الاستغفار و المغفرة

هوية الکتاب

الاستغفار والمغفرة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م مؤسسة علوم نهج البلاغة العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام

ص: 1

اشارة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

ص: 2

سلسلة العطاء والحرمان في نهج البلاغة (4) الاستغفار والمغفرة «من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة» تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م مؤسسة علوم نهج البلاغة العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام هاتف: 07728243600 - 07815016633

الموقع: www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِیَ اَلدُّعَاءَ لَمْ یُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ یُحْرَمِ اَلْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِیَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ یُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِیَ اَلشُّکْرَ لَمْ یُحْرَمِ اَلزِّیَادَةَ - نهج البلاغة: الحكمة 136

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العطاء والحرمان بيده وضمن لعباده الاجابة عند مسألته والصلاة والسلام على سنخ رحمته محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد...

فإن من المواضيع التي شغلت اهتمام الإنسان منذ القدم فأولها عنايته وتفكيره هي العطاء والحرمان وذلك لما ارتبط بشؤونه الحياتية وتجاذبات عيشه وتأثير الظروف المحيطة به وانقياده الى جملة من الاسباب التي لم تزل موضع شغله وتفكيره وهو يتجاذب اسباب البقاء ويدافع عن مقتنياته

ص: 7

الشخصية وشؤونه الاسرية والاجتماعية.

من هنا.

وجدنا ان خير ما نستلهم منه هذه المعرفة هو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومدار حركة قرآنه وذلك ضمن هذه السلسلة الموسومة ب «سلسلة العطاء والحرمان» والتي اشتملت على مباحث خمسة تفرعت الى جملة من المسائل ولأهمية الموضوع جعلنا كل مبحث ضمن کتاب مستقل علنا بذلك نكون قد وفقنا لتقديم مادة معرفية لدى القارئ الكريم..

السيد نبيل الحسني

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

«الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الادراك أبدها»(1)

ص: 9


1- من خطبة لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، الاحتجاج، للشيخ الطبرسي، ج 1، ص 132

والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد؛

فما زلنا في رحاب قول أمير المؤمنين عليه السلام «مَنْ أُعْطِیَ أَرْبَعاً لَمْ یُحْرَمْ أَرْبَعاً» وقد بينا في الجزء الثاني عطاء الله في الدعاء والإجابة وهنا سنبين الشق الثالث من العطاء والحرمان وهو الاستغفار والمغفرة، والاستغفار هو طلب المغفرة من الله عن جميع الذنوب والمعاصي التي اقترفها العبد، فالمؤمن حينما يذنب ذنباً يشعر بالندم ويتوجه إلى الله ويستغفره، فالاستغفار نوع من أنواع الدعاء لذا حثت عليه كثير من الآيات المباركة وكذلك السنة المطهرة، قال النبي صلى الله عليه وآله: «عَوّدوا ألسنتكم الاستغفار فإن الله تعالى لم يعلمكم الاستغفار

ص: 10

إلا وهو يريد أن يغفر لكم»(1).

فيجب تعويد اللسان على مداومة الاستغفار لمحو الذنوب لأن الذنوب أحد الموانع التي تمنع العطاء فطالما استغفر العبد فإن الله يغفر له، وإن رحمة الله سبقت غضبه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال إبليس «وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»(2).

محمد حمزة الخفاجي

ص: 11


1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 90، ص 437، ح 30
2- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 3، ص 2275

المسألة الاولى

الاستغفار لغة

قال ابن منظور: غفر: الغَفُور الغَفّارّ، جلّ ثناؤه، وهما من أَبنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم... وأَصل الغَفرِ التغطية والستر.

(غَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها؛ والغَفر: الغُفرانُ)(1).

ص: 12


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 5، ص 25. فصل الغين المعجمة

وفي تاج العروس جاء: (وقد يُقَال: غَفَرَ له، إِذا تَجَاوَزَ عنه في الظاهِر ولم يَتَجَاوَز في الباطنِ، نحو قوله تَعَالَى: «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ»(1))(2).

وأما معنى الاستغفار اصطلاحا فقد بيّنه أمير المؤمنين عليه السلام في كلامه لكميل إذ قال: «ان العبد إذا أصاب ذنبا يقول: استغفر الله بالتحريك. قلت: وما التحريك؟ قال: الشفتان واللسان، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة، قلت: وما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه ...»(3)

(والفرق بين العفو والمغفرة أنّ العفو إسقاط العذاب، والمغفرة أن يستر عليه بعد ذلك جرمه صونا له عن عذاب الخزي والفضيحة، فإنّ

ص: 13


1- سورة الجاثية، الآية 14
2- تاج العروس، الزبيدي ج 7، ص 314
3- بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج 6، ص 27

الخلاص من عذاب النار إنّما يطيب إذا حصل عقيبه الخلاص من عذاب الفضيحة، فالعفو إسقاط العذاب الجسماني، والمغفرة إسقاط العذاب الروحاني...)(1).

ص: 14


1- رياض السالكين، ج 2، ص 516

المسألة الثانية

الاستغفار في القرآن الكريم

وردت كلمة الاستغفار في القرآن الكريم في كثير من الآيات ومنها قوله تعالى:

«وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا»(1).

