الشکر و الزیادة

هویة الکتاب

الشكر والزيادة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:... 1000 نسخة.

التصميم: ...................... احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م مؤسسة علوم نهج البلاغة العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام

ص: 1

اشارة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:... 1000 نسخة.

التصميم: ...................... احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

ص: 2

سلسلة العطاء والحرمان في نهج البلاغة (5) الشكر والزيادة «من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة» تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م مؤسسة علوم نهج البلاغة العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع:

www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

مَنْ أُعْطِیَ أَرْبعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ الدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَمَنْ أُعْطِیَ التَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ الْقَبُولَ وَمَنْ أُعْطِیَ الاْسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَمَنْ أُعْطِیَ الشُّکْرَ لَمْ یُحْرَمِ الزِّیَادَةَ نهج البلاغة: الحكمة 136

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل العطاء والحرمان بيده وضمن لعباده الاجابة عند مسألته والصلاة والسلام على سنخ رحمته محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد...

فإن من المواضيع التي شغلت اهتمام الإنسان منذ القدم فأولها عنايته وتفكيره هي العطاء والحرمان وذلك لما ارتبط بشؤونه الحياتية وتجاذبات عيشه وتأثير الظروف المحيطة به وانقياده الى جملة من الاسباب التي لم تزل موضع شغله وتفكيره وهو يتجاذب اسباب البقاء ويدافع عن مقتنياته

ص: 7

الشخصية وشؤونه الاسرية والاجتماعية.

من هنا.

وجدنا ان خير ما نستلهم منه هذه المعرفة هو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومدار حركة قرآنه وذلك ضمن هذه السلسلة الموسومة ب «سلسلة العطاء والحرمان» والتي اشتملت على مباحث خمسة تفرعت الى جملة من المسائل ولأهمية الموضوع جعلنا كل مبحث ضمن کتاب مستقل علنا بذلك نكون قد وفقنا لتقديم مادة معرفية لدى القارئ الكريم..

السيد نبيل الحسني

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها»(1)، والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد؛

فلازلنا نسير في ظلال الحكمة محل البحث: «مَنْ أُعْطِیَ أَرْبعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً» وفي هذا الجزء نتناول

ص: 9


1- من خطبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، الاحتجاج، للشيخ الطبرسي: ج 1، ص 132

المقطع الأخير منها أي يخص بحث الشكر وبعض مسائله.

الشكر هو الاعتراف بالنعمة ومقابلتها بالقول والفعل فلا يكفي الشكر باللسان وإنما الشكر الحقيقي هو شكر اللسان والقلب والجوارح بحيث يظهر الخير على الانسان، قال تعالی:

«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»(1).

والشكر فريضة على العبد حينما ينعم الله عليه من نعمه، أي كما يفترض الصبر عند البلاء كذلك وجب الشكر عند العطاء، روي عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

«العبد بين ثلاث: بلاء، وقضاء، ونعمة، فعليه للبلاء من الله الصبر فريضة، وعليه

ص: 10


1- سورة الضحى، الآية 11

للقضاء من الله التسليم فريضة، وعليه للنعمة من الله الشكر فريضة»(1).

لأن عدم الشکر کفر بالنعمة وعدم الاعتراف بها یکون جفاء للمعطي فيوجب الحرمان منها.

والشكر رد الجميل بالجميل وهو درجة العليين قال تعالى:

«اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»(2).

فالإنسان الشكور يشكر الله على كل نعمة صغيرها وكبيرها والله قد أنعم علينا نعماً كثيرة لا تعد ولا تحصى، قال تعالى:

«وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا»(3).

ص: 11


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 3، ص 260
2- سورة سبأ، الآية 13
3- سورة النحل، الآية، 18

فالشكر يجلب الزيادة ويقرب العبد إلى الخالق والشكر من صفات الأنبياء والمتقين، وقد وصف الإمام علي عليه السلام المؤمن بأنه «شکورٌ صبورٌ»(1).

فالمؤمن يشكر الله لما فضله وأكرمه وأحسن إليه من إحسانه.

محمد حمزة الخفاجي

* * * *

ص: 12


1- نهج البلاغة، تحقيق محمد عبده، الحكمة 335، ج 4، ص 572

المسألة الأولى

الشكر لغة

وردت كلمة الشكر في المعاجم اللغوية ومنها ما أورده ابن منظور:

الشُّکرُ: عِرفانُ الإِحسان ونَشرُه، وهو الشُّكُورُ أَيضاً.

قال ثعلب: الشُّكرُ لا يكون إِلَّا عن يَدٍ، والحَمدُ يكون عن يد وعن غير يد، فهذا الفرق بينهما، والشُّكرُ من الله: المجازاة والثناء الجميل، شَكَرَه وشَكَرَ له یَشکُرُ شُکراً وشُکُوراً وشُكراناً؛ قال أَبو نخيلة:

شَکَرْتُکَ، إِنَّ الشُّکْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَی *** و ما کُلُّ مَنْ أَوْلَیْتَهُ نِعْمَةً یَقْضِی

ص: 13

قال ابن سيده: وهذا يدل على أَن الشكر لا يكون إِلا عن يد، أَلا ترى أَنه قال: وما كل من أَوليته نعمة يقضي، أَي ليس كل من أَوليته نعمة يشكرك عليها(1).

