البداء عند الشيعة

هویة الکتاب

البَداءُ

عند الشّيعة

تأليف سماحة ایة اللّه العظمى

السيّد على العلاّمة الفاني الأصفهانی

دام ظله العالي

سنه 1394

ربیع الثانی

ص: 1

البداء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على سيّدنا محّمد واله الطاهرين والّلعن على اعدائهم اجمعين أمّا بعد فقد سلني بعض الاجلة عن مسألة البداء فاجبته بجواب مختصر فاستدعی منى التفصيل فيه فأجبنه على ذلك في ضمن فضول ثمانية و خاتمة واليك تفضيل الفصول:

الفصل الأوّل: في بيان معنى كلمة البداء لغةً.

الفصل الثاني : في انّه يجب بحسب قانون المحاورة حمل اللّفظ على ظاهره مالم تكن قرية على خلافه والّا فالمتّبع في فهم مراد المتكلم ما تقتضيه القرينية .

الفصل الثّالث: في شرح حقيقة العلم وبيان الاقوال

ص: 1

في علم الباري تعالى .

الفصل الرّابع: في تشينع بعضٍ على الشعة الامامية في قولهم بالبداء والتقية .

الفصل الخامس: في جملة من أقوال علماء الإسلام من الشّيعة والسنّة حول مسالة البداء.

الفصل السّادس في الاخبار الواردة في البداء.

الفصل السّابع : في ذكر كلمات العلماء وبيان المختار في الجواب عن هذه المسألة .

الفصل الثّامن : في ذكر الأخبار الواردة في البداء بالنسير إلى امام الحسن العسكري عليه السّلام.

وامّا الخاتمة ففيها فوائد إلفائدة الاولى : فى انّ اخبار

ص: 2

البداء ردّ على القول بالجبر والتّفويض .

الفائدة الثانية، في وجه الشّبه بين والبداء في التكوينيّات والنسخ في الاحكام.

الفائدة الثالثة: في نتائج الاعتقاد بالبداء .

الفائدة الرّابعة: في تطابق العقل والشّرع على الزوم النقية.

الفائلة الخامسة: في انّ الخوف والرّجاء من فوائد الاعتقات بالبداء. وقبل الشروع فى المقصود نشير الى انّه قدا تفّقت اخبار العامّة والخاصّة في الدّلالة على أمرين لايتلائمان بحسب الظاهر بل يتناقضان في بادى النظر الأول:أنّ قلم التقدير قلجفّ ازلاً فلا تغيیر فى الحوادث و

ص: 3

المقدّرات أبداً . الثانى: انّ اللّه يمحو ما يشاء ويثبت ، ومن المعلوم ان مقتضى جفاف القلم عدم حصول التغيير في المقدّرات من زيادة عمرا و نقصه ومن سعة رزق اوضيقه ونحو ذلك ومقتضى ذلك عدم التاثير اللّدعاء في دفع البداء وعدم التّاثير للاعمال الخيرّية في سعة الرّزق وانساء الاجل ونحو ذلك، ولذا حاول علماء الاسلام للجواب عن هذه المشكلة التي لها ربط تامّ بمسألة الجبر والتفويض والقضاء والقدر ثمّ انّه قد ورد في اخبارنا التّعبير عن المحو والاثبات بالبداء وحيث انّ اسناد البدأ الى شخص مع اللام الجارّة سبق الجهل له اشكل الامر في اسناد البداء إلى اللّه تعالى وصار ذلك سبباً للتشنيع

ص: 4

على الشّیعة بانّهم ينسبون الجهل الى اللّه ونحن نجيب عن هذا الاشكال في ضمن فصول ثمانية انشاء اللّه .

الفصل الاّول : البداء محمد ود على وزن السماء وهو لغة اسم مصدر من بدايبدو بدواً من باب طلب معنی ظهر ويطلق على ما ينشأ للمرء من الرأى في امر و يظهر له من الصّواب فيه ولا يتعمل الفعل منه مفصولاً عن اللام الجارّة ، قال في القاموس : بدا بدواً وبداء وبدأة وبدّواً ظهر وأبدیته اظهرته وبداوة الشئ اوّل ما يبدو منه وبادی الرأی ظاهره وبداله في الأمر بدوأً وبداءة نشأله فيه رأى وهوذ وبدوات. وقال في الصّحاح، بدا الأمر بدواً مثل قعد قعوداً اى ظهر وأبدية الى أظهرته

ص: 5

الى ان قال وبداله في هذا الامر بدآء ممد وداى نشأ فيه رأى وهوذ وبدوات وفى اساس البلاغة : ذوبدوان بالنّون اى لايزال يبدوله رأى جديد و يظهر له امرسانح قاله ابن الاثیر في النهاية . وقال الشيخ الطوسي في العدّة وامّا البداء فحقيقته في اللّغة هو الظّهور ولذلك يقال بدا لنا سور المدينة وبدالنا وجه الرأى وقال اللّه تعالى وَبدالَهُم سَيَّئاتُ مَا عَمِلُوا وَ بدا الَهُم سيّئاتُ ماكَسبَوُا.و یراد بذلك كلّه ظهر ويستعمل ذلك في العلم بالشی بعد ان لم يكن حاصلًا وكذلك في الظنّ الخ . وقال عمر وبن عبد العزيز ابو ربيعتة بدالى منها معصم حين جّمرت وکفّ خضیب زیّنت بلبنان. ويستعمل كثيراً فى معانى تستلزم

ص: 6

الظّهور والبروز ويمكن ان يكون مستعملاً في معناه الحقيقي وهو الظهور ويراد منه ما هو ملزوم له على نحو الكنایة من الخروج او الوجود اوالحدوث او المجاهرة فيقال بدا القوم اى خرجوا وبادی فلان بالعداوة اى جاهر بها و يستعمل و يراد منه فعليّة وعيد ومباغتة عقاب کقول تعالى: «وَبَدا لَهُمُ مِنَ اللّهِ مالَم يكُونوا يَحتَسِبُونَ» (الزّمر48) «وَ بدالَهُم سِيّئاتُ ما کَسَبُوا (الزمر49)وبدا لَهُم سيّئاتُ ما عَمِلُوا »(الجاثية32) ومن ذلك يعلم بانّ الجامع الإشتراکی المستعمل فيه هذا اللفظ في جميع موارد استعماله هو الظهور لاظهور الرأى فقط لصحّة استعماله في ظهور شئ اخر غير الرأى. ثمّ انّه في موارد استعمال البداء وارادة ظهور الرأی

ص: 7

لا يتكفّل اللفظ بمدلوله اللغوی لاثبات سبب هذا الظهور من كونه الجهل بما هو الصّحيح من الرّأى اوكونه النّدامة من الرأى السّابق اوامرٍ اخر اذ سببا الظهور لا يفهم من لفظ وضع النفس الظهوربل لابد من وجود قرنينة عليه ثم انّ من الواضح انّ مداليل الألفاظ المفردة لا تغيرّ اذا وقعت في ضمن الجمل التركيبّية ، فاذا قلنا بداللّه كذا كان الظاهر منه انّه ظهرله امّا انه ظهر له رأى أم حادث اخر غير الرأي فلا، فان قلت يفهم الرأی من اللام الجارّة في كلمة (لله) ، قلت لیس اللام الّا لمجرد الربط الملائم مع النفع، وحينئذٍارادة ظهور شیءٍ مربوط باللّه تعالى من هذا الكلام، (بدا الله)

ص: 8

ليس خارجاً عن قوانين المحاورة ، مضافاً الى ما ذكرنا من صحّة استعماله في الظهور كناية من تحقّق شئ لم يكن موجوداً في السّابق بمعنى تعلّق الإرادة الجدية بالاختبار من حدث أو مالم يكن وليس ذلك ايضاً خارجاً من الأدب المحاوری اذا كانت قرينة في المقام وحينئذٍ فلنا أن نقول معنى (بدا اللّه كذا) أنّه برزالی عالم الوجود شئ لم يكن موجوداًوكان له الرّبط باللّه تعالى، والرّبط باللّه سبحانه انما يكون من جهة دلالته على قدرة اللّه التامّةومشيئنه الّدائمة على قلب الحوادث المحتملة اذا كانت مقتضیات حدوثها موجودة وذلك بجعل موانع عن حدوث تلك الحوادث او ازالة المقتضيات لها عن

ص: 9

صفحة الوجود قبل تحقّق تأثيرها فيها نظير ما ورد فى الاخبار بان الشّیعة قبل موت اسمعيل كانوا معتقدين بانّ الإمام بعدابيد الصّادق كما كانوا معتقدين بانّ ابا جعفر محّمداً هو الإمام بعدا بيد الهادى فارتفعت تلك المزعمة بموتها في حياة ابيهما و هذا انّما يكون اعلاماً بانّ كلّشیءٍ بيد اللّه وتحت سلطانه وحیث انّ ذلك دليل إنّي على دوام سلطان اللّه وبسط قدرته في كل زمان وبالنّسبة الى كلّشیءٍ وبمشاهدته تزول وسوسة الشاکّ في ذلك ويزول إعتقاد الفائل بانّه قد فرغ من الامر وترجع فائدة هذا الامر الى العباد لا يجابه اعتقادهم بان الصّانع تعالى له الأمر من قبل ومن بعد وانّه کلّ

ص: 10

يوم في شأن وليست يد الله بمغلولة، صحّ ان يقال بأن مفاد «بداللّه كذا ، أبدء لخلقه كذا من غير حاجة الی دعوى أنّ الفصل المجرد استعمل واريد من المزيد فيه حتىّ يتشكل بانه خلاف الظّاهر مضافاً الى انّه لا معنى للاشكال في مورد وجود القرنية . وبالجملة البداء اسم مصدرٍ من بدا يبدو بدوًا والبد ومعناه الظهور كما فلنافد وصلاح الثمّرة عبارة عن ظهور صلاحها و هو فعل لازم اذهو من المبادى القائمة بالذّوات وينقل الی باب الإفعال للتّعدية كقوله تعالى: إن تبُدوُ الصَّدَقاتِ و قوله تعالى : اِن تُبدُو واشيْئاً اَوتُخقُوهُ. ثمّ انّ البداء يسند الى ذوى العقول مثل بدا القوم اى خرجوا و الى غير

ص: 11

ذوى العقول كالامور المحسوسة كما في قول الشاعر : بدا لى منها معصم وقولهم : بد الناسور البلداى ظهر ويسندالى الصّفات النفسانيّة كقوله تعالى (1)، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضأُ مِن اَفواهِهِمُ وقوله تعالى : وبَدا بَيننا وَبَئيَكُم العَداوةُ وَالبَغضاءُ (2)ويسندالى الأراء كقوله تعالى :ثُمَ بَدالَهُم مِن بَعدِماَ رأَوا الأياتِ لَيَسجُنّنَهُ حَتى حينٍ (3). والجامع الاشتراکی بین جميع موارد استعمال هذه الكلمة هو الظهور و البروز وامّا ما يقابله من حيث الإستلزام فيختلف بحسب الموارد فيكون ما يقابله استلزاماً في غالب الموارد الخفاء وفي بعض الموارد العدم وفي بعض الموارد الجهل ففى مثل بد الناسور البلد وَ بَدَتْ لَهَا سَو أتهُما (اعراف (21 ) يكون ما يقابله

ص: 12


1- ال عمران 114
2- المنخه 4
3- یوسف 35

الخفاء وفى مثل بداله في الأمر كذا ، الجهل وفي مثل ثمّ بدالهم من بعد ما رأوا الأيات (يوسف (35) التردّد وفى مثل بد اصلاح الثمرة العدم لانّ المراد حدوث نضبحها بعد ان لم يكن وفي مثل بدا القوم الانتقال من مكان إلى أخرلانّ المراد منه خروج القوم فالبداء في جميع تلك الموارد مستعملة في الظهوروهو معناه اللّغوى والإختلاف انما هو فى ما يقابله الذی يختلف باختلاف الموارد فلاحظ

الفصل الثاني : الاريب فى انّ ظهور كلّ لفظ فى معناه اللّغوى مغيّا بعدم وجود قرنية على خلافه الأّنه من الغواعد المسلّمة في باب المحاورة عند ارباب اللسّان من كلّ لغة انّ المتكلم ابراز مراده بلفظ على خلاف ما وضع له بشرط ان

