بهبهانی، علی، 1264 - 1354.
التوحيد الفالق فى معرفة الخالق / تأليف على البهبهاني؛ تقديم و تعليق ماجد الكاظمي. - قم الماس، 1380
112 ص.
5000 ریال
ISBN 964 - 92943 - 0 - 9
فهرست نویسی بر اساس اطلاعات فیپا
کتابنامه: ص. 110 - 108؛ همچنین بصورت زيرنويس.
1. خداشناسی 2. توحيد الف ،کاظمی، ماجد، مصحح
ب. عنوان.
9ت 9ب / 217 BP
297 /42
1380
اسم الكتاب: التوحيد الفائق في معرفة الخالق
المؤلف: آية الله العظمى العلامة السيد على البهبهاني
الناشر: انتشارات الماس
تاريخ الطبعة الاول: 1422 ق
المطبعة: نهضت
عدد المطبوع: 3000 نسخه
شابک: 9 - 0 - 92943 - 964
حقوق الطبع محفوفة
انتشارات الماس
مرکز پخش:
ایران - قم - انتشارات دارالعلم آیت الله بهبهانی
قم: هاتف: 7725678 - 0251 * فاکس: 7716929
هاتف: 2225621 - 0611 * فاکس: 2211218
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا
کتابنا ینطق بالحق
التوحيد الفائق في معرفة الخالق
تأليف
العلامة المحقق سید العلماء والمجتهدین
والمروج لشریعة جده سیدالمرسلین
آية الله فی العالمین
الحاج السيد علي البهبهاني قدس سره
تقدیم و تعلیق
ماجد الکاظمی
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علی محمد و اله الطيبين الطاهرين
وبعد فالكلام عن اية الله العظمى السيد علي البهبهاني (قدس سره) ذو شجون وابعاد مختلفة لكن الذي يلفت النظر تقواه وشجاعته في بيان الحق والافصاح عن الحقيقة وهذه القضية ليست بالامر السهل فالحق مرٌ وكريهٌ مَطْعَمُه ومن هنا تظهر عظمة السيد البهبهاني(رحمة الله) حيث افصح بالحق بقوة وشجاعة فكتب كتاب التوحيد الفائق في معرفة الخالق وقد كتب على صفحته الاولى «هذا كتابنا ينطق بالحق» معلناً موقفه بذلك ولاجل ان تقف على عظمة شخصيته نقول:
صحيح ان الكثيرين كتبوا في التوحيد واستدلواعلى اثبات وجوده جل وعلا باستدلالات كثيرة«علمية وعقلية ورياضية وفلسفية وغيرذلك» الاان ماكتبه العلامة السيدالبهبهاني(رحمة الله) يختلف عماكتبه الاخرون وقد دخل فيما كتب ما لم يدخله
ص: 3
الاخرون فناقش ما قديطرح في الفلسفة بعنوان انه بديهي واثبت زيف مايدعى انه الحق فناقش مسألة اصالة الوجود وقال عنها انها فارغة المحتوى وناقش مسألة اشتراك الوجود واثبت بطلانها وفيغير هذا الكتاب(1) القيّم ناقش قاعدة الواحد لايصدر منه الا واحد واثبت زيفها وبدوره ناقش السنخيّة بين العلة والمعلول والتي تُطرح كالبديهيات واثبت ان لاسنخيّة بين الخالق والمخلوق فالحق لامثيل ولاشبيه ولانظير ولاضدولا ممانع له فهوواحد الاّ ان وحدته ليست عدديّة فهو واحد لايتثنى ولا يمكن ان يكون له ثان بخلاف المخلوقات فان وحدتها عددية فالواحد منها قابل للتعدد والتكرار فاثبت قدس سره ان الله جل وعلا لا سنخيّة بينه وبين مخلوقاته فكان سيدناالبهبهاني مجتهداً لايقلّد احداً لافي الفلسفة ولافي الاصول ولافي الفقه ولافي غيرها ولذا فقد ابدع في هذه المجالات فجاء بتحقيقات رشيقة في الفلسفة والكلام وفي الفقه والاصول والنحو وهكذا المجتهد حقيقةً وليس من الصحيح ان يردد الانسان نظريات الاخرين بلانقد ولاتحقيق فكثير من الطلاب درسوا الفلسفة لكنهم تماشوا معها حذو النعل بالنعل الاّ ان سيدنا البهبهاني(رحمة الله) وقف امام امهات قواعدها واستخرج الحق بخلافها وها انا اكتب
ص: 4
هذه المقدمة توضيحاً وتسهيلاً لما تضمنهُ هذا الكتاب القيّم وابدأ بذكر مباني المصنف(رحمة الله) العقلية وما يكتنفها من شبهات والجواب عنها فنقول:
المعروف بين الفلاسفة ان الذات الالهية المقدسة مساوية للوجود وانه لايصدر منها الاالوجود وانه تعالى كل الوجود وانه صرف الوجود وان بسيط الحقيقة تمام الاشياء وكلها وان صدور الخلائق منه تعالى بالاشراق والفيض وعليه فالعالم مظهر حقيقي للذات الالهية وظله الذي لاينفك عنه وانه لا انفكاك بين الذات ومخلوقاته لاستحالة انقطاع الفيض ولذا جعلوا ارادته من صفات الذات وانها عين ذاته، والمصنف(رحمة الله)يجيب على ذلك كله بانه: لاسنخيّة بين الذات الالهية المقدسة وبين المخلوقات ولااشتراك بينهما بل يستحيل ذلك وانهما ليسا من حقيقة واحدة ويرى(رحمة الله) بطلان قاعدة الواحد لايصدر منه الا واحد وبطلان القول باصالة الوجود،وعليه فالذات الالهية المقدسة ليست تمام الاشياء ولا انها كل الوجود او صرف الوجود ولا انها لايصدرمنها الا الوجود ولا ان صدور الموجودات عنه (تعالى) بالاشراق والفيض ولا ان ارادته (تعالى) بالايجاب بل هو فاعل مختار وتفصيلاً لذلك نطرح مجموعة من الاسئله في التوحيد
ص: 5
ونجيب عنها مع شيء من التوسعة لاهمية الموضوع والحاجة الى ذلك وقد قال جل وعلا«ان الله لا يغفر ان يُشْرك به ويغفرما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترىاثماً عظيما(1)»وقال عزَّوجل «انه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة(2)» وقال عز من قال «ومن يشرك بالله فكانما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أوتهوي به الريح في مكان سحيق(3)» وغيرها من الايات فعلى العاقل وطالب الحقيقة ان يترك الهوى والتعصب فمسألة التوحيد مسألة خطيرة حيث يرتهن بها مصير الانسان فلا يمكن غض النظر عنها.
1) هل ان الله جل وعلا مساوٍ للوجود؟ ولايصدر منه الا الوجود؟
2) هل ان الله جل وعلا كل الوجود؟
3) هل ان الله جل وعلا صرف الوجود؟
ص: 6
4) هل ان بسيط الحقيقة كل الاشياء وتمام الاشياء؟
5) ما هي نظرية الفيض الالهي؟
6) هل ان العالم مظهر وجودالله جل وعلا؟
7) وهل ان الله›جل وعلا‹ تجلّى بهذا الوجود فصارسماءاً وارضاًوانساناً وملكاً…؟
1) هل ان العالم ظل الله عزوجل؟
2) هل ان الله جل وعلا خلق الاشياء من كتم العدم؟
3) هل ان وجودالمخلوقات يمانع وجود الله عزوجل؟
4) لو تعددت حقيقة الوجود فهل من حدود بين الخالق والمخلوق؟
5) هل ان ارادته تعالى من صفات الذات ام من صفات الافعال؟
6) هل ان الواحد لايصدر منه الاواحد؟
هذه مجموعة اسئله تسهّل فهم المباني العقلية للمصنف (رحمة الله) نجيب عليها بالترتيب ومن خلالهاسوف يفهم الجواب عن اسئلة اخرى احدها سئوال: ما الفرق
ص: 7
بين التوحيد بناءً على اصالة الوجود والتوحيد بناءً على اصالة الماهية؟ وغيره من المطالب.
1) اما الجواب عن السئوال الاول وهو أن الله سبحانه عزوجل مساوٍ للوجود ام لا؟فنقول: ان لفظة الجلاله « الله » اسم علم للذات الالهية المقدسة و اما كلمة الوجود فهي « لغةً وعرفاً » تعني التحقق والثبوت وعليه فلا ربط اذاً بين لفظة الجلالة وبين كلمة الوجود فالاولى اسم علم و الثانية تُعَبِّر عن مفهوم كليّ تعبيراً عن الثبوت و التحقق فهما اذاً من المعاني المتخالفة مثل زيد والشجاعة نعم ذُكِرَ في الاصطلاحات الفلسفية لكلمة الوجود اربعة معانٍ : ذكرها صاحب توضيح المراد:الاول: الحقيقة البسيطة النوريّة التي حيّثيّة ذاتها حيّثيّة الإباء عن العدم و منشأيّة الاثار ويُعبر عنها في لسان القوم بحقيقة الوجود وهي التي أختلف في اصالتها و عدمها و هذه الحقيقة ليس لها لفظ موضوع لان الوضع يتوقف على تصور الموضوع له وهذه الحقيقة لا يمكن تصّورها اصلاً لوجهين ذكرهما صاحب المنظومة في شرحها.
ص: 8
الثاني: المفهوم العام البديهي المشترك الذي هو عنوان لتلك الحقيقة ووجهٌ من وجوهها ومن طريقه يشير العقل الى تلك الحقيقة وهذا هو المفهوم الذي ينتزعه العقل من الموجودات ويحمله عليها بعد انتزاعه منها، وهذا الذي مضى القول في بداهته وله احكام مذكورة في المسائل الاتية ووضع له في العربية لفظ الوجود والكون وغيرهما وفي الفارسية لفظ « هستي ».
الثالث: المعنى المركب الاشتقاقي الذي يفهم من لفظه واجديّة ذات لصفة و لايحمل المعنى الثاني على الموضوعات الا باعتبار هذه الواجديّة ووضع له لفظ «الموجود» في لغة العرب ولفظ « هست » في لغة الفرس .
الرابع: المعنى المصدري الذي وضع له في الفارسية لفظ «بودن » وليس له في العربية لفظ خاص بل يستعمل له لفظ الوجود ومرادفاته وهذا المعنى يتصور عند اعتبار العقل تلبس الذات بالوجود اذا لم ينظراليه نظرا استقلالياً وبعبارة اخرى اذا يرى الوجود نعتاً للذات مراةً للنظر فيها لا مفهوماً مستقلاً (1)
ص: 9
اقول : الاصطلاحات الثلاثة الاخيرة مستعملة في اللغة و العرف واما الاول فهو مجرد اصطلاح مبني على الا دعاء وبعبارة اخرى نقول : ان صاحب الاصطلاح يدعي ان حقيقة الاشياء التي هي الحيثيّة المقابلة للعدم ان اسمها هو الوجود لكن من المعلوم ان هذا الاسم لاربط له بكلمة الوجود التي هي في مصطلح العرف واللغة يعني: ان الاحكام المترتبة على تلك الكلمة لا تترتب على هذا الاصطلاح الجديد.
فاذا قلنا ان الوجود « بالمصطلح اللغوي » مشترك وكليّ ومنتزع من حقائق متعددة لا يعني ذلك ان هذه الحقيقة النوريّة « حسب الاصطلاح الاول » هي واحدة ومشتركة بين كل الحقائق.
و الحاصل : ان كلمة الوجود تعني مفهوماً عاماً مشتركاً بين كل الحقائق الخارجيّة و اما انها عين الذات الالهيّة فهذا ما لايرتبط بالكلمة ابداً لا لغةً ولاعرفاً ولا عقلاً وسيأتي تحقيق الممصنف(رحمة الله) من ان الذاتالالهية المقدسة مباينة لغيرها من الموجودات وان حقيقة الوجود ليست مشتركة فهو بذلك يقرر ما اوضحناه لك من ان الذات الالهية لاتساوي الوجود بل الوجود مفهوم عام يصدق على كثيرين.
ص: 10
2)واما ان الوجود لا يصدر منه الا الوجود فهذا الادعاء اصله من اعتقاد السنخيّة بين العلة و المعلول فاذا قلنا ان الله سبحانه عزوجل يساوي الوجود و لايصدر منه الاّ الوجود فقد حافظنا بذلك على التناسب و التسانخ بين العلة و المعلول.
اقول : وقد ابطل المصنف(رحمة الله) القول با لسنخيّة بين الذات الالهية « و التي هي علة الموجودات » و بين المخلوفات « وهي المعلولات » مضافاً الى ان اللازم من ذلك ان يكون كل ما في هذا العالم موجوداً في ذاته عزوجل عن ذلك علواً كبيرا فجسمانيّة هذا العالم و ائتلاف بعضه بالبعض كما في اشتمال جسم الانسان على الروح و تخالف بعضه مع البعض الاخر كما في الذكورة والانوثة و ماديته و تلوّنه بالوان مختلفه وما الى ذلك من اختلافات و تنوعات يلزم ان يكون كل ذلك في ذاته عزوجل حتى نحافظ على السنخيّة بينه جل وعلا و بينها فيلزم ان يكون جل وعلاجسماً ماديّاً مشتملاً على روح و روحه غير بدنه و الى اخره بل و يلزم ان يكون محدوداً لانها محدودة.
ص: 11
فان قلت : نعم كل ذلك موجود في ذاته جل وعلا الاّ أنه من نوع عالم الالوهيّه و بنحو أتم وأرقى.
قلت : اولاً: ما الدليل على ذلك؟ وهل هذا الاّرجم بالغيب؟ وثانياً: كيف يكون
المجرد على تجرده « بمعنى انه غير محدود و فوق المادة » عين الوجود المادي
وهو محدود؟ وهل هذا الا الجمع بين النقيضين والحاصل: اما ان نحافظ
على تجرد المجرد و عدم محدوديته فهو جل وعلا اذاً غير الماديات فلا سنخيّة
اذاً بينها وبينه جل وعلا واما ان نقول انه تعالى عينها ونحافظ على هذه
القاعدة و هو خلاف البرهان العقلي القاطع من كونه جل وعلا لاحدله.