والشُّكرُ: مقابلة النعمة بالقول والفعل والنية، فيثني على المنعم بلسانه ويذیب نفسه في طاعته ويعتقد أَنه مُولِيها؛ وهو من شَکَرَتِ الإِبل تَشكُر إِذا أَصابت مَرعًی فَسَمِنَت عليه.

وفي الحديث: لا يَشکُرُ الله من لا يَشکُرُ الناسَ.

يقال: شَكَرتُه وشَكَرتُ له، وباللام أَفصح(2).

ص: 14


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 4، ص 23
2- المصدر نفسه، ج 4، ص 434

الفرق بين الحمد والشكر:

يقال: حمدت الرجل اذا اثنيت عليه بصفاته الحميدة، وشكرت له اذا اثنيت عليه بمعروف أسداه إليك.

وقد يوضع الحمد موضع الشّكر، ولا يوضع الشّكر موضع الحمد(1).

الحمد: هو الثناء باللسان على الجميل، سواء تعلق بالفضائل العلم، أم بالفواضل کالبر.

والشكر: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لأجل النعمة، سواء أكان نعتاً باللسان، أو اعتقاداً، أو محبة بالجنان، أو عملاً وخدمة بالأركان.

فالحمد أعم مطلقاً، لأنه يعم النعمة وغيرها، وأخص مورداً إذ هو باللسان فقط،

ص: 15


1- معارج نهج البلاغة، علي بن زيد البيهقي، ص 21

والشكر بالعکس، إذ متعلقه النعمة فقط، ومورده اللسان وغيره.

فبينهما عموم وخصوص من وجه، فهما يتصادقان في الثناء باللسان على الإحسان، ويتفارقان في صدق الحمد فقط على النعت بالعلم مثلا، وصدق الشكر فقط على المحبة بالجنان، لأجل الاحسان(1).

* * * *

ص: 16


1- الفروق اللغوية، ابو هلال العسكري، ص 202

المسألة الثانية

الشكر في القرآن

وردت آيات كثيرة تشير إلى الشكر ومنها:

قال تعالی:

«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»(1).

وقوله تعالی:

«مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا»(2).

وقوله تعالی:

ص: 17


1- سورة ابراهيم، الآية 7
2- سورة النساء، الآية 147

وقوله تعالی:

«قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ»(1).

وقوله تعالی:

«وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ»(2).

وقوله تعالی:

«نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ»(3).

وقوله تعالی:

«إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا»(4).

ص: 18


1- سورة النمل، الآية 40
2- سورة لقمان، الآية 12
3- سورة القمر، الآية 35
4- سورة الإنسان، الآية 3

المسألة الثالثة

الشكر في السنة المطهرة

إن من أراد دوام النعمة عليه أن يشكر الله وقد وردت أحاديث كثيرة حول الشكر ومنها.

1- أعطي الزيادة:

عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من أعطي الدعاء أعطي الإجابة ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطى التوكل أعطى الكفاية ثم قال:

أتلوت کتاب الله عز وجل: «وَمَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ»؟ وقال: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»؟ وقال: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ»؟(1).

ص: 19


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 66، ح 6

2- لئن شكرتم لأزيدنكم:

عن عبيد الله، عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام أنا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له: جعلت فداك إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغيير فادع الله عز وجل أن يرد ذلك إلينا، فقال:

«أي شيء تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرُّك أن تكون مثل طاهر وهرثمة وأنك على خلاف ما أنت عليه؟»

قلت: لا والله ما يسرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وأني على خلاف ما أنا عليه، قال:

«فمن أيسر منكم فليشكر الله، إن الله عز وجل يقول: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(1)، وقال سبحانه وتعالى:

ص: 20


1- سورة إبراهيم، الآية 7

«اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»(1).

3- حق الشكر:

وعن الإمام علي عليه السلام قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فقال: «اللهم إن لك عليَّ إن رددتهم سالمين غانمين أن أشكرك حق الشكر، قال: فما لبثوا أن جاؤوا كذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله على سابغ نعم الله»(2).

4- زينة الغنى:

قال الإمام علي عليه السلام:

«الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى»(3).

5- أبواب الشكر:

ومن كتاب له عليه السلام إلى الحارث

ص: 21


1- الكافي، ج 8، ص 346، ح 546
2- مشكاة الانوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي، ص 70، ح 118
3- نهج البلاغة، الحكمة 68

الهمداني قال:

«..أَکْثِرِ اَلنَّظَرَ إِلَی مَنْ فُضِّلْتَ عَلَیْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ اَلشُّکْرِ»(1).

والمراد بهذا الكلام أن من نظر إلى الأدنى منه مستوىً سواء في مال أو عافية يشكر الله كثيرا لأنه سوف يشعر بعطاء الخالق له فتكون هذه النظرة باباً من ابواب الشكر، أو قد يراد من كلامه هو أن تنظر إلى من فضّلك الله عليه من سعة المال فتساعده، فهذا باب من أبواب الشكر.