(يفهم من الآية أن أي نوع من الذنوب - سواء كانت من نوع الإضرار بالغير، أو

ص: 15


1- سورة النساء، الآية 110

الإضرار بالنفس قابلة للغفران إذا تاب فاعلها توبة حقيقية وسعى إلى التكفير عنها)(1).

وقوله تعالى:

«وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ»(2).

وقوله تعالى:

«وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(3).

(الكلام بالأمر بالاستغفار، وفي قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، إشعار بوعد المغفرة والرحمة، ولا يبعد أن يكون المراد بالاستغفار الإتيان بمطلق الطاعات لأنها وسائل يتوسل بها إلى مغفرة الله فالإتيان بها استغفار)(4).

ص: 16


1- الامثل، ناصر مكارم الشيرازي، ج 5، ص 251
2- سورة هود، الآية 3
3- سورة البقرة، الآية 199
4- تفسير الميزان، السيد الطبطبائي، ج 20، ص 77

وقوله تعالى:

«وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ»(1).

(واعلموا أنه مهما يكن الذنب عظيماً والوزر ثقيلاً فإن طريق العودة إليه تعالى مفتوح وذلك لأن ربي رحيم ودود.

وكلمة "الودود" صيغة مبالغة مشتقة من الود ومعناه المحبة، وذكر هذه الكلمة بعد كلمة "رحيم" إشارة إلى أن الله يلتفت بحكم رحمته إلى المذنبين التائبين، بل هو إضافة إلى ذلك يحبهم كثيرا لأن رحمته ومحبته هما الدافع لقبول الاستغفار وتوبة العباد)(2).

قال تعالى:

ص: 17


1- سورة هود، الآية 90
2- الامثل، ناصر مكارم الشيرازي، ج 11، ص 134

«وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ»(1).

ص: 18


1- سورة آل عمران، الآية 135

المسألة الثالثة

الاستغفار في السنّة المطهرة

تحثنا السنّة المطهرة على الإكثار من الاستغفار سواء كان الانسان في البيت أو السوق أو عند جلوسه على المائدة وفي جميع الأماكن لأن الاستغفار يعني التوسل بالله بل هو أفضل التوسل، وفيه بيان سعة رحمة الله عز وجل على عباده وإن فيه نيلاً لكل المطالب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

ص: 19

«أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله عز وجل خمسا وعشرين مرة»(1).

وقد وردت أحاديث كثيرة تحث العباد على الاستغفار ومنها:

أولاً: كثرة الاستغفار

عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال:

«أكثروا من الاستغفار، في بيوتكم، وفي مجالسكم وعلى موائدكم وفي أسواقكم، وفي طرقكم وأينما كنتم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة»(2).

ص: 20


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 504، ح 4
2- مستدرك الوسائل - ميرزا حسين النوري الطبرسي، ج 5، ص 319

ثانياً: الشقى من حرم الاستغفار

عن فضيل بن عثمان المرادي قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن الا هالك، يهمّ العبد بالحسنة فيعملها فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وان هو عملها كتب الله له عشراً، ويهمّ بالسيئة ان يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وان هو عملها أجّل سبع ساعات، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز وجل يقول: «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ» او الاستغفار فإن هو قال: استغفر الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والاكرام واتوب اليه، لم يكتب عليه شيء وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال

ص: 21

صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقى المحروم»(1).

ثالثاً: سيد الاستغفار

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:

«تعلموا سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك وأبوء بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة ويتوب إلى الله عز وجل سبعين مرة، وكان يقول:أستغفر الله وأتوب إليه؟

ص: 22


1- الكافي، ج 2، ص 429، ح 4
2- معاني الأخبار، الشيخ الصدوق، ص 140

قال: كان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله سبعين مرة ويقول: وأتوب إلى الله وأتوب إلى الله سبعين مرة»(1).

رابعاً: الاستغفار خير الدعاء وخير العبادة

عن أبي عبد الله، عن آبائه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«أفضل العبادة قول لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله وخير الدعاء الاستغفار، ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك»(2).

وقال الامام الرضا عليه السلام:

«خير القول: لا إله إلا الله، وخير العبادة الاستغفار»(3).

ص: 23


1- الكافي الشيخ الكليني، ج 2، ص 505، ح 5
2- المحاسن، أحمد البرقعي، ج 1، ص 291، ح 441
3- بحار الانوار، ج 90، ص 436، ح 23

خامساً: إمهال العبد المؤمن ليستغفر

عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له و إن الكافر لينساه من ساعته»(1).

سادساً: إذا أراد الله بعبد خيراً ذكره الاستغفار

قال أبو عبد الله عليه السلام:

«إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً فأذنب ذنباً أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد الله عز وجل بعبد شراً فأذنب ذنباً أتبعه بنعمة فينسيه الاستغفار ويتمادى به، وهو قول الله عز وجل: «سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ» بالنعم عند المعاصي»(2).