ص: 13

يذكر فرينة على ذلك اتصّلت بالكلام أم انفصلت فله ان یرید من الاسد الرجل الشجاع مع ذكر قرنية عليه فیقول رأيت اسداً يومی ولايؤاخذ عند العقلاء باستعمال اللفظ في المعنى المجازی بعد تكائر في الاستعمال على القرينية و لذا قلنا في الاصول بان الاستعمال المجازی ليس مشروطاً بترخيص من الواضع وليست العلائق محصورة في الأمور التي ذكروها وكذا يجوز للمتكلم ان يأتي بلفظ ظاهر في العموم مع ارادة الخاص بشرط ان يذكر المخصّص ولو منفصلاً عن الكلام فيما لم يكن بيان المخصّص منفصلاً مخلّاً بالغرض ويجوز له ايضاً الإتيان بلفظ مطلق و ارادة المقيّد شرط ان يذكر القيد على نحو ما بینّا في العام

ص: 14

والخاص، وبالجملة استعمال اللفظ فيما يخالف ظاهره مع القرينة امر شايع عند الناس جمعياً ، وليعلم ان الإعتماد على القرنية العمليّة ايضاً جایزٌو لذا لوقال المولى لعبده اكرم جبرانی لا يكون هذا الكلام باطلاقه شاملاً لعدوّ المولى من الجيران كما ترى ذلك بوضوح في مثل قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وقوله تعالى : إلى ربّها ناظرةٌ وقوله تعالى : اَلَرَّحمنُ عَلَى العَرشِ استوی، حيث ان العقل الفطری المدرك لنزاهة اللّه عن التجسّم يحكم بلزوم التّصوف في الظواهر المذكورة وجعل كل من تلك الأيات ناظرة الي جهة غير التجسيم وتری انّ علماء إلاسلام يشيعون على الظّاهريّة القأئلين بامكان رؤية الباري يوم القيمة

ص: 15

متمتكين بظاهر قوله تعالى : إلى ربّها ناظرة وعليهذا نقول : اذاورد عن ائمّتنا اسناد البداء إلى اللّه وورد عنهم تفسيره بمالاينا في علمه الازلی الّذاتی مثل قولهم لم یبدله من جهل فلا يصحّ الاحدان يقول كيف اسند البداء الى اللّه وهو يستلزم الجهل مع قداسة اللّه عنه وذلك لانّ التفسير الوارد عنهم يكون قرينة على التّوسع والمجاز، قال الشيخ الطوسی(رحمه الله علیه) في العدّة : اذا اضيفت هذه اللفظة الى اللّه تعالى فمنه ما يجوز اطلاقه عليه على ضرب من التوسع وعلى هذا الوجه جميع ما ورد عن الصادقين عليهم السّلام من الاخبار المتضمّنة لإضافة البداء الى اللّه دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم

ص: 16

بعد ان لم يكن انتهى ثمّ انّ هذا في صورة التسليم بانّ اسناد البداء الى شخص يستلزم الجهل وامّا اذا لم نسلم ذلك وقلنا بانّه اعّم من كونه ظهور رأى بعد الجهل فالأمر أوضع اذ لا يكون اسناد البداء الى اللّه مجازاً، قال السيّد المرتضى (رحمه الله علیه) : يمكن حمل ذلك على حقیقته بان يقال بداله تعالى بمعنى ظهر له من الامر مالم يكن ظاهراً له الخ وعلى اىّ حال فيرتفع الاشكال مطلقاً حتّى في الانجا الواردة في انّه بداللّه في حقّ موسى بن جعفر و الحسن العسكری عليهم السلام وذلك لما نرى من انّ علماء الشيعه با جمعهم يستنكرون اسناد الجهل إلى اللّه واخبارنا متواترة في انّ الامامة عهد ازلىّ الهّى لا يتطرّق الیها التّغيير ابداً

ص: 17

وستعرف انّ الاخبار المذكورة ليس مفادها التغيير فى ارادة اللّه، فمن الغريب تشنيع بعض على علماء الشيعة بانّهم يسندون الجهل الى اللّه تعالى اذا التعبير بالبداءلا يلازم الإعتقاد بالجهل بالنّسبة اليه كيف؟والإعتقاد بشیء امر لا يعلم الّأمن قبل صاحب العقيدة به ولا يجوزان یتّهمه احد بعقيدة هو ينفيها عن نفسه ونظير ذلك التشنيع على الشيعة بانّهم مشركون حيث يعبدون التّراب لمايرون بانّهم يسجدون على التّربة، مع انّ الشیعة يذكرون في سجودهم سبحان ربی الاعلى وبحمده، ومع أن السّجدة على التربة الیست سجدة لها ولكن سوء التفاهم ربما یؤثّر حتى في البديهيّات . الفصل الثالث: انّ المتضلّع في

ص: 18

الفلسفة العالية يرى اختلاف الفلاسفة والمتكلّمين في حقيقة العلم ثمّ في حقيقة علم اللّه وفي سعة علم الله وضيقه من حيث التعلق بالمعلومات وفي كيفيّة هذا التعلق امّا الاختلاف في حقيقة العلم فهوانّ العالم هل هو من مقولة الاضافة كما ذهب اليه ابو البركات البغدادی وقال ان العلم صفة اضافيّة للعالم الى المعلوم او هو من مقولة الكيف النفسانی على ما هو المشهور عند المنطقييّن حيث عرّفوه بانّه صورة حاصلة من المعلوم لدى النفس او هوا انفعال النفس لانّه انتقاش لصور المعلومات في النفس او هو منقسم إلى فعلی کهندسة المعمار والى انفعالى كالصّور المرتسمة من الأشياء في

ص: 19

النّفس، وقد يقال بانّ العلم جوهر من الجواهر المتأصّلة بالوجود و قد يقال بانّه لا يمكن تعريفه فهو لا يحدّ وفسّره في لسان العرب بانه تفيض الجهل وفي الصحاح بالمعرفة فقال علمت الشئ عرفته والتحقيق انّ العلم عبارة عن حضور العالم لدى المعلوم وعدم غيبوبة المعلوم عند فحضور الّذات الشاعرة لدى الشّئ هو علمها به وعليهذا فربّما يكون العلم والعالم والمعلوم متحدّاً كعلم الانسان بذاته حيث لا اثینیّه بين الانسان ونفسه والتغاير حينئذٍ بين العالم والمعلوم انما هو ينجو من الاعتبار ففی مثل هذا العلم لا يمكن انّه يقال بانّه تركيفيّة عارضة للنفس اذلا صورة للّذات الإنسانية تنطبع في نفسها فلا اثنينٌية ولا

ص: 20

انطباع ولا انتقاش ولو سلّمنا الاضافة فهى ليست مقولیّة بل اعتبار عقلائی صرف نعم في جملة من الموارد يتوقّف حصول العلم بمعنى حضور العالم لدی المعلوم وحضور المعلوم لدى العالم الى حصول صورة المعلوم بالعرض في ذهن العالم فحصول الصورة وانطباعها في النّفس سلب للعلم لا هی بنفسها علم ولولا ذلك للزم تباين حقیقة العلم وكونه من قبيل المشترك اللفظی بالنسبة الى اقسامه و كونه في مثل علم اللّه بذاته حضورًا او في غيره انطباعاً أو انفعالاً وهكذا. كما انّه ربما يتسبب العلم بمعنى الحضور من الاذعان للنّسبة اذ بسببه يحضر الحكم لدى النفس كما أنه يتسبب الاذعان للنسبة من العلم وهو ادراك

ص: 21

وقوع النسبة اولا وقوعها بمعنى حضور وقوع النسبة اولا وقوعها لدى النّفس وبهذا الاعتبار يقال إن العلم ينقسم الى علم انفعالى وهو التصور الذی يكون في مورد حصول الصورة في الذّهن والى علم فعلى وهو التصديق ((الإذعان)) للنّسبة اذالإذعان بالنّسبة فعل النّفس ومن لوازم هذين القسمين تحقّق الاضافة بين المعلوم والعالم وقد ظهر من هذا البيان انّ كلاً من تلك الاقوال ناظرٌ الى جهة من الجهات المقارنة والمتقدمّة او المتاخّرة عن حقيقة العلم فالعلم عبارة عن الحضور اذ لا جامع اوسع من يشمل الأقسام ومن المعلوم لا بدّية وجود جامع اشتراكی بين الاقسام حذراً من التّباين في حقيقة واحدة.

ص: 22

وامّا الإختلاف في علم البارى جلّ شأنه أمّا بحسب حقیقة علمه تعالى فقد ذهب جماعة من المتكلّمين الى انّ علمه زائد علی ذاته وذهب الشّيعة الإمامّية والمعتزلة بانّ علم كسائر صفاته الثَبوتية عين ذاته اذ لاحدّ لذاته ولا مقارنة لذاته مع شئ ولا حيث ولا ميز في ذاته فهو بوحدته الواجبة علم وقدرة وحياة وهكذا فالواجب تعالى بسيط الخفيفة وكلّ الاشياء بمعنى عدم فقدان ذائه الواجبة لاى معنى من المعانى الوجودية من دون ميز بين الذات وصفة او بين صفة واخرى. وامّا الاختلاف في سعة علم الباری تضيفه من حيث التعلّق بالمعلومات فقد ذهب حج من الفلاسفة إلى عدم تعلق علمه بالجزئيّات وذهب

ص: 23

صاحب المعتبر ابو البركات البغدادی الى عدم تعلق علمه بافعال العباد وذهب الاماميّة بأسرهم الی انّ علمه محيط بالاشياء كليّة كانت ام جزئيّة قال اللّه سبحانه وَما یَعزُبُ عَن رَبَّکَ مِن مِثقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ولا اصغَرَ مِن ذلِكَ وَلا اَكَبَر اِلّا في کِتابٍ مُبینٍ و «یونس 62 ». وقال عزّ من قائل : لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمواتِ وَلا في الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا اَكَبُر اِلّا في كِتابٍ مُبینٍ «سبأ3» ووافقهم في ذلك متكلموا الإسلام وامّا الاختلاف في كيفيّة علمه تعالى من حيث التعّلق بما يما يزذاته فالمذاهب فيه خمسة الأوّل: أنّ نفس ذاته غير زائد عليه وهومذهب القدماء والمشّائیّين .الثانی الصور معلقة لافي محلّ

ص: 24

بمعنى قيام الصّور المعقولة بذاتها ، ذهب اليه افلاطون الإلهي وسميّت بالمثل الافلاطونّية . الثالث : انّ علمه بما عدى العقل الاوّل علم بالصّور القائمة بالعقل الأوّل ذهب اليه المحقّق الطوسي«رحمه الله علیه» في شرح الاشارات الرّابع انه اضافة من العالم الى المعلوم والمعلوم ذوات المعلومات الخارجّية بمالها من الصّفات. الخامس : أنّه صورة أو صور قائمة بذاته تعالى ذهب اليه الصفاتية من المتكلّمين وقال ابو نصير محّمد بن طرحان الفارابي والشيخ ابو على الحسين بن عبداللّه بن سينا البخاری انّ علمه تعالی بمعلوماته منطوٍ فی علمه بذاته وقال تلميذه بهمنیار : اذا كان واجب الوجود يعقل ذاته يعطل لوازم (1)ذاته والّا

ص: 25


1- القول باللوازم للذات الواجبة بيتلزم توالي فاسدة : الاول :

لیس یفعل ذاته و قال ابن سینا فی الفصل السابع من الثامتة من الهیات آلشفاء: ذاته شأنه أن یفیض عنها کلّ وجودو ادراکها من حیث شأنها أنّها کذا یوجب ادراک الأخروان لم یوجد

پاورقی

الاول:اتحاد الفاعل و القابل، الثانی: اتّصاف الباری تعالی باوصاف غیر اضافیة و لا سلبیّة، الثالث: کون الله محلّاً لمعلومات ممکنة متکثر]، الرابع :

بقیه از صفحه پاره شده است

ص: 26

فیکون العلم الرّبوبيمحیطا بالوجود الحاصل و الممکن و المراد من ال ممکن الحادث الزمانی و ال المولی الحکیم الزنئزی فی بدایع الحکم «ص24»نقلا عن الحکماء الالهییّن انّ کل مجرّد قائم بذاته فهو غاقل لذاته و عقله لذاته عین ذاته و التحقیق [بعد ما ثبت بانّ العلم حضور للّذات الشّاعرة لدی معلوم] انّ من البدیهی أنّ الله عالم بذاته

