الحضين بن المنذر: حياته وما تبقى من شعره

هوية الکتاب

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية 3675 لسنة 2019 مصدر الفهرسة:

IO-KaPLI ara IQ-KaPLI rda رقم تصنيف PJ7700.H3 Z5 2020 : LC المؤلف الشخصي: الحداد، سعد، 1961 - - مؤلف.

العنوان: الحضين بن المنذر: حياته وما تبقى من شعره / بيان المسؤولية: صنعة الدكتور سعد الحداد؛ السيد نبيل الحسني الكربلائي. بيانات الطبع: الطبعة الأولى.

بيانات النشر: كربلاء، العراق: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2020 / 1441 للهجرة.

الوصف المادي:

103 صفحة؛ 24 سم.

سلسلة النشر:

(العتبة الحسينية المقدسة؛ 720).

سلسلة النشر:

(مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 179).

سلسلة النشر:

(سلسلة صحابة الإمام علي عليه السلام؛ 8).

تبصرة ببليوجرافية:

يتضمن هوامش، لائحة المصادر (الصفحات 102 - 91).

موضوع شخصي: الرقاشي، الحضين بن المنذر، حوالي 99 - 3 للهجرة.

موضوع شخصي: الرقاشي، الحضين بن المنذر، حوالي 99 - 3 للهجرة نقد و تفسیر.

مصطلح موضوعي: الشعر العربي - تاريخ ونقد - عصر صدر الاسلام، 622 - 660.

مصطلح موضوعي: الشعر العربي - تاريخ ونقد - العصر الأموي، 660 - 750.

مصطلح موضوعي: الحديث - رواية. مصطلح موضوعي: معركة صفين في الشعر العربي.

اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء، العراق)، مؤسسة علوم نهج البلاغة. جهة مصدرة.

تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية

ص: 1

اشارة

ص: 2

سلسلي حياة السلف الصالح صحابة الامام علي علیه السلام (8) التابعيون: 1 حیاته وماتبقى من شعره صنعة اصدار في العتبة الحسينية المقدسة (179)

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1441 ه - 2020 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الاكبر(عليه السلام) مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600_07815016633 الموقع الالكتروني:

www.inahj.org الايميل:

Inahj.org@gmail.com تنويه:

إن الآراء والأفكار الواردة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة تخلي العتبة الحسينية المقدسة مسؤوليتها عن أي انتهاك لحقوق الملكية الفكرية

ص: 4

مقدمة المؤسسة

این الخلف من هذا السلف الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بها ألهم والصلاة والسلام على خير الأنام محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:

لم يزل الإمام علي (عليه السلام) الفاروق بين الحق والباطل والمحك الذي يكشف الإيمان من النفاق، والفئة العادلة من الباغية، والسنّة من البدعة، والصالح من الطالح، ولأن الدين هو أثمن ما لدى العاقل فقد احتاج العاقل إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ ولأن الدعوة إلى التمسك بالسلف الصالح أصبحت اليوم شعار الخلف كان لا بدّ من الرجوع إلى أولئك السلف؛ لنرى أين كانوا؟ أو تحت أي راية ساروا؟ وإلى أي فئة انتسبوا؟ وأي سنّة أحيوا؟ وأي بدعة أماتوا؟.

ولأجل ذلك ارتأت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تضع بين

ص: 5

يدي القارئ الكريم مكنزاً معرفياً يعيد رسم صورة الإسلام، ويوضح الطريق لمن تشوق لمعرفة رجال صدقوا في إيمانهم، وكانوا دعاة ربانيين للإسلام، وعاملين مجدين في بناء الحضارة الإنسانية منذ أن شرّفهم الله بالإسلام، وصحبة رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والتمسك بأخيه ووصيه وخليفته في أمته، وولي من كان المصطفی (صلی الله عليه وآله) نبيه.

فكانوا صحابة وموالين، وسلفاً صالحاً، لمن أراد أن يعلم من هم السلف الصالح، ومن أميرهم ومولاهم حتى قال فيهم الحاكم النيسابوري في مستدرکه نقلاً عن الحكم: (شهد مع علي - معركة - صفين ثمانون بدرياً وخمسون ومئتان ممن بايعوا تحت الشجرة)، ولأجل معرفة هؤلاء (البدريون والشجريون) الذين كانوا يقاتلون تحت راية الإمام علي (عليه السلام) في حربه للفئة الباغية معاوية، وحزبه وأشياعه، وممن لم يشتركوا لكنهم عرفوا بموالاتهم لعلي (عليه السلام).

ولذا شرعت المؤسسة بالبحث والدراسة لهذا السلف الصالح، وبيان شخصيتهم وسيرتهم العطرة، ضمن سلسلة تصدر تباعاً والموسومة ب(سلسة حياة السلف الصالح صحابة الإمام علي عليه السلام) فقدمنا منهم الصحابة البدريين

ص: 6

والسابقين من المهاجرين والأنصار فإن وفقنا الله لإكمالهم شرعنا بأهل البيعة تحت الشجرة.

وبناءً عليه:

فإن الجهد الذي بذله الأخ المحقق الدكتور سعد الحداد دامت توفیقاته في صناعة هذا الصرح القيمي والولائي في تاريخ الرجالات الذين وقفوا بوجه الباطل بالسيف والكلمة، إلا واحداً من الأعمال الجليلة في بناء التاريخ الإسلامي، عبر أحد رجالاته ألا وهو الفارسي الشاعر المجاهد الأبي الصلد في حبه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى حظي بثاء من نمت عروقه على حبه (عليه السلام)، فيقول فيه ممتدحًا جهاده في صفين وصولته على القاسطين:

لمن رايةٌ حمراء يخفق ظلُّها ٭٭٭ إذا قيل قدّمها حُضينٌ تقدّما

فجزى الله الباحث خير الجزاء فقد بذل جهده وعلى الله أجره. والحمد لله رب العالمين

السيد نبيل الحسني الكربلائي

رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 7

ص: 8

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيْم

المُقدَّمَة

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمِينَ والصَّلاةُ والسَّلامُ على أَشرفِ خَلقِ اللهِ أَبي القاسمِ محمَّدٍ بنِ عبدِ اللهِ وآلهِ الطَّيبينَ الطاَّهرينَ وصَحبهِ الغُرِّ المُنتَجَبينَ. بني عبير الله وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المميز المنتجبين.

وبعد.

الحُضَيْنُ بنُ المُنْذِر....

فارسٌ همامٌ، صَحِبَ الحقَّ واتَّبَعَهُ، فكانَ سيفاً بتَّاراً على القاسِطينَ، وصوتاً مُدوِّیاً بالحقِّ لا تأخذهُ باللهِ لومَةُ لائمٍ.

فَريدُ الاسمِ، وَحيدُهُ، حَسنُ الصِّفاتِ والذِّكرِ، اثْنی عليهِ الصَّالحونَ والأَولياءُ، وكذا المَارقونَ الأَعداءُ، كانَ مُستَشَاراً مُؤتَمَناً، ذا خِبرةٍ وجَرأَةٍ في القولِ والفعلِ، لاترهبُهُ السُّيوفُ أَو تهزُّهُ الحتوفُ، يردُّ الصَّاعَ صاعينِ بحِلمٍ وأَناةٍ، ولا يقيمُ لغيرِ

ص: 9

الحقِّ صلاتٍ، حتى كانَ هجاؤهُ لابْنِهِ غياظٍ، دليلاً على استقامتهِ، وصِدقِ ولائهِ، وثباتِهِ على المَحَجَّةِ البيضَاء، موالياً ومجاهراً بحبِّ مَنْ شَبَّ في كنَفهِ، ونَهلَ من نميرِ خُلُقهِ، وعظيمِ صفاتهِ أَبي الحسن أَمير المؤمنينَ عليِّ بن أَبي طالب (عليه السلام)، فسجَّلَ وقفاتٍ مشرّفةً ضدَّ زُمَرِ الفجورِ والضَّلالِ، وقارعي طبولَ الحروبِ وسَفكِ الدماءِ، راسِماً صفحاتٍ من الإقدامِ والشَّرفِ، مدافعاً بصولاتِ الايمانِ عن الحقيقة العادلةِ، ملتزماً بأَخلاقِ الفرسانِ في أَقسى ظروفِ الحربِ وممثِّلاً للنداءِ الشَّرعيِّ الصَّادقِ المُتَمَثِّلِ بسيِّدِ الأَوصياءِ، فكانَ في كلِّ أَدوارِ حياتِهِ سائراً على نهجِ الوَصيَّ، نُصْحاً ووعظاً وأَمانةً في تقديمِ مشورةٍ، وتعاملاً نبیلاً حتَّى مع أَعدائهِ، وناقداً مُهَاباً جَريئاً للطواغيتِ والجبابرةِ.

شَهدتْ له ساحاتُ صفِّينَ بطولاتٍ نادرةً، وشجاعةً عامرةً بالإيمانِ، يحملُ رايةَ العَدلِ وسيفَ الحَقِّ، فارساً مجاهداً یأَبی الضِّيمَ والذُّلَّ وكيدَ المارقينَ، فكانَ أَصغر القومِ سِنَّاً، يتقدَّمُ الشُّيوخَ والكهولَ ورؤساءَ ربيعةٍ، فيحملُ رايةَ عليِّ (عليه السلام) لِمَا كان عليهِ من شجاعةٍ ورجاحةِ عقلٍ ومكانةٍ أثيرةٍ في عشيرتهِ، فنالَ نصيباً لم ينلْهُ غيرُهُ، ونالتْ عشيرتُهُ ماخلَّدَها

ص: 10

التاريخُ بهِ، إذْ قالَ فيه أَميرُ المؤمنين (عليه السلام) بقصيدته الخالدةِ التي ظلَّتْ تُتلى ومازالتْ زاهرةً، صادحةً كنشيدٍ قوميٍّ لربيعةٍ، تؤرِّخُ موقفاً وبطولةً وانتماءً، ومطلعُها:

لمنْ رايةٌ حَمراءُ يخفقُ ظلُّها ٭٭٭ إذا قيلَ قَدمّها حُضينٌ تقدَّما وقارئُ سيرتِهِ يَلحَظُ وجودَ فتورٍ زمانيٍّ في تتابعها، مُتَزامِناً معَ وقوعِ أَحداثٍ جِسامٍ في تاريخِ القرنِ الأَوَّلِ الهجريِّ، فلم يُسَجِّلْ له التاريخُ موقفاً ازاءَ واقعةِ الطَّفِّ ومقتَلِ سيِّد شبابِ أَهل الجَّنةِ الإمام السِّبط الحسين بن عليّ (عليه السلام) سنة (61) هجرية، وهو منَ المعاصرينَ للحدثِ، وهو حدثٌ جسيمٌ، فكيفَ لفارسٍ مجاهدٍ مثلَ الحُضَيْنِ بنِ المُنذرِ الذي كان موالياً من الدَّرجةِ المُتقدِّمةِ للإمامِ عليٍّ بن أَبي طالب (عليه السلام) أَنْ يقِفَ بعيداً عن حَدَثٍ كبيرٍ كهذا وهو العارفُ بتاريخِ السُّلالةِ الأَمويَّةِ وفعلها الدَّمويّ القبيحِ، حتَّى أَنَّه الصَّارخُ علناً: (إنَّ معاويةَ دَسَّ السُّمَّ للإمام الحَسَنِ)!.

لم نَتوصِّلْ بَعْدُ إلى موقفِ الشَّاعِر مِن تلكَ الفَواجعِ التي

ص: 11

مرَّت بالإمامينِ السِّبطينِ (عليهما السلام) على الرُّغمِ من تتبعنا المُضنِيّ في جَمعِ أَخبارهِ وشِعرِهِ. ومما يلحظُ أَنَّهُ كانَ في ريعانِ الشَّبابِ ولم يُعرَفْ عنهُ أَنَّهُ تَخلَّى عن موقفهِ المُجاهرِ بنُصرَۃِ وموالاةِ أَميرِ المؤمنينَ (عليه السلام)، فَانْ كان مانعٌ حالَ دونَ نُصرتِهِما بالسَّيفِ وهو الفارسُ الشَّهمُ الهامُ، فلايمكنُ لمثلِ الحَضَيْنِ إلَّا أَن يَنصُر هُمَا بالشِّعرِ.

هذا التساؤلُ قد يُجابُ عليه في قابلِ الأَيامِ، فليسَ بينَ أَيدينا مايؤيدُ أَو يُفنِّدُ أَيَ رأَي يطلقُ تجاهَ مواقفِ الحُضَيْنِ التي تُسجِّلُ أَخبارُهُ قوَّةَ ولائِهِ، وعِظَمَ موقفهِ وصلابتهِ.

أَمَّا ماتَفرَّدَ به الجاحِظُ مِن أَنَّ الحُضَيْنَ كانَ بَخيلاً... فهذا الوصفُ الذي لم يَصدرْ عَن غَيرِ الجاحِظِ، وفيه إجْحَافٌ أَو لَبْسٌ، وإلَّا ما قولُكَ فيمَنْ يَهبُ الرَّوحَ من أَجلِ الغَيبِ وفي حَضرةِ إمامٍ مِثْل عليٍّ (عليه السلام) أنْ يَبخَلَ بدينارٍ أَو نحوه!! تلكَ جنايةٌ بحقِّ الرَّجلِ الشُّجاعِ المقارعِ للظلمِ، والمُنادي بالعدالةِ، والنَّاطقِ بالحَقِّ والولايةِ.

«ومايصنعُ الحُضَيْنُ وهو والٍ لأَميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أَبي

ص: 12

طالبٍ (عليه السلام) على إصْطخر الذي يعاتبُ عاملَهُ على البصرةِ عثمانَ بن حُنَيْفٍ لأَنَّهُ دُعي إلى وليمَةٍ فذهبَ إليها، فلم يكنْ الحُضَيْنُ ليسيرَ في ولايتهِ إلَّا با سَنَّهُ لهُ وأَقامَهُ مُقْتَدَاهُ أَميرُ المؤمنينَ في المُحَافظةِ على بيتِ مالِ المسلمينَ وعدمِ إنفاقهِ على الشُّعراءِ والمَدَّاحينَ کما يفعلُهُ بعضُ الولاةِ»(1).

الْحُضَیْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ.... فارسٌ وشاعرٌ... ومادوناهُ من أَخبارهِ وشِعرهِ هو كلُّ ما عثرنا عليهِ، وهو قليلٌ لما نُعِتَ به من كثرةِ النَّظمِ، وقد طال بهِ العُمرُ لأَكثر من تسعةِ عقودٍ، وأَحسبُ أَنَّ شِعرَهُ لم يُدوَّنْ، ولم يُشرْ أَحدٌ من المؤرخين والمترجمين له بأَنَّ للشاعرِ دیواناً. وما جمعناهُ كانَ متناثراً في بطون الكتبِ المختلفة من تاريخٍ وأَدبٍ ولغةِ وسِيَرٍ ورجالٍ وأَنسابٍ ومعاجمَ وغيرها ممَّا تناقلَهُ الرُّواةُ والكُتَّابِ.

ورَتَّبنا ماصَنَعنا في هذا الجهدِ من سيرَةٍ وأَخبارٍ وشِعرٍ، ترتیباً الفبائيَّاً، فكانَ كلٌّ حسبَ موقعِهِ وصِنفهِ، وضبطنا

ص: 13


1- أعيان الشيعة 6 / 196

النّصوصَ بالشَّكلِ، واعتَمَدنا الترقيمَ المُتسلسلَ، وخرَّجنا البحورَ الشِّعريَّةَ، وأَشرنَا إلى الاختلافاتِ الواردةِ في النُّصوصِ وبيانِ عائديَّتِها قدَرَ المَستطاعِ مَع ذِكرِ مَصادرِها، وشرحنا ما احتاج إلى شَرحٍ وبيانٍ بما يقتضيه السِّياقُ والمعنى، ثمَّ خرَّجنا النصوص كافةً على ما اعتمدناهُ من مصادرَ ومراجعَ، وعَرَّفنا ببعض الأَعلام الوارد ذكرُهم في الكتابِ.

نَسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أَن يتقبَّل منَّا هذا الجهدَ، الذي نزعمُ أَنَّا لم نَبلُغ الغايةَ في تمامِهِ، وما حققناهُ من استقصاءٍ لا يمثِّلُ ما نَصبو إليهِ من الكمالِ، فالكمالُ لله وَحدَهُ.

وأَخيراً لابُدَّ من تقديمِ آياتِ الشُّكرِ والعرفانِ لمؤسسةِ علومِ نَهجِ البلاغةِ التابعَة للعَتبةِ الحسينيَّةِ المقدَّسةِ مُمَثَّلةً برئيسها الأَخ الفاضِلِ السَّيِّدِ نبيلِ الحسنيِّ والعاملينَ معهُ لمَا يبذلونَهُ من جهدٍ طيِّبٍ متواصلٍ في نَشرِ تراثنا الولائي، وَفَقَّهُم اللهُ لكلِّ خيرٍ وسَدَّدَ خُطاهُم.

وآخرُ دَعوَانا أَن الحَمدُ لله رَبِّ العَالمينَ

الدُّكتور سَعَد الحَدَّاد

ص: 14

اسمه ونسبه:

الحُضَيْنُ(1)بنُ المُنْذِر بنُ الحَارثِ بنُ وَعْلة بنُ المُجَالد بنُ اليثربيّ بنُ الرَّيان بنُ الحارث بنُ مالك بنُ شيبان بنُ ذهْل بنُ ثَعلَبَة بنُ عكابة بنُ صَعْب بنُ عليّ بنُ بكر بنُ وائل الذَّهليّ(2)الرَّقاشیّ(3)الرَّبعيّ السَّدوسّي(4)البَصريّ(5).

