الكتاب: نتائج الأفكار
المؤلف : السيد إبراهيم الموسوي القزويني.
تحقيق: الشيخ ستار الجيزاني
الناشر: مركز تراث سامراء الدراجي
المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي
التصميم والإخراج الفني: الحاج مسلم شاكر المطوري
المطبعة: الكفيل.
الطبعة: الأولى.
عدد النسخ: 500 نسخة.
سنة الطباعة: 1442ه- / 2021م.
رقم الإصدار: 51 .
رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد
ISBN:
لسنة 2021م.
جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامُراء.
ص: 1
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»
ص: 2
دِيوَانُ الوَقفِ الشِّیعِيِ
العَتَبَةُ العَسکَرِّيَةُ المُقَدَّسَةُ
سِلسِلَةُ اِصَدَارَاتٌ مَا كَتِبَ فِي سَامَرَاء 14
نتائج الأفكار
تألیف
الأُصُولِي الفَذ المُحقق السَّيّد ابرَاهِيم المُوسَوِي القَزوِينِي
ت 1262ه-
تحقيق
الشيخ ستار الجيزاني
مُراجعة وتدقيق
مَرکَزُ ثُرَاثِ السَّامِّرَاء
ص: 3
ص: 4
مُقدِّمَةُ المَركَز
ص: 5
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
وبعد.
لقد كانت ولا تزال الجهود العلمية التي سبقت تأسيس السيد المجدد الشيرازي لحوزته العلمية العريقة في سامراء، غير واضحة المعالم، ويكتنفها الكثير من الغموض والإبهام، ولم تساعد الظروف المهتمين بهذا الشأن على العثور على نصوص أو وثائق نافعة في تكوين صورة جلية وواضحة عن معالم تلك الفترة الزمنية المطوية تحت جناح النسيان.
وقد تعرضنا في أكثر من مناسبة لتلك الجهود(1)، وكانت الغاية هي محاولة جذب انتباه الباحثين؛ لأجل توثيق محاولات العلماء وجهودهم ورصدها؛ لغرض دراستها ومنحها المزيد من الاهتمام والعناية.
ولعل أول من دوّنت المصادر إسهاماته العلمية في سامراء بعد الغيبة الكبرى هو الشيخ المفيد (ت 413 ه-)، الذي ينتمي لمدينة عكبرا الواقعة في أطراف سامراء.
فقد نقل تلميذه السيد المرتضى بعض تلك المجالس العلمية قائلا: (وحضر الشيخ أبو عبد الله - أيده الله - بسرّ من رأى واجتمع عليه من العباسيين وغيرهم جمع كثير.
فقال له بعض مشايخ العباسيين : أخبرني من كان الإمام بعد الرسول (صلى الله
ص: 7
عليه وآله ) ؟ . . .).(1)
وينقل في مورد آخر : (ومن حكايات الشيخ وكلامه قال: سألني أبو الحسن علي بن نصر الشاهد بعكبرا في مسجده وأنا متوجه إلى سر من رأى...).(2)
ولعل من تلك المحاولات هي هجرة الرجالي المعروف النجاشي، وذلك حين تعرضت بغداد لمجموعة من الفتن والاضطرابات، وهاجر شيخ الطائفة الطوسي إلى الغري السري، فهاجر غيره من العلماء، ومنهم الشيخ أحمد بن علي النجاشي (ت 450)، فقد ترك بغداد مهاجراً، وتوفي في طريق هجرته في مدينة (مطير آباد)(3)وهي من قرى سامراء، ولعله كان قاصدا سامراء لغرض الاستقرار فيها .
ويمكن أن يجعل ما حكاه ابن خلكان عن دار الشريف الرضي في سامراء مورداً ثالثاً.(4)
ولكن المصادر التأريخية والمدوّنات لا تسعفنا كثيراً في توثيق هذه المحاولات، ولا تمنح المتابع صورة واضحة، ولولا ما دوّن هنا وهناك من زيارات للعلماء والأعيان والملوك، وكذلك مراحل إعمار العتبة المطهرة لما أمكننا تحصيل أي شاهد ينفع في المقام.
والملاحظ أن الجهود العلمية وتكوين بيئة مناسبة للعلماء كانت تنتعش بوادرها على هامش الإعمار للعتبة المطهرة.
ص: 8
ومن أبرز العمارات للمرقد المطهر التي انتعشت في ظلها الجهود العلمية للعلماء:
أولاً : إعمار العتبة العسكرية المقدسة بإشراف العلّامة محمد السلماسي (ت 1225ه-). وهي استمرار للعمارة المعروفة بعمارة الأمير أحمد بن خان الدنبلي (ت 1200ه-) ، وأكملها ولده الأمير حسين الدنبلي (ت 1207 ه-).
قال في أعيان الشيعة (كان الحاج الميرزا محمد السلماسي شديد الولاء لأهل البيت علیهم السلام، ويتبعه من أهالي سلماس، وآرومية الأذربيجانية خلق كثير ، ومن أعيانهم حسين خان وأخوه الأكبر حسن خان، ولهم أخ ثالث، فحثهم هذا الشيخ الورع على بناء سور لمدينة سامراء وبناء مدرسة علمية في كربلاء ، فقام أولئك الإخوة بالمشروعين خير قيام أما سور سامراء فهو موجود إلى يومنا هذا).(1)
ولكن يظهر أنه لم يكمله، ولذا تصدى الملا زين العابدين السلماسي (ت1250ه-) لإكماله، وقد نقل ذلك العلّامة النوري في أكثر من موضع من كتبه، فقد ذكر في النجم الثاقب (المولى زين العابدين السلماسي - المتقدم ذكره - وكان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها).(2)
وفي موضع آخر قال: (الملا زين العابدين السلماسي (ت 1250ه-)، وكان من خواص وصاحب أسرار العلّامة الطباطبائي بحر العلوم ومتولي بناء قلعة سامراء).(3)
وعلى أثر ذلك قام الشيخ أحمد بن محمد علي بن محمد باقر الكرمنشاهي (ت 1243 ه-) - حفيد الوحيد البهبهاني - بتأليف كتاب مناهج الأحكام في سامراء في سنة (1233ه- ).(4)
حيث كتب في أول النسخة : (شرع في تأليفه في الثاني عشر من شعبان المعظم من
ص: 9
شهور سنة ألف ومئتين وثلاثة وثلاثين من الهجرة النبوية في بلدة سامراء حين الشروع في بناء القلعة والسور فيها، وأسأل الله التوفيق لإتمامه، وأن يجعله ذخيرة ليوم ملاقاته بمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين (منه)).(1)
ثانياً: إعمار العتبة العسكرية المطهرة بإشراف المحقق الشيخ عبد الحسين الطهراني (1286ه- ) الملقب ب- (شيخ العراقين).
فإنه بعد أن أنهى إعمار مرقدي الإمام الحسين علیه السلام و أبي الفضل العباس علیه السلام ، وبناء مدرسة الصدر الأعظم في كربلاء، وكذلك بعد أن عمّر مرقد الإمامين الجوادين علیهما السلام(2) توجّه في سنة (1282ه-) إلى سامراء لغرض إعمار مرقدها الطاهر، وتم الانتهاء من الإعمار سنة (1285ه-)، وكان يرافق الشيخ عبد الحسين الطهراني في رحلته مجموعة من العلماء، منهم:
1 - الشيخ محمد هادي الطهراني (ت 1321 ه-) صاحب كتاب محجة العلماء، حيث قال: (فتتلمذت على العلّامة الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين، وكنت معه بسامراء أيام تعميره للمشهد الشريف).(3)
2 - السيد علي الحسيني الميبدي ( ت 1313 ه-)، وكان يحضر دروس الشيخ عبد الحسين الطهراني التي يلقيها في سامراء، وألف هناك عدة مؤلّفات، منها:
أ - عصمة ،الحجج، فقد ألّفه في 27/ ربيع الأول/ 1285ه- .
ب - كتاب في الرد على الشيخية، ألّفه في رجب 1285ه- .
ج- - الأرجوزة الحمامية، ألّفه في 19/ شعبان/ 1285ه- .
3 - الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني:
ص: 10
فقد ألّف هناك (نزهة القلوب والخواطر)، وذلك في سنة 1285ه-، وقد تكررت منه الرحلات إلى سامراء كما في سنة (1290ه-)، وسنة (1295ه-)، وغيرهما.
ثالثاً: إعمار العتبة العسكرية المطهرة بإشراف السيد إبراهيم الموسوي القزويني (ت 1262ه-)، المعروف بصاحب ( ضوابط الأصول).(1)
لقد قام السيد القزويني بعدة أعمال في سامراء، منها:
أ- بناء قلعة سامراء.
ب- بناء سور سامراء.
ج- إعمار العتبة العسكرية المقدسة .
وقد ذكر ذلك قائلاً: (وأما سر من رأى فقد فرغنا من بناء حصنه الحصين وسوره المكين وارتفاعه مقدار اثني عشر ذراعاً شرعياً، إلا أنه بقي قليل منه غير مضر، ولو أبقي على حاله لكنا بصدد إتمامه وإكماله ونصبنا له أبواباً مصبغة بألواح من حديد، ولنعم حصن من حصن مشيد، ونحن إذ مشتغلون بأمر حرم العسكريين عليهما السلام بنصب المرآة وتذهيب القبة المطهرة على مشرفها أفضل التحيات، إذ وفى بها الوجه المرسول، وإلا فصدور الأمر منكم مسؤول ، وتاريخ إتمامه سنة (1259ه-)).(2)
ويضاف إلى انشغاله بإعمار العتبة المطهرة وسور سامراء وقلعتها، أنه قام بتأليف كتابه (نتائج الأفكار) في تلك المدة في سامراء.
وذكر العلّامة الخوانساري أنه: (مع أنه إنما كتبه في قلائل من أيام هجرته إلى زيارة سيدينا العسكريين عليهما السلام عن ظهر قلب وبدون المراجعة إلى شي من أساطير
ص: 11
الفن).(1)
والمركز إذ يعتز بتقديم الإصدار الثالث من الكتب (2) التي ألّفت في سامراء العسكريين عليهما السلام قبل وصول السيد المجدّد إليها، إذ توافقت (نتائج أفكار) المركز مع (نتائج الأفكار) للسيد إبراهيم القزويني؛ وذلك لغرض توثيق تلك الفترة وحفظ تراث أولئك الأعلام الذين قدموا جهوداً جبارة وخدمات عظيمة وجليلة لمدينة سامراء، وخوفاً على تلك الجهود من الضياع مع مرور الأيام مع ضعف ذاكرة الأجيال وشيوع ثقافة اللامبالاة التراث أولئك الأفذاذ ؛ لذا سعينا بتوثيقه عن طريق تحقيقها ونشرها وجعلها في متناول أهل العلم والفضل، راجين بذلك نيل الثواب، وحفظ التراث، وإنعاش ذاكرة المجتمع العلمي بنتاج حوزة سامراء وما سبقها من جهود أفذاذ العلماء.
وفي الختام أقدم وافر شكري وتقديري لجناب الأخ المحقق العلّامة الشيخ ستار الجيزاني، والشكر أيضاً للأعزة في المركز على ما قدموه من جهد مبارك.
ونسأله تعالى ببركة أئمة سامراء أن يمن علينا جميعاً بقبول العمل وحسن الخاتمة، وأن نوفق للمزيد من خدمتهم (صلوات الله عليهم).
كَرِيم مَسير النجف الأشرف
5/ ج 1/ 1442ه-
ص: 12
مقدمة التحقيق
ص: 13
ص: 14
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله الذي هدانا للاقتداء بشريعة سيد المرسلين، واتباع أوصيائه المعصومين، ثم الالتزام باتباع العلماء الراسخين في زمن غيبة حجة الله على الخلق أجمعين، الحجة ابن الحسن المهدي صلوات الله عليهم أجمعين.
أما بعد..
فلا يخفى على كل محصل أنه قد عرّف علم الأصول بتعاريف متعددة، قد أطال الأعلام في مناقشتها ومدى جامعيتها أو مانعيتها، أو غير ذلك، لكنها في المحصلة تتجه جميعاً إلى ما يتعلق بعالم الأدلة، وتنقيح ما يصلح للدليلية على الحكم الشرعي من عدمه، وبالتالي يُشكّل هذا العلم سوراً وسداً منيعاً يحمي عملية استنباط الحكم الشرعي، ويجعلها في إطار محدد ومقنّن ،واضح، لا يسمح للأهواء والأغراض أو أيّ شيء آخر بالتدخل في هذا العملية، أو حرفها عن الطريق القويم.
وهنا تكمن أهمية هذا العلم وخطورته، ويظهر جلياً السر وراء هذه الوفرة، وهذا النتاج غير المتناهي مما سطره يراع الأكابر من الأعلام قديماً وحديثاً، وهذا التنوع الدائر بين المطولات والمختصرات والشروح والحواشي والتعليقات، مما أضفى جوّاً علمياً يطرح فيه الرأي والرأي المخالف، ويناقش فيه بحيادية تامة، ورائد الكل في ذلك الوصول إلى الحقيقة، والكشف عن أحكام الباري عزّ وجلّ مهما أمكن.
ثم لا يخفى أن هذا العلم - أسوة ببقية العلوم - قد قطع أشواطاً كبيرة وكثيرة
ص: 15
تتباين كمّاً ونوعاً مذ تأسيسه مروراً بمرحلة التدوين والتفريع وحتى بلوغه أعلى درجات الكمال على أيدي علمائنا المعاصرين ومن قبلهم، حتى قيل : إنّ من يطلع على مسائل هذا العلم اليوم ويقارنها بمسائله في عصوره الأولى يجد نفسه كأنه ينظر إلى علمين منفصلين، وما هذا إلا لسعة هذا العلم وتطوره وكثرة مسائله وتفريعاته.
والأثر الذي نقدمه بين يدي رواد العلم والفكر هو خلاصة ما توصلت إليه حوزتا النجف وكربلاء في القرن الثالث عشر الهجري مجتمعتين في مدرسة العلم العيلم السيد محمد إبراهيم القزويني، حيث إنه قضى برهة من تحصيله على يدي نابغة عصره أستاذ العلماء والفقهاء في كربلاء شريف العلماء المازندراني، وأخرى عند أساطين حوزة النجف الأشرف كالشيخ الكبير المحقق المدقق موسى بن الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء، وأخيه الحجة الشيخ علي المعروف بالمحقق الثالث، وبذلك اجتمعت عنده آراء علماء ،الحوزتين، وتحصل لديه أبكار أفكار الفريقين، ومن هذين المنبعين تكونت أفكاره، ومن تلاقحهما أينعت ثماره؛ فكان نتاجه متنوعاً بين الأصول، والفقه والرجال، وغيرها من العلوم، فأثرى المكتبة الإسلامية بما يشار إليه بالبنان من دقة رأي، ورصانة فكر، وسعة بحث، وعمق نظر.
واليوم إذ نقف عند أثر من آثاره العظيمة ورشحة من رشحات أفكاره الجليلة، ونقدمه إلى القارئ العزيز بهذا الحلة ،القشيبة فإننا نشعر بالفخر والاعتزاز بل بجميل طوّقنا به هولاء العظماء مما ألقى على كاهلنا مسؤولية مواصلة الليل بالنهار وتسخير كل ما أمكن من الطاقات؛ لإخراج هذا التراث إلى النور، وجعله بين يدي رواد الفضيلة والحقيقة وطلابهما، وهذا ما دفع الإدارة الكريمة لمركز تراث سامراء أن تأخذ على عاتقها إزاحة الستار عن بعض هذا التراث، وكان من ذلك تحقيق هذا الأثر القيم، فلهم الشكر موصولاً بعد شكر الله عزّ وجلّ على التوفيق لذلك.
ص: 16
نبذة مختصرة عن حياة المصنف
اسمه ولقبه:
العالم الفاضل المحقق المدقق السيد إبراهيم(1)بن السيد محمد باقر بن السيد عبد الكريم بن السيد نعمة الله القزويني الزنجاني(2)الموسوي الحائري، الشهير بصاحب الضوابط.
آل القزويني:
هي أسرة علمية عريقة لها تاريخ حافل بالعلم والفكر والأدب، من أبرز علمائها السيد محمد باقر القزويني الملقب بمعلم السلطان؛ لأنه كان معلماً لأولاد والي كرمنشاه الأمير محمد علي بن السلطان فتح علي شاه القاجاري، وهو عميد هذه الأسرة.
هاجر السيدان محمد علي ومحمد باقر ولدا السيد عبد الكريم القزويني سنة 1185ه- إلى النجف الأشرف، وتتلمذا على يد فقيه عصره الشيخ جعفر كاشف الغطاء حتى بلغا درجة الاجتهاد، وتزوجا في النجف الأشرف، ومنها إلى كربلاء وذلك سنة 1198 ه-، ومنهما تكوّنت أسرة القزويني في كربلاء.
من أعلام هذه الأسرة الكريمة في كربلاء - بالإضافة إلى المصنّف - السيد محمد
ص: 17
مهدي بن السيد باقر المذكور المولود سنة 1207 ه- والمتوفى سنة 1269 ه-، والسيد هاشم المتوفى سنة 1327 ه-، وولداه السيد محمد رضا المتوفى 1348ه-، والسيد محمد إبراهيم المتوفى سنة 1360ه-، والعالم الشاعر السيد مهدي بن السيد محمد طاهر بن السيد محمد مهدي المذكور المتوفى سنة 1351ه-، والسيد حسين القزويني أحد رجالات الثورة العراقية الكبرى، المولود سنة 1288 ه- والمتوفى سنة 1367ه-، والسيد محمد حسن الشهير ب- (آغا مير) مؤلف كتاب (الأمانة الكبرى) المتوفى سنة 1380 ه-، والسيد محمد حسين بن السيد محمد طاهر المولود سنة 1287 ه- والمتوفى سنة 1385ه- ، والخطيب الشاعر السيد محمد صالح بن السيد محمد مهدي المتوفى سنة 1375ه-، والعالم الفاضل السيد محمد صادق بن السيد محمد رضا، المولود سنة 1325ه-، والبحاثة السيد إبراهيم شمس الدين بن السيد حسين القزويني المولود سنة 1318 ه- مؤلف كتاب (البيوتات العلوية في كربلاء)، والخطيبان الفاضلان السيد محمد كاظم بن السيد محمد إبراهيم المولود 12 شوال سنة 1348 ه-، والسيد مرتضى بن السيد محمد صادق المولود سنة 1349ه-، وغيرهم من العلماء والأدباء. أما السيد محمد علي، فهو أحد الشقيقين المهاجرين من قزوين، فقد توجه إلى كربلاء قادماً من النجف الأشرف للسكن فيها ، وكان له ولد واحد هو السيد هاشم بن السيد محمد علي، الذي كان من كبار علماء الدين توفي عام 1327ه-، وكان له ولدان هما السيد محمد رضا، والسيد محمد إبراهيم، توفي السيد محمد رضا 1345ه-، وله ولد واحد هو السيد محمد صادق، وهو والد السيد مرتضى القزويني، والسيد هاشم والسيد الشاعر محمد رضا القزويني، والسيد عبد الحسين القزويني.
وأما السيد محمد باقر ، فقد نزح من النجف إلى كربلاء، وكان له من الأولاد
السيد محمد مهدي، والسيد إبراهيم صاحب الترجمة.
أما السيد محمد مهدي، فكان له من الأولاد:
• السيد محمد حسين القزويني المتوفى عام 1385ه-.
19.......
ص: 18
• السيد عباد.
• السيد طاهر الذي خلف السيد مهدي، وكان عالماً وشاعراً، خلف السيد محمد صالح القزويني المتوفى سنة 1375ه-، وله من الأولاد السيد محمد باقر، والسيد هادي، والسيد مهدي، والسيد جواد، ومن أولاد السيد محمد باقر الدكتور محسن القزويني.
• محمد باقر الملقب ب-(أبي المعالي) المتوفى عام 1333 ه-، وله من الأولاد السيد علي، والسيد محمد حسن الشهير ب- أغا مير) المتوفى عام 1380ه-، وله من الأولاد العلامة آقا نجفي نزيل طهران، والسيد كاظم والسيد حسين، وكان من أقطاب رجال العلم له العديد من المؤلفات، منها : (فدك) و (الخلافة الكبرى والإمامة العظمى).
أسرة المصنف:
فله وأما السيد إبراهيم، من الأولاد أحمد وباقر، توفي السيد أحمد، أما السيد باقر فكان له من الأولاد السيد المجاهد حسين القزويني أحد قادة ثورة العشرين في كربلاء، وهو والد السيد إبراهيم الشهير ب-( شمس الدين القزويني)، الضليع بعلم الأنساب.
ولادته:
اشتهر عند المترجمين له أن ولادته كانت في شهر ذي الحجة من سنة (1214ه-) ، ولعل هذه الشهرة اعتماداً على ما ذكره الحجة آقا بزرك الطهراني (1) من
ص: 19
أن هذا ما وجده بخط المصنّف على ظهر مجلد المكاسب من كتابه الدلائل.
وأما مكان ولادته فالذي يظهر من التواريخ أعلاه أنها كانت في كربلاء المقدسة.
لكن المشهور والمذكور على لسان طلبته (1) أن مكان ولادته قزوين، ثم هاجر مع أبيه إلى كرمانشاه، فأقام أبوه عند الميرزا محمد علي بن فتح علي شاه واشتغل في تعليم أولاده، وبعد أن أكمل - المترجم له - وطراً من تحصيله الأولي هاجر ثاني الهجرتين ميمّماً وجهته إلى كربلاء المقدسة، مكملاً تحصيله العلمي عند أكابر العلماء كما سياتي
بعض أحواله:
الوضع الأسري كان عنده زوجتان إحداهما ضعيفة لم تنجب له أولاداً، والأخرى أنجبت له.
وخلّف من إحدى زوجاته ولدين:
أحدهما: السيد أحمد والد السيد عبد الله الذي هو والد السيد آقا.
الثاني: السيد آقابزرك والد السيد جواد، والسيد محمد تقي، والسيد حسين، المتولي لأوقاف جده صاحب الترجمة، والمتوفى سنة 1367ه-.
وكان لفتح علي شاه بنت اسمها ضياء السلطنة، اشتهرت بالكمال والمال والجمال، وكانت قد أرسلت إلى السيد شخصاً يعرض عليه الزواج منها، فأجاب
ص: 20
بأن مصاريف بنت الملك كثيرة، وليس عندنا إلا الفقر والفاقة، ولا نتمكن من تأمين مصارفها، فأرسلت إليه من جديد إنني لا أطلب شيئاً، بل أنا مستعدة للصرف عليك وعلى عيالك. فأجاب: إن عائلتي وزوجتي وأولادي قد عاشوا معي في العسر والفقر ، ولازم الوصل لك أن نحيد عنهم ، وهذا قبيح . فأرسلت إليه من جديد أن: تبقى عند عيالك ، وكل الذي أريده أن أحمل اسمك . فأبى السيد حتى يئست بالكلية.
الوضع العلمي: لم تذكر لنا المصادر شيئاً واضحاً عن تحصيله العلمي في مراحله الأولى أكثر من أنه بدأ تحصيله في قرميسين (كرمانشاه).
وأما بعد هجرته إلى كربلاء، فقد حضر عند السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض في أواخر أيامه ، وعند ولده السيد محمد المجاهد صاحب المناهل.
ثم لازم بعد ذلك بحث شريف العلماء في الأصول مدة طويلة، ولما كان شريف العلماء في أول أمره لا يدرس الفقه، ارتحل السيد إلى النجف، وأخذ الفقه في مدة سبعة عشر شهراً - تزيد أو تقل - عند الشيخ موسى نجل الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء، وكذا عند أخيه الشيخ علي المعروف بالمحقق الثالث(1)، ثم عاد إلى كربلاء.
وبدأ التدريس في حياة أستاذه شريف العلماء في مدرسة «سردار» المتصلة بالصحن المبارك لحائر سيد الشهداء عال، كان يجلس في درسه بين السبعمئة والثمانمئة، بل حتى الألف من الطلاب والدارسين والفقهاء والمجتهدين والمستنبطين.
درسه مفيد للمتوسط والمفيد والمستفيد كل يستفيد من درسه حسب ما يناسبه.
وطريقة درسه في الأصول أن يقرأ أسطراً من حصيلة أفكاره، ثم يشرحها،
ص: 21
ودرسه في الفقه شرح لشرائع المحقق الحلي، يقرأ سطرين من العبارة، ثم يقرّر المسألة، وفي أكثر الأحيان كان يدرس على ترتيب الفقه الذي كان يكتبه.
وفي آخر الدرس يقرأ عبارة ما كتبه في دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام.
وكان في أغلب الأوقات يدعو من عنده كلام وإشكال وبحث، أو دليل آخر أن يقوله، ولم يعجزه أحد في مجلس الدرس في المحاجّة والاحتجاج، وإذا ناظره أحد في مجلس الدرس كان يجيبه، وإذا رأى أن المناظر لا يهدف إلا للمناظرة لا فهم المسألة المسؤول عنها كان يسكت.
رأى في المنام جدته الزهراء لا تعطيه دواة وقلماً وتقول: يا ولدي، أكتب الفقه.
رغبه أستاذه السيد محمد المجاهد الطباطبائي بتأليف الفقه، وهيّأ له المصادر والكتب الفقهية، وطلب منه التصنيف في القضاء، فكتب في القضاء كتاباً مستقلاً.
أخلاقه:
قال تلميذه التنكابني: أما في الأخلاق، فقد وصل هذا العظيم إلى مرتبة يخرج وصفها عن قدرة الكاتب، بل لم أر بين علماء العرب والعجم أفضل من هذا البحر الخضم في الأخلاق، حتى إنه إذا دخل عليه ولد مميز يتواضع ويقف له، سواء كان الصبي عاميّاً أو غير عامي، وسواء كان من أولاد النجباء أو لم يكن، وهذه الأحوال لم تكن في أحد من أبناء العصر. وإذا قيل له ما لا يليق وشتم - والعياذ بالله - كان يسكت على ما شاهدته.
زهده:
كان آية في الورع والتقوى والعزوف عن مباهج الدنيا وبهارجها، ومن شدة زهده أنه مع وصول أموال كثيرة إليه من الهند تزيد على العشرين ألف تومان، ومع وصول الوجوه الكثيرة إليه من إيران والحجاز، كان فقيراً لم يكن عنده إلا ما يكفي
لمعيشته اليومية، وبالقناعة التامة، ولم يجمع ثروة.
ص: 22
بعض كراماته:
ذكر تلميذه التنكابني مجموعة من الكرامات المشهورة المعروفة:
نذكر منها ما هو مذكور على الألسنة كثيراً، ومشهور في الأمصار غاية الاشتهار، أن أهل الهند أرسلوا إليه عريضة كي يرسل لهم رسالة عملية ليقلدوه، فأرسل الرسالة مع أشخاص وسافروا في السفينة، فجاءت ريح قوية واضطربت السفينة حتى كادت إن تغرق بما فيها من مال وناس، فألقوا ما عندهم من وسائل وأحمال في الماء حتى تهدأ السفينة ولا يلحق بها ضرر، والقي ذلك الخرج الذي كان فيه الرسالة أيضاً في الماء، فوصل ركاب السفينة إلى الهند ورووا لهم ما حصل فأرسل أهل الهند إلى الأستاذ من جديد كي يكتب لهم رسالة، وإنّ الرسالة ألقيت في الماء، فأراد الأستاذ أن ينسخ الناسخ رسالة أخرى، لكن بعد وقت أرسل إليه أهل الهند أن رسالتكم وصلت إلينا سالمة صحيحة، وتفصيل هذا الأمر أننا ذهبنا يوماً إلى البحر للتنزه فرأينا حيواناً غريباً من حيوانات البحر قد وقع ومات وقد تورمت بطنه، فبقرناها فرأينا الخرج في بطنه، ففتحناه ورأينا الرسالة فيها، ولم تصل إليها أية آفة، ولم يؤثر فيها الماء أبداً.
أحداث عاصرها المصنف:
غدیر دم
لا ينبغي لمن يترجم للفقيه العلّامة السيد القزويني أن يتغافل عن بعض أهم وأخطر الأحداث التي نفسه، ويقف على رأسها المجزرة الكبيرة التي تعرضت لها كربلاء على يد الغزاة العثمانيين الذين عاثوا في الأرض فساداً.
هذه الجريمة التي عرفت فيما بعد ب-(غدير دم) والتي وقعت فجر الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة (1258ه-)، الموافق للثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة (1843م) ، انتفضت هذه المدينة على السياسة العثمانية الجائرة المستبدة، فحاصرها نجيب باشا الذي عرف بحبه لسفك الدماء؛ لإخضاعها، فقصفها بالمدافع وقطع النخيل وأغار المياه، حتى استطاع دخولها بجيشه، فاستباحها قتلاً ونهباً وتدميراً حتى
ص: 23
اصطبغت أرضها بالدماء.
يقول عبد الرزاق الحسني: (أوعز نجيب باشا إلى قائد المدفعية أن يشرع في هدم السور المحيط بالمدينة مهما كلّفه الأمر ؛ ليتمكن الجنود من الدخول إليها بيسر، ويقضي على المقاومة وعلى القبائل التي نفرت للمساعدة وفي فجر الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة (1258ه-) الثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة (1843م) أخذت المدافع في إطلاق قنابرها على السور بشدة، فاستطاعت أن تفتح ثغرة واسعة من ناحية باب النجف، وإذا بفريق من الجند يتسلق السور ويمشي فوقه بسلاحه، وفريق آخر يدخل من الثغرة ويتغلغل في أطراف السور، وكان الفريقان يطلقان النار على كل من يلقيانه، فهال ذلك أمر المدافعين واتقدت جذوة المقاومة في نفوس الأهلين، واشتعلت نيران الحماسة في صفوفهم على اختلاف طبقاتهم وتباين نزعاتهم، على الرغم من الخلافات المزمنة التي كانت متأصلة في نفوسهم، فنزلوا إلى ميدان القتال متحدين متضامنين).(1)
سيطرت القوات العثمانية أخيراً على الوضع فتراجع الثوار، واحتمى عدد كبير منهم بصحني الإمام الحسين علیه السلام وأخيه العباس علیه السلام، فشرعت القوات الحكومية بالنهب والسلب والتخريب واستباح الجند كربلاء مدة تتراوح بين ثلاث وخمس ساعات، أهدرت فيها الكثير من دماء الأبرياء من الشيوخ والأطفال، ولم ينج من القتل سوى من احتمى بصحن الإمام الحسين ودار السيد كاظم الرشتي والدور التي ضمها لتكون مأمناً.
وقد قتل كل من كان في صحن أبي الفضل العباس، فعندما حاصر قائد الحملة باب الصحن الحسيني الشريف خرج إليه الحاج مهدي كمونة وطلب منه الأمان، فأمر بالكف عن جميع من بالصحن الشريف.
مقدمة التحقيق
ص: 24
وفي الوقت نفسه كان بقية الجنود قد اتجهوا نحو صحن العباس الذي ازدحم بالناس وأغلقوا عليهم أبواب الصحن، فتبعهم قائد الحملة، وأمر بقلع أحد الأبواب ودخل منه الجنود وشرعوا بقتل كل من فيه، ولم يسلم من القتل حتى الأطفال والنساء، ولما حلّ المساء كانت المدينة في عداد الأموات وتولى الحاج مهدي كمونة وصحبه حماية الصحن الحسيني، ورفع جثث القتلى من صحن العباس.(1)
من الطبيعي أن لا تمر هذه الحادثة من دون أن يكون هناك دور مهم للسيد القزويني، وهو العلم المبرّز آنذاك، وهو موضع ثقة المجتمع الكربلائي، وما تفرضه عليه مسؤوليته الشرعية والوطنية، ودوره الإنساني في التخفيف من معاناة الأهالي بعد الخسائر الكبيرة في الأرواح والأموال.
وجود الفرقة الشيخية
ومن الأحداث المهمة التي عاصرها السيد القزويني نشأة الفرقة الشيخية(2)، وما رافق ذلك من تداعيات فكرية وفتن كبيرة، خصوصاً أيام السيد كاظم الرشتي تلميذ الشيخ أحمد الاحسائي الذي تنسب إليه الفرقة وما رافق ذلك من مواقف حازمة وحاسمة من قبل العلماء.
ص: 25
عندما كثر القيل والقال واشتدّت الفتنة، توجّه السيد سعيد ثابت - وهو كليدار كربلاء وحاكمها -، نحو النجف واجتمع بالشيخ علي بن جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد حسن النجفي - صاحب كتاب الجواهر - ، والتمسهم أن يسافروا معه لكربلاء لينظروا في أمر السيد الرشتي وما يقوله، فأجابوه في ذلك وساروا معه.
واجتمعوا جميعهم مع السيد الرشتي وأتباعه في الصحن الحسيني، ووقف حاکم کربلاء وبيده سيف مسلول، وقال لهم بيني وبينكم هذا المجلس فإن حكمتم بكفره ضربت عنقه من حينه وأخمدت هذه الفتنة، وإلا ضربت عنق المخالف، وبعد انعقاد المحاكمة طلب الشيخ علي من الشيخ محمد حسن أن يسأل السيد كاظم عما يريد. فقال الشيخ محمد حسن للرشتي: أنا أسألك عن فقرتين في رسائلك صريحة بالكفر، وهي هذه، وأخرج رسالة له من تحت ردائه، ثم قال: هذه المسألة الأولى وهذه الثانية، فردّ الرشتي قائلاً : نعم أعتقد بهذه المسائل، غير أن معناها غير المعنى الذي فهمتموه منها وذهبتم إليه.
وعندما سمع الشيخ علي ذلك، قال: يا سيد سعيد الحدود تُدرأ بالشبهات وحفظ النّفس في شرعنا من أعظم المهمات، فاترك النّاس على غفلاتهم، ولا تكشف عن سوآتهم، وإن أبيتم فاتركوني واصنعوا ما شئتم فأنا لا ألقى الله وفي عنقي دم المدعي للإسلام.
فتفرق بعد ذلك الحاضرون، ونجا السيد الرشتي من القتل.(1)
من آثاره:
كان رحمه الله ذا همة عالية في العلم والعمل، ساعياً لعمل الخيرات وبذل المبرات، ويمكن رصد بعض ذلك من خلال مراسلاته.
منها : ما يتعلق بأمور القبة الشريفة للعتبة العسكرية المقدسة، ونصب المرايا لها
ص: 26
وتزجيجها.
ومنها: تفضيض وتذهيب أبواب العتبة العلوية المقدسة، والسعي في توسعة الحرم الطاهر وإجراء التصليح اللازم للضريح المبارك لأمير المؤمنين علیه السلام.
ومنها: تعمير مرقد مولانا أبي الفضل العباس.
ومنها: تذهيب الإيوانين الصغير والكبير لسيد الشهداء علیه السلام، وتفضيض ونصب باب العتبة المقدسة.
ومنها: بناء حصن سامراء وتشييد سورها.
ومنها: صرف المبرات على فئات من القاطنين حول العتبات المقدسة.
وغير ذلك كثير .
قالوا فيه:
قال تلميذه الميرزا محمد التنكابني: أستاذ هذه البسيطة، له الشهرة في كل الديار، وحيد الأمصار والأعصار، نادر الزمان في الفقه والأصول والرجال، سبق المدرسين العظام علم التدقيق ومنارة التحقيق، وجبل الفقاهة.
وقال تلميذه محمد سميع: الإمام الهمام، المولى القمقام البدر التمام شمس الظلام، قدوة الأنام من الخواص والعوام ، سليل الكرام، عمدة العلماء الأعلام، كهف الأرامل والأيتام، حجة الإسلام، فريد الأيام السائر في ضوابط مسائل الحلال والحرام، الغائر في أسرار دلائل الأحكام حائز حياض المسالك، وجائز رياض المدارك كشاف معضلات التحقيق، ومفتاح مقفلات التدقيق، مهذب شرائع الإسلام بموجز بيانه الكافي وممهد قواعد الأحكام بمختصر تبيانه الوافي،محيي مراسم الفقه بتنقيحه الدّروس، ومجلي حقائق العلم بإيضاحه المأنوس، نخبة كل نحریر نبيه وكفاية من لا يحضره الفقيه مصباح مسالك الهداية والإرشاد، ومقياس مناهج غاية المراد، وسيلة ذخيرة المعاد وذريعة يوم التناد، إذ ينادي المناد، الذي منه
ص: 27
تهذيب القوانين المحكمة، وتحرير الإشارات المبهمة، معتبر وسائل الشيعة، ونهاية منية الشريعة، منزه حدائق الدين بلمعة من بحار أنواره منبه معارج اليقين بزبدة من نتائج أبكار أفكاره، رافع معالم الفروع والأصول، جامع المقاصد العلية بإحكامه المحصول، بحر الأدب والكرم، وفخر العرب والعجم ، قطب فلك العلم والسيادة، ونقطة دائرة الحلم والسعادة، مجمع الفيوضات ومنبع الإفاضات فاتحة صحيفة السداد والرشاد، وخاتمة رقيمة الفقاهة والاجتهاد، أعلم العلماء المتقدمين والمتأخرين، أفضل الفضلاء السابقين واللاحقين، شمس الفقهاء والمجتهدين، السيد السند الحبر المعتمد سيدنا الأستاد، ومن عليه في الأمور اعتماد العباد.
وقال صاحب روضات الجنات: هو من أجلّة علماء عصرنا، وغرّة فضلاء ،زماننا لم أر مثله في الفضل والتقرير، وجودة التحبير، ومكارم الأخلاق، ومحامد السياق، والإحاطة بمسائل الأصول، والمتانة فيما يكتب أو يقول.
وقال السيد حسن الصدر: أستاذ علماء عصره في علم الأصول بعد أستاذه شريف العلماء في كربلاء، انتهت إليه رئاسة الإمامية، وتخرج عليه جماعة من العلماء...
وقال الشيخ حرز الدين كان من أعاظم العلماء، ومن وجوه المراجع والمفتين، وأحد أساطين الأصول، ومن العلماء الذين قابلوا الناس بقوة النظر والدقة والعلم الغزير، والصبر على النوائب والمحن.
أساتذته:
كان قد حضر عند أساطين العلم والفضل والزهد والتقوى، ناهلاً من نمير معينهم، مما كان لهم الأثر الكبير في صياغة شخصيته العلمية، بل الروحية أيضاً، نذكر منهم:
1 . العالم الحفي الصفي التقي النقي الجلي السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، حضر عنده أواخر تدريسه.
ص: 28
2 . فريد عصره ونابغة دهره السيد محمد المجاهد بن السيد علي الطباطبائي صاحب مفاتيح الأصول والمناهل، حضر عنده قليلاً.
3 . العالم العيلم البحر الخضم الأدق عين أصحاب التحقيق، محمد شريف بن الملا حسين علي الآملي المازندران، الملقب بشريف العلماء.
4 . العالم الأفقه الأكرم الأفضل الأعلم، رئيس أهل التحقيق والتدقيق، الشيخ علي بن الشيخ جعفر الكبير ، المعروف بالمحقق الثالث.
5 . العالم الكبير رضيع ثدي الفقاهة وشجرة ورد روضة الجلالة والفخامة الشيخ موسى بن الشيخ جعفر الكبير
تلامذته:
ثم إنه يشرع في التدريس في حياة أستاذه شريف العلماء، وكان يحضر درسه ما يقرب من المئة طالب وبعد وفاة أستاذه استقل بالتدريس، وكان يجتمع في حلقة درسه سبعمئة طالب إلى ثمانمئة إلى ألف وفيهم من فحول العلماء وأكابر الفضلاء، مستفيدين من دقة بحثه وعمق نظره وقوة استدلاله، نذكر منهم :
1 . أبو القاسم بن محمد تقي بن محمد تقي البرغاني، القزويني.
2 . ابو القاسم بن محمد علي النوري المازندراني الشهير بكلانتري - مقرر أبحاث الشيخ الأعظم -.
3 . أسد الله بن محمد صادق البروجردي.
4 . الآقا محمد باقر بن زين العابدين اليزدي.
5 . جعفر بن الحسين التستري الكاظمي، الشهير بالنجار.
6 . الحاج الملا علي الكني.
7 . الحاج محمد كريم المجتهد اللاهيجي
8 . السيد أبو الحسن التنكابني.
ص: 29
9 . السيد أسد الله الشفتي.
10 . السيد جعفر الحسيني السبزواري ثم المشهدي الخراساني الشهير بميرزا بابا.
11 . السيد حسين الترك الكوهكمري.
12 . السيد حسين بن محمد علي الحسيني الكاشاني.
13 . السيد صالح العرب.
14 . السيد علي القزويني، صاحب الحاشية على القوانين والمعالم.
15 . السيد محمد باقر الخوانساري صاحب كتاب روضات الجنات.
16 . السيد محمد باقر بن مرتضى الطباطبائي اليزدي.
17 . السيد محمد حسين بن عباس علي القزويني.
18 . السيد محمود الحسيني المرعشي اللاهوري.
19 . السيد هاشم القزويني .
20 . الشيخ جمال المحلاتي.
21 . الشيخ حسين الأردكاني.
22 . الشيخ زين العابدين البافروشي المازندراني، الفقيه المشهور الذي انتهت إليه الرياسة في كربلاء.
23 . الشيخ عبد الحسين الطهراني شيخ العراقين.
24 . الشيخ علي محمد الترك.
25 . الشيخ محمد صادق الترك.
26 . الشيخ محمد طاهر الكيلاني.
27 . الشيخ مهدي الكجوري.
28 . الشيخ ميرزا لطف الله الزنجاني.
29 . عبد الله بن رجب علي اللاريجاني.
......
ص: 30
30 . علي أصغر بن علي أكبر البروجردي.
31 . علي بن محمد (نجم الدين) بن محمد إبراهيم المرعشي الحسيني.
32 .محمد اسماعيل بن عبد العظيم الكجوري.
33 .محمد بن محمد باقر الإيرواني، النجفي، الشهير بالفاضل الإيرواني.
34 .محمد تقي الكلبايكاني.
35 .محمد حسن بن محمد علي الهزار جريبي المازندراني.
36 .محمد صادق بن محمد اللنكراني القفقازي
37 .محمد صالح بن حسن بن يوسف الموسوي الشيرازي، المعروف بالداماد.
38 .محمد صالح بن محمد مهدي الشهير بكدا علي بيك النوري.
39 .الملا هادي بن محمد الاسترآبادي.
40 .المولى أبو الحسن بن شاه محمد المازندراني.
41 .میرزا آقا أبو تراب القزويني.
42 .الميرزا رضا الدامغاني.
43 .الميرزا محمد بن سليمان التنكابني صاحب كتاب قصص العلماء.
44 .الميرزا محمد حسين الساروي.
45 .الميرزا محمد محسن الأردبيلي.
وغيرهم كثير ممن تحفل بهم كتب التراجم.
مؤلفاته:
1 - دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام ( عربي/ فقه) عدة مجلدات . شرح استدلالي بعناوين« قوله ... قوله» الجميع كتاب الشرايع.
2 - دلائل العباد (عربي / فقه)
ص: 31
3 - رسالة في حجية الظن ( حجية المظنة في الجملة ) ( عربي / أصول الفقه ) إلى آخر دليل الانسداد.
4 - رسالة في صلاة الجمعة ( عربي / فقه ).
5 - رسالة في الطهارة والصلاة والصوم ( عربي / فقه ). رسالة فتوائية غير استدلالية.
6 - رسالة في الطهارة والصلاة والصوم ( فارسي / فقه ) .
7 - رسالة في الغيبة ( عربي / فقه ) . في حكم اغتياب المؤمن لأخيه . ألفها سنة ( 1251ه- ) .
8 - رسالة في القواعد الفقهية ( عربي / فقه ) . جمع فيها ( 500 ) قاعدة فقهية.
9 - زينة المتقين ( فارسي / فقه).
رسالة عملية ترجمة «عن زينة» المتقين للميرزا محسن الأردبيلي، مع آراء فقهية للمترجم له.
10 - ضوابط الأصول ( عربي / أصول الفقه ).
اشتمل على المباحث الأصولية بشيء من التفصيل والمناقشة بعناوين «ضابطة... ضابطة»، دونه عند دراسته ل- «معالم الأصول» لدى بعض الأساتذة، ثم أعاد النظر فيه وكتبه في مقدمة وفصول وخاتمة، ويقال: إن أكثره من تقريرات شيخه شريف العلماء .
11 – كتاب القضاء (عربي/ فقه).
12 - مستثنيات الغيبة (عربي / فقه) .
13 - مناسك الحج ( عربي / فقه) .
14 - نتائج الأفكار (عربي / أصول الفقه)، وهو كتابنا هذا، وسيأتي الحديث
ص: 32
عنه مفصلاً.(1)
نتائج الأفكار
مختصر كتابه «ضوابط الأصول»، وهو دورة أصولية مختصرة كاملة، قال المصنّف عن سبب تأليفه ومنهجه وتبويبه:
انِّي بعد ما انتخبت مما كنت حرّرته سابقاً من المسائل الأصولية ومباني الأحكام الشرعية الفرعيّة كتاب ضوابط الأصول إجابة لمسؤول بعض الفحول، ورأيت كثرة رغبة المشتغلين فى إدراك مطالبه ، وشدة ميل المحصلين إلى فهم مسائله؛ لاشتماله على فرائد فوائد لم يحم حولها أحد، واحتوائه على عوائد موائد لم يدم لضبطها مدد، بيد أنه كان لبسطه بعض الهم قاصراً عن الوصول إلى غوامض دقائقه، والبلوغ إلى مغالق حقائقه سنح ببالى الفاتر أن أشمر عن ساعد الاجتهاد ثانياً، واستانف العمل لا كسلاً ولا متوانياً، بتصنيف وجيزة تشتمل على أمهات مهمات مسائل الأصول، وتأليف مختصر يحتوي كل أصل منه على ما لا يحتوي عليه أبواب ولا فصول محترزاً عن الإيجاز المخلّ والأطناب الممل، مبالغاً فى الاختصار مدرجاً فيه من المطالب الأبكار ما لم تنل إليها أيدي أولي الأبصار، ورتبته على مقدمة وخاتمة وأصول.(2)
وكان قد دونه أيام زيارته للعسكريين علیهما السلام بسامراء، وفرغ منه سنة (1253ه-).
أهميته:
تبرز أهمية هذا الكتاب من عدة جهات:
أولاً: كونه دورة أصولية كاملة مختصرة في زمن الموسوعات الأصولية الكبيرة التي يصعب الإحاطة بكل مطالبها كالقوانين والفصول والإشارات والضوابط
ص: 33
وحاشية المعالم ومفاتيح الأصول وغيرها.
ثانياً: مستوعب للوجوه المحتملة في كل مسألة مع عرض الأقوال فيها.
ثالثاً: جاء ذلك كله بعبارات فصيحة في غاية الفصاحة والبلاغة.
رابعاً: جعله المصنف محور درسه الأصولي، وقد تقدم أن درسه كان محط عناية المئات من طلبة العلوم الدينية.
خامساً: اهتمام كثير من العلماء به شرحاً وتوضيحاً وتحشية وتعليقاً، كما سيأتي.
سادساً: إنه ألّفه في سامراء مع عدم وجود المصادر مع انشغاله بإعمار العتبة العسكرية المطهرة.
بعض ما قيل فيه:
قال الميرزا محمد التنكابني : ولم يكتب مثل هذا الكتاب في الأصول بهذه الفصاحة والبلاغة والجزالة والعذوبة.
وقال تلميذه محمد بن سميع اليزدي: إن كتاب نتائج الأفكار هذا مصنف شريف، ومؤلّف منيف، كاف مع إيجازه الجميع مهمات علم الأصول التي سابق إليها العلماء الفحول بأحسن إشارة، واف بفرائد فوائد مبتكرة لم تبادر إليها من أحد يد الوصول باتقن عبارة .... بالغاً أقصى مرتبة التحرير والبيان، سائراً بين سائر المصنفات على كل لسان، صائراً محط أنظار الفضلاء؛ لما حواه من نتائج أفكار العلماء، حاوياً للفظ الكاشف عن الحقيقة واللب، ناسخاً لجميع المؤلفات والكتب، حيث إن البحر إذا تموج تراخت المراكب، والبدر إذا تبلج طمس نور الكواكب، فكان مع اختصاره وسهولة استنساخه وإكثاره فى غاية القلة ونهاية الندرة، بحيث لم يكد يكفي أيدي الكتاب لكفايته مع ما بهم من الجهد في تكثير كتابته.
وقال صاحب روضات الجنات المحقق الخوانساري - في معارضة من يقول : إن أكثر كتاب الضوابط هو من تقريرات استاذه شريف العلماء - : وإنّ من طالع
ص: 34
كتابه الموجز المسمّى ب(بنتائج الأفكار) في الأصول مبتنياً على مئة وخمسين فصلاً من الفصول، يعرف صدق هذا المقال، وأنّ جناب مصنّفه المفضال كأنه نفس ملكة الفقه والأصول، ومالك أزمة المعقول والمنقول، والفائق على غيره من النبلاء الفحول مع أنه إنّما كتبه في قلائل من أيّام هجرته إلى زيارة سيّدينا العسكريين عليهما السلام من ظهر القلب، وبدون المراجعة إلى شيء من أساطير الفنّ كما حكى لنا من يوثق بنقله.
بعض ما قيل فيه شعراً:
قال تلميذه محمد بن سميع اليزدي الرازي الحائري في تقريظ الكتاب:
معاقد درّ أم موائد أبرار***مناهج حق أم (نتائج أفكار)
رسالة علم قد حوت كل معضل*** معارف دین أم خطائف أبصار
تفوق بهذا العصر كلّ رسالة***لكم بينت من غامضات وأسرار
وفيها فنون العلم أضحت منيرة***أشمس ضحى الأنوار أم بدر أقمار
هي البحر والألفاظ فيها مراكب***وذخر ليوم الحشر حصن من النار
وأمواج بحر دافق غير واقف***وجنات عدن تحتها جري أنهار
عليها من الرحمن يُمن ورحمة***وجذوة جود لا تنال بتذكار
من السيد العالي إمام الورى الذي***تحير في أوصافه جم أفكار
رئيس الورى فخر الأنام ومن به***رواج علوم الحق من نسل أطهار
وحيد فريد فاق في الدهر فضله***على فضل أهل الفضل من دون إنكار
سمي خليل الله لا زال ظلّه***قريناً بنفخ الصور في كل أعصار
فيا طالباً للعلم دونك مرشداً***لئن عشت دهراً ما بلغت بمعشار
وقال فيه أيضاً:
أمناهج الأسرار أم قطب الرحى***أنتائج الأفكار أم بدر الدجى
ص: 35
أخزينة لحقائق الآداب أم***بحر العلوم وذخر كل من التجا
فلكم بها من معضلات بينت***ولكم بها من مشكل قد فرّجا
أسفينة لنجاة أهل الحق أم***أمن ليوم الحشر يكفي من رجا
إذ فيه ملئت من الأحكام أم***هل نغمة هل نغمة سمعت لبيباً أبلجا
من عالم وسع الأنام نواله***حبر زكي كاظم عمّن شجا
اللوذعي الألمعي الهاشمي***السيد السند السري المرتجى
كهف الورى علم الهدى طود النهى***أصل الندى فحل التقى عين الهجا
من ربه سماه باسم خليله***لا زال محفوظاً بنصر قد سجا
جمع السيادة والسعادة ناشئاً***وبسعيه ذا الدين صار مروّجا
من لايليق بشأنه مدح الورى***بل مدحهم في شأنه عين الهجا
طوبی فطوبى طالباً للعلم إذ***ذا مرشد للحق خيرا منهجا
وقال فيه:
هذا جمال دفاتر الأحبار***هذانتاج عناصر الأخيار
هذا سلافة عصرهم من أسرهم***فيه الكفاية عن عنا الأبصار
ينبوع مكرمة ودرّ فاخر***عين الحياة ونهر علم جاري
فاق الرسائل في المسائل واحتوى***لبَّ الأوائل والجديد الطاري
حسب الأفاضل في بلوغ مرامهم***رغماً لكل مضلل أخباري
هذا هدى ويزيد من لا يهتدي***بهداه رجساً وارداً في النار
الفضل مختوم به وختامه***مسك فذق فنعم عقبى الدار
أفكارهم نصبت موازين الحجى***فأتى الكتاب نتائج الأفك-ار
ص: 36
خير الكلام بيانه الوافي الذي***هو في الحقيقة مصدر الآثار
وأدام عرشه وأتحفه بما***هو أهله ويليق بالأبرار
وقال صاحب روضات الجنات فيه:
هذا جمال دفاتر الأحبار***هذا ثمال أفاضل الأدوار
هذا سلافة عصرهم من أسرهم***فيه الكفاية عن عنا الأسفار
عند الوفد المستفيد كأنّه***عين الحياة ونهر علم جار
إن قيل : كل الفضل فيه يصدق***حيث اقتفى لفواضل الآثار
والحق والتحقيق في صفحاته***كالنجم في فلك البروج الدار
فاق الرسائل في المسائل واحتوى***لبّ الأوائل والجديد الطاري
لا يعتري ظفر الخصومة متنه***إلا بردّ الخصم ردّ خسار
عم الخلائق نفعه من حينه***رغماً لكل مخلط أخباري
هذا هدى ويزيد من لا يهتدي***بهداه رجساً صالحاً للنار
خير الكلام بيانه الوافي وفي***أوصاله لدقائق الأسرار
الفضل مختوم به وختامه***مسك فذق فلنعم عقبى الدار
أفكارهم فازت بكل كريمة***فأتى الكتاب (نتائج الأفكار)
أهم شروحات كتاب نتائج الأفكار :
1 . شرح نتائج الأفكار، لأبي الحسن التنكابني.
2 . مصابيح الأنظار أو مصابيح الأنوار في شرح نتائج الأفكار، لمحمد باقر بن زين العابدين اليزدي.
3 . شرح نتائج الأفكار للشيخ مهدي الكجوري
ص: 37
4 . شرح نتائج الأفكار لمحمد كريم بن إبراهيم الكرماني.
5 . شرح نتائج الأفكار للسيد جعفر الحسيني السبزواري.
6. شرح نتائج الأفكار للشيخ منصور بن محمد أمين الدزفولي - وهو أخو العلّامة - الأنصاري .
7 . شرح نتائج الأفكار للسيد محمود الحسيني المرعشي، اللاهوري.
8 . السراج الوهاج لمحمد جواد بن محمد حسن الأصفهاني.
9. حاشية على نتائج الأفكار لمصطفى بن محمد هادي بن دلدار النقوي، اللكهنوي الهندي.
10. شرح نتائج الأفكار، للمولى محمد سميع بن محمد علي اليزدي.
11. شرح نتائج الأفكار ، للعلامة الفاضل المولى حسين الأردكاني.
12. شرح نتائج الأفكار للسيد محمد علي بن السيد محمد الكاشاني.
13. شرح نتائج الأفكار للسيد كاظم بن السيد قاسم الرشتي الحسيني الحائري.
14. موازين الأنظار في شرح نتائج الأفكار للميرزا محمد بن سليمان التنكابني، صاحب قصص العلماء.
والجدير بالذكر أن السيد محسن الأمين ذكر في الأعيان (كتاب حاشية على نتائج الأفكار للشيخ البهائي)(1)، وهذا اشتباه؛ لأن السيد إبراهيم القزويني توفي سنة (1262ه-)، في حين أن الشيخ البهائي توفي سنة (1031ه-).
ص: 38
الصورة
ص: 39
الصورة
ص: 40
الصورة
ص: 41
الصورة
ص: 42
الصورة
ص: 43
وفاته:
بعد عمر مبارك قضاه في طاعة الله، ونشر علوم آل محمد (صلوات الله عليهم) ، وحرص على أن لا يفوته شيء مما يقربه إلى الله تعالى وأوليائه، رحل إلى الرفيق الأعلى، بنفس مطمئنة راضية مرضية، وذلك في سنة 1262ه-(1)، في عام الطاعون(2)، فكان يوما عظيماً على الناس ضجوا وداروا بالجنازة في الأزقة بعد أن أطافوها في حرم سيد الشهداء وحرم أخيه أبي الفضل العباس، ولطموا الصدور وشقوا أطراف الأثواب وقرأوا المراثى.
ودفن في جنب الصحن في البقعة المخصوصة قرب داره(3)، ورجع الناس بين باك وناحب ولاطم، وكأن لسان حالهم يقول:
ص: 44
قد خططنا للمعالي مضجعا***ودفنا الدين والدنيا معا
وعقدناللمساعي مأتما***ونعينا الفخر فيه أجمعا
آه ماذا وارت الارض التي***رمق العالم فيها أُودعا
وارت الشخص الذي في حمله***نحنُ والأملاك سرنا شرعا
صاحب النعش الذي قد رُفعت***بركاتُ الأرض لما رفعا
ملكٌ حياً وميتاً قد أبى***قدره إلا الرواق الأرفعا
ص: 45
عملنا في التحقيق:
وكان عملنا على ثلاث مراحل
الأولى: جمع النسخ، فكانت كالآتي:
ألف: نسخة جامعة طهران: وهي نسخة كاملة بخط جميل وواضح، يحتمل أنها بخط المؤلف، والصحيح أنها بخط تلميذه المقرب الشيخ عبد السميع اليزدي، نسخها سنة 1258ه-، في حياة المؤلف، عليها تصحيحات وهوامش وقليل من الشطب، وقد صدّرها بفهرس لمطالبها.
النسخة مهداة من مكتبة السيد محمد المشكاة، ومحفوظة بالرقم (801) .
باء: نسخة مكتبة أمير المؤمنين علیه السلام في النجف الأشرف، وهي أيضاً نسخة كاملة بخط جميل وواضح كاتبها السيد محمد بن محمود سنة 1261ه-، في حياة المؤلف، وقد كتبها عن نسخة تلميذ المؤلف الشيخ عبد السميع اليزدي.
فيها سقط كثير، وفي بعض الأحيان هناك تقديم وتأخير في العبارات، مما جعلها مبهمة ومشوشة كما في مبحث الاستصحاب مثلاً .
وهي مصدّرة بمقدّمة للشيخ عبد السميع، وفهرس لمطالب الكتاب.
النسخة مهداة من قبل العلّامة الكبير حسين على محفوظ الله إلى مكتبة أمير المؤمنين العامة، وهي محفوظة بالرقم (148) ، وقد رمزنا لها بالحرف (م).
جيم: نسخة مكتبة كاشف الغطاء العامة في النجف الأشرف، وهي أيضاً نسخة كاملة بخط جميل وواضح قد تكون مسوّدة كتبت بيد المؤلف سنة 1256ه-.
فيها سقط كثير ، وعلى النسخة ختم للشيخ علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء.
وهي محفوظة بالرقم (432) ، وقد رمزنا لها بالحرف (ك).
ص: 46
وفي هذه المرحلة قمنا - بعد جمع النسخ - بدراستها ومقارنتها فيما بينها وايضا مع نسخ أخر(1)غيرها، ترجح أن تكون نسخة جامعة طهران هي الأصل؛ لكونها كاملة تامة خالية من السقط والنقص ، مع التصحيح والتنقيح والهوامش المناسبة، مما رجحها على غيرها.
الثانية: العمل الفني، وفي هذه المرحلة قمنا بالآتي:
ألف: إجراء المقابلة بين النسخ الثلاث المختارة، وتأشير الفروقات بينها.
باء: تقويم النص الأصلي، وضبطه وفق ما تقتضيه القواعد الإملائية، مع إجراء التقطيعات المناسبة، وقد وضعت ما أراه مناسباً بين معقوفتين [ ] مما يقتضيه السياق.
وأشير هنا إلى أنني قد أعرضت عن تغيير بعض ما وقع فيه المؤلف الله مما لا يخل بالمعنى، من قبيل استعمال لفظة (أم ) في موارد كثيرة ، في حين أن الأنسب والأصح استعمال لفظة (أو) بدلها، وكذا العكس، فلم أرغب في إثقال الهوامش بمثل هذه الموارد الواضحة.
جيم: تخريج الآيات القرآنية والروايات الشريفة وأقوال العلماء ومعاني بعض الألفاظ من مصادرها الأصلية مهما أمكن، ومع عدم التمكن منها اعتمدنا المصادر الثانوية.
ص: 47
دال: وضع العنوانات المناسبة لكل أصل من أصول الكتاب، معتمداً في ذلك على ما ذكره تلميذ المؤلف الشيخ عبد السميع اليزدي في نسخته، بالإضافة إلى وضع العنوانات الفرعية التي أرى مناسبتها ، كل ذلك بين معقوفتين [ ].
الثالثة: العمل العلمي
لما كان الكتاب اختصاراً لكتاب المؤلّف الكبير ضوابط الأصول، مما انعكس على غموض العبارات فيه، وجعل منها في بعض الأحيان أشبه بتراكيب مغلقة ومبهمة، مما اضطر تلامذة المؤلف إلى وضع الشروح الكبيرة والكثيرة عليه، كان من المناسب الاعتماد على أصل الكتاب - وهو الضوابط - في رفع مشكله وتوضيح غامضه، فعمدت إلى ذلك ولم أعتمد على غيره في هذه المهمة إلا ما ندر، فكان الأصل والتوضيح كلاهما من رشحات فيض يراع المؤلف.
ص: 48
وفي الختام:
أتوجه بالشكر الجزيل والثناء الجميل لكل من أسهم في إنجاز تحقيق هذا الكتاب.
وأخص بالذكر إدارة مركز تحقيق تراث سامراء التابع للعتبة العسكرية المقدسة، متمثلة بالمشرف العام على المركز سماحة الشيخ كريم مسير (أعزه الله) لتوفير نسخ الكتاب المخطوطة، وتيسير الوصول إليها ومتابعته الدقيقة للعمل من بدايته حتى نهايته، وكادر المركز خصوصاً كادر شعبة التحقيق؛ لما بذلوه من جهد حثيث في متابعة العمل وإبداء الملحوظات اللازمة، وكذلك شكري لسماحة السيد علي الحيدري الذي أسهم في مقابلة بعض النسخ والشيخ يحيى العتابي لمتابعة ترجمة المؤلف، وإليك إيها القارئ الكريم.
مصادر ترجمة المؤلف والمقدمة:
1 . أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين.
2 . تاریخ ،زنجان، للسيد إبراهيم الزنجاني.
3 . تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة.
4 . تراجم مشاهير علماء الهند للسيد علي نقي النقوي .
5 . تكملة أمل الآمل، للسيد حسن الصدر.
6 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة للشيخ آقا بزرك الطهراني.
7 . روضات الجنات للخوانساري.
8 . طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة)، للشيخ آقا بزرك الطهراني.
9 . طبقات الفقهاء، مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام .
10. العبقات العنبرية، للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.
ص: 49
11. قصص العلماء، للميرزا محمد بن سليمان التنكابني.
12. معارف الرجال للشيخ محمد حرز الدين.
13. .معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة.
14. موسوعة مؤلفي الإمامية، لمجموعة من المؤلفين.