بقیه صفحه پاره شده

ص: 27

عين ذاته البحتة البسيطة ومن صفاته قدرته فيما لا يتناهى من حيث اللايقفيّة في عمود التحقّق وعرضه وهذه القدرة قدرة على الإبداع الى الإيجاد لامن شئ ومن دون الاحتياج بمادّة والة وقدرته من حيث اللّاتيناهی عبارة عن القدرة على الإبداع بالنسبة الى كلّ حظّ يتصوّر للوجود من الذرّة الى الذّروة وتمايز الحظوظ انما هو ناشئٌ عن التفاوت في الإبداع من حيث المرتبة شدة وضعفاً قال عز من قائل «وَ اِن مِنْ شَىءٍ الأَعِنْدَنَا خَزَائِنه وَمَا نُنَزِّلُهُ اِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ»«الحجر21» وليس التمايز بين المبدعات مستنداً الى تمايز ها قبل الوجود اذ لا ماهيّة لها قبل التحقّق ولاصورة معقولة لها قبل الإبداع اذ الماهية انّما هي حّد الوجود لا انّها كانت متفردة قيل

ص: 28

الوجود وألبسها اللّه لباس الوجود وظنّى انّ القائل بان للمبدعات في عالم الاعيان وكذلك للمجردات في عالم المفارقات صوراً معقولة قبل وجودها انما ذهب الى ذلك لذهابه الى القول بالتقرّر للماهيّات قبل الوجود فجعلوها صوراً علميّة ثم وقعوا في عويصة وعائها فمنهم من قال بالصّفة الزائدة وهم المتكلّمون كما اسمعناك ومنهم من قال بانّها متعلقة شبه الاشباح بعلم الباری متدلیة به فهى ظلال لعلمه تعالى ومنهم من جعل وعائها العقل الأوّل كالمحقق الخواجه نصير الدين الطوسی حيث أنه مع سعة باعد في الفلسفة الإلهية ذهب الى هذا القول ومنهم من جعلها مثلاً غير متعلقة بمحل كا فلاطون و حينئذٍ

ص: 29

فعلمه الذّاتی بذاته يكون علماً فعليّاً بالنظر إلى مخلوفاته بمعنی انّ علمه مضافاً الى قدرته مع انّهما نفس هوّتیه البحتة سبب للمخلوقات وهذا أحد معانى العلم الفعلى اذ معناه انّ علمه صار علّة للمعلوم لا انّ المعلوم کانت لهاصورة مر تسمة في ذات العالم اومتعلقة بعلمه او تحت علمه نعم للعلم الفعلی اطلاق اخر وهو حضور المعلوم لدی تحقّقه عند العالم بمعنى أنّه بعد بروز الموجود بالابداع في حيّز الوجود يكون حاضراً لدى المبدع ويكون المبدع حاضراً لديه قال اللّه سبحانه، اَفَلا يَعلم مَن خَلَقَ وَهُو اللّطيف الخَبير ومن هنا ظهر أنّ تحقق المبدعات الزّمانية في اوعيتها مكاناً وزماناً لا يستلزم تغيراً في ذات اللّه بسبب

ص: 30

تغيّر صفته وهو العلم اذا الظهور للموجود فى اىّ وعاء زمانی يكون ظهورًا لدى الخالق الأزلی والأبدی وهو العالم الأوّل الذی لا اوّل له ولا اخر له وتقسيم العلماء علم اللّه بالاعتبار الاخير الى العلم الذاتي والى العلم الفعلى انّما هو للتقريب إلى الأذهان العامية لتوضيح أنّ الحوادث الزّمانية لا يوجب حدوثها تغيّراً في ذات اللّه لأنّ المبدعات (كما قلنا)، بعد خروجها عن صقع عالم الإبداع الى منصة عالم الأعيان تتعنون بعنوان الحدوث وحضورها لدى مبدعها حضور ابداعی و هو عين كونها فعلا اللّه التكويني وكلمته الوجودية فلا حدوث في ذات الباری ولا في علمر نعم التقسيم بالعلم الذاتی والفعلی يفيد المسئلة

ص: 31

البداء راجع كلام السيد المرتضى.

الفصل الرّابع:ذكر محمد بن عبد الكريم في كتاب الملل و النخّل نقلاً عن سليمان بن جرير الزيدی وفخر الرازی حاکًیا عنه في خاتمة كتاب المحصّل ان ائمّة الرافضة صنعوا مقالتين لشيعتهم لا يظفر معهما احد عليهم الأولى القول بالبداء فاذا قالوا سيكون لهم امرٌ وشوكةٌ ثم لّا يكون الامر على ما أخبروه قالوا بدا للّه تعالى فيه قال زرارة بن اعين وهو يخبر عن علامات ظهور الإمام فتلك أمارات تجيئ لوقتها ولولا البد اسميّته غير فائت، الى ان قال و الثانية: التقيّة فكلمّا اراد واتكلّموا به فاذا قيل لهم هذا خطأ أو ظهر لهم بطلانه قالوا انما قلناه تقيّة انتهى

ص: 32

ونُقل عن فخر الرّازى هذه العبارة. قالت الرّافضة البدأ جايز على اللّه تعالى وهو انّه يعتقد شيئًا ثم يظهر له انّ الأمر غباف ما اعتقده وتمسّكوا بقوله تعالى: يمحو اللّه ما يَشَاء وَيُثبت، وهذا باطل لانّ علمة من لوازم ذاته المخصوصة وما كان كذلك فانّ دخول التغيير والتبديل فيه محالٌ انتهى وقد تبعه فى هذا الاشكال جماعة اخرون فتوهّموا أنَّ الشيعة الامامّية يسندون الجهل اوتغيّر الإرادة الى اللّه تعالى مع انّ كتب الشيعة الكلاميّة لم تزل ولا تزال موجودة في متناول الباحثين وهى مصرّحة بان الشیعة بريئون من هذه التّهمة كيف ومن جملة ما يستدل به الشّيعة على أن كتب العهدين محّرفة ما ورد في

ص: 33

فى التورية (1)في سفر التکوین:6 پس خداوند از برای ساختن انسان در زمین تغییر باراده خود داد و در قلب خود یخ کشید7پس خداوند گفت انسانی که خلق کرده ام از روی زمین محو مینمایم از انسان و از بهائم و از حشرات تا بمرغان هوا زیرا که در خصوص ساختن ایشان تغییر باراده ام دادم. وفي التورية الطبعة الثالثة بيروت 1881 «والعربية» الإصحاح السّادس فحزن الرّب انه عمل الإنسان في الارض و تأسّف في قلبه ، 7 فقال الرّب المحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته الإنسان مع بهائم و دبابات وطيور السماء لأنّی حزنت أنّى عملتهم . وانّما نقلت الترجمتين حتى تلاحظ التفاوت بينهما و تقف على ما نتهم

ص: 34


1- طبع فاصل خان لندن 1856-1272

فى الترجمة نعم الترجمتان متو افقتان في اسناد التغيير في الإرادة الى اللّه تعالى وبالجملة انّ علماء الشيعه لايتفاوتون عن علماء السّنة من حيث الاخبار والاقوال اذ كما ورد في احاديثنا انّه قد جفّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيمة فقیل فقیم العمل یارسول الله فقال اعملو فكل ميسر لما خلق له وقد ذكرنا جملة من تلك الاخبار في رسالة المختار في الجبر والاختيار فكذلك قد ورد في احاديث السنة نفس هذا المضمون ففي صحيح البخاری باب القدر: جفّ القلم بما انت لاق وكما انّ الشعية قائلون بالمحو و الإثبات فكذلك اهل السنّة يقولون بذلك فقد روى ابو الدّرداء من طرق العامة على ما نصّ عليه المستشكل نفسه في تفسيره الكبير

ص: 35

عن النبّى (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمْ)ان الله تعالى في ثلث ساعات بقين من اللّيل ينظر في الكتاب الّذی لا ينظر فيه غيره فيمحو ما يشأ و یثبت وسیأتي كلامه انشاء الله وفي شرح صحيح مسلم للنووى ورد ما يدلّ على انّ العامّة كالخاصّة یعتقدون تأثير الدّعاء وصلة الرحم وما شاكل ذلك في زيادة الرزق وانساء الأجل ونحوها وقد أورد البخاری في صحيحه اخبارًا تدل على ما ذكر . الفصل الخامس : ينبغي لنا ان نذكر جملة من اقوال علماء الشيعة قديماً وحديثاً حول مسألة البداء ليظهر بوضوح بانّ ما نسب اليهم من اسناد الجهل الى الله تعالى افتراء محض وقد اشرنا سابقاً بانّ الأطلاع على العقائد انّما هو باخبار المعتقد بها لا بالحدس والاخذ

ص: 36

بلوازم الكلمات فقول قال الشيخ الصدوق في التوحيد :ليس البداء كما تظنّه جهال الناس بانّه بداء ندامة تعالی الله عن ذلك علواً كبيرًا ولكن يجب أنّ نقرّ لله عزوجل بان له البداء معناه ان له ان يبدء لشيءٍ من خلقه فيخلقه قبل شئ ثم يعلم ذلك الشئ ويبدء يخلق غيره أو يأمر بأمرٍ ثم ينهى عن مثله او ينهی عن شئ ثم يأمر بمثل ما نهی عنه وذلك مثل نسخ الشرايع وتحويل القبلة وعدّة المتوفّى عنها زوجها ولا يأمر الله عباده بأمرفي وقت ما الّا وهو يعلم انّ الصلاح لهم في ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم فمن اقرّ لله عز وجل بانّ له ان يفعل ما يشاء ويؤخر ما يشاء ویخلق مكان ما يشاء ويقدّم ما يشاء ويوخّر ما يشاء ويأمر بما يشأ

ص: 37

كيف يشاء فقد اقرّ بالبداء وما عظم الله عز وجل بشیءٍ افضل من انا الإقرار بانّ له الخلق والامر و التقديم والتأخير واثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان والبداء هوردّ على اليهود لأنّهم قالوا ان الله قد فرغ من الأمر فقلنا ان الله كل يوم في شأن يحيي ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء والبداء ليس من ندامة وانما هو ظهور امر تقول العرب بدالى شخص في طريقي أی ظهر وقال الله عز وجل وبدالهم من الله مالم يكونوا يحتسبون اي ظهر لهم ومتى ظهر لله تعالی ذكره، من عبد صلة الرحمن زاد في عمره ومتى ظهر له قطيعة رحم نقص من عمره ومتى ظهر له من عبداتيان الزّنا نقص من رزقه وعمره ومتى ظهر منه التعفّف من الزنا زاد في رزقه

ص: 38

وعمره ومن ذلك قول الصادق عليه السلام ما بداللّه بداء كما بدا له في اسمعيل ابنی يقول ما ظهر للّه امر كما ظهر له في اسمعيل ابنی اذ اخترمه قبلى ليعلم بذلك أنّه ليس بامام بعدی وقال الشيّخ ابو جعفر الصدوق في اعتقاد الشيعة في البدأ إنّ اليهود قالوا ان الله تبارك وتعالى قد فرغ من الأمر قلنا بل هو تعالى كل يوم هو في شأن لا يشغله شأن عن شان يحيى ويميت ويخلق ويرزق يفعل ما يشاء وقلنا یمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده اُمّ الكتاب وانه لا يمحوالّا ماكان ولا يثبت الأّ مالم يكن وهذا ليس ببداء كما قالت اليهود واتباعهم فلبسنا في ذلك الى القول بالبلداء وتبعهم على ذلك من خالفنا من اهل الأهواء المختلفة وقال الصادق

ص: 39

ما بعث الله بيتا قط حتى يأخذ عليه الإقرار لله بالعبودّية وخلع الأندادوانّ الله تعالى يؤخّر ما يشاء ويقدم ما يشأ ونسخ الشرايع والاحكام بشريعة بنيّنا واحكام من ذلك ونسخ الكتب بالقران من ذلك وقال الصادق علیه السلام من زعم ان الله عز وجل بداله في شئ اليوم ولم يعلمه أمس فابرء ومنه و قال عليه السلام: من زعم ان الله بدا له في شيءٍ بداء ندمة فهو عندنا كافر بالله العظيم وأماقول الصادق علیه السلام ما بد الله في شيء كما بداله في اسمعيل ابني فانه يقول ما ظهر به سبحانه امر في شيء كما ظهر له في ابني اسمعيل اذاحترمه قبلی لیعلم انّه ليس بامام بعدی وقال الشيخ الطوسي في کتاب العدّة واما البداء فحقيقته في اللغة هو الظهور ولذلك

