بطاقة تعريف: عبیدان، احمد، جامع
عنوان واسم المؤلف: أم الإمام السجاد (عليه السلام) تحليل ومناقشة لما ورد من اختلاف في اسمها، ونسبها وزمن أسرها، وزواجها/ اعداد و تحقیق احمدبن حسین العبیدان.
تفاصيل المنشور: قم المقدسة: دار زین العابدین، 1440.
مواصفات المظهر: 208 ص.
شابک : 978-622-5271-10-4
حالة الاستماع: فیپا
لسان: العربية.
ملحوظة: کتابنامه: ص. [179] - 199؛ أيضا مع الترجمة.
موضوع : بی بی شهربانو
ترتيب الكونجرس: BP52/2
تصنيف ديوي: 297/979
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 9025149
اطلاعات رکورد کتابشناسی : فیپا
المتبرع الدیجیتالي : جمعیة المساعدة إمام الزمان (عج) في اصفهان
الآنسة : سيدة نرگس قمي
ص: 1
شهربانو
أم الإمام السجاد (عليه السلام)
الطبعة الأولى
1440 ه- - 2019م
دار الكرامة
دار الكرامة للطباعة والنشر
قم المقدسة
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
تقديم
إلى السيدة الجليلة أم الإمام زين العابدين
إلى ابنة بيوت الرفعة والكرامة
إلى شهربانو ...
أقدم هذه البضاعة المزجاة
وأضعها في ساحة جودها وكرمها
عسى أن تحظى عندها بالقبول والرضا.
وأهدي ثواب هذا العمل إلى من تغمرني رعايتهما وعطفهما :
والدي ووالدتي، ألبسهما الله بلباس عافيته ومد في عمرهما. آمين.
أحمد
ص: 3
ص: 4
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين اللهم عجل فَرَجَهُم
على مر التاريخ عاشت شخصيات - صالحة أو طالحة - برزت وتركت بصماتها لمن خلفها، حري بنا أن نقرأ ونبحث عنها، وفي سيرتها، ومتى وكيف كانت بداية ظهورها بين يدي أقلام التاريخ حتى وصلنا صيتها ولو نزراً يسيراً.
يمكننا أن نقرأ سيرة تلك الشخصيات الصالحة - التي لمع طالعها - من نواحي عدة، فنعرفها للمجتمع والأمة، ومن ثم نجعل منها نماذج صالحة تُحتذى، إن على المستوى الرجالي أو على مستوى المجتمع النسوي.
وقد قدم بعض الكتاب والمؤرّخين لمحةً أو لفتة لنماذج معينة على المستويين المزبورين - بغمض النظر عن توجهات الكاتب ومقاصده - عن شخصيات أفردوا لها بالكتابات، وآخرون كتبوا عنهم مجتمعين، وإن كان هناك الكثير ممن غفل عنهم أو لم يُسهَب في ترجمتهم، حتى في كتب الرجال والتراجم فضلاً عن كتب السيرة والتاريخ، ومن تلك العناوين مثلاً :
ص: 5
أزواج رسول الله أمهات المؤمنين، لأمير حسين خنجي.
أمهات المؤمنين زوجات الرسول، لمحمود المصري.
أمهات المؤمنین همسران ،پیامبر ، لمحمد جمال زهي.
أمهات المعصومين للسيد محمد الشيرازي (رحمه الله).
أمهات الأئمة المعصومين للسيد حسين الموسوي الصافي.
أمهات المعصومين.. سيرة وتاريخ، لعبد العزيز البهادلي.
إبصار العين في أنصار الحسين، للشيخ محمد السماوي.
تراجم سيدات بيت النبوة، للدكتورة عائشة محمد علي عبد الرحمن (بنت الشاطئ).
رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ للسيد لطيف القزويني تحدث فيه عن الهاشميين قبل وبعد ظهور الإسلام، وما بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله).
رجال حول أهل البيت للشيخ فوزي آل سيف القطيفي.
رجال حول الرسول لخالد محمد خالد
رجال الفكر والدعوة في الإسلام لعلي الحسني الندوي، تناول فيه بعض الشخصيات التي يرى أنها مؤثرة في الدعوة وترويج الدين.
رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي، تحدث فيه عن النبي (صلى الله عليه و آله) والصحابة ومن جاء بعدهم.
رجال المعلقات العشر للشيخ مصطفى الغلاييني.
ص: 6
رجال ونساء أنزل الله فيهم قرآنا، لعبد الرحمن عميرة.
زوجات الأنبياء، وأمهات المؤمنين، لمحمد على قطب.
زوجات الرسول أمهات المؤمنين، لأميمة محمد علی.
صحابيات حول الرسول لمحمود المصري.
نساء حول أهل البيت للشيخ محمود فوزي.
نساء حول الحسين، لسعيد رشيد زميزم الكربلائي.
نساء حول الرسول، لمحمد إبراهيم سليم.
نساء حول الرسول، لمحمد على قطب ومحمد عمر الداعوق وأحمد عبد الجواد الدومي.
وغيرها الكثير مما لا يسع المجال لسردها في هذا المختصر؛ إذ قد تخرج بنا عما نحن فيه.
وفي هذا المجال، لمّا أن رأيت الاختلاف الكبير والتفاوت غير الهين فيما نقله الأقدمون حول اسم وشخصية أم الإمام السجاد (عليه السلام) - عندما كنت في عام 1437 ه- أجمع مادة كتاب (المختصر والمعتبر ف-ي تاريخ المعصومين الأربعة عشر)، وعند الحديث عن نَسَب الإمام السجاد (عليه السلام) لأمه (صلوات الله عليها) لفت انتباهي عبارة لأحدهم حول شخصيتها كانت بعنوان ( حول السيدة شَهربانو ) قال في مقدمته: (إن نتيجة التحقيق والبحث الذي قُمْتُ به حول هذه الشخصية هي أنها خرجت عن كونها شخصية حقيقة، لتصبح في عداد الشخصيات الأسطورية!!).
ص: 7
فقررت التنقيب والبحث أكثر وتخصيص رسالة في ترجمتها وردّ زعمه وتجاسره عسى أن لا يكون ذلك منه مقصوداً مقصوداً ومتعمداً بل خطأ في التعبير وتهوّر في اختيار العبارة، فخرجت بهذا العنوان (شهربانو، أم الإمام السجاد علیه السلام )...
ومنها المدد والعون، وعلى الله الاتكال.
ص: 8
لقد كُتِبَ عن حياة وشخصية فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) الكثير من المصنفات والمجاميع الموسوعية ولكن تركت شخصيات أمهات الأئمة المعصومين لم يوفَّ حقهن في الترجمة، وهذا - بحسب اعتقادي، وكما ذكرت في كتابات أخرى - يرجع لعاملين مهمين:
العامل الأول: انشغال المؤرخين والمترجمين - في الوسط الشيعي خاصة - بشخصيات أهل البيت صلوات الله عليهم) وإيلائهم الأولوية دون غيرهم حتى من ذويهم والمقربين منهم.
وفي المقابل اهتم المخالفون بصناعة شخصيات ينفخون لها في جراب الحقائق بنَفَس التزييف والتضليل، فقد اعتاد المؤرخون وأصحاب السير وحاملوا الأقلام إهمال كثير من الشخصيات العظيمة، حيث لم يقيموا وزناً لإبقاء العالم مفتوحاً على مصراعي الثقة والعدالة في التمجيد والتخليد، ففي كل مرة يريد المتصفّح لأوراق التاريخ الوقوف على آثار القدماء ويتعرّف على حياة شخصيات معينة، تواجهه صعوبة في الوصول إلى ما أخفاه القلم المنحاز إلى الظلام.
العامل الثاني: الدور المُخزي الذي ظهر في أوساط الأمة والذي أسست له الحكومات القائمة على الدجل والكذب والتضليل منذ رحيل
ص: 9
النبي (صلى الله عليه وآله ، ليضع اللبنة الأولى لمنع التفكير في التأريخ والتدوين، وأردفت بعدها بمنع كتابة أحاديثه (صلى الله عليه وآله)، ث-م الاهتمام بالشخصيات المنافقة والفاسقة بجعل الأخبار المكذوبة في تمجيدها، وجعلها تارة أمينة الوحي وتارة منضدة حروفه، لا، بل وتهميش أي دور لغيرها، والمنع من الحديث عن أي شخصيّة بما هو حقيقة وصدق.
وهذا ما امتد شرره إلى أمهات الأئمة (صلوات الله عليهم)، فلم نرَ إلاّ ما لا يتجاوز عدهُ أصابع اليد الواحدة، فلم أرَ - حسب تتبعي إلى يومي هذا - إلا ثلاثة كتب مما عرفت أول البحث.
وسوف نتناول في هذا المختصر سيرة واحدة من هذه الأمهات بمفردها دون غيرها، وهي أم الإمام السجاد (عليه السلام).
وقد وقفت على بعض المكتوبات حول هذه الشخصية وإن كانت تختلف عما نحن عليه هنا، نهجاً ومنهجاً ونتائج، كان أغلبها بالفارسية، كلها كُتيب من الحجم الصغير (رقعي) ، ومنها :
1) خلاصة البيان في أحوال شاه زنان للشيخ محمد المظفري القزويني.
(2) زندگانی حضرت بی بی شهربانو مادر گرامی امام سجاد (حياة السيدة شهربانو أمّ الإمام السجاد المعظمة) : لإبراهيم ملك پور افشار.
ص: 10
(3) شهربانو (عليها السلام همسر گرامی امام حسين (عليه السلام) (شهربانوا) زوجة الإمام الحسين) للكاتبة ناهيد طيبي.
(4) عروس آل الرسول، زندگانی حضرت شهربانو (عروس آل الرسول، حياة السيدة شهربانو) : للسيد مهدي رجائي.
وهناك بحوث خاصة أيضاً في هذا الباب - مضافاً لما تقدم في البداية مما كتبه السيد الشيرازي والصافي والبهادلي عن أمهات المعصومين - ومنها:
1 بحث للتعريف بشاه زنان للسيد عبد الرزاق المقرم، ضمن مقدمة كتابه (حياة الإمام زين العابدين).
2 بحث للتعريف بشاه زنان للشيخ باقر شريف القرشي، ضمن مقدمة كتابه (حياة الإمام زين العابدين دراسة وتحليل الجزء الأول.
بحث حول شهربانو للسيد جعفر شهيدي، في كتاب (زندگانی علی بن الحسين) - حياة علي بن الحسين - عند حديثه عن أم الإمام في المقدمة.
4 بحث حول شاه زنان بنت يزدجرد الساسانية للشيخ محمد صادق الكرباسي، في موسوعته (دائرة المعارف الحسينية معجم انصار الحسين، النساء، الجزء الثاني).
ص: 11
5 بحث حول زوجات الإمام الحسين ( عليه السلام)، ذكر فيه شهربانو للشيخ محمد المحمدي الريشهري في الفصل الخامس من موسوعة الإمام الحسين في الكتاب والسنة والتاريخ.
6 مقالة بعنوان (حول السيدة شهربانو) للشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي، في مجلة (رسالة الحسين - السنة الأولى - العدد الثاني - 1412 ه- ).
7 مقالة بعنوان شاهدخت والا ،تبار شهربانو والده محترمه حضرت علي بن الحسين : للدكتور أحمد مهدوي دامغاني. نُشر عام 1426 ه- ، ترجمته: (الأميرة عالية المقام، شهربانوا والدة الإمام علي بن الحسين المحترمة).
ولم يكن بد من ملاحظة هذه الكتابات والمقالات، فطالعتها وقرأت ما تناولته والنتائج التي توصلت إليها، وكان البحثان الثالث والسادس من هذه البحوث بصدد إنكار أو تفنيد كونها من السلالة الملكية الساسانية!! .
فظهر هذا البحث الذي عساه يحوز رضاها (عليها السلام).
ص: 12
لقد هدم الإسلام جميع الحواجز الجاهلية التي تفرق بين المسلمين وتشل وحدتهم، والتي منها امتناع العربي من الزواج بغير العربية، وذلك حفاظاً على الدم العربي، وعلى الأنساب العربية، أو العكس، امتناع الأعجمي عن الزواج بغير الأعجمية، فانبرى الإسلام بكل فخر واعتزاز وطرح هذه الأنانيات الفارغة، والعناوين الجوفاء، ونادى بما هو وأشرف فقال: ( إن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) . (1)
كما أنه حطم الفوارق الطبقية، وسائر العنصريات، وإن أهل البيت (عليهم السلام) قد ساروا على ضوء هذا المنهج الرسالي السماوي فحاربوا العنصرية، وقاوموا الامتيازات الجاهلية، فاتخذوا من نساء الأعراق غير العربية أمهاتاً لأولادهم وأوعية لذرياتهم، ولم يكن فيهن ما ادعي واشتهر أن من بينهن إماء وأمهات أولاد أو ملك يمين (2) ، وإنما تزوّجوهن بعد
ص: 13
عتقهن وتحريرهن واستنقاذهن من أيدٍ غاشمة وقبضات ظالمة... وسيأتي مزيد تفصل في هذا. نعم ليس هناك أي عيب في أن تكون للرجل أمة رومية أو فارسية أو غير ذلك... سواء لخدمته أو لاستيلادها.
من هنّ أمهات الأئمة (عليهم السلام) ؟
إن الحديث عن أمهات المعصومين (صلوات الله عليهم) لابد أن يكون بما يليق بمنزلتهن ومكانتهن؛ لأنه حديث عن الصفوة التي اختارها الله تعالى منذ الأزل، حيث نقرأ في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) : «وَأَوْدَعْتَهُ الأصْلابَ الطَّاهِرَةَ، وَنَفَلْتَهُ بِهَا إِلَى الأَرْحَامِ الْمُطَهَّرَةِ، لُطْفاً مِنْكَ وَتَحَتُنَا لَكَ عَلَيْهِ» (1).
ص: 14
وفي زيارة أئمة البقيع عليهم السلام) : «لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ الله، يَنْسَحُكُمْ فِي أَصْلابِ كُلِّ مُطَهَّرٍ وَ يَنْقُلُكُمْ فِي أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَات» (1).
وفي خصوص زيارة الحسين (عليه السلام : «أشْهَدُ أَنَّكَ كُنتَ نُوراً فِي الأَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرْحَامِ المُطَهَّرَة» (2)
فالحديث عن أمهات المعصومين (صلوات الله عليهم) ليس سرداً قصصياً أو نقلاً تاريخياً، وإنّما هو للوقوف على بعض المثل العليا التي يجدر بالأمّ المؤمنة على وجه الخصوص، والمرأة على وجه العموم أن تأخذها مثالاً لها في تقلباتها الحياتية ومعاشراتها الأسرية وتربية الأبناء.
وحيث إن الحديث هنا مقتصر على شخصية واحدة و مسلط فيه الضوء على أمّ قل نظيرها وهي أم الإمام السجاد (عليه السلام)، فلن يكون الحديث عن أمهات الأئمة سوى سرد الأسمائهن.
فتبدأ السلسلة بالأصل الأول وكلَّهنَّ من قريش، وهنّ
1. آمنة بنت وهب صلوات الله عليها .
2. خديجة بنت خويلد (صلوات الله عليها).
3. فاطمة بنت أسد (صلوات الله عليها).
4. فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها).
ص: 15
ثم الأصل الثاني، ويشمل أمهات الأئمة من ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) وليس منهن قُرَشِيّة سوى ثنتين، وهن:
1. أمّ الإمام السجاد (عليهما السلام)، وهي محطة بحثنا هنا.... .
2. أمّ الإمام الباقر (عليهما السلام)، فاطمة بنت الإمام المجتبى (عليه السلام)، وكنيتها أم عبد الله، ويقال: أمّ الحسن.
3. أمّ الإمام الصادق ( عليهما السلام)، فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر، وهى أم فروة، ويقال أيضاً أم القاسم.
4. أمّ الإمام الكاظم (عليهما السلام) ، اسمها حميدة، يقال لها: المُصفّاة، والمغربية، والبربرية.
5. أمّ الإمام الرضا (عليهما السلام) اسمها نجمة، وقيل: تكتم، ويقال لها أم البنين.
6. أمّ الإمام الجواد (عليهما السلام اسمها سبيكة، وقيل: سكينة، وقيل: سماها الإمام الرضا (الخيزران).
7. أم الإمام الهادي (عليهما السلام)، اسمها سمانة، المغربية.
8. أمّ الإمام العسكري (عليهما السلام) اسمها سوسن، المغربية، وقيل: حديث.
9. أمّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فَرَجَهُ)، اسمها نرجس، وقيل: مليكة (مليكا).
ص: 16
وهنا - وكما تقدم - يهمنا أن نتحدث عن أم الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، وسوف يكون البحث في فصلين:
الأول: بحث تمهيدي وفيه مناقشة مسألة حروب الخلفاء بغير إذن الإمام المعصوم ( عليه السلام) وما يترتب عليها.
الثاني: حول شخصية أم الإمام السجاد (عليه السلام) ، ويقع في مباحث تسعة
1/ أصلها ومن اين هي
2/ اسمها وما فيه من أقوال.
3/ سيرة أبيها.
4/ تاريخ ولادتها.
5/ وصولها إلى المدينة المنورة.
6/ ارتباطها ببيت النبوة.
7/ مواقف من حياتها.
8/ معارضة فكرة زواج الإمام الحسين (عليه السلام) منها.
9/ وفاتها، ومحل دفنها.
ص: 17
ص: 18
ص: 19
ص: 20
الفصل الأول
جرت أقلام أعلامنا المتقدمين (رضوان الله عليهم) على ما جرت عليه أقلام العامة والمخالفين، فسمّوا أمهات الأئمة (صلوات الله عليهم) أمهات أولاد!! وهذا يعني أنهن من سبي الحروب إما بين المسلمين وغيرهم، أو أنهن ممن يتم جلبهن من غير بلاد المسلمين نتيجة نهب وسلب أو نتيجة حرب بينهم أنفسهم، إلى أن تصل إلى بلاد المسلمين ويتم بيعهن في أسواق النخاسة.
وقد وقع الكلام في حكم ما يقع بأيدي المسلمين بعد الحرب مع غيرهم وصار محلاً للبحث والمناقشة، ومنه حصلت ما عُرف ب- :
شبهة حروب الخلفاء وغنائمهم
فكان السؤال هكذا هل هناك وجه لما يقوم به الخلفاء وحكام الجور من معارك وما يأخذونه فيها من أسرى وغنائم بحيث يصح تملك المسلمين لما يأخذونه من سهمهم في الغنيمة أو ما يتم بيعه عليهم من الغنائم؟
والجواب عن هذه الشبهة في نقاط :
ص: 21
الأولى: الملاحظ للروايات في تراثنا يرى أن هناك ما يدل على أن لأمير المؤمنين (عليه السلام) دوراً محورياً في تحريك مسار الحروب وإمضائها - في الجملة - ، ومن تلك الروايات:
1- ما رواه جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) أن يهودياً أتى أمير المؤمنين (عليه السلام في منصرفه عن وقعة نهروان، فسأله عن المواطن السبعة التي يمتحن الله به أنبيائه وأوليائه؟ فقال (عليه السلام) : وأما الرابعة - يا أخا اليهود - فإن القائم بعد صاحبه (يعني عمر بعد أبي بكر) كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي لا أعلم أحداً، ولا يَعلَمهُ أصحابي، يناظره في ذلك غيري، ولا يطمع في الأمر بعده سواي....» (1)
2- ومن كلام له ( عليه السلام) وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه: «إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة وهو دين الله الذي أظهره، أظهره، جنده الذي أعده وأمده، حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع ونحن على موعود من الله والله منجز وعده وناصر جنده» (2)
3- ورواية يا سارية، الجبل... التي أشار عليه بها الإمام (3).
ص: 22
ص: 23
ص: 24
الثانية على فرض أنها غنيمة فلابد أولاً من إثبات أن الحرب كانت بإذن من الإمام (عليه السلام أم لا ؟ وهل إذن الإمام شرط تكليفي ليس يثب منه إلا عصيان أولئك للإمام عليه السلام)، وما يتسلطون عليه هو غنيمة. أم أنها شرط وضعي فلا تصحح الرقية من الأصل، وتسلطهم على ما وضعوا أيديهم عليه باطل من أصله؟
فعلى فرض أنها كانت بإذن الإمام (عليه السلام) - وهو ولي الغنائم والأموال - فقد أجاز لمن يأخذ من الشيعة مما صدر عن تصرفات حكام الجور، ويلزم من هذا تصحيحه (عليه السلام ما كان يصدر من أفعال السلاطين وحكام الجور في عصرهم من الغزو والجهاد مع الكفار وسائر المعاملات، ويكشف عن إمضاء لتلك الحروب والإذن العام في ذلك كله، وهذا ما ذهب إليه السيد الخوئي (رحمه الله عليه) (1).
الثالثة: أن يقال: إن هناك إذناً من الإمام بتلك الحروب، فيكون شأن الحاكم الجائر هنا شأن الفضولي، فتصرفه ابتداءً حرام، غاية الأمر أن الإمام عليه السلام أمضى ذلك التسلط والاستيلاء وأجاز للشيعة التصرف فيما أخذوه، فالمال انتقل إليهم بإذنه.
ص: 25
واعلم أن هذه المسألة مما كان ينبغي بحثها في كتاب الجهاد وأبوابه وفصوله، إلا أن الأعلام لم يتعرضوا لها فيه، ولكنهم بحثوها بصورة مقتضبة فی بحث الاراضي الخراجية، أو في خمس الغنيمة، وأنه إذا كان الغزو بغير إذن الإمام عليه السلام فإن كان في زمان الحضور وإمكان الاستئذان منه فالغنيمة للإمام (1)
والظاهر أن الحكم متسالم عليه، بل ادعي عليه الإجماع... وإنما الكلام في مستنده. وقد استدل له بوجوه:
الثالث - وهو العمدة - : رواية معاوية بن وهب، قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام) : السريّة يبعثها الإمام فيصيبون غنائم، كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس الله وللرسول وقسم بينهم أربعة أخماس وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ ) (2).
وهي صحيحة السند (3) ، قد تضمّنت التفصيل بين كون القتال مع هذا الأمير - أي بإذن الإمام - وعدمه (4).
ص: 26
ولكن قد يُناقش في دلالتها بظهورها في التفصيل بين القتال وعدمه لا بين الإذن وعدمه، كيف؟! وهو مفروض في مورد السؤال، وأن السريّة كانت ببعث من الإمام (عليه السلام) ، فلا بد وأن يكون التفصيل في مورد السؤال، ونتيجته أنّ تلك السريّة المأذونة إن غنموا مع القتال تخمس الغنيمة، وإلا فكلَّها للإمام، فهي تدلّ على تفصيل آخر أجنبي عما نحن بصدده (1).
ويندفع بأن مبنى الاستدلال هو مفهوم الشرطيّة الأولى بعد ملاحظة أن النكتة في تقييد القتال في الجملة الشرطية بكونه مع أمير أمره الإمام - بعد أنه لا قتال إلاّ مع الأمير وإلا كانت فوضى - هو التأكد بشأن هذا القيد الذي مرجعه إلى الإذن ودخله في الحكم، وإلا كان ذكره مستدركاً للاستغناء عنه بعد فرضه في السؤال
وعليه، فيكون مرجع الجملة الشرطيّة إلى أن الأمر إن كان كما ذكرت أيها السائل من كون القتال بأمر من الإمام وبعثه للسرية، فالمال يخمس حينئذ. فالشرط مركب من قيدين تحقق القتال، وكونه بإذن الإمام (2).
ذهب مشهور الفقهاء إلى اشتراط كون الفتح بإذن الإمام (3)
ص: 27
وتحقيق ذلك: أن الكلام قد يقع في الشبهة الحكمية، بمعنى أنه هل يعتبر إذن الإمام (عليه السلام في الفتح أم لا؟ وقد يقع في الشبهة الموضوعية وأنه بعد اعتبار إذن الإمام في ذلك، فبأي طريق يتم تصحيح ما وقع بأيدي المسلمين؟
أما الشبهة الحكمية واعتبار إذن الإمام (عليه السلام) في الفتح: فتدل عليه رواية الوراق عن رجل سمّاه! عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا غزا قوم بغير أذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام... (1)
ولكن يرد عليه أن الرواية مرسلة - (والعمل بها مبني على القول بانجبار ضعف الخبر بعمل الأصحاب بعد فرض استناد المشهور إليها، وكلا الأمرين ممنوع) (2) ۔ فلا يصح
الاعتماد عليها.
وأما الشبهة الموضوعة، فمقتضى الأصل هو عدم كون الفتح بإذن الإمام (عليه السلام)، ولا يكون هذا مثبتاً، فإن الفتح محرز بالوجدان، وعدم كونه بإذن الإمام (عليه السلام) محرز بالأصل، فيترتب الأثر على الموضوع المركب.
ص: 28
نعم، لو قلنا بأن الأثر - أعني كون المفتوح ملكاً للمسلمين - يترتب على الفتح المستند إلى إذن الإمام، كان الأصل مثبتاً. ونتمسك الأزلي، ونقول: إن الأصل عدم الاستناد (1).
وقد ذكرت وجوه للخروج عن الأصل المذكور، ومنها:
الوجه الأول: مساواة سائر الفتوحات بفتح العراق
بأن يقال بأن الفتوحات كلها كانت بإذن الإمام (عليه السلام) ، وسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام في أرض السواد (العراق) من حيث جعلها للمسلمين وصرف حاصلها في مصالحهم العامة، وقد ورد (2) : أنه (عليه السلام) سار في أرض العراق بسيرة، فهي إمام لسائر الأرضين (3).
وهو اختيار التقي المجلسي رضوان الله (عليه الذي قال: إن أمير المؤمنين والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) أجروا في الأراضي المفتوحة في زمن أهل الجور أحكام الأرض المفتوحة عنوة: إما لأنه (صلوات الله (عليه لما تمكن فيها فكأنه فتحها وصار حكمها حكمها. وإما لتنفيذ أحكامها عليها وإن فتحت جوراً بمنزلة البيع الفضولي. وإما لرضاه؛ لانه ترتب على الفتوح إسلام أهل الأرض وصاروا بالأخرة مؤمنين، كما
ص: 29
كان يجري على أهل النفاق أحكام أهل الإسلام وإن كانوا كفرة. وإما لا تقائهم عليهم السلام منهم، وكان لا يمكنهم رفع بدعهم. وإما لأن الأرض كانت منهم وتفضلوا على المسلمين بإبقائها على هذه الأحكام إلى أن يظهر الحق، وهو أظهر من الأخبار.
فعلى هذا يكون تصرفات الإمامية فيها أسهل من غيرهم لما مرّ من الأخبار (1).
وأورد على ذلك:
أنه من الواضح أن تغيير ما صنعه الخلفاء قبله (عليه السلام) لم يكن في وسعه ظاهراً، فيحتمل بناء هذه الأحكام في زمان قصور اليد على الإغماض عن حقهم (عليهم السلام) فيما يرجع إليهم من حيث الولاية، من باب الإرفاق والتوسعة، أو غير ذلك من الحكم، فلا يكشف ذلك حينئذ عن كون تلك الفتوحات بإذنه ورضاه (2) .
الوجه الثاني: الأخبار الدالة على مشاورتهم
وقد روي أن عمر كان يشاور الإمام (عليه السلام) في عظائم الأمور وغوامضها، وأنه لم يكن يصدرها إلا عن أمره ورأيه. وتدل على ذلك رواية الخصال - المتقدمة - .
ص: 30
وإلى هذا ذهب المحقق البحراني حيث قال: الظاهر من بعض الأخبار أن أكثر الفتوحات التي صدرت من عمر كانت برأي الإمام وإذنه (عليه السلام)... ثم ذكر رواية الخصال (1).
ومثله الشيخ الأعظم الأنصاري حيث ذكر أن ما فتحت في زمان خلافة الثاني - وهي أغلب ما فتحت - فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضاً بإذن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وأمره (2).
