اصطفاء الأنبیاء علیهم السلام علی الخلق

هوية الکتاب

اصطفاء الأنبياء علیهم السلام على الخلق

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م العراق: كربلاء المقدسة شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

ص: 2

سلسلة الأنبياء في نهج البلاغة (12) اصطفاء الأنبياء علیهم السلام على الخلق تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م العراق: كربلاء المقدسة شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع:

www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

«وَاصْطَفى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدَهِ أَنْبيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ وَعَلَى تَبْليغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللهِ إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ واتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ وَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرفَتِهِ وَاقتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ» نهج البلاغة: الخطبة الأولى، ج 1، ص 28.

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله الطيبين الأخيار.

وبعد:

فهذه سلسلة خاصة بما ورد في كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حول بعض الأنبياء عليهم السلام وقد تناول فيها الإمام جوانب مختلفة من حياتهم وما ارتبط بهم ابتداءً من آدم عليه السلام حيث بيّن الإمام علي عليه السلام العلة في خلقه وما رافق هذا الأمر من ابتلاء للملائكة وغير ذلك مما ارتبط بهذه الشخصية.

والحديث في نهج البلاغة عن الأنبياء عليهم السلام لم یکن شاملاً لجميع الأنبياء وإنما يكتفي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بذكر بعضاً فهم،

ص: 7

وهم (آدم وموسى وعيسى وداود ويحيي وسليمان والحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أخذ الحيز الأكبر من البيان والتعريف في كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

ولذا:

وجدت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تضع بين يدي القارئ الكريم هذا البيان الوارد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الشخصيات الربانية ضمن هذه السلسلة مع بيان موجز لما أورده الشراح لكتاب نهج البلاغة فضلاً عن رفد هذه الألفاظ الشريفة بما يناسبها من روایات شريفة نبوية عن آل البيت عليهم السلام بغية الوصول إلى معنی واضح يأخذ بأيدينا ويد القارئ الكريم إلى ما يحب الله ويرضى.

السيد نبيل الحسني

مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها»(1)، والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد..

فإن الله اختار من بين خلقه أنبياء ليكونوا أمناءه على وحيه وكان هذا الاختيار في تلك

ص: 9


1- من خطبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام: الاحتجاج، للشيخ الطبرسي، ج 1، ص 132؛ بلاغات النساء لابن طيفور، ص 15

العوالم الأخرى التي سبقت عالم الدنيا، فأخذ عليهم العهد والميثاق بأن يشهدوا أن لا إله إلاّ هو سبحانه، وأن يصدق بعضهم البعض وأن لا يقولوا على الله إلا الحق وما أمرهم الله به.

ثم أخذ الله العهد والميثاق على جميع الخلق فشهدوا بأنه ربهم وخالقهم، وحينما خلقهم وأهبطهم إلى الارض بدّل كثير منهم تلك العهود والمواثيق التي أُخذت منهم، فخالفوا أوامر الله، فبعث الله رسله الذين اختارهم واجتباهم، لأن الهدف من بعثة الأنبياء هو تذكرة الناس بتلك العهود والمواثيق المأخوذة عليهم في تلك العوالم، ونعني بالميثاق میثاق الفطرة وهو توحيد الله عز وجل، فحينما أشهدهم الله ألستُ بربکم؟ قالوا بلى، فلما نقلهم الله إلى عالم الدنيا عبدوا الاصنام

ص: 10

وأطاعوا الشيطان وانحرفوا عن الفطرة التي فطرهم الله عليها، فأرسل الله لهم رسله لهدايتهم وتذكيرهم، لأن أغلب الناس صاروا مشركين، قال تعالى: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ»(1).

محمد حمزة الخفاجي

ص: 11


1- یس: 60 - 62

ص: 12

المسألة الأولى

الاصطفاء في اللغة

الاصطِفاءُ: الاختِيارُ، افتِعالٌ من الصَّفوَةِ.

ومنه: النبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، صَفوَةُ الله من خَلقِه ومُصطَفاةُ، والأَنبِياءُ المُصطَفَونَ، وهم من المُصطَفَين إذا اختِيرُوا، وهُمُ المُصطَفُون إذا اختاروا، وهذا بضم الفاء.

وصَفِيُّ الإِنسانِ: أَخُوه الذي یُصافِيه الإِخاءَ، والصَّفِيُّ: المُصافِي، وأَصفَیتُه الوُدَّ: أَخلَصته وصَافيتُه.

وتَصافَينا: تخالَصنا، وصافَي الرجلَ: صَدَقَه الإِخاءَ، وصَفِيُّكَ: الذي يُصافِيكَ.

ص: 13

والصَّفِيُّ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ. واصطفاه: أَخذَه صفيّاً)(1).