ص: 15


1- ضبط العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف المُتَعَلّق بِعلم الحَدِيث الْحُضَين بن المُنْذر بقوله: حُضَين، الْحَاء مَضْمُومَة غير مُعْجمَة والضَّاد مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَنون. وَلَا أعرف من يسمّی حُضَيناً بالضاد المُعْجمَة غَيره وَغير من ينْسب إِلَيْهِ من وَلَده. وَكَثِيرًا مَا يَقع تَصْحِیف الحضين بن المُنْذر بالحصين فِي كتب الْأَدَب المطبوعة كالعقد الفريد وَغَيره، وَالظَّاهِر أَن منشأ هَذَا الاِشْتِبَاه اتِّفَاق الاسمين فِي الرَّسْم. ينظر: خزانة الأدب للبغدادي 4 / 36، تصحيح لسان العرب 1 / 73. وذُکِرَ للحُضَين سَمِيٌّ هو حفيدُهُ حُضَين بن يحيى بن الحُضَين
2- الوافي بالوفيات 13 / 60
3- نسبة إلى رقاش بنت ضبيعة بن قيس بن ثعلبة وهي أُمُّ أَحد أَجداده (مالك بن شیبان)، فنسبوا إليها، فهم الرقاشيون. ينظر: جمهرة أَنساب العرب لابن حزم 1 / 317
4- تاريخ الثقات للعجلي 1 / 123
5- بغية الطلب لابن العديم 6 / 2827

كنيته ولقبه:

أشهرُ کُناهُ (أَبو مُحَمَّدٍ) و (أَبو سَاسَان).

قال الطَّبريُّ: (كان يُكنَّى أَبا مُحَمَّد، وكان يُكنَّي في الحَرب بأَبي ساسان)(1). وقال ابنُ العديم: قيلَ أَبو ساسان لَقَبٌ وليس كنيةٌ(2). وقالَ الليثُ: أَبو ساسان كنيةُ کِسَرْي، وكان الحُضَيُنْ یُکنَّی بهذه الكنيةِ أَيضاً(3). وکُنِّي بأَبي حَفْصٍ.(4)

أَولاده:

للحُضَيْنِ ثلاثةُ أَولادِ، هم: يَحيَى(5)وسَاسان وغیَّاظ(6).

ص: 16


1- تاريخ الطبريّ 11 / 662
2- بغية الطلب 6 / 2827، تقريب التهذيب: 125
3- تهذيب اللغة الأزهري 13 / 92
4- لم أعثر على هذه الكنية سوى ما أورده الطَّبريُّ 6 / 511. وقد أطلقت عليه ممن جاء يشتكي إليه شَتمَ قتيبة بن مسلم الباهلي للناس حين غضبوا و کرهوا خلع سلیمان بن عبد الملك
5- يحیی بن الحُضَين الذي قال فيه الفرزدق: واصْرِف الكأسَ عن الفا ٭٭٭ ترِ یحیی بن حُضَين ينظر: الشعر والشعراء 1 / 466
6- غياظ: سيأتي ذكره في الصفحات القادمة

ولادته ووفاته:

اتفقَ المؤرخونَ أَنَّ الحُضَيْنَ ولدَ في البصرة. واختلفوا في تحديد سنة ولادته، فمنهم من قال أَنَّه ولد في السنة الثالثة للهجرة، وقال آخرونَ ولد في السنة الثامنة عشرة للهجرة.

ونرجِّح الرأي الأَوَّل اعتماداً على شعر الشَّاعر نفسه وهو يصرِّح عند فتح قتيبة بن مسلم الباهلي ل(سمرقند) سنة 93 هجرية بقوله(1):

أمَزْحٌ بشيخٍ بعد تسعينَ حجّةً ٭٭٭ طوتني كأني من بقية جُرْهُمِ فالحُضَينُ عند فتح سمر قند بلغ التسعينَ من العمر، أي أنَّ عمره (34) سنة عند وقعة صفين سنة (37) من الهجرة(2)وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه.

وممن أشار إلى ولادته في السنة الثامنة عشرة للهجرة العجليّ، إذ يقول: (دفع إليه الإمام عليّ الراية وهو ابنُ تسعَ

ص: 17


1- انظر القطعة رقم (14) من شعره
2- تاريخ الثقات 1 / 121. تقريب التهذيب ص 125

عشرة)، وكذلك الآمديّ إذ يقول: (كانت معه راية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام). يوم صفين دفعها إليه وهو ابنُ تسع عشرة سنة)(1).

وقد وصف وهو يشارك في الوقعة ب(أَنَّه كان أَحدثَ القوم سِنَّاً)(2)وهذا يؤيد ترجيحنا. ويعلق الشيخ الَأمين في الَأعيان فيقول: (في المقام إشكال وهو أَنَّه إذا كان قد ولد حوالي سنة (3) من الهجرة، يكون قد أَدرك عصر النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله) فيكون صحابياً مع أَنَّه لم يعدّه أَحدٌ من الصحابة، بل عدوّه من التابعين. وذكره ابن سعد في الطبقات في الطبقة الثانية من التابعين.(3)ويمكن أن يكون عدم عدّه من الصحابة لأنَّه لم يلقَ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله) ولم يرو عنه وإنْ أَدرك عصره والله اعلم.(4) (وطالَ عمرُهُ حتى أدرك إِمَارَةَ سلیمان بن عبد الملك (وأنَّ

ص: 18


1- المؤتلف والمختلف 1 / 110
2- جمهرة أنساب العرب 1 / 377، الأخبار الطوال 1 / 189
3- الطبقات الکبری 7 / 113
4- أعيان الشيعة 6 / 194

سلیمان بویع سنة 96 من الهجرة ومات في خلافة سلیمان بن عبد الملك)(1)وقيل في وفاته أنَّه (مات سنة سبع وتسعين)(2)وقيل (مات سنة تسعٍ وتسعين)(3)وقيل (مات على رأس المئة)(4). ولم يشر أحد إلى مكان وفاته أو موضع قبره.

شرطة الخميس:

عُدّ أبو ساسان الحُضينُ بنُ المُنذر واحداً من النُّخبةِ التي وصِفَتْ ب (شرطةِ الخميس)، وهم أصحابُ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) العارفونَ بحقّه والسائرونَ بهديهِ. ولما لهم من مواقفَ ولائيةٍ مخلصةٍ، وحضورٍ جهاديّ كبير.

قال محمد بن مسعود: حدَّثني عليّ بن الحسين عن مروك بن عبيد قال: حدثني إبراهيم ابن أَبي البلاد عن رجلٍ عن الأصْبغ بن نباته قال له: كيف سُمِّيتُم شرطةَ الخمیسِ یا

ص: 19


1- تاریخ خليفة بن الخياط ص 309، حوادث سنة 96، بغية الطلب 6 / 2841، جمهرة انساب العرب 1 / 377
2- تهذيب الكمال: 6 / 560، الكاشف للذهبي 1 / 340، الوافي بالوفيات 13 / 60
3- صحيح مسلم: 1 / 139، مشاهير علماء الأمصار: 1 / 157
4- تهذيب التهذيب: 2 / 395

اصبغُ؟ قال إنَّا ضَمنَّا له الذّبحَ وضمنَ لنا الفتحَ يعني أميرَ المؤمنينَ (عليه السلام)(1).

وروى الشَّيخُ المفيدُ بسنده عن عليّ بن الحَكَمِ، قال: أصحابُ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) الذين قال لهم: تشرّطوا فأنا أُشاطركم على الجنَّةِ ولستُ أُشاطركم على ذهبٍ ولا فضةٍ، إنَّ نبينا (صلى الله عليه وآله) فيما مضى قال لأصحابه: تشرَّطوا فانِّي لستُ أُشاطركم إلا على الجنَّةِ وهم: سلمان الفارسيّ والمقدادُ وأبو ذرٍّ الغفاري وعمَّارُ بن ياسر وأبو ساسان وأبو عمرو الأنصاريانِ وسهلُ بدري وعثمانُ ابنا حنيفٍ الأنصاريّ وجابرُ بن عبد الله الأنصاريّ(2).

وروى الكشِّي في رجاله بسنده عن أَبي بكرٍ الحَضرَميّ: قالَ: قالَ أبَو جعفر (عليه السلام): ارتدَّ الناسُ إلَّا ثلاثةَ نفرٍ: سلمان و أبو ذرّ والمُقداد. قال، قلت: فعمارّ؟ قال قد كان جاض جيضة(3)ثمَّ رجع. ثمَّ قال: إن أردتَ الذي لم يشك ولم يدخله

ص: 20


1- رجال الكشيِّ: 182
2- الاختصاص: 2 - 3
3- جاض: أي عدل عن الحق ومال

شيء في المقداد، فأمَّا سلمان فانَّه عرضَ في قلبه عارضٌ أنَّ أَمير المؤمنين (عليه السلام) اسم الله الأعظم لو تكلَّم به لأَخذتهم الأرض وهو هكذا، فلبّب ووجئتْ(1)عنقُهُ حتی ترکتْ كالسَّلْقَة(2)، فمرّ به أَمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أَبا عبد الله هذا من ذاك. بایعْ! فبايع.

وأما أَبو ذرّ فأمرَهُ أَميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) بالسكوت ولم يكنْ تأخذهُ في الله لومةُ لائمٍ فأبى إلا أنْ يتكلَّمَ. فمرّ به عثمانٌ فأمر به، ثمَّ أنابَ الناسَ بعد. فكان أَوَّلَ من أنابَ أَبو ساسان الأَنصاري وأبو عمرة وشتيرة وكانوا سبعةً، فلم يكنْ يعرفُ حقَّ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) إلَّا هؤلاءِ السبعة(3) وروى الكشّي أيضا عن أبان بن عثمان عن الحارث بن المغيرة النصريّ، قال: سمعتُ عبد الملك بن أَعْيُن يسأل أبا عبد الله (عليه السلام)، قال: فلم يزل يسأله حتى قال له: فهلكَ الناسُ إذا؟ فقال (عليه السلام): أي واللهِ يا بنَ أَعْيُن هلكَ

ص: 21


1- لببّ: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثمَّ جرّه. وجأ يوجأ: ضربه باليد والسكين
2- السَّلْقَةُ: نزع الجلد بالماء الحار، أَذهب شعره ووبره وبقي أَثره
3- رجال الكشيّ: 72 - 73

الناسُ أجمعونَ، قلتُ: منْ في الشَّرق ومنْ في الغرب؟ قال، فقال (عليه السلام): أنَّها فتحت على الضَّلال أَي واللهِ هلكوا إلا ثلاثةً ثمَّ لحقَ أَبو ساسان وعمار وشتيرة وأَبو عمرة فصاروا سبعةً(1) جاء في رجال البرقي لفظ (أبو سنان) وعدّه من أَصحابِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، ومن أصفياءِ أَصحابِ أَميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) الذي كانوا من شرطة الخميس(2).

والظاهر أنَّ المذكور في الموضعينِ المشار إليها هو نفسُه (أَبو ساسان) لكنَّ تحريفاً وقع في اسمه أَو أنَّ البرقي (رحمه الله) قد عرفه بهذه الكنية.(3).

فأبو ساسان الحُضَينُ بنُ المنذر كان من الأَصفياءِ الذينَ عملوا تحتَ رايةِ أَميرِ المؤمنينَ (عليه السلام).

ص: 22


1- رجال الكشي: 68
2- رجال البرقي: 27 و 33
3- هامش التحرير الطاووس: 663

صفته وما قيل فيه:

وَصَفَهُ أَصحابُ الرجال والحديث ب(تابعيّ ثقة(1)، شریف(2)، صدوق(3)، وكان رجلاً صالحاً(4)راوياً للحديث الشريف. وعُدَّ في الطبقة الثالثة من أَهل البصرة(5)، وفي الطبقة الثانية من الأَسماء المفردة(6).

وهو شاعرٌ مفوّهٌ فارسٌ(7)من سادات ربيعة.

وكان صاحبَ أَمير المؤمنين يوم صفين(8)وحامل رایته

ص: 23


1- تاريخ الثقات: 1 / 123، تهذيب الكمال 6 / 557، تقريب التهذيب ص 125
2- الكاشف للذهبي: 1 / 340. قال (ثقة شريف من أَمراء علي يوم صفين وكان شاعراً شجاعاً)
3- بغية الطلب: 6 / 2836 (عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش)
4- تاريخ الثقات: 1 / 123
5- طبقات ابن سعد: 7 / 155
6- تهذيب الكمال: 6 / 556 عن (احمد بن هارون البرديجي)، تقريب التهذيب ص 125
7- الإكمال: 2 / 481، الكاشف للذهبي: 1 / 340، الوافي بالوفيات: 13 / 60
8- تهذيب الكمال 6 / 557

فيه، وولاّهُ الإمام عليّ (عليه السلام) ولاية إصْطَخْر(1).

وقال يعقوب بن سفيان في تسمية أُمراء يوم الجمل من أَصحاب عليّ: (وعلى رجالتها ۔ یعني عبد القيس - حضين بن المنذر خاصة)(2).

وانفرد ابن عساکر بقوله (وكان صاحبَ شرطةِ عليّ)(3).

قال ابنُ سلام: ذُکِرَ عند الأحنفِ الحُضينُ بنُ المنذرِ بنُ الحارثِ فقالوا: سادَ وهو حَدَثٌ لم تتصل لحيتُهُ، فقال الأحنفُ: السُّؤددُ مع السَّوادِ(4).

وقال الضحّاك بنُ هنّام يخاطب الحُضين:

ص: 24


1- المؤتلف والمختلف: 120، سمط اللآلي: 816. إصْطخر: بالكسر وسكون الخاء المعجمة، بلدة بفارس من الإقليم الثالث، قيل أول من أنشأها إصْطخر بن طهمورث ملك الفرس، وطهمورث عند الفرس بمنزلة آدم. وهي من أقدم مدن فارس وأشهرها، وبها كانت خزائن الملوك، و أهلها أكرم الناس أحساباً، ملوك وأبناء ملوك. والنسبة إليها اصطخري واصطخرزي. ينظر: معجم البلدان 1 / 211
2- تهذيب الكمال: 6 / 558، الجمل للشيخ المفيد ص 320
3- تاریخ دمشق 14 / 398، (تفردّ بهذا الوصف)
4- تاريخ الطبري: 11 / 662، البصائر والذخائر 3 / 51

وَأَنت على مَا كَانَ مِنْك ابنُ حرّةٍ ٭٭٭ أَبيٌّ لِمَا يَرضَى بِهِ الْخَصمُ مَانعُ

وفيكَ خِصَالٌ صَالحاتٌ يشِيْنُها ٭٭٭ لَديكَ جُفَاءٌ عِنْدهُ الودُّ ضَائعُ

أَي: أَنْت مع ما كان منك إلينا من سوء المُعَاملة ابنُ حرّةٍ، أبيٌّ، ذُو حميّةٍ، مَانعٌ لما يرضى بِهِ الْخصم.(1) وقال خالد بن المعمر ذاكراً الحُضين بن المنذر ومادحاً إيّاه في قصيدة له:

وَفَتْ لعليٍّ مِن ربيَعَةَ عُصْبةٌ ٭٭٭ بِصُّمِّ العَوَالي والصَّفيحِ المُذكَّرِ

شقيقٌ وكُردوُسُ ابْنُ سَيّدِ تَغْلبٍ ٭٭٭ وقد قامَ فيها خالدُ بنُ المُعمَّرِ

وقارعَ بَالشورى حُرَيثُ بنُ جابرٍ ٭٭٭ وفازَ بها لولا حُضيَنُ بنُ مُنْذرِ

ص: 25


1- خزانة الَأدب للبغدادي 4 / 36

لأنَّ حُضَيْناً قامَ فينا بخُطْبةٍ ٭٭٭ من الحقِّ فيها مِيتَةُ المتجبّرِ

أُمِرْنا بمُرِّ الحَقِّ حتَّى كأنَّنا ٭٭٭ خشَاشٌ تَفادي من قَطامٍ بقَرقَرِ

وكانَ أَبوهُ خَيرَ بَكرِ بنِ وائلٍ ٭٭٭ إذا خِيْفَ من يومٍ أغرَّ مشَّهرِ

نَمَاهُ إلى عُليا عُكابَةَ عُصبةٌ ٭٭٭ وآبٍ أَبيٍّ للدنيَّتةِ أَزهرِ(1) روايتُهُ للحديثِ النَّبويِّ الشَّريف والرَّاوونَ عنه:

رَوَى الحُضَينُ عن الإمام عليّ بن أَبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عَفَّان ومُجَاشِع ابن مَسعود والمُهاجِر بن قُنفذ وأَبي موسى الأَشعَري.

ورَوَى عنه: الحَسَنُ البَصْريّ وداودُ بن أَبي هند وعبدُ اللهِ بن فيروز الدَّاناج وعبدُ العَزيزِ بن معمرِ اليَشْکُريّ وعليّ بنَ

ص: 26


1- وقعة صفين: ص 487. وفي البيت الأخير إقواء

سُوید بن مَنْجوفِ السُّدوسِي ونَصرُ بن سَیَّار وابنُهُ يَحيى بن حُضَين بن المُنْذر(1).

ومما رواه:

(1) حَدَّثَ مُسلمُ بن قُتَيبةِ بنِ مُسلِم عَن يَحيَى عَن أَبيهِ الحُضَين، قالَ: سَمِعتُ عمارَ بن ياسر يقول: كانَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه و آله) لا يأكلُ الهديَّةَ حتَّى يأكلَ منها مَنْ أَهداها إليه، بعدما أَهدَتْ إليه المرأةُ الشَّاةَ المسحوقَ بخيبرٍ(2).

