منهاج الصالحين (العبادات , المعاملات)

هویة الکتاب

الكتاب : منهاج الصالحين (العبادات , المعاملات) ج1-2

المؤلف : فتاوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الطبعة: الثانية

الناشر: مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

المطبعة : الفرقان

الكمية : 2000 نسخة

ص: 1

المجلد 1- العبادات

اشارة

ص: 2

مقدمة الطبعة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

الله احمد استتماماً لنعمته والحمد فضله، واياه اشكر استسلاما لعزته والشكر طولُه، حمداً وشكراً كثيراً كما هو أهله واسأله تسهيل ما يلزم حمله، وتعليم مالا يسع جهله، واستعينه على القيام بما يبقى أجره، ويحسن في الملأ الاعلى ذكره، ويرجى مثوبته وذخره، واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له، واشهد ان محمداً عبده ورسوله(صلی الله علیه و آله) أرسله الى العالمين، وفضله واصطفاه على ما خلق اجمعين وعلى آله الذين حفظوا ما حمله، وعقلوا عنه ما عن جبريل عقله، حتى قرن بينهم وبين محكم كتابه وجعلهم قدوة لاولي الالباب صلاة دائمة بدوام الاحقاب.

اما بعد فيقول العبد الفقير الى رحمة ربه جل وعلا، الراجي توفيقه وتسديده علماً وعملاً، لخدمة الدين وحفظاً لشريعة سيد المرسلين (صلی الله علیه و آله) شمس الدين الواعظي عفى الله عنه وعن والديه وعافاه، نجل العلامة الجليل والاستاذ النبيل الذي صرف عمره في تربية أكثر من جيل أية الله الشيخ حامد الواعظي (قدس سره).

اعلم ايها المؤمن ان هذه الرسالة التي بين يديك الموسومة بمنهاج الصالحين والتي هي لأستاذنا الاعظم اية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره) قد طلب مني جماعة من المؤمنين ان اعلق عليها لبيان موارد الخلاف حسب نظرنا فأجبنا لذلك وبعد طبعها زاد طلبهم بشدة ملحة لادخالها في المتن فأجبتهم لذلك لتكون رسالة سهلة التناول وقد اضفت لها بعض المسائل وهي على جزءين: العبادات والمعاملات. وأما ما ذكر في منهاجه (قدس سره) من مستحدثات المسائل من الجزء الاول فقد اسقطناه من الطبع لقلته وقد أضفنا لها الكثير من المسائل وعلى نحو التفصيل في كتاب مستقل فمن اراد الاطلاع والاستفادة فليراجع تلك الرسالة.

الله أسأل مضاعفة التوفيق انه ولي الرشاد والسداد.

شمس الدين الواعظي

ص: 3

مقدمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله اعلاء لكلمته واخلاصاً لوحدانيته، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الهداة المهديين المنتجبين من خلقه أجمعين واللعنة الدائمة على معاديهم ومعناديهم وغاصبي حقوقهم الى قيام يوم الدين.

بعد ان كان من المعلوم لدى الجميع ان المكلف اذا بلغ فلابد له ان يحرز الأمتثال في التكاليف الشرعية الألزامية الموجهة اليه في الشريعة المقدسة، وهناك طرق لتحصيل الاحكام ايسرها لعامة الناس خو أخذها من خلال الرسالة العملية الخاصة بمقلده وبعد ان طبعت رسالتنا العملية بجزيئها حدثت فيها اخطاء مطبعية كثيرة وقد الحقنا نسخة من الخطأ والصواب ومع ذلك نفذت تلك الطبعة ولكثرة الطلب عليها من قبل المؤمنين أجزنا طباعتها ثانية مع تصحيح جميع الأخطاء سواء أكان في العبادات او المعاملات فأصبحت بهذه الصورة التي هي بين يديك فالله اسأل تمام التوفيق لجميع المؤمنين.

شمس الدين الواعظي

ص: 4

التقليد

(مسألة 1) : لايجب التقليد في اصول الدين والاحكام الضرورية. اما في غيرها فيجب على كل من لم يبلغ مرتبة الاجتهاد من المكلفين، سواءاً في عباداته، أومعاملاته، أوسائر أفعاله، أوتروكه : مقلداً، أو محتاطاً، الا ان يحصل له العلم بالحكم لضرورة أو غيرها كما في بعض الواجبات وكثير من المستحبات والمباحات.

(مسألة 2) : عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل، لا يجوز له الاجتزاء به الا ان يعلم بمطابقته للواقع أو لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً.

(مسألة 3) : الأقوى جواز ترك التقليد، والعمل بالاحتياط، سواء أكان في الفعل كما اذا احتمل كون الفعل واجبا وكان قاطعاً بعدم حرمته، أو في الترك كما اذا احتمل حرمة الفعل وكان قاطعاً بعدم وجوبه، سواء اقتضى التكرار كما إذا ترددت الصلاة بينالقصر والتمام أم لا، كما إذا احتمل وجوب الاقامة في الصلاة، لكن معرفة موارد الاحتياط متعذرة غالباً، أو متعسرة على العوام.

(مسألة 4) : التقليد هو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد ولا يتحقق بمجرد تعلم فتوى المجتهد ولا بالتزام بها من دون عمل ولا بأخذ الرسالة.

(مسألة 5) : يصح التقليد من الصبي المميز، فاذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه، جاز له البقاء على تقليده، ولا يجوز له أن يعدل عنه الى غيره، الا إذا كان الثاني أعلم.

(مسألة 6) : يشترط في مرجع التقليد : البلوغ، والعقل، والايمان، والذكورة، والاجتهاد، والعدالة، وطهارة المولد، وان لايقل ضبطه عن المتعارف،

ص: 5

والحياة فلا يجوز تقليد الميت ابتداءاً ويجوز بقاءاً بل يجب مع الاعلمية على الاحوط.

(مسألة 7) : اذا قلد مجتهداً فمات، فان كان أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده مطلقاً وإن لم يكن ذاكراَ لما تعلمه من المسائل. وان كان الحي اعلم وجب العدول اليه، مع العلم بالمخالفة بينهما، ولو إجملاً. وان تساويا في العلم، او لم يحرز الاعلم منهما جاز له البقاء على تقليده مطلقاً ما لم يعلم بمخالفة فتوى الحي لفتوى الميت، والا وجب الأخذ بأحوط القولين.

(مسألة 8) : اذا اختلف المجتهدون في الفتوى وجب الرجوع الى الاعلم، ومع التساوي وجب الاخذ بأحوط الاقوال، ولا عبرة بكون أحدهم أورع.

(مسألة 9) : اذا علم ان احد الشخصين اعلم من الاخر فان لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخير بينهما. وان علم الاختلاف وجب الفحص عن الاعلم ويحتاط – وجوباً – في مدة الفحص، فان عجز عن معرفة الاعلم فالأحوط – وجوباً – الاخذ باحوط القولين، مع الامكان، ومع عدمه يختار من كان احتمال الاعلمية فيه اقوى منه في الاخر، فان لم يكن احتمال الاعلمية في احدهما اقوى منه في الاخر تخير بينهما. وان علم انهما اما متساويان، او احدهما المعين اعلم وجب الاحتياط، فان لم يمكن وجب تقليد المعين.

(مسألة 10) : إذا قلد من ليس أهلاً للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها. وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم على الاحوط مع العلم بالمخالفة بينهما. وكذا لو قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم.

(مسألة 11) : إذا قلد مجتهداً ثم شك في أنه كان جامعاً للشرائط أم لا، وجب عليه الفحص. فإن تبين له أنه جامع للشرائط بقي على تقليده، وإن تبين أنه كان فاقداً لها، أو لم يتبين له شيء عدل إلى غيره. وأما أعماله السابقة فإن

ص: 6

عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائط، وان لم يعرف كيفيتها قيل بنى على الصحة ولكن فيه اشكال بل منع، نعم اذا كان الشك في خارج الوقت لم يجب عليه القضاء.

(مسألة 12) : إذا بقي على تقليد الميت - غفلة أو مسامحة - من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد، وعليه الرجوع إلى الحي في ذلك.

(مسألة 13) : إذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط، والتفت إليه - بعد مدة - كان كمن عمل من غير تقليد.

(مسألة 14) : لا يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أوّلاً، كما لا يجوز العدول من الحي إلى الحي إلا إذا صار الثاني أعلم.

(مسألة 15) : إذا تردد المجتهد في الفتوى، أو عدل من الفتوى إلى التردد، تخير المقلد بين الرجوع إلى غيره والاحتياط إن أمكن.

(مسألة 16) : إذا قلد مجتهداً يجوّز البقاء على تقليد الميت، فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة، بل يجب الرجوع فيها إلى الاعلم من الاحياء.

وإذا قلد مجتهداً فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي أو بوجوبه فعدل اليه ثم مات فقلد من يقول بوجوب البقاء، وجب عليه البقاء على تقليد الأول.

(مسألة 17) : إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم تجب عليه إعادة الأعمال الماضية، وإن كانت على خلاف رأي الحي في ما إذا لم يكن الخلل فيها موجباً لبطلانها مع الجهل، كمن

ص: 7

ترك السورة في صلاته اعتماداً على رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه إعادة ما صلاه بغير سورة.

(مسألة 18) : يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها، ويكفي أن يعلم - إجمالاً - أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط، ولا يلزم العلم - تفصيلاً - بذلك. وإذا عرضت له في أثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات، ثم يسأل عنها بعد الفراغ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل، وإن تبين البطلان أعاده.

(مسألة 19) : يجب تعلم مسائل الشك والسهو، التي هي في معرض الابتلاء، لئلا يقع في مخالفة الواقع.

(مسألة 20) : تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور:

الأول: العلم الحاصل بالاختبار وغيره

الثاني : شهادة عادلين بها ولا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضاً.

الثالث : حسن الظاهر، والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه الا خيراً.ويثبت اجتهاده - وأعلميته أيضا - بالعلم، وبالشياع المفيد للأطمئنان وبالبينة، وبخبر الثقة في وجه، ويعتبر في البينة وفي خبر الثقة هنا ان يكون المخبر من اهل الخبرة.

(مسألة 21) : من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها وكذلك من لم يكن أهلاً للقضاء يحرم عليه القضاء ولا يجوز الترافع اليه، ولا الشهادة عنده. والمال المأخوذ بحكمه حرام وان كان الآخذ محقاً،

ص: 8

الا اذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع اليه. هذا اذا كان المدعى به كلياً، واما اذا كان شخصياً فحرمة المال المأخوذ بحكمه، لا تخلو من أشكال.

(مسألة 22) : الظاهر ان المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه، بل اذا عرف مقداراً معتداً به من الاحكام جاز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الافضل، أو فتوى من يساويه في العلم، وينفذ قضاؤه ولو مع وجود الاعلم.

(مسألة 23) : إذا شك في موت المجتهد، أو في تبدل رأيه، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال.

(مسألة 24) : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد نفسه اذا لم يصرح الموكل بان يعمل على طبق فتوى الميت، او علم من حاله او من قرينة أخرى فلا بد حينئذ العمل على نحو يكون صحيحاً عندهما، وكذلك الحكم في الوصي.

(مسألة 25) : المأذون، والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف، أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد. وكذلك المنصوب من قبله ولياً وقيماً فإنه ينعزل بموته على الاظهر.

(مسألة 26) : حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر، إلا إذا علم مخالفته للواقع او كان صادراً عن تقصير في مقدماته.

(مسألة 27) : إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد، وجب عليه إعلام من سمع منه ذلك. ولكنه إذا تبدل رأي المجتهد، لم يجب عليه إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد.

(مسألة 28) : اذا تعارض الناقلان في الفتوى، فمع اختلاف التاريخ واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الاول يعمل بمتأخر التأريخ، وفي غير ذلك عمل بالاحتياط –على الاحوط وجوباً- حتى يتبين الحكم.

ص: 9

(مسألة 29) : العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة، وعدم الانحراف عنها يميناً وشمالاً، بان لا يرتكب معصية بترك واجب، أو فعل حرام، من دون عذر شرعاً ولا فرق في المعاصي من هذه الجهة، بين الصغيرة، والكبيرة. وفي عدد الكبائر خلاف.وقد عد من الكبائر : الشرك بالله تعالى، واليأس من روح الله تعالى، والامن من مكر الله تعالى، وعقوق الوالدين. وهو الاساءة إليهما. وقتل النفس المحرمة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم ظلماً، والفرار من الزحف، وأكل الربا، والزنا، واللواط، والسحر، واليمين الغموس الفاجرة وهي : الحلف بالله تعالى كذباً على وقوع أمر، أو على حق أمرئ أو منع حقه خاصة – كما يظهر من بعض النصوص- وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، وشرب الخمر، ومنها ترك الصلاة أو غيرها مما فرضه الله متعمداً، ونقض العهد، وقطيعة الرحم بمعنى: ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك، والتعرب بعد الهجرة الى البلاد التي ينقص فيها الدين، والسرقة، وإنكار ما أنزل الله تعالى، والكذب على الله أو على رسوله صلى الله عليه وآله أو على الأوصياء عليهم السلام بل مطلق الكذب، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والقمار، وأكل السحت، كثمن الميتة والخمر، والمسكر، وأجر الزانية، وثمن الكلب الذي لا يصطاد، والرشوة على الحكم ولو بالحق، وأجر الكاهن، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، وثمن الجارية المغنية، وثمن الشطرنج، فان جمع ذلك من السحت.

من الكبائر : البخس في المكيال والميزان، ومعونة الظالمين والركون إليهم والولاية لهم، وحبس الحقوق من غير عسر، والكبر، والإسراف والتبذير، والاستخفاف بالحج، والمحاربة لأولياء الله تعالى. والاشتغال بالملاهي، كالغناء بقصد التلهي-، وهو الصوت المشتمل على الترجيع المتعارف عند اهل الفسوق

ص: 10

وضرب الاوتار ونحوها مما يتعاطاه اهل الفسوق، والاصرار على الذنوب الصغيرة.

والغيبة، وهي: أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته، سواء أكان بقصد الانتقاص، أم لم يكن؛ وسواء أكان العيب في بدنه، ام في نسبه، أم في خلقه، أم في فعله، أم في قوله، أم في دينه، أم في دنياه، أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس. كما لا فرق في الذِكر بين أن يكون بالقول، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب. والظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه.

كما أن الظاهر أنه لا بد من تعيين المغتاب، فلو قال : واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة، وكذا لو قال: أحد أولاد زيد جبان. نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة. ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم والاحوط - استحباباً - الاستحلال من الشخص المغتاب إذا لم تترتب على ذلك مفسدة - أو الاستغفار له.

وقد تجوز الغيبة في موارد: منها: المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به. ومنها : الظالم لغيره، فيجوز للمظلوم غيبته والأحوط - استحباباً- الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً. ومنها: نصح المؤمن، فتجوز الغيبة بقصد النصح، كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه، و لو استلزم اظهار عيبها، بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة. و منها: ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها. ومنها: ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب، فتجوز غيبته،لئلا يترتب الضرر الديني. ومنها: جرح الشهود. ومنها : ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه. ومنها: القدح في المقالات الباطلة، وإن أدى ذلك إلى نقص في قائلها، وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح

ص: 11

في القائل بقلة التدبر، والتأمل، وسوء الفهم ونحو ذلك، وكأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق. عصمنا الله تعالى من الزلل، ووفقنا للعلم والعمل، إنه حسبنا ونعم الوكيل.

وقد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه: يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب، ويرد عنه. وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة. وأنه كان عليه كوزر من اغتاب.

ومن الكبائر: البهتان على المؤمن، وهو ذكره بعيب ليس هو فيه. ومنها سب المؤمن واهانته واذلاله. ومنها: النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم. ومنها: القيادة، وهي : السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرم. ومنها :الغش للمسلمين. ومنها :استحقار الذنب، فان أشد الذنوب ما استهان به صاحبه. ومنها: الرياء وغير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه.

(مسألة 30) : ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية وتعود بالتوبة والندم وقد مر أنه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة والكبيرة.

(مسألة 31) : الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة إن كان مسبوقاً بالفتوى أو ملحوقاً بها فهو استحبابي يجوز تركه، وإلا تخير العامي بين العمل بالاحتياط والرجوع إلى مجتهد آخر مراعياً الأعلم فالأعلم.

وكذلك موارد الإشكال والتأمل، فإذا قلنا: يجوز على إشكال أو على تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي. وإن قلنا: يجب على إشكال، أو على تأمل فإنه فتوى بالوجوب.

وإن قلنا المشهور كذا، أو قيل كذا، وفيه تأمل، أو فيه إشكال، فاللازم العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى مجتهد آخر.

ص: 12

(مسألة 32) : إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ولما لم تثبت عندنا فيتعين الاتيان بها برجاء المطلوبية.

وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

ص: 13

ص: 14

كتاب الطهارة

وفيه مباحث:

المبحث الأول: أقسام المياه وأحكامها

وفيه فصول:
الفصل الأول: ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين :

الأول : ماء مطلق، وهو : ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كالماء الذي يكون في البحر، أو النهر، أو البئر، أو غير ذلك فإنه يصح أن يقال له : ماء، وإضافته إلى البحر مثلا للتعيين لا لتصحيح الاستعمال.

الثاني : ماء مضاف، وهو : ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كماء الرمان، وماء الورد ،فإنه لا يقال له ماء إلا مجازاً، ولذا يصح سلب الماء عنه.

الفصل الثاني: الماء المطلق إما لا مادة له، أو له مادة.

و الأول : إما قليل لا يبلغ مقداره الكر، أو كثير يبلغ مقداره الكر. و القليل ينفعل بملاقاة النجس، وكذا المتنجس على الاقوى، الا إذا كان متدافعا بقوة، فالنجاسة تختص حينئذ بموضع الملاقاة، ولا تسري إلى غيره، سواء أ كان جارياً من الأعلى إلى الأسفل، كالماء المنصب من الميزاب إلى الموضع النجس،

ص: 15

فإنه لا تسري النجاسة إلى أجزاء العمود المنصب، فضلاً عن المقدار الجاري على السطح. أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى، كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى العمود، ولا إلى ما في داخل الفوارة. وكذا إذا كان متدافعاً من أحد الجانبين إلى الآخر. و أما الكثير الذي يبلغ الكر، فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلا عن المتنجس، إلا إذا تغير فعلياَ بلون النجاسة او طعمها او ريحها.

(مسألة 33) : إذا كانت النجاسة لا وصف لها، أو كان وصفها يوافق وصف الماء، لم ينجس الماء بوقوعها فيه، واما اذا كان بمقدار لو كان على خلاف وصف الماء لغيره، فالاحوط الاجتناب

(مسألة 34) : إذا تغير الماء بغير اللون والطعم والريح بل بالثقل، أو الثخانة، أو نحوهما لم يتنجس أيضاً.

(مسألة 35) : إذا تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضاً.

(مسألة 36) : إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس، إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس، كالماء المتغير بالدم يقع في الكر فيغير لونه، ويكون أصفر فإنه ينجس.

(مسألة 37) : يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة، ولو لم يكن متحداَ معه، فإذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس.

و الثاني : هو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة الا اذا تغير عن النهج السابق، فيما لا مادة له، من دون فرق بين ماء الانهار، وماء البئر، وماء العيون،وغيرها مما كان له مادة، ولابد في الذي له مادة من ان يبلغ الكّر، ولو

ص: 16

بضميمة ماله المادة اليه، فاذا بلغ ما في الحياض في الحمام مع مادته كراً لم ينجس بالملاقاة على الاقوى.

(مسألة 38) : يعتبر في عد تنجس الجاري اتصاله بالمادة، فلو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر، فان كان دون الكر ينجس، نعم اذا لاقى محل الرشح للنجاسة لاينجس.

(مسألة 39) : الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس والمتنجس.فالحوض المتصل بنهر اوبساقية لاينجس بالملاقاة ،وكذا أطراف النهر وان كان ماؤها راكداً.

(مسألة 40) : إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر فالطرف المتصل بالمادة لا ينجس بالملاقاة، وإن كان قليلاَ، والطرف الآخر حكمه حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض، وإلا فالمتنجس هو المقدار المتغير فقط لاتصال ماعداه بالمادة.

(مسألة 41) : إذا شك في ان للجاري مادة أم لا - وكان قليلا - ينجس بالملاقاة.

(مسألة 42) : ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة في حالة نزوله اذا صدق عليه المطر. اما لو وقع على شيء كورق الشجر او ظهر الخيمة أونحوهما، ثم وقع على النجس تنجس.

(مسألة 43) : إذا اجتمع ماء المطر في مكان - وكان قليلاَ - فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.

(مسألة 44) : الماء النجس إذا امتزج معه ماء المطر- بمقدار معتد به لا مثل القطرة، أو القطرات - طهر، وكذا ظرفه، كالإناء و الكوز ونحوهما.

ص: 17

(مسألة 45) : يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفاَ أن النازل من السماء ماء مطر، وإن كان الواقع على النجس قطرات منه، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة، فلا يجري عليه الحكم.

(مسألة 46) : الثوب او الفراش النجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره. واذا وصل الى ظاهره ولم ينفذ فيه يطهر ظاهره فقط. هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة، وإلا فلا يطهر الا اذا تقاطر عليه بعد زوال عينها.

(مسألة 47) : الأرض النجسة تطهر بوصول المطر إليها، بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح. وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر -كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان، فوصل مكانا نجساَ- لا يطهر، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقف حال استمرار التقاطر من السماء طهر.

(مسألة 48) : إذا تقاطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم ينجس، مادام متصلاً بماء السماء بتوالي تقاطره عليه.

(مسألة 49) : مقدار الكر وزناً بحقة الاسلامبول التي هي مائتان وثمانون مثقالاً صيرفياً (مائتان واثنتان وتسعون حقة ونصف الحقة) وبحسب وزنة النجف التي هي ثمانون حقة اسلامبول (ثلاثة وزنات ونصف وثلاث حقق وثلاث أوقية) وبالكيلو (ثلاثمائة وسبعة وسبعون كيلوا ونصف ومقداره في المساحة ما بلغ مكسره سبعة وعشرون شبراً بل الاحوط ( 43) شبراً

(مسألة 50) : لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه واختلافها، ولا بين وقوف الماء وركوده وجريانه. نعم إذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية

ص: 18

المجموع، ولا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه، نعم تكفي كرية المتدافع منه، بل وكرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه وعدم تنجسه بملاقاة النجس.

(مسألة 51) : لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام، فما في الحياض الصغيرة - إذا كان متصلا بالمادة، وكانت وحدها، أو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ - اعتصم، وأما إذا لم يكن متصلا بالمادة، أو لم تكن المادة - ولو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ - لم يعتصم.

(مسألة 52) : الماء الموجود في الأنابيب المتعارفة في زماننا بمنزلة المادة، فإذا كان الماء الموضوع في إجانة ونحوها من الظروف نجساَ وجرى عليه ماء الأنبوب طهر، بل يكون ذلك الماء أيضاً معتصماً، مادام ماء الانبوب جارياً عليه،فيجري عليه حكم ما الكر في التطهير به، وهكذا الحال في كل ما نجس، فانه اذا اتصل بالمادة طهر.

الفصل الثالث: حكم الماء القليل

الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر ومطهر من الحدث والخبث. و المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر ومطهر من الخبث، والأحوط - وجوباًَ - عدم استعماله في رفع الحدث إذا تمكن من ماء آخر، وإلا جمع بين الغسل أو الوضوء مع التيمم، والمستعمل في رفع الخبث نجس عدا ما يتعقب استعماله طهارة المحل، وعدا ماء الاستنجاء وسيأتي حكمه.

الفصل الرابع: حكم الماء المشتبه

إذا علم - إجمالا - بنجاسة أحد الإناءين سواءأ علم بطهارة الآخر لم يجز له رفع الخبث بأحدهما ولا رفع الحدث، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي

ص: 19

لأحدهما، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة، و إذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسلبأحدهما، ثم الغسل بالآخر، وكذلك رفع الحدث وإذا اشتبه المباح بالمغصوب حرم التصرف بكل منهما، ولكن لو غسل نجس بأحدهما طهر، ولا يرفع الحدث بأحدهما. و إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقاً. و ضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حداَ يوجب خروج بعضها عن مورد التكليف، ولو شك في كون الشبهة محصورة - أو غير محصورة فالاحوط –وجوباً- اجراء حكم المحصورة.

الفصل الخامس: الماء المضاف

الماء المضاف - كماء الورد ونحوه، وكذا سائر المايعات - ينجس القليل والكثير منها بمجرد الملاقاة للنجاسة الا إذا كان متدافعاَ على النجاسة بقوة كالجاري من العالي، والخارج من الفوارة، فتختص النجاسة - حينئذ - بالجزء الملاقي للنجاسة، ولا تسري إلى العمود.

وإذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا وإن اتصل بالماء المعتصم، كماء المطر أو الكر، نعم إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه. ومثل المضاف في الحكم المذكور سائر المايعات.

(مسألة 53) : الماء المضاف لا يرفع الخبث ولا الحدث.

(مسألة 54) : الأسئار كلها طاهرة، إلا سؤر الكلب، والخنزير والكافر غير الكتابي، بل الكتابي على الأحوط وجوباً، نعم يكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة. و أما المؤمن فان سؤره شفاء بل في بعض الروايات انه شفاء من سبعين داء.

ص: 20

المبحث الثاني: أحكام الخلوة

وفيه فصول:
الفصل الأول: أحكام التخلي

يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة - وهي القبل والدبر والبيضتان - عن كل ناظر مميز عدا الزوج والزوجة ،وشبههما كالمالك ومملوكته، والأمة المحللة بالنسبة الى المحلل له، فإنه يجوز لكل من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر نعم اذا كانت الامة مشتركة او مزوجة او محللة، او معتدّة لم يجز لمولاها النظر الى عورتها وفي حكم العورة ما بين السرة والركبة على الاحوط الوجوبي وكذا لايجوز النظر الى عورته. ويحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي بمقاديم بدنه، ولا يكفي امالة العورة ان كان مستقبلاً بمقاديم بدنه، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء، وإن كان الأحوط استحباباَ الترك، ولو اضطر إلى أحدهما. فالاقوى التخير والاولى اجتناب الاستقبال.

(مسألة 55) : لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي على الأحوط، إلا بعد اليأس عن معرفتها، وعدم إمكان الانتظار، أو كون الانتظار حرجياَ أو ضررياً.

(مسألة 56) : لا يجوز النظر إلى عورة غيره ،من وراء الزجاج ونحوه، ولا في المرآة ولا في الماء الصافي، الا للطبيب والاحوط وجوباً ان ينظر الى عورة المريض من وراء الزجاج.

(مسألة 57) : لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه، ولو بالفحوى.

ص: 21

(مسألة 58) : لا يجوز التخلي في المدارس ونحوها ما لم يعلم بعموم الوقف،ولو أخبر المتولي، أو بعض أهل المدرسة بذلك كفى ،وكذا الحال في سائر التصرفات فيها.

الفصل الثاني: كيفية الاستنجاء

يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين على الاحوط وجوباً، وفي الغسل بغير القليل يجزئ مرة واحدة على الاظهر ولا يجزئ غير الماء. واما موضع الغائط فان تعدى المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات، وإن لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى، ومسحه بالأحجار، أو الخرق، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة. و الماء أفضل، والجمع أكمل.

(مسألة 59) : الأحوط - وجوباً - اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها وإن حصل النقاء بالأقل.

(مسألة 60) : يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة.

(مسألة 61) : يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة، وأما العظم والروث، فلا يحرم الاستنجاء بهما، ولكن لا يطهر المحل به على الاحوط.

(مسألة 62) : يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، ولا تجب إزالة اللون والرائحة، ويجزئ في المسح إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.

(مسألة 63) : إذا خرج مع الغائط، أو قبله أو بعده، نجاسة أخرى مثل الدم، ولاقت المحل لايجزئ في تطهيره إلا الماء.

ص: 22

الفصل الثالث: مستحبات التخلي

يستحب للمتخلي - على ما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم - أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه، كما يستحب له تغطية الرأس والتقنع وهو يجزئ عنها، والتسمية عند التكشف، والدعاء بالمأثور، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء وأن يتكئ - حال الجلوس - على رجله اليسرى، ويفرج اليمنى. و يكره الجلوس في الشوارع، والمشارع، ومساقط الثمار، ومواضع اللعن : كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس، والمواضع المعدة لنزول القوافل، بل ربما يحرم الجلوس في هذه المواضع لطرو عنوان محرم، وكذا يكره استقبال قرص الشمس، أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء خصوصاً الراكد، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي، والكلام بغير ذكر الله، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم.

(مسألة 64) : ماء الاستنجاء طاهر على الاقوى، وان كان من البول فلا يجب الاجتناب عنه ولا عن ملاقيه إذا لم يتغير بالنجاسة، ولم تتجاوز نجاسة الموضع عن المحل المعتاد، ولم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة، ولم تصحبه نجاسة من الخارج أو من الداخل، فإذا اجتمعت هذه الشروط كان طاهراً، ولكن لايجوز الوضوء به على الاحوط.

ص: 23

الفصل الرابع: كيفية الاستبراء

كيفية الاستبراء من البول، أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، ثم ينترها ثلاثاً، و فائدته طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول، و لا يجب الوضوء منه.

ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء - وإن كان تركه لعدم التمكن منه - أو كان المشتبه مرددا بين البول والمني بنى على كونه بولاً، فيجب التطهر منه والوضوء، ويلحق بالاستبراء - في الفائدة المذكورة - طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء الشيء في المجرى. و لا استبراء للنساء، والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء، نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثم تغسله.

(مسألة 65) : فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره.

(مسألة 66) : إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه، وإن كان من عادته فعله. وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها، وإن كان ظاناً بالخروج.

(مسألة 67) : إذا علم أنه استبرأ أو استنجى وشك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة.

(مسألة 68) : لو علم بخروج المذي، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته وإن كان لم يستبرئ.

ص: 24

المبحث الثالث: الوضوء

وفيه فصول:
الفصل الأول: كيفية الوضوء واحكامه

والكلام في أجزائه وهي : غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين، فهنا أمور :

الأول : يجب غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً، والخارج عن ذلك ليس من الوجه، وإن وجب إدخال شيء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك، ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل ولا يجوز النكس، نعم لو رد الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.

(مسألة 69) : غير مستوي الخلقة – لطو ل الاصابع او لقصرها- يرجع الى متناسب الخلقة المتعارف، وكذا لو كان اغم قد نبت الشعر على جبهته او كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدمة رأسه فانه يرجع الى المتعارف. واما غير مستوي الخلقة – لكبر الوجه او لصغره – فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى والإبهام المتناسبتان مع وجهه.

(مسألة 70) : الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره، ولا يجب البحث عن الشعر المستور، فضلاً عن البشرة المستورة، نعم ما لا يحتاج غسله إلى بحث وطلب يجب غسله، وكذا الشعر الرقيق النابت في البشرة فإنه

ص: 25

يغسل مع البشرة، ومثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط وجوباً.

(مسألة 71) : لا يجب غسل باطن العين، والفم، والأنف، ومطبق الشفتين، والعينين.

(مسألة 72) : الشعر النابت في الخارج عن الحد إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، وكذا المقدار الخارج عن الحد، وإن كان نابتاً في داخل الحد، كمسترسل اللحية.

(مسألة 73) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل - ولو بمقدار رأس إبرة - لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه أن لا يكون عليها شيء من القيح، أو الكحل المانع، وكذا يلاحظ حاجبيه أن لا يكون عليهما شيء من الوسخ، وأن لا يكون على حاجبي المرأة وسمة أو خطاط له جرم مانع.

(مسألة 74) : إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أوالمسح يجب تحصيل اليقين بزواله، ولو شك في أصل وجوده يجب الفحص عنه – على الاحوط وجوباً إلا مع الاطمئنان بعدمه.

(مسألة 75) : الثقبة في الأنف - موضع الحلقة أو الخزامة - لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها، سواء أكانت فيها الحلقة أم لا.

الثاني : يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع مقدماً اليمنى على اليسرى، ويجب الابتداء بالمرفقين، ثم الأسفل منهما فالأسفل - عرفاً - إلى أطراف الأصابع.

و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها.

ص: 26

و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما، وكذا اللحم الزائد، والإصبع الزائدة، ولو كان له يد زائدة فوق المرفق فالاحوط استحباباً غسلها ايضاً. و لو اشتبهت الزائدة بالأصلية غسلهما جميعاً ومسح بهما جميعاً على الاحوط الوجوبي.

(مسألة 76) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد، يجب غسله مع اليد.

(مسألة 77) : يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة، حتى الغليظ منه على الأحوط وجوبا.

(مسألة 78) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر، فيجب غسله - حينئذ - ولو بإخراجها.

(مسألة 79) : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته، وإن كان معدوداً أجنبياً عن البشرة تجب إزالته

(مسألة 80) : ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين والاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه، باطل.

(مسألة 81) : يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلى الوجه أو من طرف المرفق، مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى، ولكن لايجوز أن ينوي الغسل لليسرىبإدخالها في الماء من المرفق، لانه يلزم تعذر المسح بماء الوضوء ،وكذا الحال في اليمنى إذا لم يغسل بها اليسرى واما قصد الغسل باخراج العضو من الماء – تدريجياً – فهو غير جائز مطلقاً على الاحوط.

(مسألة 82) : الوسخ تحت الأظفار اذا لم يكن زائداً على المتعارف لاتجب إزالته، الا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر. وإذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله بعد إزالة الوسخ.

ص: 27

(مسألة 83) : إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع، ويجب غسل ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة ولا يجب قطعه ليغسل ما كان تحت الجلدة، وان كان هو الاحوط وجوباً. ولو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم تحسب جزءاً من اليد.

(مسألة 84) : الشقوق التي تحدث على ظهر الكف - من جهة البرد - إن كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها، وإلا فلا. ومع الشك فالأحوط - استحباباً - الإيصال.

(مسألة 85) : ما ينجمد على الجرح - عند البرء - ويصير كالجلد لا يجب رفعه وإن حصل البرء،ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.

(مسألة 86) : يجوز الوضوء بماء المطر، إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه، مع مراعاة الأعلى فالأعلى. وكذلك بالنسبة إلى يديه. و لو قام تحت الميزاب أو نحوه ولو لم ينو من الأول، لكن بعد جريانه على جميع محال الوضوء مسح بيده على وجهه بقصد غسله، وكذا على يديه. وإن حصل الجريان كفى ايضاً.

(مسألة 87) : إذا شك في شيء أنه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن، فالأحوط - استحباباً - غسله، نعم اذا كان قبل ذلك من الظاهر وجب غسله.

الثالث : يجب مسح مقدم الرأس - وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة - ويكفي فيه المسمى طولاً وعرضاً. و الأحوط - استحباباً - أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع، والطول قدر طول إصبع. والأحوط - وجوباً - أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ويكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى بل الاحوط وجوباً ان يكون بباطنها.

ص: 28

(مسألة 88) : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده. فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجز المسح عليه.

(مسألة 89) : لا تضر كثرة بلل الماسح، وإن حصل معه الغسل.

(مسألة 90) : لو تعذر المسح بباطن الكف، مسح بغيره والاحوط –وجوباً- المسح بظاهر الكف، فان تعذر فالاحوط-وجوباً- ان يكون بباطن الذراع.

(مسألة 91) : يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلل ظاهر، بحيث يختلط بلل الماسح بمجرد المماسة.

(مسألة 92) : لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به على الأحوط وجوباً، نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها، إما احتياطاً، أو للعادة الجارية.

(مسألة 93) : لو جف ما على اليد من البلل لعذر، أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه ومسح به.

(مسألة 94) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالأحوط - استحباباً - الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم، والأظهر جواز الاكتفاء بالتيمم.

(مسألة 95) : لا يجوز المسح على العمامة، والقناع، أو غيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.

الرابع : يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين ،و الأحوط وجوباً المسح الى مفصل الساق، ويجزي المسمى عرضاً والاحوط وجوباً - مسح

ص: 29

اليمنى باليمنى أولاً ثم اليسرى باليسرى. وحكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس، وحكم البلة وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.

(مسألة 96) : لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً إذا لم يكن خارجاً عن المتعارف، وإلا وجب المسح على البشرة.

(مسألة 97) : لا يجزي المسح على الحائل كالخف لغير ضرورة، أو تقية، والاقوى جوازه مع الضرورة والاجتزاء بع مع التقية، ولا يجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء خارجه كما شرحناه مفصلاً في رسالة التقية.

(مسألة 98) : لو دار الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية، اختار الثاني

(مسألة 99) : يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية، ولا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية وزمانها، كما لايجب بذل المال لرفع التقية، واما في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقاً، نعم لايعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار اذا كان ضررياً.

(مسألة 100) : إذا زال السبب المسوّغ لغسل الرجلين بعد الوضوء لم تجب الاعادة في التقية ووجبت في سائر الضرورات ،كما تجب الاعادة اذا زال السبب المسوغ أثناء الوضوء مطلقاً.

(مسألة 101) : لو توضأ على خلاف التقية فالاظهر وجوب الإعادة.

(مسألة 102) : يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج، او بالعكس فيضع يده على الكعبين ويمسح الى اطراف

ص: 30

الاصابع تدريجياً، ولا يجوز ان يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول الى المفصل، ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح على الاحوط.

الفصل الثاني: حكم الجبيرة

من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة فإن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الاعلى الى الاسفل وجب -- وإن لم يتمكن من الغسل لخوف الضرر - اجتزأ بالمسح على الجبيرة، ولا يجزئ غسل الجبيرة عن مسحها على الاقوى، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.

(مسألة 103) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم. وان لم تكن معصبة غسل ما حولها، والأحوط - وجوباً - المسح عليها إن أمكن، ولا يجب وضع خرقة عليها ومسحها، وإن كان ذلك أحوط استحبابا.

(مسألة 104) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة. و أما الحاجب اللاصق - اتفاقاً - كالقير ونحوه فإن أمكن رفعه وجب، وإلا وجب التيمم إن لم يكن الحاجب في مواضعه، وإلا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 105) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح أو القرح أو الكسر، وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو - لألم، أو ورم، ونحو ذلك - فلا يجزئ المسح على الجبيرة بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر ونحوه. كما يختص الحكم بالجبيرة غير المستوعبة للعضو، أما اذا كانت مستوعبة للعضو فان كانت في الرأس او الرجلين تعين الجمع على الاحوط وان كانت في الوجه او اليد فلا يترك الاحتياط الوجوبي فيها الجمع بين وضوء الجبيرة والتيمم، وكذلك الحال مع استيعاب الجبيرة تمام

ص: 31

الاعضاء، و أما الجبيرة النجسة التي لا تصلح أن يمسح عليها فإن كانت بمقدار الجرح أجزأه غسل أطرافه، ويضع خرقة طاهرة على الجبيرة ويمسح عليها على الاحوط وان كانت أزيد من مقدار الجرح ولم يمكن رفعها وغسل ما حول الجرح تعين التيمم على الاظهر اذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، والا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 106) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء، ولكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً وكان مكشوفاً تخير المكلف بين الغسل والتيمم، وإذا اختار الغسل فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه. وأما إذا كان المانع كسراً فإن كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسحعلى الجبيرة، وأما إذا كان المحل مكشوفا، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

(مسألة 107) : لو كانت الجبيرة على العضو الماسح مسح ببلتها.

(مسألة 108) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء يجب عليه ان يتوضأ وضوء الجبيرة ويضم اليه التيمم على الاحوط.

(مسألة 109) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه، سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها ولاتجب عليه إعادته لغير ذات الوقت اذا كانت موسعة كالصلوات الآتية، اما لو برئ في السعة فالاحوط وجوباً ان لم يكن الاقوى الاعادة في جميع الصور المتقدمة.

(مسألة 110) : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.

ص: 32

(مسألة 111) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وان امكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضعها ومسح عليها وان لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم ان لم تكن الجبيرة في مواضعه، والا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 112) : في الجرح المكشوف اذا اراد وضع قماش طاهر عليه ومسحه وجب عليه أولاً أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثم وضعه.

(مسألة 113) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة، والاحوط - وجوباً ضم التيمم اذا كانت الاطراف المتضررة أزيد من المتعارف.

(مسألة 114) : إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه، فالمتعين التيمم.

(مسألة 115) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره - على وجه العصيان أم لا.

(مسألة 116) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً، لا يضره نجاسة باطنها.

(مسألة 117) : محل الفصد داخل في الجروح، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على الوصلة التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها. و أما إذا لم يمكن غسل المحل - لا من جهة الضرر، بل لأمر آخر، كعدم انقطاع الدم مثلا - فلا بد من التيمم، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.

(مسألة 118) : إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوباً لا يجوز المسح عليه، بل يجب رفعه وتبديله.

وإن كان ظاهره مباحا، وباطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرفاً فيه فلا يضر، وإلا بطل.

ص: 33

(مسألة 119) : لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه، فلو كانت حريراً، أو ذهباً، أو جزء حيوان غير مأكول، لم يضر بوضوئه، فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها، أو غصبيتها.

(مسألة 120) : ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة وإن احتمل البرء، وإذاظن البرء وزال الخوف وجب رفعها.

(مسألة 121) : إذا أمكن رفع الجبيرة، وغسل المحل لكن كان موجباً لفوات الوقت، فالأظهر العدول إلى التيمم.

(مسألة 122) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم، وصار كالشيء الواحد، ولم يمكن رفعه بعد البرء - بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم - فلا يجري عليه حكم الجبيرة، بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم.

(مسألة 123) : إذا كان العضو صحيحاً لكن كان نجساً، ولم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح، بل يتعين التيمم.

(مسألة 124) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحو المتعارف، كما أنه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة، إلا أن يحسب جزءاً منها بعد الوضع.

(مسألة 125) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث، وكذلك الغسل.

(مسألة 126) : يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر فاذا انكشف ارتفاعه في الوقت اعاد الوضوء والصلاة. واما اذا كان يائساً من رفع العذر فلا تجب الاعادة وان كان أحوط.

(مسألة 127) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة - لاعتقاده الكسر مثلا - فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع، لم يصح الوضوء ولا الغسل. و أما إذا تحقق الكسر فجبره، واعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة، ثم تبين عدم

ص: 34

الضرر، فالظاهر صحة وضوئه وغسله. وا ذا اعتقد عدم الضرر فغسل، ثم تبين أنه كان مضراً، وكانت وظيفته الجبيرة صح وضوؤه وغسله، الا اذا كان الضرر ضرراً كان تحمله حراماً شرعاً وكذلك يصحان لو اعتقد الضرر، ولكن ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل، ثم تبين عدم الضرر وأن وظيفته غسل البشرة، ولكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على امكان قصد القربة.

(مسألة 128) : في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم الاحوط وجوباً الجمع بينهما.

الفصل الثالث: في شرائط الوضوء

منها : طهارة الماء، و إطلاقه واباحته. و كذا عدم استعماله في التطهير من الخبث على الاحوط، بل ولا في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحباباً، على ما تقدم.

و منها : طهارة أعضاء الوضوء.

و منها : إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء على الاحوط وجوباً، و الاظهر عدم اعتبار إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به، بل الوظيفة مع الانحصار هي التيمم، لكنه لو خالف و توضأ بماء مباح من إناء مغصوب لايصح وضوؤه، من دون فرق بين الاغتراف منه - دفعة، أو تدريجاً - و الصب منه وكذا لايصح الوضوء في الاناء المغصوب اذا كان بنحو الارتماس فيه، كما ان الاظهر ان حكم المصب اذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول اليه حكم الاناء مع عدم الانحصار فوضوؤه يكون صحيحاً.

(مسألة 129) : يكفي طهارة كل عضو حين غسله، و لا يلزم أن تكون جميع الأعضاء - قبل الشروع - طاهرة، فلو كانت نجسة و غسل كل عضو بعد

ص: 35

تطهيره، أو طهره بغسل الوضوء كفى، و لا يضر تنجس عضو بعد غسله، و إن لم يتم الوضوء.

(مسألة 130) : إذا توضأ من إناء الذهب، أو الفضة، بالاغتراف منه - دفعة، أو تدريجاً، أو بالصب منه، فصحة الوضوء لاتخلو من وجه بل يصح مع عدم الانحصار. ولو توضأ بالارتماس فيه فالصحة مشكلة.

و منها : عدم المانع من استعمال الماء لمرض او عطش يخاف منه على نفسه أو على نفس محترمة. نعم الظاهر صحة الوضوء مع المخالفة في فرض العطش، ولاسيما إذا أراق الماء على أعلى جبهته ونوى الوضوء بعد ذلك- بتحريك الماء من أعلى الوجه الى اسفله.

(مسألة 131): إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء، فإن قصد أمر الصلاة الأدائي وكان عالماً بالضيق بطل. وان كان جاهلاً به صح. وان قصد أمر غاية أخرى ولو كانت هي الكون على الطهارة صح حتى مع العلم بالضيق.

(مسألة 132) : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف، أو النجس، أو مع الحائل، بين صورة العلم، و العمد، و الجهل، و النسيان. و كذلك الحال إذا كان الماء مغصوباً فانه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل. نعم يصح الوضوء به مع النسيان اذا لم يكن الناسي هو الغاصب.

(مسألة133) : إذا نسي غير الغاصب وتوضأ بالماء المغصوب والتفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء، صح ما مضى من أجزائه، و يجب تحصيل الماء المباح للباقي. و لكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات و قبل المسح، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوة، و إن كان الأحوط - استحباباً - إعادة الوضوء.

ص: 36

(مسألة 134) : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف بالمملوك، و يجري عليه حكم الغصب، فلا بد من العلم بإذن المالك، و لو بالفحوى أو شاهد الحال.

(مسألة 135) : يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة، سواء أ كانت قنوات، أو منشقة من شط، و إن لم يعلم رضا المالكين كذلك الارض الوسيعة جداً، او غير المحجبة فيجوز الوضوء و الجلوس و النوم و نحوها فيها، ما لم ينه المالك او علم بان المالك صغير او مجنون.

(مسألة 136): الحياض الواقعة في المساجد و المدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها، أو الطلاب الساكنين فيها، أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها، إلا مع جريان العادة بوضوء صنف خاص أو كل من يريد، مع عدم منع أحد، فإنه يجوز الوضوء لغيرهم منها اذا كشفت العادة عن عموم الإذن.

(مسألة 137): إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر. ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر، فالأظهر صحة وضوئه، و كذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد، و لكنه لم يتمكن و كان يحتمل أنه لا يتمكن، و اما إذا كان قاطعاً بالتمكن، ثم انكشف عدمه، فالظاهر صحة وضوئه، و كذلك يصح لو توضأ غفلة، أو باعتقاد عدم الاشتراط، و لا يجب عليه أن يصلي فيه، و إن كان أحوط.

(مسألة 138): إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته، فالظاهر صحة وضوئه. و كذا إذا دخل عصيانا و خرج و توضأ في حال الخروج، فالحكم فيه هو الحكم اذا توضأ حالة الدخول.

ص: 37

و منها : النية، و هي أن يقصد الفعل ويكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه أو رجاء الثواب، أو الخوف من العقاب. و يعتبر فيها الإخلاص فلو ضم إليها الرياء بطل، و لو ضم إليها غيره من الضمائم الراجحة، كالتنظيف من الوسخ، أو المباحة كالتبريد، فإن كانت الضميمة تابعة، أو كان كل من الامر والضميمة صالحاً للاستقلال في البعث الى الفعل لم تقدح وفي غير ذلك تقدح. والأظهر عدم قدح العجب حتى المقارن ،وان كان موجباً لحبط الثواب.

(مسألة 139): لا تعتبر نية الوجوب، و لا الندب، و لا غيرهما من الصفات و الغايات. و لو نوى الوجوب في موضع الندب، أو العكس - جهلاً أو نسيانا - صح. وكذا الحال إذا نوى التجديد و هو محدث أو نوى الرفع و هو متطهر.

(مسألة 140): لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة

(مسألة 141): لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد، و لو اجتمعت اسباب للغسل أجزأ غسل واحد بقصد الجميع، و كذا لو قصد الجنابة فقط، بلالاقوى ذلك أيضاً اذا قصد منها واحداً غير الجنابة و لو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع و لا واحد بعينه فالظاهر البطلان، الا ان يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً.

ومنها : مباشرة المتوضئ للغسل و المسح، فلو وضأه غيره – على نحو لايسند اليه الفعل – بطل الا مع الاضطرار، فيوضؤه غيره، ولكن هو الذي يتولى النية، والاحوط ان ينوي الموضئ أيضاً.

ص: 38

ومنها : الموالاة، و هي التتابع في الغسل و المسح بنحو لايلزم جفاف تمام السابق في الحال المتعارفة، فلا يقدح الجفاف لاجل حرارة الهواء او البدن الخارجة عن المتعارف.

(مسألة 142): الأحوط - وجوباً - عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه.

و منها : الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى، وكذا يجب الترتيب في اجزاء كل عضو، على ما تقدم، ولو عكس الترتيب - سهواً – اعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة، والا استأنف وكذا لو عكس –عمداً- الا ان يكون قد أتى بالجميع عن غير الامر الشرعي فيستأنف.

الفصل الرابع: أحكام الخلل

(مسألة 143): من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهر، و كذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً. و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث بنى على الطهارة، و إن ظن الحدث ظناً غير معتبر شرعاً.

(مسألة 144): إذا تيقن الحدث و الطهارة و شك في المتقدم و المتأخر تطهر، سواء علم تاريخ الطهارة، أو علم تاريخ الحدث، أو جهل تاريخهما جميعا.

(مسألة 145): إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل و تطهر لما يأتي، الا إذا تقدم منشأ الشك على العمل، بحيث لو التفت إليه قبل العمل لشك ،فان الاظهر –حينئذ- الاعادة.

ص: 39

(مسألة 146): إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة - مثلاً - قطعها و تطهر، و استأنف الصلاة.

(مسألة 147): لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به و بما بعده، مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما من الشرائط، وكذا لو شك في الإتيان بفعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، أما لو شك في ذلك بعد الفراغ لم يلتفت، و إذا شك في الجزء الأخير فإن كان ذلك قبل الدخول في الصلاة ونحوها مما يتوقف على الطهارة وقبل فوت الموالاة لزمه الاتيان به، والا فلا.

(مسألة 148): ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله على الاحوط، ولكنه يختص بغير الوسواسي، و أما الوسواسي وهوالذي لايكون لشكه منشأ عقلائي بحيث لايلتفت العقلاء الى مثله فلا يعتني بشكه مطلقا.

(مسألة 149): إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي شكه و صلى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر، فتجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت، و القضاء إن تذكر بعده.

(مسألة 150): إذا كان متوضئاً و توضأ للتجديد و صلى، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين و لم يعلم أيهما، فلا إشكال في صحة صلاته، و لا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً..

(مسألة 151): إذا توضأ وضوءين و صلى بعدهما، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما، يجب الوضوء للصلاة الآتية، لان الوضوء الاول معلوم الانتقاض والثاني غير محكوم ببقائه للشك في تأخره وتقدمه على الحدث. و أما الصلاة فيبني على صحتها لقاعدة الفراغ، وإذا كان في محل الفرض قد صلى بعد

ص: 40

كل وضوء صلاة، أعاد الوضوء لما تقدم واعاد الصلاة الثانية واما الصلاة الاولى فيحكم بصحتها لاستصحاب الطهارة بلا معارض والاحوط استحباباً – في هذه الصورة- اعادتها ايضاً.

(مسألة 152): إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءاً منه و لا يدري أنه الجزء الواجب أو المستحب، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

(مسألة 153): إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل، أو مسح في موضع الغسل، أو غسل في موضع المسح، ولكن شك في أنه هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة، او ضرورة أو تقية أو لا، بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر وجوب الإعادة.

(مسألة 154): إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله و لكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أو لا، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً، فالظاهر عدم صحة وضوئه.

(مسألة 155): إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب، أو شك في حاجبيته كالخاتم، أو علم بوجوده و لكن شك بعده في أنه أزاله، أو أنه أوصل الماء تحته، بنى على الصحة مع احتمال الالتفات حال الوضوء. و كذا إذا علم بوجود الحاجب، و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

(مسألة 156): إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك - بعده - في أنه طهرها أم لا، بنى على بقاء النجاسة، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال، و أما الوضوء فمحكوم بالصحة، و كذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك - بعدالوضوء - في أنه طهره قبله أم لا، فإنه يحكم بصحة وضوئه، و بقاء الماء نجسا، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه و بدنه.

ص: 41

الفصل الخامس: نواقض الوضوء

يحصل الحدث بأمور :

الأول و الثاني : خروج البول و الغائط، سواء أ كان من الموضع المعتاد بالاصل أم بالعارض، أم كان من غيره على الاحوط وجوباً، و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً.

الثالث : خروج الريح من الدبر أو من غيره، اذا كان من شأنه ان يخرج من الدبر، و لا عبرة بما يخرج من القبل و لو مع الاعتياد.

الرابع : النوم الغالب على العقل، و يعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائماً، و قاعداً، و مضطجعاً. و مثله كل ما غلب على العقل من جنون، أو إغماء، أو سكر، أو غير ذلك.

الخامس : الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة 157): إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم، و كذا إذا شك في أن الخارج بول، أو مذي، فإنه يبني على عدم كونه بولاً، إلا أن يكون قبل الاستبراء، فيحكم بأنه بول، فإن كان متوضئاً انتقض وضوؤه.

(مسألة 158): إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء، و كذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه.

(مسألة 159): لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ،أو الودي ،أو الوذي، و الأول ما يخرج بعد الملاعبة، و الثاني ما يخرج بعد خروج البول، و الثالث ما يخرج بعد خروج المني.

ص: 42

الفصل السادس: في المبطون والمسلوس

من استمر به الحدث في الجملة - كالمبطون، و المسلوس، ونحوهما - له أحوال اربع :

الأولى : أن تكون له فترة تسع الوضوء والصلاة الاختيارية، وحكمه وجوب انتظار تلك الفترة، والوضوء والصلاة فيها.

الثانية : أن لا يجد فترة أصلاً أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة، وحكمه الوضوء والصلاة وليس عليه الوضوء لصلاة أخرى الا ان يحدث حدثاً آخر، كالنوم وغيره، فيجدد الوضوء لها.

الثالثة : أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة ولا يكون عليه في تجديد الوضوء –في الاثناء مرة أو مرات – حرج، وحكمه الوضوء والصلاة في الفترة، ولاتجب عليه اعادة الوضوء اذا فاجأه الحدث اثناء صلاته وبعدها وان كان الاحوط أن يجدد الوضوء كلما فاجأه الحدث اثناء صلاته ويبني عليها، كما ان الاحوط اذا أحدث –بعد الصلاة- ان يتوضأ للصلاة الأخرى.

الرابعة : الصورة الثالثة لكن تجديد الوضوء – في الاثناء – حرجاً عليه، وحكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثاً آخر بل له ان يتوضأ لكل صلاة على الاحوط.

(مسألة 160): الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث و إن كان الأظهر عدم وجوبه، فيما إذا جازت له الصلاة.

(مسألة 161): يجب على المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه و ثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه، و لا يجب تغييره لكل صلاة.

ص: 43

الفصل السابع: خاتمة في الوضوء

لا يجب الوضوء لنفسه، و تتوقف صحة الصلاة - واجبة كانت، أو مندوبة - عليه، و كذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط استحباباً. و مثل الصلاة الطواف الواجب، و هو ما كان جزءاً من حجة أو عمرة، دون المندوب و إن وجب بالنذر، نعم يستحب له.

(مسألة 162): لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، حتى المد و التشديد و نحوهما، و لا مس اسم الجلالة و سائر أسمائه و صفاته على الأحوط وجوبا، وكذا إلحاق أسماء الأنبياء و الأوصياء و سيدة النساء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين به.

(مسألة 163): الوضوء مستحب لنفسه فلا حاجة في صحته الى جعل شيء غاية له. وان كان يجوز الاتيان به لغاية من الغايات المأمور بها مقيدة به فيجوز الاتيان به لاجلها، ويجب ان وجبت ويستحب ان استحبت، سواء اتوقف عليه صحتها أم كمالها.

(مسألة 164): لا فرق في جريان الحكم المذكور بين العربية والفارسية وغيرهما ولا بين الكتابة بالمداد والحفر والتطريز وغيرهما، كما لا فرق في الماس، بين ما تحله الحياة و غيره، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غير تابع للبشرة.

(مسألة 165): الألفاظ المشتركة بين القرآن و غيره يعتبر فيها قصد الكاتب، وان شك في قصد الكاتب جاز المس.

(مسألة 166): يجب الوضوء اذا وجبت احدى الغايات المذكورة آنفاً ويستحب اذا استحبت، وقد يجب بالنذر، وشبهه ويستحب للطواف المندوب،

ص: 44

ولسائر افعال الحج ولطلب الحاجة، ولحمل المصحف الشريف، ولصلاة الجنائز، وتلاوة القرآن، وللكون على الطهارة، ولغير ذلك.

(مسألة 167): اذا دخل وقت الفريضة يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة، كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة و كذا بقصد الغايات المستحبة الاخرى.

(مسألة 168): سنن الوضوء على ما ذكره العلماء رضوان الله عليهم : وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين ،و التسمية ،و الدعاء بالمأثور، و غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه - لحدث النوم، أو البول مرة، و للغائط مرتين - و المضمضة، و الاستنشاق، و تثليثهما و تقديم المضمضة، و الدعاء بالمأثور عندهما، و عند غسل الوجه و اليدين، و مسح الرأس، و الرجلين، و تثنية الغسلات، و الأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها و كذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى و كذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد، و يستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى و الثانية و المرأة تبدأ بالباطن فيهما، و يكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة.

المبحث الرابع: الغسل

اشارة

و الواجب منه لغيره : غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة و النفاس، و مس الأموات. و الواجب لنفسه : غسل الأموات.

فهنا مقاصد :

ص: 45

المقصد الأول: غسل الجنابة
وفيه فصول :
الفصل الأول: ما تحقق به الجنابة

سبب الجنابة أمران :

الأول : خروج المني من الموضع المعتاد وغيره، وان كان الاحوط استحباباً عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين اذا كان محدثاً بالاصغر.

(مسألة 169): إن عرف المني فلا إشكال، و إن لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد أمارة عليه، و مع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منياً. و في المريض يرجع إلى الشهوة والفتور.

(مسألة 170): من وجد على بدنه أو ثوبه منّياً، و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل، و يعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة، دون ما يحتمل سبقها عليها. و إن علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة، كانت الإعادة لها أحوط استحباباً. و إن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شيء.

(مسألة 171): إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما ففيه صورتان : الأولى : أن تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالمبالجنابة إجمالاً، و ذلك كحرمة استئجاره لدخول المسجد او للنيابة عن الصلاة عن ميت مثلاً، ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل - و لايجوز له استيجاره لدخول

ص: 46

المسجد، او للنيابة في الصلاة، نعم لابد له من التوضي ايضاً تحصيلاً للطهارة لما يتوقف عليها. الثانية : أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالاً، ففيها لا يجب الغسل على احدهما لا من حيث تكليف نفسه ولا من حيث تكليف غيره اذا لم يعلم بالفساد، أما لو علم اجمالاً لزمه الاحتياط فلا يجوز الائتمام لغيرهما باحدهما ان كان كل منهما موردا للابتلاء فضلاً عن الائتمام بكليهما، أو إتمام أحدهما بالاخر، كما لايجوز لغيرهما استنابة احدهما في صلاة او غيرها مما يعتبر فيه الطهارة.

(مسألة 172): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهراً.

الثاني : الجماع و لو لم ينزل، و يتحقق بدخول الحشفة في القبل، أو الدبر من المرأة، و أما في غيرها فالأحوط الجمع بين الغسل و الوضوء للواطئ و الموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر، و إلا يكتفي بالغسل فقط، و يكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها، بل الاحوط وجوباً، الاكتفاء بمجرد الإدخال منه.

(مسألة 173): إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل والمفعول به، من غير فرق بين الصغير و الكبير، و العاقل و المجنون، و القاصد و غيره، بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي اذا كان احدهما ميتاً.

(مسألة 174): إذا خرج المني بصورة الدم، وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً..

(مسألة 175): إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج إلى الخارج، لا يجب الغسل.

ص: 47

(مسألة 176): يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر على الغسل، و كان بعد دخول الوقت، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك. و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

(مسألة 177): إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا، لا يجب عليه الغسل، و كذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج، أو دبر، أو غيرهما وكذا اذا شك انه بمقدار الحشفة ام لا وان كان الغسل أحوط.

(مسألة 178): الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء إذا كان الواطئ، أو الموطوء محدثاً بالأصغر دون قبلها إلا مع الإنزال فيجب عليه الغسل دونها الا ان تنزل هي أيضاً، ولو ادخلت الخنثى، في الرجل، او الانثى مع عدم الانزال لايجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء. واذا أدخلالرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالانثى، وجب الغسل، على الخنثى دون الرجل والانثى على تفصيل تقدم في مسالة (171).

الفصل الثاني: صحة الغسل

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة، و هو أمور :

الأول : الصلاة مطلقاً، عدا صلاة الجنائز، و كذا أجزاؤها المنسية، بل سجود السهو على الأحوط استحبابا.

الثاني : الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً كما تقدم في الوضوء.

الثالث : الصوم، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر بطل صومه، و كذا صوم ناسي الغسل، على تفصيل سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

ص: 48

الرابع : مس كتابة القرآن الشريف، و مس اسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء.

الخامس : اللبث في المساجد، بل مطلق الدخول فيها، و إن كان لوضع شيء فيها، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز ومن خارجها، كما لا يجوز الدخول لأخذ شيء منها، و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا، و الخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين المسجد الحرام، و مسجد النبي صلى الله عليه وآله والأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام، بالمساجد في الأحكام المذكورة.

السادس : قراءة آية السجدة من سور العزائم، و هي ( ألم السجدة، و حم السجدة، و النجم، و العلق ) و الأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة.

(مسألة 179): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب، و إن لم يصلِّ فيه أحد، ولم تبق آثار المسجدية، وكذلك المساجد في الاراضي المفتوحة عنوة اذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة.

(مسألة 180): ما يشك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك لاتجري عليه أحكام المسجدية.

(مسألة 181): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة، و لا يستحق الأجرة المسماة، وان كان يستحق أجرة المثل. هذا اذا علم الاجير بجنابته أما إذا جهل بها فالأظهر جواز استئجاره، و كذلك الصبي و المجنون الجنب.

ص: 49

(مسألة 182): إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين، لا يجوز استئجارهما، و لا استئجار أحدهما لقراءة العزائم، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

(مسألة 183): مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

الفصل الثالث: ما يكره للجنب

قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل و الشرب إلا بعد الوضوء، أو المضمضة والاستنشاق، و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً، و يكره أيضاً مس ما عدا الكتابة من المصحف، و النوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.

الفصل الرابع: واجبات غسل الجنابة

و هي أمور : فمنها النية، ولابد فيها من الاستدامة الى آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء.

و منها : غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه، فلا بد من رفع الحاجب، و تخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل، و لا يجب غسل الشعر، إلا ما كان من توابع البدن، كالشعر الرقيق ولا يجب غسل الباطن ايضاً. نعم الأحوط استحباباً غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر الا اذا علم سابقاً أنه من الظاهر ثم شك في تبدله.

و منها : الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين :

ص: 50

أولاهما : الترتيب، بأن يغسل أولاً تمام الرأس - و منه العنق - ثم أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر، و لا بد في غسل كل عضو من إدخال شيء من الآخر من باب المقدمة، و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا، بل يكفي المسمى كيف كان، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً، ثم الجانب الأيمن، ثم الجانب الأيسر، كما يكفي رمس البعض، و الصب على الآخر ولا يكفي تحريك العضو المرموس في الماء على الاحوط.

ثانيتهما : الارتماس، و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها، فيخلل شعره فيها ان احتاج الى ذلك ويرفع قدمه عن الارض ان كانت موضوعة عليها. والاحوط وجوباً ان يحصل جميع ذلك في زمان واحد عرفاً.

(مسألة 184): النية في هذه الكيفية، يجب ان تكون مقارنة لتغطية تمام البدن.

(مسألة 185): يعتبر خروج البدن كلاً، او بعضاً من الماء ثم رمسه بقصد الغسل على الاحوط، ولو ارتمس في الماء لغرض ونوى الغسل بعد الارتماس، لم يكفه وان حرك بدنه تحت الماء.

ومنها : إطلاق الماء، و طهارته وإباحته، و المباشرة اختياراً، و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه، و طهارة العضو المغسول على نحو ما تقدم في الوضوء. و قد تقدم فيه أيضاً التفصيل في اعتبار إباحة الإناء و المصب، و حكم الجبيرة، و الحائل و غيرهما من أفراد الضرورة، و حكم الشك، و النسيان، و ارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء و بعد الفراغ منها فإن الغسل كالوضوء في جميعذلك نعم يفترق عنه في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز وان كان في الاثناء، وفي عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي.

ص: 51

(مسألة 186 ): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي.

(مسألة 187): يجوز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي.

(مسألة 188): يجوز الارتماس فيما دون الكر، و إن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

(مسألة 189): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت، فتبين ضيقه فغسله صحيح.

(مسألة 190): ماء غسل المرأة من الجنابة، أو الحيض، أو نحوهما عليها لا على الزوج.

(مسألة 191): إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله و اغتسل، و لم يستحضر النية تفصيلاً، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنه يغتسل، أما لو كان يتحير في الجواب بطل، لانتفاء النية.

(مسألة 192): إذا كان قاصداً عدم إعطاء العوض للحمامي، أو كان بناؤه على إعطاء الاموال المحرمة، أو على تأجيل العوض مع عدم احراز رضا الحمامي بطل غسله، وان استرضاه بعد ذلك.

(مسألة 193): إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل، و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم. و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحة.

(مسألة 194): إذا كان ماء الحمام مباحاً، لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل به.

ص: 52

(مسألة 195): لا يجوز الغسل في حوض المدرسة، إلا إذا علم بعموم الوقفية، أو الإباحة، نعم اذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرفات المتعارفة جاز.

(مسألة 196): الماء الذي يسبلونه، لا يجوز الوضوء، و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الاذن.

(مسألة 197): لبس المئزر الغصبي حال الغسل و إن كان محرماً في نفسه، لكنه لا يوجب بطلان الغسل.

الفصل الخامس: مستحبات غسل الجنابة

قد ذكر العلماء رضوان الله عليهم: أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً، ثم المضمضة ثلاثاً، ثم الاستنشاق ثلاثاً، و إمرار اليد على ما تناله منالجسد، خصوصاً في الترتيبي، بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج إلى التخليل، و نزع الخاتم و نحوه، و الاستبراء بالبول قبل الغسل.

(مسألة 198): الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل، لكن إذا تركه و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني، جرى عليه حكم المني ظاهراً، فيجب الغسل له كالمني، سواء أستبرأ بالخرطات، لتعذر البول أم لا، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى.

(مسألة 199): إذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله، لم تجب إعادة الغسل و إن احتمل خروج شيء من المني مع البول.

(مسألة 200): إذا دار أمر المشتبه بين البول و المني بعد الاستبراء بالبول و الخرطات، فان كان متطهراً من الحدثين، وجب عليه الغسل والوضوء معاً، وان كان محدثاً بالاصغر وجب عليه الوضوء فقط.

ص: 53

(مسألة 201): يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

(مسألة 202): إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل، و شك في أنه استبرأ بالبول، أم لا، بنى على عدمه فوجب عليه إعادة الغسل.

(مسألة 203): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار، أو يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى، أو الظلمة، أو نحو ذلك.

(مسألة 204): لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل، والاحوط وجوباً ضم الوضوء اليه.

(مسألة 205): إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر أتمها وتوضأ، ولكنه اذا عدل عن الغسل الترتيبي الى الارتماسي فيجب معه الوضوء وكذا في الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 206): إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل، فإن كان مماثلاً للحدث السابق، كالجنابة في أثناء غسلها، أو المس في أثناء غسله، فلا إشكال في وجوب الاستئناف، و إن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالآخر، و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ارتماسياً. واما في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود على النحو المأمور به واقعاً، و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 207): إذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن، رجع و أتى به، و كذا إذا كان بعد الدخول فيه لم يعتنِ ويبني على الاتيان به على الاقوى، واما اذا شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر.

ص: 54

(مسألة 208): إذا غسل أحد الأعضاء، ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك، سواء أكان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر، أم كان قبله.

(مسألة 209): إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه، و إذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة واحتمل الالتفات الى ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة لكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية

هذا اذا لم يصدر منه الحدث الاصغر بعد الصلاة، والا وجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل، بل وجبت إعادة الصلاة ايضاً اذا كان الشك في الوقت، وأما بعد مضيه فلا تجب اعادتها. واذا علم – اجمالاً – بعد الصلاة بطلان صلاته او غسله وجبت عليه اعادة الصلاة فقط.

(مسألة 210): إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة، أو بعضها واجب و بعضها مستحب، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة ( 141 ) فراجع.

(مسألة 211): إذا كان يعلم - إجمالا - أن عليه أغسالاً لا يعلم بعضها بعينه، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه. و إذا قصد البعض المعين كفى عن غير المعين. و إذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها أو بعينه يحتاج إلى الوضوء، بل الأظهر الحاجة إلى الوضوء مطلقاً. وفي الاستحاضة المتوسطة بطريق أولى، الا غسل الجنابة فانه لايجب معه الوضوء.

ص: 55

المقصد الثاني: غسل الحيض
وفيه فصول:
الفصل الأول: سبب الحيض

في سببه وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً، سواء خرج من الموضع المعتاد، أم من غيره وان كان خروجه بقطنة. وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال، بل الاحوط وجوباً الجمع بين احكام الطهارة والحائض. لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج.

(مسألة 212): إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض، أو من العُذرة، أو منهما، أدخلت قطنة وتركتها ملياً ثم اخرجتها اخراجاً رقيقاً، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العُذرة، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض ولا يصح عملها بقصد الامر الجزمي بدون ذلك ظاهراً.

(مسألة 213): إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق من حيض، أو عدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط وجوباً الجمع بين عمل الحائض والطاهرة. والأظهر جواز البناء على الطهارة.

ص: 56

الفصل الثاني: اعتبار البلوغ في تحقق الحيض

كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين ولو بلحظة، لاتكون له احكام الحيض، وان علمت انه حيض واقعاً، وكذا المرأة بعد اليأس ويتحقق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية ولكن الاحوط في القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة بعد بلوغها الخمسين وقبل بلوغها الستين إذا كان الدم بصفات الحيض أو انها رأته ايام عادتها.

(مسألة 214): الاقوى اجتماع الحيض والحمل حتى بعد استبانته، لكن لايترك الاحتياط فيما يرى بعد اول العادة بعشرين يوماً، اذا كان واجداً للصفات.

الفصل الثالث: أقل الحيض وأكثره

أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج، وليلة اليوم الاول كليلة اليوم الرابع خارجتان، والليلتان المتوسطتان داخلتان، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه في الليل، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم. و أكثر الحيضعشرة أيام، وكذلك أقل الطهر فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائداً على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض.

الفصل الرابع: احكام ذات العادة

تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة، فإن اتفقتا في الزمان والعدد - كأن رأت في أول كل من الشهرين

ص: 57

المتواليين او آخره سبعة أيام مثلاً - فالعادة وقتية وعددية. وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد - بأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة - فالعادة وقتية خاصة. وإن اتفقتا في العدد فقط - بأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني - مثلاً فالعادة عددية فقط.

(مسألة 215): ذات العادة الوقتية - سواء أ كانت عددية أم لا - تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة او قبلها، بيوم أو يومين. وإن كان أصفر رقيقاً فتترك العبادة، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 216): غير ذات العادة الوقتية - سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة - إذا رأت الدم وكان جامعا للصفات، مثل : الحرارة، والحمرة أو السواد، والخروج بحرقة، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً، وجب عليها قضاء الصلاة، وإن كان فاقداً للصفات، فلا يحكم بكونه حيضاً الا بعد مضي ثلاثة ايام.

(مسألة 217): وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بمقدار كثير، أو تأخر عنها فإن كان الدم جامعاً للصفات، تحيضت به أيضاً، والا تجري عليه أحكام الاستحاضة.

(مسألة 218): الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً.

الفصل الخامس: حكم الدم في ايام العادة

كل ما تراه المرأة من الدم ايام العادة فهو حيض، وان لم يكن الدم بصفات الحيض، وكل ما تراه في غير ايام العادة – وكان فاقداً للصفات- فهو

ص: 58

استحاضة، واذا رأت الدم ثلاثة ايام وانقطع، ثم رأته ثلاثة اخرى او ازيد فان كان مجموع النقاء والدمين لايزيد عن عشرة ايام كان الكل حيضاً واحداً، والنقاء المتخلل بحكم الدمين على الاقوى. وهذا اذا كان كل من الدمين في ايام العادة، او مع تقدم احدهما عليها بيوم أو يومين، او كان كل منهما بصفات الحيض، او كان احدهما بصفات الحيض، والاخر في ايام العادة. واما اذا كان احدهما، او كلاهما فاقداً للصفات، ولم يكن الفاقد في ايام العادة، كان الفاقد استحاضة. وان تجاوز المجموع عن العشرة، لكن لم يفصل بينهما اقل الطهر، فان كان احدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضاً، والآخر استحاضة مطلقاً. واما اذا لم يصادف شيء منهما العادة- ولو لعدم كونها ذات عادة – فان كان احدهما واجداًللصفات دون الاخر، جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، وان تساويا، فان كان كل منهما واجداً للصفات تحيضت بالاول على الاقوى، والاولى ان تحتاط في كل الدمين- وان لم يكن شيء منهما واجداً للصفات – عملت بوظائف المستحاضة في كليهما.

(مسألة 219): إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر، كان كل منهما حيضا مستقلاً، أذا كان كل منهما في العادة، أو واجد للصفات او كان احدهما في العادة، والآخر واجداً للصفات. واما الدم الفاقد لها في غير ايام العادة، فهو استحاضة.

الفصل السادس: انقطاع الدم دون العشرة

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بادخال القطنة، فإن خرجت ملوثة بقيت على التحيض، كما سيأتي، وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهرة، ولا استظهار عليها - هنا - حتى مع ظن العَود، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده فعليها

ص: 59

حينئذ ترتيب آثار الحيض. والاولى لها في كيفية ادخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط او نحوه رافعة احدى رجليها ثم تدخلها، واذا تركت الاستبراء لعذر، من نسيان او نحوه واغتسلت وصادف براءة الرحم صح غسلها، وإن تركته - لا لعذر - ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان : أقواهما ذلك أيضا. و إن لم تتمكن من الاستبراء، فالاحوط وجوباً لها الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء، الى ان تعلم بحصوله، فتعيد الغسل والصوم.

(مسألة 220): إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة، فإن كانت مبتدئة، أو لم تستقر لها عادة، أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة، أو يحصل النقاء قبلها، وإن كانت ذات عادة - دون العشرة - فإن كان ذلك الاستبراء في أيام العادة، فلا إشكال في بقائها على التحيض، وإن كان بعد انقضاء العادة بقيت على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم، وأنه ينقطع على العشرة، أو يستمر إلى ما بعد العشرة. فإن اتضح لها الاستمرار - قبل تمام العشرة - اغتسلت وعملت عمل المستحاضة، وإلا فالأحوط لها - استحباباً - الجمع بين أعمال المستحاضة، وتروك الحائض.

(مسألة 221): قد عرفت حكم الدم إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها، وأما إذا تجاوز العشرة فإن كانت ذات عادة وقتية وعددية تجعل ما في العادة حيضا، وإن كان فاقداً للصفات، وتجعل الزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها، هذا فيما إذا لم يمكن جعل واجد الصفات حيضاً، لامنضماً، ولا مستقلاً. واما اذا امكن ذلك كما إذا كانت عادتها ثلاثة - مثلاً - ثم انقطع الدم، ثم عاد بصفات الحيض، ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة، الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات، مع ما في العادة والنقاء المتخلل بينهما حيضاً،وكذلك اذا رأت الدم الاصفر بعد ايام عادتها وجاوز العشرة ،وبعد ذلك رأت الدم الواجد

ص: 60

للصفات، وكان الفصل بينه وبين ايام العادة عشرة ايام او اكثر، فإنها تجعل الدم الثاني حيضاً مستقلاً.

(مسألة 222): المبتدئة وهي المرأة التي ترى الدم لأول مرة. والمضطربة وهي : التي رأت الدم ولم تستقر لها عادة، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة رجعت الى التمييز بمعنى ان الدم المستمر اذا كان بعضه بصفات الحيض وبعضه فاقداً لها، او كان بعضه أسود وبعضه أحمر وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات او بالدم الاسود بشرط عدم نقصه عن ثلاثة ايام، وعدم زيادته على العشرة، وان لم تكن ذات تمييز فان كان الكل فاقداً للصفات، او كان الواجد اقل من ثلاثة كان الجميع استحاضة، وان كان الكل واجداً للصفات، وكان على لون واحد او كان المتميز اقل من ثلاثة او اكثر من عشرة، فالمبتدئة ترجع الى عادة اقاربها عدداً، وان اختلفن في العدد فالاظهر انها تتحيض في الشهر الاول ستة او سبعة ايام وتحتاط الى تمام العشرة،فيما يأتي من الاشهر المقبلة تتحيض بثلاثة أيام وتحتاط الى الستة او السبعة. واما المضطربة فالاظهر انها تتحيض ستة او سبعة ايام وتعمل- بعد ذلك- بوظائف المستحاضة.

(مسألة 223): إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا. وأما إذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضاً، والباقي استحاضة. وان احتملت العادة – فيما زاد على السبعة- فالاحوط وجوباً ان تجمع بين تروك الحائض، وأعمال المستحاضة في المقدار المحتمل الى تمام العشرة.

(مسألة 224):إذا كانت ذات عادة وقتية فقط ونسيتها، ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاث أيام او اكثر، ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً. واذا تجاوز الدم العشرة فان علمت المرأة – اجمالا- بمصادفة الدم ايام عادتها، لزمها الاحتياط في جميع ايام الدم، حتى فيما اذا لم يكن الدم في بعض الايام، او في

ص: 61

جميعها بصفات الحيض، وان لم تعلم بذلك فإن كان الدم مختلفاً من جهة الصفات، جعلت ما بصفات الحيض – اذا لم يقل عن ثلاثة ولم يزد عن عشرة أيام – حيضا،وما بصفة الاستحاضة استحاضة. وان لم يختلف الدم في الصفة، وكان جميعه بصفة الحيض، او كان ما بصفة الحيض اكثر من عشرة ايام، جعلت ستة او سبعة ايام حيضاً، والباقي استحاضة والاحوط وجوباً ان تحتاط الى العشرة والاولى ان تحتاط في جميع ايام الدم.

(مسألة 225): إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور :

الأولى : أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الحكم في المسألة السابقة، غير ان الدم اذا كان بصفة الحيض وتجاوز العشرة، او لم تعلم المرأة بمصادفة الدم ايام عادتها – رجعت الى عادتها من جهة العدد فتحيض بمقدارها والزائد عليه استحاضة.

الثانية : أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة كان ما تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض أو بدونها - حيضا، فإن كان الزائد عليه بصفة الحيض – ولم يتجاوز العشرة – فجميعه حيض، وإن تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادةفيه من الوقت، والباقي استحاضة، لكنها اذا احتملت– فيما زاد على السبعة الى العشرة- فالاحوط ان تعمل فيه بالاحتياط.

الثالثة : أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح :

الأول : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما - لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة - كان جميعه حيضاً، وأما إذا كان أزيد من عشرة - ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها - تحيضت بمقدار ما تحتمل انه عادتها لكن المحتمل اذا زاد على سبعة ايام، احتاطت في الزائد.

ص: 62

الثاني : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ،وأياماً بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم أيام عادتها، جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة. والاولى ان تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض.

اذا لم يزد المجموع على عشرة ايام.

الثالث : إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز، وعلمت بمصادفته ايام عادتها لزمها الاحتياط في جميع ايام الدم، سواء أكان الدم جميعه او بعضه بصفة الحيض، ام لم يكن.

(مسألة 226): اذا كانت المرأة ذات عادة مركبة، كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة فالاحوط لها الاحتياط بترتيب احكام المضطربة، وترتيب احكام ذات العادة، بل تجعل حيضها في الشهر الفرد ثلاثة، و في شهر الزوج اربعة وتحتاط بعد ذلك الى الستة او السبعة، وكذا اذا رأت في شهرين ثلاثة وفي شهرين متواليين اربعة فانها تجعل حيضها في شهرين ثلاثة وفي شهرين اربعة، ثم تحتاط في الستة أو السبعة.

الفصل السابع: أحكام الحيض

(مسألة 227): يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات - كالصلاة، والصيام، والطواف، والاعتكاف - ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم.

(مسألة 228): يحرم وطؤها في القبل، عليها وعلى الفاعل، بل قيل إنه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً أما وطؤها في الدبر فالأحوط وجوباً تركه، بل الاحوط ترك الوطئ في الدبر مطلقاً ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره بما تحت المئزر مما بين السرة والركبة، وإذا نقيت

ص: 63

من الدم، جاز وطؤها وإن لم تغتسل. ولا يجب غسل فرجها قبل الوطء وان كان احوط.

(مسألة 229): الأحوط - وجوباً - للزوج دون الزوجة - الكفارة عن الوطء في أول الحيض بدينار، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار. والدينار هو ( 18 ) حمّصه، من الذهب المسكوك، والأحوط - استحباباً - أيضا دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلا دفع القيمة وقت الدفع. ولا شيء على الساهي، والناسي، والصبي، والمجنون، والجاهل بالموضوع أو الحكم.

(مسألة 230): لا يصح طلاق الحائض وظهارها، إذا كانت مدخولاً بها - ولو دبراً - وكان زوجها حاضراً، أو في حكمه، إلا أن تكون حاملا فلا بأس به -حينئذ-، وإذا طلقها على أنها حائض فبانت طاهرة صح، وإن عكس فسد الطلاق.

(مسألة 231): يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، ويستحب للكون على الطهارة، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من حيث الارتماس، والترتيب. والظاهر عدم الاجتزاء به عن الوضوء كما في غسل الجنابة.

(مسألة 232): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في شهر رمضان بل والمنذور في وقت معين - على الأقوى - ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية، وصلاة الآيات، والمنذورة في وقت معين.

(مسألة 233): الظاهر أنها تصح طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صح، وتصح منها الأغسال المندوبة حينئذ وكذلك الوضوء.

ص: 64

(مسألة 234): يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة واجبة والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة، ذاكرة لله تعالى. والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 235): يكره لها الخضاب بالحناء، أو غيرها، وحمل المصحف ولمس هامشه، وما بين سطوره، وتعليقه.

ص: 65

المقصد الثالث: الاستحاضة

(مسألة 236): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة، بعكس دم الحيض، وربما كان بصفاته، ولا حد لكثيره، ولا لقليله، ولا للطهر المتخلل بين أفراده، ويتحقق قبل البلوغ وبعده وبعد اليأس وهو ناقض للطهارة بخروجه، ولو بمعونة القطنة من المحل المعتاد بالأصل، أو بالعارض، وفي غيره إشكال، ويكفي في بقاء حدثيته، بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها، والظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به، كما تقدم في الحيض.

(مسألة 237): الاستحاضة على ثلاثة أقسام : قليلة، ومتوسطة وكثيرة.

الأولى : ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية : ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمس القطنة ولا يسيل.

الثالثة : ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمسها ويسيل منها.

(مسألة 238): الأحوط لها الاختبار قبل الصلاة - بإدخال القطنة في الموضع المتعارف والصبر عليها بالمقدار المتعارف، واذا تركته –عمداً او سهواً- وصلّت، فان طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، صح والا بطل.

(مسألة 239): حكم القليلة وجوب تبديل القطنة، او تطهيرها على الاحوط وجوباً، ووجوب الوضوء لكل صلاة، فريضة كانت، أو نافلة، دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء او غيره.

ص: 66

(مسألة 240): حكم المتوسطة مضافاً إلى ما ذكر من الوضوء وتجديد القطنة او تطهيرها لكل صلاة على الاحوط، غسل قبل صلاة الصبح قبل الوضوء، او بعده.

(مسألة 241): حكم الكثيرة - مضافا إلى وجوب تجديد القطنة على الأحوط، والغسل للصبح –غسلان آخران احدهما للظهرين تجمع بينهما والآخر للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد، و يكفي للنوافل أغسال الفرائض ويجب لكل صلاة منها الوضوء، بل الظاهر وجوبه للفرائض.

(مسألة 242): اذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين، وإذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين، واذا حدثت بينهما وجب الغسل للمتأخرة منها، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً، أو سهواً، وجب الغسل للظهرين، وعليها إعادة صلاة الصبح، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء.

(مسألة 243): إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين. وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما.

(مسألة 244): إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاعَ برءٍ قبل الأعمال وجبت تلك الأعمال ولا إشكال، وإن كان بعد الشروع في الأعمال - قبل الفراغ من الصلاة - استأنفت الأعمال، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها، وإن كان الانقطاع بعد الصلاة إعادت إلاعمال والصلاة وهكذا الحكم إذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة والصلاة، بل الأحوط ذلك أيضاً، إذا كانت الفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة أو شك في ذلك، فضلاً عما إذا شك في أنها تسع الطهارة وتمام الصلاة، أو أن الانقطاع لبرء، أو فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة.

ص: 67

(مسألة 245): إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها، وإذا صلت قبلها بطلت صلاتها ولو مع الوضوء والغسل وإذا كانت الفترة في أول الوقت فأخرت الصلاة عنها - عمداً او نسياناً – عصت وعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها.

(مسألة 246): إذا انقطع الدم انقطاع برء، وجددت الوظيفة اللازمة لها، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها - حينئذ - حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.

(مسألة 247): إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما - عمداً اولعذر - وجب عليها تجديد الغسل مع الوضوء للعصر، وكذا الحكم في العشاءين.

(مسألة 248): إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة، أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة، فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال في أنها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية، أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف، وعمل الأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلها، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فتعمل أعمال الأعلى وتستأنف الصلاة، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما إذا كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به، فإذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح، ثم حصل الانتقال أعادت الغسل، حتى إذا كان في أثناء الصبح، فتعيد الغسل وتستأنف الصبح، وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيممت بدل الغسل وصلت، وإذا ضاق الوقت عن ذلك - أيضا - فالأحوط الاستمرار على عملها ثم القضاء.

(مسألة 249): إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأولى ،وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى

ص: 68

الباقي ،فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة - أو القليلة - اغتسلت للظهر، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين.

(مسألة 250): قد عرفت انه يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقة بدونه،مثل الذهاب إلى المصلى، وتهيئة المسجد ،ونحو ذلك، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة.

(مسألة 251): يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة، وشده بخرقة ونحو ذلك فإذا قصرت - وخرج الدم - أعادت الصلاة، بل الأحوط - وجوباً - إعادة الغسل.

(مسألة 252): الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، وعلى غسل الليلة الماضية، على الاحوط، والاحوط –استحباباً- في المتوسطة توقفه على غسل الفجر كما ان الاحوط –استحباباً – توقف جواز وطئها على الغسل. واما دخول المساجد وقراءة العزائم فالظاهر جوازهما مطلقاً، ولايجوز لها مس المصحف ونحوه قبل الغسل والوضوء بل الاحوط –وجوباً- عدم الجواز بعدهما ايضاً، ولا سيما مع الفصل المعتد به.

ص: 69

المقصد الرابع: النفاس

(مسألة 253): دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يعلم استناد خروج الدم إليها، ولا حد لقلته. وحد كثيره عشرة ايام، من حين الولادة وفيما اذا انفصل خروج الدم عن الولادة تحتاط في احتساب العشرة من حين الولادة او من زمان رؤية الدم، واذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاساً واذا لم تر فيها دماً لم يكن لها نفاسا اصلاً. ومبدأ حساب الاكثر من حين تمام الولادة لامن حين الشروع فيها، وان كان جريان الاحكام عليه من حين الشروع ولا يعتبر فصل اقل الطهر بين النفاسين، كما اذا ولدت توأمين- وقد رات الدم عند كل منهما- بل النقاء المتخلل بينهما طهر، ولو كان لحظة، بل لايعتبر الفصل بين النفاسين اصلاً، كما اذا ولدت ورأت الدم الى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم الى عشرة اخرى، فالدمان جميعهما نفاسان متواليان، واذا لم تر الدم حين الولادة ورأته قبل العشرة وانقطع عليها فذلك الدم نفاسها واذا رأته حين الولادة ثم انقطع، ثم رأته قبل العشرة وانقطع عليها فالدمان والنقاء بينهما كله نفاس واحد، وان كان الاحوط –استحباباً- في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة والنفساء.

(مسألة 254): الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس فإن كان منفصلاً عن الولادة بعشرة ايام نقاء فلا اشكال، وان كان متصلاً بها وعلم انه حيض وكان بشرائطه، جرى عليه حكمه، وان كان منفصلاً عنها باقل من عشرة ايام نقاء، او كان متصلاً بالولادة ولم يعلم انه حيض فالأظهر انه ان كان بشرائط الحيض وكان في ايام العادة، او كان واجداً لصفات الحيض فهو حيض، والا فهو استحاضة.

ص: 70

(مسألة 255): النفساء ثلاثة أقسام : 1 - التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس. 2 - التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عددية في الحيض، ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة. 3 - التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض، ففي هذه الصورة جعلت مقدار عادة حيض اقاربها نفاساً، واذا كانت عادتهن اقل من العشرة، احتاطت فيما زاد عنها الى العشرة.

(مسألة 256): إذا رأت الدم في اليوم الاول من الولادة، ثم انقطع، ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة، او قبله ففيه صورتان:

الأولى : أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من اول رؤية الدم ففي هذه الصورة كان الاول والثاني كلاهما نفاساً ويجري على النقاء المتخلل حكم النفاس على الاظهر، وان كان الاحوط فيه الجمع بين اعمال الطاهرة وترك النفساء.

الثانية : ان يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من اول رؤية الدم وهذا على اقسام:

1- ان تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الاول –وما رأته في ايام العادة والنقاء المتخلل – نفاساً، وما زاد على العادة استحاضة مثلاً: اذا كانت عادتها في الحيض سبعة ايام، فرأتالدم حين ولادتها يومين فانقطع، ثم رأته في اليوم السادس واستمر الى ان تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة، وكان زمان نفاسها، اليومين الاولين، واليوم السادس والسابع، والنقاء المتخلل بينهما، وما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.

ص: 71

2- ان تكون المرأة ذا عادة ولكنها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم، وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان

نفاسها هو الدم الاول وكان الدم الثاني استحاضة،ويجري عليها احكام الطهارة في النقاء المتخلل.

3- ان لا تكون ذات عادة في حيضها، وقد رأت الدم الثاني قبل مضي عادة اقاربها، ويتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان نفاساً مقدار عادة اقاربها، واذا كانت عادتهن اقل من العشرة احتاطت الى اليوم العاشر، وما بعده استحاضة.

4- ان لا تكون المراة ذات عادة في حيضها، وقد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة اقاربها، ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول، وتحتاط ايام النقاء، وأيام الدم الثاني الى اليوم العاشر.