ص: 24


1- الكافي، ج 2، ص 438، ح 3
2- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 16، ص 67، ح 10

سابعاً: شمولية فائدة الاستغفار:

عن الربيع بن صبيح، أن رجلا أتى الإمام الحسن عليه السلام فشكا إليه الجدوبة، فقال له الحسن عليه السلام: «استغفر الله»، وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له: «استغفر الله»، وأتاه آخر فقال له ادع الله أن يرزقني ابنا، فقال له: «استغفر الله»، فقلنا له: أتاك رجال يشكون أبوابا ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار؟! فقال: «ما قلت ذلك من ذات نفسي، إنما اعتبرت فيه قول الله»: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا»(1).

قال أبو عبد الله عليه السلام:

«إن من أجمع الدعاء الاستغفار»(2).

ص: 25


1- وسائل الشيعة، ج 7، ص 178، ح 10
2- بحار الأنوار، ج 90، ص 437، ح 30

المسألة الرابعة

الاستغفار الحقيقي

الاستغفار الحقيقي درجة العليين فمن أراد أن يغفر الله له ذنوبه ويكون من المستغفرين المقربين فقد بيّن الإمام علي عليه السلام له ستة معانٍ للاستغفار الحقيقي، فمن اتبع هذه الخطوات نال أعلى الدرجات، قال عليه السلام لقائل قال بحضرته استغفر الله:

«ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ أَتَدْرى مَا الاْسْتِغْفارُ، الإِسْتِغْفارَ دَرَجَةُ الْعِلِّيّينَ، و هُوَ أِسْمٌ واقِعٌ عَلى سِتِّ مَعان، أَوَّلُها: النَّدْمُ

ص: 26

عَلى ما مَضَى، والثّانى اَلْعَزْمُ عَلى تَرْكِ الْعَوْدِ عَلَيْهِ أَبَداً، و الثّالِثُ أَنْ تُؤَدّى إِلَى الْمَخْلُوقينَ حُقُوقَهُم، حَتّى تَلْقَى الله أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، والرّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلى كُلِّ فَريضَة عَلَيْكَ ضَيَّعْتَها تُؤَدّى حَقَّها، والخامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلى اللَّحْمِ الَّذى نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ، فَتُذيبَه بِالأَحْزانِ حَتّى تُلْصِقَ الْجِلْدَ بِالعَظْمِ، وَ يُنْشَأُ بَيْنَهُما لَحْمٌ جَديدٌ، وَالسّادِسُ أَنْ تُذيقَ الجِسْمَ أَلَمَ الطّاعَةِ، كَما أَذَقْتَه حَلاوَةَ المَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُاللهَ»(1).

وفي حديث أمير المؤمنين عليه السلام هذا بيان أن للاستغفار الحقيقي معانٍ ودرجات ست هي كالآتي:

الأول: الندم على ما مضى

هو أن يندم العبد على كل خطيئة ارتكبها وخالف أمر الله فيها، فالندم علامة التائب بل الندم توبة، فعلى العبد أن يستغفر الله على كل ذنب أذنبه وكل خطيئة اقترفها، فالندم أول خطوة يخطوها العبد ليصل إلى معنى الاستغفار

ص: 27


1- نهج البلاغة، تحقيق محمد عبده، ج 4، خ 412، ص 588

الحقيقي، وقد سأل كميل بن زياد أمير المؤمنين عليه السلام (.... يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه، فما حد الاستغفار؟ قال:

«يا ابن زياد التوبة»، قلت: بس؟ قال: لا. قلت: فكيف؟ قال: «إن العبد إذا أصاب ذنباً يقول: استغفر الله بالتحريك»، قلت: وما التحريك؟ قال: «الشفتان واللسان، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة»، قلت: وما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى «الذنب الذي استغفر منه»، قال كميل: فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟ قال: لا، قال كميل: فكيف ذاك؟ قال: «لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد»، قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟ قال:

ص: 28

«الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه وهي أول درجة العابدين»(1).

الثاني: العزم على ترك العود عليه أبداً

أي أن يكون العبد عازماً على ترك الذنوب التي ارتكبها وأن لا يعود إليها أبداً وإن كانت ذنوباً صغيرة، كون الصغائر تصبح من الكبائر عند الإصرار عليها، فالإصرار مع الاستغفار يعد استهزاء ويؤكد ذلك ما روي عن الإمام الرضا عليه السلام إذ قال:

«من استغفر من الذنب وهو يعمله فكأنّما يستهزئ بربّه»(2).

وعن النبي صلى الله عليه وآله قال:

«ألا لا تحقرن شيئاً وإن صغر في أعينكم، فإنه لا صغيرة بصغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة بكبيرة مع

ص: 29


1- تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحراني، ص 197
2- بحار الانوار، ج 90، ص 436. ح 23

الاستغفار، ألا وإن الله سائلكم عن أعمالكم حتى عن مس أحدكم ثوب أخيه بين إصبعيه»(1).