ص: 40

يقال بدالناسور المدينة وبدا لنا وجه الرأى وقال اللّه تعالی وبدالهم سيّئات ما عملوا و يراد بذلك كله ظهر وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد ان لم يكن حاصلاً وكذلك في الظنّ فاما اذا اضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز اطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز فاما ما يجوز من ذلك فهو ما افاد النسخ بعينه ويكون اطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع وعليهذا الوجه یحمل جميع ما ورد عن الصادقین عليهم السلام من الأخبار المنضمة لاضافة البداء الى الله تعالى دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعدان لم يكن ويكون وجه اطلاق ذلك فيه تعالى التّشبيه وا لتّشبیه هو انّه اذا كان ما يدلّ على النسخ يظهر به للمكلّفين مالم يكن

ص: 41

ظاهرّاله ويحصل لهم العلم به بعدان لويكن حاصلاً لهم اطلق على ذلك لفظ البداء . وذكر سيدنا الاجل المرتضى قدس الله روحه وجهًا اخر فى ذلك وهو انه قال يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يقال بداله تعالى بمعنى انّه ظهر له من الأمر بالأمريكن ظاهراً و بداله من النهى مالم يكن ظاهراً له لانّ قبل وجود الأمر والنهی لا يكونان ظاهرين مدركين و انما يعلم انه يأمرا وينهی في المستقبل فاماكونه آمراً وناهياً فلا يصح ان يعلمه الا اذا وجد الأمر والنهی وجرى ذلك مجرى احد الوجهين المذكورين في قوله تعالى ولنبلونكّم حتى نعلم المجاهدين منكم بأن نحمله على ان المراد به حتى نعلم (1)جهادكم موجوداً الان قبل وجود الجهاد لا يعلم

ص: 42


1- بالعلم الفعلى

الجهاد موجوداً وانما يعلم ذلك بعد حصوله فكذلك القول بالبداء وهذا وجه حسن جداً . وقال سيد الحكماء في القبسات (ص84) وميضٌ : لقد صحّ بتواتر النقل المستفيض عن سيد البرايا صلى الله عليه واله وسلم انه جفّت الاقلام وطويت الصحف وقال عليه السلام ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال ما اكتب فقال القدر ما كان وما يكون و ما هو كائن إلى الأبد، وقال صلواة الله عليه واله الطاهرين ما من بسنمة کائنة الى يوم القيمة الّا وهى كائنة. وقال عليه واله الصلوة والتسليم جفّ القلم بما هو كائن فقيل له ففيم العمل يارسول الله فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له وقال صلى الله علیه واله وسلم ما منكم من احدالّا وكتب مقعده من النار مقعده

ص: 43

من الجّنة قالوا يا رسول الله افلا نتكّل على كتابنا وندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما من كان من أهل السعادة فسنيسّره لعمل اهل السعادة واما من كان من اهل الشقاءِ فسنیسّره لعمل الشقوة ثم قرء فاما من اعطى واتّقى صّدوق بالحُسنى الأیة وسئل عليه السلام انحن من امر فرغ منه ام في امر مستأفف فقال علیه صلوات الله وملئکته في امرٍ فرغ منه وفي أمر مستأفف وقال علّامة المشكکين واما مهم في التفسير الكبير، فان قال قائل الستم تزعمون ان المقادير سابقة قد جفّ بها القلم وليس الأمر يأنف فكيف يستقيم مع هذا المعنى المحو و الاثبات قلنا ذلك المحو والأثبات ايضاً مما جف بها القلم فلا يمحو الا ما سبق في علمه وقضائه محوه، ثم قال العرب

ص: 44

یسمّی کل ما یجری مجرى الأصل لشیءٍ اُمّاً له منه امّ الراس للدماغ وام القرى لمکة و كل مدينة فهی ام لما حولها من القری وكذلك ام الكتاب وهو الذی يكون أصلاً لجميع الكتب وفيه قولان الأول ان ام الكتاب هو اللوح المخفوظ وجميع حوادث العالم العلوي والسفلی مثبت فيه عن النبي علیه السلام انه قال كان الله ولاشى ثم خلق اللوح المحفوظ واثبت فيه احوال جميع الخلق الى قيام القيامة وعليهذا التقدیر فعندا الله كتابان احدهما الكتاب الذی يكیتبه الملائكة على الخلق وذلك الكتاب محل المحو والأثبات والكتاب الثاني هو اللوح المحفوظ وهو كتاب مشتمل على نقش جميع الاحوال العلوية والسفلية وهو الباقی روى ابو الدّرداء عن النبی

ص: 45

صلى الله علیه واله ان الله تعالى في ثلث ساعات بقين من الليل ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره فیمحو مایشأ وثيبت ما يشاء وللحكماء في تفسير هذين الكتابين كلمات عجيبة واسرار غامضة، والقول الثاني ان ام الكتاب هو علم الله بجميع المعلومات من الموجودات والمعدومات فانها وان تغيرت الا ان علم الله تعالى بها باق منزه عن التغيّر فالمراد بام الكتاب هو ذلك انتهى ما قاله بعبارته، قلت فاذن اللوح المحفوظ كتاب نظام الوجود من الصدر الى الساقة و هو كتاب الله المبين الذي ما من رطب ولايابس لعوا لم الوجود الّا وهو فيه وهو الدهر ولا يحيط به الا فاعله جاعله ومبدعه وصانعه وهو الله سبحانه ولقد استعذبت

ص: 46

ما قاله امامهم الغزالی في كتاب احياء العلوم أن العالم وهو نظام الوجود بجملة تصنیف الله تعالى فما اعذب هذا الكلام واحلاه فالنظام الجملى لعوالم الوجود كتاب الله المبين الذی لا يغادر ما في وسع قابلية طباع الامكان واحتملته منه استحقاق المهيات واستعداد المواد قضاً و قضيضاً ولا صغيرة ولا كبيرة الا احصاها والله سبحانه هو مصنف هذا الكتاب الكبير وجاعله ومبدعه ومخترعه ثم ان هذا الامام المتشكّل المشكک العلامة سلك هنالك مسلك العتوة والاختلاق فقال قالت الرافضة البداء جايز على الله تعالى وهو أنه يعتقد شيئاً ثم يظهر له أنّ الأمر بخلاف ما اعتقده و تمسكوا بقوله تعالى یمحوالله ما يشاء ويثبت وهذا باطل لانّ

ص: 47

علمه من لوازم ذاته المخصوصة وما كان كذلك فانّ دخول التغيير والتبديل فيه محال هذا قوله بكليماته وألفاظه قلت له يا امام اصحابك وعلامة قومك اما تعرفت بعرض تتّبعك ان مسألة البداء غير مختصة بالرافضة وباحاديث ائمتهم المقدسين بل انه وارد في حديث رسول الله صلی الله عليه واله متكرراً وصحيحا البخاری ومسلم وساير صحاحكم واصولكم متفقة على روايته واثباته. ثم ليس معناه عند الرافضة بداء الندم وظهور الخلاف بل سبيل مغزاه اثبات استناد المتغيرات والمتبدلات في الأطوار الإيجادية والاحكام التكوينية الى البارى تعالى ووقوع التبديل لافي القضاء و لافي الدهريل في الزمان وفي بعض من القدر من غير لزوم تغیر

ص: 48

وتبدل وتلاحق وتعاقب بالقياس الى الموجد المكون جل سلطانه وابطال قول اليهود فرغ من امر الايجاد والتكوين وقال المولى محسن الفيض الكاشانی في الوافي في باب البداء فان قبل كيف يصح نسبة البداء إلى الله تعالى مع احاطه طير بكلشیءٍ ازلاً و ابداً على ما هو عليه في نفس الأمر وتقدسه عمّا يوجب التغيّر والسنوح ونحوهما فاعلم أن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الامور دفعة واحدة لعدم تناهي تلك الأمور بل انما تنتقش فيها الحوادث شيئاً فشيئاً وجملة فجملة مع اسبابها وعللها على نهج مستمر ونظام مستقر فان ما يحدث في عالم الكون والفساد انما هو من لوازم حركات الافلاك المسخّرة لله تعالى ونتائج بركاتها فهي تعلم انه

ص: 49

كل ما كان كذا كان كذا فهما حصل لها العلم باسباب حدوث امر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فیها ذلک الحكم وربما تأخر بعض الأسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الاسباب لولا ذلك السبب ولم يحصل لها العلم بذلك بعد لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ثم لما جاء اوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول فيمحی عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الاخر «ثم يأتی بمثال لذلك ويقول بعده»، واما نسبة ذلك كله الی الله تعالى فلان كل ما يجرى في هذا العالم الملكوتی انما یجری بارادة الله تعالى بل فعلهم بعينه فعل الله سبحانه حيث انهم لا يعصون الله أمرهم ويفعلون ما يؤمرون اذلا داعى

ص: 50

لهم على الفعل الا ارادة الله جل وعز لاستهلاك ارادتهم في ارادته تعالی و مثلهم كمثل الحواس للانسان كلما هم بأمرٍ محسوس امتثلت الحاسة لما هم به وارادته دفعة فكل كتابة تكون في هذه الالواح والصحف فهو ايضاً مكتوب الله عز و جل بعد قضائه السابق المكتوب بقلمه الأوّل فصيح أن يوصف الله عز وجل بامثال ذلك بهذا الاعتبار وان كان مثل هذه الأمور يشعر بالتغيّر والسنوح وهو سبحانه منزه عنه فان كل ما وجدا وسيوجد فهو غير خارج عن عالم ربوبتیه الى اخر كلامه وقال المحقق الأصفهاني (رحمه الله علیه) في تعليقته على كفاية الاصول للخراساني في بيان العوالم وترتيبها من حيث التزول والصعود ما ملخّصه ان أول العوالم هو عالم الطبيعة و هو مظهر لعالم

ص: 51

المثال وعالم المثال عالم تنقش فيه صور ما يجرى في عالم الطبيعة من الحوادث على نحو التفصيل نظير ما يتخيّل من الصور الخيالية في القوة المتخيّلة وهو المسمى بعالم المحووالاثبات اذ الصور المتجددة فيها قابلة للتغيير والتبديل بخلاف ما فوقه من عالم اخر وهو العالم الثالث من العوالم وهو عالم اللوح المحفوظ وفيه صورد فائق المعاني على نحو التفصيل من دون شوب التجدد والتصرم ولبرائة هذا العالم عن شوائب الجزئية والتجدد والانصرام سمّى بعالم اللوح المحفوظ وفوق هذا العالم عالم العقل الكلى ومقامه مقام العقل الأول وفيه تكون الصور العقلية موجودة على نحو الاجمال بمعنى الجمع العقلى «ثم يقول» وحيث ان عالم الطبيعة

ص: 52

مظهر عالم المثال وظله فاذا اتصل نفس من النفوس القدسية بعالم المثال فوجد ما يقتضى موت زيد حال اتصال نفسه به يخبر بانه بموت مع عدم اطلاعه على ثبوت ما يقتضى الحياة فيما بعد لكون تدريجياً تجددياً بخلاف ما اذا اتصل بعالم اللوح المحفوظ فان ذلك العالم عالم الصور العقلية ولا تجدد ولا تدرج في العوالم العقلية فانها عين الفعلية فلا محالة يطلع على نفس ما هو الواقع لا ما يقتضى الوقوع مع امكان المانع ، ثم بيّن المراد من اسناد البداءو نسبته الى الله بانّ الاشياء الخارجية بجبروتها وملكوتها وناسوتها من مراتب علمه تعالى بالعرض حيث ان العلم هو الحضور ولا حضور اقوی من حضور المعلوم للعلة فيمكن ان يقال

ص: 53

ان المقتضى لموت زيد حيث وجد فى الخارج في عالم من العوالم فقد وجد المقتضى بوجود مقتضيه ثبوتاً مناسباً له لابثوتاً مناسباً لنفسه وهذا هو العلم والمعلوم أولاً ثم وجدت علّة الحياة ومنعت عن مقتضى الموت فوجدت الحياة فالحياة علم و معلوم ثانياً على خلاف الأول فبدا وظهر في مرتبة من مراتب علمه تعالى ما ظهر خلافه اوّلًا بحسب هذه المرتبة انتهی وسنشير انشاء الله الى كلام لطيف من الفاضل المدقق الجيلانی محمد رفيع بن مؤمن في تعليقته على الكافی الموجودة عندنا ولك ان تقارن بين هذه الجملة من كلمات علماء الشيعة وبين ما ذكره علماء السنة في هذا المقام ، قال النووى في شرحه الصحيح مسلم فى باب صلة الرحم في تفسیر

