عجيب خلق النملة

هوية الکتاب

عجیب خلق النملة

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 1

اشارة

الكتاب...عجیب خلق النملة.

المؤلف...محمد حمزة الخفاجي.

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:...1000 نسخة.

ص: 2

سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة (4) عجیب خلق النملة تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2016 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع:

www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

«أَلَا یَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ کَیْفَ أَحْکَمَ خَلْقَهُ وَأَتْقَنَ تَرْکِیبَهُ وَفَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَسَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَالْبَشَرَ انْظُرُوا إِلَی الَّنمْلَةِ فِی صِغَرِ جُثَّتِهَا وَلَطَافَهِ هَیْئَتِهَا لاَ تَکَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ وَلَا بِمُسْتَدْرَكِ الْفِکَرِ کَیْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا وَصُبَّتْ عَلَی رِزْقِهَا تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَی جُحْرِهَا وَتُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وَفِی وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا مَکْفُولَةٌ بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا لَا یُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَلَا یَحْرِمُهَا الدَّیَّانُ وَلَوْ فِی الصَّفَا الْیَابِسِ وَالْحَجَرِ الْجَامِسِ وَلَوْ فَکَّرْتَ فِی مَجَارِی أَکْلِهَا فِی عُلْوِهَا وَسُفْلِهَا وَمَا فِی الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِیفِ بَطْنِهَا وَمَا فِی الرَّأْسِ مِنْ عَیْنِهَا وَأُذُنِهَا لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَلَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً فَتَعَالَی الَّذِی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا وَبَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا لَمْ یَشْرَکْهُ فِی فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَلَمْ یُعِنْهُ عَلَی خَلْقِهَا قَادِرٌ وَلَوْ ضَرَبْتَ فِی مَذَاهِبِ فِکْرِكَ لِتَبْلُغَ غَایَاتِهِ مَا دَلَّتْكَ الدَّلاَلَةُ إِلَّا عَلَی أَنَّ فَاطِرَ الَّنمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ لِدَقِیقِ تَفْصِیلِ کُلِّ شَیْءٍ وَغَامِضِ اخْتِلاِفِ کُلِّ حَیٍّ وَمَا الْجَلِیلُ وَاللَّطِیفُ وَالثَّقِیلُ وَالْخَفِیفُ وَالْقَوِیُّ وَالضَّعِیفُ فِی خَلْقِهِ إِلَّا سَوَاءٌ»

نهج البلاغة: صبحي الصالح، خطبة 185، ص 270.

ص: 5

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤسسة

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم، والصلاة والسلام على أشرف النعم وأتمها وأفضلها محمد وآله الأطهار الهداة الأخيار.

أما بعد:

فإن من لطائف الحكمة المكنونة في متون کتاب نهج البلاغة احتوائه على خطب اختصت ببيان بديع صنع الله تعالى في خلقه، ومنها خلق الطيور، والخفاش، والنملة، والجرادة وغيرها مما تلحظه العيون أو تأنس به النفوس أو تنتفع به الأبدان أو تتأمل فيه العقول وغير ذلك من الغايات والمقاصد التي كانت وراء خلق الله تعالی لهذا الخلق العجيب.

كما ورد بيانه في كلام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: «وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ، وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا

ص: 7

بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ، مَا دَلَّنا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَظَهَرَتِ في الْبَدَائِعُ الَّتِي أحْدَثَها آثَارُ صَنْعَتِهِ، وَأَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلاً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ»(1).

ومن هنا:

ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة طباعة هذه السلسلة الموسومة ب (سلسلة عجائب المخلوقات في نهج البلاغة) لما تحققه من هدف في انماء الفكر الإسلامي في واحدة من أهم حقوله المعرفية وهو التوحيد الذي كان من طرق تحصيله هو التأمل في خلق الله تعالى والتفكر في الطائف حكمته وبديع صنعه.

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8


1- نهج البلاغة، الخطبة: 91، ص 126

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الخالق المبدع المصور، له الأسماء الحسنی، والصلاة والسلام على حبيبه ونجيبه وسيد رسله محمد وآله الأطهار الميامين الأبرار.

أما بعد...

إن الغاية من ذكر هذه المخلوقات هو اثبات قدرة الصانع، والاستدلال بالمخلوق وعجائب الخلق على وجود الخالق، والنملة هي واحدة من عجائب خلق الله؛ كونها صغيرة الحجم، ولكن الله جعل لها مميزات عجيبة سوف نذكرها بالتفصيل ليعلم الإنسان أن الله قادر على خلق كل شيء؛ فخالق الكواكب نفسه خالق الذرة، ولو تأملنا في خلق هذه الكائنات التي لا ترى بلحاظ البصر؛ كالنملة نجد أن خلقها أصعب من بقية الخلق؛ لدقتها وصغر حجمها، حيث أن لها جوفاً بهذا الحجم الصغير

ص: 9

ويدين ورجلين؛ تستطيع بهما أن تحمل أكثر من حجمها، وتعتبر حياة النمل أكثر تعقيداً من بين أصناف الحشرات لذلك ذُكرت في القرآن الكريم.

المؤلف

ص: 10

تمهيد:

(رغم أن طبيعة النمل بفعل كثرتها وتنوعها، وتواجدها في الجبال والصحراء، وداخل البيوت، بحيث لا تحظى باهتمام عامة الناس، لكنها تبدو عجيبة للغاية بالنسبة للعلماء الذين فكروا لأكثر من عقدين بشأن حياتها؛ فالدراسات التي أجريت بشأن أسرار خلقة هذه الكائنات، فتحت الباب على مصراعيه أمام الوقوف على عظمة الخالق، ونشير هنا الى جانب من تلك الدراسات.

1. إن الحيوانات والحشرات التي تعيش بصورة جماعية ليست بالقليلة من قبيل: الطيور والأسماك والغزلان، بينما قليلة هي الحيوانات التي تستند حیاتها الجماعية على أساس تقسيم الوظائف والأعمال و أبرزها النمل؛ فلإناث النمل وظيفة جمع الطعام وحفظ الفراخ، وحتى حراسة ملكة النمل في عشها، ووظيفة الذكور

ص: 11

تلقيح الملكة، كما أن وظيفة الملكة وضع البيوض، والغريب في الأمر أن الذكور تموت بعد التلقيح، وهنالك طائفة منها تبدو كمجموعة مسلحة، لها مجسّات قوية تنبري للدفاع بها عن نفسها وصد هجمات الأعداء على الأعشاش.

2. تقوم العاملات بوظيفة ثقب الأرض وايجاد حفرة بالتدريج؛ لتوفر لبقيتها الحياة تحت سطح الأرض، إلا ان جميع النمل لا يعيش تحت الأرض؛ فهنالك طائفة منها التي يطلق عليها (النجارة) تعمد إلى ثقب الأخشاب؛ التصنع أعشاشها بداخلها.

3. تملك النملة - على الرغم من صغرها ودقة هيكلها - جميع الأجهزة التي يملكها الحيوان الكبير بل لديها ما يفوق تلك الحيوانات من قبيل: الأرجل الاضافية والمجسات التي تمكنها من التعرف على الوسط الذي تعيش فيه.

ص: 12

4. هناك نوع من النمل يتغذى على بعض الأحياء، ومنه ذلك النمل المعروف بالحنطي والذي يخدمه البرغوث النباتي؛ فهذه الحشرات تفرز سائلاً حلواً کالعسل يتغذى عليه النمل، كما يستفيد سائر النمل من بعض الحشرات التي تضع بيوضها على قشور الأشجار.

5. إذا لا يعتریکم العجب؛ فإن بعض النمل يمارس الزراعة؛ فهنالك نوع من النمل المعروف يدعى المظلي، حيث يرتب مزرعة صغيرة من الأوراق ويضعها على رأسه؛ فتبدو كأنها مظلة وهذا سبب التسمية.

6. هنالك نوع من النمل يدعى بالحرس الذي يتنقل کالبدو من مكان إلى اخر، وهو في الواقع حشرات مفترسة تتجنبها حتى الفيلة وإلا كبدتها خسائر جسيمة، وطائفة من هذه الحشرات التي تعيش في المناطق الحارة تأكل اللحوم؛ فإن هاجمت حيواناً افترسته، و نهشت لحمه وعضلاته، ولا تبقى منه سوى العظام خلال مدة وجيزة.