وجاء في شرح أصول الكافي (الاصطفاء الاختيار يقال: اصطفيته أي اخترته، والمصطفی بصيغة الإفراد أو الجمع بإسقاط النون للإضافة، والإضافة إمّا بيانيّة أو بتقدير من

والخيرة مثال العنبة والسيرة إمّا بمعنی المختار أو بمعنى الاختيار وقد استعملت فيهما كما في قولهم محمّد صلى الله عليه وآله خيرة الله وقوله تعالى:

«مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ»(2).

ص: 14


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 14، ص 463
2- شرح اصول الكافي، ج 1، ص 37

المسألة الثانية

قوله عليه السلام: «وَاصطَفَى سُبحانَهُ مِن وَلَدِهِ أَنبياءَ»

أي اختار سبحانه من ولد النبي آدم عليه السلام أنبياء يكونوا حجج الله على الخلق، قال تعالی:

«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(1).

جاء في تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه

ص: 15


1- آل عمران: 33 - 36

السلام قال:

«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» قال: نحن منهم ونحن بقية تلك العترة(1).

إن الله اختار الأنبياء آدم ونوحاً و آل ابراهيم وهذا الاختيار كما أشرنا في بادئ الكلام كان قبل هذا العالم، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«إن بعض قریش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شيء سبقت الأنبياء وفُضِلت عليهم وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال:

«إني كنت أول من أقر بربي جل جلاله، وأول من أجاب، حيث أخذ الله میثاق النبيين، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، فكنت أول نبي قال

ص: 16


1- تفسير العياشي، ج 1، ص 168

(بلي) فسبقتهم إلى الإقرار بالله عز وجل»(1).

فهذه الرواية وكثير من الروايات الاخرى تشير إلى إن الله أختبر الخلق قبل أن يخلق أجسادهم ويهبطهم إلى الارض فمنهم من نال رضا الله بالكامل وهذه الصفوة هم خیار الخلق من الأنبياء والرسل والحجج الأطهار.

ومنهم دون ذلك وهم المؤمنون فكان عطاء الله لعباده على حسب امتثالهم لأوامره فمن سبق كان هو الاقرب ومن تبع نال الرضا من الله ولكن كلٌّ بدرجته، فعن بکیر بن أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول:

«إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق شیعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية ومحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة، وعرض على محمد

ص: 17


1- بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج 15، ص 13، ح 20

صلى الله عليه وآله أمته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق أرواح شیعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ونحن نعرفهم في لحن القول ورواه عثمان بن عیسی - عن أبي الجراح عن أبي جعفر عليه السلام وزاد فيه وكل قلب يحن إلى بدنه»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«أوحى الله إلى موسی بن عمران علیه السلام: أتدري يا موسى لم انتجبتك من خلقي واصطفيتك لكلامي؟ فقال: لا يا رب، فأوحى الله إليه: إني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك، فخر موسی ساجداً وعفر خديه في التراب تذللاً منه لربه عز وجل، فأوحى الله إليه: ارفع رأسك يا موسى، وأمر يدك في موضع سجودك، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم

ص: 18


1- المحاسن، ج 1، ص 135، ح 16

وداء وآفة وعاهة»(1).

وعن أبي الحسن الأول(2) عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«إن الله تبارك وتعالى اختار من كل شيء أربعة: اختار من الملائكة جبرئیل و ميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام، واختار من الأنبياء أربعة للسيف إبراهيم و داود وموسى وأنا، واختار من البيوتات أربعة، فقال: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ» واختار من البلدان أربعة فقال عز وجل:

«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ»(3).

فالتين المدينة والزيتون بیت المقدس وطور

ص: 19


1- بحار الانوار، ج 13، ص 7، ح 6
2- يعني الإمام الكاظم عليه السلام
3- التين: 1 - 3

سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة، واختار من النساء أربعا: مریم وآسية وخديجة وفاطمة، واختار من الحج أربعة: الثج والعج والاحرام والطواف، فأما الثج فالنحر، والعج ضجيج الناس بالتلبية، واختار من الأشهر أربعة: رجب وشوال وذو القعدة وذو الحجة، واختار من الأيام أربعة: يوم الجمعة، ويوم التروية، ويوم عرفة، ويوم النحر»(1).

ص: 20


1- الخصال، الشيخ الصدوق، ص 225

المسألة الثالثة

اختيار طينة الأنبياء والحجج والأئمة عليهم السلام وشيعتهم

قبل أن يختار الله من بين الخلق صفوة تكون منهم أنبياء ورسل وحجج، اختار لهم طينة طاهرة تختلف عن طينة غيرهم كونهم طاهرين، وكذلك محبّوهم خلقوا من طينة الأنبياء لكن الانبياء الأصل والشيعة الفرع، قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

«إنّ الله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور من نوره وإنّ في(1) حافتي النهر روحين

ص: 21


1- في بعض النسخ على حافتي

مخلوقين: روح القدس وروح من أمره وإن الله عشر - طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الأرض، ففسر الجنان وفسر الأرض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي صلى الله عليه وآله من إحدى الطينتين، قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام ما الجبل فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عز وجل خلقنا من العشر - طینات ونفخ فينا من الروحين جميعا فأطيب بها طيبا(1))(2)».