ولكن أورد على هذا الوجه
بأنه لا إشكال في أن أهم الأمور الخروج لجهاد المشركين، فهو داخل في عموم المشاورة في الأمور التي لا يصدرها ور التي لا يصدرها عمر إلا عن رأي أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما أن الأمور المنافية لرياسته وخلافته خارجة عنه قطعاً، فمورد المشاورة الأمور الملتئمة مع منصب خلافته (3)
أضف إلى ذلك ما قد يقال:
أولاً : إنّ الرواية ضعيفة السند؛ لكثرة المجاهيل في سندها (4) ، فلا يصح الاعتماد عليها واعتماد القميين عليها واثباتهم لها في كتبهم، لا يوجب
ص: 31
اعتبارها، وإن عرف عنهم التحرج في اثبات الخبر الضعيف إذا لم يحتف بما يعضده، لأن الثابت عنهم الاهتمام بالأخبار المتضمنة للأحكام الإلهية، وأما الحوادث التاريخية فلم يعرف ذلك عنهم، فالخبر مع ضعف سنده لا يمكننا الاعتماد عليه ما لم يحصل الوثوق به، ولم نحرز القرينة المساعدة على هذا الحديث (1).
وثانياً: أن عُمر كان مستقلاً في رأيه ولم يشاور الإمام في كثير من الأمور المهمة - بل في جميعها - الراجعة إلى الدين (2) . ولذلك قال المحقق الأردبيلي: إن فتح العراق في زمن الثاني لم يتحقق كونه بإذن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، بل الظاهر عدمه؛ لعدم اختياره (عليه السلام) (3) . بل قطع السيد الخوئي بعدمه؛ كيف وقد صدرت من عمر أمور مبتدعة لا تقرّها شريعة الرسول (صلّى الله عليه وآله كتحريم المتعتين وصلاة التراويح إلى الكثير من نظائرها اللهم إلا أشياء يضيق عليه المخرج منها وتجهل الصحابة
ص: 32
الوجه فيها فيلتجأ إلى باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه واله) فيرفع له بصيصاً من ألق الحق ترتفع به غشاوة الشبهات فيؤوب الخليفة فيها ببرهان نير مجاهراً بقوله (1) : (لو لا علي لهلك عمر) (2).
وثالثاً: أن هذا الوجه إنما يجري في الأراضي التي فتحت في خلافة عمر ، ولا يجري فى غيرها (3).
الوجه الثالث: أصالة الصحة
بأن يقال بحمل الصادر من الغُزات من الحروب وفتح البلاد على وجه الصحيح، وهو كونه بأمر الإمام (عليه السلام) (4).
وأورد عليه
أنه لا معنى لحمل فعل السلطان أو الغزاة على الصحة من حيث استئذانهم من الإمام عليه السلام)، فإنّ السلطان غاصب لمقامه بل من ،أعدائه، والغُزاة بعد أن تركوا نصرته وبايعوا عدوه لا معنى لاستئذانهم منه (عليه السلام)، مضافاً إلى أن الجندي غالباً ليس له الاختيار في ترك ما يأمره
ص: 33
به رئيسه، فكيف يستطيع أن يستأذن من الإمام أو غير الإمام!! فاستئذانهم منه مقطوع العدم. فأصالة الصحة غير جارية سواء أريد إجراؤها في فعل السلطان أو الغزاة (1) .
مضافاً إلى أن مورد حمل فعل المسلم على الصحة هو ما إذا كان الفعل ذا وجهين: الصلاح والفساد، ودار الأمر بين حمله على الصحيح أو الفاسد، فإنه يحمل على الأول للقاعدة المذكورة، وأما إذا كان كلا وجهي الفعل صحيحاً - كما في المقام - فلا مورد لها أصلاً، فإن الغزوات الواقعة إن كانت بإذن الإمام (عليه السلام) فالغنائم للمسلمين، وإلا فهي للإمام.
ولا شبهة أن كلا الوجهين صحيح فلا مورد لنفي أحدهما وإثبات الآخر تلك القاعدة (2).
الوجه الرابع حضور الحسنين في بعض الغزوات
فقد قيل بأن الحسن والحسين (عليهما السلام) قد حضرا في بعض الغزوات، وخرج بعض خواص أصحاب الأئمة (عليهم السلام) مع الجيوش (3) ، فإنه يستفاد منه إذن الإمام (عليه السلام) في الجهاد والقتال أولئك الحكّام.
ص: 34
وروى الطبري عن عمر بن شبة قال: حدثني علي بن محمد، عن علي ابن مجاهد، عن حنش بن مالك أن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا في فتح طبرستان (1).
ونقل ابن خلدون مشاركة الحسنين (عليهما السلام) وابن عباس وابن جعفر في فتح أفريقيا (2).
وحكى الفاضل القطيفي عن الفاضل علي بن عبد الحميد الحسيني أنه قال في شرحه للنافع - وظاهره أنه حكاية عن شيخه فخر الدين - ما هذا لفظه: وأما العراق فقيل فتح عنوة فهو للمسلمين كافة لا يُباع ولا يُوقف ولا يوهب ولا يملك؛ لأن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا مع وفتح بإذن علي (عليه السلام) ، وقيل : لم يفتح عنوة؛ لأن الفتح عنوة هو الذي يكون بحضور الإمام أو نائب الإمام، أو إذن الإمام، وليس شيء من ذلك معلوماً، وكذا قولهم: إن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا مع
ص: 35
الجيش، أيضاً غير معلوم، فلا يكون مفتوحاً عنوة، فيكون للإمام (عليه السلام) وهو المفتي به (1).
وقال المجلسي: سمعنا من بعض المشايخ مذاكرة: إن عمر التمس من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه أن يبعث (عليه السلام) أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) مع العسكر وكان ( عليه السلام مع العسكر ، وكلما وقع فتح كان بإذنه ومشورته (صلوات الله عليه) حتى أنه (عليه السلام) دخل أصفهان واغتسل في حمام كان بقرب المسجد الجامع العتيق وصلى في مسجد لبنان، وذكر أنه سمعه من شيخ المحققين عبد العالي، وهو سمعه من أبيه سند المحققين والمدققين علي بن عبد العالي، والله تعالى يعلم (2).
ويُشكل عليه
بعدم ثبوت ذلك مسنداً، وعدم معلومية الوجه في حضورهم لو صدق، ولعله لو كان كذلك فهو للتقية. وما قيل من أن الحسنين (عليهما السلام) كانا مع العسكر، ممنوع . (3) فما رواه الطبري في فتح طبرستان رواه هو أيضاً وبالسند نفسه ولم يذكر اشتراكهما فيه، فالروایتان متعارضتان، فلا اعتبار لهما.
ص: 36
مضافاً إلى أنّ بين الطبري (ت 310ه-) - الذي يتحدث عن سنة 26ه - وبين حنش بن مالك التغلبي في الإسناد عدة وسائط، فهناك خلل في سلسلة الرواة.
أضف إلى ذلك أن ابن سعد (ت 230) لم يذكر في الطبقات، ولا اليعقوبي (ت 282) في تاريخه اشتراك الحسنين (عليهما السلام) في المعارك المفتعلة، مع أنهما أقدم من الطبري.
كما أن ابن أعثم (ت) (314 لم يُورد في الفتوح، ولا المسعودي (ت (323 في مروج الذهب اشتراكهما في تلكم الحروب، أنهما كانا مع معاصرين للطبري.
وما ذكره ابن خلدون فهي رواية مرسلة لم تُسند إلى راوِ أو كتاب، ولا يمكن الاعتماد عليها، مع أن الطبري رواها ولم يذكر أن الحسنين (عليهما السلام) قد شاركا فيها.
وقد يقال أيضاً: كيف لأمير المؤمنين (عليه السلام) أن يزج بولديه في حروب القوم والتي كانت بغير إذنه ولا عن رأيه، في حين نراه في معركة مهمة هو قائدها وهي معركة صفّين قد رأى في بعض أيامها ولده الحسن (عليه السلام) يتسرّع إلى الحرب فقال لأصحابه: «أمْلِكُوا عنّى هذا الغُلامَ لا يَهُدَني، فإِنَّني أَنْفِس بهذين [الحسن والحسين] على الموت؛ لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
ص: 37
الوجه الخامس: إذن الإمام (عليه السلام) كاشف عن رضاه
يمكن استكشاف إذن الإمام عليه السلام) بشاهد الحال في جميع الغزوات التي ترتب عليها الفتح، إذ لا إشكال في رضا الأئمة بالفتوحات الواقعة في زمن خلفاء الجور؛ لكونها موجبة لقوة الإسلام وعظمته، إذ من الواضح أن الخروج إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام من أعظم تلك الأمور بل لا أعظم منه) (1).
فإن طريق إحراز الإذن منحصر بالعلم برضائهم (عليهم السلام) بتوسعة ظاهر الإسلام لأرض المسلمين في مقابل الكفر وأرضهم، كما كان كذلك عند النبي (صلى الله عليه وآله في أوّل البعثة، بل في تمام زمان حياته، فإنّ ظاهر الإسلام مطلوب في مقابل الكفر، ويمكن أن يربّى في ضمن تلك الصورة الظاهرة أشخاص ذوو حقيقة وواقعيّة. وأما ما ورد من حرمة الجهاد الا مع الإمام العادل، فهو حكم واقعي صحيح لا ينافي مطلوبية صورة الإسلام وظاهره بحسب الظاهر (2).
والظاهر أنما هو رضاه عليه السلام به إن لم نقل إنه بإذنه؛ وذلك لأنه (عليه السلام) صاحب الأمر بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فهو يحب ظهور الإسلام وقوته وإن لم يكن على يده، فإنّ الغرض من أصل البعثة ومن النيابة فيها إنما هو خمود منار الكفر وظهور صيت الإسلام، فهو عليه
ص: 38
السلام وإن لم يكن متمكناً من الأمر والنهي وتنفيذ الجيوش، إلا أن غرضه الأصلي ومطلبه الكلي حاصل بذلك، فكيف يكرهه ولا يرضاه؟! وهذا - بحمد الله - وجه وجيه لمن أخذ بالإنصاف وارتضاه.
ويؤيد ذلك - أيضاً - ما ورد في أخبارنا، وكذا في أخبار العامة: أنّ الله يؤيد هذا الدين أو يعزه بالظلم (1).
ففي رواية يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كتب إليه بعض أصحابه يسأله أن يدعو الله أن يجعله ممن ينتصر به لدينه، فأجابه (عليه السلام) وكتب في أسفل كتابه يرحمك الله، إنما ينتصر الله لدينه بشر خلقه (2).
وروى الكليني - وروته العامة عن أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله) - : «إن الله تبارك تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه» (3)
وفي رواية العامة من طريق أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله): «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل «الفاجر » (4)
ومن طريق ابن عمر عنه (صلى الله عليه وآله): «إن الله ليؤيد الإسلام برجال ما هم من أهله» (5).
ص: 39
وبالجملة: فدعوى العلم بتحقق الرضا من المعصوم صحيح بعد التأمل فيما ورد من المطلقات المرغبة إلى الإسلام والمجاملة مع فرقهم ومداراة الأئمة ( عليهم السلام معهم، وبعد التأمل في معاداة مطلق فرق الكفر مع المسلمين مطلقاً بلا فرق بين الفتوحات الحاصلة في زمان الخلفاء الأوائل وزمان غيرهم من بني أمية وبني العبّاس
(1).
والإشكال عليه
أن هذه الدعوى وإن كانت ممكنة في حد ذاتها، إذ المناط في ذلك هو الكشف عن رضا الإمام عليه السلام بأي طريق كان، ولا موضوعية هو للإذن الصريح ولكنها أخص من المدعى فإنه ليس كل فتح مرضياً للأئمة، حتى ما كان من الفتوح موجباً لكسر الإسلام وضعفه (2).
كما أن إحراز رضاه بكل غزوة بخصوصها مشكل جداً، فإن فتح المسلمين بلاد الكفار وإن كان في نفسه أمراً مرغوباً فيه إلا أنه يحتمل ترتب مفسدة عظيمة في كل غزوة لا يعلمها إلا المعصوم (عليه السلام) المستمد من اللوح المحفوظ، كاندحار الجيش بنحو لا تتدارك مفسدته بمصلحة الفتح المتعقب له.
ص: 40
مع أنه قد وردت عنهم (عليهم السلام) حرمة الخروج والغزو إلا مع إمام عادل، فكيف يمكن أن ينسب إليهم الرضا بهذا الأمر غير المشروع عندهم نعم الرضا منهم (عليهم السلام على حد رضا الله تعالى كما ذكر أخبار - لا يخفى حال سندها ومصدرها - في تأييد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فإنه سنخ رضاً لا ينافي عدم الترخيص تكليفاً ووضعاً، مع أن الالتزام بكفاية مثل هذا الرضا يوجب لغوية اشتراط ملكية الغنيمة للمسلمين بالرضا وأنه مع عدم الرضا تكون ملكاً للإمام (عليه السلام) فإنه دائماً يكون مثل هذا الرضا موجوداً، فلاحظ.
إذاً، لا يمكن إحراز كون الفتح المخصوص أو جميع الفتوحات عن رضى الإمام عليه السلام). نعم إذا علم في مورد خاص عدم ترتب مفسدة على الفتح يستكشف رضاه (عليه السلام)، وأنّى لنا بإثباته (1).
ولو قيل: بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) نفسه قد أعرض عن أفعال القوم ولم يعترض عليها ما يعني إمضاؤه لها، ففي الرواية أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب ووعظ... «ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله متعمدين ،لخلافه ناقضين ،لعهده مغيّرين لسنّته، ولو حملت الناس على تركها وحوّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله لتفرّق عني جندي، حتى أبقى وحدي
ص: 41
أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله (عزّ وجل وسنّة رسول الله (صلى الله عليه و آله)... (1).
يقال في الجواب عنه:
أولاً: الرواية من حيث السند - تماشياً مع من يناقاش الأسانيد حتى التاريخيات - فقد رواها الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان عن سليم بن قيس الهلالي.
ولو تجاوزنا ما قد يُدعى من الاختلاف في سليم بن قيس (2) فإن السيد الخوئي يقول عنه : ثقة جليل القدر عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقى بأنه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) (3)، إلا أن السند لا يخلو من الإرسال، إذ لم يُعهد رواية إبراهيم بن عثمان - وهو أبو أيوب الخراز - عن سليم، وإن ادعي تكرر روايته في كتاب الكافي (4) مراراً عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم (5)، وأنه
ص: 42
سقط من النساخ ، وأن أبان بن أبي عياش (أبان بن هارون) هذا تابعي ضعيف كما قيل (1).
إذن فالخبر من حيث السند ضعيف على المشهور (2) ، وإن كان العلامة المجلسي قد ذهب إلى اعتباره وأن له على ذلك قرائن (3) ، كما أن بعض المتأخرين أيضاً ذهب إلى أن رجاله ثقاة، بل اعتبر أن مناقشة السند غير مهم بعد احتمال صدق الرواية (4) .
ثانياً: لم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) في مقام إمضاء تلك الأفعال الصادرة عنهم، بل هو في مقام بيان مخالفتهم المتعمدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والإقرار بأنها بالوضع الأولي هي أفعال غير صحيحة ولا ممضاة، إلا أنه ( عليه السلام) يُقر بالعجز عن إمكان تغيير ما حصل وتصحيح ما قاموا به من مخالفات متعمدة، وهذا جلي في كلامه إذا ما لاحظنا الرواية المملوءة بالاعتذار عن عدم القدرة على فعل شيء، وسرد ما قاموا به من أنواع المخالفات:
قال سليم بن قيس خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: «ألا إن أخوف ما
ص: 43
أخاف عليكم خلتان اتباع الهوى وطول الأمل... إلى أن قال: ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال: قد عملت الولاة قبلى أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله) متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ولو حملت الناس على تركها وحوّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتفرّق عني جندي، حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ وجل وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (عليه السلام) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ ورددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام ورددت صاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله (صلى الله عليه وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد، ورددت قضايا من الجور قُضي بها، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروع والأحكام، وسبيت ذراري بني تغلب، ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا وأعطيت كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي بالسوية ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة، وسويت بين المناكح وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله (عزّ وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله إلي ما كان عليه، وسددت ما
ص: 44
فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سدّ منه، وحرمت المسح علي الخفين، وحددت علي النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ب﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم» وأخرجت من أدخل مع رسول الله في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ممن كان رسول الله أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنّة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها، ورددت أهل نجران إلي مواضعهم، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلي كتاب الله وسنّة نبيه، إذن لتفرقوا عني. والله لقد أمرتُ الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم فى النوافل بدعة، فتنادي بعض أهل عسكرى ممن يقاتل معى يا أهل الإسلام غُيّرت سُنّة عُمر! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً. ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكرى ما لقيت من هذه الأمّة من الفُرقة، وطاعة أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار...» (1)
إذن، فالوجوه التي ذكرت لإثبات إذن الإمام (عليه السلام) لا ترجع إلى محصل، فلابد من الرجوع إلى الأصل العملي وهو استصحاب عدم تحقق الإذن من الإمام عليه السلام).
ص: 45
جواب واستدلال آخر :
وقد يقال (1) بإمكان الاستدلال على كفاية إذن الإمام (عليه السلام) في صيرورة المفتوحة عنوة ملك المسلمين بالروايات الدالة على أن أرض السواد للمسلمين (2) ، فإن المسلم الذي لا ريب فيه أن الأمير في فتحها لم يكن بجعل الإمام (عليه السلام)، بل الظاهر عدم كونه بأمره بمعناه الحقيقي في الأمر غاية الأمر كونه بإذنه ورضاه.
وما مرّ في رواية الخصال عن أبي جعفر (عليه السلام)... لا يدل على أنّ الغُزاة كانوا يغزون بأمر الإمام (عليه السلام)، بل الظاهر أنّ الثاني يشاوره في الأمر، فإذا اقتنع برأيه كان يبعث العسكر، ويؤمر الأمير، ويأمرهم بالغزو موافقاً لرأيه وأمره، ولم يكن أمره (عليه السلام) كأمر الوالي والأمير على المأمور ، بل كأمر المشاور والناصح ، فليس الأمر بمعناه الحقيقي.
فيتّضح من ذلك : أن الإذن وإظهار الرأي كاف في ذلك.
ومما ذكرنا يظهر حال الشك في إذن الإمام (عليه السلام) إذا كان المستند فيه مرسلة الورّاق، فإنّ الغزو بغير إذن الإمام (عليه السلام) ليست له حالة سابقة معلومة، والمتيقن هو عدم الغزو بإذنه، واستصحابه لإثبات الغزو بغير إذنه مثبت... فما في ظاهر كلام الشيخ الأعظم: من جريان الأصل في هذا الفرض، غير ظاهر.
ص: 46
ومع الغضّ عن الأصول المذكورة أو الإشكال فيها، يمكن إجراء أصالة بقاء ملك الإمام، بناءً على كون الموات والأنفال للإمام (عليه السلام) في كل عصر، فكانت لآدم (عليه السلام) وبعده للمصطفين الذين اصطفاهم الله كما هو المروي ... (1)
ومع الشك يستصحب بقاؤها، فتندرج في قوله (عليه السلام) في بعض الروايات: «ما كان الله فهو لرسول الله، وما كان لرسول الله فهو للإمام (عليه السلام) (2) ، وبعد الاندراج فيه تندرج في قوله (عليه السلام) : «ما كان لنا فهو لشيعتنا» (3)
ثمّ إنّه يثبت الفتح عنوة، وكذا إذن الإمام (عليه السلام) والحياة حال الفتح، بما تثبت به سائر الموضوعات من الشياع المفيد للعلم، والاطمئنان، والبينة. وأمّا الظنّ الحاصل من الشياع أو من غيره، ففي كفايته إشكال، بل كما أنّ الثبوت بخبر الواحد - ولو كان عدلاً - كذلك. كما أن جواز الرجوع إلى أهل التأريخ - كالرجوع إلى أهل الخبرة - محل إشكال.
هذا، لكن حصول الشياع المفيد للعلم يشترط فيه ما يشترط في التواتر في الأخبار: من لزوم كون الشياع في جميع الطبقات إلى زمان الواقعة، فلو شاعت قضيّة تأريخيّة في عصرنا كمال الشيوع، لكن كان مستند الشياع نقل
ص: 47
عدد معدود من أهل التأريخ، لا يحصل من ذلك العلم بنفس القضية، بل يحصل منه العلم بوجودها في كتب التأريخ، وهو غير مفيد.
وأما البينة، فإن قامت على بينة سابقة عليها سماعاً، والسابقة على سابقتها... وهكذا متسلسلاً إلى زمان الواقعة، فلا إشكال في الثبوت.
وأما لو شهد عدلان في هذا العصر بالواقعة التي حدثت في صدر الإسلام، وكان مستند علمهم عين ما لا يحصل منه العلم لنا، وإن حصل للبيّنة، ففي حجيتها إشكال، بل منع.
مثلاً: لو شهدت عدة لم تثبت عدا لتهم برؤية الهلال، ولم يحصل لنا العلم برؤيتهم، ولكن حصل العلم للعدلين من شهادتهم، ثم شهدا بثبوت ،الهلال، فالاتكال على قولهما مشكل ، ودليل حجّيّة قول البينة منصرف عنه. نعم لو شهدا ولم نعلم مستندهما في ذلك ، فلا إشكال في الحجيّة، لكن المستند في المورد المبحوث عنه ،معلوم ولا يحتمل كون شيء وراء التواريخ عندهما.
والإنصاف: أنّ ثبوت القضايا التأريخيّة شرعاً من الأعصار القديمة بنقل المؤرّخين، في غاية الإشكال، ولا سيّما مع ما نرى من اختلاف الناقلين، ملاحظة ما نرى من عدم إتقان التواريخ التي تنقل القضايا الواقعة في عصرنا، والأعصار متشابهة، والأهواء كثيرة (1).
ص: 48
إشكال وجواب :
فإن قيل: فإذا كان عليه السلام) لم يغيّر أحكامهم - للتقية - فيجب أن تكون ممضاة جارية مجرى الصحيح في وقوع التملك بها وغيره من الأحكام.
قلنا: لا شك في إن ما إذا لم يغير بسبب موجب للإمضاء فإن أحكامها جارية على من حكم بها عليه وواقعة موقع الصحيح، وقد يجوز أن يؤثر الضرورة في استباحة ما لا يجوز استباحته لولاها كما قد يؤثر في استباحة الميتة ،وغيرها، فأما الحنفية [أم محمد] فلم تكن سبيّة على وجه الحقيقة، ولم يستبحها عليه السلام بالسبا؛ لأنها بالإسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها عقد النكاح، فمن أين أنه استباحها بالسبا دون عقد النكاح، وفي أصحابنا من يذهب إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار وقهروا ولم يتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم، جاز له أن يطأ سبيهم ويجري أحكامهم - مع الغلبة والقهر - مجرى أحكام المُحقِّين فيما يرجع إلى المحكوم عليه، وإن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقباً آثما (1).
وسئل الشيخ المفيد: لم أخذ [ أمير المؤمنين (عليه السلام)] عطاءهم، وصلى خلفهم، ونكح سبيهم، وحكم في مجالسهم؟
ص: 49
فقال: وأما نكاحه من سبيهم: فمن طريق الممانعة: أن الشيعة روته، أن الحنفية زوّجها أمير المؤمنين محمد بن مسلم الحنفي، واستدلوا على ذلك بأن عمر بن الخطاب لما ردّ من كان أبو بكر سباه، لم يَرُدّ الحنفية، فلو كانت من السبي لردّها.
ومن طريق المتابعة: أنه لو نكح من سبيهم لم يكن لكم ما أردتم لأن الذين سباهم أبو بكر كانوا عندكم قادحين في نبوة رسول الله كفاراً، فنكاحهم حلال لكل أحد ولو كان الذين سباهم يزيد وزياد، وإنما كان يسوغ لكم ما ذكرتموه إذا كان الذين سباهم قادحين في إمامته ثم نكح أمير المؤمنين (1).
إن القوم لما حكموا لم يكن يعنيهم الدين ولا تدين الناس، وإنما هي الدنيا والمال والسلطان، وهو واضح لكل من قرأ شيئاً من سيرة القوم، بدءً من نهب فدك وليس انتهاءً بما فعله بنو العباس، ومثالاً على حب المال:
فقد روى الصنعاني أن رجلاً من أهل نجران أسلم، فأراد أهل نجران أسلم، فأراد عمر وجماعته أن يأخذوا منه جزيةً، فأبى الرجل.
فقال عمر: إنما أنت متعوّذ.
فقال الرجل: إن في الإسلام لمعاذاً، إن فعلتُ.
ص: 50
فقال عمر: صدقت، والله إن في الإسلام لمعاذا (1).
وكم سعى عمر إلى أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمة، متذرعاً بأن الجزية بمنزلة الضريبة على العبد، فلا يُسْقِط إسلام العبد ضريبته، ومثال ذلك ما فعله مع نصارى تغلب (2).
هذا ناهيك عن افتعال الحروب ضد البلدان والشعوب، ما حدا بالأقلام المأجورة التماس مبررات وتوجيهات لتلك المعارك، فتارة اخترعوا فكرة الاستشارة وأخرى وضعوا القصص التي تحكي انخراط الأئمة تحت لوائهم، ولكن المتأمل لكتب السيرة والتاريخ يجد أن الروايات تنفي اشتراك أمير المؤمنين (عليه السلام) في معاركهم، ولم يأذن لولديه بالاشتراك فيها، بل ولم يُشر عليهم بالخروج أو البدء في قتال، ولقد كان القوم في أمس الحاجة إلى وجودهم في تلك الجيوش؛ ليضفوا الشرعية على تصرفاتهم تلك، فقد روي (3) أن أبا بكر استشار عمر في إرسال علي (عليه السلام) فقال له: إني عزمت أن أوجه إلى هؤلاء القوم علي بن أبي طالب فإنه عدل رضا عند أكثر الناس لفضله وشجاعته وقرابته وعلمه ورفقه بما يحاول من الأمور. قال عمر: صدقت يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إن علياً كما ذكرت وفوق ما وصفت، ولكني أخاف عليك خصلة
ص: 51
منه واحدة، أخاف أن يأتي لقتال القوم فلا يقاتلهم، فإن أبى ذلك فلن تجد يسير إليهم إلا على المكروه، ولكن ذَرْ علياً يكون عندك بالمدينة فإنك لا تستغني عنه.
وروي (1) أن أن عمر استشار عثمان فيمن يبعث قائداً لجيشه فقال له يا أبا عبد الله، أشر علي أسيرُ أم أقيم؟ فقال عثمان : أقم يا أمير المؤمنين وابعث بالجيوش، فإنه لا آمن إن أتى عليك آت أن ترجع العرب عن الإسلام!! ولكن ابعث الجيوش وداركها بعضها على بعض، وابعث رجلاً له تجربة بالحرب وبَصر بها. قال عمر: ومن هو ؟ قال علي بن أبي طالب، قال: فالقه وكلمه وذاكره ذلك، فهل تراه مسرعاً إليه أو لا، فخرج عثمان عثمان فلقي عليا فذاكره ذلك فأبى علي (عليه السلام) ذلك وكرهه.
كما أنهم افتعلوا تلك الحروب لإخماد الثورات المناهضة وإسكات الأصوات المعارضة، فقد روي (2) أن عثمان أرسل على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وعبد الله بن عامر واستشارهم فيما للتصدّي لنقمة الثوّار المطالبين بعزله وتنحيه عن الخلافة، فقال عبد الله بن عامر: رأيي لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجهزهم في المغازي حتى يذلوا لك، فلا يكون همّة أحدهم إلا نفسه، وما عليه دبرة دابته وقمل فروته... فردّ عثمان عُمّاله على أعمالهم، وأمرهم
ص: 52
بتجهيز الناس في البعوث، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه.