6- لا زوال للنعمة عند الشكر:

عن محمد بن مفضل الظبي، عن أبيه عن مالك بن أعين الجهني قال: أوصى علي بن الحسين عليه السلام بعض ولده فقال: «يا بنى اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا

ص: 22


1- المصدر نفسه، ج 3، ص 493، من كتاب له عليه السلام إلى الحارث الهمداني

زوال للنعماء إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليها الشكر، وتلا قوله تعالى: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»(1).

* * * *

ص: 23


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 313، ح 13

المسألة الرابعة

حق الشكر

إن من أراد أن يشكر الله حق شكره فعليه أن يعترف أولاً إن كل ما لديه من نعمة فهي من عند الله سواء كانت هذه النعمة ظاهرة كالمال والبنين والعافية وغيرها من النعم الملموسة، أم باطنة كدفع البلاء الذي لا يعلم به والستر وما إلى ذلك من المصائب الخفية، قال تعالى:

«وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ»(1).

وعلى العبد أن يشعر بالعجز عن كيفية شكر الله لأن الانسان مهما أراد أن يصل إلى

ص: 24


1- سورة النحل، الآية 53

شكر الخالق فلن يستطيع ولكن الله بكرمه واعتراف العبد بأن كل ما آتاه هو من عنده سوف يتقبل الله منه هذا الشكر بل يعد هذا الشكر هو حق الشكر، روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حق شكري، فقال، يا رب، وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟ قال: يا موسى الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني»(1).

وقال موسى عليه السلام:

«إلهي كيف استطاع آدم أن يؤدّي شكر ما أجريت عليه من نعمتك خلقته بيديك وأسجدت له ملائكتك وأسكنته جنتك؟ فأوحى الله إليه إنّ آدم علم أنّ ذلك كله مني ومن عندي فذلك شكره»(2).

ص: 25


1- الكافي، ج 2، ص 99، ح 27، باب الشكر
2- روضة الواعظين، الفتال النيسابوري، ص 473

فالاعتراف بالنعم من أحب الامور إلى الله، والشكر عند الله أعظم من النعمة التي أنعمها على عبده، عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

«ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله عليها إلاكان حمده لله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«شكر النعمة اجتناب المحارم وتمام الشكر قول الرجل: الحمد الله رب العالمين»(2).

* * * *

ص: 26


1- وسال الشيعة، ج 7، ص 174، ح 3، باب استحباب كثرة حمد الله عند تظاهر النعم
2- الكافي، ج 2، ص 95، ح 10

المسألة الخامسة

وجوب شكر الله في كل الأحوال

إنّ كل إنسان عاقل حينما يتفضل عليه أحد من الناس فيشكره يكون هذا الشكر رد الجميل لذلك الشخص ولو كان بكلمة.

كذلك الله حينما ينعم على عبده من نعمة يشكره عليها وهذا أمر طبيعي ولكن الأولياء والصدّيقين ومن تبعهم يختلفون عن غيرهم فإن أصابهم خير شكروا الله وإن أصابهم شر شكروا الله، فهم في كل الاحوال شاكرون لله فهذه الدرجة من الايمان والايثار لا تكون إلا في

ص: 27

أوليائه وأحبائه والتابعين لهم، قال تعالى في كتابه الكريم:

«وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»(1).

وروي أن الإمام الصادق عليه السلام قال لأحدهم ويدعى شفيق:

«كيف أنتم في بلادكم»

فقال: بخير يا ابن رسول الله إن أعطينا شکرنا وإن منعنا صبرنا

فقال له: «هكذا كلاب حجازنا يا شفيق» فقال له كيف أقول: قال له: «هلا كنتم إذا أعطيتم آثرتم وإذا منعتم شكرتم»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«كان رسول الله صلى الله عليه آله إذا أتاه ما يحب قال: الحمد لله المحسن المجمل، وإذا أتاه ما يكرهه قال: الحمد لله على كل حال والحمد لله على هذه الحال»(3).

ص: 28


1- سورة سبأ، الآية 13
2- ارشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي، ج 1، ص 123
3- مستدرك الوسائل، النوري الطبرسي، ج 5، ص 311، ح 13

وقيل إن أول من يدخل الجنة الحامدون لله في كل الاحوال، فإن أهل البيت عليهم السلام كانوا مع الله فإن أتاهم خير رضوا به وإن أصابهم شر رضوا به وهذا ما جعل منهم عظماء عند الله وعند الخلق.

والإنسان لا يصل الى هذه الدرجة العظيمة إلا بالإيثار والزهد والتعبد والطاعة لله عز وجل في كل الأحوال وكل الظروف فتكون نفسه مطمئنة لله فلا تغيره الدنيا سواء كان في رخاء فهو شاكر لله أو في بلاء فهو كذلك، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

«عجبا لأمر المؤمن، إنّ أمره كله له خير، وليس ذلك لاحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيراً له»(1).