وعن أبي عبدالله عليه السلام قال:

«إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار، وقال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا طيب روحه وجسده، فلا يسمع شيئا من الخير إلّا عَرفه ولا يسمع شيئا من المنكر إلّا أنکره؛ قال وسمعته يقول:

الطينات ثلاث: طينة الانبياء والمؤمن من تلك

ص: 22


1- في المصدر: فأطيبها طينتنا
2- الكافي، ج 1، ص 389، ح 3

الطينة إلا أن الانبياء هم من صفوتها، هم الأصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم؛ وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم»(1).

قال المازندراني في شرح الحديث:

(الطينة إشارة إلى أصولهم وهي الممتزجات المنتقلة في أطوار الحلقة كالنطفة وما قبلها من موادها مثل النبات والغذاء وما بعدها من العلقة والمضغة والعظم والمزاج القابل للنفس المدبرة، قوله:

«وقال إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا».

أن أريد بالخير توفيقه تعالى وهداياته الخاصة الحسن استعداد العبد، فالإرادة على حقيقتها

ص: 23


1- الكافي، ج 2، ص 3، ح 2

وإن أريد به الإيمان وتوابعه من الأعمال الصالحة والاخلاق الفاضلة، يريد أنه تعالى أراد خير العباد بهذا المعنى، ويمكن دفعه بأن جميع الارادة حينئذ تعود إلى اعتبار كونه عالما بما في العبد من الميل إلى الخيرات والعزم على امتثال أوامره والاجتناب عن نواهيه، فإذا علم منه ذلك توجه إليه لطفه فيطيب روحه ونفسه عن الفضايح ويطهر جسده وقواه عن القبائح فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه وصدق به وعمل به وإن كان من العمليات ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره وعرف قبحه وتركه، وهكذا يفعل الله بعباده إذا علم صدق نياتهم وحسن استعدادهم.

قوله عليه السلام «طينات ثلاث» وهي:

1- طينة الانبياء والمؤمنين المقرين بهم.

ص: 24

2- طينة الكفرة والنواصب المنکرین المعاندين لهم.

3- طينة المستضعفين الذين لا يقرون بهم ولا يعاندونهم.

وهذا التقسيم باعتبار المخلوق منها، فلا ينافي -الاحاديث - في خلق أبدان الائمة من أن الطينات عشرة، لأن ذلك باعتبار مبدأ الخلق، تأمل تعرف.

قوله: «والمؤمن من تلك الطينة».

أي قلبه أم الأعم منه ومن البدن، لأن المراد بتلك الطينة طينة الجنة وهي تشملها إلا أن الانبياء خلقت قلوبهم وأبدانهم من صفوتها، أو خالصها، وأما أرواحهم فمن فوق ذلك كما مر، وهم الاصل في الإيجاد والمقصودون أصالة في خلق هذا النوع ولهم فضلهم في العلم

ص: 25

والعمل والتقدم والتقرب التام بالحق والرشاد.

والمؤمنون فرع الأنبياء وتلوهم في القصد والإيجاد، أبدانهم خلقت من طين لازب وهو من ثفل عين الأنبياء سمي به لأنه الزقُ وأصلب من الصفو المذكور، وأما قلوبهم فخلقت مما خلق من الانبياء كما مر، وكما لم يفرق الله تعالى بين الانبياء وشيعتهم في الخلقة والطينة كذلك لا يفرق بينهما في الدنيا والآخرة لأن الفرع مع الاصل والتابع من المتبوع.

قوله: «وقال طينة الناصب من حمأ مسنون».

الحمأ الطين الاسود والمسنون المتغير المنتن وهو طين سجين، وقد روي أن الله عز وجل خلق أرضاً خبيثة سبخة منتنة، ثم فجّر منها ماءاً أجاجاً مالحاً فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها ثم

ص: 26

أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة الكفرة وأئمتهم)(1).

إن الله علم في الأزل من روح المؤمن طاعته وامتثاله لأوامره، فلهذا خلقه من طينة الأطهار وهم خيار خلقه، ثم خلق الله الكافر من طينة النار وذلك لأن روحه لم تمتثل لأوامر الله عز وجل فخلقه من تلك الطينة، فعلينا معرفة شيء مهم وهو أن الله حينما اختار الرسل إنما وجدهم مطيعين يحبون الخير ووجدهم متطهرين من كل دنس، فطهرهم الله واختار لهم أشرف وأطهر الطينات وكذلك شيعتهم.

أما الكفار فهم الذين اختاروا أن يكونوا من أصحاب السعير وأن يكونوا بهذا الخلق فإن الله لا يظلم العباد.