ص: 54

قول النبی صلى الله عليه واله وسلم من احب ان يبسط له في رزقر وينسأ له في أثره فليصل رحمه وامّا التأخير في الأجل فقيه سؤال مشهور و هو أن الأجال والارزاق مقدرة لاتزيد والا تنقص فاذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون واجاب العلماء باجوبة الصحيح منها ان هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة اوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، والثاني أنه بالنسبة الى ما يظهر للملائکته و في اللوح المحفوظ ونحو ذلك فيظهر لهم في اللوح ان عمره ستّون سنة الا ان يصل رحمه فان وصلها زيد له اربعون وقد علم اللہ سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى

ص: 55

قوله تعالى یمحوالله ما يشاء وثبت فبالنسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره لا زيادة بل هي مستحيلة وبالنسبة الى ماظهر للمخلوقين يتصور الزيادة وهو مراد الحديث والثالث ان المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكانه لم يمت حكاه القاضی وهو ضعيف وباطل والله العالم وفي باب بيان الأجال و الأرزاق وغيرها لاتزيد ولا تنفص عما سبق به القدر نقل عن المازری انه قال قد تقرر بالدلائل القطعية ان الله اعلم بالأجال والارزاق وغيرهما وحقيقة العلم معرفة المعلوم على ما هو عليه فاذا علم الله تعالى ان زيداً يموت سنة خمسمائة استحال ان يموت قبلها أو بعدها لئلّا ینقلب العلم جهلًا فاستحال ان الأجال التي علمها الله تزيدا و تنقس فتیعين

ص: 56

تأويل الزيادة انها بالنسبة إلى ملك الموت او من غيره ممن وكله الله بقبض الارواح وامره فيها باجال محدودة فانه بعدان يأمره بذلك او یثبته في اللوح المحفوظ ينقص منه و یزید علی حسب ما سبق به علمه في الازل وهو معنى قوله یمحو الله ما يشاء ويثبت وعلى ما ذكرناه ، يحمل قوله تعالى ثم قضى اجلاً واجل مسمّى عنده . تذنيب : لا بأس بالاشارة الى اختلاف كلماتهم في الأجال فنقول قد جعلوا محور البحث على «المقتول لو لم يقتل» 1 ، فقالت المجبّرة انه كان يموت قطعاً وهو قول ابي الهذيل العلّاف، 2 قال بعض البغداديّين انه كان يعيش قطعاً 3 ذهب اكثر المحققين الى انه كان يجوز أن يعيش ويجوز أن يموت . ثم اختلفوا أيضًا فقال قوم منهم

ص: 57

انه كان من المعلوم منه البقاء لو لم يقتل فله اجلان وقال الجبائيان وأصحابهما وابو الحسن البصري ان اجله هو الوقت الذي قتل فيه لیس اجل اخر لو لم يقيل فما كان يعيش اليه لیس باجل له الآن حقيقى بل تقديري واحتج الموجبون لموته بانه لولاه لزم خلاف معلوم الله تعالى وهو محال واحتج الموجبون لحيوته بانه لومات لكان الذابح غنم غيره محسناً ولما وجب القود لانه لم يفوت حيوته. الفصل السادس: في ذكر جملة من الاخبار الواردة في المقام عن اهل بيت العصمة صلواة الله عليهم ، فى الكافي عن زرارة عن احدهما ما عبدالله بشئ مثل البداء وعن هشام بن سالم عن ابیعبد الله عليه السلام قال ما عظم الله بمثل البداء وعن هشام بن سالم وحفص

ص: 58

بن البخترى و غيرهما بسند صحيح عن ابیعبد الله عليه السلام قال في هذه الأیة: یمحو الله ما يشاء ويثبت قال فقال وهل يمحى الا ما كان ثابتاً وهل يثبت الّا ما لم يكن وعن الفضيل بن یسار قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول العلم علمان فعلم عند الله محزون لم يطلع عليه أحداً من خلقه وعلم علمه ملائکته و رسوله فما علمه ملائکته ورسوله فانه سيكون لایکذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون يقدّم منه ما یشاء ويؤخر من ما يشاء ويثبت ما يشاء وعن منصور بن حازم بسند صحیح قال سألت اباعبدالله عليه السلام هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالامس قال لا من قال هذا فاخزاه الله قلت أرأيت ما كان وما هو كائن الی يوم القيامة اليس في

ص: 59

علم الله قال بلى قبل ان يخلق الخلق المخلف وعن عبد الله بن سنان بسند صحیح عن ابی ابیعبدالله قال ما بدالله في شی الّاکانَ في علمه قبل ان يبدوله وعن عمرو بن عثمان الجهنی عن ابیعبد الله علیه السلام قال ان الله لم يبدله من جهلٍ و عن حمران بسند موثق عن ابیجعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل قضى اجلًا واجلٌ مسمى عنده قال هما اجلان اجل محتوم واجل موقوف وعن مالك الجهني بسند مصحح قال سمعت ابا عبداللہ علیه السلام يقول لو علم الناس ما في القول بالبداء ما فتروا عن الكلام فيه ثم انه قد ورد في بعض الاخبار ما يدل على حصول البداء الله تعالی فی مورد اسمعیل ابن الامام الصادق علیه السلام وابی جعفر محمد بن الامام الهادى عليه السلام

ص: 60

فروى الصدوق في توحيده عن الصادق عَلَيْهِ السَّلاَمُ مابدا الله بدأ كما بداله في اسمعيل وروى صاحب البحاری في المجلد الثاني عشر (طبع کمپانی)اخباراً بهذا المضمون وفي بعضها قول الهادي علیه السلام لولده الحسن العسكری عليه السلام يا بنى أحدث لله شكراً كما أحدث فيك امراً (وسنوافيك بها انشاء الله )راجع باب البداء من الكافی الشريف وتوحيد الصدوق والبحار وتفسير البرهان وغيرها. واماما ورد من طرق اهل السنة من الاخبار الدالة على البداء بالمعنى الذی یقول به الشیعة فهی كثيرة فمنها ما في صحيح البخاری في باب من بسط له الرزق بصلة الرحم في الجزء الثامن عن ابی هريرة قال سمعت رسول الله يقول من سره أن يبسط له في رزقه وان ينسأله في أثره

ص: 61

فليصل رحمه وعن ابن شهاب قال اخبرنی انس بن مالك أنّ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قال من احب ان يبسط له فى رزقه وينسأ له في اثره فليصل رحمه وفي صحيح البخاري ايضاً في باب الدعاء بكثرة المال مع البركة عن ام سليم انها قالت يا رسول الله انس خادمك ادع الله له قال اللهم اكثر ماله وولده وبارك له فيما اعطيت ويدل على ذلك ايضاً جملة من الاخبار التّی ذكرها فی ابواب الدعاء وباب ما يجوز من( اللو)، منها مافي صحيح مسلم في باب صلة الرحم وتحرير قطيعها في المجلد الثاني (طبع دهلی ) عن انس بن مالك عن رسول الله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمْ ، قال سمعت رسول الله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمْ يقول من سرّه ان يبسط عليه رزقه او ينسأ عليه في اثره فليصل رحمه وعن انس بن مالك ايضاً قال سمعت رسول الله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمْ

ص: 62

يقول من سره أن يبسط عليه رزقه او ينسأ عليه في اثر فليصل رحمه وغير ذلك مما يطلع عليه المننتبع وانت اذا قارنت بین ما ورد فی اخبارنا من تغيير الأمور بالأعمال وبين ما ورد في اخبارهم من هذا المعنى بنفسه لرايت كمال الموافقة وان الاشكال على الشيعة ليس على وفق موازين العدالة والحقيقة. الفصل السابع: قد ظهر من كلمات علمائنا ان الكل متفقون على ان الله كان عالما قبل خلقه الخلق بما يجری من الحوادث الى الأبد وهو الأن عالم بما كان وما يكون الى الابد وسيكون عالماً كذلك ولا تغییر في علم الله ولا تبديل في ارادته و انما الاختلاف بينهم في حل الاشكال الوارد على التعبير بالبداء فى النصوص وانه بأيّ

ص: 63

معنى ينسب البداء الى الله تعالى فلهم في حله طرق: الأول : ان المراد من البداء ان يوجد شئ لم يكن ويتعلق علم الفعلی به وقد سبق ان العلم عبارة عن الحضور فاذا وجدت موجودات في عالم العين عبرنا عن حضورها لدی الله وعلم الله بها بالعلم الفعلى ونعبّر عن عدم هذا الحضور عند علمها من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع بعدم العلم الفعلى بهذا لا يستلزم تأثّر ذات الله وتغيرها اذلا ارتسام في ذات الله لانه لا يكون الإرتسام داخلاً في حقيقة العلم ولا لازما مساوياً له ويشير إلى هذا الوجه ما رواه لكلينی (قده) في الكافي عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سئل العالم عليه السلام كيف علم الله قال علم و شاء واراد وقدر

ص: 64

وقضا وأمضى فامضى ما قضا و قضا ما قدر و قدرما اراد فبعلمه كانت المشيئة و بمشیئته كانت الإرادة وبإرادته كان التقدير وبتقدیره كان القضاء وبقضائه کان الإمضاء والعلم متقدم المشيئته و المشيئة ثانیةٌ والإرادة ثالثةٌ والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما اراد لتقدير الأشياء فاذاوقع القضاء بالإمضاء فلا بداء فالعلم من المعلوم قبل کونه المشيئة في المشئ قبل عينه والإرادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً ووقتاً و القضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذى لون وریح ووزن وكيل وماذت ودرج من انس و جن وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس ولله تعالی

ص: 65

فيه البداء مما لاعين له فاذا وقع العين المفهوم والمدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وانشاءها قبل اظهارها وبالارادة ميّز انفسها في الوانها وصفاتها وبالتقدير قدر اقواتها وعرف اولها واخرها و بالقضاء ابان للناس اماكنها ودلهم عليها و الإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم قال محمد رفيع بن مؤمن ظاهر الحديث واللذين في الباب الاتي ان الخصال السبع بتمامها انما تجری في الكائنات من الأرض والسماء من الجسمانيات لافي الروحيات حتى للمخلوق الأول اللهم الا ان يقال ذكر الجسمانيات على سبيل المثال وهي جارية الروحانيات بنحو من الاعتبار

ص: 66

قال السيد الرفيع قدس الله روحه الظاهر من سؤال انه کیف علم الله ان العلم مستند الى الحضور العينى والشهود في وقته لموجود عینی اوفي موجود عینی کما في علومنا او بعلم مستند الی الذات سابق على خلق الاشياء فاجاب عليه السلام بان العلم سابق على وجود المخلوق بمراتب وقال علم وشاء واراد وقدر وقضى وامضى فالعلم مابه ينكشف الشئ والمشيئة ملاحظته باحوال مرغوب فيها توجب فينا ميلاً دون المشيئة له سبحانه لتعالية عن الاتصاف بالصفة الزائدة والإرادة تحريك الاسباب نحوه بحركة نفسانية فينا خلاف الإرادة فيه سبحانه والقدر التحديد وتعيين الحدود والاوقات والقضاء هو الإيجاب والإمضاء هو الايجاد فوجود المخلق بعد علمه سبحانه

ص: 67

بهذه المراتب وقوله فأمضى ما قضى اى فأوجد ما أوجب وأوجب ما قدر و قدر ما اراد ولما بلغ بیانه إلى هذا اخذ البيان من رأس على وجه اوضح وقال فبعلمه كانت المشيئة الخ ثم ان معنى وقوع البداء في بعض هذه المراتب أن في الوجود ما يظن بحسب العادة المستمرة انه يتادى إلى وجود شیءٍ فحسب ما انتهى اليه ما هو في العادة من مقدمات وجود ذلك الشیءٍ يظن تحقق قدر من الخصال السبع واستتباعه لسائرها فاذا وجد الشئ علم تحقق الكل وربما یتفق ان ينخرق العادة ولا يفضى المقدمات العادية للوجود الى الوجود فحينئذ يقال بدا للخالق الباري عظم شأنه وهذا القول من العوام بمعنى ان الله سبحانه كان بمجری العادة في

