نتائج الأفكار

هوية الکتاب

الكتاب: نتائج الأفكار

المؤلف : السيد إبراهيم الموسوي القزويني.

تحقيق: الشيخ ستار الجيزاني

الناشر: مركز تراث سامراء الدراجي

المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي

التصميم والإخراج الفني: الحاج مسلم شاكر المطوري

المطبعة: الكفيل.

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: 500 نسخة.

سنة الطباعة: 1442ه- / 2021م.

رقم الإصدار: 51 .

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد

ISBN:

لسنة 2021م.

جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامُراء.

ص: 1

اشارة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

ص: 2

دِيوَانُ الوَقفِ الشِّیعِيِ

العَتَبَةُ العَسکَرِّيَةُ المُقَدَّسَةُ

سِلسِلَةُ اِصَدَارَاتٌ مَا كَتِبَ فِي سَامَرَاء 14

نتائج الأفكار

تألیف

الأُصُولِي الفَذ المُحقق السَّيّد ابرَاهِيم المُوسَوِي القَزوِينِي

ت 1262ه-

تحقيق

الشيخ ستار الجيزاني

مُراجعة وتدقيق

مَرکَزُ ثُرَاثِ السَّامِّرَاء

ص: 3

ص: 4

مُقدِّمَةُ المَركَز

ص: 5

ص: 6

مقدمة المرکز

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

وبعد.

لقد كانت ولا تزال الجهود العلمية التي سبقت تأسيس السيد المجدد الشيرازي لحوزته العلمية العريقة في سامراء، غير واضحة المعالم، ويكتنفها الكثير من الغموض والإبهام، ولم تساعد الظروف المهتمين بهذا الشأن على العثور على نصوص أو وثائق نافعة في تكوين صورة جلية وواضحة عن معالم تلك الفترة الزمنية المطوية تحت جناح النسيان.

وقد تعرضنا في أكثر من مناسبة لتلك الجهود(1)، وكانت الغاية هي محاولة جذب انتباه الباحثين؛ لأجل توثيق محاولات العلماء وجهودهم ورصدها؛ لغرض دراستها ومنحها المزيد من الاهتمام والعناية.

ولعل أول من دوّنت المصادر إسهاماته العلمية في سامراء بعد الغيبة الكبرى هو الشيخ المفيد (ت 413 ه-)، الذي ينتمي لمدينة عكبرا الواقعة في أطراف سامراء.

فقد نقل تلميذه السيد المرتضى بعض تلك المجالس العلمية قائلا: (وحضر الشيخ أبو عبد الله - أيده الله - بسرّ من رأى واجتمع عليه من العباسيين وغيرهم جمع كثير.

فقال له بعض مشايخ العباسيين : أخبرني من كان الإمام بعد الرسول (صلى الله

ص: 7


1- ينظر : مقدمتا مركز تراث سامراء لكتاب (عصمة الحجج) للسيد علي الميبدي، وكتاب (نزهة القلوب والخواطر) للميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني

عليه وآله ) ؟ . . .).(1)

وينقل في مورد آخر : (ومن حكايات الشيخ وكلامه قال: سألني أبو الحسن علي بن نصر الشاهد بعكبرا في مسجده وأنا متوجه إلى سر من رأى...).(2)

ولعل من تلك المحاولات هي هجرة الرجالي المعروف النجاشي، وذلك حين تعرضت بغداد لمجموعة من الفتن والاضطرابات، وهاجر شيخ الطائفة الطوسي إلى الغري السري، فهاجر غيره من العلماء، ومنهم الشيخ أحمد بن علي النجاشي (ت 450)، فقد ترك بغداد مهاجراً، وتوفي في طريق هجرته في مدينة (مطير آباد)(3)وهي من قرى سامراء، ولعله كان قاصدا سامراء لغرض الاستقرار فيها .

ويمكن أن يجعل ما حكاه ابن خلكان عن دار الشريف الرضي في سامراء مورداً ثالثاً.(4)

ولكن المصادر التأريخية والمدوّنات لا تسعفنا كثيراً في توثيق هذه المحاولات، ولا تمنح المتابع صورة واضحة، ولولا ما دوّن هنا وهناك من زيارات للعلماء والأعيان والملوك، وكذلك مراحل إعمار العتبة المطهرة لما أمكننا تحصيل أي شاهد ينفع في المقام.

والملاحظ أن الجهود العلمية وتكوين بيئة مناسبة للعلماء كانت تنتعش بوادرها على هامش الإعمار للعتبة المطهرة.

ص: 8


1- السيد المرتضى الفصول المختارة: 341/2 ، (ضمن موسوعة الشيخ المفيد)
2- السيد المرتضى الفصول المختارة: 337/2 ، (ضمن موسوعة الشيخ المفيد)
3- ينظر : رجال السيد بحر العلوم : 36/2
4- حكى ابن خلكان عن بعض الفضلاء أنه رأى في مجموع: أن بعض الأدباء اجتاز بدار الشريف الرضي ب-(سر من رأى) وهو لا يعرفها، وقد أخنى عليها الزمان وذهبت بهجتها وأخلقت ديباجتها، وبقايا رسومها تشهد لها بالنضارة وحسن الشارة ... ابن خلكان وفيات الأعيان 4 / 416 . ويمكن بمراجعة تاريخ بغداد للخطيب الحصول على موارد أُخر

ومن أبرز العمارات للمرقد المطهر التي انتعشت في ظلها الجهود العلمية للعلماء:

أولاً : إعمار العتبة العسكرية المقدسة بإشراف العلّامة محمد السلماسي (ت 1225ه-). وهي استمرار للعمارة المعروفة بعمارة الأمير أحمد بن خان الدنبلي (ت 1200ه-) ، وأكملها ولده الأمير حسين الدنبلي (ت 1207 ه-).

قال في أعيان الشيعة (كان الحاج الميرزا محمد السلماسي شديد الولاء لأهل البيت علیهم السلام، ويتبعه من أهالي سلماس، وآرومية الأذربيجانية خلق كثير ، ومن أعيانهم حسين خان وأخوه الأكبر حسن خان، ولهم أخ ثالث، فحثهم هذا الشيخ الورع على بناء سور لمدينة سامراء وبناء مدرسة علمية في كربلاء ، فقام أولئك الإخوة بالمشروعين خير قيام أما سور سامراء فهو موجود إلى يومنا هذا).(1)

ولكن يظهر أنه لم يكمله، ولذا تصدى الملا زين العابدين السلماسي (ت1250ه-) لإكماله، وقد نقل ذلك العلّامة النوري في أكثر من موضع من كتبه، فقد ذكر في النجم الثاقب (المولى زين العابدين السلماسي - المتقدم ذكره - وكان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها).(2)

وفي موضع آخر قال: (الملا زين العابدين السلماسي (ت 1250ه-)، وكان من خواص وصاحب أسرار العلّامة الطباطبائي بحر العلوم ومتولي بناء قلعة سامراء).(3)

وعلى أثر ذلك قام الشيخ أحمد بن محمد علي بن محمد باقر الكرمنشاهي (ت 1243 ه-) - حفيد الوحيد البهبهاني - بتأليف كتاب مناهج الأحكام في سامراء في سنة (1233ه- ).(4)

حيث كتب في أول النسخة : (شرع في تأليفه في الثاني عشر من شعبان المعظم من

ص: 9


1- الأمين، أعيان الشيعة 187/9
2- العلّامة النوري النجم الثاقب : 283/2
3- العلّامة النوري النجم الثاقب : 2/ 292
4- الأمين، أعيان الشيعة: 136/3 ، محمد بن عبد الوهابي الهمداني نزهة القلوب والخواطر : 8

شهور سنة ألف ومئتين وثلاثة وثلاثين من الهجرة النبوية في بلدة سامراء حين الشروع في بناء القلعة والسور فيها، وأسأل الله التوفيق لإتمامه، وأن يجعله ذخيرة ليوم ملاقاته بمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين (منه)).(1)

ثانياً: إعمار العتبة العسكرية المطهرة بإشراف المحقق الشيخ عبد الحسين الطهراني (1286ه- ) الملقب ب- (شيخ العراقين).

فإنه بعد أن أنهى إعمار مرقدي الإمام الحسين علیه السلام و أبي الفضل العباس علیه السلام ، وبناء مدرسة الصدر الأعظم في كربلاء، وكذلك بعد أن عمّر مرقد الإمامين الجوادين علیهما السلام(2) توجّه في سنة (1282ه-) إلى سامراء لغرض إعمار مرقدها الطاهر، وتم الانتهاء من الإعمار سنة (1285ه-)، وكان يرافق الشيخ عبد الحسين الطهراني في رحلته مجموعة من العلماء، منهم:

1 - الشيخ محمد هادي الطهراني (ت 1321 ه-) صاحب كتاب محجة العلماء، حيث قال: (فتتلمذت على العلّامة الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين، وكنت معه بسامراء أيام تعميره للمشهد الشريف).(3)

2 - السيد علي الحسيني الميبدي ( ت 1313 ه-)، وكان يحضر دروس الشيخ عبد الحسين الطهراني التي يلقيها في سامراء، وألف هناك عدة مؤلّفات، منها:

أ - عصمة ،الحجج، فقد ألّفه في 27/ ربيع الأول/ 1285ه- .

ب - كتاب في الرد على الشيخية، ألّفه في رجب 1285ه- .

ج- - الأرجوزة الحمامية، ألّفه في 19/ شعبان/ 1285ه- .

3 - الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني:

ص: 10


1- الكتاب لا يزال مخطوطاً وهو قيد التحقيق في مركز تراث سامراء
2- ينظر : شيخ العراقين، تأليف الشيخ حامد رضائي : 278 - 286
3- الطهراني الطبقات 2777/5

فقد ألّف هناك (نزهة القلوب والخواطر)، وذلك في سنة 1285ه-، وقد تكررت منه الرحلات إلى سامراء كما في سنة (1290ه-)، وسنة (1295ه-)، وغيرهما.

ثالثاً: إعمار العتبة العسكرية المطهرة بإشراف السيد إبراهيم الموسوي القزويني (ت 1262ه-)، المعروف بصاحب ( ضوابط الأصول).(1)

لقد قام السيد القزويني بعدة أعمال في سامراء، منها:

أ- بناء قلعة سامراء.

ب- بناء سور سامراء.

ج- إعمار العتبة العسكرية المقدسة .

وقد ذكر ذلك قائلاً: (وأما سر من رأى فقد فرغنا من بناء حصنه الحصين وسوره المكين وارتفاعه مقدار اثني عشر ذراعاً شرعياً، إلا أنه بقي قليل منه غير مضر، ولو أبقي على حاله لكنا بصدد إتمامه وإكماله ونصبنا له أبواباً مصبغة بألواح من حديد، ولنعم حصن من حصن مشيد، ونحن إذ مشتغلون بأمر حرم العسكريين عليهما السلام بنصب المرآة وتذهيب القبة المطهرة على مشرفها أفضل التحيات، إذ وفى بها الوجه المرسول، وإلا فصدور الأمر منكم مسؤول ، وتاريخ إتمامه سنة (1259ه-)).(2)

ويضاف إلى انشغاله بإعمار العتبة المطهرة وسور سامراء وقلعتها، أنه قام بتأليف كتابه (نتائج الأفكار) في تلك المدة في سامراء.

وذكر العلّامة الخوانساري أنه: (مع أنه إنما كتبه في قلائل من أيام هجرته إلى زيارة سيدينا العسكريين عليهما السلام عن ظهر قلب وبدون المراجعة إلى شي من أساطير

ص: 11


1- أُخَّر ذكر هذه العمارة مع أنها متقدمة زماناً عن سابقتها لنكتة الحديث عن كتاب (نتائج الأفكار)
2- السيد القزويني، ضوابط الأصول: 1 / 72 - 73

الفن).(1)

والمركز إذ يعتز بتقديم الإصدار الثالث من الكتب (2) التي ألّفت في سامراء العسكريين عليهما السلام قبل وصول السيد المجدّد إليها، إذ توافقت (نتائج أفكار) المركز مع (نتائج الأفكار) للسيد إبراهيم القزويني؛ وذلك لغرض توثيق تلك الفترة وحفظ تراث أولئك الأعلام الذين قدموا جهوداً جبارة وخدمات عظيمة وجليلة لمدينة سامراء، وخوفاً على تلك الجهود من الضياع مع مرور الأيام مع ضعف ذاكرة الأجيال وشيوع ثقافة اللامبالاة التراث أولئك الأفذاذ ؛ لذا سعينا بتوثيقه عن طريق تحقيقها ونشرها وجعلها في متناول أهل العلم والفضل، راجين بذلك نيل الثواب، وحفظ التراث، وإنعاش ذاكرة المجتمع العلمي بنتاج حوزة سامراء وما سبقها من جهود أفذاذ العلماء.

وفي الختام أقدم وافر شكري وتقديري لجناب الأخ المحقق العلّامة الشيخ ستار الجيزاني، والشكر أيضاً للأعزة في المركز على ما قدموه من جهد مبارك.

ونسأله تعالى ببركة أئمة سامراء أن يمن علينا جميعاً بقبول العمل وحسن الخاتمة، وأن نوفق للمزيد من خدمتهم (صلوات الله عليهم).

كَرِيم مَسير النجف الأشرف

5/ ج 1/ 1442ه-

ص: 12


1- روضات الجنات : 1/ 38 ، وينظر : المحلاتي مآثر الكبراء: 202/2 - 203
2- الاصدار الأول هو عصمة الحجج للسيد علي الميبدي والثاني: نزهة القلوب والخواطر لمحمد بن عبد الوهاب الهمداني

مقدمة التحقيق

ص: 13

ص: 14

مقدمة التحقیق

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذي هدانا للاقتداء بشريعة سيد المرسلين، واتباع أوصيائه المعصومين، ثم الالتزام باتباع العلماء الراسخين في زمن غيبة حجة الله على الخلق أجمعين، الحجة ابن الحسن المهدي صلوات الله عليهم أجمعين.

أما بعد..

فلا يخفى على كل محصل أنه قد عرّف علم الأصول بتعاريف متعددة، قد أطال الأعلام في مناقشتها ومدى جامعيتها أو مانعيتها، أو غير ذلك، لكنها في المحصلة تتجه جميعاً إلى ما يتعلق بعالم الأدلة، وتنقيح ما يصلح للدليلية على الحكم الشرعي من عدمه، وبالتالي يُشكّل هذا العلم سوراً وسداً منيعاً يحمي عملية استنباط الحكم الشرعي، ويجعلها في إطار محدد ومقنّن ،واضح، لا يسمح للأهواء والأغراض أو أيّ شيء آخر بالتدخل في هذا العملية، أو حرفها عن الطريق القويم.

وهنا تكمن أهمية هذا العلم وخطورته، ويظهر جلياً السر وراء هذه الوفرة، وهذا النتاج غير المتناهي مما سطره يراع الأكابر من الأعلام قديماً وحديثاً، وهذا التنوع الدائر بين المطولات والمختصرات والشروح والحواشي والتعليقات، مما أضفى جوّاً علمياً يطرح فيه الرأي والرأي المخالف، ويناقش فيه بحيادية تامة، ورائد الكل في ذلك الوصول إلى الحقيقة، والكشف عن أحكام الباري عزّ وجلّ مهما أمكن.

ثم لا يخفى أن هذا العلم - أسوة ببقية العلوم - قد قطع أشواطاً كبيرة وكثيرة

ص: 15

تتباين كمّاً ونوعاً مذ تأسيسه مروراً بمرحلة التدوين والتفريع وحتى بلوغه أعلى درجات الكمال على أيدي علمائنا المعاصرين ومن قبلهم، حتى قيل : إنّ من يطلع على مسائل هذا العلم اليوم ويقارنها بمسائله في عصوره الأولى يجد نفسه كأنه ينظر إلى علمين منفصلين، وما هذا إلا لسعة هذا العلم وتطوره وكثرة مسائله وتفريعاته.

والأثر الذي نقدمه بين يدي رواد العلم والفكر هو خلاصة ما توصلت إليه حوزتا النجف وكربلاء في القرن الثالث عشر الهجري مجتمعتين في مدرسة العلم العيلم السيد محمد إبراهيم القزويني، حيث إنه قضى برهة من تحصيله على يدي نابغة عصره أستاذ العلماء والفقهاء في كربلاء شريف العلماء المازندراني، وأخرى عند أساطين حوزة النجف الأشرف كالشيخ الكبير المحقق المدقق موسى بن الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء، وأخيه الحجة الشيخ علي المعروف بالمحقق الثالث، وبذلك اجتمعت عنده آراء علماء ،الحوزتين، وتحصل لديه أبكار أفكار الفريقين، ومن هذين المنبعين تكونت أفكاره، ومن تلاقحهما أينعت ثماره؛ فكان نتاجه متنوعاً بين الأصول، والفقه والرجال، وغيرها من العلوم، فأثرى المكتبة الإسلامية بما يشار إليه بالبنان من دقة رأي، ورصانة فكر، وسعة بحث، وعمق نظر.

واليوم إذ نقف عند أثر من آثاره العظيمة ورشحة من رشحات أفكاره الجليلة، ونقدمه إلى القارئ العزيز بهذا الحلة ،القشيبة فإننا نشعر بالفخر والاعتزاز بل بجميل طوّقنا به هولاء العظماء مما ألقى على كاهلنا مسؤولية مواصلة الليل بالنهار وتسخير كل ما أمكن من الطاقات؛ لإخراج هذا التراث إلى النور، وجعله بين يدي رواد الفضيلة والحقيقة وطلابهما، وهذا ما دفع الإدارة الكريمة لمركز تراث سامراء أن تأخذ على عاتقها إزاحة الستار عن بعض هذا التراث، وكان من ذلك تحقيق هذا الأثر القيم، فلهم الشكر موصولاً بعد شكر الله عزّ وجلّ على التوفيق لذلك.

ص: 16

نبذة مختصرة عن حياة المصنف

اسمه ولقبه:

العالم الفاضل المحقق المدقق السيد إبراهيم(1)بن السيد محمد باقر بن السيد عبد الكريم بن السيد نعمة الله القزويني الزنجاني(2)الموسوي الحائري، الشهير بصاحب الضوابط.

آل القزويني:

هي أسرة علمية عريقة لها تاريخ حافل بالعلم والفكر والأدب، من أبرز علمائها السيد محمد باقر القزويني الملقب بمعلم السلطان؛ لأنه كان معلماً لأولاد والي كرمنشاه الأمير محمد علي بن السلطان فتح علي شاه القاجاري، وهو عميد هذه الأسرة.

هاجر السيدان محمد علي ومحمد باقر ولدا السيد عبد الكريم القزويني سنة 1185ه- إلى النجف الأشرف، وتتلمذا على يد فقيه عصره الشيخ جعفر كاشف الغطاء حتى بلغا درجة الاجتهاد، وتزوجا في النجف الأشرف، ومنها إلى كربلاء وذلك سنة 1198 ه-، ومنهما تكوّنت أسرة القزويني في كربلاء.

من أعلام هذه الأسرة الكريمة في كربلاء - بالإضافة إلى المصنّف - السيد محمد

ص: 17


1- ورد اسم المؤلف في بعض المصادر من غير لفظ (محمد)، وفي بعض آخر مقروناً به، ولعل الحذف من جهة التخفيف كما شاع أن يقال : السيد باقر لمن اسمه محمد باقر؛ لأجل التخفيف، وفي مثل المورد الحمل على التخفيف أقل مؤنة من الحمل على الزيادة وإضافة لفظ إلى الاسم لم يعلم أنه منه
2- قال الشيخ الزنجاني في إجازته للعلّامة الأوردبادي: سيدي ومولاي السيد علي المشهور بالقزويني مع أن أصله وأصل صاحب الضوابط زنجاني. (موسوعة الأوردبادي: 1/ 217) . وكذا ترجم له السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني في كتابه تاريخ زنجان : 31 وعده من علماء زنجان. والشيخ موسى الزنجاني في كتابه الفهرست لمشاهير وعلماء زنجان: 13

مهدي بن السيد باقر المذكور المولود سنة 1207 ه- والمتوفى سنة 1269 ه-، والسيد هاشم المتوفى سنة 1327 ه-، وولداه السيد محمد رضا المتوفى 1348ه-، والسيد محمد إبراهيم المتوفى سنة 1360ه-، والعالم الشاعر السيد مهدي بن السيد محمد طاهر بن السيد محمد مهدي المذكور المتوفى سنة 1351ه-، والسيد حسين القزويني أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى، المولود سنة 1288 ه- والمتوفى سنة 1367ه-، والسيد محمد حسن الشهير ب- (آغا مير) مؤلف كتاب (الأمانة الكبرى) المتوفى سنة 1380 ه-، والسيد محمد حسين بن السيد محمد طاهر المولود سنة 1287 ه- والمتوفى سنة 1385ه- ، والخطيب الشاعر السيد محمد صالح بن السيد محمد مهدي المتوفى سنة 1375ه-، والعالم الفاضل السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا، المولود سنة 1325ه-، والبحاثة السيد إبراهيم شمس الدين بن السيد حسين القزويني المولود سنة 1318 ه- مؤلف كتاب (البيوتات العلوية في كربلاء)، والخطيبان الفاضلان السيد محمد كاظم بن السيد محمد إبراهيم المولود 12 شوال سنة 1348 ه-، والسيد مرتضى بن السيد محمد صادق المولود سنة 1349ه-، وغيرهم من العلماء والأدباء. أما السيد محمد علي، فهو أحد الشقيقين المهاجرين من قزوين، فقد توجه إلى كربلاء قادماً من النجف الأشرف للسكن فيها ، وكان له ولد واحد هو السيد هاشم بن السيد محمد علي، الذي كان من كبار علماء الدين توفي عام 1327ه-، وكان له ولدان هما السيد محمد رضا، والسيد محمد إبراهيم، توفي السيد محمد رضا 1345ه-، وله ولد واحد هو السيد محمد صادق، وهو والد السيد مرتضى القزويني، والسيد هاشم والسيد الشاعر محمد رضا القزويني، والسيد عبد الحسين القزويني.

وأما السيد محمد باقر ، فقد نزح من النجف إلى كربلاء، وكان له من الأولاد

السيد محمد مهدي، والسيد إبراهيم صاحب الترجمة.

أما السيد محمد مهدي، فكان له من الأولاد:

• السيد محمد حسين القزويني المتوفى عام 1385ه-.

19.......

ص: 18

• السيد عباد.

• السيد طاهر الذي خلف السيد مهدي، وكان عالماً وشاعراً، خلف السيد محمد صالح القزويني المتوفى سنة 1375ه-، وله من الأولاد السيد محمد باقر، والسيد هادي، والسيد مهدي، والسيد جواد، ومن أولاد السيد محمد باقر الدكتور محسن القزويني.

• محمد باقر الملقب ب-(أبي المعالي) المتوفى عام 1333 ه-، وله من الأولاد السيد علي، والسيد محمد حسن الشهير ب- أغا مير) المتوفى عام 1380ه-، وله من الأولاد العلامة آقا نجفي نزيل طهران، والسيد كاظم والسيد حسين، وكان من أقطاب رجال العلم له العديد من المؤلفات، منها : (فدك) و (الخلافة الكبرى والإمامة العظمى).

أسرة المصنف:

فله وأما السيد إبراهيم، من الأولاد أحمد وباقر، توفي السيد أحمد، أما السيد باقر فكان له من الأولاد السيد المجاهد حسين القزويني أحد قادة ثورة العشرين في كربلاء، وهو والد السيد إبراهيم الشهير ب-( شمس الدين القزويني)، الضليع بعلم الأنساب.

ولادته:

اشتهر عند المترجمين له أن ولادته كانت في شهر ذي الحجة من سنة (1214ه-) ، ولعل هذه الشهرة اعتماداً على ما ذكره الحجة آقا بزرك الطهراني (1) من

ص: 19


1- طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة) : 10 / 10 ، وقيل : 1204 كما ذكره مؤرخاً كربلاء سلمان هادي و صادق آل طعمة، وهو يناسب ما ذكره تلميذه محمد التنكابني في قصص العلماء، وصاحب الأعيان، من أن عمره ناهز الستين عاماً، وهو الأرجح، وأما ما ذكره المحقق الطهراني أن المصنّف قد أرخ ولادته بخطه فهو من سهو القلم؛ إذ الموجود على ظهر المكاسب من كتابه الدلائل هكذا: (صورة خط أخي المصنّف - تاريخ وفاة المرحوم المبرور مجمع الفواضل والفضائل، وصاحب الضوابط والنتائج والدلائل آخر ليلة الخميس سابع من شهر شوال المكرم سنة 1262 وكان مولده الشريف في شهر ذي الحجة سنة 1214 أعلى الله مقامه)، وهو صريح في أن المكتوب ليس بخط المصنّف، وإن كان ينسبه إلى أخ المصنّف، لكن في هذه النسبة نظر ، بل إن الشيخ الطهراني نفسه تنازل عن هذه النسبة للمصنّف أو أخيه، وإنما نسبها إلى بعض تلاميذ المصنّف ، كما في الذريعة : 239/8 ، 15/ 119 ، فلم يبق لدينا ما يرجح هذا الرأي

أن هذا ما وجده بخط المصنّف على ظهر مجلد المكاسب من كتابه الدلائل.

وأما مكان ولادته فالذي يظهر من التواريخ أعلاه أنها كانت في كربلاء المقدسة.

لكن المشهور والمذكور على لسان طلبته (1) أن مكان ولادته قزوين، ثم هاجر مع أبيه إلى كرمانشاه، فأقام أبوه عند الميرزا محمد علي بن فتح علي شاه واشتغل في تعليم أولاده، وبعد أن أكمل - المترجم له - وطراً من تحصيله الأولي هاجر ثاني الهجرتين ميمّماً وجهته إلى كربلاء المقدسة، مكملاً تحصيله العلمي عند أكابر العلماء كما سياتي

بعض أحواله:

الوضع الأسري كان عنده زوجتان إحداهما ضعيفة لم تنجب له أولاداً، والأخرى أنجبت له.

وخلّف من إحدى زوجاته ولدين:

أحدهما: السيد أحمد والد السيد عبد الله الذي هو والد السيد آقا.

الثاني: السيد آقابزرك والد السيد جواد، والسيد محمد تقي، والسيد حسين، المتولي لأوقاف جده صاحب الترجمة، والمتوفى سنة 1367ه-.

وكان لفتح علي شاه بنت اسمها ضياء السلطنة، اشتهرت بالكمال والمال والجمال، وكانت قد أرسلت إلى السيد شخصاً يعرض عليه الزواج منها، فأجاب

ص: 20


1- كما عن تلميذه التنكابني في قصص العلماء: 11 ، وتلميذه الخوانساري في روضات الجنات: 38/1

بأن مصاريف بنت الملك كثيرة، وليس عندنا إلا الفقر والفاقة، ولا نتمكن من تأمين مصارفها، فأرسلت إليه من جديد إنني لا أطلب شيئاً، بل أنا مستعدة للصرف عليك وعلى عيالك. فأجاب: إن عائلتي وزوجتي وأولادي قد عاشوا معي في العسر والفقر ، ولازم الوصل لك أن نحيد عنهم ، وهذا قبيح . فأرسلت إليه من جديد أن: تبقى عند عيالك ، وكل الذي أريده أن أحمل اسمك . فأبى السيد حتى يئست بالكلية.

الوضع العلمي: لم تذكر لنا المصادر شيئاً واضحاً عن تحصيله العلمي في مراحله الأولى أكثر من أنه بدأ تحصيله في قرميسين (كرمانشاه).

وأما بعد هجرته إلى كربلاء، فقد حضر عند السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض في أواخر أيامه ، وعند ولده السيد محمد المجاهد صاحب المناهل.

ثم لازم بعد ذلك بحث شريف العلماء في الأصول مدة طويلة، ولما كان شريف العلماء في أول أمره لا يدرس الفقه، ارتحل السيد إلى النجف، وأخذ الفقه في مدة سبعة عشر شهراً - تزيد أو تقل - عند الشيخ موسى نجل الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء، وكذا عند أخيه الشيخ علي المعروف بالمحقق الثالث(1)، ثم عاد إلى كربلاء.

وبدأ التدريس في حياة أستاذه شريف العلماء في مدرسة «سردار» المتصلة بالصحن المبارك لحائر سيد الشهداء عال، كان يجلس في درسه بين السبعمئة والثمانمئة، بل حتى الألف من الطلاب والدارسين والفقهاء والمجتهدين والمستنبطين.

درسه مفيد للمتوسط والمفيد والمستفيد كل يستفيد من درسه حسب ما يناسبه.

وطريقة درسه في الأصول أن يقرأ أسطراً من حصيلة أفكاره، ثم يشرحها،

ص: 21


1- توقف الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات : 10 / 10 في حضور السيد المترجم له عند الشيخ علي نجل الشيخ جعفر الكبير، بدعوى أن الأخير لم يدرس إلا بعد وفاة أخيه الشيخ موسى (1243ه-)، والحال أن السيد القزويني درس في حياة أستاذه شريف العلماء (ت 1245ه-). وهذا يخالف ما ورد صريحاً في العبقات العنبرية : 252 من أن السيد القزويني ممن تخرج من تحت منبر الشيخ علي نجل الشيخ جعفر الكبير

ودرسه في الفقه شرح لشرائع المحقق الحلي، يقرأ سطرين من العبارة، ثم يقرّر المسألة، وفي أكثر الأحيان كان يدرس على ترتيب الفقه الذي كان يكتبه.

وفي آخر الدرس يقرأ عبارة ما كتبه في دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام.

وكان في أغلب الأوقات يدعو من عنده كلام وإشكال وبحث، أو دليل آخر أن يقوله، ولم يعجزه أحد في مجلس الدرس في المحاجّة والاحتجاج، وإذا ناظره أحد في مجلس الدرس كان يجيبه، وإذا رأى أن المناظر لا يهدف إلا للمناظرة لا فهم المسألة المسؤول عنها كان يسكت.

رأى في المنام جدته الزهراء لا تعطيه دواة وقلماً وتقول: يا ولدي، أكتب الفقه.

رغبه أستاذه السيد محمد المجاهد الطباطبائي بتأليف الفقه، وهيّأ له المصادر والكتب الفقهية، وطلب منه التصنيف في القضاء، فكتب في القضاء كتاباً مستقلاً.

أخلاقه:

قال تلميذه التنكابني: أما في الأخلاق، فقد وصل هذا العظيم إلى مرتبة يخرج وصفها عن قدرة الكاتب، بل لم أر بين علماء العرب والعجم أفضل من هذا البحر الخضم في الأخلاق، حتى إنه إذا دخل عليه ولد مميز يتواضع ويقف له، سواء كان الصبي عاميّاً أو غير عامي، وسواء كان من أولاد النجباء أو لم يكن، وهذه الأحوال لم تكن في أحد من أبناء العصر. وإذا قيل له ما لا يليق وشتم - والعياذ بالله - كان يسكت على ما شاهدته.

زهده:

كان آية في الورع والتقوى والعزوف عن مباهج الدنيا وبهارجها، ومن شدة زهده أنه مع وصول أموال كثيرة إليه من الهند تزيد على العشرين ألف تومان، ومع وصول الوجوه الكثيرة إليه من إيران والحجاز، كان فقيراً لم يكن عنده إلا ما يكفي

لمعيشته اليومية، وبالقناعة التامة، ولم يجمع ثروة.

ص: 22

بعض كراماته:

ذكر تلميذه التنكابني مجموعة من الكرامات المشهورة المعروفة:

نذكر منها ما هو مذكور على الألسنة كثيراً، ومشهور في الأمصار غاية الاشتهار، أن أهل الهند أرسلوا إليه عريضة كي يرسل لهم رسالة عملية ليقلدوه، فأرسل الرسالة مع أشخاص وسافروا في السفينة، فجاءت ريح قوية واضطربت السفينة حتى كادت إن تغرق بما فيها من مال وناس، فألقوا ما عندهم من وسائل وأحمال في الماء حتى تهدأ السفينة ولا يلحق بها ضرر، والقي ذلك الخرج الذي كان فيه الرسالة أيضاً في الماء، فوصل ركاب السفينة إلى الهند ورووا لهم ما حصل فأرسل أهل الهند إلى الأستاذ من جديد كي يكتب لهم رسالة، وإنّ الرسالة ألقيت في الماء، فأراد الأستاذ أن ينسخ الناسخ رسالة أخرى، لكن بعد وقت أرسل إليه أهل الهند أن رسالتكم وصلت إلينا سالمة صحيحة، وتفصيل هذا الأمر أننا ذهبنا يوماً إلى البحر للتنزه فرأينا حيواناً غريباً من حيوانات البحر قد وقع ومات وقد تورمت بطنه، فبقرناها فرأينا الخرج في بطنه، ففتحناه ورأينا الرسالة فيها، ولم تصل إليها أية آفة، ولم يؤثر فيها الماء أبداً.

أحداث عاصرها المصنف:

غدیر دم

لا ينبغي لمن يترجم للفقيه العلّامة السيد القزويني أن يتغافل عن بعض أهم وأخطر الأحداث التي نفسه، ويقف على رأسها المجزرة الكبيرة التي تعرضت لها كربلاء على يد الغزاة العثمانيين الذين عاثوا في الأرض فساداً.

هذه الجريمة التي عرفت فيما بعد ب-(غدير دم) والتي وقعت فجر الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة (1258ه-)، الموافق للثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة (1843م) ، انتفضت هذه المدينة على السياسة العثمانية الجائرة المستبدة، فحاصرها نجيب باشا الذي عرف بحبه لسفك الدماء؛ لإخضاعها، فقصفها بالمدافع وقطع النخيل وأغار المياه، حتى استطاع دخولها بجيشه، فاستباحها قتلاً ونهباً وتدميراً حتى

ص: 23

اصطبغت أرضها بالدماء.

يقول عبد الرزاق الحسني: (أوعز نجيب باشا إلى قائد المدفعية أن يشرع في هدم السور المحيط بالمدينة مهما كلّفه الأمر ؛ ليتمكن الجنود من الدخول إليها بيسر، ويقضي على المقاومة وعلى القبائل التي نفرت للمساعدة وفي فجر الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة (1258ه-) الثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة (1843م) أخذت المدافع في إطلاق قنابرها على السور بشدة، فاستطاعت أن تفتح ثغرة واسعة من ناحية باب النجف، وإذا بفريق من الجند يتسلق السور ويمشي فوقه بسلاحه، وفريق آخر يدخل من الثغرة ويتغلغل في أطراف السور، وكان الفريقان يطلقان النار على كل من يلقيانه، فهال ذلك أمر المدافعين واتقدت جذوة المقاومة في نفوس الأهلين، واشتعلت نيران الحماسة في صفوفهم على اختلاف طبقاتهم وتباين نزعاتهم، على الرغم من الخلافات المزمنة التي كانت متأصلة في نفوسهم، فنزلوا إلى ميدان القتال متحدين متضامنين).(1)

سيطرت القوات العثمانية أخيراً على الوضع فتراجع الثوار، واحتمى عدد كبير منهم بصحني الإمام الحسين علیه السلام وأخيه العباس علیه السلام، فشرعت القوات الحكومية بالنهب والسلب والتخريب واستباح الجند كربلاء مدة تتراوح بين ثلاث وخمس ساعات، أهدرت فيها الكثير من دماء الأبرياء من الشيوخ والأطفال، ولم ينج من القتل سوى من احتمى بصحن الإمام الحسين ودار السيد كاظم الرشتي والدور التي ضمها لتكون مأمناً.

وقد قتل كل من كان في صحن أبي الفضل العباس، فعندما حاصر قائد الحملة باب الصحن الحسيني الشريف خرج إليه الحاج مهدي كمونة وطلب منه الأمان، فأمر بالكف عن جميع من بالصحن الشريف.

مقدمة التحقيق

ص: 24


1- تسخير كربلاء : 34

وفي الوقت نفسه كان بقية الجنود قد اتجهوا نحو صحن العباس الذي ازدحم بالناس وأغلقوا عليهم أبواب الصحن، فتبعهم قائد الحملة، وأمر بقلع أحد الأبواب ودخل منه الجنود وشرعوا بقتل كل من فيه، ولم يسلم من القتل حتى الأطفال والنساء، ولما حلّ المساء كانت المدينة في عداد الأموات وتولى الحاج مهدي كمونة وصحبه حماية الصحن الحسيني، ورفع جثث القتلى من صحن العباس.(1)

من الطبيعي أن لا تمر هذه الحادثة من دون أن يكون هناك دور مهم للسيد القزويني، وهو العلم المبرّز آنذاك، وهو موضع ثقة المجتمع الكربلائي، وما تفرضه عليه مسؤوليته الشرعية والوطنية، ودوره الإنساني في التخفيف من معاناة الأهالي بعد الخسائر الكبيرة في الأرواح والأموال.

وجود الفرقة الشيخية

ومن الأحداث المهمة التي عاصرها السيد القزويني نشأة الفرقة الشيخية(2)، وما رافق ذلك من تداعيات فكرية وفتن كبيرة، خصوصاً أيام السيد كاظم الرشتي تلميذ الشيخ أحمد الاحسائي الذي تنسب إليه الفرقة وما رافق ذلك من مواقف حازمة وحاسمة من قبل العلماء.

ص: 25


1- ينظر العبقات العنبرية : 306 وما بعدها
2- الشيخية : فرقة من الشيعة الإمامية ظهرت في أواخر النصف الأوّل من القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي - وسميت بذلك نسبة إلى زعيمها الأوّل الشيخ أحمد الأحسائي، المتوفّى 1241 ه- - 1825م، وتسمّى بالكشفية أيضاً؛ لما يصرح به زعيمها من الكشف والإلهام، أو لأنّ الله سبحانه قد كشف غطاء الجهل وعدم البصيرة في الدين عن بصائرهم. بنّت هذه الطائفة بعض الآراء والأفكار التي أدّت إلى حدوث النزاع بينهم وبين الطرف الآخر، وقد ذكروا عدة فروق بينهم وبين الشيعة الأصولية، تزيد على ثلاثين فرقاً، إلا أنها في الحقيقة مسائل جزئية لا يمكن جعلها من الخصائص المكوّنة للفرقة الشيخية، وأهم المسائل التي طرحت وهي محل الخلاف بين الطرفين هي أربع المعاد الجسماني، والغلو والتفويض، والمعراج، والركن الرابع، فإنّ هذه المسائل هي أهم نقاط الخلاف بين الشيخية وغيرهم.

عندما كثر القيل والقال واشتدّت الفتنة، توجّه السيد سعيد ثابت - وهو كليدار كربلاء وحاكمها -، نحو النجف واجتمع بالشيخ علي بن جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد حسن النجفي - صاحب كتاب الجواهر - ، والتمسهم أن يسافروا معه لكربلاء لينظروا في أمر السيد الرشتي وما يقوله، فأجابوه في ذلك وساروا معه.

واجتمعوا جميعهم مع السيد الرشتي وأتباعه في الصحن الحسيني، ووقف حاکم کربلاء وبيده سيف مسلول، وقال لهم بيني وبينكم هذا المجلس فإن حكمتم بكفره ضربت عنقه من حينه وأخمدت هذه الفتنة، وإلا ضربت عنق المخالف، وبعد انعقاد المحاكمة طلب الشيخ علي من الشيخ محمد حسن أن يسأل السيد كاظم عما يريد. فقال الشيخ محمد حسن للرشتي: أنا أسألك عن فقرتين في رسائلك صريحة بالكفر، وهي هذه، وأخرج رسالة له من تحت ردائه، ثم قال: هذه المسألة الأولى وهذه الثانية، فردّ الرشتي قائلاً : نعم أعتقد بهذه المسائل، غير أن معناها غير المعنى الذي فهمتموه منها وذهبتم إليه.

وعندما سمع الشيخ علي ذلك، قال: يا سيد سعيد الحدود تُدرأ بالشبهات وحفظ النّفس في شرعنا من أعظم المهمات، فاترك النّاس على غفلاتهم، ولا تكشف عن سوآتهم، وإن أبيتم فاتركوني واصنعوا ما شئتم فأنا لا ألقى الله وفي عنقي دم المدعي للإسلام.

فتفرق بعد ذلك الحاضرون، ونجا السيد الرشتي من القتل.(1)

من آثاره:

كان رحمه الله ذا همة عالية في العلم والعمل، ساعياً لعمل الخيرات وبذل المبرات، ويمكن رصد بعض ذلك من خلال مراسلاته.

منها : ما يتعلق بأمور القبة الشريفة للعتبة العسكرية المقدسة، ونصب المرايا لها

ص: 26


1- العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية : 286

وتزجيجها.

ومنها: تفضيض وتذهيب أبواب العتبة العلوية المقدسة، والسعي في توسعة الحرم الطاهر وإجراء التصليح اللازم للضريح المبارك لأمير المؤمنين علیه السلام.

ومنها: تعمير مرقد مولانا أبي الفضل العباس.

ومنها: تذهيب الإيوانين الصغير والكبير لسيد الشهداء علیه السلام، وتفضيض ونصب باب العتبة المقدسة.

ومنها: بناء حصن سامراء وتشييد سورها.

ومنها: صرف المبرات على فئات من القاطنين حول العتبات المقدسة.

وغير ذلك كثير .

قالوا فيه:

قال تلميذه الميرزا محمد التنكابني: أستاذ هذه البسيطة، له الشهرة في كل الديار، وحيد الأمصار والأعصار، نادر الزمان في الفقه والأصول والرجال، سبق المدرسين العظام علم التدقيق ومنارة التحقيق، وجبل الفقاهة.

وقال تلميذه محمد سميع: الإمام الهمام، المولى القمقام البدر التمام شمس الظلام، قدوة الأنام من الخواص والعوام ، سليل الكرام، عمدة العلماء الأعلام، كهف الأرامل والأيتام، حجة الإسلام، فريد الأيام السائر في ضوابط مسائل الحلال والحرام، الغائر في أسرار دلائل الأحكام حائز حياض المسالك، وجائز رياض المدارك كشاف معضلات التحقيق، ومفتاح مقفلات التدقيق، مهذب شرائع الإسلام بموجز بيانه الكافي وممهد قواعد الأحكام بمختصر تبيانه الوافي،محيي مراسم الفقه بتنقيحه الدّروس، ومجلي حقائق العلم بإيضاحه المأنوس، نخبة كل نحریر نبيه وكفاية من لا يحضره الفقيه مصباح مسالك الهداية والإرشاد، ومقياس مناهج غاية المراد، وسيلة ذخيرة المعاد وذريعة يوم التناد، إذ ينادي المناد، الذي منه

ص: 27

تهذيب القوانين المحكمة، وتحرير الإشارات المبهمة، معتبر وسائل الشيعة، ونهاية منية الشريعة، منزه حدائق الدين بلمعة من بحار أنواره منبه معارج اليقين بزبدة من نتائج أبكار أفكاره، رافع معالم الفروع والأصول، جامع المقاصد العلية بإحكامه المحصول، بحر الأدب والكرم، وفخر العرب والعجم ، قطب فلك العلم والسيادة، ونقطة دائرة الحلم والسعادة، مجمع الفيوضات ومنبع الإفاضات فاتحة صحيفة السداد والرشاد، وخاتمة رقيمة الفقاهة والاجتهاد، أعلم العلماء المتقدمين والمتأخرين، أفضل الفضلاء السابقين واللاحقين، شمس الفقهاء والمجتهدين، السيد السند الحبر المعتمد سيدنا الأستاد، ومن عليه في الأمور اعتماد العباد.

وقال صاحب روضات الجنات: هو من أجلّة علماء عصرنا، وغرّة فضلاء ،زماننا لم أر مثله في الفضل والتقرير، وجودة التحبير، ومكارم الأخلاق، ومحامد السياق، والإحاطة بمسائل الأصول، والمتانة فيما يكتب أو يقول.

وقال السيد حسن الصدر: أستاذ علماء عصره في علم الأصول بعد أستاذه شريف العلماء في كربلاء، انتهت إليه رئاسة الإمامية، وتخرج عليه جماعة من العلماء...

وقال الشيخ حرز الدين كان من أعاظم العلماء، ومن وجوه المراجع والمفتين، وأحد أساطين الأصول، ومن العلماء الذين قابلوا الناس بقوة النظر والدقة والعلم الغزير، والصبر على النوائب والمحن.

أساتذته:

كان قد حضر عند أساطين العلم والفضل والزهد والتقوى، ناهلاً من نمير معينهم، مما كان لهم الأثر الكبير في صياغة شخصيته العلمية، بل الروحية أيضاً، نذكر منهم:

1 . العالم الحفي الصفي التقي النقي الجلي السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، حضر عنده أواخر تدريسه.

ص: 28

2 . فريد عصره ونابغة دهره السيد محمد المجاهد بن السيد علي الطباطبائي صاحب مفاتيح الأصول والمناهل، حضر عنده قليلاً.

3 . العالم العيلم البحر الخضم الأدق عين أصحاب التحقيق، محمد شريف بن الملا حسين علي الآملي المازندران، الملقب بشريف العلماء.

4 . العالم الأفقه الأكرم الأفضل الأعلم، رئيس أهل التحقيق والتدقيق، الشيخ علي بن الشيخ جعفر الكبير ، المعروف بالمحقق الثالث.

5 . العالم الكبير رضيع ثدي الفقاهة وشجرة ورد روضة الجلالة والفخامة الشيخ موسى بن الشيخ جعفر الكبير

تلامذته:

ثم إنه يشرع في التدريس في حياة أستاذه شريف العلماء، وكان يحضر درسه ما يقرب من المئة طالب وبعد وفاة أستاذه استقل بالتدريس، وكان يجتمع في حلقة درسه سبعمئة طالب إلى ثمانمئة إلى ألف وفيهم من فحول العلماء وأكابر الفضلاء، مستفيدين من دقة بحثه وعمق نظره وقوة استدلاله، نذكر منهم :

1 . أبو القاسم بن محمد تقي بن محمد تقي البرغاني، القزويني.

2 . ابو القاسم بن محمد علي النوري المازندراني الشهير بكلانتري - مقرر أبحاث الشيخ الأعظم -.

3 . أسد الله بن محمد صادق البروجردي.

4 . الآقا محمد باقر بن زين العابدين اليزدي.

5 . جعفر بن الحسين التستري الكاظمي، الشهير بالنجار.

6 . الحاج الملا علي الكني.

7 . الحاج محمد كريم المجتهد اللاهيجي

8 . السيد أبو الحسن التنكابني.

ص: 29

9 . السيد أسد الله الشفتي.

10 . السيد جعفر الحسيني السبزواري ثم المشهدي الخراساني الشهير بميرزا بابا.

11 . السيد حسين الترك الكوهكمري.

12 . السيد حسين بن محمد علي الحسيني الكاشاني.

13 . السيد صالح العرب.

14 . السيد علي القزويني، صاحب الحاشية على القوانين والمعالم.

15 . السيد محمد باقر الخوانساري صاحب كتاب روضات الجنات.

16 . السيد محمد باقر بن مرتضى الطباطبائي اليزدي.

17 . السيد محمد حسين بن عباس علي القزويني.

18 . السيد محمود الحسيني المرعشي اللاهوري.

19 . السيد هاشم القزويني .

20 . الشيخ جمال المحلاتي.

21 . الشيخ حسين الأردكاني.

22 . الشيخ زين العابدين البافروشي المازندراني، الفقيه المشهور الذي انتهت إليه الرياسة في كربلاء.

23 . الشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين.

24 . الشيخ علي محمد الترك.

25 . الشيخ محمد صادق الترك.

26 . الشيخ محمد طاهر الكيلاني.

27 . الشيخ مهدي الكجوري.

28 . الشيخ ميرزا لطف الله الزنجاني.

29 . عبد الله بن رجب علي اللاريجاني.

......

ص: 30

30 . علي أصغر بن علي أكبر البروجردي.

31 . علي بن محمد (نجم الدين) بن محمد إبراهيم المرعشي الحسيني.

32 .محمد اسماعيل بن عبد العظيم الكجوري.

33 .محمد بن محمد باقر الإيرواني، النجفي، الشهير بالفاضل الإيرواني.

34 .محمد تقي الكلبايكاني.

35 .محمد حسن بن محمد علي الهزار جريبي المازندراني.

36 .محمد صادق بن محمد اللنكراني القفقازي

37 .محمد صالح بن حسن بن يوسف الموسوي الشيرازي، المعروف بالداماد.

38 .محمد صالح بن محمد مهدي الشهير بكدا علي بيك النوري.

39 .الملا هادي بن محمد الاسترآبادي.

40 .المولى أبو الحسن بن شاه محمد المازندراني.

41 .میرزا آقا أبو تراب القزويني.

42 .الميرزا رضا الدامغاني.

43 .الميرزا محمد بن سليمان التنكابني صاحب كتاب قصص العلماء.

44 .الميرزا محمد حسين الساروي.

45 .الميرزا محمد محسن الأردبيلي.

وغيرهم كثير ممن تحفل بهم كتب التراجم.

مؤلفاته:

1 - دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام ( عربي/ فقه) عدة مجلدات . شرح استدلالي بعناوين« قوله ... قوله» الجميع كتاب الشرايع.

2 - دلائل العباد (عربي / فقه)

ص: 31

3 - رسالة في حجية الظن ( حجية المظنة في الجملة ) ( عربي / أصول الفقه ) إلى آخر دليل الانسداد.

4 - رسالة في صلاة الجمعة ( عربي / فقه ).

5 - رسالة في الطهارة والصلاة والصوم ( عربي / فقه ). رسالة فتوائية غير استدلالية.

6 - رسالة في الطهارة والصلاة والصوم ( فارسي / فقه ) .

7 - رسالة في الغيبة ( عربي / فقه ) . في حكم اغتياب المؤمن لأخيه . ألفها سنة ( 1251ه- ) .

8 - رسالة في القواعد الفقهية ( عربي / فقه ) . جمع فيها ( 500 ) قاعدة فقهية.

9 - زينة المتقين ( فارسي / فقه).

رسالة عملية ترجمة «عن زينة» المتقين للميرزا محسن الأردبيلي، مع آراء فقهية للمترجم له.

10 - ضوابط الأصول ( عربي / أصول الفقه ).

اشتمل على المباحث الأصولية بشيء من التفصيل والمناقشة بعناوين «ضابطة... ضابطة»، دونه عند دراسته ل- «معالم الأصول» لدى بعض الأساتذة، ثم أعاد النظر فيه وكتبه في مقدمة وفصول وخاتمة، ويقال: إن أكثره من تقريرات شيخه شريف العلماء .

11 – كتاب القضاء (عربي/ فقه).

12 - مستثنيات الغيبة (عربي / فقه) .

13 - مناسك الحج ( عربي / فقه) .

14 - نتائج الأفكار (عربي / أصول الفقه)، وهو كتابنا هذا، وسيأتي الحديث

ص: 32

عنه مفصلاً.(1)

نتائج الأفكار

مختصر كتابه «ضوابط الأصول»، وهو دورة أصولية مختصرة كاملة، قال المصنّف عن سبب تأليفه ومنهجه وتبويبه:

انِّي بعد ما انتخبت مما كنت حرّرته سابقاً من المسائل الأصولية ومباني الأحكام الشرعية الفرعيّة كتاب ضوابط الأصول إجابة لمسؤول بعض الفحول، ورأيت كثرة رغبة المشتغلين فى إدراك مطالبه ، وشدة ميل المحصلين إلى فهم مسائله؛ لاشتماله على فرائد فوائد لم يحم حولها أحد، واحتوائه على عوائد موائد لم يدم لضبطها مدد، بيد أنه كان لبسطه بعض الهم قاصراً عن الوصول إلى غوامض دقائقه، والبلوغ إلى مغالق حقائقه سنح ببالى الفاتر أن أشمر عن ساعد الاجتهاد ثانياً، واستانف العمل لا كسلاً ولا متوانياً، بتصنيف وجيزة تشتمل على أمهات مهمات مسائل الأصول، وتأليف مختصر يحتوي كل أصل منه على ما لا يحتوي عليه أبواب ولا فصول محترزاً عن الإيجاز المخلّ والأطناب الممل، مبالغاً فى الاختصار مدرجاً فيه من المطالب الأبكار ما لم تنل إليها أيدي أولي الأبصار، ورتبته على مقدمة وخاتمة وأصول.(2)

وكان قد دونه أيام زيارته للعسكريين علیهما السلام بسامراء، وفرغ منه سنة (1253ه-).

أهميته:

تبرز أهمية هذا الكتاب من عدة جهات:

أولاً: كونه دورة أصولية كاملة مختصرة في زمن الموسوعات الأصولية الكبيرة التي يصعب الإحاطة بكل مطالبها كالقوانين والفصول والإشارات والضوابط

ص: 33


1- وهناك جهود تبذل من قبل مراكز العتبة الحسينية المقدسة لتحقيق ونشر تراث المصنّف كله؛ ليستفيد المحصلون من هذا التراث الكبير
2- هي مئة وخمسون أصلاً

وحاشية المعالم ومفاتيح الأصول وغيرها.

ثانياً: مستوعب للوجوه المحتملة في كل مسألة مع عرض الأقوال فيها.

ثالثاً: جاء ذلك كله بعبارات فصيحة في غاية الفصاحة والبلاغة.

رابعاً: جعله المصنف محور درسه الأصولي، وقد تقدم أن درسه كان محط عناية المئات من طلبة العلوم الدينية.

خامساً: اهتمام كثير من العلماء به شرحاً وتوضيحاً وتحشية وتعليقاً، كما سيأتي.

سادساً: إنه ألّفه في سامراء مع عدم وجود المصادر مع انشغاله بإعمار العتبة العسكرية المطهرة.

بعض ما قيل فيه:

قال الميرزا محمد التنكابني : ولم يكتب مثل هذا الكتاب في الأصول بهذه الفصاحة والبلاغة والجزالة والعذوبة.

وقال تلميذه محمد بن سميع اليزدي: إن كتاب نتائج الأفكار هذا مصنف شريف، ومؤلّف منيف، كاف مع إيجازه الجميع مهمات علم الأصول التي سابق إليها العلماء الفحول بأحسن إشارة، واف بفرائد فوائد مبتكرة لم تبادر إليها من أحد يد الوصول باتقن عبارة .... بالغاً أقصى مرتبة التحرير والبيان، سائراً بين سائر المصنفات على كل لسان، صائراً محط أنظار الفضلاء؛ لما حواه من نتائج أفكار العلماء، حاوياً للفظ الكاشف عن الحقيقة واللب، ناسخاً لجميع المؤلفات والكتب، حيث إن البحر إذا تموج تراخت المراكب، والبدر إذا تبلج طمس نور الكواكب، فكان مع اختصاره وسهولة استنساخه وإكثاره فى غاية القلة ونهاية الندرة، بحيث لم يكد يكفي أيدي الكتاب لكفايته مع ما بهم من الجهد في تكثير كتابته.

وقال صاحب روضات الجنات المحقق الخوانساري - في معارضة من يقول : إن أكثر كتاب الضوابط هو من تقريرات استاذه شريف العلماء - : وإنّ من طالع

ص: 34

كتابه الموجز المسمّى ب(بنتائج الأفكار) في الأصول مبتنياً على مئة وخمسين فصلاً من الفصول، يعرف صدق هذا المقال، وأنّ جناب مصنّفه المفضال كأنه نفس ملكة الفقه والأصول، ومالك أزمة المعقول والمنقول، والفائق على غيره من النبلاء الفحول مع أنه إنّما كتبه في قلائل من أيّام هجرته إلى زيارة سيّدينا العسكريين عليهما السلام من ظهر القلب، وبدون المراجعة إلى شيء من أساطير الفنّ كما حكى لنا من يوثق بنقله.

بعض ما قيل فيه شعراً:

قال تلميذه محمد بن سميع اليزدي الرازي الحائري في تقريظ الكتاب:

معاقد درّ أم موائد أبرار***مناهج حق أم (نتائج أفكار)

رسالة علم قد حوت كل معضل*** معارف دین أم خطائف أبصار

تفوق بهذا العصر كلّ رسالة***لكم بينت من غامضات وأسرار

وفيها فنون العلم أضحت منيرة***أشمس ضحى الأنوار أم بدر أقمار

هي البحر والألفاظ فيها مراكب***وذخر ليوم الحشر حصن من النار

وأمواج بحر دافق غير واقف***وجنات عدن تحتها جري أنهار

عليها من الرحمن يُمن ورحمة***وجذوة جود لا تنال بتذكار

من السيد العالي إمام الورى الذي***تحير في أوصافه جم أفكار

رئيس الورى فخر الأنام ومن به***رواج علوم الحق من نسل أطهار

وحيد فريد فاق في الدهر فضله***على فضل أهل الفضل من دون إنكار

سمي خليل الله لا زال ظلّه***قريناً بنفخ الصور في كل أعصار

فيا طالباً للعلم دونك مرشداً***لئن عشت دهراً ما بلغت بمعشار

وقال فيه أيضاً:

أمناهج الأسرار أم قطب الرحى***أنتائج الأفكار أم بدر الدجى

ص: 35

أخزينة لحقائق الآداب أم***بحر العلوم وذخر كل من التجا

فلكم بها من معضلات بينت***ولكم بها من مشكل قد فرّجا

أسفينة لنجاة أهل الحق أم***أمن ليوم الحشر يكفي من رجا

إذ فيه ملئت من الأحكام أم***هل نغمة هل نغمة سمعت لبيباً أبلجا

من عالم وسع الأنام نواله***حبر زكي كاظم عمّن شجا

اللوذعي الألمعي الهاشمي***السيد السند السري المرتجى

كهف الورى علم الهدى طود النهى***أصل الندى فحل التقى عين الهجا

من ربه سماه باسم خليله***لا زال محفوظاً بنصر قد سجا

جمع السيادة والسعادة ناشئاً***وبسعيه ذا الدين صار مروّجا

من لايليق بشأنه مدح الورى***بل مدحهم في شأنه عين الهجا

طوبی فطوبى طالباً للعلم إذ***ذا مرشد للحق خيرا منهجا

وقال فيه:

هذا جمال دفاتر الأحبار***هذانتاج عناصر الأخيار

هذا سلافة عصرهم من أسرهم***فيه الكفاية عن عنا الأبصار

ينبوع مكرمة ودرّ فاخر***عين الحياة ونهر علم جاري

فاق الرسائل في المسائل واحتوى***لبَّ الأوائل والجديد الطاري

حسب الأفاضل في بلوغ مرامهم***رغماً لكل مضلل أخباري

هذا هدى ويزيد من لا يهتدي***بهداه رجساً وارداً في النار

الفضل مختوم به وختامه***مسك فذق فنعم عقبى الدار

أفكارهم نصبت موازين الحجى***فأتى الكتاب نتائج الأفك-ار

ص: 36

خير الكلام بيانه الوافي الذي***هو في الحقيقة مصدر الآثار

وأدام عرشه وأتحفه بما***هو أهله ويليق بالأبرار

وقال صاحب روضات الجنات فيه:

هذا جمال دفاتر الأحبار***هذا ثمال أفاضل الأدوار

هذا سلافة عصرهم من أسرهم***فيه الكفاية عن عنا الأسفار

عند الوفد المستفيد كأنّه***عين الحياة ونهر علم جار

إن قيل : كل الفضل فيه يصدق***حيث اقتفى لفواضل الآثار

والحق والتحقيق في صفحاته***كالنجم في فلك البروج الدار

فاق الرسائل في المسائل واحتوى***لبّ الأوائل والجديد الطاري

لا يعتري ظفر الخصومة متنه***إلا بردّ الخصم ردّ خسار

عم الخلائق نفعه من حينه***رغماً لكل مخلط أخباري

هذا هدى ويزيد من لا يهتدي***بهداه رجساً صالحاً للنار

خير الكلام بيانه الوافي وفي***أوصاله لدقائق الأسرار

الفضل مختوم به وختامه***مسك فذق فلنعم عقبى الدار

أفكارهم فازت بكل كريمة***فأتى الكتاب (نتائج الأفكار)

أهم شروحات كتاب نتائج الأفكار :

1 . شرح نتائج الأفكار، لأبي الحسن التنكابني.

2 . مصابيح الأنظار أو مصابيح الأنوار في شرح نتائج الأفكار، لمحمد باقر بن زين العابدين اليزدي.

3 . شرح نتائج الأفكار للشيخ مهدي الكجوري

ص: 37

4 . شرح نتائج الأفكار لمحمد كريم بن إبراهيم الكرماني.

5 . شرح نتائج الأفكار للسيد جعفر الحسيني السبزواري.

6. شرح نتائج الأفكار للشيخ منصور بن محمد أمين الدزفولي - وهو أخو العلّامة - الأنصاري .

7 . شرح نتائج الأفكار للسيد محمود الحسيني المرعشي، اللاهوري.

8 . السراج الوهاج لمحمد جواد بن محمد حسن الأصفهاني.

9. حاشية على نتائج الأفكار لمصطفى بن محمد هادي بن دلدار النقوي، اللكهنوي الهندي.

10. شرح نتائج الأفكار، للمولى محمد سميع بن محمد علي اليزدي.

11. شرح نتائج الأفكار ، للعلامة الفاضل المولى حسين الأردكاني.

12. شرح نتائج الأفكار للسيد محمد علي بن السيد محمد الكاشاني.

13. شرح نتائج الأفكار للسيد كاظم بن السيد قاسم الرشتي الحسيني الحائري.

14. موازين الأنظار في شرح نتائج الأفكار للميرزا محمد بن سليمان التنكابني، صاحب قصص العلماء.

والجدير بالذكر أن السيد محسن الأمين ذكر في الأعيان (كتاب حاشية على نتائج الأفكار للشيخ البهائي)(1)، وهذا اشتباه؛ لأن السيد إبراهيم القزويني توفي سنة (1262ه-)، في حين أن الشيخ البهائي توفي سنة (1031ه-).

ص: 38


1- أعيان الشيعة: 9 / 245

الصورة

ص: 39

الصورة

ص: 40

الصورة

ص: 41

الصورة

ص: 42

الصورة

ص: 43

وفاته:

بعد عمر مبارك قضاه في طاعة الله، ونشر علوم آل محمد (صلوات الله عليهم) ، وحرص على أن لا يفوته شيء مما يقربه إلى الله تعالى وأوليائه، رحل إلى الرفيق الأعلى، بنفس مطمئنة راضية مرضية، وذلك في سنة 1262ه-(1)، في عام الطاعون(2)، فكان يوما عظيماً على الناس ضجوا وداروا بالجنازة في الأزقة بعد أن أطافوها في حرم سيد الشهداء وحرم أخيه أبي الفضل العباس، ولطموا الصدور وشقوا أطراف الأثواب وقرأوا المراثى.

ودفن في جنب الصحن في البقعة المخصوصة قرب داره(3)، ورجع الناس بين باك وناحب ولاطم، وكأن لسان حالهم يقول:

ص: 44


1- وقيل سنة 1264ه-، وفي الأعيان أن وفاته كانت في 1164ه-، ولاريب أنه سهو أو خطأ مطبعي. وتجدر الإشارة هنا إلى وجود مفارقة غريبة، وهي أن المثبت في النسخة الورقية لكتاب الذريعة - طبعة دار الأضواء الثالثة - أن وفاة المؤلف كانت سنة 1262ه-، في حين أن المثبت في النسخة الالكترونية للطبعة نفسها في مكتبة أهل البيت الإصدار الأخير أن سنة وفاة المؤلف هي 1264ه-. وكذا الكلام بالنسبة إلى كتاب الكنى والألقاب، فالموجود في نسخة جماعة المدرسين أن سنة الوفاة هي 1262ه-، والموجود في نسخة مكتبة الصدر والذي اعتمدته مكتبة أهل البيت الالكترونية أن سنة الوفاة هي 1264ه-، من دون الإشارة في كلا النسختين إلى وجود خلاف في ذلك أو اختلاف في النسخ
2- وقد يكون من محاسن التوافقات أن المؤلّف الله قد توفي بوباء الطاعون، وان تحقيق الكتاب قد تم ونحن نعيش حالة الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي بسبب الوباء الجارف - جائحة كورونا - الذي اجتاح العالم وجعل من الأرض سجناً للعباد مع حصده لأرواح مئات الآلاف من البشر وإصابة الملايين دفع الله البلاء والوباء بحق من لذنا بجواره أمير المؤمنين علیه السلام
3- بعد التوسعة أصبح قبره الشريف في داخل الصحن الحسيني الطاهر

قد خططنا للمعالي مضجعا***ودفنا الدين والدنيا معا

وعقدناللمساعي مأتما***ونعينا الفخر فيه أجمعا

آه ماذا وارت الارض التي***رمق العالم فيها أُودعا

وارت الشخص الذي في حمله***نحنُ والأملاك سرنا شرعا

صاحب النعش الذي قد رُفعت***بركاتُ الأرض لما رفعا

ملكٌ حياً وميتاً قد أبى***قدره إلا الرواق الأرفعا

ص: 45

عملنا في التحقيق:

وكان عملنا على ثلاث مراحل

الأولى: جمع النسخ، فكانت كالآتي:

ألف: نسخة جامعة طهران: وهي نسخة كاملة بخط جميل وواضح، يحتمل أنها بخط المؤلف، والصحيح أنها بخط تلميذه المقرب الشيخ عبد السميع اليزدي، نسخها سنة 1258ه-، في حياة المؤلف، عليها تصحيحات وهوامش وقليل من الشطب، وقد صدّرها بفهرس لمطالبها.

النسخة مهداة من مكتبة السيد محمد المشكاة، ومحفوظة بالرقم (801) .

باء: نسخة مكتبة أمير المؤمنين علیه السلام في النجف الأشرف، وهي أيضاً نسخة كاملة بخط جميل وواضح كاتبها السيد محمد بن محمود سنة 1261ه-، في حياة المؤلف، وقد كتبها عن نسخة تلميذ المؤلف الشيخ عبد السميع اليزدي.

فيها سقط كثير، وفي بعض الأحيان هناك تقديم وتأخير في العبارات، مما جعلها مبهمة ومشوشة كما في مبحث الاستصحاب مثلاً .

وهي مصدّرة بمقدّمة للشيخ عبد السميع، وفهرس لمطالب الكتاب.

النسخة مهداة من قبل العلّامة الكبير حسين على محفوظ الله إلى مكتبة أمير المؤمنين العامة، وهي محفوظة بالرقم (148) ، وقد رمزنا لها بالحرف (م).

جيم: نسخة مكتبة كاشف الغطاء العامة في النجف الأشرف، وهي أيضاً نسخة كاملة بخط جميل وواضح قد تكون مسوّدة كتبت بيد المؤلف سنة 1256ه-.

فيها سقط كثير ، وعلى النسخة ختم للشيخ علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء.

وهي محفوظة بالرقم (432) ، وقد رمزنا لها بالحرف (ك).

ص: 46

وفي هذه المرحلة قمنا - بعد جمع النسخ - بدراستها ومقارنتها فيما بينها وايضا مع نسخ أخر(1)غيرها، ترجح أن تكون نسخة جامعة طهران هي الأصل؛ لكونها كاملة تامة خالية من السقط والنقص ، مع التصحيح والتنقيح والهوامش المناسبة، مما رجحها على غيرها.

الثانية: العمل الفني، وفي هذه المرحلة قمنا بالآتي:

ألف: إجراء المقابلة بين النسخ الثلاث المختارة، وتأشير الفروقات بينها.

باء: تقويم النص الأصلي، وضبطه وفق ما تقتضيه القواعد الإملائية، مع إجراء التقطيعات المناسبة، وقد وضعت ما أراه مناسباً بين معقوفتين [ ] مما يقتضيه السياق.

وأشير هنا إلى أنني قد أعرضت عن تغيير بعض ما وقع فيه المؤلف الله مما لا يخل بالمعنى، من قبيل استعمال لفظة (أم ) في موارد كثيرة ، في حين أن الأنسب والأصح استعمال لفظة (أو) بدلها، وكذا العكس، فلم أرغب في إثقال الهوامش بمثل هذه الموارد الواضحة.

جيم: تخريج الآيات القرآنية والروايات الشريفة وأقوال العلماء ومعاني بعض الألفاظ من مصادرها الأصلية مهما أمكن، ومع عدم التمكن منها اعتمدنا المصادر الثانوية.

ص: 47


1- اجتمعت لدينا مجموعة من النسخ عدا ما ذكرناه في أعلاه، هي: نسخة العتبة الرضوية ذات الرقم 33611 . نسخة مدرسة الصدر الأعظم ذات الرقم 302. نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ذات الرقم 15974 . نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ذات الرقم 5896/1 . نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامى ذات الرقم 2/ 15892 . نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ذات الرقم 1208/4 . وقد استبعدناها جميعاً؛ لكثرة الأخطاء فيها والسقط والشطب، وعدم تمامية بعضها

دال: وضع العنوانات المناسبة لكل أصل من أصول الكتاب، معتمداً في ذلك على ما ذكره تلميذ المؤلف الشيخ عبد السميع اليزدي في نسخته، بالإضافة إلى وضع العنوانات الفرعية التي أرى مناسبتها ، كل ذلك بين معقوفتين [ ].

الثالثة: العمل العلمي

لما كان الكتاب اختصاراً لكتاب المؤلّف الكبير ضوابط الأصول، مما انعكس على غموض العبارات فيه، وجعل منها في بعض الأحيان أشبه بتراكيب مغلقة ومبهمة، مما اضطر تلامذة المؤلف إلى وضع الشروح الكبيرة والكثيرة عليه، كان من المناسب الاعتماد على أصل الكتاب - وهو الضوابط - في رفع مشكله وتوضيح غامضه، فعمدت إلى ذلك ولم أعتمد على غيره في هذه المهمة إلا ما ندر، فكان الأصل والتوضيح كلاهما من رشحات فيض يراع المؤلف.

ص: 48

وفي الختام:

أتوجه بالشكر الجزيل والثناء الجميل لكل من أسهم في إنجاز تحقيق هذا الكتاب.

وأخص بالذكر إدارة مركز تحقيق تراث سامراء التابع للعتبة العسكرية المقدسة، متمثلة بالمشرف العام على المركز سماحة الشيخ كريم مسير (أعزه الله) لتوفير نسخ الكتاب المخطوطة، وتيسير الوصول إليها ومتابعته الدقيقة للعمل من بدايته حتى نهايته، وكادر المركز خصوصاً كادر شعبة التحقيق؛ لما بذلوه من جهد حثيث في متابعة العمل وإبداء الملحوظات اللازمة، وكذلك شكري لسماحة السيد علي الحيدري الذي أسهم في مقابلة بعض النسخ والشيخ يحيى العتابي لمتابعة ترجمة المؤلف، وإليك إيها القارئ الكريم.

مصادر ترجمة المؤلف والمقدمة:

1 . أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين.

2 . تاریخ ،زنجان، للسيد إبراهيم الزنجاني.

3 . تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة.

4 . تراجم مشاهير علماء الهند للسيد علي نقي النقوي .

5 . تكملة أمل الآمل، للسيد حسن الصدر.

6 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة للشيخ آقا بزرك الطهراني.

7 . روضات الجنات للخوانساري.

8 . طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة)، للشيخ آقا بزرك الطهراني.

9 . طبقات الفقهاء، مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام .

10. العبقات العنبرية، للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.

ص: 49

11. قصص العلماء، للميرزا محمد بن سليمان التنكابني.

12. معارف الرجال للشيخ محمد حرز الدين.

13. .معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة.

14. موسوعة مؤلفي الإمامية، لمجموعة من المؤلفين.

ص: 50

الصورة

ص: 51

الصورة

ص: 52

الصورة

ص: 53

الصورة

ص: 54

الصورة

ص: 55

الصورة

ص: 56

دِيوَانُ الوَقفِ الشِّیعِيِ

العَتَبَةُ العَسکَرِّيَةُ المُقَدَّسَةُ

سِلسِلَةُ اِصَدَارَاتٌ مَا كَتِبَ فِي سَامَرَاء 14

نتائج الأفكار

تألیف

الأُصُولِي الفَذ المُحقق السَّيّد ابرَاهِيم المُوسَوِي القَزوِينِي

ت 1262ه-

تحقيق

الشيخ ستار الجيزاني

مُراجعة وتدقيق

مَرکَزُ ثُرَاثِ السَّامِّرَاء

ص: 57

ص: 58

مقدمة المصنّف:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا بترتيب(1)عوائد موائد الأيادي إلى نهاية معارج الأفهام، وأرشدنا بتهذيب فرائد(2) فوائد المبادئ إلى غاية مناهج الحلال والحرام، ووفقنا لتحصيل فصول ضوابط الأصول بإتقان قوانين شريعة سيّد الأنام، وبلغنا إلى غاية المأمول ونهاية المسئول بإحكام دلائل الأحكام والصلاة والسلام على من أرسل لتمهيد قواعد الدين، وتشييد معالم الإسلام وآله وأصحابه المعصومين(3)، مفاتيح الرحمة، ومصابيح الظلام

أما بعد

فيقول الرّاجي عفو ربه الكريم عبده الموسوي إبراهيم، عفا الله عنه : إني بعد ما انتخبت مما كنت حررته سابقاً من المسائل الأصولية، ومباني الأحكام الشرعية الفرعيّة، كتاب ضوابط الأصول؛ إجابة لمسئول بعض الفحول، ورأيت كثرة (4) رغبة المشتغلين في إدراك مطالبه، وشدّة ميل المحصلين إلى فهم مسائله؛ لاشتماله على فرائد فوائد لم يحم حولها أحد، واحتوائه على عوائد موائد لم يدم لضبطها مدد، بيد أنه كان لبسطه بعض الهمم قاصراً عن الوصول إلى غوامض حقائقه(5)، والبلوغ إلى مغالق

ص: 59


1- في (ك): لترتيب
2- فرائد) ليست في (ك)
3- في (م) : الطاهرين، وليست في (ك)
4- (كثرة) ليست في (م)
5- في (ك): دقائقه

دقائقه(1)، سنح ببالي الفاتر أن أشمّر عن ساعد الاجتهاد ثانياً، وأستأنف العمل لا كسلاً ولا متوانياً، بتصنيف وجيزة تشتمل على أمهات (2)مسائل الأصول، وتأليف مختصر يحتوي كل أصل منه على ما لا يحتوي عليه أبواب ولا فصول محترزاً عن الإيجاز المخلّ، والاطناب ،الممل، مبالغاً في الاختصار، مدرجا(3) فيه من المطالب الأبكار ، ما لم ينل إليها أيدي أولي الأبصار ، وسميته ب(نتائج الأفكار)، راجياً أن يكون بمحل من القبول عند أهل العقول.

ورتّبته على مقدمة، وخاتمة، وأصول.

ص: 60


1- في (ك): حقائقه
2- مهمات . خ ل
3- في (ك): مندرجاً

اما المقدمة

اشارة

أما(1)المقدّمة

[في تعريف العلم وفائدته وموضوعه]

فاعلم أن أصول الفقه عَلَم لهذا العلم، ومعرفته من جهة الإضافة تتوقف على معرفة جزئيه:

[معنى الأصل]

فالأصل لغة : ما يبتنى عليه الشيء (2).

واصطلاحاً: يطلق على القاعدة، والراجح ، والدليل، والاستصحاب(3)مشترك بينها لفظاً؛ لفقد الجامع القريب(4)والمناسبة(5)، ولعدم صحة السلب، والتبادر الذي الأصل فيه كونه وضعياً اشتراكاً تعيّنياً(6)؛ لأصالة التأخر، وعدم تعدد وضع الواضع.

ص: 61


1- (أما) ليست في (م)
2- ينظر : لسان العرب لابن منظور : 155/1 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي: 844، مجمع البحرين للطريحي : 305/5 ، وغيرها من المعاجم
3- ينظر : تمهيد القواعد للشهيد الثاني : 32 هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 94/1، القوانين المحكمة للقمي: 35/1، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب : 9، إرشاد الفحول للشوكاني : 1/ 11
4- فلا يكون مشتركاً معنوياً
5- فلا يكون حقيقة ومجازاً
6- فلا يكون تعيينياً

[معنى الفقه]

والفقه لغة وعرفاً: الفهم(1)الذي هو أعم من العلم من وجه(2)، ومن(3) جعله(4)بمعنى العلم لعله زعم ترادفها(5)، لكن العرف يأباه(6) .

واصطلاحاً هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية).

والمراد بالعلم خصوص التصديق؛ للتبادر لا التصور(7)ولا الأعم، ولا يعارضه صحة التقسيم ؛ لاعتضاده بصحة السلب عن التصور، وبكونه بالذات أقوى منها.

والأحكام جمع الحكم، وهو يطلق لغة(8) على الإسناد(9) والإلزام (10)، وأمر(11)

ص: 62


1- ينظر: العين للفراهيدي : 1410/3 ، لسان العرب لابن منظور : 10 / 305 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي : 1151 ، مجمع البحرين للطريحي : 355/6
2- فيتصادقان في العالم الفطن، ويصدق الأول فقط على العامي الفطن، ويصدق الثاني فقط على البليد الذي علم شيئاً أو أكثر
3- (من) ليست في (م)
4- أي: الفهم
5- الجوهري في الصحاح 5/ 2005
6- ينظر : الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : 7/1، ضوابط الأصول للمصنف : 94/1 . (7) ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 33 هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 51/1، القوانين المحكمة للقمي: 36/1
7- ينظر: هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 54/1 ، نهاية السول للأسنوي: 13، فواتح الرحموت لعبد العلي الأنصاري: 1/ 10 ، المقالات الغرية للتبريزي : 53
8- في (ك) : لغة يطلق
9- أي: اسناد شيء إلى آخر بطريق القطع إيجاباً أو سلباً
10- أي: الزام الأمر والنهي
11- في (م) والأمر

الحاكم لرفع الخصومات.(1)

وهو اصطلاحاً خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، من حيث الاقتضاء أو التخيير.(2)

والمراد بالخطاب هنا نفس الكلام الملقى لا الإلقاء.

والكلام منه لفظي، وهو الصوت الخارج عن المقطع المفهم للمراد (3)، وإن كان من نحو الشجرة، كتكلّمه تعالى مع موسى علیه السلام، للعرف .

(4).

ونفسي، وهو المفهوم الحاصل من اللفظي(4)، وكلامه تعالى عندنا لفظي(5)، وعند الأشعري نفسي.(6)

لنا: الإجماع(7)؛ وقوله تعالى: «وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً» (8)، ولو كان متكلماً معه

ص: 63


1- وفي عدّ ما عدا الأخير من معانيه اللغوية نظر؛ إذ لم يرد ذلك في المعاجم، بل ذكرت هذه المعاني كمصطلحات عند أهل الميزان
2- القواعد والفوائد للشهيد الأول : 1 / 57 ، المحصول، للرازي: 18/1
3- ينظر: تمهيد الأصول للطوسي : 187، ضوابط الأصول للمصنف : 95/1 ، المحصول للرازي: 1/ 83 ، إرشاد الفحول للشوكاني: 31/1
4- هذا هو التصوير المعقول من الكلام النفسي وإلا فكلامهم في تصويره غير معقول، قال العلّامة في نهج الحق 60 : (والأشعرية خالفوا عقولهم وعقول كافة البشر، وأثبتوا له تعالى كلاماً لا يفهمونه هم ولا غيرهم). وإثبات مثل هذا الشيء والمكابرة عليه - مع أنه غير متصور ألبتة، فضلاً عن أن يكون مدلولاً عليه - معلوم البطلان، ومع ذلك فإنه صادر منا أو فينا عندهم، ولا نعقله نحن، ولا من ادعى ثبوته
5- أنوار الملكوت في شرح الياقوت، للعلّامة: 120
6- نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني: 309
7- أنوار الملكوت في شرح الياقوت، للعلّامة: 120
8- سورة النساء : 164

بالنفسي لشمل سائر الأنبياء.(1)

ثم المراد من الحكم إن كان المعنى المصطلح ، لغا قيدي(2)الشرعية والفرعية، إلا أن يجعل الأفعال أعم من الاعتقاد (3)على بعد، فيلغو الأول فقط، مضافاً(4) إلى أن من الأدلة الكتاب، فيتحد الدليل والمدلول هذا على مذهبنا.

وعلى مذهب الأشعري يرد استدراك القيدين المذكورين أيضاً(5)، وأن الحكم الشرعي طلب الشارع من المكلف فيحتاج إلى الطالب والمطلوب منه، وكون المطلوب منه قديماً باطل، فيلزم وجود(6) التكليف بلا مكلف، وهو سفه، بل في مثل الصبي والناسي ونحوهما، إن قال(7) ببقاء التكليف كان تكليفاً بما لا يطاق، وهو قبيح، ولا يصغى إلى تجويزه إياه، أو بارتفاعه لزم تغير القديم، وهو من لوازم الحدوث.

بل قال: إن الأمر والنهي هو الطلب بقول مخصوص(8)، ولو كان كلامه نفسياً لزم أن لا يكون الله سبحانه آمراً وناهياً، وهو باطل بالضرورة ونص الكتاب (9)، بل

ص: 64


1- بأن يقال لكل واحد منهم كليم الله أيضاً
2- في (ك، م): قيد
3- فتكون الاعتقادات أفعالاً باطنية . ينظر : نهاية السول للأسنوي : 17
4- (مضافاً) ليست في (م)
5- فإنّ الحكم على مذهبهم هو كلام الله النفسي المتعلق بأفعال المكلفين، وهو لا يكون إلا شرعية فرعية
6- في (م): وجوب
7- (قال) ليست في (م)
8- ينظر المحصول للرازي: 1/ 250 ، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : 362/2
9- كقوله تعالى: «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ...» وفي آيات متعددة، وقوله تعالى: «وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ» سورة النحل: 90

الوجهان الأخيران واردان على من قال بالكلام النفسي وإن لم يقل بأن المراد منه(1)الحكم في تعريف هذا المعنى.

وإن كان(2)النسب الخبرية احترازاً عن الموضوعات، ففيه خروج الإنشائية، ك- «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ».(3)

وتوهم: أنّ الفقه هو النسبة(4)الخبرية الحاصلة من ذلك.(5)

مدفوع: بأن لازمه عدم كون التصديق بالإنشاءات فقهاً، وهو نفس الفقه، فتأمل.

وخروج كل الموضوعات صرفة، ومستنبطة، وشرعية(6)، مع كون الأخيرة من المعرَّف، ومن شأن الفقيه بيانها ؛ ولذا تعرضوا لها .

ولو قيل(7): إنّ معرفة الموضوع من باب المبادئ .(8)

لقلنا: إنّ المراد بهذه المعرفة إن كان تصور الموضوع، استدرك قيد الأحكام؛ لأن ظاهره أن المراد بالعلم التصديق، فتصور الموضوع لم يكن داخلاً في الجنس حتى يخرج

ص: 65


1- في (ك، م): من
2- المراد من الحكم
3- سورة البقرة : 43
4- في :(م) النسب
5- بيانه: إنّ الفقيه إذا اعتقد بالانشاءات نشأ من اعتقاده بها الاعتقاد بالنسب الجزئية، فيعتقد من خطاب «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ» بوجوب الصلاة، وهو الفقه
6- الموضوعات الصرفة : هي الجزئيات للكليات المتعلقة للتكاليف، وأما المستنبطة فهي تلك الكليات نفسها، وهي على قسمين: لغوية إن كانت مستندة إلى اللغة وشرعية إن كانت مستندة إلى الشرع
7- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 39
8- فلا بأس بإخراج الموضوع عن التعريف حينئذ

بقيد الحكم، أو التصديق بموضوعية الموضوع، أو أنّ الموضوع هو هذا، فهو نسبة خبرية كيف تخرج من قيد الأحكام الذي هو بمعنى النسب الخبرية، فلا يطرد التعريف على مذهبه من كون الموضوعات خارجة، أو المسائل فكسابقه، أو النسب الجزئية يخرج الموضوعات الشرعية، أو التصديقات ليكون الفقه تصديقاً بالتصديقات.

ففيه: إنه إن أريد من التصديقات المفسرة للأحكام تصديقات نفس الفقيه، فتصديقات(1)الفقيه بتصديقاته المأخوذة من الشرع لا تسمى فقهاً، بل الفقه نفس التصديقات المأخوذة، وإلا لم يكن الفقيه العالم بالأحكام الشرعية الغير المتفطن لعلمه فقيهاً.

(ويلزم أيضاً فساد قيد «عن أدلته» ؛ لأنه ظاهر في الرجوع إلى العلم، والحال ان الحاصل من الأدلة علم الفقيه، لا علمه بعلمه).(2)

وفساد قيد الشرعية؛ لأن تصديقات الفقيه ليس من شأنها أن تؤخذ من الشارع، أو تصديقات الشارع، فتصديق الفقيه بتصديقات الشارع لا يسمى فقهاً، بل الفقه تصديقه(3)بمصدقاته.

ويلزم فساد قيد «عن أدلتها» ؛ لأنه إن تعلق بالعلم، كما هو الظاهر ، فالعلم بعلم الشارع ليس حاصلاً من الأدلة، بل العلم بالمعلومات حاصل منها، أو بالأحكام، لزم أن يكون علم الشارع مأخوذاً من الأدلة.

وفساد قيد الشرعية؛ إذ ليس من شأن الشارع بيان تصديقاته، بل مصدقاته.

أو الأحكام التكليفية استدرك قيد الشرعية، وخرج الأحكام الوضعية، مع أنها

ص: 66


1- في (ك ، م) فتصديق
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- في (ك، م): تصديق

من الفقه على قول(1)، ولا يمكن تأويلها في بعض المقامات بالتكليفية(2)، فإنّ النسبة عموم من وجه، إلّا أن يراد الأول الشأني.

أو التكليفية والوضعية الخمسة أي: الشرطية والجزئية، والمانعية، والصحة، والفساد.

ففيه : - بعد استدراك القيد المذكور(3) - عدم انحصار الوضعية في الخمسة، فلا عكس، فإنّ كل ما يكون تحققه مشروطاً بالأمور الأربعة العقل والبلوغ، والعلم والقدرة تكليفي، وما عداه وضعي حتى مثل السببية.

والأصح أن يراد الأحكام التكليفية، صدرت من الشارع أم غيره، فلا يستدرك قيد الشرعية.

وأما الوضعيات فالحق خروجها عن المعرَّف، وعدم كونها مقصودة بالذات من الفن ؟ ! بل إنما يتكلم فيها لرجوعها إلى التكليف

والمراد بالشرعية ليس ما أخذ من الشارع ببيان الشرع، ولا ما من شأنه أن يؤخذ من الشارع، وقد أخذ منه بلسان الشرع؛ حذراً من خروج ما يستقل به العقل، بل ما من شأنه أن يؤخذ من الشارع بلسان الشرع أو العقل، أو ما من شأنه أن يؤخذ منه وقد أخذ بلسان الشرع أو العقل، أو ما أخذ من الشارع بلسان العقل أو الشرع.(4)

هذا على المختار في معنى الحكم.

ص: 67


1- ينظر المقالات الغرية للتبريزي: 79
2- ينظر المحصول للرازي: 1/ 22 ، نهاية السول للأسنوي: 20
3- وهو الشرعية
4- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 36 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 59/1

وإن جعلناه النسبة الخبرية(1)، أو الجزئية(2)، أو التصديقات(3)، أو المسائل ،لميصح قيد الشرعية باحتمالاته الخمسة، بل ينتقض التعريف طرداً أو عكساً.(4)

وبالفرعية ما تعلّق بكيفية عمل المكلّف تعلّقاً حقيقياً، وكان المتعلّق من الأفعال الظاهرة، وخروج الوضعيات لا يضر ؛ لما مرّ، ويتصور لها معان ثلاثة أخر لا يطرد معها التعريف.(5)

والظرف في قولنا (عن أدلتها التفصيلية) يمكن أن يكون متعلقاً بالعلم، كما هو الظاهر، وبعامل مضمر كالمستنبطة، وبالفرعية بمعنى المتفرعة.

وعلى الأول خرج من جنس الأدلة علمه تعالى؛ لأنه غير مسبب عن سبب، ومن خصوصها علم النبي صلی الله علیه و آله وسلم والملائكة،وعلمنا بالضروريات، بل وعلم أيضاً إذا كانت الإضافة للعهد، فيستدرك قيد التفصيلية، وجعلها(6)للجنس حتى يخرج به علم المقلّد.(7)

يدفعه: أنّ علمه أيضاً قد ينشأ عن دليل تفصيلي، إلا أن يقول بعهدية التفصيلية، فلم لا يقول بعهدية الأدلة حتى لا يحتاج إلى قيد زائد.

ص: 68


1- وهو ما يطلق عند بعض أهل الميزان واختاره صاحب القوانين: 36/11 كما هو في بعض النسخ التي اشار إليها محقق الكتاب
2- اختاره المحقق القمي على ما في النسخة المتداولة للقوانين: 36/1
3- وهو المتداول عند أهل الميزان، واختاره سلطان العلماء في حاشية المعالم : 33 (4) وهو ما يجري على لسان أهل العلم كافة في مثل قولهم: أحكام النحو، وأحكام الفقه، أي: مسائله، واختاره صريحاً البهائي في الزبدة: 40
4- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 96/1
5- ذكرها المصنف في الضوابط : 104/1
6- أي: الإضافة
7- ينظر : نضد القواعد الفقهية : 5

[في تقرير الإيرادين المشهورين]

ولو قيل(1): إنّ العلم ظاهر في القطعي، والحكم في الواقعي، فيخرج أغلب الأبواب ؛ لأنها ظنيات أو شكيات.

فإن جعلت العلم بمعنى الظن انتقض طرداً بدخول ظن المقلّد إذا حصل من الأدلة المعهودة(2)، وعكساً بخروج القطعيات النظرية والشكيات.(3)

أو بمعنى الاعتقاد الراجح انتقض طرداً بما مرّ، وعكساً بالشكيات.

أو اضمرت وجوب العمل مع جعل العلم بحاله.

أو بمعنى الظن أو الاعتقاد الراجح، انتقض طرداً بما مرَّ ، بل فسد رأساً؛ إذ العلم أو الظن بوجوب العمل مسألة أصولية لا فقهية.

أو لفظ المدلولية(4) مع إبقاء العلم والحكم بمعناهما الظاهر، فيصير الفقه هو القطع بمدلولية الأحكام (الواقعية.. إلخ، اندفع بأن العلم بمدلولية الأحكام)(5) لا يسمى فقها، بل هو نفس العلم بالمدلولات، وبخروج الظنيات، بل الشكيات أيضاً(6)، وبدخول علم المقلّد بكون الأحكام مدلولات للأدلة.

أو جعلت الحكم أعمّ من الظاهري(7)، والعلم بمعناه الظاهر، ففيه : إن العلم

ص: 69


1- هذا شروع في الإيراد الأول، ينظر : المحصول للرازي: 6/1، نهاية الوصول للعلّامة: 64/1، معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 35
2- مع أنها ليست فقهاً
3- مع أنها من الفقه
4- أي: إضمار لفظ المدلولية
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- (أيضاً) ليست في (م)
7- في (ك) : الظن

بالحكم النفس الأمري من حيث هو ليس فقها، إلا إذا صار مقروناً بوصف الظاهرية؛ مع إيراد آخر سيظهر .(1)

قلنا: هنا وجه ثامن أقل محذوراً، وهو جعل الأحكام بمعنى الأحكام الظاهرية، والعلم بمعناه الظاهر، وظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم(2)؛ لأن المظنون هو الحكم الواقعي، والمقطوع هو الحكم الظاهري ، ولا يرتبط ذلك بمذهب المصوّبة.

وتوهم: أن العلم بالحكم الظاهري من حيث إنه حكم ظاهري لم ينشأ من الأدلة التفصيلية.

مدفوع بجعل العلم عند تعلّق القيد به (لا بشرط ، بناء على تعلقه به، أو بجعل الأحكام عند تعلّق القيد بها)(3) معراة عن وصف الظهور، بناءً على الاحتمالات الأخر.

فالمعنى: الفقه هو العلم بالأحكام الظاهرية الحاصلة، أو المستنبطة، أو الناشئة، أو المتفرعة، أو المأخوذة ذاتها عن الأدلة التفصيلية، فتدبر.

ولو(4) قيل (5): إنّ ظاهر العلم هو الفعلي، وظاهر الأحكام الجميع(6)، فلا يوجد للفقيه مصداق، فإن حملت لام الأحكام على العهد الخارجي، فلا معهود، أو الذهني، أو جنس الجمع، أو المفرد، دخل ظن المتجزئ.(7)

ص: 70


1- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 81/1
2- تهذيب الوصول للعلّامة: 25
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- (لو) ليست في (ك)
5- هذا شروع في الإيراد الثاني ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 65/1، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 34
6- فيصير التعريف: إن الفقه هو العلم الفعلي بكل الأحكام
7- بناء على عدم حجية ظنه

قلنا: على المختار من إمكان التجزئ واعتباره حتى في مسألة واحدة، نجعل الأحكام بمعنى الحكم ولا نقض.

وإن قلنا بامتناعه(1)، أو عدم اعتباره ، لم يمكن حصول العلم للمقلّد ولا للمتجزئ، ولو في مسألة واحدة.

وأيضاً على ما اخترناه يستقيم التعريف بالنسبة إلى كل المحتملات الثمانية المتقدمة في دفع الإيراد السابق، وكذا على القول بامتناعه.

وعلى القول بإمكانه ووقوعه، وعدم اعتباره شرعاً، لم يصح الأول والثاني والسادس ؛ لدخول علم المتجزئ، مع أنه ليس بفقه عنده.

والعجب أن صاحب المعالم جعل العلم بمعنى الاعتقاد(2)، ومذهبه في التجزئ على وقوعه وعدم اعتباره(3)، فالتعريف لا يطرد.

ثم اعلم: أنّ ظاهر كلماتهم في دفع الإيراد السابق كون العلم فعلياً(4)، وهنا جعلوه ملكياً(5)، وهو تناقض، إلا أن يكون نظرهم هناك إلى دفع ذلك الإيراد من حيث هو، مع قطع النظر عن فعلية العلم ،وعدمها وهنا إلى دفع هذا الإيراد، فمن جعله هناك بمعنى الظن جعله هنا بمعنى ملكة الظن ،وهكذا، لكن يلزم على هذا سبك مجاز من مجاز في أربعة من الثمانية.

ثم إذا عرفت الجزئين، فاعلم أنه قد يقال : إن نفس إضافة الأصول إلى الفقه

ص: 71


1- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 581
2- معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 36
3- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 329
4- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 82
5- أي: الملكة. ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 65/1، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 35، القوانين المحكمة للقمي: 44/1

تعريف لهذا العلم؛ باعتبار الإضافة.(1)

وفيه: إن معنى الفقه ظاهر، والمراد من الأصول: إن كان معناه اللغوي، لم يطرد؛ إذ لا ينحصر ابتناء الفقه في هذا العلم.

ولو سلّمنا إفادة الإضافة الاختصاص، لم يخرج مثل علم الرجال أيضاً، أو الأدلة(2)، فلازمه كون هذا الفن باحثاً عن أدلة الفقه لا عوارضها، أو القواعد شمل قواعد الفقه التي ليست داخلة في الفن أو الظواهر، أو الاستصحاب، ففساده ظاهر عند أولي الألباب.

ويمكن جعله بمعنى القواعد، مع جعل الإضافة للعهد، أي: القواعد المعهودة المذكورة في الفن المقصودة بالذات، من تدوين هذا العلم التي هي عوارض الأدلة.

وأما(3) بيان مثل مبادئ اللغة ونحوها، فإنما هو استطراد، أو من باب المبادئ، لكن على العهد يصح إرادة المعنى اللغوي أيضاً.

ثم إنه باعتبار المعنى العلمي علم بأحوال الأدلة من حيث هي أحوالها من جهة ابتناء الفروع عليها، فهو العلم بأحوال أدلة الأحكام(4) الشرعية الفرعية من حيث إنها أدلتها، فخرج أحوال غيرها، كالنحو ونحوه، والعلم بمثل كون الكتاب معجزة، وبأحوال أدلة(5) غير الأحكام التكليفية؛ لما عرفت من أن الأحكام عبارة عن الخمسة، وخرج(6) غير الأوامر الشرعية، كأمر المولى عبده والاعتقاديات.

ص: 72


1- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 96/1
2- أي: إن أريد من الأصول الأدلة
3- في (م): لا
4- في (م): أحكام
5- في (ك) : الأدلة
6- في (م): وخروج

وقد يُعرّف بأنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية .(1)

ويرده خروج ما لم يمهد بعد من مسائل هذا الفن مطلقاً(2)، وخروج ما مهّده بعض العلماء دون بعض إن أريد ما مهده الكل، ودخول بعض المسائل اللغوية المذكورة في الفن.

وإن إخراج ما يستنبط منه الماهيات(3) بقيد الأحكام لا يلائم مذهبه؛ إذ الأحكام عنده عبارة عن النسب الخبرية والعلم عن التصديق(4)، فإن كان المراد بالماهيات التصورات خرجت عن قيد العلم، وإلا لم تخرج بقيد الأحكام أيضاً؛ لأنها نسب خبرية.

ويخرج أيضاً مثل العلم بحجية الظن إن أريد من التعريف كون القواعد الممهدة سبباً قريباً للاستنباط.

وإن أريد الأعمّ، دخلت الأسباب البعيدة، مثل ما يستنبط منه الماهيات، كمسألة الصحيح والأعم ونحوها ، مع أنه لا معنى لتعليق معرفة مسائل الأصول

بتمهيد العلماء.

ص: 73


1- وهو المشهور بين الأعلام
2- أي في السابق واللاحق
3- في (م): المهمات
4- معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 36

[بيان موضوع هذا العلم]

ثم إن موضوع هذا العلم أدلة الفقه (فيبحث فيه عن إثبات دليليتها وعوارضها ، بل مطلق دليل الفقه)(1) - وإن كان غير الأربعة - فلا وجه لتخصيص

الموضوع بالأربعة (2)، ولا لجعل الموضوع (نفس الأربعة لا كلي الدليل(3)، ولا لجعل الموضوع)(4) الدليل بوصف كونه دليلاً حتى يخرج مثل حجية الكتاب(5)؛ وذلك لأن الحجية أيضاً حال من أحوال ذات الدليل، فالموضوع هو الدليل لا بشرط اتصافه بالحجية.

[بيان غاية هذا العلم]

وغايته الترقي عن حضيض التقليد والفوز بعلّيين.(6)

ص: 74


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- كما ذهب إليه صاحب الفصول: 9
3- كما ذهب إليه صاحب القوانين: 48/1
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- حكاه المصنف في الضوابط 116/1 عن بعضهم
6- إشارات الأصول للكرباسي: 4

أصل [في تقسيم اللفظ والمعنى]

اشارة

مدلول اللفظ : إن كان(1) قابلاً للصدق(2) على كثيرين، فكلّي - وإن لم يكن له فرد بالفعل -، وإلّا فجزئي.(3)

ثم الكلية والجزئية وصفان للمفاهيم بنفسها، وإن لم يلاحظ استفادتها من لفظ موضوع لها؛ لعدم صحة السلب، ولذا يقال : إن الواضع تصور أمراً كلياً أو جزئياً.

ومن هنا يظهر أن اتصاف المفاهيم بهما ليس بشرط تصورها(4) وحصولها في الذهن، بل لنفس المفهوم لا بشرط، ويصح اتصاف اللفظ بهما من دون أن يتصور له معنى فوزن فاعل كلي له أنواع ، ولفظ زيد كلي له أفراد ، وخصوص ما تلفظ به عمرو جزئي، وكذا المهملات.

[تقسيمات الكلي]

ثم الكلي باعتبار تفاوت أفراده في الظهور والخفاء من حيث الفهم من اللفظ(5) : إما متواط، أو مشكك بالتشكيك البدوي، أو المضر الإجمالي(6)، أو المضر المبين العدم.(7)

ص: 75


1- (كان) ليست في (م)
2- في (ك): الصدق
3- ينظر: شرح الشمسية للقزويني: 125، الجوهر النضيد للعلّامة: 32، الكليات للكفوي: 628
4- فى (ك) : حضورها
5- وما ذهب إليه المصنف في ملاك التواطئ والتشكيك مخالف لما عليه أهل الميزان، والذي هو عندهم باعتبار التفاوت في الوجود تقدماً وتاخراً، شدة وضعفاً، زيادة ونقصاً، وعدمه، كما صرح به في الضوابط : 123/1
6- أي موجب لإجمال اللفظ، فيضر التشكيك بظاهر اللفظ المطلق
7- أي: وصل خفاء الفرد بمرتبة يضر بالإطلاق، بل يخرجه عن المراد

ثم اللفظ والمعنى(1) إن اتحدا ، فهو متحد المعنى واللفظ، ولم نجد له مثالاً.

وإن تعدد اللفظ فقط فهما مترادفان كالإنسان والبشر، بخلاف الناطق والضاحك، فإنهما متساويان(2)، أو المعنى فقط من غير تعدد الوضع فهو حقيقة ومجاز، أو مع تعدد الوضع(3) وهجر الأول لكن مع كون المناسبة ملحوظة عند الوضع الثاني فمنقول، ونقضه عكساً، بأنه إذا اشتهر أحد المعنيين بحيث صار الآخر مهجوراً سمي ذلك منقولا، وإن لم تلاحظ المناسبة، فلابد من عدم اشتراط ملاحظة المناسبة فيه.

مدفوع: بأن إطلاق المنقول عليه مجاز؛ لأنه شبه منقول.

أو مع عدم ملاحظة المناسبة عند الوضع الثاني لكن مع هجر الأول، فمرتجل، فيفسد حينئذ القول باشتراط ملاحظة عدم المناسبة في المرتجل ؛ إذ ملاحظة الواضع ذلك بعيدة جداً(4)، أو مع عدم الهجر فمشترك.

ويرد على تعريفه - بأنه لفظ له معان متعددة بأوضاع متعددة، مع عدم ملاحظة المناسبة - خروج المشترك التعيّني، مع كون المناسبة ملحوظة، إلّا أن يكون الغرض تعريف التعييني، وخروج ما لو قال الواضع وضعت العين للذهب والفضة، فإنه مشترك والوضع ،واحد، إلا أن يريد من تعدد الوضع تعدد(5) التخصيص.

ص: 76


1- ينظر: نهاية الوصول للعلامة: 1/ 180، منية اللبيب للعميدي: 1/ 134، المحصول للرازي: 114/1
2- والفرق بين الترادف والتساوي هو أن الأول يطلق فيما اتحد فيه المفهوم والمصداق وتعدد اللفظ كالإنسان والبشر والثاني فيما تعدد فيه اللفظ والمفهوم واتحد المصداق، كالناطق والضاحك. (ينظر : الضوابط:1271)
3- في (ك): (مع هجر المعنى الأول)، وفي (م) سقطت عبارة (فهو حقيقة ومجاز، أو مع تعدد الوضع)
4- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1 / 140
5- (تعدد) ليست في (م)

وإن تعدد اللفظ والمعنى فالألفاظ متباينة تكون ومترادفة بقي مثل اسم الإشارة قسما خامساً؛ إذ لا مناسبة حتى تكون حقيقة ومجازاً، ولا تعدد في الوضع حتى تكون مشتركاً، أو منقولاً ، أو مرتجلاً .