ص: 27


1- شرح اصول الكافي، ج 8، ص 7

ص: 28

المسألة الرابعة

قوله عليه السلام: «أَخذَ عَلَى الوَحيِ مِيثاقَهُم»

(الميثاق: العهد، صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها. والجمع المواثيق على الأصل، والمياثق والمياثيق أيضا. والموثق: الميثاق. والمواثقة: المعاهدة. ومنه قوله تعالی:

«وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ»(1).

وأوثقه في الوثاق، أي شدّه. وقال تعالى:

ص: 29


1- المائدة: 7

«فَشُدُّوا الْوَثَاقَ»(1).

والوثاق بكسر الواو لغة فيه. والوثيق: الشيء المحكم، والجمع وثاق. وقد وثق بالضم وثاقة، أي صار وثيقا. ويقال: أخذ بالوثيقة في أمره، أي بالثقة. وتوثق في أمره مثله)(2).

طرق ارتباط الانبياء بالخالق:

قال تعالى:

«وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا»(3).

اخذ الله على جميع الأنبياء والرسل الميثاق

ص: 30


1- محمد: 4
2- الصحاح، الجوهري، ج 4، ص 1563
3- الاحزاب: 7 - 8

بأن يشهدوا أن لا إله إلا هو سبحانه وأن يبلغوا ما اتاهم الله به من وحيه، وهذا الإيحاء يكون عن طريق الإلهام أي ما يقع بالقلب أو من وراء حجاب أو يرسل إليهم رسولاً، قال تعالى:

«وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ»(1).

إن الارتباط بين الأنبياء والخالق يتم عبر ثلاثة طرق هي:

1- (الإيحاء)، حيث كان كذلك بالنسبة للعديد من الأنبياء مثل نوح، حيث تقول الآية:

«فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا»(2).

ص: 31


1- الشوری: 51
2- المؤمنون: 27

2- (من وراء حجاب) كما كان الخالق يتكلم مع موسى في جبل طور، «وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا»(1).

وقد اعتبر البعض أيضاً أن (من وراء حجاب) تشمل الرؤيا الصادقة والحقيقية.

3- (إرسال الرّسول)، كما في الوحي إلى الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالآية تقول: «قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ»(2).

ولم يقتصر الوحي على هذا الطريق بالنسبة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بل كان يتم بطرق أخرى أيضاً.

ومن الضروري أن نشير إلى أن الوحي قد يتمّ أحياناً في اليقظة، كما أشير إلى ذلك أعلاه،

ص: 32


1- النساء: 164
2- البقرة: 97

وأحياناً في المنام عن طريق الرؤيا الصادقة، كما جاء بشأن إبراهيم وأمره بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرغم من اعتبار بعضهم أن ذلك مصداق ل (من وراء حجاب).

وبالرغم من أن الطرق الثلاثة التي ذكرتها الآية تعد الطرق الرئيسية للوحي، إلّا أن بعضاً من هذه الطرق لها فروع بحد ذاتها، فالبعض يعتقد أن الملائكة تقوم بإنزال الوحي عبر أربعة طرق.

طرق انزال الوحي:

1- يقوم الملك بإلقاء الوحي إلى روح النّبي وقلبه صلوات الله وسلامه عليه دون أن يتجسد أمامه أيّ النفث في الروع، كما نقرأ ذلك في حديث عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول:

ص: 33

«إن روح القدس نفث في روعي أنّه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب».

2- يتقمص الملك أحياناً شكل الإنسان ويتحدث مع النّبي حيث تذكر الأحاديث أن جبرئيل ظهر بصورة الصحابي دحية الكلبي.

3- وأحياناً يكون على شكل رنين الجرس الذي يدوي صوته في الآذان، وكان هذا أصعب أنواع الوحي بالنسبة للرسول حيث كان يتصبب عرقاً حتى في الأيّام الباردة، وإذا كان راكباً على دابة فإنّها كانت تقف وتجثو على الأرض.

4- كما كان يظهر جبرئیل أحياناً بصورته الأصلية التي خلقه الله عليها، وهذا ما حدث مرتين فقط طوال حياة رسول صلی الله عليه وآله وسلم(1).

ص: 34


1- الأمثل، ناصر مکارم الشيرازي ج 15، ص 571 - 572

جاء في تفسير نور الثقلين وفيه حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فأما قوله: «وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ» ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا، وليس بكائن إلا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء كذلك قال الله تبارك وتعالی علوا كبيرا قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء فتبلّغ رسل السماء رسل الارض وقد كان الكلام بين رسل أهل الارض وبينه من غير أن يرسل الكلام مع رسل أهل السماء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«يا جبرئيل هل رأيت ربك؟»

فقال جبرئیل: إن ربي لا يرى، فقال رسول

ص: 35

الله صلى الله عليه وآله:

«من أين تأخذ الوحي».

