عجیب خلق الذرة، الهمجة، الحيتان، الفيلة والبعوضة

هوية الکتاب

عجیب خلق الذرة، الهمجة، الحيتان، الفيلة والبعوضة

الكتاب...عجیب خلق الذرة، الهمجة، الحيتان، الفيلة والبعوضة.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

طبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

الكتاب...عجیب خلق الذرة، الهمجة، الحيتان، الفيلة والبعوضة.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

طبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

ص: 2

سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة (5) عجیب خلق الذرة، الهمجة، الحيتان، الفيلة والبعوضة تالیف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع:

www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

(فَسُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّةِ وَالْهَمَجَةِ، إلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ وَالاْفْيِلَةِ، وَوَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلاَّ يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ الرُّوحَ، إِلاَّ وَجَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَالْفَنَاءَ غَايَتَهُ).

نهج البلاغة، صبحي الصالح، الخطبة: 165، ص 239.

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة:

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم، والصلاة والسلام على أشرف النعم وأتمها وأفضلها محمد وآله الأطهار الهداة الأخيار.

أما بعد:

فإن من لطائف الحكمة المكنونة في متون کتاب نهج البلاغة احتوائه على خطب اختصت ببيان بديع صنع الله تعالى في خلقه، ومنها خلق الطيور، والخفاش، النملة، والجرادة وغيرها مما تلحظه العيون أو تأنس به النفوس أو تنتفع به الأبدان أو تتأمل فيه العقول وغير ذلك من الغايات والمقاصد التي كانت وراء خلق الله تعالی لهذا الخلق العجيب.

كما ورد بيانه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام فقال:

«وأرانا مِن مَلَکوتِ قُدرَتِهِ، وعَجائِبِ ما نَطَقَت بِهِ آثارُ حِکمَتِهِ، وَاعتِرافُ الحاجَةِ مِنَ الخَلقِ إلی أن یُقیمَها بِمِساكِ

ص: 7

قُوَّتِهِ، ما دَلَّنا بِاضطِرارِ قِیامِ الحُجَّةِ لَهُ عَلی مَعرِفَتِهِ، فَظهَرَتِ البَدائِعُ الَّتی أحدَثَتها آثارُ صَنعَتِهِ، وأعلامُ حِکمَتِهِ، فَصارَ کُلُّ ما خَلَقَ حُجَّهً لَهُ ودَلیلاً عَلَیهِ؛ وإن کان خَلقا صامِتا، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدبیرِ ناطِقَةٌ، ودَلالَتُهُ عَلَی المُبدِعِ قائِمَةٌ»(1).

ومن هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة طباعة هذه السلسلة الموسومة ب (سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة) لما تحققه من هدف في انماء الفكر الإسلامي في واحدة من أهم حقوله المعرفية وهو التوحيد الذي كان من طرق تحصيله هو التأمل في خلق الله تعالى والتفكر في الطائف حكمته وبديع صنعه .

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8


1- نهج البلاغة، الخطبة: 91، ص 126

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الخالق المبدع المصور، له الأسماء الحسنی، والصلاة والسلام على حبيبه ونجيبه وسيد رسله محمد وآله الأطهار الميامين الأبرار..

أما بعد..

إن كل شيء في الوجود متقن بشكل عجیب سواء كان من خلق الذرة الى ما فوقها من المخلوقات الاخرى، ففي هذه الخطبة يبيّن لنا الإمام (عليه السلام) قدرة الله وعظمته في خلق هذه الذرة الصغيرة، كيف ركب لها الله تلك الأرجل وهي بهذا الحجم؟ وكذلك الذبابة الصغيرة كيف أدمج الله قوامها وجعل لها جناحين صغيرين تطير بهما؟ فسبحان الله القادر على كل شيء، وقد تدرج الإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة بذكر أصغر المخلوقات، ومن ثم انتقل إلى المخلوقات الأكبر حجماً بين الحيوانات،

ص: 9

ومنها الفيلة والحيتان؛ فخالق الذرة نفسه خالق الفيلة، فالذي يستطيع أن يخلق خلقاً لا تستطيع العين المجردة أن تراه، هو قادر على أن يخلق أي شيء أكبر وأعظم من الذرة، ثم يبين لنا الإمام (عليه السلام) أن الذي خلق الأجسام ووضع فيها الأرواح آلى على نفسه أن هذه الأرواح لا بد أن تموت وتفنى لا محال وهذه الأجسام لا بد أن تبلى، ليعلم الخلق أن كل شيء في هذا الكون لا بد أن يفني إلا وجهه الكريم فهو باقٍ.

المؤلف

ص: 10

المبحث الأول الذرة والهمجة

قوله (عليه السلام):

«وَ سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ اَلذَّرَّهِ وَ اَلْهَمَجَهِ ».

في هذا المقطع من كلامه (عليه السلام) ذُکِر صنفان من المخلوقات الصغيرة سوف نبینها في المسائل الآتية:

المسألة الأولى: الذرّة

الذَّرُّ: (صِغارُ النَّمل، واحدته ذَرَّةٌ)(1).

وقال الشيخ ناصر مکارم الشيرازي في تفسير الأمثل (الذرة) ذکروا لها معانٍ متعددة، من ذلك النملة الصغيرة، والغبار الذي يلصق باليد عند وضعها على الأرض، وذرات الغبار العالقة في الجو التي تتّضح عندما

ص: 11


1- لسان العرب، ج 4، ص 304

تدخل حزمة ضوء من ثقب داخل غرفة مظلمة.