ص: 68

صدد ایجاد شی لمصلحة وهيأ بعض مقدمات وجوده ثم لم تتم اسباب وجوده لتغير المصلحة واما الخواص فيقولون قال الله تعالى وان من شئ الّا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم وقال: الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شى قدير وان الله قداحاط بكلشیءٍ علماً وفي القاموس تنزل نزل في مهلة فمانیکران يكون للعلم اعتبارات و اسامی بحسب تلك الاعتبارات فمن حيث انه انكشاف مطلق فهو علم مطلق شامل لكلى نوعى المعلومات اعنى ما يستحق ان يفيض (یفاض) عليه الوجود من الجواد المطلق الذي لا يتوقف فيضان جوده على ما عدا الاستحقاق وما لا يستحق ومن حيث انه انكشاف

ص: 69

النوع الأول يسمى مشيئة و من حيث انه انکشاف مايلیق بالنوع الأول من الهندسة والحدود ارادة ومن حيث انه انکشاف ما يليق به من الزمان والمكان قدراً و على هذا القياس سائر الاعتبارات التی له من جهة نفسه ومن جهة مقارناته ويكون للاعتبارات السبعة المعبر عنها بالخصال السبع مظاهر من الوجود من الروحيات والجسمانيات يثبت فيها الحكم النازل من المدبر الحكيم عزّ سلطانه و ينساق الأمر الى ان ینتهی الى الإمضاء الذي لا مرد له على نسق كتاب ملوك الدنيا ودفاترهم وكان ما في عالم الملك احتذاء بما في عالم الملكوت والانسياق إلى حد الامضاء الذی لامردّله مشروط بعدم انمحاء ما ثبت في اللوح بنزول حكم

ص: 70

اخر ناسخ للاول كاشف عن تغير اسباب الحكم من جانب العبد التي جعلها الله اسبابا الى اسباباً حكم اخر مجهولة والنزول الثاني هو المعبر عنه بالبداء في عرف الشرع لما بدر من شبه بالبداء اللغوى في تغيير ما كان يفعله وليس بداء لغوياً لانه انما يبدو عن جهل وتعالى الله عن ذلك وبداء الله عن علم ازلى لا يشوبه جهل ثابت غير متغير بيان ذلك ان الله تعالى عالم في الازل ان الذي يلائم النظام الأعلى ویستحق الوجود انما هو المحكوم عليه بالحكم اللاحق و الحكم السابق حكم معلق بشرط علم في الأزل عدم تحققه من العبد ومن مصالح التعليق ابهام الامر على المطلعين على ثبوت الحكم الأول في اللوح بسعادة أحدا و شقاوته مثلاً اما

ص: 71

بالمشاهدة والعيان كالملأ الأعلى أو بالنقل والبيان من المستحفظين اسرار الله تعالى لئلا يأمنوا مكر الله ويغتروا الإتيان بالحسنات ولا یيأسوا من روح الله بالوقوع في الزلّات بل يكونوا بين الخوف والرجاء الذي هومن عمدة وصايا الانبياء فعنه صلى الله عليه واله ما من مؤمن الّا وفي قلبه نوران نور خيفة ونوررجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا وفي وصية لقمان لابنه خف الله خيفة لوجئته ببر الثقلين لعذبك وارج الله رجاء لوجئته بذنوب الثقلين لرحمك والحكمة في ذلك ان الخوف مع وجود الرجاء حامل للمسيئ على التدارك ومانع للمحسن عن الاعجاب والاطمئنان ففي البداء كمال الحكمة والمصلحة والاقرار به لله تعالى عين

ص: 72

العبودية ولهذا ورد في الحديث لو يعلم الناس ما في القول بالبداء لم یفتر واعن الكلام فيه انتهى ما اردنا ايراده.

الثانی: ان اسناد البداء الى الله تعالى انما هو على سبيل المجاز بضرب من التوسع في ناحیة الاسناد بان يكون المجاز في الاسناد نظير جرى الميزاب لافي الكلمة و من الواضح ان باب المجاز في الاسناد وفي الكلمة واسع وهذا في ما اذا سلمنا بان الظاهر من فعل البداء المتصل باللام الجارة حدوث رأى لم يكن وهذا ملازم للجهل السابق قطعاً وتقريب هذا الوجه ان لاريب في ان العقل يحكم بنزاهة الباري جلّ سلطان عن الجهل فاذا اسند اليه ما يلازم الجهل بحسب ظاهر الكلمة والجملة فلا بد من تأويله الى ما

ص: 73

لا ينافي علمه الازلي الذاتي اذ من الواضح ان القرينة العقلية لا تقصر عن سائر القرائن (اللفظية والحالية والمقامية) في الحكومة على الظاهر وهذا نظير الآيات القرانية التي يظهر منها في بادى النظر تجسم الله كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وقوله تعالی الرحمن على العرشِ استوی وقوله تعالى : إلى ربها ناظرةٌ وقوله تعالى: فمن كان يرجو لقاءَ رَبِّه، حيث ان علماء الاسلام ما على شرذمةٌ من الظاهریة اوجبوا التأويل في الآيات المذكورة وما يضاهيها في الظهور وليس ما ورد في اخبارنا مما يظهر منه الجهل أصرح وأظهر فيذلك مما ورد في القران من حيث الدلالة على التجسم مضافاً الی ان في اخبار البداء دلالة واضحة و تصريح اكيد بانه لو يبدله من جهل وكيف

ص: 74

یصح بعد ذلك وبعد اتفاق علماء الشيعة على نزاهة ذات الباري تعالى عن الجهل تشنيعهم على ذلك. الثالث: ان المراد من البداء الابداء على سبيل المجاز في الكلمة وهذا الجواب يناسب ما ورد من البداء فى امامة الامامين الهمامین موسى بن جعفر والحسن العسكري عليهم السلام اذ الجمع بين تلك الأخبار يدل على أن موت اسمعيل وابي جعفر محمد كان سبباً لارتفاع توهم كونهما امامين بعدابيهما حيث كانا اكبر من موسى والحسن وكان معتقد الشيعة حسب ماوصل اليهم من الاخباران الامامة انماتكون في اكبر ولدكل امام بعده فترى ان الامام عَلَيْهِ السَّلاَمُ يقول اذ اخترمه قبلى ليعلم بذلك انه ليس بامام بعدي وسنذكر تلك الاخبار فراجع

ص: 75

البحار المجلد الثانيعشر (طبع الكمپاني)ولاحظها حتى ترى دلالتها على ان المراد من البداء الاعلام ويجد ربنا ان نذکر في المقام ما اجبنابه سابقًا عن هذا الاشكال في بحث الاصول وهو على ما في تقرير بحثنا ، واما البداء كالسماء بمعنى البدوّ بعد الخفاء فلا ريب في وجوده في اخبارنا مسنوباً الى الله تعالی بل عد ذلك في بعض تلك الاخبار من علائم الايمان وفي بعضها ما عبد الله بشيئ كالبداء وبالجملة الاعتقاد بالبداء من جملة المذهب وان لم يكن من ضروریاته التی یوجب انكارها الكفر الا انه قد اشكل فيه باستلزامه تغير علمه و تجدد ارادته ووجود مرادين متباينين بالنسبة اليه وهذه كلها باطلة ولأجل هذا الاشكال انكر بعضهم

ص: 76

اصل وجود البداء والجواب انا لواردنا اثبات البداء بماله من الظاهر من غير طريق الاخبار ففيها المحاذير المذكورة اما لواردنا اثبات البداء بالاخبار فلا بد من الاخذ بما يستفاد من مجموعها بعد الجمع الدلالي بينها بشرط ان لا يكون منافیاً مع العقل اذ التعبد بالظواهر والطرق مطلقا غير صحيح عندنا فضلًا عن التعبد بالظواهر في العقائد ولا سيما فيما اذا عارضه الدليل العقلى ففى بعض الاخبار انّ الله تعالى مابدا له من شئ الّا كان في علمه وفي بعضها ان الله تعالی له علمان مكنون لا يعلمه عباده وغير مكنون يعلمه لبعض العباد کالانبیاء الى غير ذلك من التعبيرات الواردة في الاخبار الكثيرة المذكورة في البحار وغيره فانها تدل على اسناد البداء الى الله من غير

ص: 77

استلزام بمعناه الواقعی لتغيّر العلم الازلي او الجهل او تجدد الإرادة الازلية او اجتماع الارادتين المتنافیتين بالنسبة الیه تعالى بل التجدد انّما هو في معلومه اعنى ما تعلق به علمه الازلى من أفعال العباد فالمستفاد من مجموع تلك الاخباران متعلقات الأوامر والنواهي الشرعية من افعال العباد غير متمحضة في الجهات التشريعية اى إعمال المولوية محضاً في الأمر والنهي تعبد ابل فيها جهات تكوينية ايضًا تقتضى اثاراً خاصة فالزنا بالمحصنة كما تكون حراماً شرعًا یقضى بالتكوين قطع الرزق وقصر العمر فكل فعل من افعال العباد المتعلق للامرا والنهي ذوجهتين تشريعية هي تعلق الأمر والنهي المولوى به وتكوينية هي الجهة المقتضية

ص: 78

$$$$$

لاثار خارجية ويشهد بذلك توصيف الذنوب بالتي تغير النعم وتهتک العصم وتنزل البداء وتمنع قطر السماء ونحو ذلك مما هو مأثور في الاخبار والادعية من الأثار الخارجیة وكذلك لكل فعل من افعال العباد ربطان ربط بالعباد وهو كونه تحت اختیارهم و صادرًا عن ارادتهم على ماهو المختار من يكونهم مختارين في افعالهم وربط بالخالق تعال و هو جعل المثوبة على المأمورية والعقوبة على المنهى عنه اخرویة او دينوية كقصر العمر لبعض المعاصي نظير قطع الرحم والزنا بالمحصنة او زيادة العمر والرزق لبعض الطاعات کصلة رحم او اشباع جائع او اكساء عريان ونحو ذلك فلو فرض ان شخصاً بحسب مقتضي خلقتة الشخصية یعیش سبعين

ص: 79

سنة ثم وصل رحمه لزاد عمره الى ثمانين (مثلاً) ولوزني هذا الشخص بخصوصه لنقص عمره الى ستين (مثلاً) وفي الصورة الأولى توثر صلة الرحم في ازدياد العسر و في الصورة الثانیة يؤثر الزنا في نقصه ومن هنا علم ان الجهة المقتضية للتعيش سبعين سنة لیست علة تامة له بل توثر صلة الرحم بجعل الهي بعنوان المثوبة الدنيوية في ازدياده ويؤثر الزنا اثراً إخلالياً في تلك الجهة بجعل التي بعنوان العقوبة الدنیویة ولولم يتحقق الأول ولا الثاني لأثَّرت الجهة في مقتضاها الطبعی الأولى (1)وبهذا اللحاظ تكون لكل واحد من تلك الافعال

ص: 80


1- و یعجبنی ان اذكر حكاية تدل على تأثير الافعال النادة في مقتضيات الامور ذكرها ابو على بن سينا في كتابه المبدأ والمعاد، قال وسمعت ان طبيباً حضر مجلس ملك من اليونانيين وبلغ من قبوله له ان أهله لمواكلته على المائدة التي توضع له في دار الحرم ولا يدخلها من الذكور داخل و انما يتولى فيها الخدمة بعض الجواري قبینا جارية تقدم الخوان وتضعه اذ قوسها ريح ومنعتها الانتصاب كانت خليلة عند الملك فقال للطبيب عالجها في المحال على كل حال فلم يكن عند الطبيب تدبیر طبيعی في ذلك الباب يشفى بلا مهلة ففرغ الى التدبير النفساني وامران تكشف رأسها فما اعنى ثم امران تكشف بطنها فما اثر ثم امران تكشف عورتها فلما حاولت الجارية ذلك نهضت عنها حرارة قوية انت على الريح الحادثة تحليلاً فانزعجت مستقيمة سليمة انتهى؛ ومن ذلك تاثير الانفاس العالية في الطباع والامزجة نظير ما ورد من امر الامام عليه السلام بخروج الحمي عن بدا المحموم ***

