عجیب خلق الطیور

هوية الکتاب

عجیب خلق الطيور

الكتابع...جیب خلق الطيور.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: کربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

الكتابع...جیب خلق الطيور.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة (1) عجیب خلق الطيور تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: کربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع: www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

«اِبْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِیباً مِنْ حَیَوَانٍ وَ مَوَاتٍ وَ سَاکِنٍ وَ ذِی حَرَکَاتٍ وَ أَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ اَلْبَیِّنَاتِ عَلَی لَطِیفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ مَا اِنْقَادَتْ لَهُ اَلْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ وَ نَعَقَتْ فِی أَسْمَاعِنَا دَلاَئِلُهُ عَلَی وَحْدَانِیَّتِهِ وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ اَلْأَطْیَارِ اَلَّتِی أَسْکَنَهَا أَخَادِیدَ اَلْأَرْضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِیَ أَعْلاَمِهَا مِنْ ذَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ هَیْئَاتٍ مُتَبَایِنَهٍ مُصَرَّفَةٍ فِی زِمَامِ اَلتَّسْخِیرِ وَ مُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِی مَخَارِقِ اَلْجَوِّ اَلْمُنْفَسِحِ وَ اَلْفَضَاءِ اَلْمُنْفَرِجِ کَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَکُنْ فِی عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَ رَکَّبَهَا فِی حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ یَسْمُوَ فِی اَلْهَوَاءِ خُفُوفاً وَ جَعَلَهُ یَدِفُّ دَفِیفاً وَ نَسَقَهَا عَلَی اِخْتِلاَفِهَا فِی اَلْأَصَابِیغِ بِلَطِیفِ قُدْرَتِهِ وَ دَقِیقِ صَنْعَتِهِ فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی قَالَبِ لَوْنٍ لاَ یَشُوبُهُ غَیْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِیهِ وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلاَفِ مَا صُبِغَ بِهِ»

نهج البلاغة، صبحي الصالح، الخطبة 165، ص 235.

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة:

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم، والصلاة والسلام على أشرف النعم وأتمها وأفضلها محمد وآله الأطهار الهداة الأخيار.

أمّا بعد:

فإن من لطائف الحكمة المكنونة في متون کتاب نهج البلاغة احتوائه على خطب اختصت ببيان بديع صنع الله تعالى في خلقه، ومنها خلق الطيور، والخفاش، والنملة، والجرادة وغيرها مما تلحظه العيون أو تأنس به النفوس أو تنتفع به الأبدان أو تتأمل فيه العقول وغير ذلك من الغايات والمقاصد التي كانت وراء خلق الله تعالی لهذا الخلق العجيب.

كما ورد بيانه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: «وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ

ص: 7

حِكْمَتِهِ، وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ، مَا دَلَّنا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَظَهَرَتِ في الْبَدَائِعُ الَّتِي أحْدَثَها آثَارُ صَنْعَتِهِ، وَأَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلاً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ»(1).

ومن هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة طباعة هذه السلسلة الموسومة ب (سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة) لما تحققه من هدف في الماء الفكر الإسلامي في واحدة من أهم حقوله المعرفية وهو التوحيد الذي كان من طرق تحصيله هو التأمل في خلق الله تعالى والتفكر في الطائف حكمته وبديع صنعه.

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8


1- نهج البلاغة، الخطبة: 91، ص 126

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الخالق المبدع المصور، له الأسماء الحسنی، والصلاة والسلام على حبيبه ونجيبه وسيد رسله محمد وآله الأطهار الميامين الأبرار.

أمّا بعد...

لو نظر الإنسان بدقة وإمعان إلى هذا الكون وتفكر جيداً في خلقه لعرف الله حق معرفته، فهذا الإبداع في الخلق لا يقدر عليه إلا رب جليل قوي مكين، فالسهول والجبال والتلال والأنهار الجارية والسماوات و الشمس والقمر والكواكب والنجوم والحيوانات والملائكة والأشجار، فكل هذه الخلائق هي من ابداع المبدع الجليل العظيم القادر وهو ذو الأسماء الحسنی، قال تعالى:

«بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ

ص: 9

كُنْ فَيَكُونُ»(1).

فجعل منها المتحركة، ومنها الجامدة ومنها ذات روح ومنها بلا روح، ولكن كلها في خدمة البشر، فلم يخلق الله خلقا، إلا وفيه حكمة أو فائدة لجميع المخلوقات، لذا نجد ان أكثر الناس الذين يخشون الله هم العلماء، لأنهم يعرفون عظيم قدرته، قال تعال:

«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»(2).

وكون أمير المؤمنين (عليه السلام) أعلم الناس بل هو منبع علم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان (عليه السلام) حينما يقف بين يدي الله عز وجل، يغشى عليه؛ وذلك لمدى معرفته بخالقه وتيقنه بأنه واقف امام قادر عظیم، خالق عجيب يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها.

ص: 10


1- البقرة: 117
2- فاطر: 28

ففي هذه الخطبة ابتدأ الإمام (عليه السلام) بذکر بديع خلق الحيوان والنبات والسهول والجبال وجميع عجائب الخلق ثم خص خلق الطيور من نسق ألوانها وتعدد أشكالها وأحجامها وكيف صورها الله بهذه الصورة الجميلة وركبها بهذا التركيب العجيب وخلق لها جناحين تستطيع الطيران بهما في جو السماء لا يمسكها إلا هو و (هذا النوع من الحيوان مختص بخفة البدن وفقد أعضاءً كثيرة توجد في غيره، والحكمة في ذلك أن الله تعالى لما خلق الحيوان وجعل بعضها عدواً لبعض، أعطى كل واحد إما قوة أو سلاحاً يدفع بها عدوه کما للدواب والسباع أو آلة يهرب بها كما للوحوش، والطيور، أما الوحوش فآلتها قوائمها، وأما الطيور فأجنحتها ثم أن هذه الآلة اقتضت خفة الجثة، إذ لو كانت الجثة كبيرة، اقتضت كبر الجناح، والجناح الكبير لا يحصل معه سرعة الطيران، بل يكون طيرانه بطيئاً لا يزيد على سرعة المشي؛ فلا يحصل الغرض المطلوب، ومن العجب طيران الطير

ص: 11

في الهواء وعدم سقوطه، والهواء اخف منه وهو أثقل منه کما قال الله تعالى:

«أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ»(1).

فلما اقتضت هذه الآلة خفة الجناح والجثة نقص منها أعضاء كثيرة توجد في غيرها من الحيوانات التي تلد وترضع ويخف عليها النهوض ويسهل الطيران كالأسنان والآذان والكرش والمثانة وخرزات الظهر والجلد الثخين، وإذا تأملت خلقة الطير وجدت نسبة قدامه إلى اسفله کنسبة يمينه إلى شماله، فإن كان طويل الرقبة تطول ايضاً رجلاه وإذا قصرت رقبته قصرت رجلاه، ولو نتف ذنب الطير لمال إلى قدام کالسفينة التي خف مؤخرها، قال الجاحظ: كل طائر جيد الجناح يكون ضعيف

ص: 12


1- النحل: 79

الرجلين كالزرازير والعصافير، وإذا قطعت رجلاه لا يقدر على الطيران كما اذا قطعت يد الانسان فإنه لا يقدر على العدو، وكل طائر يعب الماء يزق فرخه، ومن الطيور ما اعطي العجب في لونه كالطاووس والببغاء والنعام وأبي براقش، ومنها ما اعطي في حلقه کالحمام، ومنها ما أعطي في حنجرته کالبلابل والقنابر ومنها ما أعطي العجب في تركيب أعضائها كالديك واللقلق والكراكي والنعام ومنها ما أعطي في صنعته کالخطاف و الیقوط والقنبرة..)(1).

المؤلف

ص: 13


1- عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 335

المبحث الأول

عجائب الخلق وذكر عجيب خلق الطيور

المسألة الأولى: العجب لغة:

قال ابن منظور:

(عجب: العُجْب والعَجَبُ: إنکارُ ما یَرِدُ علیك لقلَّة اعتیاده. وجمعُ العَجَب: أعجابٌ. قال:

یا عَجَباً للدَّهْرِ ذی الأَعْجابِ *** الأحْدَبِ البُرْغُوثِ ذی الأنْیابِ

وقد عَجبَ منه یَعجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قال:

ومُسْتَعْجِبٍ ممَّا یَرَی مِنْ أناتِنا

ص: 14

ولو زَبَنَتْه الحَرْبُ لم یَتَرَمْرَمِ

والاستِعجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ، وفي النوادر: تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم: العَجِيبةُ، والأُعجُوبة، والتَّعاجِيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر:

ومن تَعاجیبِ خَلقِ الله غَاطِیَةٌ ***یُعصَرُ منها مُلاحیٌّ وغِرْبیبُ)(1).

المسألة الثانية: ابتداع الخلق.

قوله (عليه السلام):

«إِبْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ حَيَوَانٍ وَ مَوَاتٍ وَ سَاكِنٍ وَ ذِي حَرَكَاتٍ».

جاء في لسان العرب (البَدِيعُ: المُحدَثُ العَجيب، والبَدِيعُ: المُبدِعُ، وأَبدعتُ الشيء: اختَرَعته لا على مِثال،

ص: 15


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 1، ص 580

والبَديع: من أسماء الله تعالى لإِبداعِه الأِشياء وإِحداثِه إِيَّاها وهو البديع الأَوّل قبل كل شيء، ويجوز أَن يكون بمعنی مُبدِع أو يكون من بَدَع الخلقَ أَي بَدَأَه، والله تعالى كما قال سبحانه: بَدِيعُ السمواتِ والأَرض؛ أَي خالقها ومُبدِعُها فهو سبحانه الخالق المُختَرعُ لاعن مثال سابق)(1).

إن كل شيء في هذا الكون مدهش وعجيب يبهر العقول سواء أكان من خلق الإنسان أم الحيوان أم النبات، وكل ما في الوجود من سماوات وأرضين وأفلاك فهو إبداع منه سبحانه، قال تعالى:

«بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(2).