ولا يتوهم على مذهب المتقدمين دخوله في متحد اللفظ والمعنى؛ إذ المراد من المعنى(1)أعم من المجاز.(2)

ص: 77


1- في قولنا اللفظ والمعنى ان اتحدا ...
2- والحقيقة، وإلا فيكون الحقيقة والمجاز أيضاً من أقسام متحد اللفظ والمعنى، مع أنهم عدوه من متكثر المعنى

أصل [في تعريف الوضع وتقسيمه باعتبار أركانه]

للوضع معنى مشهور هو تعيين اللفظ بازاء شيء للدلالة عليه بنفسه .(1)

فخرج ب(اللفظ) مثل الخط والإشارة.

وأورد عليه بأن المشترك اللفظي لا يدل على معانيه بنفسه.

(وردّ بأن ذلك ناشئ عن تعدد الوضع وإلا فالواضع عند الوضع وضعه للدلالة على المعنى بنفسه).(2)

وفيه: إنه يتم إذا تعدد الواضع وكان الواضع الثاني جاهلاً بالأول، أو اتحد وكان غير ملتفت إلى الوضع الأول.

والأصح في الجواب : إن المعاني مفهومة من نفس اللفظ، والقرائن فيه(3) معينة للمراد لا مفهّمة للمعنى.(4)

وغير مشهور: وهو تعيين اللفظ للدلالة على المعنى(5)، وهذا يشمل الوضع النوعي الحاصل في المجازات، فهو أعم من الأول ، لكن لفظ الوضع حقيقة في الأول؛ للتبادر، وصحة السلب عن الأعم من حيث هو، وقلة الاستعمال فيه.

ثم لهم في تشخيص الواضع(6) كلام أسقطناه؛ لعرائه عن الفائدة.

ص: 78


1- الفصول الغروية للأصفهاني: 14 ، بدائع الأفكار للرشتي : 34 ، شرح المختصر للتفتازاني: 324
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- (فيه) ليست في (م)
4- الفصول الغروية للأصفهاني: 15
5- ينظر : إرشاد الفحول للشوكاني : 36/1
6- في (م): الوضع

[أقسام الوضع]

ثم الوضع باعتبار الواضع إما لغويّ، أو عرفي عام، أو خاص.(1)

وباعتبار الموضوع : إما شخصي إن كان شخصاً خاصاً من اللفظ كزيد، أو نوعي إن كان أمراً عاماً كهيئة ،فاعل، ونحوها مما يندرج تحته أنواع مختلفة الحقيقة، سواء استفيد ذلك من جعل الواضع، أو من التتبع الكاشف عن رضا الواضع ورخصته، ومن هذا الباب وضع المجازات.

ثم الموضوع في الوضع النوعي هل هو العام المنطقي كما يقتضيه العرف، أو العام الأصولي(2)، حذراً من عدم كون الاستعمال الخاص لا حقيقة ولا مجازاً؟ وجهان.(3)

ثم إذا شك في كون الوضع نوعياً أم شخصياً، فالأول هو الأصل ؛ لقلّة الحادث(4) فيه، وحذراً من اللغوية، بل العسر أيضاً إن كان الواضع بشراً.(5)

ثم كل من الموضوع له وآلة الملاحظة: إما عامّان أو خاصان، ولا إشكال في وجود القسمين (6) ؛ أو (7)الأول عام والثاني ،خاص، ولا ريب في عدم وجوده(8)؛ أو

ص: 79


1- أي: إن الواضع إما هو واضع اللغة نفسه فهو اللغوي، أو الواضع شخص معين أو جمع معين فهو العرفي الخاص، أو الواضع كل أهل اللسان من غير اختصاص بطائفة دون أخرى فهو العرفي العام. (الضوابط : 135/1)
2- العام الأصولي : هو ما أخذت الكثرة والشيوع في مدلول لفظه . العام المنطقي : هو ما كان مفهومه صادقاً على كثيرين كأسماء الأجناس. (ينظر: الأصول في علم الأصول لعلي الإيرواني: 1/ 165)
3- ينظر هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1 / 160 ، ضوابط الأصول للمصنف: 136/1
4- في (ك) : المادة
5- ضوابط الأصول للمصنف: 1/ 138
6- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 171
7- في (م) و
8- لأن الخاص لا يمكن أن يكون عنواناً للعام ومرآة لملاحظته

العكس، فالقدماء على عدم وجوده(1)، (والمتأخرون على وجوده)(2) في مثل الضمائر والحروف واسم(3) الإشارة، فيدعون أن وضعها عام والموضوع له خاص(4)، لا أنهما عامان، وهو الحق؛ للتبادر ، والأصل فيه كونه وضعياً(5) وكاشفاً عن اللغة، والأصل عدم الالتفات إلى الشهرة(6)، وللزوم المجاز بلا حقيقة، ولعدم انقسام الكلمة حينئذ إلى ثلاثة، وعدم جواز استعمال تلك الألفاظ في المعنى العام حتى مجازاً، ولتنصيص أهل اللغة بأن (في) مثلاً حقيقة في الظرفية(7)، ولا حقيقة إلا بعد الاستعمال، (ولا استعمال)(8) إلا في الخصوصيات.

وللخصم وجوه ضعيفة، يظهر ضعفها بأدنى تأمل.

ص: 80


1- نقل حكايته عنهم في هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 178/1
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- في (ك، م) : الاسم
4- الفصول الغروية للأصفهاني: 16 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 178/1
5- إن الأصل كون التبادر ناشئ من الوضع وليس من الإطلاق الناشيء من كثرة الاستعمال في الخصوصيات
6- رداً على من قال : لا معنى للتمسك بأصالة الوضعية؛ لافتراض وجود الشهرة قطعاً المانع من ذلك
7- ينظر : مغني اللبيب لابن هشام 187/1
8- ما بين القوسين ليست في (م)

أصل[في الحقيقة الشرعية]

اشارة

تطلق «المتشرعة» على كل من تدين بدين الإسلام ولو عاميّاً(1)، و«الحقيقة الشرعية» على كل لفظ استعمله الشارع في المعنى الشرعي(2) بطريق الحقيقة تعييناً أم تعيّناً(3)، ، و«الشارع» على جاعل أحكام الشرع ومخترعها، وهو الله سبحانه لا غير، نعم «الشارع» بمعنى المبيّن يمكن إطلاقه على النبي صلی الله علیه و آله وسلم.(4)

وأما التفويض الوارد في الأخبار(5)، فمن باب الإذن في بيان الأحكام على طبق الصفات، لا جعل الحكم كما يريد.

ثم الألفاظ التي اختلف في ثبوت الحقيقة الشرعية فيها، قد استعملت في المعنى الشرعي في لسان الشارع ولو مجازاً، لا أنها باقية على معانيها اللغوية والزوائد شروط وقيود فهمت من الخارج كما عن القاضي(6)، وإن كان الأصل معه(7)(8)

ص: 81


1- القوانين المحكمة للقمي: 95/1
2- (الشرعي) ليست في (م)
3- المحصول للرازي: 161/1 ، نهاية الوصول للعلّامة: 245/1، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 171/1، شرح العضد: 48
4- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 409/1
5- من قبيل ما رواه الكليني في الكافي: 1/ 323 بسنده عن أبي عبد الله لا قال : سمعته يقول: «إن الله عز وجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد، ثم فوّض إليه فقال عز ذكره: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا» فما فوّض الله إلى رسوله فقد فوّضه إلينا»
6- التقريب والإرشاد للباقلاني : 396/1
7- (معه) ليست في (م)
8- فيمكنه إجراء الأصل مطلقاً، سواء كان الشك في الأجزاء المقوّمة أو غير المقوّمة أم في الشروط؛ لتحقق ماهية مدلول اللفظ وصدق الاسم، فيكون الشك حينئذ في التكليف والتقييد، والأصل يقتضي البراءة والإطلاق

وذلك للاتفاق، وللزوم عدم كون الأخرس المنفرد مصلياً، إلا أن يجعل الدعاء أعمّ من اللفظي والقلبي، ولأن تقييد المطلق بالمنفصل في الأوامر مجاز ، إلا أن يكون إنكاره لغير مجاز التقييد ؛ لأنه لا ينافي إجراء الأصل في الأركان.

[ثمرة النزاع مع القاضي]

ثم تظهر الثمرة بينه وبينهم في إجراء الأصل في الأركان(1)، وفي الحمل على المعنى اللغوي عند فقد القرينة قبالاً للقائل بالحقيقة الشرعية.(2)

ثم بعد ثبوت استعمال الشارع، ففي كونه بالوضع في كل الألفاظ تعييناً أم تعيّناً، أو فى ألفاظ العبادات خاصة، أو في الألفاظ المتداولة خاصة(3)، أو في زمن الصادقين مطلقاً لا قبله(4)، أو في الألفاظ المتداولة في زمن النبي صلی الله علیه و آله وسلم وفي غيرها في زمن الصادقين(5)، أو عدم الوضع مطلقاً(6)، وجوه.(7)

ص: 82


1- إذ على مذهب القاضي أنه مع الشك في الجزئية والشرطية لا شك في تحقق الماهية، أي ماهية مدلول اللفظ وصدق الاسم، وانما الشك في التكليف والتقييد، والأصل يقتضي البراءة والإطلاق
2- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 100
3- حكاه السيد صدر الدين في شرح الوافية (مخطوط) : 3 عن معاصره السيد الفاضل نصر الله المدرس في الحائر، وقد اختاره
4- اختاره البهبهاني في الفوائد الحائرية : 102
5- اختاره النراقي في أنيس المجتهدين: 56/1
6- اختاره القاضي الباقلاني في التقريب والإرشاد: 387/1 ورجحه في المعالم : 51
7- ينظر هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 413 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 42، ضوابط الأصول للمصنف: 195/1

[المختار في المسألة]

والحق: أن ما كان من تلك الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة أغلب استعمالاً فيهما في المعنى الشرعي من اللغوي حملناه عند فقد القرينة عليه، وإلا فلا (1)؛ لبناء العرف.

والمتمسك للإثبات المطلق باللطف؛ لشدة ،الحاجة، وعدم تجشم القرائن كثيراً.(2)

أو بالاستقراء في أحوال المصطلحين الواضعين المقتضي لتحقق الوضع تعييناً.(3)

أو بأن ثبوتها في بعض الألفاظ - كالصلاة - قطعي(4)، ويتم في غيره بالإجماع المركب ؛ لأن التفاصيل لم تكن وإنما نشأت من المتأخرين، والقلب بضميمة الأصل واضح الفساد.(5)

أو بثبوت مسميات بعض تلك الألفاظ في الأمم السابقة، والظاهر أنهم كانوا الألفاظ

ص: 83


1- والفرق بين المختار وبين القول أنها حقيقة في الألفاظ المتداولة خاصة، ان النسبة بين المتداولة والألفاظ التي يكون استعمالها في المعنى الشرعي أكثر من الاستعمال في المعنى اللغوي في خصوص الكتاب والسنة عموم من وجه؛ إذ اللفظ قد يكون متداولاً في الخارج مع أن استعماله في المعنى الشرعي في الكتاب والسنة لا يكون أكثر من استعماله في المعنى اللغوي، وقد يكون بالعكس، وقد يجتمعان، فالنسبة بين القولين أيضاً بحسب الموارد عموم من وجه
2- كما عن ابن الحاجب في المختصر : 1/ 220 وتبعه العضد في شرحه: 34 والعلّامة في غاية الوصول: 1 / 130
3- ينظر : مختصر ابن الحاجب 243/1 ، المحصول للأعرجي: 1/ 167، القوانين المحكمة للقمي: 96/1
4- في (ك): قطعية، وينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 46
5- بأن نقول بعدم ثبوتها في الألفاظ النادرة الاستعمال بأصالة تاخر الحادث وفيما بقي بالإجماع المركب ووضوح فساده من جهة أن أحد شطري إجماعنا ثابت بالقطع، وشطر هذا الإجماع هو الأصل، فكيف يعارض القطع

يعبرون عنها في لسان العرب بتلك الألفاظ، ولم يحصل في شرعنا اختلاف (في المسمى،بحيث يوجب اختلاف)(1)الوضع، ولم نجد مفصلاً بين بين الألفاظ من تلك الجهة.(2)

أو بذهاب المشهور الموجب للظن في الموضوع(3)المستنبط، بل استفاض نقل الإجماع على الثبوت أو على الحمل على المعنى الشرعي.(4)

أو بأنّ العرف العام والمتشرعة يحملون تلك الألفاظ الواقعة في الكتاب والسنة وغيرهما بمجرد سماعها على المعنى الشرعي.(5)

مدفوع(6)، بأن(7) اللمّي الظني لا حجية(8) فيه(9)، وتجشم القرائن كثيراً إنما يلزم إذا كان الاستعمال في المعنى الشرعي أكثر من اللغوي لا في العكس، فإنه بالعكس(10)، ولا مع التساوي وفقد المرجح.

وبأن الاستقراء إنما يتم فيما كثر استعماله لا مطلقاً(11)، بل مقتضى الاستقراء وتأخر الحادث كون الوضع حاصلاً من كثرة الاستعمال لا التعيين، وبأن عدم وجود

ص: 84


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 97/1 ، الفصول الغروية للأصفهاني : 43
3- في (م): الموضع
4- حكى المصنف في الضوابط 2 1 / 201 الإجماع عن الشيخ الطوسي والرازي والآمدي
5- ينظر المحصول للأعرجي: 168/1
6- خبر ل(المتمسّك )
7- (بأن) ليست في (م)
8- في (م): حجة
9- في الموضوعات المستنبطة، كما سياتي من المصنف
10- ويلزم بمقتضاه عدم النقل عن اللغة
11- فالدليل أخص من المدعى

القول بالفصل بين القدماء(1)ممنوع، وعدم الوجدان لا يدل على العدم.

ثم انحصار القول بينهم في الإثبات المطلق والنفي المطلق(2)ممنوع، فلعل أحد القولين فيهم بعد تسليم انحصار قولهم في اثنين(3)هو التفصيل.(4)

ثم حجية الإجماع المركب مع عدم الكشف ممنوعة(5)، فإنا نرى بناء العرف على عدم ثبوت الحقيقة في الألفاظ النادرة الاستعمال، وبأن عدم اختلاف الوضع باختلاف الكيفية ممنوع.

ثم وجود الإجماع المركب هنا، بل وحجيته، ممنوع، كما مر .

وبأن الوصف من الشهرة بعد ما عرفت من طريقة العرف غير حاصل(6) ونقل الإجماعات على (الحمل على)(7)المعنى الشرعي لا يدل على الوضع.

وبناء العرف العام أو المتشرعة على الحمل على المعنى الشرعي مطلقاً بعد التفاتهم إلى كثرة الاستعمال وندرته ممنوع ، مع أن الحمل أعمّ من الوضع.

ولو تمسّك النافي المطلق بالأصل(8)، فقد اندفع بما مر .(9)

ص: 85


1- ينظر : شرح العضد على المختصر : 49
2- كما عن السيد الأعرجي في المحصول : 166/1 ، وادعى شهرته في القوانين: 1/ 95
3- في (م): الاثنين
4- ينظر: البحر المحيط للزركشي: 2/ 162
5- إذ إن الإجماع المركب حجة من باب الكشف والوصف لا التعبد، والوصف فيما نحن فيه على الخلاف؛ لما ترى من بناء العرف على عدم ثبوت الحقيقة في الألفاظ غير المتداولة النادرة الاستعمال
6- بل هو في جانب التفصيل على المختار
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- ينظر : الفوائد الحائرية للبهبهاني : 107 ، القوانين المحكمة للقمي: 96/1
9- من الأدلة الاجتهادية الدالة على الثبوت في متكرر الاستعمال

أو بأن الشارع لو وضعها لبينها للحاضرين؛ لكونهم مكلفين بمضامينها، ولو بينها لنقل الينا؛ لمشاركتنا معهم في التكليف، ولو نقل لكان إما بالتواتر فينافيه وجود الخلاف، أو بالآحاد فلا تفيد الا الظن الذي ليس حجة في المسألة الأصولية.(1)

ففيه : منع الملازمة الأولى إن أراد من البيان تصريح الشارع بالوضع؛ لإمكان تفهيم المراد بالترديد والقرائن(2)، والثانية إن أراد من البيان غير التصريح؛ إذ المشاركة لا يقتضي النقل الينا، وإلا لعمّ الكل وعلمنا بكل الأحكام، فالمشاركة إنما تقتضي استفراغ الوسع في تحصيل العلم بما كلفوا به ، فإن علمنا عملنا، والا رجعنا إلى الأصل على أن غاية ذلك أنه يجب عليهم التبليغ والتكليف بالشيء لا يقتضي حصوله.(3)

مضافاً إلى منع الملازمة الثالثة؛ إذ لا ينحصر النقل في التواتر والآحاد؛ لإمكان حصوله بالتتبع والاجتهاد(4)، وإلى أن التواتر لا ينافيه وجود الخلاف، والآحاد قد تفيد العلم(5) ، وأن الظن في الموضوع المستنبط كما نحن فيه حجة(6)، وان هذا لو تم لنفى التعيين لا التعيّن.(7)

أو بلزوم كون تلك الألفاظ غير عربية؛ إذ العربية فرع الوضع في لغة العرب فيلزم كون القرآن غير عربي؛ لاشتماله عليها، وينافيه قوله تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا

ص: 86


1- شرح العضد على المختصر : 49 ، نهاية الوصول للعلّامة: 258/1
2- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 48
3- في (ك): حصول الامتثال به
4- إذ المطلوب مطلق الوصول إلينا، لا الوصول بطريق النقل
5- ينظر : الذريعة للمرتضى: 364 ، العدة للطوسي: 1/ 97 ؛ حيث حكوا عن بعضهم إفادته العلم
6- كما سيأتي بيانه من المصنف
7- الناشئ من كثرة الاستعمال، مع أن الكلام في مطلق الوضع

عَرَبيّاً».(1)(2)

ففيه بعد النقض بمثل المشكاة (3)، وعدم تماميته إذا كان الواضع هو الله سبحانه منع الملازمة الأولى؛ إذ المعتبر في الانتساب إلى اللغات كون اللفظ موضوعاً فيها، وتلك الألفاظ قد كانت موضوعة في اللغة للمعاني اللغوية.

وإن أردت الحقيقة في الحال، لزم عدم كون الأعلام المنقولة عن المعنى اللغوي(4)عربية.

والثانية؛ إذ المراد انه عربي الأسلوب(5)، ومنع بطلان التالي.

والضمير في الآية الكريمة: إما راجع إلى السورة بتأويل المنزّل، أو إلى بعض القرآن والقرآن يصدق على البعض حقيقة.(6)

ثم على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية يكون المعنى الشرعي أقرب المجازات؛ لثبوت الحقيقة عند المتشرعة(7)، وحقيقية أكثرها ثابتة في زمن الصادقين، وذلك يكشف عن أن تلك المعاني المجازية كانت أظهر من غيرها من المجازات اللغوية؛ إذ لو كان غيرها أظهر أو مساوياً لها(8) لبعد صيرورتها حقيقة في تلك المعاني

ص: 87


1- سورة يوسف : 2
2- المحصول للرازي: 161/1 ، نهاية الوصول للعلّامة: 1/ 258
3- من لغة الحبشة ينظر المحصول للرازي: 163/1 ، زبدة الأصول للبهائي: 81
4- في (م): المعاني اللغوية
5- فلا يضر وجود لفظ غير عربي فيه، كما لا يضر في فارسية الكتب الفارسية اشتمالها على اللفظ العربي
6- ينظر : مختصر ابن الحاجب : 1/ 243، غاية الوصول للعلّامة: 1/ 175، شرح العضد: 50، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 49
7- ينظر: الفوائد الحائرية للبهبهاني: 99
8- (لها): ليست في (م)

في هذا الزمان القليل.

وعلى القول بالثبوت يكون المعنى اللغوي أقرب المجازات؛ لاستصحاب ظهوره بالنسبة إلى سائر المعاني، إلا أن يدفع بارتفاع سببه، وهو الوضع.

[المختار في المسألة]

والحق أنه إن علم صدور اللفظ في زمن الشارع ، حمل مع قيام القرينة على عدم إرادة المعنى الشرعي على المعنى اللغوي؛ لبعد خروج اللفظ عن ظهوره في الزمان القليل، أو بعد زمان طويل ، فمجمل.(1)

[ثمرة المسألة]

ثم إنهم ذكروا أن ثمرة النزاع في أصل المسألة أنه على القول بعدم الثبوت تحمل تلك الألفاظ إذا وردت في الكتاب والسنة مجردة عن القرينة على اللغوية، وعلى الثبوت (2) بالوضع التعييني على الشرعية، أو التعيني(3): فمع معلومية تأريخ صدور الخطاب وحصول الوضع ولو بضميمة أصالة تاخر الحادث يعمل على وفقه، ومع جهلهما يتوقف؛ لتعارض الأصلين، وفقد المرجح.

ولو قيل: هذا التفصيل يجري في التعييني أيضاً؛ لإمكان تأخره عن بعض الاستعمالات، مع أنه لو كان الواضع هو النبي علي الله كيف يحمل ألفاظ الكتاب عليه.(4)

قلنا: إن الاستقراء في أحوال الواضعين يقتضي تقديم الوضع على كل

ص: 88


1- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 1/ 207
2- في (م): وعلى القول بالثبوت
3- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 46 ، القوانين المحكمة للقمي: 96/1 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 45
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 197/1

الاستعمالات؛ حذراً من اللغوية، وإن الكتاب نزل باصطلاحه صلی الله علیه و آله وسلم.(1)

أصل [في أن الألفاظ اسام للصحيح أو الأعمّ]

اشارة

بعد اتفاقهم على تصرف الشارع في تلك الألفاظ : إما بطريق التقييد ، أو النقل، أو المجاز، اختلفوا في أن المراد منها الصحيح أو الأعم.(2)

ولا ريب أن حقيقة المتشرعة ميزان العلم(3) بمراد الشارع، فكلما كان اللفظ حقيقة فيه عند المتشرعة كان هو المستعمل فيه اللفظ عند الشارع (4)على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية: إما لظهور مركب الإجماع(5)، أو لاقتضاء الوضع التعيني ذلك؛ لبعد مغايرة الاستعمالات المجازية للحقيقة الثابتة من كثرة الاستعمال، وكذا

ص: 89


1- ألا ترى ان الأطباء مثلاً في زماننا لو تتبعوا كتاب ،افلاطون، ووجدوا اللفظ الفلاني في كتابه مستعملاً في المعنى المصطلح عندهم ألف مرة، وفي معناه الأصلي في قليل من الموارد، ثم حصل لهم الاشتباه في مورد في أن مراده هل هو المعنى المصطلح عندهم أم غيره، بأن لم يعلموا أنه كما يكون حقيقة الآن في المعنى المعهود عندهم، هل كان حقيقة فيه أيضاً في الصدر الأول كزمان إفلاطون أم لا ؟ فلا شك أنهم يحكمون باتحاد هذا الزمان مع الصدر الأول، فيحملون هذا اللفظ في كلامه مجرداً عن القرينة على مصطلح الأطباء، وكذلك حال أهل التواريخ، والأمثلة كثيرة
2- هذا الخلاف لا يتوقف على القول بثبوت الحقيقة الشرعية فيها، بل يكتفى فيه بثبوت الحقيقة المتشرعة، ومطلق استعمال الشارع تلك الألفاظ فيها، فالنزاع في الحقيقة في أنه متى أطلق لفظ دال على تلك الماهية المحدثة فهل يراد الصحيحة منها أو الأعم
3- في (ك، م) ميزان للعلم
4- لا ريب أن هذا فرع اتحاد زمان المتشرعة مع زمان الشارع
5- فكل من قال بالتقييد أو المجاز قال مراد الشارع من تلك الألفاظ ما صارت حقيقة متشرعة فيه

على القول بالثبوت للوجهين مع الأولوية بالنسبة إلى المجاز.(1)

[تحرير محل النزاع]

نعم، على التقييد(2) لا يجري نزاع الصحيح والأعم؛ لتساويهما في إجراء أصل العدم، وحصول البيان، فلا يترتب على النزاع ثمرة.

وظهر من ذلك جريان هذا النزاع على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية، ويرجع الكلام إلى تعيين أقرب المجازات وأشيعها، ويكفي في صدق الاسم الحقيقة في الجملة ولو عند المتشرعة.

وأما تعيين الأقرب الاعتباري(3) بالأصل، وتحصيل معرفة الماهية بذلك، فهو فرع اعتبار القرب الاعتباري

[بيان معنى الأعم والصحيح والصحة]

ثم المراد بالأعمّ ما يكون صدق اللفظ فيه ثابتاً(4) والمراد مشكوكاً، وبالصحيح ما تعلّق الشك فيه بالمراد والمصداق معاً، فالنسبة بين الصلاتية والمطلوبية تساو عند الصحيحي وعموم مطلق عند الأعمّيّ.

ثم الصحة تحتمل (5) بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط معا(6)، أو الأجزاء فقط.(7)

ص: 90


1- إذ ثبوت الإجماع المركب هنا وفاقي ظاهر
2- كما ذهب إليه القاضي
3- أي الأقرب إلى المعنى اللغوي، في (ك): أقرب الاعتبار
4- والمصداق فيه متحققاً
5- في (ك): تحمل
6- بأن يكون (الصلاة) اسماً للماهية المركبة من الأجزاء المعهودة حال كونها جامعة للشرائط الخارجة عن مفهومها، وهذا يقال له الصحيح بالمعنى الأخص
7- وهذا يقال له الصحيح بالمعنى الأعم

ويقابلها الأعمّ، وتظهر الفائدة عند الشك في الشرطية، ولكن الظاهر أن المراد من الصحيح هو الأول، كما يظهر من دليلهم، ومن الأعم الأعم العرفي للتبادر، لا الأركاني.(1)

[المختار في المسألة]

ثم الأصح أنها أسام للأعم؛ لقاعدة الاستعمال(2)، فتأمل.

ولصحة التقييد (3) والتقسيم(4)، وعدم صحة السلب عن الفاسدة، والأصل فيه وفي سوابقه الدلالة على الحقيقة، ولعدم اختلافهم في كون صلاة الصبي صلاة بل اختلفوا في صحتها وفسادها وللتبادر والملاحظة مقام بيانهم الماهيات(5)، ولظواهر الأخبار التعليمية(6)، ولقولهم يشترط في الوضوء كذا، وفي الصلاة كذا، فإن المتبادر شرائط الصحة لا الماهية، إلّا أن يدعى تبادر الأخير، فيصير دليلاً للخصم ولفهم العرف التعارض بين قوله «صلّ» و «لا تصلّ في الدار المغصوبة»(7)، ولأنها

ص: 91


1- بأن يكون الصلاة اسماً للأركان المخصوصة فقط
2- بما أن الألفاظ استعملت في الصحيح والفاسد، والظاهر من استعمال لفظ في معنيين أو أكثر من دون نصب قرينة على الحقيقة والمجازية كون اللفظ حقيقة فيهما
3- فيقال : صلاة صحيحة، وصلاة فاسدة؛ والأصل فيما تقيد بالقيدين أن يكون حقيقة في القدر المشترك بينهما
4- فيقال: الوضوء إما صحيح أو فاسد، والأصل فيما ينقسم إلى الأمرين أن يكون حقيقة في القدر المشترك بينهما
5- فمن يسأل عن الوضوء يقال له: إن الوضوء غسلتان ومسحتان، من دون ذكر شيء آخر من الشرائط والأجزاء
6- فإنهم الله كانوا في مقام تعليم الوضوء مثلاً بالغسلات والمسحات من دون ذكر اشتراط إباحة الماء وغيره من الشرائط
7- إذ لو كانت للصحيحة فإنّ «صل» للصحيحة و «لا تصلّ» نهي عن الفاسدة، وليس المنهي عنه فرداً من الصلاة حتى يكون تعارضاً وتقييداً، ففهم العرف التعارض والتقييد هنا دليل الأعمية

لو كانت للصحيح لزم على الصحة(1)، وللأستقراء؛ إما لأن الغالب في دلالة النهي أجزاء الماهيات أن لا تكون مقوّمة، أو لأن الغالب فيما لا يبطل الإخلال به سهواً من الأجزاء أن لا تكون مقوّمة، أو لأن الغالب (عدم كون كل أجزاء المركب مقوّمة له، أو لأن الغالب)(2)في المطلق التقييد وفي العام التخصيص(3)، وللإجماع منهم سلفاً وخلفاً على(4) إجراء أصل العدم عند الشك في الجزئية(5)، فلا يثمر قول الصحيحي(6)، أو على (7) التمسك في نفيه بالإطلاق.(8)

[أدلة الصحيحي]

وللصحيحيين تبادر الصحيح عند الإطلاق، وصحة السّلب عن الفاسدة، وإن الصلاة - مثلاً - عبادة (9) والفاسدة ليست بعبادة، وإنا نقطع بوجود جزء مقوّم، ولا نعلمه بالخصوص، فيسري الإجمال(10) إلى الكلّ(11)، وإنّ موضوعات الأحكام توقيفية

ص: 92


1- في قوله « لا تصل» إن كان المراد بها الفاسدة فالمطلوب ،ثابت وإن أريد بها الصحيحة لزم دلالة النهي على الصحة، وهو باطل
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- فهذه أربعة وجوه في تقرير الاستقراء
4- في (م): إلى
5- وهذا لا يمكن الا على مذهب الأعمي
6- لأن الصحيحي لا يقول بصدق الاسم مع الشك حتى ينفي وجوب الزائد بالأصل
7- (على) ليست في (ك)
8- ينظر في بيان أدلة الأعمي : القوانين المحكمة للقمي: 1/ 106 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 458/1 وما بعدها
9- في (ك، م) : عبادة بداهة
10- (الإجمال) ليست في (م)
11- فلابد من إجراء أصل الاشتغال في الجميع وهو المطلوب

لا عرفية(1)، وظاهر قوله(2) : «لا صلاة الا بطهور».(3)

ويثبت حكم الإجزاء بالإجماع المركب، وقوله: «لا صلاة الا بفاتحة الكتاب» (4)، وأنه على الأعمّ يلزم تقييدات كثيرة(5)، وأنهم في مقام تفسير العبادة يفسرونها بالمجمل، كقولهم: «الصوم عبادة مخصوصة»(6)، وأنهم قسموا الصلاة مثلاً إلى الواجبة والمندوبة، ولم يدرجوا المحرمة في التقسيم، وأن ظاهر كلامهم في بيان الأجزاء والشرائط أنها شرائط الماهية واجزاؤها لا الصحة ولا ريب في فقد الكل والمشروط بفقدهما، وان من (7) البعيد عدم صيرورة الصلاة مثلا حقيقة في الصحيحة مع كثرة استعمالها فيها في الغاية .(8)

وأنت إذا أحطت خبراً بأدلتنا استخرجت أجوبة تلك الأدلة بتأمل قليل.

ثم الحق الأعمّم العرفي لا الأركاني(9)بحكم العرف الكاشف عن الشرع، كما مر.

ص: 93


1- ولو كانت أسام للأعمّ كان المرجع العرف لا الشرع
2- في (ك): قولهم
3- من لا يحضره الفقيه : 106/1
4- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 196/1، سنن الترمذي: 80
5- في الماهيات، وهو خلاف الأصل، وعلى القول بالصحيح لا تقييد أصلاً
6- وعدم تعرضهم للتفصيل كاشف عن الإجمال، والإجمال كاشف عن الصحة؛ لأنّ كل من قال بالإجمال قال بالصحة
7- (من) ليست في (ك)
8- ينظر : في بيان أدلة الصحيحي القوانين المحكمة للقمي: 1/ 107 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 442/1 وما بعدها
9- والفرق بين الأركاني والعرفي هو أن الموضوع له في الأول معين من كل الوجوه، بخلاف الثاني الذي مرجعه العرف، فقد يكون مبيناً، وقد يكون مجملاً

فإن علمنا الصدّق العرفي مع نقص بعض الأركان، أو(1) عدمه مع تحقق الأركان عملنا بمقتضاه، وإن شككنا في الصدق، فنحن فيه كالصحيحي، وعلى الأركاني لا إجمال في الموضوع له، فيصدق اللفظ مع وجودها لا مع عدمها، فتأمل.

وفي كون المراد هو الأركان الواقعي(2)، أو الأعم منها وما يقوم مقامها(3)، وجهان.

وتظهر الفائدة في جواز التمسك بالإطلاقات وعدمه(4)، والحق الأخير؛ لقاعدة الاستعمال، وصحة التقسيم والتقييد، وتبادر الأول إطلاقي(5)، وعلى المختار تكون الأركان الشرعية أركان المطلوب لا الصدق.

[ثمرة المسألة]

ثم ثمرة أصل المسألة تظهر فيما إذا شك في وجوب شيء وعدمه في العبادة، أو علمنا بوجوبه فيها وشككنا ان وجوبه تعبدي، أم شرط ، أم جزء، أو علمنا الوجوب الاستقلالي وشككنا انه واجب توصلي أيضاً أم لا، أو علمنا بالجزئية وشككنا في الركنية.

ص: 94


1- في (ك): و
2- وهي الأركان الحقيقية من الركوع وغيره مما ذكروه في كتبهم الفقهية.
3- كالإيماء القائم مقام الركوع والسجود
4- في مثل صلاة الحريق والغريق، فعلى الأول لا يصدق الصلاة عليها حقيقة، بل مجازاً، وتقوم مقام الحقيقية في الامتثال وعلى الثاني هي صلاة حقيقية تشملها كل أحكام الصلاة وأدلتها
5- لا يصلح لمعارضة عدم صحة السلب؛ إذ لا يصح سلب الصلاة عن صلاة الغريق والماشي

أصل [في معرفة الوضع وعلائمه]

يعرف الوضع: بتنصيص الواضع(1)قطعاً أو ظناً، كما يتفق في الأعلام والعرفيات الخاصة وبتنصيص أهل اللسان(2) قطعاً أو ظناً، وبالترديد بالقرائن(3) من الواضع، أو أهل اللسان - ولو واحداً منهم - قطعاً أو ظناً، و(4) بالإخبار(5) عن وضع الواضع قطعياً أم (6) ظنياً، وبنقل نقلة متون اللغة من موادها وهيئاتها كالنحو، فإنّ قولهم حجة إذا أفاد الظن بإجماع المسلمين والقوم، وطريقة أهل العرف، وتقرير المعصومين(7) ، وترغيبهم أصحابهم على الضبط (8).

والبرهان(9) العقلي الحاكم بحجية الظن في اللغات إذا استلزم الظن بالفرع واقعاً، ويتم في غيره (بالإجماع )(10) المركب (11)، بل الأخير يجري في مثل الشهرة، والصحيح

ص: 95


1- المحصول للرازي: 1/ 191 نهاية الوصول للعلّامة: 292/1، القوانين المحكمة للقمي: 56/1 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 213 ، تقريرات المجدد الشيرازي: 19/1
2- الذريعة للمرتضى : 37
3- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 215
4- في (ك): أو
5- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 213
6- في (ك): أو
7- الناس على العمل بها، فإنّ جملة من الكتب اللغوية دوّنت في زمنهم ككتاب الأصمعي والكسائي وسيبويه
8- كقول أمير المؤمنين لأبي الأسود : «يا أبا الأسود، انح على ذلك»
9- في (ك): وبرهان
10- في (ك): وباجماع
11- إذ لم يفصل أحد في الموضوع المستنبط من حيث الموارد وفي العمل بالظن

المشتمل على لفظ مظنون الوضع(1)، وبيانه موكول إلى بحث حجية (2) الظن.

وقول غير أهل الخبرة كالفقيه، وكذا الواحد المفيد للظن باللغة كقول اللغوي؛لقاعدة الاستلزام(3)، وعدم الكفاية.(4)

ولا يشترط الإسلام والإيمان والعدالة في نقلة اللغة؛ لعموم الأدلة، ومنطوق آية النبا(5) - لو انصرف إلى الموضوع المستنبط وقلنا بأن التبين (6) علمي - مخصص بما مرّ، نعم يشترط حصول الظن الطبعي(7)(8) ، والخلو عن المعارض المعتبر المساوي.

وفي حجية قول اللغوي في الألفاظ المهجورة وجهان، والمتصور في ذلك صور تظهر بالتامل.(9)

وإذا تعارض قول ناقل من أهل اللغة مع آخر، فعن بعض(10) أنه إن كانت النسبة تبايناً كلياً أو جزئياً، فالاشتراك لفظاً أو عموماً مطلقاً، أخذ بالأعم، كل ذلك تقديماً للمثبت على النافي (11)، ولم يتعرض للمتساويين.(12)

ص: 96


1- فإن لكل منهما جهة رجحان ومرجوحية، فالآخذ بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح
2- في (م): البحث بحجية
3- فالأخذ بالظن الناتج من الشهرة دون الظن الناتج من قول الفقيه ترجيح بلا مرجح
4- بمعنى عدم كفاية غير مظنون الوضع لابد معه من التعدي إلى مظنونه
5- وهي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..» سورة الحجرات: 6
6- في (ك): تبين
7- في :(م) التبعي
8- أي: النوعي والشأني
9- فصَّل القول فيها في الضوابط : 1/ 265
10- في (ك): بعضهم
11- والوجه فيه انه تعارض بين المثبت والنافي، فيؤخذ بالمثبت في كل الصور ويطرح النافي
12- ينظر إشارات الأصول للكرباسي: 78

ومع ذلك ففي تقديم المثبت كليّة كلام(1)، وفي الأخذ بالأعمّ وعدم حمل المطلق على المقيد إذا كان نقل الناقلين عن (2) مبدأ واحد نظر، وللتفصيل في المقام(3) مجال.(4)

ثم كلام اللغوي بعضه ظاهر في بيان (الحقيقة، وبعضه(5) ظاهر في بيان)(6)المجاز،وقد لا يصير ظاهراً في شيء من الأمرين، وحينئذ ففي الوقف كما عن المشهور(7) لأن الاستعمال أعم منهما، أم الأصل الحقيقة كما عن المرتضى(8)، أم المجاز كما عن ابن جنّي(9)، وجوه، أظهرها في الأصل الأولي الأول (10)، وفي انقلابه(11) وجهان .(12)

ص: 97


1- حاصله انا لا نسلم تقديم المثبت على النافي مطلقاً، نعم لو كان عدم المثبت مأخوذاً في مفهوم النفي بأن كان النفي معلقاً بعدم المثبت كأصل البراءة بالنسبة إلى الدليل الاجتهادي المثبت للتكليف، فهاهنا نعمل بالمثبت، بل لا تعارض حقيقة حاله، وأما لو لم يكن كذلك فلا دليل على تقديم المثبت. (ضوابط الأصول للمصنف: 269/1)
2- في (م): من
3- (في المقام) ليست في (م)
4- ضوابط الأصول للمصنف : 269/1 ، وللزيادة ينظر: مفاتيح الأصول للمجاهد: 63، التعليقة على معالم الأصول للقزويني: 42/2
5- في (ك) وبعض
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- القوانين المحكمة للقمي: 1/ 80
8- الذريعة للمرتضى : 37
9- وممن حكاه عنه صاحب الفصول: 41
10- (الأول) ليست في (م)
11- أي: هل انقلب هذا الأصل - وهو الوقف - بدليل وارد في خصوص كلام اللغوي أم لا؟
12- تفصيلهما في الضوابط : 276/1

أصل [في التبادر وعدمه]

هنا علائم تدل على الوضع التزاماً :

منها : التبادر(1)، وهو لغة : الاستباق.(2)

واصطلاحاً سبق المعنى من بين المعاني إلى الذهن(3)، لا سبق الذهن إلى المعنى كما توهم.(4)

فالتبادر للعالم بالوضع - ولو إجمالاً - إن (5) كان من حاق اللفظ(6) تبادراً أولياً - بطريق الاستقلال في المراديّة، غير ناشئ عن(7) ملاحظة القرائن تفصيلاً، داخلة وخارجة حتى مثل الشهرة والشيوع، فهو علامة للجاهل - ولو في مقام التفصيل - سواء كان تبادراً بالمعنى الأخص(8) مركباً من الإثبات والنفي، أم بالمعنى الأعم -

ص: 98


1- المحصول للرازي: 191/1 نهاية الوصول للعلامة : 1/ 292 ، الوافية للتوني: 60 ، القوانين المحكمة للقمي: 56/12 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 226/1
2- ينظر : العين للفراهيدي: 141/1 ، لسان العرب لابن منظور: 340/1 المصباح المنير للقيومي: 38 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي : 326 ، مجمع البحرين للطريحي : 216/3
3- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 240/1
4- كما يظهر من التفتازاني في المطول : 576
5- في (ك) : إذا
6- لا من غيره، وهو المسمى بالتبادر الوضعي، وما عداه بالإطلاقي
7- في (م): من
8- اعلم أن التبادر الوضعي على قسمين: الأول: تبادر بالمعنى الأخص وهو ما كان مركباً من النفي والإثبات، بأن يصير المتبادر هذا المعنى فقط، بحيث يظهر منه عدم كون الغير موضوعاً له ومراداً . الثاني: تبادر بالمعنى الأعم بأن يتبادر هذا المعنى من دون أن ينفي تبادر غيره، كما في المشتركات

كما في المشتركات - فالتبادر بقسميه علامة الحقيقة، وعدم التبادر بالمعنى الأعم وتبادر الغير بالمعنى الأخص علامة المجاز.

وأما تبادر الغير بالمعنى الأعمّ، وعدم التبادر بالمعنى الأخص، فهما أعم من الحقيقة والمجاز.

ثم إن علمنا بفقد القرينة أو بعدم الالتفات إليها، فالتبادر اجتهادي، وإن شككنا فيهما، نفيناهما بالأصل. وإن علمنا بوجودها وبالالتفات إليها، وشككنا في أنها مؤكدة، أم ،صارفة، أم مفهمة، أم معينة، فالوقف إن لم نقل بأولوية التأسيس.

ويمكن أن يفصل في المقام تفصيل آخر لا يسع المقام ذكره.

ثم إذا حصل التبادر في لسان أو زمان فالتعدّي إلى غيرهما يحتاج إلى الضميمة؛ إذ الدليل على حجّية التبادر - وهو اتفاق العلماء، وإطباق أهل اللسان، والاستقراء، وبطلان الترجيح بلا مرجح - لا يقتضي أزيد من ذلك.

كما أن العمل به لا يصح الا بعد التخلية التامة؛ لاحتمال كون التبادر لأجل قرينة، أو عدمه لمانع، ويظهر ذلك بملاحظة صحة السلب، أو عدمها عن المعنى المتبادر، أو غيره.

ص: 99

أصل [في صحة السلب وعدمها]

ومنها: صحة السلب وعدمها(1)، فصحة السّلب أربعة أقسام(2):

صحة سلب كل الحقائق عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة عن مجازيته صرفاً.

وصحة سلب كل المجازات عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة (عن حقيقيته (3)صرفاً.

وصحة سلب الحقيقة في الجملة، أي: ولو بعضها عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة(4))(5) عن المجازیة بالنسبة وفي الجملة، ولا تنفي وضع اللفظ عن مورد السلب كلية، فلا تثمر، ولا تكون علامة بالمعنى المطلوب هنا .

وصحة سلب المجاز في الجملة عن مورد الاستعمال، وهذه لا تكشف عن شيء من الحقيقة والمجاز(6) حتى بالنسبة .

فالأخيران ليسا بعلامتين، وكذا الثاني ليس علامة لنا وإن كان تحققه في الواقع ملازماً للحقيقية صرفاً؛ وذلك لعدم حصر المجازات غالباً، وللزوم الدور الغير المندفع (7) فتأمل، والقسم الأول علامة.

ص: 100


1- نهاية الوصول للعلّامة : 298/1 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 240 ، شرح العضد: 43
2- إذ السلب إما أن يضاف إلى الحقيقة، أو إلى المجاز، وعلى التقديرين إما الكل أو في الجملة
3- في (ك): حقيقته
4- في (ك) : زيادة (عن حقيقته صرفاً وصحة سلبه)
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- في (م): المجاز والحقيقة
7- تقريره : إن العلم بالحقيقة موقوف على العلم بصحة سلب كل المجازات، وهو موقوف على العلم بكل المجازات بطريق الحصر المركب من النفي والإثبات وهو موقوف على العلم بحقيقة مورد الاستعمال

وتلك الأقسام الأربعة متصورة في جانب عدم صحة السلب، والعلّامة منها أيضاً واحدة، وهي عدم صحة سلب المعنى الحقيقي في الجملة عن مورد الاستعمال، الكاشف عن كونه موضوعاً له، والثلاثة الأخر علامات واقعية لا وصول إليها؛ للدور الغير المندفع الا في بعض الصور، فانحصرت العلامة في اثنين من الثمانية.

والدليل على كونهما علامة(1): اتفاق العلماء، وأهل اللسان، والاستقراء التام ولزوم خلاف الفرض لولا ذلك(2). ولا دور في هذين القسمين مصرحاً ومضمراً؛ لاعتبار تعدّد الشخص ولو بالاعتبار، كما مرَّ في التبادر فقول العالم : إن الذهب ليس بعين يتبادر منه سلب كلّ المعاني، ويصير علامة، ويكون المستعمل فيه لفظ العين في هذا الكلام هو القدر المشترك مجازاً، بقرينة التجرد(3) عن القرينة المعينة لإحدى الحقائق.

وقد يجاب عن الدور بأجوبة أخر(4) ضعيفة.(5)

ثم عدم صحة السلب لا يكشف عن الحقيقة بنحو التطابق، بل يكشف عن أحد الأمور: إما تطابقه مع الموضوع له حقيقة، أو اتحاده معه مصداقاً، أو كونه فرداً له.

ص: 101


1- في (ك، م): علامتين
2- إذ المفروض عدم صحة سلب المعنى الحقيقي عنه، فمجرد هذا الفرض بعد تحققه لا يحتاج إلى الدليل، وهكذا في جانب صحة السلب
3- في (م) التجوز
4- (أخر ) ليست في (م)
5- (5) ذكرها وناقشها المصنف في ضوابط الأصول: 301/10

وإذا وجدت هذه العلامة(1) في زمان أو لسان احتاج التعدي إلى غيرهما إلى ضميمة، كما مرَّ في التبادر ، وهي لا تجري في مثل المبهمات، ولا مثل هيئة «اضرب»، ويمكن اختلاف المادة والصيغة، فلا ملازمة بينهما.

ثم متى شككنا في كون العلامة مقترنة بقرينة مضرة (2) بكونها علامة، عملنا(3) بالأغلب، ومع فقده فالوقف.

وإذا حصل التعارض بينها (4) وبين العلامة السابقة، فحال الاجتهاديتين والمختلفتين واضحة(5)، وفي الفقاهيتين تقدّم هذه العلامة؛ لقوة الاستقراء في جانبها.

ص: 102


1- في (ك): العلامات
2- في (ك): مضمرة
3- في (م): علمنا
4- في (ك) : بينهما
5- فإن تعارض الاجتهاديتين محال، وفي المختلفتين تقدم الاجتهادي. (منه)

أصل [في الاطراد وعدمه]

اشارة

الاطّراد(1): كون اللفظ المستعمل في معنى موجود في مورد جائز الاستعمال في کل مورد وجد فيه هذا المعنى(2)، بعد العلم بعدم مدخلية خصوصية المورد الذي رأينا استعماله فيه لأجل المعنى الموجود فيه، وعدم الاطراد(3) ضده.

واختلفوا في كونهما علامة على أقوال(4)، ثالثها(5) أن الاطراد ليس علامة الحقيقة (6) ، وعدمه علامة المجاز.(7)

[المختار في المسألة]

والحق وجود الاطّراد في كل المجازات كالحقائق، بناء على المختار من اشتراط وحدة الصنف في العلائق، كما هو لازم من يقول بنقل الآحاد أيضاً، فلا يكون شيء منهما علامة، إما الاطراد فلأعميّته، وإما عدمه فلعدم وجوده.(8)

وأمّا استدلالنا بهما في بعض الموارد؛ فلكشفهما عن التبادر الغالبي وعدمه، لا

ص: 103


1- ليست في (ك)
2- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 1 / 260، بدائع الأفكار للرشتي: 84
3- في (م) اطّراد
4- الأوّل: أنّه لا يدلّ عليها، اختاره البهائي في زبدة الأصول : 57 والحاجبي في المختصر: 236/1 والعضدي في شرحه للمختصر : 44 وظاهر المحقق في المعارج: 51 . الثاني: أنه يدل عليها وهو من خواصها، اختاره الآمدي في الإحكام: 30/1 والغزالي في المستصفى : 342/1 وظاهر العلّامة في التهذيب : 70 والسيد عميد الدين في المنية: 1/ 222
5- اختاره الشوكاني في إرشاد الفحول : 57/1
6- في (ك) للحقيقة
7- ينظر إشارات الأصول للكرباسي : 72
8- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 1/ 315

للاعتماد عليهما أنفسهما .

أصل [في أصالة الاستعمال]

اشارة

هل الأصل في الاستعمال المجاز كما عن ابن جني(1)، أم الحقيقة(2) كما عن المرتضى(3)، أم الحقيقة مع وحدة المستعمل فيه(4)، والوقف(5) مع تعدده كما عن المشهور(6)، وجوه (7)، ونسبة الوقف مطلقاً إلى المشهور(8)سهو .

[المختار في المسألة]

والحق في المتحد الحقيقة؛ للاتفاق، ولا يضر مخالفة ابن جنّي، ولإطباق أهل العرف عليه، وللاستقراء.(9)

وإن شككنا في وحدة المستعمل فيه وتعدده، نفينا الزائد بالأصل، واستدلال ابن جنّي بأن أكثر اللغات(10) مجازات (11)ليس في محله إن أراد أكثر الاستعمالات، وإن

ص: 104


1- حكاه غير واحد عنه، منهم صاحب القوانين : 1/ 80
2- في :(م) الحقيقة مطلقاً
3- الذريعة للمرتضى : 37
4- نسبه في القوانين: 1/ 81 إلى كل من قال باستلزام المجاز للحقيقة
5- اختاره صاحب القوانين: 1/ 80
6- الفوائد الحائرية للبهبهاني : 114 ، أنيس المجتهدين للنراقي : 67/1
7- (وجوه) ليست في (ك)
8- كما عن صاحب القوانين: 1/ 80
9- الحاكم بقلة المجاز بلا حقيقة على فرض وقوعه
10- في (م): اللغة
11- ينظر: المحصول للرازي: 1 / 185

أراد أكثر المفاهيم فهو مسلم في غير متحد المعنى.(1)

وأمّا في المتعدد فبين المعنيين: أما أن لا يكون مناسبة ولا جامع قريب، فحكمه الحقيقة ،فيهما، خلافاً لابن جنّي، وفاقاً للمشهور، وقد مر بطلان دليل ابن جني، واحتمال معنى ثالث - لو كان - منفي بالأصل المقدم هنا على أصالة عدم الاشتراك لبناء العرف، فتعين الاشتراك اللفظي

وإما بينهما المناسبة دون الجامع القريب، فابن جنّي على المجاز، والمرتضى على الاشتراك اللفظي(2)، والمشهور ان احدهما حقيقة والآخر مجاز ، ولا يحتمل الاشتراك المعنوي حينئذٍ.

والأصح الاشتراك اللفظي إن علمنا بعدم ملاحظة المتكلم المناسبة في شيء من المعنيين والحقيقة والمجاز إن علمنا بالملاحظة في أحدهما دون الآخر، وإن علمنا بالملاحظة فيهما احتمل كونهما مجازين بلا حقيقة وينفيه الندرة، والاشتراك اللفظي باستعمال كل من المعنيين في الآخر بالمناسبة، فيكون كل واحد حقيقة بنفسه مجازاً بالنسبة إلى الآخر ، وكون احدهما حقيقة صرفة - وكان ملاحظة المناسبة فيه من باب المقارنة الاتفاقية - والآخر مجازاً صرفاً، و(3) ينفيه القلّة، فتعين الأوسط.

بقي صور ثلاث أخر تظهر مع حكمها بتأمل ما.

وإما بينهما الجامع القريب دون المناسبة، فالسيد على الاشتراك، وابن جنّي على المجاز فيهما، والمشهور على الاشتراك المعنوي، ولا يتصور الحقيقة والمجاز حينئذ.(4)

أو بينهما الجامع والمناسبة، فابن جنّي على المجاز فيهما، والسيد على الاشتراك

ص: 105


1- أي الاستقراء مسلّم لكن الإلحاق غلط ؛ لاختلاف الصنف
2- وفق مبناه
3- الواو ليست في (ك)
4- ينظر : إشارات الأصول للكرباسي: 49

اللفظي، ويحتمل الاشتراك المعنوي، ولعلّه مذهب المحققين، والحقيقة والمجاز كما يظهر من صاحب المعالم.(1)

والحق أن المتصور هنا وفي سابقه أيضاً تسع عشرة صورة، تظهر أحكامها بتدبر قليل.(2)

فلو (3) استعمل اللفظ في معنيين أحدهما فرد للآخر، كالشمس لو أطلقت على الكوكب المخصوص وعلى مطلق الكوكب(4) النهاري، فالمتصور فيه خمس عشرة صورة، تتضح بالتأمل فيما سبق .(5)

ص: 106


1- معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 71
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 1/ 32
3- في (ك، م): ولو
4- في (م) كوكب
5- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 321/1، إشارات الأصول للكرباسي : 43 وما بعدها

أصل [في سائر العلائم]

ومن العلائم التقسيم (1)، وعدم التزام التقييد(2)، واختلاف الجمع(3)(4) ، وعدم الاشتقاق(5)، والمناقضة - أي المنافرة(6)، والاستصحاب(7)،والاستقراء(8)، والقياس(9)، وفي جملة منها نظر.(10)

ص: 107


1- فإنه يدل على الحقيقة في المقسم للعرف
2- بمعنى إنا إذا وجدنا استعمال اللفظ صحيحاً في معنى مجرداً عن التقييد، وغير صحيح في معنى آخر مجرداً عن التقييد حكمنا بكونه حقيقة في المعنى الذي يصح استعماله فيه مجرداً عن التقييد، ومجازاً في الآخر الذي لا يصح استعماله فيه إلا مع القيد
3- في (ك): زيادة (وعدمه)
4- ذلك فيما إذا استعمل اللفظ في معنيين وعلم كونه حقيقة في أحداهما وشك في حقيقة الآخر، فإن كان جمعها متحداً يكون اللفظ حقيقة فيهما ، وإن كان مختلفاً يكون أمارة المجاز في المشكوك
5- ذلك فيما إذا استعمل لفظ في معنيين لم يعلم بكونه حقيقة في أيهما فالمعنى الذي يشتق منه يحكم بحقيقته، والمعنى الذي لا يشتق منه يحكم بمجازيته
6- متى ما كان استعمال اللفظ في معنى موجباً لتنافر وفهم متناقض ومتعارض كان علامة كونه مجازاً فيه
7- فإذا علم بكون اللفظ حقيقة في العرف العام في معنى حكمنا بأنه في اللغة حقيقة في هذا المعنى بأصالة عدم النقل إذا لم يكن الظن على خلافه، وإلا فلا عبرة به
8- فمثلاً إذا وجدنا أغلب ما كان على زنة فاعل دالاً على نسبة المبدأ إلى فاعل ما في الزمان الماضي حكمنا بأن كل ما كان على زنة فاعل هو كذلك
9- بأن لم نجد صحة استعمال لفظ في معنى لوجود أمر فيه وعدم صحة استعماله فيه عند فقدان هذا الأمر، فبهذا الدوران نحكم بأن اللفظ موضوع لكل ما وجد فيه هذا الأمر
10- ينظر : العدة للطوسي: 38/1، معارج الأصول للمحقق الحلي: 51، المحصول للرازي: 1 /192 ، شرح العضد: 43 وغيرها

أصل [في المشترك واستعمالاته]

اشارة

الاشتراك: كون اللفظ موضوعاً بوضعين فصاعداً، لمعنيين فصاعداً، تعييناً أم تعيّناً.(1)

[المختار في المسألة]

والحق إمكانه(2)، لا لأن رجحان طرف العدم أمر زائد منفي بالأصل (3)، ولا لأن المشترك(4) شيء، وكل شيء مخلوق الله تعالى(5)، بل لقاعدة الإمكان.(6)

وتوهم كون الاشتراك موجباً للإجمال المنافي لغرض الواضع.(7)(8)

مدفوع بوجوه لا تخفى على المتدبر.

ص: 108


1- ذكر جماعة من الأصوليين للمشترك تعاريف عديدة لا يخلو شيء منها عن شيء من انتقاض عكس أو طرد أو انتقاضهما، والتعريف الذي اختاره المصنف بقيوده قال عنه السيد القزويني في تعليقته على المعالم : 476/2 : (مما لا يرجع إلى طائل)
2- نهاية الوصول للعلّامة: 210/1، نهاية السول للأسنوي: 107، مفاتيح الأصول للمجاهد: 22
3- بيانه: إن الوجوب يحتاج إلى رجحان طرف الوجود، والامتناع يحتاج إلى رجحان طرف العدم، بخلاف الإمكان، فإنه تساوي الطرفين، والأصل عدم الزيادة
4- في (ك) : ولا لإمكان ان المشترك
5- فإمكان الاشتراك مخلوق الله تعالى
6- قاعدة الإمكان مذكورة في كتب الحكماء، وقد صرح بها الرّئيس، حيث قال كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان . (ينظر : الإشارات والتنبيهات لابن سينا : 3/ 418)
7- في (ك): الوضع
8- ينظر: المحصول للرازي: 136/1

والحق وقوعه في اللغة(1)، بل(2) في القرآن الكريم(3) ، كلفظ «عسعس»(4) ، و«القرء»(5)ونحوهما مما استعمل في معنيين ليس بينهما مناسبة ولا قدر مشترك، ويتم في اللغة بضميمة أصالة عدم النقل(6)، مع أن اللفظ المستعمل في اللغة في معنيين ليس بينهما مناسبة ولا جامع قريب(7) كثير، فتعين الاشتراك اللفظي.

وأما المجاز بلا حقيقة فيدفعه - على فرض إمكانه ووقوعه (8)- الندرة.(9)

ص: 109


1- الذريعة للمرتضى: 40 ، العدة للطوسي: 31/1، شرح العضد: 37 زبدة الأصول للبهائي: 69
2- (بل) ليست في (ك)
3- شرح العضد: 38
4- في قوله تعالى: «وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ» (سورة التكوير: 17)، وهو مشترك بين أقبل وأدبر
5- في قوله تعالى: « ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» (سورة البقرة: 228)، وهو مشترك بين الحيض والطهر
6- إشارات الأصول للكرباسي: 55
7- في (ك): قريب ولا جامع
8- (ووقوعه) ليست في (ك)
9- تقريرات المجدّد الشيرازي: 47/1 ، مفاتيح الأصول للمجاهد: 42

[استعمال المشترك في أكثر من معنى]

واختلفوا في جواز استعماله في أكثر من معنى واحد على أقوال(1)، ثالثها الجواز في غير المفرد(2)، ورابعها الجواز في غير الإثبات.(3)

ثم من المجوّزين من جوّزه حقيقة(4)، ومنهم من جوّزه مجازاً(5)، ومنهم من جعله في المفرد مجازاً وفي غيره حقيقة (6)، ومن المانعين من منعه (اجتهاداً، ومنهم من منعه)(7) فقاهة .

[تحرير محل النزاع]

وقد يقال(8): إن النزاع إنما هو فيما (9) أمكن الجمع بين المعنيين، فإن أراد إمكان الجمع(10) في الإرادة ، فلا حاجة إلى هذا القيد؛ لخروج ما لا يمكن فيه ذلك بالفرض

ص: 110


1- أولها: الجواز مطلقاً، واختاره القاضيان أبو بكر وعبد الجبار، والشافعي والسيد المرتضى وأبو علي الجبائي. وثانيهما: المنع مطلقاً، واختاره أبو هاشم وأبو عبد الله البصري وأبو الحسين البصري وفخر الدين الرازي والعلّامة الحلي ينظر: منية اللبيب للعميدي: 1/ 185
2- حكاه الماوردي عن بعض الشافعية، واختاره ابن الأنباري وابن مالك على ما حكاه الزركشي في المحيط : 496/1
3- اختاره ابن الهمام في الهداية ينظر فواتح الرحموت لعبد العلي الأنصاري: 201/1، ونسبه الزركشي في المحيط : 496/1 إلى ظاهر الحنفية
4- اختاره الشافعي والباقلاني والجبائي على ما حكاه عنهم الزركشي في المحيط : 497/1
5- كالعلّامة في التهذيب: 61
6- كصاحب المعالم : 52
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- القائل صاحب المعالم : 52
9- (فيما) ليست في (ك)
10- في (ك) : الجميع

والبداهة، أو في الامتثال فالقبح العقلي لا ينافي الصحة اللغوية.

ثم استعمال المشترك(1) في أزيد من معنى إن كان في الإطلاقات المتعددة (2)، أو في إطلاق واحد بطريق العموم المجموعي(3)، أو المنطقي(4)، أو الاستغراقي لكن على سبيل التخيير(5)، فهو خارج عن النزاع، أو الاستغراقي على أن يكون كل معنى مراداً عيناً، ومورداً للنفي والإثبات(6)، فهو محل النزاع.(7)

[بيان كيفية أوضاع المفردات]

ثم في كون اللفظ المفرد موضوعاً للمعنى مع الوحدة(8)، أو للمعنى المقيد بالوحدة(9)، كما يحتمل تنزيل كلام المعالم على الأخير، أو للمعنى اللابشرط، كما عليه سلطان العلماء(10) ، ومعه الأصل الاعتباري إن اعتبر (11) ، أو للمعنى بشرط الإطلاق،

ص: 111


1- (المشترك) ليس في (ك)
2- بأن يستعمل في كل من معنييه أو معانيه منفرداً
3- بأن يستعمل في المجموع من حيث المجموع
4- بأن يستعمل في أمر عام يكون قدراً مشتركاً بين المعنيين أو المعاني
5- بأن يستعمل في استعمال واحد على كل واحد من افراد معانيه تخييراً بأن يكون كل واحد منها مراداً على سبيل التخيير
6- بأن يستعمل في استعمال واحد على كل واحد من أفراد معانيه عيناً، بمعنى أن يكون كل واحد منها مراداً عيناً ومورداً للنفي والإثبات
7- في المفاتيح :23: (كما صرح به في منية اللبيب ونهاية السول وشرح الحاشية وشرحي العبري والأصفهاني على المنهاج وحواشي الباغنوي والأبهري والفاضلين الشيرواني وجدي المازندراني والمحكي عن صاحب الحاصل والتحصيل وكثير من الأصوليين)
8- بحيث تكون الوحدة جزء الموضوع له كما هو ظاهر صاحب المعالم : 53ً
9- بحيث يكون التقييد داخلاً والقيد خارجاً
10- في حاشيته على المعالم: 53
11- لأن غيره من الاحتمالات مدَّع للالتفات إلى أمر زائد، والأصل عدمه

كما زعم الفاضل القمّي(1) انه مذهب السلطان ورده، وليس كما توهم، أو هو موضوع بالوضع الشخصي للمعنى اللابشرط ، و(2) بالنوعي للمقيد بالوحدة، أو لا بد من الوقف، كما هو مقتضى أصالة التوقيفية، وجوه.

[بيان كيفية أوضاع التثنية والجمع وأداة النفي]

وأما مثل الجمع، ففي كونه موضوعاً لما كان متفقاً في اللفظ والمعنى(3)، أو لمطلق المتعدد المتفق (4) لفظاً (5) ، فيكون مثل زيدين حقيقة، وإن لم يؤوّل بالمسمى، أو لا يشترط الاتفاق لفظاً ولا معنى كالقمرين، فيكون القمران حقيقة باعتبار العلامة ومجازاً باعتبار المادة احتمالات.(6)

وأما أداة (7) النفي ، ففي كونها لنفي كل الأفراد من ماهيّة واحدة(8) ، أو لنفي ما يراد من اللفظ (9)، أو كل ما يحتمله اللفظ، أوجه(10) ، ولعل الأوسط أوسط؛ للتبادر.

ص: 112


1- القوانين المحكمة للقمّي: 1/ 136
2- في (ك): أو
3- حكاه عن كثيرين صاحب شرح التصريح: 1/ 65
4- (المتفق) ليست في (ك)
5- كما ذهب إليه الجزولي والأندلسي وابن مالك على ماحكاه عنهم الرضي في شرح الكافية: 277/3
6- ينظر: شرح الرضي على الكافية: 276/3 ، إشارات الأصول للكرباسي: 57، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 511/1
7- في (ك) : إرادة
8- اختاره صاحب القوانين: 1 / 144
9- اختاره الرازي في المحصول : 143/1
10- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 25 ، التعليقة على المعالم: 209/2

[ ثمرة المسألة]

ثم ثمرة النزاع في أصل المسألة تظهر في صحة هذا الاستعمال وغلطيته (1)، وفيما لو ورد خبر مشتمل على لفظ مشترك مستعمل في أكثر من معنى، سواء كان منقولاً باللفظ، أو المعنى، أو مشكوك الحال، وفي الآية الكريمة «مِن نِّسَائِكُمْ»(2)، فتأمل .

[تأسيس الأصل]

الأصل على قول السلطان وما تلاه(3)هو الجواز؛ لوجود المقتضي وفقد المانع، وكذا على الأقوال الأخر إن اكتفينا بنوع العلاقة(4)، لا نقل الآحاد، أو(5) الدوران مدار الاستقراء.(6)

ثم إنهم ذكروا في المقام(7) أدلّة لترجيح أقوال المسألة، ولا أستبعد الجواز المطلق حقيقة؛ لعدم الاستنكاف العرفي، لكنه استعمال ،مرجوح، لا يصار إليه إلا بقرينة.

ص: 113


1- صحته بناء على الجواز، وغلطه بناء على عدم الجواز
2- سورة النساء: 23 بيانه: يجوز لنا الاستدلال بالآية الكريمة على عدم حرمة كل من الأم والبنت بمجرد عقد الآخر، إذا أرجعنا القيد الأخير وهو قوله تعالى: «مِن نِّسَائِكُمْ»، إلى كل من الجملتين، وجوزنا استعمال المشترك، وهو لفظة (من)، في المعنيين؛ لأنها على الأول بيانية، وعلى الثاني ابتدائية، وإن لم نجوز استعمال المشترك في أزيد من معنى لم يصح هذا الاستدلال
3- بكون المفرد موضوعاً لمعنى اللابشرط، أو بشرط الإطلاق
4- في (ك) : العلائق
5- في (ك): و
6- لعدم بلوغ تلك الرخصة لا آحاداً ولا وصفاً
7- في (ك) : في المقام ذكروا

أصل [في استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي]

اشارة

اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي على أقوال:

الجواز مجازاً(1)، أو حقيقة ومجازاً بالاعتبارين(2)، وعدمه(3) اجتهاداً أو فقاهة.

والكلام في طرق الاستعمال، وتحرير محل الجدال، ووضع المفرد، وثمرة النزاع ، وتأسيس الأصل، ما مرَّ في المشترك.

[بيان معنى الحقيقة والمجاز والكناية]

ثم الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له(4)، سواء أريد الانتقال إلى ألغير أم لا، (والمجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، سواء جاز إرادة الموضوع له معه أم لا(5)).(6)

نعم عند مشهور(7)أهل البيان (التقييد بامتناع إرادة الموضوع له معه(8)، فالمجاز عند الأصولي أعمّ مطلقاً من المجاز عند أهل البيان).(9)

ص: 114


1- اختاره العلّامة في نهاية الوصول: 1/ 292
2- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 56 ، وهو اختيار المصنف
3- نسبه الشوكاني في إرشاد الفحول : 63/1 إلى جمهور أهل العربية، وجميع الحنفية، وجمع من المعتزلة، والمحققين من الشافعية
4- ينظر : الكليات للكفوي: 300 ، مفتاح العلوم للسكاكي: 312 ، المطول للتفتازاني : 565، مختصر المعاني للتفتازاني : 323 مفاتيح الأصول للمجاهد: 29
5- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 29
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- في (م) المشهور
8- ينظر : مفتاح العلوم للسكاكي: 313
9- ما بين القوسين ليست في (م)

والكناية من مصطلحاتهم، والمنقول في تعريفها وجوه:

[الأول]: اللفظ المستعمل فيما وضع له للانتقال إلى غيره(1)، فتكون من أقسام الحقيقة.

و[الثاني]: اللفظ المستعمل في المعنى الحقيقي والمجازي بنحو العموم الاستغراقي(2)، كما هو محل النزاع هنا، فتكون مجازاً أصولياً.

و[الثالث]: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مع جواز إرادة الموضوع له(3)، فتكون أخص مطلقاً من المجاز(4)الأصولي.

ولازم المنع من استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز أصولياً وبيانياً نفي الكناية رأساً، إلا أن يقول بأنها من أقسام الحقيقة، أو يفرق بين المجاز والكناية باعتبار ذاتهما (5) لا حكمهما.

ثم إنهم أكثروا من الكلام في تحقيق الحق في المقام، ولا استبعد الجواز حقيقة ومجازاً بالاعتبارين؛ لما مرَّ في المشترك، ومن هنا يظهر جواز استعمال اللفظ(6) في المجازين وعدمه لوحدة المناط.

ص: 115


1- اختاره الخطيب القزويني في تلخيص المفتاح : 337
2- اختاره السكاكي في المفتاح : 357
3- ينظر : مفتاح العلوم للسكاكي: 347، المطول للتفتازاني: 640
4- في (م): الجواز
5- بأن يقول : إن الكناية ما يكون لعلاقة التلازم ، والمجاز ما يكون لعلاقة غيره، لكن هذا الفرق خلاف المشهور ، وإنما المشهور الفرق بحسب الحكم ( أي جواز إرادة الموضوع له وعدمه)
6- (اللفظ) ليست في (م)

أصل [في أن الألفاظ موضوعة للمعاني اللابشرط]

اشارة

الأصح وضع الألفاظ للمعنى اللابشرط(1)، لا المعاني الذهنية بوصف وجودها في الذهن(2) ، ولا للأمور الخارجية كذلك(3) ، ولا التفصيل بين ما لا مصداق له كالمعدوم وغيره(4)، وذلك للتبادر، والاستقراء.

والاختلاف(5) في التسمية إنما هو لاختلاف الاعتقاد بنفس الأمر، ولذا يصح السلب بعد تبين الخطأ (6) ، ولم يحكم بامتثال المأمور(7)(8)، مضافاً في الاحتمال الثالث إلى النقض بمثل المعدوم.

[ثمرة المسألة]

وتظهر الثمرة في التخطئة والتصويب(9) ، وفي حصول الامتثال في الإتيان

ص: 116


1- اختاره الأسنوي في نهاية السول: 79 والميرزا الرشتي في بدائع الأفكار : 183
2- اختاره الرازي في المحصول: 99/1
3- اختاره العلّامة في نهاية الوصول: 1 / 165
4- حكاه السيد علي القزويني في تعليقته على المعالم : 1/ 389
5- في (ك) : فالاختلاف
6- (الخطأ) ليست في (م)
7- في (ك) : المامور به
8- فلو أكرم عمراً معتقداً انه زيد المأمور بإكرامه لم يعد ممتثلاً
9- فيلزم التصويب في الموضوعات على القول بالذهنيّة؛ إذ الموضوع له حينئذ هو المعنى الموجود في الذهن، فكلّ من حصل في ذهنه معنى للفظ - كالقبلة بالنسبة إلى الجهات الأربع - فهو مصيب في ترتيب الأحكام عليه، وإن خالف ما حصل في ذهن كلّ لما حصل في ذهن الآخر، للزوم هذا القول تعدّد الموضوع له واختلافه بحسب تعدّد الأذهان في الاعتقادات واختلافها، والتخطئة على غيره إذ الموضوع له حينئذ أمر واحد من أصابه فهو مصيب، ومن أصاب غيره؛ فهو مخطئ

بالمعتقد.(1)

أصل [في أن الألفاظ موضوعة للأمور النفس الأمرية]

اشارة

الأصح وضع اللفظ للأمر النفس الأمري ، لا المعلوم(2)؛ للتبادر، والاستقراء، وذم تارك الفحص، ولزوم كون مجهول الحال واسطة بين الفاسق والعادل.

والنسبة بين هذه المسألة وسابقتها عموم من وجه.

[ثمرة المسألة]

والثمرة تظهر في لزوم الفحص، وفي الشبهة المحصورة.(3)

ص: 117


1- فلو أمره بإكرام زيد فاعتقد عمراً أنه زيد فأكرمه، فعلى القول بالأمور الذهنية يكون ممتثلاً؛ لأنه أتى بالمأمور به على وجهه، بخلافه على القول الآخر
2- نسب إلى العلمين الشيخ الرئيس والمحقق الطوسي الخواجة نصير الدين ما أن الدلالة تتبع الإرادة، ولعل وجه استفادة ذلك من كلامهما إنما هو من جهة الملازمة بين تبعية الدلالة للإرادة وبين كون الموضوع له المعنى المقيد بكونه مراداً. ينظر : نهاية الأفكار للبروجردي: 63/1
3- فإن الاجتناب عن الحرام مثلاً إن قلنا فيه بأن الحرام موضوع للمعلوم لم يجب الاجتناب عن الشبهة، وإن قلنا إنه موضوع للأمر النفس الأمري لزم الاجتناب من باب المقدمة

أصل [في تعارض العرف واللغة]

اذا تعارض العرف واللغة(1)، ولم يكن للشارع اصطلاح خاص، ولا قرينة على المراد، وجهل تاريخ صدور(2)الخطاب، ففي تقديم اللغة(3)؛ لأصالة تأخر العرف،أو العرف كما هو المشهور (4)؛ للاستقراء ، أو الوقف(5) ، وجوه. والأوجه تقديم اللغة؛ (4) لأن مرجع التعارض إلى تعارض العرف اللاحق والعرف السابق القريب من زمن الشارع(6)، نعم لو قال اللغوي في اللغة كذا، وفي العرف كذا احتمل تقديم العرف.

ص: 118


1- مفاتيح الأصول للمجاهد: 38
2- (صدور) ليست في (م)
3- حكاه في المفاتيح : 38 عن بعض
4- مفاتيح الأصول للمجاهد: 38
5- اختاره الشهيد الأول في القواعد والفوائد: 1/ 173
6- فحمل كلام الشارع على العرف الأقرب إلى زمانه أولى من حمله على العرف الأبعد، ولازمه تقديم اللغة

أصل [في تعارض عرف السائل والمسؤول]

اذا تعارض عرف السائل والمسؤول، ففي تقديم عرف السائل(1)، أو المسؤول(2)، أو بلد السؤال مطلقاً(3) ، أو إن وافق عرف السائل، أو إن وافق عرف المسؤول، أو إن وافق عرف أحدهما(4) ، أو الوقف(5) ، أو غير ذلك وجوه .

والحق أن صور المسألة كثيرة (6) ؛ لأنّ كلاً من السائل والمسؤول: إما عالم باصطلاح الآخر أو جاهل فهما : إما(7)عالمان، أو جاهلان، أو مختلفان.

ثم المسؤول العالم باصطلاح السائل: إما أن يعتقد بأنّ السائل أيضاً يعلم اصطلاحه، أو يعتقد بعدم(8) علمه، أو يشك ، أو(9) لا يلتفت إلى غير ذلك من الأقسام.

والمرجع في الكل بناء العرف، أو حكم القوة العاقلة، كما لو كان المسؤول جاهلاً باصطلاح السائل، فإنه لا يتصور عقلاً حمل كلامه على اصطلاحه.

ص: 119


1- اختاره العلّامة في المختلف: 24/1
2- اختاره السيد المرتضى في رسائله : 22/3
3- اختاره صاحب الذخيرة: 122
4- هذا وما قبله تذكر كأقوال من دون نسبتها إلى قائل بعينه
5- اختاره صاحب المدارك : 1 / 48 ، والوحيد البهبهاني في فوائده : 108
6- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 330/1
7- (إما) ليست في (ك)
8- في :(م) عدم
9- في (م): و

أصل [في إطلاق ألفاظ الموازين والمقادير]

إطلاق ألفاظ الموازين والمقادير على الناقص أو الزائد بيسير إنما هو من باب المجاز؛ للتبادر وصحة السلب، ولزوم التسلسل لولاه (1)، فلا تسامح في الشرعيات - وإن حصل التسامح في العرفيات في الأمور الحقيرة - وذلك إما للاحتياط، أو للأصول اللفظية.

أصل [في المشتق]

اشارة

المشتق : يطلق على ما أخذ من شيء آخر، بأن كان له مأخذ من الألفاظ، ويدخل فيه المصادر(2)، و(3) على خصوص الأسماء المشتقة، والكلام هنا في الأخير.

فاعلم ان وضع المشتق نوعي(4)؛ حذراً من تعدّد الأوضاع، ولزوم اللغو والعسر، أو(5)العذر.

والأصح أن وضعه قابل لقسمين من الأقسام الستة المتصورة(6)، وهما كون الموضوع له عاماً أصولياً، (سواء كان الموضوع عاماً أصولياً)(7) أم منطقياً(8)،و ان

ص: 120


1- لأنّ الناقص بيسير إذا كان من أفراد الموضوع له كان الناقص عنه بيسير أيضاً من أفراده، وهكذا
2- ينظر: الفصول الغروية للأصفهاني : 58 ، بدائع الأفكار للرشتي : 172
3- الواو ليست في (م)
4- كوضع سائر الهيئات غير المصادر
5- في (م) و
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 147/1
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- العام الأصولي : هو ما أخذت الكثرة والشيوع في مدلول لفظه. العام المنطقي : هو ما كان مفهومه صادقاً على كثيرين كأسماء الأجناس (ينظر : الأصول في علم الأصول لعلي الإيرواني: 1/ 165)

الوضع عام والموضوع له خاص.

ثم إنه يطلق ويراد به الماضي، أو الاستقبال أو الحال، أو حال التلبس أو القدر(1) المشترك بين الأول والثالث، أو الثاني والثالث.

ثم المبدأ: إما من الحاليات، أو الملكات (2)(3)، أو الحرف(4)، والنسبة بين الأخيرين عموم من وجه.

ثم إن استعماله في كل من الماضي والمستقبل يتصور على وجوه أربعة(5)، وفي الحال على وجهين(6) ، ومحل النزاع من تلك الاستعمالات غير محرر .

ص: 121


1- فى (ك): قدر
2- في (ك، م): الملكيات
3- اعلم إن الكيفيات التي يتعلق وجودها بالأنفس: منها ما يكون راسخاً في المتكيف بها رسوخاً لا يزول، أو يعسر زواله، وبالجملة لا يسهل زواله ويسمى ملكة ، ومنها ما لا يكون راسخاً، بل يكون مذعناً للزوال سهل الانتقال، فيسمى حالاً
4- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 163/1
5- أولها : أن يقال على من ضرب في الأمس ضارب ویراد انه ضارب الآن، أي يراد به معنى ضرب بعلاقة ما كان. ثانيها : أن يراد به إنه كان ضارباً في الأمس، بإرادة الزمان، والربط من نفس اللفظ. ثالثها : أن يراد به انه ضارب في الأمس، بارادة الربط من اللفظ والزمان من الخارج، كقولك هو ضارب في الأمس. رابعها أن يراد به هذا المعنى أيضاً لكن يراد الزمان والربط من الخارج، ويستعمل المشتق في مطلق التلبس بالضرب بلا إرادة زمان وربط منه بل من الخارج. وأما المستقبل فيتصور فيه تلك الأربعة أيضاً
6- وتريد به انه ضارب حال النطق، فاما يراد فيه الزمان من اللفظ أم الخارج

[تأسيس للأصل]

والأصل فيه التوقف؛ لقاعدة التوظيف (1) إن لم يكن في المسألة قدر متيقن في كونه حقيقة، وإلا نفينا الحقيقية(2) فيما عداه بأصالة عدم الاشتراك.

[ثمرة المسألة]

اشارة

وثمرة النزاع تظهر في كراهة البول تحت الشجرة المثمرة، فيختلف الحال بإرادة المثمرة فعلاً ، أو ملكة(3)، أو نوعاً.(4)

وكذا في مثل استعمال سؤر آكل الجيف.(5)

وقد ذكروا في استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ أقوالاً كثيرة، وأطالوا الكلام في نقضها وإبرامها.(6)

ص: 122


1- أي أصالة عدم الدلالة
2- في (ك، م): الحقيقة
3- في (ك) : ملكياً
4- إن إطلاق المثمرة على الشجرة يتصور على وجوه الأول: بالفعل، فيكون زمان الكراهة زمان وجود الثمرة على الشجرة فعلاً. الثاني: بالملكة فيكون زمان الكراهة زمان وجود ملكة الإثمار وإن لم تثمر بالفعل. الثالث: بالنوع، فيكون زمان الكراهة زمان وجود الشجرة قائمة وإن لم تثمر أبداً كفحل النخل مثلاً
5- فإن آكل الجيفة قد يكون فعلاً، وقد يكون ملكة، وقد يكون نوعاً
6- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 194/1 ، المحصول للرازي: 1/ 122 ، زبدة الأصول للبهائي: 93 ، مفاتيح الأصول للمجاهد: 12

[المختار في المسألة]

والحق أن المشتق بنفسه لا يدل إلّا على اتصاف الذات بالمبدأ، وتلبسه به كائناً ما كان من دون مدخلية زمان من الأزمنة؛ وذلك للتبادر، وعدم صحة السلب، وإتفاق النحاة على افتراق الاسم من الفعل، بأن الأول لا يدل على الزمان وضعاً، بخلاف الثاني (1) (1)، وهذا نص بالنسبة إلى قولهم اسم الفاعل بمعنى الماضي كذا، وبمعنى المستقبل كذا؛ لاحتمال أن يكون المراد المعنى المجازي، وينفى الحقيقية(2) فيما عدا ما ذكر بالأصل؛ حذراً من الاشتراك، وعملاً بتبادر الغير.

ثم المستفاد من هيئة المشتق ليس إلا التلبس بالمبدأ، لكن المبدأ: إن كان حاليّاً استفيد التلبس به أو ملكياً فكذلك، وهكذا.

لكن مقتضى القواعد اللغوية أن لا يفيد المشتق إلا الحال المقابل للملكة والحرفة؛ لما مرَّ من أنّ الهيئة لا تدل الا على التلبس بالمادة(3)، ولا ريب أن المواد - كالضرب والعلم ونحوهما - كلها(4) حاليات لا ملكيات، لكن في بعض المشتقات حصل النقل إلى الحرفة، كما في أغلب صيغ فعّال (5)، وفي بعضها قد استعملت في الحرفة والملكة، بحيث صارت مشتركة بين الاثنين (6)، أو الثلاثة، كما في القارئ فانه يراد منه الحال والملكة والحرفة(7)، و(8) في أي منها استعمل كان حقيقة؛ لعدم صحة السلب، فلا بد من ملاحظة الموارد.

ص: 123


1- ينظر : شرح الرضي على الكافية: 1/ 22
2- في (ك، م): الحقيقة
3- في (م) بالمبدأ
4- في (ك): زيادة (من)
5- في (م): الفعّال
6- (بين (الاثنين) ليست في (ك)
7- (والحرفة) ليست في (م)
8- الواو ليست في (ك)

أصل [في مادة الأمر]

مادة الأمر حقيقة في طلب المستعلي علا(1) أم لا(2)(3)؛ للتبادر بضميمة عدم صحة السلب، فتبادر المستعلي(4) العالي إطلاقي(5) ، كما أن تبادر القول إطلاقي؛ لعدم صحة السّلب عن الطلب بالإشارة أو الكتابة، أو في الرؤيا، كما في الآية (6)، ويختص وضعاً بالطلب الإيجابي(7)(8)؛ للتبادر وذم التارك، والعلو لا يصير قرينة على الإيجاب،كما هو ظاهر(9)، ولصحة السلب عن الطلب الندبي، ولخبر بريرة عن الطلب الندبي، والخبر بريرة (10)، وخبر السواك(11)،

ص: 124


1- في (ك): عالي
2- (لا) ليست في (م)
3- ينظر : معارج الأصول للمحقق الحلي: 62 ، تهذيب الوصول للعلّامة: 85، زبدة الأصول للبهائي : 113 ، المحصول للرازي: 251/1
4- (المستعلي) ليست في (م)
5- وليس ،وضعياً، يكشف عنه عدم صحة سلب الأمر عن طلب الداني المستعلي، فإنّه لا يصح سلبه عنه لغة ، وإن كان ذلك قبيحاً عقلاً باعتبار كون العلو من الشروط العقلية لصحة الأمر
6- من سورة الصافات: 102: «قَالَ يا أبت افعل مَا تُؤْمَرُ ستجدني إِن شَاءَ الله مِنَ الصابرين»
7- في (ك) : لطلب الإيجابي
8- عليه أكثر الأصوليين كما في غاية المأمول للجواد الكاظمي (مخطوط): 241 س19
9- بيانه الوجوب - صيغة - صفة للفعل، والإيجاب صفة الأمر، فهو بمعنى الإلزام، وكلامنا في الإيجاب لا الوجوب، والعلو يصح قرينة للوجوب لا الإيجاب، فإنّ العلو والإيجاب يجتمعان في الطلب العالي المستعلي، ويتحقق الأوّل فقط في طلب العالي الغير المستعلي بدون الإيجاب والثاني فقط في المستعلي الداني، فكيف يصير أحدهما قرينة للآخر
10- حيث قال لها الرسول الله : ارجعي إلى زوجك. فقالت: أتأمرني يا رسول الله قال : لا بل أن شافع. (سنن أبي داود: 356، سنن الدارمي: 393، سنن الدارقطني: 2/ 178)
11- وهو قوله : «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة». الكافي للكليني: 3 / 28

ودليل الخصم خال عن الدّلالة(1)، ولو دل لم يكافئ ما مرَّ .

ثم استعماله في مثل الشأن والفعل مجاز(2)؛ لتبادر خصوص الطلب، وصحة السلب عن(3) غيره، ولفقد الجامع القريب بين الطلب ، وبينهما، والأصل عدم الاشتراك اللفظي، وللاشتقاق (4) ، واختلاف الجمع(5)، وفي الأخيرين تأمل.

ونحو أمرني بالترك حقيقة؛ للتبادر ، كما (6) إن نهاني عن الترك حقيقة.

أصل [في صيغة الأمر]

اشارة

صيغة افعل وما في معناها - كالمزيد، وأمر(7) الغائب، وأسماء الأفعال، لا مثل الجمل الخبرية المؤولة(8) إلى الإنشاء - حقيقة في الوجوب على الأصح(9)، أي: في الطلب مع عدم الرضا بالترك، عالياً كان الطالب (10) أم مستعلياً (11)، أم لا؛ للتبادر

ص: 125


1- ينظر: الوافية للتوني : 68
2- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 359/1 ، المحصول للرازي: 1/ 245
3- في (م) من
4- وقوع الاشتقاق عن الأمر الذي بمعنى الطلب دون الباقي، وهذا مبني على الاشتقاق من علائم الحقيقة وعدمه من علائم المجاز
5- فإن جمع الأمر بمعنى الطلب الأوامر، وجمعه لسائر المعاني الأمور، وهو أيضاً من العلائم
6- في (م) على
7- في (ك): والأمر
8- في (م): الواقعة مؤولة
9- عند أكثر المحققين كما عن الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 122، وابنه في معالم الدين: 65
10- في (ك) : الطلب
11- (أم مستعلياً) ليست في (ك)

فيكون مدلول الصيغة أعمّ مطلقاً من مدلول المادة.(1)

واحتج الأكثرون على الوجوب بذم العبد إذا لم يفعل بعد قول المولى له(2): إفعل من غير قرينة، والعلو لا يصير قرينة؛ إذ النسبة بينه وبين الوجوب عموم من وجه.

وبالآية الشريفة «مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ»(3)، والمراد بالأمر قوله تعالى: «اسْجُدُوا لآدَمَ»(4)، والاستفهام إنكاري بحكم العقل (5)، والأصل عدم القرينة يوم الخطاب حالية و(6) مقالية (7) ؛ لبناء العرف.

وتوهم: كون الأمر في مقام توهم الحظر؛ فلا يفيد الوجوب(8) إلا بالقرينة، فلا يتم الاستدلال، ممنوع.

مع إمكان أن يقال: إنّ الأمر لم يتعلق بنفس المحظور(9)، وجعل كلمة الاستفهام حقيقة في الأعم من طلب الفهم للنفس وللغير (10) ينفيه التبادر، ولا ملازمة بين المادة

ص: 126


1- لاعتبار الاستعلاء في المادة دون الصيغة
2- (له) ليست في (م)
3- سورة الاعراف: 12
4- سورة الاعراف : 11
5- إن كلمة الاستفهام لا بد من صرفها عن معناها الحقيقي؛ لأنه غير معقول عن الحكيم على الإطلاق العالم بالعواقب، وأقرب المجازات هو الإنكار
6- في (ك): أو
7- هنا دفع دخل ذكره المصنف في الضوابط : 382/1
8- (الوجوب) ليست في (م)
9- المحظور هنا السجود لغير الله تعالى، والمأمور به هو السجود الله تعالى، وآدم - على نبينا وآله وعليه السّلام - إنّما هو جهة السجود كالكعبة، لا انه المسجود له حقيقة
10- تقرير الإيراد: إن حمل كلمة الاستفهام على الإنكار مجاز، وهو فرع تعذر الحقيقة، وهي ممكنة هنا؛ لأن الاستفهام أعم من أن يكون لأجل نفسه أو لأجل غيره، وهو حقيقة فيهما، والممتنع هنا هو الأوّل، فيحمل على الثّاني

والصيغة في الحقيقة والمجاز (1)، وحمل الاستفهام على التقريري للأقربية الاعتبارية، يدفعه كون الإنكاري أقرب عرفاً، وحمل قوله «قلنا» على النقل بالمعنى، بعيد مخالف للظاهر (2)، بل لحكم العقل، واحتمال اختلاف عرفنا مع عرف الملائكة مدفوع بالأصل، وبأن كلامنا إنما هو في خطاب(3) البشر لا الملك.

وبالآية الشريفة «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(4) فإن تهديد مخالف الأمر دليل الوجوب، والصيغة المجردة يصدق عليها(5) الأمر عرفاً، وإرادة الوجوب من قوله : فَلْيَحْذَر استفيدت من السياق(6)؛ فلا دور (7)، بل لا يعقل كون(8) الأمر بالحذر في خصوص المقام ندباً؛ لدلالتها على أن مخالفة كل أمر محتملة للعذاب الأخروي، بل العرف من مادة الحذر يفهم الوجوب(9)، بل ويفهم الوجوب وإن أريد من الأمر به الإرشاد .(10)

ص: 127


1- فلا يقال: إذا ثبت كون المادة للأعم ثبت في الصيغة أيضاً
2- تقرير الإيراد يمكن أن يقال: إن الله أفهم الملائكة بالوحي والإلهام، فحكى ذلك للنبي علي الاول بقوله: «وإذ قلنا»، معبراً عن ذلك الأمر اللّبي بكلمة «اسجدوا»، فلم يتحقق الأمر ب- «أسجد» حتى يتم الدلالة
3- في (م): الخطاب
4- سورة النور: 63
5- في (م) عليه
6- لأن المقام مقام تهديد وتخويف
7- بيانه: إن معرفة كون صيغة افعل وما بمعناها للوجوب موقوفة على معرفة كون الآية مفيدة للوجوب، وهي موقوفة على معرفة كون فليحذر للوجوب، وهي موقوفة على معرفة كون صيغة إفعل وما في معناها للوجوب
8- (كون) ليست في (م)
9- لأن الحذر لا يتحقق ولا يليق إلّا عند تحقق مقتضيه، وفيما نحن فيه إن كان المقتضي موجوداً وجب الحذر، وإلّا لم يحسن
10- لأن عادة أهل العرف جارية على الإرشاد في المقامات التي يكون المقتضي فيهما موجوداً، فيفهمون من الإرشاد اللزوم، ويوجبونه على أنفسهم وإن لم يقصد من اللفظ إلا الإرشاد

وتوهم أن إيجاب الحذر لعله لدفع الضرر المحتمل؛ لاشتراك الأمر بين الوجوب والندب.

يدفعه: أصالة البراءة عند الدوران، وكون التعدي بحرف الجر لا يلازم التضمين(1)، وجعل المخالفة من باب حمل المندوب على الواجب أو عكسه خلاف المتبادر ، وقوله «عن أمره» ، بقرينة الوقوع بعد المستقبل يتبادر منه العموم البدلي(2)، ولا يتصور كون الآية قرينة على إرادة الوجوب من الأوامر السابقة، ويتم الأمر في وضع اللاحقة بالإجماع المركب، كما في أوامر غير الله تعالى ورسوله صلی الله عليه واله وسلم .

وتوهم: أن التأسيس في الآية أولى من التأكيد، فالأمر ليس للوجوب.(3)

مندفع: بمنع ثبوت القاعدة، بل لو ثبتت لم تكافئ ما سبق.

وبالآية الشريفة «وَإِذَا قِيلَ هُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ»(4)، فإن المستفاد من السّياق ذمّهم على المخالفة والكفار مكلفون بالفروع(5)، والاستدلال على عدمه بالسفه، أو

ص: 128


1- بيان الإيراد: إنّ «يخالفون» متعدّ بنفسه، فتعديته ب-«عن» في الآية الشريفة لا يصح الا بتضمين الإعراض، فالمعنى يخالفون معرضين عن أمره، ولا ريب أن ذلك حرام وإن كان الأمر للندب، فالأمر بالحذر عن ذلك لا يدلّ على كون الأمر للوجوب
2- بيان الإيراد: إن قوله تعالى «عن أمره» مطلق ، وهو يتحقق في ضمن فرد واحد أيضاً، فيجب الحذر من مخالفة أمر من أوامره، فيكون هو واجباً لا كل الأوامر
3- بيانه لو كان الأمر موضوعاً للوجوب لكانت الآية تأكيداً، ولو لم يكن موضوعاً لخصوص الوجوب لزم التأسيس، وهو أولى من التأكيد، فالآية تقتضي كون الأمر ليس لخصوص الوجوب
4- سورة المرسلات: 48
5- الذريعة للمرتضى : 80 ، إذ الاستدلال يتم بناء على القول بتكليف الكفار بالفروع كما أثبت في محله

التكليف بما لا يطاق واه جداً (1) ، وحمل الركوع على مطلق الإطاعة (2) خلاف الظاهر، کاحتمال كون الذم للتكذيب (3)، مع إمكان الذم من جهتين.

وتوهم: عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للركوع

مدفوع: أولاً: بثبوتها.

وثانياً: بأن المعنى الشرعي أقرب المجازات بعد تعذر(4)اللغة.

وأدلة سائر الأقوال مدخولة.(5)

تبصرة

[في المجاز المشهور]

صاحب المعالم - بعد اختياره المختار - جعل الأمر في الندب في عرف الأئمة علیهم السلام من المجازات الراجحة المساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة؛ لكثرة استعماله فيه في عرفهم، فاستشكل في إثبات الوجوب بمجرد ورود أمر منهم علیهم السلام.(6)

وفيه: منع الكثرة إلى حدّ صيرورته فيه من المجاز المشهور(7) الذي هو ثالث

ص: 129


1- فلا يمكن تكليف الكفار بالفروع؛ لأنه تكليف بما لا يطاق؛ لأنهم حين كفرهم لا يقدرون على الإتيان بالعبادة الصحيحة المشروطة بالإيمان، مع أنه تكليف سفهي لا يصدر عن الحكيم؛ إذ هو يعلم بعدم إتيان الكفّار بالفروع ، فلا ينفع أمرهم بالفروع، فيكون سفهاً
2- فيكون الحاكم بالذم العقل القاطع، فلا دلالة حينئذ في الآية الشريفة
3- وليس لترك الركوع
4- في (ك) : بعذر ، ولفظة (بعد) ليست موجودة
5- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 1 / 400
6- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 74
7- بحيث يتبادر من اللفظ إذا أطلق المعنى الحقيقي، إذ حال الإمام كحال سائر الأنام، وتكلّمه كتكلّمهم مع معاصريهم

الدرجات(1) الخمس المتصورة في استعمال اللفظ في معناه المجازي(2) إلى أن يصل إلى حد النقل بل الكثرة إنما هي في خصوص الأوامر الشرعيّة (3)، بل كثرتها أيضاً حصلت من استعمالات مجموع الأئمة الهلال (4) فلا تثبت مراده، مع أن استعماله في الندب ليس بأزيد من استعمال العام والمطلق في الخاص والمقيد(5)، واستعمال ألفاظ العبادة في المعاني الشرعية، فلم لا يتوقف فيها ولو في أصل المجاز ونوعه.

ثم الحق إمكان المجاز المشهور ؛ (للأصل (6) ، ووقوعه؛ لوقوع النقل التعيني(7)، والضرورة قضت ببطلان الطفرة، لكن في تقديم المجاز المشهور)(8) على الحقيقة كما عن أبي يوسف، أو الحقيقة كما عن أبي حنيفة (9)، أو الوقف كما عن العلّامة (10)، وجوه، أظهرها الوقف فقاهة لا اجتهادا (11)، فتأمل.(12)

ص: 130


1- في (م) درجات
2- ينظر في تفصيلها ضوابط الأصول للمصنف: 1/ 414
3- لا في سائر محاوراتهم مع عبيدهم، ومع الناس، فإنهم فيها مثلهم
4- وليس من كل واحد واحد منهم
5- حتى قيل : ما من عام الا وقد خصّ
6- إذ الأصل فيما شك في إمكانه وامتناعه هو الإمكان، على ما عليه العقلاء
7- والنقل التعيني هو آخر مراتب الخمسة ، ولا يمكن وصول المجاز من المرتبة الأولى إلى الخامسة الا بطي المراتب
8- ما بين القوسين ليست في (م)
9- ينظر المحصول للرازي: 1/ 189 ، نهاية الوصول للعلّامة: 285/1
10- نهاية الوصول للعلّامة : 1 / 285 ، حيث نقل الأقوال ولم يرجح أياً منها
11- بمعنى أنا لا نعلم أن بناء العرف على تقديم المجاز، أو الحقيقة المرجوحة، والأدلة من حيث القواعد الخارجيّة متعارضة أيضاً؛ لأنا لا نعلم أن بناء العرف على الوقف حتى يكون توقفاً اجتهادياً لا فقاهتيّاً
12- (فتأمل) ليست في (ك)

أصل [في أن الأمر بالأمر أمر أم لا]

اشارة

الحقّ أن الأمر بالأمر أمر(1) ؛ للتبادر ، وعدم صحة السلب، وبناء العرف على ذمّ الثالث إن لم يفعل بعد علمه وإن لم يبلغ الواسطة إليه، وعلى ذمّ الأول لو عاتبه على الفعل حينئذ(2)، واتفاق المسلمين على كون أوامره صلی الله علیه و آله وسلم من جانبه تعالى(3)، إلا أن يجعل الأخير من باب القرينة(4)، ودليل الخصم ضعيف(5)، فتأمل.

ص: 131


1- خلافاً للعلّامة في التهذيب 118 وللشهيد الثاني في التمهيد : 126، وفي منية اللبيب: 1 / 434 : ذهب المحققون إليه (أي ليس أمراً بذلك الشيء)
2- أي: حين قول الأول للثالث: لم أتيت بالظن قبل أن يأمرك الواسطة به
3- مع أنه الله أمر بالواجبات الكثيرة، ولم يقل: إن الله أمركم بكذا
4- بأن يقال: إن الدليل الخارجي قد قام على ذلك في أوامر الرسول صلى الله عليه و آله وسلم والأئمة عل كما يشهد عليه قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلَّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ» ، ومحلّ الكلام دلالة نفس الأمر عليه عند فقد القرينة، فأوامرهم من قبيل أن يقول : مُرْ زيداً من قبلي بالأمر الفلاني، وهو خارج عن محلّ النزاع؛ لوجود القرينة
5- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 589/1 ، منية اللبيب للعميدي: 1/ 434

[ثمرة المسألة]

وتظهر الثمرة في مقام التوكيد(1)، وفي النذر(2)، وفيما لو توضأ الصبي ثم بلغ بالسن مثلاً(3)، أو صلّى الظهرين ثم بلغ قبل خروج الوقت.(4).

أصل [في الأمر الوارد عقيب الحظر]

اشارة

هل الأمر الوارد عقيب الحظر - ولو وهماً - يفيد الوجوب (5)، أو (6) الندب (7) ، أو الإباحة الخاصة(8)، أو العامة(9)، أو يتبع ما قبل النهي إذا علّق الأمر بزوال علّته(10)،

ص: 132


1- بأن قال زيد العمرو مر بكراً بأن يبيع هذا الفرس، فهل يجوز لبكر أن يتصرف فيه قبل أن يأمره عمر و أم لا ؟ فعلى الأوّل نعم ، و على الثاني لا، وهل يصح بيع بكر قبل أمر عمر و أم لا؟ مبني على القولين
2- لو نذر أن يعطي من أتى بمطلوب الشارع در هماً فرأى صبياً يصلّي، فإن قلنا: بأن قولهم «مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع أمر منه للأطفال؛ لأن الأمر بالأمر أمر من الشارع على الطفل، يبرّ نذره بإعطائه الدّرهم وإن قلنا بأن الأمر بالأمر ليس أمراً من الشارع، بل عمل الطفل تمريني محض لا شرعي، لم يبر نذره بإعطائه الدرهم
3- قبل صدور ناقض منه، ففي وجوب الوضوء عليه حينئذ للصّلاة الواجبة مرة ثانية؛ لأن ما أتى به لم يكن مطلوباً من الشارع، أم يكفيه الوضوء الأوّل، وجهان مبنيان على الخلاف
4- فعلى المختار لا إعادة عليه، وعلى الثاني تجب الإعادة؛ لعدم شرعية صلاته
5- اختاره العلّامة في التهذيب : 90 ، والرازي في المحصول : 1/ 304 ، ونسبه الآمدي في الإحكام: 2/ 358 للمعتزلة
6- (او) ليست في (ك)
7- اختاره القاضي الحسين من الشافعية، كما في البحر المحيط للزركشي : 2/ 380.
8- اختاره المحقق القمي في القوانين: 1/ 182 ، ويظهر من صاحب الوافية : 74
9- اختاره الشيخ المفيد في التذكرة 30
10- اختاره الغزالي في المستصفى : 1/ 435

أو لا بد من الوقف(1)، وجوه.