وروي أن بعض الناس اجتاز على رجل وهو يقول: استغفر الله وهو يشتم الناس ويكرر الاستغفار ويشتم فقال السامع له: استغفر الله من هذا الاستغفار وترجع بل أنت تهزأ بنفسك، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«أيها الناس توبوا إلى الله توبة نصوحا قبل أن تموتوا، وتوبة النصوح أن يتوب فلا يرجع فيما تاب عنه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمصر على الذئب مع الاستغفار يستهزأ بنفسه ويسخر معه الشيطان وأن الرجل إذا قال: استغفر الله يا رب وأتوب إليه ثم عاد ثم قال ثم عاد ثم قال كتب في الرابعة من الكذابين»(2).

ص: 30


1- وسائل الشيعة، ج 5، ص 111، ح 2، باب 70
2- شجرة طوبى، محمد مهدي الحائري، ج 2، ص 436

الثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة:

ويعني الإمام عليه السلام أن تُؤدي حق المخلوقين أي جميع الحقوق التي فرضها الله على العباد کحقوق الاباء وحقوق الابناء وحق الجار والصديق، فمن شعر أنه مقصر بحق غيره فعليه أن يؤديه لأن هذه الذنوب مرتبطة بالعباد، ومن أمثلتها قضاء الدين فمن كان عليه دين عليه أن يقضيه ومن كانت عنده أمانة عليه أن يردها إلى صاحبها وما إلى ذلك من حقوق الناس لأنها لا تسقط إلا برضاهم.

وعن شيخ من النخع قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إني لم أزل واليا منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا، فهل لي من توبة؟ قال: فسكت، ثم أعدت عليه، فقال عليه السلام:

«لا حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه»(1).

ص: 31


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 52، ح 3

الرَّابِعُ: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها:

فمن فاتته فريضة من فرائضه التي أوجبها الله عليه فلا بد من قضائها، فقد جاء في الخبر عن أبي عبد الله عليه السلام:

«... وما تقرب إليّ عبدي المؤمن بمثل أداء الفرائض»(1).

وعن الإمام الرضا عليه السلام: في معنی قوله تعالی:

«الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ»(2).

قال:

«يدومون على اداء الفرائض والنوافل، وإن فاتهم بالليل قضوا بالنهار، وإن فاتهم بالنهار قضوا بالليل»(3).

ص: 32


1- مستدرك الوسائل، ج 11، ص 281، ح 1، باب وجوب أداء الفرائض
2- سورة المعارج، الآية 23
3- مستدرك الوسائل، ج 3، ص 60، ح 1، باب استحباب قضاء النوافل

الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت، فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جديد:

قال تعالى:

«وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ»(1).

السحت كل حرام والحرام الذي لا يحل کسبه، عن عمار بن مروان قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول، قال:

«كل شيء غل من الإمام فهو سحت وأكل مال اليتيم وشبهه سحت والسحت أنواع كثيرة: منها أجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة، فأما الرشا في الحكم فإن ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله صلى الله عليه وآله»(2).

ص: 33


1- سورة المائدة، الآيتان 62 - 63
2- الكافي، ج 5، ص 126، ح 1، باب السحت

وعنه عليه السلام قال:

«السحت من الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومصر البغي والرشوة في الحكم وأجر الكاهن»(1).

وعنه عليه السلام قال:

«السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام، إذا شارط، وأجر الزانية وثمن الخمر، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم»(2).

وعن أبي عبد الله العامري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد فقال:

«سخت فأما الصيود فلا بأس»(3).

السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول استغفر الله:

فعلى الانسان الذي يريد غفران الذنوب والرجوع إلى الله إزالة هذا اللحم الذي نبت

ص: 34


1- المصدر نفسه، ح 2
2- المصدر نفسه، ح 3
3- المصدر نفسه، ح 4

على الحرام يعيد إنشاء جسمه على الخير والمكسب الطيب، فبعد العودة إلى الله والرجوع إليه بالندم يجب اتباع القيود والأوامر التي فرضها الله على العباد کالالتزام بالفرائض وعدم أكل مال اليتيم وأكل الحرام وما إلى ذلك من المحرمات الأخرى، فقبل التوبة كان العبد لا يلتزم بأوامر الله ولا حدود له في الذنب فاعتاد الجسم على حلاوة المعصية، لذا بعد التوبة يجب أن يعتاد الجسم على ألم الطاعة كقلة الطعام والقيام في الليل والنهار والصيام حتی يشعر الإنسان بالتعب والجوع والعطش ليذیب الله كل ما نبت من الحرام ويبدأ الانسان بتعويد الجسد على الحلال فعند تمام هذه الشروط التي ذكرها الإمام يقول العبد أستغفر الله، فهذه الشروط لمن أراد أن يصل إلى حقيقة الاستغفار وإلى أعلى مراتب المستغفرين.

ص: 35

المسألة الخامسة:

آثار الاستغفار

يترك الاستغفار آثاراً إيجابية كثيرة للمستغفر نذكر أهمها:

1- رفع صحيفة المستغفر وهي تتلألأ خالية من الذنوب

من آثار الاستغفار أنه يمحو الذنوب ويجعل من صحيفة المستغفر تتلألأ وهي ترفع بين يدي الله ويؤكد كلامنا ما دلت عليه الأحاديث الشريفة فقد روي عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبدالله عليه السلام:

ص: 36

«إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ»(1).

وقوله تعالى:

«وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ»(2).