والذرة تطلق اليوم على أصغر جزء من أجزاء المادة والتي منها تصنع «القنبلة الذرية»، مع احتفاظه بخواص المادة الأصلية. ولا ترى بأقوى المجاهر، وتشاهد آثارها فقط، وتعرف خواصها بالمحاسبات العلمية. مهما كان مفهوم الذرة فهو هنا أصغر وزن)(1).

قال تعالى:

«لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(2).

وقوله تعالى:

«قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ»(3).

ص: 12


1- الأمثل، ج 20، ص 380
2- سبأ: 3
3- سبأ: 22

فالمراد بالذرة هنا صغار النمل فسبحان الذي ركب أرجلها بأجسادها وهي بهذا الحجم الصغير والدقيق، فهذا التدبير في الخلق وهذه الغرائب والعجائب فيها دلائل واضحة هدت أهل العقول إلى الله الواحد الأحد، فمن الطبيعي الخضوع لمثل هذه الادلة في الخلق، لأن كل عاقل يتفكر في خلق هذه المخلوقات الصغيرة بأن لها أرجلاً ومجاري يمر منها الطعام، والله سيرها بشكلٍ عجیب ونظمها بنظامٍ دقیق، بحيث أنها قادرة على تدبير معاشها، وأعطاها القدرة على حمل الطعام الأكثر وزنا من حجمها بأضعاف، فهذا الشيء يلفت النظر الى حكمة الصانع في هذه المخلوقات العجيبة.

وقد ذكر في الموسوعة العلمية القرآنية عن حياة النمل (حينما تعود الملكة بعد رحلة التزاوج إلى الأرض، غالباً ما تبدأ ببناء عشّ جدید. فأول عمل تقوم به هو انها تتخلص من أجنحتها، ثم تبحث عن حِجر صغير، تعمل على توسيعه لكي تضع فيه بيوضها. وهنالك يفقس

ص: 13

البيض ليعطي يرقات بيضاء دقيقة، لا تلبث أن تتحول الى عذارى، ثم إلى عاملات صغيرة. ولا تتناول الملكة أثناء ذلِكَ أي طعام، بل تعمل على اطعام صغارها من فمها. وتشكل العضلات القوية لأجنحتها المتهالكة المصدر الرئيس للطعام، إذ تحلل وتتحول إلى سائل، يمرّ إلى غددها اللعابية.

فانظر إلى هذه التقديرات الإلهية الفائقة الإعجاز، والداعية للتأمل والتدبير!.

ولا تنتهي متاعب الملكة، فحينما تصبح للصغار القدرة على مغادرة العش والبحث عن الطعام، تقوم حينئذ بالسهر عليها ورعايتها.

وفي حياة الملكة التي تبلغ (15) سنة، تضع خلالها مئات الآلاف مِن البيض. ويتم اخصاب كلّ ما تضعه الملكة من بيض، بواسطة الأخلاط الذكرية المختزنة في جسدها، بعد رحلة التزاوج، التي تعقب مغادرتها عشها الأول.

ص: 14

أما إذا آثرت الملكة الرجوع إلى عشها الأول، فإن العاملات تقوم بكل الأعمال السابقة، فتستلم اليرقات وتطعمها وتسهر على تربيتها حتى تصبح عاملات أو ذكوراً أو ملکات)(1).

وجاء في توحيد المفضل (قال المفضل فقلت: قد وصفت لي يا مولاي من أمر البهائم ما فيه معتبر لمن اعتبر، فصف لي الذرة والنملة والطير، فقال (عليه السلام) یا مفضل تأمل وجه الذرة الحقيرة الصغيرة هل تجد فيها نقصا عما فيه صلاحها، فمن أين هذا التقدير والصواب في خلق الذرة؟ إلا من التدبير القائم في صغير الخلق وكبيره...)(2).

انشطار الذرة يثبت زوجية الأشياء:

جاء في كتاب التفكر عن قوله تعالى:

ص: 15


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 3، ص 117
2- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 65

«وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ»(1).

ربما كان هذا القول المبارك إشارة إلى ما علم أخيراً من انشطار الذرة التي كانت تعرف بأنها الجزء الذي لا يتجزأ.

فأخيراً شطرها الإنسان بالأجهزة العلمية، وكشف أنها مزدوجة من فاعل ومنفعل هما الإلكترون والبروتون.

فهذه من معجزات القرآن العلمية التي لم يستطع الإنسان التصديق بها، وهي أن كل الأشياء من زوجين، حتى تبين له الجوهر الفرد (الذرة) زوج أيضاً.

ولذا كانوا يؤولون الأزواج بالأصناف والأنواع.

بيد أنه تجلى أخيراً أن الزوجية تعم كل الأشياء في هذا الوجود.

ص: 16


1- يس: 36

فما أجدر قوله تعالى:

«وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»(1).

بالتأمل وإطالة النظر الحكيم!

وقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) هذا بأحد مجالسه مع المفضل رحمه الله أن تأمل یا مفضل الأجهزة التناسلية ونمط الزوجية وانعقاد النطفة، ودقق النظر في ذلك، فما يتأمل كثيراً يزيد الحيرة كثيراً)(2).

المسألة الثانية: الهمجة.

(والهمجة ذبابة صغيرة كالبعوضة، جاء في لسان العرب (الهَمَجَةِ؛ وهي واحدة الهمج ذبابٌ صغير يسقط على وجوه الإِبل والغنم والحمير وأَعينها؛ وقيل : الهَمَجُ صغار الدواب.

الهَمَجُ كلُّ دُودٍ یَنفَقِئُ عن ذباب أَو بَعُوض، ويقال

ص: 17


1- الذاريات: 49
2- التفكر، السيد عبد الحسين دستغیب، ص 200

لرُذالَة الناس: هَمَجٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: والهَمَجُ البَعُوضُ والذباب.