وأما الروايات التي تتحدث عن اشتراك الإمامين الحسنين (عليهما (السلام أو بعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) في المعارك التي فرضوها على تلكم الشعوب وبلدانهم واستنزفت الأمة الإسلامية، فلم تكن إلا لتبرير تلك التصرفات كما ذكرنا؛ إذ إنها في الواقع ذات طابع توسّعي وجموح نحو الامبراطوريات المادية التسلطية فكان همهم من الفتوحات كسب الأموال والحصول على الغنائم والجواري والاستيلاء على الأراضي بالقوة.
قال الطبري: إن سعيد بن العاص صالح أهل جرجان وكانوا يجبون أحياناً مائة ألف ويقولون هذا صلحنا، وأحياناً مائتي ألف، وأحياناً ثلاثمائة ألف وكانوا ربما أعطوا ذلك وربما منعوه ثم امتنعوا وكفروا!! فلم يعطوا خراجا حتى ! يزيد بن المهلب فلم يعازه أحد حين قدمها، فلما صالح صولا وفتح البحيرة ودهستان صالح أهل جرجان على صلح سعيد بن العاص (1).
وقال ابن الأثير: إن معاوية بن أبي سفيان عزل معاوية بن خديج عن أفريقية، واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري، وكان مقيماً ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو ابن العاص ... فلما استعمله معاوية سيّر إليه عشرة آلاف
ص: 53
فارس، فدخل أفريقية وانضاف إليه من أسلم من البربر فكثر جمعه، ووضع السيف في أهل البلاد؛ لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتد من أسلم (1).
وروى الحاكم أن زياداً بعث الحكم بن عمر الغفاري على خراسان فأصابوا غنائم كثيرة فكتب إليه زياد: أما بعد: فإن أمير المؤمنين كتب أن يصطفي البيضاء والصفراء ولا يقسم بين المسلمين ذهباً ولا فضة، فرفض الحكم ذلك، وقسّمه بين المسلمين، فوجه إليه معاوية من قيده وحبسه، فمات في قيوده ودفن فيها وقال: إني مخاصم (2).
فما يراه بعض الباحثين المتأخرين من الشيعة من أن أكثر الروايات تؤكد أن الحسن والحسين (عليهما السلام) قد اشتركا في كثير من الفتوحات الإسلامية، وكان لهما دور بارز في سير تلك المعارك التي كانت تدور رحاها بين المسلمين وغيرهم) (3) ، غير صحيح ولا يصمد أمام التحقيق ومقتضيات المذهب.
يرى فقهاء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أن الجهاد الابتدائي بحاجة إلى إذن الإمام العادل، ويحرم الجهاد مع غيره؛ لهم في هذا روايات
ص: 54
عدة أفرد الحر العاملي (رضوان الله عليه) في كتاب الجهاد في الوسائل باباً - وهو الثاني عشر - بعنوان (باب) اشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام وإذنه، وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل) (1) ذكر فيه عدة روايات، منها:
ما رواه الكليني (رضوان الله عليه عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الملك بن عمرو، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام : «يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟»، قال: قلت: وأين؟ قال: «جدة وعبادان والمصيصة وقزوين، فقلت: انتظاراً لأمركم والاقتداء بكم، فقال (عليه السلام): إي والله لو كان خيراً ما سبقونا إليه» (2).
وما رواه الصدوق (رضوان الله عليه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم، ولا يُنْفذُ في الفيء أمر الله (عز وجل) ، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدونا في حبس حقنا والإشاطة بدمائنا، وميتته ميتة جاهلية» (3).
ص: 55
وبعد كل ما تقدم نجيب على هذا التساؤل المحتمل والمترتب على ما ذكرناه من كلام:
فقد يُقال: إن ما ورد من القول بأن أمهات المعصومين (عليهم السلام) كن إماءً أو جواري! ما هو إلا بحسب الأحوال الظاهرية ولم يكن على وجه الحقيقة، فإنه ليس بينهن أمةٌ ولا أم ولد قد اشتروها؛ وذلك:
أولاً: أن تلك الحروب لم يكن لها غطاء شرعي لا قبل ولا بعد وقوعها، أي أنها لم تكن مشروعة، فلم يكن هناك استيلاء شرعي على من سبين في الحروب.
ثانياً: ما نعتقده نحن الشيعة من أن أمهات الأئمة ما كن على غير الإسلام واقعاً، وعليه فلم يكن سبيهن صحيحاً، إذ لا يجوز أن يُسترق أو يُستعبد المسلم الحر.
ثالثاً: لم يكن قد وقع شراء لأي من أمهات الأئمة (عليهم السلام) كأمة من أولئك الباعة والنخاسين، وإنما كان استنقاذاً منهم لهنَّ أو لرفع أيديهم عنهنَّ، فما كانوا يعطوه (عليهم السلام) من مال لم يكن ثمناً لمبيع، البتة.
ولكن يُجاب عن هذا بشقوقه الثلاثة:
أما مسألة الحروب والغطاء الشرعي، فيقال:
ص: 56
أولاً: لم يُعلم أن كل أمهات الأئمة كن أسيرات حرب وقعت بين المسلمين وأهل الكفر، بل لعلها نتيجة حروب بين أهل الكفر في تلك البلاد التي جلبن منها، بل إن أمر أسر بعضهن مجهول بالنسبة لنا.
ثانياً: أن إذن الإمام عليه السلام إن كان له دخل في صحة وبطلان الحرب فلا دخل له في صحة الاسترقاق لو قيل بأنهن كن على غير الإسلام - حتى لو كن موحدات كتابيات - وقبلنا بهذا القول، وإنما لإذنه (عليه السلام دور في الحلية والحرمة التكليفية، وفي تقسيم الغنائم التي إما أن تكون كلها له أو خمسها.
ثالثاً: المقرر في الفقه أن الاسترقاق يتم بمجرد غلبة المسلم على غير المسلم وتسلطه عليه، وهذا أيضاً لا حاجة فيه للإذن مالم يكن مُعاهَداً.
أولاً: إن الرق إن كان متولداً من رقّ فقد يُتصور فيه تارة أن يكون رقاً قبل إسلامه، وأخرى متولداً من رق في قد أسلم، وثالثة أن يسترق بعد إسلامه، وقد أقرّ الشرع الأوليين وأمضاهما، فإن من من كان رقاً أو من تولد عن رق فهو باق على رقيته ولا يكون حُراً إلا بعد عتقه وتحريره - كما مقرر في كتب الفقه - وأما الثالثة فممنوعة؛ إذ لا يجوز - بالإجماع - استرقاق المسلم الحر البتة.
ثانياً وأما كونهن مسلمات قبل ارتباطهن ببيت النبوة، فهذا غير ظاهر، بل الأخبار والسيرة على خلافه، فما يُروى من أن بعض أمهات الأئمة
ص: 57
(صلوات الله عليهن) أسلمن في المنام على يد النبي (صلى الله عليه وآله) أو مولاتنا فاطمة (صلوات الله عليها) لا يترتب عليه - من حيث الفقه والأحكام الشرعية - إسلامهن خارجاً.
وثالثاً: ما المانع في أن تكون أم الإمام في وقت ما رقاً أو أمةً؟ فإن هذا لا يقدح في مقامها ولا يضر بمكانتها، وقد كانت هاجر أم إسماعيل (عليه السلام أمةً، ففي الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) : لما إبراهيم (عليه السلام) مع زوجته وابنة خالته (سارة) عن قوم نمرود إلى ناحية المقدس كان في طريقه سلطان من القبط قد اعترضه وجرى بينهما کلام وبعده قال القبطي لإبراهيم عليه السلام) لي إليك حاجة، فقال إبراهيم عليه السلام : ما هي ؟ فقال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها [ يعني سارة ] قبطيةً عندي جميلةً عاقلةً تكون لها خادماً، قال: فأذن له إبراهيم (عليه السلام) فدعا بها فوهبها لسارة وهي (هاجر)... ثم إن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطا عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر؛ لعل الله أن يرزقنا منها ولداً فيكون لنا خلفاً، فابتاع إبراهيم (عليه السلام) هاجر من سارة، فوقع عليها فولدت إسماعيل (عليه السلام) (1).
ورابعاً: لو فرضنا جدلاً وقوع البيع والشراء والرقية، ولم يكن هناك وجه لتصحيح ذلك كله، فما ورد (2) من النصوص من أن الإمام (عليه السلام)
ص: 58
أعتقها وأمهرها كما في الحنفية، وما روي (1) من أن الإمام الحسين (عليه السلام) تزوج من شهربانو ينبئ بأن ما كان بينهم وبين أولئك الطاهرات كان عن عقد نكاح وكان برضاهن؛ إذ كن المالكات لربقتهن والوليات على أنفسهن، ويرتفع الإشكال.
وخامساً: أن الاستنقاذ ورفع يد النحاس أو من وضع يده عليها) عنها بدفع الإمام (عليه السلام) المال له لا يغير في الحال شيئاً، فإن أقصى ما يثبته أن الإمام (عليه السلام) أعتقها من رقية غيره واستعباده، وليس فيه نفياً لأصل الاسترقاق.
أم ولد هو اصطلاح خاص لنوع من أنواع الرقيق، تنعت به الأمة المملوكة التي وطأها سيدها فأولدها. ولها في الفقه أحكامها الخاصة التي تميزها عن باقي الإماء من الرقيق، ومنها أنه لا يجوز بيعها، ولها أحكام الحرة من حيث ستر الرأس وسائر الأطراف، وتنعتق بعد موت مالكها على ولدها.
عندما تكون هذه المرأة من بيت عز وشرف وسيادة ونجابة ورفعة وشجاعة وفخر وما شابه ذلك.. يكون للخاطب الفخر في أن يقصدها، ولكن عندما يكون الأمر فيه علاقة ببيت النبوة تنعكس الصورة، فيكون شراء الإمام لها وإعتاقه والزواج منها وزيادة فضل عليها.
ص: 59
وكونها من بيوت السيادة والشرف وغير ذلك ربما لا يعرفه كل أحد أو لا يبقى له ذكر فيما بعد، ولكن باتصالها بالإمام (عليه السلام) ودخولها بيت النبوة يظهر للملأ ما لها من المكانة والمنزلة والمقام الحقيقي عبر التاريخ إن حاضراً أو مستقبلاً، مع غمض النظر عن معرفتنا لهذا المقام أو غموضه وخفائه عنا.
كما أن حركة أهل البيت (عليهم السلام) هي حركة سيادة عالمية وليست عربية أو مناطقية، فلذا نراهم اقتنصوا كل الغصون الشريفة وارتبطوا بالأعراق الأصيلة شرقاً وغرباً. فحياتهم وارتباطاتهم الأسرية قد تكشف عن مكانة ومنزلة لتك البلاد مخزون في هذه السلالات وهذه الأمم ستأتي في المستقبل.
ص: 60
وفيه تسعة مباحث:
ص: 61
ص: 62
الفصل الثاني
شخصية أمّ الإمام السجاد (عليهما السلام)
واحدة من الشخصيات التي لازال الغموض والإبهام يلف تاريخها هي أمّ الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) التي اتفق أكثر القوم - والشيعة خاصة - على أنها من ذراري أكاسرة الساسانيين وملوك بلاد فارس، وأنها تلك الديار. ونقلوا روايات في تحديد شخصيتها وذكر ملامح ذات علاقة بخلفياتها الاجتماعية. غير أنهم اختلفوا في اسمها واسم أبيها، نقلاً في الحوادث التاريخية وتداولاً على الألسن .
والظاهر أن المصادر التي اعتمدت في هذا هي روايات وقصص الخدشة إن في سندها أو حتى في متنها أو مضمونها، هذا من حيث النظرة الأولى المستندة للقواعد العلمية في التعامل مع المرويات لكن يبقى الاشتهار والتسالم سيد الموقف خصوصاً أن هذه مسألة تاريخية وليست فقهية حتى يتم التركيز فيها على مناقشات أهل الجرح والتعديل.
ومع كل ذلك فنحن نريد أن نعرف عنها التالي:
أصلها، ومن أين هي؟
ما اسم هذه الفتاة التي تدور حولها طاحونة البحث؟
ص: 63
* وهل هي فعلاً من السلالة الملكية الساسانيية؟
* ومن يكون أبوها؟
* وكيف وصلت إلى أرض الحجاز معقل الهاشميين؟
* وكيف ارتبطت ببيت النبوة؟
* وهل كان لها حضور في كربلاء أم لا؟
* وأين توفيت؟
/ وأين هو قبرها؟
فلابد أن نتعرف على هذه المرويات والمنقولات كي نصل للحقيقة وتطمئن إليها نفوسنا.
وفي الجواب عن هذه التساؤلات نبدأ دراستنا في مباحث:
ص: 64
المعروف والمشهور تاريخياً - والذي عليه أعلام الطائفة - أن أم الإمام السجاد (عليه السلام) كانت من بلاد فارس القديمة، دولة إيران اليوم، و بنت آخر ملوك الساسانيين، وقد ذكر هذا مجموعة من المتقدمين في القرون الهجرية الأولى، كما سنقف على كلماتهم فيما يأتي، ومنهم:
1- أبو اليقظان، عامر بن حفص النسابة، الملقب ب-(سحيم)، كان عالماً بالأخبار والأنساب، توفّي سنة 209 ه- ، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1) ، وروى عنه المدائني في مصادر عدة.
2- ابن الكلبي، هشام بن محمد بن السائب، النسابة والمؤرّخ، المتوفى سنة 204 ه- ، روى عنه الشيخ المفيد ومن تبعه (2).
3- الفريابي، محمد بن يوسف، المتوفى سنة 212 ه- ، روى عنه ابن أبي الثلج - الآتي ذكره - في كتابه تاريخ الأئمة.
4- نصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة 212 ه- ، في كتابه وقعة صفين.
ص: 65
5 - الرسي الزيدي القاسم بن إبراهيم (طباطبا) ابن إسماعيل (الديباج) ابن الحسن المجتبى (عليه السلام)، المتوفى سنة 246 ه- ، في كتابه تثبيت الإمامة.
6- اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب العباسي، المؤرّخ، المتوفى سنة 280 ه- ، ذكر ذلك في تاريخه.
7 - المُبرِّد، أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي، المتوفى سنة 285 ه- ، في كتابه الكامل في اللغة والأدب.
8 - محمد بن الحسن الصفار، المتوفى سنة 290 ه- ، في كتابه بصائر الدرجات.
9- ابن أبي الثلج، أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي، المتوفى سنة 322 ه- ، في كتابه تاريخ الأئمة.
10- الشيخ الكليني، الكليني، محمد بن يعقوب، المتوفى سنة 329 ه- ، في كتابه الكافي.
11- الخصيبي، الحسين بن حمدان المتوفى سنة 334 ه- ، في كتابه الهداية الكبرى.
12- أبو نصر، سهل بن عبد الله البخاري، النسابة، وقد كان حياً سنة 341 ه ، ذكر ذلك في كتابه سر السلسلة العلوية.
13 - المسعودي، علي بن الحسن المتوفى سنة 346 ه- ، في كتابه إثبات الوصية.
ص: 66
14- القاضي المغربي، أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي، المتوفى سنة 363 ه- ، في كتابه شرح الأخبار.
-15 - الأشعري القمي، الحسن بن محمد، المتوفى سنة 378 ه- ، كتابه تاریخ قم.
16 - الشيخ الصدوق، محمد بن الحسن ابن بابويه، المتوفى سنة 381 ه- ، في كتابه عيون أخبار الرضا.
17 - النوبختي، الحسن بن موسى عاش في القرن الرابع ذكر ذلك في كتابه فرق الشيعة.
18 - أبو حيان التوحيدي، المتوفى سنة 414 ه- تقريباً، نقل ذلك عنه ابن فندق البيهقي في كتابه لباب الأنساب.
19 - الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، المتوفى سنة 413 ه ، في كتابيه الإرشاد والمقنعة.
20 - ابن الصوفي، الشريف على بن محمد العلوي العُمري، المتوفى بعد سنة 460 ه وقيل: سنة 490 ه- ، في كتابه المُجدي في أنساب الطالبيين.
21۔ محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي، عاش في القرن الخامس، ذكر ذك في كتابه دلائل الإمامة.
22- الشهيد ابن فتال محمد بن الحسن النيسابوري، متوفى سنة 508 ه- ، في كتابه روضة الواعظين.
23 - العلامة الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، المتوفى سنة 548 ه- ، في كتابيه إعلام الورى وتاج المواليد.
ص: 67
24- ابن فندق البيهقي، ابن الحسن علي بن زيد الأنصاري، المتوفى سنة 565 ه- ، في كتابه لباب الأنساب.
25- ابن شهر آشوب، محمد بن علي المازندراني، المتوفى سنة 588 ه- ، في كتابه مناقب آل أبي طالب.
لكن هناك أقوال خرقت هذه الشهرة المعلنة والمسلّمة ما يوحي بأنها لم تكن من فارس: فقيل: من سبي کابل (1).
وقيل: كانت سجستانية (2).
وقيل: كانت من سبي السند (3).
وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني من سبي جرجان (4).
أما أنها من سبي كابل، فمع أنها كانت في دائرة بلاد فارس (القديمة) وتحت حكم ملوكها الساسانيين، ومع ما بأيدنا مما قيل من أن فتح كابل
ص: 68
كان سنة ثلاث وأربعين (1) أي بعد ولادة الإمام (عليه السلام) والذي كان سنه ثماني (2) ، أو سبع (3) أو ست وثلاثين (4) ، في عهد عثمان كما قيل (5) فلا يستقيم هذا القول.
وهناك من عد كابل من توابع بلاد الهند (6).
وقد تكون النسبة لكابل مأخوذة من بعض الأخبار، إلا أن المتأمل فيها يجدها خلاف هذا الرأي.
فلاحظ كلام المنقري وابن قتيبة لما كانا بصدد الحديث عن أيام حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) وإرساله الولاة:
قال نصر بن مزاحم وبعث خليداً إلى خراسان، فسار خليد، حتى إذا دنا من نيسابور بلغه أن أهل خراسان قد كفروا ونزعوا يدهم من الطاعة، وقدم
ص: 69
عليهم عمّال كسرى من كابل، فقاتل أهل نيسابور فهزمهم وحصر صر أهلها، وبعث إلى عليّ بالفتح والسبي، ثم صمد لبنات كسرى فنزلن على أمان، فبعث بهن إلى علي (1).
وقال ابن قتيبة ثم وجّه عماله إلى البلدان.. وعلى خراسان كلها خليد كأس. فأما خُليد بن كأس فإنه لما دنا من خراسان بلغه أن أهل نيسابور خلعوا يداً من طاعة، وأنه قدِمَت عليهم بنت لكسرى من كابل، فمالوا معها، فقاتلهم خُليد، فهزمهم ، وأخذ ابنة كسرى بأمان، وبعث بها إلى علي (2).
فكابل في الخبر لم تكن تُذكر على أنها موطنها، وإنما الظاهر أنها ربما كانت لجأت إليها بعد مقتل أبيها، ثم لما أحست باستقرار الأوضاع عادت إلى خراسان مع من رجع من عماله على كابل، فأسرت هناك.
وأما سجستان - وهي سيستان اليوم - فإن فتحها كان سنة ثلاث وعشرين في زمن عثمان (3) ، ولم يُذكر أن يزدجرد قد ظفر به أو قتل فيها أو سُبيت حرمه يومها، وكما سيأتي في تاريخ مقتله أنه كان في مرو وأنه في العقد الثالث للهجرة.
ص: 70
وأما أنها سندية، فبناءاً على المشهور من أنها كانت من بلاد فارس وسيراً عليه، فلا أن يُقصد بالسند بلاد السند الشاملة للهند وباكستان اليوم، بل الظاهر أنه يُقصد بها (سند) المنطقة التي تقع بين مدينة (نسا) التي إليها يُنسب الإمام النسائي، والواقعة اليوم في جمهورية تُركمنستان اليوم، والتي كانت قديماً تتبع إقليم خراسان، وبين أبيورد) - وتسمى اليوم مدينة دَرْگرْ - في محافظة خُراسان كما قيل (1) ، وهي التي توجه إليها الحارث بن مرة العبدي متطوعاً بإذن أمير المؤمنين (عليه السلام) أواخر سنة ثمان وثلاثين، فظفر وأصاب مغنماً وسبياً (2).
ولو كان المراد من السند غير هذا لقلنا كما قال ابن إدريس عن ابن حبیب النسابة لما ذكر أبناء الحبشيات من قريش، وذكر من جملتهم العباس بن علي بن أبي طالب ((عليه السلام).
قال ابن إدريس وهذا خطأ منه، وتغفيل، وقلة تحصيل
وعندما عد في أبناء السنديات من قريش محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية، وعلي بن الحسين (عليه السلام) (3)
قال: وهذا جهل من ابن حبيب، وقلة تأمل (4)
ص: 71
كما أن الهند وتوابعها لم تفتح إلا سنة خمس وأربعين (1) ، وأن علي بن الحسين (عليه السلام) كان ولد - كما سيأتي - قبل هذا.
وعليه فيبقى أنها من بلاد فارس، وينتفي توهم أنها من أقليم السند الواقع ضمن حدود الهند سابقاً، وفي پاکستان حالياً بعد استقلاها عن الهند عام 1947م.
وأما جُرجان، فكانت ولازالت من بلاد ،فارس، وكانت تحت سلطة یزد جرد، فلا ضير في هذه النسبة.
ولذا فإن القولين الأولين ساقطان عن الاعتبار إن استثنينا الثالث وقبلنا بتوجيهه.
فالصحيح أنها من بلاد فارس - إيران اليوم - .
ص: 72
لقد اختلفت الأقوال واضطربت الآراء بين المؤرخين - كما هي العادة - في تعيين اسم أم الإمام السجاد (عليه السلام) بين ذكر اسمها الأصلي وبين الاسم الذي تحولت إليه أو سُمّيت به بعد أن دخلت في بيتها الجديد، وبين هاتين المرحلتين ظهرت لها عدة أسماء قاربت العشرين اسماً، إن لم نقل بوجود تصحيف في بعضها، وهي بين فارسية وأخرى عربية.
ولو بدأنا بالتسلسل التاريخي نجد أول تسمية لها - بعد غمض النظر عن تقدم الروايات المعصومية زماناً - بدأت في القرن الثاني الهجري من ابن قتيبة (213) واليعقوبي (284) ، ثم توالت بعدهما كلمات أعلامنا (رحمهم الله مثل: ابن أبي الثلج (322)، والكليني (328)، والمفيد (413)، وابن الخشاب (567) ، والطبرسي (584) ، وابن شهر آشوب (588)، وغيرهم ممن جاء بعدهم.
فكانت الأسماء العربية ستة عشر اسماً، والفارسية ثمانية.
في تراث أهل البيت (عليهم السلام) ما يدل على استحسان تغيير اسماء العبيد والإماء، ففي الرواية عن زرارة، قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله (عليه السلام))، فدخل عليه رجل، ومعه ابن له، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما تجارة ابنك؟ فقال: التنخّس. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
ص: 73
لا تشتر شيئاً ولا عيباً، وإذا اشتريت رأساً فلا ترين ثمنه في كفة الميزان، فما من رأس يرى ثمنه في كفة الميزان فأفلح، وإذا اشتريت رأساً فغيّر اسمه وأطعمه شيئاً حلوا إذا ملكته، وصدق وتصدق عنه بأربعة دراهم» (1).
وقد أفتى بعض من تقدم من الأعلام باستحبابه اعتماداً على هذه الرواية (2).
ولعل أهم أسباب تعدد الأسماء - لأمهات الأئمة عموماً - :
1- أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كماله وقوته وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدتها وصعوبتها، وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته وكثرة أسماء النبي (صلى الله عليه وآله) دلت على علو رتبته وسمو درجته، وكذلك الحال في تعدد التسميات لأهل البيت (عليهم السلام ، ومثل هذا كثرة أسماء القرآن الكريم دلت على شرفه وفضيلته. فالقرآن بيان للغي والرشاد بما يذكره الله سبحانه من البينات والدلائل الواضحات والبراهين القاطعات
ص: 74
2- أن العرب - بصورة عامة - كانوا يختارون لعبيدهم وإمائهم - أسماء من باب جعل الاسم الأجمل أو اللقب المُفضّل أو ذي اللفظ الأسهل لديهم، وهذا ما سنلاحظه في الأسماء العربية.
3- أن الاسم - من حيث المعنى - غير لائق أو غير مناسب لشأن المالكين ومكانتهم أو غير مناسب لمعتقداتهم، فيعمدون لتغييره، وهذا ما سنلاحظه في بعض الأخبار التي تقول إن أمير المؤمنين أو الإمام الحسين (عليهما السلام) قد غيّرا اسم الجارية.
4- بسبب ما يقع من تصحيف من النسّاخ، وهو كثير، وسنلاحظ هذا في الأسماء العربية بصورة أجلى.
5- لعله راجع إلى اختلاف اللهجات في اللغة الواحدة، وهذا ما سنلاحظه فيما نُقل من أسماء فارسية.
6- أن تلفظ تلك الأسماء الأعجمية غير مألوف لدى المحيطين بهم من أهل وأقارب المالكين، لذا يختارون الأسماء العربية لسهولة نطقها.
7- لعل هذا التعدد بین الأعجمية والعربية راجع إلى أنهم كما كانوا يختلطون بالعرب من أهل المالكين أيضاً كانوا يلتقون بأهل لغتهم وأبناء جلدتهم فيتنادون بأسمائهم الأصلية فيما بينهم.
8 - أن الاسم القديم فيه ما يعكر صفو العيش لدى صاحبه بعد أن مرّ بظروف غير لائقة أو معاملة فضة وربما يتنقل من يد تصفع إلى أخرى تلطم، وهكذا يعيش محطماً قد ارتبط مصيره بأيدي الباعة والنخاسين،
ص: 75
فيعيش معاناة ومأساة نفسية تنعكس سلباً على حياته عموماً، وبذلك التغيير تبدأ حياة جديدة يذهب معها الماضي البائس، والأيام السوداء.
9- أو أن التغيير يكون لأجل التخفي والتستر، خاصة إذا كانت من بنات الأشراف، ونرى هذا جلياً في قصة السيدة نرجس قصة السيدة نرجس، (1) وربما هو ، وربما هو ما ذكره النوبختي والأشعري من أن أم الإمام السجاد (عليه السلام) كان اسمها قبل ان تُسبى أعجمياً (2).
10 - أو بسبب حادثة معينة أو موقف معين يعمدون لتغيير أسماء مماليكهم؛ من باب الاستذكار لبعض الأحداث والمواقف، أو من باب التفاؤل، أو من باب التشفّي... إلى غير ذلك.
ومثال هذا: ما فعلته عائشة حين غيّرت اسم غلام لها باسم قاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) تشفياً منه بعد مقتله (3).
ص: 76
11- ومن المحتمل أيضاً أن العبيد والإماء قد لا يعيشون حياة مستقرة، حيث إنهم يُباعون ويشترون، فلا يهم البائع أو المشتري اسم من يشتري، فيضع اسماً ما لمجرد التمييز وحسب، فتجتمع عليه عدة أسماء نتيجة ذلك.
* و شاه زنان أو شه زنان تعني سيدة النساء أو ملكة النساء.
* ولم أقف على معنى ل- شازان، ولا شاه ربّان.
وفي رواية الطبري: عن المسيب بن نجبة: قال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما اسمك؟». قالت: شاه زنان.
فقال: «نه، شاه زنان نیست مگر (1) دختر محمد (صلى الله علیه وآله) وهي سيدة النساء، أنت شهربانويه وأختك مروارید بنت کسری». قالت: "آري"، أي: نعم (2).
2- شهربانو (3) ، وهو المشهور بين الشيعة الأعاجم.
وقيل: شهربانويه (4) . وشهربانو (5) و شهربان (6) و شهربانوه (7).
والظاهر أن هذه الأسماء الأربعة مما وقع عليه التصحيف.
ص: 78
* و شهربانو تعني سيدة البلاد، ويُراد منه الملكة أو الأميرة.
* و شهربان تعني حارس أو حامي المدينة، يعمل في إطار جماعة أو منظمة تابعة للبلدية، وظيفته تنظيم المظهر العام في شوارع المدينة. وهذا لا يصلح اسما لبنات الملوك.