ثم ان ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا. . مثلاً: اذا رأت الدم في اليوم الاول، والرابع، والسادس، ولم يتجاوز اليوم العاشر، كان جميع هذه الدماء والنقاء المتخلل بينها نفاساً، واذا تجاوز الدم اليوم العاشر، في هذه الصورة، وكانت عادتها في الحيض تسعة أيام كان نفاسها الى اليوم التاسع ومازاد استحاضة، واذا كانت عادتها خمسة ايام كان نفاسها الايام الاربعة الاولى، وفيما بعدها كانت طاهرة، ومستحاضة.

(مسألة 257): النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ويحرم وطؤها، ولا يصح طلاقها. والمشهور أن أحكام الحائض من الواجبات، والمحرمات والمستحبات، والمكروهات تثبت للنفساء أيضا، ولكن

ص: 72

جملة من الأفعال التي كانت محرمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء، وإن كان الأحوط وجوباً أن تجتنب عنها. وهذه الأفعال هي:

1 - قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.

2 - الدخول في المساجد بغير قصد العبور.

3 - المكث في المساجد.

4 - وضع شيء فيها.

5 - دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ولو كان بقصد العبور.

(مسألة 258): ما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام - بعد تمام نفاسها - استحاضة سواء أ كان الدم بصفات الحيض أو لم يكن، وسواء أكان الدم في أيام العادة أم لم يكن، وان استمر الدم بها الى ما بعد العشرة او انقطع وعاد بعد العشرة، فما كان منه في أيام العادة واجداً لصفات الحيض، فهو حيض، بشرط ان لايقل عن ثلاثة أيام وما لم يكن واجداً للصفات ولم يكن في ايام العادة، فهو استحاضة، واذا استمر بها الدم، او انقطع، وعاد بعد عشرة ايام من نفاسها، وصادف أيام عادتها، او كان الدم واجداً، لصفات الحيض ولم ينقطع على العشرة فالمرأة- ان كانت ذات عادة عددية- جعلت مقدار عادتها حيضها، والباقي استحاضة، وان لم تكن ذات عادة عددية رجعت الى التمييز، ومع عدمه رجعت الى العدد، على ما تقدم في الحيض.

ص: 73

المقصد الخامس: غسل الأموات
وفيه فصول:
الفصل الأول: في أحكام الاحتضار

(مسألة 259): يجب على الأحوط توجيه المحتضَر إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه اليها، بل الاحوط وجوباًً على المحتضَر نفسه إن أمكنه ذلك، ويعتبر في توجيه غير الولي إذن الولي على الأحوط، و ذكر العلماء ( رضوان الله عليهم ) أنه يستحب نقله إلى مصلاه إن اشتد عليه النزع وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي (صلی الله علیه و آله) والأئمة عليهم السلام و سائر الاعتقادات الحقة، و تلقينه كلمات الفرج، و يكره أن يحضره جنب أو حائض، وأن يمس حال النزع، وإذا مات يستحب أن تغمض عيناه، ويطبق فمه، ويشد لحياه، و تمد يداه إلى جانبيه، وساقاه، ويغطى بثوب، وأن يُقرأ عنده القرآن، و يسرج في المكان الذي مات فيه ان مات في الليل، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، و يعجل تجهيزه، إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته، ويكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره، وأن يترك وحده.

الفصل الثاني: في الغسل

تجب إزالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في الغسل على الاحوط الاولى، و إن كان الأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه. بل الاحوط وجوب غسل كل عضو قبل الغسل اذا لم يتنجس الماء بملاقاة المحل.

ص: 74

ثم ان الميت يغسل ثلاثة أغسال : الأول : بماء السدر، الثاني : بماء الكافور، الثالث : بالماء القراح، و كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي ولابد فيه من تقديم الأيمن على الأيسر ،و من النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 260): اذا كان المغسل غير الولي فلابد من اذن الولي على الاحوط وهو الزوج بالنسبة الى الزوجة، ثم المالك، ثم الطبقة الاولى في الميراث وهم الابوان والاولاد، ثم الثانية، وهم الاجداد والاخوة، ثم الثالثة وهم الاعمام والاخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي على الاحوط.

(مسألة 261): البالغون في كل طبقة مقدمون على غيرهم والذكور مقدمون على الإناث، وفي تقديم الأب في الطبقة الاولى على الأولاد، و الجد على الأخ، و الأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، و الأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال إشكال، والاحوط وجوباً – الاستئذان من الطرفين.

(مسألة 262): اذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلاً، أو امتنع عن الاذن، وعن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره ولو بلا أذن.

(مسألة 263): إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول، ولكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، و إذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين جاز له الرد في حياة الموصي، وليس له الرد بعد ذلك على الاحوط، وان كان الاظهر جوازه، لكنه اذا لم يرد وجب الاستيذان منه دون الولي.

(مسألة 264): يجب في التغسيل طهارة الماء و إباحته، و إباحة السدر والكافور ،بل الفضاء الذي يشغله الغسل، ومجرى الغسالة على النحو الذي مر في الوضوء، ومنه السُّدة التي يغسل عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل

ص: 75

عليها، أما معه فيسقط الغسل لكن اذا غسل حينئذ صح الغسل وكذلك التفصيل في ظرف الماء اذا كان مغصوباً.

(مسألة 265): يجزي تغسيل الميت قبل برده.

(مسألة 266): إذا تعذر السدر أو الكافور فالأحوط - وجوبا - الجمع بين التيمم بدلا عن كل من الغسل بماء السدر والكافور، وبين تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح، وينوي بالأولين البدلية علة الغسل بالسدر والكافور.

(مسألة 267): يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، و لا قليلاً بحيث لا يصدق أنه مخلوط بالسدر و الكافور، ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما، إذا لم يصدق الخلط، و لا فرق في السدر بين اليابس، والأخضر.

(مسألة 268): إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل ييمم على الأحوط - وجوباً - ثلاث مرات، ينوي بواحد منها ما في الذمة.

(مسألة 269): يجب أن يكون التيمم بيد الحي، و الأحوط - وجوباً - مع الإمكان أن يكون بيد الميت أيضاً.

(مسألة 270): يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم، لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، و إذا تجددت بعد الدفن و خيف على الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل، و إلا ففي وجوب نبشه و استئناف الغسل إشكال وان كان الاظهر وجوب النبش والغسل، وكذا الحكم فيما اذا تعذر السدر، او الكافور.

ص: 76

(مسألة 271): إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل، أو في أثنائه بنجاسة خارجية، أو منه وجب تطهيره و لو بعد وضعه في القبر، نعم لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 272): إذا خرج من الميت بول، أو مني ،لا تجب إعادة غسله، و لو قبل الوضع في القبر.

(مسألة 273): لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء و نحوه، مما لا يجب بذله مجاناً.

(مسألة 274): لايجوز ان يكون المغسل صبياً – على الاحوط وجوباً – وان كان تغسيله على الوجه الصحيح.

(مسألة 275): يجب في المغسل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة و الأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى، و لا العكس، و يستثنى من ذلك صور :

الأولى : ان يكون الميت طفلاً لم يتجاوز ثلاث سنين فيجوز للذكر و للأنثى تغسيله، سواء أ كان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أو لا.

الثانية : الزوج و الزوجة، فإنه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أ كان مجرداً أم من وراء الثياب، و سواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الحرة والامة، والدائمة والمنقطعة، و كذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة.

الثالثة : المحارم بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة والاحوط وجوباً اعتبار فقد المماثل، وكونه من وراء الثياب.

(مسألة 276): إذا اشتبه ميت بين الذكر و الأنثى، غسله كل من الذكر و الأنثى من وراء الثياب.

ص: 77

(مسألة 277): اذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم ان يغتسل أولاً ثم يغسل الميت والآمر هو الذي يتولى النية والاحوط استحباباً – نية كل من الآمر والمغسل - وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم كالكر والجاري تعين ذلك على الاحوط الا اذا امكن ان لايمس الماء ولا بدن الميت تخير حينئذ بينهما، واذا أمكن المخالف قدم على الكتابي واذا امكن المماثل بعد ذلك اعاد التغسيل.

(مسألة 278): إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، ولكن الاحوط – استحباباً تغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين.

(مسألة 279): إذا دفن الميت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه ،وكذا إذا ترك بعض الأغسال و لو سهواً، أو تبين بطلانها، أو بطلان بعضها، كل ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه.

(مسألة 280): إذا مات الميت محدثاً بالأكبر - كالجنابة أو الحيض - لا يجب إلا تغسيله غسل الميت فقط.

(مسألة 281): إذا كان مُحرماً لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج، و كذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يُقرَّب إليه طيب آخر، و لايلحق به المعتدة للوفاة و المعتكف.

(مسألة 282): يجب تغسيل كل مسلم و من بحكمه حتى المخالف عدا صنفين :

الأول : الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص، أو في حفظ بيضة الإسلام، ويشترط فيه أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب، أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فاذا ادركه المسلمون وبه

ص: 78

رمق غسل على الاحوط وجوباً، واذا كان في المعركة مسلم وكافر، واشتبه احدهما بالاخر، وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما وتكفينه ،ودفنه.

الثاني : من وجب قتله برجم أو قصاص، فإنه يغتسل و الأحوط أن يكون غسله كغسل الميت - المتقدم تفصيله - و يحنط و يكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه، و يدفن بلا تغسيل.

(مسألة 283): قد ذكروا للتغسيل سننا، مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، و أن يكون تحت الظلال، و أن يوجه إلى القبلة كحالة الاحتضار، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث، والأولى أن يجعل ساتراً لعورته، و أن تلين أصابعه برفق، و كذا جميع مفاصله، و أن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، و أن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات ثم بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ويغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل ويمسح بطنه في الأولين، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، و أن يحفر للماء حفيرة، و أن ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه. و ذكروا أيضاً أنه يكره إقعاده حال الغسل، و ترجيل شعره، وقص أظافره و جعله بين رجلي الغاسل، وإرسال الماء في الكنيف، و حلق رأسه، أو عانته، و قص شاربه، و تخليل ظفره، و غسله بالماء الساخن بالنار، أو مطلقاً إلا مع الاضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.

الفصل الثالث: واجبات التكفين وكيفيته وأحكامه

في التكفين، يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب :

الأول : المئزر ويجب ان يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.

ص: 79

الثاني : القميص، و يجب ان يكون ساتراً ما بين المنكبين إلى نصف الساق،

الثالث : الإزار، و يجب أن يغطي تمام البدن و الأحوط وجوباً في كل واحد منها أن يكون ساتراً لما تحته غير حاك عنه وان حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 284): لا بد في التكفين من اذن الولي على نحو ما تقدم في الغسل ولا يعتبر فيه نية القربة.

(مسألة 285): إذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار على الميسور، فإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار، و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص، و إن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل.

(مسألة 286): لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير، و لا بالنجس وحتى اذا كانت نجاسته معفواً عنها بل الأحوط - وجوباً - أن لا يكون مذهّباً، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه بل ولا من جلد المأكول وأما وبره وشعره، فيجوز التكفين به، واما في حال الاضطرار. فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين، و إذا تعدد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بغيره من تلك الانواع فالاحوط وجوباً الجمع بينهما واذا دار الامر بين الحرير وغير المتنجس منها، قدم غير الحرير، ولا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور.

(مسألة 287): لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار وفي جلد الميتة اشكال. والاحوط وجوباً مع الانحصار التكفين به.

(مسألة 288): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير على الاحوط وجوباً.

ص: 80

(مسألة 289): إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت - أو من غيره - وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر، بغسل أو بقرض اذا كان الموضع يسيراً، وان لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الامكان.

(مسألة 290): القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية، وكذا ما وجب في مؤنة تجهيزه و دفنه، من السدر و الكافور، و ماء الغسل، و قيمة الأرض، وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمال و الحفار، و نحوها.

(مسألة 291): كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو مجنونة أو غير مدخول بها، و كذا المطلقة الرجعية، ولا يترك الاحتياط في الناشز والمنقطعة، ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر وغيرهما من الاحوال.

(مسألة 292): يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها يساره، وان لا يكون محجوراً عليه قبل موتها بفلس، وان لايكون ماله متعلقاً به حق غيره برهن، او غيره، وان لايقترن موتها بموته، وعدم تعيينها الكفن بالوصية، لكن الاحوط وجوباً ان لم يكن اقوى في صورة فقد احد الشروط الثلاثة الأُوَل، وجوب الاستقراض إن امكن ولم يكن حرجياً، وكذا الاحتياط في صورة عدم العمل بوصيتها بالكفن.

(مسألة 293): كما أن كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر، والكافور وغيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا ان لم يكن اقوى.

(مسألة 294): الزائد على المقدار الواجب و ما يلحقه من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل الا مع رضا الورثة، واذا كان فيهم صغير او غير رشيد، لايجوز لوليه الاجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من

ص: 81

حصة الكاملين برضاهم، وكذا الحال في قيمة القدر الواجب فان الذي يخرج من الاصل ماهو اقل قيمة، ولا يجوز اخراج الاكثر منه الا مع رضاء الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لايحتاج الى بذل مال، وفي غيره يحتاج الى ذلك، لايجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفن فيه.

(مسألة 295): كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة.

(مسألة 296): إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه، ومع عدمه يدفن عارياً، ولايجب على المسلمين بذل كفنه.

تكملة : فيما ذكروا من سنن هذا الفصل : يستحب في الكفن العمامة للرجل و يكفي فيها المسمى، و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه على صدره، الأيمن على الأيسر، و الأيسر على الأيمن، و المقنعة للمرأة و يكفي فيها أيضاً المسمى، و لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها، و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو أنثى، و خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما، و لفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت، و الأولى كونها بُرداً يمانياً، و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه، يُستر به العورتان، و يوضع عليه شيء من الحنوط، و أن يحشى دبره و منخراه و قبل المرأة إذا خيف خروج شيء منه، و إجادة الكفن، و أن يكون من القطن الأبيض، وأن يكون من خالص المال و طهوره، و أن يكون ثوبا قد أحرم أو صلى فيه، و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة و أن يكتب على حاشية الكفن : فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمداً رسول الله، ثم يذكر الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد، و أنهم أولياء الله و أوصياء رسوله، و أن البعث و الثواب و العقاب حق، و أن يكتب على الكفن

ص: 82

دعاء الجوشن الصغير، والكبير، و يلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت، و قيل : ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه، لكنه لا يخلو من تأمل، و يستحب في التكفين أن يجعل الطرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت، و الأيسر على أيمنه، و أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، و إن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات، و رجليه إلى الركبتين، و يغسل كل موضع تنجس من بدنه، و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة، و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه، و يكره قطع الكفن بالحديد، و عمل الأكمام و الزرور له، و لو كفن في قميصه قطع أزراره، ويُكره بَلّ الخيوط التي يخاط بها بريقه.كما يكره تبخيره و تطييبه بغير الكافور و الذريرة، و أن يكون الكفن أسود بل مطلق المصبوغ، و أن يكتب عليه بالسواد وأن يكون من الكتان، وأن يكون ممزوجاً بإبريسم، و المماكسة في شرائه، و جعل العمامة بلا حنك، و كونه وسخاً، و كونه مخيطاً.

(مسألة 297): يستحب لكل أحد أن يهييء كفنه قبل موته و أن يكرر نظره إليه.

الفصل الرابع: في التحنيط

يجب إمساس مساجد الميت السبعة بالكافور، و يكفي المسمى والأحوط وجوباً أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة، والأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية، ويستحب سحقه باليد كما يستحب مسح مفاصله و لبته، و صدره، و باطن قدميه، و ظاهر كفيه.

ص: 83

(مسألة 298): محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم، قبل التكفين أو في أثنائه.

(مسألة 299): يشترط في الكافور أن يكون طاهراً مباحاً مسحوقاً له رائحة.

(مسألة 300): يكره إدخال الكافور في عين الميت، وأنفه، وأذنه وعلى وجهه.

الفصل الخامس: في الجريدتين

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان، احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار، والأولى أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسر فمن السدر، فإن لم يتيسرا فمن الخلاف، أو الرمان، والرمان مقدم على الخلاف، و إلا فمن كل عود رطب.

(مسألة 301): إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه، فالأولى جعلهما فوق القبر، واحدة عند رأسه، و الأخرى عند رجليه.

(مسألة 302): الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم، ويلزم حفظهما عن التلوث بما يوجب المهانة ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه.

ص: 84

الفصل السادس: في الصلاة على الميت

تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كل ميت مسلم، ذكراً كان أم أنثى، حراً أم عبداً، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً، و لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا بلغو ست سنين، و في استحبابها على من لم يبلغ ذلك وقد تولد حيا اشكال، الاحوط الاتيان بها برجاء المطلوبية. و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، و كذا لقيط دار الإسلام، بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط.

(مسألة 303): الأحوط في كيفيتها أن يكبر أولاً، و يتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانيا ويصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم يكبر ثالثاً و يدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً و ينصرف، والاحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة و لاقراءة فيها و لاتسليم. و يجب فيها أمور:

منها : النية على نحو ما تقدم في الوضوء

ومنها : حضور الميت فلا يصلى على الغائب.

ومنها : استقبال المصلي القبلة.

ومنها : أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي، و رجلاه إلى جهة يساره.

ومنها : أن يكون مستلقياً على قفاه.

ومنها : وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه، إلا ان يكون مأموما و قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.

ص: 85

ومنها : أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.

ومنها : أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار، و لايضر الستر بمثل التابوت ونحوه.

ومنها : أن يكون المصلي قائما، فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

ومنها : الموالاة بين التكبيرات و الأدعية.

ومنها : أن تكون الصلاة بعد التغسيل، و التحنيط، و التكفين ،قبل الدفن.

ومنها : أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر، و اللبن إن تعذر الكفن.

ومنها : إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى.

ومنها : إذن الولي على الأحوط إلا إذا أوصى الميت بان يصلي عليه شخص معين فلم يأذن له الولي، وأذن لغيره فلا يحتاج الى الأذن.

(مسألة 304): لايعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث و الخبث، و إباحة اللباس، و ستر العورة. وإن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع شرائط الصلاة، بل لا يترك الاحتياط وجوباً بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الإلتفات عن القبلة.

(مسألة 305): إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا،بنى على العدم، وإذا صلى و شك في صحة الصلاة و فسادها بنى على الصحة، و إذا علم

ص: 86

ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، و كذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.

(مسألة 306): يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد، لكنه مكروه الا إذا كان الميت من أهل الشرف في الدين.

(مسألة 307): لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة، صلى على قبره ما لم يتلاش بدنه.

(مسألة 308): يستحب أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل وعند صدر المرأة.

(مسألة 309): إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها. و الأولى مع اجتماع الرجل و المرأة، أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي و يجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل. و يجوز جعل الجنائز صفاً واحداً، فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج، و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع، تثنية الضمير، و جمعه.

(مسألة 310): يستحب في صلاة الميت الجماعة، و يعتبر في الإمام أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة، من البلوغ، و العقل، و الإيمان بل يعتبر فيه العدالة على الأحوط استحباباً، والاحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتقاء البعد، والحائل، وان لايكون موقف الامام اعلى من موقف المأموم، وغير ذلك.

(مسألة 311): إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام ،كبر مع الإمام، و جعله أول صلاته و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء و إن كان الدعاء أحوط.

ص: 87

(مسألة 312): لو صلى الصبي على الميت، لم تجز صلاته عن صلاة البالغين و إن كانت صلاته صحيحة.

(مسألة 313): إذا كان الولي للميت امرأة، جاز لها مباشرة الصلاة، و الإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.

(مسألة 314): لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم.

(مسألة 315): قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا :

منها : أن يكون المصلي على طهارة، و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ أو اغتسل.

ومنها : رفع اليدين عند التكبير.

ومنها : أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية.

ومنها : اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

ومنها : أن تكون الصلاة بالجماعة.ومنها : أن يقف المأموم خلف الإمام.

ومنها : الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين.

و منها : أن يقول قبل الصلاة : الصلاة - ثلاث مرات -.

(مسألة 316): أقل ما يجزئ من الصلاة أن يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أن لا إله الا الله، وأشهد أن محمد رسول الله(صلی الله علیه و آله)، ثم يقول: الله أكبر اللهم صلي على محمد وآل محمد، ثم يقول: الله أكبر اللهم أغفر للمؤمنين، ثم يقول: الله أكبر اللهم أغفر لهذا، ويشير الى الميت ثم يقول: الله أكبر.

ص: 88

الفصل السابع: في التشييع

يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، و يستحب لهم تشييعه، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة، ففي بعضها : من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، و لم يقل شيئا إلا و قال الملك : و لك مثل ذلك. و في بعضها : أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته. وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل: أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة، خاشعا متفكراً، حاملاً للجنازة على الكتف، قائلاً حين الحمل : بسم الله و بالله و صلى الله على محمد و آل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات.

و يكره الضحك و اللعب، و اللهو و الإسراع في المشي، و أن يقول : ارفقوا به، و استغفروا له، و الركوب و المشي قدام الجنازة، و الكلام بغير ذكر الله تعالى، و الدعاء و الاستغفار، و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة، فإنه يستحب له ذلك، و أن يمشي حافيا.

الفصل الثامن: احكام الدفن

تجب كفاية مواراة الميت في الارض، بحيث يؤمَن على جسده من السباع، وإيذاء رائحته للناس، ولا يكفي وضعه في بناء عليه أو تابوت وان حصل فيه الامران، ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة و إذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الاحوط، ومع تعذره سقط وجوب الاستقبال ان لم يمكن التأخير، و إذا كان الميت في البحر و لم يمكن دفنه في البر - و لو بالتأخير - غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و أحكم رأسها، و ألقي في البحر، أو ثقل

ص: 89

بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر، و الأحوط وجوباً اختيار الأول مع الإمكان، و كذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و التمثيل به.

(مسألة 317): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين، و كذا العكس.

(مسألة 318): إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة، و كذلك الحكم إن كان الجنين لم تلجه الروح.

(مسألة 319): لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة، و لا في المكان المملوك بغير إذن المالك، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك.

(مسألة 320): لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته ترابا، نعم إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه على الاقوى.

(مسألة 321): يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، و أن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس، و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب. و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة. و الذكر عند تناول الميت، و عند وضعه في اللحد، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك. و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس، وأن يحسر عن وجهه و يجعل خده على الأرض، و يعمل له وسادة من تراب، وأن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السلام معه. و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السلام، و أن يسد اللحد باللبن. و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين، و أن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكف غير ذي الرحم. و طم القبر و تربيعه لا مثلثاً، و لا مخمساً،

ص: 90

و لا غير ذلك. و رش الماء عليه دوراً يستقبل القبلة، و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صب على وسطه. و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش، و لا سيما اذا كان الميت هاشمياً، او الحاضر لم يحضر الصلاة عليه. والترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه، و صعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين و ألحقه بالصالحين، و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته. و أن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.

(مسألة 322): يكره دفن ميتين في قبر واحد. و نزول الأب في قبر ولده. و غير المحرم في قبر المرأة. و إهالة الرحم التراب. و فرش القبر بالساج من غير حاجة. و تجصيصه و تطيينه وتسنيمه. و المشي عليه و الجلوس و الاتكاء. و كذا البناء عليه و تجديده الا ان يكون الميت من اهل الشرف.

(مسألة 323): يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر، إلا المشاهد المشرفة ،و المواضع المحترمة فإنه يستحب ،و لا سيما الغري و الحائر. و في بعض الروايات أن من خواص الأول، إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير.

(مسألة 324): لا فرق في جواز النقل بين ما كان قبل الدفن و ما بعده إذا اتفق تحقق النبش، بل لايبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت

(مسألة 325): يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا، من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون، و يستثنى من ذلك موارد :

منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت، كالنقل الى المشاهد، كما تقدم او لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو.

ص: 91

ومنها : ما لو عارضه أمر راجح أهم، كما إذا توقف دفع مفسدة عظيمة على رؤية جسده.

ومنها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي، كما إذا دفن معه مال غيره - من خاتم و نحوه - فينبش لدفع ذلك الضرر المالي، و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته.

ومنها : ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين، أو تبين بطلان غسله، أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي، لوضعه في القبر على غير القبلة، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في مثل هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته، و إلا ففيه إشكال.

(مسألة 326): لايجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله الى المشاهد الشريفة، بل اللازم ان يدفن بمواراته في الارض مستقبلاً بوجهه القبلة على الوجه الشرعي، ثم ينقل بعد ذلك باذن الولي على نحو لايؤدي الى هتك حرمته.

(مسألة 327): اذا وضع الميت في سرداب، جاز فتح بابه وانزال ميت آخر فيه - اذا لم يظهر جسد الاول - اما للبناء عليه، او لوضعه في لحد داخل السرداب، اما اذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.

(مسألة 328): إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب و إلا جاز تقطيعه، و يتحرى الأرفق فالأرفق. و إن ماتت هي دونه، شق بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل الدخل في حياته، و إلا فمن أي جانب كان وأخرج، ثم يخاط بطنها، و تدفن.

(مسألة 329): إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر، غسل وحنط وكفن وصلي عليه ودفن، وكذا اذا كان الصدر وحده، او بعضه على الاحوط وجوباً

ص: 92

وفي الاخيرين يقتصر في التكفين على القميص والازار. وفي الاول يضاف اليهما المئزر ان وجد له محل، وان وجد غير عظم الصدر مجرداً كان، أو مشتملاً عليه اللحم، غسل وحنط ولف بخرقة ودفن على الاحوط وجوباً ولم يصل عليه، وان لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن على الاحوط وجوباً.

(مسألة 330): السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن و لم يصل عليه، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة على الأحوط وجوبا و دفن، لكن لو ولجته الروح حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه.

المقصد السادس: غسل مس الميت

يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده و قبل إتمام غسله، مسلما كان أو كافراً، حتى السقط إذا ولجته الروح وان لم يتم اربعة أشهر على الاحوط، و لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه، و لو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه.

(مسألة 331): لا فرق في الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن، كما لا فرق بين كون الماس و الممسوس مما تحله الحياة و عدمه، والعبرة في وجوب الغسل بالمس بالشعر أو بمسه بالصدق العرفي، ويختلف ذلك بطول الشعر وقصره.

(مسألة 332): لا فرق بين العاقل والمجنون، والصغير و الكبير، و المس الاختياري والاضطراري.

(مسألة 333): إذا مس الميت قبل برده، لم يجب الغسل بمسه. نعم يتنجس العضو الماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما، و إن كان الأحوط تطهيره مع الجفاف أيضا.

ص: 93

(مسألة 334): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي، أو الميت، إذا كانت مشتملة على العظم دون الخالية منه ودون العظم المجرد من الحي، اما العظم المجرد من الميت، او السن منه، فالاحوط استحباباً الغسل بمسه.

(مسألة 335): اذا قلع السن من الحي وكان معه لحم يسير، لم يجب الغسل بمسه.

(مسألة 336): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم. نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث مسه، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل، و الأحوط ضم الوضوء إليه إن كان الأظهر عدم وجوبه.

ص: 94

المقصد السابع: الأغسال المندوبة : زمانية، و مكانية، و فعلية

الأول : الأغسال الزمانية، و لها أفراد كثيرة :

منها : غسل الجمعة، و هو أهمها حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف، و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الزوال، و الأحوط أن ينوي فيما بين الزوال الى الغروب القربة المطلقة من دون قصد الأداء و القضاء، و إذا فاته إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب، و يجوز تقديمه يوم الخميس رجاءاً إن خاف إعواز الماء يوم الجمعة، و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه، و إذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

(مسألة 337): يصح غسل الجمعة من الجنب والحائض و يجزئ عن غسل الجنابة والحيض إذا كان بعد النقاء على الاقوى.

و منها : غسل يومي العيدين، و وقته من الفجر إلى زوال الشمس والأولى الإتيان به قبل الصلاة.

وغسل ليلة الفطر والاولى الاتيان به أول الليل. ويوم عرفة، والأولى الإتيان به قبيل الظهر. ويوم التروية، و هو الثامن من ذي الحجة ،والليلة الأولى، و السابعة عشرة، و الرابعة و العشرين من شهر رمضان و ليالي القدر والغسل عند احتراق قرص الشمس في الكسوف.

(مسألة 338): جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة واحدة، و لا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها، و يتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها.

ص: 95

والثاني : الأغسال المكانية، و لها أفراد كثيرة، كالغسل لدخول مكة، ولدخول الحرم، و دخول الكعبة، و لدخول المدينة ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآاله وسلم).

(مسألة 339): وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريبا منه.

والثالث : الأغسال الفعلية و هي قسمان : القسم الأول : ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام، أو لزيارة البيت الحرام، و الغسل للذبح و النحر، و الحلق، والغسل للاستخارة، أو الاستسقاء، أو المباهلة مع الخصم، و الغسل لوداع قبر النبي صلى الله عليه و آله والغسل لقضاء صلاة الكسوف اذا تركها متعمداً عالماً به مع احتراق القرص، و القسم الثاني : ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله.

(مسألة 340): يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه، و أول الليل لليلته، و لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة، و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل.

(مسألة 341): هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر وأنها لاتغني عن الوضوء، وهناك أغسال أخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة، و لكن لم يثبت عندنا استحبابها. و لا بأس بالإتيان بها رجاءً، و هي كثيرة نذكر جملة منها:1 - الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك و جميع ليالي العشر الأخيرة منه و أول يوم منه.

2 - غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

ص: 96

3 - الغسل في يوم الغدير و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام، و في اليوم الرابع و العشرين منه.

4 - الغسل يوم النيروز، و أول رجب، و نصفه و آخره، و يوم المبعث و هو السابع و العشرون منه.

5 - الغسل في يوم النصف من شعبان.

6 - الغسل في اليوم التاسع، و السابع عشر من ربيع الأول.

7 - الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

8 - الغسل لزيارة كل معصوم من قريب أو بعيد.

9 - الغسل لقتل الوزغ،وهذه الأغسال لا يغني شيء منها عن الوضوء.

ص: 97

المبحث الخامس: التيمم

و فيه فصول:
الفصل الأول: في مسوغاته

و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية و هو أمور : الأول : عدم وجدان ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله

(مسألة 342): إن علم بفقد الماء لم يجب عليه الفحص عنه، وان احتمل وجوده في رحله أو في القافلة، فالاقوى الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه، لا يبعد عدم وجوبه فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك و احتمل حدوثه، و اما اذا احتمل وجود الماء في الفلاة وجب عليه الطلب فيها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة، وسهمين في الأرض السهلة، من الجهات الأربع إن احتمل وجوده في كل واحدة منها، و إن علم بعدمه في بعض معين من الجهات الأربع لم يجب عليه الطلب فيها فان لم يتحمل وجوده الا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها دون غيرها، والبينة بمنزلة العلم. فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها.

(مسألة 343): يجوز الاستنابة في الطلب اذا كان النائب ثقة على الاظهر، واما اذا حصل العلم او الاطئمنان من قوله فلا إشكال.

(مسألة 344): اذا أخلّ بالطلب وتيمم صح تيممه ان حصل منه قصد القربة وصادف عدم حصول الماء.

ص: 98

(مسألة 345): اذا علم او اطمأن بوجود الماء في خارج الحدّ المذكور وجب عليه السعي اليه وان بَعُدَ، الا ان يلزم منه مشقة عظيمة.

(مسألة 346): إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده لم تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت و إن احتمل العثور على الماء لو اعاد الطلب لاحتمال تجدد وجوده، واما اذا انتقل عن ذلك المكان فيجب الطلب مع احتمال وجوده.

(مسألة 347): إذا طلب الماء بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات، فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة و إن احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدد وجوده.

(مسألة 348): المناط من السهم والرمي والقوس، والهواء والرامي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة والضعف.

(مسألة 349): يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت، كما يسقط اذا خاف على نفسه، أو ماله من لص، أو سبع، او نحو ذلك، وكذا اذا كان في طلبه حرج ومشقة لاتتحمل.

(مسألة 350): اذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى، لكن الأقوى صحة صلاته حينئذ. وإن علم انه لو طلب لعثر، لكن الاحوط استحباباً القضاء خصوصاً في الفرض المذكور.

(مسألة 351): إذا ترك الطلب في سعة الوقت وصلى بطلت صلاته وان تبين عدم وجود الماء، نعم لو حصل منه قصد القربة مع تبين عدم الماء بان نوى التيمم والصلاة برجاء المشروعية فالاقوى صحتها.

(مسألة 352): إذا طلب الماء فلم يجده فتيمم و صلى ثم تبين وجوده في محل الطلب من الرمية، أو الرميتين أو الرحل أو القافلة فالاحوط وجوباً الاعادة في الوقت. نعم لا يجب القضاء اذا كان التبين خارج الوقت.

ص: 99

(مسألة 353): إذا كانت الارض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها سهلة، يلحق كلاً حكمه من الرمية والرميتين.

الثاني: عدم التمكن من الوصول إلى الماء لعجز منه ولو كان عجزاً شرعياً، أو ما بحكمه، بأن كان الماء في اناء مغصوب، أو لخوفه على نفسه أو عرضه، أو ماله من سبع، او عدو، أو لص، او ضياع، أو غير ذلك.

الثالث : خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض أو زيادته أو بطئه، أو على النفس، او بعض البدن، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء، كما أن منه خوف الشَين، والذي يعسر تحمله وهو الخشونة المشوهة للخلقة، والمؤدية في بعض الأبدان الى تشقق الجلد.

الرابع: خوف العطش على نفسه أو على غيره الواجب حفظه عليه ،أو على نفس حيوان يكون من شأن المكلف الاحتفاظ بها والاهتمام بشأنها – كدابته وشاته ونحوهما – مما يكون تلفه موجباً للحرج أو الضرر.

الخامس : توقف تحصيله على الاستيهاب الموجب لذله و هوانه، أو على شرائه بثمن يضر بحاله، ويلحق به كل مورد يكون الوضوء فيه حرجياً لشدة حرّ، أو برد، أو نحو ذلك.

السادس : إن يكون مبتلى بواجب يتعين صرف الماء فيه، على نحو لايقوم غير الماء مقامه، مثل إزالة الخبث عن المسجد، فيجب عليه التيمم وصرف الماء في إزالة الخبث، واما اذا دار الامر بين ازالة الحدث وإزالة الخبث عن لباسه أو بدنه فالاولى ان يصرف الماء أولاً في إزالة الخبث ثم يتيمم بعد ذلك.

السابع : ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت، فيجوز التيمم في جميع الموارد المذكورة.

ص: 100

(مسألة 354): اذا خالف المكلف عمداً فتوضأ في مورد يكون الوضوء فيه حرجاً – كالوضوء في شدة البرد – صح وضوؤه، واذا خالف في مورد يكون الوضوءفيه محرماً بطل وضوؤه واذا خالف في مورد يجب فيه حفظ الماء- كما في الامر الرابع – فالظاهر صحة وضوئه، ولا سيما اذا أراقه على الوجه ثم رده من الاسفل الى الاعلى ونوى الوضوء بالغسل من الاعلى الى الاسفل، وكذا الحال في بقية الاعضاء.

(مسألة 355): اذا خالف فتطهر بالماء لعذر من نسيان، او غفلة صح وضوؤه في جميع الموارد المذكورة وكذلك مع الجهل فيما اذا لم يكن الوضوء محرماً في الواقع، أما اذا توضأ في ضيق الوقت فان نوى الامر المتعلق بالوضوء فعلاً صح، من غير فرق بين العمد والخطأ، وكذلك ما اذا نوى الامر الادائي فيما إذا لم يكن مشرعاً في عمله..

(مسألة 356): إذا آوى إلى فراشه و ذكر أنه ليس على وضوء، جاز له التيمم رجاء. و إن تمكن من استعمال الماء، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء وإدراك الصلاة، بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء.

الفصل الثاني: فيما يتيمم به

الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضا، سواء أ كان تراباً، أم رملاً، أو مدراً، أم حصى، أم صخراً أملس، و منه أرض الجص والنورة، قبل الإحراق، ولا يعتبر علوق شيء منه باليد، و إن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان.

(مسألة 357): لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض و إن كان أصله منها، كالرماد، والنبات، والمعادن والذهب و الفضة، ونحوها مما لايسمى

ص: 101

ارضاً. وأما العقيق والفيروزج و نحوهما من الأحجار الكريمة فالأحوط ان لا يتيمم به، وكذلك الخزف والجص والنورة بعد الإحراق حالة الاختيار، ومع الانحصار لزمه التيمم بها والصلاة، والاحوط القضاء خارج الوقت.

(مسألة 358): لا يجوز التيمم بالنجس، و لا المغصوب، و لا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً، و لو أكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمم فيه.

(مسألة 359): إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، و إذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح، بل يجب ذلك مع الانحصار، و كذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.

(مسألة 360): اذا عجز عن التيمم بالارض لأحد الأمور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية يتيمم بالغبار المجتمع على ثوبه، أو عرف دابته أو نحوهما، واذا كان غبار ما يصح التيمم به دون غيره كغبار الدقيق ونحوه ويجب مراعاة الاكثر فالاكثر على الاحوط، واذا أمكنه نفض الغبار وجمعه على نحو يصدق عليه التراب تعين ذلك.

(مسألة 361): اذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل وهو الطين، واذا أمكن تجفيفه والتيمم به، تعين ذلك.

(مسألة 362): إذا عجز عن الأرض، و الغبار، والوحل، كان فاقداً للطهور، والاحوط له الصلاة في الوقت والقضاء في خارجه. وإن كان الاظهر عدم وجوب الاداء. واذا تمكن من الثلج ولم يمكن اذابته والوضوء به، ولكن أمكنه مسح اعضاء الوضوء به على نحو يتحقق مسمى الغسل وجب واجتزأ به، واذا كان على نحو لا يتحقق الغسل تعين التيمم. وان كان الاحوط له الجمع بين التيمم، والمسح به والصلاة في الوقت.

ص: 102

(مسألة 363): الأحوط وجوباً نفض اليدين بعد الضرب، ويستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض و عواليها، و يكره أن يكون من مهابطها، و أن يكون من تراب الطريق.

الفصل الثالث: كيفية التيمم

كيفية التيمم أن يضرب بيديه على الأرض، وان يكون دفعة واحدة على الاحوط وجوباً ،وان يكون بباطنها، ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته و جبينيه من قصاص الشعر إلى الحاجبين و إلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، و الأحوط مسح الحاجبين أيضاً، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن الكف اليسرى، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

(مسألة 364): لا يجب المسح بتمام كل من الكفين، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة و الجبينين.

(مسألة 365): المراد من الجبهة الموضع المستوي. و المراد من الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

(مسألة 366): الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلاً عن الغسل أو الوضوء، و إن كان الأحوط وجوباً تعدد الضرب اذا كان بدلا من الغسل ضربة للوجه و ضربة للكفين.

(مسألة 367): إذا تعذر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، و كذا إذا كان نجساً نجاسة متعدية ولم يمكن الإزالة، أما إذا لم تكن متعدية ضرب به ومسح، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح والممسوح مطلقا، و إذا كان على الممسوح حائل لايمكن ازالته مسح عليه، أما إذا كان ذلك على الباطن

ص: 103

الماسح فالأحوط وجوباً الجمع بين الضرب به والمسح بالظاهر.

(مسألة 368): المحدث بالأصغر يتيمم بدلاً عن الوضوء. و الجنب يتيمم بدلاً عن الغسل، و المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل و إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً أو كان الحدث استحاضة متوسطة وجب عليه ان يتيمم أيضاً بدل الوضوء، واذا تمكن من الوضوء دون الغسل أتى به وتيمم عن الغسل، واذا تمكن من الغسل اتي به وهو لا يغني عن الوضوء كما في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فان لم يتمكن تيمم عنه.

الفصل الرابع: اشتراط النية في التيمم

يشترط في التيمم النية على ما تقدم في الوضوء، مقارناً بها الضرب على الاظهر.

(مسألة 369): لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل، بل تكفي نية الامر المتوجه اليه، ومع تعدد الامر لابد من تعينه بالنية.

(مسألة 370): الأقوى أن التيمم رافع للحدث حالة الاضطرار، لكن لاتجب فيه نية الرفع و لا نية الاستباحة للصلاة مثلاً.

(مسألة 371): يشترط فيه المباشرة والموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل، و يشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم، و الأحوط وجوباً البدأ من الأعلى و المسح منه إلى الأسفل.

(مسألة 372): مع الاضطرار يسقط المعسور، ويجب الميسور على حسب ما عرفت في الوضوء من حكم الأقطع، وذي الجبيرة، والحائل والعاجز عن المباشرة، كما يجري هنا حكم اللحم الزائد، واليد الزائدة وغير ذلك.

ص: 104

(مسألة 373): العاجز ييممه غيره ولكن يضرب بيد العاجز ويمسح بهما مع الامكان، ومع العجز يضرب المتولي بيدي نفسه، ويمسح بهما.

(مسألة 374): الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته، و أما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه.

(مسألة 375): إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و إن كانت لجهل أو نسيان، أما لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

(مسألة 376): الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمم.

(مسألة 377): الاحوط وجوباً اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم. واذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.

(مسألة 378): إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت، و لكن الشك إذا كان في الجزء الأخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في الامر المرتب عليه من صلاة و نحوها فالأحوط الالتفات إلى الشك، و لو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.

الفصل الخامس: أحكام التيمم

لا يجوز التيمم لصلاة موقتة قبل دخول وقتها ويجوز عند ضيق وقتها، وفي جوازه في السعة إشكال، والاظهر الجواز مع اليأس من حصول الماء ولو اتفق التمكن منه بعد الصلاة وجبت الاعادة.

(مسألة 379): إذا تيمم لصلاة فريضة، أو نافلة، لعذر فصلاها ثم دخل وقتأخرى فإن يئس من ارتفاع العذر والتمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة الى الصلاة في سعة وقتها، بل تجوز المبادرة مع عدم الياس ايضاً، و على كلا

ص: 105

التقديرين فان ارتفع العذر أثناء الوقت وجبت الاعادة.

(مسألة 380): لو وجد الماء في أثناء العمل فان كان قد دخل في صلاة فريضة او نافلة، او كان وجدانه بعد الدخول في ركوع الركعة الاولى بطلت صلاته. سواء أكان وجدانه قبل الركوع او بعده.

(مسألة 381): إذا تيمم المحدث بالأكبر بدلاً عن غسل الجنابة، ثم أحدث بالأصغر انتقض تيممه. فيتوضأ ويلزمه التيمم بعد ذلك، والأحوط استحباباً الجمع بين التيمم والوضوء ولو كان التيمم بدلاً من الحدث الاكبر غير الجنابة، ثم احدث بالاصغر لزمه التيمم بدلاً عن الغسل مع الوضوء، فان لم يتمكن من الوضوء أيضاً لزمه تيمم آخر بدلآً عنه.

(مسألة 382): لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء، أو الغسل بعد دخول الوقت، و إذا تعمد إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة، وجب عليه التيمم مع اليأس من الماء وأجزأه و لو تمكن بعد ذلك وجبت عليه إلاعادة في الوقت ولا يجب القضاء اذا كان التمكن خارج الوقت، ولو كان على وضوء لا يجوز إبطاله بعد دخول الوقت إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه، و لو أبطله و الحال هذه وجب عليه التيمم وأجزأه أيضاً على ما ذكر.

(مسألة 383): يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل، و كذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل، كقراءة القرآن، و الكون في المساجد و نحو ذلك بل لايبعد مشروعيته للكون على الطهارة، بل الظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به - كمس القرآن و مس اسم الله تعالى - كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء.

(مسألة 384): إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية وصحت منه،

ص: 106

فإذا تيمم للكون على الطهارة صحت منه الصلاة وجاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك مما تتوقف صحته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائية. نعم لايجزي ذلك فيما اذا تيمم لضيق الوقت.

(مسألة 385): ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية وإن تعذرت عليه بعد ذلك. وإذا وجد من تيمم تيممين - من الماء - ما يكفيه لوضوئه انتقض تيممه الذي هو بدل عنه، واذا وجد ما يكفيه للغسل انتقض ما هو بدل عنه خاصة، وإن امكنه الوضوء به. فلو فقد الماء بعد ذلك اعاد التيمم بدلاً من الغسل خاصة على اشكال في الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 386): إذا وجد جماعة متيممون ماءً مباحاً لا يكفي إلا لأحدهم، فإن تسابقوا إليه جميعاً فلم يسبق احدهم لم يبطل تيممهم و إن سبق أحدهم بطل تيمم السابق. وإن لم يتسابقوا اليه بطل تيمم الجميع واذا كان الماء مملوكاً و أباحه المالك للجميع، فإن أباحه لبعضهم بطل تيمم ذلك البعض لا غير.

(مسألة 387): حكم التداخل الذي مر سابقاً في الأغسال يجري في التيمم أيضا، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل، يكفي تيمم واحد عن الجميع، و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمم بدلاً عنه، و إلا وجب الوضوء أو تيمم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً، او كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 388): إذا اجتمع جنب و محدث بالأصغر و ميت وكان هناك ماء لا يكفي إلا لاحدهم فإن كان مملوكاً لأحدهم تعين صرفه لنفسه. والا فالمشهور انه يغتسل الجنب ويُيَمم الميت ويتيمم المحدث بالاصغر لكن تعين صرفه في الجنب لايخلو من اشكال.

ص: 107

(مسألة 389): إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم.

ص: 108

المبحث السادس: الطهارة من الخبث

وفيه فصول:
الفصل الأول: في عدد الأعيان النجسة وهي عشرة

الأول والثاني : البول و الغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل بالأصل أو بالعارض، كالجلال و الموطوء، أما ما لا نفس له سائلة او كان محلل الاكل فبوله وخرؤه طاهران.

(مسألة 390): بول الطير وذرقه طاهران، و إن كان غير مأكول اللحم كالخفاش والطاووس ونحوهما ولكن في خصوص الخفاش لايترك الاحتياط.

(مسألة 391): ما يشك في أن له نفساً سائلة، محكوم بطهارة بوله وخرئه، وكذا ما يشك في أنه محلل الأكل، أو محرمه.

الثالث : المني من كل حيوان له نفس سائلة و إن حل أكل لحمه، و أما مني ما لا نفس له سائلة فطاهر.

الرابع : الميتة من الحيوان ذي نفس السائلة و إن كان محلل الأكل و كذا أجزاؤها المبانة منها و إن كانت صغاراً.

(مسألة 392): الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة، و يستثنى من ذلك : الثالول، و البثور، و ما يعلو الشفة، و القروح و نحوها عند البرء، و قشور الجرب و نحوه المتصل بما ينفصل من شعره، و ما ينفصل بالحك و نحوه من بعض الأبدان، فإن ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

ص: 109

(مسألة 393): أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة، و هي : الصوف، و الشعر، والوبر، والعظم، والقرن، والمنقار، والظفر، والمخلب، والريش، والظلف، و السن، و البيضة إذا اكتست القشر الأعلى و إن لم يتصلب، سواء أكان ذلك كله مأخوذاً من الحيوان الحلال أم الحرام، و سواء أخذ بجزًّ، أم نتفٍ، أم غيرهما، نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة، و يلحق بالمذكورات الأنفحة ،و كذلك اللبن في الضرع اذا كان مما يؤكل لحمه ولاينجس بملاقاة الضرع النجس، و إن كان الأحوط استحباباً اجتنابه. هذا كله في الميتة طاهرة العين، أما ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء.

(مسألة 394): فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحي أما اذا نفصلت من الميت ففيها اشكال، و مع الشك في ذلك يبنى على الطهارة، و أما المسك فطاهر على كل حال، الا ان يعلم برطوبته المسرية حال موت الضبي ففيه اشكال.

(مسألة 395): ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، كالوزغ و العقرب والسمك، و منه الخفاش على ما قضى به الاختبار، وكذا ميتة ما يشك في أن له نفساً سائلة أم لا.

(مسألة 396): المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي.

(مسألة 397): ما يؤخذ من يد المسلم، أو سوقهم من اللحم و الشحم و الجلد إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلية ظاهراً، بل لايبعد ذلك حتى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل ان المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي، وكذا ما صنع في ارض الاسلام أو وجد مطروحاً في ارض المسلمين اذا كان عليه اثر الاستعمال منهم الدال على التذكية مثل ظرف الماء والسمن واللبن، لا مثل ظروف العذرات والنجاسات.

ص: 110

(مسألة 398): المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة ايضاً إذا احتمل انها مأخوذة من المذكى، لكنه لايجوز اكلها، ولا الصلاة فيها ما لم يحرز أخذها من المذكي، ولو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 399): السقط قبل ولوج الروح نجس، وكذا الفرخ في البيض على الاحوط وجوباً فيهما.

(مسألة 400): الأنفحة - و هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي، أو السخل قبل أن يأكل.

الخامس : الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أما دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك والبرغوث، والقمل، ونحوها فإنه طاهر.

(مسألة 401): إذا وجد في ثوبه مثلاً دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بنى على طهارته.

(مسألة 402): دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس وأما الدم الذي يكون في البيضة نجس على الاحوط وجوباً.

(مسألة 403): الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر،الا ان يتنجس بنجاسة خارجية کالسكين التي يذبح بها.

(مسألة 404): إذا خرج من الجرح، أو الدمل شيء أصفر يشك في أنه دم أم لا، يحكم بطهارته، و كذا إذا شك من جهة الظلمة أنه دم أم قيح، لا يجب عليه الاستعلام، و كذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها.

(مسألة 405): الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجس له على الاحوط وجوباً.

ص: 111

السادس و السابع : الكلب و الخنزير البريان، بجميع أجزائهما و فضلاتهما و رطوبتهما دون البحريين.الثامن : المسكر المائع بالأصالة بجميع اقسامه، لكن الحكم في غير الخمر والنبيذ المسكر مبني على الاحتياط، وأما الجامد كالحشيشة - و إن غلى و صار مائعا بالعارض - فهو طاهر لكنه حرام، و أما السبيرتو المتخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخرى فالظاهر طهارته اذا اخذ من الاخشاب ولم يكن مسكراً والا فهو نجس حتى لو اخذ من الاخشاب.

(مسألة 406): العصير العنبي إذا غلى بالنار أو بغيرها فالظاهر بقاؤه على الطهارة و إن صار حراما ولكن الاحوط الاجتناب عنه، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالاً والظاهر عدم كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلية.

(مسألة 407): العصير الزبيبي و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان، فيجوز وضع التمر، و الزبيب ،و الكشمش في المطبوخات مثل المرق، و المحشي، والطبيخ و غيرها ،و كذا دبس التمر المسمى بدبس الدمعة.

التاسع: الفقاع - و هو شراب مخصوص متخذ من الشعير، و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء.

العاشر: الكافر، و هو من لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة. نعم انكار المعاد يوجب الكفر مطلقاً، ولا فرق بين المرتد، والكافر الاصلي، والحربي، والذمي، والخارجي، والغالي والناصب، هذا في غير الكتابي، اما الكتابي فالمشهور نجاسته وهو الاحوط.

(مسألة 408): عرق الجُنُب من الحرام طاهر و لاتجوز الصلاة فيه على الأحوط الاولى ويختص الحكم بما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه

ص: 112

كالزنا، و اللواط، والاستمناء، بل وطء الحائض أيضاً دون ما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم، أو مخالفة النذر، و نحو ذلك فلا يعمه الحكم.

(مسألة 409): عرق الإبل الجلالة و غيرها من الحيوان الجلال الاحوط الاجتناب عنه ولا تجوز الصلاة فيه.

الفصل الثاني: في كيفية سراية النجاسة إلى الملاقي

(مسألة 410): الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية يعني تنتقل من احدهما الى الآخر بمجرد الملاقاة، فإذا كانا يابسين، أو نديين جافين فلا يتنجس الطاهر بالملاقاة، و كذا لو كان أحدهما مائعاً بلا رطوبة كالذهب و الفضة، و نحوهما من الفلزات، فإنها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تنجس.

(مسألة 411): الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس و إن سرت رطوبة الأرض إليه و صار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً، فإن مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة، و كذلك جدران المسجد المجاور لبعضالمواضع النجسة مثل الكنيف و نحوه فإن الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية، و لا موجبة لتنجسها و إن كانت مؤثرة في الجدار على نحو قد تؤدي إلى الخراب، ولكن الاحوط الوجوبي الاجتناب من الجدران والفراش المرطوبين خصوصاً اذا كانت مسرية.

(مسألة 412): يشترط في سراية النجاسة في المائعات، أن لا يكون المائع متدافعاً إلى النجاسة، و إلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة و لا تسري إلى ما اتصل به من الأجزاء، فإن صب الماء من الإبريق على شيء نجس لا تسري

ص: 113

النجاسة إلى العمود فضلاً عما في الإبريق، و كذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في الفوارة.

(مسألة 413): الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال، أما غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه، و إن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم، فالخيار أو البطيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير، و كذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ولو كان كثيراً فإنه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنه ينجسه أيضاً.

(مسألة 414): يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا، و إلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير، فالدبس الغليظ إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه، بل يتنجس موضع الاتصال لا غير، و كذا الحكم في اللبن الغليظ. نعم إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى تمام أجزائه، كالسمن، و العسل، و الدبس، في أيام الصيف، بخلاف أيام البرد، فإن الغِلظ مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء. و الحد في الغلظ و الرقة، هو أن المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء بقى مكانه خالياً حين الأخذ - و إن امتلأ بعد ذلك - فهو غليظ. و إن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ، فهو رقيق.

(مسألة 415): المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس، ينجَّس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، و كذلك المتنجس بملاقاة المتنجس ينجَّس الماء القليل بملاقاته، واما في غير ذلك فالحكم بالنجاسة مبني على الاحتياط.

(مسألة 416): تثبت النجاسة بالعلم، و بشهادة العدلين، وبإخبار ذي اليد، بل باخبار مطلق الثقة أيضاً على الاظهر خصوصاً مع حصول الاطمئنان.

ص: 114

(مسألة 417): ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز ،و الزيت والعسل، و نحوها، من المائعات، و الجامدات طاهر، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية، و كذلك ثيابهم، و أوانيهم، و الظن بالنجاسة لا عبرة به.

الفصل الثالث: في أحكام النجاسة

(مسألة 418): يشترط في صحة الصلاة - الواجبة و المندوبة و كذلك في أجزائها المنسية - طهارة بدن المصلي، و توابعه، من شعره، وظفره و نحوهما و طهارةثيابه، من غير فرق بين الساتر و غيره. و الطواف الواجب و المندوب، كالصلاة في ذلك.

(مسألة 419): الغطاء الذي يتغطى به المصلي إيماءاً إن كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه صلى فيه وجب أن يكون طاهراً، و إلا فلا.

(مسألة 420): يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود - و هو ما يحصل به مسمى وضع الجبهة - دون غيره من مواضع السجود، و إن كان اعتبار الطهارة فيها أحوط - استحبابا -.

(مسألة 421): كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس، فلا يجوز لبسه في الصلاة، ولا السجود عليه، بخلاف ما هو من اطراف الشبهة غير المحصورة..

(مسألة 422): لا فرق في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين العالم بالحكم التكليفي، او الوضعي، والجاهل بهما عن التقصير، وكذلك فيما اذا كان المسجد نجساً في السجدتين معاً حتى اذا كان الجهل عن قصور، اما في غير ذلك، فالاظهر صحة الصلاة في موارد الجهل القصوري لاجتهاد، او تقليد.

ص: 115

(مسألة 423): لو كان جاهلاً بالنجاسة و لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه في الوقت، و لا القضاء في خارجه.

(مسألة 424): لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة، فان كان الوقت واسعاً بطلت واستأنف الصلاة، وإن كان الوقت ضيقاً حتى عن ادراك ركعة، فان أمكن التبديل او التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة والا صلى فيه، والاحوط استحباباً القضاء ايضاً.

(مسألة 425): لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة فان أمكن التطهير أو التبديل، على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و أتم صلاته و لا إعادة عليه، و إذا لم يمكن ذلك، فإن كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة بالطهارة. و إن كان ضيقا فمع عدم إمكان النزع - لبرد و نحوه و لو لعدم الأمن من الناظر - يتم صلاته و لا شيء عليه، و لو أمكنه النزع و لا ساتر له غيره فالأظهر وجوب الإتمام فيه.

(مسألة 426): إذا نسي أن ثوبه نجس و صلى فيه، كان عليه الاعادة ان ذكر في الوقت، وإن ذكر بعد خروج الوقت، فعليه القضاء، ولا فرق بين الذكر بعد الصلاة وفي أثنائها مع إمكان التبديل ،أو التطهير،و عدمه.

(مسألة 427): إذا طهر ثوبه النجس وصلى فيه، ثم تبين أن النجاسة باقية فيه، لم تجب الإعادة و لا القضاء لأنه كان جاهلاً بالنجاسة.

(مسألة 428): إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلى فيه بلا إشكال، و لا يجب عليه القضاء، و إن أمكن نزعه فالظاهر جواز الصلاة فيه، و الأحوط استحباباً الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عارياً.

(مسألة 429): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كل منهما. ولو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخير بين الصلاة فيه، و الصلاة في كل منهما.

ص: 116

(مسألة 430): إذا تنجس موضع من بدنه، وموضع من ثوبه أو موضعان من بدنه أو من ثوبه، ولم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معا، لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيراً، إلا مع الدوران بين الأقل و الأكثر فيختار تطهير الأكثر.

(مسألة 431): يحرم أكل النجس و شربه، و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 432): لا يجوز بيع الميتة والخمر، و الخنزير، و الكلب غير الصيود، ولا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة و المتنجسة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العقلاء على نحو يبذل بإزائها المال، و إلا فلا يجوز بيعها و إن كان لها منفعة محللة جزئية على الأحوط.

(مسألة 433): يحرم تنجيس المساجد و بنائها، وسائر آلاتها وكذلك فراشها، و إذا تنجس شيء منها وجب تطهيره، بل يحرم إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد، مثل وضع العذرة والميتة، ولابأس به مع عدم الهتك، ولاسيما فيما لا يعتد به لكونه من توابع الداخل. مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح، أو قرحة، أو نحو ذلك.

(مسألة 434): تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد، بل و آلاته و فراشه على الاحوط، حتى لو دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدما لها على الصلاة مع سعة الوقت، لكن لو صلى و ترك الإزالة عصى، و صحت الصلاة، أما في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدماً لها على الإزالة.

ص: 117

(مسألة 435): إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان يسيراً لا يعتد به، و أما إذا كان التخريب مضراً بالوقف ففي جوازه فضلاً عن الوجوب إشكال، حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره.

(مسألة 436): إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال وجب، إلا إذا كان بحيث يضر بحاله، ولا يضمنه من صار سبباً للتنجيس كما لا يختص وجوب إزالة النجاسة به.

(مسألة 437): إذا توقف تطهير المسجد على تنجس بعض المواضع الطاهرة وجب، إذا كان يطهر بعد ذلك.

(مسألة 438): إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد وجب عليه إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.

(مسألة 439): إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده على الاحوط وأما مع استلزام الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع موضع النجس منه إشكال.

(مسألة 440): لايجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وان كان لا يصلي فيه أحد، ويجب تطهيره اذا تنجس.

(مسألة 441): إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين، أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

(مسألة 442): يلحق بالمساجد المصحف الشريف ،و المشاهد المشرفة، و الضرائح المقدسة، و التربة الحسينية، بل تربة الرسول صلى الله عليه و آله و سائر الأئمة عليهم السلام المأخوذة للتبرك، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها و تجب إزالة النجاسة حينئذ.

ص: 118

(مسألة 443): إذا غصب المسجد و جعل طريقاً، أو دكانا، أو خاناً، أو نحو ذلك، ففي حرمة تنجيسه ووجوب تطهيره إشكال. والاقوى عدم وجوب تطهيره من النجاسة الطارئة عليه بعد الخراب. و أما معابد الكفار فلا يحرم تنجيسها ولا تجب إزالة النجاسة عنها، نعم إذا اتخذت مسجداً بأن يتملكها ولي الأمر ثم يجعلها مسجداً، جرى عليها جميع أحكام المسجد.

تتميم :فيما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات، وهو أمور :

الأول : دم الجروح و القروح، في البدن و اللباس حتى تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برء، والأقوى اعتبار المشقة النوعية بلزوم الإزالة أو التبديل فاذا لم يلزم ذلك فلا عفو، ومنه دم البواسير إذا كانت ظاهرة، بل الباطنة كذلك على الأظهر، و كذا كل جرح، أو قرح باطني خرج دمه إلى الظاهر.

(مسألة 444): كما يعفى عن الدم المذكور يعفى أيضاً عن القيح المتنجس به، و الدواء الموضوع عليه، و العرق المتصل به، و الأحوط - استحباباً - شده إذا كان في موضع يتعارف شده.

(مسألة 445): إذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة بحيث تعد جرحا واحداً عرفاً، جرى عليها حكم الواحد، فلو برئ بعضها لم يجب غسله، بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع.

(مسألة 446): إذا شك في دم أنه دم جرح أو قرح أو لا، لا يعفى عنه.

الثاني : الدم في البدن و اللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي، ولم يكن دم نجس العين ولا من الميتة، ولا من غير مأكول اللحم، والا فلا يعفى عنه على الاظهر، والاحوط وجوباً الحاق الدماء الثلاثة – الحيض والنفاس، والاستحاضة- بالمذكوات، ولا يلحق المتنجس بالدم به.

ص: 119

(مسألة 447): إذا تفشى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد، نعم إذا كان قد تفشى من مثل الظهارة إلى البطانة، فهو دم متعدد فيلحظ التقدير المذكور على فرض اجتماعه، فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفى عنه و إلا فلا.

(مسألة 448): إذا اختلط الدم بغيره من قيح، أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه.

(مسألة 449): إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الأكثر، بنى على عدم العفو، بل الاحوط وجوباً عدم العفو اذا كان الدم المردد بين المعفو وغير المعفو في الثوب أو البدن. نعم لو صلى فيه جهلاً ثم انكشف انه من الدم غير المعفو لاتجب الاعادة، و إذا كانت سعة الدم أقل من الدرهم و شك في أنه من الدم المعفو عنه أو من غيره، بنى على العفو و لم يجب الاختبار، و إذا انكشف بعد الصلاة أنه من غير المعفو لم تجب الإعادة.

(مسألة 450): الأحوط الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي عقد السبابة.

الثالث : الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده - يعني لا يستر العورتين - كالخف، و الجورب و التكة، و القلنسوة، و الخاتم، و الخلخال، و السوار، و نحوها، فإنه معفو عنه في الصلاة إذا كان متنجساً و لو بنجاسة غير المأكول بشرط أن لا يكون فيه شيء من أجزائه. والا فلا يعفى عنه، وكذلك اذا كان متخذاً من نجس العين كالميتة، وشعر الكلب مثلاً.

(مسألة 451): الأظهر عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين كالكلب والخنزير، وكذا ما تحله الحياة من اجزاء الميتة، وكذا ما كان من أجزاء ما لا يؤكل لحمه. اما المحمول المتنجس فهو معفو عنه حتى اذا كان مما تتم فيه

ص: 120

الصلاة، فضلاً عما اذا كان مما لاتتم به الصلاة، كالساعة والدرهم، والسكين والمنديل الصغير، ونحوها.

الرابع: ثوب الام المربية للطفل الذكر، فإنه معفو عنه اذا تنجس ببوله اذا لم يكن عندها غيره بشرط غسله في اليوم والليلة مرة، مخيرة بين ساعاته، ولا يتعدى من الام الى مربية اخرى، ولامن الذكر الى الانثى، ولا من البول الى غيره، ولا من الثوب، الى البدن ولا من المربية الى المربي، ولا من ذات الثوب الواحد الى ذات الثياب المتعددة، مع عدم حاجتها الى لبسهن جميعاً، والا فهي كالثوب الواحد هذا هو المشهور ولكن الاحوط عدم العفو عما ذكر الا مع الحرج الشخصي.

الفصل الرابع: في المطهرات

وهي أمور :

الأول : الماء، و هو مطهر لكل متنجس يغسل به على نحو يستولي على المحل النجس، بل يطهر الماء النجس ايضاً على تفصيل تقدم في احكام المياه. نعم لايطهر الماء المضاف في حال كونه مضافاً. وكذا غيره من المائعات.

(مسألة 452): يعتبر في التطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة على النحو المتعارف، فاذا كان المتنجس مما ينفذ فيه الماء مثل الثوب، والفراش فلا بد من عصره،او غمزه بكفه او رجله. والاحوط وجوباً عدم الاكتفاء بالعصر بتوالي الصب عليه الى ان يعلم بانفصال الاول، وان كان مثل الصابون والطين، والخزف، والخشب. ونحوها مما تنفذ فيه الرطوبة المسرية يطهر ظاهره باجراء الماء عليه، وفي طهارة باطنه تبعاً للظاهر اشكال وان كان لايبعد حصول الطهارة للباطن بنفوذ الماء فيه على نحو يصل الى ما وصل اليه النجس فيغلب على المحل،

ص: 121

ويزول بذلك الاستقذار العرفي لاستهلاك الاجزاء المائية النجسة الداخلة فيه، اذا لم يكن قد جفف وان كان التجفيف اسهل في حصول ذلك، واذا كان النافذ في باطنه الرطوبة غير المسرية، فقد عرفت انه لا ينجس بها.

(مسألة 453): الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس يطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقى الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه، بل بالقليل أيضا إذا كان الماء باقيا على إطلاقه إلى أن يتم عصره.

(مسألة 454): العجين النجس يطهر، إن خبز وجفف ووضع في الماء الكثير على نحو ينفذ الماء الى اعماقه، ومثله الطين المتنجس اذا جفف ووضع في الماء الكثير حتى ينفذ الماء الى اعماقه، فحكمهم حكم الخبز المتنجس الذي نفذت الرطوبة النجسة الى اعماقه.

(مسألة 455): المتنجس بالبول غير الآنية إذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين. والمتنجس بغير البول ومنه المتنجس بالمتنجس بالبول في غير الأواني يكفي في تطهيره غسلة واحدة، هذا مع زوال العين قبل الغسل، أما لو أزيلت بالغسل فالأحوط عدم احتسابها، إلا إذا استمر إجراء الماء بعد الإزالة فتحسب حينئذ، و يطهر المحل بها إذا كان متنجساً بغير البول، و يحتاج إلى أخرى إن كان متنجسا بالبول.

(مسألة 456): الآنية إن تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يصدق معه الولوغ غسلت بالماء القليل ثلاثاً، أولاهن بالتراب ممزوجاً بالماء وغسلتان بعدها بالماء واذا غسلت بالكثير أو الجاري لا تكفي غسلة واحدة بعد غسلها بالتراب ممزوجاً بالماء بل لابد من غسلتين مطلقاً.

(مسألة 457): إذا لطع الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه فالاحوط انه بحكم الولوغ في كيفية التطهير.وليس كذلك ما إذا باشره بلعابه، أو

ص: 122

تنجس بعرقه أو سائر فضلاته، أو بملاقاة بعض أعضائه. نعم إذا صب الماء الذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر جرى عليه حكم الولوغ.

(مسألة 458): الآنية التي يتعذر تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقى على النجاسة، أما إذا أمكن إدخال شيء من التراب الممزوج بالماء في داخلها، و تحريكه بحيث يستوعبها أجزأ ذلك في طهرها.

(مسألة 459): يجب أن يكون التراب الذي يعفر به الإناء طاهراً قبل الاستعمال على الاحوط.

(مسألة 460): يجب في تطهير الإناء النجس من شرب الخنزير غسله سبع مرات، و كذا من موت الجرذ، بلا فرق فيها بين الغسل بالماء القليل أو الكثير، و إذا تنجس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرات بالماء القليل، ويكفي غسله مرة واحدة في الكر والجاري، هذا في غير أواني الخمر، وأما هي فيجب غسلها ثلاث مرات حتى اذا غسلت بالكثير او الجاري. والاولى ان تغتسل سبعاً.

(مسألة 461): الثياب ونحوها إذا تنجست بالبول يكفي غسلها في الماء الجاري مرة واحدة، و في غيره لا بد من الغسل مرتين، و لا بد من العصر أو الدلك في جميع ذلك.

(مسألة 462): التطهير بماء المطر يحصل بمجرد استيلائه على المحل النجس من غير حاجة إلى عصر ،ولا الى تعدد،إناءاً كان ام غيره. نعم الاناء المتنجس بولوغ الكلب لايسقط فيه الغسل بالتراب الممزوج بالماء والاحوط وجوباً التعدد.

ص: 123

(مسألة 463): يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ وان تجاوز عمره الحولين، ولا يحتاج إلى العصر. و الأحوط استحباباً اعتبار التعدد، ولا تلحق الانثى بالصبي.

(مسألة 464): يتحقق غسل الإناء بالقليل بأن يصب فيه شيء من الماء ثم يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه ثم يراق، فإذا فعل به ذلك ثلاث مرات فقد غسل ثلاث مرات و طهر.

(مسألة 465): يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال.

(مسألة 466): يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها - كاللون، و الرائحة -، فإذا بقي واحد منهما أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين.

(مسألة 467): الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل إذا جرى عليها، لكن مجمع الغسالة يبقى نجسا اذا كانت الغسالة نجسة.

(مسألة 468): لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل، فلو غسل في يوم مرة، و في آخر أخرى كفى ذلك، نعم الاحوط استحباباً المبادرة الى العصر فيما يعصر.

(مسألة 469): ماء الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل اذا جرى من موضع النجس لم يتنجس ما اتصل به من المواضع الطاهرة، فلا يحتاج الى تطهير، من غير فرق بين البدن، والثوب وغيرهما من المتنجسات والماء المنفصل من الجسم المغسول طاهر، اذا كان يطهر المحل بانفصاله، والاحوط وجوباً عدم استعماله في الحدث.

ص: 124

(مسألة 470): الأواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصب الماء فيها و يدار حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطهابنزح أو غيره والاحوط استحباباً المبادرة إلى إخراجه، ولايقدح الفصل بين الغسلات، و لا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج عن الماء المجتمع نفسه، و الأحوط وجوباً تطهير آلة الإخراج كل مرة من الغسلات.

(مسألة 471): الدسومة التي في اللحم، أو اليد، لا تمنع من تطهير المحل، إلا إذا بلغت حداً تكون جرما حائلاً ولكنها حينئذ لا تكون دسومة بل شيئا آخر.

(مسألة 472): إذا تنجس اللحم، أو الأرز، أو الماش، أو نحوها و لم تدخل النجاسة في عمقها، يمكن تطهيرها بوضعها في طشت و صب الماء عليها على نحو يستولي عليها، ثم يراق الماء و يفرغ الطشت مرة واحدة فيطهر النجس، و كذا الطشت تبعا، و كذا إذا أريد تطهير الثوب فإنه يوضع في الطشت و يصب الماء عليه، ثم يعصر و يفرغ الماء مرة واحدة فيطهر ذلك الثوب و الطشت أيضاً، و إذا كانت النجاسة محتاجة الى التعدد كالبول كفى الغسل مرة أخرى على النحو المذكور. هذا كله فيما اذا غسل المتنجس في الطشت ونحوه. أما اذا غسل في الاناء فلابد من غسله ثلاثاً.

(مسألة 473): الحليب النجس يمكن تطهيره بان يصنع جبناً ويوضع في الماء الكثير حتى يصل الماء الى اعماقه.

(مسألة 474): إذا غسل ثوبه النجس ثم رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو دقائق الأشنان، أو الصابون الذي كان متنجسا، لا يضر ذلك في طهارة الثوب، بل يحكم أيضاً بطهارة ظاهر الطين أو الأشنان أو الصابون الذي رآه، بل باطنه اذا نفذ فيه الماء على الوجه المعتبر.

ص: 125

(مسألة 475): الحلي التي يصوغها الكافر إذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها، و إن علم ذلك يجب غسلها و يطهر ظاهرها و يبقى باطنها على النجاسة، و إذا استعملت مدة و شك في ظهور الباطن وجب تطهيرها.

(مسألة 476): الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار و مزجه به، و كذلك سائر المائعات المتنجسة، فإنها لا تطهر إلا بالاستهلاك.

(مسألة 477): إذا تنجس التنور، يمكن تطهيره بصب الماء من الإبريق عليه، و مجمع ماء الغسالة يبقى على نجاسته لو كان متنجساً قبل الصب،، وإذا تنجس التنور بالبول وجب تكرار الغسل مرتين.

الثاني : من المطهرات الأرض، فإنها تطهر باطن القدم و ما توقي به كالنعل و الخف أو الحذاء و نحوها، بالمسح بها أو المشي عليها بشرط زوال عين النجاسة بهما، و لو زالت عين النجاسة قبل ذلك كفى مسمى المسح بها، أو المشي عليها، و يشترط - على الأحوط وجوبا - كون النجاسة حاصلة على الأرض.

(مسألة 478): المراد من الأرض مطلق ما يسمى أرضا، من حجر أو تراب أو رمل، و لا يبعد عموم الحكم للآجر و الجص و النورة، و الأقوى اعتبار طهارتها، و الأحوط وجوبا اعتبار جفافها.

(مسألة 479): في إلحاق ظاهر القدم وعيني الركبتين و اليدين إذا كان المشي عليها و كذلك ما توقي به كالنعل وأسفل خشبة الأقطع وحواشي القدم القريبة من الباطن – إشكال.

(مسألة 480): إذا شك في طهارة الأرض يبني على طهارتها فتكون مطهرة حينئذ، إلا إذا كانت الحالة السابقة نجاستها.

ص: 126

(مسألة 481): إذا كان في الظلمة و لا يدري أن ما تحت قدمه أرض أو شيء آخر من فرش و نحوه، لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة، بل لا بد من العلم بكونه أرضا.

الثالث : الشمس، فإنها تطهر الأرض وكل ما لاينقل من الابنية وما اتصل بها من اخشاب وأعتاب وابواب، واوتاد وكذلك الاشجار والثمار، والنبات، والخضروات، وان حان قطفها وغير ذلك. وفي تطهير الحصير، والبواري لايترك الاحتياط.

(مسألة 482): يشترط في الطهارة بالشمس - مضافا إلى زوال عين النجاسة، و الى رطوبة المحل اليبوسة المستندة إلى الإشراق عرفا و إن شاركها غيرها في الجملة من ريح، أو غيرها.

(مسألة 483): الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بإلاشراق.

(مسألة 484): إذا كانت الأرض النجسة جافة، و أريد تطهيرها صب عليها الماء الطاهر أو النجس، فإذا يبست بالشمس طهرت.

(مسألة 485): إذا تنجست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتى يبست طهرت، من دون حاجة إلى صب الماء عليها، نعم إذا كان البول غليظا له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف، بل لا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم.

(مسألة 486): الحصى و التراب و الطين والأحجار المعدودة جزءاً من الأرض بحكم الأرض في الطهارة بالشمس و إن كانت في نفسها منقولة، وكذا في القطعة من اللبن في ارض مفروشة بالزفت او بالصخر، أو نحوهما.

(مسألة 487): المسمار الثابت في الأرض أو البناء بحكم الأرض فاذا قلع لم يجر عليه الحكم فاذا رجع، رجع حكمه وهكذا.

ص: 127

الرابع : الاستحالة الى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً أو بخاراً سواء أ كان نجساً أو متنجساً و كذا يطهر ما استحال بخاراً بغير النار، أما ما أحالته النار خزفا أو آجراً أو جصاً أو نورة فهو باقي على النجاسة، وفيما أحالته فحماً إشكال.

(مسألة 488): لو استحال الشيء بخاراً، ثم استحال عرقاً، فان كان متنجساً فهو طاهر. وان كان نجساً فكذلك، الا اذا صدق على العرق نفس عنوان احدى النجسات، كعرق الخمر، فانه مسكر.

(مسألة 489): الدود المستحيل من العذرة، أو الميتة طاهر، وكذا كل حيوان تكوّن من نجس، او متنجس.

(مسألة 490): الماء النجس إذا صار بولاً لحيوان مأكول اللحم أو عرقا أو لعابا، فهو طاهر.

(مسألة 491): الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار روثا لحيوان مأكول اللحم، أو لبنا، أو صار جزءاً من الخضروات أو النباتات أو الأشجار أو الأثمار فهو طاهر، و كذلك الكلب إذا استحال ملحا وكذا الحكم في غير ذلك مما يعد المستحال اليه متولداً من المستحيل منه.

الخامس : الانقلاب، فإنه مطهر للخمر إذا انقلبت خلاً بنفسها أو بعلاج، نعم لو تنجس إناء الخمر بنجاسة خارجية ثم انقلبت الخمر خلاً لم تطهر على الاحوط وجوباً وأما إذا وقعت النجاسة في الخمر واستهلكت فيها، ولم يتنجس الاناء بها، فانقلب الخمر خلاً ففي طهارته محل إشكال وكما ان الانقلاب الى الخل يطهر الخمر كذلك العصير العنبي اذا غلى بناءً على نجاسته، فإنه يطهر اذا انقلب خلاً.

ص: 128

السادس : ذهاب الثلثين بحسب الكم لا بحسب الثقل، فإنه مطهر للعصير العنبي إذا غلى - بناءاً على نجاسته --.

السابع : الانتقال، فانه مطهِّر للمنتقل اذا اضيف الى المنتقل اليه وعدّ جزءاً منه، كدم الانسان الذي يشربه البق والبرغوث والقمل، نعم لو لم يعدّ جزءاً منه أو شك في ذلك- كدم الانسان الذي يمصه العلق –فهو باق على النجاسة.

الثامن : الإسلام، فإنه مطهر للكافر بجميع أقسامه حتى المرتد عن فطرة على الأقوى، و يتبعه أجزاؤه كشعره و ظفره، و فضلاته من بصاقه و نخامته و قيئه، و غيرها.

التاسع : التبعية، فإن الكافر اذا اسلم يتبعه ولده في الطهارة اباً كان الكافر ام جداً أم أماً، والطفل المسبي للمسلم يتبعه في الطهارة اذا لم يكن مع الطفل احد ابائه، ويشترط في طهارة الطفل في الصورتين ان لايظهر الكفر اذا كان مميزاً، وكذا أواني الخمر فانها تتبعها في الطهارة اذا انقلب الخمر خلاً، وكذا أواني العصير اذا ذهب ثلثاه- بناء على النجاسة – وكذا يد الغاسل للميت في الطهارة والسدة التي يغسل عليها والثياب التي يغسل فيها فانها تتبع الميت في الطهارة، واما بدن الغاسل، وثيابه وسائر الآت التغسيل، فالحكم بطهارتها تبعاً للميت محل إشكال.

العاشر : زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان و جسد الحيوان الصامت فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها و رطوبتها، و كذا بدن الدابة المجروحة، وفم الهرة الملوث بالدم، وولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة، وكذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجساً أو شربه بمجرد زوال العين، و كذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجس، بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان بالنسبة الىما دون الحلق،

ص: 129

وجسد الحيوان منع ،بل و كذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن، سواء أ كانا متكونين في الباطن كالمذي يلاقي البول في الباطن، أو كان النجس متكونا في الباطن و الطاهر يدخل إليه كماء الحقنة فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء، أم كان النجس في الخارج كالماء النجس الذي يشربه الإنسان فإنه لا ينجس ما دون الحلق، و أما ما فوق الحلق فإنه ينجس و يطهر بزوال العين، و كذا إذا كانا معاً متكونين في الخارج و دخلا و تلاقيا في الداخل، كما إذا ابتلع شيئا طاهراً، و شرب عليه ماءاً نجساً، فإنه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه حكم عليه بالطهارة ،و لا يجري الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم،فلا بد من تطهير الملاقي.

الحادي عشر : الغَيبة: فانها مطهرة للانسان وثيابه، وفراشه، وأوانيه وغيرها من توابعه اذا علم بنجاستها ولم يكن ممن لايبالي بالطهارة والنجاسة وكان يستعملها فيما يعتبر فيه الطهارة، فانه حينئذ يحكم بطهارة ما ذكر بمجرد احتمال حصول الطهارة له.

الثاني عشر : استبراء الحيوان الجلال، فإنه مطهر له من نجاسة الجلل والاحوط اعتبار مضي المدة المعينة له شرعاً، و هي : في الإبل أربعون يوماً، و في البقر عشرون، و في الغنم عشرة، و في البطة خمسة، و في الدجاجة ثلاثة ويعتبر زوال اسم الجلل. عنها مع ذلك، ومع عدم تعين مدة شرعاً يكفي زوال الاسم..

(مسألة 492):الظاهر قبول كل حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين، فاذا ذكي الحيوان الطاهر العين جاز استعمال جلده وكذا سائر اجزائه فيما يشترط فيه الطهارة ولو لم يدبغ جلده على الاقوى.

(مسألة 493): تثبت الطهارة بالعلم، و البينة، و بإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة على اتهامه، بل بإخبار الثقة ايضاً على الاظهر، وإذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.

ص: 130

خاتمة : يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة، في الأكل و الشرب، بل يحرم استعمالها في الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها على الأحوط، و لا يحرم نفس المأكول والمشروب الذي فيها، و الأحوط وجوباً عدم التزين بها و كذا اقتناؤها و بيعها و شراؤها، وصياغتها، و أخذ الأجرة عليها، و الأقوى الجواز في جميعها.

(مسألة 494): الظاهر توقف صدق الآنية على انفصال المضروف عن الظرف وكونها معدة لان يحرز فيها المأكول و المشروب او نحوهما. فرأس (الناجيلة) و رأس(الشطب) و غمد السيف و الخنجر و السكين و إطار الساعة المتداولة في هذا العصر و محل فص الخاتم وبيت المرآة وملعقة الشاي وأمثالها، خارج عن الآنية فلا بأس بها، و لايبعد ذلك أيضا في ظرف الغالية و المعجون و التتن و (الترياك) والبن.

(مسألة 495): لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة و الكبيرة وبين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس و الحديد و غيرهما.

(مسألة 496): لا بأس بما يصنع بيتاً للتعويذ من الذهب و الفضة كحرز الجواد ( عليه السلام ) و غيره.

(مسألة 497): يكره استعمال القدح المفضض، و الأحوط عزل الفم عن موضع الفضة، بل لايخلو وجوبه عن قوة.

و الله سبحانه العالم و هو حسبنا و نعم الوكيل.

ص: 131

ص: 132

كتاب الصلاة

وفيه مقاصد:

الصلاة هي إحدى الدعائم التي بني عليها الإسلام ،إن قبلت قبل ما سواها، و إن ردت رد ما سواها.

المقصد الأول: أعداد الفرائض و نوافلها ومواقيتها

وجملة من أحكامها وفيه فصول:
الفصل الأول: اعداد الفرائض

الصلوات الواجبة في هذا الزمان ستة : اليومية، و تندرج فيها صلاة الجمعة فان المكلف مخير بين أقامتها وصلاة الظهر يوم الجمعة، فإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر، و صلاة الطواف، وصلاة الآيات، والأموات، و ما التزم بنذر أو نحوه، أو إجارة وقضاء ما فات عن الوالد بالنسبة الى الولد الأكبر. أما اليومية فخمس : الصبح ركعتان، و الظهر أربع، و العصر أربع، والمغرب ثلاث، و العشاء أربع، و تقصر الرباعية في السفر والخوف فتكون ركعتين. و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية : ثمان للظهر قبلها، و ثمان بعدها قبل العصر للعصر، و أربع بعد المغرب لها، و ركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء لها، و ثمان صلاة الليل، و ركعتا الشفع بعدها، و ركعة الوتر بعدها، و ركعتا الفجر قبل الفريضة، و في يوم الجمعة يزاد على الست عشرة

ص: 133

أربع ركعات قبل الزوال، و لها آداب مذكورة في محلها، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي (قدس سره ).

(مسألة 498): يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع و الوتر، و على الوتر خاصة، و في نافلة المغرب على ركعتين.

(مسألة 499): يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختياراً لكن الاولى حينئذ عد كل ركعتين بركعة، وعليه فيكرر الوتر مرتين، كما يجوز الاتيان بها في حال المشي.

(مسألة 500): الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها، صلاة الظهر.

الفصل الثاني: اوقات الفرائض

وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب، وتختص الظهر من أوله، بمقدار أدائها، و العصر من آخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما، و وقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، و تختص المغرب من أوله بمقدار أدائها، والعشاء من آخره كذلك، وما بينهما مشترك أيضا بينهما، و أما المضطر لنوم، أو نسيان، أو حيض، أوغيرهما فيمتد وقتهما له إلى الفجر الصادق، و تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها و الأحوط وجوباً للعامد المبادرة إليها بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء، أو الأداء، و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

(مسألة 501): الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاءاً، و قبله الفجر الكاذب، و هو البياض المستطيل من الأفق صاعداً إلى السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتى ينمحي.

ص: 134

(مسألة 502): الزوال هو المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه، أو حدوث ظله بعد انعدامه، و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها، و يعرف الغروب بسقوط القرص والاحوط لزوماً تأخير صلاة المغرب الى ذهاب الحمرة المشرقية.

(مسألة 503): المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمداً، وأما إذا صلى العصر في الوقت المختص بالظهر - سهوا - صحت ولكن الأحوط أن يجعلها ظهراً، ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر، بل وكذلك إذا صلى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهواً، سواء أكان التذكر في الوقت المختص بالعصر، أو المشترك. و إذا قدم العشاء على المغرب سهواً صحت ولزمه الاتيان بالمغرب بعدها.

(مسألة 504): وقت فضيلة الظهر بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص، ووقت فضيلة العصر ما بين الزوال وبلوغ الظل الحادث به مقدار مثليه، ووقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية ،وهو اول وقت فضيلة العشاء ويمتد إلى ثلث الليل، و وقت فضيلة الصبح من الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقية. و الغلس بها أول الفجر أفضل كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل.

(مسألة 505): وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص، ووقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة، و إن كان الأولى عدم التعرض للاداء والقضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية، و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها، ووقت نافلة الفجر السدس الاخير من الليل وينتهي بطلوع الحمرة المشرقية على المشهور. ويجوز دسها في

ص: 135

صلاة الليل قبل ذلك، و وقت نافلة الليل من منتصفه إلى الفجر الصادق و أفضله السحر، و الظاهر أنه الثلث الأخير من الليل.

(مسألة 506): يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة بل و في غيره أيضاً إذا علم انه لايتمكن منهما بعد الزوال فيجعلهما في صدر النهار، و كذا يجوز تقديم صلاة الليل على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرها، أو صعب عليه فعلهافي وقتها، و كذا الشاب و غيره ممن يخاف فوتها إذا أخرها لغلبة النوم، أو طرو الاحتلام أو غير ذلك.

الفصل الثالث: وجوب الترتيب بين الفرائض

إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء نفس الصلاة الاختيارية و لم يصل ثم طرأ أحد الأعذار المانعة من التكليف وجب القضاء. والا لم يجب. وإذا أرتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا و كذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها، و إلا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها، و إلا لم يجب شيء.

(مسألة 507): لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت، بل لا تجزئ إلا مع العلم به، أو قيام البينة ولا يبعد الاجتزاء بأذان الثقة العارف، او بإخباره وبجواز العمل بالظن في الغيم، و كذا في غيره من الأعذار النوعية.

(مسألة 508): إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان، أو بطريق معتبر فصلى، ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها، نعم إذا علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة، فالمشهور أن صلاته صحيحة، و لكن الأحوط لزوماً إعادتها، و أما إذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء، فلا إشكال في

ص: 136

البطلان، نعم إذا تبين دخوله قبل الصلاة أجزأت، و كذا إذا صلى برجاء دخول الوقت ،و إذا صلى ثم شك في دخوله أعاد.

(مسألة 509): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر، و كذا بين العشائين بتقديم المغرب، و إذا عكس في الوقت المشترك عمداً أعاد و إذا كان سهواً لم يعد على ما تقدم، وإذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم، فالأقرب الصحة إذا كان الجاهل معذوراً، سواء أكان متردداً غير جازم، أم كان جازماً غير متردد.

(مسألة 510): يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة كما اذا قدم العصر، أو العشاء سهواً، و ذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر، أو المغرب، ولا يجوز العكس كما إذا صلى الظهر، أو المغرب، و في الأثناء ذكر أنه قد صلاهما، فإنه لا يجوز له العدول إلى العصر او العشاء.

(مسألة 511): إنما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة، وإلا بطلت ولزم استئنافها.

(مسألة 512): يجوز تقديم الصلاة في أول الوقت لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر بل مع رجائه أيضاً في غير المتيمم، لكن اذا ارتفع العذر، في الوقت وجبت الاعادة. نعم في التقية يجوز البدار ولو مع العلم بزوال العذر، ولا تجب الاعادة بعد زواله في الوقت.

(مسألة 513): الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية، أو قضائية مالم تتضيق.

(مسألة 514): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجبت عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد، و لو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء

ص: 137

الصلاة أو بعدها فالأقوى كفايتها و عدم وجوب الإعادة، و إن كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين.

المقصد الثاني: القبلة

يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف في جميع الفرائض اليومية وتوابعها من الأجزاء المنسية بل سجود السهو على الأحوط الأولى، والنوافل اذا صليت على الارض في حالة الاستقرار على الاحوط. اما اذا صليت حال المشي او الركوب او في السفينة فلا يجب فيها الاستقبال إن كانت منذورة.

(مسألة 515): يجب العلم بالتوجه إلى القبلة و تقوم مقامه البينة بل وإخبار الثقة وكذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم، و قبورهم و محاريبهم، اذا لم يعلم بناؤهم على الغلط، و مع تعذر ذلك يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها، و يعمل على ما يحصل له ولو كان ظناً، و مع تعذره يكتفي بالجهة العرفية، ومع الجهل بها صلى الى أي جهة شاء، و الأحوط وجوباً أن يصلي إلى أربع جهات مع سعة الوقت، و إلا صلى بقدر ما وسع. و إذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخر.

(مسألة 516): من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة، ثم تبين الخطأ فإن كان منحرفا إلى ما بين اليمين، و الشمال صحت صلاته، و إذا التفت في الأثناء مضى ما سبق و استقبل في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه، و لا بين المتيقِن و الظان، و الناسي و الغافل، نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم، فالأقوى لزوم الإعادة في الوقت، و القضاء في خارجة، و أما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال، أعاد في الوقت وخارجه، سواء أكان التفاته أثناء الصلاة، أو بعدها.

ص: 138

المقصد الثالث: الستر و الساتر

وفيه فصول:
الفصل الأول: وجوب ستر العورة

يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها - بل و سجود السهو على الأحوط استحبابا و إن لم يكن ناظر، أو كان في ظلمة.

(مسألة 517): إذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم، أو نسي سترها صحت صلاته، وإذا التفت إلى ذلك في الأثناء يجب ستر العورة فوراً والاحوط وجوباً الاعادة.

(مسألة 518): عورة الرجل في الصلاة القضيب، و الانثيان، و الدبر دون ما بينهما، و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها، حتى الرأس، و الشعر عدا الوجه بالمقدار الذي يغسل في الوضوء - و عدا الكفين إلى الزندين، و القدمين إلى الساقين، ظاهرهما، وباطنهما، و لابد من ستر شيء مما هو خارج عن الحدود.

(مسألة 519): الامة، والصبية كالحرة والبالغة في ذلك إلا في الرأس و شعره و العنق، فإنه لا يجب عليهما سترها.

(مسألة 520): إذا كان المصلي واقفاً على شباك، أو طرف سطح بحيث لو كان ناظر تحته لرأى عورته، فالأقوى وجوب سترها من تحته نعم إذا كان واقفا على الأرض لم يجب الستر من جهة التحت.

ص: 139

الفصل الثاني: شروط لباس المصلي

يعتبر في لباس المصلي أمور

الأول : الطهارة، إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة، و قد تقدمت في أحكام النجاسات.

الثاني : الإباحة، فلا تجوز الصلاة فيما يكون المغصوب ساتراً له بالفعل، نعم إذا كان جاهلاً بالغصبية أو ناسيا لها فيما لم يكن هو الغاصب أو كان جاهلاً بحرمته جهلاً يعذر فيه، أو ناسيا لها أو مضطراً فلا بأس.