3) واما كونه جل وعلا كل الوجود وصرف الوجود فقد مرَّ بعض الكلام في ذلك ونزيدتوضيحاً على ما مرَّ ونقول:مامعنى الوجود حتى يكون الله جل وعلا كل الوجود؟ هل المقصود مفهوم الوجود؟ ام حقيقته وكنهه؟ و اذا كان المقصود الكنه والحقيقة فما هي حقيقتة؟
وهل هي واحدة ام متعددة؟ فاذا كان المقصود: الاول « يعني المفهوم » فيستلزم انه «جل وعلا» صرف مفهوم وهو معلوم البطلان.
ص: 12
و اذا كان المقصود هو الثاني يعني « الكنه والحقيقة » فلم تنكشف حقيقتة للفلاسفه بل اعترفوابالعجز عن درك كنهه وحقيقته وحينئذٍ فما دام انها غير منگشفة فلا يمكن الحكم عليها نفياً ولا اثباتاً. نعم بعد انكشافها يمكن الحكم عليها وبذلك يظهر بطلان القول بانها واحدة استناداً الى ان مفهوم الوجود واحد.
هذا ومضافاً الى وضوح بطلانه، ايّ ربط بين مفهوم الوجود وحقيقته؟ وهل يصح ان يحكم بعد وحدة مفهوم الجسمية على ان حقيقة الماء والتراب « لانهما مشتركان بهذا المفهوم الواحد » شيئ واحد؟ واذا كانت حقيقة الوجود واحدة فمعناه ان حقيقة الانسان والشجر والبقر والمَلَك والخالق « استغفرالله » واحدة فلا فرق بين النبي والكافر والخالق والمخلوق والشيطان والانسان و…… بل كلهم شيئ واحدوهو مما تضحك منه الثكلى.
وكيف صح لهم الحكم على الوجود بعد اعترافهم بانه مجهول الحقيقة ؟و الحاصل بعد القول بكون حقيقة الوجود واحدةً ان مقالة كونه جل وعلا كل الوجود
معناها : انه تعالى كل هذا الشيئ المجهول الذي لا وجود لغيره ولا تعدد فيه.
ص: 13
وهل هذا الاّ تفسير بالمجهول؟ وهل هذا كلام له معنى؟ مضافاً الى ذلك ان القول بان حقيقة الوجود واحدة « مع بطلانه كما تقدم » يتوقف على القول باصالة الوجود وسيوافيك من المصنف(رحمة الله) بطلانها(1). مضافاً الى بداهة غيريّة زيد لعمرو والخالق للمخلوق فكيف يكون وجودها حقيقةً واحدةً.
4) هذا ويعبر عن كونه « جل وعلا » كل الوجود بتعبير اخر وهو:
« بسيط الحقيقة كل الاشياء وتمام الاشياء » ومرادهم من ذلك حسب تفسير
صاحب التعليقة « انه جل وعلا له كمالات الاشياء على وجه اتم مما هو موجود في
الاشياء، و لا يجوز حمل شيئ من الاشياء ولا مجموعها عليه تعالى ولا بالعكس،اما ماهيات الاشياء فواضح لعدم تطرّق الماهية و المعاني الماهويّة الى ذاته سبحانه واما وجوداتها الخاصة فلو وقع حمل بينها وبين الواجب لاستلزم اتحاد الواجب بجهاتها العدمية ايضاً فالحمل في ذلك ليس ما يتعارف في المحاورات بل هو من قبيل
ص: 14
حمل الحقيقة والرقيقه »(1) اقول : والمراد من الجهات العدمية يفسره لنا العلامة الطباطبائي وهو: ان كل هوية صحّ ان يسلب عنها شيئ بالنظر الى حد وجودها فهي متحصلة من ايجاب وسلب كالانسان مثلاً هو انسان وليس بفرس في حاق وجوده وكل ما كان كذلك فهو مركب من ايجاب هو ثبوت نفسه له وسلبٌ هو نفي غيره عنه ضرورة مغايرة الحيثيتين (ومعنى دخول النفي في هويّة وجوديّة «والوجود مناقض للعدم » نقص وجودي في وجود مقيس الى وجود آخر ويتحقق بذلك مراتب التشكيك في حقيقة الوجود وخصوصياتها ) وتنعكس النتيجة بعكس النقيض الى ان كل ذات بسيطة الحقيقة فانها لايسلب عنها كمال وجودي(2) ثم ان صاحب التعليقة يفسر لناحمل الحقيقة والرقيقة فيقول « انه حمل بعض مراتب الوجود المشكك بالتشكيك الخاصي وليس شيئ من مراتب الوجود عين اخرى بل
ص: 15
المرتبة العالية مقومة للمرتبة الدانية والدانية متقومة بها والعالية واجدة لكمال الدانية والدانية عين الربط بها لا استقلال لها دونها »(1)
اقول : ولا تخفى مغالطاته وهي كالتالي:
المغالطة الاولى : انه لا تركب بين الامر الوجودي والامر العدمي ولو توسعنا
في الاصطلاح فهو امر اعتباري اذاً وليس امراً حقيقياً.
المغالطة الثانية : لا معنى لدخول النفي في هوّية وجوديّة بل ولا يمكن ذلك
وقد اعترف المستدل بذلك مستدلاً له بقوله « والوجود مناقض للعدم » لكنه اتى
له بتفسير وهو : ان المراد من دخول العدم هو كونه نقصاًوجودياً في وجودمقيس الى وجود آخر.
اقول : ولا يخفى ان النقص ايضاً عدم فالحاصل ان معنى دخول النفي هو دخول النقص فالنتيجة ان هوية الانسان مثلاً مركبة من ثبوت نفسه لهومن هذا النقص الوجودي المنتزع من ملاحظة الشيئ بالقياس الى غيره وكما لا يخفى انه عدمي فالنقص هو عدم في نفسه وكذلك الامر الانتزاعي ايضاً عدمي واعتباري
ص: 16
والحاصل ان ما جاء به من تفسير لهذا العدم لايتكفل حل مشكلة استحالة اجتماع النقيضين « الوجود والعدم ».
المغالطة الثالثة : انا لو سلمنا حصول التركب بين الامر الوجودي والامر العدمي فهو اذاً حاصل حتى بالنسبة الى الذات الالهية المقدسة وذلك فانه جل وعلاغير مخلوقاته فهو محدود بهذه الجهات العدمية فان قلت : لاسبيل للعدم الى ذاته(1)قلنا: نعم لاسبيل للعدم الى ذاته جل وعلا لكن لاربط له بالمقام فنحن ننفي عن ذاته غيرها كالجسمية والانسانية والشجرية ووو فكما قلتم ان الانسان غير الفرس والفرس غير الشجر وقلنا ان هويّة هذه الاشياء قد تركبت من امر وجوديّ وهو ثبوت نفسه له، وامرٌعدمي و هو نفي غيره عنه فالذات الالهية المقدسة ايضاً كذلك فهي ليست بجسم ولاروح ولاعقل ولا مادة ولاانسان ولاشجر ولاملك ولا ولا…… فقد تركبت ذاته من امر وجوديّ وآخر عدمي وهذا التركب لاضير فيه بالنسبة للذات المقدسة الالهية لانه اعتباري واصطلاحي لاحقيقة وراءه اولاً.
ص: 17
وثانياً: ان التركب المستحيل في ذاته هو ما كان في الذات لا ما كان خارجاً من الذات وهنا التركب قدجاء من ملاحظة امر خارج عن الذات.
والحاصل: عدم صحة النتيجة المأخوذة من هذا الاستدلال وهو ما قال « وتنعكس النتيجة بعكس النقيض الى ان كل ذات بسيطة الحقيقة فانها لايسلب عنها كمال وجودي » وعدم صحتها لاجل عدم وجود مصداق لها فان المراد من الذات البسيطة هي الذات التي لايتطرقها العدم وقد عرفت ان اللازم على هذا التفسير الجديد للتركب تطرق العدم الى كل شيئ .
المغالطة الرابعة: ان اللازم من هذا الاستدلال هو ان كل ذات وهويّة غير متحصلة من ايجاب وسلب فلا يسلب عنها شيئ بالنظر الى حد وجودها. لا انه لا يسلب عنها كمال وجودي(1) ففرق بين الامرين ونتيجةُالاستدلال ثبوت كل الاشياء
ص: 18
له لا ثبوت كل الكمالات له ولازم ذلك اتحاد الذات الالهية المقدسة « تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً » مع باقي الوجودات لانه لا يسلب عنه شيئ فلايسلب عنها الانسان والمَلَك والشجر والشيطان والمادة والجسمية و و و…… وقد اعترف بهذا
اللازم نفس المستدل(1) لكنه فرَّ من هذا المأزق بكون الحمل ليس من نوع الحمل المتعارف بل هو نوع اخر جديد باسم حمل الحقيقة والرقيقة.
اقول: ملاك الحمل هو الاتحاد في المفهوم او في الوجود والاول يسمى بالحمل الاولى او حمل هو هومثل الانسان حيوان ناطق والثاني مثل حمل الناطقية على الانسان الذي يسمى بالحمل الشايع فحيث ان الانسان والناطق يلتقيان في الخارج في مصداق واحد صح الحمل بينهما والحاصل انه لولا الاتحاد بين شيئين لا يمكن الحمل هذه هي حقيقة الحمل.
ص: 19
واختراع قسم جديد للحمل اصطلاحاً واعتباراً لايُغيّر من الواقع شيئاً فالواقع لا يتبدل اذا ما غيّرنا الاصطلاح فما جاءبه من استدلال « على فرض صحته » نتيجته ان الحقيقة البسيطة لا يسلب عنها اي شيئ فهي اذاً متحدة بكل الاشياء وهي اذاً تمام الاشياء.
فاذا قلت اتحادها هنا ليس من نوع الاتحاد المتعارف فهذا نقض اولاً للنتيجة الحاصلة من الاستدلال لان الاستدلال ان كان صحيحاً فلا يجوز نقض نتيجته وثانياً ما الدليل على وجود حمل لايستبطن الاتحاد بين شيئين باسم حمل الحقيقة والرقيقة والذي قد تقدم تفسيره عنهم؟ فبمجرد الادعاء ومجرد اختراع اصطلاح لا تنحل المشكلة الفلسفية والحاصل اما ان يكون حمل بين الذات الالهية وساير الاشياء كما هو مقتضى الاستدلال المذكور فيلزم كونه جل وعلا كل الاشياء وهو امر مضحك وقد تقدم بطلانه واما ان لا يكون حمل في البين فحينئذٍ بطلت نتيجة استدلالهم .
ص: 20
هذا وما في الاستدلال من التعرض لمراتب الوجود وانه مشكك وان المراتب الدانية عين الربط للمراتب العالية سيأتي الكلام عنها وابطالها(1) فانتظر.
5) واما كونه « جل وعلا » صرف الوجود فنحيل الكلام فيه الى الاستاذ مصباح اليزدي حول ما استدل في اثبات الذات المقدسة الالهية « من ان حقيقة الوجود الصرفة واحدة لا تتثنى فان كانت واجبة فهو المطلوب وان فرضت ممكنة لزم كونها متعلّقة بالغير فيلزم ان يكون وراء هذه الحقيقة الصرفة حقيقة اخرى تتعلق هذه الحقيقة بها مع ان الصرف لا يتثنى ».
فقال في جواب المستدل « ان ما ثبت بالابحاث الفلسفية هو اصالة الوجود وكونه ذامراتب واما انّ هناك حقيقة صرفةً لا يخالطها ماهيّة وليس لها حد عدمي وانها غير قابلة للتكثّر فليست ببينة ولا مبيّنة في البرهان وربما يقال في تبيين ذلك انّ الوجودامّا ان يكون صِرفاً خالصاً من شوب عدم وماهيّة فهو المطلوب وامّا ان يفرض مختلطاً بالعدم محدوداً بحدود تنتزع عنها الماهية فيلزم اختلاط الوجود بغير الوجود في حاق الاعيان و هو باطل على القول بأصالة الوجود.
ص: 21
ويلاحظ عليه: أنّ صرافة حقيقة الوجود بمعنى عدم شوبها في الواقع بالعدم لاينفي كثرة المراتب فان كل مرتبة منه وان كانت في غاية الضعف ليس في متن الواقع الاّ وجوداً وانما ينتزع الذهن منها مفاهيم عدميّة ولا يعني ذلك تحقق العدم في حاق الاعيان واختلاطه بحقيقة الوجود وقد عرفت تصريح الاستاذ « قدس سره الشريف » في الفصل الثاني من المرحلة الاولى بان تكثر الوجود امر بديهي وقد اخذه مقدمة اُولى لاثبات التشكيك في حقيقة الوجود واما الصرافة بمعني اللاتناهي المطلق وعدم المحدودية بحدود ما هويّة وكونه بحيث لاينتزع الذهن مفاهيم عدميّة وماهويّة عنه فهو يختص بوجود الواجب جل وعلا وهو الذي يُطلب بهذا البرهان
والحاصل ان التقرير الخلفيّ لايتم الاعلى قول الصوفيّة ويؤول الى المصادرة بالمطلوب انتهى كلامه(1) وحاصله امور:
الامر الاول: ان للصرافة معاني ثلاثة: الاول: الحقيقة التي لا يخالطها ماهيّة وليس لها حد عدمي وانها غير قابلة للتكرر والتكثر.
الثاني: الشيئ الذي لايشوبه في متن الواقع العدم.
ص: 22
الثالث: اللاتناهي المطلق وعدم المحدودية بالحدود الماهويّة بحيث ينتزع الذهن عنه مفاهيم عدميّة وماهوّية.
الامر الثاني: انه لا دليل ولابرهان على كون حقيقة الوجود صرفة لا يخالطها ماهية وغير قابلة للتكرر والتكثر.
الامر الثالث: اننا لو قلنا بكون حقيقة الوجود صرفةً واحدةً لاتتثنى فلا شك في كون لازم ذلك هو قول الصوفية من كون الوجود والموجود حقيقة شخصيّة واحدة وهوامرٌ باطل.الامر الرابع: ان الاستدلال في اثبات وجوده جل وعلا المعتمد على برهان الخلف ليس بصحيح الاّ اذا قلنا بقول الصوفية من وحدة الوجود والموجود وهو استدلال باطل لانه دوريّ يعني : ان الدليل عين المدعى فالدليل هو ان هنالك حقيقة صرفة واحدة لاتتثنى والمدعى هو ذلك ايضاً.