* و شهربانوا: لم أقف على معنى له.
* و شهربانوه أيضاً مثله.
فجاء في الرواية عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في ذكر خبر مصحف فاطمة (عليها السلام) في ذكرها الأئمة قالت: «أبو محمد، علي بن الحسين العدل، أمّه شهربانو» (1)
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): قال سليمان الدليمي: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك وقلت له: ما قوله أو رجل من ولدي ؟ فقال : ذلك قائمكم السادس من ولدي، وقد ولده يزدجرد بن شهريار من قِبَل أم علي بن الحسين شهربانوه بنت يزدجرد، فهو ولده من «الحسين» (2).
3- و جهان شاه (3) ، وتكتب جهانشاه.
ص: 79
وقيل: جیهان شاه (1).
* ومعناه ملكة العالم، أو سيدة الكون.
وفي الرواية لما عرض عليها أن تختار جاءت فوضعت يدها على منكب الحسين (عليه السلام) فقال لها [ أمير المؤمنين ] (عليه السلام) : «چه نامى داري إي كنيزك ؟ أي: أيش اسمك يا صبية؟
قالت: جهان شاه بارخدا
فقال ( عليه السلام) : «شهربانويه؟».
قالت : خواهرم شهربانويه. أي: تلك أختي.
قال (علیه السلام) : «راست گفتي» . أي: صدقت (2).
4- و جهان بانويه (3)
* ومعناه سيدة الكون.
وفي الرواية: عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام): لما جيء بها في الأسرى سألها أمير المؤمنين عن اسمها فقالت: جهان شاه.
فقال (عليه السلام): «بل شهربانویه» (4).
ص: 80
5- و کیهان بانويه (1).
* ومعناه أيضاً سيدة الكون.
وقد ذكر: أنه لما تزوجها الحسين ( عليه السلام) دخل عليهما أبوه علي (عليه السلام) بالتهنأة، فسأل عن اسمها!! فقيل: اسمها كيهان بانویه!
فقال وما معناه؟ فقيل: سيدة الدنيا والآخرة.
فقال (عليه السلام): «سيدة الدنيا والآخرة فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسموها سيدة البلد».
فسماها الناس شهربانويه (2).
6- و شهرناز (3).
* وتعني نازنين شهر، أي سيدة البلد اللطيفة.
والأصح (شَهناز) مخفف ( شاه ناز ) السيدة اللطيفة، أو المدللة.
7- و شاه آفرید (4)
قاله أبو الحسن محمد بن القاسم التميمي النسابة البصري المتوفى سنة 400 ه- تقريباً.
* وتعني سيدة الخلق أو العالم.
ص: 81
8 - و شهر حاجون (1).
ولعله مصحف من شهر خاتون، أو ربما تكون شهر خانم. فيكون أصلها خاتون شهر، أو خانم شهر.
* وفي كلا اللفظين تعني سيدة المدينة أو سيدة البلاد.
ولعل من هذه التسميات يظهر تفسير ما نُقل أيضاً من أنها كانت تُدعى سيدة النساء (2).
هذه هي التسميات الفارسية التي ذكرت لها.
وأما الأسماء العربية فهي:
-1- سُلافة (3).
2 - وسَلامة (4).
ص: 82
3- وبرة (1).
4- وغزالة (2) ، قيل: سمّاها به الإمام الحسين (عليه السلام) (3).
5- وخولة (4).
6- وقيل : حلوة (5).
وقيل: خلوة (6).
ولعلهما مصحفان من (خولة).
ص: 83
8 - وسلمة (1).
9- وقيل: أم سلمة (2).
10 - وجيّدة (3).
11- وجيداء (4).
12- وقيل : جدا (5).
سماها به القاضي الجرجاني، وواضح أنه تصحيف من جيداء.
13 - وسادرة (6) ، ولعله (سارة).
14 - وحرار (7). بمعنى الحُرة ، يقال بعد العتق والتحرر (8).
15 - ومريم (9) ، قيل: سمّاها به أمير المؤمنين (عليه السلام).
16 - ويقال : سمّاها فاطمة (10).
ص: 84
ولعل الإمام (عليه السلام غير اسمها من باب أن شاه، تعني (الملك) وهو من أسماء الله تعالى؛ لما ورد في الخبر من النهي عن اللعب بالشطرنج (1) لأنه يقول مات ،شاهه وقتل شاهه. والله شاهه، ما مات وما قتل (2).
أو أن الإمام أخبرها أن اسمها هو شهربانو، وإنما هي غيرته للمصلحة وتخفّياً كي لا تُعرف أو أن المعنى من كلام الإمام: لا ينبغي لكِ هذا الاسم، بل ينبغي تسميتك بشهربانو؛ كأنه إشارة إلى أن أولاده (عليه السلام) تحصل من ولَدٍ هو خيرُ أهل الأرض (3).
والمتعين والمختار - تبعاً للمتقدم من الأخبار وما فيها من تعليل للاختيار - أن اسمها بعد تغييره هو شهربانو
مع أن شاه زنان - اسمها الأول - هو المشهور عند كثير عند كثير من الشيعة، وبه
قال أكثر أعلامنا (رضوان الله عليهم) وتبنّوه، ومنهم:
الشيخ المفيد في الإرشاد والمقنعة، والشيخ الطوسي في التهذيب، وابن الفتال النيسابوري في روضة الواعظين والشيخ الطبرسي في إعلام الورى
ص: 85
والمشغري العاملي في الدر النظيم، وابن عنبة في عمدة الطالب والشريف العلوي في المُجدي وابن إدريس في السرائر، والعلامة في التحرير والمنتهى، وأخو العلامة في العدد القوية، والشهيد في الدروس، والحر العاملي في منظومته في تاريخ أهل البيت والشيخ حسين بن عبد الصمد في وصول الأخيار، والأردبيلي في جامع الرواة والبهائي في جامع عباسي، والطريحي في مجمع البحرين والمحقق البحراني في الحدائق، وكاشف الغطاء في كشف الغطاء، والجواهري في جواهر الكلام، والدربندي في أسرار الشهادة، والمحدث القمي في الأنوار البهية.
ص: 86
وكما هي العادة، لم يستثن الاختلاف بين الرواة والمؤرخين اسم الشخصية، إلا أنهم أجمعوا على أنه كان عظيم بلاد فارس وملكها، وكان العجم يسمونه بلغتهم (خُسرو ) إلا أن العرب استبدلوه ب-(كسرى) ، ثم صار العجم ينطقونه (كسرى) بالفتح. وقال قائل بأن أباها هو ملك هراة (1).
وقال آخر بأنه ملك قاشان (2) (کاشان).
ورُوي (3) أن أبا الأسود الدؤلي قال:
وإن غلاماً بين كسرى وهاشم *** لأكرم من نيطت عليه التمائم
وكان يُقال للإمام (عليه السلام) ابن الخيرتين (4).
وقيل: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «أنا ابن الخيرتين» (5).
ص: 87
ولعلهم يشيرون بذلك إلى ما نُسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) : «لله تعالى من عباده خيرتان فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس» (1).
وفي رواية الديلمي عن عبد الله بن رزق المخزومي: «إن الله تعالى خيرتين من خلقه فخيرته من خلقه من العرب قريش، ومن العجم فارس» (2)
أو لعله ناظر إلى هاشم جد النبي صلى الله عليه وآله) وكسرى انوشروان (آنوش روان) جد يزدجرد والذي نُسب للنبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «وُلدت في زمن الملك العادل» (3)
فقد يُشكل عليه بثلاثة إشكالات:
الإشكال الأول (4) : أن هذا البيت ورد في كتاب أصول الكافي عند ذكر الإمام زين العابدين - وهو على خلاف وضع الكتاب، حيث هو كتاب حديثي - وقائله بالأصالة هو الطرماح بن ميادة البصري، الذي قال:
ص: 88
أنا ابن أبي سلمى وجدي ظالم *** وأمّي حَصان أخلصتني الأعاجم
أليس غلام بين كسرى وظالم *** بأكرم من نيطت عليه التمائم
الإشكال الثاني: أن هذا البيت المذكور غير موجود في الديوان الذي جمعه عبد الكريم الدجيلي (1) ، ولا ولا في ملحقه (2) ولا فيما جمعه العلامة الشيخ محمد حسن آل یاسین (3) ، وإنما نسب إليه مفرداً في بعض كتب الأخبار (4).
أن هذه الرواية - مع غمض النظر عن سندها العليل - ليست من مروياتنا وإنما هي من مرويات غيرنا، ولم يروها من له حظ من الاعتبار حتى عند العامة أنفسهم.
ص: 89
كما أنها مخالفة لقوله تعالى: إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (1). ومخالفة لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود، إلا بالتقوي » (2).
وأما عدالة الملك المجوسي فغير معلومة، ومستند الحديث كذلك، بل لا يُحرز صحته إن لم يكن موضوعاً.
أمّا بالنسبة للملاحظة الأولى وما قيل في شعر أبي الأسود:
فالإشكال الأول عليه فيه جهتان، ولكل منهما جوابها:
الجهة الأولى: إشكاله على الكافي وقوله (وهو على خلاف وضع الكتاب، حيث هو كتاب حديثي)...
وهذا مجرد استبعاد ذوقي لا يصلح أن يكون دليلاً على النفي، فإن كون الكافي كتاباً حديثياً لا يعني أن المصنف (رحمه الله) لا يذكر فيه تعليقاً أو إشارة لتأييد ما ينقله أو يرويه، فإن الشيخ الكلينيي إنما تطرق لتلك المباحث التاريخية وعقد باباً للتاريخ ذكر فيه بصورة سردية مقتضبة ببعض
ص: 90
المفردات من تواريخ مواليد ووفيات والمعصومين (عليهم السلام) وأسماء أمهاتهم مما وثق به واطمأن إليه، ليعقب ذلك بما رام به تصنيف كتابه وهو ذكر الروايات الخاصة في كل باب ذكره حينما تطرق في كتاب الحجة) إلى مواليد الأئمة (عليهم السلام) وانتهى بباب سيرة الإمام... تناول باب التاريخ من أجل تتميم ما لديه من روايات في مواليد المعصومين (عليهم السلام)؛ كي يتناسب التسلسل وما قبله من مقدمة تاريخية مختصرة مع ما ينقله من دليل الإمامة والوصية والمقامات والكرامات التي في ذلك الباب. والبيت الذي نقله في تاريخ الإمام السجاد (عليه السلام) إنما كان شاهداً
نقله روايةً في هذا المقام، وربما كان من المشهورات والمتواترات.
وكان من عادة المحدثين والعلماء أن يذكروا في مصنفاتهم شواهد على ما يذكرونه. وهذا الأسلوب نراه عند الكليني وغيره من أعلامنا كالشيخ الطوسي في التهذيب والشيخ المفيد في المقنعة وابن إدريس في السرائر والعلامة الحلي في المنتهى والشهيد في الدروس وغيرهم... حيث تطرقوا مختصراً لبعض تلك التواريخ في مصنفاتهم المخصصة لأبحاث الفقه في معرض بحثهم في أبواب الزيارات.
كما أن بعض علماء العامة من المحدثين والمفسرين والرجاليين كالحاكم النيسابوري في المستدر والقرطبي في تفسيره وابن سعد في الطبقات وابن عبد البر في الاستيعاب أيضاً كانوا ينقلون مثل هذه التواريخ وبعض الأشعار في كتبهم، مع أنها مصنفة للحديث والتفسير وتصحيح و تضعيف الرجال، في حين أن للشعر كتبه ومصنفوه.
ص: 91
9
والحاصل: فكون الكافي كتاباً حديثياً لا يعني أنه لا يذكر فيه تعليقاً أو إشارة يؤيد بذلك ما ينقله أو يرويه. فالكليني (رحمه الله) في "أبواب التاريخ" الذي خصصه بتواريخ المعصومين (عليهم السلام) والذي نقل فيه مختاره من تواريخ مواليدهم ووفياتهم، وأنساب أمهاتهم. والبيت الذي نقله - كما تقدم - كان شاهداً كان شاهداً من المشهورات والمتواترات، رواه في ذلك المقام كمؤيد على صحة ما ذكره.
والجهة الثانية: نفيه أن يكون البيت لأبي الأسود! ودعواه أنه لابن ميادة. وهذه مجرد دعوى لم يُقم عليها دليلاً، بل ربما يكون الأمر على خلافها. وبملاحظة أمرين في المقام يتضح أن ما ذكره مجانب للتحقيق:
الأمر الأول: الاختلاف الزمني بين الشخصين يشعر بتقدم أحدهما على الآخر، فأبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان الدولي الكناني كان من التابعين، عاش في عصر الخلافة الأولى وبداية العصر الأموي، وتوفي في البصرة سنة 69 ه- بمرض الطاعون الذي أهلك الكثير من البصريين (1) ، وقيل مات قبل الطاعون بقليل بعلة الفالج (2) ، وقيل توفي أيام عبيد الله بن زياد (3)،
ص: 92
فيما زعم آخرون أنه أدرك أيام الحجاج بن يوسف الثقفي، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز الذي تولى الخلافة سنة 99 ه (1).
وأما ابن ميادة واسمه الرمّاح بن أبرد بن ثوبان بن سراقة بن سلمى بن ظالم.. المُرّي الذبياني الغطفاني المُضري، كما ذكر ابن الكلبي وابن بكار وليس هو الطرماح كما ذكر صاحب الإشكال، فقد عاش في العصرين الأموي والعباسي، ومات في خلافة المنصور (2) ، سنة 149 ه- (3). وهو منسوب لأمّه "ميّادة، وهي أمةٌ اشتراها بنو ثوبان بن سراقة وأقبلوا بها من الشام، واسمها جيداء، اختلف في أصلها، فقيل: بربرية، وقيل صقِلْبيّة (4) من
ص: 93
ناحية المغرب، وقد زعم هو في شعره أنها فارسية؛ وإنما فعل ذلك رفعاً لشأنها في معرض مهاجاة الشعراء والفخر بنفسه، وذكر أنه تراجع عن الادعاء (1).
وقد اعترض على دعواه هذه وما قاله من شعر من قِبَل شخصين:
ص: 94
الأول: ذكر أبو الفرج الأصفهاني أن ابن ميادة لما قال هذه الأبيات، قال الحكم بن معمر الخضري الذي كان معاصراً له، يرد عليه دعواه هذه:
وما لك فيهم من أب ذي دسيعةٍ *** ولا وَلَدَتْكَ المُحْصَنَاتُ الكرائم
وما أنت إلا عبدهم إن تُربَّهُمُ *** مِنَ الدهر يوماً تَسْتَربَّكَ المقاسِمُ
ونقل أن "نهبل" هو عبد لبني مُرّة، كانت ميادة تزوجته بعد سيده (1).
والثاني: ذكر الصفدي أن ابن ميادة وقف في الموسم يفتخر بنسب أبيه في في العرب ونسب أمه في العجم... وأنشد أبياته، وكان الفرزق واقفاً الجماعة متلثماً، فلما سمع البيتين قال له أنت - يا ابن أبرد - صاحب هذه الصفة ! كذبت والله... فأطرق ابن ميادة وما أجابه بحرف (2).
الأمر الثاني من المحتمل أن يكون البيت الذي أنشده ابن ميادة كان على نسق البيت الذي أنشده أبو الأسود، وهذا يحصل كثيراً بين الشعراء في توارد الأفكار، ولسنا هنا في وارد حشد الأمثل على هذا؛ لوضوحها عند من له أدنى مطلعة في الأدب والشعر. ويكفينا دليلاً على قولنا هذا الاختلاف الموجود في صدري البيتين المنقولين.. فهو يدلنا على أنهما ليسا بيتاً واحداً وليسا لشاعر واحد بل همتا بيتان لشاعرين ولكنهما على نسق واحد... وهذا يُشعر - بحسب الفارق الزمني - بأن ابن ميادة هو من أنشد شعره على نسق بيت أبي الأسود، وليس العكس وهذا كاف في دفع الإشكال والاستغراب
ص: 95
وأما الإشكال الثاني وهو أن البيت ليس في ديوان الدولي.
فجواب: أن عدم ذكر هذا البيت في الديوان المجموع ليس دليلاً كافياً على أنه ليس من إنشاده، وإنما هو دليل على أن تتبع واستقراء الدجيلي والعلامة آل ياسين (رحمه الله) استقراء ناقص؛ إذ لا برهان على استيفائهما جميع ما لأبي الأسود من شعر. وهذا هو الحال في جميع ما بين أيدينا من دواوين شعراء العرب القدامى في عصر ما قبل الإسلام وما بعده، وفي العصرين الأموي والعباسي وما بعدهما.
وأمّا بالنسبة للملاحظة الثانية وما قيل في نقد الروايات، فيقال:
أما الروايتان الأوليان:
أولاً: الخيرة أحذت بمعناها اللغوي، فهي كما ذكر أهل اللغة تأتي للتفضيل ، فتكون بمعنى أهل الخير والفضل والكرم والشجاعة، فيقال: هذا خير من هذا ، أي يفضله (1)، ويقال : فلان ذو خير، أي ذو كرم (2).
والرواية قالت: هاشم خيرة العرب، وفارس خيرة العجم، بمعنى الأفضل في الشجاعة والكرم والأخلاق، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان.
ثانياً: ليس المراد منهما التفاضل النسبي والحسَبي ولا التفاضل الديني، وإنما التفاضل العرقي من جهة الكرم والشجاعة وحسن الخلق وطيب
ص: 96
المعاشرة... فالتفاضل الأول هو المناسب للاستدلال عليه بالآية والرواية الناقضتين، والثاني لا محذور فيه، بل هو من قبيل ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): «اختاروا لنطفكم، فإن الخال أحد الضجيعين» (1). وروي: « تزوّجوا في الحجر الصالح فإن العرق دساس » (2).
فقد يكون شخص كافراً ولكنه شجاع وكريم، وقد يكون مؤمناً تقياً ولكنه جبان أو بخيل، فالكافر - في مثالنا - حاز على خيرة الأعراق، والمؤمن حائز على خيرة التقوى والدين، ولا محذور في ذلك لا شرعاً ولا عقلاً.
وأما الثالثة: فمع التسليم بعدم ثبوت صحتها سنداً، فإن مفهوم العدل فيها إضافي وانتسابي إلى مصطلح الملوك والأكاسرة الساسانيين الذين أجروا إصلاحات داخلية من قبيل مسح الأراضي وإصلاح نظام الضرائب ونحوها، ولم يقصد مفهوم العدل في العرف الإسلامي وإنما أراد به ما عُرف من مسلكه، حيث إنه أباد الزنادقة على ما ذكرته كتب التاريخ.
وقد ذكروا له عدة أسماء إلا أن أحدها هو الأشهر، وهي:
1 - يَزْدْ جِرْد (3) بن شَهْريَار بن شيرويه بن كسرى أبرويز.
ص: 97
وفي لغة العجم: (یزدگرد) (Yazde gerd).
ويقال: (پرویز) .Parwiz)
وقیل ابن شهریار بن پرویز بن هرمز بن أنوشیروان بن قباد بن فيروز ابن يزدجرد الأشم بن أردشير بابك بن شاه بن سامان بن مرمیس بن ساسان ابن بهمن بن اسفندیار بن و شتاسف بن بهراسف وقيل : كل هؤلاء الملوك ينتمون بوسائط أخر إلى منوچهر بن يهودا بن إسحاق بن يعقوب علیه السلام (1).
2- وقيل: هو النوشجان (نوش جان) (2).
وقیل: شیرویه بن کسری (3).
4- وقيل : سَنجان (أو سَبحان) (4).
ص: 98
5- أو صنجان، وهو ابن ماهويه حاكم مرو (1).
أقول: وهذا الاسم - أعني يزدجرد - هو الأكثر حظاً لدى المؤرخين والمترجمين ، وهو ما نلاحظه أيضاً فى الكلمات التالية:
* عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لما قدم بابنة يزدجرد على عمر وأدخلت المدينة أشرف لها عذارى المدينة وأشرق المسجد بضوء وجهها ...» (2)
* ورُوي أن أمير المؤمنين ولى حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد بن شهریار بن کسری (3).
قال المسعودي في ذكر أكاسرة فارس: وآخرهم يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز (4).
* وقال الذهبي: كسرى، آخر الأكاسرة مطلقاً. واسمه: يزدجرد ابن شهریار بن ،برويز المجوسي، الفارسي (5).
ص: 99
* وقال ابن حجر: لما قدم سبی فارس على عمر كان فيه بنات يزدجرد، فقومن، فأخذهن علي فأعطى واحدة لابن عمر... وأعطى أختها لولده الحسين... وأعطى أختها لمحمد بن أبي بكر ... (1).
ص: 100
لا يوجد ما يوثق حياة النساء لا عند العرب في عهد ما قبل الإسلام ولا عند غيرهم، ولذا فلا يوجد أي معلومة حول تاريخ أو محل ولادة أم الإمام السجاد (عليه السلام) ولا أي جزئية أخرى، ولكن من خلال الأحداث المنقولة من أن أباها الذي تولى الحكم وهو في العشرين من عمره - كما ذكر اليعقوبي وغيره - وأنه تولى الحكم قرابة إحدى وعشرين سنة، السنة العاشرة أو الحادي عشرة إلى أن تم اغتياله - كما ستعرف - سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين من الهجرة، وأنها أخذت من بلاد فارس وتم تزويجها من مسلم هو من أهل بيت النبوة والمشرعين للإسلام وحدوده بل هو من سادات المسلمين، فهذا يعني أنه لن يأخذها زوجة له إلا وهي قد تخطّت السن الشرعي والوضع الفيزيائي الجسدي لتكون زوجة له، كما أن التاريخ يحكي - كما سيأتي - أنها توفيت سنة ست أو سبع أو ثماني وثلاثين.
ص: 101
لابد أولاً من نظرة عابرة على تاريخ المعارك أو الغزوات الإسلامية خارج حدود الحجاز، حيث من المعلوم أن في عهد النبوة كان الهم الأكبر تثبيت الدعوة وتحكيم القواعد الإسلامية في مركز الدولة الإسلامية؛ لأن الظروف يومها لم تسنح ليتوجه النبي (صلى الله عليه وآله) بالدعوة إلى خارج حدود المدينة ومكة إلا في بعض الموارد المحدودة، فلما استتبت الأمور - وعلى إثر بعض الأحداث - وجّه بجيش أسامة إلى خارج حدود الحجاز بل خارج الجزيرة العربية، قاصداً ناحية الروم، ولكن لم يتسن له متابعتها، فوافاه الأجل بداية عام أحد عشر - بالإجماع - ، فوقعت النكبة في بيت المسلمين، وظهر فيهم حسيكة النفاق، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه بهم، فانقلبت الأمور رأساً على عقب، وتغيّرت الأحوال، وصار الهم ترسيخ التحكم وتقوية الحكم ولو من خلال افتعال المعارك.
لا يختلف اثنان على أن عهد أبي بكر - الذي دام بعد غصبه الخلافة ثلاثة أعوام ناقصة - كان في بدايته بصدد تثبيت الحكم لنفسه وجماعته، والقضاء على المعارضة حتى لو كان الثمن قتل خيار الصحابة، ثم توجه - تحت مسمّى الفتوحات الإسلامية - لفتح العراق التي كانت تحت قبضة حكام الساسانيين (الفرس).
ص: 102
ثم أرسل الجيوش نحو الشام يريد بسط سلطته عليها، إلا أن العمر لم يطل به فتوفي عام ثلاثة عشر (1) ، فكانت تتمة التوسع في عهد عمر الذي أحكم سيطرته على معظم الشام أو كلها، ثم توجه بعدها ناحية العراق للدخول إلى بلاد فارس ومحاربة الإمبراطورية الساسانية من بوابتها الجنوبية، فكانت أول معاركه عام أربعة (2) أو خمسة (3) أو ستة عشر (4) ، في القادسية، ثم تتالت بعدها معاركه إلى أن تم اغتياله وضح النهار عام ثلاثة وعشرين (5).
ص: 103
خلال هذه المعارك التي استمرت ست عشرة سنة، لم يُذكر أنه ظفر بالامبراطور الفارسي الذي أخذ يهرب مع أهله وحواشيه وما عنده من بلدة إلى أخرى، فهرب بعد هزيمة القادسية إلى المدائن، ثم جلولاء، فالري، فأصفهان، فكرمان، ثم إلى مرو في خراسان، وبها اغتاله بعض رعيته غدراً بعد أن ائتمنه على سيفه ومنطقته، وتفرّق الأمر وانتهى سلطانه في عهد عثمان - كما صرّح البعض (1) - سنة ثنتين وثلاثين (2). وقيل: سنة ثلاثين (3).
وقيل : سنة إحدى وثلاثين (4) ، ولعله المشهور.
ص: 104
ولم يذكر أحد من أصحاب السير والمؤرخين في هذه الحوادث كلها منذ بدأت سنة ثلاث عشرة حتى سنة إحدى وثلاثين - أسر بنات يزدجرد في ضمن من تم أسرهم، إذ من غير المقبول أن تكون شخصية بمكانة بنات کسرى بلاد فارس لم يتم تمييزهن من بين البقية ولو من باب «ارحموا عزيز قوم ذل» (1) كما في بعض ما روي من قصص الأسر وتوزيع الغنائم.
نعم هناك نقل مُرسل لبعض المتأخرين بأن أسرى بلاد فارس كانوا من معركة نهاوند (2)، وليس هذا بالقوي المعتمد.
ص: 105
أيضاً لم يختلف المؤرخون - مع ما تقدم بيانه - في أن أم الإمام السجاد (عليه السلام كانت أم ولد ، وقد اشتهر أنها من سبايا الحرب وأنها كانت من بنات أكاسرة بلاد فارس وملوكها، تم أسرها بعد فتح المسلمين أراضي العجم والتغلب عليهم، حيث وقعت - ومعها أختها - أسيرة بأيديهم، فجيء بها إلى المدينة المنورة فيمن جيء بهم. إلا أن الخلاف وقع في التالي:
متى تم أسرها؟ وفي عهد من؟ وكيف وقع ذلك؟
ومَن الذي جاء بها من هناك؟
فهناك ثلاث طوائف من الأخبار حول وقت أسرها:
* الطائفة الأولى في عهد عمر !!
* والطائفة الثانية في عهد عثمان!!
* والطائفة الثالثة في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام).
وعلى وقع هذا الاختلاف يبدأ الكلام بذكر قصة مجيء سبايا بلاد فارس إلى المدينة وزواج هذه الفتاة من الإمام عليه السلام
الطائفة الأولى:
1- رواية الصفار : حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن عبد عبد الرحمن بن أبي عبد الله الخزاعي عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر قال: «لما قدم بابنة يزدجرد على عمر وأدخلت المدينة، أشرف لها عذارى المدينة، وأشرق المسجد بضوء
ص: 106
وجهها (1) ، فلما دخلت المسجد ورأت عُمَرَ، غطت وجهها، وقالت: آه، بیروز (2) بادا، هرمز (3).
فغضب عمر وقال: تشتمني هذه! وهم بها.
فقال له أمير المؤمنين: ليس لك ذلك، أعرض عنها، إنها تختار رجلاً من المسلمين ثم احسبها بفيئه عليه».
فقال عمر: اختاري.
قال: فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين بن علي (عليه السلام)، فقال أمير المؤمنين : «ما اسمك؟».
قالت : جهان شاه
فقال : «بل شهربانویه».
ثم نظر إلى الحسين (عليه السلام) فقال: يا أبا عبد الله، ليولدن لك منها غلامٌ [ هو خير أهل الأرض» (4).
ص: 107
2 - ورواية الكليني (1) : الحسين بن الحسن الحسني (رحمه الله) وعلي بن محمد بن عبد الله جميعاً عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله الخزاعي، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما أَقْدِمَتْ بنتُ يَزْدْجِرْدْ على عمر، أشرف لها عذارى المدينة، وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته، فلما نظر إليها عمر غطت وجهها، وقالت: أف، بيروج (2) بادا، هرمز.