فقال: آخذه من اسرافيل فقال:

«ومن أين يأخذه اسرافیل؟».

قال يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين قال:

«فمن أين يأخذه ذلك الملك ؟».

قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي وهو كلام الله عز وجل وكلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل ومنه ما قذفه في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحي وتنزيل يتلی ويقرأ فهو كلام الله، فاکتف بما وصفت لك من کلام الله، فإن معنی کلام الله ليس بنحو واحد، فإن منه ما تبلغ به رسل السماء رسل الارض»(1).

ص: 36


1- تفسير نور الثقلين، ج 4، ص 588

المسألة الخامسة

قوله عليه السلام: «وَعَلَى تبلِيغِ الرِّسالَةِ أَمانَتهُم»

إن الانبياء والرسل عليهم السلام عاهدوا الله على تبليغ هذه الرسالة السماوية العظيمة بأتم وجه بأن لا يقصروا بأي شيء أمرهم الله به فتكفلوا برعاية الدين وحفظه وتبليغه للناس بلا زيادة ولا نقصان، فهذه الصدور الطاهرة حوت دين الله وحفظته من الضياع، لأن أغلب الناس بدّلوا دين الله وأفسدوا في الأرض، فلم يقصر الانبياء بأي شيء کُلفوا به حتى وصل لنا هذا الدين بأتم صورة، فلا يوجد شيء إلاّ وبيّنته

ص: 37

الرسل لجميع الخلق، فهذا الدين الطاهر يحتاج إلى أناس صادقين طاهرین منزهين من كل خطيئة صغيرها وكبيرها كونهم أمناء الله على الخلق، فالأنبياء والحجج الاطهار لا يقاسون بأحد من العباد، قال الامام الصادق عليه السلام:

«إن الله عزّ وجل مکّن أنبياءه من خزائن لطفه وكرمه ورحمته، وعلّمهم من مخزون علمه، وأفردهم من جميع الخلائق لنفسه، فلا يشبه أخلاقهم وأحوالهم أحد من الخلائق أجمعين، إذ جعلهم وسائل سائر الخلق إليه، وجعل حبّهم وطاعتهم سبب رضاه، وخلافهم وإنكارهم سبب سخطه، وأمر كلّ قوم باتّباع ملّة رسولهم، ثمّ أبى أن يقبل طاعة أحد إلاّ بطاعتهم ومعرفة حقّهم وحرمتهم ووقارهم وتعظيمهم وجاههم عند الله؛ فَعَظِّم جميع أنبياء الله ولا تنزلهم بمنزلة أحد من دونهم، ولا تتصرّف بعقلك في مقاماتهم وأحوالهم وأخلاقهم إلاّ بیان محكم من عند الله وإجماع أهل البصائر بدلائل

ص: 38

تتحقَّق بها فضائلهم ومراتبهم، وأنّى بالوصول إلى حقيقة ما لهم عند الله؟ وإن قابلت أقوالهم وأفعالهم بمن دونهم من الناس أجمعين فقد أسأت صحبتهم، وأنكرت معرفتهم، وجملت خصوصيّتهم بالله، وسقطت عن درجة حقيقة الإيمان والمعرفة، فإيّاك ثمّ إيّاك»(1).

فإن الله لا يودع أمانته إلا عند أهل العصمة، فالأنبياء معصومون لأن الله سبحانه اختارهم لدينه، وكون دين الله دين متكامل فيجب أن يكون المبلغون عن هذا الدين متکاملين في كل شيء بعلمهم وحلمهم وطهرهم وطهر سلالتهم، قال تعالى:

«ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(2).

عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

ص: 39


1- بحار الانوار، ج 11، ص 37، ح 34
2- آل عمران: 34

«لما قضى محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبوته واستكملت أيامه أوحى الله يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك من الإيمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب في ذريتك فإني لم أقطع العلم والإيمان والاسم الاكبر وميراث العالم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الانبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم، وذلك قول الله:

«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» وإن الله جل وعلا لم يجعل العلم جملاً ولم يُكِل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل، ولكنه أرسل رسلاً من ملائكته فقال له كذا وكذا فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره فقص عليه أمر خلقه بعلمه فعلم ذلك العلم وعلم انبياءه وأصفياءه من الانبياء والاعوان والذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية، وفيهم العاقبة

ص: 40

وحفظ الميثاق، حتى تنقضي الدنيا، وللعلماء وبولاة الامر الاستنباط للعلم والهداية»(1).

ص: 41


1- تفسير العياشي، ج 1، ص 168، ح 31

ص: 42

المسألة السادسة

قوله عليه السلام «لَمّا بَدِّلَ أَكثرُ خَلقِهِ عَهدَ اللهِ إِلَيهِم»

إن السبب في بعثة الأنبياء هو ان أغلب العباد اجار نقضوا العهود والمواثيق التي أُخذت منهم في السابق فبعث الله رسله ليذكروهم بميثاق الفطرة، جاء في تفسير القمي عن ابى عبدالله عليه السلام في تفسير قوله تعالى:

«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا

ص: 43

بَلَى»(1).