ص: 29


1- المصدر نفسه، ج 2، ص 426، ح 27

المسألة السادسة

من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق

لا شك أن جميع النعم التي يتنعم بها العباد هي من عند الله سبحانه وتعالى، ولكن الله جعل لهذه النعم أسباباً ومسببات، فجعل بعض الناس سبباً في رزق الاخرين سواء أكان رزقا دنيويا أم اخرويا وأمر بشكر هؤلاء المسببين، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال:

«من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق»(1).

أي من لم يشكر من كان السبب في قضاء

ص: 30


1- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 2، ص 1493

حاجته لم يشكر المسبب وهو الله عز وجل، وهذا الشكر من باب الاعتراف بالجميل لتك-ن هنالك أُلفة ومحبة بين الناس.

فعن النبي صلى الله عليه وآله:

«یوتی العبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عزوجل فيُأمَر به إلى النار، فيقول:

أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن، فيقول الله:

أي عبدي إني قد أنعمت عليك ولم تشكر نعمتی، فيقول:

أي رب أنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، وأنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر فيقول الله تعالى:

صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك النعمة على يديه، وإني قد آليت على نفسي - أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقي إليه»(1).

ص: 31


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 312، ح 12

وعن عمار الدهني قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول:

«إن الله يحب قلب حزين، ويحب كل عبد شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلانا؟

فيقول: بل شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إن لم تشكره، ثم قال: أشكركم الله أشكّركم للناس»(1).

وعن إبراهيم بن أبي محمود قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول:

«من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل»(2).

ومن أهم مضامين شكر العباد بعضهم لبعض هو تحفيزهم لعمل الخير واستمرارهم في مساعدة الآخرين، فإن احياء روح الشكر وغرسها في النفوس يبني مجتمعات متماسكة

ص: 32


1- المصدر نفسه، ج 16، ص 310، ح 3
2- المصدر نفسه، ج 16، ص 313، ح 14

على أداء الاحسان واحترام من يصنع المعروف وهذه المضامين تقوي الأهداف الاجتماعية الإسلامية ليكون المجتمع الاسلامي متلازماً مترابطاً، بالعكس من المجتمعات المتفرقة.

لذلك نجد أن اللهَ سبحانه وتعالى يبغض الانسان الذي ينكر من أدى إليه معروفاً لأن هذا السلوك يؤدي الى تفكيك المجتمع الاسلامي.

* * * *

ص: 33

المسألة السابعة

آثار الشكر

إن للشكر آثاراً سوف نبيّنها للقارئ من خلال أقوال الرسول والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين.

1- زيادة في النعم:

كثير من الآيات والاحاديث بيّنت أن ما من عبد يشكر الله على ما آتاه م-ن النعم إلا زاده الله في العطاء، كما في قوله تعالى:

«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»(1).

وقال الباقر (عليه السلام):

ص: 34


1- سورة ابراهيم، الآية 7

«ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد قبل أن يظهر شكره على لسانه»(1).

وقال الإمام الرضا عليه السلام:

«اتقوا الله وعليكم بالتواضع والشكر والحمد، إنه كان في بني إسرائيل رجل فأتاه في منامه من قال له:

إن لك نصف عمرك سعة، فاختر أي النصفين شئت، فقال:

إن لي شريكاً فلما أصبح الرجل قال لزوجته:

قد أتاني في هذه الليلة رجل فأخبرني أن نصف عمري لي سعة فاختر أي النصفين شئت؟ فقالت له زوجته:

اختر النصف الأول فقال:

لك ذاك فأقبلت عليه الدنيا فكان كلما كانت نعمة قالت زوجته:

جارك فلان محتاج فَصِله، وتقول:

قرابتك فلان فتعطيه، وكانوا كذلك كلما جاءتهم نعمة أعطوا وتصدقوا وشكروا، فلما كان ليلة من الليالي أتاه الرجل فقال:

ص: 35


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 311، ح 7

يا هذا إن النصف قد انقضى فما رأيك؟ قال:

لي شريك فلما أصبح قال لزوجته: أتاني الرجل فأعلمني أن النصف قد انقضى، فقالت له زوجته: قد أنعم الله علينا فشكرنا، والله أولي بالوفاء، قال: فإن لك تمام عمرك»(1).

2- دوام النعم:

إن النعم لا تدوم إلا بشكر المنعم ويؤكد ذلك ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مكتوب في التوراة:

«أشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا زوال للنعماء إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت، الشكر زيادة في النعم، وأمان من الغير»(2).

وجاء في غرر الحكم عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

«شُکْرُ اَلنِّعَمِ یُضَاعِفُهَا وَ یَزِیدُهَا»(3).

ص: 36


1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 68، ص 55، ح 86
2- وسائل الشيعة، ج 16، ص 311، ح 6
3- غرر الحكم، حرف الشين، ص 169

وقال عليه السلام:

«الشُکْرُ زِيادَةٌ»(1).

وقال عليه السلام:

«ثَمَرَهُ اَلشُّکْرِ زِیَادَةُ اَلنِّعَمِ»(2).

وقال عليه السلام:

«النعمة موصولة بالشكر، والشكر موصول بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطع المزيد من الله سبحانه حتى ينقطع الشكر من الشاكر»(3).

