عجیب خلق الخفّاش

هوية الکتاب

عجیب خلق الخفّاش

الكتاب...عجيب خلق الخفّاش.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:1000 نسخة.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأکبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

الكتاب...عجيب خلق الخفّاش.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:1000 نسخة.

ص: 2

سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة (2) عجیب خلق الخفّاش تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأکبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع: www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

«وَمِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَعَجَائِبِ خِلْقَتِهِ، مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِي هذِهِ الْخَفَافِيشِ، الَّتِي يَقْبِضُهَا الضِّيَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَيَبْسُطُهَا الظَّلاَمُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ، وَكَيْفَ عَشِيَتْ أَعْيُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ، مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ نُوراً تَهْتَدِي بِهِ فِي مَذَاهِبِهَا، وَتَتَّصِلُ بِعَلاَنِيَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا، وَرَدَعَهَا بِتَلاَلُؤِ ضِيَائِهَا عَنِ الْمُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا، وَأَكَنَّهَا فِي مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِى بُلَجِ ائْتِلاَقِهَا، فَهِيَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بَالنَّهَارِ عَلَى حِدَاقِهَا، وَجَاعِلَةُ اللَّيْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ في الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا، فَلاَ يَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَاف ُظُلْمَتِهِ، وَلاَ تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ، فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَبَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا، وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى الضِّبَابِ فِي وِجَارِهَا، أَطْبَقَتِ الاْجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا، وَتَبَلَّغَتْ بِمَا اكْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاشِ فِي ظُلَمِ لَيَالِيهَا، فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً وَمَعَاشاً، وَجَعَلَ النَّهَارَ لَهَا سَكَناً وَقَرَاراً، وَجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا، تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّيَرَانِ، كَأَنَّهَا شَظَايَا الاْذَانِ غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ وَلاَ قَصَبٍ، إِلاَّ أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلاَماً، لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا وَ لَمْ يَغْلُظَا فَيَثْقُلاَ، تَطِيرُ وَ وَلَدُهَا لاَصِقٌ بِهَا لاَجِيٌ إِلَيْهَا، يَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ، وَيَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ، لاَ يُفَارِقُهَا حَتَّى تَشْتَدَّ أَرْكَانُهُ، وَيَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ، وَيَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَيْشِهِ وَمَصَالِحَ نَفْسِهِ، فَسُبْحَانَ الْبَارِىءِ لِكُلِّ شَيْءٍ، عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَيْرِهِ».

نهج البلاغة، صبح الصالح، الخطبة 155، ص 217.

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة:

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم، والصلاة والسلام على أشرف النعم وأتمها وأفضلها محمد وآله الأطهار الهداة الأخيار.

أمّا بعد:

فإن من لطائف الحكمة المكنونة في متون كتاب نهج البلاغة احتوائه على خطب اختصت ببيان بديع صنع الله تعالى في خلقه، ومنها خلق الطيور، والخفاش، والنملة، والجرادة وغيرها مما تلحظه العيون أو تأنس به النفوس أو تنتفع به الأبدان أو تتأمل فيه العقول وغير ذلك من الغايات والمقاصد التي كانت وراء خلق الله تعالى لهذا الخلق العجيب.

كما ورد بيانه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: «وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ، وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ، مَا دَلَّنا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَظَهَرَتِ في الْبَدَائِعُ الَّتِي أحْدَثَها

ص: 7

آثَارُ صَنْعَتِهِ، وَأَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلاً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ»(1).

ومن هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة طباعة هذه السلسلة الموسومة ب (سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة) لما تحققه من هدف في انماء الفكر الإسلامي في واحدة من أهم حقوله المعرفية وهو التوحيد الذي كان من طرق تحصيله هو التأمل في خلق الله تعالى والتفكر في لطائف حكمته وبديع وبديع صنعه.

السید نبیل قدوري حسن الحسني

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8


1- نهج البلاغة، الخطبة: 91، ص 126

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الخالق المبدع المصور، له الأسماء الحسنی، والصلاة والسلام على حبيبه ونجيبه وسيد رسله محمد وآله الأطهار الميامين الأبرار..

أما بعد..

لو تأملنا جميع المخلوقات لعرفنا قدرة الله وعظمة خلقه وبديع صنعه، إلا أنه سبحانه وتعالى قد ميّز بعضها عن البعض، فهذا دليل على قدرة الله وعظمته، وقد بيّنا في الجزء الأول من سلسلة (عجائب المخلوقات في نهج البلاغة) أنواع الطيور واسماءها، وفي هذا الجزء من السلسلة سيكون الحديث حول هذا الكائن الفريد من نوعه من بين الطيور كونه من الثديات ويطير؛ فالخفاش من الحيوانات اللبونة الولودة التي ترضع أولادها.

قال تعالى في كتابه الكريم:

ص: 9

«وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي»(1).

قيل إن الطير الذي صنعه عيسى ابن مريم (عليه السلام) كان خفاشاً، ويؤكد ذلك ما جاء في كتاب علل الشرائع من أسئلة الشامي للإمام علي (عليه السلام) عن ستّة لم يركضوا في رحم؛ فقال (عليه السّلام):

«آدم وحواء (عليهما السلام)، وكبش إبراهيم (عليه السّلام)، وعصا موسى عليه السلام، وناقة صالح (عليه السلام)، والخفاش الّذي عمله عيسى ابن مريم (عليه السلام)، فطار بإذن الله»(2).

المؤلف

ص: 10


1- المائدة، الآية، 11
2- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 2، ص 595، ح 44 (نوادر العلل)

المسألة الأولى

معنى كلمة الخفاش في اللغة:

(خفش: الخنفَشُ: ضعف في البصر وضيق في العين، وقيل: صغرٌ في العين خلقةً، وقيل: هو فساد في جفن العين واحمرار تضيق له العيون من غير وجع ولا قُرحٍ، خَفِش خَفَشاً، فهو خَفِشٌ وأَخفَشُ... يقال: خفِشَ في أَمره إِذا ضعف؛ وبه سمي الخُفاشُ لضعف بصره بالنهار.. والخُفَّاشُ: طائرٌ يطير بالليل مشتق من ذلك لأَنه يَشُقُّ عليه ضوء النهار، والخُفَّاشُ: واحدُ الخَفافِيش التي تطير بالليل)(1).