قلت معاينة كان هذا؟ قال: نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه، فمنهم من اقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله عز وجل:

«فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»(2)»(3).

عن الإمام الصادق عليه السلام في هذه الآية:

«بعث الله الرسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك، ومن كذب حينئذ كذب بعد ذلك، كذلك يطبع

ص: 44


1- الأعراف: 172
2- يونس: 74
3- تفسير القمي، ج 1، ص 248

الله على قلوب الكافرين»(1).

وفي الكافي عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب وكان ما أحب، أن خلقه من طينة الجنة وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال فقلت: وأي شيء الظلال؟ فقال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشيء، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار بالله عز وجل وهو قوله عز وجل: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ»(2). ثم دعوهم إلى الاقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: «فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا

ص: 45


1- التفسير الصافي، ج 2، ص 223
2- الزخرف: 87

كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»(1). ثم قال أبو جعفر عليه السلام: كان التكذيب ثم»(2).

وعنه عليه السلام: إنه قال لأبي بصير:

«يا أبا بصير إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو لم تفعلوا لعيّركم الله كما عيّرهم حيث يقول جل ذكره: «وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ»(3)»(4).

إن الله يعلم في بادئ الأمر أن هنالك من العباد من يمتثل، لأوامره ومن لم يمتثل، ولكن الله يعطي فرصاً للعباد عسى أن تنفعهم فيغيروا ما بأنفسهم، روي في تفسير العياشي عن أبى

ص: 46


1- یونس: 74
2- الكافي، ج 2، ص 10، ح 3
3- الأعراف: 102
4- التفسير الصافي، ج 2، ص 223

عبد الله عليه السلام قال:

«إن الله تبارك وتعالى خلق في مبتدأ الخلق بحرين، أحدهما عذب فرات، والآخر ملح أجاج، ثم خلق تربة آدم من البحر العذب الفرات، ثم أجراه على البحر الأجاج، فجعله حمأ مسنونا وهو خلق آدم، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن فذرأها في صلب آدم، فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم فقال: هؤلاء في النار ولا أبالي ولا أُسأل عما أفعل لي في هؤلاء البداء بعد وفي هؤلاء وهؤلاء سيبتلون.

قال أبو عبد الله: فاحتج يومئذ أصحاب الشمال وهم ذر على خالقهم، فقالوا: يا ربنا لم أوجبت لنا النار وأنت الحكم العدل من قبل

ص: 47

أن تحتج علينا وتبلونا بالرسل وتعلم طاعتنا لك ومعصيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى: فانا أخبركم بالحجة عليكم الآن في الطاعة والمعصية والاعذار بعد الاخبار.

قال أبو عبد الله عليه السلام: فأوحى الله إلى مالك خازن النار أن مر النار تشهق ثم تخرج عنقا منها، فخرجت لهم، ثم قال الله لهم ادخلوها طائعين، فقالوا: لا ندخلها طائعين ثم قال: ادخلوها طائعين أو لأعذبنكم بها كارهين، قالوا إنما هربنا إليك منها وحاججناك فيها حيث أوجبتها علينا وصيرتنا من أصحاب الشمال فكيف ندخلها طائعين؟ ولكن ابدأ بأصحاب اليمين في دخولها كي تكون قد عدلت فينا وفيهم.

قال ابو عبد الله عليه السلام فأمر أصحاب

ص: 48

اليمين وهم ذر بين يديه فقال: ادخلوا هذه النار طائعين، قال: فطفقوا يتبادرون في دخولها فولجوا فيها جميعاً فصيّرها الله عليهم برداً وسلاماً، ثم أخرجهم منها، ثم إن الله تبارك وتعالى نادى في أصحاب اليمين وأصحاب الشمال: ألست بربكم؟ فقال أصحاب اليمين: بلی یا ربنا نحن بريتك وخلقك مق-رين طائعين، وقال أصحاب الشمال: بلى يا ربنا نحن بريتك وخلقك كارهين، وذلك قول الله: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»(1) قال: توحيدهم الله»(2).

ص: 49


1- آل عمران: 83
2- تفسير العياشي، ج 1، ص 183، ح 78

ص: 50

المسألة السابعة

قوله عليه السلام: «فَجَهِلُوا حَقَّهُ واتَخَذُوا الأندادَ مَعَهُ وَاجتالَتهُمُ الشَيَّاطِينُ عَن مَعرِفَتِهِ وَاقتَطَعتهُم عَن عِبادَتِهِ»

(«أنداد» جمع «ند» على وزن (ضد) بمعنی المثل، وأراد هنا المعبودين من دونه سبحانه وتعالى، بينما قال صاحب المقاییس أنّها تعني الانفصال والهروب والمخالفة، ولهذا قال اللغويون بأن الند لا يطلق على كل مثل، بل تطلق على المثل الذي يتخذ مساراً يخالف آخر في أعماله وأفعاله كالفرد الذي يماثل آخر إلاّ أنّه

ص: 51

يحاربه.