3- عدم نزول النقم:

جاء في غرر الحكم عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

«شُکْرُ اَلْمُنْعِمِ عِصْمَةٌ مِنَ اَلنِّقَمِ»(4).

ص: 37


1- المصدر السابق نفسه
2- عيون الحكم والمواعظ، علي الواسطي، ص 207
3- مستدرك الوسائل، ج 12، ص 370
4- غرر الحكم، حرف الشين، ص 169

إن كل انسان إذا شكر الله على كل نعمة زاده الله من فضله وعلى العكس من كفر بنعم الله فقد استحق العقاب، قال تعالى:

«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»(1).

وعن الإمام الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله:

«أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«إنّ الله مَن على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة»(3).

ص: 38


1- سورة ابراهيم، الآية 7
2- وسائل الشيعة، ج 16، ص 312، ح 11
3- المصدر نفسه، ج 16، ص 314، ح 16

4- حب الله:

إن من أسماء الله الشكور وإنه تعالى يحب العبد الشکور لأنه قد أعطى النعمة التي أنعمها الله عليه حقّ قدرها فالشكر من صفات المؤمنين، وإن نكران النعمة صفة رذيلة لا يحبها الله فلذلك تجد الله يحب العبد الذي اعترف بفضل الله وفضل من تفضل عليه من العباد.

ورد عن الإمام الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «اعترفوا بنعم الله ربكم وتوبوا إلى الله من جميع ذنوبكم فإن الله يحب الشاكرين من عباده»(1).

5- تأدية حق الله:

إن من شكر الله فقد أدّى حقه المفروض عليه، لأن الله أوجب بالشكر على من أنعم عليه فحينما يشكر العبد فقد أدى ما كان عليه

ص: 39


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 6، ح 16

من الواجبات، ورد عن إسماعيل بن الفضل قال: قال أبوعبدالله عليه السلام:

«إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات: اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى وبعد الرضا فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة»(1).

6- زينة الرخاء:

يمتحن الله أغلب عباده في وقت الرخاء كون الاختبار غير واضح، فزيادة الخير توجب الطاعة أكثر من الغير، فبعضهم حينما يمدّهم الله من مال وبنين وجاه ينسون الله ويعملون الفواحش فيكون هذا الخير عليهم وبالاً فيزدادون إثما.

ص: 40


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 99، ح 28

أما الانسان الذي يزيده الله من خيراته فیشکر، يكون هذا الشكر زينة الرخاء له، فصار الخير خيران خير النعم وخير شكر هذه النعم، فبهذا الشكر نال العبد نعیم الدنيا ونعيم الآخرة.

* * * *

ص: 41

المسألة الثامنة

أهم المسببات التي تمنع الشكر

إن من أهم المسببات التي تمنع الشكر هو الكفر بالنعمة وعدم تقديرها، والكفر بالنعمة يأتي من باب النظر الى الغير.

فالبعض يقارن نفسه مع الناس، فيجد أن من الناس من هو أكثر منه مالاً أو جاه أو عافية، فينشغل بعطاء غيره وينسی عطاء الله له فالقياس خطأ كبير کون الله لم يجعل عباده متساوين وهذه حكمته، فمنهم الغني ومنهم الفقير ومنهم العليل ومنهم القوي، فالنظر إلى الأعلى مستوى يسبب نكران عطاء الله ويشعر

ص: 42

الإنسان أنه مبخوس الحظ فحينها لا يشعر بعطاء الله فهذا سبب من أسباب عدم الشكر.

عن الامام الباقر عليه السلام:

«لا تجالس الأغنياء فإن العبد يجالسهم وهو يرى أن لله عليه نعمة، فما يقوم حتى يرى أنه ليس لله عليه نعمة»(1).

وكذلك المني من أهم المسببات التي تمنع الشكر، فتمنّي الأشياء شيء خاطئ لأن بعض الامنيات ليس فيها فائدة للإنسان وعدم حصول الأمنية يشعر الإنسان أنه لم ينل مراده فتكون هذه الأمنية العائق في عدم شكره لله، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:

«تجنَّبوا المُنِى فإنّها تذهب بهجة نعم الله عندكم وتُلزم استصغارها لديكم وعلى قلة الشكر منكم»(2).

ص: 43


1- مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي، ص 72، ح 131
2- موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام، الشيخ هادي النجفي، ص 98، ح 15

وروي عن حسين بن زید بن علي قال: دخلت مع أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام على رجل من أهلنا وكان مريضاً فقال له أبو عبد الله:

«أنساك الله العافية ولا أنساك الشكر عليها»، فلمّا خرجنا من عند الرجل قلت له: يا سيدي ما هذا الدعاء الذي دعوت به للرجل؟ فقال عليه السلام لي:

«يا حسين العافية ملك خفيّ، يا حسين إنّ العافية نعمة إذا فُقِدَت ذكرت وإذا وُجِدَت نسيت، فقلت له: أنساك الله العافية لحصولها ولا أنساك الشكر عليها لتدوم له، یا حسین إنّ أبي عليه السلام أخبرني عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يا صاحب العافية إليك انتهت الأماني»(1).