والهَمَجُ، في كلام العرب: أَصله البعوض، الواحدة هَمَجة، ثم يقال لرذال الناس: هَمَجٌ هامِجٌ؛ قال ابن خالويه: الهَمَجُ الجوع، وبه سمِّي البعوض لأَنه إِذا جاع عاش، وإِذا شبع مات، والهَمَجُ: الجوعُ، وهَمَجَ إِذا جاع)(1).

(وفي الحديث: نحن العرب، وشيعتنا منّا، وسائر النّاس همج أو هیج، قال الرّاوي: قلت: وما الهمج؟ قال: الذّباب، قلت: وما الهيج؟ قال: البقّ)(2).

روي عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن الإمام الرضا (عليه السلام) یا فتح إنما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه بالشيء اللطيف أو لا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف، وغير اللطيف، ومن الخلق

ص: 18


1- لسان العرب، ج 2، ص 392
2- الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة، محمد الغروي، ص 538

اللطيف، ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس، وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الانثى والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه، وما في لجج البحار وما في لحاء الاشجار والمفاوز والقفار وإفهام عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأن كل صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللطيف الجلیل خلق و صنع لا من شيء)(1).

وللذباب أصناف مختلفة ومنها (صنف يقال له ذباب

ص: 19


1- الكافي، ج 1، ص 119، ح 1

الحمر كبير جداً لا يقع إلا على الحمير، وصنف آخر يقال له ذباب الكلاب لا يقع إلاّ على الكلاب، وصنف آخر يقال له ذباب الأسد لا يقع إلا على الأسد، وإذا رأت دماً أو خدشاً لا تنقلع عنه حتى تهلکه کما ذكرنا في الذر مع الحية فإنه يهلكها)(1).

المسألة الثالثة: الصفات المشتركة بين الحشرات

هنالك صفات تشريحية بين جميع الحشرات، تجعلها في طائفة حيوانية واحدة؛ ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1- لها أربعة أطوار منفصلة من الحياة، فتمر الكثير من الحشرات أثناء نموّها بأربعة أطوار مختلفة، ومنها الفراشات والخنافس والنحل والنمل. فالطور الأول هو البيضة، والطور الثاني هو اليرقة، التي تفقّس من بيضة، وتنمو وتكبر وتتضخم، والطور الثالث هو الشرنقة، فعند تمام نمو اليرقة تثبت نفسها على جذع شجرة، ثمّ

ص: 20


1- عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 369

تسلخ جلدها، فتصير شرنقة. والطور الرابع هو الفراشة، التي تخرج من الشرنقة، بعد مدة.

2- يُقسم جسمها الى ثلاثة أقسام، هي الرأس والصدر والبطن. والصدر مقسم الى ثلاثة أجزاء: صدر أمامي وصدر متوسط وصدر خلفي، وكل جزء يحمل زوجاً من الأرجل، فيكون للحشرة ستة أرجل دائماً، لا تزيد ولا تنقص.

3- لها زوج أو زوجان من الأجنحة، وهي تتصل بالصدر المتوسط والصدر الخلفي.

4- لها نوعان من العيون: عيون صغيرة تسمى البسيطة في أعلى الرأس، وعينان كبيرتان مركبتان على كل جانب من الرأس. والعين الأخيرة تتركب من عدد كبير من العيون الصغيرة التي لها عدسة وشبكية. وعلى الرغم من تعقيدها فإن قوتها لا تبلغ قوة أعيننا في انتاج صورة واضحة.

5- لها بالإضافة الى الأعين، زوج آخر من آخر من أعضاء الحس في الرأس، هي اللوامس أو قرون الاستشعار.

ص: 21

وأهم وظيفة لقرون الاستشعار هي أنها أعضاء للشم، فيعثر ذكر الفراش على أنثاه عن طريق حاسة الشمّ.

6- ولها أرجل مختلفة الأغراض؛ كالقبض على الفريسة، أو القفز أو العوم. وهي أرجل مفصلية مثل أرجلنا، مؤلفة من فخذ وساق ورسغ القدم.

7- تتغذى الحشرات بطريقتين: إما بالمضغ بواسطة فكين، أو بالامتصاص بواسطة خرطوم؛ فتمتصّ رحيق الأزهار.

8- تنفسها بطنى وليس صدرياً، فتوجد فيها أجهزة التنفس الرئيسية في منطقة البطن، وهي في مؤخرة الجسم. وهي تتركب من قنوات دقيقة التفرع، تفتح للخارج بواسطة صفّ من الثقوب، الفتحات هي التنفسية على كل جانب. ويدخل الهواء خلال هذه الثقوب، وينقل الى جميع أجزاء الجسم(1).

ص: 22


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 2، ص 645

المبحث الثاني كبار المخلوقات

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«إِلَی مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ اَلْحِیتَانِ وَ اَلْفِیَلَةِ، وَ وَأَی عَلَی نَفْسِهِ أَلاَّ یَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِیهِ اَلرُّوحَ، إِلاَّ وَ جَعَلَ اَلْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَ اَلْفَنَاءَ غَایَتَهُ».

المسألة الأولى: الحيتان والفيلة

قوله (عليه السلام):

«إِلَی مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ اَلْحِیتَانِ وَ اَلْفِیَلَةِ».