ص: 50
الصورة
ص: 51
الصورة
ص: 52
الصورة
ص: 53
الصورة
ص: 54
الصورة
ص: 55
الصورة
ص: 56
دِيوَانُ الوَقفِ الشِّیعِيِ
العَتَبَةُ العَسکَرِّيَةُ المُقَدَّسَةُ
سِلسِلَةُ اِصَدَارَاتٌ مَا كَتِبَ فِي سَامَرَاء 14
نتائج الأفكار
تألیف
الأُصُولِي الفَذ المُحقق السَّيّد ابرَاهِيم المُوسَوِي القَزوِينِي
ت 1262ه-
تحقيق
الشيخ ستار الجيزاني
مُراجعة وتدقيق
مَرکَزُ ثُرَاثِ السَّامِّرَاء
ص: 57
ص: 58
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا بترتيب(1)عوائد موائد الأيادي إلى نهاية معارج الأفهام، وأرشدنا بتهذيب فرائد(2) فوائد المبادئ إلى غاية مناهج الحلال والحرام، ووفقنا لتحصيل فصول ضوابط الأصول بإتقان قوانين شريعة سيّد الأنام، وبلغنا إلى غاية المأمول ونهاية المسئول بإحكام دلائل الأحكام والصلاة والسلام على من أرسل لتمهيد قواعد الدين، وتشييد معالم الإسلام وآله وأصحابه المعصومين(3)، مفاتيح الرحمة، ومصابيح الظلام
أما بعد
فيقول الرّاجي عفو ربه الكريم عبده الموسوي إبراهيم، عفا الله عنه : إني بعد ما انتخبت مما كنت حررته سابقاً من المسائل الأصولية، ومباني الأحكام الشرعية الفرعيّة، كتاب ضوابط الأصول؛ إجابة لمسئول بعض الفحول، ورأيت كثرة (4) رغبة المشتغلين في إدراك مطالبه، وشدّة ميل المحصلين إلى فهم مسائله؛ لاشتماله على فرائد فوائد لم يحم حولها أحد، واحتوائه على عوائد موائد لم يدم لضبطها مدد، بيد أنه كان لبسطه بعض الهمم قاصراً عن الوصول إلى غوامض حقائقه(5)، والبلوغ إلى مغالق
ص: 59
دقائقه(1)، سنح ببالي الفاتر أن أشمّر عن ساعد الاجتهاد ثانياً، وأستأنف العمل لا كسلاً ولا متوانياً، بتصنيف وجيزة تشتمل على أمهات (2)مسائل الأصول، وتأليف مختصر يحتوي كل أصل منه على ما لا يحتوي عليه أبواب ولا فصول محترزاً عن الإيجاز المخلّ، والاطناب ،الممل، مبالغاً في الاختصار، مدرجا(3) فيه من المطالب الأبكار ، ما لم ينل إليها أيدي أولي الأبصار ، وسميته ب(نتائج الأفكار)، راجياً أن يكون بمحل من القبول عند أهل العقول.
ورتّبته على مقدمة، وخاتمة، وأصول.
ص: 60
أما(1)المقدّمة
فاعلم أن أصول الفقه عَلَم لهذا العلم، ومعرفته من جهة الإضافة تتوقف على معرفة جزئيه:
والفقه لغة وعرفاً: الفهم(1)الذي هو أعم من العلم من وجه(2)، ومن(3) جعله(4)بمعنى العلم لعله زعم ترادفها(5)، لكن العرف يأباه(6) .
واصطلاحاً هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية).
والمراد بالعلم خصوص التصديق؛ للتبادر لا التصور(7)ولا الأعم، ولا يعارضه صحة التقسيم ؛ لاعتضاده بصحة السلب عن التصور، وبكونه بالذات أقوى منها.
والأحكام جمع الحكم، وهو يطلق لغة(8) على الإسناد(9) والإلزام (10)، وأمر(11)
ص: 62
الحاكم لرفع الخصومات.(1)
وهو اصطلاحاً خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، من حيث الاقتضاء أو التخيير.(2)
والمراد بالخطاب هنا نفس الكلام الملقى لا الإلقاء.
والكلام منه لفظي، وهو الصوت الخارج عن المقطع المفهم للمراد (3)، وإن كان من نحو الشجرة، كتكلّمه تعالى مع موسى علیه السلام، للعرف .
(4).
ونفسي، وهو المفهوم الحاصل من اللفظي(4)، وكلامه تعالى عندنا لفظي(5)، وعند الأشعري نفسي.(6)
لنا: الإجماع(7)؛ وقوله تعالى: «وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً» (8)، ولو كان متكلماً معه
ص: 63
بالنفسي لشمل سائر الأنبياء.(1)
ثم المراد من الحكم إن كان المعنى المصطلح ، لغا قيدي(2)الشرعية والفرعية، إلا أن يجعل الأفعال أعم من الاعتقاد (3)على بعد، فيلغو الأول فقط، مضافاً(4) إلى أن من الأدلة الكتاب، فيتحد الدليل والمدلول هذا على مذهبنا.
وعلى مذهب الأشعري يرد استدراك القيدين المذكورين أيضاً(5)، وأن الحكم الشرعي طلب الشارع من المكلف فيحتاج إلى الطالب والمطلوب منه، وكون المطلوب منه قديماً باطل، فيلزم وجود(6) التكليف بلا مكلف، وهو سفه، بل في مثل الصبي والناسي ونحوهما، إن قال(7) ببقاء التكليف كان تكليفاً بما لا يطاق، وهو قبيح، ولا يصغى إلى تجويزه إياه، أو بارتفاعه لزم تغير القديم، وهو من لوازم الحدوث.
بل قال: إن الأمر والنهي هو الطلب بقول مخصوص(8)، ولو كان كلامه نفسياً لزم أن لا يكون الله سبحانه آمراً وناهياً، وهو باطل بالضرورة ونص الكتاب (9)، بل
ص: 64
الوجهان الأخيران واردان على من قال بالكلام النفسي وإن لم يقل بأن المراد منه(1)الحكم في تعريف هذا المعنى.
وإن كان(2)النسب الخبرية احترازاً عن الموضوعات، ففيه خروج الإنشائية، ك- «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ».(3)
وتوهم: أنّ الفقه هو النسبة(4)الخبرية الحاصلة من ذلك.(5)
مدفوع: بأن لازمه عدم كون التصديق بالإنشاءات فقهاً، وهو نفس الفقه، فتأمل.
وخروج كل الموضوعات صرفة، ومستنبطة، وشرعية(6)، مع كون الأخيرة من المعرَّف، ومن شأن الفقيه بيانها ؛ ولذا تعرضوا لها .
ولو قيل(7): إنّ معرفة الموضوع من باب المبادئ .(8)
لقلنا: إنّ المراد بهذه المعرفة إن كان تصور الموضوع، استدرك قيد الأحكام؛ لأن ظاهره أن المراد بالعلم التصديق، فتصور الموضوع لم يكن داخلاً في الجنس حتى يخرج
ص: 65
بقيد الحكم، أو التصديق بموضوعية الموضوع، أو أنّ الموضوع هو هذا، فهو نسبة خبرية كيف تخرج من قيد الأحكام الذي هو بمعنى النسب الخبرية، فلا يطرد التعريف على مذهبه من كون الموضوعات خارجة، أو المسائل فكسابقه، أو النسب الجزئية يخرج الموضوعات الشرعية، أو التصديقات ليكون الفقه تصديقاً بالتصديقات.
ففيه: إنه إن أريد من التصديقات المفسرة للأحكام تصديقات نفس الفقيه، فتصديقات(1)الفقيه بتصديقاته المأخوذة من الشرع لا تسمى فقهاً، بل الفقه نفس التصديقات المأخوذة، وإلا لم يكن الفقيه العالم بالأحكام الشرعية الغير المتفطن لعلمه فقيهاً.
(ويلزم أيضاً فساد قيد «عن أدلته» ؛ لأنه ظاهر في الرجوع إلى العلم، والحال ان الحاصل من الأدلة علم الفقيه، لا علمه بعلمه).(2)
وفساد قيد الشرعية؛ لأن تصديقات الفقيه ليس من شأنها أن تؤخذ من الشارع، أو تصديقات الشارع، فتصديق الفقيه بتصديقات الشارع لا يسمى فقهاً، بل الفقه تصديقه(3)بمصدقاته.
ويلزم فساد قيد «عن أدلتها» ؛ لأنه إن تعلق بالعلم، كما هو الظاهر ، فالعلم بعلم الشارع ليس حاصلاً من الأدلة، بل العلم بالمعلومات حاصل منها، أو بالأحكام، لزم أن يكون علم الشارع مأخوذاً من الأدلة.
وفساد قيد الشرعية؛ إذ ليس من شأن الشارع بيان تصديقاته، بل مصدقاته.
أو الأحكام التكليفية استدرك قيد الشرعية، وخرج الأحكام الوضعية، مع أنها
ص: 66
من الفقه على قول(1)، ولا يمكن تأويلها في بعض المقامات بالتكليفية(2)، فإنّ النسبة عموم من وجه، إلّا أن يراد الأول الشأني.
أو التكليفية والوضعية الخمسة أي: الشرطية والجزئية، والمانعية، والصحة، والفساد.
ففيه : - بعد استدراك القيد المذكور(3) - عدم انحصار الوضعية في الخمسة، فلا عكس، فإنّ كل ما يكون تحققه مشروطاً بالأمور الأربعة العقل والبلوغ، والعلم والقدرة تكليفي، وما عداه وضعي حتى مثل السببية.
والأصح أن يراد الأحكام التكليفية، صدرت من الشارع أم غيره، فلا يستدرك قيد الشرعية.
وأما الوضعيات فالحق خروجها عن المعرَّف، وعدم كونها مقصودة بالذات من الفن ؟ ! بل إنما يتكلم فيها لرجوعها إلى التكليف
والمراد بالشرعية ليس ما أخذ من الشارع ببيان الشرع، ولا ما من شأنه أن يؤخذ من الشارع، وقد أخذ منه بلسان الشرع؛ حذراً من خروج ما يستقل به العقل، بل ما من شأنه أن يؤخذ من الشارع بلسان الشرع أو العقل، أو ما من شأنه أن يؤخذ منه وقد أخذ بلسان الشرع أو العقل، أو ما أخذ من الشارع بلسان العقل أو الشرع.(4)
هذا على المختار في معنى الحكم.
ص: 67
وإن جعلناه النسبة الخبرية(1)، أو الجزئية(2)، أو التصديقات(3)، أو المسائل ،لميصح قيد الشرعية باحتمالاته الخمسة، بل ينتقض التعريف طرداً أو عكساً.(4)
وبالفرعية ما تعلّق بكيفية عمل المكلّف تعلّقاً حقيقياً، وكان المتعلّق من الأفعال الظاهرة، وخروج الوضعيات لا يضر ؛ لما مرّ، ويتصور لها معان ثلاثة أخر لا يطرد معها التعريف.(5)
والظرف في قولنا (عن أدلتها التفصيلية) يمكن أن يكون متعلقاً بالعلم، كما هو الظاهر، وبعامل مضمر كالمستنبطة، وبالفرعية بمعنى المتفرعة.
وعلى الأول خرج من جنس الأدلة علمه تعالى؛ لأنه غير مسبب عن سبب، ومن خصوصها علم النبي صلی الله علیه و آله وسلم والملائكة،وعلمنا بالضروريات، بل وعلم أيضاً إذا كانت الإضافة للعهد، فيستدرك قيد التفصيلية، وجعلها(6)للجنس حتى يخرج به علم المقلّد.(7)
يدفعه: أنّ علمه أيضاً قد ينشأ عن دليل تفصيلي، إلا أن يقول بعهدية التفصيلية، فلم لا يقول بعهدية الأدلة حتى لا يحتاج إلى قيد زائد.
ص: 68
ولو قيل(1): إنّ العلم ظاهر في القطعي، والحكم في الواقعي، فيخرج أغلب الأبواب ؛ لأنها ظنيات أو شكيات.
فإن جعلت العلم بمعنى الظن انتقض طرداً بدخول ظن المقلّد إذا حصل من الأدلة المعهودة(2)، وعكساً بخروج القطعيات النظرية والشكيات.(3)
أو بمعنى الاعتقاد الراجح انتقض طرداً بما مرّ، وعكساً بالشكيات.
أو اضمرت وجوب العمل مع جعل العلم بحاله.
أو بمعنى الظن أو الاعتقاد الراجح، انتقض طرداً بما مرَّ ، بل فسد رأساً؛ إذ العلم أو الظن بوجوب العمل مسألة أصولية لا فقهية.
أو لفظ المدلولية(4) مع إبقاء العلم والحكم بمعناهما الظاهر، فيصير الفقه هو القطع بمدلولية الأحكام (الواقعية.. إلخ، اندفع بأن العلم بمدلولية الأحكام)(5) لا يسمى فقها، بل هو نفس العلم بالمدلولات، وبخروج الظنيات، بل الشكيات أيضاً(6)، وبدخول علم المقلّد بكون الأحكام مدلولات للأدلة.
أو جعلت الحكم أعمّ من الظاهري(7)، والعلم بمعناه الظاهر، ففيه : إن العلم
ص: 69
بالحكم النفس الأمري من حيث هو ليس فقها، إلا إذا صار مقروناً بوصف الظاهرية؛ مع إيراد آخر سيظهر .(1)
قلنا: هنا وجه ثامن أقل محذوراً، وهو جعل الأحكام بمعنى الأحكام الظاهرية، والعلم بمعناه الظاهر، وظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم(2)؛ لأن المظنون هو الحكم الواقعي، والمقطوع هو الحكم الظاهري ، ولا يرتبط ذلك بمذهب المصوّبة.
وتوهم: أن العلم بالحكم الظاهري من حيث إنه حكم ظاهري لم ينشأ من الأدلة التفصيلية.
مدفوع بجعل العلم عند تعلّق القيد به (لا بشرط ، بناء على تعلقه به، أو بجعل الأحكام عند تعلّق القيد بها)(3) معراة عن وصف الظهور، بناءً على الاحتمالات الأخر.
فالمعنى: الفقه هو العلم بالأحكام الظاهرية الحاصلة، أو المستنبطة، أو الناشئة، أو المتفرعة، أو المأخوذة ذاتها عن الأدلة التفصيلية، فتدبر.
ولو(4) قيل (5): إنّ ظاهر العلم هو الفعلي، وظاهر الأحكام الجميع(6)، فلا يوجد للفقيه مصداق، فإن حملت لام الأحكام على العهد الخارجي، فلا معهود، أو الذهني، أو جنس الجمع، أو المفرد، دخل ظن المتجزئ.(7)
ص: 70
قلنا: على المختار من إمكان التجزئ واعتباره حتى في مسألة واحدة، نجعل الأحكام بمعنى الحكم ولا نقض.
وإن قلنا بامتناعه(1)، أو عدم اعتباره ، لم يمكن حصول العلم للمقلّد ولا للمتجزئ، ولو في مسألة واحدة.
وأيضاً على ما اخترناه يستقيم التعريف بالنسبة إلى كل المحتملات الثمانية المتقدمة في دفع الإيراد السابق، وكذا على القول بامتناعه.
وعلى القول بإمكانه ووقوعه، وعدم اعتباره شرعاً، لم يصح الأول والثاني والسادس ؛ لدخول علم المتجزئ، مع أنه ليس بفقه عنده.
والعجب أن صاحب المعالم جعل العلم بمعنى الاعتقاد(2)، ومذهبه في التجزئ على وقوعه وعدم اعتباره(3)، فالتعريف لا يطرد.
ثم اعلم: أنّ ظاهر كلماتهم في دفع الإيراد السابق كون العلم فعلياً(4)، وهنا جعلوه ملكياً(5)، وهو تناقض، إلا أن يكون نظرهم هناك إلى دفع ذلك الإيراد من حيث هو، مع قطع النظر عن فعلية العلم ،وعدمها وهنا إلى دفع هذا الإيراد، فمن جعله هناك بمعنى الظن جعله هنا بمعنى ملكة الظن ،وهكذا، لكن يلزم على هذا سبك مجاز من مجاز في أربعة من الثمانية.
ثم إذا عرفت الجزئين، فاعلم أنه قد يقال : إن نفس إضافة الأصول إلى الفقه
ص: 71
تعريف لهذا العلم؛ باعتبار الإضافة.(1)
وفيه: إن معنى الفقه ظاهر، والمراد من الأصول: إن كان معناه اللغوي، لم يطرد؛ إذ لا ينحصر ابتناء الفقه في هذا العلم.
ولو سلّمنا إفادة الإضافة الاختصاص، لم يخرج مثل علم الرجال أيضاً، أو الأدلة(2)، فلازمه كون هذا الفن باحثاً عن أدلة الفقه لا عوارضها، أو القواعد شمل قواعد الفقه التي ليست داخلة في الفن أو الظواهر، أو الاستصحاب، ففساده ظاهر عند أولي الألباب.
ويمكن جعله بمعنى القواعد، مع جعل الإضافة للعهد، أي: القواعد المعهودة المذكورة في الفن المقصودة بالذات، من تدوين هذا العلم التي هي عوارض الأدلة.
وأما(3) بيان مثل مبادئ اللغة ونحوها، فإنما هو استطراد، أو من باب المبادئ، لكن على العهد يصح إرادة المعنى اللغوي أيضاً.
ثم إنه باعتبار المعنى العلمي علم بأحوال الأدلة من حيث هي أحوالها من جهة ابتناء الفروع عليها، فهو العلم بأحوال أدلة الأحكام(4) الشرعية الفرعية من حيث إنها أدلتها، فخرج أحوال غيرها، كالنحو ونحوه، والعلم بمثل كون الكتاب معجزة، وبأحوال أدلة(5) غير الأحكام التكليفية؛ لما عرفت من أن الأحكام عبارة عن الخمسة، وخرج(6) غير الأوامر الشرعية، كأمر المولى عبده والاعتقاديات.
ص: 72
وقد يُعرّف بأنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية .(1)
ويرده خروج ما لم يمهد بعد من مسائل هذا الفن مطلقاً(2)، وخروج ما مهّده بعض العلماء دون بعض إن أريد ما مهده الكل، ودخول بعض المسائل اللغوية المذكورة في الفن.
وإن إخراج ما يستنبط منه الماهيات(3) بقيد الأحكام لا يلائم مذهبه؛ إذ الأحكام عنده عبارة عن النسب الخبرية والعلم عن التصديق(4)، فإن كان المراد بالماهيات التصورات خرجت عن قيد العلم، وإلا لم تخرج بقيد الأحكام أيضاً؛ لأنها نسب خبرية.
ويخرج أيضاً مثل العلم بحجية الظن إن أريد من التعريف كون القواعد الممهدة سبباً قريباً للاستنباط.
وإن أريد الأعمّ، دخلت الأسباب البعيدة، مثل ما يستنبط منه الماهيات، كمسألة الصحيح والأعم ونحوها ، مع أنه لا معنى لتعليق معرفة مسائل الأصول
بتمهيد العلماء.
ص: 73
ثم إن موضوع هذا العلم أدلة الفقه (فيبحث فيه عن إثبات دليليتها وعوارضها ، بل مطلق دليل الفقه)(1) - وإن كان غير الأربعة - فلا وجه لتخصيص
الموضوع بالأربعة (2)، ولا لجعل الموضوع (نفس الأربعة لا كلي الدليل(3)، ولا لجعل الموضوع)(4) الدليل بوصف كونه دليلاً حتى يخرج مثل حجية الكتاب(5)؛ وذلك لأن الحجية أيضاً حال من أحوال ذات الدليل، فالموضوع هو الدليل لا بشرط اتصافه بالحجية.
مدلول اللفظ : إن كان(1) قابلاً للصدق(2) على كثيرين، فكلّي - وإن لم يكن له فرد بالفعل -، وإلّا فجزئي.(3)
ثم الكلية والجزئية وصفان للمفاهيم بنفسها، وإن لم يلاحظ استفادتها من لفظ موضوع لها؛ لعدم صحة السلب، ولذا يقال : إن الواضع تصور أمراً كلياً أو جزئياً.
ومن هنا يظهر أن اتصاف المفاهيم بهما ليس بشرط تصورها(4) وحصولها في الذهن، بل لنفس المفهوم لا بشرط، ويصح اتصاف اللفظ بهما من دون أن يتصور له معنى فوزن فاعل كلي له أنواع ، ولفظ زيد كلي له أفراد ، وخصوص ما تلفظ به عمرو جزئي، وكذا المهملات.
ثم اللفظ والمعنى(1) إن اتحدا ، فهو متحد المعنى واللفظ، ولم نجد له مثالاً.
وإن تعدد اللفظ فقط فهما مترادفان كالإنسان والبشر، بخلاف الناطق والضاحك، فإنهما متساويان(2)، أو المعنى فقط من غير تعدد الوضع فهو حقيقة ومجاز، أو مع تعدد الوضع(3) وهجر الأول لكن مع كون المناسبة ملحوظة عند الوضع الثاني فمنقول، ونقضه عكساً، بأنه إذا اشتهر أحد المعنيين بحيث صار الآخر مهجوراً سمي ذلك منقولا، وإن لم تلاحظ المناسبة، فلابد من عدم اشتراط ملاحظة المناسبة فيه.
مدفوع: بأن إطلاق المنقول عليه مجاز؛ لأنه شبه منقول.
أو مع عدم ملاحظة المناسبة عند الوضع الثاني لكن مع هجر الأول، فمرتجل، فيفسد حينئذ القول باشتراط ملاحظة عدم المناسبة في المرتجل ؛ إذ ملاحظة الواضع ذلك بعيدة جداً(4)، أو مع عدم الهجر فمشترك.
ويرد على تعريفه - بأنه لفظ له معان متعددة بأوضاع متعددة، مع عدم ملاحظة المناسبة - خروج المشترك التعيّني، مع كون المناسبة ملحوظة، إلّا أن يكون الغرض تعريف التعييني، وخروج ما لو قال الواضع وضعت العين للذهب والفضة، فإنه مشترك والوضع ،واحد، إلا أن يريد من تعدد الوضع تعدد(5) التخصيص.
ص: 76
وإن تعدد اللفظ والمعنى فالألفاظ متباينة تكون ومترادفة بقي مثل اسم الإشارة قسما خامساً؛ إذ لا مناسبة حتى تكون حقيقة ومجازاً، ولا تعدد في الوضع حتى تكون مشتركاً، أو منقولاً ، أو مرتجلاً .
ولا يتوهم على مذهب المتقدمين دخوله في متحد اللفظ والمعنى؛ إذ المراد من المعنى(1)أعم من المجاز.(2)
ص: 77
للوضع معنى مشهور هو تعيين اللفظ بازاء شيء للدلالة عليه بنفسه .(1)
فخرج ب(اللفظ) مثل الخط والإشارة.
وأورد عليه بأن المشترك اللفظي لا يدل على معانيه بنفسه.
(وردّ بأن ذلك ناشئ عن تعدد الوضع وإلا فالواضع عند الوضع وضعه للدلالة على المعنى بنفسه).(2)
وفيه: إنه يتم إذا تعدد الواضع وكان الواضع الثاني جاهلاً بالأول، أو اتحد وكان غير ملتفت إلى الوضع الأول.
والأصح في الجواب : إن المعاني مفهومة من نفس اللفظ، والقرائن فيه(3) معينة للمراد لا مفهّمة للمعنى.(4)
وغير مشهور: وهو تعيين اللفظ للدلالة على المعنى(5)، وهذا يشمل الوضع النوعي الحاصل في المجازات، فهو أعم من الأول ، لكن لفظ الوضع حقيقة في الأول؛ للتبادر، وصحة السلب عن الأعم من حيث هو، وقلة الاستعمال فيه.
ثم لهم في تشخيص الواضع(6) كلام أسقطناه؛ لعرائه عن الفائدة.
ص: 78
ثم الوضع باعتبار الواضع إما لغويّ، أو عرفي عام، أو خاص.(1)
وباعتبار الموضوع : إما شخصي إن كان شخصاً خاصاً من اللفظ كزيد، أو نوعي إن كان أمراً عاماً كهيئة ،فاعل، ونحوها مما يندرج تحته أنواع مختلفة الحقيقة، سواء استفيد ذلك من جعل الواضع، أو من التتبع الكاشف عن رضا الواضع ورخصته، ومن هذا الباب وضع المجازات.
ثم الموضوع في الوضع النوعي هل هو العام المنطقي كما يقتضيه العرف، أو العام الأصولي(2)، حذراً من عدم كون الاستعمال الخاص لا حقيقة ولا مجازاً؟ وجهان.(3)
ثم إذا شك في كون الوضع نوعياً أم شخصياً، فالأول هو الأصل ؛ لقلّة الحادث(4) فيه، وحذراً من اللغوية، بل العسر أيضاً إن كان الواضع بشراً.(5)
ثم كل من الموضوع له وآلة الملاحظة: إما عامّان أو خاصان، ولا إشكال في وجود القسمين (6) ؛ أو (7)الأول عام والثاني ،خاص، ولا ريب في عدم وجوده(8)؛ أو
ص: 79
العكس، فالقدماء على عدم وجوده(1)، (والمتأخرون على وجوده)(2) في مثل الضمائر والحروف واسم(3) الإشارة، فيدعون أن وضعها عام والموضوع له خاص(4)، لا أنهما عامان، وهو الحق؛ للتبادر ، والأصل فيه كونه وضعياً(5) وكاشفاً عن اللغة، والأصل عدم الالتفات إلى الشهرة(6)، وللزوم المجاز بلا حقيقة، ولعدم انقسام الكلمة حينئذ إلى ثلاثة، وعدم جواز استعمال تلك الألفاظ في المعنى العام حتى مجازاً، ولتنصيص أهل اللغة بأن (في) مثلاً حقيقة في الظرفية(7)، ولا حقيقة إلا بعد الاستعمال، (ولا استعمال)(8) إلا في الخصوصيات.
وللخصم وجوه ضعيفة، يظهر ضعفها بأدنى تأمل.
ص: 80
تطلق «المتشرعة» على كل من تدين بدين الإسلام ولو عاميّاً(1)، و«الحقيقة الشرعية» على كل لفظ استعمله الشارع في المعنى الشرعي(2) بطريق الحقيقة تعييناً أم تعيّناً(3)، ، و«الشارع» على جاعل أحكام الشرع ومخترعها، وهو الله سبحانه لا غير، نعم «الشارع» بمعنى المبيّن يمكن إطلاقه على النبي صلی الله علیه و آله وسلم.(4)
وأما التفويض الوارد في الأخبار(5)، فمن باب الإذن في بيان الأحكام على طبق الصفات، لا جعل الحكم كما يريد.
ثم الألفاظ التي اختلف في ثبوت الحقيقة الشرعية فيها، قد استعملت في المعنى الشرعي في لسان الشارع ولو مجازاً، لا أنها باقية على معانيها اللغوية والزوائد شروط وقيود فهمت من الخارج كما عن القاضي(6)، وإن كان الأصل معه(7)(8)
ص: 81
وذلك للاتفاق، وللزوم عدم كون الأخرس المنفرد مصلياً، إلا أن يجعل الدعاء أعمّ من اللفظي والقلبي، ولأن تقييد المطلق بالمنفصل في الأوامر مجاز ، إلا أن يكون إنكاره لغير مجاز التقييد ؛ لأنه لا ينافي إجراء الأصل في الأركان.
ثم تظهر الثمرة بينه وبينهم في إجراء الأصل في الأركان(1)، وفي الحمل على المعنى اللغوي عند فقد القرينة قبالاً للقائل بالحقيقة الشرعية.(2)
ثم بعد ثبوت استعمال الشارع، ففي كونه بالوضع في كل الألفاظ تعييناً أم تعيّناً، أو فى ألفاظ العبادات خاصة، أو في الألفاظ المتداولة خاصة(3)، أو في زمن الصادقين مطلقاً لا قبله(4)، أو في الألفاظ المتداولة في زمن النبي صلی الله علیه و آله وسلم وفي غيرها في زمن الصادقين(5)، أو عدم الوضع مطلقاً(6)، وجوه.(7)
ص: 82
والحق: أن ما كان من تلك الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة أغلب استعمالاً فيهما في المعنى الشرعي من اللغوي حملناه عند فقد القرينة عليه، وإلا فلا (1)؛ لبناء العرف.
والمتمسك للإثبات المطلق باللطف؛ لشدة ،الحاجة، وعدم تجشم القرائن كثيراً.(2)
أو بالاستقراء في أحوال المصطلحين الواضعين المقتضي لتحقق الوضع تعييناً.(3)
أو بأن ثبوتها في بعض الألفاظ - كالصلاة - قطعي(4)، ويتم في غيره بالإجماع المركب ؛ لأن التفاصيل لم تكن وإنما نشأت من المتأخرين، والقلب بضميمة الأصل واضح الفساد.(5)
أو بثبوت مسميات بعض تلك الألفاظ في الأمم السابقة، والظاهر أنهم كانوا الألفاظ
ص: 83
يعبرون عنها في لسان العرب بتلك الألفاظ، ولم يحصل في شرعنا اختلاف (في المسمى،بحيث يوجب اختلاف)(1)الوضع، ولم نجد مفصلاً بين بين الألفاظ من تلك الجهة.(2)
أو بذهاب المشهور الموجب للظن في الموضوع(3)المستنبط، بل استفاض نقل الإجماع على الثبوت أو على الحمل على المعنى الشرعي.(4)
أو بأنّ العرف العام والمتشرعة يحملون تلك الألفاظ الواقعة في الكتاب والسنة وغيرهما بمجرد سماعها على المعنى الشرعي.(5)
مدفوع(6)، بأن(7) اللمّي الظني لا حجية(8) فيه(9)، وتجشم القرائن كثيراً إنما يلزم إذا كان الاستعمال في المعنى الشرعي أكثر من اللغوي لا في العكس، فإنه بالعكس(10)، ولا مع التساوي وفقد المرجح.
وبأن الاستقراء إنما يتم فيما كثر استعماله لا مطلقاً(11)، بل مقتضى الاستقراء وتأخر الحادث كون الوضع حاصلاً من كثرة الاستعمال لا التعيين، وبأن عدم وجود
ص: 84
القول بالفصل بين القدماء(1)ممنوع، وعدم الوجدان لا يدل على العدم.
ثم انحصار القول بينهم في الإثبات المطلق والنفي المطلق(2)ممنوع، فلعل أحد القولين فيهم بعد تسليم انحصار قولهم في اثنين(3)هو التفصيل.(4)
ثم حجية الإجماع المركب مع عدم الكشف ممنوعة(5)، فإنا نرى بناء العرف على عدم ثبوت الحقيقة في الألفاظ النادرة الاستعمال، وبأن عدم اختلاف الوضع باختلاف الكيفية ممنوع.
ثم وجود الإجماع المركب هنا، بل وحجيته، ممنوع، كما مر .
وبأن الوصف من الشهرة بعد ما عرفت من طريقة العرف غير حاصل(6) ونقل الإجماعات على (الحمل على)(7)المعنى الشرعي لا يدل على الوضع.
وبناء العرف العام أو المتشرعة على الحمل على المعنى الشرعي مطلقاً بعد التفاتهم إلى كثرة الاستعمال وندرته ممنوع ، مع أن الحمل أعمّ من الوضع.
ولو تمسّك النافي المطلق بالأصل(8)، فقد اندفع بما مر .(9)
ص: 85
أو بأن الشارع لو وضعها لبينها للحاضرين؛ لكونهم مكلفين بمضامينها، ولو بينها لنقل الينا؛ لمشاركتنا معهم في التكليف، ولو نقل لكان إما بالتواتر فينافيه وجود الخلاف، أو بالآحاد فلا تفيد الا الظن الذي ليس حجة في المسألة الأصولية.(1)
ففيه : منع الملازمة الأولى إن أراد من البيان تصريح الشارع بالوضع؛ لإمكان تفهيم المراد بالترديد والقرائن(2)، والثانية إن أراد من البيان غير التصريح؛ إذ المشاركة لا يقتضي النقل الينا، وإلا لعمّ الكل وعلمنا بكل الأحكام، فالمشاركة إنما تقتضي استفراغ الوسع في تحصيل العلم بما كلفوا به ، فإن علمنا عملنا، والا رجعنا إلى الأصل على أن غاية ذلك أنه يجب عليهم التبليغ والتكليف بالشيء لا يقتضي حصوله.(3)
مضافاً إلى منع الملازمة الثالثة؛ إذ لا ينحصر النقل في التواتر والآحاد؛ لإمكان حصوله بالتتبع والاجتهاد(4)، وإلى أن التواتر لا ينافيه وجود الخلاف، والآحاد قد تفيد العلم(5) ، وأن الظن في الموضوع المستنبط كما نحن فيه حجة(6)، وان هذا لو تم لنفى التعيين لا التعيّن.(7)
أو بلزوم كون تلك الألفاظ غير عربية؛ إذ العربية فرع الوضع في لغة العرب فيلزم كون القرآن غير عربي؛ لاشتماله عليها، وينافيه قوله تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا
ص: 86
ففيه بعد النقض بمثل المشكاة (3)، وعدم تماميته إذا كان الواضع هو الله سبحانه منع الملازمة الأولى؛ إذ المعتبر في الانتساب إلى اللغات كون اللفظ موضوعاً فيها، وتلك الألفاظ قد كانت موضوعة في اللغة للمعاني اللغوية.
وإن أردت الحقيقة في الحال، لزم عدم كون الأعلام المنقولة عن المعنى اللغوي(4)عربية.
والثانية؛ إذ المراد انه عربي الأسلوب(5)، ومنع بطلان التالي.
والضمير في الآية الكريمة: إما راجع إلى السورة بتأويل المنزّل، أو إلى بعض القرآن والقرآن يصدق على البعض حقيقة.(6)
ثم على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية يكون المعنى الشرعي أقرب المجازات؛ لثبوت الحقيقة عند المتشرعة(7)، وحقيقية أكثرها ثابتة في زمن الصادقين، وذلك يكشف عن أن تلك المعاني المجازية كانت أظهر من غيرها من المجازات اللغوية؛ إذ لو كان غيرها أظهر أو مساوياً لها(8) لبعد صيرورتها حقيقة في تلك المعاني
ص: 87
في هذا الزمان القليل.
وعلى القول بالثبوت يكون المعنى اللغوي أقرب المجازات؛ لاستصحاب ظهوره بالنسبة إلى سائر المعاني، إلا أن يدفع بارتفاع سببه، وهو الوضع.
والحق أنه إن علم صدور اللفظ في زمن الشارع ، حمل مع قيام القرينة على عدم إرادة المعنى الشرعي على المعنى اللغوي؛ لبعد خروج اللفظ عن ظهوره في الزمان القليل، أو بعد زمان طويل ، فمجمل.(1)
ثم إنهم ذكروا أن ثمرة النزاع في أصل المسألة أنه على القول بعدم الثبوت تحمل تلك الألفاظ إذا وردت في الكتاب والسنة مجردة عن القرينة على اللغوية، وعلى الثبوت (2) بالوضع التعييني على الشرعية، أو التعيني(3): فمع معلومية تأريخ صدور الخطاب وحصول الوضع ولو بضميمة أصالة تاخر الحادث يعمل على وفقه، ومع جهلهما يتوقف؛ لتعارض الأصلين، وفقد المرجح.
ولو قيل: هذا التفصيل يجري في التعييني أيضاً؛ لإمكان تأخره عن بعض الاستعمالات، مع أنه لو كان الواضع هو النبي علي الله كيف يحمل ألفاظ الكتاب عليه.(4)
قلنا: إن الاستقراء في أحوال الواضعين يقتضي تقديم الوضع على كل
ص: 88
الاستعمالات؛ حذراً من اللغوية، وإن الكتاب نزل باصطلاحه صلی الله علیه و آله وسلم.(1)
بعد اتفاقهم على تصرف الشارع في تلك الألفاظ : إما بطريق التقييد ، أو النقل، أو المجاز، اختلفوا في أن المراد منها الصحيح أو الأعم.(2)
ولا ريب أن حقيقة المتشرعة ميزان العلم(3) بمراد الشارع، فكلما كان اللفظ حقيقة فيه عند المتشرعة كان هو المستعمل فيه اللفظ عند الشارع (4)على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية: إما لظهور مركب الإجماع(5)، أو لاقتضاء الوضع التعيني ذلك؛ لبعد مغايرة الاستعمالات المجازية للحقيقة الثابتة من كثرة الاستعمال، وكذا
ص: 89
على القول بالثبوت للوجهين مع الأولوية بالنسبة إلى المجاز.(1)
نعم، على التقييد(2) لا يجري نزاع الصحيح والأعم؛ لتساويهما في إجراء أصل العدم، وحصول البيان، فلا يترتب على النزاع ثمرة.
وظهر من ذلك جريان هذا النزاع على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية، ويرجع الكلام إلى تعيين أقرب المجازات وأشيعها، ويكفي في صدق الاسم الحقيقة في الجملة ولو عند المتشرعة.
وأما تعيين الأقرب الاعتباري(3) بالأصل، وتحصيل معرفة الماهية بذلك، فهو فرع اعتبار القرب الاعتباري
ثم المراد بالأعمّ ما يكون صدق اللفظ فيه ثابتاً(4) والمراد مشكوكاً، وبالصحيح ما تعلّق الشك فيه بالمراد والمصداق معاً، فالنسبة بين الصلاتية والمطلوبية تساو عند الصحيحي وعموم مطلق عند الأعمّيّ.
ثم الصحة تحتمل (5) بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط معا(6)، أو الأجزاء فقط.(7)
ص: 90
ويقابلها الأعمّ، وتظهر الفائدة عند الشك في الشرطية، ولكن الظاهر أن المراد من الصحيح هو الأول، كما يظهر من دليلهم، ومن الأعم الأعم العرفي للتبادر، لا الأركاني.(1)
ثم الأصح أنها أسام للأعم؛ لقاعدة الاستعمال(2)، فتأمل.
ولصحة التقييد (3) والتقسيم(4)، وعدم صحة السلب عن الفاسدة، والأصل فيه وفي سوابقه الدلالة على الحقيقة، ولعدم اختلافهم في كون صلاة الصبي صلاة بل اختلفوا في صحتها وفسادها وللتبادر والملاحظة مقام بيانهم الماهيات(5)، ولظواهر الأخبار التعليمية(6)، ولقولهم يشترط في الوضوء كذا، وفي الصلاة كذا، فإن المتبادر شرائط الصحة لا الماهية، إلّا أن يدعى تبادر الأخير، فيصير دليلاً للخصم ولفهم العرف التعارض بين قوله «صلّ» و «لا تصلّ في الدار المغصوبة»(7)، ولأنها
ص: 91
لو كانت للصحيح لزم على الصحة(1)، وللأستقراء؛ إما لأن الغالب في دلالة النهي أجزاء الماهيات أن لا تكون مقوّمة، أو لأن الغالب فيما لا يبطل الإخلال به سهواً من الأجزاء أن لا تكون مقوّمة، أو لأن الغالب (عدم كون كل أجزاء المركب مقوّمة له، أو لأن الغالب)(2)في المطلق التقييد وفي العام التخصيص(3)، وللإجماع منهم سلفاً وخلفاً على(4) إجراء أصل العدم عند الشك في الجزئية(5)، فلا يثمر قول الصحيحي(6)، أو على (7) التمسك في نفيه بالإطلاق.(8)
لا عرفية(1)، وظاهر قوله(2) : «لا صلاة الا بطهور».(3)
ويثبت حكم الإجزاء بالإجماع المركب، وقوله: «لا صلاة الا بفاتحة الكتاب» (4)، وأنه على الأعمّ يلزم تقييدات كثيرة(5)، وأنهم في مقام تفسير العبادة يفسرونها بالمجمل، كقولهم: «الصوم عبادة مخصوصة»(6)، وأنهم قسموا الصلاة مثلاً إلى الواجبة والمندوبة، ولم يدرجوا المحرمة في التقسيم، وأن ظاهر كلامهم في بيان الأجزاء والشرائط أنها شرائط الماهية واجزاؤها لا الصحة ولا ريب في فقد الكل والمشروط بفقدهما، وان من (7) البعيد عدم صيرورة الصلاة مثلا حقيقة في الصحيحة مع كثرة استعمالها فيها في الغاية .(8)
وأنت إذا أحطت خبراً بأدلتنا استخرجت أجوبة تلك الأدلة بتأمل قليل.
ثم الحق الأعمّم العرفي لا الأركاني(9)بحكم العرف الكاشف عن الشرع، كما مر.
ص: 93
فإن علمنا الصدّق العرفي مع نقص بعض الأركان، أو(1) عدمه مع تحقق الأركان عملنا بمقتضاه، وإن شككنا في الصدق، فنحن فيه كالصحيحي، وعلى الأركاني لا إجمال في الموضوع له، فيصدق اللفظ مع وجودها لا مع عدمها، فتأمل.
وفي كون المراد هو الأركان الواقعي(2)، أو الأعم منها وما يقوم مقامها(3)، وجهان.
وتظهر الفائدة في جواز التمسك بالإطلاقات وعدمه(4)، والحق الأخير؛ لقاعدة الاستعمال، وصحة التقسيم والتقييد، وتبادر الأول إطلاقي(5)، وعلى المختار تكون الأركان الشرعية أركان المطلوب لا الصدق.
ثم ثمرة أصل المسألة تظهر فيما إذا شك في وجوب شيء وعدمه في العبادة، أو علمنا بوجوبه فيها وشككنا ان وجوبه تعبدي، أم شرط ، أم جزء، أو علمنا الوجوب الاستقلالي وشككنا انه واجب توصلي أيضاً أم لا، أو علمنا بالجزئية وشككنا في الركنية.
ص: 94
يعرف الوضع: بتنصيص الواضع(1)قطعاً أو ظناً، كما يتفق في الأعلام والعرفيات الخاصة وبتنصيص أهل اللسان(2) قطعاً أو ظناً، وبالترديد بالقرائن(3) من الواضع، أو أهل اللسان - ولو واحداً منهم - قطعاً أو ظناً، و(4) بالإخبار(5) عن وضع الواضع قطعياً أم (6) ظنياً، وبنقل نقلة متون اللغة من موادها وهيئاتها كالنحو، فإنّ قولهم حجة إذا أفاد الظن بإجماع المسلمين والقوم، وطريقة أهل العرف، وتقرير المعصومين(7) ، وترغيبهم أصحابهم على الضبط (8).
والبرهان(9) العقلي الحاكم بحجية الظن في اللغات إذا استلزم الظن بالفرع واقعاً، ويتم في غيره (بالإجماع )(10) المركب (11)، بل الأخير يجري في مثل الشهرة، والصحيح
ص: 95
المشتمل على لفظ مظنون الوضع(1)، وبيانه موكول إلى بحث حجية (2) الظن.
وقول غير أهل الخبرة كالفقيه، وكذا الواحد المفيد للظن باللغة كقول اللغوي؛لقاعدة الاستلزام(3)، وعدم الكفاية.(4)
ولا يشترط الإسلام والإيمان والعدالة في نقلة اللغة؛ لعموم الأدلة، ومنطوق آية النبا(5) - لو انصرف إلى الموضوع المستنبط وقلنا بأن التبين (6) علمي - مخصص بما مرّ، نعم يشترط حصول الظن الطبعي(7)(8) ، والخلو عن المعارض المعتبر المساوي.
وفي حجية قول اللغوي في الألفاظ المهجورة وجهان، والمتصور في ذلك صور تظهر بالتامل.(9)
وإذا تعارض قول ناقل من أهل اللغة مع آخر، فعن بعض(10) أنه إن كانت النسبة تبايناً كلياً أو جزئياً، فالاشتراك لفظاً أو عموماً مطلقاً، أخذ بالأعم، كل ذلك تقديماً للمثبت على النافي (11)، ولم يتعرض للمتساويين.(12)
ص: 96
ومع ذلك ففي تقديم المثبت كليّة كلام(1)، وفي الأخذ بالأعمّ وعدم حمل المطلق على المقيد إذا كان نقل الناقلين عن (2) مبدأ واحد نظر، وللتفصيل في المقام(3) مجال.(4)
ثم كلام اللغوي بعضه ظاهر في بيان (الحقيقة، وبعضه(5) ظاهر في بيان)(6)المجاز،وقد لا يصير ظاهراً في شيء من الأمرين، وحينئذ ففي الوقف كما عن المشهور(7) لأن الاستعمال أعم منهما، أم الأصل الحقيقة كما عن المرتضى(8)، أم المجاز كما عن ابن جنّي(9)، وجوه، أظهرها في الأصل الأولي الأول (10)، وفي انقلابه(11) وجهان .(12)
ص: 97
هنا علائم تدل على الوضع التزاماً :
منها : التبادر(1)، وهو لغة : الاستباق.(2)
واصطلاحاً سبق المعنى من بين المعاني إلى الذهن(3)، لا سبق الذهن إلى المعنى كما توهم.(4)
فالتبادر للعالم بالوضع - ولو إجمالاً - إن (5) كان من حاق اللفظ(6) تبادراً أولياً - بطريق الاستقلال في المراديّة، غير ناشئ عن(7) ملاحظة القرائن تفصيلاً، داخلة وخارجة حتى مثل الشهرة والشيوع، فهو علامة للجاهل - ولو في مقام التفصيل - سواء كان تبادراً بالمعنى الأخص(8) مركباً من الإثبات والنفي، أم بالمعنى الأعم -
ص: 98
كما في المشتركات - فالتبادر بقسميه علامة الحقيقة، وعدم التبادر بالمعنى الأعم وتبادر الغير بالمعنى الأخص علامة المجاز.
وأما تبادر الغير بالمعنى الأعمّ، وعدم التبادر بالمعنى الأخص، فهما أعم من الحقيقة والمجاز.
ثم إن علمنا بفقد القرينة أو بعدم الالتفات إليها، فالتبادر اجتهادي، وإن شككنا فيهما، نفيناهما بالأصل. وإن علمنا بوجودها وبالالتفات إليها، وشككنا في أنها مؤكدة، أم ،صارفة، أم مفهمة، أم معينة، فالوقف إن لم نقل بأولوية التأسيس.
ويمكن أن يفصل في المقام تفصيل آخر لا يسع المقام ذكره.
ثم إذا حصل التبادر في لسان أو زمان فالتعدّي إلى غيرهما يحتاج إلى الضميمة؛ إذ الدليل على حجّية التبادر - وهو اتفاق العلماء، وإطباق أهل اللسان، والاستقراء، وبطلان الترجيح بلا مرجح - لا يقتضي أزيد من ذلك.
كما أن العمل به لا يصح الا بعد التخلية التامة؛ لاحتمال كون التبادر لأجل قرينة، أو عدمه لمانع، ويظهر ذلك بملاحظة صحة السلب، أو عدمها عن المعنى المتبادر، أو غيره.
ص: 99
ومنها: صحة السلب وعدمها(1)، فصحة السّلب أربعة أقسام(2):
صحة سلب كل الحقائق عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة عن مجازيته صرفاً.
وصحة سلب كل المجازات عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة (عن حقيقيته (3)صرفاً.
وصحة سلب الحقيقة في الجملة، أي: ولو بعضها عن مورد الاستعمال، وهي كاشفة(4))(5) عن المجازیة بالنسبة وفي الجملة، ولا تنفي وضع اللفظ عن مورد السلب كلية، فلا تثمر، ولا تكون علامة بالمعنى المطلوب هنا .
وصحة سلب المجاز في الجملة عن مورد الاستعمال، وهذه لا تكشف عن شيء من الحقيقة والمجاز(6) حتى بالنسبة .
فالأخيران ليسا بعلامتين، وكذا الثاني ليس علامة لنا وإن كان تحققه في الواقع ملازماً للحقيقية صرفاً؛ وذلك لعدم حصر المجازات غالباً، وللزوم الدور الغير المندفع (7) فتأمل، والقسم الأول علامة.
ص: 100
وتلك الأقسام الأربعة متصورة في جانب عدم صحة السلب، والعلّامة منها أيضاً واحدة، وهي عدم صحة سلب المعنى الحقيقي في الجملة عن مورد الاستعمال، الكاشف عن كونه موضوعاً له، والثلاثة الأخر علامات واقعية لا وصول إليها؛ للدور الغير المندفع الا في بعض الصور، فانحصرت العلامة في اثنين من الثمانية.
والدليل على كونهما علامة(1): اتفاق العلماء، وأهل اللسان، والاستقراء التام ولزوم خلاف الفرض لولا ذلك(2). ولا دور في هذين القسمين مصرحاً ومضمراً؛ لاعتبار تعدّد الشخص ولو بالاعتبار، كما مرَّ في التبادر فقول العالم : إن الذهب ليس بعين يتبادر منه سلب كلّ المعاني، ويصير علامة، ويكون المستعمل فيه لفظ العين في هذا الكلام هو القدر المشترك مجازاً، بقرينة التجرد(3) عن القرينة المعينة لإحدى الحقائق.
وقد يجاب عن الدور بأجوبة أخر(4) ضعيفة.(5)
ثم عدم صحة السلب لا يكشف عن الحقيقة بنحو التطابق، بل يكشف عن أحد الأمور: إما تطابقه مع الموضوع له حقيقة، أو اتحاده معه مصداقاً، أو كونه فرداً له.
ص: 101
وإذا وجدت هذه العلامة(1) في زمان أو لسان احتاج التعدي إلى غيرهما إلى ضميمة، كما مرَّ في التبادر ، وهي لا تجري في مثل المبهمات، ولا مثل هيئة «اضرب»، ويمكن اختلاف المادة والصيغة، فلا ملازمة بينهما.
ثم متى شككنا في كون العلامة مقترنة بقرينة مضرة (2) بكونها علامة، عملنا(3) بالأغلب، ومع فقده فالوقف.
وإذا حصل التعارض بينها (4) وبين العلامة السابقة، فحال الاجتهاديتين والمختلفتين واضحة(5)، وفي الفقاهيتين تقدّم هذه العلامة؛ لقوة الاستقراء في جانبها.
ص: 102
الاطّراد(1): كون اللفظ المستعمل في معنى موجود في مورد جائز الاستعمال في کل مورد وجد فيه هذا المعنى(2)، بعد العلم بعدم مدخلية خصوصية المورد الذي رأينا استعماله فيه لأجل المعنى الموجود فيه، وعدم الاطراد(3) ضده.
واختلفوا في كونهما علامة على أقوال(4)، ثالثها(5) أن الاطراد ليس علامة الحقيقة (6) ، وعدمه علامة المجاز.(7)
والحق وجود الاطّراد في كل المجازات كالحقائق، بناء على المختار من اشتراط وحدة الصنف في العلائق، كما هو لازم من يقول بنقل الآحاد أيضاً، فلا يكون شيء منهما علامة، إما الاطراد فلأعميّته، وإما عدمه فلعدم وجوده.(8)
وأمّا استدلالنا بهما في بعض الموارد؛ فلكشفهما عن التبادر الغالبي وعدمه، لا
ص: 103
للاعتماد عليهما أنفسهما .
أراد أكثر المفاهيم فهو مسلم في غير متحد المعنى.(1)
وأمّا في المتعدد فبين المعنيين: أما أن لا يكون مناسبة ولا جامع قريب، فحكمه الحقيقة ،فيهما، خلافاً لابن جنّي، وفاقاً للمشهور، وقد مر بطلان دليل ابن جني، واحتمال معنى ثالث - لو كان - منفي بالأصل المقدم هنا على أصالة عدم الاشتراك لبناء العرف، فتعين الاشتراك اللفظي
وإما بينهما المناسبة دون الجامع القريب، فابن جنّي على المجاز، والمرتضى على الاشتراك اللفظي(2)، والمشهور ان احدهما حقيقة والآخر مجاز ، ولا يحتمل الاشتراك المعنوي حينئذٍ.
والأصح الاشتراك اللفظي إن علمنا بعدم ملاحظة المتكلم المناسبة في شيء من المعنيين والحقيقة والمجاز إن علمنا بالملاحظة في أحدهما دون الآخر، وإن علمنا بالملاحظة فيهما احتمل كونهما مجازين بلا حقيقة وينفيه الندرة، والاشتراك اللفظي باستعمال كل من المعنيين في الآخر بالمناسبة، فيكون كل واحد حقيقة بنفسه مجازاً بالنسبة إلى الآخر ، وكون احدهما حقيقة صرفة - وكان ملاحظة المناسبة فيه من باب المقارنة الاتفاقية - والآخر مجازاً صرفاً، و(3) ينفيه القلّة، فتعين الأوسط.
بقي صور ثلاث أخر تظهر مع حكمها بتأمل ما.
وإما بينهما الجامع القريب دون المناسبة، فالسيد على الاشتراك، وابن جنّي على المجاز فيهما، والمشهور على الاشتراك المعنوي، ولا يتصور الحقيقة والمجاز حينئذ.(4)
أو بينهما الجامع والمناسبة، فابن جنّي على المجاز فيهما، والسيد على الاشتراك
ص: 105
اللفظي، ويحتمل الاشتراك المعنوي، ولعلّه مذهب المحققين، والحقيقة والمجاز كما يظهر من صاحب المعالم.(1)
والحق أن المتصور هنا وفي سابقه أيضاً تسع عشرة صورة، تظهر أحكامها بتدبر قليل.(2)
فلو (3) استعمل اللفظ في معنيين أحدهما فرد للآخر، كالشمس لو أطلقت على الكوكب المخصوص وعلى مطلق الكوكب(4) النهاري، فالمتصور فيه خمس عشرة صورة، تتضح بالتأمل فيما سبق .(5)
ص: 106
الاشتراك: كون اللفظ موضوعاً بوضعين فصاعداً، لمعنيين فصاعداً، تعييناً أم تعيّناً.(1)
والحق وقوعه في اللغة(1)، بل(2) في القرآن الكريم(3) ، كلفظ «عسعس»(4) ، و«القرء»(5)ونحوهما مما استعمل في معنيين ليس بينهما مناسبة ولا قدر مشترك، ويتم في اللغة بضميمة أصالة عدم النقل(6)، مع أن اللفظ المستعمل في اللغة في معنيين ليس بينهما مناسبة ولا جامع قريب(7) كثير، فتعين الاشتراك اللفظي.
وأما المجاز بلا حقيقة فيدفعه - على فرض إمكانه ووقوعه (8)- الندرة.(9)
ص: 109
واختلفوا في جواز استعماله في أكثر من معنى واحد على أقوال(1)، ثالثها الجواز في غير المفرد(2)، ورابعها الجواز في غير الإثبات.(3)
ثم من المجوّزين من جوّزه حقيقة(4)، ومنهم من جوّزه مجازاً(5)، ومنهم من جعله في المفرد مجازاً وفي غيره حقيقة (6)، ومن المانعين من منعه (اجتهاداً، ومنهم من منعه)(7) فقاهة .
والبداهة، أو في الامتثال فالقبح العقلي لا ينافي الصحة اللغوية.
ثم استعمال المشترك(1) في أزيد من معنى إن كان في الإطلاقات المتعددة (2)، أو في إطلاق واحد بطريق العموم المجموعي(3)، أو المنطقي(4)، أو الاستغراقي لكن على سبيل التخيير(5)، فهو خارج عن النزاع، أو الاستغراقي على أن يكون كل معنى مراداً عيناً، ومورداً للنفي والإثبات(6)، فهو محل النزاع.(7)
كما زعم الفاضل القمّي(1) انه مذهب السلطان ورده، وليس كما توهم، أو هو موضوع بالوضع الشخصي للمعنى اللابشرط ، و(2) بالنوعي للمقيد بالوحدة، أو لا بد من الوقف، كما هو مقتضى أصالة التوقيفية، وجوه.
وأما مثل الجمع، ففي كونه موضوعاً لما كان متفقاً في اللفظ والمعنى(3)، أو لمطلق المتعدد المتفق (4) لفظاً (5) ، فيكون مثل زيدين حقيقة، وإن لم يؤوّل بالمسمى، أو لا يشترط الاتفاق لفظاً ولا معنى كالقمرين، فيكون القمران حقيقة باعتبار العلامة ومجازاً باعتبار المادة احتمالات.(6)
وأما أداة (7) النفي ، ففي كونها لنفي كل الأفراد من ماهيّة واحدة(8) ، أو لنفي ما يراد من اللفظ (9)، أو كل ما يحتمله اللفظ، أوجه(10) ، ولعل الأوسط أوسط؛ للتبادر.
ص: 112
ثم ثمرة النزاع في أصل المسألة تظهر في صحة هذا الاستعمال وغلطيته (1)، وفيما لو ورد خبر مشتمل على لفظ مشترك مستعمل في أكثر من معنى، سواء كان منقولاً باللفظ، أو المعنى، أو مشكوك الحال، وفي الآية الكريمة «مِن نِّسَائِكُمْ»(2)، فتأمل .
الأصل على قول السلطان وما تلاه(3)هو الجواز؛ لوجود المقتضي وفقد المانع، وكذا على الأقوال الأخر إن اكتفينا بنوع العلاقة(4)، لا نقل الآحاد، أو(5) الدوران مدار الاستقراء.(6)
ثم إنهم ذكروا في المقام(7) أدلّة لترجيح أقوال المسألة، ولا أستبعد الجواز المطلق حقيقة؛ لعدم الاستنكاف العرفي، لكنه استعمال ،مرجوح، لا يصار إليه إلا بقرينة.
ص: 113
اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي على أقوال:
الجواز مجازاً(1)، أو حقيقة ومجازاً بالاعتبارين(2)، وعدمه(3) اجتهاداً أو فقاهة.
والكلام في طرق الاستعمال، وتحرير محل الجدال، ووضع المفرد، وثمرة النزاع ، وتأسيس الأصل، ما مرَّ في المشترك.
ثم الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له(4)، سواء أريد الانتقال إلى ألغير أم لا، (والمجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، سواء جاز إرادة الموضوع له معه أم لا(5)).(6)
نعم عند مشهور(7)أهل البيان (التقييد بامتناع إرادة الموضوع له معه(8)، فالمجاز عند الأصولي أعمّ مطلقاً من المجاز عند أهل البيان).(9)
ص: 114
والكناية من مصطلحاتهم، والمنقول في تعريفها وجوه:
[الأول]: اللفظ المستعمل فيما وضع له للانتقال إلى غيره(1)، فتكون من أقسام الحقيقة.
و[الثاني]: اللفظ المستعمل في المعنى الحقيقي والمجازي بنحو العموم الاستغراقي(2)، كما هو محل النزاع هنا، فتكون مجازاً أصولياً.
و[الثالث]: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مع جواز إرادة الموضوع له(3)، فتكون أخص مطلقاً من المجاز(4)الأصولي.
ولازم المنع من استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز أصولياً وبيانياً نفي الكناية رأساً، إلا أن يقول بأنها من أقسام الحقيقة، أو يفرق بين المجاز والكناية باعتبار ذاتهما (5) لا حكمهما.
ثم إنهم أكثروا من الكلام في تحقيق الحق في المقام، ولا استبعد الجواز حقيقة ومجازاً بالاعتبارين؛ لما مرَّ في المشترك، ومن هنا يظهر جواز استعمال اللفظ(6) في المجازين وعدمه لوحدة المناط.
ص: 115
الأصح وضع الألفاظ للمعنى اللابشرط(1)، لا المعاني الذهنية بوصف وجودها في الذهن(2) ، ولا للأمور الخارجية كذلك(3) ، ولا التفصيل بين ما لا مصداق له كالمعدوم وغيره(4)، وذلك للتبادر، والاستقراء.
والاختلاف(5) في التسمية إنما هو لاختلاف الاعتقاد بنفس الأمر، ولذا يصح السلب بعد تبين الخطأ (6) ، ولم يحكم بامتثال المأمور(7)(8)، مضافاً في الاحتمال الثالث إلى النقض بمثل المعدوم.
بالمعتقد.(1)
الأصح وضع اللفظ للأمر النفس الأمري ، لا المعلوم(2)؛ للتبادر، والاستقراء، وذم تارك الفحص، ولزوم كون مجهول الحال واسطة بين الفاسق والعادل.
والنسبة بين هذه المسألة وسابقتها عموم من وجه.
اذا تعارض العرف واللغة(1)، ولم يكن للشارع اصطلاح خاص، ولا قرينة على المراد، وجهل تاريخ صدور(2)الخطاب، ففي تقديم اللغة(3)؛ لأصالة تأخر العرف،أو العرف كما هو المشهور (4)؛ للاستقراء ، أو الوقف(5) ، وجوه. والأوجه تقديم اللغة؛ (4) لأن مرجع التعارض إلى تعارض العرف اللاحق والعرف السابق القريب من زمن الشارع(6)، نعم لو قال اللغوي في اللغة كذا، وفي العرف كذا احتمل تقديم العرف.
ص: 118
اذا تعارض عرف السائل والمسؤول، ففي تقديم عرف السائل(1)، أو المسؤول(2)، أو بلد السؤال مطلقاً(3) ، أو إن وافق عرف السائل، أو إن وافق عرف المسؤول، أو إن وافق عرف أحدهما(4) ، أو الوقف(5) ، أو غير ذلك وجوه .
والحق أن صور المسألة كثيرة (6) ؛ لأنّ كلاً من السائل والمسؤول: إما عالم باصطلاح الآخر أو جاهل فهما : إما(7)عالمان، أو جاهلان، أو مختلفان.
ثم المسؤول العالم باصطلاح السائل: إما أن يعتقد بأنّ السائل أيضاً يعلم اصطلاحه، أو يعتقد بعدم(8) علمه، أو يشك ، أو(9) لا يلتفت إلى غير ذلك من الأقسام.
والمرجع في الكل بناء العرف، أو حكم القوة العاقلة، كما لو كان المسؤول جاهلاً باصطلاح السائل، فإنه لا يتصور عقلاً حمل كلامه على اصطلاحه.
ص: 119
إطلاق ألفاظ الموازين والمقادير على الناقص أو الزائد بيسير إنما هو من باب المجاز؛ للتبادر وصحة السلب، ولزوم التسلسل لولاه (1)، فلا تسامح في الشرعيات - وإن حصل التسامح في العرفيات في الأمور الحقيرة - وذلك إما للاحتياط، أو للأصول اللفظية.
المشتق : يطلق على ما أخذ من شيء آخر، بأن كان له مأخذ من الألفاظ، ويدخل فيه المصادر(2)، و(3) على خصوص الأسماء المشتقة، والكلام هنا في الأخير.
فاعلم ان وضع المشتق نوعي(4)؛ حذراً من تعدّد الأوضاع، ولزوم اللغو والعسر، أو(5)العذر.
والأصح أن وضعه قابل لقسمين من الأقسام الستة المتصورة(6)، وهما كون الموضوع له عاماً أصولياً، (سواء كان الموضوع عاماً أصولياً)(7) أم منطقياً(8)،و ان
ص: 120
الوضع عام والموضوع له خاص.
ثم إنه يطلق ويراد به الماضي، أو الاستقبال أو الحال، أو حال التلبس أو القدر(1) المشترك بين الأول والثالث، أو الثاني والثالث.
ثم المبدأ: إما من الحاليات، أو الملكات (2)(3)، أو الحرف(4)، والنسبة بين الأخيرين عموم من وجه.
ثم إن استعماله في كل من الماضي والمستقبل يتصور على وجوه أربعة(5)، وفي الحال على وجهين(6) ، ومحل النزاع من تلك الاستعمالات غير محرر .
ص: 121
والحق أن المشتق بنفسه لا يدل إلّا على اتصاف الذات بالمبدأ، وتلبسه به كائناً ما كان من دون مدخلية زمان من الأزمنة؛ وذلك للتبادر، وعدم صحة السلب، وإتفاق النحاة على افتراق الاسم من الفعل، بأن الأول لا يدل على الزمان وضعاً، بخلاف الثاني (1) (1)، وهذا نص بالنسبة إلى قولهم اسم الفاعل بمعنى الماضي كذا، وبمعنى المستقبل كذا؛ لاحتمال أن يكون المراد المعنى المجازي، وينفى الحقيقية(2) فيما عدا ما ذكر بالأصل؛ حذراً من الاشتراك، وعملاً بتبادر الغير.
ثم المستفاد من هيئة المشتق ليس إلا التلبس بالمبدأ، لكن المبدأ: إن كان حاليّاً استفيد التلبس به أو ملكياً فكذلك، وهكذا.
لكن مقتضى القواعد اللغوية أن لا يفيد المشتق إلا الحال المقابل للملكة والحرفة؛ لما مرَّ من أنّ الهيئة لا تدل الا على التلبس بالمادة(3)، ولا ريب أن المواد - كالضرب والعلم ونحوهما - كلها(4) حاليات لا ملكيات، لكن في بعض المشتقات حصل النقل إلى الحرفة، كما في أغلب صيغ فعّال (5)، وفي بعضها قد استعملت في الحرفة والملكة، بحيث صارت مشتركة بين الاثنين (6)، أو الثلاثة، كما في القارئ فانه يراد منه الحال والملكة والحرفة(7)، و(8) في أي منها استعمل كان حقيقة؛ لعدم صحة السلب، فلا بد من ملاحظة الموارد.