الامر الخامس: ان المعنى الثاني من الصرافة لا يتنافى مع كون الوجود ذا مراتب متعددة وذلك لان كل مرتبة منه وان كانت في غاية الضعف ليست في متن الواقع الاّ
ص: 23
وجوداً وانتزاع الذهن منه مفاهيم عدمية لا يعني ذلك تحقق العدم في حاق الاعيان واختلاطه بحقيقة الوجود.
الامر السادس: انه بعد القول باصالة الوجود وبداهة تكثر الوجود لابد من القول بان حقيقة الوجود مشككة ومعناه ان للوجود مصاديق متفاوته بالمرتبة في صدق الوجود عليها وتفاوتها من جهة الشدة والضعف.
الامر السابع: ان المعنى الثالث من الصرافة مختص بالذات الالهية المقدسة.
اقول: اولاً: قد تقدم ان الوجود مفهوم كليّ اعتباري وعليه فلا اثر لهذه المعاني المتعددة للصرافة فسواء اخذنا المعنى الاول او الثاني او الثالث فلا يتفاوت الحال في ذلك.ثانياً: قد(1)تقدم انه مالم نشخص حقيقة الوجود لايمكن الحكم عليها وهم قد اعترفوا بمجهوليتها فلا يمكنهم اذاً الحكم عليها بواحدة من هذه المعاني الثلاثة.
ص: 24
ثالثاً: ان المعنى الثاني يصدق على الاول والثالث فهو يصدق على الشيء الذي لاتخالطه الماهية وليس له حد عدمي ولاتكثر ولاتكرر فيه كما يصدق على غير المحدود و اللامتناهي لكن المعنى الثالث في نفسه بعيد عن معنى الصرافة فصرف الشيء لاربط له بعدم المحدودية او اللامتناهي فينحصرمعناها بين الاول والثاني وقلنا ان الثاني صادق على الاول واما الاول فبالتحليل يرجع الى الثاني ايضاً لان الماهية « بناءً على اصالة الوجود » امر اعتباريّ فهي عدمية وقد عرفت ان الامر الوجودي لا يختلط بالعدمي ابداً لاستحالة اجتماع النقيضين فاذاً كل وجود لا يمكن ان تخالطه الماهية «بناءً على اعتباريتها وان الاصالة للوجود ». كما ان الوجود « بناءً على وحدة حقيقته » يناقض العدم فليس في ذاته حدعدمي لاستحالة تركب الوجود من نفسه ونقيضه كما وانه بناءً على وحدة حقيقة الوجود لا تكثر ولاتكرر فيه والحاصل هو لزوم قول الصوفيه.
فان قلت ان للوجود مراتب متفاوتة قلت: ما الدليل على ذلك بعد البناء على اصالة الوجود وان حقيقتة واحدة؟
ص: 25
فان قلت: الدليل هو بداهة تكثر الوجود قلت: ان هذا التكثر باي شيء حاصل؟ فان حصل بنفس الوجودفالوجود امرٌ واحد فكيف يمكن حصول التفاوت بما لا تفاوت فيه؟ وان حصل بشيء خارج عن الوجود فالجواب انه لاشيء خارج عن الوجود وكل ما هو خارج عنه فهو عدم ولا يمكن عقلاً تأثير العدم في الوجود والاّ لآل الى اجتماع النقيضين.
فان قلت: ان تفاوته لاجل كون الوجود ذامراتب في نفسه.
قلت: هذا دور لأننا نريد الدليل على كون الوجود ذا مراتب فاصبح الدليل عين المدعى.
رابعاً: ان بداهة تكثر الوجود لا توجب القول بكونه ذا مراتب فان التكثر لايكون الاّ بالتغاير الوجودي بين الاشياء ولا يمكن ان يكون التكثر بالامور العدميّة وقد اعترف بذلك المستدل و عليه فلا يكون الوجود حقيقة واحدةً وبذلك يظهر عدم امكان الجمع بين القول بوحدة الوجود حقيقةً والقول بتكثر الوجود فانه جمع بين النقيضين.
ص: 26
والحاصل: اما ان نقول بوحدة الوجود الحقيقيّة ولابد من التسليم لقول الصوفية من كون الوجود والموجود حقيقة شخصيّة واحدة ولا تعدد فيها وامّا ان نقول بتكثر الوجود وحينئذٍ لابد من التسليم بان حقيقة الوجود ليست واحدة والاّ لماحصل التكثر فان التكثر لا يكون بالعدميات كما اعترف به الخصم.وبذلك يظهر بطلان القول بان للوجود مراتب متعددة وانه مقول عليها بالتشكيك وسيوا فيك مزيدبيان ايضاً فانتظر.
6) واما نظرية الفيض الالهي: فهي عبارة عن ان هذا الوجود كالسيل من الماء من الازل والى الابد دائماً في حالة سيلان بلا انقطاع والموجودات كالاوعّيه كل وعاء منها يأخذ من سيل الوجود بمقدار ظرفية وعائه لا ازيد فهذه النظرية دالة على ان كل ما في الوجود فهو ذاتيّ للشيء فالله جل وعلا حسب هذه النظرية يعطي الوجودفقط واما كونه بهذه الصفات والخصائص فهو امر لازم لذلك الشيء بعد جعله جعلاً بسيطاً وليست تلك اللوازم والصفات مجعولة من الله جل وعلا والحاصل من هذه النظرية هي الجبريّة ، فلِمَ صار هذا الشيء انساناً وذاك شجراً
ص: 27
و لِمَ حصل هذا الشيئ في هذا الزمان دون ما قبل وما بعد و لِمَ صارت النار حارةً كل ذلك امر ذاتيّ حسب هذه النظرية وكيف كان فهذه النظرية قائمة على القول باصالة الوجود والسنخيّة بين العلة والمعلول وقدعرفتَ بطلان السنخية و سيوافيك القول في بطلان القول باصالة الوجود(1) مع ان ماتقدم كافٍ في بطلان هذه النظرية.
7) هل ان العالم مظهر وجود الله جل وعلا؟
8) وهل ان الله جل وعلا تجلّى بهذا الوجود فصار سماءاً وارضاً وانساناً وملكاً ……؟
9) وهل ان العالم ظل الله جل وعلا عن ذلك؟ والجواب عن هذه الاسئله كالتالي: اما التعبير بان العالم مظهر وجوده تعالى فاما ان يكون على سبيل الحقيقة واما ان يكون على سبيل المجاز فان كان على سبيل المجاز بمعنى ان المعلول يدل على العلة فلا اشكال فيه فان الدخان علامة على وجود النار ومظهَرُ لوجودها وان الاثر علامة على وجود المؤثر وهكذا فانه تعبير سائغ عرفاً ولغةً.
ص: 28
واما لو كان هذا التعبير على سبيل الحقيقة ( بمعنى ان الله سبحانه عزوجل ظهر بشكل انسان وسماء وارض وملك و و و…… او ان العالم بالنسبة لله جل وعلا كالظل بالنسبة للشخص وأن الظل قائم بذي الظل وتابع له والوجود حقيقة لذي الظل فقط دون ظله فلابد من النظر في صحة هذين المعنيين وقد وقع التعبير بكل من المعنيين في كلام الفلاسفةفتارة قالوا ان العلة حقيقة والمعلول مجاز وانه لاعلة ولامعلول بل ان الله سبحانه عزوجل لما كان في حالة القبض كان واحداً وحينما يكون في حالة البسط يكون سماءً وارضاً و و و او يُعبّر عن ذلك بالفتق والرتق وان حالة الظهور على شكل انسان وشجر وبقر هي الفتق وخلافها هو الرتق وتارةً قالوا: بان العالم وجوده وجود تعلّقي و رابطي وقسموا الوجود الى المستقل والرابط فكما ان وجود النسبة بين طرفي القضية لا وجود له الا بطرفيه من الموضوع والمحمول فكذلك وجود المعلول انما هو قائمٌ بالعلة ولا وجود له حقيقة فهو كالظل للشخص.
ص: 29
اقول: اما المعنى الاول وهو انه تعالى تمظهر(1) وتجلّى حقيقةً بهذه المخلوقات فنقول: هل تمظهر بغير وجوده ام بوجوده؟ فان تمظهر بغير وجوده نسأل ونقول هل تمظهر بوجودٍ غير وجوده ام بالعدم؟
والاول « يعني ان تمظهر بوجود غير وجوده » يستلزم وجود موجود غيرالله عزوجل وانه جل وعلا استمدّ منه وانه محتاج لغيره وبتعبير الفلاسفةيلزم تعدد القدماء وخروج الواجب عن كونه واجباً غنيّاً عمن سواه وكل ذلك باطل.
والثاني « يعني ان تمظهر بالعدم » فجوابه ان العدم ليس شيئاً حتى يتمظهر به مضافاً الى استحالة انقلاب العدم الى الوجود.وعلى كلا الفرضين يكون الله جل وعلا متغيراً ومحلاً للحوادث وهو باطل و سيأتي بيان بطلانه(2) من المصنف.
واما لو انه جل وعلا تمظهر بوجوده لا بوجود غيره ولا بالعدم فمعناه ان كل ما في الوجود فهو وجوده ولازم ذلك ان جميع هذه الموجودات هي الله « جل وعلا »
ص: 30
وحينئذٍ لا شيء غيره فليس في دار الوجود ديّار غيره على حد تعبير صاحب الاسفار(1) وهو معلوم البطلان كما تقدم بيانه. وبذلك يظهر الجواب عن السؤال السابع والثامن.
واما المعنى الثاني وهو ان العالم ظل الله جل وعلا فهو مبني على القول بالوجود الرابط وفسّروه: بالذي يكون وجوده عين التعلق والربط ولا ينتزع منه انه ثابت وموجود بل هو نفس ثبوت شيء لشيء ونفس تعلقشيءبشيءلا ثبوت الموجود نفسه فلا يكون هذا الثبوت ثابتاً لغيره بل الذي يصح ان يقال: ان الثابت لغيره هو ذلك الشيء المضاف اليه الثبوت لا نفس الثبوت.(2)
قالوا: ولو كان ثبوت الشيء الذي هو معنى الوجود الرابط يستدعي ان يقال له انه ثابت لغيره فهذا يحتاج الى ربط بينه وبين الغير الثابت له و ننقل الكلام الى هذا
ص: 31
الربط الاّخر وهو ايضاً يستدعي ان يكون ثابتاً للغير فيحتاج الى ربط ثالث وهكذا فيذهب الى غير النهاية(1).
وذكروا ايضاً ان الوعاء الذي يتحقق فيه الوجود الرابط هو الوعاء الذي يتحقق فيه وجود طرفيه(2) وان الوجودات الرابطة لاماهية لها لان الماهيّات هي المقولة في جواب ما هو فهي مستقلّة بالمفهوميّة والوجودات الرابطة لا مفهوم لها مستقلاً بالمفهومية(3) و انّ من الوجوداتالرابطة ما يقوم بطرف واحد كوجود المعلول بالقياس الى علته(4) وان نشأة الوجود لاتتضمن الاّ وجوداً واحداً مستقلاً هو الواجب والباقي روابط ونسب و اضافات(5).
والدليل على الوجودات الرابطة بالمعنى المتقدم هو انّ هناك قضايا خارجيّة تنطبق بموضوعاتها و محمولاتها على الخارج كقولنا: زيد قائم والانسان ضاحك
ص: 32
مثلاً وايضاً مركبات تقييديّة مأخوذة من هذه القضايا كقيام زيد و ضحك الانسان نجد فيها بين اطرافها من الأمر الذي نسميّه نسبة و ربطاً ما لانجده في الموضوع وحده ولا في المحمول وحده ولا بين الموضوع وغير المحمول ولا بين المحمول وغير الموضوع فهناك امر موجود وراء الموضوع والمحمول وليس منفصل الذات عن الطرفين بحيث يكون ثالثهما ومفارقاً لهما ……(1)» والحاصل انه كما في قضيّة الانسان ضاحك ثلاثة اشياء وهي الموضوع والمحمول والنسبة القائمة فيهما وهي موجودة بوجود هما لا بوجود مستقل عنهما فكذلك زيد الذي هو معلول للذات الالهية المقدّسة فهو لا وجود له مستقل وانماوجوده تعلقي والوجودلله جل وعلا ووجوده مجرد نسبة واضافة ورابط واذا كان الرابط في القضايا الخارجية يحتاج الى موضوع ومحمول فهو لايحتاج الى طرفين في ما اذا كان الرابط معلولاً بل يحتاج الى طرف واحدة وهو العلة.
والدليل على ذلك هو وجود النسب والروابط في القضايا الخارجية المشتملة على الموضوع والمحمول واجاب الاستاذ مصباح اليزدي على هذا الدليل بقوله: لكن
ص: 33
يُلاحظ عليه انّ ثبوت الموضوعات والمحمولات في الخارج لا يكفي دليلاً على ثبوت الرابطة كنوع من الوجود العيني والرابطة في القضايا ان دلّت على شيء خارجيّ فانّما تدل على اتحاد مصداق الموضوع والمحمول وهو اعم من ثبوت امر رابط بينهما فانّ اتحاد الجوهر والعرض او اتحاد المادّة والصورة في الخارج مثلاً لا يستلزم وجود رابط بينهما بل يكفي كون احدهما من مراتب وجود الاخر او كون احدهما رابطّياً بالنسبة الى الاخر والحاصل انّه لا يمكن بمثل هذا البيان اثبات الوجود الرابط في الاعيان(1)» وذكر ايضاً ان اللازم من كون المعلولات روابط و نسب واضافات لاماهية لها هو: نفي اي مجال للماهيّة مطلقاً فقال: ( فشمول هذا الحكم « يعني انها لا ماهية لها » للوجودات الامكانيّة العينيّة التي هي روابط بالنسبة الى الواجب جل وعلا مشكل جداً لاستلزامه نفي اي مجال للماهيّة مطلقاً)(2)
اقول: ويكفي في بطلان فكرة الوجود التعلقي والربطي جواب الاستاذ مصباح اليزدي ونضيف على ما قال :
ص: 34
اولاً: لو ثبت الوجود الربطي في القضايا الخارجية فايّ ارتباط له في كون ثبوت المعلول للعلة ربطيّاً وتعلقيّاً.
ثانياً: انه قياس مع الفارق حيث ان الوجود الربطي في القضايا الخارجية انما هو في عالم الاعتبار وثبوت المعلول للعلة تابع لعالم التكوين والواقع وفرق بين العالَمين فعالم الواقع تابع لقوانين العقل وعالم الاعتبار تابع لجعل المعتبر وهو اوسع من عالم التكوين والواقع .