(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّی، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عن قَتَادَة، عنِ الْحَسَنِ عَنْ حُضَيْنِ بنِ المُنْذِرِ أَبِي سَاسَانَ، عَن المُهَاجِرِ بن قُنْفُذٍ، قال: أَتيتُ النَّبِيَّ (صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ) وَهُوَ یَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَیْهِ حَتَّی تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ «إِنِّي كَرِهْتُ أَن أَذْكُرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ».(3) (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أَبي شَيْبَةَ، وَزُهَيرُ بنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ

ص: 27


1- تهذيب الكمال 6 / 579، بغية الطلب 6 / 2827
2- تاریخ دمشق 22 / 167 - 148، مختصر تاریخ دمشق 10 / 98
3- سنن ابن ماجة 1 / 126، سنن أبي داود 1 / 5، السنن الكبرى للنسائي 1 / 86، المعجم الكبير للطبراني 20 / 329

بنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسماعيلُ وهو ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عبْدِ الله الدَّانَاجِ، وَحَدَّثَنَا إِسْحاقُ بنُ إبراهيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ فَیْرُوزَ، مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ الدَّانَاجِ، حَدَّثَنَا حُضَیْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَکْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُکُمْ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: (جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ)، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، «وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ(1).

ص: 28


1- صحيح مسلم 3 / 1331، سنن أبي داود 4 / 163، سنن ابن ماجة 2 / 858. قوله (شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد) أي حضرت عنده بالمدينة وهو خليفة. والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي أنزل الله فيه «إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» (سورة الحجرات / 6) أتی به من الكوفة كان واليا عليها وكان شاربا سيء السيرة، صلّى بالناس الصبح أربعاً وهو سكران ثمَّ التفت إليهم فقال أزيدكم؟ فقال أهل الصف الأول: ما زلنا في زيادة منذ وليتنا وتزيدنا لا زادك الله من الخير. وحصب الناسُ الوليد بحصباء المسجد فشاع ذلك في الكوفة وجرى من الأحوال ما اضطر عثمان إلى استحضاره

حياؤه:

أخْبَرَنا أبو البقاءِ يعيشُ بنُ عليّ بنُ يعيشٍ قال: أخْبَرَنا الخطيبُ أبو الفضل عبدُ الله بنُ أحمدَ بنُ محمَّدٍ الطوسيّ قالوا: أخْبَرَنا الحاجبُ أبو الحسنِ بنُ العلافِ قال: أخْبَرَنا أبو القاسم بن بشرانَ قال: أخْبَرَنا أبو العباسِ الكنديّ قال: حدَّثَنا محمَّدٌ بنُ جعفرٍ قال: سمعتُ المبرّدَ يقول: كان الحُضَينُ بنُ المنذرِ إذا رأي زوجَ ابنتِهِ أو أختِهِ زالَ عن مجلسهِ، وقال: مرحباً بمن سَتَرَ العورةَ وكفَى المؤونَةَ.(1)

من أقواله ومواقفه:

ندوّنُ ما استطعنا العثورَ عليه من أَقوالٍ ومواقفَ للحُضَينِ بنِ المُنْذرِ وهي حافلةٌ بأَفكارٍ جميلةٍ وآراءٍ سديدةٍ تدلُّ

ص: 29


1- بغية الطلب 6 / 2828

على تجربةٍ حياتيَّةٍ غنيَّةٍ، فيها حكمةٌ نافعةٌ وقولٌ مفيدٌ.

(1) قالَ الحُضينُ بنُ الْمنُذرِ: وددتُ أَنَّ لي مثلَ أُحُدٍ ذهباً لا أنتفعُ منهُ بشيءٍ! قيلَ له: فما كنتَ تصنعُ به؟ قالَ: لكثرةِ من كان يخدِمُني عليه، لأنّ المالَ مخدومٌ(1).

(2) قَالَ الحُضينُ بن المُنْذر: لَوَدِدْتُ أَنَّ لي أساطينَ مَسْجِد الْجَامِع ذَهَباً وَفِضةً لَا أنتفع مِنْهُ بِشَيْء.

قيل لَهُ: لِمَ يَا أَبَا ساسان؟ قال: يخدمني وَالله عَلَيْهِ موقان الرِّجَال(2).

(3) وقال الحُضينُ بنُ المنذرِ: عليكَ بطلبِ الغنَى، فلو لم يكنْ لكَ فيه إلا أنّهُ عزٌّ في قَلبكَ، وذلٌّ في قَلبِ عَدوّكَ، لكانَ الحظُّ فيه جَسِیماً، والنَّفعُ فيه عَظيماً، ولسْنَا ندعُ سيرةَ الأنبياءِ، وتعليمَ الخُلفاءَ، وتأديبَ الحُكماءِ لأصحابِ اللهو؛ ولستُمْ عليَّ تردّونَ، ولا رأيي تُفَنّدونَ، فقدّموا النَّظرَ قبل العزمِ، واذكروا ما

ص: 30


1- البخلاء 1 / 34، العقد الفرید 7 / 227
2- نثر الدرّ 4 / 136، التذكرة الحمدونية 8 / 92

عليکُمْ قبلَ أنْ تدركوا مالكمْ، والسلامُ عليكُم(1).

(4) قال الحُضَيْنِ بْنِ المُنْذِرِ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: إِنَّ لَكَ رَأْيًا، فَمَا فَرَّقَ هَذِهِ الأُمَّةَ وَسَفَكَ دِمَاءَهَا وَشَقَّ عَصَاهَا وَشَتَّتَ مَلأَهَا؟ قُلْتُ: قَتْلُ عُثْمَانَ.

قَالَ: صدقت(2).

(5) قال الحُضينُ بن المُنْذر: ابْتِذالُ النَّفسِ في الحَربِ أبقَى لها إذا تأخَّرتِ الآجالُ(3).

(6) ورُوي عنِ عَبدِ اللهَّ بنِ عيّاش، عنِ الشعبيِّ، قال: قال قتيبةُ بنُ مسلمٍ للحُضين بن المنذر: ما السُّرورُ؟ قال: دارٌ قوراءٌ وامرأةٌ حسناءٌ وفَرَسٌ مربوطٌ بالفناءِ.(4) (7) عن عبدِ اللهِ بنِ فائد قال: قالت إمرأةُ الحُضينِ بنِ المنذرِ للحُضينِ: كيفَ سُدْتَ قومَكَ وأنتَ بخيلٌ وأنتَ دميمٌ؟.

قال: لأنَّي سديدُ الرَّأي، شديدُ الإقدامِ(5).

ص: 31


1- البخلاء 1 / 34، العقد الفريد 7 / 227 وفيه (قال بعض الحكماء)
2- انساب الأشراف للبلاذري 5 / 120
3- لباب الآداب لأسامة بن منقذ 1 / 188
4- المجموع اللفيف 1 / 387
5- البيان والتبيين 2 / 115

(8) أخْبرَنا أبو القاسم عليّ بنُ إبراهيمَ أخْبَرَنا رشأ بنُ نظيفٍ أخبَرَنا الحسنُ بنُ إسماعيلَ أخْبَرَنا أحمدُ بنُ مروانَ حدَّثَنَا محمدُ بنُ داود حدَّثَنَا المازنيّ قالَ قيلَ لحُضينِ بنِ المنذرِ الرقاشيّ بأيِّ شيءٍ سدْتَ قومَكَ؟ قالَ بحَسَبٍ لا يُطْعَنُ فيهِ، ورأي لا يُسْتَغني عنْهُ، ومن تمامِ السؤددِ أنْ يكونَ الرَّجلُ ثقيلَ السَّمعِ عظيمَ الرأسِ.(1) (9) وكان الحُضينُ بنُ المنذرِ في صفينَ أَحْدَثَ القومِ سنّاً، فقال:

إنَّما بُني هذا الدّينُ على التَسْليمِ، فلا تَدْفَعُوهُ بالقياسِ، ولا تَهْدِمُوهُ بالشُّبهةِ، وإنّا واللهِ لو أنّا لا نَقْبلُ من الأمورِ إلا ما نعرفُ، لأصبحَ الحقُّ في الدنيا قليلًا، ولو تركنا وما نهوى، لأصبحَ الباطلُ في أيدينا كثيرًا، وإنَّ لنا راعيًا قد حمدنا وِرْدَهُ وصَدْرَهُ، وهو المأمونُ على ما قالَ وفعلَ، فإنْ قال: لا. قلنا: لا، وإنْ قال: نعم، قلنا: نعم(2).

(10) وحُکي عنِ الحُضينِ بنِ المنذرِ أنَّهُ قال لبعضِ بني

ص: 32


1- تاریخ دمشق 14 / 390
2- الأخبار الطوال 1 / 189، جمهرة خطب العرب في العصور الزاهرة 1 / 377

عَبْسٍ وقد تنازعا في شيءٍ: إنَّما أنتم يا بني عَبْس بَحْرٌ، فإنْ ابْتَلَّ اُبْتَلَلْتُم، وإنْ یَبُسَ یَبُسْتُم(1).

(11) قال المدائني: كان حُضَين بن المُنذر الرَّقاشيّ يقول:

واللهِ ما وَفَي معاويةُ للحسنِ بشيءٍ ممّا أَعطاهُ، قَتَل حِجْراً، وأصحابَ حِجْرٍ، وبايعَ لابْنِهِ يزيد، وسَمَّ الحَسَنَ(2) (12) قال الحُضينُ: إنّ الناسَ إنْ علموا لك غرارةٌ من مالٍ حثّوا لك أُخرى، وإنْ يعلموكَ فقيراً تعدّوا عليك معَ فقرك.(3) توقيع الإمام عليّ (عليه السلام) للحُضَيْن:

وَكتب الحُضينُ بنُ المُنْذر إلى الإمام عليٍّ (عليه السلام) بصفِّين: يَا أَمِير المُؤمنِينَ قد أَسْرع السَّيْف فِي ربيعَة، وخاصة في أَسرى مِنْهُم.

فَوَقَّع إِلَيْهِ الإمام (عليه السلام): بَقِيَّة السَّيْف أَنهی عَدَداً(4).

ص: 33


1- شرح دیوان الحماسة 1 / 1068
2- جمُل أنساب الأشراف للبلاذري 3 / 47
3- العقد الفريد 1 / 218، التذكرة الحمدونية 1 / 92 - 93
4- خاص الخاص 1 / 86

أَخبارُه

(1) خبره يوم صفِّين وقصيدة الإمام عليّ بن أَبي طالب (عليه السلام) في قبيلة ربيعة:

قال نصرُ بنُ مزاحمٍ: حدَّثنا عُمَرُ بنُ سعدٍ عن سويدِ بنِ حبّةٍ البصريّ عن الحُضَينِ بن المنذرِ أنّ ناساً أتوا عليَّاً بصفينَ فقالوا له:

إنّا لانرى خالدَ بن المعمَّر السدوسيَّ إلّا وقد كاتبَ معاويةَ، وقد خَشينا أنْ يبايعَهُ فبعثَ إليه عليٌّ وإلى رجالٍ من أشرافنا فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثمَّ قال: أمَّا بعد يا معشرَ ربيعة فأَنتم أَنصاري ومجیبو دعوتي، ومِن أوثقِ حيٍّ في العربِ في نفسي، ولقد بلغني أنَّ معاويةَ كاتبَ صاحبَکُم خالدَ بنَ المعمّرِ وقد جمعتُكم لأشْهِدَكم عليه ولتَسْمَعوا أيضاً منّي ومنهُ، ثمَّ أقبلَ عليه عليٌّ فقال:

ياخالدَ بن المعمَّر إنْ كان ما بلغَني عنكَ حقّاً فإنّي أُشْهِدُ اللهَ ومن حضَرَ أنَّك آمِنٌ حتی تلحقَ بالعراقِ أَو بالحجازِ أَو بأَرضٍ لا سلطانَ لمعاويةَ فيها، وإنْ كنتَ مَكْذوباً عليك فأبِرَّ صدورَنا بالإيمانِ، فحلفَ له باللهِ عزَّ وجلَّ أنَّه ما فعلَ، وقالَ

ص: 34

رجالٌ منَّا كثيرٌ: لو نعلمُ أنَّه فعلَ لقتلناهُ.

وقال شقيقُ بن ثورٍ السّدوسي: واللهِ ما وفَّقَ اللهُ خالداً إنْ نصرَ معاويةَ وأَهلَ الشام على عليٍّ وربيعةٍ.

فلما كان يوم الخميس وخرج الناسُ للقتالِ وانهزمَ أَصحابُ عليٍّ من قبل الميمنةِ، فقال الحُضَين بنُ المُنذر فجاءنا عليٌّ ومعه بنوهُ، فنادى بصوتٍ له عالٍ جهيرٍ كغيرِ المكترثِ لما فيه الناس: لمن هذه الراياتُ؟ فقلنا: رایاتُ ربيعة. فقال عليٌّ: بل هي رایاتُ اللهِ، عصَمَهم اللهُ وصبَّرهم وثبَّتَ أقدامَهم، قال الحُضينُ: ثمَّ قال لي: يا فتى أَلا تُدني رايتَك ذراعاً؟ قلت: نعم واللهِ، وعشرة أذرعٍ. فحملتُ بها وأدنيتُها من القوم، فقال لي: حسبكَ، مكانَكَ.

ويروى أنَّ أميرَ المؤمنينَ عليّاً (عليه السلام) نظر إلى الصّفّ الذي فيه عمرو فإذا هو صفٌّ محکمٌ بالخيل والرجّالة فدعا برجلٍ من ربيعة يقال له الحُضينُ بن المنذر فدفعَ إليه رايةً سوداءَ، وضمَّ إليه خمسمائةَ رجلٍ من ساداتِ ربيعةَ. وقال: تقدّم يا حُضين نحو هذا الصّف في بني عمّك، ولا تقصر ليكون نصيبك الأخصّ. فأخذَ الرايةَ ثمَّ قال:

ص: 35

يا معشرَ ربيعة! اعلموا أنَّ الموتَ اليوم خيرٌ من الفرارِ، فانظروا ولا يلتفت منكم أحدٌ، واتبعوني والميعادُ بيني وبينكم فسطاطُ معاويةَ.

قال: ثمَّ تقدَّم الحُضَين و أَصحابُه بالرَّاية، فلم يزل يطاعنُ في أَعراضِ أَهلِ الشام حتَّى خضَّبَ الرَّايةُ السَّوداء؟ وجعل معاوية يقول: لمن هذه الراية السوداء؟ فقالوا: للحُضَين بن المُنذر في قومه من ربيعة، فتقدَّم معاويةُ بين يديه ثلاثمائة رجلٍ من بني عكٍّ ولخمٍ وحِمْير، وقَدِمَ عليٌّ (رضي الله عنه) بين يديه مائة رجلٍ من أَبطالِ مَذْحَج، واختلط القومُ فاقتتلوا قتالاً شديداً، وصَبَر بعضُهم لبعضٍ ساعةٍ، وصاحَ عليٌّ بالحُضينُ بنِ المُنذر أَنْ قَدّم الرَّايةَ يا حُضَين! فتقدَّم الحُضينُ وهو لم يصبرْ من غيظِهِ، وتقدّمتْ معه مَذْحجٌ وربيعةُ وكلُّ رجلٍ منهم يحتاجُ إلى كتيبة، فحملوا عليه حملةَ رجلٍ واحدٍ حتى وصلوا إلى فسطاطِ معاويةَ وانكشفت عنه الناس. وصاح رجلٌ من أصحابِ معاويةَ: ويْحَكُم يا أهلَ الكوفةِ! أما تتقونَ اللهَ في الحُرَم؟ ويْحَكُم! نحنُ بنو أَعمامِكم فاقصروا، فمعَ اليوم غدٌ، فلم يزل الحُضينُ بن المنذر يقاتلُ هو وبنو عمّه حتى ضجَّ منهم

ص: 36

أَهلُ الشام، ثمّ رجعوا مواضعَهُم، وقد جُرِحَ منهم خلقٌ كثيرٌ، فعندها أنشأَ عليٌّ (عليه السلام) يقول:

لمَنْ رايةٌ حَمراءُ يَخفُقُ ظلُّها

إذا قيلَ: قَدّمْها حُضَينٌ، تَقَدَّمَا

ويدنُو بها في الصَّفِّ حتى يُدِيرَها

حِمَامُ المَنايا تَقْطُرُ المَوتَ والدِّمَا

تَراهُ إذا ما كانَ يومُ عَظيْمَةٍ

أبَي فيه إلا عِزَّةً وتَكَرُّما

جَزَى اللهُ قَوماً صابَروا في لقائِهِم

لَدَى البأسِ حُرَّاً ما أَعَفَّ وأَكْرَمَا

وأَحْزَمَ صَبْراً حينَ تُدْعَي إلى الوغَى

إذا كانَ أَصْواتُ الکُمَاةِ تَغَمْغمَا

ربيعَةَ أَعني إنَّهُمْ أَهْلُ نَجْدَةٍ

وبَأسٍ إذا لاقَوْا خَمِیْسَاً عَرَمْرَمَا

وقَدْ صَبَرَتْ عكٌّ ولخْمٌ وحِمْيَرٌ

ص: 37

لِمَذْحِجَ حتى لم يُفَارِقْ دَمٌ دَمَا

ونادَتْ جُذَامٌ يآلَ مَذْحِجَ وَيْلَكُمْ

جَزَى اللهُ شَرَّاً أیَّنَا كانَ أَظْلَمَا

أَما تتَّقونَ اللهَ في حُرُماتِکُمْ

وما قَرَّبَ الرَّحَمنُ مِنَّا وعَظَّمَا

أَذَقْنَا ابْنَ حَرْبٍ طَعْنَنَا وضِرَابَنَا

بأسْيافِنَا حتى تَولَّى وَأَحْجَمَا

وفَرَّ یُنادي الزَّبْرقانَ وظَالمَاً

ونادَى كَلاعَاً والكَرِيْبَ وأَنْعَمَا

وعَمْرَواً وسُفْياناً وجُهْمَاً ومَالِكَاً

وحَوْشَبَ والغاوي شُرَيْحَاً وأَظْلَمَا

وَكرْزَ بَني نبهان وعمْرَو بن جَحْدَرٍ

وصَبَّاحاً القَيْنيِّ يدعو وأَسْلَمَا

ص: 38

التخريج:

وقعة صفين: 287 - 290، في تاريخ الطبري 6 / 20 - 21، الكامل في التاریخ 2 / 374، ديوان الإمام علي (عليه السلام): 376، الفتوح 3 / 28، بغية الطلب 6 / 2833، تاریخ دمشق 14 / 393، مختصر تاریخ دمشق 7 / 195، شرح نهج البلاغة 5 / 277، تجارب الأُمم 1 / 532، أَنساب الأشراف للبلاذري 2 / 269 - 270، مروج الذهب 3 / 84، نهاية الأَرب في فنون الأدب 20 / 126، مناقب الخوارزمي: 156، يقول ابنُ أَبي الحديد في شرح نهج البلاغة: الأَبيات برواية نصر بن مزاحم، وسائر الرواة رووا للإمام (عليه السلام) الأَبيات السّتة الأولى ورووا باقي الأَبيات من قوله: (وقد صبرتْ عكٌّ) للحُضين بن المنذر.