وعنه عليه السلام قال:

«تعرض الاعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال العباد كل صباح أبرارها ونجارها فاحذروها، وهو قول الله تعالى: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» وسكت»(3).

2- سبب في سعة الرزق

فالاستغفار سببٌ من أسباب زيادة الرزق ومحو الفقر، قال تعالى:

ص: 37


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 504، ح 2، باب الاستغفار
2- سورة البقرة، الآية 58
3- الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 219، ح 1. باب عرض الأعمال على النبي والأئمة

«وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا»(1).

ومن كلام له عليه السلام قال:

«وقَد جَعَلَ الله سُبحَانَه الاِستِغفَارَ سَبَباً، لِدُوُرِ الرِّزقِ ورَحمَةِ الخَلقِ فَقَالَ سُبحَانَه: «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ»(2).

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

«من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر الحمد لله ومن کثرت همومه فعليه بالاستغفار ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ينفي عنه الفقر»(3).

وقال (عليه السلام):

ص: 38


1- سورة هود، الآية 52
2- نهج البلاغة، ج 2، الخطبة 142، ص 226
3- الكافي، ج 8، ص 93، ح 65

«من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب»(1).

3- جلاء القلب ونقاوته:

كما جاء في بعض الاحاديث أن في قلب العبد نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً صارت نكتة سوداء فإذا تاب ذهبت واذا استمر على الذنب زادت، فالاستغفار يمحو هذه النكتة وينقّي القلب من شوائبها، لأن الله خلق القلب صافياً خالياً من الشوائب أبيضاً يسطع بالنور ولكن العباد هي التي تغير هذا النور إلى ظلمات بسبب الذنوب، فالاستغفار يمحو هذه الظلمات، قال أبو عبد الله (عليه السلام):

«إن للقلوب صدأ كصدأ النحاس فاجلوها بالاستغفار وتلاوة القرآن»(2)

ص: 39


1- وسائل الشيعة، ج 7، ص 177، ح 6، باب استحباب الاكثار من الاستغفار
2- بحار الانوار، ج 74، ص 172، ح 8

4- الستر:

إن الله حينما يغفر للإنسان يستر عليه، فإن أصل الغفران هو الستر، قال أمير المؤمنين عليه السلام:

«تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب»(1).

ومن كلام للإمام الصادق عليه السلام، لهشام بن الحكم لما سأله عن أسماء الله الحسنى قال:

«... فإذا قال العبد: (يا من أظهر الجميل وستر القبيح) ستره الله برحمته في الدنيا وجَمّلَه في الآخرة وستر الله عليه ألف ستر في الدنيا والآخرة»(2).

5- النجاة:

فالاستغفار هو المنجي من جميع مهالك الدنيا والآخرة، لأنه يمثل الرجوع إلى الله تعالی

ص: 40


1- المصدر نفسه، ج 90، ص 33، ح 7
2- التوحيد، الشيخ الصدوق، ص 222، ح 14

وطلب العفو والمغفرة منه عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه اله:

«عليك بالاستغفار فإنه المنجاة». وقال صلى الله عليه وآله: «من كثر همومه فليكثر من الاستغفار»(1).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:

«العجب ممن يهلك، والمنجاة معه، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار»(2).

6- دواء الذنوب:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله

«لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار»(3).

ص: 41


1- بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج 90، ص 437، ح 28، باب الاستغفار وفضله وأنواعه
2- المصدر السابق نفسه، ح 30
3- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 197، ح 1، ثواب الاستغفار

وهنا شبّه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الذنوب بالدّاء وأعطى لها الدواء، فدواء هذه الذنوب هو الاستغفار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار، فإنها الممحاة»(1).

وعنه صلى الله عليه وآله:

«إن الذنوب لتشوب أهلها، لتحرقنهم، لا يطفئها شيء إلا الاستغفار»(2).

* * * *

ص: 42


1- مستدرك الوسائل، ج 5، ص 316، ح 1، باب استحباب الاكثار من الاستغفار
2- المصدر نفسه، ح 2

المسألة السادسة

الاستغفار أحد الأمانين

كان الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه و آله رحمة الله وأمان أهل الأرض، قال تعالى:

«وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»(1).

وأشارت الآية إلى الاستغفار فهو الأمان الثاني للناس، أي كما أن الرسول أمان لأهل الأرض فكذلك الاستغفار فهو أمانٌ لهم من

ص: 43


1- سورة الأنفال، الآية 33

نزول العذاب، وحکی عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه قال:

«کَانَ فِی اَلْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اَللَّهِ وَ قَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَکُمُ اَلْآخَرَ فَتَمَسَّکُوا بِهِ، أَمَّا اَلْأَمَانُ اَلَّذِی رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّی اَللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّا اَلْأَمَانُ اَلْبَاقِی فَالاِسْتِغْفَارُ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَی: «وَ ما کانَ اَللّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ * وَ ما کانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ»(1)(2).، قال عليه السلام:

«عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار»(3).

وعنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه:

«حياتي خير لكم ومماتي خير لكم»

قالوا أما حياتك يا رسول الله فقد عرفنا فما في وفاتك، قال:

ص: 44


1- المصدر نفسه
2- نهج البلاغة، قصار كلماته وحكمه، ج 4، ص 518، الحكمة 88
3- المصدر نفسه،، ج 4، ص 518 الحكمة: 87

«أما حياتي فإن الله يقول «وَ ما کانَ اَللّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما کانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ»، وأما وفاتي فتعرض عليّ أعمالكم فأستغفر لكم»(1).

فالإنسان حينما يذنب ذنباً فيستغفر الله، فهذا الاستغفار هو كفارة عن الذنب الذي ارتكبه فيسقط عنه القصاص، والذنوب تجلب للإنسان النقم، كما جاء في دعاء كميل، (... اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم اللهم اغفر الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم...».

وعن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:

«الاستغفار لكم حصن حصين من العذاب، فمضى أكبر الحصنين وبقي الاستغفار فأكثروا منه، فإنَّه ممحاة

ص: 45


1- بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار، ص 465

و للذنوب قال الله عز وجل: «وَ ما کانَ اَللّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ وَ ما کانَ اَللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ»(1).

وعن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: «لما نزلت هذه الآية «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ». صعد إبليس جبلاً بمكة يقال له ثور فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقال نزلت هذه الآية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، فقال: لست لها، ثم قام آخر فقال مثل ذلك، فقال لست لها فقال الوسواس الخناس: أنا لها، قال: بماذا؟ قال: أعِدُهم وأمنّیهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا وقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها فوله بها إلى يوم القيامة)(2).

* * * *

ص: 46


1- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 198، ح 2
2- وسائل الشيعة، ج 16، ص 67، ح 7، باب استحباب تكرار التوبة والاستغفار كل يوم

المسألة السابعة

معنی استغفار الأنبياء

ومن كتاب له عليه السلام يصف به أولياء الله قال عليه السلام:

«..وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِم ذُنُوبُهُمْ «أُولئِك حِزْب الله، أَلاَنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(1) (2).

إن استغفار الأنبياء عليهم السلام لا يكون عن ذنوب ارتكبوها وإنما هو تواضع منهم لله كونهم معصومين عن الخطأ، فلا يجوز إطلاق

ص: 47


1- سورة المجادلة، الآية 22
2- نهج البلاغة، ج 3، ص 451، كتاب 45

الكلام على الظاهر فإن استغفارهم وتوبتهم من أجل دوام ذكر الله على ألسنتهم وعدم الغفلة وانشغالهم بالدعاء وشعورهم بالتقصير تجاه الخالق دائما مما يجعلهم يستغفرون ويطلبون التوبة من الله على الرغم من طهارتهم وقداستهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر الله دائماً من غير ذنب فقد روي عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث قال:

«إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليؤجرهم عليها من غير ذنب»(1).

وعنه عليه السلام قال:

«إنَّ أيوب ابتُلي مِن غَيرِ ذَنب»(2).

ص: 48


1- وسائل الشيعة، ج 16، ص 85، ح 5
2- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 75، ح 2، العلة التي من أجلها ابتلي ايوب

ومن أسئلة المأمون للإمام الرضا عليه السلام حول عصمة الأنبياء قال المأمون: لله درك يا أبا الحسن فأخبرني قول الله عز وجل: «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ»(1)، قال الرضا عليه السلام:

«لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا: «أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ»(2)، فلما فتح الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مكة قال له يا محمد: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ» مكة «فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ» عند مشركي أهل مكة

ص: 49


1- سورة الفتح، الآية 2
2- سورة ص، الآيات 75

بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم ذلك مغفورا بظهوره عليهم»(1).

* * * *

ص: 50


1- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 180، ح 1، في تفسير قوله تعالى (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك)

المسألة الثامنة

استغفار الانبياء والملائكة للمؤمنين

أولاً: استغفار الأنبياء للمؤمنين

يستغفر جميع الأنبياء كثيراً لأممهم ولكن هذا الاستغفار هو ضرب من ضروب الشفاعة، وهذه الرحمة لا تشمل جميع العباد وإنما من ظهرت عليه آثار الندم والتوبة أي إنها تخص المؤمن المذنب وليس الكافر، فإن الله لا يغفر

ص: 51

للكافرين أو المنافقين وإن استغفر لهم الرسول، قال تعالى:

«سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»(1).

روي عن الإمام موسی بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:

«إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل» قال ابن أبي عمير: فقلت له: يا ابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى ذكره يقول: «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ»(2).

ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضی، فقال: يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا

ص: 52


1- سورة المنافقون، الآية 6
2- سورة الأنبياء، الآية 28

ساءه ذلك وندم عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

«كفى بالنَّدَمِ تَوبة».

وقال عليه السلام:

«مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَ سَائَتْهُ خَطِیئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ».

فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تنجب له الشفاعة وكان ظالماً، والله تعالی ذكره يقول:

«مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ»(1).

فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال:

«یا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ومتی ندم کان تائباً مستحقاً للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرا

ص: 53


1- سورة غافر، الآية 18

والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله:

«لاكبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار» وأما قول الله عز وجل: «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى»(1)، فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه، والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دینه ندم على ما ارتكبه من الذنوب المعرفته بعاقبته في القيامة»(2).