ص: 13

7. للنمل عادة رأس كبير وخصر نحيف، وجثته قوية؛ فهي قادرة على حمل الحبوب التي تعادل بضعة أضعاف وزنها، وتتسلق الجدران التي لا يقوى على تسلقها الأبطال من حملة الأثقال، نعم فالنملة وخلافاً لجثتها الصغيرة تحمل ما يبلغ عشرة أضعاف وزنها وتنقله من مكان لآخر.

8. نظرة النملة للمستقبل وادارتها رائعة جداً؛ فهي تفكر في الصيف بمؤونة الشتاء والحال ربما لم تكن شاهدت الشتاء طيلة عمرها، فتلتقط الحبوب وتخرجها أحيانا من عشها لكي لا تفسد، وأحياناً أخرى تنشرها نصفين حتى لا تخضر وتنمو.

9. للنمل خبرة عجيبة بالمكان فقد ذكر العلماء انهم جعلوا نملة وسط دائرة من نار، فحاولت الخروج ولم تستطع حتى ماتت وكان ذلك في مركز الدائرة، أي أبعد نقطة عن النار.

ص: 14

10. ذكر العلماء أن النمل أنواع ربما يتجاوز الأربعة آلاف وأن عدده على الأرض عشرة أضعاف عدد الناس، وتفيد المطالعات الحديثة أن النمل سبق الإنسان في التغلب على مشكلة الازدحام، فملايين النمل تتخذ أقصر الطرق لتبلغ مقصدها بأسرع وقت ودون أي تأخير.

إن عجائب عالم النمل ليفوق ما ذكرناه وقد سطرت العديد من المقالات والكتب بهذا الشأن، ومن هنا تتضح أهمية المسألة التي ركز عليها الامام عليه السلام في هذه الخطبة من شرحه لخلق الله سبحانه)(1).

ص: 15


1- نفحات الولاية، ناصر مکارم الشيرازي، ج 7، ص 115

المسألة الأولى

النمل وأنواعه

النمل معروف، الواحدة نملة، وأرض نملة: ذات نمل، وطعام منمول، إذا أصابه النمل(1).

جاء في كتاب حياة الحيوان الكبرى: (.. النمل عظیم الحيلة في طلب الرزق، فإذا وجد شيئاً أنذر الباقين ليأتوا اليه، ويقال: إنما يفعل ذلك رؤساؤها، ومن طبعه أنه يحتكر قوته من زمن الصيف لزمن الشتاء وله في الاحتكار من الحيل ما إنه إذا احتكر ما يخاف انباته قسمه نصفين ما خلا الكزبرة؛ فإنه يقسمها أرباعاً لما ألهم من أن كل نصف منها ينبت، وإذا خاف العفن على الحَب أخرجه الى ظاهر الأرض ونشره، وأكثر ما يفعل ذلك

ص: 16


1- الصحاح، ج 5، ص 1836

ليلا في ضوء القمر...)(1).

(يقول علماء معرفة الحيوان: إنّ أنواع النمل تبلغ ألفي نوع، والنمل في كلّ بيت من بيوته تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأوّل العمّال الخدمة، ويشتغلون في تهيئة حوائج القسمين الآخرين من جمع الغذاء وجلبه وحفظه وحفر البيوت.

والثاني: الذكور، ويعيشون إلى أسبوعين ويموتون بعد الزواج، والثالث: الإناث، وتعيش إلى سنة، ولها جناح کالذكور، ويعيش النمل العمّال إلى عشرة أشهر، ولا يخفى أنّ من علامات قلَّة شعور الإنسان: عدم اطَّلاعه قرونا متمادية إلى قريب من زماننا، عن خصوصیّات حياة الحيوانات، ولا سيّما النملة الظريفة الصغيرة المتحرّكة فيما بين أيدي الناس؛ فإنّ الناس جاهلون بلغاتهم وبرنامج عيشهم وأنواع أصنافهم

ص: 17


1- حياة الحيوان الكبرى، العلامة الشيخ كمال الدين، ج 2، ص 448

وتشريح أبدانهم)(1).

وجاء في الموسوعة العلمية القرآنية، يقول الاستاذ طنطاوي جوهري في كتابه (القرآن والعلوم العصرية) ص 46: لقد أفرد العلماء في عصرنا التأليف الكثيرة عن حياة النمل وعاداتها، ولقد رأوا له عجائب ذكروها، وغرائب وصفوها؛ فمن ذلك أن منها ما يبني مساکنه کما يبني الناس، ويهيئن قرى صغيرة وكبيرة.

ولمن خدم يربين أولادهن الصغار، ولهن حجرات محفورات، لكل جيل من أجيال الذرية حجرة خاصة، كأنها مدارس ذات فصول، ولهن من نظام الجند وصفوف الحرب وتربية الماشية الخاصة بهن، ما تخر له عقول العلماء سجداً، ويقولون سبحان مبدعهم الحكيم.

ثم هي إذا حاربت نملاً آخر تأتي بالأسرى، وهولاء

ص: 18


1- التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الشيخ حسن المصطفوي، ج 12، ص 255

الأسرى يُحضرون الطعام لساداتهن، ولهن حيوان صغير يسمى (افد) سماه علماء هذا الفن جاموس النمل؛ فإنهن یربینه حتى يسمن، ثم يمتصصن منه مادة مغذية لهن تشبه لبن البقر والجاموس، وقد رأوا لها طرقاً نملية تحت الأرض عجيبة بديعة متقنة، وللنمل ملكة تقوم بأمرهم وتحافظ على جماعتهم، وهم يطيعونها ويسعون لخدمتها وخدمة القرية التي تسيطر عليها)(1).

ص: 19


1- الموسوعة العلمية القرآنية، الدكتور لبيب بیضون، ج 3، ص 113

المسألة الثانية

الدقة في خلق صغار الحيوانات

قوله عليه السلام:

«أَلَا یَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ کَیْفَ أَحْکَمَ خَلْقَهُ وَأَتْقَنَ تَرْکِیبَهُ».

أي: ألا ينظرون ويتفكرون في عجائب هذه المخلوقات الصغيرة كالنملة وغيرها من المخلوقات الصغيرة التي لا ترى إلا بالمجهر، أن لها صانعا قد أتقن صنعه؛ فإن هذه المخلوقات العجيبة والصغيرة في ترکیبها، هي أحد الدلائل التي استدل بها الامام في عجائب خلق الله؛ فالتمعن في كيفية صنع الخالق والنظر الى الموجودات صغيرها وكبيرها والبحث في أنظمة الكون الدقيقة، هي أوضح الدلائل في اثبات وجود

ص: 20

الصانع؛ فالنملة كسائر الخلق رغم صغر حجمها، إلا أن الله أعطاها مثل ما أعطى بقية المخلوقات؛ وهي أعجب من الحيوانات الاخرى كونها صغيرة ودقيقة، بحيث لا تری بلحاظ البصر؛ فيكون تركيب هذه المخلوقات أصعب وأدق ولكنه سبحانه قادر على كل شيء.

قال الإمام الصادق (عليه السلام):

«والعجب من مخلوق يزعم أن الله يخفى على عباده وهو يرى أثر الصنع في نفسه بتركيب يبهر عقله، وتأليف يبطل حجته ولعمري لو تفكروا في هذه الأمور العظام لعاينوا من أمر التركيب البين، ولطف التدبير الظاهر، ووجود الأشياء مخلوقة بعد أن لم تکن، ثم تحولها من طبيعة إلى طبيعة، وصنيعة بعد صنيعة، ما يدلهم على الصانع»(1).

ص: 21


1- میزان الحكمة، محمد الريشهري، ج، ص 785

وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهی عن قتل خمسة: (النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد)(1).

وقوله (عليه السلام):

«کَیْفَ أَحْکَمَ خَلْقَهُ وَأَتْقَنَ تَرْکِیبَهُ».

إن الله خلق جميع الكائنات بأحسن صورة، حيث جعل لها عينين تنظران بهما، ورجلين تقودانهما الى أي مكان تريد الذهاب اليه، وكذلك سائر الأعضاء الاخرى؛ فكل جزء في جسم الإنسان أو الحيوان متقن، وكذلك كل شيء بالوجود متقن وعجيب حتى صغار المخلوقات، قال تعالى:

«صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ»(2).