(مسألة 521): لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوباً أو منفعته، أو كان متعلقاً لحق موجب لعدم جواز التصرف فيه، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال فيه الخمس او الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر، كان حكمه حكم المغصوب، وكذا اذا مات الميت وكان مشغول الذمة بالحقوق المالية من الخمس والزكاة والمظالم وغيرها بمقدار يستوعب التركة فإن أمواله بمنزلة المغصوب لايجوز التصرف فيه الا بأذن الحاكم الشرعي، وكذا اذا مات وله وارث قاصر لم ينصب عليه قيماً، فانه لايجوز التصرف في تركته الا بمراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة 522): لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك بحركات المصلي، بل و إذا تحرك بها أيضاً على الأقوى.

الثالث : أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، سواء أكانت من حيوان محلل الأكل، أم محرمه، وسواء اكان له نفس سائلة، ام لم تكن على الاحوط وجوباً. وقد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أو لا، كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع. و المشكوك في كونه من جلد الحيوان، أو من غيره لا بأس بالصلاة فيه.

ص: 140

الرابع : أن لا يكون مما لايؤكل لحمه، ولافرق بين ذي النفس وغيره، ولا بين ما تحل الحياة من اجزائه وغيره، بل لافرق أيضاً بين ما تتم فيه الصلاة ،وغيره على الاحوط وجوباً، بل لا يبعد المنع في مثل الشعرات الواقعة على الثوب ونحوه، بل الاحوط وجوباً عموم المنع للمحمول في جيبه.

(مسألة 523): إذا صلى في غير المأكول جهلاً به صحت صلاته، و كذا إذا كان نسياناً، أو كان جاهلاً بالحكم، أو ناسياً له، نعم تجب الإعادة إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير.

(مسألة 524): إذا شك في اللباس، أو فيما على اللباس من الرطوبة أو الشعر، أو غيرهما في أنه من المأكول، أو من غيره، أو من الحيوان، أو من غيره، صحت الصلاة فيه.

(مسألة 525): لا بأس بالشمع، و العسل، و الحرير الممزوج، و مثل البق، و البرغوث، و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها، و كذا لا بأس بالصدف، و لا بأس بفضلات الإنسان كشعره، و ريقه، و لبنه و نحوها و إن كانت واقعة على المصلي من غيره، و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بشعر العارية سواءأ كان مأخوذاً من الرجل، أم من المرأة.

(مسألة 526): الاحوط ترك الصلاة في جلد الخز، و السنجاب و وبرهما، خصوصاً اذا كان مغشوشاً بوبر الارنب والثعلب. وفي كون ما يسمى الآن خزاً ليس خزاً والظاهر جواز الصلاة فيه، و الاحتياط طريق النجاة، و أما السمور، و القماقم و الفنك فلا تجوز الصلاة في أجزائها على الاقوى.

الخامس : أن لا يكون من الذهب - للرجال - و لو كان حلياً كالخاتم، أما إذا كان مذهباً بالتمويه و الطلي على نحو يعد عند العرف لونا فلا بأس و يجوز ذلك كله للنساء، كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة، و الدنانير. نعم الظاهر

ص: 141

عدم جواز مثل زنجيل الساعة إذا كان ذهباً ومعلقاً برقبته أو بلباسه على نحو يصدق عليه عنوان اللبس عرفاً.

(مسألة 527): إذا صلى في الذهب جاهلاً، أو ناسيا صحت صلاته.

(مسألة 528): لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضاً و فاعل ذلك آثم، والظاهر عدم حرمة التزين بالذهب فيما لا يصدق عليه اللبس مثل جعل مقدم الأسنان من الذهب وأما شد الاسنان به، أو جعل الأسنان الداخلة منه فلا بأس به بلا إشكال.

السادس : أن لا يكون من الحرير الخالص - للرجال - و لا يجوز لبسه في غير الصلاة أيضاً كالذهب. نعم لا بأس به في الحرب، و الضرورة كالبرد و المرض حتى في الصلاة، كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها، و كذا افتراشه و التغطي به وبنحو لايعد لبساً له، و لا بأس بكف الثوب به، والأحوط أن لا يزيد على أربع أصابع، كما لا بأس بالأزرار منه و السفائف و (القياطين) وإن تعددت وكثرت. و أما ما لاتتم فيه الصلاة من اللباس، فالأحوط وجوباً تركه.

(مسألة 529) : لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت إلى النصف.

(مسألة 530): لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن، أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه، في الصلاة، لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص، فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا.

(مسألة 531): إذا شك في كون اللباس حريراً، أو غيره جاز لبسه و كذا إذا شك في أنه حرير خالص، أو ممتزج.

(مسألة 532): يجوز للولي إلباس الصبي الحرير، أو الذهب، و لكن لا تصح صلاة الصبي فيه.

ص: 142

الفصل الثالث: احكام لباس المصلي

اذا لم يجد المصلي لباساً يلبسه في الصلاة فان وجد ساتراً غيره كالحشيش، وورق الشجر، والطين ونحوها، تستر به وصلى صلاة المختار وان لم يجد ذلك أيضاً. فان أمن الناظر المحترم صلى قائماً مومياً الى الركوع والسجود. والاحوط له وضع يديه على سوأته. وان لم يأمن الناظر المحترم صلى جالساً، مومياً الى الركوع والسجود. والاحوط الاولى ان يجعل إيماء السجود أخفض من ايماء الركوع.

(مسألة 533): إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس فإن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه، وان لم يضطر صلى عارياً في الاربعة الأولى وأما في النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه، والصلاة عارياً، وان كان الاظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات.

(مسألة 534): الأحوط لزوماً تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر، و احتمل وجوده في آخر الوقت، نعم إذا يئس وصلى في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر، فان استمر العذر الى آخر الوقت صحت صلاته، وان لم يستمر لم تصح.

(مسألة 535): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً أن أحدهما مغصوب أو حرير، و الآخر مما تصح الصلاة فيه، لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا. و إن علم أن أحدهما من غير المأكول و الآخر من المأكول، أو ان احدهما نجس، والآخر طاهر، صلى صلاتين في كل منهما صلاة.

ص: 143

الفصل الرابع: مكان المصلي

(مسألة 536): لا تجوز الصلاة فريضة، أو نافلة في مكان يكون احد المساجد السبعة فيه مغصوباً عيناً أو منفعة، أو لتعلق حق موجب لعدم جواز التصرف فيه، ولا فرق في ذلك في مسجد الجبهة بين العالم بالغصب، والجاهل به على الاظهر. نعم اذا كان معتقداً عدم الغصب أو كان ناسياً له، و لم يكن هو الغاصب صحت صلاته، و كذلك تصحصلاة من كان مضطراً، أو مكرها على التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق، والأظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه لضرر على النفس، أو البدن لحر، أو برد أو نحو ذلك، و كذلك المكان الذي فيه لعب قمار، أو نحوه، كما أن الأظهر صحة الصلاة فيما إذا وقعت تحت سقف مغصوب، أو خيمة مغصوبة.

(مسألة 537): إذا اعتقد غصب المكان، فصلى فيه بطلت صلاته و إن انكشف الخلاف.

(مسألة 538): لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء، كما لا تجوز الصلاة في الأرض المجهولة المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 539): إذا سبق واحد إلى مكان في المسجد فغصبه منه غاصب، فصلى فيه ففي صحة صلاته إشكال.

(مسألة 540): إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة، و لو لخصوص زيد المصلي، و إلا فالصلاة صحيحة.

(مسألة 541): المراد من إذن من المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الاذن الفعلية بأن كان المالك ملتفتاً الى الصلاة مثلاً وأذن

ص: 144

فيها، والاذن التقديرية بأن يعلم من حاله أنه لو التفت الى التصرف لاذن فيه، فتجوز الصلاة في ملك الغير مع غفلته إذا علم من حاله أنه لو التفت لأذن.

(مسألة 542): تعلم الاذن في الصلاة، إما بالقول كأن يقول : صل في بيتي، أو بالفعل كأن يفرش له سجادة إلى القبلة، أو بشاهد الحال كما في المضائف المفتوحة الأبواب و نحوها، و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات، إلا مع العلم بالاذن ولو كان تقديراً، و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا إذن، و لا سيما إذا توقف ذلك على تغير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر، أو طي بعض فراش المجلس، أو نحو ذلك مما يثقل على صاحب المجلس، و مثله في الإشكال كثرة البصاق على الجدران النزهة، و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلاً، أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها، مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار، أو على درج السطح، أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها، و الحاصل أنه لابد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمه، و موضع الجلوس، و مقداره، و مجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاؤه الداخل.

(مسألة 543): الحمامات المفتوحة، و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها، إلا بالإذن، فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها، إلا بإذن المالك أو وكيله، و مجرد فتح أبوابها لا يدل على الاذن في ذلك، وليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها.

(مسألة 544): تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة والوضوء من مائها ،و إن لم يعلم الاذن من المالك اذا لم يكن المالك لها صغيراً أو مجنوناً، أوعلم كراهته، وكذلك الأراضي غير المحجبة، كالبساتين التي لا سور لها و لا حجاب،

ص: 145

فيجوز الدخول إليها و الصلاة فيها و إن لم يعلم الاذن من المالك. نعم إذا ظن كراهة المالك فالأحوط الاجتناب عنها.

(مسألة 545): الاقوى صحة صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة، أو كانت المرأة متقدمة، اذا كان الفصل بينهما، مقدار عشرة اذرع. وان كان الاحوط أن يتقدم الرجل بموقفه على مسجد المرأة، أو يكون بينهما حائل، او مسافة عشرة اذرع بذراع اليد، و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة و غيرهما. نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم و المحاذاة، فإذا كان أحدهما في موضع عالٍ، دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس.

(مسألة 546): لا يجوز التقدم في الصلاة على قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب، و لا بأس به مع البعد المفرط، أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب، و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه.

(مسألة 547): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم بالكراهة، كالأب، و الأم، و الأخ، و العم، و الخال، و العمة، و الخالة. ومن ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق، و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز.

(مسألة 548): إذا دخل المكان المغصوب جهلاً أو نسيانا بتخيل الاذن ثم التفت وبان الخلاف ففي سعة الوقت لايجوز التشاغل بالصلاة ويجب قطعها، وفي ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادراً اليه سالكاً اقرب الطرق، مراعياً للاستقبال بقدر الامكان، ويومي للسجود ويركع، الا ان يستلزم ركوعه تصرفاً زائداً فيومي له حينئذ، وتصح صلاته و لا يجب عليه القضاء، و المراد

ص: 146

بالضيق أن لا يتمكن من إدراك ركعة في الوقت على تقدير تأخير الصلاة إلى ما بعد الخروج.

(مسألة 549): يعتبر في مسجد الجبهة - مضافا إلى ما تقدم من الطهارة - أن يكون من الأرض، أو نباتها، او القرطاس والأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية - على مشرفها أفضل الصلاة و التحية - فقد ورد فيها فضل عظيم، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن - كالذهب، و الفضة و غيرهما - ولا على ما يخرج عن اسم النبات كالرماد، والفحم، ويجوز السجود على الخزف، والاجر والجص والنورة بعد طبخها.

(مسألة 550): يعتبر في جواز السجود على النبات، أن لا يكون مأكولاً كالحنطة، و الشعير، و البقول، و الفواكه و نحوها من المأكول، و لو قبل وصولها إلى زمان الأكل، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ و نحوه، نعم يجوز السجود على قشورها ونواها، وعلى التبن، والقصيل، والجت ونحوها، وفيما لم يتعارف أكله معصلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لاقبال النفس على أكله اشكال وان كان الاظهر، في مثله الجواز ومثله عقاقير الادوية كورد لسان الثور، وعنب الثعلب، والخوبة، ونحوها مما له طعم وذوق حسن، واما ماليس له ذلك فلا اشكال في جواز السجود عليه وان استعمل للتداوي به، وكذا ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة أو عند بعض الناس نادراً.

(مسألة 551): يعتبر أيضاً في جواز السجود على النبات، أن لا يكون ملبوسا كالقطن، و الكتان، و القنب، و لو قبل الغزل، أو النسج. و لا بأس بالسجود على خشبها و ورقها، و كذا الخوص، و الليف، و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك، و إن لبس لضرورة أو شبهها، أو عند بعض الناس نادراً.

(مسألة 552): الاظهر جواز السجود على القرطاس مطلقاً وان اتخذ مما لايصح السجود عليه، كالمتخذ من الحرير، أو القطن، أو الكتان.

ص: 147

(مسألة 553): لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغاً، لا جرماً.

(مسألة 554): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لتقية، جاز له السجود على كل ما تقتضيه التقية، و أما إذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه، أو لمانع من حر، أو برد فالاظهر وجوب السجود على ثوبه فإن لم يمكن فعلى ظهر الكف، أو على شيء آخر مما لايصح السجود عليه حال الاختيار.

(مسألة 555): لا يجوز السجود على الوحل، أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما، و إن حصل التمكن جاز، و إن لصق بجبهته شيء منهما أزاله للسجدة الثانية على الاحوط. و إن لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه صلى إيماءاً.

(مسألة 556): إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه إذا صلى فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا، صلى مومياً للسجود، و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد.

(مسألة 557): إذا اشتغل بالصلاة، و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه، قطعها في سعة الوقت، وفي الضيق ينتقل الى البدل من الثوب أو ظهر الكف على الترتيب المتقدم.

(مسألة 558): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فإن التفت بعد رفع الرأس فالاحوط اعادة السجدة الواحدة حتى فيما اذا كانت الغلطة في السجدتين ثم اعاد الصلاة. وان التفت في اثناء السجود رفع رأسه وسجد على ما يصح السجود عليه مع التمكن وسعة الوقت، ومع ذلك فالاحوط اعادة الصلاة.

ص: 148

(مسألة 559): يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب. فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة و الأرجوحة و نحوهما مما يفوت معه الاستقرار، و تجوز الصلاة على الدابة و في السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار، و كذا إذا كانتا سائرتين إن حصل ذلك أيضاً، و نحوهما العربة و القطار و أمثالهما فإنه تصح الصلاة فيها إذا حصل الاستقرار والاستقبال، و لا تصح إذا فات واحد منهما إلا مع الضرورة. و حينئذ ينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها، و ان لم يتمكن من الاستقبال الا في تكبيرة الاحرام اقتصر عليها، و إن لم يتمكن من الاستقبال أصلاً سقط والاحوط استحباباً تحري الاقرب الى القبلة فالاقرب، وكذا الحال في الماشي وغيره من المعذورين.

(مسألة 560): الاقوى جواز إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختياراً وأن كان الاحوط تركه. أما اضطراراً فلا إشكال في جوازها، و كذا النافلة و لو اختياراً.

(مسألة 561): تستحب الصلاة في المساجد، و أفضلها المسجد الحرام والصلاة فيه تعدل الف الف صلاة، ثم مسجد النبي (صلی الله علیه و آله) والصلاة فيه تعدل عشرة الآف صلاة، ثم مسجد الكوفة والاقصى والصلاة فيها تعدل الف صلاة، ثم المسجد الجامع والصلاة فيه بمائة صلاة، ثم مسجد القبيلة وفيه تعدل خمساً وعشرين ،ثم مسجد السوق والصلاة فيه تعدل اثنتي عشرة صلاة، وصلاة المرأة في بيتها. وأفضل البيوت المخدع.

(مسألة 562): تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام، بل قيل إنها أفضل من المساجد، و قد ورد أن الصلاة عند علي عليه السلام بمائتي ألف صلاة.

ص: 149

(مسألة 563): يكره تعطيل المسجد، ففي الخبر : ثلاثة يشكون إلى الله تعالى : مسجد خراب لا يصلي فيه أحد، و عالم بين جهال، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

(مسألة 564): يستحب التردد إلى المساجد، ففي الخبر : من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر، و في الخبر: لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده.

(مسألة 565): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلاً إذا كان في معرض مرور أحد قدامه، و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب.

(مسألة 566): قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام، و المزبلة و المجزرة، و الموضع المعد للتخلي، و بيت المسكر، و معاطن الإبل، و مرابط الخيل، و البغال، و الحمير، و الغنم، بل في كل مكان قذر، و في الطريق و إذا أضرت بالمارة حرمت وبطلت،و في مجاري المياه، و الأرض السبخة، و بيت النار كالمطبخ، و أن يكون أمامه نار مضرمة، و لو سراجاً، أو تمثال ذي روح، أو مصحف مفتوح، أو كتاب كذلك، و الصلاة على القبر و في المقبرة، أو أمامه قبر، و بين قبرين و إذا كان في الأخيرين حائل،أو بعد عشرة أذرع، فلا كراهة، و أن يكون قدامه إنسان مواجه له، و هناك موارد أخرى للكراهة مذكورة في محلها.

ص: 150

المقصد الخامس: أفعال الصلاة وما يتعلق بها

وفيه مباحث:
المبحث الأول: الأذان والإقامة
وفيه فصول:
الفصل الأول: مستحبات الاذان والاقامة

يستحب الأذان والإقامة استحباباً مؤكداً في الفرائض اليومية أداءاً وقضاءاً، حضراً، وسفراً، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلا كان أو امرأة، ويتأكدان في الأدائية منها، وخصوص المغرب والغداة وأشدهما تأكيداً لهم الإقامة خصوصاً للرجال بل الأحوط - استحباباً - لهم الإتيان بها ولا يشرع الأذان ولا الإقامة في النوافل، ولا في الفرائض غير اليومية.

(مسألة 567): يسقط الأذان للعصر عزيمةً يوم عرفة، اذا جمعت مع الظهر، وللعشاء ليلة المزدلفة- اذا جمعت مع المغرب.

(مسألة 568): يسقط الأذان والإقامة جميعاً في موارد :

الأول: في الصلاة جماعة إذا سمع الامام الأذان والاقامة في الخارج.

الثاني: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها وأقاموا وان لم يسمع.

ص: 151

الثالث: الداخل إلى المسجد قبل تفرق الجماعة سواء أصلى جماعة إماماً، أم مأموماً، أم صلى منفرداً بشرط الاتحاد في المكان عرفاً فمع كون احدهما في ارض المسجد، والاخرى على سطحه يشكل السقوط، ويشترط أيضاً أن تكون الجماعة السابقة بأذان وإقامة، فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها وإقامتها، فلا سقوط، وان تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الإمام فاسقاً مع علم المأمومين به فلا سقوط، وفي اعتبار كون الصلاتين أدائيتين واشتراكهما في الوقت، إشكال والاحوط الإتيان حينئذ بهما برجاء المطلوبية، بل الظاهر جواز الاتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية وكذا إذا كان المكان غير مسجد.

الرابع: إذا سمع شخصا آخر يؤذن ويقيم للصلاة إماماً كان الآتي بهما أم مأموماً أم منفرداً، وكذا في السامع بشرط سماع تمام الفصول وان سمع احدهما لم يجز عن الآخر.

الفصل الثاني: فصول الاذان

فصول الأذان ثمانية: عشر الله أكبر أربع مرات، ثم أشهد أن لا إله إلا الله، ثم أشهد أن محمداً رسول الله، ثم حي على الصلاة، ثم حي على الفلاح، ثم حي على خير العمل، ثم الله أكبر، ثم لا إله إلا الله، كل فصل مرتان، وكذلك الإقامة، إلا أن فصولها أجمع مثنى مثنى، إلا التهليل في آخرها فمرة، ويزاد فيها بعد الحيعلات قبل التكبير، قد قامت الصلاة مرتين، فتكون فصولها سبعة عشر، وتستحب الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف، واكمال الشهادتين بالشهادة لعلي ( عليه السلام ) بالولاية وإمرة المؤمنين في الآذان وغيره.

ص: 152

الفصل الثالث: شروط الاذان والاقامة

يشترط فيهما أمور:

الأول : النية ابتداء واستدامة، ويعتبر فيها القربة والتعيين مع الاشتراك.

الثاني والثالث : العقل والإيمان، وفي الاجتزاء بأذان المميز وإقامته إشكال.

الرابع : الذكورة للذكور فلا يعتد بأذان النساء وإقامتهن لغيرهن ،حتى المحارم على الأحوط وجوباً، نعم يجتزئ بهما لهن، فإذا أمت المرأة النساء فأذنت وأقامت كفى.

الخامس : الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة،وكذا بين فصول كل منهما، فإذا قدم الإقامة أعادها بعد الأذان، وإذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل به الترتيب، إلا أن تفوت الموالاة فيعيد من الأول.

السادس : الموالاة بينهما وبين فصول كل منهما، وبينهما وبين الصلاة. فإذا أخل بها أعاد.

السابع : العربية وترك اللحن.

الثامن : دخول الوقت فلا يصحان قبله. نعم يجوز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام.

الفصل الرابع: مايستحب فيه الاذان

يستحب في الأذان الطهارة من الحدث، والقيام، والاستقبال، ويكره الكلام في أثنائه، وكذلك الإقامة، بل الظاهر اشتراط الطهارة والقيام وتشتد

ص: 153

كراهة الكلام بعد قول المقيم : (( قد قامت الصلاة ))، إلا فيما يتعلق بالصلاة، ويستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان و الحدر في الإقامة، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة، ووضع الأصبعين في الأذنين في الأذان، ومد الصوت فيه ورفعه إذا كان المؤذن ذكراً، ويستحب رفع الصوت في الإقامة، إلا أنه دون الأذان، وغير ذلك مما هو مذكور في المفصلات.

الفصل الخامس: ماينبغي للمصلي حال الصلاة

من ترك الأذان والإقامة، أو أحدهما عمداً، حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها واستئنافهما على الأحوط، وإذا تركهما عن نسيان يستحب له القطع لتداركهما ما لم يركع، واذا نسي الاقامة وحدها فالظاهر استحباب القطع لتداركها، واذا ذكر قبل القراءة لايبعد الجواز لتداركهما او تدارك الاقامة مطلقاً

إيقاظ وتذكير : قال الله تعالى (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )) وقال النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام كما ورد في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يقبل عليه منها، وأنه لا يقدمن أحدكم على الصلاة متكاسلاً، ولا ناعساً، ولا يفكرن في نفسه، ويقبل بقلبه على ربه. ولا يشغله بأمر الدنيا، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى، فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل، الراغب الراهب، الخائف الراجي المسكين، المتضرع، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبداً، وكان علي بن الحسين ( عليه السلام ) إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة، لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه، وكان أبو جعفر، وأبو عبد الله عليهما السلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما، مرة حمرة، ومرة صفرة، وكأنهما يناجيان شيئا يريانه، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) فلا يكون عابداً لهواه، ولا مستعيناً بغير مولاه. وينبغي إذا أراد الصلاة، أو

ص: 154

غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى، ويندم على ما فرط في جنب الله، ليكون معدوداً في عداد المتقين الذين قال الله تعالى في حقهم ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

المبحث الثاني: فيما يجب في الصلاة
وهو أحد عشر :

النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، والترتيب، والموالاة، والأركان - وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمداً وسهواً - خمسة : النية، والتكبير، والقيام، والركوع، والسجود. والبقية أجزاء غير ركنية لا تبطل الصلاة بنقصها سهواً، وفي بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى، فهنا فصول.

الفصل الأول: النية

في النية، وقد تقدم في الوضوء أنها : القصد إلى الفعل على نحو يكون الباعث إليه أمر الله تعالى، ولا يعتبر التلفظ بها، ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً عند القصد إليه، ولا نية الوجوب ولا الندب، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحباتها، ولا غير ذلك من الصفات والغايات بل يكفي الإرادة الإجمالية المنبعثة عن أمر الله تعالى، المؤثرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختيارية الصادرة عن المختار، المقابل للساهي والغافل.

ص: 155

(مسألة 569): يعتبر فيها الإخلاص. فإذا انضم الى أمر الله تعالى الرياء بطلت الصلاة، وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبة. سواء أ كان الرياء في الابتداء أم في الأثناء، وفي تمام الاجزاء، ام في بعضها الواجبة، وفي ذات الفعل ام بعض قيوده، مثل أن يرائي في صلاته جماعة، او في المسجد أو في الصف الاول أو خلف الإمام الفلاني، أو أول الوقت، أو نحو ذلك، نعم في بطلانها بالرياء في الاجزاء المستحبة مثل القنوت، او زيادة التسبيح أو نحو ذلك إشكال، بل الظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة، مثل ازالة الخبث قبل الصلاة، والتصدق في اثنائها وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصاً لله، ولكنه كان يعجبه أن يراه الناس، كما أن الخطور القلبي لا يبطل الصلاة، خصوصاً إذا كان يتأذى بهذا الخطور، ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذم عن نفسه، أو ضرر آخر غير ذلك، لم يكن رياءاً ولا مفسداً. والرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها، كما لو كان قاصداً الإخلاص، ثم بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله، والعجب لا يبطل العبادة سواء أكان متأخراً أو مقارناً.

(مسألة 570): الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت محرمة وموجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة، والا فان كانت راجحة، أو مباحة فالظاهر صحة العبادة إذا كان داعي القربة صالحاً للاستقلال في البعث الى الفعل بحيث يفعل للأمر به ولو لم تكن تلك الضميمة، وان لم يكن صالحاً للاستقلال، فالظاهر البطلان.

(مسألة 571): يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها اذا كانت صالحة لان تكون على احد وجهين متميزين، ويكفي التعيين الاجمالي مثل: عنوان ما اشتغلت به الذمة اذا كان متحداً، او ما اشتغلت به أولاً اذا كان متعدداً أو نحو ذلك، فاذا صلى صلاة مرددة بين الفجر ونافلتها، لم تصح كل منهما. نعم اذا لم تصلح لان تكون على احد وجهين متميزين كما اذا نذر نافلتين لم يجب التعيين لعدم تميز أحدهما في مقابل الأخرى.

ص: 156

(مسألة 572): لا تجب نية القضاء ولا الأداء. فإذا علم أنه مشغول الذمة بصلاة الظهر، ولا يعلم أنها قضاء أو أداء صحت إذا قصد الإتيان بما اشتغلت به الذمة فعلاً، وإذا اعتقد أنها أداء فنواها أداءاً صحت أيضاً، إذا قصد امتثال الأمر المتوجه إليه وإن كانت في الواقع قضاءاً، وكذا الحكم في العكس.

(مسألة 573): لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة، فلو صلى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته، وبعد الفراغ تبينت طهارته صحت الصلاة، وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة، وكذا إذا صلى في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الإتمام فاتفق تمكنه صحت صلاته، وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.

(مسألة 574): قد عرفت أنه لا يجب - حين العمل - الالتفات إليه تفصيلاً وتعلق القصد به، بل يكفي الالتفات إليه وتعلق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالاً على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله إلى آخره عن داعي الامر، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنه يفعل عن قصد الامر، وإذا سئل أجاب بذلك، ولا فرق بين أول الفعلوآخره، وهذا المعنى هو المراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها، أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية.

(مسألة 575): إذا كان في أثناء الصلاة فنوى قطعها أو نوى الإتيان بالقاطع ولو بعد ذلك فان أتم صلاته على هذا الحال بطلت، وكذا اذا أتى ببعض الاجزاء ثم عاد الى النية الاولى، وأما اذا عاد الى النية الاولى قبل ان يأتي بشيء منها، صحت وأتمها.

(مسألة 576): إذا شك في الصلاة التي بيده أنه عينها ظهراً، أو عصراً، فان لم يأت بالظهر قبل ذلك نواها ظهراً وأتمها وان أتى بالظهر بطلت، الا إذا

ص: 157

رأى نفسه فعلاً من صلاة العصر، وشك في انه نواها عصراً من اول الامر، أو أنه نواها ظهراً، فانه حينئذ يحكم بصحتها ويتمها عصراً.

(مسألة 577): إذا دخل في فريضة، فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة، صحت فريضة، وفي العكس تصح نافلة.

(مسألة 578): إذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة، وشك في أنه نوى ما قام إليها، أو غيرها، فالاحوط الاتمام ثم الاعادة.

(مسألة 579): لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى، إلا في موارد :

منها : ما إذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين - كالظهرين والعشائين - وقد دخل في الثانية قبل الأولى، فإنه يجب أن يعدل إلى الأولى إذا تذكر في الأثناء.

ومنها : إذا كانت الصلاتان قضائيتين، فدخل في اللاحقة، ثم تذكر أن عليه سابقة، فإنه يجب ان يعدل إلى السابقة، في المترتبتين، ويجوز العدول في غيرهما.

ومنها : ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة، فإنه يجوز العدول إلى الفائتة، وانما يجوز العدول في الموارد المذكورة، اذا ذكر قبل أن يتجاوز محله، أما اذا ذكر في ركوع رابعة العشاء، انه لم يصل المغرب فانها تبطل، ولابد من أن يأتي بها بعد ان يأتي بالمغرب.

ومنها : ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأولى من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة، وتذكر بعد ان تجاوز النصف فإنه يستحب له العدول إلى النافلة ثم يستأنف الفريضة ويقرأ سورتها.

ومنها : ما إذا دخل في فريضة منفرداً ثم أقيمت الجماعة، فإنه يستحب له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محله ثم يتمها ويدخل في الجماعة.

ص: 158

ومنها : ما إذا دخل المسافر في القصر ثم نوى الإقامة قبل التسليم فإنه يعدل بها إلى التمام، وإذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة قبل ركوع الركعة الثالثة عدل الى القصر، واذا كان بعد ركوع الركعة الثالثة بطلت صلاته.

(مسألة 580): إذا عدل في غير محل العدول، فان لم يفعل شيئاً جاز له العود الى ما نواه أولاً، وإن فعل شيئاً فإن كان عامداً بطلت الصلاتان. وان كان ساهياً ثم التفت أتم الأولى إن لم يزد ركوعاً، أو سجدتين.

(مسألة 581): الأظهر جواز ترامي العدول، فإذا كان في فائتة فذكر ان عليه فائتة سابقة، فعدل اليها فذكر أن عليه فائتة أخرى سابقة عليها، فعدل اليها، أيضاً صح.

الفصل الثاني: تكبيرة الاحرام

في تكبيرة الإحرام : وتسمى تكبيرة الافتتاح، وصورتها : (الله أكبر) ولا يجزئ مرادفها بالعربية، ولا ترجمتها بغير العربية، وإذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً، وتبطل بزيادتها عمداً، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى الخامسة، وهكذا تبطل بالشفع، وتصح بالوتر، والظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادتها سهواً، ويجب الإتيان بها على النهج العربي - مادة وهيئة - والجاهل يلقنه غيره أو يتعلم، فإن لم يمكن اجتزأ منها بالممكن. فإن عجز جاء بمرادفها. وان عجز فبترجمتها.

(مسألة 582): الأحوط - وجوباً - عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاءاً كان أو غيره، ولا بما بعدها، من بسملة أو غيرها، وأن لا يعقب اسم الجلالة

ص: 159

بشيء من الصفاة الجلالية، أو الجمالية، وينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة، والراء من أكبر.

(مسألة 583): يجب فيها القيام التام فإذا تركه - عمداً أو سهواً - بطلت من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل يجب التربص في الجملة حتى يعلم بوقوع التكبير تاما قائما، وأما الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر، أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة، فهو وإن كان واجباً حال التكبير، لكن الظاهر أنه إذا تركه سهواً لم تبطل الصلاة.

(مسألة 584): الأخرس يأتي بها على قدر ما يمكنه فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه وأشار بإصبعه، والاحوط الأولى ان يحرك بها لسانه إن أمكن.

(مسألة 585): يشرع الاتيان بست تكبيرات، مضافاً الى تكبيرة الاحرام فيكون المجموع سبعاً، ويجوز الاقتصار على الخمس، وعلى الثلاث، والاولى أن يقصد بالاخير تكبيرة الاحرام..

(مسألة 586): يستحب للإمام الجهر بواحدة، والإسرار بالبقية و يستحب أن يكون التكبير في حال رفع اليدين الى الاذنين أو مقابل الوجه، أو الى النحر، مضمومة الأصابع، حتى الإبهام والخنصر مستقبلاً بباطنهما القبلة.

(مسألة 587): إذا كبر ثم شك في أنها تكبيرة الإحرام، أو للركوع بنى على الأولى، وإن شك في صحتها، فالاحوط الاتيان بالمنافي ثم الاعادة. وإن شك في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من القراءة ،بنى على وقوعها.

(مسألة 588): يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءاً، بلا دعاء، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثم يقول : (( اللهم أنت الملك الحق، لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )) ثم يأتي باثنتين ويقول : (( لبيك، وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من

ص: 160

هديت ،لا ملجأ منك إلا إليك ،سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت )) ثم يأتي باثنتين ويقول : (( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين )) ثم يستعيذ ويقرأ سورة الحمد.

الفصل الثالث: في القيام

وهو ركن حال تكبيرة الإحرام - كما عرفت - وعند الركوع، وهو الذي يكون الركوع عنه - المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع -

فمن كبر للافتتاح وهو جالس بطلت صلاته، وكذا إذا ركع جالساً سهواً وإن قام في أثناء الركوع متقوسا، وفي غير هذين الموردين يكون القيام الواجب واجباً غير ركن، كالقيام بعد الركوع، والقيام حال القراءة، أو التسبيح فإذا قرأ جالساً - سهواً - أو سبح كذلك، ثم قام وركع عن قيام ثم التفت صحت صلاته، وكذا إذا نسي القيام بعد الركوع حتى سجد السجدتين.

(مسألة 589): إذا هوى لغير الركوع، ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز، و إن لم يكن ركوعه عن قيام بطلت صلاته، نعم إذا لم يصل إلى حد الركوع وانتصب قائما، وركع عنه صحت صلاته، وكذلك إذا وصل ولم ينوه ركوعا.

(مسألة 590): إذا هوى إلى ركوع عن قيام، وفي أثناء الهوي غفل حتى جلس للسجود، فإن كانت الغفلة بعد تحقق مسمى الركوع، صحة الصلاة، والأحوط - استحباباً - أن يقوم منتصباً، ثم يهوي إلى السجود وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدة واحدة مضى في صلاته. والأحوط - استحباباً - إعادة الصلاة بعد الإتمام. وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدتين صح سجوده

ص: 161

ومضى، وإن كانت الغفلة قبل تحقق مسمى الركوع عاد إلى القيام منتصباً، ثم هوى إلى الركوع، ومضى وصحت صلاته.

(مسألة 591): يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام، والانتصاب فإذا انحنى، أو مال إلى أحد الجانبين بطل، وكذا إذا فرج بين رجليه على نحو يخرج عن الاستقامة عرفاً. نعم لا باس باطراق الرأس. وتجب أيضاً في القيام غير المتصل بالركوع الطمأنينة. والاحوط وجوباً الوقوف على القدمين جميعاً، والظاهر عدم جواز الاعتماد على عصا أو جدار، أو أنسان في القيام الا في حال الضرورة. و الاحوط ترك ذلك مع الامكان.

(مسألة 592): إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفا، ولو منحنياً، أو منفرج الرجلين، صلى قائما، وإن عجز عن ذلك صلى جالساً ويجب الانتصاب، والاستقرار، والطمأنينة على نحو ما تقدم في القيام. هذا مع الإمكان، وإلا اقتصر على الممكن، فإنتعذر الجلوس حتى الاضطراري صلى - مضطجعاً - على الجانب الأيمن ووجهه إلى القبلة كهيئة المدفون، ومع تعذره فعلى الأيسر عكس الأول، وإن تعذر صلى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة كهيئة المحتضر. والاحوط - وجوباً - أن يومئ برأسه للركوع والسجود مع الإمكان، والأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع، ومع العجز يومئ بعينيه.

(مسألة 593): إذا تمكن من القيام، ولم يتمكن من الركوع قائماً وكانت وظيفته الصلاة قائماً - صلى قائماً، وأومأ للركوع، والأحوط - استحباباً - أن يعيد صلاته مع الركوع جالسا، وإن لم يتمكن من السجود أيضا صلى قائماً وأومأ للسجود أيضاً.

(مسألة 594): اذا قدر على القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب ان يقوم الى ان يعجز فيجلس، واذا أحس بالقدرة على القيام قام وهكذا، ولا يجب عليه استئناف ما فعله حالة الجلوس فلو قرأ جالساً ثم تجدد القدرة على القيام

ص: 162

قبل الركوع بعد القراءة - قام للركوع وركع من دون إعادة للقراءة، هذا في ضيق الوقت واما مع سعته فان استمر العذر الى آخر الوقت لايعيد، وأن لم يستمر، فان أمكن التدارك كأن تجددت القدرة بعد القراءة، وقبل الركوع استأنف القراءة عن قيام ومضى في صلاته، وان لم يمكن التدارك، فان كان الفائت قياماً ركنياً اعاد صلاته، والا لم تجب الإعادة.

(مسألة 595): إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق، والقيام في الجزء اللاحق، فالترجيح للسابق حتى فيما اذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركناً، وكان في الجزء اللاحق ركناً.

(مسألة 596): يستحب في القيام إسدال المنكبين، وإرسال اليدين ووضع الكفين على الفخذين، قبال الركبتين اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، وضم أصابع الكفين، وأن يكون نظره إلى موضع سجوده وأن يصف قدميه متحاذيتين مستقبلاً بهما، ويباعد بينهما بثلاثة أصابع مفرجات، أو أزيد إلى شبر، وأن يسوي بينهما في الاعتماد، وأن يكون على حال الخضوع والخشوع، كقيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل.

الفصل الرابع: القراءة

يعتبر في الركعة الأولى والثانية من كل صلاة فريضة، أو نافلة قراءة فاتحة الكتاب، ويجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة - على الاحوط - بعدها، وإذا قدمها عليها - عمداً - استأنف الصلاة، وإذا قدمها - سهواً - وذكر قبل الركوع، فإن كان قد قرأ الفاتحة - بعدها - أعاد السورة، وإن لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها وقرأ السورة بعدها، وإن ذكر بعد الركوع مضى وكذا إن نسيهما، أو نسي إحداهما وذكر بعد الركوع.

ص: 163

(مسألة 597): تجب السورة في الفريضة، وإن صارت نافلة، كالمعادة، ولا تجب في النافلة وإن صارت واجبة بالنذر ونحوه على الأقوى الا ان ينذر بإن يصلي الصلاة المتعارفة. نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور مخصوصة، تجب قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها، إلا إذا كانت السورة شرطا لكمالها، لا لأصل مشروعيتها.

(مسألة 598): تسقط السورة في الفريضة عن المريض، والمستعجل والخائف من شيء إذا قرأها، ومن ضاق وقته، والأحوط - استحباباً - في الأوليين الاقتصار على صورة المشقة في الجملة بقراءتها. والأظهر كفاية الضرورة العرفية.

(مسألة 599): لا يجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقرائتها من السور الطوال فإن قرأها - عامداً - بطلت الصلاة وان كان ساهياً عدل الى غيرها مع سعة الوقت. وان ذكر بعد الفراغ منها - وقد خرج الوقت - اتم صلاته، الا اذا لم يكن قد أدرك ركعة فيحكم - حينئذ - ببطلان صلاته ولزمه القضاء.

(مسألة 600): لا تجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة على اشكال. فاذا قرأها عمداً وجب عليه السجود للتلاوة فإن سجد بطلت صلاته، وإن عصى فألاحوط وجوباً له الاتمام والاعادة، وإذا قرأها - نسياناً - وذكر قبل آية السجدة عدل الى غيرها واذا ذكر بعدها فان سجد - نسياناً - أيضاً أتمها وصحت صلاته، وان التفت قبل السجود أومأ اليها واتم صلاته، وسجد بعدها على الاحوط وان سجد وهو في الصلاة بطلت.

(مسألة 601): إذا استمع إلى آية السجدة وهو في الصلاة أومأ برأسه إلى السجود وأتم صلاته، والأحوط - وجوبا - السجود أيضاً بعد الفراغ، والظاهر عدم وجوب السجود بالسماع من غير اختيار مطلقاً.

ص: 164

(مسألة 602): تجوز قراءة سور العزائم في النافلة منفردة، أو منضمة إلى سورة أخرى، ويسجد عند قراءة آية السجدة، ويعود إلى صلاته فيتمها، وكذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها. وسور العزائم أربع: ( ألم السجدة، حم السجدة، النجم، العلق ).

(مسألة 603): البسملة جزء من كل سورة فتجب قراءتها معها - عدا سورة براءة - واذا عينها لسورة لم تجز قراءة غيرها الا بعد اعادة البسملة لها، واذا قرأ البسملة من دون تعيين سورة وجبت اعادتها ويعينها لسورة خاصة، وكذا اذا عينها لسورة ونسيها فلم يدر ما عين، واذا كان متردداً بين السور لم يجز له البسملة الا بعد التعيين، اما اذا كان عازماً من اول الصلاة على قراءة سورة معينة، أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفى ولم تجب أعادة السورة.

(مسألة 604): الأحوط ترك القران بين السورتين في الفريضة، وإن كان الأظهر الجواز على كراهة، وفي النافلة يجوز ذلك بلا كراهة.

(مسألة 605): سورتا الفيل والإيلاف سورة واحدة، وكذا سورتا الضحى وألم نشرح. فلا تجزي واحدة منهما، بل لابد من الجمع بينهما مرتباً مع البسملة الواقعة بينهما.

(مسألة 606): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف وإخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب، كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربي، من حركة البنية، وسكونها، وحركات الإعراب والبناء وسكناتها، والحذف، والقلب، والإدغام، والمد الواجب وغير ذلك. فان أخل بشيء من ذلك بطلت القراءة.

ص: 165

(مسألة 607): يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة : الله والرحمن، والرحيم، واهدنا وغيرها، فاذا أثبتها بطلت القراءة، وكذا يجب اثبات همزة القطع مثل: إياك، وأنعمت، فإذا حذفها بطلت القراءة.

(مسألة 608): الأحوط - وجوباً - ترك الوقوف بالحركة، بل وكذا الوصل بالسكون.

(مسألة 609): يجب المد في الواو المضموم ما قبلها، أو الياء المكسور ما قبلها، أو الألف المفتوح ما قبلها، اذا كان بعدها سكون لازم مثل ضآلين، بل الاحوط في مثل: جآء، وجيء، وسوء.

(مسألة 610): الأحوط - استحباباً - الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين لأحد حروف : يرملون.

(مسألة 611): يجب إدغام لام التعريف إذا دخلت على التاء والثاء، والدال، والذال، والراء، والزاء، والسين، والشين، والصاد ،والضاد، والطاء، والظاء، واللام، والنون، وإظهارها في بقية الحروف فتقول في : الله، والرحمن، والرحيم، والصراط، والضالين بالإدغام وفي الحمد، والعالمين، والمستقيم بالإظهار.

(مسألة 612): يجب الإدغام في مثل: مدّ وردّ مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة، ولا يجب في مثل اذهب بكتابي و يدرككم الموت مما اجتمع فيه المثلان في كلمتين وكان الأول ساكنا، وإن كان الإدغام أحوط.

(مسألة 613): تجوز قراءة مالك يوم الدين، وملك يوم الدين، ويجوز في الصراط بالصاد والسين، ويجوز في كفوا، أن يقرأ بضم الفاء وبسكونها مع الهمزة، أو الواو.

ص: 166

(مسألة 614): إذا لم يقف على أحد، في قل هو الله أحد، ووصله ب- ( الله الصمد ) فالأحوط أن يقول أحدُنِ الله الصمد،بضم الدال وكسر النون.

(مسألة 615): إذا اعتقد كون الكلمة على وجه خاص من الإعراب أو البناء، أو مخرج الحرف، فصلى مدة على ذلك الوجه،ثم تبين أنه غلط، فالظاهر الصحة، وإن كان الأحوط الإعادة.

(مسألة 616): الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع وإن كان الأقوى جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الأئمة عليهم السلام.

(مسألة 617): يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب، والعشاء، والإخفات في غير الأوليين منهما، وكذا في الظهر والعصر في غير يوم الجمعة عدا البسملة. أما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة، بل في الظهر على الأقوى.

(مسألة 618): إذا جهر في موضع الإخفات، أو أخفت في موضع الجهر - عمداً - بطلت صلاته على الأحوط، وإذا كان ناسياً، أو جاهلاً بالحكم من أصله، أو بمعنى الجهر والإخفات صحت صلاته، والأحوط الأولى الإعادة إذا كان متردداً فجهر، أو أخفت في غير محله - برجاء المطلوبية - وإذا تذكر الناسي، أو علم الجاهل في أثناء القراءة، مضى في القراءة، ولم تجب عليه إعادة ما قرأه.

(مسألة 619): لا جهر على النساء، بل يتخيرن بينه وبين الإخفات في الجهرية، ويجب عليهن الإخفات في الإخفاتية، ويعذرن فيما يعذر الرجال فيه.

(مسألة 620): مناط الجهر والاخفات الصدق العرفي، لاسماع من بجانبه وعدمه، ولايصدق الاخفات على ما يشبه كلام المبحوح وان كان لايظهر جوهر الصوت فيه، ولا يجوز الافراط في الجهر كالصياح، والاحوط في الاخفات ان يسمع نفسه تحقيقاً، أو تقديراً، كما اذا كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه.

ص: 167

(مسألة 621): من لا يقدر إلا على الملحون ولو لتبديل بعض الحروف ولا يمكنه التعلم أجزأه ذلك، ويجب عليه أن يصلي صلاته مأموماً على الاحوط وكذا اذا ضاق الوقت عن التعلم، نعم اذا كان مقتصراً في ترك التعلم، وجب عليه ان يصلي مأموماً، واذا تعلم بعض الفاتحة قرئها. والاحوط - استحباباً - أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية واذا لم يعلم شيئاً منها قرأ من سائر القرآن، والاحوط - وجوباً - أن يكون بقدر الفاتحة، واذا لم يعرف شيئاً من القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح، والاحوط - وجوباً - ان يكون بقدرها أيضاً، بل الاحوط الاتيان بالتسبيحات الاربعة، واذا عرف الفاتحة وجهل السورة، فالظاهر، سقوطها مع العجز عن تعلمها.

(مسألة 622): تجوز اختياراً القراءة في المصحف الشريف، وبالتلقين وإن كان الأحوط - استحباباً - الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار.

(مسألة 623): يجوز العدول اختياراً من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف والأحوط عدم العدول ما بين النصف والثلثين ولايجوز العدول بعد بلوغ الثلثين، هذا في غير سورتي الجحد والتوحيد، واما فيهما فلا يجوز العدول من إحداهما إلى غيرهما، ولا إلى الأخرى مطلقاً، نعم يجوز العدول من غيرهما - ولو بعد تجاوز النصف - أو من إحدى السورتين مع الاضطرار لنسيان بعضها، أو ضيق الوقت عند إتمامها، او كون الصلاة نافلة.

(مسألة 624): يستثنى من الحكم المتقدم يوم الجمعة، فإن من كان بانيا فيه على قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة (المنافقون) في الثانية من صلاة الجمعة، أو الظهر فغفل وشرع في سورة أخرى، فإنه يجوز له العدول إلى السورتين وإن كان من سورة التوحيد، أو الجحد أو بعد تجاوز الثلثين من أي سورة كانت والأحوط وجوبا عدم العدول عن الجمعة والمنافقون يوم الجمعة،

ص: 168

حتى إلى السورتين ( التوحيد والجحد ) إلا مع الضرورة فيعدل إلى إحداهما دون غيرهما على الأحوط.

(مسألة 625): يتخير المصلي في ثالثة المغرب، وأخيرتي الرباعيات بين الفاتحة، والتسبيح، وصورته : (( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ))، هذا في غير المأموم في الصلوات الجهرية، وأما فيه فالاحوط - لزوماً - اختيار التسبيح، وتجب المحافظة على العربية، ويجزئ ذلك مرة واحدة، والأحوط - استحباباً - التكرار ثلاثاً، والأفضل إضافة الاستغفار إليه ويجب الإخفات في الذكر، وفي القراءة بدله حتى البسملة على الاحوط وجوباً.

(مسألة 626): لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة والذكر، بل له القراءة في إحداهما، والذكر في الأخرى.

(مسألة 627): إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر فالظاهر عدم الاجتزاء به، وعليه الاستئناف له، أو لبديله. وإذا كان غافلاً وأتى به بقصد الصلاة اجتزأ به، وإن كان خلاف عادته، أو كان عازما في أول الصلاة على غيره، وإذا قرأ الحمد بتخيل أنه في الأولتين، فذكر أنه في الأخيرتين اجتزأ، وكذا إذا قرأ سورة التوحيد - مثلاً - بتخيل أنه في الركعة الأولى، فذكر أنه في الثانية.

(مسألة 628): إذا نسي القراءة، والذكر، وتذكر بعد الوصول إلى حد الركوع صحت الصلاة، وإذا تذكر قبل ذلك - ولو بعد الهوي - رجع وتدارك، وإذا شك في قراءتها بعد الركوع مضى، واذا شك قبل ذلك تدارك وإن كان الشك بعد الاستغفار بل بعد الهوي أيضاً.

(مسألة 629): الذكر للمأموم أفضل في الصلوات الاخفاتية من القراءة. وفي أفضليته للامام والمنفرد اشكال.وتقدم ان الاحوط - لزوماً - اختيار الذكر للمأموم في الصلوات الجهرية.

ص: 169

(مسألة 630): تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الأولى بأن يقول : (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )) والأولى الإخفات بها، والجهر بالبسملة في أوليي الظهرين، والترتيل في القراءة، وتحسين الصوت بلا غناء، والوقف على فواصل الآيات، والسكتة بين الحمد والسورة، وبين السورة وتكبير الركوع، أو القنوت، وأن يقول بعد قراءة التوحيد (( كذلك الله ربي )) أو (( ربنا )) وأن يقول بعد الفراغ من الفاتحة : (( الحمد لله رب العالمين )) والمأموم يقولها بعد فراغ الإمام. وقراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة :عم، وهل أتى، وهل أتاك، ولا أقسم بيوم القيامة في صلاة الصبح، وسورة الأعلى والشمس، ونحوهما في الظهر، والعشاء، وسورة النصر، والتكاثر، في العصر، والمغرب، وسورة الجمعة، في الركعة الأولى، وسورة الأعلى في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة، وسورة الجمعة في الأولى، والتوحيد في الثانية من صبحها، وسورة الجمعة في الأولى، والمنافقون في الثانية من ظهريها، وسورة هل أتى في الأولى، وهل أتاك في الثانية في صبح الخميس والاثنين، ويستحب في كل صلاة قراءة القدر في الأولى، والتوحيد في الثانية، وإذا عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من فضل، اعطي أُجر السورة التي عدل عنها، مضافاً إلى أجرهما.

(مسألة 631): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس، وقراءتها بنفس واحد، وقراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الأوليين إلا سورة التوحيد، فإنه لا بأس بقراءتها في كل من الركعة الأولى والثانية.

(مسألة 632): يجوز تكرار الآية والبكاء، وتجوز قراءة المعوذتين في الصلاة وهما من القرآن، ويجوز إنشاء الخطاب بمثل : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) مع قصد القرآنية، وكذا إنشاء الحمد بقوله : (( الحمد لله رب العالمين )) وإنشاء المدح بمثل (( الرحمن الرحيم )).

ص: 170

(مسألة 633): إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت وبعد الطمأنينة يرجع إلى القراءة، ولا يضر تحريك اليد، أو أصابع الرجلين حال القراءة.

(مسألة 634): إذا تحرك في حال القراءة قهراً لريح، أو غيرها بحيث فاتت الطمأنينة فالأحوط - استحباباً - إعادة ما قرأ في تلك الحال.

(مسألة 635): يجب الجهر في جميع الكلمات والحروف في القراءة الجهرية.

(مسألة 636): تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة، فاذا فاتت الموالاة - سهواً - بطلت الكلمة واذا كان عمداً بطلت الصلاة، وكذا الموالاة بين الجار والمجرور وحرف التعريف ومدخولها ونحو ذلك مما يعد جزء الكلمة. والاحوط المولاة بين المضاف والمضاف إليه والمبتدأ وخبره والفعل وفاعله والشرط وجزائه، والموصوف وصفته والمجرور ومتعلقه، ونحو ذلك مما له هيئة خاصة على نحو لايجوز الفصل فيه بالأجنبي، فاذا فاتت سهواً أعاد القراءة، واذا فاتت عمداً فالاحوط - وجوباً الاتمام والاستئناف.

(مسألة 637): إذا شك في حركة كلمة، أو مخرج حروفها، لا يجوز أن يقرأ بالوجهين، فيما إذا لم يصدق على الآخر أنه ذكر ولو غلطاً. ولكن لو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه، فإذا انكشف أنه مطابق للواقع لم يعد الصلاة، وإلا أعادها.

الفصل الخامس: في الركوع

وهو واجب في كل ركعة مرة، فريضة كانت أو نافلة، عدا صلاة الآيات كما سيأتي، كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمداً وسهواً، عدا صلاة

ص: 171

الجماعة، فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي، وعدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهواً، ويجب فيه أمور :

الأول : الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين، وغير مستوي الخلقة لطول اليدين، أو قصرهما يرجع إلى المتعارف. ولا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة، فإن لكل حكم نفسه.

الثاني : الذكر، ويجزئ منه (( سبحان ربي العظيم وبحمده ))، أو ((سبحان الله)) ثلاثاً، بل يجزئ مطلق الذكر، من تحميد، وتكبير، وتهليل، وغيرها، إذا كان بقدر الثلاثالصغريات، مثل : (( الحمد لله )) ثلاثاً، أو (( الله أكبر )) ثلاثا، ويجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والثلاث الصغريات، وكذا بينهما وبين غيرهما من الأذكار، ويشترط في الذكر : العربية، والموالاة، وأداء الحروف من مخارجها، وعدم المخالفة في الحركات الإعرابية، والبنائية.

الثالث : الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب بل الاحوط وجوباً ذلك في الذكر المندوب. واذا جاء به بقصد الخصوصية، ولا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول الى حد الركوع.

الرابع : رفع الرأس منه حتى ينتصب قائماً.

الخامس : الطمأنينة حال القيام المذكور، وإذا لم يتمكن لمرض، أو غيره سقطت، وكذا الطمأنينة حال الذكر، فإنها تسقط لما ذكر، ولو ترك الطمأنينة في الركوع سهواً بأن لم يبق في حده، بل رفع رأسه بمجرد الوصول إليه، ثم ذكر بعد رفع الرأس فالاحوط اتمام الصلاة ثم الاعادة.

(مسألة 638): إذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة واعادة الذكر، واذا ذكر في حال الحركة فإن كان عامداً بطلت صلاته، وان كان ساهياً فالاحوط - وجوباً - تدارك الذكر.

ص: 172

(مسألة 639): يستحب التكبير للركوع قبله، ورفع اليدين حالة التكبير، ووضع الكفين على الركبتين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، ممكناً كفيه من عينيهما، ورد الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر، ومد العنق موازياً للظهر، وأن يكون نظره بين قدميه، وأن يجنح بمرفقيه، وأن يضع اليمنى على الركبة قبل اليسرى، وأن تضع المرأة كفيها على فخذيها، وتكرار التسبيح ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر، وأن يكون الذكر وتراً، وأن يقول قبل التسبيح : ((اللهم لك ركعت ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك قلبي، وسمعي، وبصري، وشعري، وبشري، ولحمي، ودمي، ومخي، وعصبي، وعظامي، وما أقلته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر )) وأن يقول للانتصاب بعد الركوع (( سمع الله لمن حمده )) وأن يضم إليه : (( الحمد لله رب العالمين ))، وأن يضم إليه (( أهل الجبروت والكبرياء والعظمة، والحمد لله رب العالمين ))، وأن يرفع يديه للانتصاب المذكور. وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وآله في الركوع، ويكره فيه أن يطأطئ رأسه، أو يرفعه إلى فوق، وأن يضم يديه إلى جنبيه، وأن يضع إحدى الكفين على الأُخرى ،ويدخلهما بين ركبتيه، وأن يقرأ القرآن فيه،وأن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقاً لجسده.

(مسألة 640): إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه، اعتمد على ما يعينه عليه، وإذا عجز عنه فالاحوط ان يأتى بالممكن منه مع الإيماء الى الركوع منتصباً قائماً قبله، أو بعده، واذا دار أمر بين الركوع - جالساً - والايماء اليه - قائماً - تعين الثاني، والأولىالجمع بينهما بتكرار الصلاة، ولابد في الإيماء من أن يكون برأسه إن أمكن، وإلا فبالعينين تغميضا له، وفتحا للرفع منه.

(مسألة 641): إذا كان كالراكع خلقة، أو لعارض، فإن أمكنه الانتصاب التام للقراءة، وللهوي للركوع وجب، ولو بالاستعانة بعصاً ونحوها، وإلا فإن

ص: 173

تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقه عرفاً لزمه ذلك، وإلا أومأ برأسه وإن لم يمكن فبعينيه.

(مسألة 642): حد ركوع الجالس صدق ان ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه، والأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يستوي ظهره، وإذا لم يتمكن من الركوع انتقل إلى الإيماء كما تقدم.

(مسألة 643): إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود، وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام، ثم ركع، وكذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية على الأظهر، والأحوط استحباباً حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام وإن ذكره بعد الدخول في الثانية بطلت صلاته واستأنف.

(مسألة 644): يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى ليتناول شيئاً من الأرض، أو نحوه، ثم نوى الركوع لا يجزئ، بل لابد من القيام، ثم الركوع عنه.

(مسألة 645): يجوز للمريض - وفي ضيق الوقت وسائر موارد الضرورة - الاقتصار في ذكر الركوع على : (( سبحان الله )) مرة.

الفصل السادس: في السجود
اشارة

والواجب منه في كل ركعة سجدتان، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا وبزيادتهما كذلك عمداً و سهواً، ولا تبطل بزيادة سجدة واحدة ولا بنقصها سهواً، والمدار في تحقق مفهوم السجدة على وضع الجبهة، أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل والخضوع، وعلى هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة دون بقية الواجبات : وهي أمور :

ص: 174

الأول : السجود على سبعة أعضاء : الكفين، والركبتين، وإبهامي الرجلين و الجبهة، ويجب في الكفين الباطن، وفي الضرورة ينتقل إلى الظاهر، ثم إلى الأقرب فالأقرب على الأحوط، ولا يجزئ السجود على رؤوس الأصابع وكذا إذا ضم أصابعه إلى راحته وسجد على ظهرها. ولا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمى. ولا يعتبر أن يكون مقدار المسمى مجتمعا بل يكفي وإن كان متفرقا، فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمى السجود، مع كون أجزائها غير متباعدة. ويجزئ في الركبتين أيضا المسمى، وفي الإبهامين وضع ظاهرهما، أو باطنهما، وإن كان الأحوط وضع طرفهما.

(مسألة 646): لابد في الجبهة من مماستها لما يصح السجود عليه من أرض ونحوها، ولا تعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة.الثاني : الذكر على نحو ما تقدم في الركوع، والاحوط في التسبيحة الكبرى إبدال العظيم بالأعلى.

الثالث: الطمأنينة فيه كما في ذكر الركوع.

الرابع:كون المساجد في محلها حال الذكر. واذا اراد رفع شيء منها سكت الى ان يضعه ثم يرجع الى الذكر.

الخامس: رفع الرأس من السجدة الاولى الى ان ينتصب جالساً مطمئناً.

السادس: يتساوى موضع جبهته وموقفه الا ان يكون الاختلاف بمقدار لبنة وقُدَّرَ بأربعة أصابع مضمومة ولا فرق بين الانحدار والتسنيم فيما اذا كان الانحدار ظاهراً. اما في غير الظاهر فلا اعتبار بالتقدير المذكور وان كان هو الاحوط استحباباً. ولا يعتبر ذلك في باقي المساجد على الاقوى.

ص: 175

(مسألة 647): إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع، أو المنخفض، فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثم سجد على المستوي، وإن صدق معه السجود، أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه فالظاهر ايضاً لزوم الرفع والسجود على مايجوز السجود عليه، وإذا وضعها على ما يصح السجود عليه جاز جرها الى الافضل أو الاسهل.

(مسألة 648): إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهراً قبل الذكر ،أو بعده، فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له، وسجد أخرى بعد الجلوس معتدلاً، وإن وقعت على المسجد ثانيا قهراً لم تحسب الثانية فيرفع رأسه ويسجد الثانية.

(مسألة 649): إذا عجز عن السجود التام انحنى بالمقدار الممكن ورفع المسجد إلى جبهته، ووضعها عليه ووضع سائر المساجد في محالها وإن لم يمكن الانحناء أصلاً، أو أمكن بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً، أومأ برأسه، فإن لم يمكن فبالعينين، وإن لم يمكن فالاولى له أن يشير إلى السجود باليد، أو نحوها، وينويه بقلبه، والأحوط - استحباباً - له رفع المسجد إلى الجبهة، وكذا وضع المساجد في محالها، وإن كان الأظهر عدم وجوبه.

(مسألة 650): إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعه على المسجد، فإن لم يستغرقها سجد على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإن استغرقها سجد على أحد الجبينين مقدماً الايمن على الاحوط استحباباً - والاحوط لزوماً الجمع بيته وبين السجود على الذقن ولو بتكرار الصلاة، فان تعذر السجود على الجبين اقتصر على السجود على الذقن، فان تعذر أومأ الى السجود برأسه أو بعينه على ما تقدم.

(مسألة 651): لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها، مثل الفراش في حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في

ص: 176

ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي على البارية، أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها.

(مسألة 652): إذا نسي السجدتين فإن تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليهما، وإن تذكر بعد الدخول فيه بطلت الصلاة، وإن كان المنسي سجدة واحدة رجع وأتى بها إن تذكر قبل الركوع، وإن تذكر بعده مضى وقضاها بعد السلام، وسيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك.

(مسألة 653): يستحب في السجود التكبير حال الجلوس بعد السجود، ورفع اليدين حاله، والسبق باليدين إلى الأرض، واستيعاب الجبهة في السجود عليها، والإرغام بالأنف، وبسط اليدين مضمومتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين متوجهاً بهما إلى القبلة، وشغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود، والدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول : (( اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره الحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ) وتكرار الذكر، والختم على الوتر، واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثها، والأفضل تخميسها، والأفضل تسبيعها، وأن يسجد على الأرض بل التراب، ومساواة موضع الجبهة للموقف، بل مساواة جميع المساجد لهما. قيل : والدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا والآخرة، خصوصاً الرزق فيقول : (( ياخير المسؤولين، وياخير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنك ذو الفضل العظيم ))، والتورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بأن يجلس على فخذه اليسرى، جاعلاً ظهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى، وأن يقول في الجلوس بين السجدتين : ((استغفر الله ربي وأتوب إليه ))، وأن يكبر بعد الرفع من السجدة الأولى بعد الجلوس مطمئناً، ويكبر للسجدة الثانية وهو جالس، ويكبر بعد الرفع من الثانية كذلك، ويرفع اليدين حال التكبيرات، ووضع اليدين على الفخذين حال الجلوس،

ص: 177

اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى ،و التجافي حال السجود عن الأرض، والتجنح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه ويديه عن بدنه، وأن يصلي على النبي وآله في السجدتين، وأن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه، وأن يقول بين السجدتين : (( اللهم اغفر لي، وارحمني، وأجرني، وادفع عني، إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، تبارك الله رب العالمين )) وأن يقول عند النهوض : ((بحول الله وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد )) أو (( بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) أو (( اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) ويضم إليه (( وأركع وأسجد)) وأن يبسط يديه على الأرض، معتمداً عليها للنهوض، وأن يطيل السجود ويكثر فيه من الذكر، والتسبيح، ويباشر الأرض بكفيه، وزيادة تمكين الجبهة. ويستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود وعدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضم أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض معتدلة. ويكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين، بل بعدهما أيضا وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، ويكره أيضا نفخ موضع السجود إذا لم يتولد منه حرفان، وإلا لم يجز، وأن لا يرفع يديه عن الأرض بين السجدتين، وأن يقرأ القرآن في السجود.

(مسألة 654): الأحوط - استحباباً - الإتيان بجلسة الاستراحة. وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى، والثالثة مما لا تشهد فيه.

تتميم

يجب السجود عند قراءة آياته الأربع في السور الأربع وهي ألم تنزيل عند قوله تعالى : ( ولا يستكبرون ) وحم فصلت عند قوله : ( تعبدون )، والنجم، والعلق في آخرهما، وكذا يجب على المستمع إذا لم يكن في حال الصلاة، فإن كان حال الصلاة أومأ إلى السجود، وسجد بعد الصلاة على الأحوط، ويستحب في أحد عشر موضعا في الأعراف عند قوله تعالى : ( وله يسجدون ) وفي الرعد

ص: 178

عند قوله تعالى ( وظلالهم بالغدو والآصال ) وفي النحل عند قوله تعالى : (ويفعلون ما يؤمرون) وفي بني إسرائيل عند قوله تعالى : (ويزيدهم خشوعا) وفي مريم عند قوله تعالى : ( وخروا سجدا وبكيا) وفي سورة الحج في موضعين عند قوله : ( إن الله يفعل ما يشاء) وعند قوله : (لعلكم تفلحون) وفي الفرقان عند قوله : (وزادهم نفوراً ) وفي النمل عند قوله : ( رب العرش العظيم ) وفي (( ص )) عند قوله : ( خر راكعا وأناب )، وفي الانشقاق عند قوله : ( لا يسجدون) بل الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود.

(مسألة 655): ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح، ولا تشهد ولا تسليم، نعم يستحب التكبير للرفع منه، بل الأحوط - استحباباً - عدم تركه، ولا يشترط فيه الطهارة من الحدث، ولا الخبث، ولا الاستقبال ولا طهارة محل السجود، ولا الستر، ولا صفات الساتر، بل يصح حتى في المغصوب، اذا لم يكن السجود تصرفاً فيه، والأحوط وجوباً، فيه السجود على الأعضاء السبعة ووضع الجبهة على الارض، أو ما في حكمها وعدم اختلاف المسجد عن الموقف في العلو، والانخفاض، ولابد فيه من النية، وإباحة المكان ويستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة

(مسألة 656): يتكرر السجود بتكرر السبب، وإذا شك بين الأقل والأكثر، جاز الاقتصار على الأقل، ويكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد، أو الجلوس.

(مسألة 657): يستحب السجود - شكراً لله تعالى - عند تجدد كل نعمة ودفع كل نقمة، وعند تذكر ذلك، والتوفيق لأداء كل فريضة ونافلة، بل كل فعل خير، ومنه إصلاح ذات البين، ويكفي سجدة واحدة، والأفضل سجدتان، فيفصل بينهما بتعفير الخدين ،أو الجبينين أو الجميع، مقدماً الأيمن على الأيسر، ثم وضع الجبهة ثانياً، ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الصدر والبطن

ص: 179

بالأرض، وأن يمسح موضع سجوده بيده، ثم يمرها على وجهه، ومقاديم بدنه، وأن يقول فيه (( شكراً لله شكراً لله )) أو مائة مرة (( شكراً شكراً )) أو مائة مرة (( عفواً عفواً )) أو مائة مرة (( الحمد لله شكراً )) وكلما قاله عشر مرات قال (( شكراً لمجيب )) ثم يقول : (( يا ذا المن الذي لا ينقطع أبداً، ولا يحصيه غيره عدداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبداً، يا كريم يا كريم يا كريم ))، ثميدعو ويتضرع ويذكر حاجته ،وقد ورد في بعض الروايات غير ذلك، والأحوط فيه السجود على ما يصح السجود عليه، والسجود على المساجد السبعة.

(مسألة 658): يستحب السجود بقصد التذلل لله تعالى، بل هو من أعظم العبادات، وقد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد، ويستحب إطالته.

(مسألة 659): يحرم السجود لغير الله تعالى، من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام، وغيرهم، وما يفعله الشيعة في مشاهد الأئمة عليهم السلام لابد أن يكون لله تعالى شكراً على توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام والحضور في مشاهدهم، جمعنا الله تعالى وإياهم في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

الفصل السابع: في التشهد

وهو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، وفي الثلاثية، والرباعية مرتين، الأولى كما ذكر، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة. وهو واجب غير ركن، فإذا تركه - عمداً - بطلت الصلاة، وإذا تركه سهواً - أتى به ما لم يركع، وإلا قضاه بعد الصلاة على الأحوط وكيفيته على الاحوط (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا

ص: 180

شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد )) ويجب فيه الجلوس والطمأنينة وأن يكون على النهج العربي مع الموالاة بين فقراته، وكلماته، والعاجز عن التعلم اذا لم يجد من يلقنه، يأتي بما أمكنه إن صدق عليه الشهادة مثل أن يقول : (( أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله )) وإن عجز فالأحوط وجوباً أن يأتي بترجمته وإذا عجز عنها أتى بسائر الأذكار بقدره.

(مسألة 660): يكره الإقعاء فيه، بل يستحب فيه الجلوس متوركاً كما تقدم فيما بين السجدتين، وأن يقول قبل الشروع في الذكر : (( الحمد لله )) أو يقول : (( بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله، أو الأسماء الحسنى كلها لله ))، وأن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع، وأن يكون نظره إلى حجره، وأن يقول بعد الصلاة على النبي (صلی الله علیه و آله): (( وتقبل شفاعته وارفع درجته )) في التشهد الأول، وأن يقول : (( سبحان الله )) سبعا، ثم يقوم، وأن يقول حال النهوض عنه : (( بحول الله و قوته أقوم وأقعد )) وأن تضم المرأة فخذيها إلى نفسها، وترفع ركبتيها عن الأرض.

الفصل الثامن: في التسليم

وهو واجب في كل صلاة و هو آخر أجزائها، وبه يخرج عنها وتحل له منافياتها ،وله صيغتان،الأولى:(( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )) والثانية : (( السلام عليكم )) بإضافة (( ورحمة الله وبركاته )) على الأحوط وان كان الاظهر عدم وجوبها. فبأيهما أتى فقد خرج عن الصلاة، واذا بدأ بالاولى استحبت له الثانية بخلاف العكس، اما قول ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )) فليس من صيغ السلام، ولا يخرج به عن الصلاة، بل هو مستحب.

ص: 181

(مسألة 661): يجب الإتيان بالتسليم على النهج العربي، كما يجب فيه الجلوس والطمأنينة حاله، والعاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم.

(مسألة 662): إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة وكذا إذا فعل غيره من المنافيات، وإذا نسي التسليم حتى وقع منه المنافي فصحة الصلاة أمر مشكل. وإن كانت إعادتها أحوط، وإذا نسي السجدتين حتى سلم أعاد الصلاة، اذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمداً وسهواً، وإلا أتى بالسجدتين، والتشهد، والتسليم، وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام.

(مسألة 663): يستحب فيه التورك في الجلوس حاله، ووضع اليدين على الفخذين، ويكره الإقعاء كما سبق في التشهد.

الفصل التاسع: في الترتيب

يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على نحو ما عرفت، فإذا عكس الترتيب فقدم مؤخراً، فإن كان عمداً بطلت الصلاة، وإن كان سهواً، أو عن جهل بالحكم من غير تقصير، فإن قدم ركناً على ركن بطلت. وإن قدم ركنا على غيره - كما إذا ركع قبل القراءة - مضى وفات محل ما ترك ولو قدم غير الركن عليه تدارك على وجه يحصل به الترتيب، وكذا لو قدم غير الأركان بعضها على بعض.

الفصل العاشر: في الموالاة

وهي واجبة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع. وهي بهذا المعنى تبطل الصلاة بفواتها عمداً وسهواً، ولا يضر فيها تطويل الركوع والسجود، وقراءة السور الطوال،

ص: 182

وأما بمعنى توالي الأجزاء وتتابعها. وإن لم يكن دخيلاً في حفظ مفهوم الصلاة، فوجوب الموالاة محل إشكال، والأظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد، والسهو.

الفصل الحادي عشر: في القنوت

وهو مستحب في جميع الصلوات، فريضة كانت، أو نافلة على إشكال في الشفع، والأحوط الإتيان به فيها برجاء المطلوبية، ويتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية، خصوصا في الصبح، والجمعة، والمغرب، وفي الوتر من النوافل، والمستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية، إلا في الجمعة، ففيه قنوتان قبل الركوع في الأولى وبعده في الثانية، وإلا في العيدين ففيهما خمسة قنوتات في الاولى، واربعة في الثانية،وإلا في الآيات، ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الأولى وقبله في الثانية، بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وإلا في الوتر ففيها قنوتان، قبل الركوع، وبعده على إشكال في الثاني. نعم يستحب بعده أن يدعو بما دعا به أبو الحسن موسى عليه السلام وهو : (( هذا مقام من حسناته نعمة منك، وشكره ضعيف وذنبه عظيم، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل، صلى الله عليه وآله - ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون ) طال والله هجوعي، وقل قيامي وهذا السحر، وأنا أستغفرك لذنوبي استغفارمن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشوراً )) كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج وهو : (( لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين )) وأن يستغفر لأربعين مؤمناً أمواتاً، وأحياءاً، وأن يقول سبعين مرة

ص: 183

: (( أستغفر الله ربي وأتوب إليه )) ثم يقول : (( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ذو الجلال والإكرام، لجميع ظلمي وجرمي، وإسرافي على نفسي وأتوب إليه ))، سبع مرات، وسبع مرات (( هذا مقام العائذ بك من النار )) ثم يقول : (( رب أسأت، وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذي يدي جزاء بما كسبت، وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت، وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى، لك العتبى لا أعود)) ثم يقول : (( العفو )) ثلاثمائة مرة ويقول : (( رب اغفر لي، وأرحمني، وتب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم)).

(مسألة 664): لا يشترط في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر، أو دعاء أو حمد، أو ثناء، ويجزي سبحان الله خمساً أو ثلاثاً، أو مرة، والأولى قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام.

(مسألة 665): يستحب التكبير قبل القنوت، ورفع اليدين حال التكبير، ووضعهما، ثم رفعهما حيال الوجه، قيل : وبسطهما جاعلاً باطنهما نحو السماء، وظاهرهما نحو الأرض، وأن تكونا منضمتين مضمومتي الأصابع، إلا الإبهامين، وأن يكون نظره إلى كفيه.

(مسألة 666): يستحب الجهر بالقنوت للإمام والمنفرد، والمأموم ولكن يكره للمأموم أن يسمع الإمام صوته.

(مسألة 667): إذا نسي القنوت وهوى، فإن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع رجع، وإن كان بعد الوصول إليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع، وإذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالساً مستقبلاً، والاحوط ذلك فيما اذا ذكره بعد الهوي الى السجود قبل وضع الجبهة، وإذا تركه عمداً في محله، أو بعدما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له.

ص: 184

(مسألة 668): الظاهر انه لا تؤدى وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي، وإن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة.

الفصل الثاني عشر: في التعقيب

وهو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر، والدعاء، ومنه أن يكبر ثلاثاً بعد التسليم، رافعاً يديه على نحو ما سبق، ومنه - وهو أفضله - تسبيح الزهراء عليها السلام وهو التكبير أربعاً وثلاثين، ثم الحمد ثلاثاً وثلاثين، ثم التسبيح ثلاثاً وثلاثين، ومنه قراءة الحمد، وآية الكرسي، وآية شهد الله، وآية الملك، ومنه غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له.

الفصل الثالث عشر: في صلاة الجمعة، وفي فروعها

الاول: صلاة الجمعة ركعتان، كصلاة الصبح وتمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الاولى منها يقوم الامام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ويقرأ سورة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى ائمة المسلمين عليهم السلام ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات.

الثاني: يعتبر في القدر الواجب من الخطبة: العربية، ولايعتبر في الزائد عليه، واذا كان الحاضرون غير عارفين باللغة العربية فالاحوط هو الجمع بين اللغة العربية ولغة الحاضرين بالنسبة الى الوصية بتقوى الله.

الثالث : صلاة الجمعة واجبة تخييراً، بمعنى أن المكلف مخير يوم الجمعة بين اقامة صلاة الجمعة اذا توفرت شرائطها الآتية وبين الاتيان بصلاة الظهر، فاذا أقام الجمعة مع الشرائط أجزأت عن الظهر.

ص: 185

الرابع : يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أمور:

1- دخول الوقت، وهو زوال الشمس على ما مر في صلاة الظهر الى ان يصير ظل كل شيء مثله.

2- اجتماع سبعة أشخاص، أحدهم الامام، وان كانت تصح صلاة الجمعة من خمسة نفر أحدهم الامام، الا انه حينئذ لايجب الحضور معهم.

3- وجود الامام الجامع لشرائط الامامة من العدالة وغيرها - على ما نذكرها في صلاة الجماعة -.

الخامس: تعتبر في صحة صلاة الجمعة أمور:

1- الجماعة، فلا تصح صلاة الجمعة فرادى، ويجزي فيها ادراك الامام في الركوع الاول بل في القيام من الركعة الثانية أيضاً فيأتي مع الامام بركعة وبعد فراغه يأتي بركعة أخرى.

2- ان لا تكون المسافة بينها وبين صلاة جمعة اخرى اقل من الفرسخ فلو اقيمت جمعتان فيما دون فرسخ. بطلتا جميعاً ان كانتا مقترنتين زماناً. واما اذا كانت أحدهما سابقة على الاخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة. نعم اذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحة فهي لاتمنع عن اقامة صلاة جمعة اخرى ولو كانت في عرضها أو متأخرة عنها.

3- قراءة خطبتين قبل الصلاة - على ما تقدم - ولابد من ان تكون الخطبتان بعد الزوال على الاحوط، كما لابد أن يكون الخطيب هو الامام.

السادس : اذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة لشرائط الوجوب والصحة وجب الحضور على الاحوط. نعم لايجب الحضور حالة الخطبة على الاظهر.

السابع: يعتبر في وجوب الحضور أمور:

ص: 186

1- الذكورة، فلا يجب الحضور على النساء.

2- الحرية، فلا يجب على العبيد.

3- الحضور، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي وظيفته القصر ومن كانت وظيفته الاتمام كالقاصد لاقامة عشرة ايام.

4- السلامة من المرض والعمى، فلا يجب على المريض والاعمى.

5- عدم الشيخوخة، فلا يجب على الشيخ الكبير.

6- ان لايكون الفصل بينه وبين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين، كما لايجب على من كان الحضور له حرجياً وإن لم يكن الفصل بهذا المقدار، بل لايبعد عدم وجوب الحضور عند المطر وإن لم يكن الحضور حرجياً.

الثامن : الاحوط عدم السفر بعد زوال الشمس يوم الجمعة من بلد تقام فيه الجمعة الواجدة للشرائط.

التاسع: لايجوز التكلم اثناء اشتغال الامام بالخطبة، والاحوط الاصغاء اليها لمن يفهم معناها.

العاشر : يحرم البيع والشراء بعد النداء لصلاة الجمعة اذا كانا منافيين للصلاة ولكن الأقوى بطلان المعاملة.

الحادي عشر : من يجب عليه الحضور اذا تركه وصلى صلاة الظهر فالاظهر صحة صلاته.

ص: 187

المبحث الثالث: منافيات الصلاة

و هي أمور :

الأول : الحدث، سواء أ كان أصغر، أم أكبر فإنه مبطل للصلاة أينما وقع في أثنائها عمداً او سهواً. نعم إذا وقع قبل السلام سهواً فصحة صلاته مشكل، ويستثنى من الحكم المذكور المسلوس والمبطون ونحوهما، والمستحاضة كما تقدم.

الثاني : الالتفات بكل البدن عن القبلة ولو سهواً، أو قهراً من ريح. اونحوها والساهي ان لم يذكره الا بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، اما إذا ذكره في الوقت أعاد، الا إذا كان لم يبلغ إحدى نقطتي اليمين واليسار فلا إعادة - حينئذ - فضلاً عنالقضاء، ويلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة مع بقاء البدن على استقباله إذا كان الالتفات فاحشاً فيجري فيه ما ذكرناه من البطلان في فرض العمد، وعدم وجوب القضاء مع السهو إذا كان التذكر خارج الوقت، ووجوب الاعادة اذا كان التذكر في الوقت وكان انحراف الوجه بلغ نقطتي اليمين واليسار، واما اذا كان الالتفات بالوجه يسيراً يصدق معه الاستقبال فلا بطلان ولو كان عمداً، نعم هو مكروه.

الثالث : ما كان ماحياً لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع، كالرقص والتصفيق، والاشتغال بمثل الخياطة والنساجة بالمقدار المعتد به، ونحو ذلك، ولا فرق في البطلان به بين صورتي العمد والسهو، ولا بأس بمثل حركة اليد، والإشارة بها، والانحناء لتناول شيء من الأرض، والمشي إلى إحدى الجهات بلا انحراف عن القبلة، وقتل الحية والعقرب، وحمل الطفل وإرضاعه، ونحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم.

ص: 188

(مسألة 669): الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتى في أثنائها بصلاة اخرى وتصح الصلاة الثانية مع السهو، وكذلك مع العمد إذا كانت الصلاة الأولى نافلة، وأما إذا كانت فريضة ففي صحتها إشكال، وإذا أدخل صلاة فريضة في أخرى سهوا وتذكر في الأثناء فإن كان التذكر قبل الركوع أتم الأولى إلا إذا كانت الثانية مضيقة فيتمها، وإن كان التذكر بعد الركوع أتم الثانية إلا إذا كانت الأولى مضيقة فيرفع اليد عما في يده ويستأنف الأولى.

(مسألة 670): إذا أتى بفعل كثير، أو سكوت طويل، وشك في فوات الموالاة ومحو الصورة قطع الصلاة واستأنفها، والأحوط إعادتها بعد إتمامها.

الرابع : الكلام عمداً، اذا كان مؤلفاً من حرفين، ويلحق به الحرف الواحد المفهم مثل (ق) - فعل أمر من الوقاية - فتبطل الصلاة به اذا قصد معناه، بل اذا توجه الى معناه ولو لم يقصد.

(مسألة 671): لا تبطل الصلاة بالتنحنح والنفخ، والأنين، والتأوه ونحوها، وإذا قال : آه، أو آه من ذنوبي، فإن كان شكاية إليه تعالى لم تبطل، وإلا بطلت.

(مسألة 672): لا فرق في الكلام المبطل عمداً، بين أن يكون مع مخاطب أو لو، وبين أن يكون مضطراً فيه أو مختاراً، نعم لا بأس بالتكلم سهواً ولو لاعتقاد الفراغ من الصلاة.

(مسألة 673): لا بأس بالذكر، والدعاء، وقراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة، وأما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به وإن كانت الإعادة أحوط.

(مسألة 674): إذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه، بل كان المخاطب غيره كما إذا قال لشخص (( غفر الله لك )) فالأحوط إن لم يكن الأقوى عدم جوازه.

ص: 189

(مسألة 675): الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة.

(مسألة 676): لا يجوز للمصلي ابتداء السلام ولا غيره من أنواع التحية. نعم يجوز رد السلام بل يجب، وإذا لم يرد ومضى في صلاته صحت وإن أثم.

(مسألة 677): يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم. فلو قال المسلم (سلام عليكم) يجب ان يكون جواب المصلي (سلام عليكم) بل الاحوط وجوباً المماثلة في التعريف، والتنكير والافراد، والجمع، نعم اذا سلم المسلم بصيغة الجواب بان قال مثلاً، عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كانت، وأما في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالأحسن فيقول في سلام عليكم : عليكم السلام، أو بضميمة ورحمة الله وبركاته.

(مسألة 678): إذا سلم بالملحون وجب الجواب على النحو الصحيح.

(مسألة 679): إذا كان المسلم صبيا مميزاً، أو امرأة، فالظاهر وجوب الرد.

(مسألة 680): يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة وغيرها، الا ان يكون المسلم أصم، أو كان بعيدا ولو بسبب المشي سريعا، وحينئذ فالاولى الجواب على النحو المتعارف في الرد.

(مسألة 681): إذا كانت التحية بغير السلام مثل:(( صبحك الله بالخير )) لم يجب الرد، وإن كان أحوط وأولى. وإذا أراد الرد في الصلاة فالأحوط - وجوبا - الرد بقصد الدعاء على نحو يكون المخاطب به الله تعالى مثل : ((اللهم صبحه بالخير )).

(مسألة 682): يكره السلام على المصلي.

(مسألة 683): إذا سلم واحد على جماعة كفى رد واحد منهم، وإذا سلم واحد على جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد، وإن كان

ص: 190

الراد صبياً مميزاً الأحوط الرد والإعادة، وإذا شك المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة لم يجز الرد. وإن لم يرد واحد منهم.

(مسألة 684): إذا سلم مرات عديدة كفى في الجواب مرة، وإذا سلم بعد الجواب احتاج أيضاً الى الجواب من دون الفرق بين المصلي وغيره.

(مسألة 685): إذا سلم على شخص مردد بين شخصين، لم يجب على أحد منهما الرد، وفي الصلاة لا يجوز الرد.

(مسألة 686): إذا تقارن شخصان في السلام، وجب على كل منهما الرد على الآخر على الأحوط.

(مسألة 687): إذا سلم سخرية، أو مزاحا، فالظاهر عدم وجوب الرد.

(مسألة 688): إذا قال : ( سلام ) بدون عليكم، فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضاً مع إعادتها بعد اتمامها.

(مسألة 689): إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالظاهر جواز الجواب بكل من الصيغ الاربعة المتعارفة.

(مسألة 690): يجب رد السلام فوراً، فإذا أخر عصياناً أو نسياناً حتى خرج من صدق الجواب لم يجب الرد، وفي الصلاة لا يجوز، وإذا شك في الخروج عن الصدق وجب على الاحوط وإن كان في الصلاة فالاحوط الرد واعادة الصلاة بعد الاتمام.

(مسألة 691): لو اضطر المصلي إلى الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره، تكلم وبطلت صلاته.

(مسألة 692): إذا ذكر الله تعالى في الصلاة، أو دعا أو قرأ القرآن على غير وجه العبادة بل بقصد التنبيه على أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة.

ص: 191

نعم لو لم يقصد الذكر، ولا الدعاء، ولا القرآن، وإنما جرى على لسانه مجرد التلفظ بطلت.

الخامس : القهقهة : وهي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع ولا بأس بالتبسم وبالقهقهة سهواً اذا لم يخرج عن هيئة المصلي.

(مسألة 693): لو امتلأ جوفه ضحكاً وأحمر ولكن حبس نفسه عن إظهار الصوت لم تبطل صلاته والاحوط استحباباً الاتمام والاعادة.

السادس : تعمد البكاء المشتمل على الصوت، وغير المشتمل عليه على الاحوط وجوباً إذا كان لأمور الدنيا، أو لذكر ميت، فإذا كان خوفاً من الله تعالى، أو شوقاً إلى رضوانه، أو تذللاً له تعالى، ولو لقضاء حاجة دنيوية، فلا بأس به، وكذا ما كان منه على سيد الشهداء ( عليه السلام ) إذا كان راجعاً إلى الآخرة، كما لا بأس به إذا كان سهواً، أما إذا كان اضطراراً بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه فالظاهر انه مبطل أيضاً.

السابع : الأكل والشرب، وإن كانا قليلين، إذا كانا ماحيين للصورة. أما اذا لم يكونا كذلك ففي البطلان بهما اشكال، وكذا ابتلاع السكر المذاب في الفم، وبقايا الطعام، والاحوط تركه، ولو أكل أو شرب سهواً فإن بلغ حد محو الصورة بطلت صلاته كما تقدم، وإن لم يبلغ ذلك فلا بأس به.

(مسألة 694): يستثنى من ذلك ما إذا كان عطشاناً مشغولاً في دعاء الوتر، وقد نوى أن يصوم، وكان الفجر قريباً يخشى مفاجأته، والماء أمامه، أو قريبا منه قدر خطوتين، أو ثلاثا، فإنه يجوز له التخطي والارتواء ثم الرجوع إلى مكانه، ويتم صلاته بشرط عدم الاتيان بمناف آخر. والأحوط الاقتصار على الوتر المندوب دون ما كان واجبا كالمنذور، ولا يبعد التعدي من الدعاء إلى سائر

ص: 192

الأحوال، كما لا يبعد التعدي من الوتر إلى سائر النوافل، ولا يجوز التعدي من الشرب إلى الأكل.

الثامن : التكفير، و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى كما يتعارف عند غيرنا، فإنه مبطل للصلاة اذا أتى به بقصد الجزئية من الصلاة، واما اذا لم يقصد به الجزئية، بل أتى به بقصد الخضوع، والتأدب في الصلاة فالاقوى البطلان، والاحوط وجوباً الاتمام ثم الاعادة. نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقاً. هذا فيما إذا وقع التكفير عمدا وفي حال الاختيار، وأما إذا وقع سهواً أو تقية، أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب أو من حك جسده ونحوه، فلا بأس به.التاسع : تعمد قول (( آمين )) بعد تمام الفاتحة اماماً كان أو مأموماً أو منفرداً، أخفت بها، أو جهر، فانه مبطل ولو لم يقصد الجزئية، وكذا لو لم يقصد الدعاء، فاذا كان سهواً فلا بأس به، وكذا اذا كان تقية، بل قد يجب واذا تركه حينئذ أثم وصحت صلاته على الاظهر.

(مسألة 695): إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها، بنى على العدم.

(مسألة 696): إذا علم أنه نام اختياراً، وشك في أنه أتم الصلاة ثم نام، أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة، بنى على صحة الصلاة، واما اذا احتمل ان نومه كان عن عمد، وابطالاً منه للصلاة فالظاهر وجوب الاعادة ،وكذلك اذا علم أنه غلبه النوم قهراً، وشك في أنه كان في أثناء الصلاة، أو بعدها، كما إذا رأى نفسه في السجود وشك في أنه سجود الصلاة، أو سجود الشكر.

ص: 193

(مسألة 697): لا يجوز قطع الفريضة اختياراً على الأحوط، ويجوز لضرورة دينية، أو دنيوية، كحفظ المال، وأخذ العبد من الاباق، والغريم من الفرار، والدابة من الشراد، ونحو ذلك، بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينياً كان أو دنيوياً، وإن لم يلزم من فواته ضرر. فإذا صلى في المسجد وفي الأثناء علم أن فيه نجاسة، جاز القطع وإزالة النجاسة كما تقدم، ويجوز قطع النافلة مطلقا، وإن كانت منذورة، لكن الأحوط استحباباً الترك، بل الأحوط استحباباً ترك قطع النافلة في غير مورد جواز قطع الفريضة.

(مسألة 698): إذا وجب القطع فتركه، واشتغل بالصلاة أثم، وصحت صلاته.

(مسألة 699): يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا وبالعين والعبث باليد، واللحية والرأس، والأصابع، والقران بين السورتين، ونفخ موضع السجود، والبصاق، وفرقعة الأصابع، والتمطي والتثاؤب، ومدافعة البول والغائط والريح، والتكاسل والتناعس والتثاقل، والامتخاط، ووصل إحدى القدمين بالأخرى بلا فصل بينهما، وتشبيك الأصابع، ولبس الخف، أو الجورب الضيق، وحديث النفس، والنظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب، ووضع اليد على الورك متعمداً، وغير ذلك مما ذكر في المفصلات.

ختام

تستحب الصلاة على النبي ( ص) لمن ذكره أو ذكر عنده، ولو كان في الصلاة، من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف، أو لقبه، أو كنيته، أو بالضمير.

(مسألة 700): إذا ذكر اسمه مكرراً استحب تكرارها، وإن كان في أثناء التشهد لم يكتف بالصلاة التي هي جزء منه.

ص: 194

(مسألة 701): الظاهر كون الاستحباب على الفور، ولا يعتبر فيها كيفية خاصة. نعم لابد من ضم آله عليهم السلام إليه في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

المقصد السادس: صلاة الآيات

وفيه مباحث
المبحث الأول

تجب هذه الصلاة على كل مكلف - عدا الحائض والنفساء - عند كسوف الشمس، وخسوف القمر، ولو بعضهما، وكذا عند الزلزلة وكل مخوف سماوي، كالريح السوداء، والحمراء، والصفراء، والظلمة الشديدة، والصاعقة، والصيحة، والنار التي تظهر في السماء، بل عند كل مخوف أرضي أيضاً على الاحوط، كالهدة والخسف، وغير ذلك من المخاوف.