ص: 16


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 8، ص 6
2- الأنعام: 101

عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر (عليه السلام): عن قول الله عز وجل:

«بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»، قال أبو جعفر (عليه السلام):

«إن الله عز وجل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والارضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون، أما تسمع لقوله تعالى: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»(1)»(2).

وقد أشار الإمام إلى المخلوقات التي فيها روح بقوله (من حيوان) ويعني بها الطيور والبهائم والسباع والحشرات؛ وغيرها من الموجودات التي فيها روح، قال تعالى:

ص: 17


1- هود: 9
2- الكافي، ج 1، ص 256، ح 2

«وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(1).

أما التي ليس فيها روح فعبر عنها (بالموات)؛ كالجبال وهي من الساكنات ومن الخلق ما هو متحرك كالماء والهواء وحتى النجوم جعل الله منها ثابته ومنها سيارة.

ومن كلام الامام الصادق (عليه السلام) للمفضل قال:

«في النجوم و اختلاف مسيرها، فبعض لا يفارق مراکزها من الفلك و لا تسير إلاِ مجتمعة، وبعضها مطلقة تنتقل في البروج، ويفترق في مسيرها، فكلّ واحد منها يسير سيرين مختلفين، أحدهما عامّ مع الفلك نحو المغرب والآخر خاصّ لنفسه نحو المشرق؛ كالنملة التي تدور

ص: 18


1- النور: 45

على الرحي، فالرحی تدور ذات اليمين والنّملة تدور ذات الشمال، والنملة في ذلك تتحرك حركتين مختلفين احداهما بنفسه فتتوجّه أمامها والاخرى مستكرهة مع الرحی تجذبها إلى خلفها، فاسأل الزاعمين أنّ النجوم صارت على ما هي عليه بالإهمال من غير عمد، ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلّها راتبة أو تكون كلّها منتقلة فإن الإهمال معنى واحد، فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن وتقدير، ففي هذا بيان أن مسير الفريقين على ما يسيران عليه بعمد وتدبير وحكمة وتقدير، وليس بإهمال کما يزعم المعطّلة.

فإن قال قائل: ولم صار بعض النجوم راتبا وبعضها منتقلا؟ قلنا: إنّها لو كانت كلّها راتبة لبطلت الدلالات التي يستدلّ بها من تنقل المنتقلة ومسيرها في كلّ برج من البروج، كما يستدلّ بها على أشياء مما يحدث في العالم بتنقل الشمس والنجوم في منازلها، ولو كانت كلّها منتقلة لم يكن لمسيرها منازل تعرف و لا رسم يوقف عليه، لأنّه إنّما

ص: 19

يوقف عليه بمسير المنتقلة منها بتنقلها في البروج الراتبة، كما يستدلّ على سير السائر على الأرض بالمنازل التي يجتاز عليها. ولو كان تنقلها بحال واحدة لاختلط نظامها وبطلت المآرب فيها، ولساغ لقائل أن يقول: إنّ كينونتها على حال واحدة توجب عليها الإهمال من الجهة التي وصفنا، ففي اختلاف سیرها وتصرّفها وما في ذلك من المآرب، والمصالح أبين دليل على العمد والتدبير فيها»(1).

وقال (عليه السلام) للمفضل في الحكمة من خلق الشجر وأصناف النبات:

«تَأَمَّلِ الْحِكْمَةَ فِي خَلْقِ الشَّجَرِ وَ أَصْنَافِ النَّبَاتِ؛ فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَحْتَاجُ إِلَى الْغِذَاءِ الدَّائِمِ كَحَاجَةِ الْحَيَوَانِ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَفْوَاهٌ كَأَفْوَاهِ الْحَيَوَانِ، وَ لَا حَرَكَةٌ تَنْبَعِثُ بِهَا لِتَنَاوُلِ الْغِذَاءِ، جُعِلَتْ أُصُولُهَا مَرْكُوزَةً فِي الْأَرْضِ لِتَنْزِعَ مِنْهَا الْغِذَاءَ فَتُؤَدِّيَهُ إِلَى الْأَغْصَانِ وَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْوَرَقِ وَ الثَّمَرِ،

ص: 20


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 82 - 83

فَصَارَتِ الْأَرْضُ كَالْأُمِّ الْمُرَبِّيَةِ لَهَا، وَ صَارَتْ أُصُولُهَا الَّتِي هِيَ كَالْأَفْوَاهِ مُلْتَقِمَةً لِلْأَرْضِ لِتَنْزِعَ مِنْهَا الْغِذَاءَ كَمَا تُرْضِعُ أَصْنَافَ الْحَيَوَانِ أُمَّهَاتُهَا ألم تر إلى عمد الفساطيط والخيم كيف تمد بالأطناب من كل جانب لتثبت منتصبة فلا تسقط ولا تميل فهكذا تجد النبات كله له عروق منتشرة في الأرض ممتدة إلى كل جانب لتمسكه وتقيمه، ولولا ذلك كيف يثبت هذا النخل الطوال والدوح العظام في الريح العاصف؟. فانظر إلى حكمة الخالق كيف سبقت حكمة الصناعة فصارت الحيلة التي تستعملها الصناع في ثبات الفساطيط والخيم، متقدمة في خلق الشجر، لأن خلق الشجر قبل صنعة الفساطيط والحيم... ألا ترى عمدها وعیدانها من الشجر، فالصناعة مأخوذة من الحلقة»(1).

ص: 21


1- التوحید، ص 101

المسألة الثالثة: شواهد على عظيم قدرة الله لخلقه

قوله (عليه السلام):

وأقامَ من شَواهِدِ البَیِّناتِ عَلی لَطیفِ صَنعَتِهِ وعَظیمِ قُدرَتِهِ مَا انقادَت لَهُ العُقولُ مُعتَرِفَهً بِهِ ومُسَلِّمَةً لَهُ ونَعَقَت(1)، فی أسمَاعِنَا دَلائِلُهُ عَلَی وَحدَانِیَّتِهِ».

فهذا الخلق وما فيه من مخلوقات هي أوضح الدلائل على وجوده تعالى، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا سئل عن إثبات الصانع، قال:

«البعرة تدلّ على البعير، والروثة تدلّ على الحمير، وآثار القدم تدلّ على المسير، فهیکل علويّ بهذه اللطافة ومركز سفليّ بهذه الكثافة، كيف لا يدلاّن على اللطيف الخبير»(2).

ص: 22


1- نغق: نَغَقَ الغرابُ يَنغِقُ ويَنغَقُ نَغِيقاً ونُغاقاً صاح. لسان العرب، ج 10، ص 357
2- موسوعة الإمام علي (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، ج 10، ص 76

فبهذا الخلق يستدل العقل على أن هنالك خالقاً عظيماً خلقه وخلق جميع الموجودات؛ فبهذا الإبداع وهذه الادلة الواضحة، خضعت لله جميع العقول واعترفت به سبحانه.

وعنه (عليه السلام) - أنّه كان كثيراً ما يقول إذا فرغ من صلاة الليل:

«أشهد أنّ السماوات والأرض وما بينهما آيات تدلّ عليك، وشواهد تشهد بها إليه دعوتَ، كل ما يؤدّي عنك الحجّة، ويشهد لك بالربوبيّة، موسوم بآثار نعمتك ومعالم تدبيرك، علوتَ بها عن خلقك، فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر، وكفاها رجم الاحتجاج؛ فهي مع معرفتها بك، ووهها إليك؛ شاهدة بأنّك لا تأخذك الأوهام، ولا تدركك العقول ولا

ص: 23

الأبصار»(1).

جاء في الكافي عن هشام بن الحكم قال: (قال لي أبو الحسن موسی بن جعفر (عليهما السلام): (... یا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال:

«وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»(2).

یا هشام قد جعل الله ذلك دليلاً على معرفته بأن لهم

ص: 24


1- المصدر نفسه، ص 77
2- البقرة: 163 - 164

مدبراً، فقال:

«وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»(1).

وقال عز وجل:

«هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»(2).

وقال ايضاً:

«وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ

ص: 25


1- النحل: 12
2- غافر: 67

يَعْقِلُونَ»(1).

وقال ايضاً:

«إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ»(2).

یا هشام إن العقل مع العلم فقال:

«وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ»(3)...)(4).

ومن كلام له (عليه السلام) قال:

«وَلَوْ فَکَّرُوا فِی عَظِیمِ الْقُدْرَةِ، وَ جَسِیْمِ الْنِّعْمَةِ، لَرَجَعُوا

ص: 26


1- الجاثية: 5
2- العنكبوت: 34
3- العنكبوت: 43
4- الكافي، ج 1، ص 13 - 14

الَی الطَّرِیْقِ، وَ خافُوا عَذابَ الْحَرِیقِ»(1).

فهذا الخلق وما فيه من شواهد إنما هي حجج للعباد ليقروا بربوبيته ويعترفوا بوحدانيته وقدرته، قال هشام بن الحكم: كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، فخرج إلى المدينة ليناظره إلى أن قال فقال (عليه السّلام): أتعلم أنّ للأرض تحتا؟ قال: نعم، قال: فدخلت تحتها؟ قال: لا، قال: فتدري بما تحتها؟ قال: لا أدري إلاّ إنّي أظنّ أن ليس تحتها شيء، قال: فالظنّ عجز ما لم تستيقن، أفصعدت السماء؟

قال: لا، قال أفتدري ما فيها؟ قال: فأتيت المشرق والمغرب فنظرت ما خلفهما؟

قال: لا، قال: فعجبا لك لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ولم تنزل تحت الأرض ولم تصعد السماء ولم تخبر

ص: 27


1- نهج البلاغة: الخطبة 180، ص 339

هنالك فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد ما فيهن وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟ قال: و لعل ذاك، فقال عليه السّلام: أيّها الرجل ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم، فلا حجّة للجاهل على العالم، يا أخا أهل مصر تفهّم عني، لا تشك في الله أبدا، أما ترى الشمس والقمر والليل والنّهار يلجئان ليس لهما مكان إلاّ مكانهما، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلا يرجعان فلم يرجعان؟ وإن لم يكونا مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا والنهار ليلا؟

إضطرا والله يا أخا أهل مصر الى دوامهما، والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر، يا أخا أهل مصر الذي تذهبون إليه وتظنّونه بالوهم فإن كان الدهر يذهب بهم لِمَ لا يردّهم؟ وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون یا أخا أهل مصر، السماء مرفوعة، والأرض موضوعة، لم لا تسقط السماء على الأرض ولم لا تنحدر الأرض فوق طاقتها، فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما؟ فقال الزنديق: أمسكهما والله ربّهما وآمن على

ص: 28

يديه، وقال له عليه السّلام: إجعلني من تلامذتك، فقال عليه السّلام لهشام بن الحكم: خذه إليك فعلّمه، فكان معلم أهل مصر وأهل الشام)(1).