«اجتال» من مادة «جولان» بمعنى العصر، إلّا أنّها اقترنت بالحرف (عن) في عبارة الإمام عليه السلام فعنت الانصراف عن الشيء، ومعناها هنا صرفتهم عن قصدهم)(1).

إن من يعبد مع الله إلها آخر فقد جهل حقه لأن الله سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد، وإن من واجب العباد نفي الشرك عنه سبحانه، فإن كثيراً من الناس يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويتخذونهم أولياء لهم، قال تعالى:

«فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ»(2).

ص: 52


1- نفحات الولاية ، ج 1 ، ص 140
2- الأعراف 30

وقوله تعالی:

«وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ»(1).

فبعد معرفة الله والإقرار بربوبيته إلا أنهم جهلوا حقه واتخذوا شركاء له يماثلونه في الربوبية، قال تعالى:

«قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ»(2).

فلو بقى الإنسان على فطرته السليمة التي خلقه الله عليها وهي توحیده عز وجل، وحب

ص: 53


1- الانعام: 121
2- فصلت: 9

الخير وطهارة الذات لحفته بركات الرب، وما اظلته الشياطين، ولكن اغلب الناس استولت عليهم اهواؤهم فأضلّتهم عن طريق الحق، واتبعوا الشياطين فأزلتهم عن الصراط المستقيم، وانحرفوا عن الفطرة.

وهذا الانحراف الفطري أدى إلى فساد المجتمعات الوثنية، لأن الشرك من أشد الذنوب وأعظمها، لذلك واتر الله أنبياءه ورسله إلى العباد لكي يرجع الناس إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«فَبَعثَ اللّه ُ محمّداً صلی الله علیه و آله بِالحقِّ لِیُخْرِجَ عِبادَهُ مِنْ عِبادَةِ الأوثانِ اِلی عبادَتِهِ وَمِنْ طاعَةِ الشَّیطانِ اِلی طاعَتِهِ»(1).

قال علي بن إبراهيم ثم حکی الله عز وجل

ص: 54


1- نهج البلاغة، محمد عبده، خ 146، ج 2، ص 231

خبر هود عليه السلام وهلاك قومه فقال

«وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ»(1).

قال إن عادا كانت بلادهم في البادية من الشقيق إلى الأجفر أربعة منازل وكان لهم زرع وتخیل کثیر ولهم أعمار طويلة، وأجسام طويلة، فعبدوا الأصنام فبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا وكان هود زراعا وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت

ص: 55


1- هود: 50 - 51

عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت من أنتم؟ فقالوا نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو الله حتى تمطر وتخصب بلادنا، فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا فأين هو؟ قالت هو في موضع كذا وكذا، فجاؤوا إليه فقالوا یا نبي الله قد أجدبت بلادنا ولم تمصر؟ فاسأل الله أن يخصب بلادنا وتمطر، فتهيأ للصلاة وصلی ودعا لهم وقال:

ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم، فقالوا یا نبي الله انا رأينا عجبا قال وما رأيتم؟ فقالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء قالت لنا من أنتم وما تريدون؟ قلنا جئنا إلى هود ليدعو الله فتمطر، فقالت لو كان هود داعياً لدعا لنفسه فإن زرعه قد احترق فقال هود تلك

ص: 56

أهلي وأنا أدعو الله لها بطول البقاء، فقالوا وكيف ذلك؟ قال لأنه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي، فلئن يكون عدوي ممن أملکه خير من أن يكون عدوي ممن يملكني.

فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتی تخصب بلادهم وأنزل الله عليهم المطر وهو قوله عز وجل:

«وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ»(1).

فقالوا كما حكى الله:

«قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ»، فلما لم

ص: 57


1- هود: 52

يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر يعني الباردة وهو قوله في سورة القمر

«كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ»(1).

وحكى في سورة الحاقة فقال عز وجل:

«وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا» قال كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام)(2).

ومن كلام له عليه السلام قاله في حق من استهوتهم الشياطين:

«إنّ الشّيطان اليوم قد استفلَّهم، وهو غدا متبّرئ

ص: 58


1- القمر 18 - 19
2- تفسير القمي، ج 1، ص 329 - 330

منهم، ومتخلّ عنهم، فحسبهم بخروجهم من الهدى، وارتكاسهم في الضّلال والعمى، وصدّهم عن الحقّ، وجماحهم في التّيه»(1).