(مسألة 702): لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف والخسوف وكذا الزلزلة على الاقوى، ويعتبر في وجوبها للمخوف حصول الخوف لغالب الناس فلا عبرة بغير المخوف ولا بالمخوف النادر.

المبحث الثاني

وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء. والأحوط استحبابا اتيانها قبل الشروع في الانجلاء، وإذا لم يدرك المصلي من الوقت إلا مقدار ركعة صلاها أداءا، وان ادرك اقل من ذلك صلاها من دون تعرض للقضاء والاداء. هذا فيما اذ كان الوقت في نفسه واسعاً. وأما اذا كان

ص: 195

زمان الكسوف، أو الخسوف قليلاً في نفسه، ولا يسع مقدار الصلاة ففي وجوب صلاة الايات حينئذ اشكال، والاحتياط لايترك، أما سائر الايات فثبوت الوقت بها محل اشكال. فتجب المبادرة الى الصلاة بمجرد حصولها، وان عصى ففيما بعد الى آخر العمر، على الاحوط.

(مسألة 703): إذا لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء، ولم يكن القرص محترقاً كله لم يجب القضاء، وأما إن كان عالماً به واهمل ولو نسياناً أو كان القرص محترقاً كله وجب القضاء، وكذا إذا صلى صلاة فاسدة.

(مسألة 704): غير الكسوفين من الآيات إذا تعمد تأخير الصلاة له عصى، ووجب الاتيان بها ما دام العمر على الاحوط، وكذا اذا علم ونسي، واذا لم يعلم حتى مضى الوقت، أو الزمان المتصل بالاية فالاحوط الوجوب ايضاً.

(مسألة 705): يختص الوجوب بمن في بلد الآية وما يلحق به مما يشترك معه في رؤية الآية نوعاً، ولا يضر الفصل بالنهر كدجلة والفرات، نعم اذا كان البلد عظيماً جداً بنحو لا تحصل الرؤية لطرف منه عند وقوع الآية في الطرف الآخر اختص الحكم بطرف الآية.

(مسألة 706): إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية واتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء، وإن ضاق وقت إحداهما دون الأخرى قدمها، وإن ضاق وقتهما قدماليومية، وإن شرع في إحداهما فتبين ضيق وقت الأخرى على وجه يخاف فوتها على تقدير إتمامها، قطعها وصلى الأخرى، لكن إذا كان قد شرع في صلاة الآية فتبين ضيق اليومية فبعد القطع وأداء اليومية يعود إلى صلاة الآية من محل القطع، إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.

ص: 196

(مسألة 707): يجوز قطع صلاة الآيات وفعل اليومية إذا خاف فوت فضيلتها.

المبحث الثالث: كيفية صلاة الايات

صلاة الآيات ركعتان، في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها، وسجدتان بعد الانتصاب من الركوع الخامس، ويتشهد بعدهما ثم يسلم، وتفصيل ذلك: أن يحرم مقارناً للنية كما في سائر الصلوات. ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع، ثم يرفع رأسه منتصباً فيقرأ الحمد وسورة ثم يركع، وهكذا حتى يتم خمسة ركوعات، ثم ينتصب بعد الركوع الخامس، ويهوي إلى السجود، فيسجد سجدتين ثم يقوم ويصنع كما صنع أولاً، ثم يتشهد ويسلم.

(مسألة 708): يجوز أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة، فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الأول بعضا من سورة ،آية كانت أو اقل من آية أو اكثر، ثم يركع ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من حيث قطع اولاً، ثم يركع ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من حيث قطع، ثم يركع. وهكذا يصنع في القيام الرابع والخامس حتى يتم سورة، ثم يسجد السجدتين، ثم يقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولى، فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة،وسورة تامة موزعة على الركوعات الخمسة، ويجوز أن يأتي بالركعة الأولى على النحو الأول وبالثانية على النحو الثاني ويجوز العكس، كما أنه يجوز تفريق السورة على أقل من خمسة ركوعات، لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء بالفاتحة وقراءة سورة تامة أو بعض سورة، وإذا لم يتم السورة في القيام السابق، لم تشرع له الفاتحة في اللاحق، بل يقتصر على القراءة من حيث قطع، نعم إذا لم يتم السورة في القيام الخامس فركع فيه عن بعض سورة وجبت عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية.

ص: 197

(مسألة 709): حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات، وإذا شك في عدد الركوعات بنى على الأقل، إلا أن يرجع إلى الشك في الركعات، كما إذا شك في أنه الخامس أو السادس فتبطل.

(مسألة 710): ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها ونقصها عمداً وسهواً كاليومية، ويعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء وشرائط، وأذكار واجبة، ومندوبة وغير ذلك. كما يجري فيها أحكام السهو، والشك في المحل وبعد التجاوز.

(مسألة 711): يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج، ويجوز الاقتصار على قنوتين في الخامس والعاشر، ويجوز الاقتصار على الأخير منهما،ويستحب التكبير عند الهوي إلى الركوع وعند الرفع عنه ،إلا في الخامس والعاشر فيقول: ((سمع الله لمن حمده )) بعد الرفع من الركوع.

(مسألة 712): يستحب إتيانها بالجماعة أداءاً كان، أو قضاءاً مع احتراق القرص، وعدمه، ويتحمل الإمام فيها القراءة، لا غيرها كاليومية، وتدرك بإدراك الإمام قبل الركوع الأول ،أو فيه من كل ركعة، أما إذا أدركه في غيره ففيه إشكال.

(مسألة 713): يستحب التطويل في صلاة الكسوف إلى تمام الانجلاء فإن فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلاً بالدعاء، أو يعيد الصلاة، نعم إذا كان إماما يشق على من خلفه التطويل خفف، ويستحب قراءة السور الطوال كياسين، والنور، والكهف، والحجر، وإكمال السورة في كل قيام، وأن يكون كل من الركوع والسجود بقدر القراءة في التطويل والجهر بالقراءة ليلاً، أو نهاراً، حتى في كسوف الشمس على الأصح، وكونها تحت السماء، وكونها في المسجد.

ص: 198

(مسألة 714): يثبت الكسوف وغيره من الآيات بالعلم، وبشهادة العدلين، بل وبشهادة الثقة الواحد أيضاً على الاظهر، ولا يثبت بأخبار الرصدي اذا لم يوجب العلم.

(مسألة 715): إذا تعدد السبب تعدد الواجب، والأحوط استحباباً التعيين مع اختلاف السبب نوعاً، كالكسوف والزلزلة.

المقصد السابع: صلاة القضاء

يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمداً، أو سهواً، أو جهلاً، أو لأجل النوم المستوعب للوقت، أو لغير ذلك، وكذا إذا أتى بها فاسدة لفقد جزء أو شرط يوجب فقده البطلان، ولا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه، أو الصبي في حال صباه، أو المغمى عليه إذا لم يكن بفعله، أو الكافر الأصلي في حال كفره، وكذا ما تركته الحائض والنفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت، أما المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته، وتصح منه وإن كان عن فطرة على الأقوى، والأحوط وجوباً القضاء على المغمى عليه إذا لم يكن بفعله بل مطلقاً.

(مسألة 716): إذا بلغ الصبي، وأفاق المجنون، والمغمى عليه، في أثناء الوقت وجب عليهم الأداء إذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط فإذا تركوا وجب القضاء، واما الحائض، والنفساء إذا طهرت في أثناء الوقت ،فان تمكنت من الصلاة والطهارة المائية وجب عليها الاداء، فان فاتها وجب القضاء وكذلك اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لمرض، او لعذر آخر وتمكنت من الطهارة الترابية، وأما اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لضيق الوقت فالاحوط ان تاتي بالصلاة مع التيمم، لكنها اذا لم تصل يجب القضاء على الاحوط.

ص: 199

(مسألة 717): إذا طرأ الجنون أو الإغماء بعدما مضى من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء فيما اذا كان متمكناً من تحصيل الشرائط قبل الوقت، ويعتبروجوب القضاء فيما إذا طرأ الحيض، أو النفساء مضي مقدار يسع الصلاة والطهارة من الحدث.

(مسألة 718): المخالف إذا استبصر يقضي ما فاته أيام خلافه وما أتى به على نحو كان يراه فاسداً في مذهبه، وإلا فليس عليه قضاؤه. والأحوط استحباباً الإعادة مع بقاء الوقت، ولا فرق بين المخالف الأصلي وغيره.

(مسألة 719): يجب القضاء على السكران، من دون فرق بين الاختياري وغيره، والحلال والحرام.

(مسألة 720): يجب قضاء غير اليومية من الفرائض، عدا العيدين حتى النافلة المنذورة في وقت معين، على الأظهر.

(مسألة 721): يجوز القضاء في كل وقت من الليل والنهار، وفي الحضر والسفر، نعم يقضي ما فاته قصراً، قصراً ولو في الحضر، وما فاته تماماً، تماماً ولو في السفر، وإذا كان في بعض الوقت حاضراً، وفي بعضه مسافراً قضى ما وجب عليه في آخر الوقت.

(مسألة 722): إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضى قصراً، ولو لم يخرج من ذلك المكان، فضلاً عما إذا خرج ورجع، أو خرج ولم يرجع، وإذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر والتمام - احتياطا - فالقضاء كذلك.

(مسألة 723): يستحب قضاء النوافل الرواتب بل غيرها، ولا يتأكد قضاء ما فات منها حال المرض، وإذا عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد، وإن لم يتمكن فمد لصلاة الليل، ومد لصلاة النهار.

ص: 200

(مسألة 724): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض ولا بالنسبة إلى اليومية، وأما الفوائت اليومية فيجب الترتيب بينها إذا كانت مترتبة بالأصل كالظهرين، أو العشائين، من يوم واحد، أما إذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء على نحو الترتيب في الفوات، بأن يقضي الأول فواتا فالأول محل إشكال، والأظهر عدم الاعتبار، من دون فرق بين العلم به والجهل.

(مسألة 725): إذا علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح، ومغرب، ورباعية بقصد ما في الذمة، مرددة بين الظهر، والعصر، والعشاء. وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب، وثنائية بقصد ما في الذمة مرددة بين الأربع. وإن لم يعلم أنه كان مسافراً، أو حاضراً، يأتي بثنائية مرددة بين الأربع، ورباعية مرددة بين الثلاث، ومغرب، ويتخير في المرددة في جميع الفروض بين الجهر والإخفات.

(مسألة 726): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس، مرددتين في الخمس من يوم، وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح، ثم رباعية مرددة بين الظهر والعصر، ثم مغرب، ثم رباعية مرددة بين العصر والعشاء. وإن كان مسافراً، يكفيه ثلاث صلواتثنائية : مرددة بين الصبح والظهر، والعصر، ومغرب، ثم ثنائية مرددة بين الظهر والعصر، والعشاء.

وإن لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضراً، أتى بخمس صلوات، فيأتي بثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر، ثم برباعية مرددة بين الظهر، والعصر، ثم بمغرب، ثم بثنائية مرددة بين الظهر والعصر، والعشاء، ثم برباعية مرددة بين العصر، والعشاء.

(مسألة 727): إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس، وجب عليه الإتيان بالخمس، وإن كان الفوت في السفر، يكفيه أربع صلوات ثنائية، مرددة بين الصبح، والظهر، وثنائية أخرى مرددة بين الظهر، والعصر، ثم مغرب، ثم ثنائية مرددة بين العصر، والعشاء. وإذا علم بفوات أربع منها، أتى بالخمس تماماً إذا

ص: 201

كان في الحضر، وقصراً إذا كان في السفر، ويعلم حال بقية الفروض مما ذكرنا، والمدار في الجميع على حصول العلم بإتيان ما اشتغلت به الذمة ولو على وجه الترديد.

(مسألة 728): إذا شك في فوات فريضة، أو فرائض لم يجب القضاء، وإذا علم بالفوات وتردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار على الأقل، وإن كان الأحوط استحباباً التكرار حتى يحصل العلم بالفراغ.

(مسألة 729): لا يجب الفور في القضاء - فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة.

(مسألة 730): لا يجب تقديم القضاء على الحاضرة، فيجوز الإتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء ولو كان ليومه، بل يستحب ذلك إذا خاف فوت فضيلة الحاضرة، وإلا استحب تقديم الفائتة - وإن كان الأحوط تقديم الفائتة، خصوصا في فائتة ذلك اليوم - بل يستحب العدول إليها من الحاضرة إذا غفل وشرع فيها.

(مسألة 731): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى.

(مسألة 732): يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء أ كان الإمام قاضياً - أيضاً - أم مؤدياً، بل يستحب ذلك، ولا يجب اتحاد صلاة الإمام والمأموم.

(مسألة 733): يجب لذوي الاعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، فيما اذا علم بارتفاع العذر بعد ذلك، ويجوز البدار إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر، بل إذا احتمل بقاء العذر وعدم ارتفاعه أيضا، لكن إذا قضى وارتفع العذر وجبت الاعادة، فيما إذا كان الخلل في الأركان، ولا تجب الاعادة إذا كان الخلل في غيرها.

(مسألة 734): إذا كان عليه فوائت وأراد أن يقضيها في ورد واحد إذن وأقام للأولى، واقتصر على الإقامة في البواقي. والظاهر ان السقوط رخصة.

ص: 202

(مسألة 735): يستحب تمرين الطفل على أداء الفرائض، والنوافل وقضائها، بل على كل عبادة، والأقوى مشروعية عباداته. فإذا بلغ في أثناء الوقت وقد صلى أجزأت.

(مسألة 736): يجب على الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه خطر على نفسه وعن كل ما علم من الشرع كراهة وجوده ولو من الصبي كالزنا، واللواط، وشرب الخمر، والنميمة ونحوها، وفي وجوب الحفظ عن أكل النجاسات، والمتنجسات، وشربها إذا لم تكن مضرة إشكال وإن كان الأظهر الجواز، ولا سيما في المتنجسات، ولا سيما مع كون النجاسة منهم، أو من مساورة بعضهم لبعض نعم لايجوز ان يجعلها في مكان يتمكن الطفل من الاستعمال على الاحوط،، كما أن الظاهر جواز إلباسهم الحرير، والذهب.

(مسألة 737): يجب على ولي الميت وهو الولد الذكر الأكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية وغيرها، لعذر من مرض ونحوه، ولا يبعد اختصاص وجوب القضاء بما إذا تمكن أبوه من قضائه ولم يقضه، والأحوط استحبابا إلحاق الأكبر الذكر في جميع طبقات المواريث على الترتيب في الإرث بالابن. والاحوط احتياطاً لايترك إلحاق ما فاته عمداً، أو أتى به فاسداً بما فاته عن عذر، والأولى إلحاق الأم بالأب.

(مسألة 738): إذا كان الولي حال الموت صبياً، أو مجنوناً وجب عليه القضاء إذا بلغ، أو عقل.

(مسألة 739): إذا تساوى الذكران في السن وجب عليهما على نحو الوجوب الكفائي، بلا فرق بين إمكان التوزيع، كما إذا تعدد الفائت، وعدمه كما إذا اتحد، أو كان وتراً.

ص: 203

(مسألة 740): إذا اشتبه الأكبر بين شخصين، أو أشخاص فالأحوط الأولى العمل على نحو الوجوب الكفائي.

(مسألة 741): قيل يجب على الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه أداؤه عن غيره بإجارة، أو غيرها.

(مسألة 742): لا يجب القضاء على الولي لو كان ممنوعاً عن الإرث بقتل أو رق، أو كفر ولكن لايبعد اختصاص الوجوب بغيره.

(مسألة 743): إذا مات الأكبر بعد موت أبيه، لا يجب القضاء على غيره من أخوته الأكبر فالأكبر، ولا يجب إخراجه من تركته.

(مسألة 744): إذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي وكذا إذا استأجره الولي، أو الوصي، عن الميت بالاستئجار من ماله وقد عمل الاجير، أما اذا لم يعمل لم يسقط.

(مسألة 745): إذا شك في فوات شيء من الميت لم يجب القضاء وإذا شك في مقداره جاز له الاقتصار على الأقل.

(مسألة 746): إذا لم يكن للميت ولي، أو فاته ما لا يجب على الولي قضاؤه، فالأقوى عدم وجوب القضاء عنه من صلب المال وإن كان القضاء أحوط وجوباً بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.

(مسألة 747): المراد من الأكبر من لا يوجد أكبر منه سناً وإن وجد من هو أسبق منه بلوغاً، أو أسبق انعقاداً للنطفة.

(مسألة 748): لا يجب الفور في القضاء عن الميت ما لم يبلغ حد الإهمال.

ص: 204

(مسألة 749): إذا علم أن على الميت فوائت، ولكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه اولا لعذر - فالاحوط لزوماً القضاء.

(مسألة 750): في أحكام الشك والسهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهاداً، أو تقليداً، وكذا في أجزاء الصلاة وشرائطها.

(مسألة 751): إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي، وجب على الولي قضاؤها على الأحوط.

المقصد الثامن: صلاة الاستئجار

لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات ولو مع عجزهم عنها، إلا في الحج إذا كان مستطيعاً وكان عاجزاً عن المباشرة فيجب أن يستنيب من يحج عنه، وتجوز النيابة عنهم في مثل الحج المندوب وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبور الأئمة عليهم السلام، بل تجوز النيابة في جميع المستحبات رجاءاً، كما تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات والمستحبات، ويجوز إهداء ثواب العمل إلى الأحياء والأموات في الواجبات والمستحبات، كما ورد في بعض الروايات، وحكي فعله عن بعض أجلاء أصحاب الأئمة ( ع) بأن يطلب من الله سبحانه أن يعطي ثواب عمله لآخر حي أو ميت.

(مسألة 752): يجوز الاستئجار للصلاة ولسائر العبادات عن الأموات وتفرغ ذمتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصياً، أو ولياً، أو وارثاً، أو أجنبياً.

(مسألة 753): يعتبر في الأجير العقل، والإيمان والبلوغ، ويعتبر ان يكون عارفاً بأحكام القضاء على وجه يصح منه الفعل، ويجب ان ينوي بعمله الاتيان بما في ذمة الميت امتثالاً للأمر المتوجه الى النائب نفسه بالنيابة الذي كان إستحبابياً

ص: 205

قبل الاجارة وصار وجوبياً بعدها، كما إذا نذر النيابة عن الميت فالمتقرب بالعمل هو النائب، ويترتب عليه فراغ ذمة الميت.

(مسألة 754): يجوز استئجار كل من الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة وفي الجهر والإخفات يراعى حال الأجير، فالرجل يجهر بالجهرية وإن كان نائبا عن المرأة، والمرأة لا جهر عليها وإن نابت عن الرجل.

(مسألة 755): لا يجوز استئجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية، أو ذي الجبيرة أو المسلوس، أو المتيمم إلا إذا تعذر غيرهم، بل الاظهر عدم صحة تبرعهم عن غيرهم. وإن تجدد للأجير العجز انتظر زمان القدرة.

(مسألة 756): إذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل بأحكامهما بمقتضى تقليده أو اجتهاده، ولا يجب عليه إعادة الصلاة، هذا مع إطلاق الإجارة ،وإلا لزم العمل على مقتضى الإجارة، فإذا استأجره على أن يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك، وكذا الحكم في سائر أحكام الصلاة، فمع إطلاق الإجارة يعمل الأجير على مقتضى اجتهاده أو تقليده، ومع تقييد الإجارة يعمل على ما يقتضيه التقييد.

(مسألة 757): إذا كانت الإجارة على نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل، ولا لغيره أن يتبرع عنه فيه، أما إذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره، ولكن لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة في إجارة نفسه إلا إذا أتى ببعض العمل او يستأجره بغير جنس الاجرة.

(مسألة 758): إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها لم يجز الإتيان به بعدها إلا بإذن من المستأجر وإذا أتى به بعدها بدون إذنه لم يستحق الأجرة وإن برئت ذمة المنوب عنه بذلك.

ص: 206

(مسألة 759): إذا تبين بطلان الإجارة، بعد العمل استحق الاجير اجرة المثل، وكذا اذا فسخت لغبن أو غيره.

(مسألة 760): إذا لم تعين كيفية العمل من حيث الاشتمال على المستحبات يجب الإتيان به على النحو المتعارف.

(مسألة 761): إذا نسي الأجير بعض المستحبات وكان مأخوذاً في متعلق الإجارة نقص من الاجرة بنسبته

(مسألة 762): إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل والأكثر جاز الاقتصار على الأقل، وإذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.

(مسألة 763): يجب تعيين المنوب عنه ولو إجمالا، مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.

(مسألة 764): إذا وقعت الاجارة على تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغ ذمته انفسخت الاجارة ان لم يمض زمان يتمكن الاجير فيه من الاتيان بالعمل، والا كان عليه أجرة المثل، أما اذا كانت الاجارة على نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما اذا كان العمل مشروعاً بعد فراغ ذمته، فيجب على الاجير العمل على طبق الاجارة.

(مسألة 765): يجوز الإتيان بصلاة الاستئجار جماعة إماماً كان الأجير أم مأموماً، ولكن يعتبر في صحة الجماعة، إذا كان الإمام أجيراً العلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة فاذا كانت صلاته احتياطية كانت الجماعة باطلة.

(مسألة 766): إذا مات الأجير قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه واشترطت المباشرة فان لم يمض زمان يتمكن الاجير من الاتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة، ووجب على الوارث رد الأجرة المسماة من تركته، والا كان عليه أداء أجرة مثل العمل من تركته وان كانت اكثر من الاجرة المسماة. وان لم تشترط

ص: 207

المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته، كما في سائر الديون المالية، واذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء ويبقى الميت مشغول الذمة بالعمل أو بالمال.

(مسألة 767): يجب على من عليه واجب من الصلاة والصيام أن يبادر إلى القضاء إذا ظهرت امارات الموت بل إذا لم يطمئن بالتمكن من الامتثال إذا لم يبادر فإن عجزوجب عليه الوصية به، ويخرج من ثلثه كسائر الوصايا، و إذا كان عليه دين مالي للناس ولو كان مثل الزكاة والخمس و رد المظالم وجب عليه المبادرة إلى وفائه، ولا يجوز التأخير وإن علم ببقائه حياً. وان عجز عن الوفاء وكانت له تركة وجب عليه الوصية بها إلى ثقة مأمون، ليؤديها بعد موته، وهذه تخرج من اصل المال وان لم يوص بها.

(مسألة 768): إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشك في أنها الصبح أو الظهر مثلاً وجب الإتيان بهما.

(مسألة 769): إذا علم أن على الميت فوائت ولم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا استؤجر عنه.

(مسألة 770): إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين إلى الغروب فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصل عصر ذلك اليوم وجب الإتيان بصلاة العصر وللمستأجر حينئذ فسخ الإجارة ،والمطالبة بالأجرة المسماة، وله أن لا يفسخها ويطالب بأجرة المثل، وإن زادت على الأجرة المسماة.

(مسألة 771): الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الإخبار بأنه أدى ما استؤجر عليه، وإن كان الظاهر كفاية كونه ثقة، في تصديقه اذا أخبر بالتأدية.

ص: 208

المقصد التاسع: الجماعة

وفيه فصول:
الفصل الأول: استحباب صلاة الجماعة

تستحب الجماعة في جميع الفرائض غير صلاة الطواف، فإن الأحوط لزوما عدم الاكتفاء فيها بالإتيان بها جماعة مؤتماً. ويتأكد الاستحباب في اليومية خصوصا في الأدائية، وخصوصاً في الصبح والعشائين ولها ثواب عظيم، وقد ورد في الحث عليها والذم على تركها أخبار كثيرة، ومضامين عالية، لم يرد مثلها في أكثر المستحبات.

(مسألة 772): تجب الجماعة في الجمعة والعيدين مع اجتماع شرائط الوجوب. وهي حينئذ شرط في صحتها، ولا تجب بالأصل في غير ذلك. نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه، أو لضيق الوقت عن إدراك ركعة إلا بالائتمام، أو لعدم تعلمه القراءة مع قدرته عليها أو لغير ذلك.

(مسألة 773): لا تشرع الجماعة لشيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه حتى صلاة الغدير على الاقوى، الا في صلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، وصلاة الاستسقاء.

(مسألة 774): يجوز اقتداء من يصلي إحدى الصلوات اليومية بمن يصلي الأخرى، وإن اختلفا بالجهر والإخفات، والأداء والقضاء، والقصر والتمام، وكذا مصلي الآية بمصلي الآية وإن اختلفت الآيتان، ولا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين، أو الآيات، أو صلاة الأموات بل صلاة الطواف على

ص: 209

الأحوط وجوباً، وكذا الحكم في العكس، كما لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط وكذا في الصلوات الاحتياطية كما في موارد العلم الاجمالي بوجوب القصر أو الاتمام الا اذا اتحدت الجهة الموجبة للاحتياط، كأن يعلم الشخصان إجمالاً بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة أو قصراً أو تماماً.

(مسألة 775): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان أحدهما الإمام ولو كان المأموم امرأة أو صبيا على الأقوى، وأما في الجمعة وفي العيدين فلا تنعقد إلا بخمسة أحدهم الإمام.

(مسألة 776): تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام ولو كان الإمام جاهلاً بذلك غير ناو للإمامة. فإذا لم ينو المأموم لم تنعقد، نعم في صلاة الجمعة والعيدين لابد من نية الإمام للإمامة بأن ينوي الصلاة التي يجعله المأموم فيها إماما، وكذا إذا كانت صلاة الإمام معادة جماعة.

(مسألة 777): لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر، ولا بشخصين ولو اقترنا في الأقوال والأفعال، ولا بأحد شخصين في الترديد، ولا تنعقد الجماعة إن فعل ذلك، ويكفي التعيين الإجمالي مثل أن ينوي الائتمام بإمام هذه الجماعة، أو بمن يسمع صوته، وإن تردد ذلك المعين بين شخصين.

(مسألة 778): إذا شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم وأتم منفرداً، إلا إذا علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة، واحتمل أنه لم ينو الائتمام غفلة فإنه لا يبعد حينئذ جواز الإتمام جماعة

(مسألة 779): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان عمرو فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته، بل صلاته اذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً، والا صحت، وان كان عمرو عادلاً صحت جماعته وصلاته.

ص: 210

(مسألة 780): إذا صلى اثنان وعلم بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما، وإذا علم أن نية كل منهما كانت الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد.

(مسألة 781): لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلى آخر اختياراً، إلا أن يعرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته، من موت، أو جنون، أو إغماء، أو حدث، أو تذكر حدث سابق على الصلاة، فيجوز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام صلاتهم معه، والأقوى اعتبار أن يكون الإمام الآخر منهم.

(مسألة 782): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.

(مسألة 783): يجوز العدول عن الائتمام الى الانفراد اختياراً في جميع احوال الصلاة على الاقوى، اذا لم يكن ذلك من نيته في أول الصلاة والا فصحة الجماعة لاتخلو من اشكال.

(مسألة 784): إذا نوى الانفراد في أثناء قراءة الإمام وجبت عليه القراءة من الأول، بل وكذلك إذا نوى الانفراد لعذر بعد قراءة الإمام قبل الركوع، على الأحوط.

(مسألة 785): إذا نوى الانفراد صار منفرداً ولا يجوز له الرجوع إلى الائتمام، وإذا تردد في الانفراد وعدمه ثم عزم على عدمه ففي جواز بقائه على الائتمام إشكال.

(مسألة 786): إذا شك في أنه عدل إلى الانفراد أو لا، بنى على العدم.

(مسألة 787): لا يعتبر في الجماعة قصد القربة، لا بالنسبة إلى الإمام ولا بالنسبة إلى المأموم، فإذا كان قصد الإمام أو المأموم غرضاً دنيوياً مباحاً مثل الفرار من الشك، أو تعب القراءة، أو غير ذلك و حينئذ صحت وترتبت عليها أحكام الجماعة ولكن لا يترتب عليها ثواب الجماعة.

ص: 211

(مسألة 788): إذا نوى الاقتداء سهواً أو جهلاً بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها، كما إذا كانت نافلة فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت صلاته، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم يحصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمداً أو سهواً وإلا بطلت.

(مسألة 789): تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة إلى منتهى ركوعه، فإذا دخل مع الإمام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها، أو بعدها قبل الركوع، أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة، ولا يتوقف إدراكها على الاجتماع معه في الركوع فإذا أدركه قبل الركوع وفاته الركوع معه فقد أدرك الركعة ووجبت عليه المتابعة في غيره، ويعتبر في إدراكه في الركوع أن يصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه ولو كان بعد فراغه من الذكر.

(مسألة 790): إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعاً فتبين عدم إدراكه بطلت صلاته، وكذا اذا شك في ذلك.

(مسألة 791): الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال إدراك الإمام راكعاً، فإن أدركه صحت الجماعة والصلاة، وإلا بطلت الصلاة.

(مسألة 792): إذا نوى وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل إلى الركوع تخير بين المضي منفرداً والعدول الى النافلة، ثم الرجوع الى الائتمام بعد اتمامها.

(مسألة 793): إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير يجوز له أن يكبر للإحرام ويجلس معه ويتشهد بنية القربة المطلقة على الاحوط وجوبا.ً فإذا سلم الإمام قام لصلاته من غير حاجة إلى استئناف التكبير ويحصل له بذلك فضل الجماعة، وإن لم تحصل له ركعة. وإذا أدركه في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة جاز له أن يكبر للاحرام ويسجد معه السجدة أو السجدتين ويتشهد بنية القربة المطلقة على الاحوط وجوباً، ثم يقوم بعد تسليم الامام فيكبر

ص: 212

للاحرام والاولى ان يكبر مرددأً بين تكبيرة الاحرام والذكر المطلق ويدرك بذلك فضل الجماعة وتصح صلاته.

(مسألة 794): إذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأى الإمام راكعاً وخاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف، كبر للإحرام في مكانه وركع، ثم يمشي في ركوعه أو في سجوده، أو بين السجدتين او بعدهما أو في حال القيام للثانية والتحق بالصف، سواء أكان المشي الى الامام، ام الى الخلف أم الى الجانبين بشرط ان لا ينحرف عن القبلة وان لايكون مانع آخر غير البعد من حائل وغيره وان كان الاحوط استحباباً انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضاً، ويجب ترك الاشتغال بالقراءة وغيرها مما يعتبر فيه الطمانينة حال المشي، والاقوى جر الرجلين حاله.

الفصل الثاني: ما يعتبر في انعقاد صلاة الجماعة

يعتبر في انعقاد الجماعة أمور :

الأول : أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في الاتصال بالإمام كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، ولا فرق بين كون الحائل ستاراً أو جداراً أو شجرة أو غير ذلك، ولو كان شخص إنسان واقفاً، نعم ففي اليسير كمقدار شبر ونحوه اشكال، هذا اذا كان المأموم رجلاً، أما إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام او المأمومين إذا كان رجلاً، أما إذا كان الإمام امرأة فالحكم كما في الرجل في عدم جواز الحائل.

ص: 213

(مسألة 795): الاحوط وجوباً المنع في الحيلولة بمثل الزجاج والشبابيك والجدران المخرمة، ونحوها مما لا يمنع من الرؤية. ولا بأس بالنهر والطريق إذا لم يكن فيهما البعد المانع كما سيأتي، ولا بالظلمة والغبار.

الثاني : أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم علواً دفعياً كالأبنية ونحوها، بل تسريحاً قريباً من التسنيم - كسفح الجبل ونحوه، نعم لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الأرض منبسطة، كما لا بأس بالدفعي اليسير اذا كان دون الشبر، ولا بأس أيضاً بعلو موقف المأموم من وقف الإمام بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفاً.الثالث : أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطى بأن لايكون بين موقف الإمام ومسجد المأموم المقدار المذكور، وكذا بين موقف المتقدم ومسجد المتأخر، وبين أهل الصف الواحد بعضهم مع بعض. والأفضل، بل الأحوط عدم الفصل بين موقف السابق ومسجد اللاحق.

(مسألة 796): البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم إذا كان البعد متحققاً في تمام الجهات فبعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته إذا كان متصلاً بالمأمومين من جهة أخرى، فإذا كان الصف الثاني أطول من الأول فطرفه وإن كان بعيداً عن الصف الأول إلا أنه لا يقدح في صحة ائتمامه، لاتصاله بمن على يمينه أو على يساره من أهل صفه، وكذا إذا تباعد أهل الصف الثاني بعضهم عن بعض فإنه لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم بأهل الصف المتقدم. نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الأول فإن البعيد منهم عن المأموم الذي هو في جهة الإمام لما لم يتصل من الجهة الأخرى بواحد من المأمومين تبطل جماعته

الرابع : أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، بل الأحوط وجوباً أن لا يساويه وأن لا يتقدم عليه في مكان سجوده وركوعه وجلوسه بل الأحوط

ص: 214

وجوباً وقوف المأموم خلف الإمام إذا كان متعدداً. هذا في جماعة الرجال. وأما في جماعة النساء فالاحوط ان تقف ممن تتولى إمامة الجماعة في وسطهن ولا تتقدمهن.

(مسألة 797): الشروط المذكورة شروط في الابتداء والاستدامة فإذا حدث الحائل أو البعد أو علو الإمام أو تقدم المأموم في الأثناء بطلت الجماعة، واذا شك في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بنى على العدم. والاحوط مع عدم سبق العلم بالعدم لم يجز الدخول الا مع احراز العدم وكذا إذا حدث الشك بعد الدخول غفلة، وإن شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فإن علم بوقوع ما يبطل الفرادى اعادها، إن كان قد دخل في الجماعة غفلة والا بنى على الصحة، وإن لم يعلم بوقوع ما يبطل الفرادى بنى على الصحة والاحوط - استحباباً - الاعادة في الصورتين.

(مسألة 798): لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم وإن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين للصلاة.

(مسألة 799): إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته - كما لو كانت صلاته قصراً - فقد انفرد من يتصل به ولو عاد إلى الجماعة بلا فصل ففيه اشكال بل منع.

(مسألة 800): لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان ونحوه، نعم إذا اتصلت المارة بطلت الجماعة.

(مسألة 801): إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلاً، أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله، فالأقوى عدم انعقاد الجماعة، فلا يجوز الائتمام

ص: 215

(مسألة 802): إذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل وكان جاهلاً به لعمى أو نحوه لم تصح الجماعة، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد مطلقاً ولو سهواً أتم منفرداً وصحت صلاته، وكذلك تصح لو كان قد فعل ما لا ينافيها إلا عمداً كترك القراءة.

(مسألة 803): الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه.

(مسألة 804): لو تجدد البعد في الأثناء بطلت الجماعة وصار منفرداً، فإذا لم يلتفت إلى ذلك وبقي على نية الاقتداء فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهواً وعمداً بطلت صلاته، وإن لم يأت بذلك أو أتى بما لا ينافي إلا في صورة العمد صحت صلاته كما تقدم في ( مسألة 802 ).

(مسألة 805): لا يضر الفصل بالصبي المميز إذا كان مأموماً فيما إذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده.

(مسألة 806): إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من على يمينه ويساره لوجود الحائل، أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعاً وكذا الصفوف المتأخرة، وكذا إذا انتهى المأمومون إلى باب فإنه تصح صلاة تمام الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن يصلي في الباب، وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار في الصحة على من هو بحيال الباب دون من على يمينه ويساره من أهل صفه.

الفصل الثالث: مايشترط في صلاة الجماعة

يشترط في إمام الجماعة مضافاً إلى الإيمان والعقل وطهارة المولد،أمور :

ص: 216

الأول : الرجولة إذا كان المأموم رجلاً، فلا تصح إمامة المرأة إلا للمرأة، والاقوى صحة إمامة الصبي لمثله.

الثاني : العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق، ولابد من إحرازها ولو بالوثوق الحاصل من أي سبب كان، فلا تجوز الصلاة خلف مجهول الحال.

الثالث : أن يكون الإمام صحيح القراءة، إذا كان الائتمام في الأوليين وكان المأموم صحيح القراءة، بل مطلقاً على الأحوط لزوماً.

الرابع : أن لا يكون أعرابياً - أي من سكان البوادي - ولاممن جرى عليه الحد الشرعي على الأحوط.

(مسألة 807): لا بأس في أن يأتم الأفصح بالفصيح، والفصيح بغيره، إذا كان يؤدي القدر الواجب.

(مسألة 808): لا تجوز إمامة القاعد للقائم ولا المضطجع للقاعد وتجوز إمامة القائم لهما، كما تجوز إمامة القاعد لمثله. وفي جواز امامة القاعد او المضطجع للمضطجعإشكال، وتجوز امامة المتيمم للمتوضئ وذي الجبيرة لغيره، والاقوى عدم جواز الاقتداء بالمسلوس والمبطون والمستحاضة والمضطر الى الصلاة في النجاسة، بل الاولى عدم امامة كل ناقص للكامل.

(مسألة 809): إذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة أن الإمام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الإمامة ،صحت صلاته منفرداً اذا لم يقع فيها ما يبطل الفرادى كترك القراءة والا أعادها. وان تبين في الاثناء أتمها منفرداً، ووجبت عليه القراءة مع بقاء محلها.

(مسألة 810): إذا اختلف المأموم والإمام في أجزاء الصلاة وشرائطها اجتهاداً أو تقليداً، فإن علم المأموم بطلان صلاة الإمام واقعاً ولو بطريق معتبر لم يجز له الائتمام به والإ جاز، وكذا إذا كان الاختلاف بينهما في الأمور الخارجية،

ص: 217

بأن يعتقد الإمام طهارة الماء فيتوضأ به والمأموم يعتقد نجاسته، أو يعتقد الإمام طهارة الثوب فيصلي به، ويعتقد المأموم نجاسته فإنه لا يجوز الائتمام في الفرض الأول، ويجوز في الفرض الثاني، ولا فرق فيما ذكرنا بين الابتداء والاستدامة، والمدار على علم المأموم بصحة صلاة الامام في حق الامام. هذا في غير ما يتحمله الإمام عن المأموم، وأما فيما يتحمله كالقراءة ففيه تفصيل، فإن من يعتقد وجوب السورة - مثلاً - ليس له أن يأتم قبل الركوع بمن لا يأتي بها لاعتقاده عدم وجوبها، نعم إذا ركع الإمام جاز الائتمام به.

الفصل الرابع: في أحكام الجماعة

(مسألة 811): لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئاً من أفعال الصلاة وأقوالها غير القراءة في الأوليين إذا ائتم به فيهما فتجزيه قراءته، أما الاخيرتين فلا يتحمل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات، ويجب عليه متابعته في القيام، ولا تجب عليه الطمأنينة حاله حتى في حال قراءة الإمام وان كان أحوط.

(مسألة 812): الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية إذا كانت القراءة بقصد الجزئية، والأفضل له أن يشتغل بالذكر والصلاة على النبي (صلی الله علیه و آله)، وأما في الأوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام ولو همهمة وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط الأولى الإنصات لقراءته، وإن لم يسمع حتى الهمهمة جازت له القرائة بقصد القربة، وبقصد الجزئية والاحوط وجوباً الاول، وإذا شك في أن ما يسمعه صوت الإمام أو غيره فالأقوى الجواز، ولا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما.

ص: 218

(مسألة 813): إذا أدرك الإمام في الأخيرتين وجب عليه قراءة الحمد والسورة وإن لزم من قراءة السورة. فوات المتابعة في الركوع اقتصر على الحمد.

وإن لزم ذلك من إتمام الحمد فالأحوط - لزوماً - الانفراد بل الاحوط استحباباً له اذا لم يحرز التمكن من اتمام الفاتحة قبل ركوع الامام عدم الدخول في الجماعة حتى يركع الامام، ولا قراءة عليه.

(مسألة 814): يجب على المأموم الإخفات في القراءة سواء أ كانت واجبة - كما في المسبوق بركعة أو ركعتين - أم غير واجبة كما في غيره حيث تشرع له القراءة، وإن جهر نسياناً أو جهلاً صحت صلاته، وإن كان عمداً بطلت.

(مسألة 815): يجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال بمعنى ان لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه تاخيراً فاحشاً، والاحوط الأولى عدم المقارنة، وأما الأقوال فالظاهر عدم وجوبها فيها فيجوز التقدم فيها والمقارنة، عدا تكبيرة الإحرام، وإن تقدم فيها كانت الصلاة فرادى، بل الاحوط وجوباً عدم المقارنة فيها كما ان الاحوط المتابعة في الاقوال خصوصاً مع السماع وفي التسليم.

(مسألة 816): إذا ترك المتابعة عمداً لم يقدح ذلك في صلاته، ولكن تبطل جماعته فيتمها فرادى، نعم اذا كان ركع قبل الامام في حال قراءة الامام بطلت صلاته، إذا لم يكن قرأ لنفسه.

(مسألة 817): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمداً انفرد في صلاته ولا يجوز له أن يتابع الإمام فيأتي بالركوع أو السجود ثانياً للمتابعة. واذا انفرد أجتزء بما وقع منه من الركوع والسجود وأتم، وإذا ركع أو سجد قبل الإمام سهواً فالأحوط له المتابعة بالعودة الى الإمام بعد الاتيان بالذكر. ولا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الإمام، وإذا لم يتابع عمداً صحت صلاته وبطلت جماعته.

ص: 219

(مسألة 818): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام عمداً، فإن كان قبل الذكر بطلت صلاته إذا كان متعمداً في تركه، وإلا صحت صلاته وبطلت جماعته. وان كان بعد الذكر صحت صلاته وأتمها منفرداً، ولايجوز له ان يرجع الى الجماعة فيتابع الامام بالركوع او السجود ثانياً. وان رفع رأسه من الركوع او السجود سهواً رجع اليهما. واذا لم يرجع عمداً انفرد وبطلت جماعته. وان لم يرجع سهواً صحت صلاته وجماعته وان رجع وركع للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الى حد الركوع بطلت صلاته.

(مسألة 819): إذا رفع رأسه من السجود فرأى الإمام ساجداً فتخيل أنه في الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية اجتزأ بها، وإذا تخيل الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فتبين أنها الأولى حسبت للمتابعة.

(مسألة 820): إذا زاد الإمام سجدة او تشهداً أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهواً لم تجب على المأموم متابعته، وإن نقص الإمام شيئاً لا يقدح نقصه سهوا، فعله المأموم.

(مسألة 821): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع والسجود أزيد من الإمام، وكذلك إذا ترك بعض الأذكار المستحبة، مثل تكبير الركوع والسجود أن يأتي بها، وإذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبي أن يتركها، وكذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة معكون المأموم مقلداً لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار على المرة، وهكذا الحكم في غير ما ذكر.

(مسألة 822): إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أن الإمام في الأوليين أو الأخيرتين جاز له أن يقرأ الحمد والسورة بقصد القربة، فإن تبين كونه في الأخيرتين وقعت في محلها، وإن تبين كونه في الأوليين لا يضره.

ص: 220

(مسألة 823): إذا أدرك المأموم ثانية الإمام تحمل عنه القراءة فيها وكانت أولى صلاته، ويتابعه في القنوت وكذلك في الجلوس للتشهد متجافياً على الأحوط وجوباً، ويستحب له التشهد، فإذا كان في ثالثة الإمام تخلف عنه في القيام فيجلس للتشهد ثم يلحق الإمام. وكذا في كل واجب عليه دون الإمام، والأفضل أن يتابعه في الجلوس للتشهد إلى أن يسلم ثم يقوم إلى الرابعة، ويجوز له أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته، وينفرد اذا لم يكن قصد الانفراد من أول صلاته.

(مسألة 824): يجوز لمن صلى منفرداً أن يعيد صلاته جماعة إماماً كان أو مأموماً، وكذا اذا كان قد صلى جماعة إماماً أو مأموماً فان له ان يعيدها في جماعة اخرى إماماً، ويشكل صحة ذلك، فيما اذا صلى كل من الامام والمأموم منفرداً، واراد إعادتها جماعة من دون ان يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته، ومع ذلك فلا بأس بالاعادة رجاءاً.

(مسألة 825): إذا ظهر بعد الإعادة أن الصلاة الأولى كانت باطلة اجتزأ بالمعادة.

(مسألة 826): لا تشرع الإعادة منفرداً، إلا إذا احتمل وقوع خلل في الأولى، وإن كانت صحيحة ظاهراً.

(مسألة 827): إذا دخل الإمام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت والمأموم لا يعتقد ذلك لا يجوز الدخول معه، إلا إذا دخل الوقت في أثناء صلاة الامام فالاحوط لزوماً أن لايدخل معه.

(مسألة 828): إذا كان في نافلة فأقيمت الجماعة وخاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة ولو بعدم إدراك التكبير مع الإمام استحب له قطعها، بل لا يبعد استحبابه بمجرد شروع المقيم في الإقامة، وإذا كان في فريضة عدل استحباباً إلى

ص: 221

النافلة وأتمها ركعتين ثم دخل في الجماعة، هذا إذا لم يتجاوز محل العدول، وإذا خاف بعد العدول من إتمامها ركعتين فوت الجماعة جاز له قطعها. وإن خاف ذلك قبل العدول لم يجز العدول بنية القطع، بل يعدل بنية الاتمام، لكن اذا بدا له ان يقطع قطع.

(مسألة 829): اذا لم يحرز الامام من نفسه العدالة فجواز ترتيبه آثار الجماعة لا يخلو من اشكال، بل الاقوى عدم الجواز، وفي كونه آثماً بذلك إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة 830): إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الأتيان بأخرى إذا لم يتجاوز المحل.

(مسألة 831): إذا رأى الإمام يصلي ولم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به، وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها، وأما إن علم أنها من اليومية لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس، أو أنها قضاء أو أداء، أو أنها قصر أو تمام فلا بأس بالاقتداء به فيها.

(مسألة 832): الصلاة إماماً أفضل من الصلاة مأموماً.

(مسألة 833): قد ذكروا أنه يستحب للإمام أن يقف محاذياً لوسط الصف الأول، وأن يصلي بصلاة أضعف المأمومين، فلا يطيل إلا مع رغبة المأمومين بذلك، وأن يُسمِع من خلفه القراءة والأذكار فيما لا يجب الإخفات فيه، وأن يطيل الركوع إذا أحس بداخل بمقدار مثلي ركوعه المعتاد، وأن لا يقوم من مقامه إذا أتم صلاته حتى يتم من خلفه صلاته.

(مسألة 834): الأحوط لزوماً للمأموم أن يقف عن يمين الإمام متأخراً عنه قليلاً إن كان رجلا واحداً ويقف خلفه ان كان امرأة وإذا كان رجل وامرأة وقف الرجل خلف الإمام والمرأة خلفه، وإن كانوا أكثر اصطفوا خلفه وتقدم

ص: 222

الرجال على النساء، ويستحب أن يقف أهل الفضل في الصف الأول، وأفضلهم في يمين الصف، وميامن الصفوف أفضل من مياسرها، والأقرب إلى الإمام أفضل، وفي صلاة الأموات الصف الأخير أفضل، ويستحب تسوية الصفوف، وسد الفرج، والمحاذاة بين المناكب، واتصال مساجد الصف اللاحق بمواقف السابق، والقيام عند قول المؤذن : (( قد قامت الصلاة )) قائلاً : ((اللهم أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها ))، وأن يقول عند فراغ الإمام من الفاتحة : (( الحمد لله رب العالمين )).

(مسألة 835): يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد موضعاً في الصفوف، والتنفل بعد الشروع في الإقامة، وتشتد الكراهة عند قول المقيم : (( قد قامت الصلاة )) والتكلم بعدها إلا إذا كان لإقامة الجماعة كتقديم إمام ونحو ذلك، وإسماع الإمام ما يقوله من أذكار، وأن يأتم المتم بالقصر وكذا العكس.

المقصد العاشر: الخلل

اشارة

من أخل بشيء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته. و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر، و كذا من زاد فيها جزءاً عمداً قولاً أو فعلاً، من غير فرق في ذلك كله بين الركن و غيره، ولا بين كونه موافقاً لأجزاء الصلاة أو مخالفاً، ولا بين أن يكون ناوياً ذلك في الابتداء أو في الأثناء.

(مسألة 836): لاتتحقق الزيادة في غير الركوع والسجود الا بقصد الجزئية للصلاة. فان فعل شيئاً لابقصدها مثل حركة اليد وحك الجسد ونحو ذلك مما يفعله المصلي لابقصد الصلاة لم يقدح فيها، الا ان يكون ماحياً لصورتها.

(مسألة 837): من زاد جزءاً سهواً فإن كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته وإلا لم تبطل.

ص: 223

(مسألة 838): من نقص جزءاً سهواً فإن التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده، و إن كان بعد فوات محله فإن كان ركناً بطلت صلاته و إلا صحت، و عليه قضاؤه بعد الصلاة إذا كان المنسي سجدة واحدة، و كذلك إذا كان المنسي تشهداً على الأحوط الأولى كما سيأتي.

و يتحقق فوات محل الجزء المنسي بأمور :

الأول : الدخول في الركن اللاحق، كمن نسي قراءة الحمد أو السورة أو بعضاً منهما، أو الترتيب بينهما، و التفت بعد الوصول إلى حد الركوع فإنه يمضي في صلاته، أما إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع فإنه يرجع و يتدارك الجزء و ما بعده على الترتيب. و إن كان المنسي ركناً كمن نسي السجدتين حتى ركع بطلت صلاته. و إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع تداركهما، و إذا نسي سجدة واحدة أو تشهداً أو بعضه أو الترتيب بينهما حتى ركع صحت صلاته و مضى، و إن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع تدارك المنسي و ما بعده على الترتيب، و تجب عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو، كما سيأتي تفصيله.

الثاني : الخروج من الصلاة فمن نسي السجدتين حتى سلم و أتى بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً بطلت صلاته، و إذا ذكر قبل الإتيان به رجع و أتى بهما و تشهد و سلم ثم سجد سجدتي السهو للسلام الزائد، و كذلك من نسي إحداهما او التشهد او بعضه حتى سلم و لم يأت بالمنافي فإنه يرجع و يتدارك المنسي و يتم صلاته و يسجد سجدتي السهو. و إذا ذكر ذلك بعد الإتيان بالمنافي صحت صلاته و مضى، و عليه قضاء المنسي والإتيان بسجدتي السهو على ما يأتي.

الثالث : الخروج من الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسي، كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتى رفع رأسه فإنه يمضي، و كذا إذا نسي وضع بعض المساجد الستة في محله. نعم إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح وجب أن يتداركهما قائماً إذا ذكر قبل الركوع.

ص: 224

(مسألة 839): من نسي الانتصاب بعد الركوع حتى سجد أو هوى إلى السجود مضى في صلاته، و الأحوط - استحباباً - الرجوع إلى القيام ثم الهوي إلى السجود إذا كان التذكر قبل السجود، و إعادة الصلاة إذا كان التذكر بعده، و أما إذا كان التذكر بعد الدخول في السجدة الثانية مضى في صلاته و لا شيء عليه، و إذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتى جاء بالثانية مضى في صلاته، وإذا ذكره حال الهوي إليها رجع وتداركه، وإذا سجد على المحل المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس و ذكر بعد رفع الرأس من السجود اعاد السجود، على ما تقدم.

(مسألة 840): إذا نسي الركوع حتى سجد السجدتين أعاد الصلاة، و إن ذكر قبل الدخول في الثانية فلا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع و الإتمام. و إن كان الأحوط - استحباباً - الإعادة أيضاً.

(مسألة 841): إذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين، فإن كان الالتفات الى ذلك بعد الدخول في الركن لم يبعد الاجتزاء بقضاء سجدتين، وان كان قبل الدخول في الركن فإن احتمل أن كلتيهما من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك السجدتين، و الإتمام. و إن علم أنهما إما من السابقة أو إحداهما منها و الأخرى من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك سجدة و قضاء أخرى، و الأحوط استحباباً الإعادة في الصور الثلاثة.

(مسألة 842): إذا علم أنه فاتته سجدتان من ركعتين - من كل ركعة سجدة - قضاهما وأن كانتا من الأوليين.

(مسألة 843): من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته، و إن كان بعده صحت صلاته.

ص: 225

(مسألة 844): إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتى بها، و كذا إذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي،و إذا ذكرها بعده بطلت صلاته.

(مسألة 845): إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح، أو في التشهد سهواً مضى ولكن لايترك الاحتياط الاستحبابي بتدارك. القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة، وإذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه إعاد الذكر.

(مسألة 846): إذا نسي الجهر و الإخفات و ذكر لم يلتفت و مضى. سواء أ كان الذكر في أثناء القراءة، أم التسبيح، أم بعدهما، و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك.

فصل في الشك وأحكامه

(مسألة 847): من شك و لم يدر أنه صلى أم لا، فإن كان في الوقت صلى، و إن كان بعد خروج الوقت لم يلتفت، و الظن بفعل الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور، و إذا شك في بقاء الوقت بنى على بقائه، و حكم كثير الشك في الإتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره، فيجري فيه التفصيل المذكور من الاعادة في الوقت وعدمها بعد خروجه، وأما الوسواسي فيبني على الاتيان وان كان في الوقت. واذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بنى على وقوع الظهر و أتى بالعصر، واذا شك وقد بقي من الوقت مقدار اداء ركعة اتى بالصلاة واذا كان اقل لم يلتفت. واذا شك في فعل الظهر وهو في العصر عدل بنية الظهر واتمها ظهراً.

ص: 226

(مسألة 848): إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت، وإذا شك في التسليم فإن كان شكه في صحته لم يلتفت، و كذا إن كان شكه في وجوده و قد أتى بالمنافي حتى مع السهو. و أما إذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشك.

(مسألة 849): كثير الشك لا يعتني بشكه، سواء أ كان الشك في عدد الركعات، أم في الأفعال، أم في الشرائط، فيبني على وقوع المشكوك فيه، إلا إذا كان وجوده مفسداً فيبني على عدمه، كما لو شك بين الأربع و الخمس، أو شك في أنه أتى بركوع أو ركوعين مثلاً فإن البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه.

(مسألة 850): اذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان او مكان اختص عدم الاعتناء به، والا يتعدى الى غيره.

(مسألة 851): المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف. نعم اذا كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة فهو كثير الشك، ويعتبر في صدقها ان لايكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس.

(مسألة 852): إذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جرى عليه حكم وجوده، فإن كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد، و إن كان موجباً للتدارك تدارك، وإن كان مما يجب قضاؤه قضاه، و هكذا.

(مسألة 853): لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصى أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغيرها.

(مسألة 854): لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فإذا شك وجاء بالمشكوك فيه بطلت.

ص: 227

(مسألة 855): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بنى على العدم، كما أنه إذا صار كثير الشك ثم شك في زوال هذه الحالة بنى على بقائها

(مسألة 856): إذا شك إمام الجماعة في عدد الركعات رجع إلى المأموم الحافظ، عادلاً كان أو فاسقاً، ذكراً أو أنثى، و كذلك إذا شك المأموم فإنه يرجع إلى الإمام الحافظ، والظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك إليه. و إن اختلف المأمومون لم يرجع إلى بعضهم، و إذا كان بعضهم شاكاً و بعضهم حافظاً رجع الإمام إلى الحافظ وفي جواز رجوع الشاك منهم اليه. واذا لم يحصل له الظن إشكال. والظاهر أن جواز رجوع المأموم إلى الإمام و بالعكس لا يختص بالشك في الركعات، بل يعم الشك في الأفعال أيضا، فإذا علم المأموم أنه لم يتخلف عن الإمام و شك في أنه سجد سجدتين أم واحدة و الإمام جازم بالإتيان بهما رجع المأموم إليه و لم يعتن بشكه.

(مسألة 857): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقل و البناء على الأكثر، إلا أن يكون الأكثر مفسداً فيبني على الأقل.

(مسألة 858): من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أدائية كانت الفريضة أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات، و قد دخل في الجزء الذي بعده مضى و لم يلتفت، كمن شك في تكبيرة الإحرام و هو في القراءة، أو في الفاتحة و هو فيالسورة، أو في الآية السابقة و هو في اللاحقة، أو في أول الآية و هو في آخرها، أو في القراءة و هو في الركوع، أو في الركوع وهو في السجود، أو شك في السجود وهو في التشهد أو في القيام لم يلتفت، و كذا إذا شك في التشهد وهو في القيام أو في التسليم، فإنه لا يلتفت إلى الشك في جميع هذه الفروض، و إذا كان الشك قبل أن يدخل في الجزء الذي بعده وجب الاتيان به، كمن شك في التكبير قبل أن يقرأ، أو في القراءة قبل أن يركع، أو في الركوع قبل السجود، واذا كان الشك حال الهوى اليه أو في السجود أو في التشهد و هو جالس، أو حال

ص: 228

النهوض الى القيام، و كذلك إذا شك في التسليم وهو في التعقيب قبل ان يأتي بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً.

(مسألة 859): يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة، فاذا شك في القراءة وهو في القنوت لزمه الالتفات والتدارك.

(مسألة 860): إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت و إن لم يدخل في الجزء الذي بعده، كما إذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحتها فإنه لا يلتفت، و كذا إذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الآية.

(مسألة 861): إذا أتى بالمشكوك في المحل، ثم تبين أنه قد فعله أولاً لم تبطل صلاته إلا إذا كان ركناً، و إذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله، و إلا صحت صلاته، إلا أن يكون ركناً.

(مسألة 862): إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت، وكذا لو شك في أنه هل سها أم لا و قد جاز محل ذلك الشيء الذي شك في أنه سها عنه أو لا. نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه، أتى به على الأصح.

(مسألة 863): إذا شك المصلي في عدد الركعات فالاحوط له استحباباَ التروي يسيراً فان استقر الشك وكان في الثنائية او الثلاثية او الاوليين من الرباعية بطلت، وان كان في غيرها وقد احرز الاوليين بان اتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية وان لم يرفع رأسه فهنا صور:

منها : ما لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها.

ومنها : ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع صور :

ص: 229

الأولى : الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة الأخيرة فإنه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة، و يتم صلاته ثم يحتاط بركعة قائماً على الأحوط وجوباً، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعة جالساً.

الثانية : الشك بين الثلاث و الأربع في أي موضع كان، فيبني على الأربع و يتم صلاته، ثم يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً. و الأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساًً احتاط بركعة جالساً.الثالثة : الشك بين الاثنتين و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً أحتاط بركعتين من جلوس.

الرابعة : الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس والاقوى تأخير الركعتين من جلوس وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالساً.

الخامسة : الشك بين الأربع و الخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو.

السادسة : الشك بين الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الأربع، فيتم صلاته ثم يحتاط، كما سبق في الصورة الثانية.

السابعة : الشك بين الثلاث و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين والأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.

ص: 230

الثامنة : الشك بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.

التاسعة : الشك بين الخمس و الست حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الأربع و الخمس، و يتم صلاته و يسجد للسهو، و الأحوط في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً.

(مسألة 864): إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثم ضم إليها ركعة و سلم و شك في أن بناءه على الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملاً بالشك، فعليه صلاة الاحتياط، و إذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين و شك بعد التسليم أنه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشك صحت صلاته و لا شيء عليه.

(مسألة 865): الظن بالركعات كاليقين، أما الظن بالأفعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك. فإذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الإتيان به، و إذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضى و ليس له أن يرجع و يتداركه، و الأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين.

(مسألة 866): في الشكوك المعتبر فيها اكمال الذكر في السجدة الثانية كالشك بين الاثنتين و الثلاث، و الشك بين الاثنتين و الأربع، و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع : إذا شك مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت صلاته، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكه قبل اكمال الذكر، وإن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل.

ص: 231

(مسألة 867): إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكاً، و كذا لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة و بعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكاً أو ظناً يبنى على أنه كان شكاً اذا كان فعلاً شاكاً، وظناً ان كان فعلاً ظاناً، ويجري على ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي، وكذا لو شك في شيء ثم انقلب شكه إلى الظن، أو ظن به ثم انقلب ظنه إلى الشك، فإنه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها، فلو شك بين الثلاث و الأربع مثلاً فبنى على الأربع، ثم انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه و أتى بالرابعة، و إذا ظن بالثلاث، ثم تبدل ظنه إلى الشك بينها و بين الأربع بنى على الأربع، ثم يأتي بصلاة الاحتياط.

(مسألة 868): صلاة الاحتياط واجبة لايجوز ان يدعها ويعيد الصلاة على الاحوط،ولا تصح الاعادة الا اذا أبطل الصلاة بفعل المنافي.

(مسألة 869): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط. فلا بد فيها من النية، والتكبير للإحرام، و قراءة الفاتحة اخفاتاً حتى في البسملة على الاحوط الأولى، و الركوع و السجود و التشهد و التسليم، و لا تجب فيها سورة، و إذا تخلل المنافي بينها وبين الصلاة بطلت الصلاة ولزم الاستئناف.

(مسألة 870): إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها، و إن كان في الأثناء جاز تركها و إتمامها نافلة ركعتين.

(مسألة 871): إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط او في أثنائها جرى عليه حكم من سلم على النقص من وجوب ضم الناقص والاتمام مع الامكان. والا فيحكم بالبطلان كما اذا شك بين الاثنتين والاربع وتبين له بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط نقص الصلاة بركعة واحدة، و إذا تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولاً، أما إذا تبين غيره ففيه تفصيل : فان النقص المتبين اذا كان أكثر من صلاة الاحتياط

ص: 232

وأمكن تداركه لزم التدارك وصحت صلاته. وفي غير ذلك يحكم بالبطلان ولزوم اعادة أصل الصلاة، مثلاً اذا شك بين الثلاث والاربع فبنى على الاربع واتى بركعة واحدة قائماً للاحتياط، ثم تبين له قبل الاتيان بالمنافي ان النقص كان ركعتين فان عليه حينئذ اتمام الصلاة بركعة أخرى وسجود السهو مرتين لزيادة السلام في اصل الصلاة وزيادته في صلاة الاحتياط.

(مسألة 872): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة، و الشك في المحل، أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك، و إذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلا أن يكون مفسداً.

(مسألة 873): إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلا إذا كان بعد خروج الوقت، او بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً.

(مسألة 874): إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة، و كذلك إذا زاد ركوعاً أو سجدتين في ركعة.

فصل في قضاء الأجزاء المنسية

(مسألة 875): إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة، وبعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه، و كذا يقضي التشهد إذا نسيه و لم يذكره إلا بعد الركوع على الأحوط وجوباً، و يجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الأخيرة و لم يذكر إلا بعد التسليم و الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً، و أما إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي والاتيان بالتشهد والتسليم ثم الاتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً، و لا يقضي غير

ص: 233

السجدة و التشهد من الأجزاء و يجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط كما يجب فيه نية البدلية، و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة، و إذا فصل إعادة الصلاة، والاولى ان يقضي الفائت قبل الاعادة.

(مسألة 876): إذا شك في فعله بنى على العدم، الا ان يكون الشك بعد الإتيان بالمنافي عمداً و سهواً، و إذا شك في موجبه بنى على العدم.

فصل في سجود السهو

(مسألة 877): يجب سجود السهو للكلام ساهياً، و للسلام في غير محله، و للشك بين الأربع و الخمس كما تقدم، و لنسيان التشهد والاحوط وجوباً سجود السهو لنسيان السجدة، وللقيام في موضع الجلوس، أو الجلوس في موضع القيام، كما ان الاحوط استحباباً سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة.

(مسألة 878): يتعدد السجود بتعدد موجبه، و لا يتعدد بتعدد الكلام إلا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو، أما إذا تكلم كثيراً و كان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير.

(مسألة 879): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب.

(مسألة 880): يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط، و كذا عن الأجزاء المقضية ،والأحوط عدم تأخيره عن الصلاة، وعدم الفصل بينهما بالمنافي واذا اخره عنها او فصله بالمنافي لم تبطل صلاته ولم يسقط وجوبه، بل لاتسقط فوريته أيضاً على الاحوط، و اذا نسيه فذكر و هو في أثناء صلاة أخرى أتم صلاته و أتى به بعدها.

(مسألة 881): سجود السهو سجدتان متواليتان و تجب فيه نية القربة و لا يجب فيه تكبير، ويعتبر فيه وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، ووضع

ص: 234

سائر المساجد والاحوط استحباباً ان يكون واجداًلجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال، والستر و غير ذلك، و الأقوى وجوب الذكر في كل واحد منهما، و الاحوط في صورته :

((بسم الله و بالله السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته)) ويجب فيه التشهد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، ثم التسليم، و الأحوط اختيار التشهد المتعارف.

(مسألة 882): إذا شك في موجبه لم يلتفت، و إذا شك في عدد الموجب بنى على الأقل، و إذا شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به، و إذا اعتقد تحقق الموجب - و بعد السلام شك فيه - لم يلتفت، كما أنه إذا شك في الموجب، و بعد ذلك علم به أتى به، و إذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقل، إلا إذا دخل في التشهد، و إذا شك بعد رفع الرأس في تحقق الذكر مضى، واذا علم بعدمه اعاد السجدة. واذا زاد سجدة لم تقدح، على اشكال ضعيف.

(مسألة 883): تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به، و إذا شك بعد تجاوز المحل لا يعتني به، و في أنه إذا نسي جزءاً لزم تداركه اذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده، و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقل و الأكثر - كما تقدم - و أنه لا سجود للسهو فيها، و أنه لا قضاء للجزء المنسي فيها - إذا كان يقضى في الفريضة - و أن زيادة الركن سهواً غير قادحة. و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضاً.

ص: 235

المقصد الحادي عشر: صلاة المسافر

وفيه فصول:
الفصل الأول: شرائط القصر

تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط :

الأول : قصد قطع المسافة و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً أو ملفقة من الاربعة ذهاباً و اربعة إياباً، سواء اتصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر، في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة، ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية.

(مسألة 884): الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، و هو من المرفق إلى طرف الأصابع، فتكون المسافة أربعاً و أربعين كيلو متراً تقريباً.

(مسألة 885): إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيراً بقي على التمام، و كذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور، أو ظن بذلك ولا يجب عليه الفحص.

(مسألة 886): تثبت المسافة بالعلم، و بالبينة الشرعية، ولا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد بل بأخبار مطلق الثقة وان لم يكن عادلاً، و إذا تعارضت البينتان او الخبران تساقطتا، ووجب التمام، و لا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج، وان كان الاحوط الاختبار مع عدم الحرج ايضاً، و إذا شك العامي في مقدار المسافة - شرعاً - وجب عليه إما الرجوع إلى المجتهد و العمل على فتواه، أو

ص: 236

الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام، و إذا اقتصر على أحدهما و انكشفت مطابقته للواقع أجزأه.

(مسألة 887): إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد، و أما إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه. وان كان الاحوط الاعادة في الخارج ايضاً.

(مسألة 888): إذا شك في كونه مسافة، أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر و إن لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 889): إذا كان للبلد طريقان، و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصر،، و إن سلك الأقرب أتم، و لا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره

(مسألة 890): إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة لم يقصر، و كذا في جميع صور التلفيق، إلا إذا كان الذهاب اربعةً فما زاد والاياب كذلك.

(مسألة 891): مبدأ حساب المسافة من سور البلد، ومنتهى البيوت فيما لاسور له.

(مسألة 892): لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة و لو في أيام كثيرة، ما لم يخرج عن قصد السفر عرفاً والاحوط في هذه الصورة الجمع.

(مسألة 893): يجب القصر في المسافة المستديرة ويكون الذهاب فيها الى منتصف الدائرة والاياب منه الى البلد، و لا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد أو كانت مستديرة على البلد.

(مسألة 894): لابد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضا، و هكذا وجب التمام

ص: 237

و إن قطع مسافات. نعم إذا شرع في الاياب الى البلد وكانت المسافة ثمانية قصر، والا بقي على التمام. فطالب الظالة او الغريم او الآبق ونحوهم يتمون، إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة من اربعة ذهاباً ومن اربعة إياباً.

(مسألة 895): إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة - إن تيسروا سافر معهم و إلا رجع - أتم، و كذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول. نعم إذا كان مطمئناً بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر.

(مسألة 896): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاً، فإذا كان تابعاً لغيره كالزوجة والعبد والخادم والأسير وجب التقصير، إذا كان قاصداً تبعاً لقصد المتبوع، و إذا شك في قصد المتبوع بقي على التمام، و الأحوط - وجوباً - الاستخبار من المتبوع، و لكن لا يجب عليه الإخبار، و إذا علم في الأثناء قصد المتبوع، فإن كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر، و إلا بقي على التمام.

(مسألة 897): إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع - قبل بلوغ المسافة - أو متردداً في ذلك بقي على التمام، و كذا إذا كان عازماً على المفارقة، على تقدير حصول أمر محتمل الحصول - سواء أ كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق او العتق، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقق المقتضي له و شرطه - فإذا قصد المسافة و احتمل احتمالاً عقلائياً حدوث مانع عن سفره أتم صلاته، و إن انكشف بعد ذلك عدم المانع.

(مسألة 898): الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما إذا ألقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة، و هو يعلم ببلوغه المسافة.

الثاني : استمرار القصد، فإذا عدل - قبل بلوغه الأربعة - إلى قصد الرجوع، أو تردد في ذلك وجب التمام، و الأحوط - لزوماً - إعادة ما صلاه قصراً

ص: 238

إذا كان العدول قبل خروج الوقت، و الإمساك في بقية النهار و إن كان قد أفطر قبل ذلك، و إذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة، و كان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر و استمر على الإفطار.

(مسألة 899): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر و إن عدل عن الشخص الخاص، كما إذا قصد السفر إلى مكان و في الأثناء عدل إلى غيره، إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر على الأصح، و كذا إذا كان من أول الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين، من دون تعيين أحدهما، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ المسافة.

(مسألة 900): إذا تردد في الأثناء، ثم عاد إلى الجزم، فإن كان ما بقي مسافة و لو ملفقة وشرع في السير قصر والا اتم صلاته. نعم إذا كان تردده بعد بلوغ اربعة فراسخ، وكان عازماً على الرجوع قبل العشرة قصر.

الثالث : أن لا يكون ناوياً في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة، أو يكون متردداً في ذلك، و إلا أتم من أول السفر، و كذا إذا كان ناوياً المرور بوطنه أو مقره أو متردداً في ذلك، فإذا كان قاصداً السفر المستمر، لكن احتمل احتمالاً عقلائياً عروض ما يوجب تبدل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة، أو المرور بالوطن أتم صلاته، و إن لم يعرض ما احتمل عروضه.

الرابع : أن يكون السفر مباحا، فإذا كان حراماً لم يقصر سواء أ كان حراماً لنفسه، كإباق العبد، أم لغايته، كالسفر لقتل النفس المحترمة، أم للسرقة، أم للزنا أم لإعانة الظالم، و نحو ذلك، ويلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب، كما إذا كان مديوناً و سافر مع مطالبة الدائن، وإمكان الأداء في الحضر دون السفر، فإنه يجب فيه التمام، إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب، أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثناءه، كالغيبة

ص: 239

و شرب الخمر و ترك الصلاة ونحو ذلك، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر.

(مسألة 901): إذا كان السفر مباحاً، ولكن ركب دابة مغصوبة او مشى في ارض مغصوبة، ففي وجوب التمام او القصر وجهان، أظهرهما القصر، نعم اذا سافر على دابة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتم.

(مسألة 902): إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً - و في الأثناء قصد المعصية - أتم حينئذ، و أما ما صلاه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته اذا كان قد قطع مسافة والا فالاحوط - وجوباً - الاعادة في الوقت وخارجه، و إذا رجع إلى قصد الطاعة فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة وشرع في السير قصر، والا اتم صلاته. نعم اذا شرع في الاياب - وكان مسافة - قصر.

(مسألة 903): إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح، فان كان الباقي مسافة - ولو ملفقة من أربعة ذهاباً واربعة إياباً - قصر والا اتم.

(مسألة 904): الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان الرجوع مسافة و ان لم يكن تائباً.

(مسألة 905): إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة والمعصية أتم صلاته، إلا إذا كانت المعصية تابعاً غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر فإنه يقصر.

(مسألة 906): إذا سافر للصيد - لهواً - كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه، وقصر في إيابه إذا كان وحده مسافة، أما إذا كان الصيد لقوته و قوت عياله قصر، وكذلك إذا كان للتجارة، على الأظهر، و لا فرق في ذلك بين صيد البر و البحر.

ص: 240

(مسألة 907): التابع للجائر، إذا كان مكرهاً، أو بقصد غرض صحيح، كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر، و إلا فإن كان على وجه يعد من أتباعه و أعوانه في جوره يتم، و إن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر.

(مسألة 908): إذا شك في كون السفر معصية أو لا، مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة فيقصر، إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة، أو كان هناك أصل موضوعي كما اذا كانت الحلية مشروطة بامر وجودي كأذن الولي بحيث يحرز به الحرمة فلا يقصر.

(مسألة 909): إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار، و إن كان الباقي مسافة وقد شرع فيه، ولا يفطر بمجرد العدول من دون الشروع في قطع الباقي مما هو مسافة، وان كان العدول بعد الزوال، وكان في شهر رمضان فالاحوط - وجوباً - ان يتمه، ثم يقضيه، و لو انعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء، و عدل إلى المعصية في الأثناء وكان العدول بعد المسافة فان لم يأت بالمفطر وكان قبل الزوال فالاحوط - وجوباً - ان يصوم ثم يقضيه. وان كان قبلها فعليه ان يتم صومه وان كان بعد الزوال، ثم يقضيه على الاحوط. نعم لو كان ذلك بعد فعل المفطر وجب عليه أمساك بقية النهار تأدباً والقضاء.

الخامس : أن لا يتخذ السفر عملاً له كالمكاري، و الملاح و الساعي، والراعي، والتاجر الذي يدور في تجارته، و غيرهم ممن عمله السفر الى المسافة فما زاد، فان هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم، وان استعملوه لانفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان الى آخر وكما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة، كذلك العامل الذي يدور في عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود، و البناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع، والحداد الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات و

ص: 241

إصلاحها، والنقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى، و أمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد و القرى و الرساتيق للاشتغال و الأعمال، مع صدق الدوران في حقهم، لكون مدة الإقامة للعمل قليلة، و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها إلى البلد، فإنهم يتمون الصلاة، ويلحق بمن عمله السفر أو يدور في عمله من كان عمله في مكان معين يسافر اليه في أكثر ايامه كمن كانت اقامته في مكان تجارته أو طبابته او تدريسه أو دراسته في مكان آخر، والحاصل أن العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملاً أو كون عمله في السفر، وكان السفر مقدمة له.

(مسألة 910): إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصر إن اتفق له السفر إلى المسافة، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معينة كالمكاري من النجف إلى كربلاء، فاتفق له كري دوابه إلى غيرها فإنه يتم حينئذ.

(مسألة 911): لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر منه ثلاث مرات، بل يكفي كون السفر عملاً له ولو في المرة الاولى، وان كان احوط.

(مسألة 912): إذا سافر من عمله السفر سفراً ليس من عمله و لا متعلقاً به - كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج - وجب عليه القصر، و مثله ما إذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع إلى أهله فإنه يقصر في سفر الرجوع، و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع إلى أهله، نعم إذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فإنه يتم في رجوعه، فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله، أو متعلق بعمله.

(مسألة 913): إذا اتخذ السفر عملاً له في شهور معينة من السنة أو فصل معين منها، كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر

ص: 242

في فصل الصيف جرى عليه الحكم، و أتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة، أما في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتفق له السفر.

(مسألة 914): الحملدارية الذين يسافرون إلى مكة في أيام الحج في كل سنة، و يقيمون في بلادهم بقية أيام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم، فالأحوط لزوماً لهم الجمع بين القصر و التمام، بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلاً، كما هو الغالب في من يسافر جواً في عصرنا الحاضر.

(مسألة 915): الظاهر ان عملية السفر تتوقف على العزم على المزاولة له مرة بعد أخرى على نحو لا يكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ ذلك السفر عملاً له، فسفر بعض كسبة النجف الى بغداد، أو غيرها لبيع الاجناس التجارية او شرائها والرجوع الى البلد ثم السفر ثانياً وربما يتفق ذلك لهم في الاسبوع مرة أو في الشهر مرة، كل ذلك لايوجب كون السفر عملاً لهم، لان الفترة المذكورة غير معتادة في مثل السفر من النجف الى كربلاء أو بغداد اذا اتخذ عملاً ومهنة، وتختلف الفترة طولاً و قصراً باختلاف انحاء السفر من حيث قرب المقصد وبعده فان الفترة المعتادة في بعيد المقصد أطول منها في قريبه، فالذي يكري سيارته في كل شهر مرة من النجف إلى خراسان وربما يصدق أن عمله السفر، و الذي يسوق سيارته في كل ليلة جمعة من النجف إلى كربلاء لا يصدق ان عمله السفر، فذلك الاختلاف ناشئ من اختلاف أنواع السفر، والمدار العزم على توالي السفر من دون فترة معتد بها ويحصل ذلك فيما إذا كان عازماً على السفر في كل يوم والرجوع الى اهله، او يحضر يوماً ويسافر يوماً، أو يحضر يومين ويسافر يومين، او يحضر ثلاثة أيام ويسافرثلاثة أيام سفراً واحداً، أو يحضر أربعة ايام ويسافر ثلاثة واذا كان يحضر خمسة ويسافر يومين كالخميس والجمعة فالاحوط له لزوماً الجمع بين القصر والتمام.

ص: 243

(مسألة 916): إذا لم يتخذ السفر عملاً و حرفة له ولكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة - مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه أو لعلاج مرض، أو لزيارة إمام، أو نحو ذلك، مما لايكون فيه السفر عملاً له، ولا مقدمة لعمله يجب فيه القصر.

(مسألة 917): إذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الاولى دون الثانية فضلاً عن الثالثة، وكذا اذا أقام في غير بلده عشرة منوية، اما غير المكاري ففي الحاقه بالمكاري اشكال وان كان الاظهر جواز اقتصاره على التمام.

السادس : أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لامسكن لهم معين في الارض، بل يتبعون العشب والماء أينما كانا ومعهم بيوتهم، فان هؤلاء يتمون صلاتهم وتكون بيوتهم بمنزلة الوطن. نعم اذا سافر احدهم من بيته لمقصد آخر كحج أو ز يارة أو لشراء ما يحتاج من قوت او حيوان او نحو ذلك قصر، واما اذا خرج لاختيار المنزل او موضع العشب والماء فالاحوط الجمع، اما اذا سافر لهذه الغايات ومعه بيته أتم.

(مسألة 918): السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطناً منها يتم، و كذا إذا كان له وطن و خرج معرضاً عنه و لم يتخذ وطناً آخر إذا لم يكن بانياً على اتخاذ الوطن، و إلا وجب عليه القصر.

السابع : أن يصل إلى حد الترخص، و هو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أهل البيوت، و علامة ذلك أنه لا يرى أهل بلده، او المكان الذي يخفى فيه صوت الاذان بحيث لايسمع، ويكفي احدهما مع الجهل بحصول الآخر، اما مع العلم بعدم الآخر فالاحوط الجمع بين القصر والتمام، أو يؤخر الصلاة الى ان يتحقق الآخر، ولا يلحق محل الاقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً بالوطن، فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر، وان كان

ص: 244

الاحوط فيهما - استحباباً - الجمع بين القصر والتمام فيما بين البلد وحد الترخّص.

(مسألة 919): المدار في السماع على المتعارف من حيث أذن السامع والصوت المسموع وموانع السمع، الخارج عن المتعارف يرجع اليه، وكذلك الحال في الرؤية.

(مسألة 920): كما لايجوز التقصير فيما بين البلد الى حدّ الترخص في ابتداء السفر، كذلك لايجوز التقصير عند الرجوع الى البلد، فانه اذا تجاوز حدّ الترخص الى البلد وجب عليه التمام.

(مسألة 921): اذا شك في الوصول إلى الحد بنى على عدمه فيبقى على التمام في الذهاب، وعلى القصر في الاياب.

(مسألة 922): يعتبر كون الاذان في أخر البلد في ناحية المسافر اذا كان البلد كبيراً، كما انه يعتبر كون الاذان على مرتفع معتاد في اذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلو.

(مسألة 923): اذا اعتقد الوصول الى الحدّ فصلى قصراً، ثم بان انه لم يصل بطلت ووجبت الاعادة قبل الوصول اليه تماماً، وبعده قصراً فان لم يعد وجب عليه القضاء، وكذا في العود اذا صلى تماماً باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة قبل الوصول اليه قصراً وبعده تماما فان لم يعد وجب القضاء.

الفصل الثاني: قواطع السفر

وهي أمور :الأول : الوطن، والمراد به المكان الذي يتخذه الانسان مقراً له على الدوام لو خلى ونفسه، بحيث اذا لم يعرض ما يقتضيه الخروج منه لم يخرج،

ص: 245

سواء اكان مسقط رأسه أم استجده، ولا يعتبر فيه ان يكون له فيه ملك،ولا أن يكون قد أقام فيه ستة اشهر.

(مسألة 924): يجوز أن يكون للإنسان وطنان بان يكون له منزلان في مكانين كل واحد منهما على الوصف المتقدم، فيقيم في كل سنة بعضاً منها في هذا وبعضهاً الآخر في الآخر، وكذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين.

(مسألة 925): الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن، بل لابد من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفاً أن البلد وطنه.

(مسألة 926): الظاهر جريان أحكام الوطن على الوطن الشرعي و هو المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلاً قد استوطنه ستة أشهر، بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد و نية فيتم الصلاة فيه كلما دخله اذا لم يعرض عنه.

(مسألة 927): يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعاً، كما في الزوجة و العبد والأولاد.

(مسألة 928): اذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما اتخذه وطناً أصلياً كان أو مستجداً، ففي بقاء الحكم إشكال، والاظهر البقاء.

(مسألة 929): الظاهر أنه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبداً فلو قصد الاقامة في مكان مدة طويلة وجعله مقراً له - كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء و طرهم - لم يكن ذلك المكان وطناً له، نعم هو بحكم الوطن يتم صلاته فيه، فاذا رجع اليه من سفر الزيارة - مثلاً - أتم والاحوط بعد الرجوع قصد الاقامة عشرة ايام، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منها إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقية، فلو كانت أقل وجب التمام، و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر.

ص: 246

تنبيه : إذا كان وطنه النجف مثلاً، و كان له محل عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلاً، فإنه لا يصدق عليه عرفاً - و هو في محله - أنه مسافر، فإذا خرج من النجف قاصداً محل العمل و بعد الظهر - مثلاً - يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حد الترخص منه يقصر، و إذا رجع من بغداد إلى النجف و وصل إلى محل عمله أتم، و كذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عملفي بغداد و خرجوا منها إليه لعملهم ثم السفر إلى كربلاء مثلاً، فإنهم يتمون فيه الصلاة ذهاباً و إياباً إذا مروا فيه.

الثاني : العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد، أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه و إن لم يكن باختياره، و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الأولى و الأخيرة، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أول يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام، و الظاهر أن مبدأ اليوم طلوع الشمس، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس فيكفي في وجوب التمام نيتها الى غروب اليوم العاشر

(مسألة 930): يشترط وحدة محل الإقامة، فإذا قصد الإقامة عشرة أيام في النجف الأشرف و مسجد الكوفة مثلاً بقي على القصر، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه و مزارعه و مقبرته و مائه و نحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الإقامة فيها. نعم يجوز الخروج الى ما دون المسافة بحيث يصدق عليه انه مقيم بشرط ان لايبقى أكثر من ساعات فضلاً عما زاد عليه إلى ما دون المسافة - كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة - فالاحوط الجمع - حينئذ - مع الامكان، وإن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام وعدم منفاة الخروج المذكور للاقامة، اذا كان زمان الخروج قليلاً.

ص: 247

(مسألة 931): إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك، وجب القصر و إن اتفق حصوله بعد عشرة أيام، و كذا إذا نوى الإقامة إلى يوم الجمعة الثانية - مثلا - و كان عشرة أيام كفى في صدق الاقامة ووجوب التمام، وأما في كل مقام يكون فيه الزمان محدوداً بحد معلوم، وان لم يعلم انه يبلغ عشرة ايام لتردد زمان النية بين سابق ولاحق، ففيه اشكال، وأما اذا كان التردد لاجل الجهل بالاخر كما اذا نوى المسافر الاقامة من اليوم الواحد والعشرين الى آخر الشهر وتردد الشهر بين الناقص والتام ,وجب فيه القصر وإن انكشف كمال الشهر بعد ذلك.

(مسألة 932): تجوز الإقامة في البرية، و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة، إلا إذا كان زمان الخروج قليلاً، كما تقدم.

(مسألة 933): إذا عدل المقيم عشرة ايام عن قصد الإقامة، فإن كان قد صلى فريضة تماماً بقي على الإتمام إلى أن يسافر، و إلا رجع إلى القصر، سواء لم يصل أصلاً أم صلى مثل الصبح و المغرب، أو شرع في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة، و سواء أ فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم، أو لم يفعل.

(مسألة 934): إذا صلى بعد نية الإقامة فريضة تماماً نسياناً او لشرف البقعة غافلاً عن نيته كفى في البقاء على التمام ولكن اذا فاتته الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها خارج الوقت تماماً، ثم عدل عنها رجع الى القصر.

(مسألة 935): إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر و إن لم يصل في مدة الإقامة فريضة تماماً.

ص: 248

(مسألة 936): لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفاً، فلو نوى الإقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام و قبل البلوغ أيضاً يصلي تماماً، و إذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكناً، أو نواها حال الإفاقة ثم جن يصلي تماماً بعد الإفاقة في بقية العشرة، و كذا إذا كانت حائضاً حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الظهر من العشرة تماماً، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً.

(مسألة 937): إذا صلى تماماً، ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر، و إذا صلى الظهر قصراً ثم نوى الإقامة فصلى العصر تماماً ثم تبين له بطلان إحدى الصلاتين فإنه يرجع إلى القصر، و يرتفع حكم الإقامة، و إذا صلى بنية التمام، و بعد السلام شك في أنه سلم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة، و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب، وقبل فعل المستحب منه، أو قبل الإتيان بسجود السهو، و لا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسية.

(مسألة 938): إذا استقرت الإقامة و لو بالصلاة تماماً، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة، فإن كان ناوياً للإقامة في المقصد، أو في محل الإقامة، أو في غيرهما بقي على التمام، حتى يسافر من محل الإقامة الثانية، و إن كان ناوياً الرجوع إلى محل الإقامة و السفر منه قبل العشرة أتم في الذهاب و المقصد، و أما في الإياب و محل الإقامة فالأحوط الجمع بين القصر و التمام فيهما. و إن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام حتى يسافر من محل الإقامة. نعم إذا كان ناوياً السفر من مقصده و كان رجوعه إلى محل إقامته من جهة وقوعه في طريقه قصّر في إيابه و محل إقامته أيضاً.

ص: 249

(مسألة 939): إذا دخل في الصلاة بنية القصر، فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً، و إذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصراً، و إن كان بعده بطلت.

(مسألة 940): إذا عدل عن نية الإقامة، و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام، أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر.

(مسألة 941): إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، وعدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماماً بقي على صومه واجزأ، وأما الصلاة فيجب فيها القصر، كما سبق.

الثالث : أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة عشرة أيام، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقل أم بقي متردداً فإنه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين، وبعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً.

(مسألة 942): المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر و إن بلغت المدة ثلاثين يوماً.

(مسألة 943): إذا خرج المقيم المتردد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج إليه، فيجري فيه ما ذكرناه فيه.

(مسألة 944): إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوماً، ثم انتقل إلى مكان آخر، و أقام فيه - متردداً - تسعة و عشرين، و هكذا بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردداً.

(مسألة 945): يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا، كما تقدم في الإقامة.

ص: 250

(مسألة 946): في كفاية الشهر الهلالي إشكال، بل الأظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوماً.

الفصل الثالث: في أحكام المسافر
اشارة

(مسألة 947): تسقط النوافل النهارية في السفر، و في سقوط الوتيرة إشكال ولا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبية، و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة، كما سيأتي، و إذا صلاها تماماً، فإن كان عالماً بالحكم بطلت، و وجبت الإعادة أو القضاء، و إن كان جاهلاً بالحكم من أصله - بأن لم يعلم وجوب القصر على المسافر - لم تجب الإعادة، فضلاً عن القضاء، و إن كان عالماً بأصل الحكم، و جاهلاً ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر، مثل انقطاع عملية السفر بإقامة عشرة في البلد، و مثل أن العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة و نحو ذلك، أو كان جاهلاً بالموضوع، بأن لا يعلم أن ما قصده مسافة - مثلاً - فأتم فتبين له أنه مسافة، أو كان ناسياً للسفر أو ناسياً أن حكم المسافر القصر فأتم، فإن علم أو تذكر في الوقت أعاد، و إن علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالاحوط القضاء.

(مسألة 948): الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم و يصح مع الجهل، سواء أكان الجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيات أم كان بالموضوع.

(مسألة 949): إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد الا في المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأن حكمه التمام فان الاظهر فيه الصحة.

(مسألة 950): إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماماً و لم يصل، ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص و الوقت باق، صلى قصراً و إذا

ص: 251

دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكن من الصلاة قصراً و لم يصل حتى وصل إلى وطنه، أو محل إقامته صلى تماماً، فالمدار على زمان الأداء لا زمان تعلّق الوجوب.

(مسألة 951): إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماماً و لو في السفر، و إذا فاتته في السفر قضى قصراً و لو في الحضر، و إذا كان في أول الوقت حاضراً و في آخره مسافراً أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت، فيقضي في الأول قصرا، و في العكس تماماً

(مسألة 952): يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة، وهي : المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين(عليه السلام)، والتمام افضل، والقصر أحوط، والظاهر الحاق تمام بلدتي مكة والمدينة، بالمسجدين دون الكوفة وكربلا، وفي تحديد الحرم الشريف إشكال، والظاهر جواز الاتمام في تمام الروضة المقدسة دون الرواق والصحن الشريف.

(مسألة 953): لا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها، كبيت الطشت في مسجد الكوفة.

(مسألة 954): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور، فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.

(مسألة 955): التخيير المذكور استمراري، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام، و بالعكس.

(مسألة 956): لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة.

ص: 252

(مسألة 957): يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة : (( سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر )).

(مسألة 958): يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء.

خاتمة في بعض الصلوات المستحبة
صلاة العيدين

منها : صلاة العيدين، و هي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط، و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادى، و لا يعتبر فيها العدد و لا تباعد الجماعتين، و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة. و كيفيتها : ركعتان يقرأ في كل منهما الحمد و سورة، و الأفضل أن يقرأ في الأولى (( و الشمس )) و في الثانية (( الغاشية )) أو في الأولى ( الأعلى ) و في الثانية (( و الشمس ) ثم يكبر في الأولى خمس تكبيرات، و يقنت عقيب كل تكبيرة. وفي الثانية يكبر بعد القراءة اربعا، ويقنت بعد كل واحدة على الاحوط في التكبيرات والقنوتات، و يجزي في القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات، و الأفضل أن يدعو بالمأثور، فيقول في كل واحد منها : ( اللهم أهل الكبرياء و العظمة، و أهل الجود و الجبروت، و أهل العفو و الرحمة، و أهل التقوى و المغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم ذخراً و مزيداً، أن تصلي على محمد و آل محمد، كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، و صل على ملائكتك و رسلك، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون و أعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون )، و يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة، و لا يجب الحضور عندهما، و لا الإصغاء، ويجوز تركهما في زمان الغيبة وإن كانت الصلاة جماعة.

ص: 253

(مسألة 959): لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة.

(مسألة 960): إذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال، و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها، و لزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت، و الاولى سجود السهو عند تحقق موجبه.

(مسألة 961): إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتى به، و إن كان بعد تجاوز المحل مضى.

(مسألة 962): ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة، بل يستحب أن يقول المؤذن : الصلاة - ثلاثاً -.