روي الخبر بطرق متعددة مع اختلاف في الأَلفاظ، أمّا الأَبيات فقد وردت في مصادر كثيرة، وكانت حصَّة البيت الأَوَّل من الاستشهاد به أَو البيتين الأول والثاني وافرة عند الإشارة إلى الشاعر الخضين أو الواقعة أَو حروب الإمام عليّ بن أَبي طالب (عليه السلام) أَو الإشارة إلى قبيلة ربيعة، لكنَّنا تركنا ذكرها في

ص: 39

التخريج لكثرتها.

ونكتفي بإيراد رواية ابن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح، ونحيل القارئ الكريم إلى ديوان الإمام عليّ بن أَبي طالب (عليه السلام) المعروف ب(أَنوار العقول من أَشعار وصىِّ الرَّسول) لقطب الدین محمَّد بن الحسن البَيهقي الكَيدريّ، المتوفي بعد سنة 576 ه، بتحقيق الأستاذ کامل سلمان الجبوري، ص 376 - 379، ففيه تحقيق وافٍ للقصيدة في اختلافاتها اللغوية.

لَنا الرَّايةُ السَّوداءُ يخفِقُ ظلُّها ٭٭٭ إذا قِيلَ قَدِّمْهَا حُضْينٌ تَقَدَّما

فيوردُها في الصَّفِّ حتَّى يَرُدَّها ٭٭٭ حِياضُ المَنايا تَقْطُرُ الموتَ والدِّمَا

تراهُ إذا ما كانَ يومَ كريهةٍ ٭٭٭ أَبَى فيهِ إلَّا عِزَّةً وتَكَرُّما

جَزَى اللهُ قوماً قاتلوا في لقائِهمُ ٭٭٭ لدى الموتِ قَدماً ما أَعزَّ وأَكْرَما

ص: 40

ولا حسنَ صَبراً حين يُدعَى إلى الوغَى ٭٭٭ إذا كانَ أصواتُ الرِّجالِ تَغَمْغمَا

رَبيعَةَ أَعنِي أَنَّهُمْ أَهلُ نجدةٍ ٭٭٭ وبأسٍ إذا لاقوا خَمِیْسَاً عَرَمْرَمَا

وقد صَبَرَتْ عَكّ ولَخْمٌ وحِمْيَرٌ ٭٭٭ لمَذْحِحَ حتَّى أَورَثوها تَنَدُّما

ونادتْ جُذامٌ يا آلَ مَذْحِجَ ويْحَكُمْ ٭٭٭ جَزَى اللهُ شرَّاً أَينَّا كانَ أَظلَمَا

أَما يتَّقونَ اللهَ في حُرُماتنا ٭٭٭ وما قرّبَ الرَّحمنُ مِنَّا وعَظَّما

أَذاقوا ابنَ هِنْدٍ طَعنَهمْ وضرابهمْ ٭٭٭ على حَنَقٍ حتى تولَّى وأحَجَمَا

(2) خبرُ ابن سُويد والحُضَيْن بن المُنْذر:

قال إبراهيمُ الشيبانيِّ: قال عبدُ الله بنُ عليّ بن سويدُ بن منجوف: أُعدمَ أبي إعدامةً بالبصرة وأنفضَ، فخرج إلى خراسانَ

ص: 41

فلم يُصبْ بها طائلا. فبينا هو يشكو تعزّر الأشياء عليه، إذ عدا غلامه على كسوته وبغلته فذهب بهما، فأتی أبا ساسان حُضَينَ بنَ المُنذر الرقاشي فشكا إليه حاله، فقال له: واللهِ يا ابن أخي، ما عمّك ممن يحمل محاملك، ولعلّي أن أحتال لك. فدعا بكسوة حسنة فألبسني إياها، ثم قال: امضِ بنا. فأتی بابَ والي خراسانَ، فدخل وتركني بالباب، فلم ألبث أن خرج الحاجب فقال: أي عليّ بن سوید؟ فدخلت إلى الوالي، فإذا حضينٌ على فراش إلى جانبه، فسلّمتُ على الوالي فردّ عليّ، ثم أقبل عليه حضين فقال: أصلح اللهُ الأميرَ، هذا عليّ بن سوید بن منجوف سید فتیان بكر بن وائل وابن سیّد کهولها، وأكثر الناس مالاً حاضراً بالبصرة وفي كل موضع ملکت به بکرُ بن وائل مالاً، وقد تجمّل بي إلى الأمير في حاجة. قال: هي مقضيّة. قال: فإنه يسألك أن تمدّ يدك في ماله ومراكبه وسلاحه إلى ما أحببتَ. قال: لا والله لا أفعل ذلك به، نحن أولى بزيادته. قال: فقد أعفيناك من هذه إذ كرهتها، فهو يسألك أن تحمّله حوائجك بالبصرة. قال: إن كانت حاجة فهو فيها ثقة، ولكن أسألك أن تكلّمه في قبول معونة منّا؛ فإنا نحبّ أي يرى على مثله من أثرنا. فأقبل عليّ فقال: يا أبا الحسن، عزمتُ عليك ألّا تردّ على عمّك شيئاً

ص: 42

أكرمك به. فسكتُ. قال: فدعا لي بمالٍ ودوابٍّ وكساً ورقيقٍ، فلما خرجتُ قلتُ: أبا ساسان، لقد أوقفتني على خطةٍ ما وقفت على مثلها قطّ. قال:

اذهب إليك يابن أَخي، فعمّك أعلمُ بالناس منك؛ إنَّ الناس إنْ علموا لك غرارة من مالٍ حثوا لك أخرى وإنْ يعلموك فقيراً تعدّوا عليك مع فقرك.(1) (3) خبرُ عبد الله بن مسلم الباهليّ والحُضَين بن المُنذر:

إنَّ قتيبةَ بن مسلم لمّا فتح سَمرقَند أَفضى إلى أَثاثٍ للم يُرَ مثله، وإلى آلاتٍ لم يُرَ مثلها فأَراد أن يُرى الناسَ عظیمَ ما فتحَ اللهُ عليه، ويُعَرَّفَهم أَقدار القومِ الذينَ ظهرَ عليهم، فأَمرَ بدار فَفُرشتْ، وفي صَحنِها قدورٌ تُرْتَقَي بالسلالم، فإذا بالحُضَينِ بنِ المُنذر بن الحارث بن وَعلةَ الرّقاشيّ قد أَقبل، والناس جلوس على مراتبهم، والحُضَينُ شيخٌ كبيرٌ. فلمَّا رآه عبدُ الله بن مسلم قال لقتيبة في معاتَبَته: لاتُردْهُ فإنَّه خبيثُ الجواب، فأَبي عبدُ الله إلَّا أنْ يأذنَ له - وكان عبد الله يُضَعَّفُ، وكان قد تسوَّرَ حائطاً إلى امرأةٍ قبلَ ذاك - فأقبلَ على الحُضَين بن المُنذر فقال: أمِنَ البابِ

ص: 43


1- العقد الفريد 1 / 218، التذكرة الحمدونية 8 / 92 - 93

دخلتَ يا أبا ساسان؟ قال: أجلْ، أسَنَّ عمّكَ عن تسوّرِ الحيطان.

قال: أَرأَيت هذه القدور؟ قال: هي أَعظمُ من أنْ أَلَّا تُرى.

قال: ما أحْسِبُ بكَر بن وائلٍ رأى مثلها! قال: أجلْ، ولا عيلانَ، لو كان رآها سُمَّي شَبْعانَ، ولم يُسَمَّ عيلانَ.

قال له عبد الله: يا أبا ساسان، أتعرفُ الذي يقول:

عَزَلْنا وأَمَّرنَا وبَكْرُ بن وائلٍ ٭٭٭ تجرُّ خُصَاها تَبْتَغي من تُحَالفُ

قال: أعْرفُه، وأعرف الذي يقول:

وَخَيْبةَ منْ يَخيبُ على غَنِيَّ ٭٭٭ وباهلَةَ بن يَعْصُرَ والرّكابِ

يريد يا خيبةَ من يخيب. قال. أفتعرفُ الذي يقولُ:

كأنَّ فِقاحَ الأزْدِ حول ابنِ مَسْمَعٍ ٭٭٭ إذا عَرِقَتْ أفواهُ بكْرِ بن وائلِ

ص: 44

قال: نعم. وأعرفُ الذي يقول:

قومٌ قُتَيبةُ أمُهُمْ وأبوُهُم ٭٭٭ لولا قُتَيبةُ أصبحوا في مَجْهَلِ

قال: أمَّا الشعرُ فأراكَ تَرْويه. فهل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: أقرأ منه الأكثرَ الأطيبَ: (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَکُنْ شَيْئاً مَذْکُوراً)(1) قال: فأغضبه. فقال: واللهِ لقد بلغني أنَّ امرأةَ الحُضَين حُمِلَتْ إليه وهي حُبْلى من غيره.

قال: فما تَحَرّكَ الشيخُ عن هيئته الأولى. ثمَّ قال على رِسْلِهِ: وما يكونُ! تَلِدُ غلاماً على فراشي فيقالُ: فلانُ بن الحُضَين، كما يقال: عبدُ الله بن مسلم. فأقبل قتيبةُ على عبد الله فقال: لا يُبْعِدِ اللهُ غيرَكَ(2).

(4) خبر استشارة قتيبة بن مسلم الباهلي للحُضَيْن بن

ص: 45


1- سورة الإنسان / 1
2- الكامل في اللغة والأدب 2 / 31، التذكرة الحمدونية 7 / 194 - 195، الكامل في اللغة والأدب 2 / 31، العقد الفريد، 4 / 124، نثر الدر 7 / 116، التذكرة الحمدونية 7 / 194

المُنذر:

أرسلَ قتيبةُ بِنُ مسلمٍ إلى الحُضينِ بن المنذر البكري فدعاهُ ثمَّ قال: يا أَبا محمَّدٍ، إنِّي أريدُ أَمراً وأخافُ أَهلَ خراسانَ وانتقاصِهم على المسلمينَ.

فقالَ له الحُضينُ بن المنذر: أَيَّها الأَميرُ، وما هذا الأمرُ الذي تريدُ؟ قال: أريدُ أنْ أوجَّهَ إلى كاشغر رجلاً في خيلٍ وإلى طريق فأحصن ذلك الطريق، قال له الحُضينُ بنُ المنذر: أَيَّها الأَميرُ، ههنا طريقٌ واحدٌ إنْ قَدرتَ على إحكامهِ فالطَّريقُ كلُّها آمنةٌ، قال قتيبةُ: وأيّ طريقٍ هذا؟ فقال: طريقُ الأَجلِ المقدَّرِ، قال: فغضبَ قتيبةُ وأَخذَ قلنسوتَهُ فضربَ بها الأَرضَ حتَّى انشقّتْ، قال: فقال له الحُضينُ: بِئْسَما تفاءلت بهِ(1).

(5) خبر الحُضَين مع مسعود بن حراش العبسيّ:

كان الحُضَين بخراسان أَيام قتيبة بن مسلم فيقال:

إنّه كان عنده فدخل على قتيبةَ مسعودُ بنُ حراشٍ العبسيّ،

ص: 46


1- کتاب الفتوح 7 / 171

والحُضَينُ شيخٌ كبيرٌ معتمٌ بعَمامةٍ، فقال مسعودُ لقتيبة: مَنْ هذه العجوزُ المعتمّةُ عند الأَمير؟ فقال قتيبةُ:

بخٍ هذا حُضينُ بنُ المنذر.

فقال حُضينُ: من هذا أَيَّها الأَميرُ؟ قال: مسعودُ بنُ حراش العبسيّ.

فقال حُضينُ: أَنا واللهِ من لم يمجدْ قومه في الجاهلية عبدٌ حبشيّ (يعني عنترة) ولا في الإسلام امرأةُ بَغي، قال: فسكتَ عنه مسعودُ بن حراش(1).

(6) خبر مصقلة بن هبيرة الشيباني(2)وما كان منه إلى الإمام عليّ (عليه السلام) وهربه إلى معاوية وكتاب الحُضين

ص: 47


1- تاریخ دمشق 14 / 392 بغية الطلب 6 / 2829. مختصر تاریخ دمشق 7 / 194
2- مصقلة بن هبيرة بن شبل بن يثربي بن امرئ القيس، كان من أصحاب الإمام عليّ (عليه السلام)، كان قد اشتري سبي بني ناجية واعتقهم، فطلبه عليّ (عليه السلام) بأثمانهم فهرب إلى معاوية فقال الإمام (عليه السلام): (وقد فارقكم مصقلة بن هبيرة فآثر الدنيا على الآخرة)، ولاّه معاوية طبرستان، فاخذوا عليه المضايق فهلك مع جيشه، فضرب به المثل فقالوا: حتی یرجع مصقلة من طبرستان. ينظر: شرح الأخبار 2 / 95، الإمامة والسياسة 1 / 101، قاموس الرجال 10 / 90

إليه:

كان مصقلةُ الشَّيبانيّ عاملاً لعليّ بن أَبي طالب (عليه السلام على بلدٍ من بلادِ الأَهواز، فنظر إلى الأُساری(1)الذين قد أتی بهم مَعقلُ بن قيس (بعد مقتل الخريتِ بن راشد)(2)،

ص: 48


1- قيل انه كان عاملًا على أرد شیر خُرّه وأنّ عدد الأساری کان خمسمائة إنسان
2- كان الخريت بن راشد وثلاثمائة من بني ناجية مقيمين مع الإمام علّي بالكوفة، وقد قدموا معه من البصرة، وقد شهدوا معه الجمل ثم شهدوا صفين والنهروان، وكان خلافه مع الإمام عليّ بعد تحكيم الحكمين. وقيل أنّه ارتدَّ وأصحابه إلى النصرانية، وبلغ ذلك عليّاً فدعا رجلاً من خيار أَصحابه (معقل بن قيس الرياحي) فضم إليه أربعة آلاف رجل ووجَّه إلى الخريت تناظراً فقال الخريت: لا أَعلم أحداً من الناس حكم في شيء هو له، ثم قال بعد أَن دعاه معقل إلى لزوم الطاعة لأمير المؤمنين: لا والله لا يكون ذلك ولا تحدثت العرب به وما لكم عندي ولصاحبكم ألا السيف. ثم صاح بأصحابه وحمل على معقل بن قيس وحمل عليهم في أصحابه، فاختلط القوم فضربه معقل ضربة على أمَّ رأسه فجدله قتيلاً. ثم حمل أَهل الكوفة على أَهل الأَهواز من بني ناجية فقتل منهم من قُتل وهرب من هرب و أُسّر من أُسّر من بني ناجية، وأمر معقل بن قيس بهؤلاء الأساری فجمعوا ثمَّ أمر برأس الخريت بن راشد فأخذ واحتوى على أَمواله وسار إلى عليّ (عليه السلام) بالأسارى والأموال. ينظر: تاريخ الطبري 6 / 65، مروج الذهب 2 / 453

كأنَّه اتَّقى عليهم أَن يُقتلوا، فقال لمَعقل: ويحَك يا مَعقلُ! هل لك أن تبيعني هؤلاء الأسارى ولا تمضي بهم إلى أَمير المؤمنين؟ فإنِّي خائفٌ أَن يُعَجّلَ عليهم بالقتل.

قال معقلُ: قد فعلت فاشْتَرِهم منّي إذاً حتی أبيعَك.

قال له مصقلةُ: قد اشتريتُهم منك بخمسمائة ألف درهم(1)، قال: قد بعتك فهاتِ المالَ! فقال مصقلةُ: غداً أعطيك المال. فسلَّم إليه معقلُ بنُ قيس الأساری، فأعْتَقَهُم مصقلةُ بأجمَعِهم، فمضوا حتى لحقوا ببلادهم.

فلما كان الليلُ هرب مصقلةُ إلى البصرة إلى عبد الله بن العباس، وكتب معقل بن قيس إلى عبد الله بن عباس يخبره بخبر مصقلة وما فعل. فدعا ابنُ عباس مصقلةَ فقال: هاتِ المالَ! فقال: نعم وكرامة، إنَّ معقل بن قيس أراد أنْ يأخذَ المالَ منِّي وأَنا لم أُحب أَن أعطيه ذلك، ولكن ادفعُ هذا المالَ إليك لأنَّك ابنُ عمِّ أَمير المؤمنينَ وعاملُه على البلاد، قال ابنُ عباس: فقد أحسنتَ إذاً وأَصبتَ فهاتِ المالَ.