بعدما ذكر الإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة صغار المخلوقات انتقل الى ذكر الحيوانات الأكبر حجماً كالحيتان والفيلة ليبيّن لنا الإمام (عليه السلام) قدرة الله وعظمته في بديع خلقه من مختلف الحيوانات البرية والبحرية والصغيرة والكبيرة، وبما أن الإمام قد ذكر

ص: 23

هذين المخلوقين فلا بد من الوقوف على بعض ما ذكره العلماء عن حياة الحيتان والفيلة.

1. الحيتان:

جاء في كتاب نفحات الولاية للشيخ ناصر مكارم الشيرازي نقلاً عن بعض العلماء: (إن هنالك خمسة عشر ألف نوع من الحيتان في بحار ومحيطات العالم، بعضها صغيرة جداً لا تتجاوز سانتيمترين وبعضها الآخر كالحوت الذي يبلغ طوله ثلاثين متراً ويزن ثلاثين طناً تنطوي على العديد من العجائب. فمعدتها كبيرة جداً تستوعب الكثير من المواد الغذائية، ويبلغ طول ولدها ستة أمتار حين الولادة. وتتغذى فراخها على لبنها الذي يخرج من بدنها بغزارة. تتحرك دائماً على سطح الماء للتنفس ولا تستطيع البقاء أكثر من ساعة تحت الماء، فهي أكبر الحيوانات على الأرض وتعتبر من الثديات. أبدانها دهنية، يستفاد منها في الصناعات المختلفة ولا تملك أسناناً بل لها شفرات عظيمة طويلة وخطيرة تشبه

ص: 24

الأسنان ويستفيد الصيادون من هذه الشفرات والغدد الدهنية)(1).

وقد ورد ذكر الحوت في ثلاث سور منها سورة الكهف، قال تعالى:

«قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ»(2).

وفي سورة الصافات قال تعالى:

«فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ»(3).

وفي سور القلم قال تعالى:

«وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ»(4).

وروي عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله

ص: 25


1- نفحات الولاية، ج 6، ص 276
2- الكهف: 63
3- الصافات: 142
4- القلم: 43

(عليه السلام) عن صيد الحيتان وان لم يُسَمِ؟ فقال:

«لا بأس به»)(1).

وعن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحيتان التي تصيدها المجوس؟ فقال:

«إن علياً (عليه السلام) كان يقول: الحيتان والجراد ذکی»)(2).

2. الفيل:

(هو حيوان ظریف بهي نبيل من أعظم الحيوانات، وربما كان في فمها ثلاثمائة سن وهو أظرف وألطف من كل حيوان خفيف الجسم رشيق، صنع الله في خلقته عجائب قدرته وهو أن رقبته لما كانت قصيرة خلق الله لها خرطوماً طويلاً يقوم مقامها يرفع العلف والماء إلى فمه بها وتدور على جميع بدنه کما تدور يد الانسان ويضرب

ص: 26


1- وسائل الشيعة، ج 2، ص 73، ح 1
2- المصدر نفسه، ص 76، ح 4

بها وله أذنان كبيرتان كل واحدة على شكل يزين متحركتان وإنما يدفع بها الذباب والبق عن فمه، لأنه مفتوح دائماً فلو دخل شيء من البق أو الذباب الى فمه لهلك، وليس لهن من المفاصل الا مفصل الكعب والكتف والفخذ، ولا يظهر له شهوة الضراب الا بعد خمس سنين ويضع لسبع سنين ولداً سنين ولداً مستوي الأعضاء، والفيل يعادي الحية إذا رآها يقتلها تحت رجله والحية تلدغ الفيل فتهلكه، والفيل اذا تعب تدلك كتفاه بالسمن والماء الحار يزول تعبه، وإذا مرض يأكل حية ميته يزول مرضه، وإذا وقع على جنبه لا يقدر القيام فتخبر الفيلة بعضها بعضاً فيأتيه الفيل الكبير يجعل خرطومه تحته وسائر الفيلة يعاونونه حتى ينتصب على قوائمه، والفيل اذا أراد قلع شجرة يلف خرطومه عليها ويقلعها من أصلها وقالوا: ربما يعيش الفيل أربعمائة سنة،.. والفيل أشد الحيوانات حقداً.

حكي أن رجلاً فيالاً ضرب فيلاً فقالوا له لا تنم

ص: 27

حيث ينالك فإنه حيوان حقود، فشد الفيّال الفيل الى أصل شجرة وأحكم وثاقه وتنحى عنه ونام، وكان لذلك الفيّال شعر كثير منفوش فتناول الفيل بخرطومه غصناً ووضع رأسه على رأس الفيّال ولوى بها حتى ظن أنه تشبث به ثم جذب العصا جذبة قوية فإذا الفيّال تحت قوائمه فخبطه خبطاً هشمه)(1).

(يعتبر الفيل في الوقت الحاضر من أكبر المخلوقات، والفيلة نوعان: الفيلة الهندية ويطلق عليها الفيلة الأسيوية، والآخر الفيلة الأفريقية، والفيلة الأسيوية أكبر ومستعدة للتربية أكثر من نظيرتها الأفريقية، والواقع أن خرطوم الفيل بمثابة أنفه وشفته العليا، غير أنّه يقوم بعمل اليد عادة، أي أنّ الفيل يحمل الطعام بيده إلى فمه ويقذف الماء على ظهره عند الحرارة، يتغذى الفيل على العلف حيث يجمعه من الأرض بخرطومه ويضعه في فمه، كما يستعين بعاجه القوي

28

ص: 28


1- عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، ص 328

والحاد على اقتلاع الأرض، الفيل حيوان ذكي جداً يمكن ترويضه للقيام بعدّة أعمال، كما يقوم بالعديد من الحركات السريعة والعجيبة في السيرك، تعيش الفيلة بصورة جماعية وهذا بدوره دليل على ذكائها. تعمر أحياناً مائة وخمسين سنة! تعرف أسنان الفيل (بالعاج) الذي يعتبر من الأشياء النفيسة الذي تصنع منه أشياء الزينة، كان قدماء الملوك والسلاطين عادة ما يشكلون جيشاً من الفيلة ويزينون فیلتهم وينصبون عليها الأعلام. نعم؛ عجائب الحيتان والفيلة أكبر من أن تختصر في هذا البحث، وغرض الإمام من التطرق إلى هذه الخصائص إلفات الانتباه الى آیات الحلقة العظيمة)(1).

