستمرار ظرفا للحكم، لا لمتعلقه: بحيث يكون مكثرا لأفراده بحسب الزمان كتكثره بحسب الأفراد.

و من ابتناء التراخي على الاستصحاب، لعدم احراز بقاء موضوعه بعد أن تمكن المغبون من تدارك ضرره بأخذه الخيار فورا.

فالمرجع هنا الى أصالة عدم تأثير الفسخ، و عدم ترتب الاثر عليه راجع ص 320 من الجزء 15 من المكاسب عند قوله: و أما استناد القول بالتراخي.

(3) اي خيار الغبن، أو التأخير.

(4) عند قوله في ص 331 من نفس المصدر: ثم إنه قد علم من تضاعيف ما اوردناه على كلمات الجماعة أن الأقوى كون الخيار هنا على الفور.

و قد عرفت وجه الأقوائية منه قدس سره في ص 331 من نفس المصدر عند قوله: لأنه لما لم يجز التمسك في الزمان الثاني بالعموم.

ص: 87

و يمكن (1) أن يقال في خصوص ما نحن فيه: إن ظاهر قوله عليه السلام: فلا بيع له نفي البيع رأسا.

و الأنسب بنفى الحقيقة بعد عدم إرادة نفى الصحة هو نفي لزومه رأسا: بأن لا يعود لازما ابدا، فتأمل (2).

+++++++++++

(1) من هنا يريد قدس سره بيان امكان إرادة التراخي في خيار التأخير من ظاهر الأخبار المتقدمة في ص 9-10 و ص 12-13، لأن ظاهر قوله عليه السلام في الاخبار المتقدمة: فلا بيع له، أو فلا بيع لهما كما في رواية علي بن يقطين المتقدمة في ص 9: هو إرادة نفي البيع رأسا و اساسا: بمعنى أن الأخبار المذكورة بكاملها و اطلاقها تدل على نفي حقيقة البيع، لكننا نتصرف في هذا الاطلاق بحملها على إرادة نفي لزوم البيع، لأن الأنسب بنفي الحقيقة و الأقرب إليه هو نفي اللزوم رأسا عند عدم إرادة الصحة: بمعنى عدم عود العقد لازما أبدا.

(2) الظاهر أن الأمر بالتأمل اشارة الى أن أنسبية نفي اللزوم الى نفي الحقيقة بعد عدم إرادة نفي الصحة من قوله عليه السلام: فلا بيع: امر اعتباري، لا عرفي و الاعتبار بالأمر العرفي، لا الاعتباري.

أو اشارة الى عدم ظهور قوله عليه السلام: فلا بيع في نفي البيع في كل زمان حتى في الأزمنة الطارئة بعد زمن الفور الذي لم يأخذ به البائع.

بل نفي البيع في قوله عليه السلام يخص زمن الفور فقط، لظهوره فيه و أما بعد زمن الفور فلا، لاجل الاطلاق بالنسبة الى الأزمنة اللاحقة فيؤخذ بالقدر المتيقن الذي هو الفور، فيثبت الخيار في هذا المقدار من الزمن لا غير، فنفي اللزوم بالنسبة إليه، لا الى مطلق -

ص: 88

ثم على تقدير اهمال النص (1) و عدم ظهوره في العموم.

يمكن التمسك بالاستصحاب هنا، لأن اللزوم اذا ارتفع عن البيع في زمان فعوده (2) يحتاج الى دليل.

و ليس الشك هنا (3) في موضوع المستصحب نظير ما تقدم في

+++++++++++

- الأزمنة، فاللزوم باق على عمومه بالنسبة إليها.

(1) المراد منه هي النصوص الواردة في خيار التأخير المتقدمة في ص 8-9-10-12-13.

خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام إن النصوص المذكورة لو لم تكن في مقام بيان نفي اللزوم، أو نفي الصحة و كانت مهملة من هذه الجهة، و قلنا بعدم ظهور النصوص في العموم الأزماني:

بمعنى سقوط الخيار في الأزمنة اللاحقة.

لكن يمكن التمسك لبقاء الخيار بعد أن لم يأخذ البائع بخياره فورا باستصحاب بقاء الخيار في خيار التأخير، لأن لزوم البيع لما ارتفع بعلم المغبون(1) بالغبن فلا يعود ثانيا بعد أن لم يأخذ البائع به فورا، لأن عوده يحتاج الى دليل و لا دليل لنا على العود.

(2) اي عود لزوم البيع كما علمت.

(3) اي في خيار التأخير.

خلاصة الكلام إن الشك في بقاء خيار التأخير ليس في موضوع المستصحب، بل الشك في حكمه، لأن الموضوع هنا مستفاد من النصوص المذكورة في ص 9-10-12-13، فهو محرز.

بخلاف خيار الغبن، فان الشك في الموضوع، لعدم احرازه كما علمت في ص 322 من الجزء 15 من المكاسب عند قوله: و أما على التحقيق من عدم احراز -

ص: 89


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

استصحاب الخيار (1)، لأن الموضوع مستفاد من النص فراجع.

و كيف (2) كان فالقول بالتراخي لا يخلو عن قوة.

إما لظهور النص (3)، و إما للاستصحاب (4).

مسألة: لو تلف المبيع بعد الثلاثة

(مسألة) (5):

لو تلف المبيع بعد الثلاثة (6) كان من البائع اجماعا مستفيضا بل متواترا كما في الرياض(1)

+++++++++++

- الموضوع في مثل ذلك على وجه التحقيق فلا يجري فيما نحن فيه الاستصحاب.

(1) تعليل لكون الشك في خيار التأخير في الحكم، لا في موضوع الاستصحاب، لأن الموضوع هنا هو عدم مجيء المشتري بالثمن و لا لشك في بقاء هذا في الأزمنة اللاحقة.

(2) يعني أي شيء قلنا في خيار التأخير: من كونه على الفور، أو على التراخي(2)

(3) و هي النصوص المذكورة في ص 9-10-12-13.

(4) اي استصحاب بقاء الخيار في الأزمنة اللاحقة بعد عدم اخذ البائع بخياره فورا.

(5) اي المسألة الثالثة من المسائل الاربع، و اشرنا الى المسائل في الهامش 1 ص 74.

(6) أي بعد الثلاثة الأيام و قبل اقباض البائع المبيع الى المشتري.

ص: 90


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يدل عليه (1) النبوي المشهور، و إن كان في كتب أصحابنا غير مسطور:

(كل (2) مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه) (3).

و اطلاقه (4) كمعاقد الاجماعات يعم ما لو تلف في حال الخيار أم تلف بعد بطلانه (5).

كما (6) لو قلنا بكونه على الفور فبطل بالتأخير (7)، أو بذل (8)

+++++++++++

(1) اي على أن تلف المبيع من البائع بعد الثلاثة و قبل القبض.

(2) هذا هو الحديث الشريف النبوي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

(3) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 473 الباب 9.

و الحديث مروي في المصدر عن عوالي اللئالي(1)

(4) اي اطلاق هذا الحديث كاطلاقات معاقد الاجماعات المنقولة:

من حيث شموله و تعميمه لكل تالف تلف في حالة خيار البائع، أو في حالة بطلان الخيار.

(5) اي بطلان الخيار كما علمت.

(6) مثال لتلف المبيع بعد بطلان الخيار.

خلاصته إن بطلان الخيار يتصور في مقامين:

(الاول): عدم اخذ البائع بالخيار فورا، لأن سبب البطلان هو التأخير.

(الثاني): بذل المشتري الثمن و لم يقبض المبيع من البائع.

(7) هذا هو المقام الاول من بطلان الخيار كما اشرنا إليه في الهامش 6 من هذه الصفحة.

(8) هذا هو المقام الثاني من بطلان الخيار.

ص: 91


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المشتري الثمن فتلفت العين في هذا الحال (1).

و قد يعارض النبوي (2) بقاعدة الملازمة بين النماء، (3) و الدرك المستفادة (4) من النص(1)

+++++++++++

(1) اي في حالة بطلان الخيار إما بالتأخير، أو ببذل المشتري الثمن ليقبض المبيع من البائع.

(2) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه.

(3) اي الملازمة بين الغنم و الغرم، فان من له الغنم فعليه الغرم و لا شك أن نماء المبيع لمالكه: و هو المشتري، و ضمان دركه عليه بقاعدة:

(من له الغنم فعليه الغرم).

فاذا يقع التعارض بين النبوي المذكور المصرح بأن كل بيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه.

و بين الملازمة المذكورة المصرحة بأن تلف المبيع من مال المشتري لان له الغنم فعليه الغرم، فالملازمة هذه منافية للنبوي المذكور.

(4) بالجر صفة لكلمة الملازمة: اي الملازمة المذكورة مستفادة من النص الذي معروف بين الكل و متلقى بالقبول لدى الجميع: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: (الخراج بالضمان).

و المراد من الخراج ما يستفاد من الشيء: من المنافع و الزيادات فهذه المنافع تكون في قبال درك ذلك الشيء و خسارته، فأي شخص استوفى منافع شيء فقد ضمن دركه و خسارته.

ص: 92


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الاستقراء (1).

+++++++++++

(1) اي الملازمة المذكورة مستفادة من الاستقراء أيضا، حيث إن النصوص المتفرقة الواردة في الموارد الجزئية تدل على ان الغنم كما هو للمشتري.

كذلك الغرم يكون عليه أيضا:

فعليك ببعض النصوص الواردة في المقام.

من النصوص رواية اسحاق بن عمار المتقدمة في ص 8 من الجزء 15 من المكاسب في قول السائل:

قلت: فانها كانت فيها غلة كثيرة فاخذ الغلة لمن تكون الغلة؟

فقال عليه السلام: الغلة للمشتري.

ألا ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله.

و من تلك النصوص رواية معاوية بن ميسرة.

قال ابو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب من ذلك المال في ثلاث سنين؟

قال عليه السلام: هو ماله راجع المصدر نفسه ص 10.

و من تلك النصوص النبوي المشهور:

لا يغلق الراهن الرهن عن صاحبه، له غنمه و عليه غرمه.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 495 الباب 10.

و هناك نصوص أخرى في رهن العبد.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 126 الباب 5 الحديث 6.

فهذه النصوص بعد الغاء الخصوصيات الواردة فيها كما في سائر الاستقراءات تستفاد منها كبرى كلية تشمل جميع صغرياتها منها ما نحن فيه.

ص: 93

و القاعدة (1) المجمع عليها:

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله في ص 92 بقاعدة الملازمة: اي و قد يعارض النبوي المذكور في ص 91 بالقاعدة المجمع عليها: و هو قول الفقهاء:

(إن تلف المبيع في زمان الخيار ممن لا خيار له).

و المراد ممن لا خيار له هو المشتري.

اذا يقع التعارض بين النبوي المذكور، و هذه القاعدة، حيث أن النبوي مصرح بكون التلف قبل قبضه من مال بائعه.

و القاعدة المجمع عليها تصرح بكون التلف على المشتري.

و أما كيفية دلالة القاعدة المذكورة المجمع عليها على العموم:

(إن التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له).

فلا بد من شرح ألفاظ القاعدة المذكورة حتى ينكشف القناع و يتضح لك كيفية الدلالة.

فنقول: إن كلمة (التلف) عامة تدل على تلف المبيع قبل الاقباض و بعده، و على الثمن و المثمن.

و كلمة (الخيار) أيضا عامة تدل على خيار المجلس و الحيوان، و الشرط، و الغبن و التأخير، و الرؤية و العيب

فالعموم يستفاد من هاتين الكلمتين.

فشيخنا الأنصاري قدس سره يروم نفي العموم عن هاتين الكلمتين حتى لا يبقى لهما ظهور في العموم يتمسك به، و افاد بما ذكره في المتن فلا نعيده، لوضوحه.

بالإضافة الى انه يقول: إن كلامنا في تلف المبيع بعد الثلاثة -

ص: 94

من (1) أن التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له.

لكن (2) النبوي أخص من القاعدة الاولى فلا معارضة.

و القاعدة (3) الثانية لا عموم فيها حتى تشمل جميع أفراد الخيار و لا جميع أحوال البيع حتى قبل القبض.

+++++++++++

- و بعد القبض، لا قبل القبض.

(1) كلمة بيان للقاعدة المجمع عليها.

(2) من هنا يروم قدس سره بيان عدم المعارضة بين النبوي المذكور في ص 91، و بين القاعدة الأولى المشار إليها في الهامش 3 ص 92: ببيان أن النبوي أخص من القاعدة الاولى، حيث إنها أعم لأن النبوي تصرح بكون التلف على البائع اذا كان التلف قبل قبض المشتري المبيع.

و القاعدة الاولى الدالة على الملازمة المذكورة المشار إليها في الهامش ص 92 أعم، حيث إنها لم تقيد التلف بقبل القبض، فالنبوي المذكور يكون حاكما على القاعدة المذكورة.

اذا فلا معارضة بين الحديث المذكور، و القاعدة المذكورة.

(3) هذا رد على القاعدة الثانية المذكورة في ص 93 يروم به بيان عدم المعارضة بينها، و بين النبوي المذكور أيضا.

خلاصته إن هذه القاعدة لا عموم فيها حتى يشمل جميع الخيارات حتى خيار التأخير.

و كذلك لا عموم فيها حتى يشمل جميع حالات البيع حتى البيع الذي اذا كان تلف المبيع فيه قبل القبض.

ص: 95

بل (1) التحقيق فيها كما سيجيء فيها إن شاء اللّه اختصاصها بخيار المجلس، و الشرط، و الحيوان: مع كون التلف بعد القبض.

و لو تلف (2) في الثلاثة فالمشهور كونه من مال البائع أيضا.

و عن الخلاف(1) الاجماع عليه (3)، خلافا لجماعة من القدماء (4) منهم المفيد و السيدان (2)(5) مدعين (6) عليه الاجماع.

و هو (7) مع قاعدة ضمان المالك لما له يصح حجّة لهذا القول.

+++++++++++

(1) هذا رأيه قدس سره حول القاعدة الثانية.

خلاصته إن القاعدة الثانية مختصة بخيار المجلس، و الشرط، و الحيوان.

و شمولها لهذه الخيارات مقيدة بقيد كون تلف المبيع بعد القبض، لا قبله، فلا شمول لها لخيار التأخير اصلا.

(2) اي لو تلف المبيع في أثناء الأيام الثلاثة.

(3) اي على أن تلف المبيع في الأثناء من مال البائع.

(4) حيث ادعوا أن تلف المبيع في الأثناء ليس من مال البائع، بل على المشتري.

(5) المراد منهما السيد المرتضى، و السيد ابن زهرة.

و قد افاد قدس سره عند نقل شيخنا الانصاري عنه في ص 43 بقوله: و قال في الغنية: ان تلف المبيع قبل الثلاثة من مال المشتري و بعده من مال البائع.

(6) اي حالكون هؤلاء القدماء الذين منهم شيخنا المفيد و سيدنا الشريف المرتضى و السيد ابن زهرة قدس اللّه أسرارهم يدعون الاجماع على أن تلف المبيع في الأثناء من مال المشتري.

(7) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم أن يفيد أن اجماع هؤلاء -

ص: 96


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن (1) الاجماع معارض، بل (2) موهون.

و القاعدة مخصصة (3).

+++++++++++

- بوحده و بالاستقلال يصلح للحجية لدعواهم: و هو أن التلف من مال المشتري.

كما أن قاعدة: إن ضمان المالك لماله بالاستقلال يصلح للحجية لدعواهم.

و ليس مرادهم أن الاجماع، و قاعدة ضمان المالك لماله كليهما بالانضمام يصلحان لحجية دعواهم.

(1) رد منه على دعوى هؤلاء الاجماع.

خلاصته إن الاجماع المدعى معارض بالاجماع المستفيض على أن تلف المبيع في الأثناء من مال البائع، بل قد تواتر ذلك من الفقهاء رضوان اللّه عليهم.

(2) اي بل الاجماع المدعى موهون لا وقع له، لموافقة أكثر الفقهاء على خلاف هذه الدعوى، حيث ادعوا على أن تلف المبيع في الأثناء من مال البائع.

(3) هذا رد منه على القاعدة المدعاة من القدماء: من ان المالك ضامن لماله و المالك هو المشتري.

خلاصته إن القاعدة المذكورة قد خصصت بالحديث النبوي المتقدم في ص 91 في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه بعد انجبار هذا الحديث من حيث السند و من حيث الصدور: بعمل الأصحاب، و اشتهاره بينهم.

ص: 97

بالنبوي المذكور (1) المنجبر من حيث الصدور مضافا (2) الى رواية عقبة بن خالد في رجل اشترى متاعا من رجل و اوجبه (3)، غير أنه ترك (4) المتاع عنده و لم يقبضه قال (5): آتيك غدا إن شاء اللّه فسرق المتاع.

من مال (6) من يكون؟

قال (7): من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض (8) المتاع و يخرجه من بيته، فاذا اخرجه من بيته.

+++++++++++

(1) المشار إليه في ص 91 كما علمت.

(2) هذا رد آخر منه على مقالة القدماء القائلين بأن تلف المبيع من مال المشتري: اي و لنا دليل آخر بالإضافة الى معارضة اجماعهم بالاجماع المستفيض، و بأنه موهون بذهاب الأكثر الى خلاف مقالتهم و ذاك الدليل هي رواية عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام.

(3) المراد من اوجبه هو اجراء صيغة العقد: اي الايجاب و القبول مع اجتماع جميع شرائط العوضين و المعوضين، و المتعاقدين.

(4) اي المشتري.

(5) اي المشتري قال للبائع.

(6) هذا سؤال الراوي: و هو عقبة بن خالد.

(7) اي الامام عليه السلام قال: المتاع المسروق الذي كان في دار البائع و لم يقبضه الى المشتري من مال البائع، لا من مال المشتري.

(8) اي حتى يسلم البائع الى المشتري فعند التسليم يخرجه عن ضمانه، و دركه حينئذ على المشتري.

ص: 98

فالمبتاع (1) ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه (2).

و لو مكنه (3) من القبض فلم يتسلم فضمان البائع مبني على ارتفاع الضمان بذلك (4).

و هو الأقوى (5).

قال الشيخ (6) في النهاية(1): اذا باع الانسان شيئا و لم يقبض (7)

+++++++++++

(1) اي المشتري يكون ضامنا لحق البائع اذا تلف المبيع بعد أن اخذه من البائع الى أن يرد ثمنه الى البائع، فحينئذ تبرأ ذمته.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 358 الباب 10 الحديث 1، فالحديث هذا يدل على أن المبيع قبل الاقباض اذا تلف فهو من مال البائع.

(3) اي و لو مكن البائع المشتري من اخذ المبيع: بأن سلمه له فهنا يكون ضمان البائع لو تلف المبيع مبنيا على أنه.

هل يرتفع ضمانه بتمكينه المشتري على القبض أولا؟

فان قلنا بارتفاع الضمان عن البائع بالتمكين فليس البائع ضامنا.

و إن لم نقل بذلك فعلى البائع الضمان.

(4) اي بالتمكين كما عرفت آنفا.

(5) هذا رأيه قدس سره اي ارتفاع الضمان عن البائع بسبب تمكين البائع المشتري من القبض هو الأقوى او تلف المبيع عنده.

(6) من هنا يروم قدس سره أن يذكر تأييدا لما أفاده: من أن ارتفاع الضمان عن البائع بالتمكين هو الأقوى،

(7) اي البائع لم يسلم المبيع الى المشتري.

ص: 99


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المتاع، و لا قبض (1) الثمن و مضى المبتاع (2)، فان العقد موقوف ثلاثة أيام.

فان جاء المبتاع في مدة ثلاثة أيام كان المبيع له.

و إن مضت ثلاثة أيام كان البائع أولى بالمتاع (3).

فان هلك المتاع في هذه الثلاثة (4) أيام و لم يكن قبّضه اياه كان (5) من مال البائع، دون المبتاع.

و إن كان قبضه (6) اياه ثم هلك في مدة الثلاثة أيام كان من مال المبتاع.

و إن هلك (7) بعد الثلاثة أيام كان من مال البائع على كل حال

+++++++++++

(1) اي البائع لم يتسلم الثمن من المشتري.

(2) و هو المشتري.

(3) اي بالمبيع الذي باعه و لم يتسلم الثمن من المشتري بعد مضي ثلاثة أيام.

(4) اي في الأيام الثلاثة التي للمشتري حق تأخير الثمن و البائع لم يسلم المبيع الى المشتري لو تلف المبيع.

(5) اي تلف المبيع في هذه الصورة يكون من مال البائع، لا من مال المشتري.

(6) اي و إن كان البائع سلم المبيع الى المشتري ثم تلف في تلك الأيام الثلاثة كان التلف من مال المشتري، لا من مال البائع، لأنه سلمه له و لم يأخذه و ابقاه عند البائع في الأيام التي كان له تأخير الثمن.

(7) اي إن تلف المبيع بعد تلك الأيام الثلاثة التي ليس للمشتري حق التأخير كان التلف من مال البائع، سواء أ كان التلف قبل إقباض -

ص: 100

لأن (1) الخيار له بعدها.

انتهى المحكي في المختلف(1)

و قال (2) بعد الحكاية: و فيه نظر، اذ مع القبض يلزم البيع، انتهى.

اقول (3): كأنه جعل الفقرة الثالثة مقابلة للفقرتين فتشمل ما

+++++++++++

- البائع المبيع للمشتري أم بعده.

(1) تعليل لكون التلف من مال البائع على كل حال لو كان التلف: اي إنما نقول بكون التلف على البائع لاجل أن له الخيار بعد الثلاثة.

(2) اي العلامة قدس سره قال بعد أن حكى عن الشيخ قدس سره ما افاده في الخلاف(2)

و فيما أفاده الشيخ قدس سره: بكون ضمان المبيع لو هلك بعد الأيام الثلاثة على كل حال على البائع و إن كان سلم المبيع الى المشتري نظر و إشكال، لأنه في صورة اقباض المبيع للمشتري يكون البيع لازما فضمان تلفه على المشتري، لأنه تلف في ملكه و هو ماله، لا مال البائع حتى يكون الضمان عليه.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم النقاش مع العلامة قدس سرهما.

خلاصته إن العلامة جعل الفقرة الثانية(3) من كلام الشيخ قدس سره و هي و إن هلك بعد الثلاثة أيام كان من مال البائع على كل حال في قبال الفقرتين الاوليتين: و هما.

فان هلك المتاع في هذه الثلاثة أيام و لم يكن قبّضه اياه كان من -

ص: 101


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بعد القبض و ما قبله، خصوصا (1) مع قوله: على كل حال.

لكن (2) التعميم مع أنه خلاف الاجماع مناف لتعليل الحكم (3) بعد ذلك (4) بقوله: لأن الخيار له بعد الثلاثة أيام، فان (5) المعلوم

+++++++++++

- مال البائع، دون المبتاع.

و إن كان قبضه اياه ثم هلك في مدة الثلاثة أيام كان من مال المبتاع.

اذا تشمل الفقرة الثانية(1) ما بعد إقباض البائع المبيع الى المشتري و قبل اقباضه له

(1) اي و لا سيما تشمل الفقرة الثالثة ما بعد القبض و قبله مع قول الشيخ قدس سره: على كل حال، لأن هذا الكلام قرينة واضحة على الشمول المذكور لتلك الحالتين.

(2) من هنا يروم قدس سره أن يورد على التعميم المذكور.

خلاصته إن التعميم بالإضافة الى كونه خلاف الاجماع، لأن الاجماع قام على أن تلف المبيع بعد تسليم البائع للمشتري على المشتري، لا على البائع:

مناف لتعليل الشيخ، حيث قال عند نقل شيخنا الأنصاري عنه في ص 101: لأن الخيار له بعدها، اي الخيار للبائع بعد الايام الثلاثة.

(3) المراد من الحكم هو كون تلف المبيع من مال البائع.

(4) اي بعد التعميم: و هو كون التلف على البائع قبل القبض و بعد القبض.

(5) هذا وجه المنافاة.

خلاصته إنه من الواضح أن خيار البائع إنما يثبت له مع عدم اقباضه المبيع للمشتري، لا مع اقباضه له.

ص: 102


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أن الخيار انما يكون له مع عدم القبض، فيدل (1) ذلك على أن الحكم المعلل مفروض فيما قبل القبض.

مسألة: لو اشترى ما يفسد من يومه

(مسألة) (2):

لو اشترى ما يفسد من يومه.

فان جاء (3) بالثمن ما بينه و بين الليل، و إلا فلا (4) بيع له.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أن ثبوت الخيار للبائع إنما هو في صورة عدم اقباضه المبيع الى المشتري، و قبل تسليمه إياه: اي ففي ضوء ما ذكرناه يدل هذا الثبوت على أن الحكم:

و هو تلف المبيع بعد الثلاثة من مال البائع على كل حال المعلل هذا الحكم: بأن الخيار له: يفرض فيما اذا كان التلف قبل اقباض البائع المبيع الى المشتري، لا بعد الاقباض، فانه حينئذ على المشتري.

(2) اي المسألة الرابعة من المسائل الاربع التي هي آخر مطاف المسائل و التي ذكرت في الهامش 1 ص 74.

(3) اي المشتري إن جاء بالثمن من بداية وقوع العقد الى قبل الليل كما افاده المحقق قدس سره في الشرائع في قوله في ص 32 من الجزء من الطبعة الحديثة: فان جاء بالثمن قبل الليل.

هذا بناء على عدم دخول الغاية في المغيّا.

(4) اى و إن لم يأت المشتري بالثمن في المدة المذكورة فالبيع ليس بلازم، لا أنه ليس بصحيح حتى اذا جاء بالثمن بعد ذلك تحتاج المعاملة الى عقد جديد.

ص: 103

كما في مرسلة محمد بن ابي حمزة (1).

و المراد من نفي البيع نفي لزومه.

و تدل عليه (2) قاعدة نفي الضرر.

+++++++++++

(1) أليك نص الحديث.

عن ابي عبد اللّه أو عن ابي الحسن عليهما السلام:

في الرجل يشتري الشيء الذي يفسد من يومه و يتركه حتى يأتيه بالثمن؟.

قال: إن جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن، و إلا فلا بيع له.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 358 الباب 11 - الحديث 1

(2) اي و قاعدة نفي الضر تدل أيضا على هذا الخيار لو لم يأت المشتري بالثمن فيما بين العقد، و بين الليل، و عدم لزومه لو لم يأت به في المدة المعلومة.

ثم لا يخفى عليك أن ارسال الحديث لا يضر بالاستدلال به بعد اعتضاده بالحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام، و انجباره بعمل الأصحاب، و موافقة الاعتبار، و حديث الضرر كما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

راجع (الجواهر) الجزء 23 ص 59 عند قوله: و انجباره.

و أليك نص الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام.

عن ابن فضال عن ابن رباط عن زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطيخ و الفواكه يوم الى الليل. -

ص: 104

فان البائع (1) ضامن للمبيع (2) ممنوع (3) عن التصرف فيه، محروم (4) عن الثمن.

و من هنا (5) يمكن تعدية الحكم الى كل مورد يتحقق فيه هذا

+++++++++++

- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 359 الباب 11 الحديث 2

إلا أن الحديث هذا(1) يدل على دخول بداية الليل في ثبوت الخيار للبائع، لا الليل كله، لعدم دخول الغاية في المغيّا، خلافا لما أفاده المحقق: من أن المراد من ما بين الليل قبل الليل.

(1) تعليل لدلالة قاعدة نفي الضرر على الحكم المذكور:

و هو ثبوت الخيار للبائع اذا لم يأت المشتري بالثمن في المدة المعينة و التعليل مشتمل على علل ثلاث(2) نذكر كل واحد منها عند رقمه الخاص

(2) هذه هي العلة الاولى للتضرر: اي العلة في تضرر البائع كونه ضامنا للمبيع اذا تلف، حيث لم يسلمه الى المشتري بعد، لعدم تسلمه الثمن منه.

(3) هذه هي العلة الثانية للتضرر: اي العلة في تضرر البائع هو كونه ممنوعا عن التصرف في المبيع بأي نحو من التصرفات، لأنه اصبح ملكا للمشتري و إن كانت متزلزلة و متوقفة على دفع الثمن.

(4) هذه هي العلة الثالثة للتضرر، اي العلة في تضرر البائع كونه محروما من الثمن، لأن المشتري لم يدفعه إليه حتى يتعاطى به بأي نحو اراد و شاء.

(5) اي و من الاستدلال بقاعدة نفي الضرر على ثبوت الخيار للبائع بالعلل المذكورة في الهامش 1-2 من هذه الصفحة: يمكن تعدية ثبوت الخيار الى كل مورد يتحقق فيه الضرر اذ هو المناط للثبوت.

ص: 105


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الضرر، و إن (1) خرج عن مورد النص.

كما (2) اذا كان المبيع مما يفسد في نصف يوم، أو في يومين فيثبت فيه الخيار (3) في زمان يكون التأخير عنه ضررا على البائع.

لكن (4) ظاهر النص يوهم خلاف ما ذكرنا، لأن (5) الموضوع

+++++++++++

(1) اي و إن خرج امكان تعدية الحكم(1) الى كل مورد يتحقق فيه الضرر عن مورد النص: حيث إن النص الذي هي مرسلة محمد بن أبي حمزة المشار إليها في الهامش 1 ص 104: مورده ما يفسد بين اليوم و بين الليل، لا كل مورد يتحقق فيه الضرر.

(2) مثال لامكان تعدية الحكم المذكور الى كل مورد يتحقق فيه الضرر.

(3) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره في ص 105: من امكان تعدية الحكم اي ففي ضوء ما ذكرنا يثبت الخيار للبائع في هذين الموردين: و هما فساد المبيع في نصف يوم، و فساده في يومين، لتحقق الضرر فيهما فما ذكر في المرسلة من باب المثال لا التحديد.

(4) هذا عدول منه عما افاده. من امكان تعدية الحكم المذكور الى كل مورد يتحقق فيه الضرر.

خلاصته إن ظاهر النص الذي هي رواية محمد بن ابي حمزة يوهم خلاف ما ذكرناه.

(5) تعليل للايهام المذكور.

خلاصته إن هنا اقتضائين:

فمقتضى تحديد الفساد بمضي يومه هو كون الليل زمان الفساد، لأن الليل في النص هو المحكوم بثبوت الخيار فيه. -

ص: 106


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيه ما يفسد من يومه و الحكم فيه بثبوت الخيار من اوّل الليل فيكون الخيار في اوّل أزمنة الفساد.

و من المعلوم أن الخيار حينئذ (1) لا يجدي للبائع شيئا.

لكن (2) المراد من اليوم اليوم و ليلته.

فالمعنى (3) انه لا يبقى على صفة الصلاح أزيد من يوم بليلته،

+++++++++++

- و مقتضى ثبوت الخيار في الليل مع ضم قاعدة لا ضرر: عدم كون الليل زمان الفساد، فنصف اليوم و اليومان خارجان عن موضوع النص لا محالة، فلا يشملهما الخيار.

فظاهر النص موهم لخلاف ما ذكرناه: من امكان تعدي الحكم الى كل مورد يتحقق فيه الضرر.

(1) و من المعلوم و الواضح أن ثبوت الخيار للبائع حين أن ظهر الفساد و بدا في أول أزمنة لا يفيد للبائع، لأن المبيع اصبح ذا عيب.

نعم يمكن افادة الخيار للبائع حينئذ بأخذ الأرش من المشتري:

و هو التفاوت ما بين القيمة الصحيحة و الفاسدة.

و المراد من أول أزمنة الفساد هو أول دخول الليل.

(2) من هنا يروم قدس سره العدول عما افاده: من أن الخيار في أول أزمنة الفساد الّذي هو اوّل الليل: اى و إن قلنا: إن ثبوت الخيار فيما يفسد من يومه هو من اوّل الليل الذي هو اوّل أزمنة الفساد.

لكن المراد من اليوم هو اليوم و ليلته: و هو مجموع أربعة و عشرين ساعة: يعني أن نهاية مدة الخيار هو نهاية الليل.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد من اليوم اليوم مع ليلته: اى ففي ضوء ما ذكرنا فلا يبقى المبيع على صفة الصلاح -

ص: 107

فيكون المفسد له المبيت، لا مجرد دخول الليل.

فاذا فسخ البائع اوّل الليل امكن له الانتفاع به و ببدله، و لاجل (1) ذلك عبر في الدروس عن هذا الخيار (2) بخيار ما يفسده المبيت، و أنه (3) ثابت عند دخول الليل.

و في معقد اجماع الغنية إنّ على البائع الصبر يوما واحدا، ثم هو بالخيار (4).

و في محكي الوسيلة أنّ خيار الفواكه للبائع، فاذا مر على المبيع يوم و لم يقبض المتاع(1) كان البائع بالخيار.

+++++++++++

- و الصحة أكثر من أربعة و عشرين ساعة التي هي مجموع اليوم و الليلة.

إذا يكون المناط في الفساد للمبيع هو المبيت، و بقاؤه الى آخر الليل لا مجرد دخول الليل و بدايته، فعليه اذا فسخ البائع في اوّل الليل لا لأمكن له الانتفاع بالعين و ببدلها.

(1) اي و لاجل أن المراد من اليوم اليوم مع ليلته، و أن المبيت هو المناط في الفساد عبر شيخنا الشهيد قدس سره عن خيار ما يفسد من يومه بخيار ما يفسده المبيت، و أن الخيار يثبت عند دخول الليل.

(2) و هو خيار ما يفسد من يومه كما عرفت.

(3) اى و هذا الخيار.

(4) قد مضى قول السيد ابن الزهرة عند نقل الشيخ عنه في ص 42:

هذا اذا كان المبيع مما يصح بقاؤه.

فان لم يكن كذلك كالخضراوات فعليه الصبر يوما واحدا ثم هو بالخيار.

ص: 108


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و نحوها (1) عبارة الشرائع.

نعم عبارات جماعة من الأصحاب لا تخلو عن اختلال في التعبير (2)

+++++++++++

(1) اى و نحو عبارة الوسيلة عبارة الشرائع(1)

راجع (الشرائع) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 22.

(2) أليك تلك الاختلافات الموجودة في عبارات الفقهاء، و قد ذكر قدس سره عبارة النهاية و الوسيلة و السرائر و الغنية كما عرفت و ستعرف بعيد هذا.

و أما عبارة التذكرة فاليك نصها:

لو كان المبيع مما يسرع إليه الفساد كالفواكه و شبهها مما يفسد ليومه فالخيار فيه الى الليل، لأن الصبر أكثر من ذلك يؤدي الى تضرر المشتري لو ابقيت السلعة و طولب بالثمن، و الى تضرر البائع لو لم يطالب.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة (الجزء 7 ص 346 و قال العلامة قدس سره في القواعد:

لو اشترى ما يفسد ليومه فالخيار فيه الى الليل.

و قال الشهيد قدس سره في اللمعة:

(الخامس خيار ما يفسد ليومه و هو ثابت بعد دخول الليل).

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 459.

و هناك عبائر كثيرة منقولة عن أعاظم الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم في هذا المقام يكل القلم عن ذكرها.

و المتأمل البصير، و الناقد الخبير اذا تأمل في العبارات المذكورة في الباب يظهر له أن الاختلاف في ثلاث جهات: -

ص: 109


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن الاجماع على عدم الخيار للبائع في النهار يوجب تأويلها (1) الى ما يوافق الدروس.

و أحسن تلك العبارات عبارة الصدوق في الفقيه التي اسندها في الوسائل الى رواية زرارة (2).

+++++++++++

- (الأولى): من حيث مدة الخيار.

(الثانية): من حيث مبدأ الخيار.

(الثالثة): من حيث منتهاه.

فالشيخ قدس سره افاد أن الخيار يوم، و لازم هذا القول أن مبدأه اوّل النهار، و منتهاه آخره، و هذا مفهوم قول العلامة في القواعد كما علمت في ص 109 عند نقلنا عنه و قال العلامة في القواعد.

و ظاهر قول الشيخ و العلامة أن الليل غاية للخيار.

و لازم من جعل الخيار فيما يفسد من يومه يومأ أن المبدأ من حين العقد.

و ظاهر اللمعة كما عرفت أن المبدأ أول الليل و هو ساكت عن منتهاه.

و ظاهر من جعل خيار ما يفسد من يومه الى الليل أن الليل غاية للخيار، من دون أن يكون له مبدأ.

فهذه هي الجهات الثلاث المستفادة من الأقوال المذكورة، و الجهات هذه نشأت من الاختلال الواقع في التعابير المذكورة.

(1) أي تأويل عبارات جماعة من الأصحاب الموجبة للاختلال في التعبير الى معنى موافق لما افاده الشهيد في الدروس بقوله: ما يفسده المبيت.

(2) و قد ذكرنا مصدرها في(1) الهامش 7 ص 12.

ص: 110


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال (1): و العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطيخ و الفواكه.

يوم الى الليل (2)، فان (3) المراد بالعهدة عهدة البائع.

و قال في النهاية(1): اذا باع الانسان ما لا يصح عليه البقاء: من الخضر، و غيرها و لم يقبض (4) المتاع، و لا قبض الثمن كان الخيار فيه يوما.

فان جاء المبتاع (5) بالثمن في ذلك اليوم، و الا فلا بيع له (6) انتهى.

+++++++++++

(1) اي شيخنا الصدوق قدس سره.

(2) راجع (من لا يحضره الفقيه) طباعة مطبعة النجف عام 1387 - الجزء 3 ص 127 - الحديث 7.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري مقصوده إن على البائع الصبر حينئذ، و عليه حفظ المبيع للمشتري الى أن يأتي بالثمن في المدة المعينة لأن ضمان درك المبيع عليه.

(4) من باب الافعال من اقبض يقبض: اي و لم يعط البائع المبيع الى المشتري، و لا قبض ثمن المبيع منه فحينئذ يكون الخيار فيه يوما فقط: أي بلا ليلة، و الخيار بكون للمشتري في تأخير قبض المبيع و إقباض الثمن للبائع في نفس ذلك اليوم.

كما استفاد هذا الخيار شيخنا الأنصاري من عبارة الشيخ بقوله في ص 112: و الظاهر أن المراد.

(5) و هو المشتري: اي إن جاء في نفس اليوم الذي لم يقبض المبيع و لا اقبض الثمن الى البائع فالبيع يكون لازما و لا خيار البائع.

(6) اي و إن لم يأت المشتري بالثمن في نفس ذلك اليوم الذي -

ص: 111


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و نحوها (1) عبارة السرائر(1)

و الظاهر (2) أن المراد بالخيار اختيار المشتري في تأخير القبض و الاقباض مع (3) بقاء البيع على حاله: من اللزوم.

و أما المتأخرون (4).

+++++++++++

- صدر العقد منهما فلا بيع له اى البيع لا يكون لازما:

(1) اى و مثل عبارة النهاية عبارة ابن ادريس قدس سره في السرائر.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اى مراد الشيخ قدس سره في النهاية من قوله كما نقله عنه المصنف في ص 111 كان الخيار له: هو اختيار المشتري في تأخير قبض المبيع و إقباض الثمن للبائع كما عرفت هذا المعنى في الهامش 4 ص 111 عند قولنا: و الخيار يكون للمشتري.

(3) اى إننا و إن قلنا: إن المراد من الخيار هو اختيار المشتري في تأخير القبض و الاقباض في نفس ذلك اليوم.

لكن مع ذلك يكون البيع باقيا على لزومه: بمعنى أن البائع ليس له حق التصرف في المبيع، و أن المشتري لو جاء بالثمن و اخذ المبيع بعد ساعة، أو ساعات من الليل(2) لا تحتاج المعاوضة الى عقد جديد، بل يأخذ المبيع بنفس العقد الصادر أولا.

الى هنا كان الكلام حول خيار ما يفسد من يومه: من حيث المبدأ و المنتهى عند القدماء.

(4) من هنا اخذ قدس سره في تعيين المبدأ و المنتهى في خيار ما يفسد من يومه عند المتأخرين.

ص: 112


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فظاهر (1) أكثرهم يوهم كون الليل غاية للخيار و إن اختلفوا بين من عبّر بكون الخيار يوما.

و بين (2) من عبّر بأن الخيار الى الليل.

و لم يعلم (3) وجه صحيح لهذه التعبيرات، مع وضوح المقصد إلا (4) متابعة عبارة الشيخ في النهاية.

+++++++++++

(1) هذا اوّل قول من المتأخرين.

خلاصته إن اليوم بمجموعه من النهار و الليل هو مدة الخيار، و إن كان تعبير المتأخرين مختلفا في مؤلفاتهم حول ذلك، حيث عبّر بعضهم عن الخيار بيوم، و ظاهر اليوم النهار فقط، من دون دخول أول الليل، أو ربعه، أو نصفه، أو تمامه فيه.

(2) اي و بين من عبّر عن مدة الخيار الى الليل.

و ظاهر هذا أن بداية الليل داخلة في اليوم، دون الليل كله، لعدم دخول الغاية في المغيّا.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري.

خلاصته إننا لا نعلم وجها صحيحا للتعبيرات المختلفة المذكورة عن المتأخرين، مع أن المقصود واضح: و هو كون مدة الخيار هو اليوم مع ليلته:

(4) يروم قدس سره بذكر هذا الاستثناء بيان وجه صحيح للتعبيرات المختلفة المذكورة عن المتأخرين.

خلاصته إن وجه الاختلاف في التعبيرات هو المتابعة من عبارة الشيخ قدس سره في النهاية التي ذكرها عنها في ص 111 بقوله:

و قال في النهاية، حيث قال هناك: كان الخيار فيه يوما. -

ص: 113

لكنك (1) عرفت أن المراد بالخيار فيها (2) اختيار المشتري، و أن له (3) تأخير القبض و الاقباض.

و هذا الاستعمال (4) في كلام المتأخرين خلاف ما اصطلحوا عليه في لفظ الخيار، فلا يحسن المتابعة هنا في التعبير.

+++++++++++

- فمن كلمة يوما تبع المتأخرون في تعبيراتهم عن خيار ما يفسد من يومه الشيخ فعبروا تلك التعابير المختلفة.

(1) يروم قدس سره بهذا الاستدراك بيان أن التوجيه المذكور غير صحيح، لأن المراد من الخيار في عبارة الشيخ في النهاية هو اختيار المشتري في تأخير القبض مع بقاء البيع على حاله، من اللزوم كما عرفت في الهامش 5 ص 111.

و من الواضح أن مثل هذا الخيار من المشتري لا يتصور إلا في اليوم فقط مجردا عن الليل، فمتابعتهم غير صحيحة، مع ايهام عباراتهم بكون الليل غاية للخيار، أو أن الخيار الى الليل.

(2) اي في عبارة الشيخ في النهاية.

(3) اي للمشتري حق تأخير قبض المبيع من البائع و حق تأخير الثمن و دفعه الى البائع في نفس اليوم الذي صدر فيه العقد كما عرفت.

(4) و هو استعمال الخيار في خيار المشتري، حيث إن المراد من الخيار هنا هو خيار البائع لا المشتري، لأنه مصطلح الفقهاء من المتأخرين.

فمتابعة المتأخرين لما افاده الشيخ قدس سره غير مستحسن في خيار ما يفسد من يومه.

بل المستحسن هو استعمال الخيار في خبار البائع كما هو المشهور.

ص: 114

و الأولى تعبير الدروس كما عرفت (1).

ثم الظاهر إن شروط هذا الخيار (2) شروط خيار التأخير، لأنه فرد من أفراده.

كما هو صريح عنوان الغنية (3) و غيرهما، فيشترط فيه جميع (4) ما سبق من الشروط.

نعم (5) لا ينبغي التأمل هنا في اختصاص الحكم بالبيع الشخصي أو ما في حكمه كالصاع من الصبرة.

+++++++++++

(1) في ص 108 عند قوله: و لاجل ذلك عبر في الدروس عن هذا الخيار: (اي خيار ما يفسد من يومه) بخيار ما يفسده المبيت و انه ثابت عند دخول الليل.

(2) اي خيار ما يفسد من يومه.

(3) حيث قال عند نقل الشيخ عنه قدس سرهما في ص 42 هذا اذا كان المبيع مما يصح بقاؤه.

فان لم يكن كذلك كالخضروات فعليه الصبر يوما واحدا ثم هو بالخيار، الى أن قال: و يدل على ذلك كله اجماع الطائفة.

(4) اي و يشترط في خيار ما يفسد من يومه جميع ما يشترط في خيار التأخير، و الشروط التي ذكرت هناك أربعة، الشرط الأول في ص 18، و الثاني في ص 32، و الثالث في ص 40، و الرابع في ص 41

(5) اي لا ينبغي للفقيه أن يتأمل في أن خيار ما يفسد من يومه مختص بالبيع الشخصي الخارجي أو ما يكون في حكم الشخصي -

ص: 115

و قد عرفت هناك (1) أن التأمل في الأدلة و الفتاوى يشرف الفقيه على القطع بالاختصاص أيضا.

و حكم الهلاك (2) في اليوم هنا و فيما بعده حكم المبيع هناك: في

+++++++++++

- الخارجي كبيع صاع من صبرة طعام، فان الصاع في حكم الشخصي، لأنه ما لم ينفصل عن الصبرة لم يتشخص، فهو شخصي حكما، لا موضوعا، فهو قبل التشخص كلي، حيث إن الصبرة مشتملة على صيعان و الصاع المبيع من جملة الصيعان و في ضمن اصواع من الصبرة.

و قد مر شرح الصبرة في الجزء 11 من (المكاسب) من ص 321 الى ص 233 فراجع هناك كي تستفيد فوائد جمّة.

و الدليل على ان الحكم مختص بالمبيع الشخصي هي القرينة الموجودة في قوله: ما يفسده، حيث إن الفساد لا يتطرق الكلي.

(1) اي في خيار التأخير في ص 55 عند قوله:

و كيف كان فالتأمل في أدلة المسألة، و فتاوى الأصحاب يشرف الفقيه على القطع باختصاص الحكم بالمعين الذي هو المبيع الشخصي الخارجي.

(2) خلاصة هذا الكلام إن حكم ما يفسد من يومه لو تلف في نفس اليوم و بعد اليوم لكن قبل إقباض البائع المبيع الى المشتري:

حكم المبيع التالف في خيار التأخير قبل الثلاثة، و بعد الثلاثة قبل الاقباض في أن التلف من مال البائع.

فكل دليل قيم هناك على ذلك يقام هنا بلا كلام و نقاش.

ص: 116

كونه من البائع في الحالين (1).

و لازم القول الآخر هناك (2) جريانه هنا كما صرح به في الغنية(1)حيث جعله قبل الليل من المشتري.

ثم إن المراد بالفساد في النص و الفتوى ليس الفساد الحقيقي (3) لأن (4) موردهما هي الخضروات و الفواكه و البقول.

و هذه (5) لا تضيع بالمبيت و لا تهلك.

+++++++++++

(1) و هما: في الثلاثة، و بعد الثلاثة لكن قبل اقباض البائع المبيع الى المشتري.

(2) اي في خيار التأخير، و القول الآخر هو قوله في ص 96 و لو تلف في الثلاثة فالمشهور كونه من مال البائع أيضا، خلافا لجماعة من القدماء منهم المبيع و السيدان مدعين عليه الاجماع.

فكما أن تلف المبيع هناك من مال البائع على كلا الحالين.

كذلك فيما يفسد من يومه لو هلك المبيع في اليوم و فيما بعده قبل الاقباض من مال البائع.

(3) الذي هو الاعدام و الهلاك رأسا و اساسا.

(4) تعليل لكون المراد من الفساد ليس الفساد الحقيقي: اي عدم إرادة ذلك لاجل أن مورد النص و الفتوى هي الخضروات و الفواكه و البقول، و هي لا تعدم رأسا، بل يتطرق عليها الذبول، و ذهاب نظارتها.

(5) اي الخضروات و الفواكه لا تعدم رأسا بمبيتها ليلا.

هذا ما افاده شيخنا الأنصاري حول ما يفسد من يومه.

و لكن افاد المحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب -

ص: 117


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بل المراد (1) ما يشمل تغير العين.

نظير التغير الحادث في هذه الأمور (2) بسبب المبيت.

و لو لم يحدث في المبيع إلا فوات السوق (3).

ففي الحاقة بتغير العين وجهان:

من (4) كونه ضررا.

+++++++++++

- في هذا المقام ما خلاصته.

إن هناك فسادا و تلفا.

أما الفساد فهو عبارة عن خروج العين عن الحالة التي هي عليها:

بأن لا يبذل ازاؤها ما يبذل ازاء العين الصحيحة، لعدم ترتب الآثار المرغوبة فيها حسب الطبيعة.

و أما التلف فهو عبارة عن خروج العين عن صورتها النوعية:

بأن لا تبقى لها مالية حتّى يبذل بإزائها المال.

راجع تعليقته على المكاسب - الجزء 2 ص 46.

و لكن غير خفي على المتأمل الناقد البصير أن مراد شيخنا الأنصاري قدس سره هو ما افاده المعلق طاب ثراه.

(1) اي المراد من الفساد في قولهم: خيار ما يفسده من يومه

(2) و هي الخضروات و الفواكه و البقول.

(3) بأن كانت الخضروات و الفواكه و البقول تباع صباحا، لا عصرا، فان في وقت العصر تؤل الى الذبول فتقل الرغبة في شرائها فتنقص قيمتها عن قيمتها الاصلية.

(4) اي من كون تغير العين.

هذا دليل لإلحاق فوات السوق من المبيع بتغير العين.

ص: 118

و من (1) امكان منع ذلك، لكونه فوت نفع، لا ضرر.

السادس: خيار الرؤية.
اشارة

(السادس (2): خيار الرؤية) (3).

و المراد به (4) الخيار المسبب عن رؤية المبيع على خلاف ما اشترطه فيه المتبايعان.

و يدل عليه (5) قبل الاجماع المحقق.

+++++++++++

(1) اي و من امكان عدم الحاق ذلك بتغير العين، لأنه فوت نفع من العين المبيعة، لا أنه ضرر على البائع.

هذا دليل لعدم الحاق فوات السوق من المبيع بتغير العين.

(2) اي القسم السادس من أقسام الخيارات التي ذكرها قدس سره في الجزء 13 من المكاسب في ص 69 بقوله: و المجتمع في كل كتاب سبعة.

(3) مصدر رأى يرى، و لهذا الفعل مصادر اخرى رأيا - راءة - رئيانا.

(4) اي المراد بخيار الرؤية هو الخيار المسبب عن رؤية المبيع على خلاف ما اشترط فيه المتبايعان: بمعنى تخلف الوصف الذي وقع الشراء عليه، سواء أ كان الوصف من قبل البائع صريحا، أم بسبق رؤبة المبيع و الشراء السابق(1) أم برؤية جزء منه ثم تقاس البقية عليه.

ثم اذا كان الوصف من قبل البائع: بمعنى أنه التزم و تعهد بتسليم المبيع متصفا بصفة كذا، أو كان وصفه للمبيع لمجرد الإخبار فقط من دون التعهد بذلك، و كان مذكورا في متن العقد، إما على وجه الشرطية، أو على وجه القيدية ثم تبين الخلاف.

فهنا يثبت الخيار بتخلف ما اخبر به البائع بأي نحو كان وجه المبيع.

(5) اي على ثبوت خيار الرؤية.

ص: 119


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المستفيض (1) حديث (2) نفي الضرر.

و استدل عليه (3) أيضا بأخبار.

(منها) (4): صحيحة جميل بن دراج.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها فلما أن نقد (5) المال صار الى الضيعة فقلبها (6) ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله؟

+++++++++++

(1) بالجر صفة لموصوف محذوف: اي و يدل على ثبوت خيار الرؤية قبل الاجماع المحصل الذي ادعاه الشيخ الكبير كاشف الغطاء و ولده المحقق الشيخ علي صاحب التعليقة على متن خيارات اللمعة الدمشقية المشار إليها في الجزء 14 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 150:

اي و يدل عليه قبل الاجماع المحصل، و قبل الاجماع المنقول المستفيض.

(2) بالرفع فاعل لكلمة و يدل: اي و يدل على ثبوت خيار الرؤية حديث لا ضرر و لا ضرار، حيث إن تسلم المبيع على خلاف رؤيته ضرر على المشتري.

(3) اي على ثبوت خيار الرؤية.

(4) اي من تلك الأخبار المروية الدالة على ثبوت خيار الرؤية صحيحة جميل بن دراج.

(5) اي اعطى المشتري ثمن الضيعة نقدا.

(6) المراد من قلبها هنا ظاهرا هو النظر الى الارض، و التفتيش عنها، لا الحرث، فان الحرث في يوم واحد مشكل ظاهرا: اي بعد شراء الارض نظر إليها و فتش عنها فاذا هي ارض ذات أملاح مثلا ليست قابلة للزراعة، و لذا استقال البائع فلم يقله.

ص: 120

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنه (1) لو قلب منها و نظر الى تسع و تسعين قطعة ثم بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية (2).

و لا بد من حملها (3) على صورة يصح معها بيع الضيعة:

إما (4) بوصف القطعة غير المرئية.

أو بدلالة (5) ما رآه منها على ما لم يره.

+++++++++++

(1) اي المشتري لو قلّب من الارض تسعة و تسعين قطعة منها، و نظر الى تلك القطع بمجموعها، و بقيت قطعة واحدة من تلك الارض لم يقلبها، و لم ينظر إليها، ثم ظهر أنها غير صالحة للزراعة فله خيار الرؤية في جميع الارض المشتراة.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 361 الباب 15 الحديث 1.

(3) اي صحيحة جميل بن دراج، و الحمل لها طريقان.

(4) هذه هي الطريقة الأولى.

خلاصتها إن الخيار في الأرض المشتراة إنما هو لاجل أن البائع وصف القطعة غير المرئية: بأنها كبقية الأرض ثم تبين خلافها، فهنا له الخيار في جميع الارض.

(5) هذه هي الطريقة الثانية.

خلاصتها إن الخيار في الأرض لأجل أن المشتري ظن أن القطعة التي لم يرها كالتي رآها ثم تبين الخلاف، فهنا له الخيار في جميع الارض.

ص: 121

و قد يستدل (1) بصحيحة زيد الشحام.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يشتري سهام (2) القصابين من قبل أن يخرج السهم؟

فقال عليه السلام: لا يشتري شيئا حتى يعلم (3) من اين يخرج السهم.

فان اشترى شيئا (4) فهو بالخيار اذا خرج (5).

+++++++++++

(1) اي ثبوت خيار الرؤية(1)

(2) المراد من السهام هنا الحصص المشتراة.

(3) اي حتى يعلم المشتري متى تخرج حصته المشتراة فاذا خرجت حصته فحينئذ يصح شراء تلك الحصص.

(4) اي من حصص القصابين بعد خروجها و تعينها اشترى شيئا من هذه الحصص المعينة ثم رأى المشتري ما اشتراه مخالفا لما رآه.

(5) هذا الحديث مروي في الكافي و التهذيب و الوسائل، لكن مع الاختلاف في بعض ألفاظ الحديث.

ففى الكافي و التهذيب: (لا يشتري) باثبات الياء في المضارع و بصيغة الغائب.

و في وسائل الشيعة: (لا تشتر) بحذف الياء في المضارع و بصيغة الخطاب.

فاللا في لا يشتري اذا كانت ناهية و هو الحق فلم لا تحذف الياء في لا تشتري؟

لأن الناهية تجزم و علامة جزمها سقوط ياء المضارع.

و في نسخة الكافي و التهذيب من قبل أن يخرج السهم. -

ص: 122


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال في الحدائق(1): و توضيح (1) معنى هذا الخبر ما رواه في الكافي و التهذيب في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن منهال القصاب و هو مجهول.

+++++++++++

- و في الوسائل من قبل أن يخرج السهم.

و في الكافي من أين يخرج السهم باضافة كلمة من على كلمة أين.

و في (التهذيب) حتى يعلم أين يخرج السهم بعد حذف كلمة من الجارة عن أين.

و في (الوسائل) حتى تعلم أين تخرج السهم بصيغة الخطاب في حتى تعلم و سقوط كلمة من عن كلمة أين، و بصيغة المؤنث في تخرج السهم.

راجع (الكافي) الجزء 5 ص 213 - الحديث - 3.

و راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 79 الحديث (340) 54.

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 15 - الحديث 2.

(1) المراد من توضيح الخبر هو توضيحه من حيث الموضوع الذي هو شراء السهام و توضيح حكمه الذي هو حكم الشراء قبل خروج السهام و بعده.

أما توضيحه من حيث الموضوع فلأن الحديث متكفل لكيفية شراء أسهام القصابين على النحو المتعارف فيما بينهم، لأن المراد من شراء الغنم هو شراء السهم المعين منه.

و أما توضيح الخبر من حيث حكمه قبل خروج السهام فهو قوله عليه السلام: لا يصح، أو لا يصلح، بناء على اختلاف نسخة الكافي و التهذيب كما علمت: اي لا يصلح أو لا يصح شراء شيء قبل خروج -

ص: 123


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الغنم: أو يشتري الغنم جماعة ثم تدخل (1) دارا ثم يقوم رجل على الباب فيعد واحدا و اثنين و ثلاثة و أربعة و خمسة ثم يخرج السهم (2).

قال (3): لا يصلح هذا إنما يصلح السهام اذا عدلت القسمة (4).

+++++++++++

- السهام: اي قبل أن تعدل و تعين.

و أما توضيح الخبر من حيث حكمه بعد خروج السهام فقوله عليه السلام: إنما تصلح السهام اذا عدلت القسمة: اي السهام اذا تعينت في الخارج يصح شراؤها، فتعديل السهام كناية عن تعينها خارجا.

(1) المراد من دخول الغنم الدار هو دخولها في مرابضها.

و مرابض جمع مربض بفتح الميم و سكون الراء و كسر الباء و سكون الضاد و المربض موضع ربض الدواب.

(2) اي سهم القصابين.

(3) اي الامام عليه السلام.

(4) هذا الحديث كسابقه مذكور في الكافي و التهذيب بنفس المكان مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه.

ففي الكافي: لا يصلح هذا إنما يصلح السهام اذا خرجت.

و في التهذيب: لا يصح هذا إنما يصلح السهام اذا خرجت.

راجع (الكافي) الجزء 5 ص 223 الحديث 2.

و راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 79 - الحديث (339) 53.

ص: 124

الى آخر الخبر (1).

أقول (2): لم يعلم وجه الاستشهاد به (3) لما نحن فيه (4)، لأن (5) المشتري لسهم القصاب إن اشتراه مشاعا فلا مورد لخيار الرؤية (6).

و إن اشترى سهمه المعين الذي يخرج (7) فهو (8) شراء فرد غير معين و هو باطل،

و على الصحة (9) فلا خيار فيه للرؤية كالمشاع.

+++++++++++

(1) ليس للخبر في المصدرين صلة حتى يقال الى آخر الخبر.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم النقاش مع شيخنا المحدث البحراني قدس سرهما.

(3) اي بهذا الحديث و هو صحيح عبد الرحمن.

(4) و هو خيار الرؤية.

(5) تعليل لعدم وجه للاستشهاد بصحيح عبد الرحمن لما نحن فيه.

(6) لأن الرؤية لا تتحقق إلا في المعين الشخصي الخارجي فحينئذ يصح الخيار لها اذا ظهر خلاف ما رآها المشتري.

و المشاع لم يعيّن بعد حتى تقع الرؤية عليه، ليثبت لهما الخيار فثبوت الخيار فرع الرؤية، و الرؤية فرع التشخص الخارجي.

(7) اي يخرج و يتعين بعد تعديل السهام و قسمتها.

(8) اي هذا الذي يشترى قبل خروجه و تعينه شراء باطل، لأن المشتري فرد غير معين، مع أنه لا بد من تعين المبيع خارجا.

(9) اي و على فرض القول بصحة شراء فرد غير معين فلا مجال أيضا للخيار، لأنه كالمبيع المشاع، و المبيع المشار(1) لا يقع فيه الخيار.

ص: 125


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يمكن حمله (1) على شراء عدد معين، نظير الصاع من الصبرة و يكون له خيار الحيوان اذا خرج (2) السهم.

ثم إن صحيحة (3) جميل مختصة بالمشتري.

و الظاهر الاتفاق على أن هذا الخيار (4) يثبت للبائع أيضا اذا لم ير المبيع و باعه بوصف غيره فتبين كونه زائدا على ما وصف.

و حكي عن بعض أنه يحتمل في صحيحة جميل أن يكون التفتيش من البائع: بأن يكون البائع باعه بوصف المشتري.

و حينئذ (5) فيكون الجواب عاما بالنسبة إليهما على تقدير هذا الاحتمال.

+++++++++++

(1) اي و يمكن حمل صحيح عبد الرحمن على شراء عدد معين من الغنم نظير شراء صاع من الصبرة و إن لم تكن الصبرة معلومة لأن المبيع هو الصاع، لا الصبرة و الصاع معين.

فكما أن شراء الصاع من الصبرة جائز بمعلوميته من حيث لوزن و الكم و المقدار.

كذلك يجوز شراء عدد معين من الغنم و إن كان عدد الغنم مجهولا.

(2) بناء على أن المبيع الكلي في المعين يصير شخصيا.

(3) المشار إليها في ص 120.

(4) اي خيار الرؤية.

(5) اى و حين أن البائع باع المبيع بوصف المشتري يكون جواب الامام عليه السلام في صحيحة جميل بن دراج في قوله: إنه لو قلّب منها و نظر الى تسع و تسعين قطعة: عاما بالنسبة الى البائع و المشتري، بناء على احتمال كون التفتيش من البائع: بأن يكون البائع باعه بوصف المشتري.

ص: 126

و لا يخفى بعده (1).

و أبعد منه (2) دعوى عموم الجواب.

(و اللّه العالم).

مسألة: مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة.

(مسألة) (3):

مورد هذا الخيار (4) بيع العين الشخصية الغائبة.

+++++++++++

(1) أي بعد هذا الاحتمال: و هو كون التفتيش من جانب البائع لأن الغالب في المعاوضات: اي خمسة و تسعون في المائة 95 يكون التفتيش من جانب المشتري، لا من جانب البائع.

(2) اي و أبعد من هذا الاحتمال دعوى عموم جواب الامام عليه السلام.

وجه الأبعدية إنه لو حملنا الخبر المذكور على الاحتمال المذكور لكان الجواب مختصا بالبائع، لا أنه عام يشمل البائع و المشتري، فلا مجال لدعوى عمومه.

و لو كان حمل الخبر المذكور على العموم جائزا مع أن المورد مختص بالمشتري، حيث يقول جميل بن دراج رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ضيعة.

لما احتجنا الى ارتكاب الحمل المذكور الذي هو في غاية البعد كما عرفت في الهامش 1 من هذه الصفحة عند قولنا: لأن الغالب.

(3) في خيار الرؤية ذكر شيخنا الأنصاري قدس سره سبع مسائل هذه اولاها(1)

(4) و هو خبار الرؤية.

ص: 127


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المعروف أنه يشترط في صحته (1) ذكر أوصاف المبيع التى يرتفع به (2) الجهالة الموجبة (3) للغرر، اذ لولاه (4) لكان غررا.

و عبّر بعضهم عن هذه الأوصاف بما يختلف الثمن باختلافه.

كما في الوسيلة و جامع المقاصد(1) و غيرهما.

و آخر (5) بما يعتبر في صحة السلم.

+++++++++++

(1) اي في صحة خيار الرؤية(2)

(2) اي بذكر أوصاف المبيع الرافعة للجهالة.

(3) بالرفع صفة لكلمة الجهالة: اي الجهالة الموجبة للغرر اذا لم تذكر أوصاف المبيع.

(4) اى اذ لو لا ذكر أوصاف المبيع لكان البيع بيعا غرريا موجبا للضرر و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(5) اي و عبّر بعض الفقهاء حول صحة خيار الرؤية في اشتراط ذكر الأوصاف فيه بذكر الأوصاف المعتبرة في بيع السلم، فكل ما يعتبر هناك يعتبر هنا.

خذ لذلك أمثلة.

اذا كان المبيع حيوانا يجب أن يذكر فيه أربعة أوصاف:

النوع - اللون - الذكورة - الأنوثة.

و اذا كان المبيع لبنا لا بد أن يذكر في وصفه بما يميزه عن غيره:

من ذكر النوع و اللون، و ذكر نوع العلف كالعوادي التي ترعى ما حلا من النبات، و الأوارك التي ترعى الأراك.

و الأراك شجر من الحمض، و الأوراك جمع الأراكة(3) و هو نبات فيه ملوحة تسمّى هذه الملوحة حمضية فألبانها تختلف بذلك فلا بد من التعرض -

ص: 128


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- لهذه الأوصاف.

و لا بد أيضا من ذكر أن الحيوان معلوفة، أو راعية.

و اذا كان المبيع من الثياب فلا بد من ذكر جنسه: من القطن أو الكتان أو الحرير، أو الابريسم و غير ذلك.

و لا بد من ذكر البلد الذي تنسج هذه الثياب فيها.

و لا بد من ذكر الرقة و الغلظة و الدقة و النعومة و الخشونة و الجودة و الرداءة: و العتيق و الجديد.

و اذا كان المبيع كرسفا الذي هو الفطن فلا بد من تعريفه: من حيث البلد، و اللون كالبياض و السمر، و النعومة و الخشونة، و الجيد و الردي، و من كثرة لحمه الذي هو لبّ القطن و قلته، و من حيث العتيق و الجديد.

و اذا كان المبيع إبريسما فلا بد من وصفه: من حيث البلد المنتج له، و من حيث اللون: من البياض و السواد، و الاحمرار، و من حيث طول الطاقة و قصرها.

و اذا كان المبيع صوفا فلا بد من ذكر البلد و اللون و من حيث صوف الذكور و الإناث: اذ صوف الإناث أنعم.

و من حيث الزمان فلا بد من ذكره: بأنه ربيعي أو خريفي، حيث إن صوف الخريفي أنظف، لأنه عقيب الصيف.

و لا بد من ذكر الجودة و الرداءة. و المقدار وزنا.

و اذا كان المبيع خشبا فلا بد من وصفه، لأن له أنواعا متعددة، اذ منه الحطب الذي يؤخذ للوقود.

و لا بد من ذكر نوع الحطب: من الطرفاء و الخلاف و الأراك -

ص: 129

..........

+++++++++++

- و العرعر، و الدقة و الغلظة و الوسط و اليبوسة، و الرطوبة و الجودة و الرداءة، و ذكر المقدار.

و اذا كان المبيع أحجارا: فلا بد فيها من ذكر اللون إن اختلف و هي ثلاثة أقسام:

قسم منها يتخذ للأرحية، فلا بد من ذكر دورها و ثخانتها و رداءتها و جودتها و مقدار وزنها.

و قسم منها يتخذ للبناء فلا بد من ذكر نوعها و لونها: من البياض و الخضرة، و عظمها: بأن يقال: إن اثنين منها، أو ثلاثة، أو أربعة يحملها البعير، أو البغال، و لا بد من ذكر الوزن و الجودة و الرداءة.

و قسم منها الرخام: و هو على انواع فلا بد من ذكر نوعه و لونه و صفاءه و جودته و رداءته، و طوله و عرضه إن كان له عرض، و دوره إن كان مدورا، و إن كان ذا خطوط مختلفة ذكرها.

و قسم منها الحجارة التي تصنع منها الأواني و القدور فلا بد من ذكر نوعها: من حيث البلد الذي تخرج منه، و جودتها و رداءتها، و مقدار وزنها.

و قسم منها حجارة النورة و الجص فلا بد من ذكر ارضها التي تخرج منها، لاختلاف اللون فيها بالبياض و السمرة، و الجودة و الرداءة

و قسم منها الآجر فلا بد من ذكر الطول و العرض و الثخانة، و الجودة و الرداءة.

و اذا كان المبيع عطورا فلا بد من ذكر ما يميز كل واحد من أنواعها، فيذكر لون العنبر: بأنه ابيض، أو أشهب، أو اخضر -

ص: 130

و آخرون كالشيخين (1) و الحلي(1) اقتصروا على اعتبار ذكر الصفة (2).

و الظاهر أن مرجع الجميع واحد، و لذا (3) ادعي الاجماع على كل واحد منهما.

ففي (4) موضع من التذكرة يشترط في بيع خيار الرؤية وصف

+++++++++++

- و لا بد من ذكر البلد الذي تستخرج منه العطور، و ذكر الجودة و الرداءة.

و هكذا الكافور و المسك.

و اذا كان المبيع عسلا فلا بد من ذكر المكان الذي يستخرج منه كالجبل، أو البلد، و الزمان كالربيع و الصيف و الخريف.

و لا بد من ذكر لونه كالبياض و الصفرة، و الجودة و الرداءة، و أنه عسل مصفى من الشمع.

فهذه الأوصاف التي تعتبر في بيع السلم، و الأوصاف التي لم نذكرها هنا.

كذلك يعتبر ذكرها في المبيع في خيار الرؤية.

(1) و هما: شيخ الامة و استاذها الشيخ المفيد.

و شيخ الطائفة الشيخ الطوسي قدس سرهما.

(2) اي جنس الصفة المراد به الصفات الموجودة في المبيع و المرغوبة فيه.

(3) اي جميع التعابير التي عبّر بها الفقهاء رضوان اللّه عليهم مآله الى شيء واحد.

(4) من هنا اخذ قدس سره في عد الاجماع المدعى على كل واحد من التعبيرات المذكورة.

ص: 131


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المبيع وصفا يكفي في السلم عندنا (1).

و في موضع آخر من التذكرة: إن شرط صحة بيع الغائبة وصفها بما يرفع الجهالة عند علمائنا اجمع.

و يجب فيه ذكر اللفظ الدال على الجنس (2).

ثم ذكر انه يجب ذكر اللفظ الدال على المميز: و ذلك بذكر جميع الصفات التي تختلف الأثمان باختلافها، و تتطرق الجهالة بترك بعضها، انتهى (3).

و في جامع المقاصد(1) ضابط ذلك (4) ان كل وصف تتفاوت الرغبات بثبوته (5) و انتفائه، و تتفاوت (6) به القيمة تفاوتا ظاهرا لا يتسامح به يجب ذكره.

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 35 عند قوله في المسألة الثالثة: يشترط في بيع خيار الرؤية وصف المبيع وصفا يكفي في السلم عندنا.

(2) راجع (المصدر نفسه) عند قوله في ص 349 في المسألة الأولى: و شرط صحة بيع العين الشخصية الغائبة وصفها بما يرفع الجهالة عند علمائنا أجمع.

(3) راجع (المصدر نفسه) عند قوله: و يجب أيضا ذكر اللفظ.

(4) اي ضابط خيار الرؤية و القاعدة فيها.

(5) اي تتفاوت رغبة المشتري بذكر الوصف الثابت في البيع السلمي، و عدم رغبته به اذا ذكر الوصف و هو غير موجود فيه.

(6) اي و تتفاوت أيضا قيمة المبيع بسبب ذكر الوصف الموجود فيه تفاوتا ظاهرا: بحيث لا يتسامح العرف بهذا التفاوت، فيرغب -

ص: 132


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فلا بد من استقصاء أوصاف السلم، انتهى (1).

و ربما (2) يتراءى التنافي بين اعتبار ما يختلف الثمن باختلافه و كفاية (3) ذكر اوصاف السلم من (4) جهة أنه قد يتسامح في السلم

+++++++++++

- المشتري بشراء هذا المبيع.

(1) اي ما أفاده المحقق الكركي قدس سره في جامع المقاصد في هذا المقام.

(2) هذا كلام شيخنا الأنصاري و هو في الواقع إشكال على ما عرّف العلامة بيع خيار الرؤية بكفاية المبيع وصفا رافعا للجهالة كما في الاكتفاء بالوصف الرافع للجهالة في البيع السلمي.

و بين تعريف صاحب جامع المقاصد خيار الرؤية: بأنه عبارة عن وصف كل ماله دخل في تفاوت الرغبات عند ثبوته فيه، و عدم الرغبة فيه عند نفيه عنه.

فكيف الجمع بين هذين التعريفين و قد ادعي الاجماع على كل واحد منهما؟

(3) بالجر عطفا على مجرور كلمة بين في قوله في هذه الصفحة: بين اعتبار.

اي و ربما يتراءى التنافي بين كفاية ذكر أوصاف السلم كما في تعريف العلامة في ص 131-132 عند نقل الشيخ عنه.

(4) تعليل لكفاية ذكر الأوصاف(1) مجملا في خيار الرؤية كالاكتفاء بذلك في البيع السلمي.

خلاصته إن الاكتفاء بذلك لاجل تسامح العرف بذلك في البيع السلمي لأن الاكتفاء بذلك موجب لرفع الضرر عن المشتري، و لا يذكرون الأوصاف بكاملها في معاوضاتهم و معاملاتهم السلفية.

ص: 133


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في ذكر بعض الأوصاف، لإفضائه (1) الى عزة الوجود، أو لتعذر (2) الاستقصاء على التحقيق، و هذا المانع (3) مفقود فيما نحن فيه.

قال (4) في التذكرة في باب السلم:

لا يشترط وصف كل عضو على حاله (5) بأوصافه المقصودة،

+++++++++++

(1) تعليل لعدم إقدام العرف في معاملاتهم على ذكر الأوصاف بكاملها: اي إن ذكر الأوصاف بكاملها موجب الى عزة وجود الشيء فلا يقدم احد على الشراء إذا.

(2) تعليل آخر لعدم اقدام العرف في معاملاتهم على ذكر الأوصاف بكاملها: اي عدم الإقدام على ذلك و إما لاجل تعذر استقصاء كل الصفات على نحو التحقيق و التدقيق في البيع السلمي.

(3) و هو الافضاء الى عزة الوجود: أو تعذر الاستقصاء مفقود فيما نحن فيه: و هو خيار الرؤية، لأن المبيع موجود يتمكن المشتري من الاطلاع على جمع الصفات الموجودة فيه، أو غير موجودة.

(4) من هنا اخذ قدس سره في نقل ما افاده العلامة في الاكتفاء بذكر بعض الأوصاف في البيع السلمي.

(5) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا حتى المصححة من قبل بعض الأفاضل في (قم) من الحيوان، و حيث كان المعنى لا ينسجم مع وصف كل عضو من الحيوان راجعت التذكرة من طبعتنا الحديثة و الطبعة الحجرية فرأيت عبارتها هكذا: (لا يشترط وصف كل عضو على حاله) فأثبتناها كما هنا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 8 ص 34 المسألة الثانية.

ص: 134

و إن تفاوت به الغرض و القيمة، لافضائه الى عزة الوجود، انتهى (1).

و قال (2) في السلم في الأحجار المتخذة للبناء:

إنه يذكر نوعها و لونها، و يصف عظمها (3) فيقول:

ما يحمل البعير منها (4) اثنتين، أو ثلاثا أو اربعا على سبيل التقريب، دون التحقيق، لتعذر التحقيق (5).

و يمكن (6) أن يقال: إن المراد ما يعتبر في السلم في حد ذاته مع قطع النظر عن العذر الموجب للمسامحة في بعض أفراد السلم

+++++++++++

(1) اي ما افاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

راجع (المصدر نفسه) الجزء 8 ص 34 المسألة 2.

(2) اي العلامة قدس سره في التذكرة في نفس المكان في ص 42 من نفس المصدر

(3) المراد من عظم الحجارة سمكها: من حيث الحجم و الثخن

(4) اي من الأحجار المبيعة بالبيع السلمي.

(5) اي لتعذر التحقيق الكامل في وزن الأحجار و سمكها و حجمها لعدم وجود الوسائل لذلك في تلك العصور.

(6) من هنا اخذ قدس سره في رفع التنافي بين التعريفين في بيع خيار الرؤية.

و خلاصة ما افاده إن غرض الفقهاء رضوان اللّه عليهم اجمعين هو ذكر ماله دخل في صحة البيع السلمي و معتبر فيه: من حيث هو هو، و ذكر ماله دخل في قيمته.

و هذا لا ينافي رفع اليد في بعض الأحيان عن الأوصاف لاجل محذور عزة الوجود و قلته.

أو لتعذر الاستقصاء بالصفات على التحقيق.

ص: 135

و إن (1) كان يمكن أن يورد على مسامحتهم هناك أن الاستقصاء في الأوصاف شرط في السلم غير مقيد بحال التمكن، فتعذره (2) يوجب فساد السلم، لا الحكم (3) بعدم اشتراطه.

+++++++++++

- بعبارة أوضح و أحسن كما افادها بعض الأعلام الأفذاذ قدس سره:

إن الصفات العارضة على الشيء بالذات، أو بالعرض على قسمين:

(قسم): تلاحظ الأوصاف بكاملها ملاحظة دقيقة عميقة لجريان العادة على مثل هذه الدقة الكاملة وجودا و نفيا، مع قطع النظر عن التعذر الموجب للمسامحة في بعض أفراد السلم: من حيث ذكر بعض الصفات.

(و قسم) تلاحظ الصفات فيه من غير دقة و تعمق فيها، لعدم جريان العادة بذكرها دقيقا و ان كان ذكر الأوصاف بكاملها مرغوبا في حد نفسه و ذاته.

(1) من هنا يروم قدس سره الإشكال على مسامحة ذكر بعض الصفات في البيع السلمي، و في الواقع ايراد على الجواب الذي افاده قدس سره.

و خلاصته إن استقصاء الصفات في البيع السلمي و إن كان شرطا فيه، لكنه غير مقيد بصورة التمكن من ذكر الصفات حتى اذا تعذر عدّها و استقصاؤها يقال بعدم شرطية الاستقصاء في البيع السلمي فتعذر الاستقصاء موجب لبطلان البيع السلمي، لا أنه موجب لعدم شرطيته فيه.

(2) اي تعذر استقصاء الأوصاف كما علمت آنفا.

(3) اي و ليس التعذر موجبا للحكم بعدم اشتراط الاستقصاء -

ص: 136

كما (1) حكموا بعدم جواز السلم فيما لا يمكن ضبط أوصافه.

و تمام الكلام في محله.

ثم إن (2) الأوصاف التي يختلف الثمن من اجلها محصورة خصوصا في العبيد و الإماء، فان مراتبهم الكمالية التي تختلف بها اثمانهم غير محصورة جدا.

و الاقتصار (3) على ما يرفع به معظم الغرر إحالة (4) على مجهول.

+++++++++++

- في البيع السلمي.

(1) تنظير لكون تعذر الأوصاف موجبا لفساد البيع السلمي: أي كما أن الفقهاء حكموا بعدم صحة جواز بيع السلم اذا لم يمكن للبائع ضبط أوصافه،

(2) هذا إشكال ثان على ما افاده صاحب جامع المقاصد قدس سره:

من أنه لا بد من بيان كل وصف تتفاوت الرغبات في ثبوته و انتفائه و تتفاوت القيمة به.

خلاصته إن الأوصاف الموجبة لاختلاف الثمن بوجودها في المبيع غير محصورة و معدودة، لأن رتب بعض الأقسام من المبيعات: من حيث الكمالات و الفنون الموجبة لاختلاف اثمانها، لاجل الرغبة فيها مختلفة.

(3) هذا دفع وهم في الواقع.

خلاصة الوهم إنه في البيع السلمي يقتصر على معظم الأوصاف الموجب لرفع معظم الغرر، لا على جميع الأوصاف.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم: و هو كلمة و الاقتصار.

و هو في الواقع جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: إن الاقتصار المذكور احالة على امر مجهول: -

ص: 137

بل (1) يوجب الاكتفاء على ما دون صفات السلم، لانتفاء الغرر عرفا بذلك (2).

مع (3) أننا علمنا أن الغرر العرفي أخص من الشرعي.

+++++++++++

- خذ لذلك مثالا.

لو كان المبيع مشتملا على خمسين صفة فوصف البائع سلعته بثلاثين وصفا مثلا و لم يذكر العشرين الباقي.

فقد احال البائع(1) على امر مجهول: اى وصف المبيع لا بحقيقته و تمام خصوصياته، فحينئذ يكون المبيع مجهولا و إن كان البائع قد وصف المبيع بمعظم الغرر.

(1) هذا رأيه(2) قدس سره: اي الواجب هو الاكتفاء على ما دون صفات السلم في العين الغائبة الشخصية، لأنه ينتفي الغرر بالاكتفاء على ما دون صفات السلم عرفا، حيث إن العرف يكتفي بذلك.

(2) اي بالاكتفاء بما دون صفات السلم كما عرفت.

(3) تأييد منه(3) لما أفاده قدس سره: من أن الواجب هو الاكتفاء بما دون الصفات.

خلاصته إننا علمنا فيما سبق أن الغرر العرفي أخص من الغرر الشرعي، اي بينهما عموم و خصوص مطلق.

فكل غرر عرفي غرر شرعي، و ليس كل غرر شرعي غررا عرفيا لأن المبيع اذا كان مجهولا و لو ببعض الصفات يراه الشارع غررا لأن العلم بالمبيع شرط حين إنشاء العقد.

و لا يخفي هذا مبني على ثبوت الحقائق الشرعية.

و أما اذا لم نقل بذلك كما هو الحق فى المقام فليس الغرر العرفي أخص من -

ص: 138


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كيف كان (1) فالمسألة لا تخلو عن إشكال.

و أشكل (2) من ذلك أن الظاهر أن الوصف يقوم مقام الرؤية المتحققة في بيع العين الحاضرة.

و على (3) هذا فيجب أن يعتبر في الرؤية أن يحصل بها الاطلاع

+++++++++++

- الغرر الشرعي، لعدم وجود الغرر الشرعي حتى يقال بأخصية العرفي من الشرعي.

(1) يعني أي شيء قلنا في مسألة بيع العين الشخصية الغائبة في خيار الرؤية فهذه المسألة لا تخلو عن إشكال.

أي هل الواجب الاكتفاء بوصف المبيع وصفا يكتفى به في بيع السلم؟

أو الواجب ذكر الأوصاف بما يختلف الثمن باختلافه؟

(2) هذا من متممات الإشكال الثانى الوارد على ما افاده المحقق الكركي قدس سره: من لزوم ذكر جميع الصفات التي يختلف الثمن باختلافها: أي و أصعب من الإشكال الثاني المشار إليه في ص 127

و خلاصته إننا لو قلنا باعتبار ذكر جميع الصفات في بيع العين الشخصية الغائبة في خيار الرؤية كما افاده المحقق الكركي.

فلا بد من الالتزام بالقول بذلك(1) فيما لو كان الوصف قائما مقام الرؤية، و التالي: و هو القيام مقام الرؤية باطل و المقدم: و هو اعتبار ذكر جميع الصفات في بيع العين الشخصية الغائبة مثله باطل.

(3) اي و بناء على هذا الإشكال فالواجب أن يعتبر في الرؤية حصول الاطلاع بالرؤية على جميع الصفات المعتبرة في العين الشخصية الغائبة مما يختلف الثمن باختلافه.

ص: 139


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على جميع الصفات المعتبرة في العين الغائبة مما يختلف الثمن باختلافه

قال (1) في التذكرة: تشترط رؤية ما هو مقصود بالبيع كداخل الثوب.

فلو باع ثوبا مطويا، أو عينا حاضرة لا يشاهد منهما ما يختلف الثمن لاجله.

كان كبيع الغائب يبطل إن لم يوصف وصفا يرفع الجهالة انتهى (2)

و حاصل هذا الكلام (3) اعتبار وقوع المشاهدة على ما يعتبر في صحة السلم، و بيع الغائب.

و من المعلوم من السيرة عدم اعتبار الاطلاع بالرؤية على جميع الصفات المعتبرة في السلم، و بيع العين الغائبة، فانه (4) قد لا يحصل الاطلاع بالمشاهدة على سن الجارية، بل و لا على نوعها، و لا(1) غيرها (5) من الامور التي لا يعرفها إلا أهل المعرفة بها.

فضلا عن مرتبة كما لها (6) الانساني المطلوبة في الجواري المبذولة

+++++++++++

(1) من هنا اخذ قدس سره في الاستشهاد بكلمات الأعلام الأفذاذ على ما افاده: من قوله: فعلى هذا فيجب أن يعتبر في الرؤية، فأول كلام استشهد به كلام العلامة قدس سره.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 33 الفرع الثالث عند قوله: الثالث تشترط رؤية ما هو مقصود:

(3) اي كلام العلامة قدس سره.

(4) تعليل لعدم اعتبار الاطلاع بالرؤية على جميع الصفات

(5) اي و لا غير الجارية.

(6) اي كمال الجارية.

ص: 140


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بإزائها الأموال.

و يبعد كل البعد التزام ذلك (1)، أو ما دون ذلك في المشاهدة بل يلزم من ذلك (2)، عدم صحة شراء غير العارف بأوصاف المبيع الراجعة الى نوعه، أو صنفه، أو شخصه.

بل هو (3) بالنسبة الى الأوصاف التي اعتبروها كالأعمى.

فلا بد من مراجعة بصير عارف.

و لا أجد في المسألة (4) أوثق من أن يقال:

إن المعتبر هو الغرر العرفي في العين الحاضرة: و الغائبة الموصوفة.

فان دل على اعتبار أزيد من ذلك (5) حجة (6) معتبرة اخذ به و ليس (7) فيما ادعاه العلامة في التذكرة: من الاجماع حجة.

مع (8) استناده في ذلك الى كونه غررا عرفا.

+++++++++++

(1) اي الالتزام بالمشاهدة على سن الجارية و نوعها.

(2) اي من القول بالالتزام(1) بالمشاهدة على سن الجارية و نوعها.

(3) اي غير العارف البصير بأوصاف المبيع.

(4) اي في مسألة خيار بيع العين الشخصية الغائبة.

(5) اي من الغرر العرفي في العين الحاضرة و الغائبة الموصوفة بصفات كثيرة، لا بكاملها.

(6) بالنصب(2) حال لكلمة أزيد اي حال كون الدليل الأزيد يكون حجة معتبرة قاطعة.

(7) رد منه على دليل العلامة قدس سرهما: من عدم اشتماله على دليل معتبر يعتنى به سوى الاجماع: و هو ليس دليلا معتبرا، و حجة قاطعة

(8) رد آخر(3) منه على دليل العلامة قدس سرهما الذي هو -

ص: 141


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

حيث قال في اوّل مسألة اشتراط العلم بالعوضين (1):

إنه (2) اجمع علماؤنا على أن العلم شرط فيهما، ليعرف ما الذي ملك بإزاء ما بذل فينتفي الغرر، فلا يصح بيع الغائب ما لم تتقدم رؤيته مع عدم تغيره، أو وصفه وصفا يرفع الجهالة، انتهى (3).

و لا ريب أن المراد بمعرفة ما ملك معرفته على وجه وسط بين طرفي الاجمال و التفصيل (4).

ثم (5) إنه يمكن الاستشكال في صحة هذا العقد:

+++++++++++

- الاجماع: اي مع استناد العلامة اشتراط العلم بالعوضين اجماعا الى الغرر عرفا.

(1) اي العلامة قدس سره في التذكرة.

(2) هذا مقول قول العلامة في التذكرة.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 32 في الشرط الخامس، المسألة الاولى عند قوله: مسألة اجمع علماؤنا.

و لا يخفى أن العبارة المنقولة هنا بعد مراجعة المصدر و تطبيقها عليه رأينا فيها اختلافا شاسعا، و لا يمكننا احالة كل كلمة الى مصدرها فصححنا عبارة المكاسب كما في المصدر.

(4) اي لا بنحو الاجمال المحض، و لا بنحو التفصيل المحض.

(5) هذا هو الإشكال الثالث على ما افاده المحقق الكركي: من أنه لا بد من بيان كل وصف تتفاوت الرغبات: من حيث ثبوته فيه أو انتفاءه عنه.

و خلاصة الإشكال إنه من الإمكان الايراد على هذا العقد المتصف بالصفات التي تتفاوت الرغبات فيه ثبوتا، أو نفيا: بأن ذكر -

ص: 142

بأن (1) ذكر الأوصاف لا يخرج البيع عن كونه غررا، لأن الغرر بدون اخذ الصفات من حيث (2) الجهل بصفات المبيع، فاذا اخذت (3) فيه مقيدا بها صار مشكوك الوجود، لأن العبد (4) المتصف بتلك الصفات مثلا لا يعلم وجوده في الخارج، و الغرر فيه أعظم.

و يمكن (5) أن يقال: إن الأوصاف في معنى الاشتراط

+++++++++++

- الأوصاف لا يخرج بيع العين الشخصية الغائبة عن الغرر اذا كان الوصف على نحو التقييد، لأن منشأ الغرر هو الجهل و الجهل بالمبيع هنا موجود، لأنه صار مشكوك الوجود.

بل الغرر فيه أعظم من الغرر الموجود في الوصف اذا اخذ بنحو الشرط، لأنه في صورة تخلف المبيع عن الرؤية اذا ذكرت الأوصاف على نحو الاشتراط له محيار تخلف الشرط، لا أن العقد باطل.

بخلاف تخلفه عن الرؤية في صورة اخذ الأوصاف على نحو التقييد فانه مبطل للعقد.

(1) الباء بيان لكيفية الاشكال و قد عرفته آنفا.

(2) الجار و المجرور مرفوع محلا خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة: لأن الغرر أي منشأ الإشكال اذا اخذت الأوصاف على نحو التقييد هو الجهل بالمبيع كما عرفت.

(3) أي الأوصاف في المبيع كما عرفت.

(4) تعليل لمشكوكية للبيع، و قد عرفته آنفا.

(5) جواب عن الإشكال الثالث.

خلاصته إنه من الممكن ان يكون ذكر الصفات الموجبة لرعبات -

ص: 143

لا التقييد فبيع العبد مثلا ملتزما بكونه كذا و كذا، و لا غرر فيه حينئذ عرفا.

و قد صرح (1) في النهاية و المسالك(1) في مسألة ما اذا رأى المبيع ثم تغير عما رآه: إن الرؤية (2) بمنزلة الاشتراط، و لازمه (3) كون الوصف القائم مقام الرؤية اشتراطا (4).

و يمكن (5) أن يقال ببناء هذا البيع على تصديق البائع، أو غيره في إخباره باتصاف المبيع بالصفات المذكورة.

+++++++++++

- الناس بثبوته و انتفائه في العين الشخصية الغائبة على نحو الاشتراط لا على نحو التقييد.

بمعنى أن البائع التزم بكون المبيع متصفا بكذا و كذا، و هذا النحو من البيع لا غرر فيه عرفا.

نعم للمشتري خيار تخلف الشرط عند ما كان المبيع مخالفا للرؤية.

(1) تأييد منه لما افاده: من أنه من الإمكان اتخاذ الأوصاف على نحو الاشتراط، لا على نحو التقييد.

خلاصته إن الشيخ قدس سره قد صرح في النهاية عند ما يرى المبيع مخالفا لما رآه سابقا: إن الرؤية بمنزلة الاشتراط، لا بمنزلة التقييد، و لازم كون الرؤية بمنزلة الاشتراط: أن وصف المبيع يكون اشتراطا في المبيع، لأن الوصف بمنزلة الرؤية و قائم مقامها.

(2) هذا تصريح الشيخ في النهاية، و قد عرفته آنفا.

(3) اي و لازم كون الرؤية.

(4) اي لا قيدا للمبيع.

(5) هذا جواب آخر عن الإشكال الثالث المشار إليه في ص 142 -

ص: 144


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كما (1) يجوز الاعتماد عليه في الكيل و الوزن، و لذا (2) ذكروا أنه يجوز مع جهل المتبايعين بصفة العين الغائبة المبيعة بوصف ثالث لهما.

و كيف كان (3) فلا غرر عرفا في بيع العين الغائبة، مع اعتبار الصفات الرافعة للجهالة.

و لا دليل (4) شرعا على المنع من حيث عدم العلم بوجود تلك

+++++++++++

- و خلاصته إنه من الممكن القول بصحة بيع العين الغائبة مع أن الغرر غير مرتفعة حقيقة لو بنينا هذا البيع على جواز تصديق البائع باخباره يذكره الأوصاف الخاصة، و ترتب آثار الصدق على اخباره تعبدا و إن لم يفد إخباره العلم و الاطمئنان، و تنزل إخباره منزلة القطع أو تنزل مؤدى إخباره منزلة الواقع.

(1) تنظير لجواز بيع المذكور على جواز تصديق البائع باخباره بذكره الأوصاف الخاصة: اي ما نحن فيه نظير جواز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار الوزن أو الكيل.

فكما أن هذا الاعتماد جائز.

كذلك بناء البيع المذكور على جواز تصديق البائع فيما اخبر، من الصفات جائز.

(2) اي و لاجل صحة بناء هذا البيع على تصديق البائع، أو غيره في إخباره يذكر الأوصاف اجاز الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم وصف ثالث العين الغائبة لو كان المتبايعان جاهلين بصفة العين الغائبة.

(3) يعني أي شيء قلنا في بيع العين الغائبة: من الجواز أو العدم -(1)

(4) اي كما أنه لا غرر عرفا كذلك لا دليل على منع البيع شرعا.

ص: 145


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الصفات، فيتعين الحكم بجوازه.

مضافا الى الاجماع عليه ممن عدا بعض العامة.

ثم إن الخيار بين الرد و الامساك مجانا هو المشهور بين الأصحاب و صريح السرائر(1) تخييره بين الرد و الامساك بالارش، و أنه لا يجبر (1) على احدهما.

+++++++++++

(1) اي لا يجبر المشتري، لا على ردّ المبيع، و لا على ابقائه و امساكه لو كان المبيع على خلاف ما رآه.

لا يخفى عليك أن الأقوال هنا أربعة:

(الاول) الخيار بين الرد و الامساك مجانا و هو المشهور، لأن الإجبار على الرد، أو على الامساك ضرر عليه، و اجحاف في حقه فالتخيير يرفع ذلك.

(الثاني) الخيار بين الرد و الامساك مع الارش كما ذهب إليه ابن ادريس قدس سره، لأن الفسخ، أو الاخذ مع الارش هو الرافع للضرر المنفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار، من دون حكومة له على تعيين احدهما.

و قد ضعف المصنف هذا القول في ص 147 بقوله: و يضعف.

(الثالث) تعين الارش فقط، لأن عموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قاض بلزوم المعاملة، مع انضمام عموم نفي الضرر إليه، فتكون نتيجة العمومين تعين الارش.

(الرابع) بطلان البيع عند ظهور تخلف الوصف كما ذهب إليه صاحب النهاية و المراسم و المحقق الاردبيلي قدس اللّه أسرارهم.

و استدلوا على ذلك بوجهين: -

ص: 146


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يضعف (1) بأنه لا دليل على الارش.

نعم (2) لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه اخذ الارش.

لكن (3) بخيار العيب، لا بخيار رؤية المبيع على خلاف ما وصفه اذ (4) لو لا الوصف لثبت خيار العيب أيضا.

و سيجيء عدم اشتراط ذكر الأوصاف الراجعة الى وصف الصحة.

+++++++++++

- بقوله (الاول) ان الوصف يرجع الى تعيين عنوان المبيع سواء ذكر بعبارة الاشتراط، أم بعبارة التقييد، و سواء أ كان الوصف و صفا ذاتيا أم عرضيا.

(الثاني) إن الرضا في المعاملة لم يتعلق إلا بالمقيد بالصفة، و أما العاري عن الصفة فلا رضاء به فيبطل البيع بظهور خلافه.

(1) اي قول ابن ادريس بأن المشتري مخير بين الرد، و الامساك بالارش.

(2) استدراك عما افاده: من تضعيف قول ابن ادريس.

خلاصته إن اخذ الارش بالإمساك إنما يجوز لو كان للوصف المفقود دخل في صحة العقد: بأن كان من مقوماته.

(3) استدراك عما افاده: من جواز اخذ الارش لو كان للوصف المفقود دخل في صحة العقد، و أنه من مقوماته.

خلاصته إن جواز الاخذ على فرض القول به إنما هو من باب خيار العيب، لكون المبيع ذا عيب بفقدان الوصف، لا أنه من باب تخلف الوصف.

(4) تعليل لكون اخذ الارش من باب خيار العيب، لا من باب تخلف الوصف.

ص: 147

و أضعف من هذا (1) ما ينسب الى ظاهر المقنعة و النهاية و المراسم(1)، من بطلان البيع اذا وجد على خلاف ما وصف.

لكن الموجود في المقنعة و النهاية أنه إن لم يكن على الوصف كان البيع مردودا (2).

و لا يبعد كون المراد بالمردود القابل للرد، لا الباطل فعلا و قد عبّر في النهاية عن خيار الغبن بذلك (3) فقال (4): و لا بأس:

بأن يبيع الانسان متاعا بأكثر مما يساوي اذا كان المبتاع (5) من اهل المعرفة.

فان لم يكن كذلك (6) كان البيع مردودا (7) و على تقدير وجود القول بالبطلان:

+++++++++++

(1) اي و أضعف مما ذهب إليه ابن ادريس ما ذهب إليه المحقق الاردبيلي و من سبقه: من بطلان البيع رأسا اذا وجد المبيع على خلاف ما وصف.

(2) اي لا أنه باطل رأسا.

(3) اي بكون المبيع الغبني يرد على الغابن اذا كان قابلا للرد لا أن المبيع باطل فعلا.

(4) اي الشيخ قدس سره قال في النهاية.

(5) و هو المشتري.

(6) اي و إن لم يكن المشتري من اهل الخبرة و المعرفة.

(7) كلمة مردودا شاهدة على صراحتها في رد المبيع من المشتري اذا لم يكن من اهل الخبرة على البائع.

فما نسب الى الشيخ قدس سره من البطلان مخالف لهذا التصريح.

ص: 148


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فلا يخفى ضعفه (1) لعدم الدليل على البطلان بعد انعقاده (2) صحيحا، عدا ما في (مجمع البرهان) (3).

و حاصله (4) وقوع العقد على شيء مغاير للموجود.

فالمعقود (5) عليه غير موجود، و الموجود غير معقود عليه.

و يضعف (6): بأن محل الكلام في تخلف الأوصاف التي لا توجب مغايرة الموصوف للموجود عرفا.

بأن (7) يقال: إن المبيع فاقد للأوصاف المأخوذة فيه.

لا أنه (8) مغاير للموجود.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي لا يخفى ضعف القول بالبطلان على المتأمل.

(2) اي بعد انعقاد البيع صحيحا.

(3) تأليف شريف للمحقق الاردبيلي قدس سره يأتي ذكره في (أعلام المكاسب).

(4) اي خلاصة ما في (مجمع البرهان).

(5) هذه العبارة متصيدة من عبارة الشهيد الثاني قدس سره حيث قال:

ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، و العقود تابعة للقصود.

(6) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به الرد على المحقق الاردبيلي قدس سرهما، و الباء في بأن بيان لكيفية الرد.

(7) الباء بيان لكيفية الكلام في تخلف الأوصاف التي لا توجب مغايرة الموصوف للموجود عرفا.

(8) اي و ليس الكلام في مغايرة المبيع للموجود حتى يوجب التغاير البطلان ليقال: إن العقد وقع على شيئين مغايرين للموجود.

ص: 149

نعم (1) لو كان ظهور الخلاف فيما له دخل في حقيقة المبيع عرفا.

فالظاهر عدم الخلاف في البطلان، و لو (2) اخذ في عبارة العقد على وجه الاشتراط كأن يقول:

بعتك ما في البيت على أنه (3) عبد حبشي فبان حمارا وحشيا.

إلا (4) أن يقال إن الموجود و إن لم يعد مغايرا للمعقود عليه عرفا.

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من أن البحث في تخلف الأوصاف التي لا توجب مغايرة الموصوف للموجود عرفا، لا في مغايرة المبيع للموجود.

خلاصته إنه لو كان ظهور الخلاف في الوصف الذي له دخل في حقيقة المبيع و ماهيته عرفا و لو كان اتخاذ الوصف في عبارة العقد حين الانشاء على نحو الاشتراط، لا على نحو التقييد كأن يقول لبائع للمشتري:

بعتك ثلاجة امريكية من نوع الجنرال ثم ظهر أن المبيع مجمدة صينية.

فلا شك هنا في بطلان البيع و فساده.

(2) لو وصيلة و ليست بشرطية و قد عرفت معناها آنفا.

(3) اي على أن المبيع مشروط بكونه عبدا حبشيا، لا حمارا وحشيا.

(4) من هنا يروم توجيه كلام المحقق الاردبيلي بعد أن ضعفه.

خلاصته إن الرضا بالمبيع مقيد بكونه كذا و كذا.

فالموجود الخارجي الذي ظهر مخالفا للوصف غير مرضي به للمشتري.

و الذي رضي به المشتري و وقع العقد عليه غير موجود في الخارج مع أن المدار و الملاك في تحقق الرضا حقيقة هو صدق الرضا الحقيقي و هو غير متحقق -

ص: 150

إلا أن اشتراط اتصافه بالأوصاف في معنى كون القصد الى بيعه بانيا على تلك الأوصاف، فاذا فقد ما بني عليه العقد فالمقصود (1) غير حاصل فينبغي بطلان البيع، و لذا (2) التزم أكثر المتأخرين بفساد العقد بفساد شرطه، فإن قصد الشرط إن كان مؤثرا في المعقود عليه فالواجب كون تخلفه موجبا لبطلان العقد.

و إلا (3) لم يوجب فساده فساد العقد، بل غاية الأمر ثبوت الخيار.

و من هنا (4) يظهر أن دفع ما ذكر في وجه البطلان الذي جعله

+++++++++++

- و ليس المدار و المناط في تحقق الرضا هو صدق المبيع عرفا.

فالحاصل أن ما رضي به المشتري غير موجود، و الموجود غير مرضي به، فما قصد لم يقع، و ما وقع لم يقصد.

فعليه ينبغي بطلان البيع و فساده، لعدم حصول المقصود.

(1) و هو البناء على كون المبيع(1) اشترط فيه أن يكون متصفا بالصفات المذكورة.

(2) اي و لاجل بطلان البيع، لعدم حصول المقصود.

(3) اي و إن لم يكن قصد الشرط مؤثرا في المعقود عليه فلا يوجب فساد الشرط فساد العقد.

(4) هذه العبارة أشبه شيء بالطلاسم محتاجة الى الحل.

أليك حلها:

قد عرفت آنفا ان المحقق الاردبيلي قدس سره افاد أن العقد باطل لوقوعه على شيء مغاير للموجود.

أليك نص عبارته في (مجمع البرهان).

لي في أمثال هذا الخيار تأمل، لأن العقد اذا وقع على الموصوف -

ص: 151


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- بوصف خاص و المفروض عدم وجوده في هذا المتاع فلم يقع عليه العقد.

فكيف يصح الخيار فيه؟

فمقتضى القاعدة بطلان هذا البيع، لا الخيار.

خلاصة ما افاده شيخنا الأنصاري: إنه يظهر من قولنا في ص 150:

إلا أن يقال. إن الموجود و إن لم يعد مغايرا للمعقود عليه عرفا:

أن ما دفعه المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء ردا على ما افاده المحقق الاردبيلي قدس سرهما:

مجازفة لا محصل لها، و لا فائدة فيها.

أما الدفع فحاصله إن المحقق الاردبيلي خلط بين الوصف المشخص للكلي، و الوصف المعين في الشخصي.

و بين الوصف الذاتي، و الوصف العرضي.

و معلوم أن ما ذكره المحقق الاردبيلي من الوجه للبطلان إنما يتم في خصوص تخلف الوصف المشخص للكلي، أو الوصف الذاتي.

أليك أمثلة لذلك.

باع شخص طنا من الحنطة الشمالية الخالصة من كل شيء يزيفها ثم ظهرت الحنطة أنها خليطة بين الحنطة و الشعير.

أو باعه كيسا من السكر الابيض اللندني فظهر أنه سكر اسمر كوبي.

فالوصف المشخص للكلي في هذين المثالين غير موجود فيهما.

أو باعه نسخة من المكاسب الموجودة في الصندوق فظهرت أن ما في الصندوق نسخة من الرسائل. -

ص: 152

المحقق الاردبيلي موافقا للقاعدة، و احتمله (1) العلامة رحمه اللّه في

+++++++++++

- فالوصف الذاتي المقوم لحقيقة المبيع غير موجود.

فبسبب مغايرة الموجود في الخارج لحقيقة ما وصفه عند إنشاء العقد يبطل البيع.

و هذا بخلاف تخلف الوصف الشخصي، أو الوصف العرضي كما لو باعه نسخة من كتاب المكاسب المطبوع بالحروف الموجودة في الصندوق، و المجلدة بالتجليد العصري، ثم ظهرت أنها مطبوعة بالحجرية، و المجلدة بالتجليد العادي.

فهنا حقيقة المبيع الموصوف بالصفة المذكورة لم تتغير في الخارج في نظر العرف.

نهاية الأمر إن الوحدة الخارجية للنسخة المذكورة قد تختلف.

و هكذا بالنسبة الى الوصف العرضي كما لو قال: بعتك عبدا كاتبا ثم ظهر أنه غير كاتب فهنا تخلف الوصف في المثالين غير مضر في صحة المعاملة غاية الأمر أنه في مورد وقوع العقد على المبيع الشخصي يكون من باب تعارض الاشارة و الوصف، لأن المبيع الشخصي إنما يتشخص بالاشارة، و لكل منهما ظهور فيقدم الأقوى ظهورا و الاشارة أقوى.

فعليه يثبت الخيار عند تخلف الوصف المشخص للمبيع، لعدم اعتبار بالوصف حينئذ.

هذه خلاصة ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء في الرد على المحقق الأردبيلي قدس سرهما القائل ببطلان البيع رأسا.

(1) اي و احتمل هذا البطلان العلامة قدس سره. -

ص: 153

النهاية(1) (1) فيما اذا ظهر ما رآه سابقا على خلاف ما رآه: بأنه (2) اشتباه ناش عن عدم الفرق بين الوصف المعين للكليات، و الوصف المعين في الشخصيات (3).

و بين (4) الوصف الذاتي و العرضي، و أن أقصى (5) ما هناك كونه من باب تعارض الاشارة و الوصف و الإشارة أقوى (6).

مجازفة (7) لا محصل لها.

+++++++++++

- كان الأنسب بالعبارة أن يقال: و قد سبق العلامة المحقق الاردبيلي قدس سرهما في البطلان، لتقدمه زمانا على المحقق الاردبيلي.

(1) مصنف شريف للعلامة قدس سره المعروف ب: (نهاية الأحكام).

(2) الباء بيان لكيفية دفع قول المحقق الاردبيلي.

(3) عرفت الفرق بينهما في الهامش ص 153.

(4) عطف على قوله في هذه الصفحة عن عدم الفرق: اي و ناش عن عدم الفرق بين الوصف الذاتي و العرضي.

(5) هذه تتمة كلام المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء:

أي و أن نهاية ما نحن فيه: و هو خيار تخلف الرؤية كون هذا التخلف من باب تعارض الاشارة و الوصف عند اجتماعهما.

و قد عرفت هذا التعارض في الهامش ص 153.

(6) اي الاشارة أقوى من الوصف عند تعارضهما عند الاجتماع.

(7) خبر لاسم إن في قوله في ص 152: يظهر أن دفع ما.

هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء في الرد على المحقق الأردبيلي لا فائدة فيه، فالإشكال عليه كهواء في شبك، لأن الوجه الصحيح للقول بالبطلان ليس هي مغايرة -

ص: 154


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما (1) كون الاشارة أقوى من الوصف عند التعارض.

+++++++++++

- الموجود خارجا من حيث الحقيقة للموصوف عند العقد.

بل الوجه هي مغايرة الموجود لما بني عليه العقد بحسب قصد المتبايعين و قد تم التراضي عليه بلا فرق بين الذاتي و العرضي، و لا بين الوصف المعين للكلي و الوصف المعين في الشخصي.

(1) هذا من متممات كلام شيخنا الأنصاري يروم به الإشكال على المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء.

خلاصته إنه على فرض تقديم الاشارة على الوصف، و أنه يجري في المقام عند تخلف الوصف المشخص للمبيع فلا يبقى اعتبار بالوصف و لا اثر لتخلفه.

فعليه ينبغي القول بلزوم العقد في المقام.

لا ثبوت الخيار كما افاده الدافع و هذا القول في قبال القول بالبطلان الذي افاده المحقق الاردبيلي.

ثم لا يخفى على القارئ الكريم أن إشكال شيخنا الأنصاري على المحقق كاشف الغطاء إنما يرد لو كان غرضه من الرد على ما افاده المحقق الاردبيلي: من البطلان هو اثبات الخيار من التفصيل الذي عرفته في الهامش ص 152.

أما بناء على ما احتمله بعض المعلقين على المكاسب من أن غرض الدافع هو إبطال دليل البطلان الذي افاده المحقق الاردبيلي، و اثبات صحة المعاملة في مورد فقد الوصف العرضي، أو الوصف المشخص للمبيع، و الصحة اعم من اثبات الخيار و لزوم العقد.

فعليه لا مجال للايراد على المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء.

ص: 155

فلو جرى فيما نحن فيه لم يكن (1) اعتبار بالوصف فينبغي لزوم العقد.

و اثبات (2) الخيار من جهة كونه وصفا لشخص، لا مشخصا لكلي حتى يتقوم به، و كونه (3) عرضيا لا ذاتيا:

اعادة (4) للكلام السابق.

+++++++++++

(1) جملة لم يكن ليست من الأفعال الناقصة و إنما هي تامة بمعنى وجد.

اي لم يوجد اعتبار للوصف اذا كما عرفت في الهامش ص 153.

(2) هذا مبتدأ خبره قوله في هذه الصفحة: اعادة.

هذا رد على ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء قدس سره:

من أن لازم القول بعدم البطلان، و القول بلزوم العقد هو ثبوت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف عن الرؤية، فهو في الواقع دفع للوهم الصادر هذا الوهم عن الدافع.

حاصل تصور الوهم إن الوصف المفقود للمبيع اذا كان وصفا لعين شخصية، أو كان وصفا عرضيا لا ذاتيا فتخلفه لا يوجب البطلان لأن الموجب له إنما هو تخلف الوصف الذاتي، أو المشخص للكلي و لا يوجب اللزوم، لعدم جريان تقديم الاشارة على الوصف فيما نحن فيه، فلا بد حينئذ من القول ببقاء الخيار الذي هو المطلوب لأنه الثابت.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه: و هي كلمة كونه في هذه الصفحة اي و من جهة كون الوصف وصفا عرضيا.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة و اثبات الخيار.

هذا جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن اثبات الخيار بالكيفية المذكورة إنما هو اعادة لمؤدى كلام السابق الذي افاده الرافع بقوله في ص 154: اشتباه ناش -

ص: 156

و يمكن إن يقال: إن المستفاد من النصوص (1) و الاجماعات (2) في الموارد المتفرقة عدم بطلان البيع بمخالفة الصفة المفقودة غير المتقومة (3) للمبيع، سواء علم القصد إليها (4) من الخارج أم اشترطت (5) في العقد.

كالحكم (6) على مضي العقد على المعيب، مع عدم القصد إلا الى البيع الصحيح(1)، و منه (7) المصراة.

+++++++++++

- عن عدم الفرق بين الوصف المعين للكليات، و الوصف المعين في الشخصيات.

و بين الوصف الذاتي و العرضي.

(1) و هي الواردة في خيار الرؤية المذكورة في ص 120-122-123

(2) و هي المذكورة في ص 119، و ص 126.

(3) اي غير داخلة في ماهية المبيع و حقيقته كما عرفت في الهامش 1 ص 150.

(4) اى الى هذه الصفة المفقودة عند الرؤية.

(5) اى أم كانت هذه الصفة قد اشترطت في متن العقد.

(6) تنظير لعدم بطلان المبيع بمخالفة الصفة المفقودة:

اى فكما أن الفقهاء حكموا بصحة العقد على المبيع اذا ظهر معيبا مع أن المتبايعين لا يقصدان من البيع و الشراء إلا المعاملة الصحيحة لا المعيبة.

كذلك فيما نحن فيه: و هو تخلف الوصف عن الرؤية اذا لم يكن الوصف دخيلا في ماهية المبيع و حقيقته: لم يكن البيع فاسدا عند تخلف الوصف عن الرؤية.

(7) اي و من حكم الفقهاء بمضيّ العقد على المعيب اذا -

ص: 157


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كالحكم (1) في النص و الفتوى بتبعض الصفقة اذا باع ما يملك

+++++++++++

- كان المبيع مصرّاة، ثم ظهر خلافها. نستكشف عدم بطلان ما نحن فيه: و هو تخلف الوصف عن الرؤية.

و مصراة هي الناقة، أو البقرة، أو الشاة المحفّلة التي جمع في ضرعيها الحليب، و امتلأنا منه فترك حلبها، ليغتر المشتري برؤية كثرة الحليب فيهما على الشراء، ثم يظهر أنها قليلة الحليب جدا، مع أن القلة فيها عيب.

و مصراة اسم مفعول من باب التفعيل من صرى يصري تصرية:

و هي للمبالغة و الكثرة:

(1) هذا تنظير ثان لصحة العقد فيما نحن فيه: و هو تخلف الوصف عما رؤي: اي و كحكم الفقهاء بصحة بيع ما يملكه الانسان، و ما لا يملكه، مع عدم صدق الصفقة تامة، بل صدق بعض الصفقة حيث إن البيع فاسد بالنسبة الى ما لا يملكه.

و استدلوا على ذلك بالنص و الفتوى.

أما النص فاليك الحديث بكامله.

عن محمد بن الحسن الصفار أنه كتب الى ابي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل له قطاع ارضين (ارض) فيحصره الخروج الى مكة، و القرية على مراحل من منزله، و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود ارضه، و عرف الحدود الاربعة فقال للشهود:

اشهدوا أني قد بعث فلانا: يعني المشتري جميع القرية التي حدّ منها كذا، و الثاني، و الثالث، و الرابع.

و إنما له في هذه القرية قطاع ارضين.

ص: 158

و ما لا يملك، و غير ذلك (1)، فتأمل (2)

و سيجيء بعض الكلام في مسألة الشرط الفاسد إن شاء اللّه تعالى.

+++++++++++

- فهل يصلح للمشتري ذلك و إنما له بعض هذه القرية و قد اقرّ له بكلها؟

فوقّع عليه السلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد ذهب الشراء من البائع على ما يملك.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 - ص 252 - الباب 2 - الحديث 1.

و أما الفتاوى فراجع كتب الفقهية الامامية المصرحة بصحة البيع فيما يملكه البائع، و عدم الصحة فيما لا يملك.

(1) اى و غير هذه الموارد الذي صرّح فيه بصحة العقد اذا ظهر الوصف مخالفا لما رؤي.

(2) الظاهر أن التأمل اشارة الى أن الكلام في صحة عقد البيع الذي لم يكن لتخلف الوصف دخل في ماهية المبيع، و لم يكن من مقوماته، فالتمثيل يبيع ما يملكه الانسان و ما لا يملكه غير صحيح، لعدم تخلف الصفة المذكورة غير المقومة في المثال، بل التخلف في بعض المبيع:

و هو ما لا يملكه الانسان، لأن كل جزء من المبيع يكون مقصودا بالذات عند العقد، و ليس ما لا يملكه الانسان مقصودا بالتبع، و ما يملكه مقصودا بالذات حتى يقال بصحة التمثيل.

أو يقال: إن المجموع المركب من ما يملكه الانسان و ما لا يملكه هو المقصود عند البيع اذا يصح المبيع، لأن قصد المجموع قصد لأبعاضه.

بخلاف قصد الصحيح، فانه لا يكون قصدا للمعيب، فيصح التمثيل به، فالبيع صحيح، لكن يثبت له الخيار.

ص: 159

نعم هناك(1) (1) إشكال آخر من جهة تشخيص الوصف الداخل في الحقيقة عرفا الموجب ظهور خلافه بطلان البيع، و الخارج عنها (2) الموجب ظهور خلافه للخيار، فان (3) الظاهر دخول الذكورية و الانوثية في المماليك في حقيقة المبيع، لا (4) في مثل الغنم.

و كذا (5) الرومي و الزنجي حقيقتان عرفا.

+++++++++++

(1) اي في باب تخلف الصفة عما رؤي قبلا.

(2) اي عن حقيقة المبيع.

(3) تعليل لكون تشخيص(2) الوصف الداخل في الحقيقة موجبا لبطلان البيع عند تخلفه، و الخارج عن الحقيقة لا يوجب البطلان عند التخلف.

خلاصة التعليل إن الذكورية و الأنوثية حقيقتان مختلفتان داخلتان في ماهية المبيع و حقيقته، و من مقوماته، فعند التخلف يوجب البطلان لأن العرف يرى الوصف الداخلي و الخارجي حقيقتين مختلفتين.

(4) اي و ليست الذكورية و الانوثية في الابل و البقر و الغنم داخلتين في حقيقتهما و ماهيتهما، ليكون التخلف موجبا لبطلان البيع، لحكم العرف بذلك.

(5) اي و كذلك جنس الرومي و الزنجي حقيقتان مختلفتان عرفا فعند التخلف موجب لبطلان البيع و فساده.

و أما عند الفلاسفة و المنطقيين فانهما حقيقتان متحدثان متفقتان لكونهما من نوع واحد: و هو الانسان، لاتحاد حقيقته التي هو الجنس: و هو الحيوان، و الفصل: و هو الناطق، فكلاهما حيوان ناطق، لا فرق بينهما من هذه الجهة. -

ص: 160


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ربما (1) تتغاير الحقيقتان، مع كونه فيما نحن فيه من قبيل الأوصاف.

كما (2) اذا باعه الدهن، أو الجبن، أو اللبن على أنه من الغنم فبان من الجاموس.

+++++++++++

- نعم بينهما فرق من ناحية السواد و البياض.

و لكن جاء كل واحد منهما و تكوّن من ناحية الاضافة الى البلاد فان الزنجي جيل من الناس السود يسكنون المناطق الحارة (كافريقيا).

و الرومي جيل من الناس بيض الأبدان، يسكنون المناطق الباردة في شمال (البحر المتوسط).

و يقال له أيضا: (البحر الأبيض).

و هذه الاضافة المشتملة على السواد و البياض المسبّبة عن البيئة و الطبيعة خارجة عن ماهيتهما و حقيقتهما، لأن الطبيعة المكانية كونت هاتين الصفتين، و لذا ترى أن احدهما لو انتقل الى مكان الآخر لانتقل السواد الى البياض: و البياض الى السواد بعد مرور زمن طويل الى أحفادهم، أو أحفاد أحفادهم فيصير الأبيض أسود و الأسود أبيض.

(1) خلاصة هذا الكلام إنه من الامكان الواقع تغاير الحقيقتين:

و هما الحقيقة الموجودة، و الحقيقة المفقودة المتخلفة عن الرؤية، مع أن تغاير الحقيقتين فيما نحن فيه من الأوصاف: اي من الأوصاف التي لم تكن موجبة لبطلان البيع، لأنها لم تكن داخلة في ماهية المبيع و حقيقته، و لم تكن من مقوماته.

(2) مثال لتغاير الحقيقتين مع كون التغاير فيما نحن فيه من الأوصاف فان حقيقة الجاموس(1) عند التبين غير حقيقة الغنم فهما حقيقتان و ماهيتان -

ص: 161


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كذا (1) لو باعه خلّ الزبيب فبان من التمر.

و يمكن احالة اتحاد الجنس و مغايرته (2): على العرف (3) و إن خالفت ضابطة التغاير المذكورة في باب الربا (4)، فتأمل (5).

+++++++++++

- مختلفتان، لكن التغاير في دهنهما ليس موجبا لبطلان البيع عند التخلف، لعدم كون الوصف: و هو كون الدهن دهن الغنم ثم بان دهن الجاموس داخلا في ماهية المبيع و حقيقته.

(1) مثال ثان لتغاير الحقيقتين مع كون التغاير فيما نحن فيه من الأوصاف التي لم تكن داخلة في ماهية المبيع حتى يكون موجبا لبطلان المبيع، فان الخلّ المتخذ من العنب غير الخلّ المتخذ من التمر لكون العنب و التمر حقيقتين مختلفتين، لكن تخلف الوصف: و هو خلّ - التمر عن خلّ العنب غير داخل في ماهية المبيع و حقيقته، و إن كان التمر و العنب ماهيتين مختلفتين.

(2) اي و مغايرة الجنس.

(3) اي العرف يكون هو الحاكم بين اتحاد الجنسين و مغايرتهما فان قال باتحادهما يقبل قوله، و إن قال باختلافهما يقبل قوله.

(4) فان الشارع يرى الحنطة و الشعير في الربا من جنس واحد.

بخلاف العرف، فانه يراهما من جنسين مختلفين فاختلفت الضابطة و القاعدة هنا.

(5) الظاهر أن وجه التأمل اشارة الى عدم وجود تعلق الحكم في الأخبار الواردة في خيار الرؤية بعنوان اتحاد الجنس و اختلافه حتى يكون العرف هو المرجع في تشخيص الاتحاد و الاختلاف.

اذا يكون المرجع في ذلك هو الشرع. -

ص: 162

مسألة الأكثرون على أن الخيار عند الرؤية فوري.

(مسألة) (1).

الأكثرون على أن الخيار (2) عند الرؤية فوري.

بل نسبت (3) الى ظاهر الأصحاب.

بل ظاهر التذكرة عدم الخلاف بين المسلمين (4)، إلا من احمد حيث جعله (5) ممتدا بامتداد المجلس الذي وقعت فيه الرؤية (6).

و احتمل (7) في نهاية الأحكام(1)

+++++++++++

- فكل مورد عدّ الحقيقتين متحدثين اتبع.

و كل مورد عدهما مختلفتين اتبع أيضا.

(1) اي المسألة الثانية من المسائل السبع التي ذكرها قدس سره في خيار الرؤية و اشرنا إليها في الهامش 3 ص 127.

(2) اي خيار الرؤية.

(3) اي الفورية.

(4) اي (الشيعة و السنة).

(5) اي خيار الرؤية.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 35 عند قوله: فروع (الاول) كل موضع ثبت فيه الخيار إما مع الوصف عندنا، أو مطلقا عند المجوزين فإنما يثبت عند رؤية المبيع على الفور.

(7) بصيغة المجهول: اي الفورية هي المحتملة في النهاية.

ص: 163


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لم اجد (1) لهم دليلا صالحا على ذلك، إلا وجوب الاقتصار في لزوم العقد على المتيقن.

و يبقى على القائلين بالتراخي في مثل خيار الغبن و العيب:

سؤال الفرق بين المقامين (2):

مع (3) أن صحيحة جميل المتقدمة في صدر المسألة مطلقة يمكن التمسك بعدم بيان مدة الخيار فيها (4): على عدم الفورية، و إن كان (5) خلاف التحقيق.

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي لم اجد للقائلين بفورية خيار الرؤية دليلا قويا يدل على الفورية سوى وجوب الاقتصار في لزوم العقد على القدر المتيقن: و هو الاخذ بالخيار فورا.

(2) و هما: جريان الخيار تراخيا في الغبن و العيب.

و عدم جريانه في الوصف المتخلف عن الرؤية.

فلما ذا يجري الخيار متراخيا هناك و لا يجري هنا؟

(3) هذا تأييد منه قدس سره لما افاده: من سؤال الفرق بين المقامين: اي مع أن صحيحة جميل المذكورة في صدر مسألة خيار الرؤية مطلقة لا دلالة فيها لا على الفور، و لا على التراخي، فيمكن الاستدلال بها بسبب عدم ذكر مدة الخيار فيها: على عدم الفورية في هذا الخيار.

(4) اي في خيار الرؤية كما علمت.

(5) اي و إن كان استفادة الاطلاق من صحيحة جميل خلاف التحقيق و الواقع، لأن النص قد ورد مورد بيان ثبوت الخيار فقط مجردا عن التعرض فيه للفور، أو التراخي فلا اطلاق فيه حتى -

ص: 164

كما نبهنا عليه (1) في بعض الخيارات المستندة الى النص.

و قد بينا سابقا ضعف التمسك بالاستصحاب في اثبات التراخي (2) و إن استندوا إليه (3) في بعض الخيارات السابقة.

مسألة: يسقط هذا الخيار بترك المبادرة عرفا

(مسألة) (4):

يسقط هذا الخيار (5) بترك المبادرة عرفا على الوجه المتقدم في خيار الغبن.

+++++++++++

- يتمسك به على عدم الفورية.

(1) اي على أن الاطلاق خلاف التحقيق و الواقع.

و قد نبه قدس سره الى هذا المعنى في خيار التأخير من أن الخبر ورد لبيان مؤدى قاعدة الضرر، و بعد أن كان مستند الخيار قاعدة نفي الضرر فلا يمكن القول بالتراخي، لارتفاع الخيار آنا مّا، و الضرورة إنما تقدر بقدرها.

(2) في قوله في ص 322 من الجزء 15 من المكاسب: و أما على التحقيق: من عدم احراز الموضوع في مثل ذلك على وجه التحقيق فلا يجري فيما نحن فيه الاستصحاب.

(3) اي الى الاستصحاب في قوله في ص 301 من الجزء 15 من المكاسب: و للقول الثاني الى الاستصحاب.

و المراد من القول الثاني هو التراخي.

(4) اي المسألة الثالثة من المسائل السبع التي ذكرها قدس سره في خيار الرؤية، و التي اشرنا إليها في الهامش 3 ص 127.

(5) اي خيار الرؤية.

ص: 165

و باسقاطه بعد الرؤية، و بالتصرف (1) بعدها.

و لو تصرف قبلها (2) ففي سقوط الخيار وجوه:

ثالثها (3) ابتناء ذلك (4) على جواز إسقاط الخيار قولا قبل الرؤية، بناء على أن التصرف إسقاط فعلي.

و في جواز إسقاطه (5) قبل الرؤية وجهان مبنيان على أن الرؤية سبب (6)، أو كاشف (7).

قال في التذكرة:

لو اختار امضاء العقد قبل الرؤية لم يلزم، لتعلق الخيار بالرؤية انتهى (8).

+++++++++++

(1) اي و يسقط خيار الرؤية بالتصرف في العين المشتراة بعد الرؤية.

(2) اي قبل الرؤية: بأن باع العين قبل أن يراها، أو وهبها أو وقفها.

(3) اي ثالث الوجوه سقوط خيار الرؤية و هو مبني على جواز إسقاط الخيار قولا قبل الرؤية، بناء على أن التصرف إسقاط فعلي.

(4) اي سقوط خيار الرؤية كما علمت.

(5) اي إسقاط خيار الرؤية.

(6) اي من حين الرؤية يثبت الخيار، لا قبلها، لأن الرؤية سبب للخيار، فاسقاطه قبل الرؤية من قبيل إسقاط ما لم يجب.

(7) اي أن الرؤية كاشفة عن أن الخيار واقع من حين وقوع العقد، قبل الرؤية.

(8) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 35 الفرع 3 عند قوله: اذا اختار امضاء العقد قبل الرؤية.

ص: 166

و حكي ذلك (1) من غيرها أيضا.

و ظاهره (2) أن الخيار يحدث بالرؤية، لا انه يظهر بها (3).

و لو جعلت الرؤية شرطا لا سببا امكن جواز الإسقاط (4) بمجرد تحقق السبب: و هو العقد.

و لا يخلو (5) عن قوة.

و لو شرط سقوط هذا الخيار (6)

ففي فساده (7) و إفساده للعقد كما عن العلامة و جماعة.

أو عدمهما (8) كما عن النهاية و بعض.

أو الفساد (9)، دون الإفساد (10).

+++++++++++

(1) أي القول المذكور في التذكرة.

(2) اي ظاهر قول العلامة في التذكرة الذي نقلناه آنفا.

(3) اي و ليس ظاهر كلام العلامة في التذكرة أن خيار الرؤية يظهر بالرؤية: بمعنى أنه كان ثابتا و مستقرا للمشتري من بداية وقوع العقد، لكنه ظهر بسبب الرؤية.

(4) اي إسقاط خيار الرؤية بمجرد تحقق سببها الذي هو العقد.

(5) هذا رأيه قدس سره حول خيار الرؤية عند ما تجعل الرؤية شرطا.

(6) اي خيار الرؤية.

(7) اي فساد هذا الشرط و إفساده للعقد معا.

(8) أي أو عدم فساد الشرط و افساده العقد.

(9) اي أو فساد الشرط فقط.

(10) اي من دون أن يفسد الشرط العقد.

ص: 167

وجوه (1)، بل أقوال.

من كونه (2) موجبا لكون العقد غررا كما في جامع المقصد(1):

من أن الوصف قام مقام الرؤية فاذا شرط عدم الاعتداد به كان المبيع عير مرئي، و لا موصوف.

و من (3) أن رفع الغرر عن هذا البيع ليس بالخيار حتى يثبت بارتفاعه، فإن (4) الخيار حكم شرعي لو اثر في رفع الغرر لجاز بيع

+++++++++++

(1) مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم: و هو قوله في ص 167: ففي فساده و افساده العقد.

(2) دليل لفساد الشرط، و افساده العقد

خلاصته أن هذا الشرط سبب لصيرورة العقد غررا، لأنه شرط لعدم الاعتناء بالوصف القائم مقام الرؤية، فيكون المبيع غير مرئي، و غير موصوف، و المبيع هكذا صفته يكون غرريا باطلا.

(3) دليل لعدم فساد الشرط و إفساده العقد.

خلاصته أن رفع الغرر عن البيع الموصوف بالوصف القائم مقام الرؤية ليس بسبب الخيار حتى يثبت رفع الغرر بارتفاع(2) الخيار باشتراط سقوطه، لأن الخيار حكم شرعي، فلو كان مؤثرا في رفع الغرر لجاز بيع كل شيء مجهول متزلزلا، لأنه يكون للمشتري، أو للبائع، أو لهما الخيار، فيرتفع الغرر عن الشيء المجهول بالخيار.

(4) تعليل لكون رفع الغرر ليس بسبب الخيار.

و قد عرفته فى الهامش 3 من هذه الصفحة عند قولنا: لأن الخيار.

ص: 168


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كل مجهول متزلزلا، و العلم (1) بالمبيع لا يرتفع بالتزام عدم الفسخ عند تبين المخالفة، فان (2) الغرر هو الإقدام على شراء العين الغائبة على أي صفة كانت (3).

و لو كان الالتزام المذكور (4) مؤديا الى الغرر لكان اشتراط براءة المبيع أيضا مؤديا إليه (5)، لأنه (6) بمنزلة بيع الشيء صحيحا، أو معيبا بأي عيب كان، و لا شك أنه غرر.

و إنما جاز (7) بيع الشيء غير مشروط بالصحة.

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام إن وصف المبيع الموجب للعلم به لا يرتفع باشتراط سقوط الخيار الناشئ هذا السقوط(1) عن تبين مخالفة البيع للوصف المذكور ليلزم الغرر، بل الوصف المذكور مؤكد للعلم بالمبيع.

(2) تعليل لعدم ارتفاع العلم باشتراط سقوط الخيار.

خلاصته إن الغرر عبارة عن إقدام المشتري على شراء العين الغائبة على أية صفة كانت، سواء أ كانت صحيحة أم معيبة، فهذا الإقدام بهذه الكيفية هو الموجب للغور، لا الالتزام بعدم الفسخ عند تبين المخالفة،

(3) اي معيبة كانت أو صحيحة.

(4) و هو الالتزام بعدم الفسخ عند تبين المخالفة.

(5) اي الى الغرر.

(6) تعليل لكون اشتراط براءة المبيع عن العيب مؤديا الى الغرر.

خلاصته إن مثل هذا النحو من الاشتراط بمنزلة أن يبيع الانسان شيئا صحيحا، أو معيبا على نحو التردد في الصحة و العيب، لا بنحو البت و القطع، و لا شك أن مثل هذا البيع غرر موجب للبطلان و الفساد.

(7) دفع وهم.

ص: 169


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اعتمادا (1) على أصالة الصحة، لا (2) من جهة عدم اشتراط ملاحظة الصحة و العيب في المبيع، لأن (3) تخالف أفراد الصحيح و المعيب أفحش من تخالف أفراد الصحيح.

+++++++++++

- حاصل الوهم إن الذي يصحح البيع هو الوصف القائم مقام الرؤية: و هو عدم صحة بيع الشيء المجهول الذي لا يدرى فيه الصحة و الفساد أو لا وصف المبيع بأيهما.

مع أن الأمر ليس كذلك، لأنه لا يشترط في صحة المبيع وصف المبيع بالصحة و الفساد، فاذا لا يشترط ذلك في صحة البيع، فعدم اشتراط سائر الأوصاف بطريق أولى.

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن صحة البيع و جوازه بدون الوصف إنما هو لاجل أصالة الصحة التي جرى عليه بناء العقلاء من بداية تمدنهم و حضارتهم، فانهم بنوا على الإقدام على البيع و الشراء في جميع معاملاتهم و معاوضاتهم على الأشياء الصحيحة السليمة من كل عيب.

(2) اي و ليست الصحة بدون الوصف لاجل عدم اشتراط ملاحظة الصحة و الفساد في المبيع

(3) تعليل لعدم كون(1) الصحة بدون الوصف لاجل عدم اشتراط ملاحظة الصحة و العيب في المبيع.

خلاصته إن مخالفة الأفراد الصحيحة مع المعيبة أفحش بكثير عن مخالفة الأفراد الصحيحة بعضها عن بعض.

اذا كيف يعقل أن تكون صحة البيع بدون الوصف لاجل عدم اشتراط ملاحظة الصحة و الفساد في المبيع؟ -

ص: 170


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و اقتصارهم في بيان الأوصاف المعتبرة في بيع العين الغائبة على ما عدا الصفات الراجعة الى العيب.

إنما هو للاستغناء عن تلك الأوصاف (1) بأصالة الصحة، لا لجواز (2) اهمالها عند البيع.