ثالثاً: ان الرابط في القضايا الخارجية قائم بطرفين هما الموضوع والمحمول فكيف قام هنا المعلول بطرف واحد وهو العلة؟ وما الدليل؟ اليس ذلك مجرد ادعاء بلابرهان؟
رابعاً: ان الوجود الرابط لا استقلال له بالمفهومية ولا ماهية له في حين ان وجود الممكنات واستقلالها بالمفهومية من اوضح البديهيات .خامساً: ان الوجود الربطي مبتنٍ على السنخيّة بين العلة والمعلول وان وجود المعلول انما هو قطعة من وجود العلة وقد عرفتَ بطلان السنخيّة بين الذات الالهية
ص: 35
المقدسة ومعلولاتها. وبذلك يظهر بطلان القول بكون العالم ظل الله جل وعلا.وبه يُعلم الجواب عن السؤال التاسع.
10) هل ان الله سبحانه عزوجل خلق الاشياء من كتم العدم؟
11) وهل ان الاشياء بوجودها تمانع وجوده تعالى « الموجود في كل مكان » لتحل مكانه جل وعلا؟
12)وانه لو تعددت حقيقة الوجود فهل من حدود بين الخالق والمخلوق؟
والجواب: اولاً: انه على القول بنظريّة الفيض والاضافة الاشراقية فهذا العالم قطعة من ذاته « جل وعلا » لكن قد تقدم بطلان كون نسبة العالم اليه جل وعلا بالاشراق والفيض وبطلان كونه جل وعلا مساوياً للوجود ولايصدر منه الا الوجود وقد تقدم بداهة تكثر الموجودات مضافاً الى قيام الدليل القطعي على انه جل وعلا غير الاشياء وليس كمثله شيء كما سيأتي بيانه فالنتيجة الحاصلة من ذلك انه خلق الاشياء بعد أن لم تكن وبعبارة اخرى من كتم العدم فانه لا معنى لان يخلق ذاته ولا يمكن عقلاً ان يخلق غيره من ذاته لاستحالة التبدل والتغيّر عليه وقد تقدم آنفاً استحالة تمظهره حقيقةً بالاشياء او كون الاشياء ظلاً له والحاصل انهجل وعلا
ص: 36
يخلق غيره بعد ما كان محدوداً وهو القادر على كل شيء كما سيأتي في برهان القاهريّة فايجاد الخلق انما يكون مستنداً اليه جل وعلا لا بمعنى انه بدّل ذاته الى هذه الموجودات او انه استفاد من مادة في خلقها بل اوجدها بعدما كانت معدومةً هذا والانسان قد أعطي من القدرة على ان يخلق الصور في ذهنه من العدم فهو قادر على خلق مئات بل آلاف الصور من دون ان يُشاهدها او يسمع بها بل يوجدها من تلقاء نفسه بما اعطاه الله جل وعلا من القدرة على ذلك فهل يجوز له ذلك ولايستطيع خالقه ان يفعل ذلك؟ وبذلك نطقت اخبار اهل البيت العصمة والطهارة فعن الصادق (ع) «لايكون الشيء لامن شيء الا الله ولاينقل الشيء من جوهريته الى جوهر اخر الاّ الله ولاينقل الشيء من الوجود الى العدم الاّ الله» (1)وعن علي اميرالمؤمنين(ع) في خطبته «الحمدلله الواحد الاحد الصمد المتفرد الذي لامن شيء كان ولامن شيء خلق ماكان، قدرة بَانَ بها من الاشياء وبانت الاشياء منه
ص: 37
–الى- وكل صانع شيء فمن شيء صنع والله لامن شيء صنع ماخلق»(1) وغيرهما.
ثانياً: واما الجواب عن السؤال الثاني وانه هل زحزح الله جل وعلا عن وجوده لتحل مكانه المخلوقات او بعبارة اخرى هل ان وجود الاشياء يمانع وجود الله جل وعلا؟ فقد قام البرهان العقلي القطعي وسيأتي انشاءالله على انه جل وعلا ليس كمثله شيء ولا ضد له ولا حد له فكون المخلوقات تُزحزح من وجوده يعني انها ضده والضدان لايجتمعان واذا حصل احدهما يستحيل حصول الاخر في حين قد عرفت انه جل وعلا لاضد له لان الضد هو الممانع في الوجود والله جل وعلا لا ممانع له في وجوده حتى يكون ضداً له جل وعلا.
توضيح ذلك: ان الله جل وعلا بعد قيام البرهان على انه واحدٍ لاحد له فلا يتثنى ولا يمكن فيه التعدد اذ يستحيل ان يكون له مثيلاً وممانعاً له في وجوده جل وعلا فالاضداد في عالم المخلوقات والآثار لاربط لها بعالم الخالقيّة فلا يمكن قياس عالم الاثارعلى عالم المؤثّر فقد قام البرهان على ان الاثر غير المؤثر وان الحادّ غير المحدود
ص: 38
فالمؤثر الحقيقي لاحد له ولامقهورية في ذاته وبعد عدم وجود مقهوريّة في ذاته فهو غير الاثر الذي هو مقهور ومغلوب على امره ومحدود في ذاته ووجوده فالآثار فيما بينها يحصل التضاد اما بالنسبة الى مؤثرها لاتضاد بينها وبينه فهو خالقها جميعاً وكلها تحت سلطانه.
ثالثاً: واما جواب سؤال انه لو تعددت حقيقة الوجود فهل هنالك حدودبين الخالق والمخلوق؟ فهو: انه قد ثبت بالبرهان العقلي القطعي انه جل وعلا ليس كمثله شيءو لانظير ولاشبيه ولاضد له فهو شيء لاكالاشياء وكما قال سيد الموحدين واميرالمؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام: « مع كل شيء لابمقارنة وغير كل شئ لابمزايلة » فلا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان وانه لاحد له ولا يوجد مانع عقلي من وجود غيره محدود غير خارج عن سلطانه لانه ليس ضداً له وممانعاً لوجوده او من سنخ وجوده فلاسنخيّة بين وجوده القاهر المؤثر ووجودغيره الذي هو اثر ومغلوب ومقهور. والحاصل انه
ص: 39
جل وعلا لاحد له وان المخلوقات محدودة وهو غيرها فانه ليس من سنخ الآثار فما هو المستحيل في البين؟(1)
13)هل ان ارادة الله جل وعلا ذاتيّة وعليه فلا يتخلف المراد عن الارادة؟ ام ان ارادته صفة من صفات الافعال لا من صفات الذات وانه فاعل بالاختيار كما صرح بذلك المصنف(رحمة الله)؟ اقول: هذه احدى نقاط الخلاف بين الفلاسفة والاخرين حيث ان الفلاسفة تبنّوا ان ارادته تعالى عين ذاته وعليه فلاينفك المراد عن الارادة وحاصله قدم العالم(2) لقدم
الذات المقدسة الالهية.
ص: 40
هذا وفسّرالمتأخرون منهم الارادة بالحب فارادته يعني حبه للشيء؟
ص: 41
ويلاحظ عليه:
ان الله جل وعلا مريد مضافاً لكونه مختاراً فليست ارادته منفكة عن اختياره فلا يمتنع ان تكون الارادة عين الذات وقديمة لكن متعلقها «يعنيالمراد» يحصل في وقت خاص فكون الارادة عين الذات لاينافي تعلقها بمراد منفك زمناً عن الارادة فالذات الالهية حسب ما تقدم من الدليل العقلي القاطع قاهرة لامقهوريّة ولا مغلوبيّة فيها.
واما اعتبار ان المراد لاينفك عن الارادة زماناً ووجوداً فمعناه حذف الاختيار عن الذات المقدسة وهو باطل عقلاً وهل يصح ان يكون لنا اختيار«ونحن لا نملك من امرنا شيئاً الا ما ملّكنا الله اياه » وربنا لا يملك قدرة الاختيار.
والحاصل فسواء قلنا ان الارادة من صفات الذات ام من صفات الافعال فذلك لايستلزم صدور الخلائق عنه تعالى بالايجاب لا بالاختيار ولذا ارجع العلماء ارادته تعالى الى صفة العلم وقالوا « ارادته لافعال ذاته عبارة عن علمه الموجب لوجود الفعل في وقت دون وقت بسبب اشتماله على مصلحة داعية الى الايجاد في ذلك الوقت دون
ص: 42
غيره »(1)، هذا مضافاً الى ان الفاعل بالايجاب لايُسمّى مريداً وذلك لانه مضطر ومقهورعلى صدور الفعل منه.(2)
ص: 43
واما الارادة بمعنى الضمير وما يعزم عليه الانسان في نفسه فمستحيل على الله جل وعلا لانه يستلزم كونه تعالى محلاً للحوادث وكل ماكان محلاً للحواداث فهو حادث كماسيأتي برهانه من المصنف قدس سره(1).
وكذلك تفسير الارادة بمعنى الحب ايضاً امر باطل فالارادة والحب وان كانا من الصفات النفسانية الاّ انه اولاً: لاترادف بينهما لالغةً ولاعرفاً وثانياً: ان تفسير الارادة بمعنى الحب يرجع الى كون الارادة من الصفات النفسانيّة والتي تكون بمعنى الضمير والله جل وعلا لاتركب في ذاته حتى تكون له صفات نفسانيّة ولاتعدد في صفاته فهو منزه عن صفات البشر والمخلوقات من الاشتمال على الضمير والحاصل اننا اذا نظرنا الى الارادة من حيث الذات فهي ترجع الى صفة العلم وانها علم خاص لا انها مطلق العلم واذا نظرنا اليها من جهة المراد فهي عبارة عن ايجاده واحداثه وتكون من صفات الافعال كالخالقية والرازقية وقداوضح ذلك ائمة اهل البيت(ع) ففي صحيح صفوان
ص: 44
قال قلت لابي الحسن(ع) اخبرني عن الارادة من الله ومن الخلق فقال: « الارادة من الخلق الضمير وما يبدولهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فارادته احداثه لاغير»(1)
14)والجواب عن السؤال الاخير وهو هل ان الواحد لايصدر منه الاواحد؟فقد اجاب عليه المصنف قدس سره حيث قال: ان قاعدة الواحد لايصدر منه الا واحد تبتني على مسألة السنخيّة بين العلة والمعلول وهي باطلة من وجوه ثلاثة:
الاول: انها لو صحت فموردها العلة الموجبة لا الفاعل المختار والله جل وعلا فاعل مختار وعلى هذا الاساس فلاتحقق للسنخيّة اصلاً. ومن جهة اخرى ان الله جل وعلا لاشبيه ولانظير له والسنخيّة تحتاج الى شبيه ولذا فهي محالة في حقه جل وعلا.
الثاني: ان وحدة الباري تختلف عن وحدة الممكنات فان وحدته غير عددية بمعنى انه لا شبيه له ولانظير في حين ان وحدة العالم من قبيل الوحدة العدديّة فلا سنخيّة ولا تناسب بين الوحدتين.
ص: 45
الثالث: اصلاً واساساً لايوجد موجود له وحدة حقيقّية الا الله جل وعلا وذلك فان كل ممكن فهو مركب من الوجود والماهيّة ولذا قالوا « كل ممكن زوج تركيبي وكل زوج تركيبي ممكن » وذلك فان كل وجود لوكان وجوداً فقط فلا امتياز له مع باقي الموجودات، وامتياز كل موجودعن سائر الموجودات دليل على تركبه من الوجودِ والماهية »(1) انتهى ما افاده قدس سره.
هذا وقد يتوهم ان قاعدة فاقد الشيء لايعطيه تدل على ثبوت السنخية بين العلة والمعلول حيث انه يستحيل اعطاء ماليس عنده فلابد ان يكون واجداً لمايعطي حتى يتمكن من الاعطاء، اقول: ان المراد من هذه القاعدة ليس هذا المعنى المتوهم بل المراد انه يستحيل صدور الممكن بلا علة وانه لابد من ان يستند وجود المخلوقات لعلة والا لكانت موجودة من العدم وهو محال واما كيفية صدور الممكن وانه قطعة من وجود العلة ام مباين للعلة فهذا ما لا تتكفله القاعدة بل يطلب من دليل وبرهان آخر وقد دل الدليل وقام البرهان على كونه تعالى لاحد له ولاتركب فيه ولا شبيه له وانه فوق ما
ص: 46
يتوهم ويوصف فالله اكبر من ان يوصف وانه المتنزه عن مجانسة الاشياء، وايضاً فان اللازم من هذا التوهم ( وهو كون العلة واجدة لذات المعلول حيث ان فاقد الشيء لايعطيه ) هو المحال توضيح ذلك:
ان العلة الواجدة لذات المعلول « حسب الفرض » اما ان ينفصل عنها معلولها او لا ينفصل. فان انفصل استلزم محدودية الذات بما هو خارج عنمعلولها وان لم ينفصل استلزم تبدل الذات وتغيرها وظهورها بالمحدودات وكلا اللازمين واضحا البطلان ويلزم ان يكون للذات الالهية الواحدة مراتب عليا ودنيا وانهم ليس من شيء وراء الذات وهو عين القول بوحدة الموجود وحدة شخصية وهذا مايكذبه الوجدان فان تكثر الحقائق امر بديهي وبه قال العلامة الطباطبائي فلاحظ.
و بذلك يتبين قول المصنف قدس سره من ان فاعليته تعالى بالابداع والارادة والاختيار وظهر بذلك بطلان سائر الاقوال وهي:
1) ان فاعليته تعالى بالقصد والمقصود من ذلك «هو الذي له علم وارادة وعلمه بفعله تفصيلي قبل الفعل بداع زائد كالانسان في افعاله الاختيارية وكالواجب عند
ص: 47
جمهور المتكلمين»(1) وقد تبنى هذ الرأي المعتزلة والاشاعرة الا ان الاشاعرة ذهبوا الى ان الله جل وعلا لا غاية له في افعاله وانها لاتعلل بالاغراض(2).
ويرد قول الاشاعرة لزوم العبثية في افعاله تعالى وهو باطل بحكم العقل البديهي القاضي بتنزه الذات الالهية عن كل قبيح وقد قال تعالى «وما خلقناالسموات والارض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما الاّ بالحق ولكن اكثرهم لايعلمون(3)» وقال تعالى «افحسبتم انما خلقناكم عبثاً وانكم الينا لاترجعون(4)» وقال تعالى «ولايزالون مختلفين الاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم(5)»
ولازم قول المعتزلة ان يكون الله جل وعلا ناقصاً في ذاته محتاجاً للغير ولا يخفى بطلانه.