المسألة الثانية:

قوله (عليه السلام):

«وَوَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَلاَّ يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ

ص: 29


1- نفحات الولاية، ج 6، ص 277

الرُّوحَ، إِلاَّ وَجَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَالْفَنَاءَ غَايَتَهُ».

(ووَأَى، [وأي] الوأي: الوعد، يقال منه: وأيته وأيا(1)، (يَضطَرِبَ) الاضطِرابُ: الحركةُ(2)، (شَبَحٌ)، الشبح: ما بدا لك شخصه من الخلق، يقال: شبح لنا أي مثل، وجمعه: أشباح، قال: رمقت بعيني كل شبح وحائل(3)، (مِمَّا أَوْلَجَ فِيهِ الرُّوحَ) أي: ادخل فيه الروح(4)، (الْحِمَامَ) أي الموت، حُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، لِحمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي قُدِّرَ)(5).

30 (0) إن الله سبحانه وتعالى ألزم على نفسه وأخذ عليها الوعد وعزم بالوفاء بها، بأن كل مخلوق خلقه وجعل فيه الروح لا بد من أن تموت يوماً من الأيام لكي تعلم العباد

ص: 30


1- الصحاح، ج 6، ص 2518
2- لسان العرب، ج 1، ص 544
3- العين، ج 3، ص 99
4- توضيح نهج البلاغة، ج 3، ص 15
5- لسان العرب، ج 12، ص 151

أن الله وحده الباقي، قال تعالى:

«كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»(1).

وقوله تعالى:

«كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»(2).

جاء في تفسير الأمثل أن (كلمة (هالك) مشتقة منمادة (هلك) ومعناه الموت والعدم، فعلى هذا يكون معنى الجملة المتقدمة فناء جميع الموجودات عدا ذات الخالق المقدسة...

وهذا الفناء بالنسبة للموجودات الممكنة غير منحصر بفناء هذا العالم وانتهائه، فالموجودات الآن فانية قبال الذات المقدسة، وهي تحتاج إلى فيضه لحظة بعد لحظة، وليس لديها في ذاتها أي شيء، وكل ما لديها فمن الله! ثم

ص: 31


1- الرحمن: 26 - 27
2- القصص: 88

بعد هذا كله فإن موجودات هذا العالم جميعها متغير وفي معرض التبدل، وحتى طبقا لفلسفة (الحركة الجوهرية) فذاتها هي التغيير بعينه، ونحن نعرف أن الحركة والتغيير معناهما الفناء والعودة الدائمية، فكل لحظة تموت موجودات العالم وتحيا!.

على هذا فإن الموجودات هالكة وفانية الآن - أيضا - غير أن الذات التي لا طريق الفناء إليها ولا تهلك، هي الذات المقدسة! کما نعلم أن للفناء أو العدم يتجلی بصورة واضحة في نهاية هذا العالم، وكما يقول القرآن: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

ولا يخص الفناء ما على الأرض، بل يشمل حتى أهل الساء:

«وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ»(1)(2).

ص: 32


1- الزمر: 68
2- الأمثل، ج 12، ص 319

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

«ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه»(1).

وعنه (عليه السلام):

«إن الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب»(2).

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله):

«مثل الذي يفر من الموت كالثعلب تطلبه الأرض بدين فجعل يسعى، حتى إذا أعي وانبهر دخل جحره، فقالت له الأرض عند سبلته: دیني دیني يا ثعلب! فخرج له حصاص، فلم يزل كذلك حتى انقطعت عنقه فمات»(3).

ص: 33


1- میزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 4، ص 2958
2- المصدر نفسه، ح 6، ص 2958
3- المصدر نفسه، ح 7، ص 2958

المبحث الثالث البعوضة

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

«...ولَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَاخْتِرَاعِهَا، وکَیْفَ وَلَو اجْتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوَانِهَا مِنْ طَیْرِهَا وبَهَائِمِهَا، ومَا کَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وسَائِمِهَا، وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وأَجْنَاسِهَا، ومُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وأَکْیَاسِهَا، عَلَی إِحْدَاثِ بَعُوضَة مَا قَدَرَتْ عَلَی إِحْدَاثِهَا، وَلَا عَرَفَتْ کَیْفَ السَّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا، ولَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فِی عِلْمِ ذلِكَ وَتَاهَتْ، وعَجَزَتْ قُوَاهَا وَتَنَاهَتْ، ورَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِیرَةً، عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا، مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا!»(1).

ذكر الامام علي (عليه السلام) صنفين من الحشرات

ص: 34


1- نهج البلاغة، الخطبة: 186، ص 346

وقد بيّنا تفصيلهما في المبحث الأول، وهما - الذرة والهمجة - وفي هذه الخطبة ذكر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) النوع الاخر من الحشرات وهي:

البعوضة:

والبَعُوض: ضَربٌ من الذباب معروف، الواحدة بَعُوضة، قال الجوهري: هو البَقّ، وقوم مَبعُوضُونَ، والبَعضُ: مَصدر بَعَضَه البَعُوضُ یَبعَضُه بَعضاً: عَضَّه وآذاه)(1).