الخُفّاشُ، کرُمّانٍ: الوَطواط، الَّذِي يَطِيرُ باللَّيلِ، سُمِّيَ بهِ، لِصِغَرِ عَينَيه خشلقَةً وضَعفِ بَصَرِهِ بالنّهَار)(2).

ص: 11


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 6، ص 299
2- تاج العروس، الزبيدي، ج 9، ص 110 {خفش}

المسألة الثانية

الخفاش وغوامض الحكمة في خلقه

قوله (عليه السلام):

«وَمِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ، وَعَجَائِبِ خِلْقَتِهِ، مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِکْمَةِ فِی هذِهِ الْخَفَافِیشِ».

في هذه المسألة نبين ثلاثة أمور أشار اليها الإمام علي (عليه السلام)، في بديع خلق الخفاش وهي:

أولاً: لطيف صنعة الخفاش:

(اللَّطِيف: صفة من صفات الله واسم من أَسمائه، واللطيف الذي يوصل إليك أَربك في رِفق، واللُّطفُ من الله تعالى: التوفيق والعِصمة.

واللَّطِيف هو الذي اجتمع له الرِّفق في الفعل والعلمُ بدقائق المصالح وإيصالها إلى من قدّرها له من خلقه، يقال: لَطف به وله، بالفتح، يَلطُف لُطفاً إذا رَفَقَ به،

ص: 12

فأَما لَطُف، بالضم، یَلطُف فمعناه صغُر ودقَّ)(1).

أشار الإمام (عليه السلام) في هذا الكلام الى دقة الخالق في خلق هذه الخفافيش،

فهنالك خفايا كثيرة لا يعلمها الا هو سبحانه والراسخون في العلم.

فكل لطيف دقيق والعجيب في دقة صنعة الخفاش، إنه سبحانه وتعالى جعل عين الخفاش لا تؤدي وظيفتها إلا في الليل، ولكن الله سبحانه وتعالى قد عوضه وأعطاه قدرة الحس فهو لا يرتطم بأي جدار رغم سرعته في الطيران، وقد ذُكر في الموسوعة العلمية (إن أول دلالة في تقليد الإنسان لمظاهر خلق الله نراها في طائر الخفاش؛ العجيب في طيرانه المبهم في الليل بسرعة ودقة من دون أن يرتطم بأي حاجز، متفادياً الموانع، وقادراً على النفاذ في المنعطفات والأنفاق، وقد فسر العلماء ذلِكَ عندما اكتشفوا أن الخفاش يطلق أمواجاً صوتية لا تقدر أُذن الإنسان سماعها، ويصدرها عن طريق عضلات حنجرته

ص: 13


1- الصحاح، ج 4، ص 1427

القوية، ويخرجها من منخريه، وتشكل أذناه الكبيرتان جهاز الاستقبال عند ارتداد هذه الأمواج إليه بعد انعكاسها على الأجسام الموجودة في طريقه، أما فائدة هذه الأمواج فهي تدلّه على وجود الموانع أو عدمها؛ فهي تذهب وتصطدم بالحاجز وتعود بسرعة فتستقبلها الأذنان، وبهذه العملية يمكن الخفاش أن يحدد وجود الحاجز، وأن يقدر المسافة بينه وبين الحاجز، وبالتالي يستطيع أن يتفادى الاصطدام بالحاجز. هذا الأداء الرائع والغريزي لدى طائر الخفاش في إصدار الموجات ومن ثَمّ استقبالها لاكتشاف ما حوله، قد اقتبسه الإنسان وأدخله في نظام عمل الطائرات والسفن؛ إذ يقوم الرادار المثبت فيها مقام الخفاش؛ فيرسل أمواجاً في الجوّ أو الماء، فترتطم بالهدف وتعود بعد انعکاسها ليقوم الطيار أو الملاح بتحديد موقعه وموقع الطائرات مِن حوله؛ فيرصدها ويحدّد المسافة التي تفصلها عنه، وتتمكن الطائرات بذلك مِن تفادي الخطر واجتياز آفاق الجوّ بسلامة، حاصلةً لحظة بلحظة على كلّ المعلومات اللازمة

ص: 14

عن محيطها وعمن حولها)(1).

ومن الأمور المهمة التي توضّح عناية الله ولطفه لهذا المخلوق هو قيام الأم بحمل صغارها أثناء الطيران وتغذيتها وتعليمها كيفية العيش، فليس الإنسان وحده يعتني بصغاره كذلك الحيوانات بمختلف أشكالها وأحجامها تصنع كما يصنع الإنسان في مُداراة الصغار، فهذا يدفعنا لأن نعتقد و نجزم على أن ذلك من عند الله، وهو من الأدلة الواضحة التي نستدل بها على وجود الخالق ومن حكمه (عليه السلام) قال:

«وَ عَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِی اَللَّهِ وَ هُوَ یَرَی خَلْقَ اَللَّهِ»(2).

ثانياً: عجائب خلق الخفاش:

وفي هذه الفقرة أشار الإمام (عليه السلام) الى عجائب خلق الخفاش، فهو من المخلوقات الغريبة التي خلقها الله وهو من أعجب الطيور، الذي أذهل عقول العلماء والخبراء والمختصين بعالم الحيوان، ولغرابته في

ص: 15


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 4، ص 633
2- نهج البلاغة: الحكمة 126، ص 491

الخلق فقد (صرحت بعض المصادر العلمية أن الخفاش ليس من فصيلة الطيور، بل جزء من الثديات وذلك لما يلي:

1- للخفاش أسنان، بينما للطيور منقار.

2- بدن الخفاش مغطى بالشعر، بينما للطیر ریش.

3- تتكون أجنحة الخفاش من قطعة لحمية رقيقة وليست الطيور كذلك.