ص: 123
مادة الأمر حقيقة في طلب المستعلي علا(1) أم لا(2)(3)؛ للتبادر بضميمة عدم صحة السلب، فتبادر المستعلي(4) العالي إطلاقي(5) ، كما أن تبادر القول إطلاقي؛ لعدم صحة السّلب عن الطلب بالإشارة أو الكتابة، أو في الرؤيا، كما في الآية (6)، ويختص وضعاً بالطلب الإيجابي(7)(8)؛ للتبادر وذم التارك، والعلو لا يصير قرينة على الإيجاب،كما هو ظاهر(9)، ولصحة السلب عن الطلب الندبي، ولخبر بريرة عن الطلب الندبي، والخبر بريرة (10)، وخبر السواك(11)،
ص: 124
ودليل الخصم خال عن الدّلالة(1)، ولو دل لم يكافئ ما مرَّ .
ثم استعماله في مثل الشأن والفعل مجاز(2)؛ لتبادر خصوص الطلب، وصحة السلب عن(3) غيره، ولفقد الجامع القريب بين الطلب ، وبينهما، والأصل عدم الاشتراك اللفظي، وللاشتقاق (4) ، واختلاف الجمع(5)، وفي الأخيرين تأمل.
ونحو أمرني بالترك حقيقة؛ للتبادر ، كما (6) إن نهاني عن الترك حقيقة.
فيكون مدلول الصيغة أعمّ مطلقاً من مدلول المادة.(1)
واحتج الأكثرون على الوجوب بذم العبد إذا لم يفعل بعد قول المولى له(2): إفعل من غير قرينة، والعلو لا يصير قرينة؛ إذ النسبة بينه وبين الوجوب عموم من وجه.
وبالآية الشريفة «مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ»(3)، والمراد بالأمر قوله تعالى: «اسْجُدُوا لآدَمَ»(4)، والاستفهام إنكاري بحكم العقل (5)، والأصل عدم القرينة يوم الخطاب حالية و(6) مقالية (7) ؛ لبناء العرف.
وتوهم: كون الأمر في مقام توهم الحظر؛ فلا يفيد الوجوب(8) إلا بالقرينة، فلا يتم الاستدلال، ممنوع.
مع إمكان أن يقال: إنّ الأمر لم يتعلق بنفس المحظور(9)، وجعل كلمة الاستفهام حقيقة في الأعم من طلب الفهم للنفس وللغير (10) ينفيه التبادر، ولا ملازمة بين المادة
ص: 126
والصيغة في الحقيقة والمجاز (1)، وحمل الاستفهام على التقريري للأقربية الاعتبارية، يدفعه كون الإنكاري أقرب عرفاً، وحمل قوله «قلنا» على النقل بالمعنى، بعيد مخالف للظاهر (2)، بل لحكم العقل، واحتمال اختلاف عرفنا مع عرف الملائكة مدفوع بالأصل، وبأن كلامنا إنما هو في خطاب(3) البشر لا الملك.
وبالآية الشريفة «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(4) فإن تهديد مخالف الأمر دليل الوجوب، والصيغة المجردة يصدق عليها(5) الأمر عرفاً، وإرادة الوجوب من قوله : فَلْيَحْذَر استفيدت من السياق(6)؛ فلا دور (7)، بل لا يعقل كون(8) الأمر بالحذر في خصوص المقام ندباً؛ لدلالتها على أن مخالفة كل أمر محتملة للعذاب الأخروي، بل العرف من مادة الحذر يفهم الوجوب(9)، بل ويفهم الوجوب وإن أريد من الأمر به الإرشاد .(10)
ص: 127
وتوهم أن إيجاب الحذر لعله لدفع الضرر المحتمل؛ لاشتراك الأمر بين الوجوب والندب.
يدفعه: أصالة البراءة عند الدوران، وكون التعدي بحرف الجر لا يلازم التضمين(1)، وجعل المخالفة من باب حمل المندوب على الواجب أو عكسه خلاف المتبادر ، وقوله «عن أمره» ، بقرينة الوقوع بعد المستقبل يتبادر منه العموم البدلي(2)، ولا يتصور كون الآية قرينة على إرادة الوجوب من الأوامر السابقة، ويتم الأمر في وضع اللاحقة بالإجماع المركب، كما في أوامر غير الله تعالى ورسوله صلی الله عليه واله وسلم .
وتوهم: أن التأسيس في الآية أولى من التأكيد، فالأمر ليس للوجوب.(3)
مندفع: بمنع ثبوت القاعدة، بل لو ثبتت لم تكافئ ما سبق.
وبالآية الشريفة «وَإِذَا قِيلَ هُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ»(4)، فإن المستفاد من السّياق ذمّهم على المخالفة والكفار مكلفون بالفروع(5)، والاستدلال على عدمه بالسفه، أو
ص: 128
التكليف بما لا يطاق واه جداً (1) ، وحمل الركوع على مطلق الإطاعة (2) خلاف الظاهر، کاحتمال كون الذم للتكذيب (3)، مع إمكان الذم من جهتين.
وتوهم: عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للركوع
مدفوع: أولاً: بثبوتها.
وثانياً: بأن المعنى الشرعي أقرب المجازات بعد تعذر(4)اللغة.
وأدلة سائر الأقوال مدخولة.(5)
صاحب المعالم - بعد اختياره المختار - جعل الأمر في الندب في عرف الأئمة علیهم السلام من المجازات الراجحة المساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة؛ لكثرة استعماله فيه في عرفهم، فاستشكل في إثبات الوجوب بمجرد ورود أمر منهم علیهم السلام.(6)
وفيه: منع الكثرة إلى حدّ صيرورته فيه من المجاز المشهور(7) الذي هو ثالث
ص: 129
الدرجات(1) الخمس المتصورة في استعمال اللفظ في معناه المجازي(2) إلى أن يصل إلى حد النقل بل الكثرة إنما هي في خصوص الأوامر الشرعيّة (3)، بل كثرتها أيضاً حصلت من استعمالات مجموع الأئمة الهلال (4) فلا تثبت مراده، مع أن استعماله في الندب ليس بأزيد من استعمال العام والمطلق في الخاص والمقيد(5)، واستعمال ألفاظ العبادة في المعاني الشرعية، فلم لا يتوقف فيها ولو في أصل المجاز ونوعه.
ثم الحق إمكان المجاز المشهور ؛ (للأصل (6) ، ووقوعه؛ لوقوع النقل التعيني(7)، والضرورة قضت ببطلان الطفرة، لكن في تقديم المجاز المشهور)(8) على الحقيقة كما عن أبي يوسف، أو الحقيقة كما عن أبي حنيفة (9)، أو الوقف كما عن العلّامة (10)، وجوه، أظهرها الوقف فقاهة لا اجتهادا (11)، فتأمل.(12)
ص: 130
الحقّ أن الأمر بالأمر أمر(1) ؛ للتبادر ، وعدم صحة السلب، وبناء العرف على ذمّ الثالث إن لم يفعل بعد علمه وإن لم يبلغ الواسطة إليه، وعلى ذمّ الأول لو عاتبه على الفعل حينئذ(2)، واتفاق المسلمين على كون أوامره صلی الله علیه و آله وسلم من جانبه تعالى(3)، إلا أن يجعل الأخير من باب القرينة(4)، ودليل الخصم ضعيف(5)، فتأمل.
ص: 131
أو لا بد من الوقف(1)، وجوه.
ومرجع النزاع إلى أن تقدم الحظر هل هو قرينة صارفة أم لا ؟ كنزاعهم في صارفية الشهرة(2)، والضمير الراجع إلى بعض العام، والاستثناء الواقع عقيب الجمل، وغيرها من الصوارف التي لها جهة جامعة، وأفراد كثيرة مع خفاء خفاء صرفها، ومحله إذا تعلق الأمر بنفس المحظور؛ والأصل فيه الوقف، سواء جعلنا عدم القرينة جزء المقتضي لحمل اللفظ على الحقيقة، أو وجودها مانعا عنه.
وأما إجراء الأصل بتوهم أن الأصل عدم صارفية هذا الحادث، أو (3) عدم الالتفات إليه، أو ان الأصل الحقيقة؛ لاستصحاب الظهور، أو أن الأصل في الاستعمال الحقيقة، فلا وجه له(4)، فتأمل.
يكون تقييدياً (1)وتعددياً (2) ، والمراد (3) دلالة اللفظ على التكرار الأبدي وإن كان التقييد بالإمكان العقلي أو الشرعي ثابتاً من الخارج.
وأما ثمرة الخلاف، فتظهر في أنه إن (4) أتى بأفراد (5) من الماهية تدريجاً، فعلى المرة التقييدية لا امتثال وعلى تعدد المطلوب يكون بالأول ممتثلاً، وبما زاد عاصياً.
وعلى اللابشرط والماهية من حيث هي ممتثل بالفرد الأول يقيناً، وفي امتثاله بالفرد الزائد وجهان(6) ، أظهر هما العدم، بل هو عاص في الزائد؛ للبدعة (7) لا لدلالة اللفظ.
أو دفعة وكان المراد بالمرة الفرد الواحد، فعلى المرة التقييدية لا امتثال، وكذا على تعدد المطلوب إن قلنا بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي، أو قلنا بجوازه ولكن لم يعين المأمور به فيما يشترط تعيينه .
وعلى المرة (8) اللابشرط والماهية يكون الحال كتعدد المطلوب، الا ان النهي هنا للتشريع.
ص: 135
ويظهر الفرق بين الأخيرين في النية في وجه.(1)
أو كان المراد بالمرّة هو الدفعة، فعلى المرة التقييدية لا امتثال لدلالة الأصل، وقاعدة التشريع المحرمة للفرد الزائد وعلى تعدد المطلوب يبنى الأمر على جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه بالتفصيل المتقدّم آنفاً، وكذا على المرة اللابشرط والماهية يبنى الأمر على جواز الاجتماع وعدمه.
ثم مقتضى الأصل العملي متى دار الأمر بين التكرارين، هو التقييدي؛ للاشتغال(2) والبراءة(3) ، أو بين المرة اللا بشرط أو الماهية وبين المرة التعددية هو المرة اللا بشرط؛ (لأصل البراءة (4)؛ أو بين المرة التقييدية واللا بشرط، أو بينها (5) وبين الماهية اللابشرط)(6) هو المرة التقييدية؛ لأصل الشغل، وهكذا فقس سائر صور الدّوران واستخرج.
ص: 136
والأصل (1) اللفظي الفقاهتي هو الوقف(2)، والاجتهادي هو الوضع للماهية؛ الأصالة عدم الوضع لغيرها، إلا ان يمنع جريان هذا الأصل، أو اعتباره.
ثم الأظهر(3) كونه للماهية؛ للتبادر، وطريقة العرف.
ولو تمسك القائل بالاشتراك بأن حسن الاستفهام (4) دليل الاحتمال، والاحتمال دليل الإجمال، والإجمال(5)دليل الاشتراك لدفعناه بمنع المقدمة الأولى إن أراد الاحتمال المساوي(6)، ومنع الثانية إن أراد مطلق الاحتمال(7)، مع منع الثالثة مطلقاً.
وليس لسائر الأقوال ما يعتمد عليه.(8)
ص: 137
هل الأمر المجرد للفور(1)، أو مشترك بينه وبين جواز التراخي(2)، أو للماهية(3)، أم لابد من الوقف(4)، أقوال.
اعلم أن المضيق بالمعنى الأخص ما كان الواجب فيه مضيقاً من جهة الرخصة والإجزاء، ومحدوداً بوقت معين ، و (5) بالمعنى الأعم (ما ضاق من جهة الرخصة).(6)
والموسّع بالمعنى الأخص ما وسع من الجهتين (7)المذكورتين، وبالمعنى الأعم ما وسع من جهة الإجزاء.
والفور بالمعنى الأخص(8) أن يكون الشيء لازم التعجيل، وغير محدود بوقت،
ص: 138
وبالمعنى الأعمّ أن يكون(1) لازم التعجيل وإن كان محدوداً.(2)
ثم الفور بقسميه: إما تقييدي(3)، أو تعددي(4)، وعلى التقادير إما حقيقي، أو عرفي، والعرف يختلف بحسب المقامات، والنسبة بين المذكورات واضحة بعد التأمل الصادق، وكذا الأصل في مسائل الدوران.
ثم ثمرة القول بالماهية (5) جواز التأخير بدلالة اللفظ ؛ وثمرة الاشتراك بين الفور التقييدي وجواز التراخي من حيث دلالة اللفظ عند عدم القرينة هو الوقف، ومن حيث العمل إن كان إجماع على نفي الثالث جواز التراخي(6)، والا تعدد المطلوب؛ عملاً بالأصلين، وإن لم يكن الإتيان بالفعل في وقت الفور تعيّن التقييدي، وبين الفور التعددي وجواز التراخي جواز التراخي.
وثمرة الوقف كالاشتراك.
والثمرة بين القول بالفور والقول بعدم الفور واضحة، وبين القول بالفور المستفاد من الصيغة ومن الخارج التقييد على الأول، وتعدد المطلوب على الأخير،
ص: 139
وفيه نظر واضح ويمكن فرض الثمرة عند التعارض.
وبين الفور المستفاد من الدليل الشرعي ، أو (1) العقلي المستقل، حصول التعارض عند دلالة دليل خارجي على التوقيت(2) بوقت موسّع على الأول لا الأخير، وبين العقلي المستقل والتبعي، حصول الإثم بنفس التأخير وعدمه.(3)
ثم الأصل في المسألة عملاً أو لفظاً، فقاهتياً أو اجتهادياً، يظهر مما مر هنا وفي بحث المرّة ، فلا حاجة إلى التكرار
الله سبحانه إبليس على ترك السجود فوراً وبالتبادر، وبأن النهي يفيد الفور فكذا الأمر؛ بجامع الطلب(1)، وبأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، والنهي عن الضد يستلزم دوام الترك الملازم لدوام الفعل ولهم أدلة أخر دالة على أن المراد من الأمر الفور، وإن لم تدل على وضعه له، وهي آيتا الاستباق(2) والمسارعة (3) ، ولزوم الإغراء بالجهل لولاه(4) ، وأصل الشغل، ودفع الضرر(5) المحتمل(6)، ولزوم فوات الغرض غالباً لولاه (7)، وأجوبتها بعد التأمل ظاهرة.
ثم الحقُّ في الأوامر العرفية إرادة الفور العرفي المختلف بحسب المقامات سعة وضيقاً، تقييداً وتعدداً، ولو شك فبناء العرف على التعدد.
وفي الأوامر الشرعية لا يجوز التأخير إذا وصل إلى حدّ التهاون وإن ظن بالتمكن؛ لحكم المقدّمة العقلية.(8)
ص: 141
الأصح أن القضاء بفرض جديد لا بالأمر الأول(1)؛ للأصل(2)، ومفهوم الزمان إن كان حجة، والحق عدم حجيته، لكن يكفي فهم العرف(3) في مثل (صُم الخميس) التقييد، أي كون الزمان جزء المطلوب.
والتمسك للقول الثاني بأنّ المتبادر من مثل (صُم الخميس) كون ذكر الوقت من باب ذكر أحد الأفراد(4)، أو أن(5)المتبادر تعدد المطلوب، أو أن الأصل مع الشك في التقييد والتعدد هو الأخير (6)، (أو أن الأصل مع الشك في كون الوقت جزءاً أم فرداً هو الأخير)(7)، أو(8) بأن انتفاء القيد لا يستلزم انتفاء المقيد ولو بحكم الأصل مع الشك فيه (9) ، أو بقوله : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (10)، أو بالاستقراء.(11)
ص: 142
بيّن الفساد.(1)
نعم، يمكن أن يقال فيما ورد الأمر بقضائه في بعض الأحوال، ولم يرد عدم قضائه أصلاً: إن العرف يفهم من ذلك تعدد المطلوب، فيسري إلى صور الشك من أفراد هذا القسم.
هل الأمر بشيء على الإطلاق يقتضي إيجاب ما لا(2)يتم الا به من المقدمات مطلقاً(3)، أم لا مطلقاً(4)، أم يقتضي في السبب(5) خاصة(6)، أم في الشرط الشرعي خاصة(7)، أم (الأمر بالمسبب عين)(8) الأمر بالسبب(9)؟ وجوه.
اعلم أن الواجب من حيث عدم تعلّق وجوبه بوجود شيء يُفرَض مطلقٌ، ومن حيث تعلق وجوبه بوجود شيء يُفرَض مقيّد ومشروط.
ص: 143
ثم إن لم يكن الأمر به من جهة الأمر بغيره فنفسي والا فغيري.
وإن أمر به لأجل الإطاعة (1) والانقياد فتعبدي، والا فتوصلي.
وإن تعلق به الخطاب والأمر (2) أصالة فأصلي ، والا فتبعي.
وقد ينقسم أيضاً(3) إلى الشَّرطي وغيره، وفي تفسيره وجهان(4).
وعليك بملاحظة النِّسب (بين تلك الأقسام)(5)، واستخراج مقتضى الأصول اللفظية والعملية في صور الدوران بين تلك الأقسام، أو بين كون الواجب تعبدياً صرفاً، أم توصلياً صرفاً، أم ذا جهتين مستقلتين، أم مرتبطتين ثنائياً وثلاثياً ورباعياً.
ثم المقدمة - بالكسر - تطلق على مقدمة الجيش، ومقدمة الكتاب(6)، وما يتوقف عليه الشيء سبباً، أو جزءاً، أو شرطاً، أو فقد مانع، وكل من السبب والشرط والمانع: إما (7)عقلي، أو شرعي، أو عادي.
والجزء: إما ذاتي، أو جعلي.
ثم المقدّمة: إما مقدمة وجوب الشيء، أو مقدّمة وجود ذاته، أو وجود صحته، أو وجود العلم به.
ص: 144
والنسبة بين مقدّمة الوجوب والوجود عموم من وجه .
ثم هي إما فعلية، وإما(1)تركية.(2)
ثم إن دلالة اللفظ على تمام المراد من حيث إنه تمام المراد - مطابقة، وعلى جزئه الضمني - كذلك - تضمّن ، وعلى الخارج اللازم من حيث هو (3) خارج لازم التزام؛ والأولى لفظية، والثانية تبعية، والثالثة : إما بيّن بالمعنى الأخص، أو الأعم، والأخيرة: إما لفظية، أو عقلية، والأخيرة : إما يكون المستفاد فيها تبعياً كالاستفادة، أو مستقلاً .(4)
ثم المراد في محل النزاع من المقدمة ما كانت مقدورة، لا غير المقدورة(5)(6)، لكن في دخول مقدمة تسبب عدم القدرة عليها من فعل المكلف، وسلب اختياره (بالمرة باختياره)(7)، وجهان
ولا فرق على الأصح في دخول المقدورة بين الداخلة والخارجة، (والعلمية والتركية، والسببية)(8) وغيرها، وما أمر بها مستقلاً أم لا؟(9)، وما كان وجوب ذي
ص: 145
المقدمة فيها ثابتاً بدليل لفظي أم لبيّ، ومن الواجب أعمّ من النفسي والتوصلي.(1)
وأما المراد من الوجوب(2) ففيه وجوه(3)، أظهرها كون النزاع في استحقاق، العقاب على ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمة(4)، وفيه عندي نظر .
وأما الأصل فعدم وجوب المقدمة باحتمالاته؛ إذ لا أقل من التوقف، وان جعلنا الأمر بالمسبب عين الأمر بالسبب فمخالفته للأصل واضحة.
اذا عرفت ذلك، فالحق أن المكلف يستحق عقاب(1)ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمة، فهو معاقب على الترك (2) حقيقة وحكماً؛ لبناء العقلاء، والقوة العاقلة، وليس لباقي الأقوال ما يعتمد عليه.(3)
والضد - الذي هو الشيء الوجودي المنافي للشيء(1) - قد يطلق على الأضداد الوجودية، وعلى احد الأضداد الوجودية لا بعينه، وقد يتوهم ان مرجعهما واحد.(2)
وعلى الضدّ(3) العام ، أي الكفّ، أو ترك المأمور به، وكلها حقيقة الا الأخير على الأخير فمجاز؛ لكونه عدمياً صرفاً، وعلاقة المجاز: إما الكلية والجزئية، فيكون مجازاً مرسلاً(4)، أو (5) المشابهة فيكون استعارة (6) ، أو المجاورة(7)على بعد عرفي، مع إمكان اختصاصها بالمحسوسين.
ثم الحق أن ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ الأخر(1)؛ إذ من المحال اجتماع الشيء مع ما ينافيه دون العكس، سواء قلنا ببقاء الأكوان وعدم احتياج (2) الباقي إلى المؤثر، أم لم نقل ؛ لكفاية وجود الصارف في استناد الترك إليه، فتكون المقارنة اتفاقية.
وإن المعيار في جواز اختلاف المتلازمين في الحكم (3) التفصيل بين الأحكام، لا الأقسام (4)، ولا إطلاق(5) الحكم بأحد الطرفين.
فإن لم يمكن الامتثال كأن يكون أحدهما واجباً والآخر محرماً، أو مكروهاً، أو أحدهما مستحباً والآخر مكروهاً أو محرماً، لم (6) يجز الاختلاف، والا جاز، كما في
ص: 149
الصور(1) السّت الأخر.
والدليل على ما ذكر حكم القوة العاقلة، نعم لو كان الامتناع والتلازم ناشئاً عن قدرة المكلّف واختياره، فيمتنع عليه الامتثال بالاختيار، جاز الاختلاف حينئذ مطلقاً، فلو ترك الزنا في ضمن شرب الخمر اختياراً، جاز كون ترك) (2) الزنا واجباً، والشرب حراماً.
ومن هنا اندفع نفي الكعبي المباح معللاً في أحد النقلين بعدم اختلاف المتلازمين حكماً ، فإنه فاسد بكلا تقريريه (3)، كالتعليل بالمقدّمية.
ثم أقوال (4) الضدّ العام أربعة : العينية(5)، والتضمن(6) ، والالتزام اللفظي(7) والعقلي الذي هو وفاقي حتى من المرتضى، وإسناد الإنكار المطلق إليه سهو.(8)(9)
وأقوال الخاص سبعة: الأربعة، وعدم الأمر بالضد(10)، وعدم مقدّمية ترك الضد لفعل الآخر ، ولازمه الإنكار المطلق (11) ، واقتضاء النهي التبعي.(12)
ص: 150
وتظهر ثمرة النزاع في مثل النذر (1)، والظهار (2)، وفيها (3) نظر وتفصيل بالنسبة إلى الأمرين هل هما قطعيان، (أم ظنيان)(4) ، أم مختلفان ؟ والثمرة إنما تتم في بعض هذه الصور بضميمة مقدمة خارجية.(5)
ثم القول بأن الأمر يقتضي النهي عن ضدّه الخاص لفظاً تضمناً ، أو التزاماً، مخالف للأصل من جهة أصالة البراءة عن الإثم الحاصل في فعل الضد، وأصالة صحة الضدّ(6) الناشئة عن إطلاق(7) الأمر به، وأصالة توقيفية الألفاظ، مع التايد بأصالة عدم التفات(8) الواضع إلى الضد، وهكذا، فلاحظ الأصول بالنسبة إلى الأقوال الأخر.
ثم الأظهر اقتضاء الأمر النهي عن الضد العام عقلاً كما هو واضح، ولفظاً لكن التزاماً بالمعنى الأعم؛ للتبادر.
وأما الضدّ الخاص، فلا يقتضى الأمر النهي عنه الا تبعاً؛ لأن ترك الضدّ مقدمة
ص: 151
لفعل ضدّه (1) كما مرَّ ، ومقدمة الواجب واجبة تبعاً، ولقد (2) حصل لصاحب المعالم (3) (في هذا البحث)(4) عثرات كثيرة أشرنا إليها في كتابنا الكبير (5)، فراجع.
ص: 152
اذا أوجب الشارع شيئاً، ثم نسخ وجوبه، فهل يبقى الجواز أم لا؟ وجهان، بل وجوه وأقوال.(1)
والنزاع من حيث المنسوخ في الحكم التكليفي الوجوبي، ومن حيث الناسخ (فيما إذا رفع الناسخ) (2) الهيئة التركيبية أو الفصل(3)، وكان الناسخ غير مثبت لحكم آخر، ومن حيث الدلالة فيما إذا كان الدليل الدال على المنسوخ دالا على وجوبه بحيث لولا الناسخ لزم الإتيان به، ومن حيث الحكم الباقي في(4) الجواز المستفاد من الأمر تبعاً.
ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية، أو العقلية، أو هما، وجوه.
وهل هو فيما كان الدال على الناسخ والمنسوخ لفظاً، أم لباً، أم مختلفاً(5)، احتمالات، أقواها اختصاص النزاع باللفظيين(6)، ولم أر للنزاع فائدة مهمة، والأصل
ص: 153
في المسألة واضح.
والحق مع النافين؛ (لذهاب الجنس بذهاب فصله)(1)؛ لوحدة وجودهما.(2)
هل يجوز (أمر الآمر)(3) مع العلم بانتفاء شرطه مطلقاً، أم في خصوص الشرط الوجوبي الشرعي، أم لا مطلقاً ؟ أقوال.(4)
ومحلّ النزاع الشرائط(5) الوجوبية، كانت مقدمة للوجود أيضاً أم لا، وفيما لم يكن الأمر جاهلاً.(6)
والأصل مع المجوز؛ لأصالة الإمكان.
وأما الحق في المسألة فتفصيله : أنه إن كان النزاع في صحة الأمر الحقيقي من العالم بانتفاء شرط الوجوب، فالحق مع المانع؛ حذراً من السفه، والتكليف بما لا يطاق.
أو في جواز التكليف التوطيني على نحو الحقيقة، فالحق مع المجوز؛ لجوازه
ص: 154
عقلاً، وصحته لغة، ووقوعه عرفا، وكونه حقيقة.
أو على نحو المجاز ، فالحق جوازه بالذات عقلاً، وعدم جوازه لغة(1)؛ حذراً من تأخير البيان عن وقت الحاجة.
أو في صحة التكليف الابتلائي الساذج التنجيزي.
كما أن الظاهر أنه محل نزاعهم(2)، بمعنى التكليف في الواقع بنفس الفعل المفقود شرط وجوبه، فالحق مع المانع؛ حذراً من التكليف بالمحال، او(3)في الصغرى أي: في أن العبد مجبور في الإرادة حتى يكون الأمر بالفعل عند عدمها من باب الأمر مع العلم بانتفاء شرط الوجوب، أو هو مختار فيها حتى يكون من باب الأمر مع العلم بانتفاء شرط الوجود، فالحق مع القائل بالاختيار، فيخرج عن المتنازع، لكن لو(4) سلّمنا الصغرى منعنا الكبرى.
او في جواز التعليق من العالم ،وعدمه، فالحق أن التوطيني الحقيقي جائز، وما عداه غير جائز.
ص: 155
ثم ثمرة النزاع قد تفرض فيما لو وجد المتيمم الماء ولم يمض من الزمان ما يتمكن من الوضوء فيه، ففقده، فهل يعيد التيمم أم لا؟ ، وفي وجوب القضاء وعدمه على من دخل عليه الوقت وهو واجد للشرائط ، ثم زال الشرط قبل مضي زمان يسع الإتيان بالواجب ، وفي(1) لزوم الكفارة وعدمه على من أفطر، ثم انكشف فقد شرط الوجوب واقعاً، وفي وجوب الحج وعدمه على من(2) منعه مانع في أثناء الطريق في(3)عام الاستطاعة، وفي مثل النذر والظهار، إلى غير ذلك من الموارد، وللنظر فيها مجال.
ص: 156
إذا أطلق المادة (1) ولم تقيد بفرد خاص، كصُم وصلّ، فمقتضى الوضع اللغوي طلب إيجاد الماهية من حيث هي من غير مدخلية الفرد؛ للتبادر بضمّ أصالة عدم النقل، ولاتفاق الكل(2) فتأمل .
ولأنه لو كان الموضوع له طلب الفرد، لزم في مثل قولنا: (يجب عليك الصلاة) إما النقل، أو تعدد الوضع، أو المجاز، أو التقييد، أو التجريد(3)، والكل منفي بالأصل، ولزوم التكرار أو النقض لو صرّح بإرادة كل الأفراد، أو بعضها، فتأمل.
مضافاً إلى دليل الحكمة.
ثم الدال على الطلب هو الهيئة، وعلى الماهية هو(4)المادة، فهنا دالان ومدلولان؛ للتبادر، ولاتفاق القائلين بالوضع للطبيعة، ولأن الدال على الطبيعة إن لم يكن هو المادة فهو إما الهيئة (5) ، أو المركب، وكلاهما منفيان بدليل الترديد، فمن يقول بتعلق الأحكام بالأفراد لا الطبائع، إن أراد وضع اللفظ لذلك، فقد عرفت فساده، أو إراد قيام قرينة عقلية على إرادة خلاف ما وضع له اللفظ.
فتلك القرينة العقلية إما أن الكلي الطبيعي ممتنع الوجود في الخارج، (فلا يكلف بإيجاده؛ لأنه تكليف بما لا يطاق.
ص: 157
ففيه: أن الحق وجوده في الخارج) (1)؛ لوجوه سبعة بعضها دليل، وبعضها مؤيد.(2)
سلّمنا انه لا دليل على وجوده، لكن لا دليل(3) على امتناعه أيضاً، فيشك، فيؤخذ بظاهر الخطاب السليم عن المعارض.(4)
سلّمنا امتناع وجوده، لكن يكفي في صحة تعلّق الحكم به اعتقاد العقلاء والمكلفين بوجوده، ولا يلزم قبح على الآمر ؛ لأنه يقبل (5) الفرد من المكلف، فلا تكليف بالمحال حقيقة (6) ، ولا بأس بالإغراء الموقع في المقصود، ويكفي تحقق الصفة الكامنة في نفس متعلق الأمر، أو فيما هو المقصود بالذات من الأمر، نظير التوطيني.(7)
ثم لو أراد من الفرد فرداً ما، ورد عليه انه أيضاً كلي.
وأما أن متعلق الحكم لا بد وأن يكون فعل المكلف بلا واسطة؛ اذ(8) تعلّق الأمر بالمسبّب الذي هو الكلي دون سببه الذي هو الفرد مستلزم: إما للتكليف بالمحال.(9)
ص: 158
أو لتحصيل الحاصل(1)، أو لهما معاً، مضافاً إلى أن موضوع الفقه فعل المكلف، والحكم خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، والمسبب كالكلي ليس فعلاً للمكلف، بل أثر فعله، فلا يمكن تعلق الحكم به.
ففيه: إن الكلي والفرد موجودان بوجود واحد(2)، لا أحدهما سبب للآخر (3)، فكلاهما من فعل المكلف بلا واسطة مع النقض بالواجبات المطلقة بالنسبة إلى شروطها الوجودية(4)، فانه مستلزم اما للتكليف بالمحال، أو لانقلاب الواجب المطلق مشروطاً، أو لهما، مع أن الأمر بالمسبب حال عدم السبب لا بشرط (5) عدمه، وإن المقدور بواسطة مقدور، وإن الأفعال التوليدية فعل الشخص حقيقة، وإن موضوع الفقه فعل المكلف ولوكان بالواسطة.
وأما أن الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات، ولازمه تعلق الحكم بالفرد أو الصنف.
ففيه: إن إطلاق القول بالوجوه(6) فاسد، كما ستعرف في الأدلة العقلية.
سلّمنا أنه لا دليل على بطلانه ، لكن لا (7) دليل على صحته أيضاً، فيؤخذ بظاهر اللفظ، نعم لو لم يكن لفظ في البين، فالمرجع في مقام الثمرات الأصول الفقاهتية.
ص: 159
سلّمنا صحته، لكن من جملة الاعتبارات المحسّنة العلم والجهل، وقد عرفت أن اعتقاد العقلاء أن المطلوب هو الطبيعة، فتأمل.
سلّمنا لكن لادليل على اشتراط كون الصفة في نفس المأمور به(1) كما مر ، فتأمل.
ثم لا فرق فيما ذكر بين الأمر وسائر الأحكام، نعم في الإباحات والنواهي يفهم الاستغراق، ولا بين التكليفيات والوضعيّات، لكن يفهم في الأخير سريان الحكم في جميع الأفراد.
ص: 160
هل الأمر يقتضي الاجزاء أم لا؟، وجهان.(1)
والإجزاء - لغة - الكفاية (2)، واصطلاحاً قد يعرّف بأنه اسقاط القضاء (3)أي: مطلق التدارك ولو شأناً، أو بأنه إسقاط التعبد بالمأمور به، أي في الجملة(4)، بخلاف الأول، فإن المراد منه الإسقاط المطلق.
ثم المراد بقولهم : يقتضي الإجزاء هل هو إن الأمر يقتضي سقوط التعبد به ثانياً، فيكون عدم الاقتضاء أنه يدل على عدم سقوط التعبد به مطلقاً، أو في الجملة، أو لا يدل على السقوط.(5)
أو أن الأمر لا يقتضي الإتيان بالمأمور به ثانياً، أي: لا يدل على لزوم الإتيان به ثانياً، وعدم الاقتضاء حينئذ (اقتضاؤه الإتيان بالفعل ثانياً مطلقاً، أو في الجملة.
ص: 161
أو (1) ان الأمر يدل على عدم صحة الأمر به ثانياً، وعدم الاقتضاء حينئذ)(2) انه يدل على صحة الأمر به ثانياً، أو لا يدل على أحد الطرفين؟، وجوه، أظهرها الأول.(3)
ومراد المنكر أنه يدل على عدم السقوط في الجملة.
ثم إن المأمور به: إما واقعي اختياري كالصلاة بالطهارة المائية، أو واقعي اضطراري، كالصلاة متيماً، أو ظاهري شرعي، كما في العمل بالاستصحاب، أو ظاهري عقلي ، كتكليف الساهي في الصلاة بمعتقده.
ولا نزاع في اقتضاء الإجزاء في الأول مطلقاً اتفاقاً، ولا في سائر الأقسام قبل كشف الفساد أو التمكن من المبدل، بل فيها بعد أحدهما.(4)
ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية أم العقلية، أم الأعم، وفي الأمر اللفظي، أو (5)الأعمّ، وجوه، تظهر من طيّ الأدلة.
ثم إنه يجوز اجتماع كل من القول بالإجزاء وعدمه مع القول بالتكرار والمرة والطبيعة(6)، كما هو واضح، بل القول بالتكرار يجري حتى في الواقعي الاختياري، بخلاف مسألة الإجزاء.
والنسبة بين هذا النزاع ونزاع تبعية القضاء للأداء عموم من وجه(7)، وفي مادة
ص: 162
اجتماع النزاعين يكون النسبة بين القول بكل من الإجزاء وعدمه مع كل من قولي كون القضاء بالفرض الأول أو الجديد عموماً من وجه.(1)
ثم الأصل في المسألة (من حيث اللفظ (2) و(3) العمل(4) واضح لمن تدبر.
وأما الحق في المسألة)(5) ففي الواقعي الاضطراري هو الإجزاء؛ للأصل، وبناء العقلاء، ء، وفهم العرف، وكذا الظاهري الشرعي للاخيرين، دون)(6) الظاهري العقلي للأصل، وبناء العقلاء.
ص: 163
أو شخصاً لا جهة فإن كانت الجهتان متساويتين لم يجز؛ لعدم إمكان الامتثال بالخطابين معاً (1)، أو متباينتين تبايناً جزئياً فهو محل النزاع، أو متعلق الأمر أعمّ مطلقاً(2)، فكذلك في احتمال سيجيء، أو العكس(3) لم يجز؛ لرجوع النهي إلى الاستغراق الأفرادي، فيلزم التكليف بالمحال، فلا يجوز بالوفاق.
[المطلب] الثاني: إذا جمع المكلّف بين نفس الأمر والنهي(4) بسوء اختياره، كما لو دخل المكان المغصوب، فكلف بالخروج وعدمه، فهو خارج عن هذا النزاع، مبتن على مسألة أن الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار أم لا؟ وسيجيء.
فمحل (5) النزاع ما جمع المكلف فيه بين المأمور به والمنهي عنه، أو بين نفس الأمر والنهي، وكان سبب الجمع هو الآمر بنحو يتمكن المكلف(6) من الامتثال بالخطابين لكن في (7) كون النزاع صغروياً، أم كبروياً، أم (8)فيهما وجوه.(9)
[المطلب] الثالث: الأمر اما تعبدي، أو توصلي، أو فيه الجهتان مرتبطتان(10)، أم مستقلتان (11) ، ومحل النزاع يعمّ الكل؛ إذ الكلام في جهة حصول الامتثال، لا سقوط
ص: 165
الأمر، ويشهد به تمثيلهم بالخياطة، وقول المستدل : إنه يعد مطيعاً وعاصياً لجهتي الأم-ر والنهي.(1)
[المطلب] الرابع: الأمر إمّا إيجابي أو ندبي، والنهي إما تحريمي أو تنزيهي، وكلّ من الأربعة إمّا عينيّ أو تخييري؛ ثم الأمر إمّا نفسي أو مقدمي شرعي أو عقلي.
فتلك ثمانية وأربعون ، لا يدخل(2)في محلّ هذا النزاع الاستة منها في الجملة، وهي مضروب الأمر النفسي والمقدّمي شرعياً و(3) عقلياً في الإلزاميين العينيين(4)، وكون الأمر تخييرياً والنهي عينيّاً.(5)
[المطلب] الخامس: الوصف إما لازم - أي مقوّم (6) للماهية، أو للشخص - أو مفارق(7)، ودخول الأخير في محل النزاع معلوم من تمثيلهم بمثل (صلّ ولا تغصب)، وفي الأوّلين وجهان، أظهر هما عندي (8) دخولهما في النزاع؛ لعموم العنوان، بل الدليل.
ثمَّ النزاع هنا في الدلالة العقلية(9)، وفي المسألة الآتية(10) في الدلالة اللفظية، والمراد من الجواز نفي الامتناع الذاتي، أو(11) القبح العقلي، لا الإطلاقات
ص: 166
الأخر(1) ، كما هو (2) واضح لمن تدبر.
[المطلب] السّادس: قيل (3): لازم المجوّز عقلاً صحة العبادة في ضمن الفرد المحرّم مع الإثم ولازم المانع عقلا الفساد مع الإثم.
ويدفع الأول: إمكان القول بفهم(4) العرف التخصيص(5)، إلا أن يلاحظ الحيثية.(6)
والثاني: إنه يتم (7) إذا كان الأمر ظنياً، والنهي قطعياً، وفي الظنيين يرجع إلى المرجحات، وهي قد تكون في جانب الأمر، فأين الفساد المطلق، الا أن يرجح النهي (حينئذ بأصل (8) الشغل، أو باتفاق المانعين على تقديم النهي)(9)، أو بتقديم دفع المضرّة على جلب المنفعة، أو بالاستقراء ، أو بأن دلالة النهي أقوى من دلالة الأمر؛ إذ النهي
ص: 167
للاستغراق (1) بدلالة لفظية، والأمر للطبيعة، وفي أكثر هذه الوجوه نظر.(2)
وأما الثمرة بين القول بالجواز عقلاً لا لفظاً لفهم العرف التخصيص، فتظهر في إمكان فرض القطعتين على مذهبه، دون مذهب المانع عقلاً.
[المطلب] السابع: منهم من منع الجواز عقلاً ولفظ(3)، ومنهم من منع لفظاً (4)، ومنهم من جوّز الاجتماع عقلاً ولفظ (5)، والأصل مع المجوّز المطلق من حيث الإمكان العقلي ومن حيث اللفظ ؛ لأصالة عدم التقييد والتخصيص، لا من حيث العمل؛ لأن المانع إن اطّرح الأمر فقد عمل بالشغل، أو النهي فقد عمل بالبراءة، أو هما فقد عمل بهما، فتأمل.
لكن مع التعارض(6) فالعمل على الأصل(7) اللفظي.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الحق الجواز عقلاً في اجتماع المأمور به مع المنهي عنه في العامين من وجه، في الإلزاميين مع متعلقاً بالوصف المفارق، كقوله: (صلّ ولا تغصب)، سواء كان الواجب تعبدياً، أم توصليّاً، أم مركباً بقسميه(8)؛ لما مرَّ من الأصلين عقلاً ولفظاً، ولأنه لو لم يجز لم يقع نظيره، فإنّ المناط واحد، وقد وقع في الشرع كثيراً، منها مكروه العبادة كالصلاة في الحمام.
ص: 168
ولو قيل(1) : إنّ المراد بالكراهة فيها ليس المرجوحية الحقيقية، بل كونها أقل ثواباً.(2)
قلنا: إنّ حمل النهي على هذا المعنى خلاف الظاهر (3). سلّمنا، لكن إن أريد أنّ هذا الفرد أقل ثواباً من الغير مطلقاً من المماثل وغيره، ففيه لزوم عدم الانعكاس.(4)
مضافاً إلى أن إرادة قلّة الثواب: إما من النهى بتأويله على الأخبار(5)، فعلى فرض صحة هذا المجاز لغة، هو (6) مجاز بعيد لا قرينة عليه، وأقرب المجازات موجود، وهو الكراهة المصطلحة(7)
وإما أن النهي مستعمل في طلب الترك، لكن الداعي لطلب الترك قلة الثواب، فلا ريب أن مجرد قلة الثواب لا يصلح لكونه داعياً على طلب الترك
(8)، فربّ شي هو قليل الثواب لم ينه الشارع عنه، بل سبب النهي وجود المفسدة في المنهي عنه ولو بحسبه، وإلى(9) أن هذا لا يتم فيما لا بدل له مطلقاً، أو في خصوص العبادة التركية.
وإن أريد أنه أقل ثواباً من الغير في الجملة(10)، ففيه عدم الاطراد، مضافاً إلى
ص: 169
الوجهين الأخيرين في سابقه، أو من الغير المعين، وهو الطبيعة من حيث هي ،(1) فهو لا يناسب القول بتعلق الحكم بالأفراد، وبأنّ الحسن و القبح بالاعتبارات، مضافاً إلى الوجهين الأخيرين المتقدمين.
ولو قيل: إنّ النهي في التنزيهيات راجع إلى أمر خارج عن العبادة، كتعرّض الرشاش (2)، بخلاف التحريمية، بحكم الاستقراء، فتعدد المتعلق وخرج عن محل النزاع.(3)
لأجبنا عنه أولاً: بالنقض بما لا بدل له.
وثانياً: بأنّ مقتضى الاستقراء (4))(5)عكس ما ذكره.
وثالثاً: بالفرق بين تعلّق النهي بشيء خارج عن العبادة، وتعلقه بالعبادة لأمر خارج عنها.(6)
ورابعاً: بأنا سلّمنا ذلك، لكن تكون النسبة حينئذ بين المأمور به والمنهي عنه تنزيها عموما من وجه ، ويكون مثل ما نحن فيه
وخامساً: بأنّ النهي إذا كان عن تعرّض الرشاش لا عن الصلاة، فإما مطلق
ص: 170
- وإن لم يكن في الصلاة - فهو مستلزم لكراهة التعرض وإن لم يكن مصلياً، ولعدم كراهة الصلاة إذا لم يكن في معرض(1) الرشاش، وإما مقيد بكونه في ضمن الصلاة، فهو مستلزم للمحذور الأخير من المحذورين.(2)
وما يقال هنا: من أنه لا يلزم اطراد العلل الشرعية (3)، فهو مناف لتبعية الأحكام للصفات، فإن المفروض أن ما ذكره علة مستنبطة لا منصوصة.
ولو قيل: إنّ كراهة العبادة عبارة عن مرجوحيتها بالإضافة إلى غيرها.(4)
لأجبنا (عنه بما أجبنا)(5) به(6)عن الاعتراض الأول.
ثم لو أراد من المرجوحية حصول منقصة فيها لأجل كون فعلها موجباً لترك الأرجح.
لورد عليه - مضافاً إلى ما ذكر - أنّ متعلّق الأمر والنهي التنزيهي حينئذ: إما الطبيعة، أو الفرد، أو(7) متعلق الأمر الطبيعة ومتعلق النهي الفرد، أو العكس، ولا يتصوّر إلا الثالث، وهو المطلوب.
ولو قيل: إنه يلزم مخالفة الغرض في ترخيص الشارع في إتيان الواجب في ضمن (8) المحرّم، وهو قبيح ، ولا يلزم ذلك في العبادات (المكروهة.(9)
ص: 171
قلنا: غرض كل شيء بحسبه، ومنها العبادات)(1)المباحة بالإباحة بالمعنى الأخص ، والواجبة المستحبة، بعد ضمّ تنقيح المناط.
ومن أدلة الجواز : بناء العقلاء (2) في مثل مثال الخياطة، أو الخطوات، وانه لو
لم يجز الاجتماع لما جاز التصريح به مع لما جاز التصريح به، مع أنه جائز عقلاً(3)، مضافاً إلى وجود المقتضي، وهو (4)تعدد المتعلّق حقيقة، وانتفاء المانع ؛ اذ (5) المانع إن كان اجتماع الحكمين المتضادين، أو اجتماع المحبوبية والمبغوضيّة في محلّ (6) واحد، فقد عرفت تعدّد المحلّ، أو التكليف بالمحال، فقد عرفت أنّ (7) محل النزاع ما تمكن المكلف فيه من الامتثال، أو منافاة ،الغرض، فقد ظهر عدم المنافاة؛ إذ الشارع لم يجوّز الإتيان بالفرد المحرم بمجرد حكمه بحصول الامتثال بالكلي الموجود في ضمنه مضافا إلى فهم العرف وإن قام الدليل على خلافه (8) ، كما مرَّ نظيره في مسألة تعلق الأحكام بالكليات.
ولو قيل: إنّ مقدمة الواجب واجبة، والفرد المحرم لا يصير واجباً، فانحصر الأمر المقدّمي في الفرد المباح ، فلا يجزئ الكلي الموجود في ضمن (9) المحرم، فلا يجتمع
ص: 172
الأمر والنهي.
قلنا: تخصيص الأمر المقدّمي بالمباح لا يوجب تخصيص الأمر الأصلي به(1)، والمفروض تعلق الحكم بالطبيعة، مع أن (مانع الاجتماع كيف يقول: إنّ الفرد المباح (واجب مقدّمي، مع أن) (2) رخصة العقل بإتيان الفرد) (3) إنما هي من جهة إيجاد الكلي في ضمنه(4)، لا الرخصة المطلقة (5)، حتى تنافي الحرمة من جهة أخرى.
ولو قيل: يلزم على المجوّز انعقاد الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة، وبعد انعقادها وجب الإتمام فيلزم التكليف بالمحال.(6)
قلنا: إنّ هذا لو تمّ لكان بالعرض (7)، لا من جهة أصل المسألة من حيث هي بل هو خارج عن محل النزاع.
ص: 173
نعم، يبقى الاعتراض بالتكليف بما لا يطاق فيما لا بدل له من العبادات مشتركاً بين المجوّزين والمانعين.
إنك إذا أحطت خبرا بما ذكرناه(1) في الصورة المفروضة، قدرت على استخراج الحكم في الوصف اللازم، وفي الأعم والأخصّص المطلقين(2)، وفي الجواز وعدمه من حيث اللفظ ، وإن شئت البسط والتفصيل (3) ، فلاحظ كتابنا الكبير (4) ، فإنّا قد استوفينا الكلام فيه أكمل (5) الاستيفاء، وبلغنا فيه أقصى (6) الغايات.
ص: 174
اذا تسبب المكلف لاجتماع الأمر والنهي بحيث لا يمكنه الامتثال بهما معاً، كما لو دخل المكان المغصوب، فهو مأمور بالخروج ومنهي عنه، ففي وجود التكليفين معاً حينئذ، أم يبقى الأهم ويرتفع الآخر؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق، وجهان.(1)
وعلى الأخير، فهل الأهم هو الأمر(2)، أو النهي (3)؟ احتمالان.
والأصح أن الامتناع بالاختيار مع عدم بقاء الاختيار ينافي الاختيار خطاباً لا عقاباً(4)(5)؛ لحكم العقل (6)، ولازمه ارتفاع أحد الخطابين هنا.
وأما من حيث الوقوع وترتب الأثر ،وعدمه، فالمدار على انصراف الأدلة الشرعية وعدمه؛ إذ الامكان العقلي لا يلازم الوقوع الشرعي، وأما الأهم من الأمر والنهي فيختلف بحسب العرف والمقامات، فلاحظ .
ولو قيل: إن الكافر اذا(7) أسلم بعد الوقت سقط عنه القضاء، وإن لم يسلم بقي الأمر بالقضاء، وهو غير قادر عليه، اسلم أم لم يسلم، فكيف تقول إن الامتناع بالاختيار ينا في الاختيار خطاباً؟
ص: 175
قلنا: إن الكافر لما(1) بلغ تعلّق به الأحكام الكلية، ولما(2) فوت الأداء فقد فوَّت التكليفين، فيستحق العقاب لذلك.
هل النهي يدل على الفساد مطلقاً(3)، أم لا مطلقاً(4)، أم في العبادات دون المعاملات (5)، أم فيهما شرعاً لا لغة (6) ، أم في العبادات شرعا دون المعاملات مطلقاً(7)، أم يدل على الصحة(8)؟ وجوه.
ومحل(9) النزاع فيما إذا ورد للعبادة أو المعاملة جهة صحة، ثم ورد النهي النهي عن
ص: 176
بعض (1) أفراد(2) المكلف أو (3) المكلف به.(4)
والمراد من العبادة معناها الأعم، أي ما يشترط فيه نية القربة من تلك الجهة؛ العموم الأدلة، ومن المعاملة معناها الأخص (5)، حذراً من التناقض(6)، فتأمل.
ومن الصحة ما هو المراد منها في بحث الصحيح والأعم، ومن الفساد الفساد الإنّي في وجه، والسنخي في آخر .(7)
ثم في كون النزاع هنا وفي المسألة السابقة في العامين من وجه، أو في المطلقين(8)، أو فيهما وفي الدلالة اللفظية أو العقلية، أو فيهما، وجوه تبلغ مضروبها ستة وثلاثين، أوجهها كون النزاع في المسألة السابقة في العامين من وجه في (9) الدلالة العقلية، وهنا
ص: 177
في العامّين من وجه، وفي المطلقين لكن في الدلالة اللفظية ، فتأمل .(1)(2)
ثم إنه بين اتفاقهم في بحث المطلق والمقيد على حمل الأول على الأخير مطلقاً، كما حكي(3)، وخلافهم هنا على أقوال شتى تناقض بين(4)، بل تكرار في العنوان أيضاً، وقد يتفصّى عنه بوجوه، ليس شيء منها(5) بشيء.
ثم النهي المتعلق بالعبادة أو(6) المعاملة : إما يتعلق بنفسها، أو بجزئها، أو بشرطها، أو بوصفها الداخل، أو الخارج، أو بشيء مفارق متحد معها في الوجود، أو غير متحد.(7)
وما عدا الأول من تلك الأقسام السبعة يجري فيه تلك السبعة، فترتقي إلى ثلاثة وأربعين، فاستخرج أمثلتها.
ويعم النزاع كل أقسام النهي من النفسي، والتوصلي، واللفظي، واللبي، فتأمل.
والأصلي دون التبعي، كما يظهر من الثمرة التي ذكروها في بحث اقتضاء الأمر النهي عن ضده.(8)
وثمرة هذا النزاع ظاهرة.
ص: 178
والأصل في المسألة عدم الدلالة على الفساد، ولا على الصحة؛ لأصالة التوقيفية(1)، وأصالة عدم التخصيص والتقييد.(2)
والحق فيها: أن المنهي عنه لنفسه من العبادة يدل النهي على فساده(3) اتفاقاً(4)، عقلاً، بل(5) ولفظاً؛ لفهم العرف.
والمنهي عنه لجزئه إن كان نهيه لفقد الجزء فسد اتفاقا، لا للنهي، بل للفقد فهو خارج عن النزاع، أو لفساد الجزء الموجود مع تعلق النهي بطريق التقييد، ك-(لا تصل مع قراءة العزيمة)، أو بطريق تعلق النهي بالجزء مستقلاً، مع تعيين المحل ك-(لا تقرأ العزيمة في الصلاة)، أو بدون تعيينه كقوله (لا تقرأ العزيمة) بعد قوله (اقرأ في الصلاة)، فالكلام فيه من جهة العقل ما مضى في المسألة (6) السابقة(7)، ومن جهة اللفظ أن العرف يفهم الاشتراط(8) ، بل يفهم التقييد أيضاً في القسمين الأولين من الثلاثة.
ص: 179
وفي المنهي(1) عنه لشرطه يتصوّر تلك الأقسام(2)، وتجري فيه تلك الأحكام، الا في القسم الأخير، إذا كان نفس الشرط معاملة، فلا يفهم الفساد عرفاً .
والمنهي عنه(3) لوصفه(4) الداخل كالمنهي(5) عنه الجزئه أقساماً وأحكاماً، عقلاً ولفظاً.
وفي المنهي عنه لوصفه الخارج وما بعده من القسمين، لا فساد عقلاً مطلقاً ولا لفظاً، إلّا إذا كان بطريق التقييد أو الاستقلال، مع تعيين المحل.(6)
ثم إن(7) النهي التبعي(8) والتوصلي لا يدلان على الفساد عرفاً، كما لا يدل النهي على الفساد في المعاملات (9) مطلقاً(10)، بحكم العرف، إلّا إذا كان المقتضي لصحة المعاملة منحصراً فيما يكون مضاداً للنهي فيفسد لا للنهي، بل لارتفاع المقتضي حينئذ.(11)(12)
ص: 180
نعم في المحرّمات الأصلية الغير التبعية والتوصلية من المعاملات، يحكم بالفساد بعد تعلق النهي؛ لدليل خارج وهو الاستقراء (1)، وصحيحة زرارة(2)، وليس لسائر الأقوال ما يعتمد عليه .
ثم لو شك في كون المأمور به عبادة أم معاملة، ففي إلحاق المشكوك بأيهما وجهان.
ص: 181
عرّفوا المنطوق والمفهوم بتعاريف، لا يسلم شيء منها من الخلل في عكس، أو طرد، أو لزوم واسطة(1)، أحسنها أن المفهوم هو مدلول (2) اللفظ ثانياً بطريق الأولوية، أو مدلول يكون مخالفاً لما استفيد من اللفظ أولا؛ والمنطوق ما عدا ذلك.
ويرد عليه دخول دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه العام في المفهوم المخالف، و(3) ليس مفهوماً في الاصطلاح.
والحاصل: إن المعيار في المفهوم والمنطوق إمّا وجود الموضوع و(4) عدمه، أو وجود الحكم و(5) عدمه، أو وجودهما معاً في المنطوق وفقدهما معاً في المفهوم، أو وجودهما معاً(6) في المنطوق وعدم وجودهما معاً(7) في المفهوم، سواء وجد أحدهما (أم (8) لم يوجد شيء منهما، أو وجود أحدهما)(9) في المنطوق وفقدهما جميعاً في المفهوم ولا يخلو شيء منها عن المحذور.
ثم المنطوق: إما صريح كما في الدلالة المطابقية، أو غير صريح كما في الالتزامية(10)،
ص: 182
وأمّا التضمنية فليست من الدلالة اللفظية حتى تدخل في المنطوق أو المفهوم(1)
ثم المنطوق الغير الصريح على أقسام المدلول عليه بدلالة الاقتضاء، أو التنبيه والإيماء، أو (2) (2)الإشارة؛ والأولى جعل دلالة الإشارة كالتضمنية؛ وفي(3) جعل مثل (أسد يرمي) من المنطوق الصريح، أو من دلالة الاقتضاء، وجهان.
ثم المفهوم إما موافق، أو مخالف، والأخير على (4) أقسام: كمفهوم الشرط، والصفة - أي المشتقات ومثل الوصف النحوي - ومفهوم القيد والحصر واللقب والزمان والعدد.(5)
ثم إنه لا يصح إرادة المفهوم المخالف بعد قيام القرينة على عدم إرادة المنطوق لا التزاما؛ لأنه محال بعد نفي المطابقة، ولا مطابقة مجازية؛ للاستنكار العرفي، وفي(6) المفهوم الموافق وجهان.(7)
ص: 183
في حجيَّة مفهوم الشرط مطلقاً(1)، أو في(2) خصوص الإنشاء(3)، (أو في خصوص)(4) الشرع(5)، أو عدمها مطلقاً(6)، أقوال.
اعلم أنّ الشَّرَط - محرّكة - العلامة، وقد يقال: شرط الحجام إذا شق الجلد بمبضعته ولم يدم وبالسكون - لغة - الإلزام و )(7) الالتزام.(8)
وفي عرفنا ما يتوقف عليه وجود الشيء، ولا يلزم من وجوده الوجود. وفي العرف العام يحتمل كونه حقيقة في السبب، أو في ملزوم الشيء، (أو في القدر المشترك بينهما، أو في الشرط المصطلح عندنا كما هو الأصل(9))(10)، أو في القدر المشترك بينه وبين السبب، وهذا أظهر.(11)
ص: 184
وفي عرف النحاة يطلق على ما تلا حرف الشرط في الجملة(1)، لكن في مثل ما تلا (ان) الوصلية، وفيما لم يكن سبباً، بل ملزوماً مثل إن كان هذا إنساناً كان حيواناً ، وجهان.(2)
ثم إن الهيئة التركيبية المصدرة بأداة (3) الشرط قد تطلق ويراد بها التعميم(4)، أو السببية (5) ، أو استلزام وجود الأول لوجود الثاني(6)، أو ذلك إرادة كشف مع انتفاء الثاني عن انتفاء الأول(7)، أو يراد بها توقف الحكم بالجملة الثانية على وجود الأولى.(8)(9)
إفادة الهيئة التركيبية المفهوم ،وعدمها، لا في إفادة أداة(1) الشرط ذلك.
ثم مقتضى أصالة التوقف(2)، وعدم الوضع للمفهوم (3) إن اعتبرنا هذا الأصل، وأصالة البراءة فيما إذا كان المفهوم مخالفاً للأصل، وأصالة عدم التقييد والتخصيص(4) فيما إذا كان المفهوم (مخصصاً أو مقيداً لدليل معارض ، عدم دلالة اللفظ على المفهوم)(5)، مضافاً إلى أصالة الاشتراك المعنوي.
ثم الحق الحجية مطلقاً؛ للتبادر، والدلالة التزامية(6)، والدالّ(7) على السببية والتعليق هو أداة (8) الشرط لا الهيئة ،التركيبية والدلالة العقلية مفقودة للأصول الأربعة.
ويشترط في وجود المفهوم المخالف عدم كون المخالف أولى بالحكم المذكور، فلو قال : ( إن أهانك زيد فلا تهنه ) لم يكن له مفهوم مخالف.
ثم إنّ(9)المواد - كلفظ الوجوب - إذا وقعت جزاء الشرط، فمفهومها سلب الحكم المذكور عن غير المنطوق سنخاً عيناً وتخييراً (10)؛ للتبادر ، وكذا الهيئات.
ص: 186
ثم قد شرطوا في حجية مفهوم الشرط عدم وروده مورد الغالب، وقد علّله بعض من عاصرناه(1)(2) بأن النادر(3) انما هو المحتاج حكمه إلى التنبيه، والأفراد الشائعة تحضر في الأذهان عند الإطلاق، فالنكتة في الذكر لا بد وأن يكون شيئاً آخر، لا تخصيص الحكم بالغالب.
وفيه نظر من وجوه خمسة(4)، والأوجه أن يقال: إن ذلك لعدم فهم العرف المفهوم حينئذ، كما لا يفهمون الوجوب من الأمر الوارد عقيب الحظر، مع كونه موضوعاً للوجوب.
والسر فيه: أن أهل العرف ينزلون النادر منزلة المعدوم، ويفهمون من تلك الجملة الواردة مورد الغالب الكلية في الوقوع فلا يبقى حينئذ انتفاء الشرط حتى يفهم انتفاء الجزاء، ونكتة التعليق حينئذ تختلف باختلاف المقامات، ولعل الغالب إرادة انتفاء الكلفة والمشقة في السعي.
نالفحص وعدمه.(1)
ثم لا خلاف في مخالفة المفهوم (للمنطوق كيفاً، وأما كما ففيه وجهان.(2)
والأصح أن المعيار نقل الألفاظ الموجودة في المنطوق بعين تلك المعاني المرادة من تلك (الألفاظ إلى المفهوم)(3) مع تغيير الكيف، فما فهم من تلك الألفاظ)(4) حينئذ لو تكلم بها متكلم فهو المفهوم، وهذا يختلف بحسب الأمثلة والمقامات.(5)
ص: 188
ثم إن علم إرادة المفهوم أو عدمها بقرينة خارجية، وإلّا فالوقف؛ لحكم العرف، نعم فيه (1) إشعار بالعليّة، لكنه لا يبلغ رتبة الحجية وليس للخصم ما يعوّل عليه.(2)
ثم إنهم في رفع التناقض المتوهم(3) بين قول المشهور بعدم(4) حجية الوصف وقولهم بوقوع الاتفاق على حمل(5) المطلق على المقيد في المثبتين ذكروا وجوهاً: مثل ان النزاع هنا (6) فيما سوى المسبوق بالمطلق(7)، أو (8) إن الحمل لقاعدة الشغل، أو لتقديم النصّ على الظاهر عند التعارض (9)، وفي الكل كلام.
والأحسن أن يقال: إن الحمل لفهم العرف.(10)
ثم مفهوم قوله : (في الغنم السائمة زكاة) هل هو انتفاء الحكم عما اتصف بالوصف المقابل من أفراد ذلك الموضوع، أو انتفاؤه عن ذلك الموضوع عند انتفاء ذلك الوصف وإن لم يتصف بالوصف المقابل، أو انتفاؤه عن الفرد المتصف بالوصف المقابل وإن لم يكن من أفراد ذلك الموضوع، أو انتفاؤه عند انتفاء ذلك الوصف من هذا الموضوع أو غيره، أو انتفاؤه عما لم (11)يتصف بذلك الوصف من أفراد ذلك الموضوع،
ص: 190
اتصف بالوصف المقابل أم لا؟ ، وجوه، أوجهها الأخير؛ للتبادر.
ثم إذا كان فاقد الوصف أولى بحكم المنطوق ، فلا مفهوم يخالفه مطلقاً(1)، واذا ورد الوصف مورد الغالب (2) ففي كونه كمفهوم الشرط وجهان، أظهرهما العدم؛ للعرف.(3)
ثم في اشتراط المخالفة هنا بين المفهوم والمنطوق كما، أم(4) الموافقة، احتمالان.
والأصح الرجوع إلى المعيار المتقدم في الشرط، ولازمه اختلاف المقامات.
ص: 191
في دلالة اللفظ على(1) دخول الغاية في المغيّى(2) ، أو على عدم دخولها فيه(3)، أو (2)، الأول مع وحدة الجنس و(4) الثاني مع عدمها (5)، أم الوقف(6)، أقوال، والأخير محتمل؛ للوقف في أصل الدلالة، أو في كيفيتها.
ثم في حجية مفهوم الغاية وعدم حجيته قولان.(7)
اعلم أن الغاية تطلق على الفائدة، وعلى المسافة، وعلى النهاية، والمراد هنا.
وثمرة النزاع الأول (تظهر في مثل الآية الشريفة: «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِق»(8) ،
ص: 192
والثاني في مثل)(1) قوله تعالى: «وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ».(2)
ثم الأصل في الأول عدم الدلالة على الدخول ولا على الخروج؛ لتوقيفية الألفاظ، ولأصل (3) البراءة ولو في بعض الموارد، ولأصالة عدم التخصيص والتقييد وأصالة عدم الإرادة، وعدم الوضع - ان اعتبرناهما - وكذا في الثاني.
ثم الحق في النزاع الأول : هو الوقف بالمعنى الأول؛ لأنا بعد الاستقراء وجدنا المقامات بحسب القرائن متفاوتة، ولم نجد موضعاً يفهم منه عند فقدها الدخول أو(4) الخروج أو السكوت.
ولو قال المفصل : انه مع التجانس لا بد من الإدخال مقدمة .(5)
قلنا: إن العقل لا يثبت اللغة، بل هذا الدليل على خلاف مقصوده أدلّ(6)، بل عند فقد ذي المقدمة، بل المقدّمية قد تقتضي الخروج، بل قد يجري ذلك مع اختلاف الجنس أيضاً.(7)
ثم إن أداة(8) الغاية ك-(إلى) وحتى هل هي لبيان غاية الشيء كمّاً، أم كيفاً
ص: 193
أيضاً(1)، الحق (2) اختلاف المقامات في ذلك، ففي مثل الأمر بالغسل لا يفهم إلا الأول، فلا دلالة في آية الوضوء على مقصود العامة.