ص: 49


1- اختلف المؤرخون في ثمن الشراء، فمنهم من قال اشتراهم بثلاثمائة أَلف درهم وأعتقهم وأدّى من المال مائتي ألف وهرب إلى معاوية. وقيل: أَلف أَلف درهم

وانصرف مصقلةُ إلى منزله، فلما كان الليل هربَ إلى الكوفة إلى عليّ بن أَبي طالب، وكتب معقل بن قيس إلى عليٍّ يخبره بذلك. وكتب أَيضاً عبد الله بن عباس إلى عليٍّ بذلك. فدعابه عليّ وقال: هات المال یا مصقلة! فقال: نعم يا أَمير المؤمنين! إن معقل بن قیس وعبد الله بن عباس أَرادا منِّي أَن أَدفع المال إليهما وأَنت أَولى بحقك منهما، قال عليّ: قد أَحسنت إذاً وأَصبت فهاتِ المالَ! فقال: وجّه مَنْ يحمل المالَ، فدفع إليه في ذلك اليوم مائة أَلف درهم وبقيت عليه أَربعمائة أَلف درهم.

فلما كان الليلُ هربَ إلى معاوية، وطلبه عليٌّ فلم يقدر عليه، فقال له الأُساری من بني ناجية: فقد جرى عليهم العتق وليس لنا عليهم من سبيل، وأَما مصقلة فقد بقي عليه هذا المال. ثمَّ أَمر عليّ بهدم دار مصقلة، فهدمتْ حتَّى وضعت بالأَرض، وكان نُعيم بن هبيرة أَخو مصقلة عند عليّ بن أَبي طالب ومِن خيار أَصحابه، فكتب إلى أَخيه مصقلة بهذين البيتين يقول:

تركتَ نساءَ الحيّ بكرَ بن وائلٍ ٭٭٭ وأعتقتَ سَبْياً من لؤيِّ بنِ غالبِ

ص: 50

وفارقتَ خيرَ الناسِ بعد محمَّدٍ ٭٭٭ لمالٍ قليلٍ لا مَحالةَ ذاهبِ(1) ولم يبقَ بالعراق أَحدٌ من ربيعة إلَّا وذكر مصقلة بن هبيرة بكلِّ قبيح إذ فارق عليَّاً وصار إلى معاوية، فأنشأ مصقلةُ يقول:

لَعَمْري لَئِنْ عابَ أهلُ العرا ٭٭٭ قِ عليَّ عتاقَ بني ناجيَهْ

لأعْظَمُ من عِتْقِهِمْ رِقّهُمْ ٭٭٭ وكَفَّي بعتْقِهِم عاليَهْ

وزایَدْتُ فيهمْ لإعْتاقِهمْ ٭٭٭ وغاليتُ إنَّ العُلَى غاليَهْ

ص: 51


1- یُریدُ بني ناجية، وهم ولدسامة بن لؤي بن غالب، وكانت ناجية بنت جرم بن ربان أمهم، وهي أُمُّ عبد البيت بن الحارث بن سامة بن لؤي الذي عرف بابن ناجية، وكانت ناجية تحت سامة بن لؤي وهي أُمُّ ولَده غالب، وبعد موته خلّف عليها الحارث بن سامة، وهو نکاح مقت وقد حرّمه الإسلام بقوله تعالى (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا). (سورة النساء / 22). ينظر: جمهرة النَّسب للكلبي: 113 - 114، جمهرة أنساب العرب: 173

وقلتُ لنَفسِي على خلوةٍ ٭٭٭ وصَحبي الذينَ معي ناجيَهْ

أخافُ على القوم أنْ يقتلوا ٭٭٭ وصاحبهُمْ حيَّةٌ قاسيهْ

إذا نَهَشتْ ومشَى ريقُها ٭٭٭ فأمُّ السّليمِ لها هاويهْ

فإنْ نَفثَتْ سُمَّها نفثةً ٭٭٭ فَمَا أنْ لَها اليومَ مِنْ راقيهْ

وبالشّام أمْنٌ ومُسْتوطنٌ ٭٭٭ وأهلُ السَّني أكْلُبٌ عاويهْ

وكَمْ في سَبَايا بَنِي ناجيهْ ٭٭٭ مِنَ النّاسِ باكٍ ومنْ باكيهْ

وهذا ابْنُ هنْدٍ سيجزي بها ٭٭٭ وعُلْيَاْ قريشٍ بها حازيهْ

كذاكَ ربيعَةُ أيامُهُا ٭٭٭ أُمورُ مَکارهِها باقيهْ

ص: 52

وما في عليّ لمُسْتَعتبٌ ٭٭٭ مقالٍ سوى هذه الجائيهْ

فلما فرغ نُعیم من شعره أَقبلَ إلى جماعة من بني عمِّه من بني بكر بن وائل فقال: إنَّه قد وردت علىَّ هذه الأَبيات من عند أَخي مصقلة، وقد علمت أَنَّه يحبُّ الرجوع إلى العراق، وأَنا والله مُستحي من أَمير المؤمنين أَن أُكلِّمهُ فيه، ولكن أُحبُّ أَن تكتبوا إليه كتاباً عن جميعكم، وليكن ذلك عن رأي أَمير المؤمنين.

فاجتمع نفر من ربيعة إلى عليٍّ (رضي الله عنه) فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنَّ نُعیمَ بنَ هبيرة مُستحي منك لما فعل مصقلة أَخوه، وقد أَتانا الخبر اليقين بأنَّ مصقلة ليس يمنعه من الرجوع إلى العراق إلَّا الحياء، ولم ينبسط منذ خرج من العراق علينا لساناً ولا يداً، ولا نحبُّ أَن يكون رجلاً منَّا مثل مصقلة عند معاوية، فإنْ أَذنتَ لنا كتبنا إليه كتاباً من جماعتنا وبعثنا إليه رسولاً فلعلَّه أَن يرجع! فقال عليّ (رضي الله عنه): اكتبوا ما بدا لكم وما أَراکم تنتفعون بالكتاب.

فقال الحُضَينُ بن منذر السّدوسيّ: يا معشرَ بني بكرٍ بن

ص: 53

وائل! إنَّ أَمير المؤمنين قد أذنَ لكم في الكتاب فقلدوني كتابكم، فقالوا: قد فعلنا ذلك فاكتب ما بدا لك.

فكتبَ إليه الحُضَين بن المُنذر:

أما بعد، یا مصقلة! فإن كتابنا هذا إليك من جماعة بني بكر بن وائل، وقد علمنا بأَنَّك لم تلحق بمعاوية رضىً منك بدينه ولا رغبةً في دنياه، ولم يقطعك عن عليٍّ طعنٌ فيه ولا رغبةٌ عنه، ولكنك توسَّطت أمراً قويت فيه بدياً ثمَّ ضعفتَ عنه أَخيراً، وكان أَوَّلُ أَمركَ أَنَّك قلت أَفوزُ بالمال وأَلحق بمعاوية، ولَعمري ما استبدلت الشَّام بالعراق، ولا السَّكاسك بربيعة، ولا معاوية بعليٍّ، ولا أصبت ذنباً بهما، وإنَّ أَبعدَ ما يكونُ من الله أَقربُ ما يكون من معاوية، فارجع إلى مِصْرِكَ فقد غُفِرَ لك الذَّنبُ وحُمِلَ عنكَ الثُّقلُ، واعلمْ بأنَّ رجعتك اليوم خيرٌ منها غداً، وكانت أَمس خير منها اليوم، وإنْ كان قد غلبَ عليك الحياءُ من أَمير المؤمنين فما أنت فيه أعظم من الحياء، فقبح الله إمرءاً ليس فيه دنياً ولا آخرة والسلام.

ثمَّ أثبتَ في أسفل الكتاب هذه الأَبيات:

ص: 54

أمصْقَلُ لا تَعْدمْ منَ اللهِ مُرْشِدا ٭٭٭ ولا زلتَ في خَفْضٍ منَ العَيشِ أرْغَدا

وإنْ كُنْتَ قَد فارقتَ قومَكَ خِزْيَةً ٭٭٭ يَمُدُّ بها الشَّانئ إلى رَهْطكَ اليَدا

وكُنتَ إذا ما نابَ أمْرٌ كَفَيْتَهُ ٭٭٭ رَبيْعَةَ طُرَّاً غائبينَ وشُهَّدا

تُدافعُ عَنها كلَّ يومٍ كَريهَةً ٭٭٭ صُدورَ العَوالي والصَّفيحَ المُهَنَّدا

يُنَاديكَ للعلياءِ بَكْرُ بنُ وائلٍ ٭٭٭ فَتثْني لها في كلِّ جارحةٍ یَدا

فكنتَ أقلَّ النَّاسِ في النَّاسِ لائمَاً ٭٭٭ وأكثرَهُم في النَّاسِ خَيراً مُعَدَّدا

تَخِفُّ إلى صُعلوكنا تُجِيبُهُ ٭٭٭ فكُنتَ بهذا في رَبيْعَةِ سيِّدا

ص: 55

فارقتَ منْ قد يُحْسِنِ الطَّرفَ دونَهُ ٭٭٭ جِهَاراً وعادَيتَ النَّبيَّ مُحَمَّدا

فإنْ تكنِ الأيامُ لاقَتْكَ غَيْرَةً ٭٭٭ قُمِ الآنَ فِارْجِعْ لا تَقُولَنْ غَدَاً غَدَا

ولا تَرْضَ بالأمَرِ الذي هو صَائرٌ ٭٭٭ فَقَد جَعَلَ اللهُ القيامَةَ موعِدا

فلما ورد هذا الكتابُ على مصقلةَ بنِ هبيرة وقرأهُ ونظرَ في الشعرِ، أقبل على الرّسول فقال: هذا كلامُ الحُضَينِ بنِ المُنذر، وشعرُهُ لم يشبه کلامَ أحدٍ من الناس، فقال له الرّسولُ: صدقتَ هذا كلامُ الحُضين، فاتَّقِ اللهَ يا مصقلةُ! وانظرْ فيما خرجتَ منهُ وفيما صرتَ إليه، وانظرْ من ترکت ومن أخذت، ثمَّ اقضِ بعد ذلك على هواك، أين الشامُ من العراق! وأين معاويةُ من عليٍّ! وأين المهاجرونَ والأَنصارُ من أَبناء الطُّلقاءِ والأَحزابِ! وأَنت بالعراق تُتَّبَعُ وأَنت بالشَّام تَتَّبعُ.

فسكتَ مصقلةُ عن الرَّسول فلم يجبه بشيءٍ، ثمَّ أَخذ الكتابَ فأتی به معاويةَ وأسمعَهُ الشّعرَ، فقال له معاويةُ: يا

ص: 56

مصقلة! أَنت عندي غير ظنينٍ، فإذا أتاك شيءٌ من هذا فأخفهِ عن أهلِ الشامِ، فقال: أفعلُ ذلك إنْ شاءَ اللهُ.

ثم رجعَ مصقلةُ وأقبل على الرَّسول فقال له: يا أَخا بني بكرٍ! إنِّي إنَّما هربتُ بنفسي من عليٍّ خوفاً منه، ولا واللهِ ما ينطلقُ لساني بعيبه ولا ذَمِّه، ولا قلتُ قطّ فيه حرفاً أعلمُ أنَّه يسوءهُ ذلك، وقد أتيتني بهذا الكتابِ فخذِ الجوابَ إلى قومك.

فقال الرَّسولُ: أفعل ذلك واكتبْ ما بدا لك.

(فكتب قائلاً) أما بعدُ، فقد جاءني كتابکم فقر أتُه وفهمتُه، فأخبركم أنَّه من لم ينفعه القليلُ يضرِّهُ الأكثرُ، وإنّ الذي قطعني من عليٍّ وأَمالني إلى معاويةَ ليس يخفَى عليكم، وقد علمتُ أنّي لو رجعتُ إليكم لكان ذنبي مغفوراً وثُقلي محمولاً، ولكني أَذنبتُ إلى عليٍّ ذنباً وصحبتُ معاويةَ، فلو رجعتُ إلى عليٍّ لأبديتُ غيّاً واحتملتُ عاراً، وكنتُ بين لومتينِ أَوَّلها خيانةٌ وآخرها غدرٌ، ولكني قلت أقيم بالشام، فإنْ غلبَ معاويةُ واستوى له هذا الأَمر فداري العراقُ، وإن غلبَ عليّ (رضي الله عنه) فداري الرّومُ، وفراقي عليَّا على بعض العذرِ أَحبُّ إليَّ من فراق معاويةَ ولا عذرَ لي، والقلبُ منّي إليكم طائر، والسلام.

ص: 57

ثمَّ كتب في أَسفل الكتاب بهذه الأَبياتِ:

أيَا راكبَ الأدْمَاءِ أَسلَم خُفُّهَا

وغارُبُها حتَّى تَردْ أَرضَ بابلِ

أَلِكْني إلى أَهْلِ العراقِ رسَالةً

وَخُصَّ حُییتَ بَكْرَ بنِ وائلِ

وعُمَّ بِها عُلْيَا ربيعةَ إنَّنِي

تركتُ عَلِيّاً خيرَ حافٍ وناعلِ

على عَمْدِ عينِ غيرِ عائبِ ذَنْبهِ

ولا سامعٍ فيه مقالةَ قائلِ

ولا طالباً بالشّامِ أدنى معيشةٍ

وما الجوعُ من جُوْعِ العراقِ بقاتلِ

فكيفَ بقائي بعدَ سبعينَ حجّةً

وماذا عَسى غَير الليالي القلائلِ

أَقولُ إذا أَهْدى له اللهُ نعمةً

بَدا الدَّهرُ زدهُ من مَزيدِ الفضائلِ

ص: 58

ولكنّني كنتُ امرءاً من ثُقاتهِ

أُقدَّمُ في الشُّورى وأَهْلِ الوسائلِ

فأذنبتُ ذَنْباً لم يكنْ ليقيله

بعلمي وقلتُ الليثَ لا شَكَّ آجلي

ولم أَدْرِ ما قَدْرُ العقوبةِ عندَهُ

سوى القتلِ قد أَيقنتُ أنْ ليسَ قاتلي

وأفردتُ مَحزوناً وخلّيتُ مُفْرداً

وقد خَمَدتْ ناري وَرثَّتْ حَبَائلي

ولمْ يَكُ إلَّا الشام دارٌ وإنّهُ

لموطِئِها بالخَيلِ مِنْ دونِ قابلِ

فَسِرتُ إليه هارباً بحشاشةٍ

من النَّفسِ مَغْموماً كثيرَ البلابلِ

ولمْ يَسْمعِ السَّامونَ منِّي نَقيصَةً

ولا فَشلتْ من يُمْنِ یُمْنَى أَناملي

ص: 59

ثم دفع الكتابَ إلى الرَّسول وقال: عليك يا ابنَ أخِ أَن تسأَل أَهلَ الشامِ عن قولي في عليّ، فقال له الرَّسولُ: نعم إنِّي قد سألتُ عن ذلك فما حَكوا إلَّا جميلاً، فقال مصقلةُ: فإنِّي واللهِ على ذلك حتَّى أَموت.

ثمَّ رجع الرَّسولُ بالكتاب إلى الكوفةِ فدفعَهُ إلى الحُضَين بنِ المُنذر فقرأهُ ثمَّ أَتی به عليّاً فأقرأه إياه، فقال عليّ: کُفّوا عن صاحبكم فإنَّه ليس براجعٍ إليكم أَبداً حتَّى يموتَ، فقال الحُضينُ: يا أَميرَ المؤمنينَ! واللهِ ما به الحياءُ ولكنَّ الرجوعَ قد كففنا عنه وأبعدهُ الله(1).

(7) خبرُ استشارةِ يزيد بن المهلّب الحُضَينَ بنَ المنذِرِ:

عَزَلَ الْحجَّاجُ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ عَنْ خُرَاسَانَ، وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ إِيَّاهُ أَنَّ الْحَجَّاجَ وَفَدَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَمَرَّ فِي طَرِيقِهِ بِرَاهِبٍ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا. فَدَعَا بِهِ وَسَأَلَهُ: هَلْ تَجِدُونَ فِي کُتُبِکُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ وَنَحْنُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مُسَمًّى أَمْ مَوْصُوفٌ؟ فَقَالَ:

ص: 60


1- الخبر بتامه في: کتاب الفتوح 4 / 244 - 249، وجاء متفرِّقاً مرَّة بشعر وأُخرى بغیر شعر في: تاريخ الطبري 5 / 114 ما بعدها، الغارات ص 246، الكامل في التاريخ 2 / 719، مروج الذهب 2 / 453، تاریخ دمشق 58 / 271، مختصر تاریخ دمشق 24 / 337، شرح نهج البلاغة لابن أَبي الحديد 1 / 601

كُلُّ ذَلِكَ نَجِدُهُ مَوْصُوفًا بِغَيْرِ اسْمٍ، وَمُسَمًّى بِغَیْرِ صِفَةٍ. قَالَ: فَمَا تَجِدُونَ صِفَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَجِدُهُ فِي زَمَانِنَا: مَلِكٌ أَفْرَعْ، مَنْ يَقُمْ لِسَبِیلِهِ یُصْرَعْ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ اسْمُ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ، ثُمَّ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ يُفْتَحُ بِهِ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: أَفَتَعْلَمُ مَنْ یَلِي بَعْدِي؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ. قَالَ: أَفَتَعْرِفُ صِفَتَهُ؟ قَالَ: يَغْدِرُ غَدْرَةً، لَا أَعْرِفُ غَيْرَ هَذَا. فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، ثُمَّ سَارَ وَهُوَ وَجِلٌ مِنْ قَوْلِ الرَّاهِبَ. ثُمَّ عَادَ وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلكِ يَذُمُّ يَزِيدَ وَآلَ الْمُهَلَّبِ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّهُمْ زُبَيْرِیَّةٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِّي لَا أَرَى طَاعَتَهُمْ لِآلِ الزُّبَيْرِ نَقْصًا بِآلِ الْمُهَلَّبِ، وَفَاؤُهُمْ لَهُمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْوَفَاءِ لي.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ یُخَوِّفُهُ غَدْرَهُ وَبِمَا قَالَ الرَّاهِبُ. فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَيْهِ: إِنَّكَ قَدْ أَکْثَرْتَ فِي يَزِيدَ وَآلِ الْمُهَّلبِ، فَسَمِّ لِي رَجُلًا يَصْلُحُ لِخُرَاسَانَ. فَسَمَّى قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ وَلِّهِ.