4- للخفاش يدان ورجلان ويمشي على الأرض على يديه ورجليه وليست الطيور كذلك.

5- الخفافيش ولودة، بينما الطيور بيوضة.

6- ترضع الخفافيش صغارها، بينما توفر الطيور الغذاء المناسب لفراخها.

7- معاش الخفافيش ليلاً، والطيور نهاراً.

8- تنام الخفافيش نهارا وتطير عقب الغروب وتتعلق حين النوم بأرجلها على الاشجار والسقوف بينما

ص: 16

ليست الطيور كذلك)(1).

وجاء في التوحيد للمفضل (خلق الخفاش خلقة عجيبة بين خلقة الطير وذوات الأربع، هو إلى ذوات الأربع أقرب؛ وذلك أنه ذو أذنين ناشزتين وأسنان ووبر، وهو يلد ولادا ويرضع ويبول، ويمشي إذا مشى على أربع، وكل هذا خلاف صفة الطير، ثم هو أيضا مما يخرج بالليل، ويتقوت بما يسري في الجو من الفراش وما أشبهه، وقد قال قائلون: إنه لا طعم للخفاش وإن غذاءه من النسيم وحده، وذلك يفسد ويبطل من جهتين: أحدهما خروج الثفل والبول منه؛ فإن هذا لا يكون من غير طعم، والأخرى إنه ذو أسنان، ولو كان لا يطعم شيئا لم يكن للأسنان فيه معنی، وليس في الخلقة شيء لا معنی له، وأما المآرب فيه فمعروفة، حتى أن زبله يدخل في بعض الأعمال، ومن أعظم الأرب فيه خلقته العجيبة الدالة على قدرة الخالق جل ثناؤه، وتصرفها فيما شاء

ص: 17


1- نفحات الولاية شرح نهج البلاغة، آية الله العظمى الشيخ ناصر مکارم الشيرازي، ج 6، ص 84 «بديع خلق الخفاش»

کیف شاء لضرب من المصلحة)(1).

ثالثاً: غوامض الحكمة في خلق الخفاش:

من خلال تتبعنا لهذا الطائر العجيب وكيفية عيشه وما قيل عنه وجدنا أسراراً كثيرة في هذا المخلوق، فهو الحيوان الثدي الوحيد الذي يستطيع الطيران، وقد أشار الإمام (عليه السلام) إلى أن في خلق الخفاش غوامض كثيرة لا يصل إليها الا هو سبحانه والراسخون في العلم.

والله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً وإنما خلق الوجود لحكمة، فقد جاء في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق عن جابر بن یزید الجعفي أنه سأل الإمام الباقر عليه السلام (... ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، قال جابر: فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟.

قال: لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمةً وصواباً، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار)(2)، ومن خطبة له (عليه السلام) بيّن فيها عظمة الله قال:

ص: 18


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 73
2- التوحيد، الشيخ الصدوق، ص 397

«وَمَا الَّذِی نَرَی مِنْ خَلْقِكَ، وَنَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ، وَنَصِفُهُ مِنْ عَظِیمِ سُلْطَانِكَ، وَمَا تَغَیَّبَ عَنَّا مِنْهُ، وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ، وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ، وَحَالَتْ سَوَاتِرُ الْغُیُوبِ بَیْنَنَا وَبَیْنَهُ أَعْظَمُ»(1).

وقد تكون حكمة الله بعدم كشف الأسرار كلها عن هذا المخلوق وغيره من المخلوقات؛ لكي نبحث ونتفکر ونصل الى بعض اسرار خلقه، والله سبحانه يحب العلماء والمفكرين والمبتكرين الذين يخدمون الناس.

ونجد رغم الفارق الزمني بيننا وبين الإمام (عليه السلام) إلا أنه قد بين في هذه الخطبة أسراراً مذهلة فهو باب كل علم وبإمكان الإمام أن يخبر عن جميع الأمور التي تخص هذا الطائر ولكن قد لا يستوعب الناس معاجز هذا الحيوان في ذلك الزمان، وكذلك فإنه فتحَ باباً واعطى فرصة في البحث والتفكر والتدبر؛ ليتوصلوا إلى أسرار خلق الله تعالى من خلال البحوث والتجارب، قال الإمام الصادق (عليه السلام):

ص: 19


1- نهج البلاغة، الخطبة: 160، ص 225

«إنما علينا أن نلقي إليكم الاصول، وعليكم أن تفرعوا»(1).

فرغم التطورات التي حصلت لازالوا قاصرين عن معرفة هذا الكائن بدقة فقد (کشفت أبحاث العلماء عن معجزات جديدة في خلق الخفاش، وعند كل اکتشاف معجز يتولد داخلهم تحد أكبر لاكتشاف وفهم آلية عمل هذا النظام العجيب؛ فقد توصلت الأبحاث الجديدة إلى اکتشافات مثيرة جداً في عالم الخفاش، قام عدد من العلماء الذين أرادوا مراقبة مجموعة من الخفافيش في أحد الكهوف، بتركيب أجهزة إرسال على بعض أعضاء المجموعة، لوحظ أن هذه الطيور تخرج في الليل من الكهف لتلتقط قُوتَها وتعود قبل الفجر، احتفظ الباحثون بسجل مفصل عن هذه الرحلات، وجدوا أن بعض أعضاء هذه المجموعة يبتعد في رحلته إلى مسافة تتراوح ما بین 50 - 70 کم. إلا أن رحلة العودة التي يبدؤها الخفاش قبل بزوغ الشمس بقليل كانت أكثر المراحل إدهاشاً، يطير أفراد الخفاش جميعاً عائدين إلى الكهف

ص: 20


1- میزان الحكمة، ج 1، ص 549

الذي خرجوا منه مهما كانت المسافة التي قطعوها والمكان الذي وصلوا إليه.