(مسألة 963): وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، و الأظهر سقوط قضائها لو فاتت، و يستحب الغسل قبلها، و الجهر فيها بالقراءة، إماماً كان أو منفرداً، و رفع اليدين حال التكبيرات، و السجود على الأرض، و الإصحار بها إلا في مكة المعظمة فإن الإتيان بها في المسجد الحرام أفضل، و أن يخرج إليها راجلاً حافياً لابساً عمامة بيضاء مشمراً ثوبه إلى ساقه، و أن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر، و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به إن كان.

ومنها : صلاة ليلة الدفن، و تسمى صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي و الأحوط قراءتها إلى : (هم فيها خالدون ) و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، و بعد السلام يقول : (( اللهم صل على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان )) و يسمي الميت، و في رواية بعد الحمد في الأولى التوحيد مرتين، و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشراً، ثم الدعاء المذكور، و الجمع بين الكيفيتين أولى و أفضل.

ص: 254

(مسألة 964): لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إن كان الأولى ترك الاستئجار و دفع المال إلى المصلي، على نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه، إلا إذا صلى.

(مسألة 965): إذا صلى و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف فهي لا تجزئ عن صلاة ليلة الدفن و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصلياً إذا لم تكن الصلاة تامة.

(مسألة 966): وقتها الليلة الأولى من الدفن فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن، و يجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل، و إن كان التعجيل أولى.

(مسألة 967): إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه، فإن لم يعرفه و لم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك، واذا علم من القرائن انه لو استأذن المالك لأذن له في التصرف في الماللم يكف ذلك في جواز التصرف فيه بمثل البيع والهبة ونحوهما، وان جاز بمثل اداء الدين والاكل والشرب ونحوهما.

و منها : صلاة أول يوم من كل شهر، و هي : ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة، و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة، ثم يتصدق بما تيسر، يشتري بذلك سلامة الشهر ويستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي : (بسم الله الرحمن الرحيم، و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين، بسم الله الرحمن الرحيم، و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير، بسم الله الرحمن الرحيم، سيجعل الله بعد عسر يسرا، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، حسبنا الله و نعم الوكيل، و أفوض أمري إلى الله إن

ص: 255

الله بصير بالعباد، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير، رب لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين ).

(مسألة 968): يجوز إتيان هذه الصلاة في تمام النهار.

و منها : صلاة الغفيلة، و هي : ركعتان بين المغرب و العشاء، يقرأ في الأولى بعد الحمد : (و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين) و في الثانية بعد الحمد : (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو و يعلم ما في البر و البحر و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها و لا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب و لا يابس إلا في كتاب مبين ) ثم يرفع يديه و يقول : (( اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا )) و يذكر حاجته، ثم يقول : (( اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها أو((إلا قضيتها لي )) ثم يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء الله تعالى، و قد ورد أنها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة.

(مسألة 969): يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب فيكون ذلك من تداخل المستحبين.

ومنها : الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة، و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور، و الأولى الإتيان بها على هذا الترتيب : الفلق - أولاً - ثم الناس، ثم التوحيد، ثم الكافرون، ثم النصر، ثم الأعلى، ثم القدر. و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلباً للاختصار.

و الحمد لله ربنا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

ص: 256

كتاب الصوم

الفصل الأول: في النية

تقدم في النيابة في الصلاة، كما أن فعله عن نفسه يتوقف على امتثال الامر المتوجه اليه بالصوم عن نفسه، ويكفي في المقامين القصد الاجمالي.

(مسألة 973 ): لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فاذا قصد الصوم عن المفطرات - اجمالاً - كفى.

(مسألة 974 ): لا يقع في شهر رمضان صوم غيره على اشكال - فإن نوى غيره بطل الا ان يكون جاهلاً به أو ناسياً له، فيجزيء عن رمضان - حينئذ - لا عن مانواه.

(مسألة 975 ): يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو إجمالاً. فاذا نوى الصوم المشروع في غد وكان من رمضان أجزء عنه، اما اذا قصد صوم غد دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز، وكذا الحكم في سائر انواع الصوم من النذر او الكفارة أو القضاء فما لم يقصد المعين لايصح، نعم اذا قصد ما في ذمته وكان واحداً اجزأ عنه، ويكفي في صحة الصوم المندوب المطلق نية صوم غد قربة الى الله تعالى اذا لم يكن عليه صوم واجب، ولو كان غد من ايام البيض مثلاً، فان قصد الطبيعة الخاصة صح المندوب الخاص والا صح مندوباً مطلقاً.

(مسألة 976 ): وقت النية في الواجب المعين - و لو بالعارض - عند طلوع الفجر الصادق بحيث يحدث الصوم حينئذ مقارناً للنية، وفي الواجب غير المعين يمتد وقتها الى الزوال وان تضيق وقته، فاذا أصبح ناوياً للإفطار و بدا له قبل

ص: 257

الزوال أن يصوم واجباً فنوى الصوم أجزأه، و إن كان ذلك بعد الزوال لم يجز، و في المندوب يمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يمكن فيه تجديد النية.

(مسألة 977): يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر، والظاهر كفاية ذلك في غيره ان كان. والاحوط ان ينوي كل يوم أيضاً كصوم الكفارة و نحوها.

(مسألة 978): إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع، أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطراً فالأظهر الاجتزاء بتجديد نيته اذا تذكر، أو علم قبل الزوال، والاحتياط بتجديد النية والقضاء لايترك.

(مسألة 979): إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان، و إذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية، و إن صامه بنية رمضان بطل، وأما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه - إما الوجوبي أو الندبي - فالظاهر الصحة، و إن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً، و إن كان من رمضان كان وجوباً فالظاهر البطلان. و إذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه منرمضان قبل تناول المفطر فإن كان قبل الزوال فالاحوط تجديد النية ثم القضاء، وان كان بعده أمسك وجوباً وعليه قضاؤه.

(مسألة 980): تجب استدامة النية إلى آخر النهار، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل، وكذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته، و إذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة، هذا في الواجب المعين، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شئ من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال.

(مسألة 981): لا يصح العدول من صوم إلى صوم اذا فات وقت نية المعدول إليه والا صح على إشكال.

ص: 258

الفصل الثاني: المفطرات

وهي أمور :

(الأول، و الثاني) : الأكل و الشرب مطلقاً، و لو كانا قليلين، أو غير معتادين.

الثالث : الجماع قبلاً و دبراً، اذا كان دخوله بمقدار الختان، فاعلاً و مفعولا به، حياً و ميتاً، حتى البهيمة على الأحوط وجوباً، ولو قصد الجماع و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة بطل صومه و لكن لم تجب الكفارة عليه. ولا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ - مثلاً - فدخل في أحد الفرجين من غير قصد.

الرابع : الكذب على الله تعالى، أو على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو على الأئمة عليهم السلام على الأحوط، بل الأحوط إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام بهم، من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي، و إذا قصد الصدق فكان كذباً فلا بأس، وإن قصد الكذب فكان صدقاً كان من قصد المفطر، و قد تقدم البطلان به مع العلم بمفطريته.

(مسألة 982): إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجهاً له إلى من لا يفهم ففي بطلان صومه إشكال، والاحتياط لايترك.

الخامس : رمس تمام الرأس في الماء، من دون فرق بين الدفعة والتدريج، و لا يقدح رمس أجزائه على التعاقب و إن استغرقه، و كذا إذا ارتمس و قد أدخل رأسه في زجاجة و نحوها كما يصنعه الغواصون.

(مسألة 983): في إلحاق المضاف بالماء إشكال، و الأظهر عدم الإلحاق.

ص: 259

(مسألة 984): اذا ارتمس الصائم عمدأً ناوياً للاغتسال فان كان ناسياً لصومه صح صومه وغسله، واما اذا كان ذاكراً فان كان في شهر رمضان بطل غسله وصومه، وكذلك الحكم في قضاء شهر رمضان بعد الزوال على الاحوط، واما في الواجب المعين غير شهر رمضان فيبطل صومه بنية الارتماس. والظاهر صحة غسله الا ان الاحتياط لاينبغي تركه، واما في غير ذلك من الصوم الواجب او المستحب فلا ينبغي الاشكال في صحة غسله وان بطل صومه.السادس : ايصال الغبار الغليظ منه وغير الغليظ الى جوفه عمداً على الاحوط. نعم ما يتعسر التحرز عنه فلا باس به، والاحوط وجوباً الحاق الدخان بالغبار.

السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه، والواجب المعيّن على الاظهر، أما غيرهم من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك.

(مسألة 985): الأقوى عدم البطلان بالإصباح جنباً لا عن عمد في صوم رمضان و غيره من الصوم الا قضاء رمضان فلا يصح معه، وان تضيق وقته.

(مسألة 986): لا يبطل الصوم - واجباً أو مندوباً، معيناً أو غيره - بالاحتلام في أثناء النهار، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت - عمداً - حتى يطلع الفجر.

(مسألة 987): إذا أجنب - عمداً ليلاً - في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتاً إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم والصوم، و الأحوط استحباباً قضاؤه، و إن ترك التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة.

ص: 260

(مسألة 988): إذا نسي غسل الجنابة - ليلاً - حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه، وعليه القضاء، دون غيره من الواجب المعين وغيره، و إن كان أحوط استحباباً، والأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة، و إن كان الإلحاق أحوط استحباباً.

(مسألة 989): إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض ونحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر، فإن تركه بطل صومه، و إن تيمم لم يجب عليه أن يبقى مستيقظاً إلى أن يطلع الفجر، على الأحوط.

(مسألة 990): إذا ظن سعة الوقت للغسل فأجنب، فبان الخلاف فلا شئ عليه مع المراعاة، أما بدونها فالاحوط القضاء

(مسألة 991): حدث الحيض والنفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان دون غيره، و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها.

(مسألة 992): المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح، و كذا للظهرين و لليلة الماضية، على الاحوط، فاذا تركت إحداها بطل صومها، ولايجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي لصلاة الصبح الا مع وصلها به، واذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجز به للصبح، ولو مع عدم الفصل المعتد به، على الاحوط الوجوبي.

(مسألة 993): إذا أجنب في شهر رمضان - ليلاً - و نام حتى أصبح فإن نام ناوياً لترك الغسل، أو متردداً فيه لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة، وإن نام ناوياً للغسل، فإن كان في النومة الأولى صح صومه وإن كان في النومة الثانية - بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق ونام ثانياً حتى أصبح - وجب عليه القضاء، دون الكفارة، على الأقوى، و إذا كان بعد النومة الثالثة، فالأحوط - استحباباً -

ص: 261

الكفارة أيضا،ً و كذلك في النومين الأولين إذا لم يكن معتاد الانتباه. و إذا نام عن ذهول و غفلة فالأظهر وجوب القضاء مطلقاً والأحوط الأولى الكفارة أيضاً في الثالث.

(مسألة 994): يجوز النوم الأول والثاني مع إحتمال الاستيقاظ وكونه معتاد الانتباه، والاحوط - وجوباً - تركه اذا لم يكن معتاد الانتباه، اما النوم الثالث فالاولى تركه مطلقاً.

(مسألة 995): إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه، و يجوز له الاستبراء بالبول، و إن علم ببقاء شئ من المني في المجرى، و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط تأخيره إلى ما بعد المغرب.

(مسألة 996): لايعد النوم الذي احتلم فيه ليلاً من النوم الأول بل اذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الاول.

(مسألة 997): الأقوى عدم إلحاق الحائض والنفساء بالجنب، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و إن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث.

الثامن : إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك وعدم الوثوق بعدم نزوله، و أما إذا كان واثقاً بالعدم فنزل اتفاقاً، أو سبقه المني بلا فعل شئ لم يبطل صومه.

التاسع : الاحتقان بالمائع، و لا بأس بالجامد، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلاً أو شرباً، كما إذا صب دواءً في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه، و كذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه و غير ذلك، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق، كما يحكى عن بعض أهل زماننا فلا يبعد صدق

ص: 262

الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف، و أما إدخال الدواء بالإبرة في اليد او الفخذ أو نحوهما من الاعضاء فلا بأس به وان كان الاحوط الاجتناب اذا كانت الابرة مغذية وكذا تقطير الدواء في العين أو الإذن.

(مسألة 998): لايجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم على الاحوط، أما اذا لم يصل الى فضاء الفم فلا بأس بهما

(مسألة 999): لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيراً و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلاً.

العاشر : تعمد القئ و إن كان لضرورة من علاج مرض و نحوه و لا بأس بما كان بلا اختيار.

(مسألة 1000): إذا خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلاً، و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه - اختياراً - بطل صومه و عليه الكفارة، على الأحوط.

(مسألة 1001): إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا اراد القيئ نهاراً، والا فلا يبطل صومه على الاظهر من غير فرق في ذلك بين الواجب المعين وغير المعين، كما انه لافرق بين ما اذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقيء وعدم الانحصار به.

(مسألة 1002): ليس من المفطرات مص الخاتم، و مضغ الطعام للصبي، و ذوق المرق و نحوها مما لا يتعدى إلى الحلق، أو تعدى من غير قصد، أو نسياناً للصوم، أما ما يتعدى - عمداً - فمبطل و إن قل، ومنه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار - على ما قيل - و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له

ص: 263

طعماً في ريقه، ما لم يكن لتفتت أجزائه، و لا بمص لسان الزوج و الزوجة، و الأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة.

(مسألة 1003): يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الإنزال، و إن قصد الإنزال كان من قصد المفطر، و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك، و كذا دخول الحمام إذا خشي الضعف، و إخراج الدم المضعف، و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، و شم كل نبت طيب الريح، و بلّ الثوب على الجسد، و جلوس المرأة في الماء، و الحقنة بالجامد، و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم، و السواك بالعود الرطب، و المضمضة عبثاً، و إنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة ( عليهم السلام ) و مدائحهم. و في الخبر : (إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، و غضوا أبصاركم، و لا تنازعوا، و لا تحاسدوا و لا تغتابوا، و لا تماروا، و لا تكذبوا، و لا تباشروا، و لا تخالفوا، و لا تغضبوا، و لا تسابوا، و لا تشاتموا، و لا تنابزوا، و لا تجادلوا، و لا تباذوا، و لا تظلموا، و لا تسافهوا، و لا تزاجروا، و لا تغفلوا عن ذكر الله تعالى ) الحديث طويل.

تتميم

المفطرات المذكورة إنما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد، ولا فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، والظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر والمقصر بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتى مع الاعتقاد بانه حلال وليس بمفطر. نعم اذا وقعت على غير وجه العمد كما اذا اعتقد ان المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين انه ماء، أو اخبر عن الله ما يعتقد انه صدق فتبين كذبه لم يبطل صومه. وكذلك لا يبطل الصوم اذا كان ناسياً للصوم فاستعمل المفطر، او دخل في جوفه شيء قهراً بدون اختياره.

ص: 264

(مسألة 1004): إذا أفطر مكرهاً بطل صومه، و كذا إذا كان لتقية سواء أكانت التقية في ترك الصوم - كما إذا أفطر في عيدهم تقية - أم كانت في أداء الصوم كالإفطار قبل الغروب، والارتماس في نهار الصوم فانه يجب الافطار - حينئذ - ولكن يجب القضاء.

(مسألة 1005): إذا غلب على الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه، أو كان حرجاً جاز أن يشرب بمقدار الضرورة، و يفسد بذلك صومه، و يجب عليهالإمساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الاظهر، وأما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب.

الفصل الثالث: كفارة الصوم

تجب الكفارة بتعمد شيء من المفطرات اذا كان الصوم مما تجب فيه الكفارة كشهر رمضان وقضائه بعد الزوال، والصوم المنذور المعين، و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالماً بكون ما يرتكبه مفطراً، و أما اذا كان جاهلاً به فلا تجب الكفارة، حتى اذا كان مقصراً ولم يكن معذوراً لجهله، نعم اذا كان عالماً بحرمة ما يرتكبه، كالكذب على الله سبحانه وجبت الكفارة أيضاً، وان كان جاهلاً بمفطريته.

(مسألة 1006): كفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد وهو يساوي ثلاثة ارباع الكيلو تقريباً. و كفارة إفطار قضاء شهر رمضان - بعد الزوال - إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام، و كفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، لكل واحد مد، أو كسوة عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

ص: 265

(مسألة 1007): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين، لا في يوم واحد الا في الجماع و الاستمناء، فإنها تتكرر بتكررهما على الاحوط الوجوبي، و من عجز عن الخصال الثلاث والاحوط ان يتصدق بما يطيق ويظم اليه الاستغفار ويلزم التكفير عند التمكن، على الأحوط وجوباً.

(مسألة 1008): يجب في الإفطار على الحرام الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة على الاحوط.

(مسألة 1009): إذا أكره زوجته على الجماع في صوم شهر رمضان فالأحوط أن عليه كفارتين، و تعزيرين خمسين سوطاً، فيتحمل عنها الكفارة والتعزير، ولا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة، ولا تلحق بها الامة، كما لا تلحق بالزوج الزوجة إذا أكرهت زوجها على ذلك

(مسألة 1010): إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم، و تردد بين ما يوجب القضاء فقط، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه. و إذا علم أنه أفطر أياماً و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم، و إذا شك في أنه أفطر بالمحلل او المحرم كفاه إحدى الخصال. واذا شك في ان اليوم الذي افطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة، و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1011): إذا أفطر عمداً ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة

(مسألة 1012): إذا كان الزوج مفطراً لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة، و إن كان آثماً بذلك، و لا تجب الكفارة عليها.

(مسألة 1013): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوماً كانت أو غيره، و في جوازه عن الحي إشكال.

ص: 266

(مسألة 1014): وجوب الكفارة موسع، و لكن لا يجوز التأخير إلى حد يعد توانياً وتسامحاً في أداء الواجب.

(مسألة 1015): مصرف كفارة الإطعام، الفقراء إما بإشباعهم، و إما بالتسليم إليهم، كل واحد مد، و الأحوط مدان، و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمى طعاماً، نعم الأحوط في كفارة اليمين الاقتصار على الحنطة و دقيقها وخبزها.

(مسألة 1016): لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو إعطاؤه مدين أو أكثر، بل لابد من ستين نفساً.

(مسألة 1017): إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان ولياً عليهم، أو وكيلاً عنهم في القبض، فإذا قبض شيئاً من ذلك كان ملكاً لهم، و لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم إذا كانوا كباراً، و إن كانوا صغاراً صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.

(مسألة 1018): زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلاً لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة، و لا يجوز إعطاؤها من الكفارة إلا إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه.

(مسألة 1019): تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين، و لا تتوقف البراءة على أكله الطعام، فيجوز له بيعه عليه و على غيره.

(مسألة 1020): تجزي حقة النجف - التي هي ثلاث حقق إسلامبول وثلث - عن ستة أمداد.

(مسألة 1021): في التكفير بنحو التمليك يعطى الصغير والكبير سواء، كل واحد مد.

(مسألة 1022): يجب القضاء دون الكفارة في موارد :

ص: 267

الأول : نوم الجنب حتى يصبح على تفصيل قد مر.

الثاني : إذا أبطل صومه بالإخلال بالنية من دون استعمال المفطر.

الثالث : إذا نسي غسل الجنابة يوماً أو أكثر.الرابع : من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاته ولا حجة على طلوعه، أما إذا قامت حجة على طلوعه وجب القضاء و الكفارة، و إذا كان مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل فلا قضاء هذا اذا كان صوم رمضان، واما غيره من الواجب المعين، او غير المعين او المندوب فالاقوى فيه البطلان مطلقاً.

الخامس : الإفطار قبل دخول الليل ،لظلمة ظن منها دخوله ولم يكن في السماء غيم، بل الاحوط ان لم يكن أقوى وجوب الكفارة. نعم اذا كان غيم فلا قضاء ولا كفارة، واما العلة التي تكون في السماء غير الغيم ففي الحاقها بالغيم في ذلك اشكال، والاحوط وجوباً عدمه.

(مسألة 1023): إذا شك في دخول الليل لم يجز له الإفطار، و إذا أفطر أثم و كان عليه القضاء و الكفارة، إلا أن يتبين أنه كان بعد دخول الليل، و كذا الحكم إذا قامت حجة على عدم دخوله فأفطر، أما إذا قامت حجة على دخوله أو قطع بدخوله فأفطر فلا إثم و لا كفارة. نعم يجب عليه القضاء إذا تبين عدم دخوله، و إذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ظاهراً، و إذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه.

السادس : إدخال الماء إلى الفم بمضمضة أو غيرها، فيسبق و يدخل الجوف، فإنه يوجب القضاء دون الكفارة، وإن نسي فابتلعه فلا قضاء، و كذا اذا كان في مضمضة وضوء الفريضة، والتعدي الى النافلة مشكلة.

(مسألة 1024): الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره.

ص: 268

السابع : سبق المني بالملاعبة ونحوها إذا لم يكن قاصداً، ولا من عادته فإنه يجب فيه القضاء دون الكفارة، هذا إذا كان يحتمل ذلك احتمالاً معتداً به، و أما إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقاً فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضاً.

الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم

وهي أمور :

الايمان، والعقل، والخلو من الحيض والنفاس، وفي اشتراط الايمان في صحة صوم المخالف اشكال. نعم يشترط الايمان في صحة القبول. ولا يصح من المجنون ولا من الحائض والنفساء، فاذا أسلم او عقل اثناء النهار لم يجب عليه الأمساك بقية النهار، وكذا اذا طهرت الحائض والنفساء، نعم اذا استبصر المخالف اثناء النهار- ولو بعد الزوال - اتم صومه وأجزأه واذا حدث الكفر او الخلاف أو الجنون او الحيض أو النفاس - قبل الغروب - بطل الصوم.

ومنها : عدم الإصباح جنباً، أو على حدث الحيض أو النفاس كما تقدم.

ومنها: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلا في ثلاثة مواضع :أحدها : الأيام الثلاثة و التي هي بعض العشرة بدلاً من هدي التمتع لمن عجز عنه.

ثانيها : صوم الثمانية عشر يوماً، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.

ثالثها : الصوم المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه و من الحضر.

ص: 269

(مسألة 1025): الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر، إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأحوط أن يكون ذلك في الأربعاء و الخميس و الجمعة.

(مسألة 1026): يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم، و إن علم في الأثناء بطل، و لا يصح من الناسي.

(مسألة 1027): يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام، كناوي الإقامة، و المسافر سفر معصية و نحوهما.

(مسألة 1028): لا يصح الصوم من المريض، و منه الأرمد، إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته، أو طول برئه، أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به، ولا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف، و كذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض، فضلاً عما إذا علم ذلك، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه.

(مسألة 1029): لا يكفي الضعف في جواز الإفطار و لو كان مفرطاً إلا أن يكون حرجاً فيجوز الإفطار، و يجب القضاء بعد ذلك، و كذا إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش، مع عدم التمكن من غيره، أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش. والاحوط فيهم الاقتصار في الأكل و الشرب على مقدار الضرورة و الإمساك عن الزائد.

(مسألة 1030): إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف فالظاهر صحة صومه. نعم و إن كان الضرر بحد يحرم ارتكابه مع العلم ففي صحة صومه إشكال، واذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل، الا اذا كان قد تمشى منه قصد القربة، فانه لايبعد الحكم بالصحة اذا بان عدم الضرر بعد ذلك.

(مسألة 1031): قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لاجله الافطار، وكذلك اذا كان حاذقاً وثقة اذا لم يكن المكلف مطمئناً

ص: 270

بخطأه، ولا يجوز الافطار بقوله في غير هاتين الصورتين. واذا قال الطبيب لاضرر في الصوم وكان المكلف خائفاً وجب الافطار.

(مسألة 1032): إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجدّد النية لم يصح صومه، وان لم يكن عاصياً بامساكه، فالاحوط - استحباباً - ان يمسك بقية النهار.

(مسألة 1033): يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات.

(مسألة 1034): لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان أو غيره، و إذا نسي أن عليه صوماً واجباً فصام تطوعاً فذكر بعد الفراغ صح صومه، والظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب استجاري، كما انه يجوز أيجار نفسه للصوم عن غيره اذا كان عليه صوم واجب.

(مسألة 1035): يشترط في وجوب الصوم البلوغ و العقل و الحضر و عدم الإغماء و عدم المرض و الخلو من الحيض و النفاس.

(مسألة 1036): لو صام الصبي تطوعاً و بلغ في الأثناء - و لو قبل الزوال - لم يجب عليه الإتمام، و الأحوط استحباباً الاتمام.

(مسألة 1037): إذا سافر قبل الزوال وكان ناوياً للسفر من الليل، وجب عليه الافطار، والا وجب عليه الاتمام والقضاء على الاحوط. وان كان السفر بعده وجب اتمام الصيام، واذا كان مسافراً فدخل بلده او بلداً نوى فيه الاقامة، فان كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصيام، وان كان بعد الزوال أو تناول المفطر في السفر بقي على الافطار. نعم يستحب له الامساك الى الغروب.

(مسألة 1038): الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده، و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حد الترخص. نعم لا يجوز الإفطار

ص: 271

للمسافر إلا بعد الوصول إلى حد الترخص فلو أفطر - قبله - عالماً بالحكم وجبت الكفارة.

(مسألة 1039): يجوز السفر في شهر رمضان - اختياراً - و لو للفرار من الصوم و لكنه مكروه، إلا في حج أو عمرة، أو غزو في سبيل الله، أو مال يخاف تلفه، أو إنسان يخاف هلاكه، أو يكون بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة، وإذا كان على المكلف صوم واجب معين جاز له السفر وان فات الواجب، وإن كان في السفر لم تجب عليه الاقامة لادائه.

(مسألة 1040): يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع في النهار على كراهة في الجميع، و الأحوط - استحبابا ً- الترك و لا سيما في الجماع.

الفصل الخامس: ترخيص الإفطار

وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص : منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش إذا تعذر عليهم الصوم، و كذلك إذا كان حرجاً و مشقة ولكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمد من الطعام، والأفضل كونها من الحنطة، بل كونها مدين، بل هو أحوط استحبابا، والاحوط وجوباً القضاء على الشيخ و الشيخة، إذا تمكنا منه، وكذا لذي العطاش القضاء مع التمكن، و منهم الحامل المقرب التي يضر بها الصوم أو يضر حملها، و المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بالولد، و عليهما القضاء بعد ذلك، كما أن عليهما الفدية - أيضاً - فيما اذا كان الضرر على الحمل أو الولد، ولا يجزيالاشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها، ثم ان الترخيص في هذه الموارد ليس

ص: 272

بمعنى تخيير المكلف بين الصيام والافطار، بل بمعنى عدم وجوب الصيام فيها وإن كان اللازم عليهم الافطار.

(مسألة 1041): لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها، و أن يكون لغيرها، و الاقوى الاقتصار على صورة عدم التمكن من إرضاع غيرها للولد.

الفصل السادس: ثبوت الهلال

يثبت الهلال بالعلم الحاصل من الرؤية أو التواتر، أو غيرهما، و بالاطمئنان الحاصل من الشياع أو غيره، و بمضي ثلاثين يوماً من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان، أو ثلاثين يوماً من شهر رمضان فيثبت هلال شوال و بشهادة عدلين، و الاقوى ثبوته بحكم الحاكم الذي لايعلم خطأه ولا خطأ مستنده، ولا يثبت بشهادة النساء، و لا بشهادة العدل الواحد و لو مع اليمين، و لا بقول المنجمين، و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل على أنه لليلة السابقة، و لا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، و لايبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال، فيكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق، وكذا بتطوق الهلال، فيدل على أنه لليلة السابقة.

(مسألة 1042): لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم، بل كل من علم بشهادتها عوّل عليها.

(مسألة 1043): إذا رؤي الهلال في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الأفق، بحيث اذا رؤي في احدهما رؤي في الاخر، بل الظاهر كفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد المشتركة معه في الليل وان كان أول الليل في احدهما آخره في الاخر.

بيان ذلك ان البلدان الواقعة على سطح الارض تنقسم الى قسمين:

أحدهما : ما تتفق مشارقه ومغاربه، او تتقارب.

ص: 273

ثانيهما: ما تختلف مشارقه ومغاربه أختلافاً كبيراً.

اما القسم الاول : فقد اتفق علماء الامامية على أن رؤية الهلال في بعض هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها، فان عدم رؤيته فيه انما يستند لا - محالة - الى مانع يمنع من ذلك، كالجبال، او الغابات، أو الغيوم، أو ما شاكل ذلك.

واما القسم الثاني (ذات الآفاق المختلفة) : فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين. نعم حكي القول باعتبار اتحاد الافق عن الشيخ الطوسي في المبسوط، فاذن: المسألة مسكوت عنها في كلمات اكثر المتقدمين، انما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين: المعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الأفق، ولكن قد خالفهم فيه جماعة من العلماء والمحققين فاختاروا القول بعدم الاتحاد وقالوا بكفاية الرؤية في بلد واحد لثبوته في غيره من البلدان ولو مع اختلاف الافق بينها.فقد نقل العلامة في (التذكرة) هذا القول عن بعض علمائنا واختاره صريحاً في (المنتهى) واحتمله الشهيد الاول في (الدروس) واختاره - صريحاً - المحدث الكاشاني في (الوافي) وصاحب الحدائق في حدائقه، ومال اليه صاحب الجواهر في جواهره والنراقي في (المستند) والسيد ابو تراب الخونساري في شرح (نجاة العباد) والسيد الحكيم في مستمسكه في الجملة.

وهذا القول - أي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر مع اشتراكهما في كون ليلة واحدة ليلة لهما معاً وإن كان أول ليلة لاحدهما وآخر ليلة للآخر، ولو مع اختلاف افقهما - هو الاظهر، ويدلنا على ذلك أمران:

(الاول): ان الشهور القمرية إنما تبدأ على أساس وضع سير القمر واتخاذه موضعاً خاصاً من الشمس في دورته الطبيعية، وفي نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس، وفي هذه الحالة (حالة المحاق) لايمكن رؤيته في أي بقعة من

ص: 274

بقاع الارض وبعد خروجه عن حالة المحاق والتمكن من رؤيته ينتهي شهر قمري، ويبدأ شهر قمري جديد.

ومن الواضح، ان خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الارض على اختلاف مشارقها ومغاربها، لا لبقعة دون اخرى، وان كان القمر مرئياً في بعضها دون الآخر وذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس، او حيلولة بقاع الارض او ما شاكل ذلك، فانه لايرتبط بعدم خروجه من المحاق، ضرورة أنه ليس لخروجه منه أفراد عديدة بل هو فرد واحد متحقق في الكون لايعقل تعدده بتعدد البقاع، وهذا بخلاف طلوع الشمس فانه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها.

وعلى ضوء هذا البيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس وغروبها قياس مع الفارق وذلك لان الارض بمقتضى كرويتها يكون - بطبيعة الحال - لكل بقعة منها مشرق خاص ومغرب كذلك، فلا يمكن ان يكون للأرض كلها مشرق واحد ولا مغرب كذلك وهذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية - أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس - فانه لعدم ارتباطه ببقاع الارض وعدم صلته بها لايمكن ان يتعدد بتعددها.

ونتيجة ذلك ان رؤية الهلال في بلد ما إمارة قطعية على خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته. وانه بداية لشهر قمري جديد لأهل الارض جميعاً لا لخصوص البلد الذي يرى فيه، وما يتفق معه في الافق.

ومن هنا يظهر : ان ذهاب المشهور الى اعتبار اتحاد البلدان في الافق مبنى على تخيل ان ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاء الارض كارتباط طلوع الشمس وغروبها بها، إلا أنه لاصلة كما عرفت - لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون أخرى. فإن حاله مع وجود الكرة الار ضية وعدمها سواء.

ص: 275

(الثاني) : النصوص الدالة على ذلك، ونذكر جملة منها:1- صحيحة هشام بن الحكم عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال فيمن صام تسعة وعشرين قال : (إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوماً).

فان هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا - بوضوح - على ان الشهر اذا كان ثلاثين يوماً في مصر كان كذلك في بقية الامصار بدون فرق بين كون هذه الامصار متفقة في آفاقها أو مختلفة. إذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الافق لكان على الامام (عليه السلام) أن يبين ذلك، فعدم بيانه مع كونه عليه السلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.

2- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: (لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، وقال : لاتصم ذلك اليوم الذي يقضي الا ان يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه.

الشاهد في هذه الصحيحة جملتان : (الاولى) قوله (عليه السلام) (لاتقضه الا ان يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة) (الخ) فانه يدل - بوضوح - على أن رأس الشهر القمري واحد بالاضافة الى جميع أهل الصلاة على اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها ولا يتعدد بتعددها، (الثانية) قوله (عليه السلام): (لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي أهل الأمصار) فانه كسابقه واضح الدلالة على ان الشهر القمري لا يختلف باختلاف الامصار في آفاقها فيكون واحداً بالاضافة الى جميع أهل البقاع والامصار، وان شئت فقل: إن هذه الجملة تدل على ان رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الامصار من دون فرق بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها، فيكون مرده الى ان الحكم المترتب على

ص: 276

ثبوت الهلال - أي خروج القمر عن المحاق - حكم تمام أهل الارض لا لبقعة خاصة.

3- صحيحة اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: (ولا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه).

فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة باطلاقها على أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الافق أو مختلفة، والا فلا بد من التقييد بمقتضى ورودها في مقام البيان.

4- صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال (لا تصم الا ان تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه) فهذه الصحيحة كسابقتها في الدلالة على ما ذكرناه.

ويشهد على ذلك ما ورد في عدة روايات في كيفية صلاة عيدي الاضحى والفطر وما يقال فيها من التكبير من قوله (عليه السلام) في جملة تلك التكبيرات: أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً).فان الظاهر ان المشار اليه في قوله (عليه السلام) في هذا اليوم هو يوم معين خاص جعله الله تعالى عيداً لمسلمين، لا أنه كل يوم ينطبق عليه أنه يوم فطر أو أضحى على اختلاف الامصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى أنه تعالى جعل هذا اليوم عيداً للمسلمين كلهم لا لخصوص أهل بلد تقام فيه صلاة العيد.

فالنتيجة على ضوئهما ان يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع والامصار على إختلافها في الآفاق والمطالع.

ص: 277

ويدل أيضاً على ما ذكرنا الآية الكريمة الظاهر في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الارض على اختلاف بلدانهم في آفاق ضرورة أن القران نزل في ليلة واحدة وهذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر وهي خير من ألف شهر وفيها يفرق كل أمر حكيم.

ومن المعلوم ان تفريق كل امر حكيم فيها لا يخص بقعة معينة من بقاع الارض بل يعم أهل البقاع أجمع، هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى قد ورد في عدة من الروايات ان في ليلة القدر تكتب المنايا والبلايا والأرزاق، وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن الواضح ان كتابة الارزاق والبلايا والمنايا في هذه الليلة انما تكون لجميع اهل العالم لا لأهل بقعة خاصة. فالنتيجة على ضوئهما أن ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الارض جميعاً، لا أن لكل بقعة ليلة خاصة.

هذا مضافاً الى سكوت الروايات بأجمعها عن اعتبار اتحاد الافق في هذه المسألة، ولم يرد ذلك حتى في رواية ضعيفة.

ومنه يظهر ان ذهاب المشهور الى ذلك ليس من جهة الروايات بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس وغروبها وقد عرفت أنه قياس مع الفارق.

الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان

(مسألة 1044): لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا، أو الجنون أو الإغماء أو الكفر الأصلي، و يجب قضاء ما فات في غير ذلك من ارتداد أو حيض، أو نفاس، أو نوم، أو سكر، أو مرض، او خلاف للحق. نعم إذا صام المخالف على وفق مذهبه لم يجب عليه القضاء.

ص: 278

(مسألة 1045): إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بنى على الأداء، و إذا شك في عدد الفائت بنى على الأقل.

(مسألة 1046): لا يجب الفور في القضاء، و إن كان الأحوط - استحباباً - عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني، و إن فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين، و لا الترتيب، و إن عين لم يتعين، وإذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لاحق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب، فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق، ويجوز العكس، إلا أنه إذا تضيق وقت اللاحق بمجيئ رمضان الثالث فالأحوط قضاء اللاحق، و إن نوى السابق حينئذ صح صومه، و وجبت عليه الفدية.

(مسألة 1047): لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر فله تقديم أيهما شاء.

(مسألة 1048): إذا فاتته أيام من شهر رمضان بمرض، و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه، و كذا إذا فات بحيض أو نفاس ماتت فيه أو بعد ما طهرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه.

(مسألة 1049): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه بمرض، و استمر به المرض إلى رمضان الثاني سقط قضاؤه، و تصدق عن كل يوم بمد و لا يجزئ القضاء عن التصدق، أما إذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء و تجب الفدية أيضاً على الأحوط، و كذا إذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر، و كذا العكس.

(مسألة 1050): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه لعذر أو عمد وأخر القضاء إلى رمضان الثاني، مع تمكنه منه، عازماً على التأخير أو متسامحاً و متهاوناً وجب القضاء والفدية معاً، وان كان عازماً على القضاء - قبل مجيئ رمضان الثاني

ص: 279

- فاتفق طرو العذر. وجب القضاء، بل الفدية ايضاً على الاحوط، أن لم يكن أقوى، ولا فرق بين المرض وغيره من الأعذار، ويجب اذا كان الافطار عمداً - مضافاً الى الفدية - كفارة الافطار.

(مسألة 1051): إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني، و هكذا إن استمر إلى أربعة رمضانات، فتجب مرة ثالثة للثالث، و هكذا و لا تتكرر الكفارة للشهر الواحد.

(مسألة 1052): يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور إلى شخص واحد.

(مسألة 1053): لا تجب فدية العبد على سيده، ولا فدية الزوجة على زوجها، و لا فدية العيال على المعيل، و لا فدية واجب النفقة على المنفق.

(مسألة 1054): لا تجزئ القيمة في الفدية، بل لابد من دفع العين و هو الطعام، و كذا الحكم في الكفارات.

(مسألة 1055): يجوز الإفطار في الصوم المندوب إلى الغروب، و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال إذا كان القضاء عن نفسه بل تقدم أن عليه الكفارة، أما قبل الزوال فيجوز، و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الإفطار فيه مطلقاً، و إن كان الأحوط ترك الإفطار بعد الزوال.

(مسألة 1056): لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في الحرمة و الكفارة و إن كان الأحوط - استحباباً - الإلحاق.

(مسألة 1057): يجب على ولي الميت - و هو الولد الذكر الأكبر - حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضاؤه. والاحوط استحباباً - الحاق الذكر الاكبر في جميع طبقات المواريث - على الترتيب في الارث

ص: 280

بالابن، والاقوى عدمه. وأما ما فات عمداً أو أتى به فاسداً ففي إلحاقه بما فات عن عذر إشكال، وان كان احوط لزوماً، بل الاحوط الحاق الام بالاب وان كان الاقوى خلافه، و إن فاته ما لا يجب عليه قضاؤه، كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء و قد تقدم في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام، لأن المقامين من باب واحد.

(مسألة 1058): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير، و يكفي في حصوله صوم الشهر الأول، و يوم من الشهر الثاني متتابعاً.

(مسألة 1059): كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه بنى على ما مضى عند ارتفاعه، و إن كان العذر بفعل المكلف إذا كان مضطراً إليه، أما إذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستئناف، و من العذر ما إذا نسي النية الى ما بعد الزوال، أو نسي فنوى صوماً آخر ولم يتذكر الا بعد الزوال، و منه ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فإن تخلله في الأثناء لا يضر في التتابع بل يحسب من الكفارة أيضاً إذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس على الإطلاق، و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال.

(مسألة 1060): إذا نذر صوم شهرين متتابعين جرى عليه الحكم المذكور، إلا أن يقصد تتابع جميع أيامه.

(مسألة 1061): إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه، الا في كفارة القتل في الاشهر الحرم فانه يجب على القاتل صوم شهرين من الاشهر الحرم ولا يضره تخلل العيد على الاظهر. نعم إذا لم يعلم فلا بأس اذا كان غافلاً، فاتفق ذلك، وأما اذا كان شاكاً فالظاهر البطلان، ويستثنى من ذلك الأيام الثلاثة بدل الهدي، إذا شرع فيها يوم التروية وعرفة، فان له أن يأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل، او بعد أيام التشريق، لمن كان بمنى، امام اذا شرع يوم عرفة وجب الاستئناف.

ص: 281

(مسألة 1062): إذا نذر أن يصوم شهراً أو أياماً معدودة لم يجب التتابع إلا مع اشتراط التتابع، أو الانصراف إليه على وجه يرجع إلى التقييد.

(مسألة 1063): إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط الأولى التتابع في قضائه.

(مسألة 1064): الصوم من المستحبات المؤكدة، و قد ورد أنه جُنة من النار، و زكاة الأبدان، و به يدخل العبد الجنة، و إن نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح، و عمله متقبل، و دعاءه مستجاب، و خلوق فمه عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك، و تدعوا له الملائكة حتى يفطر، و له فرحتان فرحة عند الإفطار، و فرحة حين يلقى الله تعالى. و أفراده كثيرة والمؤكد منه: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، و الأفضل في كيفيتهاأول خميس من الشهر، و آخر خميس منه، و أول أربعاء من العشر الأواسط، و يوم الغدير، فإنه يعدل مائة حجة، و مائة عمرة مبرورات متقبلات، و يوم مولد النبي ( صلى الله عليه و آله وسلم ) و يوم بعثه، و يوم دحو الأرض، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة، و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال، و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة، و تمام رجب، و تمام شعبان، و بعض كل منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل، و يوم النوروز، و أول يوم محرم و ثالثه و سابعه، و كل خميس و كل جمعة إذا لم يصادفا عيداً.

(مسألة 1065): يكره الصوم في موارد : منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء، و الصوم فيه مع الشك في الهلال، بحيث يحتمل كونه عيد أضحى، و صوم الضيف نافلة بدون إذن مضيفه، و الولد من غير إذن والده.

(مسألة 1066): يحرم صوم العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً كان أم لا، و يوم الشك على أنه من شهر رمضان، و نذر المعصية بأن ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكراً، أما زجراً فلا بأس به، و صوم الوصال. و

ص: 282

لا بأس بتأخير الإفطار و لو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نية الصوم، و الأحوط اجتنابه، و كما أن الأحوط عدم صوم الزوجة والمملوك - تطوعاً - بدون إذن الزوج والسيد، وإن كان الأقوى الجواز في الزوجة اذا لم يمنع من حقه. و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه و الحمد لله رب العالمين.

الخاتمة في الاعتكاف

اشارة

وهو اللبث في المسجد و الأحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما، وان كان الاقوى عدم اعتباره، ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم، والأفضل شهر رمضان، و أفضله العشر الأواخر.

(مسألة 1067): يشترط في صحته مضافاً إلى العقل و الايمان أمور:

الأول : نية القربة، كما في غيره من العبادات. وتجب مقارنتها لأوله بمعنى وجوب ايقاعه من أوله الى آخره عن النية، وحينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النية، اذا قصد الشروع فيه في أول يوم. نعم لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل كفي.

(مسألة 1068): لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا، و لا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر و لا من نيابة عن غيره إلى نفسه و بالعكس.

الثاني : الصوم، فلا يصح بدونه فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر، أو غيره لم يصح منه الاعتكاف.

الثالث : العدد، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام، و يصح الأزيد منها و إن كان يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، و تدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى و الرابعة، وإن جاز إدخالهما بالنية، فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة.

ص: 283

و لو نذره أقل لم ينعقد، وكذا لو نذره ثلاثة معينة، فاتفق أن الثالث عيد لم ينعقد، و لو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها بشرط لا من جهة الزيادة و النقصان بطل، و إن نواها بشرط لا من جهة الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام، و إن نواها بشرط لا من جهة النقيصة، و لا بشرط من جهة الزيادة ضم إليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما إلى الثلاثة.

الرابع : أن يكون في أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام، و مسجد المدينة، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، أو في المسجد الجامع في البلد، و الأحوط استحباباً - مع الإمكان - الاقتصار على المساجد الأربعة.

(مسألة 1069): لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل، و لم يجز اللبث في مسجد آخر، و عليه قضاؤه على الاحوط - إن كان واجباً - في مسجد آخر، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.

(مسألة 1070): يدخل في المسجد سطحه و سردابه، كبيت الطشت في مسجد الكوفة، و كذا منبره و محرابه، و الإضافات الملحقة به.

(مسألة 1071): إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغى قصده.

الخامس : إذن من يعتبر إذنه في جوازه، كالسيد بالنسبة الى مملوكه والزوج بالنسبة الى زوجته، إذا كان منافياً لحقه، والوالدين بالنسبة الى ولدهما اذا كان موجباً لإيذائهما شفقة عليه.

السادس : استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه، فإذا خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل، و لا يبعد البطلان في الخروج نسياناً أيضاً، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لابد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة، أو استحاضة، أو مس ميت

ص: 284

و إن كان السبب باختياره. و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها، و الصلاة عليها، و دفنها، و تغسيلها، و تكفينها، و لعيادة المريض، أما تشييع المؤمن و إقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الأمور الراجحة ففي جوازها إشكال، و الأظهر الجواز فيما إذا عد من الضرورات عرفاً و الأحوط - استحباباً - مراعاة أقرب الطرق و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة، و أما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل، و إن كان عن إكراه أو اضطرار. والاحوط وجوباً ترك الجلوس في الخارج ولو اضطر اليه اجتنب الظلال مع الامكان.

(مسألة 1072): إذا امكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله إذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت

فصل

الاعتكاف في نفسه مندوب، و يجب بالعارض من نذر و شبهه، فإن كان واجباً معيناً فلا إشكال في وجوبه - قبل الشروع - فضلاً عما بعده، و إن كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع، و إن كان في الأول أحوط استحباباً. نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث، إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض، فاتفق حصوله بعد يومين، فله الرجوع عنه - حينئذ - إن شاء، و لا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنية، سواء أ كان قبلها أم بعد الشروع فيه.

(مسألة 1073): الظاهر أنه يجوز اشتراط الرجوع متى شاء و إن لم يكن عارض.

(مسألة 1074): إذا شرط الرجوع حال النية، ثم بعد ذلك اسقط شرطه، فالظاهر عدم سقوط حكمه.

ص: 285

(مسألة 1075): إذا نذر الاعتكاف، و شرط في نذره الرجوع فيه ففي جواز الرجوع إذا لم يشترطه في نية الاعتكاف إشكال،والاظهر جوازه.

(مسألة 1076): إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف، و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه، وجلس فيه ففي البطلان تأمل.

فصل في أحكام الاعتكاف

(مسألة 1077): لابد للمعتكف من ترك أمور :

(منها ): مباشرة النساء بالجماع، والأحوط - وجوباً - إلحاق اللمس و التقبيل بشهوة به. و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.

و منها : الاستمناء على الأحوط وجوباً.

و منها:شم الطيب والريحان مع التلذذ ولا أثر له اذا كان فاقداً لحاسة الشم.

ومنها : البيع و الشراء بل مطلق التجارة، على الأحوط وجوباً، ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات، حتى الخياطة و النساجة و نحوهما، و إن كان الأحوط - استحباباً - الاجتناب، و إذا اضطر إلى البيع و الشراء لأجل الأكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و لا النقل بغيرهما فَعَلَه.

و منها : المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة و إظهار الفضيلة، لا بداعي إظهار الحق و رد الخصم عن الخطأ، فإنه من أفضل العبادات، والمدار على القصد.

ص: 286

(مسألة 1078): الاحوط - استحباباً - للمعتكف الاجتناب عما يحرم على المحرم وان كان الأقوى خلافه، و لا سيما في لبس المخيط و إزالة الشعر، و أكل الصيد، و عقدالنكاح، فإن جميعها جائز له.

(مسألة 1079): الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار، و في حرمتها تكليفاً إذا لم يكن واجبا معيناً، ولو لأجل انقضاء يومين منه إشكال، و إن كان الأحوط وجوباً.

(مسألة 1080): إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة - سهواً - ففي عدم قدحه اشكال، ولا سيما في الجماع.

(مسألة 1081): إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات، فإن كان واجباً معيناً وجب قضاؤه على الأحوط. و إن كان غير معين وجب استئنافه، و كذا يجب القضاء - على الأحوط - إذا كان مندوباً، و كان الإفساد بعد يومين، أما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه، و لا يجب الفور في القضاء.

(مسألة 1082): إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه، و إن بطل اعتكافه.

(مسألة 1083): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلاً وجبت الكفارة، والاقوى عدم وجوبها بالافساد، بغير الجماع وان كان احوط استحباباً، و كفارته ككفارة صوم شهر رمضان، و إن كان الأحوط أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار. و إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهاراً وجبت كفارتان، إحداهما لإفطار شهر رمضان، و الأخرى لإفساد الاعتكاف، و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، و إن كان الاعتكاف المذكور منذوراً وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر، و إذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها على الأحوط.

ص: 287

و الحمد لله رب العالمين.

ص: 288

كتاب الزكاة

اشارة

وهي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، و وجوبها من ضروريات الدين ومنكرها مع العلم بها كافر، بل في جملة من الاخبار أن مانع الزكاة كافر.

المقصد الأول: شرائط وجوب الزكاة

لاتجب في مال من كان صبياً أو مجنوناً أو عبداً في زمان التعلق أو في اثناء الحول اذا كان مما يعتبر فيه الحول على الاحوط، بل لابد من استئناف الحول من حين البلوغ والعقل والحرية.

(مسألة 1084): لا فرق في الجنون المانع عن ثبوت الزكاة بين الإطباقي و الإدواري.

الاول : الملك.

في زمان التعلق، أو في تمام الحول كما تقدم، فلا زكاة على المال الموهوب والمقروض قبل قبضه، والمال الموصى به قبل وفاة الموصي.

الثاني : التمكن من التصرف

واعتباره على نحو ما سبق والمراد به القدرة على التصرف فيه بالاتلاف ونحوه. فلا زكاة في المسروق، والمجحود، والمدفون في مكان منسي والمرهون والموقوف والغائب الذي لم يصل اليه، ولا إلى وكيله ولا في الدين وان تمكن استيفاءه، واما المنذور التصدق به فلا تجب الزكاة فيه.

(مسألة 1085): لا تجب الزكاة في نماء الوقف إذا كان مجعولاً على نحو المصرف، وتجب إذا كان مجعولاً على نحو الملك، من دون فرق بين العام

ص: 289

والخاص، فاذا جعل بستانه وقفاً على أن يصرف نماؤها على ذريته أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه،، وإذا جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً للأشخاص كالوقف على الذرية - مثلاً - و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم. واذا اجعلها وقفاً - على أن يكون نماؤها ملكاً للعنوان - كالوقف على الفقراء أو على العلماء - لم تجب الزكاة وأن بلغت حصة من يصل اليه النماء مقدار النصاب.

(مسألة 1086): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة على بعضهم بلوغ حصته النصاب، و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1087): قيل ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف، بخلاف سائر الخيارات، ولكنه محل إشكال، بل منع.

(مسألة 1088): الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان من وجوب الزكاة.

(مسألة 1089): إذا عرض عدم التمكن من التصرف، بعد تعلق الزكاة، او مضى الحول متمكناً فقد استقر الوجوب، فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك، فإن كان مقصراً كان ضامناً وإلا فلا.

(مسألة 1090): زكاة القرض على المقترض بعد قبضه، لا على المقرض. فلو اقترض نصاباً من الأعيان الزكوية، و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة، و إن كان قد اشترط في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم إذا أدى المقرض عنه صح، و سقطت الزكاة عن المقترض و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.

ص: 290

(مسألة 1091): يستحب لولي الصبي و المجنون إخراج زكاة مال التجارة إذا اتجر بمالهما لهما.

(مسألة 1092): اذا علم البلوغ والتعلق ولم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة. سواء أعلم تاريخ التعلق وجهل تاريخ الجنون، أم علم تاريخ الجنون وجهل تاريخ التعلق، أم جهل التاريخان، وكذا الحكم في المجنون اذا كان جنونه سابقاً وطرأ العقل، أما اذا كان عقله سابقاً وطرأ الجنون وجبت الزكاة، سواء أعلم تاريخ التعلق وجهل تاريخ الجنون، أم علم تاريخ الجنون وجهل تاريخ التعلق، أم جهل التاريخان معاً.

(مسألة 1093): إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة، إذا كان تعلقها قبل تعلق الحج، و لم يجب الحج، و إن كان بعده وجب الحج و يجب عليه - حينئذ - حفظ استطاعته و لو بتبديل المال بغيره. نعم إذا لم يبدل حتى مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضاً.

المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة

اشارة

تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة :الإبل و البقر و الغنم، و الغلات الأربع : الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و في النقدين : الذهب و الفضة، ولا تجب فيما عدا ذلك. نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم، و الأرز، و الدخن، و الحمص، و العدس، و الماش، و الذروة، و غيرها، و لا تستحب في الخضروات مثل: البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها وتستحب ايضاً في مال التجارة، وفي الخيل والاناث دون الذكور ودون الحمير والبغال.

والكلام في التسعة الأول يقع في مباحث :

ص: 291

المبحث الأول: الأنعام الثلاثة
اشارة

و شرائط وجوبها - مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة - أربعة :

الشرط الأول : النصاب.

في الإبل إثنا عشر نصاباً، الأول : خمس، و فيها : شاة، ثم عشر و فيها : شاتان، ثم خمس عشرة و فيها ثلاث شياه، ثم عشرون و فيها أربع شياه، ثم خمس و عشرون و فيها : خمس شياه، ثم ست و عشرون، و فيها : بنت مخاض، و هي الداخلة في السنة الثانية، ثم ست و ثلاثون و فيها : بنت لبون، و هي الداخلة في السنة الثالثة، ثم ست و أربعون و فيها : حقة، و هي الداخلة في السنة الرابعة، ثم إحدى و ستون و فيها : جذعة، و هي الداخلة في السنة الخامسة، ثم ست و سبعون و فيها : بنتا لبون، ثم إحدى و تسعون، و فيها : حقتان، ثم مائة و إحدى و عشرون و فيها : في كل خمسين حقة، و في كل أربعين : بنت لبون، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين - بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة - عمل على الأربعين كالمائة و الستين، و إذا كان مطابقاً للخمسين - بالمعنى المتقدم - عمل على الخمسين، كالمائة و الخمسين، و إن كان مطابقاً لكل منهما - كالمائتين - تخير المالك بين العد بالأربعين و الخمسين، و إن كان مطابقاً لهما - معاً - كالمائتين و الستين عمل عليهما معاً، فيحسب خمسينين و أربع أربعينات، وعلى هذا لا عفو الا فيما دون العشرة.

(مسألة 1094): إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها إبن لبون، و إذا لم يكن عنده تخير في شراء أيهما شاء.

(مسألة 1095): في البقر نصابان، الأول ثلاثون، وفيها تبيع و لا تجزئ التبيعة على الأحوط، و هو ما دخل في السنة الثانية، ثم أربعون، و فيها مسنة و

ص: 292

هي الداخلة في السنه الثالثة، و فيما زاد على هذا الحساب، و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه، فإن طابق الثلاثين - لا غير - كالستين عد بها، و إن طابق الأربعين - لا غير - كالثمانين عد بها، و إن طابقهما - كالسبعين - عد بهما معاً، و إن طابق كلا منهما كالمائة و العشرين - يتخير بين العد بالثلاثين و الأربعين وما بين الاربعين والستين عفو، وكذا ما دون الثلاثين، و ما زاد على النصاب من الآحاد الى التسعة.

(مسألة 1096): في الغنم خمسة نصب : أربعون، و فيها : شاة، ثم مائة و إحدى و عشرون، و فيها : شاتان، ثم مائتان و واحدة، و فيها : ثلاث شياه، ثم ثلاثمائة و واحدة، و فيها : أربع شياه، ثم أربعمائة ففي كل مائة: شاة بالغاً ما بلغ، و لا شيء فيما نقص عن النصاب الأول و لا فيما بين نصابين.

(مسألة 1097): الجاموس و البقر جنس واحد، و لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي، و لا في الغنم بين المعز و الظأن، و لا بين الذكر و الأنثى في الجميع.

(مسألة 1098): المال المشترك - إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب - وجبت الزكاة على كل منهم، و إن بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه، و إن لم يبلغ نصيب كل واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة، و إن بلغ المجموع النصاب.

(مسألة 1099): إذا كان مال المالك الواحد متفرقاً بعضه عن بعض فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة، و لا يلاحظ كل واحد على حدة.

(مسألة 1100): الأحوط وجوباً في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن تكمل لها سنة، و تدخل في الثانية، إن كانت من الظأن، أو تكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة، إن كانت من المعز، و يتخير المالك بين دفعها من

ص: 293

النصاب و غيره، و لو كانت من بلد آخر، كما يجوز دفع القيمة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية و إن كان دفع العين أفضل و أحوط اذا كانت العين موجودة، اما مع التلف فالظاهر وجوب قيمة يوم التلف.

(مسألة 1101): الظاهر اعطاء العين اذا كانت موجودة اما مع التلف فالظاهر وجوب قيمة يوم التلف، و في كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع أو بلد النصاب إشكال و الاحوط دفع أعلى القيمتين.

(مسألة 1102): إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد - كأربعين شاة مثلاً - فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه - حينئذ - عن النصاب، و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلاً لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه - حينئذ - عنه، ولو كان عنده أزيد من النصاب - كأن كان عنده خمسون شاة - و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين، إلى أن ينقص عن النصاب.

(مسألة 1103): إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزئ دفع الذكر عن الأنثى، و بالعكس، و إذا كان كله من الضأن يجزي دفع المعز عن الضأن، و بالعكس، و كذا الحال في البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي.

(مسألة 1104): لا فرق بين الصحيح و المريض، و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب، نعم إذا كانت كلها صحيحة لا يجوز له دفع المريض، و كذا إذا كانت كلها سليمه لا يجوز له دفع المعيب و إذا كانت كلها شابة لا يجوز له دفع الهرم، و كذا إذا كان النصاب ملفقاً من الصنفين على الأحوط، إن لم يكن أقوى. نعم إذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز له الإخراج منها.

ص: 294

الشرط الثاني : السوم طول الحول

فإذا كانت معلوفة، و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها. نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم او اليومين والثلاثة إشكال، والاحوط ان لم يكن أقوى عدم الانقطاع.

(مسألة 1105): لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار والاضطرار، و أن تكون من مال المالك و غيره بإذنه أو لا، كما أن الظاهر الفرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح ففي صورة كونه مملوكاً والعلف في ارض مملوكة لايصدق عليه السوم، فإن رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو عند نضوب الماء وجبت فيها الزكاة. نعم إذا كان المرعىمزروعاً ففي صدق السوم إشكال، و الأظهر عدم الصدق، و إذا جز العلف المباح فأطعمها إياه كانت معلوفة، و لم تجب الزكاة فيها.

الشرط الثالث : أن لا تكون عوامل

ولو في بعض الحول، والا لم تجب الزكاة فيها، وفي قدح العمل يوماً أو يومين أو ثلاثة - إشكال، الاحوط - إن لم يكن أقوى - عدم القدح، كما تقدم في السوم.

الشرط الرابع : أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط

ويكفي فيه الدخول في الشهر الثاني عشر، و الأقوى استقرارالوجوب بذلك، فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه. نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول، و ابتداء الحول الثاني بعد إتمامه.

(مسألة 1106): إذا إختلَّ بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول، كما إذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها

ص: 295

بجنسها، أو بغير جنسها و لو كان زكوياً، ولا فرق بين ان يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة وعدمه.

(مسألة 1107): إذا حصل لمالك النصاب - في أثناء الحول - ملك جديد بنتاج، أو شراء، أو نحوهما، فإما أن لا يكون الجديد بمقدار العفو كما إذا كان عنده أربعون من الغنم، و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شيء عليه، إلا ما وجب في الأول، و هو شاة في الفرض، و إما أن يكون نصاباً مستقلاً، كما إذا كان عنده خمس من الإبل، فولدت في أثناء الحول خمساً أخرى، كان لكل منهما حول بانفراده، و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله، و كذلك الحكم - على الأحوط - إذا كان نصاباً مستقلاً، و مكملاً للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل و في أثناء حولها ولدت ستة، و أما إذا لم يكن نصاباً مستقلاً، و لكن كان مكملاً للنصاب اللاحق، كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر، و في أثناء الحول و لدت إحدى عشرة وجب عند انتهاء حول الأول استئناف حول جديد لهما معاً.

(مسألة 1108): ابتداء حول السخال من حين النتاج، اذا كانت أمها سائمة، وكذا اذا كانت معلوفة - على الاحوط- أن لم يكن أقوى.

المبحث الثاني: زكاة النقدين

(مسألة 1109): يشترط في زكاة النقدين - مضافاً إلى الشرائط العامة - أمور:

ص: 296

الأول : النصاب، وهو في الذهب عشرون ديناراً، وفيه نصف دينار، والدينار ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي، ولا زكاة فيما دون العشرين ولا فيما زاد عليها حتى يبلغ اربعة دنانير، وهي ثلاثة مثاقيل صيرفية. وفيها ايضاً ربع عشرها، وهكذا كلما زاد اربعة دنانير وجب ربع عشرها أما الفضة فنصابها مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم، ثم أربعوندرهماً وفيها درهم واحد، وهكذا كلما زاد اربعون كان فيها درهم، وما دون المائتين عفو، وكذا ما بين المائتين والاربعين، ووزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية وربع، فالدرهم نصف مثقال صيرفي وربع عشره، والضابط في زكاة النقدين من الذهب والفضة: ربع العشر، لكنه يزيد على القدر الواجب كما اذا زاد عن النصاب الاول ولم يصل الى النصاب في الثاني.

الثاني : أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة : بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة و بغيرها، بقيت السكة أو مسحت بالعارض، أما الممسوح بالأصل فالأحوط وجوب الزكاة فيه إذا تعومل به، و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالأحوط الزكاة فيه وان كان الاظهر العدم، و إذا اتخذ للزينة فإن كانت المعاملة به باقية وجبت فيه على الأحوط، و إلا فالأظهر عدم الوجوب، و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة.

الثالث : الحول، على نحو ما تقدم في الانعام، كما تقدم أيضاً حكم اختلال بعض الشرائط وغير ذلك، والمقامان من باب واحد.

(مسألة 1110): لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الرديء، و لا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.

(مسألة 1111): تجب الزكاة في الدراهم والدنانير المغشوشة و إن لم يبلغ خالصهما النصاب، و إذا كان الغش كثيراً بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال.

ص: 297

(مسألة 1112): إذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة، وفي وجوب الاختبار إشكال أظهره العدم، والاختبار أحوط.

(مسألة 1113): إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها، و لا يضم بعضها إلى بعض، فإذا كان عنده تسعة عشر ديناراً و مائة و تسعون درهماً لم تجب الزكاة في أحدهما، و إذا كان من جنس واحد - كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب انكليزية - ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، و كذا إذا كان عنده روبية انكليزية و قران إيراني.

المبحث الثالث: زكاة الغلات الأربع

(مسألة 1114): يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :

الأول : بلوغ النصاب، وهو بوزن النجف - في زماننا هذا - ثمان وزنات وخمس حقق ونصف الا ثمانية وخمسين مثقلاً وثلث مثقال، والوزنة اربعة وعشرون حقة، والحقة ثلاث حقق اسلامبول وثلث، وبوزن الاسلامبول سبع وعشرون وزنة وعشر حقق وخمسة وثلاثون مثقالاً صيرفياً والوزنة اربعة وعشرون حقة، والحقة مائتان وثمانونمثقالاً صيرفياً، والحقة وبوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلو تقريباً.

الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب، سواء أ كان بالزرع، أم بالشراء أم بالإرث، أم بغيرها من أسباب الملك.

(مسألة 1115): المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير، و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل، و عند انعقاده

ص: 298

حصرما في ثمر الكرم، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

(مسألة 1116): المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات فاذا بلغ النصاب وهو عنب، ولكنه اذا صار زبيباً نقص عنه لم تجب الزكاة.

(مسألة 1117): وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة، واجتذاذ التمر، و اقتطاف الزبيب على النحو المتعارف، فإذا أخر المالك الدفع عنه - بغير عذر - ضمن مع وجود المستحق، و لا يجوز للساعي المطالبة قبله، نعم يجوز الاخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب، ويجب على الساعي القبول.

(مسألة 1118): لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء و هكذا غيرها.

(مسألة 1119): المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات، العشر إذا سقي سيحاً، أو بماء السماء، أو بمص عروقه من الأرض، و نصف العشر إذا سقي بالدلاء و الماكينة، و الناعور، و نحو ذلك من العلاجات، و إذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه و لا يعتد بالآخر، فالعمل على الغالب، و إن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر، يوزع الواجب فيعطي من نصفه العشر ومن نصفه الآخر نصف العشر، و إذا شك في صدق الاشتراك والغلبة كفى الأقل، و الأحوط - استحباباً - الأكثر.

(مسألة 1120): المدار في التفصيل المتقدم على الثمر، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر، و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر.

ص: 299

(مسألة 1121): الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، إلا إذا كثرت بحيث يستغني عن الدوالي، فيجب حينئذ العشر، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي، فيجب التوزيع.

(مسألة 1122): إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً، أو لغرض فسقى به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر، وكذا اذا اخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه، وأما إذا أخرجه لزرع، فبدا له فسقى به زرعاً آخر، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر.

(مسألة 1123): ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة - و هو الحصة من نفس الزرع - لا يجب إخراج زكاته.

(مسألة 1124): المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع و الثمر من أجرة الفلاح، و الحارث، و الساقي، و العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو غصباً، و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع، أو الثمر، و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج، و لكن الاقوى إخراج النفقات التي تصرف في سبيل تنمية الحنطة والشعير والتمر والزبيب من المحصول ثم اذا كان الباقي بمقدار النصاب يدفع زكاته.

(مسألة 1125): يضم النخل بعض إلى بعض، و إن كانت في أمكنة متباعدة و تفاوتت في الإدراك، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد، و إن كان بينهما شهر أو أكثر، و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة، و إن لم يبلغه كل واحد منها، و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوباً.

ص: 300

(مسألة 1126): يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية.

(مسألة 1127): إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة، أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه، و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر، وجبت على من بلغ نصيبه دون الآخر، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم، و كذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.

(مسألة 1128): إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود والرديء عن الاردأ، و في جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال، والأحوط وجوبا اعطاء كل نوع بحصته.

(مسألة 1129): الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين، لا على وجه الإشاعة، و لا على نحو الكلي في المعين، و لا على نحو حق الرهانة، و لا على نحو حق الجناية، بل على نحو آخر وهو الشركة في المالية، ويجوز للمالك التصرف في المال المتعلق بالزكاة في غير مقدارها مشاعاً او غير مشاع نعم لايجوز له التصرف في تمام النصاب، فاذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة، الى ان يدفعها البائع، فيصح بلا حاجة اجازة الحاكم، أو يدفعها المشتري فيصح أيضاً، ويرجع بها على البائع وان أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع او المشتري صح البيع وكان الثمن زكاة فيرجع الحاكم به الى المشتري أن لم يدفعه الى البائع، والا فله الرجوع الى ايهما شاء.

(مسألة 1130): لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه - لم يضمن، وإن أخره - مع العلم بوجود المستحق- ضمن. نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر

ص: 301

مع عدم المستحق، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة، و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط، أو مع التأخير مع وجود المستحق، من دون غرض صحيح. و في ثبوت الضمان معه - كما إذا أخره لانتظار من يريد إعطاءه أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة - إشكال. و نماء الزكاة تابع لها في المصرف، و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.

(مسألة 1131): إذا باع الزرع أو الثمر، و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء، حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع على الأظهر وإن كان الشاك هو المشتري، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها، و إلا وجب عليه، حتى إذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم.

(مسألة 1132): يجوز للحاكم الشرعي ووكيله خرص ثمر النخل و الكرم على المالك، وفائدته جواز الاعتماد عليه، بلا حاجة إلى الكيل و الوزن، و الظاهر جواز الخرص للمالك، لكن لو ظهرت الزيادة لما في يده لابد في إخراج زكاته أي لو انكشف الخلاف كان المدار على الواقع.

ص: 302

المقصد الثالث: أصناف المستحقين و أوصافهم

وفيه مبحثان:
المبحث الأول

أصنافهم وهم ثمانية :

الأول : الفقير.

الثاني : المسكين.

و كلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له و لعياله. و الثاني أسوأ حالاً من الأول، والغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلاً - نقداً أو جنساً - و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمؤونته و مؤونة عياله، أو قوة : بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة، و إذا كان قادراً على الاكتساب و تركه تكاسلاً، فالظاهر عدم جواز أخذه. نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ.

(مسألة 1133): إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤونة السنة جاز له أخذ الزكاة، و كذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمؤنته، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته، و لكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها و أخذ المؤونة من الزكاة.

(مسألة 1134): دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله - و لو لكونه من أهل الشرف - لا تمنع من أخذ الزكاة، و كذا ما يحتاج إليه من الثياب، و الألبسة الصيفية، و الشتوية، و الكتب العلمية، و أثاث البيت من الظروف، و الفرش، و الأواني، و سائر ما يحتاج إليه. نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مؤنته لم يجز له

ص: 303

الأخذ، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة، و كان التفاوت بينهما يكفيه لمؤنته لم يجز له الأخذ من الزكاة على الاحوط وجوباً أن لم يكن أقوى، و كذا الحكم في الفرس و العبد والجارية و غيرها من أعيان المؤنة، إذا كانت عنده و كان يكفي الأقل منها.

(مسألة 1135): إذا كان قادراً على التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الاخذ،، و كذا إذا كان قادراً على الصنعة، لكنه كان فاقداً لآلاتها.

(مسألة 1136): إذا كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز، و لا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق، إذا كان الوقت بعيداً، بل إذا كان الوقت قريباً - مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك - جاز له الأخذ ما لم يتعلم.

(مسألة 1137): طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة إذا كان طلب العلم واجباً عليه، والا فان كان قادراً على الاكتساب، وكان يليق بشأنه لم يجز له أخذ الزكاة، واما اذا لم يكن قادراً على الاكتساب بفقد رأس المال، او غيره من المعدات للكسب، او كان لا يليق بشأنه كما هو الغالب في هذا الزمان جاز له الاخذ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء، و أما من سهم سبيل الله تعالى فيجوز له الأخذ منه إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة محبوبة لله تعالى، و إن لم يكن المشتغل ناوياً للقربة. نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ.

(مسألة 1138): المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به، و إن جهل ذلك جاز إعطاؤه إلا إذا علم غناه سابقاً، فلابد في جواز الاعطاء - حينئذ - من الوثوق بفقره.

ص: 304

(مسألة 1139): إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة حياً كان أم ميتاً، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و إلا لم يجز، إلا إذا تلف المال على نحو لا يكون مضموناً، و إذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال، وكذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.

(مسألة 1140): لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية، و يجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدم إليه تمر الصدقة فأكله.

(مسألة 1141): إذا دفع الزكاة - باعتقاد الفقر - فبان كون المدفوع إليه غنياً فان كانت معينة بالعزل وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية، و إن كانت تالفة فإن كان الدفع اعتماداً على حجة فليس عليه ضمانها والا ضمنها، ويجوز له ان يرجع الى القابض، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة، وان لم يعلم بحرمتها على الغني، والا فليس للدافع الرجوع اليه، وكذا الحكم إذا تبين كون المدفوع اليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى، مثل أن يكون ممن تجب نفقته، أو هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.

الثالث : العاملون عليها.

وهم المنصَّبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و إيصالها إلى الإمام أو نائبه، أو إلى مستحقها.

الرابع : المؤلفة قلوبهم.

وهم المسلمون الذين يضعف إعتقادهم بالمعارف الدينية، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار.

ص: 305

الخامس : الرقاب.

و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن أداء الكتابة مطلقة أو مشروطة فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال، والعبيد الذين هم تحت الشدة، فيشترون ويعتقون، بل مطلق عتق العبد إذا لم يوجد المستحق للزكاة بل مطلقاً على الاظهر.

السادس : الغارمون.

وهم الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها، و إن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية، و لو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له، ثم يأخذه وفاءً عما عليه من الدين، و لو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها، ولو بدون اطلاع الغارم، ولو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته.

السابع : سبيل الله تعالى.

وهو جميع سبل الخير كبناء القناطر، والمدارس والمساجد، وإصلاح ذات البين، ورفع الفساد، ونحوها من الجهات العامة، وفي جواز دفع هذا السهم في كل طاعة، معتمكن المدفوع اليه من فعلها بدونه أو مع تمكنه اذا لم يكن مقدماً عليه الا به، إشكال بل منع.

الثامن : ابن السبيل.

الذي نفدت نفقته، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده، فيدفع له ما يكفيه لذلك، بشرط أن لا يكون سفره في معصية، بل عدم تمكنه من الاستدانة او بيع ماله الذي هو في بلده، على الاحوط وجوباً.

ص: 306

(مسألة 1142): إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها، ثم بان العدم جاز له استرجاعها، و إن كانت تالفة استرجع البدل، إذا كان الفقير عالماً بالحال، و إلا لم يجز الاسترجاع.

(مسألة 1143): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ، و لا يجوز استردادها، و إن كانت العين باقية، و إذا أعطاها غيره - متعمداً - فالظاهر الإجزاء أيضاً، و لكن كان آثماً بمخالفة نذره، ووجبت عليه الكفارة.

المبحث الثاني: في أوصاف المستحقين
وهي أمور:
الأول : الإيمان

فلا يعطى الكافر، و كذا المخالف من سهم الفقراء، وتعطى أطفال المؤمنين و مجانينهم، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم، و إن كان بنحو الصرف - مباشرة أو بتوسط أمين - فلا يحتاج إلى قبول الولي و إن كان أحوط استحباباً.

(مسألة 1144): إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته، ثم استبصر اعادها، وان كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.

الثاني : ان لايكون من أهل المعاصي

بحيث يصرف الزكاة في المعاصي، ويكون الدفع اليه إعانة على الإثم، والاحوط عدم اعطاء الزكاة لتارك الصلاة، أو شارب الخمر، أو المتجاهر بالفسق.

ص: 307

الثالث : أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي.

كالأبوين وان علوا، والأولاد وان سلفوا من الذكور أو الإناث و كذا الزوجة الدائمة - إذا لم تسقط نفقتها - والمملوك، فلا يجوز إعطاؤهم منها للإنفاق، و يجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة او مملوك، أو كان عليه دين يجب وفاؤه، أو عمل يجب أداؤه بإجارة و كان موقوفاً على المال، و أماإعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازم فالأحوط - إن لم يكن أقوى - عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسع به عليهم.

(مسألة 1145): يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه، إذا لم يكن قادراً على الإنفاق، أو لم يكن باذلاً ،بل و كذا إذا كان باذلاً مع المنة غير القابلة للتحمل عادة و الاقوى عدم وجوب الانفاق عليه، مع بذل الزكاة، ولا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة، مع بذل الزوج للنفقة حتى للتوسعة في صورة ما إذا كان الزوج باذلاً لها، بل مع إمكان إجباره، إذا كان ممتنعاً.

(مسألة 1146): يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها، سواء كان الدافع الزوج أم غيره، و كذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة 1147): يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج، و لو كان للإنفاق عليها.

(مسألة 1148): إذا عال بأحد تبرعاً جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه، من غير فرق بين القريب و الأجنبي.

ص: 308

(مسألة 1149): يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته، إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه، و إن كان الأحوط - استحباباً - الترك.

الرابع : أن لا يكون هاشمياً
اشارة

إذا كانت الزكاة من غير هاشمي و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام، حتى سهم العاملين، و سبيل الله. نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة، مثل المساجد، و منازل الزوار و المدارس، و الكتب و نحوها.

(مسألة 1150): يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار، و في تحديد الاضطرار إشكال، و قد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية و هو أيضاً مشكل، والأحوط تحديده بعدم كفاية الخمس، و سائر الوجوه يوماً فيوماً، مع الإمكان.

(مسألة 1151): الهاشمي هو المنتسب - شرعاً - إلى هاشم بالأب دون الأم، و أما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي، و كذا الخمس.

(مسألة 1152): المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة. أما الصدقات المندوبة فليست محرمة، بل كذلك الصدقات الواجبة كالكفارات، و رد المظالم، و مجهول المالك، و اللقطة و منذور الصدقة، و الموصى به للفقراء وان كان الاحوط استحباباً عدم الاعطاء.

ص: 309

(مسألة 1153): يثبت كونه هاشمياً بالعلم، و البينة، وبالشياع الموجب للاطمئنان، و لا يكفي مجرد الدعوى. و في براءة ذمة المالك - إذا دفع الزكاة إليه حينئذ - إشكال و الأظهر عدم البراءة.

فصل في بقية أحكام الزكاة

(مسألة 1154): لا يجب البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى ،و لا على أفراد صنف واحد، و لا مراعاة أقل الجمع فيجوز له إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

(مسألة 1155): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤنة النقل عليه، و إن تلفت بالنقل يضمن، و لا ضمان مع التلف بغير تفريط، إذا لم يكن في البلد مستحق، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه، فقبضها ثم نقلها بأمره، و أجرة النقل حينئذ على الزكاة.

(مسألة 1156): إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده، و لو مع وجود المستحق فيه، و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة، إذا كان فقيراً، و لا إشكال في شيء من ذلك.

(مسألة 1157): إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك، وإن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه، أو دفعها إلى غير المستحق.

(مسألة 1158): لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق، كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره، و يبقى

ص: 310

ما في ذمة الفقير قرضاً، و إذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك، و كذلك النقص عليه إذا نقص.

(مسألة 1159): إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن، و للحاكم الرجوع على أيهما شاء، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف، و إن رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك.

(مسألة 1160): دفع الزكاة من العبادات، فلا يصح الا مع نية القربة والتعيين وغيرهما مما يعتبر في صحة العبادة، وان دفعها بلا نية القربة بطل الدفع وبقيت على ملك المالك، وتجوز النية ما دامت العين موجودة فان تلفت بلا ضمان القابض وجب الدفع ثانياً، وإن تلفت مع الضمان امكن احتساب ما في الذمة زكاة، ويجوز ابقاؤها ديناً له والدفع الى ذلك الفقير.

(مسألة 1161): يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى الفقير، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل و الأحوط استمرارها إلى حين الدفع إلى الفقير.

(مسألة 1162): يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً، و تبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل و إن تلفت في يده.

(مسألة 1163): الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة، و إن كان أحوط وأفضل، نعم اذا طلبها على وجه الايجاب، بان كان هناك ما يقتضي وجوب صرفها فيه وجب على مقلديه الدفع اليه، بل على غيرهم أيضاً، اذا كان طلبه على نحو الحكم دون الفتوى، والا لم يجب الا على مقلديه.

ص: 311

(مسألة 1164): تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة، و كذا الخمس، و سائر الحقوق الواجبة، و إذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.

(مسألة 1165): الأحوط عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو خمسة دراهم و عما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب وهو نصف دينار و إن كان الأقوى الجواز.

(مسألة 1166): يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير، بل هو الأحوط - استحباباً - في الفقيه الذي يأخذه بالولاية.

(مسألة 1167): يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم، و من لا يسأل على من يسأل، و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل، و هذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم و أرجح.

(مسألة 1168): يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة. نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به و لا كراهة، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري، من ميراث وغيره.

المقصد الرابع: زكاة الفطرة

اشارة

ويشترط في وجوبها التكليف، و الحرية في غير المكاتب، و أما فيه فالأحوط عدم الاشتراط، ويشترط فيه الغني فلا تجب على الصبي والمملوك والمجنون والفقير الذي لايملك قوت سنة فعلاً أو قوة، كما تقدم في زكاة الاموال،

ص: 312

وفي اشتراط الوجوب بعدم الاغماء إشكال والاحوط عدم الاشتراط، و المشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، أو مقارناً للغروب لم تجب، و كذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب، لكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب، بل بعده أيضا ما دام وقتها باقياً.

(مسألة 1169): يستحب للفقير إخراجها أيضاً، و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثم هو على آخر يديرونها بينهم، و الأحوط عند إنتهاء الدور التصدق على الأجنبي، كما أن الأحوط إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه.

(مسألة 1170): إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه و لا تسقط عن المخالف إذا استبصر، و تجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادة

(مسألة 1171): يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به، واجب النفقة كان أم غيره، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل الظاهر الاكتفاء بكونه منظماً الى عياله ولو في وقت يسير، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال ولو كان بدون رضا صاحب الدار وبقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل عنده، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط، و أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال، و لم تجب فطرته على من دعاه واما اذا دعاه قبل الغروب فلاحوط وجوباً دفع الزكاة على من دعاه.

(مسألة 1172): إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكف ذلك في صدق كونه عياله، فيعتبر في العيال نوع من التابعية.

(مسألة 1173): من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، و إن كان الأحوط - استحباباً - عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه غفلةً أو نسياناً

ص: 313

ونحو ذلك مما يسقط معه التكليف واقعاً، وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب.

(مسألة 1174): إذا ولد له ولد بعد الغروب، لم تجب عليه فطرته، و أما إذا ولد له قبل الغروب، أو ملك مملوكاً أو تزوج امرأة، فإن كانوا عيالاً وجبت عليه فطرتهم، و إلا فعلى من عال بهم، و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط و لم تجب على المولود و المملوك.

(مسألة 1175): إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع، و مع فقر أحدهما تسقط عنه، و الأظهر عدم سقوط حصة الآخر، و مع فقرهما تسقط عنهما، فتجب على العيال إن جمع الشرائط.

(مسألة 1176): الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً في الجملة كالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والارز، والذرة، والأقط، واللبن ونحوها. والاحوط الاقتصار على الاربعة الاولى اذا كانت من القوت الغالب، والاحوط اخراج التمر ثم الزبيب، والاحوط ان يكون صحيحاً، و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان، و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب، و بلد الإخراج لا بلد المكلف.

(مسألة 1177): المقدار الواجب صاع و هو ستمائة واربعة عشر مثقالاً صيرفياً وربع مثقال، وبحسب حقة النجف يكون نصف حقة ونصف أوقية وواحد وثلاثين مثقالاً الا مقدار حمصتين، وان دفع ثلثي حقة زاد مقدار مثاقيل، وبحسب حقة الاسلامبولحقتان وثلاثة ارباع الأوقية ومثقالان الا ربع مثقال - وبحسب المن الشاهي وهو ألف ومئتان وثمانون مثقالاً نصف مَن الا خمسة وعشرين مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال. ومقدار الصاع بحسب الكيلو: ثلاثة كيلوات تقريباً. ولايجزي ما دون الصاع من الجيد وان كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد، كما لايجزي الصاع الملفق من جنسين، ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن

ص: 314

نفسه، مع ما يخرج عن عياله، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.

فصل

وقت اخراجها طلوع الفجر من يوم العيد، والاحوط اخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد، وان لم يصلها أمتد الوقت الى الزوال، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي، كما مر في زكاة الأموال، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط - استحباباً - الإتيان بها بقصد القربة المطلقة.

(مسألة 1178): الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان، و إن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض.

(مسألة 1179): يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس، أو من النقود بقيمتها. و في عدم جواز عزلها في ماله على نحو الاشاعة، وكذا عزلها في المال المشترك بينه و بين غيره على نحو الاشاعة، على الاحوط وجوباً.

(مسألة 1180): إذا عزلها تعينت، فلا يجوز تبديلها، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال

(مسألة 1181): يجوز نقلها الى غير بلد التكليف، مع عدم المستحق، أما مع وجوده فالاحوط وجوباً تركه، واذا سافر عن بلد التكليف الى غيره جاز دفعها في البلد الآخر.

فصل

مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية على الشرائط المتقدمة.

ص: 315

(مسألة 1182): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، و تحل فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره، و العبرة على المعيل دون العيال، فلو كان العيال هاشميين دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي، و إذا كان المعيل هاشمياً و العيال غير هاشميين حلت فطرته على الهاشمي.

(مسألة 1183): يجوز اعطاؤها الى المستضعف من اهل الخلاف عند عدم القدرة على المؤمن.

(مسألة 1184): يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه، و الأحوط والأفضل دفعها إلى الفقيه.

(مسألة 1185): الأحوط - استحباباً - أن لا يدفع للفقير أقل من صاع إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم، و يجوز أن يعطى الواحد أصواعاً.

(مسألة 1186): يستحب تقديم الأرحام ثم الجيران، وينبغي الترجيح بالعلم، و الدين، و الفضل.

والله سبحانه أعلم، والحمد لله رب العالمين

ص: 316

كتاب الخمس

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: فيما يجب فيه

وهي أمور:
الأول : الغنائم :

المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم، يجب فيه الخمس، إذا كان القتال بإذن الامام (علیه السلام)، بل الحكم كذلك اذا لم يكن باذنه، سواء أكان القتال بنحو الغزو للدعاء الى الاسلام أم لغيره، أو كان دفاعاً لهم عن هجومهم على المسلمين.

(مسألة 1187): ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة، أو سرقة أو ربا، أو دعوى باطلة، فليس فيه خمس الغنيمة، بل خمس الفائدة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة 1188): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصح، نعم يعتبر أن لا تكون غصباً من مسلم، أو غيره ممن هو محترم المال، و إلا وجب ردها على مالكها، أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب، أو الأمانة، أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم.

ص: 317

(مسألة 1189): يجوز أخذ مال الناصب الذي نصب العداء للنبي والائمة عليهم السلام لامطلقاً أينما وجد، والاحوط - وجوباً - وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة، لا من باب الفائدة.

الثاني : المعدن :

كالذهب، و الفضة، و الرصاص، و النحاس، و العقيق، و الفيروزج، و الياقوت، و الكحل، و الملح، و القير، و النفط، و الكبريت، و نحوها. و الأحوط إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها مما يصدق عليه اسم الارض، وكان له خصوصية في الانتفاع به وإن كان الاظهر وجوب الخمس فيها من جهة الفائدة، ولا فرق في المعدن بين ان يكون في أرض مباحة، او مملوكة.

(مسألة 1190): يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب و هو قيمة عشرين ديناراً (ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك ) سواء أ كان المعدن ذهباً أم فضة أو غيرهما، والأحوط - أن لم يكن أقوى - كفاية بلوغ المقدار المذكور، ولو قبل استثناء مؤنة الاخراج والتصفية فاذا بلغ ذلك أخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤنة.

(مسألة 1191): يعتبر في بلوغ النصاب وحدة الاخراج عرفاً، فإذا اخرجه دفعات لم يكف بلوغ المجموع النصاب، نعم ان اعرض في الاثناء ثم رجع، على نحو لم يتعدد الاخراج عرفاً كفى بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1192): إذا اشترك جماعة لايكفي بلوغ مجموع الحصص النصاب، وان كان الاخراج أحوط.

(مسألة 1193): المعدن في الارض المملوكة، اذا كان من توابعها ملك لمالكها وان أخرجه غيره بدون إذنه فهو لمالك الارض، وعليه الخمس، واذا كان في الارض المفتوحة عنوة التي هي ملك المسلمين ملكه المخرج، اذا اخرجه بإذن

ص: 318

ولي المسلمين، على الأحوط وجوباً، وفيه الخمس وما كان في الارض الموات حال الفتح يملكه المخرج وفيه الخمس.

(مسألة 1194): إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط استحباباً والاختبار مع الإمكان، و مع عدمه لا يجب عليه شئ، و كذا إذا اختبره فلم يتبين له شئ.

الثالث : الكنز :

وهو المال المذخور في موضع، أرضاً كان، أم جداراً، أم غيرهما فانه لواجده ،وعليه الخمس، هذا فيما اذا كان المال المذخور ذهباً أو فضة مسكوكين، وأما في غيرهما ففي وجوب الخمس من جهة الكنز إشكال. والوجوب احوط، ويعتبر في جواز تملك الكنز، إنه لا يعلم انه لمسلم سواء وجده في دار الحرب ام في دار الاسلام، مواتاً كانت حال أرض الفتح أم عامرة، ام في خربة باد أهلها، سواء كان عليه أثر الاسلام ام لم يكن.ويشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب، وهو اقل نصابي الذهب والفضة مالية في وجوب الزكاة، و لا فرق بين الإخراج دفعة و دفعات. و يجري هنا أيضاً استثناء المؤنة، و حكم بلوغ النصاب قبل استثنائها وحكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب كما تقدم في المعدن، و إن علم أنه لمسلم، فان كان موجوداً وعرفه دفعه اليه، وان جهله وجب عليه التعريف على الاحوط، فان لم يعرف المالك أو كان المال ما لايمكن تعريفه تصدق به عنه على الاحوط وجوباً. واذا كان المسلم قديماً فالاظهر ان الواجد يملكه، وفيه الخمس، والاحوط - استحباباً - إجراء حكم ميراث من لاوارث له عليه.

(مسألة 1195): إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له فإن ملكها بالإحياء كان الكنز له، وعليه الخمس، الا ان يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الاحكام المتقدمة،، و إن ملكها بالشراء و نحوه فالاحوط ان يعرفه المالك السابق واحداً أو متعددأً. فإن عرفه دفعه إليه و إلا عرفه السابق، مع العلم

ص: 319

بوجوده في ملكه ،وهكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، اذا لم يعلم أيضاً انه لمسلم موجود أو قديم، والا جرت عليه الاحكام المتقدمة، وكذا اذا وجده في ملك غيره، اذا كان تحت يده باجارة ونحوها، فانه يعرفه المالك فان عرفه دفعه اليه، والا فالاحوط - وجوباً - ان يعرفه السابق، مع العلم بوجوده في ملكه، وهكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده الا ان يعلم انه لمسلم موجود او قديم فيجري عليه ما تقدم.

(مسألة 1196): إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالاً عرفه البائع فان لم يعرفه كان له، وكذا الحكم في الحيوان غير الدابة، مما كان تحت يد البائع، واما اذا اشترى سمكة ووجد في جوفها مالاً، فهو له من دون تعريف، ولا يجب في جميع ذلك الخمس بعنوان الكنز، بل يجري عليه حكم الفائدة والربح.

الرابع : ما أخرج من البحر بالغوص :

من الجوهر وغيره، لا مثل السمك و غيره من الحيوان.

(مسألة 1197): الاحوط وجوباً الخمس فيه وان لم تبلغ قيمته ديناراً.

(مسألة 1198): إذا أخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه.

(مسألة 1199): الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.

(مسألة 1200): لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن أخرج بالغوص، و الأحوط وجوبه فيه إن أخذ من وجه الماء أو الساحل.

ص: 320

الخامس: الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم :

فانه يجب فيها الخمس على الاقوى، ولا فرق بين الارض الخالية وأرض الزرع وارض الدار، وغيرها. ولا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الارض، بل اذا وقع على مثل الدار او الحمام، أو الدكان وجب الخمس في الارض، كما انه لايختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاوضات او الانتقال المجاني.

(مسألة 1201): اذا اشترى الارض ثم اسلم لم يسقط الخمس، وكذا اذا باعها من مسلم، فاذا اشتراها منه - ثانياً - وجب خمس آخر، فان كان الخمس الاول دفعه من العين كان الخمس الثاني خمس الاربعة أخماس الباقية، وان كان دفعه من غير العين كان الخمس الثاني خمس تمام العين، نعم اذا كان المشتري من الشيعة جاز له التصرف فيها، من دون اخراج الخمس.