فحينئذ (3) اذا شرط البراءة من العيوب كان راجعا الى عدم

+++++++++++

- و أما وجه أفحشية مخالفة الأفراد الصحيحة مع المعيبة عن تخالف الأفراد الصحيحة.

فلوجود أصل الصحة في الأفراد الصحيحة و إن تخالف بعضها عن بعض.

بخلاف التخالف بين الأفراد الصحيحة و المعيبة، فإنه لا يوجد في الأفراد المعيبة مقدار من الصحة حتى يحصل وفق بينهما، فلذا يكون التخالف أفحش.

(1) و هي الأوصاف الراجعة الى العيب.

(2) اي و ليس اقتصار الفقهاء على الأوصاف المعتبرة في بيع العين الغائبة، و تركهم الصفات الراجعة الى العيب لاجل اهمال هذه الصفات عند البيع، و عدم الاعتناء بها.

بل الترك لاجل بناء العقلاء في معاملاتهم بأجمعها على الصحة كما عرفت في الهامش 1 ص 170.

(3) أي فحين أن قلنا: إن ترك الفقهاء الصفات الراجعة الى المعيب ليس لأجل اهمالهم الصفات عنا البيع، بل لاجل بنائهم على أصالة الصحة في معاملاتهم و معاوضاتهم.

فلو شرط البائع البراءة من العيوب: اي اسقط الخيار كان هذا -

ص: 171

الاعتداء بوجود تلك الأوصاف و عدمها فيلزم الغرر، خصوصا (1) على ما حكاه في الدروس عن ظاهر الشيخ و أتباعه: من جواز (2) اشتراط البراءة من العيوب فيما لا قيمة لمكسوره كالبيض و الجوز الفاسدين، حيث إن مرجعه (3) على ما ذكروه هنا في اشتراط سقوط خيار الرؤية الى اشتراط عدم الاعتداد بمالية المبيع، و لذا (4) اعترض عليهم الشهيد و أتباعه بفساد البيع مع هذا الشرط.

لكن (5) مقتضى اعتراضهم فساد اشتراط البراءة من سائر العيوب و لو كان للمعيب قيمة، لأن (6) مرجعه الى عدم الاعتداد بكون

+++++++++++

- الشرط راجعا الى عدم الاعتناء بتلك الصفات وجودا و عدما فيلزم من هذا الشرط الغرر.

(1) اي: و لا سيما يلزم الغرر، بناء على ما افاده الشهيد قدس سره في الدروس عن ظاهر الشيخ و اتباعه.

(2) كلمة عن(1) بيان لما حكاه الشهيد عن الدروس عن ظاهر الشيخ.

(3) اي مآل اشتراط البراءة من العيوب.

(4) اي و لاجل أن مآل هذا الاشتراط الى اشتراط عدم الاعتداء بمالية المبيع اعترض الشهيد و أتباعه على الشيخ قدس سرهم على ما افاده: من جواز اشتراط البراءة من العيوب فيما لا قيمة لمكسوره:

بأن البيع فاسد، لأن الاشتراط المذكور فاسد.

(5) هذا كلام الشيخ الأنصاري قدس سره يروم به أن اعتراض الشهيد و أتباعه على الشيخ و أتباعه مقتضاه فساد اشتراط البراءة من سائر العيوب و إن كان للمعيب قيمة و مالية، و لا اختصاص لاشتراط البراءة من العيوب فيما لا قيمة لمكسوره.

(6) تعليل من الشيخ في أن مقتضى اعتراض الشهيد و أتباعه هو -

ص: 172


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المبيع صحيحا و معيبا(1) بأي عيب، و الغرر فيه (1) أفحش من البيع مع عدم الاعتداد بكون المبيع الغائب متصفا بأيّ وصف كان.

ثم إنه قد يثبت فساد هذا الشرط (2) لا من جهة لزوم الغرر في البيع حتى يلزم فساد البيع، و لو على القول بعدم استلزم فساد الشرط لفساد العقد.

بل من جهة (3) إنه إسقاط لما لم يتحقق، بناء (4) على ما عرفت:

+++++++++++

- اشتراط البراءة(2) من العيوب و إن كان لمكسور المعيب قيمة.

خلاصته أن مآل هذا الاعتراض الى عدم الاعتداد و الاعتناء بكون المبيع صحيحا، أو معيبا بأي عيب اتصف، سواء أ كان للمعيب قيمة أم لا.

(1) هذا من متممات تعليل شيخنا الأنصاري قدس سره.

خلاصة هذا التتميم أن الغرر في مثل هذا الاشتراط الذي يكون مآله الى عدم الاعتناء بكون المبيع معيبا، أو صحيحا أفحش من الغرر الموجود في المبيع الذي لم يذكر فيه الاعناد(3) بكونه متصفا بأي وصف كان.

و وجه الأفحشية كما قلناه في الهامش من ص 171.

(2) و هو اشتراط البراءة من العيوب(4)

(3) اي هذا الاشتراط إنما يكون فاسدا من جهة أنه إسقاط لما لم يجب، و لم يتحقق بعد.

(4) تعليل لكون فساد الشرط المذكور إنما هو من جهة أنه إسقاط لما لم يتحقق و لم يجب بعد.

ص: 173


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من أن الخيار إنما يتحقق بالرؤية فلا يجوز إسقاطه (1) قبلها.

فاشتراط الإسقاط لغو، و فساده (2) من هذه الجهة لا يؤثر في فساد العقد، فيتعين المصير الى ثالث الأقوال المتقدمة (3).

لكن (4) الانصاف ضعف وجه هذا القول.

و أقوى الأقوال أولها (5)، لأن رفع (6) الغرر عن هذه المعاملة و إن لم يكن لثبوت الخيار لأن الخيار حكم شرعي لا دخل له في الغرر العرفي المتحقق في البيع، إلا أنه لاجل سبب الخيار: و هو اشتراط تلك الأوصاف (7).

+++++++++++

(1) أي فلا يجوز إسقاط الخيار قبل رؤية المبيع.

إذا يكون اشتراط الإسقاط لغوا.

(2) اي و فساد هذا الشرط من جهة كونه إسقاطا لما لم يتحقق و لم يجب بعد لا يكون لفساد العقد.

(3) و هو فساد الشرط دون إفساده العقد الذي اشار إليه بقوله في ص 167: أو الفساد، دون الافساد.

(4) عدول عما أفاده: من تعين المصير الى ثالث الأقوال، و يروم تضعيف القول الثالث: و هو فساد الشرط، دون افساده العقد.

و أما وجه الضعف فلكونه منافيا و مخالفا لما وصفه البائع فيكون البيع بيعا غرريا، و هو منفي بحديث لا ضرر.

(5) و هو فساد الشرط و الساد العقد كما ذهب إليه العلامة و جماعة.

(6) تعليل لأقوائية القول الأول من الأقوال الثلاثة المشار إليها في ص 167: بقوله: و لو شرط سقوط هذا الخيار.

(7) المراد منها الأوصاف التي التزم البائع بها للمشتري في ضمن -

ص: 174

المنحل (1) الى ارتباط الالتزام العقدي بوجود هذه الصفات لأنها (2) إما شروط للبيع، و إما قيود للمبيع كما تقدم سابقا (3).

+++++++++++

- إنشاء العقد في قوله: بعتك طنا من الحنطة الشمالية الخالية من الرداءة و عن كل ما يختلطها من الحنطة الجنوبية.

(1) اسم مفعول من انحل ينحل من باب الانفعال معناه الانفكاك

يقال: انحل هذا الشيء: اي انفك، و هو مرفوعة صفة لكلمة اشتراط: اي الاشتراط المنحل الذي يرجع الى ارتباط تعهد البائع و التزامه الذي ابرزه بانشائه حين العقد بوجود تلك الصفات في المبيع.

فكأن العقد بني على ذلك الانشاء و الالتزام من قبل البائع.

و المشتري قد رضي و قبل بذلك الانشاء و الالتزام، بانيا على وجود تلك الصفات في المبيع ثم ظهر خلافه.

(2) تعليل لكون اشتراط تلك الصفات، و الالتزام بها.

خلاصته إن الصفات المشترطة في المبيع من قبل البائع التي اشترط وجودها في المبيع.

إما شروط للبيع: بمعنى أنها التزام نفسي من قبل البائع بوجود تلك الصفات في المبيع الذي ابرزه بانشائه حين العقد للمشتري، و ترتب رضاه بهذا العقد على هذا الالتزام بوجود تلك الصفات في المبيع.

و إما قيود للمبيع: أي لنفس المبيع الخارجي

كما لو اشترى شخص عبدا بشرط الإيمان، ليعتقه في كفارة واجبة عليه، فلازم هذا الشراء هو إرادة العبد المؤمن في الحقيقة و الواقع.

(3) الظاهر أن مراده قدس سره مما تقدم سابقا.

ص: 175

و اشتراط سقوط الخيار (1) راجع الى الالتزام بالعقد على تقديري وجود تلك الصفات، و عدمها.

و التنافي بين الأمرين (2) واضح.

و أما قياس هذا الاشتراط (3) باشتراط البراءة.

فيدفعه الفرق بينهما: بأن (4) نفي العيوب ليس مأخوذا في المبيع

+++++++++++

- هو قوله في ص 150: إلا أن يقال: إن الموجود و إن لم يعد مغايرا للمعقود عليه عرفا، إلا أن اشتراط أوصافه بالأوصاف في معنى كون القصد الى بيعه بانيا على تلك الأوصاف، فاذا فقد ما بني عليه العقد فالمقصود غير حاصل فينبغي بطلان البيع، و لذا التزم أكثر المتأخرين فساد العقد بفساد الشرط.

(1) اي خيار الرؤية.

(2) و هما: التزام البائع بتلك الأوصاف فى العقد.

و اشتراط البائع سقوط الخيار في متن العقد.

و هذا معنى التنافي بين الأمرين، لأن مآل التزام البائع الى أن المبيع هي العين المتصفة بالصفات المعينة التى وقع العقد عليها، فاذا تخلف العقد عن تلك الأوصاف و الخصوصيات فقد أوجب عدم حصول المقصود على هذا الالتزام بوجود تلك الصفات في المبيع.

و مآل اشتراط سقوط الخيار الى الالتزام بتعلق العقد بذات المبيع و إن كان فاقدا للأوصاف المذكورة في متن العقد.

(3) و هو اشتراط سقوط خيار الرؤية باشتراط براءة المبيع من العيوب.

(4) الباء بيان لكيفية الفرق بين الاشتراطين المذكورين، و أن قياس اشتراط سقوط الخيار باشتراط براءة المبيع من العيوب قياس مع الفارق. -

ص: 176

على وجه الاشتراط، أو التقييد، و إنما اعتمد المشتري فيه (1) على أصالة الصحة، لا (2) على تعهد البائع لانتفائها حتى ينافي ذلك اشتراط براءة البائع عن عهدة انتفائها.

بخلاف الصفات فيما نحن فيه (3)، فان البائع يتعهد لوجودها (4) في المبيع، و المشتري يعتمد على هذا التعهد.

فاشتراط (5) البائع على المشتري عدم تعهده لها (6).

+++++++++++

- و قد ذكر الكيفية قدس سره في المتن فلا نعيدها.

(1) اي في نفي العيوب اعتمد المشتري على أصالة الصحة الجارية بين العقلاء بما هم عقلاء في جميع معاوضاتهم و معاملاتهم.

(2) اي و ليس اعتماد المشتري على تعهد البائع لانتفاء العيوب حتى ينافي هذا الاعتماد اشتراط البائع براءة المبيع عن تعهده لانتفاء العيوب(1).

(3) و هو خيار الرؤية.

(4) اي لوجود تلك الصفات في المبيع، و المشتري معتمد على هذا التعهد الصادر من البائع.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من تعهد البائع بوجود تلك الصفات في المبيع، و اعتماد المشتري على ذاك التعهد: اي لازم هذا الاشتراط هو المنافاة بين أمرين.

و حاصل هذا التفريع ما ذكرناه في الهامش 2 ص 176 بقولنا:

و هما التزام البائع بتلك الأوصاف. و اشتراط البائع سقوط الخيار في متن العقد.

(6) اي لتلك الصفات الملتزم بها البائع كما عرفت.

ص: 177


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و التزام (1) العقد عليه بدونها ظاهر المنافاة لذلك.

نعم (2) لو شاهده المشتري و اشتراه معتمدا على اصالة بقاء تلك الصفات فاشترط البائع لزوم العقد عليه، و عدم الفسخ لو ظهرت المخالفة.

كان (3) نظير اشتراط البراءة من العيوب.

كما (4) أنه لو اخبر بكيله، أو وزنه فصدّقه المشتري فاشترط

+++++++++++

(1) اي و التزام البائع العقد على المشتري بدون وجود تلك الصفات ظاهره المنافاة لذلك التعهد الصادر منه على وجود تلك الصفات في المبيع، و لبناء المشتري و اعتماده على ذلك التعهد.

(2) استدراك عما افاده: من لزوم المنافاة، و يروم بذلك عدم لزوم المنافاة بين اشتراط تلك الأوصاف، و اشتراط سقوط الخيار.

خلاصته إن المشتري لو رأى المبيع و اقدم على شرائه معتمدا على أصالة الصحة في بقاء تلك الأوصاف.

لكن البائع اشترط لزوم العقد عليه، و عدم حق الفسخ له.

لو ظهر المبيع مخالفا للأوصاف:

كان هذا الاشتراط مثيل اشتراط البائع البراءة من العيوب لو ظهرت المخالفة في المبيع.

فكما أن هذا الاشتراط صحيح، و موجب لصحة البيع.

كذلك ما نحن فيه: و هو سقوط الخيار لو ظهرت المخالفة، لأن البيع صحيح.

(3) جواب للو الشرطية في قوله في هذه الصفحة: نعم لو شاهده

(4) تنظير للمنافاة المذكورة في قوله في هذه الصفحة: فاشتراط البائع على المشتري عدم تعهده للأوصاف، و التزام العقد عليه بدون -

ص: 178

عدم الخيار و لو ظهر النقص: كان مثل ما نحن فيه.

كما يظهر (1) من التحرير(1) في بعض فروع الإخبار بالكيل.

+++++++++++

- تلك الأوصاف ظاهر المنافاة لذلك.

خلاصة التنظير إن الكيّال، أو الوزان لو اخبر بمقدار المكيل أو الموزون فصدقه المشتري بذلك المقدار، ثم اشترط البائع على المشتري عدم الخيار له: بمعنى سقوط الخيار له لو ظهر النقص في المقدار الذي اخبر به:

كان حكم هذا الاشتراط مثل ما نحن فيه: و هو تخلف الأوصاف عن الرؤية: في عدم سقوط الخيار، للمنافاة المذكورة في ص 178 و أن البيع باطل، لفساد الشرط، و إفساد العقد كما افاده في ص 167 بقوله: ففي فساده و إفساده العقد.

و أما أخبار الإخبار بالكيل، أو الوزن.

فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 255 - الباب 5 الأحاديث أليك نص الحديث الرابع.

عن محمد بن حمران عن ابي عبد اللّه عليه السلام:

اشتربنا طعاما فزعم صاحبه أنه كاله فصدقناه و اخذناه بكيله؟

فقال: لا بأس.

فقلت: أ يجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟

قال: لا، أما انت فلا تبعه حتى تكيله.

فالحديث الشريف و إن كان يدل على صحة العقد: لكن الاشتراط المذكور موجب لعموم سقوط الخيار.

(1) اي كما يظهر ما قلناه من التحرير.

ص: 179


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الضابط في ذلك (1) إن (2) كل وصف تعهده البائع، و كان رفع الغرر بذلك لم يجز اشتراط سقوط خيار فقده.

و كل وصف اعتمد المشتري في رفع الغرر على أمارة اخرى جاز اشتراط سقوط خيار فقده كالاصل (3)، أو غلبة مساواة باطن الصبرة لظاهرها، أو نحو ذلك.

و مما ذكرنا (4) ظهر وجه فرق الشهيد و غيره في المنع و الجواز بين اشتراط البراءة من الصفات المأخوذة في بيع العين الغائبة (5).

و بين اشتراط البراءة من العيوب في العين المشكوك في صحتها و فسادها (6).

+++++++++++

(1) اي القاعدة الكلية لما قلناه.

(2) هذه هي الضابطة الكلية التي يروم قدس سره بيانها لما قاله.

(3) المراد منه هو الاصل الأولي العقلائي الذي جرى عليه ديدن العقلاء.

(4) اي و مما ذكرناه في الضابطة الكلية آنفا.

(5) فأفاد الشهيد قدس سره بالمنع هنا، للزوم الاشتراط المذكور المنافاة التي ذكرها في ص 178 فلا يسقط الخيار.

(6) فأفاد قدس سره بالجواز هنا، للبناء على الصحة و السلامة في المعاملات و المعاوضات قديما و حديثا فيسقط الخيار.

ص: 180

و ظهر أيضا (1) أنه لو تيقن المشتري بوجود الصفات المذكورة في العقد في المبيع.

فالظاهر جواز اشتراط عدم الخيار (2) على تقدير فقدها (3) لأن (4) رفع الغرر ليس بالتزام تلك الصفات، بل (5) لعلمه بها.

و كذا (6) لو اطمأن بوجودها و لم يتيقن.

+++++++++++

(1) اي و ظهر أيضا مما قلناه في الضابطة الكلية سقوط الخيار للمشتري لو اشترط البائع على المشتري سقوط الخيار على تقدير فقد الصفات في المبيع عند ما تيقن المشتري وجود الصفات في المبيع.

(2) اي للمشتري كما علمت.

(3) اي فقد تلك الصفات المطلوبة في المبيع كما علمت.

(4) تعليل لسقوط الخيار عند اشتراط البائع على فرض فقدان الصفات.

خلاصته إن رفع الغرر ليس بسبب التزام من قبل البائع بتلك الصفات حتى يكون اشتراط عدم الخيار للمشتري جمعا بين المتنافيين و المتناقضين

(5) اي بل رفع الغرر لاجل علم المشتري بوجود الصفات في المبيع، و تيقنه بها.

(6) اي و كذا يسقط الخيار لو اشترط البائع سقوطه لو اطمأن بوجود تلك الصفات في المبيع، لكنه لم يتيقن بوجود تلك الصفات.

ص: 181

و الضابط (1) كون اندفاع الغرر باشتراط الصفات و تعهدها من البائع، و عدمه (2)، هذا (3).

مع امكان (4) التزام فساد اشتراط عدم الخيار على تقدير فقد الصفات المعتبر علمها في البيع.

خرج اشتراط التبري من العيوب بالنص (5) و الاجماع (6)، لأن

+++++++++++

(1) هذه الضابطة بعينها هي الضابطة السابقة المذكورة في ص 180

(2) اي و عدم اندفاع الغرر اذا لم يشترط البائع الصفات و لم يتعهدها

(3) اي خذ ما تلوناه عليك حول وجود الصفات و عدمها في المبيع في خيار الرؤية.

(4) هذا إشكال آخر بالإضافة الى تلك الضابطة الكلية التي نقلناها آنفا.

(5) راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 66 الحديث 285-38 أليك نص الحديث.

عن جعفر بن عيسى قال: كتبت الى ابي الحسن عليه السلام:

جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي فاذا نادى عليه بريء من كل عيب فيه، فاذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق إلا نقده الثمن، فربما زهد فيه، فاذا زهد فيه ادعى فيه و أنه لم يعلم بها، فيقول له المنادي: قد برئت منها، فيقول المشتري:

لم اسمع البراءة منها.

أ يصدق فلا يجب عليه الثمن، أم لم يصدق فيجب عليه الثمن؟

فكتب عليه السلام: عليه الثمن.

(6) اي و بالاجماع كما علمت آنفا.

ص: 182

قاعدة نفي الغرر قابلة للتخصيص (1) كما اشرنا إليه سابقا.

و ظهر أيضا ضعف ما يقال (2): من أن الأقوى في محل الكلام (3) الصحة، لصدق (4) تعلق البيع بمعلوم غير مجهول.

و لو أن الغرر ثابت في البيع نفسه لم يجد في الصحة ثبوت الخيار و إلا (5) لصح ما فيه الغرر من البيع مع اشتراط الخيار، و هو معلوم العدم.

+++++++++++

(1) لأن المستفاد من النص الدال على الجواز مع التبري: أن المناط فيه هو الإقدام على الغرر و هو موجود(1) في المقام فتخصص به قاعدة نفي الغرر كما في اشتراط التبري عن العيوب.

(2) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

و كلمة من بيان لما قاله صاحب الجواهر.

(3) و هو اشتراط إسقاط الخيار من قبل البائع.

(4) تعليل لكون صحة اشتراط الإسقاط هو الأقوى.

خلاصته إن البيع قد تعلق بشيء معلوم لا يكون مجهولا ظاهرا، لأن الغرر لو كان ثابتا في نفس البيع و شخصه لما أفاد في صحة البيع ثبوت الخيار.

(5) اي و لو كان ثبوت الخيار يجدي في صحة البيع لصح بيع كل شيء فيه الخيار، لارتفاع الغرر به، مع أن الفقهاء لم يجوزوا ذلك.

فالحاصل إن ارتفاع الغرر(2) و وجود الغرر دائران مدار وجود الخيار و عدمه.

فان وجد الخيار ارتفع الغرر، و إن لم يوجد الخيار لم يرتفع الغرر.

ص: 183


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إقدامه (1) على الرضا بالبيع المشترط فيه السقوط، مع عدم الاطمئنان بالوصف ادخال للغرر عليه (2) من قبل نفسه، انتهى (3).

توضيح (4) الضعف إن المجدي في الصحة ما هو سبب الخيار:

+++++++++++

(1) هذا من متممات دليل الشيخ صاحب الجواهر قدس سره على صحة اشتراط الإسقاط، فهو في الواقع دفع وهم.

خلاصة الوهم إن المشتري بقبوله هذا الاشتراط يكون متضررا و الضرر منفي بحديث لا ضرر و لا ضرار.

فأجاب قدس سره عن الوهم ما حاصله:

إن المشتري هو الذي أقدم على الرضا بهذا البيع المشترط فيه سقوط الخيار. مع عدم اطمئنانه بالأوصاف في المبيع، فهو ادخل الضرر على نفسه و من قبله، لا أن البائع ادخل عليه حتى يكون له الخيار، لشمول حديث لا ضرر له.

(2) اي المشتري هو الذي ادخل الضرر على نفسه بسبب إقدامه على الرضا بالبيع.

(3) اي ما افاده صاحب الجواهر في هذا المقام.

راجع (الجواهر) الطبعة الجديدة - الجزء 23 ص 96 عند قوله:

نعم قد يقال بعدم صحة الاشتراط.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم بيان وجه ضعف ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره.

خلاصته إن الّذي يبرر صحة البيع المشترط فيه إسقاط الخيار الذي هو التزام البائع(1) بوجود الوصف في المبيع، فاذا ظهر كذبه بطل البيع و فسد.

ص: 184


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو التزام البائع وجود الوصف، لا نفس (1) الخيار.

و أما كون (2) الإقدام من قبل نفسه فلا يوجب الرخصة في البيع الغرري، و المسألة (3) موضع إشكال.

مسألة: لا يسقط هذا الخيار ببذل التفاوت

(مسألة) (4): لا يسقط هذا الخيار (5) ببذل التفاوت، و لا بابدال العين، لأن العقد انما وقع على الشخصي، فتملك غيره يحتاج الى معاوضة جديدة.

و لو شرط في متن العقد الإبدال لو ظهر على خلاف الوصف.

ففي الدروس(1) إن الأقرب الفساد (6).

و لعله (7) لأن البدل المستحق عليه بمقتضى الشرط إن كان بإزاء

+++++++++++

(1) أي و ليس نفس الخيار و شخصه موجبا لصحة البيع حتى يكون وجوده سببا لارتفاع الغرر، و عدم وجوده سببا لوجود الغرر.

(2) هذا رد على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سره:

من أن الضرر إنما توجه على المشتري من قبل نفسه، لإقدامه على الشراء مع اشتراط البائع عليه إسقاط الخيار.

(3) اي مسألة اشتراط سقوط الخيار في خيار الرؤية محل إشكال بين الفقهاء.

(4) اي المسألة الرابعة من المسائل السبع التي ذكرها الشيخ قدس سره و ذكرناها في الهامش 3 ص 127.

(5) و هو خيار الرؤية.

(6) اي فساد العقد.

(7) توجيه من شيخنا الأنصاري قدس سره لحكم شيخنا الشهيد أعلى اللّه مقامه بفساد العقد عند اشتراط ابدال المبيع عند ظهور خلافه.

ص: 185


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الثمن فمرجعه الى معاوضة جديدة على تقدير المخالفة: بأن ينفسخ البيع بنفسه عند المخالفة، و ينعقد بيع آخر فيحصل بالشرط انفساخ عقد، و انعقاد عقد آخر كل منهما معلق على المخالفة

و من المعلوم عدم نهوض الشرط (1) لاثبات ذلك (2).

و إن كان (3) بإزاء المبيع الذي ظهر على خلاف الوصف فمرجعه (4) أيضا الى انعقاد معاوضة تعليقية غررية، لأن (5) المفروض جهالة المبدل.

و على أي تقدير (6) فالظاهر عدم مشروعية الشرط المذكور (7)

+++++++++++

(1) و هو شرط الإبدال في متن العقد.

(2) و هو انفساخ العقد الذي تبين خلافه

و انعقاد عقد جديد، لأن كلا منهما معلق على المخالفة.

(3) و هو اشتراط الإبدال في متن العقد(1)

اي بدل المستحق الذي يستحقه المشتري عند التخلف.

(4) اي مآل هذا البدل الى انعقاد معاوضة جديدة تعليقية ذات غرر.

(5) تعليل لكون مآل بدل المستحق اذا كان بإزاء المبيع الذي ظهر خلاف الوصف مآله الى انعقاد معاوضة تعليقية غررية.

خلاصته إن المفروض حينئذ جهل المشتري بالمبدل الذي يعطيه البائع إياه، مع أنه يشترط العلم بالعوضين

(6) يعني أي شيء قلنا في البدل الذي يستحقه، سواء أ كان بإزاء الثمن أم بإزاء المبيع الذي ظهر خلاف الوصف.

(7) و هو شرط الإبدال في متن العقد لو ظهر على خلاف الوصف

ص: 186


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيفسد و يفسد العقد، و بذلك (1) ظهر ضعف ما في الحدائق: من الاعتراض على الشهيد رحمه اللّه، حيث قال (2) بعد نقل عبارة الدروس، و حكمه (3) بالفساد ما لفظه:

ظاهر (4) كلامه إن الحكم بالفساد أعم من أن يظهر على الوصف أولا.

و فيه (5) إنه لا موجب للفساد مع ظهوره (6) على الوصف المشروط.

و مجرد شرط البائع الإبدال مع عدم الظهور على الوصف لا يصلح

+++++++++++

(1) اي و بما قلناه: من عدم مشروعية الشرط المذكور، و أن الشرط و العقد كليهما فاسدان.

(2) اي شيخنا المحدث الفقيه البحراني قدس سره.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في هذه الصفحة: بعد نقل عبارة الدروس: اي و بعد نقل المحدث البحراني حكم الشهيد قدس سرهما بفساد العقد بالشرط المذكور.

(4) هذا مقول قول المحدث البحراني قدس سره: اي ظاهر كلام الشهيد أن حكمه بفساد العقد دال على العموم، حيث إن قوله:

و لو شرط في متن العقد الإبدال عام، سواء ظهرت المخالفة أم لا.

(5) هذا اعتراض من المحدث البحراني على ما افاده الشهيد قدس سرهما: من بطلان العقد بسبب الشرط.

خلاصته إنه لا مبرر لفساد العقد في صورة موافقة المبيع مع الوصف المرئي و المشترط بالإبدال لو ظهرت المخالفة.

و أما مجرد شرط البائع إبدال العين لو ظهرت المخالفة مع عدم الظهور فليس له صلاحية لأن يكون سببا لفساد العقد.

(6) اي مع ظهور المبيع موافقا للوصف كما علمت.

ص: 187

سببا للفساد، لعموم (1) الأخبار المتقدمة.

نعم لو ظهر (2) مخالفا، فانه يكون فاسدا من حيث المخالفة و لا يجبره (3) هذا الشرط.

+++++++++++

(1) تعليل لكون مجرد شرط البائع الإبدال مع عدم الظهور على الوصف لا يصلح سببا لفساد العقد: اي عدم الصلاحية لاجل كون الأخبار الواردة في خيار الرؤية عامة تدل على ثبوت الخيار، سواء شرط البائع الإبدال أم لا.

(2) استدراك من شيخنا المحدث البحراني قدس سره على ما افاده من أن مجرد اشتراط البائع لا يصلح سببا للفساد مع عدم ظهور المخالفة

خلاصته إن منشأ فساد العقد في صورة ظهور المخالفة هي المخالفة:

أي مخالفة المعقود عليه و مغايرته للموجود، لا اشتراط الإبدال.

(3) هذا من متممات كلام صاحب الحدائق قدس سره.

فهو دفع لقول القائل: بأن الاشتراط المذكور يتدارك فساد العقد فلا يصير فاسدا.

خلاصته إن الأخبار الواردة في خيار الرؤية مطلقة تدل على صحة العقد، سواء أ كان هناك اشتراط الإبدال أم لا، فالاطلاق هذا يشمل صحة العقد عند ظهور التخلف فيجبر الاشتراط المذكور فساد العقد بواسطة هذا الاطلاق.

اذا القاعدة المقتضية للبطلان تخصص بهذا الاطلاق.

فأجاب المحدث الفقيه البحراني قدس سره ما حاصله:

إن الاطلاق المذكور لا يعم الشرط المذكور حتى يجبر به، لأن المستفاد من اطلاق تلك الأخبار هو اثبات الخيار عند تخلف الوصف -

ص: 188

لاطلاق (1) أخبار الخيار.

و الأظهر (2) رجوع الحكم بالفساد في العبارة الى الشرط المذكور حيث لا تأثير له (3) مع الظهور، و عدمه.

و بالجملة (4) فاني لا اعرف للحكم بفساد العقد في الصورة المذكورة على الاطلاق وجها يحمل عليه، انتهى (5).

+++++++++++

- سواء أ كان هناك اشتراط الإبدال أم لا.

فصورة التخلف مع الاشتراط المذكور على طرف النقيض مع الاطلاق المذكور.

(1) هذا دليل القائل بجبران الاطلاق فساد العقد و قد عرفته آنفا.

(2) هذا رأي صاحب الحدائق حول الشرط المذكور.

خلاصته إن الأظهر ارجاع الحكم بفساد العقد في عبارة الشهيد قدس سره الى شرط الإبدال: بمعنى أن الشرط المذكور فاسد لا العقد، لعدم تأثير لهذا الشرط مع ظهور المبيع موافقا للوصف أو مخالفا له.

(3) اي الشرط المذكور.

(4) هذا من متممات كلام صاحب الحدائق قدس سره: اي خلاصة الكلام في هذا المقام إن الحكم بفساد العقد مطلقا حتى في صورة موافقة المبيع للوصف فيما لو اشترط الإبدال لا ارى له وجها يحمل عليه.

(5) راجع الحدائق الناضرة الطبعة الحديثة الجزء 19 ص 59.

و يستفاد من عدم رد من شيخنا الأنصاري على مقالته موافقته معه فيما افاده قدس اللّه تعالى روحيهما.

ص: 189

مسألة: الظاهر ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع على عين شخصية موصوفة كالصلح و الإجارة

(مسألة) (1): الظاهر ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع على عين شخصية موصوفة كالصلح و الاجارة، لأنه لو لم يحكم بالخيار مع تبين المخالفة.

فإما أن يحكم ببطلان العقد. لما تقدم عن الاردبيلي في بطلان بيع العين الغائبة (2).

و إما أن يحكم بلزومه، (3)، من دون خيار.

(و الأول) (4): مخالف لطريقة الفقهاء في تخلف الأوصاف المشروطة في المعقود عليه.

(و الثاني) (5): فاسد من جهة أن دليل اللزوم: هو وجوب الوفاء بالعقد، و حرمة النقض.

و معلوم أن عدم الالتزام بترتب آثار العقد على العين الفاقدة للصفات المشترطة فيها ليس نقضا للعقد.

بل قد تقدم (6) عن بعض أن ترتب آثار العقد عليها ليس وفاء و عملا بالعقد حتى يجوز، بل هو تصرف لم يدل عليه العقد فيبطل.

+++++++++++

(1) اي المسألة الخامسة من المسائل السبع التي افادها قدس سره و اشرنا إليها في الهامش 3 ص 127.

(2) في ص 149 عند نقله عنه بقوله: و حاصله وقوع العقد على شيء.

(3) اي بلزوم العقد.

(4) و هو بطلان العقد كما ذهب إليه المحقق الأردبيلي قدس سره

(5) و هو لزوم العقد.

(6) الظاهر عدم تقدم ما افاده قدس سره عن بعض، سوى ما افاده المحقق الأردبيلي قدس سره. -

ص: 190

و الحاصل (1) إن الأمر في ذلك دائر بين فساد العقد، و ثبوته مع الخيار.

و الأول (2) مناف لطريقة الأصحاب في غير باب، فتعين الثاني (3)

مسألة: لو اختلفا فقال البائع: لم تختلف صفته

(مسألة) (4): لو اختلفا (5) فقال البائع: لم تختلف (6) صفته و قال المشتري: قد اختلفت (7).

ففي التذكرة قدم قول المشتري، لأصالة براءة ذمته من الثمن فلا يلزمه (8) ما لم يقرّ به، أو يثبت (9) بالبينة،

+++++++++++

- نعم يمكن ما افاده(1) نتيجة كلمات بعض الأعلام المتقدمين في ص 148 بقوله: و أضعف من هذا ما ينسب الى ظاهر المقنعة و النهاية، و المراسم من بطلان البيع اذا وجد على خلاف ما وصف.

(1) اي خلاصة الكلام في اشتراط الابدال(2) إن الأمر دائر بين أن نقول بفساد العقد، أو بصحته، و ثبوت الخيار.

(2) و هو فساد العقد، حيث إن الفقهاء لم يفتوا بالبطلان.

(3) و هو ثبوت العقد مع الخيار.

(4) اي المسألة السادسة من المسائل السبع التي افادها قدس سره في خيار الرؤية و اشرنا إليها في الهامش 3 ص 127

(5) اي البائع و المشتري.

(6) اي لم تختلف صفة المبيع عما رأيته قبل الشراء.

(7) اي المبيع قد اختلفت صفته عما رأيته قبل الشراء.

(8) اي فلا يجب على المشتري اعطاء الثمن للبائع ما لم يعترف المشتري باختلاف المبيع(3) عن الوصف الذي رآه.

(9) اي أو يثبت البائع بالبينة عدم اختلاف صفة المبيع قبل -

ص: 191


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و رده (1) في المختلف في نظير المسألة: بأن اقراره بالشراء اقرار بالاشتغال بالثمن.

و يمكن (2) أن يكون مراده ببراءة الذمة عدم وجوب تسليمه الى البائع، بناء على ما ذكره في أحكام الخيار من التذكرة: من عدم وجوب تسليم الثمن و لا المثمن في مدة الخيار و إن تسلم الآخر (3).

و كيف كان (4) فيمكن أن يخدش:

+++++++++++

- الشراء، فحينئذ يجب على المشتري اعطاء الثمن للبائع، لاجل البينة القائمة من قبل البائع على اختلاف(1) صفة المبيع.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 36 عند قوله: الثالث لو اختلفا.

(1) اي ورد هذا القول العلامة قدس سره في المختلف و قال بوجوب رد الثمن على المشتري، لاشتغال ذمته باقراره بالشراء، فالاقرار موجب لاشتغال الذمة.

(2) من هنا يروم قدس سره توجيه ما افاده العلامة في التذكرة:

من أصالة براءة ذمة المشتري من الثمن، و أنه لا يجب عليه دفعه الى البائع.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 420 عند قوله: الثالث لا يجب على البائع تسليم المبيع، و لا على المشتري تسليم الثمن في زمن الخيار.

و لو تبرع احدهما بالتسليم لم يبطل خياره.

(4) يعني أي شيء قلنا في صورة اختلاف البائع و المشتري(2) في تخلف المبيع عما رآه قبل البيع فمن الامكان الخدشة فيما افاده -

ص: 192


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بأن (1) المشتري قد اقر باشتغال ذمته بالثمن، سواء اختلفت صفة المبيع أم لم تختلف.

غاية (2) الأمر سلطنته على الفسخ لو ثبت أن البائع التزم على نفسه اتصاف المبيع بأوصاف مفقودة.

كما لو (3) اختلفا في اشتراط كون العبد كاتبا.

+++++++++++

- العلامة قدس سره: بأن يقال: إن الاصل المذكور معارض بأصل آخر محكوم لهذا الاصل، لأن الملاك في المدّعي و المنكر ليس مجرد الموافقة و المخالفة لاصل من الاصول.

بل الملاك موافقته، أو مخالفته لاصل لا يكون محكوما لاصل آخر.

و من الواضح أن منشأ الشك في وجوب تسليم المشتري الثمن الى البائع هو الشك في الخيار، و هذا الشك سببه الشك في التزام البائع بالوصف المفقود حاليا، فالاصل عدمه، فلا مجال لأصالة براءة ذمة المشتري عن الثمن.

كما أنه لا مجال لأصالة عدم الخيار، لكونها محكومة.

(1) الباء بيان لكيفية الخدشة فيما افاده العلامة و قد عرفتها في الهامش 4 ص 192.

(2) اي نهاية الأمر أن المشتري له السلطنة على فسخ العقد عند ثبوت البائع الالتزام على نفسه(1) بأوصاف مفقودة في الحال عند تسلم المشتري المبيع.

و أما إذا لم يثبت فلا سلطنة له على الفسخ.

(3) تنظير لكون ما نحن فيه نظير اختلاف البائع و المشتري في اشتراط الكتابة في العبد: بمعنى أن المشتري يدعي أني اشتريت العبد بشرط كونه كاتبا: اي إنما اقدمت على الشراء بهذا الشرط -

ص: 193


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و حيث لم يثبت ذلك (1) فالاصل عدمه، فيبقى الاشتغال (2) لازما غير (3) قابل للازالة بفسخ العقد، هذا (4).

و يمكن دفع ذلك (5): بأن (6) أخذ الصفات في المبيع و إن كان في

+++++++++++

- و البائع ينكر هذا الادعاء و يقول: إنك ما اشترطت هذا الشرط فكما أن هنا يقدم قول البائع.

كذلك فيما نحن فيه يقدم قول البائع.

(1) اي التزام البائع على نفسه أن المبيع متصف بصفات كذائية حيث لم يثبت فالاصل عدم ثبوته.

و المراد بالاصل هنا الاستصحاب: اي قبل البيع لم يكن الالتزام بذلك موجودا، و بعد البيع نشك في ذلك فنستصحب العدم.

اذا تبقى ذمة المشتري مشغولة بالثمن للبائع غير قابلة للازالة بسبب فسخ المشتري العقد.

(2) اي اشتغال ذمة المشتري كما علمت.

(3) بالنصب حال لكلمة الاشتغال: اي حال كون اشتغال ذمة المشتري غير قابلة(1) للازالة بسبب فسخ المشتري العقد.

(4) اي خذ ما تلوناه عليك حول اختلاف المتبايعين في الصفات المفقودة في المبيع.

(5) اي دفع اشتغال ذمة المشتري بالثمن، و أنه لا يلزم وجوب اعطائه الى البائع.

(6) الباء بيان لكيفية الدفع.

خلاصتها إن اخذ الصفات في المبيع و إن كان في معنى الاشتراط لكنها مأخوذة فيه بعنوان التقييد: بمعنى أن البائع حينما باع -

ص: 194


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

معنى الاشتراط، إلا أنه بعنوان التقييد.

فمرجع (1) الاختلاف الى الشك في تعلق البيع بالعين الملحوظ فيها صفات مفقودة، أو (2) تعلقه بعين لوحظت فيها الصفات الموجودة أو (3) ما يعمها.

و اللزوم (4) من أحكام البيع المتعلق بالعين على الوجه...

+++++++++++

- سلعته باعها مقيدة بقيد الصفات: اي أنها جزؤها و عند ما ظهر الخلاف و وجد المشتري أن العين فاقدة للصفات فلا مجال لاشتغال ذمة المشتري حتى يكون غير قابلة للازالة بالفسخ.

فالاشتراط هنا ليس بمعناه الحقيقي حتى يقال: إن المشتري قد اقر باشتغال ذمته بالثمن: سواء اختلفت صفة المبيع أم لم تختلف فيبقى الاشتغال لازما لا يزول بالفسخ.

(1) الفاء فاء النتيجة: اي نتيجة ما قلناه في هذا المقام أن مآل اختلاف البائع و المشتري في ظهور المبيع على اختلاف ما وصف الى الشك في تعلق البيع: بمعنى أنه.

هل تعلق بالعين التي لوحظت فيها صفات مفقودة؟

أو تعلق بالعين الملحوظة فيها الصفات الموجودة؟

أو تعلق بالأعم من الموجودة و المفقودة؟

(2) اي أو تعلق البيع.

(3) اي أو تعلق البيع بما يعم الصفات الموجودة و المفقودة.

(4) هذا رأيه تقريبا: اي و الحال أن لزوم اشتغال الذمة من أحكام البيع المتعلق بالعين على الوجه الثاني الذي هو تعلق البيع بما يعم الصفات الموجودة و المفقودة(1)

ص: 195


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الثاني (1) و الاصل عدمه (2).

و منه (3) يظهر الفرق بين ما نحن فيه (4)، و بين الاختلاف في اشتراط كتابة العبد.

و قد تقدم توضيح ذلك، و بيان ما قيل، أو يمكن أن يقال في هذا المجال في مسألة ما اذا اختلفا في تغير ما شاهده قبل البيع (5).

مسألة لو نسج بعض الثوب، فاشتراه على أن ينسج الباقي كالأوّل بطل،

(مسألة) (6): لو نسج بعض الثوب فاشتراه على أن ينسج

+++++++++++

(1) عرفت الوجه الثاني آنفا.

(2) اي الاصل الذي يراد منه البراءة عدم لزوم اشتغال ذمة المشتري.

فالقول قول المشتري فيقدم على البائع.

(3) اي و من الدفاع المذكور يظهر الفرق بين ما نحن فيه الذي هو اختلاف البائع و المشتري في الصفات من حيث الاختلاف و عدمه.

و بين اختلاف البائع و المشتري في اشتراط كتابة العبد، حيث إن الاشتراط فيما نحن فيه مأخوذ على نحو التقييد، فالمجموع المركب:

من القيد و المقيد ذو وجود واحد، فعند الشك في الاشتراط في وجود الكتابة يرجع الى أصالة عدمه.

بخلاف اشتراط الصفات فيما نحن فيه، فإن هذا الاشتراط عبارة عن التزام مستقل له وجود آخر غير الالتزام بنفس المشروط و وجوده فعند الشك في وجوده يرجع الى أصالة عدم وجود ذاك الشيء الخاص.

(4) و هو اختلاف البائع و المشتري.

(5) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 11 من ص 343 الى ص 372.

(6) اي المسألة السابعة من المسائل السبع التي ذكرها قدس سره -

ص: 196

الباقي كالأول بطل (1) كما عن المبسوط و القاضي، و ابن سعيد قدس سرهما و العلامة في كتبه و جامع المقاصد(1)

و استدل عليه (2) في التذكرة و جامع المقاصد: بأن (3) بعضه

+++++++++++

- و اشرنا إليها في الهامش 3 ص 127 و هي آخر المطاف.

(1) اي هذا الاشتراط(2) بشرط أن ينسج الباقي كالاول.

(2) اي على بطلان هذا الشراء بالنحو المذكور.

(3) الباء بيان لكيفية الاستدلال المذكور في التذكرة.

الظاهر أن مراده قدس سره من جهالة بعض العين في الذمة.

هو ان المبيع بعضه شخصي موجود، و بعضه الآخر أيضا شخصي لكنه ليس موجودا، بل هو في الذمة، لعدم وجوده و تشخصه في الحال الحاضرة.

و مثل هذا البيع لا يجوز الإقدام عليه فهو باطل.

و ليس مراده قدس سره من الجهالة أن ما في الذمة كلي، لأنه لا مانع من كون بعض المبيع شخصيا، و بعضه الآخر كليا في الذمة ثم يتشخص بمثل الفرد الشخصي الموجود.

و إنما عبر بالجهالة، لعدم العلم بخصوصيات البعض الآخر الذي ينسج فيما بعد.

بخلاف الأوصاف، فإنها ترفع الجهالة عن الشخص الموجود أو الكلي في الذمة، لا الفرد غير الموجود عند البيع.

و الخلاصة إن الذي باعه البائع هو القميص الشخصي المنسوج بعضه و بعضه لم ينسج بعد و سينسج فيما بعد: اي فالعقد قد وقع على بيع المنسوج قبل كماله و تمامه، فالمبيع شخصي بكامله، لكن بعضه موجود -

ص: 197


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

عين حاضرة، و بعضه في الذمة مجهول (1).

و عن المختلف(2) صحته (2).

و لا يحضرني (3) الآن حتى اتأمل في دليله.

و الذي (4) ذكر للمنع لا ينهض مانعا.

+++++++++++

- و بعضه الآخر غير موجود.

فاذا كان المبيع هكذا فلا يجوز بيعه، حيث إنه نظير بيع الثوب الشخصي الذي يخيطه الخياط.

فالمبيع لا يكون هو المقدار المنسوج، و الغزل الموجود.

و كذلك ليس المبيع هو الثوب الكلي بتمامه، أو بعضه.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 351 عند قوله: (تذنيب) لو باعه ثوبا على حفّة(1).

(2) اي صحة مثل هذا الشرط المذكور.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري: اي لا يوجد لديّ كتاب المختلف حتى أمعن النظر و اتأمل فيما أفاده قدس سره هناك في حكمه بصحة مثل هذا البيع.

و قال (بعض الفقهاء) قدس سره: إن الدليل على الصحة هو الاصل الأولي العقلائي، و العمومات المذكورة في قوله عز من قائل:

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ .

(4) اي و أما الذي افاده العلامة قدس سره في التذكرة: -

ص: 198


1- الحفة: بفتح الحاء و الفاء و تشديدها، النول الذي يلف عليه الثوب، و هي الآلة المعروفة عند النساجة و الحاكة.
2- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالذي (1) يقوى في النظر أنه اذا باع (2) البعض المنسوج المنضم الى غزل معين على أن ينسجه على ذلك المنوال فلا مانع منه.

و كذا (3) اذا ضم معه مقدارا معينا كليا من الغزل الموصوف

+++++++++++

- من بطلان العقد في الثوب المنسوج بعضه، و بعضه ليس بمنسوج ببيان أن بعض المبيع حاضر، و بعضه في الذمة مجهول، و قد عرفت تفصيله في الهامش 3 ص 197.

فلا يدل على البطلان، لأن العين الحاضرة شخصية، و ما في الذمة كلي ينطبق بعد النسج على الفرد المماثل للعين الحاضرة حين الإعطاء.

(1) هذا رأيه قدس سره حول شراء الثوب المنسوج بعضه و بعضه الآخر ليس بمنسوج.

و لا يخفى عليك أنه قدس سره ذكر صورا ثلاثة لمثل هذا المبيع فنحن نشير الى كل صورة منها عند رقمها الخاص.

(2) هذه هي الصورة الأولى.

خلاصتها إنه لو باع شخص بعض الثوب المنسوج من الغزل الموجود على الخشية التي يلف عليها الثوب، فقال المشتري اشتري هذا البعض المنسوج بشرط أن ينسج بعضه الآخر من هذا الغزل الموجود على الحفة فقبل البائع، و التزم على نفسه نسج البعض الباقي من نفس الغزل الموجود على النول فنسجه على طبقه فهذا جائز، لأن البيع قد وقع على مجموع الغزل على النول، لكن بعضه منسوج، و بعضه غير منسوج و البائع قد سلم الى المشتري بما التزمه على نفسه.

نعم لو لم يسلمه ما التزمه على نفسه فللمشتري الخيار.

(3) هذه هي الصورة الثانية. -

ص: 199

على أن ينسجه كذلك (1)، اذ لا مانع من ضم الكلي الى الشخصي (2).

و إليه (3) ينظر بعض(1) كلمات المختلف في هذا المقام، حيث جعل اشتراط نسج الباقي كاشتراط الخياطة و الصبغ.

و كذا (4) اذا باعه أذرعا معلومة منسوجة مع هذا المنسوج بهذا المنوال.

+++++++++++

- خلاصتها إن البائع لو ضم مع الثوب المنسوج بعضه كمية معينة كلية من الغزل المتصف بصفة خاصة كالاحمرار مثلا، و التزم البائع على نفسه أن ينسج الباقي على نفس نسج البعض الموجود، فالبيع صحيح جائز، لعدم مانع من ضم الكلي الذي هو المقدار المعين من الغزل الموصوف بصفة خاصة مع الشخصي: و هو بعض الثوب المنسوج الموجود على النول.

(1) اي مثل المنسوج الموجود كما عرفت آنفا.

(2) و هو بعض الثوب المنسوج الموجود كما عرفت.

(3) اي و ما قويناه نحن في الثوب المنسوج بعضه يستفاد من بعض كلمات العلامة قدس سره في المختلف، حيث جعل اشتراط نسج الباقي نظير الاشتراط مع الخياط في خياطة الثوب، أو صبغه.

فكما أن الاشتراط مع الخياط جائز.

كذلك اشتراط نسج الباقي جائز.

(4) هذه هي الصورة الثالثة.

خلاصتها إنه لو باع شخص لشخص أذرعا معلومة كخمسين مترا منسوجا من القطن، أو الصوف، أو النايلون، أو الكتان، أو الابريسم مع الثوب المنسوج بعين الأمتار المبيعة: -

ص: 200


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لو لم ينسجه (1) في الصورتين الأوليين على ذلك المنوال.

ثبت الخيار (2)، لتخلف (3) الشرط.

و لو لم ينسجه (4) ذلك في الصورة الأخيرة.

لم يلزم القبول، و بقي على مال البائع، و كان للمشتري الخيار في المنسوج، لتبعض (5) الصفقة عليه، و اللّه العالم.

+++++++++++

- صح البيع، لاتحاد كلا النسيجين.

فالبيع قد وقع على شيء واحد.

(1) اي و لو لم ينسج البائع بعض الثوب الباقي على نحو البعض المنسوج في الصورة الاولى المشار إليها في الهامش 2 ص 199.

و الصورة الثانية المشار إليها في الهامش 3 ص 199.

(2) اي ثبت في هاتين الصورتين الخيار للمشتري.

(3) تعليل لثبوت الخيار للمشتري.

(4) اي و لو لم ينسج البائع بعض الثوب الباقي على النحو المبيع المنسوج في الصورة الاخيرة المشار إليها في الهامش 4 ص 200 لا يكون القبول على المشتري لازما، و له الخيار في البعض المنسوج، و المال باق على ملك البائع.

(5) تعليل لثبوت الخيار للمشتري في الصورة الاخيرة.

ص: 201

السابع: خيار العيب.
اشارة

(السابع) (1): خيار العيب).

اطلاق (2) العقد يقتضي وقوعه مبنيا على سلامة العين من العيب و إنما ترك اشتراطها (3) صحيحة(1)، اعتمادا (4) على أصالة السلامة و إلا لم (5) يصح العقد.

+++++++++++

(1) اي القسم السابع من أقسام الخيارات التي افادها قدس سره بقوله: و هي كثيرة، إلا أن أكثرها متفرقة، و المجتمع منها في كل كتاب سبعة، فهذا القسم هو آخر مطاف الخيارات.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 13 ص 69.

(2) اي من حيث عدم ذكر صحة العين، أو ذكر عدم سلامتها أو عدم ذكر الأعم من الصحة و المعيب: بأن قال البائع: بعتك الدار بألف دينار، و لم يصفها بذكر الصحة، أو عدم السلامة، أو بالتعميم.

(3) اي اشتراط سلامة العين.

(4) منصوب على المفعول لاجله: اي إنما ترك البائع وصف صحة العين لاجل اعتماد المشتري(2) على سلامة العين، حيث إن المتبايعين لا يقدمان على البيع و الشراء إلا اذا كانت العين صحيحة سالمة عن كل عيب، لأن المشتري يبذل مالا ازاء العين، و البائع في مقام الربح و الاعاشة فلو باع العين معيبة لردها المشتري، أو أخذ منه الارش.

اذا ما استفاد و لا ربح.

(5) اي و لو لا اعتماد المشتري على الصحة لما صح العقد.

ص: 202


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من (1) جهة الجهل بصفة العين الغائبة: و هي (2) صحتها التي هي من أهم ما تتعلق به الأغراض، و لذا (3) اتفقوا في بيع العين الغائبة على اشتراط ذكر الصفات التي يختلف الثمن باختلافها (4) و لم يذكروا (5) اشتراط صفة الصحة، فليس (6) ذلك إلا من حيث الاعتماد في وجودها على الاصل (7)، فإن من يشتري عبدا لا يعلم أنه صحيح سوي (8).

+++++++++++

(1) كلمة من تعليلية لاجل عدم صحة العقد: اي عدم صحة العقد لاجل الجهل بصفة العين الغائبة لو لا اعتماد المشتري على سلامة المبيع.

(2) اي المراد بصفة العين الغائبة هي صحتها و سلامتها عن العيوب و الصحة و السلامة من أهم متعلقات أغراض المتبايعين، اذ لو لا الصحة لما اقدم احد على اجراء المعاوضات و المعاملات.

(3) اي و لاجل الاعتماد على الصحة اتفق الفقهاء على اشتراط ذكر الصفات التي يختلف الثمن باختلاف الصفات.

(4) اي باختلاف الصفات كما علمت.

و قد افاد هذا المعنى في ص 137 بقوله: ثم إن الأوصاف التي يختلف الثمن من اجلها غير محصورة.

(5) اي الفقهاء لم يتعرضوا الى اشتراط صفة الصحة في المبيع.

(6) اي فليس عدم التعرض، و عدم الاشتراط إلا من حيث الاعتماد على أصالة الصحة، و أنها موجودة في الثمن و المثمن.

(7) المراد منه هو أصالة الصحة كما علمت.

(8) اي مستوى الخلقة من جميع الأعضاء.

ص: 203

أو فالج مقعد (1) لا يعتمد (2) على صحته إلا على أصالة السلامة.

كما (3) يعتمد من شاهد المبيع سابقا على بقائه على ما شاهده فلا يحتاج الى ذكر تلك الصفات في العقد.

و كما (4) يعتمد على إخبار البائع بالوزن.

قال (5) في التذكرة: الاصل في المبيع من الأعيان و الأشخاص السلامة عن العيوب و الصحة.

فاذا اقدم المشتري على بذل ماله في مقابلة تلك العين فانما بنى إقدامه على غالب ظنه المستند (6) إلى أصالة السلامة، انتهى (7).

و قال (8) في موضع آخر: فاطلاق العقد، أو شرط السلامة يقتضيان السلامة (9) على ما مر: من أن القضاء العرفي يقتضي أن المشتري

+++++++++++

(1) اي مبتلى بمرض(1) الزما العاهة: و هي

(2) اي لا يعتمد المشتري على صحة العبد من جميع الجهات إلا على أصالة الصحة و السلامة.

(3) تنظير لمن يشتري عبدا لا علم له بصحته، و لا بعيبه، فيعتمد على صحته بأصالة السلامة الجارية في جميع المعاوضات.

(4) تنظير ثان للاعتماد على أصالة الصحة في جميع المعاوضات.

(5) اي العلامة قدس سره.

(6) بالجر صفة لكلمة غالب ظنه.

(7) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 352 عند قوله: مسألة الأصل في البيع من الأعيان.

(8) اي العلامة قدس سره قال في موضع آخر من التذكرة.

(9) اي أصالة السلامة(2)

ص: 204


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إنما بذل ماله، بناء على أصالة السلامة، فكأنها (1) مشترطة في نفس العقد انتهى (2).

و مما ذكرنا (3) يظهر أن الانصراف ليس من باب انصراف المطلق الى الفرد الصحيح، ليرد (4) عليه أولا منع الانصراف

+++++++++++

(1) أي أصالة السلامة.

(2) الظاهر أن كلمة انتهى تدل على ما افاده العلامة فى التذكرة مع أنه لا يوجد في التذكرة إلا قوله قدس سره: فاطلاق العقد أو شرط السلامة يقتضيان السلامة.

و من بداية قوله في ص 204 على ما مر الى قوله: في نفس العقد ليس موجودا في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 352 عند قوله: فاطلاق العقد.

(3) و هو أن اطلاق العقد المراد منه الانصراف: اي يظهر من هذا الانصراف أنه ليس المراد منه انصراف المطلق الى الفرد الصحيح.

بعبارة اخرى إنه ليس المراد من هذا الانصراف الانصراف اللفظي حتى يقال بمنع الانصراف فيما نحن فيه.

بل المراد من هذا الانصراف هو الانصراف العرفي، و الظهور العرفي اي العرف بان على المعاوضات الصحيحة السليمة عن العيب.

و كان الأنسب في تعريف خيار العيب أن يقال هكذا:

مقتضى الحال عند العرف وقوع العقد مبنيا على السلامة.

إذا لا يرد عليه ما اورد: من الإشكالات الآتية.

(4) اي لو كان المراد من الانصراف هو انصراف المطلق الى الفرد -

ص: 205

و لذا (1) لا يجري في الأيمان و النذور.

و ثانيا (2) عدم جريانه فيما نحن فيه، لعدم كون المبيع مطلقا.

بل هو جزئي حقيقي خارجي.

و ثالثا (3): بأن مقتضاه عدم وقوع العقد رأسا على المعيب فلا

+++++++++++

- الصحيح لكان يورد عليه أولا منع الانصراف المذكور.

(1) اي و لأجل منع الانصراف المذكور لا يجري الانصراف في الأيمان و النذورات، فانه لو حلف شخص على أن لا يدخن، فيمينه هذا لا تنصرف الى نوع خاص جيد من التبغ.

بل تشمل مطلق التبوغ.

و كذا لو نذر شاة في سبيل اللّه، فنذره هذا لا ينصرف الى نوع خاص جيد جدا من الشياه، بل يشمل أي شاة من الشياه.

(2) هذا هو الإشكال الثاني: اي لو كان المراد من الانصراف هو انصراف المطلق الى الفرد الصحيح لأورد عليه عدم جريانه في خيار العيب، لأن المبيع في خيار العيب جزئي شخصي حقيقي خارجي.

لا أنه مطلق حتى ينصرف الاطلاق الى الفرد الصحيح السليم من كل الجهات.

(3) هذا هو الإشكال الثالث على أنه لو كان المراد من الانصراف هو الانصراف الى الفرد الصحيح السالم.

خلاصته إنه لو كان المراد كذلك لكان مقتضاه عدم وقوع العقد رأسا على المعيب حينما انشأ العقد.

فحينئذ لا معنى لإمضاء العقد على هذا المعيب، أو فسخه، ليثبت -

ص: 206

معنى لامضاء العقد الواقع عليه (1)، أو فسخه حتى يثبت التخيير بينهما (2).

و دفع (3) جميع هذا بأن (4) وصف الصحة قد اخذ شرطا في العين الخارجية نظير (5) معرفة الكتابة، أو غيرها: من الصفات المشترطة في العين الخارجية.

و انما (6) استغني عن ذكر وصف الصحة.

+++++++++++

- التخيير للمشتري بين الفسخ و الإمضاء.

(1) اي على هذا العقد(1) المعيب رأسا كما عرفت.

(2) اي بين الفسخ و الامضاء.

(3) بحسب فهمي القاصر أن دفع بصيغة المجهول و نائب فاعله جميع هذا: اي و دفع جميع هذه الإشكالات.

و قد افاد بعض المعلقين على المكاسب أن كلمة و دفع مرفوعة على الابتداء خبره جملة بأن وصف الصحة، فكن حكما عادلا بيننا.

(4) كلمة باء بيان لكيفية الدفع عن الإشكالات الواردة على القول بأن اطلاق العقد منصرف الى العقد الصحيح.

(5) اي ما نحن فيه نظير اشتراط الكتابة في العبد الذي هو عين خارجية، أو شرط صفة اخرى من الصفات في العين الخارجية:

اي صحة المبيع و سلامته من قبيل اشتراط الكتابة: بمعنى أن الصحة شرط في العين الخارجية المبيعة.

(6) دفع وهم.

خلاصة الوهم إن صحة المبيع و سلامته لو كانت شرطا فيه كاشتراط الكتابة، و غيرها من الصفات المشترطة في العين الخارجية. -

ص: 207


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لاعتماد (1) المشتري في وجودها على الاصل (2) كالعين المرثية سابقا، حيث يعتمد في وجود اصلها و صفاتها على الاصل.

و لقد اجاد في الكفاية،(1) حيث قال:

إن المعروف بين الأصحاب أن اطلاق العقد يقتضي لزوم السلامة.

و لو باع (3) كليا حالا، أو سلما كان الانصراف الى الصحيح من جهة ظاهر الإقدام (4) أيضا.

و يحتمل كونه (5) من جهة الاطلاق المتصرف الى الصحيح في مقام الاشتراء، و إن لم ينصرف (6) إليه.

+++++++++++

- فلما ذا لم تذكر عند اجراء العقد و اهملت و استغني عنها؟

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن الاستغناء عن ذكر الوصف لاجل اعتماد المشتري على جريان أصالة الصحة التي هو اصل عقلائي.

كما في العين المرثية الخارجية سابقا، حيث إن المشتري عند التسلم يعتمد على سلامتها حسب رؤيتها السابقة، و لا يشترط مع البائع صحتها و سلامتها عند ما يأخذها منه.

(2) المراد من الاصل هو الأصل العقلائي كما عرفت.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري لا ربط له بكلام صاحب الكفاية

(4) اي إقدام المشتري على صحة المبيع هو السبب لانصراف الاطلاق الى صحته.

(5) اي كون الصحة من اجل انصراف المطلق الى الصحيح، لا من اجل إقدام المشتري.

(6) اي و ان لم ينصرف الاطلاق الى الصحيح في غير ما نحن فيه -

ص: 208


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في غير هذا المقام، فتأمل (1).

ثم إن المصرح به في كلمات جماعة أن اشتراط الصحة في متن العقد يفيد التأكيد (2)، لأنه (3) تصريح بما يكون الاطلاق منزلا عليه، و إنما ترك (4)، لاعتماد (5) المشتري على اصالة السلامة.

فلا (6) يحصل من هذا.

+++++++++++

- الذي هو خيار العيب.

(1) الظاهر أنه اشارة الى منع كون الصحة في المبيع من اجل انصراف الاطلاق الى الصحيح، بل السبب فيه هو إقدام المشتري.

(2) اي اشتراط الصحة في متن العقد يفيد تأكيد الصحة المستفادة من اطلاق العقد.

(3) تعليل لكون الاشتراط المذكور تأكيد للصحة المستفادة في متن العقد.

خلاصته إن هذا الاشتراط تصريح للاطلاق الذي يكون منزلا على هذا الاشتراط: اي الاطلاق هو هذا الاشتراط المذكور.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم أنّه لو كان هذا الاشتراط تصريحا للاطلاق المنزل عليه.

فلما ذا ترك التصريح بالاشتراط؟

(5) دفع عن الوهم المذكور و قد ذكر في المتن.

(6) الفاء تفريع على ما افاده: من أن اشتراط صحة المبيع في متن العقد تأكيد للصحة كما صرح به جماعة من الفقهاء في كلماتهم:

أي ففي ضوء ما ذكرنا: من كون اشتراط المذكور تأكيد لا يكون هنا خياران بعد هذا الاشتراط: خيار للعيب، و خيار للشرط. -

ص: 209

اشتراط (1) خيار آخر غير خيار العيب.

كما (2) لو اشترط كون الصبرة كذا و كذا صاعا، فانه (3) لا يزيد على ما اذا ترك الاشتراط. و اعتمد على اخبار البائع بالكيل

+++++++++++

- بل هنا خيار واحد فقط: و هو خيار العيب.

و قد اورد شيخنا الشهيدي(1) قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 501 أن ليس هناك صحتان: صحة استفيدت من الاطلاق، و صحة استفيدت من التصريح حتى يكون اشتراط الصحة تأكيدا للصحة المستفادة من الاطلاق.

و لا يخفى ما فيه، حيث إن شيخنا الأنصاري قدس سره لم يقل:

إن هناك صحتين: صحة مستفادة من اطلاق العقد، و صحة مستفادة من التصريح، بل يقول: إن المصرح في كلمات جماعة من الفقهاء أن اشتراط الصحة في متن العقد يكون تأكيدا للصحة المستفادة من اطلاق العقد.

(1) و هو اشتراط الصحة في متن العقد كما علمت.

(2) تنظير لكون اشتراط الصحة لا يوجب خيارا آخر.

فالاشتراط كلا اشتراط.

خلاصته إن ما نحن فيه نظير اشتراط المشتري في الصبرة على أن تكون مقدارا معينا من الكيل كعشرين كيلوا، فلو ترك ذكر المقدار المعين، معتمدا على اخبار البائع بالمقدار المعين لكفى الإخبار بذلك فكما أن ترك الشرط هنا لا يضر في بيع الصبرة لو اخبر البائع بالمقدار.

كذلك اشتراط الصحة لا يزيد خيارا على خيار العيب.

(3) اي فان هذا الاشتراط.

ص: 210


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أو اشترط (1) بقاء الشيء على الصفة السابقة المرئية، فانه (2) في حكم ما لو ترك ذلك، اعتمادا (3) على أصالة بقائها.

و بالجملة (4) فالخيار خيار العيب اشترط الصحة أو لم يشترط.

و يؤيده (5) ما ورد من رواية يونس في رجل اشترى جارية على أنها عذراء فلم يجدها عذراء؟

قال (6): يرد عليه فضل القيمة (7)

+++++++++++

(1) اي المشتري، هذا تنظير ثان لما نحن فيه.

(2) اي هذا الاشتراط في حكم ما لو ترك المشتري ذكره.

(3) منصوب على المفعول لاجله: اي حكم هذا الاشتراط في حكم ما لو تركه المشتري لاجل اعتماده على أصالة الصحة و السلامة في الأشياء فان العقلاء بما هم عقلاء إنما يقدمون على البيع و الشراء هكذا.

(4) اي خلاصة الكلام في هذا المقام.

(5) اي و يؤيد أن الاشتراط لا يزيد خيارا، و إنما الخيار خيار العيب لا غير ما ورد في حديث يونس قدس سره.

(6) اي الامام عليه السلام قال في جواب السائل:

يرد: اي البائع عليه: اي على المشتري فضل القيمة: اي زيادة ما اخذه البائع من المشتري قبال كون الجارية عذراء.

(7) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 418 الباب 6 - الحديث 1. و للحديث صلة أليك نصها:

(اذا علم أنه صادق): اي اذا علم البائع أن المشتري صادق في دعواه فعليه دفع الارش.

ص: 211

فان (1) اقتصاره عليه السلام على اخذ الارش الظاهر في عدم جواز الرد يدل على أن الخيار خيار العيب، و لو كان (2) هنا خيار تخلف الاشتراط لم يسقط الرد بالتصرف في الجارية بالوطء أو مقدماته.

و منه (3) يظهر ضعف ما حكاه في المسالك(1): من (4) ثبوت خيار الاشتراط هنا، (5) فلا يسقط الرد بالتصرف.

+++++++++++

(1) تعليل من الشيخ الأنصاري قدس سره لكون الرواية المذكورة تأييدا لعدم زيادة اشتراط الصحة خيارا على خيار العيب.

خلاصته إن انحصار الامام عليه السلام حق المشتري في اخذ الارش فقط، و أنه ليس عليه رد الجارية: دليل على انه ليس للمشتري خيار تخلف الشرط، و إنما له خيار العيب فقط.

(2) اي لو كان للمشتري في الجارية الظاهرة: بأنها ثيبة حق خيار تخلف الاشتراط لم يسقط الرد بسبب التصرف في الجارية بالوطء أو مقدمات الوطء.

(3) اي و مما قلناه: و هو انحصار الامام عليه السلام في اخذ الارش فقط، دون الرد، و أن التصرف بالوطء يمنع الرد: يظهر ضعف قول الشهيد الثاني قدس سره في المسالك القائل بثبوت خيار الاشتراط للمشتري.

(4) كلمة من بيان لما حكاه الشهيد الثاني في المسالك.

(5) تفريع على ثبوت الخيار: اي التصرف في الجارية بالوطء لا يكون مسقطا للرد.

و أما وجه ضعف قول الشهيد الثاني فلانحصار الامام عليه السلام حق المشتري في الارش لا غير، اذ لو كان له حق الرد بواسطة -

ص: 212


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و دعوى (1) عدم دلالة الرواية علي التصرف، أو عدم (2) دلالتها على اشتراط البكارة في متن العقد كما (3) ترى.

مسألة ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشتري على الرد و أخذ الأرش بلا خلاف.

(مسألة):

ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشتري على الرد و اخذ الارش بلا خلاف.

+++++++++++

- تخلف الاشتراط لما اقتصر عليه السلام على الارش فقط، فكان يقول: له الخيار، لتخلف الشرط.

(1) اي و دعوى أن رواية يونس المذكورة في ص 211 لا تدل على تصرف المشتري في الجارية بالوطء مكابرة، و كدعوى أن الواحد ليس نصف الاثنين، حيث إن يونس رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه يسأل الامام عليه السلام عن رجل اشترى جارية على انها عذراء فلم يجدها عذراء، و الوجدان، و عدم الوجدان لا يتحققان إلا بالتصرف في الجارية بالوطء: اي بادخال آلته في فرجها، فكلمة فلم يجدها تنادي بأعلى صوتها، و تصرح بأن المشتري تصرف في الجارية بالوطء

(2) اي أو دعوى أن رواية يونس لا تدل على اشتراط البكارة من قبل المشتري مكابرة أيضا، فان يونس يسأل الامام عليه السلام عن رجل اشترى جارية على أنها عذراء: اي يشترط كونها عذراء لدلالة كلمة على أنها عذراء على الشرط المذكور في متن العقد.

(3) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله في هذه الصفحة: و دعوى.

و قد عرفت وجهه كما ترى في الهامش 1 في هذه الصفحة و الهامش 2 في هذه الصفحة.

ص: 213

و يدل على الرد الأخبار المستفيضة الآتية.

و أما الارش فلم يوجد في الأخبار ما يدل على التخيير بينه و بين الرد.

بل ما دل على الارش يختص بصورة التصرف المانع عن الرد (1) فيجوز أن يكون الارش في هذه الصورة لتدارك ضرر المشتري، لا لتعيين احد طرفي التخيير بتعذر الآخر.

نعم (2) في الفقه الرضوي(1) فان خرج في السلعة عيب و علم المشتري فالخيار إليه إن شاء رد، و إن شاء اخذه، أو رد عليه بالقيمة ارش العيب (3).

+++++++++++

(1) كالاستيلاد، أو الوقف، أو العتق، أو إلهية بذي الرحم

(2) استدراك عما افاده قدس سره: من أن اخذ الارش مختص بصورة التصرف المانع عن الرد، لكيلا يتضرر المشتري، و يروم بهذا الاستدراك اثبات أن الارش احد فردي التخيير بين الرد، و بين اخذ السلعة المعيبة و اخذ الارش في مقابل العيب.

و خلاصة الاستدراك إن في الفقه الرضوي ما يدل على ذلك:

و هو قوله: إن شاء رد، و إن شاء اخذه، أو رد عليه بالقيمة ارش العيب، فان و إن شاء اخذه ورد عليه بالقيمة ارش العيب دليل واضح على التخيير.

(3) راجع (الفقه الرضوي) المخطوطة الموجودة في مكتبتنا الراجعة الى مكتبة مقبرة المرحوم آية اللّه الراحل (فقيه اهل البيت) السيد أبو الحسن الموسوي الاصفهاني قدس سره باب البيوع و التجارات و المكاسب.

و الحديث المذكور في جميع نسخ المكاسب فيه اختلاف في -

ص: 214


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ظاهره (1) كما في الحدائق(1) التخيير بين الرد و اخذه (2) بتمام الثمن، و اخذ (3) الارش.

+++++++++++

- بعض ألفاظه و ضمائره فصححناه على المصدر

و لما كان الحديث المذكور في المصدر مشتملا على ضمير مذكر في قوله عليه السلام: و إن شاء اخذه: مع أن مرجعه مؤنث و هي السلعة و التطابق بين المرجع و الضمير واجب فراجعت الجواهر فرأيت الحديث كما هنا، إلا في كلمة (فان خرج) ففي المصدر مع الفاء و هنا بلا فاء.

و في كلمة اخذه ففي المصدر مع الهاء، و في الجواهر بلا هاء فنظرت في التعليقة على الجواهر فرأيت أن شيخنا المعلق دامت افاضاته يحيل مصدر الحديث الى (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2 ص 478 فراجعت المصدر فلم اجد الحديث في تلك الصفحة فورقت و قلبت و اذا في ص 474، و رأيت الحديث مذكورا كما في الفقه الرضوي فتعجبت من شيخنا صاحب الجواهر قدس سره، و شيخنا المعلق كيف خفيت عليهما الحرفان: الفاء في فان، و الهاء في اخذه؟

فرجائي الأكيد من شيخنا المعلق دامت بركاته على الجواهر الامعان في النظر عند ما يراجعون مصادر الأحاديث، حفاظا على النقل.

(1) اي و ظاهر هذا الفقه الرضوي.

(2) اي و بين اخذ المشتري من البائع تمام(2) الثمن بعد أن رد المبيع المعيب الى البائع.

(3) اي و بين تخيير المشتري في اخذ ارش المعيب من البائع بعد تقبله من البائع المعيب.

ص: 215


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يحتمل (1) زيادة الهمزة في لفظة أو «و يكون الواو واو العطف فيدل (2) على التخيير بين الرد و الارش.

و قد يتكلف استنباط هذا الحكم (3) من سائر الأخبار

+++++++++++

(1) هذا رأي الشيخ الأنصاري قدس سره في الحديث المذكور في (الفقه الرضوي): اي و يحتمل زيادة همزة أو في الرواية في قوله في ص 214: أو رد عليه بالقيمة، فتكون الواو واو العاطفة

اذا يدل الحديث على التخيير بين الرد، و اخذ الارش.

و هذا هو الحق في المقام، اذ بدون احتمال الهمزة(1) لا يدل الحديث على التخيير بين احد الأمرين المذكورين.

(2) اي الحديث المذكور في الفقه الرضوي، بناء على زيادة الهمزة كما قلت.

(3) و هو تخيير المشتري بين رد المعيب.

و بين قبوله و اخذ الارش قد يقال باستفادته من سائر الأخبار.

و قد ذكر شيخنا صاحب الجواهر قدس سره هناك مرسل جميل عن احدهما عليهما السلام.

في الرجل يشتري الثوب، أو المتاع فيجد فيه عيبا؟

فقال: إن كان الشيء قائما بعينه رده على صاحبه و اخذ الثمن.

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط، أو صبغ يرجع بنقصان العيب.

راجع (الجواهر) الجزء 23 ص 236.

و الحديث هذا منقول عن (الوسائل) كما افاده شيخنا المعلق.

و هناك منقول عن (الكافي) الجزء 5 ص 207. الحديث 2.

لكنني لما راجعت الوسائل و الكافي رايت فيهما اختلافا شاسعا بين -

ص: 216


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو (1) صعب جدا.

+++++++++++

- المنقول في الجواهر، و بين ما نقل عن الوسائل.

فان في المصدر فيجد فيه كما نقلنا هنا.

و في الجواهر فيجد به.

و في المصدر فقال كما نقلنا هنا.

و في الجواهر فيجد به.

و في المصدر فقال كما نقلنا هنا.

و في الجواهر قال.

و في المصدر إن كان الشيء قائما بعينه رده على صاحبه كما نقلنا هنا.

و في الجواهر إن كان قائما رده على صاحبه.

و في المصدر يرجع بنقصان العيب كما نقلنا هنا.

و في الجواهر رجع بنقصان العيب.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 363 الباب 16 الحديث 3.

و هذا الاختلاف الشاسع قد زاد في تعجبي من سماحة شيخنا المعلق دامت بركاته، اذ كيف يراجع المصدر و يطبق الأحاديث عليه؟

لست ادري؟

(1) اي استنباط الحكم المذكور صعب جدا.

الظاهر أن وجه الصعوبة أن الروايات الواردة في هذا المقام ظاهرة في أن العيب السابق قبل العقد أو قبل القبض، أو قبولها مع الارش.

و أما بعد التصرف فيها فلا ذكر في الروايات عن الارش.

نعم اذا يتصرف في المبيع المعيب تصرفا مانعا عن الرد فله الارش.

هذا ما استفدته في وجه الصعوبة(1) من كلام شيخنا المحدث البحراني قدس سره.

راجع (الحدائق الناضرة) الجزء 19 ص 63 عند قوله: -

ص: 217


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أصعب منه (1) جعله مقتضى القاعدة، بناء على أن الصحة و إن كانت وصفا فهي بمنزلة الجزء، فيتدارك فائته باسترداد ما قابله من الثمن، و يكون الخيار حينئذ (2) لتبعض الصفقة.

و فيه (3) منع المنزلة عرفا، و شرعا، و لذا (4) لم يبطل البيع

+++++++++++

- إلا أن عندي في المقام إشكالا.

(1) اي و أصعب من الصعب المذكور القول بكون الارش مقتضى قاعدة الصحة، لأن الصحة في المعاوضات و إن كانت وصفا، لكنها بمنزلة الجزء، فكما أنه لا بد من تدارك الجزء الفائت، لأنه استرداد لما قابل جزء من المثمن.

كذلك لا بد من تدارك الصحة الفائتة و الجزء الفائت هو الارش.

(2) اي يكون الخيار حين أن قلنا: إن الارش مقتضى أصالة الصحة لأجل تبعض الصفقة، حيث إن بعض المبيع صحيح، و بعضه معيب فيلزم التبعض في الصفقة التي وقعت عليها البيع.

(3) إشكال منه قدس سره على القائل بأن الصحة و إن كانت وصفا لكنها بمنزلة جزء المبيع.

خلاصة الإشكال و الرد إننا نمنع كون الصحة بمنزلة الجزء الفائت عرفا و شرعا. اي ليس لنا دليل على ذلك لا من العرف، و لا من الشرع.

(4) اي و لاجل أنه(1) لا دليل لنا شرعا و عرفا على الارش لا يبطل البيع بالنسبة الى ما قابله من الثمن كما في بيع ما يملك و ما لا يملك كبيع الخمر مع الشاة، أو الخنزير مع الدار، فالبيع بالنسبة الى الشاة و الدار صحيح، و بالنسبة الى الخمر و الخنزير باطل.

ص: 218


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيما قابله من الثمن، بل كان الثابت بفواته مجرد استحقاق المطالبة بل لا يستحق (1) المطالبة بعين ما قابله على ما صرح به العلامة، و غيره.

ثم (2) منع كون الجزء الفائت يقابل بجزء من الثمن اذا اخذ وجوده في المبيع الشخصي على وجه الشرطية كما (3) في بيع الارض

+++++++++++

(1) اي المشتري.

(2) هذا إشكال منه قدس سره على القائل بأن الصحة و إن كانت وصفا، إلا أنها بمنزلة جزء المبيع.

خلاصته إننا نمنع كون الجزء الفائت يقابل بجزء من الثمن، لأن الجزء إنما يقابل بجزء من الثمن اذا لم يؤخذ وجوده في المبيع الشخصي على وجه الشرطية، و أما اذا اخذ على ذلك فهو كبقية الشروط لا تقابل بجزء من الثمن.

و من المعلوم أن الجزء الفائت فيما نحن فيه اخذ على وجه الشرطية فلا يقابل بجزء من الثمن.

و أما وجه الصعوبة فلأن الوارد في الأخبار هو(1) و المبيع، و اخذ الارش ليس فيه رد، لا كلا و لا جزء.

(3) تنظير لكون الجزء مأخوذا على نحو الشرطية.

خلاصته إن بيع الأرض على أنها جريان معينة: اي بشرط كونها خمس عرصات مثلا، ثم تبين أنها اربع عرصات، فإن العرصة (2)الفائتة التي هي جزء المبيع لا تقابل بالثمن، فللمشتري هنا خيار الفسخ بالرد، لتخلف الشرط: و هو كون العرصة جربان معينة، لأن المبيع عين شخصية معينة، لا كلية حتى تتبدل بجربان اخرى.

ص: 219


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على أنها جريان (1) معينة، و ما نحن (2) فيه من هذا القبيل.

و بالجملة (3) فالظاهر عدم الخلاف في المسألة.

بل (4) الاجماع على التخيير بين الرد و الارش.

نعم (5) يظهر من الشيخ في غير موضع من المبسوط(1) أن اخذ الارش مشروط باليأس عن الرد، لكنه (6) مع مخالفته لظاهر

+++++++++++

(1) بضم العين و سكون الراء جمع جريب.

و له جمع آخر: و هو أجربة.

و الجريب له اطلاقان:

اطلاق يراد منه المكيال المعين يقال له: القفيز.

و اطلاق يراد منه مقدار معين من الارض.

و لا زال الاطلاقان موجودين الى عصرنا الحاضر في بعض البلدان.

و استعماله في الارض في الأحاديث الشريفة، و في اصطلاح الفقهاء كثير جدا.

(2) و هو المبيع المعيب يكون من قبيل بيع جربان معينة، حيث اخذ الجزء الفائت وجوده على وجه الشرطية، لأنه مبيع شخصي معين، لا كلي حتى يستبدل بعين اخرى، ليصح البيع.

(3) اي و خلاصة الكلام أنه لا خلاف في مسألة خيار العيب أن المشتري ليس له سوى رد(2) المعيب كما هو المستفاد من الأخبار الآتية.

(4) هذا رأيه قدس سره: اي ليس لنا دليل على التخيير بين الرد و الارش سوى الاجماع، و أما الأخبار فليس فيها دلالة على ذلك.

(5) استدراك عما افاده: من الاجماع المذكور.

(6) اي لكن هذا الاشتراط المذكور مع أنه مخالف لما ذهب إليه -

ص: 220


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كلامه في النهاية(1) و بعض مواضع المبسوط ينافيه (1) اطلاق الأخبار بجواز اخذ الارش، فافهم (2).

ثم إن في كون ظهور العيب مثبتا للخيار، أو كاشفا عنه ما تقدم في خيار الغبن (3).

و قد عرفت أن الأظهر ثبوت الخيار بمجرد العيب و الغبن واقعا (4) و إن كان ظاهر كثير من كلماتهم يوهم حدوثه (5) بظهور العيب

+++++++++++

- قدس سره في النهاية، و في بعض واضع المبسوط، حيث افاد في الموضعين بجواز اصل الأرش من دون اشتراطه باليأس عن الرد:

مناف للاطلاق في الأخبار الآتية الدالة على جواز اخذ الارش سواء أ كان هناك بأس عن الرد أم لا.

(1) الجملة مرفوعة محلا خبر لاسم لكنه في قوله في ص 220: لكنه و قد عرفت معناه في هذه الصفحة من الهامش عند قولنا: مناف

(2) لعله اشارة الى عدم التنافي بين ما قاله في ص 214:

و أما الارش فلم يوجد في الأخبار ما يدل على التخيير بينه، و بين الرد.

و بين ما قاله هنا: ينافيه اطلاق الأخبار بجواز اخذ الارش، لأن مورد النفي هناك هو وجود دليل على صحة اخذ الارش مع وجود مورد يجوز فيه الرد شرعا.

و مورد اثبات اخذه هنا هو عدم اليأس من الرد، و اليأس عن الرد مع وجود دليل على جواز اخذ الارش.

(3) اي كل ما قلناه في خيار الغبن نقوله في خيار العيب.

(4) راجع (المكاسب) الجزء 15 ص 131 - الى ص 196.

(5) اى حدوث خيار العيب بظهور العيب اي بعد أن ظهر له الخيار.

ص: 221


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

خصوصا بعد ظهور كون العيب(1) بمنزلة رؤبة المبيع على خلاف ما اشترط.

و قد صرح العلامة بعدم جواز إسقاط خيار الرؤية قبلها، معللا بأن الخيار إنما يثبت بالرؤية (1).

لكن المتفق عليه هنا (2) نصا و فتوى جواز التبري (3): و إسقاط خيار العيب.

و يؤيد ثبوت الخيار هنا (4) بنفس العيب أن (5) استحقاق المطالبة بالارش الذي هو احد طرفي الخيار لا معنى لثبوته (6) بظهور العيب بل هو (7) ثابت بنفس انتفاء وصف الصحة.

هذا (8) مضافا الى أن الظاهر من بعض أخبار المسألة أن السبب هو نفس العيب، لكنها (9)

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 401 عند قوله في المسألة 36: اذا اختار.

(2) اي في خيار العيب.

(3) اي التبري من العيب.

(4) اي في خيار العيب.

(5) جملة أن استحقاق مرفوعة محلا فاعل لقوله، و يؤيد.

(6) اي لثبوت الارش الذي هو احد طرفي الخيار.

(7) اي الارش ثابت بمجرد انتفاء وصف الصحة عن المعيب.

(8) اي ما قلناه حول ثبوت خيار العيب بالإضافة الى ظهور بعض أخبار العيب في أن السبب في الخيار هو شخص العيب و نفسه.

(9) اي لكن هذه الأخبار لا تدل على نفس العيب و شخصه علة تامة في ثبوت الخيار: اي العيب هو السبب الوحيد في الخيار.

ص: 222


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا تدل على العلية التامة فلعل (1) الظهور شرط.

و كيف كان (2) فالتحقيق ما ذكرناه في خيار الغبن: من (3) وجوب الرجوع في كل حكم من أحكام هذا الخيار الى دليله، و أنه يفيد ثبوته بمجرد العيب، أو بظهوره، و المرجع فيما لا يستفاد من دليله احد الامرين (4) هي القواعد، فافهم.

ثم إنه لا فرق في هذا الخيار (5) بين الثمن و المثمن كما صرح به

+++++++++++

(1) اي و من الامكان أن ظهور العيب له دخل في ثبوت الخيار على نحو الشرطية: اي ظهور العيب شرط في الخيار.

(2) يعني أي شيء قلنا في ثبوت خيار العيب: اي.

هل هو بنفس العيب، أو بظهوره بعد الشراء؟

(3) كلمة من بيان لما ذكره في خيار الغبن: اي ما ذكرناه عبارة عن وجوب الرجوع في كل حكم من أحكام خيار العيب الى دليله.

فإن استفيد من دليله ثبوت الخيار بنفس العيب و بمجرده نعمل به.

و إن استفيد من دليله ثبوت الخيار بعد ظهور العيب نعمل به كما قلناه في خيار الغبن.

راجع (المكاسب) الجزء 15 من ص 131 - الى ص 196.

(4) و هما: ثبوت خيار العيب بمجرد العيب، و وجوده في المبيع عند اجراء العقد.

أو ثبوت الخيار في المعيب بسبب ظهور العيب فيه اي بعد أن ظهر العيب يثبت الخيار للمشتري.

(5) اي في خيار العيب: يعني إن كان العيب في المثمن الذي هو المبيع فالخيار للمشتري. -

ص: 223

العلامة(1) و غيره هنا (1)، و في باب الصرف فيما اذا ظهر احد (2) عوضي الصرف معيبا.

و الظاهر أنه مما لا خلاف فيه (3)، و إن كان مورد الأخبار ظهور العيب في المبيع (4)، لأن (5) الغالب كون الثمن نقدا غالبا و المثمن متاعا، فيكثر فيه (6)

+++++++++++

- و إن كان العيب في الثمن فالخيار للبائع.

(1) اي في خيار العيب.

(2) و المراد باحد عوضي الصرف هو الثمن و المثمن.

و هذا شاهد على أن خيار العيب مشترك بين الثمن و المثمن، و أنه لا فرق بينهما في ثبوت الخيار لأحد المتعاقدين لو ظهر في احد العوضين عيب.

أو لكليهما لو ظهر في العوضين عيب.

(3) اي في جريان خيار العيب في الثمن و المثمن.

(4) و هو المثمن، لكثرة وجود العيب فيه.

(5) تعليل لظهور الأخبار في وجود العيب في الذي هو الثمن(2) غالبا.

خلاصته إن العملة الخارجية هي التي تقع غالبا ثمنا، اذ قل ما يتفق وجود المتاع ثمنا.

و العملة الخارجية التي هي النقود، و المراد منها الدنانير و الدراهم التي تتصدى لضربها الحكومات و الدول: التزيف فيها غير ممكن من قبل الهيئة المشرفة على ضربها، و المتعهدة للضرب لمخالفة التزيف لكيالها، و لسقوط العملة عن الاعتبار داخلا و خارجا.

(6) اي في المثمن.

ص: 224


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

العيب، بخلاف النقد (1).

القول في مسقطات هذا الخيار بطرفيه، أو احدهما
اشارة

(القول في مسقطات هذا الخيار (2) بطرفيه، أو احدهما).

مسألة: يسقط الرد خاصة بأمور
اشارة

(مسألة) (3):

يسقط الرد خاصة بأمور (4).

+++++++++++

(1) عرفت وجه الخلاف في النقد عند قولنا: في الهامش 5 ص 224: خلاصته إن العملة.

و أما الأخبار الظاهرة في كون العيب في المبيع.

فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الى ص 363.

أليك نص الحديث الثاني.

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب أو عوار لم يتبرأ إليه، و لم يبين له فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا، ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء إنه بمضي عليه البيع و يرده عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به.

(2) و هو خيار العيب.

و المراد من طرفيه هما: الثمن(1) و المثمن.

و المراد من احدهما: إما المثمن، أو الثمن.

(3) هنا ثلاث مسائل، هذه أولاها.

(4) و هي أربعة.

ص: 225


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
أحدها: التصريح بالتزام العقد و إسقاط الردّ و اختيار الأرش

(احدها) (1) التصريح بالتزام العقد، و إسقاط الرد و اختيار الارش.

و لو اطلق الالتزام بالعقد فالظاهر عدم سقوط الارش.

و لو اسقط الخيار فلا يبعد سقوطه.

الثاني التصرف في المعيب عند علمائنا

(الثاني) (2) التصرف في المعيب عند علمائنا كما في التذكرة (3)

و في السرائر الاجماع على أن التصرف يسقط الرد بغير خلاف منهم و نحوه المسالك(1)

و سيأتي الخلاف في الجملة من الاسكافي و الشيخين و ابن زهرة و ظاهر المحقق، بل المحقق الثاني.

و استدل عليه (4) في التذكرة أيضا تبعا للغنية(2): بأن (5) تصرفه فيه رضا منه به على الاطلاق، و لو لا ذلك (6) لكان ينبغي له

+++++++++++

(1) اي احد تلك الامور المسقطة لخيار العيب هو تصريح احد المتعاقدين، أو كليهما.

(2) اي الامر الثاني من الأمور المسقطة لخيار العيب.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 360 عند قوله: تصرف المشتري كيف كان يسقط الرد بالعيب السابق عند علمائنا.

(4) اي العلامة قدس سره قد استدل على أن التصرف في المعيب يسقط الرد.

(5) الباء بيان لكيفية استدلال العلامة في التذكرة.

(6) اي و لو لا أن تصرف المشتري في المعيب بعد علمه به رضا منه: لكان الواجب عليه الصبر الى أن يعلم أن هذه المعاملة صحيحة أم فاسدة.

ص: 226


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الصبر و الثبات حتى يعلم حال صحته و عدمها.

و بقول (1) أبي جعفر عليه السلام في الصحيح:

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار (2) لم يتبرأ إليه و لم يبين له، فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار و بذلك الداء: إنه يمضي عليه البيع، و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به (3).

و يدل (4) عليه مرسلة جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

في الرجل يشتري الثوب، أو المتاع فيجد فيه عيبا؟

فقال (5): إن كان الشيء قائما (6) بعينه رده

+++++++++++

(1) اي استدل العلامة قدس سره في التذكرة أيضا بقول الامام أبي جعفر عليه السلام على أن التصرف في المعيب بعد العلم بالعيب مسقط للرد.

(2) العوار هو العيب: و هو بفتح العين و كسرها.

يقال: سلعته ذات عوار: أي معيب.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 360 في المسألة التاسعة عند قوله: تصرف المشتري.

و راجع حول الحديث (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 16 الحديث 2.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره: اي و يدل على سقوط الرد بالتصرف في المعيب بعد العلم بالعيب.

(5) اي الامام الصادق عليه السلام.

(6) المراد من كونه قائما بعينه عدم التصرف في المبيع المعيب -

ص: 227

و اخذ الثمن.

و إن كان الثوب قد قطع (1)، أو خيط، أو صبغ يرجع (2) بنقصان العيب (3)، هذا (4).

و لكن (5) الحكم بسقوط الرد بمطلق التصرف حتى مثل قول المشتري للعبد المشترى: ناولني الثوب، أو اغلق الباب على ما صرح به العلامة في التذكرة (6).

+++++++++++

- بأي نحو من أنحاء التصرف.

(1) اي قد فصل القماش المشتري بالمقراض، أو بشيء آخر.

(2) اي المشتري على البائع فيأخذ منه بمقدار ما نقص عن المبيع الصحيح، من دون أن يرده عليه.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 463 الباب 16 الحديث 3.

(4) اي خذ ما تلوناه عليك: من الأدلة حول سقوط الرد بتصرف المشتري في المبيع المعيب.

(5) من هنا يروم قدس سره أن يورد على سقوط الرد بمطلق التصرف حتى في مثل قول المشتري للعبد المشترى ناولني الكأس أو العصا، أو اغلق الباب.

كما صرح العلامة قدس سره بسقوط الرد بمطلق التصرف.

(6) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382 عند قوله: و لو كان شيء خفيف مثل اسقني، أو ناولني الثوب أو اغلق الباب سقط الرد أيضا.

ص: 228

في غاية الإشكال، لاطلاق (1) قوله عليه السلام: إن كان الشيء قائما بعينه رده المعتضد (2) بإطلاق الأخبار في الرد (3) خصوصا ما ورد في رد الجارية بعد ما لم تحض ستة أشهر عند المشتري (4) ورد المملوك في أحداث السنة (5)، و نحو ذلك مما يبعد التزام التقييد فيه بصورة عدم التصرف فيه بمثل اغلق الباب، و نحوه (6) و عدم (7) ما يصلح للتقييد.

+++++++++++

(1) تعليل لكون سقوط الرد بمطلق التصرف في غاية الإشكال خلاصته إن قوله عليه السلام: إن كان الثوب قائما بعينه رده من باب المثال: يعني أي شيء كان على الهيئة الاصلية و لم يتغير، سواء أ كان ثوبا أم غيره و إن تصرف فيه تصرفا غير مغير لصورته الاصلية يرده على صاحبه عند ظهور العيب فيه.

فالتصرفات الخفيفة التي ذكرت لا يكون مسقطة للرد، للاطلاق المذكور في قوله عليه السلام، حيث لم يقيد الرد بعدم التصرف.

(2) بالجر صفة لكلمة لاطلاق: اي الاطلاق المعتضد بإطلاق الأخبار الواردة في الرد.

(3) راجع حول الأخبار المطلقة (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 16 الأحاديث.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 413 الباب 3 الحديث 1.

(5) راجع (المصدر نفسه) ص 412 الباب 3 الحديث(1) 4.

(6) كقولك: ناولني الثوب، أو اسقني ماء.

(7) بالجر عطفا على قوله في هذه الصفحة: لاطلاق قوله عليه السلام:

اي و لعدم ما يصلح تقييد التصرف(2) بالتصرف الدال على الرضا بالعقد

ص: 229


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مما استدل به (1) للسقوط (2)، فان مطلق التصرف لا يدل على الرضا، خصوصا مع الجهل بالعيب.

و أما المرسلة (3) فقد عرفت اطلاقها لما يشمل لبس الثوب و استخدام العبد، بل وطء الجارية لو لا النص المسقط للخيار به (4).

+++++++++++

(1) اي من الأدلة التي استدل الفقهاء به.

(2) تعليل لعدم سقوط الرد.

لا يخفى أن كلامنا(1) كان في المبيع المعيب الذي ظهر عيبه، و علم به المشتري، لا في صورة جهله كما هو صريح الرواية المروية عن الامام أبي جعفر عليه السلام في قوله في ص 227.

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار و لم يتبرأ إليه، و لم يبين له فاحدث فيه بعد ما قبضه ثم علم بذلك.

(3) و هي التي رويت عن جميل المتقدمة في ص 227.

من هنا يروم قدس سره الاستشهاد بالمرسلة المذكورة في ص 217 على مدعاه: و هو أن مطلق التصرف لا يدل على سقوط الرد، لأن قوله عليه السلام: إن كان الثوب قائما بعينه يدل على أن العين المعيبة اذا كانت على هيئته الأصلية و لم تتغير بأي نحو من أنحاء التغيرات و التصرفات يردها على صاحبها.

و المراد من الثوب القائم بعينه هو المتاع المشترى الشامل لكل سلعة، قائمة على هيئته الاصلية، فاذا كان المتاع قائما بعينه و إن تصرف فيه تصرفا خفيفا لا يخرج العين عن حالته الاصلية، و هيئته الأولية جاز رده.

(4) اي بالوطء.

ص: 230


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و أما الصحيحة (1) فلا يعلم المراد من إحداث شيء في المبيع لكن (2) الظاهر، بل المقطوع عدم شموله لغة، و لا عرفا لمثل استخدام العبد و شبهه: مما مرّ من الأمثلة (3)، فلا يدل (4)

+++++++++++

(1) و هي المروية عن ابي جعفر عليه السلام المذكورة في ص 227 مراده قدس سره أنّ الصحيحة المستدل بها على سقوط الرد بالتصرف في قوله عليه السلام: فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا: لا يعلم المراد من الإحداث: كما و كيفا، اذ لعل المراد منه الإحداث المغير للعين: بحيث لم تكن باقية على هيئتها الاصلية. فحينئذ لا يجوز ردها.

(2) هذا رأيه قدس سره في مقدار دلالة الصحيحة.

خلاصته: إن الظاهر منها، بل المقطوع و المسلم عدم شمول الإحداث المذكور فيها للمبيع اذا كان عبدا لو استخدم في خدمة جزئية كسقي الماء للمشتري، أو غلق الباب له، أو تهيئة ملابسه للخروج من الدار و غير ذلك مما يعد تصرفا خفيفا غير مغير للهيئة الاصلية، فالإحداث لا يشمل مثل هذه التصرفات، لا لغة و لا عرفا.

(3) مثل اغلق الباب، أو ناولني الثوب المذكوران في ص 228.

(4) اي الإحداث المذكور في الصحيحة المذكورة في ص 227 لا يدل على أزيد مما يدل ذيل المرسلة المذكورة في ص 227 و ذيل المرسلة هو قوله عليه السلام:

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط، أو صبغ.

الدال هذا الذيل على التصرف المغير للمبيع عن صورته الأصلية فالمراد من الإحداث في الصحيحة هو مثل هذه التصرفات المغيرة للعين، لا التصرفات الطفيفة.

ص: 231

على أزيد مما دل عليه ذيل المرسلة: من (1) أن العبرة بتغير العين و عدم قيامها بعينها.

اللهم (2) إلا أن يستظهر بمعونة ما تقدم في خيار الحيوان:

من النص الدال على أن المراد باحداث الحدث في المبيع هو أن ينظر

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: مما دلّ:

اي ما دل عليه ذيل المرسلة هو الاعتبار و الملاك في الإحداث بتغير العين عن هيئتها الاصلية، و عدم بقائها على صفتها الأولية، فلا يشمل الأمثلة المذكورة.

(2) استثناء عما افاده: من أن الإحداث الوارد في المرسلة المذكورة لا يدل على سقوط الرد بمطلق التصرفات حتى الخفيفة.

خلاصته أنه من الممكن أن يستظهر سقوط الرد في المعيب بالتصرفات الخفيفة باعانة ما تقدم في خيار الحيوان بالنص الوارد فيه الدال على أن المراد بالإحداث الوارد في الحيوان في قوله عليه السلام: فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط:

هو النظر الى ما يحرم النظر إليه قبل الشراء في قوله عليه السلام:

إن لامس، أو قبل، أو نظر منها الى ما كان يحرم عليه قبل الشراء فكيفية الإعانة بالحديث هو أنه اذا كان مجرد النظر المختص بالمالك يعد حدثا و موجبا لسقوط الرد.

فبالأحرى أن يدل الحديث على سقوط الرد في المبيع المعيب بكل تصرف و إن كان خفيفا.

فالحاصل إن النص المذكور دليل على المراد: و هو سقوط الخيار -

ص: 232

الى ما حرم النظر إليه قبل الشراء.

فاذا كان مجرد النظر المختص بالمالك حدثا دل على سقوط الخيار هنا (1) بكل تصرف، فيكون ذلك النص (2) دليلا على المراد بالحدث هنا.

و هذا (3) حسن، لكن إقامة البينة على اتحاد معنى الحدث في المقامين (4)، مع عدم مساعدة العرف على ظهور الحدث في هذا المعنى مشكلة.

ثم إنه اذا قلنا بعموم الحدث في هذا المقام لمطلق التصرف فلا

+++++++++++

- و أما النص المذكور فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 الحديث 1.

(1) اي في خيار الحيوان.

(2) و هو النص الوارد في خيار الحيوان المشار إليه في الجزء 14 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 272.

(3) و هو الاستظهار المذكور المستفاد من الاستعانة بالنص الوارد في خيار الحيوان المشار إليه في الهامش 2 ص 232.

(4) و هو مقام خيار الحيوان، و مقام خيار العيب: بمعنى(1) دون الحدث في المقامين بمعنى واحد مشكل جدا، و لا سيما مع عدم مساعدة العرف على ظهور الحدث في هذا المعنى: و هو مطلق التصرف و إن كان خفيفا، لأن معنى الحدث المراد منه في الجارية هو نظر مالكها الى ما لا يجوز النظر إليه كالفرج.

بخلاف الحدث في المبيع المعيب كالسقي، و غلق الباب، فان بينهما اختلافا شاسعا.

ص: 233


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

دليل على كونه (1) من حيث الرضا بالعقد فلا يتقيد (2) بالتصرف الدال عليه، و إن كان النص (3) في خيار الحيوان دالا على ذلك (4) بقرينة التعليل (5) المذكور فيه على الوجوه المقدمة هناك في المراد من التعليل (6).

لكن كلمات كثير منهم في هذا المقام (7) أيضا تدل على سقوط

+++++++++++

(1) اي مطلق التصرف.

(2) اي مطلق التصرف لا يتقيد بالتصرف الدال على الرضا بالعقد

(3) المراد منه هي صحيحة ابن رئاب في قوله عليه:

فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط له.

قبل له: و ما الحدث؟

قال: إن لامس، أو قبل، أو نظر منها ما كان يحرم عليه قبل الشراء.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350 الباب 4 الحديث 1

(4) اي على أن التصرف دال على الرضا بالمبيع في زمان الخيار.

(5) و هو قوله عليه السلام في الصحيحة المذكورة: فذلك رضا منه، فان هذا التعليل قرينة واضحة على أن التصرف في المبيع في زمن الخيار دليل على الرضا بالعقد.

(6) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 14 من ص 185 الى ص 195 عند قوله: فذلك رضا منه فلا شرط له يحتمل وجوها.

(7) اي في مقام التصرف.

ص: 234

هذا الخيار (1) بالتصرف من حيث الرضا.

بل عرفت من التذكرة (2) و الغنية أن علة السقوط دلالة التصرف نوعا على الرضا.

و نحوه (3) في الدلالة على كون السقوط بالتصرف من حيث دلالته على الرضا كلمات جماعة ممن تقدم عليه، و من تأخر عنه.

قال (4) في المقنعة(1): فان لم يعلم المبتاع بالعيب حتى احدث فيه حدثا لم يكن له الرد، و كان له ارش العيب خاصة.

و كذلك حكمه اذا احدث فيه بعد العلم، و لا يكون (5) إحداثه الحدث بعد المعرفة بالعيب رضا به منه، انتهى (6).

+++++++++++

(1) اي خيار العيب، لأن التصرف دال على الرضا بالعقد.

(2) عند نقله عنها في ص 226: و استدل عليه في التذكرة أيضا تبعا للغنية: بأن تصرفه فيه رضا منه به على الاطلاق.

(3) اي و نحو ما في التذكرة و الغنية.

من هنا اخذ قدس سره في عد كلمات جماعة تقدموا على السيد ابن زهرة و العلامة قدس اللّه نفسيهما: في أن التصرف دال على الرضا بالعقد، و يسقط عنه الرد.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري أيضا: اي و كذلك حكم (شيخ الامة شيخنا المفيد) قدس اللّه نفسه الزكية: بأن المشتري اذا احدث في المبيع بعد العلم بالعيب يسقط رده، و له الارش خاصة.

(5) تعليل من شيخنا المفيد قدس سره لعدم سقوط الارش و إن احدث المشتري في المعيب بعد العلم بالعيب.

(6) اي ما افاده (شيخ الامة) في المقنعة في هذا المقام.

ص: 235


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فان (1) تعليله عدم سقوط الارش بعدم دلالة الإحداث على الرضا بالعيب ظاهر، خصوصا بملاحظة ما يأتي من كلام غيره: في أن (2) سقوط الرد بالحدث. لدلالته (3) على الرضا باصل البيع.

و مثلها (4) عبارة النهاية(1) من غير تفاوت.

و قال (5) في المبسوط: اذا كان المبيع بهيمة فاصابها عيب كان له (6) ردها، فاذا كان (7) في طريق الرد جاز له ركوبها و علفها و سقيها، و حلبها، و اخذ لبنها، و إن انتجت (8)

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره.

و المراد من التعليل ما اشرنا إليه في الهامش 5 ص 234.

(2) هذا كلام غير صاحب(2) المقنعة الدال على أن الإحداث في المعيب لا يوجب سقوط الارش.

(3) تعليل لكون الحدث دالا على اصل البيع، لا على سقوط الارش، فهذا الكلام مؤيد لما افاده (شيخ الامة) قدس سره.

(4) استشهاد ثان منه في عد كلمات جماعة من الفقهاء على أن إحداث الحدث في المعيب لا يوجب سقوط الارش: اي و مثل عبارة المقنعة عبارة الشيخ قدس سره في النهاية طابق النعل بالنعل، من دون تفاوت.

(5) استشهاد ثالث منه في عد كلمات جماعة من الفقهاء على أن الإحداث في المعيب لا يوجب سقوط الارش.

(6) اي للمشتري رد البهيمة التي اصابها عيب.

(7) اي اذا كان المشتري في طريق رد البهيمة المصابة بالعيب.

(8) اي البهيمة المصابة بالعيب لو ولدت فالمولود يكون للمشتري.

ص: 236


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كان له (1) نتاجها، كل هذا (2)، لأنه ملكه، و له (3) فيه فائدته(1)، و عليه (4) مئونته، و الرد لا يسقط، لأنه إنما يسقط الرد بالرضا بالمعيب، أو ترك الرد بعد العلم به، أو بأن يحدث فيه عيب عنده، و ليس هنا (5) شيء من ذلك (6)، انتهى (7).

و قال (8) في الغنية(2). و لا يسقط بالتصرف بعد العلم بالعيب حق

+++++++++++

(1) مرجع الضمير المشتري كما علمت.

(2) اي جميع هذه الأشياء التي هي الركوب، و العلف، و السقي و الحلب، و اخذ لبن البهيمة، و التي قلنا بجواز اخذها لاجل أن المبيع عند ما اشتراه اصبح ملكا له.

(3) اي و للمشتري فائدة هذا المبيع.

(4) اي و على المشتري مئونة هذا المبيع.

فالفائدة بإزاء المئونة فتصدق قاعدة:

من عليه الغرم فله الغنم.

(5) اي و ليس في البهيمة المبيعة المصابة شيء مما ذكر: من الرضا بالمعيب، أو ترك الرد بعد العلم بالعيب، أو حدوث عيب فيه عند المشتري حتى يوجب احد ما ذكر سقوط الرد.

(6) مرجع اسم الاشارة ما ذكرناه في الهامش 5 من هذه الصفحة.

(7) اي ما افاده الشيخ في المبسوط.

راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 139 عند قوله:

اذا كان المبيع بهيمة فاصابها عيب.

(8) استشهاد رابع منه قدس سره في عد كلمات جماعة من الفقهاء رضوان اللّه عليهم على ان إحداث الحدث في المعيب لا يوجب سقوط الرد.

ص: 237


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المطالبة بالارش، لأن التصرف دلالة الرضا بالبيع، لا بالعيب انتهى (1).

و في السرائر(1) (2) قال في حكم من ظهر (3) على عيب فيما اشتراه:

و لا يجبر على احد الأمرين: يعني الرد، أو الارش.

و قال (4): هذا لم(2) يتصرف فيه تصرفا يؤذن بالرضا في العادة أو تنقص قيمته بالتصرف، انتهى (5).

و في الوسيلة (3)(6): و يسقط الرد باحد ثلاثة أشياء:

بالرضا، و بترك الرد بعد العلم بالعيب اذا عرف أن له الرد و بحدوث عيب آخر عنده، انتهى (7).

و هي (8) بعينها كعبارة المبسوط المتقدمة ظاهرة:

+++++++++++

(1) اي ما افاده صاحب الغنية في هذا المقام.

(2) استشهاد خامس منه في عد كلمات الفقهاء على أن إحداث الحدث في المعيب لا يوجب سقوط الرد.

(3) اي من اطلع على عيب.

(4) اي ابن ادريس قدس سره في السرائر قال: هذا: يعني عدم جواز جبر المشتري على الرد، أو أخذ الأرش.

(5) اي ما افاده ابن ادريس في السرائر.

(6) استشهاد سادس منه في عد كلمات الفقهاء على أن إحداث الحدث في المعيب لا يوجب سقوط الرد.

(7) اي ما افاده في الوسيلة في هذا المقام.

(8) اي عبارة الوسيلة بعينها عبارة المبسوط المتقدمة في ص 236.

ص: 238


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في (1) أن التصرف بنفسه ليس مسقطا، إلا اذا دل على الرضا.

و قال (2) في التذكرة: لو ركبها، ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك (3) رضا منه بامساكها.

و لو حلبها (4) في طريق الرد فالأقوى (5) أنه تصرف يؤذن بالرضا بها.

و قال (6) بعض الشافعية: لا يكون (7) رضا بامساكها، لأن (8) اللبن ماله و قد استوفاه في حال الرد، انتهى (9).

+++++++++++

(1) بيان للظهور.

(2) اي العلامة قدس سره.

(3) اي الركوب لاجلى السقي و الرد ليس دليلا على الرضا بالمبيع المعيب.

(4) هذه عبارة التذكرة أيضا: اي لو حلب الدابة عند ما يريد ارجاعها الى صاحبها و هو في طريق الرد.

(5) اي الأقوى أن هذا الحلب في طريق الرد - تصرف في المعيب و التصرف هذا مشعر بالرضا بالدابة المعيبة.

(6) هذا أيضا من متممات عبارة التذكرة.

(7) اي الحلب في طريق الرد لا يكون رضا من المشتري: بأنه اراد تملكه.

(8) تعليل من بعض الشافعية على أن الحلب في طريق الرد لا يكون دليل(1) على إرادة تملك المشتري للمعيب.

(9) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 380 عند قوله: (الثالث) لو حلبها.

ص: 239


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و في (1) جامع المقاصد(1) و المسالك في رد ابن حمزة القائل بأن التصرف(2) بعد العلم يسقط الارش أيضا (2).

إن (3) التصرف لا يدل على إسقاط الارش.

نعم يدل (4) على الالتزام بالعقد.

و في التحرير (3)(5) لو نقل المبيع، أو عرضه للبيع، أو تصرف فيه بما يدل على الرضا قبل العلم بالعيب و بعده سقط الرد، انتهى (6)

و قد ظهر (7) من جميع ذلك أن التصرف من حيث هو ليس مسقطا، و انما هو التزام و رضا بالعقد فعلا، فكل تصرف يدل على ذلك (8) عادة فهو مسقط، و ما (9) ليس كذلك فلا دليل على

+++++++++++

(1) استشهاد سابع منه في عد كلمات الفقهاء الدالة على أن إحداث الحدث في المبيع المعيب لا يوجب سقوط الرد.

(2) اي كما يسقط الرد يسقط الارش أيضا.

(3) هذا ما افاده المحقق الكركي في جامع المقاصد.

و الشهيد الثاني قدس سرهما في المسالك.

(4) اي التصرف.

(5) استشهاد ثامن منه في عد كلمات الفقهاء الدالة على أن إحداث الحدث في المبيع المعيب لا يوجب سقوط الرد.

(6) اي ما افاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

(7) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره: اي ظهر من جميع ما ذكرناه من كلمات الفقهاء التي ذكرناها لك.

(8) اي على الالتزام بالعقد، و الرضاء به فعلا.

(9) اي و كل تصرف لا يدل على الالتزام بالعقد و الرضا به فعلا -

ص: 240


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الإسقاط به كما (1) لو وقع نسيانا، أو للاختبار (2).

و مقتضى ذلك (3) إنه لو وقع التصرف قبل العلم بالعيب لم يسقط خصوصا (4) اذا كان مما يتوقف العلم بالعيب عليه، و حصل (5)

+++++++++++

- فلا يوجب إسقاط الرد، لعدم وجود دليل عليه بسبب العيب الموجود في المبيع المعيب.

(1) تنظير للتصرف الذي لا يكون فيه التزام بالعقد فعلا و الرضا به: اي كما لو وقع التصرف في المبيع المعيب من يد المشتري نسيانا فلا يسقط الرد بهذا التصرف، لعدم الالتزام بالعقد فعلا.

(2) هذا تنظير ثان للتصرف الذي ليس فيه الالتزام بالعقد فعلا.

اي كما لو وقع التصرف في المبيع المعيب لاجل الامتحان و الاطلاع فبهذا التصرف للاختبار لا يسقط الرد، لعدم الالتزام بالعقد به.

(3) اي و مقتضى ما ذكرناه لك: من أن التصرف من حيث هو تصرف لا يدل على إسقاط الخيار، و إنما هو التزام و رضا بالعقد فاذا كان التصرف يدل على ذلك عادة فهو مسقط للرد.

و كل تصرف ليس كذلك لا يوجب اسقاط الرد.

(4) اي و لا سيما اذا كان التصرف في المعيب مما يتوقف العلم بالعيب على التصرف: بمعنى أنه لو لم يتصرف في المعيب لم يطلع على العيب الموجود فيه.

فمثل هذا التصرف لا يوجب اسقاط الرد.

(5) اي و حصل هذا التصرف بقصد الاختبار و الامتحان كما علمت آنفا.

ص: 241

بقصد الاختبار.

إلا (1) أن المعروف خصوصا بين العلامة، و من تأخر عنه عدم الفرق في السقوط بالتصرف بين وقوعه قبل العلم بالعيب، أو بعده.

و الذي (2) ينبغي أن يقال: و إن كان ظاهر المشهور خلافه:

إن التصرف بعد العلم مسقط للرد اذا كان دالا بنوعه على الرضا كدلالة اللفظ على معناه، لا مطلق (3) التصرف.

و الدليل (4) على اسقاطه، مضافا الى أنه التزام فعلي فيدل عليه

+++++++++++

(1) استثناء عما افاده آنفا: من أن التصرف إنما يكون مسقطا للعيب اذا كان المشتري(1) بعد العلم بالعيب: اي العلامة و من تأخر عنه افادوا سقوط الخيار بالتصرف، سواء أ كان قبل العلم بالعيب أم بعده

(2) هذا رأيه قدس سره: اي الحق الذي ينبغي أن يقال في هذا المقام و إن كان ما نقوله خلاف المشهور: هو أن التصرف إنما يكون مسقطا اذا كان نوعه دالا على الرضا، لا شخصه.

كما في دلالة الألفاظ على معانيها، حيث إنها بالظهور النوعي عند العرف، لا بالظهور الشخصي.

كما في دلالة البيع على الإنشاء، لا على الإخبار، فانه او ادعى البائع الإخبار من قوله: بعت لم يسمع منه.

(3) اي و ليس مطلق التصرف دالا على الالتزام بالعقد، و الرضا به كقوله للعبد: اسقني ماء، أو اغلق الباب.

(4) اي الدليل على أن مثل هذا التصرف إسقاط للرد بالإضافة الى أن مثل هذا التصرف التزام فعلي، و أنه يدل على سقوط الرد بمثل هذا التصرف كل ما يدل على الالتزام اذا دل عليه باللفظ: -

ص: 242


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ما يدل على اعتبار الالتزام اذا دل عليه باللفظ ما تقدم في خيار الحيوان من تعليل السقوط بالحدث: بكونه رضا بالبيع، و لذا (1) تعدينا الى خيار المجلس و الشرط و حكمنا بسقوطهما بالتصرف (2)، فكذلك خيار العيب (3).

و أما التصرف قبل العلم بالعيب فان كان مغيرا للعين بزيادة، أو نقيصة، أو تغيير هيئة، أو ناقلا لها بنقل لازم أو جائز.

+++++++++++

- ما تقدم في خيار الحيوان: من تعليل سقوط خياره بسبب الحدث في قوله عليه السلام في صحيحة ابن رئاب المتقدمة في الجزء 14 من المكاسب ص 172: فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه، فان تعليل الامام إحداث الحدث فيما اشترى بكونه رضا من المشتري بالبيع: يدل على سقوط خيار العيب بالتصرف الذي يدل على الالتزام بالعقد فعلا.

(1) اي و لاجل أن إحداث الحدث فيما اشترى يدل على الرضا بالبيع تعدينا من خيار الحيوان الى خياري المجلس و الشرط، و حكمنا بسقوطهما.

(2) راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 15 ص 42 عند قوله: و قد عمل الأصحاب بذلك في غير مورد النص كخياري المجلس و الشرط.

(3) عند قوله في خيار الغبن: من أن التصرف قبل العلم بالعيب و التدليس ملزم، لدلالته على الرضا بالبيع فليسقط الرد، و انما يثبت الارش في خصوص العيب.

راجع، (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 15 ص 207.

ص: 243

و بالجملة صار بحيث لا يصدق معه قيام الشيء بعينه فهو مسقط أيضا، لمرسلة جميل المتقدمة (1):

و يلحق بذلك (2) تعذر الرد بموت، أو عتق، أو اجارة أو شبه ذلك (3).

و ظاهر المحقق في الشرائع الاقتصار على ذلك (4)، حيث قال في اوّل المسألة: و يسقط الرد باحداثه فيه حدثا كالعتق، و قطع الثوب، سواء أ كان قبل العلم بالعيب، أم بعده (5)

و في مسألة (6) رد المملوك من أحداث السنة.

فلو (7) أحدث ما يغير عينه، أو صفته ثبت الأرش، انتهى (8).

+++++++++++

(1) راجع ص 227 من هذا الجزء.

(2) اي بالتصرف المغير للعين بزيادة، أو نقيصة: بحيث لا يصدق معه قيام الشيء بعينه: تعذر رد المعيب.

(3) كالوقف، أو الهبة بذي الرحم.

(4) على التصرف المغير للعين بحيث لا يصدق مع هذا التصرف بقاء العين على حالها.

(5) راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الحديثة - الجزء 2 ص 36 عند قوله: و يسقط الرد: باحداثه فيه حدثا.

(6) اي و قال المحقق قدس سره في الشرائع.

(7) هذا مقول قول المحقق قدس سره.

(8) اي ما أفاده المحقق قدس سره.

راجع (شرائع الاسلام) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 40 عند قوله: فرع هذا الحكم يثبت مع عدم الإحداث، -

ص: 244

و هو (1) الظاهر من المحكي عن الاسكافي(1)، حيث قال: فان وجد (2) بالسلعة عيبا و قد احدث فيه ما لا يمكن معه (3) ردها الى ما كانت عليه قبله (4) كالوطء للأمة، و القطع للثوب، أو تعذر الرد بموت، أو نحوه (5) كان له الفضل (6) ما بين الصحة و المعيب انتهى (7).

و هذا (8) هو الذي ينبغي أن يقتصر عليه: من التصرف قبل العلم (9).

و أما ما عدا ذلك: من التصرف قبل العلم كحلب الدابة

+++++++++++

- فالشاهد في قول المحقق: من أن التصرف بالإحداث مسقط للرد فقط، لا أنه مسقط للارش أيضا(2)

(1) اي ما افاده المحقق قدس سره.

(2) اي المشتري.

(3) اي مع هذا احداث(3)

(4) اي قبل الإحداث.

(5) كالهبة بذي الرحم، أو كانت معوضة.

(6) المراد من الفضل هو التفاوت ما بين قيمة الصحيح و المعيب المعبر عنه ب: (الأرش): اي و للمشترى اخذ الارش من البائع بعد هذا النوع من التصرف.

(7) اي ما افاده الاسكافي قدس سره.

(8) اي ما افاده الاسكافي(4)

(9) اي قبل العلم بالعيب.

ص: 245


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
4- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و ركوبها، و شبه ذلك (1) فلا دليل على السقوط به (2) بحيث تطمئن به النفس.

و أقصى ما يوجد لذلك (3) صحيحة زرارة المتقدمة (4) بضميمة ما تقدم في خيار الحيوان: من التمثيل للحدث بالنظر و اللمس (5).

+++++++++++

(1) كقوله للعبد: اسقني، أو ناولني، و أمثال هذه فلا دليل على سقوط الرد، لعدم كون هذه(1) تصرفا مغيرا للعين، بالإضافة الى أن التصرف كان قبل العلم بالعيب.

(2) اي بمثل هذا التصرف كما علمت.

(3) اي لسقوط الرد لو تصرف في المعيب قبل العلم بالمعيب.

(4) اي المتقدمة في ص 227 في قوله عليه السلام:

أيّما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار لم يتبرأ إليه، و لم يبين له فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء: إنه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء

فالشاهد في قوله عليه السلام: ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء الدال على أن الإحداث في المبيع كان قبل العلم.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 16 الحديث 2.

(5) في قوله عليه السلام: اذا قبل، أو لامس، أو نظر منها الى ما يحرم على غيره فقد انقضى الشرط و لزمته.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 14 ص 174.

اذ لو لا ضم هذا الحديث الشريف بصحيحة زرارة المشار إليها في الهامش 4 من هذه الصفحة، و شرحه للصحيحة لكانت الصحيحة ظاهرة في تغير العين، و لذا استشكل قدس سره بقوله: في ص؟؟؟: فلا يدل -

ص: 246


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و قيام (1) النص و الاجماع على سقوط رد الجارية بوطئها قبل العلم.

مع (2) عدم دلالته على الالتزام بالبيع

+++++++++++

- على أزيد مما دل عليه ذيل المرسلة: من أن العبرة بالحدث هو تغير العين، و عدم قيامها بعينها.

(1) بالرفع عطفا على قوله في ص 246: صحيحة زرارة:

اي و أقصى ما يوجد لذلك قيام النص و الاجماع.

أما النص فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 414 الباب 4 الأحاديث - أليك نص الحديث الاول.

عن ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قال علي عليه السلام: لا نزد التي ليست بحبلى اذا وطأها صاحبها و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها.

و أليك نص الحديث الثاني.

و عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اشترى جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا.

قال: تقوم و هي صحيحة، و تقوم و بها الداء، ثم يرد البائع على المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء.

و أما الاجماع(1) فما ادعاه العلامة في التذكرة، و اشرنا إليه في ص 226 و ابن ادريس في السرائر كما في ص 226.

(2) إشكال(2) منه قدس سره على الاستدلال بالنص.

خلاصته إن النص المذكور، و بقية النصوص المذكورة التي اشرنا الى مصدرها لا تدل على دلالة الوطء على الالتزام بالبيع -

ص: 247


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و عدم (1) تغييره للعين.

و اطلاق (2) معقد الاجماع المدعى في كثير من العبائر كالتذكرة و السرائر و الغنية، و غيرها.

و في نهوض (3) ذلك كله، لتقييد اطلاق أخبار الرد خصوصا

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على قوله في ص 247 مع عدم: اي و مع عدم دلالة.

النص المذكور، و بقية النصوص الواردة في المصدر على تغيير الوطء للعين، بل العين باقية على ما كانت عليه.

(2) بالرفع عطفا على قوله في ص 246: صحيحة زرارة: أي و أقصى ما يوجد لسقوط الرد لو تصرف في المعيب قبل العلم بالعيب اطلاق معقد الاجماعات المدعاة التي هي مطلقة ليس فيها تقييد لاختصاص الرد بصورة العلم بالعيب(1)، فاطلاقها يشمل كلتي الصورتين.

و قد اشرنا الى هذا الاجماع المدعى من العلامة في التذكرة في ص 226 فراجع.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره يروم به الرد على تلك الأدلة التي اقيمت على سقوط الرد بالتصرف

و خلاصته إن قيام تلك الأدلة بكاملها التي ذكرت في ص 245 و ص 246 لتقييد تلك الأخبار المطلقة الواردة في الرد.

و لا سيما في تقييد بعض أفراد تلك الأخبار الواردة، فان تقييد هذا البعض في غاية البعد، لأنه من البعيد جدا أن تمضي ستة أشهر على الجارية، أو سنة على المملوك و لم يأمرها المولى بشيء من الامور كغلق الباب أو ترتيب اموره البيتية من الطبخ و الكنس، و الغسل، و غيرها.

و كذا من البعيد جدا أن لا يطأ الجارية خلال السنة، أو السنتين -

ص: 248


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ما كان هذا التقييد فيه في غاية البعد كالنص (1) برد الجارية بعد ستة أشهر، ورد (2)

+++++++++++

- و لا سيما اذا كانت شابة جميلة و مالكها لا يقنع بزوجته اذا كانت له و لا سيما اذا كانت زوجته خالية عن الجمال و الكمال، و عن بقية مزاي الوقاع.

بل يمكن القول بأن إقدامه على شراء الجارية هو الالتذاذ و التمتع معها بأنحاء الملذات و منها الوطء الذي هو وليد المقدمات طبيعيا و بالأخص اذا كان للأمة غنج و دلال بالغ الموجب لاثارة الشهوة فيه بهذا الغنج و الدلال.

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 413 الباب 3 الحديث 1.

أليك نص الحديث.

عن داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر و ليس بها حمل؟

فقال: إن كان مثلها تحيض، و لم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه.

(2) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله في هذه الصفحة برد الجارية اي و كالنص الوارد في رد الجارية اذا لم يطأها المشتري

لم اعثر على هذا النص صريحا إلا بالمفهوم في قوله عليه السلام:

لا ترد التي ليست بجبلى اذا وطأها صاحبها، و له ارش العيب و في قوله عليه السلام: في جواب السائل:

ساومت رجلا بجارية فباعنيها، الى أن قال: قلت: -

ص: 249

الجارية اذا لم يطأها، ورد (1) المملوك من أحداث السنة:

نظر (2)، بل منع، خصوصا معاقد الاجماع، فان نقلة الاجماع

+++++++++++

- أ رأيت إن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها؟

قال: ليس لك أن تردها، و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 416 الباب 5 الحديث 2-3.

(1) بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في قوله في ص 249 كالنص برد الجارية: أي و كالنص برد المملوك من أحداث السنة - أليك نص الحديث.

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول:

الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري، و في غير الحيوان أن يتفرقا و احداث السنة ترد بعد السنة؟

قلت: و ما أحداث السنة؟

قال: الجنون، و الجذام، و البرص.

فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث.

فالحكم أن يرد على صاحبه الى تمام السنة من يوم اشتراه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 412 الباب 2 الحديث 3.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 248 و في نهوض: أي و في قيام ما ذكر: من صحيحة زرارة، و ما تقدم في خيار الحيوان و قيام النص و الاجماع، و اطلاق معقد الاجماع، المدعى في ص 226 لتقييد الأخبار التي ذكرناها لك في الهامش 1 ص 249 و الهامش 1 ص 250.

نظر و اشكال، لكونها مطلقة من حيث التصرف.

ص: 250

كالعلامة و الحلي و ابن زهرة قد صرحوا في كلماتهم المتقدمة (1):

بأن (2) العبرة بالرضا بالعقد، فكأن دعوى الاجماع وقعت من هؤلاء على السقوط (3) بما يدل على الرضا من التصرف، خصوصا ابن زهرة في الغنية،(1) حيث إنه اختار ما قويناه من التفصيل بين صورتي العلم (4)، و الجهل (5)، و المغير (6)، و غيره (7) حيث قال (8) قدس سره:

و خامسها: يعني مسقطات الرد التصرف في المبيع الذي لا يجوز مثله (9) إلا في ملكه(2)، أو الاذن (10) الحاصل له بعد العلم بالعيب فانه (11) يمنع من الرد لشيء من العيوب، و لا يسقط حق المطالبة

+++++++++++

(1) في(3) ص 248 في قوله: و إطلاق معقد الاجماع المدعى.

(2) الباء بيان لكيفية نقل الاجماع المدعى من قبل المذكورين.

(3) اي على سقوط رد المعيب بالتصرف الدال على الرضا بالمبيع.

(4) لأن التصرف في المعيب مع العلم بالعيب مسقط للرد مطلقا سواء أ كان التصرف مغيرا للعين أم لا.

(5) لأن التصرف في المعيب في صورة الجهل بالعيب لا يسقط الرد.

(6) اي و التفصيل بين ما كان التصرف مفيرا للعين، فانه مسقط للرد.

(7) اي و بين التصرف غير المغير للعين غير مسقط للرد.

(8) اي ابن زهرة.

(9) اي مثل هذا التصرف لا يصح للانسان إلا في ملكه.

(10) اي أو يحصل للمشتري الاذن من المالك التصرف في المبيع المعيب بعد علم المشتري بالعيب، و اطلاعه عليه.

(11) تعليل لكون التصرف في المعيب بعد العلم بالعيب.

ص: 251


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بالارش، لأن التصرف دلالة على الرضا بالبيع، لا بالعيب.

و كذا حكمه (1) إن كان (2) قبل العلم بالعيب، و كان مغيرا للعين بزيادة فيه مثل صبغ الثوب، أو نقصان فيه كقطع الثوب.

و إن لم يكن (3) كذلك فله الرد بالعيب اذا علمه ما لم يكن (4) وطؤ الجارية، فانه (5) يمنع من ردها، لشيء من العيوب، إلا الحبل (6)، انتهى (7) كلامه.

و قد (8) اجاد قدس سره فيما استفاده من الأدلة.

+++++++++++

(1) اي و كذا حكم ابن زهرة(1) قدس سره.

(2) جملة إن كان(2) قبل العلم هو حكم ابن زهرة: اي حكم ابن زهرة هو أن التصرف إن كان قبل العلم بالعيب فليس له الرد بعد اطلاعه على العيب، و علمه به، و كان التصرف مغيرا للعين كصبغ الثوب أو تقطيع القماش.

(3) اي و ان لم يكن التصرف مغيرا للعين: بأن كان خفيفا طفيفا فلا يوجب هذا التصرف سقوط الرد.

(4) اي ما لم يكن هذا التصرف من قبيل وطء الجارية.

(5) تعليل لكون التصرف اذا كان من قبيل الوطء يصير مانعا عن رد الجارية الموطوءة.

(6) فان الحبل لا(3) يمنع من الرد اذا وجدها المشتري حاملا و وطأها قبل العلم بالوطء.

(7) اي ما افاده ابن زهرة قدس سره في هذا المقام.

(8) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره يمجد ما افاده ابن زهرة أي ما احسن ما استفاده في مقام سقوط الخيار بالتصرف من الأدلة -

ص: 252


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و حكي عن المبسوط(1) أيضا أن التصرف قبل العلم لا يسقط به الخيار (1).

لكن صرح (2) بأن الصبغ، و قطع الثوب يمنع من الرد فاطلاق التصرف قبل العلم (3) محمول على غير المغير.

و ظاهر المقنعة(2)، و المبسوط أنه اذا وجد العيب بعد عتق العبد و الأمة لم يكن له (4) ردهما.

و اذا وجده (5) بعد تدبيرهما، أو هبتهما كان (6) مخيرا بين الرد، و اخذ ارش العيب.

و فرقا (7) بينهما، و بين العتق بجواز الرجوع فيهما، دون العنق.

+++++++++++

- الواردة فى سقوط خيار العيب من الأخبار.

(1) أي خيار العيب.

(2) أي الشيخ قدس سره.

(3) اي قبل العلم بالعيب في قوله: إن التصرف قبل العلم به لا يسقط به الخيار محمول على التصرف غير المغير للعين.

(4) اي ليس للمشتري رد العبد و الأمة بعد أن اعتقهما.

(5) أي و اذا وجد المشتري العيب بعد أن دبر العبد و الأمة بأن قال: انتما حران دبر وفاتي.

أو بعد أن وهبهما لشخص بهبة جائزة.

كان مخيرا بين الرد، و بين اخذ الارش، لأن التدبير بعد الوفاة المعتق، و الهبة جائزة و ليس بلازمة.

(6) اي المشتري كما علمت.

(7) اي و فرق شيخنا المفيد و شيخنا الطوسي قدس سرهما بين -

ص: 253


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يرده (1)، مع (2)

+++++++++++

- التدبر و الهبة الجائزة: بأنه يجوز فيهما الرجوع، لعدم خروجهما عن ملكه، لأنهما عقدان جائزان يجوز فيهما الرجوع.

و بين العتق بعدم جواز الرجوع فيه، لخروجه عن ملكه، لأن ما عتق في سبيل اللّه لم يرجع إلى الرقبة.

(1) أي و يرد هذا الفرق الذي افاده الشيخان في التدبير و الهبة الجائزة: مرسلة جميل المتقدمة في ص 227: لأن الامام عليه السلام يقول فيها: إن كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه، و اخذ الثمن.