فقال عمر: أتشتمنى هذه وهَمَّ بها.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «ليس ذلك لك، خيّرها رجلاً من المسلمين وأحسبها بفيئه.
فخيرها، فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين (عليه السلام)، فقال لها أمير المؤمنين: «ما اسمك؟».
فقالت : جهان شاه.
فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): «بل شهربانويه».
قال للحسين: «يا أبا عبد الله لتلدت لك منها خير أهل الارض».
ص: 108
3- ورواية الراوندي (1) ، قال : لما قدموا ببنت يزدجرد بنت شهريار - آخر ملوك الفرس وخاتمهم - على عمر وأدخلت المدينة، استشرفت لها عذارى المدينة، وأشرق المجلس بضوء وجهها، ورأت عمر فقالت : أفيروزان (2).
فغضب عمر فقال: :فقال شتمتني هذه العلجة. وهم بها.
فقال له علي (عليه السلام) : ليس لك إنكار ما لا تعلمه».
فأمر [عمر] أن يُنادى عليها، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يجوز بيع بنات الملوك وإن كانوا كافرين ولكن اعرض عليها أن تختار رجلاً من المسلمين حتى تزوج منه، ويحسب صداقها عليه من بيت المال، يقوم مقام الثمن.
فقال عمر: أفعل وعرض عليها أن تختار، فجاءت فوضعت يدها على منكب الحسين (عليه السلام).
4- ورواية ابن جرير الطبري الإمامي (3) : أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال حدثني أبي، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن احمد بن محمد بن مخزوم المقرئ مولى بني هاشم، قال: حدثنا أبو سعيد عبيد بن
ص: 109
كثير بن عبد الواحد العامري التمار بالكوفة قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن سلمة بن كهيل، عن المسيب ابن نجبة قال : لما ورد سبي . الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيداً للعرب، وأن [يفرض] عليهم أن يرسم يحملوا العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف على ظهورهم حول الكعبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم كل قوم».
فقال عمر: قد سمعته يقول: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم».
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام : «فمن أين لك أن تفعل بقوم كرماء ما ذكرت؟! إن هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم، ورغبوا في الإسلام ،والسلام ولا بد من أن يكون لي منهم ذرية ، وأنا أشهد الله وأشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله».
فقال جميع بني هاشم : قد وهبنا حقنا أيضا لك. فقال: «اللهم اشهد أني قد أعتقت جميع ما وهبونيه من نصيبهم لوجه الله».
فقال المهاجرون والأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله.
فقال: «اللهم اشهد أنهم قد وهبوا حقهم وقبلته، واشهد لي بأني قد أعتقتهم لوجهك.
ص: 110
فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الأعاجم؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم؟
فأعاد عليه ما قال رسول الله صلى الله عليه و آله) في إكرام الكرماء، وما هم عليه من الرغبة في الإسلام.
فقال عمر: قد وهبت الله ولك ، يا أبا الحسن ، ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : اللهم اشهد على ما قالوه، وعلى عتقي إياهم .
فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين: «هؤلاء لا يُكرهن على ذلك ولكن يخيّرن، فما اخترنه عمل به».
فأشار جماعة الناس إلى شهربانويه بنت كسری، فخيّرت وخوطبت ، من وراء حجاب، والجمع حضور، فقيل لها من تختارين من خُطابك؟ وهل أنت ممن تريدين بعلاً؟
فسكتت. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «قد أرادت، وبقي الاختيار».
فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل؟
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خُطبت، أمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل ؟ فإن استحيت وسكتت جعل إذنها صماتها، وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا، لم تكره على ما لا تختاره.
ص: 111
وإن شهربانويه أريت الخطاب وأومأت بيدها، وأشارت إلى الحسين بن علي فأعيد القول عليها في التخيير فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وليها، وتكلم حذيفة بالخطبة.
5- في رواية ابن شهر آشوب: لما وُرِدَ بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيد العرب، وعزم على أن يحملوا العليل والضعيف والشيخ والكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم، فقال أمير المؤمنين: «إن النبي قال: أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم. وهؤلاء الفرس حكماء كرماء فقد ألقوا الينا بالمسلم ورغبوا في الاسلام فقد أعتقت منهم لوجه الله حقي وحق بني هاشم».
فقال المهاجرون والأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله.
فقال: «اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا وقبلتُ وأعتقتُ».
فقال عمر: سبق إليها علي بن أبي طالب، ونقض عزمي في الأعاجم. ورغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن، فقال أمير المؤمنين: نخيّرهن ولا نكرههن.
فأشار أكبرهم إلى تخيير شهربانويه بنت يزدجرد، فحجبت وأبت. فقيل لها أيا كريمة قومها، من تختارين من خُطّابك؟ وهل أنت راضية بالبعل ؟
فسكتت. فقال أمير المؤمنين: «قد رضيت وبقي الاختيار بعد، سكوتها إقرارها».
ص: 112
فأعادوا القول في التخيير، فقالت: لستُ ممن تعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع الحسين إن كنتُ مخيّرة.
فقال أمير المؤمنين: لمن تختارين أن يكون وليك؟».
فقالت: أنت.
فأمر أمير المؤمنين حذيفة بن اليمان أن يخطب، فخطب وزوجت الحسين (عليه السلام) (1).
6- رواية القمي (2) : حدث أبو الحسن علي بن حماد العبدي (رحمه الله) بالبصرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، عن رجال: لما فُتِحت المدائن وجُمعت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة الغنائم، وأحضر عمر جميع المسلمين ليقسّموها على ما أوجبه الله، وعرضت السبايا عليهم وهن متابعات بينهم أبرزت شهربان بنت يزدجرد وهي مختمرة وعليها من ثياب الملوك ،شملة، فقال عمر: احبسوا عنها الخمار؛ فلا حرمة إلا للإسلام !!
فقال له علي (عليه السلام) : يجب لبنات الملوك أن تتميزن عن غيرهن.
فقال له عمر: أفيخرجن من السبي ويزول عنهن الرق؟
ص: 113
قال: «لا ، ولكن لا يُهتك خمرهن، ويجعل الاختيار إليهن فيمن يملكهن.
فاجاز عمر ذلك، وطيف بها عليهم - وهم جلوس مجتمعون - ليقع اختيارها على من تملكها من المسلمين، فلم تزل تتفحصهم، ثمّ أشارت إلى الحسين (عليه السلام) من بينهم، فحصلت في سهمه على ما أوجب من الفرض له، فولدت علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام).
7- وقيل : لما أتوا المدينة بسبي بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد، فباعوا السبايا وأمر عمر ببيع بنات يزدجرد أيضاً، فقال له علي بن أبي طالب (عليه السلام) إن بنات الملوك لا يُعاملن معاملة غيرهم من بنات السوقة».
فقال كيف الطريق إلى العمل معهن ؟
قال: «يُقوّمن ، ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن».
فقُوّمن، وأخذهن علي (عليه السلام) فدفع واحدة لعبد الله بن عمر! وأخرى لولده الحسين وأخرى لمحمد بن أبي بكر.. - وكان ربيبه.. - فأولد عبد الله أمته ولداً سالماً، وأولد الحسين زين العابدين، وأولد محمد ولده القاسم، فهؤلاء الثلاثة بنو خالة، وأمهاتهم بنات يزدجرد (1).
ص: 114
8 - وفي رواية زيني دحلان (1) : لما جيء لعمر في زمن خلافته بسواري كسرى وتاجه ومنطقته... وجيء له بمال كثير من مال كسرى، وبنات كسرى - وكن ثلاثاً - وعليهن الحلى والحلل والجواهر ما يقصر اللسان عن وصفه... وصب المال الذي جيء به من أموال كسرى في صحن المسجد وفرّقه على المسلمين...
ثم جيء ببنات الملك الثلاث فوقفن بين يديه، وأمر المنادى أن ينادى عليهن، وأن يزيل نقابهن عن وجوههن؛ ليزيد المسلمون في ثمنهن، فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادى في صدره
فغضب عمر ، وأراد أن يعلوهن بالدرة - وهن يبكين - .
فقال له علي. «مهلاً ... فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ارحموا عزيز قوم ذل، وغني قوم افتقر)».
فسكن غضبه!... إلى آخر ما تقدم.
9- وقال اليعقوبي (2) في حديثه عن علي بن الحسين (عليه السلام) وكانت أمه حرار بنت يزدجرد كسرى، وذلك أن عمر بن الخطاب لما أتي بابنتي يزدجرد وهب إحداهما للحسين بن علي (عليه السلام).
10- وقال المسعودي (3) : وكان من حديثها أنها وأختها سُبيتا في أيام عمر بن الخطاب فأقدمتا، وأمر عمر أن يُنادى عليهما مع السبي المحمول،
ص: 115
فمنع أمير المؤمنين (عليه السلام) من ذلك، وقال: «إن بنات الملوك لا يُبعن في الأسواق».
ثم أمر امرأة من الأنصار حتى أخذت بأيديهما فدارت بهما على مجالس المهاجرين والأنصار تعرضهما على من يتزوج بهما. فأول من طلع الحسن والحسين فوقفا فخطباهما لأنفسهما.
فقالتا : لا نريد غير كما.
فتزوّج الحسن بشهربانو، وتزوّج الحسين بجهانشاه.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسين: احتفظ بها، وأحسن إليها؛ فستلد لك خير أهل الأرض بعدك».
11- ونقل الزمخشري عن أبي اليقضان: أن عمر أتي بنات يزدجرد بن شهریار بن کسری سبیّات فأراد بيعهن فقال له علي (عليه السلام): «إن بنات الملوك لا يُبعن، ولكن قوموهن فأعطاه أثمانهن، فقسمهن بين الحسين بن علي، ومحمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عمر (1).
12 - ذكر النسّابة الشريف العمري أنها نُهبت في (فتح المدائن) ونَفَلَها [ أي وهبها ] عمر الحسين (عليه السلام) (2).
ص: 116
الطائفة الثانية:
روى الشيخ الصدوق، عن الحاكم أبي علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا عون بن الكندي، قال: حدثنا سهل بن القاسم النّوشجاني، قال: قال لي الرضا عليه السلام بخراسان: «إن بيننا وبينكم نسباً». قلت: وما هو أيها الأمير؟
قال (عليه السلام): «إن عبد الله بن عامر بن كريز لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم، فبعث بهما إلى عثمان ابن عفان فوهب إحداهما للحسن والأخرى للحسين (عليهما السلام)، فماتتا عندهما ،نفساوین وكانت صاحبة الحسين عليه) السلام نفَسَت بعلي بن الحسين (عليه السلام) فكفل علياً بعض أمهاتِ وَلدِ أبيه، فنشأ وهو لا يعرف أمّاً غيرها... » (1).
قال القندوزي الحنفي في التعريف بعلي بن الحسين: أمه شهربانو... آتوها مع أختها كيهان بانو من حدود فارس في خلافة عثمان بن فأراد أن يبيعهما، فقال له علي كرم الله وجهه : «لا يعامل في بني الملوك معاملة سائرهم». فتزوج الحسین شهربانو، فولدت له علي الأصغر، وتزوج محمد بن أبي بكر كيهان بانو، فولدت له القاسم (2).
ص: 117
الطائفة الثالثة:
1- روى ابن الكلبي : أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) كان قد ولى حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد بن شهریار بن کسری، فنحل ابنه الحسين (عليه السلام) إحداهما فأولدها زين العابدين (عليه السلام)، ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم ابن محمد بن أبي بكر (1).
قد يتردد المطالع للتاريخ ومن يقرأ الأحداث المروية - بصيغ مختلفة فيما تقدم - وللوهلة الأولى يظن أن هذه الطوائف متعارضة متناقضة فيما بينها فيبني على هذا إشكال التعارض فيسعى لرفع اليد عنها، وبهذا يسهل عليه إنكارها وإنكار النسب بين البيت الهاشمي وبيت كسرى، ولا ننكر وجود تعارض في المقام، لكنه تعارض بين الروايات في قصة زواج الإمام الحسين (عليه السلام من بنت يزدجرد ولكن هذا التعارض في تفاصيل القصة لا في أصل ثبوتها الذي هو القدر المتيقن والثابت من هذه الروايات، فلا يمكن رفع اليد عنه، فالمناسب للقواعد العلمية ومقتضى الصناعة هو حل التعارض لا حل الروايات وإلغاؤها من رأس.
ص: 118
كما أن الاختلاف في تفاصيل قصة زواج الإمام الحسين (عليه السلام) من شهربانو ليس بدعاً من القصص؛ فإن الاختلاف في تفاصيل القصص التاريخية مع الاتفاق على أصل القصة كثير الحدوث في التاريخ، بل ونرى له مثلاً فى القرآن في قصة أصحاب الكهف والاختلاف الحاصل بين الناس في عددهم مع تسليمهم بأصل القصة وما جرى على أولئك النفر، «سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)»، فلم نرَ القرآن يبيّن القول الصحيح من أقوالهم ولا نفى القول غير الصحيح علمه تعالى بعدتهم، ومع تفرّع الخلاف وتشعبه فهو لا يؤدي إلى إنكار أصل القصة المشهورة والمتواترة. وأما سبب الاختلاف في تفاصيل القصة فيعود إلى عدم وجود تواتر في تفاصيلها، ولكن في المقابل يوجد تواتر على أصلها، والخلاف في التفاصيل لا يوجب إنكار الأصل الثابت بالتواتر كما هو مقتض الصناعة.
وقد يُنقاش فيها كلها بحسب بعض الآراء بالتالي:
أولاً: المشهور أن مولد الحسين (عليه السلام) كان في السنة الرابعة (1) ،
ص: 119
وقيل : في السنة الثالثة من الهجرة (1) ووفاة النبي (صلى الله عليه وآله) في بداية السنة الحادية عشر - وهو مشهور التاريخ - وتولى عمر الخلافة عشر سنين، وانتهت معاركه مع الفرس سنة عشرين أو إحدى وعشرين - على أكثر التقادير - بسقوط الإمبراطورية الفارسية في معركة نهاوند (2) فعمر الإمام الحسين (عليه السلام) يومها - كحد أقصى - ست أو عشرة سنة، ولنقل إن وصول الغنائم والسبايا - بعد طول المسير - كان سنة اثنين وعشرين، فسيكون عمره ثماني عشرة سنة، ولم يتصور ولم يُنقل أنه (عليه السلام تزوج قبل هذا العمر، وإن كان هو في حد ذاته غير بعيد كما سيأتي في كلامها حينما خيره الرجل.. (فقال لها: أفلا اخترت أباه؛ فهو أفضل منه، أو أخاه؛ فهو كبيره؟ فقالت: نزعت نفسي... لحداثته، ورغبت مع الشرف والعفاف فيما يرغب فيه أمثالي) (3).
ص: 120
ثانياً: لم تذكر التواريخ أن يَزْدْ جردْ قُتل في معركة من المعارك التي قام بها عمر ضد الفرس قبل وفاته - كما عرفت في البداية - إلا ما ذكره ابن قتيبة والمستوفي القزويني من أن قتله كان في عهد عمر (1) ، بل المتفق عليه - كما عرفت - أنه هرب ولم يُقتل إلا سنة إحدى أو ثنتين وثلاثين، وقيل: ثلاثين، أيام عثمان. فوقعت بناته في أيدي المسلمين بعد قتله بمرو، بعد القادسية بسنتين (2) ولذا صرّح بعضهم أن الأسر كان سنة ثلاثين (3) ، في خلافة عثمان (4).
ثالثاً: ذكر أن ليزدجرد - حين تولى المُلك سنة أربع عشرة (5) او ثلاث (6) عشرة من الهجرة - عشرون (7) أو إحدى وعشرون (8) أو ثلاث وعشرون سنة (9) ، وقيل : كان ابن خمس عشرة (10) أو ست عشرة سنة (11).
ص: 121
وعلى هذا، فلو فرضنا أنه تزوج قبل أو بعد تسلّمه العرش، وأولدها، فمن سنة ثلاث وعشرين إلى سنة اثنتين وثلاثين لن يكون عُمْرُ أكبر بناته أكثر من تسع سنين والأخرى أصغر منها، ولو كان أسرها في أيام عمر فمن المؤكد أنها ستكون أصغر من السن المسوّغ لها التزويج فيه، مضافاً إلى أن من تكون في هذا السن لا تجرؤ على مناظر الرجال، كيف وقد خاصمت عمر المعروف بفضاضته وغلظته، وفي الرواية من الطائفة الأولى ما يدل على هذا.
رابعاً: لم تختلف المصادر في أن يَزْدْجِرْد - حين بدأت معركة القادسية - كان في المدائن، وقبل أن يصل المسلمون إلى المدائن فرّ إلى حلوان، ثم إلى قم وكاشان و منها إلى أصفهان والري وكرمان حتى انتهى به الأمر إلى مرو. وفي كل انسحاب له كان يحمل معه خزائن دولته وحشمه وأهله.
قال البلاذري: فلما فتحها المسلمون أجمع يَزْدْجِرْد بن شَهريار ملك فارس على الهرب... ومضى إلى حلوان معه وجوه أساورته، وحمل معه بيت ماله، وخف متاعه وخزانته، والنساء والذراري (1).
وقال اليعقوبي: وكتب سعد بن أبي وقاص من المدائن إلى عمر بعد مقامه بثلاث سنين يعلمه اجتماع الفرس بجلولاء - وهي قرية من قرى
ص: 122
السواد، بالقرب من حلوان - وكتب إليه أن ينهض إليهم فيمن معه، ووجه عبد الله بن مسعود، فأقامه مقام سعد... فكانت وقعة جلولاء سنة تسع عشرة، فلم يزل يقاتلهم حتى فتح الله عليه وقتل من الفرس مقتلة عظيمة، وهرب يَزْدْجِرْد فيمن بقي معه، فلحق بأصبهان، ثم سار إلى ناحية الري... ومضى إلى مرو، وكان معه ألف أسوار من أساورته، وألف جبّار، وألف صناجة (1) .
فما يُدعى من أن أسر بناته كان في عهد عمر - كما في الطائفة الأولى - وكل تلك الحوارات المنقولة بينه وبين شهربانو في المسجد، منتفية، بل مردودة.
خامساً: أن الإمام السجاد (عليه السلام) ولد - كما تقدم (2) ويأتي (3) - سنه ثماني، أو سبع، أو ست وثلاثين، في عهد عثمان كما قيل، أي بعد أربع أو خمس عشرة سنة من زواج الإمام الحسين (عليه السلام) بشهربانو - لو فرضنا حدوث ذلك في آخر عهد عمر وهو سنة ثلاث وعشرين - فهو وإن كان في حد ذاته أمراً ممكناً بل غير محال، لكنه بعيد.
سادساً: استبعد البعض (4) أن يكون المأتي له بالأسرى عمر؛ إذ قد يكون التصحيف وقع في البين فيحتمل أن الكلمة كانت (خليفة عمر)
ص: 123
فحذفت كلمة (خليفة) أو زيد لها ألف ولام فصارت (الخليفة). وهذا وإن كان ممكناً إلا أنه هو البعيد.
سابعاً ربما لم يكن هناك في أصل النقل والرواية تطرق لاسم أحد ولا الشخص الخليفة ومن هو، ولكن لأن الحديث كان عن إحضار السبايا للخليفة، وكان البادئ لمعارك فتح بلاد فارس هو عمر، ناسب أن يقال بأن من أتي له بالسبي هو، فحصل تصرف من الناسخ بانياً على ما اشتهر من نسبة فتح فارس في زمن عمر، غافلاً عن أن المعركة مع الفرس استمر حتى بعد مقتل أمير المؤمنين.
ثامناً: قال العلامة المجلسي: أما أسر أولاد يزدجرد فالظاهر أنه كان بعد قتله أو استئصاله، وذلك كان في زمن عثمان ، وإن أمكن أن يكون بعد فتح القادسية أو نهاوند أخذ بعض أولاده هناك لكنه بعيد، وأيضاً لا ريب في أن تولّد علي بن الحسين (عليه السلام) منها كان في أيام خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولم يولد منها غيره كما نُقل، وكون الزواج في زمن عمر وعدم تولّد ولد منها إلا بعد أكثر من عشرين سنة، بعيد، ولا يبعد أن يكون عمر في هذه الرواية تصحيف عثمان، والله يعلم (1) .
ويقول السيد المقرم: ورواية الصدوق تقرب من الصحة؛ لكون فتح خراسان سنة ثلاثين من الهجرة ، وهي السنة السادسة من خلافة عثمان، وفي
ص: 124
هذه السنة قتل يزدجرد بن شهريار في مرو، كما في فتوح البلدان للبلاذري، والأخبار الطوال للدينوري (1).
تاسعاً: مناقشة خصوص الطائفة الأولى
1- فالروايتان الأولى والثانية - للصفار والكليني - واحدة، وقد صرّح المجلسي بأنها ضعيفة، وآخرها مرسل (2).
ولنلاحظ مناقشة الأسانيد في رواية الصفار:
أما إبراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي، الأعجمي: فقد قال عنه الشيخ والنجاشي: كان ضعيفاً في حديثه، مَنْهُومَاً في دينه (3).
وعده الشيخ فيمن لم يرو عن أحد الأئمة ( عليهم السلام) وضعفه (4).
وقال ابن الغضائري في حديثه ضعف، وفي مذهبه ارتفاع، ويروي الصحيح، وأمره مختلط (5).
وعبد الله بن أحمد بن أبي زيد أبي زيد (أحمد) بن يعقوب بن نصر الأنباري: والظاهر أنه (عبيد الله) كما ذكر السيد الخوئي (6) ، الذي قال عنه النجاشي:
ص: 125
ثقة في الحديث، عالم به كان قديماً من الواقفة (1) ، إلاّ أنّ الشيخ ضعفه صريحاً في قول (2) ، وهو الظاهر من قوله: وقيل إنه كان من الناووسية (3) ، وتبعه ابن داود فصرح بضعفه (4).
وقال عنه الشيخ خاصي، أخبرنا عنه أحمد بن عبدون، وله تصانيف ذكرنا بعضها في الفهرست (5).
والظاهر من قوله (خاصي) أنه لا يريد الضعف في المذهب (6).
قال النجاشي: قال أبو غالب الزراري: كنت أعرف أبا طالب أكثر عمره واقفاً مختلطاً بالواقفة، ثم عاد إلى الإمامة، وجفاه أصحابنا، وكان حسن العبادة والخشوع وكان أبو القاسم بن سهل الواسطي العدل يقول: ما رأيت رجلاً كان أحسن عبادة، ولا أبين زهادة ولا أنظف ثوباً، ولا أكثر تخلياً من أبي طالب، وكان يتخوف من عامة واسط أن يشهدوا صلاته ويعرفوا عمله، فينفرد في الخراب والكنائس والبيع، فإذا عثروا به وجد على أجمل حال من الصلاة والدعاء، وكان أصحابنا البغداديون يرمونه بالارتفاع! (7) .
ص: 126
وعبد الرحمن بن أبي عبد الله ميمون الخزاعي، البصري، أصله كوفي ذكره الكشي في رجاله (1) . ووثقه النجاشي (2) ، وابن داود (3).
ونصر بن مزاحم بن سيار المنقري الكوفي قال عنه النجاشي مستقيم الطريقة، صالح الأمر، غير أنه يروي عن الضعفاء (4).
وعمرو بن شمر ، الكوفي ضعفه الشيخ (5) ، وابن الغضائري (6) ، وبالغ في تضعيفه النجاشي، فقال: ضعيف جداً (7) ، وقال العلامة: لا اعتمد على شيء مما يرويه (8) ، وذكر الكشي أنه متهم بالغلو والتفويض (9).
فالرجل لم تثبت وثاقته وتوثيق علي بن إبراهيم القمي إياه معارض بتضعيف النجاشي، فهو مجهول الحال (10).
ص: 127
وجابر بن يزيد الجعفي، أبو عبد الله الكوفي : ذكره الكشي في عدة روايات مادحة وأخرى ذامّة (1) . وعده الشيخ المفيد فيمن لا يُطعن عليهم، ولا طريق إلى ذم واحد منهم (2).
وقال ابن الغضائري ثقة في نفسه، ولكنه يروي عن الضعفاء (3).
وقال النجاشي: روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا، وكان في نفسه مختلطاً (4) ، وضعفه الشيخ في الفهرست (5) .
وأما رواية الكليني:
الحسين بن الحسن الحسني الحسيني العلوي، الهاشمي، الأسود: من مشايخ الكليني، ذكره الشيخ فمن لم يرو عن أحد الأئمة (عليهم السلام) وقال فاضل يكنى أبا عبد الله رازي (6) .
وعلي بن محمد بن عبد الله بن عمران البرقي: من مشايخ الكليني، ترحم عليه، وقال غنه النجاشي: ثقة، فاضل، أديب (7) .
ص: 128
وباقي السند قد عرفت حاله من رواية الصفار.
2- والرواية الثالثة : رواها الراوندي مرسلة، وإن كان يظهر أنها هی الرواية الأولى؛ وقد رواها عن جابر، عن الباقر (عليه السلام).
3- والرواية الرابعة : رواها الطبري، وفي سندها محمد بن أحمد محمد بن مخزوم، ويحيى بن الحسن بن الفرات، وأبو سعيد عبيد بن كثير، وهم مجاهيل وضعاف، ولنلاحظ رجالها:
أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى: ويقال له أبو جعفر، شيخ النجاشي، ترحم عليه (1).
وهارون بن موسى بن أحمد بن سعيد بن سعيد التلعكبري، يكنى أبا محمد، من بني شيبان قال النجاشي كان وجهاً في أصحابنا، ثقة، معتمداً، لا يُطعن عليه (2) . وقال الشيخ جليل القدر عظيم المنزلة، واسع الرواية، عديم النظير، ثقة، روى جميع الأصول والمصنفات (3).
وأبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن مخزوم، المقرئ، مولى بني هاشم، بغدادي: مجهول، ذكره الشيخ فيمن لم يرو عن أحد من الأئمة (عليهم السلام) باسم محمد بن أحمد بن مخزوم المقري (4).
ص: 129
وأبو سعيد عبيد بن كثير بن محمد، وقيل عبيد بن محمد بن كثير بن عبد الواحد بن عبد الله بن شريك بن عدي العامري الكلابي الوحيدي...
طعن أصحابنا عليه وذكروا أنه يضع الحديث (1) . وقال ابن الغضائري: كان يضع الحديث مجاهرةً، ولا يحتشم الكذب الصراح، وأمره مشهور (2).
ويحيى بن الحسن بن الفرات القزاز ، الكوفي : لم يذكروه (3) .
وعمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز الفارسي، الحداد، مولى بني عَجْل، كوفي وثقه ابن الغضائري وردّ ما قيل فيه من طعون (4) ، وروى الكشي أن الصادق (عليه السلام) كان قاعداً بفناء الكعبة فقيل له: ما أكثر الحاج ! فقال (عليه السلام) : «ما أقل الحاج فمر عمرو بن أبي المقدام، فقال (عليه السلام) : هذا من الحاج» (5).
وسلمة بن كهيل بن الحصين، أبو يحيى الحضرمي، الكوفي: وروى الكشي أنه بتري (6) ، وذكر ابن داود أنه مُهمل (7) .
ص: 130
والمسيب بن نجبة أو نجيّة الفزاري، الكوفي: قال الفضل بن شاذان إنه من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم (1) ، وقال ابن شهر آشوب: كان ممن خرج إلى نصرة علي (عليه السلام في حرب الجمل مع جماعة، فاستقبلهم علي (عليه السلام) على [بعد] ،فرسخ، وقال: «مرحباً بكم أهل الكوفة وفئة الإسلام ومركز الدين (2).
4- والرواية الخامسة لابن شهر آشوب مرسلة ولا سند لها.
5- والرواية السادسة للقمي، قال: حدّث أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العبدي، العدوي البصري، يروي عن رجاله... !! فمن هم رجاله؟ فهي أيضاً مرسلة.
6- وما نقله ابن خلكان والصفدي عن أبي القاسم الزمخشري في ربيع الأبرار - وهى ليست فيه، وستأتى ما فيه - هي أيضاً مرسلة.