ص: 22


1- مستدرك الوسائل، ج 16، ص 121، ح 3
2- سورة النمل: 88

قال الإمام أبو الحسن الرضا (عليه السلام) وقد سئل عن الدليل إلى الله، قال:

«إني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكّني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره عنه، وجرّ المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات»(1).

ص: 23


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 78، ح 3

المسألة الثالثة:

قوله عليه السلام:

«وَفَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَسَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَالْبَشَرَ».

فلق: (فلق) الفاء واللام والقاف أصل صحيح يدل على فرجة وبينونة في الشيء وعلى تعظيم شيء، من ذلك فلقت الشيء أفلقه فلقا والفلق الصبح لأن الظلام ينفلق عنه والفلق مطمئن من الأرض كأنه انفلق وجمعه فلقان والفلق الخلق كله كأنه شيء فلق عنه شيء حتى أبرز وأظهر ويقال انفلق الحجر..)(1).

ففلق بمعنی خلق وأنشأ، قال تعالى:

«وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا

ص: 24


1- معجم مقاییس اللغة، ج 4، ص 452

مَا تَشْكُرُونَ»(1).

بعض الحيوانات تفوق الإنسان بالسمع:

(قد لا يخطر على البال أن الخفاش مثلاً يسمع أكثر بكثير وأبعد بكثير مما نسمعه نحن البشر من أصوات؛ فالله عوضه عن عينيه الكليلتين بقوة السمع.

وقد لا نتصور أن الضفدعة هي الأخرى (سميعة) ومن الطراز الأول.

أما الفيلة فحدث ولا حرج عن قوة السمع عندها، فهي قادرة على سماع وقوع أقدام أكثر بكثير جداً مما يسمعه الإنسان؛ فتراها إزاء ذلك تنقل هذا السمع الى قطيعها، فتفر إذا ما سمعت خطراً ناتجاً عن دبيب حيوان مفترس.

وأيضاً هنالك بعض أنواع الطيور تسمع أكثر من

ص: 25


1- المؤمنون: 78

أصوات الناس التي تحتها، وإذا ما استشعرت خطراً لي الأخرى من جراء سماع صوت لا يروق لها، فإنها تطير بعيداً)(1).

وقوله (عليه السلام):

«وَسَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَالْبَشَرَ».

قال تعالى:

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»(2).

قال (عليه السلام):

ص: 26


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 3، ص 106
2- المؤمنون: 12 - 14

«أَمْ هَذا الَّذِی أَنْشَأَهُ فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ، وشُغُفِ الْأَسْتَارِ، نُطْفَةً دِهَاقاً، وَعَلَقَةً مِحاقاً، وجَنِیناً وراضِعاً ووَلِیداً ویافِعاً، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حافِظاً لِساناً لافِظاً، وبَصَراً لاحِظاً، لِیَفْهَمَ مُعْتَبِراً»

(ذكر مفسّر (في ظلال القرآن) عند تفسير هذه الآية جملة مدهشة هي أنّ الجنين بعد قطعه مرحلة «العلقة» و «المضغة» تتبدّل خلاياه إلى خلايا عظميّة، ثم تكتسي بالتدريج بالعضلات واللحم، لهذا فإنّ عبارة (كسونا العظام لحماً) معجزة علمية تكشف سرّاً لم يكن يعلم به أي شخص حتّى ذلك الزمن؛ لأنّ القرآن لم يقل: أبدلنا المضغة عظماً ولحماً، بل قال: (فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً) أي تبدّلت المضغة إلى عظام أوّلا، ثمّ اكتست باللحم)(1).

ص: 27


1- الأمثل، ج 10، ص 433

ومن كلام الامام الصادق (عليه السلام) للمفضل قال:

«... ابتدئ لك بذكر الحيوان؛ ليتضح لك من أمره ما وضح لك من غيره، فكر في أبنية أبدان الحيوان، وتهيئتها على ما هي عليه فلا هي صلاب کالحجارة، ولو كانت كذلك لا تنثني، ولا تتصرف في الأعمال، ولا هي على غاية اللين والرخاوة؛ فكانت لا تتحامل، ولا تستقل بأنفسها، فجعلت من لحم رخو ينثني، تتداخله عظام صلاب يمسكه عصب و عروق تشده، وتضم بعضه إلى بعض، وغلفت فوق ذلك بجلد يشتمل على البدن كله وأشباه ذلك، هذه التماثيل التي تعمل من العيدان، وتلف بالخرق وتشد بالخيوط، وتطلى فوق ذلك بالصمغ؛ فتكون العيدان بمنزلة العظام، والخرق بمنزلة اللحم، والخيوط بمنزلة العصب والعروق، والطلاء بمنزلة الجلد؛ فإن جاز أن

ص: 28

يكون الحيوان المتحرك حدث بالإهمال من غير صانع جاز أن يكون ذلك في هذه التماثيل الميتة؛ فإن كان هذا غير جائز في التماثيل؛ فبالحري أن لا يجوز في الحيوان»(1).

ص: 29


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 51 - 52

المسألة الرابعة

النملة من لطائف خلق الله

قوله (عليه السلام):

«أُنْظُرُوا إلَى النَّمْلَةِ فِى صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَيْئَتِهَا لاتَكَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ وَ لابِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ».

أي: تمعنوا بالنظر الى هذه النملة الصغيرة، كيف خلقها الله بهذا الحجم وهذه الدقة؟ فما ألطف هيئتها وما أعجب صنعها! حيث لا تكاد ترى بلحظ البصر لصغر حجمها، فمهما أراد الإنسان التمعن الى صنعها؛ فإنه لا يصل الى تمام خلقها؛ كالنظر الى عينها وباقي الأجزاء الأخرى.

وقوله (عليه السلام):

ص: 30

«وَ لابِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ».

أي كيف بهذا الحجم وهذا المقدار صورها خالقها؟ فكما إن البصر لا يكاد أن ينظر اليها الا بالإمعان وإن تمعن فإنه لا يصل الى دقة خلقها كونها صغيرة، كذلك العقل من الصعوبة أن يصل الى مدارك خلقها وعجائب أمرها.

قال محمد جواد مغنية (... ومن جملة ما قرأت أن في بعض الفصول يكثر طعام الأسماك في جانب خاص من المحيط الأطلسي، وان الأسماك في هذا الموسم تأتيه من كل جانب، وتقطع مئات الأميال، وان الفئران تلقي بنفسها في البحر طلبا لهذا الرزق. وفي كتاب (الظاهرة القرآنية) لمالك بن نبي: ان النمل الأمريكي يغادر مساكنه قبل اندلاع الحريق فيها بليلة، وان في جنوب قسطنطينية نوعاً من الحيوانات القارضة تبرح أمكنتها قبل الكوارث الطبيعية، فهل هذا من باب الصدفة، أو إن حكمة الله

ص: 31

سبحانه أعطت لهذه المخلوقات وغيرها ما أعطت للإنسان؟ (وما الجليل واللطيف - أي الكبير والصغير - والثقيل والخفيف، والقوي والضعيف إلا سواء) في القوانين الثابتة الراسخة التي تشمل وتعم جميع الخلائق على تباينها واختلافها حجما وطبيعة و شکلا، وهل من تفسیر معقول لهذه الوحدة إلا بإرادة حكيمة واحدة، وقدرة واحدة، وان خالق النملة هو خالق النخلة، كما قال الإمام وكتب أهل الاختصاص كثيرا عن النمل وتدبيرها وادخارها وتعاونها ونظامها المحكم في الاقتصاد والاجتماع، وكلها تبعث الدهشة، وتدل بوضوح على إرادة حكيم قدير، وأعجب ما في النمل على الاطلاق ما حكاه سبحانه عن نملة سليمان في الآية 18 من سورة النمل: «قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ

ص: 32

لَا يَشْعُرُونَ»)(1).

وجاء في تفسير قوله تعالى:

«حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ».

أي: فسار سليمان وجنوده حتى إذا أشرفوا على واد، وهو الطائف، عن كعب، وقيل: هو بالشام، عن قتادة ومقاتل. (قالت نملة) أي: صاحت بصوت خلقه الله لها، ولما كان الصوت مفهوماً لسليمان، عبر عنه بالقول، وقيل: كانت رئيسة النمل، (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم) أي: لا يكسرنکم (سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) بحطمكم ووطنكم؛ فإنهم لو علموا بمكانكم لم يطؤوكم، وهذا يدل على أن سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الأرض، ولم تحملهم الريح،؛ لأن الريح لو حملتهم بين السماء والأرض، لما خافت النمل أن يطؤوها بأرجلهم، ولعل هذه القصة

ص: 33


1- في ظلال نهج البلاغة، محمد جواد مغنية، ج 3، ص 58 - 59

كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان.