ص: 44


1- المصدر نفسه، ص 97، ح 11

فالإنسان يتمنى شيئاً والله يريد له الافضل والاصلح فالتسليم لله وجعل الامور بیده والتفويض اليه خير الامور لأن الله يعرف مصلحة العبد ولا يريد لعباده إلا الخير، قال تعالی:

«مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»(1).

وقد يختبر الله عباده بشيء يسير فإن شكروا زادهم وإن نفروا یکون مانعاً عن الشكر فيستحقوا الحرمان، قال الإمام علي عليه السلام:

«إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر»(2).

والمراد بأطراف النعم أوائلها أو القليل منها، وبأقصاها نموها وزيادتها، والمعنى إن الله

ص: 45


1- سورة النساء، الآية 79
2- نهج البلاغة، الحكمة 12، ج 4، ص 504

إذا أعطاك نعمة فعليك حفظها وإن كانت قليلة أو يسيرة، فالنفور منها يعني عدم شکر هذه النعمة فتحقير النعمة وجحودها سبب في عدم شكر الله ومن كلام الإمام الجواد عليه السلام قال:

«نعمة لا تشکر، کسيئة لا تغفر»(1).

ومن مواعظ الكاظم عليه السلام:

«يا هشام إن كل نعمة مجزت عن شكرها، بمنزلة سيئة تؤاخذ بها»(2).

فعلى الانسان أن يغير بعض العادات السيئة التي تكون في داخله کنكران الجميل والنفور من القليل والطمع والتمني، فكل هذه تسبب عدم شکر الخالق.

ص: 46


1- مستدرك سفينة البحار، علي الشاهرودي، ج 6، ص 27
2- المصدر نفسه

المسألة التاسعة

الشكر الفعلي

الشكر الفعلي هو إظهار النعمة التي أنعمها الله على العبد وصرف هذه النعمة في مرضاته فإداء الحقوق ومساعدة الفقراء والمساكين وقضاء حوائج الناس كل هذا يصب في الشكر الفعلي الذي يكون زينة الغني.

فالإنسان حينما يساعد الناس ويقضي حوائجهم يكون قد شكر الله واعترف بنعمته، فهذا الشكر أحب الى الله من الشكر القولي وإن صدقت النية وخلصت لله كون الشكر الفعلي فيه خير للشخص نفسه وفيه خير للآخرين وهو

ص: 47

أوضح دلالة على بيان كرم المنعم من الشكر القولي، قال تعالى:

«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»(1).

إن إظهار النعمة أولى عند الله من إخفائها والتحدث بالنعمة وذكرها قولاً وإظهارها فعلاً أحب اليه، قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل تجاوز الحد في التقشف:

«يا هذا أما سمعت قول الله: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» فوالله لابتذالك نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالكها بالمقال»(2).

وفي احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زیاد حين لبس العباء وترك الملاء، وشکاه أخوه الربيع بن زیاد إلى أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قد غم أهله وأحزن ولده

ص: 48


1- سورة الضحى، الآية 11
2- تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحراني، ص 222

و به بذلك، أنه عليه السلام قال: عليّ بعاصم بن زیاد، فجيء به، فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول:

«وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ»(1)؟! أوليس يقول: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» - إلى قوله - «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ»(2). فبالله، لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عز وجل: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»(3)، فقال عاصم: يا أمير المؤمنين، فعلام اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على

ص: 49


1- سورة الرحمن، الآيتان 10 - 11
2- سورة الرحمن، الآيات 19 - 22
3- سورة الضحى، الآية 11

الخشونة؟ فقال: ويحك، إن الله عز وجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، کیلا يتبين بالفقير فقره، فألقى عاصم العباء ولبس الملاء»(1).

ولم تقتصر النعم على الماديات فقط وإنما النعمة نعمة الدين فمن كان ذا علم ومعرفة فعليه أن يحدث الاخرين بما جهلوا، روي عن فضل البقباق قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عز وجل: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ». قال: «الذي أنعم عليك بما فضلك وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدث بدينه وما أعطاء الله وما أنعم به عليه»(2).

قال الإمام علي عليه السّلام:

إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اَللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلتُّجَّارِ، وَإِنَّ

ص: 50


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 5، ص 112، ح 1، باب كراهة لبس صاحب الأهل الخشن من الثياب
2- الكافي، ج 2، ص 94، ح 5، باب الشكر

قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلْعَبِیدِ، وَ قَوْماً عَبَدُوهُ شُکْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ اَلْأَحْرَارِ»(1).

* * * *

ص: 51


1- نهج البلاغة، باب الحكم، الحكمة 239، ص 549

المسألة العاشرة

الشكر صفة الأنبياء

الشكر هو الاخلاص لله بالعبودية فحينما يخلص الانسان يشكر الله كثيراً، وكون الأنبياء يختلفون عن غيرهم بالنظرة الى عطاء الخالق فإنهم يعرفون حقيقة النعم فتجدهم يقدرونها ويعظمونها فيكون شكرهم لله مختلفاً أي يكون بمعرفة وإيمان وصدق وإخلاص، قال تعالی:

«اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»(1).