7- ورواية زيني دحلان، مضافاً إلى أنه من متأخري المتأخرين، روايته أيضاً مرسلة.
8- وكلام اليعقوبي عن علي بن الحسين (عليه السلام) كان من غير إسناد أيضاً، وإنما هو إنشاء منه.
9 - وكلام المسعودي مثل سابقه.
10 - وما نقله الزمخشري عن أبي اليقضان أيضاً مرسل.
ص: 131
11 - وما ذكره النسّابة العُمري مبتن على ما عرفت مما تقدم، فهو مثله.
وهذه الروايات والآراء الأخيرة مخالفتها لما تقدم من تاريخ الفتوحات أيام عمر عمر واضحة.
وبهذا يُعرف حال هذه الطائفة من الأخبار والروايات.
عاشراً: مناقشة خصوص الطائفة الثانية
وهي رواية الشيخ الصدوق عن الحاكم أبي علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا عون بن الكندي، قال حدثنا سهل بن القاسم النّوشجاني.
ورجالها كلهم مجاهيل، فلنلاحظ:
الحسين بن أحمد (أو محمد) البيهقي الحاكم : لم يذكروه (1).
ومحمد بن يحيى الصولي: لم يذكروه (2).
عون بن محمد الكندي: مجهول (3) ، لم يذكروه.
سهل بن القاسم النّوشجاني: لم يذكروه (4).
ص: 132
وليس حال هذه الطائفة بأحسن من سابقتها.
وأما ما ذكره القندوزي الحنفي فهو مرسل أيضاً.
أحد عشر: مناقشة خصوص مناقشة خصوص الطائفة الثالثة
1 - رواية ابن الكلبي نقلها الشيخ المفيد مرسلة.
2- لو أغمضنا عن إرسال هذه الرواية فإنها وإن كانت صريحة في 2- الباب وفيما نحن فيه ولكن هناك روايات أخرى - وإن كانت مبهمة إلا أنها قد تكون شبيهة بها - قد تعارضها، لم يُذكر فيها اسم البنتين ولا من هو أبوهما، بل ولم يُذكر قصة تزويجهما، فلعلهما من غير البيت المذكور:
* قال الشعبي: بعث علي (عليه السلام) - بعد ما رجع من صفين - [ابن أخته أم هاني ] جَعدة بن هبيرة المخزومي إلى خراسان، فانتهى إلى أبرشهر - وقد كفروا وامتنعوا - فقدم على علي ( عليه السلام) فبعث خليد بن قرة اليربوعي فحاصر أهل نيسابور حتى صالحوه، وصالحه أهل ،مرو، وأصاب جاريتين من أبناء الملوك نزلتا بأمان، فبعث بهما إلى علي (عليه السلام) فعرض عليهما الإسلام وأن يزوجهما، قالتا: زوّجنا ابنيك. فأبى.
فقال له بعض الدهاقين: ادفعهما إلي فإنه كرامة تكرمني بها.
فدفعهما إليه، فكانتا عنده يفرش لهما الديباج ويطعمهما في آنية الذهب، ثم رجعتا إلى خراسان (1) .
ص: 133
* قال المنقري (1) : وبعث خليداً إلى خراسان، فسار خليد، حتى إذا دنا من نيسابور بلغه أن أهل خراسان قد كفروا ونزعوا يدهم من الطاعة، وقدم عليهم عمال كسرى من كابل فقاتل أهل نيسابور فهزمهم وحصر وحصر أهلها، وبعث إلى علي بالفتح والسبي، ثم صمد لبنات كسرى فنزلن على أمان، فبعث بهن إلى علي (عليه السلام) ، فلما قدمن عليه قال: «أزوجكن؟».
قلن: لا ، إلا أن تزوجنا ابنيك، فإنا لا نرى لنا كفوا غيرهما.
فقال علي (عليه السلام) : اذهبا حيث شئتما» .
فقام نَرسا فقال : مُر لي ،بهن، فإنها منك كرامة، فبيني وبينهن قرابة. ففعل، فأنزلهن نَرسا معه، وجعل يُطعمهن ويسقيهن في الذهب والفضة و يكسوهن كسوة الملوك، ويبسط لهن الديباج.
* وقال الدينوري في ذات السياق ثم وجّه عماله للبلدان... وعلى خراسان كلها خُليد بن كأس. فأما خُليد بن كأس، فإنه لما دنا من خراسان بلغه أن أهل نيسابور خلعوا يداً من طاعة، وأنه قدمت عليهم بنت لكسرى من كابل، فمالوا معها، فقاتلهم ،خُليد، فهزمهم، وأخذ ابنة كسرى بأمان، وبعث بها إلى علي. فلما أدخلت عليه قال لها: «أتحبين أن أزوجك من ابني هذا ؟ يعني الحسن.
قالت: لا أتزوج أحداً على رأسه أحد، فإن أنت أحببت رضيت بك.
هذا قال: «إني شيخ، وابني من فضله كذا وكذا».
ص: 134
قالت: قد أعطيتك الجملة.
فقام رجل من عظماء دهاقين العراق يسمى نرسى، فقال: يا أمير المؤمنين، قد بلغك أني من سنخ المملكة، وأنا قرابتها، فزوجنيها.
فقال: «هي أمْلَك بنفسها».
ثم قال لها: «انطلقي حيث شئت، وانكحي من أحببت، لا بأس عليك» (1).
ما ذكر من أن بنتين أخذهما خليد اليربوعي وبعث بهما لأمير المؤمنين عليه السلام) ولم يُذكر لهما اسم ولا لأبيهما رسم، ولم يُذكر أنه زوّجهما، بل روي أنه خيرهما أو أعطاهما لنرسا أو الدهقان الذي أكرمهما فيما بعد، ثم أرجعهما لخراسان، ما يعني أنهما لا تنتسبان ليزدجر الملك، أو أنهما بنتان غير المذكورتين في أمر النسب والمصاهرة، أعني أم الإمام السجاد وأختها.
2- تولى أمير المؤمنين (عليه السلام) الأمور - ظاهراً - بعد مقتل عثمان سنة خمس وثلاثين (2) - كما هو مشهور - وفي عهده شغلوه بالمعارك الطاحنة يوم الجمل وصفين وانتهاءً بالنهروان.
ص: 135
وقد تقدم - وسيأتي (1) - أن مولد الإمام السجاد (عليه السلام) كان في سنة ست أو سبع أو ثمان وثلاثين، فلا تصح هذه المقالة.
3- لم يُذكر أن حريث بن جابر قد تولّى زمام شيء من الأمور في عهد . أمير المؤمنين (عليه السلام) المهمّة خاصة ناحية خراسان، إلا ما ورد أنه كان على لهازم (2) البصرة يوم صفين (3) ، أو كان رئيس بني حنيفة، حيث روي أيضاً أنه من قتل عبيد الله بن عمر حين حمل على صف بني حنيفة في ناحية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فحمل حريث عليه فقتله (4).
4- قال البلاذري: قال أبو عبيدة: أول عمّال علي (عليه السلام) على خرسان عبد الرحمن بن أبزي مولى خزاعة، ثم جعدة بن هبيرة بن وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، فلم يعرض لأهل النكث، وجبى أهل الصلح. فكان عليها سنةً أو قريباً منها (5).
ص: 136
5- وقد ذكروا أن جعدة هذا ولي خراسان سنة 37 ه- ، أي بعد صفين (1).
ثاني عشر: هناك ما يرويه علي بن الحسين عن جده أمير المؤمنين (عليهم السلام) مما يعضد أن ولادته - وقد عرفت تاريخها - كانت بعد تولي جده زمام الحكم - ظاهراً - والذي دام خمس سنوات من حين مقتل عثمان سنة خمس وثلاثين (2) إلى حين استشهد (عليه السلام) سنة أربعين (3) .
روى سعيد بن طريف أنه قال: حدثني علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «أيها الناس أتدرون ما يتبع الرجل بعد موته؟». فسكتوا . فقال (عليه السلام): يتبعه الولد، يتركه فيدعو له بعد موته ويستغفر له. ويتبعه الصدقة أوقفها في حياته، فيتبعه أجرها بعد موته. ويتبعه السنّة الصالحة يُعمل بها، فيعمل بها بعد
ص: 137
موته فيتبعه أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقض من أجرهم شيئاً » (1).
مما تقدم يمكن قبول الطائفة الثانية بأنها سبيت في أواخر أيام عثمان وهذا ما ذكره القاضي أبو الحسن الجرجاني، قال: سباها سعيد بن العاص في أيام عثمان (2) ، وما عرفت من رواية النوشجاني عن الإمام الرضا (عليه السلام)، وأن زواجها أيضاً كان في هذا العهد، إلا أن ولادتها بالإمام السجاد (عليه السلام) كانت في عهد جده أمير المؤمنين (عليه السلام)، من خلال النقاط التالية:
1- بما أن الرواية التي ذكرت أن سبي شهربانو كان في عهد (عمر) مصحفة من (عثمان) - كما عرفت ..
2- ومع ضعف الطائفة الأولى بعد نقاش الأسانيد، وإن قيل بعدم جدواه إلا أنه ينفع في الخدش مع القرائن الأخرى في تقوية الطائفة الأخرى.
3 وما يجبر الطائفة الثانية ويؤيدها - مع ضعف السند - مما ذكر في حوادث سنة تسع وعشرين أن عثمان عزل أبا موسى الأشعري، وولى مكانه عبد الله بن عامر بن كريز - وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة... (3) - وبعث
ص: 138
الأحنف بن قيس إلى هراة ومرو الروذ، فسار إلى هراة، فلقيه صاحبها بالميرة والطاعة، ثم سار إلى مرو الروذ، ففتحها عنوة (1).
4- ومع انتفاء واستبعاد أن تكون شهربانو قد سبيت في أيام أمير المؤمنين (عليه السلام).
5- وما ذكر من أن يَزْدْجِرْد قُتل سنة إحدى وثلاثين.
6- وما تقدم (2) ويأتى (3) فى تاريخ ولادة الإمام (عليه السلام)، وما قيل أنه بقي مع جده أمير المؤمنين (عليه السلام) مدة سنتين (4).
قال بعض المعاصرين: لم يتناول اليعقوبي ولا الطبري ولا ابن الأثير... ولا غيرهم من المؤرخين - الذين سجلوا حروب المسلمين مع الفرس بالتفصيل - حادثة أسر بنات يزدجرد آخر أكاسرة بلاد فارس أو أية امرأة من نساء بلاطه، مع أنهم تتبعوا تحرّكاته وهروبه من بلد إلى بلد، وتعقب الجيوش الإسلامية له ومقاومته لها، فكيف - مع ما ذكروه من التفاصيل -
ص: 139
يغمضون النظر عن هذه الجزئية المهمة، فلا يُعقل أن يهملوها ولا تكون لديهم ولو إشارة إليها (1).
فيقال له: ليس كل ما ذكره الطبري هو تمام التأريخ، فكم هي الأحداث التي ذكرها غيره ولم يتعرض هو لها.
وكذا الحال بالنسبة لبقية المؤرخين... فهل هذا يعني أنها لم تحدث أو غیر محتملة الحدوث؟!
ص: 140
ورد في رواية جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) المتقدمة قال: فجاءت فوضعت يدها على منكب الحسين (عليه السلام) (1) .
وقيل: إنما اختارت الحسين (عليه السلام) لأنها رأت فاطمة بنت محمد (صلوات الله عليهما وآلهما) في النوم، وأسلمت قبل أن يأخذها عسكر المسلمين.
قال الراوندي: ولها قصة عجيبة وهي أنها قالت:
رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين علينا، كأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله دخل دارنا وقعد ومعه الحسين عليه السلام)، وخطبني له وزوجني أبي منه.
فلما أصبحتُ كان ذلك يؤثر في قلبي، وما كان لي خاطب غير هذا.
فلما كان في الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وعليها) ، وقد أتتني وعرضت علي الإسلام، وأسلمت.
ثم قالت إن الغلبة تكون للمسلمين، وإنك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين (عليه السلام) سالمة، لا يصيبك أحد بسوء .
قالت وكان من الحال أن أخرجت إلى المدينة (2).
ص: 141
وحدّث أبو نصر مهيار بن أدبار - وكان من رؤساء المتصرفين وعلماء المجوس المتأدبين - عن رجاله ومن أسند من رواة الطائفة إليه: أن شهربان حين طيف بها عند اقتسام الغنائم على كافة المسلمين في المسجد لتختار من تكون من سهمه منهم، وتسير إلى من يحصل في ملکه من جملتهم، ووقع اختيارها على الحسين (عليه السلام) ، وصارت في قسمه، وتقدم لحملها إلى داره، قال لها :عمر: أخبريني عنك: قد عرض عليك كافّة المسلمين، وفيهم أنا، وأنا أميرهم!! وما يتعذر وجود الكهول والصباح والشبان والأوضاح فيهم، وكيف اخترت هذا الفتى من بينهم؟
فقالت: الصدق أنجى وأرجى، كنت حين طيف بي على الجماعة - فأنا ألحظهم ليقع اختياري على من يملكني منهم - لا أرى أحداً إلا ير مقني بطرف حديد ونظر شديد، غير هذا الكهل وابنيه - وأشارت إلى علي (عليه السلام) - فإنّهم ما لحظوني ولا التفتوا إلي، فرأيت النزاهة وشرف الهمّة هناك، فبيّنت إليهم الاختيار، وعلمت أن المروءة ملك لا يزول إذا زالت الممالك بنوائب الدهر.
فقال لها: أفلا اخترت أباه ؛ فهو أفضل منه، أو أخاه؛ فهو كبيره؟
:فقالت نزعت نفسي... لحداثته، ورغبت مع الشرف والعفاف فيما يرغب فيه أمثالي.
فأعجبه ذلك منها، وأثنى هو والجماعة الخير عليها (1).
ص: 142
ذكر أبو حيان التوحيدي قصة عجيبة في زواج شهربانوا من الإمام الحسين (عليه السلام) لا تخلو من القدح والسخافة، قال:
هي ابنة كسرى يزد جرد شهريار ومعها أختها، فدخلتا على عمر بن الخطاب، فكلمها عمر ، فردت إليه الكبرى كلاماً غليظاً، فغضب منها عمر.
فقال علي بن أبي طالب: «أشهد من حضر أن حقي وحق أهل بيتي منهما حلال لله ورسوله فوثب من حضر من الأنصار».
فقالوا : وحقوقنا منهما الله ورسوله كما قال.
فقال عمر : لعلي (رضي الله عنه): ما أردت بهذا؟
فقال علي : «لأنهما ابنتا ملك العجم، ومثلهما لا يسترق».
فقال عمر: فما الحكم فيهما؟
فقال من حضر من فقهاء الصحابة : تختاران لأنفسهما زوجان.
فقيل لإحداهما : اختاري لنفسك.
فقالت : أريد أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقيل لها اختاري علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
فقالت : لا جور من نفسى أن أجلس على مكان قامت منها فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) !!
فقيل لها : اختاري الحسن (رضي الله عنه).
فقالت : هو منكاح ومطلاق!! ونحن بنات الملوك لا نحتمل العترة.
فقيل لها: الحسين (رضي الله عنه).
ص: 143
فقالت : أما هذا فنعم
وكان الترجمان بينهم سلمان الفارسي، فقام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وسترها بردائه.
واختارت الأخرى محمد بن أبي بكر.
فقال للكبرى منهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): «ما قول أبيك حين انهزم وسلب عنه ملكه؟».
فقالت : قال أبي يزدجرد إذا انتهت المدة إلى غايتها كان الحتف في التدبير (1).
وذكر مثلها المؤرخ الفارسي كيكاووس (2) ، يقول:
سمعت أن شهربانو كانت بنتاً صغيرة ذهبوا بها أسيرة من العجم للعرب، فلما أقدم بها علي أمير المؤمنين!! عمر أمر ببيعها، فلما أخذوها ليبيعوها جاء أمير المؤمنين علي وأخبرهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «إن بنات الملوك لا يُبعن في الأسواق».
ص: 144
فلما أخبرهم بهذا امتنعوا عن بيع شهربانو وذهبوا بها إلي بيت سلمان الفارسي ليزوجوها.
فلما عرضوا عليها التزويج قالت: لا أتزوجه ما لم أره.
فاجلسوها في منظر، ومرّوا بسادات العرب واليمن عليها؛ لتكون زوجة من تختاره هي، وجلس عندها سلمان يعرفها بالقوم: أن هذا فلان وذاك فلان، و هي تنتقصهم، حتى مرّ عمر ، فقالت: من هذا؟
قال : سلمان هو عمر !!
قالت : رجل جليل!! إلا أنه شيخ كبير.
ولما مرّ علي قالت : من هذا؟
قال سلمان : هو علي.
فقالت: رجل جليل، إلا أني لا أستطيع النظر في غد يوم القيامة إلى وجه فاطمة بنت محمد!! وأستحي منها؛ ولذلك فلا أريده.
فلما مرّ الحسن بن علي وعلمت بحاله قالت: هو كُفُؤلي ويليق بي إلاّ أنه نكاح النساء !! فلا أريده.
ولما مرّ الحسين بن علي سألت عنه، فعرفته وقالت: هو كُفُؤلي ويليق بي، وينبغي أن يكون هو زوجي، فإن البنت العذراء الباكر لابد لها من زوج باكر، وأنا لم أتزوّج وهو بعد لم يتزوّج (1).
ص: 145
يجدر بنا هنا أن نُلفت إلى تبعات مسألة كثرة الطلاق المزعومة على الإمام المجتبى (عليه السلام في هذا النقل المتقدم، بأن أصابع التزوير الأموي للتاريخ لم تسلم منه حتى الأساطير والخرافات، حتى ادعى هذا الكاتب في أسطورته أن ابنة الملك يَزْدْجِرْدْ - وهي التي كانت تعيش في بلاد فارس، وقبل أن يتم أسرها - كانت تعلم بأن الإمام (عليه السلام) كان كثير الزواج، كثير الطلاق!! وقد خشيت - وهي بكر - أن يتزوج عليها الإمام غيرها ويتركها!!
كان أمير المؤمنين (عليه السلام يقول للحسين (عليه السلام): «أحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية؛ فستلد لك خير أهل الأرض بعدك» (1).
لقد كان الغموض والإبهام - الذي حفٌ بأحوال ملوك الساسانيين في بلاد فارس - السبب الرئيس في عدم معرفة الحقيقة في قضايا هذه الأسرة، ومنها التفّ عدم الوضوح على حياة آخر ملوكها، ولم نتمكن من معرفة القول الفصل في تاريخه و تاریخ ذريته سوى ما نقلته لنا الكتب المشهورة.
ص: 146
ذكر أبو القاسم الزمخشري عن أبي اليقضان: أن قريشاً لم ترغب في أمهات الأولاد حتى ولدن ثلاثاً هم خير أهل زمانهم: علي بن الحسين، والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله. وذلك أن عمر أتي بنات يزدجرد بن شهریار بن كسرى سبيات فأراد بيعهن فقال له علي: «إن بنات الملوك لا يُبعن، ولكن قوموهن فأعطاه أثمانهن فقسمهن بين الحسين بن علي، ومحمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عمر، فولدن الثلاثة (1).
وقال ابن حجر: لما قُدِمَ سبي فارس على عمر كان فيه بنات يزدجرد فقومن، فأخذهن علي بن أبي طالب] فأعطى واحدة لابن عمر فولدت له سالماً، وأعطى أختها لولده الحسين فولدت له علياً، وأعطى أختها لمحمد ابن أبي بكر فولدت له القاسم (2).
وقال المؤرخ المسعودي: وقتل يزدجرد الآخر من ملوكهم على حسب ما ذكرناه وله خمس وثلاثون سنه. وخلّف من الولد: بهرام وفيروز، ومن النساء: آدَرَكَ أَدْرَكَ) و شاهین و مُرد آوند (3).
والظاهر أنهما (پيروز) بدل (فیروز) و (مروارید) بدل (مردآوند) كما يذكر العجم في تاريخهم؛ وقد ذكروا أن (فيروز) دخلت عليهم من العربية، وليس للبنت اسم إلا هذا.
ص: 147
في رواية سهل النوشجاني، عن الرضا (عليه السلام) قال: «فوهب إحداهما للحسن والأخرى للحسين (عليهما السلام)...» (1).
وفي رواية عماد الدين الطبري أن شهربانويه وأختها مرواريد خُيّرتا، فاختارت شهربانويه الحسين (عليه السلام) ومرواريد الحسن (عليه السلام) (2).
وفي خبر القندوزي تزوج الحسين ،شهربانو، فولدت له علي الأصغر، و تزوج محمد بن أبي بكر أختها كيهان بانو، فولدت له القاسم (3).
وفي رواية ابن الكبي: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) نحل ابنه الحسين إحداهما فأولدها زين العابدين، ونَحَل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر (4).
وقيل: اسم الكبرى شهربانوية، واسم الصغرى ماه ملك أم القاسم بن محمد بن أبي بكر (5).
ص: 148
يرى المولى الدربندي (رحمه الله) أن الإمام تزوج التي اسمها شاه زنان وأولدها الإمام السجاد (عليه السلام) والتي توفيت في نفاسها، ثم بعد وفاتها تزوج أختها الأخرى شهربانويه - بعد شهادة محمد بن أبي بكر - فأولدها، ويظهر من كلامه أنهما بنتان ذكرهما في موضعين، ولعلهما واحدة..!! إحداهما فاطمة (1) ، والأخرى زبيدة (2) ، وفي كلا الموضعين اختلط عليه الأمر فزعم أن البنت هي زوجة القاسم بن الحسن (عليه السلام).
روى الشيخ المفيد: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سألها حين أسرت ما حفظك عن أبيك بعد وقعة الفيل؟». قالت: حفظتُ عنه أنه كان يقول: إذا غلب الله على أمر ذلت المطامع دونه، وإذا انقضت المدة كان الحتف في الحيلة. فقال (عليه السلام) : ما أحسن ما قال أبوك، تذل المقادير حتى يكن الحتف في التدبير (3).
روی ابن عيّاش الجوهري، عن النوشجان بن البود مردان قال لما جلى الفرس عن القادسية وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة
ص: 149
العرب عليه وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعاً وجاء مبادراً وأخبره القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هارباً في أهل بيته ووقف بباب الإيوان وقال: السلام عليك أيها الإيوان ها أنا ذا منصرف عنك وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه). قال سليمان الدليمي: فدخلت على أبي عبد الله علیه السلام فسألته وقلت له: ما قوله أو رجل من ولدي؟ فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله تعالى، السادس من ولدي، وقد ولده يزدجرد فهو ولده (1).
وفي رواية ابن طاووس: ذلك قائمكم السادس من ولدي، وقد ولده يزدجرد ابن شهريار من قبل أم علي بن الحسين شهربانوه بنت يزدجرد، فهو ولده من الحسين (2).
في رواية حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ولقد كان عليه السلام يأبى أن يؤاكل أمه فقيل له: يا ابن رسول الله، أنت أبر الناس وأوصلهم للرحم، فكيف لا تؤاكل أمك؟ فقال: إني أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه» (3).
ص: 150
وقيل: كان زين العابدين كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة! فقال: «أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها» (1) .
ومن أمالي أبي عبد الله النيسابوري: قيل له: إنك أبر الناس، ولا تأكل مع أمك في قصعة، وهي تريد ذلك؟ فقال: «أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقاً لها». فكان بعد ذلك يغطّي الغضارة بطبق ويُدخل يده من تحت الطبق ويأكل (2).
وقيل: ما أكل علي بن الحسين (عليهما السلام) مع أمه فاكهة إلا وهي مغطاة؛ خشية أن تمتد يده إلى ما مدّت إليه عينها (3).
فكان بنو أمية يقولون: إن علي بن الحسين زوج أمه بغلامه، ويعيرونه بذلك (1) ، فكتب إليه عبد الملك بن مروان كتاباً يلومه فيه، ويقول له: إنك قد وضعت شرفك وحسبك !
فكتب إليه علي بن الحسين (عليه السلام): إن الله تعالى رفع بالإسلام كل خسيسة، وأتم به الناقصة، وأذهب به اللوم، فلا لوم على مسلم وإنما اللوم لوم الجاهلية، وأما تزويج أمي فإني إنما أردت بذلك برها». فلما انتهى الكتاب إلى عبد الملك قال: لقد صنع علي بن الحسين أمرين ما كان يصنعهما أحد إلا على بن الحسين، فإنه بذلك قد زاد شرفاً (2).
ولعل هذه المرأة التي زوّجها الإمام (عليه السلام) هي التي التي روى روى الشيخ
الكليني أن علي بن الحسين كان له أخ منها.
وسيأتي قول ابن قتيبة في هذا أيضاً.
فقد روى عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن مُفْرد الحج، يُقدم طوافه أو يؤخره؟
قال (عليه السلام): «يقدمه».
ص: 152
فقال رجل إلى جنبه لكن شيخي لم يفعل ذلك، كان إذا قدم أقام بفخ، حتى إذا رجع الناس إلى منى راح معهم.
فقلت له: من شيخك؟
قال : علي بن الحسين (عليهما السلام).
فسألت عن الرجل فإذا هو أخو علي بن الحسين لأمه (1).
وعين ابن داود الحلي أنه يحيى بن أم الطويل المطعمى، وأن أمه هي وشيكة، كان يدعوها علي بن الحسين أماً (2).
وهذا ما أشار إليه أبو خالد الكابلي أيضاً، قال: كنت أقول بمحمد بن الحنفية زماناً، فلقيني يحيى بن أم الطويل - وهو ابن داية علي بن الحسين (عليه السلام) - فأخذ بيدي وصرت معه إليه (عليه السلام) فرأيته جالساً في بيت مفروش بالمعصفر، مكلّس الحيطان عليه ثياب مصبغة، فلم أطل عليه الجلوس، فلما أن نهضت قال لي: صر إلي في غد إن شاء الله».
فخرجت من عنده وقلت ليحيى: أدخلتني إلى رجل يلبس المُصَبّغات!! وعزمت أن لا أرجع إليه ، ثم فكرت في أن رجوعي غير ضائر، فصرت إليه في الوقت، فوجدت الباب مفتوحاً ولم أر أحداً، فهممت بالرجوع، فناداني من داخل الدار ثلاثة أصوات فظننت أنه يريد غيري... حتى صاح بي: «يا كنكر، أدخل - وهذا اسم سمّتني أمي به ولم يسمعه ولا علم به
ص: 153
أحد غيري - فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت مطين، على حصير بردي، وعليه قميص كرابيس (1) وعنده يحيى، فقال لي: «يا أبا خالد، إني قريب عهد بعرس، وإن الذي رأيت بالأمس من رأي المرأة، ولم أحب خلافها». فما برحت ذلك اليوم من عنده حتى أراني الأعاجيب، فقلت بإمامته، وهداني الله به وعلى يديه (2).
أقول: يحيى بن أم الطويل هذا هو المدفون بواسط، قتله الحجاج (3).
قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : «أما يحيى بن أم الطويل فكان يظهر الفتوة، وكان إذا مشى في الطريق وضع الخلوق على رأسه، ويمضغ ،اللبان، ويطول ذيله، وطلبه الحجاج وقال تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه ورجليه وقتله» (4).
وروي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ارتد الناس بعد الحسين ( عليه السلام) إلا ثلاثة أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم ثم إن الناس لحقوا وكثروا» (5).
ص: 154
وفي الرواية عن الحكم بن عتيبة، قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) يوماً فقال: «يا حكم، هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟»
قال الحكم: فقلت في نفسي: قد وقعتُ على علم من علم علي ابن الحسين، أعلم بذلك تلك الأمور العظام.
قال: فقلت: لا - والله - لا أعلم.
قال : ثم قلت: الآيةُ تخبرني بها - يا ابن رسول الله - ؟
قال: «هو - والله - قول الله (عزّ ذكره) : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولِ وَ لا نَبِيَّ) (ولا مُحدَّث) ، وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) مُحدثاً».