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يعرف الخفاش المكان الذي يسكن فيه وكيف يحدد بعده عن كهفه الذي خرج منه؟ حتى الآن نحن لا نعرف كيف يخطط الخفاش الرحلة العودة، لا يصدق العلماء مدى تأثير النظام السمعي لدى الخفاش على رحلة العودة. وإذا تذكرنا أن الخفاش لا يرى في الضوء مطلقاً؛ فإن العلماء يتوقعون المزيد من المفاجآت التي يحملها لهم هذا التصميم المعجز، باختصار ما زال العلماء يحاولون اكتشاف الكثير مما يجهلونه عن هذا النظام العجيب!..)(1).

ص: 21


1- التصميم في الطبيعة، ص 79

المسألة الثالثة

اختلاف عين الخفاش عن باقي المخلوقات

قوله (عليه السلام):

«الَّتِی یَقْبِضُهَا الضِّیَاءُ الْبَاسِطُ لِکُلِّ شَیْءٍ، وَ یَبْسُطُهَا الظَّلَامُ الْقَابِضُ لِکُلِّ حَیٍّ؛ وَ کَیْفَ عَشِیَتْ أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِیئَةِ نُوراً تَهْتَدِی بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا، وَ تَتَّصِلَ بِعَلَانِیَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَی مَعَارِفِهَا، وَ رَدَعَهَا بِتَلَأْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ الْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا، وَ أَکَنَّهَا فِی مَکَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِی بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا، فَهِیَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَی حِدَاقِهَا».

المعنى اللغوي:

(الَّتِی یَقْبِضُهَا)، الانقِباضُ: خِلافُ الانبِساط، وقد انقَبَضَ وتَقَبَّضَ. وانقَبَضَ الشيءُ: صارَ مَقبُوضاً، وقَبَّضتُ الشيءَ تَقبِيضاً: جَمَعتُه وزَوَيتُه(1)، (عشیت):

ص: 22


1- لسان العرب، ج 7، ص 214

عَشا يَعشُو إذا ضَعُفَ بَصَرُه(1)، أكُنُّها وهي مكنونة وأكنَنت الحديثَ والشيءَ في نفسي: إذا أَخفَيته(2).

إن الخفافيش تختلف اختلاف جذرياً عن باقي الموجودات من حيث النظر فالنهار الذي من خلالها تبصر المخلوقات ويكون فيه معاشها تكون هي في مساكنها، لأن أشعة الشمس تسوؤها فتكون عكس المخلوقات ويكون الوقت الذي تغرب فيه الشمس وقت ظهورها فتصطاد الحشرات لأنها ترى بشكل أقوى في الظلام، فالله الذي جعل النهار مبصراً وجعل الليل سكنا لكل المخلوقات، قال تعالى:

«هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ»(3).

وقوله تعالى:

«وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ

ص: 23


1- لسان العرب، ج 15، ص 57
2- المخصص، ج 4، ص 248
3- يونس: 67

النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا»(1).

إلا الخفافيش فلا تبصر الا في الظلام، وهذا ما حدا بالإمام النظر إلى هذا المخلوق والالتفات إلى صنع الله وعظمته؛ فالمدهش في خلق الخفاش هو عينه؛ فكل المخلوقات وحتی وحوش الأرض يقبضها الليل، وكل الطيور تعشعش في أماكنها إلا الخفافيش وبعض الطيور الأخرى؛ کالبومة، كيف عجزت عن أن تستعين بضوء الشمس الذي هو دليلها في النهار لتنتفع منه في طلب معاشها؛ فما أعجب صنع الله سبحانه وتعالى!

وقد نقل العلامة المجلسي عن أقوال بعض المفسرين: (لما كان الخفاش هو الذي خلقه عیسی ابن مریم (عليه السلام) بإذن الله تعالى، كان مباینا لصنعة الله تعالى ولهذا جميع الطير تقهره وتبغضه، فما كان منها يأكل اللحم أكله ومالا يأكل اللحم قتله؛ فلذلك لا يطير إلا ليلا، وقيل: لم يخلق عیسی علیه السلام غيره؛ لأنه أكمل

ص: 24


1- سورة الاسراء، الآية: 12

الطير خلقا وهو أبلغ في القدرة؛ لأن له ثديا وأسنانا واذنا، وقيل: إنما طلبوا خلق الخفاش؛ لأنه من أعجب الطير إذ هو لحم ودم يطير بغیر ریش وهو شديد الطيران سريع التقلب يقتات بالبعوض والذباب وبعض الفواكه، وهو مع ذلك موصوف بطول العمر؛ فيقال: إنه أطول عمرا من النسر ومن حمار الوحش، وتلد انثاه ما بين ثلاثة أفراخ وسبعة، وكثيرا ما يسفد وهو طائر في الهواء، وليس في الحيوان ما يحمل ولده غيره والقرد والانسان، ويحمله تحت جناحه، وربما قبض عليه بفيه وهو من حنوه عليه وإشفاقه عليه، وربما أرضعت الأنثى ولدها وهي طائرة، وفي طبعه أنه متى أصابه ورق الدلب حذر ولم يطر، ويوصف بالحمق، ومن ذلك إذا قيل له: "أطرق كرا" التصق بالأرض)(1).

ص: 25


1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 61، ص 328 - 329

المسألة الرابعة

معاش الخفافيش

قوله (عليه السلام):

«وَ جَاعِلَةُ اللَّیْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فِی الِتمَاسِ أَرْزَاقِهَا فَلَا یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ، وَ لَاتَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِیِّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ، فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا، وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضِّبَابِ فِی وِجَارِهَا، أَطْبَقَتِ الْأَجْفَانَ عَلَی مَآقِیهَا، وَ تَبَلَّغَتْ بِمَا اکْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاشِ فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا، فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّیْلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً، وَ النَّهَارَ سَکَناً وَ قَرَاراً».

المعنى اللغوي:

(إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ: ظُلمة الليل(1)، آماق العين: مآخيرها(2)، وتَبَلَّغَت بِمَا اكتَسَبَته: البلغة ما يتبلغ به من

ص: 26


1- لسان العرب، ج 9، ص 146
2- العين، الخليل الفراهيدي، ج 5، ص 234

عيش كأنه يراد أنه يبلغ رتبة المكثر إذا رضي وقنع(1)).