ص: 48
2) ان فاعليته تعالى بالعناية، والمراد «هو الذي له علم سابق على الفعل زائد على ذاته نفسه الصورة العلمية منشأ لصدور الفعل من غير داع زائد كالانسان الواقع على جذع عال فانهم بمجرد توهم السقوط يسقط على الارض وكالواجب تعالى في ايجاده الاشياء عند المشائين»(1) وتوضيحه ان نفس ارتسام صور المخلوقات في صقع الربوبية يكون منشأ لصدور الفعل منه وبعبارة اخرى تعلق علمه بفعله الذي هو النظام الخير يصير مبدأ لصدوره لاباء جوده ان يعلم خيراً ولايفعله.ويلاحظ عليه: مضافاً لما تقدم انه يلزم على هذا القول عروض الاعراض على الذات الالهية المقدسة اولاً وجهل الذات الالهية في مرتبة الذات تعالى الله عن ذلك.
3) ان فاعليته تعالى بالرضا، والمراد«هو الذي له ارادة لفعله عن علم وعلمه التفصيلي بفعله عين فعله وليس له قبل الفعل الاّ علم اجمالي به بعلمه بذاته المستتبع لعلمه الاجمالي بمعلوله كالانسان يفعل الصور الخيالية وعلمه التفصيلي بها عين تلك الصور وله قبلها علم اجمالي بها لعلمه بذاته الفعالة لها وكفاعلية الواجب تعالى للاشياء
ص: 49
عند الاشراقيين»(1) وتوضيح ذلك: ان حبه ورضاه بذاته يستلزم حبه ورضاه بما تقتضيه ذاته فيريد الفعل تبعاً لارادته ذاته.
ويلاحظ عليه: مضافاً لما تقدم انه يلزم على هذا القول نفي العلم التفضيلي بمخلوقاته عنه تعالى قبل ان يخلق الخلائق وهو باطل.
4) ان فاعليته تعالى بالتجلي و يفسره لنا العلامة الطباطبائي بانه «هو الذي يفعل الفعل وله علم تفصيلي به هو عين علمه الاجمالي بذاته……كالواجب تعالى بناءاً على ما سيأتي ان له تعالى علماً اجمالياًبالاشياء في عين الكشف التفصيلي»(2) وسمي بالتجلي قيل: لكونه افعاله ظهورات وتجليات لذاته وصفاته التي هي عين ذاته(3).
ولا يخفى ابتناؤه على القول بالسنخية ووحدة الوجود والموجود وقد تقدم بطلانه ذلك بما لامزيد عليه وانه تعالى قادر بذاته حقيقة على ابداع كل شيء فليست فاعليته كفاعلية سائر الاشياء فانه ليس كمثله شيء ولو لم تكن ذاته المقدسة كذلك
ص: 50
يلزم النقص عليه ومحدوديته تعالى فليست فاعليته بنحو السيل والترشح او التنزل بل بنحو الابداع لامن شيء فلايمتنع منه ايجاد الاشياء الكثيرة.
ولايخفى انه تعالى يكون فادراً على ابداع الحقائق والاشياء لا من شيء اكمل واعظم من موجود تكون فاعليته وقادريته عين فياضيته من ذاته، وهذا النحو من الفاعلية هو من كماله ومختصاته ذاته تعالى.واخيراً نختم بحثنا في ما جاء عن الرضا(ع) في التوحيد (الحمدلله فاطر الاشياء انشاءاً ومبتدعها ابتداعاً بقدرته وحكمته لامن شيء فيبطل الاختراع ولا لعلة فلايصح الابتداعخلق ماشاء كيف شاء متوحداً بذلك لاظهار حكمته وحقيقة ربوبيته لاتضبطه العقول ولا تبلغه الاوهام ……»(1)
ونكتفي بهذا المقدار من الاسئلة واجوبتها نسأل الله ان ينفع بها المؤمنين انه سميع مجيب.
ماجد الكاظمي
ص: 51
ص: 52
هذا
کتابنا ینطق بالحق
التوحيد الفائق في معرفة الخالق
تأليف
العلامة المحقق سید العلماء والمجتهدین
والمروج لشریعة جده سیدالمرسلین
آية الله فی العالمین
الحاج السيد علي البهبهاني قدس سره
تقدیم و تعلیق
ماجد الکاظمی
ص: 53
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمن الرحيم
الحمدلله الذي دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته ، والصلاة والسلام على خير خلقه ، وافضل رسله محمّد صلّى الله عليه وآله الطاهرين خلفائه على امته ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين الى يوم الدين.
وبعد فهذه وجيزة(1) في اثبات توحيد الباري « تعالى شأنه » ودفع شبه الطبيعيين ومخالفي خالص توحيده حرّرتها اجابة لألتماس بعض اخواني المؤمنين وفقهم الله « تعالى » وايانا لمرضاته ، فاقول: بعون الله « تعالى » ومشيته ينبغي التكلم في هذا المقام في ستة مراحل:
المرحلة الاولى في اثبات حدوث العالم وبطلان ازليته.
والثانية في انه لابد له من صانع ومدبر واجب بذاته.
والثالثة في ان الصانع تعالى شأنه مستجمع لجميع صفات الكمال ، وانه لايتطرق فيه النقص والاحتياج.
ص: 54
والرابعة في ان صفاته تعالى شأنه عين ذاته ، وان القول: بالمعاني مستلزم للحدوث والاحتياج.والخامسة في توحيده « تعالى شأنه » وانه لايتطرق فيه التعدد.
والسادسة في ان وجوده « تعالى شأنه » ليس مشتركاً مع وجود الممكنات في الحقيقة مفارقا عنه في المرتبة كالصفات المشككة كما توهمته بعض الصوفية ، ومن يحذو حذوهم ، وان الاتحاد في التعبير لايدل على اتحاد الحقيقة كما ان صفاته « تعالى » لاتكون مشتركة مع صفات المخلوقين في الحقيقة مفارقة عنها في المرتبة وان اشتركتا في التعبير.
ص: 56
اما الصغرى فثابتة بالضروره ، فان كل موجود من موجودات العالم متغير عما عليه وتغيّره كذلك على قسمين حسي، وتحليلي، وكل منهما ينقسم الى قسمين فاقسام التغير اربعة.
الاول: التغيّر الحسيّ الاحوالي من انفصال واتصال وقرب وبعد وصغر وكبر وهكذا.
الثاني: التغير الحسيّ التركيبي المشتمل على اجزاء متماثلة اومتخالفة.
والثالث- التغيّر التركيبي التحليلي باعتبار تركب كل موجود من الوجود والماهية ضرورة اشتراك كل موجود في الوجودومن هذه الجهة تتحد الموجودات، ولاافتراق بينها فتنوعها الي انواع مختلفة ليس الاباعتبار اشتمالها على ماهيات وحقائق مختلفه، وقد اشتهر ان كل مكن زوج تركيبي، وكل زوج تركيبي ممكن، فالوجود والماهية وان كانا متحدين في الخارج ولاتمايز بينهما فيه، إلاّ انّهما امران متغايران في مرحلة التحليل، ويظهر اثرهما في الخارج من الاتحاد والاختلاف.
ص: 57
والرابع: التغير التركيبي التحليلي باعتبار تركب كل حقيقة نوعية من جنس وفصل اذلو كانت الحقائق النوعيّة امورا متقابلة بسيطة لكان نسبةكل نوع الى نوع كنسبته الى نوع آخر ولم تكن نسبة بعضها الى بعض اقرب من نسبته الى آخر مع انّ نسبة الأنسان الى الفرس مثلاً اقرب من نسبته الى الشجر ونسبته الى الشجر اقرب من نسبته الى الحجروهكذا، وتفاوت النسب قرباً وبعداً يكشف عن تركب كلّ حقيقة نوعية من جنس وفصل وباعتبار اشتمالها على الفصول المختلفة المتقابلة يتمايز بعضها عن بعض، وباعتبار اشتمالها على الجنس القريب او البعيد تتفاوت نسبة الانواع بعضها الى بعض قرباً وبعداً.
« واما كلية الكبرى » فهي من اوائل النظريات بل من الضروريات(1)
ص: 58
«توضيح الامر»: ان تغير الشيئ عن حال الى حال فعلا اوقبولا ، كمايدل على عدم قدم الحال وإلاّ لم يقبل الزوال ،كذلك يدل على عدم قدم ذي الحال ايضاً،
ص: 59
لان المتّصف بالاحوال المتغايرة لاوجودله إلاّ في حال من الأحوال ،ويمتنع وجوده عارياً عن جميع الاحوال ضرورة انه لايتشخص الاباتصافه بحال من الاحوال والشيء ما لم يتشخص لم يوجد، كما انه مالم يوجدلم يتشخّص فلوفرض قدمه امتنع تغيّر حاله والاّ لزم تقوّم القديم بالحادث وبطلانه من اوائل البديهيات.
وهكذا الامر في المركب من اجزاءِ متماثلة او متخالفة فأن تغير كل جزء من الاجزاءِ بزوال التركيب فعلا اوقبولا، يكشف عن حدوث حاله من التركيب او الافراد اذلوقدم احد الحالين امتنع زواله وانقلابه الى حال آخر ولا وجود للجزء الاّ في احد الحالين ، فلوفرض قدمه لزم تقوّم القديم بالحادث.
والامر في المركب التحليلي بقسميه(1) اظهر فان الماهيّة في حد نفسها ليست الاّ هي ولاتكون شيئاً ،وكذا الوجود المتحدمعها في الخارج مالم يتعيّن بالماهية وسائر المشخصات لايكون الامفهوماً محضاً ، فالموجود«توضيح الامر»: ان تغير الشيئ عن حال الى حال فعلا اوقبولا ، كمايدل على عدم قدم الحال وإلاّ لم يقبل الزوال ،كذلك يدل على عدم قدم ذي الحال ايضاً، لان المتّصف بالاحوال المتغايرة لاوجودله إلاّ في حال من الأحوال ،ويمتنع وجوده عارياً عن جميع الاحوال ضرورة انه لايتشخص الاباتصافه بحال من الاحوال والشيء ما لم يتشخص لم يوجد، كما انه مالم يوجدلم يتشخّص فلوفرض قدمه امتنع تغيّر حاله والاّ لزم تقوّم القديم بالحادث وبطلانه من اوائل البديهيات.
وهكذا الامر في المركب من اجزاءِ متماثلة او متخالفة فأن تغير كل جزء من الاجزاءِ بزوال التركيب فعلا اوقبولا، يكشف عن حدوث حاله من التركيب او الافراد اذلوقدم احد الحالين امتنع زواله وانقلابه الى حال آخر ولا وجود للجزء الاّ في احد الحالين ، فلوفرض قدمه لزم تقوّم القديم بالحادث.
والامر في المركب التحليلي بقسميه(2) اظهر فان الماهيّة في حد نفسها ليست الاّ هي ولاتكون شيئاً ،وكذا الوجود المتحدمعها في الخارج مالم يتعيّن بالماهية وسائر المشخصات لايكون الامفهوماً محضاً ، فالموجودبجزئيه حادث فاقد للوجود ذاتاً
ص: 60
وبمابيّناه يتبيّن ان القياس المذكور يرجع الى اربعة اقيسة اذكل قسم من اقسام التغير دليل مستقل على حدوث العالم وعدم قدمه .
« وقد تبين » بما بينّاه ايضاً إن مرجع القياس الى اثبات النتيجة وهي الحدوث بالتغيّر بسبب وجود الملازمة بينهما وعدم جواز انفكاك احدهما عن الاخر عقلا والعلم بكلية الكبرى انما يحصل من قبل العلم بالملازمة الناشئة من كون احدهما علةً للآخر او كونهما معلّولي علة واحدة ، فان كان الوسط في القياس علةً للحكم المذگور، فالنتيجة قولك: هذا مسكر وكل مسكر حرام فهذا حرام ، فالدليل «لمّي» حيث يُستدل بوجود العلة على وجود المعلول، وان كان معلولاً كما في المقام فالدليل « إنّيّ » حيث يُستدل بوجود المعلول على وجود العلة وان كان احد معلوليّ علة واحدة فالدليل مركب « من إلانّ واللمّ » والعلم بالملازمة لايتوقف على العلم بالنتيجة لااجمالاً ولاتفصيلاً ،الاترى انك تحكم بان كل فقير يستحق الزكاة ،وكل عادل تقبل شهادته وكل عالم يجب اكرامه ،مع انك لاتعرف افراد الفقراء والعدول والعلماء فضلاً عن استحقاقهم الاحكام المذكورة .
ص: 61
فما توهّمه ابوسعيد الخير(1)، من ان الحكم بكلية الكبرى يتوقف على العلم بالنتيجة لانها من افراد الكبرى فالاستدلال بها على النتيجة مستلزم للدور ،في غاية البشاعة ولاحاجة الى الجواب عنه ،بان توقف العلم بالكبرى بالتفصيل على العلم بالنتيجة بالاجمال وتوقف العلم بالنتيجة على العلم بالكبرى بالتفصيل ،بل لامجال له لأن التفصيل لايحصل من الاجمال.
« هذا » ولابأس بذكرمناظرة بعض العلماء الطبيعيين ،وبعض علماء الاسلام حيث لا تخلو من فائدة ،وملخّصه ان الطبيعي قال :قد استقر راينا على ان للعالم اصلين قديمين: الذرات وحركاتها ،وقدتحركت الذرات القديمة مليون سنة حتى اجتمعت وحصلت منها جسم سديمية ،وهي الجسم المتخلخل ،ثم تحركت ايضاً مليون سنة حتى تشكلت بشكل كرةالشمس ،ثم تحركت مليون آخر حتى
ص: 62
انفصلت منها شبه الريم(1) من الحديدة المحماة في الكورة وهي كرة الارض ،ثم حصلت في الارض بواسطة حرارتها بذورالنباتات ،ومعادن الفلزات ،وموادالحيوانات ،ولم نر للانسان مادة في الطبقات السافلة ،ونظن انه ماخوذ من القردة بالانتخاب الطبيعي(2)
وعين الملايين في كل دورة من الادوار ،وقال العالم الموحد في جوابه: ان الذرّات والحركات كانتا قبل الملايين التي ذكرت ام لا؟ فان كانتا كما هو مقتضى قدمها بادّعائك بطل تحديدك ،فان القديم لايتحدد،وان لم تكونا كما هو مقتضى تحديدك،بطل ادّعاؤك قدمها فانت مناقض في قولك وادعائك ،ثم قال: من الضروريات ان الجسم سواء كان صغيراً أوكبيراً له شكل مخصوص ويستحيل ان
ص: 63
يكون موجوداً من دون شكل، فلو كان قديماً استحال زوال شكله وصيرورته جسماً سديمياًوشمساً وارضاً وهكذا، فخلع شكل ولبس شكل آخر ،يدل على الحدوث وعدم القدم فافحم الطبيعي.(1)
ص: 64
أقول: وفي كلام الطبيعي مفاسدأخر :
الأول :ان ماذكره دعوى من غير دليل وتخرص على الغيب،قال الحكيم ابن سينا(1):من تعود ان يصدّق من غير دليل فقد انسلخ عن الفطرة الانسانية(2).