[تحرير محل النزاع]

ومرجع النزاع إلى أن تقدم الحظر هل هو قرينة صارفة أم لا ؟ كنزاعهم في صارفية الشهرة(2)، والضمير الراجع إلى بعض العام، والاستثناء الواقع عقيب الجمل، وغيرها من الصوارف التي لها جهة جامعة، وأفراد كثيرة مع خفاء خفاء صرفها، ومحله إذا تعلق الأمر بنفس المحظور؛ والأصل فيه الوقف، سواء جعلنا عدم القرينة جزء المقتضي لحمل اللفظ على الحقيقة، أو وجودها مانعا عنه.

وأما إجراء الأصل بتوهم أن الأصل عدم صارفية هذا الحادث، أو (3) عدم الالتفات إليه، أو ان الأصل الحقيقة؛ لاستصحاب الظهور، أو أن الأصل في الاستعمال الحقيقة، فلا وجه له(4)، فتأمل.

[المختار في المسألة]

والحق إفادته الإباحة العامة مطابقة ، وإن انصرف إطلاقه إلى الإباحة الخاصة(5)؛ للتبادر، فتأمل.

وحجج سائر الأقوال ضعيفة.(6)

ص: 133


1- اختاره إمام الحرمين كما في الإحكام للآمدي : 2/ 398
2- في المجاز المشهور
3- في (ك) : و
4- ينظر: في هذه التفصيلات ضوابط الأصول للمصنف : 438/1
5- أي تساوي الطرفين
6- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 115

أصل [في المرة والتكرار]

اشارة

هل الأمر بمجرده للمرّة(1) ، أو التكرار(2)، أو مشترك بينهما(3)، أو للماهية المحضة(4)، أو لابد من الوقف(5)؟ ، أقوال.

ثم المرّة قد يراد بها إيجاد الفرد الواحد، وقد يراد بها الدفعة، والنسبة بينهما عموم مطلق.(6)

ثم هي: إما لا بشرط(7) ، أو بشرط لا تقييداً(8)، أو تعدداً(9)، والتكرار أيضاً

ص: 134


1- اختاره الشيخ المفيد في التذكرة 3 والشيخ في العدة : 1/ 200 وحكاه عن أكثر المتكلمين والفقهاء
2- اختاره القاضي أبو بكر الباقلاني وأبو حاتم القزويني وأبو حنيفة وأكثر الشافعية والمعتزلة على ما في البحر المحيط للزركشي : 2/ 385
3- وهو أحد تفاسير الوقف على ما في البحر المحيط للزركشي: 388/2 ونهاية الوصول للعلّامة: 435/1 واختاره ابن زهرة في الغنية : 2/ 288
4- اختاره السيد المرتضى في الذريعة: 98 والعلّامة في نهاية الوصول: 435/1 والرازي في المحصول: 306/1
5- حكاه العلّامة في نهاية الوصول: 435/1 عن قوم
6- فإنّ كل مرة بالمعنى الأول يقال لها المرة بالمعنى الثاني، ولا عكس
7- بمعنى أن الأمر يدلّ على إيجاد الماهية مرّة، والسكوت من جواز الإتيان الأكثر وعدمه
8- أي: توقف حصول الامتثال بالمرة الأولى بعدم الإتيان بالزائد، بحيث لو أتى بالزائد لم يكن ممتثلاً بإيجاد الماهية أصلاً
9- أي: إن الأمر بالصلاة ينحل إلى أمرين: أحدهما وجوب الإتيان بالمرة الواحدة، والآخر عدم جواز الإتيان بالزائد، فلو أتى بالزائد عصى، وكان ممتثلاً بالمرة الأولى

يكون تقييدياً (1)وتعددياً (2) ، والمراد (3) دلالة اللفظ على التكرار الأبدي وإن كان التقييد بالإمكان العقلي أو الشرعي ثابتاً من الخارج.

[ثمرة المسألة]

وأما ثمرة الخلاف، فتظهر في أنه إن (4) أتى بأفراد (5) من الماهية تدريجاً، فعلى المرة التقييدية لا امتثال وعلى تعدد المطلوب يكون بالأول ممتثلاً، وبما زاد عاصياً.

وعلى اللابشرط والماهية من حيث هي ممتثل بالفرد الأول يقيناً، وفي امتثاله بالفرد الزائد وجهان(6) ، أظهر هما العدم، بل هو عاص في الزائد؛ للبدعة (7) لا لدلالة اللفظ.

أو دفعة وكان المراد بالمرة الفرد الواحد، فعلى المرة التقييدية لا امتثال، وكذا على تعدد المطلوب إن قلنا بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي، أو قلنا بجوازه ولكن لم يعين المأمور به فيما يشترط تعيينه .

وعلى المرة (8) اللابشرط والماهية يكون الحال كتعدد المطلوب، الا ان النهي هنا للتشريع.

ص: 135


1- أي: عدم حصول الامتثال رأساً الا بعد الإتيان مكرّراً، بحيث يكون الإتيان بالجميع امتثالاً واحداً، وكان الإتيان بكل فرد جزءاً للمأمور به
2- أي حصول الامتثال عند الإتيان بفرد بالنسبة إلى الفرد المأتي به وإن كان عاصياً بترك الزائد، فيحل إلى تكاليف عديدة
3- أي : مراد القائل بالتكرار
4- في (ك) : لو
5- في (م) بالافراد
6- يظهر من صاحب المعالم : 78 امتثاله بالفرد الزائد
7- لأن العبادة توقيفية، فيكون الإتيان بما لم يرد من الشارع بقصد المطلوبية تشريعاً محرماً
8- (المرة) ليست في (ك)

ويظهر الفرق بين الأخيرين في النية في وجه.(1)

أو كان المراد بالمرّة هو الدفعة، فعلى المرة التقييدية لا امتثال لدلالة الأصل، وقاعدة التشريع المحرمة للفرد الزائد وعلى تعدد المطلوب يبنى الأمر على جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه بالتفصيل المتقدّم آنفاً، وكذا على المرة اللابشرط والماهية يبنى الأمر على جواز الاجتماع وعدمه.

[تأسيس الأصل]

ثم مقتضى الأصل العملي متى دار الأمر بين التكرارين، هو التقييدي؛ للاشتغال(2) والبراءة(3) ، أو بين المرة اللا بشرط أو الماهية وبين المرة التعددية هو المرة اللا بشرط؛ (لأصل البراءة (4)؛ أو بين المرة التقييدية واللا بشرط، أو بينها (5) وبين الماهية اللابشرط)(6) هو المرة التقييدية؛ لأصل الشغل، وهكذا فقس سائر صور الدّوران واستخرج.

ص: 136


1- فإن القائل بالمرة اللابشرط عند الامتثال ينوي الإتيان بالمأمور به المتصف بالمرة، فينوي: إني آتِ بالصّلاة مرة؛ إذ المأمور به عنده هو الصّلاة ،مرة، وأمّا القائل بالماهية فينوي الإتيان بالمأمور به من دون تقييد بالمرة
2- لرجوع الشك إلى الشك في جزئية الأفراد للمأمور به، وعدمها
3- عن تعدد التكليف اللازم على فرض كونه تعدداً مطلوبياً؛ إذ يكون كل فرد واجباً مستقلاً، ويكون التكليف متعدداً
4- من تعدّد التكليف الحاصل من تعدّد المطلوب؛ إذ عليه يجب الفرد الواحد ويحرم الزائد والأوّل مقطوع على التقديرين، والثاني منفي بالأصل
5- في :(م) بينهما
6- ما بين القوسين ليس في (ك)

والأصل (1) اللفظي الفقاهتي هو الوقف(2)، والاجتهادي هو الوضع للماهية؛ الأصالة عدم الوضع لغيرها، إلا ان يمنع جريان هذا الأصل، أو اعتباره.

ثم الأظهر(3) كونه للماهية؛ للتبادر، وطريقة العرف.

ولو تمسك القائل بالاشتراك بأن حسن الاستفهام (4) دليل الاحتمال، والاحتمال دليل الإجمال، والإجمال(5)دليل الاشتراك لدفعناه بمنع المقدمة الأولى إن أراد الاحتمال المساوي(6)، ومنع الثانية إن أراد مطلق الاحتمال(7)، مع منع الثالثة مطلقاً.

وليس لسائر الأقوال ما يعتمد عليه.(8)

ص: 137


1- عطف على الأصل السابق، وهو قولنا مقتضى الأصل العملي. (منه)
2- لتوقيفيّة ،الألفاظ، فإذا لم يدلّ دليل على الوضع لأحد الأمور المذكورة فلا بد من الوقف من حيث اللفظ
3- في (ك): الظاهر
4- أي حسن استفهام المخاطب عن المتكلم أنه أراد المرة أو التكرار
5- في (ك) : دليل الاحتمالي والاحتمالي دليل الإجمالي، والإجمالي....
6- ) لصحة الاستفهام في الاحتمال غير المساوي؛ دفعا لاحتمال التجوّز
7- إذ كون مطلق الاحتمال - حتى المرجوح - دليل الإجمال أوّل الدعوى، سلّمنا، ولكن كون الإجمال دليلاً على الاشتراك ممنوع؛ إذ هو يصح على مذهب المتوقف ولا يختص بالاشتراك
8- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 1/ 435

أصل [في الفور والتراخي]

اشارة

هل الأمر المجرد للفور(1)، أو مشترك بينه وبين جواز التراخي(2)، أو للماهية(3)، أم لابد من الوقف(4)، أقوال.

اعلم أن المضيق بالمعنى الأخص ما كان الواجب فيه مضيقاً من جهة الرخصة والإجزاء، ومحدوداً بوقت معين ، و (5) بالمعنى الأعم (ما ضاق من جهة الرخصة).(6)

والموسّع بالمعنى الأخص ما وسع من الجهتين (7)المذكورتين، وبالمعنى الأعم ما وسع من جهة الإجزاء.

والفور بالمعنى الأخص(8) أن يكون الشيء لازم التعجيل، وغير محدود بوقت،

ص: 138


1- اختاره الشيخ المفيد في التذكرة: 30 ، والشيخ في العدة : 1/ 227 ، ونسبه إلى كثير من المتكلمين والفقهاء، ونسبه الزركشي في البحر المحيط : 396/2 إلى الحنفية والحنابلة وجمهور المالكية والظاهرية
2- اختاره الواقفية على ما حكاه الرازي في المحصول : 321/1 ، والسيد المرتضى على ما حكاه عنه فخر المحققين في نهاية المامول : 121
3- اختاره المحقق في المعارج: 65 ، والعلّامة في نهاية الوصول: 452/1، والشهيد الثاني في التمهيد : 132 ، والرازي في المحصول : 321/1، بل عن فخر المحققين في نهاية المامول: 121 ذهب إليه أكثر المحققين
4- اختاره السيد المرتضى على ما حكاه عنه العلّامة في نهاية الوصول: 451/1
5- الواو ليست في (م)
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- في (ك): جهتين
8- (الأخص) ليست في (م)

وبالمعنى الأعمّ أن يكون(1) لازم التعجيل وإن كان محدوداً.(2)

ثم الفور بقسميه: إما تقييدي(3)، أو تعددي(4)، وعلى التقادير إما حقيقي، أو عرفي، والعرف يختلف بحسب المقامات، والنسبة بين المذكورات واضحة بعد التأمل الصادق، وكذا الأصل في مسائل الدوران.

[ثمرة المسألة]

ثم ثمرة القول بالماهية (5) جواز التأخير بدلالة اللفظ ؛ وثمرة الاشتراك بين الفور التقييدي وجواز التراخي من حيث دلالة اللفظ عند عدم القرينة هو الوقف، ومن حيث العمل إن كان إجماع على نفي الثالث جواز التراخي(6)، والا تعدد المطلوب؛ عملاً بالأصلين، وإن لم يكن الإتيان بالفعل في وقت الفور تعيّن التقييدي، وبين الفور التعددي وجواز التراخي جواز التراخي.

وثمرة الوقف كالاشتراك.

والثمرة بين القول بالفور والقول بعدم الفور واضحة، وبين القول بالفور المستفاد من الصيغة ومن الخارج التقييد على الأول، وتعدد المطلوب على الأخير،

ص: 139


1- في (م): يكون الشيء
2- ينظر : التعليقة على معالم الدين للقزويني: 221/3
3- وهو أن يكون الوقت الأوّل من أزمنة الإمكان جزء من المطلوب، بحيث لو أخل بأول الوقت وآخره لم يكن ممتثلاً أصلاً
4- بأن يكون المطلوب شيئين من الماهية من حيث هي أي وقت كانت، والإتيان بها أول الوقت وأول زمان الإمكان، بحيث لو أخّر أثم لأحد المطلوبين، ويبقى عليه المطلوب الآخر، فالمعنى حينئذ أنه يجب عليك إتيان الفعل في أول زمان ،إمكانه، فإن عصيت ففي الثاني، وإن عصيت ففي الثالث، وهكذا
5- في (ك) : المهية
6- (التراخي) ليست في (م)

وفيه نظر واضح ويمكن فرض الثمرة عند التعارض.

وبين الفور المستفاد من الدليل الشرعي ، أو (1) العقلي المستقل، حصول التعارض عند دلالة دليل خارجي على التوقيت(2) بوقت موسّع على الأول لا الأخير، وبين العقلي المستقل والتبعي، حصول الإثم بنفس التأخير وعدمه.(3)

[تأسيس الأصل]

ثم الأصل في المسألة عملاً أو لفظاً، فقاهتياً أو اجتهادياً، يظهر مما مر هنا وفي بحث المرّة ، فلا حاجة إلى التكرار

[المختار في المسألة]

ثم الحق أنّ الأمر المجرد موضوع للماهية المحضة؛ للتبادر، وفهم العرف التأسيس في قوله: (افعل فوراً).

[أدلة القول بالفور]

وقد يستدلّ على الفور بالاستقراء(4)، وبقول النحاة: إن الأمر للحاله(5)، وبذمّ

ص: 140


1- في (ك): و
2- في (م): التوقيف
3- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 480/1
4- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 80 ، وتقريره : إن أغلب الألفاظ مفيدة للفور الحقيقي وبعضها للفور العرفي، كزيد قائم ونحوها من الجمل الاسميّة، وأنت حرّ ونحوها من الجمل الإنشائية، وبعت وأنكحت ونحوهما من صيغ العقود، وبعض من الجمل الإنشائية - كالنهي والاستفهام - تفيد الفورية الحالية العرفية، أي المتصل بزمان النطق وبعده، فالفور بالمعنى الأعمّ موجود في أغلب الألفاظ، فيلحق المشكوك، وهو الأمر بالغالب، ويحكم بإفادته مطلق الفور
5- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 198/1، وتقريره: إن النحاة قالوا: إن الأمر للحال، وغرضهم من اقتران معنى الفعل بأحد الأزمنة الثلاثة هو المعنى الحدثي، وإن شئت قلت: انتسابه إلى الفاعل مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، وأما نسبته إلى المتكلم فكلّها واقعة حال النطق

الله سبحانه إبليس على ترك السجود فوراً وبالتبادر، وبأن النهي يفيد الفور فكذا الأمر؛ بجامع الطلب(1)، وبأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، والنهي عن الضد يستلزم دوام الترك الملازم لدوام الفعل ولهم أدلة أخر دالة على أن المراد من الأمر الفور، وإن لم تدل على وضعه له، وهي آيتا الاستباق(2) والمسارعة (3) ، ولزوم الإغراء بالجهل لولاه(4) ، وأصل الشغل، ودفع الضرر(5) المحتمل(6)، ولزوم فوات الغرض غالباً لولاه (7)، وأجوبتها بعد التأمل ظاهرة.

ثم الحقُّ في الأوامر العرفية إرادة الفور العرفي المختلف بحسب المقامات سعة وضيقاً، تقييداً وتعدداً، ولو شك فبناء العرف على التعدد.

وفي الأوامر الشرعية لا يجوز التأخير إذا وصل إلى حدّ التهاون وإن ظن بالتمكن؛ لحكم المقدّمة العقلية.(8)

ص: 141


1- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 80
2- «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ» سورة البقرة: 148 ، «سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ» سورة الحديد: 21
3- «سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ» سورة آل عمران 133، ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 80
4- ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 79
5- (الضرر ) ليست في .(م)
6- لاحتمال فوات القدرة وحصول الإثم
7- لأن أغلب الناس يدركهم الموت في زمان اعتقادهم التمكن وظنهم به
8- فإنّ التهاون بأوامر الشرع محرّم بحكم العقل القاطع، فيحرم التأخير إليه من باب المقدّمة

أصل [في أن القضاء بفرض جديد أم لا بل بالأمر الأول]

الأصح أن القضاء بفرض جديد لا بالأمر الأول(1)؛ للأصل(2)، ومفهوم الزمان إن كان حجة، والحق عدم حجيته، لكن يكفي فهم العرف(3) في مثل (صُم الخميس) التقييد، أي كون الزمان جزء المطلوب.

والتمسك للقول الثاني بأنّ المتبادر من مثل (صُم الخميس) كون ذكر الوقت من باب ذكر أحد الأفراد(4)، أو أن(5)المتبادر تعدد المطلوب، أو أن الأصل مع الشك في التقييد والتعدد هو الأخير (6)، (أو أن الأصل مع الشك في كون الوقت جزءاً أم فرداً هو الأخير)(7)، أو(8) بأن انتفاء القيد لا يستلزم انتفاء المقيد ولو بحكم الأصل مع الشك فيه (9) ، أو بقوله : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (10)، أو بالاستقراء.(11)

ص: 142


1- اختاره السيد المرتضى في الذريعة : 108 ، والشيخ في العدة 1 / 210، ونسبه إلى أكثر الفقهاء والمتكلمين
2- وهو البراءة عن التكليف بالقضاء. التكليف بالقضاء
3- في (ك) : فهم العرف يكفي
4- فالمطلوب الماهية لا بشرط ، وذكر الوقت من باب ذكر أحد الأفراد
5- (ان) ليست في (ك)
6- أي: استصحاب بقاء الأمر
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- في (ك): و
9- فيستصحب بقاء الأمر
10- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 58/4 عن النبي
11- لأن أغلب الموقتات ورد الأمر بها بعد مضي الوقت أيضاً، ويلحق المشكوك بالغالب

بيّن الفساد.(1)

نعم، يمكن أن يقال فيما ورد الأمر بقضائه في بعض الأحوال، ولم يرد عدم قضائه أصلاً: إن العرف يفهم من ذلك تعدد المطلوب، فيسري إلى صور الشك من أفراد هذا القسم.

أصل [في مقدمة الواجب]

اشارة

هل الأمر بشيء على الإطلاق يقتضي إيجاب ما لا(2)يتم الا به من المقدمات مطلقاً(3)، أم لا مطلقاً(4)، أم يقتضي في السبب(5) خاصة(6)، أم في الشرط الشرعي خاصة(7)، أم (الأمر بالمسبب عين)(8) الأمر بالسبب(9)؟ وجوه.

[ أقسام الواجب]

اعلم أن الواجب من حيث عدم تعلّق وجوبه بوجود شيء يُفرَض مطلقٌ، ومن حيث تعلق وجوبه بوجود شيء يُفرَض مقيّد ومشروط.

ص: 143


1- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 516/1
2- (لا) ليست في (م)
3- اختاره أكثر الأصوليين كما عن صاحب القوانين: 1/ 216
4- اختاره المحقق القمي في القوانين: 217/18 ، ونسب إلى المعتزلة على ما في البحر المحيط لزركشي: 1/ 225
5- (السبب) ليست في (ك)
6- اختاره صاحب المعالم : 87 ، ونسبه الرازي في المحصول : 2 / 370 إلى الواقفية
7- اختاره ابن الحاجب في المختصر : 306/1 ، والعضد في شرحه للمختصر : 82
8- ما بين القوسين ليست في (م)
9- وهذا خارج عن البحث

ثم إن لم يكن الأمر به من جهة الأمر بغيره فنفسي والا فغيري.

وإن أمر به لأجل الإطاعة (1) والانقياد فتعبدي، والا فتوصلي.

وإن تعلق به الخطاب والأمر (2) أصالة فأصلي ، والا فتبعي.

وقد ينقسم أيضاً(3) إلى الشَّرطي وغيره، وفي تفسيره وجهان(4).

وعليك بملاحظة النِّسب (بين تلك الأقسام)(5)، واستخراج مقتضى الأصول اللفظية والعملية في صور الدوران بين تلك الأقسام، أو بين كون الواجب تعبدياً صرفاً، أم توصلياً صرفاً، أم ذا جهتين مستقلتين، أم مرتبطتين ثنائياً وثلاثياً ورباعياً.

[معنى المقدمة وبيان أقسامها]

ثم المقدمة - بالكسر - تطلق على مقدمة الجيش، ومقدمة الكتاب(6)، وما يتوقف عليه الشيء سبباً، أو جزءاً، أو شرطاً، أو فقد مانع، وكل من السبب والشرط والمانع: إما (7)عقلي، أو شرعي، أو عادي.

والجزء: إما ذاتي، أو جعلي.

ثم المقدّمة: إما مقدمة وجوب الشيء، أو مقدّمة وجود ذاته، أو وجود صحته، أو وجود العلم به.

ص: 144


1- في (م): الطاعة
2- (الأمر ) ليست في (ك)
3- (أيضاً) ليست في (م)
4- ينظر : في بيان معاني الأقسام المذكورة القوانين المحكمة للقمي: 205/1 وغيره من الأصول
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- المطول للتفتازاني: 111
7- (اما) ليست في (ك)

والنسبة بين مقدّمة الوجوب والوجود عموم من وجه .

ثم هي إما فعلية، وإما(1)تركية.(2)

[أنواع الدلالة]

ثم إن دلالة اللفظ على تمام المراد من حيث إنه تمام المراد - مطابقة، وعلى جزئه الضمني - كذلك - تضمّن ، وعلى الخارج اللازم من حيث هو (3) خارج لازم التزام؛ والأولى لفظية، والثانية تبعية، والثالثة : إما بيّن بالمعنى الأخص، أو الأعم، والأخيرة: إما لفظية، أو عقلية، والأخيرة : إما يكون المستفاد فيها تبعياً كالاستفادة، أو مستقلاً .(4)

[تحرير محل النزاع]

ثم المراد في محل النزاع من المقدمة ما كانت مقدورة، لا غير المقدورة(5)(6)، لكن في دخول مقدمة تسبب عدم القدرة عليها من فعل المكلف، وسلب اختياره (بالمرة باختياره)(7)، وجهان

ولا فرق على الأصح في دخول المقدورة بين الداخلة والخارجة، (والعلمية والتركية، والسببية)(8) وغيرها، وما أمر بها مستقلاً أم لا؟(9)، وما كان وجوب ذي

ص: 145


1- في (ك): أو
2- عرفت هذه الأقسام جميعاً عند بحثهم لمقدمة الواجب
3- في (ك): هي
4- ينظر: تحرير القواعد المنطقية للقزويني: 82 ، الجوهر النضيد للعلّامة: 22، حاشية الملا عبد الله : 46
5- (لا غير المقدورة) ليست في (ك)
6- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 84
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- في (ك) : والعلمية والتركيبية والسببية والتسبيبية
9- (ام لا) ليست في (ك)

المقدمة فيها ثابتاً بدليل لفظي أم لبيّ، ومن الواجب أعمّ من النفسي والتوصلي.(1)

وأما المراد من الوجوب(2) ففيه وجوه(3)، أظهرها كون النزاع في استحقاق، العقاب على ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمة(4)، وفيه عندي نظر .

[ثمرة المسألة]

وأما ثمرة النزاع فقد تفرض في الفسق والعدالة عند ترك المقدّمة(5)، وفي جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه(6)، وفي اشتراط نية الوجوب، وفي تعدد العقاب ووحدته(7)، وفي تعدد الثواب، وفي النذر وشبهه(8)، وللتأمل(9)فيها مجال.

ص: 146


1- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 456/3
2- في (ك): الواجب
3- ذكرها المصنف مفصلا في الضوابط : 17/2
4- بيانه ان استحقاق العقاب على ترك ذي المقدمة هل هو عند ترك المقدمة المفضي إلى ترك ذي المقدمة وإن لم يصل بعد وقت تعلّق التكليف بذي المقدمة، أم هو لا يستحق العقاب إلّا إذا دخل وقت ذي المقدمة، فمن قال بوجوب المقدمة قال بالأول، ومن أنكره قال بالثاني، فمن وجب عليه الحجّ في البلد النّائي وجب عليه الخروج إليه قبل الموسم، فلو علم بأنه لو لم يخرج تلك القافلة لفاته الحجّ وأخّر الخروج مع ذلك استحق العقاب على ترك الحجّ حين ترك الخروج على الأوّل، وحين دخول موسم الحج على الثاني
5- أي ترتب الفسق على تركها على القول بوجوبها، وعدمه على عدمه
6- أي: أنه على القول بوجوب المقدمة يلزم اجتماع الأمر والنهي في الموارد التي تكون المقدمة محرمة دون القول بالعدم
7- (وفي تعدد العقاب ووحدته) ليست في (ك)
8- أي: حصول البرء من النذر فيما لو أتى الناذر لإتيان الواجب بمقدمة من مقدماته على القول بالوجوب وعدمه على القول بعدمه
9- في (ك): وللسائل

[تأسيس الأصل]

وأما الأصل فعدم وجوب المقدمة باحتمالاته؛ إذ لا أقل من التوقف، وان جعلنا الأمر بالمسبب عين الأمر بالسبب فمخالفته للأصل واضحة.

اذا عرفت ذلك، فالحق أن المكلف يستحق عقاب(1)ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمة، فهو معاقب على الترك (2) حقيقة وحكماً؛ لبناء العقلاء، والقوة العاقلة، وليس لباقي الأقوال ما يعتمد عليه.(3)

أصل [في النهي عن الضد]

اشارة

هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده أم لا؟

والفرق بين هذه المسألة وسابقتها (4) عموم من وجهه(5)، بحسب الأقوال المحققة، أو(6) المحتملة .

ص: 147


1- في (م): العقاب على
2- أي: ترك ذي المقدمة (منه)
3- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 1/ 217 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 2/ 123
4- في (ك): وسابقاً لها
5- أي: التباين الجزئي، فلأنه يمكن أن يقول أحد ثمة بوجوب المقدمة، وهنا يقول بأن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص ؛ لمنع كون ترك الضدّ مقدمة لفعل ضده، ويمكن أن يقول أحد ثمة بعدم وجوب المقدمة، وهنا بالاقتضاء أيضاً؛ لقوله بعدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم، ويمكن أن يقول أحد بوجوب مقدمة الواجب وباقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص؛ لقوله هنا بالمقدميّة، وهناك بوجوب مقدّمة الواجب، أو عدم جواز اختلاف المتلازمين حكماً
6- في (ك): و

والضد - الذي هو الشيء الوجودي المنافي للشيء(1) - قد يطلق على الأضداد الوجودية، وعلى احد الأضداد الوجودية لا بعينه، وقد يتوهم ان مرجعهما واحد.(2)

وعلى الضدّ(3) العام ، أي الكفّ، أو ترك المأمور به، وكلها حقيقة الا الأخير على الأخير فمجاز؛ لكونه عدمياً صرفاً، وعلاقة المجاز: إما الكلية والجزئية، فيكون مجازاً مرسلاً(4)، أو (5) المشابهة فيكون استعارة (6) ، أو المجاورة(7)على بعد عرفي، مع إمكان اختصاصها بالمحسوسين.

[تحرير محل النزاع]

ومحل النزاع مطلق الضد، والمأمور به (على الأصح(8)، أعم مما إذا كان الضد والمأمور به)(9) موسعين، أو مضيّقين، أو مختلفين (10)، كما يشهد به استدلالهم، وكون نزاعهم أعم من اللفظي.

ص: 148


1- كشف المراد للعلّامة: 92
2- ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 90 ، القوانين المحكمة للقمي: 229/1، مطارح الأنظار للأنصاري: 549/1
3- في (ك) : ضد
4- لأن ما وضع له الضدّ جزئي من الأمر الكلي، وهو مطلق المنافي للشّيء الشامل للضد والنقيض، فأطلق لفظ الضدّ الموضوع لذلك الجزئي وأريد منه الكلّي
5- في (م) و
6- بمعنى أنّه اطلق لفظ الضدّ أولاً وأريد منه خصوص الترك، بمشابهة فعل الضدّ الذي هو وجودي في كون كلّ منهما منافياً للمأمور به
7- لمجاورة ترك الشيء مع فعل ضدّه، فأطلق اللّفظ الموضوع لأحد المجاورين على الآخر، من باب جري الميزاب
8- اختاره في هداية المسترشدين : 205/2 ، والفصول: 92 ، وإشارات الأصول: 79
9- ما بين القوسين ليست في (ك)
10- كما اختاره المحقق القمي في القوانين : 1/ 236 تبعاً للشهيد الثاني في التمهيد: 136

ثم الحق أن ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ الأخر(1)؛ إذ من المحال اجتماع الشيء مع ما ينافيه دون العكس، سواء قلنا ببقاء الأكوان وعدم احتياج (2) الباقي إلى المؤثر، أم لم نقل ؛ لكفاية وجود الصارف في استناد الترك إليه، فتكون المقارنة اتفاقية.

وإن المعيار في جواز اختلاف المتلازمين في الحكم (3) التفصيل بين الأحكام، لا الأقسام (4)، ولا إطلاق(5) الحكم بأحد الطرفين.

فإن لم يمكن الامتثال كأن يكون أحدهما واجباً والآخر محرماً، أو مكروهاً، أو أحدهما مستحباً والآخر مكروهاً أو محرماً، لم (6) يجز الاختلاف، والا جاز، كما في

ص: 149


1- كما هو مشهور المتأخرين ومنهم صاحب القوانين: 229/1 ، والفصول: 92
2- (احتياج) ليست في (م)
3- (في الحكم) ليست في (ك)
4- بيانه : إن في بيان جواز اختلاف المتلازمين في الحكم وعدمه أقوالاً، ثالثها التفصيل بين ما لو كان المتلازمان معلولي علة واحدة، أو كان أحدهما علّة والآخر معلولاً، وبين ما لو كان التلازم فيه من باب المقارنة الاتفاقية، ففي الأولين لا يجوز الاختلاف في الحكم، وفى الآخر يجوز. المصنف اختار التفصيل أيضاً لكن لا بالنحو المذكور؛ فإن ما ذكر تفصيل بين أقسام المتلازمين دون الأحكام، بل يحصل من ضرب كل من الأحكام الخمسة في الأربعة الأخر عشرون، فأسقط المكررات وخذ البواقي، أو هي عشرة، ففي ستة منها يجوز اختلاف المتلازمين في الحكم وهي أن يكون أحد المتلازمين واجباً والآخر مستحبّاً أو مباحاً، أو يكون أحدهما مستحبّاً والآخر مباحاً، أو يكون أحدهما مباحاً والآخر حراماً أو مكروهاً، أو يكون أحدهما محرماً والآخر مكروهاً، ولا يجوز الاختلاف في الأربعة الباقية، وهي: أن يكون أحدهما واجباً والآخر مكروهاً أو محرماً، أو يكون أحدهما مستحبّاً والآخر مكروهاً أو محرماً. والمعيار في جواز الاختلاف في الحكم هو إمكان الامتثال بها وعدمه، ففي الستة الأولية لما كان الامتثال بالحكمين المختلفين ممكناً حكمنا بالجواز وفي الأربعة الباقية لما لم يكن الامتثال بالحكمين معاً حكمنا بعدم الجواز
5- في (ك) والإطلاق
6- في (ك): ما لم

الصور(1) السّت الأخر.

والدليل على ما ذكر حكم القوة العاقلة، نعم لو كان الامتناع والتلازم ناشئاً عن قدرة المكلّف واختياره، فيمتنع عليه الامتثال بالاختيار، جاز الاختلاف حينئذ مطلقاً، فلو ترك الزنا في ضمن شرب الخمر اختياراً، جاز كون ترك) (2) الزنا واجباً، والشرب حراماً.

ومن هنا اندفع نفي الكعبي المباح معللاً في أحد النقلين بعدم اختلاف المتلازمين حكماً ، فإنه فاسد بكلا تقريريه (3)، كالتعليل بالمقدّمية.

ثم أقوال (4) الضدّ العام أربعة : العينية(5)، والتضمن(6) ، والالتزام اللفظي(7) والعقلي الذي هو وفاقي حتى من المرتضى، وإسناد الإنكار المطلق إليه سهو.(8)(9)

وأقوال الخاص سبعة: الأربعة، وعدم الأمر بالضد(10)، وعدم مقدّمية ترك الضد لفعل الآخر ، ولازمه الإنكار المطلق (11) ، واقتضاء النهي التبعي.(12)

ص: 150


1- في (ك): صور
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- في (ك) : التقديرين، وفي (م): تقديريه
4- في (م): أقول
5- اختاره صاحب الفصول: 92
6- اختاره صاحب المعالم: 90
7- حكاه المحقق النراقي في المناهج : 74 ولم ينسبه القائل بعينه، واختاره هو
8- في (ك) : واستناد الإنكار إليه سهو
9- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة : 528/1 ، القوانين المحكمة للقمي: 238/1
10- وهو ظاهر البهائي في الزبدة: 118 ، وجزم به صاحب الرياض: 2/ 142 - 143
11- اختاره في المعالم : 89
12- وهو خيرة بعض الأعلام على ما في حاشية القزويني على المعالم : 656/3

[ثمرة المسألة]

وتظهر ثمرة النزاع في مثل النذر (1)، والظهار (2)، وفيها (3) نظر وتفصيل بالنسبة إلى الأمرين هل هما قطعيان، (أم ظنيان)(4) ، أم مختلفان ؟ والثمرة إنما تتم في بعض هذه الصور بضميمة مقدمة خارجية.(5)

[تأسيس الأصل]

ثم القول بأن الأمر يقتضي النهي عن ضدّه الخاص لفظاً تضمناً ، أو التزاماً، مخالف للأصل من جهة أصالة البراءة عن الإثم الحاصل في فعل الضد، وأصالة صحة الضدّ(6) الناشئة عن إطلاق(7) الأمر به، وأصالة توقيفية الألفاظ، مع التايد بأصالة عدم التفات(8) الواضع إلى الضد، وهكذا، فلاحظ الأصول بالنسبة إلى الأقوال الأخر.

ثم الأظهر اقتضاء الأمر النهي عن الضد العام عقلاً كما هو واضح، ولفظاً لكن التزاماً بالمعنى الأعم؛ للتبادر.

وأما الضدّ الخاص، فلا يقتضى الأمر النهي عنه الا تبعاً؛ لأن ترك الضدّ مقدمة

ص: 151


1- فلو علّق النذر على فعل الواجب، فصلّى أحد في سعة الوقت تاركاً إزالة النجاسة، فإن قلنا بأن الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بضده، أو النهي عنه مع اقتضاء النهي فساد العبادة، لم يكن هذا الشخص آتيا بالواجب، وإن قلنا بعدم الاقتضاء رأساً وبالاقتضاء التبعي كان آتياً بالواجب
2- كما لو قال لزوجاته من أتى منكن بمحرّم فهي علي كظهر امّي، فصلت إحداهنّ في سعة الوقت تاركة للواجب الفوري، فإن قلنا باقتضاء الأمر النّهي عن الضدّ تعلق الظهار، والا فلا
3- في (ك): وفيهما
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 2/ 114
6- في (ك): ضد
7- (إطلاق) ليست في (م)
8- (التفات) ليست في (ك)

لفعل ضدّه (1) كما مرَّ ، ومقدمة الواجب واجبة تبعاً، ولقد (2) حصل لصاحب المعالم (3) (في هذا البحث)(4) عثرات كثيرة أشرنا إليها في كتابنا الكبير (5)، فراجع.

ص: 152


1- في (ك): الضد
2- (لقد) ليست في (ك)
3- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 97 وما بعدها
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- ضوابط الأصول للمصنف : 2/ 132

أصل [في نسخ الوجوب]

اشارة

اذا أوجب الشارع شيئاً، ثم نسخ وجوبه، فهل يبقى الجواز أم لا؟ وجهان، بل وجوه وأقوال.(1)

[تحرير محل النزاع]

والنزاع من حيث المنسوخ في الحكم التكليفي الوجوبي، ومن حيث الناسخ (فيما إذا رفع الناسخ) (2) الهيئة التركيبية أو الفصل(3)، وكان الناسخ غير مثبت لحكم آخر، ومن حيث الدلالة فيما إذا كان الدليل الدال على المنسوخ دالا على وجوبه بحيث لولا الناسخ لزم الإتيان به، ومن حيث الحكم الباقي في(4) الجواز المستفاد من الأمر تبعاً.

ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية، أو العقلية، أو هما، وجوه.

وهل هو فيما كان الدال على الناسخ والمنسوخ لفظاً، أم لباً، أم مختلفاً(5)، احتمالات، أقواها اختصاص النزاع باللفظيين(6)، ولم أر للنزاع فائدة مهمة، والأصل

ص: 153


1- ذهب أكثر المحققين - على ما في الفصول 111 - إلى أن الجواز الثابت في ضمن الوجوب لا يبقى بعد نسخه واختار الغزالي في المستصفى: 73/1 ، وصاحب المعالم : 121 ، عدم اللزوم ورجوع الأمر إلى ما كان عليه قبل الوجوب واختار الرازي في المحصول : 382/2 ، والعلّامة في التهذيب: 111 ، لزوم البقاء
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- أي المنع من الترك
4- (في) ليست في (ك، م)
5- في :(م) لفظيين، أم لبيين، أم مختلفين
6- يشهد به ظاهر قولهم: إنّ النّزاع فيما كان بلفظ نسخت الوجوب ونحوه، وظاهر استدلالهم على بقاء الجواز من انّ الأمر يدلّ على شيئين، وانه تعدّد مطلوبي، فإن ذلك بظاهره لا يتصوّر فيما كان المنسوخ - أي الأمر الدال على الوجوب - لبيّاً، كما أن الشاهد الأول ينافي كون الناسخ لبيّاً، وأما إذا كان المنسوخ لفظياً والناسخ لبيّاً فهو خارج أيضاً عن النزاع بشهادة الشاهد الأول، وكذا العكس بشهادة الشاهد الثاني

في المسألة واضح.

والحق مع النافين؛ (لذهاب الجنس بذهاب فصله)(1)؛ لوحدة وجودهما.(2)

أصل [في الأمر مع العلم بانتفاء شرطه]

اشارة

هل يجوز (أمر الآمر)(3) مع العلم بانتفاء شرطه مطلقاً، أم في خصوص الشرط الوجوبي الشرعي، أم لا مطلقاً ؟ أقوال.(4)

[تحرير محل النزاع]

ومحلّ النزاع الشرائط(5) الوجوبية، كانت مقدمة للوجود أيضاً أم لا، وفيما لم يكن الأمر جاهلاً.(6)

والأصل مع المجوز؛ لأصالة الإمكان.

وأما الحق في المسألة فتفصيله : أنه إن كان النزاع في صحة الأمر الحقيقي من العالم بانتفاء شرط الوجوب، فالحق مع المانع؛ حذراً من السفه، والتكليف بما لا يطاق.

أو في جواز التكليف التوطيني على نحو الحقيقة، فالحق مع المجوز؛ لجوازه

ص: 154


1- في (ك) : لذهاب الفعل بذهاب جنسه
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 2/ 235
3- في (م) : (الأمر) بدل (أمر الأمر)
4- قال المحقق القمي في القوانين:1/ 275 ذهب أصحابنا فيه إلى عدم الجواز، وجمهور العامة على الجواز، وربّما أفرط بعضهم فجوّزه مع علم المأمور بانتفاء الشّرط أيضاً
5- في (ك) : الشروط
6- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 1/ 272

عقلاً، وصحته لغة، ووقوعه عرفا، وكونه حقيقة.

أو على نحو المجاز ، فالحق جوازه بالذات عقلاً، وعدم جوازه لغة(1)؛ حذراً من تأخير البيان عن وقت الحاجة.

أو في صحة التكليف الابتلائي الساذج التنجيزي.

كما أن الظاهر أنه محل نزاعهم(2)، بمعنى التكليف في الواقع بنفس الفعل المفقود شرط وجوبه، فالحق مع المانع؛ حذراً من التكليف بالمحال، او(3)في الصغرى أي: في أن العبد مجبور في الإرادة حتى يكون الأمر بالفعل عند عدمها من باب الأمر مع العلم بانتفاء شرط الوجوب، أو هو مختار فيها حتى يكون من باب الأمر مع العلم بانتفاء شرط الوجود، فالحق مع القائل بالاختيار، فيخرج عن المتنازع، لكن لو(4) سلّمنا الصغرى منعنا الكبرى.

او في جواز التعليق من العالم ،وعدمه، فالحق أن التوطيني الحقيقي جائز، وما عداه غير جائز.

ص: 155


1- لأنه قبل إظهار إرادة التوطين يفهم المخاطب إرادة نفس الفعل مع كونه معتقداً، وبعد إظهار إرادة التوطين يفهم العرف القسم الأخير ، أي إرادة المعنى الحقيقي من اللفظ، مع كون الداعي هو التوطين لا هذا القسم، وهو إرادة التوطين من حق اللفظ، فلو أراد الأمر ذلك لم يفهمه المكلف لا قبل إقامة القرينة على إرادة خلاف الظاهر ولا بعدها، الا ان يقيم القرينة بالخصوص على إرادة التوطين من حاق اللفظ ، فلو لم تقم تلك القرينة وأراد ذلك كان بمنزلة إرادة خلاف ظاهر اللفظ مع تاخير بيانه عن وقت الحاجة، وهو قبيح عقلاً
2- في (ك): كلامهم ونزاعهم
3- أي: ويحتمل كون النزاع هنا صغروياً، وهو نزاعهم في أن الارادة هل هي شرط للوجوب؛ لاضطرار العبد فيها، أم للوجود؛ لكونها اختيارية له، فالأشاعرة حكموا بالاضطرار، فالإرادة عندهم شرط الوجوب، والخاصة حكموا بالاختيار، فهي عندهم شرط الوجود
4- (لو) ليست في (ك)

[ثمرة المسألة]

ثم ثمرة النزاع قد تفرض فيما لو وجد المتيمم الماء ولم يمض من الزمان ما يتمكن من الوضوء فيه، ففقده، فهل يعيد التيمم أم لا؟ ، وفي وجوب القضاء وعدمه على من دخل عليه الوقت وهو واجد للشرائط ، ثم زال الشرط قبل مضي زمان يسع الإتيان بالواجب ، وفي(1) لزوم الكفارة وعدمه على من أفطر، ثم انكشف فقد شرط الوجوب واقعاً، وفي وجوب الحج وعدمه على من(2) منعه مانع في أثناء الطريق في(3)عام الاستطاعة، وفي مثل النذر والظهار، إلى غير ذلك من الموارد، وللنظر فيها مجال.

ص: 156


1- (في) ليست في (ك).
2- (من) ليست في (ك)
3- في (م): وفي

أصل [في أن الأمر لطلب ايجاد الماهية لا الفرد]

إذا أطلق المادة (1) ولم تقيد بفرد خاص، كصُم وصلّ، فمقتضى الوضع اللغوي طلب إيجاد الماهية من حيث هي من غير مدخلية الفرد؛ للتبادر بضمّ أصالة عدم النقل، ولاتفاق الكل(2) فتأمل .

ولأنه لو كان الموضوع له طلب الفرد، لزم في مثل قولنا: (يجب عليك الصلاة) إما النقل، أو تعدد الوضع، أو المجاز، أو التقييد، أو التجريد(3)، والكل منفي بالأصل، ولزوم التكرار أو النقض لو صرّح بإرادة كل الأفراد، أو بعضها، فتأمل.

مضافاً إلى دليل الحكمة.

ثم الدال على الطلب هو الهيئة، وعلى الماهية هو(4)المادة، فهنا دالان ومدلولان؛ للتبادر، ولاتفاق القائلين بالوضع للطبيعة، ولأن الدال على الطبيعة إن لم يكن هو المادة فهو إما الهيئة (5) ، أو المركب، وكلاهما منفيان بدليل الترديد، فمن يقول بتعلق الأحكام بالأفراد لا الطبائع، إن أراد وضع اللفظ لذلك، فقد عرفت فساده، أو إراد قيام قرينة عقلية على إرادة خلاف ما وضع له اللفظ.

فتلك القرينة العقلية إما أن الكلي الطبيعي ممتنع الوجود في الخارج، (فلا يكلف بإيجاده؛ لأنه تكليف بما لا يطاق.

ص: 157


1- (المادة) ليست في (م)
2- ينظر: مفتاح العلوم للسكاكي: 197، أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 672
3- في (ك): التجربة
4- (هو) ليست في (ك)
5- في (ك): الماهية

ففيه: أن الحق وجوده في الخارج) (1)؛ لوجوه سبعة بعضها دليل، وبعضها مؤيد.(2)

سلّمنا انه لا دليل على وجوده، لكن لا دليل(3) على امتناعه أيضاً، فيشك، فيؤخذ بظاهر الخطاب السليم عن المعارض.(4)

سلّمنا امتناع وجوده، لكن يكفي في صحة تعلّق الحكم به اعتقاد العقلاء والمكلفين بوجوده، ولا يلزم قبح على الآمر ؛ لأنه يقبل (5) الفرد من المكلف، فلا تكليف بالمحال حقيقة (6) ، ولا بأس بالإغراء الموقع في المقصود، ويكفي تحقق الصفة الكامنة في نفس متعلق الأمر، أو فيما هو المقصود بالذات من الأمر، نظير التوطيني.(7)

ثم لو أراد من الفرد فرداً ما، ورد عليه انه أيضاً كلي.

وأما أن متعلق الحكم لا بد وأن يكون فعل المكلف بلا واسطة؛ اذ(8) تعلّق الأمر بالمسبّب الذي هو الكلي دون سببه الذي هو الفرد مستلزم: إما للتكليف بالمحال.(9)

ص: 158


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- ذكرها المصنف تفصيلاً في ضوابط الأصول : 337/2
3- في (ك) : لكن الدليل
4- المقتضي لتعلق الأحكام بالطبيعة، ولا نصرفه عن ظاهره بمجرد احتمال امتناع وجود الكلي
5- في (م): لا يقيد
6- والمسلّم من قبح التكليف بالمحال إنما هو حيث اعتقد المخاطب بالمحالية ولم يقبل المولى منه غير ذلك المحال
7- دفع إيراد مفاده: إذا لم يكن الكلّي موجوداً لم يكن فيه صفة حسن وقبح، فكيف يتعلّق به الأمر مع قولك بدوران الاحكام مدار الصفات
8- في (ك) : إذا
9- إن كان التكليف بالمسبب حال عدم وجود السبب

أو لتحصيل الحاصل(1)، أو لهما معاً، مضافاً إلى أن موضوع الفقه فعل المكلف، والحكم خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، والمسبب كالكلي ليس فعلاً للمكلف، بل أثر فعله، فلا يمكن تعلق الحكم به.

ففيه: إن الكلي والفرد موجودان بوجود واحد(2)، لا أحدهما سبب للآخر (3)، فكلاهما من فعل المكلف بلا واسطة مع النقض بالواجبات المطلقة بالنسبة إلى شروطها الوجودية(4)، فانه مستلزم اما للتكليف بالمحال، أو لانقلاب الواجب المطلق مشروطاً، أو لهما، مع أن الأمر بالمسبب حال عدم السبب لا بشرط (5) عدمه، وإن المقدور بواسطة مقدور، وإن الأفعال التوليدية فعل الشخص حقيقة، وإن موضوع الفقه فعل المكلف ولوكان بالواسطة.

وأما أن الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات، ولازمه تعلق الحكم بالفرد أو الصنف.

ففيه: إن إطلاق القول بالوجوه(6) فاسد، كما ستعرف في الأدلة العقلية.

سلّمنا أنه لا دليل على بطلانه ، لكن لا (7) دليل على صحته أيضاً، فيؤخذ بظاهر اللفظ، نعم لو لم يكن لفظ في البين، فالمرجع في مقام الثمرات الأصول الفقاهتية.

ص: 159


1- إن كان التكليف بالمسبب حال وجود السبب
2- (واحد) ليست في (ك)
3- فالسببية والمسببية بينهما أول الكلام
4- فإن الأمر بالصّلاة إن كان حال وجود الطهارة خاصة انقلب الواجب المطلق مشروطاً، وإن كان حال فقدانها خاصة لزم التكليف بما لا يطاق، وأما في الحالتين معاً فهو أيضاً مستلزم للتكليف بالمحال؛ لانّ المشروط بدون الشّرط محال
5- في (ك): بالشرط
6- في (ك): بالوجوه والاعتبارات
7- (لا) ليست في (ك)

سلّمنا صحته، لكن من جملة الاعتبارات المحسّنة العلم والجهل، وقد عرفت أن اعتقاد العقلاء أن المطلوب هو الطبيعة، فتأمل.

سلّمنا لكن لادليل على اشتراط كون الصفة في نفس المأمور به(1) كما مر ، فتأمل.

ثم لا فرق فيما ذكر بين الأمر وسائر الأحكام، نعم في الإباحات والنواهي يفهم الاستغراق، ولا بين التكليفيات والوضعيّات، لكن يفهم في الأخير سريان الحكم في جميع الأفراد.

ص: 160


1- (به) ليست في (م)

أصل [في الإجزاء]

اشارة

هل الأمر يقتضي الاجزاء أم لا؟، وجهان.(1)

والإجزاء - لغة - الكفاية (2)، واصطلاحاً قد يعرّف بأنه اسقاط القضاء (3)أي: مطلق التدارك ولو شأناً، أو بأنه إسقاط التعبد بالمأمور به، أي في الجملة(4)، بخلاف الأول، فإن المراد منه الإسقاط المطلق.

[تحرير محل النزاع]

ثم المراد بقولهم : يقتضي الإجزاء هل هو إن الأمر يقتضي سقوط التعبد به ثانياً، فيكون عدم الاقتضاء أنه يدل على عدم سقوط التعبد به مطلقاً، أو في الجملة، أو لا يدل على السقوط.(5)

أو أن الأمر لا يقتضي الإتيان بالمأمور به ثانياً، أي: لا يدل على لزوم الإتيان به ثانياً، وعدم الاقتضاء حينئذ (اقتضاؤه الإتيان بالفعل ثانياً مطلقاً، أو في الجملة.

ص: 161


1- قال العلّامة في نهاية الوصول: 578/1 : فالمحققون ذهبوا إلى أنّ الإتيان بمقتضى الأمر، يقتضي الإجزاء بالمعنيين. وقال أبو هاشم وأتباعه والقاضي عبد الجبار : إنّه لا يقتضي الإجزاء بمعنى سقوط القضاء. وقال السيّد المرتضى: إنّه يدلّ من حيث الشرع، لا من جهة اللغة
2- ينظر: العين للفراهيدي : 1 / 285 ، ولسان العرب لابن منظور: 268/2
3- حكاه المحقق في المعارج: 72 ، والعلّامة في نهاية الوصول:1/ 578، عن القاضي، الفصول الغروية للأصفهاني: 116
4- معارج الأصول للمحقق الحلي : 72 ، المحصول للرازي: 415/2 ، نهاية الوصول للعلّامة: 1 / 578 ، القوانين المحكمة للقمي: 1/ 289
5- (على السقوط) ليست في (م)

أو (1) ان الأمر يدل على عدم صحة الأمر به ثانياً، وعدم الاقتضاء حينئذ)(2) انه يدل على صحة الأمر به ثانياً، أو لا يدل على أحد الطرفين؟، وجوه، أظهرها الأول.(3)

ومراد المنكر أنه يدل على عدم السقوط في الجملة.

ثم إن المأمور به: إما واقعي اختياري كالصلاة بالطهارة المائية، أو واقعي اضطراري، كالصلاة متيماً، أو ظاهري شرعي، كما في العمل بالاستصحاب، أو ظاهري عقلي ، كتكليف الساهي في الصلاة بمعتقده.

ولا نزاع في اقتضاء الإجزاء في الأول مطلقاً اتفاقاً، ولا في سائر الأقسام قبل كشف الفساد أو التمكن من المبدل، بل فيها بعد أحدهما.(4)

ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية أم العقلية، أم الأعم، وفي الأمر اللفظي، أو (5)الأعمّ، وجوه، تظهر من طيّ الأدلة.

ثم إنه يجوز اجتماع كل من القول بالإجزاء وعدمه مع القول بالتكرار والمرة والطبيعة(6)، كما هو واضح، بل القول بالتكرار يجري حتى في الواقعي الاختياري، بخلاف مسألة الإجزاء.

والنسبة بين هذا النزاع ونزاع تبعية القضاء للأداء عموم من وجه(7)، وفي مادة

ص: 162


1- في (ك): و
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 293 ، مطارح الأنظار للأنصاري: 1/ 114
4- أي : في الثلاثة بعد كشف الفساد أو التمكن من المبدل
5- في (م): و
6- في :(م) بالمرة والتكرار والطبيعة
7- ففيما لو انكشف الفساد قبل خروج الوقت يجري النزاع الأول دون الثاني، ولو ترك الإتيان بالمأمور به رأساً في الوقت ولم يأت بشيء يجري النزاع الثاني دون الأول، ولو صلى بظن الطهارة و انكشف الفساد بعد خروج الوقت يجري النزاعان

اجتماع النزاعين يكون النسبة بين القول بكل من الإجزاء وعدمه مع كل من قولي كون القضاء بالفرض الأول أو الجديد عموماً من وجه.(1)

ثم الأصل في المسألة (من حيث اللفظ (2) و(3) العمل(4) واضح لمن تدبر.

وأما الحق في المسألة)(5) ففي الواقعي الاضطراري هو الإجزاء؛ للأصل، وبناء العقلاء، ء، وفهم العرف، وكذا الظاهري الشرعي للاخيرين، دون)(6) الظاهري العقلي للأصل، وبناء العقلاء.

ص: 163


1- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 2 / 480
2- التوقف؛ لأنه من التوقيفيات، فلا يكون الأصل عدم الإجزاء ولا الإجزاء؛ لأن الأوّل لدلالة الأمر الأول على الإتيان بالمأمور به ثانياً في الجملة، والثاني لدلالة الأمر الثاني الدال على البدلية المطلقة، وكلاهما خلاف الأصل
3- في (م) أو
4- وجهان
5- ما بين القوسين ليست في (ك)
6- ما بين القوسين ليست في (م)

أصل[باب النواهي]

لا ريب أن(1)النهي حقيقة في الحرمة(2)؛ للتبادر ، كما أن الأمر حقيقة في الوجوب.(3)

أصل[في اجتماع الأمر والنهي]

اشارة

والمشهور عدم جواز اجتماعها (4) ، وقيل بالجواز.(5)

[تحرير محل النزاع]

وتنقيح البحث برسم مطالب

[المطلب] الأول: متعلق (6) الأمر (7) والنهي إن اتحدا جنساً - والمراد به أعم من النوع والصنف - جاز اجتماعهما، وخلاف البعض لا عبرة به (8)، أو شخصاً وجهة لم يجز اتفاقاً (9) ، ونقل الخلاف فيه مزيف (10) فتأمل.

ص: 164


1- في (ك): في ان
2- ينظر: معارج الأصول للمحقق الحلي : 76 ، تهذيب الوصول للعلّامة: 125 ، زبدة الأصول للبهائي: 298
3- وقد تقدم
4- بل يظهر من بعضهم دعوى الإجماع عليه كالعلامة في نهاية الوصول: 77/2 والشيخ حسن في المعالم : 131 والسيد محمد في مدارك الأحكام 217/3
5- هو مذهب أكثر الاشاعرة وبعض أصحابنا كصاحب القوانين: 1/ 324
6- في (ك): مطلق
7- (الأمر) ليست في (م)
8- حكاه فى القوانين: 1/ 321 عن بعض المعتزلة
9- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 131 ، القوانين المحكمة للقمي: 1/ 321
10- ينظر: وجهه في ضوابط الأصول للمصنف : 304/2

أو شخصاً لا جهة فإن كانت الجهتان متساويتين لم يجز؛ لعدم إمكان الامتثال بالخطابين معاً (1)، أو متباينتين تبايناً جزئياً فهو محل النزاع، أو متعلق الأمر أعمّ مطلقاً(2)، فكذلك في احتمال سيجيء، أو العكس(3) لم يجز؛ لرجوع النهي إلى الاستغراق الأفرادي، فيلزم التكليف بالمحال، فلا يجوز بالوفاق.

[المطلب] الثاني: إذا جمع المكلّف بين نفس الأمر والنهي(4) بسوء اختياره، كما لو دخل المكان المغصوب، فكلف بالخروج وعدمه، فهو خارج عن هذا النزاع، مبتن على مسألة أن الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار أم لا؟ وسيجيء.

فمحل (5) النزاع ما جمع المكلف فيه بين المأمور به والمنهي عنه، أو بين نفس الأمر والنهي، وكان سبب الجمع هو الآمر بنحو يتمكن المكلف(6) من الامتثال بالخطابين لكن في (7) كون النزاع صغروياً، أم كبروياً، أم (8)فيهما وجوه.(9)

[المطلب] الثالث: الأمر اما تعبدي، أو توصلي، أو فيه الجهتان مرتبطتان(10)، أم مستقلتان (11) ، ومحل النزاع يعمّ الكل؛ إذ الكلام في جهة حصول الامتثال، لا سقوط

ص: 165


1- لاتفاق كلمتهم على اعتبار المندوحة في الامتثال
2- الظاهر من المحقق القمي في القوانين : 1/ 328 ، 358 خروجه عن محل الكلام
3- في (ك) : بالعكس
4- بأن يكون متعلقهما شيئاً واحداً
5- (فمحل) ليست في (ك)
6- (المكلف) ليست في (م)
7- (في) ليست في (م)
8- في (ك): أو
9- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 2 / 310
10- وهو ما له جهة توصل وجهة تعبد يتوقف حصول الأولى على الثانية
11- وهو ما له جهة توصل وجهة تعبد لكنهما منفكتان

الأمر، ويشهد به تمثيلهم بالخياطة، وقول المستدل : إنه يعد مطيعاً وعاصياً لجهتي الأم-ر والنهي.(1)

[المطلب] الرابع: الأمر إمّا إيجابي أو ندبي، والنهي إما تحريمي أو تنزيهي، وكلّ من الأربعة إمّا عينيّ أو تخييري؛ ثم الأمر إمّا نفسي أو مقدمي شرعي أو عقلي.

فتلك ثمانية وأربعون ، لا يدخل(2)في محلّ هذا النزاع الاستة منها في الجملة، وهي مضروب الأمر النفسي والمقدّمي شرعياً و(3) عقلياً في الإلزاميين العينيين(4)، وكون الأمر تخييرياً والنهي عينيّاً.(5)

[المطلب] الخامس: الوصف إما لازم - أي مقوّم (6) للماهية، أو للشخص - أو مفارق(7)، ودخول الأخير في محل النزاع معلوم من تمثيلهم بمثل (صلّ ولا تغصب)، وفي الأوّلين وجهان، أظهر هما عندي (8) دخولهما في النزاع؛ لعموم العنوان، بل الدليل.

ثمَّ النزاع هنا في الدلالة العقلية(9)، وفي المسألة الآتية(10) في الدلالة اللفظية، والمراد من الجواز نفي الامتناع الذاتي، أو(11) القبح العقلي، لا الإطلاقات

ص: 166


1- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 132
2- فى (ك) : لا بد
3- فى (ك) :او
4- (العينيين) ليست في (م)
5- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 2/ 316
6- والمراد بالمقوّم: ما لا يمكن تصور الشيء المتصف بذلك الوصف الا بملاحظة ذلك الوصف
7- أي ما ليس بلازم وإن كان ربما لا ينفك، كما في الحركة للفلك
8- (عندي) ليست في .(م)
9- ينظر إشارات الأصول للكرباسي: 219
10- النهي في العبادات
11- في (م): و

الأخر(1) ، كما هو (2) واضح لمن تدبر.

[المطلب] السّادس: قيل (3): لازم المجوّز عقلاً صحة العبادة في ضمن الفرد المحرّم مع الإثم ولازم المانع عقلا الفساد مع الإثم.

ويدفع الأول: إمكان القول بفهم(4) العرف التخصيص(5)، إلا أن يلاحظ الحيثية.(6)

والثاني: إنه يتم (7) إذا كان الأمر ظنياً، والنهي قطعياً، وفي الظنيين يرجع إلى المرجحات، وهي قد تكون في جانب الأمر، فأين الفساد المطلق، الا أن يرجح النهي (حينئذ بأصل (8) الشغل، أو باتفاق المانعين على تقديم النهي)(9)، أو بتقديم دفع المضرّة على جلب المنفعة، أو بالاستقراء ، أو بأن دلالة النهي أقوى من دلالة الأمر؛ إذ النهي

ص: 167


1- قد يطلق الجواز ويراد به ما يقابل الحرمة أو الوجوب، وقد يطلق ويراد به ما يقابل الفساد الشرعي، كما يقال: يجوز بيع المعاطات، أي يصح ويترتب عليه الأثر، وقد يطلق ويراد به الصحة اللغوية كما يقال : يجوز استعمال المشترك في المعنيين، وقد يطلق ويراد به ما يقابل الامتناع الذاتي، وقد يطلق ويراد به ما يقابل القبح العقلي، فيقال: يجوز ذلك عقلاً أي: لا يقبح
2- (هو) ليست في (ك)
3- ينظر : إشارات الأصول للكرباسي: 112 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 125، 127
4- في (ك): لفهم
5- إذ لا ملازمة بين جواز الاجتماع وصحة العبادة، فلعل مذهب المجوز للاجتماع عقلاً ان الاجتماع غير واقع في الشرع، وإن كان جائزا؛ لفهم العرف من قوله: (صلّ ولا تغصب) تخصيص الأمر بغير المكان المغصوب وإن أمكن عقلاً عدم المخصص
6- أي الجهة التي نحن فيها، وهي الدلالة العقلية
7- في :(م) انما يتم
8- في (ك): باعلى
9- ما بين القوسين ليست في (م)

للاستغراق (1) بدلالة لفظية، والأمر للطبيعة، وفي أكثر هذه الوجوه نظر.(2)

وأما الثمرة بين القول بالجواز عقلاً لا لفظاً لفهم العرف التخصيص، فتظهر في إمكان فرض القطعتين على مذهبه، دون مذهب المانع عقلاً.

[المطلب] السابع: منهم من منع الجواز عقلاً ولفظ(3)، ومنهم من منع لفظاً (4)، ومنهم من جوّز الاجتماع عقلاً ولفظ (5)، والأصل مع المجوّز المطلق من حيث الإمكان العقلي ومن حيث اللفظ ؛ لأصالة عدم التقييد والتخصيص، لا من حيث العمل؛ لأن المانع إن اطّرح الأمر فقد عمل بالشغل، أو النهي فقد عمل بالبراءة، أو هما فقد عمل بهما، فتأمل.

لكن مع التعارض(6) فالعمل على الأصل(7) اللفظي.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الحق الجواز عقلاً في اجتماع المأمور به مع المنهي عنه في العامين من وجه، في الإلزاميين مع متعلقاً بالوصف المفارق، كقوله: (صلّ ولا تغصب)، سواء كان الواجب تعبدياً، أم توصليّاً، أم مركباً بقسميه(8)؛ لما مرَّ من الأصلين عقلاً ولفظاً، ولأنه لو لم يجز لم يقع نظيره، فإنّ المناط واحد، وقد وقع في الشرع كثيراً، منها مكروه العبادة كالصلاة في الحمام.

ص: 168


1- في (ك): للاستقراء
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 2/ 323
3- أي يلزم من منعه الاجتماع عقلاً المنع لفظاً أيضاً، وهو المذهب المشهور
4- وهو اختيار المولى الأردبيلي في مجمع الفائدة: 2/ 110
5- وهو اختيار بعض أصحابنا، ومنهم المحقق القمي في القوانين المحكمة: 1/ 324
6- بين الأصل اللبي الذي هو مع المانعين، وبين اللفظي الذي هو مع المجوزين يقدم الأخير
7- (الأصل) ليست في (ك)
8- ارتباطاً أم استقلالاً . وفي (ك) زيادة: كما عليه المشهور، وذلك

ولو قيل(1) : إنّ المراد بالكراهة فيها ليس المرجوحية الحقيقية، بل كونها أقل ثواباً.(2)

قلنا: إنّ حمل النهي على هذا المعنى خلاف الظاهر (3). سلّمنا، لكن إن أريد أنّ هذا الفرد أقل ثواباً من الغير مطلقاً من المماثل وغيره، ففيه لزوم عدم الانعكاس.(4)

مضافاً إلى أن إرادة قلّة الثواب: إما من النهى بتأويله على الأخبار(5)، فعلى فرض صحة هذا المجاز لغة، هو (6) مجاز بعيد لا قرينة عليه، وأقرب المجازات موجود، وهو الكراهة المصطلحة(7)

وإما أن النهي مستعمل في طلب الترك، لكن الداعي لطلب الترك قلة الثواب، فلا ريب أن مجرد قلة الثواب لا يصلح لكونه داعياً على طلب الترك

(8)، فربّ شي هو قليل الثواب لم ينه الشارع عنه، بل سبب النهي وجود المفسدة في المنهي عنه ولو بحسبه، وإلى(9) أن هذا لا يتم فيما لا بدل له مطلقاً، أو في خصوص العبادة التركية.

وإن أريد أنه أقل ثواباً من الغير في الجملة(10)، ففيه عدم الاطراد، مضافاً إلى

ص: 169


1- الشهيد الثاني في المسالك: 47/2
2- وهذا الحمل هو المشهور على ما في الوافية للتوني: 95
3- ينظر : مدارك الأحكام للعاملي: 1/ 117
4- إذ لاريب في أن مراتب المكروهات متدرجة فلازم المعنى الأول أن المكروه من هذه المراتب ما كان أقل ثواباً مما عداه مطلقاً، فتنحصر الكراهة في فرد واحد
5- بأن يكون (لا تصل في الحمام) مستعملاً في الثواب ويكون إخباراً عن قلة الثواب لا إنشاء
6- في (م): فهو
7- في (م): مصطلحة
8- فإنّ الصلاة في البيت أقل ثواباً من الصلاة في المسجد مع عدم ورود النهي عنها
9- في (ك): على
10- بمعنى أن يصدق عليه أنه أقل ثواباً من غيره في الجملة ، وإن كان هو أيضاً أكثر ثواباً من بعض العبادات

الوجهين الأخيرين في سابقه، أو من الغير المعين، وهو الطبيعة من حيث هي ،(1) فهو لا يناسب القول بتعلق الحكم بالأفراد، وبأنّ الحسن و القبح بالاعتبارات، مضافاً إلى الوجهين الأخيرين المتقدمين.

ولو قيل: إنّ النهي في التنزيهيات راجع إلى أمر خارج عن العبادة، كتعرّض الرشاش (2)، بخلاف التحريمية، بحكم الاستقراء، فتعدد المتعلق وخرج عن محل النزاع.(3)

لأجبنا عنه أولاً: بالنقض بما لا بدل له.

وثانياً: بأنّ مقتضى الاستقراء (4))(5)عكس ما ذكره.

وثالثاً: بالفرق بين تعلّق النهي بشيء خارج عن العبادة، وتعلقه بالعبادة لأمر خارج عنها.(6)

ورابعاً: بأنا سلّمنا ذلك، لكن تكون النسبة حينئذ بين المأمور به والمنهي عنه تنزيها عموما من وجه ، ويكون مثل ما نحن فيه

وخامساً: بأنّ النهي إذا كان عن تعرّض الرشاش لا عن الصلاة، فإما مطلق

ص: 170


1- بمعنى أن للطبيعة من حيث هي مع قطع النظر عن الخصوصيات ثواباً مقرراً كمئة مثلاً، ولكن إذا اختصت بالخصوصيات فهذه الحصة قد تساوي الطبيعة، وقد تنقص عنها، وقد تزيد عليها، والمكروه منها ما كانت أقل من الطبيعة في الثواب دون المساوية أو الزائدة
2- أي: إن النهي عن الصلاة في الحمام هو نهي عن التعرض للرشاش، فلم يجتمع الأمر والنهي في متعلق واحد ذي جهتين
3- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 329
4- في (ك) : الاشتراك
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- وما نحن فيه من الأخير؛ حيث تعلق النهي بالعبادة نفسها لأمر خارج عنها

- وإن لم يكن في الصلاة - فهو مستلزم لكراهة التعرض وإن لم يكن مصلياً، ولعدم كراهة الصلاة إذا لم يكن في معرض(1) الرشاش، وإما مقيد بكونه في ضمن الصلاة، فهو مستلزم للمحذور الأخير من المحذورين.(2)

وما يقال هنا: من أنه لا يلزم اطراد العلل الشرعية (3)، فهو مناف لتبعية الأحكام للصفات، فإن المفروض أن ما ذكره علة مستنبطة لا منصوصة.

ولو قيل: إنّ كراهة العبادة عبارة عن مرجوحيتها بالإضافة إلى غيرها.(4)

لأجبنا (عنه بما أجبنا)(5) به(6)عن الاعتراض الأول.

ثم لو أراد من المرجوحية حصول منقصة فيها لأجل كون فعلها موجباً لترك الأرجح.

لورد عليه - مضافاً إلى ما ذكر - أنّ متعلّق الأمر والنهي التنزيهي حينئذ: إما الطبيعة، أو الفرد، أو(7) متعلق الأمر الطبيعة ومتعلق النهي الفرد، أو العكس، ولا يتصوّر إلا الثالث، وهو المطلوب.

ولو قيل: إنه يلزم مخالفة الغرض في ترخيص الشارع في إتيان الواجب في ضمن (8) المحرّم، وهو قبيح ، ولا يلزم ذلك في العبادات (المكروهة.(9)

ص: 171


1- في (ك) : تعرض
2- وهو اختصاص الكراهة بصورة معرض الرشاش لا مطلقاً
3- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 330
4- الفوائد الحائرية للبهبهاني : 170 ، القوانين المحكمة للقمي: 1/ 336
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- (به) ليست في (ك)
7- في (م): و
8- في (ك): ضمن الفرد
9- لأنه قد أخذ في مفهوم الكراهة الرخصة في الارتكاب فلا يلزم منافاة الغرض

قلنا: غرض كل شيء بحسبه، ومنها العبادات)(1)المباحة بالإباحة بالمعنى الأخص ، والواجبة المستحبة، بعد ضمّ تنقيح المناط.

ومن أدلة الجواز : بناء العقلاء (2) في مثل مثال الخياطة، أو الخطوات، وانه لو

لم يجز الاجتماع لما جاز التصريح به مع لما جاز التصريح به، مع أنه جائز عقلاً(3)، مضافاً إلى وجود المقتضي، وهو (4)تعدد المتعلّق حقيقة، وانتفاء المانع ؛ اذ (5) المانع إن كان اجتماع الحكمين المتضادين، أو اجتماع المحبوبية والمبغوضيّة في محلّ (6) واحد، فقد عرفت تعدّد المحلّ، أو التكليف بالمحال، فقد عرفت أنّ (7) محل النزاع ما تمكن المكلف فيه من الامتثال، أو منافاة ،الغرض، فقد ظهر عدم المنافاة؛ إذ الشارع لم يجوّز الإتيان بالفرد المحرم بمجرد حكمه بحصول الامتثال بالكلي الموجود في ضمنه مضافا إلى فهم العرف وإن قام الدليل على خلافه (8) ، كما مرَّ نظيره في مسألة تعلق الأحكام بالكليات.

ولو قيل: إنّ مقدمة الواجب واجبة، والفرد المحرم لا يصير واجباً، فانحصر الأمر المقدّمي في الفرد المباح ، فلا يجزئ الكلي الموجود في ضمن (9) المحرم، فلا يجتمع

ص: 172


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- (العقلاء) ليست في (ك)
3- إذ لا قبح عند العقل في تصريح الأمر بأني أطلب ماهيّة الصّلاة لا بشرط وأنهى عن الفرد المخصوص، ولكن لو عصيتني وأتيت بالماهيّة في ضمن هذا الفرد، لعاقبتك على الإتيان بالفرد لا على عدم الامتثال بالماهية من حيث هي بل أنت ممتثل بها مطلقاً، فأعطيتك من جهة وأعاقبك من جهة أخرى
4- (هو) ليست في (م)
5- في (ك): و
6- (محل) ليست في (م)
7- في (ك): انه
8- لأنا مكلفون على متفاهم العرف
9- في (ك): ضمن الفرد

الأمر والنهي.

قلنا: تخصيص الأمر المقدّمي بالمباح لا يوجب تخصيص الأمر الأصلي به(1)، والمفروض تعلق الحكم بالطبيعة، مع أن (مانع الاجتماع كيف يقول: إنّ الفرد المباح (واجب مقدّمي، مع أن) (2) رخصة العقل بإتيان الفرد) (3) إنما هي من جهة إيجاد الكلي في ضمنه(4)، لا الرخصة المطلقة (5)، حتى تنافي الحرمة من جهة أخرى.

ولو قيل: يلزم على المجوّز انعقاد الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة، وبعد انعقادها وجب الإتمام فيلزم التكليف بالمحال.(6)

قلنا: إنّ هذا لو تمّ لكان بالعرض (7)، لا من جهة أصل المسألة من حيث هي بل هو خارج عن محل النزاع.

ص: 173


1- أي: لا يوجب تخصيص ذي المقدمة بالفرد المباح بأن يكون المطلب الأصلي هو الكلي الموجود في ضمن الفرد المباح خاصة
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- فإن القدر المستفاد من العقل انه لا عقاب في الفرد من جهة إيجاد الكلي المطلوب كما هو لازم عقلي لكلّ أمر صدر من المولى، ولا يحكم بالرخصة من كلّ جهة، ولا يدرك عدم وجود العقاب على الفرد من جهة أخرى، بل يحكم بعدم العقاب من جهة على الفرد من تلك الجهة المحصلة للطبيعة وإن كان يمكنه عقابه من جهة أخرى
5- بأن يرخص في إتيان الفرد من جميع الجهات، ويحكم بأنّه لا عقاب في الفرد المأتي؛ لإيجاد الكلّي أصلاً ومن جهة من الجهات
6- بيانه: متى انعقدت الصلاة صحيحة اجتمع أمران ونهي، الأمر بالصلاة والأمر بالإتمام لقوله تعالى: لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ، والنهي عن الغصب، فلا يجوز له بعد الشروع والدخول على وجه الصحة القطع ولا عدم القطع؛ إذ لو قطع عوقب على عدم الإتمام، ولو لم يقطع عوقب على الغصب، وهذا تكليف بما لا يطاق
7- أي: من جهة الأمر بالإتمام، فلو فرض انتفاؤه لم يكن مانعاً من الاجتماع

نعم، يبقى الاعتراض بالتكليف بما لا يطاق فيما لا بدل له من العبادات مشتركاً بين المجوّزين والمانعين.

إنك إذا أحطت خبرا بما ذكرناه(1) في الصورة المفروضة، قدرت على استخراج الحكم في الوصف اللازم، وفي الأعم والأخصّص المطلقين(2)، وفي الجواز وعدمه من حيث اللفظ ، وإن شئت البسط والتفصيل (3) ، فلاحظ كتابنا الكبير (4) ، فإنّا قد استوفينا الكلام فيه أكمل (5) الاستيفاء، وبلغنا فيه أقصى (6) الغايات.

ص: 174


1- في (م): ذكرنا
2- في (ك) : المطلق
3- (والتفصيل) ليست في (ك)
4- ضوابط الأصول للمصنف : 2 / 304 - 410
5- في (ك): الكلي
6- في (م): أكبر

تذييل [في الامتناع بالاختيار]

اذا تسبب المكلف لاجتماع الأمر والنهي بحيث لا يمكنه الامتثال بهما معاً، كما لو دخل المكان المغصوب، فهو مأمور بالخروج ومنهي عنه، ففي وجود التكليفين معاً حينئذ، أم يبقى الأهم ويرتفع الآخر؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق، وجهان.(1)

وعلى الأخير، فهل الأهم هو الأمر(2)، أو النهي (3)؟ احتمالان.

والأصح أن الامتناع بالاختيار مع عدم بقاء الاختيار ينافي الاختيار خطاباً لا عقاباً(4)(5)؛ لحكم العقل (6)، ولازمه ارتفاع أحد الخطابين هنا.

وأما من حيث الوقوع وترتب الأثر ،وعدمه، فالمدار على انصراف الأدلة الشرعية وعدمه؛ إذ الامكان العقلي لا يلازم الوقوع الشرعي، وأما الأهم من الأمر والنهي فيختلف بحسب العرف والمقامات، فلاحظ .

ولو قيل: إن الكافر اذا(7) أسلم بعد الوقت سقط عنه القضاء، وإن لم يسلم بقي الأمر بالقضاء، وهو غير قادر عليه، اسلم أم لم يسلم، فكيف تقول إن الامتناع بالاختيار ينا في الاختيار خطاباً؟

ص: 175


1- اختار الأول منهما المحقق القمي في القوانين: 352/1 ، ونسبه إلى أكثر أفاضل متأخرينا، بل إلى ظاهر الفقهاء
2- اختاره ابن الحاجب والعضدي في شرحه: 95
3- اختاره العلّامة في نهاية الوصول: 82/2
4- في (م): عقلاً
5- خلافاً للمشهور من المنافاة خطاباً وعقاباً كما هو ظاهر إطلاقهم
6- في (ك) : بالحكم العقلي
7- في (م): لما

قلنا: إن الكافر لما(1) بلغ تعلّق به الأحكام الكلية، ولما(2) فوت الأداء فقد فوَّت التكليفين، فيستحق العقاب لذلك.

أصل [في دلالة النهي على الفساد]

اشارة

هل النهي يدل على الفساد مطلقاً(3)، أم لا مطلقاً(4)، أم في العبادات دون المعاملات (5)، أم فيهما شرعاً لا لغة (6) ، أم في العبادات شرعا دون المعاملات مطلقاً(7)، أم يدل على الصحة(8)؟ وجوه.

[تحرير محل النزاع]

ومحل(9) النزاع فيما إذا ورد للعبادة أو المعاملة جهة صحة، ثم ورد النهي النهي عن

ص: 176


1- في (ك) : لا، وفي (م) إذا
2- في (ك) : لا
3- حكاه في العدة: 1 / 260 عن أهل الظاهر وكثير من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة وكثير من المتكلمين
4- حكاه الرازي في المحصول :2/ 445 عن أكثر الفقهاء، والآمدي في الإحكام: 407/2 عن المحققين
5- وهو مذهب أكثر أصحابنا - على ما حكاه المحقق القمي في القوانين: 366/1 - كالمحقق في المعارج: 77، والعلّامة في التهذيب : 126 ، وبعض العامة كالرازي في المحصول: 449/2
6- حكاه في الوافية: 100 عن السيد المرتضى
7- حكاه الأسنوي في نهاية السول: 178 عن ابن الحاجب والآمدي
8- وهو المنقول عن أبي حنيفة ومحمد بن الحسن ينظر المحصول للرازي: 456/2
9- (محل) ليست في (ك، م)

بعض (1) أفراد(2) المكلف أو (3) المكلف به.(4)

والمراد من العبادة معناها الأعم، أي ما يشترط فيه نية القربة من تلك الجهة؛ العموم الأدلة، ومن المعاملة معناها الأخص (5)، حذراً من التناقض(6)، فتأمل.

ومن الصحة ما هو المراد منها في بحث الصحيح والأعم، ومن الفساد الفساد الإنّي في وجه، والسنخي في آخر .(7)

ثم في كون النزاع هنا وفي المسألة السابقة في العامين من وجه، أو في المطلقين(8)، أو فيهما وفي الدلالة اللفظية أو العقلية، أو فيهما، وجوه تبلغ مضروبها ستة وثلاثين، أوجهها كون النزاع في المسألة السابقة في العامين من وجه في (9) الدلالة العقلية، وهنا

ص: 177


1- (بعض) ليست في (م)
2- في (م): الافراد
3- في (ك): في
4- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 357
5- أي العقود
6- فلو نذر بيع منّ من الحنطة في الفلا، ثم باعه فيه وهو مال الغير من غير إذنه، فبعد تعلق النّهي على هذا البيع لا يحصل الوفاء بالنذر ، فمن يقول بفساد العبادات بالنهي يقول به هاهنا؛ لشمول أدلته له، ولم يفرق من قال بالفساد بين الماهيات المخترعة للعبادة وغيرها، فاذن المراد من المعاملة معناها الأخصّ، فلا يشمل المثال المذكور والا لزم على القول بالدلالة على الفساد في العبادة دون المعاملة الحكم بالصحة هنا وهو تناقض
7- بمعنى أن الفساد المستفاد هل يستفاد بطريق كون عدم المنهي عنه شر عنه شرطاً في صحة المأمور به، فلايصح إذا أتى به في ضمن المنهي عنه عمداً كان أم جهلاً بالموضوع - أي الغصبية، أم المنهي لا يفيد الاشتراط، بل الحرمة فقط المستلزم للفساد عند تعلّق النهي ظاهراً وحين تعلّقه بالمكلّف وهو عند العلم بالموضوع مثلاً ، فلا يفسد الصلاة عند الإتيان بها في المغصوب جهلاً بالموضوع؛ إذ لا نهي، فلا فساد
8- في (ك): مطلقين
9- في (ك): وفي

في العامّين من وجه، وفي المطلقين لكن في الدلالة اللفظية ، فتأمل .(1)(2)

ثم إنه بين اتفاقهم في بحث المطلق والمقيد على حمل الأول على الأخير مطلقاً، كما حكي(3)، وخلافهم هنا على أقوال شتى تناقض بين(4)، بل تكرار في العنوان أيضاً، وقد يتفصّى عنه بوجوه، ليس شيء منها(5) بشيء.

ثم النهي المتعلق بالعبادة أو(6) المعاملة : إما يتعلق بنفسها، أو بجزئها، أو بشرطها، أو بوصفها الداخل، أو الخارج، أو بشيء مفارق متحد معها في الوجود، أو غير متحد.(7)

وما عدا الأول من تلك الأقسام السبعة يجري فيه تلك السبعة، فترتقي إلى ثلاثة وأربعين، فاستخرج أمثلتها.

ويعم النزاع كل أقسام النهي من النفسي، والتوصلي، واللفظي، واللبي، فتأمل.

والأصلي دون التبعي، كما يظهر من الثمرة التي ذكروها في بحث اقتضاء الأمر النهي عن ضده.(8)

وثمرة هذا النزاع ظاهرة.

ص: 178


1- في (م) فتدبر
2- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 5
3- ينظر : مطارح الأنظار للأنصاري: 286/2
4- (بين) ليست في (ك)
5- (شيء منها) ليست في (ك)
6- في (ك): و
7- القوانين المحكمة للقمي: 358/1
8- وهي أنه إن قلنا بالاقتضاء فسد الضد إن كان عبادة، والا فلا يفسد

[تأسيس الأصل]

والأصل في المسألة عدم الدلالة على الفساد، ولا على الصحة؛ لأصالة التوقيفية(1)، وأصالة عدم التخصيص والتقييد.(2)

[المختار في المسألة]

والحق فيها: أن المنهي عنه لنفسه من العبادة يدل النهي على فساده(3) اتفاقاً(4)، عقلاً، بل(5) ولفظاً؛ لفهم العرف.

والمنهي عنه لجزئه إن كان نهيه لفقد الجزء فسد اتفاقا، لا للنهي، بل للفقد فهو خارج عن النزاع، أو لفساد الجزء الموجود مع تعلق النهي بطريق التقييد، ك-(لا تصل مع قراءة العزيمة)، أو بطريق تعلق النهي بالجزء مستقلاً، مع تعيين المحل ك-(لا تقرأ العزيمة في الصلاة)، أو بدون تعيينه كقوله (لا تقرأ العزيمة) بعد قوله (اقرأ في الصلاة)، فالكلام فيه من جهة العقل ما مضى في المسألة (6) السابقة(7)، ومن جهة اللفظ أن العرف يفهم الاشتراط(8) ، بل يفهم التقييد أيضاً في القسمين الأولين من الثلاثة.

ص: 179


1- في الألفاظ والدلالات
2- فيما ورد فيه جهة صحة
3- في (ك): يدل على النهي فساده
4- ينظر: الوافية للتوني: 101
5- بل) ليست في (ك)
6- في (ك): مسالة
7- من أن العقل لا يمنع من قراءة العزيمة؛ لأن كلّي القراءة الذي هو جزء الصلاة مأمور به من حيث هو، والمكلّف بسوء اختياره أوجده في ضمن الفرد المحرم من جهة الخصوصية لا من جهة الكلّي الموجود في ضمنه
8- أي: يفهم أن هذا الفرد والكلّي الموجود في ضمنه ليس مطلوباً، ويفهم أيضاً ان عدم العزيمة شرط في صحة الصلاة، فيحكم بالفساد من هاتين الجهتين

وفي المنهي(1) عنه لشرطه يتصوّر تلك الأقسام(2)، وتجري فيه تلك الأحكام، الا في القسم الأخير، إذا كان نفس الشرط معاملة، فلا يفهم الفساد عرفاً .

والمنهي عنه(3) لوصفه(4) الداخل كالمنهي(5) عنه الجزئه أقساماً وأحكاماً، عقلاً ولفظاً.

وفي المنهي عنه لوصفه الخارج وما بعده من القسمين، لا فساد عقلاً مطلقاً ولا لفظاً، إلّا إذا كان بطريق التقييد أو الاستقلال، مع تعيين المحل.(6)

ثم إن(7) النهي التبعي(8) والتوصلي لا يدلان على الفساد عرفاً، كما لا يدل النهي على الفساد في المعاملات (9) مطلقاً(10)، بحكم العرف، إلّا إذا كان المقتضي لصحة المعاملة منحصراً فيما يكون مضاداً للنهي فيفسد لا للنهي، بل لارتفاع المقتضي حينئذ.(11)(12)

ص: 180


1- في (ك) : النهي
2- فقد الشرط، ووجوده فاسداً بطريق تعلق النهي بطريق التقييد ، أو الاستقلال مع تعيين المحل، أو بدون تعيينه
3- (عنه) ليست في (م)
4- في (ك) : بوصفه
5- في (ك): كالنهي
6- فهم الفساد عرفاً
7- (ان) ليست في (ك)
8- كما اختاره صاحب القوانين: 1/ 212
9- وهو المشهور كما عن الفوائد الحائرية للبهبهاني : 173
10- نفسياً أم غيره، تعلق النّهي بنفس المعاملة، أم بجزئها، أم بشرطها، أم بغيرها
11- (حينئذ) ليست في (ك)
12- كقوله: احل الله البيع ؛ لفهم الفساد، لكن لا لأجل النهي، بل لأجل حصول المناقضة بين النهي والمقتضي فيفهم أن المراد حلية ما عدا صورة النهي

نعم في المحرّمات الأصلية الغير التبعية والتوصلية من المعاملات، يحكم بالفساد بعد تعلق النهي؛ لدليل خارج وهو الاستقراء (1)، وصحيحة زرارة(2)، وليس لسائر الأقوال ما يعتمد عليه .

ثم لو شك في كون المأمور به عبادة أم معاملة، ففي إلحاق المشكوك بأيهما وجهان.

ص: 181


1- فإنا وجدنا غالب المحرمات الأصلية من المعاملات فاسدة، بدليل خارج، فيلحق المشكوك بالغالب
2- عن أبي جعفر قال: سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده؟ فقال : ذاك إلى سيده إن شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما قلت : أصلحك الله إن الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد، ولا تحل إجازة السيد له. فقال أبو جعفر : إنه لم يعص الله، إنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جائز . (الكافي للكليني : 5/ 485)

أصل [في تعريف المنطوق والمفهوم]

عرّفوا المنطوق والمفهوم بتعاريف، لا يسلم شيء منها من الخلل في عكس، أو طرد، أو لزوم واسطة(1)، أحسنها أن المفهوم هو مدلول (2) اللفظ ثانياً بطريق الأولوية، أو مدلول يكون مخالفاً لما استفيد من اللفظ أولا؛ والمنطوق ما عدا ذلك.

ويرد عليه دخول دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه العام في المفهوم المخالف، و(3) ليس مفهوماً في الاصطلاح.

والحاصل: إن المعيار في المفهوم والمنطوق إمّا وجود الموضوع و(4) عدمه، أو وجود الحكم و(5) عدمه، أو وجودهما معاً في المنطوق وفقدهما معاً في المفهوم، أو وجودهما معاً(6) في المنطوق وعدم وجودهما معاً(7) في المفهوم، سواء وجد أحدهما (أم (8) لم يوجد شيء منهما، أو وجود أحدهما)(9) في المنطوق وفقدهما جميعاً في المفهوم ولا يخلو شيء منها عن المحذور.

ثم المنطوق: إما صريح كما في الدلالة المطابقية، أو غير صريح كما في الالتزامية(10)،

ص: 182


1- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 512/2 ، إرشاد الفحول للشوكاني: 33/2
2- في (م): المدلول
3- الواو ليست في (ك)
4- في (م) أو
5- في (م): أو
6- (معا) ليست في (ك)
7- (معا) ليست في (ك)
8- في (ك) : أو
9- ما بين القوسين ليست في (م)
10- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 851

وأمّا التضمنية فليست من الدلالة اللفظية حتى تدخل في المنطوق أو المفهوم(1)

ثم المنطوق الغير الصريح على أقسام المدلول عليه بدلالة الاقتضاء، أو التنبيه والإيماء، أو (2) (2)الإشارة؛ والأولى جعل دلالة الإشارة كالتضمنية؛ وفي(3) جعل مثل (أسد يرمي) من المنطوق الصريح، أو من دلالة الاقتضاء، وجهان.

ثم المفهوم إما موافق، أو مخالف، والأخير على (4) أقسام: كمفهوم الشرط، والصفة - أي المشتقات ومثل الوصف النحوي - ومفهوم القيد والحصر واللقب والزمان والعدد.(5)

ثم إنه لا يصح إرادة المفهوم المخالف بعد قيام القرينة على عدم إرادة المنطوق لا التزاما؛ لأنه محال بعد نفي المطابقة، ولا مطابقة مجازية؛ للاستنكار العرفي، وفي(6) المفهوم الموافق وجهان.(7)

ص: 183


1- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 385
2- في (م): و
3- (في) ليست في (ك)
4- في (ك): محل
5- للزيادة ينظر الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : 63/3 ، نهاية الوصول للعلّامة: 513/2
6- (وفي) ليست في (م)
7- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 147/2

أصل [في حجية مفهوم الشرط]

اشارة

في حجيَّة مفهوم الشرط مطلقاً(1)، أو في(2) خصوص الإنشاء(3)، (أو في خصوص)(4) الشرع(5)، أو عدمها مطلقاً(6)، أقوال.

اعلم أنّ الشَّرَط - محرّكة - العلامة، وقد يقال: شرط الحجام إذا شق الجلد بمبضعته ولم يدم وبالسكون - لغة - الإلزام و )(7) الالتزام.(8)

وفي عرفنا ما يتوقف عليه وجود الشيء، ولا يلزم من وجوده الوجود. وفي العرف العام يحتمل كونه حقيقة في السبب، أو في ملزوم الشيء، (أو في القدر المشترك بينهما، أو في الشرط المصطلح عندنا كما هو الأصل(9))(10)، أو في القدر المشترك بينه وبين السبب، وهذا أظهر.(11)

ص: 184


1- عليه الأكثر كما في أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 857
2- (في) ليست في (ك)
3- في كتاب الغيث الهامع : 132 : وهذا ماخوذ من كلام ابن الحاجب في اثناء الاستدلال
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- حكاه في مفاتيح الأصول: 206 من دون نسبته إلى أحد بعينه
6- اختاره السيد المرتضى في الذريعة: 294 ، والشيخ في العدة: 206/1، وابن زهرة في الغنية: 2/ 339، والحر العاملي في الفوائد الطوسية : 279 ، والآمدي في الإحكام: 84/3، وحكاه عن القاضيين وأبي عبد الله البصري
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- ينظر : العين للفراهيدي: 905/2 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي : 620 ، لسان العرب لابن منظور : 827 ، مجمع البحرين للطريحي : 257/4
9- في (م) للأصل
10- ما بين القوسين ليست في (ك)
11- ينظر إشارات الأصول للكرباسي : 137 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 421/2

وفي عرف النحاة يطلق على ما تلا حرف الشرط في الجملة(1)، لكن في مثل ما تلا (ان) الوصلية، وفيما لم يكن سبباً، بل ملزوماً مثل إن كان هذا إنساناً كان حيواناً ، وجهان.(2)

ثم إن الهيئة التركيبية المصدرة بأداة (3) الشرط قد تطلق ويراد بها التعميم(4)، أو السببية (5) ، أو استلزام وجود الأول لوجود الثاني(6)، أو ذلك إرادة كشف مع انتفاء الثاني عن انتفاء الأول(7)، أو يراد بها توقف الحكم بالجملة الثانية على وجود الأولى.(8)(9)

[تحرير محل النزاع]

ثم لا ريب في عدم كون لفظ(10) الشرط ولا الشرط الأصولي محلا للنزاع، بل محله الشرط النحوي في الدلالة اللفظية أصلها ، لا كيفيتها (11)، ولا في الدلالة العقلية، أعمّ من الحروف والأسماء المتضمنة لمعانيها، وما (12) إذا كان الجزاء إخباراً أم إنشاءً، وفي

ص: 185


1- الكليات للكفوي: 445
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 151/2
3- في (ك) : بإرادة
4- كما في (إن) الوصلية نحو : إن عملت خيراً تجز به وإن كان مثقال ذرة . وإن كان مثقال ذرة
5- سببية الأول للثاني، أعني: لزوم انتفاء الثاني من انتفاء الأول، ووجود الثاني من وجود الأول
6- من دون نظر إلى أن انتفاء الأول مستلزم لانتفاء الثاني، أو انتفاء الثاني كاشف عن انتفاء الأول
7- كقوله تعالى: «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا» سورة الأنبياء: 22
8- في (ك): الأول
9- لا توقف نفسها عليه، كقولك ان نزل الثلج فالزمان شتاء
10- فى (ك) : اللفظ
11- لأن المبحث من المبادئ اللغوية، ومن شانها كون النزاع لغوياً ولفظياً لا عقلياً
12- في (ك): وأما

إفادة الهيئة التركيبية المفهوم ،وعدمها، لا في إفادة أداة(1) الشرط ذلك.

[تأسيس الأصل]

ثم مقتضى أصالة التوقف(2)، وعدم الوضع للمفهوم (3) إن اعتبرنا هذا الأصل، وأصالة البراءة فيما إذا كان المفهوم مخالفاً للأصل، وأصالة عدم التقييد والتخصيص(4) فيما إذا كان المفهوم (مخصصاً أو مقيداً لدليل معارض ، عدم دلالة اللفظ على المفهوم)(5)، مضافاً إلى أصالة الاشتراك المعنوي.

ثم الحق الحجية مطلقاً؛ للتبادر، والدلالة التزامية(6)، والدالّ(7) على السببية والتعليق هو أداة (8) الشرط لا الهيئة ،التركيبية والدلالة العقلية مفقودة للأصول الأربعة.

ويشترط في وجود المفهوم المخالف عدم كون المخالف أولى بالحكم المذكور، فلو قال : ( إن أهانك زيد فلا تهنه ) لم يكن له مفهوم مخالف.

ثم إنّ(9)المواد - كلفظ الوجوب - إذا وقعت جزاء الشرط، فمفهومها سلب الحكم المذكور عن غير المنطوق سنخاً عيناً وتخييراً (10)؛ للتبادر ، وكذا الهيئات.

ص: 186


1- (اداة) ليست في (ك)
2- أي: أصالة عدم الدلالة
3- أي: عدم كونه ملتفتاً إليه
4- التخصيص والتقييد
5- ما بين القوسين ليست في (ك).
6- لا تضمنية
7- في (ك) : والدلالة
8- في (ك) : إرادة.
9- في (ك) : ان لفظ
10- في (ك): عينيا وتخييرياً

ثم قد شرطوا في حجية مفهوم الشرط عدم وروده مورد الغالب، وقد علّله بعض من عاصرناه(1)(2) بأن النادر(3) انما هو المحتاج حكمه إلى التنبيه، والأفراد الشائعة تحضر في الأذهان عند الإطلاق، فالنكتة في الذكر لا بد وأن يكون شيئاً آخر، لا تخصيص الحكم بالغالب.

وفيه نظر من وجوه خمسة(4)، والأوجه أن يقال: إن ذلك لعدم فهم العرف المفهوم حينئذ، كما لا يفهمون الوجوب من الأمر الوارد عقيب الحظر، مع كونه موضوعاً للوجوب.

والسر فيه: أن أهل العرف ينزلون النادر منزلة المعدوم، ويفهمون من تلك الجملة الواردة مورد الغالب الكلية في الوقوع فلا يبقى حينئذ انتفاء الشرط حتى يفهم انتفاء الجزاء، ونكتة التعليق حينئذ تختلف باختلاف المقامات، ولعل الغالب إرادة انتفاء الكلفة والمشقة في السعي.

[ثمرة المسألة]

ثمَّ إن ثمرة وجود المفهوم تظهر فيما كان مخالفاً للأصل(5)، أو معارضاً مع دليل آخر(6)، ولا يكون ذلك من باب المطلق والمقيد كما توهم(7)، ولا ثمرة لنا من حيث

ص: 187


1- في (ك): عاصرنا
2- المحقق القمي في القوانين المحكمة: 407/1
3- في (م): التبادر
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 2/ 167
5- كقوله: (لا زكاة في الغنم إن كانت معلوفة)، فالقائل بالحجّية يقول بوجوب الزكاة في السائمة، والقائل بعدمها يقول ان السائمة مسكوت عنها
6- كما لو قال : (أكرم العلماء)، ثم قال : ( أكرم العلماء إن كانوا فقهاء)، فمفهوم الأخير يعارض الأوّل في غير الفقهاء، والأخير خاص والأول عام، فيلاحظ المرجحات بينهما على القول بالحجية، وأما على القول بعدم الحجيّة فيكون الثاني تأكيداً لجزء مفاد الأول، ويعمل بهما معاً
7- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 409/1

نالفحص وعدمه.(1)

ثم لا خلاف في مخالفة المفهوم (للمنطوق كيفاً، وأما كما ففيه وجهان.(2)

والأصح أن المعيار نقل الألفاظ الموجودة في المنطوق بعين تلك المعاني المرادة من تلك (الألفاظ إلى المفهوم)(3) مع تغيير الكيف، فما فهم من تلك الألفاظ)(4) حينئذ لو تكلم بها متكلم فهو المفهوم، وهذا يختلف بحسب الأمثلة والمقامات.(5)

ص: 188


1- دفع إيراد مفاده أنه على فرض عدم حجّية المفهوم لا يحتاج فيما إذا وافق الأصل إلى الفحص عن المعارض في إثبات الحكم، بخلاف ما إذا لم يكن حجة، فإنه لا بد في العمل بالأصل من الفحص عن المعارضات الدافعة للأصل
2- فلو قال: (كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب)، فهل مفهومه أنه كل ما لا يؤكل لحمه لا يتوضأ من سؤره، أو المفهوم هو ليس كل ما لا يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره، فعلى الأوّل المفهوم سالبة كلية، وعلى الثاني سالبة جزئية
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 1 / 410 ، مطارح الأنظار للأنصاري: 43/2

أصل [في حجية مفهوم الوصف]

اشارة

في حجية مفهوم الوصف مطلقاً(1)، أو إذا استفيد من الكلام علية الصفة(2)، أو (3) عدمها مطلقاً(4)، أو الوقف(5)، أقوال.

وتظهر الثمرة وتأسيس الأصل مماسبق في الشرط.

[تحرير محل النزاع]

وأما محل النزاع فيحتمل أن يكون مطلق القيد حتى قيد الحكم(6)، أو خصوص المشتق وإن لم يكن صفة(7) ، أو الصفة النحوية(8) ، (أو قيد الموضوع وإن كان جملة، وهو الأظهر، فيدخل الصفة النحوية)(9) جملة ومفردة، ونحو في السائمة زكاة ، ويخرج الحال ونحوه مما هو قيد الحكم.

ص: 189


1- اختاره الشهيد في الذكرى: 53/1 الشافعي ومالك، وأحمد بن حنبل، وأبو الحسن الأشعري، وجماعة من الفقهاء والمتكلّمين، وأبو عبيد، وجماعة من أهل العربية على ما حكاه العلّامة في نهاية الوصول: 470/1
2- اختاره العلّامة في نهاية الوصول: 1/ 471
3- في (م): و
4- اختاره السيد في الذريعة : 286 ، والشيخ في العدة: 206/1 ، وابن زهرة في الغنية : 336/2، والمحقق في المعارج: 70 ، وصاحب المعالم : 113 ، وأبو حنيفة وأصحابه، والقاضي أبو بكر، وابن سريج، والقفّال، وجماهير المعتزلة على ما حكاه العلّامة في نهاية الوصول: 470/1
5- يظهر من ابن الحاجب في المختصر : 949/2 ، والمحقق القمي في القوانين: 406/1
6- فيدخل نحو جاءني زيد راكباً، وفي الغنم السائمة زكاة، وجاءني رجل عالم
7- فيدخل نحو في السائمة زكاة، وفي الغنم السائمة زكاة، وجاءني زيد راكباً، وتخرج الجملة الوصفية
8- فيخرج نحو جاءني زيد راكباً، وفي السائمة زكاة
9- ما بين القوسين ليست في (م)

ثم إن علم إرادة المفهوم أو عدمها بقرينة خارجية، وإلّا فالوقف؛ لحكم العرف، نعم فيه (1) إشعار بالعليّة، لكنه لا يبلغ رتبة الحجية وليس للخصم ما يعوّل عليه.(2)

ثم إنهم في رفع التناقض المتوهم(3) بين قول المشهور بعدم(4) حجية الوصف وقولهم بوقوع الاتفاق على حمل(5) المطلق على المقيد في المثبتين ذكروا وجوهاً: مثل ان النزاع هنا (6) فيما سوى المسبوق بالمطلق(7)، أو (8) إن الحمل لقاعدة الشغل، أو لتقديم النصّ على الظاهر عند التعارض (9)، وفي الكل كلام.

والأحسن أن يقال: إن الحمل لفهم العرف.(10)

ثم مفهوم قوله : (في الغنم السائمة زكاة) هل هو انتفاء الحكم عما اتصف بالوصف المقابل من أفراد ذلك الموضوع، أو انتفاؤه عن ذلك الموضوع عند انتفاء ذلك الوصف وإن لم يتصف بالوصف المقابل، أو انتفاؤه عن الفرد المتصف بالوصف المقابل وإن لم يكن من أفراد ذلك الموضوع، أو انتفاؤه عند انتفاء ذلك الوصف من هذا الموضوع أو غيره، أو انتفاؤه عما لم (11)يتصف بذلك الوصف من أفراد ذلك الموضوع،

ص: 190


1- (فيه) ليست في (ك)
2- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف : 189/2
3- ينظر: زبدة الأصول للبهائي: 381
4- في (ك) : بعد
5- (حمل) ليست في (م)
6- (هنا) ليست في (ك)
7- الجواب للشيخ البهائي في الزبدة: 381
8- في (م): و
9- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 188/2 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 221
10- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 2/ 190
11- (لم) ليست في (ك)

اتصف بالوصف المقابل أم لا؟ ، وجوه، أوجهها الأخير؛ للتبادر.