فإن قيل: كيف عرفت النملة سليمان وجنوده حتى قالت هذه المقالة؟ قلنا: إذا كانت مأمورة بطاعته،؛ فلا بد أن يخلق لها من الفهم ما تعرف به أمور طاعته، ولا يمتنع أن يكون لها من الفهم ما يستدرك به ذلك، وقد علمنا أنه تشق ما تجمع من الحبوب بنصفين، مخافة أن يصيبها الندى فتنبت إلا الكزبرة؛ فإنها تكسرها بأربع قطع؛ لأنها تنبت إذا شُقت نصفين؛ فمن هداها إلى هذا؛ فإنه جل جلاله يهديها إلى تمييز ما يحطمها مما لا يحطمها)(1).

وذكر في كتاب الإمام علي والأسرار العلمية (... أن النملة بما آتاها الله من ذكاء فطري تعرف ماذا تختار لصغارها؛ فهي تهتم بأن تؤمن لهم قشرة القمحة والشعيرة، التي هي أفضل غذاء ودواء لهم يحميهم من الأرض)(2).

ص: 34


1- تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 7، ص 370 - 371
2- الإمام علي (ع) والأسرار العلمية، ص 44

المسألة الخامسة

النملة ومسيرها لطلب الرزق

قوله (عليه السلام):

«كَيْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا، وصُبَّتْ عَلَی رِزْقِهَا، تَنْقُلُ الَحبَّةَ إلِی جُحْرِهَا، وتُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا، تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وفِی وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا».

أولاً: دبيب النملة:

قوله عليه السلام:

«كَيْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا».

قال العلامة التستري «كيف دبّت» أي: جرت «على أرضها وصبّت على رزقها» هذه الكلمة في غاية الفصاحة، كقوله تعالى:

ص: 35

«فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ»(1).

فالأصل في الصبّ صبّ الماء، والنمل إذا استشمت بشمّها القوي ليس شمّ فوقه، صبت أنفسها عليه كصب الماء على محل حتى يغمره ولا يبصر المحل، وكذلك صب النمل أنفسها على قوت بحدّ لا يرى ذاك القوت)(2).

وقال الشارح البحراني: (لم يجعل محلّ التعجّب هو دبيبها من حيث هو دبيب فقط، بل مع الاعتبارات الأُخر المذكورة؛ فإنّك إذا اعتبرتها من حيث هي في غاية اللطافة، ثمّ اعتبرت قوائمها وحركات مفاصلها وخفضها ورفعها، وبعد ذلك من استثبات الحسّ له ونسبتها إلى جرمها، وإلى أجزاء المسافة الَّتي تقطعها، بل جزء من حركتها، وكذلك انصبابها على رزقها بهداية تامّة إليه، ونقلها إلى جحرها وغير ذلك من الاعتبارات

ص: 36


1- الليل: 13
2- بهج الصباغة، ج 7، ص 69

المذكورة؛ فإنَّك إذا اعتبرت ذلك منها وجدت لنفسك منه تعجّبا وتفکَّرا في لطف جزئیّات صنعتها وحكمة خالقها ومدبّرها)(1).

ثانياً - نقل الطعام الى مساكنها:

قوله (عليه السلام):

«تَنْقُلُ الَحبَّةَ إلِی جُحْرِهَا وتُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا».

كثيراً ما نرى في منازلنا أن النمل يحمل الطعام الذي يقع على الأرض فإن كانت النملة عاجزة عن حمل هذه القطعة كونها أكبر من قدرتها؛ فتحمله معها مجموعة من النمل الى أماكنها التي تستقر فيها، وقد جاء في كتاب عجائب المخلوقات: (النمل حيوان حريص على جمع الغذاء، ولغاية حرصه يحمل ما يكون أثقل منه، ويعاون بعضها بعضاً على الجذب، ويجمع من الغذاء ما يكفيه سنيناً لو عاش، ولكن عمره لا يكون أكثر من سنة، قال

ص: 37


1- شرح نهج البلاغة، ابن میثم البحراني، ج 4، ص 134

النسابة البكري: للنمل جدان فارز وعقفان؛ ففارز جد السود وعقفان جد الحمر، ومن عجائبه اتخاذ القرية تحت الأرض وفيها منازل ودهاليز وغرف وطبقات منعطفات، يملؤها حبوباً وذخائر للشتاء، وتجعل بعض بيوتها منخفضاً لينصب إليها الماء وبعضها مرتفعاً، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:

«لا تقتلوا النمل؛ فإن سليمان عليه السلام خرج ذات يوم يستسقي؛ فإذا هو بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى لنا عن فضلك، اللهم لا تؤاخذنا بذنوب عبادك الخاطئين، واسقنا مطراً ينبت لنا شجراً وتطعمنا منه ثمراً، فقال سليمان عليه السلام لقومه: ارجعوا فقد سقيتم بغيرکم».

ومن عجائبه أنه من لطائف جسمه وشخصه وخفة

ص: 38

وزنه، له شم ليس لشيء من الحيوان مثل ذلك؛ فإذا وقع شيء من يد الإنسان في موضع لا يُرى فيه شيء من النمل؛ فلا يلبث أن يقبل النمل كالخيط الأسود الممدود إلى ذلك الشيء، وإذا وجدت واحدة شيئاً لا تقدر على حمله، أخذت منه ما تقدر عليه وأخبرت الباقين؛ فتجتمع عليه جماعة يجرونه بجد وعناء، وإذا جمعت الحَب في بيتها خافت أن ينبت؛ فتقطع كل حبة قطعتين لتذهب عنها قوة النبت، وتقطع حبة الكزبرة أربع قطع؛ لأن نصفها ينبت وإذا كان عدسا أو شعيراً أو باقلاء، تقشرها ولا تكسرها؛ فإن بالتقشير يذهب عنها قوة النبت، ثم تأتي بقطعها وتبسطها في الشمس حتى تزول عنها النداوة فلا يتعفن، وإذا أحست بالغيم ردتها الى مكانها خوفاً من المطر، وإذا ابتل شيء منها بالمطر تنشرها يوم الصحو لتزول عنه النداوة، ومن عجائبه أنه لا يتعرض لجعل ولا جرادة ولا صرصر ولا عقرب، ما لم يكن به عقر أو قطع يد أو رجل؛ فإن أصابه شيء منها وثبت عليه وهو حي ولا

ص: 39

يفارقه حتى يقتله، وهكذا تفعل بالحيات والثعابين إذا أصابها خدش أو جراحة، وإذا أحرق النمل يموت من دخانها الباقي أو تهرب، وعند هلاكها ينبت لها جناحان لأن العصافير تصطادها...)(1).

ثالثاً: جمع الطعام في وقت الصيف.

قوله (عليه السلام):

«تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وفِی وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا»(2).

أي إنها تجمع الطعام في الصيف لتذخره للشتاء؛ فإن وقت حركتها في الصيف كون الأرض جافه غير رطبة ولا مبتلة؛ فهذا الموسم يناسب ويساعد النملة على جمع الطعام، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضل أنظر إلى (النمل) واحتشاده في جمع القوت وإعداده،

ص: 40


1- عجائب المخلوقات و الحيوانات و غرائب الموجودات، للإمام العالم زکریا بن محمد (القزويني)، ص 381
2- الصّدر الرّجوع بعد الورود

فإنك ترى الجماعة منها إذا نقلت الحب إلى زبيتها(1) بمنزلة جماعة من الناس ينقلون الطعام أو غيره، بل للنمل في ذلك من الجد والتشمير ما ليس للناس مثله.. أما تراهم يتعاونون على النقل کما يتعاون الناس على العمل، ثم يعمدون إلى الحب فيقطعونه قطعا. لكي لا ينبت فيفسد عليهم، فإن أصابه ندى أخرجوه فنشروه حتى يجف، ثم لا يتخذ النمل الزبية إلا في نشر من الأرض كي لا يفيض السيل فيغرقها، وكل هذا منه بلا عقل ولا روية، بل خلقة خلق عليها لمصلحة من الله جل وعز. أنظر إلى هذا الذي يقال له الليث وتسمية العامة (أسد الذباب) وما أعطي من الحيلة والرفق في معاشه، فإنك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريبا منه، ترکه مليا حتى كأنه موات لا حراك به، فإذا رأى الذباب قد أطمأن وغفل عنه، دب دبيبا دقيقا، حتى يكون منه بحيث تناله وثبته، ثم يثب

ص: 41


1- الزبية - بضم فسكون: - الرابية لا يعلوها ماء جمعها زبی

عليه فيأخذه، فإذا أخذه اشتمل عليه بجسمه كله، مخافة أن ينجو منه، فلا يزال قابضاً عليه، حتى يحس بأنه قد ضعف واسترخي ثم يقبل عليه فيفترسه، ويحيى بذلك منه)(1).