المسألة الرابعة: خلق الطيور.

قوله (عليه السلام):

وَمَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الْأَطْيَارِ الَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ الاْرْضِ وَخُرُوقَ فِجَاجِهَا وَرَوَاسِي أعْلاَمِهَا».

المعنى اللغوي:

(ذرأ : في صفات الله عز وجل، الذّارئُ، وهو الذي ذَرَأَ الخَلقَ أَي خَلَقَهم(2)، (أَخَادِيدَ الاْرْضِ) الأُخدود: شق في الأَرض(3)، (وَخُرُوقَ)، الخرق: الشق في حائط، خرقت

ص: 29


1- التوحيد، الشيخ الصدوق، ص 294
2- لسان العرب، ج 1، ص 79
3- المصدر نفسه، ج 3، ص 161

الثوب إذا شققته(1)، (فِجَاجِهَا)، الفج: الطريق الواسع في قبل جبل ونحوه، ويجمع فجاجا(2)، (رواسي أعلامها) والرواسي: الجبال الثابتة(3)، العلم: الجبل الطويل، والجمع: الأعلام، ومنه قوله تعالى: في البحر کالأعلام، شبّه السفن البحرية بالجبال)(4).

خلق الله سبحانه وتعالى الطيور بمختلف الأشكال والأحجام وأسكن بعضها شقوق الأرض ومنها ما تسكن الجبال، والأشجار ومنها الطيور المهاجرة التي تهاجر من بلد لأخر، ومنها ما يعجز عن التحليق لضخامته كالنعامة (وألَّف عالم من علماء الطيور ذائع

ص: 30


1- العين، ج 4، ص 149
2- العين، ج 6، ص 24
3- ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ج 6، ص 2255 - 2256
4- العين، ج 2، ص 153

الصيت العديد من الكتب في الطيور، وهو (روبرت لمن)، ومنها كتاب كل شيء عن الطيور، ترجمة الدكتور مصطفى بدران، وفيه: (يظن أن في الدنيا بأكملها حوالي مئة بليون طائر.. وأكبر الطيور حجما النعامة، ويبلغ علوها قرابة مترين ونصف المتر، ووزنها 150 كيلو غراما.. وأصغر الطيور الطنان، طوله خمسة سنتيمترات، يطير بسرعة فائقة، فيضرب بجناحيه من خمسين إلى مئتي ضربة في الثانية، وتبلغ سرعة طيرانه في الساعة 80 أو 90 كيلو مترا.. ويستطيع الطيران جانبا والقهقرى، وتصويبا وتصعيدا، وأيضا يمكنه الوقوف طويلا في الهواء، وبعض أنواع الطيور تزيد خطوته على ستة أمتار، ويمشي على رجليه 80 كيلو متراً في الساعة، ويقال له التدرج.. ومن الطيور ما يستطيع الارتفاع إلى ستة آلاف متر كاللقالق..، ومنها يغوص في الماء إلى عمق 18 متراً واسمه أطيش، ومنها يمضي معظم أوقاته في الترحال على المحيطين: الهاديء والأطلسي، ومنها يعوم في الماء، وهو ابن يوم أو

ص: 31

يومين كالبط، ومنها لريشه أكثر من عشرة ألوان، ومناقير بعض الطيور أزهى من قوس قزح».. إلى ما لا يبلغه الإحصاء، وأغرب ما في الطيور من غرائز هي غريزة الخوف والحذر، فهي تقدّر لكل لحظة من اللحظات، تراقب وتقلب عيونها في كل جهة: أثناء الأكل، وحين الطيران استعدادا للهرب من خطر مفاجيء...)(1).

وذكر في معارج نهج البلاغة ان (من الطيور يقع من بلاد الى بلاد، وطيور لا ينقطع طيرانه ليلا ونهارا، مثل صنف من الخفّاش، وليس شيء من طير الماء يعشّعش أو يفرخ فوق الشّجر، وجوارح الطير يأكل جميع ما يقهره إلا ما كان من جنسها، ومن الحيوان قواطع وأوابد، ومن الأوابد ما يلزم مأواه الطبيعيّ، كالحمام، ومنه ما يفارقه الى ماوى شتوىّ كالفواخت والغربان، ومن القواطع ما

ص: 32


1- في ظلال نهج البلاغة، محمد جواد مغنية، ج 2، ص 467 - 468

يقطع من الشّتاء الى قرب، ومنها ما تجتاز في الصّيف المراوح والروابي وينتقل في الشتاء الى الاغوار والسهول، ومن القواطع ما يبعد مدى السّفر، مثل الطَّير يطير من شرقي الجنوب الى غربيّ الشمال كالكركي، منها ما يصيف الجنوب ويشتو بالشمال. وقيل: ان طير الماء يقطع من الهند ربيعا البحيرة بباميان دفعة، والدفعة الاخرى من باميان الى نقايع مرو، والكركي يسافر بخط واحد يقودها رئيس، والقطا يسافر جملة منتشرة، فإذا همّ قطيع من الطير بالقطع، تصايحت منذرة بما يصنع ليلا، ومن الطير ما يقوى على ريح دون ريح كالدّرّاج، فإن الجنوب يرخيه، والشمال يقوّيه. فلذلك يختار لصيده هبوب الجنوب، والطاير الهندي الذي يقال له الببغاء له لسان كلسان الانسان، ويهيجه شرب الشراب، وهو مجال للكلام، والطير يشرب الماء الَّا قليلا)(1).

ص: 33


1- معارج نهج البلاغة، علي بن زيد البيهقي، ص 275

المسألة الخامسة: اختلاف الطيور

قوله (عليه السلام):

«مِنْ ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَهَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ التَّسْخِيرِ وَمُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ المُنفَسِحِ، وَالْفَضَاءِ المُنفَرِجِ».

المعنى اللغوي:

(متباينة): ليس قياسها واحدا(1)، (مصرفة)، الصّرفُ: التَّقَلُّبُ(2)، (مرفرفة) الرفرفة: تحريك الطائر جناحه في الهواء وهو لا يبرح مكانه(3). مَخَارِقِ، المخرق، الشق، خرق الثوب خرقاً شقه(4)، اَلمُنفَسِحِ، المتسع(5)، المنفرج، مُنفرِجٌ:

ص: 34


1- معجم مقاييس اللغة، ج 5، ص 427
2- لسان العرب، ج 9، ص 190
3- العين، ج 8، ص 255
4- تاج العروس، ج 13، ص 105
5- لسان العرب، ج 2، ص 543

أَي مُنفَتِحٌ(1)).

أولاً: قوله (عليه السلام): «مِنْ ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَهَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ».

فبعض الطيور تكون ذوات اجنحة كبيرة وبعضها ذوات أجنحة صغيرة، بحسب حجم الطائر؛ والطيور مختلفة منها: النعامة والبومة والصقر والعصفور والغراب وغير ذلك من الطيور؛ فهي تختلف في اشكالها وأحجامها والله سبحانه وتعالى هيأها بصورة تمكنها من الطيران، قال تعالى:

«أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ»(2).

فإن أغلب الطيور خُلقت لكي تطير وهذه من حكمة

ص: 35


1- تاج العرس، ج 3، س 452
2- الملك: 19

الله سبحانه فهذه الطيور التي تحلق بالسماء لا يمسكها الا هو، فالله وحده قادر على قبض أرواحها.

ثانياً: قوله عليه السلام: «مصرفة في زمان التسخير.».

قال تعالى:

«أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»(1).

فالله سبحانه وتعالى سخر هذه الطيور وهيأ لها من الأسباب والأجهزة؛ كالجناحين وباقي اجزاء الجسم الاخرى التي تستطيع من خلالها الطيران في الجو الواسع.