ثم إذا كان فاقد الوصف أولى بحكم المنطوق ، فلا مفهوم يخالفه مطلقاً(1)، واذا ورد الوصف مورد الغالب (2) ففي كونه كمفهوم الشرط وجهان، أظهرهما العدم؛ للعرف.(3)

ثم في اشتراط المخالفة هنا بين المفهوم والمنطوق كما، أم(4) الموافقة، احتمالان.

والأصح الرجوع إلى المعيار المتقدم في الشرط، ولازمه اختلاف المقامات.

ص: 191


1- بل يتبادر حينئذ وجود المفهوم الموافق، فيفهم مفهوم الموافق حينئذ؛ لتعارض قرينة الأولوية مع اقتضاء وضع اللفظ المفهوم المخالف على القول بالحجيّة، فتصرف تلك القرينة ظاهره
2- كقوله تعالى: «وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» سورة النساء: 23 ، فالغالب في الربائب كونهن في الحجور
3- في (ك) للفرق
4- في (ك): ان

أصل [في حجية مفهوم الغاية]

اشارة

في دلالة اللفظ على(1) دخول الغاية في المغيّى(2) ، أو على عدم دخولها فيه(3)، أو (2)، الأول مع وحدة الجنس و(4) الثاني مع عدمها (5)، أم الوقف(6)، أقوال، والأخير محتمل؛ للوقف في أصل الدلالة، أو في كيفيتها.

ثم في حجية مفهوم الغاية وعدم حجيته قولان.(7)

اعلم أن الغاية تطلق على الفائدة، وعلى المسافة، وعلى النهاية، والمراد هنا.

[ثمرة المسألة]

وثمرة النزاع الأول (تظهر في مثل الآية الشريفة: «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِق»(8) ،

ص: 192


1- (على) ليست في (ك)
2- حكاه الرضي في شرح الكافية : 4 / 221 عن بعضهم
3- اختاره نجم الأئمة في شرح الكافية: 221/4، وابن هشام في المغني: 96/1، بل عليه أكثر المحققين على ما ذكره الشهيد الثاني في التمهيد 425
4- الواو ليست في (م)
5- حكاه الرضي في شرح الكافية 221/4 عن بعضهم، قيل هو المبرد (هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 2/ 515)
6- يظهر من الزمخشري في الكشاف: 1/ 644
7- المشهور والذي عليه أكثر المحققين الحجية، وذهب جماعة منهم السيد المرتضى في الذريعة 295 والشيخ في العدة: 478/2 و من العامة الآمدي في الإحكام: 3/ 88 ونسبه إلى أصحاب أبي حنيفة وجماعة من الفقهاء والمتكلمين إلى عدم الحجية
8- سورة المائدة : 6 فإن قلنا المرفق مجمع العظمين، ظهر الفائدة بين القول بالدلالة على عدم الدخول وعكسه والسكوت، فعلى الأوّل لو قطع اليد و بقى المرفق لم يجب غسله

والثاني في مثل)(1) قوله تعالى: «وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ».(2)

[تأسيس الأصل]

ثم الأصل في الأول عدم الدلالة على الدخول ولا على الخروج؛ لتوقيفية الألفاظ، ولأصل (3) البراءة ولو في بعض الموارد، ولأصالة عدم التخصيص والتقييد وأصالة عدم الإرادة، وعدم الوضع - ان اعتبرناهما - وكذا في الثاني.

ثم الحق في النزاع الأول : هو الوقف بالمعنى الأول؛ لأنا بعد الاستقراء وجدنا المقامات بحسب القرائن متفاوتة، ولم نجد موضعاً يفهم منه عند فقدها الدخول أو(4) الخروج أو السكوت.

ولو قال المفصل : انه مع التجانس لا بد من الإدخال مقدمة .(5)

قلنا: إن العقل لا يثبت اللغة، بل هذا الدليل على خلاف مقصوده أدلّ(6)، بل عند فقد ذي المقدمة، بل المقدّمية قد تقتضي الخروج، بل قد يجري ذلك مع اختلاف الجنس أيضاً.(7)

ثم إن أداة(8) الغاية ك-(إلى) وحتى هل هي لبيان غاية الشيء كمّاً، أم كيفاً

ص: 193


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- سورة البقرة : 222 فإن قلنا بمخالفة ما بعد الغاية لما قبل الغاية جاز المقاربة، وإن قلنا بالسكوت حرمت لاستصحاب الحرمة
3- في (ك): والأصل
4- في (م): و
5- لعدم حصول التمييز بينهما
6- لأنّ الادخال من باب المقدمة معناه عدم الدخول أصالة، ولازمه مع عدم الاشتباه لا يدخل
7- كما في الآية الشريفة «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ» سورة البقرة: 187، فيجب إدخال جزء من الليل من باب المقدمة، فلا وجه لتخصيص الإدخال بالمتجانسين
8- في (ك) : إرادة

أيضاً(1)، الحق (2) اختلاف المقامات في ذلك، ففي مثل الأمر بالغسل لا يفهم إلا الأول، فلا دلالة في آية الوضوء على مقصود العامة.

والحق في النزاع الثاني : الحجيَّة(3) كما عليه المعظم، بل نقل عليه الإجماع(4) للتبادر.

وهل الدال على وجود الحكم ما قبل الغاية وانتفائه ما(5) بعدها هو الأداة، أم الهيئة، أم الدال على النفي (6) الهيئة وعلى الإثبات الأداة، أم العكس؟، وجوه، اوجهها الأخير.(7)

ص: 194


1- ففي الآية الشريفة «فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» سورة المائدة: 6، هل يكون (الى) لبيان منتهى المغسول أم لبيان الغسل أيضاً ، فإن قلنا بالأوّل فلا دلالة في الآية الشريفة على لزوم الابتداء من الأصابع والانتهاء إلى المرافق، بل الآية الشريفة بالنسبة إلى كيفية الغسل حينئذ مطلقة، وان قلنا بالثاني ففيها دلالة على ذلك
2- في (ك): والحق
3- (الحجية) ليست في (م)
4- ينظر: أنيس المجتهدين للنراقي: 866/2
5- في (ك) : عما
6- في (م): نفي
7- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 2/ 211

أصل [في مفهوم الحصر و غيره]

مفهوم الحصر حجة(1)؛ للتبادر .

وأسبابه كثيرة:

منها : كلمة (إنما) ، فمع تقديم الموصوف كان من قصر (الموصوف على الصفة ك-(إنما زيد قائم أو الصفة كان من قصر)(2) الصفة على الموصوف ك-(إنما القائم زید).(3)

ومنها: تقديم الخبر، أو إدخال اللام عليه، أو تعقب(4) المبتدأ بضمير الفصل، أو إدخال اللام على المبتدأ، إلى غير ذلك.(5)

ومما مرَّ يظهر الحال في مفهوم القيد واللقب والعدد، والزمان والمكان فالمعيار في الكل العرف العام.(6)

ص: 195


1- ينظر: أنيس المجتهدين للنراقي: 868/2 ، القوانين المحكمة للقمي: 1 / 420
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- في القوانين: 426/1 ؛ فالأشهر الأقوى فيه الحجية عرفاً، ونقله الفارسي عن النحاة وصوّبهم؛ وكذلك لغة
4- في (ك) : تعقيب
5- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 869
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 217/2

أصل [في تعريف العام]

اعلم أن العام يطلق على الكلي المنطقي، وعلى كلي يكون النسبة بينه وبين الشيء عموماً من وجه بحسب المورد لا المصداق، والعموم يطلق على العموم الاحتمالي وعلى الشمول، وعلى الاستغراق المستفاد من اللفظ، أو العقل.

ثم إنهم عرفوا العام المصطلح بتعاريف(1) ، والأصح أنه اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق(2) أجزائه، أو جزئياته، أو أجزاء جزئياته(3)

وهو مشترك معنوي بين هذه لا لفظي؛ لأصالة عدم تعدد الوضع، وللتبادر وصحة السلب عن خصوص المجموعي، أو الأفرادي، والقدر المشترك مطلق الدال على الاستغراق.

وهل هو حقيقة في اللفظ الدال بالوضع على الاستغراق كما هو ظاهر التعريف، أو في اللفظ الدال عليه بالوضع أم بغيره، أو في الدال على الاستغراق باللفظ أم بغيره، ليدخل مثل ترك الاستفصال ؟ وجوه.(4)

ثم في كون دلالة العام على العموم مطابقة، أم تضمناً، أم التزاماً، احتمالات والحق أن المقامات مختلفة.

ص: 196


1- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 2/ 109 ، زبدة الأصول للبهائي: 123، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 144/3
2- في (ك): الاستغراق
3- هذا الحد للبهائي في الزبدة: 125 ، لكن زاد عليه المصنف: (أو أجزاء جزئياته)
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 48

أصل [في أن للعام صيغة تخصه]

الأصحّ أن للعامّ صيغة تخصه بحيث لو استعملت في غيره كان مجازاً؛ لوجوه كثيرة ، أقواها التبادر ، ويعضده أو يؤيده قصة ابن الزبعرى (1) ، وليس للمنكر ما يصغى إليه.(2)

أصل [في الجمع المحلّى باللام]

الجمع المحلّى يطلق على العهد الخارجي(3) والذهني(4)، وجنس الجمع(5)، و جنس المفرد (6) ، والاستغراق الجمعي أو المجموعي أو الأفرادي(7)، وهو مجاز فيما عدا العهد الخارجي والاستغراق(8) ؛ لوجود علائم المجاز فيها ، و (9) حقيقة في

ص: 197


1- قصة ابن الزبعرى مع النبي ذكرها المفسرون عند قوله تعالى في سورة الأنبياء: 98: «إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ» سورة الأنبياء: 98؛ حيث إنّ النّبي لم يقل له إنّ لفظ ( ما ) لا يفيد الظنّ بالعموم، بل أجاب بكونه لغير العاقل
2- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 2/ 129
3- كقولك: أكرم هؤلاء الرجال
4- كقوله تعالى: «إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً» سورة النساء: 98 ، جعلنا الجملة الفعلية صفة للمستضعفين، فيكون المراد منه معنى النكرة فيصح توصيفه بالجملة فيكون العهد ذهنيّاً؛ لأنه في المعنى كالنكرة قد يجري فيه أحكام النكرات، وقد يجري أحكام المعارف
5- كقوله تعالى: «الرَّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ» سورة النساء: 34
6- كقولك: فلان يركب الخيل
7- كقوله تعالى: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» سورة البقرة: 195
8- ينظر العدة للطوسي: 1/ 291
9- الواو ليست في (ك)

الاستغراق اتفاقاً(1)؛ لوجود علائم الحقيقة فيه، وفي كونه حقيقة في العهد الخارجي أيضاً(2)، مشتركاً بينه وبين الاستغراق لفظاً، أم معنى، أم(3) مجازاً، فيه وجوه.

ثم المتبادر منه في الإثبات الاستغراق المجموعي، كقولك (للرجال علي درهم)، فتأمل.

وفي النفي الأفرادي.(4)

ثم الدال هو الهيئة التركيبية، لا إنه ذو دلالتين، والجمع المضاف(5) كالمحلى في الإطلاقات والمقامات.

ص: 198


1- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 156/2 ، القوانين المحكمة للقمي: 450/1
2- قد يقال : إن احتياج العهد الخارجي إلى القرينة بحيث لولاها لفهم الاستغراق دليل على كونه مجازاً في العهد؛ لاحتياج المجاز إلى القرينة
3- في (ك): أو
4- كقولك: لا تكرم الرجال
5- كقولك : عبيدي أحرار

أصل [في المفرد المحلّى باللام]

المفرد المحلّى يطلق على الجنس(1)، والاستغراق (2)، والعهد الخارجي(3) والذهني.(4)

اعلم أن المادة المجردة عن اللواحق موضوعة على الأصح لا مهملة كما يظهر من بعض(5)، وذلك للأصل، فتأمل.

وللتبادر، ولأن المتبادر منها في ضمن اللواحق دلالتان ومدلولان، والموضوع له المادة هو الماهية اللابشرط ؛ لظهور الوفاق من القائلين بوضعها (6)، وللتبادر.

وأما أخذ الوحدة في تعريف اسم الجنس(7) ففاسد بجميع تقاديره المتصورة.

ثم الحق أنّ المفرد المحلّى حقيقة في الجنس؛ للتبادر ، ولأنه مقتضى الوضع الأفرادي في جزئي المركب، والوضع الجديد منفي بالأصل.

وفي العهد الخارجي وجهان.

لا في الاستغراق؛ للتنافر (8)، وعدم اطراد الاستثناء، ولأنه إن كان حقيقة خاصة فيه نفاه تبادر الغير ، أو مشتركاً لفظياً بينه وبين الجنس نفاه الأصل، أو معنوياً

ص: 199


1- كقولك: «الصلاة خير موضوع»
2- كقولك: أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الصفر
3- كقولك: أكرم الرجل. مشيراً إلى حاضر
4- الذي هو في المعنى كالنكرة ، كقولك: امر على اللئيم يسبني
5- لم نقف على هذا البعض
6- ينظر : مفتاح العلوم للسكاكي: 197 ، أنيس المجتهدين للنراقي: 672/2 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 162
7- كما عن صاحب إشارات الأصول : 254
8- عرفاً بالنسبة إلى المادة

نفاه الحصر العقلي، وبيانه موكول إلى المطولات.(1)

ولا في العهد الذهني للتنافر، ونحو(2) الحصر المتقدم.

وأما التمسك في إثبات عمومه في بعض الموارد بدليل الحكمة(3)، فواه جداً؛ إذ مع فهم العرف العموم لا حاجة إليه، ومع عدمه لا ينفع(4)، مضافاً إلى ما في تقريره من القصور.

وهل هو ذو دلالة ومدلول(5)، أو ذو دلالتين ومدلولين؟ وجهان.

ثم الدال على الطبيعة هو المادة، وعلى الزيادة هل هو اللام، أو الهيئة التركيبية؟ احتمالان

ثم اللام موضوعة لمطلق الإشارة كوضع المبهمات(6)، فهي حقيقة(7)، سواء أشير بها إلى الجنس أو الفرد.

ثم لو استعمل المحلى في الاستغراق أو العهد الذهني، فهل اللام حينئذ مستعملة في الإشارة أيضاً أم لا؟، وعلى الأخير هل (8) هي هي مهملة أم(9) مستعملة؟، وجوه.(10)

ص: 200


1- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 76/3
2- في (ك) وبنحو
3- كما عن صاحب المعالم : 148
4- فلا عبرة بتلك القرينة العقلية الخفية التى لا يدركها المخاطب، فإن الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه مع عدم القرينة المفهمة قبيح
5- فيكون كل من اللام والمدخول جزء دال
6- فالوضع فيها عام والموضوع له خاص
7- في :(م) حقيقة فيها
8- في (م) فهل
9- في (ك): أو
10- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 80/3

أصل [في المفرد المضاف]

المفرد المضاف(1) يستعمل في الأربعة (2) المتقدمة، وفي إفادته العموم مطلقا (3)، أو (4) إن كان مصدراً، أم لا مطلقاً(5)، أقوال.

والأصح أنه كالمفرد المحلى (6)، والدليل الدليل.

ص: 201


1- نحو (ضربي زيداً قائماً)
2- في (م): الأوجه
3- كما عليه الرازي في المحصول: 1/ 278
4- في (م): و
5- حكاه الرازي عن ابن جني في المحصول: 1/ 185 ، وينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 68 ، زبدة الأصول للبهائي: 268
6- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 221/3

أصل [في المفرد المنون]

المفرد المنوّن يطلق على العموم(1)، فتأمل.

وعلى فرد معين(2)، أو منتشر (3)، وعلى الجنس(4)، وهو مجاز في الأولين اتفاقاً؛ لتبادر غيرهما.

و(5) في كونه حقيقة في الأخيرين مشتركاً بينهما لفظاً، أم معنى أم حقيقة في أحدهما خاصة، وجوه.(6)

لكن لا شك في كون التنوين للتمكن أينما وجد، حتى في النكرات وأسماء الأجناس، فهو علامة الجريان الإعراب وتمامية الاسم(7)، وأما عدّهم تنوين التمكن مقابلاً للتنكير، فمرادهم التمكن بشرط لا(8) ، لا مطلق التمكن.

ثم المتبادر من مثل (رجل) الفرد المنتشر(9)، و(10) في كون الدال عليه هو(11)

ص: 202


1- كقوله تعالى: «وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً» سورة الفرقان: 48
2- كقولك : أكرم رجلاً، ثم تقول : أكرم زيداً، ومن هذا الباب التقييد بالمنفصل
3- كقولك: أكرم رجلاً
4- كقولك: جاءني رجل لا امرأة
5- الواو ليست في (ك)
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 85
7- ينظر : شرح الرضي على الكافية : 1/ 34
8- من الدلالة على الفرد المنتشر في نحو زيد
9- ينظر إشارات الأصول للكرباسي: 261 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 160
10- الواو ليست في (ك)
11- في (ك): في

التنوين أو المنون أي (1): الهيئة، فيكون هنا دوال هي المادة، والتنوين، والهيئة؛ : ومدلولات هي الطبيعة، والتمكن ، و (2)الفرد المنتشر، وجهان، أقواهما(3) الأخير؛ للتبادر.(4)

ولو استعمل في الجنس فلا مجاز(5) ، بل الهيئة حينئذ خلت عن الاستعمال.(6)

أصل [في الجمع المنكر]

اشارة

الجمع المنون(7) كالمفرد المنون(8)، يستعمل في الاستغراق(9)، فتأمل.

وفي جمع معين (10)، أو غير معين(11)، وفي جنس الجمع(12)، وهو مجاز في الاستغراق والجمع المعين اتفاقاً (13)، وفي كونه حقيقة في الأخيرين، مشتركاً بينهما لفظاً، أم معنى،

ص: 203


1- في (ك): أو
2- في (ك): في الفرد
3- في (ك): أقواها
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 86/3
5- لاستعمالها في معناها
6- لا في معناها ولا في غيره، فلا تكون حقيقة ولا مجازاً ، فلا مجاز في قولك: أسد علي وفي الحروب نعامة، ومعناه هو معنى المادة الخالية عن كل اللواحق
7- في (ك) : المنكر
8- ( كالمفرد المنون) ليست في (م)
9- كقولك: أحل الله بيوعاً
10- كقولك: أكرم رجالاً، ثم تقول: أكرم زيداً وعمراً وبكراً
11- كقولك: أكرم رجالاً
12- كقولك : هؤلاء رجال لا نساء
13- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 720

أم في أحدهما خاصة، احتمالات.

[المختار في المسألة]

والحق أنه حقيقة في الجمع المنكر، بنحو ما مرَّ في المفرد المنون مختاراً ودليلاً.(1)

أصل [في أقل ما يطلق عليه الجمع]

اشارة

أقل ما يطلق عليه الجمع هل هو اثنان(2)، أو ثلاثة (3)(4)، أو غير ذلك(5)؟ أقوال.

والنحاة جعلوا أقل جمع الكثرة أحد عشر ، وأكثره ما فوق ذلك، وأقل جمع القلة ثلاثة، وأكثره عشرة.(6)

[ تحرير محل النزاع]

ومحل الكلام مصداق الجمع لا لفظه، ولا الجمع بمعنى الجماعة.(7)

ص: 204


1- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف : 91/3
2- اختاره الشيخ المفيد في التذكرة: 33 ونسبه الرازي في المحصول : 2/ 500 إلى جمع من الصحابة والتابعين، والغزالي في المستصفى : 2/ 92 ونقل استدلال القاضي عليه
3- اختاره السيد المرتضى في الذريعة 183 ، والشيخ في العدة 299/1 ، ونسبه إلى المتكلمين : وأكثر الفقهاء، والمحقق في المعارج: 88 والعلّامة في نهاية الوصول: 169/2 ، والرازي في الحصول: 2/ 500 ، ونسبه إلى أبي حنيفة والشافعي، وحكاه الآمدي في الإحكام: 2/ 435 عن ابن عباس ومشايخ المعتزلة وجماعة من أصحاب الشافعي، وفي المنية: 496/1 انه مذهب المحققين
4- في (ك، م): ثلاثة أو اثنان
5- ذهب إمام الحرمين إلى أنه لا يمتنع رد لفظ الجمع إلى الواحد (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : 2/ 435)
6- ينظر : شرح ابن عقيل : 415/2 ، شرح الرضي على الكافية: 3/ 317
7- ينظر: الإحكام للآمدي : 435/2 ، القوانين المحكمة للقمي : 503/1

[المختار في المسألة]

والحق الأول(1)؛ للتبادر وصحة السلب والتكذيب(2)، وذم العقلاء(3)، والأصل، وتفصيل النحاة يأباه العرف؛ للتبادر، وعدم صحة السلب.

أصل [في ترك الاستفصال]

قال الشافعي ترك الاستفصال في مقام جواب السؤال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال(4)، وعنه أيضاً : ان حكايات الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال، کساها ثوب الإجمال، وسقط بها الاستدلال.(5)

والفرق بينهما كون الأول في المسبوق بالسؤال من حيث انه مسبوق بالسؤال، بخلاف الأخير.(6)

أما الكلام في الأول، فاعلم انه إذا كان السؤال عما وقع، وكان الإجمال في عارض (7) مراد السائل(8) وعلمنا بعدم علم المسؤول بالواقعة، فإن كان المطلق الواقع في كلام الإمام علیه السلام صريحاً أو تقديراً، كما هو محل الكلام متواطئاً أو مشككاً بالتشكيك البدوي، حمل على العموم بغير إشكال، أو مضراً إجمالياً، فكذلك؛ لإمكان

ص: 205


1- في (م): هو الأول
2- أي: صحة تكذيب من قال : في الدار ،رجال، بأن فيها رجلين لا رجال
3- لو أكرم رجلين بعد قول المولى أكرم رجالاً
4- حكاه عنه الرازي في المحصول : 511/2
5- حكاه عنه القرافي في الفروق : 92/2
6- القوانين المحكمة للقمي: 512/1
7- في (ك) : (معارض) بدل ( في عارض)
8- كأن يقول: وقع في بئر دارنا إنسان ، فأجاب انزح أربعين دلواً مثلاً

كون محل الحاجة ذلك الفرد المجمل ؛ لأن إرادته من المطلق من غير قرينة عليه جائزة عند العرف، فلو لم ينزل الجواب على العموم أمكن مخالفة الجواب للسؤال.

أو مبيّن ،العدم، لم يعمّ الجواب الفرد النادر ؛ لعدم صحة إرادته بلا قرينة، وإن شككنا في علمه نفيناه بالأصل فيلحق بما سبق فقاهة ، فتأمل.(1)

وإن علمنا بعلمه فقد حكموا حينئذ بالإجمال، حتى في المتواطئ فإن الكلام حينئذ إنما هو من حيث العلم والجهل، لا التواطؤ والتشكيك، بخلاف ما سبق؛ إذ احتمال مخالفة الجواب للسؤال هنا مرتفع، لكن في إطلاقهم الإجمال نظر، نعم لا بأس به في صورة اجتماع علوم خمسة، وهي: علم كلّ من الإمام والسائل بالواقعة، (وعلم كل بعلم الآخر بالواقعة، وعلم الإمام بعلم السائل بعلم الإمام بالواقعة)(2)، فتدبر.

وإذا كان(3) السؤال عما يقع، فمع التواطؤ والتشكيك البدوي العموم اتفاقاً ؛ لفهم العرف أو مبيّن العدم حمل على الشائع؛ لاحتمال مساواة الجواب للسؤال، (بل لا يحتمل غيره)(4)، أو مضراً إجمالياً ففي دخوله، أو عدمه، أو التفصيل، وجوه.

وإذا كان الشك لا (5) في عارض مراد السائل، كما لو وقع لفظ مشترك في السؤال، فإن كان في البين أشهر وأقرب حمل عليه، والا فإن علم الإمام بما وقع من المعاني (6)، أو بمراد السائل فيما يقع من المعاني، حكم بالإجمال، وإلا فإن علمنا بأن استعمال السائل كان بلا قرينة معيّنة، واجاب المتكلم من دون علمه بالمراد، حكمنا بالعموم في المعاني،

ص: 206


1- ينظر: أنيس المجتهدين للنراقي: 732/2 ، القوانين المحكمة للقمي: 512/1، ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 102
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- (كان) ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- (لا) ليست في (ك)
6- (من المعاني) ليست في (م)

لكن مع الشك في الاقتران بالقرينة المعينة يوم السؤال يحكم بالاقتران للغلبة المقدمة على الأصل، فيحكم بالإجمال.(1)

وأما الكلام في الثاني: فإما من جهة أن الفعل الصادر من المعصوم علیه السلام هل هو لازم الاتباع أم لا؟ ، فهذا داخل(2)في باب التأسي، خارج عما نحن فيه.

وإما من جهة جواز التعدي عن تلك الواقعة إلى غيرها، كما هي ما نحن فيه، فالحق عدم التعدي؛ لعدم الدليل.(3)

ص: 207


1- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 1922، ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 102
2- في (ك) فهذا إذا دخل
3- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 515

أصل [في عموم التشبيه والمنزلة]

اشارة

إذا قال: «الطواف بالبيت(1) صلاة»(2)، ففي إفادة التشبيه العموم مطلقاً(3)، أو(4) ان لم يكن في البين أظهر(5)، أو الإجمال مطلقاً(6)، أو (7)ان لم يكن أظهر(8)، أقوال.(9)

وقد يستدل على الأول بدليل(10) الحكمة، وهو قاصر.

[المختار في المسألة]

أقول : والحق انه إن كان أظهر حمل عليه، وإلا فعلى العموم إن كان المقام مقام البيان، (والا فالإجمال) (11)، وإن شك في كون المقام مقام البيان أو الإجمال، فالأول مع غلبة البيان والا فالإجمال

ومما مرَّ يظهر الحال في عموم المنزلة، والبدلية، وحذف المتعلق، والامتنان.(12)

ص: 208


1- في (ك) : في البيت
2- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 214/1
3- ينظر : التنقيح الرائع للسيوري: 130/3
4- في (م): و
5- اختاره الشيخ جعفر في كشف الغطاء: 1/ 178 ، وصاحب المناهل : 556 ، والمحقق القمي: 132/1
6- حكاه في القوانين : 1/ 132 من دون أن ينسبه
7- في (ك): و
8- اختاره المصنف في الضوابط : 3/ 138
9- ينظر إشارات الأصول للكرباسي: 290 ، ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 137
10- (بدليل) ليست في (م)
11- ما بين القوسين ليست في (م)
12- ينظر : الفوائد الحائرية للبهبهاني : 150 ، كشف الغطاء للشيخ جعفر: 1/ 177

أصل [في الخطاب الشفاهي]

اشارة

هل الخطاب الشفاهي يختص بالحاضرين(1)، أم يعمّهم والغائبين (2)، أم يعمهما والمعدومين(3)؟ أقوال.

اعلم أنه إذا ثبت حكم للمشافه (4) ، فالأصل اشتراك الغائب والمعدوم معه ، بالإجماع محققاً ومنقولاً (5)، والنصوص(6)، وبناء العقلاء، والاستقراء(7)، وبذلك اندفع الأصل الأصيل المقتضي لعدم الاشتراك في بعض الصور.(8)

وإذا ثبت حكم للنبي(9) صلی الله علیه و آله وسلم فالأصل شركة الأمة معه؛ للأدلة الأخيرة، مضافاً

ص: 209


1- اختاره الغزالي في المستصفى : 82/2 ، وصاحب فواتح الرحموت: 279/1، والمولى أحمد النراقي في مفتاح الأحكام: 108
2- وهو قول أصحابنا وأكثر أهل الخلاف كما عن المعالم: 152
3- اختاره الفاضل التوني في الوافية : 119 ، وحكاه الزركشي في البحر المحيط : 184/3 عن جماعة من الحنفية والحنابلة
4- في (ك): المشافه
5- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 196/2، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 270، الرسائل الأصولية للبهبهاني : 7، أنيس المجتهدين للنراقي: 737/2
6- نحو ما رواه الكليني في الكافي: 1/ 112 بسنده عن عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عن الحلال والحرام، فقال: «حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره
7- ينظر: الرسائل الأصولية للبهبهاني : 15
8- وذلك فيما إذا قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم فالأصل الاختصاص مطلقاً، أو قلنا بعدم جوازه، فإن احتمل كون حكم الغائب الإباحة وكان حكم الحاضر ما عدا الإباحة فالأصل الاختصاص أيضاً
9- في (ك) : النبي

إلى أن السنة دليل شرعي(1)، وإلى التأسي.

وإذا ثبت حكم للأئمة علیهم السلام ، فكذلك، أو ثبت للرجال عمَّ(2)النساء، وبالعكس.(3)

أقول: وإذا ثبت للأحرار عم العبيد ، وبالعكس (4)، كل ذلك لبناء العقلاء، والاستقراء، وظهور الإجماع.(5)

[تحرير محل النزاع]

ثم محلّ النزاع في المراد من الخطاب الشفاهي، لا فيما وضع له الخطاب الشفاهي(6)، وفيما كان الخطاب جمعاً لا مفرداً(7)، وفي خطابات الكتاب لا السنة(8)، ولا مثل الحديث القدسي(9)، وفيما اشتمل على آلة الخطاب(10)، وفيما كان المخاطب

ص: 210


1- بإجماع المسلمين، ومن جملة السنة فعل المعصوم ، فلو كان احتمال الاختصاص بالمعصوم مضراً في الاشتراك لم يكن لقولهم ان فعله من الادلة ،وجه مع أنهم مطبقون عليه
2- في (ك) : أعمّ
3- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 154
4- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 352/2 ، إرشاد الفحول للشوكاني: 1/ 280
5- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 1/ 534 ، وفيه حكاية الإجماع عن المحقق الخوانساري، والأردبيلي
6- ذهب إلى الثاني الحاجبي في مختصره: 778/2 ، وصاحب المعالم : 152، وصاحب الفصول: 179، وغيرهم من المحققين، فعلى مبناهم تكون المسألة لغوية
7- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 1/ 534
8- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 269
9- فهي وإن شملها النزاع، لكن بملاحظة أدلة الأطراف يظهر حصر النزاع في الكتاب العزيز
10- ک-(يا ايها، أنتم ونحوهما) ووجه الاختصاص ما يظهر من عنواناتهم للمسألة: (ما وضع لخطاب المشافهة)

ملفقاً من الموجود والمعدوم، لا المعدوم الصرف(1)، فتأمل.(2)

ثم اعلم أن الخطاب لغة إلقاء الكلام نحو الغير (3)، وقد يطلق اصطلاحاً على الكلام الموجه إلى الغير ، ولا ريب أنه حقيقة لغةً في الجملة في إلقاء الكلام إلى الغير(4) الخارجي الحاضر السامع الفاهم للخطاب، وفي كونه حقيقة مع فقد بعض تلك القيود، وجهان.(5)

كما أن في اشتراط كون الإلقاء باللفظ أم بحيث يشمل مثل(6) الإشارة، احتمالان(7) ، نعم هو حقيقة في الخطاب إلى الشخص ألغير المعين، كقول المصنفين اعلم وافهم) ؛ لعدم صحة السلب.

وأما آلة الخطاب كالضمائر ،ويا، وأيا، فيجري فيها أكثر ما جرى(8)في المادة، وإن لم يكن بين المادة والآلة(9)ملازمة في الحقيقة والمجاز .(10)

ص: 211


1- يظهر اتفاقهم على جواز الخطاب بالموجود الصرف، وعلى قبح الخطاب بالمعدوم الصرف
2- (فتأمل) ليست في (م)
3- مجمع البحرين للطريحي: 51/2
4- في (ك، م): غير
5- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 176/3
6- (مثل) ليست في (ك)
7- كذا والصحيح احتمالين
8- في (ك): يجري
9- في (ك): الآلة والمادة
10- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف : 177/3

ثم هذه المسألة أصولية (1) لا يعتبر فيها الأدلة الظنية، الا مع استلزام الظن بالحكم الفرعي.

[تأسيس الأصل]

وأما الأصل فيها فهو اختصاص(2) الخطاب بالحاضر مدلولا، فقاهة(3) واجتهادا (4)؛ للتوقف، والظهور.

[ثمرة المسألة]

وأما ثمرة النزاع فقد فرضوها في حصول البيان(5) عند المعمم، والإجمال عند التخصيص(6) بالحاضر، وفي عدم لزوم الفحص عن فهم الحاضر على الأول، ولزومه على الثاني(7)، وفي وجوب صلاة الجمعة على الأول دون الأخير (8)، وفي الكل كلام.

ص: 212


1- لأن الكلام في بيان مرادات الشارع من تلك الخطابات من حيث ابتناء المسألة الفرعية.
2- (اختصاص) ليست في (ك)
3- فلأن دخول الحاضرين الفاهمين قدر متيقن فالتعدي يحتاج إلى دليل
4- لانصراف الخطابات إلى إرادة الحاضرين
5- لنا
6- في (م): المخصص
7- إذ على الأوّل إذا فهم المعدوم من الخطاب شيئاً رتب قياساً من الشكل الأوّل بقوله: هذا خطاب خوطبت به وکل خطاب خوطبت به فإني مكلف بما فهمت منه؛ وأما على فرض الاختصاص فلا يتم الصغرى، وإذا لم يتم الصغرى فلعل المراد خلاف ظاهر الخطاب، فيحتاج إلى الفحص عما فهمه المخاطبون
8- فيقول المعمّم وجوب صلاة الجمعة ثابت على الحاضرين على الإطلاق؛ لتعلق الخطاب بالمشافهة يقيناً مطلقاً، و كلّما ثبت للحاضرين ثبت للمعدومين؛ لاشتراك المعدم مع الحاضر في الخطاب، واما القائل بالاختصاص فلا يثبت على مذهبه الوجوب على المعدومين؛ إذ كلّية الكبرى لا يمكن إثباتها على مذهبه لا باشتراك الخطاب ؛ لفرض عدمه، ولا بالإجماع على الاشتراك في الحكم حتى في صلاة الجمعة؛ لفقدان الإجماع على الاشتراك في مثل صلاة الجمعة؛ لمكان الخلاف في وجوبها على المعدوم، وإن كانت الصغرى - أي وجوبها - على الحاضرين ثابتة مطلقاً

إذا ظهر ذلك، فالحق عدم شمول الخطاب للمعدوم؛ للأصلين السليمين عن المعارض، وقول المعمم فاسد، خال عن الدليل، سواء جعل ذلك من باب تعدد الخطاب والنداء المستمر(1)، أو من باب الكلام النفسي(2)، أو من باب المكاتيب والمراسيل، أو من باب تأليف المؤلفين، أو من باب شمول الخطاب اللفظي للمعدومين إلقاء ومدلولاً ، أو مدلولاً.

وأما لو جعله من باب الشركة في الحكم رجع النزاع لفظياً، وفي شمول الخطاب للغائبين احتمال قريب.

وقد يتمسك للخصم (3) بوجوه كلها مدخولة(4) مثل استدلال العلماء بتلك الخطابات في الأعصار والأمصار ، وانه لو اختصّ بالحاضر لزم على الشارع إعلام المعدوم بذلك، والتالي مفقود، وإن رسول المعدوم والحاضر واحد (5) ، وإن استحباب «لبيّك» (6) بعد قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»(7)، واستحباب «لا بشيء من آلائك ربّ أكذب»(8)

ص: 213


1- فالقارئ مخاطب والسامع مخاطب باختلاف الجهة بالشخصية
2- ينظر: البحر المحيط للزركشي : 186/3
3- (للخصم) ليست في (ك)
4- تمسك بها صاحب الوافية : 120
5- ولا معنى للرسالة الا بتبليغ الخطاب.
6- روى الشيخ في التهذيب : 2/ 111 بسنده عن الإمام الصادق انه قال: «ينبغي للعبد إذا صلى أن يرتل في قراءته، فإذا مر بآية فيها ذكر الجنة وذكر النار سأل الله الجنة، وتعوذ بالله من النار ، وإذا مرّ بيا أيها الناس ويا أيها الذين آمنوا، يقول : لبيك ربنا»
7- سورة البقرة: 104
8- روى الشيخ الكليني في الكافي : 3/ 425 بسنده عن حماد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد الله يقول: «يستحب أن تقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة الرحمن كلها، ثم تقول كلما قلت:«فبأي آلاء ربكما تكذبان» : لا بشيء من آلائك ربّ أكذب»

بعد قوله تعالى: «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»(1)شاهدان، مضافاً إلى الآية الشريفة «لأَنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ»(2)، وقوله تعالى: «الم»«ذَلِكَ الْكِتَابُ»(3) وقوله صلی الله علیه و آله وسلم: «فليبلغ الشاهد الغائب»(4)، وخصوص النصوص الدالة على نزول بعض الآيات في شأن المعدوم(5)، والنصوص الدالة على عموم خطابات الكتاب.(6)

ص: 214


1- سورة الرحمن: 13
2- سورة الأنعام: 19 ، وجه الدلالة : انه يمكن جعل (ومن بلغ ) معطوفاً على الضمير (كم) بأن يكون الموصول في محلّ النصب، فيكون المعنى لانذركم وأنذر من بلغ مرتبة الوجود أو حدّ التكليف أو بلغه القرآن من غيركم بالقرآن فيشمل الإنذار بالقرآن غير الموجودين في زمن النبي، ولا يكون ذلك الا لشمول الخطاب مدلولا للجمع. لا للجمع
3- سورة البقرة: 1 - 2 ، فإن ظاهر التسمية بالكتاب كون القرآن من باب تأليف المؤلفين
4- الكافي للكليني: 242/1
5- كالآية الشريفة: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» سورة آل عمران: 110، فقد روى القمي في تفسيره : 106 عن الصادق : «انها خير أئمة»، مع أن الأئمة عل كانوا حين النزول غير موجودين
6- نحوما رواه الصدوق في العيون: 186/2 عن الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر : أن رجلاً سأل أبا عبد الله ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدراسة إلا غضاضة ؟ فقال: «لأن الله لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة»

أصل [في تعريف التخصيص والخاص]

التخصيص لغةً مطلق القصر(1)، واصطلاحاً قد يعرف بأنه قصر العام على بعض ما يتناوله.(2)

وينتقض عكساً بمثل «الدرهم البيض» إذا أريد به صنف خاص من الدرهم وبمثل (عشرة الا ثلاثة)، وبمثل «إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ»«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» (3) فتأمل .

وبمثل «أكرم العلماء إلّا زيداً» إن جعلنا الإسناد(4) بعد الإخراج، وبمثل «اشتريت الجارية إلا نصفها» ، وبمثل هؤلاء الرجال إذا خرج منه البعض على

بعض الوجوه.

ويمكن أن يعرَّف بأنه قصر اللفظ الدال على العموم الاستغراقي مطابقة، أي(5): لا سَرَيانياً على بعض ما يتناوله قصراً لفظاً (6) ، أو حكمياً، دلالة حقيقية(7) أم مجازية.(8)

ثم نقله إلى المصطلح تعيّني لا تعييني؛ لأصالة تأخر الحادث، والنقل في مادة

ص: 215


1- ينظر العين للفراهيدي: 493/1 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي : 569 ، لسان العرب لابن منظور : 109/4، مجمع البحرين للطريحي: 167/4
2- المختصر لابن الحاجب : 2/ 786 ، زبدة الأصول للبهائي : 127، أنيس المجتهدين للنراقي: 744/2 ، القوانين المحكمة للقمي: 7/2
3- سورة العصر : 2
4- في (ك): الاستثناء
5- (أي) ليست في (ك)
6- في (ك، م) : لفظياً
7- في (ك): حقيقة
8- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 206/3

التخصيص لا في الهيئات إلا لفظ المخصص في احتمال

ثم المخصص إن لم يستقل في الدلالة على القصر فمتصل ، وإلا فمنفصل.(1)

أصل [في منتهى التخصيص]

اشارة

في منتهى(2) التخصيص أقوال، والأصح جوازه إلى الواحد(3)، وعن الأكثر(4) لزوم بقاء الأكثر (5)، وعنهم أيضاً جواز استثناء الأكثر (6) فيلزمهم التناقض (7)، وقد يذبّ عنه بوجوه (8) ضعيفة.(9)

[تحرير محل النزاع]

ثم محل النزاع الجواز اللغوي(10)، وفي دخول الاستثناء التخصيصي، والعمومات المجازية، ومثل الجمع المعهود المخصص، والنسخ الذي هو تخصيص في الأزمان،

ص: 216


1- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي : 761/2 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 186
2- في (ك) : المنتهى
3- وفاقاً لظاهر السيد المرتضى في الذريعة : 193 ، والمحقق في المعارج: 90، وصاحب الوافية: 125 ، وهو الذي اختاره الشافعي وأصحابه، ونسب إلى الجمهور (إرشاد الفحول للشوكاني: 312/1)
4- في (ك): أكثر
5- أنيس المجتهدين للنراقي: 749/2، القوانين المحكمة للقمي: 8/2، الفصول الغروية للأصفهاني: 186
6- في العدة للطوسي : 1 / 315 : ذهب إليه أكثر المحصلين من المتكلمين والفقهاء وأهل اللغة
7- هذا الإشكال لصاحب القوانين: 42/2
8- في (ك): بوجوه كثيرة
9- ينظر : الفصول الغروية للأصفهاني: 186 ، ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 213
10- لا العقلي ولا الشرعي التكليفي ولا الوضعي

و(كلمات)(1)المجازات، وضمائر الجمع ونحوها، ومطلق ألفاظ العموم إذا قلنا بوضعها للخصوص في محل النزاع ، وجهان.(2)

نعم، إطلاق العام على الواحد تعظيماً ليس من(3) محل النزاع .(4)

وفي كفاية بقاء الأكثر تقديراً عند القائلين باشتراط بقاء الأكثر احتمالان، وكذا في اشتراط العلم ببقاء الأكثر أم كفاية عدم العلم بأن الباقي أقل.(5)

ثم يمكن أن يكون مرادهم بقاء أكثر(6) الأصناف أم الأفراد، أم ،هما، أم ملاحظة العام في ذلك.

[ثمرة المسألة]

وأما ثمرة النزاع فتظهر فيما إذا ورد خبر واحد مخصص بالأكثر(7)، وفيما إذا دار الأمر بين ارتكاب تخصيص الأكثر وسائر المجازات.(8)

ص: 217


1- في (م) كلم.
2- والمرجع في الكل هو طبيعة العنوان وطريقة الاستدلال، فبحسبهما يدخل أو يخرج المورد عن محل النزاع
3- في (ك): في
4- تمهيد القواعد للشهيد الثاني ،189 القوانين المحكمة للقمي : 8/2 إشارات الأصول للكرباسي: 298
5- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 222/3
6- في (ك) : الأكثر
7- ولم يكن في العمل به مفر عن ذلك، فعلى القول بالجواز يعمل بهذا الخبر في المسألة الفقهية، وعلى القول بعدم الجواز فقاهة عمل بالخبر أيضاً، أو اجتهاداً ، فلا يعمل بهذا الخبر في المسألة اللغوية، وأما من حيث المسألة الفرعية فله صور في بعضها يعمل وفي البعض الآخر لا . ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 222
8- كما في قوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» سورة المائدة: 1

[تأسيس الأصل]

وأما الأصل الأصيل فعدم جواز(1) تخصيص الأكثر؛ إذ العلائق المتصورة هنا ثلاث: علاقة المشابهة، والعموم والخصوص، والكل والجزء بناء على كون دلالة العام على افراده تضمنية، وشيء منها لا يثبت جواز إخراج الأكثر على فرض الشك، وأما علاقة الكلي والجزئي فلا تتصور هنا؛ إذ العام الأصولي ليس كلياً لأفراده.(2)

إذا ظهر ذلك فاعلم أنّ الدليل على الجواز الوقوع عند العرف في بعض المقامات، وفي صورة عدم العلم بقدر المستثنى منه ، وان استنكار العرف في مقام القبح عقلي لا لفظي، مع أن العرف يصححه إذا كان الباقي جماعة غير محصورين عادة، فتأمل.(3)

ثم إنه على فرض جوازه مرجوح عندي في مقام التعارض غالباً، بل لا يكاد يوجد ثمرة بيننا وبين المانعين في الأحكام الشرعية بالنسبة إلى التخصيص إلى الواحد.

أصل [في استثناء النصف والأكثر]

اشارة

في بيان الاستثناء الأعم من التخصيصي والتقييدي، فاعلم أن المستثنى إن ساوى المستثنى منه أو زاد عليه، فالاستثناء مستغرق، وإلا فغير مستغرق، قالوا: إن المستغرق لغو اتفاقاً(4)، وهذا يحتمل عدم الجواز عقلاً، أو عدم الصحة لغة، أو الأمرين معاً؛

ص: 218


1- (جواز) ليست في (م)
2- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 751/2
3- وجه التأمل في أدلة الجواز إلى الواحد. (منه)
4- تمهيد القواعد للشهيد الثاني : 200 ، زبدة الأصول للبهائي: 136، المحصول للرازي: /5452 ، الأحكام للآمدي : 501/2

وأما غيره، فاستثناء الأقل من النصف صحيح اتفاقاً(1) وفيما عداه خلاف وأقوال.(2)

والثمرة والأصل ما مرَّ في المسألة السابقة.

[تحرير محل النزاع]

ومحل النزاع الجواز اللفظي، لكن في كون النزاع في صحة الكلام، أو خصوص جهة الاستثناء، وجهان.

ثم الحق جواز استثناء الأكثر؛ لما مرَّ آنفاً(3) ، مضافاً إلى وقوعه في الكتاب الكريم.(4)

ثم في كون أداة الاستثناء حينئذ حقيقة أم مجازاً، احتمالان.

ثم في رفع التناقض الوارد هنا(5) وجوه أربعة أوجهها ارتكاب إسنادين: ظاهري وواقعي(6)، ومنه يظهر رفعه عن سائر أقسام التخصيص.

ص: 219


1- زبدة الأصول للبهائي : 137 ، القوانين المحكمة للقمي : 2/ 39
2- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي : 2/ 770 ، القوانين المحكمة للقمي: 2/ 39
3- في المسألة السابقة
4- في قوله تعالى: «لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ» سورة الحجر: 42، ولا ريب أن الغاوين أكثر من الباقين، أما أولاً فللحس والعيان، وأما ثانياً فلقوله تعالى: «وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَضِتَ بِمُؤْمِنِينَ» سورة يوسف: 103، وأما ثالثاً فلقوله تعالى حكاية عن ابليس: «وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ»«إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» سورة الحجر: 40، فالغاوون إن كانوا أكثر ثبت المطلوب بالآية الأولى، وإن كانوا أقل والمخلصون أكثر ثبت المطلوب بالآية الأخيرة فبانضمام الآيتين يثبت جواز استثناء الأكثر
5- بيانه: ان القائل بمجرد قوله : له علي عشرة ثبت مجموع العشرة في ذمته ظاهراً ثم بعد قوله الا ثلاثة انكر بعضا من العشرة فاثبت اوّلا الإيجاب الكلي ثم رفعه وهذا تناقض
6- ينظر: زبدة الأصول للبهائي: 138 ، أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 765، ضوابط الأصول للمصنف: 262/3

أصل [في العام المخصص وأنه حقيقة أم مجاز]

اشارة

في كون العام المخصص حقيقة مطلقاً(1)، أم في جهة شموله خاصة(2)، أم في المخصص الغير المستقل خاصة(3)(4)، أم في اللفظي خاصة(5)، أم ان خص بشرط أو استثناء(6)، أم إذا كان الباقي(7) غير محصور (8)، أم مجازاً مطلقاً(9) أقوال.

[تحرير محل النزاع]

وفي كون النزاع مختصاً بالقائلين بوضع الألفاظ للعموم فقط، أم(10) يعمّهم والقائلين بالاشتراك، أو الوضع للخصوص وجوه، كاحتمال كون النزاع صغروياً، أم كبروياً، أم فيهما، وكونه فيما عدا الاستثناء، أو (11) في الأعم منه وفي لفظ العام، أو في

ص: 220


1- اختاره النراقي في أنيس المجتهدين للنراقي : 746/2 وهو مذهب الشافعي واصحابه ومالك. (البحر المحيط للزركشي : 3/ 260 )
2- حكاه الزركشي في البحر المحيط : 261/3 عن إمام الحرمين
3- في (ك): الخاصة
4- اختاره الرازي في المحصول: 532/2 وحكاه عن أبي الحسين البصري
5- حكي عن الكرخي وغيره من الحنفية. (البحر المحيط للزركشي : 3/ 260)
6- حكاه ابن الحاجب في المختصر : 2/ 715 عن القاضي
7- (الباقي) ليست في (ك)
8- حكاه ابن الحاجب في المختصر :2/ 714 عن أبي بكر الرازي
9- اختاره الشيخ في العدة: 1/ 307 ، ونسبه إلى أكثر المتكلمين وباقي الفقهاء، والمحقق في المعارج: 97 ، والعلّامة في نهاية الوصول: 2/ 216 ، وصاحب المعالم: 161 ، بل هو مذهب الأكثرين كما عن صاحب القوانين: 48/2 ، وابن الحاجب في المختصر : 2 / 714 ، وحكي عن المعتزلة وأكثر الحنفية، وعن الأشعري . (البحر المحيط للزركشي 259/3)
10- في (ك): أو
11- في (ك): أم

الهيئة التركيبة.(1)

[ثمرة المسألة]

وتظهر الثمرة في جوازه إلى الواحد على الحقيقة (2) ، وفي حجية العام المخصص حينئذ(3)، وفي(4) صورة المعارضة(5)، وفي الكل كلام.

والأصل يختلف باختلاف محل النزاع.(6)

[المختار في المسألة]

والحق في نفس المسألة الرجوع إلى العرف، ويختلف فيه المقامات.

ص: 221


1- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف : 3/ 268
2- أي: لو قلنا بأن العام المخصص حقيقة في الباقي لكان الأصل صحة تخصيص العام إلى الواحد، ولو قلنا أنه مجاز فيه فالأصل عدم صحته إلى أن يقوم عليها دليل
3- أي: إن قلنا بالحقيقة لزم القول بحجّية العام المخصص في الباقي؛ لكون المعنى الحقيقي - وهو الجميع - معيناً، وإن قلنا بالمجاز أمكن القول بالإجمال؛ لأجل تعدد مراتب المجاز بعد سلخ العام من معناه الحقيقي
4- (في) ليست في (م)
5- أي لو وجد معارض للعام المخصص، وكان دلالة المعارض على سبيل الحقيقة، فإن قلنا بحقيقة العام المخصص كان مساوياً لمعارضه من تلك الجهة، والا لترجح المعارض، وكذا تظهر الثّمرة إذا كانت دلالة المعارض مجازية
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 276/3

أصل [في عدم حجية المخصّص بالمجمل]

المخصّص بالمجمل(1) لا حجية فيه في جهة إجماله(2)، وبالمبين حجة عند مشهور الإمامية، بل باتفاقهم كما حكي(3)، خلافاً لبعض العامة، فالتفصيل(4)، ويدفعه الأصل، والتبادر، وعمل العلماء.

ص: 222


1- كقوله تعالى: «أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ»سورة المائدة : 1 .
2- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي : 753/2 ، القوانين المحكمة للقمي : 59/2 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 199
3- زبدة الأصول للبهائي: 327
4- اختلفوا على ثمانية أقوال كما في إرشاد الفحول للشوكاني : 298/1: الأول: أنه حجة في الباقي، وإليه ذهب الجمهور، واختاره الآمدي، وابن الحاجب، وغيرهما من محققي المتأخرين. الثاني: أنه ليس بحجة فيما بقي وإليه ذهب عيسى بن أبان وأبو ثور وحكاه القفال الشاشي عن أهل العراق، وحكاه الغزالي عن القدرية، وهو مذهب كثير من الفقهاء الشافعية، والمالكية، والحنفية، والجبائي

أصل [في عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص]

لا يجوز العمل به(1)قبل الفحص عن المخصص عند المشهور(2)؛ للعلم الإجمالي بوجوده المعتضد بقاعدة الشغل، وأصالة حرمة العمل بما وراء العلم، وظهور اتفاق الإمامية(3)عدا شاذ منهم(4)، ويكفي حصول الظن بعدمه بتتبع مظانه، حذراً من التكليف بالمحال.(5)

ص: 223


1- في (ك): فيه
2- الثالث: أنه إن خصّص بمتصل كالشرط والاستثناء والصفة فهو حجة فيما بقي، وإن خصص بمنفصل فلا ، بل يصير مجملا ، حكاه الأستاذ أبو منصور عن الكرخي، ومحمد بن شجاع الثلجي. الرابع: إن التخصيص إن لم يمنع استفادة الحكم بالاسم وتعلقه بظاهره جاز التعلق به، وإن كان يمنع من تعلق الحكم بالاسم العام، ويوجب تعلقه بشرط لا ينبئ عنه الظاهر لم يجز التعلق به، وإليه ذهب أبو عبد الله البصري تلميذ الكرخي. الخامس: إن كان لا يتوقف على البيان قبل التخصيص، ولا يحتاج إليه فهو حجة؛ وإن كان يتوقف على البيان ويحتاج إليه قبل التخصيص فليس بحجة، وإليه ذهب عبد الجبار. السادس: أنه يجوز التمسك به في أقل الجمع ؛ لأنه المتعين، ولا يجوز فيما زاد عليه، هكذا حكى هذا المذهب القاضي أبو بكر ، والغزالي وابن القشيري، وقال الصفي الهندي: لعله قول من لا يجوز التخصيص ألبتة. السابع: أنه يتمسك به في واحد فقط، حكاه في المنخول عن أبي هاشم. الثامن: الوقف فلا يعمل به إلا بدليل، حكاه أبو الحسين بن القطان، وجعله مغايراً لقول عيسى بن أبان ومن معه. ينظر: الوافية للتوني: 129 ، القوانين المحكمة للقمي : 722 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 200
3- الفوائد الحائرية للبهبهاني: 201
4- على ما يظهر من العلّامة في التهذيب : 142
5- وهو قول الأكثر كما عن المعالم : 167

أصل [في تعقب الخاص للعمومات المتعددة]

اذا تعقب المخصص عمومات، وكان استثناءً والمستثنى (فرداً من المستثنى)(1)منه، والعمومات أحكاماً مختلفة متحدة بالنوع (أي: في جهة الإخبار والإنشاء، كقوله: (أكرم العلماء، واخلعهم، وأضفهم، إلّا زيداً) رجع إلى الكل.

أو مختلفة بالنوع(2)، كقوله ( أكرم العلماء، واخلعهم، وكلّهم كاتبون إلّا زيداً) رجع إلى الأخير.

أو لم يكن فرداً منه فكالفرد في هذا التفصيل، كقوله: (أكرم العلماء، واخلعهم، وأضفهم الا يوم الجمعة ) أو ( أكرم العلماء، وأضفهم، وجعلتهم مخلعين الا يوم

الجمعة)، فالمدار في تلك الأربعة اتحاد الأحكام نوعاً، واختلافها.

وإن كانت العمومات مفردة، بأن يكون التعدد في العمومات أنفسها، فإن كان المستثنى فرداً رجع إلى الأخير، اتحد الحكم أو اختلف.

أو غير فرد(3)، فكذلك إن اختلف الحكم، والا فإلى الجميع.

أو صفة، أو بدل بعض، فإلى الأخير، أو شرطاً أو غاية مع اتحاد الأحكام(4) نوعاً فإلى الجميع، والا فإلى الأخير، والدليل في الكل العرف، فخذ هذا ودع ما سواه، فإنه فضول.(5)

ص: 224


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- في (ك) : ذلك
4- في (ك) : الحكم
5- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 3/ 297 - 315

أصل [في الضمير الراجع إلى بعض أفراد العام]

إذا رجع الضمير إلى بعض أفراد(1) العام، خصصه على أصح الأقوال(2)؛ إذ العرف متى فهم من الضمير معنى حكم بأنه المراد من المرجع، سواء كان المرجع(3) حقيقة فيه(4) أم مجازاً، فلا حاجة إلى بيان أن الضمير حقيقة فيما كان المرجع حقيقة فيه مطلقاً، أو إذا كان ظاهراً فيه، أو إذا كان مراداً منه، أو فيما كان المرجع ظاهراً فيه مطلقاً، أو(5)بشرط كونه مراداً، أو فيما كان مراداً من المرجع.(6)

ص: 225


1- (أفراد) ليست في (م)
2- وفاقاً للعلّامة في نهاية الوصول: 364/2، وخلافاً للشيخ في العدة: 1/ 385، والمحقق القمي في القوانين: 132/22 ، وأكثر المحققين كما عن النراقي في أنيس المجتهدين: 812/2، واختار جماعة التوقف منهم السيد المرتضى في الذريعة: 230 ، والمحقق في المعارج: 100، وصاحب المعالم : 191 ، والبهائي في الزبدة: 142
3- (المرجع) ليست في (م)
4- (فيه) ليست في (ك)
5- في (م): و
6- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 191 ، القوانين المحكمة للقمي : 2/ 132

أصل[في أن العبرة بعموم اللفظ]

اشارة

أصل(1)

الداعي على صدور الخطاب إما وقوع حادثة، أو سبق سؤال.

والمسبوق: إما لا يستقلّ في الدّلالة لغة، أو عرفاً، أو يستقل مع تساوي الجواب والسؤال، أو كون الجواب أخص أو أعم من محل السؤال وغيره، أو من محل السؤال فقط، كما في الجواب عن بئر(2) بضاعة.(3)

[المختار في المسألة]

والحق(4)في القسم الأخير - الذي هو محل كلامهم - إن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب السبب(5)؛ للعرف، إلّا أن يكون للمقام خصوصية خارجة عن(6) هذه الجهة ، كما في قوله علیه السلام: «خذ بما اشتهر بين اصحابك».(7)

ص: 226


1- (أصل) ليست في (ك)
2- في (ك): ساير
3- في عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 2/ 15 قال صلی الله علیه و آله وسلم وقد سئل عن بئر بضاعة: «خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء، إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه»
4- فى (ك) : فالحق
5- ينظر: الذريعة للمرتضى: 232 ، العدة للطوسي : 368/1 ، معارج الأصول للمحقق الحلي: 99 ، نهاية الوصول للعلّامة: 333/2 تمهيد القواعد للشهيد الثاني: 216 ، زبدة الأصول للبهائي: 129 ، أنيس المجتهدين للنراقي: 755/2 ، القوانين المحكمة للقمي: 138
6- في (م): من
7- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 133/4

أصل [في تخصيص العام بمفهوم المخالفة]

اتفقوا على جواز تخصيص العام بمفهوم الموافقة (1) ، وفي جوازه بمفهوم المخالفة وجهان ، أوجهها(2) ذلك(3)؛ للعرف .

كما أن العرف يخصص المنطوق الأعمّ بالمنطوق الأخص، والمفهوم الأعمّ بالأخص منطوقاً ومفهوماً.(4)

ص: 227


1- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة: 331/2 معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 193، أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 809 ، القوانين المحكمة للقمي : 2/ 142
2- (أوجههما) ليست في (م)
3- وعليه الأكثرون كما في المعالم : 193 والقوانين: 2/ 142
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 331/3

أصل [في جواز تخصيص الكتاب]

لا ريب في جواز تخصيص الكتاب به(1)، وبالإجماع (2)، والخبر المتواتر لفظاً أو معنى(3)، وأصح الأقوال(4) الخمسة(5) جوازه بالواحد(6)؛ حذراً من لزوم المخالفة القطعية لولاه ، ولطريقة العرف(7)، ولكون ذهاب الأكثر إلى ذلك مرجحا بعد الدوران بين العلمين.(8)

أقول: مضافاً إلى ما سيأتي في حجية الظن.

ص: 228


1- معارج الأصول للمحقق الحلي ،95 ، تهذيب الوصول للعلّامة 149 أنيس المجتهدين للنراقي : 2 / 804 ، إشارات الأصول للكرباسي: 357
2- معارج الأصول للمحقق الحلي 96 ، تهذيب الوصول للعلّامة: 151، أنيس المجتهدين : للنراقي : 2 / 804 ، القوانين المحكمة للقمي: 154/2
3- معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 194 ، أنيس المجتهدين للنراقي : 807/2، القوانين المحكمة للقمي: 2/ 154
4- في (ك): أقوال
5- ثانيهما: المنع مطلقاً، اختاره جماعة من أصحابنا منهم المرتضى في الذخيرة: 214، والشيخ في العدة : 12 / 344 وثالثها: الجواز إن كان العام قد خص من قبل بقاطع متصلاً كان أو منفصلاً، وعدمه إن لم يخص من قبل مطلقاً، أو خص بدليل ظنّي. ورابعها: الجواز إن كان قد خصص من قبل بدليل منفصل، قطعياً كان أو ظنّيّاً، وعدمه إن لم يخصص به خصص بغيره أم لا. وخامسها: التوقف اختاره جماعة.
6- وفاقاً لأكثر المحققين كما في أنيس المجتهدين للنراقي: 807/2
7- في (ك) : العرف لولاه
8- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 334/3

أصل [في تعريف المطلق والمقيد]

قد يعرّف المطلق بأنه ما دلّ على ماهيّة من حيث هي، لا بقيد وحدة ولا كثرة.(1)

وقد يقال: إنه ما دلّ على شائع في جنسه.(2)

وعرّفوا المقيد بأنه ما يدل لا على شائع في جنسه.(3)

وعرّف أيضاً بما أخرج عن شياع.(4)

والنسبة بين تعريفي المقيد عموم من وجه(5)، وكذا بين المطلق بالمعنى الأخير والمقيد بالمعنى الثاني.(6)

ولو عرّف المطلق بأنه أحد الأمرين : إما الدال على الماهية، أو على الشائع في جنسه، لكان أقرب.

ص: 229


1- معارج الأصول للمحقق الحلي: 91 ، نهاية الوصول للعلّامة : 378/2، ذكرى الشيعة للشهيد الأول : 45/1 تمهيد القواعد للشهيد الثاني: 222
2- المختصر لابن الحاجب : 859/2، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 207، زبدة الأصول للبهائي: 143 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 217
3- شرح العضد على مختصر ابن الحاجب : 235 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 207
4- شرح العضد على مختصر ابن الحاجب : 235 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 207
5- يتصادقان على هذا الرجل ويصدق الأول على مثل زيد، والثاني على رقبة مؤمنة
6- يتصادقان على رقبة مؤمنة ويصدق الأول على رقبة، والثاني على هذا الرجل

أصل [في كيفية العموم المستفاد من المطلق]

العموم المستفاد من المطلق بدلياً و(1)استغراقياً: إما افرادي(2)أو تركيبي.(3)

والأصح(4) أن من شرط حمله عليه التواطؤ وعدم الورود مورد بيان حكم آخر(5)، فلو لم يكن متواطئاً انصرف إلى الفرد الشائع.

(وفي كون الحمل على الشائع)(6) لأجل النقل، أو الاشتراك اللفظي الموجب للحمل على أشهر المعنيين أو المجاز المشهور، أو لأنه القدر المتيقن، أو لأجل كون الشهرة قرينة مفهمة، أو التفصيل بين المضر(7) الإجمالي فالرابع، ومبيّن العدم فالأخير ،وجوه أقربها الأخير؛ للعرف.(8)

ص: 230


1- في (ك) : أو
2- وهو العموم المستفاد من لفظ المطلق نفسه، بحيث تكون المصاديق التي يكون المطلق مطلقاً بالنسبة إليها مندرجة تحت اندراج الجزئي تحت الكلي
3- وهو العموم المستفاد من الهيئة التركيبية، بحيث تكون الأمور التي يكون المطلق مطلقاً بالنسبة إليها من الأمور الخارجية عن مدلول المطلق لا من مصاديقه، فلا يصدق المطلق عليها صدق الكلي على الفرد
4- في (ك): في الأصح
5- كقوله تعالى: «فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ» سورة المائدة: 4، فلا يصح التمسك بإطلاق الآية على طهارة موضع العصّ؛ لشهادة السياق بأن الغرض ليس بيان الطهارة والنجاسة، بل الحلية من حيث إمساك الكلب
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- (المضر) ليست في (ك)
8- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 370/3

أصل [في أقسام التشكيك]

التشكيك قد يحصل من غلبة الوجود، وقد يحصل من غلبة الاستعمال، ومع التعارض (1) ففي تقديم أيهما وجهان، والمرجع العرف.

وهل التشكيك من موانع ظهور اللفظ في الجميع، أو عدمه جزء المقتضي، أو شرطه؟ احتمالات أقربها الأول، كما يساعده العرف، فمتى شك في التواطؤ والتشكيك فالأصل التواطؤ .(2)

ص: 231


1- بأن كان ما هو أغلب وجوداً أقل استعمالاً، وما هو أغلب استعمالاً، أقل وجوداً
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 389/3

أصل [في حمل المطلق على المقيد]

إذا ورد مطلق ومقيّد ، فله(1)من حيث اتحاد متعلق الحكم فيهما، (واختلافه، واتحاد موجب الحكم وتعدده ، (والإثبات والنفي)(2)فيهما والاختلاف، وكون الحكم فيها)(3) إيجاباً ، أم ندباً، أم غيرهما من الأحكام التكليفية أو الوضعية، والعلم بتاريخ الصدور والجهل ،به صور كثيرة تزيد على مئتين.(4)

والمعيار في الجميع من حيث حمل المطلق على المقيّد وعدمه، فهم العرف، والتبادر، ما لم يرد دليل الخلاف، وفيما يحمل عليه يجعل بياناً لا ناسخاً، إلّا إذا ورد المقيّد(5) بعد حضور زمان العمل بالمطلق.(6)(7)

ص: 232


1- في (ك) : ظهر
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 208 ، القوانين المحكمة للقمي: 2/ 180
5- في (ك) : المطلق
6- في (ك) بمطلق
7- ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 210 ، القوانين المحكمة للقمي: 2/ 182، ضوابط الأصول للمصنف : 395/3

أصل [في تعريف المجمل]

المجمل اصطلاحاً ما يحتمل وجهين فصاعداً، احتمالاً مساوياً(1)، وهو قد يكون فعلاً (2)، أو تركاً(3)، أو تقريراً(4)، أو قولاً مفرداً، كما يتصور في المشترك اللفظي(5)، وفي المعتل(6)، وفي(7) مثل الضمائر(8)، والمشترك المعنوي(9)، والمجاز المتعدد (10) ، أو مركباً تسبب إجماله من التركيب(11)، أو من المفردات.(12)

والنسبة بين المجمل المفرد والمركب عموم من وجه(13)، وفي جواز صدور

ص: 233


1- ينظر: مفاتيح الأصول للمجاهد: 221
2- كما إذا صلّى المعصوم لا صلاة ولم يظهر أن قراءة السورة فيها كانت على وجه الوجوب أو الاستحباب
3- كما لو صلّى صلاتين بأذان وإقامتين ولم يظهر أن ترك الأذان في الثانية كان من باب الرخصة أو العزيمة
4- كما لو فعل بحضرته فعل و سكتا الله عنه ولم يظهر ان السكوت كان لتقية أم للرخصة
5- كالقرء و الجون
6- كلفظ المختار، ولولا الاعلال لانتفى منه الإجمال
7- (في) ليست في (ك)
8- في قولنا : ضرب زيد عمروا فضربته، فيحصل الإجمال لتعدد المرجع وعدم التعيّن
9- حيث أراد المتكلم فرداً معيناً عنده فقط كقوله تعالى «ان تذبحوا بقرة» سورة البقرة: 67
10- مع فقدان القرينة المعينة بعد صرف اللفظ عن المعنى الحقيقي
11- كقوله تعالى: «إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النّكاح» سورة البقرة: 237، فإنه لا إجمال في اليد والعقود والنكاح، بل المجموع المركب يحتمل إرادة الزوج فيرجع كل المهر إلى الزوجة أو الولي، فيعود كله إلى الزوج
12- مثل ما عن عقيل انه قال: إلا أن معاوية بن أبي سفيان يأمر في أن ألعن عليّاً الا فالعنوه
13- لتصادقهما في نحو ضرب زيد عمرواً فضربته، وصدق الأوّل فقط على نحو هو والعين ونحوهما من الأسماء المعدودة التي ثبت صحة استعمالها منفردة بلا ضم تركيب، وصدق الاخير فقط في آية العفو

المجمل الذاتي(1) من الشارع في مقام بيان الأحكام وجهان.(2)

أصل [في توارد المجمل والمبين]

اذا ورد مجمل ومبيّن فلا حمل مع اختلاف محلهما(3)، أو حكمها، أو سببهما(4)، واذا اتحد(5) المحلّ والسبب ومتعلق الحكم حمل المجمل على المبين(6)، كل ذلك للعرف ؛ واذا كان للفظ (7) معنيان: أحدهما مجمل، والآخر مبيّن(8)ولا قرينة، ففي حمله على الأخير للغلبة، وجهان.

ص: 234


1- وهو ما كان الإجمال فيه من المكلف (اسم فاعل) بأن يلقي الخطاب المبهم من دون نصب قرينة يفهم المخاطب منها المراد
2- قال العلّامة في نهاية الوصول: 402/2 اتفق المحققون عليه .. والوقوع دليل الجواز. ولم ينقل الخلاف الا عن داود الظاهري (البحر المحيط للزركشي: 3/ 455)
3- نحو: أعط زيداً عيناً، وأعط عمرواً ذهباً
4- نحو: إن جاء ولدي من السفر فأعط زيداً عيناً، وإن أفطرت فاعط زيداً ذهباً
5- في (م) اختلف
6- نحو: إن جاء ولدي من السفر فأعط زيداً عيناً، وان جاء ولدي من السفر فأعط زيداً عيناً
7- فى (ك) : اللفظ
8- نحو قوله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ» سورة النساء: 24، فالإحصان له معنيان: التزويج والتعفف، وعلى الأوّل مبين، وعلى الأخير مجمل؛ لإجمال التعفف

أصل [في تعريف المبين وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة]

المبين ما اتضح دلالته(1)، سواء كان مبيناً بنفسه(2)، أو مبيناً بأمر خارج قولي(3)، أو فعلي(4)، أو تركي(5)، أو تقريري.(6)

وتوهم(7) عدم جواز وقوع الفعل بياناً لوجه عقلي عليل (8)، عليل.(9)

ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة على الأصح(10)؛ للسفه، وفي جوازه عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة (11) كما هو المشهور(12) ، أم لا

ص: 235


1- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 231
2- كقوله تعالى: «وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» سورة البقرة: 282
3- كقوله تعالى: «أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً» سورة البقرة: 67 المبين بقوله: «صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنَهَا» سورة البقرة: 69
4- كالوضوءات البيانية لقوله تعالى: «فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...» سورة المائدة: 6
5- كما لو ركع المعصوم في الثانية بلا قنوت؛ بياناً لعدم الوجوب
6- كما لو فعل أمراً بحضرة المعصوم لا فقرره بياناً لجوازه
7- المتوهم من العامة وهو أبو إسحاق المروزي والكرخي (البحر المحيط للزركشي : 3/ 485)
8- وهو أن الفعل أطول من القول، فيلزم تأخير البيان مع إمكان تعجيله
9- (عليل) ليست في (ك)
10- بلا خلاف كما عن السيد المرتضى في الذريعة 270 والشيخ في العدة: 448/2 والعلّامة في نهاية الوصول : 440/2 ولم يخالف فيه إلا من قال بجواز التكليف بما لا يطاق كالأشعرية. (الإحكام للآمدي : 30/3)
11- في (م) وقت الحاجة مطلقاً
12- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 839، القوانين المحكمة للقمي: 2/ 216

مطلقاً(1)، أو (2) فيما عدا النسخ(3)، أو فيما عدا المجمل(4)، أقوال.

أصل [في الإجماع]

الإجماع يطلق على العزم مجازاً، وعلى الاتفاق حقيقة؛ للتبادر، وصحة السلب عن العزم.(5)

ونقل اصطلاحاً إلى الاتفاق الخاص.

فعند العامة: اتفاق المجتهدين(6)من هذه الأمة على أمر ديني، في عصر من الأعصار(7)، وعند الخاصة الاتفاق الكاشف، ولهم فيه طرق

فعند القدماء: هو الاتفاق الكاشف عن دخول شخص المعصوم في المجمعين قولاً أو فعلاً أو تركاً أو تقريراً.(8)

ص: 236


1- اختاره المعتزلة وكثير من الحنفية، ووافقهم بعض المالكية والشافعية وصار إليه ابن داود الظاهري (البحر المحيط للزركشي : 495/3)
2- في (م) .أم
3- اختاره الجبائيان والقاضي عبد الجبار (نهاية الوصول للعلّامة: 442/2)
4- اختاره الشيخ المفيد في التذكرة ،39 ، والسيد المرتضى في الذريعة: 271، والشيخ في العدة: : 2/ 450
5- ينظر : لسان العرب لابن منظور : 358/2، المصباح المنير للفيومي: 109، القاموس المحيط للفيروزآبادي: 655 ، مجمع البحرين للطريحي: 317/4
6- في (ك) : المجتهد
7- مختصر ابن الحاجب : 1/ 426 ، البحر المحيط للزركشي : 4 / 436 ، تمهيد القواعد للشهيد الثاني : 251
8- كمن علم إجمالاً بدخول المعصوم في المجلس الفلاني الحاضر فيه جماعة من المؤمنين، ثم دخل في ذلك المجلس وسأل الحاضرين عن نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة، فأجاب كل من الحاضرين قال: نعم. فهذا الاتفاق كاشف عن دخول شخص المعصوم في المجمعين، وكاشف عن قوله بنجاسة الماء القليل بالملاقاة

أو الاتفاق الكاشف عن دخول قول المعصوم في الأقوال المجتمعة.(1)

أو الاتفاق الكاشف عن صدور قول من المعصوم على طبق الأقوال الصادرة عن المجمعين .

أو الاتفاق الكاشف عما عليه المعصوم شخصيّاً أو قوليّاً أو صدور قول.

وعند الشيخ (2) - بعد موافقته القدماء في طريقتهم - انه إذا اجتمعت الطائفة على أمر ، مع عدم وجود خلاف، وعدم العلم بصحته وسقمه، وعدم العلم بوفاق المعصوم وخلافه، فذلك إجماع وحجة(3)؛ للأخبار، وقاعدة اللطف، (فهو حينئذ كاشف بملاحظة ضميمة قاعدة اللطف) (4)، لا لذاته.

وعند المتأخرين: الاتفاق الكاشف عن رضا المعصوم رضاً حقيقياً.

والنسبة بين هذه الطرق، وبينها وبين طريقة العامة واضحة.

ثم الإجماع إمّا محصل (5)، أو منقول بالقطعي، أو بالظني.(6)

ص: 237


1- كما لو حضر عند الشخص توقيعات كثيرة مكتوب في كلّها نجاسة القليل بالملاقاة، فربّما حصل العلم إجمالاً بأن أحد الأقوال المكتوبة هو من المعصوم، وأنه خطه الشريف
2- العدة للطوسي : 2/ 630
3- (وحجة) ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- هو الاتفاق الكاشف الذي علمه الشخص بنفسه من الفحص والاستقراء، فمن حصل له ذلك فهو إجماع محصل بالقياس إليه، ويطلق عليه المحقق
6- القطعي كما لو نقل بطريق التواتر والواحد المحفوف بالقرينة، والظني كما لو نقل بالآحاد، والأوّل يسمّى محققاً أيضاً

ثم إما بسيط(1) أو مركب(2)، وإما ضروري أو نظري(3)، وإما ديني(4) أو مذهبي.(5)

ثم لا ريب في إمكان طريقة المتأخرين في يومنا هذا، ووقوعه، وحجيته(6)، ودليل الشيخ لا ينهض بمراده كأدلة العامة، وشكوك القاصرين.(7)

والإجماعات المنقولة في كلام الشيخ تحمل على مصطلح القوم.(8)

ص: 238


1- هو الإجماع المنعقد على حكم واحد ، ولو تعدّدت الأحكام وانعقد الإجماع على كل واحد منها فإجماعات بسيطة
2- هو الإجماع المنعقد على حكمين أو أحكام مع عدم انعقاده على كل واحد، سواء كان في موضوع واحد كاستحباب الجهر في ظهر الجمعة وحرمته؛ حيث افترق الأصحاب فيه فرقتين فالقول بوجوبه خرق للإجماع المركب أو في موضوعين فما زاد كتبديل الركعتين من جلوس بركعة من قيام في الشك بين الثنتين والثلاث وبين الثلاث والأربع، فإنّ من قال بجواز تبديلهما بها قال به في المقامين، ومن منع منه منع منه في المقامين، فالقول بجوازه في أحدهما دون الآخر خرق للإجماع المركب
3- هو الإجماع المحتاج إلى النظر والفكر والاجتهاد، كحصول الاتفاق بعد الفحص على وجوب السورة في الصلاة مثلاً
4- كاتفاق المسلمين على حكم كوجوب الصلاة مثلاً
5- كاتفاق الطائفة الحقة على حكم كوجوب الاشهاد في الطلاق
6- فاتفاق جميع أهل الرّجل واتباعه ومقلديه على أمر، قد يكشف قطعاً عن رأي ذلك الرجل وتحقق هذا في أمثال زماننا غير عزيز ، فلو اطلعنا على معتقد زرارة ومحمد بن مسلم وليث المرادي ونحوهم من الأجلاء، لقطعنا مثلاً بأن هذا رأي رئيسهم
7- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 37/4
8- وليس على ماحمله الشهيد الأول في الذكرى : 1 / 51 ، إما بعدم اعتبار المخالف المعلوم المعين وإما تسميتهم لما اشتهر إجماعاً، وإما بعدم ظفره حين ادعى الإجماع بالمخالف، وإما بتأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع وان ،بعد كجعل الحكم من باب التخيير، وإما إجماعهم على روايته بمعنى تدوينه في كتبهم منسوباً إلى الأئمة

وفي جواز تعارض الإجماعين(1) المحققين مطلقاً(2)، أم لا مطلقاً(3)، أم على بعض الطرق المذكورة دون بعض (4)، وجوه .

وإذا اتفقت الأمة على قولين مثلاً في مسألة، أو مسألتين(5) بينهما قدر جامع أم لا، ففي جواز الخرق أقوال.(6)

والنسبة بينه وبين القول بعدم الفصل عموم من وجه.(7)

ثم لو لم يحصل على أحد الطرفين دليل اجتهادي، قطعياً، أم ظنياً ، أو فقاهتياً (8)، ففي التخيير كما عن الشيخ (9)، أم طرح القولين، قولان ، ثانيهما عن بعض الأصحاب .(10)

ولا ريب في جواز اتفاق الفريقين بعد اختلافهما (11) على أحد القولين، بناء على

ص: 239


1- في (ك): إجماعين
2- وهذا يتأتى على طريقة القدماء
3- وهذا يتأتى على طريقة المتاخرين
4- وهذا يتأتى على طريقة الشيخ
5- في (م): مسألتين أو مسألة
6- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 1933 ، منية اللبيب للعميدي: 2/ 180
7- فيجتمعان في مسألة الفسخ بالعيوب، فإن للأصحاب قولاً بفسخ النكاح لكلّ واحد من العيوب، وقولاً آخر لبعض منهم بعدمه في كل العيوب، فاختيار الفسخ في بعضها دون بعض خرق للإجماع المركب، ويسمّى أيضاً قولاً بالفصل. وقد يوجد الأول فقط، كمسألة الجهر في ظهر الجمعة، وقد يكون بالعكس كالقول المقابل للإجماعين البسيطين
8- في (ك) : فقاهتي، وفي (م) فقاهي
9- العدة للطوسي: 2/ 630
10- حكاه المحقق في المعارج: 133
11- في (ك): اختلافهم

طريقة القدماء، والمتأخرين، والعامة.(1)

وفي جواز تعاكس شطريه وجهان أظهرهما ذلك، سيما إذا جوزنا تعارض الإجماعين.

والإجماع السكوتي(2) ليس إجماعاً.(3)

وأما حجية الشهرة، ومنقول الإجماع، والإجماع الظني، وعدم الخلاف، وحكم تعارض ،الشهرتين فستظهر - إن شاء الله - من بحث حجية الظن .

ص: 240


1- ينظر : معارج الأصول للمحقق الحلي : 133 ، نهاية الوصول للعلّامة: 200/3
2- وهو قول البعض وسكوت الباقين مع معرفتهم به
3- الذريعة للمرتضى : 449 ، نهاية الوصول للعلامة: 231/3 ، تمهيد القواعد للشهيد الثاني: 252

أصل [في حجية الكتاب]

الكتاب قطعي السند في الجملة، لكنه ظني الدلالة.(1)

ولو قيل: إن خطابه شامل للمعدوم ، ويقبح الخطاب بما له ظاهر وارادة خلافه بلا ،قرينة ولازم المقدمتين قطعية الدلالة.

لدفعناه(2) : بمنع عموم الخطاب، وبمنع عدم القرينة بعد اختلاف لسان المشافه والمعدوم، ووحدة الخطاب، ولا أقلّ من احتمال كونه قرينة، فلا قطع(3)

ثم الحق حجية الظن الحاصل منه من باب الظن الخاص لا المطلق ولا عدم الحجية، وذلك لاطباق المسلمين قديماً وحديثاً على العمل بظواهره ونصوصه، واحتجاج(4)أصحاب الأئمة دائماً به في ردّ الخصوم(5)(6)، وإطباق أصحابنا على الإفتاء بالعمل به(7)، فتأمل، ولبناء العقلاء عليه، والإجماعات المحكية ((8) ، والأخبار البالغة حد التواتر، كأخبار عرض المتعارضات عليه (9)،

ص: 241


1- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد : 568
2- في (ك): لدفعنا
3- ينظر : في الإيراد وجوابه معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 269
4- في (ك): واجتماع
5- في (ك) : الخصم
6- واخبارهم واحتجاجاتهم كثيرة مشهورة وحسبك ما في كتاب الاحتجاج للطبرسي
7- ينظر: الأصول الأصلية 238
8- ينظر: الفوائد الأصولية: 180، المحصول للأعرجي: 2/ 29
9- كقول أبي جعفر : «إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به، وإلا فقفوا عنده ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم الكافي للكليني : 2/ 225

وخبر الثقلين(1)، وابن الزبعرى(2)، وما ورد في آية التقصير(3)، ولأن خطابه متعلق بالمشافه، وظاهره حجة له(4)؛ لقبح إرادة خلافه بلا قرينة، والأخبار الناهية لا تصير قرينة(5)، كما ستعرف.

ونحن إذا علمنا بما كان ظاهراً للمشافه - ولو بضميمة الأصول العملية - فقد علمنا بحكم الله سبحانه بعد أدلة الاشتراك في الحكم (6)، مع التأيد بقوله تعالى: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ».(7)

وكل واحد من هذه الأدلة، أو مجموعها يفيد القطع بالحجية.

ولو تمسك الخصم بما دلّ(8) على حرمة التفسير بالرأي، وعلى أن علم القرآن

ص: 242


1- وهو قول النبي : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض»
2- قصة ابن الزبعرى مع النبي ذكرها المفسرون عند قوله تعالى في سورة الأنبياء: 98 «إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ هَا وَارِدُونَ» سورة الأنبياء: 98؛ حيث إنّ النّبي لم يقل له إنّ لفظ (ما) لا يفيد الظنّ بالعموم ، بل أجاب بكونه لغير العاقل
3- و وهي قوله تعالى: «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا» سورة النساء: 101، روى الشيخ في التهذيب : 201/3 بسنده عن زرارة وابن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر : رجل صلى في السفر أربعاً، أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قرأت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعاً أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه
4- (له) ليست في (ك)
5- عرضها الشيخ الأعظم وناقشها في الفرائد: 1/ 98
6- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 319/2
7- سورة النساء: 82
8- في (ك) : يدل

عند أهل الذكر (1)، وعلى أنه محرّف(2)، فيحتمل اختلاف آيات الأحكام.

لقلنا: إن العمل بالظواهر لا يعد تفسيراً بالرأي(3) ، وإن علم الكتاب عند أهله، ونحن لا ندعي العلم، مع(4)أن الظاهر منه علم المتشابهات والبطون(5) ، والنقص - على فرض تسليمه - مجمع على عدمه في خصوص آيات الأحكام.(6)

وأما قوله تعالى: «مَا يَعلَمُ تَأْوِيلَهُ»(7) الآية، فليس للخصم التمسك به الا إلزاما.(8)

وجوابه: إن التاويل غير العمل بالظاهر.(9)

ص: 243


1- وهي روايات كثيرة ادعى صاحب الوسائل : 27 / 205 (كتاب القضاء، الباب 13 من أبواب صفات القاضي) تجاوزها حد التواتر
2- كما يظهر من بعض الأخباريين، ينظر : منبع الحياة: 66
3- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 317/2
4- (مع) ليست في (ك)
5- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 1 / 200
6- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 1/ 195 ، القوانين المحكمة للقمي: 327/2
7- سورة آل عمران: 7
8- حيث إن الخصم لا يعتقد بحجية ظواهر الكتاب، فلا يكون ذلك منه الا إلزاماً لمن يرى حجيتها
9- (بالظاهر) ليست في (ك) ، وفي (م) الظاهر

أصل[في دفع الضرر المحتمل]

أصل(1)

قال الله(2)سبحانه: «ولا تُلْقُوا بأيدِيكُمْ إلى التهلُكَةِ».(3)

اعلم أن دفع (4) الضرر لازم (5) وإن كان موهوماً؛ لبناء العقلاء على الاحتراز من الإناءين المشتبهين إذا أخبر كذوب يظن كذبه بوقوع السم في أحدهما؛ وأما عدم(6) احترازهم عن(7) القعود في البنيان المحتمل للخراب ونحوه، فلعدم إمكانه لهم، ولزوم وقوعهم في محذور أشد منه.

و احتمال(8)اختصاص اللزوم بأمور(9)المعاش مما يكون تأثيره (10) ذاتياً (11)، لا في مثل الأحكام مطلقاً، أو الأحكام الشرعية.(12)

يدفعه: عموم بنائهم، بل أشديّة الأخروي(13)، مضافاً إلى القوة العاقلة، وأخبار

ص: 244


1- (أصل) ليست في (ك)
2- (الله) ليست في .(م)
3- سورة البقرة : 195
4- (دفع) ليست في (ك)
5- ينظر : المنقذ من التقليد: 1 / 255 ، معارج الفهم : 86، شوارق الالهام: 4/ 250
6- في (ك): عد
7- في (ك): من
8- كما عن السيد المرتضى في الذريعة : 382 والشيخ في العدة: 1/ 107
9- في (ك): بأمر
10- في (ك) : تأثير
11- أي ضرره تابع لنفس الفعل أو الترك، علم حرمته أم لم يعلم
12- فالعقاب مأمون على ما لم ينصب الشارع دليلاً على التكليف به
13- ينظر فرائد الأصول للأنصاري: 253/1

الاحتياط.

ثم الضرر المحتمل : إما خال عن المعارض، أو معارض باحتمال ضرر آخر مساو معه رتبة ،واعتقاداً، أو رتبة لا اعتقاداً، أو عكسه، أو أقوى منه رتبة واعتقاداً، أو أحدهما أقوى رتبة والآخر اعتقاداً.

ثم إما كلاهما دنيويان ، أو أخرويان، أو مختلفان، فصارت الصوّر ست عشرة. أما ما خلا عن المعارض فقد مرّ .

وأما ما كان مع المعارض المساوي من الجهتين فالتخيير، أو الأقوى من الجهتين، أو من إحداهما(1)، فتقديم الأقوى، أو الأقوى من جهة والأضعف من أخرى، فموارده عند العقلاء مختلفة.

هذا كله مع كونها دنيويين، أو اخرويين.

وأما في المختلفين، فنقول: لا ريب في قبح الإضرار بالنفس، ولزوم دفعه عقلاً وشرعاً ما لم يرد دليل عليه(2)، كما ورد في إضرار النفس لحفظ بيضة الإسلام، وحينئذ لو تعارض ضرر دنيوي كإضرار النفس بالقتل مثلاً، وأخروي، فالأخروي: إما مقطوع، كالقطع بأنه في ترك الجهاد يستحق العقاب الأخروي، أو مظنون، أو مشكوك، أو موهوم. (والضرر الدنيوي إما مقطوع، كالقطع بأنه لو جاهد لقتل، أو مظنون، أو مشكوك، أو موهوم)(3)، فإن كان الضرر الأخروي (مقطوعاً، أو مظنوناً بظن شرعي معتبر، قدّم مطلقاً؛ لقوة الأخروي)(4)رتبة مطلقاً، واعتقاداً أيضاً في بعض الصور(5)،

ص: 245


1- في (ك، م) : احديهما
2- في (ك) عليه دليل
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- وكما لو كان الضرر الدنيوي مظنوناً. (منه)

أو مشكوكاً حكماً واعتباراً، (أو اعتباراً)(1)فقط، أو موهوماً، قدم دفع الضرر الدنيوي مطلقاً؛ لأنه إذا شك في وجوب الجهاد مثلاً (2) شك في استحقاق العقاب على تركه في الآخرة ؛ لاحتمال وجوبه، وفي استحقاق العقاب على فعله لاحتمال عدم وجوبه)(3)، فاحتمال العقاب في الآخرة موجود فعلاً وتركاً، فيتعارضان، ويبقى القطع بأنه لو جاهد لقتل، أو الظن ، أو الشك، أو الوهم به سليماً عن المعارض، فيجب التحرز عنه.(4)

نعم، يبقى الكلام في تشخيص الصغريات، ومرجعه نظر الفقيه.

ص: 246


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- (مثلا) ليست في (ك)
3- في (ك) : وفي استحقاق العقاب على تركه في الآخرة فعله؛ لاحتمال وجوبه
4- ينظر في تفصيل ذلك كله ضوابط الأصول للمصنف : 4 / 192

أصل[في نفي العسر]

أصل(1)

قال الله سبحانه: نيُرِيدُ الله بكمُ الْيُسْرَ»(2)

اعلم أنّ الفعل إن لم يكن مقدوراً للمكلف فلا ريب في عدم جواز تعلق التكليف به عقلاً(3) و نقلا(4)، كما لا ريب في الجواز(5) مع كونه مقدوراً خالياً عن العسر والاختلال، مال إليه النفس، كالأمر بالنكاح والنهي عن الخبائث، أم لا، كالأمر بالصلاة والنهي عن الزنا.

وإن كان معسوراً ومضراً، كإيقاع نفسه في التهلكة، وقتل الولد، فالأصل في مثله عدم جواز ارتكابه؛ لأن فيه أمارة المفسدة، ولأنه (6) تصرف في ملك الغير بغير إذنه، بل العقل يستقل في حكمه بقبح ارتكابه من العبد(7)، وقبح ترخيص المولى فيه، وقبح إلزامه العبد عليه(8)، لكن حكماً تعليقياً معلقاً على عدم العلم بوجود مصلحة فيه؛ إذ يمكن عند العقل وجود مصلحة مقتضية للترخيص أو الإلزام، كما وقع في الأمر بالجهاد، وفي أمر الطبيب بقطع بعض الأعضاء.(9)

ص: 247


1- (أصل) ليست في (ك)
2- سورة البقرة : 185
3- ينظر : نهج الحق وكشف الصدق للعلّامة: 385 ، نهاية الوصول للعلّامة: 547/1 ، الفوائد الأصولية لبحر العلوم 230
4- كقوله تعالى: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» سورة الحج: 78
5- (الجواز) ليست في (ك)
6- في (ك) : لأنه، وفي (م): ولأن فيه التصرف
7- ينظر: العناوين: 286/1
8- ينظر : الفوائد الأصولية لبحر العلوم 232
9- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 748/2 ، إشارات الأصول للكرباسي: 188

أو معسوراً مستلزماً لاختلال نظم (1)العالم، كإيجاب الاحتياط الكلي على الكل فذلك مما (2) يحكم العقل (3)بقبحه تنجيزاً ما دام الغرض متعلقا ببقاء النظم للزوم مخالفة ،الغرض، فلايجوز الأمر به، ولا الترخيص في فعله.

ولو قيل: فكيف تعلق الأمر بالمندوبات(4)، مع كثرتها الموجبة للاختلال، بل وتضادها، وعدم إمكان جمعها؟

قلنا: بعد القرينة المذكورة لا بدّ من حمل أوامر الندب على الإرشاد وبيان الحسن ،الذاتي، لا على الطلب والترخيص المطلق، أو الحمل على التخيير بالنسبة إلى المتضادين، مع التقييد بصورة عدم الاختلال، أو الحمل على صورة عدم اختياره الضد وعدم الاختلال، والأوسط أوسط.(5)

ولو كان دليل الندب دالا على الحكم الوضعي، أي: على الحسن والمحبوبية الذاتية في الماهية من دون دلالة على الطلب(6)، كقوله : «الصلاة خير موضوع»(7)و «الصوم جنّة من النار»(8)، أو كان دليل (9) احد الطرفين من المستحبين اللذين لا يجتمعان، أو يستلزمان الاختلال وضعياً، وإن كان الآخر بلفظ الأمر، أو (10) كان

ص: 248


1- في (ك) : النظم
2- في (ك): ما
3- ينظر : فرائد الأصول للأنصاري: 1/ 277
4- في (ك): بالندب
5- ينظر هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 751/2
6- في (ك): الطيب
7- معاني الأخبار للصدوق: 314 ، أمالي الشيخ الطوسي : 539
8- الكافي للكليني : 2/ 23
9- في (ك): دليلاً
10- في (ك): و

الأمر دالاً على إيجاد الماهية مطابقة، وعلى حسن الماهية من حيث هي في ضمن كل الأفراد التزاماً(1)عرفياً، طلب كل الأفراد، كقوله (2): «زر من دون دلالته على الحسين علیه السلام».(3)

اندفع الإيراد من أصله؛ لعدم انصراف ما هو وضعي إلى صورة الاختلال، أو عدم الإمكان، وعلى فرض الانصراف لا تنافي؛ لأنه لا طلب، فتأمل.

وإن كان معسوراً لا ضرر فيه ولا اختلال بل مجرد مشقة لا تتحمل عادة، فلا قبح في ارتكابه، بل ارتكاب المشقة في طاعة المولى حسن، لكن يقبح الإلزام به من المولى عند العقل قبحاً تعليقياً، ولا يقبح عقلاً (4) الأمر به ندباً، ولا إجماع على نفيه، ولا ينافيه ما دل على نفي الحرج، وعلى البعث على الملة السمحة السهلة؛ إذ لا حرج(5) بعد الإذن في الترك، والسهولة حاصلة معه.

وأما قوله تعالى: «يُريدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»(6) ، فيمكن أن يكون المراد ب- ( لا يريد أنه يبغضه، فلا يكون حسناً ولا مباحاً ، أو(7) أنه لا يحبه فلا يكون مطلوباً إلزاماً وندباً وإن أمكن إباحته، أو أنه لا يطلبه وإن أمكن (كونه محبوباً، أو أنه لا يلزم به وإن أمكن)(8) طلبه ندباً.

والمتبادر نفي الطلب الإلزامي وإن كان مقتضى قاعدة عموم لفظ (العسر)

ص: 249


1- في (ك): والتزاما.
2- في (ك): وكقوله
3- كامل الزيارات لابن قولويه : 140
4- (عقلا) ليست في (ك)
5- (حرج) ليست في (م)
6- سورة البقرة: 185
7- في (م): و
8- ما بين القوسين ليست في (م)

الوارد بعد النفي عدم تعلق الإرادة على المعسور إلزاماً وندباً.

سلّمنا عدم الظهور فيما ذكرنا(1)، فلا أقل من الإجمال، ويبقى حينئذ ما دلّ على استحباب المعسور سليماً عن المعارض، مضافاً إلى اتفاقهم على عدم نفي العسر في المندوبات، بل لم(2) يتمسك أحد بهذه(3) الآية الشريفة على نفيه فيها، وهذا يكشف عن أن الظاهر منها عندهم (4) نفي الإلزام .(5)

ص: 250


1- في (ك، م): ذكر
2- في (ك): لو لم
3- في (ك) من هذه.
4- في (ك) : (عدم) بدل ( منها عندهم)
5- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 751/2

أصل [في السنة وأقسامها]

اشارة

السنّة لغةً الطريقة (1) ، واصطلاحاً - على ما ذكروه - قول ،المعصوم أو فعله أو تقريره(2)؛ ولعل المراد من القول أعمّ من مثل الكتب والإشارة، ومن الفعل أعم من الترك.

والحديث ما يحكي السنة(3) ، والنسبة بينهما عموم من وجه، ونقل السنة إلى المعنى(4) المصطلح من نقل المناسب إلى المناسب(5) ، لا الكلي إلى الفرد، والمنقول إليه أحد الأمور لا كل واحد منها؛ للأصل(6) ، والنقل تعيني ؛ للغلبة.(7)

[تقسيم الخبر إلى المتواتر والآحاد]

ثم الخبر المرادف للحديث إما متواتر وهو (8) ما يفيد العلم بسبب كثرة ،المخبرين بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة (9)، استقلت الكثرة في إفادة ،العلم، أم انضمت إلى القرائن الداخلة، فتعريفه بأنه خبر (10) جماعة يفيد العلم

ص: 251


1- لسان العرب لابن منظور : 399/6 ، مجمع البحرين للطريحي : 268/6، النهاية في غريب الحديث: 409/2
2- القوانين المحكمة للقمي: 2/ 338
3- مشرق الشمسين : 21 ، القوانين المحكمة للقمي : 2/ 338
4- (المعنى) ليست في (ك)
5- في (ك) : ( من المنالب إلى المنالب) وهو اشتباه أو تصحيف
6- أصالة اتحاد النقل
7- في (ك) والنقل يعين الغلبة
8- (هو) ليست في (ك)
9- الدراية : 12
10- (خبر) ليست في (ك)

بنفسه(1)، لا يطّرد؛ لدخول خبر ثلاثة أفاد العلم بضمّ القرائن الداخلة، فإنه لا يسمى متواتراً اصطلاحاً(2)، ولا يدفعه اشتراط الكثرة بعد(3) التعريف؛ لأن ذلك جزء مفهومه(4) لا شرطه الخارجي، ولا ينعكس؛ لعدم صدقه على خبر جماعة كثيرين أفاد العلم لا بنفسه، بل بضمّ القرائن الداخلة، فتأمل.

أو غير متواتر، وهو ما ليس كذلك، وإن افاد العلم بقرينة خارجية.

ثم المتواتر : إما يفيد القطع باللفظ ولو إجمالاً، أو بصدق المضمون، أو بهما(5)، وكذا(6) الواحد المحفوف بقرينة قطعية، فما كان من هذه الأقسام الستة مقطوع اللب فلا كلام في حجيته؛ لأن العلم حجة لكل احد في كل مقام، من أي سبب حصل، أي(7) مرتبة كانت من مراتب العلم في أي زمان كان، قبل الفحص أو(8) بعده.

وما كان منها مقطوع اللفظ، فهو من الظن الخاص المقطوع حجيته؛ للإجماع عليه(9)، وما ينكر حجيته أحد عدا ابن قبة فيحتمل إنكاره لذلك؛ لجريان دليله.(10)

ص: 252


1- المختصر لابن الحاجب : 519/1 ، زبدة الأصول للبهائي: 90
2- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 369/2 كمة للقمي: 369/2
3- في (م): في
4- في (م) مفهوم
5- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 2/ 385
6- في (ك) : ذكر
7- في (ك) : بأي.
8- في (م): أم
9- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 1/ 208 ، فرائد الأصول للأنصاري: 273/1
10- فى (ك): الجريان دليل

على عدم جواز التعبد بالواحد من استلزامه تحليل الحرام وعكسه فيه).(1)(2)

فانحصر النزاع في قسم سابع خارج عن الستة، وهو الواحد الذي لا قطع بصدوره، ولا مضمونه.

ولمّا كان هذا فرداً من أفراد الظن، فالأحسن طرد الكلام في حجية مطلق الظن وعدم حجيته.

ص: 253


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- حكى دليله المحقق في المعارج: 141

[في حجية الظن]

فاعلم(1) أنّ من الظنون (2) ما هو مقطوع الاعتبار شرعاً، كالحاصل من متواترات(3)الكتاب والمتواتر اللفظي، والواحد القطعي الصدور؛ وما هو مقطوع عدم الاعتبار كالحاصل من القياس المستنبط ، والاستحسان، والمصالح المرسلة؛ وما هو مشكوك الاعتبار بالمعنى الأعم، ومحل النزاع هو الأخير.

ثم الكلام في الظن (4): إما من حيث الظانّ أنه المجتهد المطلق، أو المتجزئ، أو العامي، فهذا من مباحث الاجتهاد، أو من حيث محل الظنّ أنه الحكم الفرعي، أو الأصولي، أو الموضوع المستنبط، أو الصرف، أو المسائل المشتبهة، أو الاعتقادية، (أو من حيث أسباب الظن، أو من حيث مراتبه)(5) ، أو من حيث زمان العمل به أنه(6) قبل الفحص أم بعده، فلا بد من ذكر هذه في طيّ أصول.

ص: 254


1- في (ك): فالمعلوم
2- في (ك) : المظنون
3- في (ك) : المتواترات
4- في (ك) : ظن الخاص
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- (انه) ليست في (ك)

[تحرير محل النزاع ]

ثم اعلم أن المجتهد إذا رأى خبراً، أو(1) ظن وجوب غسل الجمعة مثلاً، فتحصيل هذا الظن والاعتقاد لا شبهة في جوازه عندهم ظاهراً، وخروجه عن محل النزاع، وكذا (2) الإتيان بذلك المظنون في الخارج بأن يغتسل غسل الجمعة، ليس من محل النزاع، بل محل النزاع جواز جعل ذلك المظنون حكماً لنفسه، وجعله حجة له، وبناء حكمه عليه ولو(3) لم يعمل به أبداً عصياناً، أو نسياناً.(4)(5)

ثم إنهم بعد ما نازعوا في إنسداد باب العلم بالمعنى الأعم من الظن الخاص في أغلب أبواب الفقه ، أو(6)انفتاحه، وافترقوا فرقتين، نازعوا في أنه - بعد فرض الانفتاح الأغلبي - لو فرض نادراً موضع لم يمكن فيه العلم بعد الفحص، فهل(7) يجوز العمل بالظن في هذا الموضع أم لا (8)؟ فمنهم من أنكره ، ومنهم من أثبته، كما يظهر القول الثاني من تمسكهم في حجية الظن بدليل دفع الضرر (9)، وترجيح المرجوح.(10)

وأما على فرض الانسداد الأغلبي وتسليمه، فالكل متفقون على حجية الظن،

ص: 255


1- فى (ك): و
2- في (ك): وكذا في
3- في (ك): وان
4- (أو نسياناً) ليست في (ك)
5- ينظر فرائد الأصول للأنصاري: 1/ 88
6- في (ك، م): و
7- فى (ك) : هل
8- (لا) ليست في (م)
9- استدل به العلّامة في نهاية الوصول: 184/3 والمحقق القمي في القوانين: 436/2 وصاحب الفصول: 278
10- ينظر فرائد الأصول للأنصاري: 259/1

وانما ذكروا إبطال البراءة والاحتياط - على (1) فرض هذه الصغرى - دفعاً للتوهم لا لوجود (2) عامل بهما في الحقيقة(3)(4)، فمحل النزاع إجمالاً انما هو ما شك في جواز العمل بالظن فيه، وعدم جوازه.