المسألة الأولى: قوله عليه السلام:

«ولَیْسَ فَنَاءُ الدُّنْیَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا، بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا وَاخْتِرَاعِهَا، وکَیْفَ وَلَو اجْتَمَعَ جَمِیعُ حَیَوَانِهَا مِنْ طَیْرِهَا وبَهَائِمِهَا، ومَا کَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وسَائِمِهَا، وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وأَجْنَاسِهَا ومُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وأَکْیَاسِهَا عَلَی إِحْدَاثِ بَعُوضَة مَا قَدَرَتْ عَلَی إِحْدَاثِهَا».

ص: 35


1- لسان العرب، ج 7، ص 120

المعنى اللغوي:

(بَهَائِمِهَا، بهم: البَهِيمةُ: كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ والماء، والجمع بَهائم(1)، مُرَاحِهَا، الإِراحةُ رَدُّ الإِبل والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأوي إِليه ليلًا، وقد أَراحها راعيها یُرِيحُها(2)، سَائِمِهَا، سُیُومٌ جمع سائم أَي تَسُومُون في بلدي كالغنم السائمة لا يعارضكم أَحد، والله تعالى أَعلم(3)، أَصنَافِ، صنف: الصنف: طائفة من كل شيء، فكل ضرب من الأشياء صنف على حدة(4) وقال السيد محمد الشيرازي، أي أصولها، فان السنخ بمعنى: الأصل، والمراد الأجناس العالية، كالطير، والوحش، والسّمك (واجناسها) أي الأنواع کالحمامة، والبلبل، والدراج - في الطير - والأسد، والنمر، والثعلب - في الوحوش، وهكذا (و متبلَّدة أممها) جمع

ص: 36


1- العين، ج 12، ص 56
2- لسان العرب، ج 2، ص 464
3- المصدر نفسه، ج 12، ص 314
4- العين، ج 7، ص 132

أمة، بمعنى: الطائفة، فإن كل حيوان أمة قال سبحانه:

«وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم»(1)، أَكيَاسِهَا، الكَيِّسُ العاقل، والكَيسُ خلاف الحمق)(2).

إن ايجاد الشيء أصعب من فنائه فخالق الوجود قادر على فنائه هو تعالى قادر على أن يعيده من جديد فإذا أراد الله شيئاً إنما يقول له كن فيكون، قال تعالى:

«وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ»(3).

وقال تعالى:

«قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ

ص: 37


1- توضيح نهج البلاغة، السيد محمد الحسيني الشيرازي، ج 3، ص 142
2- لسان العرب، ج 6، ص 201
3- یس: 78 - 79

اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»(1).

وقال تعالى:

«كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»(2).

أما المخلوقات فهي عاجزة عن إحداث أي شيء، وقد ضرب لنا الإمام (عليه السلام) مثلاً بأن الموجودات لو اجتمعت على أن يخلقوا شيئاً ولو بمقدار حجم هذه البعوضة لما استطاعوا والله سبحانه وتعالى قد ملأ الأرض من هذه المخلوقات الصغيرة وغيرها من المخلوقات الأخرى بأحجام مختلفة، قال تعالى:

«وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(3).

ص: 38


1- يونس: 34
2- آل عمران: 47
3- النور: 45

فالله سبحانه وتعالى هو القادر الوحيد على ايجاد الوجود أما باقي المخلوقات فهي عاجزة.

بيان العلة في خلق هذه البعوضة:

قال تعالى:

«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا»(1).

جاء في تفسير التبيان عن تفسير هذه الآية (أنه لا يستحيي تعالى أن يضرب مثلا في الحق من الأمثال: صغيرها وكبيرها لأن صغير الاشياء عنده وكبيرها بمنزلة واحدة من حيث لا يستسهل الصغير ولا يستصعب الكبير وإن في الصغير من الاحكام والاتقان ما في الكبير فلما تساوي الكل في قدرته جاز أن يضرب المثل بما شاء من ذلك فيقر بذلك المؤمنون ويسلمون - وإن ضل به

ص: 39


1- البقرة: 26

الفاسقون بسوء اختيارهم)(1).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:

«إنما ضرب الله المثل بالبعوضة، لأن البعوضة على صغر حجمها، خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين، فأراد الله سبحانه أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه، وعجيب صنعته»(2).

وجاء في تفسير القمي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن هذا القول من الله عز وجل رد على من زعم أن الله تبارك وتعالى يضل العباد ثم يعذبهم على زعم ضلالتهم، فقال الله عز وجل:

«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا»)(3).

ص: 40


1- التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ج 1، ص 111
2- البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ج 1، ص 161
3- تفسير القمي، ج 1، ص 34

فهذه القدرة وهذه العظمة له سبحانه لا لغيره، فلو اجتمعت الخلائق جنّها وانسها وطيرها وبهائمها، وعاونوا بعضهم البعض على إيجاد مخلوقة ولو بهذا الحجم الصغير لما استطاعوا لأن الله وحده القادر على ذلك.

المسألة الثانية:

«وَلَا عَرَفَتْ کَیْفَ السَّبِیلُ إِلَی إِیجَادِهَا ولَتَحَیَّرَتْ عُقُولُهَا فِی عِلْمِ ذلِكَ وَتَاهَتْ وعَجَزَتْ قُوَاهَا وَتَنَاهَتْ ورَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِیرَةً عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا».

في بادئ الامر بيّن الإمام (عليه السلام) أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذه البعوضة الصغيرة لما استطاعوا، قال تعالى:

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ

ص: 41

ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ»(1).