وقوله تعالى: «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا»(3)، أي انهم لو بادروا بالاستغفار وطلبوا من الرسول أن يستغفر لهم فإن الله يغفر لمن

ص: 54


1- سورة الأنبياء، الآية 28
2- التوحيد، الشيخ الصدوق، ص 407 - 408
3- سورة النساء، الآية 64

أراد المغفرة، وجاء في تفسير القمي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك يا علي فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحیماً هكذا نزلت»(1).

وقوله تعالی:

«قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ، قَالَ: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»(2)، إن مفاد هذه الآية هو أنهم ندموا على ما فعلوا فطلبوا المغفرة، فإن الله يغفر لمن يشاء أي لمن يريد المغفرة ويطلبها بصدق فإن الله غفار الذنوب.

ثانياً: استغفار الملائكة للمؤمنين

قال تعالى:

«وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً

ص: 55


1- تفسير القمي، علي ابن ابراهيم القمي،
2- سورة يوسف، الآية 97

وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ»(1).

في هذه الآية المباركة بيان رحمة الله للعبد المؤمن خاصة، فإن الملائكة تستغفر له وهذا الاستغفار يأتي بمعنى الشفاعة أي شفاعة الملائكة للعبد المؤمن عند الله، فكما أن الأنبياء عليهم السلام يستغفرون للعبد المؤمن ويشفعون له عند الله كذلك الملائكة يفعلون فهذه بشارة من الله للعبد المؤمن وما خصه به من كرامات.

جاء في تفسير القمي في قوله تعالی:

«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» يعني رسول الله صلى الله عليه وآله والأوصياء من بعده يحملون علم الله «وَمَنْ حَوْلَهُ» يعني الملائكة «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» یعنی شيعة

ص: 56


1- سورة غافر، الآية 7

آل محمد «رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا» من ولاية فلان وفلان وبني أمية «وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» أي ولاية علي ولي الله «وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» يعني من تولى عليا عليه السلام فذلك صلاحهم «وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ» یعنی یوم القيامة «وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» لمن نجاه الله من ولاية فلان وفلان»(1).

وفي حديث طويل في الكافي قال أبو عبد الله عليه السلام لأبي بصير:

«يا أبا محمد إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شیعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه وذلك قوله عز وجل «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا» استغفارهم والله لكم

ص: 57


1- تفسير القمي، ج 2، ص 255

دون هذا الخلق، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال:

«يا أبا محمد لقد ذکرکم الله في كتابه فقال: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيّركم الله كما عيّرهم حيث يقول جل ذكره: «وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ» يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني فقال:

«یا أبا محمد لقد ذکرکم الله في كتابه فقال: «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» والله ما أراد بهذا غیرکم یا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال:

ص: 58

«يا أبا محمد «الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ» والله ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمد فهل سررتك قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال:

«يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا و عدونا في آية من كتابه فقال عز وجل: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا هم أولوا الألباب»(1).

وفي تفسير القمي عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«ما خلق الله خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي، فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أو جبرئيل؟ فقال یا علي إن الله فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل من بعدي

ص: 59


1- الكافي، ج 8، ص 35، باب مقامات الشيعة وفضائلهم

لك يا علي وللأئمة من بعدك وإن الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّینا، يا علي! الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا یا علي! لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنّة ولا النار ولا السماء ولا الارض فكيف لا تكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتقديسه لأن أول ما خلق الله خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وبتمجيده ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة، فسبحت الملائكة بتسبيحنا)(1).

ص: 60


1- تفسير القمي، ج 1، ص 18

المسألة التاسعة

الإمام علي عليه السلام يحدثنا عن الاستغفار

نوجز في هذه المسألة بعضاً من حكم أمير المؤمنين عليه السلام حول الاستغفار بشكل عام وكما يلي:

1. «الاْءِسْتِغْفارُ أَعْظَمُ جَزاءً، وَأَسْرَعُ مَثُوبَةً»(1).

2. «اِسْتَغْفِرْ، تُرْزَقْ»(2).

3. «اَلاِسْتِغْفَارُ یَمْحُو اَلْأَوْزَارَ»(3).

ص: 61


1- غرر الحكم ودرر الكلام، حرف الالف، ص 31
2- المصدر نفسه
3- المصدر نفسه

4. «اَلاِسْتِغْفَارُ دَوَاءُ اَلذُّنُوبِ»(1).

5. «أَفْضَلُ اَلتَّوَسُّلِ اَلاِسْتِغْفَارُ»(2).

6. «حُسْنُ اَلاِسْتِغْفَارِ یُمَحِّصُ اَلذُّنُوبَ»(3).

7. «لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ حِینَ عَصَوْا تَابُوا وَ اِسْتَغْفَرُوا لَمْ یُعَذَّبُوا وَ لَمْ یَهْلِکُوا»(4).

8. «مَنِ اِسْتَغْفَرَ اَللَّهَ أَصَابَ اَلْمَغْفِرَةَ»(5).