قال الإمام الصادق (عليه السلام) - للمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ:

«تَأمَّل - یامُفَضَّلُ - جِسمَ الطّائِرِ وخِلقَتَهُ, فَإنَّهُ حینَ

ص: 36


1- النحل: 79

قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ طَائِراً فِي الْجَوِّ خُفِّفَ جِسْمُهُ وَ أُدْمِجَ خَلْقُهُ، وَ اقْتُصِرَ بِهِ مِنَ الْقَوَائِمِ الْأَرْبَعِ عَلَى اثْنَتَيْنِ، وَ مِنَ الْأَصَابِعِ الْخَمْسِ عَلَى أَرْبَعٍ، وَ مِنْ مَنْفَذَيْنِ لِلزِّبْلِ وَ الْبَوْلِ عَلَى وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمَا، ثُمَّ خُلِقَ ذَا جُؤْجُؤٍ مُحَدَّدٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرِقَ الْهَوَاءَ كَيْفَ مَا أَخَذَ فِيهِ، كَمَا جُعِلَتِ السَّفِينَةُ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لِتَشُقَّ الْمَاءَ وَ تَنْفُذَ فِيهِ، وَ جُعِلَ فِي جَنَاحَيْهِ وَ ذَنَبِهِ رِيشَاتٌ طِوَالٌ مِتَانٌ لِيَنْهَضَ بِهَا لِلطَّيَرَانِ، وَ كُسِيَ كُلُّهُ الرِّيشَ لِيُدَاخِلَهُ الْهَوَاءُ فَيُقِلَّهُ، وَ لَمَّا قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ طُعْمُهُ الْحَبَّ وَ اللَّحْمَ يَبْلَعُهُ بَلْعاً بِلَا مَضْغٍ؛ نُقِصَ مِنْ خِلْقَةِ الْإِنْسَانِ، وَ خُلِقَ لَهُ مِنْقَارٌ صُلْبٌ جَاسٍ يَتَنَاوَلُ بِهِ طُعْمَهُ فَلَا يَنْسَحِجُ مِنْ لَقْطِ الْحَبِّ، وَ لَا يَتَقَصَّفُ مِنْ نَهْشِ اللَّحْمِ، وَ لَمَّا عَدِمَ الْأَسْنَانَ؛ وَ صَارَ يَزْدَرِدُ الْحَبَّ صَحِيحاً وَ اللَّحْمَ غَرِيضاً، أُعِينَ بِفَضْلِ حَرَارَةٍ فِي الْجَوْفِ تَطْحَنُ لَهُ الطُّعْمَ طَحْناً يَسْتَغْنِي بِهِ عَنِ الْمَضْغِ؛ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَجَمَ الْعِنَبِ وَ غَيْرِهِ يَخْرُجُ مِنْ أَجْوَافِ الْإِنْسِ صَحِيحاً، وَ يُطْحَنُ فِي أَجْوَافِ الطَّيْرِ لَا يُرَى لَهُ أَثَرٌ! ثُمَّ جُعِلَ مِمَّا يَبِيضُ بَيْضاً وَ لَا يَلِدُ وِلَادَةً؛

ص: 37

لِكَيْلَا يَثْقُلَ عَنِ الطَّيَرَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْفِرَاخُ فِي جَوْفِهِ تَمْكُثُ حَتَّى تَسْتَحْكِمَ لَأَثْقَلَتْهُ وَ عَاقَتْهُ عَنِ النُّهُوضِ وَ الطَّيَرَانِ، فَجُعِلَ كُلُّ شَيْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ مُشَاكِلًا لِلْأَمْرِ الَّذِي قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ»(1).

آليات الطيران المتقنة

(جهز الخالق عز وجل كل أنواع الطيور من النورس وحتى النسر، بآلية طيرانية تمكّنها من الاستفادة من الرياح.

وبما أن الطيران يستهلك الكثير من الطاقة، فقد خُلقت الطيور بعضلات صدر قوية وقلوب كبيرة وعظام خفيفة. ولا تقف معجزة خلق الطيور عند أجسامها. فقد أوحى الخالق إلى الكثير من الطيور اتباع طريقة معينة في الطيران تجعلها تخفض من الطاقة اللازمة لها.

ص: 38


1- موسوعة العقائد الاسلامية، ج 3، ص 165 - 166

العوسق: طائر بري منتشر في أوربا وإفريقيا وآسيا، وهو يتمتع بمقدرة خاصة، إذ يمكنه أن يبقي رأسه بوضعية ثابتة أثناء طيرانه في مواجهة الرياح. ومع أن جسمه يتأرجح في الهواء إلا أن رأسه يبقى ثابتاً مما يحقق له رؤيا ثاقبة على الرغم من كل الحركة التي قد يضطر لانتهاجها. على المبدأ نفسه يعمل جهاز الجيروسكوب الذي يستخدم لموازنة السفن الحربية في البحار، لذلك يطلق العلماء على رأس العوسق لقب "رأس البوصلة الموازنة")(1).

المسألة السادسة: انشاء الطيور من العدم الى الوجود

قوله عليه السلام:

«كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَرَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ، وَمَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي اهَوَاءِ خُفُوفاً، وَجَعَلَهُ يَدِفُّ دَفِيفاً».

ص: 39


1- التصميم في الطبيعة، ص 56

المعنى اللغوي:

(حقائق: جمع حق(1)، وهو مجمع المفصلين(2)، والمفصل: واحد مفاصل الأعضاء(3)، وهو محل اتصال عظمين، محتجبة: الحجابُ: اسمُ ما احتُجِبَ به، وكلُّ ما حالَ بين شيئين: حِجابٌ، والجمع حُجُبٌ لا غير(4)، فهذه المفاصل التي تربط العظام محجوبه عن ناظرنا لأن الله سبحانه كساها باللحم والريش، عبالة: العبل: الضخم(5)، يسمو: يسمو سموا، أي: ارتفع(6)، خفوفاً: أَي عَجَلَةٌ وسُرعة(7)، دفيفاً: الدفيف: أن يدف الطائر على

ص: 40


1- لسان العرب، ج 10، ص 53. ص 53
2- توضیح نهج البلاغة، ج 3، ص 5
3- المصدر نفسه، جج 5، ص 1790
4- لسان العرب، ج 1، ص 298
5- العين، ج 2، 148
6- العين، ج 7، ص 318
7- لسان العرب، ج 9، ص 81

وجه الأرض بتحريك جناحيه، ورجلاه في الأرض، وهو يطير ثم يستقل)(1).

قوله (عليه السلام):

«كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَرَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ».

خلق الله الطيور بعد أن كانت عدماً على اختلاف الأشكال والأحجام والألوان، حيث ركب العظام عن طريق المفاصل، ثم كسا العظام لحما، ثم أنبت الريش على اللحم فصار الطائر بهذه الهيئة العجيبة والجميلة، فلو نظرنا إلى بعض الطيور لاندهشنا من جمالها.

وقد بيّن الله سبحانه لنبيه ابراهيم كيف يبدئ الخلق، فقد روي في تفسير القمي عن قوله:

«وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ

ص: 41


1- لسان العرب، ج 8، ص 11

تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(1).

فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام:

«إن إبراهيم (عليه السلام) نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكله سباع البر وسباع البحر ثم تحمل السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا فتعجب ابراهيم (عليه السلام) فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى..الخ" فأخذ ابراهيم عليه السلام الطاووس والديك والحمام والغراب فقال الله عز وجل" فصرهن اليك، اي قطعهن ثم اخلط لحمهن وفرقهن على عشرة جبال ثم خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعيا، ففعل ابراهيم ذلك

ص: 42


1- البقرة: 260

وفرقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال أجيبنني بإذن الله تعالى، فكانت تجمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه إلى رأسه وطارت إلى ابراهيم، فعند ذلك قال ابراهيم ان الله عزیز حکیم»(1).

فالطيور تمر بمراحل ثم تكون بهذه الهيئة العجيبة كما هو حال الإنسان، حيث تتم عملية التزاوج بين الذكر والأنثى فتكون البيضة ف (لا يقتصر الإعجاز في خلق الطيور على أجنحتها أو ریاشها أو مهاراتها في الهجرة، بل يتعداها إلى بيوضها.

إن بيضة الدجاجة التي تبدو عادية بالنسبة لنا تحتوي على 15000 مسام تشبه غمازات طابة الغولف.

لا يمكن رؤية البنية الإسفنجية للبيوض الصغيرة إلا تحت المجهر، وتوفر هذه البنية الإسفنجية مرونة للبيضة

ص: 43


1- تفسير القمي، ج 1، ص 92

وتزيد من مقاومتها للصدمات.

البيضة هي وحدة معجزة بحد ذاتها، فهي توفر كل أنواع الغذاء اللازم لتطور الجنين بداخلها. يدخر صفار البيض البروتين، والدهون، والفيتامينات والمعادن، بينما يعمل البياض دور السائل الحاضن.

ويحتاج الجنين إلى أن يستنشق الأوكسجين ويطرح ثاني أكسيد الكربون، يحتاج أيضاً إلى مصدر للحرارة، والكالسيوم لنمو عظامه وواق لسائله من البكتريا والصدمات الفيزيائية.

تقدم قشرة البيضة كل هذا للجنين، الذي يتنفس من خلال الكيس الغشائي الذي يحيط به، بينما توفر الأوعية الدموية التي يحملها هذا الكيس الأوكسجين اللازم اللجنين وتأخذ عنه ثاني أكسيد الكربون.

قشرة البيضة رقيقة إلى حد مذهل، ولكنها متينة، وهي

ص: 44

بهذه الخصائص تنقل حرارة الوالد الحاضن إلى الجنين)(1).

الفقد الضروري

تفقد البيضة خلال فترة الحضانة 16٪ من محتواها المائي على شكل بخار ماء. بقي العلماء لفترة طويلة يعتقدون أن هذا مؤذ وسببه المسامات الموجودة في قشرة البيضة. إلا أن الأبحاث الجديدة أظهرت أن هذا الفقد ضروري بالنسبة للصغير حتى يتمكن من الخروج من البيضة. يحتاج الصوص إلى الأوكسجين للتنفس والمكان ليتمكن من تحريك رأسه بما يكفي لكسر البيضة أثناء الفقس، وتبخر الماء يؤمن هذين المطلبين.

علاوة على ذلك، تبلغ نسبة الفقد المائي ما بين 15 إلى ٪20 في ظل ظروف مثالية حسب نوع قشرة البيضة. على سبيل المثال: يبلغ الفقد المائي في بيوض طائر الغواص السّامك أكثر من غيره من الطيور التي تعيش في ظروف

ص: 45


1- التصميم في الطبيعة، ص 69

أكثر جفافاً ببضع مرات)(1).

وقوله (عليه السلام):

«وَمَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي اهَوَاءِ خُفُوفاً، وَجَعَلَهُ يَدِفُّ دَفِيفاً».

وفا الطيور أنواع؛ بعضها لا تستطيع الطيران كالنعامة وذلك لثقل جسمها وبعض الطيور صممت لتكون غير قادرة على الطيران كالدجاج وغيرها فهذه مجموعة مختلفة من الطيور منعها الله سبحانه من الطيران.