وَبَلَغَ يَزِيدَ أَنَّ الْحَجَّاجَ عَزَلَهُ، فَقَالَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ: مَنْ تَرَوْنَ الْحَجَّاجُ یُوَلِّي خُرَاسَانَ؟ قَالُوا: رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ. قَالَ: کَلَّا، وَلَكِنَّهُ يَكْتُبُ إِلَى رَجُلٍ مِنْکُمْ بِعَهْدِهِ، فَإِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ عَزَلَهُ، وَوَلَّی رَجُلًا مِنْ قَيْسٍ،

ص: 61

وَأَخْلِقْ بِقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ.

فَلَمَّا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكَ فِي عَزْلِ یَزِیدَ کَرِهَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِعَزْلِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَخَاهُ المُفَضَّلَ ويُقْبِلَ إِلَيْهِ.

وَاسْتَشَارَ یَزِیدُ حُضَيْنَ بنَ المُنْذِرِ الرَّقَاشِيَّ، فَقَالَ لَهُ: أَقِمْ وَاعْتَلَّ، وَاكْتُبْ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ لِيُقِرَّكَ، فَإِنَّهُ حَسَنُ الْحالِ وَالرَّأْيِ فِيكَ. قَالَ يَزِيدُ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ بُورِكَ لَنَا فِي الطَّاعَةِ، وَأَنَا أَکْرَهُ المعصية الْخِلَافَ. فَأَخَذَ يَتَجَهَّزُ، فَأَبْطَأَ، فَكَتَبَ الحَجَّاجُ إِلَى المُفَضَّلِ: إِنِّي قَدْ خُرَاسَانَ. فَجَعَلَ المُفَضَّلُ يَسْتَحِثُّ يَزِيدَ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: إِنَّ الْحَجَّاجَ لَا يُقِرُّكَ بَعْدِي، وَإِنَّمَا دَعَاهُ إِلَى مَا صَنَعَ مَخَافَةَ أنْ أَمْتَنِعَ عَلَيْهِ، وَسَتَعْلَمُ.

وَخَرَجَ يَزِيدُ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَأَقَرَّ الحَجَّاجُ أَخَاهُ المُفَضَّلَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ سبَبَ عَزْلِهِ أَنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ الأَشْعَثِ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلَّا يَزِيدَ بنَ الْمُهَلَّبِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، وَقَدْ كَانَ أَذَلَّ أَهلَ العِرَاقِ كُلَّهُمْ إِلَّا آلَ الْمُهَلَّبِ وَمَنْ مَعَهُمْ بِخُرَاسَانَ، وَتَخَوَّفَهُ عَلَى الْعِرَاقِ، وَكَانَ يَبْعَثُ إِلَيْهِ لِيَأْتِيَهُ فَيَعْتَلَّ عَلَيْهِ بِالْعَدُوِّ وَالحُرُوبِ، فَكَتَبَ الحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكَ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِعَزْلِ يَزِيدَ، وَيُخْبِرُهُ بِطَاعَتِهِمْ لِآلِ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِلكِ

ص: 62

بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَسَاقَ بَاقِيَ الْخَبَرِ کَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ حُضَيْنٌ لِيَزِيدَ:

أَمَرْتُكَ أَمْرًا حَازِمًا فَعَصَيْتَنِي

فَأَصْبَحْتَ مَسْلُوبَ الْإمَارَةُ نَادِمَا

فَمَا أَنَا بِالْبَاكِي عَلَيْكَ صَبَابَةً

وَمَا أَنَا بِالدَّاعِي لِتَرْجِعَ سَالِمَا

فَلَمَّا قَدِمَ قُتَيْبَةَ خُرَاسَانَ قَالَ لِحُضَيْنٍ: مَا قُلْتَ لِيَزِيدَ؟ قَالَ: قُلْتُ:

أَمَرْتُكَ أَمْرًا حَازِمًا فَعَصَيْتَنِي

فَنَفْسُكَ أَوْلِ اللَّوْمَ إِنْ كُنْتَ لَائِمَا

فَإِنْ يَبْلُغِ الْحَجَّاجَ أَنْ قَدْ عَصَيْتَهُ

فَإِنَّكَ تَلْقَى أَمْرَهُ مُتَفَاقِمَا

قَالَ: فَمَاذَا أَمَرْتَهُ بِهِ فَعَصَاكَ؟ قَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ لَا يَدَعَ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا حَمَلَهَا إِلَى الْأَمِيرِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَوَجَدَهُ قُتَيْبَةُ حين فرَّهُ قَارِحًا.

وَقِيلَ: كَتَبَ الحَجَّاجُ إِلَى يَزِيدَ: اغْزُ خَوَارِزْمَ، فَكَتَبَ: إِنَّهَا قَلِيلَةُ السَّلَبِ، شَدِيدَةُ الْكَلَبِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ: اسْتَخْلِفْ

ص: 63

وَاقْدِمُ. فَكَتَبَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ خَوَارِزْمَ. فَكَتَبَ الحَجَّاجُ: لَا تَغْزُهَا فَإِنَّهَا کَمَا ذَکَرْتَ. فَغَزَا وَلَمْ يُطِعْهُ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا وَأَصَابَ سَبْيًا، وَقَتَلَ فِي الشِّتَاءِ، وَأَصَابَ النَّاسَ بَرْدٌ، فَأَخَذُوا ثِيَابَ الْأَسْرَی، فَمَاتَ ذَلِكَ السَّبْيُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ أَنِ اقْدِمْ. فَسَارَ إِلَيْهِ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِبَلَدٍ إِلَّا فَرَشَ أَهْلُهُ الرَّيَاحِينَ وكان يزيدُ ولي سنة اثنتين وثمانين، وعزَل سنة خَمسٍ وثَمانينَ وخرجَ من خُراسان في ربيع الآخر سنة خمسٍ وولى قتيبة.(1)

ما يروى عنه من الأَخبار:

لما همّ المنصورُ بقتلِ أَبي مسلمٍ سقطَ بين الاستبدادِ برأيهِ والمشاورة فيه، فأرقَ ليلتَهُ في ذلك، فلمّا أصبحَ دعا بإسحاقِ بنِ مسلم العقيليّ وقال له: حدّثني حديثَ المللكِ الذي أَخبرتني عنه بحرّان.

قال: أَخبرني أَبي عن الحُضَينِ بنِ المُنذر أَنَّ مَلكاً من مُلوكِ فارسَ يقالُ له سابورُ ذو الأَكتاف كان له وزيرٌ ناصحٌ قد اقتبسَ

ص: 64


1- تاريخ الطبري 6 / 393، وما بعدها تجارب الأُمم لابن مسکویه 2 / 370، الكامل في التاريخ 3 / 521 - 522، تاریخ ابن خلدون 3 / 69، وفيه (حُصین بن المنذر)، وفيات الأعيان 3 / 345، وفيه (حُصين بن المنذر)

أَدباً من أَدبِ الملوكِ وشابَ ذلك بفهمٍ في الدِّينِ، فوجّههُ سابورُ داعيةً إلى أَهلِ خراسان، وكانوا قوماً عجماً يعظّمونَ الدنيا جهالةً بالدينِ، وكان يقال: لكلِّ ضَعيفٍ صَولةٌ، ولكلِّ ذَلیلٍ دَولةٌ. فلما تلاحَمَتْ أَعضاهُ الأَمورِ التي لقّحَ، استحالتْ حَرباً عَواناً شالتْ أسافلَها بأَعاليها فانتقلَ العِزُّ إلى أَذلِّهم، والنَّباهةُ إلى أَخملِهِم، فاشربوا له حبّاً، فلمّا اسْتوسَقَتْ له البلادُ بلغَ سابور أَمرهم وما أَحال عليه من طاعتهم، ثمَّ لم يأمنْ زوالَ القلوبِ وغَدراتِ الوزراءِ، فاحتالَ في قطعِ رجائه عن قلوبِهم، وكان يقال:

وما قطعُ الرَّجاءِ بمثلِ يأسٍ

تبادهُهُ القلوبُ على اغْتِرارِ

فَصمَّمَ على قتلهِ عند ورودِهِ عليه برؤساءِ أَهلِ خراسانَ وفرسانِهم، فلم يرعهم إلَّا ورأسهُ بين أَيديهم، فوقفَ بهم بين الغربةِ ونأي الرَّجعةِ، فرأوا أَنْ يَستَتِمُّوا الدَّعوة بطاعةِ سابور ويتعوضوهُ من الفرقةِ، فأذعنوا له بالمُلكِ والطاعةِ، وتبادروه بمواضع النَّصيحةِ، فَمَلَكَهُم حتى ماتَ حتفَ أَنفِهِ.

فأطرق المنصورُ مليّاً ثمَّ رفعَ رأسه يقول:

ص: 65

لذي الحِلْمِ قبلَ اليومِ ما تَقرَعُ العَصَا

وما عُلّمَ الإنسَانُ إلَّا لِيَعْلَمَا

وأَمر إسحاقَ بالخروج ثمَّ دعا بأَبي مسلم، فلمَّا دخل إليه نظرَ إليه وقال:

قد اكتَنفَتْكَ خلّاتٌ ثلاثٌ

جَلَبْن عليكَ محذورَ الحِمَامِ

خلافُكَ وامتنانُكَ يزدهيني

وقودُكَ للجَمَاهيرِ العِظامِ

ثمَّ وثبَ إليه ووثبَ حشمُهُ بالسَّيوف، فلمّا رآهم أبو مسلم وثب، فبدرَهُ المنصورُ فضربَهُ ضربةً طرحَهُ ثم قال:

اشْرَبْ بكأسٍ كنتَ تَسْقِي بها

أَمَرَّ في الحَلْقِ مِنَ العَلقَمِ

زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لا يُقْتَضَی

كَذَبْتَ فَاسْتَوفِ أَبا مُجْرمِ

ص: 66

ثمَّ أَمر فحزَّ رأسَهُ وبعثَ به إلى أَهلِ خراسانَ وهم ببابه، فجالوا جولة ساعة ثمَّ ردعهم عن شَغَبهم انقطاعهم عن بلادهم وإحاطة الأَعداء بهم، فذلّوا وسلّموا له، وكان إسحاقُ إذا رأي المنصورَ قال:

وما أخذو لك الأمثالَ إلّا لتحذو إنْ حذَوتَ على مِثالِ(1)

شِعرُهُ

(1) قال الحُضَینُ بنُ المُنْذِرِ مُخاطباً قُتَيْبَةَ بنِ مُسلِم الباهليّ:

(من الكامل)

أقُتَيْبَ إنَّكَ قد أتَيْتَ عَظيمَةً

فانْظُرْ قُتَيبةُ أينَ أينَ المَهْرَبُ

أصْبَحْتَ ناكِثَ بَیْعَةٍ أعَطَيْتَها

طَوعاً فَجلْدُكَ للخِلافةِ أجْرَبُ

ص: 67


1- البيان والتبيين 3: 367 - 370، التذكرة الحمدونية 1 / 417

مَهْلاً فإنِّا لا نُجِيُبكَ والذي

تَدْعو إليهِ منْ أُمُورِكَ أعْجَبُ

ما ابْنُ المُهَلَّبِ بالذي يُزْرَی بهِ

نَقْصٌ ولا في أَمْرِهِ مُتَغَلِّبُ

ولأنْتَ أَحْقَرُ والذي أَنا عَبْدُهُ

في عَيْنهِ من بَقَّةٍ تَتَذَبْذَبُ

فانْظُرْ لِنَفْسِكَ يا قُتَيْبَةُ فَرُبَّمَا

نَظَرَ السَّفِيْهُ فَضَاقَ عنهُ المَهْرَبُ

أقُتَيْبَ قَد كَسَبَتْ يَداكَ خَطِيْئَةً

فاهْرِبْ قُتَيْبَةُ أَينَ منهُ المَهْرَبُ

ولأنْتَ أَحْقَرُ والذي أَنا عَبْدُهُ

في عَيْنهِ من بَقَّةٍ تَتَذَبْذَبُ

ص: 68

التخريج:

کتاب الفتوح 7 / 168 أَنساب الأشراف للبلاذري 8 / 289 (البيتان الأول والخامس).

(2) قال الحُضَينُ في مالكِ بن مَسْمَعِ الرَّبعيّ(1) (من الطويل)

حَيَاةُ أَبِي غَسَّانَ خَيْرٌ لِقَوْمِهِ

لِمَنْ كَانَ قد قَاسَ الأُمُورَ و جَرَّبا

ونَعْتبُ أحياناً عليهِ ولو مَضَى

لَكُنّا على الباقي مِنَ النّاسِ أعْتَبا

ص: 69


1- مالك بن مَسمَع بن شيبان بن شهاب البكريّ الربعيّ، أَبو غسان. ولد في عهد النبيِّ (صلى الله عليه وآله)، من وجوه البصرة وكان سيِّد ربيعة في زمانه، مقدّماً رئیساً. كان في جملة مَن انصفَّ إلى خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، حين قدم البصرة من مكة، ناكثا بيعة عبد الله بن الزبير، فقاتله مصعب بن الزبير، فهرب إلى الشام سنة 71 ه، توفي في أوّل خلافة عبد الملك بن مروان بالبصرة سنة 73 ه، وعقبه كثير. وكان أَعور، ذهبت عينُه في معركة الجفرة بالبصرة. كان يأمر الناس بعد واقعة الطف بتجديد البيعة ليزيد بن معاوية. ينظر: تاريخ الطبري 5 / 110، تاریخ الإسلام للذهبي، 6 / 465، تاریخ دمشق 56 / 497

التخريج:

تاریخ دمشق 56 / 498 وفيه (اعتبار بدلاً من أعتبا، وهو خطأ مطبعي).

مختصر تاریخ دمشق 24 / 68.

الشعور بالعور 1 / 291 والأعلام 5 / 265 (فيهما البيت الأول فقط).

(3) قالَ في مَقتَلِ قُتَيْبَةَ بنِ مُسلِم:

(من الطويل) أَلمْ تَرَ جَهْمَاً(1) وابن نَجْدٍ(2) تَعَاورا(3) بسَيْفيهِمَا رَأسَ الهُمَامِ(4) المُتَوَّجِ

ص: 70


1- جَهْم: هو جَهْم بن زَحْر بن قيس بن مالك بن معاوية بن سَعْنَة الجعفيّ. كان والده من أَصحاب الإمام علي (عليه السلام)، وولَّاه المدائن. وكان جَهْمُ مع قتيبةَ بن مسلم بخراسان وولي جُرجَان بعد فتحها. الإصابة 2 / 520، الكامل في التاريخ 5 / 17
2- ابن نَجدٍ: هو سعد بن نَجد الأزدي، وقيل سعد بن أَبي نَجد، وقيل سعد بن مجد، من أصحاب المغيرة بن المهلب. تاريخ الطَّبري 6 / 515
3- تَعَاوَرا: تَعَاوَرَ القومُ فلاناً إذا تعاونوا عليه بالضرَّب واحداً بعد واحدٍ
4- الهمام: العظيم الهمّة

وما أَدْرَكَتْ فِي قَيْسِ عيلانَ(1) نارَها بنو شَنْفَرٍ(2) إلَّا بأَسْيَافِ مَذْحِجِ وإلَّا بفِتيَانِ العَتيكِ(3) وغَيرِهمْ مِنَ الأَزدِ في دَاجٍ منَ الرَّهجِ(4) أدْعَجِ(5) أتاها ابنُ زَحْرٍ(6) بَعْدما هَبَّ جمعُها

ص: 71


1- قول الشاعر (أدركت في قيس بن عيلان...) إنّما أراد أنَّ قتيبة بن مسلم الباهلي هو من (قيس عيلان)
2- بنو شَنْفَر: الشَّنفر والشَّنفيرة: الرّجل السيئ الخلق. وأقول: ربّما أَراد الشاعر بقوله (بنو شَنْفَر) نسبة إلى الشاعر عَمْرو بن مالك الأزدي العدّاء الملقّب ب(الشّنفری)
3- (فتيان العتيك) هم بنو عتيك من ربيعة
4- الرَّهج: الغبار، السّحاب الرّقيق كأنّه غبار
5- الَأدعج: الرجل شديد السّواد، وقيل شديد سواد العين
6- ابن زَحْر: هو جَهْمُ المتقدّم ذكره. وهو الأمر بقتل قتيبة، بعد أنَّ بلغ الناس فسطاط قتيبة وقطعوا أَطنابه و جرح قتيبة. قال جهم بن زحر لسعد بن نجد: انزل فخُذ رأسه. فنزل سعد، فشقَّ الفسطاط واحتزَّ رأسه (الكامل 4 / 76). وجاء في كتاب الفتوح 7 / 181: (طعنه جهم بن زحر وضربه سعد بن نجد، ويقال أنّهما جميعاً ضرباه فقتلاهُ). وفي جمرة النسب 220:(قاتلُ قتيبة بن مسلم الباهلي وهو وکیع بن حسان بن أَبي سُود بن کلب التميميّ)

فباشَرَها في حَرِّها المتَوَّهِجِ أصَمّ(1) غُدانيّ(2) كأنَّ جبينَهُ مُجَاجَةُ(3) نَفْسٍ(4) فِي أديمٍ مُمْجَمَجِ(5) التخريج:

کتاب الفتوح 7 / 171.