(مسألة 1202): يتعلق الخمس برقبة الارض المشتراة، ويتخير الذمي بين دفع خمس العين ودفع قيمتها، فلو دفع احدهما وجب القبول، واذا كانت الارض مشغولة بشجرة او بناء، فان اشتراها على ان تبقى مشغولة بما فيها باجرة أو مجاناً قوم خمسها كذلك، وان اشتراها على ان يقلع ما فيها قوم أيضاً كذلك.

(مسألة 1203): اذا اشترى الذمي الارض، وشرط على المسلم البائع ان يكون الخمس عليه، أو أن لا يكون فيها الخمس بطل الشرط. وان اشترط ان يدفع الخمس عنه صح الشرط، ولكن لايسقط الخمس الا بالدفع.

السادس : المال المخلوط بالحرام :

إذا لم يتميز و لم يعرف مقداره، ولا صاحبه فانه يحل باخراج خمسه، والاحوط صرفه بقصد الاعم من المظالم والخمس فان علم المقدار ولم يعلم المالك تصدق به عنه سواء أكان الحرام بمقدار الخمس، ام كان أقل منه، أم كان

ص: 321

اكثرمنه والاحوط - وجوباً - ان يكون باذن الحاكم الشرعي. وان علم المالك وجهل المقدار فيمكن التعيين بالقرعة والمصالحة.

(مسألة 1204): إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور فالاحوط التخلص من الجميع باسترضائهم، فان لم يمكن ففي المسألة وجوه، أقربها العمل بالقرعة في تعيين المالك، وكذا الحكم اذا لم يعلم قدر المال، وعلم صاحبه في عدد محصور.

(مسألة 1205): إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس، فإن علم جنسه و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه، و إن لم يعرفه، فإن كان في عدد محصور، فالأحوط - وجوباً - استرضاء الجميع، و إن لم يمكن عمل بالقرعة، و إن كان في عدد غير محصور تصدق به عنه، و الأحوط - وجوباً - أن يكون بإذن الحاكم الشرعي، و إن علم جنسه وجهل مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل. فإن عرف المالك ردهإليه و إلا فإن كان في عدد محصور، فالأحوط - وجوباً - استرضاء الجميع، فإن لم يمكن رجع إلى القرعة، و إلا تصدق به عن المالك، و الأحوط - وجوباً - أن يكون بإذن الحاكم، و إن لم يعرف جنسه و كان قيمياً و كانت قيمته في الذمة فالحكم كما لو عرف جنسه، وان لم يعرف جنسه وكان مثلياً، فان أمكن المصالحة مع المالك تعين ذلك، والا فلا يبعد بالقرعة بين الاجناس.

(مسألة 1206): إذا تبين المالك بعد دفع الخمس فالظاهر عدم الضمان له.

(مسألة 1207): إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضاً، و إذا علم أنه أنقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.

ص: 322

(مسألة 1208): إذا كان الحرام المختلط من الخمس، أو الزكاة أو الوقف العام، أو الخاص لا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة، أو الوقف على أحد الوجوه السابقة.

(مسألة 1209): إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه، بالإتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته، وحينئذ ان عرف قدره دفعه الى مستحقه، وان تردد بين الاقل والاكثر جاز له الاقتصار على الاقل والاحوط دفع الاكثر.

السابع : ما يفضل عن مؤونة سنته.

له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات، و التجارات، و الإجارات و حيازة المباحات، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية، و الجائزة، و المال الموصى به، و نماء الوقف الخاص أو العام والميراث الذي لايحتسب، والظاهر عدم وجوبه في المهر، وفي عوض الخلع.

(مسألة 1210): الأحوط - إن لم يكن أقوى - إخراج خمس ما زاد عن مؤونته مما ملكه بالخمس أو الزكاة أو الكفارات أو رد المظالم أو نحوها

(مسألة 1211): إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها، و قد أداه فنمت، و زادت زيادة منفصلة، كالولد، و الثمر، و اللبن، و الصوف، و نحوها مما كان منفصلاً، او بحكم المنفصل - عرفاً - فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة أيضاً، كنمو الشجر وسمن الشاة اذا كانت الزيادة مالية عرفاً، وأما اذا ارتفعت قيمتها السوقية - بلا زيادة عينية - فإن كان الأصل قد اشتراه وأعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور، وان لم يكن قد اشتراه للتجارة لم يجب الخمس في الارتفاع، واذا باعه

ص: 323

بالسعر الزائد لم يجب الخمس في الزائد من الثمن، كما إذا ورث من أبيه بستاناً قيمته مائة دينار فزادت قيمته، وباعه بمائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة. و إن كان قد اشتراه بمائة دينار، و لم يعده للتجارة فزادت قيمته، و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة، نعم إذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة، و تكون من أرباح سنة البيع.فأقسام ما زادت قيمته ثلاثة :

الأول : ما يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن لم يبعه، و هو ما اشتراه للتجارة.

الثاني : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالإرث و نحوه، مما لم يتعلق به الخمس بماله من المالية للتجارة.

و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة فيما اذا لم يكن متعلقاً للخمس من الاول، أو كان متعلقاً للخمس وقد أداه من نفس المال و أما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس من ذلك المال، و يجري على الخمس الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالشراء.

الثالث : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، و هو ما ملكه بالشراء او نحو ذلك، بقصد الاقتناء لا التجارة.

(مسألة 1212): الذين يملكون الغنم يجب عليهم - في آخر السنة - إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم من نماء الغنم من الصوف، و السمن، و اللبن، و السخال المتولدة منها، و إذا بيع شئ من ذلك في أثناء السنة و بقي شئ من ثمنه وجب إخراج خمسه أيضاً، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات، فإنه يجب تخميس ما يتولد منها، إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو ثمنه.

ص: 324

(مسألة 1213): إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً و شجراً للانتفاع بثمره لم يجب إخراج خمسه، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس كالموروث، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو مالاً فيه الخمس - كأرباح السنة السابقة - و لم يخرج خمسه. نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة - قبل تمام السنة - وجب إخراج خمس نفس تعمير البستان بعد استثناء مؤنة السنة، ووجب أيضاً الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، و السعف، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضاً على ما عرفت، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل : الفسائل التي تنبت فيقلعها و يغرسها، و كذا إذا نبت جديداً لا بفعله، كالفسيل و غيره، إذا كان له مالية. و بالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مؤونة سنته، و لا يجب الخمس في ارتفاع القيمة في هذه الصورة. نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل، و أجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع ،و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصلة في آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت

(مسألة 1214): إذا اشترى عيناً للتكسب بها فزادت قيمتها في أثناء السنة، و لم يبعها غفلة، أو طلباً للزيادة، أو لغرض آخر، ثم رجعت قيمتها في رأس السنة على رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة، بل إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة، ولم يبعها من دونعذر وبعدها نقصت قيمتها لم يضمن النقص. نعم يجب عليه أداء الخمس من الباقي بالنسبة.

(مسألة 1215): المؤنة المستثناة من الأرباح، و التي لا يجب فيها الخمس أمران : مؤنة تحصيل الربح، و مؤنة سنته، و المراد من مؤنة التحصيل كل مال

ص: 325

يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجرة الحمال، و الدلال، و الكاتب، و الحارس، و الدكان، و ضرائب السلطان، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح، ثم يخمس الباقي، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلاً إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين، و المائتان الباقيتان من المؤنة. و المراد من مؤنة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله، أم في صدقاته و زياراته، و هداياه و جوائزه المناسبة له، أم في ضيافة أضيافه، أم وفاءاً بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ، أو فيما يحتاج إليه من دابة وجارية و كتب و أثاث، أو في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك، فالمؤنة كل مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه على نحو الوجوب، أم الاستحباب، أم الإباحة، أم الكراهة. نعم لابد في المؤنة المستثناة من الصرف فعلاً فإذا قتّر على نفسه لم يحسب له، كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المؤنة، و أيضاً لابد أن يكون الصرف على النحو المتعارف فإن زاد عليه وجب خمس التفاوت، و إذا كان المصرف سفهاً و تبذيراً لا يستثنى المقدار المصروف، بل يجب فيه الخمس، والظاهر أن المصرف اذا كان راجحاً شرعاً لم يجب فيه الخمس وان كان غير متعارف من مثل المالك مثل عمارة المساجد، والانفاق على الضيوف ممن هو قليل الربح.

ص: 326

(مسألة 1216): رأس سنة المؤنة وقت ظهور الربح، وإن لكل ربح سنة تخصه، ومن الجائز ان يجعل الانسان لنفسه رأس سنة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة، وإن كانت من أنواع، كالتجارة و الإجارة و الزراعة ،وغيرها و يخمس ما زاد على مؤنته، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مؤنته في آخر تلك السنة.

(مسألة 1217): ان من كان بحاجة الى راس مال، لاعاشة نفسه وعياله فحصل على مال لايزيد على مؤنة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، فالظاهر انه من المؤونة، فيجوز اتخاذ رأس مال، والاتجار به لاعاشة نفسه وعائلته من ارباحها، فإن زاد الربح على المؤنة خمس الزائد وان لم يزد عليها لم يجب عليه شيء، وان كان قد حصل على مايزيد على مؤنة سنته جاز له أن يتخذ مقدار مؤنته من ذلك المال رأس مال له،يتجر به لاعاشة نفسه وعائلته، ولايجب الخمس في ذلك المقدار حينئذ، وانما يجب في الباقي، وفيما يزيد على مؤنته من ارباح ذلك المال.

وأما من لم يكن بحاجة الى اتخاذ رأس مال للتجارة، لاعاشة نفسه وعياله كمن كان عنده رأس مال بمقدار الكفاية، أو لم يكن محتاجاً في اعاشته وعائلته الى التجارة لم يجزله ان يتخذ من ارباحه رأس مالٍ للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه إخراج خمسه أولاً ثم اتخاذه رأس مال له، وفي حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من الآت الصناعة، والزارع من آلات الزراعة. فقد يجب إخراج خمس ثمنها وقد لايجب، فان وجب إخراج خمس ثمنها ونقصت آخر السنة تلاحظ القيمة آخر السنة.

(مسألة 1218): كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج معدن استثنى ذلك من

ص: 327

المخرج. و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، و من ذلك النقص الوارد على المصانع، و السيارات، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

(مسألة 1219): لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول و المشروب، و ما ينتفع به - مع بقاء عينه - مثل الدار و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها، فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح، و إن بقيت للسنين الآتية. نعم إذا كان عنده شئ منها قبل الاكتساب، لا يجوز استثناء قيمته، بل حاله حال من لم يكن محتاجاً إليها.

(مسألة 1220): يجوز إخراج المؤنة من الربح، و إن كان له مال غير مال التجارة فلا يجب إخراجها من ذلك المال، و لا التوزيع عليهما.

(مسألة 1221): إذا زاد ما اشتراه للمؤنة من الحنطة، والشعير، والسمن، والسكر، وغيرها وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، سواء أكان الاستغناء عنها بعد السنة، كما في حلي النساء التي يستغنى عنه في عصر الشيب، أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، فإن كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة، وما لم تكن كذلك.

(مسألة 1222): إذا كانت الأعيان المصروفة في مؤنة السنة قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها - حين الاستهلاك في أثناء السنة - لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك، بل يستثنى قيمة الشراء.

ص: 328

(مسألة 1223): ما يدخره من المؤن، كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شئ إلى السنة الثانية - و كان أصله مخمساً - لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح.

(مسألة 1224): إذا اشترى بعين الربح شيئاً، فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه، و الأحوط - استحباباً - مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال، و كذا إذا اشتراه عالماً بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة، و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة بنمائها، فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها، بل قيمتها و إن كانت أقل منه، و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة، ثم وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة، و إن كان الأحوط - استحباباً - في الجميع ملاحظة الثمن.

(مسألة 1225): من جملة المؤن مصارف الحج واجباً كان أو مستحباً و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج - و لو عصياناً - وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له، وإذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا، أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه. نعم إذا لم يحج - و لو عصيانا - وجب إخراج خمسه.

(مسألة 1226): إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، و في الثانية خشباً و حديداً، و في الثالثة آجراً مثلاً، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لأنه مؤنة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى، فعليه خمس تلك الأعيان.

(مسألة 1227): إذا آجر نفسه سنين، كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها، و ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك

ص: 329

السنين، و أما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع، و وجب فيه الخمس بعد المؤنة، و بعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة، مثلاً : إذا كان له بستان قيمته ألف دينار، فباع ثمرته عشر سنين بأربعمائة دينار، و صرف منها في مؤنته مائة دينار فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار لم يجب الخمس في تمامه، بل لابد من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين، فإذا فرضنا أن قيمته صارت لاتزيد عن ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في مائة دينار فقط، و بذلك يظهر الحال فيما إذا آجر داره - مثلاً - سنين متعددة.

(مسألة 1228): إذا دفع من السهمين أو أحدهما، ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فإن كان ما دفعه من أرباح هذه السنة حسب المدفوع من الارباح ووجب إخراج خمس الجميع.

(مسألة 1229): أداء الدين من المؤنة سواء أ كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها، والاحوط وجوب اخراج الخمس قبل الاداء خصوصاً اذا كان متمكناً من الاداء ولم يؤد.

(مسألة 1230): إذا اشترى ما ليس من المؤنة بالذمة، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجوداً، و لم يكن من المؤنة لم يجز له أداء دينه من أرباح سنته، بل يجب عليه التخميس وأداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس.

(مسألة 1231): إذا اتجر برأس ماله - مراراً متعددة في السنة - فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت، و ربح في آخر، فان كان الخسران بعد الربح أو مقارناً له يجبر الخسران بالربح، فان تساوى الخسران والربح فلا خمس، و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة، و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و

ص: 330

صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة. اما اذا كان الربح بعد الخسران فالاحوط أن لم يكن أقوى عدم الجبر ويجري الحكم المذكور فيما إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة، كما اذا اشترى ببعضه حنطة، وببعضه سمناً فخسر في احدهما وربح في الاخر، وكذا الحكم فيما اذا تلف بعض رأس المال، او صرفه في نفقاته، بل اذا انفق من ماله غير مال التجارة في مؤنته بعد حصول الربح جاز له ان يجبر ذلك من ربحه، وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، وانما عليه خمس الزائد لاغير، وكذلك حال أهل المواشي، فانه اذا باع بعضها لمؤنته، أو مات بعضها أو سرق فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك، ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد على الأمهات بقيمة السخال المتولدة، فإنه يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة، من الصوف و السمن و اللبن و غير ذلك، فيجبر النقص، و يخمس ما زاد على الجبر، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال - مع أرباحه الأخرى - لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

(مسألة 1232): اذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة والزراعة فربح في احدهما وخسر في الآخر، ففي جبر الخسارة بالربح إشكال، و الأحوط عدم الجبر.

(مسألة 1233): إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب، و لا من مؤنته ففي الجبر - حينئذ - إشكال، و الأظهر عدم الجبر.

(مسألة 1234): إذا انهدمت دار سكناه، أو تلف بعض أمواله - مما هو من مؤنته - كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و نحو ذلك، ففي الجبر من الربح إشكال، و الأظهر عدم الجبر. نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، و يكون ذلك من التصرف في المؤنة المستثناة من الخمس.

ص: 331

(مسألة 1235): لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، لم يسقط الخمس إلا إذا كان من شأنه أن يقيله هذا اذا وقعت الاقالة في سنة الربح أما اذا وقعت في السنة اللأحقة ففيه اشكال

(مسألة 1236): إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف الخمس، و رجع عليه الحاكم، و كذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاءً لدين أو هبة، أو عوضاً لمعاملة، فإنه ضامن للخمس، و يرجع الحاكم عليه، و لا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المالإذا كان مؤمناً، و إذا كان ربحه حَبّاً فبذره فصار زرعاً وجب خمس الحب لا خمس الزرع، و إذا كان بيضاً فصار دجاجاً وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج، و إذا كان ربحه أغصاناً فغرسها فصارت شجراً وجب عليه خمس الشجر لا خمس الغصن، فالتحول إذا كان من قبيل التولد وجب خمس الاول واذا كان من قبيل النمو وجب خمس الثاني.

(مسألة 1237): إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية. نعم يجوز له أن يرجع به على الفقير، مع بقاء عينه، وكذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 1238): إذا جاء رأس الحول، و كان ناتج بعض الزرع حاصلاً دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، و يخمس بعد إخراج المؤن، و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم إذا كان له أصل موجود له قيمة أخرج خمسه في آخر السنة. والفرع يكون من ارباح السنة اللاحقة، مثلاً في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل وبعضه قصيل لا سنبل له، وجب اخراج خمس الجميع، واذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها، لا من أرباح السنة السابقة.

ص: 332

(مسألة 1239): إذا كان الغوص و إخراج المعدن مكسباً كفاه إخراج خمسهما، و لا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب.

(مسألة 1240): المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس إذا عال بها الزوج وكذا إذا لم يعل بها الزوج ،و زادت فوائدها على مؤونتها، بل و كذا الحكم إذا لم تكتسب، و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال ؛ و بالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها، قليلاً كان أم كثيراً، و يخرج خمسه، كاسباً كان أم غير كاسب.

(مسألة 1241): الظاهر عدم اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز، و الغوص، و المعدن، والارض التي يشتريها الذمي من المسلم، فلا يجب الخمس في مال الصبي والمجنون على الولي، ولا عليهما بعد البلوغ والافاقة. وان كان الاحوط استحباباً اخراج الخمس بعد البلوغ، غير الحلال المختلط بالحرام فانه فيجب على الولي إخراج الخمس، و إن لم يخرج فيجب عليهما الإخراج بعد البلوغ و الإفاقة.

(مسألة 1242): إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤنة، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح، و أما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة، و أما إذا كان الشراء في الذمة، كما هو الغالب، و كان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به،و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته، ما لم يبعه، و إذا علم أنه ادى الثمن من ربح لم يخمسه، و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب الخمس في ارتفاع القيمة ايضاً، او كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس الا بمقدار الثمن فقط، فالاحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي.

ص: 333

(مسألة 1243): إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين و قد ربح فيها و استفاد أموالاً، و اشترى منها أعياناً و أثاثاً، و عمر دياراً ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الفوائد فالواجب عليه إخراج الخمس من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه، مما لم يكن معدوداً من المؤنة، مثل الدار التي لم يتخذها دار سكنى و الأثاث الذي لا يحتاج إليه أمثاله، و كذا الحيوان و غيرها على تفصيل مر في المسألة السابقة، أما ما يكون معدوداً من المؤنة مثل دار السكنى و الفراش و الأواني اللازمة له و نحوها، فإن كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد اشتراه فيها لم يجب إخراج الخمس منه، و إن كان قد اشتراه من ربح السنة السابقة، بأن كان لم يربح في سنة الشراء أو كان ربحه لا يزيد على مصارفه اليومية وجب عليه إخراج خمسه، على التفصيل المتقدم، و إن كان ربحه يزيد على مصارفه اليومية، لكن الزيادة أقل من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه إخراج خمس مقدار التفاوت، مثلاً إذا عمر داراً لسكناه بألف دينار و كان ربحه في سنة التعمير يزيد على مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب إخراج خمس ثمانمائة دينار، و كذا إذا اشترى أثاثاً بمائة دينار، و كان قد ربح زائداً على مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة والاثاث الذي اشتراه محتاج اليه، وجب تخميس تسعين ديناراً، و إذا لم يعلم أن الأعيان التي اشتراها، وكان محتاجاً اليها يساوي ثمنها ربحه في سنة الشراء أو أقل منه. أو أنه لم يربح في سنة الشراء زائداً على مصارفه اليومية فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي، و إذا علم أنه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه، و أنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة وجب إخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة.

(مسألة 1244): قد عرفت أن رأس السنة أول ظهور الربح لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف

ص: 334

رأس سنة جديدةً للأرباح الاتية، و يجوز جعل السنة عربية ورومية وفارسية وغيرها.

(مسألة 1245): يجب على كل مكلف - في آخر السنة - أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مؤنته مما ادخره في بيته لذلك، من الأرز، و الدقيق، و الحنطة، و الشعير و السكر، و الشاي، و النفط، و الحطب، و الفحم، و السمن، و الحلوى، و غير ذلك من أمتعة البيت، مما أعد للمؤنة فيخرج خمس ما زاد من ذلك. نعم إذا كان عليه دين استدانه لمؤنة السنة و كان مساوياً للزائد لم يجب الخمس في الزائد، و كذا إذا كان أكثر، أما إذا كان الدين أقل أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير، و إذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية، فوفى الدين في أثنائها صارت معدودة من أرباح السنة الثانية، فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مؤنة تلك السنة، و كذا الحكم إذا اشترى أعياناً لغير المؤنة - كبستان - و كان عليه دين للمؤنة يساويها لم يجب إخراج خمسها، فإذا وفى الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها، و وجب إخراج خمسها آخر السنة، و إذا اشترى بستاناً- مثلاً - بثمن في الذمة مؤجلاً فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس البستان، فإذا وفى تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية و وجب إخراج خمسها، و إذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة، و وجب إخراج خمس النصف، و إذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة، و هكذا كلما وفى جزءاً من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة ولكن الأظهر في هذه الصور عدم وجوب الخمس في نفس الاعيان والبستان وانما يجب تخميس ما يؤديه وفاءاً لديه هذا إذا كان ذاك الشئ موجوداً، أما إذا تلف فلا خمس فيما يؤديه لوفاء الدين، و كذا إذا ربح في سنة مائة دينار - مثلاً - فلم يدفع خمسها العشرين ديناراً حتى جاءت السنة الثانية، فدفع من أرباحها عشرين

ص: 335

ديناراً وجب عليه خمس العشرين ديناراً التي هي الخمس، مع بقائها، لا مع تلفها، و إذا فرض أنه اشترى داراً للسكنى فسكنها، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار، و كذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار، و يجري هذا الحكم في كل ما اشترى من المؤن بالدين.

(مسألة 1246): إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية - مثلاً - في وجه من وجوه البر، وجب عليه الوفاء بنذره، فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه، و إن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه، بعد إكمال مؤنته.

(مسألة 1247): إذا كان رأس ماله مائة دينار مثلاً فاستأجر دكاناً بعشرة دنانير، و اشترى آلات للدكان بعشرة، و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الآلات فقط، و لا يجب إخراج خمس أجرة الدكان، لأنها من مؤنة التجارة، و كذا أجرة الحارس، و الحمال، و الضرائب التي يدفعها إلى السلطان، و السرقفلية التي يدفعها للحصول على الدكان، فإن هذه المؤن مستثناة من الربح. و الخمس إنما يجب فيما زاد عليها، كما عرفت. نعم إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقاً في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة، و إخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية، و ربما تنقص، و ربما تساوي.

(مسألة 1248): إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه تدريجاً من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن بل يجب فيه الخمس، وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة فان وفاءه من ارباح السنة الثانية لايكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس اذا كان مال المصالحة عوضاً عن خمس

ص: 336

عين موجودة، واذا كان عوضاً عن خمس عين أو اعيان تالفة فوفاؤه يحسب من المؤن، ولا خمس فيه.

(مسألة 1249): إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمة الناس، فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه، و إن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة، فإذا استوفاه أخرج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة، لا من أرباحسنة الاستيفاء، و بين أن يقدر مالية الديون فعلاً فيدفع خمسها، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء.

(مسألة 1250): يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة - احتياطاً - للمؤنة، فإذا أتلفه ضمن الخمس، و كذا إذا أسرف في صرفه، أو وهبه، أو اشترى أو باع على نحو المحاباة، إذا كانت الهبة، أو الشراء، أو البيع غير لائقة بشأنه، و إذا علم أنه ليس عليه مؤنة في باقي السنة، فالأحوط - استحباباً - أن يبادر إلى دفع الخمس، و لا يؤخره إلى نهاية السنة.

(مسألة 1251): إذا مات المكتسب - أثناء السنة بعد حصول الربح - فالمستثنى هو المؤنة إلى حين الموت، لإتمام السنة.

(مسألة 1252): إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه على الاحوط، و إذا علم أنه أتلف مالاً له قد تعلق به الخمس وجب إخراج خمسه من تركته، كغيره من الديون.

(مسألة 1253): إذا اعتقد أنه ربح، فدفع الخمس فتبين عدمه، انكشف أنه لم يكن خمس في ماله، فيرجع به على المعطى له مع بقاء عينه، و كذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال، وأما إذا ربح في أول السنة، فدفع الخمس باعتقاد عدم

ص: 337

حصول مؤنة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة، لم يجز له الرجوع إلى المعطى له، حتى مع بقاء عينه فضلاً عما إذا تلفت.

(مسألة 1254): الخمس بجميع أقسامه و إن كان يتعلق بالعين، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين و دفع قيمتها، و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه بل الاحوط - وجوباً - عدم التصرف في بعضها أيضاً و إن كان مقدار الخمس باقياً في البقية، و إذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي صح، و يسقط الحق من العين، فيجوز التصرف فيها.

(مسألة 1255): لا بأس بالشركة مع من لا يخمس، إما لاعتقاده - لتقصير أو قصور - بعدم وجوبه، أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين، و لا يلحقه وزر من قبل شريكه. و يجزيه أن يخرج خمسه من حصته في الربح.

(مسألة 1256): يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس، لكنه اذا اتجر بها عصياناً أو لغير ذلك فالظاهر صحة المعاملة اذا كانت في الذمة اما اذا كانت بنفس العين فالمعاملة بالنسبة الى مقدار الخمس غير صحيحة.

المبحث الثاني: مستحق الخمس و مصرفه

(مسألة 1257): يقسم الخمس في زماننا - زمان الغيبة - نصفين، نصف لإمام العصر الحجة المنتظر - عجل الله تعالى فرجه و جعل أرواحنا فداه - و نصف لبني هاشم : أيتامهم، و مساكينهم، و أبناء سبيلهم، و يشترط في هذه الأصناف جميعاً الإيمان، كمايعتبر الفقر في الأيتام، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم، و لو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض و نحوه على ما عرفت في الزكاة. و الأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية و لا يعطى

ص: 338

أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده، والأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم وان كان الاحوط عدم الاعطاء للمتجاهر بالفسق.

(مسألة 1258): الأحوط - إن لم يكن أقوى - أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤنة سنته، و يجوز البسط و الاقتصار على إعطاء صنف واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف.

(مسألة 1259): المراد من بني هاشم من انتسب إليه بالأب، أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة، و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي و إن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي.

(مسألة 1260): لا يُصدَّق من ادعى النسب إلا بالبينة، و يكفي في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده، كما يكفي كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان به.

(مسألة 1261): لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي على الأحوط. نعم إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك.

(مسألة 1262): يجوز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور والاحوط استحباباً الدفع الى الحاكم الشرعي او الاستدانة في الدفع الى المستحق.

(مسألة 1263): النصف الراجع للإمام عليه و على آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه و هو الفقيه المأمون العارف بمصارفه إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه، و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفاً و غيرهم، و الأحوط استحباباً نية التصدق به عنه عليه السلام، و اللازم مراعاة الأهم فالأهم. و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدين و رفع أعلامه، و ترويج الشرع المقدس، و نشر قواعده و

ص: 339

أحكامه و مؤنة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين، و إرشاد الضالين، و نصح المؤمنين و وعظهم، و إصلاح ذات بينهم، و نحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم و تكميل نفوسهم، و علو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه و تقدست أسماؤه، و الأحوط لزوماً مراجعة المرجع الأعلم المطلع على الجهات العامة.

(مسألة 1264): يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلاً و تسامحاً في أداء الخمس و يجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير و إن كان هو في البلد الآخر كما يجوز دفعه إلى وكيل الحاكم الشرعي، و كذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله إليه.

(مسألة 1265): إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فاللازم عدم التساهل و التسامح في اداء الخمس والاحوط تحري اقرب الأزمنة في الدفع سواء أكان بلد المالك أم المال أم غيرهما.

(مسألة 1266): في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال، و عليه فإذا نقله إلى بلد لعدم وجود المستحق فتلف بلا تفريط يشكل فراغ ذمة المالك، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته، و لو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 1267): إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس إشكال، فالأحوط وجوباً الاستئذان من الحاكم الشرعي في احتساب المذكور.

ص: 340

كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

اشارة

من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ).

وقال النبي صلى الله عليه و آله: (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، و فسق شبابكم، و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر فقيل له : و يكون ذلك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه و آله : نعم فقال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، و نهيتم عن المعروف فقيل له : يا رسول الله و يكون ذلك ؟ فقال : نعم و شر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً و المنكر معروفاً ؟).

و قد ورد عنهم - عليهم السلام: - أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و تمنع المظالم، و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم، و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف، و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء.

(مسألة 1268): يجب الأمر بالمعروف الواجب، والنهي عن المنكر وجوباً كفائياً، إن قام به واحد سقط عن غيره، واذا لم يقم به واحد أثم الجميع واستحقوا العقاب.

(مسألة 1269): إذا كان المعروف مستحباً كان الأمر به مستحباً، فإذا أمر به كان مستحقاً للثواب، و إن لم يأمر به لم يكن عليه إثم و لا عقاب

ص: 341

يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب، و النهي عن المنكر أمور :

الأول : معرفة المعروف و المنكر و لو إجمالاً، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف و المنكر.

الثاني : احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فإذا لم يحتمل ذلك، و علم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي، و لا يكترث بهما لا يجب عليه شيء.

الثالث : أن يكون الفاعل مصراً على ترك المعروف، و ارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على الاقلاع وترك الاصرار لم يجب شيء، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً ولم يعلم انه مصر على ترك الواجب أو فعل الحرام ثانياً، أو انه منصرف عن ذلك او نادم عليه لم يجب عليه شيء، هذا بالنسبة الى من ترك المعروف او ارتكب المنكر خارجاً، واما من يريد ترك المعروف، او ارتكاب المنكر فيجب امره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وان لم يكن قاصداً الا المخالفة مرة واحدة.

الرابع : أن يكون المعروف و المنكر منجزاً في حق الفاعل، فإن كان معذوراً في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتقاد أن ما فعله مباح و ليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، و كان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهاداً، أو تقليداً لم يجب شيء.

الخامس: أن لايلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر في النفس، أوفي العرض، أو في المال، على الآمر، أو على غيره من المسلمين، فاذا لزم الضرر عليه، أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء. والظاهر أنه لافرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف. هذا فيما اذا لم يحرز تأثير الامر او النهي وأما اذا احرز ذلك فلابد من

ص: 342

رعاية الاهمية فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر ايضاً، فضلاً عن الظن به أواحتماله.

(مسألة 1270): لا يختص وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء و غيرهم، و العدول و الفساق، و السلطان و الرعية، و الأغنياء و الفقراء، وقد تقدم انه ان قام به واحد سقط الوجوب عن غيره، وان لم يقم به أحد أثم الجميع، واستحقوا العقاب.

للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب :

الأولى : الانكار بالقلب، بمعنى إظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف، إما باظهار الانزعاج من الفاعل، أو الإعراض و الصد عنه، أو ترك الكلام معه، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.الثانية : الانكار باللسان و القول، بأن يعظه و ينصحه، و يذكر له ما أعد الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم، أو يذكر له ما أعده الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم

الثالثة : الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد، و المشهور الترتب بين هذه المراتب، فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، و إلا أنكر باللسان، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده، و لكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما، و قد يلزمه الجمع بينهما. و أما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين، و الأحوط بل الأقوى في الأقسام الثلاثة الترتيب بين مراتبه فلا ينتقل إلى الأشد إلا إذا لم يكف الأخف.

ص: 343

(مسألة 1271): إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح و القتل وجهان، بل قولان أقواهما العدم، و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فإن الأقوى عدم جواز ذلك، و إذا أدى الضرب إلى ذلك - خطأ أو عمداً - فالأقوى ضمان الآمر و الناهي لذلك، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، إن كان عمداً، و الخطأية إن كان خطأ. نعم يجوز للإمام و نائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله، و حينئذ لا ضمان عليه.

(مسألة 1272): يتأكد وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلى أهله، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات، كالصلاة و أجزائها و شرائطها، بأن لا يأتوا بها على وجهها، لعدم صحة القراءة و الأذكار الواجبة، أو لا يتوضأوا وضوءاً صحيحاً أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم، حتى يأتوا بها على وجهها، و كذا في الحال بقية الواجبات، وكذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة، و العدوان من بعضهم على بعض، أو على غيرهم، أو غير ذلك من المحرمات، فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية.

(مسألة 1273): إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق، و علم أنه غير مصر عليها لكنه لم يتب منها وجب أمره بالتوبة، فإنها من الواجب، وتركها كبيرة موبقة، هذا مع التفات الفاعل إليها، أما مع الغفلة ففي وجوب أمره بها إشكال، و الأحوط - استحباباً - ذلك.

فائدة :

ص: 344

قال بعض الأكابر قدس سره : إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعلاها و أتقنها و أشدها، خصوصاً بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه، و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه، و يستكمل نفسهبالأخلاق الكريمة، و ينزهها عن الأخلاق الذميمة، فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف، و نزعهم المنكر، خصوصاً إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة، فإن لكل مقام مقالاً، و لكل داء دواءً، وطب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة، و حينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ختام وفيه مطلبان :

المطلب الأول : في ذكر أمور هي من المعروف :

منها : الاعتصام بالله تعالى، قال الله تعالى : (( و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )) و قال أبو عبد الله (عليه السلام): (أوحى الله عز و جل إلى داود : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات و الأرض و من فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن).

ومنها : التوكل على الله سبحانه، الرؤوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحهم و القادر على قضاء حوائجهم. و إذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل؟ أعلى نفسه ؟ أم على غيره مع عجزه و جهله ؟ قال الله تعالى : ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (الغنى و العز يجولان، فإذا ظفرا بموضع من التوكل أوطنا).

ومنها : حسن الظن بالله تعالى، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما قال : (والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده

ص: 345

المؤمن، لأن الله كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه و رجاءه، فأحسنوا بالله الظن و ارغبوا إليه).

ومنها : الصبر عند البلاء، و الصبر عن محارم الله، قال الله تعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ))، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث: (فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، و اعلم أن النصر مع الصبر، و أن الفرج مع الكرب، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً )، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان)، وقال (عليه السلام) أيضاً : (الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل، و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله تعالى عليك).

ومنها : العفة، قال أبو جعفر (عليه السلام) : (ما عبادة أفضل عند الله من عفة بطن و فرج)، و قال أبو عبد الله (عليه السلام) : (إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر) عليه السلام

ومنها : الحلم، قال رسول الله (صلى الله وآله وسلم): (ما أعز الله بجهل قط، ولا أذل بحلم قط)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أول عوض الحليم من حلمه أن الناسأنصاره على الجاهل ) وقال الرضا (عليه السلام) أنه قال : (لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليما).

و منها : التواضع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من تواضع لله رفعه الله و من تكبر خفضه الله، و من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله، و من أكثر ذكر الموت أحبه الله تعالى).

ص: 346

و منها : إنصاف الناس، و لو من النفس، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك، و مواساة الأخ في الله تعالى على كل حال).

و منها : اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب الناس، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: « طوبى لمن شغله خوف الله عز و جل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين وقال (صلى الله عليه و آله وسلم) : (إن أسرع الخير ثواباً البر، و إن أسرع الشر عقاباً البغي، و كفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه).

ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته، و من عمل لدينه كفاه الله دنياه، و من أحسن فيما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس).

ومنها : الزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، و انطلق بها لسانه، و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها، و أخرجه منها سالماً إلى دار السلام )، وقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) : إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به ؟ فقال (عليه السلام) : (أوصيك بتقوى الله، و الورع و الاجتهاد، و إياك أن تطمع إلى من فوقك، و كفى بما قال الله عز و جل لرسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم): (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) وقال تعالى : ((فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم )) فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم)، فإنما كان قوته من الشعير، و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده، و إذا أصبت بمصيبة في نفسك

ص: 347

أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط).

المطلب الثاني : في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر :

منها : الغضب. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل) وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (الغضب مفتاح كل شر) وقال أبو جعفر (عليه السلام): (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قومه و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان، و أيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت).ومنها : الحسد، قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عليهما السلام): (إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب )، وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم لأصحابه : (إنه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم، و هو الحسد ليس بحالق الشعر، و لكنه حالق الدين، و ينجى فيه أن يكف الإنسان يده، و يخزن لسانه، و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن).

و منها : الظلم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده)، وقال أيضاً: (ما ظفر بخير من ظفر بالظلم، أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم).

ومنها : كون الإنسان ممن يتقى شره، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم)، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) : (و من خاف الناس لسانه فهو في النار) و قال (عليه السلام) أيضاً : (إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه) و لنكتف بهذا المقدار.

والحمد لله أولاً وآخراً، وهو حسبنا ونعم الوكيل

ص: 348

كتاب الجهاد

اشارة

الجهاد ماخوذ من الجَهْد - بالفتح - بمعنى التعب والمشّقة أو من الجُهْد - بالضم - بمعنى الطاقة، والمراد به هنا القتال لاعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الايمان.

وفيه فصول

الفصل الاول: الطوائف الواجب قتالها

فيمن يجب قتاله، وهم طوائف ثلاث:

الطائفة الاولى : الكفار المشركون غير أهل الكتاب، فإنّه يجب دعوتهم الى كلمة التوحيد والإسلام، فان قبلوا والاّ وجب قتالهم وجهادهم الى ان يسلموا أو يقتلوا وتطهّر الأرض من لوث وجودهم.

ولا خلاف في ذلك بين المسلمين قاطبة، ويدلُ على ذلك غير واحدة من الآيات الكريمة منها قوله تعالى : ((فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ))(1)، وقوله تعالى ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ کله لِلَّهِ))(2)وقوله تعالى: ((وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلى القتالُ))(3)، وقوله تعالى: ((فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ))(4)، وقوله تعالى: ((وَقَاتِلُوا

ص: 349


1- سورة النساء، الآية 74.
2- سورة الانفال، الاية 39.
3- سورة الانفال، الاية 65.
4- سورة التوبة، الآية 5.

الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً))(1)، وغيرها من الآيات.

والروايات المأثورة في الحثّ على الجهاد - أنه مما بنى عليه الاسلام ومن أهمّ الواجبات الإلهية - كثيرة، القدر المتيقن من مواردها هو الجهاد مع المشركين(2).

الطائفة الثانية: أهل الكتاب من الكفار، وهم اليهود والنصارى، ويلحق بهم المجوس والصابئة، فانه يجب مقاتلتهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويدلّ عليه الكتاب والسُنّة.

قال الله تعالى: ((قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ))(3) والروايات الواردة في اختصاص اهل الكتاب بجواز أخذ الجزية منهم كثيرة وسيجيء البحث عنه.الطائفة الثالثة: البغاة، وهم طائفتان:

إحداهما : الباغية على الامام عليه السلام، فانه يجب على المؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا الى أمر الله وإطاعة الإمام عليه السلام، ولا خلاف في ذلك بين المسلمين وسيجيء البحث عن ذلك.

والآخرى : الطائفة الباغية على الطائفة الاخرى من المسلمين فإنه يجب على سائر المسلمين أن يقوموا بالاصلاح بينهما، فان ظلّت الباغية على بغيها قاتلوها حتى تفيء الى امر الله. قال الله تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 350


1- سورة التوبة، الآية 36.
2- الوسائل ج11، ب1، من أبواب جهاد العدو وغيره.
3- سورة التوبة، الآية 29.

اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ))(1).

الفصل الثاني: في الشرائط

اشارة

يشترط في وجوب الجهاد أمور:

الاول : التكليف، فلا يجب على المجنون ولا على الصبي.

الثاني: الذكورة، فلا يجب على المرأة اتفاقاً، وتدل عليه - مضافاً الى سيرة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم - معتبرة الاصبغ، قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (كتب الله الجهاد على الرجال والنساء، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من اذى زوجها)(2).

الثالث: الحرية على المشهور ودليله غير ظاهر، والاجماع المدّعى على ذلك غير ثابت.

نعم إن هنا روايتين: احداهما رواية يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن معنا مماليك لنا وقد تمتعوا، علينا أن نذبح عنهم؟ قال: فقال: (آن المملوك لاحج له ولا عمرة ولا شيء) (3).

والاخرى رواية آدم بن علي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: (ليس على المملوك حجّ ولا جهاد) الحديث (3) ولا يمكن الاستدلال بشيء منها على اعتبار الحريّة.

ص: 351


1- سورة الحجرات، الآية 9.
2- الوسائل ج11، باب 4، من أبواب جهاد العدو الحديث 1.
3- و(3) الوسائل ج8، باب 15، من من وجوب الحج الحديث 3و4.

أما الرواية الاولى فهي ضعيفة سنداً ودلالة.

أما سنداً، فلأن الموجود في التهذيب وإن كان هو رواية الشيخ بسنده عن العباس عن سعد بن سعد، الا أن الظاهر وقوع التحريف فيه، والصحيح عبّاد، عن سعد بن سعد ،وهو عباد بن سليمان، حيث أنه راوٍٍ لكتاب سعد بن سعد وقد أكثر الرواية عنه. وطريق الشيخ الى عبّاد مجهول، فالنتيجة أن الرواية ضعيفة سنداً.وأما الدلالة، فلانه لايمكن الأخذ باطلاقها لاستلزامه تخصيص الاكثر المستهجن لدى العرف.

هذا مضافاً الى انه لايبعد ان يكون المراد من الشيء في نفسه ما هو راجع الى الحج.

وأما الرواية الثانية فهي وإن كانت تامة دلالة الا انها ضعيفة سنداً فان ادم ابن علي لم يرد فيه توثيق ولا مدح.

الرابع: القدرة، فلا يجب على الاعمى والاعرج والمقعد والشيخ الهرم والزمن والمريض والفقير الذي يعجز عن نفقة الطريق والعيال والسلاح ونحو ذلك، ويدل عليه قول الله تعالى: ((ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج)) (1) وقوله تعالى : ((ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لايجدون ما ينفقون حرج))(2).

(مسألة 1): الجهاد واجب كفائي، فلا يتعين على أحد من المسلمين، الا ان يعينه الامام عليه السلام لمصلحة تدعو الى ذلك، او فيما لم يكن من به الكفاية موجوداً الا بضمه كما انه يتعين بالنذر وشبهه.

ص: 352


1- سورة الفتح، الآية 17.
2- سورة التوبة، الآية 91.

(مسألة 2): ان جهاد الكفار من أحد اركان الدين الاسلامي وقد تقوى الاسلام وانتشر امره في العالم بالجهاد مع الدعوة الى التوحيد في ظل راية النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ومن هنا قد اهتم القرآن الكريم به في ضمن نصوصه التشريعية حيث قد ورد في الآيات الكثيرة وجوب القتال والجهاد على المسلمين ضد الكفار المشركين حتى يسلموا او يقتلو وضدّ أهل الكتاب حتى يسلموا او يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومن الطبيعي أن تخصص هذا الحكم بزمان موقت وهو زمان الحضور لا ينسجم مع اهتمام القران وأمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة، ثم ان الكلام يقع في مقامين:

المقام الاول: هل يعتبر اذن الامام عليه السلام أو نائبه الخاص في مشروعية اصل الجهاد في الشريعة المقدسة؟ فيه وجهان:

المشهور بين الاصحاب هو الوجه الاول، وقد استدل عليه بوجهين

الوجه الاول دعوى الاجماع على ذلك.

وفيه ان الاجماع لم يثبت، اذ لم يتعرض جماعة من الاصحاب للمسألة ولذا استشكل السبزواري في الكفاية في الحكم بقوله:ويشترط في وجوب الجهاد وجود الامام (عليه السلام) او من نصبه على المشهور بين الاصحاب ولعل مستنده اخبار لم تبلغ درجة الصحة مع معارضتها بعموم الايات. ففي الحكم به اشكال (1).

ثم على تقدير ثبوته فهو لايكون كاشفاً عن قول المعصوم عليه السلام لاحتمال ان يكون مداركه الروايات الآتية فلا يكون تعبدياً.

نعم الجهاد في عصر الحضور يعتبر فيه إذن ولي الامر، النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الامام (عليه السلام) بعده.

ص: 353


1- كفاية الاحكام: 74.

الوجه الثاني الرويات التي استدل بها على اعتبار اذن الامام (عليه السلام) في مشروعية الجهاد والعمدة منها روايتان:

الاولى: رواية سويد القلاء، عن بشير، عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له إني رأيت في المنام اني قلت لك، أن القتال مع غير الامام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : (هو كذلك هو كذلك) (1).

وفيه إن هذه الرواية مضافاً الى امكان المناقشة في سندها على اساس أنه لا يمكن لنا اثبات أن المراد من بشير الواقع في سندها هو بشير الدهان، ورواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لاتدل على ان المراد من بشير هنا هو بشير الدّهان، مع ان المسمى ب- (بشير) متعدّد في هذه الطبقة ولا يكون منحصراًب- (بشير) الدهان.

نعم روى في الكافي هذه الرواية مرسلاً عن بشير الدهان (2) وهي لاتكون حجة من جهة الارسال وقابلة للمناقشة دلالةً، فان الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته وبمتابعتة فيه، ولا تدل على حرمة القتال على المسلمين ضد الكفار اذا رأى المسلمون من ذوي الآراء والخبرة فيه مصلحة عامة للاسلام واعلاء كلمة التوحيد بدون إذن الإمام عليه السلام كزماننا هذا.

الثانية رواية عبد الله بن مغيرة، قال محمد بن عبد الله للرضا (عليه السلام) وأنا اسمع: حدثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: ان في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدواً يقال له الديلم، فهل من جهاد؟ أو هل من رباط ؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد الحديث، فقال: عليكم

ص: 354


1- الوسائل ج11 باب 12 من ابواب جهاد العدو، الخديث 1.
2- الوسائل ج11 باب 12 من جهاد العدو، ذيل الحديث 1.

بهذا البيت فحجوه، اما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق على عياله من طوله ما ينتظر أمرنا، فان أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدراً، وان مات منتظراً لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه، الحديث (1).ولكن الظاهر انها في مقام بيان الحكم المؤقت لا الحكم الدائم بمعنى أنه لم يكن في الجهاد او الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، ويشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنه لا شبهة في عدم توقفه على إذن الإمام (عليه السلام) وثبوته في زمان الغيبة ومما يؤكد ذلك أنه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب اذا قبلوا ذلك. مع أن أخذ الجزية إنما هو في مقابل ترك قتالهم، فلو لم يكن قتالهم في هذا العصر مشروعاً لم يجز أخذ الجزية منهم أيضاً.

وقد تحصل من ذلك أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة، وثبوته في الاعصار كافة لدى توفر شرائطه، وهو في زمن الغيبة منوط بتشخيص المسلمين من ذوي الخبرة في الموضوع أن في الجهاد ضدهم، مصلحة للاسلام على أساس أن لديهم قوة كافية من حيث العدد والعدة لدحرهم بشكل لايحتمل عادة أن يخسروا في المعركة، فاذا توفرت هذه الشرائط عندهم وجب عليهم الجهاد والمقاتلة معهم.

وأما ما ورد في عدة من الروايات، من حرمة الخروج بالسيف على الحكام وخلفاء الجور قبل قيام قائمنا صلوات الله عليه فهو اجنبي عن مسألتنا هذه وهي الجهاد ضد الكفار رأساً، ولا يربط بها نهائياً.

المقام الثاني: أنا لو قلنا بمشروعية أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أولاً؟ يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره)

ص: 355


1- الوسائل ج11 باب 12 من جهاد العدو، الحديث 5.

اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة.

وهذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، وهو أن على الفقيه أن يشاور في هذا الامر المهم أهل الخبرة والبصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأن لدى المسلمين من العدة والعدد ما يكفي للغلبة على الكفار الحربيين، وبما ان عملية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة الى قائد وآمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محال يتعين ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فانه يتصدى لتنفيذ هذا الامر المهم من باب الحسبة على اساس أن تصدّى غيره لذلك يوجب الهرج والمرج ويؤدي الى عدم تنفيذه بشكل مطلوب وكامل.

(مسألة 3): اذا كان الجهاد واجباً على شخص عيناً على اساس عدم وجود من به الكفاية، لم يكن الدين الثابت على ذمته مانعاً عن وجوب الخروج اليه، بلا فرق بين كون الدين حاّلاً أو مؤجلاً، وبلا فرق بين إذن الغريم فيه وعدم إذنه. نعم لو تمكن - والحال هذه - من التحفظ على حق الغريم بإيصاء أو نحوه وجب ذلك، وأما اذا كان من به الكفاية موجوداً لم يجب عليه الخروج الى الجهاد مطلقاً وإن كان دينه مؤجلاً أو كان حالاً ولكن لم يكن موسراً، بل لايجوز إذا كان موجباً لتفويت حق الغير.

(مسألة 4): إذا منع الابوان ولدهما عن الخروج الى الجهاد فان كان عينياً وجب عليه الخروج ولا أثر لمنعهما، وإن لم يكن عينياً - لوجود من به الكفاية - لم يجز له الخروج اليه اذا كان موجباً لايذائهما لا مطلقاً

وفي اعتبار الابوين حرين إشكال، بل منع لعدم الدليل عليه.

(مسألة 5): اذا طرأ العذر على المقاتل المسلم أثناء الحرب فإن كان مما يعتبر عدمه في وجوب الجهاد شرعاً كالعمى والمرض ونحوهما سقط الوجوب عنه، وأما اذا كان العذر مما لايعتبر عدمه فيه، وإنما كان اعتباره لأجل المزاحمة

ص: 356

مع واجب آخر كمنع الابوين أو مطالبة الغريم أو نحو ذلك فالظاهر عدم السقوط، وذلك لان الخروج الى الجهاد وإن لم يكن واجباً عليه الاّ أنه اذا خرج ودخل فيه لم يجز تركه والفرار منه، لانه يدخل في الفرار من الزحف والأدبار عنه وهو محرم.

(مسألة 6): اذا بُذل للمعسر ما يحتاج اليه في الحرب، فان كان من به الكفاية موجوداً لم يجب عليه القبول مجاناً فضلاً عما اذا كان بنحو الاجارة وان لم يكن موجوداً وجب عليه القبول، بل الظاهر وجوب الاجارة عليه على أساس أن المعتبر في وجوب الجهاد على المكّلف هو التمكن، والفرض أنه متمكن ولو بالاجارة.

(مسألة 7): الاظهر أنه لايجب، عيناً ولا كفاية، على العاجز عن الجهاد بنفسه لمرض أو نحوه ان يجهز غيره مكانه، حيث إن ذلك بحاجة الى دليل ولا دليل عليه. نعم لا شبهة في استحاب ذلك شرعاً على أساس أن ذلك سبيل من سبل الله، هذا فيما اذا لم يكن الجهاد الواجب متوقفاً على اقامة غيره مكانه، والا وجب عليه ذلك جزماً.

(مسألة 8): جهاد الكفار يقوم على اساس أمرين:

الاول: الجهاد بالنفس:

الثاني : الجهاد بالمال:

ويترتب على ذلك وجوب الجهاد بالنفس والمال معاً على من تمكن من ذلك كفايةً إن كان من به الكفاية موجوداً، وعيناً إن لم يكن موجوداً، وبالنفس فقط على من تمكن من الجهاد بها كفاية أو عيناً، والمال فقط على من تمكن من الجهاد به كذلك وتدل على ذلك عدة من الآيات.

ص: 357

ومنها قوله تعالى: ((انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (1).

ومنها قوله تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)(2).

ومنها قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(3).وتدل على ذلك أيضاً معتبرة الأصبغ المتقدمة في الشرط الثاني من شرائط وجوب الجهاد.

ثم إن كثيراً من الاصحاب لم يتعرضوا لهذه المسألة، ولا يبعد أن يكون ذلك لوضوح الحكم، فلا يصغى الى ما قيل من عدم وجدان قائل بوجوب الجهاد بالنفس والمال معاً على شخص واحد.

حرمة الجهاد في الاشهر الحرم

(مسألة 9): يحرم القتال في الاشهر الحرم - وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم - بالكتاب والسنة، نعم اذا بدأ الكفار في القتال في تلك الاشهر جاز قتالهم فيها على اساس أنه دفاع في الحقيقة، ولا شبهة في جوازه فيها، وكذا يجوز قتالهم في تلك الاشهر قصاصاً، وذلك كما اذا كان الكفار بادئين في القتال في شهر من تلك الاشهر جاز للمسلمين ان يبدأوا فيه في شهر آخر من هذه الاشهر في هذه السنة، أو في السنة القادمة، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : ((الشَّهْرُ الْحَرامُ

ص: 358


1- سورة التوبة، الآية 41.
2- سورة التوبة، الاية 81.
3- سورة الصف، الآية 10 و11.

بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)) (1).

(مسألة 10): المشهور ان من لايرى للاشهر الحرم حرمة جاز قتالهم في تلك الاشهر ابتداءً، ولكن دليله غير ظاهر عندنا.

(مسألة 11): يجوز قتال الطائفة الباغية في الاشهر الحرم، وهم الذين قاتلوا الطائفة الاخرى ولم يقبلوا الإصلاح وظلّوا على بغيهم على تلك الطائفة، فان الآية الدالة على حرمة القتال في الاشهر الحرم تنصرف عن القتال المذكور حيث انه لدفع البغي وليس من القتال الابتدائي كي يكون مشمولاً للاية.

(مسألة 12): يحرم قتال الكفار في الأشهر الحرام الا أن يبدأ الكفار بالقتال فيه فعندئذ يجوز قتالهم فيه، ويدلّ عليه قول تعالى: ((وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)) (2).

(مسألة 13): لايجوز البدء بقتال الكفار الا بعد دعوتهم الى الاسلام، فإذا قام المسلمون بدعوتهم اليه ولم يقبلوا وجب قتالهم.

واما اذا بدأوا بالقتال قبل الدعوة وقتلوهم، فانهم وان كانوا آثمين الا انه لا ضمان عليهم، على اساس أنه لاحرمة لهم نفساً ولا مالاً.

نعم لو كانوا مسبوقين بالدعوة او عارفين بها لم يجب عليهم دعوتهم مرة ثانية، بل يجوز البدء بالقتال معهم حيث ان احتمال الموضوعية في وجوب الدعوة غير محتمل.

(مسألة 14): اذا كان الكفار المحاربون على ضعف من المسلمين بأن يكون واحد منهم في مقابل اثنين من هؤلاء الكفار وجب عليهم أن يقاتلوهم،

ص: 359


1- سورة البقرة، الآية 194.
2- سورة البقرة، الآية 191.

وذلك لقوله تعالى:((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ، الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (1) فانه يدّل على ان كل فرد من المسلمين في مقابل اثنين منهم. ويدلّ عليه موثقة مسعدة بن صدقة أيضاً عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن الله عزوجل فرض على المؤمنين - الى أن قال - ثم حولهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عزوجل فنسخ الرجلان العشرة) (2).

نعم اذا حصل العلم بالشهادة لفرد من المسلمين المقاتلين اذا ظلّ على القتال مع الاثنين منهم، جاز له الفرار اذا لم يترتب فائدة عامة على شهادته، لانصراف الآية المزبورة عن هذا الفرض.

واما اذا كان الكفار اكثر من الضعف فلا يجب عليهم الثبات في القتال معهم الا اذا كانوا مطمئنين بالغلبة عليهم واذا ظنوا بالغلبة لم يجب عليهم الثبات او البدء في القتال معهم، ولكن لاشبهة في مشروعية الجهاد في هذا الفرض في الشريعة المقدسة وذلك لاطلاق الآيات المتضمنة لترغيب المسلمين فيه.

واما اذا ظنوا بغلبة الكفار عليهم فهل الجهاد مشروع في هذا الفرض ؟ قيل بعدم المشروعية ووجوب الانصراف، وقيل بالمشروعية ومرغوبية الجهاد، والظاهر هو الثاني لاطلاق الآيات.

(مسألة 15): لايجوز الفرار من الزحف الا لتحرف في القتال أو تحيز الى فئة وان ظنوا بالشهادة في ساحة المعركة وذلك لإطلاق الآية الكريمة ((يا أَيُّهَا

ص: 360


1- سورة الانفال، الآية 65-66.
2- الوسائل ج11 باب 27 من جهاد العدو، الحديث 2.

الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبارَ، وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ)) (1).

(مسألة 16): يجوز قتال الكفار المحاربين بكل وسيلة ممكنة من الوسائل والادوات الحربية في كل عصر حسب متطلبات ذلك العصر، ولا يختص الجهاد ضدهم بالادوات القتالية المخصوصة.

(مسألة 17): قد استثني من الكفار الشيخ الفاني والمرأة والصبيان، فانه لا يجوز قتلهم، وكذا الاسارى من المسلمين الذين أسروا بيد الكفار. نعم لو تترس الاعداء بهم جاز قتلهم اذا كانت المقاتلة معهم أو الغلبة عليهم متوقفة عليهم.

وهل تجب الدية على قتل المسلم من هؤلاء الأسارى وكذا الكفارة؟ الظاهر عدم الوجوب، اما الدية فمضافاً الى عدم الخلاف فيها تدل عليه معتبرةالسكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من اقتص منه فهو قتيل القرآن) (2) وذلك فان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم الموضوع هو أن كلما كان القتل بأمر الهي فلا شيء فيه من الاقتصاص والدية، والقتل بالقصاص من صغريات تلك الكبرى وتؤيد ذلك رواية حفص بن غياث، قال: سألت ابا عبد الله عن مدينة من مدائن الحرب هل يجوز ان يرسل عليها الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمنجنيق حتى يقتلوا ومنهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والاسارى

ص: 361


1- سورة الانفال الآية 15-16.
2- الوسائل ج19 باب 24 من قصاص النفس، الحديث 2.

من المسلمين والتجار؟ فقال: (يفعل ذلك بهم ولايمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم للمسلمين ولاكفارة ) الحديث (1).

واما الكفارة فهل تجب أولاً ؟ فيه وجهان: المشهور بين الاصحاب وجوبها، وقد يستدل على الوجوب بقوله تعالى: ((فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)) (2).

بدعوى أن الآية تدل على الوجوب في المقام: الاولوية، وفيه أنه لا أولوية فان القتل في مورد الآية قتل خطئي ولا يكون بمأمور به والقتل في المقام يكون ماموراً به على انه لو تم الاستدلال بالآية في المقام فظاهرها وجوب الكفارة على القاتل كما نص على ذلك غير واحد من الاصحاب وهو على خلاف مصلحه الجهاد.فانه يوجب التخاذل فيه كما صرح به الشهيد الثاني (قدس سره) فالصحيح هو عدم وجوب الكفارة في المقام المؤيد برواية حفص المتقدم.

(مسألة 18): المشهور كراهة طلب المبارزة في الحرب بغير إذن الامام عليه السلام)، وقيل :يحرم وفيه اشكال والاظهر طلبه اذا كان أصل الجهاد مشروعاً.

(مسألة 19): اذا طلب الكافر مبارزاً من المسلمين ولم يشترط عدم الاعانة بغيره جاز اعانته، والمشهور على أنه لايجوز ذلك اذا اشترط عدم الاعانة بغيره حيث أنه نحو أمان من قبل غيره فلا يجوز نقضه ولكنه محل إشكال بل منع.

(مسألة 20): لايجوز قتال الكفار بعد الامان والعهد، حيث إنه نقض لهما وهو غير جائز.

ص: 362


1- الوسائل ج11 باب 16 من جهاد العدو، الحديث 2.
2- سورة النساء الآية 92.

ويدل عليه غير واحدة من الروايات، منها صحيحة جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذا اراد أن يبعث سرية دعاهم فاجلسهم صلى الله عليه وآله وسلم بين يديه ثم يقول - الى أن قال - وأيما رجل من ادنى المسلمين او افضلهم نظر الى أحد من المشركين فهوجار حتى يسمع كلام الله فان تبعكم فاخوكم في الدين، وإن ابى فابلغوه مأمنه واستعينوا بالله) (1).

ومنها معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (يسعى بذمّتهم أدناهم)؟ قال: (لو أن جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين فاشرف رجل فقال: أعطوني الامان حتى القى صاحبكم واناظره، فاعطاه ادناهم الامان وجب على أفضلهم الوفاء به.) (2).

نعم تجوز الخدعة في الحرب ليتمكنوا بها من الغلبة عليهم، وتدل عليه معتبرة اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه أن علياً عليه السلام كان يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم الخندق: (الحرب خدعة) ويقول : تكلموا بما أردتم) (3).

(مسألة 21): لايجوز الغلول من الكفار بعد الامان، فانه خيانة، وقد ورد في صحيحة جميل المتقدمة آنفاً، وفي معتبرة مسعد بن صدقة نهى النبي 0(صلى الله علية وآله وسلم) عن الغلول (4) وكذا لاتجوز السرقة من الغنيمة على اساس أنها ملك عام لجميع المقاتلين.

ص: 363


1- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو ،ذيل الحديث 1.
2- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 1.
3- الوسائل ج11 باب 53 من جهاد العدو، الحديث 1.
4- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو، الحديث 3.

(مسألة 22): لايجوز التمثيل بالمقتلوين من الكفار، لورود النهي عنه في صحيحة جميل ومعتبرة مسعدة المتقدمتين آنفا،ً وكذا لايجوز إلقاء السم في بلاد المشركين لنهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُلقى السم في بلاد المشركين) (1).

نعم اذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي ذلك كما اذا توقف الجهاد او الفتح عليه جاز، واما إلقاؤه في جبهة القتال فقط من جهة قتل المحاربين من الكفار فلا بأس به.

الفصل الثالث: في أحكام الاسارى

اشارة

(مسألة 23): اذا كان المسلمون قد اسروا من الكفار المحاربين في أثناء الحرب، فان كانوا إناثاً لم يجز قتلهن كما مر. نعم يملكوهن بالسبي والاستيلاء عليهن، وكذلك الحال في الذراري غير البالغين، الشيوخ وغيرهم ممن لايقتل وتدل على ذلك - مضافاً الى السيرة القطعية الجارية في تقسيم غنائم الحرب بين المقاتلين المسلمين الروايات المتعددة الدالة على جواز الاسترقاق حتى في حالة غير الحرب، منها معتبرة رفاعة النخاس، قال : قلت لابي الحسن(عليه السلام): إن الروم يغيرون على الصقالبة فيسرقون اولادهم من الجواري والغلمان فيعمدون على الغلمان فيخصونهم ثم يبعثون بهم الى بغداد الى التجار، فما ترى في شرائهم

ص: 364


1- الوسائل ج11 باب 16 من جهاد العدو، الحديث 1.

ونحن نعلم أنهم قد سرقوا وانما اغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال (لابأس بشرائهم، انما أخرجوهم من الشرك الى دار الاسلام) (1).

واما اذا كانوا ذكوراً بالغين فيتعين قتلهم الا اذا اسلموا، فان القتل حينئذ يسقط عنهم وهل عليهم بعد الاسلام مَنٌّ أو فداء او لأسترقاق؟ الظاهر هو العدم، حيث ان كل ذلك بحاجة الى دليل، ولا دليل عليه.

واما اذا كان الاسر بعد الاثخان والغلبة عليهم فلا يجوز قتل الاسير منهم وإن كانوا ذكوراً، وحينئذ كان الحكم الثابت عليهم أحد أمور: أما المَنّ أو الفداء أو الاسترقاق.

وهل تسقط عنهم الاحكام الثلاثة اذا اختاروا الاسلام؟ الظاهر عدم سقوطها بذلك، ويدل عليه قوله تعالى: ((فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)) (2) بضميمة معتبرة طلحة بن زيد الآتية الواردة في هذا الموضوع.

ومن الغريب ان الشيخ الطوسي - قدس سره - في تفسيره (التبيان) نسب الى الأصحاب انهم رووا تخيير الامام عليه السلام في الاسير اذا انفضت الحرب بين القتل وبين المن والفداء والاسترقاق، وتبعه في ذلك الشيخ الطبرسي - قدس سره - في تفسيره مع أن الشيخ - قدس سره - قد صرح هو في كتابه (المبسوط) بعدم جواز قتله في هذه الصورة.

وجه الغرابة مضافاً الى دعوى الاجماع في كلمات غير واحد على عدم جواز القتل في هذا الفرض - انه مخالف لظاهر الآية المشار اليها، ولنص معتبرة طلحة بن زيد، قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : (كان ابي يقول إن للحرب حكمين:

ص: 365


1- الوسائل ج13 الباب 1و2و3 من ابواب بيع الحيوان.
2- سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

اذا كانت الحرب قائمة ولم يثخن اهلها فكل اسير اخذ في تلك الحال فان الامام عليه السلام فيه بالخيار، وان شاء ضرب عنقه، وان شاء قطع يده ورجليه من خلاف بغير حسم، ثم يترك يتشحط بدمه حتى يموت، وهو قول الله عزوجل: ((إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ)) - الى أن قال :-

والحكم الآخر اذا وضعت الحرب اوزارها وأثخن اهلها فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في ايديهم فالامام، فيه بالخيار إن شاء مَنَّ عليهم فارسلهم، وان شاء فاداهم أنفسهم وان شاء إستعبدهم فصاروا عبيداً (1).

(مسألة 24): من لم يتمكن في دار الحرب أو في غيرها من أداء وظائفه الدينية وجبت المهاجرة عليه، الا من لا يتمكن منها كالمستضعفين من الرجال والنساء والولدان لقوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَْرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً)) (2).

(المرابطة)

وهي الارصاد لحفظ الحدود وثغور بلاد المسلمين من هجمة الكفار.

ص: 366


1- الوسائل ج11 باب 23 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.
2- سورة النساء، الآية 97،99.

(مسألة 25): تجب المرابطة لدى وقوع البلاد الاسلامية في معرض الخطر من قبل الكفار، واما اذا لم تكن في معرض ذلك فلا تجب وان كانت في نفسها امراً مرغوباً فيه في الشريعة المقدسة.

(مسألة 26): اذا نذر شخص الخروج للمرابطة فان كانت لحفظ بيضة الاسلام وحدود بلاده وجب عليه الوفاء به، وإن لم تكن لذلك وكانت غير مشروعة لم يجب الوفاء به.

وكذا الحال فيما اذا نذر ان يصرف مالاً للمرابطين , ومن ذلك يظهر حال الاجارة على المرابطّّّة.

(مسألة 27): يجوز جعل الامان للكافر الحربي على نفسه أو ماله أو عرضه برجاء أن يقبل الاسلام، فان قبل فهو، والا ردّ الى مأمنه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون من قبل وليّ الامر أو من قبل آحاد سائر المسلمين، ويدل عليه قوله تعالى: ((وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)) (1) وكذا صحيحة جميل ومعتبرة السكوني المتقدمتين في المسألة (20).

وهل يعتبر ان يكون الامان بعد المطالبة فلا يصح ابتداءً؟ فيه وجهان، لايبعد دعوى عدم اعتبار المطالبة في نفوذه، للاية الكريمة وان كان لها ظهور في اعتبار المطالبة في نفوذه بقطع النظر عمّا في ذيلها وهو قوله تعالى : (حتى يسمع كلام الله) الا أنه مع ملاحظته لا ظهور لها في ذلك، حيث أن الذيل قرينة على أن الغرض من إجارة الكافر المحارب هو أن يسمع كلام الله، فان احتمل سماعه جازت اجارته و كانت نافذة، وان لم تكن مسبوقة بالطلب، ثم ان المعروف بين الاصحاب ان حق الامان الثابت لآحاد من المسلمين محدود الى عشرة رؤوس من الكفار

ص: 367


1- سورة التوبة، الاية 6.

وما دونهم، فلا يحق لهم ان يعطوا الامان لاكثر من هذا العدد، ولكن لا دليل على هذا التحديد. فالظاهر أن لواحد من المسلمين أنيعطي الامان لاكثر من العدد المزبور لاجل المناظرة في طلب الحق، وقد ورد في معتبرة مسعدة بن صدقة أنه يجوز لواحد من المسلمين إعطاء الامان لحصن من حصونهم (1).

(مسألة 28): لو طلب الكفار الامان من أحد المسلمين وهم لم يقبلوه، ولكنهم ظنوا انهم قبلوا ذلك، فنزلوا عليهم، كانوا آمنين فلا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يسرقوهم، بل يردونهم الى مأمنهم، وقد دلّت على ذلك معتبرة محمد بن الحكيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لو ان قوماً حاصروا مدينة فسألوهم الامان فقالوا لا، فظنوا أنهم قالوا نعم، فنزلوا اليهم كانوا آمنين) (2).

وكذا الحال اذا دخل المشرك دار الاسلام بتخيّل الامان بجهة من الجهات.

(مسألة 29): لا يكون أمان المجنون والمكره والسكران وما شاكلهم نافذاً وأما أمان الصبي المراهق فهل يكون نافذاً؟ فيه وجهان: الظاهر عدم نفوذه، لا لأجل عدم صدق المؤمن والمسلم عليه، حيث لا شبهة في صدق ذلك، بل لاجل ما ورد في الصحيحة من عدم نفوذ أمر الغلام ما لم يحتلم. (3).

ص: 368


1- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 2.
2- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 4.
3- الوسائل ج13 باب 2 من احكام الحجر، الحديث 5.

(مسألة 30): لايعتبر في صحة عقد الأمان من قبل آحاد المسلمين الحرية بل يصح من العبد ايضاً إذ مضافاً الى ما في معتبرة مسعدة (1) من التصريح بصحة عقد الامان من العبد انه لا خصوصية للحر فيه على اساس ان الحق المزبور الثابت له انما هو بعنوان أنه مسلم، ومن هنا لافرق في ذلك بين الرجل والمرأة أيضاً.

(مسألة 31): لايعتبر في صحة عقد الأمان صيغة خاصة، بل يتحقق بكل ما دلّ عليه من لفظ او غيره.

(مسألة 32): وقت الامان أنما هو قبل الاستيلاء على الكفار المحاربين وأسرهم، ,أما بعد الأسر فلا موضوع له.

(مسألة 33): اذا كان أحد من المسلمين أقرّ بالأمان لمشرك، فان كان الاقرار في وقت يكون أمانه في ذلك الوقت نافذاً صح، لان إقراره به في الوقت المزبور أمان له وان لم يصدر أمان منه قبل ذلك، وعليه فلا حاجة فيه الى التمسك بقاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به.

(مسألة 34): لو أدعى الحربي الأمان من غير من جاء به لم يسمع، وان أقر ذلك الغير بالامان له، على اساس أن الاقرار بالامان انما يسمع اذا كان في وقت كان الامان منه في ذلك الوقت نافذاً، كما اذا كان قبل الاستيلاء والاسر، وأما اذا كان في وقت لايكون الامان منه في ذلك الوقت نافذاً فلا يكون مسموعاً كما اذا كان بعد الاسروالاستيلاء عليه، وفي المقام بما أن اقرار ذلك الغير بالامان له بعد الاسر فلا يكون مسموعاً.

ص: 369


1- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، حديث 2.

نعم لو أدعى الحربي على من جاء به انه عالم بالحال فحينئذ إن اعترف الجائي بذلك ثبت الامان له وان انكره قبل قوله، ولا يبعد توجه اليمين عليه على اساس أن انكاره يوجب تضييع حقه.

واما اذا ادعى الحربي الامان على من جاء به فان اقر بذلك فهو مسموع حيث انه تحت يده واستيلائه، ويترتب على اقراره به وجوب حفظه عليه، وان أنكر ذلك قدّم قوله مع اليمين على الاظهر كما عرفت.

(مسألة 35): لو ادعى الحربي على الذي جاء به الأمان له، ولكن حال مانع من الموانع كالموت او الاغماء او نحو ذلك بين دعوى الحربي ذلك وبين جواب المسلم، لم تسمع ما لم تثبت دعواه بالبينة أو نحوها، وحينئذٍ يكون حكمه حكم الأسير، وقال المحقق في الشرايع: إنه يرّد الى مأمنه ثم هو حرب، ووجهه غير ظاهر. (1)

(الغنائم)
اشارة

(مسألة 36): ان ما استولى عليه المسلمون المقاتلون من الكفار بالجهاد المسلح يكون على ثلاثة أنواع:

النوع الاول: ما يكون منقولاً كالذهب والفضة والفرش والاواني والحيوانات وما شاكل ذلك.

النوع الثاني : ما يسبى كالاطفال والنساء.

النوع الثالث: ما لا يكون منقولاً كالاراضي والعقارات.

أما النوع الاول: فيخرج منه الخمس وصفايا الاموال وقطايع الملوك إذا كانت، ثم يقسم الباقي بين المقاتلين على تفصيل يأتي في ضمن الابحاث الآتية.

ص: 370


1- شرايع الاسلام /139.

نعم، لولي الامر حق التصرف فيه كيفما يشاء حسب ما يرى فيه من المصلحة قبل التقسيم. فإن ذاك مقتضى ولايته المطلقة على تلك الاموال، ويؤكده قول زرارة في الصحيح : (الامام يجري وينفل ويعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام، وقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بقوم لم يجعل لهم في الفيء نصيباً، وإن شاء قسم ذلك بينهم) (1)ويؤيد ذلك مرسلة حمّاد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح في حديث قال: (وللامام صفو المال - الى أن قال - وله أن يسّد بذلك المال جميع ما ينو به من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك) الحديث (2).

واما رواية حفص بن غياث عن ابي عبد الله عليه السلام، قلت : فهل يجوز للامام أن ينفل؟ فقال له : (أن ينفل قبل القتال، وأما بعد القتال والغنيمة فلا يجوز ذلك، لان الغنيمة قد أُحرزت) (3)، ولا يمكن الأخذ بها لضعف الرواية سنداً.

(مسألة37) : لايجوز للمقاتلين الذين استولوا عليه أن يتصرفوا فيه قبل القسمة وضعاً ولا تكليفاً.

نعم يجوز التصّرف فيما جرت السيرة بين المسلمين على التصرف فيه أثناء الحرب كالماكولات والمشروبات وعلف الدواب وما شاكل ذلك بمقدار ما كانت السيرة عليه دون الزائد.

ص: 371


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال، الحديث2.
2- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال وما يختص بالامام، الحديث4.
3- الوسائل ج11 باب 38 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 38): اذا كان المأخوذ من الكفار مما لايصح تملكه شرعاً كالخمر والخنزير وكتب الضلال أو ما شابه ذلك لم يدخل في الغنيمة جزماً، ولا يصح تقسيمه بين المقاتلين، بل لا بُد من اعدامه وإفنائه. نعم يجوز أخذ الخمر للتخليل ويكون للآخذ.

(مسألة 39): الاشياء التي كانت في بلاد الكفار ولم تكن مملوكة لاحد كالمباحات الاصلية مثل الصيود والاحجار الكريمة ونحو ذلك لاتدخل في الغنيمة، بل تظل على اباحتها فيجوز لكل واحد من المسلمين تملكها بالحيازة، نعم إذا كان عليها أثر الملك دخلت في الغنيمة.

(مسألة 40): اذا وجد شيء في دار الحرب كالخيمة والسلاح ونحوهما، ودار أمره بين أن يكون للمسلمين أو من الغنيمة، ففي مثل ذلك المرجع هو القرعة، حيث أنه ليس لنا طريق آخر لتعيين ذلك غيرها. فحينئذٍ إن أصابت القرعة على كونه من الغنيمة دخل في الغنائم، وتجري عليه أحكامها، وان اصابت على كونه للمسلمين فحكمه حكم المال المجهول مالكه.

واما النوع الثاني وهو ما يسبى كالاطفال والنساء، فانه بعد السبي والاسترقاق يدخل في الغنائم المنقولة، ويكون حكمه حكمها، واما حكمه قبل السبي والاسترقاق فقد تقدم.

(مسألة 41): إذا كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين فذهب جماعة الى انه ينعتق عليه بمقدار نصيبه منه وهذا القول مبني على أساس ان الغانم يملك الغنيمة بمجرد الاغتنام والاستيلاء، وهو لايخلو من إشكال، بل منع، فالاقوى عدم الانعتاق، لعدمالدليل على انه يملك بمجرد الاغتنام، بل يظهر من قول زرارة في الصحيحة المتقّدمة آنفاً عدم الملك بمجرد ذلك.

ص: 372

واما النوع الثالث وهو ما لا ينقل كالاراضي او العقارات فان كانت الارض مفتوحة عنوة وكانت محياة حال الفتح من قبل الناس، فهي ملك لعامة المسلمين بلا خلاف بين الاصحاب، وتدل عليه صحيحة الحلبي الآتية وغيرها، وإن كانت مواتاً أو كانت محياة طبيعية ولا ربَّ لها فهي من الأنفال.

الارض المفتوحة عنوة وشرائطها وأحكامها

(مسألة 42): المشهور بين الاصحاب في كون الارض المفتوحة عنوة ملكاً عاماً للامة باعتبار كون الفتح بإذن الامام عليه السلام، والا فتدخل في نطاق ملكية الامام عليه السلام، لا ملكية المسلمين، ولكن اعتباره في ذلك لايخلو من اشكال بل منع، فان ما دل على اعتبار إذن الامام عليه السلام كصحيحة معاوية بن وهب ورواية العباس الوراق (1) مورده الغنائم المنقولة التي تقسم على المقاتلين مع الاذن، وتكون للامام عليه السلام بدونه على أن رواية العباس ضعيفة.

(مسألة 43): الارض المفتوحة عنوة التي هي ملك عام للمسلمين امرها بيد ولي الأمر في تقبيلها بالذي يرى، ووضع الخراج عليها حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّاً وكيفاً.

(مسألة 44): لايجوز بيع رقبتها ولا شراؤها على أساس ماعرفت من أنها ملك عام للامة. نعم يجوز شراء الحق المتعلق بها من صاحبه، وقد دلتّ على كلا الحكمين - مضافاً الى انهما على القاعدة - عدة من الروايات، منها صحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السواد ما منزلته؟ فقال: (هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، ولمن يخلق بعد) فقلت: الشراء من الدهاقين؟: قال (لايصلح الا أن تشتري منهم على أن يصيرها

ص: 373


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال، الحديث4،16.

للمسلمين، فاذا شاء وليّ الامر ان يأخذها أخذها) قلت: فان أخذها منه؟ قال : (يرد عليه رأس ماله، وله ما أكل من غلتها بما عمل) (1).

ولذلك لايصح وقفها ولا هبتها ولاغير ذلك من التصرفات المتوقفة على الملك الاّ اذا كان بإذن وليّ الأمر.

(مسألة 45): يصرف وليّ الأمر الخراج المأخوذ من الاراضي في مصالح المسلمين العاّمة كسدّ الثغور للوطن الاسلامي وبناء القناطر وما شاكل ذلك.

(مسألة 46): يملك المحيي الأرض بعملية الاحياء. سواء أكانت الارض مواتاً بالاصالة أم كانت محياةً ثم عرض عليها الموت لإطلاق النصوص الدالة على تملك المحيي الأرض بالاحياء، منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهماالسلام) قالا: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أحيى أرضاً مواتاً فهي له) (2) فاذا ماتت الارض المفتوحة عنوة وقام فرد بإحيائها ملكها على أساس أن ملكية الارض المزبورة للأمة متقومة بالحياة. فلا إطلاق لما دل على ملكيتها لهم لحال ما اذا ماتت وخربت.

وعلى تقدير الاطلاق فلا يمكن أن يعارض ما دّل على أنّ كل أرض خربة للامام عليه السلام (3)، حيث ان دلالته عليها بالإطلاق ومقدمات الحكمة، وهو لا يمكن أن يعارض ما دلّ عليها بالعموم وضعاً، وعليه فتدخل الارض التي عرض عليها الموت في عموم ما دلّ على أن من أحيى أرضاً مواتاً فهي له.

ثم انه إذا افترض أن الارض التي هي بيد شخص فعلاً كانت محياة حال الفتح، وشك في بقائها على هذه الحالة، فاستصحاب بقائها حيّة وإن كان جارياً في نفسه الا أنه لايمكن أن يعارض قاعدة اليد التي تجري في المقام وتحكم بأنها

ص: 374


1- الوسائل ج12 باب 21 من ابواب عقد البيع، الحديث4.
2- الوسائل ج17 باب 1 من إحياء الموات، الحديث1.
3- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال.

ملك للمتصرف فيها فعلاً، على أساس أن احتمال خروجها عن ملك المسلمين بالشراء أو نحوه، أو عروض الموت عليها وقيام هذا الشخص بإحيائها موجود وهو يحقق موضوع قاعدة اليد فتكون محكمة في المقام، ومقتضاها كون الارض المزبورة ملكاً له فعلاً.

ثم أن اقسام أرض الموات وأحكامها وشرائطها مذكورة في كتاب إحياء الموات من المنهاج.

أرض الصلح

(مسألة 47): أرض الصلح تابعة في كيفية الملكية لمقتضى عقد الصلح وبنوده،فان كان مقتضاه صيرورتها ملكاً عاماً للمسلمين كان حكمها حكم الارض المفتوحة عنوة، وتجري عليها ما تجري على تلك الارض من الاحكام والآثار.

وإن كان مقتضاه صيروتها ملكاً للامام عليه السلام كان حكمها حكم الأرض التي لا رب لها من هذه الجهة.

وان كان مقتضاه بقاؤها في ملك أصحابها ظّلت في ملكهم كما كانت غاية الأمر أن وليّ الامر يضع عليها الطسق والخراج من النصف أو الثلث أو أكثر أو أقل.

الارض التي أسلم أهلها بالدعوة

(مسألة 48): الارض التي أسلم عليها اهلها تركت في يدهم إذا كانت عامرة وعليهم الزكاة من حاصلها، العشر أو نصف العشر، وأما إذا لم تكن عامرة فيأخذها الامام عيه السلام ويقبلها لمن يعمرها وتكون للمسلمين، وتدل على ذلك صحيحة البزنطي، قال: ذكرت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) وما سار به أهل بيته، فقال: (العشر ونصفالعشر على من أسلم طوعاً، وتركت

ص: 375

أرضه في يده، وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها، ومالم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمر) الحديث (1).

فصل في قسمة الغنائم المنقولة
اشارة

(مسألة 49): يخرج من هذه الغنائم قبل تقسيمها بين المقاتلين ما جعله الامام عليه السلام جعلاً لفرد على حسب ما يراه من المصلحة، ويستحق ذاك الفرد الجعل بنفس الفعل الذي كان الجعل بإزائه، وهو في الكم والكيف يتبع العقد الواقع عليه. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الفرد المزبور (المجعول له) مسلماً أو كافراً، وكذا لا فرق بين كونه من ذوي السهام أو لا. فان الامر بيد الامام عليه السلام وهو يتصرف فيها حسب مايرى فيه من المصلحة، ويؤكد ذلك - مضافاً الى هذا- قول زرارة في الصحيحة المتقدمة في المسألة الحادية والاربعين، ويدخل فيه السلب أيضاً.

(مسألة 50): ويخرج منها أيضاً قبل القسمة ما تكون الغنيمة بحاجة اليه في بقائها من المؤن كأجرة النقل والحفظ والرعي وما شاكل ذلك.

(مسألة 51): المرأة التي حضرت ساحة القتال والمعركة لتداوي المجروحين او ما شابه ذلك باذن الامام عليه السلام لا تشترك مع الرجال المقاتلين في السهام من الغنائم المأخوذة من الكفار بالقهر والغلبة.

نعم، يعطي الامام عليه السلام منها لها مقدار ما يرى فيه مصلحة، وتدل على ذلك معتبرة سماعة عن أحدهما عليه السلام قال : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفيء شيءً ولكنه نفلهن (2).

ص: 376


1- الوسائل ج11 باب 72 من جهاد العدو، الحديث2.
2- الوسائل ج11 باب 41 من جهاد العدو، الحديث6.

واما العبيد والكفار الذين يشتركون في القتال باذن الامام عليه السلام فالمشهور بين الاصحاب، بل ادعى عليه الاجماع، انه لاسهم لهم في الغنائم، ولكن دليله غير ظاهر.

(مسألة 52): يخرج من الغنائم قبل القسمة كما مر صفو المال ايضاً وقطائع الملوك والجارية الفارهة والسيف القاطع وما شاكل ذلك على اساس انها ملك طلق للإمام عليه السلام بمقتضى عدة من الروايات، منها :معتبرة داود بن فرقد، قال، قال أبو عبد الله عليه السلام : (قطائع الملوك كلّها للامام (عليه السلام)، وليس للناس فيها شيء.

ومنها معتبرة أبي بصير، عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال : سألته عن صفو المال؟ قال : الامام ياخذ الجارية الروقة والمركب الفاره والسيف القاطع والدرع قبل ان تقسم الغنيمة، فهذا صفو المال (1).

(مسألة 53): يخرج من الغنائم خمسها أيضاً قبل تقسيمها بين المسلمين المقاتلين، ولايجوز تقسيم الخمس بينهم، حيث ان الله تعالى قد جعل له موارد خاصة ومصارف مخصوصة، قال عزّ من قائل : ((وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَإَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ)) (2) والروايات الدالة على ذلك كثيرة.

(مسألة 54): تقسم الغنائم بعد إخراج المذكورات على المقاتلين ومن حضر ساحة القتال ولو لم يقاتل فانه لايعتبر في تقسيم الغنيمة على جيش المسلمين دخول الجميع في القتال مع الكفار، فلو قاتل بعض منهم وغنم وكان الآخر حاضراً في ساحة القتال والمعركة ومتهيئاً للقتال معهم اذا اقتضى الامر ذلك، كانت الغنيمة مشتركة بين الجميع، ولا اختصاص بها للمقاتلين فقط، وهذا

ص: 377


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الانفال، الحديث 6و15.
2- سورة الانفال، الآية 41.

بخلاف ما اذا أرسل فرقة الى جهة وفرقة أخرى الى جهة، فلا تشارك احداهما الاخرى في الغنيمة.

وفي حكم المقاتلين الطفل اذا ولد في ارض الحرب وتدل عليه معتبرة مسعدة ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عن آبائه أن علياً (عليه السلام) قال : (اذا ولد المولود في ارض الحرب قسم له مما أفاء الله عليهم) (1).

والمشهور انه تشترك مع المقاتلين في الغنائم فئة حضروا أرض الحرب للقتال وقد وضعت الحرب اوزارها بغلبة المسلمين على الكفار وأخذ الغنائم منهم قبل خروجهم الى دار الاسلام، فان الغنيمة حينئذ تقسم بين الجميع رغم عدم اشتراك تلك الفئة معهم في القتال. ومدركهم في ذلك رواية حفص بن غياث، قال: كتب اليّ بعض إخواني ان اسال ابا عبد الله عليه السلام عن مسائل من السيرة، فسألته وكتبت بها اليه، فكان فيما سألت:أخبرني عن الجيش اذا غزوا ارض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا الى دار الأسلام، ولم يلقوا عدواً حتى خرجوا الى دار الاسلام، هل يشاركونهم فيها؟ قال: (نعم) (2).

ولكن بما أن الرواية ضعيفة باعتبار ان القاسم بن محمد الواقع في سندها مردد بين الثقة وغيرها فالحكم لايخلو من اشكال بل منع، وقد يستدل على ذلك بمعتبرة طلحة بن زيد عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام، في الرجل يأتي القوم وقد غنموا ولم يكن ممن شهد القتال قال: فقال: (هؤلاء المحرمون فأمر أن يقسم لهم) (3)، بتقريب ان المراد المحرومون من ثواب القتال لا أنهم محرومون من الغنيمة، وفيه:

ص: 378


1- الوسائل ج11 باب 41 من جهاد العدو، الحديث8 .
2- الوسائل ج11 باب 37 من جهاد العدو، الحديث1.
3- الوسائل ج11 باب 37 من جهاد العدو، الحديث1.

أولاً : أنه لايمكن أن تكون كلمة (هؤلاء) اشارة الى الرجل الذي ياتي القوم بعد أخذهم الغنيمة من الكفار.وثانياً: أن تحريمهم من الثواب لايدل على أن لهم نصيباً في الغنيمة، فان ضمير (لهم) في قوله (عليه السلام) (فأمر أن يقسم لهم) ظاهر في رجوعه الى القوم. وكيف كان فالرواية مجملة، فلا دلالة لها على المقصود أصلاً.

ثم انه بناء على الاشتراك اذا حضروا دار الحرب قبل القسمة، فهل هم مشتركون فيها معهم ايضاً اذا حضروها بعدها؟ المشهور عدم الاشتراك، وهو الظاهر، لانصراف الرواية عن هذه الصورة وظهورها بمناسبة الحكم والموضوع في حضورهم دار الحرب قبل القسمة.

(مسألة 55): المشهور بين الاصحاب أنه يعطى من الغنيمة للراجل سهم، وللفارس سهمان، بل ادعي عدم الخلاف في المسألة، واعتمدوا في ذلك على رواية حفص بن غياث، ولكن قد عرفت آنفاً أن الرواية ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها، فحينئذ إن ثبت الاجماع في المسألة فهو المدرك والا فما نُسب الى ابن جنيد من أنه يعطي للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم هو القوي، وذلك لاطلاق معتبرة إسحاق ابن عمار، عن جعفر، عن أبيه أن علياً عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة اسهم وللراجل سهماً (1)، وعدم المقيد لهما.

وعليه فلا فرق في ذلك بين أن يكون المقاتل صاحب فرس واحد أو أكثر. فما عن المشهور من أن لصاحب فرس واحد سهمين وللأكثر ثلاثة أسهم فلا يمكن إتمامه بدليل، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون المقاتلة مع الكفار في البر أو البحر.

ص: 379


1- الوسائل ج11 باب 38 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 56): لايملك الكافر الحربي أموال المسلمين بالاستغنام، فلو أخذها المسلم منه سرقة أو هبة أو شراء أو نحو ذلك فلا إشكال في لزوم عودها الى اصحابها من دون غرامة شيء، وان كان الآخذ جاهلاً بالحال حيث ان الحكم - مضافاً الى أنه على القاعدة قد دل عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام: (المسلم أحق بماله اينما وجده) (1) واما اذا أخذ تلك الاموال منه بالجهاد والقوة، فان كان الآخذ قبل القسمة رجعت الى اربابها ايضاً بلا اشكال ولا خلاف.

واما اذا كان بعد القسمة، فنسب الى العلامة في النهاية انها تدخل في الغنيمة، ولكن المشهور بين الاصحاب انها ترد الى اربابها وهو الصحيح، اذ يكفي في ذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام التي ذكرت آنفاً المؤيدة بخبر طربال، والدليل على الخلاف غير موجودة في المسألة.

واما صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال سألته عن رجل لقيه العدو وأصاب منه مالاً أو متاعاً ثم إن المسلمين أصابوا ذلك، كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال : (اذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل رد عليه، وان كانوا اصابوه بعد ماحازوا فهو فيء للمسلمين فهو أحق بالشفعة) (2)، فهي بظاهرها، وهو التفصيل بين ما قبل الحيازة وما بعدها، فعلى الاول ترد الى اربابها، وعلى الثاني تدخل في الغنيمة مقطوعة البطلان، فانه لا اشكال كما لا خلاف في وجوب الردّ قبل القسمة فلا تدخل في الغنيمة بالحيازة، وحمل الحيازة على القسمة بحاجة الى قرينة وهي غير موجودة.

ص: 380


1- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو، الحديث3.
2- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو، الحديث2.

وعليه فالقسمة باطلة، فمع وجود الغانمين تقسم ثانياً عليهم بعد إخراج اموال المسلمين، ومع تفرقهم يرجع من وقعت تلك الاموال في حصته الى الامام عليه السلام.

الدفاع

(مسألة 57): يجب على كل مسلم الدفاع عن الدين الاسلامي اذا كان في معرض الخطر، ولا يعتبر فيه إذن الامام عليه السلام بلا اشكال ولا خلاف في المسألة.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون في زمن الحضور أو الغيبة، وإذا قتل فيه جرى عليه حكم الشهيد في ساحة الجهاد ضد الكفار، لأنه قتل في سبيل الله. و في صحيحة أبان موضوعٌ للحكم المزبور، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت ) الحديث، وقريب منها صحيحته الثانية (1).

(مسألة 58):تجري على الاموال المأخوذة من الكفار في الدفاع عن بيضة الاسلام أحكام الغنيمة، فان كانت منقولة تقسم بين المقاتلين بعد إخراج الخمس، وان كانت غير منقولة فهي ملك للامة على تفصيل تقّدم , تدل على ذلك اطلاقات الادلة من الآية والرواية.