ص: 42


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 65 - 66

المسألة السادسة

كفالة الخالق برزق النملة

قوله (عليه السلام):

«مَكْفُولَةٌ بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا لاَ يُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَ لاَ يَحْرِمُهَا الدَّيَّانُ وَ لَوْ فِي الصَّفَا الْيَابِسِ وَ الْحَجَرِ الْجَامِسِ»(1).

قال تعالى:

«وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»(2).

ص: 43


1- يعني الجامد، و هما لغتان: جامس وجامد، والماء جامس يعني في الشتاء حين يجمد الماء، غریب الحدیث، ج 4، ص 270
2- العنكبوت: 60

إن الله سبحانه وتعالى جعل أرزاق عباده كلها بيديه؛ فما من حبة في ظلمات الأرض إلا وهو يعلم بها ومتكفل برزقها؛ لذلك جعل الأرزاق بيده كونه الخالق الوحيد المطلع على جميع خلقه؛ فلو شاهدنا عالم الحيوان وكيف تتغذى هذه الحيوانات ومن سيّرها على هذا النحو في ايجاد طعامها ورعاية صغارها؟ لتيقّنا أن الذي علّم الإنسان كيفية العيش وطلب الرزق، نفسه الذي رزق الخلائق وعلمهم كيف يحصلون على معاشهم، فقد جاء في قصص الأنبياء (ذكروا أن سليمان كان جالساً على شاطئ بحر؛ فبصر بنملة تحمل حبة قمح تذهب بها نحو البحر؛ فجعل سليمان ينظر إليها حتى بلغت الماء؛ فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء؛ ففتحت فاها فدخلت النملة وغاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة و سلیمان (عليه السلام) يتفكر في ذلك متعجبا، ثم إنها خرجت من الماء وفتحت فاها، فخرجت النملة ولم يكن معها الحبة، فدعاها سلیمان (عليه السلام) وسألها وشأنها

ص: 44

وأين كانت؛ فقالت يا نبي الله إن في قعر البحر الذي تراه صخرة مجوفة، وفي جوفها دودة عمياء وقد خلقها الله تعالى هنالك؛ فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها، وقد وكلني الله برزقها؛ فأنا أحمل رزقها وسخر الله تعالى هذه الضفدعة لتحملني؛ فلا يضرني الماء في فيها وتضع فاها على ثقب الصخرة وأدخلها، ثم إذا أوصلت رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها؛ فتخرجني من البحر، قال سليمان (عليه السلام) وهل سمعت لها من تسبيحة؟ قالت نعم تقول يا من لا ينساني في جوف هذه اللجة برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك)(1).

روي عن أبي عبيدة الحذاء قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ادع الله لي أن لا يجعل رزقي على أيدي العباد، فقال أبو عبد الله عليه السلام: «أبى الله عليك

ص: 45


1- النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين، نعمة الله الجزائري، ص 372

ذلك إلا أن يجعل أرزاق العباد بعضهم من بعض، ولكن أدعُ الله أن يجعل رزقك على أيدي خيار خلقه؛ فإنه من السعادة، ولا يجعله على أيدي شرار خلقه؛ فإنه من الشقاوة»(1).

وقوله (عليه السلام):

«وَ لَوْ فِي الصَّفَا الْيَابِسِ وَ الْحَجَرِ الْجَامِسِ».

جاء في توضيح نهج البلاغة (ولو في الصّفا) هي الصّخرة الصلبة الملساء (اليابس) أي لا يحرمها، ولو كانت على مثل هذه الصخرة التي لا تنبت العشب (والحجر الجامس) أي الجامد(2).

قال تعالى:

ص: 46


1- مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، علي الطبرسي، ص 235، ح 666
2- توضیح نهج البلاغة، السيد محمد الشيرازي، ج 3، ص 122

«وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(1).

عن عبد الله بن عبد الرحمن عمن ذكره عنه قال: لما قال للفتي: اذكرني عند ربك أتاه جبرئيل؛ فضربه برجله حتی کشط له عن الأرض السابعة؛ فقال له: يا يوسف انظر ماذا ترى؟ قال: أرى حجراً صغيراً؛ ففلق الحجر؛ فقال: ماذا ترى؟ قال: أرى دودة صغيرة، قال: فمن رازقها؟ قال: الله، قال: فإن ربك يقول: لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتي: (اذكرني عند ربك)؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين! قال: فبکی یوسف عند ذلك حتى بکی لبكائه الحيطان، قال: فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوما؟ فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا)(2).

ص: 47


1- هود: 6
2- تفسير العياشي، ج 2، ص 177، ح 27

المسألة السابعة

التمعّن في أمعاء النملة

قوله (عليه السلام):

«وَ لَوْ فَكَّرْتَ فِي مَجَارِي أَكْلِهَا فِي عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا وَ مَا فِي الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِيفِ بَطْنِهَا وَ مَا فِي الرَّأْسِ مِنْ عَيْنِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَيْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِيتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً».

أمعاء النملة:

«ولو فكرت في مجاري أكلها» أي: أكل النّملة، والمراد بالمجاري: الأمعاء، «في علوها وسفلها» إذ الغذاء يصعد وينزل في الأمعاء الملتوية، «وما في الجوف من شراسيف» وهي: أطراف البطن الداخلة التي تشرف على البطن، «بطنها وما في الرأس من عينها

ص: 48

وأذنها»، بكل نظام ودقّة «لقضيت من خلقها عجبا» أي: تعجبت تعجّبا كاملا، «ولقيت من وصفها تعبا» فإنّ الإنسان إذا أراد وصفها وصفا دقيقا تعب ونصب، وقد كتب علماء الحيوان في العصر الحديث كتبا متعددة حول النمل)(1).

فهذه النملة الصغيرة التي لا تكاد تبين بلحظ البصر؛ فإن كانت هي بهذا الحجم فكيف يكون حجم الفم وباقي الاجزاء الاخرى كالعينين؟ فسبحان من صورها بهذه الدقة؛ فالإنسان يعجز ويتحير حينما يفكر بخلق الله وخاصة في صغار المخلوقات؛ كونها صغيرة ودقيقة في ترکیبها، والإمام (عليه السلام) يلفت انظارنا الى اجزاء النملة، وأن نتمعن قليلاً في مجاري أكلها وصغر قوامها كيف ركبها الله بهذا التركيب؟ فقد جاء في الموسوعة العلمية القرآنية (يتألف جسم النملة من ثلاثة أجزاء

ص: 49


1- توضيح نهج البلاغة، ج 3، ص 123

متميزة هي: الرأس، والصدر، والبطن، وهي صفة مميزة لكل الحشرات، ويكون الرأس متميزاً عن الصدر وينفصل عنه بعنق قصير، وهو متحرك، ويحتوي على زوج من العيون المركبة، وقرني استشعار طويلين، والنمل مسلح في طرفه، فيستطيع أن يعض عضاً مؤلماً جداً، وأكثره قادر على اللسع.

وعندما تبتعد بعض العاملات عن بيت النمل (الحُجر) بحثاً عن الغذاء، تترك في طريقها أثراً ذا رائحة، ترشد به من خلفها من العلامات، أما لغتها فأكثرها تتم عن طريق حرکات تتفاهم بها مع صديقتها؛ فللغذاء حركة....، وهكذا)(1).