و من الواضح أن التدبير و الهبة مما يخرجان العين عن كونها قائمة على ما كانت عليه.

و لا يخفى أن ما أفاده شيخنا الأنصاري في خروج التدبير و الهبة عن كونهما قائمين على ما كانا عليه لا يخلو من مساعة، حيث إنهما ليسا من قبيل الثوب الذي فصله الخياط، فان العين فيه ليست قائمة على ما كانت عليه، بل قطعت، و خرجت عن هيئتها الأصلية.

بخلاف العبد في التدبير و الهبة، فانهما باقيان على ما كانا عليه و لذا لا يعتق العبد في التدبير إلا بعد وفاة مولاه، و كذا يجوز للواهب الرجوع في هبة العبد اذا كانت جائزة: بأن لا تكون معوضة و لم يتصرف فيها، و لا تكون بذي الرحم.

(2) إشكال آخر على ما أفاده الشيخان في الفرق بين العبد المعتق و بين التدبير و الهبة.

خلاصته إن التدبير و الهبة في العبد مشعران بالرضا من المدبر و الواهب بخروجهما عن ملكه

ص: 254

أن مثلهما يؤذن بالرضا مرسلة (1) جميل، فان (2) العين مع الهبة و التدبير غير قائمة، و جواز (3) الرجوع و عدمه لا دخل له في ذلك و لذا (4) اعترض عليهما الحلي(1) بالنقض: بما لو باعه بخيار.

مع أنه لم يقل احد من الامة بجواز الرجوع حينئذ (5).

و قال (6) بعد ما ذكر: أن الذي تقتضيه اصول المذهب:

+++++++++++

(1) فاعل لكلمة و برده: أي و يرد ما افادهما الشيخان قدس سرهما مرسلة جميل المتقدمة في ص 227.

(2) تعليل لكيفية الرد، و قد عرفته في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: لأن الامام عليه السلام يقول:

(3) رد آخر منه على ما افاده الشيخان: من جواز الرجوع في التدبير و الهبة، و عدم جواز الرجوع في العتق.

خلاصته إنه لا مدخلية لجواز الرجوع و عدمه في الفرق المذكور بين العتق، و التدبير و الهبة.

(4) اي و لاجل أن جواز الرجوع، و عدم جوازه لا مدخل لهما في الفرق المذكور اعترض عليهما ابن ادريس قدس سره: بالنقض ببيع المشتري العبد المشترى بخيار، فعلى قولهما يجوز له الرجوع بهذا الخيار، مع ان احدا من الفقهاء لم يقل بجواز الرجوع فيه.

فلو كان لجواز الرجوع و عدمه مدخلية في الفرق فكان للخيار اثر في الفسخ، و رجع العبد إلى صاحبه.

(5) أي حين أن جعل المشتري البائع الخيار لنفسه.

(6) اي ابن ادريس قدس سره.

ص: 255


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إن المشتري (1) اذا تصرف في المبيع: أنه لا يجوز له رده

و لا خلاف في أن الهبة و التدبير تصرف (2).

و بالجملة (3) فتعميم الأكثر لأفراد التصرف مع التعميم لما بعد العلم و ما قبله مشكل.

و العجب (4) من المحقق الثاني(1) أنه تنظر في سقوط الخيار في الهبة الجائزة، مع تصريحه في مقام آخر بما عليه الأكثر.

+++++++++++

(1) مقول قول ابن ادريس قدس سره.

(2) و قد علمت أنه ليس هذا التصرف مخرجا للعين عن حالتها الاصلية و الطبيعية.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره: اي خلاصة الكلام في هذا المقام أن أكثر الفقهاء قد عملوا(2) التصرف، و قالوا: كل فرد من افراد التصرف مسقط للرد، سواء أ كان قبل العلم بالعيب أم بعده.

و لكن التعميم المذكور مشكل.

وجه الإشكال إن التصرفات الصفيفة الخفيفة كسقي الماء أو غلق الباب لا يعد تصرفا موجبا لخروج العين عن حقيقتها و ماهيتها، بناء على ما استفيد من الأحاديث الواردة في خيار العيب التي ذكرت في ص 227 و التي تذكر في ص 266.

(4) هذا من متممات كلام شيخنا الأنصاري.

خلاصته إنه من العجيب أن المحقق الثاني قدس سره استشكل في سقوط خيار العيب لو اوهب المبيع المعيب بالهبة الجائزة، مع أنه يصرح في موضع آخر بسقوط خيار العيب لو اوهب المبيع المعيب -

ص: 256


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
الثالث تلف العين، أو صيرورتها كالتالف
اشارة

(الثالث) (1) تلف العين، أو صيرورتها كالتالف (2)، فانه (3) يسقط الخيار هنا.

بخلاف الخيارات المتقدمة (4) غير الساقطة بتلف العين.

و المستند (5) فيه بعد ظهور الاجماع اناطة الرد في المرسلة السابقة بقيام العين، فان (6) الظاهر منها اعتبار بقائها في ملكه.

+++++++++++

- بهبة جائزة كما ذهب الى السقوط اكثر الفقهاء.

(1) اي الأمر الثالث من الأمور الموجبة لسقوط خيار العيب التي ذكرها في ص 225 بقوله: مسألة يسقط الرد خاصة بأمور.

(2) كما لو اعتق العبد قهرا على المشتري: بأن كان اباه، أو كان أحد أقاربه.

(3) تعليل لسقوط اخيار العيب بتلف العين، أو لصيرورتها كالتالف: اي هذا الخيار بمجرد تلف العين، أو بصيرورتها كالتالف يسقط.

(4) كخيار الشرط، و خيار التأخير، و خيار الغبن، و خيار ما يفسد في يومه، فانها لا تسقط بتلف العين.

بل الواجب رد مثلها إن كانت مثلية، أو قيمتها إن كانت قيمية.

(5) اي المدرك في سقوط خيار العيب بتلف العين، أو بصيرورتها كالتالف بعد ظهور الاجماع من الطائفة:

هو توقف الرد في مرسلة جميل المتقدمة في ص 227 على بقاء العين على حالتها الأولية، و هيئتها الأصلية.

(6) تعليل لسقوط خيار العيب بتلف العين.

خلاصته إن الظاهر من المرسلة المذكورة اعتبار بقاء العين في ملكه، و تحت تصرفه، و سلطته على العين. -

ص: 257

فلو (1) تلفت، أو انتقلت (2) الى ملك الغير، أو استؤجرت (3) أو رهنت (4)، أو ابق (5) العبد، أو انعتق العبد على المشتري (6) فلا رد

و مما ذكرنا (7) ظهر أن عدّ انعتاق العبد على المشتري مسقطا برأسه كما في الدروس(1)، لا يخلو عن شيء (8)

+++++++++++

- و من الواضح أن العين بتلفها، أو بصيرورتها كالتالف خرجت عن ملك المالك، فلا يقال له: إنه مالك للعين، لعدم مالية لها بعد التلف.

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الظاهر من مرسلة جميل اعتبار بقاء العين على ملك مالكها.

(2) اي العين المعيبة.

(3) اي العين المعيبة.

(4) اي العين المعيبة.

(5) اي شرد العبد المبيع المعيب.

(6) بأن كان العبد المشترى المعيب أبا للمشتري.

ففي هذه الموارد كلها يسقط الخيار فلا مجال لرد المعيب.

(7) و هو أن عتق العبد على المشتري قهرا كالتالف، لعدم الاستفادة من شرائه، فهو في حكم التلف: اي ظهر من هذا أن القول بسقوط خيار المشتري بسبب العتق القهري بالاستقلال كما افاده شيخنا الشهيد قدس سره في الدروس لا يخلو من إشكال.

(8) اي عن إشكال: وجه الإشكال أن البحث في السقوط هو السقوط الاستقلالي: بمعنى أن العيب(2) هو السبب للسقوط، لا بعارض خارجي -

ص: 258


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

نعم ذكر أنه يمكن ارجاع هذا الوجه (1) الى التصرف.

و هذا (2) أيضا لا يخلو عن شيء (3).

و الأولى (4) ما ذكرناه

ثم إنه لو عاد الملك الى المشتري (5) لم يجز رده، للاصل (6).

+++++++++++

- و من الواضح أن عتق العبد على المشتري إنما هو بعارض خارجي و هو كونه لا يملك عمودية، فالسقوط هنا بواسطة هذا العارض الخارجي الذي هو حكم الشارع، لا بواسطة العيب.

(1) و هو عتق العبد المعيب على المشتري قهرا: بأن يقال: إن عتقه عليه تصرف فيه و التصرف في المبيع مسقط للخيار.

(2) اي ارجاع هذا الوجه المشار إليه في الهامش 1 في هذه الصفحة.

(3) وجه أن مآل الوجه المذكور لا يخلو عن شيء.

هو أن البحث في التصرف الاختياري، لا ما كان التصرف فيه تصرفا قهريا كما فيما نحن فيه: حيث إن عتق العبد على المشتري قهري جبري.

(4) هذا رأيه قدس سره: اي إن الأولى فى سقوط خيار العيب في العبد المعتق على المشتري قهرا هو كون العتق بمنزلة صيرورة العين كالتالف.

(5) عود الملك الى المشتري يتصور في صورة غصب العين المعيبة أو اجارتها، أو رهنها، أو اباق العبد.

(6) اي عدم جواز الرد لاجل الاستصحاب، فان في صورة انتقال العين الى ملك الغير أو اجارتها، أو رهنها، أو اباق العبد سقط الرد، ففي صورة عودها الى مالكها نشك في بقاء الخيار -

ص: 259

خلافا للشيخ، بل المفيد(1) قدس سرهما (1).

فرع لا خلاف نصا و فتوى: في أن وطء الجارية يمنع عن ردها بالعيب

(فرع) لا خلاف نصا و فتوى: في أن وطء الجارية يمنع عن ردها بالعيب، سواء قلنا بأن مطلق التصرف مانع أم قلنا باختصاصه بالتصرف الموجب لعدم كون الشيء قائما بعينه.

غاية الأمر كون الوطء على هذا القول (2) مستثنى عن التصرف

+++++++++++

- و جواز الرد فنستصحب عدم الرد.

و قد اورد على هذا الاصل شيخنا المحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجز 2 ص 54.

أليك خلاصة ما افاده هناك مع تصرف منا.

إن مرسلة جميل المتقدمة في ص 227 مطلقة، حيث قال الامام عليه السلام فيها: إن كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه و اخذ الثمن، فهذا الاطلاق مقتض لجواز رد المعيب في صورة عود العين الى مالكها، لعدم ظهور وصف التغير في العين فعلا.

و ليست ظاهرة في عدم حدوث التغير و إن كان قد زال.

و نظير هذا الظهور هو انصراف الإحداث في الحيوان، فان المراد من الإحداث هو استمرار الحدث، لا ارتفاعه و زواله.

اللهم إلا أن يقال: إن المرسلة لها ظهور في قيام العين: بمعنى عدم حدوث التغير فيها، فحينئذ تكون المرسلة هو الدليل على سقوط الرد بعروض التغير و إن زال.

(1) فهنا لا نحتاج الى جريان الاستصحاب(2) حيث افادا بجواز الرجوع.

(2) و هو القول بأن وطء(3) الجارية المعيبة جناية مستثنى من التصرف -

ص: 260


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

غير المغير للعين كما عرفت من عبارة الغنية (1).

مع أن العلامة علل المنع (2) في موضع من التذكرة: بأن الوطء جناية، و لهذا (3) يوجب غرامة جزء من القيمة كسائر جنايات المملوك (4).

و قد تقدم في كلام الإسكافي أيضا أن الوطء مما لا يمكن معه رد

+++++++++++

- المغير للعين، لأن الملاك في عدم جواز الرد هو التصرف المغير للعين كخروجها عن حالتها الاصلية، و هيئتها الخارجية.

و من الواضح أن الوطء لا يخرج الجارية من حالتها الطبيعية و الاصلية و لا سيما اذا لم تكن بكرا، فان جميع جوارحها: من الرأس و الحاجبين و العينين و الشفتين و اليدين و البطن و الرجلين على حالها.

(1) عند نقل شيخنا الأنصاري عنه في ص 252: ما لم يكن وطؤ الجارية فانه يمنع من ردها، لشيء من العيوب.

(2) اي منع العلامة قدس سره رد الجارية الموطوءة اذا كانت معيبة.

و استدل على ذلك: بأن الوطء جناية.

و لا يخفى أن الوطء ليس جناية على الأمة قطعا اذا كانت معيبة.

نعم اذا كانت بكر أو افتضها بعد الوطء هنا جناية، لافتضاضها.

(3) اي و لاجل أن وطء الجارية المعيبة جناية صار سببا لغرامة جزء من القيمة كبقية الجنايات الصادرة(1) من المماليك.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 36 المسألة العاشرة عند قوله: اذا اشترى امة فوطأها قبل العلم بالعيب.

و لا يخفى أن العبارة المذكورة هنا منقولة بالمعنى.

ص: 261


1- - راجع الحاشية الجديدة في آخر هذا الكتاب

المبيع إلى ما كان عليه قبله (1).

و يشير إليه (2) ما سيجيء في غير واحد من الروايات من قوله:

معاذ اللّه أن جعل(1) لها أجرا (3)

+++++++++++

(1) عند نقل شيخنا الأنصاري قدس سره عنه في ص 245 بقوله: فان وجد بالسلعة عيبا و قد احدث فيه ما لا يمكن معه ردها الى ما كانت عليه قبله كالوطء للأمة.

(2) اي الى أن الوطء مانع عن الرد في قوله عليه السلام:

الوارد في الروايات.

(3) هذه الرواية مروية بهذه الألفاظ عن محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام هكذا:

إنه سأل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثم يجد بها عيبا بعد ذلك؟

قال: لا يردها على صاحبها، لكن تقوم ما بين العيب و الصحة فيرد على المبتاع، معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 414 الباب 4 - الحديث 4.

و أما الرواية المروية عن مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام التي نسبها شيخنا الأنصاري إليه عليه السلام فهكذا:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت، و لكن يرجع بقيمة العيب.

و كان علي عليه السلام يقول: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 415 - الباب 4 - الحديث 8.

فهاتان الروايتان فيهما اشارة الى أن الوطء مانع عن الرد، لكن -

ص: 262


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فان (1) فيه اشارة الى أنه لو ردها لا بد أن يرد معها شيئا تداركا للجناية، اذ (2) لو كان الوطء مجرد استيفاء منفعة لم يتوقف ردها الى رد عوض المنفعة، فاطلاق (3) الاجر عليه في الرواية على طبق ما يتراءى في نظر العرف: من كون هذه الغرامة كأنها اجرة للوطء.

و حاصل معناه (4) إنه اذا حكمت بالرد مع ارش جنايتها كان

+++++++++++

- له ارش العيب: اي قيمة ما بين الصحيحة و المعيبة.

(1) تعليل لكون الوطء مانعا من الرد.

خلاصته إن في الروايتين اشارة الى أن رد الجارية ملازم لرد شيء من المال مع الجارية الى صاحبها حتى تتدارك به الجناية الواردة عليها بسبب الوطء.

(2) تعليل لكون المردود تداركا للجناية.

خلاصته إن رد شيء مع الجارية ليس من باب استيفاء المنفعة لأن رد العين المعيبة غير ملازم لرد عوض المنفعة المستوفاة قبل الرد فرد شيء معها إنما هو لاجل تدارك الجناية، لا من باب استيفاء المنفعة.

(3) الفاء تفريع على ما افاده: من أن رد شيء مع الجارية إنما هو لاجل تدارك الجناية: اي ففي ضوء ما ذكرنا يكون اطلاق الاجر على الوطء كما في الروايتين المشار إليهما في الهامش 3 ص 262 إنما هو لاجل ما يظهر العرف في نظرهم: من أن هذه الغرامة في مقابل الوطء حسب فهمهم القاصر.

(4) اي و حاصل قول الامام أمير المؤمنين عليه السلام: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا:

إني لو حكمت برد الجارية الموطوءة المعيبة مع اعطاء ارش -

ص: 263

ذلك في الأنظار بمنزلة الاجرة و هي ممنوعة شرعا، لأن اجارة الفروج غير جائزة (1).

و هذا (2) إنما وقع من أمير المؤمنين عليه السلام، مبنيا على تقرير رعيته على ما فعله الثاني: من تحريم العقد المنقطع، فلا يقال (3): إن المتعة مشروعة.

+++++++++++

- جنايتها الى صاحبها: و هو التفاوت ما بين الصحيحة و المعيبة.

كان هذا الحكم و القضاء في أنظار الناس بمنزلة الاجرة لوطئها و الاجرة للوطء ممنوعة شرعا، لأن الفروج لا تؤجر.

(1) الى هنا كان الكلام في توجيه قول الامام أمير المؤمنين عليه السلام من شيخنا الأنصاري في معنى (معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا).

(2) من هنا يروم قدس سره أن يبين أن الامام عليه السلام.

كيف استعاذ من جعل الاجرة للأمة الموطوءة؟

و كيف قلنا: إنه يستفاد من قوله عليه السلام: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا: عدم مشروعية الأجرة؟

مع أن العقد المنقطع المعبر عنه في عصرنا الحاضر ب: (الزواج الموقت) من مذهب (اهل البيت) عليهم السلام: و قد اجمعت الطائفة الامامية على ذلك(1).

فاجاب قدس سره أن الحكم المذكور انما صدر عنه في زمان الخليفة الثاني عند ما حرم المنعة حتى لا يقال:

إن عليا حلل المتعة، و يقول بمشروعيتها.

(3) الفاء هنا بمعنى حتى كما علمت: اي حتى لا يقال: إن -

ص: 264


1- راجع حول هذا الموضوع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 5 من ص 309 الى ص 341 فقد اشبعنا الكلام هناك.

و قد ورد (1) أن المنقطعات مستأجرات (2).

فلا وجه للاستعاذة (3) باللّه من جعل الاجرة للفروج.

هذا (4) ما يخطر عاجلا بالبال في معنى هذه الفقرة (5) و اللّه العالم (6).

+++++++++++

- عليا حكم بأن الفروج مستأجرات.

(1) اي و الحال أنه ورد في الأحاديث الشريفة أن النساء المنقطعات التي يعقد عليهن بالمنعة مستأجرات.

(2) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 10 ص 436 الى ص 496 من باب 1 - الى باب 46 الأحاديث.

(3) اي لاستعاذة الامام أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن كانت المتعة مشروعة من عهد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم الى زمن من خلافة الثاني، ثم حرمها بعد ذلك، و كانت حليتها مسلمة عند (اهل البيت).

(4) اي ما قلته حول قوله عليه السلام: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا قد خطر ببالي و تفكري على صورة العجلة.

(5) و هو قوله عليه السلام: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا.

(6) اي ذاته المقدسة المستجمعة لجميع صفات الكمال و الجمال و المحيطة بكل الأشياء: جزئياتها و كلياتها.

هو العالم بحقائق الامور، و المطلع على أسرار الحوادث و الوقائع لأنه الغني بالذات، و الواجب الوجود، و نحن فقراء بالذات نحتاج إليه في كل شيء و في كل لحظة من لحظات الحياة، و ثانية من ثوانيها كما قال الحكيم المتأله السبزواري قدس سره. -

ص: 265

و كيف (1) كان ففي النصوص المستفيضة الواردة في المسألة كفاية ففي صحيحة (2) ابن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى جارية فوقع عليها؟

قال: إن وجد فيها عيبا فليس له أن يردها، و لكن يرد عليه بقيمة ما نقصها العيب.

قال: قلت: هذا قول أمير المؤمنين عليه السلام؟

قال: نعم (3).

و صحيحة (4) محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها فيجد بها عيبا بعد ذلك (5)؟

+++++++++++

- أزمة الامور طرا بيده و الكل مستمدة من مدده(1)

(1) يعني أي شيء قلنا حول الامة الموطوءة المعيبة.

فالنصوص الواردة في مسألة رد الأمة الموطوءة المعيبة تكفينا عن كل دليل و حجة، لأن الوطء بما هو وطء مسقط للرد، لا أنه كاشف عن الرضا بالعيب، و لا أنه موجب للتغير.

(2) من هنا شرع قدس سره في ذكر الأحاديث المستفيضة الواردة في عدم جواز رد الامة الموطوءة المعيبة.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 414 الباب 4 - الحديث 3.

(4) رواية ثانية استدل بها على عدم جواز رد الأمة الموطوءة المعيبة.

(5) اي بعد أن وقع عليها و وطأها.

ص: 266


1- (المنظومة) قسم الإلهيات ص 8.

قال: لا يردها على صاحبها، و لكن تقوّم (1) ما بين العيب و الصحة، و يرد (2) على المبتاع، معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا (3)

و رواية (4) ميسر(1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي لا يرد الجارية لعيب اذا وطئت، و لكن يرجع (5) بقيمة العيب و كان (6) علي عليه السلام يقول: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا (7) الى آخر الخبر (8).

و في (9) رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اشترى جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا؟

قال (10): تقوّم و هي صحيحة، و تقوّم و بها الداء ثم يرد البائع

+++++++++++

(1) اي الأمة الموطوءة المعيبة.

(2) اي و يرد البائع على المشتري التفاوت بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 414 - الباب 4 - الحديث 4.

(4) رواية ثالثة استدل بها على عدم جواز رد الأمة الموطوءة المعيبة.

(5) اي المشتري يرجع على البائع بالتفاوت ما بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

(6) هذا من كلام الامام ابي عبد اللّه عليه السلام.

(7) راجع (المصدر نفسه) ص 415 الحديث 8.

(8) ليس للحديث صلة حتى يقال: الى آخر الخبر.

(9) رابعة رواية استدل بها على عدم جواز رد الأمة الموطوءة المعيبة.

(10) أي الامام أمير المؤمنين عليه السلام.

ص: 267


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء (1).

و ما عن حماد (2) في الصحيح عن أبي عبد السلام يقول:

قال علي بن الحسين عليهما السلام: كان القضاء الاول في الرجل اذا اشترى الأمة فوطأها ثم ظهر على عيب: أن البيع لازم، و له ارش (3) العيب (4)، الى غير ذلك مما سيجيء.

ثم إن المشهور استثنوا عن عموم هذه الأخبار الشاملة لجميع أفراد المعيب الحمل، فانه عيب اجماعا كما في المسالك(1)

إلا أن الوطء لا يمنع من الرد به (5)، بل يردها و يرد معها العشر، أو نصف العشر على المشهور بينهم.

و استندوا في ذلك (6) الى نصوص مستفيضة.

(منها) (7) صحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية حبلى و لم يعلم بحبلها فوطأها؟

قال: يردها على الذي ابتاعها منه، و يرد عليه نصف عشر قيمتها لنكاحه اياها، و قد قال علي عليه السلام:

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه) ص 414 الحديث 2.

(2) خامسة رواية استدل بها الشيخ الأنصاري قدس سره على عدم جواز رد الأمة الموطوءة المعينة.

(3) اي التفاوت ما بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

(4) راجع (المصدر نفسه) ص 415 الحديث 7.

(5) اي بسبب الحمل.

(6) أي في أن الحمل لا يمنع رد الجارية بعد وطئها.

(7) اي من تلك النصوص المستفيضة.

ص: 268


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا ترد التي ليست بحبلى اذا وطأها صاحبها. و يوضع (1) عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها (2).

و رواية (3) عبد الملك بن عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: لا ترد التي ليست بحبلى اذا وطأها صاحبها، و له ارش العيب، و ترد الحبلى، و يرد معها نصف عشر قيمتها.

و زاد في الكافي قال: و في رواية اخرى.

إن كانت بكرا فعشر ثمنها، و إن لم تكن بكرا فنصف عشر ثمنها (4).

و مرسلة (5) ابن أبي عمير عن سعيد بن يسار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم فنكحها الذي اشترى؟

+++++++++++

(1) اي و ينقص عن هذه الأمة الموطوءة غير الحبلى من ثمنها بمقدار العيب الحاصل فيها بسبب الوطء.

(2) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 214 باب من يشتري الرقيق - الحديث 2.

(3) اي و من تلك النصوص المستفيضة الدالة على جواز رد الحبلى بعد وطء المشتري.

(4) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 214 باب من يشتري الرقيق - الحديث 3.

(5) اي و من تلك النصوص المستفيضة الدالة على جواز رد الحبلى بعد وطء المشتري.

ص: 269

قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها (1).

و رواية (2) عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى؟

قال: ترد و يرد معها(1) شيئا (3).

و صحيحة (4) ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يشتري الجارية الحبلى فينكحها.

قال: يردها و يكسوها (5).

و رواية (6) عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الجارية و هي حبلى فيطأها؟

قال: يردها و يرد عشر قيمتها (7).

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 417 الباب 4 الحديث 9.

(2) اي و من تلك النصوص المستفيضة الدالة على رد الحبلى بعد وطء المشتري.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 416 الباب 4 الحديث 5.

(4) اي و من تلك النصوص المستفيضة الدالة على جواز رد الحبلى بعد وطء المشتري.

(5) راجع (المصدر نفسه.

و المراد من يكسوها هي الملابس: من القميص و السروال، و غيرها.

(6) اي و من تلك النصوص المستفيضة الدالة على جواز رد الحبلى بعد وطء المشتري.

(7) راجع (المصدر نفسه) ص 417 الباب 4 الحديث 7.

ص: 270


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

هذه (1) جملة ما وقفت عليها من الروايات و قد عمل بها المشهور بل ادعى على ظاهرها (2) الاجماع في الغنية كما (3) عن الانتصار و عدم (4) الخلاف في السرائر(1)

خلافا للمحكي(2) عن الاسكافي فحكم (5) بالرد مع كون الحمل من المولى لبطلان بيع أمّ الولد، حيث قال (6).

فان وجد في السلعة عيبا كان عند البائع و قد احدث المشتري في السلعة ما لا يمكن ردها الى ما كانت عليه قبله كالوطء للأمة، أو

+++++++++++

(1) اي الأحاديث التي ذكرتها حول جواز رد الأمة الحبلى بعد الوطء اذا وجد فيها عيب هي جملة ما وقفت عليها.

(2) اي ظاهر هذه الأحاديث المذكورة.

(3) اي كما أن هذا الاجماع منقول عن الشريف المرتضى قدس سره في الانتصار.

(4) اي و كما ادعى ابن ادريس قدس سره في السرائر عدم الخلاف بين الامامية.

(5) اي حكم الإسكافي برد الأمة الحبلى بعد ان وطأها المشتري:

بمعنى أنه خصص الرد و اوجبه اذا كان الحمل من المولى، لبطلان البيع، لأنها اصبحت أم ولد فهي في معرض الحرية من إرث ولدها اذا بقيت حية و لم يكن مولاها مدينا ديونا تستغرق قيمتها، و وجوب الرد خلاف المشهور، حيث إنهم جوزوا الرد، أو الإبقاء للمشتري اذا كان الحمل من الغير.

و أما إذا كان الحمل من المشتري فلا يجوز له رد الأمة.

بل له التفاوت ما بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

(6) اي لإسكافي قدس سره كما علمت مقالته في الهامش 5 من هذه الصفحة

ص: 271


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

القطع للثوب، أو تلف السلعة بموت، أو غيره كان للمشتري فضل قيمة ما بين الصحة و العيب، دون ردها.

فان كان العيب بظهور حمل من البائع و قد وطأها المشتري من غير علم بذلك (1) كان عليه (2) ردها و نصف عشر قيمتها، انتهى (3).

و اختاره (4) في المختلف(1) و هو (5) ظاهر الشيخ في النهاية (2)حيث قال: فان وجد (6) بها عيبا بعد أن وطأها لم يكن له ردها و كان له ارش العيب خاصة.

اللّهمّ إلا أن يكون العيب من حبل (7) فيلزمه (8) ردها على كل حال وطأها أو لم يطأها، و يرد معها اذا وطأها نصف عشر قيمتها، انتهى (9).

+++++++++++

(1) اي بالحمل.

(2) اي على المشتري رد الأمة حينئذ كما علمت آنفا.

(3) اي ما افاده الاسكافي في هذا المقام.

(4) اي اختار العلامة ما افاده الاسكافي قدس سرهما.

(5) اي ما افاده الاسكافي هو ظاهر ما أفاده الشيخ قدس سره في النهاية.

(6) اي المشتري.

(7) اي الحبل يكون قبل البيع من المولى.

(8) الشاهد في كلمة فيلزمه، حيث تدل على وجوب الرد اذا كان العيب من حبل، و لا سيما بعد قوله قدس سره: و يرد معها اذا وطأها نصف عشر قيمتها.

(9) اي ما افاده الشيخ قدس سره في النهاية.

ص: 272


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و يمكن (1) استفادة هذا من اطلاق المبسوط(1) القول بمنع الوطء من الرد، فان (2) من البعيد عدم استثناء وطء الحامل، و عدم (3) تعرضه لحكمه، مع (4) اشتهار المسألة في الروايات، و ألسنة القدماء

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الأنصارى قدس سره: اي و يمكن استفادة كون وطء الحامل من غير المولى مانعا عن رد الأمة كمنعه عن الرد و إن لم تكن حاملا: من اطلاق عبارة الشيخ قدس سره في المبسوط حيث قال: اذا اشترى أمة فوطأها ثم ظهر لها بعد ذلك عيب لم يكن له ردها.

نقوله: فوطأها مطلق، حيث لم يقيد الوطء، و لم يخصصه بغير الحبلى، فمن هذا الاطلاق يستفاد أن حكم وطء الحبلى من غير المولى هو المنع عن الرد.

(2) تعليل من شيخنا الأنصاري قدس سره لما افاده: من امكان استفادة كون وطء الحامل من غير المولى مانعا عن رد الامة اذا كان الحمل من البائع(2) من اطلاق عبارة الشيخ قدس سره في المبسوط.

خلاصته إنه من البعيد جدا عدم استثناء الشيخ وطء الحامل اذا لم يكن مراده من منع الرد الاطلاق.

(3) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

من البعيد: اي و من البعيد جدا عدم تعرض الشيخ قدس سره لحكم الأمة المعيبة الحامل من البائع.

(4) اي مع أن مسألة وجوب رد الأمة الحبلى من البائع في الروايات المتقدمة في ص 267، و ص 279. و ص 270، و ألسنة القدماء من الفقهاء: مشهور كالنار على المنار.

ص: 273


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و قال (1) في الوسيلة(1): اذا وطأ الأمة ثم علم بها عيبا لم يكن له ردها.

+++++++++++

(1) مقصوده من نقل كلام صاحب الوسيلة قدس سرهما.

هو بيان أن مذهبه وراء مذهب المشهور، و مذهب الإسكافي لأنه يروم الفرق بين كون الحمل حرا، سواء أ كان من المولى أم من حر آخر.

و بين كون الحمل مملوكا: بأن كان من عبد، أو من حر، لكن اشترط معها رقية الولد.

فحكم بوجوب رد الأمة المعيبة بالحمل في الصورة الاولى.

و عدم وجوبه في الصورة الثانية.

و لكن مذهب المشهور مخالف لذلك، حيث فرّق.

بين كون الحمل من المولى البائع خاصة.

و بين كون الحمل من غيره، حرا كان الولد: أو عبدا.

فحكم المشهور بوجوب الرد في الصورة الاولى، لبطلان البيع حيث اصبحت الأمة أم ولد تعتق من نصيب ولدها كي تستفيد من المزايا الحياتية حتى تكون كاحدى الحرائر.

و جواز الرد في الصورة الثانية، لتلك الأخبار المتقدمة في ص 267 و ص 269، و ص 270، و المقابلة لتلك الاطلاقات الدالة على أن الوطء مانع من الرد المشار إليها في ص 268-269، و ص 270.

و كذلك مذهب صاحب الوسيلة مخالف لما ذهب إليه الاسكافي حيث إن الاسكافي فرق.

بين كون الحمل من المولى الجديد. -

ص: 274


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا اذا كان العيب حملا، و كان (1) حرا، فانه وجب عليه ردها و يرد معها عشر قيمتها.

و إن كان الحمل مملوكا لم يجب ذلك (2)، انتهى (3).

و ظاهر (4) الرياض أيضا اختيار هذا القول (5)

و الانصاف (6)

+++++++++++

- و بين كون الحمل من البائع و قد وطأها المشتري من غير علم بالحمل.

فحكم بعدم وجوب(1) الرد في الصورة الاولى لأن الأمة اصبحت أم ولد تعتق من نصيب ولدها.

و حكم بجواز رد الأمة في الصورة الثانية - مع رد عشر قيمتها الى صاحبها.

(1) اي الحمل الذي جاء الى الدنيا.

(2) اي وجوب الرد.

(3) اي ما افاده صاحب الوسيلة قدس سره في هذا المقام

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره.

(5) اي قول صاحب الوسيلة.

(6) هذا رأي الشيخ الأنصاري حول الامة المبيعة المعيبة يروم به تأييد مذهب الاسكافي، قدس سره.

خلاصة التأييد إن ظاهر الأخبار المتقدمة التي ذكرت في ص 268-269 و ص 270 و إن كانت في بدء النظر موافقة للقول المشهور: و هو إن كان العيب هو الحمل ثم وطأها المولى المشتري الجديد و هو جاهل ثم علم به يجوز له ردها، و يرد معها العشر، أو نصف العشر.

لكن العمل بهذا الظاهر لازمه مخالفته لظاهر آخر من جهات عديدة. -

ص: 275


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أن ظاهر الأخبار المتقدمة في بادئ النظر و إن كان ما ذكره المشهور

إلا (1) أن العمل على هذا الظهور يستلزم مخالفة الظاهر من وجوه أخر.

(احدها) (2) من حيث مخالفة ظهورها (3) في وجوب رد الجارية (4).

أو تقييد (5) الحمل بكونه من غير المولى

+++++++++++

- و قد ذكر قدس سره تلك المخالفة بقوله: إلا أن العمل.

و نحن نذكر تلك الجهات: و هي خمسة عند قوله: إلا أن العمل على هذا.

(1) من هنا اخذ قدس سره في كيفية مخالفة تلك الأخبار المتقدمة لظاهر النصوص المستفيضة.

(2) اي احدى تلك الجهات الخمس المخالفة لظاهر النصوص المستفيضة.

خلاصة المخالفة إن الأخبار المتقدمة الدالة على جواز الرد مخالفة لظاهر النصوص المستفيضة المذكورة في ص 268-269-270 حيث إن ظاهرها يدل على وجوب رد الأمة، فان قوله عليه السلام: ترد جملة خبرية اريد منها الإنشاء، و الوجوب فيها آكد من الوجوب المستفاد من الجملة الانشائية.

فالجواز في تلك الأخبار مخالف للوجوب في هذه النصوص.

(3) اي ظهور تلك الأخبار المتقدمة في ص 268-269-270 كما عرفت.

(4) و هي الجارية الموطوءة المعيبة التي ظهر عيبها بعد الوطء.

(5) هذه ملازمة ثانية لمخالفة تلك الأخبار لظاهر تلك النصوص المستفيضة: اي أو يلزم العمل بتلك الأخبار تقييد الحمل الوارد -

ص: 276

حتى (1) تكون الجملة الخبرية واردة في مقام دفع توهم الحظر الناشئ من الأخبار المتقدمة المانعة من رد الجارية بعد الوطء، اذ (2) لو بقي الحمل على اطلاقه لم تستقم دعوى وقوع الجملة الخبرية في مقام دفع توهم الحظر، اذ (3) لا منشأ لتوهم حظر رد الحامل حتى أمّ الولد.

فلا بد (4) إما من التقييد، أو من مخالفة ظاهر الجملة الخبرية.

+++++++++++

- في تلك الأخبار على الحمل من كونه من غير المولى.

(1) تعليل لتقييد الحمل من غير المولى: اي إنما نقول بذلك حتى تكون الجملة الخبرية في قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام المذكورة في ص 268 يردها على الذي ابتاعها قد وردت في مقام دفع توهم النهي عن الرد، الناشئ هذا النهي من الأخبار المتقدمة المذكورة في ص 267: بقوله عليه السلام: لا يردها على صاحبها.

(2) تعليل لأنه لما ذا نقيد الحمل، و نلتزم بهذا التقييد؟

خلاصته إنه لو بقي الحمل على اطلاقه: بأن نقول: سواء أ كان من المولى أم من غيره فلا تبقى استقامة لدعوى وقوع الجملة الخبرية (بردها) على الذي ابتاعها في مقام دفع توهم الحظر الناشئ من النهي الوارد في الأخبار المتقدمة المذكورة في ص 266-267-268.

(3) تعليل لعدم استقامة دعوى بقاء الجملة الخبرية في مقام توهم دفع الحظر لو بقي الحمل على اطلاقه.

(4) على سبيل منع الخلو: اي لا محيص لنا إلا من ارتكاب احد الأمرين المذكورين:

إما تقييد الحمل بكونه من غير المولى. -

ص: 277

(الثاني) (1) مخالفة (2) لزوم العقر على المشتري لقاعدة عدم العقر في وطء المشتري.

أو قاعدة (3) كون الرد بالعيب فسخا من حينه. لا من اصله

+++++++++++

- أو مخالفة ظاهر الجملة الخبرية الدالة على وجوب ردها لظاهر تلك الأخبار المانعة عن ردها المذكورة في ص 266-267.

(1) اي الوجه الثاني من الوجوه الخمسة المذكورة في ص 276 من الظهورات التي يلزم مخالفتها، و رفع اليد عنها لو عملنا بتلك الأخبار الدالة على جواز رد الامة الموطوءة، و الآمرة باعطاء العقر وجوبا الى البائع.

احد الظهورين لا محالة نذكرهما تحت رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الظهور الاول: اي اللازم من العمل بتلك الأخبار مخالفة ظهور قاعدة عدم وجوب العقر على المشتري الذي هو المالك الواقعي الحقيقي.

و هذه القاعدة عامة من حيث كون الأمة الموطوءة معيبة بعيب الحمل، أو بغيره.

فلازم العمل بتلك الأخبار هو رفع اليد عن هذا الظهور.

و المراد من العقر هي دية الفرج المعني منها هنا هو المهر بسبب الوطء.

(3) هذا هو الظهور الثاني: اي اللازم من العمل بتلك الأخبار مخالفة ظهور قاعدة كون الرد بالعيب فسخا للعقد من حين الرد لا من حين العقد، و يلزم مخالفة عموم القاعدة، لأن مورد الفسخ في الروايات هي الأمة المعيبة، سواء أ كان العيب الحمل أم غيره لأن وجوب العقر على المشتري بعد الفسخ بسبب الوطء لا يمكن -

ص: 278

(الثالث) (1) مخالفته لما دل على كون التصرف عموما و الوطء بالخصوص مانعا عن الرد.

(الرابع) (2) إن الظاهر من قول السائل في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم:

+++++++++++

- اجماعه مع مراعاة العموم و حفظه في القاعدتين المذكورتين و هما:

قاعدة عدم لزوم العقر على المشتري الواطئ.

و قاعدة كون الفسخ من حين الرد، لا من حين العقد.

(1) اي الوجه الثالث من الوجوه الآخر المستلزمة من العمل بظاهر تلك الأخبار المذكورة في ص 268-269 و ص 270-271 الدالة على وجوب اعطاء العشر، أو نصف العشر الى البائع بعد أن وطأها ثم وجد فيها عيبا.

خلاصة هذا الوجه إن العمل بتلك الأخبار مخالف للأخبار الدالة على أن مطلق التصرف مانع عن الرد، سواء أ كان التصرف وطأ أم غيره.

أو خصوص الوطء مانع عن الرد بالعيب، الشامل هذا الاطلاق و هو اطلاق العيب لعيب الحمل أيضا.

اذا تكون النسبة بين تلك الأخبار و هذه عموما و خصوصا من وجه فيقع التعارض بينهما في مورد الاجتماع كما سيأتي بيانه قريبا إن شاء اللّه تعالى.

(2) اي الوجه الرابع من الوجوه الأخر المستلزمة من العمل بظاهر تلك الأخبار المذكورة في ص 270-271 الدالة على جواز الرد بالوطء إن وحد فيها عيب، سواء أ كان التصرف وطء أم غيره.

خلاصة هذا الوجه إن السائل سأل عن الإمام عليه السلام -

ص: 279

وقوع السؤال عن بيع أمّ الولد، و إلا (1) لم يكن لذكر جهل البائع في السؤال فائدة.

و يشير إليه (2) ما في بعض الروايات المتقدمة من قوله عليه السلام يكسوها، فان (3) في ذلك اشارة الى تشبثها بالحرية، للاستيلاد فنسبت الكسوة إليها (4) تشبها بالحرائر، و لم يصرح (5) بالعقر الذي هو جزء من القيمة.

+++++++++++

- عن بيع امته الحبلى و هو لا يعلم بحبلها.

فمآل هذا السؤال في الواقع هو السؤال عن بيع أمّ الولد في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة في ص 269.

(1) اي و لو لم يكن مآل هذا السؤال الى السؤال عن بيع أمّ الولد لما كان هناك فائدة في ذكر جهل البائع.

(2) اي و يشير الى أن السؤال كان عن بيع أمّ الولد رواية محمد بن مسلم المتقدمة في ص 270 في قوله عليه السلام: يكسوها، فان هذه الكلمة قرينة على أن أمّ الولد قد تشبثت بالحرية بسبب نصيب ولدها.

(3) تعليل لكون الرواية المتقدمة فيها اشارة الى ما ذكرنا.

خلاصته إن قوله عليه السلام: يكسوها اشارة الى أن المنع من بيع أمّ الولد إنما هو لاجل أنها تشبهت بالحرائر التي لم يسمّ لهن مهرا ثم طلّقن(1) قبل الدخول فالامام عليه السلام يأمر باعطائهن شيئا.

(4) اي الى أمّ الولد التي تشبثت بالحرية.

(5) اي الامام عليه السلام لم يصرح بالعقر الذي هي الدية التي هو جزء من القيمة المشترى بها الامة المعيبة بالحمل، فعدم التصريح بالدية، و التصريح بالكسوة دليل على أن المراد من السؤال هو -

ص: 280


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

(الخامس) (1) ظهور هذه الأخبار في كون الرد بعد تصرف المشتري في الجارية بغير الوطء نحو اسقني ماء، أو اغلق الباب و غيرهما مما قل أن تنفك عنه الجارية.

و تقييدها (2) بصورة عدم هذه التصرفات تقييد (3) بالفرض النادر.

+++++++++++

- السؤال من بيع أمّ الولد.

(1) اي الوجه الخامس من الوجوه الآخر المستلزمة من العمل بتلك الأخبار المذكورة في هذه الصفحة الدالة على جواز رد الأمة الموطوءة إن وجد فيها عيب.

خلاصة هذا الوجه إن تلك الأخبار ظاهرة في أن رد الجارية إنما كان بعد تصرف المشتري في الجارية بغير الوطء من بقية التصرفات الخفيفة التي لا تنفك عنها الجارية عند شرائها، كالسقي، و غلق الباب، و كنس الدار، و غسل الملابس، لأن المشتري لا بد من صدور مثل هذه الأعمال نحوها عند شرائها.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه من الممكن رفع اليد عن قول المشهور القائل بجواز رد الامة الموطوءة اذا وجد فيها عيب:

بتقييد تلك الأخبار بصورة عدم شمولها لمثل هذه التصرفات المذكورة كالسقي و غلق الباب، فان مثل هذه التصرفات خارجة عن مفهوم التصرف في الأمة، و أنها لا تعد تصرفا.

بل المراد من التصرف هو التصرف بالوطء.

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن هذا التقييد المتوهم تقييد بالفرض النادر، لأنه كما -

ص: 281

و إنما (1) دعا الى هذا التقييد في غير هذه الأخبار: مما دل على رد الجارية بعد مدة طويلة. الدليل (2) الدال على اللزوم بالتصرف.

لكن (3) لا داعي هنا لهذا التقييد، اذ يمكن تقييد الحمل بكونه

+++++++++++

- علمت أن الغالب في المشتري هو التصرف في الأمة بمثل التصرفات المذكورة، اذ قل ما يخلو المشتري عن تلك التصرفات.

(1) توجيه منه قدس سره لمدعي التقييد المذكور.

خلاصته إن الباعث على ادعاء التقييد المذكور في غير هذه الأخبار الدال على رد الجارية بعد مدة طويلة:

هذا الدليل الدال على لزوم العقد بالتصرف، سواء أ كان سببه الوطء أم احد التصرفات المذكورة.

فهذا الدليل أوهم ادعاء التقييد المذكور.

و المراد من الأخبار الدالة على رد الجارية بعد مدة طويلة.

هو الحديث 4-5-6-7 من الباب 2 من ص 412 من الجزء 12 من (وسائل الشيعة) فراجع هناك.

(2) بالرفع فاعل لقوله: و إنما دعا: اي الدليل الذي دعا الى التقييد الأخبار الدالة على جواز رد الأمة الحامل هو الدليل على لزوم البيع بنفس التصرف سواء أ كان خفيفا كالمذكورات أم مانعا عن الرد كالوطء.

(3) استدراك عما افاده قدس سره: من التوجيه المذكور حول تقييد الأخبار المذكورة في الهامش 1 من هذه الصفحة.

خلاصته إنه لا موجب لهذه الدعوى في مسألتنا: و هي رد الامة الحامل بعد الوطء: لأنه من الامكان تكوين الحمل من المولى الاول -

ص: 282

من المولى، لتسلم (1) الأخبار عن جميع ذلك.

غاية (2) الأمر تعارض هذه الأخبار مع ما دل على منع الوطء عن الرد بالعموم عن وجه (3)

+++++++++++

- لا من المولى الثاني الذي هو المشتري حتى لا يسوغ ردها الى البائع بسبب وطء المشتري.

(1) تعليل لعدم موجب للدعوى المذكورة.

خلاصته إننا إنما نقول بذلك لاجل بقاء الأخبار المذكورة سليمة عن الوجوه الخمسة المذكورة في ص 278. و ص 277، و ص 279-281 اللازمة من العمل بظاهر تلك الأخبار.

(2) اي نهاية ما يلزم من القول بعدم الموجب لذلك هو تعارض الأخبار الدالة على جواز رد الأمة الحامل اذا وطئت الشامل هذا الإطلاق للحمل من المولى أو غيره.

مع الأخبار الدالة على أن الوطء مانع عن الرد.

كالتي ذكرت في ص 266، و ص 267، و ص 268: الشامل هذا الاطلاق أيضا كون العيب حملا أو غيره.

(3) اي التعارض بين هاتين الطائفتين من الأخبار هو العموم و الخصوص من وجه.

و هذا العموم له مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة اجتماع الأخبار الجائزة الدالة على رد الأمة الموطوءة مع الأخبار المانعة عن الرد.

فهي الأمة المعيبة بالحمل من المولى الاول، لأن مقتضى الاولى جواز الرد، المعيب الموجود فيها: و هو الحمل. -

ص: 283

..........

+++++++++++

- و مقتضى الثانية: هو عدم جواز الرد، لوطء المشتري.

فلا يجوز تساقطهما، و رفع اليد عنهما.

فلا بد هنا من الرجوع الى المرجحات الخارجية.

و المرجحات هنا هو الوجه الاول المشار إليه في الهامش 2 ص 276

و الوجه الثاني المشار إليه في الهامش 1 ص 274.

و الوجه الرابع المشار إليه في الهامش 2 ص 279.

و الوجه الخامس المشار إليه في الهامش 1 ص 281.

فهذه المرجحات هي التي ترجح الأخبار المانعة من رد الأمة الموطوءة المعيبة بالحمل، فنأخذ بها في مورد تعارض تلك الطائفتين.

لكن لا بد من التصرف فى الأخبار المانعة عن رد الأمة الحبلى:

بتقييد اطلاق الحمل فيها بالحمل من المولى.

و أما مادة الافتراق من جانب الأخبار المانعة عن الرد:

بأن تكون أخبار جواز الرد موجودة، و أخبار المنع غير موجودة.

بيان ذلك إن أخبار الجواز لها جهة خصوص، وجهة عموم.

أما جهة الخصوص فمن حيث اختصاص العيب المذكور فيها بعيب الحمل.

و أما جهة العموم فلأهمية(1) الحمل فيها: من حيث كونه من المولى أو من غيره، فهذه مادة الافتراق من جانب الأخبار المانعة.

و أما مادة الافتراق من جانب أخبار الجواز: بأن تكون أخبار المانعة موجودة، و أخبار الجواز غير موجودة.

فلها أيضا جهتان: -

ص: 284


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فيبقى ما عدا (1) الوجه الثالث مرجحيا

+++++++++++

- جهة خاص، و جهة عام.

أما الجهة الخاصة فلاستفادة اختصاص الحمل في الامة المعيبة به من غير المولى الاول.

و وجه هذا الاختصاص هو الحكم في الروايات المانعة عن الرد بعد الوطء، و لزوم الارش بالعشر، أو النصف على المشتري الواطئ و هذا الحكم كاشف عن صحة العقد عليها، و أنها للمشتري.

و من المعلوم أن هذا الحكم لا يتحقق إلا فيما اذا لم تكن الأمة المعيبة معيبة بالحمل من المولى الاول، و أما اذا كان الحمل من المولى الاول فقد اصبحت الأمة حينئذ أم ولد لا يجوز بيعها، لخروجها موضوعا عن تحت الأخبار الجائزة.

و أما الجهة العامة فلأعمية العيب الموجب للرد، سواء أ كان العيب بالحبل أم بغيره.

فالحاصل إن المورد الذي يصح مجيء أدلة منع الوطء، عن الرد و لا يصح مجيء أدلة جواز رد الامة الحبلى بعد الوطء.

هي الامة المعيبة بعيب غير عيب الحمل.

و في مورد يصح مجيء أدلة جواز رد الأمة الحبلى، و لا يصح مجيء أدلة منع الرد.

هي الأمة المعيبة بعيب الحمل من المولى الاول، لأنها خارجة عن تحت الأخبار المانعة خروجا موضوعيا كما عرفت.

(1) المراد من عدا الوجه الثالث هو الوجه الاول و الثاني المذكور في ص 276 و المذكور في ص 278 و الرابع المذكور في ص 279 و الخامس المذكور في ص 281.

ص: 285

لتقييد هذه الأخبار (1).

و لو فرض (2) التكافؤ بين جميع ما تقدم، و بين اطلاق الحمل و هذه الأخبار(1)، أو ظهور (3) اختصاصه بما لم يكن من المولى.

وجب (4) الرجوع الى عموم ما دل على أن إحداث الحدث

+++++++++++

(1) المراد بها الأخبار المانعة من رد الأمة الموطوءة المعيبة بالحمل.

(2) خلاصة هذا الكلام إنه لو لم نقل برجحان أدلة منع رد الأمة الموطوءة التي اشير إليها في ص 266-267-268.

و قلنا بالتكافؤ بين جميع الأدلة حتى الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 1 ص 279 الذي كان طرف المعارضة، و غيره من الوجوه الباقية التي هو الوجه الاول و الثاني و الرابع و الخامس التي عرفتها في ص 276-277-279-281، و جعلناها مرجحا للأخبار المانعة.

و بين اطلاق الحمل: بأن كان من المولى أم من غيره في الأخبار الدالة على جواز رد الأمة الموطوءة المعيبة بالعيب.

(3) اي أو قلنا بظهور الأخبار الدالة على جواز رد الأمة الموطوءة في اختصاص الحمل بغير المولى.

(4) جواب للو الشرطية في قوله في هذه الصفحة: و لو فرض التكافؤ:

اي لو فرض في هاتين الصورتين و هما:

فرض التكافؤ بين جميع ما تقدم، و بين اطلاق الحمل.

أو ظهور اختصاص الحمل بما لم يكن من المولى:

يجب الرجوع حينئذ الى عموم الأخبار الدالة على أن إحداث الحدث في المبيع مسقط للرد، و ممض للبيع.

ص: 286


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مسقط، لكونه (1) رضا بالبيع.

و يمكن (2) الرجوع الى ما دل على جواز الرد مع قيام العين.

نعم (3) لو خدش في عموم ما دل على المنع من الرد بمطلق التصرف وجب الرجوع الى أصالة جواز الرد الثابت قبل الوطء.

لكن (4) يبقى لزوم العقر مما لا دليل عليه إلا الاجماع المركب

+++++++++++

(1) تعليل لكون إحداث الحدث مسقطا للرد: اي الإسقاط لاجل أنه دليل على أن الإحداث رضا بالبيع، و امضاء له.

(2) عدول عما افاده قدس سره: من وجوب الرجوع الى عموم ما دل على أن إحداث الحدث في السنة مسقط للرد، و يروم اثبات جواز الرد.

خلاصته أنه من الامكان الرجوع الى الأخبار الدالة على جواز رد المبيع مع بقاء عينه على حالها كما كانت.

و قد مضت الرواية الدالة على هذا المعنى في ص 227.

(3) عدول عما افاده: من وجوب الرجوع الى عموم ما دل على المنع من رد الأمة، و يروم اثبات جواز الرد بالاستصحاب.

خلاصته إنه لو استشكل في عموم دليل الدال على منع رد الأمة بمطلق التصرف: بأن يقال: إن هذا الدليل الدال على المنع مخدوش من حيث العموم: اي لا عموم له حتى يكون التصرف مسقطا للرد للشك فيه، لبقاء العين على حالها، لكن المشتري تصرف فيها فشك في جواز ردها بعد التصرف.

فوجب هنا الرجوع الى استصحاب جواز الرد قبل التصرف.

(4) استدراك منه عما افاده: من جريان الاستصحاب في جواز -

ص: 287

و عدم الفصل بين الرد و العقر، فافهم (1).

ثم إن المحكي عن المشهور اطلاق الحكم (2) بوجوب رد نصف العشر.

بل عن الانتصار و الغنية الاجماع(1) عليه (3).

إلا (4) أن يدعى انصراف اطلاق الفتاوى

+++++++++++

- الرد بعد الوطء.

خلاصته إنه لا يبقى بعد القول بجريان الاستصحاب إشكال سوى إشكال وجوب دفع المشتري العقر الذي هي دية الفرج الى البائع مع أنه لا دليل على وجوب الدفع إلا الاجماع المركب من الرد و العقر لأن القائل بالرد قائل بالعقر، لعدم الفصل بينهما.

(1) يمكن أن يكون اشارة الى أن الاجماع على وجوب العقر في صورة جواز الرد الواقعي، لا في صورة جواز الرد المستفاد من الدليل الظاهري الذي هو الاستصحاب.

(2) مراده قدس سره إن الحكم: و هو وجوب اعطاء نصف العشر الى البائع مطلق يشمل البكر و الثيب كما هو المحكي عن المشهور.

(3) اي على أن الحكم مطلق يشمل الثيب و البكر.

(4) استثناء عما افاده: من أن الحكم: و هو وجوب رد نصف العشر مطلق يشمل البكر و الثيبة.

خلاصته إنه يمكن القول بعدم الاطلاق، لو ادعى انصراف اطلاق فتاوى الفقهاء، و معقد الاجماع الذي هي النصوص(2) الواردة في المقام: الى الغالب: بمعنى أن الغالب في الإماء الحاملات أن يكن ثيبات، لا أبكارا، لأنه قل ما يتفق اجتماع الحمل مع البكارة، و إن احتمل ذلك في العنين بسبب الملاعبة مع الأمة لجاذبية الرحم المني -

ص: 288


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و معقد الاجماع كالنصوص الى الغالب: (1)

+++++++++++

- حالاّ و إن كانت آلته راخية.

و أما اجتماع البكارة مع الحمل مع إدخال آلته في فرجها، و لا سيما اذا كانت الآلة ناهضة بتمام النهوض و القيام و صحة الرجل و كمال الرغبة من الطرفين.

فالظاهر أنه غير ممكن عادة: لازالة البكارة بالادخال بتلك الأوصاف.

(1) المراد من النصوص هي النصوص الواردة في المقام.

أليك نص الحديث الثامن.

عن فضيل مولى محمد بن راشد قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم فنكحها الذي اشترى؟

قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها؟

أليك نص الحديث التاسع.

عن سعيد بن يسار عن ابي عبد اللّه عليه السلام.

قال في رجل: باع جارية حبلى و هو لا يعلم فنكحها الذي اشترى؟

قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها؟

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 417 الباب 5 - الحديث 8-9.

ص: 289

من (1) كون الحامل ثيبا، فلا يشمل فرض حمل البكر بالسحق أو بوطء الدبر، و لذا (2) ادعى عدم الخلاف في السرائر(1) على اختصاص نصف العشر بالثيب، و ثبوت العشر في البكر.

بل معقد اجماع الغنية بعد التأمل موافق للسرائر أيضا، حيث ذكر في الحامل أنه يرد معها نصف عشر قيمتها على ما مضى (3) بدليل اجماع الطائفة.

و مراده (4) بما مضى كما يظهر لمن راجع كلامه ما ذكره سابقا مدعيا عليه الاجماع: من (5) أنه اذا وطأ المشتري في مدة خيار البائع ففسخ برد معها العشر إن كانت بكرا، و نصف العشر إن كانت ثيبا.

و أما الانتصار فلا يحضرني حتى اراجعه.

و قد عرفت امكان تنزيل الجميع (6)

+++++++++++

(1) من بيان لكلمة الغالب: اي الغالب في الأمة الحبلى أن تكون ثيبا، لأن البكارة قل ما يتفق مع الحمل.

(2) اي و لاجل أن الغالب في الأمة الحامل كونها ثيبا.

(3) عند نقل الشيخ عنه في ص 271 بقوله: بل ادعى على ظاهرها الاجماع في الغنية.

(4) اي و مراد صاحب الغنية بما مضى ما ادعاه بقوله في ص 271 عند نقل الشيخ عنه(2): بل ادعى على ظاهرها الاجماع.

(5) كلمة من بيان لما ذكره سابقا.

(6) اي جميع ما ذكره هؤلاء الأعلام قدس اللّه أسرارهم يمكن تنزيله على الغالب في الأمة الحبلى: في كونها ثيبا.

ص: 290


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

على الغالب، و حينئذ (1) تكون مرسلة الكافي المتقدمة بعد انجبارها بما عرفت من السرائر و الغنية دليلا على التفصيل (2) في المسألة كما اختاره (3) جماعة من المتأخرين.

مضافا الى ورود العشر في بعض الروايات المتقدمة (4) المحمولة على البكر، إلا أنه (5) بعيد، و لذا (6) نسبه الشيخ(1) الى سهو الراوي في إسقاط لفظ النصف.

+++++++++++

(1) اي و حين امكان تنزيل جميع الأقوال المذكورة على الغالب تكون مرسلة الكافي التي ذكرها الشيخ عنه في ص 269 بقوله:

و في رواية اخرى إن كانت بكرا فعشر قيمتها، و إن كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها بعد انجبار هذه المرسلة بالانفاق الذي ادعاه ابن ادريس في قوله في ص 290 عند نقل الشيخ الأنصاري عنه: و لذا ادعى عدم الخلاف في السرائر على اختصاص نصف العشر بالثيب، و ثبوت العشر في البكر.

(2) و هو العشر في البكر، و نصف العشر في الثيب في الأمة المعيبة اذا وجدت حبلى فوطأها المشتري.

(3) اي هذا التفصيل.

(4) و هي رواية عبد الملك المذكورة في ص 270، حيث جاء فيها: و بردها و برد عشر قيمتها.

(5) اي إلا أن هذا الحمل بعيد: اي حمل العشر على البكر بعيد، لعدم وجود البكارة في الأمة مع الحمل.

(6) اي و لاجل البعد المذكور نسب العشر الى البكر(2) شيخ الطائفة قدس سره الى سهو الراوي: بأن اسقط كلمة نصف العشر عن -

ص: 291


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و في الدروس إن الصدوق(1) ذكرها (1) بلفظ النصف.

و أما ما تقدم مما دل على أنه يرد معها شيئا (2) فهو بإطلاقه خلاف الاجماع فلا بد من جعله (3) واردا في مقام ثبوت أصل العقر لا مقداره (4).

و أما ما دل على أنه يكسوها (5)

+++++++++++

- الرواية، سهوا من القلم.

(1) اي ذكر (شيخنا الصدوق) اعلى اللّه مقامه الشريف الرواية للتي فيها العشر بلفظ النصف اي نصف العشر.

(2) كما في رواية عبد الرحمن المذكورة في ص 270.

خلاصة الإشكال على الرواية إنه لو جعلناها على اطلاقها و ما تصرفنا في كلمة شيئا يكون الاطلاق خلاف الاجماع، لأن الاجماع قام على نصف العشر عند ما يردها و الشيء أعم من ذلك.

(3) اي لا بد من جعل كلمة شيئا الواردة في الرواية في أن الامام عليه السلام في مقام ثبوت اصل العقر الذي هي الدية كما عرفتها في ص 270.

(4) اي و ليس الامام عليه السلام في مقام تعيين مقدار الدية حتى يقال: لا يراد من العقر اعطاء شيء و إن كان أقل من نصف العشر الى البائع.

(5) كما في صحيحة محمد بن مسلم المذكورة في ص 270.

خلاصة الايراد إن في هذه الصحيحة قد وردت كلمة يكسوها و الكسوة لا تعيين في مقدارها، لا النصف، و لا العشر.

ص: 292


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فقد (1) حمل على كسوة تساوي العشر، أو نصفه.

و لا بأس (2) به في مقام الجمع.

ثم إن مقتضى الاطلاق (3) جواز الرد و لو مع الوطء في الدبر.

و يمكن دعوى انصرافه (4) الى غيره فيقتصر في مخالفة العمومات على منصرف (5) اللفظ.

و في لحوق التقبيل و اللمس بالوطء وجهان:

من (6) الخروج عن مورد النص، و من (7) الأولوية.

+++++++++++

(1) جواب عن الإشكال المذكور: اي حمل لفظ الكسوة في الرواية على كسوة تساوي قيمتها عشرا، أو نصف عشر.

(2) هذا رأي شيخنا الأنصاري حول حمل لفظة الكسوة على كسوة تساوي قيمتها عشرا، أو نصفه: اى لا بأس بهذا الحمل في مقام الجمع بين هذه الصحيحة، و الأخبار الواردة المصرحة بنصف العشر التي ذكرت في ص 268، و ص 269، و ص 270.

(3) اي اطلاق الوطء الوارد في الروايات المتقدمة، حيث إن الوطء ورد مطلقا، من دون اختصاصه بالقبل.

(4) اي انصراف الوطء الى غير الدبر، و اختصاصه بالقبل.

(5) أي منصرف لفظ الوطء هو القبل لا غير، لا مع الدبر.

(6) دليل لعدم لحوق التقبيل و اللمس بالوطء، لأن مورد النصوص المذكورة هو جواز الرد اذا وطأها المشتري، و التقبيل و اللمس خارجان عن موردها.

(7) دليل للحوق التقبيل و اللمس بالوطء، لأنه اذا جاز الرد بالوطء(1)فهما أولى لعدم صدق التصرف بهما في الأمة بمثل التصرف بالوطء -

ص: 293


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لو انضم الى الحمل عيب آخر فقد استشكل في سقوط الرد بالوطء

من (1) صدق كونها معيبة بالحمل، و كونها (2) معيبة بغيره.

و فيه (3) أن كونها معيبة بغير الحمل لا يقتضي إلا عدم تأثير ذلك العيب في الرد مع التصرف، لا نفي (4) تأثير عيب الحمل.

ثم إن صريح بعض النصوص (5)

+++++++++++

- و لأنهما من لوازم الوطء.

(1) دليل لعدم سقوط الرد بالوطء لو وجد في الأمة عيب آخر غير عيب الحمل، لصدق العيب عليها بالحمل، فالوطء غير مانع عن الرد، فهو ثابت و لم يسقط.

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

من صدق كونها، فهو دليل لسقوط الرد: اي و من صدق كونها معيبة بغير عيب الحمل كالعمى مثلا، فان هذا العيب(1) قد وجد عند المشتري لا أنه كان موجودا فيه قبل الشراء.

(3) اي و فيما افاده المحقق الثاني: من سقوط الرد نظر و إشكال.

خلاصة الإشكال إن العيب الّذي وجد في الأمة غير الحمل ليس فيه اقتضاء سوى عدم تأثير ذلك العيب في الرد مع التصرف في الأمة: و هو الوطء.

(4) اى لا أن العيب غير الحمل ينفي تأثير عيب الحمل حتى تكون نتيجة تأثير هذا النفي سقوط الرد و إن كانت حاملا.

(5) كما في مرسلة ابن ابي عمير المذكورة في ص 269 بقوله:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم فنكحها؟ -

ص: 294


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و الفتاوى، و ظاهر باقيها (1) اختصاص الحكم بالوطء، مع الجهل بالعيب، فلو (2) وطأها عالما به سقط الرد لكن (3) اطلاق كثير من الروايات يشمل العالم.

+++++++++++

- و صحيحة ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية حبلى و لم يعلم بحبلها فوطأها؟

فهاتان الروايتان صريحتان في عدم علم المشتري بحبل الأمة المشتراة.

(1) اى و ظاهر باقي النصوص الواردة في المقام كرواية عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه المذكورة في ص 270 قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى؟

فان ظاهر هذه الرواية أن المشتري حين اشترى الأمة لا يعلم بحبلها فلما وقع عليها علم بالحمل.

فالروايتان المذكورتان في الهامش 5 من ص 294-295.

و ظاهر رواية عبد الرحمن المذكورة في الهامش 1 من هذه الصفحة.

صريحة في أن جواز رد الأمة الحبلى بعد الوطء مختص بصورة جهل المشتري بحمل الأمة.

(2) الفاء تفريع على صورة جهل المشتري بالحمل: اى ففي ضوء ما ذكرنا فلو وطأ المشتري الأمة و هو عالم بحملها فلا حق له للرد، لسقوطه عنه بالعلم.

(3) استدراك عما افاده: من أن صريح بعض النصوص و الفتاوى و ظاهر بعض الروايات اختصاص رد المبيع المعيب بالجاهل.

خلاصته إن كثيرا من الروايات الواردة في المقام مطلق ليس فيه تقييد لجواز الرد بالجاهل بالعيب. -

ص: 295

الرابع من المسقطات حدوث عيب عند المشتري.
اشارة

(الرابع) من المسقطات (1) حدوث عيب عند المشتري.

و تفصيل ذلك (2) إنه اذا حدث العيب بعد العقد على المعيب -

+++++++++++

- و هذا الاطلاق كاف في شموله للعالم أيضا.

أليك نص بعض تلك الروايات المطلقة عن عبد الملك بن عمرو عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الجارية و هي حبلى فيطأها؟ قال: يردها و يرد عشر ثمنها اذا كانت حبلى.

فالشاهد في قول الرجل: و هي حبلى فيطأها، حيث إنه مطلق ليس فيه تقييد الوطء بصورة جهل المشتري بالحبل، أو علمه به، و مع ذلك قال عليه السلام: يردها و يرد عشر ثمنها.

فمن هذا الاطلاق نستكشف شمول الرواية صورة علم المشتري بالعيب.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 417 - الباب 5 - الحديث 7.

(1) اي من مسقطات الخيار الحاصل للمشتري بسبب وجود عيب سابق في المبيع.

(2) اي و تفصيل أن العيب الحادث عند المشتري بعد القبض و بعد مضي زمن الخيار موجب لسقوط الخيار الحاصل للمشتري بالعيب السابق.

خلاصة هذا التفصيل إن العيب الحادث.

إما أن يحصل قبل القبض.

و إما أن يحصل بعد القبض، و قبل مضي زمن خيار العيب السابق.

و إما أن يحصل بعد القبض، و بعد مضي زمن خيار العيب السابق.

فهذه أقسام ثلاثة نشير الى كل واحد منها عند رقمه الخاص.

ص: 296

فاما أن يحدث (1) قبل القبض، و إما أن يحدث (2) بعده في زمان خيار يضمن فيه البائع المبيع: اعني (3) خيار المجلس (4) و الحيوان (5)، و الشرط (6).

و إما أن يحدث (7) بعد مضي الخيار.

و المراد بالعيب الحادث هنا هو الاخير (8).

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الاول.

(2) هذا هو القسم الثاني.

(3) اي المراد من زمان خيار يضمن فيه البائع المبيع.

هو خيار المجلس، و خيار الحيوان، و خيار الشرط.

(4) مضى شرحه في المكاسب الجزء 13 ص 71 - الى ص 270 و في الجزء 14 من ص 1 - الى ص 83.

و المراد من الخيار هنا هو عدم افتراق المتعاقدين عن المجلس ما داما جالسين فيه.

(5) مضى شرحه في المكاسب - الجزء 14 ص 84 - الى ص 230 و المراد من الخيار هنا هي الأيام الثلاثة.

(6) مضى شرحه في المكاسب الجزء 14 من ص 231 الى آخر الجزء.

و في الجزء 15 من ص 1 - الى 131.

(7) هذا هو القسم الثالث: اي العيب الحادث عند المشتري إنما يكون بعد القبض، و بعد مضي زمن خيار العيب السابق(1)

(8) و هو العيب الحادث بعد القبض و بعد مضي زمن الخيار.

فهو محل النزاع. و محور البحث.

ص: 297


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

أما الاول (1) فلا خلاف ظاهرا في أنه لا يمنع الرد، بل في أنه (2) كالموجود قبل العقد(1) حتى (3) في ثبوت الارش فيه على الخلاف الآتي في أحكام القبض.

و أما الحادث (4) في زمن الخيار فكذلك لا خلاف في أنه غير مانع عن الرد، بل هو (5) سبب مستقل موجب للرد، بل (6)

+++++++++++

(1) اي القسم الاول المشار إليه في الهامش 1 ص 297

(2) اي بل و لا خلاف أيضا في أن القسم الاول نظير العيب الموجود قبل العقد حتى في ثبوت الارش.

فكما أن العيب الموجود في المبيع قبل العقد لا يمنع من الرد.

كذلك الموجود في المبيع بعد العقد و قبل المقبض لا يمنع من الرد.

(3) اي العيب الموجود في المبيع قبل القبض حتى في الارش نظير العيب الموجود قبل العقد: في أنه يأخذه المشتري من البائع.

لكن في ثبوت الارش خلاف بين الفقهاء بخلاف الرد فانه اتفاقي.

(4) اي العيب الحادث في زمن خيار العيب السابق(2)، و بعد القبض: و هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 297.

(5) اي العيب الحادث في زمن الخيار سبب مستقل للرد لا ربط له بالسبب الاول: و هو العيب السابق، فكل واحد منهما سبب مستقل.

(6) اي بل العيب الحادث سبب مستقل أيضا لاخذ الارش لكن فيه خلاف أيضا كما يأتي الاشارة إليه.

فكل من العيب السابق و الحادث سبب مستقل للرد و الارش لا ربط له بالعيب السابق.

ص: 298


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الارش على الخلاف الآتي فيما قبل القبض، بناء (1) على اتحاد المسألتين كما يظهر من بعض.

و يدل على ذلك (2) ما يأتي: من أن الحدث في زمن الخيار مضمون على البائع و من ماله، و معناه (3) ضمانه على الوجه الذي بضمنه قبل القبض بل قبل العقد.

+++++++++++

(1) تعليل لكون العيب الحادث في زمن الخيار غير مانع عن الرد، و اخذ الارش، و أنه سبب مستقل لا ربط له بالعيب السابق اي عدم المانع(1) عن الرد، و عن اخذ الارش مبني على أن الملاك في المسألتين: و هما.

مسألة حدوث العيب قبل القبض.

و مسألة حدوث العيب بعد القبض في زمن الخيار:

متحد، اذ الملاك هو ضمان البائع.

و هذا لا يفرق فيه بين أن يكون حدوث العيب قبل القبض أو بعده.

(2) اي على أن حدوث العيب في زمن الخيار غير مانع عن الرد و أنه سبب مستقل لا ربط له بالعيب السابق.

(3) اي و معنى قولهم: إن العيب الحادث في زمن الخيار مضمون على البائع و من ماله: أن الضمان هنا ضمان معاوضي: اي البائع يضمن الثمن على الوجه الذي كان يضمنه قبل العقد، و لا ريب أن الضمان قبل العقد ضمان معاوضي يجب على البائع رد الثمن على المشتري لو تلف المبيع عنده.

ص: 299


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

إلا (1) أن المحكي عن المحقق في درسه فيما لو حدث في المبيع عيب:

+++++++++++

(1) استثناء عن دعوى أن العيب الحادث بعد القبض في مدة الخيار سبب مستقل لا يجاب رد المبيع.

و عن أن هناك من يدعي خلاف ذلك: و هو المحقق قدس سره حيث ذهب الى عدم جواز الرد بعد انقضاء مدة الخيار كما ستسمع.

و حاصل ما حكي عن المحقق قدس اللّه روحه الزكية:

إن تأثير العيب الحادث في زمن الخيار في جواز رد المبيع بالعيب القديم و عدم تأثيره في الرد.

يدور مدار بقاء زمن الخيار، و انقضائه.

فان انتهت مدة الخيار خرج المبيع عن ضمان البائع و عهدته، و دخل في ضمان المشتري، و كان حكم العيب الحادث في أثناء مدة الخيار بعد انتهائها حكم العيب الحادث بعد مدة الخيار.

كما يأتي هذا الحكم في القسم الثالث.

فالمحقق قدس سره قائل بمنع الرد، لأن موضوعه هو الخيار ما دام موجودا.

و المفروض أنه قد زال، فاستقر الملك للمشتري بعد انقضاء الخيار بقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان.

عن الرجل يشتري الدابة، أو العبد، و يشترط الى يوم، أو يومين فيموت العبد أو الدابة، و يحدث فيه الحدث.

على من ضمان ذلك؟

فقال: على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام، و يصير المبيع للمشتري شرط له البائع، أو لم يشترط. -

ص: 300

أن (1) تأثير العيب الحادث في زمن الخيار

و كذا عدم تأثيره (2) في الرد بالعيب القديم إنما هو ما دام الخيار فاذا انقضى الخيار كان حكمه حكم العيب المضمون على المشتري.

قال (3) في الدروس(1): لو حدث في المبيع عيب غير مضمون على المشتري لم يمنع (4) من الرد إن كان (5) قبل القبض، أو

+++++++++++

- قال: و إن كان بينهما شرط: أيا ما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع.

راجع (التهذيب) الجزء 7 - ص 24 - الحديث 103-20.

و من الواضح أن صيرورة المبيع للمشتري لا يحصل إلا بعد زوال زمن الخيار.

ثم إن الحاكي في قوله: إلا أن المحكي هو الشهيد الاول كما هو نص عبارته الآتية.

(1) جملة أن تأثير العيب هو المحكي عن المحقق قدس سره.

(2) اي عدم تأثير العيب الحادث.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به نقل ما حكاه الشهيد عن المحقق قدس سرهما في كتاب الدروس حول الاختلاف الواقع بين الاستاذ: و هو ابن نما.

و بين تلميذه: و هو المحقق قدس سرهما في العيب الحادث بعد القبض، و بعد مضي زمن الخيار(2) عند المشتري.

(4) اي المشتري لم يمنع من الرد.

(5) اي العيب الحادث.

ص: 301


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

في مدة خيار المشتري المشترط، أو بالاصل (1) فله الرد ما دام الخيار (2).

فان خرج الخيار ففي الرد خلاف بين ابن نما و تلميذه المحقق قدس سرهما فجوزه (3) ابن نما، لأنه (4) من ضمان البائع.

و منعه (5) المحقق قدس سره، لأن (6) الرد لمكان الخيار و قد زال.

و لو كان (7) حدوث العيب في مبيع صحيح في مدة الخيار

+++++++++++

(1) كما في خيار المجلس: أو الحيوان، أو الشرط، فان هذه الخيارات ثابتة من الشارع.

(2) اي خيار العيب السابق(1)

(3) اي جوز للمشتري أن يرد المبيع بالعيب الحادث و إن انقضت مدة خيار العيب السابق، لأن المبيع لا يزال في ضمان البائع.

(4) تعليل لتجويز ابن نما الرد، و قد عرفته آنفا.

(5) اي و منع المحقق قدس سره رد المبيع بالعيب الحادث بعد مضي زمن الخيار.

(6) تعليل لمنع المحقق الرد: اي المؤثر للرد هو الخيار المسبب من العيب السابق، لا العيب الحادث خلاله، لأن الرد منحصر في ظرف الخيار، و هو قد انقضى كما عرفت.

نعم لو كانت مدة الخيار باقية فلا يمنع المشتري من الرد، فاذا انتهت المدة فلم يبق أي اثر للعيب السابق بل هو مضمون على المشتري.

(7) هذا من متممات كلام الشهيد في الدروس، فانه قدس سره بعد أن أنهى الكلام حول المبيع المعيب اخذ في البحث عن المبيع الصحيح.

ص: 302


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فالباب (1) واحد، انتهى (2).

لكن (3) الذي حكاه في اللمعة عن المحقق هو الفرع الثاني:

+++++++++++

(1) أي المبنى واحد في الصورتين عند المحقق قدس سره.

خلاصة الكلام في هذا المقام إنه لو فرض المبيع سليما حال البيع

ثم حدث فيه عيب عند المشتري في زمن خيار الحيوان اذا كان المبيع حيوانا.

أو خيار الشرط، أو المجلس اذا كان المبيع غير حيوان.

فان اختار رد المبيع قبل انقضاء زمن الخيار فله ذلك و كان الضمان على البائع.

و إن لم يختر حتى انتهت مدة الخيار فقد خرج المبيع عن ضمان البائع و دخل في ضمان المشتري.

هذا على مبنى المحقق قدس سره.

و بما ذكرناه عنه يظهر أن العيب الحادث عند المشتري في زمن الخيار لا يفرق فيه

بين كونه مسبوقا بعيب عند البائع.

و بين كونه غير مسبوق بعيب.

فلا اثر له بعد انقضاء مدة الخيار، لاتحاد الباب في الصورتين: و هما.

صورة كون المبيع مسبوقا بالعيب.

و صورة عدم كونه مسبوقا به: بأن كان صحيحا سليما.

و هذا معنى قول الشهيد في الدروس: فالباب واحد.

(2) اي ما افاده الشهيد في الدروس في هذا المقام.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به بيان اختلاف رأي الشهيد عما افاده في اللمعة مع ما افاده في الدروس، حيث إنه ذكر في -

ص: 303

و هو حدوث العيب (1) في مبيع صحيح.

و لعل (2) الفرع الاول مترتب عليه، لأن (3) العيب الحادث

+++++++++++

- اللمعة الفرع الثاني: و هو حدوث العيب في مبيع صحيح عند المشتري.

و لم يذكر الفرع الاول: و هو حدوث عيب في مبيع معيب عند المشتري في زمن الخيار.

مع أن الكلام في الفرع الاول، لا في الفرع الثاني.

فلما ذا ترك الفرع الاول هناك؟

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 321 عند قوله:

الثانية لو حدث في الحيوان عيب من غير جهة المشتري في زمن الخيار فله الرد باصل الخيار.

و الأقرب جوازه بالعيب أيضا.

(1) اي العيب الجديد.

(2) من هنا يروم شيخنا الأنصاري ادخال الفرع الاول في الفرع الثاني حتى يوجه ترك الشهيد الفرع الاول، فقال: و لعل الفرع الاول مترتب على الفرع الثاني.

(3) تعليل لترتب الفرع الاول على الفرع الثاني.

خلاصته إن الفرع الاول: و هو حدوث العيب في مبيع معيب لعله مترتب على الفرع الثاني: و هو حدوث العيب في مبيع صحيح.

يعني كما أن العيب الحادث في أثناء مدة خيار المبيع الصحيح لا يكون سببا لجواز رد المبيع.

كذلك العيب الحادث في زمن خيار العيب السابق الذي سببه -

ص: 304

اذا لم يكن مضمونا على البائع حتى يكون سببا للخيار: غاية (1) الأمر كونه غير مانع عن الرد كخيار(1) الثلاثة (2).

+++++++++++

- العيب القديم لا يكون سببا لجواز رد المبيع المعيب حتى في أثناء زمن خيار العيب.

نعم لو اجتمع معه احد الخيارات الثلاثة:

خيار المجلس - خيار الحيوان - خيار الشرط:

يكون له الرد بهذا الخيار، لا بخيار العيب، لأن العيب الحادث في زمن الخيار اذا لم يكن مضمونا على البائع كما ذهب إليه المحقق قدس سره فلا يكون سببا للرد، فان سببيته لرد المبيع على البائع فرع كونه مضمونا على البائع.

اذا لا فرق بين الفرعين: من حيث العيب الحادث عند المشتري في أثناء خيار كل منهما.

(1) غاية ما يقال في العيب الحادث في زمن الخيار: إنه لا يكون مانعا عن الرد باحد الخيارات الثلاثة:

المجلس - الحيوان - الشرط.

(2) لا يخفى عليك أن هذه العبارة في النسخة المصححة من قبل الأفاضل في الحوزة العلمية بقم هكذا:

كالخيارات الثلاثة التي ذكرناها في هذه الصفحة في الهامش رقم 1.

و في كثير من النسخ و منها نسختي المصححة هكذا:

كخيار الثلاثة.

و الظاهر هو الصحيح كما اثبتناه هنا، لأن سبب الرد في زمن الخيار هو خيار الحيوان، لا العيب السابق، و لا العيب الحادث كما علمت. -

ص: 305


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كان (1) مانعا عن الرد بالعيب السابق: اذ لا يجوز الرد (2) بالعيب مع حدوث عيب مضمون على المشتري، فيكون الرد في

+++++++++++

- فلا معنى للخيارات الثلاثة كما ذكرت في كثير من النسخ.

و المراد من الخيار الثلاثة هي الأيام الثلاثة التي جعلت في الحيوان.

(1) يحتمل أن تكون الجملة خبرية لاسم إن في قوله في ص 304 لأن العيب الحادث.

و يحتمل أن تكون جوابا لاذا الشرطية في قوله في ص 305: اذا أي اذا لم يكن مضمونا على البائع كان مانعا عن الرد بالعيب السابق

بيان ذلك إن خيار العيب الذي اوجبه العيب السابق على العقد انما يجوز رد المبيع به اذا لم يحدث فيه عيب آخر عند المشتري، لأن العيب الحادث عنده في زمن الخيار باعتبار أنه مضمون عليه:

يكون مانعا عن رد المبيع بخيار العيب السابق.

نعم اذا اجتمع معه خيار الأيام الثلاثة يكون الرد بهذا الخيار لا بالعيب السابق

(2) الوجه في ذلك إن جواز رد المبيع بخيار العيب السابق مقيد بما اذا لم يطرأ على المبيع نقص و عيب عند المشتري، كما هو المستفاد من مرسلة جميل المتقدمة في ص 227 في قوله عليه السلام:

إن كان الشيء قائما بعينه رده على صاحبه و اخذ الثمن.

ببيان أن المبيع المعيب اذا حدث فيه عيب عند المشتري و لو في زمن خيار العيب السابق.

لا يصدق عليه أنه قائم بعينه حتى يجوز رده.

فالنقص الحادث في المبيع عند المشتري مضمون عليه، فيكون -

ص: 306

زمان الخيار بالخيار، لا بالعيب السابق.

فمنشأ (1) هذا القول عدم ضمان البائع للعيب الحادث و لذا (2)

+++++++++++

- مانعا عن الرد بخيار العيب السابق، لما ذكر من التقييد.

(1) الفاء تفريع على ما افاده في ص 306 بقوله: اذ لا يجوز الرد بالعيب: اي فظهر مما ذكرناه آنفا أن منشأ قول المحقق قدس سره بعدم سببية العيب الحادث في زمن الخيار لرد المبيع إنما هو عدم ضمان البائع له.

(2) اي و لاجل أن منشأ قول المحقق هو عدم ضمان البائع للعيب الحادث ذكر الشهيد في اللمعة أن ذهاب المحقق الى عدم جواز الرد مناف لما ذكره في الشرائع بقوله: و لو حدث فيه عيب من غير جهة المشتري لم يكن ذلك العيب مانعا عن الرد باصل الخيار.

و هل يلزم البائع ارشه؟

فيه تردد، و الظاهر لا.

راجع (الشرائع) الطبعة الحديثة - الجزء 2 ص 37

و أما ما اشكله الشهيد على المحقق.

فراجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة - الجزء 3 ص 322 عند قوله:

و قال الفاضل نجم الدين ابو القاسم في الدرس:

لا يرد إلا بالخيار، و هو ينافي حكمه في الشرائع:

بأن الحدث في الثلاثة من مال البائع، مع حكمه بعدم الارش فيه(1).

ص: 307


1- اي في الحيوان في صورة ورود النقص عليه في الأيام الثلاثة.

ذكر في اللمعة أن هذا من المحقق مناف لما ذكره في الشرائع: من (1) أن العيب الحادث في الحيوان مضمون على البائع، مع حكمه بعدم الارش (2).

ثم 7 نه ربما يجعل (3) قول المحقق عكسا لقول شيخه.

+++++++++++

(1) كلمة من بيان للمنافاة الذي يلزم من كلام المحقق قدس سره

(2) فحكم المحقق في الشرائع بعدم الارش لا يجتمع مع حكمه بضمان العيب الحادث على البائع، اذ هما حكمان متضادان لا يجتمعان.

(3) الجاعل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره، حيث قال في شرح عبارة المحقق قدس سره في الشرائع:

(فلو كان العيب الحادث قبل القبض لم يمنع الرد): بالعيب السابق قطعا، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه، فضلا عن محكيه لكونه مضمونا على البائع، و لذا كان للمشتري الرد به، فضلا عن العيب السابق بلا خلاف.

بل حكى الاجماع عليه غير واحد.

و ذكر أيضا:

و مثله حدوث العيب من غير جهة المشتري في الثلاثة لو كان المبيع حيوانا، لأنه أيضا مضمون على البائع، فلا يمنع حكم العيب السابق.

و كذا كل خيار مختص بالمشتري، بناء على الحاقة في ثلاثة الحيوان في الضمان لما يحدث فيه كما تقدم تحقيق الحال فيه.

و الظاهر تعدد سبب استحقاق الرد حينئذ.

فما عن المصنف: من أن له الرد باصل الخيار، لا بالعيب الحادث و ابن نما بالعكس. -

ص: 308

و يضعف (1) كلاهما: بأن الظاهر تعدد الخيار.

و فيه (2) أن قول ابن نما رحمه اللّه لا يأبى عن التعدد كما لا يخفى.

+++++++++++

- في غير محله، بل مقتضى الجمع بين الدليلين الحكم بأنهما سببان لجواز رد المبيع كما هو واضح.

راجع (الجواهر) الطبعة الحديثة - الجزء 23 ص 241-242.

و لا يخفى أن مقتضى المعاكسة بين هذين القولين هو مخالفة احدهما لما يذهب الآخر إليه.

(1) هذا التضعيف للشيخ صاحب الجواهر قدس سره يروم به تضعيف قول ابن نما و تلميذه المحقق قدس سرهما.

خلاصته إن الظاهر هو تعدد الخيار، لا اتحاده، فانحصار سبب الرد في غير محله.

و لكن لا يخفى أن ما ضعّفه صاحب الجواهر إنما يتم لو كان المحقق يقول: إن انحصار السبب الموجب لرد المبيع هو خصوص العيب القديم لا غير.

و أن ابن نما يقول بأن انحصار السبب الموجب لرد المبيع هو خصوص العيب الحادث في زمن الخيار لا غير.

لكن الأمر ليس كذلك كما يأتي الاشارة إليه في الإشكال الذي اورده شيخنا الأنصاري على صاحب الجواهر قدس سرهما.

(2) ايراد منه على ما ضعّفه الشيخ صاحب الجواهر.

خلاصته إن ما ذهب إليه ابن نما: من جواز رد المبيع بالعيب الحادث لا يدل على انحصار السبب الموجب للرد.

بل ذهابه الى العيب الحادث لا يمنع من رده بالعيب السابق -

ص: 309

(و أما الثالث) (1): اعني العيب الحادث في يد المشتري بعد القبض و الخيار.

فالمشهور أنه (2) مانع عن الرد بالعيب السابق.

بل عن شرح الارشاد لفخر الاسلام، و في ظاهر الغنية(1) الاجماع عليه (3).

+++++++++++

- أيضا، فعليه لا يتم دعوى المعاكسة بين القولين.

فابن نما أيضا يتراءى منه تعدد الخيار، لا اتحاده، فلا يكون قوله آبيا عن التعدد، لكون قوله مطلقا، و الاطلاق هذا كاف في عدم الإباء.

ثم لا يخفى عليك أنه ليس مراد صاحب الجواهر من قوله في ص 308: و الظاهر تعدد سبب استحقاق الرد:

تعدد الخيار من جهتين:

جهة الحيوان، و جهة العيب الحادث في الأيام الثلاثة.

بل مراده من تعدد السبب هو تعدد خيار العيب من جهة تعدد العيب السابق و العيب اللاحق.

(1) اي من الأقسام التي ذكرها في ص 296 بقوله:

و تفصيل ذلك إنه اذا حدث العيب بعد العقد على المعيب.

(2) اي العيب الحادث في يد المشتري بعد القبض و الخيار: اي مضي زمن الخيار.

(3) اي على أن العيب الحادث في يد المشتري بعد القبض و بعد مضي زمن الخيار مانع عن رد المبيع باجماع من الطائفة.

بخلاف القسم الاول المشار إليه في ص 297 بقوله: فاما أن يحدث قبل القبض. -

ص: 310


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و المراد بالعيب هنا (1)

+++++++++++

- و بخلاف القسم الثاني المذكور في ص 297 بقوله:

و إما أن يحدث بعده في زمان خيار يضمن فيه البائع.

فهذان القسمان لا يكونان مانعين عن الرد، لوجود المقتضي: و هو بقاء زمن خيار العيب السابق الذي كان للمشتري بسبب العيب السابق.

و عدم وجود مانع لجريان ذاك الخيار.

فمحل النزاع، و محور الكلام هو القسم الثالث:

و هو حدوث عيب في المبيع عند المشتري بعد القبض، و بعد مضي زمن خيار العيب السابق.

فهل يجوز للمشتري رد المبيع الحادث فيه عيب بالعيب السابق؟

أو لا يجوز الرد لمضي زمن خيار العيب السابق؟

ذهب المشهور الى عدم جواز الرد حينئذ.

و ذهب آخرون الى جواز الرد.

(1) اي المراد بالعيب الحادث عند المشتري بعد القبض، و بعد مضي زمن خيار العيب السابق.

هو مجرد النقص الحاصل في المبيع المعيب بالعيب السابق، المعبر عن هذا النقص ب: (النقص المعنوي، أو غير الحسي).

و يقال له أيضا: (غير الاصطلاحي): اي الذي لا يوجب ارشا.

و ليس المراد من العيب هنا هو النقص لمادي الموجب للارش، لأن العيب في المقام ليس عنوانا، اذ المدار على نقص العنوان: بحيث بصدق أن العين غير قائمة على ما كانت عليه عند البيع. -

ص: 311

مجرد النقص، لا خصوص ما يوجب الارش (1).

فيعم (2) عيب الشركة، و تبعض (3) الصفقة اذا (4) اشترى اثنان شيئا فاراد احدهما رده بالعيب.

أو اشترى (5) واحد بصفقة واحدة و ظهر العيب في بعضه فاراد رد المعيب خاصة.

+++++++++++

- و يسمى هذا النقص الموجب للارش ب: (النقص المادي الحسي).

(1) و هو النقص المادي الحسي، المعبر عنه ب:

(النقص الاصطلاحي)، لأن اعطاء الارش: و هي قيمة التفاوت ما بين المعيب الصحيح، و المبيع المعيب الى المشتري: دليل على نقصان قيمة المبيع عن قيمته الاصلية التي كان المبيع عليها.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد من النقص هنا معناه الأعم، لا معناه الأخص الذي يوجب الارش:

اي ففي ضوء ما ذكرنا يعم العيب عيب الشركة، فان اشتراك المشتري مع البائع في المبيع ضرر على البائع و إن لم يوجب ارشا.

(3) بالنصب عطفا على قوله في هذه الصفحة: فيعم(1)

اي فيعم العيب الحادث عند المشتري عيب تبعض الصفقة.

(4) مثال لكون الشركة عيبا.

خلاصته إن اثنين لو اشتريا شيئا ثم حدث عندهما عليه عيب فاراد احدهما رد المعيب بالعيب السابق المنقضي زمان خياره.

فلا مجال للرد، لزوال المقتضي: و هو زمن الخيار.

(5) مثال لشمول العيب الحادث عيب تبعض الصفقة. -

ص: 312


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و نحوه (1) نسيان العبد الكتابة كما صرح به في القواعد(1)، و غيره.

و نسيان (2) الدابة الطحن كما صرح به في جامع المقاصد.

و يمكن الاستدلال على الحكم (3) في المسألة بمرسلة جميل المتقدمة.

+++++++++++

- خلاصته إنه لو اشترى شخص سلعا متعددة بصفقة واحدة لم ظهر عيب عنده في احداها بعد مضي زمن الخيار، فاراد المشتري رد المعيب خاصة.

فلا مجال للرد هنا، لأن الرد كان منوطا ببقاء الخيار و قد زال بالقضاء مدته.

فالمقتضي مفقود و المانع موجود.

ثم لا يخفى عليك أن المثالين ذكرا على ترتيب اللف و النشر المرتب.

(1) بالرفع اي و نحو عيب الشركة، و تبعض الصفقة: في أنه لا يوجب الارش: نسيان العبد الكتابة عند المشتري اذ نسيان الكتابة لا يوجب(2) نقصا في قيمة العبد عن قيمته الاصلية التي اشتراه المشتري فلا مجال للرد هنا.

(2) بالرفع عطفا على و نحوه: اي و نحو نسيان العبد الكتابة نسيان الدابة الطحن، إذ نسيانها ذلك لا يوجب ارشا، لعدم وجود نقص في قيمتها الاصلية، لأن العين باقية على ما كانت عليه.

(3) و هو عدم جواز رد المعيب بالعيب الحادث عند المشتري بعد القبض، و بعد مضي زمن خيار العيب(3) السابق كما ذهب إليه المشهور.

بالإضافة الى ظاهر الاجماع الذي نقله المصنف في ص 310 عن ابن زهرة قدس سرهما المذكور في الغنية:

اي و يمكن الاستدلال على عدم جواز رد المبيع بالعيب الحادث -

ص: 313


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

فان (1) قيام العين و إن لم يناف بظاهره مجرد نقص الأوصاف.

كما (2) اعترف به بعضهم في مسألة تقديم قول البائع في قدر

+++++++++++

- عند المشتري بالمرسلة المذكورة في ص 227.

(1) الفاء تفريع للشروع في امكان الاستدلال بالمرسلة المذكورة على عدم جواز الرد و تعليل.

و التعليل هذا في الواقع دفع و هم و اعتراض قد يعترض على الاستدلال بالمرسلة.

حاصل الاعتراض إن المرسلة لا تصلح للاستدلال بها على سقوط رد المعيب بالعيب الحادث.

بل هي تدل على العكس: و هو جواز الرد و إن انقضت مدة الخيار، لأن معنى قوله عليه السلام.

إن كان الشيء قائما بعينه رده على صاحبه و اخذ الثمن:

هو قيام الشيء بذاته، و أنه غير تالف خارجا.

و من الواضح أن قيام الذات يصدق حتى مع النقص في الأوصاف و الخصوصيات.

خذ لذلك مثالا.

لو قطعت يد انسان، أو رجله.

فيصدق عليه أنه موجود بذاته و عينه.

ففيما نحن فيه ظاهر المرسلة يدل على جواز الرد.

لا على سقوطه، لأن العين و إن عرض عليها نقص مثل نسيان الكتابة في العبد، و نسيان الدابة الطحن. الا أن العين موجودة بذاته، و قائمة على ما كانت عليه: من الهيكل و القيمة.

(2) تأييد من شيخنا الأنصاري قدس سره للاعتراض المذكور

ص: 314

الثمن مع قيام العين.

إلا (1) أن الظاهر منه (2) بقرينة التمثيل لمقابله (3) بمثل قطع

+++++++++++

خلاصته إن بعض الفقهاء اعترف في مسألة تقديم قول البائع على المشتري لو اختلفا في قدر الثمن عند عروض عيب على المبيع لو رده المشتري: بأن قال البائع: قيمته عشرة دنانير.

و قال المشتري: قيمته ثمانية دنانير:

بأن تغير العين في بعض أوصافها ظاهرا لا ينافي بقاءها على ما كانت عليه قبل البيع، و قبل حدوث النقص فيها.

(1) دفع عن الاعتراض المذكور.

خلاصته إن ظاهر قيام العين و إن كان كذلك.

لكن الظاهر من قرينة التمثيل في قوله عليه السلام في المرسلة:

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط، أو صبغ رجع بنقصان العيب:

في قبال (قيام العين) بقطع الثوب، أو خياطته، أو صبغه:

يصرفنا عن ذلك الظهور، و يرشدنا الى ظهور (قيام العين) في أن المراد من القيام باعانة تلك القرينة:

هو كون الشيء قائما بذاته و أوصافه و خصوصياته التي كان عليها اذا حصل فيه نقص عند المشتري.

أو فقد بعض أوصافه، و إن لم يكن ذلك النقص موجبا للارش.

فليس للمشتري رد المبيع على البائع، لعدم بقائه قائما بعينه.

(2) مرجع الضمير قيام العين، لا المرسلة المذكورة في ص 227.

(3) مرجع الضمير قيام العين، لا المرسلة المذكورة.

ص: 315

الثوب، أو خياطته، أو صبغه:

ما (1) يقابل تغير الأوصاف، و النقص الحاصل و لو لم يوجب (2) ارشا كصبغ الثوب و خياطته.

نعم (3) قد يتوهم شموله لما يقابل للزيادة كالسمن، و تعلم الصنعة.

لكن (4) يندفع: بأن الظاهر من قيام العين بقاؤها: بمعنى أن

+++++++++++

(1) خبر لاسم أن في قوله في 315 ص: إلا أن الظاهر.

و جملة إن و اسمها و خبرها خبر لاسم إن الاولى في قوله في ص 314 فان قيام العين.

و حاصل المراد من قوله: ما يقابل تغير الأوصاف الى آخر ما افاده:

هو أن قيام العين في المرسلة بقرينة التمثيل بالأمثلة المذكورة يراد منه:

قيام العين المقابل لتغير الأوصاف الموجب لسقوط الرد الذي هو محل البحث في هذا المقام.

(2) اي و إن لم يكن النقص عيبا اصطلاحيا موجبا للارش: و هو نقص المبيع جزء ماديا له قسط من ثمن المبيع.

(3) استدراك عما افاده: من إرادة العموم من النقص في المرسلة المذكورة و إن لم يوجب ارشا.

خلاصته إن قيام الشيء في المرسلة ربما يتوهم شموله للنقص الذي يقابل(1) الزيادة كالسمن، و كتعلم الصنعة مثل الخياطة، و الصباغة، و الكتابة.

و ما شابه هذه الحرف و المهن.

(4) جواب عن التوهم المذكور.

خلاصته إننا و إن قلنا بتعميم النقص. -

ص: 316


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لا تنقص ماليتها، لا (1) بمعنى أن لا تزيد و لا تنقص كما لا يخفى على المتأمل.

و استدل العلامة في التذكرة على اصل الحكم (2) قبل المرسلة (3) بأن (4) العيب الحادث يقتضي اتلاف جزء من المبيع فيكون من

+++++++++++

- لكن التعميم لا يشمل ما ذكر، لأنه مندفع بظهور قيام الشيء في قوله عليه السلام في المرسلة إن كان الشيء قائما بعينه: في كونه باقيا على ما كان: اي لم يرد نقص على مالية العين التي كانت عليها.

(1) اي و ليس معنى قيام العين في المرسلة المذكورة هو عدم زيادة العين، أو عدم نقصانها وزنا حتى يقال: إن العين في حالة الزيادة، أو النقيصة لم تكن قائمة على حالتها الاولية: لأنها صارت سمينة أو هازلة.

و هذا المعنى يظهر للخبير النبيل بأدنى تأمل.

و الباء في بأن لكيفية الدفاع، و قد عرفتها.

(2) و هو عدم جواز رد المبيع المعيب بالعيب الحادث عند المشتري.

(3) و هي المرسلة المذكورة في ص 227.

(4) الباء بيان لكيفية استدلال العلامة على اصل الحكم: و هو عدم جواز رد المبيع المعيب بالعيب الحادث، مع غض النظر عن كون المراد من العيب الحادث هو الموجب للارش، أو الأعم.

ثم إن استدلال العلامة قدس سره مركب من امرين:

(الاول) المرسلة المذكورة في ص 227.

(الثاني) العيب الحادث عند المشتري. -

ص: 317

ضمان المشتري فيسقط رده، للنقص (1) الحاصل في يده، فانه (2)

+++++++++++

- و خلاصة الأمر الثاني إن العيب الحادث موجب لاتلاف جزء من المبيع عند المشتري فصار هذا الاتلاف سببا لضمانه له، لأن الضمان مسبب من الاتلاف، فيصير سببا لإسقاط حق المشتري: و هو الرد فالسقوط مسبب عن ضمانه للنقص.

و لا يخفى أن الاتلاف و إن كان وليد العيب الحادث عند المشتري و من صفاته.

لكنه حدث عنده، فعليه يصح اضافته إليه.(1)

(1) تعليل لضمان المشتري العيب الحادث.

خلاصته إن الميزان الكلي لحق المشتري في رد المبيع بالعيب الحادث:

هو كون المبيع مضمونا على البائع كما في موردي ما قبل القبض و بعد القبض في زمان خيار العيب السابق.

و أما في صورة خروجه عن عهدة البائع، و دخوله في ضمان المشتري فيسقط حقه من الرد كما في العيب الحادث بعد مضي زمن الخيار.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم: إن القول بجواز رد المشتري المبيع المعيب بالعيب الحادث لاجل العيب السابق الذي كان موجودا في المبيع، فهذا العيب السابق صار سببا لتحمل البائع الضرر، و لو لا هذا العيب لما قلنا بتحمل البائع الضرر.

فالحاصل إن تحمل البائع الضرر لاجل ذلك لا غير.

فاجاب العلامة قدس سره بما حاصله: -

ص: 318


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ليس تحمل البائع به للعيب السابق أولى من تحمل المشتري به للعيب الحادث (1)، هذا (2).

و لكن (3) المرسلة لا تشمل جميع أفراد النقص مثل نسيان الدابة

+++++++++++

- إن تحمل البائع الضرر بسبب العيب السابق و النقص الحاصل من ناحيته ليس بأخف و أقل من تحمل المشتري للضرر الحاصل من العيب الحادث عنده.

فقاعدة نفي الضرر متساوية في حق الطرفين، فلا أولوية لأحدهما على الآخر، و نتيجة التساوي، و عدم المرجح لاحدهما على الآخر هو التساقط: و الرجوع الى أصالة اللزوم.

كما هو القاعدة في تعارض الضررين عند عدم مرجح لاحدهما على الآخر.

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 382.

(2) اي خذ ما تلوناه عليك حول ما افاده العلامة في هذا المقام.

(3) من هنا اخذ في الرد على ما استدل به العلامة قدس سرهما من الأمرين المذكورين في الهامش 4 ص 317.

فقال: أما الأمر الاول المشار إليه في الهامش 4 ص 317:

و هي المرسلة المذكورة في ص 227 فلا تشمل جميع أفراد النقص لأن العيب الحادث مختص بالعيب الموجب للارش كما يستفاد هذا من دليله الثاني.

فعليه لا يكون مثل نسيان العبد الكتابة، أو نسيان الدابة الطحن و ما شابه هذين العملين، لأنه لم يوجد نقص بهما في مالية العبد أو الدابة، لبقاء عينهما على ما كانت عليه، لأن النقص الحاصل -

ص: 319

للطحن، و شبهه (1).

و الوجه (2) المذكور في التذكرة قاصر عن افادة المدعى، لأن (3) المرجع بعد عدم الأولوية من احد الطرفين: الى أصالة ثبوت الخيار و عدم ما يدل على سقوطه (4).

غاية (5) الأمر أنه لو كان الحادث عيبا

+++++++++++

- اوجب فقد صفة كمال معنوي، لا مادي.

(1) المراد من شبهه هو صبغ الثوب، أو خياطته(1)

(2) هذا هو الرد على الدليل الثاني المشار إليه في الهامش 4 ص 317.

خلاصته إن الدليل المستدل به قاصر عن دلالته على المدعى:

و هو عدم أولوية احد الطرفين في قاعدة نفي الضرر المنتهي الى التساقط عند تعارض الضررين و الرجوع الى أصالة اللزوم.

بل المرجع حينئذ عند عدم المرجح لاحدهما هو استصحاب بقاء الخيار الحاصل للمشتري بالعيب السابق بسبب الشك الحادث له بالعيب الحادث.

و نتيجة ذلك ثبوت حق المشتري: و هو جواز رد المبيع.

و ليس المرجع أصالة اللزوم حتى لا يجوز له الرد كما افيد.

(3) تعليل لقصور الدليل عن افادة المدعي.

و قد عرفته في الهامش 2 من هذه الصفحة عند قولنا: خلاصته إن الدليل.

(4) اي و لا يوجد دليل آخر على سقوط الخيار بعد وجود الاستصحاب.

(5) اي نهاية ما في الباب أنه يلزم على المشتري دفع ارش العيب الحادث للبائع في صورة الرجوع الى استصحاب الخيار بعد سقوط -

ص: 320


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

كان عليه (1) الارش للبائع اذا رده.

كما (2) اذا تقايلا، أو فسخ (3) احدهما بخياره بعد تعيب العين.

أما (4) مثل نسيان الصنعة، و شبهها فلا يوجب ارشا

+++++++++++

- قاعدة نفي الضرر عن الطرفين، و بعد اخذ المشتري حقه برد البيع المعيب.

و لزوم دفع الارش على المشتري للبائع إنما هو لاجل تدارك الجزء الفائت من المبيع الذي هو وصف الصحة.

(1) اي على المشتري كما علمت.

(2) تنظير لضمان المشتري دفع الارش للجزء الفائت.

اي كما هو الحال في صورة تقايل المتعاقدين في العوضين: المثمن و الثمن اذا حدث فيهما عيب عندهما اوجب نقصا.

فكما أن كلا منهما ضامن للارش.

كذلك فيما نحن فيه يكون المشتري ضامنا للارش.

(3) تنظيرتان لضمان الارش المسبب عن العيب:

اي كما هو الحال في صورة وجود الخيار لكل من الطرفين اذا حدث عيب في المبيع عندهما و اراد احدهما الفسخ بخياره.

فكما أن الفاسخ ضامن للعيب الحادث عنده بدفع الارش للآخر.

كذلك المشتري ضامن يدفع الارش الى البائع في صورة رد المبيع الى البائع.

(4) من هنا اخذ في البحث عن النقص الذي لا يوجب ارشا.

خلاصته إن في مثل نسيان العبد الكتابة، أو الخياطة أو نسيان الدابة الطحن الذي لا يعد نقصا ماديا: غير واجب دفع الارش الى البائع.

ص: 321

بل يرده (1)، لأن (2) النقص حدث في ملكه.

و إنما (3) يضمن وصف الصحة، لكونه (4) كالجزء التالف

+++++++++++

(1) اي بل الواجب عليه رد المبيع الى البائع.

(2) تعليل لعدم وجوب الارش على المشتري في مثل نسيان العبد الكتابة.

خلاصته إن العيب الحادث قد حدث في ملك المشتري، حيث إن المبيع بعد وجود شرائط العوضين و المتعاقدين اصبح ملكا له، فيده عليه يد مالكة، لا يد عادية حتى يجب عليه الارش.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم إن النقص المعنوي لم يوجب ارشا.

بل على المشتري رد المبيع على البائع. لأن النقص حدث في ملكه.

فلما ذا يحكم بدفع الارش الى البائع لو اراد المشتري رد المبيع عند ما يحدث نقص مادي موجب للارش؟

مع أن الحدث كان في ملكه أيضا، فالملاك واحد في كلا الحادثين

(4) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن الحكم بالضمان، و وجوب دفع الارش إنما هو لاجل فسخ المشتري المعاوضة، لأن وصف الصحة الذي تلف عند المشتري إنما هو كالجزء التالف في المبيع فلا بد من تداركه، و تداركه إنما يتحقق بدفع بدله الى البائع، لأن المشتري يأخذ تمام الثمن من البائع عند الفسخ فيجب عليه دفع تمام المثمن الى البائع.

و دفع التمام لا يتحقق إلا بدفع بدل الجزء الفائت الذي هو وصف الصحة.

و لو لا الفسخ لما قلنا بوجوب دفع البدل: -

ص: 322

فيرجع (1) البائع بعد الفسخ ببدله.

نعم (2) لو علل الرد بالعيب القديم: بكون (3) الصبر على المعيب ضررا:

امكن (4) أن يقال: إن تدارك ضرر المشتري بجواز الرد مع تضرر البائع بالصبر على العيب الحادث مما لا تقتضيه قاعدة نفي الضرر.

+++++++++++

- فالذي دعانا الى ذلك هو إقدام المشتري على الرد.

(1) اي نتيجة القول بضمان المشتري بدل الجزء الفائت.

هو رجوع البائع على المشتري بعد ارادته الفسخ باخذ البدل منه كما عرفت في الهامش 3 ص 322.

(2) يروم شيخنا الأنصاري قدس سره باستدراكه هذا تقرير ما افاده العلامة في الدليل الثاني المشار إليه في الهامش 4 ص 317 ببيان آخر ثم يرده كما رد التقرير الاول في الدليل الثاني.

خلاصته إنه لو قرر جواز رد المشتري المبيع المعيب بالعيب السابق بأن صبر المشتري على المبيع المعيب سابقا لو لم يرده على البائع:

يكون ضررا على نفسه، و الضرر هذا منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار، فيتدارك بالرد على البائع.

(3) الباء بيان لكيفية تعليل دليل جواز الرد ببيان آخر.

و قد عرفت الكيفية في الهامش 2 من هذه الصفحة بقولنا: خلاصته.

(4) جواب عن التعليل بتقرير آخر.

خلاصته إنه لو قبل كذلك لقلنا: إنه من الممكن أن يقال:

إن تدارك ضرر المشتري برده المبيع المعيب بالعيب السابق: باضرار البائع الصبر(1) على المعيب بالعيب الحادث عند المشتري عند ما يقبله منه. -

ص: 323


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

لكن (1) العمدة في دليل الرد هو النص، و الاجماع.

فاستصحاب الخيار عند الشك في المسقط لا بأس به.

+++++++++++

- لا يكون من مقتضيات قاعدة نفي الضرر، لأنه إنما شرّعت قاعدة نفي الضرر لاجل الامتنان على البشر بالسوية.

من دون فرق بين الأفراد من أي جهة من الجهات.

فالإضرار بالبائع مناف للتشريع المذكور.

اذا فلا مجال للتمسك بقاعدة نفي الضرر لتدارك ضرر المشتري برد المبيع المعيب على البائع: باضرار البائع، لتساويهما في شمول القاعدة لهما.

(1) هذا رأيه قدس سره حول المبيع المعيب بالعيب السابق الذي حدث فيه عيب عند المشتري بعد مضي زمن الخيار.

خلاصته إن الاساس في دليل الرد إنما هو النص و الاجماع.

و المراد من النص هي النصوص المتقدمة من ص 226 - الى ص 270.

و من الاجماع هو الاجماع المذكور في ص 271.

ثم لا يخفى عليك أن ما قلناه: من أن العمدة في جواز الرد هو النص و الاجماع إنما يأتي في الموارد المتيقنة كالمبيع بالعيب السابق:

و أما في الموارد المشكوكة كالعيب الحادث عند المشتري بعد القبض و بعد مضي زمن خيار العيب السابق فالاستصحاب هو العمدة، لا النص و الاجماع.

و الى استصحاب الخيار اشار قدس سره في هذه الصفحة بقوله:

فاستصحاب الخيار عند الشك في المسقط لا بأس به، لأن الخيار بالعيب السابق قد تحقق للمشتري. -

ص: 324

إلا (1) أن الانصاف أن المستفاد من التمثيل في الرواية بالصبغ و الخياطة هو اناطة الحكم (2) بمطلق النقص.

توضيح ذلك (3): إن المراد بقيام العين هو ما يقابل الأعم:

من تلفها، و تغيرها على ما عرفت: من (4) دلالة ذكر الأمثلة على ذلك.

+++++++++++

- لكنه يشك في زواله بالعيب الحادث بعد مضي زمن الخيار فنستصحب الخيار.

(1) استدراك عما أفاده: من أنه في موارد الشك نجري الاستصحاب و يروم الاستدلال بالدليل الاجتهادي الذي هي المرسلة المذكورة في ص 227، و يثبت سقوط الرد بالمرسلة لعدم المجال للاستصحاب بعد وجود الدليل الاجتهادي.

خلاصة الدليل هو أن الذي يستفاد من التمثيل.

في المرسلة بأمثال الصبغ، و الخياطة توقف الحكم: و هو سقوط الرد على مطلق النقص، سواء أ كان النقص معنويا أم ماديا حسيا أم تقديريا، و لا اختصاص له بالنقص الحسي الخارجي.

(2) لأن المراد من قيام العين في قوله عليه السلام: إن كان الشيء قائما بعينه معناه الأعم: و هو تلف العين، أو نظيرها بأي نحو حصل التغير، و تلف العين أعم من تلف الهيكل أو المادة.

كما تستفاد هذه الأهمية من نفس الأمثلة المذكورة في المرسلة، لدلالة هذه الأمثلة على الأعمية.

اذا نسيان العبد الكتابة، أو الدابة الطحن يكون مغيرا للعين فلا تبقى على حالتها الأولية، فلا موجب للرد فيسقط الرد.

(4) كلمة من بيان لما الموصولة في قوله في هذه الصفحة: على ما عرفت.

ص: 325

لكن (1) المراد من التغير هو الموجب للنقص، لا (2) الزيادة لأن (3) مثل السمن لا يمنع الرد قطعا (4).

و المراد من النقص هو الأعم من العيب الموجب للارش (5) فان (6) النقص الحاصل بالصبغ و الخياطة إنما هو لتعلق حق المشتري بالثوب من جهة الصبغ و الخياطة، و هذا ليس عيبا اصطلاحيا (7).

+++++++++++

(1) يروم قدس سره بهذا الاستدراك بيان أن المراد من المغير ما كان يوجب نقصا في الشيء.

(2) اي و ليس المراد من التغير ما يوجب الزيادة اذ الزيادة لا تكون موجبة للنقص و إن كانت مغيرة للشيء كالزيادة، فانها توجب التغيير في الشاة، و غيرها، لكنها لا توجب النقيصة.

بل صاحبها يفرح بها حينما يردها المشتري عليه، لارتفاع قيمتها بكثرة رغبة الناس الى الشاة السمينة.

(3) تعليل لكون المراد من التغير ما كان موجبا للنقيصة لا الزيادة و قد عرفته في الهامش 2 من هذه الصفحة بقولنا: بل صاحبها.

(4) عرفت معناه في الهامش 2 من هذه الصفحة.

(5) اي و غير الأرش.

(6) تعليل لكون المراد من النقص هو الأعم من العيب الموجب للارش، و غير الارش.

(7) اذ العيب الاصطلاحي ما يكون موجبا للارش.

و اشتراك المشتري مع البائع في المبيع ليس عيبا موجبا للارش بل يوجب مزاحمة للبائع، و اختلافا في الآراء: من حيث التصرف و الابقاء، و البيع.

ص: 326

و دعوى اختصاصه (1) بالتغير الخارجي الذي هو مورد الأمثلة فلا يعم مثل نسيان الدابة للطحن.

يدفعها (2) أن المقصود مجرد النقص مع أنه (3) اذا ثبت الحكم في النقص الحادث، و إن لم يكن عيبا اصطلاحيا ثبت في المغير و غيره، للقطع بعدم الفرق، فان المحتمل هو ثبوت الفرق في النقص الحادث.

بين كونه عيبا اصطلاحيا لا يجوز رد العين إلا مع ارشه.

و كونه مجرد نقص لا يوجب ارشا كنسيان الكتابة و الطحن.

أما الفرق في أفراد النقص غير الموجب للارش بين كونه مغيرا للعين حسا، و غيره، فلا مجال لاحتماله.

ثم إن ظاهر المفيد(1) في المقنعة مخالف (4) في اصل المسألة:

و أن حدوث العيب لا يمنع من الرد، لكنه شاذ على الظاهر.

ثم مقتضى الاصل (5)

+++++++++++

(1) اي اختصاص النقص.

(2) اي الدعوى المذكورة مدفوعة: بكون المراد من النقص هو مجرد النقص، سواء أ كان ماديا أم معنويا، حسيا أم تقديريا و لا اختصاص له بالنقص الخارجي.

(3) جواب آخر من القائل: باختصاص النقص بالتغير الخارجي الذي يرى: اي مع أنه اذا ثبت جواز الرد.

(4) خبر لاسم إن في قوله: ثم إن ظاهر المفيد.

(5) المراد من الاصل هنا هو استصحاب بقاء السقوط بعد زوال العيب الحادث، لأنه بعد الزوال يشك في سقوط الرد فنجري استصحابه. -

ص: 327


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- ثم إن للمحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 56.

و للشيخ الشهيدي قدس سره في تعليقته على المكاسب ص 518 اشكالا على ما افاده شيخنا الأنصاري: من جريان الاستصحاب في المقام.

و خلاصته إنه لا مجال للاستصحاب بعد وجود دليل اجتهادي فيما نحن فيه، و الدليل الاجتهادي هي المرسلة المذكورة في ص 227 فانها تدل على انتفاء الخيار.

بيان ذلك هو أنه قال:

ما المراد من قيام المبيع بعينه؟

فإن كان المراد هو بقاؤه على ما كان عليه عند البيع: من التعين الشخصي الخارجي، من دون أن يتبدل الى تعين آخر.

فالمرسلة بنفسها تدل على انتفاء الخيار بعد زوال العيب الحادث، لانتفاء شرطه الذي هو البقاء.

و ان كان المراد من قيام المبيع بعينه عند ما يرده هو صرف وجود التعين السابق فيه: و إن لم يصدق عليه مفهوم البقاء.

فنفس المرسلة تدل على ثبوت الخيار بعد السقوط، لأنه كما عرفت أن المراد من قيام المبيع هو صرف وجود التعين السابق، و هذا موجود بعد زوال العيب الحادث.

فعلى كل فوجود الدليل الاجتهادي حاكم على الاستصحاب.

هذا اذا علم المراد من قيام المبيع بعينه.

و أما اذا شك في ذلك فالمرجع أصالة بقاء السقوط اذا كان -

ص: 328

عدم الفرق في سقوط الخيار بين بقاء العيب الحادث، و زواله، فلا يثبت بعد زواله، لعدم الدليل على الثبوت بعد السقوط.

قال (1) في التذكرة: عندنا أن العيب المتجدد مانع عن الرد بالعيب السابق (2) سواء زال أم لا. و للمشتري (3) الارش على التقديرين (4):

لكن في التحرير: لو زال العيب الحادث عند المشتري، و لم يكن بسببه كان له الرد و الارش(1) عليه (5) انتهى (6)،

+++++++++++

- حدوث العيب و زواله بعد ظهور العيب القديم.

و لكن يجاب عنه كما افاده المحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 56: بأن ما حدث غير ما زال بحسب الشخص، بناء على امتناع اعادة المعدوم، فان الكتابة التي تعلمها العبد غير تلك المنسية.

(1) هذا اوّل قول ذكره على سقوط الرد بعد زوال العيب الحادث.

(2) اى بالعيب السابق.

(3) اي يأخذ المشتري من البائع ما به التفاوت بين القيمة الصحيحة و المعيبة ازاء العيب السابق.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 384 المسألة 16.

(5) اي على المشتري.

(6) اي ما افاده العلامة في القواعد(2) حول العيب الحادث.

ص: 329


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لعل (1) وجهه أن الممنوع هو ردّه معيوبا لاجل تضرر البائع و ضمان المشتري لما يحدث و قد انتفى الأمران (2).

و لو رضي البائع برده مجبورا (3) بالارش، أو غير مجبور جاز الرد كما في الدروس(1) و غيره، لأن عدم الجواز من حق البائع و إلا (4) فمقتضى قاعدة خيار الفسخ عدم سقوطه بحدوث العيب.

غاية (5) الأمر ثبوت قيمة العيب.

+++++++++++

(1) توجيه منه لما افاده العلامة قدس سرهما: من عدم وجوب ارش على المشتري لو زال العيب الحادث و لم يكن بسببه.

(2) و هما: تضرر البائع - و ضمان المشتري لما يحدث عنده.

و كلاهما منفيان، لأن البائع قد تسلم سلعته سليمة خالية عن العيب الحادث، حيث زال.

و عدم ضمان المشتري للعيب الحادث، لأنه قد زال.

(3) المراد منه هو الجبران، لا الاجبار و الالزام:

أي عدم جواز الرد حق ثابت للبائع، لأن المبيع اصبح معيبا عند المشتري فمن حقه أن لا يأخذه إلا مجبورا و متداركا بالارش أو عدم جبرانه به اذا رضي بالعيب الحادث.

(4) اي و ان لم يرض البائع يرد المشتري المبيع إليه فمقتضى قاعدة استصحاب خيار الفسخ للمشتري الثابت له بسبب العيب السابق:

عدم سقوط الرد للمشتري بسبب العيب الحادث.

(5) اي غاية ما في الباب في صورة عدم سقوط الرد للمشتري هو أنه يجب على المشتري دفع قيمة العيب الحادث عنده الى البائع اذا لم يرض البائع بالرد. -

ص: 330


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إنما منع (1) من الرد هنا، للنص (2) و الاجماع (3)، أو الضرر (4).

و مما ذكرنا (5) يعلم أن المراد بالارش الذي يغرمه المشتري عند

+++++++++++

- و هذه القيمة تسمى ب: (الارش) عند الفقهاء.

(1) دفع وهم،

حاصل الوهم إنه لو كان مقتضى قاعدة الفسخ عدم سقوط الرد بسبب العيب الحادث في صورة عدم رضى البائع برد المبيع مجبورا بالارش.

فلما ذا يمنع المشتري من الرد مع وجود الاستصحاب؟

(2) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن النص هو المانع، و النص هى المرسلة المذكورة في ص 227 الحاكمة على الاستصحاب المذكور، فهو دليل اجتهادي لا نحتاج الى الاستصحاب، حيث إن العين لم تكن قائمة بعينها كما كانت في بداية التسلم من البائع.

(3) هذا جواب آخر عن الوهم المذكور الحاكم على الاستصحاب المذكور: اي إنما نقول بأن المشتري ممنوع من الرد لاجل الاجماع.

(4) هذا جواب ثالث عن التوهم المذكور:

و هو حاكم على الاستصحاب المذكور في ص.

خلاصته إنه إنما منع المشتري من الرد، لكون الرد ضررا على البائع، و الضرر منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(5) اي و من قولنا في ص 330: غاية الأمر ثبوت قيمة العيب:

يعلم أن المراد بالارش الّذي يدفعه المشتري الى البائع في صورة رضى البائع بالرد: هو قيمة العيب الحادث التي هو التفاوت ما بين -

ص: 331

الرد قيمة (1) العيب بالارش(1) (2) الذي يغرمه البائع للمشتري

+++++++++++

- قيمة العيب الحادث(2)

(1) بالرفع خبر لاسم إن في قوله في ص 331: إن المراد بالارش.

اي المراد بالارش هو قيمة العيب الحادث، من دون نسبة الى الثمن المسمى.

(2) اي و ليس المراد من الارش هنا هو الارش الذي يغرمه البائع و يدفعه الى المشتري، لأنه تجاه العيب السابق، اذ المبيع كان معيبا قبل العقد، فهنا على البائع دفع تفاوت ما بين الصحيح و المعيب، لكن مع نسبته الى الثمن المعين في العقد، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة.

خذ لذلك مثالا:

لو فرض اصل ثمن المبيع (اثنا عشر دينارا)، ثم ظهر أن المبيع كان معيبا، فعند المراجعة الى اهل الخبرة تبين أن صحيحه يساوي (15 دينارا) و معيبه يساوي (10 دنانير).

فالتفاوت ما بين السعرين هو الثلث من اصل الثمن الذي كان (12 دينارا).

فيسترجع من الاصل (4 دنانير)، لا (خمسة دنانير) التي كانت هو التفاوت بين القيمتين: و هما.

قيمة (15 دينارا) التي كانت قيمته الواقعية للصحيح عند تبينها و قيمة المعيب التي كانت (10 دنانير).

و السر في ذلك أنه لو لم يؤخذ من الثمن بتلك النسبة فقد يحيط -

ص: 332


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

..........

+++++++++++

- التفاوت بالثمن، أو يزيد عليه فيلزم حينئذ الجمع بين العوض و المعوض.

خذ لذلك مثالا:

او اشترى زيد سلعة (بخمسين درهما).

ثم تبين أنها معيبة فقومت المعيبة (بخمسين درهما) أيضا.

ثم قومت صحيحة بمائة درهم.

فلو قلنا للمشتري باخذ نفس التفاوت ما بين الصحيحة و المعيبة لكان نصيبه خمسين درهما الذي هو الارش.

فهنا قد جمع المشتري بين العوض و هو خمسون درهما الذي كان سعر السلعة.

و بين المعوض: و هي السلعة المعيبة.

و أما بناء على اعتبار نسبة الارش الى تمام الثمن.

فيأخذ المشتري من البائع خمسة و عشرين درهما، لأن التفاوت هنا بالنصف، فيرجع المشتري على البائع بنصف ما دفع: من الثمن:

و هو نصف الخمسين و نصف الخمسين هو (خمسة و عشرون درهما).

هذا اذا كانت القيمة متحدة: بأن اتحد اهل الخبرة في تسعير قيمة المعيبة و الصحيحة.

و أما عند تعدد المقومين فراجع.

(اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 من ص 475 الى ص 495.

و سيأتي شرح واف إن شاء اللّه تعالى حول اختلاف القيم عند ما يذكر شيخنا الأنصاري قدس سره (الارش).

ص: 333

عند عدم الرد، لأن (1) العيب القديم مضمون بضمان المعاوضة.

و الحادث (2) مضمون بضمان اليد.

ثم إن صريح المبسوط(1) أنه لو رضي البائع بأخذه معيوبا.

لم يجز (3) مطالبته بالارش.

و هذا (4) احد المواضع

+++++++++++

(1) تعليل لكون المراد من الارش الذي يدفعه المشتري هي قيمة العيب.

و من الارش الذي يدفعه البائع الى المشتري من العيب السابق الذي هو دفع تفاوت ما بين الصحيح و المعيب.

خلاصته إن العيب السابق مضمون على البائع بضمان المعاوضة اي سبب الضمان هي المعاوضة الصادرة من الطرفين.

و المعاوضة الصادرة مبنية على الصحة و السلامة، فاذا كانت معيبة فهو الضامن له.

(2) اي العيب الحادث عند المشتري سببه يده على المبيع فيكون المعيب مضمونا بها فهو الضامن له

(3) اي لا يجوز للمشتري أن يلتزم بالبيع و يطالب البائع بالارش بالعيب القديم، لأن الشرط الذي هو اليأس عن الرد قد زال بسبب رضى البائع بالرد.

فالمصدر مضاف الى الفاعل الذي هو المشتري.

و المفعول الذي هو البائع محذوف.

(4) اي عدم جواز التزام المشتري بالبيع، و عدم جواز مطالبته البائع بالارش.

ص: 334


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

التي اشرنا في اوّل المسألة (1) الى تصريح الشيخ فيها، بأن الارش مشروط باليأس من الرد (2).

و ينافيه (3) اطلاق الأخبار بأخذ الارش

تنبيه ظاهر التذكرة و الدروس أن من العيب المانع من الرد بالعيب القديم تبعض الصفقة على البائع.

(تنبيه) ظاهر التذكرة و الدروس(1) أن من العيب المانع من الرد بالعيب القديم تبعض الصفقة على البائع.

و توضيح الكلام في فروض هذه المسألة (4).

إن التعدد المتصوّر فيه التبعض.

إما في احد العوضين (5)، و إما في البائع، و إما في المشتري (6) (أما الاول) (7) كما (8) اذا اشترى شيئا واحدا، أو شيئين

+++++++++++

(1) و هي مسألة خيار العيب.

(2) راجع ص 220 عند نقله بقوله: نعم يظهر من الشيخ في غير موضع.

(3) هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره، و الواو حالية: اي و الحال أن الأخبار الواردة في المقام مطلقة ليس فيها تقييد: من حيث اليأس عن الرد، أو رجائه بالرد.

فاطلاق الأخبار مناف لذلك.

راجع حول الأخبار من ص 266 - الى ص 271.

(4) و هي مسألة حدوث العيب عند المشتري(2) في المبيع المعيب سابقا.

(5) و هو الثمن، أو الثمن.

(6) فهذه ثلاثة أقسام نذكر كل واحد منها عند رقمه الخاص.

(7) و هو تعدد التبعض في احد العوضين: إما في الثمن و إما في الثمن.

(8) هذا مثال لتعدد التبعض في المثمن.

ص: 335


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بثمن واحد من بائع واحد فظهر بعضه (1) معيبا.

و كذا (2) لو باع شيئا بثمن فظهر بعض الثمن معيبا.

(و الثاني) (3) كما اذا باع اثنان من واحد شيئا واحدا فظهر معيبا، و اراد المشتري أن يرد على احدهما نصيبه، دون الآخر.

(و الثالث) (4) كما اذا اشترى اثنان من واحد شيئا فظهر معيبا فاختار احدهما الرد، دون الآخر.

و ألحق بذلك (5) الوارثان من مشتر واحد للمعيب.

و أما التعدد في الثمن: بأن يشتري شيئا واحدا بعضه بثمن و بعضه الآخر بثمن آخر.

فلا إشكال في كون هذا عقدين، و لا إشكال في جواز التفريق بينهما.

أما الاول (6) فالمعروف أنه لا يجوز التبعض فيه من حيث الرد بل الظاهر المصرح به في كلمات بعض الاجماع عليه لأن المردود إن كان جزء مشاعا من المبيع الواحد فهو ناقص من حيث حدوث الشركة (7).

+++++++++++

(1) اي بعض المثمن.

(2) هذا مثال لتبعض الصفقة في المثمن أيضا.

(3) و هو تعدد تبعض الصفقة في البائع.

(4) و هو تعدد تبعض الصفقة في المشتري.

(5) اي بالقسم الثالث المشار إليه في(1) الهامش 7 ص 297.

(6) اي القسم الاول و هو المشار إليه في الهامش 1 ص 297.

(7) اي اشتراك المشتري مع البائع في المبيع المردود بعضه موجب للنقص، و إن كان نقصا معنويا، لكن كثير من الناس يمتنع منه.

ص: 336


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و إن كان (1) معينا فهو ناقص من حيث حدوث التفريق فيه.

و كل منهما (2) نقص يوجب الخيار لو حدث في المبيع الصحيح.

فهو أولى (3) بالمنع عن الرد من نسيان الدابة الطحن و هذا (4).

+++++++++++

(1) اي المردود على البائع إن كان جزء معينا فلازمه حدوث التفرقة في المبيع: بمعنى أن قسما من المبيع يبقى عند المشتري مشتركا بينه، و بين البائع، و الاشتراك هذا موجب للنقص على البائع. لأنه كما عرفت أن كثيرا من الناس تأبى نفوسهم عن الشركة.

(2) هذا في الواقع تعليل لعدم جواز تبعض الصفقة في القسم الاول المشار إليه في الهامش 8 ص 335 بكلا فرديه:

و هما كون المردود جزء مشاعا - أو جزء معينا.

خلاصته: إن كان كل من قسمي المردود المشار إليهما في الهامش 2 من هذه الصفحة يمتنع رده في المبيع الصحيح لو اراد المشتري ردّ البعض، لكون الرد موجبا لتبعض الصفقة و تبعض الصفقة نقص.

فكيف لا يمتنع الرد في المبيع المعيب بالعيب السابق؟

مع أن منع الرد في المبيع(1) سابقا أولى من منع الرد في نسيان الدابة الطحن، أو العبد الكتابة.

(3) وجه الأولوية إن نسيان الكتابة، أو الطحن لا يوجب ارشا و إن كان يعد نقصا، لأنه نقص معنوي، لا مادي.

بخلاف المبيع المعيب بالعيب السابق، فان العيب فيه نقص مادي بتمام معنى الكلمة، فهو أحق بالمنع، للزوم الرد تبعض الصفقة.

(4) اي و هذا الضرر المتوجه الى البائع بسبب رد المشتري بعض المبيع المعيب و إن امكن جبرانه بسبب فسخ البائع المعاملة: لأن -

ص: 337


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

الضرر و إن امكن جبره بخيار البائع.

نظير (1) ما اذا كان بعض الصفقة حيوانا فرده المشتري بخيار الثلاثة إلا (2) أنه يوجب الضرر على المشتري، إذ (3) قد يتعلق غرضه بامساك الجزء الصحيح.

و يدل عليه (4) النص المانع عن الرد بخياطة الثوب، و الصبغ، فان (5)

+++++++++++

- له الخيار في ذلك، لتوجه الضرر نحوه.

لكن الفسخ المذكور موجب للضرر على المشتري، لأنه قد يتعلق غرضه باخذ الجزء الصحيح، و ابقائه عنده.

فكيف يمكن له الاخذ و تحقق الغرض اذا فسخ البائع المعاملة و اخذ من المشتري ما باعه عليه؟

(1) اي و هذا الضرر المتوجه نحو البائع الذي يمكن جبرانه بفسخه المعاملة.

مثيل المعاملة التي يكون بعض المبيع فيها حيوانا و اراد المشتري رد الحيوان بخياره على البائع، و خياره هو الأيام الثلاثة.