فما عليه المحقق القّمي - قدس سره - من عدم جريان احكام الغنيمة عليها، وأنها لآخذها خاصة بدون حقّ الآخرين فيها لايمكن المساعدة عليه.

قتال اهل البغي

وهم الخوارج على الامام المعصوم (عليه السلام) الواجبة إطاعته شرعاً، فانه لا اشكال في وجوب مقاتلتهم اذا أمر الامام عليه السلام بها، ولا يجوز لاحد

ص: 381


1- الوسائل ج2 باب 14 من غسل الميت، الحديث 7و9.

المخالفة ولا يجوز الفرار لانه كالفرار عن الزحف في حرب المشركين، والحاصل أنه تجب مقاتلتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.

وتجري على من قتل فيها أحكام الشهيد لانه قتل في سبيل الله.

(مسألة 59): المشهور - بل ادعي عليه الاجماع - انه لايجوز قتل اسراهم ولا الإ جهاز على جريحهم، ولا يتبع مدبرهم اذا لم تبق منهم فئة يرجعون اليها، وأما اذا كانت لهم فئة كذلك فيقتل اسراؤهم ويجهز على جريحم، ويتبع مدبرهم، ولكن اتمام ذلك بالدليل مشكل، فان رواية حفص بن غياث التي هي نص في هذا التفصيل ضعيفة سنداًكما مر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الطائفتين من المؤمنين احداهما باغية والاخرى عادلة فهزمت العادلة الباغية؟ قال (عليه السلام): (ليس لاهل العدل ان يتبعوا مدبراً ولا يقتلوا أسيراً ولا يجهزوا على جريح، وهذا اذا لم يبق من أهل البغي أحد، ولم يكن فئة يرجعون اليها) الحديث (1).

وعليه فلا يمكن الاعتماد عليها.

واما معتبرة أبي حمزة الثمالي، قال : قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ان علياً (عليه السلام) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلى الله علية وآله في أهل الشرك قال: فغضب ثم جلس ثم قال: سار والله فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الفتح، إن علياً كتب الى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبراً ولايجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن) الحديث (2). فهي قضية في واقعة فلا يستفاد منها الحكم الكلي كما يظهر من روايتها الاخرى قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): بما سار علي بن ابي طالب (عليه السلام) فقال: (ان ابا اليقظان كان رجلاً حاداً فقال: يا أمير المؤمنين : بم تسير في هؤلاء غداً ؟ فقال : بالمنّ كما سار

ص: 382


1- الوسائل ج11 باب 24 من جهاد العدو، الحديث1.
2- الوسائل ج11 باب 24 من جهاد العدو، الحديث2.

رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة) (1) فحينئذ ان تم الاجماع في المسألة فهو، والا فالامر كما ذكرنا فاذن القضية في كل واقعة راجعة الى الامام عليه السلام نفياً واثباتاً حسب ما يراه من المصلحة.

(مسألة 60): لاتسبى ذراري البغاة وان كانوا متولدين بعد البغي، ولا تملك نساؤهم، وكذا لايجوز أخذ اموالهم التي لم يحوها العسكر كالسلاح والدواب ونحوهما.

وهل يجوز أخذ ما حواه العسكر من الاموال المنقولة ؟ فيه قولان عن جماعة القول الاول، وعن جماعة أخرى القول الثاني بل نسب الى ذلك الى المشهور، وهذا القول هو الصحيح ويدل على كلا الحكمين عدّة من الروايات، منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (لولا أن علياً عليه السلام سار في أهل حربه بالكف عن السبي والغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما) ثم قال: (والله لسيرته كانت خيراً لكم مما طلعت عليه الشمس) (2).

(مسألة 61): يجوز قتل ساب النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الائمة الاطهار (عليهم السلام ) لكل من سمع ذلك، وكذا الحال في ساب فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

احكام أهل الذمة

(مسألة 62): تؤخذ الجزية من أهل الكتاب وبذلك يرتفع عنهم القتال والاستعباد ويقرون على دينهم ،ويسمح لهم بالسكنى في دار الاسلام آمنين على أنفسهم وأموالهم. وهم اليهود والنصارى والمجوس بلا اشكال ولا خلاف، بل الصابئة ايضاً على الاظهر،لانهم من أهل الكتاب على ماتدل عليه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ

ص: 383


1- التهذيب ج6 ص154، الحديث 272.
2- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو حديث 8.

بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآْخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ)) (1).

والجزية توضع عليهم من قبل النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، أو الامام (عليه السلام) حسب ما يراه فيه من المصلحة كماً وكيفاً ولا تقبل من غيرهم كسائر الكفار بلا خلاف، فان عليهم ان يقبلوا الدعوة الاسلامية او يقتلوا، وتدل عليه غير واحدة من الايات الكريمة منها قوله تعالى : ((فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)) (2) ومنها قوله تعالى : ((قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كلّه لِلَّهِ)) (3) وغيرهما من الايات. وبعموم هذه الايات ترفع اليد عن إطلاق معتبرة مسعدة بن صدقة الدالة باطلاقها على عدم اختصاص اخذ الجزية باهل الكتاب، فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : (ان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم) اذا بعث أميراً له على سرية أمره بتقوى الله عزوجل في خاصة نفسه، ثم في اصحابه العامة - الى ان قال : - واذا لقيتم عدواً للمسلمين فادعوهم، الى إحدى ثلاث، فان هو أجابكم اليها فاقبلوا منه وكفّوا عنه وادعوهم الى الاسلام فان دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وادعوهم الى الهجرة بعد الاسلام فان فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم - الى أن قال - فان أبو هاتين فادعوهم الى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون) الحديث (4).

(مسألة 63): الظاهر أنه لافرق في مشروعية أخذ الجزية من أهل الكتاب بين أن يكون في زمن الحضور او في زمن الغيبة لاطلاق الأدلة وعدم الدليل على التقييد ووضعها عليهم في هذا الزمان انما هو بيد الحاكم الشرعي كما وكيفا حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للامة الاسلامية.

ص: 384


1- سورة البقرة، الآية 62.
2- سورة محمد صلى الله عليه وآله، الاية 4.
3- سورة الانفال الآية 39
4- الوسائل ج11 باب 18 من جهاد العدو، الحديث3.

(مسألة 64): اذا التزم اهل الكتاب بشرائط الذمة يعاملون معاملة المسلمين في ترتيب احكامهم عليهم كحقن دمائهم وأموالهم وأعراضهم، واذا أخلّوا بها خرجوا عن الذمة على تفصيل يأتي في المسائل المقبلة.

(مسألة 65): اذا ادعى الكفار انهم من أهل الكتاب ولم تكن قرينة على الخلاف سمعت في ترتيب احكام أهل الذمة عليهم، وعدم الحاجة فيه الى إقامة البينة على ذلك. نعم اذا علم بعد ذلك خلافها كشف عن بطلان عقد الذمة.

(مسألة 66): الاقوى ان الجزية لاتؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء وذلك لمعتبرة حفص بن غياث التي تدل على كبرى كلية وهي ان أي فرد لم يكن قتله في الجهاد جائزاً لم توضع عليه الجزية، فقد سأل أبا عد الله عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية عنهن ورفعت عنهن؟ قال : فقال: لان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب - الى أن قالوا - ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها - الى أن قال - وكذلك المقعد من أهلالذمة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في ارض الحرب فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية. (1)

وتدل على ذلك في خصوص المجانين معتبرة طلحة بن زيد الآتية وأما المملوك سواء كان مملوكاً لمسلم أم كان لذمي فالمشهور أنه لاتؤخذ الجزية منه وقد عللّ ذلك في بعض الكلمات بانه داخل في الكبرى المشار اليها آنفاً، وهي ان من لم يجز قتله لم توضع عليه الجزية، ولكن الاظهر ان الجزية توضع عليه ،و ذلك لمعتبرة أبي الورد، فقد روى الشيخ الصدوق بسنده المعتبر عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي الورد، عن ابي جعفر عليه السلام، قال : سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: (نعم انما هو مالكه يفتديه اذا اخذ

ص: 385


1- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو، الحديث3.

يؤدي عنه) (1) وروى قريباً منه باسناده عن ابي الورد نفسه (2) الا ان في بعض النسخ في الرواية الثانية (ابا الدرداء) بدل (ابي الورد) والظاهر انه من غلط النسّاخ.

ونسب هذا القول الى الصدوق في المقنع، والى العلامة في التحرير. وأما الشيخ الهرم والمقعد والاعمى فالمشهور بين الاصحاب إنه تؤخذ الجزية منهم لعموم أدلة الجزية وضعف رواية حفص، ولكن الاقوى عدم جواز أخذها منهم فان رواية حفص وان كانت ضعيفة في بعض طرقها الا انها معتبرة في بعض طرقها الاخر وهو طريق الشيخ الصدوق اليه. وعليه فلا مانع من الاعتماد عليها في الحكم المزبور.

(مسألة 67): اذا حاصر المسلمون حصناً من حصون اهل الكتاب فقتل الرجال منهم وبقيت النساء فعندئذ ان تمكن المسلمون من فتح الحصن فهو، وان لم يتمكنوا منه فلهم ان يتوسلوا الى فتحه باية وسيلة ممكنة ولو كانت تلك الوسيلة بالصلح معهن اذا رأى ولي الامر مصلحة فيه وبعد عقد الصلح لايجوز سبيهن لعموم الوفاء بالعقد، فما قيل من جواز اظهار عقد الصلح معهن صورة وبعد العقد المزبور يجوز سبيهن فلا دليل عليه بل هو غير جائز، لانه داخل في الغدر.

واما اذا فتحه المسلمون بأيديهم فيكون امرهن بيد ولي الامر، فان رأى مصلحة في اعطاء الامان لهّن واعطاه لم يجز حينئذ استرقاقهن، وان رأى مصلحة في الاسترقاق والاستعباد تعّين ذلك.

ص: 386


1- الفقيه ج3 باب نوادر العتق، الحديث 9.
2- الوسائل ج11 باب 49 من جهاد العدو، الحديث6.

(مسألة 68): اذا كان الذمي عبداً فاعتق وحينئذ ان قبل الجزية ظل في دار الاسلام، وان لم يقبل منع من الاقامة فيها وأجبر على الخروج الى مأمنه، ولايجوز قتله ولا استعباده على اساس انه دخل دار الاسلام آمناً.

(مسألة 69): تقدم عدم وجوب الجزية على المجنون مطبقاً، واما اذا كان ادوارياً فهل تجب عليه او لا ؟ أو فيه تفصيل؟ وجوه وعن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي - قدس سره - اختار التفصيل بدعوى انه يعمل في هذا الفرض بالاغلب، فان كانت الافاقةاكثر واغلب من عدمها وجبت الجزية عليه، وان كان العكس فبالعكس، ولكن هذا التفصيل بحاجة الى دليل ولا دليل عليه، فالعبرة حينئذ انما هي بالصدق العرفي، فان كان لدى العرف معتوهاً لم تجب الجزية عليه والا وجبت. ففي معتبرة طلحة عن ابي عبد الله عليه السلام قال: (جرت السنة ان لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب عليه عقله) (1).

نعم لو افاق حولاً كاملاً وجبت عليه الجزية في هذا الحول على كل حال.

(مسألة 70): اذا بلغ صبيان أهل الذمة عرض عليهم الاسلام فان قبلوا فهو، والا وضعت الجزية عليهم، وان امتنعوا منها ايضاًَ ردوا الى مأمنهم ولا يجوز قتلهم ولا استعبادهم باعتبار انهم دخلوا في دار الاسلام آمنين.

(مسألة 71): المشهور بين الاصحاب قديماً وحديثاً هو انه لاحد للجزية، بل أمرهم الى الامام عليه السلام كما وكيفاً حسب ما يراه فيه من المصلحة، ويدل على ذلك مضافاً الى عدم تحديدها في الروايات - ما في صحيحة زرارة: أن أمر الجزية الى الامام عليه السلام، يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق (2).

ص: 387


1- الوسائل ج11 باب 18 من جهاد العدو، الحديث3.
2- الوسائل ج11 باب 68 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 72): اذا وضع ولي الامر الجزية على رؤسهم لم يجز وضعها على أراضيهم، حيث ان المشروع في الشريعة المقدسة وضع جزية واحدة حسب امكاناتهم وطاقاتهم المالية التي بها حقنت دماؤهم وأموالهم، فاذا وضعت على رؤوسهم انتفى موضوع وضعها على الاراضي وبالعكس.

وصحيحتا محمد بن مسلم ناظرتان الى هذه الصورة فقد قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام: ارأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس - الى ان قال - وليس للامام أكثر من الجزية إن شاء الامام وضع على رؤوسهم وليس على أموالهم شيء، وان شاء فعلى اموالهم وليس على رؤوسهم شيء. الحديث.

وقال : سألته عن أهل الذمة ماذا عليهم مما يحقنون به دمائهم وأموالهم ؟ قال: (الخراج، وان أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على ارضهم، وان أخذ من ارضهم فلا سبيل على رؤوسهم) (1).

واما اذا وضع ولي الامر قسطاً من الجزية على الرؤوس وقسطاً منها على الاراضي فلا مانع فيه، على أساس أن أمر وضع الجزية بيد ولي الأمر من حيث الكم والكيف. والصحيحتان المزبورتان لا تشملان هذه الصورة فانهما ناظرتان الى ان وضع الجزية كاملاً، اذا كان على الرؤوس انتفى موضوع وضعها على الاراضي وبالعكس، واما تبعيض تلك الجزية ابتداء عليهما معاً فلا مانع منه والاحوط تركه لعدم الدليل.

(مسألة 73): لولي الامر أن يشترط عليهم - زائداً على الجزية - ضيافة المارة عليهم من العساكر أو غيرهم من المسلمين حسب ما يراه فيه مصلحة، من حيث الكموالكيف، على قدر طاقاتهم وامكاناتهم المالية، وما قيل من أنه لابد

ص: 388


1- الوسائل ج11 باب 68 من جهاد العدو، الحديث2 و 3.

من تعيين نوع الضيافة كماً وكيفاً بحسب القوت والادام ونوع علف الدواب وعدد الايام فلا دليل عليه، بل هو راجع الى ولي الامر.

(مسألة 74): ظاهر فتاوى الاصحاب في كلماتهم أن الجزية تؤخذ سنة بعد سنة وتتكرربتكرار الحول ولكن اثبات ذلك بالنصوص مشكل جداً، فالصحيح أن أمرها بيد الامام عليه السلام، وله ان يضع الجزية في كل سنة وله أن يضعها في أكثر من سنة مرة واحدة حسب مافيه من المصلحة.

(مسألة 75): اذا أسلم الذمي قبل تمامية الحول او بعد تماميته وقبل الاداء سقطت عنه بسقوط موضوعها، فان موضوعها حسب ما في الاية الكريمة وغيرها هو الكافر، فاذا أصبح مسلماً، ولو بعد الحول سقطت الجزية ولا تجب عليه تأديتها. ولا فرق في ذلك بين ان يكون الداعي لقبوله الاسلام، أو يكون الداعي له أمراً آخر.

(مسألة 76): المشهور بين الاصحاب انه لو مات الذمي وهو ذمي بعد الحول لم تسقط الجزية عنه واخذت من تركته كالدين، ولكن ذلك مبني على ان يكون جعل الجزية من قبيل الوضع كجعل الزكاة والخمس على الاموال. ولازم ذلك هو أن الذمي لو مات في أثناء الحول مثلاً لاخذت الجزية من تركته بالنسبة. هذا وان كان مذكوراً في كلام بعضهم الا انه غير منصوص عليه في كلمات المشهور، ومن هنا لايبعد ان يقال انها ليست كالدين الثابت على ذمته حتى تخرج من تركته بعد موته مطلقاً ،بل المستفاد من الدليل هو أن الواجب عليه انما هو الاعطاء عن يد وهو صاغر. فاذا مات انتفى بانتفاء موضوعه، وبذلك يظهر حال ما اذا مات في اثناء الحول بل هو اولى بالسقوط.

(مسألة 77): يجوز أخذ الجزية من ثمن الخمور والخنازير والميتة من الذمي حيث ان وزره عليه لا على غيره. وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من

ص: 389

ثمن خمورهم وخنازيرهم وميتتهم؟ قال (عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو الخمر، فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال، يأخذونه في جزيتهم) (1).

(مسألة 78): لا تتداخل جزية سنين متعددة اذا اجتمعت على الذمي بل عليه ان يعطي الجميع الا اذا رأى ولي الامر مصلحة في عدم الاخذ.

شرائط الذمة

(مسألة 79): من شرائط الذمة ان يقبل اهل الكتاب اعطاء الجزية لولي الامر على الكيفية المذكورة، فانه مضافاً الى التسالم بين الاصحاب يدل عليه الكتاب والسنةومنها: ان لايرتكبوا ما ينافي الامان كالعزم على حرب المسلمين وامداد المشركين في الحرب وما شاكل ذلك. وهذا الشرط ليس من الشروط الخارجية بل هو داخل في مفهوم الذمة فلا يحتاج اثباته الى دليل آخر.

(مسألة 80): المشهور بين الاصحاب ان التجاهر بالمنكرات كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والربا والنكاح بالاخوات وبنات الاخ وبنات الاخت وغيرها من المحرمات كالزنا واللواط ونحوهما يوجب نقض عقد الذمة.

ومن هذا القبيل عدم احداث الكنائس والبِيَع وضرب الناقوس وما شاكل ذلك مما يوجب اعلان اديانهم وترويجها بين المسلمين. هذا فيما اذا اشترط عدم التجاهر بتلك المحرمات والمنكرات في ضمن عقد الذمة واضح.

واما اذا لم يشترط عدم التجاهر بها في ضمن العقد المزبور فهل التجاهر بها يوجب النقض ؟ فيه وجهان، فعن العلامة في التذكرة والتحرير والمنتهى الوجه الثاني، ولكن الاظهر هو الوجه الاول وذلك لصحيحة زرارة فقد روي عن أبي

ص: 390


1- الوسائل ج11 باب 70 من جهاد العدو، الحديث1.

عبد الله عليه السلام قال : (ان رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على ان لايأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الاخوات ولا بنات الاخ ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال : (وليس لهم اليوم ذمة) (1).

فان مقتضى ذيل الصحيحة وهو قوله عليه السلام: (ليس لهم اليوم ذمة) هو أن التجاهر بها يوجب نقض الذمة وانتهاءها ،وانها لاتنسجم معه. وبما أن أهل الكتاب كانوا في زمان الخلفاء متجاهرين بالمنكرات المزبورة فلاجل ذلك نفى عنهم الذمة.

واما غير ذلك كارتفاع جدارنهم على جدران المسلمين وعدم تميزهم في اللباس والشعر والركوب والكنى والالقاب ونحو ذلك مما لاينافي مصلحة عامة للاسلام او المسلمين فلا دليل على انه يوجب نقض الذمة.

نعم لولي الامر اشتراط ذلك في ضمن العقد اذا رأى فيه مصلحة.

(مسألة 81): يشترط على أهل الذمة ان لايربوا اولادهم على الاعتناق أديانهم - كاليهودية او النصرانية او المجوسية او نحوها - بأن يمنعوا من الحضور في مجالس المسلمين ومراكز تبليغهم والاختلاط مع أولادهم، بل عليهم تخلية سبيلهم في اختيار الطريقة وبطبيعة الحال انهم يختارون الطريقة الموافقة للفطرة وهي الطريقة الاسلامية. وقد دلت على ذلك صحيحة فضيل بن عثمان الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : (ما من مولود يولد الا على الفطرة فأبواه اللذان يُهوّدانه ويُنصّرانه ويُمجّسانه وانمااعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذمة وقبل الجزية عن رؤوس اولئك باعيانهم على أن لا يهوّدوا أولادهم ولا يُنصّروا واما أولاد اهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم) (2).

ص: 391


1- الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو، الحديث1.
2- الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو، الحديث3.

(مسألة 82): اذا أخل اهل الكتاب بشرائط الذمة بعد قبولها خرجوا منها. وعندئذٍ هل على ولي الامر ردهم الى مامنهم أوله قتلهم او استرقاقهم؟ فيه قولان: الاقوى هو الثاني حيث انه لا أمان لهم بعد خروجهم عن الذمة، ويدل على ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة آنفاً : فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فان ظاهر البراءة هو أنه لا أمان له، ومن الظاهر أن لزوم الرد الى مأمنه نوع أمان له.

فاذن على ولي الامر ان يدعوهم الى اعتناق الاسلام فان قبلوا فهو، والا فالوظيفة التخيير بين قتلهم وسبى نسائهم وذراريهم وبين استرقاقهم أيضاً.

(مسألة 83): اذا أسلم الذمي بعد اخلاله بشرط من شرائط الذمة سقط عنه القتل والاسترقاق ونحوهما مما هو ثابت حال كفره. نعم لا يسقط عنه القود والحد ونحوهما مما ثبت على ذمته، حيث لايختص ثبوته بكونه كافراً، وكذا لاترتفع رقبته بالاسلام اذا أسلم بعد الاسترقاق.

(مسألة 84): يكره الابتداء بالسلام على الذمي وهو مقتضى الجمع بين صحيحة غياث بن أبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لاتبدؤا اهل الكتاب بالتسليم، واذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم) (1).

وصحيحة ابن الحجاج قال: قلت لابي الحسن عليه السلام أرأيت ان احتجت الى طبيب وهو نصراني أسلم عليه وادعو له ؟ قال نعم أنه لاينفعه دعاؤك) (2). فان مورد الصحية الثانية وان كان فرض الحاجة الا ان الحاجة انما هي في المراجعة الى الطبيب النصراني لا في السلام عليه. اذ يمكن التحية له بغير

ص: 392


1- الوسائل ج8 باب 49 من احكام العشرة، الحديث1.
2- الوسائل ج8 باب 53 من احكام العشرة، الحديث1.

لفظ السلام مما هو متعارف عنده، على أن التعليل في ذيل الصحيحة شاهدعلى أنه لا مانع منه مطلقاً حيث أن الدعاء لا يفيده.

واما اذا ابتدأ الذمي بالسلام على المسلم فالاحوط وجوب الرد عليه بصيغة عليك او عليكم او بصيغة (سلام) فقط.

(مسألة 85): لايجوز لاهل الذمة احداث الكنائس والبيع والصوامع وبيوت النيران في بلاد الاسلام، واذا احدثوها خرجوا عن الذمة فلا أمان لهم بعد ذلك.

هذا اذا اشترط عدم احداثها في ضمن العقد، واما اذا لم يشترط لم يخرجوا منها ولكن لولي الامر هدمها اذا رأى فيه مصلحة ملزمة.واما اذا كانت هذه الامور موجودة قبل الفتح فحينئذ ان كان ابقاؤها منافياً لمظاهر الاسلام وشوكته فعلى ولي الامر هدمها وازالتها، والا فلا مانع من اقرارهم عليها، كما ان عليهم هدمها اذا اشترط في ضمن العقد.

(مسألة 86): المشهور أنه لا يجوز للذمي ان يعلو بما استجده من المساكن على المسلمين وعن المسالك انه موضع وفاق بين المسلمين، ولكن دليله غير ظاهر. فان تم الاجماع والا فالامر راجع الى ولي الامر

نعم اذا كان في ذلك مذلة للمسلمين وعزة للذمي لم يجز.

(مسألة 87): المعروف بين الاصحاب عدم جواز دخول الكفار اجمع في المساجد كلها، ولكن اتمام ذلك بدليل مشكل الا اذا أوجب دخولهم الهتك فيها أو تلوثها بالنجاسة.

نعم لايجوز دخول المشركين خاصة في المسجد الحرام جزماً.

ص: 393

(مسألة 88): المشهور بين الفقهاء ان على المسلمين ان يخرجوا الكفار من الحجاز ولا يسكنوا فيه، ولكن اتمامه بالدليل مشكل.

المهادنة

(مسألة 89): يجوز المهادنة مع الكفار المحاربين اذا اقتضتها المصلحة للاسلام او المسلمين، ولا فرق في ذلك بين ان تكون مع العوض او بدونه، بل لا بأس بها مع إعطاء ولي الأمر العوض لهم اذا كانت فيه مصلحة عامة.

نعم اذا كان المسلمون في مكان القوة والكفار في مكان الضعف بحيث تعلم الغلبة عليهم لم تجز المهادنة.

(مسألة 90): عقد الهدنة بيد ولي الامر حسب ما يراه فيه من المصلحة، وعلى هذا فبطبيعة الحال تكون مدته من حيث القلة والكثرة بيده حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.

ولا فرق في ذلك بين أن تكون مدته اربعة اشهر أو أقل أو أكثر، بل يجوز جعلها اكثر من سنة اذا كانت فيه مصلحة، واما ما هو المشهور بين الفقهاء من أنه لايجوز جعل المدة أكثر من سنة فلا يمكن اتمامه بدليل.

(مسألة 91): يجوز لولي الامر ان يشترط على الكفار في ضمن العقد أمراً سائغاً ومشروعاً كارجاع اسارى المسلمين وما شاكل ذلك، ولا يجوز اشتراط امر غير سائغ كإرجاع النساء المسلمات الى دار الكفر وما شابه ذلك.

(مسألة 92): اذا هاجرت النساء الى دار الاسلام في زمان الهدنة وتحقق اسلامهن لم يجز ارجاعهن الى دار الكفر، بلا فرق بين أن يكون اسلامهن قبل الهجرة او بعدها. نعم يجب اعطاء ازواجهن ما انفقوا من المهور عليهنّ.

ص: 394

(مسألة 93): لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر الى دار الاسلام لم ترجع الى دار الكفر ويجري عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الاسلام ابتداء من الحبس والضرب في اوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت.

(مسألة 94): اذا ماتت المرأة المسلمة المهاجرة بعد مطالبة زوجها المهر منها وجب رده اليه أن كان حياً والى ورثته ان كان ميتاً.

واما اذا كانت المطالبة بعد موت الزوجة فالظاهر عدم وجوب رده اليه، لان ظاهر الآية الكريمة هو أن رد المهر انما هو عوض رد الزوجة بعد مطالبة الزوج اياها، واذا ماتت انتفى الموضوع.

كما انه لو طلقها بائناً بعد الهجرة لم يستحق المطالبة. على اساس ان ظاهر الاية هو أنه لايجوز ارجاع المراة المزبورة بعد المطالبة، وانما يجب ارجاع المهر اليه بدلاً عن ردها، فاذا طلقها بائنا فقد انقطعت علاقته عنها نهائياً فليس له حق المطالبة بارجاعها حينئذ.

هذا بخلاف ما اذا طلقها رجعياً حيث أن له حق المطالبة بارجاعها في العدة باعتبار انها زوجة له، فاذا طالب فيها وجب رد مهرها اليه.

(مسألة 95): اذا اسلمت زوجة الكافر بانت منه، ووجبت عليها العدة اذا كانت مدخولاً بها، فاذا اسلم الزوج وهي في العدة كان أحق بها. وتدل على ذلك عدة من الروايات منها معتبرة السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام أن أمرأة مجوسية اسلمت قبل زوجها قال عليّ (عليه السلام) : (اتسلم) قال لا ففرق بينهما ثم قال: (ان اسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، وان انقضت عدتها قبل ان تسلم ثم اسلمت فانت خاطب من الخطاب) (1).

ص: 395


1- التهذيب ج7 صفحة 301، الحديث 1257.

وفي حكمها ما اذا اسلمت في عدتها من الطلاق الرجعي، فاذا اسلم الزوج بعد اسلام زوجته المهاجرة في عدتها من طلاقها طلاقاً رجعياً كان أحق بها، ووجب عليه رد مهرها ان كان قد اخذه.

واما اذا اسلم بعد انقضاء العدة فليس له حق الرجوع بها فانه - مضافاً الى انه مقتضى القاعدة - تدل عليه ردُ معتبرة السكوني وغيرها.

(مسألة 96): اذا هاجر الرجال الى دار الاسلام واسلموا في زمان الهدنة لم يجز ارجاعهم الى دار الكفر، لان عقد الهدنة لايقتضي أزيد من الأمان على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ما داموا على كفرهم في دار الاسلام، ثم يرجعوهم الى مأمنهم.

واما اذا اسلموا فيصبحون محقوني الدم والمال بسبب اعتناقهم الاسلام. وحينئذ خرجوا عن موضوع عقد الهدنة فلا يجوز ارجاعهم الى موطنهم بمقتضى العقد المذكور. هذا اذا لم يشترط في ضمن العقد إعادة الرجال، وأما اذا اشترط ذلك في ضمن العقدفحينئذ ان كانوا متمكنين بعد اعادتهم الى موطنهم من اقامة شعائر الاسلام والعمل بوضائفهم الدينية بدون خوف فيجب الوفاء بالشرط المذكور والا فالشرط باطل.

(مسألة 97): اذا هاجرت نساء الحربيين من دار الكفر الى دار الاسلام واسلمت لم يجب ارجاع مهورهن الى ازواجهن، لاختصاص الآية الكريمة الدالة على هذا الحكم بنساء الكفار المعاهدين بقرينة قوله تعالى : ((واسئلوا ما انفقتم وليسئلوا ما انفقوا)) (1) باعتبار ان السؤال لا يمكن عادة الا من هؤلاء الكفار على ان الحكم على القاعدة.

ص: 396


1- سورة الممتحنة الآية 10.

والحمد لله أوّلاً وآخراً.

ص: 397

المجلد 2- المعاملات

هویة الکتاب

بسم الله الرحمن الرحیم

الكتاب: منهاج الصالحين ج2

المؤلف : فتاوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الطبعة: الثانية

الناشر: مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

المطبعة: الفرقان

الكمية: 2000 نسخة

ص: 1

اشارة

ص: 2

كتاب التجارة

وفيه مقدمة وفصول :

مقدمة

التجارة في الجملة من المستحبّات الأكيدة في نفسها، وقد تستحبّ لغيرها، وقد تجب كذلك إذا كانت مقدمة لواجب، أو مستحبّ، وقد تكره لنفسها أو لغيرها، وقد تحرم كذلك، والمحرّم منها أصناف، وهنا مسائل :

(مسألة 1): تَحرم ولا تصح التجارة بالخمر، وباقي المسكرات، والميتة والكلب غير الصيود، والخنزير،ولا فرق في الحرمة بين بيعها وشرائها، وجعلها أجرة في الإجارة، وعوضاً عن العمل في الجعالة، ومهراً في النكاح، وعوضاً في الطلاق الخلعي، وأمّا سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق، وكذلك تجوز هبتها والاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.

(مسألة 2): الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها،فلو صار خلّه خمراً،أو ماتت دابته، أو اصطاد كلباً غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شيء من ذلك قهراً عليه، وكذا الحكم في بقية الموارد. وتجوز المعاوضة على الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله، ويحل ذلك المال له، بمعنى أنه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة مثلاً مالاً ليرفع يده عنها، ويوكل أمرها إلى الباذل.

ص: 3

(مسألة 3): الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك والجراد لا يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إلاّ إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بازائها.

(مسألة 4): يجوز بيع مالا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة محلّلة معتدّ بها.

(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرّمة مثل التسميد بالعذرات، والإشعال، والطلي بدهن الميتة النجسة، والصبغ بالدم. وغير ذلك.

(مسألة6): يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها - كما هي كذلك اليوم- وكذلك الأبوال الطاهرة.

(مسألة 7): الأعيان المتنجّسة كالدبس، والعسل، والدهن والسكنجبين وغيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إن كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عندالعرف. ويجب إعلام المشتري بنجاستها، ولو لم تكن لها منفعة محلّلة لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الأحوط. والظاهر بقاؤها على ملكية مالكها، ويجوز أخذ شيء بازاء رفع اليد عنها.

(مسألة 8): تحرم ولا تصح التجارة بما يكون آلة للحرام،بحيث يكون المقصود منه غالباً الحرام : كالمزامير والأصنام والصلبان والطبول وآلات القمار، كالشطرنج ونحوه. ولا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية (الأسطوانات) لصندوق حبس الصوت، وكذلك الأشرطة المسجّل عليها الغناء وأمّا الصندوق نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة،فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منهما الأخبار والقرآن والتعزية ونحوهما ممّا يباح استماعه، أمّا التلفزيون، فإن عدّ عرفاً من آلات الله و فلا يجوز بيعه ولا استعماله، وأما مشاهدة أفلامه فلا بأس بها إذا لم تكن مثيرة للشهوة، بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس، وإذا اتّفق أن

ص: 4

صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفاً جاز بيعه واستعماله، ويكون كالراديو وتختصّ الحرمة حينئذ باستعماله في جهات اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية، وأما المسجّلات فلا بأس ببيعها واستعمالها.

(مسألة 9): كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها، وأخذ الأجرة عليها،بل يجب تغيير الصورة وابقاء المادة،ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله،لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري، إلاّ مع الوثوق بأن المشتري يغيرها، أمّا مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أمّا إذا كانت لها فائدة ولو قليلة لم يجب تغييرها.

(مسألة 10): تحرم ولا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السّكة المعمولة لأجل غش الناس، فلا يجوز جعلها عوضاً أو معوضاً عنه في المعاملة مع جهل مَن تدفع إليه، أمّا مع علمه ففيه إشكال، والأظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، وفي وجوب كسرها إشكال، والأظهر عدمه.

(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهرّ والأسد والذئب ونحوها إذا كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها، وكذا يجوز بيع الحشرات والمسوخات - إذا كانت كذلك- كالعلق الذي يمصّ الدم ودود القز ونحل العسل والفيل، أمّا إذا لم تكن لها منفعة محلّلة، فلا يجوز بيعها ولا يصح على الأحوط.

(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحلّلة المجوِّزة للبيع الفائدة المحلّلة المحتاج إليها حاجة كثيرة غالبة باعثة على تنافس العقلاء على اقتناء العين. سواء أكانت الحاجة إليها في حال الاختيار أم في حال الاضطرار كالأدوية والعقاقير المحتاج إليها للتداوي.

ص: 5

(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع أواني الذهب والفضة للتزيين أو لمجرَّد الاقتناء، والأقوى الجواز، وإنما يحرم استعمالها كما مر.

(مسألة 14): يَحرم ولا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الأحوط، وكذا يَحرم تمكينه منه إلاّ إذا كان تمكينه لإرشاده وهدايته فلا بأس به حينئذ، والأحوط الاجتناب عن بيعه على المسلم فإذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، وأمّا الكتب المشتملة على الآيات والأدعية وأسماء الله تعالى، فالظاهر جواز بيعها على الكافر، فضلاً عن المسلم، وكذا كتب أحاديث المعصومين (عليهم السلام) كما يجوز تمكينه منها.

(مسألة 15): يَحرم بيع العنب أو التمر ليُعمل خمرا، أو الخشب - مثلاً - ليُعمل صنماً، أو آلة لهو، أو نحو ذلك سواء أكان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه، و إذا باع و اشترط الحرام فالأحوط بطلان المعاملة، وكذا تحرم ولا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شيء من المحرّمات، و كذا تَحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، والثمن والأجرة في ذلك محرمّان و أما بيع العنب ممّن يعلم أنه يعمله خمراً، أو إجارة المسكن ممّن يعلم أنه يحرز فيه الخمر، أو يعمل بها شيئاً من المحرمّات من دون تواطؤهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله فقيل أنه حرام و هو أحوط والأظهر الجواز.

(مسألة 16): يَحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان إذا كانت مجسمة أما في غير المجسمة فالأظهر الجواز، ويحرم أخذ الأجرة عليه أمّا تصوير غير ذوات الأرواح، كالشجر وغيره فلا بأس به، ويجوز أخذ الأجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، ومثله تصوير بعض البدن كالرأس والرجل ونحوهما، ممّا لا يعدّ تصويراً ناقصاً، أمّا إذا كان كذلك،

ص: 6

مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أمّا لو كان تصويراً له على هيئة خاصة مثل : تصويره جالساً أو واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك ممّا يعدّ تصويراً تاماً فالظاهر هو الحرمة، بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة ولكن النقص لا يكون دخيلاً في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل ويجوز -على كراهة- اقتناء الصور وبيعها وإن كانت مجسّمة وذوات أرواح.

(مسألة 17): الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل، بمعنى أن تكون الكيفية كيفية لهوية، والعبرة في ذلك بالصدق العرفي، وكذا استماعه. ولا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة ودعاء ورثاء وغيرها. ويستثنى منه غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرّم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل، ودخول الرجال على النساء، وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة، وإلاّ حرم ذلك.

(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كلّ محرّم حرام، أما معونتهم في غير المحرّمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها إذا لم يفض ذلك إلى إعانتهم في المحرمات. نعم إذا عدّ الشخص من أعوانهم والمنسوبين إليهم فتحرم.

(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي و غيرها ممّا أُعدّ لذلك حرام مع الرهن، و يحرم أخذ الرهن أيضا سواء كان منهما أو من ثالث،ولا يملكه الغالب. ويَحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن أيضاً ويّحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، ويحرَم أخذ الرهن، و أمّا إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز.

ص: 7

(مسألة 20): عمل السحر حرام، وكذا تعليمه وتعلّمه والتكسّب به والمراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على السمع والبصر أو غيرهما وفي كون تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان من السحر إشكال. والأظهر تحريم ما كان مضرّاً بمَن يَحرم الإضرار به دون غيره.

(مسألة 21): القيافة حرام. و هي إلحاق الناس بعضهم ببعض استنادا إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الإلحاق.

(مسألة 22): الشعبذة. وهي : إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام، إذا ترتّب عليها عنوان محرّم كالإضرار بمؤمن و نحوه.

(مسألة 23): الكهانة حرام. وهي : الإخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها بعض الجان، أما إذا كان اعتماداً على بعض الإمارات الخفيّة فالظاهر أنه لا بأس به إذا اعتقد صحته أو اطمأنّ به.

(مسألة 24): النجش حرام. وهو: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة ،و هو لا يريد شراءها، بل لكي يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواء أكان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

(مسألة 25): التنجيم حرام. وهو : الإخبار عن الحوادث، مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و نحوها، استنادا إلى الحركات الفلكية و الطوارئ الطارئة على الكواكب، من الاتّصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، على وجه ينافي الاعتقاد بالدين.

(مسألة 26): الغش حرام. قال رسول الله صلى الله عليه و آله : « مَن غشّ أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه،وسدّ عليه معيشته ووكله إلى نفسه

ص: 8

و يكون الغش بإخفاء الأدنى في الأعلى، كمزج الجيد بالرديء وبإخفاء غير المراد في المراد، كمزج الماء باللبن، و بإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعاً، مثل رش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة، و بإظهار الشيء على خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب. ليتوهّم أنه فضة أو ذهب. و قد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب و عدم خفائه كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع بالعيب - مع اعتماد المشتري عليه - غش له

(مسألة 27): الغش و إن حرم لا تفسد المعاملة به، لكن يثبت الخيار للمغشوش، إلا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، فإنّه يبطل فيه البيع، و يحرم الثمن على البائع، وكذا أمثاله ممّا كان الغش فيه موجباً لاختلاف الجنس.

(مسألة 28): لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع إلاّ أن يأتي بها الأجير عن نفسه مجاناً، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية فلو استأجر شخصاً على فعل الفرائض اليومية، أو نوافلها أو صوم شهر رمضان، أو حجة الإسلام، أو تغسيل الأموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم أو غير ذلك من العبادات الواجبة والمستحبة لم تصح الإجارة، إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير عن نفسه. نعم لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت ممّا تشرع فيه النيابة جاز، وكذا لو استأجره على الواجب غير العبادي كوصف الدواء للمريض، أو العلاج له، أو نحو ذلك فإنه يصح، وكذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة والصناعة والطب، ولو استأجره لتعليم الحلال والحرام فيما هو محل الابتلاء فالأحوط وجوباً البطلان وحرمة الأجرة، بل الصحة والجواز فيما لا يكون محلاً للابتلاء لا يخلو من إشكال أيضاً.

ص: 9

(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل، يعني الكذب، ولا بأس بالنوح بالحق

(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن، ويجوز هجاء المخالف إذا كان لمصلحة، وكذا الفاسق المبتدع، لئلا يؤخذ ببدعته.

(مسألة 31): يحرم الفحش من القول، و هو ما يُستقبح التصريح به إذا كان في الكلام مع الناس، غير الزوجة والأمة، أمّا معهما فلا بأس به.

(مسألة 32): تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل. و أمّا الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، و إن حرم على الظالم أخذها.

(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتّب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم، جاز، كما إذا كان للنقض عليه بشرط أن يكون النقض متوقفاً على إبقائه،وكذا يحرم بيعها ونشرها، ومنها : الكتب الرائجة من التوراة والإنجيل وغيرها. هذا مع احتمال التضليل به

(مسألة 34): يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به و نحوه وأمّا التزين به من غير لبس كتلبيس مقدم الأسنان به فالظاهر جوازه إذا كان للضرورة.

(مسألة 35): يحرم الكذب : و هو : الإخبار بما ليس بواقع، و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجدّ و ما يكون في مقام الهزل، نعم إذا تكلم بصورة الخبر - هزلا - بلا قصد الحكاية و الإخبار فلا بأس به. و مثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى له واقع، و لكنه خلاف الظاهر، كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذ، و يجوز الكذب أيضاً للإصلاح بين المؤمنين، و الأحوط - استحباباً - الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية، و أما الكذب فيالوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة. نعم لو كان الوعد بانياً على الخلف فالظاهر حرمته، والأحوط - لزوما ً- الاجتناب عن وعد أهله بشيء وهو لا يريد أن يفي به.

ص: 10

(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر، إلا مع القيام بمصالح المؤمنين، وعدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، ويجوز - أيضا ً- مع الإكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية، ويتوعده على تركها، بما يوجب الضرر بدنياً أو مالياً عليه، أو على من يتعلق به، بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضراراً بالمكره عرفاً، كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.

(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب المجعولة على الأراضي والأشجار والنخيل يجوز شراؤه وأخذه منه مجاناً، بلا فرق بين الخراج. وهو: ضريبة النقد، والمقاسمة. وهي : ضريبة السهم من النصف والعشر ونحوهما، وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة. والظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه، بل الظاهر أنه لو لم تأخذه الحكومة وحولت شخصاً على المالك في أخذه منه، جاز للمحول أخذه، وبرئت ذمة المحول عليه. وفي جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لايدعي الخلافة العامة، أو الكافر إشكال.

(مسألة 38): إذا دفع إنسان مالاً له الى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس، وكان المدفوع إليه منهم، فإن فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن، وإن لم يفهم الإذن لم يجز الأخذ منه أصلاً، وإن دفع له شيئاً مما له مصرف خاص، كالزكاة ليصرفه في مصارفه، فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضاً من مصارفه، ولا يتوقف الجواز فيه على إحراز الإذن من الدافع.

(مسألة 39): جوائز الظالم حلال، وإن علم إجمالاً أن في ماله حراماً وكذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه وتملكه والتصرف فيه بإذنه، إلا أن يعلم أنه غصب، فلو أخذه منه - حينئذ - وجب رده إلى مالكه ، إن عرفه بعينه، فإن جهله وتردد بين جماعة محصورة، فإن أمكن استرضاؤهم وجب، وإلا رجع في

ص: 11

تعيين مالكه إلى القرعة. وإن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه، مع الإذن من الحاكم الشرعي على الأحوط إن كان يائساً من معرفته وإلا وجب الفحص عنه وإيصاله إليه.

(مسألة 40): يكره بيع الصرف، وبيع الأكفان. وبيع الطعام وبيع العبيد كما يكره أن يكون الإنسان جزاراً أو حجّاماً، ولا سيما مع الشرط بأن يشترط أجرة، ويكره أيضاً التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، اما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.

(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب، فإذا كان الإعطاء بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، وأما إذا كان الإعطاء مجاناً وبقصد الاشتراك فيمشروع خيري فلا بأس به، بل الظاهر الجواز مطلقاً ولو لم يقصد بذلك الاشتراك في المشروع الخيري، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لابد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه.

(مسألة 42): يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه. كما يجوز اخذ العوض في مقابله على ما تقدم.

(مسألة 43): يحرم حلق اللحية على الأحوط ويحرم أخذ الأجرة عليه كذلك، إلا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية ومهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء

فيجوز حينئذ.

آداب التجارة

(مسألة 44): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من الربا، ومع الشك في الصحة والفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه الاحتياط، ويستحب أن يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس وغيره

ص: 12

بزيادة السعر في الأول أو بنقصه، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم والتقوى ونحوهما، فالظاهر انه لا بأس به، ويستحب أن يقيل النادم ويشهد الشهادتين عند العقد، ويكبر الله تعالى عنده، ويأخذ الناقص ويعطى الراجح.

(مسألة 45): يكره مدح البائع سلعته، وذم المشتري لها، وكتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش، وإلا حرم كما تقدم، والحلف على البيع، والبيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك، والربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، وعلى الموعود بالإحسان، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ،وأن يدخل السوق قبل غيره، ومبايعة الادنين وذوي العاهات والنقص في أبدانهم، والمحارفين، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة، أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، والتعرض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ، والدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه. والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما فلو انصرف أحدهما عنه، أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنياً على المزايدة، وأن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحباباً تركه، وتلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحدّه إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتفق ذلك بلا قصد. والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح والإجارة ونحوهما.

(مسألة 46): يحرم الاحتكار وهو : حبس السلعة والامتناع من بيعها لانتظار زيادة القيمة، مع حاجة المسلمين إليها، وعدم وجود الباذل لها والظاهر اختصاص الحكم بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت لا غير، وإن كان الأحوط - استحباباً - إلحاق الملح بها بل كل ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس والمساكن والمراكبوغيرها، ويجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم،

ص: 13

من دون أن يعيّن له السعر. نعم إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامة أجبر على الأقل منه.

الفصل الأول: شروط العقد

البيع هو : نقل المال بعوض بما أن العوض مال لا لخصوصية فيه. والاشتراء هو إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة. فمن يبيع السكَّر مثلاً يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري إنما يطلب السكّر لحاجته فيه، فإذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمراً واحداً كمبادلة كتاب بكتاب - مثلاً - لم يكن هذا بيعاً، بل هو معاملة مستقلة.

(مسألة 47): يعتبر في البيع الإيجاب والقبول، ويقع بكل لفظ دال على المقصود، وإن لم يكن صريحاً فيه مثل : بعت وملكت، وبادلت ونحوها في الإيجاب، ومثل : قبلت ورضيت وتملكت واشتريت ونحوها في القبول، ولا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة ويجوز إنشاء الإيجاب بمثل : اشتريت، وابتعت، وتملكت، وإنشاء القبول بمثل : شريت وبعت وملّكت.

(مسألة 48): إذا قال : بعني فرسك بهذا الدينار، فقال المخاطب : بعتك فرسي بهذا الدينار، ففي صحته وترتب الأثر عليه بلا أن ينضم إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال، وكذلك الحكم في الولي عن الطرفين، أو الوكيل عنهما فإنه يكتفي فيه بالإيجاب بدون القبول.

(مسألة 49): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب والقبول فلو قال البائع: بعت فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد، ولم يترتب عليه الأثر. أما إذا لم ينصرف وكان ينتظر القبول حتى قبل صح، كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب

ص: 14

وقبل الآخر صح. أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال، والأظهر الصحة إن لم ينصرف البائع عن بيعه وكان ينتظر القبول.

(مسألة 50): الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول في الثمن والمثمن وسائر التوابع، فلو قال : بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أن تخيط قميصي، فقال المشتري : اشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار أو بشرط أن أخيط عباءتك، أو بلا شرط شيء أو بشرط أن تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف دينار، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد. نعم لو قال : بعتك هذا الفرس بدينار، فقال : اشتريت كل نصف منه بنصف بدينار صح، وكذا في غيره مما كان الاختلاف فيه بالإجمال والتفصيل.

(مسألة 51): إذا تعذر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه، وإن تمكن من التوكيل، وكذا الكتابة مع العجز عن الإشارة. أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان، والأظهر الجواز بكل منهما، بل يحتمل ذلك حتى مع التمكن من اللفظ.

(مسألة 52): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري، وينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع ولا فرق في صحتها بين المال الخطير والحقير، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلياً في الذمة، أو بإعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلياً في الذمة.

(مسألة 53): الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين، كما أن الظاهر ثبوت الخيارات - الآتية إن شاء الله تعالى - على نحو ثبوتها في البيع العقدي.

ص: 15

(مسألة 54): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الإيقاعات الا في موارد خاصة، كالنكاح والطلاق والعتق والتحليل والنذر واليمين، والظاهر جريانها في الرهن والوقف أيضاً.

(مسألة 55): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أكان شرط خيار في مدة معينة، أم شرط فعل، أم غيرهما : إشكال، وإن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع، وقال أحدهما في حال التعاطي : جعلت لي الخيار إلى سنة - مثلاً - وقبل الآخر صح شرط الخيار، وكان البيع خيارياً.

(مسألة 56): لا يجوز تعليق البيع على أمرٍ غير حاصل حين العقد. سواء أعلم حصوله بعد ذلك، كما إذا قال : بعتك إذا هلّ الهلال، أم جهل حصوله، كما لو قال : بعتك إذا ولد لي ولد ذكر،ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال : بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه به فالوجه الجواز.

(مسألة 57): إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه وإلا وجب عليه رده إلى البائع. وإذا تلف - ولو من دون تفريط - وجب عليه ردّ مثله إن كان مثلياً، وقيمته إن كان قيمياً، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، وإذا كان المالك مجهولاً جرى عليه حكم المال المجهول مالكه، ولا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم والجهل به، ولو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضولياً وتوقفت صحته على إجازة المالك وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

ص: 16

الفصل الثاني: شروط المتعاقدين

اشارة

(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين أمور :

الأول : البلوغ، فلا يصح عقد الصبي في ماله إلا في الأشياء اليسيرة كما هو المعتاد بتصدي الصبي المميز في معاملاته.

الثاني : العقل، فلا يصح عقد المجنون، وإن كان قاصداً إنشاء البيع.الثالث : الاختيار، فلا يصح بيع المكره، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين، ولو لم يكن البيع مكروهاً وقد أمره الظالم بالبيع فباع صح، وكذا لو أمره بشيء غير البيع وكان ذلك الشيء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها، فإنه يصح بيعها

(مسألة 59): إذا أُكره أحد الشخصين على بيع داره،كما لو قال الظالم: فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلاّ إذا علم إقدام الآخر على البيع.

(مسألة 60): لو أُكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع الآخر بعد ذلك صحّ، ولو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً.

(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابّته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ،وصح بيع الولد.

ص: 17

(مسألة 62): لا يُعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية، فلو أكرهه على بيع داره فباعها - مع قدرته على التورية - لم يصح البيع.

(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه، على تقدير عدم الإتيان بما أُكره عليه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمه أمره. فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذٍ - صحّ البيع

البيع الفضولي

الرابع : من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرّف بكونه مالكاً أو وكيلاً عنه، أو مأذوناً منه ،أو ولياً عليه، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرّف لم يصح البيع، بل توقّفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف،مالكاً كان، أو وكيلاً عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه، فإن أجاز صح، وإن ردّ بطل. وهذا هو المسمى بعقد الفضولي. والمشهور أن الإجازة بعد الردّ لا أثر لها، ولكنه لا يخلو عن إشكال، بل لا يبعد نفوذها. وأمّا الردّ بعد الإجازة فلا أثر له جزماً.

(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإن أجازه المالك صح، ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقّفت على الإجازة.

(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صحّ البيع ويرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة 67): لا يكفي في تحقّق الإجازة الرضا الباطني، بل لابدّ من الدلالة عليه بالقول مثل : رضيت، وأجزت، ونحوهما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن، أو بيعه، أو الإذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

ص: 18

(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفاً حكمياً،فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، ونماء المبيع ملك المشتري.

(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلاً فتبين خلافه فإن أجازه المالك صحّ وإن ردّ بطل، ولو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبين كونه ولياً أو وكيلاً صح، ولم يحتج إلى الإجازة، ولو تبين كونه مالكاً ففي صحة البيع - من دون حاجة إلى إجازته - إشكال والأظهر هو الصحة.

(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولاً، ثم ملكه قبل إجازة المالك ففي صحته بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأساً - وجوه أقواها أوسطها.

(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولاً فباعه المالك من شخص آخر صحّ بيع المالك، ويصح بيع الفضولي - أيضاً - إن أجازه المشتري.

(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحققّ الإجازة من المالك فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع والمشتري، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها، إن كانت مثلية، وبقيمتها إن كانت قيمية.

(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة، وللمالك الرجوع بها على مَن استوفاها،وكذا الزيادات العينيّة، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها،ممّا كانت له مالية، فإنّها مضمونة على مّن استولى عليها كالعين، أمّا المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال، والضمان أظهر.

ص: 19

(مسألة 74): المثلي : ما يَكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات، والقيمي : ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروزج ونحوها من القيمي.

(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف، ولا زمان الأداء.

(مسألة 76): إذا لم يمضِ المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمّى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمّى. ويرجع في الزائد عليهإذا كان مغروراً وإذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمّى إذا لم يكن قد قبض الثمن ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارّاً. وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع، بأن كان جاهلاً بأن البائع فضولي وكان البائع عالماً فاخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، وإن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالماً بالحال، أو كان البائع أيضاً جاهلاً لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة، وإذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات، فإن كان المشتري مغروراً من قِبَل البائع لم يرجع البائع إلى المشتري، وإن لم يكن مغروراً من قِبَل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك، وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك، فعليه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه

وإلاّ لم يرجع على اللاحق، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلاّ مع كونه مغروراً منه، وكذا الحكم في

ص: 20

المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة، ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معيّنة أو غير معينة، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده وكذا مع تلفه على النهج المذكور.

(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك، وتوقّفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلاّ فلا، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يُقوُّم كل من المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد، الذي هو ثلث الثمن، ويبقى للبائع اثنان. وهما ثلثا الثمن. هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أمّا لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلاً إذا باع الجارية وابنتها بخمسة، وكانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، وفي حال الانضمام أربعة، وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع، رجع المشتري بخمسَين، وهما اثنان من الثمن، وبقي للبائع ثلاثة أخماس. وإن كانت البنت لغير البائع، رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.

(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السويّة، فباع أحدهما نصف الدار، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين عمل على القرينة، وإن لم تقم القرينة على شيء من ذلك، حمل على نصف نفسه لا غير.

ص: 21

(مسألة 80): يجوز للأب والجد للأب وإن علا التصرّف في مال الصغير وكذا يجوز للمجتهد الجامع للشرائط أو وكليه أو عدول المؤمنين مع فقد الأب والجد إذا كانت هناك مصلحة في تصرفهم بالبيع والشراء والإجارة وغيرها وكل من الأب والجد مستقل في الولاية فلا يُعتبر الإذن من الآخر، كما لا تُعتبر العدالة في ولايتهما، ولا أن تكون مصلحة في تصرّفهما، بل يكفي عدم المفسدة فيه، إلاّ أن يكون التصرف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل وزيادة درهمين، لاختلاف الأماكن أو الدلاّلين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل وإن كانت فيه مصلحة إذا عدّ ذلك تساهلاً عرفاً في مال الصغير، والمدار في كون التصرف مشتملاً على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبيّن انه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرّف، ولو تبيّن أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

(مسألة 81): يجوز للأب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما، أو جعله عاملاً في المعامل، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه. نعم ليس لهما طلاق زوجته. وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوّغ للفسخ، وهبة المدة في عقد المتعة : وجهان والثبوت أقرب.

(مسألة 82): إذا أوصى الأب أوالجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية، وصار الموصى إليه ولياً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته. ويُشترط فيه الرشد والأمانة،ولا تُشترط فيه العدالة على الأقوى. كما يُشترط في صحة الوصية فقد الآخر، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، ولو أوصى

ص: 22

أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده، ففي صحّتها إشكال.

ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على الصغير، ولو كان عمّاً أو أُمّاً أو جداً للأم أو أخاً كبيراً، فلو تصرّف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه، أو سائر شؤونه لم يصح، وتوقّف على إجازة الولي.

(مسألة 83): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الأب والجد والوصي لأحدهما، ومع تعذّر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرّف كما لو خيف على ماله التلف - مثلاً - فيبيعه العادل،لئلا يتلف، ولا يعتبر - حينئذ - أن تكون في التصرّف فيه غبطة وفائدة، بل لو تعذّر وجود العادل - حينئذ - لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين، ولو اتُفق احتياج المكلّف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على فراشهم، والأكل من طعامهم، وتعذّر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، إذا عوّضهم عن ذلك بالقيمة، ولم يكن فيه ضررعليهم وإن كان الأحوط تركه، وإذا كان التصرّف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض. والله سبحانه العالم.

الفصل الثالث: شروط العوضين

يُشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أكان موجوداً في الخارج أم في الذمة، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة، كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب، وأمّا الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملاً.

ص: 23

(مسألة 84): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالاً يتنافس فيه العقلاء، فكل ما لا يكون مالاً كبعض الحشرات لا يجوز بيعه، ولا جعله ثمناً ولكن الظاهر عدم اعتبار ذلك، وإن كان الاعتبار أحوط.

(مسألة 85): الحقوق مطلقاً من قبيل الأحكام، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمناً، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلّق الحق بما هو كذلك ثمناً ويجوز جعل شيء بازاء رفع اليد عن الحق، حتى فيما إذا لم يكن قابلاً للانتقال، وكان قابلاً للإسقاط، كما يجوز جعل الإسقاط ثمناً، بأن يملك البائع عليه العمل فيجب عليه الإسقاط بعد البيع.

(مسألة 86): يُشترط في البيع أن لا يكون غررياً وتكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة، ولا تكفي في غير ذلك، بل لابدّ أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن، أو عد، أو مساحة معلوماً، ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن وبالعكس إذا لم يكن البيع غررياً، وإذا كان الشيء ممّا يباع في حال بالمشاهدة وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يُباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولاً على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل. كل ذلك صحيح بيعه مقدّراً أو مشاهداً متابعةً للعرف.

(مسألة 87): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر، كيلاً أو وزناً أو عداً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء بتمام الثمن. ولو تبيّنت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام المبيع، وقيل : يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول وتكون الزيادة للبائع في الثاني وهو ضعيف

ص: 24

(مسألة 88): لابدّ في مثل القماش والأرض ونحوهما - ممّا يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة - معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلاّ إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور والفرش ونحوهما.

(مسألة 89): إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء، بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر، ومكيلاً في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة. ولكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضاً إذا لم يكن فيه غرر.

(مسألة 90): قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس، بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبين أن وزنها تسعمائة، لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان، بشرط أن يكون وزنها مائة مثقال، فيتبين أن وزنها مائتا مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك، ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوّماً له، والحكم أنه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري، لتخلّف الوصف فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة للمشتري على كل حال.

(مسألة 91): يّشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو ذلك، ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، وإن كان مرغوباً عند قوم، وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة.

(مسألة 92): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة، أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه

ص: 25

العلف لها، وعليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك : مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء، وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز.

(مسألة 93): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن، وكذلك لو أجازه بعد وقوعه، والأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضاً إلاّ أن يثبت الخيار - حينئذ - للمشتري إذا كان جاهلاً بالحال حين البيع.

(مسألة 94): لا يجوز بيع الوقف إلاّ في موارد :

منها أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والحصير المخرق فيجوز بيعه ويصرف ثمنه في نفس الوقف.

ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.

ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلكومنها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس والأموال.

ومنها : ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة، مثل كونها بستاناً، أو حماماً فيزول ذلك العنوان، فإنه يجوز البيع - حينئذ - وإن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر.

ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللازم حينئذٍ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

(مسألة 95): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد فانها لا يجوز بيعها على كل حال. نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

ص: 26

(مسألة 96): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم، وإلاّ فإن كان له متولّ خاص فاللازم مراجعته، ويكون البيع بإذنه، وإلاّ فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعي، والاستئذان منه في البيع، كما أن الأحوط وجوباً أن يشتري بثمنه ملكاً، ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط : الاقتصار على بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه.

(مسألة 97): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيّدها، ولو كان حملاً غير مولود، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل، وإذا مات ولدها جاز بيعها كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسالة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها.

(مسألة 98): لا يجوز بيع الأرض الخراجية. وهي : الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح، فإنها ملك المسلمين. مَن وجد ومَن يوجد، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، وأن لا تكون بل الظاهر عدم جواز التصرّف فيها إلاّ بإذن الحاكم الشرعي، إلاّ أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي - حينئذ - إشكال، ولو ماتت الأرض العامرة - حين الفتح - فلا يبعد أنها تملك الأحياء. أمّا الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام، وإذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً، وليس عليه دفع العوض وإذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه، جاز لغيره زرعها، وهو أحق بها منه.

ص: 27

وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها إلاّ إذا كان المالك قدأعرض عنها وإذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

(مسألة 99): في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة منها.وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة - حين الفتح - تحمل على أنها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وتملّكها إن كانت حيّة كما يجوز بيعها وغيره من التصرّفات الموقوفة على الملك.

(مسألة 100): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صح، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضاً، وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثم دفعها إليه، فإذا كان المبيع ممّا لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح، وإن لم يقدر على تسليمه.

(مسألة 101): لو علم القدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

(مسألة 102): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه، لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدة يسيرة صح، وإذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو اكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

(مسألة 103): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلاً في المعاملة

ص: 28

كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.

(مسألة 104): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

الفصل الرابع: الخيارات

اشارة

الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه وهو أقسام :

(الأول) : خيار المجلس :

أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع والمشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا، فإذا افترقا - عرفاً - لزم البيع وانتفى الخيار، ولو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط، وليس له الفسخ عن المالك، ولو كان وكيلاً في تمام المعاملة وشؤونها كان له الفسخ عن المالك، والمدارعلى اجتماع المباشرين وافتراقهما لا المالكين، ولو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا، ولو كان الموجب والقابل واحداً وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما، ففي ثبوت الخيار إشكال، بل الأظهر العدم هذا مع عدم حضور المالكين في مجلس العقد وإلا يكون الخيار باقياً مع عدم تفرقهما.

(مسألة 105): هذا الخيار يختص بالبيع ولا يجري في غيره من المعاوضات.

(مسألة 106): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد، كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

(الثاني) : خيار الحيوان :

ص: 29

كل مَن اشترى حيواناً - إنساناً كان أو غيره - ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد، وإذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع، والليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر، وإذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان، وبقي خيار المجلس.

(مسألة 107): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد، كما يسقط بإسقاطه بعده، وبالتصرّف في الحيوان تصرّفاً يدل على إمضاء العقد واختيار عدم الفسخ.

(مسألة 108): يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً، إذا كان الثمن حيواناً.

(مسألة 109): يختص هذا الخيار أيضاً بالبيع، ولا يثبت في غيره من المعاوضات.

(مسألة 110): إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع، ورجع المشتري عليه بالثمن إذا دفعه إليه.

(مسألة 111): إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والرد، وإن كان بتفريط منه سقط خياره.

(الثالث) : خيار الشرط.

والمراد به : الخيار المجعول باشتراطه في العقد، إمّا لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه، أو لأجنبي.

(مسألة 112): لا يتقدّر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه في أي مدة كانت قصيرة أو طويلة، متّصلة أو منفصلة عن العقد، نعم لابدّ من تعيين مبدئها وتقديرها بقدر معيّن، ولو ما دام العمر، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، ولا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة والنقيصة وموجبة للغرر، وإلاّ بطل العقد.

ص: 30

(مسألة 113): إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد وكذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما، وإذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فإن مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور

(مسألة 114): لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات، كالطلاق والعتق ولا في العقود الجائزة، كالوديعة والعارية، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح، وفي جواز اشتراطه في الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان إشكال، وإن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير والجواز في الثاني.

(مسألة 115): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معيّنة متصلة بالعقد أو منفصلة عنه، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، ويسمّى بيع الخيار. فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع وسقط الخيار وامتنع الفسخ. وإذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصحّ الفسخ، وكذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلاّ في المدة المعيّنة، في حال رد الثمن أو ردّ بدله مع تلفه، ثم إنّ الفسخ إمّا أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد مثل فسخت ونحوه ،أو يكون بنفس الرد، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل وهو الرد، لا بقوله : فسخت، ونحوه.

(مسألة 116): المراد من ردّ الثمن إحضاره عند المشتري، وتمكينه منه، أو إحضاره عند مالك الثمن إذا كان المشتري وكيله كذلك، فلو أحضره عند أحدهما جاز له الفسخ.

(مسألة 117): الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

ص: 31

(مسألة 118): إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ولو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.

(مسألة 119): نماء المبيع في زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري، كما أن نماء الثمن للبائع.

(مسألة 120): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحوهما، ولو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري، ولا يسقط بذلك خيار البائع، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها نفسها إلى البائع، لكن الغالب الأول.

(مسألة 121): إذا كان الثمن المشروط رده ديناً في ذمة البائع كما إذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، واشترط الخيار مشروطاً برده كفى فيرده إعطاء فرد منه، وإذا كان الثمن عيناً في يد البائع فالظاهر ثبوت الخيار في حال دفعها للمشتري. وإذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ.

(مسألة 122): لو اشترى الولي شيئاً للمولى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره قبل انقضاء المدة - كان الفسخ مشروطاً برد الثمن اليه، ولا يكفي الرد إلى وليه، ولو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد، إلا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

(مسألة 123): إذا مات البائع - قبل إعمال الخيار - انتقل الخيار إلى ورثته، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري،ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم ،ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ،لا في تمام المبيع ولا في بعضه. ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.

ص: 32

(مسألة 124): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع، والظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف، كما يجوز أيضاً اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

(مسألة 125): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين، بلا فرق بين رد الثمن ورد المثمن، وفي جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال، وإن كان الأظهر أيضاً العدم.

(مسألة 126): يسقط هذا الخيار، بانقضاء المدة المجعولة له، مع عدم الرد وبإسقاطه بعد العقد.

(الرابع) : خيار الغبن.

إذا باع بأقل من قيمة المثل، ثبت له الخيار، وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون، إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 127): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن عرفاً، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس. فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار، وعدّه بعضهم بالثلث وآخر بالربع وثالث بالخمس، ولا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك. فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر، بل نصف العشر وأما المعاملات العادية فلا يكفي فيها ذلك. والمدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.

(مسألة 128): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن. صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً

ص: 33

(مسألة 129): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ. ولو بذل له الغابن التفاوت، لم يجب عليه القبول، بل يتخير بين فسخ البيع من اصله وإمضائه بتمام الثمن المسمى، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال، صح الصلح وسقط الخيار، ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

يسقط الخيار المذكور بأمور:

الأول : إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن. ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظاً قيداً،بطل الإسقاط، وإن كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب، صح، وكذا الحال لو صالحه عليه بمال.

الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق.

الثالث : تصرف المغبون - بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه - تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن، أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به، ولا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به - لو كان دالاً على الالتزام بالعقد - لا يخلو من وجه. نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار، به ولو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كالاستيلاء.

(مسألة 130): إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه، وإن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثلياً، وبقيمته إن كان قيمياً، وإن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله، أخذه مع أرش العيب، وإن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها، بل لا يبعد

ص: 34

ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ وإرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة،لم يجب عليه دفعها إلى المغبون، نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل، وجب إرجاعها إليه. وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأن يكون بعقد جديد. فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة،واذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة، أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

(مسألة 131): إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفاً مغيّراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة، أو بالامتزاج بغيره فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة، وإن كان بالزيادة فإما أن تكونالزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة الفضة وقصارة الثوب، وإما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، وإما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة والبناء والغرس والزرع. فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع ولا شيء للمشتري، وكذا إن كانت لها مالية ولم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصاً عوجاء فاعتدلت أو خّلاً قليل الحموضة فزادت حموضته، وإن كانت لها مالية وكانت بفعل المشتري، فلكون الصفة للمشتري وشركته مع الفاسخ بالقيمة وجه، لكنه ضعيف والأقوى المصالحة، وإن كانت الزيادة عيناً فإن كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان ونمو الشجرة فلا شيء للمشتري أيضاً وإن كانت قابلة للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري، وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة

ص: 35

ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن والثمر، بل له ذلك وإن لزم الضرر على المشتري من فصلها، وإذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، وإذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه، فعليه طمّ الحفر وتسوية الأرض ونحو ذلك، وإن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عُدَّ المبيع مستهلكاً عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم لم يعد مستهلكاً بل عد موجوداً على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلاً. والمفروض أنه لا وجود له وإنما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله أو كان بالأجود والأردأ فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع، فإن لم يمكن من جهة المزج وجب رد بدله من المثل أو القيمة.

(مسألة 132): إذا فسخ المشتري المغبون وكان قد تصرف في المبيع تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين وأخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج. وتأتي فيه الصور المتقدمة وتجري عليه أحكامها، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون وكان هو قد تصرف في الثمن تصرفاً غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها وحكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار ٍ هنا على نهج واحد.

(مسألة 133): الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور فلو أخر إنشاء الفسخ عالماً عامداً لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلاً عما لو أخره

ص: 36

جاهلاً بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلاً عنه أو ناسياً له فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.

(مسألة 134): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة صلحاً كانت أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 135): إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة وفرس بعشرة وكان مغبوناً في شراء الفرس جاز له الفسخ ويكون للبائع الخيار في بيع العبد.

(مسألة 136): إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي وكان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف. وفي كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثاني، ولو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء، ولو كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي، أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول، ويرجع الغابن على الأجنبي، وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء، وإن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ، ورجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف وحكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

(الخامس) : خيار التأخير :

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه أجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً، ولا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة ويختص البيع بخيار وهو المسمى بخيار التأخير، ويتحقق فيما إذا باع سلعة ولم يقبض الثمن ،ولم يسلم حتى يجيء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة وإلا فللبائع فسخ

ص: 37

البيع. ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أكان التلف في الثلاثة أم بعدها، حال ثبوت الخيار وبعد سقوطه.

(مسألة 137): الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض، وكذا بعض المبيع.

(مسألة 138): المراد بالثلاثة أيام : أيام البيع ويدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما ويجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

(مسألة 139): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين وإلا فلا خيار.

(مسألة 140): لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً، وفي ثبوته إذا كان كلياً في الذمة قولان، فالأحوط وجوباً عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين.

(مسألة 141): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر والبقول واللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار.ولو بقي أقل من اليوم إذا علم بفساده لو أبقاه إلى الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

(مسألة 142): يسقط هذا الخيار بعد الثلاثة وفي سقوطه بإسقاطه قبلها وباشتراط سقوطه في ضمن نفس العقد إشكال، أما إذا كان في ضمن عقد آخر فلا،والأظهر السقوط. والظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ولا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة. ويكفي ظهور الفعل في ذلك ولو بواسطة بعض القرائن.

ص: 38

(مسألة 143): في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان: أقواهما الثاني.

(السادس) : خيار الرؤية :

ويتحقق فيما لو رأى شيئاً ثم اشتراه فوجده على خلاف ما رآه أو اشترى موصوفاً غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف فإن للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء.

(مسألة 144): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به، سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أمياً لا كاتباً ولا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم ومرغوباً عنه عند آخرين، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

(مسألة 145): الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وإمساك العين مجاناً وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش، ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف.

(مسألة 146): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف ايضاً إذا كان قد رأى المبيع سابقاًَ فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه، أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

(مسألة 147): المشهور أن هذا الخيار على الفور ولكن الأقرب عدمه.

(مسألة 148): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها

وبالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالاً على الالتزام بالعقد وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، وفي جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال.

ص: 39

(مسألة 149): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي. فلو باع كلياً موصوفاً ودفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف. نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

(السابع) : خيار العيب :وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب وإمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك والمطالبة بالأرش ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع. فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

(مسألة 150): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد، بمعنى اختيار عدم الفسخ ومنه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ

موارد جواز طلب الأرش :

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد وإنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها :

الأول : تلف العين.

الثاني : خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

الثالث : التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب وصبغه وخياطته ونحوها.

الرابع : التصرف الإعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين ورهنها.

الخامس : حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده نعم يثبت له الأرش إن طالبه.

ص: 40

(مسألة 151): يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل، وإذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما قيل : لا أرش حذراً من الربا، لكن الأقوى جواز أخذ الأرش.

يسقط الرد والأرش بأمرين :

الأول : العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني : تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش.

(مسألة 152): الأقوى أن هذا الخيار أيضاً ليس على الفور.

(مسألة 153): المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية سواء أكان نقصاً مثل العور والعمى والصمم والخرس والعرج ونحوها أم زيادة مثل الإصبع الزائد واليد الزائدة، أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه كان عيباً عرفاً مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال وإن كان الأظهر الثبوت.

(مسألة 154): إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الإماء، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

(مسألة 155): لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية. نعم لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

(مسألة 156): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به. وفي جواز أخذ الأرش به قولان أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا أثر له.

ص: 41

(مسألة 157): يثبت خيار العيب في الجنون والجذام والبرص والقرن إذا حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.

(مسألة 158): كيفية أخذ الأرش أن يقوّم المبيع صحيحاً، ثم يقوَّم معيباً و تلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة. فإذا قوّم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف وهو اثنان وهكذا، ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة وتعتبر فيهم الأمانة والوثاقة.

(مسألة 159): إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع قيمتها على تقويم البعض الآخر فلا إشكال، كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة، و بعضهم الصحيح بستة والمعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن، وإذا اختلفت النسبة كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بستة ففيه وجوه وأقوال، والذي تقتضيه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة والأحوط التصالح.

(مسألة 160): إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة، فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده، فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح، وكذا إذا اشترى شيئين بثمن واحد لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معاً على تقدير الفسخ.

(مسألة 161): إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيباً جاز لأحدهما الفسخ في حصته ويثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

(مسألة 162): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار، فيجوز له الرد مع إمكانه، وإلا طالب بالأرش.

ص: 42

أحكام الشرط

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه فرساً بثمن معين واشترط عليه أن يخيط له ثوبه. فإن البائع يستحق على المشتري الخياطة بالشرط، فتجب عليه خياطة ثوب البائع.ويشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور :

منها : أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنة ويتحقق هذا في موردين:

الأول : أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر، أو يبيعه شيئاً بشرط أن يرتكب محرماً من المحرمات الإلهية.

الثاني : أن يكون الشرط بنفسه مخالفاً لحكم شرعي كما إذا زوجه أمته بشرط أن يكون ولدها رقاً،أو باعه أو وهبه مالاً بشرط أن لا يرثه منه ورثته، أو بعضهم. وأمثال ذلك، فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل

ومنها : أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو أجّره الدار بشرط أن لا تكون لها أجرة.

ومنها : أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه ومقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم. فلو ذكر قبل العقد ولم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء به.

ومنها : أن يكون مقدوراً عليه، بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الإلتزام به.

(مسألة 163): لا بأس بأن يبيع ماله ويشترط على المشتري بيعه منه ثانياً ولو بعد حين، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما

ص: 43

اشتراه أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه والبيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

(مسألة 164): لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجّزاً بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره وشرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضاً إلا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غررياً فيفسد البيع حينئذ.

(مسألة 165): الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه فيصح العقد ويلغو الشرط.

(مسألة 166): إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه، والظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره، بل له الخيار عند مخالفته وعدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار.

(مسألة 167): إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ، وليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء أكان عدم التمكن لقصور فيه كمالو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه، أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب وفي الجميع له الخيار لا غير.

الفصل الخامس: أحكام الخيار

الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ويُحرَم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق، ويحجب عنه ما يحجب عن إرث المال ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة

ص: 44

بالذكر الأكبر ،والأرض التي ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار وعدمه أقوال : أقربها عدم حرمانه والخيار لجميع الورثة، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار، ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

(مسألة 168): إذا تعدد الوارث للخيار، فالظاهر أنه لا اثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع، ولا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 169): إذا فسخ الورثة بيع مورّثهم بالخيار فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري وإن كان تالفاً أو بحكمه، أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

(مسألة 170): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات فانتقال الخيار إلى وارثه محل تأمل.

(مسألة 171): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان، فهو من مال البائع وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

الفصل السادس: ما يدخل في المبيع

من باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره ويعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر

ص: 45

والنخل الموجودان وكذا لا يدخل الحمل في بيع الأم ولا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلاً فإذا كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع وإن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري ويختص هذا الحكم ببيع النخل، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً وإن لم يكن مؤبراً، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك وإن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.

(مسألة 172): إذا باع الشجر وبقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه واحتاج الشجر إلى السقي جاز للبائع سقيه وليس للمشتري منعه وإذا لم يحتج إلى السقي لم يجب علىالبائع سقيه وإن امره المشتري بذلك، ولو تضرّر أحدهما بالسقي والاخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان، بل قولان : أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء وإلا فالأرجح الثاني.

(مسألة 173): إذا باع بستاناً واستثنى نخلة مثلاً فله الممر إليها والمخرج منها ومد جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

(مسألة 174): إذا باع داراً دخل فيها الارض والبناء الأعلى والأسفل، إلا أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج فيكون ذلك قرينة على عدم دخوله، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء، و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وأنابيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار ،حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلا مع الشرط

(مسألة 175): الأحجار المخلوقة في الأرض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفاً، و أما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد ويملكها مَن يخرجها

ص: 46

وكذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها والكنوز المودعة فيها ونحوها.

الفصل السابع: التسليم والقبض

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ،ولا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى الآخر. فإن امتنعا أُجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أُجبر الممتنع ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذٍ.

(مسألة 176): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض، أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 177): التسليم الواجب على المتبايعين في غير المنقول هو التخلية برفع المانع عنه والإذن لصاحبه بالتصرف.

(مسألة 178): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري، انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

(مسألة 179): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، واما في المنقولات فلا بدّ فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه.

ص: 47

(مسألة 180): في حكم التلف تعذّر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر، أو نحو ذلك، لأن هذه الأمور كلها بحكم العدم.

(مسألة 181): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه

(مسألة 182): إذا أَتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من المثل إذا كان مثلياً أو القيمة إذا كان قيمياً. وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذّر التسليم؟ إشكال والأظهر ذلك.

(مسألة 183): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

(مسألة 184): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد كما تقدّم.

(مسألة 185): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف، ورجع إليه ما يخصّه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.

(مسألة 186): يجب على البائع تفريغ المبيع عمّا فيه من متاع أو غيره حتى أنه لو كان مشغولاً بزرع لم يأتِ وقت حصاده وجبت إزالته منه. نعم إذا اشترط بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد، لكن عليه الأجرة إن لم يشترط الإبقاء مجاناً ولو أزال المالك الزرع وبقيت له عروق تضرّ بالانتفاع بالأرض أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجبت إزالتها وتسوية الأرض، ولو كان شيء لا يمكن فراغ المبيع منه إلاّ بتخريب شيء من الأبنية وجب إصلاحه وتعمير البناء.

ص: 48

(مسألة 187): مَن اشترى شيئاً ولم يقبضه فإن كان مما لا يُكال ولا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان ممّا يُكال أو يوزن وكان البيع برأس المال، أمّا لو كان بربح ففيه قولان : أظهرهما المنع.

الفصل الثامن: النقد والنسيئة

اشارة

مَن باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً، فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الإمتناع من أخذه.

(مسألة 188): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل، وإن طالبه به البائع، ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً فلا يجب عليه أخذه.

(مسألة 189): يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردّد فيه بين الزيادة والنقصان فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

(مسألة 190): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان، نعم لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردّد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.

(مسألة 191): لو باع شيئاً بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً بأن قال : بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان وهو الأظهر.

ص: 49

(مسألة 192): لا يجوز تأجيل الثمن الحال، بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقداراً ليؤخره إلى أجل، وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل ويجوز عكس ذلك بأن يعجّل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء لا على وجه المعاوضة وأيضاً في غير المكيل والموزون.

(مسألة 193): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يُكال ويوزن. وأمّا فيهما فلا يجوز لأنه ربا، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل.

(مسألة 194): إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً. نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل ممّا اشتراه به، أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر ممّا اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان وهو الأظهر.

إلحاق في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة، وأخرى لا يكون كذلك. والثاني يسمّى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال والأخرى بنقيصة عنه. وثالث بلا زيادة ولا نقيصة، والأول يسمى مرابحة والثاني مواضعة، والثالث يسمى تولية.

(مسألة 195): لا بدّ في جميع الأقسام الثلاثة - غير المساومة - من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال : بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصح حتى يقول : بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة درهم بزيادة مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا نقيصة.

ص: 50

(مسألة 196): إذا قال البائع : بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة وعشرة دراهم صح البيع، بل الظاهر الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع وعرفه بعد الحساب، وكذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال : بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.

(مسألة 197): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل، فإن أخفى تخيّر المشتري بين الرد والإمساك بالثمن.

(مسألة 198): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلاّ بعد الإعلام.

(مسألة 199): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخيّر المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

(مسألة 200): إذا اشترى سلعة بثمن معيّن مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الإخبار بذلك، أمّا إذا عمل في السلعة عملاً فإن كانت بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.

(مسألة 201): إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة إلى رأس المال، بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

ص: 51

(مسألة 202): إذا اشترى معيباً فرجع إلى البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاةً على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن، بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع: الربا

وهو قسمان :

الأول : ما يكون في المعاملة.

الثاني : ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء الله تعالى.

أمّا الأوّل : فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة. وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات ؟ قولان، والأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواء أكانت بعنوان البيع أو الصلح مثل أن يقول : صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، أمّا إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول : صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة أو يقول: أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ ونحوهما فالظاهر الصحة.

يُشترط في تحقّق الربا في المعاملة أمران :

الأول : إتحاد الجنس والذات عرفاً وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة لان جيد كل جنس مع

ص: 52

رديئه واحد، ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الرديء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز، ولا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وخمسين من الشعير.

الثاني : لو تغير الشيء بأمر عارض ولكن العرف يرى بينه وبين غير المتغير المماثلة كما لو أصبحت الحنطة مقلية فلا يجوز بيعها بأكثر من الحنطة غير المقلية.

الثالث : أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، بان كانا ممّا يباع بالعدّ كالبيض والجوز فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.

(مسألة 203): المعاملة الربوية باطلة مطلقاً من دون فرق بين العالم والجاهل سواء أكان الجهل جهلاً بالحكم أم كان جهلاً بالموضوع. وعليه فيجب على كل من المتعاملين ردّ ما أخذه إلى مالكه.

(مسألة 204): الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يُباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 205): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة، والسلت ليس من جنس الشعير.

(مسألة 206): اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر ،وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل، أما إذا لم يكونا مختلفين فهو ربا كما لو باع كيلو من لحم الغنم بكيلو ونصف بلحم الغنم.

ص: 53

(مسألة 207): التمر بأنواعه جنس واحد، والحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس. والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه

(مسألة 208): التمر المنزوع منه النوى يجوز أن يباع بالتمر الذي فيه النوى.ولو حصل التفاضل إذا كانت للنواة قيمة كما إذا نفعت لعلف الدواب وإن الزيادة في التمر يصبح مقابل النواة.

(مسألة 209): الضأن والمعز جنس واحد، والبقر والجاموس جنس واحد، والإبل العراب والبخاتي جنس واحد، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام وكل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابلغيره فالفاختة والحمام المتعارف جنسان والسمك جنس واحد على قول وأجناس على قول آخر وهو الأقوى

(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي. فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي والغنم الأهلي والوحشي.

(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرّع عنه جنس واحد، وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن والجبن والزبد والسمن، وكالبسر والرطب والتمر والدبس.

(مسألة 212): إذا كان الشيء ممّا يُكال أو يوزن وكان فرعه لا يُكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه.فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل ،وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

ص: 54

(مسألة 213): إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.

(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حيّ من غير جنسه كبيع لحم الغنم ببقر. والأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بغنم خصوصاً في عصرنا الحاضر حيث يكون الحيوان مكيلاً.

(مسألة 215): إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه جافاً بجاف منه ،ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً، وأمّا بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال. ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جفّ يساوي الحد.

(مسألة 216): إذا كان الشيء يباع جزافاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه، وجاز بيعه متفاضلاً في الأول ولا يجوز في الثاني وأما إذا كان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد فالأحوط لزوماً أن لا يباع متفاضلاً مطلقاً.

(مسألة 217): يتخلّص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة ودرهماً بمائتي كيلو من الحنطة، وبضم غير الجنس إلى كل من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين ومائتي كيلو من الحنطة بدرهم ومائة كيلو منها.

(مسألة 218): لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما البيع للآخر مع التفاضل، وكذا بين الرجل وزوجته، وبين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة، ويجوز أيضاً أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ

(مسألة 219): الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم والذمي، ولكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الإلزام.

ص: 55

(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل أو الموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها، لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بدّ في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي، أو بالريال الإيراني مثلاً، ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة. نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون في ذمته شيء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه فالظاهر عدم جواز ذلك. نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرّف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة 222): إذا قلد مجتهداً كان يقول بصحة معاملة وآخر يقول ببطلانها يجب عليه إرجاع ما حصل عليه من الزيادة طبق فتوى المجتهد الثاني خصوصاً إذا كانت العين موجودة.

الفصل العاشر: بيع الصرف

وهو بيع الذهب والفضة، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.

(مسألة 223): يُشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق فلو لم يتقابضا حتى افترقا بَطل البيع.ولو تقابضا في بعض المبيع صحّ فيه وبَطَل في غيره.

(مسألة 224): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

ص: 56

(مسألة 225): لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.

(مسألة 226): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

(مسألة 227): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق، كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 228): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرّق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 229): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 230): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني. فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول. فإن أجاز البيع الثاني وأقبضه صح البيع الثاني أيضاً. وإذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول والثاني.

(مسألة 231): إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك ،وتحوّل ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم وقبل المديون فإنه يصح

ص: 57

وتتحوّل الدنانير إلى دراهم، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها الى جنس آخر.

(مسألة 232): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه. ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 233): الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها. سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً وسواء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً وإن لم تكن رائجة فلا يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها إلاّ بعد إظهار حالها.

(مسألة 234): يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها، مع التفاضل إلاّ مع الضميمة.

(مسألة 235): يكفي في الضميمة التي يتخلّص بها من الربا بالغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال كونه غشاً. ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية. فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل وإذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص، ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.

(مسألة 236): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلاة به ،وإلا لم يجز. نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلّى جاز مطلقاً وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر.

ص: 58

(مسألة 237): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة إذا كانت أكثر منه وزناً أو مساوية له. والمصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزناً أو مساوياً له.

(مسألة 238): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرّق فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما بطل البيع، وليس له المطالبة بالإبدال. ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصحّ في الباقي. ولو حينئذ ردّ الكل لتبعّض الصفقة.وإن وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد والمطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد. ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره، وكون أخذ الأرش قبل التفرّق وبعده

(مسألة 239): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها. فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع. وإن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع ولا يكفي الإبدال في صحته. وإذا وجدها فضة معيبة فالأقوى أن المشتري مخيّر بين رد المقبوض وإبداله، والرضا به من دون أرش، وليس له فسخ العقد من أصله. ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرق وبعده.

(مسألة 240): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة بل إما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة لتخلص من الربا.

(مسألة 241): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية واخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالروبيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه ما أخذ بسعر ذلك الزمان. فإذا كان الدين خمس

ص: 59

ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات وفي الثاني عشراً، وفي الثالث عشراً وكان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، وفي الثاني اثنتي عشرة روبية، وفي الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول وخمسة أسداسها في الثاني وليرة تامة في الثالث.وإن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد وبقي دين زيد عليه. وفي جواز احتساب أحدهما دينه وفاءاً عن الآخر إشكال، والأظهر الجواز، وتجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه ممّا له عليه.

(مسألة 242): إذا أقرض زيداً معيّناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في الذمة مؤجلاً أو حالاً فتغيّر السعر لزمه النقد المعين ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

(مسألة 243): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلاً ويجوز أن يقول له : صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم، كما يجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

(مسألة 244): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلاّ عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

(مسألة 245): المصوغ من الذهب والفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة، بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 246): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب والفضة ويجتمع فيه عند الصائغ - وقد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها - ملك للصائغ نفسه والأحوط - وجوباً - أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به، والاستيذان منه مع معرفته، ويطرد الحكم المذكور في الخياطين والنجارين

ص: 60

والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب والخشب والحديد ولا يضمنون شيئاً من ذلك وإن كانت له مالية عند العرف إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

الفصل الحادي عشر: في السلف

ويقال : له السلم أيضاً وهو ابتياع كلّي مؤجّلِ بثمن حال، عكس النسيئة ويقال للمشتري : المسلِّم (بكسر اللام) وللبائع المسلَّم إليه ولثمن المسلَّم وللمبيع المسلَّم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

(مسألة 247): يجوز في السلف أن يكون المبيع والثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون، كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين والآخر من غيرهما ثمناً كان أو مُثْمَناً ولا يجوز أن يكون كل من الثمن والمُثْمَن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتّفقا.

يشترط في السلف أمور :

(الأول) : أن يكون مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرها كالخضر والفواكه والحبوب والجوز واللوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية وآلات السلاح وآلات النجارة والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال والحيوان والإنسان وغير ذلك فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر واللآلي والبساتين وغيرها مما لا ترتفع الجهالة والغرر فيها إلا بالمشاهدة

(الثاني) : ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة.

ص: 61

(الثالث) : قبض الثمن قبل التفرق ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي. ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً، لا مؤجلاً.

(الرابع) : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره.

(الخامس) : تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها، ولو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ويجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم ونحوه، وأن يكون كثيراً كعشرين سنة.(السادس) : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول وفي البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادره، فلو لم يمكن ذلك ولو تسبيباً لعجزه ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل.

(مسألة 248): إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلَّم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على الاطلاق أو على تعيين غيره، فيعمل على طبقها والأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها، ولزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غرراً فيجب تعيينه حينئذ.

(مسألة 249): إذا جعل الأجل شهراً قمرياً أو شمسياً أو شهرين فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر، وإن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وهكذا.

(مسألة 250): إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة وحل بأول جزء من ليلة الهلال، وإذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

ص: 62

(مسألة 251): إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بايعه قبل حلول الأجل وبعده بجنس آخر، أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة ولا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الأجل، ويجوز بعده سواء باعه بجنس آخر او بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي. هذا في غير المكيل والموزون وأما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم لأنه ربا.

(مسألة 252): إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفقة لم يجب على المشتري القبول، ولو رضي بذلك صح، وكذلك إذا دفع أقل من المقدار، وتبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي. وإذا دفعه على الصفة والمقدار الواجب وجب عليه القبول.وإذا دفع فوق الصفة، فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً، وإن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول، ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

(مسألة 253): إذا حل الأجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخير المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن بلا زيادة ولا نقيصة وبين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر، ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والانتظار، وفي جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال، والأظهر الجواز، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

(مسألة 254): لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ،وإلا فإن أمكن وتعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله، وإلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.

ص: 63

الفصل الثاني عشر: بيع الثمار والخضر والزرع

لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة، ويجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى، وأما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال أما مع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز والاحتياط لا يترك.

(مسألة 255): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلاً للأكل في العادة وإن كان أول أوان أكله.

(مسألة 256): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً، ويعتبر كونها مملوكة للمالك، وكون الثمن لها وللمنضم إليه على الإشاعة ولا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة.

(مسألة 257): يكتفى في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف والكرب والشجر اليابس الذي في البستان.

(مسألة 258): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا إشكال.

(مسألة 259): إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه وإن لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر، على الأقوى.