الأنساب للصحاري 1 / 248 و فيه (ألم ترَ سعداً وابن رمز تعاورا) و (ثأرها) بدلاً من (نارها)، و(وياشرّها) بدلاً من (فباشرها) ومعها لايستقيم الوزن، مع إغفال البيت الأَخير.

وتُروَى في:

تاريخ الطَّبري 6 / 517، والشِّعر في خراسان 1 / 94:

وإنَّ ابْنَ سَعْدٍ وابْنَ زَحْرٍ تَعَاورا

ص: 72


1- أصمّ: الشُّجاع، الجريء الماضي
2- غدانّي: الممتلئ شباباً، الغضّ، النَّاعم. وقيل التثنِّي والاسترخاء
3- مَجُاجَةُ الشيء: عصارتُه
4- النِّفْسُ: الحبر
5- الممجمجُ: كثير اللحم

بَسَيْفَيهما رأسَ الهُمَامِ المُتَوّجِ

عَشيَّةَ جئنا بابْنِ زَحْرٍ وجئتُمُ

بأدْغَمَ(1) مَرْقُومِ(2) الذراعينِ دَيْزَجِ(3) أصَمَّ غُدانيّ كأنَّ جبينَهُ لطاخةُ(4) نقسٍ(5) في أديْمٍ مُمَجْمَجِ(6) وتُروَى في: بغية الطلب: 6 / 2831: ألمْ تَرَ زَحْراً وابْنَ نَجدٍ تَعَاوَرَا

ص: 73


1- الَأدغم: الأسود الأنف، وجمعه الدّغمان. والَأدغم: مَنْ يتكلَّم من قِبَلِ أَنْفِه، وهو الأَخَنُّ. وقيل: أَدغمَهُ: سوّدَ وجهه، وأَرغمَهُ: أسخطَهُ. وأَدغم الفرس اللجام: أَدخله في فِيهِ. والدّغمة والدّغم من ألوان الخيلِ، أن يضرب وجهه وجحافله إلى السواد مخالفاً للون سائر جسده ویکون وجهه ممايلي جحافله أشدّ سواداً من سائر جسده
2- المرقوم: المخططّ بسواد
3- ديزج: الفرس الَأدغم والأنثى الدّغماء، وهي تسمية أعجمية
4- اللطاخة: البقعة
5- النقَّس: ما يكتب به
6- الممجمجُ: كثير اللحم

بِسَيفِيْهِما رَأسَ الهُمَامِ المُتَوّجِ

وما أَدرَكتْ في قَيْسِ عَيْلانَ وِتْرَها

بَنُو مِنْقَر(1) إلّا بأَسْيافِ مِذْحجِ

عَشيّةَ جِئْنَا بابْنِ نَجْدٍ وجئْتُم

بأدْعَجَ مَرقومِ الذِّراعَينِ دَيْزجِ

أسَكّ(2) غُدَافِّي(3) كأنَّ جبينه

مَجَاجَةُ نِفْسٍ فِي أَدِيمٍ مُمَجْمَجِ

وورد البيت الثالث في تاج العروس مادة (دغم):

عَشِیَّةَ جاؤوا بابْنِ زَحْرٍ وجِئْتُم

بِأَدْغَمَ مَرْقُومِ الذِّراعين دَيْزَجِ

(4) وقال في مَصْقَلة بنِ هُبَيْرَةِ الشَّيبانِيّ، وما كانَ منه إلى الإمام عليٍّ (عليه السلام) وهروبه إلى معاوية:

ص: 74


1- بنو منقر: هم أبناء منقر بن عبيد بن مقاعس التميمي
2- الأسك: القصير الُأذن وصغيرها
3- غدافي: أَسود

(من الطويل)

أَمَصْقَلُ لا تَعْدَمْ منَ اللهِ مُرشِدا

ولا زلتَ في خَفْضٍ منَ العَيشِ أرْغَدا

وإنْ كُنْتَ قَد فارقتَ قومَكَ خِزْيَةً

يَمُدُّ بها الشَّانئ إلى رَهْطكَ اليَدا

وكُنتَ إذا ما نابَ أمْرٌ كَفَيْتَهُ

رَبيْعَةَ طُرَّاً غائبينَ وشُهَّدا

تُدافعُ عَنها كلَّ يومٍ كَريهَةً

صُدورَ العَوالي والصَّفيحَ المُهُنَّدا

یُنَاديكَ للعلياءِ بَكْرُ بنُ وائلٍ

فَتثْني لها في كلِّ جارحةٍ یَدا

فكنتَ أقلَّ النَّاسِ في النَّاسِ لائمَاً

وأكثرَهُمْ فِي النَّاسِ خَيراً مُعَدَّدا

تَخِفُّ إلى صُعْلوكنا تُجِيبُهُ

ص: 75

فكُنتَ بهذا في رَبيْعَةِ سيِّدا

فارقتَ منْ قد يُحْسِنِ الطَّرفَ دونَهُ

جِهَاراً وعادَيتَ النَّبيَّ مُحَمَّدا

فإنْ تكنِ الأيامُ لاقَتْكَ غَيْرَةً

قُمِ الآنَ فِارْجِعْ لا تَقُولَنْ غَدَاً غَدَا

ولا تَرْضَ بالأمَرِ الذي هو صَائرٌ

فَقَد جَعَلَ اللهُ القيامَةَ موعِدا

التخريج والاختلافات:

کتاب الفتوح 4 / 246 247.

تاریخ دمشق 58 / 274 (الأَبيات: 3 و 4 و 5 و 6 و 7) وفيه (تناديك بدلاً من يناديك) و (فتبني بدلاً من فتثني) و (نازلة بدلاً من جارحة) و (لأمة بدلاً من لائما)، والبيت السابع:

تَخِفُّ إلى صُعلوكِها وتجيبُهُ معدودَ أفعالٍ بها كنتَ سيّدا

ص: 76

(5) وقال الحُضَيْنُ(1):

(من الطويل)

وإنِّي لَأَلقَى مِنْ تَمِیْمٍ وبَابِهِ

عَنَاءً ويَدعُو مُجْفراً وابْنَ هوبَرَا

نَزِیْعَینِ(2) مِنْ حَيَّینِ شتَّى كأنَّما

یَرَی بِهِمَا البَوَّابُ كِسْرَى(3) وَقَيْصَرَا(4) التخريج:

الرسائل للجاحظ 2 / 78.

(6) وقال:

(1) قال المدائني: كان تميم بن راشد مولى باهلة، حاجباً لقتيبة بن مسلم بخراسان، فكان يأذن لسُوید بن هوبرٍ النهشليّ ومُجفر بن جزي الكلابي قبل الحُضين بن المنذر الرقاشي، فقال الحضين البيتين المتقدمين.

ص: 77


1- قال المدائني: كان تميم بن راشد مولى باهلة، حاجباً لقتيبة بن مسلم بخراسان، فكان يأذن لسُوید بن هوبرٍ النهشليّ ومُجفر بن جزي الكلابي قبل الحُضين بن المنذر الرقاشي، فقال الحضين البيتين المتقدمين
2- نزیعين: غريبين
3- کسری: بفتح الكاف وكسرها: اسم ملك الفرس، مُعَرّب، وهو بالفارسية خسرو، أي واسع الملك فعربته العرب فقالت کسری
4- قیصر: اسم ملك الروم، وقیل ملك الروم، وقيل لقب هرقل ملك الروم، وبه يلقب كلُّ من مَلَكَ الروم

(من الطويل)

إذا نَحنُ خِفْنَا الكاشِحينَ(1) فلمْ نُطِقْ

كلاماً تكَلّمنا بأعَيُنِنا سِرّا

فنَقْضي ولمْ يُعْلَمْ بِنَا كُلّ حاجَةٍ

ولمْ نكشِفْ النَّجوى(2) ولم نَهْتِكِ السِّتْرا

ولو قُذِفَتْ أَحشَاؤُنا ما تَضَمَّنتْ

منَ الوَجدِ(3) والبلوَى إذنْ قذفَتْ جَمْرا

وتُروَى بِلا نسبةٍ في مصارع العشاق 1 / 92 وتَزيين الأَسواق في أَخبار العشاق 1 / 200 ببعض الاختلافات:

إذا نحنُ خِفنَا الكاشِحينَ، فلم نُطِقْ

كلاماً، تَكَلّمنا بأعيُنِنا شَزْرَا

نصُدّ، إذا ما كاشِحٌ مالَ طرْفَهُ

ص: 78


1- الكاشحين: مفرد کاشح: الذي يضمر العداوة
2- النَّجوي: الكلام الذي ينفرد به الجماعة أَو الإثنان، سّراً كان أَو ظاهراً
3- الوجد: الغضب، الحزن

إلَينا، ونُبدي ظاهِراً بينَنَا هَجْرَا

فإنْ غَفَلوا عنّا رأيْتَ خُدُودَنَا

تَصافُحَ، أوْ ثَغراً قَرَعنَا بهِ ثَغْرَا

ولَوْ قَذَفَتْ أَجسادُنَا ما تَضَمّنَتْ

من الضّرِّ والبَلوَى إذاً قذفتْ جَمرَا

التخريج:

البيتان الأول والثاني في: الكامل في اللغة والأدب 2 / 20، التذكرة الحمدونية 3 / 154.

والأَبيات الثلاثة في الزهرة 1 / 34 بِلا نسبة، وعلّقَ صاحبُها بالقول: صاحب هذا الشِّعر البائس مغترٌّ بالزَّمان، جاهل بصروف الأيام، يتبرَّم بالرَّقيب مع مشاهدة الحبيب وهو لا يعلم أنَّ هذه الحال تتقاصر عنها الآمالُ، وتنقطع دونَها الآجالُ، ولكن من لم ينتبه الفراق ولا الهجر ولم يعترض إلى الخيانة والغدر حسب أنَّ الرَّقيب هو منتهی کید الدَّهر وظنَّ أنَّه قد امتُحن بما لا يقوم له الصَّبر. (7) قال الحُضَيْنُ بن المُنْذِر هاجياً ضُبَيْعَةَ بن قَيسِ المعروف

ص: 79

ب(جَحْدَرِ اللص)(1):

(من الوافر)

تُنَازعُنِي ضُبَيْعَةُ أَمْرَ قَومِي

وما كانتْ ضُبَيْعَةُ للأُمُورِ

وهلْ كانَتْ ضُبَيْعَةُ غَيْرَ عَبِدٍ

ضَمَمْنَاهُ إلى نَسَبٍ شَطِيرِ(2)

وأَوْصَاني أَبي، فَحَفِظْتُ عنْهُ

بفَكّ الغِلِّ عنْ عُنُقِ الأَسِيرِ

وأوْصَى جَحْدَرُ يوماً بَنيِهِ

بإرسالِ القَرادِ على البَعِير(3)

ص: 80


1- بنو ضُبيعة: عُرفتْ بعض القبائل ب(الضُبْعيات)، نزل أكثرهم البصرة، ونُسِبت المحلة التي سكنوها إليهم، ومنهم ضُبيعة بن قيس المعروف بجحدر اللص. ويُقال أَنَّ جَحْدرَ هو ابن ضُبيعة بن قيس. وكان قصيرَ القامة، ويكنّى أبو المَسَامِعَة . الكامل في التاريخ 1 / 483، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 7 / 339
2- الشطير: البعيد والغريب
3- كانَ جَحْدر إذا نزلت رفقة بالقرب منه أخذشنة فجعل فيها قرداناً فينشرها بقرب الإبل فتنتشر فإذا أحستها الإبل نهضت فشدَّ الشنة (أي القربة) في ذنب بعض الإبل فإذا سمعت صوت الشنة وعلمت أنَّ فيها القردان نفرت، ثمَّ كان يثب في حذوة بعير منها فيذهب به (أي يسرقه)، لذا كان يُلقب بجَحْدر اللص

التخريج والاختلافات:

الحيوان 5 / 232 وفيه (فوقي بدلاً من يوماً).

المعاني الكبير 2 / 631 (البيتان الثالث والرابع).

محاضرات الأُدباء 2 / 208 البيت الرابع بلا نسبة وفيه (قدماً بدلاً من يوماً). عن شعراء النصرانية ج 7 أنَّ نسبة الأبيات في جمهرة الإسلام: 295 لأَبي زبيد الطائيّ وفيهما (فوقاً بدلاً من يوماً).

(8) وَقَالَ یَهْجُو ولدَه غیَّاظاً:

(من الطويل)

نَسِيٌّ لِمَا أُولِيتَ مِنْ صَالِحٍ مَضى،

وأَنتَ لتأْديبٍ عَليَّ حَفِيظُ

تَلِينُ لأَهْل الغِلِّ والغَمْزِ منهمُ،

وأَنتَ عَلَى أَهلِ الصَّفاءِ غَلِيظُ

ص: 81

وسُمِّيَت غَیَّاظاً، ولستَ بغائطٍ

عَدُوًّا، وَلَكِنْ للصَّدِيقِ تَغِيظُ(1)

فَلَا حَفِظَ الرَّحمَنُ رُوحَكَ حَيَّةً،

وَلَا وهْيَ فِي الأَرواحِ حِيَن تَفِيظُ(2)

عَدُوُّكَ مَسرورٌ، وَذُو الوُدِّ، بِالَّذِي

يَرى مِنْكَ مِنْ غيْظ عَلَيْكَ كَظيظُ(3)

ص: 82


1- الغيظ: الغضب مطلقاً، وقيل غضبٌ کامنٌ للعاجز أو أشَدُّهُ أو سَوْرتُهُ، وقيل الغيظُ أشدّ من الغضب. وقيل الغضبُ للقادر والغيظُ للعاجز من نحو قوله تعالى (والكاظمينَ الغيظَ). (سورة آل عمران / 134). والغيض: مصدر غاض الماء، إذا قلَّ ونضب. قال تعالى (وغِيْضَ الماءُ). (سورة هود / 44). وفي المثل السائر (غَيْضٌ من فَيْضٍ) أي: قليل من كثير
2- الفيظ: خروج الروح من الجسد. يقال: فاظتْ نفسُ فلان إذا خرجت، وكذلك في كلِّ ذي روح فاظتْ نفسه. أمّا الفيض: الماءُ يفيض فيضاً وفُيوضاً بالضم والكسر وفَیْضُوضة وفَيَضاناً: كثُر حتى سالَ کالوادي
3- الكَظِيظُ: المُغتاظُ أشدَّ الغيظِ

التخريج:

الأبيات الخمسة في: تاج العروس: مادة (غ ي غ) و مادة (ف ظ ظ)، و لسان العرب: فصل (الغين المعجمة).

وورد البيت الأَخير في تاج العروس مادة (ك ظ ظ)، وورد البيتان الثالث والخامس في لسان العرب فصل (الحاء المهملة)، والثالث والرابع في فصل (الفاء)، والبيت الأَخير فيه في فصل (الكاف).

وورد البيتان والخامس في المؤتلف والمختلف 1 / 109 والغارات 2 / 790.

ونسب قدامة بن جعفر الأَبيات في (نقد الشعر 1 / 31) لزياد الأَعجم مع تأخير البيتين الأَوَّل والثاني وإغفال البيت الرابع.

(9) روى أبو حاتم عن العتبيّ قال: قال معاويةُ لحُضَیْنِ بنِ المُنْذر وكان يدخل عليه في أُخرياتِ الناس: يا أَبا ساسان، كأنَّهُ لا يحسنُ إذْنكَ. فأنشأ يقول:

(من الطويل)

وكَلُّ خَفِيفِ الشّأنِ يَسْعى مُشمّراً

ص: 83

إذا فَتَحَ البَوابُ بَابَكَ اصْبَعَا

ونَحنُ الجُلوسُ المَاكثونَ تَوقّراً

حَياءً إلى أنْ يُفْتَحَ البابُ أَجْمَعَا

التخريج:

البيان والتبيين 2 / 132، أَنساب الأشراف للبلاذري 5 / 111، بغية الطلب 6 / 2830، وتاريخ دمشق 14 / 391 وفيهما: (رزانةً بدلاً من توقَّراً) و(حلماً بدلاً من حياءً).

مختصر تاریخ دمشق 7 / 194، عيون الأَخبار 1 / 161 ونُسِبا الى (حضين بن المنذر).

ورويا في العقد الفريد 1 / 64 (بلا نسبة) وفيه صدر البيت الأول: رأيتُ أناساً يسرعون تبادرة. وكذلك في روض الأَخيار 1 / 365.

(10) وقالَ في الرئاسَةِ وعُلوِّ الهِمِّةِ و أَحسَنَ و أَجَادَ:

(من الكامل) إنَّ المَكارمَ لَيْسَ يُدْركُها امرؤٌ وَرِثَ المَكَارِمَ عَنْ أَبٍ فَأَضَاعَها

ص: 84

أَمَرَتْهُ نَفْسٌ بالدَّناءةِ(1) والخَنَا(2)

ونَهَتْهُ عَنْ طَلَبِ العُلَى فأَطَاعَها

وإذا أَصَابَ مِنَ الأُمورِ كَرِيمَةً

يبني الكَريمُ بِها المَكَارِمَ باعَها

التخريج:

التذكرة الحمدونيَّة 2 / 69.

التذكرة السعديَّة 1 / 32 - 33 وفيها (كريهة بدلاً من کریمة).