ص: 52


1- سورة سبأ، الآية 13

أشار الله بهذه الآية المباركة الى شكر النبي وأهل بيته وهو الشكر العملي الذي أشرنا اليه في الموضوع السابق فإن الله أعطى لداود نعماً فاستغل هذه النعم بالعمل كعمل الدروع وغيرها من المواهب الأخرى التي أشار اليها القرآن بالآية:

«يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ»(1).

وقوله تعالی:

«وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»(2).

فكل الأنبياء كانوا شاکرین لله معترفين بعطائه قولاً وفعلاً، قال تعالى:

ص: 53


1- سورة سبأ، الآية 13
2- سورة سبأ، الآيتان 10 - 11

«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(1).

عن الباقر عليه السلام أن القانت هو المطيع، والحنيف المسلم شاکراً لأنعمه أي لأنعم الله معترفا بها روي أنه كان لا يتغدى إلا مع ضيفه(2)، وقد حكى الله عن نوح عليه السلام، قائلاً:

«ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا»(3).

وعن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إن نوحاً إنما ستمي عبداً شكوراً لأنه كان يقول إذا أمسى وأصبح: اللهم إني أشهدك أنّه ما أمسى وأصبح بي من نعمة أو عافية في دين، أو دنيا فمنك وحدك لا

ص: 54


1- سورة النحل، الآيتان 120 - 121
2- بحار الأنوار، ج 44، ص 358
3- سورة الاسراء، الآية 3

شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها عليَّ حتى ترضى، وبعد الرضا إلهنا»(1).

وروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عائشة ليلتها، فقالت يا رسول الله، لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «يا عائشة ألا أكون عبداً شكوراً»(2).

فالرسول الأعظم يريد أن يعلمنا معنی الشكر وحقيقته وآثار انعكاسه على النفس فالشكر من الدرجات العليا التي يصل لها الإنسان والرسول يريد لنا هذه الدرجة الرفيعة التي لا يحظى بها كل إنسان كما أشارت الآية الشريفة:

ص: 55


1- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 29، باب 21 العلة التي من أجلها سمي نوح عبداً شكوراً
2- مكيال المكارم، محمد تقي الأصفهاني، ج 1، 290

«وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»(1).

وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال:

«في قول العبد الحمد لله أرجح في ميزانه من سبع سماوات وسبع أرضين، وإذا أكل أو شرب أو لبس ثوبا، قال: الحمد لله فقال الله: إنه كان عبدا شكورا»(2).

* * * *

ص: 56


1- سورة سبأ، الآية 13
2- مستدرك الوسائل، ج 3، ص 269، ح8، باب 21 التحميد والدعاء

المسألة الحادية عشرة

وجوب شكر النعم

إن العقل والشرع يوجبان شكر المنعم ونحن نعلم أن الله غني عن العباد ولكنه سبحانه أحبَّ لعباده أن يكونوا بأتم الكمال وأن يراعوا المبادئ الصحيحة والعقلانية، فلا يصح أن يقف الانسان أمام من تفضل عليه بدون شکر أو حمد لأن هذا ينافي الإنسانية.

فالإنسان الذي لا يشكر من أعطاه وتفضل عليه فهو غير عاقل؛ لأن العاقل يقدّر كل نعمة، وكون النعم هي خير وسيلة للهداية وكونها تعرفنا بالله ومدى جوده وكرمه، فمن

ص: 57

خلال هذه النعم نهتدي الى معرفة الخالق، لذلك نجد الأنبياء والمرسلين والحجج الأطهار يشكرون الله كثيرا ويحمدونه ويذكرون في أدعيتهم جميع فضائل الله ونعمه عليهم وعلى الخلق؛ لأنه من الواجب ذکر النعم فبهذا الاعتراف يكون العبد قد شكر ربه.

«فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ»(1).

فالتفكر بأنعم الله من أهم الأمور التي توضح للعبد وجوب شكر الله، قال الامام الصادق عليه السلام:

ص: 58


1- سورة عبس، الآيتان 24 - 32

أول ما يجب عليكم الله سبحانه، شكر أياديه وابتغاء مراضيه»(1).

وعنه عليه السلام:

«ما من عبد إلا ولله عليه حجة، إما في ذنب اقترفه، وإما في نعمة قصر عن شكرها»(2).

فعدم الشكر هو تقصير بحق الله عز وجل.

ص: 59


1- میزان الحكمة، ج 2، ص 1484، باب وجوب شكر المنعم
2- المصدر نفسه

المسألة الثانية عشرة

ما ورد عن أمير المؤمنين في الشكر عموماً

1- «اَلشُّکْرُ أَعْظَمُ قَدْراً مِنَ اَلْمَعْرُوفِ، لِأَنَّ اَلشُّکْرَ یَبْقَی وَ اَلْمَعْرُوفُ یَفْنَی»(1).

2- «شُکْرُ اَلْإِلَهِ یُدِرُّ اَلنِّعَمَ»(2).

3- «شُکْرُ اَلْمُؤْمِنِ یَظْهَرُ فِی عَمَلِهِ»(3).

4- «شُکْرُ اَلْمُنَافِقِ لاَ یَتَجَاوَزُ لِسَانَهُ»(4).