كما ذكرنا أن الخفافيش لا تبصر إلا عند غروب الشمس فحينما تغرب الشمس تبدأ الخفافيش في الظهور للبحث عن الطعام، فالخفافيش تكتفي وتقنع بما اكتسبته من المعاش في ظلم الليل؛ فسبحان من جعل لها اللَّيل نهاراً وجعل فيه معاشها وجعل النّهار سكنا لها؛ لتسکن وتقرّ فيه.

غذاء الخفافيش:

(تتغذى الخفافيش على الحشرات وتفتح أفواهها حين تطير وتبتلع عشرات أو مئات الحشرات ولعل هذا سبب رائحتها الكريهة، ولعل هذا العمل من الخفافيش هو الذي يسهم في تنقية أجواء البيئة من الحشرات، ومن هنا فقد عمد الناس إلى بناء الأبراج لتربية الخفافيش)(2).

قال الامام الصادق (عليه السلام) للمفضل:

«..إن معاشها من ضروب تنتشر في الجو من البعوض والفراش

ص: 27


1- معجم مقاییس اللغة، ج 1، ص 302
2- نفحات الولاية، ج 6، ص 84

وأشباه الجراد واليعاسيب، وذلك أن هذه الضروب مبثوثة في الجولا يخلو منها موضع.. واعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو عرصة دار، اجتمع عليه من هذه الضروب شيء كثير .. فمن أين يأتي ذلك كله، إلا من القرب؟ فإن قال قائل: إنه يأتي من الصحاري والبراري، قيل له: كيف يوافي تلك الساعة من موضع بعید، وكيف يبصر من ذلك البعد سراجا في دار محفوفة بالدور فيقصد إليه، مع أن هذه عيانا تتهافت على السراج من قرب، فيدل ذلك على أنها منتشرة في كل موضع من الجو، فهذه الأصناف من الطير تلتمسها إذا خرجت فتتقوت بها، فانظر كيف وجه الرزق لهذه الطيور التي لا تخرج إلا بالليل من هذه الضروب المنتشرة في الجو، واعرف ذلك المعنى في خلق هذه الضروب المنتشرة، التي عسى أن يظن ظان أنها فضل لا معنى له»(1).

وقد اكتشف العلماء أسراراً جديدة وعجيبة عن الخفافيش حيث أن هنالك أنواعاً من الخفافيش تتغذى على الأسماك؛ فقد جاء في كتاب نفحات القرآن للشيخ ناصر مکارم الشيرازي نقلاً عن (فیتوس در فیشر) مؤلفُ كتاب (الحواس الخفيّة للحيوانات): «لقد اكتشفَ العلماءُ اسراراً مذهلة عن الخفاش، منها وجود اربعةِ أنواع من الخفافيش التي تصطاد الاسماك؛ فهي تحلق ليلا فوق الماء

ص: 28


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 73

وتمد أرجُلَها فيه فجأةً لتصطاد سمكةً وتأكلها، إنّه سرٌ مدهشٌ فمن اینَ لها العمُ بأنَّ في تلك النقطة سمكةٌ تسبح تحت الماء؟ لم يفلحُ الانسانُ بالقيام بهذا العمل حتى الآن بالرغم من وسائله واختراعاته العلمية؛ فلا تستطيع أيُ طائرة قاذفة أن تحدِّدَ مكاناً معيناً لغواصة تحتَ الماء، وإن استطاعت فعليها ان تطلق موجات خاصة على الماء كي تحدد مكان الغواصة من خلال الذبذبات التي تنبعث من الغواصّة الى الطائرة بواسطة الأمواج اللاسلكية، أجَلَ، فالطائرة على عكس الخفافيش لم تستطع الاطّلاع مباشرةً على مكان وجود الهدف الذي تحت الماء، .. يقول البروفسور (غيري فون) (ليس هناك توضيحٌ يمكنُ قبوله لهذا الموضوع ابداً)، ثم يضيف قائلا: (ولم يكتشف الانسان شيئاً حتى الآن إلاّ ويجد الطبيعة قد سبقته إليه) ومن الطبيعي ان يبعث هذا الاكتشاف عند الانسان الغرور، لكنه لا يلبث ان يجد نفسه متأخراً عن الطبيعة في هذا المضمار؛ لهذا فقد استحدثَ العلماء الاميركيون علماً جديداً باسم (البولوجيا) علم البيئة، وهدفه تعلم الفنون والاساليب

ص: 29

الجديدة من الدروس التي تمنحها لنا الطبيعة من خلال الوصول الى اسرارها، ثم يضيف قائلا: (لو وضعنا أحد هذه اللبائن (الخفافيش) في صندوق مُقفَل مُظلم وابتعدنا به ثلاثمائة كيلو متر عن عُشِّهِ ثم اطلقناه، نجده يعود مباشرةً وبأقصر وقت اليه بالرغم من كونه شبه اعمی، وكون ذلك المكان مجهولا بالنسبة اليه)(1).

تجارب اُجريت حول الخفاش:

جاء في كتاب التصميم في الطبيعة (إن مقدرة الخفاش على تحديد هدفه عن طريق الصدى تم اكتشافه من خلال سلسلة من التجارب قام بها العلماء، لنلق الضوء على بعض هذه التجارب في سبیل کشف الحجاب عن التصميم المعجز لهذه المخلوقات. في أولى هذه التجارب ترك الخفاش في غرفة مظلمة تماماً، ووضعت ذبابة في إحدى زوايا الغرفة كفريسة له.

وضعت كاميرا ليلية لمراقبة الوضع، وما إن بدأت الذبابة بالطيران حتى تحرك الخفاش بغاية الخفة نحوها

ص: 30


1- نفحات القرآن، ناصر مکارم الشيرازي، ج 2، ص 134

وانقض عليها.