كذلك لو اجتمعوا على أن يصلوا الى خلقها وكيفية ايجادها لتحيروا من عظيم خلقه كما هو الحال مع الروح فالروح من أعجب ظواهر عالم الوجود وأكثرها غموضاً، فكثير من الأمور يجهلها الإنسان، والإنسان أعقل الموجودات لا يدرك كثيراً من الحقائق فكيف بباقي المخلوقات، قال تعالى:

«أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ»(2).

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:

«ولَعَمری لَو تَفَکَّروا فی هذِهِ الأُمورِ العِظامِ لَعایَنوا مِن أَمرِ التَّرکیبِ البَیِّنِ، ولُطفِ التَّدبیرِ الظّاهِرِ، ووُجودِ الأَشیاءِ مَخلوقَةً بَعدَ أن لَم تَکُن، ثُمَّ تَحَوُّلِها مِن طَبیعَةٍ إِلی طَبیعَةٍ، وصَنیعَةٍ بَعدَ صَنیعَةٍ، ما یَدُلُّهُم ذلِکَ عَلَی الصَّانِعِ؛

ص: 42


1- الحج: 73
2- النحل: 17

فَإِنَّهُ لا یَخلو شَیءٌ مِنها مِن أن یَکونَ فیهِ أَثرُ تَدبیرٍ وتَرکیبٍ یَدُلُّ عَلی أنَّ لَهُ خالِقا مُدَبِّرا، وتَألیفٍ بِتَدبیرٍ یَهدی إِلی واحِدٍ حَکیمٍ»(1).

فالذي أنشأ الخلق وحده العارف به وإن جميع المخلوقات عاجزة عن ادراکه، فلو تفكر الخلق في هذه البعوضة و صغر حجمها ودقة خلقها لما وصلوا الى دقيق صنعها واعترفوا إن الذي أوجدها وحده القادر على فنائها وفناء جميع الخلق.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن ملك الموت قال للنبي «.... ولو أني - يا محمد - أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله عز وجل هو الأمر بقبضها...»(2).

ومن أسئلة الزنديق للإمام الصادق (عليه السلام) في

ص: 43


1- بحار الأنوار، ج 3، ص 153
2- البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ج 4، ص 390

الحكمة من خلق بعض الأشياء قال: فما هذا الفساد الموجود في العالم، من سباع ضارية، وهوام مخوفة وخلق كثير مشوهة، ودود، وبعوض، وحيات، وعقارب، وزعمت: أنه لا يخلق شيئاً إلا لعلة، لأنه لا يعبث؟ قال: ألست تزعم أن العقارب تنفع من وجه المثانة والحصاة، ولمن يبول في الفراش، وأن أفضل الترياق ما عولج من لحوم الأفاعي، فإن لحومها إذا أكلها المجذوم بشب نفعه، وتزعم أن الدود الأحمر الذي يصاب تحت الأرض نافع للأكلة؟

قال: نعم.

قال: عليه السلام: فأما البعوض والبق فبعض سببه أنه جعله أرزاق الطير، وأهان بها جبارا تمرد على الله وتجبر، وأنكر ربوبيته، فسلط الله عليه أضعف خلقه ليريه قدرته وعظمته، وهي البعوض، فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغه فقتلته، واعلم أنا لو وقعنا على كل

ص: 44

شيء خلقه الله تعالى لم خلقه؟ ولأي شيء أنشأه؟ لكنا قد ساویناه في علمه، وعلمنا كل ما يعلم، واستغنينا عنه، وكنا وهو في العلم سواء)(1).

فما خلق الله من مخلوقات إنما أوجدها الله لعلة وقد بيّن الإمام الصادق (عليه السلام) في الرواية السابقة علة خلق هذه الحشرات، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً عبثاً وإنما خلقها لإظهار قدرته، فهذه البعوضة هي أحد العجائب التي ذكرها الامام ولكي نتعرف على هذه المخلوقة العجيبة فقد جاء في كتاب كل شيء عن دنيا الحشرات ان (دورة حياة البعوضة دورة عجيبة فهي في بداية حياتها من س نة الماء، لأن البيض ينتشر دائماً على سطح الماء حيث تنمو اليرقات، وتضع انثي البعوض أكثر من 400 بيضة تأخذ شكل قارب صغير وتعد المستنقعات وبرك الماء المكان المناسب لتكاثر البعوض،

ص: 45


1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسی، ج 2، ص 86

وحينما تتجمع الأمطار في أي مكان، وفي المناطق الاستوائية كثيراً ما تبحث انثى البعوض عن الماء المتجمع في الأشجار أو الأزهار.

وتنمو أنواع البعوض المختلفة بنسب متفاوتة، فقد ينمو البيض الذي وضع في تجمعات الماء الوقتية حتى يبلغ الحشرات الكاملة خلال أيام قليلة، بينما يحتاج البيض الذي وضع في ماء الأمطار المتجمع في فجوات الأشجار الى شهور.

وبعد الفقس تتعلق اليرقات بسطح الماء ورأسها الى أسفل وتتنفس خلال أنابيب رفيعة، وبعد حين تتحول الى عذاري ذوات أجسام ملفوفة مكورة، وعندما يكتمل نمو البعوضة تخرج من غطاء العذراء کما يخرج الكتكوت من البيضة تاركة القشرة الفارغة طافية فوق الماء ويكون جسمها حينئذ مغطى بأكثر من عشرين ألف قشرة دقيقة، وهذه القشور بجانب العروق الموجودة بالأجنحة وهي

ص: 46

تتخذ شكلاً معيناً من تحديد نوع البعوضة.