أما البعض الآخر فإنها تحلق في الهواء ومنها الطيور المهاجرة، وإن التصميم العجيب في شكل الطائر من أعجب الأسرار الكونية حيث أن الجسم صمم بهذا الشكل ليقاوم نظام الجاذبية ويرتفع عن الارض.

جاء في تفسير مجمع البيان عن قوله تعالى: (أولم يروا

ص: 46


1- المصدر نفسه، ص 70

إلى الطير فوقهم صافات) تصف أجنحتها في الهواء فوق رؤوسهم (ويقبضن) أجنحتهن بعد البسط وهذا معنی الطيران، وهو بسط الجناح وقبضه بعد البسط أي: يضربن بأرجلهن، ويبسطن أجنحتهن تارة، ويقبضن أخرى، فالجو للطائر كالماء للسابح، وقيل: معناه إن من الطير ما يضرب بجناحه فيصف، ومنه ما يمسكه فيدف، ومنه الصفيف والدفيف)(1).

فصف الطائر جناحه أي لم يحركهما، كالنسور وباقي الجوارح، فمن الطيور ما يسمو في الهواء بسرعة وخفة عجيبة.

ودف: أي حرك الطائر جناحيه، ومن أمثلتها الحامة، وغيرها فهذه الطيور تحرك أجنحتها وقت الطيران، وكذلك حينما تريد الهبوط الى الأرض أو تستقر على شجرة.

ص: 47


1- مجمع البیان، ج 10، ص 77

وجاء في علل الشرائع عن علة تحريم سباع الطير والوحش قال أبي عبد الله (عليه السلام): (كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير حرام، و كل ما كان له قانصة(1) من الطير فحلال، وعلة أخرى تفرق بين ما أحل من الطير وما حرم قوله كل ما دفّ ولا تأكل كل ما صف)(2).

عن زرارة بن أعين أنه قال: (والله ما رأيت مثل أبي جعفر (عليه السلام) قط سألته فقلت: أصلحك الله ما يؤكل من الطير فقال:

«کُل ما دفّ ولا تأكل ما صف، قال: قلت: البيض في الآجام؟ قال: كل ما استوى طرفاه فلا تأكل، وكل ما

ص: 48


1- قانصة هي واحدة القوانص، وهي للطير بمنزلة الكرش والمصارين لغيره، مجمع البحرین، ج 4، ص 182
2- علل الشرائع، ج 2، ص482 ، ح 1، (باب 235 - علة تحریم سباع الطير والوحش)

اختلف طرفاه فکل، قلت فطير الماء؟ قال: كل ما كانت له قانصة فكل، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل»(1).

وفي حديث آخر:

«إن كان الطير يصف ويدف فكان دفيفه أكثر من صفيفه أُکِل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلم يؤكل، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية(2) ولا يؤكل ما ليست له قانصة أو صيصية»(3).

طريقة التحليق عند النسور:

(تملك النسور طريقة خاصة في الاستفادة من الموجات الحرارية عند التحليق لتتمكن من مسح الأرض من علو مناسب، فهي تنساب من موجة حرارية

ص: 49


1- من لا يحضره الفقیه، ج 3، ص 321، ح 414
2- صيصية الديك كأنها مخلب في ساقه، العین، ج 7، ص 176
3- من لا يحضره الفقیه، ج 3، ص 321، ح 4146

الى موجة حرارية أخرى طوال اليوم وهكذا تحلق فوق مساحات كبيرة في اليوم الواحد.

تبدأ الموجات الهوائية عند الفجر بالارتفاع، تشرع النسور الصغيرة أولاً: بالتحليق مستخدمة التيارات الأضعف، وعندما تشتد التيارات، تقلع النسور الأكبر حجماً.

تطفو النسور غالباً باتجاه الأمام في هذه التيارات النازلة في حين تتوضع التيارات الرافعة الأكثر سرعة في منتصف التيار الهوائي. تحلق النسور ضمن دوائر ضيقة لتؤمن التوازن بين التحليق عالياً وقوة الجاذبية، وعندما ترغب بالهبوط تقترب من مركز التيار. تستخدم أنواعاً أخرى من طيور الصيد التيارات الحارة فيستخدم اللقلق مثلاً هذه التيارات الساخنة في رحلة الهجرة بشكل خاص. يعيش اللقلق الأبيض في أوربا الوسطى ويهاجر إلى إفريقيا ليقضي الشتاء هناك في رحلة

ص: 50

يقطع فيها 350 میل (7000 کم) وإذا هاجر بشكل فردي مستخدماً طريقة الرفرفة بأجنحته، فعليه أن يتوقف للاستراحة أربع مرات على الأقل، إلا أن اللقلق الأبيض ينهي رحلته خلال ثلاثة أسابيع فقط مستخدماً التيارات الحارة لمدة 6-7 ساعات في اليوم، وهذا يُترجم إلى توفير كبير في الطاقة)(1).

المسألة السابعة: نسق الوان الطيور

قوله (عليه السلام):

«وَنَسَقَهَا عَلَى اخْتِلاَفِهَا فِى الاْصَابِيغِ بِلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَدَقِيقِ صَنْعَتِهِ فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي قَالَبِ لَوْنٍ لاَ يَشُوبُهُ غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيه وَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلاَفِ مَا صُبِغَبِهِ».

فللطيور ألوان مختلفة تبهر العقول؛ كألوان ریش الطاووس، وكذلك الهدهد، والببغاء وباقي الطيور

ص: 51


1- التصميم في الطبيعة، ص 58

الاخرى؛ فكل الطيور مدهشة ورائعة فبعض الطيور نجدها في قمة الجمال وهذا دليل على ابداع الصانع، ونجد كل طائر منسقاً بنسق عجيب من حيث الألوان وهذا ما أشار اليه الامام بقوله:

«وَنَسَقَهَا عَلَى اخْتِلاَفِهَا فِى الاْصَابِيغِ بِلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَدَقِيقِ صَنْعَتِهِ».

فهذا التنسيق يوضح دقة الصانع، فمن الطيور ما تكون بلون واحد ومن هذه الطيور الغراب الأسود وهذا ما أشار اليه بقوله (عليه السلام):

«فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه».

ومن الطيور ما تكون مطوقة بطوق يختلف عن لونها، أي يحيط عنقها لون غير لون سائر جسم الطائر ويسمى بالمطوق وهذا ما أشار اليه الامام (عليه السلام) بقوله:

«منها مغموس في لون صبغ قد طوق بخلاف ما

ص: 52

صبغ به».

ومن شرح الإمام الصادق (عليه السلام) الى المفضل

«... قال المفضل: فقلت يا مولاي إن قوما من المعطلة يزعمون أن اختلاف الألوان والاشكال في الطير إنما يكون من قبل امتزاج الاخلاط واختلاف مقاديرها بالمرج والاهمال: فقال: يا مفضل هذا الوشي الذي تراه في الطواويس والدراج والتدارج على استواء ومقابلة كنحو ما يخط بالأقلام كيف يأتي به الامتزاج المهمل على شكل واحد لا يختلف؟ ولو كان بالاهمال لعدم الاستواء ولكان مختلفا. تأمل ريش الطير كيف هو؟ فإنك تراه منسوجا کنسج الثوب من سلوك دقاق قد ألف بعضه إلى بعض تأليف الخيط إلى الخيط والشعرة إلى الشعرة، ثم تری ذلك النسج إذا مددته ينفتح قليلا ولا ينشق لتداخله الريح فيقل الطائر إذا طار، وترى في وسط الريشة عمودا غليظا متينا قد نسج عليه الذي هو مثل الشعر ليمسكه

ص: 53

بصلابته، وهو القصبة التي هو في وسط الريشة، وهو مع ذلك أجوف ليخف على الطائر ولا يعوقه عن الطيران.

هل رأيت يا مفضل هذا الطائر الطويل الساقين؟ وعرفت ماله من المنفعة في طول ساقيه: فإنه أكثر ذلك في ضحضاح من الماء فتراه بساقين طويلين كأنه ربيئة فوق مرقب وهو يتأمل ما يدب في الماء، فإذا رأى شيئا مما يتقوت به خطا خطوات رقيقا حتى يتناوله، ولو كان قصير الساقين وكان يخطو نحو الصيد ليأخذه يصيب بطنه الماء فيثور و يذعر منه فيتفرق عنه فخلق له ذلك العمودان ليدرك بهما حاجته ولا يفسد عليه مطلبه.

تأمل ضروب التدبير في خلق الطائر فإنك تجد كل طائر طويل الساقين طویل العنق وذلك ليتمكن من تناول طعمه من الأرض ولو كان طويل الساقين قصير العنق لما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض، وربما أعين مع طول العنق بطول المناقير ليزداد الامر عليه سهولة له وإمكانا

ص: 54

أفلا ترى أنك لا تفتش شيئاً من الحلقة إلا وجدته على غاية الصواب والحكمة؟.

انظر إلى العصافير كيف تطلب أكلها بالنهار فهي لا تفقده، ولا هي تجده مجموعا معدا بل تناله بالحركة والطلب، وكذلك الخلق كله فسبحان من قدر الرزق کیف قوته؟ فلم يجعل مما لا يقدر عليه إذ جعل للخلق حاجة إليه ولم يجعله مبذولا وينال بالهوينا إذ كان لا صلاح في ذلك فإنه لو كان يوجد مجموعة معدا كانت البهائم تتقلب عليه ولا تنقلع حتى تبشم فتهلك، وكان الناس أيضا يصيرون بالفراغ إلى غاية الأشر والبطر حتى يكثر الفساد ويظهر الفواحش»(1).

ص: 55


1- التوحید، ص 70 - 71

المبحث الثاني

أسماء الطيور وأصنافها

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«فَالطَّیْرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمْرِهِ أَحْصَی عَدَدَ الرِّیشِ مِنْهَا وَ النَّفَسِ، وَ أَرْسَی قَوَائِمَهَا عَلَی النَّدَی وَ الْیَبَسِ وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا، وَ أَحْصَی أَجْنَاسَهَا، فَهَذَا غُرَابٌ وَ هَذَا عُقَابٌ، وَ هَذَا حَمَامٌ وَ هَذَا نَعَامٌ، دَعَا کُلَّ طَائِرٍ بِاسْمِهِ، وَ کَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ»(1).