9. «لاَ شَفِیعَ أَنْجَحُ مِنَ اَلاِسْتِغْفَارِ»(6).

10. «لاَ یَحُوزُ اَلْغُفْرَانَ إِلاَّ مَنْ قَابَلَ اَلْإِسَاءَهَ بِالْإِحْسَانِ»(7).

* * * *

ص: 62


1- المصدر نفسه
2- المصدر نفسه، ص 42
3- المصدر نفسه، حرف الحاء، ص 128
4- المصدر نفسه، حرف اللام، ص 276
5- المصدر نفسه، حرف الميم، ص 304
6- المصدر نفسه، حرف اللام، ص 258
7- المصدر نفسه، حرف اللام، ص 262

المصادر والمراجع

- القرآن الكريم.

1- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مکارم الشيرازي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات والمنشورات، بیروت، لبنان، ط 1434، 1 ه 2013 م.

2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، تح: السيد ابراهيم المينانجي، محمد الباقر البهبودي، مؤسسة الوفاء بیروت، لبنان، دار احیاء التراث، ط 2 المصححة، 1403 ه 1983 م.

3- بصائر الدرجات، محمد بن حسن الصفار، تح: میرزا حسین کوجه.

4- تاج العروس الزبيدي، دار الفکر، بیروت، 1414 ه - 1994 م.

ص: 63

5- تحف العقول عن ال الرسول، ابن شعبة الحراني، تح: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم.

6- تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، تح وتع: السيد طيب الموسوي الجزائري، موسوعة دار الكتاب للطباعة والنشر، ایران، ط 3.

7- تفسير الميزان، السيد الطبطبائي، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة، 1402 ه.

8- التوحيد، الشيخ الصدوق، تح: السيد هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة التراث الاسلامي.

9- رياض السالكين في شرح صحيفة سید الساجدین، علي خان المدني الشيرازي، تح:

ص: 64

السيد محسن الحسيني الاميني، مؤسسة النشر الاسلامی، محرم الحرام 1415 ه.

10- شجرة طوبی، محمد مهدي الجزائري، تح: السيد هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة التراث الاسلامي، الاحمدي، طهران، 1414 ه. ق - 1362 ه ش.

11- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، تح: محمد صادق بحر، المكتبة الحيدرية 1385 ه - 1966 م.

12- عیون اخبار الرضا، الشيخ الصدوق، تح: حسن الأعلمي، مؤسسة الأعلمي بيروت، لبنان، 1414 ه - 1984 م.

13- غرر الحکم و درر الكلام، عبد الواحد الآمدي التميمي، تص: الشيخ حسين الأعلمي، منشورات الأعلمي للمطبوعات.

ص: 65

14- الكافي، الشيخ الكليني تص وتع: علي اکبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية طهران، 1363 ه.

15- لسان العرب، ابن منظور، نشر آداب الحوزة، محرم 1405 ه.

16- مستدرك الوسائل، میرزا حسین النوري الطبرسي، تح: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.

17- میزان الحکمة، محمد الريشهري، دار الحدیث، ط 1.

18- نهج البلاغة، تح: محمد عبده، مؤسسة التاريخ العربي، بیروت، لبنان.

19- وسائل الشيعة، الحر العاملي، مؤسسة ال البيت لإحياء التراث.

ص: 66

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

مقدمة الكتاب...9

المسألة الأولى...12

الاستغفار لغة...12

المسالة الثانية...15

الاستغفار في القران الكريم...15

المسألة الثالثة...19

الاستغفار في السنِّة المطهرة...19

أولاً: كثرة الاستغفار...20

ثانياً: الشقي من حرم الاستغفار...21

ثالثاً: سید الاستغفار...22

رابعاً: الاستغفار خير الدعاء وخير العبادة...23

خامساً: إمهال العبد المؤمن ليستغفر...24

سادساً: إذا أراد الله بعبد خيراً ذكّره الاستغفار...24

سابعاً: شمولية فائدة الاستغفار:...25

المسألة الرابعة...26

الاستغفار الحقيقي...26

الأول: الندم على ما مضى...27

ص: 67

الثاني: العزم على ترك العود عليه أبداً...29

الثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة:...31

الرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها:...32

الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت، فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جدید:...33

السادس: أن تذيق الجسم ألمَ الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول استغفر الله:...34

المسألة الخامسة:...36

آثار الاستغفار...36

1- رفع صحيفة المستغفر وهي تتلألأ خالية من الذنوب...36

2- سببٌ في سعة...37

3- جلاء القلب ونقاوته:...39

4- الستر:...40

5- النجاة:...40

6- دواء الذنوب:...41

المسألة السادسة...43

الاستغفار أحد الأمانين...43

المسألة السابعة...47

معنی استغفار الأنبياء...47

ص: 68

المسألة الثامنة...51

استغفار الانبياء والملائكة للمؤمنين...51

أولاً: استغفار الأنبياء للمؤمنين...51

ثانياً: استغفار الملائكة للمؤمنين...55

المسألة التاسعة...61

الإمام علي عليه السلام يحدثنا عن الاستغفار...61

المصادر والمراجع...63

ص: 69

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.