والثاني :ان الحركات قائمة بالذرات وينعدم ويتجدد فلامجال للقول: بقدمها من وجهين.(3)
ص: 65
والثالث :ان حركات الذرات الموجبة لتشكيل كرة الشمس ان لم تَزُلْ استحال انقلاب بعضها الى كرة الارض لاستحالة انعدام المعلول مع بقاء علته، وان زالت وتجددت حركات اُخر(1)ينافي القول بقدمها.
والرابع: انه لوتجددت حركات اُخرفي كرة الشمس موجبة لاستحالة بعضها ارضاً، لزم صيرورة الشمس بتمامها ارضاً لان حركة الكرى(2) الواحدة على نحو واحد، فيستحيل ان يختلف تأثيرها وصيرورة بعضها ارضاً وبقاء بعضها على صفتها الاولى فقد اختبط خبط عشواء، واعجبمن هذا كله ظنه الفاسد بأخذالانسان من القردة بالانتخاب الطبيعي فان الطبيعة لا شعور لها تنتخب شيئاً، ولاقدرة لها على تبديل نوع بنوع آخر، فان طبيعة كل نوع انما توجب استكماله في نوعه لا استحالته بنوعٍ آخر، مثلا نطفة الانسان تستكمل بصيرورتها انساناً، ونطفة الحمار بصيرورتها حماراً، ونطفة البقر بصيرورتها بقراً وهكذا، ويستحيل
ص: 66
استكمال نطفة الحمار بصيرورتها انساناً بحسب الطبيعة نعوذ بالله من العمى والغواية.
ثم ان الطبيعة انما توجب استعداد الضعيف لقبول الكمال ولاتكون موجدة له، لاستحالة اعطاء الضعيف الكمال فلايحصل الكمال الا بفاعل مكمِّل، وايضاً الاشياء المترقية الى الكمال في كل آنٍ تخلع طبيعة وتلبس اخرى، فهي من قبيل المعدّات(1)لامن قبيل العلل لاستحالة اقتران المعلول زوال علته، وقدتبين مما بيّناه ان التغّير مطلقا دليل على حدوث المتغير سواء كان التغّير من النقصان الى الكمال او من الكمال الى النقصان، الا ان دلالة القسم الثاني على عدم قيوميته(2)اظهر.
ص: 67
المرحلة الثانية: انه لابد للعالم من صانع ومدبر واجب لذاته(1)
واما المرحلة الثانية: فهي من البديهيات الاولية أيضاً، ضرورة ان ما بالغير لابد ان ينتهي الى ما بالذات، وهذه قضية ضرورّية فطرية، فبعد ما ثبت ان العالم حادث ممكن في حد ذاته لا وجود له من قبل نفسه فلابد لوجوده من صانع وموجِد له واجب بذاته، والاّ لزم خلف الفرض(2)، وبهذا البيان تبيّن انه لا حاجة لنا في اثبات الصانع «تعالى شأنه» بالتشبث باستلزام احد المحذورين الدور او التسلسل، لو لم ينتهِ العالم الى الواجب، وقلنا: بانتهاء بعضه الى بعض آخر، فان القضيّة الفطريّة الضروريّة اوضح واظهر في اثبات المطلوب.(3)
ص: 68
ص: 69
ثم ان الاظهر في تقرير بطلان التسلسل، ان يقال: فرض تسلسل الممكنات مع عدم انتهائه الى الواجب «تعالى شأنه» انما يوجب كثرة الاحتياج لا الاستغناء اذكلما ازدادت السلسلة طولا ازداد فقراً وحاجة،ثم ان الاظهر في تقرير بطلان التسلسل، ان يقال: فرض تسلسل الممكنات مع عدم انتهائه الى الواجب «تعالى شأنه» انما يوجب كثرة الاحتياج لا الاستغناء اذكلما ازدادت السلسلة طولا ازداد فقراً وحاجة،ضرورة انّ ضمّ فقير الى فقير لايوجب الا كثرة الحاجة لاالغنى ورفع الحاجة.
وببيان آخر عطاء الممكن انما هوعلى وجه التوسط اذلاوجود له في حدنفسه وهو يتقوّم بامور ثلاثة « الواسطة ومن يتوسط عنه ومن يتوسط له » فأكثار الوسائط من دون من يتوسط عنه، وهو الواجب « تعالى شأنه » لايفيد الا كثرة الحاجة والافتقار.(1)
ص: 70
المرحلة الثالثة: في كماله « تعالى شأنه » المطلق(1)
واما المرحلة الثالثة: وهي استكمال الواجب « تعالى شأنه » بجميع صفات الكمال وتنزهه عن النقائص فتظهر كمال الظهور بالنظر في العالم المشهود الموجود بمشيّته من الانسان، وسائر انواع الحيوانات البريّةوالبحريّة واصناف النباتات والاشجار وخلق الشمس والقمر وسائر الكواكب، وايلاج الليل في النهار وايلاج النهار في الليل، وخلق الارض والسماء والهواء والفضاء وسائر موجودات هذا العالم كلها بحسب الحكمة الكاملة، والانتظام التام بحيث كلما ازداد التفكر والتدبر في حكمها ازداد التحيّر للعقلاء من جهة عدم الاحاطة بواحدة من آلاف الوف حكمها كلما قدم فكري فيك شبراًفرَّ ميلاً.(2)
ص: 71
المرحلة الرابعة: في صفاته تعالى شأنه(1)
واما المرحلة الرابعة وهي ان صفاته « تعالى » عين ذاته، فالمراد منه نفي الصفات وثبوت آثارها وترتبها على نفس الذات لان ذاته « تعالى شأنه » كامل بذاته لايتطرق فيه النقص والاحتياج حتى يستكمل بالصفات، ولايعقل ان تكون هناك صفات وهي عين الذات، ضرورة ان الصفات من قبيلالاعراض، وهي عارضة على الذات قال مولانا امير المؤمنين عليه وعلى ابنائه الطاهرين افضل صلاة المصلين « في خطبته الشريفة»(2): اول الدين معرفته،وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده،
ص: 72
وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة انها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف انه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد
ص: 73
قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه جزّاًه، ومن جزّاًه فقد جهله، الى آخر الخطبة الشريفة.
بيانه:« ان اول الدين الذي ينبغي للعاقل ان يتدين به معرفة الواجب » «تعالى شأنه» بان يتصوره في ذهنه، وكمالها التصديق بوجوده، اذلو لم يصدقه لكان تصورّه اياه تصوراً محضاً، ولم يكن عرفاناً، وكمال التصديق بهتوحيده، اذلو جعل له شريكاً كالثنوية(1)لم يكن مصدقاً به ولاعارفاً له، وكمال توحيده الاخلاص له عن مشابهة
ص: 74
المخلوقين، اذلو وحده في ذاته وجعله مشابهاً لخلقه رجع توحيده الى الشرك، لان المشابهة فرع الاشتراك في جهة من الجهات وكمال اخلاصه من المشابهة والاشتراك نفي الصفات عنه، لاستلزام التوصيف الاقتران والتثنية والتجزية كمابيّنه عليه السلام، واوضحه كمال الايضاح فيشابه المخلوقين ويرجع عرفانه الى الجهل به.وقال مولانا الرضا عليه السلام: في خطبته في مجلس المأمون « اول عبادة الله معرفته واصل معرفة الله توحيده ونظام توحيدالله نفي الصفات عنه لشهادة العقول ان كل صفة وموصوف مخلوق وشهادة كل مخلوق ان له خالقاً ليس بصفة ولاموصوف وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران، وشهادة الاقتران بالحدوث، وشهادة الحدوث بالامتناع من الازل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا ايّاه وحّد من اكتنهه، ولاحقيقته اصاب مَن مَثَّلَه، ولابه صدق من نهّاه، ولاصمدصمده من اشار اليه، ولاايّاه عنى من
ص: 75
شبّهه، ولاله تذلل من بعّضه، ولاايّاه اراد من توهّمه كل معروف بنفسه مصنوع(1)، وكل قائم في سواه معلول، بصنع الله يستدّل عليه، وبالعقول يعتقدمعرفته وبالفطرة تثبت حجتة «الخ» والخطبة مفصلة.(2)وفي بعض خطبهِ عليه السلام: اول الديانة معرفته،وكمال المعرفة توحيده وكمال التوحيدنفي الصفات عنه،لشهادة كل صفة انها غيرالموصوف،وشهادة الموصوف انه غيرالصفة وشهادتهما جميعاً على انفسهمابالبينةالممتنع فيهاالأزل فمن وصف الله فقدحدّه،ومن حدّه فقدعدّه ومن عدّه فقدابطل ازله «الخ»(3).
بيان: ان اثبات الصفات للباري تعالى شأنه يستلزم وجوهاً من الفساد:
الاول: كون الذات في حد ذاتها ناقصة مستكملة بالصفات كسائر الممكنات. الثاني: تطرق اضدادها فيه اذلايتصف شيء باحد المتقابلين الا اذا كان صالحاً
ص: 76
لاتصافه بالاخر، الاترى انه لايتصف شيئ بالحركة الا اذا كان صالحاً للسكون، وهذا من شأن المتقابلين.(1)
والثالث: ان الصفات تغاير الموصوف بالضرورة وهذا معنى شهادة كل منهما بالمغايرة للآخر فاثباتها يستلزم الالتزام بالاقتران والتثنية والتجزية والتحديد المنافية للقدم والازليّة والوجوب المجامعة للأمكان والحدوث كما بيّن في الخطب الشريفة باوضح بيان فمرجع اثبات العلم للباري تعالى الى اثبات لازمه من انكشاف الاشياء عليه بذاته لابصفة قائمة به واثبات القدرة له الى جري الاشياء طبق مشيته وعدم امتناعها من ارادته، فالتعبير بالصفات كناية عن لوازمها، ولايكون الغرض منها مفاهيمها الأولية والاّ لزم المحاذير المذكورة.(2)
ص: 77
وفي بعض خطب مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام: « وكلّ فيه تعبير اللغات، وضلّ هناك تصاريف الصفات»(1)، ولوكان الغرض من الصفات مفاهيمها الاولية لم يكن في تعبير
ص: 78
اللغات كلال ولافي تصاريف الصفات ضلال، وانما ضلّ هناك تصاريف الصفات لان مرجع الكل الى كمال الذات بذاته، وترتب لوازم الصفات من قبل الذات فلا تكون هناك صفات متغايرة.
والى مابيناه ينظر ماورد من انه«تعالى» عالم قبل العلم بغير علم، وقادرقبل القدرة بغير قدرة،(1)فانه لامعنى لتوصيفه بالعلم والقدرة ونفيهماعنه، وجعلاتصافه بهما قبل وجودهما الاماذكرناه، من ان الغرض اثبات لوازمهما والتنبيه على كمال الذات
ص: 79
واستغنائه عن الصفات ولايكون التعبير بالصفات حينئذ مجازاً بل كناية والكناية من اقسام الحقيقة لاالمجاز.
ثم انك- بعد ماعلمت انّ كلّ موجود من موجودات العالم وماهو من شئونها من جواهرها واعراضها حادث لتطرّق التغيّر فيها- تعلم ان الباري-«تعالى شأنه» منزه عنها اذلايجتمع الحدوث مع القدم والامكان مع الوجوب، وكل مااوجده الباري «تعالى» واخرجه من كتم العدم الى عالم الوجود متصف بصفة الامكان والحدوث، فلايتطرق فيه(1)«تعالى شأنه» وقد نبّه مولانا الرّضا « عليه وعلى آبائه الطاهرين وابنائه المعصومين سلام الله » على هذاالمعنى في مواضع من خطبته الشريفة المفصلة، فقال عليه السلام:
« بتشعيره المشاعر عُرِفَ ان لامشعرله، وبتجهيره الجواهر عُرِفَ ان لاجوهر له، وبمضادّته بين الاشياء عُرِفَ ان لاضدله،وبمقارنته بين الامور عُرِفَ ان لاقرين له، ضادّالنورَ بالظلمة، والجلاءبالبهم، والجسو بالبلل،والصردبالحرور، مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها،دالة بتفريقها على مفرقها، وبتاليفها على مؤلفها، ذلك قوله عزوجل:
ص: 80
ومن كل شيئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون، ففرق بين قبل وبعد ليُعلم ان لاقبل له ولابعد شاهدة بغرائزها ان لاغريزة لمغرزها، دالة بتفاوتها ان لاتفاوت لمُفاوتِها، مخبرة بتوقيتها ان لاوقت لموّقتِها، حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لاحجاب بينه وبينها من غيرها.(1)وقد صرّح به ايضاً في آخر خطبته عليه السلام فقال: ولاديانة الابعد المعرفة، ولامعرفة الا بالاخلاص، ولااخلاص مع التشبيه، ولانفي مع اثبات الصفات للتشبيه، فكلِّ مافي الخلق لايوجد في خالقه وكل مايمكن فيه يمتنع في صانعه، لاتجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ماهو اجراه اويعود فيه ماهو ابتداه اذاً لتفاوَتَت ذاته
ص: 81
ولتجزى كنهه وليمتنع من الأزل معناه، ولما كان للباري معنى غير المبرؤ ولوحُدَّ له ورآءٌ اذاً حُدَّ له امامٌ ولوالتمس له الأ تمام اذاًلزمه النقصان كيف يستحق الأزل من لايمتنع من الحدث وكيف ينشئي الاشياء من لايمتنع من الانشاء؟ واذاً لقامت فيه آية المصنوع ولتحوّل دليلا بعد ماكان مدلولاعليه(1) وهذه البيانات الشريفة عليها سيماء الوحي كاشفة عن عصمته وامامته روحي فداه.