ص: 60


1- غرر الحكم ودرر الكلام، حرف الشين، ص 169
2- المصدر نفسه
3- المصدر نفسه
4- المصدر نفسه

5- «اَلشُّکْرُ حِصْنُ اَلنِّعَمِ»(1).

6- «شُکْرُ اَلنِّعْمَةِ یَقْضِی بِمَزِیدِهَا وَ یُوجِبُ تَجْدِیدَهَا»(2).

7- «اَلشُّکْرُ تَرْجُمَانُ اَلنِّیَّةِ وَ لِسَانُ اَلطَّوِیَّةِ»(3).

8- «اَلشُّکْرُ عَلَی اَلنِّعْمَةِ جَزَاءٌ لِمَاضِیهَا وَ اِجْتِلاَبٌ لِآتِیهَا»(4).

8- «اَلشُّکْرُ مَأْخُوذٌ عَلَی أَهْلِ اَلنِّعَمِ»(5).

9- «اَلشُّکْرُ مَغْنَمٌ»(6).

10- «اَلشُّکْرُ مَفْرُوضٌ»(7).

ص: 61


1- المصدر السابق نفسه
2- المصدر نفسه
3- المصدر نفسه
4- المصدر نفسه
5- المصدر نفسه
6- المصدر نفسه
7- المصدر نفسه

المصادر والمراجع

- القرآن الكريم.

1. إرشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي، انتشارات الشريف الرضي، قم، ط 2، 1415 ه.

2. بحار الأنوار، العلامة محمد باقر المجلسي، تحقيق: السيد ابراهيم المينانجي، محمد الباقر البهبودي، دار إحياء التراث، مؤسسة الوفاء بیروت، لبنان، ط 2، 1403 ه - 1983 م.

3. تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحراني، تحقيق: علي أكبر الغفاري،، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة، 1404 ه - 1363 ش.

ص: 62

4. روضة الواعظين، الفتال النيسابوري، تحقيق: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، قم المقدسة.

5. علل الشرائع، الشيخ الصدوق، تحقیق: محمد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدرية، 1385 ه - 1966 م.

6. غرر الحکم و درر الكلام، عبد الواحد الآمدي التميمي من علماء القرن الخامس الهجري، صححه الشيخ حسين الأعلمي، منشورات الأعلمي للمطبوعات.

7. الفروق اللغوية، أبي هلال العسكري، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المشرفة، ط 1، شوال المکرم 1412 ه.

8. الكافي، الشيخ الكليني، تصحيح وتعليق:

ص: 63

علي اكبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية، طهران، 1363.

9. لسان العرب، بن منظور، نشر أداب الحوزة، محرم 1405.

10. مستدرك الوسائل، میرزا حسین النوري الطبرسي، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.

11. مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي الشاهرودي، تحقيق و تصحیح: الشيخ حسن بن علي النمازي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 1418 ه.

12. مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي، تحقيق: مهدي هوشمند، دار الحديث، ط 1، 1418 ه.

13. معارج نهج البلاغة، علي بن زید

ص: 64

البيهقي، تحقيق: محمّد تقي دانش بزوه، إشراف: السيد محمود المرعشي، مطبعة بهمن - قم المقدسة، مكتبة آية الله العظمی المرعشي النجفي، ط 1، 1409.

14. موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام، الشيخ هادي النجفي، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، لبنان، ط 1، 1423 ه - 2002 م.

15. نهج البلاغة، تحقيق: محمد عبدة طبعة جديدة، مؤسسة التاريخ العربي، بیروت، لبنان.

16. وسائل الشيعة، الحر العاملي، مؤسسة ال البيت لإحياء التراث.

ص: 65

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

مقدمة الكتاب...9

المسألة الأولى...13

الشكر لغة...13

الفرق بين الحمد والشكر:...15

المسألة الثانية...17

الشكر في القرآن...17

المسألة الثالثة...19

الشكر في السنة المطهرة...19

1- أعطي الزيادة...19

2- لئن شكرتم لأزيدنكم:...20

3- حق الشكر:...21

4- زينة الغنى:...21

5- أبواب الشكر:...21

6- لا زوال النعمة عند الشكر:...22

المسألة الرابعة...24

حق الشكر...24

المسألة الخامسة...27

وجوب شكر الله في كل الأحوال...27

المسألة السادسة...30

ص: 66

من لم يشكر المخلوق لم یشکر الخالق...30

المسألة السابعة...34

آثار الشكر...34

1- زيادة في النعم:...34

2- دوام النعم:...36

3- عدم نزول النقم:...37

4- حب الله:...39

5- تأدية حق الله:...39

6- زينة الرخاء:...40

المسألة الثامنة...42

أهم المسببات التي تمنع الشكر...42

المسألة التاسعة...47

الشكر الفعلي...47

المسألة العاشرة...52

الشكر صفة الأنبياء...52

المسألة الحادية عشرة...57

وجوب شكر النعم...57

المسألة الثانية عشرة...60

ما ورد عن أمير المؤمنين في الشكر عموماً...60

المصادر والمراجع...62

ص: 67

ص: 68

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.