المسألة الأولى: الطيور طوع أمره

قوله (عليه السلام):

«فَالطَّیْرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمْرِهِ أَحْصَی عَدَدَ الرِّیشِ مِنْهَا

ص: 56


1- نهج البلاغة، الخطبة: 185، ص 272

وَالنَّفَسِ».

فالطيور مسخرات بأمره لا تتمكن من شيء إلا بما قدر لها خالقها، وجاء في موسوعة العقائد الاسلامية (إِنّ أَحد الدلائل الإلهية الكبرى في خلق الحيوانات هو أنَّ لكلِّ نوع منها ميزات معينة تنطبق على ظروف حياته، ولو فقدت تلك الميزات فلا يمكنها إِدامة الحياة، والاستدلال بهذا البرهان كان واحداً من أَدلة نبيّ الله موسى (عليه السلام) لأَجل إِثبات التوحيد لفرعون، حينما قال فرعون له ولأَخيه هارون: (فَمَن رَبُّکُّمَا یَا مُوسَی) فقال موسی مجيباً: (رَبُّنَا الَّذِي أَعطَى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ)، أي: أنّ لكلّ شيء في نظام الخلق ميزات متعلقة به تنطبق على حاجاته، وهذا التوافق دليل واضح على أنّ الخالق الحكيم القادر هو المدّبر لعالم الوجود، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في بيانه للميزات التي تحتاج إِليها الطيور مشيراً إِلى هذه الحكمة المهمّة في نظام الخلق: (فَجَعَلَ کُلَّ شَيء مِن خَلقِهِ مُشاكلا لِلأَمرِ الَّذي قَدَّرَ أن

ص: 57

يَكونَ عَلَيهِ)(1).

وقد احصى الله سبحانه عدد ريشها التي تمكنها من الطيران بالجو وكذلك عدد الانفاس وهذه القدرة الالهية والدقة في الخلق لا يقدر عليها إلا خالق عظيم؛ فهذا بیان علم الله بكل شيء، واحصائه لجميع المخلوقات، فما من دابة في الارض إلا يعلمها ويعلم عدد أنفاسها ومتی تموت وفي أي أرض، وروي عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز وجل:

«إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا»(2).

قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيام، قال: (إن الآباء

ص: 58


1- موسوعة العقائد الاسلامية، ج 3، ص 168
2- مریم، 84

والامهات يحصون ذلك ولكنه عدد الانفاس)(1).

أنواع الريش:

(تختلف وظائف الرياش حسب توزيعها على جسم الطائر، فالرياش الموجودة على الجسم تختلف عن تلك الموجودة على الجناحين والذيل. يعمل الذيل بریاشه على توجيه الطائر وكبح السرعة، بينما تعمل رياش الجناح على توسيع المنطقة السطحية أثناء الطيران لزيادة قوة الارتفاع. عندما ترفرف الأجنحة متجهة نحو الأسفل، تقترب الرياش من بعضها لتمنع مرور الهواء، ولكن عندما تعمل الأجنحة على الاتجاه نحو الأعلى تنتشر الرياش متباعدة عن بعضها سامحة للهواء بالتخلل، تطرح الطيور ریاشها خلال فترات معينة من السنة لتحتفظ بقدرتها على الطيران، وهكذا يتم استبدال

ص: 59


1- الكافي، ج 3، ص 259، ح 33

اق الرياش المصابة أو الرثة فوراً)(1).

المسألة الثانية: الطيور القادرة على العيش في الماء واليابسة

قوله (عليه السلام):

«وَ أَرْسَی قَوَائِمَهَا عَلَی النَّدَی وَ الْیَبَسِ».

أشار الإمام (عليه السلام) الى نوع آخر من الطيور وهي الطيور التي تتمكن من العيش في البر والبحر، ولكي نميزها عن غيرها ننظر إلى قوامها، فالتي تكون قوامها كالمجداف فهذه القوام تساعدها في المشي على اليابسة، وكذلك تساعدها بالسباحة في الماء.

فمعنی ارسی قوامها أي ثبتها، على الندى: أي الماء، واليبس: الأرض، ومن هذه الطيور التي أشار إليها الإمام نذكر بعضاً منها:

ص: 60


1- التصميم في الطبيعة، يحيى هارون، ص 45

البطة:

البط مثل الأوز أرجلها مثل المجداف تساعدها على السباحة ولها زغب وریش مضاد للماء يمكّنها من السباحة والغطس دون ابتلال اللحم أو الريش وبذلك تكمل للبطة وسائل الحماية من الماء، فهي ذات غدة تفرز الزيت ولها کساء زغبي ملامس للجلد وريشها سميك قوي بل هو أمتن من ريش معظم طيور البر ولها أيضاً طبقة كثيفة من الدهن الأصفر بين جلدها وعضلاتها، والدهن له خواص منها أنه ردئ التوصيل للبرودة وذلك فالبطة قادرة على العوم في الشتاء وهذا يذكرنا بالسباحين الذين يدهنون أجسادهم بطبقة من الدهن قبل الشروع في السباحة اذا كان الجو بارداً.

هذه الطبقة الدهنية تغطي جسم البطة لكنها تزداد عند الصدر والمعدة لأنهما يظلان غارقين في الماء معظم الوقت فضلاً عن قدرتها على فرز زيت يجعل الريش عازلاً للبرودة فلا يتأثر الجسم ببرودة الماء، والبطة ذات

ص: 61

غطاء رقيق يصل اصابعها الثلاثة فتصير قدمها کالمجداف تماماً، ولقصر رجل البطة عن الوزة فانها تمشي تتهادی على الأرض ولا تحسن الحركة بخلاف الوزة التي تمشي وتتحرك بسهولة)(1).

الغواص:

(طائر يقال له بالفارسية ماهي خوار يوجد بالبصرة على طرف الأنهار، يغوص في الماء معكوساً بقوة شديدة ويلبث تحت الماء إلى أن يرى شيئاً من السمك فيأخذه، ويصعد به، والعجب للبثه تحت الماء والماء لا يغلبه مع خفة بدنه.

وحكى بعضهم قال: رأيت غواصاً غاص وطلع بسمكة وقربها من الغراب فأخذ الغراب السمكة واشتغل بها؛ فوثب الغواص وأخذ برجل الغراب

ص: 62


1- من عجائب الخلق في عالم الطيور، محمد إسماعيل الجاویش، ج 1، ص 86 - 87

وغاص به ووقف به تحت الماء حتى أغرق الغراب وخرج سالماً، قالوا دمه يجفف ويسحق مع شعر الإنسان؛ فإنه لا يصبر عن مطلوبه، وكذلك عظمه يفعل به مثل هذا)(1).

المسألة الثالثة: أجناس الطيور

قوله (عليه السلام):

«وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَ أَحْصَی أَجْنَاسَهَا، فَهَذَا غُرَابٌ وَ هَذَا عُقَابٌ، وَ هَذَا حَمَامٌ وَ هَذَا نَعَامٌ، دَعَا کُلَّ طَائِرٍ بِاسْمِهِ، وَ کَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ».

قوله (عليه السلام):

«وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا».

إن الله سبحانه وتعالى قدّر أرزاق خلقه؛ فما من طائر أو نبات أو انسان إلا وكان الله متكفلا برزقه، قال تعالى:

ص: 63


1- عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 353

«وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»(1).

وقوله تعالى:

«هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»(2).

وعن الحسن المجتبى (عليه السلام) أنه سئل عن أرزاق الخلائق فقال:

«في السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر»(3).

وقوله (عليه السلام) أَحصَى أجنَاسَهَا: أي حسب أجناسها، قال تعالى:

«وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ

ص: 64


1- العنکبوت: 60
2- فاطر: 3
3- التفسير الصافي، ج 5، ص 71

أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ»(1).

يعني خلق مثلكم، فكما أبدع الله في خلق البشر والشجر وباقي الموجودات، فقد أبدع الخالق في هذا الصنف من الحيوانات، فهذا وجه التشابه من ناحية الخلق.

أما وجه التشابه من ناحية العيش، فإن الله سبحانه وتعالی کما تكفل بأرزاق بني البشر كذلك تكفل بأرزاق الطيور؛ فالطيور مثل الانسان تحتاج الى الطعام والشراب كي تستمر بالعيش.

كذلك تتشابه الطيور من حيث الإدراك والفهم، فكها أعطى الله العقل للبشر کي يدبروا أمور معيشتهم والابتعاد عن المخاطر، كذلك جعل الفهم والإدراك

ص: 65


1- الأنعام: 38

والحس للطيور فهي تربي أطفالها كما يصنع بنو البشر وتحميها من المخاطر وتعلمها الطيران وكيفية العيش فهذا معنی کلامه تعالى:

«إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ».

فهي كبقية الأمم من حيث حياتها ونظامها الذي نُظّم من قِبَله تعالى، فلولا عناية الله بخلقه لما استطاعوا العيش، وكما الله سبحانه وتعالى سخر الرياح والسحاب فقد سخر هذه الطيور بحسب إرادته وما تقتضيه الحكمة.