فكما أن الرد على البائع ضرر عليه، لكن يمكن جبرانه بفسخه المعاملة.

كذلك فيما نحن فيه يمكن تدارك ضرر البائع بفسخه المعاملة.

(2) عرفت معنى هذا الاستثناء عند قولنا في هذه الصفحة:

لكن الفسخ.

(3) تعليل لكون فسخ البائع المعاملة موجبا للضرر على المشتري و قد عرفت التعليل عند قولنا في الهامش من هذه الصفحة: فكيف.

(4) اي و يدل على عدم جواز الرد النص(1) المذكور في ص 227

(5) تعليل لكيفية كون الخياطة، و الصبغ مانعين عن الرد.

ص: 338


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

المانع فيهما ليس إلا حصول الشركة في الثوب بنسبة الصبغ، و الخياطة لا مجرد تغير الهيئة، و لذا (1) لو تغير بما يوجب الزيادة كالسمن لم يمنع عن الرد قطعا.

و قد يستدل (2) بعد رد الاستدلال

+++++++++++

(1) تعليل لكون مجرد تغير الهيئة لا يكون مانعا عن الرد.

بل المانع هو حصول الاشتراك في رد المبيع المصبوغ، أو المخيط لا مجرد تغير الهيئة بسبب الزيادة كالسمن، فان السمن موجب لسرور البائع لو رده المشتري.

(2) المستدل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره.

اعلم أنه رد من استدل على عدم جواز رد جزء المبيع المعيب منفردا.

لا بنحو الاشاعة و لا بنحو التعيين.

بأن الرد موجب لتبعض الصفقة و التبعض ضرر على البائع:

و إن كان ممكن التدارك بفسخ البائع المعاملة حينئذ.

و خلاصة استدلاله على المنع منفردا:

إن أدلة خيار العيب: و هي الأخبار الواردة في المقام ظاهرة في تعلق حق الخيار بالمجموع من حيث المجموع.

و لم يتعلق بكل واحد واحد من أجزاء المبيع بنحو الاستقلال، لأن الخيار حق واحد قد تعلق بمجموع ما صدق عليه البيع، فلا يتبعض:

بأن يرد المشتري البعض المعيب بحجة أن له الخيار بالعيب السابق.

فله الرد إما مجتمعا.

و إما الإمضاء و قبوله، أو قبوله و اخذ الارش من البائع لو رضي البائع بذلك.

ثم قال ما حاصله: إنك لو لم نقل بظهور تلك الأخبار في -

ص: 339

بتبعض الصفقة بما (1) ذكرناه مع جوابه:

بظهور (2) الأدلة في تعلق حق الخيار بمجموع المبيع (3)، لا في كل (4) جزء منه.

فلا أقل (5) من الشك، لعدم (6) اطلاق موثوق به يشمل الفرض، و الأصل (7)

+++++++++++

- ذلك و قلت: إنها لا ظهور لها في تعلق حق الخيار بالمجموع.

فنقول: إنه يحصل لنا الشك لا أقل في ذلك، لعدم ثقة و اطمئنان بإطلاق في تلك الأخبار حتى يشمل هذا الاطلاق ما نحن فيه،

فعند الشك يكون المرجع أصالة لزوم العقد.

(1) ما ذكرناه هو قوله في ص 337: فهو أولى بالمنع.

و المراد من مع جوابه قوله في(1) ص 338: و هذا الضرر و إن أمكن جبره.

(2) هذا استدلال صاحب الجواهر قدس سره.

و قد عرفته في الهامش 2 ص 339 عند قولنا: و خلاصة استدلاله

(3) اي المبيع الذي بعضه معيب، و بعضه صحيح.

(4) اي و لم يتعلق الخيار بكل جزء جزء مستقلا و على حدة.

(5) دفع دخل مقدر عرفته عند قولنا في الهامش 2 ص 339:

ثم قال ما حاصله: إنك لو لم تقل

(6) تعليل لوجود الشك في المقام لو لم نقل بظهور الأدلة في تعلق حق الخيار بمجموع المبيع.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش من هذه الصفحة: لعدم ثقة و اطمئنان

(7) اي و الحال أن الاصل الاولي العقلاني في جميع المعاملات الصادرة -

ص: 340


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

اللزوم (1).

و فيه (2)

+++++++++++

- من العقلاء هو لزوم العقد الصادر من الطرفين.

و قد عرفت ذلك في الجزء 13 من المكاسب من طبعتنا الحديثة من ص 13 الى ص 56.

(1) راجع (الجواهر) الطبعة الحديثة - الجزء 23 - ص 248.

(2) من هنا يروم شيخنا الأنصاري الرد على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر قدس سرهما في هذا المقام.

خلاصته إننا و انتم، و جميع الفقهاء متفقون على أن دليل خيار العيب كبقية أدلة الخيارات:

في أنها صريحة في تعلق الخيار بمجموع المبيع من حيث هو مجموع عمومي.

و أنه لم يتعلق بكل جزء جزء من المبيع بنحو الاستقلال و الانحلال و الاستغراق.

و هذا مما لا يشك فيه احد من الفقهاء.

فالكل متفقون على ذلك، و ليس لنا فيه نزاع.

لكن الإشكال في أن خيار العيب.

هل تعلق بالمبيع المعيب فقط؟

أو تعلق بمجموع ما وقع عليه العقد؟

و تعلقه بالمجموع بناء على كون المبيع هو المعيب و لو من حيث البعض،

و في صورة تعلق الخيار بالمبيع المعيب.

يجوز رد الجزء الصحيح مع الجزء المعيب. -

ص: 341

مضافا (1) الى أن اللازم من ذلك عدم جواز رد المبيع(1) منفردا و إن رضي البائع، لأن (2) المنع حينئذ لعدم المقتضي للخيار في الجزء (3)، لا لوجود المانع عنه.

+++++++++++

- و جواز رد الجزء المبيع الصحيح مبني على احد الامور الثلاثة:

إما لعدم لزوم تبعض الصفقة، فانه لو رد المعيب مع الصحيح لا يلزم التبعض.

بخلاف ما لو لم يرد معه الصحيح فانه يلزم التبعض و هو ضرر على البائع و إما لقيام الاجماع على جواز رد الجزء الصحيح مع المعيب لو اراد رده كما عرفت في الهامش 2 ص 341 عند قولنا: بناء على كون.

و إما لصدق المعيب على المجموع: و هو الصحيح، و المعيب.

ثم إن شيخنا الأنصاري قدس سره قال قبل الرد عليه:

بالإضافة الى أن لازم ما افاده صاحب الجواهر: من تعلق حق الخيار بالمجموع، لا بكل جزء جزء على حدة:

هو عدم جواز رد المبيع منفردا، لأن المانع من الرد حين تعلق الخيار بالمجموع:

هو عدم وجود المقتضي للخيار في الجزء الذي هو المعيب منفردا.

و ليس المانع من الرد هو لزوم ضرر البائع حتى يقال:

إن تضرر البائع مما يتدارك بفسخه المعاملة:

(1) عرفت معنى مضافا عند قولنا في الهامش في هذه الصفحة: بالإضافة.

(2) تعليل لقوله في هذه الصفحة مضافا الى ان.

(3) عرفت معناه في هذه الصفحة عند قولنا: و ليس المانع.

ص: 342


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و هو لزوم الضرر على البائع حتى ينتفي (1) برضى البائع:

أنه (2) لا يشك احد في أن دليل هذا الخيار كغيره من أدلة جميع الخيارات:

صريح في ثبوت حق الخيار لمجموع المبيع، لا لكل جزء، و لذا (3) لم يجوّز احد تبعيض ذي الخيار أجزاء ما له فيه الخيار.

و لم يحتمل هنا (4) احد رد الصحيح، دون المعيب.

و إنما وقع الإشكال في أن محل الخيار هو هذا الشيء المعيوب.

غاية الأمر إنه يجوز رد الصحيح معه (5).

إما (6) لئلا تتبعض الصفقة عليه.

+++++++++++

(1) اي حتى ينتفي ضرر البائع.

(2) هذا هو إشكال شيخنا الأنصاري على صاحب الجواهر.

و قد عرفته في الهامش 2 ص 341 عند قولنا: خلاصته.

(3) اي و لاجل أن دليل خيار العيب كبقية أدلة الخيارات: في تعلقه بمجموع المبيع، لا في كل جزء جزء بالاستقلال.

لم يجوّز احد من الفقهاء القدامى و المتأخرين منهم.

تبعيض من له الخيار في أجزاء ما اشتراه و فيه الخيار:

بأن يأخذ بخياره الثابت في جزء من المبيع، و يترك الجزء الآخر.

(4) اي في مسألة من اشترى شيئين بثمن واحد من بائع واحد فظهر بعضه معيبا.

(5) اي مع الجزء المعيب.

(6) اي رد الجزء الصحيح مع الجزء المعيب موجبه و منشؤه -

ص: 343

و إما (1) لقيام الاجماع على جواز رده.

و إما (2) لصدق المعيوب على المجموع كما تقدم (3).

أو (4) أن محل الخيار هو مجموع ما وقع عليه العقد، لكونه (5) معيوبا و لو من حيث بعضه.

(و بعبارة اخرى) (6) الخيار المسبب عن وجود الشيء المعيوب في الصفقة.

+++++++++++

- احد الامور الثلاثة التي عرفتها في الهامش من ص 342 عند قولنا:

إما لعدم.

فهو الموجب الاول المشار إليه في الهامش من 242 عند قولنا: إما لعدم

(1) هذا هو الموجب الثاني لرد الجزء الصحيح مع الجزء المعيب المشار إليه في الهامش(1) من ص 342 عند قولنا: و إما لقيام الاجماع.

(2) هذا هو الموجب الثالث لرد الجزء الصحيح مع الجزء المعيب المشار إليه في الهامش من ص 342 عند قولنا: و اما لصدق المعيب:

اي رد الجزء الصحيح مع الجزء المعيب لاجل أن رد المجموع يصدق عليه أنه رد المعيب الذي هو مورد الخيار.

(3) لم يتقدم منه قدس سره شيء حول هذا الموضوع.

(4) عرفت معناه في الهامش 2 ص 341 عند قولنا: أو تعلق بمجموع ما.

(5) مرجع الضمير مجموع ما وقع عليه العقد: اي لكون محل الخيار هو مجموع ما وقع عليه العقد.

(6) جرى ديدن علمائنا الأبرار قدس اللّه تعالى أسرارهم: من القدماء و المتأخرين: فيما اذا كان البحث عن موضوع دقيقا جدا: -

ص: 344


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

نظير (1) الخيار المسبب عن وجود الحيوان في الصفقة.

+++++++++++

- بحيث يكون فهمه صعبا على الطالب، و لم يستفد مما جيء به:

من الألفاظ.

صيغ البحث في قالب آخر من الألفاظ، ليكون واضحا عند الطالب و القارئ النبيل فيقال بعبارة اخرى، أو أوضح.

و كم لشيخنا الأنصاري قدس سره من هذه المطالب الغامضة التي صعب على الطالب فهمها فصاغها في قوالب اخرى،

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: إن الخيار فيما نحن فيه:

و هو الخيار المسبب من وجود العيب فيما اذا بيع شيئان بصفقة واحدة، و كان احدهما معيبا فاراد المشتري رده.

فهل هو نظير خيار الحيوان اذا بيع مع شيء آخر بصفقة واحدة و اراد المشتري رد الحيوان بخياره في الأيام الثلاثة التي هي أيام خيار الحيوان:

في اختصاصه بالحيوان فقط الذي هو المعنون بالخيار.

و أنه السبب الوحيد في الخيار فقط؟

فكما أنه هو السبب الوحيد.

كذلك ما نحن فيه يكون الخيار هو نفس الجزء المعيب لا غير فهو الموجب للخيار فقط، لأنه المعنون، و أنه السبب في الخيار.

(1) هنا كلمة الاستفهام محذوفة: اي هل الخيار المسبّب عن وجود الشيء المعيب: نظير خيار الحيوان.

و قد عرفت معناه في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا: فهل هو نظير.

ص: 345

في اختصاصه (1) بالجزء المعنون (2) بما هو سبب للخيار:

أم لا (3)؟.

بل (4) غاية الأمر ظهور النصوص الواردة في الرد: في رد المبيع الظاهر في تمام ما وقع عليه العقد.

لكن (5) موردها المبيع الواحد العرفي المتصف بالعيب.

نظير (6) أخبار خيار الحيوان.

+++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 245: نظير الخيار.

(2) الجزء المعنون هو الحيوان.

هذا هو الشق الاول المشار إليه في هذه الصفحة.

و فيما نحن فيه هو الجزء المعيب المبيع.

(3) هذا هو الشق الثاني المشار إليه في ص 340 عند قوله:

بظهور الأدلة في تعلق حق الخيار بمجموع المبيع المعيب.

(4) اي نهاية الأمر في صورة تعلق الخيار بالمجموع نقول:

بظهور الأخبار الواردة في الرد: بتعلق الخيار بالمبيع الظاهر في تمام ما وقع العقد عليه.

(5) أي لكن نقول مع ذاك الظهور: إن مورد تلك الأخبار الواردة في الرد هو المبيع الواحد العرفي، المتصف بالعيب: و هو المعيب فقط، لاتمام ما وقع عليه العقد حتى يشمل الكل.

(6) اى أخبار الواردة في رد هذا المبيع المعيب نظير أخبار الحيوان: في اختصاصها بالحيوان المعنون بالخيار في الأيام الثلاثة اذا ظهر فيه عيب.

فالحاصل إن هنا مقيسا: و هو المبيع المعيب مع شيء آخر صحيحا. -

ص: 346

و هذا المقدار (1) لا يدل على حكم ما لو انضم المعيب الى غيره.

بل قد يدل (2) كأخبار خيار الحيوان على اختصاص الخيار بخصوص ما هو متصف بالعيب عرفا باعتبار (3) نفسه، أو جزئه (4) الحقيقي

+++++++++++

- و مقيسا عليه: و هو الحيوان المبيع مع شيء آخر صحيحا.

فهل الحكم في المقيس عين الحكم في المقيس عليه؟

أو يختلف عنه؟

(1) خلاصة هذا الكلام إننا و إن قلنا بظهور الأخبار الواردة في الرد: فى رد المبيع الظاهر في تمام ما وقع عليه العقد.

لكن هذا الظهور لا يدل على جواز رد المعيب مع غيره: و هو الصحيح اذا انضم إليه.

(2) أي ظهور الأخبار على اختصاص الخيار برد المبيع المعيب الذي هو الفرد العرفي.

كظهور أخبار الحيوان الدالة على اختصاصها برد الحيوان فقط فيما اذا ضم إليه شيء واحد بصفقة واحدة.

فلا تدل الأخبار على جواز رد الشيء الآخر الذي ضم مع الحيوان في صفقة واحدة؟

(3) الجار و المجرور متعلق بقوله: متصف: اي العيب الذي ظهر في الحيوان و اتصف به إنما هو باعتبار كون العيب في نفس الحيوان: كأن يكون احدى يديه، أو رجليه عرجاء، أو إحدى عينيه عوراء.

(4) أي اتصاف المبيع بالعيب إنما هو باعتبار جزئه الحقيقي.

كما في بعض الثوب الذي هو جزء حقيقي.

ص: 347

كبعض الثوب.

لا جزؤه (1) الاعتباري كاحد الشيئين الذي هو محل الكلام.

و منه (2) يظهر عدم جواز التشبث في المقام بقوله في مرسلة جميل:

اذا كان الشيء قائما بعينه، لأن المراد بالشيء هو المعيب، و لا شك في قيامه هنا بعينه.

و بالجملة (3) فالعمدة في المسألة مضافا الى ظهور الاجماع:

ما تقدم: من أن مرجع جواز الرد منفردا الى اثبات سلطنة للمشتري على الجزء الصحيح من حيث امساكه، ثم سلب سلطنته عنه بخيار البائع.

+++++++++++

(1) اي و لا يكون اتصاف المبيع بالعيب باعتبار جزئه الاعتباري كأحد الشيئين، فان احد الشيئين و إن كان جزء للثاني قد تعلق البيع به، لكنه جزء اعتباري، لا جزء حقيقي كبعض الثوب، و لا جزء باعتبار نفسه.

(2) اي و من قولنا في ص 247: بل قد يدل يظهر عدم جواز التشبث بالمرسلة المتقدمة في ص 227: بأن يقال: إن الخيار قد تعلق بتمام ما وقع عليه العقد، و جواز الرد مشروط بقيام الشيء بعينه،.

و من الواضح: إن تبعض الصفقة غير متصف بالقيام بعينه، فتشمله المرسلة، فيصح الاستدلال بها على عدم جواز الرد.

و أما وجه الظهور فلأن مورد الخيار فيما نحن فيه هو شخص المعيب بخصوصه: و لا شك أنه قائم بعينه، لعدم تلف العين.

فاذا لا مجال للتمسك بالمرسلة على عدم جواز الرد.

(3) اي خلاصة الكلام و زبدته إن العمدة و الاساس في مسألتنا:

و هي مسألة اشتراء الشخص شيئا واحدا، أو شيئين بثمن واحد من -

ص: 348

و منع (1) سلطنته على الرد أولا أولى.

و لا أقل (2)

+++++++++++

- بائع واحد فظهر بعضه معيبا.

أو باع شيئا بثمن فظهر بعض الثمن معيبا:

شيئان:

(الأول): الاجماع الظاهر على عدم جواز رد المعيب منفردا و مستقلا، و بلا رد الصحيح معه.

(الثاني): احتياج الرد مستقلا الى اثبات سلطنة للمشتري على الجزء الصحيح: بحيث يكون متسلطا على امساكه و اقتنائه.

ثم تسلب هذه السلطنة عنه بسبب خيار البائع بالفسخ، حيث يتضرر بتبعض الصفقة.

و أنّى للمشتري بمثل هذه السلطنة؟

(1) أي من الامكان(1) أنه اذا دار الأمر بين نفع المشتري ببقائه على سلطنة ما اشتراه فيفسخ المعاملة في الجزء المعيب فقط.

و بين تضرر البائع بقبوله الجزء المعيب فقط.

فلا شك أن تضرر المشتري أولى من تضرر البائع.

وجه الأولوية إن المشتري يسترجع الثمن برده جميع المبيع، و لا يتوجه نحوه ضرر.

بخلاف البائع، فانه لو رضي بالمعيب فقط، و دفع ارش العيب الى المشتري: أو بدله الصحيح إليه فقد تضرر بذلك.

(2) أي إن لم نقل بالأولوية المذكورة فلا أقل من القول بتساوي البائع و المشتري في عدم جواز تضرر كل منهما.

ص: 349


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من التساوي فيرجع (1) الى أصالة اللزوم.

و الفرق (2) بينه و بين خيار الحيوان الاجماع (3).

كما (4) أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة في بعض الصفقة.

+++++++++++

(1) اي حين أن قلنا بتساوي البائع و المشتري في عدم التضرر فلا بد من الرجوع الى أصالة لزوم العقد.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه:

ما الفرق بين خيار الحيوان، و خيار العيب؟.

في أنه يجوز تبعض الصفة في خيار الحيوان.

و لا يجوز تبعض الصفقة في خيار العيب.

مع أنهما مشتركان في وجود المقتضي: و هو الخيار المختص بالبعض المردد بين الحيوان، و العيب

(3) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن الفرق بين الخيارين بالإضافة الى الرجوع الى أصالة اللزوم هو الاجماع القائم على جواز التبعيض فى الحيوان، و عدم جوازه في خيار العيب.

(4) تنظير لامكان وجود الفرق بين الخيارين: أي كما أنه يجوز لمن له حق الشفعة أن يأخذ بالشفعة في بعض الصفقة.

خذ لذلك مثالا.

باع شخص حصة من داره، و حانوته من زيد.

فلهذا الشريك فيهما أن يأخذ احدهما بالشفعة، دون الآخر، و إن -(1)

ص: 350


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و بالجملة (1) فالاصل كاف في المسألة.

ثم إن مقتضى ما ذكروه: من (2) الحاق تبعض الصفقة بالعيب الحادث أنه (3) لو رضي البائع بتبعض الصفقة جاز الرد كما في التذكرة، معللا بأن الحق لا يعدوهما (4).

و هذا (5) مما يدل على أن محل الخيار هو الجزء المعيب.

إلا (6) أنه منع من رده

+++++++++++

- تبعضت الصفقة.

(1) أي خلاصة الكلام إن أصالة اللزوم كاف في مسألتنا التي ذكرت في الهامش 3 ص 348.

(2) من بيانية لما الموصولة في قوله: مقتضى ما ذكروه:

(3) جملة أنه لو رضي مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة ثم إن مقتضي.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجز - 7 ص 413.

(5) أي قول العلامة قدس سره في التذكرة بأنه لو رضي البائع بتبعض الصفقة جاز الرد.

دليل على أن محل الخيار فيما نحن فيه هو الجزء المعيب فقط.

لا مجموع ما وقع عليه العقد: من المعيب و الصحيح.

(6) دفع وهم.

حاصل الوهم إنه لو كانت عبارة العلامة قدس سره دليلا على أن محل الخيار فيما نحن فيه هو الجزء المعيب لا غير، و أن مجموع ما تعلق به العقد خارج عن حريم النزاع.

فلما ذا منع المشتري عن رد الجزء المعيب؟

ص: 351

نقصه (1) بالانفراد عن باقي المبيع، اذ (2) لو كان محله المجموع لم يجز رد المعيب وحده إلا بالتفاسخ، و معه (3) يجوز رد الصحيح منفردا أيضا.

و أما الثالث (4): و هو تعدد المشتري: بأن اشتريا شيئا واحدا فظهر فيه عيب: فان الأقوى فيه عدم جواز انفراد احدهما على المشهور كما عن جماعة.

و استدل عليه (5) في التذكرة و غيرها: بأن (6) التشقيص عيب

+++++++++++

(1) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته إن المانع عن الرد هو نقص المعيب بالانفراد عن باقي المبيع الذي هو الجزء الصحيح، فان قبول البائع الجزء المعيب وحده ضرر عليه، و هذا الضرر لا يتدارك إلا بخياره الفسخ.

أو قبوله الجزء المعيب مع الصحيح،

(2) تعليل لكون ما افاده العلامة قدس سره دليلا على أن محل الخيار هو المعيب، دون مجموع ما وقع عليه العقد: من الصحيح و المعيب

(3) اي و مع فسخ البائع و المشتري في صورة عدم جواز رد الصحيح منفردا أيضا.

(4) و هو التعدد المتصور فيه التبعض في المشتري.

و قد اشير إليه في الهامش 4 ص 336.

(5) اي على عدم جواز الرد في القسم الثالث المشار إليه في الهامش 7 ص 297.

(6) الباء بيان لكيفية استدلال العلامة في التذكرة.(1)

ص: 352


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

مانع من الرد (1).

خلافا للمحكي عن الشيخ(1) في باب الشركة.

و الاسكافي و القاضي، و الحلي، و صاحب البشرى فجوزوا الافتراق.

و في التذكرة ليس عندي فيه (2) بعد، اذ (3) البائع اخرج العبد إليهما مشقصا، فالشركة حصلت باختياره (4).

و قواه (5) في الايضاح، لما تقدم من التذكرة (6).

و ظاهر (7) هذا الوجه اختصاص جواز التفريق بصورة علم البائع بتعدد المشتري (8).

+++++++++++

(1) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجزء 7 ص 411 المسألة الثامنة و الأربعون، و العبارة منقولة بالمعنى.

(2) أي في الافتراق: بأن يأخذ احد المشتريين حصته، و يأخذ الآخر الارش.

(3) تعليل لتجويز الافتراق.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجزء 7 ص 414.

(5) أي قوى هذا الافتراق.

(6) و هو المذكور في هذه الصفحة بقوله: اذ البائع اخرج العبد إليهما مشقصا.

(7) هذا كلام شيخنا الأنصاري: أي ظاهر الوجه الذي ذكره فخر الاسلام قدس سره في الايضاح عن التذكرة.

(8) فان كلام العلامة قدس سره كما نقله شيخنا الأنصاري في هذه الصفحة بقوله: اذ البائع اخرج العبد إليهما مشقصا، فالشركة حصلت باختياره:

دليل على أن البائع كان عالما بتعدد المشتري،

ص: 353


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و استجوده (1) في التحرير(1)، و قواه (2) في جامع المقاصد و صاحب المسالك.

و قال في المبسوط: اذا اشترى الشريكان عبدا بمال الشركة ثم اصابا به عيبا كان لهما أن يرداه، و كان لهما أن يمسكاه.

فان اراد احدهما الرد، و الآخر الامساك كان لهما ذلك.

ثم قال: اذا اشترى احد الشريكين عبدا للشركة ثم اصابا به عيبا كان لهما أن يرداه (3)، أو يمسكاه (4).

فان اراد احدهما الرد، و الآخر الامساك نظر.

فان كان اطلق (5) العقد و لم يخبر البائع أنه قد اشترى للشركة، لم يكن له الرد، لأن (6) الظاهر أنه اشتراه لنفسه دون شريكه، فاذا ادعى أنه اشتراه له و لشريكه فقد ادعى خلاف الظاهر (7).

+++++++++++

(1) اي استحسن العلامة في التحرير(2) علم البائع بصورة تعدد المشتري.

(2) أي و قوى المحقق الكركي قدس سره علم البائع بصورة تعدد المشتري.

(3) أي معا: بمعنى أن كليهما يردانه، لا احدهما.

(4) أي معا: بمعنى أن كليهما يمسكانه، لا احدهما.

(5) أي المشتري العاقد اطلق و لم يقل: الشراء لي و لشريكي:

بأن سكت.

(6) تعليل لعدم جواز الرد للمشتري المدعي أنه اشترى للشركة:

اي الظاهر من حال المشتري حينما يشتري: أنه اشترى السلعة لنفسه لا له و لشريكه.

(7) لأن الظاهر كما عرفت هو الشراء لنفسه، لا له و لشريكه.

ص: 354


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و لم يقبل قوله، و كان القول قول البائع مع يمينه.

الى أن قال (1): و أما إن اخبر البائع بذلك (2) حين العقد.

قيل فيه (3) وجهان:

(احدهما): و هو الصحيح أن له الرد، لأن الملك بالعقد وقع لاثنين.

و قد علم البائع أنه يبيعه من اثنين فكان لاحدهما أن ينفرد بالرد دون الآخر.

و قيل فيه (4) وجه آخر: و هو أنه ليس له الرد، لأن القبول في العقد كان واحدا كما لو اشتراه لنفسه وحده، انتهى (5).

و ظاهر (6) هذه العبارة اختصاص النزاع بما اذا كان القبول في العقد واحدا من اثنين.

أما اذا تحقق القول(1) من الشريكين فلا كلام في جواز الافتراق (7)

+++++++++++

(1) أي شيخ الطائفة قدس سره الشريف.

(2) أي بأنه يشتري السلعة له و لشريكه.

(3) أي في الوجه الثاني: و هو إخبار المشتري البائع: بأنه اشترى السلعة له و لشريكه.

(4) اي في الوجه الثاني.

(5) راجع (المبسوط) الطبعة الحديثة - الجزء 2 ص 351.

(6) هذا كلام شيخنا الأنصاري: أي ظاهر كلام الشيخ في المبسوط الذي نقلناه في ص 354،

(7) اي يكون جواز الرد لاحدهما، دون الآخر.

ص: 355


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

ثم الظاهر منه (1) مع اتحاد القبول التفصيل بين علم البائع و جهله.

لكن (2) التأمل في تمام كلامه قد يعطي التفصيل بين كون

+++++++++++

(1) أي الظاهر من بعض جملات كلام الشيخ قدس سره الشريف الذي نقلناه عن المبسوط في ص 354 في صورة صدور قبول العقد من احد الشريكين، حيث قال فيه:

فان اراد احدهما الرد، و الآخر الامساك نظر.

فان كان اطلق العقد و لم يخبر البائع أنه اشترى للشركة.

لم يكن له الرد.

و قوله: و إن اخبر البائع بذلك قبل فيه وجهان:

(احدهما) و هو الصحيح أن له الرد.

و قيل فيه وجه آخر: و هو أنه ليس له الرد:

يظهر التفصيل بين علم البائع: بأن قبول العقد من احد الشريكين للشركة لا لنفسه خاصة.

فيجوز لاحدهما رد خصته، و للآخر الامساك.

و بين عدم علم البائع بذلك فلا يجوز الرد.

و الحاصل إن المناط في الجواز هو علم البائع بذلك، سواء أ كان مطابقا للواقع أم لا.

كما أن عدم إخبار المشتري البائع بذلك يترتب عليه عدم جواز رد احدهما حصته.

فعلم البائع و جهله دخيلان في موضوع الحكم بجواز الرد و عدمه بغض النظر عن الواقع.

(2) أي لكن المتأمل الدقيق لو تأمل في كلام الشيخ قدس سره -

ص: 356

القبول في الواقع لاثنين، أو لواحد، فانه (1) قدس سره علّل عدم جواز الرد في صورة عدم إخبار المشتري بالاشتراك:

بأن (2) الظاهر أنه اشترى لنفسه، لا (3) بعدم علم البائع بالتعدد.

و كذا (4) حكمه قدس سره بتقديم قول البائع

+++++++++++

- الشريف لاستفاد منه أن الاعتبار في جواز الرد لاحد الشريكين و عدم الجواز إنما هو قبول العقد للشركة في الواقع فيجوز.

أو لاحدهما خاصة فلا يجوز.

و أما علم البائع، و جهله بذلك فليس لهما دخل في موضوع الحكم.

بل هما طريقان للواقع.

(1) تعليل لكون المتأمل لو تأمل دقيقا لاستفاد من كلامه قدس سره الشريف الاعتبار المذكور في الهامش 2 ص 356.

(2) الباء بيان لكيفية التعليل.

و قد عرفته فى الهامش 1 ص 356(1) عند قولنا: يظهر التفصيل.

(3) اي و لم(2) يعلل العلامة قدس سره جواز الرد، و عدم جوازه بمطابقة علم البائع بالواقع، أم بعدم المطابقة.

(4) هذا في الواقع تعليل ثان لما يستفاد للمتأمل في كلام العلامة قدس سره ما شرحناه لك في الهامش 1 ص 356 عند قولنا: يظهر التفصيل.

خلاصة هذا التعليل إن مصب الدعوى هنا أن المشتري يدعي أن قبوله للعقد للشركة، و البائع ينفي ذلك و ينكره.

و ظاهر الحال بالإضافة الى الاصل.

هو تقديم قول البائع مع يمينه فيما اذا تنازع البائع و المشتري في متعلق الشراء. -

ص: 357


1- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

بيمينه المستلزم (1) لقبول البينة من المشتري على أن الشراء بالاشتراك

دليل (2) على أنه يجوز التفريق بمجرد ثبوت التعدد في الواقع بالبينة و ان لم يعلم به البائع.

إلا (3) أن تحمل اليمين على يمين البائع على نفي العلم.

و براد من البينة (4) البينة على إعلام المشتري للبائع بالتعدد.

+++++++++++

- فقال المشتري: اشتريت السلعة لي و للشركة حتى يثبت الرد.

و قال البائع: اشتريتها لنفسك حتى لا يجوز الرد.

هذا اذا لم يثبت المشتري دعواه بالبينة.

و أما إذا اقام البينة على أن قبوله كان له، و للشركة، لا لنفسه فقط.

فلا يبقى مجال لقول البائع و انكاره في قبال اثبات تعدد القبول في الواقع بالبينة و إن لم يعلم البائع بذلك.

(1) بالجر صفة لمجرور الباء الجارة فى قوله في ص 357: بتقديم

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 357: و كذا حكمه.

(3) استدراك من قوله في ص 357: و كذا حكمه.

و حاصله إن مصب الدعوى بين المشتري و البائع اذا حملناها على أن المشتري يدعي أنه اخبر البائع بأن قبوله كان للشركة و البائع ينكر ذلك.

فالنتيجة إذا اثبات إخبار المشتري(1) البائع بأنه يشتريه له، و للشركة.

لا لاثبات التفصيل في كلام الشيخ.

بين علم البائع فيجوز الرد.

و عدم علمه فلا يجوز:

(4) أي البينة من المشتري.

ص: 358


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

و كيف كان (1) فمبنى المسألة على ما يظهر من كلام الشيخ:

على تعدد العقد بتعدد المشتري، و وحدته.

و الأقوى (2) في المسألة عدم جواز الافتراق مطلقا، لأن (3) الثابت من الدليل هنا خيار واحد متقوم باثنين، فليس لكل منهما الاستقلال.

و لا (4) دليل على تعدد الخيار هنا، إلا (5) اطلاق الفتاوى و النصوص:

+++++++++++

(1) يعني أي شيء قلنا حول تفسير عبارة الشيخ قدس سره.

فمبنى مسألتنا: و هي مسألة تعدد المشتري فيما اذا اشتريا شيئا واحدا فظهر فيه عيب:

على تعدد العقد بتعدد المشتري، و وحدته.

فعلى القول بالتعدد يجوز الرد لاحدهما خاصة.

و على القول بالاتحاد لا يجوز الرد.

(2) هذا رأيه قدس سره: أي الأقوى في مسألة تعدد المشتري فيما اذا اشتريا شيئا فظهر فيه عيب عدم جواز الافتراق مطلقا، سواء قلنا بتعدد المشتري أم باتحاده.

(3) تعليل لأقوائية عدم جواز الافتراق مطلقا: أي الدليل الثابت من الأخبار الواردة في خيار العيب التي ذكرت في ص 227، الى ص 270

هو خيار واحد قائم بالشخصين؛ فلهما أن يأخذا بالخيار بنحو الاشتراك، و ليس لكل واحد منهما الاخذ بنحو الاستقلال.

(4) أي و ليس لنا دليل من الخارج على أن الخيار متعدد في باب خيار العيب: بحيث يكون لكل واحد من الشريكين خيار مستقل يأخذ به متى شاء و اراد.

(5) استثناء عما افاده: من عدم وجود دليل على تعدد الخيار. -

ص: 359

من (1) أن من اشترى معيبا فهو بالخيار.

الشامل لمن اشترى جزء من المعيب.

+++++++++++

- خلاصته إنه يبقى لنا شيء واحد يستفاد منه شيئان:

و هي صحيحة زرارة المذكورة في ص 227، فان قوله عليه السلام:

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب أو عوار.

يدل على شيئين: و هما الاطلاق، و العموم.

أما الاطلاق فهو المستفاد من كلمة (شيئا)، فانها مطلقة نعم الكل و الجزء: أي سواء أ كان المبيع معيبا كله، أم بعضه.

و أما العموم فكلمة (أيما رجل)، فانها تدل على العموم الوضعي: أي سواء أ كان المشتري واحدا أم اثنين. أم أكثر.

فهذا الاطلاق و العموم يدلان على ثبوت الخيار فيما نحن فيه في الجملة في قبال من يقول بعدم ثبوت الخيار اصلا، لا لواحد منهما و لا لكليهما.

بعبارة أوضح إن المشتريين لشيء واحد على نحو الشركة لما كان ادخالهما تحت العموم بعنوان أنهما معا فرد واحد من أفراد العام في قبال كون المشتري فردا واحدا.

لا بما أنهما فردان من أفراد العام قد دخلا تحته:

و لا بما أن كلاّ منهما فرد مستقل من العام، ليتعدد الخيار:

كان الخيار المجعول من الشارع المقدس ثابتا لهما: بما أنهما معا فرد واحد من العام.

(1) كلمة من بيان لكلمة من النصوص: أي النصوص عبارة عن قوله عليه السلام: إن من اشترى معيبا فهو بالخيار.

و لا يخفى أن هذا المضمون بهذه الألفاظ بعينها لا يوجد في -

ص: 360

لكن (1) الظاهر بعد التأمل انصرافه الى غير المقام.

و لو سلمنا الظهور (2)، لكن لا ريب في أن رد هذا المبيع منفردا عن المبيع الآخر نقص حدث فيه.

بل (3) ليس قائما بعينه و لو بفعل الممسك لحصته

+++++++++++

- أبواب الخيارات من كتب الأحاديث التي بأيدينا.

لكنه مضمون حديث زرارة رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه نقلا بمعنى.

و قد عرفته في الهامش من ص 360.

(1) استدراك عما افاده في قوله في ص 359: إلا اطلاق الفتاوى و النصوص.

خلاصته إن الاطلاق المذكور و إن كان شاملا لمن يشتري جزء معيبا أيضا، لكنه منصرف الى غير ما نحن فيه، لأن الشراء على قسمين:

(الاول) شراء شخص جزء معيبا بالاستقلال.

(الثاني) شراء شخص جزء معيبا في ضمن شراء شخصين تمام المعيب.

و اطلاق الشراء بالنسبة الى شراء شخص للجزء منصرف الى القسم الأول، و هو غير ما نحن فيه، لأن الكلام في القسم الثاني.

(2) اي لو قلنا بالإطلاق، و لم نقل بالانصراف المذكور.

فلا يفيد هذا أيضا، لأنه لا ريب في أن رد المبيع المعيب منفردا بلا ضم الصحيح معه نقص حدث فيه.

(3) هذا ترق منه عما أفاده: من أن رد المبيع منفردا عن المبيع الآخر نقص حدث فيه.

خلاصته إن رد المبيع المعيب فقط ليس قائما بعينه، حتى تشمله -

ص: 361

و هو (1) مانع عن الرد.

و من ذلك (2) يعلم قوة المنع و إن قلنا بتعدد العقد.

و ما (3) ذكروه تبعا للتذكرة:

+++++++++++

- المرسلة المذكورة في ص 227 ليجوز رده، و لو كان عدم القيام بعينه وليدا من فعل الممسك لحصته، لأننا قلنا فيما سبق: إن النقص المادي و المعنوي و إمساك الحصة نقص و إن كان معنويا، فيكون مانعا عن الرد.

(1) أي عدم قيام الشيء بعينه

(2) أي و من عدم كون الشيء قائما بعينه بعلم قوة عدم جواز رد المبيع المعيب منفردا و إن قلنا بتعدد العقد عند تعدد المشتري في صورة اخباره البائع: بأنه يشتري السلعة له و لشريكه و إن قال قدس سره في(1) ص 355: بجواز الرد في صورة إخبار المشتري البائع: بأن الشراء له و لشريكه بقوله: فيه وجهان: احدهما و هو الصحيح،

إن له الرد، لأن الملك بالعقد وقع لاثنين.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم إن كثيرا من الفقهاء قالوا بجواز الرد في هذه الصورة، و تبعوا في ذلك العلامة قدس سره، حيث قال في التذكرة في هذا المقام ما حاصله:

إنه لو اشترى شخصان من رجل عبدا بصفقة واحدة ثم وجدا به عيبا قبل تصرفهما فيه.

فلهما رده معا و استرجاع ثمنه بكامله.

أو يأخذان معا الارش و بقبلان العبد. -

ص: 362


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

من (1) أن التشقيص بايجاب البائع (2).

و فيه (3) أنه اخرجه غير مبعض و إنما تبعض بالاخراج.

+++++++++++

- و ليس لهما الافتراق و الارش: بأن يأخذ احدهما ارش المعيب و الآخر يرده و يأخذ ثمنه.

و بهذا التى ابو حنيفة و مالك في رواية.

و ذهب إليه الشافعي في احد قوليه.

و علل العلامة قدس سره عدم جواز الرد: بأن العبد خرج من ملك البائع دفعة و كاملا، و اذا رد احدهما نصيبه فقد عاد الى البائع بعضه، لا كله.

ثم قال العلامة قدس سره: و للشافعي قول آخر:

و هو جواز رد حصته، و يأخذ الآخر الارش.

و هذا القول أصح قولي الشافعي.

و أيد العلامة قدس سره هذا القول و قال:

و ليس فيه عندي بعد، و قواه الشيخ أيضا، اذا البائع اخرج العبد إليهما مشقصا.

فالشركة في العبد إنما حصلت باختياره.

فلم تمنع هذه الشركة عن الرد.

(1) كلمة من بيان (لما الموصولة) في قوله في ص 362:

و ما ذكروه.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 413-414.

(3) جواب عن التوهم المذكور. -

ص: 363

و المقصود حصوله (1) في يد البائع كما كان قبل الخروج.

و خلاف ذلك (2) ضرر عليه.

و علم البائع بذلك (3) ليس فيه إقدام على الضرر.

إلا (4) على تقدير كون حكم المسألة جواز التبعيض، و هو (5) محل الكلام.

و الحاصل إن الفرق بين هذه المسألة (6) و المسألة الاولى (7)

+++++++++++

- خلاصته إن البائع قد اخرج المبيع عن ملكه غير متبعض: أي اخرجه بكامله الى المشتريين، و التبعض إنما حصل من ناحية المشتريين لا من ناحية البائع.

و المفروض أن المبيع يحصل في يده كاملا كما كان قبل البيع و إذا حصل في يده متبعضا فقد تحقق الضرر عليه.

(1) اي حصول المبيع كما عرفت.

(2) اي حصول المبيع عند البائع على خلاف ما كان قبل البيع ضرر عليه كما عرفت.

(3) اي و علم البائع بصيرورة المبيع مبعضا عند المشتريين.

(4) استثناء عما(1) افاده آنفا: من أن خلاف ذلك ضرر عليه:

أي عدم حصول المبيع في يد البائع على ما كان عنده قبل البيع مبني على كون حكم هذه المسألة: و هي المسألة الثالثة على جواز التبعيض في المبيع المعيب.

(5) أي جواز التبعيض في المسألة الثالثة اوّل الكلام.

(6) اي المسألة الثالثة.

(7) المشار إليها في ص 335.

ص: 364


1- - راجع الحاشية الجديدة فى آخر هذا الكتاب

غير وجيه.

و أما الثاني: و هو تعدد البائع (1) فالظاهر عدم الخلاف في جواز التفريق، اذ لا ضرر على البائع بالتفريق (2).

و لو اشترى اثنان من اثنين عبدا واحدا فقد اشترى كل من كل ربعا.

فان اراد احدهما رد ربع الى احد المتبايعين دخل في المسألة الثالثة (3)، و لذا (4) لا يجوز، لأن (5) المعيار تبعض الصفقة على البائع الواحد.

+++++++++++

(1) الذي اشير إليه في ص 336 بقوله: إن التعدد المتصور فيه التبعض إما في احد العوضين، و إما في البائع، و إما في المشتري.

(2) لأن البائع يأخذ تمام المبيع المعيب فلا يحصل له تبعض الصفقة.

(3) التي عرفتها في الهامش 4 ص 352.

(4) اي و لأجل دخول شراء اثنين من اثنين في المسألة للثالثة لا يجوز لاحدهما رد ربع الى احد البائعين لو اراد الرد.

(5) تعليل لعدم جواز الرد في هذه الصورة: اي المناط في عدم جواز الرد هو تبعض الصفقة على البائع و هذا المعنى حاصل في صورة رد الربع الى احد البائعين.

ص: 365

الفهارس

فهرس البحوث

ص فهرس البحوث

7 في خيار التأخير

9 في الأخبار المستفيضة الدالة على التأخير

13 ما افاده الشيخ في خيار التأخير

19 الأحاديث الواردة في خيار التأخير

25 لا خيار للبائع لو بذل المشتري الثمن إليه و امتنع من الاخذ

27 جريان دليل الضرر لو ارتفع الضمان

29 ما استظهره الشيخ صاحب الجواهر

31 عدم الخيار للبائع اذا لم يكن عليه ضمان

33 في الشرط الثاني من الشروط الاربعة

35 في الاستدلال بالرواية و النظر فيه

37 ما افاده السيد بحر العلوم في كفاية القبض مطلقا

39 في أن الاجازة في القبض كاشفة أم ناقلة

41 في الشرط الرابع من الشروط الاربعة

43 ما افاده السيد أبو المكارم

45 في استيعاد ما نسب الى الخلاف

47 في المراد من حديث لا ضرر و لا ضرار

49 في المعنى المراد من النصوص الواردة

51 المراد من المبيع هو الموجود الخارجي

53 نسبة إرادة الكلي و الشخصي الى الاكثر

55 في الامور التي قيل باعتبارها في خيار التأخير

57 توجيه كلام السيد بحر العلوم

59 ظهور الأخبار في أن سبب عدم الاقباض هو عدم قبض الثمن

61 ما افاده شيخنا الصدوق في المقام

63 ما افاده صاحب مفتاح الكرامة في المقام

65 في الرد على التفصيل المذكور

67 في تضعيف ما افاده صاحب مفتاح الكرامة

69 الإشكال على اعتبار تعدد المتعاقدين

71 في الاختلاف الواقع بين المشهور و شيخنا الصدوق

73 في أن مبدأ الثلاثة حين التفرق أو حين العقد

ص: 366

75 سقوط خيار التأخير بأمور

77 في الأمر الثاني الموجب لسقوط خيار التأخير

79 في الأمر الثالث الموجب لسقوط خيار التأخير

81 في الأمر الرابع الموجب لسقوط خيار التأخير

83 في كفاية حصول الظن النوعي

85 تحقيق حول سقوط خيار التأخير و عدم السقوط

87 مختار شيخنا الأنصاري في خيار التأخير

89 تحقيق منه حول التمسك بالاستصحاب

91 في الاستدلال بالحديث النبوي

93 معارضة النبوي المشهور بقاعدة الاستقراء

95 في عدم معارضة النبوي المشهور مع القواعد الثلاث

97 في الرد على الاجماع و القاعدة المذكورة

99 في الحديث المستدل به

101 ما اورده العلامة على الشيخ

103 فيما يفسد من يومه

105 في امكان تعدية الخيار الى كل مورد

107 عدول عما افاده: من تعدية الحكم

109 في الإشكال على عبارات جماعة

111 عبارة شيخنا الصدوق من أحسن العبارات

113 في نقل أقوال المتأخرين

115 شروط خيار ما يفسد ليومه نفس شروط خيار التأخير

117 ليس المراد من الفساد في النص و الفتوى هو الفساد الحقيقي

119 في خيار الرؤية

121 في الأحاديث المستدل بها لثبوت خيار الرؤية

123 ما افاده المحدث البحراني في الحدائق

125 نقاش شيخنا الأنصاري مع شيخنا المحدث البحراني

127 بيع العين الشخصية الغائبة مورد خيار الرؤية

129 في ذكر الأوصاف المطلوبة في المبيع

131 ما اعتباره الشيخان في ذكر الصفة

133 في التنافي بين الاعتبار و الكناية

135 ما افاده العلامة في التذكرة

137 ما اورده على صاحب جامع المقاصد

ص: 367

139 إشكال آخر على صاحب جامع المقاصد

141 تحقيق حول ذكر الأوصاف

143 إشكال منه على صحة العقد

145 في جواز تصديق البائع باخباره

147 فيما هو المشهور في خيار الرواية

149 ما افاده المحقق الاردبيلي في مجمع البرهان

151 في عدم وجود وقوع المقصود عند فقدان ما بني عليه العقد

153 تحقيق حول ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء

155 في الايراد على ما افاده المحقق الشيخ علي كاشف الغطاء

157 في الإشكال على عبارات جماعة

159 في امكان تعدية الخيار الى كل مورد

161 في تغاير الحقيقتين

163 في أن خيار الرؤية فوري

165 في سقوط الخيار بترك المبادرة

167 في اشتراط سقوط خيار الرؤية

165 في أن الشرط الناس مفسد العقد

171 دليل اقتصار الفقهاء على الاوصاف المعتبرة

173 فساد الشرط من جهة لزوم الغرر

175 مختار شيخنا الأنصاري من الأقوال

177 الفرق بين العيوب في المبيع و بين نفي الصفات في خيار الرؤية

179 في تصديق المشتري البائع لو اخبر بالكيل أو الوزن

181 في سقوط الخيار لو تيقن المشتري بوجود الصفات

183 في ظهور ضعف ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

185 ما اورده على الشيخ صاحب الجواهر.

187 في ضعف ما اعترضه المحدث البحراني على الشهيد

189 في ظهور كلام الشهيد في فساد الشرط لا العقد

191 في اختلاف البائع و المشتري في اختلاف الصفات

193 في الايراد على ما افاده العلامة

195 في مآل اختلاف البائع و المشتري

197 استدلال العلامة في التذكرة على بطلان الشراء

199 رأي الشيخ حول المبيع المفسوخ بعضه

ص: 368

201 في بقاء خيار المشتري لو لم ينسج البائع المبيع حسب المنسوج بعضه.

203 اطلاق العقد بمقتضى صحة المبيع و سلامته.

205 ليس المراد من الانصراف انصراف المطلق الى الفرد الصحيح.

207 في دفع جميع الإشكالات الواردة

209 اشتراط الصحة في العقد مفيد للتأكيد

211 في انحصار الخيار بخيار العيب

213 ظهور العيب في المبيع موجب لتسلط المشتري على الرد

215 ظاهر الفقه الرضوي التخيير بين الرد و الاخذ

217 نقاش علمي مع المعلق على الجواهر

219 إشكال من شيخنا الأنصاري

221 في أن ظهور العيب مثبت للخيار أو كاشف عنه

223 لا بد من الرجوع في أحكام خيار الغبن الى دليله

225 في مسقطات خيار العيب

227 في الاستدلال بالأحاديث على سقوط خيار العيب بالتصرف

229 الحكم بسقوط الرد بمطلق التصرف مشكل جدا

231 ما اورده الشيخ الأنصاري على الأدلة

233 في امكان الاستظهار بسقوط الرد بمجرد التصرف

235 ما افاده شيخ الامة المفيد في المقنعة

237 في أن نتاج المبيع للمشتري

239 في أن التصرفات اليسيرة لا توجب عدم جواز رد المعيب

241 في أن التصرف بما هو تصرف لا يوجب سقوط الخيار

243 في أن التصرف قبل العلم بالعيب اذا كان مغيرا يوجب السقوط

245 ما افاده المحقق في الشرائع هو الظاهر من الإسكافي

247 دلالة صحيحة زرارة على السقوط

249 ما اورده شيخنا الأنصاري على الأدلة

251 افاد ابن زهرة أن التصرف في المبيع من المسقطات

253 ظاهر المقنعة و المبسوط عدم جواز رد العبد و الامة بعد عتقهما

255 فيما اعترضه ابن ادريس

ص: 369

ص فهرس البحوث

257 في الأمر الثالث الموجب لسقوط خيار العيب

259 في حكم الرد بعد عود الملك الى المشتري

261 وطؤ الجارية مانع عن الرد اذا كانت معيبة

263 في توجيه الحديث الوارد عن الامام امير المؤمنين عليه السلام

267 الأحاديث الواردة في عدم جواز رد الامة بالوطء

271 حكم الاسكافي بجواز رد الامة بالوطء

273 استفادة منع رد الامة الموطوءة من قول الشيخ

275 مختار صاحب الرياض

277 إبقاء الحمل على اطلاقه لا ينسجم مع الجملة الخبرية

279 في الوجه الثالث من الوجوه الخمسة

281 في الوجه الخامس من الوجوه الخمسة

283 معارضة أخبار الرد مع أخبار منع الرد

285 النسبة بين الأخبار المتعارضة العموم و الخصوص من وجه

287 رجوع منه قدس سره عما افاده

289 في النص الوارد في المقام

291 مرسلة الكافي دليل على التفصيل

293 جواز رد الامة المعيبة و إن كان الوطء في الدبر

295 ظاهر بعض الأخبار جواز الرد بصورة الجهل

297 من المسقطات حدوث عيب عند المشتري

299 في أن حدوث العيب في زمن الخيار غير مانع عن الرد

301 اختلاف المحقق مع استاذه ابن نما

303 ما ذكره الشهيد في اللمعة مخالف لما ذكره في الدروس

305 توجيه منه لكلام الشهيد

307 رد المبيع في زمن الخيار بالخيار لا بالعيب السابق

309 في الرد على ما افاده الشيخ صاحب الجواهر

311 المراد من العيب الحادث عند المشتري

313 في شمول العيب الشركة و تبعض الصفقة

315 امكان الاستدلال بالمرسلة على عدم جواز رد المعيب

317 استدلال العلامة بامرين على عدم

ص: 370

جواز رد المعيب

319 في الرد على ما استدل به العلامة

321 في تعدد التبعض في احد العوضين

323 تقرير دليل العلامة ببيان آخر

325 المستفاد من التمثيل من الرواية

327 دعوى و الرد عليها

329 ما افاده العلامة في التحرير مناف لما افاده في التذكرة

321 المراد من الارش

333 تحقيق حول التفاوت ما بين النسبتين

335 في التعدد المتصور فيه تبعض الصفقة

ص: 371

فهرس التعاليق

8 تعليل و خلاصته

9 من متممات التعليل

10 في الأخبار المستفيضة

11 حياة ابي بكر بن عياش

14 في طعن المحدث البحراني على العلامة

15 في حكمية الشيخ الأنصاري بين ما ذهب إليه المشهور و بين اعتراف العلامة

15 تأييد من الشيخ لما افاده

16 استثناء و خلاصته

16 توهم و خلاصته

17 الجواب عن التوهم المذكور

18 متابعة صاحب الجواهر لصاحب الرياض

تحقيق حول الأخبار الواردة في خيار التأخير: من حيث المناط

23 توجيه منه لانكار صاحب الرياض

24 توجيه آخر منه لانكار صاحب الرياض

25 وجوه الاربعة التي ذكرها الشيخ

فيما اذا كان قبض المشتري المبيع بغير اذن البائع

26 أقوائية وجه الرابع

26 تعليل للأقوائية المذكورة

27 ذكر ناحيتين لبقاء الضرر على البائع إشكال منه في الناحيتين

28 دعوى و الإشكال فيها

29 ما استظهره صاحب الجواهر من قول السائل

30 الإشكال في عدم دلالة التمكين على القبض، و وجه الإشكال

30 القول الثاني

31 تعليل و خلاصته

31 القول الثالث و خلاصته

32 خلاصة الأقوال الثلاثة

32 في الرواية المروية عن زرارة

33 تأييد رواية زرارة بفهم أبي بكر بن عياش

33 في متابعة صاحب الرياض للعلامة

ص: 372

في الاستدلال بالرواية

35 تأييد منه لما ذهب إليه

36 استدراك و خلاصته

36 تعليل و خلاصته

37 ما افاده السيد بحر العلوم

38 الإشكال فيما افاده السيد بحر العلوم

39 الإشارة الى وجه التأمل

39 ما يترتب على القول بالكشف و النقل

40 المراد من الاصل

41 ما افاده في نقل أقوال العلماء في الشواهد التي جاءوا بها

43 تحقيق حول المبيع اذا كان من الخضروات

43 ما ذكره السيد ابو المكارم في الغنية

44 في المراد من الثمن المعين

45 المقصود من نفي البعد و وجه البعد

46 تأييد و خلاصته

46 تأييد ثان منه

47 المراد من الضرر هل هو الشخصي و الكلي أو الشخصي فقط؟

48 في الأدلة الثلاثة القائمة على أن المراد من الضرر هو الضرر الشخصي

51 في أن الكلي على ثلاثة أقسام

52 وجود القرينة لا يكون صارفا عن المعنى الكلي

52 اطلاق لفظ الشيء على الكلي غير محتاج الى القرينة

52 تفريع و خلاصته

53 الإشكال في التعميم

54 كل شيء قيل أو يقال في المبيع في خيار التأخير

56 احتمال و خلاصته

58 حول ما افاده العلامة في التذكرة

60 إشكال حول التوجيه المذكور

61 ذكر احتمالين لكلام شيخنا الصدوق

62 في رفع الإشكال الظاهر من عبارة التحرير و خلاصته

63 إشكال من صاحب مفتاح الكرامة و خلاصته

64 في الرد على ما افاده صاحب مفتاح الكرامة و خلاصته

66 في تضعيف ما افاده صاحب مفتاح الكرامة

ص: 373

67 ما افاده الشيخ الشهيدي في تعليقته على المكاسب

68 المراد من نفي الخيار في الأيام الثلاثة

69 الإشكال في اعتبار التعدد في المتعاقدين و خلاصته

70 ما افاده شيخنا الصدوق في خيار الجارية

73 في الدليل القائم على أن المبدأ في الأيام الثلاثة هو حين التفرق

73 في الدليل القائم على أن المبدأ في الأيام الثلاثة هو حين العقد

74 دليل عدم سقوط الخيار باسقاطه في الأثناء

75 في الأولوية و وجهها

75 دليل جواز سقوط خيار التأخير باسقاطه في الأثناء

77 إشكال و خلاصته

78 في الفرق بين نذر الفعل و نذر النتيجة

80 دعوى و دفعها

81 وجه انصراف الأخبار الى صورة تضرر الفعلي

81 في الوجوه الثلاثة 83 حصول الظن كاف في الالتزام الفعلي

83 كفاية الظن النوعي

84 لا يقال فانه يقال

87 في أن خيار التأخير هل على الفور أو التراخي؟

88 في امكان إرادة التراضي في خيار التأخير

89 في النصوص المذكورة

91 تصور بطلان الخيار في مقامين

92 في استفادة الملازمة من النص

93 استفادة الملازمة المذكورة من الاستقصاء أيضا

94 في معارضة قول الفقهاء للحديث النبوي المشهور

95 ما افاده قدس سره: من عدم المعارضة في القاعدتين المذكورتين على الملازمة

96 رأيه حول القاعدة الثانية

97 رد منه على من يدعي الاجماع

98 رد آخر منه

101 إشكال العلامة على ما افاده الشيخ

102 رد منه على التعميم

ص: 374

102 منافاة و وجهه

103 تفريع

104 نص الحديث

104 ارسال الحديث لا يضر الاستدلال به

105 العلة الاولى و الثانية و الثالثة

106 تفريع و عدول

106 تعليل للايهام

107 المراد من اوّل أزمنة الفساد

108 ما افاده العلامة في التذكرة و القواعد

109 يظهر من عبارات الفقهاء أن الاختلاف في ثلاث جهات

110 نص الجهات الثلاث

112 الأقوال الواردة في تعيين المبدأ و المنتهى في خيار ما يفسد ليومه

113 ذكر بيان صحيح للتعبيرات المختلفة عند المتأخرين.

114 استدراك و بيانه

بيان أن خيار ما يفسد ليومه مختص بالمبيع الشخصي

118 ما افاده المحقق الايرواني في الفرق بين الفساد و التلف

119 المراد من خيار الرؤية

120 ما دل على ثبوت خيار الرؤية قبل الاجماع المحصل

120 المراد من كلمة قبلها الواردة في الحديث

121 الطريقة الاولى و الثانية

122 تحقيق حول الحديث الوارد في الكافي و التهذيب و الوسائل

123 المراد من توضيح الخبر

124 المراد من دخول الغنم

125 تحقيق حول حديث لا يصلح هذا

127 بعد و وجه كونه بعيدا

127 تحقيق حول الأبعدية و وجه الأبعدية

128 تحقيق حول تعبير بعض الفقهاء و ما افاده العلامة في التذكرة حول الأوصاف المعتبرة في البيع السلمي

133 إشكال منه على ما افاده العلامة

133 تعليل و خلاصته

134 ذكر تعليلين

134 تحقيق حول كلمة من الحيوان المذكورة في التذكرة

135 تحقيق حول رفع التنافي بين التعريفين

137 إشكال منه على ما افاده صاحب جامع المقاصد

ص: 375

137 وهم و دفعه

138 تأييد منه و خلاصته

139 إشكال و خلاصته

142 إشكال ثالث و خلاصته

143 الجواب عن الإشكال الثالث.

144 تأييد منه و خلاصته.

144 جواب آخر عن الإشكال الثالث.

146 الأقوال الأربعة.

150 استدراك و خلاصته.

150 توجيه كلام المحقق الاردبيلي و خلاصته

151 حل عبارة غامضة و مشكلة جدا

154 إشكال منه على ما افاده المحقق للشيخ علي كاشف الغطاء.

156 وهم و دفعه.

157 ما افاده الفقهاء حول معنى العقد على المعيب اذا كان المبيع مصرّاة

158 الاستدلال بالنص.

159 الاستدلال بالفتوى

159 اشارة الى وجه التأمل

160 تعليل و خلاصته

160 تحقيق حول الوصف الداخلي و الخارجي.

160 تحقيق حول الجنس الرومي و الزنجي في كونهما حقيقتين مختلفتين

161 تحقيق حول الأمثلة التي جاء بها للشيخ.

161 مثال لتغاير الحقيقتين و الماهيتين

162 مثال ثان لتغاير الحقيقتين

162 اشارة الى وجه التأمل

168 دليل فساد الشرط

168 دليل عدم فساد الشرط

169 تعليلان و خلاصتهما

169 وهم

170 الجواب عن الوهم

171 تعليل و خلاصته

172 تعليل و خلاصته

175 تحقيق حول الانحلال

175 تعليل و خلاصته

175 المراد مما تقدم

176 تحقيق حول لزوم التنافي

178 استدراك و خلاصته

178 تنظير للمنافاة

182 نص الحديث

184 وهم و الجواب عنه

ص: 376

185 إشكال منه على ما افاده صاحب الجواهر

187 اعتراض من المحدث البحراني على ما افاده الشهيد

188 من متممات كلام المحدث البحراني

189 رأي صاحب الحدائق و خلاصته

193 في الخدشة على ما افاده العلامة

193 تنظير

194 تحقيق حول كيفية الدفع

195 نتيجة ما قلناه.

195 رأيه قدس سره.

196 ما يظهر من الدفاع.

197 كيفية استدلال العلامة في التذكرة

198 ما افاده بعض الفقهاء.

199 الصورة الأولى

199 الصورة الثانية

200 الصورة الثالثة

205 ما يظهر من الانصراف

206 الإشكال الاول.

206 الإشكال الثاني

206 الإشكال الثالث

207 تحقيق حول كلمة (دفع)

207 وهم

208 جواب الوهم

209 اشارة الى وجه التأمل

209 وهم و جوابه

209 تفريع

210 تنظير

212 بيان ضعف ما ذكره الشهيد الثاني

213 دعوى و انها مكابرة

213 دعوى ثانية و مكابرتها

214 استدراك و خلاصته

215 تحقيق حول الحديث المذكور في الجواهر و كلام مع المعلق

216 رأيه حول الحديث المذكور في الفقه الرضوي

217 تحقيق حول الحديث المذكور عن الكافي و الوسائل و كلام مع المعلق على الجواهر

217 بيان وجه الصعوبة

218 بيان وجه الأصعبية.

219 إشكال منه و خلاصته

219 تنظير و خلاصته

220 تحقيق حول الجريب

221 المراد من قوله: فافهم

ص: 377

224 تعليل و خلاصته

225 نص الحديث المروي عن زرارة

229 تعليل و خلاصته

230 تحقيق حول المبيع المعيب

230 تحقيق حول الاستشهاد بالمرسلة

231 رأيه حول الصحيحة

232 استثناء

233 وحدانية الحديث في المقامين

236 كلام في الاستشهادات

241 التنظير الاول و الثاني

242 رأيه حول التصرف في المبيع

247 نص الحديث الأول

247 إشكال منه و خلاصته

248 تحقيق حول ما افاده الشيخ

250 نص الحديث

254 في الرد على الفرق الذي افاده الشيخان

254 إشكال و خلاصته

255 رد آخر و خلاصته

256 إشكال في التعميم و وجه الإشكال

257 تعليل و خلاصته

258 إشكال و وجهه

260 خلاصة ما اورده المحقق الايرواني

262 تحقيق حول الرواية المروية عن محمد ابن مسلم رضوان اللّه عليه

264 تحقيق حول كلام الامام امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام

265 تحقيق حول جملة (و اللّه العالم)

273 بيان مراده قدس سره

274 تحقيق حول ما نقله عن الوسيلة

275 بيان تأييده لما ذهب إليه الاسكافي

277 تعليل

277 تعليل و خلاصته

278 تحقيق حول الظهور الاول و الثاني

279 تحقيق حول الوجه الثالث و خلاصته

280 تعليل و خلاصته

281 وهم و الجواب عنه

282 بيان توجيهه لمدعي التقييد

282 استدراك و خلاصته

283 تحقيق حول العموم و الخصوص من وجه

286 تحقيق حول ما افاده

287 عدول عما افاده و خلاصته

287 استدراك و خلاصته

288 استثناء و خلاصته

ص: 378

289 نص الحديث الثامن

289 نص الحديث التاسع

293 تحقيق حول لفظة (الكسوة)

295 مرسلة ابن ابي عمير و صحيحة ابن سنان

295 استدراك و خلاصته

296 تفصيل و خلاصته

299 معنى ضمان العيب الحادث في زمن الخيار

300 تحقيق حول الاستثناء

301 تحقيق حول لو فرض المبيع سليما

301 بيان اختلاف رأي الشهيد في اللمعة مع ما افاده في الدروس

304 تعليل و خلاصته

305 تحقيق حول جملة (كالخيارات الثلاثة)

306 تحقيق حول جملة (كان مانعا)

307 بيان ما اشكله الشهيد على المحقق

308 إشكال على ما افاده المحقق

309 تضعيف الشيخ صاحب الجواهر لما افاده ابن نما

309 ايراد منه على ما ضعفه صاحب الجواهر

310 تحقيق منا على ما اورده الشيخ الأنصاري على صاحب الجواهر

311 في أن محل النزاع في الأقسام الثلاثة هو القسم الثالث

311 تحقيق حول النقص المعنوي و المادي

314 اعتراض

315 الجواب عن الاعتراض

317 بيان لتركب استدلال العلامة من أمرين

318 تعليل و خلاصته

318 وهم و الجواب عنه

319 في الرد على استدلال العلامة بالأمر الاول

320 في الرد على استدلال العلامة بالأمر الثاني

321 بيان ما لا يوجب ارشا

322 وهم و الجواب عنه

323 استدراك منه و خلاصته

323 الجواب عن التعليل و خلاصته

324 رأيه حول المعيب بالعيب السابق.

325 استدراك و بيانه

327 المراد من الاصل

328 ما افاده المحقق الايرواني و الشهيدين

330 وهم و الجواب عنه

332 في المراد من الارش الذي يغرمه البائع

334 المراد من الارش الذي يغرمه المشتري

ص: 379

(فهرس الآيات الكريمة)

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 198

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 198

تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 198

ص: 380

فهرس الأحاديث الشريفة

الألف

الاجل بينهما ثلاثة أيام 10

الاجل فيما بينهما ثلاثة أيام، فان قبض بيعه 73

الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري 250

إن جاء فيما بينه و بين ثلاثة أيام 12

إن جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن 104

إنه لو قلب منها و نظر الى تسع و تسعين 120

إن كان الشيء قائما بعينه رده و اخذ الثمن 228

إن وجد فيها عيبا فليس له أن يردها 266

إن البيع لازم و له ارش العيب 268

إن كان مثلها تحيض و لم يكن ذلك من كبر 249

أيّما رجل اشترى شيئا و به عيب أو عوار 225

إن كانت بكرا فعشر ثمنها 269

إن كانت بكرا فعشر قيمتها 291

إن جاء بالثمن فيما بينه و بين شهر 71

العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول 104

(التاء)

تردّ و يردّ معها شيئا 270

تقوّم و هي صحيحة، و تقوّم و بها الداء 247

ص: 381

(الجيم)

الجنون، و الجذام، و البرص 250

(العين)

عليه الثمن 182

(الفاء)

فان جاء بالثمن بينه و بين ثلاثة أيام 73

فان اشترى شيئا فهو بالخيار اذا خرج 122

فان جاء في هذه الثلاثة كان البيع له 13

فان قبض بيعه 19

فان جاء بالثمن فيما بينه و بين شهر 71

فان احدث المشتري فيما اشترى حدثا 243

فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث 250

فالحكم أن يرد على صاحبه الى تمام السنة 250

فلا بيع بينهما 16

(القاف)

قضى امير المؤمنين عليه السلام في رجل 247

(الكاف)

كان القضاء الأول في الرجل 267

كل بيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع 91-92

كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب 262

(اللام)

لا تردّ التي ليست بحبلى اذا وطأها صاحبها 247-269

ص: 382

لا يردّها على صاحبها 277

لا ضرر و لا ضرار 146-331

لا يجوز بيع ما ليس بملك 159

لا يصلح هذا إنما يصلح السهام اذا عدلت القسمة 124

لا يردّها على صاحبها، لكن تقوم ما بين العيب 262

لا بأس 179

لا يشتري شيئا حتى يعلم من أين يخرج السهم 122

ليس لك أن تردها، و لك أن تأخذ 25

قال: لا، أما انت فلا تبعه حتى تكيله 179

(الميم)

من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته 98

معاذ اللّه أن جعل لها أجرا 262

معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا 262

معاذ اللّه أن أجعل لها اجرا 262

معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا 267

معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا 267

(الواو)

و أحداث السنة ترد بعد السنة 250

و لكن يرجع بقيمة العيب 262

و كان علي عليه السلام يقول: معاذ اللّه 262

و ترد الحبلى، و يردّ معها نصف عشر قيمتها 269

ص: 383

و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها 269

و قد ذهب الشراء من البائع على ما يملك 159

و إلا فلا بيع له 12

و إن لم يرتجع بطل البيع 13

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط 228

ص: 384

المجلد 17

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة القول في الخيار و أقسامه و أحكامه

تتمة القول في أقسام الخيار

تتمة السابع خيار العيب
تتمة القول في مسقطات هذا الخيار بطرفيه أو أحدهما
مسألة: يسقط الأرش دون الرد في موضعين:
اشارة

(مسألة):

يسقط الأرش دون الرد في موضعين:

أحدهما اذا اشترى ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما

(أحدهما)

اذا اشترى ربويا (1) بجنسه (2) فظهر عيب (3) في أحدهما فلا ارش، حذرا (4) من الربا.

و يحتمل جواز أخذ الارش

+++++++++++

(1) المراد به كل ما يكال، أو يوزن، أو كان ذهبا، أو فضة.

(2) كما اذا بيع مائة كيلو من الحنطة الشمالية بمائة كيلو من الحنطة الجنوبية فهما صنفان من نوع واحد.

(3) المراد بالعيب هنا كون أحد العوضين فاقدا لبعض أوصاف الصحة كما اذا وجدت العفوثة في أحدهما.

و ليس المراد بالعيب هنا وجود النقص في نفس العين: من حيث الكم، اذ النقص الكمي لو أجبر بالارش فلا محذور فيه، لعدم تحقق الزيادة الربوية فيه، لا حكما، و لا عينا.

(4) منصوب على المفعول لأجله. أي ليس للمشتري أخذ الارش، لأن الأخذ موجب لتحقق الزيادة في أحد الطرفين فيتحقق التفاضل بين صنفين متحدين في الجنس الربوي بسبب أخذ الارش فتكون المعاملة ربوية.

إذا لا بد لنا من التخلص من غائلة الربا بسقوط الارش، فيبقى للمشتري حق رد المبيع المعيب الى البائع.

ثم لا يخفى عليك أن جملة: (حذرا من الربا) مشعر بعدم تحقق الربا جزما هنا.

كما يشهد لذلك اختلاف الأقوال، و الآراء في المسألة

و لعل منشأ الخلاف و الاختلاف في الاستظهار:

هو عدم كون هذا الفرد من المعاملات من مصاديق المعاملات الربوية، و من صغريات تلك الكبرى الكلية، و لذا ترى أن شيخنا الأنصاري قدس اللّه نفسه الزكية أفاد أن هذه المسألة في غاية الاشكال، و أنه لا بد من الرجوع الى أدلة تحريم الربا، و فهم حقيقة الارش:

بمعنى أن الارش

هل هو جزء من الثمن يقابل به وصف الصحة فيسترجع هذا الجزء من الثمن عند فقدان وصف الصحة من المبيع؟

أو أنه غرامة من البائع يغرم عند ما يظهر عيب في المبيع، جزاء -

ص: 5

..........

+++++++++++

- لما فعله البائع مع المشتري: من بيعه سلعته المعيبة، من دون أن يبين العيب.

و الدليل على ذلك هو عدم وجوب دفع الارش من عين الثمن المأخوذ من المشتري، لأنه لو كان جزء من الثمن لما جاز للبائع دفعه من غير عين الثمن.

فالحاصل: إنه لا بد من الرجوع الى البحوث التي ذكرت في أدلة تحريم الربا، و مباحث تحقيقها لمعرفة ماهية الارش و حقيقته حتى يعلم أن هذا المورد من صغريات تلك الكبرى الكلية و مصاديقها،

و أن أدلة الربا تشمله، فيكون الأخذ محرما.

و قد ذكر المحقق الايرواني قدس سره في هذا المقام في تعليقته على المكاسب في الجزء الثاني ص 58 ما حاصله:

إنه إن كانت نتيجة البحث عن أدلة الربا، و حقيقة الارش و ماهيته:

هو أن الارش ليس جزء من الثمن، بل هو غرامة كما عرفت

و أن هذا النمط من التفاضل لا تشمله عمومات أدلة تحريم الربا

اذا لا تكون هذه المسألة من صغريات تلك الكبرى الكلية التي هو الرباء المحرم

فحينئذ يجوز أخذ الارش و إن كان العوضان من جنس واحد.

و إن كان نتاج البحث الصغروي:

هو أن الارش في الحقيقة جزء من الثمن

أو أن هذا القسم من التفاضل مشمول لعمومات أدلة تحريم الربا

فلا بد حينئذ من الانتقال الى البحث عن هذه المسألة كبرويا

و من الواضح أن النسبة بين أدلة ثبوت الارش، و أدلة تحريم الربا هو العموم و الخصوص من وجه

له مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع بين أدلة حرمة الربا، و أدلة الارش

فكما في أحد العوضين المتحدين في جنس من الأجناس الربوية في المبيع الذي ظهر فيه عيب.

فأدلة حرمة الربا آتية تصرح بعدم جواز التفاضل فيه

و أدلة جواز أخذ الارش في المعيب آتية

فيقع التعارض بين الأدلتين فتتساقطان، لاطلاق الدليلين، و الرجوع الى أصالة عدم استحقاق الارش -

ص: 6

..........

+++++++++++

- و قيل بترجيح أدلة تحريم الربا بأحد وجهين:

(الأول): جهة الحكم: و هو تغليب جانب الحرمة على جانب جواز أخذ الارش.

(الثاني): تضعيف دليل ثبوت الارش، لأن العمدة في دليل ثبوته هو الاجماع.

و من الواضح أن القدر المتيقن و المسلم من مورده:

انعقاده في المورد الذي يتعذر الرد و لم يمكن.

فهنا يثبت الارش

و أما في مورد يمكن الرد و لم يتعذر كما فيما نحن فيه

فلا مجال لثبوت الارش أصلا.

اذا لا يكون هذا المورد من صغريات تلك الكبرى الكلية التي هو ثبوت الارش في المبيع المعيب، و لا من مصاديقها، لعدم مقاومة دليله لمعارضة دليل حرمة الربا في مادة الاجتماع.

و قد ردّ المحقق الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 58 مقالة هذا القائل:

خلاصة الرد: إن ثبوت الارش و إن كان متأخرا ثبوتا عن ثبوت الرد، و أنه في طوله، لكنه يكفي في مقاومة أدلة الارش لأدلة تحريم الربا:

سقوط الرد بشيء من المسقطات، و تعين الارش.

ثم اختار قدس سره بعد الرد على المقالة المذكورة:

سقوط الاطلاقين بالمعارضة، و الرجوع الى الأصل.

و من المعلوم أن مقتضى الرجوع الى هذا الاصل

هو تقديم أدلة حرمة الربا على أدلة جواز أخذ الارش فلا يجوز الأخذ فنتيجة ما أفاده قدس سره في هذا الاختيار:

هو أن هذه المسألة من صغريات تلك الكبرى الكلية التي هي حرمة الربا، و أنها من مصاديقها.

فلا يعارض هذه الأدلة شيء، لقصور أدلة جواز أخذ الارش في المقام.

فبناء على أن المسألة من صغريات تلك الكبرى الكلية

يتخير من له الخيار في هذا المورد:

بين رد المعيب الربوي.

و بين امساكه بلا تعويض، و لا أخذ ارش.

ص: 7

و نفى عنه (5) البأس في التذكرة بعد أن حكاه (6) وجها ثالثا لبعض الشافعية، موجها له (7): بأن المماثلة في مال الربا إنما تشترط في ابتداء العقد و قد حصلت، و الارش حق قد ثبت بعد ذلك (8) فلا (9) يقدح في العقد السابق، انتهى (10)

ثم ذكر (11) أن الأقرب أنه يجوز أخذ الارش من جنس العوضين لأن الجنس (12) لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غير الجنس، لأنه يكون بيع مال الربوي بجنسه مع شيء آخر، انتهى (13)

و عن جامع الشرائع(1) حكاية هذا الوجه (14) عن بعض أصحابنا المتقدم على العلامة.

و حاصل وجهه (15): إن صفة الصحة لم تقابل بشيء من الثمن حتى

+++++++++++

(5) أي عن أخذ الارش في صورة ظهور العيب في أحد الجنسين الربويين.

(6) أي بعد أن حكى العلامة قدس سره جواز أخذ الارش في تلك الصورة قولا ثالثا عن بعض الشافعية.

(7) أي حال كون العلامة قدس سره ذكر وجها لجواز أخذ الارش في الصورة الثانية

و الباء في بأن بيان للوجه الذي ذكره في الصورة الثانية.

(8) أي بعد أن حصلت المماثلة في ابتداء العقد.

(9) أي أخذ الارش الذي يكون زائدا عن الجنسين الربويين.

(10) أي ما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 387 عند قوله: و المماثلة في مال الربا إنما تشترط.

أي العلامة في التذكرة.

المراد به جنس العوضين.

راجع (نفس المصدر) عند قوله: و الأقرب أنه يجوز.

و هو جواز أخذ الارش في صورة ظهور العيب في أحد الجنسين الربويين.

أي و حاصل ما ذكره هذا البعض الذي كان متقدما على العلامة حول أخذ الارش في صورة ظهور العيب في أحد العوضين الربويين.

و جملة إن وصف الصحة هو دليل القائل المتقدم على العلامة بجواز أخذ الارش.

ص: 8


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

يكون المقابل للمعيب الفاقد للصحة أنقص منه (16) قدرا

بل لم تقابل (17) بشيء أصلا و لو بغير الثمن

و إلا (18) لثبت في ذمة البائع و إن لم يختر المشتري الارش

بل الصحة وصف التزمها البائع في المبيع (19)، من دون مقابلتها بشيء من المال كسائر الصفات المشترطة في المبيع

إلا (20) أن الشارع جوّز للمشتري مع تبين فقدها (21)

أخذ ما يخصه بنسبة المعاوضة: من الثمن، أو غيره

و هذه (22) غرامة شرعية حكم بها الشرع عند اختيار المشتري لتغريم (23) البائع

هذا (24)

و لكن (25) يمكن أن يدّعى أن المستفاد من أدلة تحريم الربا، و حرمة المعاوضة إلا مثلا بمثل بعد ملاحظة أن الصحيح، و المعيب جنس واحد:

+++++++++++

أي من الثمن، حيث إن المعاوضة و المقابلة لم تقع بين الثمن(1)و المثمن حتى يقابل جزء من الثمن في مقابل جزء من المعيب الفاقد للصحة، ليلزم الربا

بل وقعت بين الجنسين الربويين.

أي صفة الصحة.

أي و لو قابلت صفة الصحة بشيء من الثمن، و لو كان ذلك الشيء بجنس آخر من غير الثمن.

أي من شرائط العوضين، و المعوضين.

استثناء عما أفاده قدس سره: من أن الصحة وصف للمبيع التزمها البائع على نفسه، بناء على أصالة الصحة في الأشياء.

أي فقد الصحة، و الضمير في يخصه مرجعه الثمن.

كما أفاده قدس سره بقوله: من الثمن، أو غيره.

أي ما يأخذه المشتري من الثمن بنسبة المعاوضة:

تسمى غرامة شرعية قد حكم الشارع بجواز أخذها.

و ذلك عند ما يأخذ المشتري المبيع المعيب مع الارش بعد امضاء العقد

أي خذ ما تلوناه عليك حول أخذ الارش عند ظهور المبيع معيبا.

من هنا يروم قدس سره أن يفند ما أفيد حول جواز أخذ الارش بعد أن اختار المشتري المبيع المعيب.

ص: 9


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أن وصف الصحة في أحد الجنسين كالمعدوم لا يترتب على فقده استحقاق عوض

و من المعلوم أن الارش عوض وصف الصحة عرفا و شرعا

فالعقد على المتجانسين لا يجوز أن يصير سببا لاستحقاق أحدهما (26) على الآخر (27) زائدا على ما يساوي الجنس الآخر (28)

و بالجملة فبناء معاوضة المتجانسين على عدم وقوع مال في مقابل الصحة المفقودة في أحدهما (29)

و المسألة (30) في غاية الاشكال فلا بد من مراجعة أدلة (31) الربا و فهم حقيقة الارش (32)

و سيجيء بعض الكلام فيه إن شاء اللّه

الثاني: ما لو لم يوجب العيب نقصاً في القيمة،

(الثاني) (33):

ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة، فانه لا يتصور هنا ارش حتى يحكم بثبوته

و قد مثّلوا لذلك (34) بالخصاء في العبيد

+++++++++++

و هو المبيع المعيب(1).

و هو المبيع المعيب.

و هو المبيع الصحيح.

و هو المبيع المعيب، أو المبيع الصحيح(2)

و هي مسألة ظهور العيب في أحد المتجانسين بعد البيع.

بأن تلاحظ أدلة حرمة الربا.

هل المدار فيها على مطلق الزيادة و إن كانت بعنوان الغرامة حتى اذا كانت الزيادة متحققة بعد العقد؟

أو لا يكون كذلك؟

بأن يلاحظ أن الارش هل هو جزء من الثمن؟

أو هو غرامة عرفية، أو شرعية؟

أي الموضع الثاني من الموضعين اللذين يسقط الارش فيهما، دون الرد عند ظهور المبيع معيبا.

و قد أشار إليهما بقوله في ص 1:

مسألة يسقط الارش، دون الرد في موضعين

أي المبيع المعيب الذي لا يوجب نقصا في القيمة.

ص: 10


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و قد يناقش في ذلك (35): بأن الخصاء موجب في نفسه لنقص القيمة، لفوات بعض المنافع كالفحولة

و إنما يرغب في الخصيّ قليل من الناس، لبعض الأغراض الفاسدة:

أعني عدم تستر النساء منه فيكون واسطة في الخدمات بين المرء، و زوجته و هذا المقدار لا يوجب زيادة في أصل المالية

فهو (36) كعنب معيوب يرغب فيه، لجودة خمره (37)

لكن الانصاف أن الراغب فيه (38) لهذا الغرض، حيث يكون كثيرا، لا نادرا: بحيث لا يقدح في قيمته المتعارفة لو لا هذا الغرض:

+++++++++++

أي في تمثيلهم بالخصاء للمعيب الذي لا يوجب نقصا في المبيع.

خلاصة المناقشة: إن الخصا لا بدّ من كونه موجبا بنفسه للنقص في القيمة حتى يثبت الارش، لأجل فوات بعض منافعه كالفحولة مثلا.

و خلاصة ما أجاب قدس سره عن المناقشة:

إننا نمنع من كون الخصا يوجب بنفسه نقصا في القيمة حتى يثبت الارش.

بل من الامكان عدم كونه منقصا للقيمة.

و لربما يكون موجبا للزيادة، لترتب بعض الأغراض الصحيحة المتعارفة عليه.

أي العبد الخصيّ.

لا بأس بالاشارة الى (لطيفة) مع شيخنا الأعظم الأنصاري قدس سره حول ما أفاده: إن خمر العنب الردي جيدة.

(يقال): إن سيدنا المرحوم (السيد محمد رضا الهندي) قدس سره في (قصيدته الكوثرية) لما قال:

فدم العنقود و لحن العود *** يعيد الخير و ينفي الشر

يكثر للسكر قبيل الفجر *** فصفو الدهر لمن يكثر

قال له أحد زعماء الفرات، أو أبنائهم من (آل فتله):

يا سيدنا كأنك تعرف أن الخمر لها تلك الصفات

فأجابه قدس سره بالفور:

نعم بعد أن عاشرناكم علمنا تلك الصفات

فهنا نقول لشيخنا الأعظم قدس اللّه نفسه الطاهرة:

يا شيخنا الجليل؟

من أين عرفتم أن الخمر الجيدة سببها العنب المعيب؟

أي في العبد الخصيّ.

ص: 11

صحّ أن يجعل الثمن المبذول من الراغبين مقدارا لمالية الخصيّ

فكأن هذا الغرض (39) صار غرضا مقصودا متعارفا

و صحة الغرض و فساده شرعا لا دخل لها في المالية العرفية كما لا يخفى و بالجملة (40) فالعبرة في مقدار المالية برغبة الناس في بذل ذلك المقدار من المالية بإزائه (41)، سواء (42) أ كان من جهة أغراض أنفسهم أم من جهة بيعه (43) على من له غرض فيه، مع كثرة (44) ذلك المشترى، و عدم ندرته:

+++++++++++

و هو عدم تستر النساء من العبد الخصيّ بعد إخصائه، لأجل كونه واسطة بينهن، و بين أزواجهن.

أي و خلاصة الكلام في العيب الذي لا يوجب نقصا في المبيع اذا ظهر عيب فيه بعد البيع الذي مثل له بالعبد الخصيّ:

إن الملاك و المناط في مقدار مالية الشيء كثرة، و قلة:

هي رغبة الناس، و ميلهم بذلك الشيء.

فان كان هناك رغبة زائدة يبذل بإزاء ذلك الشيء مقدار كثير من المال فبها.

و إن لم يكن هناك رغبة يبذل بإزائه مال قليل.

فلا يصح جعل مقدار من الثمن ازاء تلك الصفة

فالرغبة، و عدمها هو الاعتبار في ذلك الشيء.

أي بإزاء ذلك الشيء.

أي سواء أ كان بذل المقدار الزائد سببه هي الأغراض الشخصية الراجعة الى أنفسهم، الموجبة تلك الأغراض لبذل المال الزائد فيقدم على شرائه؟

أم سببه رغبة الآخرين بذلك الشيء فيباع عليهم، لغرضهم الخاص على الشراء؟

و قد عرفت الغرض في الهامش 40 من هذه الصفحة عند قولنا:

أي و خلاصة الكلام.

أي بيع ذلك الشيء كما علمت.

الغرض من ذكر هذا القيد هو أن الاعتبار في بذل المال الزائد ازاء ذلك الشيء هو اذا كان ذلك الشيء كثير الوجود، لا عزيز الوجود فان بذل المال الزائد ازاء هذا الشيء العزيز و النادر إنما يكون للاحتياج إليه وقتا ما، فاقتضت الضرورة الاحتياج إليه فبذل المال له.

ص: 12

بحيث (45) يلحق بالاتفاقيات

مسألة: يسقط الرد و الارش معا بأمور
اشارة

(مسألة):

يسقط الرد و الارش معا بأمور

أحدها: العلم بالعيب قبل العقد

(أحدها):

العلم بالعيب قبل العقد بلا خلاف و لا إشكال، لأن الخيار إنما يثبت مع الجهل (46)

و قد يستدل (47) بمفهوم صحيحة زرارة المتقدمة

+++++++++++

الباء بيان لعدم كون الشيء المبيع نادرا:

بحيث يتفق أنه يوجد في الخارج، لأنه اذا كان كذلك يعد من النوادر، و عزيز الوجود

فحينئذ يبذل بإزائه المال الزائد ازاء شرائه.

إنما قيد قدس سره ثبوت الخيار بصورة الجهل، لأن الأخبار الواردة في هذا المقام كلها بلفظة

ثم علم بذلك العوار

أو وجد فيه عيبا

أو رأى فيه عيبا

و لا شك أن اعتبار العلم، و الوجدان، و الرؤية إنما يكون في صورة الجهل بالعيب.

فموضوع خيار العيب هو الجهل به.

و أما في صورة العلم به فالمرجع هو أصالة لزوم البيع، لكونه مقدما على المبيع المعيب.

المستدل هو الشيخ صاحب الجواهر قدس سره، فانه قد استدل على سقوط الرد بمفهوم الصحيحة.

و أما كيفية استدلاله بالمفهوم فبتوضيح منا

فنقول: إن للصحيحة منطوقا، و مفهوما

فمنطوقها جملتا:

و لم يتبرأ منه إليه - و لم يبين له

فهاتان الجملتان تدلان على سقوط الرد بالاحداث في المبيع المعيب سابقا من قبل المشتري بقوله عليه السلام:

إنه يمضي عليه البيع.

و تدلان أيضا على ثبوت الارش للمشتري بسبب العيب الذي كان في المبيع قبل العقد في قوله عليه السلام: -

ص: 13

و فيه (48) نظر

و حيث لا يكون العيب المعلوم سببا للخيار

+++++++++++

- و يردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء، و العيب من ثمن ذلك ثم فبمقتضى هذا المنطوق يكون البيع لازما، لإحداث المشتري الحدث في المبيع.

و يكون للمشتري الارش فقط، دون الرد.

و أما مفهومها فنقول:

إن مفهوم الجملة الأولى: (لو تبرأ البائع من العيب).

و مفهوم الجملة الثانية: (لو بيّن البائع العيب) في المبيع، و أعلم المشتري بذلك.

فبهذين المفهومين المستفادين من القيدين المذكورين في الصحيحة قد استدل صاحب الجواهر قدس سره على سقوط الرد، و الارش معا.

أي و فيما أفاده صاحب الجواهر من افادة مفهومي الجملتين على سقوط الرد، و الارش معا نظر و إشكال:

خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا الإشكال:

هو أن الجملة الثانية: و هو قوله عليه السلام:

و لم يبين له لا مفهوم لها حتى يدل على سقوط الرد، و الارش معا، فلا مجال للاستدلال بها: حيث لا معنى لعلم المشتري بالعيب بعد قبض المبيع المعيب المسبوق بعلمه به حين العقد، لأن هذا العلم تحصيل للحاصل.

بخلاف مفهوم الجملة الاولى: و هو:

اذا تبرأ البائع من العيب، فان هذا المفهوم لا يلزم منه علم المشتري بالعيب حين العقد.

قدس سرهما في دلالة مفهوم الجملة الاولى من الصحيحة على سقوط الرد

و الحاصل(1) إن شيخنا الأنصاري متفق مع الشيخ صاحب الجواهر و الارش معا.

و مخالف معه في دلالة مفهوم الجملة الثانية على السقوط، لعدم تصور مفهوم لها.

بل هو جاهل به فاذا علم بعد ذلك بالعيب صح أن يقال له:

إن المشتري علم بالعيب بعد أن قبض المبيع حين أن كان جاهلا به في ظرف براءة البائع من العيب.

ص: 14


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فلو (49) اشترط العالم (50) ثبوت خيار العيب مريدا (51) به الخيار الخاص الذي له أحكام خاصة

فسد الشرط و أفسده (52)، لكونه (53) مخالفا للشرع

و لو أراد به (54) مجرد الخيار

كان من خيار الشرط، و لحقته أحكامه

لا أحكام خيار العيب

الثاني: تبري البائع عن العيوب اجماعا في الجملة

(الثاني) (55):

تبري البائع عن العيوب اجماعا في الجملة على الظاهر المصرح به في محكي الخلاف، و الغنية

و نسبه (56) في التذكرة الى علمائنا أجمع

و الأصل (57) في الحكم قبل الاجماع

مضافا الى ما في التذكرة: من (58) أن الخيار إنما يثبت، لاقتضاء مطلق العقد السلامة

+++++++++++

الفاء تفريع على ما أفاده: من كون العيب المعلوم لا يكون سببا للخيار.

أي العالم بالعيب.

حال للمشترط العالم بالعيب: أي حالكون المشترط العالم بالعيب يريد بهذا الخيار المشترط خيار العيب.

أي أفسد هذا الشرط العقد أيضا، فالبيع يكون باطلا.

أي لكون هذا الشرط مخالفا للشرع، لأن المشترط عالم بالعيب فلا خيار له حتى يشترط ثبوت الخيار لنفسه.

أي بهذا الخيار الذي اشترطه العالم بالعيب.

أي من الأمور المسقطة للرد، و الارش معا.

أي و نسب العلامة قدس سره هذا السقوط الذي تبرأ البائع من العيوب التي في المبيع: بأن قال: بعتك على كل عيب

أو أتبرأ من كل عيب فيه، قبل المشتري ذلك.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 375 عند قوله: عند علمائنا أجمع.

أي المدرك لسقوط الرد، و الارش فيما اذا تبرأ البائع من العيب

كلمة من بيان (لما) الموصولة في قوله في هذه الصفحة:

الى ما في التذكرة.

ص: 15

فاذا صرح البائع بالبراءة فقد ارتفع الاطلاق (59):

صحيحة (60) زرارة المتقدمة (61)

و مكاتبة (62) جعفر بن عيسى الآتية

و مقتضى اطلاقهما (63) كمعقد الاجماع المحكي:

عدم الفرق بين التبري تفصيلا، أو اجمالا

و لا بين العيوب الظاهرة، و الباطنة، لاشتراك الكل في عدم المقتضي للخيار مع البراءة

خلافا للمحكي عن السرائر عن بعض أصحابنا:

من عدم كفاية التبري اجمالا

و عن المختلف نسبته (64) الى الاسكافي

و قد ينسب (65) الى صريح آخر في كلام القاضي(1) المحكي في المختلف

+++++++++++

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة ص 357 عند قوله:

و لأن خيار العيب إنما يثبت.

بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 15:

و الاصل: أي المدرك في ذلك هي صحيحة زرارة.

أليك نص الصحيحة

أيّما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار و لم يتبرأ إليه، و لم يبين له

فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا، ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء:

إنه يمضي عليه البيع

و يردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 16 - الحديث 2

بالرفع خبر ثان للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 15:

و الأصل: أي المدرك لذلك أيضا هي مكاتبة جعفر بن عيسى الآتية:

أي اطلاق صحيحة زرارة، و مكاتبة جعفر بن عيسى.

أي و نسب العلامة عدم كفاية التبري الاجمالي الى الاسكافي قدس سرهما.

أي و قد ينسب عدم كفاية التبري الاجمالي.

ص: 16


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

مع (66) أن المحكي عن كامل القاضي موافقته للمشهور

و في الدروس نسب المشهور الى أشهر القولين

ثم إن ظاهر الأدلة (67) هو التبري من العيوب الموجودة حال العقد

و أما التبري من العيوب المتجددة الموجبة للخيار

فيدل على صحته، و سقوط الخيار به:

عموم: (المؤمنون عند شروطهم)

قال (68) في التذكرة بعد الاستدلال بعموم المؤمنون:

(لا يقال) (69):

إن التبري عما لا يوجد يستدعي البراءة مما لم يجب

(لأنا نقول) (70):

إن التبري إنما هو من الخيار الثابت بمقتضى العقد

+++++++++++

هذا تفنيد من الشيخ الأنصاري لما نسب الى القاضي:

من وجود صراحة أخرى لكلامه على عدم الكفاية:(1)

أي مع أن المحكي عن القاضي في كامله موافقته للقول المشهور:

و هو سقوط الرد و الارش معا لو تبرأ البائع من العيوب المستحدثة في متن العقد، سواء تبرأ منها تفصيلا أم اجمالا.

المراد من الأدلة هي: صحيحة زرارة المتقدمة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 227:

و مكاتبة جعفر بن عيسى الآتية.

و راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 182

و المكاتبة الثانية لجعفر بن عيسى الآتية في هذا الجزء.

من هنا يروم الاستشهاد بكلام العلامة قدس سرهما لصحة اشتراط التبري من العيوب المستحدثة في متن العقد.

خلاصة هذا الإشكال: إنه

كيف يمكن أن يقال بصحة التبري من العيوب المستحدثة التي لم توجد بعد، و لم تتحقق؟

مع أن لازم القول بالصحة هو التبري من الشيء الذي لم يجب بعد ' اذا كيف يسند التبري الى مثل هذا الخيار؟

جواب عن الإشكال المذكور

خلاصته: إن القول بصحة التبري مستند الى الخيار الذي ثبت وجوده و تحققه من العقد الصادر من الطرفين.

ص: 17


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

لا من (71) العيب، انتهى (72)

(أقول) (73):

المفروض أن الخيار لا يحدث إلا بسبب حدوث العيب، و العقد ليس سببا لهذا الخيار

فاسناد البراءة الى الخيار لا ينفع

و قد اعترف قدس سره في بعض كلماته (74) بعدم جواز إسقاط خيار الرؤية بعد العقد، و قبل الرؤية

+++++++++++

أي و ليست صحة التبري من العيوب المستحدثة مستندة الى العيب الذي يحدث فيما بعد حتى يقال: إنه لم يوجد بعد' و لم يتحقق

فكيف يسند التبري الى مثل هذا العيب؟

أي ما أفاده العلامة قدس سره في هذا المقام.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 359 عند قوله: لا يقال التبري.

هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم الاشكال على ما أفاده العلامة قدس سرهما: من أن منشأ الخيار و سببه هو العقد،

لا العيب الحادث حتى يرد ما قيل:

و خلاصة الاشكال: إن سبب صحة التبري من العيوب المستحدثة هو حدوثها في المبيع، لا العقد، فالخيار لا يثبت إلا بسبب حدوث العيب لا بسبب العقد حتى يقال: إن التبري من العيوب المستحدثة بسبب الخيار الذي هو مقتضى العقد، فمصب الكلام هو هذا لا غير.

اذا إسناد التبري الى مثل هذا الخيار غير مفيد لرفع الاشكال.

تأييد منه لما أورده على العلامة قدس سرهما: من أن مصب الكلام في أن الخيار لا يحدث و لا يوجد إلا بسبب حدوث العيب، لا بسبب العقد.

خلاصة التأييد:

إن العلامة نوّر اللّه مرقده و قدس نفسه أفاد في بعض المجالات من كلماته: أنه لا يجوز إسقاط خيار الرؤية بعد العقد، و قبل الرؤية.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 222 عند قوله:

و قد صرح العلامة بعدم جواز إسقاط خيار الرؤية قبلها، معللا:

بأن الخيار إنما يثبت بالرؤية.

ص: 18

نعم (75) ذكر في التذكرة جواز اشتراط نفي خيار الرؤية في العقد (76)

لكنه (77) مخالف لسائر كلماته، و كلمات غيره

كالشهيد، و المحقق الثاني

و بالجملة (78)

فلا فرق بين البراءة من خيار العيوب

و البراءة من خيار الرؤية

+++++++++++

استدراك، عما أفاده: من أن العلامة قدس سره قد صرح بعدم جواز إسقاط خيار الرؤية بعد العقد، و قبل الرؤية.

يروم بهذا الاستدراك اثبات خيار الرؤية في العقد قبل الرؤية.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 194 عند قوله:

(الحادي عشر) لو باع الغائب بشرط.

يروم شيخنا الأنصاري قدس سره بهذا الاستدراك: أن ما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة مخالف لبقية كلماته، و مناف لكلمات غيره من الأعلام كالشهيد، و المحقق الثاني قدس سرهما، فان ما أفاده هو و هذان العلمان:

عدم جواز اشتراط سقوط خيار الرؤية قبل الرؤية.

أي و خلاصة الكلام في هذا المقام:

هو عدم الفرق بين البراءة من خيار الرؤية

و بين البراءة من خيار العيب: من حيث كونهما موجبين للضرر و الغرر.

فكما أن إسقاط خيار الرؤية في العقد قبل الرؤية موجب للضرر فلا يجوز إسقاطه.

كذلك إسقاط خيار العيب الحادث فيما بعد موجب للإضرار بالمشتري فلا يجوز إسقاطه.

فاذا جاز في هذا جاز في ذاك، لوحدة الملاك

فما أفاده العلامة قدس سره في صحة إسقاط خيار العيب الحادث لكونه موجبا للضرر، و عدم صحة إسقاطه في خيار الرؤية

محل كلام كما علمت.

ص: 19

بل (79) الغرر في الأول أعظم

إلا (80) أنه لمّا قام النص، و الاجماع على صحة التبري من العيوب الموجودة

فلا مناص من الالتزام (81) بصحته

مع (82) امكان الفرق بين العيوب، و الصفات المشترطة في العين الغائبة:

+++++++++++

هذا ترق منه قدس سره يروم به أعظمية الضرر المتوجه من إسقاط خيار العيب الحادث

خلاصته: إن الضرر الحاصل من هذا أعظم من الضرر الحاصل من إسقاط خيار الرؤية قبل رؤية المبيع الموصوف، لأن المبيع اذا وجد معيبا يكون أضرّ من كونه فاقدا لبعض صفات الكمال.

استثناء عما أفاده: من عدم الفرق بين خيار العيب، و خيار الرؤية في عدم جواز إسقاطهما، من دون ترجيح لأحدهما على الآخر.

خلاصته: إن الذي ألجأنا الى القول بجواز إسقاط خيار العيوب الموجودة في المبيع: هو ورود النصوص بذلك، و اجماع الطائفة على ذلك

و المراد من النصوص هي صحيحة زرارة المتقدمة.

راجع (المكاسب) الجزء 16 ص 227.

و مكاتبة جعفر بن عيسى.

راجع (المكاسب) الجزء 16 ص 182

و المكاتبة الثانية أيضا لجعفر بن عيسى الآتية في ص

أي التزام البائع بصحة المبيع.(1)

خلاصة هذا الفرق: هو انتفاء الخيار في التبري عن العيوب الموجودة في المبيع، و أن البيع صحيح، و عدم انتفاء الخيار في المبيع المشترطة فيه الصفات اذا رأي فاقدا لتلك الصفات، و أن البيع فاسد:

أي للمشتري الخيار في الفسخ، أو الامضاء

و السر في ذلك هو اندفاع الضرر، و الغرر في التبري عن العيوب الموجودة باعتماد المشتري على أصالة الصحة و السلامة في المبيع،

فلا يضر عدم التزام البائع بصحته و سلامته

بخلاف الثاني: و هو عدم وجود الصفات في المبيع الغائبة لو التزم البائع بوجودها(2) لأن دفع الغرر فيه منحصر بالتزام البائع بوجود الصفات في المبيع

فلا مجال لاعتماد المشتري على أصالة الصحة و السلامة.

ص: 20


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

باندفاع (83) الغرر في الاول بالاعتماد على أصالة السلامة

فلا يقدح عدم التزام البائع بعدمها (84)

بخلاف الثاني (85)، فان الغرر لا يندفع فيه

إلا بالتزام البائع بوجودها (86)

فاذا لم يلتزم بها لزم الغرر (87)

و أما البراءة (88) عن العيوب المتجددة

فلا يلزم من اشتراطها غرر في المبيع حتى يحتاج الى دفع الغرر بأصالة عدمها (89)، لأنها غير موجودة بالفعل في المبيع حتى يوجب جهالته

ثم إن البراءة في هذا المقام (90)

+++++++++++

الباء بيان لكيفية الاندفاع و قد عرفتها في الهامش 82 ص 20 عند قولنا: و السر في ذلك.

أي بعدم العيوب الموجودة في المبيع، لاعتماد المشتري على أصالة الصحة و السلامة في المبيع، حيث إن المتعاملين إنما يقدمان على شراء و بيع الأشياء الصحيحة السالمة من العيوب.

و هو التبري عن الصفات المشترطة في العين الغائبة.

أي بوجود تلك الصفات المشترطة في العين الغائبة.

الى هنا كان البحث حول تبري البائع عن العيوب الموجودة في المبيع.

من هنا أخذ قدس سره في البحث عن العيوب المستحدثة في المبيع.

أي عدم الصفات المستحدثة في المبيع.(1)

أي مقام تبري البائع عن الصفات المستحدثة في المبيع.(2)

مقصوده قدس سره من هذا الكلام:

أن تبري البائع من العيوب يحتاج الى تقدير مضاف.

إما التعهد، و إما الضمان، و إما حكم العيب الذي هو الخيار.

و قد أشار الى كل واحد من هذه الثلاثة بقوله:

الاول - الثاني - الثالث

و نحن نشير الى هذه الثلاثة عند رقمها الخاص.

و أما وجه الاحتياج الى تقدير مضاف:

فلأن تعيب المعيب بشخصه و بنفسه لا يكون مرتبطا بالبائع حتى يتبرأ منه، و يتجنب عنه، و ينحيه عن نفسه. -

ص: 21


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

تحتمل اضافتها (91) الى أمور

(الأول) (92):

تعهد العيوب

و معناه تعهد سلامته من العيوب

فيكون مرجعه الى عدم التزام سلامته

فلا يترتب على ظهور العيب رد، و لا ارش

فكأنه باعه على كل تقدير

(الثاني) (93):

+++++++++++

- اذا لا بد من تقدير شيء، ليصح اضافته الى البائع، و يترتب على هذه الاضافة تعلق التبري.

و التقدير إما كلمة: التعهد، أو الضمان، أو الحكم.

و سيأتي بيان أن أي تقدير من هذه التقادير الثلاثة مقصود للعرف، و المتفاهم فيما بينهم.

و أن أي تقدير منها مناسب للبراءة.

و أي منها بعيد عن التبري، و عن لفظه، و عن الفهم العرفي.

أي اضافة البراءة الى أحد التقادير الثلاثة.

أي التقدير الاول من التقادير الثلاثة الذي هو التعهد:

بمعنى أن البائع يتبرأ عما يوجب الضمان بالعيب.

فكأنما البائع يتبرأ عن ضمان الارش، و الرد، لأنهما نتيجة ذلك.

و هذا التقدير أقرب الى الفهم العرفي، لأنه اذا قيل لهم:

البراءة من العيوب: يتبادر و يظهر الى أذهانهم عدم تعهد البائع للعيب،

فكأنه يبيع المبيع على كل عيب، و على كل تقدير

و مرجع هذا التبري الى عدم تعهد سلامة المبيع.

أي التقدير الثاني من التقادير الثلاثة الذي هو الضمان.

أي التبري عما يوجب الضمان بالعيب، و الضمان يتعلق بالمال اصطلاحا(1)فكأنما البائع يتبرأ عن ضمان الارش، و الرد معا.

و هذا التقدير أنسب الى لفظ البراءة، لأن البراءة إنما تتصور بشيء في الذمة، و الأغلب كونه مالا.

فكأنما البائع يقول:

إني بريء لأكون ضامنا لك بمال لو ظهر المبيع معيبا.

ص: 22


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

ضمان العيب:

و هذا (94) أنسب بمعنى البراءة

و مقتضاه (95) عدم ضمانه بمال

فتصير (96) الصحة كسائر الأوصاف المشترطة في عقد البيع لا توجب (97) إلا تخييرا بين الرد، و الامضاء مجانا

و مرجع ذلك (98) الى إسقاط ارش العيوب في عقد البيع، لا (99) خيارها

(الثالث) (100):

حكم العيب

و معناه (101) البراءة من الخيار الثابت بمقتضى العقد بسبب العيب

+++++++++++

أي المعنى الثاني للتبري أنسب الى البراءة كما علمت.

أي و مقتضى التقدير الثاني هو عدم ضمان البائع بمال.

أي نتيجة تقدير الثاني أن الصحة في المبيع تكون من قبيل الصفات المشترطة في العين الغائبة عند فقدانها.

فكما أن للمشتري الخيار بين الرد، أو الامضاء مجانا

كذلك فيما نحن فيه: و هو تبري البائع عن ضمان مال، فان له الخيار بين الرد، أو الامضاء مجانا: أي بلا أخذ ارش.

أي هذا التبري الذي هو عدم ضمان مال.

أي و مآل مثل هذا التبري عن الضمان:

الى التبري عن الارش الذي هو في قبال العيب.

أي و ليس مآل مثل هذا التبري الى خيار المشتري بين الرد، و الامضاء و أخذ الارش.

أي التقدير الثالث من التقادير الثلاثة

هو حكم العيب: أي البراءة عن حكم العيب الذي هو الخيار و الرد، لا الارش.

و التقدير الثالث عكس التقدير الثاني، فان الثاني يتبرأ البائع من الارش، و هنا لا يتبرأ منه.

أي و معنى التبري عن الحكم هي البراءة من الخيار الذي ثبت تحققه بمقتضى العقد بسبب العيب الذي وجد فيه.

و هذا التقدير بعيد عن المعنى، و الفهم العرفي

كما أنه بعيد عن لفظ التبري.

وجه البعد هو أن تعيب المبيع ليس مرتبطا بالبائع حتى يتبرأ عن حكم العيب، و يتجنب عنه، و ينحيه عنه

و إن كان تقدير الحكم محتملا، لاحتمال نفي البائع و تبريه عن -

ص: 23

و الأظهر (102) في العرف هو المعنى الاول

و الأنسب (103) بمعنى البراءة هو الثاني

و قد تقدم عن التذكرة المعنى الثالث

و هو (104) بعيد عن اللفظ

إلا (105) أن يرجع الى المعنى الأول

و الأمر (106) سهل

ثم إن تبري البائع عن العيوب مطلقا (107)، أو عن عيب خاص إنما

+++++++++++

- الحكم المترتب على العيب بحكم العقلاء و الشرع، و ذلك الحكم هو الخيار و أما الارش فهو بمقتضى نفس المبادلة و المعاوضة

و على هذا الاحتمال لا مجال لاثبات الغرر

بخلاف التقدير الاول، و الثاني.

من هنا يروم قدس سره أن يبدي رأيه حول التقادير الثلاثة المحتملة، لتبري البائع عن العيب فقال: فالأظهر في العرف هو المعنى الأول.

و قد عرفت معنى الأظهرية في الهامش 94 من ص 23

و قد عرفت معنى الأنسبية في الهامش 93 ص 22

و قد عرفت وجه البعد في الهامش 101 ص 23

و المراد من قوله: تقدم عن التذكرة ما نقله عن العلامة قدس سره في ص 17 عند قوله:

لأنا نقول: إن التبري إنما هو من الخيار الثابت بمقتضى العقد.

أي إلا أن يرجع التقدير الثالث الى المعنى الاول.

هذا استدراك عما أفاده: من كون التقدير الثالث بعيد عن لفظ التبري.

خلاصته: إنه لو أرجعنا الخيار الى كونه مسببا عن العيب:

بمعنى أنه كناية عن سببه الذي هو العيب

فلا بعد للتقدير الثالث عن لفظ التبري.

أي و لو لم نرجع المعنى الثالث الى المعنى الاول

فالأمر سهل لا يحتاج الى قيل و قال.

أي عن أي عيب كان: خاصا، أو عاما.

ص: 24

يسقط (108) تأثيره من حيث الخيار

أما سائر أحكامه (109) فلا

+++++++++++

الظاهر أنه بصيغة المعلوم من باب الافعال: أي يسقط هذا التبري تأثير العيب: بمعنى أن التبري من العيب أثره و نتيجته هو سقوط الخيار عن المشتري فلا يبقي مجالا لإعمال المشتري خياره اذا وجد في المبيع عيبا.

أي سائر أحكام العيب.

لا يخفى أن هذه العبارة الى قوله: (لم يزل ضمان البائع) من العبارات الغامضة المشكلة التي لا يفهم المراد منها، و لذا ترى الأعلام من المحققين المعلقين على (المكاسب) أو ردوا على العبارة، و ذكروا أمورا

لكنهم قدس اللّه أسرارهم لم يأتوا بشيء يستفاد منه.

راجع تعليقة المحقق الطباطبائي اليزدي الجزء 2 ص 87

و راجع تعليقة المحقق المدقق الشيخ الاصفهاني الجزء 2 ص 113

و راجع تعليقة المدقق الشيخ الشهيدي ص 525

و أما وجه الغموض و الاشكال عليها

فلأن الكلام في مسقطات خيار العيب

و من جملتها تبري البائع عن العيب، و قبول المشتري له

و ليس الكلام في خيار آخر يكون للمشتري:

من خيار شرط، أو خيار حيوان، أو خيار آخر حتى يأخذ به.

فلا مجال لقوله قدس سره:

فلو تلف بهذا العيب في أيام خيار المشتري لم يزل ضمان البائع لأنك كما عرفت ليس للمشتري خيار بعد إسقاطه من قبل البائع بالتبري، و لذا قال قدس سره: فلو تلف المبيع بهذا العيب

فمن أين يكون حق للمشتري حتى يقال: لم يزل ضمان البائع؟

و أما النصوص التي أفادها قدس سره بقوله: لعموم النص فهي الأحاديث الواردة في خيار الشرط، و خيار الحيوان

فلا ربط لها بما نحن بصدده: و هو خيار العيب

أليك الأحاديث

قال عليه السلام:

و إن كان بينهما شرط أياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 355 الباب 8 الحديث 2 و قال عليه السلام: -

ص: 25

فلو تلف بهذا العيب (110) في أيام خيار المشتري لم يزل ضمان البائع، لعموم النص (111)

لكن (112) في الدروس أنه لو تبرأ من عيب فتلف به في زمن خيار المشتري

فالأقرب عدم ضمان البائع

و كذا لو علم المشتري به (113) قبل العقد، أو رضي به (114) بعده و تلف في زمن خيار المشتري

+++++++++++

- ليس على الذي اشترى ضمان حتى يمضي شرطه.

راجع (المصدر نفسه) ص 351 الباب 5 الحديث 1

و قال عليه السلام:

يستحلف باللّه ما رضيه ثم هو بريء من الضمان.

راجع (المصدر نفسه) ص 152) - الباب 5) - الحديث 4

هذه هي النصوص التي يرومها شيخنا الأنصاري قدس سره

فكن حكما بيننا، و بينه، و كن منصفا مجردا نفسك عن كل شيء.

ثم إن الاشكال بعينه وارد على ما أفاده (شيخنا الشهيد الأول) قدس سره في الدروس.

نعم يمكن توجيه العبارة بوجه يرتفع الاشكال.(1) خلاصة التوجيه: إن العيب اذا كان موجبا لنقصان المبيع نقصا لا يسقطه عن المالية رأسا، أو نهائيا فلا خيار للمشتري، فله الارش.

و أما اذا كان العيب موجبا لا تلاف العين رأسا و نهائيا: بحيث لا يستفاد منه شيء للغرض الذي اشتري له

فهنا لا يسقط خيار المشتري بهذا العيب الذي تبرأ منه البائع فلو تلف المبيع بالعيب الذي تبرأ منه البائع يكون البائع ضامنا للمبيع، و لا يسقط خيار المشتري حينئذ

فله إما الفسخ، أو أخذ بدل العين التالفة.

أي بالعيب الذي تبرأ منه البائع.

المراد منه هي الأخبار المذكورة في الهامش 109 ص 25، و ص 26

استدراك عما أفاده: من عدم سقوط ضمان البائع لو تلف المبيع.

أي بالعيب الذي تبرأ منه البائع.

أي بالعيب الذي في المبيع على فرض وجوده فيه.

ص: 26


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و يحتمل (115) الضمان، لبقاء علاقة الخيار المقتضي (116) لضمان العين معه

و أقوى إشكالا (117) ما لو تلف به، و بعيب آخر:

تجدد في الخيار

انتهى كلامه (118) رفع مقامه

ثم إن هنا (119) أمورا يظهر من بعض الأصحاب سقوط الرد و الارش بها

(منها) (120) زوال العيب قبل العلم به كما صرح به في غير موضع من التذكرة

و مال إليه (121) في جامع المقاصد، و اختاره في المسالك

بل و كذا لو زال (122) بعد العلم به، و قبل الرد

و هو ظاهر التذكرة، حيث قال في أواخر فصول العيب:

لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم أقبضه و قد زال عيبه فلا رد، لعدم موجبه

+++++++++++

هذا رأي شيخنا الشهيد قدس سره في المبيع المعيب الذي تلف بالعيب الذي تبرأ منه البائع.

خلاصته: إن المبيع لو تلف بالعيب الذي تبرأ منه البائع فالضمان باق، لبقاء علقة الخيار الثابت بالعيب فيستصحب الخيار للشك في زواله.

و قد عرفت أن لا علقة للمشتري في الخيار بعد أن تبرأ البائع منه و قبل المشتري بذلك، فلا أثر للخيار حتى يستصحب.

أي بقاء علاقة الخيار مقتض لضمان العين.

أي من الإشكال الذي ورد على المبيع المعيب لو تلف بالعيب الذي موجود فيه.

أي كلام (الشهيد الثاني) قدس(1) سره في الدروس في هذا المقام.

أي في باب خيار العيب الموجود في المعيب.

أي من تلك الأمور الموجبة لسقوط الارش و الرد معا المشار إليها في هذه الصفحة.

أي الى سقوط الرد، و الارش معا بسبب زوال العيب قبل الاطلاع و العلم بالزوال.

أي و كذا يسقط الرد، و الارش معا لو زال العيب عن المبيع المعيب قبل رد المشتري المبيع المعيب بعد علمه بالعيب

ص: 27


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و سبق العيب لا يوجب خيارا كما لو سبق على العقد، ثم زال قبله بل مهما زال العيب قبل العلم، أو بعده قبل الرد

سقط حق الرد، انتهى (123).

و هو صريح في سقوط الرد، و ظاهر في سقوط الارش كما لا يخفى على المتأمل، خصوصا مع تفريعه في موضع آخر قبل ذلك: عدم الرد و الارش معا: على زوال العيب، حيث قال:

لو اشترى عبدا و حدث في يد المشتري نكتة بياض في عينه، و وجدت نكتة قديمة ثم زالت احداهما فقال البائع:

الزائلة هي القديمة، فلا رد، و لا ارش.

و قال المشتري: بل الحادثة. و لي الرد.

قال الشافعي: يحلفان، الى آخر ما حكاه عن الشافعي (124)

و كيف كان ففي سقوط الرد بزوال العيب وجه، لأن ظاهر أدلة الرد (125) خصوصا بملاحظة أن الصبر على العيب ضرر:

هو رد المعيوب: و هو المتلبس بالعيب، لا ما كان معيوبا في زمان فلا يتوهم هنا (126) استصحاب الخيار

+++++++++++

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 439 عند قوله: تذنيب: لو اشترى عبدا.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 386

عند قوله في المسألة الرابعة: لو كان معيبا عند البائع.

أي أدلة الرد التي أشير إليها.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 182-227

أي فلا مجال للقول باستصحاب الخيار بعد زوال العيب، لأنه كما عرفت أن الظاهر من أدلة رد المعيب هو المعيب المتلبس بالعيب حاليا

لا ما كان متلبسا به في زمن من الأزمنة، فان قوله عليه السلام:

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار:

ظاهر في أن العيب الموجود في المعيب عيب حالي،

لا ما كان يوجد، أو يحدث في الاستقبال.

و كذا قول السائل عن الامام عليه السلام:

في الرجل يشتري الثوب، أو المتاع فيجد فيه عيبا؟

ظاهر في العيب الحالي، لا ما يوجد في الاستقبال.

ص: 28

و أما الارش فلما ثبت استحقاق المطالبة به (127)، لفوات وصف الصحة عند العقد فقد استقر (128) بالعقد، خصوصا بعد العلم بالعيب

و الصحة (129) إنما حدثت في ملك المشتري

فبراءة ذمة البائع عن عهده العيب المضمون عليه يحتاج الى دليل.

فالقول بثبوت الارش، و سقوط الرد قوي

لو لم يكن تفصيلا مخالفا للاجماع.

و لم أجد من تعرض لهذا الفرع (130) قبل العلامة، أو بعده.

نعم هذا (131) داخل في فروع القاعدة التي اخترعها الشافعي:

و هو أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد

لكن عرفت مرارا أن المرجع في ذلك (132) هي الأدلة، و لا منشأ لهذه القاعدة (133).

الثالث التصرف بعد العلم بالعيب

(و منها) (134) التصرف بعد العلم بالعيب، فانه مسقط للأمرين (135) عند ابن حمزة في الوسيلة(1)

+++++++++++

أي بسبب العيب.

أي الارش بسبب العقد.

دفع وهم.

كأنما المتوهم يقول: إن المبيع أصبح صحيحا و قد زال عيبه و رجع كما كان.

فأجاب قدس سره عنه: بأن الصحة إنما حدثت في ملك المشتري فهي ولدت في ملكه.

فلا تبرأ ذمة البائع بهذه الصحة الجديدة، لاحتياج هذه الصحة الى دليل.

و هو زوال العيب عن المبيع المعيب، و رجوعه الى الصحة.

أي الفرع الذي ذكرناها عن التذكرة في الهامش 124 ص 28

أي في وجوب الارش: هي الأدلة التي ذكرت قبلا

راجع (المكاسب) الجزء 16 من ص 240 الى آخر الجزء

أي القاعدة التي ذكرها العلامة قدس سره في ص 48 عن الشافعي

أي و من تلك الأمور المسقطة للرد، و الارش معا المشار إليها في ص 27

و هما الرد، و الارش.

ص: 29


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و لعله (136) لكونه علامة للرضا بالمبيع بوصف العيب

و النص (137) المثبت للارش بعد التصرف ظاهر فيما قبل العلم (138)

و رد (139): بأنه دليل الرضا بالمبيع، لا بالعيب

و الأولى (140) أن يقال: إن الرضا بالعيب لا يوجب إسقاط الارش، و إنما المسقط له إبراء البائع عن عهدة العيب

و حيث لم يدل التصرف عليه

فالأصل بقاء حق الارش الثابت قبل التصرف

+++++++++++

أي و لعل سقوط الأمرين: و هما الرد، و الارش عند ابن حمزة لأجل التصرف الدال على الرضا بالمبيع المعيب بوصف كونه معيبا:

أي رضي به بهذا الوصف.

دفع وهم.

حاصل الوهم: إنه لو كان وجه ذهاب ابن حمزة قدس سره الى سقوط الأمرين: الرد، و الارش لأجل الرضى بالمبيع المعيب بوصف كونه معيبا.

فما تقول في النص المتقدم الذي هي صحيحة زرارة، و مرسلة جميل؟

حيث إنهما دالتان على ثبوت الارش في المبيع المعيب بعد التصرف، فأجاب قدس سره أن الصحيحة، و المرسلة المتقدمتين في الجزء 16 من (المكاسب) ص 227:

إنما تدلان على ثبوت الارش قبل العلم بالعيب، لا بعد العلم به، فان التصرف في المبيع المعيب بعد العلم بالعيب مسقط للارش، لكون المتصرف راضيا به.

أي لا بعد العلم بالعيب كما علمت.

أي و ردّ التوجيه الذي وجهنا به ما أفاده ابن حمزة بقولنا:

و لعله لكونه علامة للرضا بالمبيع بوصف العيب.

و خلاصته: إن التصرف دليل على الرضا بالمبيع فقط

لا بالمبيع المعيب بوصف كونه معيبا.

هذا رأيه قدس سره في الرد على ابن حمزة فيما أفاده رحمه اللّه في الارش، و الرد

خلاصته: إنه على فرض أن التصرف في المبيع المعيب دال على الارش، و الرد

ص: 30

مع (141) أن اختصاص النص بصورة التصرف قبل العلم ممنوع فليراجع (142)

+++++++++++

هذا ترق منه قدس سره يروم به إثبات الارش لا محالة.

خلاصته: إنه لو قيل باختصاص النصوص الواردة في المقام التي هي صحيحة زرارة، و مرسلة جميل المشار إليهما في الهامش 137 ص 30 بصورة التصرف في المبيع المعيب قبل العلم بالعيب:

لمنعنا الاختصاص، و قلنا بشمول النصوص المذكورة صورة التصرف في المبيع المعيب حتى بعد العلم بالعيب.

اي على القارئ النبيل المراجعة الى النصوص المذكورة، ليطلع على مدى صحة ما قلناه: من عدم اختصاص النصوص المذكورة بصورة التصرف في المبيع المعيب قبل العلم بالعيب.

لكننا نخاطب شيخنا الأعظم الأنصاري و نقول له:

إننا سمعنا و أطعنا و امتثلنا أمركم بكل اجلال، و اكرام، و إعزاز فراجعنا النصوص المذكورة بدقة، و امعان

فرأينا بعضها: و هي صحيحة زرارة دالة على العكس مما أفاده.

و بعضها يدل على ذلك: و هي مرسلة جميل.

أما دلالة الصحيحة على عكس ما أفاده الشيخ قدس سره.

فلأن قوله عليه السلام:

فأحدث فيه بعد ما قبّضه شيئا ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء:

إنه يمضي عليه البيع، و يردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به:

صريح في أن التصرف في المبيع المعيب كان قبل العلم بالعيب، لا بعده و ليس في قوله عليه السلام ما يشير الى التصرف في المبيع المعيب بعد العلم بالعيب.

و أما مرسلة جميل فتدل على ما أفاده (شيخنا الأعظم) قدس سره، فان قوله عليه السلام:

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط، أو صبغ

يرجع بنقصان العيب

يشمل التصرف في المبيع المعيب في كلتا الحالتين:

التصرف فيه قبل العلم، و بعد العلم.

هذا ما استفدته حسب فهمي القاصر.

و لعل الأفاضل الأعلام يساعدونني على ذلك بعد مطالعة ما كتبناه -

ص: 31

الرابع التصرف في المعيب الذي لم تنقص قيمته بالعيب

(و منها): (143) التصرف في المعيب الذي لم تنقص قيمته بالعيب كالبغل الخصيّ، بل عبد الخصي(1) على ما عرفت (144)، فان (145) الارش منتف، لعدم تفاوت القيمة، و الرد (146) لأجل التصرف.

و قد يستشكل فيه (147): من حيث لزوم الضرر على المشتري بصبره على المعيب.

و فيه (148) أن العيب في مثله لا يعد ضررا ماليا بالفرض فلا بأس:

بأن يكون الخيار فيه كالثابت (149) بالتدليس في سقوطه بالتصرف، مع عدم الارش فيه.

+++++++++++

- في التعليقة.

أي و من تلك الأمور المسقطة للرد، و الارش معا المشار إليها في الهامش 119 ص 27

عند قوله في ص 10:

الثاني: ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة، فانه لا يتصور هنا ارش حتى يحكم بثبوته، و قد مثلوا لذلك بالخصاء في العبيد.

تعليل لسقوط الارش في مثل هذا التصرف في المبيع المعيب الذي لا يوجب العيب فيه نقصا في القيمة.

بالرفع عطفا على كلمة منتف(2)، فهو تعليل لسقوط الرد في مثل هذا التصرف: أي و كذلك الرد منتف في مثل هذا التصرف، لعدم وجود نقص في المبيع بالعيب من حيث القيمة.

أي في سقوط الرد، و الارش معا في مثل هذا التصرف الذي لا يوجب نقصا في القيمة نظر، و إشكال.

و قد ذكر وجه النظر بقوله:

من حيث لزوم الضرر على المشتري

أي و في هذا الاشكال نظر.

وجه النظر: إن المفروض عدم توجه ضرر نحو المشتري كما هو الفرض، لعدم وجود نقص في القيمة بالعيب حتى يكون المشتري متضررا بصبره على المعيب.

خلاصة هذا التنظير: إن سقوط الرد بالتصرف في مورد عدم ثبوت الارش ليس بعزيز، فان نظيره خيار التدليس عند ظهور الخلاف في المبيع المدلّس فيه، فللمشتري الخيار حينئذ بين الرد، و الامساك بدون ارش.(3) و لو تصرف المشتري في المعيب سقط الرد أيضا و لو تفاوتت قيمته بسبب التدليس.

ص: 32


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و حلّه: (150) إن الضرر

إما (151) أن يكون من حيث القصد الى ما هو أزيد مالية من الموجود و إما (152) أن يكون من حيث القصد الى خصوصية مفقودة في العين مع قطع النظر عن قيمته

(و الاول) (153) مفروض الانتفاء

(و الثاني) (154) قد رضي به، و أقدم عليه المشتري بتصرفه فيه بناء على أن التصرف دليل الرضا بالعين الخارجية (155)

+++++++++++

أي و حلّ أصل الاشكال الذي هو لزوم الضرر على المشتري بصبره على المبيع المعيب لو لم يرده، أو لم يأخذ الارش:

و الحل يكون بأحد أمرين كما ذكرهما قدس سره.

هذا هو الأمر الأول

خلاصته: إن الضرر المتوجه على المشتري كما يقوله المستشكل

إن كان من حيث القصد الى ما هو أزيد قيمة من المبيع المعيب بالخصاء مثلا.

فالمفروض انتفاء هذا الضرر، لعدم ايجاب العيب نقصا في المبيع فهو باق على قيمته الأولية.

فالعين لم تتفاوت قيمتها بهذا العيب حتى يتضرر المشتري.

هذا هو الأمر الثاني

خلاصته: إن الضرر المتوجه نحو المشتري

إن كان من حيث القصد الى خصوصية كالكتابة المفقودة في العين المبيعة المعيبة، مع قطع النظر عن قيمة العين بهذا العيب.

فالظاهر أنه راض بهذا المبيع المعيب، لتصرفه فيه

و التصرف دال على الرضا بهذه العين الخارجية

بالإضافة الى إقدامه على هذا المبيع.

المشار إليه في الهامش 151 من هذه الصفحة بقوله: إما أن يكون

المشار إليه في الهامش 152 من هذه الصفحة بقوله: و إما أن يكون

كما استظهره المصنف قدس سره من كلمات معظم الأصحاب رضوان اللّه عليهم، حيث قال بعد استعراض كلماتهم في ص 240 من الجزء 16 من المكاسب:

و قد ظهر من جميع ذلك أن التصرف من حيث هو ليس مسقطا و إنما هو التزام، و رضى بالعقد فعلا.

ص: 33

كما (156) لو رضي بالعبد المشروط كتابته مع تبين عدمها فيه

(إلا أن يقال) (157) إن المقدار الثابت من سقوط الرد بالتصرف هو مورد ثبوت الارش

و إلا فمقتضى القاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف

كما في غير العيب، و التدليس من أسباب الخيار

+++++++++++

تنظير لكون التصرف دالا على الرضا بالعين الخارجية بما هي هي، و بما أنها معيبة.

خلاصته: كما أن المشتري لو اشترى عبدا بشرط الكتابة، ثم ظهر عدم اتصافه بها، لكنه رضي به بما هو فاقد للكتابة:

ليس له الارش، لرضائه به بما هو كذلك.

كذلك فيما نحن فيه ليس للمشتري الارش، لرضائه بالمبيع بوصف كونه معيبا.

منشأ هذا الاستدراك هو أن التصرف المسقط للرد المذكور في هذا الفرع المنسوب الى بعض الأصحاب له احتمالان:

(الاول) أن يكون المراد من التصرف هو التصرف الدال على الرضا

(الثاني) كون المراد من التصرف هو مطلق التصرف و إن لم يكن دالا على الرضا.

فعلى الأول الاشكال بلزوم الضرر على المشتري غير وارد كما عرفت في الهامش 156 من هذه الصفحة، لأن تصرفه في المبيع التزام فعلي منه بلزوم البيع حينئذ.

نعم على الاحتمال الثاني الذي عرفته آنفا لا بد من الاقتصار على مورد النص: و هو التصرف في مورد ثبوت الارش: و هو العيب الموجب للنقص في قيمة العين.

و ما عداه يرجع فيه الى قاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف، عملا بالاستصحاب، لأنه بظهور العيب له الرد، فبعد التصرف في المبيع نشك في زوال الرد فنستصحبه.(1) كما أنه في غير خياري العيب، و التدليس من موجبات الخيار.

فرفع اليد عن تلك القاعدة بسقوط الرد(2) المبيع بالتصرف في غير خياري العيب، و التدليس من بقية الخيارات:

محتاج الى دليل.

ص: 34


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

خصوصا (158) بعد تنزيل الصحة فيما نحن فيه منزلة الأوصاف المشترطة التي لا يوجب فواتها ارشا، فان (159) خيار التخلف فيها لا يسقط بالتصرف كما صرّح (160) به

نعم (161) لو اقتصر في التصرف المسقط على ما يدل على الرضا

+++++++++++

أي دخول هذه الصورة تحت قاعدة:

عدم سقوط الرد بالتصرف إنما هو بعد اعتبار وصف الصحة ككون العبد كاتبا، أو فحولة العبد كما فيما نحن فيه، فانه بمنزلة الأوصاف المشترطة التي لا يوجب فواتها ارشا كالطبعة الكذائية في الكتاب الكذائي،

أو حياكة السجاد حياكة عراقية

و غير ذلك: من الأوصاف الكمالية في العين الخارجية.

فبناء على هذا التنزيل لا بدّ من القول: بأن التصرف مسقط للرد من دليل آخر.

تعليل لعدم سقوط خيار تخلف الوصف المشروط في العين الخارجية بالتصرف فيها.

خلاصته: إن خيار تخلف الوصف المشروط في العين الخارجية الذي لا يوجب فواته ارشا: لا يسقط بالتصرف فيها

بل المشتري مخير بين الامساك مجانا

و بين الرد و إن تصرف في العين

نائب الفاعل في صرح هو صاحب مفتاح الكرامة قدس سره، حيث أفاد في تعليقته على قول الماتن قدس سره:

و لا يثبت الرد مع التصرف إلا هنا، و في الجارية الحامل بالوطء.

قال قدس سره: و مما يثبت فيه الرد مع التصرف ما كان فيه غبن، و ما افتقر الى الاختبار مثل الصمم، و الريح.

و مثله الشارط لما ليس في فقده عيب.

فالشاهد في قوله: و مثله الشارط لما ليس في فقده عيب، حيث يدل على أن الأوصاف المشترطة التي لا يوجب فواتها ارشا لا يسقط فيها الخيار بالتصرف.