فان قلت: ينافي مافي هذه الخطبة الشريفة مع ماثبت بالضرورة، من ان معطي الشيء لايكون فاقداً له وقد نظمه بعضهم بالفارسية فقال:ذات نايافته از هستي بخش *** كي تواند كه شود هستي بخش(2)
قلت: قدثبت بالضروره ان معطي الكمال لابدان يكون كاملا وكماثبت بالضرورة ان يكون كاملاً ثبت بالضرورة ان يكون كاملاً بذاته لابالعرض ومقتضى كماله بذاته
ص: 82
تنزهه عن الجواهر والاعراض، وامتناعه عما يتطرّق في الممكنات والا عاد الواجب ممكناً.
فان قلت: من جملة فقرات خطبته الشريفة كيف ينشيء الاشياء من لايمتنع من الانشاء ولاامتناع عقلا في انشاء الاشياء ممن لايمتنع من الانشاء.
قلت: من لايمتنع من الانشاء ممكن حادث وهو لايقدر بالضرورة على الأنشاء لان انشاء الاشياءِ عبارة عن ايجادها لامن شيء كان قبله وهو يختص بالواجب «تعالى شأنه» والممكن الحادث انما يقدر على تركيب الاجزاء الموجودة في الخارج وتأليفها بتوسط الالات والادوات حيث يكون قادراً، واما الانشاء فأنما يكون بالمشّيئة وهو يستحيل من الممكن الحادث بالضرورة.
المرحلة الخامسة: في توحيده جل وعلا(1)
واما المرحلة الخامسة وهي توحيد البارى تعالى شأنه فكل موجود من موجودات العالم يدل على انه واحد فرد لاثاني له ولانظير.
بيانه ان تغيّر كل موجودمنها يدل اولا: على امكانه وحدوثه
ص: 83
وثانيا: على صانعه وموجِده
وثالثاً: على عدم تطرّق التغيّر بأنحائه واقسامه فيه والاعاد الصانع مصنوعاً والباري مبروأً، والقديم حادثاً فوحدة الصانع «تعالى» لاتكون وحدة شخصية بمعنى انه فردمن النّوع،بل بمعنى انه لاشبيه له، ولانظير ليس مركباً خارجيّاً ولا تحليلياً، ومااشتهر من انّ واجب الوجود كلّي منحصر في فردمع امتناع غيره غلط فاحش، اذلوكان كذلك لزم تركبّه من الوجودوالماهيّة وان يكون حادثاً وواحداً عدديّاً لإمكان تعدد افراده ذاتاً حينئذ وان امتنع عَرَضاً.
قال مولانا اميرالمؤمنين عليه وعلى ابنائه الطاهرين افضل صلوات المصلين: في جواب اعرابي سأله عن توحيد الباري «تعالى شأنه» « يااعرابي ان القول: في ان الله واحدعلى اربعة اقسام، فوجهان منها لايجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصدبه باب الاعداد فهذا مالايجوز، لان مالاثاني له لايدخل في باب الاعداد، اما ترى انه كفر من فال: ثالث ثلاثة، وقول القائل:هوواحد من الناس يريدبه النوع من الجنس(1) فهذاما
ص: 84
لايجوز عليه، لانه تشبيه وجَلَّ ربناعن ذلك وتعالى واما الوجهان اللذّان يثبتان فيه فقول القائل: هوواحد ليس له في الاشياء شبيه(1) كذلك ربنا، وقول القائل انه «عزوجل» أحدِّي المعنى يعني به انه لاينقسم في وجود ولاعقل ولاوهم كذلك ربنا عزوجل»(2)ومعنى عدم تطرق التركيب فيه خارجاً، وعدم انقسامه في عقل: عدم تطرق التركيب فيه من الوجود والماهيه، وانما عبرعنه بالانقسام العقليّ لان تركّب الموجودمنهما انما يعرف بالعقل لابالحسّ، ومعنى عدم انقسامه في وهم: عدم تطرق التركيب فيه من الجنس والفصل، وانما نسبه الى الوهم لان تركيب الموجود من الجنس والفصل ادقّ من تركيبه منالوجودوالماهية فاذا حكم العقل بعدم تطرق التركيب فيه لاستلزامه التغير الملازم للحدوث، يحكم بانه لاشبه له ولانظير.
ص: 85
الجواب عن شبهة ابن كمونة(1)
وبما بيّناه تبيّن ان شبهة ابن كمونة الملقب بافتخار الشيطان(2)،من جواز فرض وجودواجبين كل منهما بسيط لاتركب فيه اصلاً ممايضحك منه الشيطان المفتخربه، ويتعجب منه لانَّ فَرْضَ وجود المتعددمن مفهوم لاينفك عن جامع ومائز والاّ لم يتعدد،(3)
ص: 86
ادلة اخرى : في توحيده(1)
ثم ان اثبات توحيدالباري «تعالى شأنه» على هذين الوجهين من تغيّرالعالم كما بيّناه وأوضحناه ممايدركه الخواص ولنذكرمن الادلة القاطعة على توحيده «تعالى شأنه» ما يدركه جميع طبقات الناس.
منها قوله:«عزمن قائل» (ولوكان فيهماآلهة الاالله لفسدتا)(2) بيان الملازمة ان القائل: بتعدد الالهة ان كان من الثنوية القائلين بخالق الخير المسمّى عندهم يزدان وخالق الشر المسمّى باهريمن، فهمامتعارضان ابداًلايجتمع رايهما على امر واحد ضرورة ان الخيروالشر لايجتمعان في محل واحد، فكل منهمايريد خلاف مايريده الاخرويكون قادراً على امضاء مايريده ولاتحديد في قدرته لان المفروض انه اله ولوفرض ان احدهما محدود تحت قدرة الآخرفلايكون المحدود إلهاً، ولوفرض انهما محدودان فلايكونكل
ص: 87
منهماالهاً،وان كان القائل بتعددالآلهة قائلابانهما حكيمان لايريدان الامافيه صلاح وحكمة وجب في الحكمة ان يعرِّفاانفسهماللعبادولا يتم تعريف كل منهماانفسهما للعبادالابمخالفته للآخرفي الخلقة حتى تعرف العبادان للعالم الهاً آخراً قادراًعلى الخلقة فيلزم الفساد.(1)
ومنها:مانبه عليه مولاناالصادق عليه السلام: في اثبات التوحيدللمفضل،من ان العالم الكبير مثل العالم الصغير وهو بدن الانسان يرتبط كل جزءمنه بالاخرولايتم مصلحة كل منهاالابمعونة الآخر مثلا تربية موجودات العالم السفلي من الحيوانات والنباتات والجمادات البّرية والبحرية يحتاج الى اختلاف الليل والنهار واختلاف الفصول الاربعة، ولايحصل الاباختلاف سيرالشمس والقمر والكواكب من موجودات العالم العلوي والصنع واحد يدل على صانع واحد.(2)
ص: 88
توضيح الامر:لوكان للعالم المشهود صانعان لاستّقل كل منهما بماصنع ولم يكن صنعة كل منهما محتاجة الى صنعة الآخر فارتباط كل جزءمن اجزاء العالم واحتياجه الى الآخر يدل على عدم الاستقلال في الصنعة وعدم الاستقلال مناف لتعددالالهة.
ومنها:مانبه عليه مولانااميرالمؤمنين عليه السلام: لابنه محمّدبن الحنفية « يابني لوكان مع الله اله آخر لاتتك رسله وانزل كتبه عليهم(1)» بيان الملازمة انه كماوجب على الله في الحكمة بعث الرسول وانزال الكتب اتماماً للحجة على العباد كذلك وجب على الأله الآخر لوكان فعدم اتيان الرسل وانزال الكتب من قبله، يدل دلالة قطعية على عدمه لان الأله لايخل بالحكمة.
ومنها:ان رسل الله المؤيدين بالمعجزات الظاهرة الدالة على انهم مبعوثون من قبل الله«تعالى» اخبرواجميعاً بتوحيده ونفي الشرك ولاريب في انهم صادقون مصدقون.
ص: 89
قدتوهم بعضهم ان هذه الأدلة الأربعة انما تدل على عدم وجودالاله الآخر لانفي امكانه، ولايكمل التوحيد الابنفي الشرك وجوداًوامكاناً وهووهم فاحش، لأن الأله هوالقديم الواجبُ بذاته فأن جاز وجوده فهوموجود لانه واجب الوجود ولايعقل ان يكون ممكناًغير موجودفي الخارج، اذلايجامع الوجوب مع الامكان الخاص(1)فانتفاء وجوده في الخارج يدل على انتفائه امكاناًووجوداً، مع ان الدليل الرابع ينفي الشرك وجوداً وامكاناً مع قطع النظر عمابيّناه، لأنّ الأنبياء والرسل سلام الله عليهم نفوا الشرك وجوداً وامكاناً.
المرحلة السادسة: ان وجوده تعالى ليس مشتركاً مع وجود الممكنات(2)
واما المرحلة السادسة وهي افتراق وجود الواجب «تعالى شأنه» عن وجودالممكن وعدم اتحادهما في الحقيقة واختلافها في المرتبة كسائر الحقائق المشككة فتدل عليه امور:
الاول: انه لواشترك الوجودبين وجودالواجب «تعالى»ووجود الممكن على سبيلا
ص: 90
لاشتراك المعنوي وان اختلافهما في الوجوب والامكان باعتبار اختلاف المرتبة، لزم ان لايكون الوجود مع قطع النظر من مرتبتيه متصفاً بصفة الأمكان والوجوب والأتصاف بهما انما يحدث فيه بواسطة مرتبتيه فيكون الاتصاف بهما عرضياً لاذاتياً وهوباطل بالضرورة.
وببيان آخر:الوجودالمشترك بين المرتبتين اماواجب اوممكن اوليس بواجب ولاممكن فان كان واجباً لزم ان يكون جميع مراتبه واجبة وان كان ممكنالزم ان يكون جميع مراتبه ممكنة بذاته ولوصار واجباً بالعرض،وان لم يكن ممكناًولاواجباً، فمع فرض تصوّره يلزم ان لايكون وجوبه وامكانه ذاتيين بل عرضيين وهو اقبح فساداً.
فان قلت: انما يلزم ماذكرت اذاكانت المراتب صفات خارجة عارضة على الوجود،واما اذاكان اختلاف المرتبة باعتبار شدة الوجود وضعفه كالنور القوي والضعيف فلا يلزم ذلك اذ المرتبة حينئذ من جنس الوجود لاامر خارج عنه، قلت: مايقبل المتقابلين من الشدة والضعف فهوفي حدنفسه خال عنهما فأتصافه باحدهما زائد على ذاته موجب لتغيّره عماهو عليه ولايتصف بصفة الأمكان اوالوجوب الابعد اتصافه باحد المتقابلين من الشدة والضعف الخارجين عن ذاته، بل يلزم حينئذ ان يكون
ص: 91
الواجب وهو الوجود الشديد منقسماً في عقل اووهم لرجوعه تحليلا الى صفة وموصوف.
الثاني: انه اذافرض اشتراك الوجود بين وجودالواجب ووجود الممكن،وفرض ان الوجود الضعيف ممكن ذاتاً لايعقل ان يكون الشديد واجباً بذاته لان شدة الشيء وقوّته انما توجب الشدة في الأثر لا انقلابه عمّا كان عليه ذاتاً كالنور، فان الضعيف منه يوجب رفع الظلمة في الجملة والقوي منه اشدُّ تأثيراً في رفع الظلمة لا انقلابه عما كان عليه ذاتاً.
الثالث: ان الوجود الشديد عندهم ماكان مطلقاً مجرداً عن القيود لعمومه وشموله جميع الموجودات، والضعيف ماكان مقيداً وتختلف مراتب ضعفه باختلاف مراتب القيود فالجزئي الخارجي اضعف من النوع وجوداً، والنوع اضعف من الجنس القريب كذلك، وهو اضعف من الجنس البعيد الى ان ينتهي الى الوجود المطلق فهو لاطلاقه وتجرده عن القيد اشدواقوى من الجميع، وهو واضح البطلان، لأنّ الوجود الذي يتطرق فيه التحديدوالاتحاد مع الماهية هويّةً وخارجاً لايتم الا بالتعين التام وهو التشخص،ضرورة ان الشئ مالم يتشخص لم يوجد كماانه مالم يوجد لم يتشخص فمطلق
ص: 92
الوجود الذي يتطرق فيه التحديد والأتحاد مع الماهيّة في الخارج لايكون وجوداً الاّبعد تشخّصه وتعيّنه في الخارج وقبله يكون مبهماً ومفهوماً محضاً لاعين ولااثر له في الخارج ووجود الواجب«تعالى شأنه» لايكون محدوداً بمعنى انه لايتطرّق فيه التحديد لاانه يتطرّق فيه التحديد ويكون غير محدود فليسوجوده «تعالى» من سنخ وجودالممكن مختلفاً معه في المرتبة كما زعمته جماعة من الصوفية ومن يحذو حذوهم(1).
هذا، وقد أستدل على اشتراك الوجود بين الواجب والممكن بوجوه:
الاول: صحة تقسيم الوجود الى الممكن والواجب ولايصح التقسيم مع عدم اشتراك الاقسام في المَقسمَ.
والثاني: اتحاد معنى العدم الذي هونقيض الوجود ونقيض الواحدواحد والاّ ارتفع النقيضان.
ص: 93
والثالث: ان جميع موجودات العالم آيات وعلامات لوجود الباري «جل جلاله» ويستحيل أن يكون بين الشئ وعلاماته تباين من جميع الوجوه بل يكون كالفيى من الشيء،وهل تكون الظلمة آية النور والظل آية الحرور.
والرابع: لزوم التعطيل عن معرفة ذاته وصفاته ان قلنابعدم وجود القدر المشترك بين وجود الواجب والممكن، لانا اذا قلنا: أنه موجود وفهمنا منهذلك المفهوم البديهي الواحد في جميع المصاديق فقد جاء الأشتراك وان لم نحمل(1)على ذلك المفهوم بل على انه مصداق لمقابل تلك الطبيعة ونقيضها(ونقيض الوجودهو العدم ) لزم تعطيل العالم عن المبدأ الموجود نعوذ بالله منه، وإن لم نفهم شيئاً فقد عطلنا عقولنا عن المعرفة وهذه الوجوه هي عمدة مااستدلوا بها على اشتراك الوجود بين الواجب والممكن، والكل في غير محله.