ثم اختار الإمام (عليه السلام) ذكر بعض الطيور ومنها:

1- الغراب:

(طائر كثير الأسفار بعيد التطواف أول ما يطير يسرع في الطيران بعد انبلاج الفجر، يحب الجوز يجمع منه كثيراً فيدفن للذخيرة ويجتمع على كل الحيوانات الكبار بالبادية

ص: 66

کالجمل والفرس وكذا الآدمي ويقصد قلع عينيه، ولا يمتنع بالدفاع والضرب لشدة جوعه، وينقر ظهر السلحفاة فيأكلها، والبعير إذا عقر وحدث في ظهره لحم میت فلا بد من أخذ اللحم الميت من ظهره؛ فيرسلونه الى الصحراء ليجتمع عليه الغربان وتقلع اللحم الميت من ظهره، وإذا تفرخ بيضها يكون الفرخ أبيضاً بلا ریش فتفزع الأم منه وتترکه؛ فيبعث الله تعالى إليه ذباباً كثيراً؛ فيأكل الفرخ منها حتى ينبت ریشه ويسود. قال مكحول: من دعاء داود النبي عليه الصلاة والسلام: یا رازق الغراب في عشه، والفرخ إذا اسود عادت إليه أمه وحينئذٍ تغيب عنه الذباب والبق، قال خلف الاحمر رأيت فرخ الغراب فلم أرَ صورة اقبح منه ولا أقذر ولا أنتن رأيت رأساً كبيراً ومنقاراً طويلاً مع صغر البدن وقصر الجناح، وهو أمرط منتن الريح. والغراب إذا مرض يأكل رجيع الانسان يهدأ، ومن الغربان من يأتي بألفاظ فصيحة

ص: 67

أفصح من الببغاء)(1).

وقد ورد ذكر الغراب في القرآن الكريم في سورة المائدة، قال تعالى:

«فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ»(2).

وذكر صاحب الموسوعة العلمية القرآنية إن الغربان (طيور جريئة وحذرة وذكية؛ ويعيش الكثير من فصيلة الغراب في المناطق المزروعة والآهلة بالسكن، على الرغم من عداء الإنسان لها. ويطلق على الغراب باللهجة الميتة (الفطيسة).

ص: 68


1- عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 352
2- المائدة: 31

وقد كان العرب يتشاءمون من الغراب..... وتتغذى على النبات والحيوان معاً، وفي الواقع إنها تأكل كل شيء. فالغراب النوحي الذي يعيش بين مزارع القمح، يأكل اعداداً هائلة من الديدان الصغيرة والحشرات، ولكنه يأكل كذلك حصته من الحبوب النباتية. والكثير منها يقتنص بيض وأفراخ الطيور الأخرى، بما في ذلك الدجاج الصغير.

اهده امی وصوت الغراب (کرا - کرا) الخشن المزعج، صفة مميزة له مثل ریشه الأسود، وصوته عالٍ غير محبب، ولكن بعضاً منها يمكن تعليمه كيف يقلد صوت الإنسان..... هذا ويمكن استئناس الغراب وتربيته في القفص، وعند منع غراب الزرع حرية التجول في البيت، فلا تدهش الاختفاء الاشياء اللامعة الصغيرة، لأن الغراب من اللصوص الخطرة، فإن له هواية في سرقة الحلي والساعات المتروكة، وبعد سرقتها يخفيها في مكان

ص: 69

معزول)(1).

2- العقاب:

(انه ملك الطيور الحقيقي، وليس النسر، إذ هو أقوى الطيور الجارحة وأعظمها، هذا فضلاً عن أنه يقتنص الفريسة ولا يأكل الميتة أو الجيف.

وموطن هذا الطائر في مصر في شبه جزيرة سيناء والوديان المحيطة بحلوان. كما يوجد في تونس والجزائر والمغرب، يبني أعشاشه بين الصخور وفوق الأشجار.

وهو يحلق على ارتفاع كبير ويهبط اذا لمح الفريسة في خطوط لولبية، وتتمثل فرائسه في الخراف والكلاب الصغيرة ينشب فيها مخالبه ويستعين بمنقاره القوي المعقوف، فاذا قاومته الفريسة ضربها بقبضته على رأسها

ص: 70


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 1، ص 360، سورة المائدة

أو فقأ عينها بمخلبه..)(1).

3- الحمام:

لا هو الطير المشهور الهادي إلى أوطانه من المسافة البعيدة وهو أشد الطيور ذكاءً، فإذا أرسل من موضع بعيد يصعد نحو الهواء ويكون صعوده مدوراً كما أخذ المنارة فلا يزال يصعد وينظر حتى يرى شيئاً من علامات بلده فعند ذلك مهبط إليها في أدنی زمان، وربما تغیمت السماء فيصير الغيم حائلاً بينه وبين الأرض فيقع في بلاد شاسعة أو يصيده شيء من الجوارح وترى عجباً من زوج الحمام من الملاعبة والغنج مثل ما يجري بين الناس من القبلة والمعانقة وغيرها، ورأيت حمامة تسجد لذكرها حال طلبه وحمامة رأيتها لا تسجد مع شدة الطلب ورأيت ذكراً له انثيان يحضن بيض هذه وهذه ..... ومن العجب أن حمام الذكر يحس بما أودع رحم الأنثى فعند ذلك يهتم بعمل

ص: 71


1- من عجائب الخلق في عالم الطيور، ج 1، ص 6

الأفحوصة فيتخذها على قدر بدنهما فإذا شخصا لتلك الأفحوصة جوفاها حتى يظهر فيها مقعد تبقى البيضة فيه مصونة، فإذا وضعته يتناوبان عليه الحضن بعدما سخنا موضعهما وأحدثا له رائحة أخرى مستحدثة من طبيعة أبدانهما ويقلبان البيض في أيام الحضن وساعاتها وأكثرها على الأنثى كالمرأة التي تتكفل بالحضانة فإذا صارت فراخاً فأكثر الزق على الذكر كالرجل الذي يتكفل بالنفقة، وإذا خرج الفرخ نفخا في حلقه حتى يتسع ممر الغذاء لعلمهما بأن آلات ممر غذاء الفرخ لا تحتمل الطعام، فيزقانه أولاً باللعاب المختلط وبالطعام مکان اللبن ويعلمان أن حوصلته تحتاج إلى دبغ فيأكلان سوارح الحيطان، قالوا: من أراد لوناً من الحمام كأسود الرأس أو الذنب أو مثل ذلك فليتخذ حماماً من الحرق على ذلك اللون ويتركهما عند مسقى الحرام فإن كان حمامة وقعت عيناه عليها حالة التزاوج يأتي فراخها على ذلك اللون، وحمام البر إذا مرض يأكل الجراد يزول مرضه، والمتروك

ص: 72

الذي يقال له اليمامة يأكل أطراف القصبة يزول مرضه، ومن ذكاء الحمام أن جوازلها إذا رأت النسر لا تخاف وإذا رأت العقاب خافت، وكذلك تفرق بين الغراب والصقر، وإذا رأت الشاهين رأت السم الناقع، كما أن الشاة لا تفزع من الفيل والجاموس وتفزع من الذئب. قال الجاحظ: الحمام أسرع طيراناً من سباع الطير إلا أنه إذا رأى الجوارح يعتريه ما يعتري الشاة عند روية الذئب والفأرة إذا رأت السنور)(1).

4- النعام جمل الطيور:

(طائر ضخم، فاقترن الجمل بالصحراء لأنه الحيوان الذي يستطيع أن يعيش فيها ويتحمل ظروفها القاسية، وكما أن للصحراء حيوانها فإنها لها أيضاً طائرها الذي يستطيع أن يعيش متكيفاً مع ظروفها، انه النعامة ولهذا سمي (جمل الطيور)، أنها تشبه الجمل في ضخامة جسمها

ص: 73


1- المصدر نفسه، ص 341

فهي ترتفع نحو ثلاث أمتار، وتزن نحو 300 رطل، وهي تستطيع ان تجري فوق الرمال بسرعة 60 کیلو متراً، دون أن تغوص أقدامها، ذلك لأن أصابعها الأربعة لها وسادات جلدية مطاطية تشبه خف الجمل.

وإذا كانت النعامة اكبر الطيور فلا بد ان يكون بيضها أكبر البيض أيضاً، أن بيضة النعامة ذات قيمة غذائية تعادل القيمة الغذائية في 30 بيضة من بيض الدجاج.

ولذلك يقبل أهالي البلاد التي يعيش فيها النعام على بيضها، ومن هنا فإن النعام لا يرقد على بيضه وانما يعمل له حفرة في الرمال وتضع انثى النعام حوالي عشرين بيضة ويفقس البيض بتأثير حرارة الشمس.

لم ولا يترك النعام صغاره دون حراسة، وإنما تقوم الام بحراستها نهاراً، ويقوم الذكر بحراستها ليلاً، ومن الطريف ان صغارها تستطيع أن تجري بعد خروجها من البيض مباشرة وان كانت لا تفارق أبويها حيث تنتقل

ص: 74

الاسرة سوياً بحثاً عن الغذاء، وسلق بيضة النعامة يحتاج الى ساعة ونصف ويمكن لرجل يزن الى 127 کليو جراماً أن يقف فوقها دون أن تنكسر، وبعض قبائل افريقيا تستعمل قشرة لكبر حجمه في تخزين الماء.

وأرجل النعامة تتميز بالقوة وبالتالي فهي ذات ركلة قوية، اذ تستطيع النعامة البالغة أن تكسر ساق انسان بركلة واحدة.

يستطيع صغير النعامة أن يجري بسرعة والديه، ولذلك فهو قادر على أن يهرب من معظم صائديه.

وتتميز بقوة العضلات في بطنها اذ تستطيع ان تطحن ما تلتهم من احجار وزواحف وقطع حديد وحشرات دون ان تصاب باذی لذلك ضرب بها المثل فيقال (فلان له کرش نعامة)(1).

ص: 75


1- من عجائب الخلق في عالم الطيور، ج 1، ص 23 - 24

وقوله عليه السلام: (دَعَا کُلَّ طَائِرٍ بِاسْمِهِ) دعا الله كل طائر باسمه كي يميز بعضها عن البعض الاخر، وجاء في معارج نهج البلاغة (أي ألهمه رشده، يقال في الاستعارات دعاه باسمه، أي نبّهه على مقصوده، وأفاض عليه مواهبه، ويقال ما دعاه باسمه، اذا لم يلتفت اليه)(1).