(11) وقالَ الحُضَیْنُ حينَ أَظهَرتْ مُضَرُ الفَسْحَ لمُعاويةً وأَبدتْ ما في أَنْفُسِ أَهلِها لَهُ:

(من الطويل)

رَأَتْ مُضَرٌ صَارتْ رَبيْعَةَ دونَها

شِعَارَ أَميرَ المؤمنينَ وَذَا الفَضْْلُ

ص: 85


1- الدَّناءة: الخسة
2- الخنا: الفحش

وأَبْدَوا إلينَا مَا تَجِنُّ صُدُورُهُم

عَلينا مِنَ البَغْضَاءِ هَذا لُهُ أَصْلُ

فَقُلتُ لَهُمْ لَمَّا رَأَيتُ رِجَالَهُم

عُيُونُهُمُ خُزْرٌ كَأَنَّ بِهِمْ ثُقْلُ

إليكُمْ إليكُمْ لا أًباً لأَبيْکُمُ

فَنَحنُ لَنَا شَكْلٌ وأَنْتُمْ لَكُمْ شَكْلُ

وَنَحنُ أُناسٌ خَصّنَا اللهُ بالتي

وأَنَّا لَهَا أَهلاً وأَنتُمْ لَهَا أَهْلُ

فَأَبْلُوا بِلَانَا أَو اقِرُّوا بَفضْلِنا

ولَنْ تَلحَقونا الدَّهْرَ مَا حَنَّتِ الإبْلُ

التخريج:

وقعة صفين: 309، وفيه (بدت بهم قطو بدلاً من عيونهم خرز)، وورد عجز البيت الرابع (فان لكم شكلاً وإن لنا شكل).

کتاب الفتوح لابن أعثم: 3 / 99.

شرح نهج البلاغة: 5 / 244 (الأَبيات الأَوَّل والثاني

ص: 86

الأَخير)، وفيه (أرى بدلاً من رأت) وورد البيت الثاني:

فأبدلوا لنَا ممّا تجنُّ صدورُهُم

هوالسُّوءُ والبغضاءُ والحقدُ والغلُّ

(12) قاولَ عثمانُ بن مسعود الضّبيُّ الشاعرَ الحُضينَ بنَ المنذرِ الرَّقاشيّ بحضرۃِ قتيبةِ بنِ مسلمٍ بخراسانَ فغلبَهُ الحُضين، فقال عثمانُ يخاطبُ قتيبةَ:

(من الرجز)

تغري حُضَيناً وحُضیَنٌ عائلهْ

تَشْتُمُ عِرضْي هبَلتْك الهابلهْ

تبغي سِقاطي یَالَقومي باهلهْ

قبيلةٌ في الأولينَ واغلهْ

فأجابه حُضين بأَبياتٍ منها:

(من الطويل)

فإنْ تَكُ قد لاقَيْتَ منّي شَكيْمَةً

فَمَا يومُ عَبْسٍ من رِقاشٍ بواحِدِ

ص: 87

التخريج:

معجم الشعراء 1 / 255.

ربيع الأبرار ونصوص الأخبار 2 / 87 وفيه (العبسي بدلاً من الضبيّ) و (عیسی بدلاً من عبس).

(13) وقال في يزيد بن المُهَلَّبِ(1):

(من الطويل)

أمَرْتُكَ أمْراً حازماً فَعَصَيْتَني

فأصْبَحتَ مَسْلوبَ الإمارةِ نادِما

فَما أنَا بالبَاكِي عَلَيْكَ صَبابَةً

وما أنا بالدَّاعِي لِتَرْجَعَ سَالما

ص: 88


1- كان يزيدُ بن المُهَلَّب استشار الحُضَينَ بن المُنْذر قبلَ أن يرحل عن خراسان، فنهاه عن السفر، ونصحه أن يقيم ويعتل، وأن يكتب إلى عبد الملك بن مروان ليقرَّه، فإنَّه حسن الرأي فيه. فلم يعمل يزيد بمشورته، وقال له: «إنما نحن أهل بیت بورك لنا في الطاعة، وأنا أكره الخلاف». فقال الحضين فيه هذين البيتين، شامتا به، وساخراً منه، وقد جرِّدَ من منصبه، وراجعته نفسه فيه. (ينظر أخباره)

التخريج:

الكامل في التاريخ 3 / 521 (الأَبيات للحُضين بن المنذر).

وفي تاريخ الطَّبري 6 / 396، تجارب الأمم لابن مسکویه 2 / 370، وفيات الأَعيان 3 / 360، شرح دیوان الحماسة 1 / 576، التذكرة الحمدونية 3 / 314 النسبة ل(حصين بن المنذر).

وفي معجم الشعراء 1 / 319 و ربيع الأبرار 5 / 270 و المستطرف 1 / 88 نسبة البيتين إلى (فیروز بن حصين) مع إضافة بيت ثالث:

أمرتك بالحجاج إذ أَنتَ قادر

فنفسك ولِّ اللوم إنْ كنتَ لائما

والبيت الأَوَّل في محاضرات الأُدباء 2 / 208 وفيه (العبارة بدلاً من الإمارة)، الشعر في خراسان 1 / 92.

(14) وقال:

(من الطويل)

قُتَيْبَةَ، إنْ تَكْفُفْ أخَاكَ تكَفّهُ

وفي الوَصْل مِنّي مَطْمَعٌ، يَا بْنَ مُسْلمِ

ص: 89

وإلَّا فإنِّي والْذي نَسَكَتْ لهُ

رجَالُ قُريْشٍ والحَطيْمٍ وزَمزْمِ

لئِنْ لجّ عبْدُ الله في بعَضِ مَا أرَى

لَأَرْتَقِين في شَتْمكُمْ رأسَ سُلَّمِ

أَمَزْحٌ بَشيْخٍ بَعْدَ تِسْعينَ حِجّةً

طوَتني كَأنِّي منْ بقيّةِ جُرْهُمِ

فَمَا رَدَّ مَزحٌ قَطُّ خَيْراً علمتُهُ

وَلِلْمزحِ أَهْلٌ لَسْتَ منْهمُ فَأحْجِمِ

التخريج والاختلاف:

تاریخ دمشق 14 / 402 وفيه (یسکت بدلا من نَسَکتْ) و أمزجٌ بدلاً من أمزحٌ). مختصر تاریخ دمشق 7 / 198.

ص: 90

المصادر والمراجع

- الأخبار الطوال: أبو حنيفة أَحمد بن داود الترمذيّ (ت 282 ه)، تحقيق عبد المنعم عامر، مراجعة د. جمال الدين الشيال، دار إحياء الكتاب العربي - عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، ط 1، 1990 م.

- أسد الغابة: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد الشيبانيّ الجزريّ، عز الدين ابن الأثير (630 ه)، دار الفکر، بیروت، 1409- 1989 م.

- الإصابة في تمييز الصحابة: الحافظ أَحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852 ه)، دراسة وتحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بیروت، ط 4، 2010 م.

الأَعلام: خير الدين الزركلي (1396 ه) دار العلم للملايين، ط الخامسة عشرة، 2002 م، دت.

- أَعيان الشيعة: السيد محسن الأمين العامليّ (1371 ه) دار التعارف للمطبوعات، بیروت - لبنان.

- الأنساب: عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي

ص: 91

السمعاني (562 ه)، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حیدر آباد، ط 1، 1382 ه - 1962 م.

- الأوائل: أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري (ت 395 ه)، دار البشير، طنطا، مصر، ط 1، 1408 ه.

- البخلاء: عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ (ت 255 ه)، دار ومكتبة الهلال، بیروت، ط 2، 1419 ه.

- البداية والنهاية: أَبو الفداء إسماعيل بن عمر بن کثیر القريشي الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1408 ه - 1988 م.

- البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي (ت 400 ه)، تحقيق: د. وداد القاضي، دار صادر - بیروت، ط 1، 1408 ه - 1988 م.

- بغية الطلب في تاريخ حلب: عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي، کمال الدين ابن العديم (ت 660 ه)، تحقيق: د. سهیل زکار - دار الفکر، بیروت، (دت).

- البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق: إبراهيم شمس الدين، منشورات مؤسسة الأعلمي

ص: 92

للمطبوعات، بیروت، ط 1، (1423 ه - 2003 م).

- تاج العروس من جواهر القاموس محمد بن محمد الحسيني، مرتضى الزبيدي (ت 1205 ه) مجموعة من المحققين، دار الهداية، (دت).

- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام: شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان بن قایماز الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، ط 2، 1913 ه - 1993 م.

- تاريخ الثقات: أبو الحسن أَحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي (ت 261ه)، دار الباز، ط 1، 1405 ه - 1984 م.

- تاریخ خليفة بن الخياط: أبو عمر وخليفة بن خياط بن خليفة الشيباني العصفري البصري (ت 240 ه)، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، دار القلم، مؤسسة الرسالة، دمشق بیروت، ط 2، 1397 ه.

- تاریخ دمشق: علي بن الحسن بن هبة الله المعروف ب(ابن عساکر) (ت 571 ه)، تحقيق: عمرو بن غرافة العمر وي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع دمشق، سوريا، 1415 ه - 1995 م.

- تاريخ الطبري (تاریخ الرسل والملوك) لأبي جعفر محمد

ص: 93

بن جرير الطبري (310 ه)، تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط 4، 1979 م.

- التاريخ الكبير: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة (ت 256 ه)، دائرة المعارف العثمانية، حیدر آباد - الركن (ت د).

- تجارب الأمم وتعاقب الهمم، احمد بن محمد بن يعقوب مسکویه (ت 421 ه)، تحقيق: أبو القاسم إمامي، طهران، ط 2، 2000 م.

- التحرير الطاووسي، المستخرج من كتاب حلّ الإشكال للسيد أحمد بن موسى الطاووس المتوفي (673 ه)، تأليف الشيخ حسن بن زین الدین صاحب المعالم المتوفي (1011 ه)، تحقیق فاضل الجوهري وإشراف السيد محمود المرعشي، مطبعة سيد الشهداء (عليه السلام)، قم، ط 1، 1411 ه.

- التذكرة الحمدونية: أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد علي بن حمدون البغدادي (ت 562 ه)، دار صادر، بیروت، ط 1، 1417 ه.

- التذكرة السعدية: محمد بن عبد الرحمن بن عبد المجيد العبيدي (ت بعد 702 ه).

- تصحيح لسان العرب: احمد بن إسماعيل بن محمد تیمور

ص: 94

(ت 1348 ه)، دار الآفاق العربية، القاهرة، ط 1، 1422 ه - 2002 م.

تقريب التهذيب، الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، حققه وعلق عليه: صلاح الدين عبد الموجود دار ابن رجب، المنصورة، ط 1، 1425 ه 2006 م.

- تهذيب التهذيب : أبو الفضل احمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 ه) مطبعة دارة المعرف النظامية، الهند، ط 3، 1326 ه.

- تهذيب الكمال في أسماء الرجال: يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي المزي (ت 742 ه)، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، الكويت، ط 1، 1400 ه 1980 م.

- الجرح والتعدیل: عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي (ت 327 ه)، طبقة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حیدر آباد - الركن - دار إحياء التراث العربي .- بیروت - ط 1، 1952 م.

- جمل أَنساب الأشراف: أحمد بن يحيى البلاذري (ت 279 ه)، تحقيق: سهیل زکار و رياض الزركلي، دار الفكر،

ص: 95

بیروت، ط 1، 1417 ه - 1996 م.

- الجمل والنصرة لسيد العترة في حرب البصرة، أَبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (الشيخ المفيد (ت 431 ه)، تحقيق: السيد علي مير شريفي، قم المقدسة، ط 2 4116 ه.

- جمهرة أَنساب العرب: علي بن أَحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت 456 ه)، تحقيق: لجنة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1403 ه - 1983 م.

- الحيوان، عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ (ت 255 ه) دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1424 ه.

- خاص الخاص، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي (ت 430 ه)، شرحه وعلق عليه مأمون بن محي الدين الجنان، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1414 ه - 1994 م.

- خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: عبد القادر بن عمر البغدادي (ت 1093 ه)، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 4، 1418 ه - 1997 م.

- ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن بن محمد، ابن

ص: 96

خلدون الحضري الاشبيلي (ت 808 ه) تحقیق: خليل شحادة، دار الفکر، بیروت، ط 2، 1408 ه - 1988 م.

- ربيع الأبرار ونصوص الأخبار: أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه) تحقيق: عبد الأمير المهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط 1، 1412 ه - 1992 م.

. رجال البرقي، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، حققه وعلق عليه: حیدر محمد علي البغدادي، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، قم، ط 1، 1430 ه.

- رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال)، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (ت. 460 ه)، التحقيق والتصحيح: محمد تقي فاضل المبيدي والسيد أبو الفضل الموسویان، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران، 1424 ه.

- رسائل الجاحظ: عمرو بن بحر، الجاحظ (ت 255 ه) تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1384 ه - 1964 م.

- روض الاخيار المنتخب من ربيع الأبرار: محيي الدين ابن الخطيب محمد بن قاسم بن يعقوب الأماسي الحنفي (ت 940 ه)، ط 1، سوريا، حلب، دار القلم، 1423 ه.

ص: 97

- زهر الآداب وثمر الألباب: أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني (ت 463 ه) دار الجبل، بیروت، (دت).

- سير أَعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: مجموعة من المحققين بأشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط 3، 1405 ه - 1985 م.

- شرح دیوان الحماسة: أَحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (ت 421 ه)، تحقيق: غرير الشيخ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1424 ه - 2003 م.

- الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي، تأليف: حسين عطران، دار الجبل، ط 2، 1409 ه - 1989 م.

- الشعر والشعراء: محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 2769 ه)، دار الحديث، القاهرة، 1923 ه.

۔ صحیح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت 261 ه)، حقق نصوصه وصححه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، (د.ت).

- طبقات الشافية الكبرى: تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (ت 771 ه)، تحقيق: د محمود محمد الضاحي م د

ص: 98

عبد الفتاح محمد الحلو مطبعة هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، 1413 ه.

،الطبقات الکبری: محمد بن سعد البصري البغدادي (ت 230 ه)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بیروت، ط 1، 1410 ه - 1990 م.

- العقد الفريد. أَبو عمر أَحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، دار الكتاب العربي، بیروت، ط 2.

- الفروق اللغوية: أَبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (ت 395 ه)، حققه وعلق عليه: محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، (د.ت) - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: أبو عبد الله محمد بن عثمان بن قایماز الذهبي، (ت 748 ه) تحقيق: محمد عوامه احمد نمر الخطيب، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جده، ط 1، 1913 ه - 1992 م.

- الكامل في التاريخ: أَبو الحسن علي بن أَبي الكرم الشيباني الجزري، عز الدين بن الأثير (ت 630 ه) تحقيق: الدكتور عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بیروت، ط 1431، 1 ه - 2010 م.

ص: 99

- الكامل في اللغة والأدب: أبو العباس محمد بن یزید المبرد (ت 285 ه)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 3، 1417 ه - 1997 م.

- الفتوح: أحمد بن محمد بن علي بن أعثم الكوفي (ت 314 ه)، تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بیروت ط 1، 1411 ه - 1991 م.

- لسان العرب: محمد بن مکرم بن علي، ابن منظور الأنصاري الإفريقي (ت 711 ه) دار صادر، بیروت، ط 3، 1414 ه.

- مختصر تاریخ دمشق: محمد بن مکرم بن علي، ابن منظور الأنصاري الرويفعي الأفريقي (ت 711 ه)، تحقيق روحية النحاس، ریاض عبد الحميد مراد، محمد مطیع، دار الفكر للطباعة والنشر، دمشق، سوريا ط 1، 1402 ه - 1984 م.

- المجموع اللفيف: محمد بن محمد بن هبة الله العلوي الحسيني الافطسي الطرابلسي (ت بعد 515 ه)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1425 ه.

- المسالك والمالك: أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله المعروف ب(ابن خردادبه) (ت 280 ه) دار صادر، افست ليدي

ص: 100

- بيروت - 1889 م.

- مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار: محمد بن حبان الدارمي البستي (ت 354 ه)، حققه ووثقه وعلق عليه: مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة، ط 1، 1411 ه - 1991 م.

- المعاني الكبير في أبيات المعاني: أَبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 276 ه)، تحقيق: د. سالم الكرنكري، عبد الرحمن بن يحيى اليماني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1405 ه - 1984 م.

- معجم البلدان: یاقوت الرومي الحموي (ت 626 ه)، دار صادر بیروت، ط 2، 1995 م.

- معجم الشعراء: أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني (ت 384 ه)، تصحیح و تعليق: د. ف کرنکر، مكتبة القدسي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 2، 1402 ه 1982 م.

- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: جمال الدين أَبو الفرج عبد الرحمن الجوزي (ت 597 ه)، تحقيق محمد عبد القادر عطار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1412 ه - 1992 م.

- المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم والقابهم

ص: 101

وأنسابهم وبعض شعرهم، أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي (ت 370 ه)، تحقيق: د. ف کرنكو، دار الجيل، بیروت، ط 1، 1411 ه - 1991 م.

- نثر الدر في المحاضرات: منصور بن الحسين الرازي الآبي (ت 421 ه)، تحقيق: خالد عبد الغني محفوظ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1424 ه - 2006 م.

- نهاية الأدب في فنون الأدب: أَحمد بن عبد الوهاب النويري (ت 733 ه)، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، ط 1، 1423 ه.

- وفيات الأعيان وأَنباء أَبناء الزمان، أبو العباس أحمد بن محمد بن خلكان الأربلي (ت 681 ه)، تقديم محمد بن عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بیروت، (د.ت).

- وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري (ت 212 ه)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بیروت، 1410 ه - 1990 م.

ص: 102

المحتويات

المُقدَّمَة...9

اسمه ونسبه:...15

کنیته ولقبه:...16

أَولاده:...16

ولادته ووفاته:...17

شرطة الخميس:...19

صفته وما قيل فيه:...23

حياؤه:...29

من أقواله ومواقفه:...29

أَخبارُه...34

التخريج:...39

ما يروى عنه من الأَخبار:...64

شِعرُهُ...67

المصادر والمراجع...91

ص: 103

ص: 104

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.