الغرض من هذا الاستدراك هو سقوط الرد مطلقا و إن لم يكن العيب موجبا للارش، لأنه بعد أن أفاد عدم السقوط، بناء على أن المراد من التصرف هو مطلق التصرف و إن لم يدل على الرضا:

أراد أن يستدرك هذا فقال قدس سره:

خلاصة ما أفاده: إنه إن كان المقصود من التصرف المسقط للرد -

ص: 35

كان مقتضى عموم ما تقدمه سقوط الرد بالتصرف مطلقا (162)

الخامس حدوث العيب في المعيب المذكور

(و منها): (163) حدوث العيب في المعيب المذكور

و الاستشكال (164) هنا بلزوم الضرر في محله، فيحتمل ثبوت الرد

+++++++++++

- المذكور في عنوان هذه المسألة هو خصوص التصرف الدال على الرضا فيكون موضوع الحكم الذي هو السقوط بالتصرف هو الرضا بالمبيع و التصرف طريقا له.

إذا يصح القول بالرد في المقام، لعموم التعليل المتقدم في أخبار سقوط خيار الحيوان، و لا سيما في قوله عليه السلام في صحيحة ابن رئاب:

فذلك رضا منه.

فهذه الجملة منه عليه السلام لا تكون قاصرة عن الدلالة على أن التصرف في المبيع المعيب مسقط للرد مطلقا، و إن لم يكن العيب موجبا للارش كما فيما نحن فيه، لأن الصحة في مثل هذه البيوعات من قبيل الأوصاف المشترطة في المبيع، حيث إن فواتها فيها لا يوجب ارشا، لعدم نقص مالي فيها بفقدان الصحة.

و أما الحديث فراجع

(المكاسب) من طبعتنا الحديثة - الجزء 14 ص 172

عرفت معنى الاطلاق في الهامش 161 من ص 35

أي و من تلك الأمور المسقطة للرد، و الارش معا بالتصرف:(1)

حدوث عيب جديد في المبيع المعيب سابقا عند المشتري.

خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا المقام:

إن الاشكال الذي أوردناه على التصرف في المبيع المعيب الذي لا يوجب العيب فيه نقصا ماليا:

من لزوم الضرر على المشتري لو صبر على المعيب:

وارد بعينه هنا، و إن كان غير وارد هناك، لعدم توجه ضرر نحو المشتري كما عرفت في الهامش 161 ص 35

و أما كيفية ورود الاشكال هنا، و أنه في محله

فخلاصته: إن المشتري يتضرر لو بقي على هذا المبيع بالعيب السابق بعد أن حدث فيه عيب جديد.

لكن الواجب عليه رد المعيب بالعيب الحادث الى البائع، مع اعطائه له قيمة النقص الوارد على المبيع الذي عيب بعيب جديد اذا كان العيب الحادث موجبا للنقص في القيمة: بأن نقص سعر المبيع بهذا العيب الجديد عن قيمته الواقعية التي كان المبيع عليها قبل العيب الحادث.

ص: 36


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

مع قيمة النقص الحادث لو كان (165) موجبا له، لأن (166) الصحة في هذا المبيع كسائر الأوصاف المشترطة في المبيع التي لا يوجب فواتها ارشا

و النص (167) الدال على اشتراط الرد بقيام العين التي هي المرسلة المتقدمة مختص (168) بمورد امكان تدارك ضرر الصبر على المعيب بالارش

+++++++++++

أي العيب الحادث كما علمت.

تعليل لوجوب اعطاء المشتري قيمة نقص العيب الحادث الى البائع و التعليل هذا دفع وهم في الواقع.

أما التوهم فهو أن العيب الحادث في مقابل ذاك العيب السابق على العقد فالواجب مقابلة كل من العينين بالأخرى حتى تسقط قيمة النقص عن المشتري.

فلما ذا تقولون بوجوب دفع قيمة النقص الى البائع؟

و أما الدفع فهو أن المشتري ليس له حق بذمة البائع حتى يقابل بالعيب الحادث عنده، لتسقط عنه قيمة النقص، لأن وصف الصحة كما عرفت آنفا في مثل هذه البيوعات من قبيل اشتراط الأوصاف في المبيع، حيث إن فقدانها لا يوجب ارشا كما علمت مفصلا في الهامش 161 ص 35

فكيف يقابل كل من العينين بالأخرى؟

دفع وهم.

حاصل الوهم: إن مرسلة جميل المتقدمة في الجزء 16 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 227 في قوله عليه السلام:

إن كان الشيء قائما بعينه رده و أخذ الثمن:

يدل على عدم جواز الرد، حيث لم تكن العين هنا قائمة كما كانت، لحدوث العيب فيها، فليس له الرد.

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إنه لا مجال لشمول المرسلة المذكورة لما نحن فيه، لأنها مختصة بصورة امكان تدارك الضرر المتوجه نحو المشتري

و التدارك لا يمكن هنا إلا بالارش.

و قد عرفت في الهامش 161 ص 35 أن لا ارش هنا، لكون صحة المبيع من قبيل اشتراط الأوصاف في المبيع: من أن فقدانها لا يوجب ارشا

و ليس لنا دليل آخر في المقام يدل على سقوط الرد.

ص: 37

و الاجماع (169) فيما نحن فيه غير متحقق

مع ما عرفت: (170) من مخالفة المفيد في أصل المسألة (171)

هذا (172) كله مضافا الى أصالة جواز الرد الثابت قبل حدوث العيب و هي (173) المرجع بعد معارضة الضرر المذكور بتضرر البائع بالفسخ (174)،

+++++++++++

أي لو قلت: إن الدليل في المقام هو الاجماع على سقوط الرد فيما نحن فيه: و هو التصرف في المبيع المعيب.

قلنا: إن الاجماع غير متحقق، لمخالفة (شيخ الأمة الشيخ المفيد) قدس سره الشريف في ذلك.

و قد نقل مخالفته (شيخنا الأنصاري) قدس سره بقوله:

ثم إن ظاهر المفيد في المقنعة مخالفته في أصل المسألة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة - الجزء 16 - ص 327

المراد من أصل المسألة هو المسقط الرابع للرد الذي هو حدوث عيب عند المشتري بعد العقد على العيب السابق.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 296 عند قوله قدس سره:

الرابع من المسقطات حدوث عيب عند المشتري.

أي ما قلناه حول ثبوت الرد فيما نحن فيه كان من دون الاستدلال بالاستصحاب.

لكن لنا دليل آخر: و هو استصحاب بقاء الرد بعد ثبوته بالعيب السابق على العقد، و عند الشك في زواله بحدوث عيب جديد عند المشتري، فاننا نستصحب البقاء.

أي الأصالة التي هو بقاء الرد الثابت بالعيب بعد أن وقعت المعارضة بين التضررين:

و هما تضرر البائع بفسخ المشتري المبيع

و تضرر المشتري بصبره على المعيب لو لم يرده.

أي بفسخ المشتري كما علمت

ص: 38

و نقل (175) المعيب الى ملكه بعد خروجه عن ملكه سليما عن هذا العيب

و كيف كان (176) فلو ثبت الاجماع، أو استفيض (177) بنقله على سقوط الرد بحدوث العيب، و التغير على وجه يشمل المقام

و إلا (178) فسقوط الرد هنا محل نظر، بل منع

+++++++++++

المصدر مضاف الى المفعول، و الفاعل محذوف:

أي و بعد نقل البائع المبيع الى ملكه معيبا بالعيب الحادث بعد أن أخرجه من ملكه سليما عن العيب الحادث.

و لا يخفى عليك أن السيد الطباطبائي اليزدي قدس سره أورد على الاستصحاب المذكور بعدم الاحتياج الى هذا الأصل العملي بعد أن كان لنا دليل اجتهادي: و هي المرسلة المذكورة.

يعني أي شيء قلنا في عدم سقوط الرد في مسألتنا هذه

سواء أ كان مدركه الاستصحاب أم شيء آخر.

أي لو استفيض نقل الاجماع على سقوط الرد في مسألتنا هذه بسبب حدوث عيب في المبيع عند المشتري.

و بسبب التغير الحادث في المبيع بسبب العيب الجديد فهو المطلوب، فنحكم بالسقوط حينئذ.

أي و إن لم يثبت الاجماع، و لا استفاض نقله.

فالقول بسقوط الرد مشكل و محل نظر، لأن المرجع في عدم السقوط:

إما عموم ما دل على جواز الرد كما علمت

و إما الأصل العملي الذي هو الاستصحاب

هذا بناء على عدم شمول المرسلة المذكورة لما نحن فيه

كما عرفت مفصلا في الهامش 168 ص 37

و أما بناء على الشمول فقد عرفت أنه لا مجال للاستصحاب الذي هو الأصل العملي، لتقدم المرسلة عليه، لكونها دليلا اجتهاديا.

ص: 39

السادس ثبوت أحد مانعي الرد في المعيب

(و منها): (179) ثبوت أحد مانعي الرد في المعيب الذي لا يجوز أخذ الارش فيه لأجل الربا

أما المانع الأول (180) فالظاهر أن حكمه كما تقدم في المعيب الذي لا تنقص ماليته (181)، فان المشتري لما أقدم على معاوضة أحد الربويين

+++++++++++

أي و من تلك الأمور الموجبة لسقوط الرد، و الارش معا التي ذكرت في الهامش 120 ص 27:

ثبوت أحد مانعي الرد في المبيع المعيب الذي لا يجوز أخذ الارش فيه، لأن الأخذ موجب للرد كما عرفت في الهامش 4 ص 5(1)

و المراد من مانعي الرد هما:

التصرف من المشتري في المبيع كقطع القماش: بأن جعله قميصا

و حدوث عيب في المبيع عند المشتري بعد أن قبضه من البائع

فلو ثبت أحد هذين في المبيع المعيب سابقا سقط الرد، و الارش معا و إنما ذكر (شيخنا العلامة الأنصاري) قدس سره هذين المانعين، مع أن مسقطات الرد، و الارش أربعة كما علمت في الهامش 4 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 225 عند قوله قدس سره:

مسألة يسقط الرد خاصة بأمور

و لم يذكر المانع الاول الذي هو تصريح البائع بالإسقاط

و قد ذكره في المصدر نفسه في ص 226 بقوله: أحدهما التصريح

و كذا لم يذكر المانع الثالث الذي هو تلف العين

و قد ذكره في المصدر نفسه في ص 257 بقوله: الثالث تلف العين:

لأن المانع الاول الذي هو التصريح بالسقوط من قبيل المسقط لا المانع، فلا يطلق عليه المانع.

و أما المانع الثالث الذي هو تلف العين

فلعدم بقاء موضوع للرد حتى يقال له: إنه مانع

فلا قابلية للعين حتى تعدّ مانعا، لأنها أصبحت معدومة.

و هو التصرف في المبيع كما ذكرناه في ص 32

عند قوله في ص 32: و منها التصرف في المعيب الذي لم تنقص قيمته بالعيب.

و قد عرفت أن الردّ و الارش منتفيان هنا.

و قد عرفت الاشكال فيهما في ص 32، و عرفت الاشكال في هذا الاشكال من الشيخ قدس سره، و حله منه في الهامش 148 ص 32

ص: 40


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

بالآخر أقدم على عدم مطالبة مال زائد على ما يأخذه بدلا عن ماله و إن كان المأخوذ معيبا فيبقى وصف الصحة كسائر الأوصاف التي لا يوجب اشتراطها إلا جواز الرد بلا ارش

فاذا تصرف (182) فيه خصوصا بعد العلم (183) تصرفا دالا على الرضا بفاقد الوصف المشترط:

لزم العقد كما في خيار التدليس بعد التصرف

نعم التصرف قبل العلم (184) لا يسقط 'خيار الشرط كما تقدم (185)

و أما المانع الثاني (186) فظاهر جماعة كونه مانعا فيما نحن فيه من الرد أيضا، و هو مبني على عموم منع العيب الحادث من الرد حتى في صورة عدم جواز أخذ الارش

و قد عرفت النظر فيه (187)

و ذكر في التذكرة وجها آخر لامتناع الرد: و هو أنه لو رد

فاما أن يكون (188) مع ارش العيب الحادث

و إما أن يردّ بدونه (189)

+++++++++++

أي المشتري.

أي بعد العلم بالعيب.

أي قبل العلم بالعيب.

راجع قوله في ص 39: و إلا فسقوط الرد هنا محل نظر.

و هو حدوث عيب في المبيع المعيب سابقا.

(إن قلت):

لما ذا عبر شيخنا الانصاري قدس سره عن المانع الثاني الذي هو التصرف بالمانع الاول

و عبر عن المانع الرابع الذي هو حدوث عيب في المبيع المعيب:

بالمانع الثاني؟

(قلنا): التعبير بالاول، لأجل تقدمه في كلامه، حيث قال.

و منها التصرف في المعيب.

و التعبير بالثاني، لأجل تأخره عن الاول في كلامه، حيث قال:

و منها حدوث العيب في المعيب.

عند قوله في ص 39: و إلا فسقوط الرد هنا محل نظر، بل منع.

أي الرد.

أي بدون الارش.

ص: 41

و إن رده مع الارش لزم الربا

فان رده (190) بدونه كان ضررا على البائع (191)

قال (192): لأن المردود حينئذ يزيد على وزن عوضه (193)

و الظاهر (194) أن مراده من ذلك أن رد المعيب لما كان بفسخ المعاوضة، و مقتضى المعاوضة بين الصحيح، و المعيب من جنس واحد أن لا يضمن وصف الصحة بشيء، إذ لو جاز ضمانه لجاز أخذ المشتري بالارش فيما نحن فيه (195)

فيكون وصف الصحة في كل من العوضين نظير سائر الأوصاف غير المضمونة بالمال، فاذا حصل الفسخ وجب تراد العوضين (196) من غير زيادة (197) و لا نقيصة (198)، و لذا (199) يبطل التقابل، مع اشتراط الزيادة، أو النقيصة في أحد العوضين

فاذا استرد المشتري الثمن

لم يكن عليه إلا ردّ ما قابله لا غير

+++++++++++

أي رد المشتري المبيع المعيب بالعيب الحادث عنده بدون الارش.

لأنه لا يجوز اجبار البائع على الضرر.

أي العلامة قدس سره في التذكرة.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 386-387 في المسألة 19 عند قوله: مسألة لو كان المبيع من أحد النقدين.

و لا يخفى أن العبارة منقولة بالمعنى عن التذكرة، و لذا قال قدس سره: ذكر في التذكرة، و لم يقل قال.

هذا كلام شيخنا الأنصاري: أي الظاهر أن مراد العلامة من كلامه هذا هو أن المشتري لو رد المعيب كان سبب الرد هو فسخ المعاوضة من أساسها، لأنه لا يجوز رد المعيب بلا ارش، لتضرر البائع

و لا يجوز للبائع أخذ الارش، للزوم الربا، فعليه تفسخ المعاوضة حتى لا يلزم أحد المحذورين.

و هو غير جائز، للزوم الربا كما علمت.

أي يرجع المثمن الى البائع، و الثمن الى المشتري.

أي من طرف البائع: بأن يأخذ الارش فيلزم الربا.

أي من طرف البائع: بأن يأخذ المبيع المعيب بلا قيمة النقيصة فيلزم تضرره.

أي و لأجل أنه وجب تراد العينين بلا زيادة و لا نقيصة.

ص: 42

فان رد الى البائع قيمة العيب الحادث عنده

كما هو الحكم في غير الربويين اذا حصل العيب عنده

لم يكن ذلك (200) إلا باعتبار كون ذلك العيب مضمونا عليه (201) بجزء من الثمن، فيلزم وقوع الثمن بإزاء مجموع المثمن، و وصف (202) صحته، فينقص الثمن عن نفس المعيب، فيلزم الربا

فمراد العلامة رحمه اللّه بلزوم الربا

إما لزوم الربا في أصل المعاوضة، اذ لو لا ملاحظة جزء من الثمن في مقابلة صفة الصحة لم يكن وجه لغرامة بدل الصفة و قيمتها عند استرداد الثمن.

و إما لزوم الربا في الفسخ، حيث قوبل فيه الثمن بمقدار من المثمن و زيادة (203)(1)

و الأول أولى

+++++++++++

أي هذا الرد.

أي على البائع(2)

بالجر عطفا على مجرور (باء الجارة) في(3) قوله: بإزاء: أي و بإزاء بإزاء: أي و بإزاء وصف صحته المفقودة هذه الصحة بوجود العيب الحادث عند البائع قبل البيع.

إذا ينقص الثمن عن نفس المعيب فيلزم الربا.

و هو لزوم الربا في أصل المعاوضة.

و أما وجه الأولوية

فهو أن الربا على قسمين:

ربا بالمعاوضة، و ربا بالقرض.

و الفسخ ليس شيئا منهما.

ص: 43


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و مما ذكرنا (204) ظهر ما في تصحيح هذا: بأن (205) قيمة العيب الحادث غرامة لما فات في يده مضمونا عليه

نظير المقبوض بالسوم اذا حدث فيه العيب فلا تنضم الى المثمن حتى يصير أزيد من الثمن، اذ فيه (206) وضوح الفرق، فان المقبوض بالسوم إنما يتلف في ملك مالكه فيضمنه القابض.

و العيب الحادث في المبيع لا يتصور ضمان المشتري له

+++++++++++

و هو أنه لو رد البائع قيمة العيب الحادث عنده(1)

لم يكن هذا الرد إلا باعتبار كونه مضمونا عليه.

خلاصة هذا الكلام:

إن بعض الأعلام أفاد في تصحيح رد البائع قيمة العيب الحادث عنده حتى لا يلزم الربا:

أن ردّ القيمة إنما هو لأجل أنها غرامة لما فات في يد البائع:

من وصف الصحة.

و هذا الفائت مضمون على البائع بجزء من الثمن، فيجب عليه تداركه، و التدارك إنما يحصل بدفع قيمة ذاك الوصف الفائت.

فهذا الضمان نظير ضمان المقبوض بالسوم عند ما يأخذ المشتري السلعة ليراها فتتلف عنده، فكون ضامنا للسلعة فيجب عليه دفع قيمتها الى البائع.

ففيما نحن فيه كذلك يكون البائع ضامنا بدفع قيمة الوصف الفائت، فيجب عليه دفعه.

فالقيمة المدفوعة الى المشتري لا تنضم الى المثمن: و هو المبيع الفاقد لوصف الصحة.

حتى يلزم زيادته على الثمن، ليلزم الربا

كما أفاده العلامة قدس سره.

الباء بيان لما أفاده هذا البعض في تصحيح دفع قيمة العيب حتى لا يلزم الربا.

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 204: خلاصة هذا الكلام.

هذا وجه ظهور الاشكال فيما أفاده هذا البعض

خلاصته: إنه فرق بين ما نحن فيه، و بين المقبوض بالسوم، اذ التلف في المقبوض بالسوم إنما تلف في ملك مالكه، لأنه لم تجر المعاوضة عليه بعد، و ليس ملكا للمشتري حتى يكون التلف فى ملكه، فالضامن له هو المشتري. -

ص: 44


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

إلا بعد تقدير رجوع العين في ملك البائع

و تلف (207) وصف الصحة منها في يد المشتري

فاذا (208) فرض أن صفة الصحة لا تقابل بجزء من المال في عقد المعاوضة الربوية فيكون تلفها (209) في يد المشتري

كنسيان العبد الكتابة:

لا يستحق البائع عند الفسخ قيمتها (210)

و الحاصل: (211) إن البائع لا يستحق من المشتري إلا ما وقع مقابلا بالثمن: و هو نفس المثمن، من دون اعتبار صحة جزء

فكأنه باع عبدا كاتبا فقبضه المشتري ثم فسخ، أو تفاسخا بعد نسيان العبد الكتابة

+++++++++++

- بخلاف العيب الحادث في المبيع عند المشتري، فان الضمان في العيب الحادث عنده لا يتصور فيه إلا بعد الفرض برجوع العين الى مالكه و إلا بعد فرض تلف وصف الصحة في العين في يد المشتري.

و بعد هذين الفرضين، و هما:

فرض رجوع العين الى ملك البائع،

و فرض تلف وصف الصحة من العين في يد المشتري.

فاذا فرضنا أن وصف الصحة المفقودة في المبيع بعد تعيبه عند المشتري لا يقابل بجزء من المال الذي هو الثمن في عقد المعاوضات الربوية: أي لا يقع شيء من الثمن في قبال هذا الوصف الفائت:

إذا يكون هذا الوصف فائتا في يد المشتري.

كما في نسيان العبد الكتابة عند المشتري بعد شرائه من مولاه فلا يستحق البائع عند فسخ المعاوضة قيمة الصحة الفائتة عند المشتري

بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في هذه الصفحة:

إلا بعد تقدير رجوع العين: أي و إلا بعد تقدير تلف وصف الصحة و قد عرفت معناه في هذه الصفحة عند قولنا: لا يتصور فيه إلا.

الفاء تفريع على ما أفاده: من الفرضين اللذين أشرنا إليهما في الهامش 206 في هذه الصفحة.

مرجع الضمير الصفة الفائتة.

أي قيمة صفة الصحة الفائتة.

أي خلاصة ما أفدناه في هذا المقام.

ص: 45

نعم (212) هذا يصح في غير الربويين، لأن وصف الصحة فيه يقابل بجزء من الثمن فيرد المشتري قيمة العيب الحادث عنده، ليأخذ الثمن المقابل لنفس المبيع مع الصحة

ثم إن صريح جماعة من الأصحاب عدم الحكم على المشتري بالصبر على المعيب مجانا فيما نحن فيه، فذكروا في تدارك ضرر المشتري وجهين اقتصر في المبسوط على حكايتهما:

(أحدهما) جواز ردّ المشتري المعيب مع غرامة قيمة العيب الحادث لما تقدم إليه الاشارة: من أن ارش العيب الحادث في يد المشتري نظير ارش العيب الحادث في المقبوض بالسوم في كونها غرامة تالف مضمون على المشتري لا دخل له في العوضين حتى يلزم الربا

(الثاني) أن يفسح البيع، لتعذر امضائه، و الزام (213) المشتري ببدله من غير الجنس معيبا بالعيب القديم، و سليما عن الجديد، و يجعل بمثابة التالف، لامتناع رده بلا ارش، و مع الارش (214)

و اختار في الدروس تبعا للتحرير الوجه الاول (215)، مشيرا (216) الى تضعيف الثاني بقوله: لأن تقدير الموجود معدوما خلاف الأصل

+++++++++++

اي استحقاق البائع جزء من الثمن في مقابل وصف الصحة الفائت في المبيع بسبب العيب الحادث عند المشتري:

إنما يصح فيما اذا كانت المعاوضة على غير الجنسين الربويين.

و أما في الجنسين الربويين فلا تصح المعاوضة عليهما، للزوم الربا كما عرفت.

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لتعذر: أي و لتعذر الزام المشتري بدفعه سلعة البائع بدلا عن الجنس المعيب الذي عيب عنده، و يكون سليما عن العيب الجديد الذي حدث عنده، بناء على جعل المعيب عنده بمنزلة التالف، لأنه يمتنع ردّ المعيب، إذ ردّه بلا ارش موجب لتضرر البائع.

و مع الارش موجب للربا، لوقوع المعاوضة على الجنسين الربويين.

عرفت معناه في الهامش 213 من هذه الصفحة عند قولنا: لأنه يمتنع

و هو جواز ردّ المشتري المعيب مع غرامة قيمة العيب الحادث.

أي حالكون الشهيد الأول قدس سره ضعّف الوجه الثاني الذي هو فسخ المعاوضة

و جعل المبيع المعيب كالتالف و بمثابته، و أنه معدوم:

خلاف الأصل.

ص: 46

و تبعه المحقق الثاني، معللا: بان الربا ممنوعة في المعاوضات

لا في الضمانات (217)، و انه كأرش عيب العين المقبوضة بالسوم اذا حدث في يد المستام و إن كانت (218) ربوية

فكما لا يعدّ هنا (219) ربا

فكذا لا يعد في صورة النزاع (220)

أقول: قد عرفت الفرق بين ما نحن فيه (221)

و بين ارش عيب العين المقبوضة بالسوم، فانه يحدث في ملك مالكه بيد قابضه

و العيب فيما نحن فيه يحدث في ملك المشتري، و لا يقدّر في ملك البائع

إلا بعد فرض رجوع مقابله من الثمن الى المشتري،

و المفروض عدم المقابلة بين شيء منه، و بين صحة البيع

السابع تأخير الأخذ بمقتضى الخيار

(و منها) (222) تأخير الأخذ بمقتضى الخيار، فان ظاهر الغنية إسقاطه (223)، للردّ، و الارش كليهما، حيث جعل المسقطات خمسة:

التبري، و الرضا بالعيب، و تأخير الرد مع العلم، لأنه (224) على الفور بلا خلاف، و لم يذكر في هذه الثلاثة ثبوت الارش

ثم ذكر حديث العيب(1) و قال: ليس له هاهنا إلا الارش

ثم ذكر التصرف، و حكم فيه بالارش، فان في الحاق الثالث (225)

+++++++++++

و ما نحن فيه من الضمانات، لأنه كالسوم.

أي و إن كانت العين ربوية.

أي في الضمانات.

و هي العين المبيعة المعيبة عند المشتري.

و هو حدوث عيب جديد في المبيع عند المشتري في ص 44 عند قوله:

اذ فيه وضوح الفرق.

أي و من تلك الأمور التي موجبة لسقوط الرد، و الارش معا.

أي تأخير أخذ الردّ موجب لإسقاط الردّ.

تعليل لكون ن المذكورات و منها تأخير الردّ مع العلم بالعيب موجبا(2)

و هو تأخير الردّ بالأولين، و هما:

سقوط الردّ(3) لأن الأخذ بالرد فوري:

التبري، و الرضا بالعيب.

ص: 47


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

بالأولين في ترك ذكر الارش فيه (226)، ثم ذكره (227) في الأخيرين، و قوله (288): ليس له هاهنا إلا الارش:

ظهورا (229) في عدم ثبوت الارش بالتأخير

و هذا (230) أحد القولين منسوب الى الشافعي

و لعله (231) لأن التأخير دليل الرضا

و يرده (232) بعد تسليم الدلالة أن الرضا بمجرده لا يوجب سقوط

+++++++++++

أي في الثالث.

أي ذكر صاحب الغنية الثالث في التبري، و الرضا بالعيب.

أي قول صاحب الغنية.

بالنصب اسم لأن في قوله في ص 47: فان في الحاق الثالث

خلاصة ما أفاده الشيخ فيما أفاده صاحب الغنية قدس سرهما.

إن في الحاق الثالث: و هو تأخير الردّ مع العلم بالعيب الأولين: و هما التبري من العيب، و الرضا بالعيب:

في عدم وجود ارش لهما، و أن الثالث مثلهما في ذلك.

ثم أفاد الشيخ أن صاحب الغنية ذكر فيها أن حدوث العيب عند المشتري، و التصرف منه فيه من المسقطات للردّ، و أن الارش ثابت في هذين:

ظهورا واضحا في عدم وجود ارش بتأخير الردّ، لأن الرد أمر فوري يجب على المشتري الأخذ به حالا.

أي عدم ارش للمشتري بعد علمه بالمعيب و لم يأخذ به فورا.

توجيه منه لما ذهب إليه الشافعي:

أي و لعل عدم وجود ارش للمشتري سببه تأخير المشتري بالأخذ.

أي و يرد هذا الرأي، لأننا لا نسلم دلالة التأخير على عدم وجود ارش للمشتري.

و على فرض التسليم.

فالرضا بالعيب لا يوجب سقوط الارش.

كما أن التصرف لا يوجب سقوط الارش.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 من ص 245 الى ص 275.

ص: 48

الارش كما عرفت في التصرف (233)

نعم سقوط الرد وحده له وجه كما هو صريح المبسوط، و الوسيلة على ما تقدم من عبارتهما في التصرف المسقط (234).

و يحتمله (235) أيضا عبارة الغنية المتقدمة، بناء على ما تقدم في سائر الخيارات: من لزوم الاقتصار في الخروج عن أصالة اللزوم على المتيقن السالمة عما يدل على التراخي

عدا ما في الكفاية من اطلاق الأخبار (236)، و خصوص بعضها.

+++++++++++

راجع (المكاسب) الجزء 16 ص 236 عند قوله:

و قال في المبسوط.

و راجع (المصدر نفسه) ص 238 عند قوله:

و في الوسيلة.

أي سقوط الردّ وحده.

في ص 47 عند قوله: ثم ذكر التصرف و حكم فيه بالارش، فان هذه التصريحة دالة على سقوط الردّ فقط عند التصرف من المشتري في المبيع المعيب.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 350-351 الباب 4 الأحاديث الواردة في أن تصرف المشتري في المبيع المعيب مسقط للردّ.

أليك نص الحديث الرابع

عن علي بن رئاب قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية لمن الخيار؟

فقال: الخيار لمن اشترى. الى أن قال:

قلت له:

أ رأيت إن قبّلها المشتري، أو لامس؟

قال: فقال:

إذا قبّل، أو لامس، أو نظر منها الى ما يحرم على غيره فقد انقضت الشرط و مضى.

فالأخبار المذكورة في الباب مطلقة ليس فيها أي قيد،

لا قيد الفورية، و لا قيد التراخي.

ص: 49

و فيه (237) أن الاطلاق في مقام بيان أصل الخيار

و أما الخبر الخاص (238) فلم أقف عليه

و حينئذ (239) فالقول بالفور، وفاقا لمن تقدم للأصل

لا يخلو عن قوة

مع ما تقدم: من نفي الخلاف من الغنية في كونه على الفور (240)

و لا يعارضه ما في المسالك و الحدائق: من أنه لا نعرف فيه خلافا، لأننا عرّفناه، و لذا (241) جعله في التذكرة أقرب

و كذا ما في الكفاية: من عدم الخلاف، لوجود الخلاف

نعم في الرياض إنه (242) ظاهر أصحابنا المتأخرين كافة

و التحقيق رجوع المسألة (243) الى اعتبار الاستصحاب في مثل هذا

+++++++++++

أي و فيما أفاده صاحب الكفاية في تمسكه بالإطلاق بالأخبار المذكورة تأمل و إشكال، حيث إن الاطلاق المذكور إنما هو في مقام بيان أصل الخيار للمشتري.

و ليس في مقام بيان الفورية، أو التراخي حتى يقال:

إنها لا تدل على الفورية، لأنها مطلقة.

و هو قول صاحب الكفاية آنفا: و خصوص بعضها.

و للمحقق الشهيدي قدس سره في هذا المقام بيان يذكر فيه:

و لعل المراد من الخبر الخاص هي مرسلة جميل المتقدمة، حيث إن المستفاد منها جواز الردّ بمجرد كون الشيء قائما بعينه، من غير دلالة لهذه المرسلة على الفورية، أو التراخي.

و أما المرسلة

فراجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 227-228

أي و حين أن قلنا: إن الأخبار المذكورة ساكتة عن الفورية و التراخي.

في قوله في ص 47: لأنه على الفور.

أي و لأجل عدم المعارضة.

أي الفور ظاهر أصحابنا الامامية كافة:

أي بأجمعهم.

فهذه العبارة دالة على عدم وجود مخالف للقول بالفورية.

أي مسألة فورية الرد، أو عدمها.

ص: 50

المقام و عدمه، و لذا (244) لم يتمسك في التذكرة للتراخي إلا به،

و إلا (245) فلا يحصل من فتوى الأصحاب إلا الشهرة بين المتأخرين المستندة (246) الى الاستصحاب، و لا (247) اعتبار بمثلها، و إن قلنا بحجية الشهرة

أو حكاية نفي الخلاف من باب مطلق الظن، لعدم الظن كما لا يخفى و اللّه العالم

+++++++++++

أي و لأجل أن الملاك في الفورية، و عدمها:

هو الرجوع الى اعتبار أصحابنا الامامية

فان اعتبروا الفورية فبها و نعمت

و إلا ليس لنا دليل على الفورية حتى يتمسك به.

أي و لو لا اعتبار الأصحاب على ذلك فلا يحصل لنا من فتوى الأصحاب سوى أن المشهور بين المتأخرين هي فورية الأخذ بالخيار.

صفة لكلمة الشهرة: أي هذه الشهرة مستندة الى استصحاب الخيار عند الشك في زواله بسبب عدم الأخذ به فورا.

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره يروم به نفي حجية مثل هذه الشهرة المستندة الى استصحاب الخيار، و إن قلنا بحجية مثل هذه الشهرة

ص: 51

مسألة قال في المبسوط: من باع شيئا فيه عيب لم يبينه فعل محظورا، و كان المشتري بالخيار

(مسألة)

قال في المبسوط:

من باع شيئا فيه عيب لم يبينه فعل محظورا، و كان المشتري بالخيار، انتهى (1)

و مثله (2) ما عن الخلاف

و في موضع اخر من المبسوط:

وجب عليه أن يبينه و لا يكتمه

أو يتبرأ إليه من العيوب

و الاول (3) أحوط (4)

و نحوه (5) عن فقه الراوندي

و مثلهما (6) ما في التحرير، و زاد (7) الاستدلال عليه بقوله:

لئلا يكون غاشا.

و ظاهر ذلك (8) كله عدم الفرق بين العيب الجلي، و الخفي.

و صريح التذكرة (9)، و السرائر كظاهر الشرائع الاستحباب (*) مطلقا و ظاهر جماعة التفصيل بين العيب الخفي، و الجلي.

فيجب في الاول (10) مطلقا كما هو ظاهر جماعة

+++++++++++

راجع (المبسوط) الطبعة الحديثة الجزء 2 - ص 138.

(2) أي و مثل ما أفاده الشيخ قدس سره في المبسوط.

(3) و هو وجوب الإعلام بالعيب.

(4) راجع (المبسوط) الجزء 2 ص 126.

(5) أي و نحو المبسوط.

(6) أي و مثل ما في المبسوط، وفقه الراوندي.

(7) أي العلامة زاد في التحرير قوله: لئلا يكون غاشا

فهذه الزيادة دليل على أن الإعلام بالعيب واجب عند البيع، لأن عدم الاظهار غش، و الغش حرام، و الحرام يجب تركه

إذا يكون اظهار العيب واجبا.

(8) أي و ظاهر هذه الأقوال التي أفادها الشيخ قدس سره الشريف في المبسوط، و الخلاف، و ما أفاده الراوندي في فقهه.

(9) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 425.

أي هؤلاء أفادوا في مؤلفاتهم باستحباب الإعلام بالعيب اذا كان في المبيع، سواء أ كان خفيا أم جليا.

(10) و هو العيب الخفي، سواء تبرأ البائع عن العيب أم لا.

ص: 52

أو مع عدم التبري (11) كما في الدروس

فالمحصّل من ظاهر كلماتهم خمسة أقوال (12)

و الظاهر ابتناء الكل (13) على دعوى صدق الغش، و عدمه (14)

و الذي يظهر من ملاحظة العرف و اللغة في معنى الغش:

أن (15) كتمان العيب الخفي: و هو الذي لا يظهر بمجرد الاختبار المتعارف قبل البيع:

غش (16)، فان الغش كما يظهر من اللغة خلاف النصح.

أما العيب الظاهر فالظاهر أن ترك إظهاره ليس غشا.

+++++++++++

أي و يجب الإعلام بالعيب الخفي اذا لم يتبرأ البائع عن العيب الموجود في المبيع.

أليك الأقوال:

(الاول) وجوب الإعلام بالعيب مطلقا، سواء تبرأ البائع من العيب أم لم يتبرأ، و سواء أ كان العيب خفيا أم جليا.

(الثاني) وجوب الإعلام بالعيب اذا لم يتبرأ البائع من العيب.

و عدم وجوب الإعلام اذا تبرأ البائع من العيب، سواء أ كان العيب خفيا أم جليا.

(الثالث) وجوب الإعلام بالعيب اذا كان العيب خفيا، و إن تبرأ البائع منه.

و عدم وجوب الإعلام اذا كان العيب جليا.

(الرابع) وجوب الإعلام بالعيب اذا كان خفيا، و لم يتبرأ البائع منه.

و أما اذا كان العيب جليا، و تبرأ البائع منه فلا يجب الإعلام به.

(الخامس) استحباب الاعلام بالعيب مطلقا، سواء أ كان العيب خفيا أم جليا.

سواء تبرأ البائع من العيب أم لم يتبرأ(1): أي الظاهر من هذه الأقوال أنها مبتنية على صدق دعوى الغش على هذه المعاوضة

و عدم صدق الغش عليها.

فان صدق الغش وجب الإعلام.

و إن لم يصدق فلا يجب الإعلام.

أي و عدم الغش

جملة أن كتمان العيب مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة: و الذي يظهر.

خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة: أن كتمان العيب.

ص: 53


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

نعم لو أظهر (17) سلامته عنه على وجه يعتمد عليه.

كما اذا فتح (18) قرآنا بين يدي العبد الأعمى مظهرا أنه بصير يقرأ فاعتمد المشتري على ذلك (19)، و أهمل اختباره كان غاشا.

قال في التذكرة في رد استدلال الشافعي على وجوب اظهار العيب مطلقا (20) بالغش (21):

إن (22) الغش ممنوع، بل يثبت (23) في كتمان العيب بعد سؤال المشتري و تبينه، و التقصير (24) في ذلك من المشتري، انتهى (25).

و يمكن (26) أن يحمل بقرينة ذكر التقصير على العيب الظاهر.

كما (27) أنه يمكن حمل عبارة التحرير المتقدمة المشتملة على لفظ الكتمان

+++++++++++

أي البائع.

أي البائع فتح قرآنا أمام المشتري، ليريه أن العبد بصير.

أي على فتح القرآن على العبد من قبل البائع.

أي سواء أ كان خفيا أم جليا.

الجار و المجرور متعلق بقوله: استدلال الشافعي: أي استدلال الشافعي على وجوب الإعلام بالغش: يعني أن عدم إظهار العيب غش.

هذا رد من العلامة على استدلال الشافعي بالغش:

أي الغش ممنوع هنا، لظهور العيب على المبيع.

أي الغش يثبت فيما اذا كان العيب مستورا و مخفيا على المشتري و لم يسأل البائع عن العيب، لابتنائه على الصحة.

أي فلو قصر المشتري عن سؤال العيب فهو المسئول عن السلعة المعيبة و ليس له حق هنا، لإقدامه على ذلك.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 من ص 425.

هذا الامكان لأجل اثبات أن الغش هنا ممنوع، لظهور العيب في المبيع، لوجود كلمة التقصير، فانها قرينة على أن المراد من العيب ما كان ظاهرا، فعليه لا مجال لصدق الغش هنا.

المقصود من هذا الامكان هو الجمع بين عبارة العلامة قدس سره التي أفادها في التذكرة: من عدم صدق الغش فيما اذا كان العيب ظاهرا

و التي أفادها في التحرير، حيث أثبت فيه الغش عند نقل الشيخ عنه في ص 52 بقوله: لئلا يكون غاشا، فهاتان العبارتان متناقضتان

فالجمع بينهما: بحمل نفي الغش المذكور في التذكرة:

على العيب الجلي الظاهر

و بحمل صدق الغش على العيب الخفي.

ص: 54

و على الاستدلال بالغش: على العيب (28) الخفي

بل هذا الجمع (29) ممكن في كلمات الأصحاب مطلقا (30)

و من أقوى الشواهد على ذلك (1): أنه حكي عن موضع من السرائر:(31)

أن كتمان العيوب مع العلم بها حرام و محظور بغير خلاف.

مع ما تقدم من نسبة الاستحباب إليه (32)، فلاحظ (33)

ثم التبري من العيوب

هل يسقط (34) وجوب الإعلام في مورده (35) كما عن المشهور أم لا؟

فيه (36) إشكال نشأ (37) من دعوى صدق الغش.

+++++++++++

الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 54: حمل عبارة التحرير المتقدمة

أي الجمع بين عبارتين متناقضتين من مؤلّف واحد واقع في كلمات الفقهاء كثيرا، و ليس بعزيز، و أنه ليس شيئا جديدا لم يأت به أحد.

أي من العلامة، و غيره، حيث يرى أن بعضهم ينفي الغش في مثل هذا المقام

فيحمل نفيه على العيب الجلي

و بعضهم يثبت صدق الغش فيحمل اثباته على العيب الخفي.

أي على أن مثل هذا التناقض، و الاختلاف واقع في كلمات الأصحاب فالجمع بين النفي، و الاثبات أمر ممكن.

أي نسبة استحباب إظهار العيب في المبيع اذا كان موجودا فيه.

في ص 52 عند قوله: و صريح التذكرة، و السرائر، كظاهر الشرائع الاستحباب

من باب الافعال من أسقط يسقط.

كما اذا كان العيب خفيا، أو جليا.

أي في هذا السقوط بالتبري عن العيب فيما اذا كان العيب خفيا إشكال و نظر.

أي منشأ هذا الاشكال هو دعوى صدق الغش: بمعنى أن الغش صادق هنا، و إن تبرأ البائع عن العيب، فالذي يقول بعدم السقوط يقول بصدق الغش هنا، فيجب على البائع الإعلام هنا.

ص: 55


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و من (38) أن لزوم الغش من جهة ظهور اطلاق العقد في التزام البائع بالصحة، فاذا تبرأ من العيوب ارتفع الظهور.

أو من (39) جهة إدخال البائع المشتري فيما يكرهه عامدا

و التبري يرفع (40) اعتماد المشتري على أصالة الصحة

فالتغرير إنما هو لترك ما يصرفه (41) عن الاعتماد على الأصل

+++++++++++

هذا في الواقع تعليل لصدق الغش و لزومه:(1)

أي سبب لزوم الغش و صدقه أحد أمرين

إما من جهة أن اطلاق العقد ظاهر في أن البائع ملتزم بصحة المبيع عند البيع.

فاذا تبرأ من العيوب فقد ارتفع ذاك الظهور، فحينئذ لا يبقى للعقد اطلاق حتى يبقى له ظهور في الصحة يتمسك به.

هذا هو الأمر الثاني:

أي صدق الغش و لزومه إما من جهة أن البائع يدخل المشتري فيما يكرهه عند ما يتبرأ من العيوب، لأن التبري يجعل المشتري شاكا في الصحة فيكون مكرها للمبيع، اذ الفساد خلاف الاصل العقلائي الاولي الذي بنى عليه العقلاء في جميع معاملاتهم، و معاوضاتهم: و هي الصحة.

في أغلب النسخ الموجودة عندنا بزيادة (لا): أي (لا يرفع).

و في بعض النسخ لا توجد كلمة (لا).

و هذا هو الصحيح كما أثبتناه هنا.

و يحتمل ضعيفا وجود كلمة (لا).

لكن الحق و الصواب كما أثبتناه.

و القرينة على ذلك قوله قدس سره في هذه الصفحة:

فاذا تبرأ من العيوب ارتفع الظهور.

و لقد أسهب شيخنا الشهيدي رحمه اللّه برحمته الواسعة في هذا المقام إسهابا بالغا مملا، حيث صال و جال حول زيادة كلمة (لا) بلا طائل مع وضوح الأمر، من دون احتياج الى الجولان، و الصيلان.

و كم له، و لغيره: من الأعلام المعلقين على المكاسب من هذه النظائر حيث أطنبوا في التعليق على ما لا يفيد،

و تركوا التعليق على ما من شأنه أن يعلق عليه.

أي يصرف المشتري.

ص: 56


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و الأحوط (42) الإعلام مطلقا (43) كما تقدم من المبسوط (44).

ثم إن المذكور في جامع المقاصد، و المسالك، و عن غيرهما أنه ينبغي بطلان البيع في مثل شوب اللبن بالماء، لأن ما كان من غير الجنس (45) لا يصح العقد فيه، و الآخر (46) مجهول.

إلا أن يقال: إن جهالة الجزء (47) غير مانعة إن كانت الجملة معلومة كما لو ضم ماله، و مال غيره و باعهما ثم ظهر البعض مستحقا (48)، فان البيع لا يبطل في ملكه و إن كان مجهولا قدره وقت العقد، انتهى (49)

(أقول): الكلام في مزج اللبن بمقدار من الماء يستهلك في اللبن، و لا يخرجه عن حقيقته كالملح الزائد في الخبز،

فلا وجه للإشكال المذكور (50)

نعم لو فرض المزج على وجه يوجب تعيب الشيء من دون أن يستهلك فيه: بحيث (51) يخرج عن حقيقته الى حقيقة ذلك الشيء:

توجه ما ذكروه (52) في بعض الموارد.

+++++++++++

هذا رأيه قدس سره في المقام.

أي سواء تبرأ البائع من العيوب أم لا

و سواء أ كان العيب خفيا أم جليا.

عند نقل الشيخ عنه في ص 52 بقوله: وجب عليه أن يبينه.

و هو الماء الذي مزج باللبن.

و هو اللبن الممزوج بالماء المجهول وزنا و مقدارا.

و هو الحليب الممزوج بالماء.

أي مستحقا للغير: بأن كان لزيد مثلا فباعه فضولة بلا اجازة منه.

أي ما أفاده المحقق الكركي قدس سره في (جامع المقاصد)(1)

و ما أفاده (الشهيد الثاني) قدس سره في (المسالك).

و هو بطلان البيع.

الباء بيان لاستهلاك ذاك الشيء فيه.

و هو بطلان البيع.

ص: 57


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسائل في اختلاف المتبايعين
اشارة

(مسائل)

في اختلاف المتبايعين

و هو (1)

(تارة) في موجب الخيار

(و أخرى) (2) في مسقطه

(و ثالثة) في الفسخ (3)

أمّا الأوّل، و هو الاختلاف في موجب الخيار ففيه مسائل:
اشارة

(أما الاول) (4) ففيه مسائل (5)

الأولى لو اختلفا في تعيّب المبيع و عدمه مع تعذّر ملاحظته لتلفٍ أو نحوه،

(الاولى) (6) لو اختلفا في تعيب المبيع، و عدمه

مع (7) تعذر ملاحظته، لتلف، أو نحوه

فالقول قول المنكر (8) بيمينه.

الثانية لو اختلفا في كون الشيء عيبا، و تعذر تبين الحال لفقد أهل الخبرة:

(الثانية) (9) لو اختلفا (10) في كون الشيء عيبا، و تعذر تبين الحال لفقد أهل الخبرة:

كان (11) الحكم كسابقه.

+++++++++++

أي الاختلاف.

(2) أي و مرة ثانية يكون اختلاف المتبايعين في موجب سقوط الخيار.

(3) أي و مرة ثالثة يكون اختلاف المتبايعين في فسخ المعاوضة.

(4) و هو اختلاف المتبايعين في موجب الخيار.

(5) و هي أربعة كما تتلى عليك قريبا إن شاء اللّه تعالى.

(6) أي المسألة الاولى من المسائل الاربع المشار إليها في الهامش 5 من هذه الصفحة

(7) أي مع تعذر الاطلاع على العيب، لأجل تلفه مثلا

بخلاف ما لو امكن الاطلاع عليه، فانه يرتفع النزاع حينئذ.

(8) أي منكر العيب، لكن مع يمينه.

و أما وجه كونه منكرا يقبل قوله بيمينه فظاهر، حيث إنه لو ترك(1)ادعاء التعيب لتركه الطرف الآخر.

(9) أي المسألة الثانية من المسائل الاربع المشار إليها في الهامش 5 من هذه الصفحة

(10) أي البائع و المشتري.

المراد من السابق هي المسألة الاولى المشار إليها بقوله فى هذه الصفحة:

فالقول قول المنكر بيمينه.

ص: 58


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

نعم (12) لو علم كونه نقصا كان للمشتري الخيار في الرد، دون الارش، لأصالة البراءة.

الثالثة لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع أو تأخّره عن ذلك
اشارة

(الثالثة) (13): لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع.

أو تأخره (14) عن ذلك: بأن حدث بعد القبض، و انقضاء الخيار:

كان القول قول منكر تقدمه (15)، للأصل (16)، حتى لو علم تاريخ الحدوث، و جهل تاريخ العقد، لأن (17) أصالة عدم العقد حين حدوث العيب لا يثبت وقوع العقد على العيب.

و عن المختلف أنه حكي عن ابن الجنيد أنه إن ادعى البائع أن العيب حدث عند المشتري حلف المشتري إن كان منكرا، انتهى (18)

و لعله (19) لأصالة عدم تسليم البائع العين الى المشتري على الوجه المقصود، و عدم (20)

+++++++++++

خلاصة هذا الاستدراك:

إنه لو علم من الخارج أن الشيء الذي اختلف المتبايعان في كونه عيبا:

أوجب نقصا في العين المبيعة: بحيث أوجب نقصا في قيمتها:(1)

صار العيب موجبا لأحد أمرين: إما الرد و استرجاع الثمن من البائع، أو إمضاء البيع و أخذ الارش منه.

أي المسألة الثالثة من المسائل الاربع المشار إليها في الهامش 5 ص 58

أي تأخر العيب عن مدة ضمان البائع.

المراد منه هو البائع، حيث يكون هو المنكر غالبا، و لا سيما في الخيارات، و أخص منها خيار العيب.

و هو أصالة عدم تقدم الحدوث على العيب.(2)

تعليل لقوله: حتى لو علم تاريخ الحدوث، و جهل تاريخ العقد.

أي انتهى ما أفاده العلامة قدس سره في المختلف في هذا المقام.

هذا كلام الشيخ قدس سره:

أي و لعل وجه إنكار المشتري حدوث العيب عنده:

هو أصالة عدم تسليم البائع العين الى المشتري حسب ما يريده:

و هي صحة العين و سلامتها عن العيب.

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في هذه الصفحة لأصالة:

أي و لعل تقديم قول المشتري لأجل عدم استحقاق البائع تمام الثمن، لنقصان المبيع بمقدار العيب الموجود فيه فيسقط من الثمن جزء منه.

ففي الواقع هذا تعليل ثان للتقديم المذكور.

ص: 59


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

استحقاقه الثمن كلا، و عدم (21) لزوم العقد.

نظير (22) ما اذا ادعى البائع تغير العين عند المشتري، و أنكر المشتري.

و قد تقدم في محله (23)

هذا (24) اذا لم تشهد القرينة القطعية مما لا يمكن عادة حصوله (25)

+++++++++++

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في ص 59: لأصالة:

أي و لعل تقديم قول المشتري لأجل عدم لزوم البيع عند ما ظهر معيبا، فللمشتري حينئذ الخيار:

إما بالرد، أو الامضاء، و أخذه الارش.

ففي الواقع هذا تعليل ثالث للتقديم المذكور

أفاد بعض المعلقين على المكاسب تغمده اللّه برحمته في هذا المقام ردا على الشيخ القائل بعدم لزوم البيع:

أن الاصل في البيع اللزوم كما اعترف بذلك نفسه قدس سره في البحوث المتقدمة.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة - الجزء 13 ص 18 بقوله:

الثانية ذكر العلامة في كتبه أن الاصل في البيع اللزوم

لكن لا يخفى فيما أفاده المعلق اعتراضا على الشيخ، لأن الكلام في ترتب اللزوم على العقد الذي اجتمعت فيه شروط البيع التي منها كون الثمن، و المثمن صحيحين سالمين.

و فيما نحن فيه ظهر المبيع معيبا، فاللزوم متزلزل ليس بثابت، و لهذا له الخيار بأحد الأمرين المذكورين.

أي ما نحن فيه مثيل اختلاف المتبايعين في تغير العين عند المشتري، حيث يدعيه البائع عند المشتري، و المشتري يدعيه عند البائع.

فهنا يقدم قول المشتري بيمينه

كذلك يقدم قول المشتري هنا.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة - الجزء 11 ص 343 عند قوله:

(فرعان الاول لو اختلفا في التغير).

أي ما قلناه: من تقديم قول المشتري بيمينه(1)

مبني على عدم قيام القرينة القطعية على خلاف ما يدعيه أحدهما:

بأن لا يمكن الاستعلام عن العيب في أن حدوثه عند البائع أو المشتري.

أي حصول العيب.

ص: 60


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

بعد وقت ضمان المشتري، أو تقدمه (26) عليه

و إلا (27) عمل عليها من غير يمين.

قال (28) في التذكرة:

و لو أقام أحدهما بينة عمل بها (29)

ثم قال: و لو أقاما بينة عمل ببينة المشتري، لأن القول قول البائع لأنه منكر، فالبينة على المشتري (30)

+++++++++++

أي او تقدم العيب على وقت ضمان المشتري.

أي و إن أمكن الاستعلام و الاستخبار عن العيب: من حيث التقدم، أو التأخر: بأن قامت القرينة القطعية على ذلك، فهنا يعمل بالقرينة.

خذ لذلك مثالا:

اشترى المريض من احدى الصيدليات كبسولة، أو ابرة فعند الاستعمال تبين فسادها، و كان الشراء في اليوم الخامس من الشهر، و الاستعمال في اليوم السادس من نفس الشهر:

فهنا يقدم قول المشتري بلا يمين، لعدم فساد الدواء خلال 24 ساعة بل الفساد مقدم على الشراء، لشدة الحرارة، أو لمرور الزمن

فشدة الحرارة، أو مرور الزمن قرينة قطعية على الفساد قبل الشراء فدعواه صادقة.

هذا من حيث التقدم

و أما من حيث تأخر العيب

كما لو كان زمن شراء الدواء قبل سنتين، و ادعى المشتري فسادها و أنكره البائع

فهنا يقدم قول البائع بلا يمين، لمرور سنتين على الدواء التي لا تتحمل المدة، و لا سيما اذا كان المناخ حارا، و مدة سلامة الدواء محدودة بسنة مثلا.

من هنا يروم قدس سره الاستشهاد بكلام العلامة قدس سره على الاكتفاء بالقرينة القطعية اذا وجدت، و أن يعمل بها، دون يمين من المنكر، مع أن اليمين عليه.

لم توجد هذه العبارة بنصها في التذكرة

و الموجود هكذا:

فان كان هناك بينة تشهد لأحدهما حكم له بها.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 438

راجع (المصدر نفسه).

ص: 61

و هذا (31) منه مبني على سقوط اليمين عن المنكر باقامة البينة.

و فيه (32) كلام في محله، و إن كان لا يخلو عن قوة.

و اذا حلف البائع فلا بد من حلفه على عدم تقدم العيب

أو نفي (33) استحقاق الرد، و الارش إن كان قد اختبر المبيع، و اطلع على خفايا الأمر.

كما (34) يشهد بالاعسار و العدالة، و غيرهما مما يكتفى فيه بالاختبار الظاهر.

و لو لم يختبر (35) ففي جواز الاستناد في ذلك (36) الى أصالة عدمه

+++++++++++

أي العمل ببينة أحدهما لو أقام أحدهما البينة، و سقوط اليمين عن الآخر، مع أنه منكر:

مبني على سقوط اليمين عن المنكر بسبب اقامته البينة.

أي و في هذا السقوط و المبنى بحث ذكر في محله.

راجع كتب المفصلة الفقهية - كتاب القضاء هناك تجد البحث عنه.

بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله:

على عدم تقدم العيب: أي فلا بد من حلف البائع على عدم استحقاق المشتري الردّ و الارش: بأن يقول:

و اللّه لا يستحق المشتري الردّ، و لا الارش.

هذا اذا كان المشتري قد اختبر و امتحن المبيع(1)، و اطلع على جميع خصوصياته المطلوبة في السلعة التي اشتراها من بائعها.

فالحلف من البائع بالكيفية المذكورة يأتي في هذه الصورة.

و أما اذا كان المشتري لم يختبر السلعة، و لم يطلع على جميع خصوصياته المطلوبة فيها

فليس للبائع الحلف على نفي استحقاق المشتري على الرد، و الارش.

استشهاد منه قدس سره على كفاية الاختبار الظاهري.

أي و لو لم يختبر المشتري المبيع، و لم يطلع على خفايا أمره ظاهرا و لم يحصل له العلم بالعيوب.

فهل هنا نكتفي بحلف البائع حلفا بتيا قطعيا على نفي تقدم العيب على العقد، استنادا الى أصالة عدم التقدم عند الشك في التقدم؟

أي في الحلف كما علمت.

ص: 62


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم في آخر الكتاب.

اذا شك في ذلك وجه احتمله في جامع المقاصد، و حكاه (37) عن جماعة.

كما (38) يحلف على طهارة المبيع، استنادا الى الاصل.

و يمكن (39) الفرق بين الطهارة، و بين ما نحن فيه (40):

بأن المراد من الطهارة في استعمال المتشرعة:

ما يعم غير معلوم النجاسة

لا (41) الظاهر الواقعي

كما (42) أن المراد بالملكية، و الزوجية:

ما استند الى سبب شرعي ظاهري.

+++++++++++

أي و حكى المحقق الثاني قدس سره هذا الحلف مستندا الى أصالة عدم تقدم العيب في جامع المقاصد عن جماعة من الفقهاء.

استشهاد منه قدس سره لحلف البائع في المقام

أي كما يحلف البائع على طهارة المبيع، استنادا الى أصالة طهارته عند شك المشتري في الطهارة.

من هنا يروم قدس سره أن يفرق

بين حلف البائع على طهارة المبيع

و بين حلفه على نفي تقدم العيب على العقد.

و هو حلف البائع على نفي تقدم العيب على العقد

و الباء في بأن بيان لكيفية الفرق بين المقامين.

و خلاصة الفرق: إن الطهارة المعتبرة في المبيع أعم من الطهارة الظاهرية و الواقعية، بناء على اعتبارها في صحة المبيع، و لزومها فيه.

و هذه الأعمية ثابتة بالأصل، فيكتفى في الحلف عليها استناده الى الأصل، و هذا الاستناد لا ينافي قطع الحلف بطهارة المبيع قطعا بتيا جزميا.

فليس المراد من الطهارة في البيع الطهارة الواقعية

بخلاف الصحة في البيع، فان المعتبر فيه هي الصحة الواقعية، لا الأعم منها، و من الظاهرية حتى تستند الظاهرية الى الأصل عند الشك فيها.

ثم لو فرض أن هناك أصلا يستند إليه عند الشك

فلا يجوز حلف البائع على الواقع، لعدم وجود بت و قطع عند الحلف بالنسبة الى الواقع المحلوف عليه.

أي و ليس المراد من الطهارة في البيع الطهارة الواقعية كما علمت.

استشهاد منه قدس سره للاكتفاء بالطهارة الظاهرية في المبيع.

ص: 63

كما (43) تدل عليه رواية حفص الواردة في جواز الحلف على ملكية ما أخذ من يد المسلمين (44).

+++++++++++

استشهاد منه قدس سره على الملكية الظاهرية، و الزوجية الظاهرية باليد:

أي و تدل على هذا الاكتفاء رواية حفص بن غياث.

أليك نص الرواية

عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: قال له رجل

أ رأيت اذا رأيت شيئا في يد رجل؟

أ يجوز لي أن أشهد أنه له؟

قال: نعم.

قال الرجل: أشهد أنه في يده، و لا أشهد أنه له

فلعله لغيره

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:

أ فيحل الشراء منه؟

قال: نعم.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: فلعله لغيره

فمن أين جاز لك أن تشتريه، و يصير ملكا لك؟

ثم تقول بعد الملك: هو لي، و تحلف عليه، و لا يجوز أن تنسبه الى من صار ملكه من قبله أليك.

ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق.

راجع (فروع الكافي) الجزء 7 ص 387 - الحديث 1

فالحديث هذا صريح في كفاية (اليد على الملكية الظاهرية)

ثم لا يخفى عليك أيها القارئ الكريم:

أن الموجود في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا حتى النسخة المصححة من قبل جمع من الأفاضل الكرام الذين بالغوا في تصحيح الكتاب حسب دعواهم هكذا:

كما تدل عليه رواية جعفر.

و الصحيح (رواية حفص) كما أثبتناه هنا.

و كما في تعليقة المحقق الشيخ عبد اللّه المامقاني قدس سره على المكاسب الجزء 2 ص 12.

ص: 64

و في التذكرة بعد ما حكى عن بعض الشافعية جواز الاعتماد على أصالة السلامة في هذه الصورة * قال:

و عندي فيه نظر.

أقر به الاكتفاء بالحلف على نفي العلم (45).

+++++++++++

نعم في (فروع الكافي) الجزء 7 ص 431 - الحديث 18 حديث مروي عن جعفر بن عيسى

لكنه آب من دلالته على المطلوب، و أجنبي عن المقام

لا ربط له بما نحن فيه - أليك نصّه

محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن اسماعيل عن جعفر بن عيسى

قال: كتبت الى أبي الحسن عليه السلام:

جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه كان أعارها بعض ما كان عندها: من متاع، و خدم

أتقبل دعواه بلا بينة أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟

فكتب إليه يجوز بلا بينة.

قال: و كتبت إليه:

إن ادعى زوج المرأة الميتة، أو أبو زوجها، أو أم زوجها في متاعها أو في خدمها مثل الذي ادّعى أبوها: من عارية بعض المتاع، أو الخدم

أ يكونون في ذلك بمنزلة الأب في الدعوى؟

فكتب عليه السلام: لا

هذا هو الحديث المروي عن جعفر

فكن أيها القارئ النبيل حكما بين الروايتين

هل لهذا الحديث ربط في المقام؟

و العجب من هؤلاء الأفاضل الأعلام

و من مدرسي الكتاب، و المعلقين عليه

كيف خفي عليهم مثل هذه الأمور المهمة؟

و كيف يقولون في مقدمة الكتاب:

و لقد بذلنا في تصحيح الكتاب غاية الجهد، و العناية الدقيقة

* و هي صورة اقامة البينة من الطرفين، و توجه اليمين على البائع.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجزء 7 ص 439 و في المصدر نفسه: باليمين بدلا عن الحف.

ص: 65

و استحسنه (46) في المسالك، قال (47): لاعتضاده بأصالة عدم التقدم فيحتاج المشتري الى اثباته.

و قد سبقه (48) في ذلك في الميسيّة، و تبعه (49) في الرياض.

أقول (50): إن كان مراده الاكتفاء بالحلف على نفي العلم في إسقاط اصل الدعوى: بحيث لا تسمع البيّنة بعد ذلك (51) ففيه إشكال (52)

نعم لو أريد سقوط الدعوى الى أن تقوم البينة فله (53) وجه.

و إن استقرب في مفتاح الكرامة أن لا يكتفى بذلك (54) منه

فيرد الحاكم اليمين على المشتري فيحلف.

و هذا (55) أوفق بالقواعد.

ثم الظاهر من عبارة التذكرة اختصاص يمين نفي العلم على القول به (56): بما اذا لم يختبر البائع المبيع.

+++++++++++

أي استحسن الشهيد الثاني ما أفاده العلامة قدس سرهما في هذا المقام: من الاكتفاء باليمين في نفي العلم بالعيب.

تعليل من الشهيد الثاني قدس سره للاستحسان المذكور.

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره: أي و قد سبق المحقق 'الثاني الشهيد الثاني قدس سرهما في هذا الاستحسان.

الظاهر أن مرجع الضمير الشهيد الثاني

و من المحتمل ارجاعه الى المحقق الثاني.

من هنا يروم شيخنا الأنصاري المناقشة مع العلامة قدس سرهما.

أي بعد الحلف من قبل البائع.

وجه الاشكال: إن الحلف على نفي العلم بالعيب لا ربط له بادعاء المشتري تقدم العيب على العقد.

فلا مجوز لسقوط شهادة البينة إذا.

أي فلهذا السقوط وجه.

أي بالحلف من البائع.

و هو عدم الاكتفاء بيمين البائع، ورد اليمين على المشتري.

أي بناء على القول بذلك.

ص: 66

بل عن الرياض لزوم الحلف مع الاختبار على البتّ قولا (57) واحدا لكن الظاهر أن المفروض في التذكرة صورة الحاجة الى يمين نفي العلم،، اذ مع الاختبار يتمكن من الحلف على البت.

فلا حاجة الى عنوان مسألة اليمين على نفي العلم.

لا أن اليمين على نفي العلم لا يكفي من البائع مع الاختبار، فافهم

فرعٌ: لو باع الوكيل، فوجد به المشتري عيباً يوجب الردّ ردَّه على الموكِّل؛

(فرع) لو باع الوكيل فوجد به المشتري عيبا يوجب الردّ

ردّه على الموكل، لأنه المالك، و الوكيل نائب عنه، و بطلت وكالته بفعل ما أقر به (58) فلا (59) عهدة عليه.

و لو اختلف الموكل، و المشتري في قدم العيب، و حدوثه

فيحلف الموكل على عدم التقدم كما مرّ (60)

فلا يقبل اقرار الوكيل بقدمه (61)، لأنه أجنبي.

و اذا كان المشتري جاهلا بالوكالة، و لم يتمكن الوكيل من اقامة البينة (62) فادعى على الوكيل بقدم العيب (63)

+++++++++++

أي لزوم الحلف على البائع بانكاره اجماعي لا خلاف فيه.

فعليه لا بدّ من كون حلفه قطعيا.

و هو البيع.

أي فلا ضمان على الوكيل بعد بطلان الوكالة من قبل الموكل ببيع ما أمره به.

فالضامن للعبد هو الموكل لا غير.

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجزء 7 ص 439

في هذه الصفحة عند قوله: و لو اختلف الموكل و المشتري(1)

أي بقدم العيب، و سبقه على العقد.

أي لاثبات وكالته.

خلاصة هذا الكلام: إن المشتري يرى أن الوكيل هو الأصيل في البيع فأقام عليه دعوى وجود العيب سابقا على العقد، و على القبض.

و الغاية من الدعوى اثبات الخيار له

إما برد المبيع المعيب

أو بالامساك و أخذ الارش.

ص: 67


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فان (64) اعترف الوكيل بالتقدم لم يملك الوكيل ردّه على الموكل.

لأن * اقرار الوكيل بالسبق دعوى بالنسبة الى الموكل لا يقبل إلا بالبينة

فله (65) إحلاف الموكل على عدم السبق، لأنه (66) لو اعترف نفع الوكيل بدفع الظلامة عنه، فله (67) عليه مع انكاره اليمين.

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام: إن المشتري اذا لم تكن له البينة لاثبات دعواه التي هو سبق العيب على العقد

فالوكيل تارة يعترف بسبق العيب على العقد

و أخرى ينكر ذلك

فان اعترف بالسبق، و أن العيب مقدم على العقد، و على القبض

فقد ثبت للمشتري حق الخيار، فله الرجوع على الوكيل، لأنه الأصيل في البيع، بناء على أنه المالك في اعتقاده.

فللمشتري رد العين المعيبة عليه

و ليس للوكيل مبرّر شرعي لردّ العين على الموكل، لأن الموكل منكر لسبق العيب على العقد.

و أما اعتراف الوكيل بسبق العيب فهو اعتراف في حق الغير فهو بمنزلة الدعوى على الموكل.

و هذه الدعوى لا تثبت إلا بالبينة.

و ليس للوكيل تمكن على اقامة البينة.

* تعليل لعدم تمكن الوكيل على رد العين المردودة عليه من قبل المشتري على الموكل.

و قد عرفته في الهامش 64 في هذه الصفحة عند قولنا: و أما اعتراف الوكيل

خلاصة هذا الكلام: إن للوكيل حقا على الموكل: بأن يحلف الموكل في صورة إنكاره سبق العيب على العقد، و على القبض.

تعليل لكون الوكيل ذا حق في طلب اليمين من الموكل عند ما ينكر سبق العيب على العقد.

خلاصته: إن الموكل لو توقف عن اليمين، و اعترف كما اعترف الوكيل به، مع اقراره بالوكالة

فقد نفع الوكيل بدفع الظلامة عنه: و هي الغرامة.

مرجع الضمير الوكيل، و في عليه الموكل، و في انكاره الموكل أيضا:

أي و للوكيل في صورة انكار الموكل سبق العيب على العقد إحلاف الموكل

ص: 68

و لو رد (68) اليمين على الوكيل فحلف على السبق الزم (69) الموكل

و لو أنكر (70) الوكيل التقدم حلف، ليدفع عن نفسه الحق اللازم عليه لو اعترف، و لم (71) يتمكن من الرد على الموكل.

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام: إن الموكل لو توقف عن اليمين وردها على الوكيل فحلف الوكيل على سبق العيب على العقد:

فقد ألزم الموكل حينئذ على نحمله الضرر: و هي غرامة العيب، بناء على اقتضاء الميزان الشرعي على ذلك ظاهرا، لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إنما أقضي بينكم بالبينات، و الأيمان.

و أما بالنسبة الى الواقع فيجب على الموكل فيما بينه، و بين اللّه عز و جل اذا كان العيب سابقا على العقد:

أن يحتمل الغرامة و الضرر، من دون احتياج الى اقامة بينة من قبل الوكيل، أو توجه يمين عليه، لكون الموكل هو المالك للعين في الواقع و نفس الأمر.

أي الوكيل ألزم الموكل و أجبره على دفع الغرامة كما عرفت.

و المراد من الغرامة هو اعطاء الارش الى المشتري.

أو تقبل المعيب، و رد الثمن الى المشتري.

هذا هو الفرض الثاني، إذ الفرض الأول:

هو اعتراف الوكيل بتقدم العيب على العقد.

و خلاصة الفرض الثاني الذي هو انكار الوكيل سبق العيب على العقد الذي ادعاه المشتري عليه:

هو حلف الوكيل للمشتري على عدم سبق العيب على العقد حتى يدفع عن نفسه ثبوت الحق الذي هي الغرامة فيما لو اعترف بسبقه و الحال أنه غير متمكن من الرد على الموكل حين أن اعترف للمشتري بسبق الرد.

الواو حالية: أي و الحال أن الوكيل غير متمكن من الرد على الموكل كما عرفت.

ص: 69

لأنه (72) لو أقر ردّ عليه.

و هل للمشتري (73) تحليف الموكل، لأنه (74) مقر بالتوكيل؟

الظاهر لا (75)، لأن (76) دعواه على الوكيل يستلزم انكار وكالته و على الموكل يستلزم الاعتراف بها (77).

و احتمل (78) في جامع المقاصد ثبوت ذلك له.

+++++++++++

تعليل لعدم تمكن الوكيل من الرد على الموكل لو اعترف بالسبق:

أي لو أقر الموكل بسبق العيب على العقد كما اعترف به الوكيل

إذا لتمكن الوكيل من الرد على الموكل، و المفروض أنه غير مقر فلا يكون الوكيل متمكنا من الرد عليه

هذا اذا أرجعنا الضمير الى الموكل

و أما اذا أرجعناه الى الوكيل فيكون المعنى:

إن الوكيل لو أقر بالسبق ردّ المعيب عليه.

هذا بناء على اقرار الموكل بالتوكيل، فيكون هو طرف الدعوى فيتوجه نحوه اليمين من قبل المشتري على عدم سبق العيب على العقد.

تعليل لاحلاف المشتري الموكل و قد عرفته عند قولنا:

فيكون هو طرف الدعوى.

أي ليس للمشتري حق إحلاف الموكل، لأن المشتري لا يرى(1) أن البائع و هو الوكيل هو المالك في الواقع و نفس الأمر، فهو الطرف في الدعوى، لأنه الاصل، فاعتقاده بذلك مستلزم لانكار وكالته

و توجه اليمين من قبل المشتري نحو الموكل مستلزم للاعتراف بوكالة البائع، و أن الطرف في الدعوى هو الموكل.

و من الامكان أن يكون الوجه في ذلك هو لزوم كون المشتري مترددا في طرف دعواه بين الوكيل و الموكل، و هذا ينافي اشتراط تعيين المدعى عليه في جواز سماع الدعوى على القول به.

تعليل لعدم حق للمشترى في إحلاف الموكل، و قد عرفته في الهامش 75 من هذه الصفحة عند قولنا: فاعتقاده بذلك.

في جميع النسخ بتذكير الضمير، و الصحيح ما أثبتناه، حيث إن المرجع و هي الوكالة مؤنث.

خلاصة هذا الكلام: إن المحقق الكركي قدس سره احتمل أن للمشتري ارجاع اليمين على الموكل مؤاخذة له بسبب إقراره بالوكالة، و اعترافه:

بأنه هو المالك.

ص: 70


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

مؤاخذة (79) له باقراره.

ثم اذا لم (80) يحلف الوكيل، و نكل و حلف المشتري اليمين المردودة، و ردّ العين على الوكيل

+++++++++++

هذه الكلمة منصوبة على المفعول لأجله: أي ثبوت تحليف المشتري الموكل إنما هو لأجل اقرار الموكل بالوكالة.

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره

خلاصته: إن الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم اختلفوا في اليمين المردودة على أقوال ثلاثة:

(الاول): إنها بمنزلة بينة المدعي.

(الثاني): كونها بمنزلة اقرار المنكر.

(الثالث): كونها أمرا مستقلا لا ربط لها، لا بالمدعي، و لا بالمنكر.

ففيما نحن فيه: و هي مسألة عدم حلف الوكيل، و نكوله اليمين على المشتري، و حلف المشتري.

فهل للوكيل حق أن يرد العين المعيبة على الموكل أم ليس له ذلك؟

فهنا وجهان أفادهما العلامة قدس اللّه نفسه الطاهرة و بنى الوجهين في القواعد على القول الاول، و الثاني من الأقوال الثلاثة.

فعلى القول الاول: و هو أن اليمين المردودة بمنزلة بينة المدعي

تكون اليمين المردودة نافذة في حق الموكل فيحق للوكيل ردّ العين عليه، لأن حلف المشتري حينئذ بمنزلة اقامة البينة من قبله على اثبات(1)سبق انكار الوكيل سبق العيب على البيع، و هذا يتصور على وجهين:

(الاول) تعلق الانكار بسبق العيب صراحة.

(الثاني) تعلقه بحق المشتري في دعواه على الوكيل

فعلى الاول معناه أن الوكيل قاطع بعدم سبق العيب على العقد

فاذا أقام البينة، أو ما يقوم مقامها من هذه الصورة على ثبوت العيب في الواقع و نفس الامر، أو مجرد الدعوى على ثبوته:

تكون البينة كاذبة، و الدعوى غير صادقة

فيقع التنافي بين انكاره المستند الى جزمه و قطعه بعدم ثبوت السبق

و بين قيام البينة، أو مجرد الدعوى على ثبوت السبق، فلا فائدة في قيام البينة، أو ما يقوم مقامها على سبق العيب، لأن إقامة البينة مخالفة لاعتراف الوكيل بعدم السبق، لقطعه بعدم السبق.

فتكون البينة كاذبة، و الدعوى من قبل المشتري ظالمة -

ص: 71


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فهل للوكيل ردها (81) على الموكل أم لا؟

وجهان بناهما في القواعد على كون اليمين المردودة كالبينة فتنفذ (82) في حق الموكل.

أو كاقرار الموكل(1) فلا تنفذ (83).

+++++++++++

- فالقول بأن يمين الوكيل المردودة على المشتري بمنزلة اقامة البينة من قبل المشتري في رده على الموكل: غير نافع.

و على التصور الثاني الذي هو إنكار الوكيل ثبوت حق من المشتري عليه في الواقع و نفس الأمر.

أو إنكاره ثبوت حق من المشتري عليه بسبب العيب المدعى.

فيكون الانكار صحيحا، أو مسموعا لدى الحاكم في مجلس القضاء و الحكم، لأن حق المدعي مع عدم وجود ما يثبت دعواه كالبينة

أو ما يقوم مقامها:

لا يثبت بمجرد الدعوى، لأن المفروض في المقام أن المشتري ليس له بينة أو ما يقوم مقامها لاثبات دعواه.

فيقدم قول الوكيل، لوجود الاستصحاب: أي استصحاب عدم سبق العيب على البيع، و سلامة المبيع قبل بيعه، و قبل اقباضه للمشتري:

بحيث يكون الانكار غير مناف لثبوت العيب في الواقع و نفس الأمر،

أو مجرد الدعوى على ثبوته.

بالإضافة الى اعتراف الموكل بوكالة الوكيل اذا تم ثبوت الدعوى على الموكل.

و على القول الثاني: و هو أن اليمين المردودة بمنزلة اقرار المنكر تكون اليمين المردودة بمنزلة اقرار الوكيل بسبق العيب قبل العقد بعد انكاره السبق و التقدم:

فلا تكون نافذة في حق الموكل، لأنه حينئذ من قبيل الاقرار في حق الغير

أي رد العين المعيبة كما عرفت آنفا.

أي اليمين المردودة كما عرفت.

أي لا تنفذ اليمين المردودة كما عرفت.

ص: 72


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و تنظر فيه (84) في جامع المقاصد: بأن (85) كونها كالبينة لا يوجب نفوذها للوكيل على الموكل، لأن (86) الوكيل معترف بعدم سبق العيب فلا تنفعه البينة القائمة على السبق الكاذبة باعترافه.

قال (87): اللهمّ إلا أن يكون انكاره (88) لسبق العيب، استنادا الى الأصل (89): بحيث لا ينافي ثبوته (90)، و لا دعوى * ثبوته.

+++++++++++

أي المحقق الكركي قدس سره أورد على ما أفاده العلامة قدس سره:

في رد العين المعيبة على الموكل، و عدم ردها عليه، بناء على القولين المذكورين اللذين ذكرهما في القواعد، و بنى عليهما مسألة اليمين المردودة

الباء بيان لكيفية الايراد.

و خلاصة الكيفية: إن مجرد كون اليمين المردودة كالبينة:

غير موجب نفوذها للوكيل على الموكل.

تعليل لعدم كون اليمين المردودة موجبة للنفوذ على الوكيل

خلاصته: إن معنى انكار الوكيل سبق العيب على العقد الذي يدعيه المشتري:

هو جزمه و قطعه بعدم السبق.

فقيام البينة، أو ما هو بمنزلتها على السبق مخالف لاعترافه بعدم السبق، لأنه بزعمه يرى أن البينة كاذبة.

و دعوى المشتري تقدم العيب على البيع غاشمة و ظالمة لا أصل لها.

فلا ينفعه القول: بأن يمينه المردودة على المشتري بمنزلة اقامة بينة المشتري في ردها على الموكل.

أي المحقق الكركي قدس سره

مقصوده من هذا الاستدراك تصحيح ما أفاده العلامة في القواعد:

من جواز رد العين المعيبة على الموكل إن كانت اليمين المردودة كالبينة و عدم جواز ردها إن كانت كاقرار الموكل

فالاستدراك هذا عدول عما أورده على العلامة:

و خلاصة الاستدراك: إنه يقدم قوله أيضا، لوجود البراءة من العيب، لأن الأصل في المبيع أن يكون سالما.

أي إنكار الوكيل كما عرفت.

و هو الاستصحاب كما عرفت في الهامش ص 72 عند قولنا:

لوجود الاستصحاب.

أي ثبوت العيب في الواقع و نفس الامر كما عرفت.

* أي و لا مجرد الدعوى على ثبوت العيب قبل العقد.

ص: 73

كأن يقول (91): لا حق لك عليّ في هذه الدعوى(1) إذ (92) ليس في المبيع عيب ثبت لك به الرد عليّ، فانه (93) لا يمتنع حينئذ تخريج المسألة على القولين المذكورين، انتهى (94)

و في مفتاح الكرامة: إن اعتراضه (95) مبني على كون اليمين المردودة كبينة الراد.

و المعروف (96) بينهم أنها كبينة المدعي.

+++++++++++

مثال للنفي: أي صيغة إنكار الوكيل دعوى سبق العيب التي لا تنافي قيام البينة، أو ما يقوم مقامها على ثبوت العيب، أو مجرد الدعوى على ثبوته: أن يقال هكذا:

مثال آخر للنفي: أي صيغة إنكار الوكيل دعوى المشتري سبق العيب:

بحيث لا تنافي الدعوى قيام البينة، أو ما يقوم مقامها على ثبوت العيب: بأن يقول هكذا:

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أنه اذا كان مستند انكار الوكيل سبق العيب على العقد: هو الأصل الذي هو الاستصحاب.

و الضمير في فانه ضمير شأن فهو اسم إن.

و جملة لا يمتنع مرفوعة محلا خبر إن.

و حاصل التفريع: إنه لا مانع حين أن كان انكار الوكيل دعوى المشتري بالنحو الذي ذكرناه: من بناء المسألة على اليمين المردودة بما غرمه على الموكل:

على القولين المذكورين في القواعد

و هما: كون اليمين المردودة كبينة المدعي

أو كونها كاقرار الموكل(2)

فعلى الاول يجوز له الرد

و على الثاني لا يجوز له الرد

أي ما أفاده المحقق الكركي قدس سره في هذا المقام.

أي اعتراض المحقق الكركي على ما أفاده العلامة قدس سرهما في القواعد: من القولين المذكورين.

هذا رأي صاحب مفتاح الكرامة قدس سره.

أي المعروف لدى الفقهاء أن اليمين المردودة كبينة المدعي.

ص: 74


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أقول (97): كونها كبينة المدعي لا ينافي عدم نفوذها للوكيل المكذب لها على الموكل.

و تمام الكلام في محله (98).

الرابعة لو رَدّ سلعةً بالعيب فأنكر البائع أنّها سلعته،

(الرابعة) (99) لو ردّت (100) سلعة بالعيب فانكر البائع أنها سلعته

+++++++++++

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره.

خلاصته: إنه لو قلنا بمقالة المشهور و المعروف لدى الفقهاء رضوان اللّه عليهم أجمعين: من أن اليمين المردودة كبينة المدعي، لا كبينة الراد:

لا يكون منافيا للذهاب الى عدم كون البينة نافذة في حق الوكيل على الموكل، لأن الوكيل معترف بعدم سبق العيب على البيع.

أي يأتي البحث عن أن اليمين المردودة

هل هي كبينة المدعي؟

أو كبينة الراد؟:

في باب القضاء و الشهادات مشروحا إن شاء اللّه تعالى.

أي المسألة الرابعة من المسائل التي أفادها قدس سره بقوله في ص 58: أما الاول ففيه مسائل.

هذه المسألة من مسائل اختلاف المتبايعين

و المسألة هذه تنحل الى مسألتين:

(الاولى) اختلاف المتبايعين في ثبوت الخيار للمشتري بسبب اختلافهما في السلعة المردودة من قبل المشتري على البائع.

(الثانية) اتفاق المتبايعين على ثبوت الخيار للمشتري.

و اختلافهما في السلعة المردودة على البائع:

من حيث عدم كونها هي المبيعة كما يدعيه البائع

و كونها هي كما يدعيه المشتري

و نحن نشير الى تلك المسألتين عند رقمها الخاص.

هذه هي المسألة الاولى

الباء في بالعيب سببية

خلاصة هذه المسألة: إنه لو رد المشتري على البائع السلعة المشتراة منه بسبب وجود عيب فيها يوجب ثبوت الخيار له

فأنكر البائع كون سلعته هي المعيبة

و المشتري يدعي أنها سلعته: و هي التي وقع العقد عليها، ليثبت بالدعوى حق الفسخ له حتى يردّ السلعة على البائع. -

ص: 75

قدّم قول البائع كما في التذكرة، و الدروس، و جامع المقاصد لأصالة (101) عدم حق له عليه، و أصالة (102) عدم كونها سلعته.

و هذا (103) بخلاف ما لو ردّها بخيار فأنكر كونها له.

فاحتمل (104) هنا في التذكرة * و القواعد تقديم قول المشتري

و نسبه (105) في التحرير الى القيل، لاتفاقهما (106) على استحقاق الفسخ

+++++++++++

- فهنا طبقا للموازين القضائية يحكم للبائع بتقديم قوله، و ذلك لأجل الاستصحاب: و هو استصحاب عدم حق للمشتري على البائع.

و استصحاب عدم كون السلعة سلعته.

و الاستصحاب هذا لا ترفع اليد عنه إلا بوجود البينة

أو ما يقوم مقامها.

المراد به الاستصحاب كما علمت.

المراد به الاستصحاب كما عرفت آنفا.

و هو بالجر عطفا على المجرور باللام في قوله في هذه الصفحة: لأصالة:

أي و لأصالة عدم كون السلعة المعيبة سلعته المبيعة.

هذه هي المسألة الثانية التي ردت السلعة بخيار معترف به من قبل البائع.

خلاصة هذه المسألة: إن العلامة قدس سره احتمل فيها تقديم قول المشتري كما في التذكرة، و القواعد.

لكن في التحرير احتمل مساواة هذه المسألة مع المسألة الاولى في تقديم قول البائع على قول المشتري.

ثم نسب تقديم قول المشتري في هذه المسألة الى القيل:

أي لا يعرف قائله، أو لا يعتنى به.

و علّل سبب تقديم قول المشتري على قول البائع:

بأنهما متفقان على استحقاق المشتري الفسخ.

أي العلامة قدس سره.

* راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 440

أي و نسب العلامة قدس سره هذا التقديم في التحرير الى القيل.

و لا يخفى ما في نسبة تقديم قول المشتري الى القيل.

تعليل من العلامة قدس سره لتقديم قول المشتري على قول البائع.

و قد عرفته في الهامش 103 عند قولنا: و علل سبب التقديم.

ص: 76

بعد (107) أن احتمل مساواتها للمسألة الاولى.

أقول (108): النزاع في كون السلعة سلعة البائع يجتمع مع الخلاف في الخيار، و مع الاتفاق عليه كما لا يخفى.

لكن ظاهر المسألة الاولى كون الاختلاف في ثبوت خيار العيب ناشئا عن كون السلعة هذه السلعة المعيبة، أو غيرها، و الحكم بتقديم قول البائع مع يمينه.

و أما (109) اذا اتفقا على الخيار و اختلفا في السلعة

فلذي الخيار حينئذ انفسخ من دون توقف على كون هذه السلعة هي المبيعة، أو غيرها.

+++++++++++

أي احتمال تقديم قول المشتري إنما كان بعد احتماله قدس سره مساواة المسألة الثانية مع المسألة الاولى في تقديم قول البائع على قول المشتري

من هنا يروم قدس سره التمهيد للنقاش مع العلامة في تقديمه قول المشتري على البائع في المسألة الثانية.

و حاصل التمهيد: إن الخلاف بين البائع، و المشتري في أن هذه السلعة سلعته أم لا:

نزاع آخر لا ربط له بالنزاع في ثبوت الخيار للمشتري

أو الاتفاق عليه.

و إن كان ظاهر المسألة الاولى المشار إليها في الهامش 100 ص 75

هو أن النزاع في السلعة منشأ للنزاع في ثبوت خيار العيب للمشتري فحكم هذه المسألة أن يقدم قول البائع مع يمينه.

هذه هي المسألة الثانية المشار إليها في الهامش 99 ص 75

من هنا بدأ قدس سره في المناقشة مع العلامة قدس سره.

و حاصل النقاش كما مهّد له في العبارة السابقة في المسألة الاولى المشار إليها في الهامش 100 ص 75:

إنه في صورة اتفاق البائع و المشتري على ثبوت الخيار للمشتري فللمشتري الفسخ.

إذا لا ربط له بنزاعهما في السلعة المردودة

بل لكل من المسألتين حكمه

فاذا اختار المشتري الفسخ، و أراد رد السلعة فأنكرها البائع

فالأصل الذي هو استصحاب عدم كون هذه السلعة سلعته التي وقع العقد عليها:

يكون مع البائع -

ص: 77

فاذا فسخ و أراد (110) ردّ السلعة فأنكرها البائع فلا وجه لتقديم قول المشتري مع أصالة (111) عدم كون السلعة هي التي وقع العقد عليها.

نعم (112) استدل عليها في الايضاح بعد ما قوّاه: بأن (113) الاتفاق منهما على عدم لزوم البيع، و استحقاق الفسخ، و الاختلاف في موضعين:

(أحدهما) خيانة المشتري فيدعيها البائع بتغير السلعة

و المشتري ينكرها، و الأصل عدمها.

(الثاني) سقوط حق الخيار الثابت للمشتري، فالبائع يدعيه

+++++++++++

- و على المشتري اثبات كون السلعة المردودة هي التي وقع العقد عليها فظهر أنه لا فرق بين المسألتين بالنسبة الى تقديم قول البائع مع يمينه:

فعليه لا وجه لتقديم قول المشتري.

أي المشتري.

المراد بالأصالة هو الاستصحاب كما عرفت في الهامش 109 ص 77

استدراك عمّا أفاده في قوله في هذه الصفحة:

فلا وجه لتقديم قول المشتري مع أصالة عدم كون السلعة هي التي وقع العقد عليها.

خلاصته: إن فخر المحققين قدس سره قد استدل في الايضاح على تقديم قول المشتري في صورة اتفاقهما على ثبوت حق الخيار للمشتري:

و هي المسألة الثانية بعد ما قواه و اختاره:

بأن الأصل في هذه المسألة مع المشتري

فالمدعي هنا هو البائع، و المنكر هو المشتري

عكس المسألة الاولى، لأن البائع يدعي خيانة المشتري بسبب تغير السلعة، و المشتري ينكرها.

و مقتضى الأصل الذي هو الاستصحاب المذكور في الهامش 109 ص 77 هو عدم تغير السلعة

و أيضا يدعي البائع سقوط حق الخيار الثابت للمشتري،

و المشتري ينكر سقوطه، لاستصحاب بقائه.

الباء بيان لكيفية استدلال فخر المحققين.

و قد عرفته في الهامش 112 من هذه الصفحة عند قولنا:

بأن الأصل في هذه المسألة

ص: 78

و المشتري ينكره و الأصل (114) بقاؤه.

و تبعه (115) في الدروس، حيث قال (116):

لو أنكر البائع كون المبيع مبيعه حلف و لو صدقه (117) على كون المبيع معيوبا، و أنكر تعيين المشتري حلف المشتري، انتهى (118).

أقول (119): أما دعوى الخيانة فلو احتاجت الى الاثبات و لو كان

+++++++++++

المراد به هو الاستصحاب: أي استصحاب بقاء الخيار.

أي و تبع الشهيد فخر المحققين في الدروس على ذلك.

أي الشهيد الأول قدس سره.

أي صدق البائع المشتري في كون المبيع معيبا، لكن أنكر كون هذا المعيب هو المبيع.

أي ما أفاده فخر المحققين قدس(1) سره في الايضاح في هذا المقام.

من هنا يروم قدس سره الحوار و المناقشة مع فخر المحققين قدس سره فيما أفاده في الايضاح: من تقديم قول المشتري في المسألة الثانية المشار إليها في الهامش 109 ص 77، بناء على فرض البائع مدعيا خيانة المشتري بتغير السلعة المردودة، و سقوط حقه من الخيار الثابت له.

و الحوار في الموضعين:

(الاول) دعوى البائع خيانة المشتري

(الثاني) دعوى البائع سقوط حق المشتري من الخيار

أما حاصل الحوار في الموضع الاول

فنقول: إن دعوى البائع الخيانة على المشتري لو فرض احتياجها الى الاثبات باقامة البينة،

أو ما يقوم مقامها باعتبار أنها أمر وجودي مخالف للأصل.

و الأصل الذي مع البائع هو الاستصحاب: أي استصحاب عدم كون السلعة المردودة من قبل المشتري سلعته المبيعة:

لا ينهض لاثبات خيانة المشتري، لأن هذا الأثر ليس منه، بل من لوازمه التي هي من الاصول المثبتة التي لا نقول بحجيتها.

فعلى فرض تمامية دعوى البائع خيانة المشتري على هذا النحو:

لكان الواجب تقديم قول المشتري أيضا حتى في المسألة الاولى، لوجود نفس الملاك: و هي دعوى الخيانة فيها.

و دعوى الخيانة هو الخلاف بين البائع و المشتري في السلعة المردودة المعيبة، اذ لا فرق بين المسألتين من هذه الجهة أيضا

كما لا يخفى على المتأمل البصير.

ص: 79


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

معها أصالة عدم كون المال الخاص هو المبيع.

لوجب (120) القول بتقديم قول المشتري في المسألة الاولى (121).

+++++++++++

جواب لكلمة (لو الشرطية) في قوله في ص 79:

فلو احتاجت الى الاثبات

و كلمة لو في قوله في ص 79: و لو كانت معها أصالة وصلية:

أي و إن كانت مع هذه الدعوى المحتاجة الى الاثبات:

أصالة عدم كون المال الخاص هو المبيع.

هذا في الواقع دفع وهم يروم به توجيه تقديم قول المشتري حتى في المسألة الاولى.

خلاصة الوهم: إن المفروض في المسألة الاولى:

هو اختلاف البائع مع المشتري في ثبوت حق الخيار له بانكار البائع السلعة المردودة عليه من قبل المشتري.

فالأصول المذكورة في الايضاح التي نشير إليها في الهامش 122 من ص 81 الآتي:

مع البائع بسبب انكاره العيب في السلعة.

بينما في المسألة الثانية لا خلاف بينهما في ثبوت الخيار

و إنما الخلاف بينهما في السلعة فقط

فعليه كيف يقال بوجوب تقديم قول المشتري في هذه المسألة و المسألة الاولى؟

و أما الدفع فانه يقال: إن تلك الاصول التي ذكرها في الايضاح و سنشير إليها:

إنما تنفع البائع بناء على أن مصب الدعوى على ما ذكره في الايضاح هي السلعة المردودة بسبب العيب، و البائع ينكر ذلك.

و أما بناء على أن مصب الدعوى على ما ذكره في الايضاح في المسألة الثانية:

هو أن البائع(1) شخصه مدعيا، و المشتري يكون منكرا، حيث إن البائع يدعي خيانة المشتري بسبب تغييره السلعة التي وقع عليها العقد و المشتري ينكر ذلك.

و أيضا إن البائع يدعي سقوط حق خيار المشتري الذي كان ثابتا له، و المشتري ينكر ذلك.

فتلك الاصول لا تنفع البائع، لأنها غير قابلة لمعارضة الأصل

ص: 80


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و إن كانت هناك أصول متعددة (122) على ما ذكرها في الايضاح:

و هي أصالة (123) عدم الخيار، و عدم (124) حدوث العيب، و صحة (125)، القبض:

+++++++++++

- الذي هو عدم خيانته: لأن هذه الأصالة مستندة الى ظهور حال المسلم المحمول على الصحة.

و هذا الظهور وارد على جميع الأصول العملية

فحاصل الكلام: إن نسبة تلك الأصول المذكورة في الايضاح

كنسبة المحكوم الى الحاكم، أو كنسبة المورود الى الوارد

فلا يقاوم شيء منها الأصل الذي مع المشتري، فيقدم قوله.

من هنا أخذ قدس سره في بيان تلك الأصول المذكورة في الايضاح:

و هي ثلاثة، و نحن نشير الى كل واحد منها.

هذا هو الأصل الاول

و المراد من الأصل هنا هو الاستصحاب: أي أن المشتري لم يكن له خيار قبل حدوث العيب، و بعده يشك فيه فيستصحب عدمه.

بالجر عطفا على المضاف إليه: و هو عدم الخيار: أي و أصالة عدم حدوث العيب

هذا هو الأصل الثاني.

و المراد من الأصل أيضا هو الاستصحاب: أي أن المبيع لم يكن معيبا قبل البيع، فبعد البيع يشك في حدوث العيب فيه فنجري استصحاب عدم الحدوث.

بالجر عطفا على المضاف إليه: و هو عدم الخيار: أي و أصالة عدم صحة القبض

هذا هو الأصل الثالث.

و المراد من الأصل هو الاستصحاب أيضا: أي أن المبيع قد قبض سالما، فيشك في عروض شيء عليه يخرجه عن الصحة، فنجري عدم العروض

فالبائع لا يكون ضامنا للمبيع اذا عرض عليه العيب فذمته تخرج عن الضمان.

هذه هي الأصول التي ذكرها فخر الاسلام قدس سره في الايضاح و التي جاء بها، ليتقوى جانب البائع، فيقدم قوله على قول المشتري.

لكنك عرفت أن هذه الأصول لا تقاوم الأصل الذي مع المشتري:

و هو ظهور حال المسلم الذي هو وارد على تلك الأصول.

ص: 81

بمعنى (126) خروج البائع من ضمانه، لأن أصالة عدم الخيار مستندها ظهور حال المسلم، و هو (127) وارد على جميع الأصول العملية، نظير (128) أصالة الصحة.

و أما ما ذكره (129): من أصالة صحة القبض فلم يتحقق معناها و إن فسرناها (130) هنا من قبله بما ذكرنا (131)

لكن (132) أصالة الصحة لا تنفع لاثبات لزوم القبض

+++++++++++

الباء بيان لكيفية صحة المقبوض و قد عرفت الكيفية في الهامش 125 من ص 81 عند قولنا: أي أن المبيع قد قبض سالما

أي ظهور حال المسلم الذي عرفته في الهامش 125 ص 81 وارد على تلك الاصول.

هذا تنظير لورود هذا الأصل على الأصول العملية: أي ورود هذا الأصل على تلك نظير أصالة الصحة

فكما أنها واردة على الأصول العملية برمتها

كذلك ظهور حال المسلم وارد على تلك.

هذا وارد على الأصل الثالث الذي ذكره فخر الاسلام قدس سره المشار إليه في الهامش 124 ص 81

خلاصته: إنه لم يتحقق لنا معنى لصحة القبض، و إن كنا قد فسرناها من قبل فخر الاسلام بما ذكرناه: و هو خروج البائع عن ضمان المبيع: بمعنى عدم اشتغال ذمته بالضمان.

و كلمة يتحقق في بعض نسخ المكاسب تتحقق، و في بعضها يتحقق.

و هو الصحيح كما أثبتناه هنا:

أي لم يظهر لنا من عبارته هذه مقصوده قدس سره، إلا بما فسرناه.

أي صحة القبض.

و هو خروج البائع من ضمان المبيع.

المقصود من هذا الاستدراك كما يستفاد من قبل العبارة و بعدها:

هو الاستدراك عما أفاده: من أن ظهور حال المسلم الذي هو المدرك لأصالة عدم خيانة المشتري، و أنه وارد على تلك الاصول المتقدمة التي أفادها فخر الاسلام قدس سره في الايضاح:

هو أن أصالة الصحة بالنسبة الى ظهور حال المسلم إنما تكون نافعة في اثبات صحة رد المشتري المبيع المعيب الذي يدعي أنه الواقع عليه العقد -

ص: 82

و أما (133) دعوى سقوط حق الخيار فهي إنما تجدي اذا كان الخيار المتفق عليه لأجل العيب كما فرضه في الدروس (134)

و إلا (135) فأكثر الخيارات مما أجمع على بقائه مع التلف

+++++++++++

- لكن هذه الأصالة لا تثبت الزام البائع بقبولها و قبضها، لأن الزامه بالقبض ليس من آثار هذه القاعدة

بل من لوازمها

و معلوم أن هذه الأصول لا تثبت اللوازم، إلا على القول بحجية أصل المثبت و لا نقول بها.

و عليه فيبقى المجال مفتوحا أمام إنكار البائع للسلعة المردودة

فلا مجال للقول بتقديم قول المشتري.

الى هنا كان الحوار و النقاش منه قدس سره مع فخر الاسلام أعلى اللّه مقامه الشريف حول تقديم قول المشتري في المسألة الاولى.

من هنا يروم قدس سره الحوار و النقاش مع فخر الاسلام قدس سره حول الموضع الثاني من الخلاف بين البائع و المشتري في دعوى البائع سقوط حق الخيار الثابت للمشتري بسبب العيب، و المشتري ينكر السقوط

خلاصة هذا الحوار و النقاش: إن دعوى البائع السقوط بعد اعترافه بثبوت الخيار للمشتري إنما تنفع البائع لو كان الخيار المتفق عليه من الطرفين خيار عيب لا غير: بأن كان منحصرا فيه

كما أفاد هذا النحو من الخيار في الدروس، و فرضه.

حيث قال الشهيد قدس سره في الدروس:

و لو صدقه (1) على كون المبيع معيوبا و أنكر (2) تعيين المشتري:

حلف المشتري (3).

أي و إن لم يكن الخيار منحصرا في العيب: بأن كان الخيار خيار حيوان، أو غبن، أو شرط، أو خيار تأخير.

1 - أي لو صدّق البائع المشتري في حدوث العيب في المبيع.(1)

2 - أي و أنكر البائع تعيين المشتري المبيع، حيث يعينه و يقول:

المبيع هو هذا المعيب، و البائع يقول: إن المبيع ليس هذا المعيب.

3 - أي حلف المشتري على التعين: أي يقول:

و اللّه إن المبيع هو هذا المعيب

فالخيار باق اجماعا، و إن تلف المبيع، لأن التلف لا يوجب سقوط الخيار، فضلا عن تعيب المبيع.

فاذا كان التلف لا يوجب السقوط

ص: 83


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

على (136) أن أصالة عدم سقوط الخيار لا تثبت إلا ثبوته لا وجوب قبول السلعة، إلا من جهة التلازم الواقع بينهما.

+++++++++++

- فالتعيب بطريق أولى لا يوجب.

و لكن لا يخفى أن هذا الاحتمال غير موجه، لأنه قدس سره أفاد في عنوان المسألة الاولى كما عن التذكرة و الدروس:

لو ردت سلعة بالعيب فأنكر البائع أنه سلعته

فهذه العبارة صريحة في أن المراد من الخيار الذي اختلف البائع و المشتري في ثبوته و عدمه في المسألة الاولى:

و اتفقا في ثبوته في المسألة الثانية:

و الدليل على أن الاحتمال المذكور لا يكون موجها:

هو صريح عبارة الشهيد قدس سره في الدروس، حيث قال:

و لو صدقه على كون المبيع معيوبا

فهذه العبارة أوضح شاهد على أن المراد من الخيار الذي وقع الخلاف فيه بين البائع و المشتري في ثبوته، و عدمه في المسألة الاولى:

هو خيار العيب.

و الخيار الذي وقع الاتفاق على ثبوته في المسألة الثانية:

هو خيار العيب أيضا.

(136) هذا تنازل منه قدس سره يروم به المماشاة مع فخر الاسلام قدس فيما ذهب إليه في الايضاح: من أن المراد من الخيار هو خيار العيب فيسقط حسب دعوى البائع.

خلاصة التنازل: إنه على تقدير أن المراد من الخيار الذي يدعي البائع سقوطه هو خيار العيب.

لكن نقول: إن الأصل الذي مع المشتري: و هو استصحاب عدم سقوط الخيار:

لا ينفع المشتري سوى اثبات خياره.

و أما الزامه البائع بقبوله السلعة المردودة:

فلا يثبت بهذا الأصل، لأن هذا الثبوت ليس من آثاره، بل هو من لوازمه، و الأصول هذه لا تثبت اللوازم إلا على القول بحجية الأصول المثبتة للوازم.

و قد عرفت مرارا و كرارا أن الأصول المثبتة لا تكون حجة.

ص: 84

و لعل نظر الدروس الى ذلك (137)

لكن (138) للنظر في اثبات أحد المتلازمين بالأصل الجاري في الآخر مجال كما نبهنا عليه مرارا.

+++++++++++

أي و لعل الشهيد قدس سره يرى التلازم بين اثبات الخيار للمشتري و بين قبول البائع السلعة المردودة

و ذلك من باب أن الأصول المثبتة للوازم حجة

فأفاد هذا في الدروس و ذهب الى ذلك.

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره في الأصول المثبتة.

الى هنا كان الحوار بين شيخنا الأنصاري

و بين فخر الاسلام قدس سرهما

و قد انتهت المرحلة الثانية.

ثم لا يخفى عليك أن الشيخ لم يخالف الفخر في تقديم قول البائع بيمينه في المسألة الاولى

لكن يخالفه في تقديم قول المشتري بالنسبة الى الزام البائع بقبولها فيقول بالتفصيل

بين ثبوت حقه في الخيار

إما باعتراف البائع له، و عدم انكاره

أو بالأصل في فرض دعوى البائع سقوطه.

و أما بالنسبة الى السلعة المردودة

فلا يلزم البائع بقبولها و قبضها

إلا بالبينة، أو ما يقوم مقامها.

ص: 85

أما الثاني: و هو الاختلاف في المسقط ففيه أيضا مسائل
اشارة

(و أما الثاني) (1):

و هو الاختلاف في المسقط

ففيه أيضا مسائل (2)

الأولى لو اختلفا في علم المشتري بالعيب، و عدمه

(الأولى) (3)

لو اختلفا في علم المشتري بالعيب، و عدمه (4)

قدّم منكر (5) العلم، فيثبت الخيار (6)

الثانية لو اختلفا في زواله قبل علم المشتري، أو بعده على القول: بأن زواله بعد العلم لا يسقط الأرش

(الثانية) (7) لو اختلفا (8) في زواله قبل علم المشتري، أو بعده على القول *: بأن زواله بعد العلم لا يسقط الارش

بل و لا الردّ.

ففي (9) تقديم مدّعي البقاء (10) فيثبت الخيار،

+++++++++++

و هو الذي أفاده قدس سره بقوله في ص 58:

و أخرى في مسقطه.

(2) و هي خمسة كما تتلى عليك.

(3) أي المسألة الاولى من المسائل الخمس التي أشرنا إليها في الهامش 2 من هذه الصفحة بقولنا: و هي خمسة.

(4) بأن قال البائع للمشتري:

كنت عالما بالعيب قبل العقد

و قال المشتري: لا علم لي بالعيب.

(5) أي الذي ينكر العلم بالعيب قبل العقد.

و المنكر هو المشتري، فيقدم قوله

(6) أي للمشتري.

(7) أي المسألة الثانية من المسائل الخمس التي أشرنا إليها في الهامش 2 من هذه الصفحة بقولنا: و هي خمسة.

(8) بأن قال البائع: قد زال العيب قبل علم المشتري به و قال المشتري: قد زال بعد علمي بالعيب.

* هذه الجملة قيد لدعوى المشتري زوال العيب بعد العلم به:

أي زوال العيب بعد العلم به مبني على القول بأن زواله بعد العلم غير مسقط للارش و لا المرد.

(9) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتأخر الذي هو وجهان

(10) أي مدّعي بقاء العيب.

و المراد به هو المشتري حتى يثبت له الخيار.

ص: 86

لأصالة (11) بقائه، و عدم (12) زواله، المسقط للخيار

أو (13) تقديم مدّعي عدم ثبوت الخيار، لأن (14) سببه، أو شرطه العلم به حال وجوده، و هو (15) غير ثابت

فالأصل (16) لزوم العقد، و عدم (17) الخيار

+++++++++++

تعليل لمدعي بقاء العيب:

و المراد بالأصل هو الاستصحاب: أي استصحاب بقاء العيب، حيث إن المتبايعين متفقان على العيب، لكن يختلفان في الزوال.

فالعيب مسلم و متيقن، فيشك في زواله بالاختلاف المذكور فنستصحب البقاء.

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لأصالة بقائه:

أي و لأصالة عدم زوال العيب.

و كلمة المسقط بالجر صفة لكلمة زواله التي هي مجرورة:

أي لو لم نقل بعدم الزوال، بل قلنا بالزوال لكان الزوال موجبا لسقوط خيار المشتري.

هذا هو الوجه الثاني في المسألة الثانية التي اختلف البائع، و المشتري في زوال العيب قبل علم المشتري به، أو بعده:

أي أو هل يقدم قول مدعي عدم ثبوت الخيار للمشتري

و المراد من مدّعي عدم الثبوت هو البائع.

تعليل لعدم ثبوت خيار للمشتري

خلاصته: إن سبب الخيار، أو شرطه هو العلم بالعيب حال كونه موجودا في المبيع: بأن لم يكن العيب زائلا عنه، فحينئذ يثبت للمشتري الخيار.

و المفروض حسب دعوى البائع زوال العيب فلا يبقى مجال للخيار، لأن الأصل الذي هو الاستصحاب هو لزوم العقد، فانه بمجرد صدور العقد صار البيع لازما، ثم نشك في زواله بسبب العيب فنستصحب اللزوم.

أي العيب غير ثابت(1) لدعوى البائع زواله كما عرفت.

المراد به الاستصحاب كما عرفت.

بالرفع عطفا على الأصل(2) أي و الاصل عدم الخيار

و المراد بالأصل الاستصحاب أيضا: أي استصحاب عدم خيار المشتري بعد أن كان العقد لازما.

فنشك في زوال اللزوم فنستصحبه، لدعوى البائع زواله.

ص: 87


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

وجهان (18)

أقواهما (19) الاول

و العبارة (20) المتقدمة من التذكرة في سقوط الرد بزوال العيب قبل العلم، أو بعده قبل الرد:

تومئ (21) الى الثاني، فراجع (22)

و لو اختلفا (23) بعد حدوث عيب جديد، و زوال أحد العيبين: في

+++++++++++

مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم في قوله في ص 86: ففي تقديم

أي أقوى الوجهين هو الوجه الاول الذي هو تقديم مدّعي بقاء العيب:

و هو المشتري.

هذا مبتدأ خبره قوله في هذه الصفحة: تومئ.

أي تشير الى الثاني: و هو تقديم قول البائع الذي ذكره قدس سره في ص 87 بقوله: أو تقديم مدّعي عدم ثبوت.

و جملة تومئ مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة:

و العبارة المتقدمة.

راجع ص 27 عند نقله عن العلامة قدس سرهما في التذكرة و هو ظاهر التذكرة: حيث قال في أواخر فصل العيوب:

لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم أقبضه و قد زال عيبه فلا ردّ، لعدم موجبه، و سبق العيب لا يوجب خيارا.

و أما وجه الايماء و الاشارة الى القول الثاني الذي هو تقديم قول البائع، حيث يدّعي عدم ثبوت خيار للمشتري:

فهو التعليل الذي ذكره العلامة قدس سره بقوله: لعدم موجبه:

أي لعدم موجب الخيار، فان هذا التعليل يدل و يشير الى أن سبب الخيار هو العيب الموجود عند ما يرد المشتري المعيب، و المفروض أنه قد زال عند ما رده

أي البائع و المشتري.

ص: 88

كون * الزائل

هو القديم حتى لا يكون (24) خيار؟

أو الحادث * حتى يثبت الخيار؟

فمقتضى (25) القاعدة بقاء القديم الموجب للخيار

و لا يعارضها (26) أصالة بقاء الجديد،

+++++++++++

* الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 88: و لو اختلفا: أي هذا الاختلاف كان في العيب الزائل.

كيفية هذا الاختلاف: هو أنه حدث في المبيع المعيب سابقا عيب جديد، ثم زال أحد العيبين، و لم يعلم أن الزائل

هل العيب القديم، أو الجديد؟

فهنا اختلف البائع و المشتري في الزائل

فقال البائع: الزائل هو العيب القديم حتى لا يبقى للمشتري خيار.

و قال المشتري: الزائل هو العيب الجديد حتى يثبت له الخيار

كلمة يكون هنا تامة بمعنى يوجد: أي حتى لا يوجد و لا يثبت للمشتري خيار.

فله الأخذ إما بالارش، أو بالرد.

* أي اختلفا في كون الزائل هو العيب الحادث حتى يثبت للمشتري الخيار.

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره في هذا الاختلاف

خلاصته: إن مقتضى القاعدة هو الاستصحاب. أي استصحاب بقاء العيب القديم الذي كان موجبا للخيار للمشتري، فيشك في زوال الخيار بواسطة زوال أحد العيبين، لا على التعيين فنستصحب الخيار، لأن السبب في الخيار كما عرفت هو العيب القديم، و الزائل مشكوك فيه.

أي و لا يعارض هذه القاعدة التي هو الاستصحاب استصحاب آخر:

و هو استصحاب بقاء العيب الجديد حتى يكون ما نحن فيه:

و هو اختلاف المتبايعين في الزائل من باب التداعي حتى يتحالفان فيتساقطان كما قاله الشافعي.

و أن المقام ليس من باب المدعي، و المدعى عليه حتى يقدم قول المشتري، ليكون له الخيار.

ص: 89

لأن (27) بقاء الجديد لا يوجب بنفسه سقوط الخيار

الا (28) من حيث استلزامه لزوال القديم

+++++++++++

تعليل لعدم المعارضة

خلاصته: إن الأثر المطلوب الذي هو سقوط الرد،

و ثبوت الارش ليس من آثار نفس بقاء العيب الجديد

بل من آثار لازمه: و هو زوال العيب القديم

فالاستصحاب المعارض الذي هو استصحاب بقاء العيب الجديد من الأصول المثبتة التي عرفت أكثر من مرة أننا لا نقول بها، و لا نعترف بحجيتها.

(لا يقال): قد تقدم سابقا أن حدوث عيب جديد عند المشتري موجب لسقوط العيب السابق.

فكيف تحكمون ببقاء العيب القديم بالاستصحاب؟

و أن استصحاب بقاء العيب الحادث لا يعارض استصحاب بقاء العيب السابق.

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 296 عند قوله قدس سره:

الرابع من المسقطات حدوث عيب عند المشتري

(فانه يقال): نعم إننا قلنا بذلك

لكن كان سقوط العيب القديم بالعيب الحادث عند المشتري مشروطا ببقاء العيب القديم: بأن كان كلا العيبين: العيب القديم، و الحديث مجتمعين، لا متفارقين بزوال أحدهما لا على التعيين.

و هنا و إن زال أحد العيبين لكن لا يعلم أيهما زال.

مقصوده قدس سره من هذا الكلام:

إن أصالة بقاء العيب الجديد إنما تثبت زوال العيب القديم.

و أما الأثر الشرعي المطلوب هنا:

و هو ثبوت الارش للمشتري، و سقوط الرد

فليس هو من آثار بقاء العيب الجديد

بل هو من آثار زوال العيب القديم.

ص: 90

و قد (29) ثبت في الأصول أن أصالة عدم أحد الضدين

لا يثبت وجود الضد الآخر، ليترتب عليه حكمه

لكن (30) المحكي في التذكرة عن الشافعي في مثله التحالف

قال (31): لو اشترى عبدا و حدثت في يده نكتة بياض بعينه، و وجدت نكتة قديمة ثم زالت احداهما

فقال البائع: الزائلة القديمة فلا ردّ، و لا ارش

و قال المشتري: بل الحادثة (32)، ولي الرد

قال الشافعي: يحلفان على ما يقولان

فاذا حلفا استفاد البائع بيمينه دفع الرد

+++++++++++

الواو هنا حالية: أي و الحال أنه ثبت في علم الأصول أن استصحاب عدم أحد الضدين لا يثبت وجود الضد الآخر.

استدراك عما أفاده قدس سره في المسألة الثانية الموضوعة لاختلاف البائع و المشتري في العيب الزائل

و التي أفاد فيها بتقديم قول المشتري في ص 89 بقوله:

فمقتضى القاعدة بقاء القديم الموجب للخيار

و خلاصة الاستدراك: إن العلامة ذكر في التذكرة عن الشافعي القول بالتحالف في هذه المسألة، و أن القولين ساقطان بالتحالف، لأن كلا من البائع و المشتري مدع، و منكر، إذ البائع يدعي زوال العيب القديم و ينكر ما يدعيه المشتري: من زوال العيب الجديد.

و المشتري يدعي زوال العيب الجديد، و ينكر ما يدعيه البائع:

من زوال العيب القديم

فيتحالفان فيسقط القولان عن الاعتبار، فلا يتعين الزائل

فيبقى مقتضى الارش بلا معارض، لأن أخذ الارش مقتضى العيب القديم.

و عدم الرد مقتضى العيب الجديد المانع عن الرد

فالمقتضي للارش موجود

و المانع عن الرد: و هو العيب الجديد حاصل.

أي العلامة قدس سره قال في التذكرة

أي بل النكتة الزائلة هي الحادثة

ص: 91

و استفاد المشتري بيمينه أخذ الارش، انتهى (33).

الثالثة لو كان عيب مشاهدا غير المتفق عليه

(الثالثة) (34)

لو كان عيب مشاهدا غير المتفق عليه فادعى البائع حدوثه عند المشتري، و المشتري (35) سبقه

ففي الدروس (36): إنه كالعيب المنفرد: يعني أنه يحلف البائع

كما لو لم يكن سوى هذا العيب، و اختلفا في السبق، و التأخر.

+++++++++++

أي ما أفاده العلامة قدس سره في التذكرة في هذا المقام

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة - الجزء 7 ص 386 عند قوله: (تذنيب):

لو اشترى عبدا و حدث في يد المشتري نكتة بياض

أي المسألة الثالثة من المسائل الخمس التي أشرنا إليها في الهامش 2 ص 86 بقولنا: و هي خمسة.

أي و ادعى المشتري سبق العيب عند البائع.

أي هذا العيب المتنازع فيه، و الذي هو غير متفق عليه كالعيب الواحد.

خلاصة هذه المسألة: إن هنا عيبين:

عيبا متفقا عليه بين البائع، و المشتري

و عيبا محل النزاع بينهما

فالبائع يقول بحدوث هذا العيب عند المشتري

و المشتري يدّعي عكس ذلك: بأن يقول:

العيب حدث عند البائع، و كان موجودا في المبيع قبل البيع.

فحكم هذين العيبين حكم العيب الواحد:

في تقديم قول البائع عند اختلاف البائع و المشتري في أن العيب الموجود في المبيع حدث عند المشتري كما يدعيه البائع.

أو كان موجودا فيه قبل البيع كما يدعيه المشتري.

و قد تقدم هذا النزاع في المسألة الثالثة في القسم الاول من اختلاف المتبايعين في المسألة الثالثة في ص 59 بقوله:

الثالثة: لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع.

ص: 92

و لعله (37) لأصالة عدم التقدم

و يمكن أن يقال: إن عدم التقدم هناك (38) راجع الى عدم سبب الخيار.

و أما هنا (39) فلا يرجع الى ثبوت المسقط

بل المسقط (40) هو حدوث العيب عند المشتري

و قد مرّ (41) غير مرة أن أصالة التأخر لا يثبت بها حدوث الحادث في الزمان المتأخر، و إنما يثبت بها عدم التقدم الذي لا يثبت به التأخر.

ثم قال في الدروس:

لو ادعى البائع زيادة العيب عند المشتري و أنكر

احتمل حلف المشتري، لأن الخيار متيقن، و الزيادة موهومة (42)

و يحتمل حلف البائع، اجراء للزيادة مجرى العيب الجديد

+++++++++++

توجيه منه لما أفاده شيخنا الشهيد قدس سرهما في الدروس:

من تقديم قول البائع:

أي و لعل السر و المنشأ فيما افاده الشهيد هو وجوب استصحاب عدم تقدم العيب الحادث، فلذا يقدم قول البائع.

و هو العيب الواحد المتفق عليه: أي سبب الخيار ليس موجودا هناك حتى يأخذ المشتري بالخيار فيقدم قوله، و يترك قول البائع.

و هو وجود عيب مشاهد حادث غير العيب المتفق عليه:

أي و أما في العيب الحادث غير المتفق عليه

فلا يرجع عدم تقدمه الى ثبوت المسقط له، لأن المسقط للخيار هو حدوث هذا العيب عند المشتري.

أي المسقط للخيار كما عرفت آنفا.

مقصوده قدس سره: أنه قد عرفت أكثر من مرة و مرات أن الأصول المثبتة لا تكون حجة، فلا يثبت بها حدوث الحادث الذي هو العيب الجديد في الزمان المتأخر عن العقد

بل الثابت بها هو عدم تقدم العيب الحادث

و هذا العدم لا يثبت به تأخر العيب الحادث.

أي ليس عليها دليل حتى يتمسك به.

ص: 93

أقول: قد عرفت الحكم في العيب الجديد (43)، و أن حلف البائع فيه محل نظر

ثم إنه لا بد من فرض المسألة (44) فيما لو اختلفا في مقدار من العيب الموجود زائدا على المقدار المتفق عليه:

أنه (45) كان متقدما، أو متأخرا

و أما اذا اختلفا في أصل الزيادة فلا إشكال في تقديم قول المشتري.

الرابعة: لو اختلفا في البراءة قدّم منكرها

(الرابعة) (46):

لو اختلفا في البراءة (47) قدّم منكرها، فيثبت الخيار، لأصالة عدمها الحاكمة على اصالة لزوم العقد.

و ربما يتراءى من مكاتبة جعفر بن عيسى خلاف ذلك *

قال: كتبت الى أبي الحسن عليه السلام:

جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي:

فاذا نادى عليه براء من كل عيب فيه

فاذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق إلا نقده (48) الثمن

+++++++++++

عند قوله في ص 93:

و يمكن أن يقال: إن عدم التقدم هناك راجع الى عدم سبب الخيار و أما هنا فلا يرجع الى ثبوت المسقط

و هي مسألة ادعاء البائع زيادة العيب عند المشتري و أنكر.

أي العيب الزائل(1) بمعنى أن اختلاف البائع و المشتري كان على العيب الزائل:

بأن قال البائع: كان العيب الزائل متأخرا عن العقد

و قال المشتري: كان العيب الزائل متقدما على العقد

أي المسألة الرابعة من المسائل الخمس التي أشرنا إليها في الهامش 2 ص 86 بقولنا: و هي خمسة.

بأن قال البائع: المبيع كان بريئا عن العيب

و قال المشتري: كان المبيع معيبا عند ما اشتريته منك.

* أي يستفاد من هذه المكاتبة خلاف ما قلناه:

من تقديم قول منكر البراءة الذي هو المشتري:

أي يقدّم قول مدّعي البراءة الذي هو البائع

أي لم يبق شيء من لزوم هذه المعاملة سوى أنه يجب على المشتري أن يدفع الثمن الى البائع.

ص: 94


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فربما زهد (49) فيه

فاذا زهد فيه ادعى عيوبا. و أنه لم يعلم بها

فيقول له المنادي:

قد برأت منها

فيقول له المشتري:

لم أسمع البراءة منها

أ يصدّق فلا يجب عليه الثمن؟

أم لا يصدّق فيجب عليه الثمن؟

فكتب عليه السلام:

عليه (50) الثمن، الى آخر الخبر (51)

و عن المحقق الأردبيلي أنه لا يلتفت الى هذا الخبر * لضعفه

+++++++++++

أي و لربما يحصل للمشتري عدم الرغبة و الميل الى هذه المعاملة.

اي على المشتري: بمعنى أنه يجب عليه أن يدفع الثمن الى البائع.

فهذا الجواب عن الامام عليه السلام ربما يتراءى منه تقديم قول مدعي البراءة الذي هو البائع، حيث قال عليه السلام في جواب السائل:

عليه الثمن عند ادعاء المشتري عدم سماعه البراءة من المنادي عن العيب.

لم يكن للخبر صلة.

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 66 - الباب 5 الحديث 285-39

و الحديث هذا مروي في الوسائل عن المصدر الذي نقلناه في الهامش 51 من هذه الصفحة

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 420 - الباب 8 الحديث 1

و من المؤسف جدا أن الأفاضل المشرفين على تصحيح الكتاب و التعليق عليه لم يطبقوا الحديث مع المصدر المنقول عنه كما هو ديدنهم في بقية الأحاديث التي ذكرنا شطرا منها أثناء بحوثنا، و التي اطلعت عليها و ما أكثرها.

و الحديث هذا قد حذفت منه بعض الكلمات جاوزت ثلاثا.

* و هي مكاتبة جعفر بن عيسى.

ص: 95

مع (52) الكتابة، و مخالفته (53) للقاعدة، انتهى (54)

و ما أبعد (55) ما بينه، و بين ما في الكفاية:

+++++++++++

أي بالإضافة الى ضعف هذا الخبر:

أنه يرد عليه إشكال آخر.

و هو أنه من المكاتبات و هي لا يعتمد عليها.

بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: مع الكتابة:

أي و مع أن هذا الخبر الذي هي المكاتبة مخالف لقاعدة:

(البينة على المدعي، و اليمين على من أنكر)(1) فان المنكر الذي هو المشتري قبل قوله و صدّق و لم يحلف

مع أن اليمين طبقا للقاعدة المذكورة واجبة عليه.

أي ما أفاده المحقق الأردبيلي قدس سره في هذا المقام.

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره

خلاصته يقول متعرّضا على ما أفاده المحقق الأردبيلي:

ما أبعد ما بين ما أفاده هذا المحقق: من عدم الالتفات الى خبر جعفر بن عيسى، لاشتماله على الضعف، و أنه من المكاتبات

و بين ما أفاده المحقق السبزواري قدس سره في الكفاية:

من أن الرواية المذكورة: و هي مكاتبة جعفر بن عيسى مؤيدة للقاعدة المذكورة: (البينة على المدعي و اليمين على من أنكر)

فالمحقق الاردبيلي قدس سره يصرح بمخالفة هذه المكاتبة للقاعدة المذكورة المشار إليها آنفا

و المحقق السبزواري قدس سره يصرح بتأييد هذه المكاتبة للقاعدة المذكورة فبين التصريحين بون بعيد.

و أما وجه التأييد فلم يتحقق لي لحد الآن و أنا مشغول بالكتابة و الانهيار مستول على أعصابي مع معاناتي شتى الأمراض و الآلام

و لذا يقول المحقق المتبحر (المحدث البحراني) قدس سره:

و العجب هنا من صاحب الكفاية، حيث جعل هذا الخبر مؤيدا لعموم:

(البينة على المدعي، و اليمين على من أنكر)

مع أنه على العكس من ذلك:

أي الخبر المذكور الذي هي المكاتبة يفيد عكس ذلك:

أي يفيد مخالفته للقاعدة المذكورة.

راجع (الحدائق الناضرة) الجزء 19 ص 91 طباعة (دار الأضواء) - (بيروت - لبنان).

ص: 96


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

من جعل الرواية (56) مؤيدة لقاعدة:

(البينة على المدعي، و اليمين على من أنكر) (57)

و في كل منهما نظر (58)

+++++++++++

و هي المكاتبة المذكورة.

هذه القاعدة من كلماته القصار صلى اللّه عليه و آله و سلم

و هي مروية عن طرق (علماء اخواننا السنة)

و عن طرقنا نحن (الطائفة الامامية)

أما المروية عن طرقنا فهكذا:

(البينة على المدعي، و اليمين على من ادّعي عليه)

(البينة على المدعي، و اليمين على المدّعى عليه)

راجع (الكافي) الجزء 7 ص 361 الحديث 4، و ص 415 الحديث 1

و راجع (التهذيب) الجزء 6 ص 229 الحديث 553)-4

و الحديث 554)-5

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 18 ص 170 الحديث 331

و هكذا في بقية المصادر التي بأيدينا من كتب الأحاديث

و لا يوجد في هذه المصادر بأجمعها هكذا:

(البينة على المدعي، و اليمين على من أنكر)

فمن الغريب جدا أن الفقهاء رضوان اللّه عليهم أجمعين بأجمعهم نقلوا الحديث كما نقلناه لك

فكيف خفي على هؤلاء الأعلام الأفذاذ الذين هم دعائم الدين و أساطين العلم:

نص الحديث الشريف الوارد عن الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم في المصور الذي ذكرناه في الهامش 57 من هذه الصفحة؟

و أعجب من الكل ما نقله خرّيت هذه الصناعة شيخنا المحدث البحراني قدس سره

بمثل ما نقله فقهائنا الكرام رضوان اللّه عليهم أجمعين

أما وجه النظر فيما أفاده المحقق الأردبيلي قدس سره

فلأننا نمنع ضعف الرواية، لأن الأصحاب رحمهم اللّه عملوا بها في غير هذا المقام، و إن لم يعمل به فيما نحن فيه.

فعملهم جابر لضعف الرواية، بناء على أن عمل الأصحاب جابر لضعف السند. -

ص: 97

و في (الحدائق): إن المفهوم من مساق الخبر المذكور:

أن إنكار المشتري إنما وقع مدالسة، لعدم رغبته في المبيع و إلا (59) فهو عالم بتبري البائع (60)

و الامام (61) عليه السلام إنما الزمه (62) بالثمن من هذه الجهة (63) و فيه (64)

+++++++++++

- كما عليه كثير من القدماء

و خالفهم في ذلك شيخنا الشهيد الثاني قدس سره

و أما وجه النظر فيما أفاده المحقق السبزواري قدس سره في الكفاية فلأن مدعي البراءة من العيب هو البائع، لا المشتري

فالرواية تكون مخالفة للقاعدة المذكورة، لا مؤيدة لها كما عرفت في الهامش 55 ص 96

أي و لو لا مدالسة المشتري، و عدم رغبته في المبيع

راجع (الحدائق الناضرة) الجزء 19 ص 91، طباعة دار الأضواء بيروت - لبنان.

هذا دفع وهم.

أما الوهم

فلقائل أن يقول: اذا كان وقوع إنكار المشتري مدالسة منه، لعدم رغبته في المبيع

فلما ذا ألزم الامام عليه السلام المشتري على دفع الثمن؟

أي ألزم المشتري.

هذا هو الدفع.

خلاصته كما عرفت آنفا:

إن الزام الامام عليه السلام المشتري على دفع الثمن الى البائع كان لأجل مدالسته، و كذبه، لعلم المشتري بتبري الدلال عن العيوب بندائه على الملأ، و المستمعين.

أي و فيما أفاده المحقق المحدث البحراني قدس سره نظر و إشكال.

خلاصة الإشكال: إن المقصود من السؤال في المكاتبة

ليس الاستعلام عن حكم المعاملة التي اختلف البائع، و المشتري فيها لأن حكم العالم بالتبري الذي هو المشتري، المنكر للتبري، الكاذب في انكاره البراءة:

معلوم لكل أحد، و لا سيما السائل فلا يسأل عنه و لا يقول: -

ص: 98

..........

+++++++++++

- ما ذا حكمه بينه، و بين اللّه؟

هل الواجب عليه رد الثمن أم لا؟

لأن هذا الحكم معلوم له، و لغيره

كما يشهد لذلك قوله:

أ يصدّق أم لا يصدّق؟

وجه الشهادة: إن قوله:

أ يصدّق أم لا يصدّق؟

دال على ظهور الحكم في الصورتين:

صورة الصدق

و صورة الكذب في انكاره البراءة، لأن معنى السؤال هو السؤال عن أنه

هل يحكم على المشتري بالصدق؟

أم لا يحكم عليه بذلك؟

أي يحكم عليه بالكذب

و من الواضح أن مثل هذا السؤال لا يتحقق خارجا، إلا اذا كان حكم الصدق:

و هو عدم وجوب ردّ الثمن معلوما عنده

و حكم الكذب الذي هو:

وجوب ردّ الثمن معلوما عنده

فغرض السائل من السؤال هو الاستعلام عن أنه

من يقدّم قوله في نظر الشارع عند الاختلاف

هل يقدّم قول البائع المدعي للبراءة من العيوب؟

أو يقدّم قول المشتري المنكر سماعه البراءة؟

و لذا أجاب الامام عليه السلام

يقدّم قول البائع بدفع المشتري الثمن إليه

مع أن البائع مدع، و المشتري منكر

و بحسب القاعدة الفقهية:

(البينة على من ادعى، و اليمين على من أدعي عليه):

الواجب تقديم قول المنكر

و قد عرفت عند قراءتك (اللمعة الدمشقية):

أن المدعي هو الذي يخالف قوله الأصل:

ص: 99

أن مراد السائل (65) ليس حكم العالم بالتبري، المنكر (66) له فيما بينه و بين اللّه

بل الظاهر من سياق السؤال (67) استعلام

من يقدّم قوله في ظاهر الشرع؟

من البائع، و المشتري؟

مع أن حكم العالم بالتبري المنكر له مكابرة (68)

معلوم (69) لكل أحد، خصوصا للسائل كما يشهد به (70) قوله

أ يصدّق أم لا يصدّق؟

الدال (71) على وضوح صورتي صدقه، و كذبه

و الأولي (72) توجيه الرواية: بأن الحكم بتقديم قول المنادي (73) لجريان (74) العادة بنداء الدلال عند البيع بالبراءة من العيوب على وجه يسمعه كل من حضر للشراء

+++++++++++

- أي أصالة العدم، فان دعواه حقا على زيد مثلا مخالف لأصالة عدم وجود حق له عليه

أو أن المدّعي هو الذي يخالف قوله الظاهر، لأن الظاهر أن ما بيد زيد، و تحت تصرفه هو له، لا للمدعي:

و المدّعى عليه من لا يكون قوله مخالفا للأصل، و لا للظاهر.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة - الجزء 3 ص 76-77

و هو السائل الوارد في المكاتبة المذكورة.

صفة للعالم المراد منه المشتري، كما أن العالم صفة للمشتري.

و هو السؤال الوارد في المكاتبة المذكورة.

بالنصب حال لكلمة المنكر: أي حال كون إنكار المشتري من باب العناد و اللجاج، و إلا فهو عالم بأن المنادي قد تبرأ من العيوب كلها بندائه

خبر لاسم أن في قوله في هذه الصفحة: مع أن حكم العالم.

أي كما يشهد بهذا العلم المشتري بتبري البائع.

بالرفع صفة لكلمة قوله في قوله: كما يشهد به قوله.

هذا رأيه قدس سره في المكاتبة المذكورة و الباء في بأن بيان لكيفية توجيه الرواية

و المراد من الرواية هي المكاتبة المذكورة في ص 94

المراد منه الدلال.

تعليل لتقديم قول المنادي.

ص: 100

فدعوى المشتري مخالفة للظاهر

نظير دعوى الغبن، و الغفلة عن القيمة ممن لا تخفى عليه قيمة المبيع (75)

بقي في الرواية (76) إشكال آخر: من (77) حيث إن البراءة من العيوب عند نداء المنادي لا يجدي في سقوط خيار العيب

بل يعتبر وقوعه (78) في متن العقد

و يمكن التفصي عنه (79)

إما (80) بالتزام كفاية تقدم الشرط على العقد بعد وقوع العقد عليه كما يأتي في باب الشروط (81)

و إما (82) بدعوى أن نداء الدلال بمنزلة الايجاب، لأنه لا ينادي إلا بعد أن يرغب فيه أحد الحضار بقيمته (83) فينادي الدلال و يقول:

بعتك هذا الموجود بكل عيب، و يكرر ذلك مرارا، من دون أن يتم الايجاب حتى (84) يتمكن من إبطاله عند زيادة من زاد

+++++++++++

فان العارف بالأمور التجارية، و البصير بها من شتى جوانبها لو ادعى الغبن في أسعار السلع التجارية

أو ادعى عدم اطلاعه على أسعارها

لا تسمع هذه الدعوى منه، لكذبه في ادعائه.

فما نحن فيه: و هو دعوى المشتري عدم سماعه البراءة

غير مسموع منه، لأن هذه الدعوى مخالفة للظاهر.

و هي المكاتبة المذكورة في ص 94

كلمة من بيان للاشكال الآخر.