وأما تفصيلاً: فقد عرفت أن مورد الشك انما هو صورة الانفتاح الأغلبي، أو الشك فيه (5) ، (وأما في صورة الانسداد الأغلبي، فالجواز مقطوع (6)، ولو فرض الشك فيه أيضاً)(7) كان من محل النزاع.

فظهر أنها هنا(8) نزاعاً صغروياً، ونزاعاً كبروياً على فرض إحدى(9) الصغريين. إنهم اتفقوا على أن العمل بالظن : إما واجب أو محرم ، فالقول الثالث خرق للإجماع المركب.(10)

ص: 256


1- (على) ليست في (ك)
2- في (ك): وجود
3- في (ك) : عامل بهما حقيقة
4- ينظر : فرائد الأصول للأنصاري: 1/ 289
5- في (ك): فيه أيضا
6- ينظر : معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 268 ، الرسائل الأصولية للبهبهاني: 37
7- ما بين القوسين ليست في (ك)
8- فى (ك) (هذا) بدل (ها هنا)
9- في (ك): أحد
10- ههنا كلام للشيخ الأعظم في الفرائد: 311/1 يحسن الاطلاع عليه

أصل [فى أصالة حرمة العمل بالظن]

الأصل الأصيل حرمة العمل بما وراء العلم إلى أن يقوم عليه دليل، وذلك لوجوه:

[الوجه] الأول: قاعدة الاشتغال المقتضية للاحتياط، بعد العلم الإجمالي بتعلق التكاليف الشرعية(1)، ولازمه التوقف عن الإفتاء في المعاملات حيثما(2)دار الأمر فيها بين ،المحذورين ، ككون (3)المال لزيد أو لعمرو، وإتيان ما يحتمل وجوبه فيما دار الأمر فيه بين الواجب وغير الحرام، وترك ما يحتمل حرمته فيما دار الأمر فيه بين الحرام وغير الواجب، وفيما دار الأمر فيه بين الحرام والواجب تحرّي الظن، فيؤخذ بالمظنون لا من باب الظن بل من باب القدر المتيقن، وإن لم يمكن(4) الظن تخير بينهما، وفي كلّ من تلك السلاسل نعلم إجمالاً بوجود التكاليف بينها(5)، والقطع بالامتثال لا يحصل الا بما ذكر.(6)

ولو قيل : لو علم المجتهد حين عروض المسألة بتمكنه من تحصيل العلم، فأخّر الفحص الواجب تفريطاً إلى أن تعذر العلم، ويتمكن من الظن، فإن لم يكن الظن حجة ارتفع التكليف بالفحص، وإن كان حجة بقي الأمر بالفحص)(7)، واستصحاب

ص: 257


1- ينظر: الرسائل الأصولية للبهبهاني: 8
2- في (ك) : حيث
3- في (ك) : لكون
4- في (ك): يكن
5- في (ك) : بينهما
6- وسيأتي من المصنف تعرض لهذه الوجوه في مباحث الأصول العملية
7- ما بين القوسين ليست في (ك، م)

الأمر بالفحص يقتضي وجوبه بعد تعذر العلم أيضاً، ولازمه حجية الظن، ويتم ما(1) عدا هذه الصورة بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه بقاعدة الاشتغال؛ إذ الاستصحاب أقوى منها.(2)

قلنا: المجتهد بعد عروض المسألة: إما [أن] يعلم من أول الأمر بتمكنه من تحصيل العلم، أو بعدم (3) تمكنه منه، أو يشك؛ وفي الأخير لو تفحص وعجز عن :العلم إما [أن] ينكشف (4) انه لم يكن متمكناً من أول الأمر، أو ينكشف عروض عدم التمكن بعد ذلك ، أو (5)يستمر الشك لاحقاً كما كان سابقاً، وفي شيء من الصور الخمس لا يصح التمسك بالاستصحاب، بعد رعاية اتفاق الكل على عدم حجية الظن للمتمكن (6) من العلم ، وعدم حجية الاستصحاب في الشك العرضي والساري.(7)

ولو قيل: لو قطع المجتهد أولاً بالسدّ الأغلبي، فحصل الظن وعمل به(8) في الأحكام، ثم قطع بفتح باب العلم غالباً؛ لحصول القرائن بعد ذلك، كأن حصل الأصول المهجورة، وصار أغلب النصوص متواترة عنده، فحصل العلم فيما أمكنه وبقي قليل من مظنوناته(9) السابقة على حالة السدّ فيستصحب حجية الظن، وجواز العمل به في هذا القليل ويتم ما عداه من موارد الشك في حجية الظن بالإجماع

ص: 258


1- في (م): فيما
2- كونه رافعاً لموضوعها
3- في (ك): بعد
4- في (ك) : ان يكشف
5- في (ك): و
6- في (ك) للتمكن
7- سياتي في مبحث الاستصحاب
8- (به) ليست في (ك)
9- في (ك) : المظنونات

المركب(1)، ولا يمكن القلب بالاشتغال؛ لما مرَّ .

وأيضاً نفرض ما إذا قطع أولاً، ثم شك في بقائه وارتفاعه، فيستصحب الموضوع والحكم معاً، ويتم فيما عداه بما مرَّ.

قلنا إن الفرض الأول معارض بمثله، فبعد تعارض الاستصحابين بضمّ مركب الإجماع بقي الاشتغال سليماً عن المعارض، وكذلك الفرض الأخير، مضافاً فيه إلى أن استصحاب الانسداد حين الشك في بقائه لا يتصوّر : إما لأنه عمل بالأصل قبل الفحص، أو لأنه شك في الحادث.

ولو قيل: إن الاحتياط - بالتقرير الذي ذكرت عملا بالاشتغال - غير ممكن أما في المعاملات فلأن الوقوف عن الفتوى(2) يحتمل الحرمة؛ لدوران الأمر بين وجوب الإفتاء(3) وحرمته، فلا احتياط مع الوقوف، وأما في العبادات فلأن مجرد الإتيان بمحتمل(4) الوجوب كغسل الجمعة لا يقطع معه بالبراءة؛ لاحتمال وجوب قصد الوجه (5)، أو اشتراط العلم به، والعلم به غير ممكن بالفرض.

وأما العمل بالظن في تعيين الوجه فأمره(6)مردد بين الوجوب والحرمة، فلا يمكن الاحتياط في الفروع غالباً؛ لفقد المقتضي، وهو عدم إمكانه ذاتاً، لا لوجود المانع، والدليل الوارد حتى لا ينافي تأسيس الأصل.

قلنا: إن مخالفة الاحتياط مع الإفتاء (أزيد؛ لاحتمال مخالفة الواقع حينئذٍ في

ص: 259


1- في (ك، م مركب الإجماع
2- في (م): الإفتاء
3- في (ك) : الفتوى
4- في (ك): محتمل
5- ينظر : مفتاح الكرامة : 2/ 314
6- في (م): فإنه

كل من الإفتاء)(1) والمفتى به، بخلاف الوقف، فهو أوثق وأحوط وأقل محذوراً، وأما اشتراط العلم بالوجه، فغير محتمل عندنا(2) ؛ لبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة.

سلّمنا ، لكن ترك العمل (3) بالظنّ مستلزم(4)لارتكاب خلاف احتیاط واحد وهو احتمال حرمة تركه، والعمل به في تعيين وجه الفعل يوجب خلاف احتياطين إذا ظن بعدم الوجوب وترك الفعل، فترك العمل بالظن والإتيان بالفعل أوثق.

سلّمنا الاشتراط، لكن يكفي العلم بالوجه الظاهري، وهو الوجوب المسبب من قاعدة الاشتغال، كما في سائر الأصول العملية.

[الوجه] الثاني: استصحاب الأمر بالصلاة مثلاً، ولا يمكن ذهاب الظن في(5) كل مقامات الشك إلى جانب الاحتياط واستصحاب بقاء التكاليف المعلومة بالإجمال في أبواب الفقه، وسلاسل الشكوك المتقدمة.

وأما القدح في(6)الاستصحاب بمنع جريانه؛ إذ المستصحب إن كان الأمر بالأقل فقد أتى به، أو بالأكثر(7) فالتكليف(8) به مشكوك من أول الأمر، أو الأمر النفس الأمري، فالقدر المعلوم منه مأتي به، ولا دليل على الزائد.

أو بمنع اعتباره؛ لأن حجية الاستصحاب إما لأجل ظنية نفسه، أو ظنية ،مدركه، وهو الاخبار، وحيث نفيت بالاستصحاب اعتبار الظن، فقد نفيت اعتبار

ص: 260


1- ما بين القوسين ليست في (م)
2- في (ك): عند
3- (العمل) ليست في (ك)
4- (مستلزم) ليست في (م)
5- (في) ليست في (ك)
6- في (ك): و
7- في (م) بأكثر
8- في (ك): فالمكلف

الاستصحاب.

أو بوجود المعارض له(1)للاستصحابات السابقة، فواه جدّاً.(2)

[الوجه] الثالث: قاعدة المقدّمية(3)المقتضية لوجوب الإتيان بما يحتمل كونه مقدمة للواجب، بمعنى ترتب العقاب على ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمات القطعية، أو الاحتمالية ، كما مر في مقدمة الواجب دليله، وهو (4) بناء العقلاء.

ولو قيل: إنّ هذه الأدلة الثلاثة إنما تتم فيما علم بالتكليف إجمالا في خصوص الواقعة، أو بين الوقائع المشتبهة، لا في السدّ(5) الجزئي مع فقد(6)العلم الإجمالي.

قلنا: إنّ كل من حرم العمل بالظن في المعلوم بالإجمال، حرمه هنا أيضاً، فالإجماع المركب من جهة الجنس وهو الحرمة موجود، نعم الإجماع المركب من جهة الفصل أي: العمل بالاحتياط لا البراءة بعد الحكم بالحرمة، كما اقتضته الأدلة المذكورة عند العلم الإجمالي - غير موجود. كما مر .

[الوجه] الرابع: ما مرَّ من لزوم دفع الضرر المحتمل، ولا يندفع الا بالاحتياط

ولو قيل: إنّ القائل بوجوب العمل بالظن يحرم الاحتياط والحكم على مقتضاه، فاحتمال الضرر معارض بمثله.

قلنا الأمر في المسألة الأصولية - وهي وجوب العمل بالظن وحرمته - وإن

ص: 261


1- (له) ليست في (م)
2- سيأتي في مبحثي الاستصحاب والبراءة ما ينفع في المقام
3- في (ك): المقدمة
4- في (ك): هو
5- في (ك): سد
6- في (ك): الفقد

كان دائراً بين المحذورين والضررين، إلّا أنه في المسألة الفرعية ومقام العمل يمكن الاحتياط، كترك محتمل التحريم، ففي العمل بالظن احتمال مخالفة الواقع من جهتين، بخلاف الاحتياط.

[الوجه] الخامس: أصالة البراءة عن(1) وجوب الفحص، إذا علم عند عروض المسألة بأنه لا يتمكن من العلم، بل يتمكن من الظن، ويتم فيما عداه - كما لو كان ظانّاً من أوّل الأمر - بالإجماع المركب، الا أن يردّ ذلك بأن (2) وجوب الفحص مقدّمي تبعي(3)، لا يجري فيه أصل البراءة.

[الوجه] السّادس: إنه لا ريب في اتحاد الأحكام 0الواقعية وتبعيتها للصفات الكامنة، ولا في أن جعل تلك الأحكام)(4) من الشارع إنما هو لإعلام العباد؛ حتى يعثروا على تلك المصالح والمفاسد، كما هو مقتضى اللطف الواجب، ولا في أن مقتضى اللطف الواجب نصب دليل علمي على تلك الأحكام المنبئة عن المصالح الواقعية إجمالاً، فإنّ الظن يخطئ ويصيب، فيوجب تحريم الحلال وعكسه، ويوجب لغوية جعل الأحكام بمقتضى المصالح الواقعية، وخلاف اللطف بالنسبة إلى العباد؛ لارتكابهم حينئذ الحرام الواقعي المهلك بمقتضى الصفة الكامنة(5) فيه، فلا بد من كون باب العلم القطعي مفتوحاً لكل أحد.

وفيه: إن المراد إن كان مجرد نصب الدليل القطعي للعباد - وإن لم يصب الواقع لزم ما لزم في الظن ، أو (6) القطع المطابق للواقع، فإن لم يكن ذلك لازما عليه (تعالى

ص: 262


1- في (م): عند
2- في (ك): ان
3- (تبعي) ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- في (ك): الكائنة
6- في (ك): و.

[

فلا كلام، أو لازماً عليه)(1) ولم ينصب ، أو نصب لكن كان اختلاف العلماء عن تقصير منهم، فهو كما ترى، أو عن قصور فلم ينصب، فبطلان الدليل محسوس بوجداننا الانسداد.

سلّمنا، لكنه ماذا يقول في الظنون الاتفاقية، كالحاصل من المتواترات اللفظية وفي الموضوعات الصرفة(2) المبنية على الظن، أو السبب (3) كيد المسلم، وأصالة الطهارة، مع أن محل كلامنا في تأسيس الأصل صورة الشك في حجية الظن، وهذا الدليل لو تم لأثبت الانفتاح المطلق، ومعه لاشك في حرمة العمل بالظن، ولا نزاع.

[الوجه] السابع: إجماع الخاصة على عدم جواز العمل بالظن ما لم يرد عليه دليل(4)، ولذالم نر احدا يقول بحجية الظن تمسكاً بعدم الدليل على حرمته، ولعل(5)(6)مراد المرتضى أيضاً من الإجماع على حرمة العمل بالواحد اندراجه تحت هذا هو الأصل المجمع عليه؛ لعدم عثوره على الدليل الوارد (7)، لا من أجل عثوره على حرمة العمل به.

[الوجه] الثامن والتاسع: الآيات(8)، والنصوص(9) القطعية.(10)

ص: 263


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- في (ك) : العرفية
3- في (ك) : المسبب
4- الرسائل الأصولية للبهبهاني : 12 ، عوائد الايام: 356
5- في (ك): بواحد
6- رسائل السيد المرتضى: 203/1
7- في (ك): الواحد
8- كقوله تعالى في سورة يونس : 36، «وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنَّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا»
9- في (ك): والنصوصية
10- كقول الصادق : «من شك أو ظن، فأقام على أحدهما، أحبط الله عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة» الكافي للكليني : 382/2

أصل [في انقلاب الأصل الأولي في الجملة في الأحكام]

اشارة

الحق انقلاب أصالة الحرمة إلى أصالة الجواز في الأحكام الفرعية في الجملة،

ويدل عليه البرهان العقلي، ويتم ذكره في طي مقدمات أربع:

المقدمة (1) الأولى: ثبوت التكاليف في حقنا بالضرورة، ووجوب تحصيل العلم بها، والفحص عنها.(2)

[المقدمة] الثانية: لا ريب في انسداد باب العلم بالمعنى الأعم من الظن الخاص في معظم الأحكام الفرعية؛ لأن أدلة الفقه غالباً أربعة العقل والإجماع، والكتاب والسنة(3)، وهي لا تفيد غالباً القطع:

أما العقل القطعي المستقل، على فرض إدراك العقل الحسن والقبح، والثواب والعقاب، والحجية، ووجود موضع (4) لم يصل حكمه من الشارع الا من جهة العقل، ففي غاية القلة في الفروع.

وكذا الإجماع القطعي النظري، الذي لا يحتاج مفاده إلى إعمال الظنون الاجتهادية؛ (لإجماله.

ص: 264


1- (المقدمة) ليست في (ك)
2- ينظر: الرسائل الأصولية للبهبهاني : 5
3- ينظر: العدة للطوسي: 1/ 92 ، السرائر : 1/ 38 ، نضد القواعد الفقهية: 12، زبدة الأصول للبهائي: 83
4- في (م): موضوع

وأما الكتاب فآيات أحكامه قليلة، ثم منها ما (1) هي مجملة بذاتها، ومنها ما (2) اختلف في إجمالها وبيانها، ومنها ما هي ظاهرة تثبت حكماً إجماعياً، أو ضرورياً، أو حكماً مجملاً يحتاج تفصيله إلى إعمال الظنون الاجتهادية)(3)، ك-«أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ».(4)

وأما السنة فما كان منها مقطوع الصدور فمن الظن الخاص، لكنه قليل كمقطوع اللب(5)، بل غالب الفرعيات تثبت بالواحد الذي لا قطع بصدوره، ولا مضمونه، ولا بحجية من دليل خاص قطعي، فباب العلم غالباً منسد.

فإن قلت: باب العلم الوجداني منفتح في الأحكام غالباً، أم دائماً، كما عليه ابن قبة؛ حذراً من تحريم الحلال وعكسه.

قلنا: قد مر تقريره وجوابه في تأسيس الأصل.

فإن قلت إن الأخبار كلها أو (أغلبها)(6) كأخبار الكتب الأربعة، مقطوعة : الصدور (7)، فالظن الحاصل منها ظن خاص، فباب العلم بالمعنى الأعم منفتح غالباً.

قلنا: إن الدليل على ذلك إنْ كان: إنّ تلك الأربعة من الثلاثة(8) بالتواتر ولو غالباً، سيما بعد اتفاق أكثر النسخ، وهي ماخوذة من الأصول الأربعمائة التي كانت

ص: 265


1- (ما) ليست في (ك)
2- (ما) ليست في (ك)
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- سورة البقرة : 43
5- أي: كالمتواتر المعنوي
6- في (م): جلّها
7- كما عليه جمع من الأخباريين، ينظر: الفوائد المدنية : 371
8- أي: المشايخ الثلاثة (منه): (محمد بن يعقوب الكليني - ت 329ه-، ومحمد بن علي الصدوق ت 381ه-، ومحمد بن الحسن الطوسي - ت 460ه-)

مشهورة بين الإمامية في زمن الأئمة معوّلاً عليها بينهم، كما يشهد بذلك التتبع(1) ، وإخبار الثقة الموجب للعلم، إذا كان المخبر به أمراً جلياً.

وأخبار تلك الأصول كلها من المعصوم، والا لما (اتفقت الإمامية على العمل بها، والاعتماد عليها، بل لو ) (2) كان فيها كذب لردعهم المعصوم علیهم السلام عن العمل بها ؛ لاطلاعه على عملهم بها في زمانه.

ففيه: ان تلك الأصول (ليست بأيدينا اليوم(3)، حتى نعلم بالتتبع أن أخبار الكتب الأربعة هي أخبار تلك الأصول)(4)، والثقة المخبر بذلك لم نجده الا الفقيه بالنسبة إلى كتابه(5)، لا الكتب الأربعة، مع أن كون هذا الخبر مأخوذاً من الأصل المجمع عليه ليس أمراً جلياً حتى يفيد إخبار الثقة عنه العلم؛ إذ الاطلاع على الإجماع أمر صعب، سيما عند هذا الخصم، وهو الأخباري المنكر للإجماع من أصله(6) ، واطلاع المعصوم علیهم السلام على أخبار تلك الأصول تفصيلاً أول الكلام، فكيف يكون تقريره هنا حجة.

وإجماع الإمامية على العمل بها، لعله لأجل عملهم بالواحد، أو تبعضهم(7) في

ص: 266


1- أي بكونها مأخوذة من تلك الأصول. (منه): ينظر الرعاية لحال البداية (ضمن رسائل في دراية الحديث): 1/ 163
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- قال الشيخ في الفهرست : 4 (إن تصانيف أصحابنا وأصولهم لا تكاد تضبط؛ لانتشار أصحابنا في البلدان وأقاصي الأرض)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- حيث قال في مقدمة كتابه من لا يحضره الفقيه : 1/ 71 : وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع
6- ينظر: الفوائد المدنية : 267، 486
7- في (م): تبعهم

جهة العمل، فلا يكشف عن قطعيتها عند جميعهم، بل لو قطعنا بكون (المخبر عن الإمام ثقة لم نقطع بعدم سهوه؛ لكون) (1) المخبر به أمراً خفياً.

وإن كان: إنَّ تأليف المشايخ الأربعة إنما هو لفائدة هي(2)هداية الناس كلهم(3)، كما يظهر من حملهم تعديلات علماء الرجال على المعنى الاعلى(4)، وإجماعات الشيخ على مصطلح(5)المشهور ، وانتفاع الكل لا يكون الا بذكرهم الأخبار القطعية؛ ليعمل بها كل احد، حتى من لا يعمل بالواحد.

ففيه: إن القطعية عند المشايخ لا يوجب القطع عند غيرهم(6)، مع احتمال كون(7) غرضهم من التأليف انتفاع العاملين بالواحد مطلقاً، وغيره مع حصول العلم له، فذكروا الآحاد وغيرها، بل لا (8) يمكن قصدهم نفع الكل؛ لما عرفت.

والقياس على التعديل، ونقل الإجماع مع الفارق؛ لأنهما لفظان(9) ينصر فان إلى الفرد الظاهر.

ص: 267


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- (هي) ليست في (ك)
3- ينظر : هداية الأبرار: 85
4- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 507/2 ، فمثلاً : إنّ الأصحاب اختلفوا في العدالة، فقال بعضهم إنّها الملكة، وقال بعض إنها حسن الظاهر ، وقال آخر إنّها ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق، فإذا (ورد فلان) (عادل فالعدالة تحمل على معناها الأعلى وهو (الملكة) دون غيره من الأفراد الدنيا
5- في (م) المصطلح
6- إذ لا ملازمة بينهما
7- (كون) ليست في (ك)
8- (لا) ليست في (ك)
9- في (م) لفظيان

وإن كان : إن المشايخ حكموا بصحة ما في مؤلفاتهم هذه (1)، والصحيح عندهم هو المطابق للواقع؛ لأصالة عدم النقل عن المعنى اللغوي عندهم، والظاهر من حكمهم هو الحكم القطعي.

ففيه إن كون مرادهم ما ذكرت ظني، وإن القطع عندهم لا يوجب القطع لنا.(2)

وإن كان: إنّ الكافي عُرض على الإمام علیه السلام ، وقال : «انه كافٍ للشيعة»(3)وسماه ، كافياً، وهذا يكشف عن صحة جميع اخباره.

ففيه: إن أصل العرض غير معلوم، ثم التسمية غير معلومة، وإن في تقريره علیه السلام ما في التقرير السابق.

هذا كلّه مضافاً إلى كثرة الأخبار في الأربعة، وكثرة الوسائط، وطول الزمان، ووجود الاختلاف الكثير بينها(4) ، وأن الكذابة كثيراً ما دسّوا(5) في أخبارهم، مع احتمال السهو والنسيان في أصحاب(6) الأصول والمشايخ، سيما في المطالب العلمية، فمتى علم أو احتمل - ولو وهماً - خطأ واحد من أحد في مجموع تلك الكتب الأربعة، سرت الشبهة إلى كل خبر (7) فيها ، وخرج عن القطع ، فدعوى قطعية السند واهية.

ص: 268


1- كما في مقدمة الكافي للكليني : 49/1
2- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد : 328
3- قال الميرزا النوري في خاتمة المستدرك: 470/3 لا أصل له ، ولا أثر له في مؤلفات أصحابنا، بل صرح بعدمه المحدث الاسترآبادي الذي رام أن يجعل تمام أحاديثه قطعية، لما عنده من القرائن التي لا تنهض لذلك، ومع ذلك ذلك صرح بأنه لا أصل له
4- في (ك) : بينهما
5- في (ك): مكان (دسوا) بياض
6- في (ك) : ابحاث
7- في (ك): خبر خبر

فإن قلت: إن أخبار الأربعة قطعية الاعتبار بدليل خاص، وهو شهادة المحمدين(1)على صحة ما فيها(2)، وكل شهادة حجة شرعية، فباب العلم بالمعنى الأعم منفتح.

قلنا: كون ذلك شهادة لا إخباراً ممنوع ، ولا أقل من الشك فيه، مع أن كون مرادهم (من الصحة قطعية الصدور، مظنون لا مقطوع، ولعل مرادهم)(3) ما يعتمد عليه قطعياً، أم ظنياً(4)، فشهادتهم على قطعية تلك الأخبار غير قطعية لنا، حتى نعمل بشهادتهم، مع أنه لا دليل على حجية الشهادة في الأحكام الشرعية.

فإن قلت: الأخبار(5) الآحاد حجة من باب الظن الخاص ؛ للأدلة الدالة (6) على حجية خبر الواحد، كما عليه الأكثر(7)، فيكون باب العلم بالمعنى الأعم مفتوحاً(8)، فمن أدلتها: إن بناء المسلمين في زماننا على العمل بالآحاد التي تطمئن إليها النفس في

ص: 269


1- في (ك): المحدثين
2- ينظر الكافي للكليني: 49/1 ، من لا يحضره الفقيه: 71/1
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- إذ إنّ الصحيح عند القدماء يحتمل معاني ثلاثة: الأوّل: أن يكون المراد به عندهم القطعي الصدور. الثاني: أن يكون المراد به المعتمد، سواء كان قطعيّاً أو ظنّيّاً. الثالث: أن يكون المراد به مقطوع الحجّيّة، ولو لم يقطع بصدوره من المعصوم؛ بمعنى أنّ المراد به القطعي المصون
5- في (ك، م): أخبار
6- (الدالة) ليست في (م)
7- ينظر: معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 263 ، الوافية للتوني: 159 ، بل ادعي الإجماع عليه من قبل جماعة منهم شيخ الطائفة في العدة: 126/1 ، وابن طاووس في فرج المهموم: 42، والعلّامة في نهاية الوصول: 403/3 ، والعلّامة المجلسي في البحار : 324/86
8- في (م): منفتحا

أخذ فتاوى المجتهدين، ولا يقتصرون على الشفاه، ولا(1) على الكتاب، وهذه الطريقة كانت مستمرة من زمن النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلى زماننا، حتى إن أهل المدينة ما كان ديدنهم أخذ جميع أحكامهم مشافهة عن النبي علا الله ، بل الزوجة كانت(2) تراجع زوجها، والولد أباه، والطفل معلّمه ،وهكذا، ومن المعلوم عدم حصول القطع لهم في جميع تلك الآحاد، وهكذا أهل البلاد في زمن الأئمة عل ، بل وأهل بلدهم أيضاً، مع إمكان الأخذ منهم الله ، فسيرة المسلمين وإجماعهم على ذلك من قديم الزمان إلى زماننا تدل على حجية الواحد إما لتقرير المعصوم ، أو لكشف إجماعهم عن رضاه به، واذا ثبت الحجية للحاضرين، ثبت لنا بأدلة الاشتراك؛ لأن الداعي على اختلاف(3) حكمنا هنا مع الحاضرين إن كان اختلاف الزمان؛ لاحتمال النسخ.

(ففيه: الإجماع على عدم عروض النسخ في هذه المسألة، مع أن النسخ)(4) بعد انقطاع الوحي لا وجه له.

أو لاحتمال(5) التقية.

ففيه: إن النبي صلی الله علیه و آله وسلم لا تقية عنده، مع أن هذا الاحتمال يرفع جهة التقرير لا الكشف.

أو اختلاف(6)الأشخاص.

فينفيه أدلة الاشتراك.

ص: 270


1- (لا) ليست في (ك)
2- (كانت) ليست في (ك)
3- في (ك): لاختلاف
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- في (ك): الاحتمال
6- في (ك) : الاختلاف

أو احتمال أن تقريرهم أهل زمانهم لعله(1) كان لأجل علمهم بمطابقة أخبار زمانهم للواقع، وإن لم يعلم العاملين بذلك.

ففيه :أولاً: إنا نعلم وجود الكذب في زمنهم في الأخبار .

وثانياً: ان مجرد العلم بالمطابقة لا يكفي في عدم المنع عن العمل بالخبر، باعتقاد أنه واحد يحتمل عند العاملين المطابقة وعدمها؛ لأنه إغراء بالجهل.

أو كثرة الوسائط لنا لا لهم.

ففيه: إنها لا تصير فارقة، بل هم كانوا يعملون(2) بالواحد حتى مع كثرة الوسائط.

ومنها: إن نصب النبي صلی الله علیه و آله وسلم والأئمة علیهم السلام الولاة في البلاد لتبليغ الأحكام والسياسات، يدل على حجية اخبار الوالي لهم مع وحدتها؛ للاستقراء، والتقرير، ولغوية النصب لولا حجيَّة قوله لهم، ونحوه ارسالهم الرسل إلى الأطراف لتبليغ الأحكام، بالتقريب المذكور.(3)

ومنها: إن أصحاب الأئمة علیهم السلام (دونوا كتباً كثيرة تبلغ ستة آلاف، (أو أربعة آلاف)(4) ، وأهل عصرهم كانوا يعملون بجملة منها، والحال أن العلم غير حاصل غالباً لغالب هؤلاء، فإجماع أهل ذلك العصر، وتقرير الأئمة علیهم السلام)(5) إياهم، يدلان على حجية الآحاد لهم، ولم نجد مفصلاً بين أفراد الواحد، وأدلة الاشتراك تعمّ الحكم بالنسبة إلينا.

علت

ص: 271


1- في (ك) : لعل
2- (يعملون) ليست في (ك)
3- ينظر: رسائل المرتضى: 1/ 30، العدة للطوسي: 1/ 121 ، نهاية الوصول للعلّامة : 396/3
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- ما بين القوسين ليست في (ك)

ومنها: إجماع علماء الإمامية على العمل بأخبار الأربعة(1) ، وإن كان (2) عمل بعض لأجل كون أغلبها(3)أو كلها قطعية عندهم، وآخر من باب الظن الخاص، وآخر من باب الظن المطلق.

ومنها: إن الكافي دوّن في الغيبة الصغرى، وهي زمان حضور الإمام علیه السلام وتمكنه من الردع (4) ، وكان هذا الكتاب مشتهراً ذلك اليوم بين الإمامية؛ لكونهم يومئذ طائفة قليلة، ومؤلّفه من المشاهير، مع حكم(5) العادة بعدم حصول العلم غالباً للعاملين به (6) ، فتقريره علیه السلام إياهم كاشف عن الحجية، ويتم في سائر (7) الآحاد بالإجماع المركب.

ومنها أمر قطعي مركب من أمور ظنية، يحصل من مجموعها العلم، وهي ذهاب المعظم إلى ذلك، حتى الشيخ بل الكليني والصدوق أيضاً (8)؛ لأنهما ذكر (9) حديث الأخذ بالأعدل عند تعارض الخبرين في كتابهما، وتدوين العلماء كتب الأخبار ، والإجماع المنقول عن العلّامة والشيخ (10)، وغيرهم على الحجية المقدم (11) على إجماع

ص: 272


1- ينظر رسائل المرتضى: 26/1
2- (كان) ليست في (ك)
3- في (م): جلّها
4- ينظر : هداية الأبرار: 86
5- (حكم) ليست في (ك)
6- (به) ليست في (ك)
7- (سائر) ليست في (م)
8- (أيضاً) ليست في (ك)
9- (ذكرا) ليست في (ك)
10- في (م): الشيخ والعلّامة
11- في (ك): المتقدمة

المرتضى بوجوه .(1)

والأخبار العلاجية، وتدوين العلماء علم الرجال، وظاهر بناء العقلاء على اعتبار الواحد في أمور دينهم ودنياهم، الا ما خرج وتحريض المعصوم(2)أصحابه بتدوين الأخبار، وعدم تدوين القائم كتاباً للشيعة يغنيهم عن العمل بالآحاد مع علمه بالحال.

ومنها آية النبأ، والنفر، والسؤال، والكتمان.(3)

قلنا: أما الجواب عن الأول: فهو إن محل الكلام حجية الآحاد على فرض انفتاح باب العلم ،غالباً، كز من المرتضى على زعمه، حيث اجتمعت فيه الأخبار والأصول، وجمعت(4) بحيث كان الشخص يتمكن غالباً من الإجماعات، والمتواترات اللفظية، والآحاد القطعية للقرائن الخارجية، وأما أصحاب النبي صلی الله علیه و آله وسلم والأئمة علیهم السلام فكان باب العلم منسداً لهم في الأغلب؛ لعدم تمكن المعصوم عال من قضاء حوائج جميع أهل زمانه رجالاً ونساء قريباً ،ونائياً مشافهة وبلا واسطة، وعدم تمكن كل الناس من أخذ(5) شتات مسائلهم عنه علیه السلام شفاهاً، ولا بالأخبار القطعية غالباً، كمقلدي زماننا بالنسبة إلى فتاوى المجتهدين فلعل جواز العمل لأصحاب الأئمة علیهم السلام بالآحاد الظنية إنما كان لسدّ(6) باب العلم لهم غالباً بحسب النوع كما عرفت، وأما إذا فرضنا الانفتاح الأغلبي - كما فرضنا - فلا إجماع حينئذ في حق أصحاب الأئمة علیهم السلامحتى يثبت لنا بأدلة الاشتراك.

ص: 273


1- في (ك): لوجوه
2- في (ك) : المعصومين
3- ينظر: العدة للطوسي: 1/ 108 ، نهاية الوصول للعلّامة: 3/ 383
4- (وجمعت) ليست في (ك)، وفي (م) وجمعت الأصول
5- (اخذ) ليست في (ك)
6- في (ك): انسداد

سلّمنا وجود الإجماع في حقهم، لكن الفارق بيننا وبينهم موجود؛ لأنا نعلم غالباً علماً إجمالياً بوجود المعارض، والأخبار الكاذبة دونهم، (ونحن ملتفتون إلى ذلك دونهم)(1)، ولو التفتوا إلى ذلك لكان ذلك الالتفات منهم في غاية الندرة، بخلافنا، وهذا العلم الإجمالي أوجب الفحص علينا، ولم يكن واجباً عليهم، بل كانوا كمقلدي المجتهدين في زماننا، وأوجب اختصاص العمل بالأخبار (2)بالفقيه دون العامي في زماننا)(3)بخلاف زمانهم فلعله أوجب فرقاً آخر، وهو حجيَّة الخبر لهم لا لنا، فالموضوع مختلف، فلا يتم الدليل على حجية الآحاد مع الفتح الأغلبي حتى صحيح(4) القدماء ) ، والصحيح الأعلى (5) ، والصحيح المشهوري(6)(7) ، فكيف بما عدا الصحيح.

سلّمنا ، لكن القدر(8) المعلوم من إجماعهم إنما هو الخبر الصحيح الصادر من العدل الإمامي الضابط الخالي عن المعارض المساوي والأقوى، وهو نادر سيما في أبواب المعاملات، فباب العلم منسدّ غالبا.

وتوهم: أن الصحاح العامة كافية.

ص: 274


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- في (ك) : بالآحاد
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- ما وثقوا بكونه من المعصوم ع الله أعم من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من الثقات، أو أمارات أخر، ويكونوا قطعوا بصدوره عنه الله أو يظنون
5- ما كان كل واحد من الرواة في كل مرتبة معلوم الإمامية والعدالة والضبط، أو كان معدّلاً بتعديل عدلين، أو معدّلين بعدلين وهكذا
6- في (ك): المشهور
7- هو الصحيح على مذهب ومذاق المشهور ، المبني على الاكتفاء في تزكية الراوي بشهادة العدل الواحد، في قبال الصحيح عند بعضهم كصاحب المعالم الذي لا يكتفي بشهادة العدل الواحد في التزكية، يل يوجب التعدد فيها
8- (القدر) ليست في (م)

مدفوع: بحصول العلم الإجمالي بتخصيصها بعد ملاحظة معارضاتها من الظنون المطلقة، كالاستقراء، والشهرة، وعدم الخلاف والإجماع الظني وغيرها.

وممّا ذكر تقدر على استخراج أجوبة سائر أدلتهم، وإن شئت البسط فراجع رسالتنا(1) المفردة في حجيّة الظن فإنها قد بلغت الغاية، وتجاوزت النهاية.(2)

[المقدمة] الثالثة(3): بعد ما عرفت الانسداد الأغلبي في أبواب الفروع، فهل اللازم (حينئذ العمل بالظن من حيث إنه ظن - ولعله إجماعي - على فرض هذه الصغرى ، أم اللازم حينئذ)(4) تحصيل العلم، أو العمل بالاحتياط، أو (5) البراءة، أو التخيير بين (لظن والاحتياط، أو بين)(6)الظن ،والبراءة، أو بين البراءة والاحتياط، أو التبعيض مكان التخييرات المذكورة، أو الرجوع إلى الأصول العملية كالاستصحاب، وأصل(7)الاشتغال، وأصل البراءة والاحتياط، وأصل الإباحة، كلّ في مقامه، أو غير ذلك من الاحتمالات؟، وجوه.

فنقول: أما لزوم تحصيل العلم، فيدفعه التكليف(8)بما لا يطاق.

ولو قيل: إن المكلفين سدّوا باب العلم على انفسهم، وصاروا سبباً لغيبة

ص: 275


1- في (ك): إلى رسالة
2- غير مطبوعة، قال عنها تلميذه التنكابني في قصص العلماء : 13 : كتبها في سعة كاملة، وهي حسنة جداً، فيها تحقيقات لا تقدر
3- في (ك) : (أصل ) بدل (الثالثة)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- في (م): و
6- ما بين القوسين ليست في (ك)
7- (أصل) ليست في (ك)
8- (التكليف) ليست في (م)

الحجة علیه السلام(1)، فلا مانع من عقابهم على عدم إتيانهم (2) بالواجبات الواقعية؛ لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطاباً وعقاباً(3)، أو عقاباً.(4)

قلنا: بعد (5) تسليم ذلك في حق كل العباد، إنهم وإن صاروا سبباً للامتناع، لكنهم غير معتقدين بالسببية، فتأمل.

مع عدم حصول التفويت فعلاً من المعدومين، مع عدم صدور الخطاب(6) بالنسبة اليهم في زمن تمكنهم فشرط الامتناع بالاختيار منتف من وجوه.

وأما الاقتصار على المعلومات والأخذ بالبراءة فيما عداه، فمستلزم للخروج عن الدين، وهدم الشريعة؛ لمكان العلم الإجمالي كثيراً في كثير ، ومناف لأدلة الاشتراك، بل مخالف للإجماع (7)، بعد فرض هذه الصغرى.

وذكر بعض المحققين ذلك في هذا المقام(8) إنما هو للمناقشة لا الاعتقاد، مع أن مخالفته لا تضر بالإجماع، مضافاً إلى أن (9)مقتضى البراءة التوقف عن الإفتاء في المعاملات والمرافعات فيما لا يمكن فيه الاحتياط، فيلزم اختلال النظم، ويتم الأمر فيما عداها بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه؛ لقوة ضميمته.

ص: 276


1- ينظر: الغيبة للطوسي : 16 ، كشف المراد للعلّامة: 340
2- في (ك) : اتباعهم
3- اختاره المحقق القمي في القوانين: 352/1، ونسبه إلى أكثر أفاضل متأخرينا، بل ظاهر الفقهاء
4- حكاه في القوانين : 353/1 عن الرازي، وهو اختيار المصنف كما تقدم
5- في (م): بعد
6- في (ك) : الخطابات
7- في (ك) : للاجمال
8- وهو إما الفاضل النراقي في عوائد الايام 359 ، أو المحقق الخوانساري على ما حكاه عنه الشيخ الأعظم في الفرائد: 1/ 272
9- (ان) ليست في (ك)

سلّمنا ان لا دليل على بطلان البراءة، لكن لا دليل عليها أيضاً، فسلّم أصل الاشتغال عن المعارض

ولو قيل : لو لم يجز مخالفة المعلوم بالإجمال والحكم بالبراءة، فلم حكم بعضهم بجواز ارتكاب الجميع في الشبهة (1) المحصورة(2) ، وحكم العلّامة بجواز طرح الأمرين في ما اجتمعت الأمة فيه على قولين(3)، بل العادة قاضية(4) بخطأ المجتهد(5) في بعض ظنونه في مجموع أبواب(6) الفقه(7)، ومع ذلك يعمل بمظنوناته في كل أبواب الفقه، سواء العامل بالظن الخاص أو (8) المطلق.

قلنا: كل ذلك - على فرض صحة المقيس عليه - قياس مع الفارق.

وأما وجوب الاحتياط الكلي فيما عدا المعلومات، فمستلزم للعسر والحرج الشديد، وموجب للتوقف عن الإفتاء في المعاملات(9)، المستلزم لاختلال النظم، مع أنه في دوران الأمر (10) بين الوجوب والحرمة كيف يمكن الاحتياط.

ص: 277


1- (في الشبهة) ليست في (ك)
2- كالمجلسي في كتاب الأربعين: 582 ، والبهبهاني في الفوائد الحائرية: 249، والرسائل الأصولية: 401
3- لم نعثر عليه عند العلّامة، نعم نسبه الشيخ في العدة 636/2 ، والمحقق في المعارج: 133، إلى بعض أصحابنا
4- في (ك) : ماضية
5- في (ك): المجتهدين
6- في (ك): الأبواب
7- في (م): زيادة (ومع أبواب الفقه)
8- في (م) و
9- في (م): المعلومات
10- (الأمر ) ليست في (ك)

وإن حكمت بالتخيير في مثله.

ففيه : أن ما يحصل من التخيير - وهو الأخذ باحد الطرفين - يحصل من العمل بالظن أيضاً ، فكيف بعد(1) الظن بأحد الطرفين يحكم بالتخيير !

ولو قيل: إن أدلة نفي العسر إنما يعمل بها مالم يرد دليل على العسر، وهنا قد ورد؛ للآيات الناهية عن العمل بالظن.

قلنا: إن(2) انصرافها إلى صورة العسر ممنوع ، مع أن آيات نفي العسر (أرجح من آيات النهي فيما نحن فيه.

سلّمنا تعارض الآيتين وتساقطها، ويبقى إجماعهم - على قاعدة نفي العسر)(3)

ما لم يرد دليل على خلافه - سليماً عن المعارض ، الا أن يعارض بأصالة حرمة العمل بالظن، فتأمل.

وتوهم: النقض بما إذا انجرّ ظن المجتهد في جميع أبواب الفقه إلى طبق الاحتياط (4)، فالعسر والاختلال لازم على العامل بالظن أيضاً، واه(5) جداً.

وأما التبعيض بين الاحتياط والبراءة فهو مسلّم - إن عمل بالاحتياط في مظنون التكليف، (وبالبراءة في موهوم التكليف)(6)، وليس هذا الا عملاً بالظن، وإن عمل بالاحتياط)(7) في موهوم التكليف، فهو مستلزم للاحتياط في مظنون التكليف بطريق

ص: 278


1- في (ك) : بعدم
2- (ان) ليست في (ك)
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- في (م): الاجتهاد
5- في (م): فواه
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- ما بين القوسين ليست في (ك)

أولى، وإن عمل بالبراءة في مظنون التكليف فهو مستلزم للبراءة في موهوم التكليف بطريق أولى(1)، فتعين(2)التبعيض بنحو ما ذكرناه، ففي العمل بالظن جمع بين البراءة والاحتياط.

ولو قيل: اعمل بالاحتياط إلى حد لا يلزم العسر، واعمل(3)بالظن فيما عداه، ولازمه التبعيض في موارد الفقه بين الاحتياط والظن.

قلنا: إن المجتهد لا يمكنه هذا التحديد في جميع أبواب الفقه، بحيث لا يلزم عسر عليه ولا(4) على مقلديه؛ لاختلاف دواعي الناس وأحوالهم، فهذا التحديد لا يمكن من أصله عادة أولاً؛ لاختلاف الدواعي، ولو أمكن فلا يمكن اطلاع المجتهد عليه ثانياً، ولو أمكنه فهو عسر عليه ثالثاً، منفي بأدلة العسر، مع أنه يقبح من الحكيم أن لا يجعل سبيلاً جلياً لعباده، ويأمرهم بالتبعيض (الموجب لعدم الانتظام، مضافاً إلى الإجماع على نفي هذا التبعيض)(5)، بل على نفي التبعيض بأقسامه.

و مما ذكرنا تقدر على إبطال سائر المحتملات.

وإن أردت التفصيل فراجع رسالتنا المفردة (6)، فانا قد بلغنا فيها ابعد (7) الغايات.

[المقدمة] الرابعة(8): بعد ما عرفت حجية الظن من حيث إنه ظن في جميع أبواب الفقه في الجملة، فهل يعمّ الحكم جميع أسباب الظن أو يختص ببعض دون بعض؟

ص: 279


1- (اولى) ليست في (ك)
2- في (ك): فيتعين
3- في (ك): واعلم
4- (لا) ليست في (ك)
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- رسالة في الظن (مخطوطة)
7- في (م) أقصى
8- في (ك) : (أصل ) بدل (الرابعة)

فاعلم أن الظنون المشكوكة بالمعنى الأعم التي هي محل النزاع: منها ما هو مظنون الاعتبار ؛ لذهاب الأكثر إلى اعتباره، كالصحاح والضعاف(1)

المنجبرة بالشهرة.

ومنها: ما هو(2) مشكوك الاعتبار ؛ لعدم ذهاب الأكثر إلى أحد طرفيه بحيث يوجب ظناً على أحد طرفيه، كالحسان والموثقات.

ومنها: ما هو موهوم الاعتبار(3) ؛ لذهاب الأكثر إلى عدم اعتباره، كالشهرة والاستقراء، وعدم الخلاف، والإجماع الظني، والأولوية الظنية.

ومقتضى الأصل والاقتصار فيما خالفه على القدر المتيقن، الاقتصار في مقام العمل على قسم من القسم الأول، وهو الصحيح الأعلى، كما عليه صاحب المعالم(4) والمدارك(5) ، فلا يتعدّيان حتى إلى الصحيح المشهوري.

لكن يردّهما: أنه ان(6) عمل الفقيه بالصحيح الأعلى(7)، وإن كان الظن على خلافه؛ لمعارضة شهرة، أو صحيح مشهوري منجبر بالعمل، أو حسن، أو موثق،

ص: 280


1- في (ك) والصفات.
2- (هو) ليست في (ك)
3- في (م): الاعتبارات
4- منتقى الجمان: 1/ 16
5- قال المحقق البهبهاني في رسائله الأصولية : 441 : نعم، مثل صاحب المدارك ومن وافقه من المتأخرين عنه ربّما غفلوا وأخذوا غير طريقتهم، فسدّوا باب ثبوت الفقه؛ لأنّ الخبر الصحيح قلّما يتحقق، سيّما في المعاملات، وبعد التحقق لا يكاد يسلم عن معارض ، والأصل عند هؤلاء في غاية القوّة، بحيث لا يكاد يقاومه المرجّحات الفنيّة، ولذا قلما يعتبرونها في مقام الترجيح أو الجمع ، ولذا قلما يسلم حكم فقهي عن مناقشتهم
6- (ان) ليست في (ك)
7- (الاعلى) ليست في (ك)

أو نحوها من الظنون، كما هو ظاهر صاحب المعالم(1) ، فلا مقتضى له؛ لوجود العلم الإجمالي بمطابقة شطر كثير من تلك الظنون الشخصية المعارضة مع تلك الصحاح الأعلائية في مجموع أبواب الفقه للواقع، فالعمل بتلك الصحاح بعد هذا (2) العلم الإجمالي لا دليل عليه، بل مخالف للإجماع، ولبناء العقلاء، بل للعقل(3)؛ لأنه ترجيح للمرجوح، أو للمساوي؛ إذ ليس العمل بها مع هذا الفرض قدراً متيقناً في مقام العمل(4)

(أو إن لم يكن) (5) الظن على خلافه، كما هو ظاهر صاحب المدارك(6)، فهو مسلم ، لكن الصحاح الأعلائية بهذا الوصف في أبواب الفقه نادرة لا تكفي؛ إذ مع الاقتصار عليها يلزم العسر فيما عدا تلك الموارد إن احتاط، والخروج(7)عن الدين إن عمل بالبراءة، فعاد المحذور ، فلا بد من التعدي من تلك الصحاح المذكورة إلى غيرها من الظنون، فإن تعدّى إلى الظنون (الشخصية المعارضة)(8)مع الصحاح الأعلائية والواجدة للعلم(9) الإجمالي لزمه التعدّي إلى ما ليس معارضاً معها(10) من تلك الظنون للأولوية، والإجماع المركب، وإن تعدى إلى الخالية عن معارضة (11) الصّحاح

ص: 281


1- ينظر منتقى الجمان للمحقق الشيخ حسن: 22/1
2- (هذا) ليست في (ك)
3- (بل للعقل) ليست في (ك)
4- (العمل) ليست في (م)
5- في :(م) أو ان عمل به مع عدم كون
6- مدارك الاحكام 95/4
7- في (ك): أو خروج
8- ما بين القوسين ليست في (ك)
9- في (ك): العلم
10- (معها) ليست في (ك)
11- فى (ك) معارض

خاصة ، ثبت(1) لزوم التعدي في الجملة أيضاً.

سلّمنا، لكن الصحاح الأعلائية لو عمل بها أجمع حتى ما له معارض منها(2) لم تكف في أبواب الفقه، سيما أبواب المعاملات، وليت شعري ماذا يفعل المقتصر على الصّحاح الأعلائية في أبواب الفقه عند فقدها، فإن تمسّك بالإطلاقات والعمومات، مخصّصة بالمجمل كما عرفت فلا مفرّ من التعدي إلى غيرها .

ولو قيل: إن(3) لصاحب المعالم دليلا على عدم اعتبار الصحيح المشهوري بل مطلق الخبر ما عدا الصحيح الأعلى (4)، وهو آية النبأ، فإنها تدل بمنطوقها على التبيّن عن خبر هذا الراوي الذي زكّاه عدل واحد ؛ لعدم حصول العلم بعدالته بتزكية الواحد، والفاسق موضوع للأمر النفس الأمري، فلا بد من التبين؛ لاحتمال الفسق، فلا يكون خبره حجة، والمفهوم وإن دل على حجية قول العدل المزكي له الملازمة لحجيّة قول المزكّى، لكن المنطوق عند التعارض أقوى من المفهوم.(5)

قلنا: بعد(6) تسليم كون المراد هو التبين العلمي لا الظني وتسليم عدم انصراف الفاسق إلى المعلوم التفصيلي، أنّ (7) دلالة المنطوق هنا دلالة عقلية مقدّميّة، ودلالة المفهوم على قبول تزكية المزكي دلالة أصلية، فيقدم المفهوم لذلك، بل العرف يفهم هنا وروده على المنطوق، مضافاً إلى أن آية النبأ لا تعارض الدليل العقلي الذي اقمناه على التعدّي، كما لا تعارضه آيات النهي عن الظن.

ص: 282


1- في (ك): يثبت
2- (منها) ليست في (ك)
3- (ان) ليست في (ك)
4- (الأعلى) ليست في (ك)
5- معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 283 ، منتقى الجمان :1/ 16
6- في (ك) : بعدم
7- في (ك): وان

[نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة وليست كلية]

[نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة وليست كلية(1)]

و مما ذكرنا تقدر على استخراج دليل التعدي إلى سائر الأقسام، سيما بعد ملاحظة ان الظن الحاصل من مثل الشهرة أقوى من الصحيح الأعلى، وأنّ كون الأعلى قدراً متيقناً بعد الانسداد الأغلبي أول الكلام، وأن ذهاب المعظم إلى عدم حجية الشهرة (2) لا يصيرها موهوم الاعتبار ؛ لعدم حصول الظن من ذهابهم إلى عدم الحجية، سيما إذا كان حكمهم بعدم حجيتها لعدم الدليل؛ عملاً بالأصل، لا للدليل على العدم، وملاحظة قبح ترجيح المرجوح، أو الترجيح بلا مرجّح، أو الإجماع المركب في بعض المقامات، لكنا نقتصر في العمل بالظنون على كل ظن أدخله أحد (3) المعمّمات، ونعمل فيما عداه بأصالة الحرمة ، فلا نقول بانقلاب الأصل كلية فمثل الظنّ الحاصل من النوم لا نعمل به؛ للأصل، وعدم جريان المعمّمات فيه، لا للدليل على عدم حجيته - وان أمكن وجوده (4) أيضاً ..

وأما مثل القياس، والاستحسان(5)، والمصالح المرسلة، فمما نقطع بعدم

ص: 283


1- إن قلنا: إن نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة من حيث أسباب الظن فلا يعم الحكم جميع الأمارات الموجبة للظن إلا بعد ثبوت معمّم من لزوم ترجيح بلا مرجح أو إجماع مركب أو غير ذلك، وإن قلنا إنها قضية كلية فلا تحتاج في التعميم إلى شيء، وعلى التقدير الأول فهل يثبت المرجح لبعض الأسباب على بعض أو لا يثبت؟ وعلى التقدير الثاني - أعني كون القضية كلية - فكيف توجبه خروج القياس مع أن الدليل العقلي لا يقبل التخصيص ؟ (فرائد الأصول للأنصاري: 312/1)
2- ينظر: القوانين المحكمة للقمي : 2/ 280 ، مفتاح الأحكام 63، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 441/3
3- (احد) ليست في (ك)
4- في (ك): وجوده عقلا
5- في :(م) والاستصحاب

اعتبارها؛ للدليل، فليست هي (1) من الظنون المشكوكة ، ولا داخلة في محل النزاع ولا خروجها موجباً لتخصيص الدليل العقلي؛ لما عرفت من أن مورد الدليل العقلي الظنون المشكوكة، لا ما قطع (2) بعدم اعتباره، فليس ذلك تخصيصاً، بل اختصاص؛ لعدم جريان المقدمة المعمّمة - وهي المقدمة الرابعة - فيه.(3)

وأما الظنّ الحاصل من خبر المجنون، والصبي الغير المميز، فليس حجة(4)؛ للإجماع ظاهراً(5) ، وبناء العقلاء.

وفي خبر الصبّي المميز وجهان.

ص: 284


1- (هي) ليست في (ك ، م )
2- في (ك) : نقطع، وفي (م) لانا نقطع
3- (فيه) ليست في (ك)
4- (حجة) ليست في (ك)
5- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 491

أصل [في أن حجية الظن مشروطة بعدم التمكن من العلم]

حجية الظن المطلق مشروطة بعدم التمكن من العلم في المسألة العارضة(1)(2) للأصل، وعدم جريان المقدّمة الثانية من الدليل السابق حينئذ، فلو علم التمكن من العلم في تلك المسألة تفحّص عنه ، وكذا مع الشك؛ للأصل، وعدم جريان المقدّمة الثالثة من الدليل السابق حينئذ .

ولو(3)علم بعدم التمكن منه، وحصل له الظن بالمسألة ابتداء من غير فحص وجب عليه الفحص (عن المعارض)(4) ؛ لاحتمال حصول الظن بعد الفحص على الخلاف، والأصل لا معارض له(5)حينئذ ؛ لعدم جريان المقدمة الثالثة، بل ولا الرابعة حينئذ (6)، (ولو لم يتمكن من الفحص حينئذ لم يعمل بهذا الظن أيضاً؛ للأصل).(7)(8)

ص: 285


1- في نهاية الوصول للعلّامة : 3/ 600 : دعوى الإجماع عليه
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- في (ك): فلو
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- (له) ليست في (ك)
6- (حينئذ) ليست في (ك)
7- العبارة في (ك): (لو لم يعلم بهذا أيضاً للأصل
8- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 491

أصل [في ميزان مقدار الفحص]

الميزان في مقدار(1) الفحص الواجب استفراغ الوسع فيه، إلا أن يلزم العسر والحرج، فلا يجب الزائد وإن جاز، أو يلزم تعطيل (2)الأحكام، فيحرم الزائد، ويكفي صول الظن بلزوم التعطيل؛ إذ القطع به(3) غالباً لا يحصل إلا بعد حصوله.

أصل [في عدم وجوب تحصيل الظن الأقوى على المجتهد]

لا يجب على المجتهد تحصيل الظن الأقوى فالأقوى(4)(5) بازدياد الفحص والدليل؛ حذراً من لزوم العسر، أو تعطيل الأحكام، أو هما معاً.

أقول : مضافاً إلى إنا إن(6)أو جبنا أعلى درجات الظن، فغير ممكن غالباً، أو درجة من الدرجات المتوسطة، فلا دليل عليه، فهو تعيين بلا معيّن، أو تحصيل الأقوى فالأقوى ما أمكن، بحيث لا يلزم معه تعطيل ولا عسر، فتحديده غير ممكن للفقيه، فتعين الاكتفاء بمطلق الظن بعد فحص مظانّ الأدلة ومعارضاتها.

ص: 286


1- في (ك): المقدار
2- في (ك) : التعطيل
3- (به) ليست في (م)
4- (فالاقوى) ليست في (ك)
5- خلافا للإجماع المدعى من الشيخ جعفر الكبير في كشف الغطاء: 1/ 181
6- (ان) ليست في (ك)

أصل [في تعارض الظنين]

اذا تعارض ظنّان أحدهما أقوى اعتباراً من الآخر، كالصحيح مع الشهرة، وكان الظن الشخصي في جانب الأقوى (اعتبارا ، عمل به لرجحانه)(1)اعتباراً و(2) وصفاً، و في جانب الاضعف اعتباراً، عمل(3)به على الأصح ؛ لوجود العلم الإجمالي بين الظنون الشخصية بمطابقة جملة منها للواقع، فتترجّح، مع إمكان منع كون الصحيح في مثل الصورة المفروضة مظنون الاعتبار؛ إذ لا يورث عمل الأكثر الظن بالاعتبار حينئذ، ولوحصل ظن فهو ابتدائي، يرتفع بملاحظة أن الظن الشخصي(4) بالحكم الفرعي الواقعي إنما هو مع الشهرة بالفرض ، وأن الغائب يشارك المشافه، وأن العمل بالأدلة لإصابة الواقع.

وإن فقد الظن الشخصي من الجانبين طرحنا الثالث باتفاق الدليلين، ورجّحنا العمل بالصحيح؛ لسلامة قوة اعتباره عن المعارض، مع أن ما يحصل من الحكم بالتخيير حاصل من تقدّم(5) الصحيح أيضاً .

وإذا تعارض ظن (6) لا يعتبر قطعاً - كالقياس - مع الظن (المعتبر - كالحسن والصحيح والشهرة - وكان الظن)(7) الشخصي في جانب القياس مثلاً، عملنا بالظن

ص: 287


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- في (ك): أو
3- في (ك): صح عمل به
4- في (م) : ظن الشخص
5- في (ك): تقديم
6- (ظن) ليست في (م)
7- ما بين القوسين ليست في (م)

المعتبر؛ للإجماع، وما تراه من نفيهم العمل بالخبر(1) تعبّداً رداً على الحشوية، فإنما هو التعبّد طبعاً، لا التعبد لأجل المانع، ولو سلّمنا عدم الإجماع، لقلنا: إن حرمة العمل بالظن القياسي مطلقاً إجماعية، والثالث منفي بتعاضد الظنين، فتعين العمل بالظن المعتبر.

أقول: وفي كون الظن الذي لا يعتبر للأصل في حكم الظن الذي يقطع بعدم اعتباره كالقياس وجهان.

وإذا تعارض الظن)(2)المطلق، كالخبر الواحد، أو (3) الشهرة، مع الظن الخاص كالكتاب والخبر المقطوع السند، فإن كان الظن الشخصي في جانب الظن الخاص قدّم بلا ريب، والوجه واضح، أو لا في شيء من الجانبين(4) فكذلك، والثالث منفي باتفاق الدليلين، أو في جانب الظن المطلق (قدم؛ إذ لو لم يكن كذلك لزم عدم العمل بالظن المطلق)(5)غالباً؛ لمعارضته مع العمومات الكتابية غالباً، فيلزم من طرحه الخروج عن الدين، فتأمل.

أقول: واذا كان الظنان المتعارضان من صنف واحد (6)، فحكمه موكول إلى باب التعارض والتراجيح.

والمحصل: إن الظن الحاصل : إما ،خاص أو مطلق، ثم إمّا لا معارض له، أو له معارض معتبر من صنفه، أو من غير صنفه، مساوياً معه، أو أقوى ولو من جهة، أو اضعف، أو غير معتبر قطعاً، أم أصلاً.

ص: 288


1- في (م): بالظن
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- في (ك): و
4- (من الجانبين) ليست في (ك)
5- ما بين القوسين ليست في (ك)
6- في (ك) الواحد

ثم الظن الشخصي: إما مفقود من الجانبين أو في أحد الطرفين وأحكامها تظهر بتأمّل ما.(1)

أصل [في عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية]

[في عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية(2)]

الأصح عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية(3)؛ لسلامة الأصل الاصيل فيها عن الدليل الوارد؛ إذ باب العلم بالمعنى الأعم منفتح في أغلب مسائلها، والسد في نادرها لا يوجب حجية الظن فيها؛ إذ لا يلزم من الرجوع إلى الاحتياط، أو البراءة فيها عسر ، ولا خروج عن الدين؛ لفقد العلم الإجمالي.

ولو قيل : عدّ بعض الأحكام الإلهية أصولية، وبعضها فرعية، مجرد اصطلاح.(4)

فنقول: باب العلم في معظم الأحكام الإلهية منسد ، فيجري البرهان المتقدم في مجموع الأحكام من حيث المجموع، بجميع مقدماته.

وتوهم: أن المرجح موجود؛ للقطع بالمخالفة لو اقتصرنا على المعلومات في الفروع، وليس كذلك في الأصول.

مدفوع: بأن مجرد التسمية غير مجد، فلنا ضمّ بعض الأحكام الفرعية إلى

ص: 289


1- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف: 176/4
2- اختار الجريان صاحب الفصول: 277 ، وأخوه في هداية المسترشدين : 352/3
3- في (ك): العلمية
4- وتقريره: أنه لا شبهة في ثبوت التكليف وبقائه بالنسبة إلى الأحكام الإلهية الواقعية، أصولية أم وفرعيّة على حسب تسمية الخصم وباب العلم في معظمها منسد ، إذن المكلف به إما العمل بالظن، أو تحصيل العلم أو الاحتياط أو الاقتصار بالمعلوم، إلى آخر الاحتمالات، والكل فاسد إلا الأول؛ لما مرّ، فثبت من تلك المقدمات حجية الظن في الجملة وبانضمام المقدمة الرابعة - أعني الترجيح بلا مرجّح - يحصل التعميم كالفروع، وهو المطلوب

الأصولية، وترك بعض آخر منها، حتى لا(1) يحصل العلم بالمخالفة في هذا الشطر دون باقي الفرعيات.

قلنا: هذا مدفوع بالإجماع المركب(2)، وبعد رعايته يدور الأمر بين حجية الظن في الفروع (والأصول، وحجيته في الفروع)(3)خاصة، ولما كان الأخير قدراً متيقناً اقتصرنا في مخالفة الأصل عليه، فتأمل.

ولو قيل: إن الظن بالمسألة الأصولية مستلزم للظن بالحكم الفرعي، (ولازمه الحجية.

قلنا: إن الظن بالحكم الأصولي يستلزم(4) الظن بالحكم الفرعي)(5) الظاهري، لا الواقعي، والنسبة بينهما (6) عموم من وجه (7)، والذي ثبت من البرهان السابق حجية الظن المسبب عن الظن بالحكم الفرعي الواقعي؛ لأنه القدر المتيقن، لا الظاهري،

ص: 290


1- (لا) ليست في (ك)
2- إذ كل من قال بحجية الظنّ قال : إما مطلقاً وإما في الأحكام الفرعية، وكل من لم يقل به لم يقل به، فالقول بحجيته في الأصول دون الفروع خرق للإجماع المركب
3- ما بين القوسين ليست في (م)
4- في (م): ان الظن بالمسألة الأصولية انما يستلزم
5- ما بين القوسين ليست في (ك)
6- أي: بين الظن بالحكم الواقعي والظن بالحكم الظاهري. (منه)
7- فلا يجتمعان كالخبر الصحيح المورث للوصف بالحكم الواقعي، فإن مظنونية اعتباره من المسائل الأصولية، ومظنونية مطابقة الحكم للواقع من الفرعية، فقد اجتمع الظن في المسألتين الأصولية والفرعيّة فاجتمع الظنان، وقد يوجد الظن في المسألة الفرعية بالحكم الواقعي دون الأصولية، كالشهرة المورثة للوصف في الحكم الفرعي الواقعي مع أنه موهوم الاعتبار أو مشكوك الاعتبار في المسألة الأصولية، وقد يكون الأمر بالعكس، كالاستصحاب المظنون الحجية من الأخبار في المسألة الأصولية في حق من تيقن بالوضوء وظن أو شك في الارتفاع بالحدث، فلا ظن بالحكم الواقعي الفرعي مع وجود الظن في المسألة الأصولية

فتأمل.

ولو قيل: إذا كان الظن حجة في ذي المقدمة، وهو الفروع، ففي المقدمة وهي الأصول العملية بطريق اولى.

قلنا: إن الأولوية ظنية، لا تثبت حجية الظن مع إمكان منع الأولوية؛ لأن الأصول مبان وأس للفروع، فينبغي الاهتمام فيها أزيد.(1)

ولو قيل: نتمسك بقاعدة الاشتغال.

قلنا: هو فرع وجود العلم الإجمالي.

ص: 291


1- نظراً إلى أن الأصول بيان للفروع، ولا بد من كون المباني مقطوعات؛ ليحصل الاطمئنان في العمل بما وراء العلم المنهي عنه في الأحكام

أصل [في الظن في الموضوع الصرف]

الظن في الموضوع الصرف(1) إن كان موافقاً للأصل، كالظن(2) بعدم دخول الوقت، أو مرجّحاً لأحد طرفي المحذورين فيما دار الأمر بينهما(3)، أو مخالفاً للأصل ولكن لا يتمكن المكلف من العمل بالأصل، ولا من تحصيل العلم ولو امتناعاً عرضياً مسبّباً من لزوم الاختلال في إلزام مجموع المكلفين وإن لم يلزم في كل واحد واحد، كالظن باجتهاد شخص لمن وجب عليه التقليد مثلاً (4) ، فلا كلام(5)، والّا فلا عمل(6) على الظن المخالف للأصل في الموضوع (7) الصرف؛ لأصالة حرمة العمل بما وراء العلم ، وللأصل الذي هو(8)في خصوص المسألة؛ إذ الفرض أن الظن (9) على خلاف الأصل، كالظن بنجاسة غسالة الحمام.(10)

ولو(11) قيل : يلزم من ترك الظنون في الموضوعات الصرفة المخالفة القطعية

ص: 292


1- المراد بها هي المصاديق الجزئية الخارجة المتعلقة نوعاً بكليات الأحكام، أي: متعلقات الأحكام الجزئية
2- (كالظن) ليست في (ك)
3- كاشتباه الزوجة المنذور وطؤها - مع الحرمة أبداً مع الظن بالمنذورة معينة
4- فإن تحصيل العلم بالنسبة إلى آحاد المكلفين ممكن بالذات غالباً، لكن تحصيله بالنسبة إلى الجميع يورث اختلال النظام، فتمنع بالعرض
5- أي: فالظن في هذه الصور معتبر
6- في (ك): يحمل
7- في (ك): موضع
8- (هو) ليست في (ك، م)
9- (الظن) ليست في (م)
10- مع أن الأصل يقتضي الطهارة في المورد
11- (لو) ليست في (ك)

الإجمالية، كما كانت تلزم في الفروع، فدليل الحجية مشترك بينهما.

قلنا: المخالفة القطعية الإجمالية إنما تضر في الفروع لا الموضوعات؛ للأصل.

والفرق: إنا قد علمنا بتكليف المشافهين بالأحكام الواقعية الفرعية، وباشتراكنا معهم في التكليف، فوجب الاحتراز عن المخالفة القطعية، بخلاف الموضوعات(1) إذ كما أن باب العلم منسد لنا في بعض الموضوعات الصرفة، فكذا كان منسداً للمشافهين، والتكليف للمشافه في مظنونات (2) الموضوعات الصرفة الغير المحصورة ليس ثابتاً حتى يثبت لنا بأدلة الاشتراك .

ولوقيل: إن الظن بالموضوع مستلزم للظن بالأحكام الشرعية، والظن في الأحكام حجة.

قلنا: القدر المتيقن من البرهان المتقدم حجية الظن في الأحكام الكلية الإلهية، لا الأحكام الجزئية الشخصية التابعة للموضوعات الخاصة.

نعم، الظنون الرجالية الموجبة للظن بصدور الحديث عن الإمام علیه السلام (3) وإن كانت من الظن في الموضوع الصرف، وذلك لاستلزام هذا الظن الظن بالحكم الفرعي الواقعي، ولأنه لولا ذلك لزم عدم حجية الأخبار(4) الآحاد؛ لأن معظم الآحاد أحوال رجالها مظنونة، فينسد الباب، ولزم(5) ما لزم من هدم الشريعة، مع أن مثل هذه الظنون أقوى من ظن الشهرة ونحوها ، لكن في الاكتفاء بالظن الحاصل من تصحيح العلماء

ص: 293


1- في :(م) الموضوعات الصرفة
2- في (ك): المظنونات
3- في (ك، م) : الإمام حجة
4- في (م) اخبار
5- في (م): ولزوم

السند وتضعيفهم، وجهان، مقتضى الأصل عدمه(1)، إلا أن يلزم من الفحص عسر، فلا يجب، أو تعطيل فيحرم.

أصل [في الظن في الموضوع المستنبط]

اشارة

الحق أن الظن في الموضوع المستنبط ،حجة، والمراد به (2) هنا ألفاظ الكتاب والسنة، بقرينة النزاع في الحجية.

[تحرير محل النزاع]

والنزاع ليس فيما علم عدم حجيته فيه كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة؛ ولا فيما علم حجيته(3) فيه، كقول اللغوي، وإن كان واحداً، والأصول العدمية كأصالة عدم النقل، فإن حجيتهما اجماعية والأمارات الظنية - كالتبادر الظني - المثبتة (4) للمعنى بضميمة الأصول الإجماعية (5)، بل فيما شك في حجيته فيه، كالاستقراء والخبر الواحد الظني، وذهاب الأكثر.(6)

[تأسيس الأصل]

فمقتضى الأصل فيه مع نافي الحجية (7)، سيما مع انفتاح باب العلم الوجداني، أو

ص: 294


1- لحرمة العمل بالظن
2- (به) ليست في (ك)
3- في (ك): عدم حجيته
4- صفة للامارات. (منه)
5- اي: إنها وإن لم تكن اجماعية إلّا أنها لما كانت مثبتة للمطلوب بضميمة الأصل المقطوع اعتباره إجماعاً، فكأنها أيضاً إجماعيات
6- من العلماء الذين لا يكونون من أهل الخبرة، كالأصوليين والبيانيين
7- إذ الأصل حرمة العمل بالظن، ولا يخرج عنه الا بالدليل

الظن المقطوع الحجية فيه غالباً، بحيث لا يلزم من(1) طرح الظن المشكوك ، والرجوع في المواضع النادرة إلى الأصول الفقاهتية مخالفة قطعية .(2)

لكن الحق الحجية، وفاقاً للأكثر ، بل ادعي عليه الإجماع(3)؛ وذلك لأن الظن به مستلزم للظن بالحكم الفرعي الواقعي (4)، وللزوم المخالفة القطعية عند ترك هذه الظنون(5)، فتأمل.(6)

ولأنا نفرض آية من الكتاب أو المتواتر مشتملة على لفظ ظني الوضع وخبراً واحداً صحيحاً مشتملاً على ألفاظ كلها قطعية الوضع، فلكل جهة رجحان ومرجوحية، فالمقدمة الرابعة تثبت(7) حجيتهما معاً؛ لعدم كون أحدهما قدراً متيقناً حينئذ ؛ لوجود القائل بحجية الأول دون الثاني.

ويمكن أن يدّعى أن أغلب الألفاظ وإن كانت معلومة، إلا أن وجود آية أو حديث، تكون جميع ألفاظها، مفرداتها ومركباتها، معلومة نادر فيلزم السد الأغلبي

ص: 295


1- (من) ليست في (ك)
2- لكون موضوعات غالب الألفاظ مقطوعات بلا واسطة فإن المراد من الموضوعات هو ما انصرف اللفظ عند الإطلاق و التحرز عن القرينة ولا نعني بالوضع الا هذا
3- ينظر : القواعد الشريفة : 482/2
4- وذلك كالدابة، فإنّها موضوعة لغةً لكل ما يدب على الأرض، وفى العرف العام منقولة إلى ذات الحافر المعبر عنه بذات القوائم بطريق التعيين مثلاً، فإذا ورد حديث بأنه إذا وقع في البئر دابة فانزح منه كراً مثلاً، وحصل لنا ظنّ من تتبع كلمات الشارع أن بناءه على تقديم العرف على اللغة في موارد تعارضهما وأن بناءه على العرف في المكالمات كما عليه الشارع، فيحصل الظن بأن المراد من الدابة ذات الحافر ، فحصل من ذلك الظن بالحكم الفرعي
5- إذ إن البرهان القاطع الذى أقمناه على حجّية الظنّ في الأحكام الفرعية قد دل على حجية الظن فيها مطلقاً سواء حصل من الظنّ بالأوضاع أم العلم بها
6- وجهه إمكان منع العلم الإجمالي ومنع كثرة الموارد (منه)
7- (تثبت) ليست في (ك)

أيضاً عند طرح الظنون، فتأمل.

ثم إذا كان مثل الكتاب، أو المتواتر المشتمل على لفظ ظني الوضع، مثبتاً لحكم أصولي ،عملي عملنا به أيضاً لا للاستلزام؛ إذ الظن في الأصول ليس حجة، بل لبناء العرف والعقلاء على الاكتفاء بالظن في وضع الألفاظ.

أصل [في الظن في المسائل المشتبهة]

اشارة

اذا اشتبه على المجتهد بعض المسائل، ولم يعلم أنها مسألة فقهية، أم أصولية، أم كلامية، كما يتفق ذلك في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد ونحوها، فهل يعمل فيها بالظن، أم النتيجة تتبع أخس المقدمات؟.

[المختار في المسألة]

و(1) الحق ان الظن فيها إن كان موافقاً للأصل، كما لو ظن بعدم جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل، أو بعدم جواز تقليد الميت ابتداء مع وجود حيّ أعلم منه، أو مساو له كما يقتضيه (أصل الشغل، أو ظنّ بعدم جواز الرجوع عن التقليد كما يقتضيه) (2) الاستصحاب، فلا كلام؛ إذ الواقع لا يخلو من اعتبار الظنّ أو الأصل، وهما متوافقان.

أو كان الظن في أحد طرفي المحذورين عند دوران الأمر بينهما، كما لو ظن بوجوب عمل المتجزئ بظنه؛ إذ كما أن الأصل حرمة العمل بالظن، فكذا الأصل حرمة التقليد، وكما أن الاستصحاب يقتضي جواز التقليد في المسبوق به، فكذا يقتضي جواز الاجتهاد في المسبوق به، فلا أصل في البين وكما لو ظن بجواز تقليد الميت

ص: 296


1- الواو ليست في (م)
2- ما بين القوسين ليست في (م)

الأعلم مع وجود حيّ أدون، فلا إشكال في الأخذ على طبق الظن؛ لجريان البرهان العقلي فيه؛ إذ التكليف ثابت وباب العلم منسد والاحتياط غير ممكن، وترجيح الموهوم أو التخيير بينه وبين المظنون غير متصور.

أو كان الظن مخالفاً للأصل، كما لو ظن بجواز الرجوع عن التقليد، أو(1) بجواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل، فلا عبرة بالظن؛ للأصلين أصالة الحرمة العامة، والأصل الذي في خصوص المقام، ولا يلزم المخالفة القطعية في العمل بالأصل؛ لقلة (2) المشتبهات.

أصل [في المسائل الاعتقادية]

في حجيّة الظن في المسائل الاعتقادية وجهان، ومقتضى القاعدة الحجية إن انسد باب العلم فيها؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق بعد ثبوت أصل التكليف، أو(3) إن استلزم تكليف كل الناس بالعلم (والاستدلال)(4)اختلال النظم، وإن تمكن آحاد الناس منه، وإن لم يلزم أحد المحذورين فمقتضى الأصل عدم الحجية.

إنما الشأن في تشخيص الصغرى.(5)

والحق عدم لزوم شيء من المحذورين في المسائل الواجبة؛ إذ القوة العاقلة حاكمة في جملة منها حكما قطعياً يدركه العقلاء بفطرتهم، مع قيام الضرورة في جملة منها.

ص: 297


1- في (م): و
2- (لقلة) ليست في .(م)
3- على تقدير انفتاح باب العلم
4- في (م): والدليل
5- وهي هل أن باب العلم في تلك المسائل منسد أم لا؟ أو هل يكون موجباً للاختلال أم لا؟

أصل [في التسامح في السنن والكراهة]

كل ما جعلناه دليلاً على إثبات الوجوب والحرمة في الأحكام الشرعية الفرعية، فهو دليل لما عداهما من الأحكام الخمسة إجماعاً ، وهل يثبت الاستحباب أو الكراهة بما لا يثبت به الوجوب والحرمة من الأدلة الضعيفة؟ ، وجهان مقتضى أصالة حرمة العمل بما وراء العلم واستصحاب عدم المطلوبية، العدم.

لكن الحق جواز التسامح في السنن فيما لا يحتمل المرجوحية (1)، وكان الدال على الاستحباب الخبر، ويدل على ذلك - بعد ظهور الإجماع (2) - حكم القوة العاقلة بحسن الإقدام على ما(3) لا يحتمل الا الرجحان، المعتضد أو المؤيد بنصوص الباب(4)، ونصوص الاحتياط (5)، ومنه يظهر الكلام في الكراهة.

وفيما إذا كان الدليل فيه(6) فتوى الفقيه مجردة (7)، وجهان، والأقوى جواز التسامح عندي حينئذ، بل وفي مجرد الاحتمال العقلائي وإن خلا عن الفتوى، كما لو

ص: 298


1- فإن هذا هو القدر المتيقن من المسامحين في أدلّة السنن، فكلّ من جوّز التسامح جوّز هنا، وكلّ من جوّزه في غير تلك الصورة جوز هنا أيضاً، من غير عكس
2- عدة الداعي لابن فهد: 12 ذكرى الشيعة للشهيد الأول: 34/22، مشارق الشموس للخوانساري : 34
3- في (ك) : (بما ) بدل (على ما)
4- وقد ذكر جملة منها الحر العاملي في الوسائل: 1/ 80 ، باب استحباب الإتيان بكل عمل مشروع روي له ثواب عنهم علیهم السلام
5- وقد ذكر جملة منها الحر العاملي في الوسائل : 27 / 154 ، باب وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى والعمل في كل مسألة نظرية لم يعلم حكمها بنص منهم
6- (فيه) ليست في (ك)
7- ولم يعلم له مستند ولا مخالف بحيث صارت فتواه موجباً لاحتمال مطلوبية المفتى به، أو لرجحانه في النظر، بناء على مذهب من ينكر حجّية الظنّ المسبب من فتوى المفتي

كان النص المجمل أو المطلق المشكك مورثاً لاحتمال المطلوبية.

ثم في جواز التسامح للعامي وجهان ، كما في اشتراط الفحص وعدمه.(1)

أصل [في حجيّة الخبر المرسل]

في حجيَّة الخبر المرسل مطلقاً(2)، أو (3) إذا كان الراوى لا يرسل الّا عن ثقة (4)، أو عدمها مطلقاً(5)، أقوال.(6)

مقتضى الأصل عدم الحجية، سواء علمنا انه لا يرسل الّا عن ثقة معلوم الوثاقة عند الكل باعتقاده أم (7) ظننا بذلك، أم شككنا فيه؛ إذ العلماء مختلفون في الجرح والتعديل، فلعلّ ما فهمه المرسل ثقة عند الكل لا يكون كذلك، أو له معارض في التزكية، فوجب الفحص والعلم بكونه ثقة عند الكل إجمالاً أو تفصيلا.

ويمكن أن يقال : لازم (8)القول بالظن المطلق العمل بمثل ذلك عند حصول الظن منه، مع كون ديدن المرسل انه لا يرسل الا عن ثقة، سيما مع تصريحه بذلك.

ص: 299


1- أي هل يجوز للمجتهد التسامح قبل الفحص أم لا يكون الا بعد الفحص؟
2- اختاره أبو حنيفة ومالك وأحمد في أشهر الروايتين وجماهير المعتزلة كأبي هاشم ،واتباعه، وهو قول محمد بن خالد من قدماء الإمامية (نهاية الوصول للعلّامة: 459/3)
3- في (ك): و
4- اختاره العلّامة في نهاية الوصول: 461/3
5- اختاره الشهيد الثاني وابنه الشيخ حسن على ما في المعالم : 293
6- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 517/2
7- في (ك): أو
8- ف (ك، م) ان لازم

[في الأدلة العقلية]

أصل [في إدراك العقل للحسن و القبح بطريق الإيجاب الجزئي]

اشارة

الحق إدراك العقل الحسن والقبح بطريق الإيجاب الجزئي.(1)

وتفصيله: إن الحسن يطلق على ما يوافق ،الغرض، وعلى ما يلائم الطبع، وهذان يتفاوتان بحسب الأشخاص والطباع فهما إضافيان، قد يجتمعان وقد يفترقان، وعلى صفة الكمال، وعلى ما يمدح فاعله في العاجل : إما مطلقاً بحيث يشمل فعله تعالى، أو مع استحقاق فاعله الثواب في الآجل، فيختص بغيره تعالى، وعلى ما لا حرج في فعله، فيشمل ما عدا الحرام، أو ما عدا المرجوح تحريماً وكراهة.(2)

والقبيح يقابله في كل هذه، وهو مجاز في الأخير؛ للتبادر، وصحة السلب عن مثل المباح(3)، وحقيقة في البواقي (4) ؛ لعدم صحة السّلب ، بنحو الاشتراك المعنوي - وإن كان القدر المشترك مشكوكاً - لا اللفظي (5)؛ لأصالة عدم تعدد الوضع المقدمة على أصالة عدم وجود القدر المشترك.

وأما أصالة عدم الاستعمال فيه المستلزم للمجاز بلا حقيقة، فمعارضة بمثلها، ومدفوعة بالقطع بأن إطلاقه على تلك المعاني من باب إطلاق الكلي على الفرد، مع كون المتبادر هو الأمر المجمل القدر المشترك ، بل الأمر المبين وهو مطلق المرغوب إليه،

ص: 300


1- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 502/3
2- ينظر : شرح المواقف للجرجاني : 183/8 ، شرح المقاصد للتفتازاني : 4 / 282 ، مطارح الأنظار للأنصاري : 12 / 327، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 504/3
3- فيقال : المباح ليس بحسن ولا قبيح
4- في (ك) : الباقي
5- في (ك): لفظي

ولو من جهة عكس القبيح، بل يصح سلبه عن الخصوصيات.

[تحرير محل النزاع]

والنزاع مع الأشعري انما هو في المعنى الرابع، حيث ان ظاهر قدماء الاشاعرة عدم إدراك العقل (المدح والذم(1)، والأولان(2) لا كلام في إدراك العقل)(3) إياهما بحكم البداهة(4)، وكذا الثالث (5) وإن كان يظهر من التهذيب (6) إنكار بعض الأشاعرة إدراك العقل اياه .

والأخير داخل في النزاع (7) إن كان المراد الحرج الأخروي لا خصوص الدنيوي، ومحل الكلام إدراكه المدح والذم في نظر الكل حتى الحكيم على الإطلاق، لا في الجملة، والّا لجاء الخلاف في الإطلاقات الأول، ولخرج النزاع (عن مقاصد الفن.

لنا على الإدراك في موضع النزاع)(8):

أولاً: بداهة الذم عند كل عاقل على الظلم والعدوان، والمدح لفاعل الإحسان (9)، وتوهم كونه ناشئاً عن الأنس بالشرع كمدح المصلي، أو عن العادة كذمّ الرجل المتلبس بلباس النساء، أو عن كونه صفة نقص أو كمال، أو عن موافقة الغرض ومخالفته (10)

ص: 301


1- نهاية السول للأسنوي : 54 ، شرح العقائد العضدية للدواني: 151
2- أي ما يوافق الغرض ، وما يلائم الطبع
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- شرح المواقف للجرجاني: 183/8
5- نهاية السول للأسنوي 54
6- تهذيب الوصول للعلّامة : 34
7- نهاية السول للأسنوي: 54
8- ما بين القوسين ليست في (ك)
9- ينظر : كشف المراد للعلّامة : 281
10- في (م): مخالفة الغرض وموافقته

كقبح قتل زيد عند أوليائه، أو عن ملائمة الطبع ومنافرته.(1)

مدفوع: بأنا نرى قبح(2) الظلم وإن قطعنا النظر عن الشرع، بل عندنا في الأديان (3) وإن فرضنا اعتياد الناس به، بل عدو زيد يذم قاتله ظلما؛ لأجل ظلمه وإن كان موافقاً لغرضه، أو ملائماً لطبعه.(4)

وأما جعله من صفة النقص(5) ، فلا وجه له؛ لأنه من الأفعال لا السجايا، فيذمّ فاعله ولو فعل مرة.

ولوسلّمنا، قلنا: غرضنا إثبات القبح بمعنى الذم، وإن تسبّب عن صفة النقص.

وثانياً: أنه(6) لولاه لما امتثل المكلفون بأوامر الله تعالى ونواهيه؛ لاحتمال كذبه؛ إذ حكم العقل بامتناعه (7) منه تعالى إنما هو لقبحه، لا لعدم قدرته، فإذا لم يحكم العقل بقبحه لم يحكم امتناعه، فلا يوثق بوعده ووعيده، فلا يمتثل المكلف، وهو باطل باتفاق الخصم، ويكون التكليف حينئذ سفها.(8)

و (9) التمسك في إثبات العلم بعدم صدوره عنه تعالى بجريان عادته على الصدق(10)، مردود بنقل الكلام إلى بدو الأمر حيث لم يكن عادة، فمن أين حصل (10)

ص: 302


1- ينظر: شرح المقاصد للتفتازاني : 291/4 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 513/3
2- في (ك) : القبح
3- في (ك) عند ذوي الأديان
4- ينظر: نهج الحق للعلامة: 83
5- ينظر : شرح المقاصد للتفتازاني : 290/4
6- في (ك) : انه لو كان انه
7- في (ك): امتناعه
8- ينظر : كشف المراد للعلّامة: 281
9- في (ك): أو
10- ينظر: إبطال نهج الباطل، المطبوع ضمن إحقاق الحق: 1/ 113 ، 286، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 516/3

العلم بالصدق الأغلبي حتى يحصل العلم العادي حتى يحصل العلم العادي (1) ؟ مع انه(2) لا يتم الا في حق قليل من المكلفين.

أو بكون الصدق موافقاً لغرضه(3)، مدفوع بأن الكذب لعله موافق لغرضه كما عليه بعض المتصوفة، وبأنه لا يقول بكون أحكامه معللة بالأغراض، وبأنه ما الدليل على امتناع صدور مناف الغرض عنه.(4)

أو بكونه ملائماً لطبعه، مزيف بكونه منزهاً عن الطبع، وبأنه من أين علم منافرة الكذب لطبعه ولا معاشرة ! وبأنه ما الدليل على عدم صدور منافر الطبع عنه.

أو بكون الكذب صفة نقص والصدق صفة كمال، وهو منزه عن النقائص، مستجمع للكمالات(5) ، مضعف بأن الصدق أو(6) الكذب من أوصاف الأفعال الظاهرة، وهو الكلام، لا الأوصاف الباطنة كالعلم والجهل، حتى يسمى صفة، فالتسمية بالصفة خلاف المصطلح.

أقول: سلّمنا، لكن النقص في صفات (7) الأفعال ليس الا القبح، وبأن مجرد كونه صفة نقص لا يوجب عدم صدوره منه، بل لا بد من إدراك العقل أنها ليست من صفاته تعالى، فإن ادعيت أنه يدرك ذلك أيضاً فقد ثبت المطلوب، فتأمل.

ص: 303


1- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 518/3
2- (انه) ليست في (ك)
3- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 516/3
4- (عنه) ليست في (ك)
5- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 516/3
6- في (م) و
7- في (ك): صفة

وإن قلت: إن الإجماع دلّ على تنزهه عن صفات النقص.(1)

قلت: نقلنا الكلام إلى الإجماع، فإن كان حجيته بنفسه، فهو ممنوع، أو لأجل الكشف عن الشرع ، فلعله كذب، أو العقل، فالمطلوب ثابت.

ولو قيل: يكفي في لزوم الامتثال احتمال صدقه؛ دفعا للضرر المحتمل.

قلنا: يمكن كون وعده في محل الوعيد وعكسه، فاحتمال الضرر مشترك، وأيضاً لزوم دفع الضرر المحتمل إن كان بالشرع، فلعله كذب، أو بالعقل، فالمطلوب ثابت.

نعم للأشعري أن يقول بناء على مذهبه : إن حصول الوثوق اضطراري(2)، أو يقول : إنه لا ضير في تكليف السفه عند عدم الوثوق.

وثالثاً ورابعاً: أنه لولاه لم يعلم الفرق بين النبي والمتنبي، ولم(3) يعلم صدق النبي المعلوم نبوته؛ لاحتمال إظهار المعجزة على يد(4)الكاذب، أو إرساله رسولاً كاذباً(5)، والتاليان باطلان باتفاق الخصم ، وبكون بناء المسلمين (6) على إمكان العلم بهما(7)، وبلزوم كون إرسال الرسل (8) والتكليف سفهاً وعبثاً.(9)

إلّا أن يقول: إنه بمجرد الاطلاع على صدور الخوارق منه يحصل العلم

ص: 304


1- منهاج السنة النبوية : 2/ 563
2- لأن كل أمر خارج عن اختيار العبد بمذهبه، فكل من الوثوق والامتثال اضطراري
3- في (ك) : ولو لم
4- (يد) ليست في (م)
5- ينظر : نهج الحق للعلّامة: 84
6- في (ك): الكليين
7- ينظر : شرح المقاصد للتفتازاني : 19/5
8- في (ك) : المرسل
9- إذ الفائدة فيهما الاطاعة والانقياد وهما فرع الوثوق وليس بحاصل

بنبوته (1)، وإن ديدن الناس على ذلك، وليس اتكالهم في حصول العلم على الدليل(2) العقلي المذكور، الذي لا يفهمه الا الأقل من المكلفين.

أو إن العلم بالأمرين اضطراري، ولمكان (الجبر) (3)، لكنك خبير بأن (الجبر)(4) مخالف للعيان، مع أن الخصم يعترف بحقية شريعتنا (5)، وببطلان التكليف بما لا يطاق شرعاً؛ للآية الشريفة «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» (6)، ولازم ذلك بقاء التكاليف، وفقد التكليف بما لا يطاق، فلا جبر حينئذ، بل ظاهر الآية الشريفة أن للمكلف حالة وسع، وحالة عدم ،وسع والجبر يستلزم حصر الحالة في واحدة.(7)

ص: 305


1- فلا انحصار لاثبات النبوة بهذا الوجه العقلي
2- في (ك): العلم
3- في (م): الخبر
4- في (ك، م) : الخبر
5- في (ك) : ( بحقيقته شرعاً) بدل (بحقية شريعتنا)
6- سورة البقرة: 286
7- في (ك): واحد

أصل [في إدراك العقل الثواب والعقاب]

الحق أن العقل كما يدرك المدح والذم ، كذا(1)يدرك استحقاق الثواب والعقاب بنحو الإيجاب الجزئي، كما عليه الإمامية (2)، إلا القاصرين منهم (3)، خلافاً للأشاعرة حتى الزركشي(4)فالمنع مطلقاً، وللتوني(5) فالمنع في العمليات.

لنا(6): قضاء الضرورة، وحكم العقلاء بأن المولى ليس عادلاً إذا لم ينتقم من عبده الظالم لعبده المظلوم، وبذم من ترك إنقاذ الغريق المحسن إليه مع قدرته عليه، معلّلين بأن جزاء الإحسان هو الإحسان(7)، مع تنقيح المناط القطعي بملاحظة طريقة العقلاء، فإن ترتّب الثواب والعقاب على الأمر والنهي اللفظيين - أي الواجب الشرعي - ليس إلا لأجل محبوبية المأمور به ومبغوضية المنهي عنه، المعلومتين(8) بخطاب الشرع الكاشف عنها.

فإذا قطعنا من العقل بالمحبوبية و(9) المبغوضية - كما ثبت في الأصل السابق - لزم القطع بترتب الثواب والعقاب، ولا خصوصية للأمر اللفظي بحكم العقلاء باستحقاق العبد القاتل لولد المولى ظلماً الذم والعقاب، وإن لم يكن نهاه عنه، بل وإن

ص: 306


1- في (ك) كذلك
2- هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 503/3
3- ينظر : شرح الوافية للسيد صدر الدين الصدر (مخطوط): 211
4- تشنيف المسامع بجمع الجوامع : 142/1 - 143
5- الوافية للتوني: 171
6- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 3/ 8 وما بعدها
7- (هو الاحسان) ليست في (ك، م)
8- في (ك) : عن المعلومتين
9- في (م): أو

قال له(1) قبل ذلك : كل شيء لك مطلق حتى أنهاك عنه.

مع أنه لولا ذلك لما كان تحصيل معرفة الله سبحانه، ولا معرفة النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، ولاالنظر إلى المعجزة واجباً؛ إذ الدال عليه إن كان العقل فهو معزول، أو الشرع بعد حصول المعرفة فتحصيل للحاصل، أو قبله فهو فرع ثبوت لزوم إطاعته، فيدور، أو يتسلسل.

وهذا لا يرد على المفصل (2) ، لكن يرده - بعد ما مرَّ - أن العقل لو لم يدرك في العمليات البديهية كقبح الظلم والعقاب عليه، لم يدرك في العقائد النظرية بطريق أولى.(3)

ثم نظره(4) في التفصيل(5) إلى ما دلّ على تعذيب عبدة الأوثان.

وفيه: إنه إن جعل سبباً لإدراك عقولهم في العقائد فهو غير معقول(6)، أو كاشفاً عنه جاءت الأولوية.(7)

ص: 307


1- (له) ليست في (ك).
2- أي: أن الوجوه المذكورة ترد على الأشعري وعلى من لم يفصل بين العلميّات والعقائد واما المفصل من الأخباريين كصاحب الوافية فلا ترد عليه
3- لأن إدراك العقل في العقائد نظري وفي العمليات ضروري، فإن كان مدركاً للأول كما هو رأيك كان مدركاً للآخر أيضاً لأنه أسهل
4- في (ك): نظيره
5- في (ك) : المنفصل
6- لأن الوثني لا يقول بالشرع حتى يكون توعيده سببا لدرك عقله فتوعيد الشارع مساو له مع توعيد غيره
7- في (ك): أولوية

أصل [في حجيّة العقل]

اشارة

قالوا: (كل ما حكم به العقل حكم به الشرع)(1) ، والمراد أنه كل ما حكم به

العقل فهو كذلك في متن الواقع، وإن لم يجعل الشارع له حكماً(2)، إذا قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم(3) ، أو جعله ولم يبينه لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم، أو بیّنه له(4) لم يبين السفراء لعباده (5) ، فانّ كل هذه المراتب خارجة عن هذا النزاع.

[المختار في المسألة]

والحق حجية العقل القاطع حتى في الفروع، خلافاً للأخباريين كما يظهر من صدر الدين (6) حيث منع من الحجية بعد تسليم إدراك المدح والثواب، والذم والعقاب.

[تحرير محل النزاع]

ويعمّ النزاع ما كانت الاستفادة و (7)المستفاد فيه أصليين كقبح الظلم، أو تبعيين

ص: 308


1- ظوابط الأصول للمؤلف : 156، 317، 318؛ هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني 503/3
2- ذكر الشيخ الأعظم الوجوه المحتملة لهذه العبارة في مطارح الأنظار : 344/2
3- ينظر : الفصول الغروية للأصفهاني: 340
4- (له) ليست في (ك)
5- روى الكليني في الكافي : 268/1 بسنده عن أبي الحسن الرضا قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين : «على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله عز وجل أن يسألونا، قال: نفَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا»
6- شرح الوافية (مخطوط): 209
7- الواو ليست في (ك)

كوجوب مقدّمة الواجب(1)، أو مختلفين كما في قضيّة أبان.(2)

إذ الأول قدر متيقن، ويشهد للثالث تمسك الأخباري هنا بخبر أبان، وللثاني قول(3) الفاضل المذكور بأن اتفاق المحدثين والأخباريين حجة كاشفة عن وجود دليل على المتفق عليه ؛ لأنهم لا(4) يقولون بالاستلزامات العقلية بخلاف المجتهدين؛ لقولهم بها (5) ،(6) واحتمال نشوء اتفاقهم منها .

ثم النزاع هنا مع الأخباري يختص بالعمليات كما يظهر من بعضهم(7)، ومع الأشعري يعمّ العقائد في وجه؛ لقولهم بعدم تبعية الأحكام للمصالح الكامنة.

لنا: ان العقل بعدما قطع باستحقاق الثواب والعقاب في مرحلة الظاهر والعمل، كما هو المفروض من الأصل السابق، فلازمه القطع بالحجيَّة أيضاً، ولا يتصور الشك فيها حينئذ، حذراً من اجتماع الضدين.

ص: 309


1- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 3/ 497
2- روى الكليني في الكافي : 328/7 بسنده عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله: ما تقول في رجل قطع إصبعاً من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشر من الإبل. قلت قطع اثنين؟ قال: عشرون قلت: قطع ثلاثاً؟ قال: ثلاثون. قلت: قطع أربعاً قال: عشرون. قلت: سبحان الله ! يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول: الذي جاء به شيطان فقال : مهلا يا أبان هكذا حكم رسول الله ، إن المرأة تقابل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان، إنك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق الدين
3- (قول) ليست في (ك)
4- (لا) ليست في (ك)
5- (القولهم بها) ليست في (ك)
6- في (ك) : توجد لفظة (فصل)
7- وهو صاحب الوافية كما تقدمت الإشارة إليه

و انه لو لم یکن القطع بهما(الحاصل من العقل حجة لم يكن القطع بهما)(1) الحاصل من الشرع حجة؛ إذ الدليل على حجية القطع الشرعي إن كان هو الشرع، نقلنا الكلام إليه إلى أن يدور أو يتسلسل، وإن كان حكم العقل بلزوم دفع الضرر المقطوع، فمشترك، والفرق تحكم.

وإنه لو لم يكن قطع العقل حجة يلزم عدم تعذيب عبدة الأوثان(2)، وعدم وجوب تحصيل معرفة الله ونبيه صلی الله علیه و آله وسلم والنظر إلى المعجزة ، والتقريب قد مرَّ .

وإن القبيح فاحشة بالعرف، ونص اللغة(3)، وكل فاحشة منهي عنها؛ للآية الشريفة: «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر»(4)، وحمله على المحرم (5)موجب لتحريم(6) المحرم، مع أن المتبادر من الفحشاء ما ذكرنا ، وهذا الدليل يتمّ بعد إثبات إدراك القبح وإن لم يدرك العقاب.

وللأخباري ردّه: بأن حرمة القبيح حينئذ(7) ثبتت من الشرع لا العقل(8) ، لكن الآية دلت على ردّ (9) الأشعري في كون أحكامه تعالى تابعة للصفات، وفي إدراك العقل

ص: 310


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- لانه لا دليل شرعي يحصل به القطع لهم
3- لسان العرب لابن منظور : 10 / 192 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي : 555 ، مجمع البحرين لور: 192/10 للطريحي : 147/4
4- سورة العنكبوت: 45
5- كما عن ابن عرفة في تفسيره: 219/2
6- في (ك) : ( من حيث التحريم) بدل (موجب لتحريم)
7- في (ك) : حينئذ حيث
8- نعم ، اثبات الصغرى - أعني : كون الظلم مثلاً قبيحاً - صار من العقل وأما كون القبح محرماً فلم يثبت من العقل
9- (رد) ليست في (م)

المدح والذم إذا لم نجعل المنكر عطفاً تفسيرياً (1) ، وجعلناه عبارة عما يحكم العقل بقبحه.(2)

[وجوه أخر لنفي حجية العقل]

ولو تمسّك الأخباري بقوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً»(3) بناء على أن الظاهر الرسول الظاهري، سيما بملاحظة البعثة (4)، وإن حذف المتعلق فيها (5) يفيد العموم ، وإن الإخبار عن نفي فعلية العذاب مستلزم لنفي الاستحقاق حذراً من التجري على المعاصي في الإخبار.

لأجبنا عنه بأن المراد منها نفي العذاب في العاجل الا بعد البعث، بملاحظة تفسير جمع من(6) المفسرين كما نقل (7)، وملاحظة ما دلَّ على تعذيب (عبدة الأوثان، وجريان عادته تعالى على تعذيب)(8) الأمم السالفة في العاجل (9) ، وبأن دلالة حذف المتعلق من باب الإطلاق لا العموم، فينصرف إلى الشائع، وهو نفي العذاب عما يحتاج إلى البيان (10) والبعث ، لا ما يستقل به عقولهم، فإن شئت فارجع إلى(11) العرف.

ص: 311


1- كما يظهر من عبارات المشهور ، ينظر: السرائر : 22/2
2- كما يظهر من الشيخ في الاقتصاد : 237
3- سورة الاسراء: 15
4- ينظر: الأحكام للآمدي : 1/ 82
5- (فيها) ليست في (ك)
6- (من) ليست في (م)
7- ينظر: التبيان في تفسير القرآن 458/6 ، مجمع البيان: 231/6 ، تفسير القرطبي : 10 / 152
8- ما بين القوسين ليست في (م)
9- كما يحدثنا القرآن صريحاً عن قوم نوح وهود وصالح ولوط وغيرهم من الأقوام
10- (الى البيان) ليست في (ك)
11- (الى) ليست في (م)

وبأنها معارضة مع الآية الشريفة «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ»(1)؛ لحجية منصوص العلة، والتعارض من باب(2) العامين من وجه مورد الاجتماع والتعارض ما (3) يستقّل به العقل قبل البعث، فيرجع إلى المرجحات، وهي لو لم تكن مع الأخيرة (4)(5) فلا أقل من التساقط.(6)

وبأن تلك الآية ظاهرة، وأدلة الحجية قاطعة، فلا تكافؤ.(7)

أو(8)بقوله الدال على أن «كل شيء مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي»(9)؛ حيث إن المتبادر اللفظيان، فلا تكليف قبل ورودهما وان استقل العقل.

ولو كان المقام مما يحتمل ورودهما في الواقع، اندفع الاحتمال بالأصل.

أو بأن المتبادر ما لم يعلم بورود الأمر والنهي.