جهات و مراتب ویمكن ان تكون لكل واحدة من تلك الجهات والمراتب حقيقة محفوظة في وعاء من الاوعية وتكون الالواح المذكورة في الاخبار من أم الكتاب ولوح القضاء والقدر ولوح المحور الإثبات واللوح المحفوظ اشارة الى ذلك الوعاء بان تكون الجهة التشريعية للافعال من كونها ما موراً بها أو منهيا عنها محفوظة في ام الكتاب والجهة التكوينية لها من كون عمر فاعل الفعل الفلانی ثلاثين مثلاً وعمر فاعل الفعل الفلاني ستين ونحو ذلك من الأثارالتکوینیة المترتبة على تلك الافعال المقدرة فيها بالجعل التكويني

ص: 81

الالهي محفوظة في لوح القضاء والقدر وجهة تعلق كل اثر على مؤثرة من ان فلاناً لوفعل كذا يصير كذا فيثبت له الاثر الكذائي ولو فعل كذا یصير كذا فيمحو عنه الأثر الکذائی محفوظة في لوح المحو و الاثبات وجميع تلك الجهات من تعلق الأوامر

ص: 82

والنواهي تبلك الافعال وان فلاناً لو فعل باختياره كذا يصير كذا وانت يختار كذا فله الاثرالکذائی وعمره مثلاً هذاالمقدار الخاص محفوظة في اللوح المحفوظ مضافاً الى ان هذه الاخبار وردت اقبال اليهود القائلين بانه قدجف القلم بماهوكائن الى يوم القيامة القائلين بالتعطيل في افعال الله تعالى وفى قبال الاشاعرة القائلين بجزافیة ارادته فى التشريعیات و التكوينيات وعدم وجود جهات تکوینیة في متعلقاتها فهي نافية لهاتين الجهتين ومثبتة لضد هما و بالجملة فالتحفظ على ظواهر الاخبار المشتملة على الالواح بجعلها مراتب واقعیة للتكوينيات والتشريعيات تشريفاً لمقام سلطانه تعالى بان يكون له لوح وقلم ومحو واثبات وقضاء وقدر ممكن

ص: 83

بلا استلزام لمحذور كما ان جعل الالواح رمزاً للاشارة الى مراتب علمه تعالى كما يؤيده ما في بعض الاخبار من التعبير بانه تعالى له علمان مكنون وغير مكنون او انه ما بداله في شيءٍ الّا كان في علمه ممكن فالتصرف في ظواهر الالواح بجعلها عبارة عن عوالم متعددة كل واحد مختص بجهة خاصة بدا ملزم بل بلا شاهد اللهم الا ان يرجع الى ما ذكرنا مما لاتأباه ظواهر الاخبار كما انه يمكن صیاغ ما ذكرناه من المضمون فى قالب الفاظ ادق فيقال كما فى تعليقة بعض المحققين (قدس سره) على الكفاية بان ثبوت المقتضى بالفتح انما هو في مرحلة ثبوت المقتضي بالكسر فثبوت امتداد العمر الى سبعين مثلاً انما هو بنفس ثبوت الوجود الخاص لفلان

ص: 84

بمعنى ان هذا الاقتضاء كامن فيه وثبوت المنع عن طول العمر والتأثير في تقصيره أيضًا انما هو بثبوت نفس فعل الزنا بالمحصنة مثلاً بمعنى ان هذا الاقتضاء والتأثير الاخلالي كامن في هذا الفعل وهو تعالى يعلم هذا كما يعلم ذلك فماذكره(قدس سره)ايضاً لواراد منه ما ذكرناه يكون في غاية المثانة والى ما ذکرناہ ایضاً يرجع ما افاده علماء الامامية في هذا الباب فتلخص البداء الوارد في اخبارنا معناء واضح بعد التدبر فيها و الجمع بين مجموعها فلا عویصة في البداء كما توهم اللهم الا ان يكون المراد من العويصة عدم فهم المراد من الاخبار الفصل الثامن:قداورد غواص بحار الاخبار المولى محمد باقر المجلسي قدس الله نفسه الشريف في المجلد الثانيعشر من البحار

ص: 85

اخباراً بالنسبة إلى امامة ابيمحمد العسكري علیه السلام یدل بعضها على البداء ويشير بعضها اليها ونحن نذكر تلك الاخبار وتبين ما عندنا في شرحها فمنها ما عن عبد الله بن مروان الأنباري قال كنت حاضراً عند مضی ابیجعفربن ابی الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ فجاء ابو الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ فوضع له كرسى فجلس عليه ابو محمد قائم في ناحية فلما فرغ من ابيجعفر التفت ابو الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ الی ابیمحمد عَلَيْهِ السَّلاَمُ فقال يا بني احدث لله شكرًا فقد احدث فيک امراً ومنها ما في غیبة الشيخ الطوسي عن سعد عن أبي هاشم الجعفري قال كنت عند ابی الحسن العسكري عَلَيْهِ السَّلاَمُ وقف وفاة ابنه ابی جعفر وقد كان اشار اليه ودل عليه وانی لا فكر في نفسى واقول هذه قصة ابی براهيم وقصة اسمعيل فاقبل على ابوالحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ

ص: 86

و قال نعم يا ابا هاشم بدالله فى ابیجعفر وصيّر مكانه ابا محمد كما بداله في اسمعيل بعد مادل عليه ابو عبد الله ونصبه وهو كما حدثتك نفسك وان كره المبطلون، ابو محمد ابي الخلف من بعدی عنده عنك ما تحتاجون اليه ومعه الة الامامة والحمد لله ومنها ما في غیبة الشيخ الطوسي عن سعد عن جعفر بن محمد بن مالك عن سيار بن محمد البصري عن على بن عمر و النوفلي قال كنت مع ابى الحسن العسكري عَلَيْهِ السَّلاَمُ في داره فمر علينا ابو جعفر فقلت له هذا صاحبنا فقال لا صاحبكم الحسن. ومنها ما في غیبة الشيخ الطوسی عن سعد عن هرون بن مسلم عن أحمد بن محمد بن رجا صاحب الترك قال قال ابو الحسن الحسن ابني القائم من بعدي ومنها ما في غیبة الشيخ الطوسي عن سعد عن احمدبن

ص: 87

عيسى العلوي من ولد علی بن جعفر قال دخلت على ابی الحسن علیه السلام بصربا، فسلمنا فاذا نحن بأبی جعفر وابی محمد وقد دخلا فقمنا الى ابى جعفر لنسلم عليه فقال ابو الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ لیس هذا صاحبكم عليكم بصاحبكم واشار الى ابي محمد . ومنها ما في غیبة الشيخ الطوبي عن سعد عن على بن محمد الكليني عن اسحق بن محمد النخعی عن شاهویه بن عبدالله الجلابي قال کنت رویت عن ابی الحسن العسكري عَلَيْهِ السَّلاَمُ في ابیجعفر ابنه روايات تدل عليه فلما مضى ابو جعفر قلقت لذلك وبقيت متحيراً لا اتقدم ولا اتاخروقفت ان اكتب اليه في ذلك فلا ادري ما يكون فکتبت اليه اسئله الدعاء ان يفرج الله عنا فی اسباب من قبل السلطان كنا نعم بها في غلماننا فرجع الجواب بالدعاء ورد الغلمان

ص: 88

علينا وكتب في اخر الكتاب اردت ان تسئل عن الخلف بعد مضى ابیجعفر و قلقت لذلك فلا تغتم فان الله لا يضل قوماً بعد از هديهم حتى یبین لهم ما يتقون صاحبكم بعدی ابو محمد ابني وعنده ما تحتاجون اليه يقدم الله ما يشاء ويؤخر ما يشاء ما ننسخ من ایة اوننسهانأت بخیر منها او مثلها قد كتبت بماهیه ومنها ما في غيبة الشيخ الطوسي عن ابن ابى الخطاب عن ابى الصهبان قال لمامات أبو جعفر محمد بن على بن محمد بن على بن موسی وضع لابن الحسن على بن محمد كرسي فجلس عليه وكان ابو محمد الحسن بن علی قائماً في ناحیة فلما فرغ من غسل ابی جعفر التفت ابو الحسن الى محمد فقال يا بنى أحدِث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً ومنها ما عن على بن عمر او لنوفلي قال كنت مع

ص: 89

ابی الحسن في صحن داره فمر بنا ابنه محمد فقلت جعلت فداك هذا صاحبنا بعدک فقال لأصاحبكم بعدی الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ ومنها ما عن عبد الله بن محمد الاصفهاني قال قال لي ابو الحسن عَلَيْهِ السَّلاَمُ صاحبكم بعد الذی یُصلی على قال ولو نعرف أبا محمد قبل ذلك قال فحرج ابو محمد بعد وفاته فصلى عليه. ومنها ما عن وهب عن على بن جعفر قال كنت حاضراً اباالحسن عليه السلام لمّا توفي ابنه محمد فقال للحسن یابنی احدث لله شكراً فقد احداث فيك أمراً.ومنها ما من على بن مهزیار قال قلت لابی الحسن ان كان كون واعوذ بالله فالى من قال عهدى الی الأكبر من ولدي يعنى الحسن، ومنها ما عن على بن عمر و العطار قال دخلت على ابي الحسن وابنه ابو جعفر یحیی في الأحياء وأنا اظن انه الخلف من بعده فقلت جعلت فداك من اخص من ولدك فقال لا تختصوا احداً

ص: 90

من ولدى حتى يخرج اليكم أمري قال فكتبت اليه بعد فيمن يكون هذا الأمر قال فكتب الي الأكبر من ولدي كان ابو محمد اكبر من جعفر ومنها ما عن سعيد بن عبدالله عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الافطس انهم حضروا یوم توفي محمد بن علی بن محمد دارابی الحسن عليه السلام و قد بسط له في صحن داره والناس جلوس حوله من ال ابي طالب وبني العباس و قريش مأة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر الناس اذ نظر إلى الحسن بن على وفدجاء مشقوق الجيب حتى جاء عن یمينه ونحن لا نعرفه فنظر اليه ابو الحسن بعد ساعة من قيامه ثم قال يا بني احدث لله شكراً فقد احدث فيک امراً، فبكي الحسن واسترجع وقال الحمدلله رب العالمين وأياه اشکر

ص: 91

تمام نعمه علينا وانا لله وانا اليه راجعون فسئلنا عنه فقيل لنا هذا الحسن ابنه وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة نحوها فیومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد اشار اليه بالإمامته و أقامه مقامه. ومنها ما عن ابي بكر القهفكي (في الكافي ) قال كتب الى ابو الحسن ابو محمد ابنى اصح ال محمد غريزة واوثقهم حجة و هو الأكبر من ولدى وهو الخلف واليه ينتهي عرى الإمامة واحكامها فما كنت سائلي منه فسئله عنه وعنده ما نحتاج اليه. ومنها ما عن محمد بن يحيي (في الكافی) قال دخلت على ابى الحسن بعد مضى ابى جعفر فعزيته عنه وابو محمد جالس فبكى ابو محمد فاقبل عليه ابو الحسن فقال ان الله قد جعل فيك خلفاً منه فاحمد الله ومنها ما عن يحيي بن یسار القنبری قال

ص: 92

اوصی ابو الحسن الی ابنه الحسن قبل مضیه باربعة اشهر واشار الیه بالامر من بعده واشهدنى على ذلك وجماعة من المولی ولتوضيح الجواب عن تلك الأخبار نقدم امرين الأول : قدتواترت النصوص عن النبي الأعظم والمعصومين صلوات اللہ علیه و عليهم على ان الامامة عهد الهي وجعل ازلی وان امامة ائمتنا كانت معلومة في الامم السابقة فضلاًعن معلومیتها في الأمة الإسلامية وانه كان من المعلوم انحصار الامامة في الأئمة الاثني عشر وكونهم من قريش وقد ورد في اخبار كثيرة بيان اساميهم واحداً بعد اخر كلوح جابر و غیره فراجع الكافي والارشاد و مناقب ابن شهر اشوب وغيرها، وعلى هذا فالإمامة منصبٌ الهي سماوى وهى مما يحكم العقل

ص: 93

$$$$$$$$$$$$$

ايضا بلزوم جعله من قبل الله تعالى لأن الاهلية لهذا المنصب لا تكون الا لخاصة الله وأوليائه العالمين الحكام عزوجل بالعلم الموهوبی والمعصومين من الخطأ و الزلل وهذه الاهلیة لا يعلمها الا الله والإمامة من حيث انها جعل الهي فلا یتطرق اليها التغيير والتبديل لان الجاعل تعاله لا يجهل مجله اذ ليس العالم بالامامة بما هي ولاية تقنینیة الا علما ما هو صلح فى النظام التشريعي فكما لا يمكن جهله تعالى بالاحكام التكليفية التي هو جا علها ولا تبديل فيها البرا فكذلك لا يعقل جهله بمن يجعله خليفة له على خليقته ولا تغيير لذلك بالنسبة إلى من يتقوم العهدبه وهو من يتقوم بعهده فتطابق العقل والنقل على معلومية ائمة الدين ومعهود بر اشخاصهم