استنتج العلماء من هذه التجربة أن الخفاش يتمتع بحاسة إدراك حادة جداً حتى في الظلام الحالك، ولكنهم تساءلوا: هل حاسة الإدراك هذه لها علاقة بحاسة السمع؟ أم أن هذا المخلوق يرى في الظلام؟ للإجابة على ذلك قاموا بتجربة أخرى، فوضعوا يُسروعين في زاوية من زوايا الغرفة نفسها وغطوهما بصحيفة، وعندما أطلق الخفاش لم يُضِع وقتاً في رفع الصحيفة والتهام اليسروعين، إذن: فمهارة الخفاش الإدراكية لا علاقة لها بحاسة الرؤيا.

تابع العلماء تجاربهم على الخفاش، فقاموا بتجربة جديدة في دهليز طويل، حيث وُضِعَ خفاش في إحدى الزوايا ومجموعة من الفراش في الزاوية الأخرى. وضعت حواجز متعامدة مع الجدران الجانبية، يحتوي كل منها على ثقب كبير بما يكفي لمرور الخفاش منه ولكن هذه الثقوب لم تكن متعاقبة، بل كانت موجودة في كل حاجز بمكان يختلف عن الآخر، أي أنه يتوجب على الخفاش أن يسلك طريقاً متعرجاً ليجتازها.

ص: 31

بدأ العلماء المراقبة حالما حرروا الخفاش في هذا الدهليز الغارق في الظلام. عندما وصل الخفاش إلى الحاجز الأول تمكن من اجتياز الثقب بسهولة، ولم يكن الأمر مع باقي الثقوب أشد صعوبة. وهكذا لم يتمكن الخفاش من تحديد الحاجز فحسب، بل من تحديد مكان الثقوب أيضاً، وبعدما اجتاز الثقب الأخير كان الخفاش قد ملأ معدته بصيده الثمين، صعق العلماء لما شاهدوه، فقرروا المضي مع تجربة أخيرة ليكتشفوا مدى حساسية الإدراك عند الخفاش.

كان الهدف من هذه التجربة معرفة حدود الإدراك الحسي عند هذا المخلوق بوضوح أكبر، مرة أخرى تم تجهيز نفق طويل مظلم بأسلاك فولاذية يبلغ قطر كل منها (0.6) ملم تتدلى بشكل عشوائي من السقف ولمزيد من الدهشة، تابع الخفاش رحلته دون أن يلمس أياً من هذه العوائق على الرغم من ضآلتها.

وقد أظهرت الأبحاث التي تلت هذه التجربة أن لدى الخفاش قدرة معجزة على الإدراك تتعلق بنظام تحديد الصدى لديه، يتمكن الخفاش من تحديد خارطة البيئة التي يوجد فيها من خلال الانعكاسات الصوتية التي

ص: 32

تصدر عن الأشياء والتي لا يمكن للأذن البشرية أن تتحسسها ، هذا يعني: أن إحساس الخفاش بالذبابة كان بسبب الأصوات التي انعكست منها إليه)(1).

ص: 33


1- التصميم في الطبيعة، هارون يحيى، ص 74 - 75

المسألة الخامسة

أجنحة الخفاش

قوله (عليه السلام):

«وَجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَی الطَّیَرَانِ کَأَنَّهَا شَظَایَا الْآذَانِ، غَیْرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَلَا قَصَبٍ، إِلَّا أَنَّكَ تَرَی مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَیِّنَةً أَعْلَاماً، لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا یَرِقَّا فَیَنْشَقَّا وَلَمْ یَغْلُظَا فَیَثْقُلَا».

إن جناح الخفاش من لحم وليس من ريش، كما هو الحال عند باقي الطيور وهذا من غرائب خلق الخفاش ايضا ؛ فسبحان م-ن ص-وره بهذه الص-ورة ؛ فمن خلال هذين الجناحين يطير الخفاش عند الحاجة الى الطيران؛ كالبحث عن الغذاء واصطياد الحشرات، وقد شبه الإمام جناح الخفاش بشظايا الأذان، لأن جناح الخفاش تشبه قطعة الأذن، وإذا نظرت الى جناحه فإنك ترى موضع العروق بوضوح؛ فإن الله سبحانه قد أحكم خلقه حيث لم يجعلهما رقيقين فينشقا أو يجعلهما غليظين فيثقلا؛

ص: 34

فالخفاش من أعجب الطيور إذ هو من لحم ودم ويطير بدون ريش فسبحان الله أحسن الخالقين!

وذكر في الموسوعة العلمية القرآنية (يكون جناح الخفاش من جلد يمتد على عظام الأطراف الأمامية والخلفية، والأصابع طويلة جداً، تساعده على فرد الجناح، مثل دعائم المظلة، والخفاش يحمل مخلبين في طرفيه الخلفيين يستخدمها في التسلق والزحف، وغشاء الجناح ما هو في الواقع إلا امتداد لجلد الظهر والبطن، محمول على جانبي الجسم، وعلى ذلك فهو مزدوج، وتوجد بين الطبقتين الأوعية الدموية والأعصاب، التي تحفظ الجناح كنسيج حي)(1).

ص: 35


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 4، ص 435

المسألة السادسة

حياة صغار الخفافيش

قوله (عليه السلام):

«تَطِیرُ وَوَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِیءٌ إِلَیْهَا، یَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَیَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ، لَایُفَارِقُهَا حَتَّی تَشْتَدَّ أَرْکَانُهُ، وَیَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ، وَیَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَیْشِهِ وَمَصَالِحَ نَفْسِهِ، فَسُبْحَانَ الْبَارِیءِ لِکُلِّ شَیْءٍ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِهِ».

حينما تطير الأم فإن صغار الخفافيش تطير معها وتكون لاجئة إليها، بحيث تقع إذا وقعت وترتفع اذا ارتفعت، لا تنفك عنها حتى تستطيع الطيران وحدها وتتعلم كيفية العيش، وهذه من الامور العجيبة في الطيور؛ فإنها تعرف كيف تدبر أمورها في كل شيء، وهذه من الأدلة الواضحة على أن هنالك مرشداً يرشد خلقه ويعلمهم كيفية العيش وطلب الرزق.