لدفعنا:ه بعدم الانصراف إلى المستقلات كما مرَّ .

وبأنها ظنية والمسألة علمية، وبأنها ظاهرة وأدلة الحجية قاطعة، فيحمل النص على الأعم من الأمر العقلي، أو يخصص بغير ما يستقل به.

ص: 312


1- سورة الانفال: 42
2- في (ك) : باب تعارض
3- في (م): على ما
4- في (ك): الاخير
5- أي الآية الثانية
6- مع التساوي، فيبقى ما ذكر من الدليل على حجية العقل سليماً عن المعارض
7- فتخصص الآية بغير ما يستقل به العقل
8- في (ك) : و
9- عبارة الصدوق في الفقيه : 1/ 273 : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي»، وعبارة الشيخ في الأمالي : 669: «الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر و نهي أمر ونهي»

أو بما رواه أبان(1) في أصابع المرأة، وزرارة(2) في الولاية، والأخبار الدالة على أنه لا تكليف قبل البعث (3)«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ»(4)، والأخبار الدالة على أنه يجب على الله تعالى بيان مصالح الناس ومفاسدهم(5)، والأخبار الدالة على (أن الزمان لا يخلو عن حجة؛ ليعرف الناس ما يصلحهم ويفسدهم(6)، والأخبار الدالة على) (7) أنه تعالى لا يحتج على العباد إلا بعد إرشاد العقل وإرسال الرسل.(8)

أو(9) إن التكليف فيما أريد فيه التعذيب لطف ، وكل (10) لطف واجب، ففي ما لا تكليف لا تعذيب وإن استقل العقل؛ لأنه لا لطف، فلا حجية.

أو(11) إن العباد مجبورون، فلا حسن ولا قبح حتى يدرك العقل ويكون حجة.(12)

أو إنه لو كان اللازم على الله سبحانه أن يأمر بما أمر به العقل خرج عن كونه

ص: 313


1- الكافي للكليني : 328/7
2- روى الكليني في الكافي: 2/ 22 بسنده عن زرارة، عن أبي جعفر قال: «بني الإسلام على خمسة أشياء.. إلى أن قال: أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عزوجل حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان»
3- التوحيد : 399 باب التعريف والبيان والحجة والهداية
4- سورة الانفال: 43
5- الكافي للكليني: 1/ 221 كتاب الحجة باب الاضطرار إلى الحجة
6- الكافي للكليني : 1 / 232 كتاب الحجة باب ان الأرض لا تخلو من حجة
7- ما بين القوسين ليست في (ك)
8- الكافي للكليني: 1/ 212 کتاب التوحيد، باب البيان والتعريف ولزوم الحجة
9- في (ك) : و
10- (وكل) ليست في (ك)
11- في (ك): و
12- ينظر : شرح المواقف للجرجاني : 185/8 ، الأحكام للآمدي : 1/ 74

مختاراً في ابداع الأحكام مع أنه تعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد.(1)

فقد ظهر أجوبة كل ذلك بعد التأمل فيما مرَّ .

[ثمرة المسألة]

وتظهر ثمرة النزاع في حجية العقل في تكليف الكافر، حتى القاصر (بالفرع الذي يستقل به العقل(2)، وكذا المسلم القاصر الذي لا تنال يده الشرع، وفي تعارض الخبر مع العقل).(3)(4)

أقول: ويمكن فرض الثمرة في إثبات حجية الظن من باب الدليل العقلي(5)، وفي جعل الظن الغير المعتبر مرجحاً عند تعارض الدليلين، أو عند دوران القبلة بين الجهات - مثلاً - ولا يتمكن الا من الصلاة إلى إحداها(6)، وفي إثبات التخيير إذا دار

ص: 314


1- ينظر: التبصير في الدين: 83 المختصر لابن الحاجب 277 وشرحه للعضد: 68 ، نهاية الوصول للعلّامة: 1/ 127
2- إن قلنا إنهم مكلفون بالفروع فيكون القاصرون منهم مكلفين بالفرع الذي يستقل به العقل واما المقصرون منهم فمكلفون على هذا القول مطلقاً، سواء فيما يستقل به العقل أم لا، وأما إن لم نقل بحجية العقل فيختصّ التكليف بالفروع بالمقصرين منهم لا القاصرين، وإن لم يجعل الكفار مكلفين بالفروع انتفت الثمرة
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- فإن قلنا بحجية العقل عملنا به في مقابل الخبر إذا لم يرتفع القطع بملاحظة الخبر، وإن قلنا بعدم الحجية عملنا بالخبر
5- أي: إنّ اثبات حجيته يتوقف على حجية ما يستقل فيه العقل من الجهتين - اعني الاستفادة المستفاد ، كإبطال التكليف بما لا يطاق، وترجيح المرجوح على الرّاجح والتسوية بينهما، واختلال النّظم، والاقتصار على القدر المعلوم ونحو ذلك ، فلو لم يكن العقل حجّة لم يثبت تلك المقدمات، فلا يثبت حجّية الظن
6- لبطلان ترجيح المرجوح على الرّاجح أو التسوية بينه وبين المرجوح، ومن لا يقول بحجية العقل يقول بالتخيير هاهنا

الأمر بين المحذورين، ولا دليل على أحد الطرفين، وإثبات جواز التسامح في السنن إذا لم نعتبر اخباره؛ لقدح في السند أو منع الحجية وإثبات التكليف في أيام الفترة في المستقلات العقلية(1)، وإثبات أصل الإباحة والبراءة(2)، لكن على تأمل فيها، أو في جملة منها.(3)

ثمّ لو قال الخصم : لا ثمرة ؛ لأن(4) التكليف فيما يستقل به العقل لطف، وكل لطف(5)واجب، فالشارع قد بيّن كلّ الأحكام.(6)

(7)

لأجبنا: بمنع كلية الكبرى (7)، فتأمل.

وبأن الوجوب(8) تعليقي قابل لعروض المانع، كظهور (9) الحجة علیه السلام.

ص: 315


1- فإن قلنا بحجّية العقل كان أهل ذلك الزمان مكلفين بما يستقل به العقل، وإلّا فلا تكليف؛ الفرض فقدان الشرع، وعدم حجية العقل
2- إذا لم يقل بحجية الأخبار الواردة فيها لأحد الوجوه الماضية في التسامح، وإن لم نقل بحجية العقل ليس لنا القول بحجية الأصول المذكورة حينئذ ؛ لفرض عدم حجية العقل، وعدم حجية الخبر الواردة في الباب
3- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 48/5
4- في (ك) : كان
5- (لطف) ليست في (ك) ، و (وكل لطف) ليست في (م)
6- كما عن صاحب الوافية: 173
7- لأن اللطف قد يكون واجباً كما لو يكن قبله ،بيان وكان بيان الشارع تأسيساً، وقد يكون مندوباً كما فيما يستقل به العقل، فإنّه بعد إدراك العقل يكون بيان الشارع تأكيداً ولطفاً مندوباً
8- أي وجوب اللطف
9- في :(م) لظهور

وبأن (بيان الشارع لا يلازم عثور(1)المكلف به دائماً كالقاصر.(2)(3)

وبأن)(4) الدليل عقلى لا يقول به إلّا أن يكون غرضه الإلزام، أو يسلّم حجيته في العقائد، أو يدعى ورود الشرع على طبقه.

ص: 316


1- في (ك): لا يلزم أصول
2- في (ك) كالقاصرين
3- فالعبرة بوصوله إلى المكلف
4- ما بين القوسين ليست في (م)

أصل [في إثبات تبعية الأحكام الشرعية للصفات]

قالوا: (كل ما حكم به الشرع حكم به العقل) والمراد انه كلّ ما يمكن أن يجعل الشارع له حكماً وإن لم يجعله، أو جعله ولم يبيّنه، حكم به العقل بعد الجعل والاطلاع حكماً إجمالياً، فيحكم بمطابقته للصفة الكامنة المقتضية لجعل هذا الحكم، والمخالف الأشعري فينفي تبعيتها للصفات مطلقاً.(1)

لنا على إبطال السلب الكلي : إنه لولا تبعيتها للصفات لزم عدم إدراك العقل، وعدم حجيته، وقد ثبت حجيته مما مر .

وعلى إثبات الإيجاب الكلي: إن أحكامه تعالى إن لم تكن معللة بالأغراض لزم العبث، أو كانت معلّلة بأغراض راجعة إليه تعالى لزم الاحتياج، أو إلى العباد لمجرد الإطاعة والعصيان للثواب والعقاب من غير خصوصية غرض في المأمور به والمنهي عنه، لزم اللغو والعبث في الخصوصيات؛ لكونه ترجيحاً بلا داع، وإن لم يلزم لغو في سنخ جعل الأحكام، أو لخصوصية غرض راجع اليهم موجود في نفس المأمور به(2) والمنهي عنه، مع قطع (3)النظر عن الأمر والنهي، ثبت المطلوب.(4)

وانه لاريب في أن كلّ فعل في الواقع إما المصلحة في إتيانه، أو في تركه، أو لا مصلحة في فعله ولا في تركه. ففي الأول لا بد من الأمر به ولو ندباً؛ إذ طلب تركه ترجيح للمرجوح، وإباحته تسوية بين الراجح والمرجوح، وفي الثاني عكسه؛ لما مرّ، وفي الثالث لا بد من إباحته؛ حذراً من الترجيح بلا مرجح.(5)

ص: 317


1- شرح المواقف للجرجاني: 202/8
2- (به) ليست في (م)
3- (قطع) ليست في (ك)
4- ينظر: النافع يوم الحشر : 79
5- ينظر الملخص في أصول الدين: 307 ، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: 85، كشف المراد للعلّامة الحلي: 280

ولا ريب في تنوع(1) الأحكام الشرعية بالأنواع(2) الخمسة(3)، فإن كان اختلاف تلك لاختلاف صفات(4) الأفعال في مصلحة الإتيان ، أو الترك، أو التسوية، فالمطلوب ثابت والا لزم أحد المحاذير الثلاثة المتقدمة.

مضافاً إلى الآية الشريفة «تَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر»(5) ، ويتم الأمر في غير المناهي بالإجماع المركب إن كان والا فينتفي السلب الكلي.(6)

وإلى النصوص الدالة على أنه يجب عليه تعالى بيان مصالح العباد ومفاسدهم(7) الظاهرة في وجود مصالح ومفاسد، مع قطع النظر عن الأمر والنهي.

لكن النصوص لا ترد الأشعري، بل دليل إسكاتي.

ولو قيل: إن من الأوامر ما يكون المقصود منه نفس التوطين(8)، ولا مصلحة في المأمور به، ولعل(9) أوامر الشرع كلها من هذا الباب.(10)

ص: 318


1- في (ك): تنويع
2- في (ك، م): إلى الأنواع
3- القواعد والفوائد للشهيد الأول: 48/1
4- في (م): في صفات
5- سورة النحل: 90
6- أي: إنه تعالى ينهى عن القبائح النفس الأمرية ولا يأمر بها، وان هذا الا لمفاسد كامنة فيها، فثبت أن المناهي معلّلة بالأغراض، ويتم الأمر في غير المناهي بالإجماع المركب إن كان موجوداً كما هو كذلك، والا فيصير هذا أيضاً كالدليل الأوّل في نفي السلب الكلي وإثبات الإيجاب الجزئي
7- الكافي للكليني: 1/ 221 كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة
8- وهي الأوامر الابتلائية التي لا مصلحة في نفس المأمور به أصلاً.
9- (ولعل) ليست في (م)
10- كما عليه المحقق الخوانساري، والسيد الصدر، وصاحب الفصول، ومن تبعهم ممن يرى وجود المصلحة في الأمر وإن لم يكن في المأمور به مصلحة كالتواضع للمولى، والانقياد له، وتوطين النفس على تحمل المشاق لنيل السعادة الأبدية والتقرب إليه سبحانه، وما أشبه ذلك

قلنا: أولاً : ننقل الكلام إلى نفس التوطين، فنقول: لا بد فيه من مصلحة؛ حذراً من أحد المحاذير الثلاثة.(1)

وثانياً: انه لو كان المقصود في الكل(2) التوطين، فلازمه دائماً الإعلام بعدم إتيان المأمور به بعد إتيان المكلف بالمقدمات(3)، والواقع (4) خلافه .

ولو قيل: لعل المصلحة في جعل سنخ الأحكام (مجرد الإطاعة للثواب والعقاب(5)، وفي تنويع الأحكام)(6) لزوم التكليف بما لا يطاق لو أمر بالكل، أو نهى عن الكل، وفي تخصيص بعض بالأمر وبعض بالنهي؛ كون بروز الاطاعة في الأمر بما لا يرغب المكلف بإتيانه كالصلاة والزكاة، وبروز الاطاعة في النواهي في النهي عما يرغب إليه المكلف، كالزنا وأكل الحرام، فكان المقصود في جميع المراتب الإطاعة والانقياد لا غير ولا صفة في الافعال مع قطع النظر عن هذه الجهة كما تدعيه، ويؤيده الآية الشريفة «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله»(7)«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون».(8)

لأجبنا: أولاً: بالنقض بالواجبات التوصلّية الغير المشروطة بنية التقرب.

ص: 319


1- وهي الترجيح بلا مرجح أو ترجيح المرجوح على الراجح أو التسوية بين الراجح والمرجوح
2- في (م) مقصودا في كل
3- لأن المقصود قد حصل بعد الإتيان بالمقدمة فابقاء الأمر بعده لغو وسفه
4- في (م) الواقعة
5- كما عليه الأشاعرة
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- سورة البينة 5
8- سورة الذاريات: 56

وثانياً: بلزوم الترجيح بلا مرجّح أيضاً في الخصوصيات، كإيجاب الجهر في الصبح، والإخفات في الظهرين، وهكذا.

ولو قيل: إن كان الغرض من أمر الله سبحانه عباده بالصلاة مثلا (1) إدراك مصلحة لهم فيه، كأمر الطبيب المريض بدواء يرفع مرضه، لكان عقابه الأبدي على ترك العبد مصلحة نفسه بتركه الصلاة منافياً لرأفته وللطف، ويكون كما لو أمر الوالد ولده بتعلم صنعة رأفة منه له، فخالفه وقتله الوالد عقوبة لترك هذه المصلحة، فلا بد أن يكون الغرض مجرد الإطاعة والانقياد.

لدفعناه: أولاً: بالنقض ؛ إذ لو كان غرضه محض التعبد(2) جاء المحذور أيضاً.(3)

وثانياً: بأن غرضه إن كان نفي التكليف رأساً، فهو كما ترى، أو نفي استحقاق العقاب، فهو ليس من الجعليات، بل من لوازم المخالفة، كزوجيّة الأربعة، أو نفي فعلية العقاب، فالعقاب بيده إن شاء فعل وإن شاء ترك.

ص: 320


1- (مثلا) ليست في (ك)
2- في (ك) : تعبد
3- لأن المخالفة والذم لازمان في الصورتين

أصل [في أن الحسن والقبح هل هما ذاتيان أم لا]

اشارة

حُسن الأشياء وقبحها هل هما ذاتيان(1)؟ ، فالصدق حسن والكذب قبيح

بذاتها، أم بالأوصاف اللازمة(2) المقومة للماهية المعبر عنها بالداخلة والثابتة والحقيقية فالصدق(3) من الكلام حسن لأجل مطابقته الواقع ، والكذب قبيح لمخالفته الواقع، أم بالوجوه والاعتبارات المغيرة للأحكام(4)، كالنفع والضرر والغصب والإباحة والستر والطهارة، ونحوها من الأوصاف الموجبة لتغير الحكم الشرعي : أما مع مدخلية العلم والجهل أيضاً، أم لا.

فعلى الأولين لو اجتمع الصدق مع النفع احده، ومع الضرر عارضه، وصار من تعارض الذاتيين مرجعه الرجوع إلى المرجحات الخارجة(5) في مقام العمل، وعلى الأخير ليس الصدق حسناً ولا قبيحاً، بل حُسن (6) إن نفع ، وقبيح إن أضر ، أم المقامات مختلفة، وجوه.

وقيل(7) بالتفصيل بين الحُسن فذاتي، والقُبح فبالوصف، فيكفي في الحُسن انتفاء جهات القبح.

ص: 321


1- وهو ظاهر السيد الداماد في السبع الشداد 42 ، ونسبه العضدي في الحاشية : 65 إلى المعتزلة والكرامية والبراهمة
2- نسب إلى جماعة كما في شرح العضد : 66 وفواتح الرحموت لعبد العلي الأنصاري: 1/ 27
3- في (ك): والصدق
4- اختاره الجبائية كما عن العضد في شرحه : 66
5- في (م): الخارجية
6- (حسن) ليست في (م)
7- نسب إلى بعضهم كما في فواتح الرحموت لعبد العلي الأنصاري: 27/1، ونهاية الوصول للعلّامة: 119/1

[المختار في المسألة]

والحق بطلان كونهما بالوجوه مع مدخلية العلم والجهل؛ لأنه مستلزم للتصويب(1)، وللدور(2)، ومخالف لطريقة العقلاء، وبطلان كونهما بالوجوه بنحو الإيجاب الكلي حتى مع عدم مدخلية العلم والجهل؛ للقطع بحسن الصدق مثلاً وإن أضر، فهو من باب تعارض الحُسن والقبح، فبطل الإيجاب الكلي، وما عدا ذلك فهو محل التوقف، فيرجع عند الشك إلى ظواهر خطابات الشرع.

ولو قيل: لا توقف في بطلان كونها ذاتيين بنحو الإيجاب الكلي؛ لأن النسخ واقع(3)، فالداعي (4) لاختلاف حكم الناسخ والمنسوخ إن كان نفس الذات فمن المحال اقتضاء الشيء الواحد بذاته الحُسن والقبح، أو الوجوه فيهما أو في أحدهما ثبت المطلوب.(5)

ولأن مثل الصدق الضار الذي اجتمع فيه الحُسن والقبح باعتقاد القائل بذاتيتهما، إن كان مادة اجتماع(6)الأمر والنهي فهو قبيح؛ لأنه مما لا يطاق، أو كان أحدهما دون الآخر، أو انتفى الأمران لزم تخلف الأثر عن المؤثر؛ إذ الأمر والنهي أثر الحسن والقبح.

ص: 322


1- بيانه انه لاحكم قبل حدوث رأي المجتهد حتى يحتمل الخطأ والإصابة، بل الاحكام انما صارت حادثة بعد حدوث الآراء، فتلك احكام واقعية ثانوية متعددة بتعدد الآراء
2- بيانه: أنّ العلم بالتكليف بهذا الحكم مثلاً متوقف على الطلب المتوقف على الحسن، فلو كان الحسن أيضاً متوقفاً على العلم لزم الدور
3- بعبارة أخرى نقول في إبطال كون الحسن والقبح ذاتيين بطريق الإيجاب الكلي: إنه لو كان كذلك لما جاز النسخ، والتالي باطل، فالمقدم مثله
4- (فالداعي) ليست في (م)
5- ينظر : هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني : 531/3
6- في (ك) : الاجتماع

ولأنه يلزم اجتماع الضدين في الكلام الصادر في الغد بعد قوله: (لأكذبنّ غداً)، فالصدق غداً حسن لأنه صدق، وقبيح لاستلزامه كذب كلام الأمس، وعكسه الكذب.(1)

لأجبنا: بأن النسخ لعله من تعارض الذاتيين(2)، وأن الحسن والقبح مقتضيان للأمر والنهي، لا علة تامة(3)، وأن مستلزم القبيح ليس قبيحاً.(4)

[ثمرة المسألة]

وتظهر ثمرة الخلاف في التخطئة والتصويب(5)، وفي جواز اجتماع الأمر والنهي(6)، وفي اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاص(7)، وفي لزوم فساد

ص: 323


1- ينظر: المختصر لابن الحاجب 276/1 وشرحه للعضد: 66 ، نهاية الوصول للعلّامة: 1/ 125
2- بتقريب: أنا نقول بتعدد الذات والموضوع في موارد النسخ فوطء المحارم مثلاً قبيح بالذات في كل زمان وإبقاء النسل حسن بالذات والنسبة بين الأمرين عموم من وجه، ففي مادة (الاجتماع) التعارض بين الذاتيين لا بُدَّ من الرجوع إلى المرجحات الخارجية
3- أي : إن الإيراد يتم لو كانا على نحو العلة التامة، لكنا نقول إنهما على نحو الاقتضاء ، لكن المانع موجود، وتأثير المقتضي فرع السلامة عن المعارض
4- ألا ترى أن ترك المقدمات المستلزم لترك ذيها لا قبح فيه حتى بالعرض، وتسميته بالقبيح مجاز
5- فكل من قال بالوجوه بالمعنى الأعم من العلم والجهل فلازمه التصويب، ومن قال بالذاتي بالمعنى الأخص فلازمه التخطئة
6- فمن قال بالوجوه والاعتبار اعني الوجوه الموجبة لاختلاف الحكم من العلم والجهل والغصب والإباحة ونحوها، فلازمه القول بعدم جواز الاجتماع؛ لأن طبيعة الصلاة لا حسن فيها، بل هي حسنة في المكان المباح وقبيحة في المكان المغصوب. ومن قال بالذاتي بالمعنى الأخص فله القول بجواز الاجتماع والقول بعدم الجواز من تلك الجهة، ومن قال بالقدر المشترك بين الموارد ففي المعلوم الذاتي له الخيار، وفيما علم خلاف الذات لزم القول بعدم الجواز، و في المشكوك كالأوّل
7- على القول بالوجوه والاعتبارات الموجبة لاختلاف الحكم وعلى القول بالذاتية بالمعنى الأخصّ يمكن القول بالاقتضاء وبعدمه، وعلى القول باختلاف الموارد لزم القول بالاقتضاء فيما علم بالتبعية الموجود الاعتبار، وإلا فلا

العبادات المكروهة، كالصلاة في الحمام مما له بدل(1)، وفي تأثير المعاصي الصادرة سهواً أو جهلاً .(2)

أصل

[في جواز خلو واقعة من الوقائع عن الحكم]

هل يجوز خلوّ واقعة من الوقائع بنحو الإيجاب الجزئي عن كل حكم في حق المكلفين، كما في فعل الصبي الغير المميز (3) أم لا (4)؟ والمسألة وإن كانت من المسائل الكلامية، لكن الدليل الظني حجة فيها؛ لاستلزامها الحكم الفرعي(5)، والأصل في المسألة الجواز لا الامتناع، كما في نظائرها .

[ثمرة المسألة]

وثمرة الخلاف: إن من أحال الخلو، وقال بإدراك العقل الحسن والقبح، وبتبعية الأحكام (6) للصفات ، لزمه حجية العقل وتطابقه مع الشرع، كما هو واضح.

ص: 324


1- على القول بالوجوه والاعتبارات واما القائل بالذاتية بالمعنى الأخص فله القول بالفساد والقول بالصحة معاً، والقائل في الاختلاف بالموارد حاله ظاهر مما سبق
2- فإن قلنا بالذاتية بالمعنى الأخص لزم القول بالتاثير، وإن قلنا بالوجوه والاعتبارات الموجبة لاختلاف الحكم لزم القول بعدم التاثير، وإن قلنا باختلاف الموارد في الذاتية والوصف اللّازم والوجوه والاعتبار بلا مدخلية للعلم والجهل أصلاً كان كالقول الأول، وإلا كالقول الثاني
3- نسبه في الفوائد المدنية : 278 إلى بعض العامة، وكذا في هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 546/3
4- نسبه السيد المجاهد في مفاتيح الأصول: 466 إلى المعتزلة
5- والظن في المسألة الفرعية حجة
6- (الاحكام) ليست في (ك)

[المختار في المسألة]

والحق في المسألة أن الواقعة إن كانت محتاجاً إليها للمكلفين لم يجز خلوها عن الحكم؛ لقاعدة اللطف فتأمل. وللنصوص الدالة على أنه تعالى جعل لكل واقعة حكما وبينه لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم حتى أرش الخدش (1)، وخصوص رواية درست(2)، ولقوله علیه السلام: «كل شيء مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي»(3)، إلّا أن يقال إنها تثبت الحكم الظاهري لا الواقعي(4)، فتأمل.

وانها لا تجري في الأحكام الوضعية، إلا ان يتمسك بالإجماع المركب.

أو غير محتاج إليها(5)(6) كوقاع الحور، فوجهان ، أقربهما عدم الخلو؛ لنصوص أرش الخدش، فإنها مطلقة أو عامة، وتقييدها(7)برواية درست فرع فهم العرف

ص: 325


1- الكافي للكليني: 113/1
2- روى البرقي في المحاسن: 142 بسنده عن درست بن أبي منصور، عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي الحسن : إنا نتلاقى فيما بيننا، فلا يكاد يرد علينا شيء إلا وعندنا فيه شيء وذلك شيء أنعم الله به علينا بكم، وقد يرد علينا الشيء وليس عندنا فيه شيء وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : لا، وما لكم وللقياس ثم قال: لعن الله أبا فلان، كان يقول: قال علي وقلت، وقالت الصحابة وقلت ثم قال: كنت تجلس إليه ؟ قلت: لا، ولكن هذا قوله. فقال أبو الحسن : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فيه (ووضع يده على فمه). فقلت : ولم ذاك ؟ قال : لأن رسول الله أتى الناس بما اكتفوا به على عهده وما يحتاجون إليه من بعده إلى يوم القيامة
3- عبارة الصدوق في الفقيه: 1/ 273 : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي»، وعبارة الشيخ في الأمالي : 669: «الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي»
4- فلا يتم بها الاستدلال
5- في (ك): إليها لهم
6- عطف على (إن كانت محتاجاً إليها..)
7- في (ك): وتقييد

التعارض(1)، فتأمل.

أصل [في أصل الأشياء قبل ورود الشرع]

اشارة

اختلفوا في أن الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع هل هو الحظر(2)، أم الإباحة(3)، أم عدم الحكم(4)، أم الوقف (5) ، والأولان يحتملان الإباحة والحظر الظاهريين والواقعيين والأخير يحتمل الوقف في أصل الحكم، أو في خصوصه، أو فيهما .

والمراد بالأشياء الأفعال أعم مما تعلق بالأعيان كالاكل والشرب، أو لم يتعلق كالضحك والغناء؛ وذلك لتعبير بعضهم بالأفعال لا الأشياء (6)، الا أن يحمل المطلق على المقيد، فتأمل.

ص: 326


1- أي إذا كانت مطلقة فلابد من تقييدها بخبر درست كونه أخص منها لانه مقيد بما يحتاج إليه الناس
2- نسبه الشيخ الطوسي في العدة: 742/2 إلى كثير من البغداديين وطائفة من أصحابنا الإمامية
3- اختاره السيد المرتضى في الذريعة : 545 ، وعن الشيخ الطوسي في العدة: 742/2 انه مذهب أكثر المتكلمين من البصرة وكثير من الفقهاء
4- نسبه الزركشي في المحيط : 157/1 إلى جماعة منهم أبو نصر بن القشيري وأبو الفتح بن برهان واختاره ابن الحاجب في المختصر، ينظر : شرح العضد على المختصر : 71
5- وهو اختيار الشيخ المفيد في التذكرة بأصول الفقه (ضمن مصنفات الشيخ المفيد): 43/9 والشيخ الطوسي في العدة: 742/2
6- الموهم بخروج النحو الثاني مما لا تعلق له بالأعيان

[تحرير محل النزاع]

ومحل النزاع الفعل الاختياري الغير الضروري الذي لا يستقل العقل بحكمه (1) بالخصوص، مع كون الفعل مما فيه أمارة المنفعة لا أمارة المفسدة، وإن كان محتملاً للمفسدة(2) ولم ينازعوا (3) فيما لا منفعة فيه ولا مفسدة ظاهراً(4)، مع إمكان القول بالإباحة وعدمها هنا أيضا (5) ، إلّا أن يقال: إن(6) ارتكاب مثله سفه، فيشكل الحكم باباحة مثله، فتأمل.

والمراد بالإباحة يحتمل أن يكون الإباحة الخاصة، كما هي ظاهرها حيث أطلقت، أو مطلق الإذن الشامل لما عدا(7)،الحرام، أو ما اذن في فعله وتركه مطلقاً، أو ما أذن في فعله وتركه مع عدم رجحان ،الفعل، أو مع عدم رجحان الترك.

والمراد بما قبل ورود الشرع إن كان قبل أصل الشرع قبلاً حقيقياً، ففيه أنه خلاف الواقع؛ إذ الشرع : إما مقدّم على الخلق أو مقارن، وانه لا(8) ثمرة لنا في إثبات حكم من كان قبل الشرع(9)الا بالتمسك بالاستصحاب، ولا يمكن؛ لتعدد الموضوع، وحصول العلم الإجمالي لنا بين المشتبهات(10)، وان من لا يقول بحجية الاستصحاب

ص: 327


1- في :(م) بحكمه العقل
2- ينظر : مطارح الأنظار للأنصاري: 404/2 - لانصاري: 404/2
3- في (ك): يتنازعوا.
4- (ظاهرا) ليست في (ك).
5- كما عن صاحب الفصول: 347
6- (ان) ليست في (ك)
7- (عدا) ليست في (ك)
8- (لا) ليست في (ك، م)
9- في (ك) : الشروع
10- أي: نعلم إجمالاً بأن بعضاً من المشتبهات تبدل حكمه عن الحالة السابقة على الشرع فإذا أجرينا الاستصحاب في جميع المشتبهات لزم طرح المقطوع، وإن اجريناه في بعضها لزم الترجيح بلا مرجح

ويقول بهذا الأصل كيف يثبت هذا الأصل حينئذ، وذلك كاشف عن انّ (1) المسألة ليست مبتنية على الاستصحاب.

أو قبلاً فرضياً، ففيه ما مرّ من عدم الفائدة، والتمسك بالاستصحاب مردود بأنه فرضي، وبالوجهين الأخيرين في سابقه.(2)

أو قبل شرعنا ونبينا، أي زمان الفترة، ففيه انه إن كان مع فرض العثور على الدليل فالدليل هو المتبع ، أو قبله فيمكن فرض ذلك بعد بعث نبينا .

أو قبل العثور على الدليل الشرعي وإن كان بعد البعثة، ففيه : أنه خلاف ظاهر قولهم (قبل ورود الشرع) ، وخلاف تصريح بعضهم(3) بأن المراد اما الاحتمال الثاني أو الخامس، ولا يناسب القول بأنه لا حكم؛ لأنه لا شرع.

أو(4) مع قطع النظر عن الدليل الشرعي، ففيه أنه خال عن الفائدة حينئذ، : فمحل النزاع غير محرر .

أقول: ثمّ إنّا وإن استقصينا التأمل في الفرق بين هذه المسألة ومسألة أصل البراءة، فلم نجده، وقد يتصوّر الفرق بوجوه عشرة، ليس شيء منها بشيء.(5)

ص: 328


1- (ان) ليست في (م)
2- وهما العلم الإجمالي بتغير بعض المشتبهات ومن لا يرى حجية الاستصحاب
3- وهو المحقق القزويني في تعليقته على المعالم : 544/5
4- في (م) و
5- ذكرها المصنف وناقشها في الضوابط : 139/5

[تأسيس الأصل]

وكيف كان، فالأصل الأصيل في المسألة الحظر؛ لأن المفروض أن الفعل المتنازع فيه محتمل المفسدة ولو وهماً، فيجب دفع الضرر المحتمل بحكم العقل.

ولو قيل: إن الترك أيضاً محتمل الضرر ؛ لاحتمال وجوب هذا الفعل.

لقلنا: إن وجوب الكل غير محتمل؛ لأنه مما لا يطاق، وحرمة الكل محتملة.

ولو قيل: إنّ العقلاء يسفّهون المحترز عن كلّ(1) محتمل وهميّ.

قلنا إنه لأجل ارتكاب أقل القبيحين؛ لا لعدم لزوم دفع الضرر الخالي عن المعارض.

ولقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه - وإن كان مولاه - مالم يرد تنصيص، أو شاهد حال، كالاستظلال بجدار الغير، وتصرف العبد في نفسه أيضاً تصرف في ملك المولى.

ولو قيل: إنّ منع النفس من الفعل تصرف في النفس أيضاً، وإن بناء العقلاء على عدم التصرف في مال الغير عند الشك في الإذن انما هو الحاجة المالك إلى (2) ماله، بخلافه تعالى، وإنه لا شك في الجواز هنا؛ لأنه كالاستظلال، وإن استصحاب حكم حالة الصغر يقتضي الجواز.

لقلنا: إن كون الترك تصرفاً ممنوع وإن الخالق وان تنزّه عن الحاجة لكن المخلوق محتاج، وإن القياس على الاستظلال قياس(3) مع الفارق(4)، وإن الكلام قبل

ص: 329


1- (كل) ليست في (م)
2- في (ك): وإلى
3- (قياس) ليست في (ك)
4- وهو من جهتين : الأولى : إن الظل والضوء ليسا مما يصدق عليه الملك حتى يصدق التصرف في ملك الغير، والثانية : إنهما مما يستقل به العقل بجواز التصرف فيهما ، بخلاف محل الكلام

ورود الشرع، ولا يعتبر الاستصحاب حينئذ.

هذا بالنسبة إلى قبل ورود الشرع، وأمّا بعده قبل العثور على الدليل، فالأصل الأصيل أيضاً ما ذكر ؛ للوجهين، مضافاً إلى أن الفقيه بعد التتبع (1) في الشرعيات يعلم إجمالاً بحرمة جملة من تلك الأفعال، فلزم اجتناب الكل؛ لقاعدة الاشتغال.

الحق في المسألة الإباحة عقلاً وشرعاً، قبل ورود الشرع، وبعده قبل العثور على الدليل الوارد.

لنا: بناء العقلاء على تسفيه من اقتصر في أفعاله(2) على الضروريات ملتزماً به، فاندفع الضرر المحتمل (3)، وعلم الإذن عند عدم إمكان الاستيذان لبناء العقلاء الذي هو حجة هنا؛ حذراً من التكليف بلا بيان ومن التكليف بما لا يطاق، بعد كونهم معتقدين بالجواز من غير رادع(4) ، واندفع قاعدة الاشتغال أيضاً؛ إذ لا دليل على حجيتها حينئذ.(5)

مضافاً إلى قوله علیه السلام: «كل شيء مطلق»(6) الخ ، والمتبادر من المطلق مطلق الإذن أو الإباحة الخاصة، ومن قوله حتى يرد (7): حتى يعلم بالورود، فلا يضر احتمال الورود، مع كونه مدفوعاً بالأصل.

ص: 330


1- (بعد التتبع ) ليست في (ك)
2- في (م): فعاله.
3- وجهه إن بناء العقلاء على وجوب دفع الضرر المحتمل لازم مسلم، لكن ليس كل ضرر؛ إذ انهم لا يحترزون عن عن احتمال الضرر الناشيء عن مجرد الإمكان الذاتي كما في المقام
4- بيان ذلك: إن ما شك فيه في الأذن وعدمه إن كان مما يمكن فيه الاستئذان لزم الاجتناب، وإن كان مما لا يمكن فيه الاستئذان صح التصرف لما عرفت من بنائهم
5- إذ إن مبنى العقلاء على عدم الانزجار في مثل المورد
6- من لا يحضره الفقيه : 1/ 273
7- (حتى يرد) ليست في (ك)

ودعوى: العلم بورود حكم في الواقع للفعل المشكوك؛ لعدم خلو الواقعة عنه كما مرَّ ، فلا يجرى الأصل.

مردودة: بأن المسلم جعل الحكم: إما عموماً، أو خصوصاً، لا خصوصاً فقط، مع أن(1) المشتبهات كثيرة، والعلم الإجمالي فيها لا يضر ، كما في الشبهة الغير المحصورة(2)، مع أن القائل بالحظر يحكم به - وان علم بعدم ورود نهي في نفس الأمر - .

وتوهم انه يكفي في ورود النهي نهي العقل كما مرَّ في تأسيس الأصل؛ لأنه

كل ما حكم به (3)حكم به الشرع مدفوع بعدم انصراف إطلاق (الورود) وإطلاق (النهي) إلى مثله.(4)

ولو قيل: الرواية ضعيفة، ومن الآحاد.

قلنا: المسألة فرعية، وهي منجبرة بالعمل.

وإلى الآية الشريفة «خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»(5)، وفيها عموم من وجهين : الموصولة والتأكيد، واللام للانتفاع، والمقام مقام الامتنان، ولا معيّن لبعض المنافع ؛ فتعمّ من هذه الجهة أيضاً.

إلّا أن يقال: إن المقام ليس مقام البيان (6)، أو إن النفع مفسر بالعبرة في رواية(7)،

ص: 331


1- (ان) ليست في (م)
2- لكون المشتبهات كثيرة، والمعلوم بالإجمال قليلاً
3- في (ك) : لانه كما حكم به العقل
4- أي: إن لفظي الورود والنهي منصرفان إلى خصوص اللفظي
5- سورة البقرة : 29
6- بل الغرض بيان ان في خلق الأشياء منفعة لكم، لا بيان انها أي شيء
7- قال أمير المؤمنين في تفسير قوله تعالى: «هو الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» خلق لكم [ ما في الأرض جميعاً ] لتعتبروا به وتتوصلوا به إلى رضوانه، وتتوقوا [ به ] من عذاب نيرانه. (تفسير الإمام العسكري: 176)

لكنها ضعيفة، أو(1) إن موردها الأفعال المتعلقة بالأعيان خاصة، إلّا أن يقال: باختصاص النزاع بها (2)، أو يتمسك بمركب الإجماع.

[المختار في المسألة]

والحق ان منفعة الشيء ان كانت واحدة أو متعددة وفيها أظهر عرفاً، فلا إجمال في الآية بالنسبة إلى تلك المنافع، وإن لم يكن فيها أظهر ، أو لم يوجد فيها منفعة ظاهرة، فالإجمال في الآية تثبت الإيجاب الجزئي لا الكلي.

أصل [في ذكر مسائل البراءة والاحتياط وفي الشك في التكليف]

اشارة

فاعلم انه إذا شك في أصل التكليف، أو كيفيته، فالأمر: إما دائر بين الواجب وغير الحرام، أو الحرام وغير الواجب، أو الواجب والحرام.

وفي الأول(3): إما ليس علم إجمالي في الواقعة الخاصة المشكوكة بالتكليف، فيكون شكاً في التكليف، أو هنا علم إجمالي به مردد بين المتباينين، لشبهة عرضيّة مرادية كالظهر والجمعة، سواء نشأ الإجمال عن تعارض الأدلة، أو عن إجمال الدليل أو مصداقية كاشتباه جهة القبلة بين الجهات (4)، والزوجة المنذور وطؤها [من] بين الزوجات، أو(5) بين الأقل والأكثر استقلالياً أم ارتباطياً، مصداقياً أم مرادياً، نشأ إجمال المراد عن الشك في الحدوث، أو في الحادث، لتعارض الأدلة، أو إجمال اللفظ، فبيان أحكام تلك الأقسام يقع في طيّ أصول.

ص: 332


1- (أو) ليست في (ك)
2- ينظر: الفوائد الطوسية : 479
3- في (ك): الأقوال
4- (الجهات) ليست في (ك)
5- في (م): و

[تحرير محل النزاع]

ثم اعلم أن المراد من الشك هنا أعم مما تساوى طرفاه، ومن ظنّ(1) لم يقم عليه دليل، وأن ما فيه نص غير معتبر ولو مثل فتوى فقيه يحتمل استناده إلى النص داخل في نزاع أصل البراءة والاحتياط، وكذا ما لا نص فيه أصلاً، لكن في الشبهة التحريمية لا الوجوبية (2)؛ إذ القول بالاحتياط الذي هو من أقوال المسألة لا يتصور فيها إذا خلت عن النص؛ لعدم إمكان الاحتياط فيها؛ إذ ما من شيء الا ويحتمل الوجوب، ولو بمجرد الإمكان الذاتي، أو (3) إن كل ما يحتمل الوجوب يحتمل الحرمة أيضا؛ فلا يمكن الاحتياط، فتأمل.

وما تعارض فيه النصان داخل؛ لأن حكمهم في باب التراجيح بالأخذ بموافق الأصل، أو طرحهما(4) والرجوع إليه، يقتضي كون هذا الأصل مؤسساً حتى يصير مرجعاً أو مرجحاً.

ثم في الشبهة التحريمية يمكن جعل النزاع (5) قبل ورود الشرع (وبعده، وفي الوجوبية لا يمكن الّا بعده؛ إذ القول بالاحتياط لا يتصوّر فيها قبل ورود الشرع)(6)؛ للوجهين المذكورين فيما لا نص فيه.(7)

ص: 333


1- (ظنّ) ليست في (م)
2- في (ك) : الوجوب
3- في (ك): و
4- في :(م) لطرحها
5- (النزاع) ليست في (ك)
6- ما بين القوسين ليست في (ك)
7- وهما: أن ما يحتمل الوجوب قبل الشرع يحتمل التحريم أيضاً، أو ما من شيء الا ويحتمل الوجوب

وتوهم: ان القول بالاحتياط ناشئ عن العلم الإجمالي، فلا يكون(1) أيضاً الا بعد الشرع.(2)

مدفوع : بأن دليله أعم من ذلك.(3)

وأقسام الشبهة كلها داخلة في النزاع بشهادة أقوال المسألة فيما سيأتي.

[المراد من الأصل]

و(4)ليس المراد بالأصل (5) هنا الدليل ؛ لعدم التبادر ، ولأنه لا معنى لقول القائل: الدليل البراءة، وإضمار المقتضي هنا بعيد، بل إما الراجح - أي الظاهر - ان خصصنا النزاع بما تعمّ به البلوى(6)(بإضمار المقتضي(7) كما هو شائع.

أو الاستصحاب، وهو كما ترى)(8) بناء على إجراء استصحاب العدم الذي كان قبل الشرع (9) تكليفاً على بعد؛ للعلم بالجعل (10) بعد الشرع، أو وضعاً.

أو استصحاب البراءة الحاصلة حالة الصغر، أو الجنون، أو حالة علم فيها

ص: 334


1- في (ك): يمكن
2- إذ قبل الشرع لا علم اجمالي في البين حتى يقال بالاحتياط
3- قد يكون منشا الاحتياط ليس العلم الإجمالي بل وجوه اخرى منها لزوم دفع الضرر المحتمل
4- في (ك): وأيضاً
5- ذكر المحدث الحر العاملي في الفوائد الطوسية: 198 اثني عشر معنى للأصل
6- كما عن المحقق الحلي في معارج الأصول: 212 - 213 ، والمعتبر: 1/ 32
7- (المقتضي) ليست في (م)
8- العبارة في (ك) : هكذا : (وهو كما ترى، أو الاستصحاب باضمار المقتضي كما هو شائع)
9- فيقال : قبل الشرع لم يكن تكليف إلزامي فيستصحب إلى ما بعد ورود الشرع
10- ) في (ك): (للجعل) بدل (للعلم بالجعل).

بعدم (1) الشغل كالبراءة عن الدعاء قبل رؤية الهلال، وعن المهر قبل النكاح، والصلاة قبل الزوال (2)، وهكذا.

وفيه : إن حجية أصل البراءة في الجملة ،إجماعية وحجية الاستصحاب (خلافية، الا أن يقال: إن الاستصحاب) (3)العدمي إجماعي أيضاً، وأنهم يتمسكون بأصل البراءة في الشك في الحادث(4) أيضاً، ولا يجري فيه الاستصحاب.

أو(5) القاعدة المستفادة من الشرع باضمار المقتضي أيضا.

[الأصل الجاري في المسألة]

ثم إنّ الأصل الأصيل هنا هو الاحتياط؛ دفعا للضرر المحتمل، مضافاً إلى الاشتغال، واستصحاب الأمر فيما علم بالتكليف إجمالاً.(6)

إذا ظهر ذلك فلنشرع في أحكام الأقسام:

ص: 335


1- في (ك) : بعد
2- في (ك) : الصلاة
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- (الحادث) ليست في (م)
5- في (ك): و
6- لأن الشك بعد إتيان البعض يرجع إلى الشك في البقاء بعد القطع بالحدوث فيستصحب التكليف

أصل [في دوران الأمر بين الوجوب والإباحة الخاصة]

اشارة

إذا دار الأمر بين الوجوب والإباحة الخاصة فعن بعض الإخباريين(1) الاحتياط؛ لقلة (2) الشبهات عنده ، والمعظم على البراءة، والمحقق على التفصيل بين ما يعم به البلوى فالبراءة وما لا يعمّ فالاحتياط(3)، والأوسط أوسط

لنا: ظهور الإجماع والإجماع المنقول(4)، واستصحاب البراءة الثابتة قبل الشك في التكليف، ويتم فيما إذا كان الشك في الحادث بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه بضميمة أصالة الاحتياط؛ إذ الاستصحاب أقوى (5) ، مضافاً إلى أن المشكوك فيه مما (6) لم يرد فيه بيان بحكم الأصل، وكل ما كان كذلك لم يصح التكليف فيه؛ للقبح العقلي.

والقدح في جريان الأصل في الصغرى، بأن لكل واقعة حكماً مبيناً؛ للنصوص،

ص: 336


1- وهو الاسترابادي في الفوائد المدنية : 280 ، وحكاه المحقق الحلي في معارج الأصول للمحقق الحلي: 216 عن جماعة
2- (القلة) ليست في (ك)
3- معارج الأصول للمحقق الحلي : 212 - 213 ، والمعتبر : 1/ 32
4- وقد نقل الاتفاق من الأصوليين والأخباريين عليه غير واحد من الأصحاب كالوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : 240 ، والسيد نعمة الله الجزائري في زهر الربيع : 314 ، والشيخ الحر في الوسائل في باب وجوب التوقف والاحتياط : 163/27 ، ومثله عن صاحب الحدائق: 43/1
5- بيانه إن قلت: إن الدليل أخص من المدعى؛ لأنه لا يتم فيما لا يجري فيه الاستصحاب. قلنا: يتم الأمر في الباقي بالإجماع المركب. فإن قلت: يمكن عكس ذلك بأن يتمسك بأصالة الاحتياط فيما لا يجري فيه الاستصحاب، ويتم الأمر في غيره بالإجماع المركب. قلنا: ضميمة إجماعنا - وهو الاستصحاب - أقوى من ضميمة إجماعك - وهي الأصل الأولي
6- في (ك) : ما

وبأنه قد يصير الشك في الحادث.(1)

مدفوع: بأن البيان يمكن أن يكون بطريق العموم، فالشك في الاندراج، وانه يتم فيما إذا شك في الحادث بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه لما مرّ.

وإلى بناء كلّ أهل العقول آمراً ومأموراً(2)، و(3)إلى الاستقراء.

أقول: ويمكن تقريره بوجوه:

إما بدعوى غلبة المباح، أو بأنّ غالب الأفعال مما رخص في فعله وتركه، فيثبت الجنس بذلك، والفصل الخصوص المقام.

أو بأن غير الواجب أكثر من الواجب.

وفي الأخير نظر.

وإلى أن الاحتياط لو وجب في هذا القسم(4) من الشك الوجوبي، لوجب(5) في كل أقسامه بالأولوية، وهو عسر

وفيه: إن للخصم دعوى قلة الشبهات.(6)

وإلى أن تارك المشكوك فيه إن لم يكن معاقباً فالمطلوب ثابت، وإن كان معاقباً علمه به فهو على ترك الواجب النفس الأمري مع عدم علمه به فهو سفه، أو خلاف الفرض، أو على ترك الاحتياط الغير المعلوم وجوبه للعبد ،فسفه، أو المعلوم

ص: 337


1- فلا نعلم أنه الوجوب أو غيره
2- على عدم الاعتناء بالاحتمالات المسببة من الأسباب غير المعتبرة، وربما ينسبون المعتني بها إلى السفه
3- الواو ليست في (ك)
4- في (ك): القسيم
5- (لوجب) ليست في (ك)
6- فلا يلزم العسر

وجوبه ، فالمفروض أن لا دليل عليه ؛ لفساد الأدلة الآتية، أو على ترك الضرر المحتمل، فلا يحتمل الضرر بعد بطلان الاحتمالات الأربعة، وفيه تأمل.

وإلى قوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبْعَثَ رَسُولاً»(1)، فإن جعلنا الرسول هو الذات بوصف التبليغ فالدلالة بالمطابقة، والا فبالالتزام، ولو قلنا المراد عذاب العاجل(2) خرجت عن الدلالة(3)، إلا أن يكون إلزاماً على الخصم.

وقوله تعالى:« لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيَّنَةٍ»(4) والدلالة: إما بالمنطوق؛ لعموم الآية حذراً من الكذب، أو بالمفهوم.(5)

أقول: ولو جعلنا البينة أعم من مثل حكم العقل بالأصل الأولي سقطت الدلالة.(6)

وقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»(7) بضميمة أن العقلاء لا يحتمل عندهم الوجوب.

ص: 338


1- سورة الاسراء : 15
2- في (ك): الآجل
3- فيكون مفادها الإخبار بوقوع التعذيب سابقاً بعد البعث، فتختص بالعذاب الدنيوي الواقع في الأمم السابقة
4- سورة الانفال: 42
5- تقرير الدلالة بوجهين أحدهما أن لازم الآية الشريفة بمنطوقها دالة على الهلكة عند البينة، وبمفهومها على عدم الهلكة إذا لم تكن بينة، فنقول: هذا الشخص ممن لم يصل إليه بينة، وكل من كان كذلك لم يكن هالكاً لمفهوم الآية. وثانيهما: ان منطوق الآية يثبت المطلوب؛ لأن لفظة (من) مفيدة للعموم وإن لم يكن واقعة موقع الشرط ومتعقبة بالفاء، فهي في المقام مفيدة للعموم، فالمعنى أن كلّ من هلك هلك عن بينة، فنقول: هذا الشخص لم يصل إليه بينة فلا يكون هالكاً؛ لمنطوق الآية
6- إذ الكلام في البراءة الشرعية وليس العقلية
7- سورة البقرة: 286

وقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا»(1) أي: ما أقدرها (2)أو أعلمها.

صلى وإلى النصوص منها قوله صلی الله علیه و آله وسلم: «ما حجب الله تعالى علمه عن العباد فهو موضوع عنهم».(3)

ولو قيل: إنها ضعيفة، وإنها واحد(4)، والمسألة أصولية (5)، وإن العباد في الشرط جمع محلّى باللام يفيد العموم(6)، فلا يترتب الجزاء (7)الا مع جهل كل العباد (8)، وان المشكوك فيه يحتمل أن لا يكون مما حجبه الله عن العباد، بورود بيان لم يصل(9) إلينا.

قلنا: إن الضعف منجبر بالعمل، وإن الضعف لا الضعف لا يقدح بعد ضمّ النصوص بعضها إلى بعض، وحصول القطع من المجموع فيتم وإن كانت المسألة أصولية، مع أنها فرعية، وأن الجزاء متضمن للضمير الراجع إلى العام(10)، فيقتضي التوزيع (11)، بل العرف يفهم إرادة جنس المفرد (12)، بل لا فائدة في النص إن أريد المعنى الذي ذكرت

ص: 339


1- سورة الطلاق: 7
2- (ها) ليست في (ك)
3- التوحيد للصدوق : 401 ، الكافي للكليني: 1/ 215 ولفظة (علمه) غير موجودة في رواية الكليني
4- في (ك، م): آحاد
5- كما عن صاحب الحدائق : 49/1
6- (العموم) ليست في (م)
7- (الجزاء) ليست في (م)
8- كما عن المحدث الميرزا علي العلوي في سبيكة اللجين: 128
9- في (ك): يوصل
10- في (ك) : العباد
11- فهو من قبيل قولك: (إن جاءك العلماء فأكرمهم)، فيجب إكرام كل واحد بمجيئه، ولا يتوقف إكرام البعض حينئذٍ على مجيء الكل
12- فى (ك) : المعروف

وأن(1) البيان المشكوك مدفوع بالأصل، بل(2) المتبادر الوضع مع عدم العلم لا العلم بالعدم، بل لولا ذلك لخلا النص عن الفائدة

ولو قيل: إن الموصول في الشرط: إمّا كناية عن الشبهة الحكمية، أو الموضوعية، أو الأعمّ؛ وعلى التقادير: إما يعمّ التكليفية وغيرها، أو يختص بالأول.(3)

ولا يمكن العمل بظاهر النص على شيء من الاحتمالات؛ إذ نفس الحكم المشكوك لا يمكن رفعه في نفس الأمر ؛ لأنا لا (4) نقول بالتصويب، ولا باختلاف الأحكام الواقعية بالعلم والجهل، ونفس الموضوع المشكوك أيضاً لا يمكن وضعه(5)، فلا مفرّ من ارتكاب خلاف الظاهر، وهو متعدّد.(6)

قلت - بعد عدم إمكان الأخذ بظاهر النص - : أقرب الاحتمالات عرفاً كون اد بالموصول الشبهة الحكمية التكليفية، وبالوضع الوضع في مرحلة(7)الظاهر لا نفس الأمر.

ومنها قوله صلی الله علیه و آله وسلم «رفع عن أمتي تسعة»، وعد منها «ما لا يعلمون»(8)، ولو قيل: إن الأمة المضافة تفيد العموم الاستغراقي، والإضافة هنا - سيما بملاحظة ان المقام مقام الامتنان - تفيد الاختصاص، وحينئذ(9) فإن أبقيت النص على ظاهره لزم الكذب

ص: 340


1- في (ك): مع أن
2- (بل) ليست في (ك)
3- في (م): بالأولى
4- (لا) ليست في (ك)
5- (وضعه) ليست في (م)
6- أي: إذا تنازلنا عن ظاهر الرواية فسنكون أمام احتمالات متعددة
7- (في مرحلة) ليست في (ك)
8- الخصال : 417 ، التوحيد : 344
9- (وحينئذ) ليست في (ك).

في المنطوق(1)، أو أضمرت المؤاخذة لزم الكذب في المفهوم (2)؛ لحكم العقل بأن الأمم السابقة ما (3) كلفوا بما لا يطاق.

قلت: بعد دوران الأمر بين المحذورين لابد من (4)إضمار المؤاخذة إما من رفع اليد عن المفهوم، أو تقييده بما إذا كانت التسعة مسببة من اختيار المكلف(5)، أو (6)حمل التسعة المنفية في المفهوم على سلب العموم لا عموم السلب، وعلى التقادير الثلاثة يتم الاستدلال.

وإما مع عدم إضمار (المؤاخذة) فلا بد من حمل الأمة على المجموع من حيث هي، فيكون المعنى إن هذه التسعة بأعيانها مرفوعة عن أمتي؛ لوجود المعصوم علیهم السلام فيهم، وهو مجاز مستلزم لتقييد المفهوم أيضا؛ إذ المعصوم كان في سائر الأمم وإن لم يكن بالفعل، لكن الرواية حينئذ لا ربط لها بما نحن فيه.

ففي كل من تلك التوجيهات الأربعة يلزم ارتكاب خلاف ظاهرين(7)، لكن الأقرب عرفاً بحكم التبادر إضمار المؤاخذة، فيتم الدليل.

ص: 341


1- لوجود ما لا يعلم للامة كثيراً فحينئذ لا بد من التصرف بظاهرها اما بتقدير (المؤاخذة) أو التجوز في (الأمة) بالحمل على العموم المجموعي كما سياتي منه
2- (في المفهوم) ليست في (م)
3- (ما) ليست في (ك)
4- في (م): مع
5- تقريبه : ان التسعة المذكورة قد تكون مسببة عن المكلف نفسه وباختياره، وقد لا تكون كذلك، والمراد من مفهوم الرواية اختصاص الامة برفع المذكورات وإن كانت مسببة عن المكلف،بخلاف سائر الأمم فانه لم يرتفع عنهم ما كان السبب فيه انفسهم بل ما لم يكن باختيارهم.
6- في (ك) : و
7- في :(م) الظاهرين

مضافاً في الأخير إلى أن(1) الإكراه الغير الرافع للقدرة ليس منتفياً عن المعصوم علیه السلام،وأنه لو كان المراد ذلك لم يختص بتلك التسعة، فالكذب أيضاً مرفوع مثلاً.

ولو أورد الخصم بعض الإيرادات السابقة في الخبر الأول، لجرى الجواب السابق.

ومنها قوله علیه السلام: «الناس في سعة ما لم يعلموا»(2)، (وما زمانية بحكم التبادر، لا موصوفة، ولا موصولة.

ولو قيل: إن حذف المتعلق يفيد العموم، فالمعنى مالم يعلموا)(3) شيئاً.(4)

قلنا: إنما يفيد الحذف العموم إذا لم يكن في البين أظهر، والظاهر عرفاً هنا أن الناس في سعة من كل شيء مالم يعلموا ذلك الشيء.

ومنها قوله علیه السلام: «كل شيء مطلق(5)حتى يرد فيه نص»(6)، (فنقول: هذا مما السلام: يرد فيه نص )(7) بالفرض، أو بالأصل(8)، وكل ما كان كذلك فهو مطلق، والمتبادر منه النص المعتبر.

ص: 342


1- (ان) ليست في (م)
2- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 424/1، وفي الكافي للكليني: 311/6: «هم في سعة حتى يعلموا»
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- وبعبارة :أوضح: يكون المعنى ان الناس في سعة ما دام لم يعلموا شيئاً كالمجنون والبعيد عن الإسلام سنخاً، وأما من علم بعض الأشياء فلا سعة أصلاً له
5- (مطلق) ليست في (م)
6- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 44/2
7- ما بين القوسين ليست في (ك)
8- أي أصالة عدم ورود النص في نفس الأمر

وأما ما تعارض(1) فيه نصان معتبران، فيتم الأمر فيه بالإجماع المركب، أو بأن الظاهر منه العلم بورود النص المقيّد لا مطلقاً .

(ولو قيل: إن قلب الإجماع ممكن.

فنقول: إن مقتضى المفهوم أن ما تعارض فيه النصان ليس مطلقاً)(2)، ويتمّ الأمر في غيره بالإجماع المركب.

قلنا: نمنع ظهور الرواية في مطلق النص(3)أعم من المقيّد وغيره، وإن لم ندع ظهورها في النص المقيد مع أن المنطوق نص في شموله لما لا نص فيه، والمفهوم ظاهر في شموله لما تعارض فيه النصّان؛ لاحتمال اندراجه في المنطوق، فضميمتنا أقوى من جهتين(4): من جهة أنه منطوق، وأنه نص، بل من جهة اعتضاده أيضاً بما مرَّ من العمل والأخبار والآيات.(5)

وفي طريق آخر (6): «حتى يرد فيه أمر أو نهي» (7) والاستدلال به أيضاً ظاهر.

وفي طريق ثالث «حتى يرد فيه نهي»(8)، وعليه يتم (الاستدلال أيضاً في الشبهة الوجوبية(9) ؛ لأن المشكوك فيه لو كان واجباً كان تركه منهياً عنه، فتركه مطلق ما لم يرد

ص: 343


1- في (ك) واما التعارض
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- (النص) ليست في (ك)
4- (من جهتين) ليست في (م)
5- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 510
6- في (ك) اخرى
7- أمالي الشيخ الطوسي : 669 ، ولفظه : «الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي»
8- من لا يحضره الفقيه: 1/ 273
9- إذ يظهر من بعضهم كالشيخ الأعظم في فرائد الأصول : 467/1 اختصاصه بالشبهة التحريمية

نهي).(1)

والأخبار بهذه المضامين كثيرة، يحصل من مجموعها - سيما بملاحظة الأدلة الأخر - القطع بحجية البراءة، ولا أقل من الظن، والمسألة فرعية.

ص: 344


1- ما بين القوسين ليست في (ك)

[أدلة الاحتياط]

فإن قلت: إن أصالة البراءة وأدلتها معلقة على عدم العثور على دليل الاحتياط، وهو موجود.

لقول أبي الحسن علیه السلام: «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها»(1) . الحديث، وهو واضح الدلالة على وجوب الوقف فيما لا يعلم.

قلنا: إن مقتضاه الوقف عند الإفتاء حتى يعلم لا عدم العمل حتى يعلم ومحل الكلام العمل لا الفتوى.

ولو تمسك بمركب الإجماع (2)(3)القلبناه لقلبناه(4)(5)، وضميمتنا أقوى، ولا أقل من التساوي ،والتساقط، مع أن مقتضاه بحكم التعليل الوارد فيه الوقف قبل الفحص، ونحن نعمل بالبراءة بعده، فلا تعارض بينه وبين دليل البراءة، ولا أقل من الاحتمال المسقط للاستدلال، مع أن مشكوك الوجوب مما علمنا بكون حكمه الظاهري البراءة؛ للأدلة المتقدمة، فلا يدخل في صغرى «ما لا تعلمون»، مع أن المراد من قوله علیه السلام: «إذا جاءكم ما لا تعلمون»(6) (ان كان ما لا تعلمون)(7) حكمه الظاهري والواقعي معاً، أو حكمه مطلقاً واقعياً (8) أم ظاهرياً، فمشكوك الوجوب ليس كذلك؛ إذ حكمه

ص: 345


1- المحاسن: 142
2- بأن يقال: لا قائل بالفصل بين الإفتاء والعمل، فكذلك من أوجب الاحتياط في الإفتاء أوجبه في مقام العمل أيضاً
3- في (ك): هنا (أصل)
4- (القلبناه) ليست في (ك)
5- فنقول : لا يجب الاحتياط عند العمل؛ لما مرَّ من الأدلة، فلا يجب عند الإفتاء أيضاً
6- ما بين القوسين ليست في (ك)
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- (واقعيا) ليست في (م)

الظاهري معلوم بأدلة البراءة، أو حكمه الواقعي فقط، فإن كان المراد الوقف بحسب الواقع، فنحن نقول به، أو بحسب الظاهر أيضاً، فلا يقول به الفريقان، مع أن الرواية ضعيفة غير مجبورة، ومعارضة بأقوى منها.

وان تمسك الخصم بقول علي علیه السلام: «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت».(1)

ففيه : انه بعد ملاحظة دلالته على التخيير في الاحتياط كماً، وكون ذلك خلاف الإجماع، محمول على حسن الاحتياط، بل نحن نقول بالاحتياط(2) في الشبهة الوجوبية عند دوران الأمر بين المتباينين، فقد عملنا بهذا الخبر في الجملة؛ لأنه خير بحسب الكم، مع الجواب الأخير في الخبر السابق.

أو بالحديث: «لك أن تأخذ بالجزم والحائط لدينك»(3)، والجزم هو الاحتياط.

ففيه بعد الوجه الأخير في سابقه إنه دلّ على جواز الاحتياط (لا وجوبه.

أو بقوله علیه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(4)، ونحوه من(5) أخبار الاحتياط)(6)، فالانصاف فيها وفيما سبق من أخبار الاحتياط - الا الأولى منها - الورود على البراءة، لكن لا تقاوم أدلتها من جهة كون المشهور معرضين عنها، فالأصح البراءة المطلقة.

ص: 346


1- أمالي الشيخ الطوسي: 110
2- في (ك): الاحتياط
3- لا توجد رواية بهذا اللفظ، ولعله أراد رواية التهذيب : 228/2 ، والتي جاء في ذيلها: «أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحايطة لدينك»
4- كنز الفوائد: 351/1
5- (من) ليست في (م)
6- ما بين القوسين ليست في (ك)

أصل [في دوران الأمر بين الوجوب والندب والإباحة]

إذا دار الأمر بين الوجوب والندب والإباحة، فالحال ما سبق في الأصل السابق من البراءة نعم لا باس من الحكم بالندب؛ للتسامح.

أو بين الوجوب والندب، بحيث قطعنا بعدم الثالث، ففي الحكم بالوجوب كما عن طائفة، وفيهم من قال بالبراءة فيما سبق(1)، أو الرجوع إلى الأصل بعد طرح الاحتمالين (2)، أو التخيير البدوي(3)(4) ، أقوال والأقوى الندب الظاهري.(5)

لنا على نفي الوجوب الظاهري: ذهاب المعظم(6)، و(7) إطلاق منقول(8) الإجماع(9) ، ،(9) ، وغلبة عدم الوجوب في المطلوبات الشّرعيّة، عكس المطلوبات العرفية، وكذا بناء العقلاء فيها على الوجوب، وقبح التكليف بلا بيان، والآيات والأخبار المتقدّمة النافية للتكليف عند عدم العلم .

ولو قيل: خبر العلاج حاكم بالتخيير بين النصين المتعارضين عند فقد المرجّح

ص: 347


1- كصاحب الحدائق: 1/ 69
2- ينظر : مطارح الأنظار للأنصاري : 3/ 348
3- في (ك): إلى بدوي
4- حكاه جماعة - منهم المصنف في الضوابط : 186/5 - عن السيد صاحب الرياض
5- كما اختاره صاحب الفصول : 356 ، وحكاه الاسترابادي في الفوائد المدنية : 346 عن جمع من المتأخرين
6- كما تقدم في الأصل السابق
7- في (ك): أو
8- في (ك): المنقول
9- ينظر: الفوائد الحائرية للبهبهاني: 240 ، زهر الربيع : 314 ، الوسائل باب وجوب التوقف والاحتياط : 27 / 163 ، الحدائق: 43/1

وتوهم أن شهرة القول بالندب هنا مرجّحة؛ للأمر فيه بأخذ ما اشتهر .

مدفوع بأن مورده شهرة الرواية لا الفتوى، ولا عموم فيه، مع أن في كل واقعة لم يثبت الشهرة على الندب لا رواية ولا فتوى.

قلنا: إن الرواية أخص من المدعى؛ لأنها لا تشمل ما لا نص فيه (1)، وان تمسكت بمركب الإجماع(2) أمكن قلبه(3)، مضافاً إلى أن النسبة بينها وبين ما نفى التكليف - عند عدم البيان - عموم من ،وجه تفترقان فيما لا نص فيه، وفيما تعارض فيه نصان أحدهما يأمر(4) والآخر ينهى، ومادة الاجتماع ما نحن فيه إذا تعارض فيه نصان، وبعض المرجحات المتقدمة معنا.(5)

وإلى أن التخيير بين الدليلين مسألة أصولية، لا يعمل فيها بالآحاد، سيما مع (6) عدم حصول الظن منها؛ لكثرة الخلاف بين الأخبار العلاجية، وإلى منع انصرافها إلى نصين يحكم أحدهما بالوجوب والآخر بالندب.

وعلى إثبات الندب(7) الظاهري - بعد نفي الوجوب - ذهاب المعظم(8) ، وبناء

ص: 348


1- بل تختص بتعارض النصين
2- بأن تعديت إلى ما لانص فيه
3- فنثبت عدم الوجوب فيما لا نص فيه
4- (يأمر) ليست في (ك)
5- كالشهرة والإجماع المنقول المطلق
6- (مع) ليست في (م)
7- (الندب) ليست في (م)
8- كما تقدم في الأصل السابق

العقلاء، وخبر التسامح(1) ، بل الأولوية بالنسبة إلى التسامح في محتمل الندب(2) وإن لم يكن نصّ، وانّ (3) المطلوبية ثابتة من(4) اتفاق الأمارتين، والمنع عن الترك منتف بحسب(5) الظاهر لما مرَّ (6) ، فتعيّن تحقق الطلب في ضمن فصل الندب الظاهري، بعد

مقدمة ثالثة وهي أن كل مطلوب واقعي مطلوب ظاهري، فتأمل

ص: 349


1- وهي مجموعة من الروايات اشتهر التعبير عنها بروايات (من بلغ) ، وقد عقد لها الشيخ الكليني باباً في الكافي: 93/2 ، منها رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال: «من سمع الثواب على شيء فصنعه، كان له، وإن لم يكن على ما بلغه»
2- (الندب) ليست في (ك)
3- (ان) ليست في (ك)
4- في (ك، م): مع
5- (بحسب) ليست في (ك)
6- من قبح المنع من الترك بلا بيان

أصل [في الشبهة الوجوبية ودوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين مع كون الشبهة مرادية]

اشارة

أصل(1)

اذا علمنا(2) في الشبهة الوجوبية بالتكليف إجمالاً، و(3) دار الأمر بين الأقل والأكثر، وكانا ارتباطيين، وكانت الشبهة مرادية، وكان إتيان الأكثر قدراً متيقناً في الامتثال، فقيل فيه بالبراءة (4) ، وقيل بوجوب الاحتياط.(5)

[تحرير محل النزاع]

وإطلاق كلامهم يشمل ما إذا كان المشكوك فيه مما يعلم أنه على فرض الوجوب جزء غير ركن، أو جزء ركني، أو يشك فيه من وجهين، وعليه يحصل التناقض بين خلافهم هنا، ووفاقهم في بحث الصحيح والأعمّ.

على أنه لو شك في ركنية شيء للصلاة مثلاً، كان الأصل مقتضاه الركنية، إلّا أن يكون النزاع هناك مختصاً بالمحتاطين في هذه المسألة، لكن لازمه أن لا يقول أحد(6) من الصحيحيين بالبراءة، مع أن القول (موجود بملاحظة ضمّ الشهرتين؛ إذ عن المشهور هناك القول بالصحة)(7)، وهنا المشهور هو القول بالبراءة.(8)

ص: 350


1- (أصل ) ليست في (ك)
2- في (ك): علم
3- الواو ليست في (ك)
4- وهو المشهور بين الخاصة والعامة كما عن الشيخ الأعظم في الفرائد: 82/2
5- ذهب إليه المحقق السبزواري في الذخيرة: 273 ، والسيد المجاهد في مفاتيح الأصول: 528
6- (أحد) ليست في (ك)
7- ما بين القوسين ليست في (م)
8- ينظر فرائد الأصول للأنصاري: 2/ 101

قلت: إلّا ان تكون الشهرة هناك من المتنازعين هناك لا من كل العلماء، مع إمكان منع الوفاق هناك على الركنية، بل الظاهر وفاقهم على عدم جريان أصالة عدم الركنية المسببة من الإطلاق؛ لإجمال اللفظ حينئذ (1) عند الفريقين، لا عدم جريان الأصل العملي.

وقد يجاب بوجوه أخر ليس شيء منها بشيء.

[تأسيس الأصل]

ثم مقتضى القواعد في القسم الأول القول بالاحتياط؛ لاستصحاب بقاء الأمر لو لم يات بالأكثر ، وان أتى بالأقل.(2)

ولو قيل في دفع جريان الاستصحاب إن المستصحب إن كان هو الأكثر، أو الأمر النفس الأمري، فلا يقين بتعلق التكليف بهما في زمان حتى(3)يستصحب، أو الأقل فقد أتى به، وفي دفع حجيته بأن الشك في المقتضي، أو في قدح العارض، و(4) ليس الاستصحاب فيه حجة، وفي دفع سلامته عن المعارض بمعارضته باستصحاب عدم الأمر بالجزء المشكوك.

قلنا: إن اشتراكنا مع الحاضر حتى فيما علم المأمور به إجمالاً معلوم، ولا أقل من الشك في الاشتراك؛ إذ لا دليل على عدمه أيضاً، بل بقاء الأمر بالأقل أيضاً مشكوك؛ لمكان (5) الارتباط فيستصحب، وان الاستصحاب حجة سواء كان الشك في المقتضي أو المانع بأقسامه، كما سيجيء إن شاء الله تعالى.

ص: 351


1- (حينئذ) ليست في (ك)
2- كما ذهب إليه صاحب هداية المسترشدين: 3/ 565
3- (حتى) ليست في (ك)
4- الواو ليست في (ك)
5- في (ك) : لما كان

وإن الأغلب في الجزء المشكوك كون الشك في الحادث(1)، مع مع أن اعتبار الاستصحاب في التبعيات أول الكلام ، بل هذا الاستصحاب لا يكافئ الاستصحاب السابق؛ لأنه مثبت(2)، ومتبوع.(3)

ولقاعدة الاشتغال؛ إذ الشك في بقاء التكليف لا في أصله، و(4)الدليل على نفس القاعدة - بعد تحقق صغراها - الإجماع، وبناء العقلاء، (والقوة العاقلة.

ولبناء العقلاء)(5)على الاحتياط فيما إذا شك في الجزئية، ولاخبار الاحتياط المنجبرة هنا - لو كانت ضعيفة - بما مر (6)، ولا بأس بدوران الأمر فيها(7) بين التخصيص وارتكاب المجاز (8) الشائع وهو الندب، وكون هذا التخصيص تخصيصاً للأكثر ؛ لفهم العرف تقديم الأول إذا بقي من الأفراد تحت العام ما يعتمد به، مع إمكان منع كون ذلك من تخصيص الأكثر (9)، ولقاعدة دفع الضرر، وقاعدة المقدمية .(10)

ولو قيل: إن الاحتياط عسر ؛ للزوم قصد الوجه(11)، أو لكثرة الشبهات، مع

ص: 352


1- لدوران الأمر بين الوجوب والاستحباب كالسورة فلا يجري أصالة عدم الأمر بهذا الجزء؛ لأن الأمر يقيني، لكن لا يعلم انه وجوب أم ندبي
2- والمشهور بين العلماء تقديم المثبت على النافي
3- واستصحاب المتبوع مقدم وان عارضه ألف استصحاب في التابع
4- في (ك): أو
5- ما بين القوسين ليست في (ك)
6- من بناء العقلاء والاستصحاب وأصالة الاشتغال
7- (فيها) ليست في (م)
8- (المجاز) ليست في (ك)
9- ينظر: ضوابط الأصول للمصنف: 212/5
10- بناء على ما اختاره المصنف من استحقاق تارك المقدمة العقاب على الترك الحكمي لذي المقدمة
11- وهو مستلزم لتكرار العبادات المؤدي للعسر والحرج الشديدين

أن الغالب في المطلوبات الشرعية عدم الوجوب، مع (1) قبح الأمر بالمركب المجعول للآمر الا بعد بيان الأجزاء المجعولة، مع استصحاب صحة الصلاة مثلا بعد ترك الجزء المشكوك، مع الأخبار المتقدمة الدالة على أن «الناس في سعة ما لم يعلموا».(2)

قلت: لا شكّ في عدم وجوب قصد الوجه(3)، (مع ان قصد الوجه)(4) الظاهري كاف، ولا نسلّم كثرة المشتبهات بعد القول بالظن المطلق(5)(6)، والغلبة المذكورة في أجزاء الماهيات(7) ممنوعة، والقبح المذكور مسلّم ممنوعة، والقبح المذكور مسلم عند الإجمال الذاتي لا العرضي واستصحاب الصحة إن كان في المشكوك فيه البدوي فلا جريان له مطلقاً (8)، أو (9) الأثنائي، فإن كان قبل الدخول في العمل، أو قبل تجاوز محل المشكوك فيه، فلا شك في الصحة؛ فلا استصحاب، أو بعد تجاوز محله كما لوشك في جزئية السورة بعد تركها، والانحناء إلى الركوع(10)، فإن كان الانحناء إلى الركوع تاركاً للسورة عن سهو، فلا شك في الصحة حتى تستصحب؛ إذ المفروض أن الجزء ليس ركناً .

ص: 353


1- في (ك): من
2- عوالي اللآلئ لابن أبي جمهور : 424/1 ، وفي الكافي للكليني : 311/6: «هم في سعة يعلموا»
3- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 129
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- (المطلق) ليست في (ك)
6- بناء على القول بالانسداد الأغلبي.
7- فى (ك) : المشتبهات
8- سواء اكان الشك بدوياً أيضاً كما لو شك قبل الشروع في الصلاة في اشتراط ستر العورة أم أثنائياً كأن يبني من شك في وجوب تكبيرة الأحرام على الاحتياط وكبّر فدخل في الصلاة ثم شك في الاثناء في لزوم الاحتياط فظن الشك في أصل التكبيرة أيضاً
9- في (م): و
10- في (ك): الرجوع

أو عن اعتقاد بعدم الوجوب اجتهاداً أو تقليداً فكذلك؛ لقاعدة الأجزاء في الأوامر الشرعية، أو بالوجوب فتبطل صلاته بنفس الانحناء، أو عن شك فكيف ينحني إلى الركوع وهو شاك في شرعيته، وأدلة الاحتياط(1) حين شكه سليمة عن المعارض، فتفسد بنفس الانحناء أيضاً، فتأمل.

وأخبار البراءة لا تنصرف إلى المعلوم بالإجمال، ولو سلم الانصراف، فالنسبة بينها وبين أخبار الاحتياط عموم من وجه؛ لأن أخبار البراءة تشمل ما دار الأمر فيه بين المحذورين وأخبار الاحتياط الشبهة الموضوعية، و(2) في مادة الاجتماع لو لم تترجح أخبار الاحتياط؛ للاعتضاد بما مرَّ ، فلا أقل من التساقط والرجوع إلى أصالة الحظر.

هذا، وللخصم إثبات البراءة تمسكاً بأصالة عدم البيان فيما دار الأمر فيه بين كون المشكوك جزءاً واجباً أو مباحاً، ولم نجد مفصلاً .

أو باستصحاب(3) الصحة، أو الأمر بالاتمام إذا كان المشكوك فيه مما دار الأمر فيه بين كونه جزءاً ركنياً أم غير جزء، ولا يعارضهما استصحاب الأمر بالصلاة؛ إما لكونه مزالاً، أو لأنه قبل إتمام الصلاة لا شك في بقاء الأمر، فتأمل.

ومما مرَّ ظهر حكم صور الشك في الجزئية بأقسامها الثلاثة، وحكم ما لو علمنا بالجزئية وشككنا في الركنية، وحكم الشك في الشرطية.

ص: 354


1- العبارة في (ك) : وهو شاك في شرعية أدلة الاحتياط
2- الواو ليست في (ك)
3- في (ك) : استصحاب

أصل [في الشك في النفسية والغيرية]

إذا علمنا بوجوب شيء في العبادة وشككنا في نفسيته وغيريته(1)، فالأصل الأخير، إما للعمل بأصالة البراءة والاشتغال(2) أو لتعارض(3) أصلي البراءة وسلامة الاشتغال عن المعارض.(4)

ومنه يعلم الأصل فيما لو علمنا بوجوب شيء في أثناء العبادة نفساً، وشككنا في وجوبه الغيري، أو علمنا بوجوب شيء للغير، وشككنا في وجوبه النفسي.

وأما لو علمنا بأن الشيء واجب ،غيري أي مقدّمي، وشككنا في أنه جزء العبادة، أم شرط ،عبادي ، أم شرط معاملي، فقد يدور الأمر بين الأول والثاني، أو بين الأول والثالث، أو بين الثاني والثالث، أو بين الثلاثة، فهل هنا أصل يرجع إليه في مقام التمييز ، أم لا أصل في البين، أم الأصل يختلف بحسب المقامات، وجوه.

[ثمرة المسألة]

وربما تظهر الثمرة في مسألة الصحيح والأعمّ، ومقدمة الواجب، والنذر، وفي اشتراط نية التقرب، والمباشرة النفسية، والاتيان على الوجه المباح، ونحو ذلك، والغالب حصول التميّز بمراجعة العرف.(5)

ص: 355


1- بالمعنى الأعم الشامل للشرطية والجزئية
2- أي: أصالة عدم استحقاق العقاب على ترك ذلك الشيء مستقلاً كما هو لازم كون وجوبه نفسيّاً - ولأصالة الاشتغال بالنسبة إلى الشيء الذي شككنا في كون ذلك الشيء مقدمة له
3- في (ك): تعارض
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 227/5
5- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 228/5

أصل [في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين مع كون الشبهة مرادية]

اذا علمنا بالتكليف في الواقعة إجمالاً، ودار الأمر بين الأقل والأكثر ، وكانااستقلاليين ،وكانت الشبهة مرادية، سواء حصلت الشبهة من تعارض(1) الدليلين كما يتفق في منزوحات البئر، بناء على وجوب النزح تعبداً، أو(2)من إجمال(3)الدليل، كالأمر بإخراج صاع للفطرة، ولم نعلم أنه تسعة أرطال أم ستة، أو من(4) تعارض المتباينين صورة، والأقل والأكثر معنى، فهل الأصل حينئذ الاحتياط(5) أم البراءة؟ وجهان، أقواهما الأخير؛ لأن الأصل عدم تعلق التكليف بالزائد، مضافاً إلى جملة مما مر(6)سابقاً من الأدلة.

وأما المقتضي للاحتياط فإن كان الاشتغال

ففيه: أنه إن أريد الاشتغال بالأقل، فقد أتى به وأمتثل، أو (7)بالأكثر، أو الأمر النفس الأمري، فلم يثبت من الأول، أو الاستصحاب فكذلك، أو بناء العقلاء فهو غير ثابت لو لم يكن على الخلاف أو أخبار الاحتياط فلا جابر لها هنا.

ص: 356


1- في (م): التعارض
2- في (ك) : و
3- في (ك) : الإجمال
4- (من) ليست في (ك)
5- في (ك) : في الاحتياط
6- في (ك) : ما مر
7- في (ك): و

أصل [في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة مرادية]

اذا علمنا بالتكليف في الواقعة إجمالاً، ودار الأمر بين المتباينين، وكانت الشبهة مرادية، وكان الجمع محصلاً للامتثال قطعاً، فهل الأصل الاحتياط بالجمع، كما لو دار الأمر بين القصر والتمام، أو الظهر والجمعة مثلاً، أم البراءة بالتخيير في إتيان أيهما شاء؟، وجهان.

وأما احتمال(1) القرعة، أو طرح الأمرين أو تعيين أحدهما بلا معين، فبين الفساد.(2)

وأظهر الوجهين وجوب الاحتياط بالجمع(3) للاستصحاب ، وأصل الشغل وبناء العقلاء، ولزوم دفع الضرر المحتمل، وأخبار الاحتياط المنجبرة هنا بذهاب(4) الأكثر، وبما ذكر ، مضافاً إلى لزوم المخالفة القطعية على الأخير، أي: التخيير من حيث الحكم الواقعي مطلقاً، ومن حيث العمل أيضاً إن قلنا بالتخيير الاستمراري.

وأما نحن فلا نقول بوجوبهما معاً أصالة، بل بوجوب الواحد المجمل الواقعي المستلزم للجمع، من باب المقدمة.

ولو لم يتمكن المكلف الا من أحد الفردين في تمام الوقت، فعلى المختار لا شيء عليه ؛ للبراءة(5)، وعلى البراءة أتى بالممكن.

ص: 357


1- (احتمال) ليست في (ك).
2- أما القرعة فلعدم تمامية دليلها وشمولها للمورد، وأما طرح الأمرين فمخالف للإجماع
3- خالف في ذلك المحقق الخوانساري على ما حكاه عنه الشيخ الأنصاري في الفرائد: 59/2، والمحقق القمي في القوانين: 85/3
4- في (ك) : ذهاب
5- وذلك لرجوع الشك حينئذ إلى التكليف الصرف؛ لاحتمال كون المكلف به الواحد المجمل المعين في نفس الأمر وكان الفرد الغير المتمكن فيه هو ذلك الواحد فلا يكون مكلّفا في الواقع؛ لعدم القدرة عليه، فإذا كان الشك في التكليف يرجع إلى البراءة

ولو تمسّك الخصم بأخبار البراءة، أو أخبار التخيير في تعارض النصين، فالجواب عنهما ظاهر من وجوه (1)، ولا فرق فيما ذكر بين حصول الشبهة من تعارض الدليلين، أو إجمال الدليل.

أصل [في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية]

إذا علمنا بالتكليف إجمالاً، ودار الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية، كما لو علم أن عليه فوائت لا يعلم كميتها، أو عليه ديناً لا يعلم مقداره، فهل يرجع إلى القرعة، أو إلى(2) الشغل، فيأتي بالمشكوك إلى أن يعلم البراءة، أو يظن بها(3)ان قلنا بحجية الظن (4) في الموضوع الصرف، أو إلى البراءة فيأتي بالمتيقن لا بالمشكوك مطلقاً، أو ما لم يظن بالاشتغال، أو يفصل بين الشك البدوي والطارئ؟، وجوه.(5)

والأصح أنه لا شك في الرجوع إلى البراءة مطلقاً(6)في مثل ما لو استقرض من زيد ديناراً في الوقت المعلوم، ثم شك في أنه استقرض منه ديناراً آخر (في وقت آخر)(7) أم لا، ولا في وجوب الاحتياط فيما إذا علم بأنه كان مديوناً لزيد بعشرة وأدّى بعضاً لا

ص: 358


1- ذكرها المصنف في الضوابط : 237/5
2- (الى) ليست في (م)
3- (بها) ليست في (م)
4- في (م): الطريق
5- بل أقوال ذكرها صاحب مفتاح الكرامة: 678/9
6- أي: وان حصل الظن بالاشتغال. (منه)
7- ما بين القوسين ليست في (ك)

يدري مقداره؛ للاستصحاب .

وأما في مثل ما(1)لو استقرض من زيد مبلغاً في عقد واحد لا يدري مقداره، ونحو ذلك من أمثلة ما نحن فيه، فالأظهر البراءة مطلقاً؛ لأن الألفاظ وإن كانت موضوعة للمعاني النفس الأمرية، لكنها لا تنصرف إلى المشكوك البدوي، وإنما منصرفها المعلوم بالتفصيل أو بالإجمال، وما نحن فيه معلوم في الجملة لا معلوم إجمالاً، والمعلوم في الجملة ينحل إلى معلوم تفصيلي ومشكوك تفصيلي، فيعمل في كل على مقتضاه ، وليس للاحتياط ما يعتمد عليه.(2)

أقول: ولا قرعة بعد ارتفاع الشبهة بالأصل والظن في الموضوع الصرف ليس حجة.

ص: 359


1- (ما) ليست في (ك)
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 253/5

أصل [في دوران الأمر بين المتباينين في الشبهة المصداقية]

اذا دار الأمر بين المتباينين بعد العلم الإجمالي(1)في الشبهة المصداقية، وكان الشك في المكلف به نفسيا، كدوران الفائتة بين كونها صبحاً أم ظهراً، أو غيرياً كاشتباه جهات القبلة، فطرح الأمرين وارتكاب المخالفة القطعية مخالف للإجماع، ولانصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً بحكم (2)العرف، والقرعة لا دليل عليها في مثل المقام والتخيير بين المشتبهين ينا في بناء العقلاء، و(3) أخبار الاحتياط،وما مرَّ من الانصراف إلى المعلوم ولو إجمالاً،والتمسك بأخبار البراءة مدفوع بالقلب(4)، وبالتخصيص بالمجمل بنحو ما يجري في المرادية في مثل الظهر والجمعة، وبمعارضة أخبار الاحتياط، ولزوم الجمع على نهج وحدة العقاب(5) ينافي ما مرَّ في مقدمة الواجب، من أن (6) الترك الحكمي كالحقيقي، فتعيّن (7) وجوب الجمع من باب المقدّمة الشرعية، الموجب للعقاب إذا أتى بأحدهما وترك الآخر، ثم انكشف بعد الوقت كون الماتي به هو الواجب الواقعي.

ص: 360


1- في (ك) : بعد العلم الإجمالي بين المتباينين
2- في (ك) : لا بحكم
3- في (م): في
4- أي بالنقض
5- بأن لا يكون في إتيان أحدهما وإتيان الآخر عقاب إذا كان المأتي به الواجب الواقعي
6- (ان) ليست في (م)
7- في (ك): فيتعين

أصل [في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة في مصداق المكلف]

اذا دار الأمر بين المتباينين، وكان الاشتباه في مصداق المكلّف لا المكلّف به، كواجد المني في ثوبه المشترك، والخنثى المشكل الذي اجتمع معه رجل وامرأة.

فالحق براءة كل منهما عن التكليف؛ لأصالة الطهارة في المسبوق بها، ولأصالة وجوب الوضوء وكفايته، وعدم وجوب الغسل وعدم كفايته في المسبوق بالحدث الأصغر، واستصحاب بقاء الحالة السابقة، مضافاً إلى بناء أهل العقول.

فاندفع استصحاب الأمر بالصلاة المقتضي للاحتياط(1)، واستصحاب الأمر بالطهارة(2)، وأصالة الاشتغال بهما(3)، واستصحاب بقاء الحالة السابقة المانعة عن دخول الصلاة.

أصل [في دوران الأمر في الشبهة التحريمية مع الشك في التكليف]

اذا دار الأمر بين الحرام وغير الواجب، وكان الشك في التكليف؛ لفقد العلم الإجمالي، فالأصل البراءة؛ لأكثر ما مرَّ في الشبهة الوجوبية، وعن الأخباريين الاحتياط(4)، ويظهر ضعف أدلتهم ما مرَّ .

نعم، قد يكون الأصل الحرمة في بعض الموارد الخاصة؛ لأدلة خارجية كما في

ص: 361


1- بالغسل مع الوضوء
2- وهو يحصل إذا جمع بين الغسل والوضوء، لا بالغسل وحده، ولا بالوضوء وحده
3- المقتضية لتحصيل القطع بالامتثال الذي لا يحصل الا بعد الجمع بين الغسل والوضوء
4- يظهر من السيد الصدر الله في شرح الوافية : 254 ، 267) (مخطوط) أن جميع الأخباريين قائلون به، وكذا المحقق القمي في القوانين: 47/3؛ وأما الوحيد البهبهاني فقد نسب إليهم في الفوائد الحائرية : 240 أربعة أقوال التحريم ظاهراً، والتحريم واقعاً، والتوقف، والاحتياط

اللحوم، فلو تولد حيوان من حيوانين أحدهما طاهر محلل كالغنم، والآخر نجس محرم كالكلب، ولا مماثل له من أحد أبويه، ولا من الخارج، فالأصل طهارته(1)؛ لما دلّ على أن(2) «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر»(3) ، ولاستصحاب طهارة ملاقيه، ولأصالة عدم وجوب الاجتناب عنه، وحرمة لحمه؛ لأن أغلب اللحوم محرمة، ولأخبار الاحتياط ، قيل : ولبناء العقلاء.

أقول: وأما التمسّك باستصحاب نجاسته حال منويّته، أو حال ولادته؛ لملاقاة بدن الكلب مثلاً ، أو باستصحاب حرمته حال حياته، أو باستصحاب طهارة حال حياته، فمنظور فيه.(4)

ثم إن كثيراً مما(5) فرضناه في الشبهة (الوجوبية جارية في الشبهة)(6) التحريميّة، يعلم حالها مما سبق، فلاحظ.(7)

ص: 362


1- ينظر: الروضة البهية للشهيد الثاني: 28/1
2- (ان) ليست في (م)
3- هذا مضمون رواية عمار عن الصادق في حديث قال: «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر ..» تهذيب الأحكام: 1/ 295
4- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف:5/ 271
5- في (ك): ما
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- (فلاحظ) ليست في (م)

أصل [في الشبهة التحريمية ودوران الأمر بين المتباينين الشبهة المصداقية]

إذا دار الأمر بين الحرام وغير الواجب، وكانت الشبهة موضوعية، والأمر دائراً بين المتباينين، فإن كانت الشبهة غير محصورة؛ لكون المشتبهات متعذرة الإحاطة أو متعسّرتها، ولو لأجل الهيئة الاجتماعية كجوائز الظلمة، أو لكون المشتبه لقلته كالمعدوم بين المشتبهات، بحيث اضمحل في جنبها ، واستقر سجية العقلاء على عدم التحرز عنها، لم يجب الاجتناب عنها؛ لفقد المقتضي في القسمين الأولين، فإن الخطاب لا ينصرف إلى مثلها(1)، مضافاً إلى الإجماع(2)، وأدلّة نفي العسر، وفي القسم الثالث يجري الدليل الأخير، وفي الأخير العسر ولو لبعض الأشخاص، بعد كون التبعيض في أشخاص المكلفين منفياً بالإجماع، فتأمل.

أو محصورة، وكانت الشبهة غير مزجية كالإناء الطاهر المشتبه بالنجس، والمال الحلال المشتبه بالحرام، فمن جهة الحكم الوضعي يترتب الأثر من ضمان ونجاسة اتفاقاً، بعد العلم - ولو إجمالاً - بالملاقاة والارتكاب . وأما من جهة الحكم التكليفي فيحتمل : جواز ارتكاب الكل - دفعة(3) أو تدريجاً(4)، والقرعة(5)، ووجوب إبقاء مقدار الحرام(6)، واجتناب الكل(7)من باب المقدمة العقلية، أو من باب المقدمة

ص: 363


1- ينظر فرائد الأصول للأنصاري: 46/2
2- روض الجان 599/2 ، جامع المقاصد : 166/2 ، الفوائد الحائرية للبهبهاني: 247، فرائد الأصول للأنصاري: 44/2
3- كما عن المجلسي في كتاب الابعين : 582 والبهبهاني في الفوائد الحائرية : 249
4- كما يظهر من الشيخ الأعظم في الفرائد : 2/ 40
5- كما عن الشهيد الثاني في الروضة: 207/2
6- كما عن المحقق القمي في القوانين: 3/ 67
7- وهو المشهور كما عن الشيخ الأنصاري في الفرائد: 15/2

الشرعية، بحيث يتعدد العقاب على حسب تعدد الارتكاب، وإن انكشف أن ما ارتكبه لم يكن المحرم الواقعي؛ والأخير أظهر.

أما(1)بطلان الأولين؛ فللإجماع، وانصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً، وقوله علیه السلام: «كل شيء فيه حلال وحرام فهو حلال لك حتى تعرف الحرام بعينه»(2) معارض مع حديث التثليث(3)، فيخصص (4) الأول على فرض دلالته بغير المحصورة.

أقول مضافاً إلى الاستقراء وأما القرعة فيدفعها الأصل في ما يمكن فيه الاحتياط كما هنا، مع قصور أدلتها لو صح سندها وتم دلالتها(5) - عن معارضة أخبار الاحتياط في مثل ما نحن فيه.(6)

وأما الرابع فيدفعه الاستصحاب، وقاعدة الاشتغال، والأدلة اللفظية، وأخبار الاحتياط، وخصوص حديث التثليث المعروف بين الخاصة والعامة: «حلال بين، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ الشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم».(7)ولا يمكن حمل الجمع المحلّى فيه على العهد ذهنياً وخارجياً، ولا على الاستغراق الحقيقي؛ إذ لا مورد له حينئذ، فلا

ص: 364


1- في (ك): واما
2- الكافي للكليني : 319/5 بتفاوت يسير
3- في (ك): الثلاث
4- فى (ك) فتخصيص
5- حيث استند إلى ما رواه الشيخ في التهذيب : 42/9 بسنده عن محمد بن عيسى عن الرجل : انه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على شاة؟ قال: «إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبداً حتى يقع السهم بها، فتذبح وتحرق وقد نجت سائرها»
6- (فيه) ليست في (ك)
7- الكافي للكليني : 1/ 122 بتفاوت يسير

بد من حمله : إما على الجنس(1) المفرد، فيكون المراد أن من أخذ بالشبهة ارتكب المحرّم؛ أو على الاستغراق بالمعنى الأعمّ الذي يشمل جميع الشّبهات (والمحرمات في الواقعة الخاصة، فالمعنى: أن من أخذ جميع الشبهات)(2) ولو في الواقعة الخاصة، فقد ارتكب المحرمات كذلك ، لكن الأول أقرب عرفاً، وإن كان المقصود يتم على الوجهين.

فنقول: على الأول(3) منهما يحتمل أن يكون المراد من المحرّم المحرم الظاهري أو الواقعي حقيقة، أو الواقعي مجازاً، والأوسط كذب، والأخير بملاحظة التشبيه مستلزم لتعدد العقاب (كالأول، ويدل على تعدد العقاب)(4) زيادة على ذلك خبر(5)«لا تنقض اليقين بالشك»، وخبر الاحتياط، وأن الترك الحكمي كالحقيقي، كما مرَّ في بحث مقدمة الواجب.

ص: 365


1- في (ك): جنس
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- في (ك): الأقل
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- (خبر) ليست في (م)

أصل [في دوران الأمر بين المحذورين في الشبهة الحكمية]

أصل(1)

إذا دار الأمر بعد العلم الإجمالي بين الواجب والحرام، وكانت الشبهة مرادية، كدوران الأمر بين وجوب السجدة وحرمتها بعد قراءة العزيمة في الفريضة، احتمل طرح الأمرين (2)، ويدفعه ظهور الإجماع، وأدلة الاشتراك.

وتقديم جانب الحرمة(3)؛ لأن دفع المضرة أولى من جلب(4)المنفعة، ويدفعه أن في ترك الواجب أيضاً مفسدة، وأن جلب المنفعة قد يترجح على دفع المفسدة، فلا يتم الإطلاق.

والقرعة(5)، ويدفعها ظهور الإجماع على خلافها، وأخبار العلاج الدالة على التخيير في تعارض النصين.

والتخيير الاستمراري، ويدفعه أصل الشغل(6)، والاستصحاب (7)، وظهور الإجماع على عدمه، وظاهر خبر التخيير، فإنّ ظاهره الخيار بدواً لا استمراراً، مع لزوم

ص: 366


1- (أصل) ليست في (ك)
2- والرجوع إلى الأصل، نظرا إلى على عدم الدليل على التلازم بين الواقع والظاهر. حكاه المصنف في الضوابط :5/ 287 عن بعض الأصحاب في بحث الإجماع المركب
3- كما عليه الآمدي في الإحكام: 470/4
4- في (م) جانب.
5- لا يوجد قائل به، وإنما ذكره المصنف احتمالاً
6- فانها تقتضي التخيير البدوي، والعمل في كل وقت بما اختاره أولاً
7- للحكم الفرعي الذي اختاره أولاً ، فانه كان ثابتاً في ذمته قبل تجدد رأيه، وبعده يستصحب وجوب الأخذ بما اختاره أولاً؛ إذ لا شبهة في لزوم الأخذ بما أخذه أولاً في بدو الأمر ما دام كونه باقياً على الاختيار السابق، وبعد ارتفاع ذلك الاختيار وحدوث اختيار الأخذ بمضمون الآخر وقع الشكّ في بقاء ذلك اللزوم الأوّلي وارتفاعه، والأصل البقاء.

المخالفة(1) القطعية، إلا أن يعارض بالموافقة القطعية، وأما التمسك باستصحاب التخيير، فهو فرع جريانه، ولا يجري(2)، فتأمل.

فيتعين التخيير البدوي

وهل المجتهد(3)حينئذ يفتي بالتخيير، كما في أمارتي المقلد، أو بالمختار؟، وجهان.

ويحتمل خياره بين الأمرين، كما هو الأصل (4)، لكن الأظهر الأول؛ لسيرة العلماء، وحكاية ظهور عدم الخلاف.(5)

وإن كانت الشبهة مصداقية، فإن كان أصل(6) يرجح جانب الحرمة، كما في اشتباه آخر الحيض بالاستحاضة، أو جانب الوجوب ، كاشتباه آخر رمضان بأول شوال، عمل بالأصل، وان فقد من الجانبين، كالمنذور وطؤها المشتبهة بالأجنبية، جاء فيه الاحتمالات السابقة والمختار المختار (7)؛ ويدل على بطلان طرح الأمرين(8) هنا انصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً، وظهور الإجماع.(9)

ص: 367


1- في (ك): مخالفة
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف:5 / 289
3- (المجتهد) ليست في (ك)
4- لأن طرح الفتوى رأساً خلاف الإجماع، والجمع بين الفتوى بالتخيير والفتوى بالمختار محال، وتعيين الفتوى بالتخيير فقط والمختار فقط تكليف بما لا يطاق؛ لأنه تعيين بلا معيّن فتعين ان المجتهد مخير بين قسمي الإفتاء
5- كما عن السيد المجاهد في مفاتيح الأصول: 682 ، ونسب الحكم إلى جماعة، منهم العلّامة الحلي في نهاية الوصول :5/ 281 ، والسيد العميدي في منية اللبيب: 2/ 470
6- في (م): الأصل
7- (المختار) ليست في (ك)
8- في (ك) : الأمر
9- ينظر ضوابط الأصول للمصنف:5/ 291

أصل [في دوران الأمر بين الوجوب والكراهة، أو الحرمة والندب]

اذا دار الأمر بين الوجوب والكراهة أو بين الحرمة والندب، جاء فيه الاحتمالات السابقة، والأظهر الاستحباب(1)الظاهري في الأول؛ لبناء أهل العقول، وحكم العقل بحسن اتيانه والكراهة الظاهرية في الثاني؛ لما ذكر .(2)

أصل [في وجوب الفحص قبل العمل بأصل البراءة]

لا عمل بأصل البراءة في الأحكام الشرعية قبل الفحص عن الدليل؛ لعدم جريان أدلته، فلا مقتضى للعمل به ، وللإجماع(3) ، ولزوم الخروج عن الدين لولاه.

ص: 368


1- في (ك) : الاستصحاب
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 292/5
3- فرائد الأصول للأنصاري: 2/ 150

أصل [في الاستقراء]

أصل(1)

من الأدلة الاستقراء(2)، فإن كان قطعياً فلا كلام(3)، أو ظنياً ألحق المشكوك بالأغلب، فالمشكوك فيه إمّا فرد من صنف أو صنف من نوع، أو نوع من جنس.

أما في القسم الأول: فإن كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل، وفي النوع أيضاً غلبة ،صنفية، أو فردية أو هما موافقة لغالب الصنف، أو لم يكن في النوع غالب لا صنفاً ولا فرداً، لا معاضداً ولا معارضاً ، ألحق المشكوك بالغالب؛ لحصول الظن.

وإن كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل، وفي النوع أيضاً غلبة صنفية، أو فردية، أو هما مخالفة لغالب الصنف، ألحق المشكوك بغالب الصنف؛ لأن الظن معه، مثاله المجاز المشهور عند تعارضه مع الحقيقة المرجوحة، وإن كنا متوقفين فيه؛ لاحتمال كون الشهرة قرينة، وكما في متحد المعنى في ردّ ابن جنّي.

وإن لم يكن في الصنف غالب، ولا في النوع غالب، أو لم يكن في الصنف غالب، وكان في النوع غالب، أو كان وجود الغلبة في الصنف مشكوكاً، والنوع لا غالب فيه(4)، أو كانت في الصنف غلبة مجملة، ولا غالب في النوع، فالوقف على الأصح؛

ص: 369


1- (أصل) ليست في (ك)
2- قال المحقق القمي في القوانين: 178/3 : هو الحكم على الكلّي بما وجد في الجزئيات، وهو إمّا تام ،و إمّا ناقص: أمّا الأوّل: فهو ما وجد الحكم في جميع الجزئيات، وهو يفيد اليقين، ولا ريب في حجيته، لكنّه مما لا يكاد يوجد في الأحكام الشرعيّة. وأمّا الثاني: فهو ما ثبت الحكم في الأغلب وهو مما يفيد الظَّن الغالب، و يتفاوت الظن الغالب فيه بتفاوت مراتب الكثرة، فربّما يصير الظن متاخماً للعلم، وأمثلته في الشرع كثيرة
3- ينظر : نهاية الوصول للعلّامة: 443/4
4- العبارة في (ك): وفي النوع لا غالب

لفقد الظن.