وقد ذكر في كتاب حياة الإمام الحسين (عليه السلام): (أن مقاتل عرف بالنصب والعداء الأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان دأبه صرف فضائل الإمام (عليه السلام)، وقد أثر عن الامام أنه كان يقول: (سلوني قبل أن

ص: 50


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 3، ص 108. سورة النمل

تفقدوني) فأراد مقاتل أن يجاريه في ذلك فكان يقول: (سلوني عما دون العرش) فقام إليه رجل فقال له: أخبرني عن النملة أين أمعاؤها فسكت ولم يطق جواباً)(1).

فالإنسان معتاد على هذه المخلوقة الصغيرة فهو يشاهدها بمنزله وبأعداد كبيرة فلا تلفت انتباهه.

أما الامام علي (عليه السلام)، فقد فاقت نظرته الباطنية هذه الحشرة حتى اخترقت أجزائها وأحشائها ومجاريها وما فيها من إعجاز، ونحن الآن في العصر الحديث فقد اجريت دراسات حول هذه الحشرة كما أجريت دراسات حول كثير من الطيور وغيرها من الحيوانات فاكتشفوا عن طريق دراسة هذه المخلوقات كثيراً من الأمور التي تخدم الانسان.

فكل ما صمم وما ابتكر منذ بدأ الخلق حتى عصرنا هذا إنما هو مأخوذ من الطبيعة التي خلقها الله سبحانه

ص: 51


1- حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، الشيخ باقر شريف القرشي، ج 1، 63

وتعالى فكل تصميم صمم الا وكان تقليداً لخلق الله، وقد ذكرنا في مبحث الخفاش أن ابتكار الرادار كان بسبب الذبذبات الموجودة في هذا الطائر.

وقال هارون يحيى في كتاب التصميم في الطبيعة، (لا تقتصر فائدة دراسة الخلق على المعماريين، لقد قام المهندسون الذين طوروا الرجل الآلي بدراسة الحشرات لاستقاء أفكارهم. أظهر الرجل الآلي الذي قام بناؤه على مبدأ أرجل الحشرات توازناً أفضل.

عندما تم تركيب وسائد شافطة على أقدام الرجل الآلي أصبح بإمكانه السير على الجدران مثل الذبابة تماماً.

الرجل الآلي الذي صنعته شركة يابانية يمكنه السير على السقف مثل الحشرة. تستخدم هذه الشركة رَجُلَها الآلي للتحري تحت الجسور بواسطة حساسات موصولة إلى جسمه..)(1).

ص: 52


1- التصميم في الطبيعة، ص 140 - 141

المسألة الثامنة

بيان عظمة الله في خلقه

قوله عليه السلام:

«فَتَعَالَى الَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا، وَ بَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا، لَمْ يَشْرَكْهُ فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ، وَ لَمْ يُعِنْهُ فِي خَلْقِهَا قَادِرٌ».

المعنى اللغوي:

(قَوَائِمِهَا: قوام الجسم: تمامه وطوله، وقوام كل شيء: ما استقام به(1)، دَعَائِمِهَا الدعم: أن يميل الشيء فتدعمه بدعام، كما تدعم عروش الكرم ونحوه فتدعمه بشيء يصير له مساكا. وجمعه: دعائم(2).

أيدي النملة وأرجلها:

ص: 53


1- العين، ج 5، ص 233
2- المصدر نفسه، ج 2، ص 60

والمراد بالقوام الأيدي والأرجل، والدعامة الأعضاء والآلات،؛ فحينما ننظر الى هذا الجسم الظريف يعترينا العجب في تركيبة جسم النملة والأعجب من ذلك ان هذا الجسم يحمل أكثر من حجمه بأضعاف مضاعفة، جاء في الموسوعة العلمية القرآنية من معجزات النملة (وقد وجد من معجزات النملة أنها تستطيع أن تحمل جسماً أثقل منها ب 54 مرة، بينما النحلة يمكنها أن تحمل جسماً أثقل منها ب 24 مرة وتطير)(1).

وقوله عليه السلام:

«لم يشركه في فطرتها فاطر،... قادر».

فالله وحده خالق الخلق لا شريك له في الملك، خلق كل شيء بدون ان يستعين بأحد من خلقه، أو يستفيد من تجربة قد سبقه أحد فيها، ومن كلام له (عليه السلام) قال:

ص: 54


1- الموسوعة العلمية القرآنية، ج 3، ص 118، سورة النمل

«قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْکَمَ تَقْدِیرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِیرَهُ، وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ یَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ، وَ لَمْ یَقْصُرْ دُونَ الاِنْتِهَاءِ إِلَی غَایَتِهِ، وَ لَمْ یَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِیِّ عَلَی إِرَادَتِهِ فَکَیْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِیئَتِهِ، الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْیَاءِ بِلاَ رَوِیَّةِ فِکْرٍ آلَ إِلَیْهَا، وَ لاَ قَرِیحَةِ غَرِیزَةٍ أَضْمَرَ عَلَیْهَا، وَ لاَ تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ، وَ لاَ شَرِیكٍ أَعَانَهُ عَلَی ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ، فَتَمَّ خَلْقَهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَی دَعْوَتِهِ، لَمْ یَعْتَرِضْ دُونَهُ رَیْثُ الْمُبْطِئِ وَ لاَ أَنَاةُ الْمُتَلَکِّئِ، فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْیَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا، وَ لاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَیْنَ مُتَضَادِّهَا، وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً، مُخْتَلِفَاتٍ فِی الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَیْئَاتِ، بَدَایَا خَلاَئِقَ أَحْکَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَی مَا

ص: 55

أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا»(1).

وقال (عليه السلام) في بعض خطبه:

«وَمَا الَّذِی نَرَی مِنْ خَلْقِكَ، وَنَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ وَنَصِفُهُ مِنْ عَظِیمِ سُلْطَانِكَ وَمَا تَغَیَّبَ عَنَّا مِنْهُ وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ، وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ وَحَالَتْ سَوَاتِرُ الْغُیُوبِ بَیْنَنَا وَبَیْنَهُ أَعْظَمُ»(2).

النظام الطبيعي عند النمل:

تتميز جميع أنواع النمل بأنها حشرات اجتماعية، يصل عدد أفراد المجتمع الواحد منها الى عدة مئات من الألوف، ويتوزع العدد على ثلاثة أنواع من الأفراد هي:

1- الملكات: وهي لا تلامس أي نوع من السلطة، إذ

ص: 56


1- نهج البلاغة، الخطبة: 91، المعروفة بخطبة الاشباح، ص 153
2- نهج البلاغة، الخطبة، 160، ص 280

ليست في الواقع سوى مصانع حية، وظيفتها انتاج البيض، ووضعه في الوكر بعد تلقيحه؛ ليعطي اليرقة ثم العذراء ثم الشرنقة، التي تخرج منها حشرة النملة.

2- الذكور: وهي لا تعمل شيئاً، وليس لها من وظيفة غير تلقيح الملكة؛ فتحتفظ الملكة بالسائل المنوي في جسمها لتستخدمه عند الحاجة، وذلك بعد رحلة الزواج التي تتم في الهواء؛ فالله سبحانه قد وهب الملكات أجنحة تتشكل منذ بدء مرحلة البلوغ، من أجل رحلة اللقاح، أما العاملات فلا شأن لها باللقاح؛ فلم يزودها الله سبحانه بالأجنحة.

3- العاملات: يزيد عدد النمل العاملات بصورة ملحوظة جداً؛ فمثلاً في عش نمل الخشب يوجد ما يقرب من عشرين ملكة، ومئة من الذكور فقط، بينما يبلغ عدد العاملات 100000 عاملة، وتتولى العاملات كل الأعمال؛ سواء في تغذية اليرقات ورعايتها، أو العمل في

ص: 57

بناء العش، أو الدفاع عنه ضد الأعداء، هذا وإن العاملات هي إناث، ولكنها عقيمة لا تتزوج ولا تعطي بيضاً، بل وظيفتها الخدمة)(1).

جاء في كتاب التصميم في الطبيعة لهارون يحيى عن تضحية النمل الأبيض، يقول: (.. لماذا ترغب النملة البيضاء مثلاً أن تكون جندياً؟ ولو كان لها الخيار فلماذا تختار أن تكون الأثقل وتتحمل مهمة التضحية بالنفس دون غيرها؟ لو كان لها أن تختار لاختارت أسهل المهام وأقلها تكليفاً. لو سلمنا جدلاً أنها اختارت أن تضحي بنفسها في الدفاع عن المستعمرة، فيبقى من المستحيل أن تورث هذا السلوك الانتحاري إلى الأجيال من بعدها بإرادتها عن طريق الجينات التي تحملها.