نتائج البحث:

1- إن الله اختار أنبياءه من بين خلقه بعد أن اختبرهم في جميع العوالم فوجدهم طائعين في كل الاحوال موحدين الله حق توحيده.

2- إن صفاتهم تتميز عن غيرهم، فكل صفة جميلة تجدها في هذه الصفوة الطاهرة منها الصبر على تحمّل الأذى والحلم والعلم والخلق الحسن والسخاء والجود فهم كرام الخلق.

قال تعالى:

«وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا»(2).

ص: 59


1- نهج البلاغة، ج 2، خ، 180، ص 287
2- مريم: 41

وقوله تعالی:

«وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا»(1).

وقوله تعالی:

«وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا»(2).

3- قوة الايمان واليقين بالله.

4- إنهم معصومون عن المعاصي صغيرها وكبيرها.

5- الاعتدال في كل شيء حتى في الغضب فإنهم لا يغضبون إلا الله عز وجل، قال الله تعالی:

«وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ

ص: 60


1- مريم: 51
2- مریم: 54

يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»(1).

وقال النبي صلى الله عليه وآله:

« من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه «من أمناً وإيماناً»(2).

ص: 61


1- آل عمران: 135
2- شرح أصول الكافي، ج 1، ص 240

المصادر والمراجع

- القرآن الكريم.

1. الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، تح و تع: السيد محمد باقر الخرسان دار النعمان للطباعة والنشر، النجف الأشرف، 1386 - 1966 م.

2. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

3. بحار الأنوار، العلامة المجلسي، تح: الشيخ عبد الزهراء العلوي دار الرضا للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1403 ه - 1983 م.

1983م.

4. بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، تح وتص وتع وتق: الحاج ميرزا حسن کوچه باغي، مطبعة الأحمدي، طهران، منشورات الأعلمي، طهران، 1404 ه - 1362 ش.

5. التفسير الصافي: الفيض الكاشاني تح: الشيخ حسين الأعلمي، رمضان مؤسسة الهادي، قم المقدسة، مكتبة الصدر للنشر، طهران، ط 2، 1416 ه - 1374 ش.

6. تفسير العياشي، محمد بن مسعود العياشي، تح:

ص: 62

الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي، المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.

7. تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي: تح وتص وتع: السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم، ایران، منشورات مكتبة الهدى، ط 3، 1404 ه.

8. تفسير نور الثقلين، الشيخ الحويزي، تح: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع، قم، 1412 ه - 1370 ش.

9. الخصال، الشيخ الصدوق، تح وتص تع: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 18 ذي القعدة الحرام 1403 - 1362 ش.

10. شرح أصول الكافي، مولي محمد صالح المازندراني، تح: الميرزا أبو الحسن الشعراني، ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط 1، 1421 ه - 2000 م.

ص: 63

11. الصحاح، الجواهري، تح: أحمد عبد الغفور العطار، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط 4، 1407 ه - 1987 م.

12. الكافي، الشيخ الكليني، تح وتص وتع: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية - طهران، ط 3، 1367.

13. لسان العرب، ابن منظور، نشر أداب الحوزة، محرم 1405 ه.

14. المحاسن، احمد بن محمد بن خالد البرقي، تح وتع وتص: السيد جلال الدين الحسيني، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1370 ه - 1330 ش.

15. نفحات الولاية، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، شرح نهج البلاغة شرح عصري، دار جواد الأئمة.

16. نهج البلاغة، تح: محمد عبدة، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، لبنان.

ص: 64

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

المقدمة...9

المسألة الاولى...13

الاصطفاء في اللغة...13

المسألة الثانية...15

قوله عليه السلام: «وَاصطَفَى سُبحانَهُ مِن وَلَدِهِ أَنبياءَ»...15

المسألة الثالثة...21

اختيار طينة الأنبياء والحجج والأئمة عليهم السلام وشيعتهم...21

المسألة الرابعة...29

قوله عليه السلام: «أَخذَ عَلَى الوَحيِ مِيثاقَهُم»...29

طرق ارتباط الانبياء بالخالق:...30

طرق انزال الوحي...33

المسألة الخامسة...37

قوله عليه السلام: «وَعَلَى تبلِيغِ الرِّسالَةِ أَمانَتهُم»...37

المسألة السادسة...43

قوله عليه السلام «لَمّا بَدِّلَ أَكثرُ خَلقِهِ عَهدَ اللهِ إِلَيهِم»...43

المسألة السابعة...51

قوله عليه السلام: «فَجَهِلُوا حَقَّهُ واتَخَذُوا الأندادَ مَعَهُ وَاجتالَتهُمُ الشَيَّاطِينُ عَن مَعرِفَتِهِ وَاقتَطَعتهُم عَن عِبادَتِهِ»...51

نتائج البحث:...59

المصادر والمراجع...62

ص: 65

ص: 66

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.