وإن كانت في الصنف غلبة مجملة، وفي النوع غالب معلوم: فإما أن يكون ما وراء الصنف المفروض من الأصناف ذات أغلب في الغالب على نهج واحد حكم ظناً بأن الغالب المعلوم بالإجمال على طبق الغالب في سائر الأصناف، وإما لا يكون كذلك، فالوقف؛ لفقد الظن، ولزوم التحكّم في الإلحاق.

(وإن كان وجود الغالب في الصنف مشكوكاً، وفي النوع غالب، فكسابقه في الإلحاق)(1)في الصورة الأولى منه، والوقف في الثانية.

وإن كان وجود الغالب مشكوكاً في الصنف والنوع معاً، لوحظ الجنس، فإن كان فيه غالب من حيث(2) الأنواع، (وكان غالب أنواع ذلك الجنس ذا غالب على نهج واحد، ألحق النوع بالجنس، والصنف بالنوع، والفرد)(3) بالصنف؛ والا فالوقف.

وأما في القسم الثاني، فإن كان في النوع غلبة فردية فقط، ألحق الصنف المشكوك بغالب النوع على الأصح ، ويظهر من بعض التأمل في الإلحاق هنا؛ لاشتراط اتحاد المشكوك فيه مع المستقرأ فيه صنفاً، وهو وهم؛ إذ بعدما حملنا الصنف المشكوك على أكثر أفراد النوع للظن، حملنا (4) أفراد ذلك الصنف أيضاً على النوع للاستقراء.

أو صنفية فقط، أو صنفية وفردية، متعاضدتين فكذلك، أو متعارضتين مع عدم اضمحلال(5) إحدى الغلبتين في (6) جنب الأخرى، فالوقف؛ لفقد الظن، ولا يلاحظ

ص: 370


1- ما بين القوسين ليست في (ك)
2- (حيث) ليست في (م)
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- (حملنا) ليست في (ك)
5- في (ك) : الاضمحلال
6- في (ك): من

غالب الجنس حينئذ .

وإن شك في وجود الغلبة في النوع، أو علم بوجودها وشك في الغالب، فحكمها(1) حكم القسمين فيما إذا كان المشكوك فرداً من صنف، وقد تقدم.

وان قطع بفقد الغلبة في النوع مطلقاً، فإن كان ما وراء الصنف المشكوك متبعضاً لا(2) على نهج واحد، فالوقف وإلا فالإلحاق للظن، وإن كان أفراد المشكوك فيه أكثر من أفراد المستقرأ فيه.

ومن هنا فسد ما قيل: من أن استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل عند فقد شرطيه غير جائز ؛ تمسّكاً بفقد الاستقراء فيما فقدهما، وإن كنا مشاركين معه في عدم الجواز، لكن لوجود المانع وهو الاستهجان عرفاً، لا لفقد المقتضي.(3)

وما قيل في إثبات فورية الأمر من أن أغلب(4) الألفاظ للفور بالمعنى الأعمّ من حال النطق وثاني الحال منه فيلحق المشكوك ،بالغالب فيثبت بذلك جنس الفور، ويتعيّن فصله بكون الفور حال النطق محالاً في الأمر، فتعين الآخر؛ وذلك لأن الاستقراء المحقق في الجنس : إما أن يكون بنحو اتحاد المستقرأ فيه جنساً وفصلاً فيلحق المشكوك فيه به جنساً وفصلاً ، أو جنساً فقط مع اختلاف الفصل، فيلحق جنسا للظن، ويتوقف فصلا للتحكم إلّا أن يكون فصل المشكوك معلوماً بالتفصيل؛ لدليل خارجي فلا وقف.

أو جنساً لا فصلاً مع وجود صنف آخر مغاير للمستقرأ فيه جنساً أيضاً، بحيث يحتمل كون المشكوك فيه ملحقاً به في الواقع، كما يحتمل إلحاقه بجنس المستقرأ

ص: 371


1- في (م): وحكمها
2- (لا) ليست في (ك)
3- في (ك): مانع المقتضي
4- في (م): الأغلب

فيه، لكن إذا الحق به(1) كان فصله معلوماً، (كما في ما نحن فيه، لاحتمال كون الأمر كالمضارع، فالوقف جنساً)(2)وفصلاً؛ لفقد الظن.

ويظهر حال القسم الثالث مما مرَّ.(3)

أقول: إذا ظهر ذلك فاعلم أن الاستقراء يجري في الأحكام(4)، والموضوع الصرف، والمستنبط ، وغيرها، فكلّ مقام حكمنا بحجية الظن فيه عملنا به، وإلا فلا.(5)

وقد يمكن حصول الاستقراء من مجموع النصوص، فيكون حجة عند العامل بالنصوص، من(6) باب الظن الخاص أيضاً؛ لأن مدلول مجموع النصوص حجة كمدلول النص الواحد، وعلى الظن المطلق، فالدائرة وسيعة.

ص: 372


1- (به) ليست في (م)
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 369/5
4- خلافاً للمحقق الحلي في المعارج: 220 ، والعلّامة في نهاية الوصول: 443/4 ، فذهبا إلى عدم حجيته في الأحكام
5- من هنا يبدأ السقط في (م) ثم فيما بعد يرجع إلى مقاطع مقطعة من النص فيها تقديم وتأخيركثير
6- (من) ليست في (ك)

أصل [في الاستصحاب وتعريفه]

اشارة

عرّفوا الاستصحاب بتعاريف لا تخلو من الخلل، ويمكن أن يقال: إنه نفس الحالة السابقة (1)، أو إنه القاعدة الشرعية، وهي أن كل أمر ثبت تحققه حكم ببقائه مالم يعلم المزيل.(2)

والأظهر عندي : أنه بقاء ما كان على ما كان.(3)(4)

ثم في كون المسألة أصولية، أم فرعية، أم تابعة للمستصحب ، وجوه(5)كما أن في حجية الدليل الظني لإثباته مطلقاً، أو في بعض الموارد أم لا مطلقاً

احتمالات.(6)

ثم الاستصحاب باعتبار المستصحب: إما وجودي، أو عدمي.

وباعتبار المتعلق: إما حكمي، أو موضوعي.

وباعتبار الدليل : ينقسم إلى استصحاب حال العقل، ويعبر عنه بأصالة النفي واستصحاب حال الشرع، والأخير: ينقسم إلى استصحاب حال النص، وحال الإجماع.

ص: 373


1- لا قائل به كما في الضوابط : 316/5
2- ينظر : البحر المحيط للزركشي : 327/4
3- في (ك) : بقاء كل ما كان
4- ينظر : التنقيح الرائع للسيوري: 7/1، رسائل المحقق الكركي: 1/ 219
5- ينظر : مفتاح الأحكام 74
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف:5/ 333

وقد يكون الاستصحاب استصحاباً لحالة شيء خارج عن الأدلة المعهودة(1) (كاستصحاب بقاء معنى اللفظ وعدم هجره، وليس هو باستصحاب النفي وأصالته كما لا يخفى).(2)

ثم في حجية الاستصحاب مطلقاً(3)(أو في خصوص الموضوعات(4))(5) أو في خصوص الأحكام مطلقاً(6) أو في الوضعية خاصة(7) أو استصحاب حال غير الإجماع في الأحكام(8)، أو إذا كان الشك في طرو المانع(9)، أو إذا لم يكن الشك في المقتضي(10)، أو عدمها مطلقاً(11) أقوال.

ثم في كون الحجية من باب الوصف أو السبب وجهان(12)

ص: 374


1- ينظر : مفتاح الأحكام: 74 وسياتي الكلام حول الأقسام المذكورة فيما بعد
2- ما بين القوسين ليست في (ك، م).
3- وبه قال الحنابلة والمالكية وأكثر الشافعية والظاهرية، ينظر: البحر المحيط للزركشي : 4 / 327 . وهو المشهور، أو الأكثر ، عند فقهائنا، ينظر: تمهيد القواعد للشهيد الثاني: 271 ، الوافية للتوني: 218 ، زبدة الأصول للبهائي : 106 ، الفوائد الحائرية للبهبهاني: 274
4- اختاره المحقق السبزواري في الذخيرة: 116
5- ما بين القوسين ليست في (ك)
6- وهو الظاهر من المحقق الخوانساري في شرح الدروس: 76
7- اختاره الفاضل التوني في الوافية : 203
8- اختاره الغزالي في المستصفى : 223/1
9- اختاره المحقق في المعارج: 209
10- اختاره الشيخ الأنصاري في الفرائد: 224/2
11- اختاره السيد المرتضى في الذريعة : 557 ، وهو المشهور بين المحدثين كما في الحدائق الناضرة: 52/1 ، ومن العامة: أكثر الحنفية وجماعة من المتكلمين كأبي الحسين البصري وغيره على ما حكاه عنهم الآمدي في الإحكام: 4/ 367
12- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 346/5

[تحرير محل النزاع]

ثم إن استصحاب حال العقل(1) ليس داخلاً في هذا النزاع(2)؛ لتعدد العنوان(3)، بل الاستصحاب العدمي مطلقاً ليس من محل النزاع؛ لمنقول الإجماع(4)، ولاتفاقهم قديماً وحديثاً على الاستدلال بالأدلة اللفظية، ولا يمكن (5) تتميمها الا بضمّ الأصول العدمية، مضافاً إلى ظهور دليلهم العقلي و(6) ردّه في ذلك.(7)

ص: 375


1- المسمى بأصالة النفي أيضاً
2- فإن المنقول عن جماعة كالمحقق في المعارج ،208 ، والعلّامة في نهاية الوصول: 446/4، دعوى الإطباق على حجيته
3- فعنوان أصالة النفي أو البراءة الأصلية غير عنوان الاستصحاب
4- حكاه المصنف في الضوابط 345/5 عن الفاضل الجواد والسيد صاحب الرياض
5- (يمكن) ليست في (ك)
6- في (ك) : في
7- حيث تمسّكوا على حجّية الاستصحاب بأن الثابت أولاً قابل للثّبوت ثانياً، والا انقلب من الامكان الذاتي إلى الاستحالة، وإذا جاز ثبوته في الزمان الثاني - كما كان أوّلاً - فلا ينعدم الا بمؤثر؛ لاستحالة خروج الممكن عن أحد طرفيه إلى الآخر الا بمؤثر، فإذا لم يعلم بالمؤثر فيكون البقاء أرجح في اعتقاد المجتهد، والعمل بالراجح واجب. وأجيب عن ذلك بأنه مبتن على عدم احتياج الباقي في البقاء إلى المؤثر، وهو خلاف الحق، بل يحتاج في البقاء أيضاً، كما يحتاج إليه في الحدوث. ولا يخفى انه بعد ملاحظة الجواب والدليل يظهر ان النزاع في الوجودي

أصل [في حجية الاستصحاب في الجملة]

في إثبات حجية الاستصحاب في الجملة دفعاً للسلب الكلي، والدليل عليه بعد الشهرة، ومحكي الإجماعات(1)، واستقراء الموارد الإجماعية، والأخبار الخاصة كقوله علیه السلام : «كل شيء(2) نظيف حتى تعلم انه قذر» (3)، (وقوله: «كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر»(4)(5)، وقوله: «كل شيء حلال حتى تعرف الحرام بعينه»(6) بناء على حملها على الشبهة الموضوعية، خاصة في المسبوق بالحالة السابقة على بعد فيه(7)، إلى غير ذلك من النصوص الخاصة، وجوه:

منها: الأخبار العامة، كصحيحة زرارة عن الباقر علیه السلام: «قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال علیه السلام يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والإذن، فإذا نامت العين والإذن والقلب(8) وجب الوضوء. قلت: فإن حرك(9)على جنبه شيء وهو لا يعلم به؟ قال: لا، حتى يستيقن انه قد حتى يجيء من ذلك أمر بينّ والا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك

ص: 376


1- مباديء الوصول : 22 نهاية الوصول للعلّامة: 380/4
2- (كل شيء) ليست في (م)
3- تهذيب الأحكام: 295/1
4- من لا يحضره الفقيه : 1 / 75 وفيه .. «الا ما علمت..»
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- لا توجد هذه الرواية في مصادرنا الحديثية
7- إذ إن الرواية تحتمل وجوها ثلاثة وبعض هذه الوجوه فيه احتمالات متعددة، فهي لا تتم الا على أحدها
8- بعد تقطيعات متعددة في :(م) : هنا يبدأ النص من جديد
9- في (ك): حركت

أبداً ، ولكنه ينقضه بيقين آخر»(1)، وذيلها يدل على المطلوب من جهة نص العلة، مع (2) كون قوله ( لا ينقض) في قوة الكبرى الكلية، والمراد أنه لا ينقض اليقين(3) السابق بالشك اللاحق.

واللام في قوله ( اليقين) للجنس؛ للتبادر - لا العهد(4) -، فيفيد العموم(5)، كفاية عموم مع العلة(6) المنصوصة(7)، وجزاء الشرط مضمر ، فالتقدير (وان لا يستيقن انه قد نام فلا يجب عليه الوضوء؛ لأن الوضوء يقيني، وكل يقين لا ينقض بالشك).

وعدم رعاية تلك القاعدة في مثل الشك بين الثلاث والأربع، ونحوه من الموارد(8)، لا يوجب القدح في النص(9): إمّا لأن تلك الموارد مما نقض فيه اليقين باليقين؛ للدليل الوارد فهو تخصيص أو لأن العام المخصص حجة.

وتوهم: أن الأصل عدم صدور هذا الخبر عن الإمام علیه السلام، فيلزم من حجية الاستصحاب للخبر عدم حجيته.(10)

ص: 377


1- تهذيب الأحكام: 1/ 50 مع اختلاف يسير في العبارة
2- في (ك): من
3- (اليقين) ليست في (ك)
4- إذ لو كانت للعهد لكانت الكبرى - المنضمة إلى الصغرى - «ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشك»، فيفيد قاعدة كلية في باب الوضوء، وأنه لا ينقض إلا باليقين بالحدث
5- قال صاحب المعالم : 148 : فاعلم أنّ القرينة الحالية قائمة في الأحكام الشرعية غالباً على إرادة العموم منه - أي من المفرد المحلّى بلام الجنس - حيث لا عهد خارجيّ، كما في قوله تعالى: «واحل الله البيع وحرّم الربا»
6- في (م) علة
7- لحجية منصوص العلة عرفاً
8- فقد حكموا بالبناء على الأكثر، على خلاف الأصل
9- في (ك) بالنص
10- بتقريب : ان الرواية خبر واحد، وصدورها عن الإمام مشكوك، والأصل عدم صدورها عنه علیه السلام

مدفوع: بعدم انصراف الخبر إلى نفي نفسه، وبأن الغرض تراكم الأدلة الظنية لتحصيل القطع(1)، واذا جعلنا ظني الصدور حجة هنا فلا إشكال؛ لانتقاض اليقين باليقين.

أقول: وعدم إمكان العمل بالاستصحابين المتعارضين(2) لا ينافي كلية الكبرى؛ إذ الكلام منساق لإثبات الحجية الذاتية.

ونحوها في الدلالة نصوص مستفيضة(3)، بل العلم الإجمالي بصدور بعضها حاصل.

ومنها: بناء العقلاء(4) من لدن آدم على العمل بالاستصحاب(5) في الموضوعات والأحكام، وآيات النهي(6) ليست برادعة(7)لهم حتى يسقط بناؤهم عن الحجية.

ومنها: الاستقراء، ويقرر بوجهين:

ص: 378


1- أي: ان هذه الرواية وإن لم تكن معتبرة بحسب الأصل، لكن يحصل منها الظن بحجية الاستصحاب، فإذا اضفناه إلى الأدلة الظنية الاخرى ليحصل من تراكمها القطع بحجية الاستصحاب. وينظر : القوانين المحكمة للقمي: 3/ 147
2- في (ك) : باستصحاب بين المعارضين
3- كصحيحة زرارة الاخرى التي رواها الكليني في الكافي: 341/3 «وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع، وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى، ولا شيء عليه، ولا ينقض اليقين بالشك، ولا يدخل الشك في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر، ولكنه ينقض الشك باليقين، ويتم على اليقين، فيبني عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات»
4- ينظر: المحصول للرازي: 1444/4 ، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : 367/4، نهاية الوصول للعلّامة: 366/4
5- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 133/3 ، الفصول الغروية للأصفهاني : 369
6- كقوله تعالى في سورة الاسراء: 36 «وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» وفي سورة النجم: 28 «إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا»
7- في (ك) رادعة

الأول: إن بناء الشارع في أكثر الموارد - من التوصليات والارتباطيات - على اعتبار الحالة السابقة : إمّا وصفاً ، أو سبباً

وفيه نظر من وجهين.(1)

الثاني: إن أغلب الأحكام الشرعية وضعية وتكليفية، بل أغلب الأحكام الإلهية، بل(2) أغلب الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، وجدناها(3)ثابتة غير منسوخة، فيلحق المشكوك بالأغلب.

وإن دار الأمر في المحدود بين التوسعة والضيق، فأغلب المحدودات الشرعية موسعات، أو دار الأمر بين التوقيت ،وعدمه، فأغلب الأحكام(4) الشرعية مؤبدات، دائرة مدار موضوعاتها، فما دام الموضوع باقياً فالحكم مترتب.

وإن شك في قدح وصف ،عارض، فأغلب الأوصاف غير مؤثرة في اختلاف الحكم، إلا أن يتسبب الشك في البقاء من ارتفاع سبب حدوث الحكم، وكان السبب(5)مماله(6)قرار واستقرار، فلا استقراء في هذا القسم.

وإن كان الشك(7) في بقاء الموضوع الصرف مما هو قارّ الذات(8)، فأغلب الممكنات القارّة باقية بحسب استعدادها للبقاء، فتأمل.

ص: 379


1- ذكرهما في الضوابط : 368/5
2- في (ك): و
3- في (ك): وجدانا
4- (الاحكام) ليست في (ك)
5- (السبب) ليست في (ك)
6- إلى هنا ينتهي السقط في (م)
7- (الشك) ليست في (ك)
8- كبقاء زيد والرطوبة ونحوهما

و(1)لو شك في مقدار الاستعداد الحق بالجنس أو في الموضوع المستنبط، فالغالب بقاء الأوضاع على حالها، وندرة النقل والاشتراك.

نعم، يشكل التمسك بمثل أصالة تأخر الحادث استناداً(2) إلى الاستقراء.(3)

أقول: وكذا أصالة عدم التخصيص و(4) التقييد؛ لغلبة وجودهما.

ويمكن أن يقال: إن نفس الحالة السابقة تورث الظن بالبقاء في موارد الاستصحاب، مع قطع النظر عن الاستقراء، وأنت إذا لاحظت مجموع ما ذكرناه(5)

قطعت بحجية الاستصحاب في الجملة.

ص: 380


1- الواو ليست في (ك)
2- (استنادا) ليست في .(م)
3- ينظر : في تفاصيل كل ما تقدم ضوابط الأصول للمصنف: 368/5 وما بعدها
4- في (ك) : في
5- في (ك): ذكرنا، وفي (م) ذكره

أصل [في حجية الاستصحاب في الأمور الخارجية]

ويدلّ عليها أصل الاشتغال(1)؛ لأنا قد أثبتنا الحجية في الجملة، ولا يحصل القطع بالامتثال إلا بالعمل بكل أفراد الاستصحاب(2)؛ إذ ليس في المقام قدر متيقن يؤخذ به، وهو أرجح هنا من أصالة حرمة العمل بما وراء العلم؛ لوجود العلم الإجمالي بحجية بعض أفراد الاستصحاب(3)، والظن بحجية كل أفراده، كما أنه أرجح من أ أصالة الاشتغال بالصلاة مثلاً في الطهارة المستصحبة بعد تعارض الأصلين بضم الإجماع المركب؛ وذلك لأن العمل بالمعارض مستلزم للمخالفة القطعية.(4)

وفيه نظر لكن نقول : يكفي في ذلك دلالة الأخبار العامة، وبناء العقلاء، أو مجموع الأدلة المتقدمة.

وتوهم: أن بيان الموضوعات ليس من شان الشارع؛ فلا تنصرف النصوص إليها.(5)

مدفوع: بأن بيان الموضوعات(6) المرتبطة بالأحكام من شأنه؛ لأنه بيان للحكم

ص: 381


1- ولا شك ان القطع بالاشتغال يقتضي تحصيل القطع بالامتثال
2- من الأمور الخارجية والأحكام
3- إذ كل فرد من أفراد الاستصحاب حينئذ يحتمل كونه واجب العمل، كما هو مقتضى أصل الاشتغال، ويحتمل كونه محرم العمل كما هو مقتضى الأصل المذكور، فيدور الأمر بين المحذورين، ويكون المرجح مع أصل الاشتغال؛ لأن العلم الإجمالي حاصل بلزوم العمل بالاستصحاب في الجملة، فيكون هذا العلم الإجمالي مرجحاً لأصل الاشتغال
4- فيلزم طرح ما قطعنا به من حجية الاستصحاب في الجملة
5- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 3/ 155
6- (الموضوعات) ليست في (ك)

الكلي بالواسطة(1)، مع أن عدم كونه من شأنه لا يستلزم قبح بيانه، فلم يصرف كلامه عن ظاهره إذا كان في البيان فائدة.

وأفسد منه توهم: تعارض تلك النصوص مع آيات النهي، وأخبار الاحتياط(2)، أو دعوى كون الأخبار آحاداً.

أصل [في حجية الاستصحاب في الأحكام]

اشارة

ويدل عليها ما سبق في الأصل السابق، والمنكر لها(3) فيها مع قوله بحجيته في الموضوعات، إن كان يتوهم عدم دلالة الأخبار على ذلك؛ لكون موردها الموضوعات، فيختص الجواب بها.

ففيه إن مثل طهارة الثوب والجسد من الأحكام لا الموضوع(4)، فتأمل.

وإن عموم الجواب كاف(5)، ولو حمل اللام على العهد، لزمه عدم التعدي إلى سائر الموضوعات(6)، وان ذلك لا يتم فيما ليس مسبوقاً بالسؤال(7)، ولا(8) في سائر

ص: 382


1- ينظر : فرائد الأصول للأنصاري: 2/ 265
2- وهي روايات كثيرة، وأكثر الكتب جمعاً لها وسائل الشيخ الحرة: 27/ 154، في أبواب القضاء، وقد أفرد ذكر باب لها على حدة، باب وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى والعمل في كل مسألة نظرية لم يعلم حكمها بنص منهم
3- في (م): له
4- فإن الطهارة حكم شرعي
5- وهذا العموم في الجواب مستفاد من التعليل
6- ولا يلتزم به المعترض
7- كرواية الخصال: 619 عن أمير المؤمنين : «من كان على يقين فشك فليمض على يقينه، فإن الشك لا ينقض اليقين»
8- (لا) ليست في (ك)

ادلة(1) الاستصحاب.

أو يتوهم أحادية الأخبار، فقد مرَّ علميّتها، مع أنه وارد عليه أيضاً.

أو يتوهم أن تخصيص الأخبار بالموضوعات قبل الفحص وبعده أولى من تخصيصها بما بعد الفحص في الأحكام، (أو هما متساويان.

ففيه: أن العمل بعمومها الا في الأحكام)(2)قبل الفحص أقل تخصيصاً، مع إمكان منع العموم الأحوالي فيها(3)، فتأمل.

أو انه يلزم من العمل بها في الأحكام عدم العمل ؛ لاستصحاب حرمة العمل كما كانت(4) قبل الفحص.(5)

ففيه: أنه استصحاب عرضي(6)، وأنها لا تنصرف إلى نفي أنفسها، وأن ذلك من

ص: 383


1- في (ك): الأدلة
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- بتقريب : ان العموم المستفاد من الاخبار انما هو افرادي لا أحوالي، بمعنى انها تدل على حجّية كل استصحاب في الجملة، واما من حيث الأحوال اعني قبل الفحص و بعده فلا عموم في الاخبار ولا إطلاق بل هي من هذه الجهة مجملة وواردة مورد حكم آخر، فلا يكون اخراج حالة عدم الفحص تخصيصا أو تقييدا؛ إذ هما فرع العموم أو الإطلاق من حيث الأحوال، وقد عرفت عدمه، فليس الروايات بظاهرها خلاف الإجماع؛ إذ لا ظهور فيها في الحجية قبل الفحص
4- في (ك) : لو كانت
5- بتقريب أنا نقول بناءً على حجية الاستصحاب في الأحكام إن العمل بالاستصحاب قبل الفحص كان حراماً قطعاً، وبعد الفحص شككنا في بقاء الحرمة وارتفاعها، ومقتضى الاستصحاب البقاء، فلا يكون الاستصحاب في الأحكام حجة للاستصحاب الحكمي، أي استصحاب الحرمة
6- لا عبرة به، فهو نظير استصحاب حرمة الحيوان المشكوك كونه مأكول اللحم، فيقال: إنه قبل التذكية - أي حال الحياة - كان حراماً قطعاً، فيستصحب إلى ما بعد التذكية وهذا الاستصحاب لا عبرة به؛ لأن المستصحب إن كان هو الحرمة العرضية المسببة عن عدم التذكية، فقد انتفت قطعاً بعد التذكية وإن كان المستصحب الحرمة الذاتية، فمن الأول كانت مشكوكاً بها

باب نقض اليقين باليقين(1)؛ لفرض دلالة الأخبار .

ثم لا فرق في الأحكام بين التكليفية والوضعية؛ لوحدة الدليل، ومن يخصصها بالوضعية إن نظر إلى أنها مورد السؤال فيها .

ففيه: ان اللام في الجواب إن حمل(2) على العهد، فكيف يعمم الحجية في كل الوضعيات، أو على الجنس، فما(3) الفارق بينها وبين التكليفيات.

أو إلى أن مورد السؤال مادة تعارض الاستصحاب الوضعي، (وهو استصحاب الطهارة ، مع التكليفي)(4)، وهو استصحاب الأمر بالصلاة، والإمام رجح الوضعي؛ معللاً بالقدر المشترك بينهما، وهو اليقين السابق، وهذا محال.(5)

فلا بد: إما من حمل(6) اليقين في النص على اليقين بالحكم الوضعي، فيكون تخصيصاً، أو حمل العلة على المقتضي، فيصير مجازاً، والأول أرجح؛ فيفسد الاستدلال.

ولو سلمنا التساوي فيجمل(7)، والنصوص الابتدائية وحدها لا تكفي في

ص: 384


1- فيدخل في المستثنى لا المستثنى منه
2- (حمل) ليست في (ك)
3- (ما) ليست في (ك)
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- كون القدر المشترك بين المتعارضين غير قابل للمرجحية، وكون الظاهر من الروايات اسقلال اليقين السابق في العلية
6- (حمل) ليست في (ك)
7- (فيجمل) ليست في (ك)

حصول القطع.(1)

ففيه : إنه لا تعارض هنا قبل إتمام الصلاة(2)، ولا شك بعده (3)في الامتثال(4)، وانه يمكن تخصيص استقلال العلة بغير صورة التعارض(5)، وهو أقل إخراجاً من الأول، فيكون أولى من غيره، ولا ينافي ذلك حجية منصوص العلة.(6)

أو إلى أن التكليفي إن كان موقتاً فلا استصحاب في الوقت؛ لبقاء الأمر قطعاً، ولا بعده؛ لارتفاعه كذلك(7)؛ إذ القضاء بفرض جديد.

أو غير موقت، فإن قلنا بدلالة الأمر على التكرار، فالإتيان من مقتضيات الأمر، أو بعدم الدلالة عليه، فعدم الإتيان ثانياً من لوازم الامتثال بالطبيعة.

ففيه: إمكان عروض الشك في الموقت، كما لو شك المريض - الذي حدث مرضه في أثناء النهار - في وجوب اتمام الصوم(8)إلى الليل، مع إمكان وجود الخطاب المهمل في التكليفيات أيضاً كالوضعيات.

ص: 385


1- لكونها أحادا والتواتر الإجمالي لا يحصل الا بعد ضم سائر الأخبار
2- إذ هو قاطع ببقاء الأمر بالصلاة ، فلا استصحاب حكميا يعارض استصحاب الطهارة حينئذ
3- (بعده) ليست في (ك)
4- إذ انه بعد الامتثال يقطع بارتفاع الأمر باليقين الشرعي المامور به، فلا شك في ارتفاع الأمر وبقائه حتى يستصحب
5- بمعنى ان الرواية تبقى على ظاهرها فحينئذ يبقى اليقين السابق علة مستقلة للحكم ببقائه مطلقاً وفي جميع الموارد، ولدفع المحذور يخصص تلك الكلية بغير صورة المعارضة
6- فإن العرف يفهم في مثل المورد عدم العلة التامة في هذا المورد الخاص لا مطلقاً، فنعمل بالعموم في غير هذا المورد
7- الأمر الأول.
8- (الصوم) ليست في (ك)

[في حجية الاستصحاب فيما ثبت من الإجماع كغيره من الأدلة]

ولا بين حال الإجماع وغيره(1)؛ للعموم، ومن منع من استصحاب حال الإجماع فيما إذا كان الشك في المقتضي(2)، أو قدح العارض (3)، إن نظر إلى أن الوصف لا يحصل، فهو مشترك(4) أو إلى أن الإجماع لو كان موجوداً في حال الشك لما حصل الخلاف.(5)

ففيه: إن لازمه عدم حجية استصحاب (6) حال النص أيضاً؛ إذ لو كان دالاً على حكم حالة الشك لم يكن استصحاب.(7)

ص: 386


1- كما هو المشهور خلافاً للغزالي في المستصفى: 1/ 223 ، حيث ذهب إلى عدم حجيته إذا كان 2، حيث ذهب دليله الإجماع
2- كما في دوران الأمر بين السعة والضيق
3- كما لو شك المتيمم الواجد للماء في أثناء الصلاة
4- بين هذا القسم من الاستصحاب وغيره
5- ينظر: المستصفى للغزالي: 224/1
6- في (ك) : الاستصحاب
7- فبعد عدم شمول النص، وعدم وجود دليل آخر أيضاً بالفرض، لم يكن الحكم في الآن المتأخر ثابتاً

أصل [في حجية الاستصحاب سواء كان الشك في وجود المقتضي أو المانع]

أصل(1)

لا فرق في حجية الاستصحاب بين كون الشكّ في المقتضي أو غيره، والمحقق الحلي(2) والخوانساري (3) نفيا الأول.

والظاهر عدم الفرق على هذا القول بين الموضوعات والأحكام.(4)

والأصح الحجية مطلقاً، سواء كان الشك في ذات المقتضي، أم في بقائه؛ للشك في قدر استعداده للبقاء، أو لاحتمال طرق مانع، أو مانعية طار؛ لعموم ماسبق.

ولعلّ نظر المانع في المقتضي إلى عدم انصراف النصوص أو(5) أكثرها اليه(6)؛ إذ المراد من (اليقين في قوله « لا ينقض) (7) اليقين بالشك» هو المتيقن وما في حكمه، بحكم العقل.

فالمراد حينئذٍ من النقض: إما النقض الواقعي ب ( معنى أن المتيقن الواقعي)(8) في الواقع لا ينقض بالشك، أو الظاهري، بمعنى أن المتيقن الظاهري في الظاهر لا ينقض بالشك.

وعلى التقديرين: إما قوله «لا ينقض» نهي، أو نفي.

ص: 387


1- (أصل ) ليست في (ك)
2- معارج الأصول للمحقق الحلي: 209
3- مشارق الشموس للخوانساري : 76
4- الجريان دليله فيهما
5- في (م) و
6- أي إن الأخبار إنما تنصرف إلى الشك في المانع فقط
7- ما بين القوسين ليست في (ك)
8- ما بين القوسين ليست في (م)

وعلى التقادير: إما يراد من الشك معناه ، أو(1)المشكوك فيه، لا سبيل إلى الواقعيات بأقسامها ؛ امّا للكذب(2)أو التكليف بالمحال.(3)

وفي الظاهريات إن أريد من الشك المشكوك فيه، فهو صحيح، لكن عدم نقض المتيقن بالمشكوك فيه انما يتصوّر إذا كان الشك في ناقضية (المشكوك فيه؛ إذ لو كان الشك في المقتضي لم يكن هناك نقض؛ إذ الشك حينئذٍ في الانقطاع وعدمه، لا النقض وعدمه.

أو الشك نفسه، فهو مناف لسؤال السائل ؛ إذ مورده الشك في ناقضية المشكوك فيه)(4) ، أي الخفقة، فقال: «أتوجب الخفقة والخفقتان الوضوء» فتأمل.

لا ناقضية نفس الشك، بل من المعلوم أن الشك بنفسه ليس ناقضاً، مع قطع النظر عن متعلقه.(5)

ولعل ما ذكرناه مراد الخوانساري في استدلاله على مدّعاه والا فدليله واه جداً(6) ، وفيه صدق النقض عرفاً في الشك في المقتضي، فتأمل.

بل المتبادر من النصوص عرفاً حجية الاستصحاب مطلقاً، مع أن من النصوص «ليس ينبغى لك الخ» ، وهو لا يجري فيه الوجه المذكور(7)، مضافاً إلى كفاية ما عدا النصوص من الأدلة.

ص: 388


1- (او) ليست في (ك)
2- في الخبرية منها؛ لأن المتيقن الواقعي في الواقع لأجل نفس الشك أو معروضه قد ينتقض وقد لا ينتقض
3- في الإنشائية منها؛ لأن النقض الواقعي وعدمه ليس مقدوراً للمكلف
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- فيرجع الكلام حينئذ إلى المشكوك فيه، وقد تقدم الكلام فيه
6- مشارق الشموس للخوانساري : 76
7- إذ لا يمكن حمله على ظاهره؛ لأنه أسند النقض فيه إلى نفس المكلف، فظاهره غير مراد

أصل [في أقسام الشك في المانع]

الشك في المانع على أقسام اما شك(1) في حدوث المانع المعلوم المانعية، أو مشكوكها، أو شك في مانعية الشيء الحادث؛ لأجل الشك في الحكم الشرعي، أو في الموضوع المستنبط أو الصرف.

ثم مع تعدد المشكوك فيه في الشك (2) الحادث: إما لا يعلم بمانعية أحد الأمور المتعددة ولو إجمالاً، أو يعلم إجمالاً بنا قضية أحدها، سواء حدث الكل في دفعة واحدة، :أي: من غير تخلل عبادة، أم على وجه التعاقب.

والمحقق السبزواري(3) أنكر حجية الاستصحاب إذا كان الشك في الحادث بأقسامه، (ووافقه الخوانساري(4) فيما إذا كان الشك في الحادث)(5)مسبباً عن الشبهة الحكمية ، لا (6) الموضوع المستنبط، ولعله لأن المتبادر من الشك في النص الشك لا(6)اللاحق، (لا السابق الذي كان حاصلاً ،قبل، ومن اليقين اليقين(7) السابق.

والظاهر من الشك فيه أيضاً هو الشك اللاحق)(8) الذي يوجب الشك في البقاء، وهذا لا يتصوّر الا في الشك في حدوث المانع.

ص: 389


1- في (ك) : الشك
2- (الشك) ليست في (ك)
3- ذخيرة المعاد: 115
4- مشارق الشموس للخوانساري: 76
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- في (ك): و
7- (اليقين) ليست في (م)
8- ما بين القوسين ليست في (ك)

وأمّا في(1)الشك في المانعية، فالشك الذي يكون جزء سبب (2) للشك في البقاء مقدم على اليقين بالحدوث.

وفيه: إن مورد رواية الخفقة هو الشك في المانعية، (وإن هذا الوجه يقتضي الحجية إذا كان الشك في المانعية؛ للشك)(3)في الموضوع الصرف، فكيف يدعى السلب الكلي(4)، وان ظاهر النصوص كون المراد من الشك الشك في البقاء، لا الشك السببي؛ حذراً من التفكيك، ودلالة سياق بعضها، مع أن دليل الاستصحاب غير منحصر في الأخبار .

ثم لو ادّعى الخصم انصراف الأخبار إلى الشك في الحدوث؛ لأنه مورد السؤال في بعضها، أو ادّعى اختصاص النصوص بالموضوعات لا الأحكام، ولا الأعمّ منهما ، بقرينة عدم اشتراط الفحص فيها، والشك في الموضوعات يختص بالشك في الحدوث.

فجوابه يظهر مما سبق، كما تظهر أحكام سائر أقسام الشك في الحادث بعد التأمل.

ص: 390


1- (في) ليست في (ك)
2- في (ك) : السبب
3- ما بين القوسين ليست في (ك)
4- كما لو رأى مائعاً سيالاً في ثوبه الطاهر، وشك في أنه بول أم ماء، وان الشك في الموضوع الصرف هنا جزء أخير للعلة التامة في الشك في بقاء الحكم، فانه حصل له اليقين أولاً بالملاقاة، ثم شك في الموضوع الصرف، فشك في بقاء الحالة السابقة بعد هذا الشك، فهذا داخل في مورد الرواية

أصل [فى الشك الطارئ والساري]

إذا لم يكن الشاك حين شكه مستيقناً بالمتيقن السابق، بحيث يكون أن الشك ظرفاً لليقين والشك معاً(1) ، لم يكن الاستصحاب حجة، وإن كان حين الشكّ متيقناً باليقين السابق.

وكذا إذا علم بحكم، أو وصف في محل واحد في زمان سابق، وكان له جهتان، وكان ذلك الشيء من احدى الجهتين قطعي التحقق، ومن الأخرى مشكوك التحقق، فشك في بقاء ما ثبت سابقاً بعد القطع بارتفاعه من الجهة التي كانت مقطوعة، كل ذلك لعدم مساعدة أدلة الاستصحاب مثل(2) ذلك.(3)

ص: 391


1- وهو المعبر عنه بالشك الساري، وهو موضوع قاعدة اليقين
2- في (ك) : في مثل
3- لأن الاستصحاب هو إبقاء ما قطع بتحققه سابقاً فشك فيه لاحقاً، ولا ريب أن ما قطع به سابقاً هنا قد قطع برفعه لاحقاً

أصل [في الاستصحاب في الشك في الحادث]

قد اشتهر في الألسن عدم جواز التمسك بالاستصحاب إذا كان الشك في الحادث(1)، وقد يتوهم التناقض بين قولهم بهذا واختلافهم في بحث تعارض الاستصحابين على أقوال.

وكيف كان فيمكن(2) التفصيل في الشك في الحادث بأن المتوجه إلى المكلّف إن كان(3) أصلاً واحداً، كما في الثوبين اللذين كل منهما لشخص غير الآخر، فالعمل بالأصل مطلقاً، وإن كان المرجّح على الخلاف.

أو أصلين متوافقين نوعاً من حيث المستصحب، فالعمل بالعلم الإجمالي، وطرح الأصل، سواء كانا(4) موضوعيين، أم حكميين، أم مختلفين.

أو أصلين متخالفين، فالعمل بالأصل والعلم الإجمالي معاً، فيرجع إلى المرجحات ويؤخذ بالأرجح، والا فالطرح أو التخيير.

وأما في الموضوع المستنبط، فيظهر منهم طرح الأصلين وإن وجد مرجح لأحد الطرفين، والمحصّل ان المعيار طريقة أرباب العقول.

وانتظر لمزيد البيان في باب تعارض الاستصحابين.

ص: 392


1- إن العلماء لم يعنونوا للشك في الحادث عنواناً مستقلاً، نعم اشتهر في الألسن عدم جواز التمسك بالاستصحاب إذا شك في الحادث
2- في (ك): فيتمسك
3- (كان) ليست في (م)
4- في (ك): كان

أصل [في الاستصحاب في الموضوع المستنبط]

[في الاستصحاب في الموضوع المستنبط (1)]

الاستصحاب في الموضوع المستنبط حجة(2)، وإن لم يكن عدمياً، ولا منضماً إليه، وإن لم نجد مثاله؛ وذلك لطريقة أهل العقول وفي انصراف النصوص إليه تأمل؛ لبعد ارتباطه بالأحكام(3) بخلاف الصرف.(4)

وهل حجيته فيه من باب الظن الخاص، أو المطلق(5)، أو السببية المطلقة، أو المقيدة(6)، أو التفصيل بين ما إذا تعلق الاستصحاب بالوضع، كأصل عدم الوضع

ص: 393


1- الموضوعات المستنبطة (الأصول اللفظية): هي موضوعات الأحكام التي يكون تشخيص مفهومها عرفاً أو شرعاً، والتعرّف على حدودها سعة وضيقاً بحاجة إلى نظر وبرهنة، بحيث لا يتيسر لكل أحد التعرّف على مفاهيم هذه الموضوعات من تمام الحيثيات المقتضية لتشخيصها تشخيصاً تاماً، وذلك في مقابل الموضوعات الصرفة والتي لا يحتاج تشخيصها إلى برهنة، بل هي من الوضوح بحيث يفهمها كلّ أحد، وهي عادة ما تطلق على الموضوعات المنقحة في مرتبة سابقة، والتي يكون تشخيصها معتمداً على المدارك الحسيّة ليس أكثر، مثل تشخيص أنّ هذا خمر ، وأنّ ذاك دم حيض، أو استحاضة، وأنّ هذا من موارد الحرج، وكلّ ذلك إنّما يكون بعد الفراغ عن تنقيح مفهوم الحيض والخمر والحرج، وما هي حدودها سعة وضيقاً. (المعجم الأصولي : 2/ 539).
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 54/6
3- لأنه بلا واسطة متعلّق للحكم اللّغوي من حمل اللفظ على هذا المعنى عند عدم القرينة ونحو ذلك من الاحكام اللغوية، ثم بعد ذلك يصير متعلّقاً للحكم اللّغوي الشّرعي
4- كونه مرتبطاً بالأحكام ارتباطاً قريباً؛ لأن الموضوع الخارجي نفسه من متعلقات الأحكام
5- الثّمرة بين كونه من باب الظنّ الخاص، أو الظنّ المطلق، تظهر في جواز العمل به حين انفتاح باب العلم، فعلى الأوّل يجوز، وعلى الثاني لا يجوز
6- الثمرة بين كونه من باب السببية المطلقة أو المقيّدة، تظهر فيما عارض الاستصحاب ظنّ غير معتبر، فعلى الأوّل يعمل بالاستصحاب دون الثاني

والنقل والاشتراك (1) ، أو بالمراد كاصل عدم القرينة والتخصيص والتقييد(2)، أو بنفس الموضوع كأصل عدم السقط، وجوه.

نعم، حجيته في الأحكام والموضوعات من باب السببية المطلقة، إلى أن يجيء دليل معتبر على الخلاف لدلالة النصوص(3)، فإن المراد من الشك فيها(4) مطلق الاحتمال بقرينة السّياق (5)، بل هو معناه لغة(6)، مضافاً إلى بناء العقلاء في الجملة.

ص: 394


1- (والاشتراك) ليست في (م)
2- (والتقييد) ليست في (ك)
3- فإنّ من جملتها صحيحة زرارة عن الباقر قال : قلت له : الرّجل ينام إلى أن قال: «فإن حرّك إلى جنبه شيء ولم يعلم به؟ قال: لا، حتّى يستيقن أنه قد نام، حتّى يجيء من ذلك أمر بين، والا فأنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبداً بالشك» تهذيب الأحكام: 1 / 50
4- (فيها) ليست في (ك)
5- بملاحظة صدر الرواية وذيلها
6- باتفاق أهل اللغة، ينظر العين للفراهيدي : 2/ 935 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي: 870، لسان العرب لابن منظور : 1747 ، مجمع البحرين للطريحي : 267/5

أصل [في الأصول العملية اللفظية]

[تحرير محل النزاع]

قد يتمسك في إثبات ماهيّة العبادة المركبة بأصالة الإطلاق، أو قاعدة البراءة عن الجزء المشكوك، أو أصالة عدم الوجوب، أو عدم الشرطية(1) والجزئية، أو عدم الدليل، أو استصحاب الصحة، ومحل الكلام هنا الأخير.

[المختار في المسألة]

والحق عدم جريانه فيها، سواء كان المشكوك فيه (بدوياً كالنية، أم اثنائياً كالسورة، كان الشك)(2)بدوياً أم اثنائياً، مقصراً كان الشاك أم قاصراً.

إما للزوم الدور(3)(4)، أو(5)العمل بالأصل قبل الفحص(6)، أو فقد المستصحب اليقيني، أو لعدم الدليل على الاعتبار(7)، فتأمل.

وكذا في إثبات ماهيات مداليل الألفاظ، كأصالة عدم ملاحظة الواضع الجزء

ص: 395


1- في (ك): أو
2- ما بين القوسين ليست في (ك). ن في (ك)
3- في (ك) : الدوران
4- لأن استصحاب الصحة موقوف على سبق الصحة بالنسبة إلى الأجزاء السابقة، وسبق الصحة الأجزاء السابقة موقوف على دخوله في العبادة على الوجه الشرعي، ودخوله فيها على الوجه الشرعي موقوف على العلم بالوجه والعلم بالوجه والشك أيضاً أثنائياً موقوف على استصحاب الصحة
5- في (ك): و
6- (الفحص) ليست في (ك)
7- لعدم انصراف الأخبار ، مع كون بناء العقلاء على الاحتياط

المشكوك، وإن ظهر من القمي خلافه(1) ، وذلك : إما لكون الشك في الحادث، أو لعدم الدليل على الاعتبار.

وكذا في إثبات حكم المركب الجزئه بعد فقده، باستصحاب حكم نفس المركب، عقلياً كان التركيب أم خارجيّاً ، أمّا الأول فلانتفاء الجنس بذهاب فصله، فلا مستصحب(2)، وأمّا الثاني فلكون استصحابه عرضياً.(3)

ص: 396


1- القوانين المحكمة للقمي: 1/ 187
2- كصوم يوم الخميس الذي هو بسيط في النظر ، مع قطع النظر عن الدقة الفلسفية والتحليل العقلي، ولكنه مركب بعد تحليل العقل من جنس وهو الصوم، ومن فصل وهو خصوص يوم الخميس، فوجه عدم صحة التمسك بالاستصحاب فيه بأن يقال: بعد فقد يوم الخميس أنه يجب أصل الصوم في يوم آخر استصحاباً لوجوبه، فهو أن الجنس ينتفي بانتفاء الفصل، وأن المطلوب إنما كان هو الجنس في ضمن الفصل الخاص، فلا يبقى مستصحب حتى يستصحب؛ لأن الجنس الخاص قد عدم قطعاً، والجنس في ضمن خصوصية أخرى لم يكن مطلوباً، فلا يجري الاستصحاب حتى يكون حجة.
3- كما لو قطع بعض اليد، فيقال : إن غسل اليد من المرفق كان واجباً بجميع أجزائها، وبعد قطع البعض يستصحب وجوب غسل البعض الباقي، فلا يجري فيه الاستصحاب أيضاً؛ إذ إن وجوب الأبعاض في قوله : اغسل يدك من المرفق) ، انما هو تبعي ومقدمي لإتيان المأمور به المركب، وبعد فقد المركب فقد الأمر به فلا يبقى الأمر بالمقدمة - أي الاجزاء - ؛ لأن الأمر بالمقدمة موقوف على الأمر بذي المقدمة، فلا معنى للاستصحاب

أصل [في الاستصحاب في التوابع واللوازم]

إذا لم يستلزم لازم الحادث حدوثاً غير حدوث الملزوم، كالزوجية للأربعة، لم يجر الاستصحاب في ذلك اللازم(1)، وإن استلزم حدوثاً غير حدوث ملزومه، بأن لا يكونا متحدي الوجود، جری(2) فيه الاستصحاب، سواء كان اللزوم عقلياً، أم عادياً، أم شرعياً؛ لبناء العقلاء، ولأن مرجع الشك حينئذ إلى الشك في المانعية، وقد مرَّ جريانه فيه بأقسامه، فلو أصاب ثوبه مائع لا يعلم أنه ماء أم ،بول، استصحب طهارة ثوبه، وإن لم يحكم بأن المائع ماء، بل الأمر من(3) تلك الجهة يدور مدار الأصول الفقاهتية.

ص: 397


1- لأن المفروض وحدة الحادث، فإجراء الأصل فيه اجراء للأصل في تعيين الحادث
2- في (م): وجرى
3- (من) ليست في (ك)

أصل [في مجرى أصالة تأخر الحادث]

[تحرير محل النزاع]

مجرى أصالة تأخر الحادث فيما قطع بحدوث حادث وشك في مبدأ حدوثه.

وأما ما يتوهم) يتوهم(1): من أنه إذا ثبت للفظ معنى في العرف العام وشك في اتحاده مع المعنى اللغوي، فأصالة عدم النقل معارضة بأصالة تأخر المعنى العرفي عن زمن اللغة.

ف مدفوع: بأنه إذا علم للفظ معنى في العرف العام، فإن علم أنه كان له معنى في اللغة أيضاً، وشك في اتحادهما، فأصل عدم النقل لا معارض له؛ إذ النقل حينئذ يستلزم حوادث ثلاثة : الوضعان للمعنيين وهجر الأول.(2)

وأما أصل عدم تقدم هذا المعنى العرفي، فمعارض بأصل عدم تقدم معنى آخر.(3)

وإن علم أنه كان له معنى في اللغة غير هذا المعنى العرفي)(4)، لكن احتمل اشتراكه في اللغة(5) بين المعنى(6) العرفي وذلك المعنى المهجور، فأصل تأخر الحادث حينئذ سليم عن المعارض معتضد بأصالة عدم الاشتراك في اللغة (واما النقل

ص: 398


1- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 122
2- وضع اللفظ للمعنى اللغوي أولاً، ثم وضعه للمعنى العرفي ثانياً، ثم نقله عن المعنى الأوّل برفع المؤانسة عن المعنى الأوّل
3- فيبقى أصل عدم النقل بحاله
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- (في اللغة) ليست في (ك)
6- (المعنى) ليست في (م)

فمعلوم هنا لا يمكن نفيه بالأصل.(1)

وإن شككنا في أن هذا اللفظ هل كان في اللغة)(2) موضوعاً لمعنى أم لا، بل كان من الألفاظ المستحدثة، لكن نعلم(3)بأن المعنى(4) كان موجوداً فيها، وكان لفظ من الألفاظ موضوعاً بإزائه : إما هذا اللفظ، أو غيره ، حكمنا باتحاد اللغة والعرف؛ الأصالة عدم تعدد الوضع، وأصل تأخر الحادث معارض بمثله.(5)

وإن شككنا في وجود (6) اللفظ والمعنى في اللغة، فأصل تأخر الحادث سليم عن المعارض

ثم أصل تأخر الحادث باعتبار نفس الحادث إما وجودي، أو عدمي.(7)

ثم زمان الشك والمشكوك فيه : إما متحد، أو مختلف بتقدم زمان أحدهما.

ثم المستصحب: إما حكم فرعي، أو أصلي، أو موضوع صرف، أو مستنبط.(8)

ص: 399


1- لأن النّقل في الجملة يقيني؛ إذ لو كان اللّفظ حقيقة خاصة في اللغة في غير هذا المعنى العرفي خاصة فواضح ، وإن كان مشتركاً بين هذا المعنى العرفي وغيره لزم النقل أيضاً عن المشترك إلى احد معنيين، فالنقل يقيني، ولا يجري أصل عدم النّقل ويبقى أصل تأخر الحادث سليماً عن المعارض، ومعتضداً بأصالة عدم الاشتراك في اللغة
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- (نعلم) ليست في (م)
4- (المعنى) ليست في (م)
5- (بمثله) ليست في (ك)
6- (وجود) ليست في (ك)
7- فالوجودي كما لو علمنا بوجود زيد في البلد وقدومه اليه وشككنا في أن مبدأ القدوم هو يوم الجمعة أو يوم الخميس، فأصل تأخر الحادث يقتضي القدوم يوم الجمعة، ولا ريب أن الحادث هنا أمر وجوديّ؛ والعدمي كما لو قطعنا بموت زيد ولم نعلم انه مات يوم الجمعة أو الخميس، فأصل تأخر الحادث يقتضي موته يوم الجمعة
8- في (م): موضوع مستنبط

[الحق في المسألة]

والحق جريان أصل تأخر الحادث فيما إذا اتحد زمان الشكّ والمشكوك فيه، أو تأخر زمان المشكوك فيه عن زمان الشك من غير فرق بين الأقسام المذكورة، وبين كون المراد من أصل تأخر الحادث استصحاب الحالة السابقة، أم عدم عروض القادح ؛ وذلك للأخبار، وبناء العقلاء، ولأن كل من قال بحجية الاستصحاب قال بذلك، ولأنه لولاه لزم عدم حجية الاستصحاب في الشك في عروض القادح(1)، لا إذا تأخر زمان الشك عن زمان المشكوك فيه.

وهذا القسم هو مرادهم من أصالة تأخر الحادث، فالحق حينئذ عدم اعتبار أصل تأخر الحادث، ولا الاستصحاب المعكوس الذي هو ضدّه؛ لعدم الدليل، فتأمل.

أصل [في جريان الاستصحاب في الأحكام الظاهرية و الواقعية كليهما]

لا فرق في حجية الاستصحاب بين الأحكام الواقعية والظاهرية، فلو ثبت نجاسة شيء بالبينة الشرعية، ثم شك في ارتفاعها استصحب بقاؤها؛ للإجماع المركب ، ودلالة النصوص بعموم حذف المتعلق، وطريقة أهل العقول.

وكذا الظن الشرعي ناقض لليقين إما من باب التخصص، أو التخصيص.(2)

ص: 400


1- لأن تلك الصورة جزء من جزئيات الشك في عروض المانع ، وقد مرّ حجية الاستصحاب في الشك في عروض القادح
2- إن كان المراد من الشك في الروايات هو الشك الواقعي، فهو تخصيص، وإن كان المراد الأعمّ من الواقعي والظاهري فهو تخصص

أصل [في الاستصحاب في الأمور التدريجية]

في جواز إجراء الاستصحاب في الأمور التدريجية بحسب الواقع، والدفعية في نظر ،العرف كالأكل، والتكلم، وإلقاء الدلاء على الماء القليل في مجلس واحد عرفاً(1)، وفي التعليقيات(2) ، وفيما يتمسك فيه بأصل الشغل، كما لو شك في وجوب السورة في الصلاة وهو لم يشرع فيها بعد، وجهان.

وإذا احطت خبراً بتضاعيف ما ذكر، قدرت على استخراج الدليل.

أصل [في مجاري الاستصحاب بالنسبة إلى الدليل الدال على المستصحب]

فاعلم أن الدليل على الحكم إن كان مقيداً بوصف يوجب ارتفاعه ارتفاع الحكم، كأن يقول : الماء المتغير بالنجاسة متنجس ما دام متغيراً، فهذا بمفهومه ينفي الانفعال بعد(3) زوال الوصف، فلا استصحاب

وكذا إذا قال: الماء المتغير متنجس لا لدلالة(4) مفهوم الوصف؛ لأنه ليس حجة على الأصح، بل لانتفاء الموضوع بزوال التغيّر، فلا استصحاب من حيث

ص: 401


1- تظهر الثّمرة ما لو ألقى ماء غدير كرّ فصاعداً إلى غدير آخر تدريجاً بالمكيال كيلاً فكيلاً في مجلس واحد، ثم لاقى ماء ذلك الغدير الآخر ،نجس، وشككنا أن ماءه وصل إلى حدّ الكر حتى لا ينفعل أم لم يصل، فلو قلنا باستصحاب عدم الكرية حكمنا بنجاسة الماء، وان عارضه استصحاب طهارة الماء، لكن الأوّل موضوعي والثانى حكمي، فيكون الأوّل وارداً على الثّاني؛ ولو لم نقل باستصحاب عدم الكريّة حكمنا بطهارة الماء؛ لاستصحاب الطهارة السّليم عن المعارض، فلا يكون ملاقيه نجساً، ويجوز شربه
2- كون القضية حُكمَ فيها بوجود حكم على تقدير وجود آخر
3- في (م) بعدم
4- في (م): دلالة

مدلول اللفظ.

وأما من حيث اللبّ، فسيأتي في المسألة الآتية.

وإن كان دالا على ثبوت الحكم للموضوع المجرد عن القيود والأوصاف، كأن يقول : الماء إذا تغيّر تنجس، فإن كان هذا الكلام بحسب العرف متواطئاً، بالإضافة إلى حالة زوال التغيّر، وهو المسمى بالمؤبدة ، كفانا الإطلاق، فلا استصحاب، أو مشككاً مبين العدم(1)، فمرجعه إلى القسم الثاني، أو مشككاً إجمالياً(2)وهو المسمى بالمطلقة، جرى فيه الاستصحاب، سواء كان الشك في المقتضي. أو المانع.

وإن كان الدليل مردداً بين المطلقة وغيرها من الأقسام، أو بين المؤبدة والأولين،فالحق جريان الاستصحاب؛ لإطلاق النصوص(3)، وبناء العقلاء، وتنقيح المناط، وهو حصول الظن بالبقاء، وفقد الفارق بين هذين والمطلقة التي هي المهملة حقيقة.

ومن هنا ظهر بطلان إبطال استصحاب دين موسى، أو عيسى علیهما السلام إلى أن يثبت حقيّة(4) الإسلام؛ بكون الأمر فيه مردداً بين المطلقة وغيرها، وان الاستصحاب لا يجري حينئذ ، وقد أوردنا على هذا الجواب (5) في ضوابطنا إيرادات خمسة (6)، والصواب في الجواب عن هذا الاستصحاب رده بالأدلة الواردة من المعجزات لابمنع الجريان مع أنه لا يرد على(7) من ينكر حجية الاستصحاب رأساً، ولا على من يقول بحجيته

ص: 402


1- أي وصل خفاء الفرد بمرتبة يضر بالإطلاق، بل يخرجه عن المراد
2- أي موجب لإجمال اللفظ ، فيضر التشكيك بظاهر اللفظ المطلق
3- فإنها حاكمة بحرمة نقض اليقين بالشك، من دون تفصيل بين كون الشك ناشئاً الدليل، أو تردده بين الاحتمال وغيره
4- في (ك، م) : حقيقة
5- الإشكال والجواب في القوانين المحكمة للقمي : 3 / 164
6- ضوابط الأصول للمصنف: 97/6
7- (على) ليست في (ك)

للنصوص حتى إلزاماً، ولا على من يقول بحجيته لتراكم النصوص وغيرها.

أصل [في اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب]

اشارة

قالوا: يشترط في الاستصحاب(1)بقاء الموضوع(2)، والظاهر أن مرادهم عدم العلم بانتفائه، فلا ينتقض باستصحاب حياة زيد مثلاً، وباستصحاب نجاسة الماء المتغير إذا شك في بقاء التغير، مع فرض كون الموضوع هو الماء المتغير.

والفرق بين المستصحب وموضوع الاستصحاب أن الأول هو الشيء الذي علم به سابقاً وشك في بقائه، والثاني معروض ذلك الشيء ولو(3)بالواسطة.(4)

[في بيان بعض من الاصطلاحات المرتبطة بالمقام]

ثم الانتقال اصطلاحا: انتقال جسم إلى جوف حيوان ، مع تبدل الاسم ، والقدر المعلوم منه ما إذا كان المنتقل منه واليه مائعين(5)، وفي المختلفين(6)وجهان دون الجامدين.(7)

والانقلاب اصطلاحاً: تبدل جسم بآخر، من غير جهة الانتقال، وهو كسابقه

ص: 403


1- في (ك): استصحاب
2- ينظر: الوافية للتوني : 210 ، مفاتيح الأصول للمجاهد: 35
3- (لو) ليست في (ك)
4- ينظر: خزائن الأحكام: 66/2
5- كصيرورة الماء بولا، ودم الانسان بعد دخوله جوف العلق دم علق
6- بأن يكون المنتقل منه مائعاً دون المنتقل اليه كصيرورة المني إنساناً، وبالعكس بأن يكون عكس الثانية كصيرورة البطيخ بولا
7- كصيرورة العلقة روثاً

في الصور الأربع.(1)

والاستحالة اصطلاحاً تبدل ماهيّة بأخرى سواء كان المنقلب منه أو إليه، مائعاً أم لا.

وبينها وبين الأول تباين كلي ، وبين الثاني عموم وخصوص مطلق.

وهم نازعوا في جريان الاستصحاب في الثلاثة على أقوال(2)، ثالثها التفصيل بين النجس ،الذاتي، والمتنجس بالعرض(3)، ونزاعهم صغروي لا كبروي.(4)

ونظير هذه الثلاثة ما زال عنه الاسم دون الصّورة النوعية، كالحنطة المتنجسة إذا صارت دقيقاً، والمقيدات(5) بعد زوال قيدها(6)(7)، والمؤقتات بعد خروج وقتها.(8)

ص: 404


1- الأولى: كون المبدل منه والمبدل إليه كليهما مائعين كانقلاب الخمر خلاً وعكسه الثانية: أن يكون المبدل منه مائعاً دون المبدل اليه كانقلاب الماء هواء والثالثة: عكس الثانية كانقلاب الهواء ماء، والرابعة: أن لا يكون شيء منهما مائعاً كصيرورة الكلب ملحاً والخشب رماداً. والقدر الثابت من التسمية بالانقلاب اصطلاحاً هو الصورة الأولى، وعدم كون الاخيرة انقلاباً، والثانية والثالثة محل الشك
2- أولها: جريان الاستصحاب مطلقاً اختاره المحقق في المعتبر : 1/ 451 والعلّامة في المنتهى: 287/3 ثانيها: عدم الجريان مطلقاً، وهو المشهور
3- حكي عن الفاضل الهندي وتبعه صاحب القوانين : 170/3 ، والمحقق السبزواري في الذخيرة: 172
4- لأنهم مطبقون على عدم جواز التمسك بالاستصحاب فيما علم فيه بانتفاء الموضوع، بل النزاع بينهم إنما هو في تشخيص الصغريات
5- عطف على الموصول. (منه)
6- في (م): قيودها
7- كقوله: الماء المتغير نجس
8- كقوله: صم يوم الخميس

والحق في مقام تشخيص الكبريات فيما تبدلت فيه الصورة النوعية والحقيقة إلى أخرى، سواء كان بطريق الاستحالة، أو الانتقال، أو الانقلاب، أنه إن علم أن الموضوع هو الصورة النوعية، أو شك فيه، فلا استصحاب؛ للعلم بانتفاء الموضوع في الأول، وكون الشك في الثاني شكاً في الحادث إن(1) أريد استصحاب الموضوع(2)(3)، وعرضياً إن أريد استصحاب الحكم.(4)

أو (5) هو الأجزاء الجنسية جرى الاستصحاب، إلّا إذا علمنا بأن الصورة النوعية علة لحدوث الحكم في الأجزاء الجنسية، ولبقائه أيضاً(6)، من غير فرق فيما ذكر بين الذاتي والعرضي، بعد رعاية أن المتبادر من قوله: (الملاقي للنجس متنجس) ثبوت الحكم ما دام بقاء الملاقي على صورته النوعية، فيكون الموضوع أيضاً هو الصورة النوعية، أو مشكوكاً.

ولو شك في بقاء الصورة النوعية وعدم بقائها، كما في الخشب إذا صار فحماً، جرى فيه الاستصحاب.

وبعد ما عرفت ذلك عرفت(7)أحكام الأقسام الستة، بعد رعاية ظواهر

ص: 405


1- في (ك) : إذا
2- (الموضوع) ليست في (ك)
3- لأنه بعد ما علمنا أن لهذا الحكم المجعول - أعني النجاسة - موضوعاً، شككنا في أن موضوعه هل هو الصورة النوعية، أو الموضوع الجنسية، فكما ان للخصم أن يقول بعد ارتفاع الصورة النوعية : أن الأصل بقاء الموضوع من هذين المشكوكين، وارتفاع غير الموضوع منهما، فلنا أن نقول: إن الأصل بقاء غير الموضوع منهما، وارتفاع ما هو الموضوع منهما
4- إن المستصحب إن كان هو نجاسة هذا الجزء، فمن الأول كان مشكوكاً، وإن كان هو نجاسة اجزاء الكلب بحقيقتها النوعية فقد ارتفعت
5- في (ك): و
6- بمعنى أن حدوث الحكم يتوقف على حدوث الصورة النوعية، وبقاءه يتوقف على بقائها
7- (عرفت) ليست في (ك)

خطابات الشرع(1)في مقام تميز الصغريات ، فكل موضع(2)جرى فيه الاستصحاب كان حجة، وإلا فلا.

ثم إن كان دليل اجتهادي عام يوجب اندراج الطبيعة الحادثة في أفراد تلك الطبيعة من حيث الحكم عملنا به والا فبالأصول الفقاهتية.

ثم إنهم قالوا إن الأحكام تدور مدار الأسماء(3)، (ومرادهم دوران الأحكام مدار الأسماء)(4) إذا كان تبدل الاسم لتبدل المسمى، كالكلب إذا صار ملحاً مثلاً، مع ملاحظة اتحاد زمن الحضور والغيبة من حيث التسمية، علماً أو أصلاً، لا أن العرف إذا غير اسم الكلب وسماه ملحاً تغير الحكم.(5)

ص: 406


1- في (ك): الشارع
2- في (ك): موضوع
3- وهو مشهور على لسان الفقهاء، ينظر: الحدائق الناضرة: 5 / 472
4- ما بين القوسين ليست في (ك)
5- كما نبه عليه صاحب المدارك : 53/1

أصل [في تعارض الاستصحابين]

اذا تعارض استصحابان فإما حكميان أو موضوعيان، أو مختلفان.

ثم إما وجوديان، أو عدميان، أو مختلفان.

ثم الحكميان الوجوديان إما تعارضها لأمر خارج(1)أو لأنفسهما.(2)

وعلى الأخير: إما أحد الشكين سبب للشك الآخر ، أم(3) مسببان من أمر ثالث.

فإن كان الاستصحابان المتعارضان حكميين وجوديين متعارضين لأنفسهما، مع سببية أحد الشكين للآخر، كتعارض استصحاب(4) طهارة الماء مع مع استصحاب نجاسة المغسول واستصحاب نجاسة مستصحب النجاسة مع استصحاب طهارة الملاقي، ففي العمل بهما معاً كما عليه بعض من(5) تأخر(6) - إذ لم يثبت أن مستصحب النجاسة منجّس(7)، أم يقدّم استصحاب السبب، وجهان، أوجههما الأخير؛ لأن الظاهر من أمره الليلها بإبقاء ما كان على ما كان هو ترتيب(8) آثاره عليه، ومن

ص: 407


1- كما إذا علم بأن أحد الحكمين من نجاسة الكلب وطهارة الخلّ قد نسخ وشك في أن المنسوخ أيهما
2- كما إذا علم بطهارة ماء، ثم شككنا في بقاء الطهارة فغسلنا به ثوباً معلوم النجاسة، فحصل حينئذٍ القطع إما بارتفاع نجاسة الثوب أو طهارة الماء، فتعارض استصحاب طهارة الماء مع استصحاب نجاسة الثوب
3- في (م):او
4- (استصحاب) ليست في (ك)
5- (من) ليست في (ك)
6- وهو الميرزا القمي في القوانين : 176/3 تبعا لفخر الحققين في الايضاح: 1/ 24 - 25
7- في (ك): متنجس
8- في (ك): ترتب

جملتها نجاسة ،ملاقيه فقبل ملاقاة الطاهر لمستصحب النجاسة نحكم(1)بنجاسة المستصحب؛ لسلامة الاستصحاب حينئذ (عن المعارض، فهو حينئذ)(2) متنجس شرعاً ينجس ملاقيه بالعموم ، فالتعارض هنا ابتدائي، ولا تعارض حقيقة، وهكذا في نظائره، مضافاً إلى بناء العقلاء، وظهور الإجماع من القائلين بحجية الاستصحاب.(3)

ويرد على العامل بالأصلين هنا حكمه بطهارة غسالة هذا(4) المتنجس، (ونجاسة غسالة المتنجس) (5) المعلوم نجاسته، ولم نجد هذا التفصيل في باب الغسالة، وحكمه بطهارة الأرض الملاقية له لاستصحاب طهارتها، وعدم جواز السجود والتيمم عليها لاستصحاب الأمر(6)، عملاً بالأصلين، والحال أنه صرح بجوازهما.

ثم إنه إن(7) قال بعدم تعارض بين الأصلين(8)؛ ولذا يعمل بهما، فقد خرج عن الفرض(9)، أو بوجود(10)التعارض بينهما ، فتعارضهما من باب التباين الكلي، لا العامين

ص: 408


1- (نحكم) ليست في (ك)
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- لا تخلو دعوى الإجماع من نظر مع وجود المخالفين كالشيخ في المبسوط : 330/1، والمحقق في المعتبر: 598/2 ، والعلّامة في التحرير : 1/ 55 وجماعة من متاخري المتاخرين
4- (هذا) ليست في (ك)
5- ما بين القوسين ليست في (م)
6- فإن مقتضى استصحاب بقاء الأمر بالصلاة أن لا يسجد على هذه الأرض ، ولا يتيمم بها؛ عملاً بالأصلين
7- (ان) ليست في (ك)
8- بأن يقول : إن غاية ما يقتضيه أصالة نجاسة الثوب هو الحكم بنجاسة الثوب لا غير، وغاية ما يقتضيه أصالة طهارة الأرض الملاقية للثوب هو الحكم بطهارة الأرض لا غير، فلا تعارض بينهما
9- (الفرض) ليست في (ك)
10- في (ك) لوجود.

من وجه، حتى يبعض في العمل بلوازم كل منهما من غير دليل.(1)

ثم إنا إذا قلنا بعدم حجية الاستصحاب في الشك في المانعية، فاستصحاب الشك السببي خال عن المعارض رأساً ، فيقدم بلا ريب، ولا فرق فيما ذكرنا بين تقارن الشكين، وتقدّم الشك السببي زماناً؛ لوحدة المناط.

وإن كان الشكان في الصورة المفروضة مسبيّين عن أمر ثالث، كما في الكرّ الوارد على الماء المتنجس تدريجاً، وفي نظائره من موارد(2) تعدد الموضوع، فالوقف إلى أن يوجد مرجّح لأحدهما (3)؛ البطلان الترجيح بلا مرجّح ، وعدم الدليل على التخيير (4) بعد إمكان طرحهما.

والحكميان العدميان، أو المختلفان، حالهما كماسبق من تقديم الشك السببي، والتوقف عند تسببهما من أمر ثالث؛ لوحدة الدليل، والإجماع المركب.

وأمّا الحكميان المتعارضان لا لأنفسهما - ويعبر عن ذلك بالشك في الحادث - فإن اتفق العمل بالأصلين(5) المكلّفين فصاعداً، كالثوب المشترك الذي فيه(6)المني، وكما إذا علم بنجاسة أحد الثوبين اللذين هما لشخصين، فكل يعمل بالأصل في حق

ص: 409


1- فالتعارض بين الأصلين حينئذ يصير من باب تعارض المتباينين الذي لا بد فيه من الرجوع إلى المرجح لا من باب تعارض العامين من وجه حتى تتبعض، ويعمل بهما في مادة الافتراق ولا يعمل بشيء منهما في مادة الاجتماع، كما فعل هذا القائل هنا كذلك بأن ارتكب التبعيض في العمل فأخذ بعض أحكام هذا الأصل وبعض أحكام الأصل الآخر، مضافاً إلى أن التعيين في التبعيض أيضاً لا بد له من مرجّح حتى يلزم الترجيح بلا مرجّح
2- في (م): الموارد
3- لعدم إمكان الجمع بالفرض
4- إذ التخيير فرع عدم إمكان الجمع، وعدم وجود المرجح ، وعدم إمكان الطرح، والشرط الثالث هنا مفقود؛ لأن الطرح ممكن
5- في (م): باصلين
6- في (م): وجد فيه

نفسه؛ لبناء العقلاء، ولا يشمله عموم أخبار عدم نقض اليقين بالشك.(1)

أو لمكلف واحد فالوقف، إلّا إذا كان أحد المستصحبين موافقاً لأصل البراءة دون الآخر، فيعمل بالأصلين.

وإذا تعارض الموضوعي مع الحكمي، قدّم الأول على الأصح؛ لمنقول الإجماع(2)، فانه يكفي مرجحاً لأحد الأصلين، ولأن كل من قدم الشك السببي(3) في القسم الأول قدم الموضوعي هنا، و(4) البناء العقلاء، ودلالة النصوص، فإن الموضوعي مزيل للحكمي، ولعمل الأكثر ، وظهور إجماع العاملين بالاستصحاب، ولا يضر مخالفة البعض.(5)

و(6) لو فرض هنا تسبب التعارض من أمر خارج، حتى صار الشك في الحادث(7)، عملنا بالأصلين، وطرحنا العلم الإجمالي؛ لطريقة أهل العقول.

ولو تعارض استصحابان موضوعيان، قدمنا المزيل على المزال كما مرَّ ، والا(8)فالوقف، نعم لوتسبب التعارض من أمر خارج ، وصار الشك في الحادث، عملنا بالأصلين إذا كان العمل من شخصين، والا فالوقف أيضاً، إلا أن يوجد مرجح لأحد الأصلين، بحيث يكون نفس المرجح دليلاً مستقلاً.

ص: 410


1- إذ المتبادر منها عدم جواز نقض يقين نفسه إلا بيقين آخر لنفسه، ولا ريب انه غير حاصل للمكلّف
2- حكاه المصنف في الضوابط : 126/6 عن الشيخ علي في حاشيته على الروضة
3- (السببي) ليست في (ك)
4- الواو ليست في (ك).
5- ينظر: رياض المسائل: 1/ 31
6- الواو ليست في (ك)
7- كما لو شكّ في بقاء زيد وطهارة ثوبه بعد القطع بارتفاع احدهما عقيب القطع بتحققها
8- أي: إن لم يكن أحدهما مزيلاً للآخر

أصل [في لزوم الفحص قبل العمل بالاستصحاب]

لا عمل بالاستصحاب في الأحكام قبل الفحص عن المعارض؛ للأصل تكليفاً ووضعاً(1)، والإجماع(2)، ولزوم الخروج عن الدين في العمل بالأصول الفقاهتية قبله، والأولوية بالنسبة إلى الأدلة الاجتهادية.(3)

ومثلها (4) الموضوع المستنبط؛ للأصل، وظهور الوفاق، والأولوية(5)، ولزوم المخالفة القطعية لولاه لا الصرف على الاصح عندي(6)؛ لدلالة النصوص بالعموم والخصوص.

ص: 411


1- والأصل في كل أمر غير علمي هو عدم جواز العمل الا مع اليقين بالجواز، وهو هنا يكون بعد الفحص عن الدليل الاجتهادي، هذا من حيث الحكم التكليفي، وأما من حيث الحكم الوضعي، فالأصل عدم حجية الاستصحاب قبل الفحص أيضاً؛ لأصالة الاشتغال
2- كما عن المصنف في الضوابط : 132/6
3- يعني : إذا لم يجز العمل بالأدلة الاجتهادية قبل الفحص، فالفقاهية بطريق أولى قطعاً.
4- في (ك): ومنها
5- إذ العمل بقول اللغوي الذي هو دليل اجتهادي في اللغات يحتاج إلى الفحص، والعمل بالاستصحاب أولى في الاحتياج إلى الفحص؛ لانه دليل فقاهتي
6- خلافاً للمشهور

أصل [في استصحاب الشرائع السابقة]

لا يصح التمسك باستصحاب ما لم يعلم نسخه من أحكام الشرائع السابقة، كان في المشتبهات علم إجمالي قليلاً في كثير ، أم كثيراً في كثير، أم لم يكن(1)؛ لعدم انصراف النصوص إلى مثله(2)، وكون بناء العقلاء على خلافه، فيسلم أصالة عدم حجية الاستصحاب؛ لكونه عملاً بما وراء العلم عن المعارض.

ولو قيل: إن المتدين بالدين السابق(3)في زمان لو شك في النسخ لعمل بالاستصحاب، كما عليه بناء العقلاء، ويتم في من عداه بالإجماع المركب.

قلنا: إنه مقلوب بمثله(4)، فالأصل أيضاً سليم.(5)

أقول: ولقائل دعوى كون عمل الفقهاء على ذلك، ودلالة النصوص عليه، فيدفع بالأصل.(6)

ص: 412


1- ينظر: الفصول الغروية للأصفهاني: 315
2- وإنما تختص في إبقاء الأحكام الواصلة إلينا من جانبهم، لا مطلق الأحكام
3- كالموجودين أول بعثة النبي صلی الله علیه و آله وسلم
4- لأنا نثبت عدم الحجّية لأمثالنا ممن هو موجود في هذا الزمان ببناء العقلاء، ويتم الباقي بالإجماع المركّب، عكس ما تقول به، وبعد تعارضها وتساقطها يرجع إلى الأصل الأولي
5- في :(م) سليم عن المعارض
6- في (ك) : به الأصل

أصل [في الاجتهاد والتقليد]

عرّفوا الاجتهاد الاصطلاحي حالاً : بأنه استفراغ(1) الفقيه الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي.(2)

وملكة: بأنه ملكة(3)يقتدر بها على استنباط الحكم.(4)

ويرد على كل منهما إشكالات.

والأحسن تعريف الملكي بأنه - عند أهل هذا الفن - ملكة يقتدر بها على تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الواقعي(5)تحصيلاً نظرياً، والحالي: بأنه استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الفرعي الواقعي.

وهو مشترك بين(6)المعنيين لفظاً .

والفقه الحالي: القطع بالحكم الظاهري والملكي ملكة تحصيل العلم بالحكم الظاهري.(7)

والمفتي: يطلق على من يشتغل بإظهار الأحكام عن رأيه واجتهاده(8)؛ وعلى من له هذا المنصب.

ص: 413


1- في (ك) : الاستفراق
2- هذا التعريف لابن الحاجب في مختصره: 1204/2 ووافقه العلّامة في التهذيب: 279
3- (ملكة) ليست في (م)
4- زبدة الأصول للبهائي: 9
5- في (ك): الفرعي الواقعي
6- (بين) ليست في (ك)
7- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 6 / 149
8- ينظر : أنيس المجتهدين للنراقي: 2/ 957

والقاضي: يطلق على من(1) يرفع الخصومة بين الخصمين على الوجه المخصوص(2)؛ وعلى من (3) له هذا المنصب.

والحاكم: يطلق على المتصرف في أموال الغيب والمجانين ونحوهم، على الوجه الشرعي المخصوص(4)، وعلى من (5) له هذا المنصب.

والأظهر عندي أن(6) الحاكم يطلق على الأعم من القاضي، ويحتمل ترادفها.

ص: 414


1- (من) ليست في (ك)
2- ينظر : المعجم الشامل : 1/ 213
3- (من) ليست في (ك)
4- ينظر: جواهر الكلام: 318/23
5- (من) ليست في (ك)
6- (ان) ليست في (ك)

أصل [في التجزي في الاجتهاد]

اشارة

اختلفوا في جواز تجزّي(1) ملكة الاجتهاد وعدمه في الفروع، وادعوا الوفاق على جوازه في الأصول.(2)

وقد يتخيل تناقضهما.

[المختار في المسألة]

والحق إمكان التجزي(3)؛ للأصل (4) ، والوجدان(5)، وعدم إمكان الإطلاق لولاه.(6)

ولزوم عمله بظنه كما يعمل بعلمه(7)؛ لأن احتمال عدم كونه مكلفاً بشيء(8)، أو كونه مكلفاً بالاحتياط، أو التبعيض، منفي بالإجماع، فأمره دائر بين التقليد والاجتهاد

ص: 415


1- في (ك): التجزي
2- الجامع الجوامع العلوم: 234 ، مفاتيح الأصول للمجاهد: 584
3- وعليه الأكثر كما في الوافية للتوني: 244
4- أي: أصالة الإمكان
5- فإنا نرى أن الشخص قد يكون له ملكة في العبادات؛ لكثرة الممارسة فيها دون المعاملات كما أن الشخص قد يكون له ممارسة فى جزء من علم الطب فله ملكة فيه دون سائر الأجزاء، كالكحال والجراح ونحوهما
6- لا ريب أن الملكات تدريجية في الحصول بداهة، فلا بد ان يصير الشخص أولاً متجزئاً ثم مطلقاً، فلو لم يمكن التجزي لم يمكن الإطلاق
7- حكاه في المفاتيح : 583 عن العلّامة والشهيدين والبهائي ووالده والفاضل الهندي، بل ادعى عدم الخلاف فيه الا من صاحب المعالم
8- (بشيء) ليست في (ك)

والتخيير بدواً(1)، وخيرها أوسطها(2)؛ للدليل العقلي الحاكم حينئذ ببطلان ترجيح المرجوح على الراجح، أو التسوية بينهما.

ولو لم يحصل له الظن بعد الفحص عمل بالأصول الفقاهتية.

وفي جواز فتواه ، و(3) تقليد الغير إياه(4)، وجواز قضائه وحكومته، وجهان.

كما أن في وجوب اجتهاد المتجزي في مسألة التجزي، أو تقليده، أو خياره بينهما، وجوها.

ص: 416


1- بمعنى أنه أيهما اختار من الاجتهاد في المسائل، أو التقليد، لزم ذلك عليه دائماً
2- فلا بدّ له إمّا من العمل بظنّه أو بوهمه الحاصل من تقليد غيره، فإن ألزمناه بالتقليد لزم- ترجيح المرجوح، أو خيرناه بينه وبين العمل بالظن لزم التسوية بين الراجح والمرجوح، فتعين عمله بظنّه
3- في (ك): أو
4- ينظر: الفصول الغروية للأصفهاني: 400 ، هداية المسترشدين للنجفي الأصفهاني: 671/3

أصل [في شرائط الاجتهاد المطلق]

من شرط الاجتهاد المطلق(1): معرفة العربية(2)مادة وهيئة، ولو لبًّا(3)، ولو بالتقليد(4)المحصّل للظن الطبعي (5)، الا إذا كان المدرك في أيدينا(6)، فلا بد من الاجتهاد؛ للأصل(7)، وتكفي معرفة مقدار الحاجة في الاستنباط (8) ولو بالقوة؛ دفعا للعسر أو التعطيل.(9)

ومعرفة علم الكلام(10) بقدر ما يتوقف عليه حصول الاعتقاد بالحكم

ص: 417


1- استوعب هذه الشروط بالتفصيل السيد محمد المجاهد في مفاتيح الأصول: 570 - 578
2- صرح بهذا الشرط المرتضى في الذريعة 539 ، والشيخ في العدة: 728/2، وابن ادريس في السرائر : 2 / 156 ، والعلّامة في التهذيب: 281 ، والشهيد الأول في الذكرى: 42/1 ، والثاني في الروضة : 429/1 ، والسيوري في التنقيح : 235/4 ، والشيخ حسن في المعالم: 331 والبهائي في الزبدة ،164 ، والفاضل التوني في الوافية ،250 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : 335 ، وغيرهم من الأعلام
3- بأن يكون الشخص من فصحاء العرب الذين يعلمون العربية؛ لأنها لسانهم وإن لم يعلموا الاصطلاحات والتسمية بالفاعل والمفعول وغيرهما بعد علمهم بلبهما وبأن ما يسند إليه الشيء مرفوع، وما يقع عليه الفعل منصوب، وهكذا
4- (التقليد) ليست في (ك) .
5- في (م) القطعي
6- كما لو علمنا باخذهم المعنى من فهم العرف.
7- وهو قاعدة الاشتغال
8- في (م): استنباط
9- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 570
10- صرح بهذا الشرط العلّامة في التهذيب: 281 ، والشهيد الأول في الذكرى: 1/ 42 ، والثاني في الروضة : 429/1 ، والفاضل التوني في الوافية : 251 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية: 336

الشرعي(1)، ولو لم يكن بنحو مراجعة كتب الكلام، وفي اشتراط الاجتهاد، أو كفاية(2) التقليد، وجهان يأتيان.

ومعرفة علم(3) الرجال(4)، إما لأجل (تحصيل شرائط الراوي، أو تحصيل أسباب الظن (5)، أو)(6)تحصيل قرائن القطع ، أو لترجيح القطعيات إذا تصادمت وشكوك الأخباريين واهية كما مرَّ.(7)

وفي جواز الاكتفاء بتصحيح الغير وتضعيفه، وجهان تقدّما.

ومعرفة علم أصول الفقه(8)؛ لأنه متكفل لبيان عوارض أدلة الفقه، وتكفي الملكة؛ لما أشرنا في العربيّة، ولا يكفي التقليد؛ للأصل.(9)

ص: 418


1- لأن الاجتهاد هو ملكة تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الواقعي، ولا ريب في أنّ الاعتقاد بأن حكم الله تعالى كذا لا يمكن حصوله الّا بعد معرفة المضاف إليه الحكم من الشرع والشارع ونحوهما
2- (كفاية) ليست في (ك)
3- (علم) ليست في (ك)
4- صرح بهذا الشرط العلّامة في التهذيب : 282 والشهيد الأول في الذكرى: 43 والثاني في المنية: 176 والشيخ حسن في المعالم : 331 والبهائي في الزبدة: 164 والفاضل التوني في الوافية: 260 والبهبهاني في الفوائد الحائرية: 337
5- لمن بقول بحجية الخبر من باب الظن
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 185/6
8- صرح بهذا الشرط العلّامة في القواعد: 423/3 ، والشهيد الأول في الذكرى: 42/1، والثاني في الروضة: 430/1 ، والسيوري في التنقيح : 235/4 ، والشيخ حسن في المعالم: 331، والبهائي في الزبدة 164 ، والفاضل التوني في الوافية : 251 ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : 336
9- وهو حرمة العمل بما وراء العلم

ومعرفة علم المنطق(1)اجتهاداً ولو لبَّاً؛ لأنه متكفل لتميز صحيح الدليل من سقيمه.

ومعرفة مواقع (2) الإجماعات(3)ولو ملكة ؛ لئلا يخالفها، لكن هذا الشرط مستغنى عنه بعد ما سبق من الشرائط، كما يستغنى عن اشتراط قدرته على (فهم آيات)(4) الأحكام(5)، وهي الآيات التي يمكن استخراج الأحكام منها مطابقة، أو تضمناً، أو التزاماً .

نعم(6)، يشترط أن يكون له أنس بالأخبار(7)؛ لارتباط الأبواب بعضها ببعض(8)، وأن يكون(9) له قوة رد الفرع إلى أصله(10)، وأن يعلم المعاني والبيان والبديع؛

ص: 419


1- صرح بهذا الشرط الفاضل التوني في الوافية: 252، والبهائي في الزبدة: 164
2- في (ك): موارد
3- صرح بهذا الشرط الشيخ في العدة: 728/2 ، والعلّامة في التهذيب: 283 ، والشهيد الأول في الذكرى: 1/ 42 ، والثاني في الروضة: 431/1 ، والشيخ حسن في المعالم : 331 ، والبهائي في الزبدة : 164 ، والفاضل التوني في الوافية : 283
4- في (ك) : إثبات
5- خلافا للمشهور ، ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 575
6- (نعم) ليست في (ك)
7- ويعبر عن هذا الشرط في المصادر المعروفة ب- ( أن يكون عارفاً بالسنة)
8- فلو أراد الاجتهاد فعلاً في مسألة الطهارات أو في مسألة منها لم يكف له الرجوع إلى أحاديث كتاب الطهارة فقط؛ لأن بعض أخبار الطهارة قد يذكر في كتاب الصلاة بمناسبته، كطهارة بدن المصلي أو ثوبه، فلا بد له من الرجوع إلى مكان أخبار الطهارة لعله يقف على معارض أو معاضد
9- (يكون) ليست في (ك)
10- صرح بهذا الشرط العلّامة في التهذيب : 283 والشهيد الأول في الدروس: 449/1 والثاني في الروضة : 1 / 431 والشيخ حسن في المعالم : 331 والبهائي في الزبدة: 164 والفاضل التوني في الوافية : 283 والبهبهاني في الفوائد الحائرية : 340

يرجّح الأفصح أو(1) الفصيح(2)عند التعارض(3)، وفيه نظر.

وأن لا يكون له جربزة(4) لا يقف ذهنه على شيء، ولا بليداً يميل(5) إلى كل ناهق وناطق، ولا معوج السليقة، ولا(6)كثير التوجيه والتأويل، فربما يجعل الاحتمال البعيد من الظواهر؛ لأنسه بذلك.(7)

ويمكن أن يقال: إن أكثر المذكورات ليست من الشروط الخارجة عن ملكة الاجتهاد، بل هي مقومات(8) لها.

ثم بعض(9) ما ذكر ليس شرطاً لتحقق التجزي، وبعضه(10) شرط له.(11)

وللاجتهاد مكملات محسّنة(12)، كمعرفة بعض مسائل الهيئة والطب والهندسة والحساب.(13)

ص: 420


1- في (م): و
2- في (ك) الفصيح أو الأفصح
3- حكاه في المفاتيح : 571 عن السيد المرتضى، وابن المتوج البحراني، وصرح به الشهيد الثاني في منية :المريد: 176
4- أي خداع
5- في (ك) : لا يميل
6- (لا) ليست في (ك)
7- ينظر: الفوائد الحائرية للبهبهاني: 337
8- في (ك) من مقومات
9- (بعض) ليست في (ك)
10- في (ك): وبعضها.
11- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 578
12- في (م) حسنة
13- ينظر: الفوائد الحائرية للبهبهاني: 341

أصل [في حكم الجاهل بالعبادة]

في عدم معذورية الجاهل بالعبادة مطلقاً(1)، أو مع عدم المطابقة(2)، أو مع(3)التقصير(4)، أقوال.

[تحرير محل النزاع]

ومحل النزاع الصحة(5)والفساد، قاصراً أم مقصراً، لا الإثم وعدمه(6)، وفي كونه أعمّ من الجهل بالوجه، أو اختصاصه بما عداه(7)، وجهان.

ثم لا ريب في وجوب تعلّم المسائل التي تعم بها البلوى كتاباً(8) وسنة(9)، ومقتضى أصل الشغل كونه شرطاً لصحة العبادة، وعدم كفاية الموافقة الاتفاقية،

ص: 421


1- وهو المشهور كما في الحدائق: 1/ 77 و ممن صرح بهذا الحكم الشهيد الأول في الألفية: 4 والثاني في روض الجنان: 663/2
2- اختاره المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة : 54/2 ، وتابعه صاحب المدارك : 102/3
3- (مع) ليست في (م)
4- اختاره المحدث البحراني في الحدائق : 1/ 84
5- في (ك): في الصحة
6- يعني: إن محل النزاع هو الجهل بالحكم الوضعي الصحة والفساد)، لا التكليفي (الإثم وعدمه)
7- هل المراد بالجهل في المقام ما يشمل الجهل بالوجوب والندب بعد العلم بأصل المطلوبية والرجحان، بأن يعلم الجنس ويجهل الفصل أو لا يشتمله ؟ يمكن الشمول؛ لإطلاق العنوان، إلّا أن يقال: إن الجهل لا ينصرف إلى مثله، وعنوانهم إنما هو الجاهل
8- كقوله تعالى: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين» سورة التوبة: 122
9- كما ورد عن النبي : طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن الله يحب بغاة العلم» الكافي للكليني: 77/1

إلّا أن يكون في المقام إطلاق ينفيه(1)، كما ينفيه بناء العقلاء، وقاعدة تبعية الأحكام للصفات الكامنة، من دون مدخلية العلم(2) والجهل المؤيدة بظاهر حديث عمار.(3)

نعم ، لو علم بعدم(4)المطابقة، أو شك فيها والوقت(5) باق، وجب الإعادة، قاصراً ومقصراً؛ لاستصحاب بقاء الأمر، وبناء العقلاء، وعدم مدخلية العلم والجهل في الأحكام كما مرّ، ولظاهر حديث عمار.

ومما(6) مرَّ تقدر على استخراج حكم وجوب القضاء وعدمه، والإثم وعدمه، وحكم ما لو علم الجزئية وجهل الركنية، وما لو أخذ الحكم من المجتهد جاهلاً باجتهاده، أو بلزوم الأخذ منه ، وحكم المقصر بقسميه، والقاصر بأقسامه، وما لو كان شرط العبادة معاملة كستر العورة.

وأما المعاملات فاتفقوا فيها على أن(7) المناط مطابقة الواقع وعدمها.(8)

ص: 422


1- يكون معه دليل وجوب العبادة مطلقاً
2- في (ك): للعلم
3- روى الصدوق في الفقيه: 128/1 عن زرارة قال: قال أبو جعفر: قال رسول الله ذات يوم لعمار في سفر له: يا عمار، بلغنا أنك أجنبت، فكيف صنعت؟ قال تمرغت یا رسول الله في التراب فقال له : كذلك يتمرغ الحمار ، أفلا صنعت كذا ؟ ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد، ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحداهما بالأخرى، ثم لم يعد ذلك
4- في (ك) : بعد
5- في (م) فالوقت
6- في (ك) : لما
7- (ان) ليست في (ك)
8- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 330/4

أصل [في التخطئة والتصويب]

اشارة

المصيب في العقائد واحد عند جمهور(1) المسلمين(2)، والباقي مخطئ(3)، والعنبري(4) على أن الكل مصيب(5)؛ ويرده لزوم اجتماع النقيضين.(6)

ثم إنه آثم مع التقصير لا القصور؛ حذراً من تكليفه بما لا يطاق، إنما الكلام في تحقق القاصر هنا، ولا دليل على(7) عدم (8) إمكانه، إلا ان يتمسك بمنقول الإجماع(9)، وبالآية الشريفة: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»(10)، وبعموم ما دل على

ص: 423


1- في (ك) : الجمهور
2- ادعى الإجماع عليها جماعة من العامة كالحاجبي في المختصر: 1215/2، والآمدي في الإحكام: 409/4 ، ومن الخاصة العلّامة في التهذيب : 287 ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد: 321، ونفى الخلاف عنه الشيخ في العدة: 2/ 723
3- ينظر: مختصر ابن الحاجب : 2/ 1215 ، المحصول للرازي: 1377/1، نهاية الوصول للعلّامة : 193/5
4- عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبى الحصين العنبري التميمي، قاضي البصرة، مات سنة ثمان وستين ومئة، وكان يتفقه على مذهب الكوفيين، ويخالفهم في الشيء بعد الشيء. (مشاهير علماء الأمصار: 251)
5- المستصفى للغزالي: 359/2
6- في مثل قدم العالم وحدوثه، وعصمة الإمام، وعدمها ، ووجود المعاد الجسماني وعدمه، وجواز الخرق وعدمه
7- (على) ليست في (ك)
8- في (ك) : عدمها
9- العدة للطوسي: 723/2، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 332
10- سورة العنكبوت: 69 ، حيث جعل الملازمة بين المجاهدة و الهداية التي هي المعرفة، فلو لم يكن الطرفان ممكنين لم تصح الملازمة، فعدم هداية الجاهل القاصر لعدم جهاده

تعذيب الكفار (1)، وفي الكل كلام.(2)

ومن هنا بطل قول الجاحظ بعدم الإثم.(3)

والعقليات التي يستقل بحكمها العقل من الفرعيات، كقبح الظلم، كالعقائد في الاصابة والإثم، وعدمها، وضروريات الفروع عبادة ومعاملة كذلك(4)

واختلفوا في غير الضروريات من الفرعيات فبيّن قائل بأنه لاحكم عند الله سبحانه في الواقع، بل حكمه تابع لظن المجتهد ، فكل مجتهد (5) مصيب(6)، ولعله لأن الحسن والقبح يختلفان بالاعتبارات، حتى العلم والجهل.

أو أنه تعالى جعل أحكاماً يطابقها آراء المجتهدين قهرا، أو اتفاقا.

أو أنه تعالى لما علم بأن رأي كل مجتهد يصير كذا، فجعل أحكاماً على طبقها.(7)

وقائل: بأن له تعالى(8) حكماً واحداً في كل واقعة، وأن المصيب واحد، والمخطئ

ص: 424


1- كقوله تعالى: «إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية» سورة البينة : 6
2- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 224/6
3- ينظر : قوله في مختصر ابن الحاجب : 2/ 1216 والمحصول للرازي: 4/ 1377
4- ينظر : إرشاد الفحول للشوكاني: 193/2
5- (مجتهد) ليست في (ك)
6- حكاه الرازي في المحصول : 4 / 1380 عن جمهور المتكلمين من العامة كأبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر من الأشاعرة، وأبي الهذيل العلاف وأبي علي وأبي هاشم وأتباعهم من المعتزلة
7- لمعرفة الأقوال وتفاصيلها ينظر المحصول للرازي: 4 / 1380 ، إرشاد الفحول للشوكاني 193/2 ، نهاية الوصول للعلامة: 198/5
8- في (ك) : (الله) بدل له (تعالى)

معذور، وهذا مذهب أصحابنا(1)، الا الشيخ في العدة فجعل المخطئ فاسقاً(2)، ولعله محمول على صورة (3) التقصير في الاجتهاد، أو العمل بمثل القياس، وفيه ان المجتهد في الصورتين معاقب اصاب أم أخطأ.

[تحرير محل النزاع]

ثم النزاع ليس في تعدد مدلولات خطابات(4)الشارع ووحدتها؛ لاتفاقهم على (ان المراد من الخطاب معنى واحد(5)، ولا في تعدّد الأحكام الظاهرية ووحدتها؛ لاتفاقهم على)(6) تعددها بتعدد الآراء وإصابة الكل في ذلك.(7)

بل النزاع في تعدد الحكم الأصلي المقصود بالذات في الواقعة الواحدة ووحدته.(8)

والموضوعات الصرفة ليست (9) من محل النزاع، وإن كان قد يظهر دخولها ممن فرض ثمرة النزاع في القبلة(10) ؛ وذلك لأن العنوان في الأحكام الفرعية (11)، ولأنه

ص: 425


1- نهاية الوصول للعلّامة: 202/5
2- العدة للطوسي : 726/2
3- في (ك): الصورة
4- فى (ك) : الخطابات
5- أي حكم واحد
6- ما بين القوسين ليست في (م)
7- ينظر : الذريعة للمرتضى : 533
8- بعبارة أخرى تلك الأحكام الظاهرية المتعدّدة من حيث الظاهر في الواقعة الواحدة كلها أحكام واقعية كما هى الظاهريّة أم الواقعي منها واحد لا غير؟
9- (ليست) ليست في (ك)
10- كالشهيد الثاني في تمهيد القواعد للشهيد الثاني: 320
11- والحكم الفرعي مأخوذ في معناه الكلية، والخصوصيات خارجة عن الأحكام، والموضوعات جزئیات يشملها العنوان

لا يعقل التصويب فيها(1)، ولأنه (2) يلزم التناقض بين قول الإمامية هنا بالتخطئة، وبين(3) نزاعهم في وضع الألفاظ للأمر النفس الأمري، أو الذهني، أو الخارجي.(4)

قد يقال: إن الأصل مع المخطئة؛ لأصالة عدم التعدد المخطئة؛ لأصالة عدم التعدد(5)، وعدم الإصابة(6)، وفيهما(7) نظر ، وإن كان المدعى حقاً، وأمكن تتميمه بتقرير آخر.

[المختار في المسألة]

ثم الصواب بطلان التصويب؛ لتبعية الأحكام للصفات، من غير مدخلية العلم والجهل وللزوم الترجيح بلا مرجح في إرادة واحد من الأحكام الأصلية من الخطابات دون غيره، وفي الأمر بالفحص عنه دون غيره، ولبناء العقلاء، والإجماع

ص: 426


1- كالعقائد، فإن الكعبة لا يعقل تعددها بتعدد الاجتهاد
2- في (ك): ولا
3- (بين) ليست في (م)
4- فقال بعضهم: إنّها للأمور النفس الأمرية، وقال بعض: إنّها للأمور الذهنية. ولا ريب أن القول الأول لا يستلزم التخطئة ولا التصويب في الأحكام ولا في الموضوعات، لكن القول الثاني يستلزم التصويب في الموضوعات الصرفة؛ لتعدد الأمور الذهنية، فتكون القبلة مثلاً موضوعة للأمر الذهني، فتعدد القبلة إذا تعدد الأمر الذهني، ويصير ذلك تصويباً، فظهر أن الإمامية في الموضوعات الصرفة مختلفون في التصويب والتخطئة، فلو كان الموضوعات داخلة في هذا النزاع لزم كونهم متفقين على التخطئة؛ لاتفاقهم في هذا النزاع على بطلان التصويب، وهذا يكون تناقضاً بين اتفاقهم هنا وخلافهم ثمة في مدلولات الألفاظ، فلا بد أن يكون الموضوعات خارجة عن هذا النزاع حتى لا يلزم تناقض
5- لأنهم يقولون إن حكم الله ،واحد ، وأما الأحكام الظاهرية فليست بأحكام حقيقة، بخلاف المصوبة فإنهم يقولون بتعدد الحكم الواقعي الأصلي، والأصل عدمه
6- فأصالة عدم الإصابة جارية من حيث الشك في إصابة الحكم في كل واحد من المجتهدين، لكن من حيث المصيب شك في الحادث
7- في (م): وفيها

محققاً ومنقولاً(1)، ولظاهر الآيات الثلاث: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ»(2)، والنص النبوي المشهور الذي جعل للمصيب أجرين(3) وللمخطئ أجراً(4)(5)، وينبغي تنزيله على(6) الفحص الزائد المستحب ، لا على القدر الواجب؛ حتى لا ينافي قواعد العدل(7)،وللنصوص الدالة على أن له تعالى في كل واقعة حكماً(8)، والحديث نهج البلاغة.(9)

ص: 427


1- ادعى المصنف في الضوابط : 236/6 تواترها ، وقد تقدم منا بيان بعض مصادرها
2- سورة المائدة: 44، 45، 47
3- في (ك): أجران
4- في (ك): أجر واحد
5- روى ابن أبي جمهور في العوالي : 63/4 عن النبي أنه قال: «من اجتهد وأصاب فله حسنتان. ومن . اجتهد وأخطأ فله حسنة»
6- (على) ليست في (ك)
7- أي: إن الواجب على المجتهد هو استفراغ الوسع في المسألة بقدر لا يتعطل به الأحكام، فمن استفرغ وسعه المعتد به لم يجب عليه أزيد من ذلك، بل يستحب الفحص الزائد إن لم يوجب التّعطيل، ففي تلك الزيادة المستحبة نقول: إن المجتهد لو أصاب بسبب تلك الزيادة من الفحص فله أجران ومن أخطأ في تلك الزيادة فله أجر واحد
8- ينظر: الكافي للكليني: 113/1، باب الرد إلى الكتاب والسنة، وأنه ليس شيء من الحلال والحرام، وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة
9- نهج البلاغة 69 ، و من كلام له علیه السلام في دم اختلاف العلماء في الفتيا: ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً، وإلههم واحد، ونبيهم واحد وكتابهم واحد، أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى، أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» .. سورة الانعام 38

[ثمرة المسألة]

وتظهر ثمرة القول بالتخطئة في أن الأمر لا يقتضي الاجزاء فيما كان البدل عقلياً، إلّا أن يقوم دليل على الإجزاء(1)، وقد تفرض ثمرة النزاع أيضاً(2)في جواز القدوة (3) بمن ينافي رأيه رأي الماموم وعدمه، وفي انفاذ حكم حاكم آخر (4) وعدمه(5)، وفيهما(6) كلام.