النمل الأبيض العامل أعمى ولا يمكن أن ينتج أي أجيال لاحقة بإرادته، خالق النمل الأبيض فقط هو من

ص: 58


1- الموسوعة العلمية القرآنية، 3، ص 116، سورة النمل

يستطيع أن يصمم حياة متقنة ومتوازنة في هذه المستعمرة، ويشكل فرقاً ذات مسؤوليات محددة. إن النمل الأبيض يقوم بالواجبات التي أوحى بها الله إليه بجد واجتهاد.

يقول تعالى في القرآن الكريم: «...مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا...»(1))(2).

ويقول العالم الرومي "بيني" في الحكمة من صغر الحشرات: (إِذا كان للزنبور هيبة العقاب وللخُنفساء قوة الأَسد؛ فإنّ عالمنا سيكون سوقاً للفوضى! لكن الحِكمة البالغة لخالق العالم، جعلت كلّ شيء متناسباً مع النظام العام السّائد على العالم، قال تعالى:

«إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»(3).

ص: 59


1- هود: 56
2- التصميم في الطبيعة، ص 117
3- موسوعة العقائد الاسلامية، ج 3، ص 168

المسألة العاشرة

بيان قدرة الله في خلق الوجود من الذرة الى النخلة فما فوق

قوله (عليه السلام):

«وَلَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِهِ مَا دَلَّتْكَ الدَّلاَلَةُ إِلاَّ عَلَى أَنَّ فَاطِرَ الَّنمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ وَغَامِضِ اخْتِلاَفِ كُلِّ حَيٍّ وَمَا الْجَلِيلُ وَاللَّطِيفُ وَالثَّقِيلُ والخَفِيفُ وَالْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ فِي خَلْقِهِ إِلاَّ سَوَاءٌ».

إن كل المخلوقات معقدة ودقيقة في تركيبها؛ فلا يعتقد أحد أن خلق النملة أهون من خلق النخلة؛ بل لكل منها صفات وميزات يعجز كل انسان أن يصل الى دقة خلقها، وكذلك جميع المخلوقات معقدة التركيب،

ص: 60

ولكن الله قادر على خلق أي شيء ولا يعجزه صغيرها ولا كبيرها، وما الجميل والصغير والكبير والقوي والضعيف من هذه الموجودات، الا عنده في الخلق سواء؛ فإذا أراد الله شيئاً إنما يقول له كن فيكون.

ومن كلام الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضل قال:

«فکّر یا مفضّل في النخل؛ فإنه لما صار فيه إناث تحتاج التلقيح جعلت فيه ذكورة اللقاح من غير غراس؛ فصار الذكر من النخل بمنزلة الذكر من الحيوان الذي يلقح الإناث لتحمل وهو لا يحمل؛ تأمل خلقة الجذع كيف هو؟ فإنك تراه کالمنسوج نسجا من خيوط محدودة كالسدی، وأخرى معه معترضة كاللحمة كنحو ما ينسج بالأيدي، وذلك ليشتد ويصلب ولا يتقصف من حمل القنوات الثقيلة، وهز الرياح العواصف إذا صار نخلة وليتهيأ

ص: 61

للسقوف والجسور وغير ذلك مما يتخذ منه إذا صار جذعا، وكذلك ترى الخشب مثل النسج؛ فإنك تری بعضه مداخلا بعضا طولا وعرضا كتداخل أجزاء اللحم، وفيه مع ذلك متانة ليصلح لما يتخذ منه من الآلات؛ فإنه لو كان مستحصفا كالحجارة، لم يمكن أن يستعمل في السقوف وغير ذلك مما يستعمل فيه الخشبة؛ كالأبواب والأسرة والتوابيت وما أشبه ذلك...، ومن جسیم المصالح في الخشب أنه يطفو على الماء؛ فكل الناس يعرف هذا منه، وليس كلهم يعرف جلالة الأمر فيه؛ فلولا هذه النخلة كيف كانت هذه السفن والأظراف تحمل أمثال الجبال من الحمولة، وأني كان ينال الناس هذا الرفق وخفة المؤنة في حمل التجارات من بلد إلى بلد، وكانت تعظم المؤنة

ص: 62

عليهم في حملها، حتى يلقى كثيراً مما يحتاج إليه في بعض البلدان، مفقودا أصلا أو عسر وجوده»(1).

وقد ورد ذكر النخلة في القرآن الكريم في قصة مريم (عليها السلام) قال تعالى:

«وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا»(2).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله ):

«المؤمن كمثل شجرة لا يتحات ورقها في شتاء ولا صيف».

قالوا: يا رسول الله وما هي؟ قال:

ص: 63


1- التوحید، ص 105 - 106
2- مریم: 25

«النخلة»(1).

وعنه (صلى الله عليه وآله) قال:

«ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب فإن الله تعالى قال لمريم: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" قيل: يا رسول الله فإن لم يكن أوان الرطب؟ قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصارکم، فإن الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني، لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب؛ فيكون غلاما إلا كان حليما، وإن كانت جارية كانت حليمة»(2).

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

«استوصوا بعمتكم النخلة خيرا؛ فإنها خلقت من

ص: 64


1- الكافي، ج 2، ص 235، ح 16
2- المصدر السابق، ج 6، ص 22، ح 4

طينة آدم، ألا ترون أنه ليس شيء من الشجرة يلقح غيرها»(1).

فالإنسان حينما يفكر بهذا الخلق من سماء وأرضين وحيوان ونبات ويتمعن جيداً في خلق الله يصل الى عظيم قدرة الله في تدبيره لهذا الخلق، ومن كلام الامام الصادق (عليه السلام) للمفضل قال: (فكر یا مفضل في هذا النبات وما فيه من ضروب المآرب، فالثمار للغذاء، والأتبان للعلف، والحطب للوقود، والخشب لكل شيء من أنواع التجارة وغيرها، واللحاء والورق والأصول والعروق والصموغ لضروب من المنافع. أرأيت لو كنا نجد الثمار التي نغتذي بها مجموعة على وجه الأرض، ولم تكن تنبت على هذه الأغصان الحاملة لها، كم كان يدخل علينا من الخلل في معاشنا، وإن كان الغذاء موجودا فإن المنافع بالخشب والحطب والأتبان وسائر ما عددناه كثيرة

ص: 65


1- وسائل الشيعة، ج 25، ص 145، ح 1

عظیم قدرها، جلیل موقعها، هذا مع ما في النبات من التلذذ بحسن منظره، ونظارته التي لا يعدلها شيء من مناظر العالم وملاهيه.

فکر یا مفضّل في هذا الريع الذي جعل في الزرع، فصارت الحبة الواحدة تخلف مائة حبة وأكثر وأقل، وكان يجوز للحبة أن تأتي بمثلها فلم صارت تريع هذا الريع إلا ليكون في الغلة متسع، لما يرد في الأرض من البذر، وما يتقوت الزراع إلى إدراك زرعها المستقبل، ألا ترى أن الملك لو أراد عمارة بلد من البلدان كان السبيل في ذلك أن يعطى أهله ما يبذرونه في أرضهم وما يقوتهم إلى إدراك زرعهم.

فانظر كيف تجد المثال قد تقدم في تدبير الحكيم، فصار الزرع يريع هذا الريع ليفي بما يحتاج إليه للقوت والزراعة، وكذلك الشجر والنبت والنخل پريع الريع الكثير، فإنك ترى الأصل الواحد حوله من فراخه أمرا

ص: 66

عظيماً، فلم كان كذلك إلا ليكون فيه ما يقطعه الناس، ويستعملونه في مآربهم، وما برد فيغرس في الأرض، ولو كان الأصل منه يبقى منفردا لا يفرخ ولا يريع لما أمكن أن يقطع منه شيء لعمل ولا لغرس، ثم كان إن أصابته آفة انقطع أصله، فلم يكن منه خلف.