والحق في النزاع الثاني : الحجيَّة(3) كما عليه المعظم، بل نقل عليه الإجماع(4) للتبادر.
وهل الدال على وجود الحكم ما قبل الغاية وانتفائه ما(5) بعدها هو الأداة، أم الهيئة، أم الدال على النفي (6) الهيئة وعلى الإثبات الأداة، أم العكس؟، وجوه، اوجهها الأخير.(7)
ص: 194
مفهوم الحصر حجة(1)؛ للتبادر .
وأسبابه كثيرة:
منها : كلمة (إنما) ، فمع تقديم الموصوف كان من قصر (الموصوف على الصفة ك-(إنما زيد قائم أو الصفة كان من قصر)(2) الصفة على الموصوف ك-(إنما القائم زید).(3)
ومنها: تقديم الخبر، أو إدخال اللام عليه، أو تعقب(4) المبتدأ بضمير الفصل، أو إدخال اللام على المبتدأ، إلى غير ذلك.(5)
ومما مرَّ يظهر الحال في مفهوم القيد واللقب والعدد، والزمان والمكان فالمعيار في الكل العرف العام.(6)
ص: 195
اعلم أن العام يطلق على الكلي المنطقي، وعلى كلي يكون النسبة بينه وبين الشيء عموماً من وجه بحسب المورد لا المصداق، والعموم يطلق على العموم الاحتمالي وعلى الشمول، وعلى الاستغراق المستفاد من اللفظ، أو العقل.
ثم إنهم عرفوا العام المصطلح بتعاريف(1) ، والأصح أنه اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق(2) أجزائه، أو جزئياته، أو أجزاء جزئياته(3)
وهو مشترك معنوي بين هذه لا لفظي؛ لأصالة عدم تعدد الوضع، وللتبادر وصحة السلب عن خصوص المجموعي، أو الأفرادي، والقدر المشترك مطلق الدال على الاستغراق.
وهل هو حقيقة في اللفظ الدال بالوضع على الاستغراق كما هو ظاهر التعريف، أو في اللفظ الدال عليه بالوضع أم بغيره، أو في الدال على الاستغراق باللفظ أم بغيره، ليدخل مثل ترك الاستفصال ؟ وجوه.(4)
ثم في كون دلالة العام على العموم مطابقة، أم تضمناً، أم التزاماً، احتمالات والحق أن المقامات مختلفة.
ص: 196
الاستغراق اتفاقاً(1)؛ لوجود علائم الحقيقة فيه، وفي كونه حقيقة في العهد الخارجي أيضاً(2)، مشتركاً بينه وبين الاستغراق لفظاً، أم معنى، أم(3) مجازاً، فيه وجوه.
ثم المتبادر منه في الإثبات الاستغراق المجموعي، كقولك (للرجال علي درهم)، فتأمل.
وفي النفي الأفرادي.(4)
ثم الدال هو الهيئة التركيبية، لا إنه ذو دلالتين، والجمع المضاف(5) كالمحلى في الإطلاقات والمقامات.
ص: 198
المفرد المحلّى يطلق على الجنس(1)، والاستغراق (2)، والعهد الخارجي(3) والذهني.(4)
اعلم أن المادة المجردة عن اللواحق موضوعة على الأصح لا مهملة كما يظهر من بعض(5)، وذلك للأصل، فتأمل.
وللتبادر، ولأن المتبادر منها في ضمن اللواحق دلالتان ومدلولان، والموضوع له المادة هو الماهية اللابشرط ؛ لظهور الوفاق من القائلين بوضعها (6)، وللتبادر.
وأما أخذ الوحدة في تعريف اسم الجنس(7) ففاسد بجميع تقاديره المتصورة.
ثم الحق أنّ المفرد المحلّى حقيقة في الجنس؛ للتبادر ، ولأنه مقتضى الوضع الأفرادي في جزئي المركب، والوضع الجديد منفي بالأصل.
وفي العهد الخارجي وجهان.
لا في الاستغراق؛ للتنافر (8)، وعدم اطراد الاستثناء، ولأنه إن كان حقيقة خاصة فيه نفاه تبادر الغير ، أو مشتركاً لفظياً بينه وبين الجنس نفاه الأصل، أو معنوياً
ص: 199
نفاه الحصر العقلي، وبيانه موكول إلى المطولات.(1)
ولا في العهد الذهني للتنافر، ونحو(2) الحصر المتقدم.
وأما التمسك في إثبات عمومه في بعض الموارد بدليل الحكمة(3)، فواه جداً؛ إذ مع فهم العرف العموم لا حاجة إليه، ومع عدمه لا ينفع(4)، مضافاً إلى ما في تقريره من القصور.
وهل هو ذو دلالة ومدلول(5)، أو ذو دلالتين ومدلولين؟ وجهان.
ثم الدال على الطبيعة هو المادة، وعلى الزيادة هل هو اللام، أو الهيئة التركيبية؟ احتمالان
ثم اللام موضوعة لمطلق الإشارة كوضع المبهمات(6)، فهي حقيقة(7)، سواء أشير بها إلى الجنس أو الفرد.
ثم لو استعمل المحلى في الاستغراق أو العهد الذهني، فهل اللام حينئذ مستعملة في الإشارة أيضاً أم لا؟، وعلى الأخير هل (8) هي هي مهملة أم(9) مستعملة؟، وجوه.(10)
ص: 200
المفرد المنوّن يطلق على العموم(1)، فتأمل.
وعلى فرد معين(2)، أو منتشر (3)، وعلى الجنس(4)، وهو مجاز في الأولين اتفاقاً؛ لتبادر غيرهما.
و(5) في كونه حقيقة في الأخيرين مشتركاً بينهما لفظاً، أم معنى أم حقيقة في أحدهما خاصة، وجوه.(6)
لكن لا شك في كون التنوين للتمكن أينما وجد، حتى في النكرات وأسماء الأجناس، فهو علامة الجريان الإعراب وتمامية الاسم(7)، وأما عدّهم تنوين التمكن مقابلاً للتنكير، فمرادهم التمكن بشرط لا(8) ، لا مطلق التمكن.
ثم المتبادر من مثل (رجل) الفرد المنتشر(9)، و(10) في كون الدال عليه هو(11)
ص: 202
التنوين أو المنون أي (1): الهيئة، فيكون هنا دوال هي المادة، والتنوين، والهيئة؛ : ومدلولات هي الطبيعة، والتمكن ، و (2)الفرد المنتشر، وجهان، أقواهما(3) الأخير؛ للتبادر.(4)
ولو استعمل في الجنس فلا مجاز(5) ، بل الهيئة حينئذ خلت عن الاستعمال.(6)
أم في أحدهما خاصة، احتمالات.
والحق أنه حقيقة في الجمع المنكر، بنحو ما مرَّ في المفرد المنون مختاراً ودليلاً.(1)
والحق الأول(1)؛ للتبادر وصحة السلب والتكذيب(2)، وذم العقلاء(3)، والأصل، وتفصيل النحاة يأباه العرف؛ للتبادر، وعدم صحة السلب.
قال الشافعي ترك الاستفصال في مقام جواب السؤال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال(4)، وعنه أيضاً : ان حكايات الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال، کساها ثوب الإجمال، وسقط بها الاستدلال.(5)
والفرق بينهما كون الأول في المسبوق بالسؤال من حيث انه مسبوق بالسؤال، بخلاف الأخير.(6)
أما الكلام في الأول، فاعلم انه إذا كان السؤال عما وقع، وكان الإجمال في عارض (7) مراد السائل(8) وعلمنا بعدم علم المسؤول بالواقعة، فإن كان المطلق الواقع في كلام الإمام علیه السلام صريحاً أو تقديراً، كما هو محل الكلام متواطئاً أو مشككاً بالتشكيك البدوي، حمل على العموم بغير إشكال، أو مضراً إجمالياً، فكذلك؛ لإمكان
ص: 205
كون محل الحاجة ذلك الفرد المجمل ؛ لأن إرادته من المطلق من غير قرينة عليه جائزة عند العرف، فلو لم ينزل الجواب على العموم أمكن مخالفة الجواب للسؤال.
أو مبيّن ،العدم، لم يعمّ الجواب الفرد النادر ؛ لعدم صحة إرادته بلا قرينة، وإن شككنا في علمه نفيناه بالأصل فيلحق بما سبق فقاهة ، فتأمل.(1)
وإن علمنا بعلمه فقد حكموا حينئذ بالإجمال، حتى في المتواطئ فإن الكلام حينئذ إنما هو من حيث العلم والجهل، لا التواطؤ والتشكيك، بخلاف ما سبق؛ إذ احتمال مخالفة الجواب للسؤال هنا مرتفع، لكن في إطلاقهم الإجمال نظر، نعم لا بأس به في صورة اجتماع علوم خمسة، وهي: علم كلّ من الإمام والسائل بالواقعة، (وعلم كل بعلم الآخر بالواقعة، وعلم الإمام بعلم السائل بعلم الإمام بالواقعة)(2)، فتدبر.
وإذا كان(3) السؤال عما يقع، فمع التواطؤ والتشكيك البدوي العموم اتفاقاً ؛ لفهم العرف أو مبيّن العدم حمل على الشائع؛ لاحتمال مساواة الجواب للسؤال، (بل لا يحتمل غيره)(4)، أو مضراً إجمالياً ففي دخوله، أو عدمه، أو التفصيل، وجوه.
وإذا كان الشك لا (5) في عارض مراد السائل، كما لو وقع لفظ مشترك في السؤال، فإن كان في البين أشهر وأقرب حمل عليه، والا فإن علم الإمام بما وقع من المعاني (6)، أو بمراد السائل فيما يقع من المعاني، حكم بالإجمال، وإلا فإن علمنا بأن استعمال السائل كان بلا قرينة معيّنة، واجاب المتكلم من دون علمه بالمراد، حكمنا بالعموم في المعاني،
ص: 206
لكن مع الشك في الاقتران بالقرينة المعينة يوم السؤال يحكم بالاقتران للغلبة المقدمة على الأصل، فيحكم بالإجمال.(1)
وأما الكلام في الثاني: فإما من جهة أن الفعل الصادر من المعصوم علیه السلام هل هو لازم الاتباع أم لا؟ ، فهذا داخل(2)في باب التأسي، خارج عما نحن فيه.
وإما من جهة جواز التعدي عن تلك الواقعة إلى غيرها، كما هي ما نحن فيه، فالحق عدم التعدي؛ لعدم الدليل.(3)
ص: 207
هل الخطاب الشفاهي يختص بالحاضرين(1)، أم يعمّهم والغائبين (2)، أم يعمهما والمعدومين(3)؟ أقوال.
اعلم أنه إذا ثبت حكم للمشافه (4) ، فالأصل اشتراك الغائب والمعدوم معه ، بالإجماع محققاً ومنقولاً (5)، والنصوص(6)، وبناء العقلاء، والاستقراء(7)، وبذلك اندفع الأصل الأصيل المقتضي لعدم الاشتراك في بعض الصور.(8)
وإذا ثبت حكم للنبي(9) صلی الله علیه و آله وسلم فالأصل شركة الأمة معه؛ للأدلة الأخيرة، مضافاً
ص: 209
إلى أن السنة دليل شرعي(1)، وإلى التأسي.
وإذا ثبت حكم للأئمة علیهم السلام ، فكذلك، أو ثبت للرجال عمَّ(2)النساء، وبالعكس.(3)
أقول: وإذا ثبت للأحرار عم العبيد ، وبالعكس (4)، كل ذلك لبناء العقلاء، والاستقراء، وظهور الإجماع.(5)
ملفقاً من الموجود والمعدوم، لا المعدوم الصرف(1)، فتأمل.(2)
ثم اعلم أن الخطاب لغة إلقاء الكلام نحو الغير (3)، وقد يطلق اصطلاحاً على الكلام الموجه إلى الغير ، ولا ريب أنه حقيقة لغةً في الجملة في إلقاء الكلام إلى الغير(4) الخارجي الحاضر السامع الفاهم للخطاب، وفي كونه حقيقة مع فقد بعض تلك القيود، وجهان.(5)
كما أن في اشتراط كون الإلقاء باللفظ أم بحيث يشمل مثل(6) الإشارة، احتمالان(7) ، نعم هو حقيقة في الخطاب إلى الشخص ألغير المعين، كقول المصنفين اعلم وافهم) ؛ لعدم صحة السلب.
وأما آلة الخطاب كالضمائر ،ويا، وأيا، فيجري فيها أكثر ما جرى(8)في المادة، وإن لم يكن بين المادة والآلة(9)ملازمة في الحقيقة والمجاز .(10)
ص: 211
ثم هذه المسألة أصولية (1) لا يعتبر فيها الأدلة الظنية، الا مع استلزام الظن بالحكم الفرعي.
إذا ظهر ذلك، فالحق عدم شمول الخطاب للمعدوم؛ للأصلين السليمين عن المعارض، وقول المعمم فاسد، خال عن الدليل، سواء جعل ذلك من باب تعدد الخطاب والنداء المستمر(1)، أو من باب الكلام النفسي(2)، أو من باب المكاتيب والمراسيل، أو من باب تأليف المؤلفين، أو من باب شمول الخطاب اللفظي للمعدومين إلقاء ومدلولاً ، أو مدلولاً.
وأما لو جعله من باب الشركة في الحكم رجع النزاع لفظياً، وفي شمول الخطاب للغائبين احتمال قريب.
وقد يتمسك للخصم (3) بوجوه كلها مدخولة(4) مثل استدلال العلماء بتلك الخطابات في الأعصار والأمصار ، وانه لو اختصّ بالحاضر لزم على الشارع إعلام المعدوم بذلك، والتالي مفقود، وإن رسول المعدوم والحاضر واحد (5) ، وإن استحباب «لبيّك» (6) بعد قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»(7)، واستحباب «لا بشيء من آلائك ربّ أكذب»(8)
ص: 213
بعد قوله تعالى: «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»(1)شاهدان، مضافاً إلى الآية الشريفة «لأَنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ»(2)، وقوله تعالى: «الم»«ذَلِكَ الْكِتَابُ»(3) وقوله صلی الله علیه و آله وسلم: «فليبلغ الشاهد الغائب»(4)، وخصوص النصوص الدالة على نزول بعض الآيات في شأن المعدوم(5)، والنصوص الدالة على عموم خطابات الكتاب.(6)
ص: 214
التخصيص لغةً مطلق القصر(1)، واصطلاحاً قد يعرف بأنه قصر العام على بعض ما يتناوله.(2)
وينتقض عكساً بمثل «الدرهم البيض» إذا أريد به صنف خاص من الدرهم وبمثل (عشرة الا ثلاثة)، وبمثل «إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ»«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» (3) فتأمل .
وبمثل «أكرم العلماء إلّا زيداً» إن جعلنا الإسناد(4) بعد الإخراج، وبمثل «اشتريت الجارية إلا نصفها» ، وبمثل هؤلاء الرجال إذا خرج منه البعض على
بعض الوجوه.
ويمكن أن يعرَّف بأنه قصر اللفظ الدال على العموم الاستغراقي مطابقة، أي(5): لا سَرَيانياً على بعض ما يتناوله قصراً لفظاً (6) ، أو حكمياً، دلالة حقيقية(7) أم مجازية.(8)
ثم نقله إلى المصطلح تعيّني لا تعييني؛ لأصالة تأخر الحادث، والنقل في مادة
ص: 215
التخصيص لا في الهيئات إلا لفظ المخصص في احتمال
ثم المخصص إن لم يستقل في الدلالة على القصر فمتصل ، وإلا فمنفصل.(1)
في منتهى(2) التخصيص أقوال، والأصح جوازه إلى الواحد(3)، وعن الأكثر(4) لزوم بقاء الأكثر (5)، وعنهم أيضاً جواز استثناء الأكثر (6) فيلزمهم التناقض (7)، وقد يذبّ عنه بوجوه (8) ضعيفة.(9)
ثم محل النزاع الجواز اللغوي(10)، وفي دخول الاستثناء التخصيصي، والعمومات المجازية، ومثل الجمع المعهود المخصص، والنسخ الذي هو تخصيص في الأزمان،
ص: 216
و(كلمات)(1)المجازات، وضمائر الجمع ونحوها، ومطلق ألفاظ العموم إذا قلنا بوضعها للخصوص في محل النزاع ، وجهان.(2)
نعم، إطلاق العام على الواحد تعظيماً ليس من(3) محل النزاع .(4)
وفي كفاية بقاء الأكثر تقديراً عند القائلين باشتراط بقاء الأكثر احتمالان، وكذا في اشتراط العلم ببقاء الأكثر أم كفاية عدم العلم بأن الباقي أقل.(5)
ثم يمكن أن يكون مرادهم بقاء أكثر(6) الأصناف أم الأفراد، أم ،هما، أم ملاحظة العام في ذلك.
وأما الأصل الأصيل فعدم جواز(1) تخصيص الأكثر؛ إذ العلائق المتصورة هنا ثلاث: علاقة المشابهة، والعموم والخصوص، والكل والجزء بناء على كون دلالة العام على افراده تضمنية، وشيء منها لا يثبت جواز إخراج الأكثر على فرض الشك، وأما علاقة الكلي والجزئي فلا تتصور هنا؛ إذ العام الأصولي ليس كلياً لأفراده.(2)
إذا ظهر ذلك فاعلم أنّ الدليل على الجواز الوقوع عند العرف في بعض المقامات، وفي صورة عدم العلم بقدر المستثنى منه ، وان استنكار العرف في مقام القبح عقلي لا لفظي، مع أن العرف يصححه إذا كان الباقي جماعة غير محصورين عادة، فتأمل.(3)
ثم إنه على فرض جوازه مرجوح عندي في مقام التعارض غالباً، بل لا يكاد يوجد ثمرة بيننا وبين المانعين في الأحكام الشرعية بالنسبة إلى التخصيص إلى الواحد.
في بيان الاستثناء الأعم من التخصيصي والتقييدي، فاعلم أن المستثنى إن ساوى المستثنى منه أو زاد عليه، فالاستثناء مستغرق، وإلا فغير مستغرق، قالوا: إن المستغرق لغو اتفاقاً(4)، وهذا يحتمل عدم الجواز عقلاً، أو عدم الصحة لغة، أو الأمرين معاً؛
ص: 218
وأما غيره، فاستثناء الأقل من النصف صحيح اتفاقاً(1) وفيما عداه خلاف وأقوال.(2)
والثمرة والأصل ما مرَّ في المسألة السابقة.
ومحل النزاع الجواز اللفظي، لكن في كون النزاع في صحة الكلام، أو خصوص جهة الاستثناء، وجهان.
ثم الحق جواز استثناء الأكثر؛ لما مرَّ آنفاً(3) ، مضافاً إلى وقوعه في الكتاب الكريم.(4)
ثم في كون أداة الاستثناء حينئذ حقيقة أم مجازاً، احتمالان.
ثم في رفع التناقض الوارد هنا(5) وجوه أربعة أوجهها ارتكاب إسنادين: ظاهري وواقعي(6)، ومنه يظهر رفعه عن سائر أقسام التخصيص.
ص: 219
الهيئة التركيبة.(1)
اذا تعقب المخصص عمومات، وكان استثناءً والمستثنى (فرداً من المستثنى)(1)منه، والعمومات أحكاماً مختلفة متحدة بالنوع (أي: في جهة الإخبار والإنشاء، كقوله: (أكرم العلماء، واخلعهم، وأضفهم، إلّا زيداً) رجع إلى الكل.
أو مختلفة بالنوع(2)، كقوله ( أكرم العلماء، واخلعهم، وكلّهم كاتبون إلّا زيداً) رجع إلى الأخير.
أو لم يكن فرداً منه فكالفرد في هذا التفصيل، كقوله: (أكرم العلماء، واخلعهم، وأضفهم الا يوم الجمعة ) أو ( أكرم العلماء، وأضفهم، وجعلتهم مخلعين الا يوم
الجمعة)، فالمدار في تلك الأربعة اتحاد الأحكام نوعاً، واختلافها.
وإن كانت العمومات مفردة، بأن يكون التعدد في العمومات أنفسها، فإن كان المستثنى فرداً رجع إلى الأخير، اتحد الحكم أو اختلف.
أو غير فرد(3)، فكذلك إن اختلف الحكم، والا فإلى الجميع.
أو صفة، أو بدل بعض، فإلى الأخير، أو شرطاً أو غاية مع اتحاد الأحكام(4) نوعاً فإلى الجميع، والا فإلى الأخير، والدليل في الكل العرف، فخذ هذا ودع ما سواه، فإنه فضول.(5)
ص: 224
إذا رجع الضمير إلى بعض أفراد(1) العام، خصصه على أصح الأقوال(2)؛ إذ العرف متى فهم من الضمير معنى حكم بأنه المراد من المرجع، سواء كان المرجع(3) حقيقة فيه(4) أم مجازاً، فلا حاجة إلى بيان أن الضمير حقيقة فيما كان المرجع حقيقة فيه مطلقاً، أو إذا كان ظاهراً فيه، أو إذا كان مراداً منه، أو فيما كان المرجع ظاهراً فيه مطلقاً، أو(5)بشرط كونه مراداً، أو فيما كان مراداً من المرجع.(6)
ص: 225
لا ريب في جواز تخصيص الكتاب به(1)، وبالإجماع (2)، والخبر المتواتر لفظاً أو معنى(3)، وأصح الأقوال(4) الخمسة(5) جوازه بالواحد(6)؛ حذراً من لزوم المخالفة القطعية لولاه ، ولطريقة العرف(7)، ولكون ذهاب الأكثر إلى ذلك مرجحا بعد الدوران بين العلمين.(8)
أقول: مضافاً إلى ما سيأتي في حجية الظن.
ص: 228
قد يعرّف المطلق بأنه ما دلّ على ماهيّة من حيث هي، لا بقيد وحدة ولا كثرة.(1)
وقد يقال: إنه ما دلّ على شائع في جنسه.(2)
وعرّفوا المقيد بأنه ما يدل لا على شائع في جنسه.(3)
وعرّف أيضاً بما أخرج عن شياع.(4)
والنسبة بين تعريفي المقيد عموم من وجه(5)، وكذا بين المطلق بالمعنى الأخير والمقيد بالمعنى الثاني.(6)
ولو عرّف المطلق بأنه أحد الأمرين : إما الدال على الماهية، أو على الشائع في جنسه، لكان أقرب.
ص: 229
العموم المستفاد من المطلق بدلياً و(1)استغراقياً: إما افرادي(2)أو تركيبي.(3)
والأصح(4) أن من شرط حمله عليه التواطؤ وعدم الورود مورد بيان حكم آخر(5)، فلو لم يكن متواطئاً انصرف إلى الفرد الشائع.
(وفي كون الحمل على الشائع)(6) لأجل النقل، أو الاشتراك اللفظي الموجب للحمل على أشهر المعنيين أو المجاز المشهور، أو لأنه القدر المتيقن، أو لأجل كون الشهرة قرينة مفهمة، أو التفصيل بين المضر(7) الإجمالي فالرابع، ومبيّن العدم فالأخير ،وجوه أقربها الأخير؛ للعرف.(8)
ص: 230
التشكيك قد يحصل من غلبة الوجود، وقد يحصل من غلبة الاستعمال، ومع التعارض (1) ففي تقديم أيهما وجهان، والمرجع العرف.
وهل التشكيك من موانع ظهور اللفظ في الجميع، أو عدمه جزء المقتضي، أو شرطه؟ احتمالات أقربها الأول، كما يساعده العرف، فمتى شك في التواطؤ والتشكيك فالأصل التواطؤ .(2)
ص: 231
إذا ورد مطلق ومقيّد ، فله(1)من حيث اتحاد متعلق الحكم فيهما، (واختلافه، واتحاد موجب الحكم وتعدده ، (والإثبات والنفي)(2)فيهما والاختلاف، وكون الحكم فيها)(3) إيجاباً ، أم ندباً، أم غيرهما من الأحكام التكليفية أو الوضعية، والعلم بتاريخ الصدور والجهل ،به صور كثيرة تزيد على مئتين.(4)
والمعيار في الجميع من حيث حمل المطلق على المقيّد وعدمه، فهم العرف، والتبادر، ما لم يرد دليل الخلاف، وفيما يحمل عليه يجعل بياناً لا ناسخاً، إلّا إذا ورد المقيّد(5) بعد حضور زمان العمل بالمطلق.(6)(7)
ص: 232
المجمل اصطلاحاً ما يحتمل وجهين فصاعداً، احتمالاً مساوياً(1)، وهو قد يكون فعلاً (2)، أو تركاً(3)، أو تقريراً(4)، أو قولاً مفرداً، كما يتصور في المشترك اللفظي(5)، وفي المعتل(6)، وفي(7) مثل الضمائر(8)، والمشترك المعنوي(9)، والمجاز المتعدد (10) ، أو مركباً تسبب إجماله من التركيب(11)، أو من المفردات.(12)
والنسبة بين المجمل المفرد والمركب عموم من وجه(13)، وفي جواز صدور
ص: 233
المبين ما اتضح دلالته(1)، سواء كان مبيناً بنفسه(2)، أو مبيناً بأمر خارج قولي(3)، أو فعلي(4)، أو تركي(5)، أو تقريري.(6)
وتوهم(7) عدم جواز وقوع الفعل بياناً لوجه عقلي عليل (8)، عليل.(9)
ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة على الأصح(10)؛ للسفه، وفي جوازه عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة (11) كما هو المشهور(12) ، أم لا
ص: 235
مطلقاً(1)، أو (2) فيما عدا النسخ(3)، أو فيما عدا المجمل(4)، أقوال.
الإجماع يطلق على العزم مجازاً، وعلى الاتفاق حقيقة؛ للتبادر، وصحة السلب عن العزم.(5)
ونقل اصطلاحاً إلى الاتفاق الخاص.
فعند العامة: اتفاق المجتهدين(6)من هذه الأمة على أمر ديني، في عصر من الأعصار(7)، وعند الخاصة الاتفاق الكاشف، ولهم فيه طرق
فعند القدماء: هو الاتفاق الكاشف عن دخول شخص المعصوم في المجمعين قولاً أو فعلاً أو تركاً أو تقريراً.(8)
ص: 236
أو الاتفاق الكاشف عن دخول قول المعصوم في الأقوال المجتمعة.(1)
أو الاتفاق الكاشف عن صدور قول من المعصوم على طبق الأقوال الصادرة عن المجمعين .
أو الاتفاق الكاشف عما عليه المعصوم شخصيّاً أو قوليّاً أو صدور قول.
وعند الشيخ (2) - بعد موافقته القدماء في طريقتهم - انه إذا اجتمعت الطائفة على أمر ، مع عدم وجود خلاف، وعدم العلم بصحته وسقمه، وعدم العلم بوفاق المعصوم وخلافه، فذلك إجماع وحجة(3)؛ للأخبار، وقاعدة اللطف، (فهو حينئذ كاشف بملاحظة ضميمة قاعدة اللطف) (4)، لا لذاته.
وعند المتأخرين: الاتفاق الكاشف عن رضا المعصوم رضاً حقيقياً.
والنسبة بين هذه الطرق، وبينها وبين طريقة العامة واضحة.
ثم الإجماع إمّا محصل (5)، أو منقول بالقطعي، أو بالظني.(6)
ص: 237
ثم إما بسيط(1) أو مركب(2)، وإما ضروري أو نظري(3)، وإما ديني(4) أو مذهبي.(5)
ثم لا ريب في إمكان طريقة المتأخرين في يومنا هذا، ووقوعه، وحجيته(6)، ودليل الشيخ لا ينهض بمراده كأدلة العامة، وشكوك القاصرين.(7)
والإجماعات المنقولة في كلام الشيخ تحمل على مصطلح القوم.(8)
ص: 238
وفي جواز تعارض الإجماعين(1) المحققين مطلقاً(2)، أم لا مطلقاً(3)، أم على بعض الطرق المذكورة دون بعض (4)، وجوه .
وإذا اتفقت الأمة على قولين مثلاً في مسألة، أو مسألتين(5) بينهما قدر جامع أم لا، ففي جواز الخرق أقوال.(6)
والنسبة بينه وبين القول بعدم الفصل عموم من وجه.(7)
ثم لو لم يحصل على أحد الطرفين دليل اجتهادي، قطعياً، أم ظنياً ، أو فقاهتياً (8)، ففي التخيير كما عن الشيخ (9)، أم طرح القولين، قولان ، ثانيهما عن بعض الأصحاب .(10)
ولا ريب في جواز اتفاق الفريقين بعد اختلافهما (11) على أحد القولين، بناء على
ص: 239
طريقة القدماء، والمتأخرين، والعامة.(1)
وفي جواز تعاكس شطريه وجهان أظهرهما ذلك، سيما إذا جوزنا تعارض الإجماعين.
والإجماع السكوتي(2) ليس إجماعاً.(3)
وأما حجية الشهرة، ومنقول الإجماع، والإجماع الظني، وعدم الخلاف، وحكم تعارض ،الشهرتين فستظهر - إن شاء الله - من بحث حجية الظن .
ص: 240
الكتاب قطعي السند في الجملة، لكنه ظني الدلالة.(1)
ولو قيل: إن خطابه شامل للمعدوم ، ويقبح الخطاب بما له ظاهر وارادة خلافه بلا ،قرينة ولازم المقدمتين قطعية الدلالة.
لدفعناه(2) : بمنع عموم الخطاب، وبمنع عدم القرينة بعد اختلاف لسان المشافه والمعدوم، ووحدة الخطاب، ولا أقلّ من احتمال كونه قرينة، فلا قطع(3)
ثم الحق حجية الظن الحاصل منه من باب الظن الخاص لا المطلق ولا عدم الحجية، وذلك لاطباق المسلمين قديماً وحديثاً على العمل بظواهره ونصوصه، واحتجاج(4)أصحاب الأئمة دائماً به في ردّ الخصوم(5)(6)، وإطباق أصحابنا على الإفتاء بالعمل به(7)، فتأمل، ولبناء العقلاء عليه، والإجماعات المحكية ((8) ، والأخبار البالغة حد التواتر، كأخبار عرض المتعارضات عليه (9)،
ص: 241
وخبر الثقلين(1)، وابن الزبعرى(2)، وما ورد في آية التقصير(3)، ولأن خطابه متعلق بالمشافه، وظاهره حجة له(4)؛ لقبح إرادة خلافه بلا قرينة، والأخبار الناهية لا تصير قرينة(5)، كما ستعرف.
ونحن إذا علمنا بما كان ظاهراً للمشافه - ولو بضميمة الأصول العملية - فقد علمنا بحكم الله سبحانه بعد أدلة الاشتراك في الحكم (6)، مع التأيد بقوله تعالى: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ».(7)
وكل واحد من هذه الأدلة، أو مجموعها يفيد القطع بالحجية.
ولو تمسك الخصم بما دلّ(8) على حرمة التفسير بالرأي، وعلى أن علم القرآن
ص: 242
عند أهل الذكر (1)، وعلى أنه محرّف(2)، فيحتمل اختلاف آيات الأحكام.
لقلنا: إن العمل بالظواهر لا يعد تفسيراً بالرأي(3) ، وإن علم الكتاب عند أهله، ونحن لا ندعي العلم، مع(4)أن الظاهر منه علم المتشابهات والبطون(5) ، والنقص - على فرض تسليمه - مجمع على عدمه في خصوص آيات الأحكام.(6)
وأما قوله تعالى: «مَا يَعلَمُ تَأْوِيلَهُ»(7) الآية، فليس للخصم التمسك به الا إلزاما.(8)
وجوابه: إن التاويل غير العمل بالظاهر.(9)
ص: 243
أصل(1)
قال الله(2)سبحانه: «ولا تُلْقُوا بأيدِيكُمْ إلى التهلُكَةِ».(3)
اعلم أن دفع (4) الضرر لازم (5) وإن كان موهوماً؛ لبناء العقلاء على الاحتراز من الإناءين المشتبهين إذا أخبر كذوب يظن كذبه بوقوع السم في أحدهما؛ وأما عدم(6) احترازهم عن(7) القعود في البنيان المحتمل للخراب ونحوه، فلعدم إمكانه لهم، ولزوم وقوعهم في محذور أشد منه.
و احتمال(8)اختصاص اللزوم بأمور(9)المعاش مما يكون تأثيره (10) ذاتياً (11)، لا في مثل الأحكام مطلقاً، أو الأحكام الشرعية.(12)
يدفعه: عموم بنائهم، بل أشديّة الأخروي(13)، مضافاً إلى القوة العاقلة، وأخبار
ص: 244
الاحتياط.
ثم الضرر المحتمل : إما خال عن المعارض، أو معارض باحتمال ضرر آخر مساو معه رتبة ،واعتقاداً، أو رتبة لا اعتقاداً، أو عكسه، أو أقوى منه رتبة واعتقاداً، أو أحدهما أقوى رتبة والآخر اعتقاداً.
ثم إما كلاهما دنيويان ، أو أخرويان، أو مختلفان، فصارت الصوّر ست عشرة. أما ما خلا عن المعارض فقد مرّ .
وأما ما كان مع المعارض المساوي من الجهتين فالتخيير، أو الأقوى من الجهتين، أو من إحداهما(1)، فتقديم الأقوى، أو الأقوى من جهة والأضعف من أخرى، فموارده عند العقلاء مختلفة.
هذا كله مع كونها دنيويين، أو اخرويين.
وأما في المختلفين، فنقول: لا ريب في قبح الإضرار بالنفس، ولزوم دفعه عقلاً وشرعاً ما لم يرد دليل عليه(2)، كما ورد في إضرار النفس لحفظ بيضة الإسلام، وحينئذ لو تعارض ضرر دنيوي كإضرار النفس بالقتل مثلاً، وأخروي، فالأخروي: إما مقطوع، كالقطع بأنه في ترك الجهاد يستحق العقاب الأخروي، أو مظنون، أو مشكوك، أو موهوم. (والضرر الدنيوي إما مقطوع، كالقطع بأنه لو جاهد لقتل، أو مظنون، أو مشكوك، أو موهوم)(3)، فإن كان الضرر الأخروي (مقطوعاً، أو مظنوناً بظن شرعي معتبر، قدّم مطلقاً؛ لقوة الأخروي)(4)رتبة مطلقاً، واعتقاداً أيضاً في بعض الصور(5)،
ص: 245
أو مشكوكاً حكماً واعتباراً، (أو اعتباراً)(1)فقط، أو موهوماً، قدم دفع الضرر الدنيوي مطلقاً؛ لأنه إذا شك في وجوب الجهاد مثلاً (2) شك في استحقاق العقاب على تركه في الآخرة ؛ لاحتمال وجوبه، وفي استحقاق العقاب على فعله لاحتمال عدم وجوبه)(3)، فاحتمال العقاب في الآخرة موجود فعلاً وتركاً، فيتعارضان، ويبقى القطع بأنه لو جاهد لقتل، أو الظن ، أو الشك، أو الوهم به سليماً عن المعارض، فيجب التحرز عنه.(4)
نعم، يبقى الكلام في تشخيص الصغريات، ومرجعه نظر الفقيه.
ص: 246
أصل(1)
قال الله سبحانه: نيُرِيدُ الله بكمُ الْيُسْرَ»(2)
اعلم أنّ الفعل إن لم يكن مقدوراً للمكلف فلا ريب في عدم جواز تعلق التكليف به عقلاً(3) و نقلا(4)، كما لا ريب في الجواز(5) مع كونه مقدوراً خالياً عن العسر والاختلال، مال إليه النفس، كالأمر بالنكاح والنهي عن الخبائث، أم لا، كالأمر بالصلاة والنهي عن الزنا.
وإن كان معسوراً ومضراً، كإيقاع نفسه في التهلكة، وقتل الولد، فالأصل في مثله عدم جواز ارتكابه؛ لأن فيه أمارة المفسدة، ولأنه (6) تصرف في ملك الغير بغير إذنه، بل العقل يستقل في حكمه بقبح ارتكابه من العبد(7)، وقبح ترخيص المولى فيه، وقبح إلزامه العبد عليه(8)، لكن حكماً تعليقياً معلقاً على عدم العلم بوجود مصلحة فيه؛ إذ يمكن عند العقل وجود مصلحة مقتضية للترخيص أو الإلزام، كما وقع في الأمر بالجهاد، وفي أمر الطبيب بقطع بعض الأعضاء.(9)
ص: 247
أو معسوراً مستلزماً لاختلال نظم (1)العالم، كإيجاب الاحتياط الكلي على الكل فذلك مما (2) يحكم العقل (3)بقبحه تنجيزاً ما دام الغرض متعلقا ببقاء النظم للزوم مخالفة ،الغرض، فلايجوز الأمر به، ولا الترخيص في فعله.
ولو قيل: فكيف تعلق الأمر بالمندوبات(4)، مع كثرتها الموجبة للاختلال، بل وتضادها، وعدم إمكان جمعها؟
قلنا: بعد القرينة المذكورة لا بدّ من حمل أوامر الندب على الإرشاد وبيان الحسن ،الذاتي، لا على الطلب والترخيص المطلق، أو الحمل على التخيير بالنسبة إلى المتضادين، مع التقييد بصورة عدم الاختلال، أو الحمل على صورة عدم اختياره الضد وعدم الاختلال، والأوسط أوسط.(5)
ولو كان دليل الندب دالا على الحكم الوضعي، أي: على الحسن والمحبوبية الذاتية في الماهية من دون دلالة على الطلب(6)، كقوله : «الصلاة خير موضوع»(7)و «الصوم جنّة من النار»(8)، أو كان دليل (9) احد الطرفين من المستحبين اللذين لا يجتمعان، أو يستلزمان الاختلال وضعياً، وإن كان الآخر بلفظ الأمر، أو (10) كان
ص: 248
الأمر دالاً على إيجاد الماهية مطابقة، وعلى حسن الماهية من حيث هي في ضمن كل الأفراد التزاماً(1)عرفياً، طلب كل الأفراد، كقوله (2): «زر من دون دلالته على الحسين علیه السلام».(3)
اندفع الإيراد من أصله؛ لعدم انصراف ما هو وضعي إلى صورة الاختلال، أو عدم الإمكان، وعلى فرض الانصراف لا تنافي؛ لأنه لا طلب، فتأمل.
وإن كان معسوراً لا ضرر فيه ولا اختلال بل مجرد مشقة لا تتحمل عادة، فلا قبح في ارتكابه، بل ارتكاب المشقة في طاعة المولى حسن، لكن يقبح الإلزام به من المولى عند العقل قبحاً تعليقياً، ولا يقبح عقلاً (4) الأمر به ندباً، ولا إجماع على نفيه، ولا ينافيه ما دل على نفي الحرج، وعلى البعث على الملة السمحة السهلة؛ إذ لا حرج(5) بعد الإذن في الترك، والسهولة حاصلة معه.
وأما قوله تعالى: «يُريدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُريدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»(6) ، فيمكن أن يكون المراد ب- ( لا يريد أنه يبغضه، فلا يكون حسناً ولا مباحاً ، أو(7) أنه لا يحبه فلا يكون مطلوباً إلزاماً وندباً وإن أمكن إباحته، أو أنه لا يطلبه وإن أمكن (كونه محبوباً، أو أنه لا يلزم به وإن أمكن)(8) طلبه ندباً.
والمتبادر نفي الطلب الإلزامي وإن كان مقتضى قاعدة عموم لفظ (العسر)
ص: 249
الوارد بعد النفي عدم تعلق الإرادة على المعسور إلزاماً وندباً.
سلّمنا عدم الظهور فيما ذكرنا(1)، فلا أقل من الإجمال، ويبقى حينئذ ما دلّ على استحباب المعسور سليماً عن المعارض، مضافاً إلى اتفاقهم على عدم نفي العسر في المندوبات، بل لم(2) يتمسك أحد بهذه(3) الآية الشريفة على نفيه فيها، وهذا يكشف عن أن الظاهر منها عندهم (4) نفي الإلزام .(5)
ص: 250
السنّة لغةً الطريقة (1) ، واصطلاحاً - على ما ذكروه - قول ،المعصوم أو فعله أو تقريره(2)؛ ولعل المراد من القول أعمّ من مثل الكتب والإشارة، ومن الفعل أعم من الترك.
والحديث ما يحكي السنة(3) ، والنسبة بينهما عموم من وجه، ونقل السنة إلى المعنى(4) المصطلح من نقل المناسب إلى المناسب(5) ، لا الكلي إلى الفرد، والمنقول إليه أحد الأمور لا كل واحد منها؛ للأصل(6) ، والنقل تعيني ؛ للغلبة.(7)
بنفسه(1)، لا يطّرد؛ لدخول خبر ثلاثة أفاد العلم بضمّ القرائن الداخلة، فإنه لا يسمى متواتراً اصطلاحاً(2)، ولا يدفعه اشتراط الكثرة بعد(3) التعريف؛ لأن ذلك جزء مفهومه(4) لا شرطه الخارجي، ولا ينعكس؛ لعدم صدقه على خبر جماعة كثيرين أفاد العلم لا بنفسه، بل بضمّ القرائن الداخلة، فتأمل.
أو غير متواتر، وهو ما ليس كذلك، وإن افاد العلم بقرينة خارجية.
ثم المتواتر : إما يفيد القطع باللفظ ولو إجمالاً، أو بصدق المضمون، أو بهما(5)، وكذا(6) الواحد المحفوف بقرينة قطعية، فما كان من هذه الأقسام الستة مقطوع اللب فلا كلام في حجيته؛ لأن العلم حجة لكل احد في كل مقام، من أي سبب حصل، أي(7) مرتبة كانت من مراتب العلم في أي زمان كان، قبل الفحص أو(8) بعده.
وما كان منها مقطوع اللفظ، فهو من الظن الخاص المقطوع حجيته؛ للإجماع عليه(9)، وما ينكر حجيته أحد عدا ابن قبة فيحتمل إنكاره لذلك؛ لجريان دليله.(10)
ص: 252
على عدم جواز التعبد بالواحد من استلزامه تحليل الحرام وعكسه فيه).(1)(2)
فانحصر النزاع في قسم سابع خارج عن الستة، وهو الواحد الذي لا قطع بصدوره، ولا مضمونه.
ولمّا كان هذا فرداً من أفراد الظن، فالأحسن طرد الكلام في حجية مطلق الظن وعدم حجيته.
ص: 253
فاعلم(1) أنّ من الظنون (2) ما هو مقطوع الاعتبار شرعاً، كالحاصل من متواترات(3)الكتاب والمتواتر اللفظي، والواحد القطعي الصدور؛ وما هو مقطوع عدم الاعتبار كالحاصل من القياس المستنبط ، والاستحسان، والمصالح المرسلة؛ وما هو مشكوك الاعتبار بالمعنى الأعم، ومحل النزاع هو الأخير.
ثم الكلام في الظن (4): إما من حيث الظانّ أنه المجتهد المطلق، أو المتجزئ، أو العامي، فهذا من مباحث الاجتهاد، أو من حيث محل الظنّ أنه الحكم الفرعي، أو الأصولي، أو الموضوع المستنبط، أو الصرف، أو المسائل المشتبهة، أو الاعتقادية، (أو من حيث أسباب الظن، أو من حيث مراتبه)(5) ، أو من حيث زمان العمل به أنه(6) قبل الفحص أم بعده، فلا بد من ذكر هذه في طيّ أصول.
ص: 254
ثم اعلم أن المجتهد إذا رأى خبراً، أو(1) ظن وجوب غسل الجمعة مثلاً، فتحصيل هذا الظن والاعتقاد لا شبهة في جوازه عندهم ظاهراً، وخروجه عن محل النزاع، وكذا (2) الإتيان بذلك المظنون في الخارج بأن يغتسل غسل الجمعة، ليس من محل النزاع، بل محل النزاع جواز جعل ذلك المظنون حكماً لنفسه، وجعله حجة له، وبناء حكمه عليه ولو(3) لم يعمل به أبداً عصياناً، أو نسياناً.(4)(5)
ثم إنهم بعد ما نازعوا في إنسداد باب العلم بالمعنى الأعم من الظن الخاص في أغلب أبواب الفقه ، أو(6)انفتاحه، وافترقوا فرقتين، نازعوا في أنه - بعد فرض الانفتاح الأغلبي - لو فرض نادراً موضع لم يمكن فيه العلم بعد الفحص، فهل(7) يجوز العمل بالظن في هذا الموضع أم لا (8)؟ فمنهم من أنكره ، ومنهم من أثبته، كما يظهر القول الثاني من تمسكهم في حجية الظن بدليل دفع الضرر (9)، وترجيح المرجوح.(10)
وأما على فرض الانسداد الأغلبي وتسليمه، فالكل متفقون على حجية الظن،
ص: 255
وانما ذكروا إبطال البراءة والاحتياط - على (1) فرض هذه الصغرى - دفعاً للتوهم لا لوجود (2) عامل بهما في الحقيقة(3)(4)، فمحل النزاع إجمالاً انما هو ما شك في جواز العمل بالظن فيه، وعدم جوازه.
وأما تفصيلاً: فقد عرفت أن مورد الشك انما هو صورة الانفتاح الأغلبي، أو الشك فيه (5) ، (وأما في صورة الانسداد الأغلبي، فالجواز مقطوع (6)، ولو فرض الشك فيه أيضاً)(7) كان من محل النزاع.
فظهر أنها هنا(8) نزاعاً صغروياً، ونزاعاً كبروياً على فرض إحدى(9) الصغريين. إنهم اتفقوا على أن العمل بالظن : إما واجب أو محرم ، فالقول الثالث خرق للإجماع المركب.(10)
ص: 256
الأصل الأصيل حرمة العمل بما وراء العلم إلى أن يقوم عليه دليل، وذلك لوجوه:
[الوجه] الأول: قاعدة الاشتغال المقتضية للاحتياط، بعد العلم الإجمالي بتعلق التكاليف الشرعية(1)، ولازمه التوقف عن الإفتاء في المعاملات حيثما(2)دار الأمر فيها بين ،المحذورين ، ككون (3)المال لزيد أو لعمرو، وإتيان ما يحتمل وجوبه فيما دار الأمر فيه بين الواجب وغير الحرام، وترك ما يحتمل حرمته فيما دار الأمر فيه بين الحرام وغير الواجب، وفيما دار الأمر فيه بين الحرام والواجب تحرّي الظن، فيؤخذ بالمظنون لا من باب الظن بل من باب القدر المتيقن، وإن لم يمكن(4) الظن تخير بينهما، وفي كلّ من تلك السلاسل نعلم إجمالاً بوجود التكاليف بينها(5)، والقطع بالامتثال لا يحصل الا بما ذكر.(6)
ولو قيل : لو علم المجتهد حين عروض المسألة بتمكنه من تحصيل العلم، فأخّر الفحص الواجب تفريطاً إلى أن تعذر العلم، ويتمكن من الظن، فإن لم يكن الظن حجة ارتفع التكليف بالفحص، وإن كان حجة بقي الأمر بالفحص)(7)، واستصحاب
ص: 257
الأمر بالفحص يقتضي وجوبه بعد تعذر العلم أيضاً، ولازمه حجية الظن، ويتم ما(1) عدا هذه الصورة بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه بقاعدة الاشتغال؛ إذ الاستصحاب أقوى منها.(2)
قلنا: المجتهد بعد عروض المسألة: إما [أن] يعلم من أول الأمر بتمكنه من تحصيل العلم، أو بعدم (3) تمكنه منه، أو يشك؛ وفي الأخير لو تفحص وعجز عن :العلم إما [أن] ينكشف (4) انه لم يكن متمكناً من أول الأمر، أو ينكشف عروض عدم التمكن بعد ذلك ، أو (5)يستمر الشك لاحقاً كما كان سابقاً، وفي شيء من الصور الخمس لا يصح التمسك بالاستصحاب، بعد رعاية اتفاق الكل على عدم حجية الظن للمتمكن (6) من العلم ، وعدم حجية الاستصحاب في الشك العرضي والساري.(7)
ولو قيل: لو قطع المجتهد أولاً بالسدّ الأغلبي، فحصل الظن وعمل به(8) في الأحكام، ثم قطع بفتح باب العلم غالباً؛ لحصول القرائن بعد ذلك، كأن حصل الأصول المهجورة، وصار أغلب النصوص متواترة عنده، فحصل العلم فيما أمكنه وبقي قليل من مظنوناته(9) السابقة على حالة السدّ فيستصحب حجية الظن، وجواز العمل به في هذا القليل ويتم ما عداه من موارد الشك في حجية الظن بالإجماع
ص: 258
المركب(1)، ولا يمكن القلب بالاشتغال؛ لما مرَّ .
وأيضاً نفرض ما إذا قطع أولاً، ثم شك في بقائه وارتفاعه، فيستصحب الموضوع والحكم معاً، ويتم فيما عداه بما مرَّ.
قلنا إن الفرض الأول معارض بمثله، فبعد تعارض الاستصحابين بضمّ مركب الإجماع بقي الاشتغال سليماً عن المعارض، وكذلك الفرض الأخير، مضافاً فيه إلى أن استصحاب الانسداد حين الشك في بقائه لا يتصوّر : إما لأنه عمل بالأصل قبل الفحص، أو لأنه شك في الحادث.
ولو قيل: إن الاحتياط - بالتقرير الذي ذكرت عملا بالاشتغال - غير ممكن أما في المعاملات فلأن الوقوف عن الفتوى(2) يحتمل الحرمة؛ لدوران الأمر بين وجوب الإفتاء(3) وحرمته، فلا احتياط مع الوقوف، وأما في العبادات فلأن مجرد الإتيان بمحتمل(4) الوجوب كغسل الجمعة لا يقطع معه بالبراءة؛ لاحتمال وجوب قصد الوجه (5)، أو اشتراط العلم به، والعلم به غير ممكن بالفرض.
وأما العمل بالظن في تعيين الوجه فأمره(6)مردد بين الوجوب والحرمة، فلا يمكن الاحتياط في الفروع غالباً؛ لفقد المقتضي، وهو عدم إمكانه ذاتاً، لا لوجود المانع، والدليل الوارد حتى لا ينافي تأسيس الأصل.
قلنا: إن مخالفة الاحتياط مع الإفتاء (أزيد؛ لاحتمال مخالفة الواقع حينئذٍ في
ص: 259
كل من الإفتاء)(1) والمفتى به، بخلاف الوقف، فهو أوثق وأحوط وأقل محذوراً، وأما اشتراط العلم بالوجه، فغير محتمل عندنا(2) ؛ لبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة.
سلّمنا ، لكن ترك العمل (3) بالظنّ مستلزم(4)لارتكاب خلاف احتیاط واحد وهو احتمال حرمة تركه، والعمل به في تعيين وجه الفعل يوجب خلاف احتياطين إذا ظن بعدم الوجوب وترك الفعل، فترك العمل بالظن والإتيان بالفعل أوثق.
سلّمنا الاشتراط، لكن يكفي العلم بالوجه الظاهري، وهو الوجوب المسبب من قاعدة الاشتغال، كما في سائر الأصول العملية.
[الوجه] الثاني: استصحاب الأمر بالصلاة مثلاً، ولا يمكن ذهاب الظن في(5) كل مقامات الشك إلى جانب الاحتياط واستصحاب بقاء التكاليف المعلومة بالإجمال في أبواب الفقه، وسلاسل الشكوك المتقدمة.
وأما القدح في(6)الاستصحاب بمنع جريانه؛ إذ المستصحب إن كان الأمر بالأقل فقد أتى به، أو بالأكثر(7) فالتكليف(8) به مشكوك من أول الأمر، أو الأمر النفس الأمري، فالقدر المعلوم منه مأتي به، ولا دليل على الزائد.
أو بمنع اعتباره؛ لأن حجية الاستصحاب إما لأجل ظنية نفسه، أو ظنية ،مدركه، وهو الاخبار، وحيث نفيت بالاستصحاب اعتبار الظن، فقد نفيت اعتبار
ص: 260
الاستصحاب.
أو بوجود المعارض له(1)للاستصحابات السابقة، فواه جدّاً.(2)
[الوجه] الثالث: قاعدة المقدّمية(3)المقتضية لوجوب الإتيان بما يحتمل كونه مقدمة للواجب، بمعنى ترتب العقاب على ترك ذي المقدمة عند ترك المقدمات القطعية، أو الاحتمالية ، كما مر في مقدمة الواجب دليله، وهو (4) بناء العقلاء.
ولو قيل: إنّ هذه الأدلة الثلاثة إنما تتم فيما علم بالتكليف إجمالا في خصوص الواقعة، أو بين الوقائع المشتبهة، لا في السدّ(5) الجزئي مع فقد(6)العلم الإجمالي.
قلنا: إنّ كل من حرم العمل بالظن في المعلوم بالإجمال، حرمه هنا أيضاً، فالإجماع المركب من جهة الجنس وهو الحرمة موجود، نعم الإجماع المركب من جهة الفصل أي: العمل بالاحتياط لا البراءة بعد الحكم بالحرمة، كما اقتضته الأدلة المذكورة عند العلم الإجمالي - غير موجود. كما مر .
[الوجه] الرابع: ما مرَّ من لزوم دفع الضرر المحتمل، ولا يندفع الا بالاحتياط
ولو قيل: إنّ القائل بوجوب العمل بالظن يحرم الاحتياط والحكم على مقتضاه، فاحتمال الضرر معارض بمثله.
قلنا الأمر في المسألة الأصولية - وهي وجوب العمل بالظن وحرمته - وإن
ص: 261
كان دائراً بين المحذورين والضررين، إلّا أنه في المسألة الفرعية ومقام العمل يمكن الاحتياط، كترك محتمل التحريم، ففي العمل بالظن احتمال مخالفة الواقع من جهتين، بخلاف الاحتياط.
[الوجه] الخامس: أصالة البراءة عن(1) وجوب الفحص، إذا علم عند عروض المسألة بأنه لا يتمكن من العلم، بل يتمكن من الظن، ويتم فيما عداه - كما لو كان ظانّاً من أوّل الأمر - بالإجماع المركب، الا أن يردّ ذلك بأن (2) وجوب الفحص مقدّمي تبعي(3)، لا يجري فيه أصل البراءة.
[الوجه] السّادس: إنه لا ريب في اتحاد الأحكام 0الواقعية وتبعيتها للصفات الكامنة، ولا في أن جعل تلك الأحكام)(4) من الشارع إنما هو لإعلام العباد؛ حتى يعثروا على تلك المصالح والمفاسد، كما هو مقتضى اللطف الواجب، ولا في أن مقتضى اللطف الواجب نصب دليل علمي على تلك الأحكام المنبئة عن المصالح الواقعية إجمالاً، فإنّ الظن يخطئ ويصيب، فيوجب تحريم الحلال وعكسه، ويوجب لغوية جعل الأحكام بمقتضى المصالح الواقعية، وخلاف اللطف بالنسبة إلى العباد؛ لارتكابهم حينئذ الحرام الواقعي المهلك بمقتضى الصفة الكامنة(5) فيه، فلا بد من كون باب العلم القطعي مفتوحاً لكل أحد.
وفيه: إن المراد إن كان مجرد نصب الدليل القطعي للعباد - وإن لم يصب الواقع لزم ما لزم في الظن ، أو (6) القطع المطابق للواقع، فإن لم يكن ذلك لازما عليه (تعالى
ص: 262
[
فلا كلام، أو لازماً عليه)(1) ولم ينصب ، أو نصب لكن كان اختلاف العلماء عن تقصير منهم، فهو كما ترى، أو عن قصور فلم ينصب، فبطلان الدليل محسوس بوجداننا الانسداد.
سلّمنا، لكنه ماذا يقول في الظنون الاتفاقية، كالحاصل من المتواترات اللفظية وفي الموضوعات الصرفة(2) المبنية على الظن، أو السبب (3) كيد المسلم، وأصالة الطهارة، مع أن محل كلامنا في تأسيس الأصل صورة الشك في حجية الظن، وهذا الدليل لو تم لأثبت الانفتاح المطلق، ومعه لاشك في حرمة العمل بالظن، ولا نزاع.
[الوجه] السابع: إجماع الخاصة على عدم جواز العمل بالظن ما لم يرد عليه دليل(4)، ولذالم نر احدا يقول بحجية الظن تمسكاً بعدم الدليل على حرمته، ولعل(5)(6)مراد المرتضى أيضاً من الإجماع على حرمة العمل بالواحد اندراجه تحت هذا هو الأصل المجمع عليه؛ لعدم عثوره على الدليل الوارد (7)، لا من أجل عثوره على حرمة العمل به.
[الوجه] الثامن والتاسع: الآيات(8)، والنصوص(9) القطعية.(10)
ص: 263
الحق انقلاب أصالة الحرمة إلى أصالة الجواز في الأحكام الفرعية في الجملة،
ويدل عليه البرهان العقلي، ويتم ذكره في طي مقدمات أربع:
المقدمة (1) الأولى: ثبوت التكاليف في حقنا بالضرورة، ووجوب تحصيل العلم بها، والفحص عنها.(2)
[المقدمة] الثانية: لا ريب في انسداد باب العلم بالمعنى الأعم من الظن الخاص في معظم الأحكام الفرعية؛ لأن أدلة الفقه غالباً أربعة العقل والإجماع، والكتاب والسنة(3)، وهي لا تفيد غالباً القطع:
أما العقل القطعي المستقل، على فرض إدراك العقل الحسن والقبح، والثواب والعقاب، والحجية، ووجود موضع (4) لم يصل حكمه من الشارع الا من جهة العقل، ففي غاية القلة في الفروع.
وكذا الإجماع القطعي النظري، الذي لا يحتاج مفاده إلى إعمال الظنون الاجتهادية؛ (لإجماله.
ص: 264
وأما الكتاب فآيات أحكامه قليلة، ثم منها ما (1) هي مجملة بذاتها، ومنها ما (2) اختلف في إجمالها وبيانها، ومنها ما هي ظاهرة تثبت حكماً إجماعياً، أو ضرورياً، أو حكماً مجملاً يحتاج تفصيله إلى إعمال الظنون الاجتهادية)(3)، ك-«أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ».(4)
وأما السنة فما كان منها مقطوع الصدور فمن الظن الخاص، لكنه قليل كمقطوع اللب(5)، بل غالب الفرعيات تثبت بالواحد الذي لا قطع بصدوره، ولا مضمونه، ولا بحجية من دليل خاص قطعي، فباب العلم غالباً منسد.
فإن قلت: باب العلم الوجداني منفتح في الأحكام غالباً، أم دائماً، كما عليه ابن قبة؛ حذراً من تحريم الحلال وعكسه.
قلنا: قد مر تقريره وجوابه في تأسيس الأصل.
فإن قلت إن الأخبار كلها أو (أغلبها)(6) كأخبار الكتب الأربعة، مقطوعة : الصدور (7)، فالظن الحاصل منها ظن خاص، فباب العلم بالمعنى الأعم منفتح غالباً.
قلنا: إن الدليل على ذلك إنْ كان: إنّ تلك الأربعة من الثلاثة(8) بالتواتر ولو غالباً، سيما بعد اتفاق أكثر النسخ، وهي ماخوذة من الأصول الأربعمائة التي كانت
ص: 265
مشهورة بين الإمامية في زمن الأئمة معوّلاً عليها بينهم، كما يشهد بذلك التتبع(1) ، وإخبار الثقة الموجب للعلم، إذا كان المخبر به أمراً جلياً.
وأخبار تلك الأصول كلها من المعصوم، والا لما (اتفقت الإمامية على العمل بها، والاعتماد عليها، بل لو ) (2) كان فيها كذب لردعهم المعصوم علیهم السلام عن العمل بها ؛ لاطلاعه على عملهم بها في زمانه.
ففيه: ان تلك الأصول (ليست بأيدينا اليوم(3)، حتى نعلم بالتتبع أن أخبار الكتب الأربعة هي أخبار تلك الأصول)(4)، والثقة المخبر بذلك لم نجده الا الفقيه بالنسبة إلى كتابه(5)، لا الكتب الأربعة، مع أن كون هذا الخبر مأخوذاً من الأصل المجمع عليه ليس أمراً جلياً حتى يفيد إخبار الثقة عنه العلم؛ إذ الاطلاع على الإجماع أمر صعب، سيما عند هذا الخصم، وهو الأخباري المنكر للإجماع من أصله(6) ، واطلاع المعصوم علیهم السلام على أخبار تلك الأصول تفصيلاً أول الكلام، فكيف يكون تقريره هنا حجة.
وإجماع الإمامية على العمل بها، لعله لأجل عملهم بالواحد، أو تبعضهم(7) في
ص: 266
جهة العمل، فلا يكشف عن قطعيتها عند جميعهم، بل لو قطعنا بكون (المخبر عن الإمام ثقة لم نقطع بعدم سهوه؛ لكون) (1) المخبر به أمراً خفياً.
وإن كان: إنَّ تأليف المشايخ الأربعة إنما هو لفائدة هي(2)هداية الناس كلهم(3)، كما يظهر من حملهم تعديلات علماء الرجال على المعنى الاعلى(4)، وإجماعات الشيخ على مصطلح(5)المشهور ، وانتفاع الكل لا يكون الا بذكرهم الأخبار القطعية؛ ليعمل بها كل احد، حتى من لا يعمل بالواحد.
ففيه: إن القطعية عند المشايخ لا يوجب القطع عند غيرهم(6)، مع احتمال كون(7) غرضهم من التأليف انتفاع العاملين بالواحد مطلقاً، وغيره مع حصول العلم له، فذكروا الآحاد وغيرها، بل لا (8) يمكن قصدهم نفع الكل؛ لما عرفت.
والقياس على التعديل، ونقل الإجماع مع الفارق؛ لأنهما لفظان(9) ينصر فان إلى الفرد الظاهر.
ص: 267
وإن كان : إن المشايخ حكموا بصحة ما في مؤلفاتهم هذه (1)، والصحيح عندهم هو المطابق للواقع؛ لأصالة عدم النقل عن المعنى اللغوي عندهم، والظاهر من حكمهم هو الحكم القطعي.
ففيه إن كون مرادهم ما ذكرت ظني، وإن القطع عندهم لا يوجب القطع لنا.(2)
وإن كان: إنّ الكافي عُرض على الإمام علیه السلام ، وقال : «انه كافٍ للشيعة»(3)وسماه ، كافياً، وهذا يكشف عن صحة جميع اخباره.
ففيه: إن أصل العرض غير معلوم، ثم التسمية غير معلومة، وإن في تقريره علیه السلام ما في التقرير السابق.
هذا كلّه مضافاً إلى كثرة الأخبار في الأربعة، وكثرة الوسائط، وطول الزمان، ووجود الاختلاف الكثير بينها(4) ، وأن الكذابة كثيراً ما دسّوا(5) في أخبارهم، مع احتمال السهو والنسيان في أصحاب(6) الأصول والمشايخ، سيما في المطالب العلمية، فمتى علم أو احتمل - ولو وهماً - خطأ واحد من أحد في مجموع تلك الكتب الأربعة، سرت الشبهة إلى كل خبر (7) فيها ، وخرج عن القطع ، فدعوى قطعية السند واهية.
ص: 268
فإن قلت: إن أخبار الأربعة قطعية الاعتبار بدليل خاص، وهو شهادة المحمدين(1)على صحة ما فيها(2)، وكل شهادة حجة شرعية، فباب العلم بالمعنى الأعم منفتح.
قلنا: كون ذلك شهادة لا إخباراً ممنوع ، ولا أقل من الشك فيه، مع أن كون مرادهم (من الصحة قطعية الصدور، مظنون لا مقطوع، ولعل مرادهم)(3) ما يعتمد عليه قطعياً، أم ظنياً(4)، فشهادتهم على قطعية تلك الأخبار غير قطعية لنا، حتى نعمل بشهادتهم، مع أنه لا دليل على حجية الشهادة في الأحكام الشرعية.