أي وقوع سقوط خيار العيب.(1)

أي عن الاشكال الثاني.

و هذا التفصي و الدفع مشتمل على أحد الوجهين المذكورين في كلامه الآتي على سبيل منع الخلو نذكر كل واحد منهما عند رقمه الخاص

هذا هو الوجه الاول

أي في الشرط الثامن الآتي إن شاء اللّه تعالى في الجزء 18

هذا هو الوجه الثاني.

أي بقيمة المبيع التي يريده الدلال.

تعليل لقوله: من دون أن يتم الايجاب.

أي و إنما لم يتم الدلال الايجاب لأجل أن يتمكن من إبطال هذا الايجاب الناقص، ليبيعه على المشتري الثاني.

ص: 101


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و الحاصل (85) جعل ندائه ايجابا للبيع

و إن أبيت (86) إلا عن أن المتعارف في الدلال كون ندائه قبل ايجاب البيع:

أمكن دعوى كون المتعارف في ذلك الزمان غير ذلك

مع (87) أن الرواية لا تصريح فيها بكون البراءة في النداء قبل الايجاب كما لا يخفى

ثم الحلف هنا (88) على نفي العلم بالبراءة، لأنه (89) الموجب لسقوط الخيار، لانتفاء (90) البراءة واقعا(1)

+++++++++++

أي خلاصة الكلام في هذا المقام:

إن الدلال يجعل نداءه ايجابا للمبيع عند ما يجد مشتريا يدفع سعرا أزيد من السعر الاول

و قد أبطل الايجاب الثاني الايجاب الاول

خلاصة هذا الكلام: إننا إنما التزمنا في التفصي عن الاشكال الآخر بأحد الوجهين المذكورين في الهامش 80 ص 101، و الهامش 81 ص 101

فانك لو اقتنعت بهما فهو المطلوب

و إن أبيت و كنت مصرا على أن المتعارف في نداء الدلال هو عدم عدّه ايجابا، و إنما هو مقدمة للايجاب، يقع قبل البيع.

(قلنا): إنه من الامكان أن يقال: كان من المتعارف في ذاك الزمان غير ما كان متعارفا في الزمان السابق:

أي كان يعد نداء الدلال ايجابا للبيع، لا أنه مقدمة للايجاب.

أي بالإضافة الى الامكان المذكور:

أن المكاتبة المذكورة ليس فيها تصريح بأن البراءة من الدلال عند ما ينادي بها تقع قبل ايجاب البيع

و عدم وقوعها قبل الايجاب أمر غير مخفي على المتأمل البصير

أي في مسألة اختلاف البائع و المشتري في البراءة عن العيوب:

الواجب على المشتري أن يحلف على عدم علمه بتبري الدلال عن العيوب: بأن يقول:

و اللّه لا علم لي ببراءة الدلال عن العيوب

تعليل للحلف على نفي العلم بالبراءة:

أي الحلف هكذا سبب لسقوط الخيار

تعليل لسقوط الخيار(2)

ص: 102


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
الخامسة لو ادعى البائع رضى المشتري به بعد العلم، أو إسقاط الخيار، أو تصرفه فيه، أو حدوث عيب عنده

(الخامسة) (91)

لو ادعى البائع رضى المشتري به (92) بعد العلم، أو إسقاط (93) الخيار، أو تصرفه (94) فيه، أو حدوث عيب عنده (95):

حلف المشتري، لأصالة عدم هذه الأمور (96)

و لو وجد في المعيب عيب اختلفا في حدوثه، و قدمه

ففي تقديم مدعي الحدوث (97)، لأصالة عدم تقدمه كما تقدم سابقا في دعوى تقدم العيب، و تأخره (98)

او مدعي عدمه (99)، لأصالة بقاء الخيار الثابت بالعقد على المعيب

و الشك (100) في سقوطه بحدوث العيب الآخر في ضمان (101) المشتري

فالأصل عدم وقوع العقد على السليم من هذا العيب (102) حتى يضمنه المشتري.

+++++++++++

أي المسألة الخامسة من المسائل الخمس التي أشرنا إليها في الهامش 2 ص 86 بقولنا: و هي خمسة

أي بالعيب بعد علم المشتري به

أي إسقاط المشتري خياره بعد علمه بالعيب

أي أو تصرف المشتري بالمبيع بعد علمه بالعيب

أي عند المشتري.

و هو رضى المشتري بالعيب

أو إسقاط خياره بعد العلم بالعيب

أو تصرف المشتري في المبيع المعيب

أو حدوث عيب جديد عند المشتري

و هو البائع

راجع ص 59 عند قوله: الثالثة لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع، أو تأخره

أي مدّعي عدم تقدم العيب الحادث(1): و هو المشتري

بالجر عطفا على قوله: لأصالة عدم تقدمه(2)

أي و للشك في سقوط الخيار الثابت بهذا العيب الحادث

الجار و المجرور متعلق بمحذوف تقديره هكذا:(3)

أي حتى يكون ضمان هذا العيب الحادث على المشتري

أي من العيب الحادث حتى يضمنه المشتري

بناء على أن العيب الحادث يكون في ضمان المشتري

ص: 103


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
و أمّا الثالث و هو الاختلاف في الفسخ ففيه مسائل:
اشارة

(و أما الثالث) (1)

ففيه مسائل (2)

الأولى لو اختلفا في الفسخ فان كان الخيار باقيا فله انشاؤه

(الأولى) (3)

لو اختلفا في الفسخ (4)

فان كان الخيار باقيا فله (5) انشاؤه

و في الدروس (6): إنه يمكن جعل اقراره إنشاء

+++++++++++

و هو اختلاف المتبايعين في الفسخ

كما أشار إليه قدس سره في ص 58 بقوله:

مسائل في اختلاف المتبايعين:

و هو تارة في موجب الخيار

و أخرى في مسقطه

و ثالثة في الفسخ

(2) و هي ثلاثة

(3) أي المسألة الاولى من المسائل الثلاث

(4) خلاصة هذا الكلام:

إن المتبايعين بعد الاتفاق على ثبوت الخيار للمشتري

بين ردّ المبيع بسبب العيب

و بين الامساك بأخذ الارش:

لو اختلفا في الفسخ: بأن ادعاه المشتري، و أنكره البائع

و لهذا الخلاف صورتان:

(الأولى) وقوع الخلاف قبل انقضاء مدة الخيار

(الثانية) وقوعه بعد انقضاء مدة الخيار

أما الصورة الاولى

فلا حاجة فيها الى الترافع في القضاء لحسم النزاع بينهما

بل للمشتري إنشاء الفسخ باللفظ، أو بالفعل

(5) أي فللمشتري إنشاء الفسخ

(6) أي أفاد شيخنا الشهيد قدس سره في الدروس في هذا المقام:

لم يستبعد الاكتفاء باقراره عن الإنشاء، استنادا الى القاعدة المشهورة بين الفقهاء رضوان اللّه عليهم:

(من ملك شيئا ملك الاقرار به)، لأنه يملك الحق باختياره الفسخ في مدة الخيار و قد أقر بوقوعه.

ص: 104

و لعله (7) لما اشتهر: من أن من ملك شيئا ملك الاقرار به

كما لو (8) ادعى الزوج الطلاق

و يدل عليه (9) بعض الأخبار الواردة فيمن أخبر بعتق مملوكه، ثم جاء العبد يدعي النفقة على أيتام الرجل، و أنه رق لهم

+++++++++++

احتمال من شيخنا الأنصاري قدس سره لما أفاده الشهيد:

أي و لعل ما أفاده الشهيد مستند الى القاعدة المشهورة التي ذكرناها لك

(8) تنظير لقاعدة: من ملك شيئا ملك الاقرار به:

أي نظير هذا ادعاء الزوج طلاق زوجته، فالقول (قوله)

لأن الزوج يملك أمر الطلاق فيملك الاقرار بالطلاق

أو ادعى الزوج بعد الطلاق رجوعه في أثناء العدة الرجعية، و أنكرت هي ذلك

فالقول قوله، لأن الزوج يملك أمر الرجوع فيملك الاقرار بالرجوع

(9) أي و يدل على أن من ملك شيئا ملك الاقرار به:

بعض الأخبار الواردة في المقام، أليك نصّ البعض

عن محمد بن عبد اللّه الكاهلي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

كان لعمّي غلام فأبق فأتى الأنبار فخرج إليه عمّي ثم رجع

فقلت له: ما صنعت يا عم في غلامك؟

فقال: بعته فمكث ما شاء اللّه

ثم إن عمي مات فجاء الغلام فقال: أنا غلام عمك

و قد ترك عمي أولادا صغارا و أنا وصيهم

فقلت له: إن عمي أخبرني أنه باعك

فقال الغلام: إن عمّك كان لك مضارا فكره أن يقول لك فتشمت به و أنا و اللّه غلام بنيه

فقال(1): صدّق عمّك، و كذّب الغلام فاخرجه و لا تقبله.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 53-54 الباب 26 - الحديث 1

و راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 237 الحديث (1036) 56

و لا يخفى أن في الحديث اختلافا مع المصدر الذي نقل عنه شيخنا الحر قدس سره الخبر فصححناه على ما في التهذيب.

ص: 105


1- أي الامام عليه السلام

و سيجيء الكلام في فروع هذه القاعدة (10)

و إن كان (11) بعد انقضاء زمان الخيار كما لو تلفت العين:

افتقر مدعيه (12) الى البينة

و مع عدمها (13) حلف الآخر على نفي علمه بالفسخ إن ادعى عليه علمه بفسخه

ثم اذا لم يثبت الفسخ (14)

فهل يثبت للمشتري المدّعي للفسخ الارش؟

لئلا يخرج من الحقين (15)

أم لا؟

لافراره (16) بالفسخ

+++++++++++

أي في قاعدة: (من ملك شيئا ملك الاقرار به)

في ملحقات (المكاسب) في قوله قدس سره:

رسالة في قاعدة: (من ملك شيئا ملك الاقرار به)

أي و إن كان اختلاف المتبايعين في الفسخ بعد انقضاء مدة الخيار:

بأن كان الانقضاء يوم الجمعة، و ادعى المشتري أنه كان يوم الاحد، ففسخ البيع قبل انقضاء مدة الخيار.

أي احتاج مدعي الفسخ الذي هو المشتري في اثبات ذلك الى اقامة البينة.

أي و مع عدم وجود البينة حلف الآخر الذي هو البائع على عدم علمه بفسخ المشتري:

بأن يقول: و اللّه لا علم لي بفسخ المشتري.

بأن لم تقم البينة، أو ما يقوم مقامها لاثبات دعواه.

و هما: حق الفسخ، و حق الارش

أما حق الفسخ فقد أسقطه انقضاء وقت الخيار، بناء على الفرض المذكور:

و هو عدم وجود البينة للمشتري

و حلف البائع على عدم علمه بفسخ المشتري كما علمت

و بقي حق الارش

فلو لم يعط أحرم من الحقين.

تعليل لسقوط حقه من الارش بسبب إقراره باختيار الفسخ

و لازم هذا الاقرار عدم استحقاقه للارش.

ص: 106

و زاد في الدروس أنه يحتمل أن يأخذ أقلّ الأمرين:

من الارش، و ما زاد على القيمة من الثمن (17) إن اتفق، لأنه (18)

+++++++++++

كما لو فرضنا أن الثمن الاصلي لشراء المبيع مائة دينار ثم ظهر معيبا فقدّره أهل الخبرة بأن النسبة بين قيمته سليما، و قيمته معيبا هو الخمس.

فتكون قيمة الارش من الثمن الاصلي عشرين دينارا

ثم إنه يفرض أن قيمته السوقية المقدرة فعلا تسعون دينارا، فزادت القيمة على الثمن الأصلي عشرة دنانير، و هي أقل من الارش.

إذا تقع المقاصة

بين قيمة المبيع معيبا

و بين ثمن الشراء، فيردّ على المشتري عشرة دنانير و هو أقل الأمرين و لو فرضنا أنه قدّرت قيمته السوقية سبعين دينارا

إذا يكون الفرق ثلاثين دينارا

فالارش الذي هو أقل الأمرين يردّ على المشتري.

تعليل لقوله: إنه يحتمل أن يأخذ أقل الأمرين:

حاصل التعليل: إن المشتري بعد أن ادعى اختيار الفسخ يرى استحقاقه لاسترداد الثمن الذي اشترى به المبيع

و يرى أن البائع يستحق قيمة المبيع التالف

فيقع التقاص هنا، و بعد وقوع التقاص يبقى الزائد مستحقا للمشتري على التقديرين:

و هما: تقدير الفسخ، و صدقه في دعواه

و تقدير عدم الفسخ، و كذبه في دعواه

فعلى تقدير صدق دعواه الفسخ

فالمفروض و الواجب عليه رد العين لو كانت باقية، لأن الذمة أولا و بالذات مشغولة برد العين.

و ثانيا و بالعرض تشتغل بالمثل اذا كانت مثليا، و بالقيمة اذا كانت قيمية، و ذلك عند فقدان العين.

و المفروض أن العين هنا تالفة، فالواجب على المشتري رد قيمتها على البائع، و الزائد عن الثمن يرد على المشتري.

و على فرض عدم استحقاق المشتري الردّ

فهو مستحق للارش

ص: 107

بزعمه يستحق استرداد الثمن، و ردّ القيمة فيقع التقاص في قدر القيمة و يبقى قدر الارش مستحقا على التقديرين (19)، انتهى (20)

الثانية: لو اختلفا في تأخر الفسخ من أول الوقت، بناء على فورية الخيار

(الثانية) (21):

لو اختلفا في تأخر الفسخ من أول الوقت، بناء على فورية الخيار

ففي تقديم مدعي التأخير (22)، لأصالة بقاء العقد، و عدم حدوث الفسخ في أول الزمان

أو مدّعي عدمه (23)، لأصالة صحة الفسخ؟

وجهان (24)

و لو كان منشأ النزاع الاختلاف في زمان وقوع العقد، مع الاتفاق على زمان الفسخ (25)

+++++++++++

عرفت معنى التقديرين آنفا في الهامش 18 ص 107

أي ما أفاده الشهيد قدس سره في الدروس في هذا المقام.

أي المسألة الثانية من المسائل الثلاث التي أشير إليها في الهامش 2 ص 104 بقولنا: و هي ثلاثة.

و هو البائع الذي يدعي تأخير الفسخ، ليبقى العقد على ما كان.

أي عدم التأخير الذي يدعيه المشتري، ليصحح الفسخ.

وجه بتقديم قول المدّعي الذي هو البائع

و وجه بتقديم قول المشتري الذي يدّعي عدم تأخير الفسخ:

و هو الأقرب، لحكومة أصالة صحة الفسخ الذي هو الاستصحاب على بقاء العقد الذي يدعيه البائع.

فرض المسألة هكذا

إن مورد الاتفاق بين المتعاملين:

هو صدور الفسخ من المشتري في منتصف النهار

و مورد الخلاف بينهما:

هو تاريخ وقوع العقد

فالبائع يدعي وقوعه في أول النهار

فعليه يكون وقوع الفسخ متأخرا عن مدة الخيار

و المشتري يدعي وقوع العقد قبيل منتصف النهار

فالفسخ واقع قبل انتهاء مدة الخيار.

ص: 108

ففي الحكم بتأخر العقد، لتصحيح الفسخ

وجه (26)

يضعّف (27)، بأن أصالة تأخر العقد الراجعة حقيقة الى اصالة عدم تقدمه على الزمان المشكوك وقوعه فيه:

لا يثبت (28) وقوع الفسخ في اوّل الزمان

و هذه المسألة (29) نظير ما لو ادعى الزوج الرجوع في عدة المطلّقة و ادعت هي تأخره عنها (30)

+++++++++++

مبتدأ مؤخر لخبر مقدم: و هو قوله في هذه الصفحة: ففي الحكم و المراد من الوجه هو كون العقد أمرا حادثا مسبوقا بالعدم و الاصل وقوعه متأخرا

أي يضعف هذا الوجه

و الباء في بأن بيان لوجه التضعيف

خلاصته: إن أصالة تأخر العقد عبارة أخرى عن أصالة عدم تقدم العقد على الزمان المشكوك وقوعه فيه:

و هو قبيل منتصف النهار الذي فرضناه حسب دعوى المشتري.

هذه الجملة مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة:

بأن أصالة

و المراد من عدم الاثبات هو وقوع الفسخ في مدة الخيار:

أي وقوع الفسخ في مدة الخيار ليس أثرا لاستصحاب عدم تقدم العقد على الزمن المشكوك فيه.

و على فرض أن وقوع الفسخ في مدة الخيار من لوازم هذا الاستصحاب فهو أصل مثبت لا نقول بحجيته.

و هي المسألة الثانية من المسائل الثلاث المشار إليها في الهامش 2 ص 108 في قوله: الثانية لو اختلفا في تأخر الفسخ.

خلاصة هذا: إنه لو اتفق الزوج و الزوجة على صدور الرجوع من الزوج، و أن العدة قد انقضت

لكنهما اختلفا في المتقدم منهما

فالزوج يدعي تقدم وقوع الرجوع على انقضاء العدة

و الزوجة تدعي عكس ذلك:

فقد ذكروا أنه اذا تعين زمن انقضاء العدة، و ادعى الزوج أن رجوعه كان قبله فوقع في محله

و ادعت الزوجة وقوعه بعده فوقع في غير محله -

ص: 109

الثالثة: لو ادّعى المشتري الجهل بالخيار، أو بفوريته

(الثالثة) (31):

لو ادّعى المشتري الجهل بالخيار، أو (32) بفوريته، بناء على فوريته سمع قوله إن احتمل في حقه الجهل (33)، للأصل (34)

و قد يفصل بين الجهل بالخيار فلا يعذر (35)

إلا (36)

+++++++++++

- فالأقرب أن القول قوله بيمينه، لأن النزاع في الواقع يرجع الى صحة الرجوع و عدمها.

فمقتضى أصالة الصحة صحة الرجوع ما لم يثبت الخلاف بالحجة المعتبرة.

و اليمين إنما تكون لقطع الخصومة

و إن كان بالعكس: بأن تعين زمن الرجوع و أنه يوم الجمعة مثلا و ادعى الزوج أن انقضاء العدة كان يوم السبت

و ادّعت الزوجة أن الانقضاء كان يوم الخميس

فالقول هنا قول الزوجة بيمينها، لأن مرجع النزاع في الواقع و نفس الأمر الى العدة، و عدمها، و قولها معتبر في العدة اجماعا و نصا.

ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام:

الحيض، و العدّة للنساء، اذا ادعت صدّقت

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 7 ص 441 الباب 24 الحديث 1

و راجع (فروع الكافي) الجزء 6 ص 101 باب إن النساء يصدّقن في الحيض، و العدة - الحديث 1

و أما اليمين فلقطع الخصومة

أي المسألة الثالثة من المسائل الثلاث التي أشير إليها في الهامش 2 ص 104 بقولنا: و هي ثلاثة.

أي أو ادعى المشتري الجهل بفورية الخيار.

بأن كان بعيدا عن معرفة الأحكام الفرعية، و المسائل الفقهية الشرعية.

أي الاصل الاولي يقتضي عدم معرفة المشتري الخيار.

أي المشتري لا يقبل قوله لو ادّعى الجهل بأصل الخيار.

استثناء عما أفاده في التفصيل: بأنه اذا كان المشتري جاهلا بأصل الخيار فيعذر، و يقبل قوله:(1)

أي يقبل قول المشتري لو ادّعى الجهل بأصل الخيار لو كان ساكنا في مدينة لا يعرف أهاليها الأحكام الشرعية.

ص: 110


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

اذا أنشأ في بلد لا يعرفون الأحكام

و الجهل (37) بالفورية فيعذر مطلقا (38)، لأنها (39) مما يخفى على العامة (40).

+++++++++++

أي و يفصل بين دعوى المشتري الجهل بفورية الخيار، لا بأصله فانه لو ادعى الجهل بالفورية يقبل قوله.

أي سواء أ كان ساكنا في بلاد لا يعرف أهاليها الأحكام أم يعرفون ذلك.

أي لأن الفورية من الأمور التي تخفى على أغلب الناس.

المراد من العامة إما أغلب الناس، حيث إنهم جاهلون عن معرفة الخيار

أو المراد منها عوام الناس الذين هم الأكثر في المجتمع.

ص: 111

القول في ماهية العيب، و ذكر بعض أفراده

(القول في ماهية العيب، و ذكر بعض أفراده)

اعلم أن حكم الارش، و الردّ معلق في الروايات على مفهوم العيب و العوار (1)

أما العوار (2) ففي الصحاح: إنه العيب

و أما العيب فالظاهر من اللغة و العرف:

أنه النقص عن مرتبة الصحة المتوسطة (3) بينه، و بين الكمال

+++++++++++

راجع حول هذه الروايات

(المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 ص 225، و ص 228، و ص 266، و ص 268

فانك تجد الأحاديث الواردة في هذا المقام

كيف تعلق حكم الارش، و الردّ على مفهوم العيب، و العوار

(2) جاءت هذه اللفظة في اللغة

بفتح العين، و كسرها، و ضمها

و العوار هو العيب

يقال: سلعة؛ ذات عوار: أي ذات عيب

(3) أي هذه المرتبة الصحيحة حد وسط بين العيب الذي هو النقص و الذي هي المرتبة النازلة عن الصحيحة

و بين مرتبة الكمال التي هي الدرجة العالية الراقية

فالعيب مرتبة نازلة

و الصحيحة مرتبة عالية(1)

و الكمال مرتبة راقية أعلى من الصحيحة.

كما في درجات الامتحانات

فان درجة صاحب الأربعين هي الدرجة الناقصة

و صاحب درجة الخمسين، أو أزيد هي الدرجة الصحيحة

و صاحب درجة الثمانين الى التسعين

يأخذ الطالب فيها (جيد جدا)

و صاحب درجة المائة يأخذ الطالب فيها

درجة (الممتاز)

و هذه الدرجة أرقى الدرجات، و أعلاها، و أكملها

فالدرجة الصحيحة بالنسبة الى درجة الكمال، و المرتبة -

ص: 112


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فالصحة ما يقتضيه أصل (4) الماهية المشتركة بين أفراد الشيء لو خلي و طبعه

و العيب و الكمال يلحقان (5) له لأمر خارج عنه

ثم مقتضى حقيقة الشيء قد يعرف من الخارج

كمقتضى حقيقة الحيوان الأناسي (6)، و غيره، فانه يعلم أن العمى عيب، و معرفة الكتابة في العبد، و الطبخ في الامة كمال فيهما

و قد يستكشف ذلك (7) بملاحظة أغلب الأفراد، فان (8) وجود صفة في أغلب أفراد الشيء يكشف عن كونه مقتضى الماهية المشتركة بين أفرادها

و كون (9) التخلف في النادر لعارض (10)

و هذا (11) و إن لم يكن مطردا في الواقع، اذ (12) كثيرا ما يكون أغلب الأفراد متصفة بصفة لأمر عارضي، أو لأمور مختلفة

+++++++++++

- الكمالية (فرشها)

و بالنسبة الى الدرجة الناقصة (عرشها)

فالعيب، و الصحيح، و الكمال من قبيل هذه الدرجات في الامتحانات

(4) أي طبيعة الماهية و حقيقتها

(5) أي يعرضان على أصل الماهية، و طبيعتها، و حقيقتها

(6) بفتح الهمزة جمع إنسان

و يجمع أيضا على أناسية

(7) أي حقيقة الحيوان و غيره(1)

(8) تعليل للاستكشاف المذكور

(9) دفع وهم

حاصل الوهم: إنه لو كان وجود صفة في أغلب أفراد الشيء كاشفا عن كونه مقتضى الماهية المشتركة بين أفراده

فلما ذا يتخلف هذه الصفة في بعض الأفراد؟

(10) دفع عن الوهم المذكور: أي التخلف المذكور لأمر عرضي لا ربط له بمقتضى الماهية المشتركة بين أفرادها، فان مقتضى الماهية المشتركة بين أفرادها على ما كانت عليها، من دون تغير و تخلف:

أي و كون وجود صفة في أغلب الأفراد:

هو مقتضى الماهية و الطبيعة

و أن التخلف في بعض الأفراد إنما هو لأمر عرضي

تعليل لعدم الاطراد في الواقع و نفس الأمر

ص: 113


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

إلا (13) أن بناء العرف و العادة على استكشاف حال الحقيقة عن حال أغلب الأفراد

و من هنا (14) استمرت العادة على حصول الظن بثبوت صفة الفرد من ملاحظة اغلب الأفراد، فان وجود الشيء في أغلب الأفراد و إن لم يكن الاستدلال به على وجوده في فرد غيرها، لاستحالة الاستدلال و لو ظنا بالجزئي على الجزئي (15)

إلا (16) أنه يستدل من حال الأغلب على حال القدر المشترك

ثم يستدل من ذلك (17) على حال الفرد المشكوك

اذا عرفت هذا تبين لك الوجه في تعريف العيب في كلمات كثير منهم:

بالخروج (18) عن المجرى الطبيعي:

و هو (19) ما تقتضيه الخلقة الأصلية

و أن المراد بالخلقة الأصلية ما عليه أغلب افراد ذلك النوع.

و ان ما خرج عن ذلك (20) بالنقص فهو عيب

+++++++++++

استثناء من قوله في ص 113: و هذا و إن لم يكن مطردا في الواقع

أي و من أن بناء العرف و العادة

لأنك قرأت في علم (المنطق و الميزان):

(إن الجزئي لا يكون كاسبا و لا مكتسبا):

أي (لا يكون معرفا و لا معرّفا)

استثناء من عدم امكان الاستدلال بوجود الشيء في أغلب الأفراد على وجوده في فرد غير تلك الأفراد

أي من حال الأغلب(1)

هذا هو تعريف الأكثر للعيب

هذا بيان للمجرى الطبيعي:

أي المجرى الطبيعي عبارة عما تقتضيه الطبيعة، و الخلقة الأصلية التي خلق عليها

فكل شيء خرج عن هذا المجرى الطبيعي الألهي

فهو عيب و نقص يعدّ خارجا عن مجرى الطبيعي

سواء أ كان في جانب الزيادة

كاصبع زائدة

أم في جانب النقيصة

كاصبع ناقصة

أى عمّا عليه أغلب أفراد ذلك النوع

ص: 114


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و ما خرج عنه (21) بالمزية فهو كمال

فالضيعة (22) اذا لوحظت من حيث الخراج (23)

+++++++++++

أي عما عليه أغلب أفراد ذلك النوع

و المراد من المزية الفضيلة التي يمتاز الانسان، و غيره عن سائر الأفراد، و الأشياء

كالعلم، و الشجاعة، و الكرم، و العفو

و غيرها: من الصفات الحسنة التي توجب مزية فرد على فرد بها يمتاز عن غيره

و كما في بعض أفراد الأرض اذا كانت ذات أشجار، و أنهار و عيون، و هواء معتدل

فان هذه الصفات تعدّ مزايا للأرض بموجبها تكون لها مزية على الأراضي التي لا تكون كذلك

و هكذا في بقية الأشياء: من الأحجار الكريمة. و المجوهرات النفيسة و مزية جمعها مزايا

بفتح الضاد و سكون الياء، و فتح العين

مفردة جمعها ضيّع و ضياع، و ضيعات

تصغيرها ضييعة

المراد منها (العقار، و الأرض المغلّة) التي تكون حرفة للرجل و صناعة له

يقال: هذه الضيعة للرجل:

أي حرفة له

كما يقال:

ضيعة العرب سياسة الابل: أي حرفتهم تربية الابل، و القيام بأمورها.

بفتح الخاء يراد منه ما يحصل من غلّة الأرض و المال:

أي المال المضروب على الأرض

و قيل: الخراج ما يقع على الضريبة التي هو سهم معين من المال ك 10 مثلا

و على الفيء، و الجزية

و بالمعنى الأول: و هو ما يحصل من غلّة الأرض

يقال: (خراج العراقين) الذي عينتها الحكومات، و الدول

ص: 115

فما (24) عليه اغلب الضياع: من مقدار الخراج

هو مقتضى طبيعتها

فزيادة (25) الخراج على ذلك المقدار عيب

و نقصه (26) عنه كمال

و كذا (27) كونها موردا للعساكر

ثم (28) لو تعارض مقتضى الحقيقة الاصلية، و حال أغلب الأفراد

+++++++++++

مبتدأ خبره قوله: هو مقتضى:

أي المقدار المعين الذي يؤخذ من الأراضي الزراعية، و من الأشجار و النخيل، و العقار، و المستغلات:

هو مقتضى طبيعة الارض: أي طبيعتها الثانوية، اذ طبيعتها الأولية أن هذه لا يكون عليها خراج

لكن لما فتحت هذه البلاد عنوة وضع الاسلام عليها الخراج بالمائة عشرا: أي 10 مثلا:

صار هذا الوضع طبيعة ثانوية لها

الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الضيعة اذا لوحظت من حيث الخراج:

أي من حيث طبيعتها الثانوية:

أي فزيادة الخراج على تلك الطبيعة الثانوية للأرض عيب و نقص لها، اذ كما عرفت أن الطبيعة الأولية للأرض هو عدم وجود خراج عليها فالزيادة على الطبيعة الثانوية نقص لها

أي و نقص الخراج عن الطبيعة الثانوية للأرض التي وضع عليها مقدار معين من الخراج:

كمال لها، لأن النقص موافق مع طبيعتها الأولية

أي و كذا لو كانت الأراضي محل نزول الجند، و الجيش، فان نزولهم فيها يعدّ نقصا للأرض، حيث يمنع أربابها عن الزراعة: لتقليل رغبات الناس، و تنقيص المالية بهذا النزول

خلاصة هذا الكلام: إنه عند تعارض الطبيعة الأولية، و الحقيقة الاصلية مع حال أغلب أفراد الشيء التي يستدل بها على حال الحقيقة عرفا

يرجح الثاني الذي هو حال أغلب أفراد الشيء

و يعبر عن هذا الثاني ب: (الحقيقة الثانوية الاعتبارية)

و من الواضح أن (الصحة، و العيب، و الكمال)

تعتبر بالنسبة الى هذه الحقيقة الثانوية -

ص: 116

التي يستدل بها على حال الحقيقة عرفا:

يرجح الثاني (29)، و حكم للشيء بحقيقة ثانوية اعتبارية تعتبر

+++++++++++

- خذ لذلك مثالا

إن طبيعة الأرض الأولية بما هي ليس عليها خراج

لكن بعد فتح الاسلام البلاد، سوى البحرين، و المدينة

وضع عليها الخراج ب (المائة عشرا): أي 10 مثلا:

فهنا وقع التعارض

بين الطبيعة الأولية

و بين الحقيقة الثانوية الاعتبارية

فتقدم الثانوية، لهجران الحقيقة الأولية، و تحقق الثانوية

إما بالوضع التعييني، أو التعيني

و الصحة التي هي المرتبة المتوسطة بين النقص، و الكمال

تعرض على الحقيقة الثانوية الاعتبارية

و كذا النقص، و العيب الذي هي المرتبة النازلة عن المرتبة الصحيحة

يعرض على الحقيقة الثانوية الاعتبارية

و هكذا المرتبة الكمالية التي هي المرتبة الراقية، و السامية

و لما نحن فيه من حيث هجران الحقيقة الأولية

و وجود حقيقة ثانوية اعتبارية

نظائر كثيرة، نذكر لك شطرا منها:

(منها) استعمال الشارع ألفاظ العبادات، و المعاملات بأسرها في المعاني المفتعلة المجعولة من قبله: بحيث لا يتبادر منها سوى تلك الماهيات و المخترعات

و أن معانيها اللغوية صارت مهجورة و متروكة

فاذا قال: (صلّ) لا يتبادر من هذه الكلمة عدا الماهية المخترعة التي هي الأركان، و الأجزاء، مع جميع شروطها

و كذا اذا قال: (بع)، فانه لا يتبادر من هذه اللفظة إلا البيع الصحيح الشرعي المستجمع لشرائط المتعاقدين، و المعوضين

و هكذا في جميع العقود، و الايقاعات

و هي ملاحظة حال أغلب الأفراد

و يحكم للشيء المشترك بين أفراده بحقيقة ثانوية اعتبارية، لاعتبار العرف لها، فتكون هو المرجع في اعتبار الصحة، و العيب، و الكمال فالخراج المتعارف الذي وضعتها الحكومات الاسلامية بعد فتحها -

ص: 117

الصحة و العيب، و الكمال بالنسبة إليها (30)

و من هنا (31) لا يعدّ ثبوت الخراج على الضيعة عيبا

مع أن حقيقتها لا تقتضي ذلك

+++++++++++

- البلاد عنوة في أغلب الضياع

بمنزلة السلامة من العيب عند العرف

و الإعفاء من الخراج كمال

و الزيادة على المتعارف نقص، و عيب

و إنما يرجح المعيار الوصفي العرفي على الذاتي الاولي الطبيعي حيث لا نص لترجيح الذاتي

و في ضوء ما ذكرنا يظهر أن النسبة

بين مقتضى الحقيقة الاصلية الاولية، و الطبيعة الذاتية

و بين الحقيقة الثانوية الاعتبارية

العموم و الخصوص من وجه

لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق

أما مادة الاجتماع

كما في توارد العساكر و الجنود على الضيعة، فان تواردهم على الضيعة عيب و نقص

فهنا اجتمعت الحقيقتان

و أما مادة الافتراق من جانب مقتضى الطبيعة الاصلية الاولية

فكما في وضع الخراج على الضياع، فانه مخالف لطبيعتها الأولية الاصلية، فهو عيب مطلقا، و إن كان قليلا

و أما مادة الافتراق من جانب مقتضى الحقيقة الثانوية الاعتبارية

فكما في الغلفة التي هي الجليدة فوق الآلة التناسلية التي يقطعها الخاتن، الموجودة في العبيد المجلوبين من الخارج، فان هذه الغلفة عيب

أي الى تلك الأفراد كما عرفت آنفا

أي و من أن الملاك و الاعتبار هي الحقيقة الثانوية الاعتبارية، و أنها المرجع في اعتبار الصحة، و الكمال

لا الحقيقة الطبيعة الاولية، لأن الحقيقة الاولية للضياع و الأراضي لا تقتضي وضع الخراج عليها

و إنما الخراج وضع عليها من قبل الحكومات و الدول الاسلامية بعد فتحها

فالحاصل: إن الخراج عرض على أغلب أفرادها بعد الفتح

فصار الخراج من مقتضيات الحقيقة الثانوية الاعتبارية العرفية

ص: 118

و إنما هو (32) شيء عرض أغلب الأفراد فصار (33) مقتضى الحقيقة الثانوية

فالعيب لا يحصل إلا بزيادة الخراج على مقتضى الأغلب

و لعل هذا (34) هو الوجه في قول كثير منهم (35)

بل عدم الخلاف بينهم في أن الثيبوبة ليست عيبا (36) في الاماء.

و قد ينعكس الأمر (37) فيكون العيب في مقتضى (38) الحقيقة الأصلية و الصحة (39) بالخروج * عن مقتضى الحقيقة الثانوية(1)

+++++++++++

شرحنا معنى هذه العبارة آنفا في الهامش 28 ص 117

أي الخراج كما عرفت آنفا

أي البناء على اعتبار الحقيقة الثانوية عرفا، و أنها هو المرجع في اعتبار الصحة، و العيب، و الكمال

أي من الأصحاب رضوان اللّه عليهم أجمعين

كما حكي ذلك عن العلامة قدس سره في التحرير

و سيجيء الاشارة إليه قريبا

أي بالنسبة الى بعض مقتضيات الحقيقة الاصلية

كالغلفة في العبد المملوك الكبير المجلوب من بلاد الشرك

و المراد من المعاكسة:

هو أن الغلفة في المملوك الكبير من مقتضيات الحقيقة الاصلية

فلا تعدّ عيبا، لأنها ليست خارجة عن المجرى الطبيعي الأصلي الأولي

نعم إنها عيب بالنسبة الى مقتضى الحقيقة الثانوية الاعتبارية لكونها مخالفة لاتصاف أغلب أفراد صنف المماليك بالختان

كما هو الشأن في البكارة في الاماء، و عدم الخراج في الضياع، لأنهما مطابقان لمقتضى الطبيعة الأولية، حيث إن الضياع بطبيعتها الأولية ليس عليها الخراج

و كذا البكارة في الاماء، فانها مطابقة للمجرى الطبيعي الأولي من حيث الخلقة

فهاتان الصفتان صفتا كمال بالنسبة الى الحقيقة الثانوية الاعتبارية

الجار و المجرور منصوبة محلا خبر لكلمة يكون

مرفوعة محلا اسم لكلمة يكون: أي فتكون الصحة بالخروج عن مقتضى الحقيقة الثانوية

* الجار و المجرور منصوبة محلا خبر لكلمة يكون

ص: 119


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

كالغلفة (40)، فانها عيب في الكبير، لكونها مخالفة لما عليه الأغلب إلا (41) أن يقال: إن الغلفة بنفسها ليست عيبا

إنما العيب كون الأغلب موردا للخطر بختانه (42)، و لذا (43) اختص هذا العيب بالكبير، دون الصغير

و يمكن (44) أن يقال: إن العبرة بالحقيقة الأصلية، و النقص عنها عيب، و إن كان على طبق الأغلب

+++++++++++

مضى شرح الكلمة في الهامش 37 ص 119

استدراك عما أفاده قدس سره آنفا:

من أن الملاك و الاعتبار هي الحقيقة الثانوية الاعتبارية

حاصله: إن ما قلناه و اعتبرناه بناء على أن الغلفة بنفسها عيب

و ليس العيب هو الذي يترتب على ازالتها: من ختان:

و هو احتمال الخطر بأخذ الغلفة التي فوق آلته التناسلية

و لذا لا يخشى على الصغير المملوك لو ختن، و أخذت الجليدة التي فوق آلته التناسلية

الباء سببية: أي بسبب ختانه

تعليل لكون الصغير لا يكون موردا للخشية:

أي و لأجل ذلك اختص العيب الذي هي الغلفة بالمملوك الكبير، لأنه يختن، و الختان خطر عليه

خلاصة هذا الكلام: إنه من الممكن القول بأن المقياس و المعيار في الصحة هو مقتضى الحقيقة الأصلية في قبال القول بترجيح الحقيقة الثانوية الاعتبارية

فالخروج عن مقتضى الحقيقة الأصلية عيب، و إن كان مطابقا لاعتبار الحقيقة الثانوية

فالثيبوبة في الأمة، و الخراج في الضيعة

خروج عن المجرى الطبيعي عن الحقيقة الأصلية

و إن لم يكونا عيبين بالنسبة الى الحقيقة الثانوية

ص: 120

إلا (45) أن حكم العيب لا يثبت مع اطلاق العقد حينئذ، لأنه (46) إنما يثبت من جهة اقتضاء الاطلاق للالتزام بالسلامة، فيكون كما لو التزمها صريحا في العقد

فاذا فرض الأغلب على خلاف مقتضى الحقيقة الأصلية:

لم يقتض الاطلاق ذلك

بل اقتضى عكسه: أعني التزام البراءة من ذلك النقص

فاطلاق (47) العقد على الجارية بحكم الغلبة منزل على التزام البراءة:

من عيب الثيبوبة

و كذا الغلفة في الكبير فهي أيضا عيب في الكبير، لكون العبد معها موردا للخطر عند الختان

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام: إن الحكم في الخيار بين الرد، و الامساك بالارش مع تحقق هذا العيب

لا يثبت في صورة اتصاف أغلب أفراد النوع، أو الصنف به

مع اطلاق عقد البيع، و عدم اشتراط السلامة من كل عيب صراحة

تعليل لعدم ثبوت حكم العيب مع تحقق موضوعه

خلاصته: إن اطلاق العقد يقتضي التزام البائع سلامة المبيع من العيب

فاذا ظهر المبيع متصفا بصفة أغلب أفراد نوعه، أو صنفه على خلاف الحقيقة الاصلية

كالثيبوبة في الأمة، و الخراج على الضيعة مثلا

فلا يقتضي اطلاق العقد حينئذ التزام البائع سلامة المبيع من العيب

بل يقتضي عكسه: و هو التزامه البراءة من ذلك العيب

و نتيجة ذلك عدم ثبوت حكم العيب:

و هو الخيار بين الرد، و استرجاع الثمن

و بين الامساك بالارش مع تحقق موضوعه

فاتصاف أغلب الأفراد بما يخالف الحقيقة الأصلية الأولية

أشبه شيء بالمانع عن اقتضاء اطلاق العقد للالتزام بالسلامة من هذا العيب

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من الأمثلة و الشواهد التي أتى بها لعدم ثبوت حكم العيب مع تحقق موضوعه في صورة فرض اتصاف أغلب الأفراد بما يخالف مقتضى الحقيقة الأصلية الأولية

ص: 121

إلا أن الغالب في المجلوب من بلاد الشرك لما كان هي الغلفة:

لم يقتض الاطلاق التزام سلامته من هذا العيب

بل اقتضى التزام البائع البراءة من هذا العيب:

فقولهم (48): إن الثيبوبة ليست عيبا في الاماء

و قول العلامة في القواعد:

إن الغلفة ليست عيبا في الكبير المجلوب:

لا يبعد ارادتهم في(1) نفي حكم العيب: من الرد، و الارش

لا نفي حقيقته (49).

و يدل عليه (50) نفي الخلاف في التحرير عن كون الثيبوبة ليست عيبا مع (51) أنه في التحرير، و التذكرة اختار الارش، مع اشتراط البكارة

مع أنه لا ارش في تخلف الشرط بلا خلاف ظاهر

و تظهر الثمرة (52) فيما لو اشترط المشتري البكارة، و الختان (53)

+++++++++++

أي قول جملة من الأصحاب رضوان اللّه عليهم

أي لا نفي حقيقة العيب، اذ كيف يمكن نفي حقيقة العيب،

مع أن الثيبوبة بالنسبة الى الحقيقة الأصلية الأولية عيب حقيقة؟

أي و يدل على أن مراد الفقهاء: من نفي العيب عن الثيبوبة

هو نفي الحكم بخيار العيب

لا نفي الموضوع الذي هو نفي العيب حقيقة:

هو ادعاء عدم الخلاف فيما بينهم في أن الثيبوبة ليست عيبا

أي مع أن العلامة قدس اللّه نفسه الزكية اختار في التحرير، و التذكرة ثبوت الارش، مع أنه اشترط البكارة في الأمة(2)

فهذا دليل على أن المراد من نفي العيب عن الثيبوبة

نفي الحكم عند ما يطلق العقد، و عدم الاشتراط

لا نفي الموضوع، لانحصار مورد ثبوت الارش في خيار العيب، لعدم الخلاف في أنه لا ارش في خيار الشرط

أي الثمرة بين كون الاعتبار في الصحة، و العيب هي الحقيقة الأصلية الأولية

و بين كونها هي الحقيقة الثانوية الاعتبارية

بناء على فرض عدم الختان في أغلب أفراد العبيد الذين يجلبون من بلاد الشرك

و فقدان البكارة في أغلب أفراد الإماء

ص: 122


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فانه يثبت على الوجه الثاني (54) حكم العيب: من الرد، و الارش، لثبوت (55) العيب

غاية الأمر عدم ثبوت الخيار مع الاطلاق (56)، لتنزله منزلة تبري البائع من هذا العيب، فاذا زال مقتضى الاطلاق بالاشتراط ثبت حكم العيب.

و أما على الوجه الأول (57)، فان الاشتراك لا يفيد إلا خيار تخلف الشرط (58)، دون الارش (59)

+++++++++++

و هو الاعتبار بالحقيقة الاصلية الأولية

تعليل لثبوت الحكم: أي يثبت الحكم بالخيار

بين الرد، و الامساك بالارش، لثبوت العيب باشتراط السلامة مما يتصف به أغلب أفراد نوع المبيع

كالثيبوبة في الاماء، و الغلفة في العبيد

تقدم شرحه في الهامش 46 ص 121

و هو كون الاعتبار في الصحة، و العيب:

هي الحقيقة الثانوية الاعتبارية

و هو الخيار بين الردّ، و الامساك مجانا

لاختصاص الارش بخيار العيب

ثم إن منشأ هذه الثمرة:

هو اتصاف أغلب أفراد الحقيقة بما يخالف الحقيقة: بحيث يعدّ عيبا بالقياس الى الحقيقة الأصلية

غاية الأمر أنه لم يثبت حكم العيب في فرض اطلاق العقد، لأنه بمنزلة براءة البائع من هذا العيب

فاذا زال مقتضى الاطلاق باشتراط السلامة من هذا العيب فقد ثبت حكمه كما تقدم توضيحه في الهامش 46 ص 121

و أما بالنسبة الى الحقيقة الثانوية الاعتبارية، فان ما يتصف به الأغلب لا يعتبر عيبا، و إن كان على خلاف المجرى الطبيعي للحقيقة الأولية كالثيبوبة في الأمة، و الخراج المتعارف في الضيعة

فاذا اشترط في العقد عدم الثيبوبة، و عدم الخراج في الضيعة يكون المورد من صغريات تخلف الشرط

فيثبت الخيار بين الرد، و الامساك، مجانا عند التخلف عن الشرط

ص: 123

لكن الوجه السابق (60) أقوى

و عليه (61) فالعيب إنما يوجب الخيار اذا لم يكن غالبا في أفراد الطبيعة بحسب نوعها، أو صنفها

و الغلبة الصنفية متقدمة على النوعية عند التعارض

فالثيبوبة (62) في الصغيرة غير المجلوبة عيب، لأنها ليست غالبة في صنفها، و إن غلبت في نوعها

ثم إن مقتضى ما ذكرنا (63) دوران العيب مدار نقص الشيء من حيث

+++++++++++

و هو الاعتبار بالحقيقة الأولية في الصحة، و العيب

و الظاهر أن كلمة (السابق) سهو من النساخ

و الصحيح أن يقال: الثاني، حيث لم يكن لهذا الوجه سابقية على الوجه الاول

و إن كان بعض الأعلام الأفاضل حاول تصحيح الكلمة

لكن التصحيح في غير محله إن كان القارئ الكريم منصفا

خلاصة هذا الكلام: إن اتصاف أغلب الأفراد بما يخالف الحقيقة و إن كان يعدّ عيبا حقيقة بالقياس الى الحقيقة الاصلية

لكن حكمه لم يثبت في فرض اطلاق العقد

كما تقدم

و أما اذا كان المتصف هو الفرد النادر من أفراد الطبيعة

فهو يوجب خيار العيب حتى مع اطلاق العقد

خلاصة هذا الكلام: إن الثيبوبة و إن كانت في أغلب أفراد الإماء موجودة

لكنها بالنسبة الى الأمة الصغيرة التي لم تبلغ التاسعة من عمرها ليست غالبة في صنفها

و هو أن الاعتبار في الصحة و العيب:

هي الحقيقة الأصلية الأولية

مقصوده قدس سره من هذه الجملة:

إنه بناء على أن الاعتبار و الملاك في الصحة، و العيب هي الحقيقة الأولية الأصلية

و أن الخروج عن مقتضاها، و مجراها الطبيعي الأولي يعدّ عيبا:

فالعيب يدور مدار النقص الخلقي

مع قطع النظر عن الجانب المالي الذي هي مالية الشيء -

ص: 124

عنوانه، مع قطع النظر عن كونه مالا، فان (64) الانسان الخصيّ ناقص في نفسه، و إن فرضت زيادته من حيث كونها مالا

و كذا البغل الخصيّ حيوان ناقص و إن كان زائدا من حيث المالية على غيره، و لذا (65) ذكر جماعة ثبوت الرد، دون الارش في مثل ذلك

و يحتمل قويا أن يقال (66): إن المناط في العيب هو النقص المالي

+++++++++++

- فان كان هناك نقص خلقي

فالعيب موجود فللمشتري الخيار

و إن لم يكن النقص الخلقي موجودا

فالصحة موجودة و البيع نافذ

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره:

من أن المعيار في الصحة، و العيب

هي الحقيقة الأصلية الأولية

و أن الميزان في العيب هو النقص الخلقي

مع قطع النظر عن مالية الشيء:

أي و لما كان المعيار ذلك

فالخصاء في الانسان، و الحيوان

نقص ذاتي خلقي، و إن فرضت به لهما زيادة في القيمة

كما في المملوك الخصي في الانسان، و الحيوان، فان الخصاء فيهما يزيد في قيمتهما

لكنه مع ذلك يعدّ نقصا في خلقتهما الأولية

أي و لأجل ما ذكرنا: من أن المعيار و الميزان في المعيب، و الصحيح هو النقص الذاتي الخلقي، مع قطع النظر عن مالية الشيء:

ذكر جماعة من الفقهاء ثبوت الرد فقط في العبد الخصي و الحيوان الخصيّ

و ذكروا أنه لا ارش، لعدم التفاوت في القيمة

بل كما عرفت أن الخصاء موجب لزيادة القيمة فيهما

كما أفاده العلامة قدس سره في القواعد، و التحرير، و التذكرة و صاحب مفتاح الكرامة قدس سره فيه

ص: 125

فالنقص (67) الخلقي غير الموجب للنقص كالخصاء، و نحوه

ليس عيبا

إلا (68) أن الغالب في أفراد الحيوان لما كان عدمه

كان اطلاق العقد منزّلا على إقدام المشتري على الشراء، مع عدم هذا النقص، اعتمادا (69) على الأصل، و الغلبة

فكانت السلامة عنه بمنزلة شرط أشترط في العقد لا يوجب تخلفه إلا خيار تخلف الشرط

+++++++++++

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره في ص 125:

من أن الملاك في العيب الذي يوجب خيار الفسخ، أو الامساك بالارش:

هو النقص المالي: بأن يكون العيب سببا لتقليل سعر المبيع:

أي ففي ضوء ما ذكرنا لا يعدّ النقص الذاتي المخالف للمجرى الطبيعي الذي لا يوجب نقصا ماليا:

عيبا، فلا يترتب عليه خيار العيب

استثناء عما أفاده قدس سره: من أن النقص الذاتي الذي لا يوجب نقصا ماليا لا يعد عيبا

خلاصته: إنه لما كان الغالب في أفراد الانسان، أو الحيوان عدم هذا النقص كالخصاء، و الجب مثلا:

كان مقتضى اطلاق العقد هي السلامة من النقص

فاذا ظهر في المبيع نقص فقد ثبت خيار تخلف الشرط للمشتري

و الخيار إما بالرد، أو بالامساك مجانا، لأن هذا الخيار يكون حينئذ من جزئيات تخلف الشرط، لا من جزئيات خيار العيب

خلاصة هذا الكلام: إن اطلاق العقد بمنزلة إقدام المشتري على الشراء الصحيح، اعتمادا على أصالة السلامة في المبيع

و غلبة عدم وجود هذا النقص في أغلب أفراد نوعه

بعبارة أحرى: إن النقص الذي لا يوجب نقصا ماليا في المبيع، و إن كان النقص نقصا ذاتيا خلقيا:

هو بمنزلة فقدان الوصف المشترط في متن العقد، أو خارجه فهذا الفقدان لا يوجب تخلفه إلا خيار تخلف الشرط:

و هو الرد، أو الامساك بلا ارش

ص: 126

و تظهر الثمرة (70) في طروّ موانع الرد بالعيب، بناء (71) على عدم منعها من الرد، بخيار تخلف الشرط، فتأمل (72)

+++++++++++

أي ثمرة الخلاف

بين البناء على أن مطلق النقص في المبيع موجبا(1) لخيار العيب و إن لم يوجب نقصا في مالية المبيع

و بين البناء على أنه من قبيل فقدان الوصف الذي لا يوجب إلا خيار تخلف الشرط:

تظهر في موارد عروض موانع الرد

كما في مانعية تصرف المشتري في المبيع

أو حدوث عيب جديد عند المشتري في المبيع غير العيب الأول الذي حدث عند البائع، فان هذا التصرف، و حدوث عيب جديد مانعان عن ردّ المبيع بالعيب السابق على البناء الأول:

أعني كون مطلق النقص موجبا لخيار العيب و إن لم يوجب نقصا ماليا في المبيع

و أما على البناء الثاني الذي هو من قبيل تخلف الوصف

فلا تأثير لتصرف المشتري في المبيع

أو حدوث عيب جديد فيه عنده

بالنسبة الى استحقاق المشتري للرد بخيار تخلف الوصف المشترط بمقتضى اطلاق العقد، و أصالة السلامة في المبيع

أي ظهور هذه الثمرة على أن موانع الرد بسبب خيار العيب لا تكون مانعة عن الرد بخيار تخلف الشرط

و إلا لو كانت تلك الموانع مانعة عن الرد بخيار تخلف الشرط فلا تظهر الثمرة

الظاهر أن الأمر بالتأمل اشارة الى الإشكال الوارد على ادعاء ظهور الثمرة في المقام

خلاصته: إن الدال على أن تصرف المشتري في المبيع المعيب

أو في المبيع الذي حدث فيه عيب عنده

مانع عن رد المبيع كما في صحيحة زرارة المتقدمة في ص 30

و كما في مرسلة جميل المتقدمة في الهامش 137 ص 30

فان هاتين الروايتين غير شاملتين للمعيب الذي لا ارش في عيبه لأن المقدار الثابت من دليل سقوط الرد بالتصرف في هذا الباب هو مورد ثبوت الارش -

ص: 127


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و في صورة (73) حصول هذا النقص قبل القبض، أو في مدة الخيار

+++++++++++

- و موضوع ثبوت الحكم بالارش هو النقص المالي في المبيع

و المفروض هنا مطلق النقص و إن لم يوجب نقصا في المبيع

و لما كان دليل سقوط الرد لا يشمل ما نحن فيه

فالمرجع حينئذ هو الأصل العملي الذي هو الاستصحاب:

أي استصحاب عدم السقوط

و قد تقدم مضمون هذا في أواخر الأمور التي نسبت الى الأصحاب بقوله في ص 120:

إلا أن يقال: إن المقدار الثابت من سقوط الجرد بالتصرف هو مورد ثبوت الارش، و إلا فمقتضى القاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف(1)كما في غير العيب، و التدليس

ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا أن الثمرة المذكورة غير مبنية على الخلاف المبتني على أن مطلق النقص موجب لخيار العيب، و عدمه

بل الثمرة المذكورة مبنية على موارد ثبوت الارش، و عدمه

و لما كان النقص في محل الكلام لا يوجب ارشا، لعدم التفاوت في قيمة المعيب كما هو المفروض في المقام

و إنما يوجب النقص خيار تخلف الشرط

بين الرد، و بين الامساك مجانا و بلا عوض:

إذا لا يبقى مجال لدعوى ظهور هذه الثمرة

سواء أ كان مطلق النقص عيبا

أم كان من قبيل فقدان الأوصاف المشترطة في المبيع

أي و تظهر الثمرة أيضا في صورة حدوث هذا النقص في المبيع قبل قبض المشتري له

أو في خلال مدة الخيار كما اذا كان المبيع حيوانا

أو الخيار كان مشروطا

فظهر النقص في مدة الخيار للمشتري

أو ظهر في الأيام الثلاثة في الحيوان:

بمعنى أنه موجب لثبوت الخيار

فبناء على الأول(2) أعني اعتباره عيبا مضمونا على البائع:

بين الرد، و الامساك بالارش، استنادا في ذلك الى اطلاق كلمات الأصحاب: من أن العيب مضمون على البائع، الشامل لنقص المبيع مطلقا و إن لم يكن منقصا لمالية المبيع -

ص: 128


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فانه مضمون على الأول (74)، بناء على اطلاق كلماتهم:

إن (75) العيب مضمون على البائع

بخلاف الثاني (76)، فانه لا دليل على أن فقد الصفة المشترطة قبل القبض، أو في مدة الخيار مضمون على البائع:

بمعنى كونه سببا للخيار

و للنظر (77) في كلا شقي الثمرة مجال

+++++++++++

- و أما بناء على فقدان الوصف المشترط

فلا دليل على ضمان البائع له اذا حدث فيه عيب قبل القبض او حدث فيه العيب في زمن الخيار

ذكرناه في الهامش 73 في ص 128 بقولنا: أعني اعتباره

هذا اطلاق كلمات الفقهاء

و قد أشير إليه في الهامش ص 129 بقولنا: و أما بناء

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره يروم الاعتراض على شقيّ الثمرة الثانية التي أفادها بقوله في ص 128:

و في صورة حصول هذا النقص قبل القبض

و المراد من شقّي الثمرة الثانية

هما: ضمان العيب على البائع، بناء على أن مطلق النقص موجب لخيار العيب و إن لم يوجب نقصا ماليا في المبيع المعيب

و عدم ضمان البائع، بناء على أن النقص من قبيل فقدان وصف في المبيع يوجب خيار تخلف الشرط

و أما وجه النظر في كليهما

فعلى ما أفاده شيخنا الشهيدي طاب ثراه في تعليقته على المكاسب ص 535

أليك خلاصة النظر في الشق الأول:

إن ضمان البائع لهذا العيب مبني على شمول اطلاق العيب في كلمات الأصحاب: (إن العيب مضمون على البائع):

لمطلق العيب و إن لم يكن موجبا للنقص المالي

و هذا التعبير لم يرد في لسان دليل خاص

و إنما تصيده الفقهاء رضوان اللّه عليهم من الحديث الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

(كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه)

و من الأخبار التي وردت: -

ص: 129

و ربما يستدل لكون الخيار هنا (78) خيار العيب بما في مرسلة السيّاري الحاكية لقصة ابن ابي ليلى: حيث قدّم إليه (79) رجل خصما له، فقال:

إن هذا (80) باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها (81) حين كشفتها شعرا

و زعمت (82) أنه لم يكن لها قط

فقال له ابن أبي ليلى:

+++++++++++

- (في ان تلف المبيع في زمن الخيار ممن لا خيار له):

بدعوى ان تلف المبيع أعم من تلف نفسه، و شخصه

أو تلف وصفه

و من الواضح أن القدر المسلم و المتيقن من تلف الوصف ما يوجب النقص المالي، فلا يشمل ما نحن فيه:

أعني النقص غير الموجب للنقص المالي

و أما وجه النظر في الشق الثاني من الثمرة الثانية

فهو أن الدال على ضمان هذا النقص على تقدير كونه عيبا

و على تقدير تمامية الدليل

فهو بعينه دال على ضمانه على تقدير كونه فقدان وصف، لما تقدم في وجه الضمان على تقدير كونه عيبا، لشمول عموم تلف المبيع في لسان الدليل الذي ذكرناه لك لتلف وصفه، و إن لم يكن موجبا لنقصان مالية الشيء

و الحاصل: إنه إن تم الدليل على ضمان البائع على تقدير أن مطلق النقص عيب

كذلك يدل على الضمان على تقدير كون النقص هو عبارة عن فقدان وصف

أي في النقص الذي لا يوجب نقصا ماليا

أي الى ابن أبي ليلى

أي الرجل الذي كان خصما للمشتري، و الذي باع الجارية له

بفتح الراء، و الكاف يراد منه موضع العانة الذي ينبت فيه الشعر و قيل: منبث الشعر يسمى ركب

و قال الخليل: الركب خاص للمرأة

أي زعمت الجارية أن عدم وجود الشعر على ركبها من حين الخلقة:

أي كانت هكذا، و أن هذا نقص خلقي

ص: 130

إن الناس ليحتالون بهذا (83) بالحيل، ليذهبوا به

فما الذي كرهت (84)؟

فقال له (85):

أيها القاضي إن كان عيبا فاقض لي به

قال (86): فاصبر حتى أخرج أليك، فاني أجد أذى (87) في بطني ثم دخل بيته و خرج من باب آخر

فاتى محمد بن مسلم الثقفي فقال (88) له:

أيّ شيء تروون عن أبي جعفر في المرأة لا يكون على ركبها شعر أ يكون هذا (89) عيبا؟

فقال له محمد بن مسلم:

أما هذا (90) فلا أعرف له نصّا

و لكن حدثني أبو جعفر عن أبيه عن آبائه عن النبي صلى اللّه عليه و آله

قال: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد (91)، أو نقص فهو عيب

فقال له ابن أبي ليلى:

+++++++++++

أي إن الناس يستعملون شتى الأساليب في اذهاب هذا الشعر، و يعطون أجورا باهظة للنساء المختصات بهذه المهنة لاذهابه، ليصير مكانه أبيض، ليستلذ الزوج عند الوقاع مع زوجته أكثر مما يستلذ منها اذا كان الشعر باقيا على عانتها، فان له منظرا قبيحا عند ما يراه الرجل، و لا سيما اذا كانت المرأة من النساء اللاتي لا تهتم بالنظافة

أي فما الذي رأيت من عدم الشعر على ركبها حتى كرهت من الجارية

أي مشتري الجارية قال للقاضي

أي القاضي قال للمشتري

المراد من الأذى هي الأرياح و الغازات

أي ابن أبي ليلى قال لمحمد بن مسلم الثقفي

أي عدم الشعر على ركبها

أي لم يرد نص بالخصوص حول سؤالك عن هذا الموضوع عن الامام أبي جعفر عليه السلام

أي زاد على أصل الخلقة الأولية التي عليها الجميع،

أو نقص عن الخلقة الأولية التي عليها الفطرة الأولية الأصلية

ص: 131

حسبك (92)

فرجع الى القوم فقضى لهم بالعيب (93)، فان ظاهر (94) إطلاق

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام: إن ابن أبي ليلى قال لمحمد بن مسلم بعد أن سأله عن حكم الواقعة و لم يكن له جواب فيها بالخصوص:

إني استفدت من تلك الكبرى الكلية التي نقلتها عن أبي جعفر عليه السلام بقوله: قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

(كل ما كان في أصل الخلقة فزاد، أو نقص فهو عيب):

حكم هذه الواقعة:

و هو أن عدم وجدان الشعر على ركبها عيب و نقص، و إن لم يوجب النقص نقصا ماليا في المبيع المعيب

هذا الحديث مروي في الوسائل عن الكافي، و التهذيب

فراجعنا المصدرين و اذا فيهما اختلاف كثير مع ما في الوسائل فصححناه عليهما

لكن في فروع الكافي، و التهذيب كلمة (اصبر) لا توجد

و في الوسائل، و المكاسب موجودة

راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 215 الحديث 12

و راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 65 الحديث 282-26

و راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 410 الباب 7 الحديث 1

ثم إن في المكاسب بعد كلمة حسبك توجد كلمة (هذا)، و هي غير موجودة في مصادر الحديث المروية عنها، و لذا حذفناها، و صححنا الكتاب على المصادر

تعليل من شيخنا الأنصاري قدس سره لما أفاده في ص 130 بقوله:

و ربما يستدل لكون الخيار هنا خيار العيب

خلاصة هذا التعليل: إن النقص الوارد في رواية ابن أبي ليلى مطلق حيث إنه أعم من النقص الموجب للنقص المالي

أو غير موجب للنقص المالي

و لهذا الاطلاق ظهور مؤيد بفهم محمد بن مسلم الثقفي رضوان اللّه عليه: و هو أن الرواية لا تصريح فيها على الواقعة المسئول عنها:

و هو عدم انبات الشعر على عانة الجارية، و إن كان فيها إشعار و ايماء على تلك الواقعة

و مؤيد أيضا بفهم ابن أبي ليلى قولا، و عملا

أما قولا فجوابه لمحمد بن مسلم: حسبك: أي كفاني نقلك -

ص: 132

الرواية (95) المؤيد (96) بفهم ابن مسلم من حيث نفي نصوصية الرواية (97) في تلك القضية (98) المشعر (99) ظهورها فيها(1)

و فهم (100) ابن أبي ليلى: من حيث قوله (101) و عمله (102):

كون (103) مجرد الخروج عن المجرى الطبيعي عيب، و إن كان (104) مرغوبا فيه

+++++++++++

- الحديث النبوي عن أبي جعفر، فاني استفدت من حكم الواقعة و أما عملا فحكمه بالعيب لتلك الواقعة

و هذا الظهور عبارة عن أن الشيء اذا خرج عن مجراه الطبيعي فهو عيب و نقص، و إن كان هذا العيب و النقص أمرا مرغوبا فيه، و مطلوبا عند الناس

و عدم انبات الشعر على ركب الجارية المشتراة عيب و نقص،

و إن كان هو في حدّ ذاته أمرا مطلوبا يستذوقه طلابه

فبظهور هذا الاطلاق يستفاد أن الخيار فيما نحن فيه خيار عيب

و هي رواية ابن أبي ليلى

أي ظهور اطلاق رواية ابن أبي ليلى

و هي رواية ابن أبي ليلى

و هو عدم انبات الشعر على ركب الجارية

بالنصب صفة لكلمة فان ظاهر اطلاق(2)

بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارّة) في قوله في هذه الصفحة: بفهم:

أي و المؤيد بفهم ابن أبي ليلى

أي قول ابن أبي ليلى كما عرفت في الهامش 93 ص 132

أي و عمل ابن ليلى: و هو قضاؤه و حكمه للرجل:

في أن عدم الانبات عيب و نقص

بالرفع خبر لاسم إن في قوله في ص 132:

فان ظاهر إطلاق الرواية

و قد عرفت معنى هذا في الهامش من هذه الصفحة عند قولنا:

و هذا الظهور عبارة

أي و إن كان الخروج عن المجرى الطبيعي أمرا مرغوبا فيه و مطلوبا عند الناس

ص: 133


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فلا ينقص (105) لأجل ذلك من عوضه

كما يظهر (106) من قول ابن أبي ليلى:

إن الناس ليحتالون، الى آخر كلامه

و تقرير (107) المشتري في ردّه

لكن (108) الانصاف عدم دلالة الرواية على ذلك (109)

+++++++++++

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أن الخروج عن المجرى الطبيعي يعدّ عيبا، و إن كان أمرا مرغوبا فيه:

أي فبناء على ذلك لا ينقص من سعر هذا المبيع المعيب شيء من الثمن

أي كما يظهر أن عدم وجود الشعر على ركب الجارية أمر مطلوب من قول ابن أبي ليلى:

إن الناس ليحتالون بهذا الحيل، ليذهبوا به

وجه الظهور إن عدم الانبات لو لم يكن أمرا مرغوبا، و مطلوبا فيه لما احتال الناس شتى الأساليب في إذهابه عن عانة المرأة، لتتهنى لهم لذة الجماع، و الوقاع

بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله في هذه الصحيفة:

كما يظهر من قول: أي و كما يظهر أن انبات الشعر على عانة الجارية أمر مطلوب و مرغوب فيه:

من تقرير مشتري الجارية مقالة ابن أبي ليلى:

إن الناس ليحتالون بهذا الحيل، ليذهبوا به، حينما ردّ ابن أبي ليلى على المشتري عند ما سأل عن حكم عدم إنبات الشعر على عانة الجارية هل إنه عيب؟

و عند ما نهى ابن أبي ليلى المشتري عن المخاصمة مع بائع الجارية

من هنا يروم قدس سره الرد على ما أفاده: من امكان الاستدلال على كون الخيار هنا خيار عيب بالحديث المذكور في ص 130

و قد أفاد الرد بأمور أربعة بقوله:

أما أولا، و أما ثانيا، و أما ثالثا، و أما رابعا

أي على عدم كون الخيار هنا خيار عيب

ص: 134

أما أولا (110) فلأن ظاهر الحكاية أن ردّ المشتري لم يكن لمجرد عدم الشعر

بل لكونها (111) في أصل الخلقة كذلك، الكاشف (112) عن مرض في العضو، أو في أصل المزاج

كما يدل عليه (113) عدم اكتفائه في عذر الرد بقوله:

لم أجد على ركبها شعرا حتى ضم إليه دعواه:

إنه (114) لم يكن لها قط

+++++++++++

هذا هو الأمر الاول

خلاصته: إن ردّ المشتري الجارية لم يكن لمجرد عدم وجود الشعر على ركبها حتى يقال: إن عدم وجود الشعر بنفسه عيب، ثم ينتج أن الخيار هنا خيار عيب، و إن لم يكن العيب موجبا لنقص المالية في المبيع

بل الرد إنما كان لأجل أن عدم انبات الشعر في العانة كاشف عن مرض في الجارية يوجب نقصا ماليا في الجارية

و المرض عبارة عن النقص في العضو، أو في المزاج:

أي في أصل الخلقة كانت كذلك

أي بل كانت عانة الجارية في أصل خلقتها الاولية لا ينبت عليها الشعر

بالجر صفة لقوله: عدم الشعر(1)

هذا تأييد منه لما أفاده: من أن عدم وجود الشعر على عانة الجارية كاشفة عن أن العدم كانت لأجل مرض في العضو

أو في أصل المزاج و الخلقة

خلاصته: إن الدليل على ذلك عدم اكتفاء المشتري في دعواه:

بأني لم أجد على ركبها شعرا

بل ضم هذه الدعوى بدعوى ثانية: و هي:

إن عدم الشعر على عانتها بسبب أن أصل خلقتها كانت كذلك حتى يثبت له خيار العيب

هذه هي الدعوى الثانية التي عرفتها

ص: 135


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و قول (115) ابن أبي ليلى:

إن الناس ليحتالون في ذلك حتى يذهبوا به:

لا يدل (116) على مخالفة المشتري في كشف ذلك عن المرض

و إنما هو مغالطة عليه، تفصيا عن خصومته، لعجزه عن حكمها

و الاحتيال (117) لاذهاب شعر الركب

لا يدل (118) على أن عدمه في أصل الخلقة شيء مرغوب فيه

كما (119) أن احتيالهم لاذهاب شعر الرأس

+++++++++++

كأنما هذا دفع وهم

حاصل الوهم: إنه لو كان الأمر كما تقولون:

من عدم اكتفاء المشتري بدعواه الاولي حتى ضم إليها دعواها الثانية المشار إليها في الهامش 112 ص 135

فلما ذا قال ابن أبي ليلى للمشتري:

إن الناس ليحتالون في ذلك حتى يذهبوا به؟

فقول ابن أبي ليلى له دليل على أن عدم الانبات لم يكن لمرض في العضو، أو لأصل المزاج

فلا يثبت له خيار العيب

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إن هذا القول من ابن أبي ليلى لا يكون مخالفا لما ادعاه المشتري: من أن عدم انبات الشعر على عانة الجارية كان لمرض في العضو أو في أصل المزاج

بل كان قوله له مغالطة لأجل التخلص و الفرار منه، حيث كان عاجزا عن الجواب، و عن القضاء له في الواقعة المذكورة، فاحتال بهذا الكلام، ليقنع السائل، و يتخلص عن جواب الواقعة

هذا وهم كأن المتوهم يقول: إن الناس كما عرفت كانوا يحتالون و يستعملون شتى الأساليب لاذهاب الشعر

فعدم وجوده أمر مرغوب فيه يميل إليه الناس

جواب عن الوهم المذكور

تنظير لما أفاده: من أن عدم وجود الشعر في أصل خلقة ليس أمرا مرغوبا فيه

ص: 136

لا يدل على كون عدمه من أصله لقرع (120)، أو شبهه أمرا مرغوبا فيه

و بالجملة (121) فالثابت من الرواية (122) هو كون عدم الشعر على الركب مما يقطع، أو يحتمل كونه لأجل مرض عيبا

و قد عدّ من العيوب الموجبة للارش ما هو أدون من ذلك (123)

(و أما ثانيا) (124) فلأن قوله عليه السلام: فهو عيب إنما يراد به بيان

+++++++++++

بفتح العين و الراء مرض جلدي يسقط شعر الرأس

يقال: (قرع الرجل): أي سقط شعره من آفة

و يقال للمرأة: (قرعة) بالتاء

و يقال للأرض التي لم ينبت فيها النبات:

(أرض قرعاء)

و في الدعاء:

أعوذ باللّه من قرع الغناء، و صغر الاناء:

أي من خلو الدار من سكانها

و الآنية من مستودعاتها

أي خلاصة الكلام في هذا المقام

أي رواية ابن أبي ليلى المشار إليها في ص 130

أي يوجد بعض الأشياء أقل شأنا و مقدارا من عدم الانبات على العانة و مع هذا فقد قرر له في الأحكام الشرعية مقدار من الارش

فكيف بعدم الانبات الذي هو أهم من ذلك؟

فانه لا بدّ له من الارش

هذا هو الأمر الثاني في الرد على من استدل برواية ابن أبي ليلى على أن الخيار هنا خيار عيب

خلاصته: إننا قلنا: إن النقص على قسمين:

قسم موجب للنقص المالي

و قسم لا يوجب ذلك

و الذي لا يوجب ذلك لا يقتضي سوى الرد

و ليس للارش مجال فيه كما فيما نحن فيه

و أما الرواية فقد سيقت لبيان معرفة موضوع العيب:

بمعنى أن موضوعه ما كان موجبا لمطلق النقص و إن لم يوجب نقصا ماليا -

ص: 137

موضوع العيب توطئة (125)، لثبوت أحكام العيب له

و الغالب الشائع المتبادر في الأذهان هو رد المعيوب، و لذا اشتهر (كل معيوب مردود)

و أما باقي أحكام العيب، و خياره مثل عدم جواز ردّه بطروّ موانع الرد بخيار العيب، و كونه مضمونا على البائع قبل القبض، و في مدة الخيار:

فلا يظهر من الرواية ترتبها على العيب، فتأمل (126)

(و أما ثالثا) (127) فلأن الرواية لا تدل على الزائد عما يدل عليه العرف، لأن المراد بالزيادة و النقيصة على أصل الخلقة

+++++++++++

- و أما بقية أحكام العيب: من جواز أخذ الارش، و أن الارش على البائع لو كان حدوث العيب قبل إقباضه المبيع الى المشتري

و كذلك سائر أحكام خيار العيب: من سقوط الرد بسبب حدوث عيب عند المشتري، أو بتصرفه فيه

فالأمور المذكورة لا تترتب على العيب، لاباء الرواية عن ذلك، لاختصاصها بالنقص الذي يوجب نقصا ماليا، لا مطلق النقص و إن لم يوجب نقصا ماليا، لأنها كما علمت سيقت لبيان معرفة موضوع العيب و بعد العرفان يرد المعيب فقط، و لذا اشتهر و ذاع حتى قيل:

(كل معيوب مردود)

أي مقدمة

لعله اشارة الى ما قلناه: من أن حكم هذا العيب الذي لا يوجب نقصا ماليا هو الرد لا غير، من دون ترتب تلك الآثار عليه

هذا هو الإشكال الثالث على رواية ابن أبي ليلى المستدل بها على كون الخيار هنا خيار عيب

خلاصته: إن حكم رواية ابن أبي ليلى مع حكم العرف واحد و متفق، و ليس بينهما أي اختلاف

فكما أن العرف حاكم بأن المراد من النقص هو النقص الموجب نقصا ماليا في الشيء، لا ما لا يوجب نقصا ماليا

فكذلك الرواية لا تدل على أزيد من حكم العرف، اذ المراد من الزيادة و النقيصة على أصل الخلقة و الطبيعة:

ما كان موجبا للنقص المالي، لا مطلق النقص

ص: 138

ليس مطلق ذلك قطعا، فان (128) زيادة شعر رأس الجارية، أو حدة بصر العبد، أو تعلمهما الصنعة، و الطبخ

و كذا نقص العبد بالختان، و حلق الرأس

ليس عيبا قطعا

فتعين كون المراد بها الزيادة (129) و النقيصة الموجبتين لنقص في الشيء: من حيث الآثار، و الخواص المترتبة عليه،

و لازم ذلك (130) نقصه: من حيث المالية، لأن المال المبذول في مقابل الأموال بقدر ما يترتب عليها: من الآثار و المنافع

(و أما رابعا) (131) فلأنا لو سلمنا مخالفة الرواية (132) للعرف في

+++++++++++

أي الدليل على ذلك أنه نرى زيادة الشعر في رأس بعض الجواري على أصل الخلقة و الطبيعة

و كذلك نشاهد بالعيان حدة عين العبد: بحيث يرى الشبح من مكان بعيد جدا

و كذلك نرى أن بعض العبيد، أو الجواري لهما صنعة، و أعمال يدوية لا توجد في غيرهما

و كذلك نرى أن العبيد المجلوبين من بلاد الشرك غير مختونين

و نرى أن رأس بعض العبيد محلوق

فكما أن الزيادة و النقيصة في هذه الموارد لا تعدّ نقصا، لأنه لا توجبان نقصا ماليا

كذلك الزيادة و النقيصة فيما نحن فيه لا تعدان نقيصة، لأنهما لا توجبان نقصا ماليا

فالخلاصة: إن العرف هو الحاكم في هذه الموارد فهو لا يجد ما ذكر نقصا و عيبا، لأنه لا يوجب نقصا ماليا

أي بالزيادة و النقيصة في رواية ابن أبي ليلى المشار إليها في ص 130

أي و لازم هذه الزيادة و النقيصة الموجبتين للنقص في الشيء:

من حيث الآثار و الخواص

فالحاصل: إن لسان العرف، و لسان رواية ابن أبي ليلى شيء واحد، لا فرق بينهما في الحكم و القضاء في النقيصة و الزيادة

هذا هو الإشكال الرابع على رواية ابن أبي ليلى المستدل بها على أن المراد من الخيار هنا خيار العيب

و هي رواية ابن أبي ليلى

ص: 139

معنى العيب، فلا تنهض (133) لرفع اليد بهما(1) عن العرف المحكم في مثل ذلك لو لا النص المعتبر

لا مثل هذه الرواية الضعيفة بالارسال، فافهم (134)

و قد ظهر مما ذكرنا (125) أن الأولى في تعريف العيب ما في التحرير و القواعد:

من أنه (136) نقص في العين، أو زيادة فيها يقتضي (137) النقيصة المالية في عادات التجار

+++++++++++

أي فلا تقاوم مثل رواية ابن أبي ليلى التي هي مرسلة لمقابلة حكم العرف الذي عرفته في الهامش 128 ص 139

فلا تكون موجبة لرفع اليد عن حكم العرف

نعم لو كان هناك نص صحيح معتبر قام على أن المراد من الزيادة و النقيصة الواردتين فيها غير الزيادة و النقيصة الواردة في العرف:

يعمل بذاك النص، و يؤخذ به، و نرفع اليد عن العمل بحكم العرف لكن الرواية المذكورة ضعيفة، لأنها مرسلة

فلا مقاومة لها لحكم العرف

لعله اشارة الى أنه يسكن(2) الخدشة في الأمور الاربعة المذكورة التي أفادها قدس سره بقوله: أما أولا، و أما ثانيا

و من جملة الخدشة أن الرواية و إن كانت ضعيفة بالارسال

لكن الأصحاب قد عملوا بها

فعمل الأصحاب جابر لضعفها كما هو مسلك القدماء، و جل من المتأخرين، و منهم شيخنا الأنصاري قدس سره

و هي الايرادات التي ذكرها بقوله: أما أولا، و أما ثانيا، و أما ثالثا، و أما رابعا على رواية ابن أبي ليلى المستدل بها على كون الخيار خيار عيب، و أنه الموجب للخيار بين الرد، و الامساك

فالأولى الرجوع الى العرف في تعريف العيب الذي له أحكامه الخاصة

هذا تعريف العيب الذي أفاده العلامة قدس سره في القواعد

أي هذا النقص الموجود في العين، أو الزيادة الموجودة فيها مقتض لنقيصة مالية في نفس العين، حسب عرف التجار و عاداتهم، حيث يرون النقص الحاصل في العين، أو الزيادة الحاصلة فيها موجبا للنقص المالي فيها

ص: 140


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و لعله (138) المراد بما في الرواية كما عرفت، و مراد كل (139) من عبر بمثلها، و لذا (140) قال في التحرير بعد ذلك:

و بالجملة (141) كل ما زاد، أو نقص عن أصل الخلقة

و القيد الأخير (142) لادراج النقص الموجب لبذل الزائد لبعض الأغراض

كما قد يقال ذلك (143) في العبد الخصيّ

+++++++++++

أي و لعل هذا التعريف للعيب الذي أفاده العلامة قدس سره في التحرير و القواعد:

هو المراد في رواية ابن أبي ليلى كما عرفت في الوجه الثالث من مناقشة المصنف قدس سره للرواية من حيث الدلالة له

أي و لعل هذا التعريف للعيب الذي أفاده العلامة قدس سره:

هو مراد كل من عبّر من الفقهاء في تعريف العيب بمثل ما هو موجود في رواية ابن أبي ليلى

أي و لأجل أن تعريف العيب في التحرير، و القواعد هو المراد من رواية ابن أبي ليلى:

هو المراد أيضا من قول كل من عبّر من الفقهاء

قال العلامة قدس سره في التحرير بعد أن عرّف العيب بما ذكره الشيخ الأنصاري قدس سره عنه:

و بالجملة: أي خلاصة الكلام: إن العيب عبارة عن كل شيء زاد عن أصل الخلقة الطبيعية، أو نقص عنها

هذه الجملة مقول قول العلامة قدس سره في التحرير

و هو قول العلامة قدس سره في التحرير، و القواعد:

(في عادات التجار)

و هو بذل الزائد لبعض الأغراض

كما يبذل الزائد عن السعر الواقعي للشيء لأجل غرض صحيح عقلائي مثل الخصاء في العبد، فان بذل المال الزائد عن سعره الواقعي تجاه الخصاء إنما هو لأجل مطلوبية هذه الصفة، حيث إنها تمنع العبد عن التعدي الى ناموس المولى و عرضه عند ما يكون مختصا بحريمه

كما كانت هذه العملية شائعة عند الملوك و الخلفاء، و لا سيما:

(العباسيين، و العثمانيين)

ص: 141

و لا ينافيه (144) ما ذكره في التحرير: من (145) أن عدم الشعر على العانة عيب في العبد و الأمة، لأنه (146) مبني على ما ذكرنا في الجواب الأول عن الرواية: من (147) أن ذلك كاشف، أو موهم لمرض في العضو، أو المزاج.

لا على (148) أنه لا يعتبر في العيب النقيصة المالية

و في التذكرة بعد أخذ نقص المالية في تعريف العيب (149)، و ذكر

+++++++++++

أي و لا ينافي هذا التعريف الذي ذكره العلامة قدس سره في التحرير و القواعد حول العيب:

ما ذكره أيضا في التحرير: من أن عدم وجود الشعر على العانة عيب في العبد، و الأمة

مع ان عدم الشعر على العانة لا يوجب نقصا ماليا

فهذا التعريف للعيب مناف لذاك التعريف، حيث إن ذاك

يصرح بأن العيب ما يقتضي نقصا ماليا في عادات التجار، و عرفهم

من بيان لما ذكره في التحرير الذي يكون ظاهره منافيا لما ذكره في نفس المصدر، و القواعد

تعليل لعدم المنافاة بين ما ذكره أولا في التحرير

و بين ما ذكره ثانيا في التحرير

خلاصته: إنه قلنا في الإشكال الاول على رواية ابن أبي ليلى:

إن ردّ المشتري الجارية لم يكن لمجرد عدم الشعر على عانتها

بل إن عدم الشعر كاشف عن وجود مرض في العضو، أو في أصل مزاجها

و هذا مما يسبب نقصا ماليا فيها حسب عادات التجار، و عرفهم

و لم نقل: لا يعتبر في العيب النقص المالي

إذا لا يكون بين التعريفين تناقض

كلمة من بيان لما ذكره في الجواب الاول

و قد ذكرناه في الهامش 146 من هذه الصفحة بقولنا: خلاصته

عرفت معنى هذه الجملة عند قولنا: و لم نقل: لا يعتبر

بقوله قدس سره:

العيب هو الخروج عن المجرى الطبيعي كزيادة، أو نقصان موجبة لنقص المالية

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 323

ص: 142

كثير من العيوب (150):

و الضابط (151): إنه يثبت الرد بكل ما في المعقود عليه: من نقص القيمة، أو العين نقصانا يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه (152)، انتهى كلامه (153)

و ما أحسنه (154)، حيث لم يجعل ذلك (155) تعريفا للعيب

+++++++++++

و قد ذكر هذه العيوب الكثيرة في التذكرة الجزء 7 من ص 425 الى ص 436 بقوله:

(مسألة) 3

الزنا، و السرقة عيبان في العبد، و الأمة

(مسألة) 5

البخر عيب في العبد، و الأمة

الى آخر ما ذكره الى مسألة الحادية و العشرين

هذه عبارة العلامة قدس سره في التذكرة

و خلاصة ما أفاده نور اللّه مرقده الشريف في هذا الضابط:

إنه يثبت الرد للمشتري في المبيع بكل نقص فيه، سواء أ كان موجبا لخيار العيب كالنقص في المالية أم موجبا لخيار تخلف الوصف المشترط كخصاء العبد المفوّت لغرض الفحولة منه، و إن لم يكن موجبا للنقص في ماليته

كالثيبوبة في الأمة، و عدم الختان في العبد المتولدين في بلد الاسلام فان الغالب في الأمة البكارة، و الختان في العبد

فاذا وجدت الأمة ثيبة، و العبد غير مختون

فللمشتري خيار تخلف الشرط، و إن لم توجب الثيبوبة، و عدم الختان نقصا في ماليتهما

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 437

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره:

أي هذا الكلام الذي أفاده العلامة بقوله:

و الضابط: إن الردّ يثبت بكل ما في المعقود عليه

الى آخر ما ذكره في التذكرة في الجزء 7 ص 434-453:

كلام حسن متين، حيث لم يجعل ما ذكره تعريفا للبيع بل جعله موجبا للرد

أي ما ذكره تعريفا للبيع

ص: 143

بل لما يوجب الرد (156) فيدخل فيه (157) مثل خصاء العبد، كما صرح به (158) في التذكرة، معللا: (159): بأن الغرض قد يتعلق بالفحولة و إن زادت قيمته باعتبار آخر (160) و قد دخل (161) المشتري في العقد على ظن الفحولية، انتهى (162)

و يخرج منه (162) مثل الثيبوبة، و الغلفة في المجلوب

و لعل من عمم العيب لما لا يوجب نقصا في المالية

كما في المسالك، و عن جماعة

+++++++++++

المراد منه هو الأعم من الموجب لخيار العيب الاصطلاحي

و النقص الموجب لخيار تخلف الوصف

كخصاء العبد فيما اذا كان غرض المشتري منه الفحولة لا مجرد الخدمة

أي فيدخل في تعريف لما يوجب الرد(1) مثل خصاء العبد، لأن غرض المشتري من شراء العبد الفحولة

فالخصاء في هذه الصورة عيب يوجب الرد

و إن كان الخصاء موجبا لزيادة القيمة، لأن الملوك، و الأمراء و الخلفاء كما علمت يقدمون على شرائها لأجل التحفظ على حريمهم

أي صرح العلامة قدس سره بهذا المعنى في التذكرة

أي علّل العلامة قدس سره في التذكرة

و الباء في بأن الغرض بيان للتعليل الذي ذكره في التذكرة

و هو كون العبد خصيا، لأن المشتري مأمون منه على ناموسه و حريمه

كما عرفت في الهامش 157 من هذه الصفحة

فهذه الصفة قد سببت زيادة قيمة العبد

أي أقدم على الشراء

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 425

أي و يخرج من قوله: لما يوجب الرد مثل العبد، أو الأمة اذا جيء بهما من بلاد الشرك و هو عالم بذلك، فانه ليس له الرد حينئذ بسبب عدم الختان في العبد، و الثيبوبة في الأمة، لعلمه بأنهما مجلوبان من بلاد الشرك، لغلبة عدم الختان في العبيد هناك

و كذلك غلبة الثيبوبة في الاماء

ص: 144


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أراد به (164) مجرد موجب الرد، لا العيب (165) الذي يترتب عليه كثير من الأحكام، و إن لم يكن فيه ارش كسقوط خياره بتصرف أو حدوث عيب، أو غير ذلك (166)

و عليه (167) يبنى قول جامع المقاصد كما عن تعليق الارشاد، حيث

+++++++++++

أي بهذا التعميم، حيث إن الشهيد الثاني قدس سره أفاد في المسالك عند تعليقته على تعريف المحقق العيب:

و لا يعتبر مع ذلك كون الزائد، أو الناقص موجبا لنقصان المالية لاطلاق النص، للاتفاق على أن الخصاء عيب، مع أنه موجب لزيادة المالية

كما عرفت في إقدام الملوك، و الأمراء في ذلك

خلاصة الكلام: إن من أطلق العيب على غير الموجب لنقص مالية المبيع كالشهيد الثاني في المسالك(1) و الجماعة الآخرين من الأصحاب

لعلهم أرادوا به مجرد النقص الموجب للرد كالخصاء، و الجب

لا خصوص العيب الحقيقي الاصطلاحي، فان الخصاء، و الجباء و إن لم يوجبا نقصا في المالية

لكنهما موجبان لتقويت غرض المشتري الذي قد يتعلق بفحولة العبد

و حيث إن أغلب أفراد الانسان، أو الحيوان لم يكن فيه هذا النقص كان اطلاق العقد مقتضيا للسلامة منه

فاذا ظهر في المبيع هذا النقص ثبت للمشتري خيار تخلف الشرط:

و هو الرد، أو الامساك مجانا

أي و ليس المراد من العيب هو العيب الحقيقي الاصطلاحي الذي يوجب الخيار:

بين الرد، و الامساك بالارش المبحوث عنه في المقام

أي من أحكام العيب الحقيقي الاصطلاحي

أي و على ما احتملناه: من أن مراد من عمّم العيب لما لا يوجب نقصا في المالية هو مجرد موجب الرد

لا العيب الذي يترتب عليه كثير من الأحكام:

يحمل قول المحقق الكركي قدس سره في جامع المقاصد(2) عند ما علق على تعريف العلامة قدس سره العيب: بأنه ما خرج عن المجرى الطبيعي، لزيادة، أو نقصان موجب لنقص المالية:

ص: 145


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

ذكر أن اللازم تقييد قول العلامة: (يوجب (168) نقص المالية)

بقوله: (غالبا) (169)، ليندرج مثل الخصاء، و الجبّ، لأن (170) المستفاد من ذكر بعض الأمثلة أن الكلام في موجبات الرد، لا خصوص العيب (171)

و يدل على ذلك (172) أنه (173) قيّد كون عدم الختان في الكبير المجلوب من بلاد الشرك ليس عيبا، لعلم(1) المشتري بجلبه (174): إذ ظاهره (175) أنه مع عدم العلم عيب

فلو لا أنه (176) أراد بالعيب مطلق ما يوجب الرد

لم يكن معنى لدخل علم المشتري، و جهله في ذلك (177)

+++++++++++

- كان عليه أن يقيّده بقوله: غالبا، ليندرج فيه الخصاء، و الجب فانهما يزيدان في المالية، مع أنهما عيبان يثبت بهما الرد قطعا

فالشاهد في قوله: مع أنهما عيبان يثبت بهما الرد، حيث اراد من العيب مجرد الرد، لا العيب الذي يترتب عليه كثير من الأحكام

هذا تعريف العلامة قدس سره للعيب

هذا قول المحقق الكركي قدس سره يروم به تقييد قول العلامة قدس سره بهذه الكلمة كما عرفت في الهامش 167 ص 145

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره

و المراد من بعض الأمثلة ما ذكره العلامة قدس سره في القواعد

أي العيب الذي يكون موجبا لنقص المالية

أي على أن المراد في العيب مجرد العيب الذي يكون موجبا للرد لا العيب الذي يترتب عليه كثير من الأحكام

أي العلامة قدس سره

أي بجلب العبد من بلاد الشرك

أي ظاهر كلام العلامة قدس سره

أي العلامة قدس سره

أي في ما يوجب الرد(2)

ص: 146


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
الكلام في بعض أفراد العيب
اشارة

(الكلام في بعض أفراد العيب) (1)

مسألة لا إشكال و لا خلاف في كون المرض عيبا

(مسألة) (2)

لا إشكال و لا خلاف في كون المرض عيبا

و اطلاق كثير، و تصريح بعضهم يشمل حمّى (3) يوم: بأن (4) يجده في يوم البيع قد عرض له الحمى، و إن لم تكن نوبة (5) له في الاسبوع

قال في التذكرة:

الجذام (6)، و البرص (7)، و العمى (8)، و العور (9)، و العرج (10) و القرن (11)، و الفتق (12).

+++++++++++

ذكر شيخنا الأنصاري قدس سره في هذا المبحث ثماني مسائل

(2) هذه أولى المسائل الثمان

(3) أي حتى حمّى يوم يعدّ عيبا

(4) الباء بيان لكيفية بيان أن حمّى يوم عيب

(5) بفتح النون، و سكون الواو، و فتح الباء مفرد:

جمعها نوب بضم النون، و فتح الواو

هي حمّى تعرض الانسان بين يوم فيوم

(6) مضى شرحه مفصلا في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 11 فراجع

(7) مضى شرحه مفصلا في نفس المصدر فراجع

(8) مرض يصيب الانسان في عينيه يفقد به نور عينيه

(9) بفتح العين و كسرها: هو العيب

يقال: سلعة ذات عوار: أي معيب

(10) بفتح العين و الراء نقص يصيب رجلي الانسان، أو إحداهما مؤنثه عرجاء

بفتح القاف، و سكون الراء

و قيل بفتح القاف، و الراء:

عظم كالسن يكون في الفرج

يمنع الرجل من الوطء مع المرأة

و لو كان لحما يسمّى عفل بفتح العين، و الفاء

و قد يطلق على العفل القرن أيضا

بفتح الفاء، و سكون التاء

و قيل بالتحريك

ص: 147

و الرتق (13)، و القرع (14)، و الصمم (15)، و الخرس (16)

عيوب اجماعا

و كذا أنواع المرض سواء استمر كما في الممراض (17)

أم كان عارضا و لو حمّى يوم واحد

+++++++++++

- هو انفتاق المثانة

و قيل: انفتاق الصفاق الذي هو الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر

أو ما بين الجلد، و المصران، أو جلد البطن كله

فهو مرض و علة في الصفاق

و هذه العلة عبارة عن انشقاق الصفاق

و نتيجة هذا الانشقاق خروج ما كان محصورا فيه: من الأمعاء، و سواها

و قال في المغرب:

الفتق داء يصيب الانسان في أمعائه:

و هو أن ينفتق بين أمعائه، و خصيتيه

و نتيجة ذلك اجتماع ريح بينهما

بفتح الراء و التاء

و قيل بسكون التاء:

هو داء يصيب فرج المرأة يصير ملتحما

ليس فيه للذكر مدخل

يقال: امرأة رتقاء: أي انسد مدخل الذكر من فرجها فلا يستطيع الرجل جماعها

بفتح القاف و الراء:

مرض جلدي يصيب شعر رأس الانسان بسببه يسقط شعر الرأس

بفتح الصاد و الميم داء يصيب أذن الانسان بسببه تنسدّ فيحدث ثقل في السمع

بفتح الخاء و الراء آفة تصيب اللسان فتمنعه من الكلام

و يقال للرجل: أخرس

و للمرأة خرساء

بكسر الميم الاول، و سكون الثانية

يراد منه المبالغة في المرض: أي رجل، أو امرأة كثير المرض

ص: 148

و الاصبع الزائدة (18)، و الحول (19)، و الحوص (20)، و السبل (21)، و استحقاق القتل في الردّة (22)، أو القصاص (23)، و القطع (24) بالسرقة،

+++++++++++

سواء أ كانت في أصابع الأيدي، أم في الأرجل

بفتح الحاء، و الواو:

مرض يحدث في العين بسببه تميل احدى الحدقتين الى الأنف

و الأخرى الى الصدغ

يقال: رجل أحول، و امرأة حولاء

بفتح الحاء و سكون الواو ضيق يحدث في مؤخّر العين حتى كأنها خيطت يقال: حوصت العين: أي ضاق مؤخرها

فهو عيب

و هذا العيب يقع في عين الرجل فيقال له:

رجل أحوص وزان أحمر

و يقع في عين المرأة فيقال له:

امرأة حوصاء وزان حمراء

بفتح السين و الباء مفرد جمعه سبال بكسر السين

يقال: رجل وافر السبلة: أي ذو أهداب طوال

و يقال: امرأة سبلاء: أي ذات شعر في سبلها العليا

فيقع صفة للرجل، و المرأة

بأن ارتد العبد بعد أن كان مسلما

فارتداده موجب لقتله و إن قبلت توبته

هذا اذا كان مرتدا فطريا

و أما اذا كان مرتدا مليا ففي المرتبة الثالثة، أو الرابعة من التوبة و لم يتب فيقتل

بكسر القاف وزان فعال

معناه الجزاء على الذنب الصادر من الانسان بالنسبة الى شخص

فيفعل به بمثل ما فعل بطرف الآخر

أي قطع أصابع يد اليمنى في السرقة الاولى عدا الابهام، فانه يترك مع الكف، لأنهما من المساجد

و في المرتبة الثانية تقطع الرجل من المفصل، و يترك العقب يطأ عليه و في المرتبة الثالثة يحبس أبدا

و اذا سرق في السجن يقتل

ص: 149

أو الجناية (25)، و الاستسعاء (26) في الدين:

عيوب (27) اجماعا

ثم إن عدّ حمّى اليوم المعلوم كونها حمّى يوم يزول في يوم و لا يعود

مبني على عدّ موجبات الردّ، لا العيوب الحقيقية، لأن ذلك (28) ليس منقصا للقيمة

مسألة: الحبل عيب في الاماء

(مسألة) (29):

الحبل عيب في الاماء كما صرح به جماعة(1) و في المسالك الاجماع عليه في مسألة ردّ الجارية الحامل بعد الوطء

و تدل عليه (30) الأخبار الواردة (31)

+++++++++++

إن الانسان لو جنى على شخص بقطع يده مثلا

فالجاني تقطع يده لو أراد المجني عليه القصاص منه

عبارة عن سعي العبد في تحصيل بقية ثمنه لو لم يؤده مولاه:

بأن يكتسب الى أن يهيأ النقصان

خبر للمبتدإ في قوله في ص 147 نقلا عن التذكرة.

الجذام، و البرص الى آخره: أي هذه المذكورات التي ذكرها العلامة قدس سره الشريف في التذكرة كلها عيوب موجبة للرد

أي حمّى يوم يزول في يومه

أي المسألة الثانية من المسائل الثمان التي أشرنا إليها في الهامش 1 ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري في هذا البحث ثماني مسائل

أي على أن الحبل عيب

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 415 - الى ص 417

الباب 5 - الأحاديث، أليك الحديث 1-5 -

عن ابن محبوب عن ابن سنان قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى جارية حبلى و لم يعلم بحبلها فوطأها؟

قال: يردّها على الذي ابتاعها منه، و يردّ معها نصف عشر قيمتها لنكاحه إياها - الحديث 1

عن ابان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فوجدها حبلى؟

قال: يردّها و يردّ معها شيئا - الحديث 5

ص: 150


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

في تلك المسألة (32)

و علله (33) في التذكرة، لاشتماله على تغرير النفس، لعدم يقين السلامة بالوضع (34)

هذا (35) مع كون الحمل للبائع، و إلا (36) فالأمر أوضح

و يؤيده (37) عجز الحامل عن كثير من الخدمات، و عدم قابليتها للاستيلاد إلا بعد الوضع

أما في غير الاماء: من الحيوانات *

ففي التذكرة: أنه (38) ليس بعيب، و لا يوجب (39) الردّ

بل ذلك (40) زيادة في المبيع إن قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل كما هو مذهب الشيخ

+++++++++++

أي مسألة أن الحمل عيب(1)

أي و علّل العلامة قدس سره في أن الحمل عيب

و اللام في لاشتماله بيان للتعليل الذي ذكره في التذكرة

إذ من المحتمل أنها تموت عند وضع الحمل فلا يترتب على شرائها فائدة للمشتري

(34) راجع (تذكرة الفقهاء)(2) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 433 المسألة السادسة عشرة عند قوله: الحبل في الاماء عيب

أي كون الحمل عيبا يرد المبيع على مالكه

مبني على أن الحمل اذا كان عند البائع: بأن كان البائع له أمة و عبد فحملت الأمة من عبده

أو حملت من عبد لغيره بشرط أن يكون الولد لمولى الأمة

أي و إن لم يكن الحمل من البائع: بأن كان من حر آخر غير مولاه أو من عبد لمولى آخر غير مولاها، من دون اشتراط كون الولد لمولى الأمة فالمبيع المعيب بالحمل أولى بالرد على مالكه بالعيب القديم

أي و يؤيد أن الحمل عيب كون الحامل عاجزا عن أداء الخدمات البيتية القائمة بشخصها، و الراجعة لنفسها

* من هنا أخذ قدس سره في حمل الحيوانات

أي الحمل

أي الحمل

أي الحمل يكون في بعض المجالات موجبا لزيادة قيمة الحيوان الحامل

ص: 151


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و قال بعض الشافعية: يردّ به (41)

و ليس (42) بشيء، انتهى (43)

و رجّح المحقق الثاني كونه (44) عيبا، و إن قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل، لأنه و إن كان زيادة من وجه، إلا أنه نقيصة من وجه آخر، لمنع (45) الانتفاع به عاجلا، و لأنه (46) لا يؤمّن عليها من أداء الوضع الى الهلاك

و الأقوى على قول الشيخ ما اختاره في التذكرة (47)، لعدم النقص في المالية بعد كونه زيادة من وجه آخر

+++++++++++

أي بالحمل

هذا كلام العلامة قدس سره يروم به الرد على الشافعي:

أي ما أفاده الشافعي ليس بحق

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 433 في المسألة السادسة عشرة

أي الحمل يكون موجبا للنقص في الحامل، و إن كان سببا لازدياد السعر، لكنه نقص، لعدم الانتفاع من الحمل في ظروف كون الحيوان حاملا إلا بعد الوضع

بالإضافة الى أنه من الممكن أن يموت الحيوان عند ما يضع حملها فلا يترتب على شرائه فائدة للمشتري

تعليل لكون الحمل نقصا من وجه آخر

خلاصته: إن الحمل في بعض الأحيان كقرب أيام وضعه موجب لعدم الانتفاع به، حيث إنه لا يتحمل من تحميله أكثر من طاقته، و لا يمكنه من الذهاب و الاياب أكثر من دفعة واحدة

فالحمل هذا يكون موجبا لخيار المشتري بفسخ المعاملة

و ليس له الامضاء، و أخذ الارش

تعليل ثان لكون الحمل نقصا من وجه آخر

الذي اختاره العلامة في التذكرة قدس سره:

هو جواز بيع الحيوان، لأنه لا يرى الحمل عيبا موجبا للنقص

بل هو موجب لازدياد قيمته

و قد أشار الى هذا الجواز شيخنا الأنصاري بقوله قدس سره في ص 151:

أما في غير الاماء: من الحيوانات ففي التذكرة:

إنه ليس بعيب

ص: 152

و أداء (48) الوضع الى الهلاك نادر (49) في الحيوانات لا يعبأ به نعم (50) عدم التمكن من بعض الانتفاعات نقص يوجب الخيار دون الارش

كوجدان (51) العين مستأجرة

و كيف كان (52) فمقتضى كون الحمل عيبا في الاماء:

أنه لو حملت الجارية المعيبة عند المشتري لم يجز ردها، لحدوث العيب في يده، سواء نقصت بعد الولادة أم لا، لأن العيب الحادث مانع

+++++++++++

دفع وهم

حاصل الوهم: إن الحمل موجب لهلاك الحيوان في بعض الأحيان فكيف يقال بجواز بيعه، و أن الحمل ليس عيبا؟

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إن هلاك الحيوان الحامل أحيانا فرض نادر جدا

فلا يعتنى به في بعض المجالات

فالأكثر في الحيوان الحامل وضعه سالما

استدراك عما أفاده: من عدم كون الحمل في الحيوان نقصا

خلاصته: إننا و إن قلنا بكون الحمل ليس عيبا، لعدم ايجابه النقص فيه

لكننا نعترف بأنه موجب لعدم الانتفاعات منه في ظرف كونه حاملا، لعدم تحمله من الحمل الثقيل، و عدم تحمله من كثرة الذهاب و الاياب يوميا، فلا يستفيد منه المشتري تلك الفائدة التي نواها من شرائه

إذا يكون الحمل سببا لخيار المشتري فيفسخ المعاملة

و ليس له الارش

تنظير لكون الحمل ليس عيبا، و أنه موجب للخيار، لا للارش

خلاصته: إن ما نحن فيه من قبيل العين المستأجرة التي بيعت و هي مستأجرة

فكما أن للمشتري هنا حق الرد، لا الارش

كذلك ما نحن فيه فللمشتري حق الخيار فقط

يعني أي شيء قلنا في الحيوان الحامل

من هنا عود على بدء يروم به الرجوع الى أن الحمل في الاماء عيب

ص: 153

و إن زال على ما تقدم من التذكرة (53)

و في التذكرة:

و لو كان المبيع جارية معيبة فحبلت و ولدت في يد المشتري

فان نقصت بالولادة سقط الرد بالعيب القديم، و كان له الارش و إن لم تنقص فالأولى جواز ردّها وحدها، من دون الولد

الى أن قال: و كذا حكم الدابة لو حملت عند المشتري و ولدت

فان نقصت بالولادة فلا ردّ

و إن لم تنقص ردها، دون ولدها، لأنه (54) للمشتري، انتهى (55)

و في مقام آخر (56):

لو اشترى جارية حائلا، أو بهيمة حائلا فحبلت ثم اطلع على عيب فان نقصت بالحمل فلا ردّ إن كان الحمل في يد المشتري

و به قال الشافعي:

و إن لم تنقص، أو كان الحمل في يد البائع فله الرد، انتهى (57)

و في الدروس لو حملت إحداهما: يعني الجارية، أو البهيمة عند المشتري، لا بتصرفه فالحمل له

فان فسخ ردّ الام ما لم تنقص بالحمل، أو الولادة

و ظاهر (58) القاضي أن الحمل عند المشتري يمنع الردّ، لأنه إما بفعله (59)

+++++++++++

في ص 329 من الجزء 16 من المكاسب عند قوله:

قال في التذكرة:

عندنا أن العيب المتجدد مانع عن الرد بالعيب السابق

أي لأن الولد يكون للمشتري، حيث حملت الدابة عنده، و في ملكه قبل ظهور العيب

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 394 عند المسألة السادسة و العشرين

أي و قال العلامة قدس سره في مقام آخر من التذكرة

راجع (المصدر نفسه) ص 395 عند المسألة التاسعة و العشرين

هذا من متممات كلام الشهيد قدس سره في الدروس

خلاصة هذا الكلام: إن للحمل سببين

هذا هو السبب الأول: أي

إما أن يكون بفعل المشتري كما في الجماع و المواقعة مع الأمة لو كان قد اشتراها

ص: 154

أو إهماله (60) المراعاة حتى ضربها الفحل

و كلاهما (61) تصرف، انتهى (62)

و صرح في المبسوط * باستواء البهيمة، و الجارية:

في أنه اذا حملت إحداهما عند المشتري و ولدت و لم تنقص بالولادة فوجد فيها عيبا ردّ الأم، دون الولد

و ظاهر ذلك (63) كله، خصوصا نسبة منع الرد الى خصوص القاضي و خصوصا مع استدلاله (64) على المنع: بالتصرف

لا بحدوث (65) العيب:

تسالمهم (66)، على أن الحمل الحادث عند المشتري في الأمة ليس في نفسه عيبا

بل العيب هو النقص الحادث بالولادة

+++++++++++

هذا هو السبب الثاني للحمل: أي إن سبب الحمل هو إهمال المشتري: بأن لم يراع ما اشتراه حتى نزا الفحل على ما اشتراه كما في الحيوان

أي كلا السببين الموجبين للحمل: و هما:

فعل المشتري - أو إهماله:

تصرف موجب لعدم جواز الرد

أي ما أفاده الشهيد قدس سره في الدروس(1)

* في النسخ الموجودة عندنا حتى في النسخة المصححة من قبل الأفاضل المشرفة عليها: و لكن صرح في المبسوط

و الظاهر أن كلمة لكن زائدة، لعدم مجال للاستدراك هنا

كما يظهر ذلك بالتأمل

أي الظاهر من تلك الأقوال التي ذكرناها هنا حول الحمل

أي مع استدلال القاضي الحلبي(2) قدس سره لمنع الرد بقوله في هذه الصفحة: و كلاهما تصرّف

أي و لم يستدل القاضي الحلبي قدس سره على منع الرد بحدوث العيب عند المشتري

بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في هذه الصفحة: و ظاهر ذلك:

أي و ظاهر تلك الأقوال المتقدمة هو اتفاق الفقهاء

ص: 155


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و هذا (67) مخالف للأخبار المتقدمة في ردّ الجارية الحامل الموطوءة من عيب الحمل

و للاجماع (68) المتقدم عن المسالك

و تصريح (69) هؤلاء بكون الحبل عيبا يردّ منه، لاشتماله على التغرير بالنفس (70)

و الجمع (71) بين كلماتهم مشكل، خصوصا بملاحظة العبارة الأخيرة المحكية عن التذكرة (72): من اطلاق كون الحمل عند البائع عيبا، و إن لم تنقص

+++++++++++

أي هذا التسالم و الاتفاق على أن الحمل الحادث عند المشتري ليس بنفسه عيبا، بل العيب هو النقص الحاصل بالولادة:

مخالف للأخبار المتقدمة الصريحة في أن الجارية الموطوءة لا ترد بالعيب السابق

راجع الأخبار المذكورة في هذا المقام

(المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 16 من ص 262 - الى ص 270

أي هذا التسالم و التوافق على أن الحمل الحادث عند المشتري ليس بنفسه عيبا، بل العيب هو النقص الحاصل بالولادة:

مخالف للاجماع المتقدم عن الشهيد الثاني قدس سره في المسالك الذي نقله عنه شيخنا الأنصاري قدس سره بقوله في ص 150:

و في المسالك الاجماع عليه في مسألة ردّ الجارية الحامل

بالجر عطفا على المجرور باللام الجارة في قوله في هذه الصفحة:

و للاجماع:

أي و لتصريح هؤلاء الأعلام

و قد عرفت تصريحاتهم بنقله عنهم قدس اللّه أسرارهم بقوله في ص 150: كما صرح به جماعة، و في المسالك الاجماع عليه

و بقوله في ص 155: و صرح في المبسوط

و بقوله في ص 154: و ظاهر القاضي: إن الحمل عند المشتري

كما صرح بذلك العلامة قدس سره عند نقل شيخنا الأنصاري قدس سره عنه في ص 151 بقوله: و علله في التذكرة، لاشتماله على تغرير النفس

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره يروم به التحقيق حول ما أفاده الأعلام و صرحوا به، ليوضح ما أفادوه في هذا المقام

و هو قول العلامة قدس سره في التذكرة الذي نقله عنه الشيخ الأنصاري قدس سره في ص 154 بقوله: و في مقام آخر

ص: 156

و عند المشتري بشرط النقص، من غير فرق بين الجارية و البهيمة (73)

مع أن ظاهر(1) عبارة الأولى (74) كالتحرير، و القواعد الفرق فراجع

قال (75) في القواعد: لو حملت غير الأمة عند المشتري من غير تصرف فالأقرب أن للمشتري الردّ بالعيب السابق، لأن (76) الحمل زيادة انتهى (77)

و هذا (78) بناء على أن الحمل ليس عيبا في غير الأمة

+++++++++++

حيث قال قدس سره في التذكرة كما هو منقول هنا:

لو اشترى جارية حائلا، أو بهيمة حائلا

أي عبارة الاولى للعلامة قدس سره التي نقلها عنه شيخنا الأنصاري عطر اللّه مرقده الشريف في ص 151 بقوله:

و علّله في التذكرة

و بقوله في ص 151: أما في غير الإماء: من الحيوانات أنه ليس بعيب و لا يوجب الرد:

فانه قدس سره فرق بين الإماء فقال:

إن الحمل فيها عيب موجب للرد

و بين الحيوانات فقال:

إن الحمل فيها ليس عيبا، و لا موجبا للرد، فهو ليس تصرفا في المبيع حتى يمنع الرد، بل هو زيادة في الحيوان

من هنا يروم قدس سره الاستشهاد بكلام الأعلام على أن الحمل في الحيوانات من غير تصرف فيها لا يمنع من الرد

فأول كلام استشهد به كلام العلامة قدس سره في القواعد

تعليل لكون المشتري له الرد

أي ما أفاده العلامة قدس سره في هذا المقام

أي أقربية جواز الرد للمشتري في الحيوان الحامل الذي كان معيبا بالعيب السابق على العقد:

مبنية على رأي العلامة قدس سره: من أن الحمل في الحيوان ليس عيبا

ص: 157


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و في الايضاح (79): إن هذا بناء على قول الشيخ: في كون الحمل تابعا للحامل في الانتقال ظاهر

و أما عندنا فالأقوى ذلك، لأنه (80) كالثمرة المتجدّدة على الشجرة

و كما لو (81) أطارت الريح ثوبا للمشتري في الدار المبتاعة

+++++++++++

استشهاد ثان بكلام الاعلام على أن الحمل في الحيوانات من غير تصرف فيها لا يمنع من الرد

خلاصة الاستشهاد:

إن الأقربية التي أفادها العلامة قدس سره في الحمل في الحيوانات مبنية على ما أفادها الشيخ قدس سره: في كون الحمل تابعا للحامل

و أما على رأينا فالأقوى أن الرد جائز أيضا

لكن لا على ما أفاده الشيخ قدس سره:

من أن الحمل تابع للحامل في المبيع

بل على رأينا: من أن الحمل ثمرة، و ليس تصرفا في المبيع المعيب حتى لا يوجب الرد، لأن الحمل من قبيل الثمرة المتجددة على الشجرة المبيعة المعيبة التي أثمرت بعد شرائها، من دون تصرف فيها

و من قبيل إطارة الريح ثوبا للمشتري الى الدار التي اشتراها و له الخيار فيها

فكما أن الإثمار في الشجرة لا يكون تصرفا فيها من قبل المشتري

و إطارة الثوب في الدار لا يكون مبطلا للخيار، لعدم كونه تصرفا كذلك الحمل من قبيل الإثمار، و الاطارة

فلا يكون مانعا عن الرد

فالحاصل: إننا و الشيخ متفقون في المبنى: و هو الرد

و لكننا مختلفون في البناء

فالشيخ يذهب الى أن الرد سببه تبعية الحمل للحامل

و أننا نذهب الى أن الحمل من قبيل الإثمار، و الاطارة اللذين هما ليسا تصرفا في المبيع المعيب

تعليل لاختلاف البناء

و قد عرفته في الهامش 79 من هذه الصفحة عند قولنا: خلاصته

تنظير ثان للحمل في الحيوانات

و قد عرفته في الهامش 79 من هذه الصفحة عند قولنا. و إطارة الثوب

ص: 158

و الخيار (82) له:

فلا (83) يؤثر

و يحتمل عدمه (84)، لحصول (85) خطر ما، و لنقص (86) منافعها فانها (87) لا تقدر على الحمل العظيم، انتهى (88)

و مما ذكرنا (89) ظهر الوهم (90) فيما نسب الى الايضاح: من ان ما قرّبه في القواعد مبني على قول الشيخ: من دخول الحمل في بيع الحامل

+++++++++++

الواو حالية: أي و الحال أن الخيار للمشتري

الفاء فاء النتيجة: أي فنتيجة ما قلناه:

أن الحمل غير مؤثر في الرد

أي عدم جواز رد الحيوان الحامل بالعيب السابق

تعليل لعدم جواز الرد: أي العدم لأجل الخطر المتوجه نحو الحيوان الحامل، اذ من الممكن أنه عند الوضع تموت الحامل:

أي هذا الحيوان في ظرف كونه حاملا تقل منافعه التي أقدم المشتري على شرائه، لعدم تحمله للحمل الخطير العظيم

و لعدم تحمله للرواح، و المجيء أكثر من مرة، أو مرتين

تعليل لنقص المنافع

و قد عرفته في الهامش 85 من هذه الصفحة عند قولنا: أي هذا

أي ما أفاده فخر الاسلام قدس سره في هذا المقام

و هو كلام فخر الاسلام قدس سره في الايضاح الذي نقله عنه شيخنا الأنصاري قدس سره في ص 158 بقوله:

و في الايضاح: إن هذا بناء على قول الشيخ: من أن الحمل تابع للحامل و بقوله في ص 158:

و أما عندنا فالأقوى ذلك، لأنه كالثمرة المتجددة

وجه الظهور: إن فخر الاسلام قدس سره ذكر أن أقربية جواز الرد مبني على مبنانا: و هو أن الحمل كالثمرة المتجددة على الشجرة

و أنه كاطارة الريح ثوب المشتري في الدار التي اشتراها ثم ظهرت معيبة

لا على مبنى الشيخ قدس سره: من تبعية الحمل للحامل

ص: 159

نعم (91) ذكر في جامع المقاصد أن ما ذكره المصنف إن تمّ

فانما يخرج (92) على قول الشيخ: من كون المبيع في زمن الخيار ملكا للبائع بشرط تجدد الحمل في زمان الخيار

و لعله (93) فهم من العبارة ردّ الحامل مع حملها على ما يتراءى من تعليله بقوله: لأن الحمل زيادة: يعني أن الحامل ردّت الى البائع مع الزيادة، لا مع (94) النقيصة

لكن (95) الظاهر من التعليل كونه تعليلا لعدم كون الحمل عيبا في غير الأمة

و كيف كان (96) فالأقوى في مسألة حدوث حمل الأمة:

عدم جواز الرد ما دام الحمل (97)

+++++++++++

مقصوده من هذا الاستدراك بيان أن المحقق الثاني قدس سره بنى الأقربية التي أفادها العلامة قدس سره في القواعد على مبنى آخر للشيخ عطر اللّه مرقده الشريف: و هو:

إن المبيع في زمن الخيار ملك للبائع بشرط كون تجدد الحمل في زمن الخيار بيد المشتري، اذ لو كان قبل القبض لكان البائع ضامنا له

أي يحمل ما أفاده العلامة قدس سره في هذا المقام

توجيه منه لما أفاده المحقق الثاني في مبنى الأقربية:

أي و لعل المحقق الثاني استفاد الأقربية من عبارة القواعد من تعليل العلامة بقوله: لان الحمل زيادة: أي زيادة على المبيع الذي هي الحامل

فمن هذا التعليل استفاد أقربية جواز رد الحامل في الحيوان

أي إلا بدون الحمل(1)

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره يروم به الخدشة في توجيهه كلام المحقق الثاني قدس سره

خلاصته: إن التعليل المذكور في قول العلامة في ص 157: لأن الحمل زيادة:

تعليل لعدم كون الحمل عيبا في الحيوانات

يعني أنه أي شيء قلنا في حمل الحيوانات المبيعة التي ظهرت معيبة بعد الحمل

من هنا يروم إبداء رأيه حول الأمة الحامل

و الحيوانات الحاملة

أي ما دام الحمل موجودا، لأن الحمل ليس عيبا(2) حقيقيا حتى يمنع من الرد

ص: 160


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و ابتناء حكمها (98) بعد الوضع، و عدم النقص على ما تقدم:

من أن زوال العيب الحادث مؤثر في جواز الرد أم لا؟

و أما حمل غير الأمة (99) فقد عرفت أنه ليس عيبا موجبا للارش، لعدم الخطر فيه غالبا

و عجزها (100) عن تحمل بعض المشاق لا يوجب إلا فوات بعض المنافع الموجب للتخيير في الرد، دون الارش

لكن (101) لما كان المراد بالعيب الحادث المانع عن الرد:

ما يعم نقص الصفات غير الموجب للارش، و كان (102) محققا هنا

مضافا (103) الى نقص آخر: و هو كون المبيع متضمنا لمال الغير لأن المفروض كون الحمل للمشتري:

اتجه (104) الحكم بعدم جواز الرد حينئذ (105)

+++++++++++

أي حكم الحيوانات الحامل بعد أن وضعت حملها(1)، و لم تنقص قيمتها عن قيمتها الأصلية التي كانت قبل الحمل

و هي الحيوانات

ردّ على القائل بعدم جواز رد الحيوان الحامل بعد ظهور العيب فيه

عدول عما أفاده: من أن عجز الحامل لا يوجب سوى التخيير في الرد

و هو نقص الصفات غير الموجب للارش

هذا إشكال آخر على ما أفاده: من أن المراد من العيب الحادث هو الأعم من نقص الصفات

جواب لكان المتقدم في قوله في هذه الصفحة:

لما كان المراد

أي حين أن كان الحيوان الحامل متضمنا لمال الغير: و هو حمله

فان الحمل ملك للمشتري

فلو قلنا بجواز رد الحامل بالعيب السابق

لاشتراك المشتري مع البائع

ص: 161


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسألة: الأكثر على أن الثيبوبة ليست عيبا في الإماء

(مسألة) (1)

الأكثر (2) على أن الثيبوبة ليست عيبا في الإماء

بل في التحرير لا نعلم فيه (3) خلافا

و نسبه (4) في المسالك(2) كما عن غيره الى اطلاق الأصحاب، لغلبتها (5) فيهن فكانت (6) بمنزلة الخلقة الاصلية

و استدل عليه (7) أيضا برواية سماعة المنجبرة بعمل الأصحاب على ما ادعاه المستدل (8) عن رجل باع جارية على أنها بكر فلم يجدها على ذلك

+++++++++++

أي المسألة الثالثة من المسائل الثمان التي ذكرت في الهامش 2 ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري في هذا البحث ثماني مسائل

(2) أي أكثر فقهاء الامامية رضوان اللّه عليهم أجمعين

(3) أي لا نرى في ذهاب الأكثر الى أن الثيبوبة ليست عيبا مخالفا

(4) أي عدم وجود مخالف في ذلك

(5) أي لغلبة الثيبوبة في الإماء المسبيات

(6) كان هنا بمعنى صار: أي حتى صارت الثيبوبة في الاماء بمنزلة طبيعة ثانوية: بحيث أصبحت كالخلقة الاصلية

و لا يخفى على المتأمل البصير أن شيخنا الشهيد الثاني قدس سره لا يقصد بكلامه: فكانت بمنزلة الخلقة الاصلية:

أن الثيبوبة من طبيعة الاماء، اذ كيف يمكن القول بذلك مع أنهن كبقية أفراد البشر في أصل الطبيعة البشرية، و الخلقة الأصلية الإلهية، لا فرق بينهن، و بينهن

بل مقصوده أن الثيبوبة أصبحت بسبب عمل النخاسين بهن بمنزلة الخلقة الاصلية، فان النخاسين، و الجنود الفاتحين عند ما كانوا يسبونهن يفعلون بهن الأفاعيل الهمجية، و الأعمال الوحشية(1)

و الدليل على ما قلناه استعمال شيخنا الشهيد الثاني قدس سره كلمة (بمنزلة)

(7) أي على ما ذهب إليه: من أن الثيبوبة ليست عيبا(3)

(8) أي ادعى المستدل على أن عمل الأصحاب بالخبر الضعيف يجبر ضعف سنده

ص: 162


1- راجع حول هذه الهمجية البربرية الوحشية الصادرة من النخاسين و الجنود الفاتحين: كتب التواريخ المؤلفة (للغزو الاسلامي)
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

قال (9): لا تردّ عليه، و لا يجب عليه شيء

إنه (10) يكون يذهب في حال مرض، أو أمر يصيبها

و في كلا الوجهين (11) نظر

ففي الاول (12) ما عرفت سابقا: من أن وجود الصفة في أغلب أفراد الطبيعة إنما يكشف عن كونها بمقتضى أصل وجودها المعبر عنها بالخلقة الاصلية اذا لم يكن مقتضى الخلقة معلوما كما فيما نحن فيه *

+++++++++++

أي الامام عليه السلام

(10) تعليل من الامام عليه السلام لعدم جواز رد الأمة اذا كانت ثيبة:

أي من الممكن أن يكون ذهاب البكارة بأحد أمرين:

إما بسبب المرض، و إما بسبب أمر خارجي أصاب الأمة كالفقس مثلا، فانها لو فقست و وثبت تذهب بكارتها، و لا سيما اذا كانت الوثبة قوية شديدة

و أما الرواية فراجع

(فروع الكافي) الجزء 5 ص 315 الباب من يشتري الرقيق - الحديث 11

فالرواية هذه تدل على أن الثيبوبة ليست عيبا

كما استدل بها المدعي، لأنها لو كانت عيبا لما حكم الامام عليه السلام بعدم جواز الرد، و عدم جواز أخذ الارش

و هما: غلبة الثيبوبة في الاماء المسبيات: بحيث صارت فيهن طبيعة ثانوية:

و رواية سماعة المستدل بها

من هنا يروم قدس سره الرد على الاستدلالين اللذين استدل بهما الشهيد الثاني قدس سره على أن الثيبوبة ليست عيبا(1)

فقال: أما الاستدلال بالأغلبية فقد عرفته سابقا في قوله في ص 113:

و قد يستكشف ذلك بملاحظة أغلب الأفراد

* مثال للمنفي، لا للنفي، فان ما نحن فيه: و هي الأمة الثيبة ليس مقتضى خلقتها معلوما: بمعنى أنه لا يعلم أن الثيبوبة فيها

هل هي من طبيعتها الاصلية، و خلقتهن الاولية؟

أو لمرض، أو عارض، أو من فعل النخاسين، و عمل(2) الجنود الفاتحين الذين كانوا يستعملون القسوة العنيفة مع أهالي البلاد، و المدن حين افتتاحها

ص: 163


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و إلا (13) فمقتضى الغالب أن(1) لا يقدّم على ما علم أنه مقتضى الخلقة الاصلية

و علم كون النقص فيها موجبا لنقص المالية كما فيما نحن فيه (14)

خصوصا (15) مع ما عرفت: من اطلاق مرسلة السياري (16)

غاية (17) ما يفيد الغلبة المذكورة هنا عدم تنزيل اطلاق العقد على التزام سلامة المعقود عليه عن تلك الصفة الغالبة

و لا يثبت (18) الخيار بوجودها و إن كانت نقصا في الخلقة الاصلية

+++++++++++

أي و أما اذا كان مقتضى الخلقة الاصلية معلوما

و هي الثيبوبة في الإماء، فانها نقص مالي فيها

أي و لا سيما يرد الإشكال على من لا يقول بكون الثيبوبة عيبا في الاماء بسبب المرسلة المتقدمة:

و هي مرسلة ابن أبي ليلى المذكورة في ص 130، فان قوله عليه السلام:

و كل ما كان من أصل الخلقة فزاد، أو نقص فهو عيب:

مطلق يشمل كل عيب، و من العيوب الثيبوبة

فالجارية اذا أشتريت فوجدت ثيبة فهي معيبة

المراد منها هي مرسلة ابن أبي ليلى التي أشرنا إليها آنفا

خلاصة هذا الكلام: إننا و إن فندنا الأغلبية المدعاة في الإماء حسب زعم المستدل

لكن نقول: إن للأغلبية المذكورة فائدة واحدة:

و هي أنها تمنع من التمسك بإطلاق العقد على سلامة المبيع من العيوب كما هو مقتضى العقود في جميع مجالاتها، حيث إنها تحمل على سلامة المبيع عن العيوب بإطلاقها، لبناء العقلاء على ذلك

هذه غاية ما يمكن أن يستفاد من الأغلبية المذكورة

أي و لا يثبت الخيار بوجود الثيبوبة و إن كان وجودها نقصا في الخلقة الاصلية، حيث إن خلقتها الاصلية في الاماء هي البكارة، فعدم بكارتها نقص فيهن

و أما عدم ثبوت الخيار في الاماء الثيبات

فلأجل الغاية التي استفيدت من الأغلبية

و قد ذكرنا الغاية آنفا في الهامش 17 في هذه الصفحة بقولنا: خلاصة هذا الكلام

ص: 164


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و أما (19) رواية سماعة فلا دلالة لها على المقصود، لتعليله (20) عليه السلام عدم الرد مع اشتراط البكارة: باحتمال (21) ذهابها بعارض

و قدح (22) هذا الاحتمال إما لجريانه بعد قبض المشتري، فلا يكون (23) مضمونا على البائع

و إما لأن اشتراط البكارة كناية عن عدم وطء أحد لها (24)

فمجرد (25) ثيبوبتها لا يوجب تخلف الشرط الموجب للخيار

+++++++++++

من هنا يروم قدس سره الردّ على رواية سماعة المشار إليها في ص 162 و التي استدل بها على عدم الرد في الأمة اذا ظهرت ثيبة

خلاصته: إن الرواية لا دلالة لها على المدعى، لأن الامام عليه السلام إنما حكم بعدم الرد مع اشتراط البكارة المستلزم هذا الاشتراط ثبوت الرد: لأجل احتمال ذهاب البكارة بعارض لا لأجل أن الثيبوبة صفة غالبة في الاماء

تعليل لعدم دلالة رواية سماعة على المدعى و قد عرفته في الهامش 19 من هذه الصفحة عند قولنا: خلاصته:

إن الرواية

الباء بيان لكيفية التعليل

أي و سبب هذا الاحتمال: و هو احتمال ذهاب البكارة لمرض، أو عارض خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا المقام:

إن سبب ذهاب البكارة أحد أمرين لا محالة:

إما ذهابها بعد تسلم المشتري الأمة، فلا تكون مضمونة على البائع لأنها ذهبت في يد المشتري:

و إما لأجل أن البائع لما اشترط البكارة حين البيع معناه أنه قد التزم بعدم وطئه لها

و هذا المقدار من الاشتراط(1) و الالتزام كاف في عدم الوطء

أي ذهاب البكارة

أي للأمة المبيعة

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أن سبب ذهاب البكارة أحد الأمرين المذكورين في الهامش 22 من هذه الصفحة

أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا يكون مجرد ثبوت الثيبوبة موجبا لتخلف الشرط الذي اشترطه البائع عند البيع حتى يثبت الخيار للمشتري

ص: 165


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

بل (26) مقتضى تعليل عدم الرد لهذا الاحتمال:

انه لو فرض عدمه لثبت الخيار

فيعلم (27) من ذلك كون البكارة صفة كمال طبيعي

فعدمها (28) نقص في أصل الطبيعة فتكون عيبا

و كيف كان (29) فالاقوى أن الثيبوبة عيب عرفا، و شرعا

إلا (30) أنها لما غلبت على الإماء لم يقتض اطلاق العقد التزام سلامتها عن ذلك (31)

و تظهر الثمرة (32) فيما لو اشترط في متن العقد سلامة المبيع عن العيوب مطلقا

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام: إن مقتضى تعليل الامام عليه السلام عدم الرد للاحتمال المذكور (في الهامش 44 ص 165)(1)

هو جواز الرد اذا فرض عدم الاحتمال المذكور، لثبوت الخيار للمشتري حينئذ

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أنه لو فرض عدم الاحتمال المذكور لجاز الرد، لثبوت الخيار للمشتري حينئذ:

أي ففي ضوء ما ذكرنا يعلم أن البكارة صفة كمال طبيعي في المرأة

أي و يعلم أيضا أن عدم وجودها فيها نقص في أصل الخلقة الاولية و الطبيعة البشرية، فتكون الثيبوبة عيبا

يعني أي شيء قيل في الثيبوبة: من كونها عيبا، أو ليست عيبا

استثناء عما أفاده: من أن الأقوى أن الثيبوبة عيب عرفا و شرعا خلاصته: إننا و إن قلنا: ان الثيبوبة عيب عرفا و شرعا

لكن لما غلبت في الاماء بواسطة الجنود الفاتحين القساة، و النخاسين اللئام الذين غلبت عليهم الشهوات، و أصبحت هذه الصفة طبيعية ثانوية لهن:

فلا مجال للتمسك بإطلاق العقد على سلامة الإماء المشتراة: من الثيبوبة بحجة أن السلامة مقتضى العقد

كما كان للتمسك بإطلاق العقد على سلامة المبيع مجال في سائر العقود، لكونها مقتضاها

أي عن الثيبوبة

خلاصة هذا الكلام: إن ثمرة القول بعدم جواز التمسك بإطلاق العقد على سلامة الإماء عن الثيبوبة بعد القول بأنها أصبحت صفة غالبة في الإماء:

هو أنه لو اشترطت سلامة الإماء عن كل عيب في متن العقد -

ص: 166


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أو اشترط خصوص البكارة، فانه (33) يثبت بفقدها التخيير بين الرد و الارش، لوجود العيب، و عدم المانع من تأثيره (34)

و مثله (35) ما لو كان المبيع صغيرة، أو كبيرة (36): لم تكن الغالب على صنفها الثيبوبة، فانه (37) يثبت حكم العيب

و الحاصل: إن غلبة الثيبوبة مانعة عن حكم (38) العيب

لا عن موضوعه (39)

+++++++++++

- أو اشترطت سلامتها من خصوص الثيبوبة:

فقد ثبت الخيار للمشتري لو فقدت البكارة فيهن

فهو مخير بين الرد، أو الامضاء، و أخذ الارش من البائع

تعليل لظهور الثمرة، و قد عرفته آنفا في الهامش 32 ص 166

أي من تأثير العيب

أي و مثل المبيع الذي اشترط في متن العقد سلامته عن كل عيب:

أو اشترط خصوص البكارة:

الأمة الصغيرة التي لا يحتمل في حقها الثيبوبة، لصغر سنها

في أنه يثبت للمشتري الخيار لو فقدت البكارة فيها

أي و مثل المبيع الذي اشترط في متن العقد سلامته عن كل عيب أو اشترط خصوص البكارة:

الأمة الكبيرة التي لا يحتمل في حقها الثيبوبة، لكونها من بنات الملوك، و الأمراء، و أهل الشرف و الجاه:

في أنه يثبت للمشتري الخيار لو فقدت البكارة فيها

تعليل لثبوت حكم العيب الذي هو الخيار

بين الردّ، و الامضاء، و أخذ الارش

و هو الردّ، أو الامضاء، و أخذ الارش، فان الثيبوبة اذا غلبت في الإماء فلا ردّ، و لا ارش

أي و ليست غلبة الثيبوبة مانعة عن موضوع العيب الذي هي حقيقته و ماهيته، فان حقيقته باقية، و ماهيته صادقة، فلا يمكن نفي العيب عن الثيبوبة

و قد أفاد قدس سره هذا المعنى في ص 122 بقوله:

و قول العلامة في القواعد: إن الغلفة ليست عيبا في الكبير المجلوب:

لا يبعد ارادتهم نفي حكم العيب: من الرد، و الارش، لا نفي حقيقته

ص: 167

فاذا وجد ما يمنع عن مقتضاها (40) ثبت حكم العيب

و لعل هذا (41) هو مراد المشهور أيضا

و يدل على ذلك (42) ما عرفت من العلامة رحمة اللّه تعالى عليه في التحرير: من نفي الخلاف في عدم كون الثيبوبة عيبا (43)

مع أنّه (44) في كتبه، بل المشهور كما في الدروس على ثبوت الارش اذا اشترط البكارة

فلو لا أن الثيبوبة عيب لم يكن ارش في مجرد تخلف الشرط

نعم يمكن أن يقال: إن مستندهم في ثبوت الارش

+++++++++++

أي عن مقتضى غلبة الثيبوبة: بأن لم يكن الثيبوبة غالبة(1) في الاماء فحينئذ يثبت حكم العيب: و هو الرد، أو الامضاء، و ثبوت الارش

فالمدار في ثبوت حكم العيب، و عدم الثبوت:

هو ثبوت غلبة الثيبوبة

كما أن عدم ثبوت الحكم هو عدم ثبوت الغلبة

أي و لعل وجود غلبة الثيبوبة التي تكون مانعة عن حكم العيب الذي هو الرد، أو الارش:

هو مراد المشهور القائل بعدم الرد في الأمة اذا ظهرت ثيبة، لأن الثيبوبة ليست عيبا، لأنها صفة غالبة عليهن، فحكم العيب منفي فيهن، للغلبة المذكورة

فحاصل ما ذكرناه: من بداية الكلام في الثيبوبة:

إن الثيبوبة بما هي هي، و بنفسها ليست عيبا، لأنها لا تكون موجبة لتنفر الطبيعة عنها، لامكان زوال البكارة بمرض، أو عارض أصابها

نعم لو كان زوالها للتنفر كما اذا كان عن فجور و اتصال بالاجنبي في الخفاء، فانه يكون الزوال حينئذ عيبا، و عارا موجبا للاعراض عنها

كما يستفاد هذا المعنى من تعليله عليه السلام: في رواية سماعة المتقدمة في ص 163 بقوله:

إنه يكون يذهب في حال مرض، أو أمر يصيبها

أي على أن الثيبوبة اذا كانت صفة غالبة في الاماء فيثبت حكم العيب(2)

أي في قوله عند نقل شيخنا الأنصاري قدس سره بقوله في ص 162:

بل في التحرير: لا نعلم فيه خلافا

هذا اعتراض منه على العلامة قدس سرهما:

يروم اثبات العيب في الثيبوبة

ص: 168


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

ورود النص بذلك فيما رواه في الكافي، و التهذيب عن يونس

في رجل اشترى جارية على أنها عذراء فلم يجدها عذراء؟

قال (45): يرد عليه فضل القيمة اذا علم أنه صادق (46)

ثم إنه نسب في التذكرة الى أصحابنا عدم الرد بمقتضى رواية سماعة المتقدمة (47)

و أوّله (48) بما وجّهنا به تلك الرواية (49)

و ذكر الشيخ في النهاية(1) مضمون الرواية (50) مع تعليلها الدال على تأويلها

و لو شرط الثيبوبة فبانت بكرا كان له الرد، لأنه قد تقصد الثيبوبة لغرض صحيح (51)

+++++++++++

أي الامام عليه السلام

راجع (فروع الكافي) الجزء 5 باب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب ص 116) - الحديث 14

أي في ص 162

أي و أوّل العلامة قدس سره عدم جواز الرد بما وجهنا نحن رواية سماعة

و قد مر التوجيه منه قدس سره في ص 165

و كذلك مرّ شرح التوجيه مفصلا منا في الهامش 22 ص 165

و هي رواية سماعة المتقدمة في ص 162

أليك ما أفاده العلامة قدس سره في تأويل رواية سماعة:

قال: و تحمل الرواية، و فتوى الأصحاب على أنه اشتراها على ظاهر الحال: من شهادة الحال بالبكارة، و غلبة ظنه من غير شرط

على أن الرواية لم يسندها الراوي: و هو سماعة، مع ضعفه الى إمام، و في طريقها زرعة: و هو ضعيف

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 431 المسألة الثانية عشرة

و هي رواية سماعة المتقدمة في ص 162

كما لو كان المشتري غير قادر على افتضاض البكارة، لعدم الانتصاب في آلته الرجولية انتصابا يتمكن من افتضاضها

بخلاف ما اذا كانت ثيبة، فانه قادر حينئذ على الجماع

ص: 169


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسألة: ذكر في التذكرة و القواعد من جملة العيوب عدم الختان في العبد الكبير

(مسألة) (1)

ذكر في التذكرة و القواعد من جملة العيوب عدم الختان في العبد الكبير، لأنه يخاف عليه من ذلك (2)

و هو (3) حسن على تقدير تحقق الخوف على وجه لا يرغب في بذل ما يبذل لغيره (4) بإزائه

و يلحق بذلك (5) المملوك غير المجدّر (6)، فانه يخاف عليه (7) لكثرة (8) موت المماليك بالجدري (9)

و مثل هذين (10) و إن لم يكن نقصا في الخلقة الاصلية

إلا أن عروض هذا النقص: أعني الخوف مخالف لمقتضى ما عليه الأغلب في النوع، أو الصنف

و لو كان الكبير مجلوبا من بلاد الشرك

+++++++++++

أي المسألة الرابعة من المسائل الثمان التي ذكرت في الهامش 1 من ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري

(2) أي من عدم الختان، لأنه ربما يموت العبد بختانه، لأنه كبير يضرّ به الختان

(3) هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره

(4) أي لغير العبد غير المختون: و هو العبد المختون

(5) أي بعدم الختان

(6) و هو العبد الكبير الذي لم يجدّر بعد

(7) أي على العبد غير المجدّر

(8) تعليل للخوف على العبد غير المجدّر

(9) بضم الجيم، و فتح الدال

و قيل بفتح الجيم، و الدال:

و هو مرض يسبّب بثورا حمرا بيض الرءوس على الجسم تنتشر في البدن، و تتقيح سريعا

و هو شديد العدوى

يقال: رجل مجدّر: أي مصاب بهذا المرض

(10) و هما: عدم الختان، و غير المجدّر

ص: 170

فظاهر (11) القواعد كون عدم الختان عيبا فيه، مع الجهل، دون (12) العلم

و هو (13) غير مستقيم، لأن (14) العلم، و الجهل بكونه مجلوبا لا يؤثران في كونه عيبا

نعم (15) لما كان الغالب في المجلوب عدم الختان

لم يكن اطلاق العقد الواقع عليه مع العلم بجلبه التزاما بسلامته من هذا العيب (16)

كما ذكرنا نظيره (17) في الثيّب

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام:

إن العلامة قدس سره أفاد في القواعد أن المشتري لو اشترى عبدا قد جلب من بلاد الشرك و هو جاهل بجلبه من بلاد الشرك و كان غير مختون

فعدم الختان عيب فيه، لجهله بجلبه من تلك البلاد

أي بخلاف ما اذا كان المشتري عالما بجلب العبد من بلاد الشرك.