تأمل نبات هذه الحبوب من العدس والماش والباقلاء وما أشبه فإنها تخرج في أوعية مثل الخرائط لتصونها وتحجبها من الآفات إلى أن تشتد وتستحکم، كما قد تكون المشيمة على الجنين لهذا المعنى بعينه وأما البر وما أشبهه فإنه يخرج مدرجا في قشور صلاب على رؤوسها أمثال الأسنة من السنبل ليمنع الطير منه ليتوفر على الزراع فإن قال قائل: أو ليس قد ينال الطير من البر والحبوب؟ قيل له: بلى على هذا قدر الأمر فيها، لأن الطير خلق من خلق الله تعالى وقد جعل الله تبارك وتعالى له في ما تخرج الأرض حظا ولكن حصنت الحبوب بهذه الحجب لئلا يتمكن الطير منها كل التمكن فيعبث بها

ص: 67

ويفسد الفساد الفاحش. فإن الطير لو صادف الحب بارزا ليس عليه شيء يحول دونه لأكب عليه حتى ينسفه أصلا، فكان يعرض من ذلك أن يبشم الطير فيموت، ويخرج الزراع من زرعه صفرا، فجعلت عليه هذه الوقايات لتصونه، فينال الطائر منه شيئا يسيرا يتقوت به، ويبقى أكثره للإنسان، فإنه أولى به، إذ كان هو الذي كدح فيه وشقي به، وكان الذي يحتاج إليه أكثر مما يحتاج إليه الطير)(1).

فعلى الانسان أن يعرف مدى عظمة الله وقدرته؛ فكل هذه الخلائق والموجودات من سماوات وأرضين وبحار وما فيهن من حيوانات ونباتات، هي من صنع عظیم مقتدر؛ فلو فكر الإنسان وتمعن جيدا في عجائب الخلق؛ لعرف الله حق معرفته؛ لأن التفكر في هذه المخلوقات يقربنا من الخالق، والإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة

ص: 68


1- التوحيد، المفضل بن عمر الجعفي، ص 99 - 100

و أراد أن يلفت نظرنا الى هذه المخلوقة الصغيرة، وأن نتفكر فيها جيداً بأنها معقدة بخلقها وتركيبها كبقية الغرائب والعجائب؛ لأن أغلب الناس لا ينظرون الى صغار الخلق؛ كونهم يعتبرونها بسيطة ولكن الصحيح، أن المخلوقات كلما كانت أصغر كلما كانت صعبة التركيب، ولكن الله قادر على كل شيء؛ فلا يعجزه أي شيء، قال تعالى:

«قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا»(1).

ص: 69


1- سورة مريم، الآية: 9

المصادر:

- القرآن الكريم

* نهج البلاغة / صبحي الصالح / الطبعة الرابعة، طبعة جديدة 1431 / دار أنوار الهدى..

* نفحات الولاية / لسماحة آية الله العظمی الشيخ ناصر مکارم الشيرازي / طبعة منقحة ومزيدة / الطبعة الاولى / 1432 - 2011. دار جواد الائمة للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت لبنان.

* حياة الحيوان الكبری کمال الدين الدميري / الوفاة: 808 / الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1424 / الناشر: دار الكتب العلمية.

ص: 70

* التحقيق في كلمات القرآن الكريم / الشيخ حسن المصطفوي / الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1417 الناشر: مؤسسة الطباعة والنشر وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.

* الموسوعة العلمية القرآنية / الدكتور لبيب بیضون / منشورات الأعلمي بيروت - لبنان.

* میزان الحکمة / محمد الريشهري / تحقيق: دار الحديث الطبعة: الأولى / المطبعة: دار الحديث / / الناشر: دار الحديث.

* مستدرك الوسائل میرزا حسين النوري الطبرسي / الوفاة: 1320 / تحقيق: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث / الطبعة: الأولى المحققة سنة الطبع: 1408 - 1987 م /

ص: 71

الناشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - بيروت - لبنان.

* الكافي الشيخ الكليني / تحقيق: تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري / الطبعة: الثالثة / سنة الطبع: 1367 / المطبعة: حيدري الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.

* معجم مقاییس اللغة / أحمد بن فارس بن زكريا الوفاة: 395 / تحقيق: عبد السلام محمد هارون / سنة الطبع: 1404 المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي / الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي.

* الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: الشيخ ناصر مکارم الشيرازي /

ص: 72

* التوحيد / المفضل بن عمر الجعفي / الوفاة: 160 / تحقيق: تعليق: كاظم المظفر / الطبعة: الثانية / سنة الطبع: 1404 - 1984 م / الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان.

* في ظلال نهج البلاغة / محمد جواد مغنية / الوفاة: 1400 / الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1427 / المطبعة: مطبعة ستار / الناشر: انتشارات كلمة الحق.

* تفسير مجمع البيان الشيخ الطبرسي / الوفاة: 548 / تحقيق: تحقیق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1415 - 1995 م / الناشر: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات - بيروت - لبنان.

ص: 73

* الإمام علي (عليه السلام) والأسرار العلمية / إبراهيم سرور العاملي / مؤسسة المراقد المقدسة العالمية / الطبعة الاولى 1433 - 2012 / دار المتقين (بيروت - لبنان).

* بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة / محمد تقي التستري / مؤسسة التاريخ العربي / الطبعة الاولى 1432 - 2011.

* شرح نهج البلاغة / ابن میثم البحراني / الوفاة: 679 / تحقيق: عني بتصحيحه عدة من الأفاضل وقوبل بعدة نسخ موثوق بها الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1362 / الناشر: مركز النشر مكتب الاعلام الاسلامي - الحوزة العلمية - قم - ایران.

ص: 74

* عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات، للإمام العالم زکریا بن محمد بن محمود الكوفي القزويني.

* کتاب الحيوان لأبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ / تحقیق ابراهيم شمس الدين / منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بیروت البنان.

* النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين / السيد نعمة الله الجزائري الوفاة: 1112 / الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي.

* مشكاة الأنوار في غرر الأخبار / علي الطبرسي الوفاة: ق 7 تحقيق: مهدي هوشمند / الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1418 الطبعة: دار

ص: 75

الحديث الناشر: دار الحديث.

* توضیح نهج البلاغة / السيد محمد الحسيني الشيرازي / الوفاة: 1422 / المطبعة: الناشر: دار تراث الشيعة - طهران - ایران.

* تفسير العياشي / محمد بن مسعود العياشي / الوفاة: 320 تحقيق: تحقیق وتصحيح وتعليق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي الناشر: المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.

* حياة الإمام الحسين (عليه السلام) المؤلف: الشيخ باقر شريف القرشي الوفاة: معاصر / الطبعة: الأولى / سنة الطبع: 1394 - 1974 م المطبعة: مطبعة الآداب - النجف الأشرف.

* التصميم في الطبيعة، هارون يحيی / ترجمة

ص: 76

اورخان محمد علي / استانبول 2004.

* العين / الخليل الفراهيدي / الوفاة: 175 / تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي - الدكتور ابراهيم السامرائي / الطبعة: الثانية سنة الطبع: 1409 / المطبعة: الناشر: مؤسسة دار الهجرة.

* موسوعة العقائد الإسلامية / محمد الريشهري / تحقيق: مركز بحوث دار الحديث / الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1425 - 1383 ش / المطبعة: دار الحديث الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.

ص: 77

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

المقدمة...9

تمهيد:...11

المسألة الأولى...16

النمل وأنواعه...16

المسألة الثانية...20

الدقة في خلق صغار الحيوانات...20

المسألة الثالثة:...24

بعض الحيوانات تفوق الإنسان بالسمع:...25

المسألة الرابعة...30

النملة من لطائف خلق الله...30

المسألة الخامسة...35

النملة ومسيرها لطلب الرزق...35

أولاً: دبيب النملة:...35

ثانياً - نقل الطعام الى مساكنها:...37

ثالثاً: جمع الطعام في وقت الصيف...40

المسألة السادسة...43

كفالة الخالق برزق النملة...43

المسألة السابعة...48

التمعن في أمعاء النملة...48

ص: 78

أمعاء النملة:...48

المسألة الثامنة...53

بیان عظمة الله في خلقه...53

المعنى اللغوي:...53

أيدي النملة وأرجلها:...53

النظام الطبيعي عند النمل:...56

المسألة العاشرة...60

بیان قدرة الله في خلق الوجود من الذرة الى النخلة فما فوق...60

المصادر:...70

ص: 79

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.