وقوله (وَ کَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ). فإن الله تكفل في رزق الطير كما تكفل في أرزاق الخلائق، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو أن العبد يتوكل على الله حق توكله؛ لجعله كالطير تغدو خماصا وتروح بطانا وقال من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها، ومن أراد أن يرزقه الله من حيث لا يحتسب، فليتوكل على الله، وأوحى الله إلى داود (عليه السلام) ما من عبد يعتصم بي دون خلقي وتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له مخرجا، وقال أمير

ص: 76


1- معارج نهج البلاغة، علي بن زيد البيهقي، ص 341

المؤمنين (عليه السلام) أيها الناس لا يشغلكم المضمون من الرزق عن المفروض عليكم من العمل والمتوكل لا يسأل ولا يرد ولا يمسك شيئاً خوف الفقر وينبغي لمن أراد سلوك طريق التوكل أن يجعل نفسه بين يدي الله تعالى فيما يجري عليه من الأمور کالميت بين يدي الغاسل يقلبه حيث يشاء كما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عجبت للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له ويعني بذلك أنه يرضى بقضاء الله له سواء كان شدة أو رخاء)(1).

الطيور في خدمة الانسان والبيئة:

(يقول أحد العلماء: انَّ شقاءَ وقسوة الانسان، و غفلته وجهله لاحدَّ ولا عدَّ لها؛ فيجب أن يعلَم أنَّ قتلَ الطيور يكلفه هذه الخسارة الفادحة التي يتحملها، ويحرمُهُ عونِ ونصرة أعزِّ وأغلى الأصدقاء والرفاق في صراعه مع

ص: 77


1- ارشاد القلوب، ج 1، ص 120

الحشرات الضارة؛ فللإنسان طریقتان في صراعه مع الحشرات المهاجمة: احدهما الاسلوب البدائي وهو عبارة عن أخذ اليرقات من البساتين والمزارع وقتلها والقضاء على الجراد وحشرة المنّ، عن طريق السموم، والآخر الصراع العلمي عن طريق «البيولوجيا» بواسطة الفايروسات والطفيليات الخاصة التي يتم تكثيرها لهذا الغرض؛ إلاّ أنّه يدفعُ ثمناً غالياً في هذين الاسلوبين من الصراع ويتحمل المتاعب والمشقة، بينما لو ترك الطيور سالمةً، وقام بتكثير الطيور التي تقتل الحشرات کالبوم، وبعض الطيور التي تتغذى على الحشرات فستكون المكافحة أسهل وافضل (وارخص)، يقول عالمٌ يُدعی (ميشيل): (لولا وجود الطيور ستصبح الارض فريسةً للحشرات) ويكتبُ آخرُ يُسمى (فابر) في تأییده: (لولا وجود الطيور سيقضي القحط على البشر)!. وتحدّثنا الاحصاءات بأن لو حصلنا على حسابات دقيقة نسبياً عن معدل اليرقات والحشرات التي تستهلكها الطيور

ص: 78

الصغيرة سنوياً في طعامها وطعام فراخها فستتضح هذه المسألة كثيراً؛ فهنالك طيرٌ صغيرٌ يُدعى (رواتوله) يأكل سنوياً (ثلاثة ملايين) من هذه الحشرات المهاجمة! وهناك نوع من الطيور يُسمى (الطائر الأزرق) يأكل سنوياً (ستة ملايين ونصف المليون) من الحشرات، ويستهلك (اربعاً وعشرين مليوناً) لإطعام فراخه التي لا تقل عادةً عن اثني عشر أو ستة عشر فرخاً...،والسنونو تطوي يومياً أكثر من ستمائة كيلو متر وتأكل (الملايين) من الذباب، وهناك طيرٌ يُدعى (تروغلوديت) يتغذى على (تسعة ملايين) حشرة منذ أن يخرج من البيضة وحتى طيرانه من العش! وغالباً ما يعتبر الناس انَّ الغراب الأسود مضرٌ، ولكن لو ذبحتم أحدها وتفحصتم حوصلته تجدونه مليئاً بنوع الديدان البيضاء)(1).

ص: 79


1- نفحات القرآن، ج 2، ص 303 - 304

المصادر:

- القران الكريم

* نهج البلاغة / صبحي الصالح / الطبعة الرابعة طبعة جديدة 1431 / دار أنوار الهدی.

* لسان العرب / ابن منظور / الوفاة: 711 / سنة الطبع: محرم 1405 / المطبعة، الناشر: نشر أدب الحوزة.

* عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، للإمام العالم زکریا بن محمد بن محمود الكوفي القزويني / الطبعة الأولى / سنة الطبع / 1421 ه -2000 م، مؤسسة الأعلمي، بیروت، لبنان.

* الكافي: الشيخ الكليني / الوفاة: 329 / تصحیح وتعليق: علي اکبر الغفاري سنة الطبع: 1363 / الناشر دار الكتب الاسلامية طهران.

* التوحيد / المفضل بن عمر الجعفي / الوفاة: 160 / تحقيق: تعليق: كاظم المظفر، الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1404 - 1984 م / المطبعة: الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان.

ص: 80

* موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ المؤلف: محمد الريشهري تحقيق: مرکز بحوث دار الحديث وبمساعدة: السيد محمد كاظم الطباطبائي، السيد محمود الطباطبائي نژاد / الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1425 / المطبعة: دار الحديث / الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.

* التوحيد / الشيخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقيق: تصحيح وتعليق: السيد هاشم الحسيني الطهراني / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة.

* العين / الخليل الفراهيدي / الوفاة: 175 / تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي - الدكتور ابراهيم السامرائي / الطبعة: الثانية سنة الطبع: 1409 / المطبعة: الناشر: مؤسسة دار الهجرة.

* الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية / ابو نصر اسماعیل بن حماد الجوهري الفارابي / الوفاة: 393 ه / تحقيق أحمد بن غفار عطار / الناشر دار العلم للملايين / - بيروت / الطبعة الرابعة / 1407 ه - 1987 م.

* في ظلال نهج البلاغة / محمد جواد مغنية / الوفاة: 1400 / الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1427 / المطبعة: مطبعة ستار / الناشر: انتشارات كلمة الحق.

ص: 81

* معارج نهج البلاغة / علي بن زيد البيهقي / الوفاة: 565 / تحقیق: محمّد تقي دانش پژوه / إشراف: السيد محمود المرعشي / الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1409 / المطبعة: مطبعة بهمن - قم / الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم المقدس.

* معجم مقاییس اللغة / أحمد بن فارس بن زكريا الوفاة: 395 / تحقيق: عبد السلام محمد هارون / الطبعة: سنة الطبع: 1404 / المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي / الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي.

* تاج العروس / الزبيدي / الوفاة: 1205 / تحقيق: علي شيري / الطبعة: سنة الطبع: 1414 - 1994 م / المطبعة: دار الفكر - بيروت الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بیروت.

* موسوعة العقائد الإسلامية / محمد الريشهري // تحقيق: مركز بحوث دار الحديث / الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1425 - 1383 ش المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.

* التصميم في الطبيعة / هارون يحيی / ترجمة: أورخان محمد علي / استانبول - فبراير 2003.

ص: 82

* توضیح نهج البلاغة / السيد محمد الحسيني الشيرازي الوفاة: 1422، المطبعة: الناشر: دار تراث الشيعة - طهران - ایران.

* تفسير القمي: علي بن ابراهيم القمي، الوفاة: 329 / تحقیق وتعليق السيد طيب الموسوي الجزائري الطبعة الثالثة / موسوعة دار الكتاب للطباعة والنشر - ایران.

* تفسیر مجمع البيان المؤلف: الشيخ الطبرسي / الجزء: 5 / الوفاة: 548 تحقیق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين / الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1415 - 1995 م / الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان.

* علل الشرائع / الشيخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقيق: تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم / سنة الطبع: 1385 - 1966 م / المطبعة: الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها - النجف الأشرف.

* من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق / الوفاة: 381 / تحقيق: تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري / الطبعة: الثانية / سنة الطبع: الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة.

* من عجائب الخلق في عالم الطيور / محمد اسماعيل

ص: 83

الجاويش / الدار الذهبية.

* التفسير الصافي المؤلف: الفيض الكاشاني الوفاة: 1091 / تحقيق: صححه وقدم له وعلق عليه العلامة الشيخ حسين الأعلمي الطبعة: الثانية سنة الطبع: رمضان 1416 - 1374 ش المطبعة: مؤسسة الهادي - قم المقدسة الناشر: مكتبة الصدر - طهران.

* الموسوعة العلمية القرآنية / الدكتور لبيب بيضون منشورات الأعلمي بيروت - لبنان.

* إرشاد القلوب الحسن بن محمد الديلمي / تحقيق: الطبعة: الثاني سنة الطبع: 1415 - 1374 ش المطبعة: امیر - قم الناشر: انتشارات الشريف الرضي.

* نفحات القرآن / آية الله العظمي ناصر مکارم الشيرازي.

ص: 84

المحتويات

مقدمة المؤسسة:...7

المقدمة...9.

المبحث الأول...14

عجائب الخلق وذكر عجيب خلق الطيور...14

المسألة الأولى: العجب لغة:...14

المسألة الثانية: ابتداع الخلق...15

المسألة الثالثة: شواهد على عظيم قدرة الله لخلقه...22

المسألة الرابعة: خلق الطيور...29

المسألة الخامسة: اختلاف الطيور...34

المعنى اللغوي:...34

آليات الطيران المتقنة...38

المسألة السادسة: انشاء الطيور من العدم الى الوجود...39

المعنى اللغوي:...40

الفقد الضروري...45

طريقة التحليق عند النسور:...49

ص: 85

المسألة السابعة: نسق الوان الطيور...51

المبحث الثاني...56

أسماء الطيور وأصنافها...56

المسألة الأولى: الطيور طوع أمره...56

أنواع الريش:...59

المسألة الثانية: الطيور القادرة على العيش في الماء واليابسة...60

البطة:...61

الغواص:...62

المسألة الثالثة: أجناس الطيور...63

1- الغراب:...66

2- العقاب:...70

3- الحمام:...71

4- النعام جمل الطيور:...73

الطيور في خدمة الانسان والبيئة:...77

المصادر:...80

ص: 86

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.