فان عدم الختان فيه لا يعد عيبا، لأنه أقدم على ضرر نفسه بسبب علمه بجلبه من بلاد الشرك

أي ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد غير مستقيم

تعليل لعدم استقامة ما أفاده العلامة قدس سره في هذا المقام

خلاصته: إن العلم، و الجهل يكون العبد مجلوبا من بلاد الشرك لا يؤثران في كون عدم الختان عيبا، أو ليس بعيب

استدراك عما أفاده: من عدم تأثير العلم، و الجهل في كون عدم الختان عيبا، أو ليس بعيب

خلاصته: إن عدم الختان في العبيد المجلوبين من بلاد الشرك لما كان هو الغالب فيهم: فلا مجال حينئذ للتمسك بإطلاق مقتضى العقد على سلامة العبيد من عدم الختان

و هو عدم الختان

أي نظير هذا العيب الذي هو عدم الختان: في عدم جواز التمسك بإطلاق مقتضى العقد على سلامة الأمة:

ما ذكرناه في الثيبوبة في ص 164 عند قوله: غاية ما يفيد

ص: 171

و تظهر الثمرة (18) هنا أيضا فيما لو اشترط (19) الختان فظهر أغلف فيثبت الرد (20)، أو الارش (21)

فاخراج (22) العلامة الثيبوبة، و عدم الختان في الكبير المجلوب: مع العلم بجلبه:

من العيوب:

لكونه (23) رحمه اللّه في مقام عدّ العيوب الموجبة فعلا للخيار

+++++++++++

أي ثمرة عدم جواز التمسك(1) بإطلاق العقد فيما نحن فيه:

و هي سلامة العبيد المجلوبين من بلاد الشرك: من عدم الختان بعد أن كان الغالب فيهم عدم الختان:

تظهر فيما لو اشترط الختان في متن العقد

ثم ظهر عدم ختانه

فهنا يثبت الرد لو فسخ العقد

أو الارش لو أمضى العقد، لأن أغلبية عدم الختان هي التي سببت عدم جواز التمسك بإطلاق العقد على سلامة العبيد المجلوبين.

فنتيجة هذه الأغلبية هو ثبوت الرد، أو الارش لو اشترط الختان في متن العقد ثم ظهر خلافه: بأن لم يكن مختونا

أي في متن العقد كما عرفت

لو فسخ العقد

لو أمضى العقد

تفريع على ما أفاده: من أن الثيبوبة، و عدم الختان عيبان

تعليل للاخراج المذكور

ص: 172


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسألة: عدم الحيض ممّن شأنها الحيض بحسب السنّ، أو المكان، و غيرهما:

(مسألة)(*)

عدم الحيض ممّن شأنها الحيض بحسب (1) السنّ، أو المكان، و غيرهما:

من الخصوصيات التي لها مدخلية في ذلك (2):

عيب تردّ مع الجارية(2) لأنه (3) خروج عن المجرى الطبيعي

و لقول (4) الصادق عليه السلام و قد سئل عن رجل؟

اشترى جارية مدركة (5) فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر و ليس بها حمل؟

قال (6): إن كان مثلها تحيض، و لم يكن ذلك (7) من كبر

فهذا (8) عيب ترد منه (9)

+++++++++++

(1) الباء بيان لمن شأنها التحيض: أي سبب شأنية المرأة الحائض

هو بلوغها السنّ الشرعي:

و هو اكمال تسع سنوات، و الدخول في العاشرة

و المكان: أي سبب شأنية المرأة الحائض هي الأماكن الحارة كبلاد الخليج و أمثالها، فانها تكون مؤكدة لرؤية المرأة الحيض باكمالها تسع سنوات، و دخولها في العاشرة

(2) أي في التحيض كما عرفت

(3) أي عدم تحيض المرأة التي من شأنها أن تحيض و هي لا تحيض

(4) دليل ثان لكون عدم تحيض المرأة التي هي في سن من تحيض و هي لا تحيض عيب

(5) أي بلغت السن الشرعي الذي هو تمام التاسعة، و الدخول في العاشرة

(6) أي الامام الصادق عليه السلام

(7) أي عدم التحيض

(8) أي عدم التحيض

(9) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 213 باب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب - الحديث 1

ص: 173


1- أي المسألة الخامسة من المسائل الثمان التي ذكرت في الهامش 1 ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري قدس سره في هذا البحث ثماني مسائل
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و ليس (10) التقييد بمضي ستة أشهر إلا في مورد السؤال

فلا (11) داعي الى تقييد كونه عيبا بذلك

كما (12) في ظاهر بعض الكلمات

ثم إن حمل الرواية (13) على صورة عدم التصرف في الجارية حتى بمثل

+++++++++++

هذا ردّ على من اعتبر مضيّ ستة أشهر عند المشتري من زمن شراء الأمة في تعيبها في عدم التحيض

كما يظهر هذا الاعتبار من كلمات بعض الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم

خلاصته: إن التقييد بمضي ستة أشهر في الرواية ليس لأجل الاعتبار المذكور عند المشتري

بل إنما قيّد بذلك لأجل السؤال عن أنه قد مضى عن الأمة ستة أشهر و لم تحض و هي في سنّ من تحيض، و تأخر تحيضها عن المدة المعلومة

و قد ذكر هذا الرد شيخنا الشهيد الثانى قدس سره في المسالك بقوله:

إن في دلالته على اعتبار الستة أشهر نظرا

تفريع على ما أفاده: من عدم اعتبار مضيّ ستة أشهر في تعيب الأمة بعدم تحيضها عند المشتري:

أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا موجب الى تقييد كون عدم التحيض عيبا بسبب مضي ستة أشهر

بل لو مضى أقل من تلك المدة عند المشتري و هي في سن من تحيض و لم تحض فهو عيب

أي كما يستفاد هذا الاعتبار من كلمات بعض الفقهاء

و هي رواية داود بن فرقد عن الامام الصادق عليه السلام المذكورة في ص 173:

أي الشيخ صاحب الجواهر قدس سره حمل هذه الرواية على صورة عدم التصرف في الأمة حتى يصح الرد

و إلا فلو تصرف المشتري في الأمة في المدة المذكورة

فليس له الرد، بل الارش فقط

أليك نص عبارته في الجواهر:

كما أنه يجب تقييد الرد بما اذا لم يتصرف في هذه المدة، و إلا كان له الارش كغيره من العيوب

راجع (الجواهر) الطبعة الجديدة الجزء 23 ص 282

ص: 174

قول المولى لها: اسقني ماء، و اغلقي الباب:

في غاية (14) البعد

و ظاهر الحلي في السرائر عدم العمل بمضمون الرواية رأسا

+++++++++++

ردّ منه على الشيخ صاحب الجواهر قدس سرهما:

أي الحمل المذكور بعيد جدا، حيث إن من أنواع التصرف قول المولى لها:

اسقني، أو أغلقي الباب، فان أمثال السقي، و الغلق لا تعد تصرفا اللّهم إلا أن يقال: إن صاحب الجواهر قدس سره أراد من التصرف تصرفا جوهريا كالتقبيل، و التفخيذ، دون الوطء

ص: 175

مسألة: الإباق عيب بلا إشكال و لا خلاف

(مسألة) (1):

الإباق عيب بلا إشكال و لا خلاف، لأنه من أفحش العيوب

و تدل عليه (2) صحيحة أبي همام الآتية في عيوب السنة

لكن في رواية محمد بن قيس:

إنه ليس في الإباق عهدة (3)

و يمكن حملها (4) على أنه ليس كعيوب السنة يكفي حدوثها بعد العقد كما (5) يشهد قوله عليه السلام في رواية يونس:

إن العهدة في الجنون، و البرص سنة

بل لا بدّ من ثبوت كونه (6) كذلك عند البائع

و إلا (7) فحدوثه عند المشتري ليس في عهدة البائع

و لا خلاف (8) اذا ثبت وجوده عند البائع

+++++++++++

أي المسألة السادسة من المسائل الثمان التي ذكرت في الهامش 1 ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري في هذا البحث ثماني مسائل

(2) أي على أن الإباق عيب

(3) أي تعهد، و التزام، و ضمان

فهذه الرواية تدل على أن الإباق ليس عيبا

راجع حول الرواية

(وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 422 الباب 10 الحديث 1

(4) أي حمل رواية محمد بن قيس الدالة على أن الإباق ليس عيبا:

على أن الإباق ليس نظير العيوب التي توجد في خلال السنة التي يكفي حدوث تلك العيوب بعد العقد

(5) تأييد لما أفاده قدس سره: من امكان حمل الرواية المذكورة على الإباق الذي ليس له نظير العيوب(1) فكلمة العهدة الواقعة في رواية يونس الدالة على أن الضمان و التعهد في الجنون، و البرص الى سنة:

تدل على أن المراد من نفي التعهد عن الإباق في رواية محمد بن قيس المشار إليها في هذه الصفحة:

نفي كونه عيبا كبقية عيوب السنة التي فيها ضمان و تعهد

(6) أي من كون الإباق عيبا عند البائع

(7) أي و إن لم يكن الإباق ثابتا عند البائع قبل البيع

بل حدث عند المشتري

فليس لهذا الإباق ضمان على المشتري

(8) أي و لا خلاف في أنه اذا ثبت الإباق عند البائع -

ص: 176


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و هل (9) تكفي المرّة عنده؟

أو يشترط (10) الاعتياد؟

قولان (11):

من (12) الشك في كونه عيبا

و الاقوى ذلك (13)، وفاقا (14) لظاهر الشرائع، و صريح (15) التذكرة لكون (16) ذلك بنفسه نقصا بحكم العرف

و لا يشترط إباقه (17) عند المشتري قطعا

+++++++++++

- فضمان العبد الآبق على البائع

(9) أي هل يكفي إباق واحد عند البائع حتى يتحقق الضمان عليه؟

(10) أي أو يشترط في صدق الإباق كون الإباق هل(1)

هي عادة له حتى يتحقق الضمان على البائع؟

أي قول بكفاية مرة واحدة

و قول: إنه لا بدّ من التعدد

دليل لكفاية المرة الواحدة في صدق الإباق(2):

أي و للشك في أن الإباق عيب

فنكتفي فيه بمرة واحدة

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره حول الإباق:

أي الأقوى كفاية المرة الواحدة

منصوب على المفعول لأجله: أي أقوائية ذلك، لأجل ظاهر عبارة الشرائع، حيث يقول:

أما لو أبق عند البائع كان للمشتري ردّه

راجع (الشرائع) الطبعة الحديثة الجزء 2 ص 37

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

لظاهر الشرائع: أي و لصريح عبارة التذكرة

أليك نص عبارتها:

و المرة الواحدة تكفي في أبدية العيب

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 426 في المسألة الثالثة

تعليل من شيخنا الأنصاري قدس سره في أن العيب بنفسه عيب، فلا يحتاج الى صدقه أكثر من مرة

أي إباق العبد المشترى

ص: 177


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسألة الثفل الخارج عن العادة في الزيت، و البذر، و نحوهما: عيب

(مسألة) (1)

الثفل (2) الخارج عن العادة في الزيت، و البذر، و نحوهما:

عيب، يثبت به الرد، أو الارش (3)، لكون (4) ذلك خلاف ما عليه غالب أفراد الشيء

و في رواية ميسّر بن عبد العزيز عن ابي عبد اللّه عليه السلام

قال: قلت له:

رجل يشتري زقّ (5) زيت فوجد فيه درديّا (6)؟

قال (7): فقال: إن كان يعلم أن ذلك يكون في الزيت

لم يردّه (8)

و إن لم يكن يعلم أن ذلك (9) في الزيت

ردّه على صاحبه (10)

+++++++++++

اي المسألة السابعة من المسائل الثمانية التي ذكرت في الهامش 1 ص 147 بقولنا: ذكر شيخنا الأنصاري

(2) بضم الثاء، و سكون الفاء:

هي الرسوبات و الأوساخ التي تجتمع تحت الشيء و أسفله: من كدرة و المراد من الزيت دهن الزيت

و من البذر بذر الكتان الذي يؤخذ منه الدهن

(3) أي عند ما يمضي المشتري العقد و يأخذ المعيب

(4) تعليل لثبوت الرد(1)، أو الارش: أي هذا الثبوت مبني على كون هذا الثفل الخارج عن العادة خلاف بقية الأفراد التي ليس فيها من الثفل إلا الشيء القليل

(5) بكسر الزاي وعاء يصنع من جلد للماء، و اللبن، و الزيت

(6) بضم الدال و سكون الراء، و كسر الدال الثانية هو الكدر الراسب، و المجتمع في أسفل الزيت

(7) أي الراوي قال: فقال الامام عليه السلام

(8) أي البائع

(9) أي الدرديّ

(10) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 229 باب من اشترى شيئا فتغير عما رآه - الحديث 1

ص: 178


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

نعم (11) في رواية السكوني عن جعفر عن أبيه

إن عليا قضى في رجل اشترى من رجل عكّة * فيها سمن احتكرها حكرة (12) فوجد فيها ربّا (13) فخاصمه الى عليّ عليه السلام

فقال (14) له عليّ عليه السلام:

لك بكيل (15) الربّ سمنا

فقال (16) له الرجل: إنما بعته من حكرة *

فقال له (17) علي عليه السلام (18):

إنما اشترى منك سمنا، و لم يشتر منك ربّا (19)

قال في الوافي:

+++++++++++

استدراك عما أفاده: من الردّ اذا وجد المشتري في الزيت درديا * بضم العين، و فتحها، و كسرها:

هي إناء يصنع من الجلد في الأزمنة السابقة حتى زماننا هذا

بضم الحاء و سكون الكاف منصوب على المفعول المطلق:

أي جمعها جمعا

و مراد الراوي أنه اشترى العكّة مع ما فيها من السمن

بضم الراء، و سكون الباء، و تشديدها:

و هو دبس الرطب، و عصارة كل ثمرة

أي للمشتري

أي بمقدار وزن الربّ الموجود في السمن

أي فقال البائع للامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام:

إنما بعته جملة و مجموعا: أي بما في العكّة، سواء أ كان فيها سمن خالص أم السمن مع الربّ

أي فقال الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام للبائع:

المشتري اشترى منك سمنا خالصا

لا سمنا مغشوشا مع الربّ

فالمعاملة وقعت على السمن فقط، لا عليه، و على الربّ

أي سمنا خالصا، لا مع الربّ كما علمت

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 419 الباب 7 الحديث 3

ص: 179

يقال: اشترى المتاع حكرة (20): أي جملة

و هذه الرواية (21) بظاهرها مناف لحكم العيب:

من الردّ، أو الارش

و توجيهها (22) بما يوافق القواعد مشكل

+++++++++++

المراد من الحكرة هي الحكرة الثانية الواقعة في قول البائع للامام عليه الصلاة و السلام:

إنما بعته منه حكرة

و ليس المراد منها الحكرة الاولى الواقعة في قول السائل:

احتكرها حكرة

فمراد شيخنا المحقق الفيض الكاشاني قدس سره من الحكرة:

الثانية لا الاولى

و هي رواية السكوني

خلاصة هذا الاعتراض:

إن رواية السكوني الدالة على أن المشتري يأخذ من البائع بدل الرب الموجود في السمن سمنا بمقدار الربّ:

منافية لحكم العيب:

و هو إما الردّ، أو الامضاء، و أخذ الارش

أما منافاتها لحكم الرد فلدلالتها على لزوم البيع، حيث حكم عليه الصلاة و السلام باعطاء البائع للمشتري بمقدار الربّ سمنا

فمعنى هذا الحكم أن البيع لازم

و أما منافاة الرواية لحكم الارش

فلدلالتها على أخذ مقدار الربّ من السمن

مع أن مقتضى القاعدة الفقهية في الارش

هو أخذ التفاوت من النقدين، لا من العروض

أي و توجيه رواية السكوني المشار إليها في ص 179

بما يوافق القواعد الفقهية:

مشكل، لأن القواعد تصرح بخلاف الرواية كما علمت

أليك بعض التوجيهات

قيل: إنها تحمل على البيع الكلي، لا الشخصي

و دفع ما في العكّة من باب الوفاء بالعقد الواقع على ما فيها

فاذا لم يتحقق الوفاء خارجا بما في العكّة بمقدار الربّ

ص: 180

و ربما استشكل في أصل الحكم بصحة البيع لو كان (23) كثيرا للجهل (24) بمقدار المبيع

و كفاية (25) معرفة وزن السمن بظروفه:

خارجة (26)

+++++++++++

- فلا بد من التدارك بمقدار الربّ الذي كان مع السمن في العكّة حتى يتحقق ذلك الوفاء الذي اشتغلت الذمة به من البيع الكلي

و لا يخفى أن التوجيه المذكور خلاف الظاهر، حيث إن الظاهر أن المعاوضة وقعت على البيع الشخصي: و هو شخص السمن الذي في العكّة

و قيل: إن الحكم بأخذ السمن إزاء الربّ الموجود في العكّة

إنما هو من باب أخذ الارش بعد القول بأن مورد الرواية شراء المعيب

فكأنه قال عليه السلام: لك أن تأخذ الارش إن اخترته

(إن قلت): لو كان الأمر كما تقول

فلما ذا حكم الامام عليه السلام بكون الارش من السمن

مع أن الارش لا بدّ أن يؤخذ من النقدين حسب القواعد الفقهية؟

(قلنا): إن الحكم بذلك من باب المثال لكل مال يتدارك به العيب

لا أن الحكم بكون الارش من السمن لأجل خصوصية فيه توجب تعين السمن

و في التوجيه المذكور نظر و اشكال، لأن الجملات الواقعة في الرواية آبية عن ذلك، و يظهر ما قلناه بالتأمل الدقيق

أي لو كان الثفل كثيرا فالحكم حينئذ بصحة البيع مشكل

تعليل للاستشكال في صحة البيع اذا كان الثفل كثيرا

كأنما هذا دفع وهم

حاصل الوهم: إن معرفة مقدار وزن السمن الذي في العكّة كافية في صحة ما في هذه العكّة الذي تبين أن فيها مقدارا من الثفل

فلا مجال إذا للاستشكال في أصل الحكم الذي هي الصحة

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إن في كفاية معرفة مقدار وزن المظروف مع ظرفه في جواز بيعه إنما هو لأجل الاجماع القائم على ذلك

كما ادعاه فخر الاسلام قدس سره

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 12 ص 95 عند نقل شيخنا الأنصاري عنه قدس سرهما بقوله: -

ص: 181

بالاجماع كما تقدم (27)

أو مفروضة (28) في صورة انضمام الظرف المفقود هنا، لأن الدرديّ غير متموّل

و الأولى (29) أن يقال: إن وجود الدرديّ

إن أفاد نقصا في الزيت من حيث الوصف (30)

و إن أفضى (31) بعد التخليص الى نقص الكم

نظير الغش في الذهب:

كان الزائد منه (32) على المعتاد عيبا، و إن أفرط في الكثرة (33)

و لا إشكال في صحة البيع حينئذ (34) لأن (35) المبيع زيت و إن كان معيوبا

+++++++++++

- بل عن فخر الاسلام التصريح بدعوى الاجماع

فهذا الاجماع أخرج هذا الفرد من المبيع عن عدم جواز بيعه الى جواز بيعه

فما نحن فيه الذي هو بيع السمن مع الثفل داخل في عدم جواز بيعه فالإشكال في أصل الجواز باق كما كان

و قد أشرنا الى ما تقدم في الهامش 26 ص 181 بقولنا: راجع المكاسب

هذا وجه ثان لكفاية معرفة وزن السمن في جواز بيعه مع ظرفه:

أي الجواز لعله كان لأجل انضمام الظرف الى المظروف، حيث إن للظرف كانت قيمة مالية في الزمن السالف، فيكون المبيع كليهما

بخلاف ما نحن فيه: و هو بيع السمن مع الدردي، حيث لا قيمة للدردي فلا مالية له حتى يبذل بإزائه المال، فيكون المبيع نفس السمن

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره في الرواية المشار إليها في ص 179

كما لو أوجب الدرديّ لونا كدرا في السمن

أي و إن أدّى هذا السمن المبيع الذي فيه الدرديّ بعد أن صفّي الى نقص في المقدار: بأن بقي الدرديّ أسفل العكّة و عرف مقدار وزنه

أي من هذا الدرديّ

بأن كان الدرديّ كثيرا

أي حين أن كان الدرديّ كثيرا

تعليل لعدم الإشكال في صحة بيع السمن المشتمل على الدرديّ على رأي الشيخ قدس سره

خلاصته: إن عقد البيع قد تعلق بشخص السمن و إن كان مشتملا على -

ص: 182

و عليه (36) يحمل ما في التحرير: من أن الدرديّ في الزيت، و البذر عيب موجب للرد، أو الارش (37)

و إن لم (38) يفد إلا نقصا في الكم

فان باع ما في العكّة بعد وزنها مع (39) العكّة

و مشاهدة (40) شيء منه تكون أمارة على باقيه و قال (41):

بعتك ما في هذه العكّة: من الزيت:

كل رطل بكذا

فظهر امتزاجه (42) بغيره غير (43) الموجب لتعيبه

فالظاهر صحة البيع، و عدم ثبوت الخيار أصلا، لأنه (44) اشترى السمن الموجود في هذه العكّة

+++++++++++

- الدرديّ الموجب لتعيب السمن

لكن هذا التعيب لا يوجب بطلان البيع

فالواجب على البائع تدارك الدرديّ بمقدار من السمن المساوي لوزن الدرديّ اذا أمضى المشتري البيع

أي و على ما قلناه: من أن الأولى في الجواب أن يقال

الى هنا عبارة العلامة قدس سره في التحرير

فعبارته دالة على ما ذهب إليه شيخنا الأنصاري قدس سره

هذا هو الشق الثاني لقوله قدس سره في ص 182:

و الأولى أن يقال: إن وجود الدرديّ إن أفاد نقصا:

أي و إن لم يفد وجود الدرديّ في السمن إلا نقصا في مقدار السمن:

بأن كان مقداره مائة غرام فأصبح تسعين غراما

بأن أوزن البائع السمن مع العكّة: أي الظرف، و المظروف

بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في هذه الصفحة: بعد وزنها:

أي و بعد مشاهدة شيء من السمن تكون هذه المشاهدة قرينة و دلالة على باقي السمن الذي موجود في العكّة

أي البائع

أي اختلاط السمن مع غيره الذي هو الدرديّ

بالنصب حال لكلمة غير: أي حال كون هذا الغير المختلط مع السمن لا يكون موجبا لتعيب السمن

تعليل لصحة هذا المبيع الذي اختلط مع الدرديّ الذي لم يوجب عيبا في السمن، سوى نقصا في الكم

ص: 183

و لا يقدح (45) الجهل بوزنه، للعلم به (46) مع الظرف

و المفروض (47) معرفة نوعه بملاحظة شيء منها بفتح رأس العكّة فلا عيب، و لا تبعض صفقة

إلا (48) أن يقال: إن اطلاق شراء ما في العكّة: من الزيت في قوة اشتراط كون ما عدا العكّة سمنا

فيلحق (49) بما سيجيء في الصورة الثالثة (50):

+++++++++++

كأنما هذا دفع وهم

حاصل الوهم:

كيف تحكمون بصحة البيع مع الجهل بمقدار وزن السمن، لوجود الدرديّ فيه؟

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إنه لم يوجد هنا جهل، لأن العلم بمقدار السمن و العكّة التي هو الظرف معلوم لدى البائع و المشتري حين الوزن

و هذا المقدار من العلم كاف في صحة البيع

أي المفروض هي معرفة نوع السمن بمشاهدة شيء منه بواسطة فتح رأس العكّة و قد شاهد السمن بهذا الفتح

فليس هنا عيب حتى يوجب الردّ

و كذا ليس هنا تبعض صفقة حتى يوجب الردّ

استثناء عما أفاده: من عدم وجود عيب، و لا تبعض صفقة في السمن الذي اختلط مع الدرديّ الذي لا يوجب سوى نقص في السمن من حيث الوصف

خلاصته: إنه لو قلنا بأن اطلاق شراء ما في العكّة بشرط أن يكون سمنا

فهذا الاطلاق في قوة الاشتراط المذكور

أي هذا المبيع الذي ظهر فيه درديّا

المراد من الصورة الثالثة هي التي يذكرها شيخنا الأنصاري قدس سره في ص 185 بقوله:

و لو باعه ما في العكّة من الزيت كل رطل كذا و كذا

و الصورة الثانية ما يذكرها في ص 185 بقوله:

و إن باعه بعد معرفة وزن المجموع

ص: 184

من (51) اشتراط كونه بمقدار خاص

و إن (52) باعه بعد معرفة وزن المجموع بقوله:

بعتك ما في هذه العكّة فتبين بعضه درديا:

صح البيع في الزيت (53)، مع خيار تبعض الصفقة (54)

قال في التحرير:

لو اشترى سمنا فوجد فيه غيره

تخيّر بين الردّ، و أخذ ما وجده: من السمن

بنسبة الثمن (55)

و لو باعه (56) ما في العكّة من الزيت على أنه كذا، و كذا رطلا

+++++++++++

و الصورة الثالثة ما عرفتها آنفا في الهامش 50 ص 184

و الصورة الرابعة ما يذكرها في ص 186 بقوله:

و لو باعه مع مشاهدته ممزوجا بما لا يتمول

من بيان ل (ما) الموصولة في قوله: لما سيجيء: أي ما سيجيء عبارة عن عدم كون الدرديّ زائدا على المقدار المعين المشترط كونه بمقدار خاص، فحينئذ يصح البيع

لكن للمشتري إما خيار تخلف الوصف، حيث إن الدرديّ لم يوجب نقصا في وزن السمن، بل أوجب نقصا في وصف السمن فأصبح كدرا لا يرغب إليه رغبة زائدة

و إما خيار الجزء الناقص

هذه هي الصورة الثانية

أي لا في الدرديّ، لأنه خارج عن المبيع

و أما صحة البيع في السمن فلأنه معلوم من حيث الوزن

لأن قسما من المبيع الذي هو الدرديّ خارج عن المعاوضة فللمشتري خيار تبعض الصفقة

فلو فرضنا أن سعر السمن الذي كان مقداره كيلوغرام واحد دينار واحد

ثم ظهر أن الدرديّ وزنه مائة غرام

فهنا يأخذ المشتري من البائع التفاوت ما بين الصحيح، و المعيب:

و هو مائة فلس، لأنه النسبة بين الثمن المأخوذ من المشتري

هذه هي الصورة الثالثة المشار إليها في الهامش 50 ص 184

ص: 185

فتبين نقصه عنه (57)، لوجود (58) الدرديّ:

صح البيع، و كان للمشتري خيار تخلف الوصف (59)، أو الجزء (60) على الخلاف المتقدم (61) فيما لو باع الصبرة على أنها كذا و كذا فظهر ناقصا

و لو باعه (62) مع مشاهدته ممزوجا بما لا يتمول: بحيث لا يعلم قدر خصوص الزيت:

فالظاهر عدم صحة البيع، و إن عرف وزن المجموع مع العكّة (63)

+++++++++++

أي عن الرطل المعين المباع

تعليل لوجود النقص في مقدار الزيت المعين، فان الدرديّ هو الذي سبب النقيصة في الزيت المعين

لكون الدرديّ أوجب كدرا في لون السمن فتغير وصفه

لكون الدرديّ أوجب نقصا في مقدار وزن السمن فأصبح ناقصا عن الوزن المقرر المباع

فللمشتري خيار تخلف الجزء

كما كان له خيار تخلف الوصف في الاول

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 11 ص 255 عند قوله قدس سره:

بعتك هذه الصبرة على أنها كذا، و كذا صاعا

و على كل تقدير فالحكم فيه الصحة

فلو تبين الخلاف

فاما أن يكون بالنقيصة

و إما أن يكون بالزيادة

فان كان بالنقيصة تخير المشتري بين الفسخ، و بين الامضاء

و لقد أشبعنا الكلام هناك في تعليقتنا على ما أفاده قدس سره فراجع كي تستفيد

هذه هي الصورة الرابعة من وجود الدرديّ في السمن اذا أوجب نقصا في مقدار وزن السمن الذي أفاده

بأن عرف مقدار الظرف الذي هي العكّة

و المظروف الذي هو الدهن

فهذه المعرفة بهذه الكيفية غير كافية في صحة البيع

ص: 186

لأن (64) كفاية معرفة وزن الظرف و المظروف إنما هي من حيث الجهل الحاصل من اجتماعهما

لا من (65) انضمام مجهول آخر غير قابل للبيع

كما (66) لو علم بوزن مجموع الظرف و المظروف لكن علم بوجود صخرة في الزيت مجهولة الوزن

+++++++++++

تعليل لعدم صحة البيع المذكور الذي شوهد فيه المبيع الممزوج بشيء لا يتموّل

خلاصته: إن الاكتفاء بمعرفة وزن المجموع هكذا في صحة البيع:

إنما هو من حيث جهل البائع و المشتري بمقدار الظرف و المظروف عند اجتماعهما

كما عرفت ذلك في الهامش 46 ص 184 عند قولنا:

جواب عن الوهم

أي و ليست معرفة الظرف و المظروف من حيث انضمام مجهول آخر مع المظروف لا يعلم مقداره كما فيما نحن فيه يكون كافيا في صحة البيع كما فيما نحن فيه، حيث إنه ضمّ مع المبيع الذي هو السمن شيء:

و هي الصخرة المجهولة لا يعلم مقدارها، و إن علم مقدار الظرف و المظروف

مثال لما نحن فيه و قد عرفته في الهامش 65 من هذه الصفحة

ص: 187

مسألة: قد عرفت أن مطلق المرض عيب خصوصا: الجنون، و البرص، و الجذام، و القرن

(مسألة) (1)

قد عرفت (2) أن مطلق المرض عيب خصوصا:

الجنون (3)، و البرص (4)، و الجذام (5)، و القرن (6)

و لكن يختص هذه الأربعة (7) من بيع العيوب(1)

بأنها: لو حدثت الى سنة من يوم العقد يثبت لأجلها التخيير بين الردّ و الارش

+++++++++++

أي المسألة الثامنة من المسائل الثمان التي ذكرت في الهامش 1 ص 147 بقولنا: و هي ثمان

(2) أي من أول خيار العيب من البداية الى النهاية

(3) بضم الجيم و النون، و سكون الواو مفرد جمعه مجانين:(2)

هو مرض يصاب به الانسان يوجب إزالة العقل، و افساده

يقال: رجل مجنون: أي مصاب بما ذكرناه

و هو على قسمين: اطباقي، و أدواري

و الأول يكون الانسان مجنونا طول السنة

و الثاني يكون مجنونا في بعض أيام السنة، لا في تمامها

(4) بفتح الباء و الراء مرض يحدث في الجسم كله قشرا أبيض يسبب حكّة شديدة تؤلم صاحبها

(5) بضم الجيم و فتح الذال

مرض يصاب به الانسان نستجير باللّه منه، و نعوذ منه

يسبّب تساقط اللحم و الأعضاء

و إنما سمّي به، لكونه سببا لتجذم الأصابع، و تقطعها

و هو من الأمراض المعدية أعاذنا اللّه منه

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم:

فرّ من الجذام كفرارك من الأسد

راجع (سفينة البحار) الجزء 1 ص 147 مادة جذم

(6) بفتح القاف و الراء وزان فلس

هو لحم ينبت في الفرج في مدخل الذكر، يمنع دخوله فيه

و هو يشبه الفتق في الرجل

يقال: عفلت المرأة عفلا اذا خرج في فرجها شيء يشبه الفتق في الرجل

(7) و هو الجنون، و البرص، و الجذام، و القرن

ص: 188


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

هذا (8) هو المشهور

و يدل عليه (9) ما استفيض عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام

ففي رواية علي بن أسباط عنه في حديث خيار الثلاثة:

إن أحداث السنة تردّ بعد السنة

قلت: و ما أحداث السنة؟

قال: الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم أن يردّ على صاحبه الى تمام السنة من يوم اشتراه (10)

و في رواية ابن فضال المحكي عن الخصال

في أربعة أشياء خيار سنة

الجنون، و الجذام، و القرن، و البرص (11)

و في رواية أخرى له عنه عليه السلام:

قال: ترد الجارية من أربع خصال

الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن، و الحدبة (12)

هكذا في التهذيب (13)

+++++++++++

أي حدوث هذه الأربعة(1) التي ذكرت في ص 188 خلال سنة من بداية العقد الى نهاية السنة الكاملة:

هو المشهور بين الفقهاء رضوان اللّه عليهم أجمعين

(9) أي و يدل على قول المشهور و ذهابهم إليه

(10) راجع (فروع الكافي) الجزء 5 ص 216 باب من يشتري الرقيق - الحديث 16

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 412 الباب 2 - الحديث 7

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 64 باب العيوب الموجبة للرد - الحديث 177)-21

أي هكذا وجد في التهذيب

مقصود شيخنا الأنصاري قدس سره من كلامه هذا:

أنه: هكذا وجد في التهذيب:

أي لا توجد في الأحاديث التي فيها العيوب الأربعة المذكورة:

كلمة (الحدبة)، فليست هي عيبا خامسا

إلا أنها موجودة في التهذيب

ثم أراد أن يؤيد ما هو الموجود في التهذيب -

ص: 189


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و في الكافي(1) القرن الحدبة، إلا أنها تكون في الصدر:

تدخل الظهر، و تخرج الصدر: انتهى (14)

و مراده (15) أن الحدب ليس خامسا لها، لأن القرن يرجع الى حدب في الفرج

لكن (16) المعروف أنه عظم في الفرج كالسن يمنع الوطء

و في الصحيح (17) عن محمد بن علي

قيل: و هو (18) مجهول

و احتمل بعض كونه (19) الحلبي، عنه (20) عليه السلام

قال (21): يردّ المملوك من أحداث السنة:

من الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

قال (22): فقلت

و كيف يردّ من أحداث السنة؟

+++++++++++

- فقال: و في الكافي

القرن الحدبة، إلا أنها تكون في الصدر تدخل الظهر، و تخرج الصدر

ثم لا يخفى عليك أنه لا يوجد في كتب اللغة التي بأيدينا

مجيء كلمة قرن بمعنى الحدبة

و لعل الاشتباه من النساخ، أو من الراوي

أي ما في التهذيب، و الكافي

أي مراد شيخنا الكليني قدس سره أن الحدب ليس عيبا خامسا زائدا على تلك العيوب الاربعة

هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره يروم به الاعتراض على تفسير القرن بالحدب فقال:

المعروف أن القرن عظم في فرج المرأة يشبه السنّ

فيكون مانعا عن وطء الرجل لها

أي في الخبر الصحيح

أي محمد بن علي الثاني راوي الحديث عن الامام الرضا عليه السلام

أي محمد بن علي

أي عن الامام الرضا عليه السلام

أي الامام الرضا عليه السلام

أي راوي الحديث الذي هو محمد بن علي

ص: 190


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فقال (23): هذا أول السنة: يعني المحرّم

فاذا اشتريت مملوكا فحدث فيه هذه الخصال (24)

ما بينك، و بين ذي الحجة (25)

رددته على صاحبه (26)

و هذه الرواية (27) لم يذكر فيها الجذام، مع ورودها (28) في مقام

+++++++++++

أي الامام الرضا عليه السلام

و هي الأربعة المذكورة في رواية محمد بن علي

و هي آخر السنة القمرية التي بدايتها أول محرم الحرام

كما أشار الى هذه البداية في الرواية

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 64 باب العيوب الموجبة للرد الحديث 275-19

أي رواية محمد بن علي المروية عن الامام الرضا عليه السلام

أي مع ورود هذه الرواية عن الامام عليه السلام في مقام بيان تعيين العيوب، و عدّها للسائل، و حصرها، و ضبطها، و أنها أربعة

هذا إشكال من شيخنا الأنصاري قدس سره على الرواية:

في أنها خالية عن كلمة الجذام

و يروم أن يقول:

كيف خلت هذه الرواية عن الجذام، مع أن الامام عليه السلام في مقام البيان، و اعطاء دستور كامل للعيوب الموجبة للرد؟

و لكن غير خفي على القارئ النبيل أن الرواية مذكورة فيها لفظة الجذام، و ليست خالية عنها

و العجب كل العجب من شيخنا الأنصاري قدس سره أنه

كيف خفي عليه هذا الأمر الجلي الواضح؟

و كيف أفاد أن لفظة الجذام ليست موجودة في هذه الرواية؟

و من أي مصدر نقل الرواية الخالية عن لفظة الجذام؟

و عمّن نقلها؟

و نحن حفاظا على كرامة شيخنا الأنصاري قدس سره

راجعنا كثيرا من كتب الحديث

و لا سيما (التهذيب) بطبعاتها المختلفة حتى الحجرية القديمة

فوجدنا لفظة الجذام موجودة في رواية محمد بن علي المشار إليها في الهامش 18 ص 190، و ليست فارغة عنها

ص: 191

التحديد، و الضبط لهذه الأمور (29)

فيمكن (30) أن يدّعى معارضتها لباقي الأخبار المتقدمة (31)

و من هنا (32) استشكل المحقق الأردبيلي(1) رحمه اللّه في الجذام

+++++++++++

و هي الخصال الاربعة المذكورة في رواية محمد بن علي المشار إليها في الهامش 18 ص 190

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره: من أن رواية محمد بن علي خالية عن لفظة الجذام، مع أنها واردة في مقام تحديد العيوب و حصرها:

أي ففي ضوء ما ذكرنا يمكن أن يقال:

إنه من الممكن دعوى معارضة هذه الرواية مع بقية الروايات التي فيها لفظة الجذام

و قد أشير الى تلك الروايات في الهامش 10 ص 189 و الهامش 11-12 ص 189

أي و من خلو رواية محمد بن علي المشار إليها في الهامش 18 ص 190 عن لفظة الجذام، و معارضتها لبقية الروايات المذكورة فيها لفظة الجذام:

استشكل المحقق الأردبيلي قدس سره في الجذام:

أي في عدّه من العيوب

و قال: إن هذه الرواية الخالية عن لفظة الجذام معارضة مع تلك الروايات المذكورة فيها لفظة الجذام، فلا يصح عدّ الجذام من العيوب

و لا يخفى على القارئ النبيل أن المحقق الأردبيلي قدس سره لم يستشكل على هذه الرواية

بل أورد على رواية أبي همام المروية عن الإمام الرضا عليه السلام حيث إنها خالية عن لفظة القرن

و يقول: إن عدّ القرن من العيوب مشكل، لأن رواية أبي همام صحيحة مقطوعة السند

و الروايات الواردة فيها لفظة القرن ليس لها تلك الصحة حتى يؤخذ بها

أليك نص صحيحة أبي همام

عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي همام

قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول:

يردّ المملوك من أحداث السنة:

من الجنون، و الجذام، و البرص

ص: 192


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

فاذا اشتريت مملوكا فوجدت فيه شيئا من هذه الخصال ما بينك و بين ذي الحجة

فردّه على صاحبه

فقال له محمد بن علي:

فأبق

قال: لا يردّ إلا أن يقيم البينة أنه أبق عنده

راجع (التهذيب) الجزء 7 ص 63 باب العيوب الموجبة للرد - الحديث 273-17

فانظر أيها القارئ النبيل الى خلو هذه الصحيحة عن لفظة القرن لكنها مشتملة على الجذام

فالمحقق الأردبيلي قدس سره إنما يستشكل على عدّ القرن من العيوب الموجبة للرد، لخلو هذه الصحيحة عن القرن

و إن اشتملت روايات أخرى على القرن

كما ذكرناها لك في ص 190

وجه الإشكال إن رواية أبي همام الخالية عن القرن صحيحة يقطع شيخنا المحقق الأردبيلي بصحتها

فلا تقاوم تلك الروايات هذه

فالمحقق الأردبيلي قدس سره إشكاله على عدّ القرن من العيوب

لا على الجذام كما أفاده شيخنا الأنصاري

و لا على البرص كما أفاده المحقق الشيخ عبد اللّه المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب الجزء 2 ص 130

و لا يزال يزداد تعجبي من سماحة شيخنا الأعظم الأنصاري أنه كيف خفي عليه هذا الأمر، و أفاد أن رواية محمد بن علي المشار إليها في ص 190 خالية عن الجذام؟

و أنت أيها القارئ النبيل لا تجد رواية من الروايات الواردة في العيوب الموجبة للرد:

خالية عن الجذام، فان هذه الروايات على ثلاث طوائف

(الاولى) واردة في الجنون فقط

و هي رواية عبد اللّه بن سنان المروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال في حديث:

و عهدته: يعني الرقيق: السنة من الجنون

ص: 193

و ليس (33) التعارض من باب المطلق و المقيد

+++++++++++

فما بعد السنة فليس بشيء

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 412 الباب 1) - الحديث 3 و رواية الوشّاء:

إن العهدة في الجنون وحده الى سنة

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 412 الباب 1) - الحديث 6.

(الطائفة الثانية) واردة في الجنون، و البرص، و الجذام:

و هي رواية محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي همام قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول:

يردّ المملوك من أحداث السنة: من الجنون، و الجذام، و البرص

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 411 الباب 3 الحديث 3

(الطائفة الثالثة) واردة في الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

و هي رواية ابن فضال عن أبي الحسن الثانى عليه السلام:

قال: في أربعة أشياء خيار سنة:

الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 412 الباب 2 الحديث 7

فهذه هي الطوائف الثلاث من الروايات التي ذكرت في الاثنتين منها لفظة الجذام: و هي الثانية و الثالثة، و واحدة منها لم تذكر فيها: و هي الاولى

كأنما استفاد الشيخ الأنصاري قدس سره أن المحقق الأردبيلي رحمه اللّه يقول بمعارضة الرواية الخالية عن لفظة الجذام حسب ظنه مع الروايات الواردة فيها لفظة الجذام

و المعارضة تكون من باب معارضة المطلق الذي هي الرواية الفاقدة للفظة الجذام

مع المقيد الذي هي الروايات المذكورة فيها لفظة الجذام

فكأنما استفاد هذا النوع من المعارضة شيخنا المحدث البحراني قدس سره من كلام المحقق الأردبيلي رحمه اللّه.

فشيخنا الأنصاري قدس سره ردا على المحدّث البحراني رحمه اللّه قال:

و ليس التعارض من باب المطلق و المقيد

ص: 194

كما (34) ذكره في الحدائق، ردا على الأردبيلي رحمة اللّه عليه

إلا أن يريد (35) أن التعارض يشبه تعارض المطلق و المقيّد في وجوب العمل بما لا يجري فيه احتمال يجري في معارضه:

و هو هنا احتمال سهو الراوي في ترك ذكر الجذام (36)،

+++++++++++

أي كما ذكر هذا النوع من المعارضة شيخنا المحدث البحراني قدس سره في كتابه الحدائق

راجع (الحدائق الناضرة) الجزء 19 ص 105-106

أليك نص عبارته أعلى اللّه مقامه، و أنار برهانه:

(الثاني)

ظاهر المحقق الأردبيلي هنا الاستشكال في عدّ القرن من جملة هذه العيوب، لعدم عدّه في صحيحة أبي همام المقطوع بصحتها، و عدم ظهور القول به(1)

و أنت(2) خبير بما فيه، فان(3) روايات المسألة كلها عدا الصحيحة قد اشتملت عليه

أي ورد(4) هذه الأخبار كلها باعتبار خلو تلك الرواية عنه

بعيد، فان(5) غاية الأمر أنها مطلقة

لا أن فيها ما يدل على نفيه، لتحصل(6) المخالفة الموجبة لترجيحها، لصحتها(7)

أي المحدث البحراني قدس سره

حسب ظن شيخنا الأنصاري قدس سره

ص: 195


1- - أي بالقرن في هذه الصحيحة (راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب)
2- - من هنا يروم المحدث البحراني الرد على المحقق الاردبيلي قدس سرهما فيما أفاده
3- - تعليل للرد، و في الواقع بيان لكيفية الرد: خلاصته: ان الروايات التي وردت في مسألة العيوب الموجبة للرد تمامها سوى صحيحة أبي همام مشتملة على الجذام (راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب) فلا معنى لتركها و العمل بصحيحة أبي همام
4- - أي ورد تلك الاخبار المشتملة على الجذام لاجل الصحيحة الخالية عن الجذام مع امكان تقييد الصحيحة بهذه الأخبار المشتملة على الجذام: بعيد جدا
5- - تعليل لبعد رد تلك الاخبار المشتملة على الجذام بالصحيحة الفاقدة له خلاصته: ان غاية الامر أن الصحيحة مطلقة من حيث عدم ذكر القرن فيها لا أن فيها ما يدل على نفي القرن من العيوب حتى لا يعد منها
6- - تعليل لعدم وجود شيء في الصحيحة يدل على نفي القرن من العيوب
7- - تعليل لترجيح رواية أبي همام على تلك الروايات: أي سبب ترجيح الرواية على الروايات هو كونها صحيحة مقطوع السند عند المحقق الاردبيلي

فانه (37) أقرب الاحتمالات المتطرقة فيما نحن فيه

و يمكن أن يكون الوجه في ترك الجذام في هذه الرواية (38):

اعتاقها على المشتري بمجرد حدوث الجذام

فلا معنى (39) للردّ، و حينئذ (40) فيشكل الحكم بالردّ في باقي الأخبار و وجّهه (41) في المسالك بأن عتقه على المشتري موقوف على ظهور الجذام بالفعل

و يكفي في العيب الموجب للخيار وجود مادته في نفس الأمر

و إن لم يظهر، فيكون بسبب الخيار مقدّما على سبب العتق

فان فسخ أعتق على البائع

و إن أمضى أعتق على المشتري

+++++++++++

أي احتمال نسيان الراوي ذكر الجذام في الرواية التي أشير إليها في هذه الصفحة

و هي رواية محمد بن علي المشار إليها في ص 190

الفاء تفريع على ما أفاده: من الامكان المذكور في ترك ذكر الجذام في رواية محمد بن علي:

أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا معنى لرد المملوك، لأنه أعتق على المشتري بمجرد حدوث الجذام فيه

أي و حين أن قلنا: إنه لا معنى لرد المملوك بعد اعتاقه على المشتري بمجرد حدوث الجذام فيه:

فيشكل الحكم برد لمملوك الذي حدث فيه الجذام

متمسكا بالروايات المشتملة على لفظة الجذام التي أشير إليها في الهامش 32 ص 192-193-194

أي و وجّه الشهيد الثاني قدس سره في المسالك الردّ

خلاصة التوجيه: إن عتق المملوك موقوف على ظهور الجذام الفعلي فيه:

بأن يكون حالا و بالفعل مجذوما

فان كان متصفا بالجذام فعلا أعتق، و إلا فلا

و أما في العيب الذي يوجب الخيار

فوجود مادة الجذام كاف فيه، و إن لم يكن المملوك متصفا بالجذام فعلا و حالا، و إن لم يظهر عليه أثره

اذا يكون سبب الخيار الذي هو وجود مادة الجذام مقدما على سبب العتق الذي هو وجود الجذام في المملوك فعلا و حالاّ

فلو رأى المشتري أن الجذام موجود حالا في العبد و فسخ -

ص: 196

و فيه (42) أولا أن ظاهر هذه الأخبار أن سبب الخيار

ظهور هذه الأمراض، لأنه (43) المعني بقوله عليه السلام:

فحدث فيه هذه الخصال ما بينك، و بين ذي الحجة

و لو لا ذلك (44) لكفى وجود موادها في السنة، و إن تأخر ظهورها عنها و لو بقليل: بحيث يكشف عن وجود المادة قبل انقضاء السنة

+++++++++++

- أعتق على البائع

و أما لو أمضى البيع: بأن قبله

أعتق العبد على المشتري

هذه خلاصة ما وجّهه شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في المسالك في هذا المقام

أي و فيما أفاده الشهيد الثاني قدس سره: من التوجيه المذكور نظر و إشكال

خلاصة النظر: إن المستفاد من ظاهر الأخبار الواردة في الأمراض المذكورة في ص 189-191:

أن سبب الخيار

هو ظهور هذه الأمراض في المملوك حالا و فعلا، لأن هذا الظهور هو المقصود و المراد من قوله عليه السلام:

فحدث فيه هذه الخصال ما بينك و بين ذي الحجة التي هي آخر السنة القمرية

و ليس وجود مادة المرض سببا للخيار حتى يقال:

إنه يكفي وجود مادة المرض في الخيار

تعليل لكون ظهور الأمراض بالفعل في المملوك

هو ظاهر الأخبار

و قد عرفته عند قولنا في الهامش 42 ص 196 لأن هذا الظهور

أي و لو لا استفادة هذا الظهور من ظاهر الأخبار المذكورة في ص 189 و ص 190-191

لكان وجود مواد هذه الأمراض من خلال السنة المشترى فيها العبد كافيا في الخيار و الفسخ، و إن تأخر ظهورها عن السنة التي وقع البيع و الشراء فيها: بأن وجدت بعد شهرين مثلا عن مضي السنة

لكن مواد الأمراض كانت موجودة في المملوك قبل انقضاء السنة

ص: 197

و هذا (45) مما لا أظن أحدا يلتزمه

مع (46) أنه لو كان الموجب للخيار هي مواد هذه الأمراض

لكان ظهورها زيادة في العيب، شادثة(1) في يد المشتري

فلتكن (47) مانعة من الردّ، لعدم قيام المال بعينه حينئذ (48)

فيكون في التزام خروج هذه العيوب من عموم كون النقص الحادث

+++++++++++

أي القول بكفاية وجود مواد هذه الأمراض في السنة و إن تأخر ظهورها عن السنة: في الخيار:

لم يلتزم به أحد من الفقهاء رضوان اللّه عليهم

إشكال آخر على القول بكفاية وجود مواد هذه الأمراض في السنة في الخيار و إن تأخر ظهورها عنها

خلاصته: إن لازم هذا القول هو أن ظهور هذه الأمراض في المستقبل يكون كاشفا عن أنها تزيد في العيب

فتكون حادثة في يد المشتري

اذا لا مجال للرد حينئذ، لعدم قيام المبيع على ما كان قبل البيع لحدوث العيب فيه عند المشتري

و قد ذكرنا كيفية عدم قيام المبيع على ما كان قبل البيع

في الجزء 16 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 227

عند قوله عليه السلام في مرسلة جميل:

إن كان الشيء قائما بعينه ردّه و أخذ الثمن

و لا يخفى عليك أن عدم قيام المبيع هنا مبني على مجرد زيادة في العيب

لكن يمكن أن يقال: إن هذه الزيادة لا تكون مانعة عن الرد، لثبوتها بتلك الاطلاقات الواردة في الأخبار المذكورة في ص 189 و ص 190-191

و لأن عدم جواز الرد مختص بالعيب السابق على العقد

لا ما كان حادثا بعد العقد عند المشتري

فللرد هنا مجال

أي فلتكن هذه الأمراض الحادثة عند المشتري مانعة عن الرد كما علمت آنفا

أي حين أن لم يكن(2) المال قائما بعينه كما علمت معنى ذلك في مرسلة جميل المشار إليها في الهامش ص 198

ص: 198


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

مانعا عن الردّ تخصيصا آخر للعمومات (49)

و ثانيا (50) إن سبق الخيار لا يوجب عدم اعتاق(1) بطروّ سببه

بل ينبغي أن يكون الاعتاق القهري سببه (51) مانعا شرعيا بمنزلة المانع العقلي عن الرد كالموت، و لذا (52) لو حدث الاعتاق بسبب آخر

+++++++++++

المراد من العمومات ما دلّ على أن العيب الحادث بعد العقد، و بعد قبض المشتري المبيع على المشتري

لا على البائع حتى يوجب الخيار عليه

و العموم هذا مستفاد من مرسلة جميل المشار إليها آنفا

و العموم هذا قد خصص أولا بالأخبار الواردة في أحداث السنة التي أشير إليها في ص 189-190-191

ثم خصص ثانيا بالتزام خروج هذه العيوب عن عموم كون النقص الحادث مانعا عن الرد، بناء على مسلك شيخنا الشهيد الثاني قدس سره في المسالك: من أن وجود مادة هذه العيوب في نفس الأمر و الواقع و إن لم تظهر فعلا موجب للخيار

هذا رد ثان على الشهيد الثاني قدس سره فيما أفاده:

من أن عتق المملوك على المشتري موقوف على ظهور الجذام الذي هو سبب الاعتاق و هو متأخر عن سبب الخيار الذي هو وجود مادة الجذام قبل ظهوره

فيكون السابق: و هو سبب الخيار مقدما

فيتخير المشتري حينئذ(2) فان ن فسخ عتق المملوك على البائع

و إن اختار الامضاء عتق على المشتري بعد ظهور الجذام

و حاصل ما أفاده الشيخ الأنصاري قدس سره في رده:

إن تقدم سبب الخيار لا يوجب توقف الاعتاق بحدوث سببه إلى ما بعد زمن أخذ المشتري بخياره، اذ من الممكن أن يحدث سبب الاعتاق بعد سبب الخيار و المشتري بعد لم يأخذ بخياره، لعدم فورية الخيار

يعني أي سبب من أسباب الاعتاق القهري ينبغي أن يكون مانعا عن الرد شرعا، فهو كالمانع العقلي، فان موت المملوك عند المشتري مانع عن رده بحكم العقل

أي و لأجل أن المانع الشرعي كالمانع العقلي عن الرد

أي مانعا عن رده

فليكن الاعتاق بالسبب الشرعي كالجذام كذلك:

ص: 199


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

غير (53) الجذام، فلا أظن أحدا يلتزم عدم الاعتاق، إلا بعد لزوم البيع خصوصا مع بناء العتق على التغليب (54)

هذا (55) و لكن (56) رفع اليد عن هذه الأخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة المحققة، و الاجماع المدعى في السرائر، و الغنية(1)

مشكل (57)، فيمكن (58) العمل بها في موردها

أو الحكم (59) من أجلها: بانّ تقدم سبب الخيار يوجب توقف الاعتاق على امضاء العقد و لو في غير المقام

+++++++++++

كالعمى

أي على التشبث بأدنى سبب للحرية

أي خذ ما تلوناه عليك حول هذه الأمراض

خلاصة هذا الكلام:

إن رفع اليد عمّا دل على أن الجذام سبب للاعتاق(2) على المالك:

و هي الأخبار المستفيضة التي أشير إليها في ص 189، و ص 190-191

و الاجماع المدعى على أن أحداث السنة لا تمنع من الرد:

مشكل، اذ كيف يمكن مع وجود هذه الأخبار

و الاجماع المدعى رفع اليد عن سببية الجذام للاعتاق؟

خبر للمبتدإ المتقدم في قوله في ص 199(3): و لكن رفع اليد

هذا في الواقع تخلص عن الإشكال المذكور:

خلاصته: إننا نلتزم بالعمل في مورد هذه الأخبار

بالقول بعدم الاعتاق بالجذام في خصوص هذا المقام

و به نخصص أدلة الاعتاق بالجذام

خلاصة هذا الكلام:

إنه لأجل هذه الأخبار المستفيضة المتضمنة لأحداث السنة التي أشير إليها في ص 189، و ص 190-191

لحكم بثبوت قاعدة كلية جارية في غير هذا المقام أيضا:

و القاعدة هو تقدم سبب الخيار على سبب الاعتاق:

جذاما كان سبب الاعتاق، أو غيره

فالقاعدة هذه توجب توقف الاعتاق على إمضاء العقد، و زوال الخيار: بدعوى أن ذكر الجذام من باب المثال لكل ما هو سبب الاعتاق

و قد أفاد شيخنا الشهيدي قدس سره في هذا المقام:

أن هذا مبني على أن سبب الخيار في المقام وجود المادة حتى يتقدم على سبب الاعتاق

و إلا فلو كان سببه الظهور فلا مجال لاستفادة هذه منها

ص: 200


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

ثم لو فسخ المشتري فاعتاقه على البائع موقوف على دلالة الدليل على عدم جواز تملك المجذوم (60)

لا (61) أن جذام المملوك يوجب اعتاقه: بحيث يظهر اختصاصه بحدوث الجذام في ملكه

ثم إن زيادة القرن ليس في كلام الأكثر فيظهر منهم العدم (62)

+++++++++++

المقصود من عدم جواز تملك المجذوم:

هو أن المجذوم لا يملك

لا أن حدوث الجذام في مملوك شخص يوجب اعتاقه، و زوال ملكه عنه، لأنه لو كان المراد هذا فلا مجال للاعتاق على البائع بعد الفسخ من دون أن يعتق عليه(1) لعدم وجود دليل على الثاني

و أما رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

اذا عمي المملوك فلا رقّ عليه، و العبد اذا جذم فلا رقّ عليه

فهي ظاهرة في الثاني، لأن مفاده أن حدوث الجذام في المملوك مزيل للعبودية و الملكية عنه، فلا يشمل البائع في المقام، لعدم حدوثه في ملكه، و إنما حدث في ملك المشتري

راجع حول الحديث

(فروع الكافي) الجزء 6 ص 189 - الحديث 2

من باب المملوك اذا عمي، أو جذم، أو نكّل به فهو حر

و لا يخفى أن الحديث في المصدر كما ذكرناه هنا باب الحرية

لكن في (من لا يحضره الفقيه)

اذا عمي العبد فلا رقّ عليه، و العبد اذا أجذم فلا رقّ عليه

راجع (من لا يحضره الفقيه) الجزء 3 ص 84 الحديث 1) - باب الحرية

أي و ليس المراد من عدم وجود جواز تملك المجذوم:(2)

هو أن حدوث الجذام في مملوك شخص يوجب اعتاقه، و زوال ملكه عنه

و لو كان المراد هذا فلازمه عدم اعتاق المجذوم على البائع بعد الفسخ، لأنه لم يحدث في ملك البائع، و إنما حدث في ملك المشتري

أي عدم كون القرن من أحداث السنة فلا يوجب الرد

ص: 201


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فنسبة المسالك الحكم (63) في الأربعة الى المشهور

كأنه لاستظهار ذلك من ذكره في الدروس، ساكتا عن الخلاف فيه و عن التحرير نسبه (64) الى أبي علي (65)

و في مفتاح الكرامة: إنه لم يظفر بقائل (66) غير الشهيدين، و أبي علي و من هنا (67) تأمل المحقق الأردبيلي: من عدم صحة الأخبار و فقد (68) الانجبار

ثم إن ظاهر اطلاق الأخبار (69) على وجه يبعد التقييد فيها

شمول الحكم (70) لصورة التصرف

لكن المشهور تقييدها (71) بغيرها، و نسب إليهم (72) جواز الارش

+++++++++++

و هو الردّ الى الاربعة المذكورة(1) في الأخبار المستفيضة المشار إليها في ص 197، و ص 199 و منها القرن

أي نسب القرن الى أبي علي

يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب) إن شاء اللّه تعالى

أي و لقائل يقول(2) إن القرن من العيوب الموجبة للرد

أي و من عدم وجود قائل بكون القرن من العيوب:

أفاد المحقق الأردبيلي قدس سره أن الأخبار الواردة في المقام غير صحيحة

أي و بالإضافة الى عدم صحة تلك الأخبار، لضعف سندها:

أنه لا يوجد جبران لضعف سندها، بناء على أن عمل الأصحاب بالأخبار الضعاف جابر لضعف سندها

و هي المذكورة في ص 197، و ص 191

خلاصة هذا الكلام:

إن ظاهر اطلاق الأخبار المذكورة

هو بعد تقييدها بغير صورة التصرف، لأن لازم التقييد هو حمل المطلقات على فرد النادر: و هو غير صورة التصرف

بل لازم التقييد المذكور خلو المطلقات عن المورد بالمرة

و هو الرد

أي تقييد تلك المطلقات التي هي الأخبار المذكورة في ص 197، و ص 191 بعير صورة التصرف في المملوك

أي الى المشهور

ص: 202


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

قبل التصرف، و تعينه (73) بعده، و الأخبار (74) خالية عنه

و كلاهما (75) مشكل

إلا أن الظن من كلمات بعض عدم الخلاف الصريح فيهما (76)

لكن كلام المفيد قدس سره مختص بالوطء (77)(1)

و الشيخ، و ابن زهرة لم يذكرا التصرف، و لا الارش

نعم ظاهر الحلي الاجماع على تساويها (78)، مع سائر العيوب من هذه الجهة

و أن (79) هذه العيوب كسائر العيوب: في كونها مضمونة

+++++++++++

أي و تعين الارش بعد التصرف

و هي المذكورة في ص 197، و ص 191، فانها فارغة عن التقييد المذكور و خلية عنه

أي و كلا الأمرين و هما:

التقييد بغير صورة التصرف

و الحكم بثبوت الارش على نحو التخيير قبل التصرف

و بنحو التعيين بعد التصرف:

مشكل

وجه الإشكال في الأول: و هو التقييد بغير صورة التصرف فقد عرفته عند ما ذكرنا وجه البعد في الهامش 69 ص 202 بقولنا: هو بعد تقييدها

و أما وجه الإشكال في الثاني: و هو ثبوت الارش على نحو التخيير قبل التصرف، و بنحو التعيين بعد التصرف:

فلعدم وجود دليل عليه

أي في الأمرين اللذين أشير إليهما في الهامش 75 ص 202

أي المراد من التصرف هو التصرف بالوطء، حيث إنه المانع من الرد في أحداث السنة

أي تساوي تلك العيوب التي هي الجذام، و الجنون، و البرص و القرن، مع بقية العيوب:

من جهة الرد، أو الارش

فكما أن بقية العيوب موجبة للرد، أو الارش

كذلك هذه العيوب التي تحدث في السنة المشتراة تكون موجبة للرد، أو الارش

دليل ثان للشيخ ابن ادريس قدس سره:

في أن هذه العيوب كبقية العيوب:

ص: 203


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

إلا أن (80) الفارق ضمان هذه اذا حدثت في السنة بعد القبض و انتفاء الخيار

و لو ثبت (81) أن أصل (82) هذه الأمراض تكمّن قبل سنة من ظهورها

و ثبت (83) أن أخذ الارش للعيب الموجود قبل العقد

+++++++++++

استثناء عما أفاده: من التساوي بين تلك العيوب، و بقية العيوب الآخر: في كونها مضمونة على البائع اذا وجدت في أحداث السنة(1)

من حيث الرد و الارش، و الضمان

خلاصته: إن هناك فرقا بين هذه العيوب، و العيوب الأخر، فان هذه العيوب اذا حدثت في السنة التي أشتري فيها المملوك، و حدثت بعد القبض، و بعد انقضاء مدة الخيار:

تكون مضمونة على البائع

بخلاف بقية العيوب، فانها اذا حدثت بعد القبض، و بعد انقضاء مدة الخيار فلا ضمان على البائع فيها

خلاصة هذا الكلام:

إنه قدس سره ذكر في هذا المقام مقدمتين لو تمتا

لثبت الارش بسبب تعيب المبيع بمادة الأمراض الأربعة:

الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

لا باعتبار ظهورها في أثناء السنة بعد العقد

و نحن نذكر المقدمتين كل واحدة منهما عند رقمها الخاص

هذه هي المقدمة الأولى بتمامها تدخل مواد هذه الأمراض في نطاق سائر العيوب التي تحدث قبل العقد، و قبل القبض:

أي مواد هذه الأمراض الاربعة تدخل في سائر العيوب

هذه هي المقدمة الثانية:

خلاصتها: إن ثبوت الارش للعيب الحادث قبل العقد

أو قبل قبض المشتري مطابق للقاعدة

و قد أشكل شيخنا الأنصاري قدس سره في صدر المسألة الاولى من مسائل هذا الخيار المشار إليها في الجزء 16 من المكاسب ص 113)-216:

من دعوى مطابقة ثبوت الارش للقاعدة

فقد قال هناك بعد أن ذكر أن المستفاد من الأخبار التي ذكرت في ص 189، و ص 190: -

ص: 204


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

- هو اختصاص ثبوت الارش بصورة التصرف المانع عن الرد لتدارك ضرر المشتري

لا لتعيين أحد طرفي التخيير بفقد الآخر

قال قدس سره هناك:

و قد يتكلف لاستنباط هذا الحكم(1) من سائر الأخبار

و هو صعب، و أصعب من جعله مقتضى للقاعدة

الى آخر ما أفاده هناك عطر اللّه مرقده. راجع المصدر نفسه ص 216 و قد استدل الآخرون: بأن التخيير بين الرد، و الامساك بالارش على طبق القاعدة بعدة وجوه:

(الأول):

إن لوصف الصحة أهمية خاصة عند المتعاملين

و حيث إنه خارج عن حقيقة العوضين

و أنه من أهم المقاصد المترتبة على المعاوضة

فلا بد أن يتدارك بالمال لو شاء المشتري ذلك، و لم يفسخ البيع

(الثاني): إن في مورد سقوط الرد يتعين على البائع تدارك ضرر المشتري بالارش، و ذلك لقاعدة ضمان اليد، لا ضمان المعاوضة

(الثالث): إن بناء العقلاء في معاملاتهم، و معاوضاتهم على احراز أصل المالية في ثبوت العوضين

فأخذ مال من أحد الطرفين بعنوان المعاوضة

يقتضي دفع ما يقابل هذا المقدار من المال إليه، لقاعدة اليد المرتكزة في نفوس المتعاملين و المتعاوضين

و ثمرة كون الارش على طبق القاعدة:

هو أنه يجري في جميع المعاوضات، مع فقد وصف الصحة، و لا يختص بالبيع كما يظهر من المحقق قدس سره في عوض الخلع على ما قيل

و عن العلامة قدس سره في الهبة المعوّضة، و مال الكتابة

و عن الشهيد الثاني قدس سره في المسالك في المهر

ثم لا يخفى عليك أن الثمرة المترتبة على ثبوت الارش

إنما هي بملاحظة تعيب المبيع بالمواد الكائنة بهذه الأمراض قبل السنة لا بظهورها بعد العقد، و القبض، فانها اذا لوحظت هذه الأمراض من حيث ظهورها في أثناء السنة

إذا تكون حادثة في ملك المشتري

ص: 205


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أو القبض مطابق للقاعدة (84)

ثبت (85) الارش هنا (86) بملاحظة التعيب بمادة هذه الأمراض الكامنة في المبيع

لا (87) بهذه الأمراض الظاهرة فيه

+++++++++++

- فلا تندرج في نطاق العيب المحكوم عليه بالارش، لاختصاص الأدلة المثبتة للارش بكون التعيب حادثا في ملك البائع قبل العقد أو قبل القبض

و المفروض أن هذه الأمراض قد حدثت في ملك المشتري

فاثبات الارش فيها بلحاظ ظهورها عند المشتري في قبال لحاظ موادها عند البائع:

يحتاج الى التمسك بالأخبار الواردة في نفس هذه العيوب الأربعة و من الواضح أن الأخبار المذكورة في ص 189-190-191، و في الهامش 32 من ص 192 خالية عن اثبات الارش فيها، لأنه لم يذكر فيها سوى الرد

و أما الارش فلم يكن له أي أثر و ذكر فيها

و إن شئت ليطمئن قلبك فراجعها مراجعة دقيقة

و أما دعوى عدم الخلاف في ثبوت الارش

أو قيام الاجماع على ثبوته

فالمتيقن منهما ما اذا كان العيب سابقا على العقد، و على القبض لا في العيب الذي حدث عند المشتري بعد العقد

أو بعد القبض كما فيما نحن فيه.

فتدبر جيدا

و قد عرفت القاعدة في الهامش 83 ص 205 عند قولنا:

بعدة وجوه

جواب ل لو الشرطية في قوله في ص 204: و لو ثبت

أي فيما نحن فيه: و هو خفاء الأمراض المذكورة

عرفت معناها في الهامش 83 ص 205 عند قولنا: لا بظهورها بعد العقد و القبض

ص: 206

قال (88) في المقنعة:

و يردّ العبد و الأمة من الجنون، و الجذام، و البرص ما بين ابتياعها، و بين سنة واحدة

و لا يردّان (89) بعد سنة، و ذلك (90) أن أصل هذه الأمراض يتقدم ظهورها بسنة، و لا يتقدم بأزيد

فان وطأ المبتاع الأمة في هذه السنة (91) لم يجز له ردّها، و كان (92) له قيمة ما بينها صحيحة، و سقيمة، انتهى (93)(1) و ظاهر (94) أن نفس هذه الأمراض تتقدم بسنة، و لذا (95) أورد

+++++++++++

من هنا يروم شيخنا الأنصاري الاستشهاد بكلام (شيخنا المفيد) قدس سره لثبوت الارش في الأمراض المستورة التي أصلها و مبدؤها موجود في المبيع

أي العبد، و الأمة

أي سبب جواز الرد بين ابتياع العبد، و الأمة و بين سنة واحدة

أي في سنة المشتراة

أي للمشتري

أي ما أفاده شيخنا المفيد قدس سره(2)

هذا محل الاستشهاد لثبوت الارش:

أي ظاهر كلامه: و هو قوله في ص 206: و ذلك أن أصل

أي و لأجل أن ظاهر كلام شيخنا المفيد قدس سره أن الأمراض المذكورة:

هو ظهور تلك الأمراض بتقدم سنة

و لا يتقدم ظهورها أكثر من ذلك:

استشكل صاحب السرائر قدس سره على ما أفاد شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة:

خلاصته: إن لازم هذا القول هو اعناق المملوك الذي ظهر فيه أحد العيوب المذكورة، و الذي تقدم ظهوره بسنة، لظهور كون المبيع معيبا قبل البيع

فعليه لا تصح المعاملة على مثل هذا المبيع المعيب قبل البيع، لأن وجود العيب فيه كان عند البائع

فهذا سبب لاعتاقه، فلا يجوز بيعه، لكونه أصبح حرا و الحر لا يباع

ص: 207


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

عليه في السرائر أن هذا (96) موجب لاعتاق المملوك على البائع، فلا (97) يصح البيع

و يمكن (98) أن يريد به ما ذكرنا: من إرادة مواد هذه الأمراض

+++++++++++

و هو تقدم هذه الأمراض بسنة كما علمت آنفا

أي فعلى هذا الظهور كما علمت

توجيه من شيخنا الأنصاري لما أفاده شيخنا المفيد قدس سرهما

خلاصته: إنه من الامكان أن يريد الشيخ المفيد في المقنعة وجود هذه الأمراض، و موادها في المملوك

لا بوجود شخصها، و بعينها حالاّ و فعلا حتى يقال بعدم جواز بيعه لكونه أصبح حرا بظهور هذه الأمراض فيه عند البائع

ص: 208

خاتمة: في عيوب متفرقة

(خاتمة)

في عيوب متفرقة

قال في التذكرة:

إن الكفر ليس عيبا في العبد، و لا الجارية (1)

ثم استحسن (2) قول بعض الشافعية: بكونه عيبا في الجارية اذا منع الاستمتاع كالتمجس (3)، و التوثن (4)

دون (5) التهود، و التنصر

و الأقوى (6) كونه موجبا للرد في غير المجلوب

و إن كان (7) أصلا في المماليك

إلاّ أن الغالب في غير المجلوب الاسلام

+++++++++++

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 429

المسألة العاشرة عند قوله:

و لو خرجا كافرين أصليين فلا ردّ فيهما معا

سواء أ كان ذلك الكفر مانعا من الاستمتاع كالتمجس، و التوثّن

(2) أي العلامة في قوله في نفس المصدر، و الصفحة:

و هو حسن عند ما قال:

و لبعض الشافعية قول آخر:

إنه لو وجدت الجارية مجوسية، أو وثنية كان له الرد، لنقص المنافع فيها، اذ لا يمكن الاستمتاع بها، لنجاستهما

(3) بأن كانت الجارية مجوسية

(4) بأن كانت الجارية وثنية

(5) أي بخلاف ما اذا كانت الجارية يهودية، أو نصرانية، فانّهما لا يردّان، لأنهما صاحبا كتاب

(6) هذا رأي شيخنا الأنصاري قدس سره: أي الأقوى أن الكفر عيب في العبد، و الجارية، فيكون موجبا لردهما اذا لم يكونا مجلوبين من بلاد الكفر

(7) أي و إن كان الجلب من بلاد الكفر(1) الذي هو الأصل و الأساس في العبد و الجارية، حيث إن عساكر الاسلام عند ما كانوا يفتحون البلدان يأسرون قسما من الساكنين في المدينة رجالا و نساء، و يأتون بهم فيأخذهم النخاسون، و يبيعونهم

ص: 209


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فهو (8) نقص موجب لتنفر الطباع عنه، خصوصا بملاحظة نجاستهم المانعة عن كثير من الاستخدامات (9)

نعم الظاهر عدم الارش فيه (10)، لعدم صدق العيب عليه (11) عرفا و عدم كونه (12) نقصا، أو زيادة (13) في أصل الخلقة

و لو ظهرت الامة محرمة على المشتري برضاع، أو نسب

فالظاهر عدم الرد به (14)، لانها (15) لا تعدّ نقصا بالنوع و لا (16) عبرة بخصوص المشتري

و لو ظهر (17) ممن يعتق عليه فكذلك

+++++++++++

اي الكفر

(9) كالطبخ. و غسل الملابس مثلا، فانّ الكفر مانع عن هذه الخدمات و الفوائد الضرورية الحياتية

(10) أي في كفر العبد، و الجارية اذا لم يكونا مجلوبين من بلاد الكفر

أي على العبد، و الجارية الكافرين(1) اذا لم يكونا مجلوبين من بلاد الكفر

أي الكفر لا يكون نقصا في قيمة العبد و الجارية الكافرين(2)

أي و عدم كون الكفر زيادة في أصل خلقة العبد و الجارية حتى يكون موجبا للخروج عن المجرى الطبيعي فيوجب الرد

أي بسبب الكفر المتصف به العبد أو الجارية(3)

أي الحرمة بسبب الرضاع، أو النسب لا تعد نقصا في نوعية العبد أو الجارية حتى يكون موجبا للردّ

أي الخصوصية في المشتري في المعاوضات و المعاملات: بأن لا يكون ممن يحرم عليه المملوك المبيع

أو الجارية المبيعة برضاع، أو نسب:

غير معتبرة

فالمشتري يراد منه الأعم من ذلك

أي و لو ظهر العبد المبيع، أو الجارية المبيعة ممّن يعتق على المشتري:

بأن كان أحد أبويه

فكذلك لا يردّ على البائع، لأن الاعتاق لا يعدّ نقصا في العبد حتى يوجب الرد

و كذلك لا اعتبار بخصوص المشتري، لأنه يراد منه الأعم

ص: 210


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

كما في التذكرة، معللا (18): بانه ليس نقصا عند كل الناس

و عدم (19) نقص ماليته عند غيره

و في التذكرة لو ظهر أن البائع باعه وكالة، أو ولاية، او وصاية أو أمانة

ففي ثبوت الرد، لخطر فساد النيابة احتمال (20)

أقول (21): الأقوى عدمه

و كذا لو اشترى ما عليه أثر الوقف

نعم لو كان عليه أمارة قوية لم يبعد كونه موجبا للرد، لقلة رغبة الناس في تملك مثله (22)

و تأثير (23) ذلك في نقصان قيمته عن قيمة أصل الشيء لو خلّي و طبعه أثرا بيّنا

و ذكر في التذكرة أنّ الصيام و الإحرام، و الاعتداد ليست(1) عيوبا (24)

+++++++++++

أي العلامة قدس اللّه نفسه الطاهرة علّل في التذكرة: بأنّ الاعتاق على المشتري لا يعدّ نقصا عند جميع أفراد الناس حتى يوجب الرد بل الغالب منهم لا يرونه نقصا

أي و كذلك لا يعد الاعتاق نقصا ماليا عند الآخرين، فلا يوجب الرد لو وجد العبد، أو الجارية معتقا على المشتري

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 434

المسألة 18 عند قوله: لو اشترى شيئا

هذا رأي الشيخ الأنصاري قدس سره:

أي الأقوى أن الأشياء المذكورة لا تكون موجبة للردّ

أي مثل هذا المبيع الذي دلت عليه أمارة قوية على وقفيته

بالجر عطفا على المجرور (باللام الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

لقلة رغبة الناس

فهو دليل ثان لرد المبيع الذي عليه أمارة قوية على وقفيته:

أي و لتأثير هذه الأمارة القوية في نقصان قيمة هذا المبيع عن قيمته الأصلية أثرا واضحا ظاهرا

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 433 في المسألة 15 عند قوله: دون الصيام، و الإحرام، و الاعتداء

أي عدم تسبيب الأشياء المذكورة للارش

ص: 211


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و أما عدم ايجابها (26) الرد فقيه إشكال اذا فات بها (27) الانتفاع في مدة طويلة، فانه (28) لا ينقص عن ظهور المبيع مستأجرا

و قال (29) أيضا: اذا كان المملوك نمّاما، أو ساحرا، أو قاذفا للمحصنات، أو شاربا للخمر، أو مقامرا

ففي كون هذه عيوبا إشكال

أقربه العدم (30)

و قال: لو كان الرقيق رطب الكلام، أو غليظ الصوت، أو سيئ

+++++++++++

أي: و أما عدم تسبيب الأشياء المذكورة للردّ

أي فوات المنافع المترتبة على المبيع بسبب وجود هذه الأشياء المذكورة في المبيع

تعليل لعدم كون الأشياء(1) المذكورة موجبة للعيب حتى توجب الردّ

خلاصته: إن وجود هذه الأشياء المذكورة في العبد المشترى

أو الجارية المشتراة:

يجعل المبيع كالعين المستأجرة

فكما أن العين اذا بيعت ثم ظهر أنها مستأجرة

تكون مسلوبة المنفعة في تلك المدة، و لا تبطل الاجارة، و لا يكون البيع فسخا للاجارة.

نعم للمشتري خيار الفسخ، مع جهله بالاجارة

بل له الخيار لو علم بها، و تخيل أن مدة الاجارة قليلة

كذلك ما نحن فيه. فان ظهور الأمارة القوية على وقفية المبيع لا يوجب ردّه الى البائع

أي العلامة قدس سره قال في التذكرة أيضا

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 433

في المسألة الخامسة عشرة عند قوله: و أما اذا كان نمّما

و لا يخفى أن ما نقله شيخنا الأنصاري عن العلامة قدس سرهما في هذا المقام. و ذكرنا مصدره بكامله هنا كما علمت:

منقول بالمعنى، لا بألفاظها فالفاظها هناك مختلفة مع ألفاظها هنا اختلافا شاسعا

ص: 212


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

الأدب، أو ولد زنا، أو مغنيا، أو حجاما، أو أكولا، أو زهيدا (31)

فلا ردّ، و يردّ الدابّة بالزهادة (32)

و كون الأمة عقيما

لا يوجب الردّ، لعدم القطع بتحققه (33)

فربّما كان (34) من الزوج، أو لعارض (35)، انتهى (36)

و مراده (37) العارض الاتفاقي، لا المرض العارضي

قال في التذكرة في آخر ذكر موجبات الرد:

و الضابط: إن الردّ يثبت بكل ما في المعقود عليه:

من منقص للقيمة، أو العين نقصا يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه (38)

انتهى (39)

+++++++++++

الزهيد الشيء القليل

يقال: زهد أكله: أي قلّ طعامه

و يقال: واد زهيد: أي قليل الأخذ للماء

أي بقلة الأكل، فان هذه القلة تدل على مرض فيها

أي بثبوت العقم، اذ من الممكن أن يكون عدم الحمل، لضعف في منيّ الرجل، أو في رحم المرأة

أي العقم

كما علمت في الهامش 33 من هذه الصفحة

أي ما أفاده العلامة قدس سره

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 433 في المسألة السادسة عشرة عند قوله:

و لو كان الرقيق رطب الكلام، أو غليظ الصوت

هذا كلام شيخنا الأنصاري: أي مراد العلامة قدس سرهما من العارض في قوله في هذه الصفحة: أو لعارض:

العارض الاتفاقي: أي صدفة وجد العقم

و ليس المراد من العارض العارض الذي موجبه المرض حتى لا تحمل المرأة بسببه، و لا يمكن معالجتها

أي عدم ذلك المنقص للقيمة، أو العين نقصا يفوت به غرض صحيح

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 ص 434 في المسألة 18 عند قوله: و الضابط: إن الرد يثبت بكل ما في المعقود عليه

ص: 213

القول في الأرش
اشارة

(القول في الارش)

و هو (1) لغة كما في الصحاح، و المصباح:

دية الجراحات

و عن القاموس:

إنه (2) الدية

و يظهر من الأولين (3):

أنه في الأصل اسم للفساد (4)

و يطلق (5) في كلام الفقهاء على مال يؤخذ بدلا عن نقص مضمون في مال

أو بدن لم يقدّر له في الشرع مقدر

و عن حواشي الشهيد قدس سره:

إنه (6) يطلق بالاشتراك اللفظي على معان

+++++++++++

أي الارش معناه بحسب الوضع اللغوي:

هي الدية في الجراحات

قال في الصحاح:

الارش دية الجراحات

راجع (الصحاح) الجزء 3. ص 995

باب الشين فصل الألف لغة أرش

راجع (القاموس) الجزء 2. ص 261. مادة ارش(1)

عند قوله: ارش الجراحة ديتها، و الجمع اروش

(2) أي الارش عبارة عن الدية.

و صرح بذلك صاحب القاموس

راجع (القاموس) الجزء 4. ص 216. مادة ارش(2)

في قوله: الارش الدية و الخدش

(3) و هما: (الصحاح، و المصباح المنير)

(4) راجع الصحاح الجزء 3. ص 995 عند قوله:

و أرشت بين القوم تأريشا: أي أفسدت

و راجع المصباح الجزء 1. ص 8 عند قوله:

و أصله الفساد

(5) أي الارش

(6) أي الارش

ص: 214


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

(منها) (7):

ما نحن فيه

(و منها) (8):

نقص القيمة لجناية انسان على عبد غيره (9) في غير المقدّر الشرعي

(و منها) (10):

ثمن التالف المقدّر شرعا بالجناية

كقطع يد العبد

(و منها) (11):

أكثر الأمرين:

من المقدّر الشرعي، و الارش:

+++++++++++

أي من تلك المعاني التي أطلق الارش عليها بالاشتراك اللفظي:

هو ما نحن فيه:

و هو المال الذي يؤخذ بدلا عن نقص مضمون في مال

أو بدن لم يقدّر له في الشرع مقدر

(8) أي و من تلك المعاني التي أطلق عليها لفظ الارش

بالاشتراك اللفظي

(9) أي لا على عبد نفسه، لأن المولى اذا جنى على عبده

ليس لجنايته عليه ارش

بخلاف ما لو جنى الانسان على عبد غيره فيما ليس له

مقدّر شرعي، فان لهذه الجناية ارشا

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 10 ص 285 عند قول الشهيدين قدس سرهما:

و معنى الحكومة، و الارش فيما لا تقدير لديته واحد:

و هو أن يقوم المجنى عليه مملوكا و إن كان حرا

تقويما صحيحا على الوصف المشتمل عليه حالة الجناية

(10) أي و من تلك المعاني التى أطلق الارش عليها بالاشتراك اللفظي

أي و من تلك المعاني التي أطلق الارش عليها بالاشتراك اللفظي

ص: 215

و هو (12) ما تلف بجناية الغاصب، انتهى (13)

و في جعل (14) ذلك من الاشتراك اللفظي

اشارة الى أن هذا اللفظ قد اصطلح في خصوص كل من هذه المعاني عند الفقهاء بملاحظة مناسبتها للمعنى اللغوي

مع قطع النظر عن ملاحظة العلاقة

بين كلّ منها، و بين الآخر

فلا يكون مشتركا معنويا بينهما (15)

و لا حقيقة (16)، و مجازا (17)

فهي (18) كلها:

+++++++++++

بيان لأكثر الأمرين:

من المقدّر الشرعي، و الارش

أي ما أفاده الشهيد الاول قدس سره في هذا المقام

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره

يروم به توضيح ما أفاده الشهيد قدس سره في هذا المقام خلاصته:

إن غرض الشهيد من استعمال الارش في هذه المعاني عند الفقهاء بملاحظة مناسبتها للمعنى اللغوي،

من دون ملاحظتهم وجود العلاقة

بين كل واحد من هذه المعاني

و بين المعنى الآخر، كي يكون اللفظ مشتركا معنويا

و كذلك لا يكون لفظ الارش حقيقة في كل واحد من هذه المعاني

و مجازا في المعنى الآخر حتى يكون على نحو الحقيقة، و المجاز

أي بين كل واحد من هذه المعاني، و المعنى الآخر

أي فلا يكون لفظ الارش حقيقة في كل واحد من هذه المعاني كما عرفت

أي و لا يكون استعمال لفظ الارش في المعنى الآخر مجازا كما عرفت

أي فهذه المعاني المذكورة عن الشهيد قدس سره كلها منقولات عن المعاني اللغوية بمناسبة علاقة الاطلاق في المعنى اللغوي، حيث لا تقييد في معنى الارش

و بمناسبة علاقة التقييد في المعاني المذكورة، حيث كان استعمال لفظ الارش فيها مقيدا بقيد المعنى المذكور

ص: 216

منقولات عن المعنى اللغوي بعلاقة الاطلاق (19) و التقييد (20) و ما ذكرنا في تعريف الارش (21)

فهو كلي انتزاعي من تلك المعاني

كما يظهر بالتأمل

و كيف كان (22) فقد ظهر من تعريف الارش:

أنه لا يثبت إلا مع ضمان النقص المذكور

ثم إن ضمان النقص تابع في الكيفية (23) لضمان المنقوص:

+++++++++++

عرفت معناها آنفا

عرفت معناها آنفا

من أنه دية الجراحات، و أنه موضوع للفساد كما عرفت في الهامش 1-2-3 - ص 214

يعني أي شيء كان المراد من اطلاق الارش في كلام الفقهاء

أو في كلام المحكي عن حواشي الشهيد قدس سره

خلاصة ما يرومه قدس سره في هذا المقام:

إن ضمان مقدار النقص الوارد في الجزء من المعيب

تابع لضمان المنقوص منه الذي هو الأصل

فان كان الأصل مضمونا بقيمته السوقية

كما في المغصوب، و المستام، و المقبوض بالعقد الفاسد، و المبيع الحادث فيه نقص عند المشتري، و للبائع فيه الخيار:

كان ضمان النقص الحادث في المذكورات بمقدار يخصه من القيمة السوقية اذا وزّعت القيمة السوقية على كل الأجزاء: من المذكورات

و يسمّى ضمان الأصل ضمان اليد، لأن المغصوب و المستام و المقبوض بالعقد الفاسد:

لم يتعلق بها معاوضة صحيحة شرعية حتى تتعين فيها القيمة

ثم يخص منها مقدار معين للجزء الفائت في المعيب

فان العين في المذكورات لم تقع طرفا في المعاوضة حتى يكون الضمان فيها بالقيمة الجعلية الواقعية من الطرفين

فالضمان فيها بالقيمة السوقية

و كذلك الضمان في الجزء الفائت الناقص

يكون بمقدار يخصه من القيمة السوقية خذ لذلك مثالا: -

ص: 217

و هو الأصل (24)

فان كان (25) مضمونا بقيمته كالمغصوب (26)، و المستام (27)

و شبههما (28)

+++++++++++

- لو كانت القيمة السوقية للعين في المذكورات عشرة دنانير، ثم ورد عليها نقص بسبب العيب.

فصارت قيمتها السوقية نصف القيمة.

فهنا يكون ارش العين المعيبة خمسة دنانير، لأن نسبة النقص الى العين:

هو النصف من حيث القيمة السوقية

و الى هذا أشار قدس سره بقوله في ص 219:

كان النقص مضمونا بما يخصه من القيمة اذا وزّعت على الكل

المراد من الأصل هو المبيع المعيب

أي الأصل الذي هو المنقوص

حيث إن المغصوب لم يقع طرفا للمعاوضة الصحيحة الشرعية

بضم الميم، و سكون السين: اسم مفعول وزان مختار، مغتاب يراد منه السلعة المشتراة التي يأخذها المشتري من البائع ليراها فان أعجبته أخذها

فاذا تقع من يده فتنكسر، أو تعيب

فالآخذ يكون ضامنا لهذه السلعة

إما بالمثل اذا كانت السلعة مثلية

و إما بالقيمة اذا كانت قيمية

فبناء على الضمان يكون الغاصب، أو المستام باسم الفاعل

ضامنا للجزء الفائت الناقص بما يخصه من القيمة السوقية، لأن العين في المستام باسم المفعول

لم تقع بعد طرفا للمعاوضة الصحيحة الشرعية، لأن المشتري في دور الاختبار و الامتحان

المراد من شبههما:

هو المقبوض بالعقد الفاسد

و المبيع الحادث فيه نقص عند المشتري

و للبائع فيه الخيار

فالعين في هاتين الصورتين

لم تقع طرفا للمعاوضة الصحيحة الشرعية

ص: 218

و يسمّى (29) ضمانه ضمان اليد:

كان (30) النقص مضمونا بما يخصه:

من القيمة اذا وزّعت (31) على الكل

و إن كان (32) مضمونا بعوض:

+++++++++++

أي و يسمّى ضمان ما كان أصله مضمونا بقيمته السوقية

كما في المذكورات:

ضمان اليد، لعدم وقوع العين فيها طرفا للمعاوضة

فاليد فيها هي الضامنة بما يخصه من القيمة

جواب ل إن الشرطية في قوله في ص 218:

فان كان مضمونا بقيمته:

أي النقص الحاصل في الجزء الفائت في المذكورات سببه هو حدوث العيب فيها

فالآخذ، أو الغاصب، أو العاقد بالعقد الفاسد

يكون ضامنا لهذا الفائت

و يكون مقدار ضمان الفائت:

بمقدار ما يخصّه من القيمة السوقية اذا وزّعت هذه القيمة السوقية على جميع أجزاء المغصوب، و المستام، و المقبوض بالعقد الفاسد

أي القيمة السوقية كما علمت

أي و إن كان الأصل

خلاصة هذا الكلام:

إن العين اذا وقعت طرفا للمعاوضة الصحيحة الشرعية:

بمعنى أنها وقعت عوضا معامليا بإزاء الثمن الذي هو أحد العوضين

فحينئذ اذا حصل نقص و عيب في العين في مثل هذه المعاوضة الصحيحة الشرعية:

يكون مقدار الارش في الجزء الناقص في العين المعيبة بمقدار من العوض الذي وقع ثمنا في مجموع العين التي جرى العقد عليها، لأن فوات الجزء من العين موجب لعدم تملك البائع عوض هذا النقص عند ما يوزّع هذا العوض على مجموع الناقص، و المنقوص منه

و لا يكون الارش في مثل هذه المعاوضة من القيمة السوقية، لوقوع العين طرفا للمعاوضة

بخلاف الارش من المذكورات، فان الارش فيها من القيمة السوقية -

ص: 219

بمعنى أن فواته يوجب عدم تملك عوضه المسمّى (33)

في المعاوضة

و يسمّى ضمانه (34) ضمان المعاوضة

كان (35) النقص مضمونا بما يخصه من العوض

اذا وزّع (36) على مجموع الناقص و المنقوص

لا نفس (37) قيمة العيب

+++++++++++

- لعدم وقوع العين فيها طرفا للمعاوضة

خذ لذلك مثالا:

لو كان النقص الوارد في المبيع بسبب العيب

يساوي ربع العين

و كان العوض الواقع عليه العقد عشرة دنانير

فيرجع المشتري على البائع بربع العوض:

و هو ديناران، و نصف دينار، لأن نصيب النقص من العوض بعد توزيعه على مجموع الناقص و المنقوص منه:

هذا المقدار الذي هو الارش للنقيصة

و لا يصح جعل الضمان هنا بالقيمة السوقية

لامكان ارتفاعها في بعض المجالات

إذا تستوعب القيمة السوقية العين كلها

و لامكان نقصان القيمة السوقية عند ما تنزل القيمة السوقية في العين

و الى هذه الجهة أشار قدس سره بقوله في هذه الصفحة:

كان النقص مضمونا بما يخصه: من العوض

اذا وزّع العوض على مجموع الناقص و المنقوص منه

المراد منه هي العين المسماة في المعاوضة

أي و يسمّى ضمان هذا الاصل ضمان المعاوضة

و قد عرفت معنى المعاوضة في الهامش 23 ص 217

جواب ل إن الشرطية في قوله في ص 219:

و إن كان مضمونا بعوض

أي العوض الذي وقع في المعاوضة الصحيحة الشرعية

أي و لا يكون ضمان النقص هنا من القيمة السوقية و قد عرفت وجه ذلك في الهامش من هذه الصفحة

عند قولنا: لامكان ارتفاع القيمة السوقية للعين

ص: 220

لأن (38) الجزء تابع للكل

+++++++++++

تعليل لعدم جواز كون الارش في الفرض الثاني

من القيمة السوقية

و في الواقع هذا التعليل قاعدة كلية أفادها قدس سره

بصورة التعليل:

و القاعدة الكلية عبارة عن كبرى كلية يراد منها تطبيقها على صغرياتها حتى يعرف الطالب الخبير البصير كيفية ضمان الارش في الجزء الناقص

و المراد من الصغريات

هو الغصب، و المستام، و المقبوض بالعقد الفاسد، و المبيع الحادث فيه نقص عند المشتري و للبائع فيه الخيار

و العين الواقعة طرفا في المعاوضة

و خلاصة تلك القاعدة، و الكبرى الكلية:

إن الجزء التالف تابع في كيفية الضمان للمنقوص الذي هو الأصل

فاذا تلفت العين و لم يكن هناك معاوضة صحيحة شرعية كما في الغصب، و المستام، و شبههما:

يكون الضمان للعين متعلقا باعطاء

المثل اذا كان التالف مثليا

و بالقيمة اذا كان قيميا، و القيمة تكون سوقية و كذلك يكون ضمان الناقص الذي هو الجزء الفائت:

بالقيمة السوقية

و أما اذا تلفت العين و كان هناك معاوضة صحيحة:

يكون ضمانها بالبدل المذكور اذا لم يكن لها مثيل

و كذا ضمان الجزء الفائت من العين بسبب النقص الوارد فيها بالبدل المذكور

غايته أنه ليس بكل البدل و بتمامه

بل الارش يكون ببعض البدل، لأن التالف ليس تمام العين بل بعضها

ص: 221

في الضمان، و لذا (39) عرّف جماعة الارش في عيب

المثمن فيما نحن فيه:

بأنه (40) جزء من الثمن

نسبته إليه (41)

كنسبة التفاوت بين الصحيح، و المعيب:

الى الصحيح (42)

و ذلك (43) لأن ضمان تمام المبيع الصحيح على البائع:

ضمان المعاوضة:

بمعنى أن البائع ضامن لتسليم المبيع تامّا الى المشتري

فاذا فاته تسليم بعضه (44) ضمنه (45) بمقدار ما يخصه: من الثمن لا بقيمته

نعم (46) ظاهر كلام جماعة من القدماء

و لا يخفى عليك(1)

+++++++++++

أي و لأجل أن الجزء تابع للكل في الضمان

أننا ذكرنا حول المثلي، و القيمي

فصلا مشبعا من جميع جوانبهما و ذكرنا تعريفهما تعريفا وافيا

ثم ذكرنا كبرى كلية تنطبق على صغرياتها، ليكون القارئ النبيل بصيرا بالمراد منهما و محيطا بتطبيق تلك الكبرى الكلية على مصاديقها

و ذكرنا المعيار و الملاك في المثلي، و القيمي

راجع (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 7 من ص 198 الى ص 215

و لا تسامح في المراجعة

الباء بيان لكيفية تعريف الجماعة الارش في عيب المثمن

أي نسبة الجزء الى الثمن

عرفت معناه عند قولنا في الهامش ص 220:

لو كان النقص الوارد في المبيع

أي بيان أن النقص هنا مضمون بما يخصه من الثمن لا بما يخصه من قيمة المعيب و قد عرفت معناه في الهامش 38 ص 221 عند قولنا:

و في الواقع هذا التعليل قاعدة كلية

أي بعض المبيع

ص: 222


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

أي المشتري ضامن فوات هذا البعض(1) من المبيع بمقدار ما يخصه من الثمن، لا بقيمة العيب

استدراك عما أفاده:

من أن الأصل اذا كان مضمونا بعوض

كان النقص مضمونا بما يخصه من العوض

اذا وزّع العوض على مجموع الناقص و المنقوص منه

خلاصة الاستدراك:

إن ظاهر كلمات جماعة من قدماء فقهائنا يوهم أن الاعتبار بقيمة المعيب:

و هي القيمة الواقعية للمبيع المعيب

لا بالقيمة الجعلية المعاوضية

و لا بالقيمة السوقية:(2)

و ما تقوله ظاهر النصوص الواردة:

في أن التصرف في المعيب مسقط لخيار المشتري

و أما النصوص الواردة في سقوط الخيار بتصرف المشتري في المبيع المعيب فاليك بعضها

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام:

قال:

أيما رجل اشترى شيئا و به عيب، أو عوار

لم يتبرأ إليه، و لم يبين له فأحدث فيه بعد ما قبّضه شيئا، ثم علم بذلك العوار، و بذلك الداء:

إنه يمضي عليه البيع

و يردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء، و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12 ص 362 الباب 16) - الحديث 2

و أليك النص الأول عن ذلك المصدر ص 414) - الحديث 1

عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال:

لا تردّ التي ليست بحبلى اذا وطأها صاحبها

و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب إن كان فيها

و أليك الحديث الثالث عن نفس المصدر - ص 363

عن ابن أبي عمير عن جميل عن بعض أصحابنا

ص: 223


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

عن أحدهما عليهما السلام:

في الرجل يشتري الثوب، أو المتاع فيجد فيه عيبا؟

فقال:

إن كان الشيء قائما بعينه

ردّه على صاحبه و أخذ الثمن

و إن كان الثوب قد قطع، أو خيط، أو صبغ

يرجع بنقصان العيب

و أليك النص الرابع عن نفس المصدر - ص 414) - الحديث 4

عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام:

إنه سأل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثم يجد بها عيبا بعد ذلك؟

قال:

لا يردّها على صاحبها

و لكن تقوّم ما بين العيب، و الصحة فيردّ على المبتاع

معاذ اللّه أن يجعل لها أجرا

و في المصدر نفس الباب من ص 413 الى ص 415 روايات أخرى واردة فيما نحن فيه فراجع

هذه هي النصوص الواردة في المقام

الموهمة دلالة ظاهرها على ردّ قيمة المعيب كلها

و للعلامة قدس سره كلام ظاهره يوهم موافقته لظاهر ما أفاده الجماعة من علمائنا

أليك نصّه:

و الارش جزء من الثمن

نسبته إليه

كنسبة نقص قيمة العيب من الصحيح

و قال في مفتاح الكرامة:

و في عبارة العلامة في القواعد حذف مضاف:

تقديره:

الى قيمة الصحيح

ص: 224

كأكثر النصوص:

يوهم إرادة قيمة العيب كلها

إلا (47) أنها محمولة على الغالب:

من (48) مساواة الثمن للقيمة السوقية للمبيع:

بقرينة (49) ما فيها: من أن البائع يردّ على المشتري و ظاهره (50) كون المردود شيئا من الثمن.

الظاهر (51) في عدم زيادته عليه.

+++++++++++

ردّ منه قدس سره على الاستدلال بظاهر تلك النصوص

التي أشير إليها في الهامش 46 من ص 222 - الى ص 224 خلاصته:

إن النصوص المذكورة محمولة على غالب أفراد المعاوضات:

من حيث إن الثمن في غالب أفرادها مساو للقيمة السوقية كما نشاهد ذلك في أنحاء البلاد، شرقها، و غربها و لا يوجد فيها اختلاف

كلمة من بيانية:

أي المراد من الغالب مساواة الثمن للقيم السوقية

الباء بيان لكيفية حمل تلك النصوص الواردة على الغالب خلاصته:

إن سبب الحمل على الغالب هي القرينة الموجودة في نفس الأخبار و القرينة هو ردّ البائع شيئا على المشتري

و ظاهر هذا الردّ كون المردود جزء من الثمن

لا زائدا عليه، و لا ناقصا منه(1)

و ليس المراد من المردود تمام الثمن

أي و ظاهر المردود كونه شيئا من الثمن كما عرفت

بالنصب صفة لكلمة شيئا:(2)

أي كون الشيء المردود له ظهور:

في أن المراد منه هو الجزء من الثمن الذي لا يزيد و لا ينقص لا جميع الثمن حتى يلزم المحذور المذكور:

و هو الجمع بين العوض، و المعوّض

و قد أفاد هذا المحذور بقوله في ص 226:

فلو كان اللازم هي نفس التفاوت

ص: 225


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

بل في نقصانه (52) فلو كان (53) اللازم هي نفس التفاوت

لزاد (54) على الثمن في بعض الأوقات كما (55) اذا اشترى جارية بدينارين، و كان معيبها

يساوي مائة دينار و صحيحها يساوي أزيد فيلزم (56) استحقاق مائة دينار

فاذا لم يكن مثل هذا الفرد (57) داخلا

بقرينة عدم صدق الرد، و الاسترجاع:

تعين كون هذا التعبير (58) لأجل غلبة عدم استيعاب التفاوت للثمن.

+++++++++++

أي بل إن لهذا الشيء المردود ظهورا:

في عدم نقصانه من الثمن كما عرفت(1)

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره:

من أن المردود شيء من الثمن لا يزيد و لا ينقص و قد عرفته آنفا

جواب ل لو الشرطية في قوله: فلو كان اللازم:

أي لو كان كذلك للزم الجمع بين العوض و المعوض كما عرفت آنفا

هذا مثال للجمع بين العوض و المعوض

أي إذا يستحق المشتري من البائع مائة دينار فلو أعطاه للزم الجمع بين العوض و المعوض

و هو شراء الجارية بدينارين يساوي معيبها مائة دينار

و هو قوله عليه السلام:

و لكن يردّ عليه بقيمة ما نقصّها العيب

كما في رواية منصور بن حازم و قوله عليه السلام:

لا يردّها على صاحبها، و لكن تقوّم ما بين العيب، و الصحة فتردّ على المبتاع

كما في رواية محمد بن مسلم -

ص: 226


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فاذا (59) بني الأمر على ملاحظة الغلبة فمقتضاها (60) الاختصاص بما هو الغالب:

من اشتراء الأشياء من أهلها في أسواقها بقيمتها المتعارفة (61) و قد توهم (62) بعض من لا تحصيل له:

+++++++++++

- و قوله عليه السلام:

كان علي عليه السلام لا يردّ الجارية بعيب اذا وطئت

و لكن يرجع بقيمة العيب

كما في رواية محمد بن ميسر

راجع حول هذه الأحاديث، و غيرها

(وسائل الشيعة) الجزء 12 - الباب 4 من ص 413 - الى ص 415 و خلاصة الكلام:

إن مثل هذا التعبير في لسان الأئمة الأطهار صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين

إنما هو لأجل أن الغالب عدم استيعاب التفاوت

بين الصحيح، و المعيب للثمن كله

الفاء نتيجة لما أفاده قدس سره:

من الغلبة الملحوظة في مساواة الثمن للقيمة السوقية

خلاصتها:

إننا لو بنينا على الملاحظة المذكورة

لكان مقتضى الغلبة، و مفادها، و مفهومها:

هو اختصاص تلك الأخبار التي ذكرناها

بثمن يكون هو الغالب و المتعارف بين الناس:

و الثمن المتعارف هي القيمة السوقية التي نشتري بها السلع و الأشياء:

من المأكولات، و المشروبات، و الملبوسات

عرفت معنى هذه العبارة في الهامش 59 من هذه الصفحة عند قولنا: خلاصتها إننا

عرفت معناها في الهامش 59 من هذه الصفحة عند قولنا:

خلاصتها إننا

من هنا يروم قدس سره أن يذكر ما أفاده المتوهم:

من أن العيب اذا كان في الثمن ارشه تمام التفاوت بين المعيب، و الصحيح -

ص: 227

أن العيب اذا كان في الثمن:

كان ارشه (63) تمام التفاوت بين الصحيح، و المعيب و منشؤه (64) ما يتراءى في الغالب:

من (65) وقوع الثمن في الغالب نقدا مساويا غالبا لقيمة المبيع

فاذا ظهر (66) معيبا وجب تصحيحه ببذل تمام التفاوت و إلا (67) فلو فرض أنه اشترى عبدا بجارية يساوي معيبها أضعاف قيمته، فانه لا يجب بذل نفس التفاوت بين صحيحها، و معيبها قطعا

+++++++++++

- بخلاف ما اذا كان العيب في المثمن، فان التفاوت يكون بمقدار من الثمن المساوي للقيمة السوقية

أي ارش العيب

من هنا يروم الرد على المتوهم فيما توهمه

خلاصته:

إن منشأ هذا التوهم:

هو ملاحظة وقوع الثمن غالبا من النقدين

و في الغالب يكون الثمن مساويا لقيمة المبيع، فاذا ظهر المبيع معيبا(1)وجب تصحيحه، و تداركه ببذل تمام التفاوت

كما لو فرضنا أن الثمن مائة درهم، ثم ظهر المبيع معيبا ثم قوّم خمسين درهما

فالتفاوت بين معيبه، و صحيحه خمسون درهما.

فالارش المتمم للثمن الجعلي خمسون درهما.

و هذا ملتزم به، و لا يرد عليه هذا الإشكال

كلمة من بيان للغالب كما علمت

أي المبيع كما علمت.(2)

أي و إن لم يكن الثمن المعيب من النقدين

كما لو فرض أنه اشترى عبدا بجارية فظهرت معيبة، ثم قوّم معيبها بخمسين مثلا، و صحيحها بمائة

و كان تقويم المبيع: و هو العبد بعشرة دنانير فتزيد هنا قيمة الجارية المعيبة عن قيمة صحيحها أضعافا على قيمة المبيع(3)

و هذا و إن كان يرد عليه إشكال لزوم الجمع بين العوض و المعوض عند واحد: و هو البائع -

ص: 228


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و كيف كان (68) فالظاهر أنه لا إشكال و لا خلاف في ذلك (69) و إن كان المتراءى من الأخبار خلافه (70) إلا (71) أن التأمل فيها قاض بخلافه نعم (72) يشكل الأمر في المقام: من جهة أخرى:

+++++++++++

- لكنه لا يلتزم به أحد من الفقهاء

فالحاصل: إنه في المورد الذي نلتزم فيه بوجوب تصحيح الثمن المعيب:

ببذل تمام التفاوت بين معيبه، و صحيحه لا يتم الإشكال فيه كما عرفت و ما يتم فيه الإشكال لا يلتزم به أحد.

يعني أي شيء قلنا في الارش سواء أريدت منه القيمة السوقية(1) المتعارفة أم أريدت منه قيمة العيب كلها

أي في كون المراد من الارش هي القيمة السوقية المتعارفة

خلاصة هذا الكلام: إنه و إن قلنا بعدم الإشكال في كون المراد من الارش هي القيمة السوقية المتعارفة، لا قيمة العيب كلها

لكن الذي يتراءى، و يظهر من الأخبار التي ذكرناها في الهامش 46 من ص 122 - الى ص 224، و الهامش 58 ص 226-227:

خلاف المشهور القائل: بأن المراد من القيمة هي القيمة السوقية المتعارفة

عدول عما أفاده قدس سره: من أن الظاهر من الأخبار المذكورة هي قيمة العيب كلها

خلاصته: إن المتأمل لو تأمل تأملا دقيقا في تلك الأخبار:

يحكم بخلاف ما يتراءى من الأخبار المذكورة و يظهر منها

فيحكم أن المراد هي القيمة السوقية المتعارفة، إذ ليس في الأخبار المذكورة ما يدل على ذلك لو أمعن النظر فيها

سوى التوهم المذكور الذي علمت فساده.

استدراك عمّا أفاده: من عدم إشكال و خلاف في أن المراد من القيمة في المعيب هي القيمة السوقية، لا الواقعية

خلاصته: إن هنا إشكالا من جهة أخرى:

و هو أنه لو فقد وصف الصحة كان البائع ضامنا بجزء من نفس الثمن الذي أخذه المشتري(2)

و لازم هذا النوع من الضمان هو انفساخ العقد في ذلك المقدار المفقود فيه وصف الصحة، لأنه لم يوجد مقابل لذلك المقدار المفقود حين -(3)

ص: 229


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
3- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و هي أن مقتضى ضمان وصف الصحة بمقدار ما يخصه:

من الثمن، لا بقيمته:

انفساخ العقد في ذلك المقدار، لعدم مقابل له حين العقد كما هو شأن الجزء المفقود من المبيع مع (73) أنه لم يقل به أحد و يلزم (74) من ذلك أيضا تعين أخذ الارش من الثمن

مع (75) أن ظاهر جماعة عدم نعينه منه، معللا (76): بأنه غرامة و توضيحه (77): إن الارش لتتميم المعيب حتى يصير مقابلا للثمن لا لتنقيص (78) الثمن حتى يصير مقابلا للمعيب،

+++++++++++

- العقد من الثمن حتى يقع جزء من الثمن إزاء ذلك المفقود فانفساخ العقد بالنسبة إليه أمر قهري و هذا شأن الجزء المفقود من المبيع

أي مع أن أحدا من الفقهاء لم يقل بانفساخ العقد في مقابل ذلك المقدار المفقود الذي هو وصف الصحة

هذا إشكال آخر يلزم من جهة أخرى لو قلنا:

إن مقتضى ضمان وصف الصحة بمقدار ما يخصه من الثمن و انفساخ العقد في ذلك المقدار

خلاصة ذلك الإشكال:

هو أن لازم القول بضمان وصف الصحة بمقدار ما يخصه من الثمن:

هو القول بتعين أخذ الارش من نفس الثمن، و شخصه الذي وقعت المعاوضة عليه

أي مع أن ظاهر جماعة من الفقهاء رضوان اللّه عليهم عدم تعيين الارش من نفس الثمن و شخصه

أي هؤلاء الجماعة عللوا عدم تعين الارش من الثمن:

بأن الارش غرامة، لأنه إنما شرّع لأحل تتميم المعيب حتى يصير مقابلا للثمن.

إذا فلا يؤخذ من شخص الثمن و نفسه

أي و توضيح أن الارش غرامة و قد عرفت التوضيح آنفا بقولنا في هذه الصفحة: لأنه إنما شرّع.

أي و ليس الارش شرّع لأجل تنقيص الثمن حتى يصير مقابلا للمعيب فيؤخذ الارش من شخص الثمن و نفسه

ص: 230

و لذا (79) سمّي ارشا

كسائر الاروش المتداركة للنقائص فضمان العيب على هذا الوجه (80)

خارج عن الضمانين المذكورين (81)، لأن (82) ضمان المعاوضة يقتضي انفساخ المعاوضة بالنسبة الى الفائت المضمون، و مقابله، اذ لا (83) معنى له غير ضمان الشيء و أجزائه بعوضه المسمّى و أجزائه

و الضمان الآخر (84) يقتضي ضمان الشيء بقيمته الواقعية

فلا أوثق من أن يقال:

إن مقتضى المعاوضة عرفا

هو عدم مقابلة وصف الصحة بشيء من الثمن

لأنه (85) أمر معنوي

كسائر الأوصاف، و لذا (86) لو قابل المعيب بما هو أنقص منه قدرا حصل الربا من جهة (87) صدق الزيادة

و عدم عدّ العيب نقصا يتدارك بشيء من مقابله

+++++++++++

أي و لأجل أن الارش غرامة شرّع لأجل تتميم المعيب، لا لأجل تنقيص الثمن:

سمّي الارش ارشا، لأنه يتدارك به تلك النقيصة العارضة في المبيع المعيب كما هو الشأن في سائر الأروش المتداركة للنقائص

و هو أن الارش لتتميم المعيب، لا لتنقيص الثمن حتى يصير مقابلا للمعيب.

و هما: ضمان المسمى، المعبر عنه بضمان المعاوضة، و ضمان اليد

تعليل لخروج ضمان العيب عن الضمانين المذكورين

أي لضمان المعاوضة

و هو ضمان اليد

أي وصف الصحة بشيء أمر معنوي لا يقابل بشيء من الثمن

أي و لأجل أن وصف الصحة أمر معنوي

فلو قابل المعيب شيئا أنقص و أقل من وصف الصحة(1) فقد حصل الربا

تعليل لحصول الربا لو قابل المعيب شيئا هو أنقص من وصف الصحة

ص: 231


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

إلا (88) أن الدليل: من النص، و الاجماع (89)

دلّ على ضمان هذا الوصف (90) من بين الأوصاف و كونه (91) في عهدة البائع:

بمعنى وجوب تداركه بمقدار من الثمن

يضاف الى ما يقابل بأصل المبيع، لأجل اتصافه بوصف الصحة فان (92) هذا الوصف كسائر الأوصاف و إن لم يقابله شيء من الثمن لكن له مدخل في وجود مقدار من الثمن، و عدمه

+++++++++++

استثناء عما أفاده: من أن عدم مقابلة وصف الصحة بشيء من الثمن يروم به اثبات مقابلة وصف الصحة بشيء من الثمن، و المراد من النص هي الأخبار المشار إليها في الهامش من ص 222-225

الذي مرّ ذكره في ص 222

و هو وصف الصحة المفقودة في المبيع

هذا من متممات الدليل الذي أقامه على مقابلة وصف الصحة بشيء من الثمن:

و خلاصة هذا التتميم: إن وصف الصحة بما هو من لوازم المبيع، فان المتبايعين إنما يقدمان على معاملة الثمن، و المثمن الصحيحين، فاذا ظهر أن المبيع معيب فقد وجب تدارك العيب على البائع

و تداركه إنما يكون بمقدار من الثمن

يضاف هذا المقدار من التدارك الى ما يقابل بأصل المبيع، لكون المبيع كان متصفا بوصف الصحة و قد ظهر أن وصف الصحة مفقود فيه فيجب تداركه بشيء من الثمن

تعليل لوجوب تدارك وصف الصحة المفقود في المبيع المعيب

خلاصته: إن وصف الصحة كبقية الأوصاف الموجودة في العوضين

فكما أنها عند فقدانها فيهما لا بد من تداركهما من غيرهما

كذلك لا بد من تدارك وصف الصحة المفقود فيما نحن فيه

و إن لم يكن هذا الوصف المفقود يقابل بشيء من الثمن

إلا أن لهذا الوصف المفقود مدخلية في وجود مقدار من الثمن فيجب تداركه بشيء من الثمن

ص: 232

فاذا تعهده (93) البائع كان للمشتري مطالبته (94) بخروجه عن عهدته:

باداء ما كان يلاحظ من الثمن لأجله.

و للمشتري أيضا إسقاط هذا الالتزام عنه (95)

نعم يبقى الكلام في كون هذا الضمان (96) المخالف (97) للأصل (1) يعين بعض الثمن (98) كما هو ظاهر تعريف الارش في كلام الأكثر:

بأنه جزء من الثمن

أو بمقداره كما هو مختار العلامة في صريح التذكرة، و ظاهر غيرها (99)

+++++++++++

أي فاذا تعهد البائع تدارك هذا الوصف المفقود بشيء من الثمن فقد تعلق حق للمشتري بذمة البائع

فله مطالبة البائع بهذا الحق حتى يخرج البائع عن ذلك التعهد و الالتزام

مرجع الضمير البائع:

أي ما كان يلاحظ إنما هو لأجل فقدان وصف الصحة

أي عن البائع و هذا الإسقاط من المشتري إحسان منه، و ليس بواجب عليه

و هو ضمان البائع وصف الصحة

بالجر صفة لكلمة الضمان: أي ضمان البائع وصف الصحة المخالف هذا الضمان للأصل

هل يعين بعض الثمن: أي جزء من شخص الثمن الذي دفع الى البائع؟ كما هو الظاهر من تعريف الارش في كلام أكثر الفقهاء، حيث عرفوه فقالوا:

إن الارش جزء من الثمن: أي من شخص الثمن

أو يكون ضمان وصف الصحة بمقدار الثمن من أي جنس كان:

من هذا الثمن، أو من غيره؟

كما اختاره العلامة قدس سره في التذكرة(2)

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة ج 7 ص 372 في المسألة الثالثة عند قوله: و الارش جزء من الثمن

المراد به شخص الثمن كما عرفت

أي و ظاهر غير التذكرة: من بقية الكتب الفقهية

ص: 233


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و الشهيدين (100) في كتبهما(1)

وجهان تردّد بينهما (101) في جامع المقاصد(2)

و أقواهما الثاني (102)، لأصالة عدم تسلط المشتري على شيء من الثمن (103)، و براءة (104) ذمة البائع:

من وجوب دفعه، لأن المتيقن من مخالفة الأصل (105) ضمان البائع لتدارك الفائت الذي التزم وجوده (106) في المبيع بمقدار وقع الإقدام من المتعاقدين على زيادته (107) على الثمن، لداعي وجود هذه الصفة.

لا في مقابلها (108)

مضافا الى اطلاق قوله عليه السلام في روايتي حمّاد، و عبد الملك:

إن له ارش العيب (109)

+++++++++++

أي و كما هذا القول ظاهر الشهيد الأول، و الثاني في كتبهما الفقهية

أي تردد بين الوجهين المحقق الكركي قدس سره في جامع المقاصد و لم يفت بأحدهما

أي و أقوى الوجهين هو الوجه الثاني:

و هو أن الضمان بمقدار الثمن من أي جنس كان لا من شخص الثمن الذي وقعت المعاوضة عليه

أي من الثمن الذي دفعه الى البائع، و وقع تجاه المعاوضة

بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لأصالة:

أي و لبراءة ذمة البائع: من وجوب دفع جزء من الثمن الذي وقع العقد عليه

فهو دليل ثان لعدم وجوب دفع الارش من جزء من الثمن الشخصي

الذي عرفته في الهامش 97 ص 232

أي وجود هذا الفائت الذي هو وصف الصحة

أي على زيادة ذلك المقدار

أي لا في مقابل تلك الصفة: و هو وصف الصحة حتى يجب على البائع دفع شيء من نفس الثمن، و شخصه

الشاهد في كلمة الارش التي هو قول الامام عليه السلام، حيث وقعت مطلقة لا تقييد فيها حتى يدل القيد على جزء من الثمن الشخصي راجع حول الحديث -

ص: 234


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و لا دليل على وجوب كون التدارك بجزء من عين الثمن عدا ما يتراءى: من ظاهر التعبير في روايات الارش (110) عن تدارك العيب:

بردّ (111) التفاوت الى المشتري:

الظاهر (112) في كون المردود شيئا كان عنده أولا و هو بعض الثمن لكن التأمل التام يقضي: بأن هذا التعبير (113)

وقع بملاحظة أن الغالب وصول الثمن الى البائع، و كونه من النقدين فالردّ باعتبار النوع (114)، لا الشخص و من ذلك (115) ظهر أن قوله عليه السلام في رواية ابن سنان:

و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب إن كان فيها (116):

محمول (117) على الغالب:

من (118) كون الثمن كليّا في ذمة المشتري

فاذا (119) اشتغلت ذمة البائع بالارش

+++++++++++

- (وسائل الشيعة) ج 12. ص 415 الباب 4. الحديث 7 و راجع نفس المصدر ص 416 الباب 5. الحديث 3

و هي التي ذكرت في الهامش 58 ص 226

الجار و المجرور متعلق بقوله: التعبير: أي ذاك التعبير الذي ورد في قولهم عليهم السلام هو ردّ التفاوت كما في الروايات الواردة في الهامش 46 ص 222-223-224

أي ردّ التفاوت ظاهر

و هو ردّ التفاوت

و هو جنس الثمن، لا شخصه حتى يتعلق الارش بجزء من الثمن الذي وقع العقد عليه

أي من أن الرد باعتبار النوع، لا الشخص

راجع (وسائل الشيعة) ج 12. ص 414 الباب 4. الحديث 1

خبر لاسم إن في قوله في هذه الصفحة: ظهر أن قوله

كلمة من بيان للغالب: أي الغالب في الثمن كونه كليّا في ذمة المشتري

الفاء تفريع على ما أفاده في ص 232 في قوله:

و كونه في عهدة البائع: بمعنى وجوب تداركه

ص: 235

حسب (120) المشتري عند اداء الثمن ما (121) في ذمته عليه ثم على المختار:

من (122) عدم تعينه من عين الثمن فالظاهر تعينه (123) من النقدين، لأنهما (124) الأصل في ضمان المضمونات (125)

إلا أن يتراضى على غيرهما (126) من باب الوفاء، أو المعاوضة و استظهر المحقق الثاني من عبارة القواعد، و التحرير، بل الدروس:

عدم تعينه (127) منهما، حيث (128) حكما في باب الصرف:

بأنه (129) لو وجد عيب في أحد العوضين المتخالفين (130) بعد التفرق (131):

+++++++++++

حسب هنا بمعنى عدّ: أي بعد أن قلنا باشتغال ذمة البائع بمقدار من الثمن عند فقدان وصف الصحة

فالمشتري عند ما يريد دفع الثمن الى البائع:

يعدّ من الثمن بمقدار ما في ذمة البائع عليه فيسقط ذاك المقدار و يعطيه بقية الثمن

كلمة ما مفعول لقوله في هذه الصفحة: حسب و ضمير في ذمته يرجع الى المشتري، و في عليه يرجع الى البائع:

أي ما كان في ذمة المشتري يعدّه على البائع

كلمة من بيان لما هو مختار شيخنا الأنصاري قدس سره

أي تعين الارش من الدراهم، و الدنانير

تعليل لتعين الارش من الدراهم، و الدنانير

المراد من المضمونات هي القيميات، لا المثليات، فان المثليات لا بدّ من تداركها بردّ العين اذا كانت موجودة، و بالمثل اذا كانت مفقودة

أي على غير النقدين من أي شيء كان

أي عدم تعين الارش من النقدين

تعليل لعدم تعين الارش من النقدين

الباء في بأنه بيان لكيفية حكم المحقق الثاني، و الشهيد الاول قدس(1)سرهما في عدم تعين الارش من النقدين

بأن كان أحد العوضين من النقدين، و الآخر من غيرهما(2)

أي تفرق المجلس

ص: 236


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

جاز أخذ الارش من غير النقدين، و لم يحز منهما (132)

فاستشكل (133) ذلك:

بأن الحقوق المالية إنما يرجع فيها الى النقدين فكيف الحق الثابت باعتبار نقصان في أحدهما؟

و يمكن رفع هذا الإشكال (134):

بأن (135) المضمون بالنقدين هي الأموال المتعينة المستقرة و الثابت هنا (136) ليس مالا في الذمة و إلا (137) بطل البيع فيما قابله:

من الصحيح، لعدم وصول عوضه قبل التفرق (138) و إنما هو (139) حق لو أعمله جاز له مطالبة المال

فاذا اختار (140) الارش من غير النقدين ابتداء و رضي (141) به الآخر

+++++++++++

أي من النقدين في صورة وجدان العيب في أحد العوضين المتخالفين بعد تفرق المجلس

أي المحقق الثاني قدس سره، استشكل في أخذ الارش من غير النقدين في صورة وجدان العيب في أحد العوضين المتخالفين و الباء في بأن الحقوق المالية بيان لكيفية إشكال المحقق الثاني قدس سره و خلاصته: إن الحقوق المالية المرجع فيها هما النقدان

فكيف بالحق الثابت الناشئ من وجود عيب في المبيع الذي هو أحد العوضين؟

ففي هذه الحالة لا بدّ من الرجوع الى النقدين، و أخذ الارش منهما

و هو الإشكال في عدم أخذ الارش من النقدين في الحق الثابت باعتبار نقصان في أحد العوضين، مع أن الحقوق المالية إنما يرجع فيها الى النقدين

الباء في بأن المضمون بيان لكيفية رفع الإشكال المذكور من المحقق الثاني قدس سره

و قد ذكر شيخنا الأنصاري قدس سره الكيفية فلا نعيدها

أي في صورة ظهور أحد العوضين: و هو المبيع معيبا

أي و لو كان الثابت في ذمة البائع هو المال لبطل البيع

أي فبل تفرق المجلس

أي الثابت في ذمة البائع هو الحق، لا المال

أي المشتري

أي و رضي بهذا الأخذ الأخر الذي هو البائع

ص: 237

فمختاره (142) نفس الارش، لا عوض (143) عنه نعم (144) للآخر الامتناع منه، لعدم (145) تعينه عليه كما أن لذي الخيار (146) مطالبة النقدين في غير هذا المقام و إن لم يكن للآخر الامتناع حينئذ (147)

و بالجملة (148) فليس هنا شيء معين ثابت في الذمة إلا أن دفع غير النقدين يتوقف على رضى ذي الخيار (149) و يكون نفس الارش بخلاف دفع النقدين، فانه إذا اختير أحدهما (150) تعين للارشية

+++++++++++

جواب ل (اذا) الشرطية في قوله في ص 237: فاذا اختار:

أي اذا اختار المشتري اخذ الارش من غير النقدين فيكون مختاره نفس الارش لا أن هذا المختار من غير النقدين عوض عن الارش

أي و ليس ما اختاره المشتري من غير النقدين عوضا عن الارش

استدراك عما أفاده: من أن ما اختاره المشتري من غير النقدين هو الارش، لا أنه عوض عنه

خلاصته: إنه في صورة أخذ الارش من غير النقدين و أن الغير هو الارش، لا أنه عوض عنه يجوز للآخر الذي هو البائع أن يمتنع من إعطاء الارش من غير النقدين، لأن الغير لم يتعين عليه حتى يلزم بالدفع

تعليل لامتناع المذكور و قد عرفته في الهامش 144 من هذه الصفحة

و هو المشتري

أي حين أن قلنا: إن لذي الخيار مطالبة البائع بدفع الارش من النقدين

أي مجمل الكلام و خلاصته في هذا المقام

و هو المشتري

في جميع نسخ المكاسب عندنا هكذا:

فانه اذا اختير غيرهما لم يتعين و هذا خطأ محض، و الخطأ من النساخ و الصحيح كما أثبتناه: و هو فانه اذا اختير أحدهما تعين للارشية:

أي اذا اختار المشتري أحد النقدين

ص: 238

ثم إنه قد تبين مما ذكرنا في معنى الارش (151)

أنه لا يكون (152) إلا مقدارا مساويا لبعض الثمن و لا يعقل (153) أن يكون مستغرقا له، لأن المعيب إن لم يكن ممّا يتموّل، و يبذل في مقابله شيء من المال

بطل بيعه و إلا (154) فلا بد من أن يبقى له من الثمن قسط

نعم ربما يتصور ذلك (155) فيما اذا حدث قبل القبض، أو في زمن الخيار عيب يستغرق للقيمة.