ونسبة الموت بين البعوض مرتفعة جداً، فإن بيضه ويرقاته تكون غذاءً للأسماك وأبي ذنيبة ويرقات الحشرات الاخرى الكبيرة، ويقع البعوض نفسه فريسة للطيور وللوطاويط وأنواع الرعاش، وعلى ذلك يندر أن يعيش البعوض أكثر من أيام قليلة، ولكن بعضه يختبئ في شقوق الأشجار والجدران حيث يقضي فصل الشتاء في سكون، وبعض أنواع البعوض - هو أكثرها شراهة - يمكنه وضع البيض بدون تناول جرعة دم واحدة)(1).

فعلى الإنسان أن لا يستهين بخلق الله ولو كانت حشرة صغيرة بل عليه التفكر والتأمل فيها ليصل الى عظیم قدرة الله في خلقه.

ص: 47


1- دنيا الحشرات، فردیناند لین، ص 98 - 99

المصادر

- القران الكريم:

1. نهج البلاغة / محمد عبده / الطبعة: الرابعة، طبعة جديدة منقحة مصححة 1431 / مؤسسة التاريخ العربي / بيروت - لبنان.

2. لسان العرب - ابن منظور / الوفاة 711 / سنة الطبع 1405 / لناشر: نشر أدب الحوزة المجلد العاشر: ق - ك.

3. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: الشيخ ناصر مکارم الشيرازي / الوفاة: معاصر.

4. الموسوعة العلمية القرآنية / الدكتور لبيب بيضون منشورات شركة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان.

5. التوحيد المؤلف: المفضل بن عمر الجعفي / الوفاة: 160 / تحقيق: تعليق: كاظم المظفر، الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1404 - 1984 م / المطبعة: الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان.

6. التفكر السيد عبد الحسين دستغيب / الطبعة الأولى 1434 ه - 2013 م / دار البلاغة لبنان.

7. الكافي: الشيخ الكليني / الوفاة: 329 / تصحيح وتعليق: علي اكبر الغفاري سنة الطبع: 1363 / الناشر دار الكتب الاسلامية طهران.

ص: 48

8. عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، للإمام العالم زکریا بن محمد بن محمود الكوفي القزويني.

9. نفحات الولاية / سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مکارم الشيرازي / طبعة منقحة ومزيدة / الطبعة الاولى / 1432 - 2011. دار جواد الائمة للطباعة والنشر والتوزيع. بیروت لبنان.

10. وسائل الشيعة آل البيت: الحر العاملي / الوفاة: 1104 / مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.

11. توضيح نهج البلاغة / السيد محمد الحسيني الشيرازي الوفاة: 1422، المطبعة: الناشر: دار تراث الشيعة - طهران - ایران.

12. میزان الحكمة محمد الريشهري / الوفاة: معاصر / تحقيق: دار الحديث الطبعة: الأولى / المطبعة: دار الحديث / الناشر: دار الحديث.

13. العين / الخليل الفراهيدي / الوفاة: 175 / تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي - الدكتور ابراهيم السامرائي / الطبعة: الثانية سنة الطبع: 1409 / المطبعة: الناشر: مؤسسة دار الهجرة.

14. التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي /، الوفاة: 460 / تحقيق: تحقیق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي / الطبعة: الأولى سنة الطبع: رمضان المبارك 1409 / المطبعة: مطبعة مكتب

ص: 49

الإعلام الإسلامي / الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي

15. البرهان في تفسير القرآن / السيد هاشم البحراني / الوفاة: 1107 / تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية / مؤسسة البعثة - قم.

16. تفسير القمي / علي بن إبراهيم القمي: تحقيق: تصحيح وتعليق وتقديم: السيد طيب الموسوي الجزائري / الطبعة: الثالثة / سنة الطبع 1404 / الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر - قم - ایران /: منشورات مكتبة الهدى. سنة الطبع: 1387 المطبعة: مطبعة النجف ملاحظات: منشورات مكتبة الهدی.

17. بحار الأنوار: العلامة المجلسي / الوفاة : 1111 / تحقيق السيد ابراهيم المينانجي، محمد الباقر البهبودي / الطبعة الثانية المصححة / سنة الطبع: 1403 - 1983 م / الناشر مؤسسة الوفاء بيروت - لبنان، دار احیاء التراث.

18. الاحتجاج / الشيخ الطبرسي / الوفاة: 548 تحقیق: تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان / سنة الطبع: 1386 - 1966 م / الناشر: دار النعمان للطباعة والنشر.

19. كل شيء عن دنيا الحشرات، فردیناند لين، ترجمة أحمد عماد الدين أبو النصر، الطبعة السادسة / سنة الطبع، 1979 / دار المعارف.

ص: 50

المحتويات

مقدمة المؤسسة:...7

المقدمة...9

المبحث الأول: الذرة والهمجة...11

المسألة الأولى: الذرّة...11

انشطار الذرة يثبت زوجية الأشياء:...15

المسألة الثانية: الهمجة...17

المسألة الثالثة: الصفات المشتركة بين الحشرات...20

المبحث الثاني: كبار المخلوقات...23

المسألة الأولى: الحيتان والفيلة...23

1. الحيتان:...24

2. الفيل:...26

المسألة الثانية:...29

المبحث الثالث: البعوضة...34

البعوضة:...35

المسألة الأولى: قوله عليه السلام:...35

المعنى اللغوي:...36

بیان العلة في خلق هذه البعوضة:...39

ص: 51

المسألة الثانية:...41

المصادر...48

المحتويات...51

ص: 52

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.