اماالاول: فلان التقسيم كما يصح مع وجود المقسم واشتراكه بين الاقسام على سبيل الحقيقة كذلك يصح باعتبار اشتراك الاقسام في بعض آثارالمقسم فأن اثر الوجود
ص: 94
ثابت في الممكن والواجب فلاينافي حينئذ صحة التقسيم مع ما بيناه من استحالة الاشتراك المعنوي.
واماالثاني(1): فلان النقيضين انمالا يجوز ارتفاعهما عن محلهمامثلا العلم والجهل لايرتفعان عن الذهن الذي هو محل العلم والجهل، ولكن يرتفعانعن اليد مثلاً لانها ليس
ص: 95
مورداً لهما والحركة والسكون لايرتفعان عن الجسم الذي هو محل لهما، ولكن يرتفعان عن العلم فاليد لاعالم ولاجاهل، والعلم لامتحرك ولاساكن، وكذلك الوجود الذي يتطرّق فيه التحديد والاتحاد مع الماهية هويّة وخارجاً هو ونقيضه طرفان للماهية فلايرتفعان عنها وهي اماموجودة اومعدومة، واماالواجب «تعالى شأنه» فلا ماهية له حتى يتطرّق فيهالوجود الذي يتطرّق فيه التحديد اونقيضه فوجوده «تعالى» اجل و ارفع واعلى من هذا الوجود الذي يتطرق فيه التحديد.
واماالثالث: وهو كون موجودات العالم آيات وعلامات للباري«تعالي شأنه» ففيه: انه لايتوقف كونها علامات على وجود سنخية بينها وبينه ويكفي فيه انها حادثة محتاجة الى مدبّر وصانع دبّرها وصنعها على هذا الوجه المنّظم، بل تدلّ على عدم المشابهة والسنّخية بينها وبينه والاّ عاد الصانع مصنوعاً والمدبّر مدبَّراً، وتَوَّهُمُ انه «تعالى» علة لوجود العالم وهو معلول عنه ومن شرائط العلة تحقق السنخيّة بينهما كسنخية الشيء والفيى وَهْمٌ واضح، فانه«تعالى شأنه» موجِدُ الاشياء وفاعلها بمشيّته ولاتلزم السنخية بين الفاعل المختار وافعاله وانما تجب السنخية بين العلل المضطَّرة ومعلولاتها كالنار واحراقها مثلاً.
ص: 96
واماالرابع: وهولزوم التعطيل على فرض عدم الاشتراك بين وجود الممكن والواجب، فأقبحُ من الجميع لان تنزيهَ الواجب «تعالى شأنه» عن الوجود الذي يتطرّق فيه التحديد لايوجبُ التعطيلَ وانما يوجب سلبَ النقائصِ عنه «تعالى شأنه» وقوله: اذاقلنا: بانه موجود فان فهمنا منه هذا المفهوم البديهي الواحد في جميع مصاديقه فقد جاء الأشتراك، وان لم نفهم شيئاً فقد عطلنا عقلنا عن المعرفة، ففيه: انه نفهم منه هذا المفهوم البديهي كما نفهم من قولنا: (انه سميع بصير عالم قادر) مفاهيمَها الاوليه، ولكن نريد منها لوازمها لعلمنابعدم تَطرّق الصفات فيه «تعالى شأنه» كذلك ننتقل من قولنا: انه موجودالى الوجود الذي لايتطرّق فيه التحديد والاتحاد مع الماهية هويّة وخارجاً،ومن المعلوم انه ليس من مراتب الوجود الذي يتطرّق فيه التحديد وان اشترك معه في التعبير فالواجب تعالى شأنه كماانه لاتتطرّق فيه الماهيات من الجواهر والاعراض لامكانها وحدوثها لايتطرّق فيه الوجود الذي يتطرق فيه التحديد والاتحاد مع الماهية خارجاً لامكانه وحدوثه.
ص: 97
فان قلت: انا لانعقل وجوداً غير هذا الوجود الذي يتطرّق فيه التحديد قلت: (ان)(1) اريدمن عدم تعقله عدم معرفة هذاالوجود بكنهه فهو كذلك، بل يجب ان يكون كذلك لتنزهه عما يوجد في الممكن والبشر لايحيط تصوّره بما هو فوق الممكن، وقد وردعنهم عليهم السلام: كلما ميزّ تموه باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم(2)، وان اريد من عدم تعقلّه عدم معرفته حتى بالوجه فهو ممنوع لأن الآيات الدالة على وجوده وتنزيهه عن كلّ ما يوجد في المخلوق كاف في معرفته «تعالى شأنه» بوجهه.
بحث حول اصالة الماهية والوجود(3)وقد تبيّن مما بينّاه واوضحناه ان توحيد الباري «تعالى شأنه» لايتوقف اثباته على القول: باصالة الوجود لما تبيّن لك من تنزّهه«عزوجل» عن الماهية والوجود الذي يتطرّق فيه الاتحاد معها هويّةً وخارجاً، مع انه لايعلم معنى محصل لهذا المبحث لان المراد من
ص: 98
الأصالة ان كان هوالاستقلال في الوجود كما يظهر من تعليلهم عدم اصالتهما معاً، بانهما لو كانا اصيلين معاً لزم ان يكون كل شيئ شيئين، ففيه: انه لااستقلال لكل منهما فيلزم ان لايكون شيء منهما اصلاً، اذكما ان الماهية من دون الوجود مفهوم محض وموهوم صرف كذلك الوجود من دون الماهية لايكون وجوداً فأن الوجودمالم يتعيّن بالماهيّة و مالم يتشخص بالمشخصات لايكون وجوداً، ضرورة ان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد كما انه مالم يوجد لم يتشخص فهما جزآن تحليليان لكل موجود ممكن، وقد اشتهر ان كل ممكن زوج تركيبي وكل زوج تركيبي ممكن فلايتحقق موجود في الخارج الابهما فهما سيّان في احتياج الوجود الخارج وتحققه الى تركّبه منهما فلا وجه لان يكون احدهما اصلاً والآخر اعتبارّياً، مع ان اصالة الوجود واعتباريّة الماهيّة ينافي مع ما ذكروه في المنطق من تقسيم الكلّي الى الذاتيّ والعرضّي والذاتيّ الى ما هو ذات الشيء وحقيقته وهو النوع والى ما هو جزء الذات وهو الجنس والفصل والعرضيّ الى العرض العام والخاص، اذلا يُعقل ان يكون ماهو ذات الشيء او جزء ذاته اعتباريّاً، وايضاً لوكانت الماهية امراً اعتبارياً لزم ان تكونالانواع المختلفة الحقائق كالأنسان والفرس والبقر والغنم والشجر والحجر وهكذا نوعاً واحداً، لان الامر الاعتباريّ لايوجب اختلاف الحقيقة حتى
ص: 99
تصير أنواعاً، وليس في البين سوى الوجود والماهيّة، والوجود حقيقة واحدة ذومراتب عندهم، والحاصل ان كان المراد من الاصل الاستقلال في الوجود لايكون شيء منهما اصلا لعدم استقلال كل منهما في الوجود.
وان كان المراد منه(1) عدم الخروج عن ذات الشيء فهمااصلان، لان الموجود من الممكنات مركب منهما ولا منافات في كون كل منهما اصلاً حينئذ، فكما ان الجنس والفصل اصلان للنوع لتركبه منهما فكذلك الوجود والماهية بالنسبة الى الموجود من الممكنات لتركبه منهما.
وان كان المراد من الاصل وعدمه المتبوع والتابع من دون ان يكون التابع امراً اعتبارياً فيختلف الامر باختلاف الاعتبار فبلحاظ التحليل في مرحلة التصور يكون الوجود عارضاً وتابعاً والماهية معروضاً ومتبوعاً فتكون الماهيّة حينئذ اصلاً، ويقال: الانسان موجود.
وبلحاظ صفحة العين والخارج تكون الماهية حداً والوجود محدوداً، فيكون الوجود حينئذ اصلا، ويقال: وجود الانسان والفرس والشجر والحجر مثلا.
ص: 100
وان كان المراد من الأصل، الحاصل في الأعيان ومن الأمر الاعتبارّي ما كان الخارج ظرفاً لنفسه لالحصوله كما اشتهران كلما لزم من وجوده التكرر فهو امر اعتبارّي تكون الماهية اصلا، كما اختاره الشيخ شهاب الدين السَهروردّي(1)
ضرورة ان الموجود في الاعيان هي الماهية، واما الوجود فالخارج ظرف لنفسه لالوجوده.(2)
ص: 101
ص: 102
ص: 103
الخاتمة(1):
ولنختم الكلام بما رواه الصدوق قدس سرّه في توحيده، عن السيد الجليل عبد العظيم الحسنيّ رضوان الله عليه، قال: حدثنا علي بن احمدبن محمدبن عمران الدقاق، وعلي بن عبدالله الوراق، قالا: حدثنا محمدبن هرون الصوفي، قال: حدثنا ابوتراب عبيدالله بن موسى الرؤياني،عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، قال: دخلت على سيّدي علي بن محمدبن علي بن موسى بن جعفربن محمدبن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام: فلما بصرني، قال: لي مرحباً بك، يااباالقاسم انت وليّنا حقاً، قال: فقلت له يابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلّم اني اريد ان اعرض عليك ديني فان كان مرضياً أثبتُ عليه حتى القى الله «عزوجل» فقال: هات يااباالقاسم، فقلت: اني اقول: ان الله «تبارك وتعالى» واحد ليس كمثله شيء خارج عن الحدّين حد الابطال وحد التشبيه، وانه ليس بجسم ولاصورة ولاعرض ولاجوهر، بل هومجسّم الاجسام ومصوّر الصوروخالق الاعراض والجواهر وربّ كل شيء ومالكه وجاعله ومُحدِثه، وان محمداً (صلى الله عليه واله) عبده ورسوله خاتم النبيين فلانبّي بعده الى
ص: 104
يوم القيامة، واقول: ان الامام والخليفة ووليّ الامر من بعده اميرالمؤمنين على بن ابيطالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمدبن علي ثم جعفربن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمدبن علي ثم انت يامولاي، فقال عليه السلام: ومن بعدي الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده، قال: فقلت: وكيف ذاك، يامولاي، قال: لأنه لايُرى شخصُه ولايَحلُّ ذكرُهباسمه حتى يخرج فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً،(1)فقلت: اقرَرْتُ.
واقول: ان وليّهم ولي الله وعدوّهم عدوّالله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله، واقول: ان المعراج حق والمساءله في القبر حق وانّ الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق، وان الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور.
ص: 105
واقول: ان الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلوة والزكوة والصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقال علي بن محمدعليه السلام: يااباالقاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فأَثبتْ عليه تبّتك الله بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الاخرة.(1)اقول(2): وانا العبد الذليل علي بن محمدبن علي الموسوي البهبهاني اشهد بما شهدبه السيد الجليل عبدالعظيم الحسني سلام الله عليه: واسئل الله«تعالى شأنه» ان يثبتني عليه ويحشرني مع ساداتي وموالّي آبائي الطيبين الطاهرين المعصومين سلام الله عليهم اجمعين، وقد فرغت من تأليف هذه الوجيزة في الرابع والعشرين من شهر صفر المظفر سنة الرابعة والثمانين بعد الالف وثلثمائة من الهجرة على مهاجرها الاف الصلوة والثناء
ص: 106
والتحية حررحروفها الأقل ناصربن محسن الحمادي رجاء للعفو والمغفرة من الله وامنائه.
واخيراً نشكر سماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ عبدالرحيم السليماني سبط مولانا المصنف قدس سره لما ابداه من اهتمام في مراجعة وتصحيح هذا الكتاب وكذلك نشكر سماحة حجة الاسلام الشيخ حسين علافجيان لمساعدته في تهيأة الكتاب للطبع وكذلك نشكر الاخ المحترم السيد نورالدين مجتهدزاده حفيد مولانا المصنف قدس سره لاهتمامه في نشرو طبع هذا الكتاب فجزاهم الله خير الجزاء.
ص: 107
المقدمة 3
مباني المصنف العقلية 5
اسئله في التوحيد 6
في رد كونه جل وعلا مساوياً للوجود 8
في رد كونه جل وعلا لايصدر منه الا الوجود 11
في رد كونه جل وعلا كل الوجود 12
في رد ان بسيط الحقيقة تمام الاشياء 14
في بيان مغالطات الاستدلال 16
في رد كونه جل وعلا صرف الوجود 21
كلام ابن سينا حول استحالة التعرف على كنه الاشياء24
نظرية الفيض الالهي 27
هل ان العالم مظهر وجوده عزوجل 28
هل ان العالم ظل الله جل وعلا 31
في الجواب على فكرة الوجود التعلقي والربطي31
هل انه عزوجل خلق الاشياء من كتم العدم 36
في الجواب عن ممانعة الاشياء لوجوده جل وعلا 38
في انه عزوجل فاعل بالارادة والاختيار 40
ص: 108
كلام الشيخ الانصاري في بداهة حدوث العالم 40
كلام السيد المروج حول فاعليته تعالى 43
في الجواب عن قاعدة ان الواحد لايصدرمنه الا واحد 45
في استحالة السنخية بين الخالق والمخلوق 46
في بطلان سائر الاقوال في فاعليته تعالى 47
مقدمة المؤلف 54
المرحلة الاولى: في اثبات حدوث العالم وبطلان ازليته55
اقسام التغير 57
البرهان على ان من اشتمل على الحوادث فهو حادث 59
مناظرة مع بعض الطبيعيين 62
المرحلة الثانيه: في لا بديّة وجود الصانع والمدبر للعالم 68
المرحلة الثالثة: في كماله المطلق عزوجل 71
المرحلة الرابعة: في صفاته جل شأنه 72
المرحلة الخامسة: في توحيده جل وعلا 83
الجواب عن شبهة ابن كمونة 84
ادلة اخرى : في توحيده 87
تنبيه90
ص: 109
المرحلة السادسة: ان وجوده جل وعلاليس مشتركاً مع وجود الممكنات 90
بحث حول اصالة الماهية والوجود 98
تبصرة حول المكاشفات والالهامات 102
الخاتمة104
شكر وتقدير 107
الفهرست108
ص: 110