فقال له رجل يقال له عبد الله بن زبيد - كان أخا علي لأمه - سبحان الله! مُحدثاً؟! كأنه ينكر ذلك.
فأقبل علينا أبو جعفر (عليه السلام) فقال: «أما - والله - إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك» (1).
وعبد الله بن زبيد الهاشمي مولى آل علي (عليه السلام) ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب زين العابدين (عليه السلام) (2).
ص: 155
فظهر أن أمّ كل من يحيى بن أم الطويل وعبد الله بن زييد النسبية هی أمّ علي بن الحسين (عليه السلام) الرضاعية.
ولعل سبب الشهرة - على ما نُقل عن الصدوق - أن شهربانو لما وضعته توفيت فرضعته امرأة وربته واشتهر أنها أمه، و لما رجع من كربلاء زوجها من مولاه ،زید فولدت عبد الله هذا، واشتهر أنه أخوه لأمه.
ذكر إسماعيل بن موسى الفزاري أن عبد الرحمن بن حبيب المدني، مولى بني مخزومي - ابن أرْدَك (اَرْدَكَ) - هو أخو علي ابن الحسين (عليه السلام) لأمه (1).
و (أردك) هذه هي نفسها (أَدْرَكَ) البنت الثالثة التي عدّها المسعودي في أسرى بنات يزدجرد (2) .
وادعى ابن فندق البيهقي - غلطاً - أن شهربانو هي أم عبد الله الرضيع الشهيد (3) . وذكر أن لها بنتين إحداهما زينب والأخرى أم كلثوم، ماتتا صغيرتين (4).
ص: 156
ومما تقدم يظهر ما وقع فيه ابنا سعد وقتيبة من اشتباه حين سميا مرضعة الإمام أو حاضنته أمه حيث قالا وأمه أم ولد اسمها غزالة، خَلَفَ عليها بعد حسين زييداً - مولى الحسين بن علي - فولدت له عبد الله بن زييد، فهو أخو علي بن حسين لامه (1).
ولعل السيد المقرم قد اقتفى أثرهما حين ادعى أنها بقيت بعد الحسين حتى تزوجت عبد الله مولاه فولدت له زيداً (2).
وهذا غير دقيق، بل ولا يليق.
ص: 157
ظهرت أصوات تُشكك في وجود بنات ليزدجرد بهذه المسميات التي ،مرت، وأخرى تُعارضها، فضلاً عن رفضها فكرة الزواج المطروحة، وأنها لا أساس لها... واعتبرتها قصة أسورية...
وقد تم الرد عليها في عدة مواطن بأنهم لم تكن لديهم تلك الأدلة التحقيقية التي يمكن أن تُقبل ويُستند إليها ويُعتمد عليها، حيث كانت نكاتاً استحسانية وتعصبات قوميّة، وقلّة دراية بالتحقيق وسبر أمهات المصادر. ولعل أبرز من فَند استدلالاتهم هو الدكتور أحمد مهدوي دامغاني في مقالة مطوّلة له بعنوان: (الأميرة عالية المقام، شَهربانو والدة الإمام علي بن الحسين المحترمة) (1).
وتتلخص اعتراضاتهم في الأمور التالية:
1 - وجود اختلاف كبير في اسم هذه السيدة.
2- وجود اختلاف في اسم أبيها.
3- وجود اختلاف في تاريخ أسرها.
4- أن يَزْدْجِرْدْ أبعد عائلته عن ساحة القتال؛ ليجعلها في أمان، وهذا ينفي احتمال وقوع العائلة في الأسر.
5- أن اسم شَهْرْبانُو ظهر في أواخر القرن الثالث الهجري.
ص: 158
6- أن يَزْدْ جِرْدْ قُتل عام (30) ه- ( في ولاية عثمان، مما يضاعف من ) استبعاد وقوع بناته الأسر في ولاية عمر.
ورغم أن مجموع هذه الاستدلالات جديرة بالتأمل، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى رد أصل الحادثة المشهورة والقبول ببطلانها (1).
وكان أبرز هذه الوجوه المعارضة:
(1) اللغوي المعروف علي أكبر دِهْخُدا (ت 1956م) (2).
(2) الدكتور سعيد نفيسي (ت 1966 م) (3).
(3) الدكتور علي شريعتي (ت 1977م) (4).
(4) الشهيد مرتضى مطهري (ت) (1979م) (5).
(5) الباحث العراقي عبد الحميد العَلْوَجي (ت 1995م) (6).
(6) الدكتور سيد جعفر شهيدي (2008 م) (7).
ص: 159
(7) الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (1).
ولعل أول من عارض فكرة الزواج وأن يكون الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قد تولّد من بنت يزدجرد - بحسب الظاهر - هو ابن عنبة الحسيني، قال:
وقد اختلف في أمه، فالمشهور أنها شاه زنان بنت کسری یزدجرد بن شهريار بن أبرويزد. وقيل إن اسمها شهربانو.
وقد منع من هذا كثير من النسابين والمؤرخين وقالوا: إن بنتي يزدجرد كانتا معه حين ذهب إلى خراسان.
وقيل: إن أم زين العابدين من غير ولده. - يعني يزدجرد.
وقد أغنى الله تعالى علي بن الحسين (عليه السلام) بما حصل له من ولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ولادة يزدجرد بن شهريار المجوسي المولود من غير عقد على ما جاءت به التواريخ.
والعرب لا تعد للعجم فضيلة وإن كانوا ملوكاً. ولو اعتدوا بالملك فضيلة لوجب أن يفضلوا العجم على العرب ويفضلوا قحطان على عدنان، ولكن ليس ذلك عندهم شيئاً يعتد به.
ص: 160
وقد لهج بعض العوام وكثير من بنى الحسين (عليه السلام) بذكر هذه النسبة وقالوا جمع علي بن الحسين ( عليه السلام) بين النبوة والملك. وليس ذلك بشيء ولو ثبت على ما عرفته (1).
وفي الجواب عن هذه المقال يُقال:
أولاً: أن هذا النوع من الجواب - من ابن عنبة - خطابي أكثر من أنه علمي، ومبني على خلفيات وتعصبات قبلية ونعرات جاهلية لا تمت للبحث بصلة. فكان حرياً به - وهو من أهل العلم حسب الظاهر - أن يفنّد بما علم لا بما هو خارج عن هذه الدائرة.
ثانياً: حديثه عن تولّد يزدجرد وأنه من غير عقد!! غريب ولا أقام عليه دليلاً، ولعله غفل عن أن لكل قوم نكاحاً (2) ، وما هذا إلا ثمرة التعصب وقلة التفحص.
ويكفي في إثبات حدوث هذا الزواج وما تولّد عنه أنه نقل في مصادر متعددة ومتقدمة في القرون الثلاثة الأولى - كما مر (3)..
ص: 161
ثالثاً: ما ذكره ابن عنبة نفسه من كون هذا الأمر مما اشتهر على لسان العوام بل وذرية الحسين (عليه السلام) ، حيث قال: (وقد لهج بعض العوام وكثير من بنى الحسين عليه السلام بذكر هذه النسبة، ما يعني أنها أمر كان قد حدث ولا خلاف فيه.
رابعاً: قد أثبت الشعراء الكثير من الحوادث التاريخية، وهذه واحدة من تلكم الحوادث، وقد تقدم في بداية المبحث الثالث أن لأبي الأسود الدؤلي وهو معاصر للإمام (عليه السلام) - بيتاً يمدحه فيه، يقول:
وأن غلاماً بين كسرى وهاشم *** لأكرم من نيطت عليه التمائم
ذكر ابن عنبة أن أم فاطمة بنت الحسين أخت الإمام عليه السلام) لأبيه وأمه (1) ، ومعلوم أن أم فاطمة هي أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله التميمي بلا خلاف بين المؤرخين وأهل السيرة.
وقد اتخذ بعض المتأخرين كلام ابن عنبة هذا ذريعة لينفي المصاهرة بين بيت النبوة الهاشمي وبلاد فارس، متجاهلاً ما ذكره المؤرخون والنسّابة والرجاليون من أبناء العامة وليس الشيعة وحسب، فنحى فيما سطره منحى العصبيات العرقية والتحزبات الجاهلية، فادعى أن أم الإمام السجاد (عليه السلام) تيمية، وعمدة أدلته هي:
ص: 162
(1) ما ذكره ابن عنبة مما عرفت فيما تقدم.
(2) والاختلاف في اسمها واسم أبيها، كما تقدم.
وقد شنّ هجوماً غير مبرر على الجميع وليس الشيعة وحسب، فلم يسلم منه لا المبرّد ولا الزمخشري ولا المسعودي ولا اليعقوبي ولا من عرفت ممن ذكرناهم في بداية البحث ممن قالوا بأنها فارسية، فاعتبر قصة الزواج كلها كذبة من الأصل (1).
أما ما ذكره ابن عنبة فقد عرفت فيما مر أنه نابع من تعصبات عرقية، وليس له مستند فيما ذكره، وفيما مرّ من جواب كفاية.
وأما ما توصل إليه صاحب الكتاب من استنتاج، فقد اعتمد فيه على مجموعة مصادر لم يحتو أي منها على ما يدل - صراحة أو كناية - على أن أم الإمام السجاد (عليه السلام) كانت عربية فضلاً عن أنها تيميّة.
كما أن أم إسحاق بنت طلحة التميمي التي خلفها الإمام الحسن (عليه السلام) كانت في سنة ولادة الإمام السجاد (عليه السلام) كما تقدم (2) وتأتي (3) - على ذمّة الإمام الحسن (عليه السلام) والذي توفي سنة 49 ه- (4)
ص: 163
أو 50 ه- (1) وأم أولاده الحسين والحسن وطلحة وأبو بكر وفاطمة (2) ، وزواج الإمام الحسين (عليه السلام) منها كان بعد وفاة الإمام الحسن (عليه السلام) (3) ، وعليه فلا يمكن أن تكون أم إسحاق بنت طلحة أماً للإمام السجاد (عليه السلام).
كما أن الإمام السجاد (عليه السلام) قد تزوج من أبنة عمه فاطمة بنت الأمام الحسن ( عليه السلام) وأمها أم إسحاق (4) ، فأولدها الباقر (عليه السلام)
ص: 164
، فلو كانت أم إسحاق هي التي ولدته كما زعم الكاتب لما جاز أن يتزوج الإمام من أخته لأمه.
ومضافاً لما عرفت من آراء ومصادر متقدمة ذكرت نسب أم الإمام (عليه السلام) ، هناك رسالة - وإن كانت على خلاف ما تقدم من آراء في تعيين نسب أم الإمام - بعث بها أبو جعفر المنصور العباسي إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) المعروف ب-(النفس الزكية) جواباً على ما افتخر به عليه من النسب والشرف، يقول له فيها:
وفخرك بأنك لم تلدك أمةٌ! فتعديت طورك وفخرت على من هو خير منك، إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما خيار بني أبيك إلا بنو إماء، ما ولد فيكم بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل من علي ابن الحسين، وهو لأم ولد، وهو خير من جدك، ما كان فيكم بعده مثل ابنه محمد بن علي، وجدته أم ولد، وهو خير من أبيك.... (1).
فهو بهذا الكتاب والجواب - وكونه من بني هاشم وهو أقدم من صاحب المقال وأقرب إلى عصر الإمام السجاد (عليه السلام) - ينفي ما ادعاه الكاتب في مقاله أن تكون أم الإمام تيمية، فلاحظ.
ص: 165
ص: 166
كما هي عادة التاريخ ومؤرّخيه، لم يتم التطرق لتاريخ ومحل وفاة السيدة شهربانو، ولكن المروي - بل المشهور - أنها ماتت (في نفاسها) (1) ، وفي تعبير آخر ماتت والإمام (عليه السلام) طفل (2) ، وقيل: في ماتت في الطلق بعد ولادته (3) .
ويعضد هذا المشهور رواية النوشجاني المتقدمة: أن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: وكانت صاحبة الحسين (عليه السلام) نفست بعلي بن الحسين، فكفل علياً بعض أمهات ولد أبيه، فنشأ وهو لا يعرف أماً غيرها» (4).
لو قرأنا ما ذكر في تاريخ ولادة الإمام السجاد (عليه السلام) نخرج برأيين مختلفين:
الأول (5) : سنة 38 ه- - وهو المشهور - وقيل : 37 ه- ، وقيل : 36 ه- .
ص: 167
والثاني: 31 : سنة 31 ه- (1) ، أو 33 ه- (2) ، أو 34 ه- (3) ، أو 35 ه- (4) .
فبناءً على رأي المجموعة الأولى - وأن وفاة شهربانو كما تقدم كانت في نفاسها - ستكون وفاتها في الكوفة، وهو ما ذهب إليه ابن العماد الحنبلي (5) ، ويؤيد هذا ما ذكره أبو نصر البخاري من أنه ولد في حرب الجمل (6) ، التي وقعت سنة 37 ه- (7) ، وقد تبنى هذا الرأي الشيخ القرشي (8) والسيد المقرم (9) ، هذا بناء على احتمال أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) قد انتقل وجميع ذويه إلى الكوفة.
ولكن الظاهر أن هذا الرأي مبتن على مجرد احتمالات، فلا ينهض، ولا اعتبار له ما لم يقم عليه برهان.
ص: 168
وعلى رأي المجموعة الثانية، والتي تدل على أن الولادة كانت في أيام عثمان، وحيث إنّ المشهور والمجمع عليه بين الطائفة هو ما ذهب إليه الشيخ المفيد - ومن تبعه - من أن الولادة كانت في المدينة (1) ، وأنها توفيت في نفاسها، فمن الطبيعي أن يكون مدفنها في المدينة، ومن المحتمل أيضاً أن تكون دفنت في البقيع، وهذا ما تبنّاه المسعودي (2).
مما تقدم عرفت محل دفنها، ومنه تعرف أن المزار المنسوب لشهربانو بلاد ارس والموجود فوق منطقة جبلية في جنوب شرقي مدينة الري - محافظة طهران - لا أصل له البتة.
وهذا المرقد معروف باسم (بقعه بي بي شهربانو) أي مقام السيدة شهربانو، بطول 33 متر وعرض 22 متر، وأول تاريخ لظهوره كان في القرن الرابع الهجري في عهد آل بويه والسلجوقيين، وتم تجديد عمارته في القرن السادس في عهد الصفويين، ثم بُنيت قبته وأضيف له رواق أو مسجد في عهد القاجاريين، وفي عام 1404 ه- تم وضع ضريح مُرصع ومُزيّن بالذهب من تبرعات ،الخيّرين، ولازال الكثير من المؤمنين يرتادون هذه
البقعة زوّاراً وسواحاً.
ص: 169
وأقدم ما كتب على حجر القبر يعود لعام 888 ه- ، وفيه أحاديث نبوية وأسماء وألقاب شهربانو
كان الشيخ الصدوق (رحمه الله) مقيماً ومجاوراً بالري، التي بها قبر السيد عبد العظيم الحسني (عليه السلام)، ومع ما يملكه الشيخ من معرفة بمقام أم الإمام (عليه السلام) ولعله أعظم مما لعبد العظيم من مقام، فبعيد أنه لم يلتفت إلى أنّ في الري قبر يُنسب لهذه السيدة الجليلة فيزوره ويتعاهده، صلة منه لابنها وزوجها، فلو كان موجوداً لزاره، ولزاره غيره أيضاً.
روى الشيخ الحائري عن عبد الله بن سنان الكوفي، عن أبيه، عن جده، أنه قال في أمر خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة وإركاب أهله في المحامل ثم خرج شاب آخر وهو يقول: «تنحوا عني يا بني هاشم، تنحوا عن حرم أبي عبد الله فتنحى عنه بنو هاشم، وإذا قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك، وهي تمشي على سكينة ووقار، وقد حفّت بها إماؤها، فسألت عنها؟ فقيل لي: أمّا الشاب فهو زين العابدين ابن الإمام،
ص: 170
وأمّا المرأة فهي أمّه شاه زنان بنت الملك كسرى زوجة الإمام، فأتى بها وأركبها على المحمل، ثم اركبوا بقيّة الحرم والأطفال على المحامل (1).
والاعتماد على هذه الرواية والأخذ بها مُشكل جداً، ومما ذكرناه من التفصيل فيما مضى تعرف السبب.
ذكر بعض المتأخرين (2) أن شهربانوا خرجت من المدينة إلى بلاد فارس - وبالتحديد إلى الري - بأمر من الإمام الحسين (عليه السلام) قبل شهر من خروجه من المدينة متوجها إلى العراق، فأرسل معها ستة من
ص: 171
أصحابه المعتمدين لديه كميل بن زياد وربيع بن خثعم، وأربعة من ،همدان، فلما علم العجم بقدوم ابنة ملكهم السابق، وزوجة إمامهم الفعلي، أقبل الجميع من الزرادشتية والمسلمين الغاضبين من ظلم واضطهاد الأمويين لاستقبالها، وتعاهدوا على مساعدتها بالأنفس والسلاح والعتاد؛ لأجل الثورة على الأمويين الطغاة، ولما أن سارت القافلة نحو العراق جاءهم الرسول من الكوفة يحمل نبأ مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه في كربلاء، فقفلوا راجعين واختفت شهربانوا والمقربون منها في الجبال القريبة من بلاد الري، والتي تُعرف اليوم باسمها.
وعلى إثر هذا قام عمال الأمويين بوضع روايات ملفقة ونشروها بين ثقاة الشيعة، وأشاعوا فيهم أن شهربانو قد توفيت في نفاسها بعد ولادة علي ابن الحسين (عليه السلام)... انتهى.
واحدة من مفردات عظمة حادثة كربلاء: وجود حرم الحسين وأهل بيته ونساؤه مع ما هنالك من خلاف في وجود بعضهن أو غيابهن، فالمقطوع بوجودها - بعد التحقيق - ثلاث:
1- الرباب بنت امرئ القيس الكندية.
2- أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية.
3- أم جعفر وهي من قبيلة قضاعة.
ص: 172
ولكن وقع الخلاف في وجود ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية، أم علي الأكبر الشهيد.
وشهربانو، وهي المقطوع بعدم حضورها؛ لما تقدم وعرفت من أنها توفيت في نفاسها ولهذا فإن من ادعى وجودها في كربلاء متوهم، قد غلبه عدم التركيز، فخَلَطَ في القراءة دون ملاحظة ودقة، فاستوحى هذا مما روي في الكتب المتأخرة، أو أنه بنا مقالته بناءً على أن أم الإمام (عليه السلام) هي شاه زنان كما عليه الكثير ممن عرفت من الأعلام.
والرواية المعتمدة هي رواية يحيى بن الحسن العلوي، قال: وخرج غلام وهو مُمسك بعمود من تلك الأبنية وفي أذنيه درتان وهو مذعور، فجعل يلتفت يميناً وشمالاً، وقرطاه يتذبذبان، فحمل عليه هانئ بن ثبيت فقتله، فصارت شهربانو تنظر إليه ولا تتكلم كالمدهوشة. ثم التفت الحسين عن يمينه وعن يساره فلم ير أحداً من الرجال. فخرج علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام) - وكان مريضاً لا يقدر أن يقل سيفه - وأم كلثوم تنادي خلفه يا بني ارجع فقال: «يا عمتاه، ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله ..» (1).
ولعلها هي رواية ابن شهر آشوب التي ذكرها في مقتل علي الاکبر علیه السلام قال: ثم تقدم علي بن الحسين الأكبر علیه السلام ... فقتل سبعين مبارزاً، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات فقال: يا أبة العطش، فقال الحسين:
ص: 173
يسقيك جدك، فكر عليهم... فطعنه مُرّة بن منقذ العبدي على ظهره غدراً فضربوه بالسيف، فقال الحسين على الدنيا بعدك ،العفا، وضمه إلى صدره، وأتى به إلى باب الفسطاط، فصارت أمه شهربانويه وهي تنظر إليه ولا تتكلم (1).
وادعى بعضهم أن شهربانو هذه هي أم فاطمة بنت الحسين وزوجة القاسم بن الحسن (عليهما السلام) (2).
والقصتان واحدة وأنت ترى ما فيهما من إرسال من الأصل، بل فيهما غلط وتخليط فإن أم علي الأكبر الشهيد عليه السلام) هي ليلى بنت عروة ابن مسعود الثقفية بلا خلاف عندهم، البتة.
وجاء في حكاية أخرى أن الحسين (عليه السلام) أحضر شهربانو معه إلى كربلاء! وبعد ما رأت من أحداث يوم عاشورا واستشهاد الإمام (عليه السلام) امتطت ظهر فرسه (ذي الجناح) وألقت بنفسها في شاطئ الفرات من شدة ما دخلها من الحزن !! (3) .
ص: 174
قال السيد المقرم: وحين رأت تلك الجثث الزواكي تجول عليها الخيول والريح تسفي عليها بوغاء الثرى، أتلفت نفسها بالفرات (1).
وهذا كله مأخوذ مما نقله ابن شهر آشوب في أمر الأسرى، حيث قال: وجاؤا بالحرم أسارى، إلا شهربانويه فإنها أتلفت نفسها في الفرات (2).
قال المولى الدربندي: بناءً على صحة الخبر.. لابد أن أنقول إن هذا لم يصدر منها إلا برخصة من سيد الشهداء أو إذن منه (روحي فداه) ؛ وذلك لحكمة خفيّة عن إدراك عقولنا إياها !! (3).
ولكن شهربانو (أو شهربانويه) هذه هي التي ذكرها المجلسي - فيما تقدم - عن يحيى بن الحسن العلوي، وهي غير أم الإمام عليه السلام) كما صرّح الدربندي، حيث ذهب إلى أنها توفيت في نفاسها - كما مر (4) - وأن شهربانوية هذه واحدة أخرى (5).
وقام بعضهم - ليقوي مذهبه في نسبة القبر المذكور في طهران لشهربانو - باختراع قصة من حاق الخيال، فادعى أن الإمام الحسين (عليه السلام) أوصى إليها بأن تركب جواده بعد الشهادة، فهو يوصلها إلى الأرض المقدّرة لها، والأمر
ص: 175
الذي هي ماضية إليه... فلما قُتل فرّت هاربة على ظهر الجواد ولم تقف إلا في بلاد فارس، ولما وصلت إلى المنطقة الجبلية المعروفة اليوم باسم (بقعه بيبي شهربانو)، أدخلها في غار هناك، فحطّت رحلها، واستقرت فيه إلى أن توفيت.
قال: فهي - على ما في الألسنة مشهور - غائبة في جبل من جبال ال-ري، في مكان قريب من مقبرة السيد الأجل الثبت الثقة ذي المناقب والمفاخر السيد عبد العظيم الحسني... (1).
قال: لما ركبت جواد الإمام (عليه السلام) وأرادت أن تمضي إلى الأرض التي كانت مأمورة بالتوجه لها تمسكت بها فاطمة بنتها، وقالت: لا أفارقك. فأردفتها على الجواد، فلما أن طوى الجواد الأرض ووصل إلى الري قريب ساعة بإذن الله تعالى قالت شهربانويه لفاطمة انزلي هنا، فإن في ذلك المكان أخوالاً لك يتكفلون أمرك ويراعون شأنك، فإني ماضية إلى أمر أوصاني به الإمام. فلا يجوزل لي التخلف عنه ولا لأحد الالاكطلاع عليه ولا المشاركة فيه. فنزلت فاطمة عن ظهر الجواد، فمضت شهربانويه، إلى ما كانت مأمورة بالمضي إليه، والله أعلم بذلك وحججه (عليهم السلام) (2) .
والنتيجة، لم نقف على مدرك ولا مستند لهذه الحكايات الأخيرة، حيث لم تُذكر شهربانو هذه فيمن بقي من زوجات الإمام (عليه السلام) كما عرفت.
ص: 176
وبعد كل ما تقدم، يجدر بنا أن نلخص ما تمخض عن هذا البحث؛ لنخرج بنتيجة نهائية من بين تلك المعمعة وذلك الغموض الذي حفّ بهذه الشخصية العظيمة ما حدا بالبعض أن يسمها بالأسطورة!! فنقول:
* إن أصلها من بلاد فارس القديمة، ايران اليوم.
* ومن بنات آخر ملوك السلالة الساسانية.
* واسم أبيها أبيها يَزْدْجِرْدْ بن شهريار.
* واسمها شهربانو، لخبر صحيفة الزهراء (عليها السلام) وما روي من أن أمير المؤمنين (عليه السلام) غيّره من شاه زنان أو جهان شاه. وأما ما سُميت به أسماء عربية فإنما كان ليسهل نداؤها به، أو لغير ذلك مما تقدم ذكره (1)
* وأن أسرها والمجيء بها وتزويجها كان في أيام عثمان بن عفان.
* وأنها أنجبت الإمام (عليه السلام) وتوفيت في أيام نفاسها في أيام أمير المؤمنين (عليه السلام).
* وأن قبرها في المدينة المنورة، ولا يبعد أن يكون في البقيع.
* وأن من كانت مع الإمام (عليه السلام) هي دايته أو مرضعته.
* ومن كانت في كربلاء باسم شهربانو - لو سلمنا بذلك - فهي امرأة أخرى غير أم الإمام (عليه السلام).
*****
ص: 177
تمت هذه الرسالة في 20 جمادى الآخرة سنة 1440 ه-
في بلدة السُّوَيْكَة، من بلاد القطيف الحبيبة.
وقد كان الشروع فيها في أوائل ربيع الثاني سنة 1438 ه-
بجوار فاطمة المعصومة (عليها السلام) بقم المقدسة
والحمد لله رب العالمين.
ص: 178
1- الاتحاف بحب الأشراف: جمال الدين عبد الله بن محمد الشبراوي، دار الكتاب الإسلامي، الأولى، 1423 ه- - 2002م، قم المقدسة.
2 - الاحتجاج: أبو منصور أحمد بن علي الطبرسي، مطبعة النعمان، الأولى، 1386 ه- - 1966م، النجف الأشرف.
3 - الاختصاص: محمد بن محمد بن النعمان (المفيد) ، مجموعة مؤلفاته، دار المفيد، الثانية 1414 ه- ، بيروت.
4 - اختيار معرفة الرجال: شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي مؤسسة آل البيت، الأولى، 1404 ه- ، قم المقدسة.
5 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب: يوسف بن عبد الله بن محمد ابن عبد البر الأندلسي، دار الجيل، الأولى، 1412 ه- ، بيروت.
6 - الأئمة الاثنا عشر: شمس الدین محمد بن طولون الحنفي الدمشقي منشورات الرضي، قم المقدسة.
7 - الأخبار الطوال أحمد بن داود الدينوري، تحقيق عبد المنعم عامر ، الأولى 1960 م ، دار إحياء الكتب العربي، بيروت.
ص: 179
8 - أسد الغابة: ابن الأثير علي بن محمد بن محمد الشيباني، دار الكتاب العربي، بيروت.
9 - أسرار الشهادة الفاضل الدربندي، المولى آغا بن عابد الشيرواني الحائري، شركة المصطفى للخدامات الثقافية، الأولى 1415 ه- - 1994 م.
10 - أنساب الأشراف : أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، دار التعارف، الأولى، 1379 ه - 1977 م، بيروت.
11 - الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني، دار إحياء التراث العربي.
12 - الإتحاف بحب الأشراف عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي، مؤسسة الكتاب الإسلامي، الأولى، 2002م، قم المقدسة.
13 - إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب: على بن الحسين المسعودي، انتشارات أنصاريان، الثالثة، 1426 ه- ، قم المقدسة.
14 - الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد: محمد بن محمد بن النعمان العكبري الشيخ المفيد، مجموعة مؤلفاته، دار المفيد، الثانية، 1414 ه- ، بيروت.
15 - الإصابة في تمييز الصحابة: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، 1415 ه ، بيروت.
16 - إعلام الورى بأعلام الهدى أبو علي الفضل بن الحسن بن
ص: 180
الفضل الطبرسي، مؤسسة آل البيت الأولى 1417ه- ، قم المقدسة.
17 - إقبال الأعمال السيد علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، مؤسسة الأعلمي، الأولى، 1416 ه- - 1996 م، بيروت.