فإن قلت: الأخبار(5) الآحاد حجة من باب الظن الخاص ؛ للأدلة الدالة (6) على حجية خبر الواحد، كما عليه الأكثر(7)، فيكون باب العلم بالمعنى الأعم مفتوحاً(8)، فمن أدلتها: إن بناء المسلمين في زماننا على العمل بالآحاد التي تطمئن إليها النفس في
ص: 269
أخذ فتاوى المجتهدين، ولا يقتصرون على الشفاه، ولا(1) على الكتاب، وهذه الطريقة كانت مستمرة من زمن النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلى زماننا، حتى إن أهل المدينة ما كان ديدنهم أخذ جميع أحكامهم مشافهة عن النبي علا الله ، بل الزوجة كانت(2) تراجع زوجها، والولد أباه، والطفل معلّمه ،وهكذا، ومن المعلوم عدم حصول القطع لهم في جميع تلك الآحاد، وهكذا أهل البلاد في زمن الأئمة عل ، بل وأهل بلدهم أيضاً، مع إمكان الأخذ منهم الله ، فسيرة المسلمين وإجماعهم على ذلك من قديم الزمان إلى زماننا تدل على حجية الواحد إما لتقرير المعصوم ، أو لكشف إجماعهم عن رضاه به، واذا ثبت الحجية للحاضرين، ثبت لنا بأدلة الاشتراك؛ لأن الداعي على اختلاف(3) حكمنا هنا مع الحاضرين إن كان اختلاف الزمان؛ لاحتمال النسخ.
(ففيه: الإجماع على عدم عروض النسخ في هذه المسألة، مع أن النسخ)(4) بعد انقطاع الوحي لا وجه له.
أو لاحتمال(5) التقية.
ففيه: إن النبي صلی الله علیه و آله وسلم لا تقية عنده، مع أن هذا الاحتمال يرفع جهة التقرير لا الكشف.
أو اختلاف(6)الأشخاص.
فينفيه أدلة الاشتراك.
ص: 270
أو احتمال أن تقريرهم أهل زمانهم لعله(1) كان لأجل علمهم بمطابقة أخبار زمانهم للواقع، وإن لم يعلم العاملين بذلك.
ففيه :أولاً: إنا نعلم وجود الكذب في زمنهم في الأخبار .
وثانياً: ان مجرد العلم بالمطابقة لا يكفي في عدم المنع عن العمل بالخبر، باعتقاد أنه واحد يحتمل عند العاملين المطابقة وعدمها؛ لأنه إغراء بالجهل.
أو كثرة الوسائط لنا لا لهم.
ففيه: إنها لا تصير فارقة، بل هم كانوا يعملون(2) بالواحد حتى مع كثرة الوسائط.
ومنها: إن نصب النبي صلی الله علیه و آله وسلم والأئمة علیهم السلام الولاة في البلاد لتبليغ الأحكام والسياسات، يدل على حجية اخبار الوالي لهم مع وحدتها؛ للاستقراء، والتقرير، ولغوية النصب لولا حجيَّة قوله لهم، ونحوه ارسالهم الرسل إلى الأطراف لتبليغ الأحكام، بالتقريب المذكور.(3)
ومنها: إن أصحاب الأئمة علیهم السلام (دونوا كتباً كثيرة تبلغ ستة آلاف، (أو أربعة آلاف)(4) ، وأهل عصرهم كانوا يعملون بجملة منها، والحال أن العلم غير حاصل غالباً لغالب هؤلاء، فإجماع أهل ذلك العصر، وتقرير الأئمة علیهم السلام)(5) إياهم، يدلان على حجية الآحاد لهم، ولم نجد مفصلاً بين أفراد الواحد، وأدلة الاشتراك تعمّ الحكم بالنسبة إلينا.
علت
ص: 271
ومنها: إجماع علماء الإمامية على العمل بأخبار الأربعة(1) ، وإن كان (2) عمل بعض لأجل كون أغلبها(3)أو كلها قطعية عندهم، وآخر من باب الظن الخاص، وآخر من باب الظن المطلق.
ومنها: إن الكافي دوّن في الغيبة الصغرى، وهي زمان حضور الإمام علیه السلام وتمكنه من الردع (4) ، وكان هذا الكتاب مشتهراً ذلك اليوم بين الإمامية؛ لكونهم يومئذ طائفة قليلة، ومؤلّفه من المشاهير، مع حكم(5) العادة بعدم حصول العلم غالباً للعاملين به (6) ، فتقريره علیه السلام إياهم كاشف عن الحجية، ويتم في سائر (7) الآحاد بالإجماع المركب.
ومنها أمر قطعي مركب من أمور ظنية، يحصل من مجموعها العلم، وهي ذهاب المعظم إلى ذلك، حتى الشيخ بل الكليني والصدوق أيضاً (8)؛ لأنهما ذكر (9) حديث الأخذ بالأعدل عند تعارض الخبرين في كتابهما، وتدوين العلماء كتب الأخبار ، والإجماع المنقول عن العلّامة والشيخ (10)، وغيرهم على الحجية المقدم (11) على إجماع
ص: 272
المرتضى بوجوه .(1)
والأخبار العلاجية، وتدوين العلماء علم الرجال، وظاهر بناء العقلاء على اعتبار الواحد في أمور دينهم ودنياهم، الا ما خرج وتحريض المعصوم(2)أصحابه بتدوين الأخبار، وعدم تدوين القائم كتاباً للشيعة يغنيهم عن العمل بالآحاد مع علمه بالحال.
ومنها آية النبأ، والنفر، والسؤال، والكتمان.(3)
قلنا: أما الجواب عن الأول: فهو إن محل الكلام حجية الآحاد على فرض انفتاح باب العلم ،غالباً، كز من المرتضى على زعمه، حيث اجتمعت فيه الأخبار والأصول، وجمعت(4) بحيث كان الشخص يتمكن غالباً من الإجماعات، والمتواترات اللفظية، والآحاد القطعية للقرائن الخارجية، وأما أصحاب النبي صلی الله علیه و آله وسلم والأئمة علیهم السلام فكان باب العلم منسداً لهم في الأغلب؛ لعدم تمكن المعصوم عال من قضاء حوائج جميع أهل زمانه رجالاً ونساء قريباً ،ونائياً مشافهة وبلا واسطة، وعدم تمكن كل الناس من أخذ(5) شتات مسائلهم عنه علیه السلام شفاهاً، ولا بالأخبار القطعية غالباً، كمقلدي زماننا بالنسبة إلى فتاوى المجتهدين فلعل جواز العمل لأصحاب الأئمة علیهم السلام بالآحاد الظنية إنما كان لسدّ(6) باب العلم لهم غالباً بحسب النوع كما عرفت، وأما إذا فرضنا الانفتاح الأغلبي - كما فرضنا - فلا إجماع حينئذ في حق أصحاب الأئمة علیهم السلامحتى يثبت لنا بأدلة الاشتراك.
ص: 273
سلّمنا وجود الإجماع في حقهم، لكن الفارق بيننا وبينهم موجود؛ لأنا نعلم غالباً علماً إجمالياً بوجود المعارض، والأخبار الكاذبة دونهم، (ونحن ملتفتون إلى ذلك دونهم)(1)، ولو التفتوا إلى ذلك لكان ذلك الالتفات منهم في غاية الندرة، بخلافنا، وهذا العلم الإجمالي أوجب الفحص علينا، ولم يكن واجباً عليهم، بل كانوا كمقلدي المجتهدين في زماننا، وأوجب اختصاص العمل بالأخبار (2)بالفقيه دون العامي في زماننا)(3)بخلاف زمانهم فلعله أوجب فرقاً آخر، وهو حجيَّة الخبر لهم لا لنا، فالموضوع مختلف، فلا يتم الدليل على حجية الآحاد مع الفتح الأغلبي حتى صحيح(4) القدماء ) ، والصحيح الأعلى (5) ، والصحيح المشهوري(6)(7) ، فكيف بما عدا الصحيح.
سلّمنا ، لكن القدر(8) المعلوم من إجماعهم إنما هو الخبر الصحيح الصادر من العدل الإمامي الضابط الخالي عن المعارض المساوي والأقوى، وهو نادر سيما في أبواب المعاملات، فباب العلم منسدّ غالبا.
وتوهم: أن الصحاح العامة كافية.
ص: 274
مدفوع: بحصول العلم الإجمالي بتخصيصها بعد ملاحظة معارضاتها من الظنون المطلقة، كالاستقراء، والشهرة، وعدم الخلاف والإجماع الظني وغيرها.
وممّا ذكر تقدر على استخراج أجوبة سائر أدلتهم، وإن شئت البسط فراجع رسالتنا(1) المفردة في حجيّة الظن فإنها قد بلغت الغاية، وتجاوزت النهاية.(2)
[المقدمة] الثالثة(3): بعد ما عرفت الانسداد الأغلبي في أبواب الفروع، فهل اللازم (حينئذ العمل بالظن من حيث إنه ظن - ولعله إجماعي - على فرض هذه الصغرى ، أم اللازم حينئذ)(4) تحصيل العلم، أو العمل بالاحتياط، أو (5) البراءة، أو التخيير بين (لظن والاحتياط، أو بين)(6)الظن ،والبراءة، أو بين البراءة والاحتياط، أو التبعيض مكان التخييرات المذكورة، أو الرجوع إلى الأصول العملية كالاستصحاب، وأصل(7)الاشتغال، وأصل البراءة والاحتياط، وأصل الإباحة، كلّ في مقامه، أو غير ذلك من الاحتمالات؟، وجوه.
فنقول: أما لزوم تحصيل العلم، فيدفعه التكليف(8)بما لا يطاق.
ولو قيل: إن المكلفين سدّوا باب العلم على انفسهم، وصاروا سبباً لغيبة
ص: 275
الحجة علیه السلام(1)، فلا مانع من عقابهم على عدم إتيانهم (2) بالواجبات الواقعية؛ لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطاباً وعقاباً(3)، أو عقاباً.(4)
قلنا: بعد (5) تسليم ذلك في حق كل العباد، إنهم وإن صاروا سبباً للامتناع، لكنهم غير معتقدين بالسببية، فتأمل.
مع عدم حصول التفويت فعلاً من المعدومين، مع عدم صدور الخطاب(6) بالنسبة اليهم في زمن تمكنهم فشرط الامتناع بالاختيار منتف من وجوه.
وأما الاقتصار على المعلومات والأخذ بالبراءة فيما عداه، فمستلزم للخروج عن الدين، وهدم الشريعة؛ لمكان العلم الإجمالي كثيراً في كثير ، ومناف لأدلة الاشتراك، بل مخالف للإجماع (7)، بعد فرض هذه الصغرى.
وذكر بعض المحققين ذلك في هذا المقام(8) إنما هو للمناقشة لا الاعتقاد، مع أن مخالفته لا تضر بالإجماع، مضافاً إلى أن (9)مقتضى البراءة التوقف عن الإفتاء في المعاملات والمرافعات فيما لا يمكن فيه الاحتياط، فيلزم اختلال النظم، ويتم الأمر فيما عداها بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه؛ لقوة ضميمته.
ص: 276
سلّمنا ان لا دليل على بطلان البراءة، لكن لا دليل عليها أيضاً، فسلّم أصل الاشتغال عن المعارض
ولو قيل : لو لم يجز مخالفة المعلوم بالإجمال والحكم بالبراءة، فلم حكم بعضهم بجواز ارتكاب الجميع في الشبهة (1) المحصورة(2) ، وحكم العلّامة بجواز طرح الأمرين في ما اجتمعت الأمة فيه على قولين(3)، بل العادة قاضية(4) بخطأ المجتهد(5) في بعض ظنونه في مجموع أبواب(6) الفقه(7)، ومع ذلك يعمل بمظنوناته في كل أبواب الفقه، سواء العامل بالظن الخاص أو (8) المطلق.
قلنا: كل ذلك - على فرض صحة المقيس عليه - قياس مع الفارق.
وأما وجوب الاحتياط الكلي فيما عدا المعلومات، فمستلزم للعسر والحرج الشديد، وموجب للتوقف عن الإفتاء في المعاملات(9)، المستلزم لاختلال النظم، مع أنه في دوران الأمر (10) بين الوجوب والحرمة كيف يمكن الاحتياط.
ص: 277
وإن حكمت بالتخيير في مثله.
ففيه : أن ما يحصل من التخيير - وهو الأخذ باحد الطرفين - يحصل من العمل بالظن أيضاً ، فكيف بعد(1) الظن بأحد الطرفين يحكم بالتخيير !
ولو قيل: إن أدلة نفي العسر إنما يعمل بها مالم يرد دليل على العسر، وهنا قد ورد؛ للآيات الناهية عن العمل بالظن.
قلنا: إن(2) انصرافها إلى صورة العسر ممنوع ، مع أن آيات نفي العسر (أرجح من آيات النهي فيما نحن فيه.
سلّمنا تعارض الآيتين وتساقطها، ويبقى إجماعهم - على قاعدة نفي العسر)(3)
ما لم يرد دليل على خلافه - سليماً عن المعارض ، الا أن يعارض بأصالة حرمة العمل بالظن، فتأمل.
وتوهم: النقض بما إذا انجرّ ظن المجتهد في جميع أبواب الفقه إلى طبق الاحتياط (4)، فالعسر والاختلال لازم على العامل بالظن أيضاً، واه(5) جداً.
وأما التبعيض بين الاحتياط والبراءة فهو مسلّم - إن عمل بالاحتياط في مظنون التكليف، (وبالبراءة في موهوم التكليف)(6)، وليس هذا الا عملاً بالظن، وإن عمل بالاحتياط)(7) في موهوم التكليف، فهو مستلزم للاحتياط في مظنون التكليف بطريق
ص: 278
أولى، وإن عمل بالبراءة في مظنون التكليف فهو مستلزم للبراءة في موهوم التكليف بطريق أولى(1)، فتعين(2)التبعيض بنحو ما ذكرناه، ففي العمل بالظن جمع بين البراءة والاحتياط.
ولو قيل: اعمل بالاحتياط إلى حد لا يلزم العسر، واعمل(3)بالظن فيما عداه، ولازمه التبعيض في موارد الفقه بين الاحتياط والظن.
قلنا: إن المجتهد لا يمكنه هذا التحديد في جميع أبواب الفقه، بحيث لا يلزم عسر عليه ولا(4) على مقلديه؛ لاختلاف دواعي الناس وأحوالهم، فهذا التحديد لا يمكن من أصله عادة أولاً؛ لاختلاف الدواعي، ولو أمكن فلا يمكن اطلاع المجتهد عليه ثانياً، ولو أمكنه فهو عسر عليه ثالثاً، منفي بأدلة العسر، مع أنه يقبح من الحكيم أن لا يجعل سبيلاً جلياً لعباده، ويأمرهم بالتبعيض (الموجب لعدم الانتظام، مضافاً إلى الإجماع على نفي هذا التبعيض)(5)، بل على نفي التبعيض بأقسامه.
و مما ذكرنا تقدر على إبطال سائر المحتملات.
وإن أردت التفصيل فراجع رسالتنا المفردة (6)، فانا قد بلغنا فيها ابعد (7) الغايات.
[المقدمة] الرابعة(8): بعد ما عرفت حجية الظن من حيث إنه ظن في جميع أبواب الفقه في الجملة، فهل يعمّ الحكم جميع أسباب الظن أو يختص ببعض دون بعض؟
ص: 279
فاعلم أن الظنون المشكوكة بالمعنى الأعم التي هي محل النزاع: منها ما هو مظنون الاعتبار ؛ لذهاب الأكثر إلى اعتباره، كالصحاح والضعاف(1)
المنجبرة بالشهرة.
ومنها: ما هو(2) مشكوك الاعتبار ؛ لعدم ذهاب الأكثر إلى أحد طرفيه بحيث يوجب ظناً على أحد طرفيه، كالحسان والموثقات.
ومنها: ما هو موهوم الاعتبار(3) ؛ لذهاب الأكثر إلى عدم اعتباره، كالشهرة والاستقراء، وعدم الخلاف، والإجماع الظني، والأولوية الظنية.
ومقتضى الأصل والاقتصار فيما خالفه على القدر المتيقن، الاقتصار في مقام العمل على قسم من القسم الأول، وهو الصحيح الأعلى، كما عليه صاحب المعالم(4) والمدارك(5) ، فلا يتعدّيان حتى إلى الصحيح المشهوري.
لكن يردّهما: أنه ان(6) عمل الفقيه بالصحيح الأعلى(7)، وإن كان الظن على خلافه؛ لمعارضة شهرة، أو صحيح مشهوري منجبر بالعمل، أو حسن، أو موثق،
ص: 280
أو نحوها من الظنون، كما هو ظاهر صاحب المعالم(1) ، فلا مقتضى له؛ لوجود العلم الإجمالي بمطابقة شطر كثير من تلك الظنون الشخصية المعارضة مع تلك الصحاح الأعلائية في مجموع أبواب الفقه للواقع، فالعمل بتلك الصحاح بعد هذا (2) العلم الإجمالي لا دليل عليه، بل مخالف للإجماع، ولبناء العقلاء، بل للعقل(3)؛ لأنه ترجيح للمرجوح، أو للمساوي؛ إذ ليس العمل بها مع هذا الفرض قدراً متيقناً في مقام العمل(4)
(أو إن لم يكن) (5) الظن على خلافه، كما هو ظاهر صاحب المدارك(6)، فهو مسلم ، لكن الصحاح الأعلائية بهذا الوصف في أبواب الفقه نادرة لا تكفي؛ إذ مع الاقتصار عليها يلزم العسر فيما عدا تلك الموارد إن احتاط، والخروج(7)عن الدين إن عمل بالبراءة، فعاد المحذور ، فلا بد من التعدي من تلك الصحاح المذكورة إلى غيرها من الظنون، فإن تعدّى إلى الظنون (الشخصية المعارضة)(8)مع الصحاح الأعلائية والواجدة للعلم(9) الإجمالي لزمه التعدّي إلى ما ليس معارضاً معها(10) من تلك الظنون للأولوية، والإجماع المركب، وإن تعدى إلى الخالية عن معارضة (11) الصّحاح
ص: 281
خاصة ، ثبت(1) لزوم التعدي في الجملة أيضاً.
سلّمنا، لكن الصحاح الأعلائية لو عمل بها أجمع حتى ما له معارض منها(2) لم تكف في أبواب الفقه، سيما أبواب المعاملات، وليت شعري ماذا يفعل المقتصر على الصّحاح الأعلائية في أبواب الفقه عند فقدها، فإن تمسّك بالإطلاقات والعمومات، مخصّصة بالمجمل كما عرفت فلا مفرّ من التعدي إلى غيرها .
ولو قيل: إن(3) لصاحب المعالم دليلا على عدم اعتبار الصحيح المشهوري بل مطلق الخبر ما عدا الصحيح الأعلى (4)، وهو آية النبأ، فإنها تدل بمنطوقها على التبيّن عن خبر هذا الراوي الذي زكّاه عدل واحد ؛ لعدم حصول العلم بعدالته بتزكية الواحد، والفاسق موضوع للأمر النفس الأمري، فلا بد من التبين؛ لاحتمال الفسق، فلا يكون خبره حجة، والمفهوم وإن دل على حجية قول العدل المزكي له الملازمة لحجيّة قول المزكّى، لكن المنطوق عند التعارض أقوى من المفهوم.(5)
قلنا: بعد(6) تسليم كون المراد هو التبين العلمي لا الظني وتسليم عدم انصراف الفاسق إلى المعلوم التفصيلي، أنّ (7) دلالة المنطوق هنا دلالة عقلية مقدّميّة، ودلالة المفهوم على قبول تزكية المزكي دلالة أصلية، فيقدم المفهوم لذلك، بل العرف يفهم هنا وروده على المنطوق، مضافاً إلى أن آية النبأ لا تعارض الدليل العقلي الذي اقمناه على التعدّي، كما لا تعارضه آيات النهي عن الظن.
ص: 282
[نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة وليست كلية(1)]
و مما ذكرنا تقدر على استخراج دليل التعدي إلى سائر الأقسام، سيما بعد ملاحظة ان الظن الحاصل من مثل الشهرة أقوى من الصحيح الأعلى، وأنّ كون الأعلى قدراً متيقناً بعد الانسداد الأغلبي أول الكلام، وأن ذهاب المعظم إلى عدم حجية الشهرة (2) لا يصيرها موهوم الاعتبار ؛ لعدم حصول الظن من ذهابهم إلى عدم الحجية، سيما إذا كان حكمهم بعدم حجيتها لعدم الدليل؛ عملاً بالأصل، لا للدليل على العدم، وملاحظة قبح ترجيح المرجوح، أو الترجيح بلا مرجّح، أو الإجماع المركب في بعض المقامات، لكنا نقتصر في العمل بالظنون على كل ظن أدخله أحد (3) المعمّمات، ونعمل فيما عداه بأصالة الحرمة ، فلا نقول بانقلاب الأصل كلية فمثل الظنّ الحاصل من النوم لا نعمل به؛ للأصل، وعدم جريان المعمّمات فيه، لا للدليل على عدم حجيته - وان أمكن وجوده (4) أيضاً ..
وأما مثل القياس، والاستحسان(5)، والمصالح المرسلة، فمما نقطع بعدم
ص: 283
اعتبارها؛ للدليل، فليست هي (1) من الظنون المشكوكة ، ولا داخلة في محل النزاع ولا خروجها موجباً لتخصيص الدليل العقلي؛ لما عرفت من أن مورد الدليل العقلي الظنون المشكوكة، لا ما قطع (2) بعدم اعتباره، فليس ذلك تخصيصاً، بل اختصاص؛ لعدم جريان المقدمة المعمّمة - وهي المقدمة الرابعة - فيه.(3)
وأما الظنّ الحاصل من خبر المجنون، والصبي الغير المميز، فليس حجة(4)؛ للإجماع ظاهراً(5) ، وبناء العقلاء.
وفي خبر الصبّي المميز وجهان.
ص: 284
حجية الظن المطلق مشروطة بعدم التمكن من العلم في المسألة العارضة(1)(2) للأصل، وعدم جريان المقدّمة الثانية من الدليل السابق حينئذ، فلو علم التمكن من العلم في تلك المسألة تفحّص عنه ، وكذا مع الشك؛ للأصل، وعدم جريان المقدّمة الثالثة من الدليل السابق حينئذ .
ولو(3)علم بعدم التمكن منه، وحصل له الظن بالمسألة ابتداء من غير فحص وجب عليه الفحص (عن المعارض)(4) ؛ لاحتمال حصول الظن بعد الفحص على الخلاف، والأصل لا معارض له(5)حينئذ ؛ لعدم جريان المقدمة الثالثة، بل ولا الرابعة حينئذ (6)، (ولو لم يتمكن من الفحص حينئذ لم يعمل بهذا الظن أيضاً؛ للأصل).(7)(8)
ص: 285
الميزان في مقدار(1) الفحص الواجب استفراغ الوسع فيه، إلا أن يلزم العسر والحرج، فلا يجب الزائد وإن جاز، أو يلزم تعطيل (2)الأحكام، فيحرم الزائد، ويكفي صول الظن بلزوم التعطيل؛ إذ القطع به(3) غالباً لا يحصل إلا بعد حصوله.
لا يجب على المجتهد تحصيل الظن الأقوى فالأقوى(4)(5) بازدياد الفحص والدليل؛ حذراً من لزوم العسر، أو تعطيل الأحكام، أو هما معاً.
أقول : مضافاً إلى إنا إن(6)أو جبنا أعلى درجات الظن، فغير ممكن غالباً، أو درجة من الدرجات المتوسطة، فلا دليل عليه، فهو تعيين بلا معيّن، أو تحصيل الأقوى فالأقوى ما أمكن، بحيث لا يلزم معه تعطيل ولا عسر، فتحديده غير ممكن للفقيه، فتعين الاكتفاء بمطلق الظن بعد فحص مظانّ الأدلة ومعارضاتها.
ص: 286
اذا تعارض ظنّان أحدهما أقوى اعتباراً من الآخر، كالصحيح مع الشهرة، وكان الظن الشخصي في جانب الأقوى (اعتبارا ، عمل به لرجحانه)(1)اعتباراً و(2) وصفاً، و في جانب الاضعف اعتباراً، عمل(3)به على الأصح ؛ لوجود العلم الإجمالي بين الظنون الشخصية بمطابقة جملة منها للواقع، فتترجّح، مع إمكان منع كون الصحيح في مثل الصورة المفروضة مظنون الاعتبار؛ إذ لا يورث عمل الأكثر الظن بالاعتبار حينئذ، ولوحصل ظن فهو ابتدائي، يرتفع بملاحظة أن الظن الشخصي(4) بالحكم الفرعي الواقعي إنما هو مع الشهرة بالفرض ، وأن الغائب يشارك المشافه، وأن العمل بالأدلة لإصابة الواقع.
وإن فقد الظن الشخصي من الجانبين طرحنا الثالث باتفاق الدليلين، ورجّحنا العمل بالصحيح؛ لسلامة قوة اعتباره عن المعارض، مع أن ما يحصل من الحكم بالتخيير حاصل من تقدّم(5) الصحيح أيضاً .
وإذا تعارض ظن (6) لا يعتبر قطعاً - كالقياس - مع الظن (المعتبر - كالحسن والصحيح والشهرة - وكان الظن)(7) الشخصي في جانب القياس مثلاً، عملنا بالظن
ص: 287
المعتبر؛ للإجماع، وما تراه من نفيهم العمل بالخبر(1) تعبّداً رداً على الحشوية، فإنما هو التعبّد طبعاً، لا التعبد لأجل المانع، ولو سلّمنا عدم الإجماع، لقلنا: إن حرمة العمل بالظن القياسي مطلقاً إجماعية، والثالث منفي بتعاضد الظنين، فتعين العمل بالظن المعتبر.
أقول: وفي كون الظن الذي لا يعتبر للأصل في حكم الظن الذي يقطع بعدم اعتباره كالقياس وجهان.
وإذا تعارض الظن)(2)المطلق، كالخبر الواحد، أو (3) الشهرة، مع الظن الخاص كالكتاب والخبر المقطوع السند، فإن كان الظن الشخصي في جانب الظن الخاص قدّم بلا ريب، والوجه واضح، أو لا في شيء من الجانبين(4) فكذلك، والثالث منفي باتفاق الدليلين، أو في جانب الظن المطلق (قدم؛ إذ لو لم يكن كذلك لزم عدم العمل بالظن المطلق)(5)غالباً؛ لمعارضته مع العمومات الكتابية غالباً، فيلزم من طرحه الخروج عن الدين، فتأمل.
أقول: واذا كان الظنان المتعارضان من صنف واحد (6)، فحكمه موكول إلى باب التعارض والتراجيح.
والمحصل: إن الظن الحاصل : إما ،خاص أو مطلق، ثم إمّا لا معارض له، أو له معارض معتبر من صنفه، أو من غير صنفه، مساوياً معه، أو أقوى ولو من جهة، أو اضعف، أو غير معتبر قطعاً، أم أصلاً.
ص: 288
ثم الظن الشخصي: إما مفقود من الجانبين أو في أحد الطرفين وأحكامها تظهر بتأمّل ما.(1)
[في عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية(2)]
الأصح عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية(3)؛ لسلامة الأصل الاصيل فيها عن الدليل الوارد؛ إذ باب العلم بالمعنى الأعم منفتح في أغلب مسائلها، والسد في نادرها لا يوجب حجية الظن فيها؛ إذ لا يلزم من الرجوع إلى الاحتياط، أو البراءة فيها عسر ، ولا خروج عن الدين؛ لفقد العلم الإجمالي.
ولو قيل : عدّ بعض الأحكام الإلهية أصولية، وبعضها فرعية، مجرد اصطلاح.(4)
فنقول: باب العلم في معظم الأحكام الإلهية منسد ، فيجري البرهان المتقدم في مجموع الأحكام من حيث المجموع، بجميع مقدماته.
وتوهم: أن المرجح موجود؛ للقطع بالمخالفة لو اقتصرنا على المعلومات في الفروع، وليس كذلك في الأصول.
مدفوع: بأن مجرد التسمية غير مجد، فلنا ضمّ بعض الأحكام الفرعية إلى
ص: 289
الأصولية، وترك بعض آخر منها، حتى لا(1) يحصل العلم بالمخالفة في هذا الشطر دون باقي الفرعيات.
قلنا: هذا مدفوع بالإجماع المركب(2)، وبعد رعايته يدور الأمر بين حجية الظن في الفروع (والأصول، وحجيته في الفروع)(3)خاصة، ولما كان الأخير قدراً متيقناً اقتصرنا في مخالفة الأصل عليه، فتأمل.
ولو قيل: إن الظن بالمسألة الأصولية مستلزم للظن بالحكم الفرعي، (ولازمه الحجية.
قلنا: إن الظن بالحكم الأصولي يستلزم(4) الظن بالحكم الفرعي)(5) الظاهري، لا الواقعي، والنسبة بينهما (6) عموم من وجه (7)، والذي ثبت من البرهان السابق حجية الظن المسبب عن الظن بالحكم الفرعي الواقعي؛ لأنه القدر المتيقن، لا الظاهري،
ص: 290
فتأمل.
ولو قيل: إذا كان الظن حجة في ذي المقدمة، وهو الفروع، ففي المقدمة وهي الأصول العملية بطريق اولى.
قلنا: إن الأولوية ظنية، لا تثبت حجية الظن مع إمكان منع الأولوية؛ لأن الأصول مبان وأس للفروع، فينبغي الاهتمام فيها أزيد.(1)
ولو قيل: نتمسك بقاعدة الاشتغال.
قلنا: هو فرع وجود العلم الإجمالي.
ص: 291
الظن في الموضوع الصرف(1) إن كان موافقاً للأصل، كالظن(2) بعدم دخول الوقت، أو مرجّحاً لأحد طرفي المحذورين فيما دار الأمر بينهما(3)، أو مخالفاً للأصل ولكن لا يتمكن المكلف من العمل بالأصل، ولا من تحصيل العلم ولو امتناعاً عرضياً مسبّباً من لزوم الاختلال في إلزام مجموع المكلفين وإن لم يلزم في كل واحد واحد، كالظن باجتهاد شخص لمن وجب عليه التقليد مثلاً (4) ، فلا كلام(5)، والّا فلا عمل(6) على الظن المخالف للأصل في الموضوع (7) الصرف؛ لأصالة حرمة العمل بما وراء العلم ، وللأصل الذي هو(8)في خصوص المسألة؛ إذ الفرض أن الظن (9) على خلاف الأصل، كالظن بنجاسة غسالة الحمام.(10)
ولو(11) قيل : يلزم من ترك الظنون في الموضوعات الصرفة المخالفة القطعية
ص: 292
الإجمالية، كما كانت تلزم في الفروع، فدليل الحجية مشترك بينهما.
قلنا: المخالفة القطعية الإجمالية إنما تضر في الفروع لا الموضوعات؛ للأصل.
والفرق: إنا قد علمنا بتكليف المشافهين بالأحكام الواقعية الفرعية، وباشتراكنا معهم في التكليف، فوجب الاحتراز عن المخالفة القطعية، بخلاف الموضوعات(1) إذ كما أن باب العلم منسد لنا في بعض الموضوعات الصرفة، فكذا كان منسداً للمشافهين، والتكليف للمشافه في مظنونات (2) الموضوعات الصرفة الغير المحصورة ليس ثابتاً حتى يثبت لنا بأدلة الاشتراك .
ولوقيل: إن الظن بالموضوع مستلزم للظن بالأحكام الشرعية، والظن في الأحكام حجة.
قلنا: القدر المتيقن من البرهان المتقدم حجية الظن في الأحكام الكلية الإلهية، لا الأحكام الجزئية الشخصية التابعة للموضوعات الخاصة.
نعم، الظنون الرجالية الموجبة للظن بصدور الحديث عن الإمام علیه السلام (3) وإن كانت من الظن في الموضوع الصرف، وذلك لاستلزام هذا الظن الظن بالحكم الفرعي الواقعي، ولأنه لولا ذلك لزم عدم حجية الأخبار(4) الآحاد؛ لأن معظم الآحاد أحوال رجالها مظنونة، فينسد الباب، ولزم(5) ما لزم من هدم الشريعة، مع أن مثل هذه الظنون أقوى من ظن الشهرة ونحوها ، لكن في الاكتفاء بالظن الحاصل من تصحيح العلماء
ص: 293
السند وتضعيفهم، وجهان، مقتضى الأصل عدمه(1)، إلا أن يلزم من الفحص عسر، فلا يجب، أو تعطيل فيحرم.
الحق أن الظن في الموضوع المستنبط ،حجة، والمراد به (2) هنا ألفاظ الكتاب والسنة، بقرينة النزاع في الحجية.
والنزاع ليس فيما علم عدم حجيته فيه كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة؛ ولا فيما علم حجيته(3) فيه، كقول اللغوي، وإن كان واحداً، والأصول العدمية كأصالة عدم النقل، فإن حجيتهما اجماعية والأمارات الظنية - كالتبادر الظني - المثبتة (4) للمعنى بضميمة الأصول الإجماعية (5)، بل فيما شك في حجيته فيه، كالاستقراء والخبر الواحد الظني، وذهاب الأكثر.(6)
الظن المقطوع الحجية فيه غالباً، بحيث لا يلزم من(1) طرح الظن المشكوك ، والرجوع في المواضع النادرة إلى الأصول الفقاهتية مخالفة قطعية .(2)
لكن الحق الحجية، وفاقاً للأكثر ، بل ادعي عليه الإجماع(3)؛ وذلك لأن الظن به مستلزم للظن بالحكم الفرعي الواقعي (4)، وللزوم المخالفة القطعية عند ترك هذه الظنون(5)، فتأمل.(6)
ولأنا نفرض آية من الكتاب أو المتواتر مشتملة على لفظ ظني الوضع وخبراً واحداً صحيحاً مشتملاً على ألفاظ كلها قطعية الوضع، فلكل جهة رجحان ومرجوحية، فالمقدمة الرابعة تثبت(7) حجيتهما معاً؛ لعدم كون أحدهما قدراً متيقناً حينئذ ؛ لوجود القائل بحجية الأول دون الثاني.
ويمكن أن يدّعى أن أغلب الألفاظ وإن كانت معلومة، إلا أن وجود آية أو حديث، تكون جميع ألفاظها، مفرداتها ومركباتها، معلومة نادر فيلزم السد الأغلبي
ص: 295
أيضاً عند طرح الظنون، فتأمل.
ثم إذا كان مثل الكتاب، أو المتواتر المشتمل على لفظ ظني الوضع، مثبتاً لحكم أصولي ،عملي عملنا به أيضاً لا للاستلزام؛ إذ الظن في الأصول ليس حجة، بل لبناء العرف والعقلاء على الاكتفاء بالظن في وضع الألفاظ.
اذا اشتبه على المجتهد بعض المسائل، ولم يعلم أنها مسألة فقهية، أم أصولية، أم كلامية، كما يتفق ذلك في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد ونحوها، فهل يعمل فيها بالظن، أم النتيجة تتبع أخس المقدمات؟.
و(1) الحق ان الظن فيها إن كان موافقاً للأصل، كما لو ظن بعدم جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل، أو بعدم جواز تقليد الميت ابتداء مع وجود حيّ أعلم منه، أو مساو له كما يقتضيه (أصل الشغل، أو ظنّ بعدم جواز الرجوع عن التقليد كما يقتضيه) (2) الاستصحاب، فلا كلام؛ إذ الواقع لا يخلو من اعتبار الظنّ أو الأصل، وهما متوافقان.
أو كان الظن في أحد طرفي المحذورين عند دوران الأمر بينهما، كما لو ظن بوجوب عمل المتجزئ بظنه؛ إذ كما أن الأصل حرمة العمل بالظن، فكذا الأصل حرمة التقليد، وكما أن الاستصحاب يقتضي جواز التقليد في المسبوق به، فكذا يقتضي جواز الاجتهاد في المسبوق به، فلا أصل في البين وكما لو ظن بجواز تقليد الميت
ص: 296
الأعلم مع وجود حيّ أدون، فلا إشكال في الأخذ على طبق الظن؛ لجريان البرهان العقلي فيه؛ إذ التكليف ثابت وباب العلم منسد والاحتياط غير ممكن، وترجيح الموهوم أو التخيير بينه وبين المظنون غير متصور.
أو كان الظن مخالفاً للأصل، كما لو ظن بجواز الرجوع عن التقليد، أو(1) بجواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل، فلا عبرة بالظن؛ للأصلين أصالة الحرمة العامة، والأصل الذي في خصوص المقام، ولا يلزم المخالفة القطعية في العمل بالأصل؛ لقلة (2) المشتبهات.
في حجيّة الظن في المسائل الاعتقادية وجهان، ومقتضى القاعدة الحجية إن انسد باب العلم فيها؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق بعد ثبوت أصل التكليف، أو(3) إن استلزم تكليف كل الناس بالعلم (والاستدلال)(4)اختلال النظم، وإن تمكن آحاد الناس منه، وإن لم يلزم أحد المحذورين فمقتضى الأصل عدم الحجية.
إنما الشأن في تشخيص الصغرى.(5)
والحق عدم لزوم شيء من المحذورين في المسائل الواجبة؛ إذ القوة العاقلة حاكمة في جملة منها حكما قطعياً يدركه العقلاء بفطرتهم، مع قيام الضرورة في جملة منها.
ص: 297
كل ما جعلناه دليلاً على إثبات الوجوب والحرمة في الأحكام الشرعية الفرعية، فهو دليل لما عداهما من الأحكام الخمسة إجماعاً ، وهل يثبت الاستحباب أو الكراهة بما لا يثبت به الوجوب والحرمة من الأدلة الضعيفة؟ ، وجهان مقتضى أصالة حرمة العمل بما وراء العلم واستصحاب عدم المطلوبية، العدم.
لكن الحق جواز التسامح في السنن فيما لا يحتمل المرجوحية (1)، وكان الدال على الاستحباب الخبر، ويدل على ذلك - بعد ظهور الإجماع (2) - حكم القوة العاقلة بحسن الإقدام على ما(3) لا يحتمل الا الرجحان، المعتضد أو المؤيد بنصوص الباب(4)، ونصوص الاحتياط (5)، ومنه يظهر الكلام في الكراهة.
وفيما إذا كان الدليل فيه(6) فتوى الفقيه مجردة (7)، وجهان، والأقوى جواز التسامح عندي حينئذ، بل وفي مجرد الاحتمال العقلائي وإن خلا عن الفتوى، كما لو
ص: 298
كان النص المجمل أو المطلق المشكك مورثاً لاحتمال المطلوبية.
ثم في جواز التسامح للعامي وجهان ، كما في اشتراط الفحص وعدمه.(1)
في حجيَّة الخبر المرسل مطلقاً(2)، أو (3) إذا كان الراوى لا يرسل الّا عن ثقة (4)، أو عدمها مطلقاً(5)، أقوال.(6)
مقتضى الأصل عدم الحجية، سواء علمنا انه لا يرسل الّا عن ثقة معلوم الوثاقة عند الكل باعتقاده أم (7) ظننا بذلك، أم شككنا فيه؛ إذ العلماء مختلفون في الجرح والتعديل، فلعلّ ما فهمه المرسل ثقة عند الكل لا يكون كذلك، أو له معارض في التزكية، فوجب الفحص والعلم بكونه ثقة عند الكل إجمالاً أو تفصيلا.
ويمكن أن يقال : لازم (8)القول بالظن المطلق العمل بمثل ذلك عند حصول الظن منه، مع كون ديدن المرسل انه لا يرسل الا عن ثقة، سيما مع تصريحه بذلك.
ص: 299
[في الأدلة العقلية]
الحق إدراك العقل الحسن والقبح بطريق الإيجاب الجزئي.(1)
وتفصيله: إن الحسن يطلق على ما يوافق ،الغرض، وعلى ما يلائم الطبع، وهذان يتفاوتان بحسب الأشخاص والطباع فهما إضافيان، قد يجتمعان وقد يفترقان، وعلى صفة الكمال، وعلى ما يمدح فاعله في العاجل : إما مطلقاً بحيث يشمل فعله تعالى، أو مع استحقاق فاعله الثواب في الآجل، فيختص بغيره تعالى، وعلى ما لا حرج في فعله، فيشمل ما عدا الحرام، أو ما عدا المرجوح تحريماً وكراهة.(2)
والقبيح يقابله في كل هذه، وهو مجاز في الأخير؛ للتبادر، وصحة السلب عن مثل المباح(3)، وحقيقة في البواقي (4) ؛ لعدم صحة السّلب ، بنحو الاشتراك المعنوي - وإن كان القدر المشترك مشكوكاً - لا اللفظي (5)؛ لأصالة عدم تعدد الوضع المقدمة على أصالة عدم وجود القدر المشترك.
وأما أصالة عدم الاستعمال فيه المستلزم للمجاز بلا حقيقة، فمعارضة بمثلها، ومدفوعة بالقطع بأن إطلاقه على تلك المعاني من باب إطلاق الكلي على الفرد، مع كون المتبادر هو الأمر المجمل القدر المشترك ، بل الأمر المبين وهو مطلق المرغوب إليه،
ص: 300
ولو من جهة عكس القبيح، بل يصح سلبه عن الخصوصيات.
والنزاع مع الأشعري انما هو في المعنى الرابع، حيث ان ظاهر قدماء الاشاعرة عدم إدراك العقل (المدح والذم(1)، والأولان(2) لا كلام في إدراك العقل)(3) إياهما بحكم البداهة(4)، وكذا الثالث (5) وإن كان يظهر من التهذيب (6) إنكار بعض الأشاعرة إدراك العقل اياه .
والأخير داخل في النزاع (7) إن كان المراد الحرج الأخروي لا خصوص الدنيوي، ومحل الكلام إدراكه المدح والذم في نظر الكل حتى الحكيم على الإطلاق، لا في الجملة، والّا لجاء الخلاف في الإطلاقات الأول، ولخرج النزاع (عن مقاصد الفن.
لنا على الإدراك في موضع النزاع)(8):
أولاً: بداهة الذم عند كل عاقل على الظلم والعدوان، والمدح لفاعل الإحسان (9)، وتوهم كونه ناشئاً عن الأنس بالشرع كمدح المصلي، أو عن العادة كذمّ الرجل المتلبس بلباس النساء، أو عن كونه صفة نقص أو كمال، أو عن موافقة الغرض ومخالفته (10)
ص: 301
كقبح قتل زيد عند أوليائه، أو عن ملائمة الطبع ومنافرته.(1)
مدفوع: بأنا نرى قبح(2) الظلم وإن قطعنا النظر عن الشرع، بل عندنا في الأديان (3) وإن فرضنا اعتياد الناس به، بل عدو زيد يذم قاتله ظلما؛ لأجل ظلمه وإن كان موافقاً لغرضه، أو ملائماً لطبعه.(4)
وأما جعله من صفة النقص(5) ، فلا وجه له؛ لأنه من الأفعال لا السجايا، فيذمّ فاعله ولو فعل مرة.
ولوسلّمنا، قلنا: غرضنا إثبات القبح بمعنى الذم، وإن تسبّب عن صفة النقص.
وثانياً: أنه(6) لولاه لما امتثل المكلفون بأوامر الله تعالى ونواهيه؛ لاحتمال كذبه؛ إذ حكم العقل بامتناعه (7) منه تعالى إنما هو لقبحه، لا لعدم قدرته، فإذا لم يحكم العقل بقبحه لم يحكم امتناعه، فلا يوثق بوعده ووعيده، فلا يمتثل المكلف، وهو باطل باتفاق الخصم، ويكون التكليف حينئذ سفها.(8)
و (9) التمسك في إثبات العلم بعدم صدوره عنه تعالى بجريان عادته على الصدق(10)، مردود بنقل الكلام إلى بدو الأمر حيث لم يكن عادة، فمن أين حصل (10)
ص: 302
العلم بالصدق الأغلبي حتى يحصل العلم العادي حتى يحصل العلم العادي (1) ؟ مع انه(2) لا يتم الا في حق قليل من المكلفين.
أو بكون الصدق موافقاً لغرضه(3)، مدفوع بأن الكذب لعله موافق لغرضه كما عليه بعض المتصوفة، وبأنه لا يقول بكون أحكامه معللة بالأغراض، وبأنه ما الدليل على امتناع صدور مناف الغرض عنه.(4)
أو بكونه ملائماً لطبعه، مزيف بكونه منزهاً عن الطبع، وبأنه من أين علم منافرة الكذب لطبعه ولا معاشرة ! وبأنه ما الدليل على عدم صدور منافر الطبع عنه.
أو بكون الكذب صفة نقص والصدق صفة كمال، وهو منزه عن النقائص، مستجمع للكمالات(5) ، مضعف بأن الصدق أو(6) الكذب من أوصاف الأفعال الظاهرة، وهو الكلام، لا الأوصاف الباطنة كالعلم والجهل، حتى يسمى صفة، فالتسمية بالصفة خلاف المصطلح.
أقول: سلّمنا، لكن النقص في صفات (7) الأفعال ليس الا القبح، وبأن مجرد كونه صفة نقص لا يوجب عدم صدوره منه، بل لا بد من إدراك العقل أنها ليست من صفاته تعالى، فإن ادعيت أنه يدرك ذلك أيضاً فقد ثبت المطلوب، فتأمل.
ص: 303
وإن قلت: إن الإجماع دلّ على تنزهه عن صفات النقص.(1)
قلت: نقلنا الكلام إلى الإجماع، فإن كان حجيته بنفسه، فهو ممنوع، أو لأجل الكشف عن الشرع ، فلعله كذب، أو العقل، فالمطلوب ثابت.
ولو قيل: يكفي في لزوم الامتثال احتمال صدقه؛ دفعا للضرر المحتمل.
قلنا: يمكن كون وعده في محل الوعيد وعكسه، فاحتمال الضرر مشترك، وأيضاً لزوم دفع الضرر المحتمل إن كان بالشرع، فلعله كذب، أو بالعقل، فالمطلوب ثابت.
نعم للأشعري أن يقول بناء على مذهبه : إن حصول الوثوق اضطراري(2)، أو يقول : إنه لا ضير في تكليف السفه عند عدم الوثوق.
وثالثاً ورابعاً: أنه لولاه لم يعلم الفرق بين النبي والمتنبي، ولم(3) يعلم صدق النبي المعلوم نبوته؛ لاحتمال إظهار المعجزة على يد(4)الكاذب، أو إرساله رسولاً كاذباً(5)، والتاليان باطلان باتفاق الخصم ، وبكون بناء المسلمين (6) على إمكان العلم بهما(7)، وبلزوم كون إرسال الرسل (8) والتكليف سفهاً وعبثاً.(9)
إلّا أن يقول: إنه بمجرد الاطلاع على صدور الخوارق منه يحصل العلم
ص: 304
بنبوته (1)، وإن ديدن الناس على ذلك، وليس اتكالهم في حصول العلم على الدليل(2) العقلي المذكور، الذي لا يفهمه الا الأقل من المكلفين.
أو إن العلم بالأمرين اضطراري، ولمكان (الجبر) (3)، لكنك خبير بأن (الجبر)(4) مخالف للعيان، مع أن الخصم يعترف بحقية شريعتنا (5)، وببطلان التكليف بما لا يطاق شرعاً؛ للآية الشريفة «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» (6)، ولازم ذلك بقاء التكاليف، وفقد التكليف بما لا يطاق، فلا جبر حينئذ، بل ظاهر الآية الشريفة أن للمكلف حالة وسع، وحالة عدم ،وسع والجبر يستلزم حصر الحالة في واحدة.(7)
ص: 305
الحق أن العقل كما يدرك المدح والذم ، كذا(1)يدرك استحقاق الثواب والعقاب بنحو الإيجاب الجزئي، كما عليه الإمامية (2)، إلا القاصرين منهم (3)، خلافاً للأشاعرة حتى الزركشي(4)فالمنع مطلقاً، وللتوني(5) فالمنع في العمليات.
لنا(6): قضاء الضرورة، وحكم العقلاء بأن المولى ليس عادلاً إذا لم ينتقم من عبده الظالم لعبده المظلوم، وبذم من ترك إنقاذ الغريق المحسن إليه مع قدرته عليه، معلّلين بأن جزاء الإحسان هو الإحسان(7)، مع تنقيح المناط القطعي بملاحظة طريقة العقلاء، فإن ترتّب الثواب والعقاب على الأمر والنهي اللفظيين - أي الواجب الشرعي - ليس إلا لأجل محبوبية المأمور به ومبغوضية المنهي عنه، المعلومتين(8) بخطاب الشرع الكاشف عنها.
فإذا قطعنا من العقل بالمحبوبية و(9) المبغوضية - كما ثبت في الأصل السابق - لزم القطع بترتب الثواب والعقاب، ولا خصوصية للأمر اللفظي بحكم العقلاء باستحقاق العبد القاتل لولد المولى ظلماً الذم والعقاب، وإن لم يكن نهاه عنه، بل وإن
ص: 306
قال له(1) قبل ذلك : كل شيء لك مطلق حتى أنهاك عنه.
مع أنه لولا ذلك لما كان تحصيل معرفة الله سبحانه، ولا معرفة النبي صلی الله علیه و آله وسلم ، ولاالنظر إلى المعجزة واجباً؛ إذ الدال عليه إن كان العقل فهو معزول، أو الشرع بعد حصول المعرفة فتحصيل للحاصل، أو قبله فهو فرع ثبوت لزوم إطاعته، فيدور، أو يتسلسل.
وهذا لا يرد على المفصل (2) ، لكن يرده - بعد ما مرَّ - أن العقل لو لم يدرك في العمليات البديهية كقبح الظلم والعقاب عليه، لم يدرك في العقائد النظرية بطريق أولى.(3)
ثم نظره(4) في التفصيل(5) إلى ما دلّ على تعذيب عبدة الأوثان.
وفيه: إنه إن جعل سبباً لإدراك عقولهم في العقائد فهو غير معقول(6)، أو كاشفاً عنه جاءت الأولوية.(7)
ص: 307
قالوا: (كل ما حكم به العقل حكم به الشرع)(1) ، والمراد أنه كل ما حكم به
العقل فهو كذلك في متن الواقع، وإن لم يجعل الشارع له حكماً(2)، إذا قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم(3) ، أو جعله ولم يبينه لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم، أو بیّنه له(4) لم يبين السفراء لعباده (5) ، فانّ كل هذه المراتب خارجة عن هذا النزاع.
والحق حجية العقل القاطع حتى في الفروع، خلافاً للأخباريين كما يظهر من صدر الدين (6) حيث منع من الحجية بعد تسليم إدراك المدح والثواب، والذم والعقاب.
ويعمّ النزاع ما كانت الاستفادة و (7)المستفاد فيه أصليين كقبح الظلم، أو تبعيين
ص: 308
كوجوب مقدّمة الواجب(1)، أو مختلفين كما في قضيّة أبان.(2)
إذ الأول قدر متيقن، ويشهد للثالث تمسك الأخباري هنا بخبر أبان، وللثاني قول(3) الفاضل المذكور بأن اتفاق المحدثين والأخباريين حجة كاشفة عن وجود دليل على المتفق عليه ؛ لأنهم لا(4) يقولون بالاستلزامات العقلية بخلاف المجتهدين؛ لقولهم بها (5) ،(6) واحتمال نشوء اتفاقهم منها .
ثم النزاع هنا مع الأخباري يختص بالعمليات كما يظهر من بعضهم(7)، ومع الأشعري يعمّ العقائد في وجه؛ لقولهم بعدم تبعية الأحكام للمصالح الكامنة.
لنا: ان العقل بعدما قطع باستحقاق الثواب والعقاب في مرحلة الظاهر والعمل، كما هو المفروض من الأصل السابق، فلازمه القطع بالحجيَّة أيضاً، ولا يتصور الشك فيها حينئذ، حذراً من اجتماع الضدين.
ص: 309
و انه لو لم یکن القطع بهما(الحاصل من العقل حجة لم يكن القطع بهما)(1) الحاصل من الشرع حجة؛ إذ الدليل على حجية القطع الشرعي إن كان هو الشرع، نقلنا الكلام إليه إلى أن يدور أو يتسلسل، وإن كان حكم العقل بلزوم دفع الضرر المقطوع، فمشترك، والفرق تحكم.
وإنه لو لم يكن قطع العقل حجة يلزم عدم تعذيب عبدة الأوثان(2)، وعدم وجوب تحصيل معرفة الله ونبيه صلی الله علیه و آله وسلم والنظر إلى المعجزة ، والتقريب قد مرَّ .
وإن القبيح فاحشة بالعرف، ونص اللغة(3)، وكل فاحشة منهي عنها؛ للآية الشريفة: «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر»(4)، وحمله على المحرم (5)موجب لتحريم(6) المحرم، مع أن المتبادر من الفحشاء ما ذكرنا ، وهذا الدليل يتمّ بعد إثبات إدراك القبح وإن لم يدرك العقاب.
وللأخباري ردّه: بأن حرمة القبيح حينئذ(7) ثبتت من الشرع لا العقل(8) ، لكن الآية دلت على ردّ (9) الأشعري في كون أحكامه تعالى تابعة للصفات، وفي إدراك العقل
ص: 310
المدح والذم إذا لم نجعل المنكر عطفاً تفسيرياً (1) ، وجعلناه عبارة عما يحكم العقل بقبحه.(2)
ولو تمسّك الأخباري بقوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً»(3) بناء على أن الظاهر الرسول الظاهري، سيما بملاحظة البعثة (4)، وإن حذف المتعلق فيها (5) يفيد العموم ، وإن الإخبار عن نفي فعلية العذاب مستلزم لنفي الاستحقاق حذراً من التجري على المعاصي في الإخبار.
لأجبنا عنه بأن المراد منها نفي العذاب في العاجل الا بعد البعث، بملاحظة تفسير جمع من(6) المفسرين كما نقل (7)، وملاحظة ما دلَّ على تعذيب (عبدة الأوثان، وجريان عادته تعالى على تعذيب)(8) الأمم السالفة في العاجل (9) ، وبأن دلالة حذف المتعلق من باب الإطلاق لا العموم، فينصرف إلى الشائع، وهو نفي العذاب عما يحتاج إلى البيان (10) والبعث ، لا ما يستقل به عقولهم، فإن شئت فارجع إلى(11) العرف.
ص: 311
وبأنها معارضة مع الآية الشريفة «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ»(1)؛ لحجية منصوص العلة، والتعارض من باب(2) العامين من وجه مورد الاجتماع والتعارض ما (3) يستقّل به العقل قبل البعث، فيرجع إلى المرجحات، وهي لو لم تكن مع الأخيرة (4)(5) فلا أقل من التساقط.(6)
وبأن تلك الآية ظاهرة، وأدلة الحجية قاطعة، فلا تكافؤ.(7)
أو(8)بقوله الدال على أن «كل شيء مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي»(9)؛ حيث إن المتبادر اللفظيان، فلا تكليف قبل ورودهما وان استقل العقل.
ولو كان المقام مما يحتمل ورودهما في الواقع، اندفع الاحتمال بالأصل.
أو بأن المتبادر ما لم يعلم بورود الأمر والنهي.
لدفعنا:ه بعدم الانصراف إلى المستقلات كما مرَّ .
وبأنها ظنية والمسألة علمية، وبأنها ظاهرة وأدلة الحجية قاطعة، فيحمل النص على الأعم من الأمر العقلي، أو يخصص بغير ما يستقل به.
ص: 312
أو بما رواه أبان(1) في أصابع المرأة، وزرارة(2) في الولاية، والأخبار الدالة على أنه لا تكليف قبل البعث (3)«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ»(4)، والأخبار الدالة على أنه يجب على الله تعالى بيان مصالح الناس ومفاسدهم(5)، والأخبار الدالة على (أن الزمان لا يخلو عن حجة؛ ليعرف الناس ما يصلحهم ويفسدهم(6)، والأخبار الدالة على) (7) أنه تعالى لا يحتج على العباد إلا بعد إرشاد العقل وإرسال الرسل.(8)
أو(9) إن التكليف فيما أريد فيه التعذيب لطف ، وكل (10) لطف واجب، ففي ما لا تكليف لا تعذيب وإن استقل العقل؛ لأنه لا لطف، فلا حجية.
أو(11) إن العباد مجبورون، فلا حسن ولا قبح حتى يدرك العقل ويكون حجة.(12)
أو إنه لو كان اللازم على الله سبحانه أن يأمر بما أمر به العقل خرج عن كونه
ص: 313
مختاراً في ابداع الأحكام مع أنه تعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد.(1)
فقد ظهر أجوبة كل ذلك بعد التأمل فيما مرَّ .
وتظهر ثمرة النزاع في حجية العقل في تكليف الكافر، حتى القاصر (بالفرع الذي يستقل به العقل(2)، وكذا المسلم القاصر الذي لا تنال يده الشرع، وفي تعارض الخبر مع العقل).(3)(4)
أقول: ويمكن فرض الثمرة في إثبات حجية الظن من باب الدليل العقلي(5)، وفي جعل الظن الغير المعتبر مرجحاً عند تعارض الدليلين، أو عند دوران القبلة بين الجهات - مثلاً - ولا يتمكن الا من الصلاة إلى إحداها(6)، وفي إثبات التخيير إذا دار
ص: 314
الأمر بين المحذورين، ولا دليل على أحد الطرفين، وإثبات جواز التسامح في السنن إذا لم نعتبر اخباره؛ لقدح في السند أو منع الحجية وإثبات التكليف في أيام الفترة في المستقلات العقلية(1)، وإثبات أصل الإباحة والبراءة(2)، لكن على تأمل فيها، أو في جملة منها.(3)
ثمّ لو قال الخصم : لا ثمرة ؛ لأن(4) التكليف فيما يستقل به العقل لطف، وكل لطف(5)واجب، فالشارع قد بيّن كلّ الأحكام.(6)
(7)
لأجبنا: بمنع كلية الكبرى (7)، فتأمل.
وبأن الوجوب(8) تعليقي قابل لعروض المانع، كظهور (9) الحجة علیه السلام.
ص: 315
وبأن (بيان الشارع لا يلازم عثور(1)المكلف به دائماً كالقاصر.(2)(3)
وبأن)(4) الدليل عقلى لا يقول به إلّا أن يكون غرضه الإلزام، أو يسلّم حجيته في العقائد، أو يدعى ورود الشرع على طبقه.
ص: 316
قالوا: (كل ما حكم به الشرع حكم به العقل) والمراد انه كلّ ما يمكن أن يجعل الشارع له حكماً وإن لم يجعله، أو جعله ولم يبيّنه، حكم به العقل بعد الجعل والاطلاع حكماً إجمالياً، فيحكم بمطابقته للصفة الكامنة المقتضية لجعل هذا الحكم، والمخالف الأشعري فينفي تبعيتها للصفات مطلقاً.(1)
لنا على إبطال السلب الكلي : إنه لولا تبعيتها للصفات لزم عدم إدراك العقل، وعدم حجيته، وقد ثبت حجيته مما مر .
وعلى إثبات الإيجاب الكلي: إن أحكامه تعالى إن لم تكن معللة بالأغراض لزم العبث، أو كانت معلّلة بأغراض راجعة إليه تعالى لزم الاحتياج، أو إلى العباد لمجرد الإطاعة والعصيان للثواب والعقاب من غير خصوصية غرض في المأمور به والمنهي عنه، لزم اللغو والعبث في الخصوصيات؛ لكونه ترجيحاً بلا داع، وإن لم يلزم لغو في سنخ جعل الأحكام، أو لخصوصية غرض راجع اليهم موجود في نفس المأمور به(2) والمنهي عنه، مع قطع (3)النظر عن الأمر والنهي، ثبت المطلوب.(4)
وانه لاريب في أن كلّ فعل في الواقع إما المصلحة في إتيانه، أو في تركه، أو لا مصلحة في فعله ولا في تركه. ففي الأول لا بد من الأمر به ولو ندباً؛ إذ طلب تركه ترجيح للمرجوح، وإباحته تسوية بين الراجح والمرجوح، وفي الثاني عكسه؛ لما مرّ، وفي الثالث لا بد من إباحته؛ حذراً من الترجيح بلا مرجح.(5)
ص: 317
ولا ريب في تنوع(1) الأحكام الشرعية بالأنواع(2) الخمسة(3)، فإن كان اختلاف تلك لاختلاف صفات(4) الأفعال في مصلحة الإتيان ، أو الترك، أو التسوية، فالمطلوب ثابت والا لزم أحد المحاذير الثلاثة المتقدمة.
مضافاً إلى الآية الشريفة «تَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر»(5) ، ويتم الأمر في غير المناهي بالإجماع المركب إن كان والا فينتفي السلب الكلي.(6)
وإلى النصوص الدالة على أنه يجب عليه تعالى بيان مصالح العباد ومفاسدهم(7) الظاهرة في وجود مصالح ومفاسد، مع قطع النظر عن الأمر والنهي.
لكن النصوص لا ترد الأشعري، بل دليل إسكاتي.
ولو قيل: إن من الأوامر ما يكون المقصود منه نفس التوطين(8)، ولا مصلحة في المأمور به، ولعل(9) أوامر الشرع كلها من هذا الباب.(10)
ص: 318
قلنا: أولاً : ننقل الكلام إلى نفس التوطين، فنقول: لا بد فيه من مصلحة؛ حذراً من أحد المحاذير الثلاثة.(1)
وثانياً: انه لو كان المقصود في الكل(2) التوطين، فلازمه دائماً الإعلام بعدم إتيان المأمور به بعد إتيان المكلف بالمقدمات(3)، والواقع (4) خلافه .
ولو قيل: لعل المصلحة في جعل سنخ الأحكام (مجرد الإطاعة للثواب والعقاب(5)، وفي تنويع الأحكام)(6) لزوم التكليف بما لا يطاق لو أمر بالكل، أو نهى عن الكل، وفي تخصيص بعض بالأمر وبعض بالنهي؛ كون بروز الاطاعة في الأمر بما لا يرغب المكلف بإتيانه كالصلاة والزكاة، وبروز الاطاعة في النواهي في النهي عما يرغب إليه المكلف، كالزنا وأكل الحرام، فكان المقصود في جميع المراتب الإطاعة والانقياد لا غير ولا صفة في الافعال مع قطع النظر عن هذه الجهة كما تدعيه، ويؤيده الآية الشريفة «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله»(7)«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون».(8)
لأجبنا: أولاً: بالنقض بالواجبات التوصلّية الغير المشروطة بنية التقرب.
ص: 319
وثانياً: بلزوم الترجيح بلا مرجّح أيضاً في الخصوصيات، كإيجاب الجهر في الصبح، والإخفات في الظهرين، وهكذا.
ولو قيل: إن كان الغرض من أمر الله سبحانه عباده بالصلاة مثلا (1) إدراك مصلحة لهم فيه، كأمر الطبيب المريض بدواء يرفع مرضه، لكان عقابه الأبدي على ترك العبد مصلحة نفسه بتركه الصلاة منافياً لرأفته وللطف، ويكون كما لو أمر الوالد ولده بتعلم صنعة رأفة منه له، فخالفه وقتله الوالد عقوبة لترك هذه المصلحة، فلا بد أن يكون الغرض مجرد الإطاعة والانقياد.
لدفعناه: أولاً: بالنقض ؛ إذ لو كان غرضه محض التعبد(2) جاء المحذور أيضاً.(3)
وثانياً: بأن غرضه إن كان نفي التكليف رأساً، فهو كما ترى، أو نفي استحقاق العقاب، فهو ليس من الجعليات، بل من لوازم المخالفة، كزوجيّة الأربعة، أو نفي فعلية العقاب، فالعقاب بيده إن شاء فعل وإن شاء ترك.
ص: 320
حُسن الأشياء وقبحها هل هما ذاتيان(1)؟ ، فالصدق حسن والكذب قبيح
بذاتها، أم بالأوصاف اللازمة(2) المقومة للماهية المعبر عنها بالداخلة والثابتة والحقيقية فالصدق(3) من الكلام حسن لأجل مطابقته الواقع ، والكذب قبيح لمخالفته الواقع، أم بالوجوه والاعتبارات المغيرة للأحكام(4)، كالنفع والضرر والغصب والإباحة والستر والطهارة، ونحوها من الأوصاف الموجبة لتغير الحكم الشرعي : أما مع مدخلية العلم والجهل أيضاً، أم لا.