+++++++++++

- فقد تعين أن ما اختاره هو الارش و الفرق بين هذا: و هو دفع أحد النقدين للمشتري و بين دفع غير النقدين الى المشتري الذي يتوقف على رضاه، لأنه ذو الخيار:

هو أن الغير يصير هو الارش حينئذ

بخلاف دفع أحد النقدين إليه، فانه غير متوقف على رضى المشتري و أنه لو دفع الى المشتري أحد النقدين فقد يتعين هو للأرشية لا محالة و قد توجه الى هذا الخطأ المحقق الشهيدي قدس سره في تعليقته على المكاسب و أشار إليه بقوله في ص 548:

أقول:

الظاهر وقوع الغلط في النسخة.

أي في ص 214 بقوله: و يطلق في كلام الفقهاء على مال مضمون

أي الارش

أي و لا يعقل أن يكون الارش مستغرقا لتمام الثمن

أي و إن كان المعيب مما يتموّل و يبذل بإزائه شيء من المال فلا بد من أن يبقى له مقدار من المالية حتى يقع الثمن قسطا له و إلا لو خرج عن المالية لبطل العقد

و هو استغراق الارش لقيمة المعيب، مع بقائه على صفة المالية:

بحيث يبذل بإزائه شيء من الثمن، بناء على أن استغراق الارش لقيمة المعيب لا يلحق المعيب بالتلف حتى يكون موجبا لانفساخ العقد بسبب هذا الاستغراق

ص: 239

مع بقاء الشيء على صفة التملك، بناء (156) على أن مثل ذلك غير ملحق بالتلف في انفساح العقد به

بل يأخذ المشتري ارش المعيب:

و هو هنا مقدار تمام الثمن لكن (157) عدم الحاقة بالتلف مشكل، بناء على أن العيب اذا كان مضمونا على البائع بمقتضى قوله عليه السلام:

إن حدث في الحيوان حدث

فهو من مال البائع حتى ينقضي خياره (158):

كان (159) هذا العيب كأنه حدث في ملك البائع و المفروض أنه اذا حدث مثل هذا في ملك البائع كان بيعه باطلا، لعدم (160) كونه متموّلا يبذل بإزائه شيء من المال فيجب الحكم بانفساخ العقد اذا حدث مثل هذا بعده (161) مضمونا على البائع

+++++++++++

تعليل لعدم الحاق المعيب الذي استغرق الارش تمام قيمته و قد ذكره قدس سره في المتن فلا نعيده

استدراك عما أفاده قدس سره: من أن استغراق الارش لقيمة المعيب لا يلحق المعيب بالتلف. فلا ينفسخ العقد به

لم أجد هذا الحديث بهذه الألفاظ بكاملها في كتب الأحاديث التي بأيدينا، لكنه يوجد بعبارات أخرى، أليك نصّها:

عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

عن الرجل يشتري الدابة، أو العبد، و يشترط الى يوم، أو يومين فيموت العبد، أو الدابة، أو يحدث فيه حدث

على من ضمان ذلك؟

فقال: على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام، و يصير البيع له راجع (فروع الكافي) ج 5. ص 169 باب الشرط، و الخيار، في البيع الحديث 3

جواب ل (اذا) الشرطية في قوله في هذه الصفحة: اذا كان مضمونا

تعليل لبطلان البيع اذا حدث فيه حادث

الظاهر أن مرجع الضمير هو العقد و كلمة مضمونا منصوبة على الحالية: أي حال كون حدوث العيب يكون مضمونا على البائع، و إن كان الحدوث بعد العقد

ص: 240

إلا (162) أن يمنع ذلك، و أن ضمانه على البائع:

بمعنى الحكم بكون دركه عليه فهو بمنزلة الحادث قبل البيع في هذا الحكم لا مطلقا (163) حتى ينفسخ العقد به و يرجع هذا الملك الموجود غير المتموّل الى البائع بل لو فرضنا حدوث العيب على وجه أخرجه عن الملك فلا دليل على الحاقة (164) بالتلف بل تبقى العين غير مملوكة حقا للمشتري و إن لم تكن العين ملكا له كالخمر المتخذة للتخليل (165) و يأخذ الثمن أو مقداره من البائع ارشا لا من باب انفساخ العقد.

هذا (166)

إلا (167) أن العلامة قدس سره في القواعد، و التذكرة، و التحرير و محكي النهاية:

+++++++++++

يروم بهذا الاستثناء اثبات عدم انفساخ العقد و إن كان حدوث العيب بعد العقد، و يروم توجيه الضمان

خلاصته: ان المراد من الضمان هنا هو الحكم بكون درك العيب على البائع، لأن هذا الحدوث بمنزلة الحادث قبل البيع

فلا ينفسخ العقد بهذا العيب حينئذ

أي و ليس العقد ينفسخ مطلقا(1) حتى و إن نزّل العيب الحادث منزلة العيب الحادث قبل البيع

ثم يحكم برجوع الملك الموجود الذي هو غير قابل للمالية بواسطة استيعاب الارش تمام الثمن: الى البائع

أي على إلحاق هذا المبيع المعيب بالتالف حتى يحكم بانفساخ العقد به رأسا

فان الخمر ما دامت باقية على خمريتها و لم تنقلب الى الخلّ لا تملك لكنها حق لمالكها، فهو أحق بها من غيره

أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام

استثناء عما أفاده: من عدم الحاق المبيع المعيب بالتالف و عدم انفساخ العقد به رأسا

ص: 241


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

يظهر منه: أن الارش المستوعب في العيب المتقدم على العقد الذي ذكرناه:

أنه لا يعقل فيه استيعاب الارش للثمن قال في القواعد:

لو باع العبد الجاني خطأ:

ضمن (168) أقل الأمرين على رأي.

و الارش (169) على رأي.

و صحّ البيع إن كان (170) موسرا.

و إلا (171) تخير المجني عليه و لو كانت (172) عمدا وقفت (173) على إجازة المجنيّ عليه، و يضمن (174) الأقل:

من الارش، و القيمة لا الثمن (175) معها و للمشتري الفسخ مع الجهل

+++++++++++

أي ضمن المولى جناية عبده الذي جنى خطأ أقل الأمرين:

و هما: ارش الجناية، و قيمة العبد فان كان الارش أقل من قيمة العبد فعلى المولى اعطاؤه و إن كانت قيمة العبد أقل فعليه اعطاؤه

أي فمن المولى الارش على قول

أي المولى إن كان متمكنا من أداء أقل الأمرين

أي و إن لم يكن المولى موسرا من الأداء

أي جناية العبد

أي صحة البيع وقفت على إجازة المجني عليه، لتعلق حقه بالعين فيكون مخيرا بالفسخ، و الاجازة

أي المولى

بنصب الثمن، بناء على أنه مفعول لكلمة يضمن في قوله في هذه الصفحة: و يضمن الأقلّ:

أي و لا يضمن المولى ثمن العبد في صورة جنايته عمدا و مرجع الضمير في معها الاجازة:

أي ضمانة المولى لأقل الأمرين: من الارش، أو قيمة العبد متوقف على اجازة المجني عليه، اذ لعله لا يقبل ذلك.

ص: 242

فيرجع (176) بالثمن، أو الارش فان استوعبت الجناية القيمة فالارش ثمنه أيضا (177) و إلا (178) فقدر الارش، و لا يرجع (179) لو كان عالما.

و له (180) أن يفدّيه كالمالك و لا يرجع (181) به عليه و لو اقتصّ منه (182)

+++++++++++

أي المشتري يرجع على البائع

المراد من كلمة (أيضا) هنا أن المشتري إن فسخ رجع على البائع بتمام الثمن و إن لم يفسخ رجع عليه بالارش لكن في صورة عدم الفسخ إما أن تستوعب الجناية تمام قيمة العبد أو لا تستوعب فان استوعبت فيرجع المشتري على البائع بتمام الثمن أيضا لكن الرجوع يكون من باب الارش لا من باب الفسخ، لأن الارش في مثل هذا المقام هو تمام ثمن العبد.

فهذا معنى (أيضا)

أي و إن لم تستوعب الجناية تمام قيمة العبد فهنا يأخذ المشتري بعض الثمن من البائع، و بعض الثمن هو قدر الارش الذي عبّر به الشيخ الأنصاري قدس سره

أي المشتري لا يرجع على البائع لو كان عالما بالعيب

أي و للمشتري أن يعطي للمجنيّ عليه مقدار الجناية في صورة علم المشتري بالعيب، لكن برضى المجنيّ عليه

كما أن للمالك اعطاء الفدية الى المجنيّ عليه

أي و لا يرجع المشتري العالم بالعيب على البائع بما أفاده في سبيل جناية العبد متعمدا

أي و لو اقتص المجني: عليه من العبد الجاني عمدا فليس للمشتري العالم بالعيب الردّ

و لا يخفى أنّ موضوع الردّ منتف هنا لو كان القصاص القتل نعم لو كان القصاص في الأطراف صدق عدم الرد، لكون المشتري عالما بالرد

ص: 243

فلا رد، و له (183) الارش:

و هي نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا، و غير جان.

من الثمن، انتهى (184)

و ذكر في التذكرة هذه العبارة بعينها في باب العيوب، و قال في أوائل البيع من التذكرة في مسألة بيع العبد الجاني:

فان كان المولى معسرا لم يسقط حق المجنيّ عليه من الرقبة ما لم يجز (185) البيع أولا، فان البائع إنما يملك

نقل حقه عن رقبته بفدائه و لا يحصل من ذمة المعسر فيبقى حق المجني عليه مقدّما على حق المشتري

و يتخير المشتري الجاهل في الفسخ، و يرجع بالثمن و به قال أحمد، و بعض الشافعية (186) أو مع (187) الاستيعاب

+++++++++++

أي و للمشتري الارش لو اقتص المجنيّ عليه من العبد الجاني عامدا

لا يخفى أن أخذ الارش هنا إنما يتصور لو كان المشتري جاهلا بالعيب و مرجع الضمير في و هي: الارش: أي الارش هنا عبارة عن التفاوت الذي حدث في قيمة العبد بسبب الجناية

بين كون العبد جانيا و بين كونه غير جان

فيأخذ المشتري من الثمن بتلك النسبة

أي ما افاده العلامة قدس سره في القواعد، و التحرير، و التذكرة(1)راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة ج 7. ص 435 عند قوله:

المسألة العشرون: لو باع الجاني خطأ

أي المولى المعسر(2)

هذه العبارة: (و به قال أحمد و بعض الشافعية) لا توجد في التذكرة، في نفس الصفحة، لكنها موجودة في مكان آخر راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. ج 7. ص 26

عطف على قوله: و يرجع بالثمن: أي و مع استيعاب الجناية قيمة العبد الجاني يرجع المشتري على البائع بتمام الثمن و يأخذه منه

ص: 244


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

لأن (188) ارش مثل هذا جميع ثمنه و إن لم تستوعب (189) يرجع بقدر ارشه و لو كان (190) عالما بتعلق الحق به فلا رجوع الى أن قال (191):

و إن أوجبت الجناية قصاصا تخير المشتري الجاهل بين الارش، و الرد فان اقتص (192) منه احتمل تعين الارش:

و هو (193) قسط قيمة ما بين كونه جانيا، و غير جان و لا يبطل البيع (194) من أصله، لأنه (195) تلف عند المشتري

+++++++++++

تعليل لكون الاستيعاب موجبا لرجوع المشتري على البائع بتمام الثمن:

أي ارش مثل هذا الاستيعاب هو الرجوع بتمام الثمن

أي الجناية الصادرة من العبد

أي المشتري لو كان عالما بتعلق حق على العبد الجاني فليس له حق الرجوع على البائع

أي العلامة قدس سره قال في التذكرة

أي لو اقتصّ المجنيّ عليه من الجاني

أي الارش عبارة عن جزء من القيمة التي هو الثمن و هذا الجزء يقدّر بحسب ما بين كون العبد جانيا، و غير جان و يعطى للمشتري

و لا يخفى ان تعين الارش الذي هو جزء من القيمة

إنما يتصور في الجناية الصادرة على الأطراف

لا الحادثة على النفس، فانه حينئذ يأخذ المشتري تمام الثمن للقضاء على الجاني باقتصاص المجنيّ عليه منه

أي في صورة حدوث الجناية على الأطراف

تعليل لعدم بطلان البيع من أصله

ص: 245

بالعيب الذي كان فيه

فلم يوجب (196) الرجوع بجميع الثمن كالمريض (197)، و المرتد و قال أبو حنيفة، و الشافعي:

يرجع بجميع ثمنه، لأن تلفه لأمر استحق عليه عند البائع فيجري مجرى اتلافه، انتهى (198)

و قال (199) في التحرير في بيع الجاني خطأ:

و لو كان السيد معسرا

لم يسقط حق المجني عليه عن رقبة العبد و للمشتري الفسخ مع عدم علمه (200) فان فسخ رجع بجميع الثمن.

و إن لم يفسخ، و استوعبت الجناية قيمته، و انتزعت:

يرجع المشتري بالثمن أيضا و إن لم تستوعب (201) قيمته رجع بقدر الارش و لو علم المشتري بتعلق الحق برقبة العبد:

+++++++++++

أي هذا القصاص الوارد على الأطراف لا يوجب رجوع المشتري بتمام الثمن

تنظير لعدم بطلان البيع من أصله في صورة حدوث الجناية على الأطراف: أي ما نحن فيه نظير بيع العبد المريض لو مات عند المشتري و هو جاهل بمرضه

و نظير العبد المرتد الذي يقتل عند المشتري و هو جاهل بارتداده فالبيع غير باطل في العبد المريض، و المرتد بل يسقط الرد، لعدم قيام المبيع بعينه

راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة ج 7. ص 27 عند قوله:

و قال أبو حنيفة و الشافعي يرجع بجميع الثمن

أي العلامة قدس سره

مع عدم علم المشتري

أي الجناية الصادرة من العبد إن لم تستوعب تمام قيمة العبد

ص: 246

لم يرجع بشيء (202)

و لو اختار (203) المشتري أن يفدّيه جاز، و رجع (204) بها على البائع، مع الاذن (205).

و إلا فلا (206)، انتهى (207) قوله (208): و انتزعت إما راجع الى رقبة العبد

أو الى القيمة اذا باعه المجني عليه، و أخذ قيمته و هذا القيد (209) غير موجود في باقي عبارات العلامة

في كتبه الثلاثة و كيف كان (210)

+++++++++++

أي بشيء من الثمن، لأنه أقدم على ضرر نفسه، لعلمه بتعلق الحق برقبة العبد في صورة جنايته

أي و لو اختار المشتري أن يعطي للمجني عليه دية جناية العبد

أي المشتري رجع بالفدية التي اختارها على البائع

أي رجوع المشتري على البائع بالفدية لو اختارها المشتري مبني على اجازة المالك الذي هو مولى العبد

أي و إن لم يأذن المالك فليس للمشتري الرجوع على البائع في الفدية

أي ما أفاده العلامة قدس سره في التحرير

هذا كلام شيخنا الأنصاري قدس سره: أي الضمير في انتزعت الواقعة في كلام العلامة قدس سره

راجع إما الى رقبة العبد، أو الى القيمة:

فالمعنى أن المجني عليه إما ينتزع من المشتري رقبة العبد

و يأخذ العبد من المشتري، أو يبيع العبد، و ينتزع قيمته منه

و هو رجوع المشتري(1) بتمام الثمن لو استوعبت الجناية تمام قيمة العبد: أي القيد المذكور موجود فقط في التحرير و أما في كتبه الثلاثة: التذكرة، و القواعد، و المختلف فغير موجود

يعني أي شيء قلنا في جناية العبد في صورة استيعاب الجناية

ص: 247


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم في آخر الكتاب

فالعبد (211) المتعلق برقبته حق للمجني عليه يستوعب قيمته إما أن تكون له قيمة تبذل بإزائه أو لا (212).

و على الأول (213) فلا بد أن يبقى شيء من الثمن للبائع بإزائه فلا يرجع (214) بجميع الثمن عليه و على الثاني (215)

فينبغي بطلان البيع (216)

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام:

إن الحق لو كان مستوعبا لتمام قيمة العبد الذي تعلق به حق للمجني عليه:

لا يخلو من أحد أمرين:

إما أن تكون للعبد الجاني بعد صدور الجناية منه قيمة:

بأن كانت الجناية على الأطراف:

بحيث يبذل ازاء هذه القيمة الباقية مال، ليصح بيعه، لئلا يلزم أكل المال بالباطل

أي و إما لا تبقى للعبد الجاني بعد صدور الجناية منه قيمة تبذل بإزائه المال:

بأن كانت جنايته موجبة للاقتصاص

و هو بقاء العبد بعد الجناية على قيمة يبذل بإزائها المال

فهنا لا بد من بقاء شيء من الثمن للبائع، ليدخل في كيسه في مقابل المثمن الذي خرج من كيسه، لئلا يلزم أكل المال بالباطل

الفاء تفريع على ما أفاده: من أنه لا بدّ من بقاء العبد على قيمة بعد صدور الجناية منه:

بحيث يجوز بذل المال ازاء المبيع:

أي ففي ضوء ما ذكرنا فليس للمشتري حق الرجوع بتمام الثمن على البائع، لأنه اذا رجع بتمامه بطل البيع

و هو عدم بقاء العبد على قيمة يبذل بإزائه مال بعد أخذ القصاص منه

لعدم كون المبيع مالا فلا يصلح للبيع

ص: 248

و لو قيل:

إن انتزاعه عن ملك المشتري لحق كان عليه عند البائع يوجب غرامة عليه.

كان اللازم من ذلك (217).

مع بعده في نفسه:

أن يكون (218) الحكم كذلك فيما لو اقتصّ من الجاني عمدا و قد عرفت من التذكرة، و القواعد:

الحكم (219) بقسط من الثمن فيه.

و بالجملة (220) فالمسألة (221) محل إشكال و تأمل.

و اللّه العالم (222).

+++++++++++

من هذا الانتزاع

جملة: أن يكون الحكم منصوبة محلا خبر لاسم كان في قوله في هذه الصفحة: كان اللازم:

أي فبناء على ذلك يكون الحكم في هذه الصورة بطلان البيع أيضا لعدم كون المبيع مالا

أي الفتوى

أي خلاصة الكلام

أي مسألة بيع العبد الجاني جناية موجبة للاقتصاص:

بحيث لا تبقى معه قيمة يبذل بإزائه مال

أي اللّه سبحانه و تعالى هو العالم بهذه الأمور، و نحن جاهلون بها

ص: 249

مسألة: يعرف الأرش بمعرفة قيمتي الصحيح، و المعيب، ليعرف التفاوت بينهما

(مسألة)

يعرف الارش بمعرفة قيمتي الصحيح، و المعيب، ليعرف التفاوت بينهما، فيؤخذ من البائع بنسبة ذلك التفاوت (1)

و اذا لم تكن القيمة معلومة فلا بد من الرجوع الى العارف بها (2)

و هو (3) قد يخبر عن القيمة المتعارفة المعلومة المضبوطة عند أهل البلد، أو أهل الخبرة منهم لهذا المبيع المعين، أو لمثله في الصفات المقصودة كمن يخبر بأن هذه الحنطة، أو مثلها يباع في السوق بكذا

و هذا (4) داخل في الشهادة يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الشهادة على سائر المحسوسات:

من العدالة، و الإخبار عن الحسّ، و التعدد (5)

و قد يخبر (6) عن نظره، و حدسه من جهة كثرة ممارسته أشباه هذا الشيء و إن لم يتفق اطلاعه على مقدار رغبة الناس في أمثاله

و هذا (7) يحتاج الى الصفات السابقة (8)، و زيادة المعرفة، و الخبرة بهذا الجنس

+++++++++++

فان كان التفاوت ثلثا فثلث و إن كان ربعا فربع و إن كان خمسا فخمس و إن كان سدسا فسدس و إن كان ثمنا فثمن و إن كان تسعا فتسع و هكذا:

(2) أي بالقيمة

(3) أي العارف الخبير

(4) أي و مثل هذا الإخبار داخل في الشهادة فلا بد فيه من كون المخبر متعددا:

(5) بأن يكون عددهم اثنين عادلين:

بحيث تصح الصلاة خلفهما

(6) أي هذا العارف بقيمة الصحيح و المعيب

(7) أي و مثل هذا المخبر الذي أخبر بحدسه و نظره:

بكثرة ممارسته لأشباه هذا الشيء

(8) و هي العدالة، و التعدد، و الإخبار عن حس

ص: 250

و يقال له (9) بهذا الاعتبار: (أهل الخبرة) و قد يخبر (10) عن قيمته باعتبار خصوصيات في المبيع يعرفها هذا المخبر.

مع كون قيمته على تقدير العلم بالخصوصيات واضحة

كالصائغ العارف بأصناف الذهب، و الفضة: من حيث الجودة و الرداءة

مع كون قيمة الجيّد، و الردي (11) محفوظة عند الناس معروفة بينهم فقوله (12): هذا قيمته كذا يريد به (12): بأنه من جنس قيمته كذا و هذا (14) في الحقيقة لا يدخل في المقوّم و كذا القسم الأول (15)

فمرادهم (16) بالمقوّم هو الثاني (17)

+++++++++++

أي و يقال لمثل هذا المخبر عن نظره و حسه:

بكثرة ممارسته لأشباه هذا الشيء:

إنه من أهل الخبرة، و البصيرة، و المعرفة و إنما يقال له ذلك، لكثرة ممارسته بالأشياء

(10) أي و قد يخبر هذا العارف الخبير البصير بقيمة الصحيح، و المعيب

أي الجيد، و الردي من الذهب، و الفضة

أي قول هذا المخبر عن قيمة شيء باعتبار خصوصيات موجودة في المبيع يعرفها هذا المخبر العارف

أي بقوله:

إن قيمة هذا الشيء دينار مثلا و الباء في بأنه من جنس كذا

بيان لكيفية إرادة المقوّم

أي و مثل هذا القائل الذي يقول:

إن قيمة هذا الشيء كذا مبلغ

و هو المخبر عن القيمة المتعارفة الدارجة عند أهل البلد، و المتداولة فيما بينهم

أي مراد الفقهاء رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم من المقوّم:

هو المقوّم الذي يخبر عن نظره، و حدسه:

بكثرة ممارسته، و اختباره للأشياء

و هو المشار إليه في الهامش 10 من هذه الصفحة(1)

ص: 251


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

لكن الأظهر عدم التفرقة بين الأقسام (18): من حيث اعتبار شروط القبول (19)

و إن احتملوا (20) في غير الأول الاكتفاء بالواحد إما (21) للزوم الحرج لو اعتبر التعدد و إما (22) لاعتبار الظن في مثل ذلك (23) مما انسدّ فيه باب العلم و يلزم (24) من طرح قول العادل الواحد و الأخذ (25) بالأقل، لأصالة براءة (26) ذمة البائع

تضييع (27) حق المشتري في أكثر المقامات

+++++++++++

و هي التي أشير إليها في الهامش 9-10 من هذه الصفحة(1)

و هي العدالة، و التعدد، و الإخبار عن حسّ، و زيادة معرفة المقوّمين بأسعار الصحيح، و المعيب

أي الفقهاء قدس اللّه أسرارهم و إن احتملوا في غير القسم الأول:

و هو القسم الثاني المعارف بالأسعار السوقية المتداولة فيما بينهم (2)و الخبير بها و القسم الثالث العارف أيضا بالأسعار المتداولة، و الخبير بها و المراد بالقسم الاول:

هو العارف الخبير بالقيم السوقية

المشار إليه في الهامش 9 ص 251

هذا تعليل لاحتمال الفقهاء في غير القسم الاول:

و هو القسم الثاني، و الثالث:

الاكتفاء بمقوّم واحد

تعليل ثان للاحتمال المذكور

و هو الاكتفاء بالشاهد الواحد

حيث انسد فيه باب العلم

هذا محذور آخر على القول بعدم الاكتفاء بمقوّم واحد

بالجر عطفا على المجرور في (من الجارة) في قوله في هذه الصفحة:

من طرح: أي و يلزم من طرح قول العادل الواحد في مثل هذه الشهادة:

من الأخذ بالأقل

تعليل للزوم الأخذ بالأقل اذا طرح قول العدل الواحد:

أي الأخذ بالأقل لأجل أصالة براءة ذمة البائع عن الزائد

بالرفع فاعل لقوله: و يلزم من طرح: -

ص: 252


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و إما لعموم (28) ما دلّ على قبول قول العادل خرج منه (29) ما كان من قبيل الشهادة

كالقسم الأول (30)، دون ما كان من قبيل الفتوى كالثاني (31) لكونه ناشئا عن حدس، و اجتهاد، و تتبع الأشباه، و الأنظار

و قياسه (32) عليها حتى أنه يحكم لأجل ذلك: بأنه ينبغي أن يبذل بإزائه كذا، و كذا

و إن لم يوجد راغب يبذل له ذلك (33).

ثم لو تعذر معرفة القيمة، لفقد أهل الخبرة، أو توقفهم

ففي كفاية الظن (34)؟

أو الأخذ بالأقل؟

وجهان (35) و يحتمل ضعيفا الأخذ بالأكثر، لعدم العلم بتدارك العيب المضمون إلا به (36)

+++++++++++

- أي و يلزم من طرح قول العادل، و الأخذ بالأقل:

تضييع حق المشتري في أكثر المعاوضات عند ما يظهر العيب فيها و اختلف المقوّمون في قيمة المعيب، و الصحيح

اذا طرحنا قول العادل الواحد

تعليل للاكتفاء بقول الخبير العادل الواحد:

أي الاكتفاء بذلك لأجل العموم الوارد في قوله عليه الصلاة و السلام:

صدّق العادل، حيث إن لفظ العادل عام يشمل الواحد، و الاثنين في مثل هذه الموارد

أي خرج من هذا العموم:

ما كان من قبيل الشهادات، فان التعدد معتبر فيها لا محالة

و هو المشار إليه في الهامش 9 ص 251

و هو المشار إليه في الهامش 10 ص 251

أي و قياس القسم الثاني بالأشباه و الأنظار(1)

أي يبذل له كذا و كذا من الدرهم، أو الدينار

أي في معرفة القيمة السوقية المتعارفة فيما بينهم

وجه بكفاية الظن في معرفة القيمة و وجه الأخذ بالأقل

أي إلا الأخذ بالأكثر

ص: 253


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
مسألة: لو تعارض المقوّمون

(مسألة):

لو تعارض المقوّمون (1) فيحتمل (2) تقديم بينة الأقل، للاصل (3) و بينة (4) الأكثر، لأنها (5) مثبتة و القرعة (6)، لأنها (7) لكل أمر مشتبه

+++++++++++

غير خفي على روّاد العلم و أبنائه أن مسألة اختلاف المقوّمين في تسعير المبيع المعيب عند ما يظهر عيبه بعد العقد:

من المسائل الغامضة المشكلة جدا، لاشتمالها على المسائل الرياضية المهمة، و على المعدّلات الصعبة جدا

فالمقام يتطلب إسهاب الكلام فيه، فلذا أسهبنا هنا

كما أسهبنا الكلام في هذا المقام في (اللمعة الدمشقية) عند ما علقنا عليها

فراجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 من ص 476 الى ص 494

و أليك ما استفدناه هنا في هذا المقام اعلم أن الاحتمالات المتصورة في اختلاف المقوّمين

ستة من الناحية الفقهية و نحن نذكر تلك الاحتمالات بأسرها عند رقمها الخاص عند ما يذكرها الشيخ قدس سره

(2) هذا هو الاحتمال الأول:

أي و يحتمل تقديم بينة الأقل عند اختلاف المقوّمين

(3) تعليل لتقديم بينة القائل بالأقل:

أي وجه تقديم بينة الأقل هو وجود أصالة عدم الزيادة

(4) هذا هو الاحتمال الثاني:

أي و يحتمل تقديم بينة الأكثر

(5) تعليل لتقديم بينة الأكثر: أي إنما تقدم بينة الأكثر، لأجل أنها عالمة بذلك، و أن قيمته هذا لا غير

(و قول من يعلم حجة على من لا يعلم)

(6) هذا هو الاحتمال الثالث:

أي و يحتمل العمل بالقرعة عند اختلاف المقوّمين

(7) تعليل لتقديم القائل بالقرعة:

ص: 254

و الرجوع (8) الى الصلح، لتشبث (9) كل من المتبايعين بحجة شرعية ظاهرية

و المورد (10) غير قابل للحلف، لجهل (11) كل منهما بالواقع و تخيير (12) الحاكم، لامتناع (13) الجمع، و فقد (14) المرجح لكن الأقوى من الكل ما عليه (15) المعظم:

+++++++++++

- أي الوجه في التقديم هو كون القرعة لكل أمر مشكل، حيث وضعت و شرّعت لذلك

و مسألة الاختلاف من الامور المشكلة و المشتبهة في الظاهر، المعلومة في الواقع

(8) هذا هو الاحتمال الرابع:

أي و يحتمل الرجوع عند الاختلاف الى الصلح

(9) تعليل للرجوع الى الصلح: أي وجه القائل بالصلح:

هو تشبث كلّ من المتبايعين بحجة شرعية:

و هي البينتان المتعارضتان بالزيادة، و النقيصة فالصلح بينهما هو الأنسب

(10) أي و هذا المورد: و هو اختلاف المقوّمين في التسعير غير قابل للقسم

تعليل لعدم قابلية المورد للقسم:

أي وجه عدم القابلية هو جهل كل من المتبايعين بالقيمة الواقعية:

إذا لا مجال للحلف

هذا هو الاحتمال الخامس:

أي و يحتمل عند الاختلاف يكون الحاكم الشرعي هو المخيّر في الحكم بينهما فيحكم لأحدهما، طبقا لحكمه

و دليل القائل بالتخيير مركب من مقدمتين:

نشير الى كل واحد منهما برقمه الخاص عند ما يذكره الشيخ قدس سره

هذه هي المقدمة الاولى:

و هو امتناع الجمع بين البينتين، لاصابة إحداهما، و خطأ الأخرى

هذه هي المقدمة الثانية:

و هو فقدان المرجح لاحدى البينتين على الأخرى

هذا هو الاحتمال السادس:

و هو مختار الشيخ قدس سره

أي و يحتمل الجمع بين البينتين بمقدار الوسع و الامكان، لأن كلاّ من البينتين حجة شرعية يلزم العمل به -

ص: 255

..........

+++++++++++

- فاذا تعذر العمل بتمام المضمون، و كله:

وجب العمل ببعض المضمون، و الغاء الجزء الآخر

خذ لذلك مثالا

قوّمت احدى البينتين المبيع الصحيح ب (عشرة دنانير)

و قوّمت البينة الثانية المبيع الصحيح ب: (ثمانية دنانير)

فهنا توجد قيمتان مختلفتان للمبيع الصحيح

فنجمع حينئذ نصف القيمة الاولى: و هي الخمسة

مع نصف القيمة الثانية: و هي الأربعة

فيعمل بكلّ من النصفين بنصف المبيع

إذا يكون الثمن (تسعة دنانير)

فيكون اخراج المعدّل الرياضي هكذا:

التقويم الاول للصحيح (10 دنانير)

التقويم الثاني للصحيح (8 دنانير)

فالنصف للقيمة الاولى (5 دنانير)

و النصف للقيمة الثانية (4 دنانير)

فنجمع نصفي القيمتين (5 + 4 9)

فهذا هو المعدل الرياضي لل (10، 8)

هذا في تقويم المبيع الصحيح

و أما في تقويم المبيع المعيب

فقوّمت احدى البينتين المبيع المعيب

ب: (أربعة دنانير)

و قوّمت البينة الثانية المبيع المعيب

ب: (دينارين)

فاجتمعت لدينا قيمتان مختلفتان للمبيع المعيب

فنجمع حينئذ نصف القيمة الاولى: و هو (اثنان)

مع نصف القيمة الثانية: و هو (الواحد)

فيعمل بكل من النصفين بنصف المبيع

إذا يكون الثمن: (ثلاثة دنانير)

فيكون اخراج المعدّل الرياضي هكذا:

التقويم الاول للمعيب: (أربعة دنانير)

التقويم الثاني للمعيب: (ديناران) -

ص: 256

..........

+++++++++++

- فالنصف للقيمة الأولى: (ديناران)

و النصف للقيمة الثانية: (دينار واحد)

فنجمع نصفي القيمتين هكذا: (2 + 1-3)

فهذا هو المعدل الرياضي: (4، 2)

و لما كان التفاوت بين معدل قيمة الصحيح:

و هي التسعة: (9)

و بين معدّل قيمة المعيب:

و هي الثلاثة: (3)

بالثلثين

إذا يكون الارش بثلثي الثمن:

أي أن التسعة لو قسّمت الى ثلاثة أثلاث

لكان كل ثلث يساوي 3/9

فالتسعة تزيد على الثلاثة بالثلثين

فالارش يكون ثلثي الثمن

فلو فرضنا أن ثمن المبيع (15 دينارا)

لكان ثمن الارش بمقدار ثلثي الخمسة عشرة دينارا:

أعني عشرة دنانير: (10)

هذا اذا كان المقوّمون اثنين

و أما اذا كان المقوّمون ثلاثة

فتكون لدينا ثلاث قيم للمبيع الصحيح

و ثلاث قيم للمبيع المعيب

أما الثلاث القيم للصحيح

فكما لو كان في المثال السابق المشار إليه في ص 256

مقوّم ثالث قوّم الصحيح ب: (ثمانية عشر دينارا)

إذا يكون المعدّل الرياضي ثلثي القيمة الثالثة للصحيح:

أي (12-4)

يعني أن المعدّل

(10 + 8 + 18)/3

3/36

12

و أما القيم الثلاث للمعيب -

ص: 257

من (16) وجوب الجمع بينهما بقدر الامكان، لأن كلا منهما حجة شرعية

فاذا تعذر العمل بهما في تمام مضمونها (17)

وجب العمل بها (18) في بعضه

فاذا (19) قوّمت احداهما بعشرة دنانير

+++++++++++

- فيكون مجموع اثلاث فيم المعيب هو المعدّل لقيم المعيب

إذا يكون التفاوت بين معدّل قيم الصحيح و بين معدّل قيم المعيب هو مقياس الارش و التفاوت هنا لا ينظر بالفرق بين قيمة الصحيح، و المعيب و إنما ينظر النسبة بين قيمة الصحيح، و المعيب أو فقل: (حاصل القسمة الرياضية)

فالتسعة في المثال السابق ثلاثة أضعاف الثلاثة:

أعني أن قيمة الصحيح ثلاثة أضعاف المعيب

فلا بد أن يكون الارش بقيمة الثلثين من الثمن و رياضيا

معدّل قيمة الصحيح\معدّل قيمة المعيب - الثمن\الثمن - الارش

أي 9/3-15\15-10

153/9/(15-10)

و هكذا اذا كان المقوّمون أربعة فقيّموا أربعة قيم فتجمع أرباعها، لاظهار معدل القيمة

كلمة من بيان لكلمة (ما) الموصولة في قوله: ما عليه المعظم

أي بالحجة الشرعية بتمام مضمونها

أي بالحجة الشرعية في بعض مضمونها

الفاء تفريع على ما أفاده قدس سره:

من أن الأقوى من الكل ما عليه معظم الفقهاء:

من الجمع بين أقوال المقوّمين عند الاختلاف

ص: 258

فقد قوّمت كلا من نصفه بخمسة دنانير و اذا قوّمت الأخرى بثمانية دنانير فقد قوّمت كلا من نصفه بأربعة دنانير فيعمل بكلّ منهما في نصف المبيع و قولاهما (20) و إن كانا متعارضين في النصف أيضا كالكل

فيلزم بما ذكر طرح كلا القولين في النصفين

إلا (21) أن طرح قول كل منهما في النصف مع العمل به في النصف الآخر أولى في مقام امتثال أدلة العمل بكل بينة:

من طرح كلتيهما (22)، أو إحداهما رأسا

و هذا معنى قولهم:

إن الجمع بين الدليلين، و العمل بكل منهما و لو من وجه (23)

أولى من طرح إحداهما رأسا، و لذا (24) جعل في تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة (25):

+++++++++++

دفع وهم

خلاصة الوهم:

إن البينتين كما هما متعارضتان في كل القيمة

فيلزم تساقطهما

كذلك هما متعارضتان في قيمة النصف أيضا

جواب عن الوهم المذكور

خلاصته: إن طرح كلّ منهما في النصف مع العمل به في النصف الآخر

يلزم منه أنه أننا عملنا بكلتا البينتين في الجملة و هذا أولى في مقام اثبات أدلة الحجية من طرحهما معا أو ترجيح إحداهما على الأخرى بدون مرجح

و هو طرح قول كلّ منهما في النصف مع العمل به في النصف الآخر

أي و لو في الجملة

أي و لأجل أن الجمع بين الدليلين المتعارضين، و العمل بكل منهما و لو في الجملة

أولى من طرح إحداهما رأسا

و هو الجمع بين الدليلين المتعارضين بقدر الامكان

ص: 259

الحكم (26) بالتنصيف فيما لو تعارضت البينتان في دار في يد رجلين يدّعيها كل منهما

بل ما نحن فيه (27) أولى بمراعاة هذه القاعدة من الدليلين المتعارضين في أحكام اللّه تعالى، لان الأخذ باحدهما كلية، و ترك الآخر كذلك (28)

في التكاليف الشرعية الإلهية

لا ينقص عن التبعيض من حيث مراعاة حق اللّه سبحانه، لرجوع الكل الى امتثال امر اللّه سبحانه

بخلاف مقام التكليف باحقاق حقوق الناس (29)، فان في التبعيض

+++++++++++

خلاصة ما أفاده العلامة(1) قدس سره في هذا المقام:

هو انه لو تعارضت البينتان في دار في يد رجلين يدعيها كل واحد منهما لنفسه: بأن يقول كل واحد منهما:

إن هذه الدار لي و ليست لهذا

فهنا لو عملنا بجزء كل من المدلولين:

و ذلك بالحكم بالتنصيف الذي هو الأخذ بالمعدّل

فقد عملنا بكلتا البينتين في الجملة و العمل بهذه الكيفية أولى من طرحهما معا

أو الأخذ باحدى البينتين بلا وجود مرجح في البين

خلاصة ما أفاده قدس سره في هذا المقام:

هو أن الثابت في علم الأصول عند ما يسقط قسم من الدليلين فقد يبقي القسم الآخر منهما حجة و معتبرة، لأنه اذا أمكن الأخذ ببعض مدلولي الدليلين المتعارضين

فقد تعين الأخذ به، فان هذه الكيفية خير من تركهما معا

أو الأخذ بأحدهما بلا مرجح

غاية الفرق بين المقامين:

هو أن القاعدة الأصولية تنظر الى امتثال أوامر اللّه عزّ و جلّ في الأحكام الكليات

و ما نحن فيه إنما هو في مقام التكليف باحقاق حقوق الناس و هذا لا يفرق جوهريا بين الموردين

أي كلية

أشرنا الى هذا بقولنا في الهامش 27 من هذه الصفحة: غاية الفرق

ص: 260


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

جمعا بين حقوق الناس و مراعاة للجمع و لو في الجملة

و لعل (30) هذا هو السر في عدم تخيير الحاكم عند تعارض أسباب حقوق الناس في شيء من الموارد

و قد (31) يستشكل ما ذكرناه

(تارة) (32): بعدم التعارض بينهما عند التحقيق، لأن مرجع بينة النفي الى عدم وصول نظرها، و حدسها الى الزيادة، فبيّنة الاثبات المدعية للزيادة سليمة

و أخرى (33): بأنّ الجمع فرع عدم اعتضاد احدى البيّنتين بمرجّح

+++++++++++

أي و لعل القول بأخذ بعض مدلولي الدليلين بالتعارض، و أنه خير من تركهما معا، أو الأخذ باحدى البينتين بلا وجود مرجح: هو السر في عدم تخيير الحاكم عند التعارض، لأن التخيير ممّا لم يقل به أحد من الفقهاء في هذا المقام فيتعين العمل بما قلناه

من هنا أخذ قدس سره في الاشكالات الواردة على ما ذكره و اختاره: من أن القول بأخذ بعض مدلولي الدليلين المتعارضين

خير من تركهما معا و الاشكالات ثلاثة

نذكر كل واحد منها عند رقمها الخاص عند ما يذكره قدس سره

هذا هو الاشكال الأول

خلاصته: إن هاتين البينتين غير متعارضتين و ما قلنا إنما يجري في صورة التعارض

لا في صورة عدمه و تقريب عدم تعارض البينتين:

هو أن مرجع بينة الأقل الى عدم وصول نظرها، و حدسها الى الزيادة إذا تكون الزيادة سليمة عن المعارض

هذا هو الاشكال الثاني على ما أفاده قدس سره

خلاصته: إن الجمع بين البينتين المتعارضتين بما ذكرناه سابقا في الهامش 21 ص 259:

إنما يكون مع عدم استحكام التعارض(1)

و من الواضح أن التعارض هنا مستحكم، لاعتضاد احدى البينتين بمرجح، و المرجح هنا هو جريان أصالة البراءة لصالح البينة الحاكمة -

ص: 261


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و أصالة البراءة هنا مرجحة للبينة الحاكمة بالأقل

(و ثالثة) (34): بأن في الجمع مخالفة قطعية

و إن كان فيه موافقة قطعية

لكن (35) التخيير الذي لا يكون فيه إلا مخالفة احتمالية أولى منه و يندفع الاول (36):

+++++++++++

- بالقيمة الأقل

و المراد من الأصالة هو الاستصحاب: أي استصحاب براءة الذمة عن الزائد، لعدم اشتغالها بها قبل البيع

هذا هو الإشكال الثالث على ما أفاده قدس سره بقوله في ص

لكن الأقوى من الكل ما عليه المعظم

خلاصته: إن في الجمع بين البينتين بالكيفية التي ذكرناها مخالفة قطعية، و إن كان فيه موافقة قطعية

أما الموافقة القطعية فلأننا عملنا بجزء من مدلولهما

و أما المخالفة القطعية فلأننا طرحنا كلا القولين التفصيليين لهما:

أي لم نحكم بالقيمة الأكثر، و لا بالقيمة الأقل

و ما فيه مخالفة قطعية من وجوه لا يمكن العمل به

استدراك عما أفاده: من أن القول بأخذ بعض مدلولي الدليلين بالتعارض، و أنه خير من تركهما:

هو السر في عدم تخيير الحاكم عند التعارض:

خلاصة الاستدراك:

إن التخيير الذي لا يكون فيه إلا مخالفة احتمالية

أولى من المخالفة القطعية

من هنا أخذ قدس سره في الرد عن الاشكالات الثلاث الواردة على ما أفاده في قوله في ص 255:

و لكن الأقوى من الكل ما عليه المعظم:

من وجوب العمل بكل من البينتين

فقال: و يندفع الأول: أي الإشكال الأول المشار إليه في الهامش 32 ص 261 و للاندفاع طريقان نشير الى كل واحد منهما عند رقمه الخاص

ص: 262

بأن (37) المفروض أن بينة النفي تشهد بالقطع على نفي الزيادة واقعا،

و أن (38) بذل الزيادة في مقابل المبيع سفه و يندفع الثاني (39):

بما قررناه في الأصول:

من أن الأصول الظاهرية لا تصير مرجحة للأدلة الاجتهادية

بل تصلح (40) مرجعا في المسألة لو تساقط الدليلان

من جهة ارتفاع ما هو مناط الدلالة فيهما، لأجل التعارض (41)

+++++++++++

هذا هو الطريق الاول

خلاصته إن البينة الدالة على الزيادة و إن كانت حجة في مدلولها لكن البينة القائمة على النقيصة تشهد بعدم صحة هذه الزيادة

هذا هو الطريق الثاني(1)

خلاصته إن دفع الزائد في مقابل المبيع المعيب أمر سفهي باطل إذا يقع التعارض بين البينتين في الزائد

هذا هو الجواب عن الإشكال الثاني المشار إليه في الهامش 33 ص 261 خلاصته: إن الاصول الظاهرية لا تكون مرجحة للأدلة الاجتهادية كما ثبت ذلك في علم الأصول و من الواضح أن البينة من الأدلة الاجتهادية

فجعل أصالة البراءة مرجحا للبينة مخالف لما ثبت في علم الأصول (بعبارة أوضح)

إن التعارض إما أن ينتج وجود المانع من الحجية

أو ينتج سقوط المقتضي لها

و مع السقوط يمكن الرجوع الى الأصل الظاهري

كما هو المتحقق عند تعارض العامين من وجه

مع جريان الأصل في صالح أحد الدليلين و ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، لأن نتيجة التعارض

إنما هو لوجود المانع من الحجية، لا لسقوط المقتضي و ذلك بعد أن قلنا في أصل التقريب بالعمل الجزئي

أي الأصول الظاهرية

و هو تعارض المقوّمين في قيمة الصحيح، و المعيب

ص: 263


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

كما فى الظاهرين المتعارضين

كالعامين من وجه المطابق أحدهما للأصل و ما نحن فيه

ليس من هذا القبيل و الحاصل:

إن بيّنة الزيادة

تثبت أمرا مخالفا للأصل (42) و معارضتها (43) للأخرى النافية لها لا توجب سقوطها بالمرّة، لفقد المرجح فيجمع (44) بين النفي و الاثبات في النصفين و يندفع الثالث (45):

+++++++++++

لأن الأصل و هي البراءة يدل على عدم زيادة القيمة

أي و معارضة هذه البينة الدالة على الزيادة

لتلك البينة النافية للزيادة:

لا توجب سقوط البينة النافية للزيادة رأسا و بالمرة لأجل فقد المرجح لإحداهما على الأخرى

الفاء فاء النتيجة:

أي نتيجة ما قلناه: من أن معارضة البينة الدالة على الزيادة

مع البينة الدالة على نفي الزيادة، و أنها لا توجب سقوطها رأسا:

هو الجمع بين البينة المثبتة للزيادة المعبر عنها

ب: (النفي)

و طريق الجمع هو التنصيف في المبيع:

بأن يؤخذ نصف البينة الأولى

و نصف البينة الثانية كما علمت آنفا

جواب عن الإشكال الثالث المشار إليه في الهامش 34 ص 162

خلاصته: إن ترجيح الموافقة الاحتمالية عند ما لا تكون مشتملة على المخالفة القطعية:

على الموافقة القطعية المشتملة على المخالفة القطعية:

إنما هو في الأحكام الشرعية الراجعة الى اللّه عزّ و جلّ:

من حيث مقام الاطاعة و المعصية الراجعتين الى الانقياد و التجرى، حيث يحكم العقل بأولوية ترك التجري من تحصيل العلم بالانقياد

بخلاف مقام احقاق حقوق الناس الذي هو محل الكلام، فان مراعاة الجميع: و هي حجية كلتا البينتين: -

ص: 264

بأن ترجيح الموافقة الاحتمالية غير المشتملة على المخالفة القطعية:

على الموافقة القطعية المشتملة عليها:

إنما هو في مقام الاطاعة، و المعصية الراجعتين الى الانقياد و التجري حيث إن ترك التجري

أولى من تحصيل العلم بالانقياد

بخلاف مقام إحقاق حقوق الناس، فانّ مراعاة الجميع

اولى من إهمال أحدهما رأسا، و ان اشتمل على إعمال الآخر، اذ ليس الحق فيهما لواحد معين كما في حقوق اللّه سبحانه (46)

ثم إن قاعدة الجمع (47) حاكمة على دليل القرعة، لأن (48) المامور به

+++++++++++

- و هما بينة النفي، و الاثبات:

أولى من اهمال إحداهما رأسا أو ترجيح إحداهما على الأخرى بلا مرجح و دليل، اذ ليس الحق فيهما لواحد معين

بل الحق لاثنين: و هما المتبايعان

حيث إن الحق في حقوق اللّه سبحانه و تعالى

لواحد معين: و هو اللّه الواحد القهار جلت عظمته

هذا تأييد منه قدس سره لما أفاده و اختاره:

من الاحتمالات الستة بقوله في ص 255:

و لكن الأقوى من الكل ما عليه المعظم:

من وجوب الجمع بينهما بقدر الوسع و الامكان

خلاصته إن قاعدة الجمع بين البينتين

حاكمة على دليل القرعة، لأن المأمور به في البينتين المتعارضتين

هو العمل بكلتا البينتين

لكن لما كان الجمع بينهما غير ممكن، لعدم إسقاط إحداهما بالمرة و رأسا فاضطررنا الى الجمع بين النفي و الاثبات على طريقة التنصيف بين القيمتين، أو القيم:

بأن نأخذ نصف قيمة المقوّم الاول

و نصف قيمة المقوّم الثاني كما علمت في الهامش 26 ص 260

تعليل لكون قاعدة الجمع بين البينتين على النحو المذكور حاكمة على القرعة كما عرفته في الهامش 15 ص 256.255

ص: 265

هو العمل بكل من الدليلين (49)

لا بالواقع المردد بينهما (50)، إذ (51) قد يكون كلاهما مخالفا للواقع

فهما (52) سببان مؤثران بحكم الشارع في حقوق الناس

فيجب مراعاتها (53)، و إعمال أسبابها (54) بقدر الامكان،

+++++++++++

و هما البينتان

أي و ليس المأمور به فيما نحن فيه هو الواقع المردد بين البينتين

كما في القرعة، حيث إن المأمور به فيها:

ما كان معلوما في الواقع، و مجهولا في الظاهر

تعليل لكون المأمور به فيما نحن فيه

هو العمل بكل من الدليلين

لا العمل بكل من الدليلين

لا العمل بالواقع المردد بينهما

خلاصة التعليل:

إنه من الامكان أن تكون كلتا البينتين مخالفتين للواقع

فاذا عملنا بالواقع المردد بينهما يلزم المحذور المذكور

الفاء فاء النتيجة: أي نتيجة ما قلناه: من أن المأمور به:

و هو العمل بكلا الدليلين:

هو أن البينتين سببان مؤثران في العمل بكل منهما في حقوق الناس بحكم الشارع

إذا يجب مراعاة تلك الحقوق

و إعمال أسباب تلك الحقوق بقدر الوسع و الامكان

و من الواضح و المعلوم أن مراعاة حقوق، و إعمال أسبابها بقدر الوسع و الامكان:

لا يتحقق إلا باعمال تلك البينتين:

بأن يؤخذ نصف من البينة الاولى

و نصف من البينة الثانية

حتى تتحقق المراعاة، و إعمال الأسباب

أي مراعاة حقوق الناس

أي أسباب مراعاة حقوق الناس

ص: 266

إذ (55) لا ينفع توفية حق واحد، مع إهمال الحق الآخر رأسا (56):

على النهج (57) الذي ذكرنا:

من (58) التنصيف في المبيع

ثم (59) إن المعروف في الجمع بين البينات

+++++++++++

تعليل لوجوب مراعاة حقوق الناس، و إعمال أسبابها بقدر الامكان خلاصته إنه بعد القول: بأن البينتين سببان مؤثران في اثبات حقوق الناس فيجب مراعاتها، و إعمال أسبابها بقدر الوسع و الامكان:

فلا ينفع ايفاء حق واحد بسبب قبول احدى البينتين

و إهمال حق الآخر رأسا بسبب اسقاط البينة الثانية

أي من دون أن يكون للبينة الأخرى احترام

الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 266: فيجب مراعاتها: أي فيجب مراعاة حقوق الناس، و إعمال أسبابها بقدر الوسع و الامكان على الطريقة التي ذكرناها في الهامش 52 ص 266

كلمة من بيان لكلمة النهج الذي ذكره في ص 266:

أي النهج المذكور عبارة عن تنصيف قيمة المبيع حسب تقويم المقوّمين عند اختلافهم

فيؤخذ من كل بينة نصف قيمة المبيع

فهذه هي الطريقة التي يجب مراعاتها

حتى لا يهمل حق الآخرين

و لو لا ذلك: بأن عملنا بقول احدى البينتين، دون الأخرى

فقد أجحفنا بالبينة الثانية فتسقط عن الاعتبار

و خالفنا قوله عليه الصلاة و السلام:

صدّق العادل، فان في تصديق قوله مصلحة تتدارك المصلحة الفائتة على فرض مخالفة البينة للواقع

من هنا يروم قدس سره أن يدخل في هذا العراك و الجدال فقال:

إن المعروف في الجمع بين البينات:

هو الجمع بينها في قيمتي الصحيح

خلاصة هذا الكلام:

إن لنا في الجمع بين البينات المتعارضات

طريقين:

(أحدهما): مشهوري:

ص: 267

..........

+++++++++++

- (ثانيهما): منسوب الى شيخنا الشهيد الثاني قدس سره

أما الوجه المشهوري

فكيفيّته هو الأخذ بالمعدّل للصحيح، و المعدّل للمعيب

ثم تلاحظ النسبة بينهما، و يؤخذ من القيمة المسمّاة في العقد بتلك النسبة

و هذا مراده قدس سره من قوله في 269

فيؤخذ من القيمتين للصحيح نصفهما

و من الثلاث ثلثهما

و من الأربع ربعهما

و ذلك: بأن نجمع أرقام البينات

ثم نقسمهما على عدد البينات

فيحصل مطلوب الشيخ قدس سره

و هو المعدّل

و هكذا نعمل في جانب المعيب

ثم نخرج النسبة كما سبق

ثم يذكر قدس سره مثالا للقاعدة

و ذلك كما قامت بينتان

تشهد احداهما (164) أن قيمة المبيع المعيب... (أربعة دنانير)

ثم تشهد البينة الثانية أن قيمة المبيع الصحيح... (ستة دنانير)

و تشهد أن قيمة المبيع المعيب... (ديناران)

فهنا نجمع قيمتي الصحيح، و هي:

12 + 6-18

ثم نقسم هذا العدد على عدد البينات:

و هما: أثنان

فيكون هكذا:

2/18-9

ثم نجمع قيمتي المعيب:

و هي: أربعة و اثنان

4 + 2-6

ثم نقسم هذا العدد على اثنين -

ص: 268

هو الجمع بينها في قيمتي الصحيح

فيؤخذ من القيمتين للصحيح نصفهما

و من الثلاث ثلثهما

و من الأربع ربعهما

و هكذا في المعيب

ثم نلاحظ النسبة

بين المأخوذ للصحيح

و بين الماخوذ للمعيب

و يؤخذ بتلك النسبة

فاذا كانت إحدى قيمتي الصحيح

اثنتي عشرة

و الأخرى ستة

و إحدى قيمتي المعيب أربعة

و الأخرى اثنان

أخذ للصحيح تسعة

و للمعيب ثلاثة

و التفاوت بالثلثين

فيكون الارش ثلثي الثمن:(1) بأن يعمل في نصفه بقول المثبت للزيادة، و نصفه الآخر بقول النافي.

فاذا قوّمه احداهما باثني عشر، و الاخرى بثمانية أخذت في نصف الاربعة بقول المثبت، و في نصفه الآخر بقول النافي، جمعا بين حقي البائع و المشتري.

لكن الأظهر هو الجمع على النهج الاول

+++++++++++

- فيكون هكذا:

2/6-3

فمن هنا قال قدس سره فى هذه الصفحة:

و التفاوت بالثلثين:

أي نسبة الثلاثة الى التسعة هو ذلك:

يعنى 1/33/9 هكذا 3/3-2/31/3

إذا يكون الارش ثلثي الثمن المسمّى في العقد هذه هي الطريقة المشهورة

ص: 269


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و يحتمل الجمع بطريق آخر (60):

و هو أن يرجع الى البينتين في مقدار التفاوت

و يجمع بين البينات فيه من غير ملاحظة القيم

و هذا منسوب الى الشهيد الثاني(1) قدس سره على ما في الروضة

+++++++++++

هذا طريق آخر غير ما أفاده المشهور

و الظاهر أنه وجه ثان من العمل

لنفس النتيجة التي عمل بها المشهور

خلاصة ما أفاده قدس سره في وجه التنصيف

فيما به التفاوت بين القيمتين:

هو أن البينة الاولى دلت على أن قيمة الصحيح (اثنا عشر دينارا)

و قيمة المعيب (أربعة دنانير)

فيكون: 12-4-8

و البينة الثانية دلت على أن قيمة الصحيح: (6 دنانير)

و قيمة المعيب (ديناران)

فيكون: 6-2-4

فهنا نأخذ بنصفي الفرقين

و ذلك باخراج المعدل لهما: أي هكذا:

8/2 + 44/2 + 2-6

فهذا هو الارش

و هذا على المثال السابق

لكن الشيخ قدس سره ذكر مثالا آخر:

و هو أن تدل احدى البينتين على أن قيمة الصحيح (اثنا عشر دينارا)

و دلت البينة الثانية على أن قيمة الصحيح

(ثمانية دنانير):

فيكون: 12/2 + 8/2-6 + 4-10

ثم يذكر الشيخ وجها آخر غير وجه الشهيد

و الظاهر أنه شكل ثان من العمل لنفس النتيجة التي يعمل عليها المشهور -

ص: 270


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و حاصله:

قد يتحد مع الطريق المشهور

كما في المثال المذكور، فان التفاوت

بين الصحيح و المعيب على قول كل من البينتين بالثلثين

كما ذكرنا في الطريق الأول

و قد يختلفان

كما اذا كانت إحدى قيمتي الصحيح

+++++++++++

- و هذا الشكل على وجه التنصيف فيما به التفاوت بين القيمتين حيث دلت البينة الاولى على أن الصحيح اثنا عشر دينارا

و المعيب أربعة دنانير

فيكون 12-4-8

و دلت البينة الثانية على أن الصحيح ستة

و المعيب اثنان

فيكون 6-2-4

فنأخذ بنصفي الفرقين

و ذلك باخراج المعدل لهما: أي هكذا:

8/2 + 4/2-4 + 2-6

و هذا هو الارش

هذا على المثال السابق

ثم إن الشيخ قدس سره ذكر مثالا آخر:

و هو أن تدل إحدى البينتين على أن قيمة الصحيح اثنا عشر دينارا

و تدل البينة الأخرى على أن قيمة الصحيح أربعة دنانير

و هنا لم يذكر الشيخ قيمة المعيب

بل قال:

إننا نعمل بكلتا البينتين باعتبار أخذ نصفي القيمتين للصحيح، جمعا بين الحقين:

حق البائع، و حق المشتري

فيكون هكذا:

12/2 + 4/2-6 + 2-8 -

ص: 271

اثنتي عشرة

و الأخرى ثمانية

و قيمة المعيب على الاول عشرة

و على الثاني خمسة

فعلى الاول يؤخذ نصف مجموع قيمتي الصحيح:

اعني العشرة

و نصف قيمتي المعيب:

و هي سبعة، و نصف

فالتفاوت بالربع

+++++++++++

- و أما الوجه الذي يذكره الشهيد فقد قال عنه الشيخ قدس سرهما:

أن يرجع الى البينة في مقدار التفاوت و يجمع بين البينات من غير ملاحظة القيم

و حسب ما يستفاد من العبارة

هو أننا ننسب قيمة الصحيح الى قيمة المعيب في كل بينة، و نخرج معدّل النسبة بينهما

و هذه الطريقة قد تتحد نتيجتها مع طريقة المشهور

كما أشار إليها بقوله في ص 271:

و حاصله قد يتحد مع الطريق المشهور

ثم ذكر الشيخ مثالا للاتفاق بين الطريقتين بعد أن حوّلنا أولا في الطريق المشهور على المثال السابق الذي تكون نتيجته:

هو الفرق بين البينتين بالثلثين

و قد تختلف نتيجتها مع الطريق المشهور

كما أشار إليها بقوله في ص 271:

و قد يختلفان

و خلاصة هذا الاختلاف:

إن إحدى البينتين تقول:

إن قيمة الصحيح اثنا عشر دينارا

و قيمة المعيب عشرة دنانير

و قالت البينة الثانية:

إن قيمة الصحيح ثمانية دنانير

و قيمة المعيب خمسة دنانير

فاذا أردنا أن نطبق الطريق المشهوري

فنأخذ نصف مجموع قيمتي الصحيح: -

ص: 272

فالارش ربع الثمن:

أعني ثلاثة من اثني عشر لو فرض الثمن اثني عشر

و على الثاني يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب على احدى البينتين بالسدس

و على الأخرى ثلاثة أثمان

و بنصف المجموع: اعني ستة، و نصفا من اثني عشر جزء

+++++++++++

- أعني العشرة

ثم نأخذ نصف مجموع قيمتي المعيب:

أعني سبعة دنانير و نصف دينار

هكذا:

(12 + 8-20، 2/20-10)

(10 + 5-15، 2/15-7/5)

إذا يكون التفاوت بالربع:

أي:

7/5/10-3/4

4/4-3/4-1/4

فالارش ربع الثمن:

أعني ثلاثة من اثني عشرة دينارا:

أي أن: 4/12-3

و قد أشار الى هذا الاختلاف بقوله في ص 271:

كما اذا كانت إحدى قيمتي الصحيح

و الى أن التفاوت بالربع بقوله في ص 272:

فالتفاوت بالربع

فالارش ربع الثمن

و أما على طريقة الشهيد الثاني على نفس المثال

فنأخذ التفاوت بين قيمة الصحيح، و المعيب

على إحدى البينتين بالسدس -

ص: 273

و يؤخذ نصفه: و هي ثلاثة و ربع، و قد كان في الاول ثلاثة (61)

و قد ينقص عن الأول

+++++++++++

- و على البينة الثانية بثلاثة أثمان، أي هكذا:

10/12-5/6، 6/6-5/6-1/6

5/8، 8/8-5/8-3/8

1/6 + 3/8-4/24 + 9-13/24

12 * 13/24-13/2-6/5

و هو كما قال الشيخ (6/5): أي أن النتيجتين متطابقتان

ثم قال: و يؤخذ النصف و يكون (31/4) و هو كما قلناه (31/4) أيضا.

و قد كان طبقا للطريق الاول المشهوري:

3/8/1/6-1/6 * 8/3-8/18-4/9 1/2/1/4

و الى هذا أشار الشيخ قدس سره بقوله في هذه الصفحة:

و يؤخذ نصفه

ثم قال الشيخ قدس سره في هذه الصفحة:

و قد ينقص عن الاول

خلاصة كلامه:

هو أن نتيجة القاعدة التي ذكرها الشهيد الثاني قدس سره:

تنقص عن نتيجة التي ذكرها المشهور

كما اذا اتفقا على أن قيمة المعيب ستة دنانير:

يعني بقول كلتا البينتين و قال إحدى البينتين:

إن قيمة الصحيح ثمانية دنانير -

ص: 274

كما اذا اتفقا على أن قيمة المعيب ستة

و قالت إحداهما: قيمة الصحيح ثمانية

و قالت الأخرى: عشرة

فعلى الأولى

+++++++++++

- و قالت الأخرى:

إن قيمته عشرة دنانير

فعلى الاولى: و هو الطريق المشهوري

8 + 10-18

2/18-9 معدّل الصحيح

و أما المعيب:

فلا يحتاج الى معدّل، لاتفاق البينتين عليه:

و هو (6)

إذا:

6/9-2/3

فيؤخذ بثلثي القيمة المسماة بالعقد

3/3-2/3-1/3

و على الثانية يكون التفاوت على إحدى البينتين ربعا

6/8-3/4، 6/10-3/5

4/4-3/4-6/4

5/5-3/5-2/5

1/4 + 2/5-5/20 + 8-13/20

13/20 + 2-13/20 * 1/2-13/40-1/3/07 -

ص: 275

تجمع القيمتان و يؤخذ نصفهما تسعة و نسبته الى الستة بالثلث

و على الثانية يكون التفاوت على إحدى البينتين ربعا

و على الأخرى خمسين

فيؤخذ نصف الربع، و نصف الخمسين

فيكون ثمنا و خمسا: و هو ناقص عن الثلث بنصف خمس توضيح هذا المقام (62)

+++++++++++

- مع العلم بأن الشيخ يقول في هذه الصفحة:

فيؤخذ نصف الربع، و نصف الخمسين

فيكون ثمنا و خمسا و هو ناقص عن الثلث بنصف خمس و على الطريقة القديمة ينتج:

5 * 8-40، 8/40-5

5/40-8

40 * 3-120

5/120-24

8/120-15

3/120-40

24 + 15-39

أي توضيح هذه الكيفية المذكورة:

هو أن الاختلاف بين البينات

إما أن يكون في الصحيح فقط، مع اتفاقهما على قيمة المعيب

و إما أن يكون في المعيب فقط، مع اتفاقهما على قيمة الصحيح

و إما أن يكون الاختلاف فيهما:

أي في الصحيح، و المعيب معا

و لا يوجد فرض رابع، لأن الفرض الرابع

إنما هو على اتفاقهما على قيمتي الصحيح، و المعيب معا

مع العلم بأننا نفترض اختلافهما كليا، أو جزئيا

ثم يفصل الشيخ قدس سره الاحتمالات الثلاثة الناشئة من الاختلاف المذكور:

و هي ثلاثة:

ص: 276

إن الاختلاف

إما أن يكون في الصحيح فقط مع اتفاقهما على المعيب

و إما أن يكون في المعيب فقط

و إما أن يكون فيهما

فان كان (63) في الصحيح فقط

كما في المثال الأخير

فالظاهر التفاوت بين الطريقتين دائما، لأنك قد عرفت أن الملحوظ على طريقة المشهور

نسبة المعيب الى مجموع نصفي قيمتي الصحيح المجعول قيمة منتزعة و على الطريقة الأخرى (64)

+++++++++++

هذا هو الاحتمال الاول المشار إليه في هذه الصفحة:

و هو كون الاختلاف في الصحيح فقط

و الاتفاق على المعيب

كما في المثال الأخير المشار إليه في الهامش 61 ص 274

قال قدس سره في هذا المقام في هذه الصفحة:

فالظاهر التفاوت بين الطريقين دائما:

يعني لا يتفق طريق المشهور في نتيجته

مع طريق الشهيد الثاني قدس سره، حتّى في مورد واحد

بل الاختلاف بينهما دائمي

و يبرهن على ذلك بقوله في هذه الصفحة:

لأنك قد عرفت أن الملحوظ على طريقة المشهور

إن طريقة استخراج النسبة

خلاصة برهانه:

هو ملاحظة نسبة المعيب الى مجموع نصفي قيمة الصحيح:

أي معدّل القيمتين للصحيح الذي ذكرتهما البينتان

فنجعل المعدّل كأنه هي قيمة الصحيح

و يسميها الشيخ قيمة منتزعة

و نلاحظ النسبة بينها.

و بين قيمة المعيب التي اتفقت البينتان عليها

أي و أما بناء على الطريق الآخر:

و هو طريق الشهيد قدس سره -

ص: 277

نسبة المعيب الى كل من القيمتين المستلزمة بعد فرض وجوب العمل بالبينتين، جمعا لملاحظة أخذ نصفه مع نصف الآخر، للجمع بين البينتين في العمل

و المفروض في هذه الصورة

أن نسبة المعيب الى مجموع نصفي قيمتي الصحيح التي هي طريقة المشهور:

+++++++++++

- فنلاحظ نسبة المعيب المتفق عليه بين البينتين الى كل من القيمتين للصحيح

و هذا يستلزم ملاحظة أخذ نصف إحدى القيمتين مع نصف الآخر ليحصل لنا من الناحية الفقهية أننا عملنا بالبينتين في الجملة

و المفروض في هذه الصورة: و هي صورة اتفاقهما على المعيب و اختلافهما على الصحيح المفروض أن نسبة المعيب الى مجموع نصفي قيمة الصحيح.

أي الى معدّل الصحيح الذي هي طريقة المشهور:

مخالفة لنسبة نصفه: أي نصف الصحيح:

أي الى معدّل المعيب، لأن نسبة الكل الى الكل

تساوي نسعة نصفه الى كل

من نسبة ذلك الكل:

و هي الاربعة و النصف في المثال

لا الى كل من النصفين المركب منهما ذلك الكل الذي يكون على الطريق المشهور كالأربعة و الخمسة

بل النصف المنسوب الى أحد بعض (جزء) المنسوب إليه كالأربعة

هي نسبة مغايرة لنسبته:

أي المعدّل الى البعض الآخر:

أعني الخمسة

و هكذا غيره من الأمثلة

و الشيء الأساسي هنا مطلبان:

(أحدهما):

استذكار طريقتي المشهور، و الشهيد، حيث إن المشهور يرى في هذه و هي صورة الاتفاق على المعيب، و الاختلاف على الصحيح -

ص: 278

مخالفة لنسبة نصفه الى كل من النصفين، لأن (65) نسبة الكل الى الكل

تساوي نسبة نصفه الى كل من نصفي ذلك الكل:

و هي الاربعة و النصف في المثال

لا الى كل من النصفين (66) المركب منهما ذلك الكل

كالأربعة، و الخمسة

+++++++++++

- أن المطلوب هو ايجاد النسبة بين المعيب المتفق عليه:

الى معدّل الصحيح المختلف فيه، و الذي يسميه الشيخ قيمة منتزعة:

أي مأخوذا من كلا الاحتمالين

و يرى الشهيد أخذ نسبة المعيب الى كلّ من قيمتي الصحيح

و ذلك عن طريق أخذ نصف قيمة المعيب مع نصف قيمة الصحيح

و كذلك نصف قيمة المعيب مع قيمة الأخرى للصحيح

و ملاحظة النسبة بين الأمرين، و اخراج معدّل النسبتين كما سبق و يشير الشيخ في ص 278 الى ذلك بقوله: للجمع بين البينتين في العمل، لأن الأمر كما سبق خير من إسقاطهما معا

أو العمل بأحدهما بلا مرجح

(ثانيهما):

تحصيل النسبة بين الطريقين بخصوص هذه الصورة

و ذلك أن نسبة المعيب المتفق عليه الى معدّل الصحيح المختلف فيه:

لا تتفق مع نسبة نصف المعيب

الى كل من النصفين للصحيح

يعني نسبة كل قيمة المعيب الى كل قيمة الصحيح

تساوي نسبة نصفه الى كل من نصفي ذلك الكل

خذ لذلك مثالا:

إن نسبة الستة الى الثمانية تساوي نسبة الثلاثة الى الاربعة

و هذا مطابق لطريقة الشهيد

أي لا أن نسبة الكل الى الكل تساوي نسبة المعيب الى معدّل الصحيح كما هو طريق المشهور

و الخلاصة: إن المفهوم من هذه العبارة:

(لا الى كل من النصفين المركب فيهما ذلك الكل):

أن نصفي الصحيح هو المعدّل الناتج من القيمتين له

ص: 279

بل (67) النصف المنسوب الى أحد بعض المنسوب إليه كالاربعة:

نسبة مغايرة لنسبته الى البعض الآخر:

أعني الخمسة و هكذا غيره من الأمثلة

و إن (68) كان الاختلاف في المعيب فقط

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام:

إن نصف المعيب المتفق عليه المنسوب الى بعض قيمة الصحيح المختلف فيه:

هي نسبة مغايرة لنسبته الى بعض الآخر

خذ لذلك مثالا

لو كانت قيمة الصحيح أربعا و خمسا

كانت نسبة المعيب: و هي الثلاثة

الى نصف الاربعة، و الى نصف الخمسة

غير نسبتها الى معدّل الاربعة، و الخمسة

الذي هي الاربعة و النصف

طريقة المشهور: المعدل/معدل الصحيح

طريقة الشهيد: 1/2 المعيب/معدل قيمتي الصحيح

طريقة المشهور: قيمة المعيب/قيمة الصحيح 1/2 قيمة المعيب/ 1/2 قيمة الصحيح

طريقة الشهيد: قيمة المعيب/قيمة الصحيح لا يساوي قيمة المعيب/معدل قيمتي الصحيح

هذا هو الاحتمال الثاني المشار إليه في ص 277

خلاصته:

هو كون الاتفاق على الصحيح،

و الاختلاف على المعيب فقط:

ص: 280

فالظاهر عدم التفاوت بين الطريقتين أبدا، لأن نسبة الصحيح الى نصف مجموع قيمتي المعيب على ما هو طريق المشهور مساوية لنسبة نصفه الى نصف إحداهما

و نصفه الآخر الى نصف الاخرى

كما اذا اتفقا على كون الصحيح اثني عشر

+++++++++++

- بأن تتفق كلتا الطريقتين السابقتين دائما.

و لا يقع الاختلاف بينهما، لأن:

قيمة الصحيح/معدل قيمة المعيب 1/2 قيمة الصحيح/ 1/2 قيمة أحدهما + قيمة الصحيح/ 1/2 قيمة المعيب الاخرى

ثم يضرب الشيخ مثالا في هذه الصفحة و يقول:

كما اذا اتفقت البينتان على أن الصحيح اثنا عشر دينارا

و قالت إحداهما:

إن المعيب ثمانية دنانير

و قالت الأخرى:

إن قيمة المعيب ستة دنانير

فهنا على طريق المشهور نأخذ معدّل المعيب:

8 + 6-14، 2/14-7

7/12 من القيمة السوقية التي يؤخذ بمقدارها من القيمة المسماة في العقد

و هذا يساوي نتيجة طريق الشهيد

و ذلك: بأن تنسب إحدى قيمتي المعيب الى قيمة الصحيح

8/12-4/6-2/3، 3/3-2/3-1/3

و ننسب القيمة الأخرى أيضا:

6/12-1/2، 2/2-1/2-1/2

ثم نطرح إحداهما من الأخرى

1/2-1/3-3/6-2-1/6

ص: 281

و قالت إحداهما:

المعيب ثمانية

و قالت الأخرى:

ستة، فان تفاوت السبعة، و الاثني عشرة الذي هو طريق المشهور:

مساو لنصف مجموع تفاوتي الثمانية مع الاثني عشر

و الستة مع الاثني عشر، لأن نسبة الاولين بالثلث

و الأخريين بالنصف

و نصفهما السدس، و الربع

و هذا بعينه تفاوت السبعة، و الاثني عشرة

و إن اختلفا (69) في الصحيح، و المعيب

فان اتحدت النسبة (70) بين الصحيح، و المعيب على كلتا البينتين،

+++++++++++

- لأن نسبة الأولين بالثلث، و الآخرين بالنصف

و نصف الثلث هو السدس

و نصف النصف هو الربع

و هذا بعينه تفاوت السبعة، و الاثني عشر، فان السبعة، و الاثني عشر تختلفان بالسدس، و الربع، لأن السبعة عبارة عن نصف الاثني عشر و واحد من الاثني عشر، و سدس الاثني عشر اثنان، و ربع الاثني عشر ثلاث

فيكون:

2 + 3-5

12/12-5/12-7/12

هذا هو الاحتمال الثالث المشار إليه في ص 276:

و هو الاختلاف في قيمة الصحيح، و المعيب معا

فهنا قسمان:

هذا هو (القسم الاول):

و هو اتحاد النسبة بين الصحيح، و المعيب على كلتا البينتين

خذ لذلك مثالا:

إن 6/12 على احدى البينتين

و 8/16 على البينة الأخرى

ص: 282

..........

+++++++++++

- فعندئذ يتحد الطريقان دائما و مثاله في كلام الشيخ

هو قول إحدى البينتين:

إن قيمة الصحيح اثنا عشر دينارا

و المعيب ستة دنانير

و قول البينة الأخرى:

إن قيمة الصحيح ستة دنانير

و المعيب ثلاثة دنانير

فاذا طبقنا طريقة الشهيد

أخذنا معدّل الصحيحين

12 + 6-18، 2/18-9

6 + 3-9، 2/9-4/5

4/5/9-1/2

فتكون النتيجة هي نفسها على طريقة المشهور:

و هي نسبة الصحيح الى المعيب في بينة هي:

6/12-1/2

و الصحيح، و المعيب على البينة الأخرى: و هي

3/6-1/2

و الى هذا القسم أشار الشيخ قدس سره بقوله في ص 282:

فان اتحدت النسبة

الى آخر ما ذكره في هذا القسم

ثم قال الشيخ:

و الحاصل:

إن كل صحيح ضعف المعيب:

أي على شهادة كلتا البينتين

يلزم من ذلك كون نصف الصحيحين:

أي معدّل الصحيح ضعف نصف المعيبين:

يعني ضعف معدّل المعيب

ص: 283

(و النسبتين)

فتتحد الطريقتان دائما

كما اذا قوّمت احداهما صحيحا باثني عشر

و معيبا بستة

و قوّمت الأخرى صحيحا بستة

و معيبا بثلاثة، فان نصف الصحيحين:

أعني التسعة تفاوته مع نصف مجموع المعيبين:

و هي الأربعة و النصف:

عين نصف تفاوتي الاثني عشر مع الستة

و الستة مع الثلاثة

و الحاصل:

إن كل صحيح ضعف المعيب

فيلزمه كون نصف الصحيحين ضعف نصف المعيبين

و إن اختلفت النسبة (71)

فقد يختلف الطريقان

و قد يتحدان

و قد تقدم مثالهما في أول المسألة:

+++++++++++

هذا هو القسم الثاني:

و هو الاختلاف في النسبة

بين قيمة الصحيح، و المعيب على إحدى البينتين منها على البينة الأخرى

فهنا يقول الشيخ:

(تارة):

يختلف الطريقان

(و أخرى):

يتحدان

و قد تقدم مثالهما في أول المسألة

و الى اتحاد الطريقين، و اختلافهما

أشار قدس سره بقوله في هذه الصفحة:

فقد يختلف الطريقان، و قد يتحدان

ص: 284

ثم إن الأظهر (72)، بل المتعيّن في المقام

هو الطريق الثاني المنسوب الى الشهيد قدس سره، وفاقا للمحكي عن إيضاح النافع، حيث ذكر أن طريق المشهور:

ليس بجيد، و لم يذكر وجهه

و يمكن ارجاع كلام الأكثر إليه كما سيجيء

و وجه (73) تعين هذا الطريق:

+++++++++++

هذا رأيه قدس سره

يبدأ بالبرهان على صحة هذا الطريق، و دحض الطريق المشهور

هذا هو البرهان الذي أقامه قدس سره على إبطال مسلك المشهور:

حاصله: إن مسلك المشهور مبتن على العمل بكلتا البينتين باعتبار أخذ نصف قيمة الصحيح، و نصف قيمة المعيب الذي يرجع الى أخذ المعدّل قيمة الصحيح، و قيمة المعيب

غير أن الشيخ يقول:

إن الأشياء التي يمكن أن تباع على قسمين:

(القسم الاول): و هو الأغلب

فهو ما تساوى قيمة نصفيه: النصف الثاني منه:(1)

بمعنى أن قيمة هذا النصف هي نفس قيمة النصف الثاني منه

و هذا ما ينطبق عليه طريق المشهور بدون إشكال

(القسم الثاني):

ما لا تساوى قيمة نصفيه: بحيث تكون قيمة أحد النصفين مختفة عن قيمة النصف الآخر

فيكون الأخذ بطريق المشهور في مثل ذلك فاشلا

بل مقتضى القاعدة على ما يقول الشيخ:

هو الأخذ بمعدّل كلّ من النصفين المختلفين مستقلا

و بناء على رأيه قدس سره فينبغي لنا أن ننسب نصف النصف من أحدهما الى نصف النصف من الآخر و نعمل ذلك في النصف الثاني أيضا

و اذا دققنا أكثر أمكننا القول: بأن الشيء الواحد

كما قد يختلف نصفاه

فقد تختلف أرباعه أيضا

إذا نحتاج الى أخذ المعدّل لكل ربع مستقلا

و هكذا:

ففي ضوء هذا الشرح يمكن فهم عبارته -

ص: 285


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

- حيث قال قدس سره في ص 285:

و وجه تعين هذا الطريق:

أي طريق الشهيد الثاني:(1)

أنه ينحصر الاستنتاج بينهما، إذ لا يوجد طريق ثالث متصور في نظره

فهو قدس سره يروم الطعن على طريق المشهور

فهمته منصبة على مناقشة طريق المشهور

فهذا الطعن و الانصباب

كاف في اثبات صحة طريق الشهيد الثاني

و حاصل مراده قدس سره:

إن القاعدة الفقهية التي تبرهن على صحة أحد الطريقين

لا تنطبق على طريق المشهور، لأن المشهور عند ما

يقول بأخذ المعدّل بين القيمتين

و الشهيد حينما يقول بأخذ المعدّل بين النسبتين له

يقول بأحد وجهين فقهيين:

(الوجه الاول):

هو الجمع بالعمل بين البينتين في الأخذ من كل منهما في نصف العين

(الوجه الثاني):

هو أن أخذ المعدل إنما هو لأجل الجمع بين الحقين:

بتنصيف ما به التفاوت نفيا و اثباتا:

أي فيما فسّره أحدهما(2) و ربحه الآخر

ثم يأتي الشيخ بمثال للجمع بين الحقين بالتنصيف

و حاصل المثال:

إن شخصين أودعا درهمين عند شخص

ثم ضاع أحد الدرهمين عند الشخص المودع الذي يعبر عنه ب: (الودعي)

فجاء المالكان يطالبانه بالدرهمين، و لم يعلما بضياع الدرهم الواحد، و لم يعلما أنه لمن

و لم تكن هناك بينة في ذلك تشهد لأحد الشخصين:

بأن الدرهم الضائع من فلان

و لا ادّعى أحدهما اختصاصه بالدرهم الموجود

فعندئذ لا بدّ من الحكم و القضاء بتنصيف الدرهم الموجود بين المالكين

ص: 286


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب
2- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

أن أخذ القيمة من القيمتين على طريقة المشهور

أو النسبة المتوسطة من النسبتين على الطريقة الثانية

إما للجمع بين البينتين، لإعمال كل منهما في نصف العين

كما ذكرنا

و إما لأجل أن ذلك توسط بينهما، لأجل الجمع بين الحقين:

بتنصيف ما به التفاوت نفيا و اثباتا

على النهج الذي ذكرناه أخيرا في الجمع بين البينتين

كما يحكم بتنصيف الدرهم الباقي من الدرهمين المملوكين لشخصين اذا ضاع أحدهما المردد بينهما:

من عند الودعي، و لم تكن هناك بينة تشهد لأحدهما بالاختصاص

بل و لا ادّعى أحدهما اختصاصه بالدرهم الموجود

فعلى الأول (74)

فاللازم و إن كان هو جمع نصفي قيمتي الصحيح، و المعيب

كما فعله المشهور:

بأن يجمع الاثنا عشر، و الثمانية المفروضتين قيمتين للصحيح في المثال المتقدم

و يؤخذ نصف إحداهما قيمة نصف المعيب صحيحا

و نصف الأخرى قيمة النصف الآخر منه

و لازم ذلك (75) كون تمامه بعشرة

+++++++++++

أي إنا اذا أردنا الجمع بين الحقين على طريقة المشهور

فاللازم هو جمع نصفي قيمتي الصحيح، و اخراج المعدّل له و جمع نصفي قيمتي المعيب، و اخراج المعدّل له

كما فعله المشهور:

بأن نجمع الاثني عشر، و الثمانية اللذين كانا قيمتين للصحيح في المثال المتقدم

ثم نأخذ نصف أحدهما بصفته قيمة لنصف المبيع حال كونه صحيحا

ثم نأخذ بنصف قيمة الصحيح الأخرى بصفته قيمة للنصف الآخر من نفس المبيع

و ليس ذلك أكثر من اخراج المعدّل بين القيمتين

12 + 8-20، 2/20-10

أي و لازم العملية المذكورة أن يكون كل الصحيح بعشرة

ص: 287

و نجمع (76) قيمتا المعيب:

أعني العشرة، و الخمسة

و يؤخذ لكل نصف من المبيع المعيوب

نصف من أحدهما

و لازم ذلك (77) كون تمام المبيع سبعة و نصف

إلا أنه (78) لا ينبغي ملاحظة نسبة المجموع من نصفي إحدى القيمتين:

أعني العشرة:

الى المجموع من نصف الأخرى:

أعني سبعة و نصفا

كما نسب الى المشهور، لأنه اذا فرض لكل نصف من المبيع قيمة تغاير قيمة النصف الأخرى

وجبت ملاحظة التفاوت بالنسبة الى كل من النصفين صحيحا و معيبا

و أخذ الارش لكل نصف على حسب تفاوت صحيحه، و معيبه

+++++++++++

أي ثم بعد ذلك نجمع القيمتين للمعيب:

و هي العشرة، و الخمسة، و نأخذ لكل نصف من المبيع المعيوب نصفا من أحدهما

أي و لازم هذه العملية المذكورة أن يكون تمام المبيع بصفته معيبا سبعة دنانير و نصف دينار

10 + 5-15، 2/15-7/5

خلاصة هذا الكلام:

إنه لا ينبغي ملاحظة النسبة بين معدّل الصحيح، و معدّل المعيب:

و هو قوله: نسبة المجموع من نصفي إحدى القيمتين:

يعني للمبيع بصفته صحيحا:

أعني العشرة الى المجموع من نصف الأخرى:

أي المبيع بصفته معيبا:

أعني سبعة و نصف كما نسب الى المشهور، فان هذا غير صحيح لأنه إنما يتم فيما اذا فرض أن كلا النصفين من المبيع ذو قيمة متساوية

و أما اذا فرض أن لأحد النصفين من المبيع قيمة مختلفة -

ص: 288

فالعشرة (79) ليست قيمة لمجموع الصحيح

إلا باعتبار أن نصفه مقوّم بستة

و نصفه الآخر بأربعة

و كذا السبعة، و النصف (80)

+++++++++++

- مع قيمة النصف الآخر

فسوف يكون طريق المشهور فاشلا

و كان اللازم عندئذ ملاحظة فرق النسبة (التفاوت بالنسبة) الى كل من النصفين: صحيحا، و معيبا:

يعني أخذ المعدّل من كل نصف مستقلا بصفته صحيحا تارة، و معيبا أخرى

إذا يكون عندنا أربع معدّلات، و ليس اثنين

و يبتني على ذلك أخذ الارش لكل نصف من المبيع مستقلا عن النصف الأخر على حسب التفاوت

أو اختلاف قيمة صحيحه، و معيبه

أي العشرة التي عرفنا أنها معدّل الصحيح

ليست قيمة لمجموع الصحيح في الحقيقة،

إلا باعتبار أن نصف المبيع مقوّم بستة:

و هو نصف الاثني عشر

و النصف الآخر بأربعة

و هو نصف الثمانية

فيكون المعدّل عشرة

أي و كذا السبعة، و النصف للمبيع بصفته كون المبيع معيبا

و النصف الآخر مقوّم باثنين، و نصف:

إلا باعتبار أن نصفه مقوّم بخمسة:

و هو نصف العشرة

و النصف الآخر مقوّم باثنين و نصف:

و هو نصف الخمسة

و هذا إنما يتم عند تساوي النصفين

لا عند اختلافهما

و أما مع الاختلاف فلا وجه للأخذ بهذا المعدّل:

أي للعمل على الفرق ما بين مجموع العشرة الذي هو معدّل قيمتي الصحيح -

ص: 289

ليست قيمة المجموع المعيب

إلا باعتبار أن نصفه مقوّم بخمسة

و نصفه الآخر باثنين و نصف

فلا وجه لأخذ تفاوت ما بين مجموع العشرة و السبعة و النصف

بل لا بدّ من أخذ تفاوت ما بين الأربعة، و الاثنين، و نصف، لنصف منه

و تفاوت (81) ما بين الستة، و الخمسة للنصف الآخر

و توهم (82) أن حكم شراء شيء تغاير قيمتا نصفيه

+++++++++++

- و السبعة و النصف التي هي قيمة المعيب

و قد ذكرنا قبل صفحات أننا نجعل كسرا اعتياديا منهما على طريقة المشهور

7/5/10-3/4

إلا أن هذا لا يكون مع اختلاف نصفي المبيع في القيمة

بل لا بدّ حينئذ من ملاحظة النصفين مستقلا

و أخذ الفرق بين نصفيهما:

أي ما بين الاربعة، و الاثنين، و النصف: - و هما قيمتي الصحيح، و التفاوت

أو الفرق ما بين نصفي قيمتي المعيب الذي هي الثلاثة، و الاثنان، و ثلاثة أرباع، لأن قيمتي المعيب هي الستة، و نصفها الثلاثة،

و الخمسة و النصف

و نصفها ما ذكرنا

و الى هذا اشار بقوله في هذه الصفحة:

فلا وجه لأخذ تفاوت ما بين مجموع العشرة، و السبعة و نصف

بالجر عطفا على المجرور في قوله في هذه الصفحة: من أخذ التفاوت:

أي بل لا بدّ من أخذ تفاوت ما بين الستة، و الخمسة

خلاصة هذا التوهم:

إن الشيخ قدس سره يريد الانتصار لطريق المشهور

فيعرض صورة لموضوع معين يكون طريق المشهور فيه صحيحا فيقيس ذلك على محل الكلام -

ص: 290

حكم ما لو اشترى بالثمن الواحد مالين معيبين مختلفين في القيمة:

صحيحا، و معيبا:

بأن اشترى عبدا، و جارية باثني عشر دينارا

فظهرا معيبين

فالعبد يساوي أربعة دنانير صحيحا، و اثنين، و نصفا معيبا

و الجارية تساوي ستة دنانير صحيحة، و خمسة معيبة،

فانه لا شك في أن اللازم في هذه الصورة

+++++++++++

- و كأنه يقول:

إن طريق المشهور في محل الكلام أيضا صحيح

و قد عرفت أن محل الكلام هو هذا الذي قاله:

و هو الشيء الذي تغاير قيمتا نصفيه:

أي يكون أحد النصفين مختلفا في القيمة عن الآخر

و أما صورة المقيس عليه في هذا التوهم

فهو ما لو حصل الشراء بثمن واحد، و عقد واحد على مالين معيبين، و لزم أخذ الارش منهما

و ذلك كما لو كان عبد، و جارية

و كانت قيمة كل واحد منهما صحيحا

غير قيمته معيبا -

و هنا لا يشير الشيخ الى اختلاف البينات في الصحيح، و المعيب و إنما يظهر من كلامه أن قيمة الصحيح، و المعيب هنا واقعية و يفترض الشيخ أن القيمة المسماة بالعقد

اثنا عشر دينارا

فالعبد يساوي أربعة دنانير لو كان صحيحا

و اثنين و نصفا لو كان معيبا

و الجارية تساوي ستة دنانير صحيحة

و خمسة دنانير معيبة

ثم قال قدس سره في هذه الصفحة ما خلاصته:

إنه لا شك في أن اللازم في هذه الصورة

هي ملاحظة مجموع قيمتي الصفقة صحيحة، و معيبة:

أي ملاحظة قيمتهما صحيحتين

مع ملاحظة قيمتهما معيبتين -

ص: 291

ملاحظة مجموع قيمتي الصفقة صحيحة، و معيبة:

أعني العشرة، و السبعة، و النصف

و أخذ التفاوت: و هو الربع من الثمن:

و هي ثلاثة اذا فرض الثمن اثني عشر دينارا

كما هو طريق المشهور فيما نحن فيه:

مدفوع (83):

+++++++++++

- و قيمتهما صحيحين تساوي عشرة دنانير

6 + 4-10

و قيمتهما معيبين تساوي سبعة دنانير و نصف دينار

2/5 + 5-7/5

7/5-4/4.3/4-3/4-1/4

و عندئذ قال في ص 292:

و أخذ التفاوت: و هو الربع من الثمن المسمّى في العقد:

4/12-3

اذا فرض أن الثمن اثنا عشر دينارا

كما هو طريق المشهور فيما نحن فيه

دفع عن الوهم المذكور في ص 290

خلاصة الدفع:

إنه فرق بين المقيس، و المقيس عليه:

أي بين المثال الذي ذكره:

و هما المبيعان المستقلان المعبر عنه

ب: المقيس عليه

و بين محل الكلام الذي هو النصفان المختلفان في القيمة المعبر عنه ب: المقيس

و من هنا يبدأ الشيخ بالحديث عن المثال الذي ذكره في التوهم، و أن قاعدة المشهور صحيحه

لكن هذا لا يلازم أن تكون صحيحة فيما نحن فيه

ثم قال في المثال:

إن الثمن: و هو اثنا عشر دينارا

موزّع على العبد، و الجارية -

ص: 292

بأن الثمن في المثال لما كان موزعا على العبد، و الجارية بحسب قيمتهما

فاذا أخذ المشتري ربع الثمن ارشا

فقد أخذ للعبد ثلاثة أثمان قيمته

و للجارية سدسها

كما هي الطريقة المختارة، لأنه أخذ من مقابل الجارية:

أعني سبعة، و خمسا:

+++++++++++

- فاذا أخذ المشتري: أي استرجع من البائع ربع الثمن بصفته ارشا:

و هي الثلاثة

فقد أخذ للعبد ثلاثة أثمان قيمته و للجارية سدسها

كما هو الطريق المختار

4/6-2/3، 3 * 2/3-2

5/2/4-5/2 * 1/4-5/8، 8/8-5/8-3/8

5/6، 6/6-5/6-1/6

لأنه قد أخذ من مقابل الجارية:

أعني سبعة و خمسا:

سدسه: و هو واحد و خمس

3 * 5/7-15/7

و لما كانت هذه العملية صعبة جدا

لاحتياجها الى زيادة توضيح

فنقول:

إن السر فيه هو أن العبد، و الجارية في المثال الذي فرضهما لما كانا مالين مفروضين مختلفين في القيمة:

بحيث لوحظ كل منهما لحاظا مستقلا

و لازم هذا أن يكون الثمن مأخوذا بإزاء مالية كل واحد منهما -

ص: 293

سدسها:

و هو واحد و خمس و من مقابل العبد:

أعني أربعة، و أربعة أخماس:

ثلاثة أثمان:

و هو واحد، و أربعة أخماس

فالثلاثة التي هو ربع الثمن

منطبق على السدس، و ثلاثة أثمان

+++++++++++

- على حسب ماليتهما:

يعني أن الثمن المذكور في العقد انبسط عليهما بنسبة قيمتهما السوقية

فلا بد حينئذ من ملاحظة الاختلاف الذي بينهما بحسب المالية:

أي بحسب القيمة السوقية، و أخذ النسبة بين القيمتين

و توزيع الثمن المسمى في العقد عليهما بتلك النسبة

و حيث إن التفاوت بين قيمتي العبد المقوّم صحيحا بأربعة دنانير و معيبا بدينارين، و نصف دينار:

بثلاثة أثمان: أي التفاوت يكون بثلاثة أثمان:

و هو دينار واحد، و نصف دينار:

يعني أن الثلاثة أثمان هو واحد، و نصف

نظرا الى أن الأربعة ثمنها نصف

فثلاثة أثمانها واحد، و نصف

فلا بد حينئذ أن يأخذ المشتري من البائع من الثمن المسمى في العقد: و هو اثنا عشر دينارا:

أعني ثلاثة أثمانه

و لما كان المأخوذ ارشا حسب ما فرضه القائس:

هو الربع من اثني عشر دينارا: أعني ثلاثة دنانير

فلازمه أن يكون الثمن المأخوذ قيمة للعبد

أربعة دنانير، و أربعة أخماس الاربعة

و لا شك أن ثلاثة أثمانها واحد، و أربعة أخماس

ضرورة أن ثمن الاربعة هو النصف

إذا يكون ثلاثة أثمان الاربعة واحدا و نصفا

و أما الاربعة أخماس

فثلاثة أثمانها ثلاثة أعشار -

ص: 294

بخلاف ما نحن فيه، فان المبذول في مقابل كل من النصفين المختلفين بالقيمة:

أمر واحد: و هو نصف الثمن

فالمناسب لما نحن فيه

فرض شراء كل من الجارية، و العبد في المثال المفروض بثمن مساو للآخر:

+++++++++++

- ضرورة أن كل خمس عشران، فتصير الأربعة أخماس ثمانية أعشار و ظاهره أن ثلاثة أثمان الثمانية أعشار ثلاثة أعشار و الثلاثة أعشار خمس و نصف، لأن كل خمس عشران

و مجموع الخمس، و النصف مع الواحد، و النصف

واحد و أربعة أخماس، لأنه نصف كل عدد خمسان و نصف و مجموع الخمسين، و النصف، مع الخمس، و النصف:

يصير أربعة أخماس

كما أن التفاوت بين قيمتي الجارية المقوّمة صحيحة

بستة دنانير، و معيبة بخمسة دنانير

بالسدس.

فلا بد للمشتري حينئذ من أخذه من أصل الثمن المبذول إزاء الجارية: - سدسا من الثمن.

و حيث إن المأخوذ أرشا

هو الربع من اثني عشر دينارا:

و هي ثلاثة دنانير

فلازمه أن يكون المأخوذ قيمة للجارية سبعة و خمسا.

فيؤخذ من الثمن السدس:

و هو واحد و خمس

أما أن سدس السبعة، و الخمس واحد، و خمس فواضح، لأن سدس الستة واحد فيبقى واحد و خمس

و حيث إن الواحد خمسة أخماس

فيصير مجموعها مع الخمس ستة أخماس، و سدسها خمس -

ص: 295

بأن أشتري كلا منهما بنصف الاثني عشر في عقد واحد أو عقدين

فلا يجوز حينئذ أخذ الربع من اثني عشر

بل المتعين حينئذ أن يؤخذ من ستة الجارية:

سدس

و من ستة العبد اثنان، و ربع

فيصير مجموع الارش ثلاثة، و ربعا:

و هو المأخوذ في المثال المتقدم على الطريقة الثانية و قد ظهر مما ذكرنا أنه لا فرق (85):

بين شهادة البينات بالقيم

أو شهادتهم بنفس النسبة بين الصحيح، و المعيب

و إن لم يذكروا القيم

هذا كلّه اذا كان (86) مستند المشهور في أخذ القيمة الوسطى:

الى العمل بكل من البينتين في جزء من المبيع

+++++++++++

- فصار المجموع واحدا و خمسا

و مجموع الواحد و أربعة أخماس، و الخمس الذي هو تفاوت قيمتي العبد، مع الواحد و الخمس الذي هو تفاوت قيمتي الجارية:

يصير ثلاثة دنانير:

4/5-1 + 11/5-3

و هذا ربع الاثني عشر،

و هو منطبق على السدس، و ثلاثة أثمان اللذين هما التفاوت بين قيمتي الجارية، و قيمتي العبد

خلاصة هذا الكلام:

إنه لا فرق بين أرقام القيمة السوقية نفسها

أو شهادة البينات بنفس النسبة

بين الصحيح، و المعيب، من دون ذكر الأرقام

كما قالوا:

إن الفرق بين الصحيح، و المعيب ربعا، أو سدسا و نحو ذلك بحسب القيمة السوقية -

ص: 296

و أما اذا كان المستند (87) مجرد الجمع بين الحقين

على ما ذكرناه أخيرا:

بأن تنزل القيمة الزائدة و ترتفع القيمة الناقصة على حدّ سواء

فالمتعين الطريقة الثانية أيضا

سواء شهدت البينتان بالقيمتين

أم شهدتا بنفس النسبة بين الصحيح، و المعيب

أما اذا (88) شهدتا بنفس التفاوت

+++++++++++

فيؤخذ من القيمة المسماة في العقد بتلك النسبة و اذا اختلفت البينات في النسبة

أخذ المعدّل بين النسب التي قالوها و عملنا عليها:

أي أخذنا من الثمن المسمى في العقد بتلك النسبة

خلاصة هذا الكلام:

إنه اذا كان مستند المشهور في أخذ القيمة الوسطى يعني في الدليل الفقهي هو العمل بكل من البينتين في جزء من المبيع

فقد سبق منه قدس سره في ص 259 بقوله:

إنه خير من اهمال البينتين معا بالتساقط

كما أنه خير من العمل بإحداهما، دون الأخرى، لأنه ترجيح بلا مرجح

خلاصة هذا الكلام:

إنه اذا كان المستند في طريقة المشهور

هو الجمع بين الحقين:

و هما حق البائع، و المشتري

على ما ذكره أخيرا كوجه فقهي آخر للمشهور بالعمل بكلتا البينتين

و ذلك: بأن تنزل القيمة الزائدة

و ترتفع القيمة الناقصة على حدّ سواء:

أي بمقدار متساو

فاذا دار الأمر بين هذين الوجهين الفقهيين

فالمتعين هو الطريق الثاني أيضا:

و هو تنزيل القيمة الزائدة، و رفع الناقصة الذي ذكرناه لك آنفا

سواء شهدت البينتان بالقيمتين:

و هما الصحيح، و المعيب -

ص: 297

..........

+++++++++++

- أم شهدتا بنفس النسبة بين الصحيح، و المعيب بدون ذكر الأرقام

(88) من هنا يروم قدس سره الدخول في تعين الوجه الأخير من كلا الفرضين:

(الفرض الأول):

هو ما اذا شهدت البينتان بنفس التفاوت:

أي بالنسبة بين الصحيح، و المعيب، دون ذكر الأرقام

فالسبب في ترجيح الوجه المذكور:

هي شهادة إحدى البينتين: بأن التفاوت بين الصحيح، و المعيب بالسدس: -

(و هو ديناران من اثني عشر دينارا)

2/12-1/6

و شهادة البينة الثانية: بأن التفاوت، أو النسبة

هي ثلاثة أثمان:

(و هي الثلاثة من الثمانية 3/8)

فحينئذ نتبع الطريقة التي ذكرناها

و نزيد على السدس ما ينقص من ثلاثة أثمان

و صار كل واحد من التفاوتين بعد التعديل

سدسا و نصف سدس و ثمنه:

1/6 + 3/8-8/48 + 18-26/48-13/14

13/14/2-13/14 * 1/2-13/28

3/8-1/6-18/48-8-10/48-5/24

5/24/2-5/24 * 1/2-5/48 -

ص: 298

فلأنه اذا شهدت إحداهما:

بأن التفاوت بين الصحيح، و المعيب

بالسدس: و هو الاثنان من اثني عشر

و شهدت الأخرى:

بأنه بثلاثة أثمان: و هي الثلاثة من ثمانية

زدنا على الثلث ما تنقص من ثلاثة أثمان

و صار كل واحد من التفاوتين بعد التعديل:

سدسا، و نصف سدس، و ثمنه:

و هو من الثمن المفروض اثنا عشر:

ثلاثة، و ربع

كما ذكرنا سابقا

و إن شهدت البينتان بالقيمتين

+++++++++++

- 5/48 + 1/6-5/48 + 8-13/48

5/48 + 3/8-5/48 + 18-23/48

1/6 + 1/2-1/6 + 1/8 * 1/6

1/6 + 1/12 + 1/48-8/48 + 4 + 1-13/48

12 * 13/48-13/4-31/4

ص: 299

فمقتضى الجمع بين حقي البائع، و المشتري في مقام اعطاء الارش و أخذه:

تعديل قيمتي كل من الصحيح، و المعيب بالزيادة، و النقصان:

بأخذ قيمة نسبتها الى المعيب،

دون نسبة القيمة الزائدة، و فوق نسبة القيمة الناقصة

فيؤخذ من الاثني عشر، و العشرة، و من الثمانية، و الخمسة قيمتان للصحيح، و المعيب

نسبة إحداهما الى الأخرى

تزيد على السدس بما ينقص من ثلاثة أثمان

فتؤخذ قيمتان يزيد صحيحهما على المعيب:

السدس، و نصف سدس، و ثمن سدس و من هنا (89) يمكن ارجاع كلام الأكثر الى الطريق الثاني:

+++++++++++

خلاصة هذا الكلام:

إنه من الممكن ارجاع كلام(1) الأكثر الذي هو المشهور الى الطريق الثاني الذي هو طريق الشهيد الثاني قدس سره:

أي يقصد المشهور نفس ما قصده الشهيد الثاني و عينه: بحيث لا يكون هناك شيء آخر، و فرق بينهما:

و ذلك: بأن نحمل كلامهم على أنهم يريدون من أوسط القيم المتعددة للصحيح

و أوسط القيم المتعددة للمبيع:

القيمة المتوسطة بين القيم لكل منهما:

أي للصحيح، و المعيب من حيث نسبة تلك القيمة الى قيمة الآخر فيكون مرادهم من أخذ قيمتين للصحيح، و المعيب: -

ص: 300


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

..........

+++++++++++

- قيمة متوسطة من حيث نسبة إحداهما الى الأخرى:

أي متوسطة بين أقوال جميع البينات المقوّمة للصحيح، و المعيب و ليس في كلام أكثر الفقهاء أن الطريقة هي ما نسب الى المشهور:

من أننا نجمع قيم الصحيح، و ننتزع منها قيمة للصحيح:

و نجمع قيم المعيب، و ننتزع منها قيمة للمعيب:

و هو المعدّل له

ثم ننسب إحدى القيمتين المنتزعتين.

أي ناتج المعدّلين:

و هما معدّل الصحيح، و معدّل المعيب:

الى الأخرى الذي هو طريق المشهور

(الفرض الثاني)

الشهادة بالقيمتين و ليس بالتفاوت، أو النسبة

فللجمع بين حقي البائع، و المشتري أن نأخذ معدّل القيمتين، ثم بالزيادة، و النقصان:

بحيث تكون لدينا قيمة للصحيح متفاوتة عن قيمة المعيب بسدس و نصفه، و ثمنه أي ب 13/48

فاذا علمنا أن معدّل قيمتي الصحيح

أي معدّل 10، 12 هو 11 (مجموع نصفيهما)

و معدّل قيمتي المعيب

أي معدّل 8، 5 هو 6/5 (مجموع نصفيهما)

و هو المعدّل له

نفرض قيمة الصحيح المطلوبة ص

و نفرض قيمة المعيب المطلوبة م

ص م + 13/48 م (معادلة رقم 1)

و لما كانت زيادة المعيب الى القيمة المعدلة م تساوي

نقيصة الصحيح الى القيمة المعدلة ص

إذا: 11 - ص م - 6/5

أي: ص - 17/5 - م، (معادلة رقم 2)

أي: م - 17/5 - ص، و بتعويض هذه المعادلة في معادلة رقم (1) -

ص: 301

بأن يريدوا من أوسط القيم المتعددة للصحيح، و المعيب:

القيمة المتوسطة بين القيم لكل منهما:

من حيث نسبتهما الى قيمة الأخرى

فيكون مرادهم من أخذ قيمتين للصحيح، و المعيب:

قيمة متوسطة من حيث نسبة إحداهما الى الأخرى

بين أقوال جميع البينات

المقوّمتين للصحيح، و الفاسد

و ليس في كلام الأكثر أنه تجمع القيم الصحيحة، و تنتزع منها قيمة و كذلك قيم المعيبة ثم تنسب إحدى القيمتين المنتزعتين الى الأخرى قال (90) في المقنعة:

فان اختلف أهل الخبرة (91)

عمل على أوساطها

و نحوه (92) في النهاية

+++++++++++

- يكون:

ص 17/5 - ص + 13/48(17/5 - ص)

إذا: ص 17/5 - ص + 4/74-13/48 ص

109/48 ص 22/24

إذا ص 9/8

و لما كان م 17/5 - ص

إذا م 17/5-9/8-7/7

و نلاحظ أن التفاوت بين 9/8 و بين 7/7

هو بنسبة 13/48 و هو المطلوب..

و هذا الحل الرياضي يعرف بالمعادلتين الأنبتين

و فيه نوع من التعقيد لطالب علم الفقه، فأشار الشيخ إليه و لم يفصله

من هنا يريد قدس سره الاستشهاد بكلام الأعلام من الفقهاء على الإمكان المذكور

و هم المقوّمون للقيم الصحيحة، و المعيبة

أي و نحو ما أفاده شيخ الأمة شيخنا المفيد

ما أفاده شيخ الطائفة في النهاية

ص: 302

و في الشرائع (93):

حمل على الوسط (94)

و بالجملة (95)

فكل من عبّر بالوسط

يحتمل أن يريد الوسط من حيث النسبة

لا من حيث العدد

هذا (96)

مع أن المستند في الجميع (97)

هو ما ذكرناه: من وجوب (98) العمل بكلّ من البينتين في قيمة نصف المبيع

نعم لو لم تكن بينة أصلا

لكن علمنا من الخارج أن قيمة الصحيح:

إما هذا، و إما ذاك (99)

و كذلك قيمة المعيب (100)

+++++++++++

استشهاد ثالث على الإمكان المذكور

راجع شرائع الاسلام الجزء 2 ص 38 عند قوله:

فان اختلف أهل الخبرة في التقويم

أي خلاصة الكلام في هذا المضمار

أي ما تلوناه عليك في هذا المقام من البداية الى النهاية

أي طريق المشهور و طريق الشهيد الثاني(1) و الطرق التي أفادها الأعلام.

كلمة س بيان لما ذكرناه:

أي ما ذكرناه لك عبارة عن قيمة متوسطة من حيث نسبة إحداهما بين أقوال جميع البينات:

أي تجمع بين الحقين بتعديل التفاوت كما عرفت آنفا.

فلا تذهب يمنة و يسرة حتى تقع في خبط و اشتباه فلا تهتدي الى طريق مستقيم.

أي إما عشرة دنانير أو ثمانية

أي إما ثمانية دنانير أو ستة

ص: 303


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

و لم نقل حينئذ (101) بالقرعة، أو الأصل

فاللازم الاستناد في التنصيف الى الجمع بين الحقين على هذا الوجه

و قد عرفت أن الجمع بتعديل التفاوت، لأنه الحق

دون خصوص القيمتين المحتملتين

و اللّه (102) العالم

+++++++++++

أي و لم نعمل حين أن عملنا بالقرينة الخارجية و علمنا قيمة الصحيح و قيمة المعيب فلا نحتاج الى القرعة أو الأصل

أي إن اللّه سبحانه و تعالى هو العالم بحقائق الأمور و كيفياتها و نحن جاهلون بكلها

هذا آخر ما أفاده شيخنا الأعظم الشيخ الأنصاري قدس اللّه نفسه الطاهرة في اختلاف المقومين في القيم الصحيحة، و المعيبة، و اخراج المعدّلات

و قد أتعب نفسه الكريمة الزكية

فسبحان من أعطاه هذه الفكرية الجبارة

و ما أعظمها؟

ص: 304

الفهارس

فهرس البحوث

5 - في سقوط الأرش دون الرد

7 تحقيق حول أدلة الأرش و الرباء

9 صفة الصحة لا تقابل بشيء من الثمن.

11 العيب الذي لا يوجب نقصا ماليا في المبيع.

13 في سقوط الرد و الأرش معا.

15 من الأمور المسقطة للرد و الأرش معا.

17 ظهور الأدلة في التبري من العيوب الموجودة حالا.

19 لا فرق في البراءة بين خيار العيب و خيار الرؤية.

21 في العيوب المستحدثة في المبيع.

23 المعنى الثالث للتبري.

25 في سائر أحكام العيب.

27 في سقوط الرد، و الأرش.

29 في زوال العيب عن المبيع المعيب.

31 لا اختصاص بالنص بصورة التصرف قبل العلم.

33 حلّ إشكال الضرر على المشتري.

35 في تنزيل الصحة منزلة الأوصاف المشترطة.

37 الصحة الفائتة في المبيع لا توجب أرشا.

39 الإشكال في سقوط الرد لو لا الاجماع.

41 في حدوث العيب في المبيع المعيب.

43 مراد العلامة من لزوم الرباء.

45 مقدار استحقاق البائع من المشتري

47 الفرق بين حدوث عيب جديد و المقبوض بالسوم.

49 في سقوط الرد وحده.

51 الاستصحاب هو الملاك في الفورية

53 كتمان العيب الخفي غش.

55 ما أفاده ابن ادريس في كتمان العيب

57 في مزج اللبن بمقدار من الماء.

59 اختلاف المتبايعين في حدوث العيب

61 اقامة أحد المتبايعين البينة.

63 الفرق بين الطهارة و نفي العلم.

65 في الاكتفاء بالحلف على نفي العلم

67 وجدان المشتري عيبا في المبيع.

69 في اليمين المردودة على الوكيل

71 هل للوكيل رد العين المعيبة على الموكل؟

73 ما أورده المحقق الكركي على العلامة

75 اختلاف المتبايعين في السلعة.

77 اتفاق المتبايعين على الخيار و اختلافهما في السلعة.

79 إنكار البائع أن المبيع ليس له.

81 في أصول متعددة.

83 بقاء الخيارات عند تلف المبيع.

85 رأيه قدس سره في الأصول المثبتة.

87 استصحاب بقاء العيب.

89 عدم معارضة الاستصحاب باستصحاب آخر.

ص: 305

91 عدم أحد الضدين لا يثبت وجود الضد الأخر.

93 ما أفاده الشهيد في الدروس.

95 في الحديث الوارد عن أبي الحسن عليه السلام.

97 في تأييد مكاتبة جعفر للقاعدة المعروفة.

99 هل يحكم على المشتري بالصدق أم لا؟

101 البراءة من العيوب لا تجدي في سقوط خيار العيب.

103 المسألة الخامسة من المسائل الخمس

105 دلالة بعض الأخبار على قاعدة من ملك شيئا.

107 ما أفاده الشهيد في الدروس.

109 في ادعاء الزوج الرجوع في العدة.

111 ادعاء المشتري الجهل بالفورية.

113 في ماهية العيب و حقيقته.

115 فيما يوضع عليه الخراج.

117 زيادة الخراج على المقدر عيب.

119 عدم حصول العيب إلا بزيادة الخراج.

121 في التزام البراءة من النقص.

123 عدم ثبوت الخيار مع الاطلاق.

125 في أن الخصاء عيب.

127 في ظهور الثمرة.

129 في أن العيب مضمون على البائع.

131 في الاستدلال برواية السيّاري.

133 في ظاهر اطلاق الرواية.

135 في الإشكال على الاستدلال بالرواية

137 في الإشكال في الاستدلال بالرواية

139 في الإشكال على الاستدلال بالرواية

141 توجيه لما أفاده العلامة.

143 في بيان قاعدة كلية.

145 في المراد من التعميم.

147 الكلام في أفراد العيب.

149 في أفراد العيب.

151 ما أفاده العلامة في العيب.

153 عدم الاستفادة من المبيع عيب.

155 في أن كلا السببين تصرف.

157 ما أفاده العلامة في القواعد.

159 الإشكال على ما نسب في الإيضاح.

161 فيما يوجب رد المبيع

163 في الرواية المستدل بها

165 في الاستدلال برواية سماعة

167 في اشتراط البكارة

169 في النص الوارد في الكافي

171 عدم الختان من جملة العيوب

173 عدم الحيض من جملة العيوب

175 ايراد على صاحب الجواهر

177 كفاية المرة في الإباق

179 الثفل الخارج عن الاعتدال عيب

181 توجيه رواية السكوني

183 تحقيق حول وجود الدردي في الزيت

185 ما أفاده العلامة في التحرير

187 الصورة الرابعة في الدردي

189 مطلق المرض عيب

191 العيوب الموجبة للرد

ص: 306

193 النصوص الواردة في المقام

195 ما أفاده صاحب الحدائق

197 كفاية وجود مادة العيب في المبيع

199 في الرد على ما أفاده الشهيد الثاني

201 تحقيق حول عدم تملك المجذوم

203 تساوي العيوب الأربعة مع العيوب

205 تحقيق حول وصف الصحة

207 ايراد ابن ادريس على الشيخ المفيد

209 في عيوب متفرقة

213 تحقيق حول الأرش

215 في المعاني التي أطلق عليها الأرش

217 في تبعية ضمان النقص

219 في تسمية ضمان الاصل

221 الأرش جزء من الثمن

223 في العلم بالعيب بعد الشراء

225 المردود لا يزيد و لا ينقص

227 توهم بعض الأعلام

229 الأرش تتميم للعيب

231 دلالة النص و الاجماع على ضمان الوصف

233 ضمان الأرش بمقدار الثمن

235 عدم تعين الأرش من عين الثمن

237 ما يختاره المشتري في الأرش

239 استغراق الأرش قيمة المعيب

241 توجيه الضمان

243 في استيعاب الجناية القيمة

245 عدم رجوع للمشتري لو كان عالما بالعيب

247 في اختيار المشتري الفدية

249 لو اقتص من الجاني عمدا

251 اطلاق الخبرة على المخبر

253 لو تعذرت معرفة القيمة

255 الاختلافات الواردة عند اختلاف المقوّمين

257 اختلاف المقوّمين

261 في الإشكالات الواردة على مختاره

263 في الرد على الإشكالات

265 حكومة قاعدة الجمع على القرعة

267 طريقان للجمع بين البينات المتعارضات

269 ملاحظة النسبة بين القيمتين

271 ما أفاده الشهيد الثاني في الجمع(1)

273 مقدار التفاوت بين القيمتين

275 في اتفاق المقوّمين على القيمة

277 مراتب الاختلاف بين الصحيح و المعيب

279 مخالفة طريقة المشهور مع طريقة الشهيد الثاني

281 عدم التفاوت بين الطريقتين

283 في النتيجة على الطريقتين

285 رأي الشيخ حول الطريقتين

287 وجه تعين طريقة الشهيد الثاني

289 ملاحظة النسبة بين الطريقتين

291 توهم

293 دفع التوهم

295 ما يبذل في مقابل كل من النصفين

ص: 307


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

297 مستند طريق المشهور

299 في الفرض الأول

301 ناتج المعدّلين

303 ما أفاده المحقق في الشرائع

ص: 308

فهرس التعاليق

5 المراد من العيب

5-7 تحقيق حول جملة حذرا من الربا و اعرابها

11 مناقشة و خلاصتها

11 لطيفة مع شيخنا الأنصاري

12 خلاصة الكلام في العيب

12 الغرض من ذكر القيد

13 ما أفاده الشيخ صاحب الجواهر

14 في الايراد على ما أفاده صاحب الجواهر

16 نص الصحيحة

17 ما نسب الى القاضي

17 تفنيد من الشيخ لما نسب الى القاضي

17 خلاصة الإشكال و الجواب عنه

18 إشكال و خلاصته

18 تأييد و خلاصته

19 استدراك

19 ايراد من الشيخ على الاستدراك

210 فرق و خلاصته

210 ترق من الشيخ

21 تحقيق من الشيخ حول التبري

22 التقدير الأول

22 التقدير الثاني

23 التقدير الثالث

23 بعد و وجهه

24 استدراك و خلاصته

25 تحقيق حول عبارة الشيخ

27 رأي شيخنا الشهيد و خلاصته

28 عدم مجال للقول بالاستصحاب

310 وهم و الجواب عنه

310 رد التوجيه

310 خلاصة رأي الشيخ في التصرف

31 ترق و خلاصته

32 إشكال

32 إشكال على الإشكال

33 تنظير و خلاصته

33 الأمر الأول و خلاصته

33 الأمر الثاني و خلاصته

34 تنظير و خلاصته

34 منشأ الاستدراك

35 تعليل و خلاصته

35 ما أفاده صاحب مفتاح الكرامة

35 استدراك و خلاصته

36 خلاصة ما أفاده الشيخ

36 كيفية ورود الإشكال

37 وهم و الجواب عنه

37 وهم و جوابه

38 إن قلت قلنا

ص: 309

39 ما أفاده السيد الطباطبائي في تعليقته

39 في عدم ثبوت الإجماع و استفاضة نقله

410 من الأمور الموجبة لسقوط الرد

41 إن قلت قلنا

44 تحقيق حول كلام الشيخ

44 إشكال و خلاصته

48 تحقيق من الشيخ حول ما أفاده صاحب مفتاح الكرامة

49 نص الحديث الرابع

510 إشكال في ما أفاده صاحب الكفاية

510 ما أفاده المحقق الشهيدي

53 الأقوال الخمسة في الإعلام

56 تحقيق حول كلمة لا

59 استدراك و خلاصته

59 توجيه من الشيخ حول إمكان المشتري حدوث العيب عنده

610 توجيه من الشيخ في تقديم قول المشتري

61 تحقيق حول الاستعلام و الاستخبار

62 في كيفية حلف البائع و المشتري

63 فرق و خلاصته

64 نص الرواية الواردة عن حفص بن غياث

65 في نقل الحديث عن الكافي

68 خلاصة كلام الشيخ

68 خلاصة الكلام في رد اليمين

69 خلاصة الكلام في الوكيل

69 فرض و خلاصته

710 تعليل و خلاصته

71 الأقوال الثلاثة في اختلاف الفقهاء في اليمين المردودة

73 تعليل و خلاصته

73 استدراك و خلاصته

75 خلاصة كلام شيخنا الأنصاري

75 انحلال المسألة الى مسألتين

75 خلاصة المسألة الأولى

76 المسألة الثانية و خلاصتها

77 تمهيد و خلاصته

77 نقاش و حاصله

78 استدراك و خلاصته

79 حوار الشيخ مع فخر المحققين

810 وهم و خلاصته

810 الجواب عن الوهم

81 الأصول الثلاثة

82 في الرد على الأصول الثلاثة

83 في النقاش و الحوار مع فخر الاسلام

84 تنازل من الشيخ قدس سره

85 عدم مخالفة الشيخ لفخر الاسلام

87 تعليل و خلاصته

89 رأي الشيخ في الاختلاف

910 تعليل و خلاصته

ص: 310

91 استدراك و خلاصته

92 وجود عيبين في المسألة

95 اعتراض على المصححين و المعلقين على المكاسب

97 تحقيق حول الحديث الشريف

98 وهم و الدفع عنه

98 في الإشكال على المحدث البحراني قدس سره

102 تحقيق حول الاختلاف في الفسخ

104 تحقيق حول نداء الدلال

105 احتمال من الشيخ فيما أفاده الشهيد

105 في ذكر بعض الأحاديث

107 تعليل و حاصله

108 فرض المسألة

109 خلاصة التضعيف

109 ادعاء الزوج في رجوعه عن الطلاق المعيب و الصحيح

112 وهم و الجواب عنه

113 تحقيق حول الضيعة و الغلّة

115 تحقيق حول الحد الوسط بين و الثانوية

116 تحقيق حول الطبيعة الأولية و الحقيقة الثانوية

117 نظائر كثيرة للحقيقة الأولية و الحقيقة الثانوية

118 النسبة بين الحقيقة الأولية و الحقيقة الثانوية

119 تحقيق حول الغلفة و البكارة

120 استدراك و خلاصته

1210 المقياس و المعيار في الصحة

121 في مقتضى اطلاق العقد

122 في منشأ الثمرة بين الاعتبارين

124 تحقيق حول كلمة السابق

124 ملاك الصحة و العيب

125 تفريع

126 استثناء

127 ثمرة الخلاف

127 المراد من الأمر بالتأمل

128 ظهور الثمرة أيضا

128 وجه النظر

129 ما أورده الشيخ على شقي الثمرة

1310 تحقيق حول ركب المرأة

132 ما قاله ابن أبي ليلى

132 تحقيق حول الحديث

132 تعليل و خلاصته

135 الأمر الأول و خلاصته

136 وهم و دفعه

136 وهم و دفعه

137 تحقيق حول لفظة قرع

137 الأمر الثاني و خلاصته

138 إشكال و خلاصته

1410 وجه الأمر التأمل

141 ذكر عادات التجار

143 تحقيق حول كلام العلامة في التذكرة

ص: 311

145 ما أفاده الشهيد الثاني حول التعميم

147 تحقيق حول أفراد العيوب الموجبة لرد المعيب

152 تعليلان و خلاصتهما

152 وهم و خلاصته

154 استدراك و خلاصته

158 استشهاد و خلاصته

159 أن الخيار للمشتري

1610 مقصوده من هذا الاستدراك

161 حكم الحيوانات الحامل

162 المسألة الثالثة من المسائل الثمان

163 تعليل الامام عليه السلام

171 خلاصة هذا الكلام

174 توجيه صاحب الجواهر الحديث

175 ردّ من الشيخ على صاحب الجواهر

1810 اعتراض و خلاصته

181 وهم و الجواب عنه

184 وهم و الجواب عنه

189 تحقيق حول لفظة الحدبة

191 في الايراد على ما أفاده الشيخ الأنصاري حول خلو الحديث عن الجذام

192 تحقيق حول رواية أبي همام و ما أفاده المحقق الأردبيلي

193 في أقسام الروايات الواردة في العيوب الموجبة للرد

194 ما استفاده الشيخ الأنصاري من كلام المحقق الأردبيلي

197 توجيه من الشهيد الثاني و خلاصته

198 إشكال و خلاصته

199 المراد من العمومات

201 في اثبات قاعدة كلية

201 المراد من عدم تملك المجذوم

203 إشكال و وجهه

204 الفرق بين هذه العيوب و العيوب الأخر

205 المقدمة الأولى و الثانية

206 استدراك و ذكر الوجوه فيه

208 توجيه الشيخ لما أفاده الشيخ المفيد

212 تعليل و خلاصته

213 المراد من العارض

217 تحقيق حول تبعية ضمان النقص

218 تحقيق حول كلمة مستام

219 كلام حول وقوع العين طرفا للمعاوضة الصحيحة

221 قاعدة كلية بصورة التعليل

222 استدراك و خلاصته

223 النصوص الواردة في المقام

229 إشكال و خلاصته

229 استدراك و خلاصته

232 تعليل و خلاصته

259 وهم و الجواب عنه

2610 خلاصة ما أفاده العلامة

2610 خلاصة ما أفاده الشيخ الأنصاري

261 الإشكال الأول

ص: 312

261 الإشكال الثاني

262 الإشكال الثالث

262 الجواب عن الإشكال الأول

263 الجواب عن الإشكال الثاني

264 الجواب عن الإشكال الثالث

267 تعليل و خلاصته

268 دخول الشيخ في ساحة العراك و النزاع

2710 طريق آخر غير طريق المشهور

271 ذكر وجه آخر غير وجه المشهور

276 توضيح الكيفية المذكورة

277 الاحتمال الأول

278 طريق الشهيد الثاني(1)

278 مطلبان

2810 كلام و خلاصته

ص: 313


1- راجع الحاشية الجديدة بهذا الرقم فى آخر الكتاب

فهرس الأحاديث الشريفة

الألف

البينة على المدّعي، و اليمين على من أدّعي عليه 97

البينة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه 97

الخيار لمن اشترى 49

اذا قبّل، أو لامس، أو نظر منها الى ما يحرم على غيره 49

إنه ليس في الإباق عهدة 176

إن العهدة في الجنون، و البرص سنة 176

إنه يمضي عليه البيع 13، 16، 31

المؤمنون عند شروطهم 17

أ فيحل الشراء منه 64

أيّما رجل اشترى شيئا 16

إنما اشترى منك سمنا و لم يشتر منك ربا 179

إنه له ارش العيب 234

التاء

ترد الجارية من أربع خصال:

الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن

العين

عليه الثمن 95

الفاء

فقال: صدّق عمّك و كذّب الغلام و أخرجه و لا تقبله 105

فأحدث فيه بعد ما قبّضه شيئا 31

فذلك رضى منه

فمن أين جاز لك أن تشتريه و يصير ملكا لك 64

فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم

أن يردّ الى صاحبه 189

في أربعة أشياء خيار سنة:

الجنون، و الجذام، و القرن، و البرص 189

فقال على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير البيع له 240

ص: 314

القاف

قال: إن كان يعلم أن ذلك في الزيت ردّه على صاحبه 178

قال: الجنون، و الجذام، و البرص، و القرن 180

قال: كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد، أو نقص فهو عيب 131

قال: يردّها على الذي ابتاعها منه عشر قيمتها 150

قال: يردّها، و يردّ معها شيئا 150

قال: إن كان مثلها تحيض و لم يكن ذلك من كبر 173

الكاف

كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع 132

كان عليّ عليه السلام لا يردّ الجارية بعيب اذا وطئت. و لكن يرجع بقيمة العيب 227

اللام

لا 65

لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق 64

ليس على الذي اشترى شيئا 26

لك بكيل الربّ سمنا 179

الواو

و لم يتبرأ منه إليه، و لم يبين له 13

و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب إن كان فيها 135

و يردّ عليه البيع 16، 31

و إن كان بينهما شرط 125

الهاء

هذا أول السنة يعني المحرم 191

هو لي 64

الياء

يجوز بلا بينة 65

يستحلف باللّه ما رضيه 26

ص: 315

فضيلة الأخ العزيز الفاضل الأديب الشيخ عبد الأمير الحسيناوي دام فضله

تفضل بهذا التاريخ فضيلة الأخ العزيز الفاضل الأديب الشيخ عبد الأمير الحسيناوي دام فضله و علاه:

هذا كتاب قد حوى في طيّه *** كنز العلوم بأوثق الأخبار

فيه علوم للشريعة جمّعت *** بمكاسب تبقى مدى الأعصار

المرتضى علم الهدى قد خطّه *** سفرا له فسما على الأسفار

يا طالب العلم أ ترتوي من منهل *** عذب أتى خال من الأكدار

وافى بتحقيق التقيّ محمّد *** و لنا غدا نورا من الأنوار

مولى سما في العلم حتى أنه *** أحيا لنا أثرا من الآثار

أ أبا علاء فقت في خيريّة *** فيها وقاك اللّه شرّ النار

قد نلت في الدنيا بها حسن الثنا *** و تفوز في الأخرى مع المختار

بورك عام زاد تأريخا فقط *** أنفقت فيه مكاسب الأنصاري

1415 /ه

ص: 316

الخاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

هذا هو (الجزء السابع عشر) و هو آخر المطاف من الخيارات و قد أنهيت بحمد اللّه تبارك و تعالى هذا الجزء الميمون المبارك

في اليوم السادس عشر من شهر صفر المظفر عام 1416

بعد أن كانت بداية الشروع فيه أول محرم الحرام عام 1414

و قد استوفى العمل فيه مقابلة و تصحيحا و تعليقا و تحقيقا غاية الجهد و الطاقة بقدر الوسع و الإمكان

و قد أقدمت على طباعة هذا الجزء، و إخراجه الى عالم الوجود و أنا أعاني شتّى الأمراض و الآلام

و هي تزداد يوما فيوما، و تشتدّ آونة و أخرى و الطبيب يمنعني من الجهد و الاجهاد.

و يؤكد عليّ بالراحة و الاستجمام

و كلاهما مفقودان عندي، و لا مفهوم لهما فى وجودي

أيها القارئ النبيل الكريم طالع هذا الجزء مطالعة دقيقة

و لا سيّما المسائل الرياضية و معدّلاتها التي هي من أصعب المسائل، و أغمضها، و أعقدها

أخي العزيز كن في مطالعتك الكتاب دقيقا

حتى تحكم أن صدور مثل هذا النتاج في الخارج، و اخراجه الى عالم الوجود

مع هذا الغلاء الفاحش في الورق، و الطباعة، و التجليد

ليس إلا عناية الاهبة، و افاضة من نفحاته القدسية

إن قلت:

فما الذي دعاك على هذا الاخراج و أنت تعاني هذه الأمراض و المشاكل؟ قلت:

ما ذا أصنع و أنا شغوف بانجاز تحقيق هذه الأجزاء واحدا تلو الآخر؟ كل ذلك اجلالا و اكراما لفقه (أئمة أهل البيت)

عليهم الصلاة و السلام الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و ستقف أيها القارئ النبيل عند قراءتك هذا الجزء حول الجهود التي بذلت في تحقيقه، و انجازه الى عالم الوجود

ص: 317

لو أمعنت النظر بعين الانصاف مجردا نفسك عن العواطف كلها فخذ هذه التحفة الثمينة، و الهدية النفيسة

و إني لأرى كل هذه الافاضات، و النفحات من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حلّ فيه آلاف التحية و الثناء

فشكرا لك يا إلهي و سيّدي و مولاي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة.

و أسألك اللّهمّ و أدعوك أن توفقني لإتمام بقية الأجزاء، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للأمة الاسلامية جمعاء

إنك ولي ذلك و القادر عيله

و يتلوه الجزء (الثامن عشر) إن شاء اللّه تعالى

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الحمد للّه الأوّل بلا أوّل كان قبله، و الآخر بلا آخر يكون بعده الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين

و عجزت عن نعته أوهام الواصفين.

ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، و اخترعهم على مشيّته اختراعا ثم سلك بهم طريق ارادته، و بعثهم في سبيل محبّته

لا يملكون تأخيرا عمّا قدّمهم إليه، و لا يستطيعون تقدّما الى ما أخّرهم عنه

و جعل لكلّ روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه

لا ينقص من زاده ناقص، و لا يزيد من نقص منهم زائد

ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا، و نصب له أمدا محدودا يتخطأ إليه بأيام عمره، و يرهقه بأعوام دهره

حتى اذا بلغ أقصى أثره، و استوعب حساب عمره

قبضه الى ما ندبه إليه: من موفور ثوابه، أو محذور عقابه ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا

و يجزي الّذين أحسنوا بالحسنى.

عدلا منه تقدّست أسماؤه، و تظاهرت آلاؤه.

لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون.

(الصحيفة السجادية) الدعاء الأول

ص: 318

و هو في الشروط

أوله قوله قدس سره الشريف:

القول في الشروط التي يقع عليها العقد

و سيخرج إن شاء اللّه تعالى قريبا

كتبت هذه الأسطر في ادارة (جامعة النجف الدينية) في اليوم الجمعة الخامس عشر من شهر صفر الخير عام 1416 في الساعة السادسة عصرا

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

قال عليه الصلاة و السلام:

(من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق)

و قال الحكماء و الفلاسفة:

(شكر المنعم واجب)

أقدم شكري الجزيل، و ثنائي الجميل

للأخ العزيز المؤمن النبيل

الحاج نومان عبد الأمير حفظه اللّه تعالى من كل سوء و مكروه

صاحب (مطبعة المعارف)

حيث أبدى انسانيته حول طباعة الكتاب

من شتى جوانبها، و لم يضمن في تلك الجوانب جهدا

وفقه اللّه تبارك و تعالى لكل خير

و يجعل مستقبل أمره خيرا من ماضيه

بحق محمد و آله سادة السادات صلى اللّه عليهم و سلم

(جامعة النجف الدينية)

السيد محمد كلانتر

ص: 319

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.