ب.
18 - بحرالأنساب (المسمى بالمشجر الكشاف الأصول السادة الأشراف): السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسيني النجفي دار الكتب والوثائق القومية، الأولى، 1427 ه - 2006م، بالقاهرة، مصر.
19 - بحار الأنوار: العلامة محمد باقر المجلسي، دار إحياء التراث العربي، الثانية، بيروت.
20 - البداية والنهاية: إسماعيل بن كثير الدمشقي، دار إحياء التراث العربي، الأولى 1408 ه- ، بيروت.
21 - بصائر الدرجات الكبرى أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار منشورات الأعلمي، 1404ه- ، طهران.
22 - البضاعة المزجاة (شرح كتاب الروضة من الكافي محمد ) حسين بن قارياغدي (108 ه- ) ، دار الحديث للطباعة والنشر، الثانية 1431ه- ، قم المقدسة.
.ت.
23 - تاج العروس: السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي: دار الفكر، الأولى، 1414ه- - 1994م، بيروت.
24 - تاج المواليد: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، في كتاب
ص: 181
مجموعة نفيسة مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم.
25 - تاریخ ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الرابعة، بيروت.
26 - تاریخ اجتماعی ایران از انقراض ساسانیان تا انقراض امویان: الدكتور سعيد نفيسي، ابن ميرزا علي أكبر الكرماني، الناشر: كتاب پارسه 1388ه- ش، طهران.
27 - تاريخ أبي الفداء (المختصر في أخبار البشر) : عماد الدين إسماعيل أبي الفدا، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت .
28 - تاريخ الأئمة: ابن أبي الثلج محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم المقدسة.
29 - تاريخ الإسلام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار الكتاب العربي، الأولى، 1409 ه- ، بيروت.
30 - تاریخ بغداد أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، الأولى 1417 ، بيروت.
31 - تاريخ البلعمي: أبو علي محمد بن محمد البلعمي، انتشارات سروش و البرز، 1376 ه- ش، طهران.
32 - تاريخ خليفة أبو عمرو خليفة بن خياط العصقري، تحقيق سهيل زكار، الطبعة الأولى، 1414 ه- - 1993م، دار الفكر، بيروت.
ص: 182
33 - تاريخ روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء (بالفارسية): همام الدين محمد ابن الأمير خاوند شاه الهروي، الدار المصرية للكتاب، 1988 م ، القاهرة. م،
34 - تاريخ الطبري أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الرابعة 1407 ه- ، بيروت.
35 - تاریخ قم الحسن بن محمد الأشعري القمي، تحقيق سيد جلال الدين الطهراني، 1380 ه- ش مكتبة السيد المرعشي، قم المقدسة.
36 - التاريخ الكبير : محمد بن إسماعيل البخاري، دار الكتاب العربي، بيروت.
37 - تاریخ گزیده (فارسي): حمد الله بن أبي بكر المستوفي القزويني، انتشارات امير كبير الثانية، 1362 ه- ش، طهران.
38 - تاريخ المدينة المنورة (أخبار المدينة النبوية عمر بن شبّة النميري البصري، دار الفكر، الأولى، 1410 ه- 1368 ه- ش، قم المقدسة .
39 - تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم: عبد الله بن النصر بن الخشاب البغدادي، ضمن مجموعة نفيسة مكتبة السيد المرعشي، قم المقدسة.
40 - تاريخ مدينة دمشق: ابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، الأولى، 1415 ه- - 1995 م، دار الفكر، بيروت.
41 - تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب العباسي، الطبعة الأولى
ص: 183
دار صادر، بیروت، نشر مؤسسة فرهنگ اهل بيت قم المقدسة.
42 - تثبيت الإمامة: القاسم بن إبراهيم (طباطبا) الحسني الرسي الأولى، 1419ه- - 1998م، مر كز الغدير للدراسات الإسلامية، بيروت.
43 - تذكرة الخواص من الأئمة سبط بن الجوزي يوسف ابن قزعلي بن عبد الله، دار الكتاب، قم المقدسة.
44 - التشريف بالمنن فى التعريف بالفتن : السيد علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن طاووس، گلبهار أصفهان ومؤسسة صاحب الأمر، الأولى، 1416 ه- ، أصفهان.
45 - التنبيه والإشراف علي بن الحسين بن علي المسعودي، دار صعب، بيروت.
46 - تهذيب التهذيب: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الفكر، الأولى، 1404 ه- ، بيروت.
47 - تهذيب الأحكام: محمد بن الحسن الطوسي، دار الكتب الإسلامية، 1390 ه- ، طهران.
48 - تهذيب الكمال أبو الحجاج يوسف بن عبدالرحمن المزي، مؤسسة الرسالة الرابعة، 1406 ه- ، بيروت.
.ث.
49 - الثقات: محمد بن حبان بن أحمد النسيمي البستي، مؤسسة الكتب الثقافية، الأولى، 1393 ه- ، الهند.
ص: 184
.ج.
50 - الجمل: محمد بن محمد بن النعمان العكبري المفيد، مكتبة الداوري، قم المقدسة.
51 - الجوهرة في نسب الإمام علي وآله محمد بن أبي بكر الأنصاري التاهساني ، مؤسسة انصاريان، الأولى، 1374 ه- ش ، قم.
.ح.
52 - حاشية المكاسب الشيخ محمد حسين الأصفهاني، تحقيق الشيخ عباس محمد آل سباع، الأولى، 1418 ه- ، طبع دار المصطفى لإحياء التراث، قم المقدسة.
53 - الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة: المحقق الشيخ يوسف بن أحمد البحراني - مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين - قم.
54 - حياة الإمام زين العابدين السيد عبد الرزاق المقرم، انتشارات المكتبة الحيدرية، الأولى، 1424 ه- ، قم المقدسة.
55 - حياة الإمام زين العابدين الشيخ باقر شريف القرشي، دار الكتاب الإسلامي، الأولى، 1988، قم المقدسة.
خ.
56 - الخرائج والجرائح قطب الدين سعيد بن عبد الله الراوندي، مؤسسة الإمام المهدي، الأولى 1409ه- ، قم المقدسة.
57 - خزانة الأدب: عبد القادر بن عمر البغدادي، دار الكتب العلمية، الأولى، 1998م، بيروت.
ص: 185
58 - الخصال: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق القمي، منشورات جماعة المدرسين، الأولى 1403 ه- ، قم المقدسة.
59 - خلاصة الأقوال العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي نشر الفقاهة الأولى، 1417 ه- ، قم المقدسة .
60 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية: الشهيد الأول، شمس الدين محمد بن مكي العاملي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين الثانية ، 1417ه- ، قم المقدسة.
61 - دلائل الإمامة: محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي الشيعي، مؤسسة البعثة الأولى، 1413ه- ، قم المقدسة.
62 - ديوان الشيخ عبد الغني الحرة المطبعة الإسلامية، الأولى 1403ه- ، طهران وأيضاً مكتبة الأسدي طهران.
ر.
63 - راحة الأرواح ومؤنس الأشباح (فارسي) : الحسن بن الحسين ابن سعيد السبزواري، نشر ميراث مكتوب، الأولى، 1378 ه- ش، قم.
64 - ربيع الأبرار: محمود بن عمر الزمخشري، الأولى 1412 ه- 1992م، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
65 - رجال ابن داود الحسن بن علي بن داود الحلي، المطبعة الحيدرية، 1392 ه- ، النجف الأشرف.
ص: 186
66 - رجال الطوسي: محمد بن الحسن الطوسي، مؤسسة النشر الإسلامي، الأولى، 1415ه- ، قم المقدسة.
67 - رجال النجاشي: أحمد بن علي النجاشي الأسدي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين التابعة لجماعة المدرسين، الأولى، 1416 ه- ، قم.
68 - رسالة في تواريخ النبي والآل الشيخ محمد تقي التستري مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى، 1419 ه- ، قم.
69 - رسالتان في الخراج المقدس الشيخ أحمد بن محمد الأردبيلي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى 1413ه- ، قم المقدسة.
70 - روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه الشيخ محمد - تقي المجلسي - مؤسسه كوشانبور - الأولى 1406 - قم.
71 - روضة الواعظين محمد بن الحسن الفتال النيسابوري - الشريف الرضي - قم المقدسة.
72 - الرياض النظرة في مناقب العشرة : محب الدين أحمد ابن عبد الله الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت.
.ز.
73 - زندگانی علی بن الحسين سيد جعفر شهيدي، دفتر نشر فرهنگ اسلامي الأولى، 1365 ه- ش، طهران.
74 - زين الأخبار : أبو سعيد عبد الحي بن الضحاك بن محمود الكرديزي، المجلس الأعلى للثقافة، الأولى، 2006م، القاهرة.
ص: 187
- س -
75 - السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج: الفاضل القطيفي الشيخ إبراهيم بن سليمان، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى، 1413ه- ، قم المقدسة.
76 - سر السلسة العلوية أبى نصر سهل بن عبد الله البخاري انتشارات الشريف الرضي، الأولى، 1413 ه- ، قم المقدسة.
77 - سير أعلام النبلاء: محمد بن أحمد الذهبي، الطبعة التاسعة - 1413ه- 1993م ، الرسالة، بيروت.
78 - السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون: أحمد بن زيني دحلان الشافعي، الأولى، 1400 ه- ، دار المعرفة، بيروت
79 - تاريخ سني ملوك الأرض ولأنبياء: حمزة بن الحسن الأصفهاني، دار مكتبة الحياة، 1961 م، بيروت.
- ش -
80 - الشافي في الإمامة الشريف المرتضى، علي بن الحسين الموسوي، مؤسسة الصادق، الثانية 1410ه- ، طهران.
81 - الشجرة المباركة في أنساب الطالبية: محمد بن عمر، الفخر الرازي، مكتبة المرعشي النجفي، الثانية 1419ه- ، قم.
82 - شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: القاضي النعمان ابن محمد التميمي المغربي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة
ص: 188
المدرسين، الثانية ، 1414ه- ، قم المقدسة.
83 - شرح نهج البلاغة: عبد البلاغة: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد (ابن أبي
الحديد) المعتزلي، دار إحياء الكتب العربية، بيروت.
84 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ابن العماد، عبد الحي ابن أحمد بن محمد العكر دار الآفاق الجديدة، بيروت.
85 - شعب الإيمان أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي، دار الكتب العلمية، الأولى، 1410ه- - 1990 م، بيروت.
.ص.
86 - صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، دار الفكر، 1401 ه- - 1981 م، بيروت.
87 - صحيح مسلم مسلم النيسابوري، دار الفكر، بيروت.
88 - صفة الصفوة عبد الرحمن بن علي بن الجوزي طبعة 1390 ه- ، دار الوعي، حلب، سوريا.
89 - الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة: أحمد ابن محمد بن حجر الهيتمي المكي - مكتبة القاهرة (شركة الطباعة الفنّية المتحدة) - مصر .
.ط.
90 - الطبقات طبقات خليفة ) : أبو عمرو خليفة بن خيّاط، دار الفكر ، الأولى ، 1414ه- 1414 ه- - 1993 م، بيروت.
91 - الطبقات الكبرى محمد بن سعد دار صادر، 1405 ه- ، بيروت.
ص: 189
.ع.
92 - العِبَر في أخبار من غبر: محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق فؤاد سيد (أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية) ، 1961 م، دولة الكويت.
93 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية: علي بن يوسف ابن المطهر ،الحلي، مكتبة المرعشي النجفي، الأولى، 1408 ه- ، قم المقدسة.
94 - العروة الوثقى: السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى 1417ه- ، قم المقدسة.
95 - العقد النضيد والدر الفريد في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي محمد بن الحسن القمي، الأولى، 1423 ه- 1381 ه- ش، دار الحديث، قم المقدسة.
96 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: أحمد بن علي (ابن عنبة) الحسيني، مكتبة السيد المرعشي النجفي، الثانية، 1380 ه- ش، قم.
97 - عوالم العلوم (الإمام الحسين : الشيخ عبد الله البحراني، الأولى، 1407 ه - 1365 ه ش، مدرسة الإمام المهدي، قم المقدسة.
98 - عيون أخبار الرضا محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق القمي، الأولى - 1404 ه - 1984م، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
99 - عيون المعجزات الحسين بن عبد الوهاب، طبعة 1369ه- 1950 م ، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.
ص: 190
.غ.
100 - الغارات إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي، تحقيق السيد جلال الدين الحسني الأرموي طهران.
101 - كتاب الغيبة: محمد بن الحسن الطوسي، مؤسسة المعارف الإسلامية، الأولى، 1411ه- ، قم المقدسة.
.ف.
102 - فارس :نامه کیکاووس بن اسکندر بن قابوس، مطبعة المجلس، 1312 ه- ش، طهران.
103 - فتوح البلدان أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، 1956م، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
104 - فرق الشيعة أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي، مطبعة الدولة، 1931 م اسطنبول. النشريات الإسلامية لجمعية المستشرقين الألمانية.
105 - الفصول المهمة في معرفة الأئمة: علي بن محمد بن أحمد المالكي، دار الحديث، الأولى، 1422 ه ، 1 ه ، قم المقدسة.
106 - الفهرست محمد بن الحسن الطوسي، مؤسسة نشر الفقاهة، الأولى، 1417 ه- ، قم المقدسة
107- فيض القدير شرح الجامع الصغير: محمد عبدالرؤوف المناوي، دار الكتب العلمية الأولى، 1415ه- - 1994م، بيروت.
ص: 191
.ق.
108 - قابوس نامه نصیحت :نامه کیکاوس بن اسكندر ابن قابوس تقديم وتعليق الدكتور سعيد نفيسي، مطبعة المجلس، 1312 ه- ش، طهران.
.ك.
109 - الكافي: ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني البغدادي دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، طهران.
110 - كامل الزيارات جعفر بن محمد بن قولويه مؤسسة نشر الفقاهة، الأولى، 1417ه- ، قم المقدسة.
111 - الكامل في التاريخ ابن الأثير ، علي بن محمد بن محمد الشيباني، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت.
112 - الكامل في اللغة والأدب أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي، المُبرِّد، طبعة محمد علي صبيح، سنة 1347 ه-
113 - كتاب البدء والتاريخ أبو زيد أحمد بن سهل البلخي، دار الكتب العلمية، بيروت.
114 - كتاب البيع: الإمام روح الله الموسوي الخميني، الأولى، 1421 ه- ، 1379 ه ش، مؤسسة تنظيم و نشر آثار الإمام الخميني، قم.
115 - كتاب المكاسب الشيخ مرتضى الأنصاري، الأولى، 1420 ه - 1378 ه- ش، مجمع الفكر الإسلامي، قم المقدسة.
ص: 192
116 - كذبة فارسية يفضحها الحق العربي (كتيب في 50 صفحة) : عبد الحميد عبد الكريم حلبوص حسين المطيري الملقب ب-(العلوجي) الأولى 1987م - دار الشؤون الثقافية العامة - الأعظمية، بغداد.
117 - كشف الغمة في معرفة الأئمة: علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي، دار الأضواء، الثانية 1405 ه- ، بيروت.
118 - كمال الدين وتمام النعمة محمد بن علي بن بابويه الصدوق، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى، 1405 ه - 1363 ه- ش، قم المقدسة.
119 - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال المتقي الهندي علي ابن حسام الدين البرهان فوري، طبعة 1409 ه - 1989 م ، مؤسسة الرسالة، بيروت.
.ل.
120 - لباب الأنساب والألقاب والأعقاب ابن فندق علي ابن أبي القاسم بن زيد البيهقي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، الثانية، 1428 ه- - 2007م، قم المقدسة.
.م.
121 - مثالب العرب هشام بن محمد السائب الكلبي، تحقيق نجاح الطائي، دار الهدى، الأولى، 1419 ه- - 1998 م، بيروت.
122 - المُجدي في أنساب الطالبيين أبو الحسن على بن محمد بن على بن محمد العلوى مكتبة السيد المرعشي، الأولى، 1409ه- ، قم.
ص: 193
1 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد علي بن أبي بكر الهيتمي، دار الكتب العلمية، الأولى، 1408 ه- ، بيروت.
124 - مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المقدس الشيخ أحمد بن محمد الأردبيلي - مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم المقدسة.
125 - مجمل التواريخ والقصص (فارسي): ابن شادى الأسدآبادي، تصحیح محمد تقی بهار، الأولى، 1318 ه- ش.
126 - المحاسن والمساوئ إبراهيم بن محمد البيهقي، دار المعارف، 1991م، مصر.
127 - محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد بن المفضل، تحقيق عمر الطباع، مطبعة دار القلم، 2000 م ، بيروت.
128 - محاضرات في الفقه الجعفري: السيد علي الحسيني الشاهرودي، تقرير أبحاث السيد أبو القاسم الخوئي، دار الكتاب الإسلامي، الأولى، 1408 ه- ، قم المقدسة
129 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان (تاريخ اليافعي) : عبد الله ابن أسعد اليافعي، الأولى، 1390 ه- ، مؤسسة الأعلمي، بيروت .
130 - مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول: العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، دار الكتب الإسلامية الثانية، 1404 ه- ، طهران.
ص: 194
131 - مروج الذهب ومعادن الجوهر: علي بن الحسين بن علي المسعودي، الثانية، 1404 ه- - 1984 م، دار الهجرة، قم.
132 - المزار الكبير محمد بن جعفر بن المشهدي، تحقيق جواد : القيومي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الأولى 1419 ه- ، قم المقدسة.
133 - سارّ الشيعة الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي، ضمن كتاب مجموعة نفيسة، طبع مكتبة السيد المرعشي النجفي، الأولى، 1406 ه- ، قم المقدسة.
134 - المستدرك على الصحيحين الحاكم محمد بن عبدالله النيسابوري ، دار الفكر 1398 ه- - دار الكتب العلمية، 1411 ه- ، بيروت.
135 - مستمسك العروة الوثقى السيد محسن الطباطبائي الحكيم مكتبة المرعشي النجفي ، الثالثة 1404 ه- ه- ، قم المقدسة.
136 - المستند في شرح العروة الوثقى : الشيخ مرتضى البروجردي، تقرير أبحاث السيد الخوئي، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، الثانية، 1426 ه - 2005 م، قم المقدسة.
137 - مسند الإمام أحمد أحمد بن حنبل الشيباني البغدادي، دار الفكر، بيروت.
138 - مصباح الفقاهة: السيد أبو القاسم الخوئي، الأولى، 1426 ه- 2005 م ، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، قم. 2م، .
139 - مصباح الكفعمي: تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي، الثالثة
ص: 195
1403 ه - 1983 م، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
140 - مصباح المتهجد الشيخ محمد بن الحسن بن علي الطوسي، الأولى، 1418ه - 1998م، مؤسسة الأعلمي بيروت.
141 - المصنف: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، عني بتحقيق نصوصه وتخريج أحاديثه والتعليق عليه الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي، بلا تأريخ.
142 - مطالب السؤول: محمد بن طلحة الشافعي، تحقيق ونشر ماجد أحمد العطية.
143 - معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول والبتول: محمد ابن يوسف الزرندي الحنفي، تحقيق ونشر: ماجد أحمد العطية.
144 - المعارف : أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري، تحقيق: ثروت عكاشة، دار المعارف بمصر ، الثانية 1969 م ، القاهرة .
145 - معجم رجال الحديث السيد أبو القاسم الخوئي، مؤسسة إحياء تراث الإمام الخوئي، الخامسة، 1413 ه- ، قم.
146 - المعجم الأوسط: سليمان بن أحمد الطبراني، دار الحرمين، الأولى، 1415 ه - 1995م ، القاهرة، مصر.
147 - المعجم الكبير : سليمان بن أحمد الطبراني، دار إحياء التراث العربي، الثانية، بيروت.
148 - المقالات والفرق: سعد بن عبد الله الأشعري القمي، مؤسسة
ص: 196
مطبوعاتي عطائي، 1963م، طهران.
149 - مقاتل الطالبيين: أبو الفَرَج علي بن الحسين بن محمد ابن أحمد الأصفهاني، دار الكتاب، الثانية، قم المقدسة.
150 - مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر: أحمد بن عبيد الله بن عياش الجوهري الناشر مكتبة الطباطبائي، قم المقدسة.
151 - المقنعة : الشيخ المفيد محمد بن النعمان، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الثانية، 1410 ه- ، قم.
152 - المناقب: الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي - تحقيق الشيخ المحمودي - الثانية 1411 ه- ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة.
153 - مناقب آل أبي طالب محمد بن علي بن شهر آشوب ، منشورات ذوي القربى، الأولى، 1426ه - 1384 ه- ش، قم.
154 - المنتخب من ذيل المذيل من تاريخ الصحابة والتابعين: محمد بن جرير الطبري، مؤسسة الأعلمي ، 1358 ه - 1939 م ، بيروت.
155 - المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: عبد الرحمن بن علي بن محمد (ابن الجوزي) ، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1412ه- ، بيروت.
156 - المُنمّق في أخبار قريش محمد بن حبيب بن أمية ابن عمرو الهاشمي، البغدادي، الأولى، 1405 ه - 1985 م، عالم الكتب، بيروت.
157 - مهذب الأحكام السيد عبد الأعلى السبزواري، مؤسسة
ص: 197
المنار الرابعة ، 1416ه- ، قم المقدسة.
158 - سوعة الإمام الحسين في الكتاب والسنة والتاريخ محمد المحمدي الريشهري، دار الحديث للطباعة والنشر، الأولى، 1431 ه- 2010 م، بيروت.
.ن.
159 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: يوسف بن تغري بردي ،الأتابكي، توزيع وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر .
160 - النفحة العنبرية في أنساب خير البرية: محمد كاظم بن أبي الفتوح بن سليمان اليماني الموسوي مكتبة المرعشي النجفي، الأولى، 1419ه- ، قم المقدسة.
161 - نهاية الإرب في فنون العرب أحمد بن عبد الوهاب النويري، وزارة الثقافة والإرشاد القومي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.
162 - نهج البلاغة: الإمام علي (عليه السلام)، بشرح محمد عبده، دار المعرفة للطباعة، بيروت.
-ه-
163 - الهداية الكبرى الحسين بن حمدان الخصيبي، دار البلاغ الرابعة، 1411 ه - 1991 م، بيروت.
ص: 198
.و.
164 - الوافي: الكاشاني، مكتبة أمير المؤمنين، 1406 ه- ، أصفهان.
165 - الوافي بالوفيات صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، دار إحياء التراث، 1420 ه- ، بيروت.
166 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة محمد بن الحسن الحر العاملي، مؤسسة آل البيت الأولى، 1418ه- ، قم.
167 - وقعة الجمل: ضامن بن شدقم الحسيني المدني، تحقيق سيد تحسين آل شبيب الموسوي، الأولى 1420 ه- -- 1999 م، بلا تأريخ ولا عنوان.
168 - وقعة صفين نصر بن مزاحم المنقري، المؤسسة العربية الحديثة، الطبعة الثانية، 1382 ه- ، مصر.
169 - وفيات الأعيان: أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الشافعي، دار الثقافة، بيروت.
.ي.
170 - يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: أبو منصور عبد الملك الثعالبي النيسابوري، دار الكتب العلمية، الأولى، 1403 ه- - 1983 م، بيروت.
171 - ينابيع المودة لذوي القربى سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، تحقيق السيد علي جمال أشرف الحسيني، الأولى، 1416 ه- ، دار الأسوة، قم المقدسة.
ص: 199
ص: 200
توطئة ...5
تمهيد ...9
مقدمة ...13
من هنّ أمهات الأئمة (عليهم السلام) ؟ ...14
الفصل الأول: ...19
مدخل: شبهة حروب الخلفاء وغنائمهم ...21
الجواب عن هذه الشبهة ...27
اشتراط إذن الإمام (عليه السلام) في الفتوحات ...27
توجيه ما وقع من حروب ...29
جواب واستدلال آخر ...46
إشكال وجواب في المقام ...49
ص: 201
كلام الشيخ المفيد ...49
تعارض أهداف الحروب وتوجهات المعصومين ...50
حرمة الخروج للحرب مع غير الإمام العادل ...54
هل كانت أمهات الأئمة (عليهم السلام) من الإماء؟ ...56
جواز الاسترقاق وعدمه ...57
من هي أم الولد؟ ...59
زواج الإمام (عليه السلام) تشريف وزيادة فخر ...59
الفصل الثاني: ...60
شخصية أم الإمام السجاد (عليهما السلام) ...63
المبحث الأول: أصلها ومن أين هی ...65
(1) نسبتها إلى بلاد فارس ...65
(2) نسبتها إلى بلدان أخرى ...68
المبحث الثاني: اسمها وما فيه من أقوال ...73
ص: 202
السبب في تعدد الأسماء ...73
الأسماء الفارسية ...77
الأسماء العربية ...82
تبرير تغيير الإمام (عليه السلام) اسمها ...85
المُختار في تعيين اسمها ...85
المبحث الثالث: سيرة أبيها ...87
أسماء أبيها ...87
إشكال على أبي الأسود الدولي في شعره ...88
إشكال على قول النبي (صلى الله عليه وآله) : «الله تعالى من عباده خیرتان ...89
الجواب عن الإشكالين ...90
المبحث الرابع: تاريخ ولادتها ...101
المبحث الخامس وصولها إلى المدينة المنورة ...102
معارك المسلمين في بلاد فارس ...102
ص: 203
مقتل يزدجر ...104
أين هم الأسرى؟! ...105
المبحث السادس: ارتباطها ببيت النبوة ...106
الأخبار حول وقت أسرها ...106
الطائفة الأولى ...106
الطائفة الثانية ....117
الطائفة الثالثة ...118
تعارض الطوائف الثلاث ...118
مناقشة الطوائف الثلاث ...119
مناقشة خصوص الطائفة الأولى ...125
مناقشة خصوص الطائفة الثانية ...132
مناقشة خصوص الطائفة الثالثة ...133
ملاحظة قد تؤخذ على هذه الروايات ...135
ص: 204
ترجيح إحدى الطوائف الثلاث ...138
إشكال من غير تأمل، والجواب عنه ...139
المبحث السابع: مواقف في حياة شهربانو ...141
إسلامها واختيارها للحسين (عليه السلام) ...141
لا تُصاهر غير أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ...143
هي بكر والحسين لم يتزوج بعد !!. ...144
وصية أمير المؤمنين لابنه الحسين (عليه السلام) ...146
أولاد وبنات ليزدجرد ...146
،أختان، ولكن بمن اقترنتا؟ ...148
رواية الفاضل الدربندي ...149
ما ترويه شهربانو عن أبيها ...149
يزدجرد والإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ...149
بر الإمام السجاد (عليه السلام) بأمه (الثانية) ...150
حاضنة على بن الحسين أم أمه؟! ...151
ص: 205
أخو الإمام (عليه السلام) من أمه ...152
أخ آخر لعلي بن الحسين (عليه السلام) ...156
اشتباه ابن سعد وابن قتيبة ...157
المبحث الثامن : معارضة لفكرة زواج الإمام الحسين من بنات الساسانيين ...158
(إشكال) أول معارض لفكرة الزواج ...160
الرد على هذا الإشكال ...161
كلمة صدقها قائلها ...162
الجواب عن هذه العصبية ...163
المبحث التاسع وفاتها وقبرها ...167
نظرة على مولد الإمام السجاد (عليه السلام) ...167
قبر آخر منسوب لها ...169
الشيخ الصدوق في مدينة الري ...170
ص: 206
شاه زنان في موكب الحسين عليه السلام ...170
قصة من غير مستند ...171
شهربانو في كربلاء ...172
شهربانوا تقتل نفسها !! ...174
مقبرة شهربانو في طهران ...175
المتحصل من هذا البحث ...177
مصادر التحقيق ...201
أهدي ثواب هذا العمل
إلى روح والدي الحاج حسين بن معتوق العُبيدان رحمه الله
ص: 207