فعلى الأولين لو اجتمع الصدق مع النفع احده، ومع الضرر عارضه، وصار من تعارض الذاتيين مرجعه الرجوع إلى المرجحات الخارجة(5) في مقام العمل، وعلى الأخير ليس الصدق حسناً ولا قبيحاً، بل حُسن (6) إن نفع ، وقبيح إن أضر ، أم المقامات مختلفة، وجوه.
وقيل(7) بالتفصيل بين الحُسن فذاتي، والقُبح فبالوصف، فيكفي في الحُسن انتفاء جهات القبح.
ص: 321
والحق بطلان كونهما بالوجوه مع مدخلية العلم والجهل؛ لأنه مستلزم للتصويب(1)، وللدور(2)، ومخالف لطريقة العقلاء، وبطلان كونهما بالوجوه بنحو الإيجاب الكلي حتى مع عدم مدخلية العلم والجهل؛ للقطع بحسن الصدق مثلاً وإن أضر، فهو من باب تعارض الحُسن والقبح، فبطل الإيجاب الكلي، وما عدا ذلك فهو محل التوقف، فيرجع عند الشك إلى ظواهر خطابات الشرع.
ولو قيل: لا توقف في بطلان كونها ذاتيين بنحو الإيجاب الكلي؛ لأن النسخ واقع(3)، فالداعي (4) لاختلاف حكم الناسخ والمنسوخ إن كان نفس الذات فمن المحال اقتضاء الشيء الواحد بذاته الحُسن والقبح، أو الوجوه فيهما أو في أحدهما ثبت المطلوب.(5)
ولأن مثل الصدق الضار الذي اجتمع فيه الحُسن والقبح باعتقاد القائل بذاتيتهما، إن كان مادة اجتماع(6)الأمر والنهي فهو قبيح؛ لأنه مما لا يطاق، أو كان أحدهما دون الآخر، أو انتفى الأمران لزم تخلف الأثر عن المؤثر؛ إذ الأمر والنهي أثر الحسن والقبح.
ص: 322
ولأنه يلزم اجتماع الضدين في الكلام الصادر في الغد بعد قوله: (لأكذبنّ غداً)، فالصدق غداً حسن لأنه صدق، وقبيح لاستلزامه كذب كلام الأمس، وعكسه الكذب.(1)
لأجبنا: بأن النسخ لعله من تعارض الذاتيين(2)، وأن الحسن والقبح مقتضيان للأمر والنهي، لا علة تامة(3)، وأن مستلزم القبيح ليس قبيحاً.(4)
العبادات المكروهة، كالصلاة في الحمام مما له بدل(1)، وفي تأثير المعاصي الصادرة سهواً أو جهلاً .(2)
أصل
[في جواز خلو واقعة من الوقائع عن الحكم]
هل يجوز خلوّ واقعة من الوقائع بنحو الإيجاب الجزئي عن كل حكم في حق المكلفين، كما في فعل الصبي الغير المميز (3) أم لا (4)؟ والمسألة وإن كانت من المسائل الكلامية، لكن الدليل الظني حجة فيها؛ لاستلزامها الحكم الفرعي(5)، والأصل في المسألة الجواز لا الامتناع، كما في نظائرها .
[ثمرة المسألة]
وثمرة الخلاف: إن من أحال الخلو، وقال بإدراك العقل الحسن والقبح، وبتبعية الأحكام (6) للصفات ، لزمه حجية العقل وتطابقه مع الشرع، كما هو واضح.
ص: 324
والحق في المسألة أن الواقعة إن كانت محتاجاً إليها للمكلفين لم يجز خلوها عن الحكم؛ لقاعدة اللطف فتأمل. وللنصوص الدالة على أنه تعالى جعل لكل واقعة حكما وبينه لنبيه صلی الله علیه و آله وسلم حتى أرش الخدش (1)، وخصوص رواية درست(2)، ولقوله علیه السلام: «كل شيء مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي»(3)، إلّا أن يقال إنها تثبت الحكم الظاهري لا الواقعي(4)، فتأمل.
وانها لا تجري في الأحكام الوضعية، إلا ان يتمسك بالإجماع المركب.
أو غير محتاج إليها(5)(6) كوقاع الحور، فوجهان ، أقربهما عدم الخلو؛ لنصوص أرش الخدش، فإنها مطلقة أو عامة، وتقييدها(7)برواية درست فرع فهم العرف
ص: 325
التعارض(1)، فتأمل.
اختلفوا في أن الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع هل هو الحظر(2)، أم الإباحة(3)، أم عدم الحكم(4)، أم الوقف (5) ، والأولان يحتملان الإباحة والحظر الظاهريين والواقعيين والأخير يحتمل الوقف في أصل الحكم، أو في خصوصه، أو فيهما .
والمراد بالأشياء الأفعال أعم مما تعلق بالأعيان كالاكل والشرب، أو لم يتعلق كالضحك والغناء؛ وذلك لتعبير بعضهم بالأفعال لا الأشياء (6)، الا أن يحمل المطلق على المقيد، فتأمل.
ص: 326
ومحل النزاع الفعل الاختياري الغير الضروري الذي لا يستقل العقل بحكمه (1) بالخصوص، مع كون الفعل مما فيه أمارة المنفعة لا أمارة المفسدة، وإن كان محتملاً للمفسدة(2) ولم ينازعوا (3) فيما لا منفعة فيه ولا مفسدة ظاهراً(4)، مع إمكان القول بالإباحة وعدمها هنا أيضا (5) ، إلّا أن يقال: إن(6) ارتكاب مثله سفه، فيشكل الحكم باباحة مثله، فتأمل.
والمراد بالإباحة يحتمل أن يكون الإباحة الخاصة، كما هي ظاهرها حيث أطلقت، أو مطلق الإذن الشامل لما عدا(7)،الحرام، أو ما اذن في فعله وتركه مطلقاً، أو ما أذن في فعله وتركه مع عدم رجحان ،الفعل، أو مع عدم رجحان الترك.
والمراد بما قبل ورود الشرع إن كان قبل أصل الشرع قبلاً حقيقياً، ففيه أنه خلاف الواقع؛ إذ الشرع : إما مقدّم على الخلق أو مقارن، وانه لا(8) ثمرة لنا في إثبات حكم من كان قبل الشرع(9)الا بالتمسك بالاستصحاب، ولا يمكن؛ لتعدد الموضوع، وحصول العلم الإجمالي لنا بين المشتبهات(10)، وان من لا يقول بحجية الاستصحاب
ص: 327
ويقول بهذا الأصل كيف يثبت هذا الأصل حينئذ، وذلك كاشف عن انّ (1) المسألة ليست مبتنية على الاستصحاب.
أو قبلاً فرضياً، ففيه ما مرّ من عدم الفائدة، والتمسك بالاستصحاب مردود بأنه فرضي، وبالوجهين الأخيرين في سابقه.(2)
أو قبل شرعنا ونبينا، أي زمان الفترة، ففيه انه إن كان مع فرض العثور على الدليل فالدليل هو المتبع ، أو قبله فيمكن فرض ذلك بعد بعث نبينا .
أو قبل العثور على الدليل الشرعي وإن كان بعد البعثة، ففيه : أنه خلاف ظاهر قولهم (قبل ورود الشرع) ، وخلاف تصريح بعضهم(3) بأن المراد اما الاحتمال الثاني أو الخامس، ولا يناسب القول بأنه لا حكم؛ لأنه لا شرع.
أو(4) مع قطع النظر عن الدليل الشرعي، ففيه أنه خال عن الفائدة حينئذ، : فمحل النزاع غير محرر .
أقول: ثمّ إنّا وإن استقصينا التأمل في الفرق بين هذه المسألة ومسألة أصل البراءة، فلم نجده، وقد يتصوّر الفرق بوجوه عشرة، ليس شيء منها بشيء.(5)
ص: 328
وكيف كان، فالأصل الأصيل في المسألة الحظر؛ لأن المفروض أن الفعل المتنازع فيه محتمل المفسدة ولو وهماً، فيجب دفع الضرر المحتمل بحكم العقل.
ولو قيل: إن الترك أيضاً محتمل الضرر ؛ لاحتمال وجوب هذا الفعل.
لقلنا: إن وجوب الكل غير محتمل؛ لأنه مما لا يطاق، وحرمة الكل محتملة.
ولو قيل: إنّ العقلاء يسفّهون المحترز عن كلّ(1) محتمل وهميّ.
قلنا إنه لأجل ارتكاب أقل القبيحين؛ لا لعدم لزوم دفع الضرر الخالي عن المعارض.
ولقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه - وإن كان مولاه - مالم يرد تنصيص، أو شاهد حال، كالاستظلال بجدار الغير، وتصرف العبد في نفسه أيضاً تصرف في ملك المولى.
ولو قيل: إنّ منع النفس من الفعل تصرف في النفس أيضاً، وإن بناء العقلاء على عدم التصرف في مال الغير عند الشك في الإذن انما هو الحاجة المالك إلى (2) ماله، بخلافه تعالى، وإنه لا شك في الجواز هنا؛ لأنه كالاستظلال، وإن استصحاب حكم حالة الصغر يقتضي الجواز.
لقلنا: إن كون الترك تصرفاً ممنوع وإن الخالق وان تنزّه عن الحاجة لكن المخلوق محتاج، وإن القياس على الاستظلال قياس(3) مع الفارق(4)، وإن الكلام قبل
ص: 329
ورود الشرع، ولا يعتبر الاستصحاب حينئذ.
هذا بالنسبة إلى قبل ورود الشرع، وأمّا بعده قبل العثور على الدليل، فالأصل الأصيل أيضاً ما ذكر ؛ للوجهين، مضافاً إلى أن الفقيه بعد التتبع (1) في الشرعيات يعلم إجمالاً بحرمة جملة من تلك الأفعال، فلزم اجتناب الكل؛ لقاعدة الاشتغال.
الحق في المسألة الإباحة عقلاً وشرعاً، قبل ورود الشرع، وبعده قبل العثور على الدليل الوارد.
لنا: بناء العقلاء على تسفيه من اقتصر في أفعاله(2) على الضروريات ملتزماً به، فاندفع الضرر المحتمل (3)، وعلم الإذن عند عدم إمكان الاستيذان لبناء العقلاء الذي هو حجة هنا؛ حذراً من التكليف بلا بيان ومن التكليف بما لا يطاق، بعد كونهم معتقدين بالجواز من غير رادع(4) ، واندفع قاعدة الاشتغال أيضاً؛ إذ لا دليل على حجيتها حينئذ.(5)
مضافاً إلى قوله علیه السلام: «كل شيء مطلق»(6) الخ ، والمتبادر من المطلق مطلق الإذن أو الإباحة الخاصة، ومن قوله حتى يرد (7): حتى يعلم بالورود، فلا يضر احتمال الورود، مع كونه مدفوعاً بالأصل.
ص: 330
ودعوى: العلم بورود حكم في الواقع للفعل المشكوك؛ لعدم خلو الواقعة عنه كما مرَّ ، فلا يجرى الأصل.
مردودة: بأن المسلم جعل الحكم: إما عموماً، أو خصوصاً، لا خصوصاً فقط، مع أن(1) المشتبهات كثيرة، والعلم الإجمالي فيها لا يضر ، كما في الشبهة الغير المحصورة(2)، مع أن القائل بالحظر يحكم به - وان علم بعدم ورود نهي في نفس الأمر - .
وتوهم انه يكفي في ورود النهي نهي العقل كما مرَّ في تأسيس الأصل؛ لأنه
كل ما حكم به (3)حكم به الشرع مدفوع بعدم انصراف إطلاق (الورود) وإطلاق (النهي) إلى مثله.(4)
ولو قيل: الرواية ضعيفة، ومن الآحاد.
قلنا: المسألة فرعية، وهي منجبرة بالعمل.
وإلى الآية الشريفة «خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»(5)، وفيها عموم من وجهين : الموصولة والتأكيد، واللام للانتفاع، والمقام مقام الامتنان، ولا معيّن لبعض المنافع ؛ فتعمّ من هذه الجهة أيضاً.
إلّا أن يقال: إن المقام ليس مقام البيان (6)، أو إن النفع مفسر بالعبرة في رواية(7)،
ص: 331
لكنها ضعيفة، أو(1) إن موردها الأفعال المتعلقة بالأعيان خاصة، إلّا أن يقال: باختصاص النزاع بها (2)، أو يتمسك بمركب الإجماع.
والحق ان منفعة الشيء ان كانت واحدة أو متعددة وفيها أظهر عرفاً، فلا إجمال في الآية بالنسبة إلى تلك المنافع، وإن لم يكن فيها أظهر ، أو لم يوجد فيها منفعة ظاهرة، فالإجمال في الآية تثبت الإيجاب الجزئي لا الكلي.
فاعلم انه إذا شك في أصل التكليف، أو كيفيته، فالأمر: إما دائر بين الواجب وغير الحرام، أو الحرام وغير الواجب، أو الواجب والحرام.
وفي الأول(3): إما ليس علم إجمالي في الواقعة الخاصة المشكوكة بالتكليف، فيكون شكاً في التكليف، أو هنا علم إجمالي به مردد بين المتباينين، لشبهة عرضيّة مرادية كالظهر والجمعة، سواء نشأ الإجمال عن تعارض الأدلة، أو عن إجمال الدليل أو مصداقية كاشتباه جهة القبلة بين الجهات (4)، والزوجة المنذور وطؤها [من] بين الزوجات، أو(5) بين الأقل والأكثر استقلالياً أم ارتباطياً، مصداقياً أم مرادياً، نشأ إجمال المراد عن الشك في الحدوث، أو في الحادث، لتعارض الأدلة، أو إجمال اللفظ، فبيان أحكام تلك الأقسام يقع في طيّ أصول.
ص: 332
ثم اعلم أن المراد من الشك هنا أعم مما تساوى طرفاه، ومن ظنّ(1) لم يقم عليه دليل، وأن ما فيه نص غير معتبر ولو مثل فتوى فقيه يحتمل استناده إلى النص داخل في نزاع أصل البراءة والاحتياط، وكذا ما لا نص فيه أصلاً، لكن في الشبهة التحريمية لا الوجوبية (2)؛ إذ القول بالاحتياط الذي هو من أقوال المسألة لا يتصور فيها إذا خلت عن النص؛ لعدم إمكان الاحتياط فيها؛ إذ ما من شيء الا ويحتمل الوجوب، ولو بمجرد الإمكان الذاتي، أو (3) إن كل ما يحتمل الوجوب يحتمل الحرمة أيضا؛ فلا يمكن الاحتياط، فتأمل.
وما تعارض فيه النصان داخل؛ لأن حكمهم في باب التراجيح بالأخذ بموافق الأصل، أو طرحهما(4) والرجوع إليه، يقتضي كون هذا الأصل مؤسساً حتى يصير مرجعاً أو مرجحاً.
ثم في الشبهة التحريمية يمكن جعل النزاع (5) قبل ورود الشرع (وبعده، وفي الوجوبية لا يمكن الّا بعده؛ إذ القول بالاحتياط لا يتصوّر فيها قبل ورود الشرع)(6)؛ للوجهين المذكورين فيما لا نص فيه.(7)
ص: 333
وتوهم: ان القول بالاحتياط ناشئ عن العلم الإجمالي، فلا يكون(1) أيضاً الا بعد الشرع.(2)
مدفوع : بأن دليله أعم من ذلك.(3)
وأقسام الشبهة كلها داخلة في النزاع بشهادة أقوال المسألة فيما سيأتي.
و(4)ليس المراد بالأصل (5) هنا الدليل ؛ لعدم التبادر ، ولأنه لا معنى لقول القائل: الدليل البراءة، وإضمار المقتضي هنا بعيد، بل إما الراجح - أي الظاهر - ان خصصنا النزاع بما تعمّ به البلوى(6)(بإضمار المقتضي(7) كما هو شائع.
أو الاستصحاب، وهو كما ترى)(8) بناء على إجراء استصحاب العدم الذي كان قبل الشرع (9) تكليفاً على بعد؛ للعلم بالجعل (10) بعد الشرع، أو وضعاً.
أو استصحاب البراءة الحاصلة حالة الصغر، أو الجنون، أو حالة علم فيها
ص: 334
بعدم (1) الشغل كالبراءة عن الدعاء قبل رؤية الهلال، وعن المهر قبل النكاح، والصلاة قبل الزوال (2)، وهكذا.
وفيه : إن حجية أصل البراءة في الجملة ،إجماعية وحجية الاستصحاب (خلافية، الا أن يقال: إن الاستصحاب) (3)العدمي إجماعي أيضاً، وأنهم يتمسكون بأصل البراءة في الشك في الحادث(4) أيضاً، ولا يجري فيه الاستصحاب.
أو(5) القاعدة المستفادة من الشرع باضمار المقتضي أيضا.
ثم إنّ الأصل الأصيل هنا هو الاحتياط؛ دفعا للضرر المحتمل، مضافاً إلى الاشتغال، واستصحاب الأمر فيما علم بالتكليف إجمالاً.(6)
إذا ظهر ذلك فلنشرع في أحكام الأقسام:
ص: 335
إذا دار الأمر بين الوجوب والإباحة الخاصة فعن بعض الإخباريين(1) الاحتياط؛ لقلة (2) الشبهات عنده ، والمعظم على البراءة، والمحقق على التفصيل بين ما يعم به البلوى فالبراءة وما لا يعمّ فالاحتياط(3)، والأوسط أوسط
لنا: ظهور الإجماع والإجماع المنقول(4)، واستصحاب البراءة الثابتة قبل الشك في التكليف، ويتم فيما إذا كان الشك في الحادث بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه بضميمة أصالة الاحتياط؛ إذ الاستصحاب أقوى (5) ، مضافاً إلى أن المشكوك فيه مما (6) لم يرد فيه بيان بحكم الأصل، وكل ما كان كذلك لم يصح التكليف فيه؛ للقبح العقلي.
والقدح في جريان الأصل في الصغرى، بأن لكل واقعة حكماً مبيناً؛ للنصوص،
ص: 336
وبأنه قد يصير الشك في الحادث.(1)
مدفوع: بأن البيان يمكن أن يكون بطريق العموم، فالشك في الاندراج، وانه يتم فيما إذا شك في الحادث بالإجماع المركب، ولا يمكن قلبه لما مرّ.
وإلى بناء كلّ أهل العقول آمراً ومأموراً(2)، و(3)إلى الاستقراء.
أقول: ويمكن تقريره بوجوه:
إما بدعوى غلبة المباح، أو بأنّ غالب الأفعال مما رخص في فعله وتركه، فيثبت الجنس بذلك، والفصل الخصوص المقام.
أو بأن غير الواجب أكثر من الواجب.
وفي الأخير نظر.
وإلى أن الاحتياط لو وجب في هذا القسم(4) من الشك الوجوبي، لوجب(5) في كل أقسامه بالأولوية، وهو عسر
وفيه: إن للخصم دعوى قلة الشبهات.(6)
وإلى أن تارك المشكوك فيه إن لم يكن معاقباً فالمطلوب ثابت، وإن كان معاقباً علمه به فهو على ترك الواجب النفس الأمري مع عدم علمه به فهو سفه، أو خلاف الفرض، أو على ترك الاحتياط الغير المعلوم وجوبه للعبد ،فسفه، أو المعلوم
ص: 337
وجوبه ، فالمفروض أن لا دليل عليه ؛ لفساد الأدلة الآتية، أو على ترك الضرر المحتمل، فلا يحتمل الضرر بعد بطلان الاحتمالات الأربعة، وفيه تأمل.
وإلى قوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبْعَثَ رَسُولاً»(1)، فإن جعلنا الرسول هو الذات بوصف التبليغ فالدلالة بالمطابقة، والا فبالالتزام، ولو قلنا المراد عذاب العاجل(2) خرجت عن الدلالة(3)، إلا أن يكون إلزاماً على الخصم.
وقوله تعالى:« لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيَّنَةٍ»(4) والدلالة: إما بالمنطوق؛ لعموم الآية حذراً من الكذب، أو بالمفهوم.(5)
أقول: ولو جعلنا البينة أعم من مثل حكم العقل بالأصل الأولي سقطت الدلالة.(6)
وقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»(7) بضميمة أن العقلاء لا يحتمل عندهم الوجوب.
ص: 338
وقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا»(1) أي: ما أقدرها (2)أو أعلمها.
صلى وإلى النصوص منها قوله صلی الله علیه و آله وسلم: «ما حجب الله تعالى علمه عن العباد فهو موضوع عنهم».(3)
ولو قيل: إنها ضعيفة، وإنها واحد(4)، والمسألة أصولية (5)، وإن العباد في الشرط جمع محلّى باللام يفيد العموم(6)، فلا يترتب الجزاء (7)الا مع جهل كل العباد (8)، وان المشكوك فيه يحتمل أن لا يكون مما حجبه الله عن العباد، بورود بيان لم يصل(9) إلينا.
قلنا: إن الضعف منجبر بالعمل، وإن الضعف لا الضعف لا يقدح بعد ضمّ النصوص بعضها إلى بعض، وحصول القطع من المجموع فيتم وإن كانت المسألة أصولية، مع أنها فرعية، وأن الجزاء متضمن للضمير الراجع إلى العام(10)، فيقتضي التوزيع (11)، بل العرف يفهم إرادة جنس المفرد (12)، بل لا فائدة في النص إن أريد المعنى الذي ذكرت
ص: 339
وأن(1) البيان المشكوك مدفوع بالأصل، بل(2) المتبادر الوضع مع عدم العلم لا العلم بالعدم، بل لولا ذلك لخلا النص عن الفائدة
ولو قيل: إن الموصول في الشرط: إمّا كناية عن الشبهة الحكمية، أو الموضوعية، أو الأعمّ؛ وعلى التقادير: إما يعمّ التكليفية وغيرها، أو يختص بالأول.(3)
ولا يمكن العمل بظاهر النص على شيء من الاحتمالات؛ إذ نفس الحكم المشكوك لا يمكن رفعه في نفس الأمر ؛ لأنا لا (4) نقول بالتصويب، ولا باختلاف الأحكام الواقعية بالعلم والجهل، ونفس الموضوع المشكوك أيضاً لا يمكن وضعه(5)، فلا مفرّ من ارتكاب خلاف الظاهر، وهو متعدّد.(6)
قلت - بعد عدم إمكان الأخذ بظاهر النص - : أقرب الاحتمالات عرفاً كون اد بالموصول الشبهة الحكمية التكليفية، وبالوضع الوضع في مرحلة(7)الظاهر لا نفس الأمر.
ومنها قوله صلی الله علیه و آله وسلم «رفع عن أمتي تسعة»، وعد منها «ما لا يعلمون»(8)، ولو قيل: إن الأمة المضافة تفيد العموم الاستغراقي، والإضافة هنا - سيما بملاحظة ان المقام مقام الامتنان - تفيد الاختصاص، وحينئذ(9) فإن أبقيت النص على ظاهره لزم الكذب
ص: 340
في المنطوق(1)، أو أضمرت المؤاخذة لزم الكذب في المفهوم (2)؛ لحكم العقل بأن الأمم السابقة ما (3) كلفوا بما لا يطاق.
قلت: بعد دوران الأمر بين المحذورين لابد من (4)إضمار المؤاخذة إما من رفع اليد عن المفهوم، أو تقييده بما إذا كانت التسعة مسببة من اختيار المكلف(5)، أو (6)حمل التسعة المنفية في المفهوم على سلب العموم لا عموم السلب، وعلى التقادير الثلاثة يتم الاستدلال.
وإما مع عدم إضمار (المؤاخذة) فلا بد من حمل الأمة على المجموع من حيث هي، فيكون المعنى إن هذه التسعة بأعيانها مرفوعة عن أمتي؛ لوجود المعصوم علیهم السلام فيهم، وهو مجاز مستلزم لتقييد المفهوم أيضا؛ إذ المعصوم كان في سائر الأمم وإن لم يكن بالفعل، لكن الرواية حينئذ لا ربط لها بما نحن فيه.
ففي كل من تلك التوجيهات الأربعة يلزم ارتكاب خلاف ظاهرين(7)، لكن الأقرب عرفاً بحكم التبادر إضمار المؤاخذة، فيتم الدليل.
ص: 341
مضافاً في الأخير إلى أن(1) الإكراه الغير الرافع للقدرة ليس منتفياً عن المعصوم علیه السلام،وأنه لو كان المراد ذلك لم يختص بتلك التسعة، فالكذب أيضاً مرفوع مثلاً.
ولو أورد الخصم بعض الإيرادات السابقة في الخبر الأول، لجرى الجواب السابق.
ومنها قوله علیه السلام: «الناس في سعة ما لم يعلموا»(2)، (وما زمانية بحكم التبادر، لا موصوفة، ولا موصولة.
ولو قيل: إن حذف المتعلق يفيد العموم، فالمعنى مالم يعلموا)(3) شيئاً.(4)
قلنا: إنما يفيد الحذف العموم إذا لم يكن في البين أظهر، والظاهر عرفاً هنا أن الناس في سعة من كل شيء مالم يعلموا ذلك الشيء.
ومنها قوله علیه السلام: «كل شيء مطلق(5)حتى يرد فيه نص»(6)، (فنقول: هذا مما السلام: يرد فيه نص )(7) بالفرض، أو بالأصل(8)، وكل ما كان كذلك فهو مطلق، والمتبادر منه النص المعتبر.
ص: 342
وأما ما تعارض(1) فيه نصان معتبران، فيتم الأمر فيه بالإجماع المركب، أو بأن الظاهر منه العلم بورود النص المقيّد لا مطلقاً .
(ولو قيل: إن قلب الإجماع ممكن.
فنقول: إن مقتضى المفهوم أن ما تعارض فيه النصان ليس مطلقاً)(2)، ويتمّ الأمر في غيره بالإجماع المركب.
قلنا: نمنع ظهور الرواية في مطلق النص(3)أعم من المقيّد وغيره، وإن لم ندع ظهورها في النص المقيد مع أن المنطوق نص في شموله لما لا نص فيه، والمفهوم ظاهر في شموله لما تعارض فيه النصّان؛ لاحتمال اندراجه في المنطوق، فضميمتنا أقوى من جهتين(4): من جهة أنه منطوق، وأنه نص، بل من جهة اعتضاده أيضاً بما مرَّ من العمل والأخبار والآيات.(5)
وفي طريق آخر (6): «حتى يرد فيه أمر أو نهي» (7) والاستدلال به أيضاً ظاهر.
وفي طريق ثالث «حتى يرد فيه نهي»(8)، وعليه يتم (الاستدلال أيضاً في الشبهة الوجوبية(9) ؛ لأن المشكوك فيه لو كان واجباً كان تركه منهياً عنه، فتركه مطلق ما لم يرد
ص: 343
نهي).(1)
والأخبار بهذه المضامين كثيرة، يحصل من مجموعها - سيما بملاحظة الأدلة الأخر - القطع بحجية البراءة، ولا أقل من الظن، والمسألة فرعية.
ص: 344
فإن قلت: إن أصالة البراءة وأدلتها معلقة على عدم العثور على دليل الاحتياط، وهو موجود.
لقول أبي الحسن علیه السلام: «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها»(1) . الحديث، وهو واضح الدلالة على وجوب الوقف فيما لا يعلم.
قلنا: إن مقتضاه الوقف عند الإفتاء حتى يعلم لا عدم العمل حتى يعلم ومحل الكلام العمل لا الفتوى.
ولو تمسك بمركب الإجماع (2)(3)القلبناه لقلبناه(4)(5)، وضميمتنا أقوى، ولا أقل من التساوي ،والتساقط، مع أن مقتضاه بحكم التعليل الوارد فيه الوقف قبل الفحص، ونحن نعمل بالبراءة بعده، فلا تعارض بينه وبين دليل البراءة، ولا أقل من الاحتمال المسقط للاستدلال، مع أن مشكوك الوجوب مما علمنا بكون حكمه الظاهري البراءة؛ للأدلة المتقدمة، فلا يدخل في صغرى «ما لا تعلمون»، مع أن المراد من قوله علیه السلام: «إذا جاءكم ما لا تعلمون»(6) (ان كان ما لا تعلمون)(7) حكمه الظاهري والواقعي معاً، أو حكمه مطلقاً واقعياً (8) أم ظاهرياً، فمشكوك الوجوب ليس كذلك؛ إذ حكمه
ص: 345
الظاهري معلوم بأدلة البراءة، أو حكمه الواقعي فقط، فإن كان المراد الوقف بحسب الواقع، فنحن نقول به، أو بحسب الظاهر أيضاً، فلا يقول به الفريقان، مع أن الرواية ضعيفة غير مجبورة، ومعارضة بأقوى منها.
وان تمسك الخصم بقول علي علیه السلام: «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت».(1)
ففيه : انه بعد ملاحظة دلالته على التخيير في الاحتياط كماً، وكون ذلك خلاف الإجماع، محمول على حسن الاحتياط، بل نحن نقول بالاحتياط(2) في الشبهة الوجوبية عند دوران الأمر بين المتباينين، فقد عملنا بهذا الخبر في الجملة؛ لأنه خير بحسب الكم، مع الجواب الأخير في الخبر السابق.
أو بالحديث: «لك أن تأخذ بالجزم والحائط لدينك»(3)، والجزم هو الاحتياط.
ففيه بعد الوجه الأخير في سابقه إنه دلّ على جواز الاحتياط (لا وجوبه.
أو بقوله علیه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(4)، ونحوه من(5) أخبار الاحتياط)(6)، فالانصاف فيها وفيما سبق من أخبار الاحتياط - الا الأولى منها - الورود على البراءة، لكن لا تقاوم أدلتها من جهة كون المشهور معرضين عنها، فالأصح البراءة المطلقة.
ص: 346
إذا دار الأمر بين الوجوب والندب والإباحة، فالحال ما سبق في الأصل السابق من البراءة نعم لا باس من الحكم بالندب؛ للتسامح.
أو بين الوجوب والندب، بحيث قطعنا بعدم الثالث، ففي الحكم بالوجوب كما عن طائفة، وفيهم من قال بالبراءة فيما سبق(1)، أو الرجوع إلى الأصل بعد طرح الاحتمالين (2)، أو التخيير البدوي(3)(4) ، أقوال والأقوى الندب الظاهري.(5)
لنا على نفي الوجوب الظاهري: ذهاب المعظم(6)، و(7) إطلاق منقول(8) الإجماع(9) ، ،(9) ، وغلبة عدم الوجوب في المطلوبات الشّرعيّة، عكس المطلوبات العرفية، وكذا بناء العقلاء فيها على الوجوب، وقبح التكليف بلا بيان، والآيات والأخبار المتقدّمة النافية للتكليف عند عدم العلم .
ولو قيل: خبر العلاج حاكم بالتخيير بين النصين المتعارضين عند فقد المرجّح
ص: 347
وتوهم أن شهرة القول بالندب هنا مرجّحة؛ للأمر فيه بأخذ ما اشتهر .
مدفوع بأن مورده شهرة الرواية لا الفتوى، ولا عموم فيه، مع أن في كل واقعة لم يثبت الشهرة على الندب لا رواية ولا فتوى.
قلنا: إن الرواية أخص من المدعى؛ لأنها لا تشمل ما لا نص فيه (1)، وان تمسكت بمركب الإجماع(2) أمكن قلبه(3)، مضافاً إلى أن النسبة بينها وبين ما نفى التكليف - عند عدم البيان - عموم من ،وجه تفترقان فيما لا نص فيه، وفيما تعارض فيه نصان أحدهما يأمر(4) والآخر ينهى، ومادة الاجتماع ما نحن فيه إذا تعارض فيه نصان، وبعض المرجحات المتقدمة معنا.(5)
وإلى أن التخيير بين الدليلين مسألة أصولية، لا يعمل فيها بالآحاد، سيما مع (6) عدم حصول الظن منها؛ لكثرة الخلاف بين الأخبار العلاجية، وإلى منع انصرافها إلى نصين يحكم أحدهما بالوجوب والآخر بالندب.
وعلى إثبات الندب(7) الظاهري - بعد نفي الوجوب - ذهاب المعظم(8) ، وبناء
ص: 348
العقلاء، وخبر التسامح(1) ، بل الأولوية بالنسبة إلى التسامح في محتمل الندب(2) وإن لم يكن نصّ، وانّ (3) المطلوبية ثابتة من(4) اتفاق الأمارتين، والمنع عن الترك منتف بحسب(5) الظاهر لما مرَّ (6) ، فتعيّن تحقق الطلب في ضمن فصل الندب الظاهري، بعد
مقدمة ثالثة وهي أن كل مطلوب واقعي مطلوب ظاهري، فتأمل
ص: 349
أصل(1)
اذا علمنا(2) في الشبهة الوجوبية بالتكليف إجمالاً، و(3) دار الأمر بين الأقل والأكثر، وكانا ارتباطيين، وكانت الشبهة مرادية، وكان إتيان الأكثر قدراً متيقناً في الامتثال، فقيل فيه بالبراءة (4) ، وقيل بوجوب الاحتياط.(5)
وإطلاق كلامهم يشمل ما إذا كان المشكوك فيه مما يعلم أنه على فرض الوجوب جزء غير ركن، أو جزء ركني، أو يشك فيه من وجهين، وعليه يحصل التناقض بين خلافهم هنا، ووفاقهم في بحث الصحيح والأعمّ.
على أنه لو شك في ركنية شيء للصلاة مثلاً، كان الأصل مقتضاه الركنية، إلّا أن يكون النزاع هناك مختصاً بالمحتاطين في هذه المسألة، لكن لازمه أن لا يقول أحد(6) من الصحيحيين بالبراءة، مع أن القول (موجود بملاحظة ضمّ الشهرتين؛ إذ عن المشهور هناك القول بالصحة)(7)، وهنا المشهور هو القول بالبراءة.(8)
ص: 350
قلت: إلّا ان تكون الشهرة هناك من المتنازعين هناك لا من كل العلماء، مع إمكان منع الوفاق هناك على الركنية، بل الظاهر وفاقهم على عدم جريان أصالة عدم الركنية المسببة من الإطلاق؛ لإجمال اللفظ حينئذ (1) عند الفريقين، لا عدم جريان الأصل العملي.
وقد يجاب بوجوه أخر ليس شيء منها بشيء.
ثم مقتضى القواعد في القسم الأول القول بالاحتياط؛ لاستصحاب بقاء الأمر لو لم يات بالأكثر ، وان أتى بالأقل.(2)
ولو قيل في دفع جريان الاستصحاب إن المستصحب إن كان هو الأكثر، أو الأمر النفس الأمري، فلا يقين بتعلق التكليف بهما في زمان حتى(3)يستصحب، أو الأقل فقد أتى به، وفي دفع حجيته بأن الشك في المقتضي، أو في قدح العارض، و(4) ليس الاستصحاب فيه حجة، وفي دفع سلامته عن المعارض بمعارضته باستصحاب عدم الأمر بالجزء المشكوك.
قلنا: إن اشتراكنا مع الحاضر حتى فيما علم المأمور به إجمالاً معلوم، ولا أقل من الشك في الاشتراك؛ إذ لا دليل على عدمه أيضاً، بل بقاء الأمر بالأقل أيضاً مشكوك؛ لمكان (5) الارتباط فيستصحب، وان الاستصحاب حجة سواء كان الشك في المقتضي أو المانع بأقسامه، كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
ص: 351
وإن الأغلب في الجزء المشكوك كون الشك في الحادث(1)، مع مع أن اعتبار الاستصحاب في التبعيات أول الكلام ، بل هذا الاستصحاب لا يكافئ الاستصحاب السابق؛ لأنه مثبت(2)، ومتبوع.(3)
ولقاعدة الاشتغال؛ إذ الشك في بقاء التكليف لا في أصله، و(4)الدليل على نفس القاعدة - بعد تحقق صغراها - الإجماع، وبناء العقلاء، (والقوة العاقلة.
ولبناء العقلاء)(5)على الاحتياط فيما إذا شك في الجزئية، ولاخبار الاحتياط المنجبرة هنا - لو كانت ضعيفة - بما مر (6)، ولا بأس بدوران الأمر فيها(7) بين التخصيص وارتكاب المجاز (8) الشائع وهو الندب، وكون هذا التخصيص تخصيصاً للأكثر ؛ لفهم العرف تقديم الأول إذا بقي من الأفراد تحت العام ما يعتمد به، مع إمكان منع كون ذلك من تخصيص الأكثر (9)، ولقاعدة دفع الضرر، وقاعدة المقدمية .(10)
ولو قيل: إن الاحتياط عسر ؛ للزوم قصد الوجه(11)، أو لكثرة الشبهات، مع
ص: 352
أن الغالب في المطلوبات الشرعية عدم الوجوب، مع (1) قبح الأمر بالمركب المجعول للآمر الا بعد بيان الأجزاء المجعولة، مع استصحاب صحة الصلاة مثلا بعد ترك الجزء المشكوك، مع الأخبار المتقدمة الدالة على أن «الناس في سعة ما لم يعلموا».(2)
قلت: لا شكّ في عدم وجوب قصد الوجه(3)، (مع ان قصد الوجه)(4) الظاهري كاف، ولا نسلّم كثرة المشتبهات بعد القول بالظن المطلق(5)(6)، والغلبة المذكورة في أجزاء الماهيات(7) ممنوعة، والقبح المذكور مسلّم ممنوعة، والقبح المذكور مسلم عند الإجمال الذاتي لا العرضي واستصحاب الصحة إن كان في المشكوك فيه البدوي فلا جريان له مطلقاً (8)، أو (9) الأثنائي، فإن كان قبل الدخول في العمل، أو قبل تجاوز محل المشكوك فيه، فلا شك في الصحة؛ فلا استصحاب، أو بعد تجاوز محله كما لوشك في جزئية السورة بعد تركها، والانحناء إلى الركوع(10)، فإن كان الانحناء إلى الركوع تاركاً للسورة عن سهو، فلا شك في الصحة حتى تستصحب؛ إذ المفروض أن الجزء ليس ركناً .
ص: 353
أو عن اعتقاد بعدم الوجوب اجتهاداً أو تقليداً فكذلك؛ لقاعدة الأجزاء في الأوامر الشرعية، أو بالوجوب فتبطل صلاته بنفس الانحناء، أو عن شك فكيف ينحني إلى الركوع وهو شاك في شرعيته، وأدلة الاحتياط(1) حين شكه سليمة عن المعارض، فتفسد بنفس الانحناء أيضاً، فتأمل.
وأخبار البراءة لا تنصرف إلى المعلوم بالإجمال، ولو سلم الانصراف، فالنسبة بينها وبين أخبار الاحتياط عموم من وجه؛ لأن أخبار البراءة تشمل ما دار الأمر فيه بين المحذورين وأخبار الاحتياط الشبهة الموضوعية، و(2) في مادة الاجتماع لو لم تترجح أخبار الاحتياط؛ للاعتضاد بما مرَّ ، فلا أقل من التساقط والرجوع إلى أصالة الحظر.
هذا، وللخصم إثبات البراءة تمسكاً بأصالة عدم البيان فيما دار الأمر فيه بين كون المشكوك جزءاً واجباً أو مباحاً، ولم نجد مفصلاً .
أو باستصحاب(3) الصحة، أو الأمر بالاتمام إذا كان المشكوك فيه مما دار الأمر فيه بين كونه جزءاً ركنياً أم غير جزء، ولا يعارضهما استصحاب الأمر بالصلاة؛ إما لكونه مزالاً، أو لأنه قبل إتمام الصلاة لا شك في بقاء الأمر، فتأمل.
ومما مرَّ ظهر حكم صور الشك في الجزئية بأقسامها الثلاثة، وحكم ما لو علمنا بالجزئية وشككنا في الركنية، وحكم الشك في الشرطية.
ص: 354
إذا علمنا بوجوب شيء في العبادة وشككنا في نفسيته وغيريته(1)، فالأصل الأخير، إما للعمل بأصالة البراءة والاشتغال(2) أو لتعارض(3) أصلي البراءة وسلامة الاشتغال عن المعارض.(4)
ومنه يعلم الأصل فيما لو علمنا بوجوب شيء في أثناء العبادة نفساً، وشككنا في وجوبه الغيري، أو علمنا بوجوب شيء للغير، وشككنا في وجوبه النفسي.
وأما لو علمنا بأن الشيء واجب ،غيري أي مقدّمي، وشككنا في أنه جزء العبادة، أم شرط ،عبادي ، أم شرط معاملي، فقد يدور الأمر بين الأول والثاني، أو بين الأول والثالث، أو بين الثاني والثالث، أو بين الثلاثة، فهل هنا أصل يرجع إليه في مقام التمييز ، أم لا أصل في البين، أم الأصل يختلف بحسب المقامات، وجوه.
وربما تظهر الثمرة في مسألة الصحيح والأعمّ، ومقدمة الواجب، والنذر، وفي اشتراط نية التقرب، والمباشرة النفسية، والاتيان على الوجه المباح، ونحو ذلك، والغالب حصول التميّز بمراجعة العرف.(5)
ص: 355
اذا علمنا بالتكليف في الواقعة إجمالاً، ودار الأمر بين الأقل والأكثر ، وكانااستقلاليين ،وكانت الشبهة مرادية، سواء حصلت الشبهة من تعارض(1) الدليلين كما يتفق في منزوحات البئر، بناء على وجوب النزح تعبداً، أو(2)من إجمال(3)الدليل، كالأمر بإخراج صاع للفطرة، ولم نعلم أنه تسعة أرطال أم ستة، أو من(4) تعارض المتباينين صورة، والأقل والأكثر معنى، فهل الأصل حينئذ الاحتياط(5) أم البراءة؟ وجهان، أقواهما الأخير؛ لأن الأصل عدم تعلق التكليف بالزائد، مضافاً إلى جملة مما مر(6)سابقاً من الأدلة.
وأما المقتضي للاحتياط فإن كان الاشتغال
ففيه: أنه إن أريد الاشتغال بالأقل، فقد أتى به وأمتثل، أو (7)بالأكثر، أو الأمر النفس الأمري، فلم يثبت من الأول، أو الاستصحاب فكذلك، أو بناء العقلاء فهو غير ثابت لو لم يكن على الخلاف أو أخبار الاحتياط فلا جابر لها هنا.
ص: 356
اذا علمنا بالتكليف في الواقعة إجمالاً، ودار الأمر بين المتباينين، وكانت الشبهة مرادية، وكان الجمع محصلاً للامتثال قطعاً، فهل الأصل الاحتياط بالجمع، كما لو دار الأمر بين القصر والتمام، أو الظهر والجمعة مثلاً، أم البراءة بالتخيير في إتيان أيهما شاء؟، وجهان.
وأما احتمال(1) القرعة، أو طرح الأمرين أو تعيين أحدهما بلا معين، فبين الفساد.(2)
وأظهر الوجهين وجوب الاحتياط بالجمع(3) للاستصحاب ، وأصل الشغل وبناء العقلاء، ولزوم دفع الضرر المحتمل، وأخبار الاحتياط المنجبرة هنا بذهاب(4) الأكثر، وبما ذكر ، مضافاً إلى لزوم المخالفة القطعية على الأخير، أي: التخيير من حيث الحكم الواقعي مطلقاً، ومن حيث العمل أيضاً إن قلنا بالتخيير الاستمراري.
وأما نحن فلا نقول بوجوبهما معاً أصالة، بل بوجوب الواحد المجمل الواقعي المستلزم للجمع، من باب المقدمة.
ولو لم يتمكن المكلف الا من أحد الفردين في تمام الوقت، فعلى المختار لا شيء عليه ؛ للبراءة(5)، وعلى البراءة أتى بالممكن.
ص: 357
ولو تمسّك الخصم بأخبار البراءة، أو أخبار التخيير في تعارض النصين، فالجواب عنهما ظاهر من وجوه (1)، ولا فرق فيما ذكر بين حصول الشبهة من تعارض الدليلين، أو إجمال الدليل.
إذا علمنا بالتكليف إجمالاً، ودار الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية، كما لو علم أن عليه فوائت لا يعلم كميتها، أو عليه ديناً لا يعلم مقداره، فهل يرجع إلى القرعة، أو إلى(2) الشغل، فيأتي بالمشكوك إلى أن يعلم البراءة، أو يظن بها(3)ان قلنا بحجية الظن (4) في الموضوع الصرف، أو إلى البراءة فيأتي بالمتيقن لا بالمشكوك مطلقاً، أو ما لم يظن بالاشتغال، أو يفصل بين الشك البدوي والطارئ؟، وجوه.(5)
والأصح أنه لا شك في الرجوع إلى البراءة مطلقاً(6)في مثل ما لو استقرض من زيد ديناراً في الوقت المعلوم، ثم شك في أنه استقرض منه ديناراً آخر (في وقت آخر)(7) أم لا، ولا في وجوب الاحتياط فيما إذا علم بأنه كان مديوناً لزيد بعشرة وأدّى بعضاً لا
ص: 358
يدري مقداره؛ للاستصحاب .
وأما في مثل ما(1)لو استقرض من زيد مبلغاً في عقد واحد لا يدري مقداره، ونحو ذلك من أمثلة ما نحن فيه، فالأظهر البراءة مطلقاً؛ لأن الألفاظ وإن كانت موضوعة للمعاني النفس الأمرية، لكنها لا تنصرف إلى المشكوك البدوي، وإنما منصرفها المعلوم بالتفصيل أو بالإجمال، وما نحن فيه معلوم في الجملة لا معلوم إجمالاً، والمعلوم في الجملة ينحل إلى معلوم تفصيلي ومشكوك تفصيلي، فيعمل في كل على مقتضاه ، وليس للاحتياط ما يعتمد عليه.(2)
أقول: ولا قرعة بعد ارتفاع الشبهة بالأصل والظن في الموضوع الصرف ليس حجة.
ص: 359
اذا دار الأمر بين المتباينين بعد العلم الإجمالي(1)في الشبهة المصداقية، وكان الشك في المكلف به نفسيا، كدوران الفائتة بين كونها صبحاً أم ظهراً، أو غيرياً كاشتباه جهات القبلة، فطرح الأمرين وارتكاب المخالفة القطعية مخالف للإجماع، ولانصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً بحكم (2)العرف، والقرعة لا دليل عليها في مثل المقام والتخيير بين المشتبهين ينا في بناء العقلاء، و(3) أخبار الاحتياط،وما مرَّ من الانصراف إلى المعلوم ولو إجمالاً،والتمسك بأخبار البراءة مدفوع بالقلب(4)، وبالتخصيص بالمجمل بنحو ما يجري في المرادية في مثل الظهر والجمعة، وبمعارضة أخبار الاحتياط، ولزوم الجمع على نهج وحدة العقاب(5) ينافي ما مرَّ في مقدمة الواجب، من أن (6) الترك الحكمي كالحقيقي، فتعيّن (7) وجوب الجمع من باب المقدّمة الشرعية، الموجب للعقاب إذا أتى بأحدهما وترك الآخر، ثم انكشف بعد الوقت كون الماتي به هو الواجب الواقعي.
ص: 360
اذا دار الأمر بين المتباينين، وكان الاشتباه في مصداق المكلّف لا المكلّف به، كواجد المني في ثوبه المشترك، والخنثى المشكل الذي اجتمع معه رجل وامرأة.
فالحق براءة كل منهما عن التكليف؛ لأصالة الطهارة في المسبوق بها، ولأصالة وجوب الوضوء وكفايته، وعدم وجوب الغسل وعدم كفايته في المسبوق بالحدث الأصغر، واستصحاب بقاء الحالة السابقة، مضافاً إلى بناء أهل العقول.
فاندفع استصحاب الأمر بالصلاة المقتضي للاحتياط(1)، واستصحاب الأمر بالطهارة(2)، وأصالة الاشتغال بهما(3)، واستصحاب بقاء الحالة السابقة المانعة عن دخول الصلاة.
اذا دار الأمر بين الحرام وغير الواجب، وكان الشك في التكليف؛ لفقد العلم الإجمالي، فالأصل البراءة؛ لأكثر ما مرَّ في الشبهة الوجوبية، وعن الأخباريين الاحتياط(4)، ويظهر ضعف أدلتهم ما مرَّ .
نعم، قد يكون الأصل الحرمة في بعض الموارد الخاصة؛ لأدلة خارجية كما في
ص: 361
اللحوم، فلو تولد حيوان من حيوانين أحدهما طاهر محلل كالغنم، والآخر نجس محرم كالكلب، ولا مماثل له من أحد أبويه، ولا من الخارج، فالأصل طهارته(1)؛ لما دلّ على أن(2) «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر»(3) ، ولاستصحاب طهارة ملاقيه، ولأصالة عدم وجوب الاجتناب عنه، وحرمة لحمه؛ لأن أغلب اللحوم محرمة، ولأخبار الاحتياط ، قيل : ولبناء العقلاء.
أقول: وأما التمسّك باستصحاب نجاسته حال منويّته، أو حال ولادته؛ لملاقاة بدن الكلب مثلاً ، أو باستصحاب حرمته حال حياته، أو باستصحاب طهارة حال حياته، فمنظور فيه.(4)
ثم إن كثيراً مما(5) فرضناه في الشبهة (الوجوبية جارية في الشبهة)(6) التحريميّة، يعلم حالها مما سبق، فلاحظ.(7)
ص: 362
إذا دار الأمر بين الحرام وغير الواجب، وكانت الشبهة موضوعية، والأمر دائراً بين المتباينين، فإن كانت الشبهة غير محصورة؛ لكون المشتبهات متعذرة الإحاطة أو متعسّرتها، ولو لأجل الهيئة الاجتماعية كجوائز الظلمة، أو لكون المشتبه لقلته كالمعدوم بين المشتبهات، بحيث اضمحل في جنبها ، واستقر سجية العقلاء على عدم التحرز عنها، لم يجب الاجتناب عنها؛ لفقد المقتضي في القسمين الأولين، فإن الخطاب لا ينصرف إلى مثلها(1)، مضافاً إلى الإجماع(2)، وأدلّة نفي العسر، وفي القسم الثالث يجري الدليل الأخير، وفي الأخير العسر ولو لبعض الأشخاص، بعد كون التبعيض في أشخاص المكلفين منفياً بالإجماع، فتأمل.
أو محصورة، وكانت الشبهة غير مزجية كالإناء الطاهر المشتبه بالنجس، والمال الحلال المشتبه بالحرام، فمن جهة الحكم الوضعي يترتب الأثر من ضمان ونجاسة اتفاقاً، بعد العلم - ولو إجمالاً - بالملاقاة والارتكاب . وأما من جهة الحكم التكليفي فيحتمل : جواز ارتكاب الكل - دفعة(3) أو تدريجاً(4)، والقرعة(5)، ووجوب إبقاء مقدار الحرام(6)، واجتناب الكل(7)من باب المقدمة العقلية، أو من باب المقدمة
ص: 363
الشرعية، بحيث يتعدد العقاب على حسب تعدد الارتكاب، وإن انكشف أن ما ارتكبه لم يكن المحرم الواقعي؛ والأخير أظهر.
أما(1)بطلان الأولين؛ فللإجماع، وانصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً، وقوله علیه السلام: «كل شيء فيه حلال وحرام فهو حلال لك حتى تعرف الحرام بعينه»(2) معارض مع حديث التثليث(3)، فيخصص (4) الأول على فرض دلالته بغير المحصورة.
أقول مضافاً إلى الاستقراء وأما القرعة فيدفعها الأصل في ما يمكن فيه الاحتياط كما هنا، مع قصور أدلتها لو صح سندها وتم دلالتها(5) - عن معارضة أخبار الاحتياط في مثل ما نحن فيه.(6)
وأما الرابع فيدفعه الاستصحاب، وقاعدة الاشتغال، والأدلة اللفظية، وأخبار الاحتياط، وخصوص حديث التثليث المعروف بين الخاصة والعامة: «حلال بين، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ الشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم».(7)ولا يمكن حمل الجمع المحلّى فيه على العهد ذهنياً وخارجياً، ولا على الاستغراق الحقيقي؛ إذ لا مورد له حينئذ، فلا
ص: 364
بد من حمله : إما على الجنس(1) المفرد، فيكون المراد أن من أخذ بالشبهة ارتكب المحرّم؛ أو على الاستغراق بالمعنى الأعمّ الذي يشمل جميع الشّبهات (والمحرمات في الواقعة الخاصة، فالمعنى: أن من أخذ جميع الشبهات)(2) ولو في الواقعة الخاصة، فقد ارتكب المحرمات كذلك ، لكن الأول أقرب عرفاً، وإن كان المقصود يتم على الوجهين.
فنقول: على الأول(3) منهما يحتمل أن يكون المراد من المحرّم المحرم الظاهري أو الواقعي حقيقة، أو الواقعي مجازاً، والأوسط كذب، والأخير بملاحظة التشبيه مستلزم لتعدد العقاب (كالأول، ويدل على تعدد العقاب)(4) زيادة على ذلك خبر(5)«لا تنقض اليقين بالشك»، وخبر الاحتياط، وأن الترك الحكمي كالحقيقي، كما مرَّ في بحث مقدمة الواجب.
ص: 365
أصل(1)
إذا دار الأمر بعد العلم الإجمالي بين الواجب والحرام، وكانت الشبهة مرادية، كدوران الأمر بين وجوب السجدة وحرمتها بعد قراءة العزيمة في الفريضة، احتمل طرح الأمرين (2)، ويدفعه ظهور الإجماع، وأدلة الاشتراك.
وتقديم جانب الحرمة(3)؛ لأن دفع المضرة أولى من جلب(4)المنفعة، ويدفعه أن في ترك الواجب أيضاً مفسدة، وأن جلب المنفعة قد يترجح على دفع المفسدة، فلا يتم الإطلاق.
والقرعة(5)، ويدفعها ظهور الإجماع على خلافها، وأخبار العلاج الدالة على التخيير في تعارض النصين.
والتخيير الاستمراري، ويدفعه أصل الشغل(6)، والاستصحاب (7)، وظهور الإجماع على عدمه، وظاهر خبر التخيير، فإنّ ظاهره الخيار بدواً لا استمراراً، مع لزوم
ص: 366
المخالفة(1) القطعية، إلا أن يعارض بالموافقة القطعية، وأما التمسك باستصحاب التخيير، فهو فرع جريانه، ولا يجري(2)، فتأمل.
فيتعين التخيير البدوي
وهل المجتهد(3)حينئذ يفتي بالتخيير، كما في أمارتي المقلد، أو بالمختار؟، وجهان.
ويحتمل خياره بين الأمرين، كما هو الأصل (4)، لكن الأظهر الأول؛ لسيرة العلماء، وحكاية ظهور عدم الخلاف.(5)
وإن كانت الشبهة مصداقية، فإن كان أصل(6) يرجح جانب الحرمة، كما في اشتباه آخر الحيض بالاستحاضة، أو جانب الوجوب ، كاشتباه آخر رمضان بأول شوال، عمل بالأصل، وان فقد من الجانبين، كالمنذور وطؤها المشتبهة بالأجنبية، جاء فيه الاحتمالات السابقة والمختار المختار (7)؛ ويدل على بطلان طرح الأمرين(8) هنا انصراف الخطاب إلى المعلوم ولو إجمالاً، وظهور الإجماع.(9)
ص: 367
اذا دار الأمر بين الوجوب والكراهة أو بين الحرمة والندب، جاء فيه الاحتمالات السابقة، والأظهر الاستحباب(1)الظاهري في الأول؛ لبناء أهل العقول، وحكم العقل بحسن اتيانه والكراهة الظاهرية في الثاني؛ لما ذكر .(2)
لا عمل بأصل البراءة في الأحكام الشرعية قبل الفحص عن الدليل؛ لعدم جريان أدلته، فلا مقتضى للعمل به ، وللإجماع(3) ، ولزوم الخروج عن الدين لولاه.
ص: 368
أصل(1)
من الأدلة الاستقراء(2)، فإن كان قطعياً فلا كلام(3)، أو ظنياً ألحق المشكوك بالأغلب، فالمشكوك فيه إمّا فرد من صنف أو صنف من نوع، أو نوع من جنس.
أما في القسم الأول: فإن كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل، وفي النوع أيضاً غلبة ،صنفية، أو فردية أو هما موافقة لغالب الصنف، أو لم يكن في النوع غالب لا صنفاً ولا فرداً، لا معاضداً ولا معارضاً ، ألحق المشكوك بالغالب؛ لحصول الظن.
وإن كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل، وفي النوع أيضاً غلبة صنفية، أو فردية، أو هما مخالفة لغالب الصنف، ألحق المشكوك بغالب الصنف؛ لأن الظن معه، مثاله المجاز المشهور عند تعارضه مع الحقيقة المرجوحة، وإن كنا متوقفين فيه؛ لاحتمال كون الشهرة قرينة، وكما في متحد المعنى في ردّ ابن جنّي.
وإن لم يكن في الصنف غالب، ولا في النوع غالب، أو لم يكن في الصنف غالب، وكان في النوع غالب، أو كان وجود الغلبة في الصنف مشكوكاً، والنوع لا غالب فيه(4)، أو كانت في الصنف غلبة مجملة، ولا غالب في النوع، فالوقف على الأصح؛
ص: 369
لفقد الظن.
وإن كانت في الصنف غلبة مجملة، وفي النوع غالب معلوم: فإما أن يكون ما وراء الصنف المفروض من الأصناف ذات أغلب في الغالب على نهج واحد حكم ظناً بأن الغالب المعلوم بالإجمال على طبق الغالب في سائر الأصناف، وإما لا يكون كذلك، فالوقف؛ لفقد الظن، ولزوم التحكّم في الإلحاق.
(وإن كان وجود الغالب في الصنف مشكوكاً، وفي النوع غالب، فكسابقه في الإلحاق)(1)في الصورة الأولى منه، والوقف في الثانية.
وإن كان وجود الغالب مشكوكاً في الصنف والنوع معاً، لوحظ الجنس، فإن كان فيه غالب من حيث(2) الأنواع، (وكان غالب أنواع ذلك الجنس ذا غالب على نهج واحد، ألحق النوع بالجنس، والصنف بالنوع، والفرد)(3) بالصنف؛ والا فالوقف.
وأما في القسم الثاني، فإن كان في النوع غلبة فردية فقط، ألحق الصنف المشكوك بغالب النوع على الأصح ، ويظهر من بعض التأمل في الإلحاق هنا؛ لاشتراط اتحاد المشكوك فيه مع المستقرأ فيه صنفاً، وهو وهم؛ إذ بعدما حملنا الصنف المشكوك على أكثر أفراد النوع للظن، حملنا (4) أفراد ذلك الصنف أيضاً على النوع للاستقراء.
أو صنفية فقط، أو صنفية وفردية، متعاضدتين فكذلك، أو متعارضتين مع عدم اضمحلال(5) إحدى الغلبتين في (6) جنب الأخرى، فالوقف؛ لفقد الظن، ولا يلاحظ
ص: 370
غالب الجنس حينئذ .
وإن شك في وجود الغلبة في النوع، أو علم بوجودها وشك في الغالب، فحكمها(1) حكم القسمين فيما إذا كان المشكوك فرداً من صنف، وقد تقدم.
وان قطع بفقد الغلبة في النوع مطلقاً، فإن كان ما وراء الصنف المشكوك متبعضاً لا(2) على نهج واحد، فالوقف وإلا فالإلحاق للظن، وإن كان أفراد المشكوك فيه أكثر من أفراد المستقرأ فيه.
ومن هنا فسد ما قيل: من أن استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل عند فقد شرطيه غير جائز ؛ تمسّكاً بفقد الاستقراء فيما فقدهما، وإن كنا مشاركين معه في عدم الجواز، لكن لوجود المانع وهو الاستهجان عرفاً، لا لفقد المقتضي.(3)
وما قيل في إثبات فورية الأمر من أن أغلب(4) الألفاظ للفور بالمعنى الأعمّ من حال النطق وثاني الحال منه فيلحق المشكوك ،بالغالب فيثبت بذلك جنس الفور، ويتعيّن فصله بكون الفور حال النطق محالاً في الأمر، فتعين الآخر؛ وذلك لأن الاستقراء المحقق في الجنس : إما أن يكون بنحو اتحاد المستقرأ فيه جنساً وفصلاً فيلحق المشكوك فيه به جنساً وفصلاً ، أو جنساً فقط مع اختلاف الفصل، فيلحق جنسا للظن، ويتوقف فصلا للتحكم إلّا أن يكون فصل المشكوك معلوماً بالتفصيل؛ لدليل خارجي فلا وقف.
أو جنساً لا فصلاً مع وجود صنف آخر مغاير للمستقرأ فيه جنساً أيضاً، بحيث يحتمل كون المشكوك فيه ملحقاً به في الواقع، كما يحتمل إلحاقه بجنس المستقرأ
ص: 371
فيه، لكن إذا الحق به(1) كان فصله معلوماً، (كما في ما نحن فيه، لاحتمال كون الأمر كالمضارع، فالوقف جنساً)(2)وفصلاً؛ لفقد الظن.
ويظهر حال القسم الثالث مما مرَّ.(3)
أقول: إذا ظهر ذلك فاعلم أن الاستقراء يجري في الأحكام(4)، والموضوع الصرف، والمستنبط ، وغيرها، فكلّ مقام حكمنا بحجية الظن فيه عملنا به، وإلا فلا.(5)
وقد يمكن حصول الاستقراء من مجموع النصوص، فيكون حجة عند العامل بالنصوص، من(6) باب الظن الخاص أيضاً؛ لأن مدلول مجموع النصوص حجة كمدلول النص الواحد، وعلى الظن المطلق، فالدائرة وسيعة.
ص: 372
عرّفوا الاستصحاب بتعاريف لا تخلو من الخلل، ويمكن أن يقال: إنه نفس الحالة السابقة (1)، أو إنه القاعدة الشرعية، وهي أن كل أمر ثبت تحققه حكم ببقائه مالم يعلم المزيل.(2)
والأظهر عندي : أنه بقاء ما كان على ما كان.(3)(4)
ثم في كون المسألة أصولية، أم فرعية، أم تابعة للمستصحب ، وجوه(5)كما أن في حجية الدليل الظني لإثباته مطلقاً، أو في بعض الموارد أم لا مطلقاً
احتمالات.(6)
ثم الاستصحاب باعتبار المستصحب: إما وجودي، أو عدمي.
وباعتبار المتعلق: إما حكمي، أو موضوعي.
وباعتبار الدليل : ينقسم إلى استصحاب حال العقل، ويعبر عنه بأصالة النفي واستصحاب حال الشرع، والأخير: ينقسم إلى استصحاب حال النص، وحال الإجماع.
ص: 373
وقد يكون الاستصحاب استصحاباً لحالة شيء خارج عن الأدلة المعهودة(1) (كاستصحاب بقاء معنى اللفظ وعدم هجره، وليس هو باستصحاب النفي وأصالته كما لا يخفى).(2)
ثم في حجية الاستصحاب مطلقاً(3)(أو في خصوص الموضوعات(4))(5) أو في خصوص الأحكام مطلقاً(6) أو في الوضعية خاصة(7) أو استصحاب حال غير الإجماع في الأحكام(8)، أو إذا كان الشك في طرو المانع(9)، أو إذا لم يكن الشك في المقتضي(10)، أو عدمها مطلقاً(11) أقوال.
ثم في كون الحجية من باب الوصف أو السبب وجهان(12)
ص: 374
ثم إن استصحاب حال العقل(1) ليس داخلاً في هذا النزاع(2)؛ لتعدد العنوان(3)، بل الاستصحاب العدمي مطلقاً ليس من محل النزاع؛ لمنقول الإجماع(4)، ولاتفاقهم قديماً وحديثاً على الاستدلال بالأدلة اللفظية، ولا يمكن (5) تتميمها الا بضمّ الأصول العدمية، مضافاً إلى ظهور دليلهم العقلي و(6) ردّه في ذلك.(7)
ص: 375
في إثبات حجية الاستصحاب في الجملة دفعاً للسلب الكلي، والدليل عليه بعد الشهرة، ومحكي الإجماعات(1)، واستقراء الموارد الإجماعية، والأخبار الخاصة كقوله علیه السلام : «كل شيء(2) نظيف حتى تعلم انه قذر» (3)، (وقوله: «كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر»(4)(5)، وقوله: «كل شيء حلال حتى تعرف الحرام بعينه»(6) بناء على حملها على الشبهة الموضوعية، خاصة في المسبوق بالحالة السابقة على بعد فيه(7)، إلى غير ذلك من النصوص الخاصة، وجوه:
منها: الأخبار العامة، كصحيحة زرارة عن الباقر علیه السلام: «قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال علیه السلام يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والإذن، فإذا نامت العين والإذن والقلب(8) وجب الوضوء. قلت: فإن حرك(9)على جنبه شيء وهو لا يعلم به؟ قال: لا، حتى يستيقن انه قد حتى يجيء من ذلك أمر بينّ والا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك
ص: 376
أبداً ، ولكنه ينقضه بيقين آخر»(1)، وذيلها يدل على المطلوب من جهة نص العلة، مع (2) كون قوله ( لا ينقض) في قوة الكبرى الكلية، والمراد أنه لا ينقض اليقين(3) السابق بالشك اللاحق.