ص: 428


1- في (ك): اجزائه
2- (أيضاً) ليست في (ك)
3- في (ك): قدرة
4- في (ك) : الحكم الحاكم الآخر
5- تمهيد القواعد للشهيد الثاني : 323
6- في (م): وفيها

أصل [في رجوع المقلد برجوع مجتهده]

اذا علم المقلد برجوع مجتهده(1)عن رأيه رجع عنه؛ للإجماع(2)، وبناء العقلاء، والأولوية الدافعة للاستصحاب(3)، (والأحوط تقليده (4) في رأيه الثاني لا تقليد غيره، وإن اقتضى جوازه استصحاب)(5) التخيير الأصلي المقدم على أصل الشغل (6)، وعلى استصحاب حرمة العمل برأي(7)غيره التي كانت حين اختیاره تقلیده قبل رجوعه.(8)

وليس عليه إعلام الناس بتجدد رأيه؛ للأصل.(9)

ولو علم المقلد إجمالاً برجوع مجتهده عن(10) بعض فتاويه، ففي اعتبار هذا العلم الإجمالي وجهان، بل وجوه.(11)

ص: 429


1- في (ك) : المجتهد
2- نهاية المأمول في شرح مبادئ الوصول : 322
3- فإن المجتهد إذا لم يجز له البقاء على رأيه الأوّل فمقلده بطريق أولى
4- لأنه القدر المتيقن
5- ما بين القوسين ليست في (ك).
6- فأصل الشغل معارض باستصحاب التخيير الذاتي الذي كان حاصلاً للمقلّد قبل الأخذ بالرأي الأوّل لهذا المجتهد
7- في (ك) : بدوا
8- أي: إن عمله برأي غيره حين ما كان مقلّداً لذلك المجتهد كان حراماً إجماعاً - كما عن العلّامة في نهاية الوصول: 266/5 - كما هو الظاهر فيستصحب، وهذا يؤيد أصل الاشتغال
9- وهو البراءة
10- في (ك): من
11- ينظر: الضوابط : 6 / 260

أصل [في بيان معنى الحكم والفتوى]

اشارة

الحكم: رفع المجتهد(1) بمقتضى رأيه الخصومة بين الناس ولو قوة، فيما يتعلق بامر ،معاشهم بصيغة إخبار أم إنشاء.(2)

وربما ينتقض عكساً بالشهادة على شرب(3) الخمر والهلال ونحوهما(4)، وقد يتكلف في إدراجهما في الخصومة.(5)

ولو عرّف بأنه ما يطلق عليه لفظ ،الحكم من غير تنافر وصحة سلب، لكان اولى.

والفتوى: (إخبار عن حكم الله سبحانه، ولو بلفظ الإنشاء.(6)

ص: 430


1- (المجتهد) ليست في (ك)
2- ينظر: مسالك الأفهام للشهيد الثاني : 3/ 108 ، القوانين المحكمة للقمي : 4 / 525
3- في (ك) : الشرب
4- توضيحه لو شهد عدلان بأن فلاناً شرب الخمر وأمر الحاكم - بسبب عدلان بسبب الشاهد أو بعلمه - بحدّه، يقال: إنه حكم الحاكم بحدّه مع أنه لا خصومة أصلاً ، أيضاً لو ثبت عند المجتهد رؤية الهلال في شهر رمضان مثلاً وأمر بالصيام، يقال: إنه حكم بأن اليوم أول الشهر ، مع أنه لا خصومة
5- فيقال في المثال الأول: إن مرجع ذلك إلى الخصومة في تصديق الشارب، وتكذيب الشهود فعلاً إذا كان الشاهد موجوداً، أو قوة إذا حكم الحاكم بعلمه ويقال في المثال الثاني: إن مرجع ذلك إلى الخصومة في تصديق الشارب، وتكذيب الشهود فعلاً إذا كان الشاهد موجوداً، أو قوة إذا حكم الحاكم بعلمه
6- ينظر: القواعد والفوئد: 1/ 323، مسالك الافهام للشهيد الثاني : 3/ 108 ، أنيس المجتهدين للنراقي: 291/1

وقد يشتبه الحكم والفتوى(1))(2) ، كما في قضية زوجة أبي سفيان(3)، والمدار على قصد الحاكم.

[ثمرة المسألة]

وتظهر الثمرة في التعدي عن مورد النص وعدمه.

[تأسيس الأصل]

أقول(4): ومع الشك فالأصل جعله من باب الحكومة.

ص: 431


1- ينظر: القواعد والفوئد: 226/1
2- ما بين القوسين ليست في (ك)
3- روى البخاري في صحيحه: 394 قالت هند أم معاوية لرسول : إن أبا سفيان رجل شحيح ، فهل علي جناح أن آخذ من ماله سراً؟ قال: «خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف». فيحتمل أن يكون غرضه الحكم بأخذها وتقاصها من مال زوجها بقدر كفايتها؛ رفعاً للخصومة بالقوة؛ لعلمه بصدقها وعدم الحاجة إلى الشاهد، فيكون حكماً، ويحتمل أن يكون غرضه صلی الله علیه و آله وسلمبيان حكم الله سبحانه بلفظ الإنشاء
4- في (ك): أقوال

أصل [في نقض حكم الحاكم]

إذا حكم الحاكم في واقعة خاصة، فمقتضى قاعدة التخطئة، وأصالة الفساد، وإطلاق أدلة المسألة الفرعية، جواز نقض حاكم آخر إياه، وجواز نقضه حكم نفسه إذا تجدد رأيه ظاناً ببطلان رأيه الأول، أو قاطعاً، إلا أن الإجماع محققاً ومنقولا(1)(2)، ولزوم الهرج(3) والمرج(4)، أوجب عدم(5) نقض الحاكم الآخر(6)(7)، وكذا عدم نقضه حكمه السابق إذا ظن بطلانه (8) بتجدد رأيه؛ لإطلاق منقول الإجماع، و(9)بناء العقلاء، ولزوم الهرج(10)، وظهور الإجماع المركب بينه وبين ،سابقه، ولا دليل على عدم جواز النقض في القسم الثالث(11)، فالأدلة الأولة(12) سليمة عن المعارض، والتفصيل بين العبادة والمعاملة (13) فاسد، بل الحكم لا يكون إلا في المعاملات.

ص: 432


1- في (م) المنقول والمحقق
2- ينظر: القوانين المحكمة للقمي : 550/4 ، الفصول الغروية للأصفهاني: 410 ، الإحكام للآمدي : 429/4
3- في (ك) : الحرج
4- ينظر: نهاية الوصول للعلّامة 226/5 ، القوانين المحكمة للقمى : 4 / 532
5- في (ك): على عدم.
6- في :(م) الآخر بالظن
7- بالظن وأما بالقطع فيجوز إجماعاً كما في محله. (منه)
8- في (ك) ببطلانه
9- في (ك): في
10- في (ك): الحرج
11- أي صورة القطع ببطلان الحكم السابق
12- (الأولة) ليست في (ك)
13- في (ك): المعاملة والعبادة

أصل [في حال الأعمال الصادرة قبل تجدّد الرأي]

اذا اجتهد المجتهد في العبادة كطهارة القليل الملاقي للنجاسة، وعدم وجوب السورة في الصلاة، وعمل هو ومقلدوه برهة من الزمان ثم تبدل رأيه، فالأعمال الصادرة قبل تجدّد الرأي إن كان أثرها باقياً، كما لو كان باقياً على وضوئه السابق الذي توضّأ(1)بالقليل الملاقي للنجاسة لم يجز له البناء في الأعمال الآتية على العمل السابق، فلا يصلي بعد تجدد الرأي بذلك الوضوء، بل يطهر ما لاقاه ويجدد الوضوء وهكذا، وذلك للإجماع(2)، وقاعدة التخطئة، وأصالة الفساد وبناء العقلاء، وإطلاق أدلة الانفعال.

نعم ليس عليه وعلى مقلديه فيما مضى من الصلوات والأعمال المتقدمة إعادة ولا قضاء؛ حذراً من هتك الشريعة (3)، وللسيرة، وقاعدة الإجزاء في الأدلة الشرعية(4)، وأدلة العسر، إلا إذا قطع بفساد رأيه السابق، فيعيد ويقضي.

وأما في المعاملات، فإذا عامل هو أو(5) مقلده (6)، كأن تزوج بالمرتضعة معه عشر

ص: 433


1- في (م) كان
2- منية اللبيب للعميدي : 528/2
3- فإن العقلاء حينئذ يذمون الشرع، ويهتكون حرمته، ويقولون على الشارع : اما قدرت على اقامة حكم كلي لا يكون فيه تلك المزاحمة والإتيان بعد الإتيان بل أهل العقول يقولون: لا اعتماد بهذا المجتهد؛ حيث إنه كل وقت يحكم ببطلان ما افتى به و باعادته ثم باعادة ما اعاد وهكذا
4- فإن الأدلة الشرعية دلّت على جواز الاجتهاد في بعض المقامات، وكذا دلت على جواز التقليد والعمل بقول من يعتمد عليه ، وظاهر تلك الادلة اللفظية البدلية على الإطلاق، انكشف الفساد أم لا، فلا اعادة في تلك الموارد ولا قضاء، وفيما عدى تلك الموارد يتم الأمر بالإجماع المركب
5- في (ك): و
6- في (ك، م): مقلدوه

رضعات، ثم تبدل رأيه، فمقتضى الإجماع المنقول(1)، والتخطئة، وأصل الفساد، وبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة، وظاهر الشهرة(2)، نقض المجتهد.

لكن الحق عدمه في حقه وحق مقلديه؛ حذراً من الهتك والهرج، مؤيداً بأن فائدة الحكومة(3) هي ذلك(4)، وعدم الاختلال.

وهل لمجتهد نقض معاملة مجتهد آخر أو مقلد له عند مخالفة الرأي لرأيه،

حصول المرافعة عنده أم لا؟ أم لا؟ وجهان أوجههما عدمه إذا لم يكن قاطعاً ببطلان رأي الآخر؛ للوجهين المتقدمين في سابقه، وللإجماع المركب، والأولوية .(5)

هذا في معاملات(6) العالم، وفي معاملات(7) الجاهل من الطرفين يحكم بصحة المطابق لرأي من قلده بعد ذلك؛ لتبعية الأحكام للصفات، وبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة النافية لاشتراط العلم ، وبفساد غير المطابق للدليلين الأولين، مع إطلاق أدلة(8) الفساد.

أو من طرف واحد كما لو تزوج المجتهد العالم البالغة الرشيدة بلا إذن وليها، وهي جاهلة بالجهل الساذج، ثم قلدت من يقول بالفساد، ففي الصحة لهما، أو الفساد

ص: 434


1- منية اللبيب للعميدي: 528/2
2- القوانين المحكمة للقمي : 44/4
3- (الحكومة) ليست في (ك)
4- أي: كون الفائدة الإصابة بالأحكام الواقعية كما هو الغالب، لكن في بعض الأوقات يصير غير الواقع بدلا عن الواقع
5- فإنه مع تبدل رأي المجتهد قلنا بعدم جواز نقض المعاملات السابقة على تبدل رأيه، فمع بقاء المجتهد على رأيه لا يجوز للمجتهد الآخر نقض معاملاته ومعاملات مقلديه بطريق أولى
6- في (ك) معاملة، وفي (م) .المعاملات
7- في (ك): معاملة
8- (ادلة) ليست في (ك)

لهما، أو للزوجة خاصة، وجوه(1) أخيرها خلاف الإجماع، وموجب للتشاجر، وأدلة الصحة للزوج أقوى من أدلة الفساد للزوجة بفهم العرف الورود(2)، فيحكم بالصحة لهما(3)؛ للإجماع المركب، فتأمل.

وإذا كان المتعاملان ،عالمين، متخالفين في الرأي، ففيه الوجوه السابقة.

أصل [في التقليد]

الحق أن التقليد اصطلاحاً هو الأخذ بقول الغير من غير دليل على القول(4) ، سواء كان دليل على الأخذ أم لا، وذلك لقاعدة الاستعمال، والتبادر، وعدم صحة السّلب ، بعد ضمّ أصالة عدم الاشتراك اللفظي.(5)

ص: 435


1- (وجوه) ليست في (ك)
2- في (ك) : الوارد
3- (لها) ليست في (ك)
4- ينظر: رسائل السيد المرتضى: 2/ 265 ، الاقتصاد 26 ، الذكرى: 3/ 173، رسائل الشهيد الثاني : 1 / 573 ، مفاتيح الأصول للمجاهد : 587
5- ينظر ضوابط الأصول للمصنف: 280/6

أصل [في التقليد في أصول الدين]

الحق عدم جواز التقليد في أصول الدين بأن يسأل المجتهد عن اعتقاداته ويرسمها في قلبه، ويجعلها(1)نصب عينيه، ويعترف بها لساناً، ويعمل بمقتضاها وإن لم يعتقد بتلك الاعتقادات، وذلك لاستصحاب الأمر، والإجماع(2)، وآيات النهي عن التقليد(3)، وآيات النهي عن الظن(4) (مطابقة، أو(5)التزاماً؛للاولوية، ولأصل الاشتغال.

نعم، لو كان أحد لا يتمكن الا من التقليد)(6)، فإن كان له دين سابق(7) وتردد بقي على ما كان؛ لبناء العقلاء، والا سقط عنه التكليف(8)؛ لأصل البراءة.

فالتقليد بالنحو المذكور لا محل له واذا علمت وجوب الاجتهاد في العقائد(9)، فإن تمكن من تحصيل القطع وجب؛ لأصلي الاشتغال والاستصحاب، والإجماع، والا كفاه الظن؛ إذ الأمر حينئذ دائر بين نفي التكليف، فهو خلاف الإجماع ظاهراً،

ص: 436


1- في (ك): وينصبها
2- ينظر : مبادئ الوصول : 21 ، نهاية المامول : 324 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني : 335
3- كقوله تعالى: «وَإِذَا قِيلَ هُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا»سورة لقمان: 21
4- كقوله تعالى: «وَمَا هُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً» سورة النجم: 28
5- في (م): و
6- ما بين القوسين ليست في (ك)
7- في (ك): سابقاً
8- ينظر : العدة للطوسي: 2/ 732
9- ينظر: النافع يوم الحشر : 12 ، القوانين المحكمة للقمي: 426/4

و(1)تكليفه بالعلم فهو تكليف بالمحال ، و(2)تكليفه بالظن، وهو المطلوب.

ثم الحق كفاية حصول العلم وإن لم يكن من الدليل التفصيلي(3) المصطلح عند أرباب الجدل؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق، واختلال النظم.

نعم ، لا بعد(4)في وجوب ذلك كفاية؛ حفظاً للإسلام عن الشبهات.(5)

ص: 437


1- في (ك) أو
2- في (ك) : أو
3- ينظر: القوانين المحكمة للقمي: 436/4
4- في (ك) : بد
5- القوانين المحكمة للقمي: 436/4

أصل [في تقليد من بلغ رتبة الاجتهاد]

إذا بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، واجتهد(1) في بعض المسائل أو كلها فعلاً، حي عليه التقليد فيها إجماعاً(2)، وإن لم يكن اجتهد فعلاً ، ففي جواز تقليده فيما لم يجتهد فيه مطلقاً(3)، أو إذا ضاق الوقت عن الاجتهاد(4)، أو إذا قلد الأعلم(5)، أو(6) إذا كان لعمل نفسه لا مقلده(7)، أو لا يجوز مطلقاً(8)، أقوال.(9)

والأصح عدم الجواز الا (مع عدم تمكنه)(10) من الاجتهاد لضيق الوقت أو لعذر آخر، وذلك لأصل الشغل، وآيات النهي(11)، وبناء العقلاء، والإجماع، ولا يضر به مخالفة البعض(12)، ولقبح ترجيح المرجوح على الراجح،

ص: 438


1- (واجتهد) ليست في (م)
2- نهاية الوصول للعلّامة 258/5 منية اللبيب للعميدي: 2/ 540 ، المحصول للرازي: 1419/4 ، الإحكام للآمدي : 430/4
3- وهو قول أحمد بن حنبل، وإسحق بن راهويه وسفيان الثوري
4- وهو قول ابن سريج، واختاره المصنف
5- وهو قول محمد بن الحسن
6- أو ليست في (ك)
7- وهو قول بعض أهل العراق
8- وهو قول القاضي أبي بكر وأكثر الفقهاء
9- ذكرها الرازي في المحصول : 1419/4 ، والآمدي في الإحكام: 430/4، والعلّامة في نهاية الوصول: 258/5
10- في (ك): (ان لا يتمكن ) بدل ( مع عدم تمكنه)
11- عن العمل بالظن، خرج المجتهد والمقلد غير المتمكن، وبقي الباقي
12- من تتبع الأقوال في المسألة يظهر انه لم ينقل قول بالجواز بشيء من وجوهه عن أصحابنا الإمامية، فالمخالف من غيرهم

أو(1) التسوية بينهما.(2)

وأما استصحاب جواز التقليد الذي كان قبل حصول الملكة، واستصحاب الحكم الفرعي(3)، واستصحاب الصحة، فلا تعارض الأدلة المذكورة، مع عدم جريان الاستصحابين الأولين؛ لارتفاع فصل الوجوب(4) بعد حصول الملكة.(5)

وأمّا الجواز مع عدم التمكن فللزوم التكليف بما لا يطاق لولاه.

ص: 439


1- في (م): و
2- لأن ذلك الشخص المتمكن من الاجتهاد امره دائر بين الاحتياط وجوباً، والتقليد كذلك، التمكن والتخيير بين الاحتياط والتقليد، ولزوم الاجتهاد، لا سبيل إلى الأولين؛ للإجماع على عدمهما، والثالث مستلزم للتسوية بين الراجح والمرجوح ، فإن الاجتهاد موجب للظنّ القوي، والتقليد موجب للوهم، وإحدى الأمارتين أقوى، فتعين الرابع
3- الحاصل حتى التقليد
4- لارتفاع لزوم التقليد عيناً عنه بعد حصول الملكة، وصار على القول بعدم تحريم التقليد مخيراً بينه وبين الاجتهاد، فارتفع الفصل ، ولازمه ارتفاع ،الجنس، ويحصل حينئذ الشك في أن الحكم الحاصل بعد الملكة هل هو لزوم الاجتهاد، أو التخيير بينه وبين التقليد، فلا يجري استصحاب لزوم التقليد؛ للقطع بالانتفاع ؟
5- فتبدل الموضوع ، وحينئذ لا يجري الاستصحاب

أصل [في جواز عمل المقلد من دون الاستناد إلى واحد بخصوصه إن كان هناك مجتهدان متوافقان]

إذا كان مجتهدان متوافقان(1) في الرأي في مسألة(2) مثلاً، وأحدهما أعلم من الآخر، فهل للمقلّد العمل بهذه الفتوى من دون تعيين استناد عمله إلى فتوى أحدهما المعين، فيكون أقوال المجتهدين المتوافقين في الرأي بمنزلة النصوص المتوافقة للمجتهد، مع كون بعضها أقوى من بعض أم لابد من التعيين؟ وجهان.(3)

مقتضى أصالة الشغل الاشتراط، إلّا إذا قلنا: بأن الأصل عند الشك في الاشتراط البراءة.(4)

ص: 440


1- في (ك) : المجتهدان المتوافقان
2- في :(م) المسألة
3- ینظر: مفاتيح الاصول للمجاهد :631
4- كما ذهب إليه المحقق القمي في القوانين: 2/ 185، فيلزم على مذهبه التعيين

أصل [في أن التقليد من باب الظن أم لا]

في كون التقليد من باب الظن(1)، أو(2)السببية المطلقة(3)، أو المقيدة (4)، وجوه.

والأصح(5) أنه إن(6)كان مقلداً لأحد ثم ظن بقول غيره، لم يعتبر هذا الظن، وبقي على (7) تقليده؛ للاستصحاب وكذا إن كان قدر متيقن في البين أخذ به وإن كان(8)الظن على خلافه؛ للاشتغال، كما لو علم من إجماع ونحوه أن تقليد الأعلم مبرئ وإن كان الظن مع غير الاعلم.

وإن(9)لم يكن دليل شرعي على عدم العمل بالظن، أخذ بالمظنون؛ حذراً من ترجيح ،المرجوح، كما في المجتهدين المتساويين في بدو تقليده وهو ظان بأحدهما.

ص: 441


1- بمعنى أن ظنّ المقلّد برأي المجتهد هو من المرجحات لقول من ظن بقوله، فلو ظن بقول غير الأعلم مع وجود الأعلم، جاز له الأخذ بقول غير الاعلم، بل لزم ذلك
2- في (م): و
3- بمعنى أنه يجوز له العمل بقول المجتهد وإن ظنّ بعدم موافقته للواقع
4- بمعنى أنه يجوز له العمل بقول المجتهد ما لم يظن بفساد قوله
5- في (ك): والأصل
6- (ان) ليست في (ك)
7- (على) ليست في (ك)
8- (كان) ليست في (ك)
9- (وان) ليست في (ك، م)

أصل [في جواز الرجوع عن التقليد]

اذا قلد أحد(1)المجتهدين المتساويين أو المختلفين بناء على عدم وجوب تقليد(2) الأعلم، احتمل جواز الرجوع عنه؛ لأصالة بقاء الخيار، وصحة أعماله كما كانا قبل اختيار أحدهما، الا أن يدفع الأصلان - بعد تسليم جريانهما - بأصل الشغل(3)، واستصحاب التكليف، ولزوم التقليد والحكم الفرعي، وظهور الوفاق، وإطلاق منقول(4)الإجماع (5)، وآيات النهي عن التقليد الا ما خرج، ولزوم المخالفة القطعية.(6)

فالأصح عدم الجواز وإن رجع إلى الأعلم على الأظهر.

ثم إن التقليد الملزم(7) للبقاء لا يتوقف على العمل؛ حذراً من التسلسل(8)،

ص: 442


1- (احد) ليست في (م)
2- (تقليد) ليست في (ك)
3- لكون البقاء قدراً متيقناً
4- في (ك) : لمنقول
5- نهاية الوصول للعلّامة: 266/5 ، منية اللبيب للعميدي: 544/2
6- القطعية للواقع بعد الرجوع؛ إذ حكم الله واحد، وبعد الرجوع يعلم بالمخالفة في الجملة، أما في الأول، أو الثاني، وهذا باطل
7- في (م) الملزوم
8- لأنه لو قلّد مجتهداً في وجوب غسل الجمعة ولم يعمل به بعد، إما لأجل عدم دخول وقته، أو لأجل تركه عصياناً، أو لأجل عدم التمكن منه ، وقلنا: إنه لا يلزم الا بعد العمل، لكان ذلك الشخص حينما أراد الغسل غير قاصد للوجه - أي الوجوب، وغير عالم بتعلّقه بذمته؛ إذ المفروض أن له الرجوع ما لم يعلم، وهو حين ما اراد العمل لم يعمل إلى الآن، ولم يتعلق الوجوب بذمته، فلا يمكن له قصد الوجوب والالتزام بذلك القول، فيكون عمله على قول القائل بالوجوب فاسداً، فلا يتحقق عمل صحيح حتى يقال انه لزم عليه قول ذلك المجتهد لأجل عمله، فيحتاج في اللّزوم إلى عمل صحيح آخر سوى ذلك، وننقل الكلام اليه، وليس له في العمل الثاني أيضاً قصد الوجوب؛ لأنه أوّل العمل الصحيح ولم يلزم حينئذ عليه؛ إذ المفروض انه مختار إلى بعد العمل فلا ينعقد عمله على قول المجتهد أيضاً، فلا يلزم تقليده؛ لعدم العمل الصحيح إلى الآن، وهكذا فلا يمكن حينئذ تحقق اللزوم أصلاً

لكن هل يحصل اللزوم بمجرد الاختيار(1)، أم بوصول(2) وقت الواجب (3)، أم بضيق وقته(4)، أم بالشروع، وجوه أقواها الأول.

ثم في اشتراط العلم التفصيلي برأي المجتهد حين اختيار تقليده، أم(5)كفاية(6) البناء الإجمالي مطلقاً، أو بشرط تحقق آرائه يوم اختياره(7)، احتمالات، مقتضی الاستصحاب الأول، ومقتضى الاشتغال الثاني.(8)

ص: 443


1- يحتمل أن يكون المراد منه هو الإلزام الإجمالي؛ كأن يلتزم بتقليد هذا المجتهد، ويبني عليه من دون اطلاعه على تفصيل فتاويه بعد ويحتمل أن يكون المراد به هو الإلزام التفصيلي؛ كأن يطلع على فتاويه ثمّ يبني على الأخذ بقوله فيها
2- في (ك) : لا بوصول
3- كما لو أفتى بوجوب غسل الجمعة، وحضر ذلك اليوم، فحينئذ لا يجوز له الرجوع، بخلاف ما لو كان قبل حضور وقت العمل
4- فيجوز له الرجوع في سعة الوقت
5- في (ك) أو
6- في (ك) : إقحام لكلمة (أصل)
7- (اختياره) ليست في (ك)
8- لأنه القدر المتيقن

أصل [في عدم وجوب تقليد الأعلم]

المشهور وجوب تقليد أعلم المجتهدين المتخالفين في الرأي(1)، ونفي عنه الخلاف(2)، وقيل : بالخيار(3)، ولا قول بتعين تقليد(4) غير الأعلم.

والتحقيق: انه إذا وجد مجتهدين أحدهما أعلم، فمقتضى الاشتغال أخذ الأعلم وإذا كانا في الأول متساويين، ثم صار أحدهما أعلم قبل تقلیده، فمقتضی استصحاب التخيير الخيار.

وإذا وجد مجتهداً واحداً لا غير، ثم حصل آخر أدون منه قبل التقليد، فمقتضى الاستصحاب وجوب أخذ الأعلم؛ لأنه كان واجباً عينياً حين الانحصار، فيستصحب، إلّا أن يقال: إن هذا الاستصحاب عرضي.(5)

ولو صار الآخر أعلم في الفرض(6) قبل تقليده، فمقتضى الاستصحاب لزوم تقليد الأدون، لكن الوجوب ارتفع يقينا، فلا ينفع الاستصحاب

فالاستصحاب لا يجري إلا في القسم الثاني، ومقتضاه الخيار، ويتم الأمر فيما

ص: 444


1- مسالك الافهام للشهيد الثاني : 13 / 343 ، حقائق الإيمان للشهيد الثاني: 202، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 339
2- ينظر: نخبة العقول (ضمن تراث الشيعة الفقهي والأصولي): 1/ 141
3- قال الشهيد الثاني في منية المريد: 129 : هو قول أكثر العامة، ولا نعلم به قائلاً منّا، بل المنصوص عندنا هو الأوّل
4- (تقليد) ليست في (ك)
5- إذ لزوم تقليده الاتفاقى حينئذ كان ناشئاً عن الانحصار، وقد زال بعد وجود الأدون، فاللزوم العرضي الحاصل قد زال قطعاً بعد وجود الأدون، وأما اللزوم الذاتي فمشكوك من الأول؛ فهذا الاستصحاب لا ينفع
6- في (ك، م): الفرض المذكور

عداه بالإجماع المركب، ولا يعارضه الشغل(1)، ويؤيده آية السؤال (2)إن كان المراد من أهل الذكر مطلق أهل العلم(3)، وكذا روايتا أبي خديجة(4)وابن حنظلة (5)، وآية النبأ (6)، ويعضده آية النفر(7) ؛ لاختلاف المنذرين.

ولو كان الأعلم وغيره متوافقين في الرأي، فالخيار بطريق أولى، وبالإجماع المركب، واتحاد الدليل مع دعوى بعض عدم الإشكال فيه.(8)

ويتفرع على القول بوجوب تقليد الأعلم فروع جيدة، لا حاجة لنا إليها.(9)

ومما مرَّ ظهر عدم وجوب تقليد الأورع.(10)

ثم المراد بالأعلم: هو الأقوى ملكة؛ للتبادر ، لا أكثر ضبطاً، ولا استنباطاً.(11)

ص: 445


1- بأن يقال: في القسم الأوّل يلزم تقليد الأعلم؛ للاشتغال، وفيما عداه بالإجماع المركب
2- وهي قوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ» سورة النحل: 43
3- ينظر : مجمع البيان: 159/6 ، تفسير الرازي: 20/ 30
4- الكافي للكليني : 451/7
5- الكافي للكليني: 121/1
6- وهي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأَ فَتَبَيَّنُوا» سورة الحجرات: 6
7- وهي قوله تعالى: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ» سورة التوبة: 122
8- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 315/6
9- في (ك) : إليها لنا
10- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 629
11- ينظر: القواعد الشريفة : 365/2 ، مطارح الأنظار للأنصاري: 547/

أصل [في جواز التبعيض في التقليد]

يجوز التبعيض في التقليد؛ للإجماع(1)، وبناء العقلاء، وإطلاق آية السؤال (2)والنفر (3)وغيرهما، وانما يجوز ما لم يلزم من التركيب مخالفة قطعية(4)؛ للأصل.(5)

أصل

[في شرائط مشافهة المفتى في أخذ المسائل]

الأصل وإن اقتضى اشتراط مشافهة المفتي في أخذ فتاويه لكنها ليست شرطاً، ويكفي النقل عنه في الجملة إجماعاً معلوماً ومنقولاً(6)، مع لزوم الحرج لولاه، وبناء العقلاء، والقوة العاقلة فيما إذا حصل العلم بالنقل، فإن السؤال بعده سفه.

ثم إن حصل العلم من النقل ولو بلفظه كفى، وإن ظن بمراده؛ إذ قلما يحصل العلم بالمراد فيلزم العسر لولاه ، مع الإجماع (عليه(7)، وكذا خبر العدل وإن لم يفد

ص: 446


1- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 6 / 321، مفاتيح الأصول للمجاهد: 615
2- سورة النحل : 43
3- سورة التوبة : 122
4- كما لو اختار المقلد في مثل الصلاة مثلاً في كلّ جزاء وشرط مختلف فيه بقول من لا يقول بالوجوب، ويختار من مسائل الحل والحرمة بقول من يقول بالحلّ فربما يصير صلاته صلاة نقطع بانها ليست من الدين
5- وهو الاشتغال
6- ذكرى الشيعة للشهيد الأول: 44/1 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 340
7- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 632

قطعاً بلفظ أو معنى ؛ للإجماع(1))(2) ، وبناء العقلاء، وعسر تحصيل العلم، والاحتياط، بل لو كان حاضراً عنده جاز أخذه من العدل أيضاً؛ للإجماع المركب.

ثم إن أفاد خبره الظن شخصاً وطبعاً أو شخصاً فلا كلام، أو طبعاً لا شخصاً لمعارض لا يعتبر، كخبر فاسق ونوم، عمل به أيضاً وإن ظن بخلافه، أو لا طبعاً ولا شخصاً ، فلا عمل عليه؛ للأصل.(3)

وان عارض خبر عدل مع آخر أخذ بأقوى الظنين، وإن فقد الظن من الجانبين سقطا من البين ورجع إلى عدل آخر، أو مجتهد آخر، فإن لم يمكن احتاط في العمل، فإن لم يمكن تخير بين تقليد الميت والأخذ بأحد العدلين، فإن لم يمكن أخذ بأحد العدلين.

ولو كان مسبوقاً بتقليد ذلك المجتهد فنسي فتواه، وتعارض فيه عدلان، ولم يمكنه غيرهما، لم يرجع إلى مجتهد آخر ، ولا وجب(4)عليه (5) الاحتياط(6)، بل يأخذ بأحد العدلين تخييراً، وخبر معلوم الفسق لا عمل عليه، وإن ظن به.

و(7)لو لم يتمكن من غيره، أو كان فيه عسر ، ففي العمل بقوله وقول المستور وجه قوي، سيما في رجوع الزوّجات إلى أزواجهنّ في نقل الفتاوى للزوم الفساد في إرخاء عنانهن.

ص: 447


1- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 328/6
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- وهو الاشتغال
4- في (ك): ولا ريب
5- (عليه) ليست في (م)
6- لاستصحاب بقاء التكليف براي ذلك المجتهد
7- الواو ليست في(م)

أصل [في تقليد الميت]

إذا وجد قبل تقليده مجتهدين حياً وميتاً، وكان ظنه مع الحي، لم يجز له(1)تقليد الميت للاشتغال، ولأن التخيير مستلزم للتسوية بين الراجح والمرجوح ؛ إذ الشهرة(2)ومنقول الإجماع(3) مع الحيّ(4)، فالظن في جانبه نوعاً(5) وشخصاً بالفرض، فهو راجح من وجهين.

وكذا(6) إذا فقد الظن في الطرفين؛ للاشتغال، ورجحان النوع.

وإذا كان الظن مع قول الميت تعارض الظن(7)الشخصي والنوعي، ودار الأمر بين المحذورين لفقد القدر المتيقن في البين، سيما إذا جعلنا مناط التقليد هو الوصف(8)، ونحن لما رجحنا الظن(9) الشخصي (10)في بابه، فلازمه تعين تقليد الميت في الفرض المذكور، مضافاً إلى استصحاب جواز تقليده وصحته فيما إذا كان حيا قبل تقليده فمات بعد إرادة المقلد تقليده، ولازمه جواز تقليده في جميع الأقسام المفروضة، ويتم الأمر فيما عدا هذه الصورة بالإجماع المركب ولا يعارضه الإجماع المقلوب بضمّ

ص: 448


1- (له) ليست في (م)
2- منية المريد للشهيد الثاني: 130
3- ينظر: المقاصد العلية : 53 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 341
4- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 617
5- المقصود منه الناشئ من الإجماع والشهرة
6- يتعين تقليد الحي كما في الصورة الأولى
7- (الظن) ليست في .(م)
8- كما يراه صاحب القوانين : 291/3، 561/4
9- في (م) ظن
10- في (ك) الشخصي والنوعي

الاشتغال، وإلى بناء العقلاء، حيث لا يفرقون في أهل الخبرة بين الحي والميت، كما تراهم يراجعون كتب الأطباء السّلف، وأمّا الشهرة والإجماعات فلا تورثان الوصف هنا بعد ملاحظة أدلتهم الواهية، والاعتبار العقلي الحاكم بعدم(1)مدخلية الحياة والممات هنا(2)، سيما إذا كان الميت أعلم.

وأما توهم أن الاستصحاب لا يجري؛ لأنه بعد موت المجتهد ينتشر ذهنه الذي هو محل اعتقاداته ويصير تراباً، فتذهب اعتقاداته(3)، أو انه يرتفع ظنه وينكشف له الأشياء فلا يبقى له ظن حتى يقلد ، بل ربما يعتقد بعد موته بخلاف ما أفتى به، فيصير كما لو علم في حياته بتبدل رأيه(4)، أو أن الاستصحاب معارض بأصل الشغل، المعتضد بالشهرة، ومنقول الإجماع، وبآية السؤال.

ففاسد، كما يظهر بتأمل ما.

هذا، وعندي - مع كل ذلك - في الجواز تأمل.

وأما البقاء على تقليد الميت، فالأصح جوازه ، (بل لزومه؛ للاستصحاب)(5)في هذه المسألة، وفي المسألة الفرعية، وفي شمول الشهرة، والإجماع المحكي على عدم(6)جواز تقليد الميت لصورة الاستمرار، وجهان

وعلى فرضه، ففيهما ما مرَّ في الابتداء، فبطل من ذلك لزوم الرجوع(7)، إلّا إذا

ص: 449


1- في (م) بعد
2- (هنا) ليست في (ك)
3- كما عن الوحيد البهبهاني في الرسائل الفقهية: 15
4- كما عن صاحب الفصول : 420 تبعاً للوحيد البهبهاني في الرسائل الفقهية: 15
5- في (ك): (بلزوم الاستصحاب) بدل ( بل لزومه للاستصحاب)
6- (عدم) ليست في (ك)
7- العبارة في (ك، م) : (فبطل من ذلك احتمال لزوم الرجوع، وجواز الأمرين، ولزوم البقاء): وفي (م) (الا إذا وجد أعلم فيرجع ويتخير، ولزوم الرجوع)

كان الميت أعلم فيجب البقاء، أو يتخير، ولزوم البقاء إن كان الميت أعلم، وإن كان الحي أعلم لزم الرجوع، وإن تساويا فالخيار.

ولو فسق المجتهد لم يجز تقليده بدواً ولا استمراراً إجماعاً(1)، وكذا لو صار لبعد عهده عاماً.

ولو عرضه الجنون مع بقاء الملكة بحيث متى زال جنونه فهو واجد للملكة، ففيه إشكال.(2)

ولو نصب قيماً ثم مات بقيت القيمومة؛ للاستصحاب، وكذا لو تصرف تصرفاً استمر أثره إلى ما(3) بعد موته ، كما لو آجر وقفاً ونحوه ثم مات.

أصل [في تحصيل العلم باجتهاد مجتهده ]

على المقلّد تحصيل العلم بالمجتهد، فلا يكفي الظن باجتهاده(4)؛ للشغل، والاستصحاب(5) وآيات النهي عن الظن إلّا أن يدعى أن تحصيل العلم غير ممكن غالباً لأغلب الناس وأهل البلدان؛ لندور تكاثر أخبار أهل الخبرة بحيث يحصل العلم لكل الناس، فلا بد من كفاية الظن ؛ إذ وجوب الاحتياط خلاف الإجماع.

وتوهم: أنا إذا جوزنا تقليد الميت ابتداء فوجود المجتهد الذي اجتهاده معلوم ضرورة حاصل، فلا عسر.

ص: 450


1- الروضة البهية للشهيد الثاني: 429/1
2- ينظر: الفصول الغروية للأصفهاني: 423
3- (ما) ليست في (ك)
4- ينظر : الذريعة للمرتضى: 539 ، المعارج للمحقق الحلي : 201 ، معالم الدين لابن الشهيد الثاني: 338
5- أي استصحاب عدم الجواز فيما لو ظننا بعدم اجتهاده أو شككنا فيه

مدفوع: بعدم جريانه في المرافعات والمسائل المستحدثة، وسائر تصرفات الحاكم، ولم نجد مفصلاً.

ثم على فرض كفاية (1) الظن، ففي جواز الاكتفاء بكل ظن، أم له ظن مخصوص، وجهان.(2)

وإذا تمكن من الحي المعلوم اجتهاده، لم يقلد مظنونه؛ لعدم الدليل، وشهادة العدلين في ثبوت الاجتهاد حجة إما مطلقاً(3)، أو (4) إذا حصل الظن.(5)

أصل

في كون مسائل التقليد تقليدية أم اجتهادية لكل أحد(6) عيناً، وجهان.(7)

والأوجه التفصيل : بأن المقلد إما قادر على الاجتهاد فيها، كبعض(8)الطلبة(9) المستعدين، أو أدون من ذلك بمرتبة، لكنه بحيث(10) لو(11) ألقي عليه (أدلة الطرفين ميز بين الحق والباطل بحسب قوته أو أدون من ذلك بمرتبة، لكنه لو ألقي عليه)(12)

ص: 451


1- (كفاية) ليست في (ك)
2- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 632
3- (اما مطلقاً) ليست في (ك)
4- في (ك): و
5- ينظر : مفاتيح الأصول للمجاهد: 613
6- في (ك): واحد
7- ينظر : القوانين المحكمة للقمي: 347/4
8- في :(م) لبعض
9- في (ك): الكلية
10- (بحيث) ليست في (ك)
11- (لو) ليست في (م)
12- ما بين القوسين ليست في (ك)

الأقوال والمجمع عليه، والمختلف فيه، والمشهور ، لقدر بعد التأمل على الأخذ بفهمه بالقدر المتيقن أو المشهور لكونه أقرب في نظره، أو أدون من ذلك أيضاً، بحيث لا يقدر إلا على التقليد.

فكل صنف مأمور بمقتضى طاقته من الدرجات المذكورة؛ لأنا إن أوجبنا الاجتهاد على جميع الأصناف، أو أوجبنا ترقي كل صنف إلى ما فوقه من المرتبة، فهو حرج واختلال، أو عيناً المرتبة الثانية، أو الثالثة للكل، فهو عسر على السافلين(1)، وترجيح للمرجوح بالنسبة إلى العالين، وإن جوزنا تقليد الكل فهو خلاف الإجماع، فتأمل.(2)

وترجيح للمرجوح بالنسبة إلى ما (عدا الصنف الأخير.

هذا، والأصحّ عندي جواز تقليد(3) من)(4)عدا الصنف الأول، أو(5) الكل(6)

ص: 452


1- في (ك): للسافلين
2- (فتامل) ليست في (ك)
3- في (ك) : التقليد
4- ما بين القوسين ليست في (م)
5- في (ك): و
6- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف : 363/6

أصل خاتمة [في تعارض الدليلين]

تعارض الدليلين تنافيها(1) مدلولاً (2)، وهو يتحقق في المتضادين، والمتناقضين، والعامين من وجه والمطلقين.(3)

قالوا (4): لا يمكن التعارض الا في الظنيين(5)، لا (6) في القطعيين، ولا في المختلفين(7)، فإن أرادوا القطع بالصدور فهو ممكن في كل الأقسام، أو بالمضمون لكن نوعاً بحيث لولا أحد المتعارضين لأفاد الآخر القطع، أو الظن فكذلك، أو فعلاً فهو محال في الكل.

وإن أرادوا في القطعيين والمختلفين الفعلي، وفي الظنتين النوعي، فهو صحيح، لكنه تفكيك.

ثم إن التعارض له فردان التعادل والترجيح، والثاني منهما ممكن في المختلفين أيضاً، فما وجه التخصيص بالظنيين(8)؟

ص: 453


1- في (ك) : بتنافيهما
2- ينظر : منية اللبيب للعميدي: 472/2 ، القوانين المحكمة للقمي : 580/4 ، الفصول الغروية للأصفهاني : 435
3- القوانين المحكمة للقمي : 580/4
4- (قالوا) ليست في (ك)
5- المعتبرين من باب الظن النوعي، كخبر الواحد، والإجماع المنقول، وغيرها
6- في (ك) : ولا
7- مختصر ابن الحاجب : 1268/2 ، غاية الوصول للعلّامة: 591/2
8- فإن القطعي يترجح على الظني عند التعارض

ثم المراد بالدليلين(1)أعم(2)منهما ومما زاد عليهما ، وأعمّ من الأمارتين، فيشمل تعارض الدليل والأمارة.(3)

أصل [في تعادل الدليلين]

تعادل الدليلين هل هو تساويهما، أو تساوي اعتقاد المجتهد بمدلوليهما؟ وجهان، أقواهما الأول، وهو أخص مطلقاً من الثاني(4)

ولا ريب في جوازه عقلاً وشرعاً (5) ، بل نظيره واقع في مثل المجتهدين المتساويين المختلفين في الرأي بالنسبة إلى المقلد(6)، ودليل عدم الجواز شرعا عليل من وجوه.(7)

ص: 454


1- في (ك) : بالدليل
2- في (ك): بأعمّ
3- ينظر: مختصر ابن الحاجب : 1268/2 ، الوافية للتوني: 321، بدائع الأفكار للرشتي: 407
4- قد يوجد الثاني من دون الأوّل، كما لو تعارض دليلان وكان أحدهما موافقاً للأصل، وكان مذهب المجتهد تقديم المقرر على الناقل تعبداً، فحينئذ ليس نفس الدليلين متساويين عند المجتهد، بل أحدهما أرجح ، فلا تعادل في نفسها، لكن اعتقاد المجتهد بالنسبة إلى مدلولها على السواء؛ إذ الأصل لا يورث الظنّ بالمدلول، ففي هذا المثال يصدق التعريف الأخير لا الأول، ويكون هذا المثال من المتعادلين ويجري فيه أحكام التعادل من الاختلاف في الجواز، ونحوه على الأخير دون الأول
5- ينظر : المحصول للرازي: 1308/1 ، ونسب الخلاف فيه إلى الكرخي، القوانين المحكمة للقمي: 594/4
6- ينظر : القوانين المحكمة للقمي : 4 / 595
7- ينظر : ضوابط الأصول للمصنف: 377/6

أصل [في حكم التعادل]

إذا حصل التعادل بين الدليلين، ففي التخيير بينهما(1)، أو الرجوع إلى الأصل(2) ،أو الوقف(3)، وجوه، والأخير لا يتصور في مثل دوران الأمر بين الوجوب والحرمة(4)، وفي المعاملات النفسيّة.(5)

ونحن نقول : إن المتعادلين إن كانا خبرين،وظن بعدم خروج الحكم (6) الواقعي عن أحدهما في الواقع، واتحد موضوع الحکمين المختلفين،كالوجوب والحرمة، أو(7) الندب والكراهة، فالحق التخيير الابتدائي؛ لنفي الثالث بالظن الإجمالي المستفاد من الدليلين(8)، المشمول لعموم ما دلّ على حجية الظن ، نعم لو دار الأمر بين المتباينين في المعاملات، كأن يكون(9) المال لزيد أو عمرو، وجب الوقف عن الإفتاء؛ للأصل، ولا ينافيه الظن الإجمالي بنفي الثالث ، فتأمل.(10)

ص: 455


1- وهو المشهور المعروف من محققي أصحابنا كما في القوانين : 595/4 ، بل عن صا المعالم : 345 : لا نعرف في ذلك من الأصحاب مخالفاً، وعليه أكثر أهل الخلاف
2- حكاه الرازي في المحصول : 4/ 1309 ، عن بعض فقهاء العامة، ونقل عن أهل الظاهر كما في إرشاد الفحول للشوكاني : 2/ 221
3- نسبه إلى الأخباريين الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : 214
4- إذ لا بد حين العمل إما الفعل، وإما الترك، فكيف يتصور الوقف؟
5- بخلاف المعاملات الغيرية، فله أن يتوقف، ولا يحكم لأي طرف حال التداعي.
6- في (ك) : حكم
7- في (ك، م): و
8- والا لزم طرح الأمارتين
9- (يكون) ليست في (ك)
10- (فتامل) ليست في (ك)

أو بين الوجوب والندب، أو الحرمة (والكراهة، أخذ بالندب والكراهة؛ لأنهما الأصل حينئذ.(1)

أو بين الوجوب والكراهة، أو الندب والحرمة)(2)، فالندب في الأول، والكراهة في الثاني عرضاً؛ للاحتياط(3)، لا أصلاً.(4)

أو بين الوجوب والإباحة ، أو(5)الحظر والبراءة، فالبراءة؛ لما مرَّ في بحثها.

أو بين المتباينين، كالظهر والجمعة، فالجمع ؛ لأنه الأصل (6)حينئذ كما مرَّ .

ولو علم بنفي الثالث إجمالاً، فالحكم الحكم والدليل الدليل.

وإذا تعارض خبر وغيره وتعادلا ، أو تعارض دليلان غير خبرين وتعادلا، فحكمهما يظهر بأدنى تأمل.

وإذا حصل هذا(7) التعادل في الموضوع الصرف(8)، لم يكن الظن بنفي الثالث

ص: 456


1- وبعبارة أخرى نأخذ جنس الأمرين، وهو مطلق الطلب الراجح، وطرح فصلهما، فإن ذلك الجزء من التكليف ثابت باتفاق الخبرين
2- ما بين القوسين ليست في (م)
3- أي: من باب المقدمة والوصول إلى الواقع المحتمل، اعني الوجوب
4- فهو ليس بمستحب واقعي
5- في (م): و
6- فهو طريق الاحتياط
7- (هذا) ليست في (ك)
8- كتعادل أمارتي القبلة

حجة(1)؛ لما مرَّ، أو في الموضوع المستنبط(2) وحصل الظن بنفي الثالث (3)، فهو حجة كما تقدم، فيتوقف في الترجيح؛ لأنه الأصل في اللغات.

أصل [في كيفية الافتاء بعدما بني على التخيير]

أصل(4)

إذا تعادل الأمارتان عند المجتهد، وبنى على التخيير، فإن كان ذلك في الموضوع الصرف، أفتى بالتخيير؛ إذ المجتهد ليس دائماً مع المقلد حتى يختار أحدهما ويفتي بالمختار؛ أو في المعاملات كتعارض البينات، ونحو مسألة إرث ابن البنت وبنت الإبن، أفتى بالمختار؛ إذ الحكم بالخيار لا يرفع الخصومات؛ أو في الأحكام العملية(5)أفتى بالخيار.

ص: 457


1- إذ المصنف لا يقول بحجية الظن التفصيلي في الموضوع الصرف، فضلا عن الإجمالي
2- كتعارض الغلبة النوعية مع الغلبة الشخصية، فيما إذا استعمل لفظ في معنى، ولم يعلم انه حقيقي أم مجازي
3- كما لو استعمل لفظ في معنيين بينهما جامع قريب وتعارض فيه أمارة الحقيقة والمجاز أعني غلبة ذلك - مع أمارة الاشتراك اللفظي - أعني ظهور الاستعمال في الحقيقة لو قلنا به وظن بنفي الثالث - أي الاشتراك المعنوي - فهذا الظن معتبر؛ لأن المصنف يعتبر الظنون التفصيلية في الموضوعات المستنبطة
4- (أصل ) ليست في (ك)
5- في (ك): العلمية

أصل [في أخذ الأرجح عند التعارض]

أقول: إذا ترجح أحد المتعارضين على الآخر بمرجح داخلي(1)أو خارجي(2)، في سند أو دلالة، أو معاضد، أخذ بالأرجح ؛ لإجماع العلماء(3)، وبناء العقلاء(4)، وندرة دليل لا معارض له(5) عموماً وخصوصاً، مضافاً إلى نصوص العلاج.

ولا يشترط في المرجح كونه بنفسه حجة، فالشهرة ترجح وإن لم نقل بحجيتها(6)، بل وظن القياس ونحوه.(7)

وهل المدار على المرجحات الخاصة(8)، أم على ظن الفقيه(9)، وجهان.

وعلى المختار من الظن المطلق فالدائرة واسعة.

ثم إن المرجحات قد تتركب من اثنين فصاعداً، وقد تتعارض فيلاحظ فيها التعادل والترجيح ، فرجح الأقوى فالأقوى.(10)

ص: 458


1- وهو كل مزية غير مستقلة في نفسها، بل متقومة بما فيه، كمخالفة العامة
2- بأن يكون أمراً مستقلاً بنفسه، ولو لم يكن هناك خبر، كالأصل والكتاب
3- المحصول للرازي: 4 / 1319 ، نهاية الوصول للعلّامة: 286/5
4- فرائد الأصول للأنصاري: 499/2
5- (له) ليست في (ك)
6- ينظر : فرائد الأصول للأنصاري: 564/2
7- ينظر : معارج الأصول للمحقق الحلي: 186 ، ولم نعرف موافقاً للمصنّف في ذلك
8- وهو للأخباريين كما في الفوائد الحائرية للبهبهاني: 220
9- ادعي الاتفاق عليه بين أصحابنا كما في مفاتيح الأصول للمجاهد: 688
10- ينظر : بدائع الأفكار للرشتي : 455

رجّح الله حسناتنا على سيئاتنا، ورفع في(1) الآخرة درجاتنا، بمحمد وآله الطاهرين.

قد فرغ من تأليفه مؤلفه الفقير في آخر العشر الثالث من الشهر السابع، من السنة الثالثة من العشر السّادس من المئة الثالثة الألف الثاني حامداً، مصلّياً، مسلماً، كثيراً كثيراً.

قد فرغ من تحريره أقل تلاميذ مؤلفه (دام ظله العالي) عبد السميع بن محمد علي بن أحمد اليزدي موطناً، الحائري مسكناً، في بندر معمور بمبئي، في أواخر شهر صفر المظفّر من سنة 1258ه-.

ص: 459


1- (في) ليست في (م)

ص: 460

المصادر

1. القرآن الكريم

2. الاحتجاج، لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من أعلام القرن السادس تعليقات وملاحظات السيد محمد باقر الموسوي الخرسان، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 3 (1421ه-).

3. الإحكام في أصول الأحكام، لسيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد الآمدي (ت 631 ه-)، ضبطه وكتب حواشيه الشيخ إبراهيم العجوز دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط / 5 (1426ه- ) .

4. إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، للعلامة محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت 1250ه-) ، علق عليه أحمد محمد سعدية، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1432ه-).

5. إشارات الأصول، للفاضل العلّامة محمد إبراهيم بن محمد حسن الكرباسي (ت 1262ه-) ، ط / 1 حجرية.

6. الإشارات والتنبيهات للشيخ الرئيس أبي علي حسين بن عبد الله بن سينا (ت 427 ه-)، النشر البلاغة قم ، ط / 2 (1435ه-).

7. اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها، للميرزا علي المشكيني، دفتر نشر الهادي، قم، ط / 6 (1374ه-).

8. أعيان الشيعة للمتتبع السيد محسن الأمين العاملي (ت1371ه-)،

ص: 461

حققه وأخرجه السيد حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، ط (1403ه-).

9. الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، دار الأضواء، بيروت - لبنان، ط / 2 (1406ه-) .

10. الألفية في الصلاة اليومية، محمد بن مكي العاملي الشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ محمد عسيران، دار الأضواء، قم - كذرخان، ط / 1 (1404ه-).

11. الأمالي، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460 ه-)، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة الناشر دار الثقافة - قم ، ط / 1 (1414ه- ) .

12. أنوار الملكوت في شرح فص الياقوت، للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، حققه وعلق عليه علي أكبر ضيائي، مؤسسة الهدى للنشر والتوزيع، ط/ 1 (1428ه-).

13. أنيس المجتهدين، للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت1209ه-)، تحقيق مركز العلوم والثقافة الإسلامية مؤسسة بوستان کتاب، قم، ط / 2 (1432ه-).

14. إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد لفخر المحققين أبي طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 771ه-)، تعليق وإشراف السيد حسين الموسوي الكرماني، والشيخ علي بناه الاشتهاردي، والشيخ عبد الرحيم البروجردي.

15. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، للعلّامة المولى محمد باقر المجلسي (ت 1111ه-)، تعليق الشيخ علي النمازي الشاهرودي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1429ه-).

16. البحر المحيط في أصول الفقه للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن بهادر الزركشي (ت 794ه-) ، قام بتحريره الشيخ عبد القادر عبد الله العاني، الناشر وزارة

ص: 462

الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، ط / 2 (1413ه-).

17. بدائع الأفكار (طبعة حجري)، الميرزا حبيب الله الرشتي (ت1312ه-)، مؤسسة آل البيت.

18. التبصير في الدين لأبي المظفر الاسفراييني (ت 471ه-)، تحقيق محمد زاهد بن الحسن الكوثري، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط / 2 (1408ه-).

19. التبيان في تفسير القرآن، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي، دار إحياء التراث العربي.

20. تحرير القواعد المنطقية في شرح الرسالة الشمسية لقطب الدين محمد بن محمد الرازي (ت 766ه-)، تصحیح محسن ،بیدارفر منشورات بيدار قم، ط / 6 (1436ه- ) .

21. التذكرة بأصول الفقه للشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه-)، محمد رضا الحسيني الجلالي، المؤتمر العالمي بمناسبة (ت413ه-)، ذكرى ألفية الشيخ المفيد.

22. تراث كربلاء للاستاذ سلمان هادي آل طعمة ، ط / 4 (1435ه-).

23. تشنيف المسامع بجمع الجوامع ، للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن بهادر الزركشي (ت 794ه-)، تحقيق الدكتور سيد عبد العزيز والدكتور عبد الله ربيع، مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.

.24 تعليقة على معالم الأصول للمحقق الأصولي السيد علي الموسوي القزويني ت 1298ه-)، تحقيق السيد علي العلوي القزويني مؤسسة النشر الإسلامي قم ط / 2 (1434ه-).

25. تفسير الإمام العسكري المنسوب للإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (ت 260ه-)، تحقيق السيد علي عاشور، مؤسسة قائد الغر المحجلين، (1426ه-).

ص: 463

26. تفسير العياشي للمحدث الجليل أبي النصر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمر قندي من أعلام القرن الثالث، تصحيح وتعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1411ه-).

27. تفسير القمي أبي الحسن علي بن إبراهيم القمي من أعلام القرن الثالث، تحقيق ونشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1428ه-).

28 التقريب والإرشاد للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت403 ه-)، تحقيق الدكتور عبد الحميد بن علي، مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان، ط / 2 (1418ه- ) .

29. تقريرات آية الله المجدّد الشيرازي للمولى علي الروزدري (ت1290ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث قم، ط / 1 (1409ه-).

30. تكملة أمل الآمل، للحجة السيد حسن الصدر (ت1354ه-)، تحقيق عبد الكريم الدباغ، دار المؤرخ العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1429ه- ) .

31. تلخيص المفتاح للإمام جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب (ت 739ه-)، تحقيق الاستاذ عبد الرحمن البرقوقي، الناشر دار الفكر العربي، ط / 2 .

32. تمهيد الأصول لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق وتصحيح المركز التخصصي لعلم الكلام الإسلامي، انتشارات رائد، قم، ط / 1 (1394).

33. تمهيد القواعد للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966 ه-)، تحقيق مكتب الإعلام الإسلامي فرع خراسان الرضوي، مؤسسة بوستان کتاب، ط /4(1438ه- ) .

34. التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت826ه-)، تحقيق السيد عبد الطيف الحسيني الكوهكمري، منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي قم، ط (1404ه-).

ص: 464

35. تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ت 460 ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، (1428ه-).

36. تهذيب الوصول إلى علم الأصول للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-)، تحقيق الشيخ محمد باقر الناصري، الناشر ذوي القربي، ط / 1 (2005م).

37. التوحيد، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381ه-)، صححه وعلق عليه هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط / 9 (1427ه- ) .

38. توضيح المقال في علم الرجال للعلّامة الملا علي كني (ت 1306ه-)، تحقيق محمد حسين ،مولوي، دار الحديث قم، ط / 2 (1428ه-).

39. جامع المقاصد في شرح القواعد للمحقق الثاني علي بن الحسين الكركي ت 940ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بيروت - لبنان، ط / 3(1429ه-).

40. الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت671ه-)، تحقيق سالم مصطفى البدري، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 2 (1424ه-).

41. الجامع الجوامع العلوم = تجريد الأصول، للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت 1209 ه-)، الناشر السيد المرتضى قم، ط / 1 حجري.

42. جامعة الأصول للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت1209ه-)، تحقيق رضا الاستادي، مؤتمر المولى مهدي النراقي قم، ط / 1 (1422ه-).

43. جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام للفقيه المحقق محمد حسن النجفي

ص: 465

(ت 1266ه-)، تحقيق الشيخ حيدر الدباغ مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/3 (1438ه-).

44. الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، تحقيق وتعليق محسن بیدار فر منشورات بیدار قم، ط/ 1 (1423ه- ) .

45. حاشية الملا عبد الله على التهذيب لنجم الدين عبد الله بن الحسين اليزدي البهابادي (ت 981ه-)، تعليق السيد مصطفى الحسيني الدشتي، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).

46. الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة للفقيه المحدّث الشيخ يوسف البحراني (ت 1186ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط / 3(1436ه- ) .

47. الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء، للأستاذ صادق آل طعمة (ت 1402ه-) ، اصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 2 (1435ه- ) .

48 حقائق الإيمان للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، منشورات مكتبة المرعشي النجفي قم ط / 1 (1409ه-)

49. خزائن الأحكام للعلّامة الفاضل الملا آغا بن عابد بن رمضان بن زاهد الشيرواني الحائري المعروف بالفاضل الدربندي ( ت 1285ه-)، ط/ 1 حجري.

50. الخصال، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381ه-)، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 1 (1410ه-).

51. ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد للشيخ محمّد باقر بن محمد مؤمن السبزواري

ص: 466

المعروف بالمحقق السبزواري (ت 1090 ه-) ، الناشر مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث، طبعة حجرية.

52. الذخيرة في علم الكلام للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت 436 ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط / 3(1431ه-).

53. الذريعة إلى أصول الشريعة للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت436 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام الصادق ، قم، ط/ 1 (1429ه-).

54. الذريعة إلى تصانيف الشيعة البحاثة المتتبع محمد محسن الشهير بالشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1389ه-)، مراجعة وتصحيح السيد رضا بن جعفر مرتضى العاملي، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1430ه-).

55. ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة للفقيه محمد بن جمال الدين مكي العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث قم، ط/ 1 (1419ه-).

56. رسالة في التحسين والتقبيح العقليين للعلّامة الشيخ جعفر السبحاني، مؤسسة الإمام الصادق الله ، قم ، ط / 1 (1420ه- ) .

57. الرسائل الأصولية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة العلّامة المجدد الوحيد البهبهاني قم، ط/ 1 (1416ه-).

58. رسائل الشريف المرتضى للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت 436 ه-) ، إعداد السيد مهدي رجائي، نشر دار القرآن الكريم قم، ط (1405ه- ) .

ص: 467

59. الرسائل الفقهية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة العلّامة المجدّد الوحيد البهبهاني قم، ط/ 1 (1419ه-).

60. رسائل المحقق الكركي للمحقق الثاني علي بن الحسين الكركي (ت 940ه-)، تحقيق الشيخ محمد الحسون مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/ 1 (1412ه-).

61. الرعاية لحال البداية في علم الدراية (ضمن رسائل في دراية الحديث)، للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق غلام حسين قيصريه ها.

62. الرواشح السماوية، للمير داماد محمد باقر الحسيني الاسترآبادي (ت 1041ه-)، تحقيق نعمة الله الجليلي، وغلام حسين قيصيرية ها، دار الحديث للطباعة والنشر قم، ط/ 1 (1422ه-).

63. روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ،قم، دار الكتب العلمية بيروت ط/ 1 (1422ه-).

64. روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات للعلّامة الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري الأصبهاني (ت 1313ه- ) ، دار إحياء التراث العربي بيروت - ،لبنان، ط/ 1 (1431ه-).

65. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، بإشراف وتصحيح الشيخ حسن القاروبي التبريزي، منشورات دار التفسير ، قم ، ط/ 12 (1434ه- ) .

66. رياض العلماء وحياض الفضلاء، للعلّامة المتتبع الميرزا عبد الله بن عيسى الأصبهاني التبريزي الأفندي (ت 1130 ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، منشورات

ص: 468

مكتبة آيه الله المرعشي النجفي قم، ط (1401ه-).

67. رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل، للمحقق السيد علي الطباطبائي (ت 1231ه-)، تحقيق ونشر دار الهادي بيروت - لبنان، ط/ 1 (1412ه-).

68. زبدة الأصول، للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقیق فارس حسون كريم لمدرسة و ولي العصر قم، ط/ 1 (1423ه-).

69. زبدة الأصول مع حواشي المصنف عليها، للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقيق السيد علي جبار الكلباغي الماسولة، انتشارات دار البشير، قم، ط / 1 (1425ه- ) .

70. زهر الربيع، للمحدث العلّامة السيد نعمة الله بن محمد بن عبد الله الموسوي الجزائري (ت 1112ه-) ، منشورات الارومية، قم، (1405).

71. السبع الشداد للمير داماد محمد باقر الحسيني الاسترآبادي (ت1041ه-)، حجري.

72. سبيكة اللجين في الفرق بين الفريقين للعلّامة المحدث السيد ميرزا محمد جمال الدين العلوي (ت 1275ه-)، تحقيق الدكتور السيد ضرغام الموسوي، منشورات دار الحسين ، بيروت - لبنان، ط / 1 (1437ه- ) .

73. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي للشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن منصور بن إدريس الحلي (ت598ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/6 (1430ه-).

74. سنن أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275ه-)، ضبطه محمد عبد العزيز الخالدي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان ط / 2 (1426ه-).

75. سنن الترمذي، للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي

ص: 469

(ت 297ه-)، ضبطه وصححه خالد عبد الغني محفوظ ، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان ط / 2 (1427ه- ) .

76. سنن الدارقطني، للحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385ه-)، دار الفكر بيروت - لبنان (1426ه-).

77. سنن الدارمي، للحافظ أبي محمد عبد الله بن بهرام الدارمي (ت 255ه-)، تحقيق عبد الغني مستو، المكتبة العصرية صيدا - بيروت، ط / 1 (1426ه-).

78. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك لقاضي القضاة بهاء الدين عبد الله ابن عقيل العقيلي الهمداني المصري (ت 769ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).

79. شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي، للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الآيجي (ت756ه-)، ضبطه ووضع حواشيه فادي نصيف وطارق يحيی، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط 1 (1421ه- ) .

80. شرح العقائد العضدية، للإمام جلال الدين الدواني الشافعي الأشعري (ت 908 ه-)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط 1 (1437ه-).

81. شرح المختصر، للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 792ه-)، تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي، دار المجتبى، قم، ط/ 1 (1434ه-).

82. شرح المقاصد، للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت792ه-)، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، منشورات الشريف الرضي، ط / 1 (1409ه- ) .

83. شرح المواقف، للمحقق السيد الشريف علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت 816 ه-)، عنى بتصحيحه السيد محمد بدر الدين النعساني، منشورات الشريف الرضي، قم ، ط/ 1 (1412ه- ) .

84. شرح الوافية، للفاضل صدر الدين محمد بن محمد باقر الرضوي القمي

ص: 470

(توفي حدود 1160ه-)، مخطوطة بالرقم (2460) مؤسسة كاشف الغطاء النجف الأشرف.

85. شرح كافية ابن الحاجب، رضي الدين محمد بن الحسن الاسترآبادي ت 688ه-، وضع هوامشه الدكتور اميل يعقوب منشورات ذوي القربى قم،

ط / 1 (1436ه-).

86. شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام للحكيم عبد الرزاق اللاهيج ت 1072)، تحقيق الشيخ أكبر أسد علي زاده، مؤسسة الإمام الصادق ، قم ، ط / 2 (1431ه-).

87. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393ه-)، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت - لبنان

ط / 4 (1407ه-).

88. صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256ه-) ، ضبط النص محمود محمد نصار، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان ط / 4 (1425ه-).

89. ضوابط الأصول، للمحقق السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري (ت 1262ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي اصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 1 (1439ه-).

90. عدة الداعي للشيخ العارف جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلي (ت 841ه-) ، شركة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 1 (1431ه-).

91. العدة في أصول الفقه، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق محمد رضا الأنصاري القمي، ط/ 1 (1417ه-).

92. العناوين، للفقيه المحقق السيد مير عبد الفتاح الحسيني المراغي (ت 1250ه-)،

ص: 471

تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/ 4 (1437ه-).

93. عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية، للشيخ محمد بن أبي جمهور الإحسائي (ت 902 ه-)، تحقيق مجتبى العراقي، دار إحياء التراث العربي بيروت - ،لبنان، ط/ 1 (1430ه-).

94. العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175ه-)، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، الناشر انتشارات اسوة قم، ط/4

(1435ه-).

95. غاية المأمول في شرح زبدة الأصول للفاضل الشيخ أبي عبد الله محمد الجواد شمس الدين الكاظمي المشتهر بالفاضل الجواد (توفي في أواسط القرن الحادي عشر الهجري)، مخطوطة بالرقم (02372) مؤسسة كاشف الغطاء النجف الأشرف.

96. غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر منتهى السؤل والأمل، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ آ. مرداني بور منشورات مؤسسة الإمام الصادق ع الله قم ، ط / 1 (1430ه- ) .

97. غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع للفقيه الاقدم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي (ت 585 ه-)، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري، الناشر مؤسسة الإمام الصادق ، ط / 1 (1417ه-).

98. الغيث الهامع شرح جمع الجوامع لولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت826ه-)، تحقيق محمد تامر حجازي، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان ط / 1 (1425ه-).

99. فرائد الأصول، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه-)تحقيق و نشر مؤسسة ذوي القربى قم، ط/ 1 (1437ه-).

100. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم للعالم الزاهد رضي الدين أبي القاسم علي

ص: 472

بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني (ت664 ه-)، منشورات الرضي قم، (1363ه-) .

101. الفصول الغروية في الأصول الفقهية ( طبعة حجري)، الشيخ محمد حسن الأصفهاني ت (1250) ، دار إحياء العلوم الإسلامية.

102. فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين وأصحاب الأصول لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( ت 460 ه-)، تحقيق العلّامة المدقق عبد العزيز الطباطبائي، مكتبة المحقق الطباطبائي قم، ط / 1 (1429ه-).

103. فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت في أصول الفقه للعلامة عبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري ( ت 1225ه-)، المطبعة الاميرية ببولاق - مصر ، ط/ 1 (1322ه-).

104. الفوائد الأصولية، لسيد الطائفة السيد محمد مهدي بحر العلوم ت 1212ه-)، تحقيق الشيخ هادي قبيسي العاملي مركز تراث السيد بحر العلوم العراق - النجف الأشرف، ط/ 1 (1432ه- ) .

105. الفوائد الأصولية، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت 1281ه-)، تحقيق حسن المراغي ، الناشر مؤسسة شمس تبريزي طهران، ط/ 1 (1426ه-).

106. الفوائد الحائرية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط /3( 1436ه- ) .

107. الفوائد الطوسية، للمحدث الكبير محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104)، نمقه وعلق عليه السيد مهدي اللاجوردي الحسيني والشيخ محمد درودي، مكتبة المحلاتي، قم، ط/ 2 (1423ه-).

108. الفوائد المدنية للمحدث المولى محمد الأمين الاسترآبادي (ت1033ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم ، ط / 3 (1429ه- ) .

ص: 473

109. القاموس المحيط، للعلّامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه-)، اعداد وتقديم محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط/ 2 (1424ه-).

110. قصص العلماء للعالم الفاضل الميرزا محمد بن سليمان التنكابني (ت 1302ه-)، ترجمة الشيخ مالك وهبي، منشورات ذوي القربى، ط/ 1 (1426ه-).

111. القواعد الشريفة، للعلّامة محمد شفيع بن علي الأكبر الجابلقي (ت 1280ه-)، حجري.

112. القواعد والفوائد في الفقه والأصول والعربية للفقيه محمد بن جمال الدين مكي العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق الدكتور عبد الهادي الحكيم الناشر مؤسسة البلاغ بيروت - لبنان، ط (1433ه-).

113. القوانين المحكمة في الأصول المتقنة للميرزا المحقق أبي القاسم القمي ت 1231ه-)، تحقيق وتعليق رضا حسین ،صبح دار زين العابدين قم، ط / 4

(1439ه- ) .

114. الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (ت 329ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، (1430ه-).

115. كامل الزيارات للشيخ الاقدم أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي . (ت368ه-)، منشورات الرضا، بيروت - لبنان، ط/ 1 (1429ه-).

116. كتاب الأربعين للعلّامة المولى محمد باقر المجلسي (ت1111ه-)، المطبعة العلمية، قم، (1399ه-).

117. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (ت 538ه-)، تحقيق عبد الرزاق المهدي دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 2 (1421ه-).

ص: 474

118. كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء للعلّامة الكبير الشيخ جعفر بن الشيخ خضر المالكي الجناجي النجفي (ت 1228ه-)، تحقيق مركتب الاعلام الإسلامي، مؤسسة بوستان کتاب، ط/ 2 .

119. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).

120. الكليات، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي ت 1094ه-)، تحقيق الدكتور عدنان درويش ومحمد المصري، منشورات ذوي

القربى، قم، ط/ 1 1433ه-).

121. كنز الفوائد للإمام أبي الفتح الشيخ محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت 449 ه-) ، حققه وعلق عليه العلّامة الشيخ عبد الله نعمة، دار الأضواء، بیروت، (1405ه-).

122. لسان العرب للإمام ابن منظور (ت 711 ه-)، اعتنى بتصحيحه أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان ط /3.

123. مبادئ الوصول إلى علم الأصول (ضمن كتاب نصوص الدراسة في الحوزة العلمية)، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-)، تحقيق محمد حسين الحسيني الجلالي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان ط / 1 (1408ه-).

124. المبسوط في فقه الإمامية، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 3 (1433ه-).

125. مجمع البحرين للعالم المحدث فخر الدين الطريحي (ت 1085ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، الناشر المكتبة المرتضوية طهران، ط/ 3 (1375).

ص: 475

126. مجمع البيان في تفسير القرآن لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق لجنة من العلماء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 2 (1425ه- ) .

127. الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، للفقيه المحقق أحمد بن مجمع محمد الأردبيلي (ت993ه-)، تحقيق مجتبى العراقي وعلي بناه الاشتهاردي وحسين الأصفهاني، مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط/ 4 (1433ه- ) .

128. المحصول في علم أصول الفقه، للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الرازي الشافعي (ت 604 ه-)، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض المكتبة العصرية، ط/ 2 (1420ه-).

129. المحصول في علم الأصول، للمحقق السيد محسن بن الحسن بن مرتضى الأعرجي (ت1227ه-)، تحقيق هادي الشيخ طه، مركز المرتضى لإحياء التراث العراق - النجف الأشرف، ط/ 1 (1437ه-).

130. مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل للعلّامة ابن الحاجب جمال الدين أبي عمر و عثمان بن عمر بن أبي بكر المقرئ (ت646 ه-)، تحقيق الدكتور نذير حمادو، دار ابن حزم بيروت - لبنان، ط/ 1 (1427ه-).

131. مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام للفقيه محمد بن علي الموسوي العاملي (ت 1009 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بيروت - لبنان ط / 2 (1429ه-).

132. مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية قم ط / 3 (1425ه- ) .

133. مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري

ص: 476

الطبرسي (ت 1320 ه-)، مؤسسة آل البيت.

134. المستصفى من علم الأصول، لحجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ت 505ه-) ، المطبعة الاميرية ببولاق - مصر، ط/ 1 (1322ه-).

135. مشارق الشموس في شرح الدروس للمحقق حسين بن جمال الدين الخوانساري (ت1099ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث طبعة حجرية.

136. مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار، للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت 254ه-)، تحقيق مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر، ط/ 1 (1411ه-).

137. مشرق الشمسين وأكسير السعادتين للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مؤسسة الطبع والنشر التابعة للآستانة الرضوية المقدسة مشهد المقدسة، ط/ 2 (1429ه-).

138. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للعلامة أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت 770ه-)، الناشر مؤسسة دار الهجرة قم، ط/ 2 (1414ه-).

139. مطارح الأنظار تقريرات الشيخ الأعظم الأنصاري، للعلّامة المحقق الميرزا أبي القاسم الكلانتري الطهراني (ت 1292ه-)، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي قم، ط/ 2 (1428ه-).

140. المطول شرح تلخيص المفتاح للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ت 792ه-)، صححه وعلق عليه أحمد عزو عناية، دار الكوخ للطباعة والنشر، ط/ 1 (1387ه-).

141. معارج الأصول، للمحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي ت 672 ه-)، اعداد محمد حسين الرضوي، مؤسسة آل البيت قم، ط / 1 (1403ه-).

ص: 477

142. معارج الفهم في شرح النظم للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، تحقيق عبد الحليم عوض الحلي، منشورات دليل ما قم، ط / 1 (1428ه-).

143. معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء للعلّامة الشيخ محمد حرز الدين ت 1365ه-)، علق عليه محمد حسين حرز ،الدين منشورات مكتبة المرعشي قم (1405ه-).

144. معالم الدين وملاذ المجتهدين (الأصول)، للعلّامة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ( ت 1011ه-) ، تصحيح الشيخ علي محمدي، دار الفكر قم، ط/ 1 (1374ه- ) .

145. معاني الأخبار، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381ه-)، دار المرتضى بيروت - لبنان، ط/ 1 (1429ه-).

146. المعتبر في شرح المختصر، للمحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي (ت 672 ه-) ، منشورات ذوي القربى .

147. المعجم الأصولي، للشيخ محمد صنقور علي منشورات الطيار قم، ط/2 (1428ه-).

148. المعجم الشامل، إبراهيم سرور ، دار الكاتب العربي، ط/ 1 (1434ه-).

149. معجم مصطلحات الرجال والدراية، لمحمد رضا جديدي نجاد، اشرافمحمد کاظم رحمن ستایش دار الحديث للطباعة والنشر قم، ط/ 2 (1424ه-).

150. معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة (ت1408ه-)، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان.

151. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، للإمام أبي محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت 761ه-)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، منشورات ذوي القربى قم، ط/ 1 (1436ه- ) .

ص: 478

152. مفاتيح الأصول، للعلامة المجاهد السيد محمد بن علي الطباطبائي ت 1242ه-)، مؤسسة آل البيت قم، ط 1 حجري.

153. مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الرازي الشافعي (ت 604 ه-) ، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 2 (1425ه-).

154. مفتاح الأحكام، للمولى أحمد بن محمد مهدي النراقي (ت 1245ه-)، تحقيق مركز العلوم والثقافة الإسلامية، مؤسسة بوستان كتاب قم، ط/ 1 (1430ه- ) .

155. مفتاح العلوم للإمام أبي يعقوب يوسف بن أبي بكر السكاكي (ت626ه-)، تحقيق حمدي محمدي ،قابيل المكتبة التوفيقية القاهرة - مصر .

156. مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة للفقيه السيد محمد جواد الحسيني العاملي (ت 1226ه-)، حققه وعلق عليه الشيخ محمد باقر الخالصي، نشر مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط / 3(1436ه- ) .

157. المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية قم، ط/ 1 (1420ه-).

158. المقالات الغرية في المباحث الأصولية، للمحقق الميرزا محمد صادق التبريزي (ت 1351)، تحقيق الشيخ باسم مجيد الساعدي مركز المرتضى لإحياء التراث، النجف الأشرف، ط/ 1 (1437ه-).

159. مقباس الهداية في علم الدراية للعلّامة الرجالي الشيخ عبد الله المامقاني ت 1351ه-)، تحقيق الشيخ محمد رضا المامقاني منشورات دليل ما، قم، ط/ 2 (1424ه- ) .

160. من لا يحضره الفقيه، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين،

ص: 479

دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان ، ط/ 2 (1414ه- ) .

161. المناهل للعلّامة المجاهد السيد محمد بن علي الطباطبائي (ت1242ه-)، مؤسسة آل البيت، قم، ط/ 1 حجري.

162. منبع الحياة وحجية قول المجتهد من الأموات للمحدّث العلّامة السيد نعمة الله بن محمد بن عبد الله الموسوي الجزائري (ت 1112ه-)، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، ط/ 2 .

163. منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان للعلّامة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ت 1011ه-)، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 1 (1403ه-).

164. المنقذ من التقليد، للعلّامة المدقق سديد الدين محمود الحمصي الرازي المتوفى أوائل القرن السابع، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 2 (1435ه-).

165. منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، لتقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (ت728ه-)، تحقیق محمد رشاد سالم، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، ط/ 1 (1406ه- ) .

166. منية اللبيب في شرح التهذيب للسيد ضياء الدين عبد الله بن محمد بن الأعرج الحسيني الحلي، كان حياً (740ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام الصادق قم، ط/ 1 (1431ه-).

167. منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).

168. موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق ، إشراف العلّامة الشيخ جعفر السبحاني، الناشر مؤسسة الإمام الصادق قم، ط / 1 (1418ه-).

ص: 480

169. موسوعة مؤلفي الإمامية لمجموعة من الباحثين والمؤلفين، المشرف العام الشيخ مجتبى الحمودي، مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط/ 1 (1420ه-).

170. النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).

171. نتائج الأفكار، للمحقق السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري ت 1262ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي إصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 1 (1440ه-).

172. نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826ه-، تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري، الناشر مكتبة آيه الله المرعشي النجفي - قم ، ط/ 2 (1428ه- ) .

173. نهاية الإقدام في علم الكلام لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (ت 548ه-)، حرّره وصححه الفريد جيوم مكتبة الثقافة الدينية القاهرة،

ط / 1 1430ه- ) .

174. نهاية السول للإمام جمال الدين عبد الرحيم الاسنوي (ت772ه-)، ضبطه عبد القادر محمد علي، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 1 (1420ه-).

175. نهاية المأمول في شرح مبادئ الوصول لفخر المحققين أبي طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 771ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ حميد رمح الحلي، مركز العلّامة الحلي التابع للعتبة الحسينية المقدسة، ط/ 1 (1439ه-).

176. نهاية الوصول إلى علم الأصول للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ت 726ه- ، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري ، الناشر مؤسسة الإمام الصادق ، قم، ط/ 1 (1425ه- ) .

177. النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك

ص: 481

بن محمد الجزري ابن الأثير (ت606ه-)، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، نشر دار التفسير، قم، ط/ 1 (1426ه-).

178. نهج الحق وكشف الصدق، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-) ، علق عليه الشيخ عين الله الحسني الأرموي، منشورات دار الهجرة، قم، ط/ 4 (1414ه-).

179. هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار، للعالم المحقق الشيخ حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي (ت 1076ه-)، تحقيق رؤوف جمال الدين، ط/ 1 (1396ه- ) .

180. هداية المسترشدين في شرح أصول معالم الدين للفقيه المحقق الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الأصفهاني (ت1248ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط / 3(1435ه-).

181. هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين إسماعيل باشا البغدادي ت 1399ه- ) ، مؤسسة التاريخ العربي.

182. الوافية في أصول الفقه للفاضل المولى عبد الله بن محمد البشروي الخراساني التوني (ت 1071ه-)، تحقيق السيد محمد حسين الرضوي، مؤسسة مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط/ 2 (1415ه-).

183. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة للمحدث الكبير محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104ه-)، مؤسسة آل البيت.

ص: 482

الفهرس

مقدمة المركز....7

مقدمة التحقيق....15

مقدمة المصنّف....59

أما المقدّمة....61

[ في تعريف العلم وفائدته وموضوعه ]....61

[ معنى الأصل ]....61

[ معنى الفقه ]....62

[ في تقرير الإيرادين المشهورين ]....69

[ بيان موضوع هذا العلم ]....74

[ بيان غاية هذا العلم ]....74

أصل [ في تقسيم اللفظ والمعنى ]....75

[ تقسيمات الكلي ]....75

أصل [ في تعريف الوضع وتقسيمه باعتبار أركانه ]....78

[ أقسام الوضع ]....79

أصل [ في الحقيقة الشرعية ]....81

[ ثمرة النزاع مع القاضي]....82

[المختار في المسألة]....83

[ المختار في المسألة ]....88

ص: 483

[ ثمرة المسألة ]....88

أصل [ في أن الألفاظ اسام للصحيح أو الأعمّ ]....89

[ تحرير محل النزاع ]....90

[ بيان معنى الأعم والصحيح والصحة ]....90

[ المختار في المسألة ]....91

[ أدلة الصحيحي ]....92

[ ثمرة المسألة ]....94

أصل [ في معرفة الوضع وعلائمه ]....95

أصل [ في التبادر وعدمه ]....98

أصل [ في صحة السلب وعدمها ]....100

أصل [ في الاطّراد وعدمه ]....103

[ المختار في المسألة ]....103

أصل [ في أصال الاستعمال ]....104

[ المختار في المسألة ]....104

أصل [ في سائر العلائم ]....107

أصل [ في المشترك واستعمالاته ]....108

[ المختار في المسألة ]....108

[ استعمال المشترك في أكثر من معنى ]....110

[ تحرير محل النزاع ]....110

[ بيان كيفية أوضاع المفردات ]....111

[ بيان كيفية أوضاع التثنية والجمع وأداة النفي ]....112

[ ثمرة المسألة ]....113

[ تأسيس الأصل ]....113

ص: 484

أصل [ في استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ]....114

[ بيان معنى الحقيقة والمجاز والكناية ]....114

أصل [ في أن الألفاظ موضوعة للمعاني اللابشرط]....116

[ ثمرة المسألة ]....116

أصل [ في أن الألفاظ موضوعة للأمور النفس الأمرية ]....117

[ ثمرة المسألة ]....117

أصل [ في تعارض العرف واللغة ]....118

أصل [ في تعارض عرف السائل والمسؤول ]....119

أصل [ في إطلاق ألفاظ الموازين والمقادير ]....120

أصل [ في المشتق ]....120

[ تأسيس للأصل ]....122

[ ثمرة المسألة ]....122

[ المختار في المسألة ]....123

أصل [ في مادة الأمر ]....124

أصل [ في صيغة الأمر ]....125

تبصرة....129

[ في المجاز المشهور ]....129

أصل [ في أن الأمر بالأمر أمر أم الا ]....131

[ ثمرة المسألة ]....132

أصل [ في الأمر الوارد عقيب الحظر ]....132

[ تحرير محل النزاع ]....133

[ المختار في المسألة ]....133

أصل [ في المرة والتكرار ]....134

ص: 485

[ ثمرة المسألة ]....135

[ تأسيس الأصل ]....136

أصل [ في الفور والتراخي ]....138

[ ثمرة المسألة ]....139

[ تأسيس الأصل ]....140

[ المختار فى المسألة ]....140

[ أدلة القول بالفور ]....140

أصل [ في أن القضاء بفرض جديد أم لا بل بالأمر الأول ]....142

أصل [ في مقدمة الواجب ]....143

[ أقسام الواجب ]....143

[ معنى المقدمة وبيان أقسامها ]....144

[ أنواع الدلالة ]....145

[ تحرير محل النزاع ]....145

[ ثمرة المسألة ]....146

[ تأسيس الأصل ]....147

أصل [ في النهي عن الضد ]....147

[ تحرير محل النزاع ]....148

[ ثمرة المسألة ]....151

[ تأسيس الأصل ]....151

أصل [ في نسخ الوجوب ]....153

[ تحرير محل النزاع ]....153

أصل [ في الأمر مع العلم بانتفاء شرطه ]....154

[ تحرير محل النزاع ]....154

ص: 486

[ ثمرة المسألة ]....156

أصل [ في أن الأمر لطلب ايجاد الماهية لا الفرد ]....157

أصل [ في الإجزاء ]....161

[ تحرير محل النزاع ]....161

[ باب النواهي ]....164

أصل [ في اجتماع الأمر والنهي ]....164

[ تحرير محل النزاع ]....164

تذييل....175

[ في الامتناع بالاختيار ]....175

أصل [ في دلالة النهي على الفساد ]....176

[ تحرير محل النزاع ]....176

[ تأسيس الأصل ]....179

[ المختار في المسألة ]....179

أصل [ في تعريف المنطوق والمفهوم ]....182

أصل [ في حجية مفهوم الشرط ]....184

[ تحرير محل النزاع ]....185

[ تأسيس الأصل ]....186

[ ثمرة المسألة ]....187

أصل [ في حجية مفهوم الوصف ]....189

[ تحرير محل النزاع ]....189

أصل [ في حجية مفهوم الغاية ]....192

[ ثمرة المسألة ]....192

[ تأسيس الأصل ]....193

ص: 487

أصل [ في مفهوم الحصر و غيره ]....195

أصل [ في تعريف العام ]....196

أصل [ في أن للعام صيغة تخصه ]....197

أصل [ في الجمع المحلّى باللام ]....197

أصل [ في المفرد المحلّى باللام ]....199

أصل [ في المفرد المضاف ]....201

أصل [ في المفرد المنوّن ]....202

أصل [ في الجمع المنكر ]....203

[ المختار في المسألة ]....204

أصل [ في أقل ما يطلق عليه الجمع ]....204

[ تحرير محل النزاع ]....204

[ المختار في المسألة ]....205

أصل [ في ترك الاستفصال ]....205

أصل [ في عموم التشبيه والمنزلة ]....208

[ المختار في المسألة ]....208

أصل [ في الخطاب الشفاهي ]....209

[ تحرير محل النزاع ]....210

[ تأسيس الأصل ]....212

[ ثمرة المسألة ]....212

أصل [ في تعريف التخصيص والخاص ]....215

أصل [ في منتهى التخصيص ]....216

[ تحرير محل النزاع ]....216

[ ثمرة المسألة ] ....217

ص: 488

[ تأسيس الأصل ]....218

أصل [ في استثناء النصف والأكثر ]....218

[ تحرير محل النزاع ]....219

أصل [ في العام المخصص وانه حقيقة أم مجاز ]....220

[ تحرير محل النزاع ]....220

[ ثمرة المسألة ]....221

[ المختار في المسألة ]....221

أصل [ في عدم حجية المخصّص بالمجمل ]....222

أصل [ في عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص ]....223

أصل [ في تعقب الخاص للعمومات المتعددة ]....224

أصل [ في الضمير الراجع إلى بعض أفراد العام ]....225

أصل [ في أن العبرة بعموم اللفظ ]....226

[ المختار في المسألة ]....226

أصل [ في تخصيص العام بمفهوم المخالفة ]....227

أصل [ في جواز تخصيص الكتاب ]....228

أصل [ في تعريف المطلق والمقيد ]....229

أصل [ في كيفية العموم المستفاد من المطلق ]....230

أصل [ في أقسام التشكيك ]....231

أصل [ في حمل المطلق على المقيد ]....232

أصل [ في تعريف المجمل ]....233

أصل [ في توارد المجمل والمبين ]....234

أصل [ في تعريف المبيّن وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة ]....235

أصل....236

ص: 489

[ في الإجماع ]....236

أصل [ في حجية الكتاب ]....241

أصل [ في دفع الضرر المحتمل ]....244

أصل [ في نفي العسر ]....247

أصل [ في السنة وأقسامها ]....251

[ تقسيم الخبر إلى المتواتر والآحاد ]....251

[ في حجية الظن ]....254

[ تحرير محل النزاع ]....255

أصل [ في أصالة حرمة العمل بالظن ]....257

أصل [ في انقلاب الأصل الأولي في الجملة في الأحكام ]....264

[ نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة وليست كلية ]....283

أصل [ في أن حجية الظن مشروطة بعدم التمكن من العلم ]....285

أصل [ في ميزان مقدار الفحص ]....286

أصل [ في عدم وجوب تحصيل الظن الأقوى على المجتهد ]....286

أصل [ في تعارض الظنين ]....287

أصل [ في عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية ]....289

أصل [ في الظن في الموضوع الصرف ]....292

أصل [ في الظن في الموضوع المستنبط ]....294

[ تحرير محل النزاع ]....294

[ تأسيس الأصل ]....294

أصل [ في الظن في المسائل المشتبهة ]....296

[ المختار في المسألة ]....296

أصل [ في المسائل الاعتقادية ]....297

ص: 490

أصل [ في التسامح في السنن والكراهة ]....298

أصل [ في حجيّة الخبر المرسل ]....299

[ في الأدلة العقلية ]....300

أصل [ في إدراك العقل للحسن و القبح بطريق الإيجاب الجزئي ]....300

[ تحرير محل النزاع ]....301

أصل [ في إدراك العقل الثواب والعقاب ]....306

أصل في حجيّة العقل....308

[ المختار في المسألة ]....308

[ تحرير محل النزاع ]....308

[ وجوه أخر لنفي حجية العقل ]....311

[ ثمرة المسألة ]....314

أصل في إثبات تبعية الأحكام الشرعية للصفات....317

أصل [ في أن الحسن و القبح هل هما ذاتيان أم لا ]....321

[ المختار في المسألة ]....322

[ ثمرة المسألة ]....323

أصل [ في جواز خلو واقعة من الوقائع عن الحكم ]....324

[ ثمرة المسألة ]....324

[ المختار في المسألة ]....325

أصل [ في أصل الأشياء قبل ورود الشرع ]....326

[ تحرير محل النزاع ]....327

[ تأسيس الأصل ]....329

[ المختار في المسألة ]....332

أصل في ذكر مسائل البراءة والاحتياط وفي الشك في التكليف....332

ص: 491

[ تحرير محل النزاع ]....333

[ المراد من الأصل ]....334

[ الأصل الجاري في المسألة ]....335

أصل [ في دوران الأمر بين الوجوب والإباحة الخاصة ]....336

[ أدلة الاحتياط ]....345

أصل ف[ ي دوران الأمر بين الوجوب والندب والإباحة ]....347

أصل [ في الشبهة الوجوبية ودوران الأمر بين الأقل والأكثر ]....350

[ الارتباطيين مع كون الشبهة مرادية ]....350

[ تحرير محل النزاع ]....350

[ تأسيس الأصل ]....351

أصل [ في الشك في النفسية والغيرية ]....355

[ ثمرة المسألة ]....355

أصل [ في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين مع كون الشبهة مرادية ]....356

أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة مرادية ]....357

أصل [ في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية ]....358

أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين في الشبهة المصداقية ]....360

أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة في مصداق المكلف ]....361

أصل [ في دوران الأمر في الشبهة التحريمية مع الشك في التكليف]....361

أصل [ في الشبهة التحريمية ودوران الأمر بين المتباينين الشبهة المصداقية ]....363

أصل [ في دوران الأمر بين المحذورين في الشبهة الحكمية]....366

أصل [ في دوران الأمر بين الوجوب والكراهة، أو الحرمة والندب ]....368

أصل [ في وجوب الفحص قبل العمل بأصل البراءة]....368

أصل [ في الاستقراء ]....369

ص: 492

أصل [ في الاستصحاب وتعريفه ]....373

[ تحرير محل النزاع ]....375

أصل [ في حجية الاستصحاب في الجملة ]....376

أصل في حجية الاستصحاب في الأمور الخارجية....381

أصل في حجية الاستصحاب في الأحكام....382

[ في حجية الاستصحاب فيما ثبت من الإجماع كغيره من الأدلة ]....386

أصل [ في حجية الاستصحاب سواء كان الشكّ في وجود المقتضي أو المانع ]....387

أصل [ في أقسام الشك في المانع ]....389

أصل [ في الشك الطارئ والساري ]....391

أصل [ في الاستصحاب في الشك في الحادث ]....392

أصل [ في الاستصحاب في الموضوع المستنبط ]....393

أصل [ في الأصول العملية اللفظية ]....395

[ تحرير محل النزاع ]....395

[ المختار في المسألة ]....395

أصل [ في الاستصحاب في التوابع واللوازم ]....397

أصل [ في مجرى أصالة تأخر الحادث ]....398

[ تحرير محل النزاع ]....398

[ الحق في المسألة ]....400

أصل [ في جريان الاستصحاب في الأحكام الظاهرية والواقعية كليهما ]....400

أصل [ في الاستصحاب في الأمور التدريجية ]....401

أصل في مجاري الاستصحاب بالنسبة إلى الدليل الدال على المستصحب....401

أصل [ في اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب ]....403

[ في بيان بعض من الاصطلاحات المرتبطة بالمقام ]....403

ص: 493

أصل [ في تعارض الاستصحابين ]....407

أصل [ في لزوم الفحص قبل العمل بالاستصحاب ]....411

أصل [ في استصحاب الشرائع السابقة ]....412

أصل [ في الاجتهاد والتقليد]....413

أصل [ في التجزي في الاجتهاد ]....415

[المختار في المسألة ]....415

أصل [ في شرائط الاجتهاد المطلق ]....417

أصل [ في حكم الجاهل بالعبادة ]....421

[ تحرير محل النزاع ]....421

أصل [ في التخطئة والتصويب ]....423

[ تحرير محل النزاع ]....425

[ المختار في المسألة ]426

[ ثمرة المسألة ]....428

أصل [ في رجوع المقلّد برجوع مجتهده ]....429

أصل [ في بيان معنى الحكم والفتوى ]....430

[ ثمرة المسألة ]....431

[ تأسيس الأصل ]....431

أصل [ في نقض حكم الحاكم ]....432

أصل [ في حال الأعمال الصادرة قبل تجدّد الرأي ]....433

أصل [ في التقليد ]....435

أصل [ في التقليد في أصول الدين ]....436

أصل [ في تقليد من بلغ رتبة الاجتهاد]....438

أصل [ في جواز عمل المقلد من دون الاستناد إلى واحد بخصوصه ]....449

ص: 494

[ إن كان هناك مجتهدان متوافقان ]....440

أصل [ في أن التقليد من باب الظن أم لا ]....441

أصل [ في جواز الرجوع عن التقليد ]....442

أصل [ في عدم وجوب تقليد الأعلم ]....444

أصل [ في جواز التبعيض في التقليد ]....446

أصل [ في شرائط مشافهة المفتي في أخذ المسائل ]....446

أصل [ في تقليد الميت ]....448

أصل [ في تحصيل العلم باجتهاد مجتهده ]....450

أصل خاتمة....453

[ في تعارض الدليلين ]....453

أصل [ في تعادل الدليلين ]....454

أصل [ في حكم التعادل ]....455

أصل [ في كيفية الافتاء بعدما بني على التخيير ]....457

أصل [ في أخذ الأرجح عند التعارض ]....458

المصادر....461

ص: 495

إصدارات مركز تراث سامراء

١. كتاب «رسالة حدوث العالم» تأليف الشيخ محمد باقر الاصطهباناتي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

2. كتاب «معالم العبر في استدراك البحار السابع عشر«، تأليف الميرزا حسين النوري له (طبع لأول مرة).

3. كتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني ، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٤. كتاب «رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي»، تحقيق الشيخ مسلم الرضائي بمراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٥. كتاب «رسالة في أحكام الجبائر»، تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي بقلم السيد محمد الساروي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة). ٦. كتاب «رسالة في حكم الخلل الواقع في الصلاة» تقريراً لبحث السيد المجدّد الشيرازي، بقلم الشيخ آقا رضا الهمداني ، تحقیق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة)

7. كتاب «مآثر الكبراء في تاريخ سامراء» (ج٤) ، تأليف الشيخ ذبيح الله المحلاتي ، تحقيق: مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

8. كتاب «مجموعة رجالية وتاريخية»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني، تحقيق السيد جعفر الحسيني الإشكوري (طبع لأول مرة).

٩. كتاب «نزهة القلوب والخواطر في بعض ما تركه الأوائل للأواخر»، تأليف الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني الملقب بإمام الحرمين، تحقيق الشيخ محمد لطف زاده، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).

10.كتاب «الإمام علي الهادي عمر حافل بالجهاد والمعجزات» تأليف الشيخ علي الكوراني، أعده وخرّج مصادره مركز تراث سامراء.

11. کتاب «سامراء في الإرشيف الوثائقي العثماني»، من إعداد مركز تراث سامراء

ص: 496

(طبع لأول مرة).

12. كتاب «سامراء في السالنامات العثمانية» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

13. كتاب «سامراء في لغة العرب»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

1٤. كتاب «سامراء في مجلة سومر» ، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

١٥. كتاب «قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء»، للأستاذ عبد الكريم الدباغ (طبع لأول مرة).

١٦. كتاب «زيارة أئمة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

17. كتيب «دليل معرض فاجعة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

18. كتيب «مناقب أئمة سامراء من طرق العامة»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

19. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للشباب المؤمن»، من إعداد مركز تراث سامراء.

20. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للمقاتلين في ساحات الجهاد»، من إعداد مركز تراث سامراء.

21. كتيب «قبسات من حياة أئمة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٢٢. «كتيب تعريفي بمركز تراث سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

23. كتيب «دليل الزائر لمرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء المقدسة»، إعداد مركز تراث سامراء.

٢٤. كتاب «عصمة الحجج» ، تأليف السيد علي الحسيني الميبدي، تحقيق الشيخ ستار

ص: 497

الجيزاني، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).

٢٥. كتاب «مباحث من كتاب الطهارة»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني ، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي ، تحقيق الشيخ كريم مسیر، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).

٢٦. كتاب «ذخيرة في تحقيق دليل الإنسداد»، من إفادات السيّد المجدد الشيرازي ، بقلم المحقق الآخوند الخراساني (صاحب الكفاية)، تحقيق الشيخ محمد الحاج محسن الجعفري، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٢٧. كتاب «العتبة العسكرية المقدسة في الإرشيف الوثائقي العثماني»، جمع وترجمة د. سامي المنصوري، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.

28. كتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني ، تحقيق مركز تراث سامراء ( طبعة ثانية منقحة).

29. کتاب «البيع»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي، تحقيق الشيخ سلام محمد الناصري مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء.

30. کتاب «سامراء في مجلة سومر / ج 2»، إعداد مركز تراث سامراء.

31. كتاب «شرح اللمعتين»، تأليف آية الله الشيخ عباس بن حسن آل كاشف الغطاء ، تحقيق محمد جليل الحسناوي، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.

32. كتاب «اللوامع الحسنية»، تأليف السيد حسن صدر الدين الكاظمي، تحقيق الشيخ إبراهيم الجوراني، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.

33. بحوث المؤتمر العلمي الأول «الإمام الهادي عبق النبوة وعماد السلم المجتمعي» (ثلاثة أجزاء).

٣٤. كتاب سامراء في تراث الكاظميين وآثارهم في القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر ، تأليف الأستاذ عبد الكريم الدباغ، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء.

٣٥. كتاب مباحث من كتاب الزكاة، تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي ، بقلم

ص: 498

العلّامة الفقيه الشيخ أسد الله الزنجاني، تحقيق مركز تراث سامراء.

٣٦. رسالة في كرامات السيد المجدّد الشيرازي . تأليف : قدوة الفقهاء والمجتهدين الميرزا محمد حسين الغروي النائيني.

37. مجلة تراث سامراء، (مجلة علمية محكمة نصف سنوية تُعنى بدراسة تراث سامراء) صدر منها : العدد الأول والثاني.

38. فهرس تراث حوزة سامراء، جمع وإعداد مركز تراث سامراء، نشر مركز تراث سامراء، دار الكفيل للطباعة النجف الأشرف، ١٤٤٢ه_..

39. نتائج الأفكار، تأليف: السيد إبراهيم الموسوي القزويني، تحقيق: الشيخ ستار الجيزاني نشر مركز تراث سامراء، النجف الأشرف، دار الكفيل للطباعة، ١٤٤٢ه_.

الكتب التي ستصدر قريباً

١. مجلة تراث سامراء (العدد الثالث).

٢. حاشية المكاسب، الشيخ محمد تقي الشيرازي .

3. ببليوغرافيا الإمامين العسكريين علیهما السلام.

4. ببليوغرافيا سامراء.

5. العسكريان علیهما السلام في الشعر العربي.

٦. مكتبات سامراء الرائدة وتتضمن:

أ. مكتبة المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي.

ب. مكتبة الشيخ محمد تقي الشيرازي .

ت. مكتبة الإمام المهدي العامة.

ث. مكتبة الشيخ محمد حسن كبة.

ص: 499

كتب قيد التحقيق والتأليف

١. رسالة مقدمة الواجب، تأليف السيد هاشم بحر العلوم، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي .

٢. مآثر الكبراء ج ٥، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

٣. مآثر الكبراء ج٦ ، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

٤. مآثر الكبراء ج 7، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

5. مآثر الكبراء ج8، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

٦. مآثر الكبراء ج 9، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

7. مآثر الكبراء ج 10، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

8. مآثر الكبراء ج 11، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .

٩. نكت الرجال على كتاب منتهى المقال، تأليف آية الله السيد صدر الدين الكاظمي

١٠. علماء تتلمذوا في سامراء.

11. وثيقة الفقهاء، محمد باقر البيرجندي.

12 حواشي على نجاة العباد، عدة من العلماء.

ص: 500

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.