ص: 94

باسمائهم عند الله رب العالمين اذ تلك المعلومية شعبة من علمه الازلى الذتی بما هو الأصلح في النظام التشریعی على الوجه الأتم الأكمل فيخرج عن مورد النزاع في علم الله بالجزئيات وان كان المختار علمه ها ايضاً وان شئت التوضيح فلاحظ قوله تعالى، التي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيقَة وتامل في هذا التعبير كى ترى انه تعالى جعل اول خليقة خليفته بل البتدء بالمخليفة من حيث الاعلام قبل الخليقة وحينذاك تتيقن بان النبوة والامامة ولاية تشريعية من الله على خلقه لأوليائه وخاصته وانها جعل الهي ان لاثم لاحظ قوله تعالى لا ينال عهدى الظالمين حتی تعلم بان منصب الولاية على الناس لا يصلح الا للمنزهين

ص: 95

عن الظلم بجميع مراتبه وبالجملة فلا ريب في ان الله كان عالماً بالعالم الذلی الأزلى بما هو الا صلح في النظام التكوینی والتشريعي معاً اذا التشريع عبارة عن جعل فواين حافظة المصالح الناس والولاية التشريعية عبارة عن جبل هادٍ للناس إلى ذاك النظام وهو النبي والإمام عليهم السلام ولن تجد لسنة الله (التكوينية والتشريعية)تبديلاً ولا لعهد تغييراً . الثاني: قد ثبت بالنقل المستفيضان الامامه انماهي في الولد الاكبر من الإمام السابق حيث ان اسمعیل كان اكبر ولد الصادق عليه السلام وابا جعفر محمداً كان اكبر ولدا الهادي علیه السلام الفلا جمع كثير من الشعة في زمنهمابان اسمعيل يكون هو الامام بعدا بيه و ابو جعفر

ص: 96

هو الامام بعد الهادئ وارتكزت هذه العقيدة في اذهام نهم فناورد في بعض الاخبار المذكورة : احدث الله شكراً ناظر الى ازالة تلك المزعمة وليس في هذا التعبير والاله على تغيير ارادة الله تعالى وبعد ذلك نقول بان تلك الاخبار مشتملة على تعبيرات مختلفه الأول قوله عَلَيْهِ السَّلاَمُ : احداث شكراً كما أحدث فيك امراً و هذا الأيدل على البداء لأن كلمة (امراً) بمدلوله اللغوي يدل على معنى عام عرضي قريب الى مفهوم الشئ والتنوين انما هو للوحدة فليس في حاق هذه الجملة دلالة على البداء نعم موت الي جعفر حيث كان بسبباً الظهور امامة الحسن العسکری عند الشيعة ومزيلاً لاعتقادهم امامة من اخيه الاكبر ابي جعفر يكون هو الامر الحادث والشكر

ص: 97

المأمور به انما هو لنبين الحق بظهور من هو الامام واقعاً الهادي للخلق إلى الحق هذا الشكر لیس للزعامة بما هی زعامة بل للهدا یة بما هي نعمة الهية على الخلف تظير قوله قل ما سئلتكم من أجر فهو لكم الثاني اخبار الهادي عَلَيْهِ السَّلاَمُ في حیوة والده الاکبر بان الامام بعد هو الحسن كما في جملة من الاخبار عكس ما كان مرتكزاً في اذهان الشعة من امامة ابی جعفر فتری ان النوفلى يشير اليه سائلاًمن العادي بأن هذا صاحبناای الإمام بعدك ويجيب الإمام بان صاحبكم الحسن وهذا فرينية على أن البداء المنسوب إلى الله تعالى ليس بمعناه المسبق اليه في الأذهان بل هو معنى ظهور امامة المحسن عند الشعر بسبب موت اخيه الأكبر في حيوة ابيه وهذا الظهور

ص: 98

له الربط بالله لموافقته الغرضه من تبين أمامة من تحق له الولایة على الناس وقد مربان مفاد اللام الجارة مطلق الربط واما خصيات الربط فهي موكولة الى القرائن الثالث اُمر الامام بالسكوت عن من ينتهى اليه امر الامامة الى ان یعرفهم بذلك وهذا يدل على وجود مصلحة في السكوت عن ذلك الا لجمع خاص من الشعة الرابع، الدلالة اوالاشارة الى امامة ابی جعفر الی ان مات مع التعبير بالبداء بالنسبة الى اما من الحسن كما في خبر شاهویه وخبر الجعفر به فنقول بأن سند الخبرين ضعيف مضافاً الى اختلاف المثن المروي في غيبة الشيخ الطوسي مع المروى في الكافي اذليس فی الکافی جملة وقدا شاراليه ودلّ عليه ، وفى الكافي: بدالله في

ص: 99

ابی محمد بعبدابی جعفر ما لم نكن تعرف له، بدل ما في غیبة الشیخ من قوله: وصير مكانه أبا محمد، وكذا اليس في الكافي : كنت رويت عن ابي الحسن العسكري في البیجعفر روايات تدل عليه فيما نقله من شاهريه ومع هذا الاختلاف الا يمكن الاعتماد علی روایت الشيخ الطوسى ومع ذلك نقول بان الجمع الد لی بین تلك الاخبار يقتضى القول بان المراد من الاشارة او الدلالة لانطباق القهري لامامة اكبر الاولاد على البیجعفر والا فقد ورد التخصيص من الهادي في حيوة ولده الأكبر على امامة الحسن كما في خبرى النوفلي والعلوي وأن شئت العصير الى العالم بالتعارض فلا بأس في تلك المسئلة الكلامية نعم یبقی الاشکال فی قوله: بدا اللہ في ابی جعفر كما بلداللہ في اسمعیل وارتفع هذا

ص: 100

الاشكال مماسبق من ان اللام الجارة انما هي مجرد الربط خامة وفيها فوائد، الأولی ان اسناد البداء الى الله تعالی يدفع شهة التفويض وشبهة الجبر معاً و توضيح ذلك ان المفوضة قالوابان الله فعل ما فعل وقدر ما قدروفرغ من كلام فلایغیر من خلقه ولا قضائه شيئًا فلايزيد ولا ينقص امر ابداً و اُوكل الافعال إلى العباد كما قالت اليهود يد الله مغلولة لا تبسط ولا تقبض وكما قال بعض الفلا سفة من أن كل ما في الكون فانما هو يجري على منهج واحدٍ واما المجبرة فانكروا تأثير افعال العباد في الحوادث على طرف العكس من المفوضة حيث قالوابان افعال العباد مع ما لها من الأثار مخلوقة اللباري از مجارى الأمور

ص: 101

مطوية في علمه الازلي وهو المؤثر في كل ما يحدث في عالم الوجود ومنه افعال العباد وقد قالوا في مسألة المفتول لولم يقتل لمات اذ لولاه لزم خلاف علم الله وهو محال اما اندفاع القول بالتفويض فيان العالم الازلي الذاتي المتعلق بجميع الامور لا ينا في الاثير افعال العباد في الحوادث اذا العلم المكنون حيث ان له التعلق الطولي بالافعال ليس بنفسه سبباًلها التوسط لختيار العباد وحيث ان الافعال تصدر باختيارهم فلا مناص عن ترتب الأثار الموعودة من قبل الله تعالى عليها من زياده رزق أو نقصر ومن طول عمر أو قصره وهى افعال الله فليس الامر كما زعمه القدري من انه تعالى قد فرغ من الامر وأوكل

ص: 102

الافعال الى العباد والا محو ولا اثبات ولا تغير في الارزاق والأجال وسائر الحوادث وأوضح الاخبار في بيان ذلك ما ورد في باب البداء من البحار من مناظرة الرضا عليه سلم مع المروزي فالمنكر للبداء ينكردوام قدرة الله في جمیع الأزمنة وبالنسبة إلى الحوادث كلها والمثبت له انما یثبت ذلك لا أنه ينسب الجهل الى الله تعالى عن ذلك واما اندفاع القول بالجبر فلانه لو كان العلم الازلى الذائي سبباً لكل ما يحدث في الخارج لم يكن لترتب زيادة العمر على صلة الرحم مثلا معنى ولم يكن للمحو و الاثبات معنىً ولم يمكن تقسيم علمه الی مكنون وغيره ولم يكن التقسيم الإجل الی محتوم و غیره معنىً محصلاً و بالجملة فاخبار البداء بالمعنى

ص: 103

اللائق بإستاده الى الله دافعة للقول بالتفويض وللقول بالجبر . الثانية: ربما يقاس البداء فى التكوينيات بالنسخ فى التشريعيات تبقريب ان بالنسخ بظهر خلاف ما كان ظاهراً من اطلاق الحكم وهو الاستمرار في عمود الزمان و بالبداء يظهر خلاف ما كان ظاهراً من مقتضيات الامور وليس ذلك الأنظيراً لتقريب الاذهان والأفليس في النسخ تغيير و تبديل لشیءٍ الى شیءٍ اخر بل النسخ عبارة عن بیان عدم امتداد الحكم في عمود الزمان كما ان التخصيص عبارة عن بيان خروج الخاصر من دائرة عموم الحكم بالنسبة الى الإرادة الجدية من أول الأمر والبداء عبارة عن تغيير أمر الى اخر الجهات من الجهات على ما مر تحقية الحقيقه.

ص: 104

الثالثة : الاعتقاد بالبداء يبعث الانسان الى الاعمال الحسنة ويجنبه عن الاعمال السيئة فيخلو في الوجدان نشاطاً فعالاًنحو الخيرات والفضائل ورادعاً مناعاً عن الشرور والرذائل اذا المعتقل بالبداء يعتقد بان لافعاله خيراً ام شراً اثاراً من قبل الله تعالى ان خيراً فخیرٌ وان شراًفشرٌّ فلا يتوانى عن عمل الخير بل يجهد فيه مهما تكلف الأمر ویتجنب عن الشر مهما اثنافت اليه نفسه و ما القائل بجفاف علم التقدير فلابد وان لا يتوقع من اعماله الخير ية اثاراً نافعة وان لا يخاف من اعماله السيئة اثاراً مضرة الرابعة ، التقتية (وهي لغة الاتقاء من شخص او شیءٍ الشخص او شىءٍ لانها مأخوذة من الوقاية

ص: 105

بمعنى الحفظ والصيانة) مما يحكم العقل بلزومه في مواد لحاجز اليه وهو امر جيبلى عقلائى اذلزوم القرار من الحية امر راكزفي الجبلة وقددل الكتاب العزيز على التقية فقد قال الله تعالى الأمر اكره وقلبه مطمئن بالإيمان وقال عز من قائل الا ان تتقوا منهم نقية فرخص سبحان ما لا يجوز اذا اقتضته النقية وأما ما ورد عن المتناصلواة الله عليهم من الأخبار فمنها ما يدل على وجوب التقية و ذلك في موارد حفظ النفر و العرض والمال ومنها مايدل على حسنها وذلك في موارد المعاشرة والتودد واما الاحکام الواردة فقية فهي ما وافق الجمهور محفظا على النفوس وکیف كان فالنقية ممادل علیه التعليم العقل والشرع وليس في القول

ص: 106

بها موجبٌ للنشيع ومن الضروري فى أمثال هذا الزمان الوعی الكامل حذراً من سيطرة الاجانب على الأمة الا سلامیة استغلالاً لما عندهمٍ من التباغض وسوء التفاهم ولا حول ولا فع الا بالله العلى العظيم الخامسة اللمعقد بالبداء، والمحو والإثبات ، اذا الطالع الله لا يغير بعمله واذا عصاه لا ينأس من رحمته فيتوسط دائماً بين الخوف والرجاء نظراً لى اعتقاده بار الغرورو الإعجاب (مثلاً) ماحيان للطاعات فيخاف من الحبط والهبوط وان التوسبة (مثلاً)، مكفرةٌ للسينات فيزجو العفو و الغفران واما المعتقد بان لا تبديل للحوادث فلا معنى الخوف ورجائه من

ص: 107

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.