جاء في كتاب تضحية الحيوان (تتميز الخفافيش بأنها

ص: 36

تطير الليل كله بحثاً عن الغذاء الذي يكون إما فاكهة أو حشرات، وهي تحمل صغارها معها في أثناء طيرانها، ويكون الخفاش الصغير ماسكاً بمخالبه شعر أمه وزارعاً أنيابه اللبنية بقوة في ثديها وتملك بعض الخفافيش ثلاثة أو أربعة من الصغار، و ومع أن هذه الصغار تكون متعلقة بجسد أمها، إلا أن ألام مع كل هذا الحمل تستطيع الطيران)(1).

وأما وقت ولادة الخفافيش، فقد ذكر في الموسوعة العلمية (تولد الخفافيش الصغيرة خلال فصل الصيف، وتكون عارية أولاً، وتحملها الأم ملتصقة بفرائها لعدة أسابيع، وعندما لا يمكن حمل الخفاش لكبره، فإنه يُترك في مأواه ليلاً، بينما تخرج الأم لصيد الطعام له، ويتمكن الصغير من الطيران والعناية بنفسه عند بلوغ الشهرين من العمر، وترضع أنثى الخفافيش صغيرها اللبن، حيث تقع حلماتها في الصدر، حلمة على كلّ جانب.

وتلد الأنثى مولوداً واحداً كل مرة، وقد تلد توأمين

ص: 37


1- التضحية عند الحيوان، ص 94

من حين لآخر، وعمر الخفافيش الصغيرة طويل إلى حد ما، ولا يصل سنّ النضج إلا بعد عامين، وقد يعمّر إلى عشر سنوات أو أكثر)(1).

وقوله عليه السلام:

«فَسُبْحَانَ الْبَارِیءِ لِکُلِّ شَیْءٍ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِهِ».

من فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق بدون أن يستعين بأحد خلقه، ولا استفاد بتجربة قد سبقه إياها أحد أو فكر بشيء ثم خلقه، بل انه تعالى اذا أراد شيئاً إنما يقول للشيء كن فيكون، قال (عليه السلام) في الخطبة الأولى في ابتداء خلق السماء والأرض:

«أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلا رَوِیَّةٍ أَجَالَهَا، وَلا تَجْرِبَةٍ اسْتَفادَها، وَلا حَرَکَةٍ أَحْدَثَها وَلا هَمامَةِ نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِیهَا»(2).

فمن أراد أن يعرف الله حق معرفته فلينظر الى اسرار المخلوقات ومنها هذا الخفاش.

ص: 38


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 4، ص 435
2- نهج البلاغة الخطبة الأولى، ص 18

وقال الشيخ محمد جواد مغنية في شرحه (إن كثيرا من الفلاسفة يرجعون الأدلة على وجوده تعالى إلى خمسة: الاستدلال بمفهوم الواجب والممكن، والعلة الفاعلة، والحركة، والكمال المطلق، والتدبير، وقال آخرون، ومنهم الفارابي وابن سينا والملا صدرا، قالوا: إن الأدلة على وجوده تعالى ترجع إلى دليلين: الأول: النظر في نفس الوجود بما هو من دون اعتبار للكون وما فيه من حركة وتغير، وصنع ونظام.. إن النظر في الوجود وحده يؤدي حتما ومباشرة إلى الاعتراف بوجود الله، والى هذا أشار الإمام (عليه السلام) في مناجاته: «يا من دل على ذاته بذاته». وقال ولده الإمام سيد الشهداء (عليه السلام): «متى غبت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك»، وبهذا فسّر العارفون بالله قوله تعالى:

«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ»(1).

ويرجع هذا الدليل إلى مفهوم الواجب والممكن

ص: 39


1- سورة فصلت: الآية 53

وبيانه ان الفكرة لا تكون صحيحة إلا إذا استندت إلى الأوليات والبديهيات مباشرة أو انتهت إليها بواسطة أو أكثر، وأول البديهيات إن النقيضين لا يجتمعان في وقت معا؛ فالشيء الواحد لا يكون حقا وباطلا، وموجودا ومعدوما في وقت واحد ومن جهة واحدة.

ووجه الملازمة: لقد شاهدنا بالعيان أشياء تفتقر في وجودها إلى غيرها، ولا تحمل في طبيعتها سبب وجودها، إذن فلا بد من وجود علة أولى تحمل في طبيعتها السبب الموجب لوجودها، ولا تحتاج إلى غيرها، ومن أنكر هذه العلة التي لا علة لها فقد أنكر وجود الأشياء التي يراها بالعيان، ومعنى هذا في واقعه انه آمن باجتماع النقيضين، وقال: ان الشيء الواحد موجود ومعدوم في آن واحد من حيث يريد أو لا يريد، وبكلام آخر انه في حال عدم وجود علة غير معلولة لشيء، ينتفي الوجود من الأساس بشتى صوره وأشكاله تماما، كما لو نفينا وجود مخترع الكهرباء والسيارة.. فإن معناه انه لا كهرباء ولا سيارة، أو أنهما وجدا من غير قصد وفاعل، وهو خلاف الواقع.

ص: 40

ومرة ثانية نشير إلى أن هذا الدليل يجب أن يفهم في نطاق الوجود بما هو وجود، وانه بنفسه يشهد بوجود الله بصرف النظر عن الخلق والآثار و نظام الكون وجلاله.

الدليل الثاني على وجوده تعالى يرجع إلى ضرورة العلة الفاعلة بأسلوب آخر، وهو الاستدلال بالخلق والآثار على وجوده تعالی؛ فننتقل من المعلول إلى العلة، من الفاعل إلى الفعل على العكس من الدليل السابق الذي ينقلنا من العلة إلى المعلول، ومن الفاعل إلى الفعل، قال ابن سينا: (إن اعتبرت عالم الخلق فأنت صاعد، وإن اعتبرت عالم الوجود المحض فأنت نازل) أي من العلة العليا إلى المعلول الأدنى، أما الصعود فمن المعلول الأدنى إلى العلة العليا، ويسمى هذا الدليل بالدليل الكوني.

وقد أشار سبحانه إلى هذا الدليل بقوله:

«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ

ص: 41

الْحَقّ»(1).