واللام في قوله ( اليقين) للجنس؛ للتبادر - لا العهد(4) -، فيفيد العموم(5)، كفاية عموم مع العلة(6) المنصوصة(7)، وجزاء الشرط مضمر ، فالتقدير (وان لا يستيقن انه قد نام فلا يجب عليه الوضوء؛ لأن الوضوء يقيني، وكل يقين لا ينقض بالشك).
وعدم رعاية تلك القاعدة في مثل الشك بين الثلاث والأربع، ونحوه من الموارد(8)، لا يوجب القدح في النص(9): إمّا لأن تلك الموارد مما نقض فيه اليقين باليقين؛ للدليل الوارد فهو تخصيص أو لأن العام المخصص حجة.
وتوهم: أن الأصل عدم صدور هذا الخبر عن الإمام علیه السلام، فيلزم من حجية الاستصحاب للخبر عدم حجيته.(10)
ص: 377
مدفوع: بعدم انصراف الخبر إلى نفي نفسه، وبأن الغرض تراكم الأدلة الظنية لتحصيل القطع(1)، واذا جعلنا ظني الصدور حجة هنا فلا إشكال؛ لانتقاض اليقين باليقين.
أقول: وعدم إمكان العمل بالاستصحابين المتعارضين(2) لا ينافي كلية الكبرى؛ إذ الكلام منساق لإثبات الحجية الذاتية.
ونحوها في الدلالة نصوص مستفيضة(3)، بل العلم الإجمالي بصدور بعضها حاصل.
ومنها: بناء العقلاء(4) من لدن آدم على العمل بالاستصحاب(5) في الموضوعات والأحكام، وآيات النهي(6) ليست برادعة(7)لهم حتى يسقط بناؤهم عن الحجية.
ومنها: الاستقراء، ويقرر بوجهين:
ص: 378
الأول: إن بناء الشارع في أكثر الموارد - من التوصليات والارتباطيات - على اعتبار الحالة السابقة : إمّا وصفاً ، أو سبباً
وفيه نظر من وجهين.(1)
الثاني: إن أغلب الأحكام الشرعية وضعية وتكليفية، بل أغلب الأحكام الإلهية، بل(2) أغلب الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، وجدناها(3)ثابتة غير منسوخة، فيلحق المشكوك بالأغلب.
وإن دار الأمر في المحدود بين التوسعة والضيق، فأغلب المحدودات الشرعية موسعات، أو دار الأمر بين التوقيت ،وعدمه، فأغلب الأحكام(4) الشرعية مؤبدات، دائرة مدار موضوعاتها، فما دام الموضوع باقياً فالحكم مترتب.
وإن شك في قدح وصف ،عارض، فأغلب الأوصاف غير مؤثرة في اختلاف الحكم، إلا أن يتسبب الشك في البقاء من ارتفاع سبب حدوث الحكم، وكان السبب(5)مماله(6)قرار واستقرار، فلا استقراء في هذا القسم.
وإن كان الشك(7) في بقاء الموضوع الصرف مما هو قارّ الذات(8)، فأغلب الممكنات القارّة باقية بحسب استعدادها للبقاء، فتأمل.
ص: 379
و(1)لو شك في مقدار الاستعداد الحق بالجنس أو في الموضوع المستنبط، فالغالب بقاء الأوضاع على حالها، وندرة النقل والاشتراك.
نعم، يشكل التمسك بمثل أصالة تأخر الحادث استناداً(2) إلى الاستقراء.(3)
أقول: وكذا أصالة عدم التخصيص و(4) التقييد؛ لغلبة وجودهما.
ويمكن أن يقال: إن نفس الحالة السابقة تورث الظن بالبقاء في موارد الاستصحاب، مع قطع النظر عن الاستقراء، وأنت إذا لاحظت مجموع ما ذكرناه(5)
قطعت بحجية الاستصحاب في الجملة.
ص: 380
ويدلّ عليها أصل الاشتغال(1)؛ لأنا قد أثبتنا الحجية في الجملة، ولا يحصل القطع بالامتثال إلا بالعمل بكل أفراد الاستصحاب(2)؛ إذ ليس في المقام قدر متيقن يؤخذ به، وهو أرجح هنا من أصالة حرمة العمل بما وراء العلم؛ لوجود العلم الإجمالي بحجية بعض أفراد الاستصحاب(3)، والظن بحجية كل أفراده، كما أنه أرجح من أ أصالة الاشتغال بالصلاة مثلاً في الطهارة المستصحبة بعد تعارض الأصلين بضم الإجماع المركب؛ وذلك لأن العمل بالمعارض مستلزم للمخالفة القطعية.(4)
وفيه نظر لكن نقول : يكفي في ذلك دلالة الأخبار العامة، وبناء العقلاء، أو مجموع الأدلة المتقدمة.
وتوهم: أن بيان الموضوعات ليس من شان الشارع؛ فلا تنصرف النصوص إليها.(5)
مدفوع: بأن بيان الموضوعات(6) المرتبطة بالأحكام من شأنه؛ لأنه بيان للحكم
ص: 381
الكلي بالواسطة(1)، مع أن عدم كونه من شأنه لا يستلزم قبح بيانه، فلم يصرف كلامه عن ظاهره إذا كان في البيان فائدة.
وأفسد منه توهم: تعارض تلك النصوص مع آيات النهي، وأخبار الاحتياط(2)، أو دعوى كون الأخبار آحاداً.
ويدل عليها ما سبق في الأصل السابق، والمنكر لها(3) فيها مع قوله بحجيته في الموضوعات، إن كان يتوهم عدم دلالة الأخبار على ذلك؛ لكون موردها الموضوعات، فيختص الجواب بها.
ففيه إن مثل طهارة الثوب والجسد من الأحكام لا الموضوع(4)، فتأمل.
وإن عموم الجواب كاف(5)، ولو حمل اللام على العهد، لزمه عدم التعدي إلى سائر الموضوعات(6)، وان ذلك لا يتم فيما ليس مسبوقاً بالسؤال(7)، ولا(8) في سائر
ص: 382
ادلة(1) الاستصحاب.
أو يتوهم أحادية الأخبار، فقد مرَّ علميّتها، مع أنه وارد عليه أيضاً.
أو يتوهم أن تخصيص الأخبار بالموضوعات قبل الفحص وبعده أولى من تخصيصها بما بعد الفحص في الأحكام، (أو هما متساويان.
ففيه: أن العمل بعمومها الا في الأحكام)(2)قبل الفحص أقل تخصيصاً، مع إمكان منع العموم الأحوالي فيها(3)، فتأمل.
أو انه يلزم من العمل بها في الأحكام عدم العمل ؛ لاستصحاب حرمة العمل كما كانت(4) قبل الفحص.(5)
ففيه: أنه استصحاب عرضي(6)، وأنها لا تنصرف إلى نفي أنفسها، وأن ذلك من
ص: 383
باب نقض اليقين باليقين(1)؛ لفرض دلالة الأخبار .
ثم لا فرق في الأحكام بين التكليفية والوضعية؛ لوحدة الدليل، ومن يخصصها بالوضعية إن نظر إلى أنها مورد السؤال فيها .
ففيه: ان اللام في الجواب إن حمل(2) على العهد، فكيف يعمم الحجية في كل الوضعيات، أو على الجنس، فما(3) الفارق بينها وبين التكليفيات.
أو إلى أن مورد السؤال مادة تعارض الاستصحاب الوضعي، (وهو استصحاب الطهارة ، مع التكليفي)(4)، وهو استصحاب الأمر بالصلاة، والإمام رجح الوضعي؛ معللاً بالقدر المشترك بينهما، وهو اليقين السابق، وهذا محال.(5)
فلا بد: إما من حمل(6) اليقين في النص على اليقين بالحكم الوضعي، فيكون تخصيصاً، أو حمل العلة على المقتضي، فيصير مجازاً، والأول أرجح؛ فيفسد الاستدلال.
ولو سلمنا التساوي فيجمل(7)، والنصوص الابتدائية وحدها لا تكفي في
ص: 384
حصول القطع.(1)
ففيه : إنه لا تعارض هنا قبل إتمام الصلاة(2)، ولا شك بعده (3)في الامتثال(4)، وانه يمكن تخصيص استقلال العلة بغير صورة التعارض(5)، وهو أقل إخراجاً من الأول، فيكون أولى من غيره، ولا ينافي ذلك حجية منصوص العلة.(6)
أو إلى أن التكليفي إن كان موقتاً فلا استصحاب في الوقت؛ لبقاء الأمر قطعاً، ولا بعده؛ لارتفاعه كذلك(7)؛ إذ القضاء بفرض جديد.
أو غير موقت، فإن قلنا بدلالة الأمر على التكرار، فالإتيان من مقتضيات الأمر، أو بعدم الدلالة عليه، فعدم الإتيان ثانياً من لوازم الامتثال بالطبيعة.
ففيه: إمكان عروض الشك في الموقت، كما لو شك المريض - الذي حدث مرضه في أثناء النهار - في وجوب اتمام الصوم(8)إلى الليل، مع إمكان وجود الخطاب المهمل في التكليفيات أيضاً كالوضعيات.
ص: 385
ولا بين حال الإجماع وغيره(1)؛ للعموم، ومن منع من استصحاب حال الإجماع فيما إذا كان الشك في المقتضي(2)، أو قدح العارض (3)، إن نظر إلى أن الوصف لا يحصل، فهو مشترك(4) أو إلى أن الإجماع لو كان موجوداً في حال الشك لما حصل الخلاف.(5)
ففيه: إن لازمه عدم حجية استصحاب (6) حال النص أيضاً؛ إذ لو كان دالاً على حكم حالة الشك لم يكن استصحاب.(7)
ص: 386
أصل(1)
لا فرق في حجية الاستصحاب بين كون الشكّ في المقتضي أو غيره، والمحقق الحلي(2) والخوانساري (3) نفيا الأول.
والظاهر عدم الفرق على هذا القول بين الموضوعات والأحكام.(4)
والأصح الحجية مطلقاً، سواء كان الشك في ذات المقتضي، أم في بقائه؛ للشك في قدر استعداده للبقاء، أو لاحتمال طرق مانع، أو مانعية طار؛ لعموم ماسبق.
ولعلّ نظر المانع في المقتضي إلى عدم انصراف النصوص أو(5) أكثرها اليه(6)؛ إذ المراد من (اليقين في قوله « لا ينقض) (7) اليقين بالشك» هو المتيقن وما في حكمه، بحكم العقل.
فالمراد حينئذٍ من النقض: إما النقض الواقعي ب ( معنى أن المتيقن الواقعي)(8) في الواقع لا ينقض بالشك، أو الظاهري، بمعنى أن المتيقن الظاهري في الظاهر لا ينقض بالشك.
وعلى التقديرين: إما قوله «لا ينقض» نهي، أو نفي.
ص: 387
وعلى التقادير: إما يراد من الشك معناه ، أو(1)المشكوك فيه، لا سبيل إلى الواقعيات بأقسامها ؛ امّا للكذب(2)أو التكليف بالمحال.(3)
وفي الظاهريات إن أريد من الشك المشكوك فيه، فهو صحيح، لكن عدم نقض المتيقن بالمشكوك فيه انما يتصوّر إذا كان الشك في ناقضية (المشكوك فيه؛ إذ لو كان الشك في المقتضي لم يكن هناك نقض؛ إذ الشك حينئذٍ في الانقطاع وعدمه، لا النقض وعدمه.
أو الشك نفسه، فهو مناف لسؤال السائل ؛ إذ مورده الشك في ناقضية المشكوك فيه)(4) ، أي الخفقة، فقال: «أتوجب الخفقة والخفقتان الوضوء» فتأمل.
لا ناقضية نفس الشك، بل من المعلوم أن الشك بنفسه ليس ناقضاً، مع قطع النظر عن متعلقه.(5)
ولعل ما ذكرناه مراد الخوانساري في استدلاله على مدّعاه والا فدليله واه جداً(6) ، وفيه صدق النقض عرفاً في الشك في المقتضي، فتأمل.
بل المتبادر من النصوص عرفاً حجية الاستصحاب مطلقاً، مع أن من النصوص «ليس ينبغى لك الخ» ، وهو لا يجري فيه الوجه المذكور(7)، مضافاً إلى كفاية ما عدا النصوص من الأدلة.
ص: 388
الشك في المانع على أقسام اما شك(1) في حدوث المانع المعلوم المانعية، أو مشكوكها، أو شك في مانعية الشيء الحادث؛ لأجل الشك في الحكم الشرعي، أو في الموضوع المستنبط أو الصرف.
ثم مع تعدد المشكوك فيه في الشك (2) الحادث: إما لا يعلم بمانعية أحد الأمور المتعددة ولو إجمالاً، أو يعلم إجمالاً بنا قضية أحدها، سواء حدث الكل في دفعة واحدة، :أي: من غير تخلل عبادة، أم على وجه التعاقب.
والمحقق السبزواري(3) أنكر حجية الاستصحاب إذا كان الشك في الحادث بأقسامه، (ووافقه الخوانساري(4) فيما إذا كان الشك في الحادث)(5)مسبباً عن الشبهة الحكمية ، لا (6) الموضوع المستنبط، ولعله لأن المتبادر من الشك في النص الشك لا(6)اللاحق، (لا السابق الذي كان حاصلاً ،قبل، ومن اليقين اليقين(7) السابق.
والظاهر من الشك فيه أيضاً هو الشك اللاحق)(8) الذي يوجب الشك في البقاء، وهذا لا يتصوّر الا في الشك في حدوث المانع.
ص: 389
وأمّا في(1)الشك في المانعية، فالشك الذي يكون جزء سبب (2) للشك في البقاء مقدم على اليقين بالحدوث.
وفيه: إن مورد رواية الخفقة هو الشك في المانعية، (وإن هذا الوجه يقتضي الحجية إذا كان الشك في المانعية؛ للشك)(3)في الموضوع الصرف، فكيف يدعى السلب الكلي(4)، وان ظاهر النصوص كون المراد من الشك الشك في البقاء، لا الشك السببي؛ حذراً من التفكيك، ودلالة سياق بعضها، مع أن دليل الاستصحاب غير منحصر في الأخبار .
ثم لو ادّعى الخصم انصراف الأخبار إلى الشك في الحدوث؛ لأنه مورد السؤال في بعضها، أو ادّعى اختصاص النصوص بالموضوعات لا الأحكام، ولا الأعمّ منهما ، بقرينة عدم اشتراط الفحص فيها، والشك في الموضوعات يختص بالشك في الحدوث.
فجوابه يظهر مما سبق، كما تظهر أحكام سائر أقسام الشك في الحادث بعد التأمل.
ص: 390
إذا لم يكن الشاك حين شكه مستيقناً بالمتيقن السابق، بحيث يكون أن الشك ظرفاً لليقين والشك معاً(1) ، لم يكن الاستصحاب حجة، وإن كان حين الشكّ متيقناً باليقين السابق.
وكذا إذا علم بحكم، أو وصف في محل واحد في زمان سابق، وكان له جهتان، وكان ذلك الشيء من احدى الجهتين قطعي التحقق، ومن الأخرى مشكوك التحقق، فشك في بقاء ما ثبت سابقاً بعد القطع بارتفاعه من الجهة التي كانت مقطوعة، كل ذلك لعدم مساعدة أدلة الاستصحاب مثل(2) ذلك.(3)
ص: 391
قد اشتهر في الألسن عدم جواز التمسك بالاستصحاب إذا كان الشك في الحادث(1)، وقد يتوهم التناقض بين قولهم بهذا واختلافهم في بحث تعارض الاستصحابين على أقوال.
وكيف كان فيمكن(2) التفصيل في الشك في الحادث بأن المتوجه إلى المكلّف إن كان(3) أصلاً واحداً، كما في الثوبين اللذين كل منهما لشخص غير الآخر، فالعمل بالأصل مطلقاً، وإن كان المرجّح على الخلاف.
أو أصلين متوافقين نوعاً من حيث المستصحب، فالعمل بالعلم الإجمالي، وطرح الأصل، سواء كانا(4) موضوعيين، أم حكميين، أم مختلفين.
أو أصلين متخالفين، فالعمل بالأصل والعلم الإجمالي معاً، فيرجع إلى المرجحات ويؤخذ بالأرجح، والا فالطرح أو التخيير.
وأما في الموضوع المستنبط، فيظهر منهم طرح الأصلين وإن وجد مرجح لأحد الطرفين، والمحصّل ان المعيار طريقة أرباب العقول.
وانتظر لمزيد البيان في باب تعارض الاستصحابين.
ص: 392
[في الاستصحاب في الموضوع المستنبط (1)]
الاستصحاب في الموضوع المستنبط حجة(2)، وإن لم يكن عدمياً، ولا منضماً إليه، وإن لم نجد مثاله؛ وذلك لطريقة أهل العقول وفي انصراف النصوص إليه تأمل؛ لبعد ارتباطه بالأحكام(3) بخلاف الصرف.(4)
وهل حجيته فيه من باب الظن الخاص، أو المطلق(5)، أو السببية المطلقة، أو المقيدة(6)، أو التفصيل بين ما إذا تعلق الاستصحاب بالوضع، كأصل عدم الوضع
ص: 393
والنقل والاشتراك (1) ، أو بالمراد كاصل عدم القرينة والتخصيص والتقييد(2)، أو بنفس الموضوع كأصل عدم السقط، وجوه.
نعم، حجيته في الأحكام والموضوعات من باب السببية المطلقة، إلى أن يجيء دليل معتبر على الخلاف لدلالة النصوص(3)، فإن المراد من الشك فيها(4) مطلق الاحتمال بقرينة السّياق (5)، بل هو معناه لغة(6)، مضافاً إلى بناء العقلاء في الجملة.
ص: 394
قد يتمسك في إثبات ماهيّة العبادة المركبة بأصالة الإطلاق، أو قاعدة البراءة عن الجزء المشكوك، أو أصالة عدم الوجوب، أو عدم الشرطية(1) والجزئية، أو عدم الدليل، أو استصحاب الصحة، ومحل الكلام هنا الأخير.
والحق عدم جريانه فيها، سواء كان المشكوك فيه (بدوياً كالنية، أم اثنائياً كالسورة، كان الشك)(2)بدوياً أم اثنائياً، مقصراً كان الشاك أم قاصراً.
إما للزوم الدور(3)(4)، أو(5)العمل بالأصل قبل الفحص(6)، أو فقد المستصحب اليقيني، أو لعدم الدليل على الاعتبار(7)، فتأمل.
وكذا في إثبات ماهيات مداليل الألفاظ، كأصالة عدم ملاحظة الواضع الجزء
ص: 395
المشكوك، وإن ظهر من القمي خلافه(1) ، وذلك : إما لكون الشك في الحادث، أو لعدم الدليل على الاعتبار.
وكذا في إثبات حكم المركب الجزئه بعد فقده، باستصحاب حكم نفس المركب، عقلياً كان التركيب أم خارجيّاً ، أمّا الأول فلانتفاء الجنس بذهاب فصله، فلا مستصحب(2)، وأمّا الثاني فلكون استصحابه عرضياً.(3)
ص: 396
إذا لم يستلزم لازم الحادث حدوثاً غير حدوث الملزوم، كالزوجية للأربعة، لم يجر الاستصحاب في ذلك اللازم(1)، وإن استلزم حدوثاً غير حدوث ملزومه، بأن لا يكونا متحدي الوجود، جری(2) فيه الاستصحاب، سواء كان اللزوم عقلياً، أم عادياً، أم شرعياً؛ لبناء العقلاء، ولأن مرجع الشك حينئذ إلى الشك في المانعية، وقد مرَّ جريانه فيه بأقسامه، فلو أصاب ثوبه مائع لا يعلم أنه ماء أم ،بول، استصحب طهارة ثوبه، وإن لم يحكم بأن المائع ماء، بل الأمر من(3) تلك الجهة يدور مدار الأصول الفقاهتية.
ص: 397
مجرى أصالة تأخر الحادث فيما قطع بحدوث حادث وشك في مبدأ حدوثه.
وأما ما يتوهم) يتوهم(1): من أنه إذا ثبت للفظ معنى في العرف العام وشك في اتحاده مع المعنى اللغوي، فأصالة عدم النقل معارضة بأصالة تأخر المعنى العرفي عن زمن اللغة.
ف مدفوع: بأنه إذا علم للفظ معنى في العرف العام، فإن علم أنه كان له معنى في اللغة أيضاً، وشك في اتحادهما، فأصل عدم النقل لا معارض له؛ إذ النقل حينئذ يستلزم حوادث ثلاثة : الوضعان للمعنيين وهجر الأول.(2)
وأما أصل عدم تقدم هذا المعنى العرفي، فمعارض بأصل عدم تقدم معنى آخر.(3)
وإن علم أنه كان له معنى في اللغة غير هذا المعنى العرفي)(4)، لكن احتمل اشتراكه في اللغة(5) بين المعنى(6) العرفي وذلك المعنى المهجور، فأصل تأخر الحادث حينئذ سليم عن المعارض معتضد بأصالة عدم الاشتراك في اللغة (واما النقل
ص: 398
فمعلوم هنا لا يمكن نفيه بالأصل.(1)
وإن شككنا في أن هذا اللفظ هل كان في اللغة)(2) موضوعاً لمعنى أم لا، بل كان من الألفاظ المستحدثة، لكن نعلم(3)بأن المعنى(4) كان موجوداً فيها، وكان لفظ من الألفاظ موضوعاً بإزائه : إما هذا اللفظ، أو غيره ، حكمنا باتحاد اللغة والعرف؛ الأصالة عدم تعدد الوضع، وأصل تأخر الحادث معارض بمثله.(5)
وإن شككنا في وجود (6) اللفظ والمعنى في اللغة، فأصل تأخر الحادث سليم عن المعارض
ثم أصل تأخر الحادث باعتبار نفس الحادث إما وجودي، أو عدمي.(7)
ثم زمان الشك والمشكوك فيه : إما متحد، أو مختلف بتقدم زمان أحدهما.
ثم المستصحب: إما حكم فرعي، أو أصلي، أو موضوع صرف، أو مستنبط.(8)
ص: 399
والحق جريان أصل تأخر الحادث فيما إذا اتحد زمان الشكّ والمشكوك فيه، أو تأخر زمان المشكوك فيه عن زمان الشك من غير فرق بين الأقسام المذكورة، وبين كون المراد من أصل تأخر الحادث استصحاب الحالة السابقة، أم عدم عروض القادح ؛ وذلك للأخبار، وبناء العقلاء، ولأن كل من قال بحجية الاستصحاب قال بذلك، ولأنه لولاه لزم عدم حجية الاستصحاب في الشك في عروض القادح(1)، لا إذا تأخر زمان الشك عن زمان المشكوك فيه.
وهذا القسم هو مرادهم من أصالة تأخر الحادث، فالحق حينئذ عدم اعتبار أصل تأخر الحادث، ولا الاستصحاب المعكوس الذي هو ضدّه؛ لعدم الدليل، فتأمل.
لا فرق في حجية الاستصحاب بين الأحكام الواقعية والظاهرية، فلو ثبت نجاسة شيء بالبينة الشرعية، ثم شك في ارتفاعها استصحب بقاؤها؛ للإجماع المركب ، ودلالة النصوص بعموم حذف المتعلق، وطريقة أهل العقول.
وكذا الظن الشرعي ناقض لليقين إما من باب التخصص، أو التخصيص.(2)
ص: 400
في جواز إجراء الاستصحاب في الأمور التدريجية بحسب الواقع، والدفعية في نظر ،العرف كالأكل، والتكلم، وإلقاء الدلاء على الماء القليل في مجلس واحد عرفاً(1)، وفي التعليقيات(2) ، وفيما يتمسك فيه بأصل الشغل، كما لو شك في وجوب السورة في الصلاة وهو لم يشرع فيها بعد، وجهان.
وإذا احطت خبراً بتضاعيف ما ذكر، قدرت على استخراج الدليل.
فاعلم أن الدليل على الحكم إن كان مقيداً بوصف يوجب ارتفاعه ارتفاع الحكم، كأن يقول : الماء المتغير بالنجاسة متنجس ما دام متغيراً، فهذا بمفهومه ينفي الانفعال بعد(3) زوال الوصف، فلا استصحاب
وكذا إذا قال: الماء المتغير متنجس لا لدلالة(4) مفهوم الوصف؛ لأنه ليس حجة على الأصح، بل لانتفاء الموضوع بزوال التغيّر، فلا استصحاب من حيث
ص: 401
مدلول اللفظ.
وأما من حيث اللبّ، فسيأتي في المسألة الآتية.
وإن كان دالا على ثبوت الحكم للموضوع المجرد عن القيود والأوصاف، كأن يقول : الماء إذا تغيّر تنجس، فإن كان هذا الكلام بحسب العرف متواطئاً، بالإضافة إلى حالة زوال التغيّر، وهو المسمى بالمؤبدة ، كفانا الإطلاق، فلا استصحاب، أو مشككاً مبين العدم(1)، فمرجعه إلى القسم الثاني، أو مشككاً إجمالياً(2)وهو المسمى بالمطلقة، جرى فيه الاستصحاب، سواء كان الشك في المقتضي. أو المانع.
وإن كان الدليل مردداً بين المطلقة وغيرها من الأقسام، أو بين المؤبدة والأولين،فالحق جريان الاستصحاب؛ لإطلاق النصوص(3)، وبناء العقلاء، وتنقيح المناط، وهو حصول الظن بالبقاء، وفقد الفارق بين هذين والمطلقة التي هي المهملة حقيقة.
ومن هنا ظهر بطلان إبطال استصحاب دين موسى، أو عيسى علیهما السلام إلى أن يثبت حقيّة(4) الإسلام؛ بكون الأمر فيه مردداً بين المطلقة وغيرها، وان الاستصحاب لا يجري حينئذ ، وقد أوردنا على هذا الجواب (5) في ضوابطنا إيرادات خمسة (6)، والصواب في الجواب عن هذا الاستصحاب رده بالأدلة الواردة من المعجزات لابمنع الجريان مع أنه لا يرد على(7) من ينكر حجية الاستصحاب رأساً، ولا على من يقول بحجيته
ص: 402
للنصوص حتى إلزاماً، ولا على من يقول بحجيته لتراكم النصوص وغيرها.
قالوا: يشترط في الاستصحاب(1)بقاء الموضوع(2)، والظاهر أن مرادهم عدم العلم بانتفائه، فلا ينتقض باستصحاب حياة زيد مثلاً، وباستصحاب نجاسة الماء المتغير إذا شك في بقاء التغير، مع فرض كون الموضوع هو الماء المتغير.
والفرق بين المستصحب وموضوع الاستصحاب أن الأول هو الشيء الذي علم به سابقاً وشك في بقائه، والثاني معروض ذلك الشيء ولو(3)بالواسطة.(4)
في الصور الأربع.(1)
والاستحالة اصطلاحاً تبدل ماهيّة بأخرى سواء كان المنقلب منه أو إليه، مائعاً أم لا.
وبينها وبين الأول تباين كلي ، وبين الثاني عموم وخصوص مطلق.
وهم نازعوا في جريان الاستصحاب في الثلاثة على أقوال(2)، ثالثها التفصيل بين النجس ،الذاتي، والمتنجس بالعرض(3)، ونزاعهم صغروي لا كبروي.(4)
ونظير هذه الثلاثة ما زال عنه الاسم دون الصّورة النوعية، كالحنطة المتنجسة إذا صارت دقيقاً، والمقيدات(5) بعد زوال قيدها(6)(7)، والمؤقتات بعد خروج وقتها.(8)
ص: 404
والحق في مقام تشخيص الكبريات فيما تبدلت فيه الصورة النوعية والحقيقة إلى أخرى، سواء كان بطريق الاستحالة، أو الانتقال، أو الانقلاب، أنه إن علم أن الموضوع هو الصورة النوعية، أو شك فيه، فلا استصحاب؛ للعلم بانتفاء الموضوع في الأول، وكون الشك في الثاني شكاً في الحادث إن(1) أريد استصحاب الموضوع(2)(3)، وعرضياً إن أريد استصحاب الحكم.(4)
أو (5) هو الأجزاء الجنسية جرى الاستصحاب، إلّا إذا علمنا بأن الصورة النوعية علة لحدوث الحكم في الأجزاء الجنسية، ولبقائه أيضاً(6)، من غير فرق فيما ذكر بين الذاتي والعرضي، بعد رعاية أن المتبادر من قوله: (الملاقي للنجس متنجس) ثبوت الحكم ما دام بقاء الملاقي على صورته النوعية، فيكون الموضوع أيضاً هو الصورة النوعية، أو مشكوكاً.
ولو شك في بقاء الصورة النوعية وعدم بقائها، كما في الخشب إذا صار فحماً، جرى فيه الاستصحاب.
وبعد ما عرفت ذلك عرفت(7)أحكام الأقسام الستة، بعد رعاية ظواهر
ص: 405
خطابات الشرع(1)في مقام تميز الصغريات ، فكل موضع(2)جرى فيه الاستصحاب كان حجة، وإلا فلا.
ثم إن كان دليل اجتهادي عام يوجب اندراج الطبيعة الحادثة في أفراد تلك الطبيعة من حيث الحكم عملنا به والا فبالأصول الفقاهتية.
ثم إنهم قالوا إن الأحكام تدور مدار الأسماء(3)، (ومرادهم دوران الأحكام مدار الأسماء)(4) إذا كان تبدل الاسم لتبدل المسمى، كالكلب إذا صار ملحاً مثلاً، مع ملاحظة اتحاد زمن الحضور والغيبة من حيث التسمية، علماً أو أصلاً، لا أن العرف إذا غير اسم الكلب وسماه ملحاً تغير الحكم.(5)
ص: 406
اذا تعارض استصحابان فإما حكميان أو موضوعيان، أو مختلفان.
ثم إما وجوديان، أو عدميان، أو مختلفان.
ثم الحكميان الوجوديان إما تعارضها لأمر خارج(1)أو لأنفسهما.(2)
وعلى الأخير: إما أحد الشكين سبب للشك الآخر ، أم(3) مسببان من أمر ثالث.
فإن كان الاستصحابان المتعارضان حكميين وجوديين متعارضين لأنفسهما، مع سببية أحد الشكين للآخر، كتعارض استصحاب(4) طهارة الماء مع مع استصحاب نجاسة المغسول واستصحاب نجاسة مستصحب النجاسة مع استصحاب طهارة الملاقي، ففي العمل بهما معاً كما عليه بعض من(5) تأخر(6) - إذ لم يثبت أن مستصحب النجاسة منجّس(7)، أم يقدّم استصحاب السبب، وجهان، أوجههما الأخير؛ لأن الظاهر من أمره الليلها بإبقاء ما كان على ما كان هو ترتيب(8) آثاره عليه، ومن
ص: 407
جملتها نجاسة ،ملاقيه فقبل ملاقاة الطاهر لمستصحب النجاسة نحكم(1)بنجاسة المستصحب؛ لسلامة الاستصحاب حينئذ (عن المعارض، فهو حينئذ)(2) متنجس شرعاً ينجس ملاقيه بالعموم ، فالتعارض هنا ابتدائي، ولا تعارض حقيقة، وهكذا في نظائره، مضافاً إلى بناء العقلاء، وظهور الإجماع من القائلين بحجية الاستصحاب.(3)
ويرد على العامل بالأصلين هنا حكمه بطهارة غسالة هذا(4) المتنجس، (ونجاسة غسالة المتنجس) (5) المعلوم نجاسته، ولم نجد هذا التفصيل في باب الغسالة، وحكمه بطهارة الأرض الملاقية له لاستصحاب طهارتها، وعدم جواز السجود والتيمم عليها لاستصحاب الأمر(6)، عملاً بالأصلين، والحال أنه صرح بجوازهما.
ثم إنه إن(7) قال بعدم تعارض بين الأصلين(8)؛ ولذا يعمل بهما، فقد خرج عن الفرض(9)، أو بوجود(10)التعارض بينهما ، فتعارضهما من باب التباين الكلي، لا العامين
ص: 408
من وجه، حتى يبعض في العمل بلوازم كل منهما من غير دليل.(1)
ثم إنا إذا قلنا بعدم حجية الاستصحاب في الشك في المانعية، فاستصحاب الشك السببي خال عن المعارض رأساً ، فيقدم بلا ريب، ولا فرق فيما ذكرنا بين تقارن الشكين، وتقدّم الشك السببي زماناً؛ لوحدة المناط.
وإن كان الشكان في الصورة المفروضة مسبيّين عن أمر ثالث، كما في الكرّ الوارد على الماء المتنجس تدريجاً، وفي نظائره من موارد(2) تعدد الموضوع، فالوقف إلى أن يوجد مرجّح لأحدهما (3)؛ البطلان الترجيح بلا مرجّح ، وعدم الدليل على التخيير (4) بعد إمكان طرحهما.
والحكميان العدميان، أو المختلفان، حالهما كماسبق من تقديم الشك السببي، والتوقف عند تسببهما من أمر ثالث؛ لوحدة الدليل، والإجماع المركب.
وأمّا الحكميان المتعارضان لا لأنفسهما - ويعبر عن ذلك بالشك في الحادث - فإن اتفق العمل بالأصلين(5) المكلّفين فصاعداً، كالثوب المشترك الذي فيه(6)المني، وكما إذا علم بنجاسة أحد الثوبين اللذين هما لشخصين، فكل يعمل بالأصل في حق
ص: 409
نفسه؛ لبناء العقلاء، ولا يشمله عموم أخبار عدم نقض اليقين بالشك.(1)
أو لمكلف واحد فالوقف، إلّا إذا كان أحد المستصحبين موافقاً لأصل البراءة دون الآخر، فيعمل بالأصلين.
وإذا تعارض الموضوعي مع الحكمي، قدّم الأول على الأصح؛ لمنقول الإجماع(2)، فانه يكفي مرجحاً لأحد الأصلين، ولأن كل من قدم الشك السببي(3) في القسم الأول قدم الموضوعي هنا، و(4) البناء العقلاء، ودلالة النصوص، فإن الموضوعي مزيل للحكمي، ولعمل الأكثر ، وظهور إجماع العاملين بالاستصحاب، ولا يضر مخالفة البعض.(5)
و(6) لو فرض هنا تسبب التعارض من أمر خارج، حتى صار الشك في الحادث(7)، عملنا بالأصلين، وطرحنا العلم الإجمالي؛ لطريقة أهل العقول.
ولو تعارض استصحابان موضوعيان، قدمنا المزيل على المزال كما مرَّ ، والا(8)فالوقف، نعم لوتسبب التعارض من أمر خارج ، وصار الشك في الحادث، عملنا بالأصلين إذا كان العمل من شخصين، والا فالوقف أيضاً، إلا أن يوجد مرجح لأحد الأصلين، بحيث يكون نفس المرجح دليلاً مستقلاً.
ص: 410
لا عمل بالاستصحاب في الأحكام قبل الفحص عن المعارض؛ للأصل تكليفاً ووضعاً(1)، والإجماع(2)، ولزوم الخروج عن الدين في العمل بالأصول الفقاهتية قبله، والأولوية بالنسبة إلى الأدلة الاجتهادية.(3)
ومثلها (4) الموضوع المستنبط؛ للأصل، وظهور الوفاق، والأولوية(5)، ولزوم المخالفة القطعية لولاه لا الصرف على الاصح عندي(6)؛ لدلالة النصوص بالعموم والخصوص.
ص: 411
لا يصح التمسك باستصحاب ما لم يعلم نسخه من أحكام الشرائع السابقة، كان في المشتبهات علم إجمالي قليلاً في كثير ، أم كثيراً في كثير، أم لم يكن(1)؛ لعدم انصراف النصوص إلى مثله(2)، وكون بناء العقلاء على خلافه، فيسلم أصالة عدم حجية الاستصحاب؛ لكونه عملاً بما وراء العلم عن المعارض.
ولو قيل: إن المتدين بالدين السابق(3)في زمان لو شك في النسخ لعمل بالاستصحاب، كما عليه بناء العقلاء، ويتم في من عداه بالإجماع المركب.
قلنا: إنه مقلوب بمثله(4)، فالأصل أيضاً سليم.(5)
أقول: ولقائل دعوى كون عمل الفقهاء على ذلك، ودلالة النصوص عليه، فيدفع بالأصل.(6)
ص: 412
عرّفوا الاجتهاد الاصطلاحي حالاً : بأنه استفراغ(1) الفقيه الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي.(2)
وملكة: بأنه ملكة(3)يقتدر بها على استنباط الحكم.(4)
ويرد على كل منهما إشكالات.
والأحسن تعريف الملكي بأنه - عند أهل هذا الفن - ملكة يقتدر بها على تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الواقعي(5)تحصيلاً نظرياً، والحالي: بأنه استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الفرعي الواقعي.
وهو مشترك بين(6)المعنيين لفظاً .
والفقه الحالي: القطع بالحكم الظاهري والملكي ملكة تحصيل العلم بالحكم الظاهري.(7)
والمفتي: يطلق على من يشتغل بإظهار الأحكام عن رأيه واجتهاده(8)؛ وعلى من له هذا المنصب.
ص: 413
والقاضي: يطلق على من(1) يرفع الخصومة بين الخصمين على الوجه المخصوص(2)؛ وعلى من (3) له هذا المنصب.
والحاكم: يطلق على المتصرف في أموال الغيب والمجانين ونحوهم، على الوجه الشرعي المخصوص(4)، وعلى من (5) له هذا المنصب.
والأظهر عندي أن(6) الحاكم يطلق على الأعم من القاضي، ويحتمل ترادفها.
ص: 414
والتخيير بدواً(1)، وخيرها أوسطها(2)؛ للدليل العقلي الحاكم حينئذ ببطلان ترجيح المرجوح على الراجح، أو التسوية بينهما.
ولو لم يحصل له الظن بعد الفحص عمل بالأصول الفقاهتية.
وفي جواز فتواه ، و(3) تقليد الغير إياه(4)، وجواز قضائه وحكومته، وجهان.
كما أن في وجوب اجتهاد المتجزي في مسألة التجزي، أو تقليده، أو خياره بينهما، وجوها.
ص: 416
من شرط الاجتهاد المطلق(1): معرفة العربية(2)مادة وهيئة، ولو لبًّا(3)، ولو بالتقليد(4)المحصّل للظن الطبعي (5)، الا إذا كان المدرك في أيدينا(6)، فلا بد من الاجتهاد؛ للأصل(7)، وتكفي معرفة مقدار الحاجة في الاستنباط (8) ولو بالقوة؛ دفعا للعسر أو التعطيل.(9)
ومعرفة علم الكلام(10) بقدر ما يتوقف عليه حصول الاعتقاد بالحكم
ص: 417
الشرعي(1)، ولو لم يكن بنحو مراجعة كتب الكلام، وفي اشتراط الاجتهاد، أو كفاية(2) التقليد، وجهان يأتيان.
ومعرفة علم(3) الرجال(4)، إما لأجل (تحصيل شرائط الراوي، أو تحصيل أسباب الظن (5)، أو)(6)تحصيل قرائن القطع ، أو لترجيح القطعيات إذا تصادمت وشكوك الأخباريين واهية كما مرَّ.(7)
وفي جواز الاكتفاء بتصحيح الغير وتضعيفه، وجهان تقدّما.
ومعرفة علم أصول الفقه(8)؛ لأنه متكفل لبيان عوارض أدلة الفقه، وتكفي الملكة؛ لما أشرنا في العربيّة، ولا يكفي التقليد؛ للأصل.(9)
ص: 418
ومعرفة علم المنطق(1)اجتهاداً ولو لبَّاً؛ لأنه متكفل لتميز صحيح الدليل من سقيمه.
ومعرفة مواقع (2) الإجماعات(3)ولو ملكة ؛ لئلا يخالفها، لكن هذا الشرط مستغنى عنه بعد ما سبق من الشرائط، كما يستغنى عن اشتراط قدرته على (فهم آيات)(4) الأحكام(5)، وهي الآيات التي يمكن استخراج الأحكام منها مطابقة، أو تضمناً، أو التزاماً .
نعم(6)، يشترط أن يكون له أنس بالأخبار(7)؛ لارتباط الأبواب بعضها ببعض(8)، وأن يكون(9) له قوة رد الفرع إلى أصله(10)، وأن يعلم المعاني والبيان والبديع؛
ص: 419
يرجّح الأفصح أو(1) الفصيح(2)عند التعارض(3)، وفيه نظر.
وأن لا يكون له جربزة(4) لا يقف ذهنه على شيء، ولا بليداً يميل(5) إلى كل ناهق وناطق، ولا معوج السليقة، ولا(6)كثير التوجيه والتأويل، فربما يجعل الاحتمال البعيد من الظواهر؛ لأنسه بذلك.(7)
ويمكن أن يقال: إن أكثر المذكورات ليست من الشروط الخارجة عن ملكة الاجتهاد، بل هي مقومات(8) لها.
ثم بعض(9) ما ذكر ليس شرطاً لتحقق التجزي، وبعضه(10) شرط له.(11)
وللاجتهاد مكملات محسّنة(12)، كمعرفة بعض مسائل الهيئة والطب والهندسة والحساب.(13)
ص: 420
إلّا أن يكون في المقام إطلاق ينفيه(1)، كما ينفيه بناء العقلاء، وقاعدة تبعية الأحكام للصفات الكامنة، من دون مدخلية العلم(2) والجهل المؤيدة بظاهر حديث عمار.(3)
نعم ، لو علم بعدم(4)المطابقة، أو شك فيها والوقت(5) باق، وجب الإعادة، قاصراً ومقصراً؛ لاستصحاب بقاء الأمر، وبناء العقلاء، وعدم مدخلية العلم والجهل في الأحكام كما مرّ، ولظاهر حديث عمار.
ومما(6) مرَّ تقدر على استخراج حكم وجوب القضاء وعدمه، والإثم وعدمه، وحكم ما لو علم الجزئية وجهل الركنية، وما لو أخذ الحكم من المجتهد جاهلاً باجتهاده، أو بلزوم الأخذ منه ، وحكم المقصر بقسميه، والقاصر بأقسامه، وما لو كان شرط العبادة معاملة كستر العورة.
وأما المعاملات فاتفقوا فيها على أن(7) المناط مطابقة الواقع وعدمها.(8)
ص: 422
المصيب في العقائد واحد عند جمهور(1) المسلمين(2)، والباقي مخطئ(3)، والعنبري(4) على أن الكل مصيب(5)؛ ويرده لزوم اجتماع النقيضين.(6)
ثم إنه آثم مع التقصير لا القصور؛ حذراً من تكليفه بما لا يطاق، إنما الكلام في تحقق القاصر هنا، ولا دليل على(7) عدم (8) إمكانه، إلا ان يتمسك بمنقول الإجماع(9)، وبالآية الشريفة: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»(10)، وبعموم ما دل على
ص: 423
تعذيب الكفار (1)، وفي الكل كلام.(2)
ومن هنا بطل قول الجاحظ بعدم الإثم.(3)
والعقليات التي يستقل بحكمها العقل من الفرعيات، كقبح الظلم، كالعقائد في الاصابة والإثم، وعدمها، وضروريات الفروع عبادة ومعاملة كذلك(4)
واختلفوا في غير الضروريات من الفرعيات فبيّن قائل بأنه لاحكم عند الله سبحانه في الواقع، بل حكمه تابع لظن المجتهد ، فكل مجتهد (5) مصيب(6)، ولعله لأن الحسن والقبح يختلفان بالاعتبارات، حتى العلم والجهل.
أو أنه تعالى جعل أحكاماً يطابقها آراء المجتهدين قهرا، أو اتفاقا.
أو أنه تعالى لما علم بأن رأي كل مجتهد يصير كذا، فجعل أحكاماً على طبقها.(7)
وقائل: بأن له تعالى(8) حكماً واحداً في كل واقعة، وأن المصيب واحد، والمخطئ
ص: 424
معذور، وهذا مذهب أصحابنا(1)، الا الشيخ في العدة فجعل المخطئ فاسقاً(2)، ولعله محمول على صورة (3) التقصير في الاجتهاد، أو العمل بمثل القياس، وفيه ان المجتهد في الصورتين معاقب اصاب أم أخطأ.
ثم النزاع ليس في تعدد مدلولات خطابات(4)الشارع ووحدتها؛ لاتفاقهم على (ان المراد من الخطاب معنى واحد(5)، ولا في تعدّد الأحكام الظاهرية ووحدتها؛ لاتفاقهم على)(6) تعددها بتعدد الآراء وإصابة الكل في ذلك.(7)
بل النزاع في تعدد الحكم الأصلي المقصود بالذات في الواقعة الواحدة ووحدته.(8)
والموضوعات الصرفة ليست (9) من محل النزاع، وإن كان قد يظهر دخولها ممن فرض ثمرة النزاع في القبلة(10) ؛ وذلك لأن العنوان في الأحكام الفرعية (11)، ولأنه
ص: 425
لا يعقل التصويب فيها(1)، ولأنه (2) يلزم التناقض بين قول الإمامية هنا بالتخطئة، وبين(3) نزاعهم في وضع الألفاظ للأمر النفس الأمري، أو الذهني، أو الخارجي.(4)
قد يقال: إن الأصل مع المخطئة؛ لأصالة عدم التعدد المخطئة؛ لأصالة عدم التعدد(5)، وعدم الإصابة(6)، وفيهما(7) نظر ، وإن كان المدعى حقاً، وأمكن تتميمه بتقرير آخر.
ثم الصواب بطلان التصويب؛ لتبعية الأحكام للصفات، من غير مدخلية العلم والجهل وللزوم الترجيح بلا مرجح في إرادة واحد من الأحكام الأصلية من الخطابات دون غيره، وفي الأمر بالفحص عنه دون غيره، ولبناء العقلاء، والإجماع
ص: 426
محققاً ومنقولاً(1)، ولظاهر الآيات الثلاث: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ»(2)، والنص النبوي المشهور الذي جعل للمصيب أجرين(3) وللمخطئ أجراً(4)(5)، وينبغي تنزيله على(6) الفحص الزائد المستحب ، لا على القدر الواجب؛ حتى لا ينافي قواعد العدل(7)،وللنصوص الدالة على أن له تعالى في كل واقعة حكماً(8)، والحديث نهج البلاغة.(9)
ص: 427
اذا علم المقلد برجوع مجتهده(1)عن رأيه رجع عنه؛ للإجماع(2)، وبناء العقلاء، والأولوية الدافعة للاستصحاب(3)، (والأحوط تقليده (4) في رأيه الثاني لا تقليد غيره، وإن اقتضى جوازه استصحاب)(5) التخيير الأصلي المقدم على أصل الشغل (6)، وعلى استصحاب حرمة العمل برأي(7)غيره التي كانت حين اختیاره تقلیده قبل رجوعه.(8)
وليس عليه إعلام الناس بتجدد رأيه؛ للأصل.(9)
ولو علم المقلد إجمالاً برجوع مجتهده عن(10) بعض فتاويه، ففي اعتبار هذا العلم الإجمالي وجهان، بل وجوه.(11)
ص: 429
الحكم: رفع المجتهد(1) بمقتضى رأيه الخصومة بين الناس ولو قوة، فيما يتعلق بامر ،معاشهم بصيغة إخبار أم إنشاء.(2)
وربما ينتقض عكساً بالشهادة على شرب(3) الخمر والهلال ونحوهما(4)، وقد يتكلف في إدراجهما في الخصومة.(5)
ولو عرّف بأنه ما يطلق عليه لفظ ،الحكم من غير تنافر وصحة سلب، لكان اولى.
والفتوى: (إخبار عن حكم الله سبحانه، ولو بلفظ الإنشاء.(6)
ص: 430
وقد يشتبه الحكم والفتوى(1))(2) ، كما في قضية زوجة أبي سفيان(3)، والمدار على قصد الحاكم.
وتظهر الثمرة في التعدي عن مورد النص وعدمه.
إذا حكم الحاكم في واقعة خاصة، فمقتضى قاعدة التخطئة، وأصالة الفساد، وإطلاق أدلة المسألة الفرعية، جواز نقض حاكم آخر إياه، وجواز نقضه حكم نفسه إذا تجدد رأيه ظاناً ببطلان رأيه الأول، أو قاطعاً، إلا أن الإجماع محققاً ومنقولا(1)(2)، ولزوم الهرج(3) والمرج(4)، أوجب عدم(5) نقض الحاكم الآخر(6)(7)، وكذا عدم نقضه حكمه السابق إذا ظن بطلانه (8) بتجدد رأيه؛ لإطلاق منقول الإجماع، و(9)بناء العقلاء، ولزوم الهرج(10)، وظهور الإجماع المركب بينه وبين ،سابقه، ولا دليل على عدم جواز النقض في القسم الثالث(11)، فالأدلة الأولة(12) سليمة عن المعارض، والتفصيل بين العبادة والمعاملة (13) فاسد، بل الحكم لا يكون إلا في المعاملات.
ص: 432
اذا اجتهد المجتهد في العبادة كطهارة القليل الملاقي للنجاسة، وعدم وجوب السورة في الصلاة، وعمل هو ومقلدوه برهة من الزمان ثم تبدل رأيه، فالأعمال الصادرة قبل تجدّد الرأي إن كان أثرها باقياً، كما لو كان باقياً على وضوئه السابق الذي توضّأ(1)بالقليل الملاقي للنجاسة لم يجز له البناء في الأعمال الآتية على العمل السابق، فلا يصلي بعد تجدد الرأي بذلك الوضوء، بل يطهر ما لاقاه ويجدد الوضوء وهكذا، وذلك للإجماع(2)، وقاعدة التخطئة، وأصالة الفساد وبناء العقلاء، وإطلاق أدلة الانفعال.
نعم ليس عليه وعلى مقلديه فيما مضى من الصلوات والأعمال المتقدمة إعادة ولا قضاء؛ حذراً من هتك الشريعة (3)، وللسيرة، وقاعدة الإجزاء في الأدلة الشرعية(4)، وأدلة العسر، إلا إذا قطع بفساد رأيه السابق، فيعيد ويقضي.
وأما في المعاملات، فإذا عامل هو أو(5) مقلده (6)، كأن تزوج بالمرتضعة معه عشر
ص: 433
رضعات، ثم تبدل رأيه، فمقتضى الإجماع المنقول(1)، والتخطئة، وأصل الفساد، وبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة، وظاهر الشهرة(2)، نقض المجتهد.
لكن الحق عدمه في حقه وحق مقلديه؛ حذراً من الهتك والهرج، مؤيداً بأن فائدة الحكومة(3) هي ذلك(4)، وعدم الاختلال.
وهل لمجتهد نقض معاملة مجتهد آخر أو مقلد له عند مخالفة الرأي لرأيه،
حصول المرافعة عنده أم لا؟ أم لا؟ وجهان أوجههما عدمه إذا لم يكن قاطعاً ببطلان رأي الآخر؛ للوجهين المتقدمين في سابقه، وللإجماع المركب، والأولوية .(5)
هذا في معاملات(6) العالم، وفي معاملات(7) الجاهل من الطرفين يحكم بصحة المطابق لرأي من قلده بعد ذلك؛ لتبعية الأحكام للصفات، وبناء العقلاء، وإطلاق الأدلة النافية لاشتراط العلم ، وبفساد غير المطابق للدليلين الأولين، مع إطلاق أدلة(8) الفساد.
أو من طرف واحد كما لو تزوج المجتهد العالم البالغة الرشيدة بلا إذن وليها، وهي جاهلة بالجهل الساذج، ثم قلدت من يقول بالفساد، ففي الصحة لهما، أو الفساد
ص: 434
لهما، أو للزوجة خاصة، وجوه(1) أخيرها خلاف الإجماع، وموجب للتشاجر، وأدلة الصحة للزوج أقوى من أدلة الفساد للزوجة بفهم العرف الورود(2)، فيحكم بالصحة لهما(3)؛ للإجماع المركب، فتأمل.
وإذا كان المتعاملان ،عالمين، متخالفين في الرأي، ففيه الوجوه السابقة.
الحق عدم جواز التقليد في أصول الدين بأن يسأل المجتهد عن اعتقاداته ويرسمها في قلبه، ويجعلها(1)نصب عينيه، ويعترف بها لساناً، ويعمل بمقتضاها وإن لم يعتقد بتلك الاعتقادات، وذلك لاستصحاب الأمر، والإجماع(2)، وآيات النهي عن التقليد(3)، وآيات النهي عن الظن(4) (مطابقة، أو(5)التزاماً؛للاولوية، ولأصل الاشتغال.
نعم، لو كان أحد لا يتمكن الا من التقليد)(6)، فإن كان له دين سابق(7) وتردد بقي على ما كان؛ لبناء العقلاء، والا سقط عنه التكليف(8)؛ لأصل البراءة.
فالتقليد بالنحو المذكور لا محل له واذا علمت وجوب الاجتهاد في العقائد(9)، فإن تمكن من تحصيل القطع وجب؛ لأصلي الاشتغال والاستصحاب، والإجماع، والا كفاه الظن؛ إذ الأمر حينئذ دائر بين نفي التكليف، فهو خلاف الإجماع ظاهراً،
ص: 436
و(1)تكليفه بالعلم فهو تكليف بالمحال ، و(2)تكليفه بالظن، وهو المطلوب.
ثم الحق كفاية حصول العلم وإن لم يكن من الدليل التفصيلي(3) المصطلح عند أرباب الجدل؛ حذراً من التكليف بما لا يطاق، واختلال النظم.
نعم ، لا بعد(4)في وجوب ذلك كفاية؛ حفظاً للإسلام عن الشبهات.(5)
ص: 437
إذا بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، واجتهد(1) في بعض المسائل أو كلها فعلاً، حي عليه التقليد فيها إجماعاً(2)، وإن لم يكن اجتهد فعلاً ، ففي جواز تقليده فيما لم يجتهد فيه مطلقاً(3)، أو إذا ضاق الوقت عن الاجتهاد(4)، أو إذا قلد الأعلم(5)، أو(6) إذا كان لعمل نفسه لا مقلده(7)، أو لا يجوز مطلقاً(8)، أقوال.(9)
والأصح عدم الجواز الا (مع عدم تمكنه)(10) من الاجتهاد لضيق الوقت أو لعذر آخر، وذلك لأصل الشغل، وآيات النهي(11)، وبناء العقلاء، والإجماع، ولا يضر به مخالفة البعض(12)، ولقبح ترجيح المرجوح على الراجح،
ص: 438
وأما استصحاب جواز التقليد الذي كان قبل حصول الملكة، واستصحاب الحكم الفرعي(3)، واستصحاب الصحة، فلا تعارض الأدلة المذكورة، مع عدم جريان الاستصحابين الأولين؛ لارتفاع فصل الوجوب(4) بعد حصول الملكة.(5)
وأمّا الجواز مع عدم التمكن فللزوم التكليف بما لا يطاق لولاه.
ص: 439
إذا كان مجتهدان متوافقان(1) في الرأي في مسألة(2) مثلاً، وأحدهما أعلم من الآخر، فهل للمقلّد العمل بهذه الفتوى من دون تعيين استناد عمله إلى فتوى أحدهما المعين، فيكون أقوال المجتهدين المتوافقين في الرأي بمنزلة النصوص المتوافقة للمجتهد، مع كون بعضها أقوى من بعض أم لابد من التعيين؟ وجهان.(3)
مقتضى أصالة الشغل الاشتراط، إلّا إذا قلنا: بأن الأصل عند الشك في الاشتراط البراءة.(4)
ص: 440
في كون التقليد من باب الظن(1)، أو(2)السببية المطلقة(3)، أو المقيدة (4)، وجوه.
والأصح(5) أنه إن(6)كان مقلداً لأحد ثم ظن بقول غيره، لم يعتبر هذا الظن، وبقي على (7) تقليده؛ للاستصحاب وكذا إن كان قدر متيقن في البين أخذ به وإن كان(8)الظن على خلافه؛ للاشتغال، كما لو علم من إجماع ونحوه أن تقليد الأعلم مبرئ وإن كان الظن مع غير الاعلم.
وإن(9)لم يكن دليل شرعي على عدم العمل بالظن، أخذ بالمظنون؛ حذراً من ترجيح ،المرجوح، كما في المجتهدين المتساويين في بدو تقليده وهو ظان بأحدهما.
ص: 441
اذا قلد أحد(1)المجتهدين المتساويين أو المختلفين بناء على عدم وجوب تقليد(2) الأعلم، احتمل جواز الرجوع عنه؛ لأصالة بقاء الخيار، وصحة أعماله كما كانا قبل اختيار أحدهما، الا أن يدفع الأصلان - بعد تسليم جريانهما - بأصل الشغل(3)، واستصحاب التكليف، ولزوم التقليد والحكم الفرعي، وظهور الوفاق، وإطلاق منقول(4)الإجماع (5)، وآيات النهي عن التقليد الا ما خرج، ولزوم المخالفة القطعية.(6)
فالأصح عدم الجواز وإن رجع إلى الأعلم على الأظهر.
ثم إن التقليد الملزم(7) للبقاء لا يتوقف على العمل؛ حذراً من التسلسل(8)،
ص: 442
لكن هل يحصل اللزوم بمجرد الاختيار(1)، أم بوصول(2) وقت الواجب (3)، أم بضيق وقته(4)، أم بالشروع، وجوه أقواها الأول.
ثم في اشتراط العلم التفصيلي برأي المجتهد حين اختيار تقليده، أم(5)كفاية(6) البناء الإجمالي مطلقاً، أو بشرط تحقق آرائه يوم اختياره(7)، احتمالات، مقتضی الاستصحاب الأول، ومقتضى الاشتغال الثاني.(8)
ص: 443
المشهور وجوب تقليد أعلم المجتهدين المتخالفين في الرأي(1)، ونفي عنه الخلاف(2)، وقيل : بالخيار(3)، ولا قول بتعين تقليد(4) غير الأعلم.
والتحقيق: انه إذا وجد مجتهدين أحدهما أعلم، فمقتضى الاشتغال أخذ الأعلم وإذا كانا في الأول متساويين، ثم صار أحدهما أعلم قبل تقلیده، فمقتضی استصحاب التخيير الخيار.
وإذا وجد مجتهداً واحداً لا غير، ثم حصل آخر أدون منه قبل التقليد، فمقتضى الاستصحاب وجوب أخذ الأعلم؛ لأنه كان واجباً عينياً حين الانحصار، فيستصحب، إلّا أن يقال: إن هذا الاستصحاب عرضي.(5)
ولو صار الآخر أعلم في الفرض(6) قبل تقليده، فمقتضى الاستصحاب لزوم تقليد الأدون، لكن الوجوب ارتفع يقينا، فلا ينفع الاستصحاب
فالاستصحاب لا يجري إلا في القسم الثاني، ومقتضاه الخيار، ويتم الأمر فيما
ص: 444
عداه بالإجماع المركب، ولا يعارضه الشغل(1)، ويؤيده آية السؤال (2)إن كان المراد من أهل الذكر مطلق أهل العلم(3)، وكذا روايتا أبي خديجة(4)وابن حنظلة (5)، وآية النبأ (6)، ويعضده آية النفر(7) ؛ لاختلاف المنذرين.
ولو كان الأعلم وغيره متوافقين في الرأي، فالخيار بطريق أولى، وبالإجماع المركب، واتحاد الدليل مع دعوى بعض عدم الإشكال فيه.(8)
ويتفرع على القول بوجوب تقليد الأعلم فروع جيدة، لا حاجة لنا إليها.(9)
ومما مرَّ ظهر عدم وجوب تقليد الأورع.(10)
ثم المراد بالأعلم: هو الأقوى ملكة؛ للتبادر ، لا أكثر ضبطاً، ولا استنباطاً.(11)
ص: 445
يجوز التبعيض في التقليد؛ للإجماع(1)، وبناء العقلاء، وإطلاق آية السؤال (2)والنفر (3)وغيرهما، وانما يجوز ما لم يلزم من التركيب مخالفة قطعية(4)؛ للأصل.(5)
أصل
[في شرائط مشافهة المفتى في أخذ المسائل]
الأصل وإن اقتضى اشتراط مشافهة المفتي في أخذ فتاويه لكنها ليست شرطاً، ويكفي النقل عنه في الجملة إجماعاً معلوماً ومنقولاً(6)، مع لزوم الحرج لولاه، وبناء العقلاء، والقوة العاقلة فيما إذا حصل العلم بالنقل، فإن السؤال بعده سفه.
ثم إن حصل العلم من النقل ولو بلفظه كفى، وإن ظن بمراده؛ إذ قلما يحصل العلم بالمراد فيلزم العسر لولاه ، مع الإجماع (عليه(7)، وكذا خبر العدل وإن لم يفد
ص: 446
قطعاً بلفظ أو معنى ؛ للإجماع(1))(2) ، وبناء العقلاء، وعسر تحصيل العلم، والاحتياط، بل لو كان حاضراً عنده جاز أخذه من العدل أيضاً؛ للإجماع المركب.
ثم إن أفاد خبره الظن شخصاً وطبعاً أو شخصاً فلا كلام، أو طبعاً لا شخصاً لمعارض لا يعتبر، كخبر فاسق ونوم، عمل به أيضاً وإن ظن بخلافه، أو لا طبعاً ولا شخصاً ، فلا عمل عليه؛ للأصل.(3)
وان عارض خبر عدل مع آخر أخذ بأقوى الظنين، وإن فقد الظن من الجانبين سقطا من البين ورجع إلى عدل آخر، أو مجتهد آخر، فإن لم يمكن احتاط في العمل، فإن لم يمكن تخير بين تقليد الميت والأخذ بأحد العدلين، فإن لم يمكن أخذ بأحد العدلين.
ولو كان مسبوقاً بتقليد ذلك المجتهد فنسي فتواه، وتعارض فيه عدلان، ولم يمكنه غيرهما، لم يرجع إلى مجتهد آخر ، ولا وجب(4)عليه (5) الاحتياط(6)، بل يأخذ بأحد العدلين تخييراً، وخبر معلوم الفسق لا عمل عليه، وإن ظن به.
و(7)لو لم يتمكن من غيره، أو كان فيه عسر ، ففي العمل بقوله وقول المستور وجه قوي، سيما في رجوع الزوّجات إلى أزواجهنّ في نقل الفتاوى للزوم الفساد في إرخاء عنانهن.
ص: 447
إذا وجد قبل تقليده مجتهدين حياً وميتاً، وكان ظنه مع الحي، لم يجز له(1)تقليد الميت للاشتغال، ولأن التخيير مستلزم للتسوية بين الراجح والمرجوح ؛ إذ الشهرة(2)ومنقول الإجماع(3) مع الحيّ(4)، فالظن في جانبه نوعاً(5) وشخصاً بالفرض، فهو راجح من وجهين.
وكذا(6) إذا فقد الظن في الطرفين؛ للاشتغال، ورجحان النوع.
وإذا كان الظن مع قول الميت تعارض الظن(7)الشخصي والنوعي، ودار الأمر بين المحذورين لفقد القدر المتيقن في البين، سيما إذا جعلنا مناط التقليد هو الوصف(8)، ونحن لما رجحنا الظن(9) الشخصي (10)في بابه، فلازمه تعين تقليد الميت في الفرض المذكور، مضافاً إلى استصحاب جواز تقليده وصحته فيما إذا كان حيا قبل تقليده فمات بعد إرادة المقلد تقليده، ولازمه جواز تقليده في جميع الأقسام المفروضة، ويتم الأمر فيما عدا هذه الصورة بالإجماع المركب ولا يعارضه الإجماع المقلوب بضمّ
ص: 448
الاشتغال، وإلى بناء العقلاء، حيث لا يفرقون في أهل الخبرة بين الحي والميت، كما تراهم يراجعون كتب الأطباء السّلف، وأمّا الشهرة والإجماعات فلا تورثان الوصف هنا بعد ملاحظة أدلتهم الواهية، والاعتبار العقلي الحاكم بعدم(1)مدخلية الحياة والممات هنا(2)، سيما إذا كان الميت أعلم.
وأما توهم أن الاستصحاب لا يجري؛ لأنه بعد موت المجتهد ينتشر ذهنه الذي هو محل اعتقاداته ويصير تراباً، فتذهب اعتقاداته(3)، أو انه يرتفع ظنه وينكشف له الأشياء فلا يبقى له ظن حتى يقلد ، بل ربما يعتقد بعد موته بخلاف ما أفتى به، فيصير كما لو علم في حياته بتبدل رأيه(4)، أو أن الاستصحاب معارض بأصل الشغل، المعتضد بالشهرة، ومنقول الإجماع، وبآية السؤال.
ففاسد، كما يظهر بتأمل ما.
هذا، وعندي - مع كل ذلك - في الجواز تأمل.
وأما البقاء على تقليد الميت، فالأصح جوازه ، (بل لزومه؛ للاستصحاب)(5)في هذه المسألة، وفي المسألة الفرعية، وفي شمول الشهرة، والإجماع المحكي على عدم(6)جواز تقليد الميت لصورة الاستمرار، وجهان
وعلى فرضه، ففيهما ما مرَّ في الابتداء، فبطل من ذلك لزوم الرجوع(7)، إلّا إذا
ص: 449
كان الميت أعلم فيجب البقاء، أو يتخير، ولزوم البقاء إن كان الميت أعلم، وإن كان الحي أعلم لزم الرجوع، وإن تساويا فالخيار.
ولو فسق المجتهد لم يجز تقليده بدواً ولا استمراراً إجماعاً(1)، وكذا لو صار لبعد عهده عاماً.
ولو عرضه الجنون مع بقاء الملكة بحيث متى زال جنونه فهو واجد للملكة، ففيه إشكال.(2)
ولو نصب قيماً ثم مات بقيت القيمومة؛ للاستصحاب، وكذا لو تصرف تصرفاً استمر أثره إلى ما(3) بعد موته ، كما لو آجر وقفاً ونحوه ثم مات.
على المقلّد تحصيل العلم بالمجتهد، فلا يكفي الظن باجتهاده(4)؛ للشغل، والاستصحاب(5) وآيات النهي عن الظن إلّا أن يدعى أن تحصيل العلم غير ممكن غالباً لأغلب الناس وأهل البلدان؛ لندور تكاثر أخبار أهل الخبرة بحيث يحصل العلم لكل الناس، فلا بد من كفاية الظن ؛ إذ وجوب الاحتياط خلاف الإجماع.
وتوهم: أنا إذا جوزنا تقليد الميت ابتداء فوجود المجتهد الذي اجتهاده معلوم ضرورة حاصل، فلا عسر.
ص: 450
مدفوع: بعدم جريانه في المرافعات والمسائل المستحدثة، وسائر تصرفات الحاكم، ولم نجد مفصلاً.
ثم على فرض كفاية (1) الظن، ففي جواز الاكتفاء بكل ظن، أم له ظن مخصوص، وجهان.(2)
وإذا تمكن من الحي المعلوم اجتهاده، لم يقلد مظنونه؛ لعدم الدليل، وشهادة العدلين في ثبوت الاجتهاد حجة إما مطلقاً(3)، أو (4) إذا حصل الظن.(5)
أصل
في كون مسائل التقليد تقليدية أم اجتهادية لكل أحد(6) عيناً، وجهان.(7)
والأوجه التفصيل : بأن المقلد إما قادر على الاجتهاد فيها، كبعض(8)الطلبة(9) المستعدين، أو أدون من ذلك بمرتبة، لكنه بحيث(10) لو(11) ألقي عليه (أدلة الطرفين ميز بين الحق والباطل بحسب قوته أو أدون من ذلك بمرتبة، لكنه لو ألقي عليه)(12)
ص: 451
الأقوال والمجمع عليه، والمختلف فيه، والمشهور ، لقدر بعد التأمل على الأخذ بفهمه بالقدر المتيقن أو المشهور لكونه أقرب في نظره، أو أدون من ذلك أيضاً، بحيث لا يقدر إلا على التقليد.
فكل صنف مأمور بمقتضى طاقته من الدرجات المذكورة؛ لأنا إن أوجبنا الاجتهاد على جميع الأصناف، أو أوجبنا ترقي كل صنف إلى ما فوقه من المرتبة، فهو حرج واختلال، أو عيناً المرتبة الثانية، أو الثالثة للكل، فهو عسر على السافلين(1)، وترجيح للمرجوح بالنسبة إلى العالين، وإن جوزنا تقليد الكل فهو خلاف الإجماع، فتأمل.(2)
وترجيح للمرجوح بالنسبة إلى ما (عدا الصنف الأخير.
هذا، والأصحّ عندي جواز تقليد(3) من)(4)عدا الصنف الأول، أو(5) الكل(6)
ص: 452
تعارض الدليلين تنافيها(1) مدلولاً (2)، وهو يتحقق في المتضادين، والمتناقضين، والعامين من وجه والمطلقين.(3)
قالوا (4): لا يمكن التعارض الا في الظنيين(5)، لا (6) في القطعيين، ولا في المختلفين(7)، فإن أرادوا القطع بالصدور فهو ممكن في كل الأقسام، أو بالمضمون لكن نوعاً بحيث لولا أحد المتعارضين لأفاد الآخر القطع، أو الظن فكذلك، أو فعلاً فهو محال في الكل.
وإن أرادوا في القطعيين والمختلفين الفعلي، وفي الظنتين النوعي، فهو صحيح، لكنه تفكيك.
ثم إن التعارض له فردان التعادل والترجيح، والثاني منهما ممكن في المختلفين أيضاً، فما وجه التخصيص بالظنيين(8)؟
ص: 453
ثم المراد بالدليلين(1)أعم(2)منهما ومما زاد عليهما ، وأعمّ من الأمارتين، فيشمل تعارض الدليل والأمارة.(3)
تعادل الدليلين هل هو تساويهما، أو تساوي اعتقاد المجتهد بمدلوليهما؟ وجهان، أقواهما الأول، وهو أخص مطلقاً من الثاني(4)
ولا ريب في جوازه عقلاً وشرعاً (5) ، بل نظيره واقع في مثل المجتهدين المتساويين المختلفين في الرأي بالنسبة إلى المقلد(6)، ودليل عدم الجواز شرعا عليل من وجوه.(7)
ص: 454
إذا حصل التعادل بين الدليلين، ففي التخيير بينهما(1)، أو الرجوع إلى الأصل(2) ،أو الوقف(3)، وجوه، والأخير لا يتصور في مثل دوران الأمر بين الوجوب والحرمة(4)، وفي المعاملات النفسيّة.(5)
ونحن نقول : إن المتعادلين إن كانا خبرين،وظن بعدم خروج الحكم (6) الواقعي عن أحدهما في الواقع، واتحد موضوع الحکمين المختلفين،كالوجوب والحرمة، أو(7) الندب والكراهة، فالحق التخيير الابتدائي؛ لنفي الثالث بالظن الإجمالي المستفاد من الدليلين(8)، المشمول لعموم ما دلّ على حجية الظن ، نعم لو دار الأمر بين المتباينين في المعاملات، كأن يكون(9) المال لزيد أو عمرو، وجب الوقف عن الإفتاء؛ للأصل، ولا ينافيه الظن الإجمالي بنفي الثالث ، فتأمل.(10)
ص: 455
أو بين الوجوب والندب، أو الحرمة (والكراهة، أخذ بالندب والكراهة؛ لأنهما الأصل حينئذ.(1)
أو بين الوجوب والكراهة، أو الندب والحرمة)(2)، فالندب في الأول، والكراهة في الثاني عرضاً؛ للاحتياط(3)، لا أصلاً.(4)
أو بين الوجوب والإباحة ، أو(5)الحظر والبراءة، فالبراءة؛ لما مرَّ في بحثها.
أو بين المتباينين، كالظهر والجمعة، فالجمع ؛ لأنه الأصل (6)حينئذ كما مرَّ .
ولو علم بنفي الثالث إجمالاً، فالحكم الحكم والدليل الدليل.
وإذا تعارض خبر وغيره وتعادلا ، أو تعارض دليلان غير خبرين وتعادلا، فحكمهما يظهر بأدنى تأمل.
وإذا حصل هذا(7) التعادل في الموضوع الصرف(8)، لم يكن الظن بنفي الثالث
ص: 456
حجة(1)؛ لما مرَّ، أو في الموضوع المستنبط(2) وحصل الظن بنفي الثالث (3)، فهو حجة كما تقدم، فيتوقف في الترجيح؛ لأنه الأصل في اللغات.
أصل(4)
إذا تعادل الأمارتان عند المجتهد، وبنى على التخيير، فإن كان ذلك في الموضوع الصرف، أفتى بالتخيير؛ إذ المجتهد ليس دائماً مع المقلد حتى يختار أحدهما ويفتي بالمختار؛ أو في المعاملات كتعارض البينات، ونحو مسألة إرث ابن البنت وبنت الإبن، أفتى بالمختار؛ إذ الحكم بالخيار لا يرفع الخصومات؛ أو في الأحكام العملية(5)أفتى بالخيار.
ص: 457
أقول: إذا ترجح أحد المتعارضين على الآخر بمرجح داخلي(1)أو خارجي(2)، في سند أو دلالة، أو معاضد، أخذ بالأرجح ؛ لإجماع العلماء(3)، وبناء العقلاء(4)، وندرة دليل لا معارض له(5) عموماً وخصوصاً، مضافاً إلى نصوص العلاج.
ولا يشترط في المرجح كونه بنفسه حجة، فالشهرة ترجح وإن لم نقل بحجيتها(6)، بل وظن القياس ونحوه.(7)
وهل المدار على المرجحات الخاصة(8)، أم على ظن الفقيه(9)، وجهان.
وعلى المختار من الظن المطلق فالدائرة واسعة.
ثم إن المرجحات قد تتركب من اثنين فصاعداً، وقد تتعارض فيلاحظ فيها التعادل والترجيح ، فرجح الأقوى فالأقوى.(10)
ص: 458
رجّح الله حسناتنا على سيئاتنا، ورفع في(1) الآخرة درجاتنا، بمحمد وآله الطاهرين.
قد فرغ من تأليفه مؤلفه الفقير في آخر العشر الثالث من الشهر السابع، من السنة الثالثة من العشر السّادس من المئة الثالثة الألف الثاني حامداً، مصلّياً، مسلماً، كثيراً كثيراً.
قد فرغ من تحريره أقل تلاميذ مؤلفه (دام ظله العالي) عبد السميع بن محمد علي بن أحمد اليزدي موطناً، الحائري مسكناً، في بندر معمور بمبئي، في أواخر شهر صفر المظفّر من سنة 1258ه-.
ص: 459
ص: 460
1. القرآن الكريم
2. الاحتجاج، لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من أعلام القرن السادس تعليقات وملاحظات السيد محمد باقر الموسوي الخرسان، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 3 (1421ه-).
3. الإحكام في أصول الأحكام، لسيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد الآمدي (ت 631 ه-)، ضبطه وكتب حواشيه الشيخ إبراهيم العجوز دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط / 5 (1426ه- ) .
4. إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، للعلامة محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت 1250ه-) ، علق عليه أحمد محمد سعدية، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1432ه-).
5. إشارات الأصول، للفاضل العلّامة محمد إبراهيم بن محمد حسن الكرباسي (ت 1262ه-) ، ط / 1 حجرية.
6. الإشارات والتنبيهات للشيخ الرئيس أبي علي حسين بن عبد الله بن سينا (ت 427 ه-)، النشر البلاغة قم ، ط / 2 (1435ه-).
7. اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها، للميرزا علي المشكيني، دفتر نشر الهادي، قم، ط / 6 (1374ه-).
8. أعيان الشيعة للمتتبع السيد محسن الأمين العاملي (ت1371ه-)،
ص: 461
حققه وأخرجه السيد حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، ط (1403ه-).
9. الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، دار الأضواء، بيروت - لبنان، ط / 2 (1406ه-) .
10. الألفية في الصلاة اليومية، محمد بن مكي العاملي الشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ محمد عسيران، دار الأضواء، قم - كذرخان، ط / 1 (1404ه-).
11. الأمالي، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460 ه-)، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة الناشر دار الثقافة - قم ، ط / 1 (1414ه- ) .
12. أنوار الملكوت في شرح فص الياقوت، للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، حققه وعلق عليه علي أكبر ضيائي، مؤسسة الهدى للنشر والتوزيع، ط/ 1 (1428ه-).
13. أنيس المجتهدين، للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت1209ه-)، تحقيق مركز العلوم والثقافة الإسلامية مؤسسة بوستان کتاب، قم، ط / 2 (1432ه-).
14. إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد لفخر المحققين أبي طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 771ه-)، تعليق وإشراف السيد حسين الموسوي الكرماني، والشيخ علي بناه الاشتهاردي، والشيخ عبد الرحيم البروجردي.
15. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، للعلّامة المولى محمد باقر المجلسي (ت 1111ه-)، تعليق الشيخ علي النمازي الشاهرودي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1429ه-).
16. البحر المحيط في أصول الفقه للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن بهادر الزركشي (ت 794ه-) ، قام بتحريره الشيخ عبد القادر عبد الله العاني، الناشر وزارة
ص: 462
الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، ط / 2 (1413ه-).
17. بدائع الأفكار (طبعة حجري)، الميرزا حبيب الله الرشتي (ت1312ه-)، مؤسسة آل البيت.
18. التبصير في الدين لأبي المظفر الاسفراييني (ت 471ه-)، تحقيق محمد زاهد بن الحسن الكوثري، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط / 2 (1408ه-).
19. التبيان في تفسير القرآن، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي، دار إحياء التراث العربي.
20. تحرير القواعد المنطقية في شرح الرسالة الشمسية لقطب الدين محمد بن محمد الرازي (ت 766ه-)، تصحیح محسن ،بیدارفر منشورات بيدار قم، ط / 6 (1436ه- ) .
21. التذكرة بأصول الفقه للشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه-)، محمد رضا الحسيني الجلالي، المؤتمر العالمي بمناسبة (ت413ه-)، ذكرى ألفية الشيخ المفيد.
22. تراث كربلاء للاستاذ سلمان هادي آل طعمة ، ط / 4 (1435ه-).
23. تشنيف المسامع بجمع الجوامع ، للإمام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن بهادر الزركشي (ت 794ه-)، تحقيق الدكتور سيد عبد العزيز والدكتور عبد الله ربيع، مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
.24 تعليقة على معالم الأصول للمحقق الأصولي السيد علي الموسوي القزويني ت 1298ه-)، تحقيق السيد علي العلوي القزويني مؤسسة النشر الإسلامي قم ط / 2 (1434ه-).
25. تفسير الإمام العسكري المنسوب للإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (ت 260ه-)، تحقيق السيد علي عاشور، مؤسسة قائد الغر المحجلين، (1426ه-).
ص: 463
26. تفسير العياشي للمحدث الجليل أبي النصر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمر قندي من أعلام القرن الثالث، تصحيح وتعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1411ه-).
27. تفسير القمي أبي الحسن علي بن إبراهيم القمي من أعلام القرن الثالث، تحقيق ونشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط / 1 (1428ه-).
28 التقريب والإرشاد للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت403 ه-)، تحقيق الدكتور عبد الحميد بن علي، مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان، ط / 2 (1418ه- ) .
29. تقريرات آية الله المجدّد الشيرازي للمولى علي الروزدري (ت1290ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث قم، ط / 1 (1409ه-).
30. تكملة أمل الآمل، للحجة السيد حسن الصدر (ت1354ه-)، تحقيق عبد الكريم الدباغ، دار المؤرخ العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1429ه- ) .
31. تلخيص المفتاح للإمام جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب (ت 739ه-)، تحقيق الاستاذ عبد الرحمن البرقوقي، الناشر دار الفكر العربي، ط / 2 .
32. تمهيد الأصول لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق وتصحيح المركز التخصصي لعلم الكلام الإسلامي، انتشارات رائد، قم، ط / 1 (1394).
33. تمهيد القواعد للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966 ه-)، تحقيق مكتب الإعلام الإسلامي فرع خراسان الرضوي، مؤسسة بوستان کتاب، ط /4(1438ه- ) .
34. التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت826ه-)، تحقيق السيد عبد الطيف الحسيني الكوهكمري، منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي قم، ط (1404ه-).
ص: 464
35. تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ت 460 ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، (1428ه-).
36. تهذيب الوصول إلى علم الأصول للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-)، تحقيق الشيخ محمد باقر الناصري، الناشر ذوي القربي، ط / 1 (2005م).
37. التوحيد، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381ه-)، صححه وعلق عليه هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط / 9 (1427ه- ) .
38. توضيح المقال في علم الرجال للعلّامة الملا علي كني (ت 1306ه-)، تحقيق محمد حسين ،مولوي، دار الحديث قم، ط / 2 (1428ه-).
39. جامع المقاصد في شرح القواعد للمحقق الثاني علي بن الحسين الكركي ت 940ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بيروت - لبنان، ط / 3(1429ه-).
40. الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت671ه-)، تحقيق سالم مصطفى البدري، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 2 (1424ه-).
41. الجامع الجوامع العلوم = تجريد الأصول، للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت 1209 ه-)، الناشر السيد المرتضى قم، ط / 1 حجري.
42. جامعة الأصول للعلّامة المولى محمد مهدي النراقي (ت1209ه-)، تحقيق رضا الاستادي، مؤتمر المولى مهدي النراقي قم، ط / 1 (1422ه-).
43. جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام للفقيه المحقق محمد حسن النجفي
ص: 465
(ت 1266ه-)، تحقيق الشيخ حيدر الدباغ مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/3 (1438ه-).
44. الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، تحقيق وتعليق محسن بیدار فر منشورات بیدار قم، ط/ 1 (1423ه- ) .
45. حاشية الملا عبد الله على التهذيب لنجم الدين عبد الله بن الحسين اليزدي البهابادي (ت 981ه-)، تعليق السيد مصطفى الحسيني الدشتي، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).
46. الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة للفقيه المحدّث الشيخ يوسف البحراني (ت 1186ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط / 3(1436ه- ) .
47. الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء، للأستاذ صادق آل طعمة (ت 1402ه-) ، اصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 2 (1435ه- ) .
48 حقائق الإيمان للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، منشورات مكتبة المرعشي النجفي قم ط / 1 (1409ه-)
49. خزائن الأحكام للعلّامة الفاضل الملا آغا بن عابد بن رمضان بن زاهد الشيرواني الحائري المعروف بالفاضل الدربندي ( ت 1285ه-)، ط/ 1 حجري.
50. الخصال، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381ه-)، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 1 (1410ه-).
51. ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد للشيخ محمّد باقر بن محمد مؤمن السبزواري
ص: 466
المعروف بالمحقق السبزواري (ت 1090 ه-) ، الناشر مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث، طبعة حجرية.
52. الذخيرة في علم الكلام للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت 436 ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط / 3(1431ه-).
53. الذريعة إلى أصول الشريعة للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت436 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام الصادق ، قم، ط/ 1 (1429ه-).
54. الذريعة إلى تصانيف الشيعة البحاثة المتتبع محمد محسن الشهير بالشيخ آقا بزرك الطهراني (ت 1389ه-)، مراجعة وتصحيح السيد رضا بن جعفر مرتضى العاملي، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 1 (1430ه-).
55. ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة للفقيه محمد بن جمال الدين مكي العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث قم، ط/ 1 (1419ه-).
56. رسالة في التحسين والتقبيح العقليين للعلّامة الشيخ جعفر السبحاني، مؤسسة الإمام الصادق الله ، قم ، ط / 1 (1420ه- ) .
57. الرسائل الأصولية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة العلّامة المجدد الوحيد البهبهاني قم، ط/ 1 (1416ه-).
58. رسائل الشريف المرتضى للسيد علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى (ت 436 ه-) ، إعداد السيد مهدي رجائي، نشر دار القرآن الكريم قم، ط (1405ه- ) .
ص: 467
59. الرسائل الفقهية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة العلّامة المجدّد الوحيد البهبهاني قم، ط/ 1 (1419ه-).
60. رسائل المحقق الكركي للمحقق الثاني علي بن الحسين الكركي (ت 940ه-)، تحقيق الشيخ محمد الحسون مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/ 1 (1412ه-).
61. الرعاية لحال البداية في علم الدراية (ضمن رسائل في دراية الحديث)، للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق غلام حسين قيصريه ها.
62. الرواشح السماوية، للمير داماد محمد باقر الحسيني الاسترآبادي (ت 1041ه-)، تحقيق نعمة الله الجليلي، وغلام حسين قيصيرية ها، دار الحديث للطباعة والنشر قم، ط/ 1 (1422ه-).
63. روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ،قم، دار الكتب العلمية بيروت ط/ 1 (1422ه-).
64. روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات للعلّامة الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري الأصبهاني (ت 1313ه- ) ، دار إحياء التراث العربي بيروت - ،لبنان، ط/ 1 (1431ه-).
65. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، بإشراف وتصحيح الشيخ حسن القاروبي التبريزي، منشورات دار التفسير ، قم ، ط/ 12 (1434ه- ) .
66. رياض العلماء وحياض الفضلاء، للعلّامة المتتبع الميرزا عبد الله بن عيسى الأصبهاني التبريزي الأفندي (ت 1130 ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، منشورات
ص: 468
مكتبة آيه الله المرعشي النجفي قم، ط (1401ه-).
67. رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل، للمحقق السيد علي الطباطبائي (ت 1231ه-)، تحقيق ونشر دار الهادي بيروت - لبنان، ط/ 1 (1412ه-).
68. زبدة الأصول، للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقیق فارس حسون كريم لمدرسة و ولي العصر قم، ط/ 1 (1423ه-).
69. زبدة الأصول مع حواشي المصنف عليها، للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقيق السيد علي جبار الكلباغي الماسولة، انتشارات دار البشير، قم، ط / 1 (1425ه- ) .
70. زهر الربيع، للمحدث العلّامة السيد نعمة الله بن محمد بن عبد الله الموسوي الجزائري (ت 1112ه-) ، منشورات الارومية، قم، (1405).
71. السبع الشداد للمير داماد محمد باقر الحسيني الاسترآبادي (ت1041ه-)، حجري.
72. سبيكة اللجين في الفرق بين الفريقين للعلّامة المحدث السيد ميرزا محمد جمال الدين العلوي (ت 1275ه-)، تحقيق الدكتور السيد ضرغام الموسوي، منشورات دار الحسين ، بيروت - لبنان، ط / 1 (1437ه- ) .
73. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي للشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن منصور بن إدريس الحلي (ت598ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/6 (1430ه-).
74. سنن أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275ه-)، ضبطه محمد عبد العزيز الخالدي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان ط / 2 (1426ه-).
75. سنن الترمذي، للحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي
ص: 469
(ت 297ه-)، ضبطه وصححه خالد عبد الغني محفوظ ، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان ط / 2 (1427ه- ) .
76. سنن الدارقطني، للحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385ه-)، دار الفكر بيروت - لبنان (1426ه-).
77. سنن الدارمي، للحافظ أبي محمد عبد الله بن بهرام الدارمي (ت 255ه-)، تحقيق عبد الغني مستو، المكتبة العصرية صيدا - بيروت، ط / 1 (1426ه-).
78. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك لقاضي القضاة بهاء الدين عبد الله ابن عقيل العقيلي الهمداني المصري (ت 769ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).
79. شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي، للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الآيجي (ت756ه-)، ضبطه ووضع حواشيه فادي نصيف وطارق يحيی، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط 1 (1421ه- ) .
80. شرح العقائد العضدية، للإمام جلال الدين الدواني الشافعي الأشعري (ت 908 ه-)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط 1 (1437ه-).
81. شرح المختصر، للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 792ه-)، تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي، دار المجتبى، قم، ط/ 1 (1434ه-).
82. شرح المقاصد، للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت792ه-)، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، منشورات الشريف الرضي، ط / 1 (1409ه- ) .
83. شرح المواقف، للمحقق السيد الشريف علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت 816 ه-)، عنى بتصحيحه السيد محمد بدر الدين النعساني، منشورات الشريف الرضي، قم ، ط/ 1 (1412ه- ) .
84. شرح الوافية، للفاضل صدر الدين محمد بن محمد باقر الرضوي القمي
ص: 470
(توفي حدود 1160ه-)، مخطوطة بالرقم (2460) مؤسسة كاشف الغطاء النجف الأشرف.
85. شرح كافية ابن الحاجب، رضي الدين محمد بن الحسن الاسترآبادي ت 688ه-، وضع هوامشه الدكتور اميل يعقوب منشورات ذوي القربى قم،
ط / 1 (1436ه-).
86. شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام للحكيم عبد الرزاق اللاهيج ت 1072)، تحقيق الشيخ أكبر أسد علي زاده، مؤسسة الإمام الصادق ، قم ، ط / 2 (1431ه-).
87. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393ه-)، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت - لبنان
ط / 4 (1407ه-).
88. صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256ه-) ، ضبط النص محمود محمد نصار، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان ط / 4 (1425ه-).
89. ضوابط الأصول، للمحقق السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري (ت 1262ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي اصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 1 (1439ه-).
90. عدة الداعي للشيخ العارف جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلي (ت 841ه-) ، شركة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 1 (1431ه-).
91. العدة في أصول الفقه، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق محمد رضا الأنصاري القمي، ط/ 1 (1417ه-).
92. العناوين، للفقيه المحقق السيد مير عبد الفتاح الحسيني المراغي (ت 1250ه-)،
ص: 471
تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي قم، ط/ 4 (1437ه-).
93. عوالي اللآلئ العزيزية في الأحاديث الدينية، للشيخ محمد بن أبي جمهور الإحسائي (ت 902 ه-)، تحقيق مجتبى العراقي، دار إحياء التراث العربي بيروت - ،لبنان، ط/ 1 (1430ه-).
94. العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175ه-)، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، الناشر انتشارات اسوة قم، ط/4
(1435ه-).
95. غاية المأمول في شرح زبدة الأصول للفاضل الشيخ أبي عبد الله محمد الجواد شمس الدين الكاظمي المشتهر بالفاضل الجواد (توفي في أواسط القرن الحادي عشر الهجري)، مخطوطة بالرقم (02372) مؤسسة كاشف الغطاء النجف الأشرف.
96. غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر منتهى السؤل والأمل، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ آ. مرداني بور منشورات مؤسسة الإمام الصادق ع الله قم ، ط / 1 (1430ه- ) .
97. غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع للفقيه الاقدم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي (ت 585 ه-)، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري، الناشر مؤسسة الإمام الصادق ، ط / 1 (1417ه-).
98. الغيث الهامع شرح جمع الجوامع لولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت826ه-)، تحقيق محمد تامر حجازي، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان ط / 1 (1425ه-).
99. فرائد الأصول، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه-)تحقيق و نشر مؤسسة ذوي القربى قم، ط/ 1 (1437ه-).
100. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم للعالم الزاهد رضي الدين أبي القاسم علي
ص: 472
بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني (ت664 ه-)، منشورات الرضي قم، (1363ه-) .
101. الفصول الغروية في الأصول الفقهية ( طبعة حجري)، الشيخ محمد حسن الأصفهاني ت (1250) ، دار إحياء العلوم الإسلامية.
102. فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين وأصحاب الأصول لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( ت 460 ه-)، تحقيق العلّامة المدقق عبد العزيز الطباطبائي، مكتبة المحقق الطباطبائي قم، ط / 1 (1429ه-).
103. فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت في أصول الفقه للعلامة عبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري ( ت 1225ه-)، المطبعة الاميرية ببولاق - مصر ، ط/ 1 (1322ه-).
104. الفوائد الأصولية، لسيد الطائفة السيد محمد مهدي بحر العلوم ت 1212ه-)، تحقيق الشيخ هادي قبيسي العاملي مركز تراث السيد بحر العلوم العراق - النجف الأشرف، ط/ 1 (1432ه- ) .
105. الفوائد الأصولية، للشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت 1281ه-)، تحقيق حسن المراغي ، الناشر مؤسسة شمس تبريزي طهران، ط/ 1 (1426ه-).
106. الفوائد الحائرية، للأستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني (ت 1206ه-)، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط /3( 1436ه- ) .
107. الفوائد الطوسية، للمحدث الكبير محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104)، نمقه وعلق عليه السيد مهدي اللاجوردي الحسيني والشيخ محمد درودي، مكتبة المحلاتي، قم، ط/ 2 (1423ه-).
108. الفوائد المدنية للمحدث المولى محمد الأمين الاسترآبادي (ت1033ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم ، ط / 3 (1429ه- ) .
ص: 473
109. القاموس المحيط، للعلّامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه-)، اعداد وتقديم محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط/ 2 (1424ه-).
110. قصص العلماء للعالم الفاضل الميرزا محمد بن سليمان التنكابني (ت 1302ه-)، ترجمة الشيخ مالك وهبي، منشورات ذوي القربى، ط/ 1 (1426ه-).
111. القواعد الشريفة، للعلّامة محمد شفيع بن علي الأكبر الجابلقي (ت 1280ه-)، حجري.
112. القواعد والفوائد في الفقه والأصول والعربية للفقيه محمد بن جمال الدين مكي العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الأول (ت786ه-)، تحقيق الدكتور عبد الهادي الحكيم الناشر مؤسسة البلاغ بيروت - لبنان، ط (1433ه-).
113. القوانين المحكمة في الأصول المتقنة للميرزا المحقق أبي القاسم القمي ت 1231ه-)، تحقيق وتعليق رضا حسین ،صبح دار زين العابدين قم، ط / 4
(1439ه- ) .
114. الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (ت 329ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان، (1430ه-).
115. كامل الزيارات للشيخ الاقدم أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي . (ت368ه-)، منشورات الرضا، بيروت - لبنان، ط/ 1 (1429ه-).
116. كتاب الأربعين للعلّامة المولى محمد باقر المجلسي (ت1111ه-)، المطبعة العلمية، قم، (1399ه-).
117. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (ت 538ه-)، تحقيق عبد الرزاق المهدي دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان، ط / 2 (1421ه-).
ص: 474
118. كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء للعلّامة الكبير الشيخ جعفر بن الشيخ خضر المالكي الجناجي النجفي (ت 1228ه-)، تحقيق مركتب الاعلام الإسلامي، مؤسسة بوستان کتاب، ط/ 2 .
119. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 726ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).
120. الكليات، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي ت 1094ه-)، تحقيق الدكتور عدنان درويش ومحمد المصري، منشورات ذوي
القربى، قم، ط/ 1 1433ه-).
121. كنز الفوائد للإمام أبي الفتح الشيخ محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت 449 ه-) ، حققه وعلق عليه العلّامة الشيخ عبد الله نعمة، دار الأضواء، بیروت، (1405ه-).
122. لسان العرب للإمام ابن منظور (ت 711 ه-)، اعتنى بتصحيحه أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان ط /3.
123. مبادئ الوصول إلى علم الأصول (ضمن كتاب نصوص الدراسة في الحوزة العلمية)، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-)، تحقيق محمد حسين الحسيني الجلالي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان ط / 1 (1408ه-).
124. المبسوط في فقه الإمامية، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 3 (1433ه-).
125. مجمع البحرين للعالم المحدث فخر الدين الطريحي (ت 1085ه-)، تحقيق السيد أحمد الحسيني، الناشر المكتبة المرتضوية طهران، ط/ 3 (1375).
ص: 475
126. مجمع البيان في تفسير القرآن لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق لجنة من العلماء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، ط/ 2 (1425ه- ) .
127. الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، للفقيه المحقق أحمد بن مجمع محمد الأردبيلي (ت993ه-)، تحقيق مجتبى العراقي وعلي بناه الاشتهاردي وحسين الأصفهاني، مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط/ 4 (1433ه- ) .
128. المحصول في علم أصول الفقه، للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الرازي الشافعي (ت 604 ه-)، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض المكتبة العصرية، ط/ 2 (1420ه-).
129. المحصول في علم الأصول، للمحقق السيد محسن بن الحسن بن مرتضى الأعرجي (ت1227ه-)، تحقيق هادي الشيخ طه، مركز المرتضى لإحياء التراث العراق - النجف الأشرف، ط/ 1 (1437ه-).
130. مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل للعلّامة ابن الحاجب جمال الدين أبي عمر و عثمان بن عمر بن أبي بكر المقرئ (ت646 ه-)، تحقيق الدكتور نذير حمادو، دار ابن حزم بيروت - لبنان، ط/ 1 (1427ه-).
131. مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام للفقيه محمد بن علي الموسوي العاملي (ت 1009 ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث بيروت - لبنان ط / 2 (1429ه-).
132. مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية قم ط / 3 (1425ه- ) .
133. مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري
ص: 476
الطبرسي (ت 1320 ه-)، مؤسسة آل البيت.
134. المستصفى من علم الأصول، لحجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ت 505ه-) ، المطبعة الاميرية ببولاق - مصر، ط/ 1 (1322ه-).
135. مشارق الشموس في شرح الدروس للمحقق حسين بن جمال الدين الخوانساري (ت1099ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث طبعة حجرية.
136. مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار، للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت 254ه-)، تحقيق مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر، ط/ 1 (1411ه-).
137. مشرق الشمسين وأكسير السعادتين للعلّامة بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي (ت 1030ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي، مؤسسة الطبع والنشر التابعة للآستانة الرضوية المقدسة مشهد المقدسة، ط/ 2 (1429ه-).
138. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للعلامة أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت 770ه-)، الناشر مؤسسة دار الهجرة قم، ط/ 2 (1414ه-).
139. مطارح الأنظار تقريرات الشيخ الأعظم الأنصاري، للعلّامة المحقق الميرزا أبي القاسم الكلانتري الطهراني (ت 1292ه-)، تحقيق ونشر مجمع الفكر الإسلامي قم، ط/ 2 (1428ه-).
140. المطول شرح تلخيص المفتاح للعلّامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ت 792ه-)، صححه وعلق عليه أحمد عزو عناية، دار الكوخ للطباعة والنشر، ط/ 1 (1387ه-).
141. معارج الأصول، للمحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي ت 672 ه-)، اعداد محمد حسين الرضوي، مؤسسة آل البيت قم، ط / 1 (1403ه-).
ص: 477
142. معارج الفهم في شرح النظم للعلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي (ت726ه-)، تحقيق عبد الحليم عوض الحلي، منشورات دليل ما قم، ط / 1 (1428ه-).
143. معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء للعلّامة الشيخ محمد حرز الدين ت 1365ه-)، علق عليه محمد حسين حرز ،الدين منشورات مكتبة المرعشي قم (1405ه-).
144. معالم الدين وملاذ المجتهدين (الأصول)، للعلّامة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ( ت 1011ه-) ، تصحيح الشيخ علي محمدي، دار الفكر قم، ط/ 1 (1374ه- ) .
145. معاني الأخبار، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381ه-)، دار المرتضى بيروت - لبنان، ط/ 1 (1429ه-).
146. المعتبر في شرح المختصر، للمحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي (ت 672 ه-) ، منشورات ذوي القربى .
147. المعجم الأصولي، للشيخ محمد صنقور علي منشورات الطيار قم، ط/2 (1428ه-).
148. المعجم الشامل، إبراهيم سرور ، دار الكاتب العربي، ط/ 1 (1434ه-).
149. معجم مصطلحات الرجال والدراية، لمحمد رضا جديدي نجاد، اشرافمحمد کاظم رحمن ستایش دار الحديث للطباعة والنشر قم، ط/ 2 (1424ه-).
150. معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة (ت1408ه-)، دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان.
151. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، للإمام أبي محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت 761ه-)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، منشورات ذوي القربى قم، ط/ 1 (1436ه- ) .
ص: 478
152. مفاتيح الأصول، للعلامة المجاهد السيد محمد بن علي الطباطبائي ت 1242ه-)، مؤسسة آل البيت قم، ط 1 حجري.
153. مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الرازي الشافعي (ت 604 ه-) ، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 2 (1425ه-).
154. مفتاح الأحكام، للمولى أحمد بن محمد مهدي النراقي (ت 1245ه-)، تحقيق مركز العلوم والثقافة الإسلامية، مؤسسة بوستان كتاب قم، ط/ 1 (1430ه- ) .
155. مفتاح العلوم للإمام أبي يعقوب يوسف بن أبي بكر السكاكي (ت626ه-)، تحقيق حمدي محمدي ،قابيل المكتبة التوفيقية القاهرة - مصر .
156. مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة للفقيه السيد محمد جواد الحسيني العاملي (ت 1226ه-)، حققه وعلق عليه الشيخ محمد باقر الخالصي، نشر مؤسسة النشر الإسلامي قم ، ط / 3(1436ه- ) .
157. المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، تحقيق ونشر مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية قم، ط/ 1 (1420ه-).
158. المقالات الغرية في المباحث الأصولية، للمحقق الميرزا محمد صادق التبريزي (ت 1351)، تحقيق الشيخ باسم مجيد الساعدي مركز المرتضى لإحياء التراث، النجف الأشرف، ط/ 1 (1437ه-).
159. مقباس الهداية في علم الدراية للعلّامة الرجالي الشيخ عبد الله المامقاني ت 1351ه-)، تحقيق الشيخ محمد رضا المامقاني منشورات دليل ما، قم، ط/ 2 (1424ه- ) .
160. من لا يحضره الفقيه، لرئيس المحدثين أبي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت381ه-)، ضبطه وصححه محمد جعفر شمس الدين،
ص: 479
دار التعارف للمطبوعات بيروت - لبنان ، ط/ 2 (1414ه- ) .
161. المناهل للعلّامة المجاهد السيد محمد بن علي الطباطبائي (ت1242ه-)، مؤسسة آل البيت، قم، ط/ 1 حجري.
162. منبع الحياة وحجية قول المجتهد من الأموات للمحدّث العلّامة السيد نعمة الله بن محمد بن عبد الله الموسوي الجزائري (ت 1112ه-)، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، ط/ 2 .
163. منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان للعلّامة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ت 1011ه-)، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 1 (1403ه-).
164. المنقذ من التقليد، للعلّامة المدقق سديد الدين محمود الحمصي الرازي المتوفى أوائل القرن السابع، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط/ 2 (1435ه-).
165. منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، لتقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (ت728ه-)، تحقیق محمد رشاد سالم، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، ط/ 1 (1406ه- ) .
166. منية اللبيب في شرح التهذيب للسيد ضياء الدين عبد الله بن محمد بن الأعرج الحسيني الحلي، كان حياً (740ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام الصادق قم، ط/ 1 (1431ه-).
167. منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للفقيه زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 966ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).
168. موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق ، إشراف العلّامة الشيخ جعفر السبحاني، الناشر مؤسسة الإمام الصادق قم، ط / 1 (1418ه-).
ص: 480
169. موسوعة مؤلفي الإمامية لمجموعة من الباحثين والمؤلفين، المشرف العام الشيخ مجتبى الحمودي، مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط/ 1 (1420ه-).
170. النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826ه-)، ديوان الوقف الشيعي، ط/ 1 (2015م).
171. نتائج الأفكار، للمحقق السيد إبراهيم بن محمد باقر القزويني الحائري ت 1262ه-)، تحقيق السيد مهدي الرجائي إصدار شعبة إحياء التراث الثقافي والديني التابع للعتبة الحسينية المقدسة العراق - كربلاء المقدسة، ط/ 1 (1440ه-).
172. نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية للفقيه مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (ت 826ه-، تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري، الناشر مكتبة آيه الله المرعشي النجفي - قم ، ط/ 2 (1428ه- ) .
173. نهاية الإقدام في علم الكلام لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (ت 548ه-)، حرّره وصححه الفريد جيوم مكتبة الثقافة الدينية القاهرة،
ط / 1 1430ه- ) .
174. نهاية السول للإمام جمال الدين عبد الرحيم الاسنوي (ت772ه-)، ضبطه عبد القادر محمد علي، دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ط/ 1 (1420ه-).
175. نهاية المأمول في شرح مبادئ الوصول لفخر المحققين أبي طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت 771ه-)، تحقيق وتعليق الشيخ حميد رمح الحلي، مركز العلّامة الحلي التابع للعتبة الحسينية المقدسة، ط/ 1 (1439ه-).
176. نهاية الوصول إلى علم الأصول للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ت 726ه- ، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري ، الناشر مؤسسة الإمام الصادق ، قم، ط/ 1 (1425ه- ) .
177. النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك
ص: 481
بن محمد الجزري ابن الأثير (ت606ه-)، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، نشر دار التفسير، قم، ط/ 1 (1426ه-).
178. نهج الحق وكشف الصدق، للعلّامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (ت726ه-) ، علق عليه الشيخ عين الله الحسني الأرموي، منشورات دار الهجرة، قم، ط/ 4 (1414ه-).
179. هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار، للعالم المحقق الشيخ حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي (ت 1076ه-)، تحقيق رؤوف جمال الدين، ط/ 1 (1396ه- ) .
180. هداية المسترشدين في شرح أصول معالم الدين للفقيه المحقق الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الأصفهاني (ت1248ه-)، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط / 3(1435ه-).
181. هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين إسماعيل باشا البغدادي ت 1399ه- ) ، مؤسسة التاريخ العربي.
182. الوافية في أصول الفقه للفاضل المولى عبد الله بن محمد البشروي الخراساني التوني (ت 1071ه-)، تحقيق السيد محمد حسين الرضوي، مؤسسة مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط/ 2 (1415ه-).
183. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة للمحدث الكبير محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104ه-)، مؤسسة آل البيت.
ص: 482
مقدمة المركز....7
مقدمة التحقيق....15
مقدمة المصنّف....59
أما المقدّمة....61
[ في تعريف العلم وفائدته وموضوعه ]....61
[ معنى الأصل ]....61
[ معنى الفقه ]....62
[ في تقرير الإيرادين المشهورين ]....69
[ بيان موضوع هذا العلم ]....74
[ بيان غاية هذا العلم ]....74
أصل [ في تقسيم اللفظ والمعنى ]....75
[ تقسيمات الكلي ]....75
أصل [ في تعريف الوضع وتقسيمه باعتبار أركانه ]....78
[ أقسام الوضع ]....79
أصل [ في الحقيقة الشرعية ]....81
[ ثمرة النزاع مع القاضي]....82
[المختار في المسألة]....83
[ المختار في المسألة ]....88
ص: 483
[ ثمرة المسألة ]....88
أصل [ في أن الألفاظ اسام للصحيح أو الأعمّ ]....89
[ تحرير محل النزاع ]....90
[ بيان معنى الأعم والصحيح والصحة ]....90
[ المختار في المسألة ]....91
[ أدلة الصحيحي ]....92
[ ثمرة المسألة ]....94
أصل [ في معرفة الوضع وعلائمه ]....95
أصل [ في التبادر وعدمه ]....98
أصل [ في صحة السلب وعدمها ]....100
أصل [ في الاطّراد وعدمه ]....103
[ المختار في المسألة ]....103
أصل [ في أصال الاستعمال ]....104
[ المختار في المسألة ]....104
أصل [ في سائر العلائم ]....107
أصل [ في المشترك واستعمالاته ]....108
[ المختار في المسألة ]....108
[ استعمال المشترك في أكثر من معنى ]....110
[ تحرير محل النزاع ]....110
[ بيان كيفية أوضاع المفردات ]....111
[ بيان كيفية أوضاع التثنية والجمع وأداة النفي ]....112
[ ثمرة المسألة ]....113
[ تأسيس الأصل ]....113
ص: 484
أصل [ في استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ]....114
[ بيان معنى الحقيقة والمجاز والكناية ]....114
أصل [ في أن الألفاظ موضوعة للمعاني اللابشرط]....116
[ ثمرة المسألة ]....116
أصل [ في أن الألفاظ موضوعة للأمور النفس الأمرية ]....117
[ ثمرة المسألة ]....117
أصل [ في تعارض العرف واللغة ]....118
أصل [ في تعارض عرف السائل والمسؤول ]....119
أصل [ في إطلاق ألفاظ الموازين والمقادير ]....120
أصل [ في المشتق ]....120
[ تأسيس للأصل ]....122
[ ثمرة المسألة ]....122
[ المختار في المسألة ]....123
أصل [ في مادة الأمر ]....124
أصل [ في صيغة الأمر ]....125
تبصرة....129
[ في المجاز المشهور ]....129
أصل [ في أن الأمر بالأمر أمر أم الا ]....131
[ ثمرة المسألة ]....132
أصل [ في الأمر الوارد عقيب الحظر ]....132
[ تحرير محل النزاع ]....133
[ المختار في المسألة ]....133
أصل [ في المرة والتكرار ]....134
ص: 485
[ ثمرة المسألة ]....135
[ تأسيس الأصل ]....136
أصل [ في الفور والتراخي ]....138
[ ثمرة المسألة ]....139
[ تأسيس الأصل ]....140
[ المختار فى المسألة ]....140
[ أدلة القول بالفور ]....140
أصل [ في أن القضاء بفرض جديد أم لا بل بالأمر الأول ]....142
أصل [ في مقدمة الواجب ]....143
[ أقسام الواجب ]....143
[ معنى المقدمة وبيان أقسامها ]....144
[ أنواع الدلالة ]....145
[ تحرير محل النزاع ]....145
[ ثمرة المسألة ]....146
[ تأسيس الأصل ]....147
أصل [ في النهي عن الضد ]....147
[ تحرير محل النزاع ]....148
[ ثمرة المسألة ]....151
[ تأسيس الأصل ]....151
أصل [ في نسخ الوجوب ]....153
[ تحرير محل النزاع ]....153
أصل [ في الأمر مع العلم بانتفاء شرطه ]....154
[ تحرير محل النزاع ]....154
ص: 486
[ ثمرة المسألة ]....156
أصل [ في أن الأمر لطلب ايجاد الماهية لا الفرد ]....157
أصل [ في الإجزاء ]....161
[ تحرير محل النزاع ]....161
[ باب النواهي ]....164
أصل [ في اجتماع الأمر والنهي ]....164
[ تحرير محل النزاع ]....164
تذييل....175
[ في الامتناع بالاختيار ]....175
أصل [ في دلالة النهي على الفساد ]....176
[ تحرير محل النزاع ]....176
[ تأسيس الأصل ]....179
[ المختار في المسألة ]....179
أصل [ في تعريف المنطوق والمفهوم ]....182
أصل [ في حجية مفهوم الشرط ]....184
[ تحرير محل النزاع ]....185
[ تأسيس الأصل ]....186
[ ثمرة المسألة ]....187
أصل [ في حجية مفهوم الوصف ]....189
[ تحرير محل النزاع ]....189
أصل [ في حجية مفهوم الغاية ]....192
[ ثمرة المسألة ]....192
[ تأسيس الأصل ]....193
ص: 487
أصل [ في مفهوم الحصر و غيره ]....195
أصل [ في تعريف العام ]....196
أصل [ في أن للعام صيغة تخصه ]....197
أصل [ في الجمع المحلّى باللام ]....197
أصل [ في المفرد المحلّى باللام ]....199
أصل [ في المفرد المضاف ]....201
أصل [ في المفرد المنوّن ]....202
أصل [ في الجمع المنكر ]....203
[ المختار في المسألة ]....204
أصل [ في أقل ما يطلق عليه الجمع ]....204
[ تحرير محل النزاع ]....204
[ المختار في المسألة ]....205
أصل [ في ترك الاستفصال ]....205
أصل [ في عموم التشبيه والمنزلة ]....208
[ المختار في المسألة ]....208
أصل [ في الخطاب الشفاهي ]....209
[ تحرير محل النزاع ]....210
[ تأسيس الأصل ]....212
[ ثمرة المسألة ]....212
أصل [ في تعريف التخصيص والخاص ]....215
أصل [ في منتهى التخصيص ]....216
[ تحرير محل النزاع ]....216
[ ثمرة المسألة ] ....217
ص: 488
[ تأسيس الأصل ]....218
أصل [ في استثناء النصف والأكثر ]....218
[ تحرير محل النزاع ]....219
أصل [ في العام المخصص وانه حقيقة أم مجاز ]....220
[ تحرير محل النزاع ]....220
[ ثمرة المسألة ]....221
[ المختار في المسألة ]....221
أصل [ في عدم حجية المخصّص بالمجمل ]....222
أصل [ في عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص ]....223
أصل [ في تعقب الخاص للعمومات المتعددة ]....224
أصل [ في الضمير الراجع إلى بعض أفراد العام ]....225
أصل [ في أن العبرة بعموم اللفظ ]....226
[ المختار في المسألة ]....226
أصل [ في تخصيص العام بمفهوم المخالفة ]....227
أصل [ في جواز تخصيص الكتاب ]....228
أصل [ في تعريف المطلق والمقيد ]....229
أصل [ في كيفية العموم المستفاد من المطلق ]....230
أصل [ في أقسام التشكيك ]....231
أصل [ في حمل المطلق على المقيد ]....232
أصل [ في تعريف المجمل ]....233
أصل [ في توارد المجمل والمبين ]....234
أصل [ في تعريف المبيّن وعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة ]....235
أصل....236
ص: 489
[ في الإجماع ]....236
أصل [ في حجية الكتاب ]....241
أصل [ في دفع الضرر المحتمل ]....244
أصل [ في نفي العسر ]....247
أصل [ في السنة وأقسامها ]....251
[ تقسيم الخبر إلى المتواتر والآحاد ]....251
[ في حجية الظن ]....254
[ تحرير محل النزاع ]....255
أصل [ في أصالة حرمة العمل بالظن ]....257
أصل [ في انقلاب الأصل الأولي في الجملة في الأحكام ]....264
[ نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة وليست كلية ]....283
أصل [ في أن حجية الظن مشروطة بعدم التمكن من العلم ]....285
أصل [ في ميزان مقدار الفحص ]....286
أصل [ في عدم وجوب تحصيل الظن الأقوى على المجتهد ]....286
أصل [ في تعارض الظنين ]....287
أصل [ في عدم حجية الظن في المسائل الأصولية العملية ]....289
أصل [ في الظن في الموضوع الصرف ]....292
أصل [ في الظن في الموضوع المستنبط ]....294
[ تحرير محل النزاع ]....294
[ تأسيس الأصل ]....294
أصل [ في الظن في المسائل المشتبهة ]....296
[ المختار في المسألة ]....296
أصل [ في المسائل الاعتقادية ]....297
ص: 490
أصل [ في التسامح في السنن والكراهة ]....298
أصل [ في حجيّة الخبر المرسل ]....299
[ في الأدلة العقلية ]....300
أصل [ في إدراك العقل للحسن و القبح بطريق الإيجاب الجزئي ]....300
[ تحرير محل النزاع ]....301
أصل [ في إدراك العقل الثواب والعقاب ]....306
أصل في حجيّة العقل....308
[ المختار في المسألة ]....308
[ تحرير محل النزاع ]....308
[ وجوه أخر لنفي حجية العقل ]....311
[ ثمرة المسألة ]....314
أصل في إثبات تبعية الأحكام الشرعية للصفات....317
أصل [ في أن الحسن و القبح هل هما ذاتيان أم لا ]....321
[ المختار في المسألة ]....322
[ ثمرة المسألة ]....323
أصل [ في جواز خلو واقعة من الوقائع عن الحكم ]....324
[ ثمرة المسألة ]....324
[ المختار في المسألة ]....325
أصل [ في أصل الأشياء قبل ورود الشرع ]....326
[ تحرير محل النزاع ]....327
[ تأسيس الأصل ]....329
[ المختار في المسألة ]....332
أصل في ذكر مسائل البراءة والاحتياط وفي الشك في التكليف....332
ص: 491
[ تحرير محل النزاع ]....333
[ المراد من الأصل ]....334
[ الأصل الجاري في المسألة ]....335
أصل [ في دوران الأمر بين الوجوب والإباحة الخاصة ]....336
[ أدلة الاحتياط ]....345
أصل ف[ ي دوران الأمر بين الوجوب والندب والإباحة ]....347
أصل [ في الشبهة الوجوبية ودوران الأمر بين الأقل والأكثر ]....350
[ الارتباطيين مع كون الشبهة مرادية ]....350
[ تحرير محل النزاع ]....350
[ تأسيس الأصل ]....351
أصل [ في الشك في النفسية والغيرية ]....355
[ ثمرة المسألة ]....355
أصل [ في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين مع كون الشبهة مرادية ]....356
أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة مرادية ]....357
أصل [ في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية ]....358
أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين في الشبهة المصداقية ]....360
أصل [ في دوران الأمر بين المتباينين مع كون الشبهة في مصداق المكلف ]....361
أصل [ في دوران الأمر في الشبهة التحريمية مع الشك في التكليف]....361
أصل [ في الشبهة التحريمية ودوران الأمر بين المتباينين الشبهة المصداقية ]....363
أصل [ في دوران الأمر بين المحذورين في الشبهة الحكمية]....366
أصل [ في دوران الأمر بين الوجوب والكراهة، أو الحرمة والندب ]....368
أصل [ في وجوب الفحص قبل العمل بأصل البراءة]....368
أصل [ في الاستقراء ]....369
ص: 492
أصل [ في الاستصحاب وتعريفه ]....373
[ تحرير محل النزاع ]....375
أصل [ في حجية الاستصحاب في الجملة ]....376
أصل في حجية الاستصحاب في الأمور الخارجية....381
أصل في حجية الاستصحاب في الأحكام....382
[ في حجية الاستصحاب فيما ثبت من الإجماع كغيره من الأدلة ]....386
أصل [ في حجية الاستصحاب سواء كان الشكّ في وجود المقتضي أو المانع ]....387
أصل [ في أقسام الشك في المانع ]....389
أصل [ في الشك الطارئ والساري ]....391
أصل [ في الاستصحاب في الشك في الحادث ]....392
أصل [ في الاستصحاب في الموضوع المستنبط ]....393
أصل [ في الأصول العملية اللفظية ]....395
[ تحرير محل النزاع ]....395
[ المختار في المسألة ]....395
أصل [ في الاستصحاب في التوابع واللوازم ]....397
أصل [ في مجرى أصالة تأخر الحادث ]....398
[ تحرير محل النزاع ]....398
[ الحق في المسألة ]....400
أصل [ في جريان الاستصحاب في الأحكام الظاهرية والواقعية كليهما ]....400
أصل [ في الاستصحاب في الأمور التدريجية ]....401
أصل في مجاري الاستصحاب بالنسبة إلى الدليل الدال على المستصحب....401
أصل [ في اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب ]....403
[ في بيان بعض من الاصطلاحات المرتبطة بالمقام ]....403
ص: 493
أصل [ في تعارض الاستصحابين ]....407
أصل [ في لزوم الفحص قبل العمل بالاستصحاب ]....411
أصل [ في استصحاب الشرائع السابقة ]....412
أصل [ في الاجتهاد والتقليد]....413
أصل [ في التجزي في الاجتهاد ]....415
[المختار في المسألة ]....415
أصل [ في شرائط الاجتهاد المطلق ]....417
أصل [ في حكم الجاهل بالعبادة ]....421
[ تحرير محل النزاع ]....421
أصل [ في التخطئة والتصويب ]....423
[ تحرير محل النزاع ]....425
[ المختار في المسألة ]426
[ ثمرة المسألة ]....428
أصل [ في رجوع المقلّد برجوع مجتهده ]....429
أصل [ في بيان معنى الحكم والفتوى ]....430
[ ثمرة المسألة ]....431
[ تأسيس الأصل ]....431
أصل [ في نقض حكم الحاكم ]....432
أصل [ في حال الأعمال الصادرة قبل تجدّد الرأي ]....433
أصل [ في التقليد ]....435
أصل [ في التقليد في أصول الدين ]....436
أصل [ في تقليد من بلغ رتبة الاجتهاد]....438
أصل [ في جواز عمل المقلد من دون الاستناد إلى واحد بخصوصه ]....449
ص: 494
[ إن كان هناك مجتهدان متوافقان ]....440
أصل [ في أن التقليد من باب الظن أم لا ]....441
أصل [ في جواز الرجوع عن التقليد ]....442
أصل [ في عدم وجوب تقليد الأعلم ]....444
أصل [ في جواز التبعيض في التقليد ]....446
أصل [ في شرائط مشافهة المفتي في أخذ المسائل ]....446
أصل [ في تقليد الميت ]....448
أصل [ في تحصيل العلم باجتهاد مجتهده ]....450
أصل خاتمة....453
[ في تعارض الدليلين ]....453
أصل [ في تعادل الدليلين ]....454
أصل [ في حكم التعادل ]....455
أصل [ في كيفية الافتاء بعدما بني على التخيير ]....457
أصل [ في أخذ الأرجح عند التعارض ]....458
المصادر....461
ص: 495
١. كتاب «رسالة حدوث العالم» تأليف الشيخ محمد باقر الاصطهباناتي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
2. كتاب «معالم العبر في استدراك البحار السابع عشر«، تأليف الميرزا حسين النوري له (طبع لأول مرة).
3. كتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني ، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
٤. كتاب «رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي»، تحقيق الشيخ مسلم الرضائي بمراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
٥. كتاب «رسالة في أحكام الجبائر»، تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي بقلم السيد محمد الساروي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة). ٦. كتاب «رسالة في حكم الخلل الواقع في الصلاة» تقريراً لبحث السيد المجدّد الشيرازي، بقلم الشيخ آقا رضا الهمداني ، تحقیق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة)
7. كتاب «مآثر الكبراء في تاريخ سامراء» (ج٤) ، تأليف الشيخ ذبيح الله المحلاتي ، تحقيق: مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
8. كتاب «مجموعة رجالية وتاريخية»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني، تحقيق السيد جعفر الحسيني الإشكوري (طبع لأول مرة).
٩. كتاب «نزهة القلوب والخواطر في بعض ما تركه الأوائل للأواخر»، تأليف الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني الملقب بإمام الحرمين، تحقيق الشيخ محمد لطف زاده، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).
10.كتاب «الإمام علي الهادي عمر حافل بالجهاد والمعجزات» تأليف الشيخ علي الكوراني، أعده وخرّج مصادره مركز تراث سامراء.
11. کتاب «سامراء في الإرشيف الوثائقي العثماني»، من إعداد مركز تراث سامراء
ص: 496
(طبع لأول مرة).
12. كتاب «سامراء في السالنامات العثمانية» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
13. كتاب «سامراء في لغة العرب»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
1٤. كتاب «سامراء في مجلة سومر» ، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
١٥. كتاب «قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء»، للأستاذ عبد الكريم الدباغ (طبع لأول مرة).
١٦. كتاب «زيارة أئمة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
17. كتيب «دليل معرض فاجعة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
18. كتيب «مناقب أئمة سامراء من طرق العامة»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
19. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للشباب المؤمن»، من إعداد مركز تراث سامراء.
20. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للمقاتلين في ساحات الجهاد»، من إعداد مركز تراث سامراء.
21. كتيب «قبسات من حياة أئمة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
٢٢. «كتيب تعريفي بمركز تراث سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
23. كتيب «دليل الزائر لمرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء المقدسة»، إعداد مركز تراث سامراء.
٢٤. كتاب «عصمة الحجج» ، تأليف السيد علي الحسيني الميبدي، تحقيق الشيخ ستار
ص: 497
الجيزاني، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).
٢٥. كتاب «مباحث من كتاب الطهارة»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني ، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي ، تحقيق الشيخ كريم مسیر، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء. (طبع لأول مرة).
٢٦. كتاب «ذخيرة في تحقيق دليل الإنسداد»، من إفادات السيّد المجدد الشيرازي ، بقلم المحقق الآخوند الخراساني (صاحب الكفاية)، تحقيق الشيخ محمد الحاج محسن الجعفري، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).
٢٧. كتاب «العتبة العسكرية المقدسة في الإرشيف الوثائقي العثماني»، جمع وترجمة د. سامي المنصوري، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.
28. كتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، تأليف الشيخ آقا بزرك الطهراني ، تحقيق مركز تراث سامراء ( طبعة ثانية منقحة).
29. کتاب «البيع»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي، تحقيق الشيخ سلام محمد الناصري مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء.
30. کتاب «سامراء في مجلة سومر / ج 2»، إعداد مركز تراث سامراء.
31. كتاب «شرح اللمعتين»، تأليف آية الله الشيخ عباس بن حسن آل كاشف الغطاء ، تحقيق محمد جليل الحسناوي، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.
32. كتاب «اللوامع الحسنية»، تأليف السيد حسن صدر الدين الكاظمي، تحقيق الشيخ إبراهيم الجوراني، تدقيق ومراجعة مركز تراث سامراء.
33. بحوث المؤتمر العلمي الأول «الإمام الهادي عبق النبوة وعماد السلم المجتمعي» (ثلاثة أجزاء).
٣٤. كتاب سامراء في تراث الكاظميين وآثارهم في القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر ، تأليف الأستاذ عبد الكريم الدباغ، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء.
٣٥. كتاب مباحث من كتاب الزكاة، تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي ، بقلم
ص: 498
العلّامة الفقيه الشيخ أسد الله الزنجاني، تحقيق مركز تراث سامراء.
٣٦. رسالة في كرامات السيد المجدّد الشيرازي . تأليف : قدوة الفقهاء والمجتهدين الميرزا محمد حسين الغروي النائيني.
37. مجلة تراث سامراء، (مجلة علمية محكمة نصف سنوية تُعنى بدراسة تراث سامراء) صدر منها : العدد الأول والثاني.
38. فهرس تراث حوزة سامراء، جمع وإعداد مركز تراث سامراء، نشر مركز تراث سامراء، دار الكفيل للطباعة النجف الأشرف، ١٤٤٢ه_..
39. نتائج الأفكار، تأليف: السيد إبراهيم الموسوي القزويني، تحقيق: الشيخ ستار الجيزاني نشر مركز تراث سامراء، النجف الأشرف، دار الكفيل للطباعة، ١٤٤٢ه_.
الكتب التي ستصدر قريباً
١. مجلة تراث سامراء (العدد الثالث).
٢. حاشية المكاسب، الشيخ محمد تقي الشيرازي .
3. ببليوغرافيا الإمامين العسكريين علیهما السلام.
4. ببليوغرافيا سامراء.
5. العسكريان علیهما السلام في الشعر العربي.
٦. مكتبات سامراء الرائدة وتتضمن:
أ. مكتبة المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي.
ب. مكتبة الشيخ محمد تقي الشيرازي .
ت. مكتبة الإمام المهدي العامة.
ث. مكتبة الشيخ محمد حسن كبة.
ص: 499
كتب قيد التحقيق والتأليف
١. رسالة مقدمة الواجب، تأليف السيد هاشم بحر العلوم، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي .
٢. مآثر الكبراء ج ٥، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
٣. مآثر الكبراء ج٦ ، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
٤. مآثر الكبراء ج 7، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
5. مآثر الكبراء ج8، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
٦. مآثر الكبراء ج 9، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
7. مآثر الكبراء ج 10، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
8. مآثر الكبراء ج 11، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي .
٩. نكت الرجال على كتاب منتهى المقال، تأليف آية الله السيد صدر الدين الكاظمي
١٠. علماء تتلمذوا في سامراء.
11. وثيقة الفقهاء، محمد باقر البيرجندي.
12 حواشي على نجاة العباد، عدة من العلماء.
ص: 500