نرى أنقاض مدينة مندرسة فنقول: كانت آهلة بالأمم الماضية، والأجيال الحالية.. وهكذا نستدل ببدائع الكون على وجود المبدع، وبنظامه على وجود المنظم، وإلا فمن الذي أوجد الكون وما فيه من خصائص هل أوجد نفسه بنفسه، أو أوجدته الطبيعة الصماء، أو الصدفة ولماذا لا نترك نحن أمورنا للصدفة ما دام لها هذا الكون العجيب؟ وإذن فلا بد من وجود قوة عليا مغايرة لكل ما في الكون هي التي خلقت ونظمت)(2).

ص: 42


1- سورة فصلت: الآية: 53
2- في ظلال نهج البلاغة، محمد جواد مغنية، ج 2، ص 395 - 397

نتائج البحث

1- إن تعدد أنواع الطيور فيه بیان قدرة الله سبحانه في بديع خلقه، فالخفاش يعد من الثديات الطائرة فمنهم من ينسبه الى فصيلة الثديات ومنهم من ينسبه إلى فصيلة الطيور.

2- بیان عجز الإنسان عن ادراك علم الله وقدرته وعظمته، فالخفاش مخلوق لم يستطع الإنسان ان يصل الى عظيم خلقه وغوامض الحكمة من خلقه فكيف بالخالق العظيم وهو خالق الوجود.

3- إن كل ما توصل إليه العلماء من ابتکارات إنما هو مأخوذ من الطبيعة التي خلقها الله، وقد اكتشف العلماء جهاز الرادار من خلال الخفاش.

ص: 43

المصادر:

1. القرآن الكريم:

2. نهج البلاغة / صبحي الصالح / الطبعة الرابعة طبعة جديدة 1431 / دار أنوار الهدی.

3. علل الشرائع / الشيخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقيق: محمد صادق بحر / سنة الطبع 1385 - 1966. المكتبة الحيدرية.

4. لسان العرب / ابن منظور / الوفاة: 711 / سنة الطبع: محرم 1405 / المطبعة: الناشر: نشر أدب الحوزة.

5. عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات / للإمام العالم زکریا بن محمد بن محمود الكوفي القزويني / الطبعة الأولى / سنة الطبع / 1421 ه -2000 م / مؤسسة الأعلمي، بيروت، لبنان.

6. تاج العروس: الزبيدي / الوفاة: 1205 / تحقيق / علي شيري سنة الطبع: 1414 - 1994 م / المطبعة: دار الفكر - بيروت الناشر / دار الفکر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت.

ص: 44

7. الصحاح / الجوهري / الوفاة: 393 / تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار / الطبعة الرابعة / سنة الطبع: 1407 - 1987 م المطبعة: الناشر: دار العلم للملايين - بيروت لبنان.

8. الموسوعة العلمية القرآنية تأليف الدكتور لبیب بیضون / منشورات الأعلمي بيروت - لبنان.

9. نفحات الولاية / لسماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مکارم الشيرازي / طبعة منقحة ومزيدة / الطبعة الاولى / 1432 - 2011 م / دار جواد الائمة للطباعة والنشر والتوزيع. بیروت لبنان.

10. التوحيد / المفضل بن عمر الجعفي / الوفاة: 160 / تحقيق: تعليق: كاظم المظفر الطبعة الثانية / سنة الطبع: 1404 - 1984 م / المطبعة: الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان.

11. التوحيد / الشيخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقيق: تصحيح وتعليق: السيد هاشم الحسيني الطهراني / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

ص: 45

12. میزان الحکمة / محمد الريشهري / معاصر / تحقيق: دار الحدیث الطبعة الأولى / المطبعة: دار الحديث / الناشر: دار الحديث.

13. التصميم في الطبيعة، هارون يحبی / ترجمة اورخان محمد علي / استانبول 2004.

14. المخصص / ابن سيده / الوفاة: 458 تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي المطبعة: / الناشر / دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.

15. بحار الأنوار / العلامة المجلسي / تحقيق: الشيخ عبد الزهراء العلوي سنة الطبع: 1403 - 1983 المطبعة: الناشر: دار الرضا - بيروت - لبنان.

16. العين / الخليل الفراهيدي / الوفاة: 175 / تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي - الدكتور ابراهيم السامرائي / الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1409 / المطبعة: الناشر: مؤسسة دار الهجرة.

17. معجم مقاييس اللغة / أحمد بن فارس بن زکریا / الوفاة: 395 / تحقيق: عبد السلام محمد هارون / سنة الطبع: 1404 / المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي / الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي.

ص: 46

18. نفحات القرآن / آية الله العظمی ناصر مکارم الشيرازي.

19. التضحية عند الحيوان / هارون يحيی / ترجم: أورخان محمد علي / استانبول - فبراير 2003.

20. في ظلال نهج البلاغة / محمد جواد مغنية / الوفاة: 1400 / الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1427 / المطبعة: مطبعة ستار / الناشر: انتشارات كلمة الحق: دار تراث الشيعة - طهران - ایران.

ص: 47

المحتويات

مقدمة المؤسسة:...7

المقدمة...9

المسألة الأولى...11

معنى كلمة الخفاش في اللغة:...11

المسألة الثانية...12

الخفاش و غوامض الحكمة في خلقه...12

أولاً: لطيف صنعة الخفاش:...12

ثانياً: عجائب خلق الخفاش:...15

ثالثاً: غوامض الحكمة في خلق الخفاش:...18

المسألة الثالثة...22

اختلاف عين الخفاش عن باقي المخلوقات...22

المعنى اللغوي:...22

المسألة الرابعة...26

معاش الخفافيش...26

المعنى اللغوي:...26

غذاء الخفافيش:...27

تجارب اُجريت حول الخفاش:...30

المسألة الخامسة...34

أجنحة الخفاش...34

المسألة السادسة...36

حياة صغار الخفافيش...36

نتائج البحث...43

المصادر:...44

ص: 48

المحتويات...48

ص: 49

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.