(مسألة 260): إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال.

ص: 64

(مسألة 261): إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر، ثم باع أصولها على شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة، بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة وله الخيار في الفسخ مع الجهل.

(مسألة 262): لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها، بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة، وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري، بل تنتقل إلى ورثته.

(مسألة 263): إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد وكانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض، وتقدم أيضاً إلحاق السرقة ونحوها بالتلف وحكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي

(مسألة 264): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها، وأن يستثني حصة مشاعة كالربع والخمس، وإن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على النسبة. ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة، وأما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة. فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث، وإن كان الربع يسقط الربع وهكذا.

(مسألة 265): يجوز بيع ثمرة النخل وغيره في أصولها بالنقود وبغيرها كالأمتعة والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها، كغيره من أفراد البيع.

(مسألة 266): لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل - تمراً كانت أو رطباً أو بسراً - أو غيرها بالتمر من ذلك النخل وأما بيعها بثمرة غيره سواء أكان في الذمة أم كان معيناً في الخارج فالظاهر جوازه وإن كان الترك أحوط.

ص: 65

(مسألة 267): الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل فلا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً، وأما بيعه بغير ثمره فلا إشكال فيه أصلاً.

(مسألة 268): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده

(مسألة 269): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط، ويجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة. فإن شاء المشتري قصله وإن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء أو بإذن من صاحب الأرض. فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل وعليه أجرة الأرض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً، وإن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً ولا تجب عليه أجرة الأرض وإن كان الوجوب أحوط.

(مسألة 270): يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى قصيلاً أو قبل ذلك فإن قطعه ونمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع وإن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة. فلو أبقاه فنما حتى سنبل كان السنبل للمشتري وليس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة، وكذا الحال لو اشترى نخلاً

(مسألة 271): لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه ونما كان النماء للمشتري وعليه أجرة الأرض.

(مسألة 272): يجوز بيع الزرع محصوداً ولا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.

ص: 66

(مسألة 273): لا تجوز المحاقلة وهي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه، وكذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه، بل وكذا بيع سنبل غير الحنطة والشعير من الحبوب بحب منه على الأحوط.

(مسألة 274): الخضر كالخيار والباذنجان والبطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط، ويجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات والمرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

(مسألة 275): لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم والجزر ونحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضاً.

(مسألة 276): إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث والنعناع واللفت ونحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزة وجزات ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط. والمرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق، وكذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء والتوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة وخرطات.

(مسألة 277): إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار.فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلاً جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

(مسألة 278): الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر وكون المقدار المتقبل به منها وفي الذمة. نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه، والظاهر انه صلح على تعيين المقدار المشترك في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل ويكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

ص: 67

(مسألة 279): إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر ولم يكن قاصداً لها من الأول بل كان اتفاقياً جاز له أن يأكل - مع الضرورة العرفية - من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها ولا يحمل معه منه.

(مسألة 280): الظاهر عدم جواز الأكل للمار إن كان قاصداً له من أول الأمر، ولا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر.وإذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل وهو ضامن، ويحرم ما أكل. وإذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك، فالمنع أظهر.

(مسألة 281): لا بأس ببيع العرية وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمراً منه بخرصها تمراً، بل يجوز له المرور على تلك العرية.

الفصل الثالث عشر: في بيع الحيوان

يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصماً بعهد أو ذمام سواء أكان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام ،وسواء أكان بالقهر والغلبة أو بالسرقة أو بالغيلة.ويسري الرق في أعقابه وإن كان قد أسلم.

(مسألة 282): المرتد الفطري والملي لا يجوز استرقاقهما على الأقوى.

(مسألة 283): لو قهر حربياً آخر فباعه ملكه المشتري وإن كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه وأمه حيث يملكه آناً ما، ثم ينعتقان. وفي كونه بيعاً حقيقة وتجري عليه أحكامه إشكال وإن كان أقرب.

(مسألة 284): يصح أن يملك الرجل كلَّ أحد غير الأب والأم والجد وإن علا لأب كان أو لأم، والولد - وإن نزل - ذكراً كان أم أنثى والمحارم وهي

ص: 68

الأخت والعمة والخالة وإن علون، وبنات الأخ وبنات الأخت وإن نزلن، ولا فرق في المذكورين بين النسبيين والرضاعيين.

(مسألة 285): إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختيارياً كان السبب كالشراء أو قهرياً كالإرث انعتق قهراً.

(مسألة 286): لو ملك أحد الزوجين صاحبه ولو بعضاً منه استقر الملك وبطل النكاح ولا يجوز له الإدخال بها لو كان له شريك إلا مع إذن شريكه.

(مسألة 287): يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ والعم والخال وأولادهم.

(مسألة 288): تملك المرأة كلَّ أحد غير الأب والام والجد والجدة والولد وإن نزل ذكراً كان أو أنثى، نسبيين كانوا أو رضاعيين.

(مسألة 289): الكافر لا يملك المسلم ابتداء ولو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم وأعطي ثمنه.

(مسألة 290): كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك إذا كان عاقلاً بالغاً مختاراً.

(مسألة 291): لو اشترى عبداً فادعى الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة.

(مسألة 292): يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها وقد وطأها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض، وبخمسة وأربعين يوماً من حين الوطء إن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض.

(مسألة 293): لو باعها بدون الاستبراء صح البيع ووجب على المشتري استبراؤها فلا يطأها إلا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.

ص: 69

(مسألة 294): إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها وجب عليه الاحتياط في استبرائها وإذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها، وكذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أميناً.

(مسألة 295): لا يجب الاستبراء في أمة المرأة إلا أن يعلم أنها موطوءة وطئاً محترماً، ولا في الصغيرة ولا في اليائسة ولا في الحائض حال البيع. نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض.

(مسألة 296): لا استبراء في الحامل. نعم لا يجوز وطؤها في القبل إلا بعد مضي أربعة أشهر وعشرة أيام من زمان حملها، فإن وطأها وقد استبان حملها عزل استحباباً، فإن لم يعزل فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه وجعل شيء له من ماله يعيش به.

(مسألة 297): يثبت وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع لكل مالك يريد نقلها إلى غيره ولو بسبب غير البيع، وكذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب. وإن كان إرثاً أو استرقاقاً أو نحوهما فلا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء.

(مسألة 298): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه وربعه ولا يجوز شراء بعض معين منه، كرأسه وجلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه، بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.

(مسألة 299): لو كان الحيوان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه، لكن لو لم يذبح لمانع كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة الجزء، وكذا لو باع الحيوان واستثنى الرأس والجلد، وأما إذا اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهم لنفسه الرأس والجلد فإنه يكون شريكاً بنسبة المال لا بنسبة الرأس والجلد.

ص: 70

(مسألة 300): لو قال شخص لآخر : اشتر حيواناً بشركتي صح ويثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق، ويكون على كل واحد منهما نصف الثمن ولو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.

(مسألة 301): لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه وإلا كان متبرعاً وليس له الرجوع عليه به.

(مسألة 302): لو اشترى أمة فوطأها فظهر أنها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه وله على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكراً ونصف العشر إن كانت ثيباً، ولو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حياً ويرجع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك إن كان جاهلاً.

(مسألة 303): الأقوى أن العبد يملك فلو ملّكه مولاه شيئاً وكذا لو ملّكه غيره أو حاز لنفسه شيئاً إذا كان بإذن المولى، ولا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن مولاه.

(مسألة 304): إذا اشترى كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه فإن اقترن العقدان وكان شراؤهما لأنفسهما بطلا وإن كان شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة، وإن ترتبا صح السابق، وأما اللاحق فهو باطل إن كان الشراء لنفسه، وإن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء مطلقاً، وأما إذا كان مقيداً بعبديته فصحته تتوقف على إجازته.

(مسألة 305): لو وطأ الشريك جارية الشركة حُدَّ بنصيب غيره فإن حملت قُوّمت عليه وانعقد الولد حراً وعليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حياً، بل يحتمل تقويمهم لها بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

ص: 71

(مسألة 306): يستحب لمن اشترى مملوكاً تغيير اسمه وإطعامه شيئاً من الحلاوة والصدقة عنه بأربعة دراهم ولا يريه ثمنه في الميزان.

(مسألة 307): الأحوط عدم التفرقة بين الأم والولد قبل الاستغناء عن الأم، أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.

خاتمة في الإقالة

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة غير النكاح و الضمان، وفي جريانها في الصدقة إشكال، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربياً، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

(مسألة 308): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.

(مسألة 309): إذا جعل له مالاً في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له :أقلني ولك من هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا - نظير الجعالة - فالأظهر الصحة.

(مسألة 310): لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل : أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.

(مسألة 311): لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة.

(مسألة 312): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال. والظاهر العدم.نعم تجوز الإستقالة من الوارث والإقالة من الطرف الآخر.

ص: 72

(مسألة 313): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه ويتقسط الثمن حينئذ على النسبة، وإذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما ولطرف لآخر بالنسبة إلى حصته ولا يشترط رضى الآخر.

(مسألة 314): تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة. فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإن كان موجوداً أخذه وإن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً وبقيمته يوم الفسخ إن كان قيمياً.

(مسألة 315): الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف وتلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

(مسألة 316): العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة .

والحمد لله رب العالمين.

ص: 73

ص: 74

كتاب الشفعة

وفيه فصول

إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع.ويسمى هذا الحق بالشفعة.

فصل في ما تثبت فيه الشفعة

(مسألة 317) : تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالارضين والدور والبساتين بلا إشكال. و هل تثبت فيما ينقل كالالات والثياب والحيوان وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة ؟ قولان: أقواهما الاول فيما عدا السفينة والنهر والطريق والحمام والرحى فإنها لا تثبت فيها الشفعة.

(مسألة 318) : لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.

(مسألة 319) : إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى. سواء أكانت الداران قبل ذلك مشتركتين وقسمتا أم لم تكونا كذلك.

(مسألة 320) : يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق. فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين.

ص: 75

(مسألة 321) : إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق.

(مسألة 322) : إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك.

(مسألة 323) : هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الاملاك المفروزة المشتركة في الطريق وجهان، أقواهما الاول.

(مسألة 324) : ألحق جماعة بالطريق النهر، والساقية، والبئر فإذا كانت الداران المختص كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخرى الشفعة في الدار أيضاً وفيه إشكال بل منع.

(مسألة 325) : إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه وليس له الأخذ في المقسوم.

(مسألة 326) : تختص الشفعة في غير المساكن والارضين بالبيع.فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك. وأما المساكن والارضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.

(مسألة 327) : إذا كانت العين بعضها ملكاً وبعضها وقفا،ً فبيع الملك لم يكن الموقوف عليهم الشفعة على الاقوى وإن كان الموقوف عليه واحداً.

(مسألة 328) : إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك.

ص: 76

(مسألة 329) : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين. فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. وإذا باعوا جميعاً الا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.

(مسألة 330) : إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر.

فصل في الشفيع

(مسألة 331) : يعتبر في الشفيع الاسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر مثله.

(مسألة 332) : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامناً الا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أُجِّل ثلاثة أيام وإذا ادعى أن الثمن في بلد آخر أجل بمقدار وصول المال إليه وزيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى الاجل فلا شفعة ويكفي في الثلاثة أيام التلفيق، كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.

(مسألة 333) : إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الاخر حيث يدّعي وجوده فيه زائداً على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.

(مسألة 334) : إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبيع وإن كانت الغيبة طويلة.

(مسألة 335) : إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.

(مسألة 336) : تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً، فيأخذ لهم الولي بها بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح وكذا الصبي على احتمال قوي خصوصاً إذا كان مميزاً

ص: 77

(مسألة 337) : تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته، أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.

(مسألة 338) : إذا اسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد والعقل ،وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد.

(مسألة 339) : إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي والمولى عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة على الاقوى.

(مسألة 340) : إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

فصل في الأخذ بالشفعة

(مسألة 341) : الأخذ بالشفعة من الانشائيات المعتبر فيها الايقاع ويكون بالقول مثل أن يقول : أخذت المبيع المذكور بثمنه، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن ويستقل بالمبيع.

(مسألة 342) : لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه، بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.

(مسألة 343) : الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثلياً لا بأكثر منه ولا أقل. سواء أكانت قيمة المبيع السوقية مساويةَ للثمن أم زائدة أم ناقصة.

ص: 78

(مسألة 344) : في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان أقواهما العدم.

(مسألة 345) : إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرّع به للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

(مسألة 346) : إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه.

(مسألة 347) : الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهّمه كثرة الثمن فبان قليلاً، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبيّن أنه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهباً فبان فضة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه، وكذا أمثال ذلك من الاعذار.

(مسألة 348) : المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة. فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

(مسألة 349) : إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الاسراع في المشي.

(مسألة 350) : يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحر والبرد إذا جرت العادة بانتظاره، وقضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع وهو في الحمام وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً

ص: 79

للطعن فيه، وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداء والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

(مسألة 351) : إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكّن الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

(مسألة 352) : لا بدّ في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن ولا يكفي قول الشفيع أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه. فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

(مسألة 353) : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط، بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الاول بالثمن الاول فيبطل الثاني وتجزي الاجازة منه في صحته له، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الاول.

(مسألة 354) : إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق ويصح مع إجازته، وإن أخذ باللاحق صح السابق، وإن أخذ بالمتوسط صحّ ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.

(مسألة 355) : إذا تصرّف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك ممّا لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرّفات اللاحقة له.

(مسألة 356) : الشفعة من الحقوق فتسقط بالاسقاط ويجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها، لكن على الاول لا يسقط الا بالاسقاط. فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صحّ وكان آثماً ومعطى العوض مخيّر بين الفسخ ومطالبة العوض وأن يطالبه بأجرة المثل للإسقاط والظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. ويصحّ الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.

ص: 80

(مسألة 357) : الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع.

(مسألة 358) : إذا باع الشريك نفسه نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

(مسألة 359) : المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

(مسألة 360) : إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.

(مسألة 361) : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

(مسألة 362) : إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

(مسألة 363) : إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الاقباض.

(مسألة 364) : في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال وعلى تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون

(مسألة 365) : إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري. الا أن تقوم القرينة على إرادة الاسقاط بذلك بعد البيع.

(مسألة 366) : إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرّف فيه، وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع ؟ إشكال، وإن كان الجواز أقرب. فإذا حضر الغائب وصدق فهو، وإن أنكر كان القول قوله

ص: 81

بيمينه فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الاجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقاً فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدّعي الوكالة.

(مسألة 367) : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجّل والظاهر جواز إلزامه بالكفيل، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالا إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

(مسألة 368) : الشفعة لا تسقط بالاقالة فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الاقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك.

(مسألة 369) : إذا كان للبائع خيار ردّ العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضاً.ومع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.

(مسألة 370) : إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش. فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له، وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد وليس له اختيار الأرش، وإذا كان المشتري جاهلاً كان له الارش ولا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يمكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري بالارش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.

(مسألة 371) : إذا اتّفق اطّلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع، وإذا اطّلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالارش ولا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.

ص: 82

كتاب الإجارة

وفيه فصول

وهي المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره، فالاول مثل إجارة الخياط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة 372) : لا بدّ فيها من الايجاب والقبول، فالايجاب مثل قول الخياط: آجرتك نفسي، وقول صاحب الدار: أجرتك داري، والقبول مثل قول المستأجر قبلت، ويجوز وقوع الايجاب من المستأجر، مثل : استأجرتك لتخيط ثوبي واستأجرت دارك، فيقول المؤجر : قبلت وتجري فيها المعاطاة أيضاً.

(مسألة 373) : يُشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرّف لصغر أو سفه أو تفليس أو رق ولكن يجوز للرق إجراء العقد وكالة

كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرهاً الا مع الاجازة اللاحقة على التصرّف الا أن يكون الاكراه بحق.

يشترط في كل من العوضين أمور :

الاول : أن يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر على الاحوط، فالاجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدّ، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

(مسألة 374) : لا يُعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به كما في إجارة السيارة مثلاً إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة.فإن المنفعة حينئذٍ أمر عادي متعارف ولا بأس بالجهل بمقدارها ولا بمقدار زمان السير. وفي غير ذلك لا

ص: 83

بدّ من العلم بالمقدار وهو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً، أو المسافة مثل ركوب الدابة فرسخاً أو فرسخين، وإما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته ولا بدّ من تعيين الزمان في الاولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة والدابة للركوب فرسخاً من دون تعيين الزمان بطلت الاجارة الا أن تكون قرينة على التعيين كالاطلاق الذي هو قرينة على التعجيل

(مسألة 375) : الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الاجارة على مثل الخياطة غير المتقوّمة ماليتها بالزمان، فيجب الاتيان به متى طالب المستأجر.

الثاني : أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا تصحّ إجارة العبد الابق، وإن ضمّت إليه ضميمة على الاقوى.

الثالث : أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة فلا تصح إجارة الارض التي لا ماء لها للزراعة.الرابع : أن تكون العين ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح إجارة الخبز للأكل.

الخامس : أن تكون المنفعة محللّة فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرّمات، ولا إجارة الجارية للغناء.

السادس : تمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.

(مسألة 376) : إذا آجر مال غيره توقّفت صحة الاجارة على إجازة المالك. وإذ آجر مال نفسه وكان محجوراً عليه لسفه أو رقّ توقفت صحتها على إجازة الولي. وإذا كان مكرهاً يكون عقده باطلاً ولا يجري عليه حكم الفضولي.

ص: 84

(مسألة 377) : إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالاظهر الصحة والاحوط الاستيذان من الولي.

(مسألة 378) : إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الارض فلا بد من تعيين الارض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الارض لا يوجب اختلافاً في المالية لم يجب التعيين

(مسألة 379) : إذا قال: آجرتك الدار شهراً أو شهرين بطلت الاجارة وإذا قال : آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الاول و أما الصحة في البقية محل تأمل، وكذا إذا قال: آجرتك شهراً بدرهم فإن زادت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الاجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهماً أو كان من قبيل الاباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهماً فلا بأس.

(مسألة 380) : إذا قال : إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم، وإن خطته بدرزين فلك درهمان، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الاجارة بطل، وكذا إن قال : إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم. والفرق بين الاجارة والجعالة أن في الاجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد، وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض.ولأجل ذلك صارت عقداً. وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً. ولأجل ذلك صارت إيقاعاً.

(مسألة 381) : إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الاجارة وبين مطالبة الاجير بأجرة

ص: 85

المثل للعمل المستأجر عليه. فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل وإن أمكن العمل ثانياً وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الاجارة.

(مسألة 382) : إذا استأجره على عمل بشرط، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الاجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤه ودفع الاجرة المسماة. والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الاجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الاجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطاً.

(مسألة 383) : إذا استأجر دابة إلى (كربلاء) مثلاً بدرهم واشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

(مسألة 384) : لو استأجر دابة مثلاً إلى مسافة بدرهمين واشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

(مسألة 385) : إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم بحيث تكون الاجارة على أحد الامرين مردداً بينهما فالاجارة باطلة.

(مسألة 386) : إذا استأجره على أن يوصله إلى (كربلاء) وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الاجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

ص: 86

فصل وفيه مسائل تتعلق بلزوم الاجارة

(مسألة 387) : الاجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها الا بالتراضي بينهما، أو يكون للفاسخ الخيار. والاظهر أن الاجارة المعاطاتية أيضاً لازمة.

(مسألة 388) : إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الاجارة لم تنفسخ الاجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الاجارة وإذا كان المشتري جاهلاً بالاجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالارش. وإذا فسخت الاجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

(مسألة 389) : لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الاجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره.

(مسألة 390) : إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر واقترن البيع والاجارة زماناً صحت الاجارة وصح البيع مسلوب المنفعة مدة الاجارة ويثبت الخيار حينئذ للمشتري.

(مسألة 391) : لا تبطل الاجارة بموت المؤجر ولا يموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات.

(مسألة 392) : إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من العمل بطلت الاجارة.

(مسألة 393) : إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الاجارة بطلت. وإذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

ص: 87

(مسألة 394) : إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته إذا كان متمكناً منه ولو بالتسبيب.ويجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة 395) : إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح وإن آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال حتى إذا قضت ضرورة الصبي بذلك.

(مسألة 396) : إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الاجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

(مسألة 397) : إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الاجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقه، ونفذت الاجارة فيما لا ينافي حقه.

(مسألة 398) : إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الاجارة لم تبطل الاجارة ،وتكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة وإن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية.

(مسألة 399) : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له، وإن كان جاهلاً به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة، وله فسخ العقد من أصله. وإن لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار أيضاً، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار. هذا إذا كانت العين شخصية، أما إذا كان كلياً وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد

ص: 88

(مسألة 400) : إذا وجد المؤجر عيباً في الاجرة وكان جاهلاً به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالارش.وإذا كانت الاجرة كلياً فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح، فإن تعذر كان له الفسخ

(مسألة 401) : يجري في الاجارة خيار الغبن وخيار الشرط - حتى للأجنبي - وخيار العيب وخيار تخلف الشرط وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، وخيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن ولا يجري فيها خيار المجلس، ولا خيار الحيوان.

(مسألة 402) : إذا حصل الفسخ في عقد الايجار ابتداء المدة فلا إشكال. وإذا حصل أثناء المدة فالاقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

فصل وفيه مسائل في أحكام التسليم في الاجارة

إذا وقع عقد الاجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الاعيان والعمل في الاجارة على الاعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والاجير يملكان الاجرة بنفس العقد لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل الا في حال تسليم الاجرة وليس للأجير والمؤجر المطالبة بالاجرة الا في حال تسليم المنفعة ويجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه الا إذا كان الاخر ممتنعاً عنه وتسليم المنفعة يكون بتسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين بإتمامه وفيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعنى التخلية بينها وبين المالك مع إتمام العمل فيها. وليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل الا إذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحاً ،أو كانت العادة جارية على ذلك، وكذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة، الا إذا كان قد شرط ذلك. وإن كان لأجل جريان العادة عليه. وإذا امتنع من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة

ص: 89

جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ وأخذ الاجرة إذا كان قد دفعها وله إبقاء الاجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة، وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة ومع الفسخ في الاثناء يرجع بتمام الاجرة وعليه أجرة المثل لما مضى ،وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة 403) : إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الاجير، فتلفت العين، بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط، استحق الاجير المطالبة بالاجرة فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه إلى المستأجر استحق الاجير مطالبة الاجرة. فإذا كان الثوب مضموناً على الاجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً والا لم يستحق عليه شيئاً.

(مسألة 404) : يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الاجرة وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 405) : إذ تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الاجارة. فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئاً. وإن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار.فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الاجرة المسماة وعليه للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية وإن لم يفسخ قسطت الاجرة على النسبة وكان للمالك حصة من الاجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها ،وأما إذا تلف بعضها ولم يمكن الانتفاع به تبطل الاجارة بنسبته من أول الامر أو في أثناء المدة ويثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضاً.

(مسألة 406) : إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الاجارة كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب، أو حمل المتاع

ص: 90

فلم يركبها ولم يحمل متاعه عليها، أو استأجر داراً وقبضها ولم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الاجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها واستيفاء المنفعة حتى انقضت مدة الاجارة، وكذا الحكم في الاجارة على الاعمال فإنه إذا بذل الاجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه كما إذا استاجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الاجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الاجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه، أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الاقوى في الاجارة الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت وأن تكون كلية كما إذا آجره دابة كلية فسلم فرداً منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة فإنه يستحق تمام الاجرة على المستأجر، كما لا فرق في الاجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت وعدمه إذا كان قد قبض فرداً من الكلي بعنوان الجري على الاجارة فإن الاجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك وإن لم يستوف المنفعة هذا إذا كان عدم الاستيفاء أختيارياً أما اذا كان لعذر فإن كان عاماً مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الاجارة وليس على المستأجر شيء من الاجرة، وإن كان العذر خاصاً بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة، بل الاقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضاً الا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الاجارة إذا كان حاصلاً قبل العقد فإذا استأجره لقلع ضرسه فبريء من الالم وكان القلع حينئذ محرماً بطلت الاجارة.

(مسألة 407) : إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الاقسام المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.

ص: 91

(مسألة 408) : إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة فإن كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالاجرة إن كان قد دفعها إليه، والرجوع على الغاصب بأجرة المثل وإن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني، وكذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة.

(مسألة 409) : إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة.

(مسألة 410) : إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالاجرة وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.

(مسألة 411) : إذا أتلفها الاجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة. وإن كان قبل القبض تخيّر بين الفسخ والرجوع إلى المؤجر بالاجرة وبين الامضاء والرجوع إلى المتلف بالقيمة.

(مسألة 412) : إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها فالاقوى أنه إن كانت الفترة غير معتدّ بها فلا فسخ ولا انفساخ. وإن كانت معتداً بها رجع المستأجر بما يقابلها من الأجرة وكان له الفسخ في الجميع لتبعّض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الاجرة وعليه أجرة المثل لما قبل الانهدام وإذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد.

(مسألة 413) : المواضع التي تبطل فيها الاجارة وتثبت للمالك أجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالماً بالبطلان أوجاهلاً به.

(مسألة 414) : تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر الا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

ص: 92

(مسألة 415) : يجوز أن يستأجر اثنان داراً أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

(مسألة 416) : يجوز أن يستأجر شخصين لعمل شيء معين كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الاجرة وعليهما معاً القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه.

(مسألة 417) : لا يشترط اتّصال مدة الاجارة بالعقد على الاقوى، فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلاً متأخّرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر. ولا بدّ من تعيين مبدأ المدة، وإذا كانت المدة محدودة وأطلقت الاجارة ولم يذكر البدء انصرف إلى الاتّصال.

(مسألة 418) : إذا آجره دابة كليّة ودفع فرداً منها فتلف كان على المؤجر دفع فرد آخر.

فصل وفيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة 419) : العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيّبت الا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، لابمعنى الضمان، وأما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه، كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الاجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيّبت بدون تفريط.

(مسألة 420) : العين التي للمستأجر بيد الاجير الذي آجر نفسه على عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه الا بالتعدي أو التفريط.

ص: 93

(مسألة 421) : إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الاجير بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صحّ الشرط.

(مسألة 422) : إذا تلف محل العمل في الاجارة أو أتلفه الاجنبي قبل العمل أو في الاثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الاجارة ورجعت الاجرة كلاًّ أو بعضاً إلى المستأجر.

(مسألة 423) : إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الاجير عليه تمام الاجرة، لأنه بإتلافه إياه فوت على نفسه المنفعة.

(مسألة 424) : إذا أتلفه الاجير كان المستأجر مخيراً بين فسخ العقد وإمضائه. فإن أمضى جاز له مطالبة الاجير بقيمة الفائت.

(مسألة 425) : المدار في القيمة على زمان الضمان.

(مسألة 426) : كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن، كالحجّام إذا جنى في حجامته. والختّان في ختانه، وهكذا الخيّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال وإن كان الاظهر العدم، وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفاً فالاظهر الضمان، لأنه سبب وهو أقوى من المباشر.

(مسألة 427) : اذا تبّرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصر في الاجتهاد فانه يبرأ من الضمان بالتلف وان كان مباشراً للعلاج.

(مسألة 428) : إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه، ولا يضمنه مع عدمه ،وكذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره لعدم صدق الاتلاف عليه

ص: 94

(مسألة 429) : إذا قال للخياط : إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه فلم يكفه ضمن، وأما إذا قال له : هل يكفيني قميصاً فقال : نعم، فقال : إقطعه فقطعه، فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده

(مسألة 430) : إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالاقوى كون الضمان في كسبه. فإن لم يفِ فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف والا تعلّق برقبته. وللولي فداؤه بأقل الامرين من الارش والقيمة إن كانت خطأ، وإن كانت عمداً تخيّر ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة 431) : إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها الا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

(مسألة 432) : إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها. ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم العمل به لعموم دليل الشرط.

(مسألة 433) : إذا حمّل الدابة المستأجَرة أكثر من المقدار المقرّر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيّبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاجرة المسمّاة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معيّنة فزاد على ذلك.

(مسألة 434) : إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معيّنة فركبها أو بالعكس لزمته الاجرة المسمّاة وأجرة المثل للمنفعة المستوفاة، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالاجارة بلا فرق بين الاجارة الواقعة على الاعيان كالدار والدابة، والاجارة الواقعة على الاعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

ص: 95

(مسألة 435) : إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئاً.

(مسألة 436) : إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحمّلها المالك متاع عمرو لم يستحق أجرة لا على زيد ولا على عمرو.

(مسألة 437) : إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الاجرة المسمّاة للأولى وأجرة المثل للثانية وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها مضافة إلى الاجرة المسمّاة لدابة زيد.

(مسألة 438) : إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعيّن مسافة معينة فحمّلها خمراً مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسّماة وأجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالا.

(مسألة 439) : يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف الا مع منع المالك، وإذا تعدّى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها. وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الاقوى.

(مسألة 440) : صاحب الحمّام لا يضمن الثياب ونحوها لو سرقت الا إذا جعلت عنده وديعة وقد تعدّى أو فرّط.

(مسألة 441) : إذا استؤجر لحفظ متاع فسُرق لم يضمن الا مع التقصير في الحفظ. والظاهر أن غلبة النوم لا تعدّ من التقصير. نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به ولم يستحق أجرة في الصورتين.

(مسألة 442) : إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو

ص: 96

كان المستأجر قد اشترط ذلك والا لم يجب، فمَن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة 443) : يكفي في صحة الاجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقّف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيّارة لم يجب على المؤجر الاول تسليمها إلى الثاني الا إذا اشترط عليه ذلك. ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن اشترط عليه، بل الشرط يكون فاسداً. نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم الا إذا كان المستأجر منه أميناً فإذا لم يكن أميناً وسلّمها إليه كان ضامناً، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالماً بالفساد كان آثماً. أما الضمان فللمالك أجرة المثل للمنفعة المستوفاة. و أما الضمان للمؤجر بأجرة المثل للمنفعة الفائتة فمحلّ تأمّل، لأنه مبني على صحة الملكية بالمنافع المتضادة ولكنه مع الجهل وعلم المؤجر بالحال يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة 444) : إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها قيل : بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً له أجرة المثل لا للمالك، ولكن الأظهر صحة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.

ص: 97

(مسألة 445) : إذا استأجر الدكان مثلاً مدة فانتهت وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكِّنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلا إذا رضي المالك به.

وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا إذا رضي المالك به. فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

(مسألة 446) : إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه، و وجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وإذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره وإن لم يرضَ المالك به كان ذلك من أرباح التجارة و وجب إخراج خمسه بقيمته وربّما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.

(مسألة 447) : يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاًأو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة بل يجوز أيضاً مع عدم الشرطين المذكورين عدا البيت والدار والدكان والأجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذٍ، والأحوط إلحاق السفينة بها، بل الأحوط إلحاق الرحى والأرض أيضاً وإن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة 448) : لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة، بل السفينة أيضاً على الأحوط بأكثر من الأجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثاً، وأما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال والأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.

ص: 98

(مسألة 449) : إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر ولا يجوز بالأقل إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم، بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بشراء الخيوط والأبرة.

(مسألة 450) : في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلّم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة 451) : إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله قبل مضي زمان يتمكّن فيه الأجير من العمل بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرّع عنه. واما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداءً للعمل المستأجر عليه واستحق الأجير الأجرة.

(مسألة 452) : إجارة الأجير على قسمين :

(الأول) : أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشيء نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.

(الثاني) : أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، وحينئذٍ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة، ولا بجعالة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته كما إنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلاً فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال

ص: 99

في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمةالعمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرعاً. نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذٍ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة ولا يخلو من وجه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولاً وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها ويحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور أربعة ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، وإن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الأمور الثلاثة وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر، وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، وتارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه، أم من غيره. وإذا عمل ما ينافيه تخير

ص: 100

المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه. وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه.

فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل، كما إن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت وإن أجاز صحة الإجارة الثانية واستحق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الأجرة المسماة في الإجارتين وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً، وإن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك. نعم لا يسقط العمل المستاجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه. بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة.

فصل وفيه مسائل متفرقة

(مسألة 453) : لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معيناً كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً وتجوز إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة ولو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلاً عن إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب وإن كان الأحوط تركه.

(مسألة 454) : تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين، أما على نحو الكلي في الذمة مشكل، بل منع لعدم ارتفاع الغرر بالوصف.

ص: 101

(مسألة 455) : لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتُوقف مسجداً، ولا تترتب آثار المسجد عليها. نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلّى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع، ولا تترتب عليها أحكام المسجد

(مسألة 456) : يجوز استئجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.

(مسألة 457) : يجوز استئجار الإنسان للاحتطاب والإحتشاش والاستقاء ونحوها. فلو استأجر لحمل الماء من الشط ملكه، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة وإن قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً. وإن لم يقصد ذلك، بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة 458) : يجوز استئجار المرأة للإرضاع، بل للرضاع أيضاً بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة، ولا بدّ من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر، كما لا بدّ من معرفة المرضعة كذلك كما لا بدّ أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة 459) : لا بأس باستئجار الشاة والمرأة مدة معينة للإنتفاع بلبنها الذي يتكوّن فيها بعد الإيجار ،وكذلك استئجار الشجرة للثمرة، والبئر للاستقاء. وفي جواز استئجارها للمنافع الموجودة فيها فعلاً من اللبن والثمر والماء إشكال بل المنع أظهر.

ص: 102

(مسألة 460) : تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك.

(مسألة 461) : لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة عينية كانت أو كفائية، فالأول كالصلاة والصوم والثاني دفن الميت وتغسليه، الا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة وتجوز في المستحبات ولكن في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة والصيام إشكالاً. ولا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

(مسألة 462) : تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات وتجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة 463) : إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق الأجرة، وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها، وإن كان من قصد الآمر بالتبرع إلا أن تكون قرينة على قصد المجانية، كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممّن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية، كما أنه لو عمل للغير بلا إذن ولا أمر فلا يستحق شيئاً.

(مسألة 464) : إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة : يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة 465) : يجوز استئجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به والأقوى أن نفقته حينئذٍ على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.

ص: 103

(مسألة 466) : يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.

(مسألة 467) : إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، أما إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ فيمكن أن يقال بوجوب البقاء مع إعطاء الأجرة.

(مسألة 468) : خراج الأرض المستأجرة - إذا كانت خراجية - على المالك نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر بمعنى كون أدائه عليه لا كون تعلّقه به صح على الأقوى.

(مسألة 469) : لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) وفضائل أهل البيت عليهم السلام والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة 470) : يجوز الإستئجار للنيابة عن الإحياء والأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصيام عن الإحياء، وتجوز عن الأموات.

ولا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً.

ولا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم.

ص: 104

نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه. أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه، كما يجوز أخذ الأجرة للأدوات التي يحفر بها.

(مسألة 471) : إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه. وإن لم يعرض عنها فهي له

(مسألة 472) : إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة 473) : إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين مثلاً لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه وحينئذ يستحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل. وإذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمضِ زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة. وإلا ثبت الخيار لكل منهما.

هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط.

وأما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل أن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل، ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة.

وإن خاط بغير أمره ولا إجازته لم يستحق عليه شيئاً. وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة 474) : إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع من الوصول بطلت الإجارة. فإن كان

ص: 105

المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً، وإن كان مجموع السفر وإيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا لم يكن على نحو تعدد المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.

(مسألة 475) : إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء عليه، وإن كان بعد تمام العمل كان له أجرة المثل ،وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر ويحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من أجرة المثل.

(مسألة 476) : إذا استأجر عيناً مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها، وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة 477) : تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، ونحو ذلك. ولا بد من تعيين مقدار التعمير كمّاً وكيفاً حتى لا تحصل الجهالة.

(مسألة478) : تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أكانت بمجرد وصف العلاج أو المباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.

ص: 106

(مسألة 479) : تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقفة على مقدمات غير اختيارية وكانت توجد عادة عند إرادة العمل.

(مسألة 480) : إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة 481) : لا يجوز في الاستئجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى (النجف) مثلاً وآخر من (النجف) إلى (المدينة) وثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة 482) : إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الأجرة ،وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف وإن كان على خلاف المتعارف نقص من الأجرة بمقداره.

(مسألة 483) : إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها وإذا قرأ بعض الكلمات غلطاً والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شيء، وإن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً إشكال، والأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة 484) : إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه وصلى عن (عمرو) فان كان على نحو الخطأ في التطبيق بان كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد.

ص: 107

(مسألة 485) : الموارد التي يجوز فيها استئجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضاً استئجار الصبي.

والله سبحانه العالم.

ص: 108

كتاب المزارعة

المزارعة هي الاتفاق بين مالك الأرض والزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها.

يعتبر في المزارعة أمور :

(الأول) : الإيجاب من المالك والقبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة وقبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلاً: سلمت إليك الأرض لتزرعها فيقول الزارع :قبلت أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع وقبول الزارع لها من دون كلام. ولا يعتبر فيها العربية والماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول ولا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك والقبول من الزارع بل يجوز العكس.

(الثاني) : أن يكون كل من الملك والزارع بالغاً عاقلاً ومختاراً ،وأن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس وكذلك العامل إذا استلزم تصرفاً مالياً.

(الثالث) : أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض فلو جعل لأحدهما أول الحاصل وللآخر آخره بطلت المزارعة وكذا الحال لو جعل الكل لأحدهما.

(الرابع) : أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة كالنصف والثلث ونحوهما فلو قال للزارع ازرع واعطني ما شئت لم تصح المزارعة وكذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان.

(الخامس) : تعيين المدة بالأشهر أو السنين، أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه. وعليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أولها كفى في الصحة.

ص: 109

(السادس) : أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والإصلاح. وأما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الإنتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة.

(السابع) : تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك وإلا لم يلزم التعيين. نعم لو كان مرادهما غير التعيين فيتخير الزارع بين أنواعه.

(الثامن) : تعيين الأرض وحدودها ومقدارها. فلو لم يعينها بطلت، وكذا إذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كلياً موصوفاً على وجه لا يكون فيه غرر كمقدار جريب من هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها صحت.

(التاسع) : تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر ونحوه بان يجعل على أحدهما أو كليهما، ويكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.

(مسألة 486) : يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره.هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة وإلا لزم أن يزرع بنفسه.

(مسألة 487) : لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا ؟ وجهان الظاهر أنه من المزارعة ويترتب عليه أحكامها، وكذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع وإن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول : لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه.

(مسألة 488) : قيل يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما وتقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة إذا علما ببقاء شيء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار، كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض ولكن في جواز استثناء غير الخراج من المذكورات إشكالٌ، بل منعاً.

ص: 110

(مسألة 489) : لا يشترط في المزارعة بأن تكون الأرض ملكاً للمزارع بل يكفي كونه مسلّطاً على الأرض بالتولية للوقف أو يكون وصياً، أو له حق الاختصاص بها كالتحجير أو السبق أو غير ذلك.

(مسألة 490) : إذا عين المالك نوعاً خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع.فلا يجوز له التعدي عنه، ولكن لو تعدى إلى غيره وزرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ والإمضاء. فإن فسخ رجع على العامل بأجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض

وأما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له: وإن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً. وعلى تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً وليست له مطالبة المالك بأجرة العمل مطلقاً.

هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل. واما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة، وإلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالأجرة أو مجاناً إن كان البذر له. وأما إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة وبدل البذر أيضاً ومع بذله يكون الزرع للعامل.

هذا إذا كان على نحو الاشتراط وأما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت المزارعة، وحكمه ما تقدم في فرض الفسخ.

(مسألة 491) : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر للمالك كان الزرع له وعليه للزارع ما صرفه من الأموال وكذا أجرة عمله وأجرة الآلات التي استعملها في الأرض.وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه للمالك أجرة الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.

ثم إن رضي المالك والزارع ببقاء الزرع في الأرض بالأجرة أو مجاناً فهو.وإن لم يرض المالك بذلك جاز له إجبار الزارع على إزالة الزرع وإن لم

ص: 111

يدرك الحاصل وتضرر بذلك وليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض ولو مجاناً.وكذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة ولم يدرك الحاصل

(مسألة 492) : يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته من ذهب أو فضة أو نحوهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 493) : المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه ولا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه. نعم ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.

(مسألة 494) : إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة فإن كانت الأرض في تصرفه وكان تركه بلا عذر ضمن أجرة المثل للمالك. ولا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال وأن يكون غير عالم. وإن لم تكن الأرض تحت يده، بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع وإن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه.

(مسألة 495) : يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه بمقدار معين منه بشرط رضا الآخر به.وعليه فيكون الزرع للآخر وله المقدار المعين. ولو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معاً.

(مسألة 496) : إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة.وإذا غرق بعضها تخير المالك والعامل في الباقي بين الفسخ والإمضاء.

ص: 112

(مسألة 497) : الأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون الأرض من واحد والبذر من آخر والعمل من ثالث والعوامل من رابع، وكذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور.

(مسألة 498) : لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معاً ولكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين وجعل في ضمن العقد، إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق.

وكذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه وبين العامل، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما، وكذا الحال في سائر التصرفات والآلات.

والضابط أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد.

(مسألة 499) : إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه وإدراكه كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء ولم يمكن قطعه، أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول، لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة وعليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر. فإن كان البذر للمالك فعليه أجرة مثل عمل العامل. وإن كان للعامل فعليه أجرة مثل أرضه.

(مسألة 500) : إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة وكان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع. فإن أجاز المالك عقد المزارعة وقع له وإلا كان الزرع للزارع وعليه أجرة المثل لمالك الأرض.

وإذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع وإدراكه كان المالك مخيراً أيضاً بين الإجازة والرد. فإن ردّ فله الأمر بالإزالة أو الرضا ببقائه ولو بأجرة وعلى الزارع أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

ص: 113

(مسألة 501) : تجب على كل من المالك والزارع الزكاة إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب، وتجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك.

هذا إذا كان الزرع مشتركاً بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم.

وأما إذا اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم او من حين الحصاد والتصفية فالزكاة على صاحب البذر سواء أكان هو المالك أم العامل.

(مسألة 502) : الباقي في الأرض من أصول الزرع بعد الحصاد وانقضاء المدة إذا نبت في السنة الجديدة وأدرك فحاصله تابع للأصل فإن البذرة للزارع والحاصل يكون له أيضاً. وإن لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الأصول.

(مسألة 503) : إذا اختلف المالك والزارع في المدة فادّعى أحدهما الزيادة والآخر القلة فالقول قول منكر الزيادة ولو اختلفا في الحصة قلة وكثرة فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة.

وأما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما، فالمرجع التحالف. ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.

(مسألة 504) : الزارع إذا قصد في تربية الأرض فقلَّ الحاصل لم يبعد ضمانه التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك.

وأما إذا كان للعامل وكان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان ولكن للمالك حينئذ الفسخ والمطالبة بأجرة المثل للأرض.

(مسألة 505) : لو ادعى المالك على الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال او ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك وأنكره الزارع فالقول قوله.

ص: 114

وكذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئاً وأنكره الآخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعاً.

(مسألة 506) : إذا أوقع المتولي لوقف عقد المزارعة على الأرض الموقوفة على البطون إلى مدة حسب ما يراه صالحاً لهم لزم. ولا يبطل بالموت. وأما إذا أوقعهالبطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك الحين، إلا إذا أجاز البطن اللاحق.

(مسألة 507) : يجوز لكل من المالك والعامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته بمقدار معين من جنسه، أو غير جنسه بعد التخمين بحسب المتعارف في الخارج.

(مسألة 508) : لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد وفي السنة الأولى، بل يصح العقد على أرض بائرة وخربة لا تصلح للزرع إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أكثر.

وعليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة وقفاً عاماً أو خاصاً التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو اكثر حسب ما يراه صالحاً.

ص: 115

ص: 116

كتاب المُسَاقَاةْ

المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة وإصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من أثمارها ويشترط فيها أمور :

(الأول) : الإيجاب والقبول ويكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو فعل أو نحوهما. ولا تعتبر فيها العربية ولا الماضوية.

(الثاني) : البلوغ والعقل والاختيار وأما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل إذا لم يشترط عليه صرف المال.

(الثالث) : أن تكون أصول الأشجار مملوكة عيناً ومنفعة، أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية.

(الرابع) : أن تكون معلومة ومعينة عندهما.

(الخامس) : تعيين مُدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقى عليها، وإما بالأشهر أو السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالباً فلو كانت أقل من هذا المقدار بطلت المساقاة.

(السادس) : تعيين الحصة وكونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره. نعم يجوز اشتراط مقدار معين كطن من الثمرة مثلاً بالإضافة إلى الحصة المشاعة لأحدهما إذا علم وجود ثمرة غيرها.

(السابع) : تعيين ما على المالك من الأمور وما على العامل من الأعمال ويكفي الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.

ص: 117

(الثامن) : أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا كان محتاجاً إلى السقي ونحوه. وأما إذا لم يحتج إلى ذلك فصحتها بلحاظ القطف والحفظ محل إشكال ،لكن لا إشكال بعنوان الجعالة.

(التاسع) : أن تكون المعاملة على أصل ثابت وأما إذا لم يكن ثابتاً كالبطيخ والباذنجان ونحوهما فالظاهر عدم وقوع المساقات. وأما كونها معاملة مستقلة محكومة بالصحة فمحل إشكال. والاحتياط لا يترك، ولا تصح المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالصفصاف والغرب ونحوهما، بل صحتها على الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء ونحوه لا تخلو من إشكال.

(مسألة 509) : يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو بمص رطوبة الأرض إذا احتاجت إلى أعمال أخرى ويكون العمل موجباً لاستزادة الثمرة.

(مسألة 510) : يجوز اشتراط شيء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك زائداً على الحصة من الثمرة. وهل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة؟ قولان، بل أقوال أظهرهاالوجوب بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك وأن يكون للعامل ولا بين صورة عدم ظهور الثمرة أصلاً وصورة تلفها بعد الظهور.

(مسألة 511) : يجوز تعدد المالك واتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملاً واحداً ويجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلاً والنصف الآخر لهما ويجوز تعددهما معاً.

(مسألة 512) : خراج الأرض على المالك، وكذا بناء الجدران وعمل الناضح ونحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة وإنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.

ص: 118

(مسألة 513) : يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة من حين ظهور الثمرة. وإذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد.

(مسألة 514) : الظاهر أن عقد المغارسة باطل وهي: أن يدفع شخص أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية، أو بالتفاضل على حسب القرار الواقع بينهما.

فإذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه. فإن كان هو مالك الأرض استحق العامل عليه أجرة مثل عمله.وإن كان هو العامل استحق عليه مالك الأرض أجرة مثل أرضه، ولكن ليس له إجبار مالك الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل وجب عليه قلعها إن لم يرض المالك ببقائها كما أن عليه طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، وليس على المالك نقص الأشجار بالقلع نعم لو قلعها المالك فنقصت وعابت ضمن تفاوت القيمة.

(مسألة 515) : يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك ومع ذلك يكون تمام الحاصل والثمرة له وليس للعامل مطالبته بالأجرة حيث أنه أقدم على العمل في هذه الصورة مجاناً وأما إذا كان بطلان المساقاة من جهة أخرى وجب على المالك أن يدفع للعامل أجرة مثل ما عمله حسب المتعارف.

(مسألة 516) : عقد المساقاة لازم لا يبطل ولا ينفسخ إلا بالتقايل والتراضي أو الفسخ ممن له الخيار ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.

(مسألة 517) : إذا مات المالك قام وارثه مقامه ولا تنفسخ المساقاة. وإذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً. فإن لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل، ويقسم الحاصل بين المالك والوارث.

ص: 119

وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة.

(مسألة 518) : مقتضى إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار وسقيها عليها والآلات مشتركة بين المالك والعامل بمعنى أنهما عليهما لا على خصوص واحد منهما.نعم إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شيء على العامل أو المالك فهو المتبع.

والضابط أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الإنصراف من الإطلاق، وإلا فهو عليهما معاً.

(مسألة 519) : إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره على العمل المزبور، كما أن له حق الفسخ. وإن فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط. وليس له أن لا يفسخ ويطالبه بأجرة العمل بالإضافة إلى حصته على الأظهر الأقوى.

(مسألة 520) : لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشراً للعمل بنفسه إن لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصاً في بعض أعمالها أو في تمامها وعليه الأجرة، كما أنه يجوز أن يشترط كون أجرة بعض الأعمال على المالك.

(مسألة 521) : إذا كان البستان مشتملاً على أنواع من الأشجار كالنخل والكرم والرمان ونحوها من أنواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الأنواع تفصيلاً في صحة المساقاة عليها، بل يكفي العلم الإجمالي بها على نحو يرتفع معه الغرر.

ص: 120

(مسألة 522) : لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون على المجموع بالنصف أو الثلث أو نحوهما، وبين أن تكون على كل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع آخر.كأن تجعل في النخل النصف مثلاً وفي الكرم الثلث وفي الرمان الربع وهكذا.

(مسألة 523) : قيل تصح المساقاة مردداً مثلاً بالنصف إن كان السقي بالناضح ،وبالثلث إن كان السقي بالسيح، ولا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها، ولكن الأظهر عدم الصحة كما في الإجارة.

(مسألة 524) : يجوز في المساقاة أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً من ذهب أو فضة أو غيرهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 525) : إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا؟ وجهان الأقوى الثاني لأنه ليس الاشتراط مشروطاً بالسلامة.

(مسألة 526) : إذا ظهر بطريق شرعي أن الأصول في عقد المساقاة مغصوبة فعندئذٍ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه وبين العامل. وإلا بطلت وكان تمام الثمرة للمالك وللعامل أجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.

(مسألة 527) : إذا كان ظهور غصب الأصول بعد تقسيم الثمرة وتلفها فعندئذٍ للمالك أن يرجع إلى الغاصب فقط بتمام عوضها. وله أن يرجع إلى كل منهما لأن يد كل منهما يد عدوان.

(مسألة 528) : تجب الزكاة على كل من المالك والعامل إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب. وإلا فالزكاة على المالك فقط.

ص: 121

(مسألة 529) : إذا اختلف المالك والعامل في اشتراط شيء على أحدهما وعدمه فالقول قول منكره.

(مسألة 530) : لو اختلف المالك والعامل في صحة العقد وفساده قُدِّم قول مدعي الصحة.

(مسألة 531) : لو اختلف المالك والعامل في مقدار حصة العامل فالقول قول المالك المنكر للزيادة، وكذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة.

وأما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة ونقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل ولا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة أو الإتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعاً بعد ما كان المفروض أن العامل كان أميناً له.

ص: 122

كتاب الجعالة

الجعالة من الإيقاعات لا بد فيها من الإيجاب عاماً مثل : من رد عبدي الآبق، أو بنى جداري فله كذا، أو خاصاً مثل إن خطت ثوبي فلك كذا.

ولا يحتاج إلى القبول لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى يحتاج إلى قبول. بخلاف المضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها.

وتصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء.

ويجوز أن يكون مجهولاً، كما يجوز في العوض أن يكون مجهولاً إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع مثل : من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب.

وإذا كان العوض مجهولاً محضاً مثل من رد عبدي فله شيء بطلت ،وكان للعامل أجرة المثل.

(مسألة 532) : إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له، سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.

(مسألة 533) : يجوز أن يكون الجعل من غير المالك كما إذا قال من خاط ثوب زيد فله درهم فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

(مسألة 534) : يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم،اما إذا كان المجعول عليه غيره كما إذا قال : من أوصل عبدي إلى

ص: 123

البلد كان له درهم، استحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد وإن لم يسلمه إلى أحد.وإذا قال : من خاط هذا الثوب فله درهم استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.

(مسألة 535) : الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل. وفي جواز الرجوع في أثنائه إشكال. فإن صح رجوعه فيها فلا إشكال في أن للعامل أجرة المقدار الذي عمله.

(مسألة 536) : إذا جعل جعلين بأن قال : من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال : من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل على الثاني. فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم.

ولو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، وإذا لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

(مسألة 537) : إذا جعل جعلاً لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله. ولو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام.

(مسألة 538) : إذا جعل جعلاً لمن ردّه من مسافة معينة فرده من بعضها كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

(مسألة 539) : إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه، أو في تعيين المجعول عليه، أو القدر المجعول عليه، أو في سعي العامل كان القول قول المالك.

(مسألة 540) : إذا تنازع العامل والمالك في تعيين الجعل ففيه إشكال. والأظهر أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل

ص: 124

ومع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل،وتجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل وبينه.

(مسألة 541) : عقد التامين للنفس أو المال - المعبر عنه في هذا العصر بال (سيكورته) - صحيح بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية وقيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل والشرب أو غيرهما أو وضع محافظ على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة فيكون نوعاً من المعاوضة،وأخذ المال من الطرفين حلال، وإلا فالعقد باطل وأخذ المال حرام.

نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقداراً من المال هبة ويشترط على المتهّب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال.

ص: 125

ص: 126

كتاب السبق والرماية

(مسألة 542) : لا بد فيهما من إيجاب وقبول، وإنما يصحّان في السهام والحراب، والسيوف، والإبل، والفيلة، والخيل، والبغال والحمير ولا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.

(مسألة 543) : يجوز أن يكون العوض عيناً وديناً، وأن يبذله أجنبي أو احدهما أو من بيت المال، ويجوز جعله للسابق وللمحلل وليس المحلل شرطاً.

(مسألة 544) : لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجباً للنزاع. فلا بد من تقدير المسافة، والعوض وتعيين الدابة، ولا بد في الرماية من تقدير عدد الرمي وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة والغرض، والعوض، ونحو ذلك.

(مسألة 545) : إذا قالا بعد أن اخرج كل منهما سبقاً من نفسه وأدخلا محللاً : من سبق منا ومن المحلل فله العوضان. فمن سبق من الثلاثة فهما له فإن سبقا فلكلٍ ماله، وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق ماله ونصف الآخر والباقي للمحلل.

(مسألة 546) : المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين ولا يبذل معهما عوضاً، بل يُجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض، أو بعضه على حسب الشرط وإن لم يسبق لم يَغرم شيئاً.

(مسألة 547) : إذا فسد العقد فلا اجرة للغالب ويضمن العوض إذا ظهر مستحقاً للغير مع عدم إجازته وعدم كون الباذل غارّاً، ويحصل السبق بتقدم

ص: 127

العنق أو الكتد وهو العظم الناتئ بين الظهر وأصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.

ص: 128

كتاب الشركة

(مسألة 548) : الشركة عقد جائز فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه. فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه. وينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون بفلس أو سفه لأحد الشريكين، ويكره مشاركة الذمي.

(مسألة 549) : تصح الشركة في الأموال ولا تصح في الأعمال بأن يتعاقدا على أن تكون أجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما. فإذا تعاقدا على ذلك بطل وكان لكل منهما أجرة عمله.

نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح، وكان عمل كل منهما مشتركاً بينهما.

(مسألة 550) : لو تصالح العاملان في ضمن عقد آخر لازم على أن يعطي كل منهما نصف أجرته للآخر صح ذلك ووجب العمل بالشرط.

(مسألة 551) : لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالاً بثمن في ذمته إلى أجل، ثم يبيعانه ويكون ربحه بينهما والخسران عليهما.

(مسألة 552) : لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما، وما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معاً.

(مسألة 553) : لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر كان لكل منهما ربحه وعليه خسارته. نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم

ص: 129

على أنه إنربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين.

(مسألة 554) : تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد مالاً واحداً عيناً كان أو ديناً بإرث أو وصية أو بفعلهما معاً. كما إذا حفرا بئراً أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية وغيرها.

وقد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس، كمزج الحنطة بالحنطة والماء بالماء واختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ودهن اللوز بدهن الجوز.

(مسألة 555) : يلحق كلاً من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله. فإن تساويا في الحصة كان الربح والخسران بينهما بالسوية، وإن اختلفا فبالنسبة.

(مسألة 556) : إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص، أو اشترطا الاختلاف ومع تساوي الحصص صح، ولكن يحصل كل منهما من النفع بنسبة ماله.

(مسألة 557) : لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه. وإذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر.

نعم إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر والطريق غير النافذ والدهليز ونحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف وإن لم يأذن الشريك.

(مسألة 558) : إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام، فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله، أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.

ص: 130

(مسألة 559) : إذا كانا شريكين في دار مثلاً فتعاسرا، وامتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرفات بحيث أدّى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.

(مسألة 560) : إذا طلب أحد الشريكين القسمة فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته وإلا وجبت الإجابة ويجبر عليها لو امتنع.

(مسألة 561) : إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن، فإنه تجب الإجابة ويجبر الشريك عليها لو امتنع.

(مسألة 562) : إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.

(مسألة 563) : يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة وفي الاكتفاء بمجرد التراضي وجه، لكن الاحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 564) : تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق، ولا تصح قسمة الوقف في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف. وإلا صحت.

(مسألة 565) : الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلا بالتعدي أو التفريط. وإذا ادّعى التلف قبل قوله مع يمينه، وكذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادّعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.

ص: 131

ص: 132

كتاب المضاربة

المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالاً إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك لا بتمامه للمالك ولا بتمامه للعامل ويعتبر فيها أمور :

(الأول) : الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل، أو نحو ذلك. ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.

(الثاني) : البلوغ والعقل والاختيار في كل من المالك والعامل وأما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.

(الثالث) : تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.

(الرابع) : أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.

(الخامس) : أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح.

هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، وأما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة، ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.

وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزاً عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة.

ص: 133

ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طروّ العجز.

(مسألة 566) : الأقوى صحة المضاربة بالذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الأوراق النقدية ونحوها. وفي صحتها بالمنفعة إشكال، وأما الدين فلا تصح المضاربة فيه.

(مسألة 567) : لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان بيد المالك وتصدى العامل للمعاملة صحت.

(مسألة 568) : مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح ويكون لكل من العامل والمالك ما جعل له من الحصة نصفاً أو ثلثاً أو نحو ذلك. وإذا وقع فاسداً كان للعامل أجرة المثل وللمالك تمام الربح.

(مسألة 569) : يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه. فلا يجوز التعدي عنه. فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين فلا يجوز التعدي عليه، ولو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه وتوقف على إجازة المالك.

(مسألة 570) : يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوماً قدراً ووصفاً، كما يعتبر أن يكون معيناً. فلو أحضر المالك مالين وقال قارضتك بأحدهما لم يصح.

(مسألة 571) : لا خسران على العامل من دون تفريط وإذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط. نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح ولا بأس به.

ص: 134

(مسألة 572) : إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح.

(مسألة 573) : إذا كان المال في يده غصباً أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان، فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أو لا؟ قولان الأقوى هو الأول. وذلك لأن عقد المضاربة في نفسه وإن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل، إلا أن عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده وتصرفه فيه. فحينئذ يرتفع الضمان بذلك. نعم إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.

(مسألة 574) : عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص. نعم لو اشترط عدم الفسخ إلى زمان كذا فالأقوى عدم جواز فسخه.

(مسألة 575) : لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلا مع إذن المالك عموماً أو خصوصاً وعليه فلو خلط من دون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال، ولكن هذا لا يضر بصحة المضاربة، بل هي باقية على حالها والربح بينهما على النسبة.

(مسألة 576) : يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس. نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك، إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه. وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن.

وكذا الحال في كل تصرف وعمل خارج عن عقد المضاربة.

ص: 135

(مسألة 577) : مع إطلاق العقد يجوز البيع حالاً ونسيئةً إذا كان البيع نسيئة أمراً متعارفاً في الخارج يشمله الاطلاق، وأما إذا لم يكن أمراً متعارفاً فلا يجوز من دون الإذن الخاص.

(مسألة 578) : لو خالف العامل المضارب وباع نسيئة بدون إذنه عندئذ إن استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو، وإن اطلع المالك قبل الاستيفاء فإن أجاز صح البيع وإلا بطل.

(مسألة 579) : إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد، بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضاً. نعم لو كان الجنس من الأجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.

(مسألة 580) : يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه، وعليه إن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الأمور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلاّل والحمّال والوزّان والكيّال والمحل وما شاكل ذلك.

ومن هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالأجرة من ماله لا من الوسط، كما أنه لو تولى ما يتعارف الاستئجار جاز له أن يأخذ الأجرة إن لم يتصد له مجاناً.

(مسألة 581) : نفقة سفر العامل من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وأجرة الركوب وغير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك ولم يشترط نفقته عليه.

وكذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في طريق التجارة.

ص: 136

نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه. والمراد من النفقة هي اللائقة بحاله. فلو أسرف حُسب عليه. نعم لو قتَّر على نفسه أو حل ضيفاً عند شخص لا يحسب له.

(مسألة 582) : المراد بالسفر هو العرفي لا الشرعي فيشمل فرسخين أو ثلاثة.

(مسألة 583) : إذا كان شخص عاملاً لاثنين أو اكثر ،أو عاملاً لنفسه ولغيره توزعت النفقة على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.

(مسألة 584) : لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح، بل ينفق من أصل المال. نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه ويعطى المالك تمام رأس ماله، ثم يقسّم الربح بينهما.

(مسألة 585) : إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله اخذ النفقة. نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض. وأما إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة.

(مسألة 586) : إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.

(مسألة 587) : إذا اختلف المالك والعامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض ولم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدعي القرض ليكون الربح له، والمالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل، ويكون الربح له. ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك وبعده يحكم بكون الربح للمالك وثبوت أجرة المثل للعامل.

ص: 137

وقد يكون من جهة أن المالك يدعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه، أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشيء والعامل يدعي المضاربة الفاسدة فيحكم فيه بعد التحالف بكون الخسارة على المالك وعدم اشتغال ذمته للعامل.

هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضاً واما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماماً للمالك بعد حلف المالك، ولا يكون للعامل أجرة المثل.

(مسألة 588) : يجوز أن يكون المالك واحداً والعامل متعدداً سواء أكان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً، وسواء أكان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أو كانوا متفاضلين.

وكذا يجوز أن يكون المالك متعدداً والعامل واحداً.

(مسألة 589) : إذا كان المال مشتركاً بين شخصين وقارضاً واحداً واشترطا له النصف وتفاضلا في النصف الآخر بان جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بان كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال. فالظاهر بطلان المضاربة بعد وقوع النقص في حصة الشريك إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.

نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلاً جعل أحدهما له ثلث ربح حصته وجعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.

(مسألة 590) : تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته. فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة. وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به

ص: 138

(مسألة 591) : لا يجوز للعامل أن يُوَكِّل وكيلاً في عمله، أو يستأجر شخصاً إلا بإذن المالك، كما لا يجوز أن يضارب غيره إلا بإذنه فلو فعل ذلك بدون إذنه وتلف ضمن.

نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.

(مسألة 592) : يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الاخر في ضمن عقد المضاربة مالاً او عملاً كخياطة ثوب أو نحوها، أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة او قرض أو نحو ذلك ويجب الوفاء بهذا الشرط سواء أتحقق الربح بينهما أو لم يتحقق. وسواء أكان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.

(مسألة 593) : مقتضى عقد المضاربة خارجاً عن ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح ولا تتوقف على الأنضاض أو القسمة.

نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل.

وهل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح والمال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجاً أو لا يكفي ؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي. وعليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح

(مسألة 594) : إذا ظهر الربح وتحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته فإن رضي الآخر فلا مانع منها، وإن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها وإن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها

ص: 139

(مسألة 595) : إن اقتسما الربح ثم عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به إذا كان بمقداره أو أكثر ،وأما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من مقدار الخسران وما أخذه من الربح.

(مسألة 596) : إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت الخسارة على مال المضاربة وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه ومقدار الخسران.

ولا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف.

(مسألة 597) : لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق واللاحق ما دام عقد المضاربة باقياً، بل الأظهر الجبر وإن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة، كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر.هذا في تلف البعض، وأما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة. فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة.

هذا في التلف السماوي، وأما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.

(مسألة 598) : فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل وأخرى بعده وقبل ظهور الربح. وعلى كلا التقديرين لا شيء للمالك ولا عليه، وكذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.

(مسألة 599) : لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.

ص: 140

(مسألة 600) : إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح فإن رضي كل من المالك والعامل بالقسمة فلا كلام، وإن لم يرض أحدهما أجبر عليها.

(مسألة 601) : إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا وجهان. والوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.

(مسألة 602) : لا يجب على العامل بعد الفسخ إلا التخلية بين المالك وبين ماله، وأما الإيصال إليه فلا يجب إلا إذا أرسله إلى بلد آخر. فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.

(مسألة 603) : إذا اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن ادعى المالك الزيادة وأنكرها العامل قدِّم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها.

ولا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل

(مسألة 604) : إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل والعامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.

(مسألة 605) : إذا ادعى المالك على العامل الخيانة والتفريط فالقول قول العامل.

(مسألة 606) : لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بان لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك والعامل ينكره فالقول قول المالك، فإن الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أو لا فالأصل عدمه.

(مسألة 607) : لو ادعى العامل التلف وأنكره المالك قُدِّم قول العامل، وكذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في معاملات النسيئة لأنه أمين.

ص: 141

(مسألة 608) : لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده، بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.

(مسألة 609) : إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن كان معلوماً بعينه فلا كلام، وإن علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها، ولا يكون المالك شريكاً مع الورثة بالنسبة على الظهر الأقوى.

(مسألة 610) : إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً، ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.

(مسألة 611) : إذا أخذ العامل مال المضاربة وأبقاه عنده ولم يتجر به إلى مدة قليلة او كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال وإن كان عاصياً في تعطيل مال الغير.

(مسألة 612) : إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً للخسران المتقدم على الربح، أو المتأخر عنه ففي الصحة إشكال.

ص: 142

كتاب الوديعة

وهي من العقود الجائزة ومفادها الائتمان في الحفظ.

(مسألة 613) : يجب على الودعي حفظ الوديعة بمجرى العادة. وإذا عين المالك محرزاً تعين، فلو خالف ضمن إلا مع الخوف، إذا لم ينص المالك على الخوف وإلا ضمن حتى مع الخوف.

(مسألة 614) : يضمن الودعي الوديعة لو تصرف فيها تصرفاً منافياً للاستئمان وموجباً لصدق الخيانة، كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو أودعه كيساً مختوماً ففتح ختمه، أو أودعه طعاماً فأكل بعضه أو دراهم فاستقرض بعضها.

(مسألة 615) : إذا أودعه كيسين فتصرف في أحدهما ضمنه الآخر.

(مسألة 616) : إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة، وإن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه.

(مسألة 617) : يجب على الودعي علف الدابة وسقيها ويرجع به على المالك.

(مسألة 618) : إذا فرط الودعي ضمن ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى المالك أو الإبراء منه.

ص: 143

(مسألة 619) : يجب على الودعي أن يحلف للظالم ويورِّي إن أمكن. ولو أقرّ له ضمن.

(مسألة 620) : يجب رد الوديعة إلى المودع أو وارثه بعد موته وإن كان كافراً، إلا إذا كان المودع غاصباً فلا يجوز ردها إليه، بل يجب ردها إلى مالكها فإن ردها إلى المودع ضمن.

ولو جهل المالك عرّف بها. فإن لم يعرفه تصدق بها عنه. فإن وجد ولم يرض بذلك فالأظهر عدم الضمان. ولو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يضمن.

(مسألة 621) : إذا أودعه الكافر الحربي فالأحوط إنه تحرم عليه الخيانة، ولم يصح له تملك المال ولا بيعه.

(مسألة 622) : إذا اختلف المالك والودعي في التفريط او قيمة العين كان القول قول الودعي مع يمينه، وكذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهماً.

(مسألة 623) : إذا اختلفا في الرد فالأظهر إن القول قول المالك مع يمينه وكذلك إذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.

(مسألة 624) : لا يصح إيداع الصبي والمجنون فإن لم يكن مميزاً لم يضمن الوديعة حتى إذا أتلف وكذلك المجنون.

(مسألة 625) : إذا كان الودعي صبياً مميزاً ضمن بالإتلاف.

ولا يضمن بمجرد القبض. ولا سيما إذا كان بإذن الولي. وفي ضمانه بالتفريط والإهمال إشكال والأظهر الضمان.

ص: 144

كتاب العارية

وهي التسليط على العين للانتفاع بها مجاناً.

(مسألة 626) : كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها، وتجوز إعارة ما تملك منفعته وإن لم تملك عينه.

(مسألة 627) : ينتفع المستعير على العادة الجارية، ولا يجوز له التعدي عن ذلك. فإن تعدى ضمن ولا يضمن مع عدمه إلا أن يشترط عليه الضمان، أو تكون العين من الذهب أو الفضة وإن لم يكونا مسكوكين على إشكال ضعيف. ولو اشترط عدم الضمان فيهما صح.

(مسألة 628) : إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن، وإذا استعار من الغاصب ضمن. فإن كان جاهلاً رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرّه.

(مسألة 629) : إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلى غيره، وإن كان معتاداً.

(مسألة 630) : لو أعار الذهب أو الفضة وشرط أنه إذا أتلف لم يضمن فلو تلف لم يكن ضامناً.

(مسألة 631) : تصح الإعارة للرهن وللمالك المطالبة بالفك بعد المدة، بل قيل : له المطالبة قبلها أيضاً ولا يبطل الرهن.

(مسألة 632) : إذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين فإن كان الرهن عارية ضمن المستعير بما بيعت به، إلا أن تباع بأقل من قيمة المثل.

ص: 145

وفي ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك إشكال. والظاهر عدم الضمان إلا مع اشتراطه.

(مسألة 633) : لو جنّ المعير بحيث لم يتمكن من التصرف في ماله، فلا بد أن يرجع مال العارية إلى وليه.

ص: 146

كتاب اللقطة

وهي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه، المجهول مالكه.

(مسألة 634) : الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال.

(والأول) : يسمى لقيطاً.

(والثاني) : يسمى ضالة.

(والثالث) : يسمى لقطة بالمعنى الأخص.

(مسألة 635) : لقيط دار الإسلام محكوم بحريته، وكذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه. ووارثه الإمام إذا لم يكن له وارث، وكذلك الإمام عاقلته، وإذا بلغ رشيداً فأقر برقّيته قُبل منه.

(مسألة 636) : لقيط دار الكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه يجوز استرقاقه.

(مسألة 637) : أخذ اللقيط واجب على الكفاية إذا توقف عليه حفظه. فإذا اخذه كان احق بتربيته وحضانته من غيره إلا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب او غيره فيجب دفعه إليه حينئذ ولا يجري عليه حكم الالتقاط.

(مسألة 638) : ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه.

(مسألة 639) : يشترط في ملتقط الصبي البلوغ والعقل والحرية. فلا اعتبار بالتقاط الصبي والمجنون والعبد إلا بإذن مولاه، بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه، فلو التقط الكافر صبياً في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط ولا يكون أحق بحضانته.

ص: 147

(مسألة 640) : اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه وإلا فإن كان له مال أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو مَن يقوم مقامه،

وإلا أنفق الملتقط من ماله عليه ورجع بها عليه إن لم يكن قد تبرع بها وإلا لم يرجع.

(مسألة 641) : يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف.

(مسألة 642) : إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز له أخذه سواء أكان في كلأ وماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما.فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على الملك.وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته. وإذا ركبه أو حمَّله حملاً كان عليه أجرته ولا يبرأ من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه.نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 643) : إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه كالشاة وأطفال الإبل والبقر والخيل والحمير ونحوها.

فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط والأحوط أن يعرّفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها والتصرف فيها بالأكل والبيع.

والمشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر ان الضمان مشروط بمطالبة المالك. فإذا جاء صاحبها وطلبها وجب عليه دفع القيمة وجاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلى أن يعرف صاحبها ولا ضمان عليه حينئذ.

ص: 148

(مسألة 644) : إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق، فإن كان قد أعرض عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الأخذ. وإذا تركه عن جهد وكلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذه معه. فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء ولا كلأ ولا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه وتملكه.

وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيّش لم يجز لأحد أخذه ولا تملكه. فمن أخذه كان ضامناً له.

وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه.

(مسألة 645) : إذا وجد الحيوان في العمران وهو المواضع المسكونة التي يكون فيها مأموناً، كالبلاد والقرى وما حولها ممّا يتعارف وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه ومن أخذه ضمنه ويجب عليه التعريف ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي.

نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف ومن ضمانه له كما سبق.

(مسألة 646) : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الإنسان لا يجوز له أخذها ويجوز إخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال. والأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها، ثم يتصدق بها ولا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر.

(مسألة 647) : إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها وإلا انفق عليها، من ماله ورجع بها على المالك.

ص: 149

(مسألة 648) : إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ يكون ذلك بدل ما أنفقه عليها ولكن لا بد أن يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى.

(مسألة 649) : كل مال ليس حيواناً ولا إنساناً إذا كان ضائعاً ومجهول المالك وهو المسمى : لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة ولا فرق بين ما يوجد في الحرم وغيره وإن كانت كراهة الأخذ في الأول أشد وآكد.

(مسألة 650) : لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه، وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.

(مسألة 651) : اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد الأخذ، ولا يجب فيها التعريف ولا الفحص عن مالكها.

ثم إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردّها إليه وإن كانت تالفة لم يكن عليها البدل.

(مسألة 652) : إذا كانت قيمة اللقطة درهماً فما زاد وجب على الملتقط التعريف بها والفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالأحوط أن يتصدق بها عن مالكها وليس له تملكها وإن التقطها في غير الحرم تخيّر بين أمور ثلاثة : تملكها مع الضمان، والتصدق بها مع الضمان، وإبقاؤها أمانة في يده بلا ضمان.

(مسألة 653) : المدار في القيمة على مكان الالتقاط وزمانه دون غيره من الأمكنة والأزمنة.

(مسألة 654) : المراد من الدرهم ما يساوي (12,6) حمصة من الفضة المسكوكة فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع مثقال.

ص: 150

(مسألة 655) : إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه إما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة والمصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة، أو لأن مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها، أو لأن الملتقط يخاف من الخطر والتهمة إن عرّف به، أو نحو ذلك من الموانع، سقط التعريف والأحوط التصدق به عنه، وجواز التملك لا يخلو من إشكال. وإن كان الأظهر جوازه فيما لا علامة له.

(مسألة 656) : تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على وجه التوالي. فإن لم يبادر إليه كان عاصياً، ولكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك.وكذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط ولكن تركه بعد ستة أشهر مثلاً حتى تمت السنة. فإذا تم التعريف تخير بين التصدق والإبقاء للمالك.

(مسألة 657) : إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم، فيتخير بين التصدق والإبقاء للمالك غير إنه لا يكون عاصياً.

(مسألة 658) : لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا أجرة أو بأجرة، والأقوى كون الأجرة عليه لا على المالك. وإن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك.

(مسألة 659) : إذا عرّفها سنة كاملة، فقد عرفت أنه يتخير بين التصدق وغيره من الأمور المتقدمة، ولا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك.

ص: 151

(مسألة 660) : إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة، فالأحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ، وعدم جواز التملك أو التصدق.

(مسألة 661) : إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر والفواكه واللحم ونحوها جاز أن يقوّمها الملتقط على نفسه ويتصرف فيها بما شاء من أكل ونحوه ويبقى الثمن في ذمته للمالك.

كما يجوز له أيضاً بيعها على غيره ويحفظ ثمنها للمالك والأحوط أن يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي ولا يسقط التعريف عنه على الأحوط بل يحفظ صفاتها ويعرف بها سنة. فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به، أو القيمة التي في ذمته، وإلا لم يبعد جريان التخيير المتقدم.

(مسألة 662) : إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة. فإن وجد المالك دفعها إليه وإن لم يجده ووجد الملتقط الأول جاز دفعها إليه إذا كان واثقاً بأنه يعمل بوظيفته وعليه إكمال التعريف سنة ولو بضميمة تعريف الملتقط الثاني. فإن لم يجدها حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التملك والتصدق والإبقاء للمالك.

(مسألة 663) : قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة فقال بعضهم يتحقق التتابع بان لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه ويظهر أنه تكرار لما سبق. ونسب إلى المشهور إنه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الاول كل يوم مرة وفي بقية الشهر الاول كل أسبوع مرة، وفي بقية الشهور كل شهر مرة.

وكلا القولين مشكل واللازم الرجوع إلى العرف فيه ولا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام.

ص: 152

(مسألة 664) : يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط ولا يجزئ في غيره.

(مسألة 665) : إذا كان الالتقاط في طريق عام أو في السوق أو ميدان البلد ونحو ذلك وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق ومحل إقامة الجماعات، والمجالس العامة ونحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك.

(مسألة 666) : إذا كان الالتقاط في القفار والبراري فإن كان فيها نزّال عرّفهم، وإن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.

(مسألة 667) : إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر واستنابة شخص أمين في التعريف ولا يجوز السفر بها إلى بلده.

(مسألة 668) : إذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها والتعريف بها في بلد المسافرين.

(مسألة 669) : إذا التقط في بلده جاز له السفر واستنابة أمين في التعريف.

(مسألة 670) : لا يلزم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلى تنبيه السامع لتفقد المال الضائع وذكر صفاته للملتقط.

بل يكفي أن يقول من ضاع له شيء أو مال، فلا يجب أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب أو نحو ذلك.

(مسألة 671) : إذا وجد مقداراً من الدراهم أو الدنانير وأمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص والزمان الخاص والمكان الخاص وجب التعريف ،ولا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه.

ص: 153

(مسألة 672) : إذا التقط الصبي أو المجنون فإن كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما. وإن كانت درهماً فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة. وبعد التعريف سواء أكان من الولي أو من غيره يجري التخيير المتقدم.

(مسألة 673) : إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فإن كانت العين موجودة دفعها إليه وليس للمالك المطالبة بالبدل، وإن كانت تالفة أو منتقلة منه إلى غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل وهو المثل في المثلي، والقيمة في القيمي

(مسألة 674) : إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة، وليس له الرجوع بالعين إذا كانت موجودة، ولا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة.هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة وإلا فلا رجوع له على أحد وكان له أجر التصدق.

(مسألة 675) : اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط بها ولا فرق بين مدة التعريف وما بعدها. نعم إذا تملكها أو تصدق بها ضمنها على ما عرفت.

(مسألة 676) : المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلى الحاكم فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط وفيه إشكال. وكذا الإشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها.

(مسألة 677) : إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه وسقط التعريف. سواء أكان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده.

ص: 154

نعم إذا كان بعد التملك فقد عرفت أنه إذا كانت موجودة عنده دفعها إليه، وإن كانت تالفة أو بمنزلة التالف دفع إليه البدل، وكذا إذا تصدق بها ولم يرض المالك بالصدقة.

(مسألة 678) : إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة بأن لم يكن تعد أو تفريط سقط التعريف. وإذا كانت مضمونة لم يسقط.

وكذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الأولى يسقط التعريف، وفي الصورة الثانية يجب إكماله. فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.

(مسألة 679) : إذا ادعى اللقطة مدع وعلم صدقه وجب دفعها إليه، وكذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه ولا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضاً.

(مسألة 680) : إذا عرف المالك وقد حصل للّقطة نماء متصل دفع إليه العين والنماء. سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده.

(مسألة 681) : إذا حصل للّقطة نماء منفصل فإن حصل قبل التملك كان للمالك وإن حصل بعده كان للملتقط.

(مسألة 682) : إذا لم يعرف المالك وقد حصل للّقطة نماء فإن كان متصلاً ملكه الملتقط تبعاً لتملك اللقطة، وأما إذا كان منفصلاً ففي جواز تملكه إشكال والأحوط التصدق به.

(مسألة 683) : لو عرف المالك ولكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه ولا إلى وكيله فإن أمكن الاستيذان منه في التصرف فيها ولو بمثل الصدقة عنه، أو دفعها إلى أقاربه أو نحو ذلك تعين، وإلا تعين التصدق بها عنه.

ص: 155

(مسألة 684) : إذا مات الملتقط فإن كان بعد التعريف والتملك انتقلت إلى وارثه كسائر أملاكه.

وإن كان بعد التعريف وقبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الأمور الثلاثة أو الأمرين.

وإن كان قبل التعريف قام الوارث مقامه فيه، وإن كان في أثنائه قام مقامه في إتمامه.

فإذا تم التعريف تخيّر الوارث بين الأمور الثلاثة أو الاثنين. والأحوط إجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به إلى أن يحصل اليأس من الوصول إلى مالكه ثم يتصدق به عنه.

(مسألة 685) : إذا وجد مالاً في صندوقه ولم يعلم أنه له أو لغيره فإذا كان لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له.

وإن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرّفه إيّاه. فإن عرفه دفعه إليه. وإن أنكره فهو له. وإن جهله لم يبعد الرجوع إلى القرعة كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين.

هذا إذا كان الغير محصوراً، أما إذا لم يكن فلا يبعد الرجوع إلى القرعة فإن خرجت باسم غيره فحص عن المالك وبعد اليأس منه تصدق به عنه

(مسألة 686) : إذا وجد مالاً في داره ولم يعلم أنه له أو لغيره فإن لم يدخلها أحد غيره فهو له، وإن كان يدخلها كثير كما في المضائف ونحوها جرى عليه حكم اللقطة.

(مسألة 687) : إذا تبدلت عباءة إنسان بعباءة غيره أو حذاؤه بحذاء غيره، فإن علم أن الذي بدله قد تعمّد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة، وإن كانت قيمته أكثر من ماله تصدق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك.

ص: 156

وإن لم يعلم أنه قد تعمد ذلك فإن علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه. وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك فإن يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عمّا أخذه إشكال، والأحوط التصدق به بإذن الحاكم الشرعي، وأحوط منه أخذه وفاءاً ثم التصدق به عن صاحبه كل ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

ص: 157

ص: 158

كتاب الغصب

وهو حرام عقلاً وشرعاً. ويتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلماً، وإن كان عقاراً، ويضمن تمامه بالاستقلال، ولو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة. ولو اختلفت فبتلك النسبة، ويضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، وكذا إذا تلفت تحت يده، ولو غصب الحامل ضمن الحمل.

(مسألة 688) : لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الإتلاف إليه، وإلا فيضمن.

(مسألة 689) : لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء فإن رجع على الأول رجع الأول على الثاني وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.

(مسألة 690) : إذا استولى على حرّ فتلف عنده فلا ضمان على المستولي، وإن كان الحرّ صغيراً إلا أن يكون تلفه مستنداً إليه.

(مسألة 691) : إذا منع حُرّاً عن عمله لم يضمن إلا إذا كان أجيراً خاصاً لغيره فيضمن لمن استأجره. ولو كان أجيراً له لزمته الأجرة. ولو استعمل الحرّ فعليه أجرة عمله.

(مسألة 692) : لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما، وكذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما. فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه أما بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

ص: 159

(مسألة 693) : لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما فصاحب الدار ضامن إذا كان عالماً بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه، وتركه حتى انهدم فأصاب عيناً فأتلفها. وكذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه. وضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً ،وبجهل مالكه إن كان من الأموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار ،أو ربط حيواناً هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

(مسألة 694) : ضمان الإنسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته.

(مسألة 695) : لو فتح باباً فسرق غيره المتاع ضمن السارق.

(مسألة 696) : لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شانها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.

(مسألة 697) : يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الاستتار ،وكذا يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح.

(مسألة 698) : يجب ردّ المغصوب. فإن تعيب ضمن الأرش. فإن تعذر الرد ضمن مثله. ولو لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الغصب والأحوط التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى يوم أدائه.

(مسألة 699) : لو أعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء.

ص: 160

(مسألة 700) : لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها. ولو زادت الصفة فنقصت ضمنها وعليه رد العين وقيمة تلك الزيادة، ولو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.

(مسألة 701) : لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدّر كالجب فعليه دية الجناية، ولو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك. وإن كانت مستندة إلى فعل الغاصب. نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها وعليه أرش النقصان لو نقصت العين، وليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.

(مسألة 702) : لو غصب عبداً وجنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة على قول وفيه تأمل.

(مسألة 703) : لو امتزج المغصوب بجنسه فإن كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته، وإن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته، وله أن يطالب الغاصب ببدل ماله، وكذا لو كان المزج بغير جنسه ولم يتميز كامتزاج الخل بالعسل ونحو ذلك.

(مسألة 704) : لو اشترى شيئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن على الغاصب ربما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله، أو كان له فيه نفع، ولو كان عالماً فلا رجوع بشيء مما غرم للمالك.

(مسألة 705) : لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له وعليه الأجرة للمالك. والقول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين وتعذر البينة.

(مسألة 706) : يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً. وإذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك، ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

ص: 161

(مسألة 707) : إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه وصرف مالاً في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين، إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

(مسألة 708) : إذا وقع في يده مال الغاصب جاز له أخذه مقاصة ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.

(مسألة 709) : لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب وغيره، كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره

(مسألة 710) : إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله وكان بها استيفاء حقه ولا يبعد جواز بيعها أجمع واستيفاء دينه من الثمن، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

(مسألة 711) : لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب لم تجز المقاصة منه.

(مسألة 712) : لو أخذ مالاً من البائع للمعاينة أو يبقى عنده بحيث لو وقع نظره عليه أن يشتري منه فتلف عنده قبل الشراء فهو ضامن.

(مسألة 713) : لو غصب غنماً وكان هزيلاً ولكن في مدة ما بقي عنده سمن وتلف عند الغاصب لا بد من إعطاء قيمة يوم السمن.

(مسألة 714) : لو خلط شعيره بالحنطة المغصوبة وفرض إمكان إفرازهما ولو مع المشقة، فلا بدّ من ذلك وردّ الحنطة إلى صاحبه.

ص: 162

كتاب إحياء الموات

المراد بالموات : الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها، إما لعدم المقتضي لإحيائها، وإما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها، أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.

(مسألة 715) : الموات على نوعين :

1-الموات بالأصل وهي ما لم يعلم بعروض الحياة عليها، أو علم عدمه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.

2- الموات بالعارض وهي ما عرض عليها الخراب والموَتان بعد الحياة والعمران.

(مسألة 716) : يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل والظاهر أنه يملك بها من دون فرق بين كون المحيى مسلماً أو كافراً.

(مسألة 717) : الموات بالعارض على أقسام :

الأول : ما لا يكون لها مالك وذلك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد، بل ولا اسم ولا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.

الثاني : ما يكون لها مالك مجهول لم يعرف شخصه.

الثالث : ما يكون له مالك معلوم.

ص: 163

أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل ولا يجري عليه حكم المجهول المالك.

وأما القسم الثاني ففي جواز إحيائه والقيام بعمارته وعدمه وجهان :

المشهور هو الأول، ولكن الأحوط فيه الفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك، فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون ويصرف ثمنه على الفقراء، وإما أن يستأجره منه باجرة معينة أو بقدر ما هو أجرة مثله ويتصدق بها على الفقراء. هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، وأما إذا علم به جاز إحياؤه وتملكه بلا حاجة إلى الإذن أصلاً.

وأما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه. وإن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتاً للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه أو أنه كان عازماً على إحيائه وإنما أخر ذلك لانتظار وقت صالح له، أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الإحياء ونحو ذلك فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد، والتصرف فيه بدون إذن مالكه.

وأما إذا علم أن إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به، وأنه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء وليس له انتزاعه من يد المحيي. وإن كان الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه إليه ولا يتصرف فيه بدون إذنه.

وأما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره والتصرف فيه بدون إذنه، ولو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه أجرته لمالكه على الأحوط.

ص: 164

(مسألة 718) : كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد أهلها، كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

(مسألة 719) : الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها المَوَتان والخراب على أقسام :

1- ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً وأنها وقف خاص، أو عام أو أنها وقف على الجهات أو على أقوام.

2- ما علم أنها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.

3- ما علم أنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.

4- ما علم أنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم، كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً

5- ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.

6- ما علم إجمالاً بأن مالكها قد وقفها، ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة، أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.

أما القسم الأول : والثاني فالظاهر أنه لا إشكال في جواز إحيائهما لكل أحد، ويملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.

وأما القسم الثالث: فالمشهور جواز إحيائه ولكنه لا يخلو من إشكال. فالأحوط لمن يقوم بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو

ص: 165

وكيله ويدفع أجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر وله أن يشتريه منه أو يستأجره بأجرة معينة وكذلك الحال في القسم الرابع.

وأما القسم الخامس: فيجب على من أحياه وعمّره أجرة مثله ويصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها ويدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم ويجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.

وأما السادس: فيجب على من يقوم بعمارته وإحيائه أجرة مثله ويجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية، كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم ومن المتولي لتلك الجهة إن كان، وإلا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله وإذا لم يجز الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.

(مسألة 720) : من أحيى أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء وحريم كل شيء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به. ولا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

(مسألة 721) : حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار ومطرح ترابها ورمادها ومصب مائها وثلوجها وما شاكل ذلك.

(مسألة 722) : حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.

(مسألة 723) : حريم النهر مقدار مطرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

ص: 166

(مسألة 724) : حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.

(مسألة 725) : حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.

(مسألة 726) : حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل مائها والطرق المسلوكة منها وإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما شاكل ذلك.

كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج. وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها، وقلتها وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك، وليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

(مسألة 727) : حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها ويكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ونحو ذلك.

(مسألة 728) : الأراضي المنسوبة إلى طوائف العرب والعجم وغيرهم لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون تملكهم لها بالإحياء باقية على إباحتها الأصلية. فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها، ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن ينتفع بها وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة، فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة.

ص: 167

نعم لو كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.

(مسألة 729) : للبئر حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماماً أو بعضاً، أو منع جريانه من عروقها. وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

(مسألة 730) : للعين والقناة أيضاً حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين عين وعين أخرى، وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع، وفي الأرض الرخوة ألف ذراع.

ولكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث أن الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد وليس تعبدياً.

وعليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالأولى وينقص ماؤها مع هذا البعد. فالظاهر عدم جواز إحداثها ولا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر، أو يرضى به مالك الأولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى.

ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه. فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالأولى فكذلك في الثاني.

كما أن الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر أخرى كذلك.

وكذلك إحداث نهر قرب آخر وليس لمالك الأول منعه إلا إذا استلزم ضرراً فعندئذ يجوز منعه.

ص: 168

(مسألة 731) : يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أخرى فقط.

(مسألة 732) : إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد. وإن كانت بقرب العامر ولا تختص بمن يملك العامر ولا أولوية له.

(مسألة 733) : الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم. سواء أكان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك وإنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

(مسألة 734) : لا حريم للأملاك المتجاورة مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين، وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

(مسألة 735) : يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضرراً على جاره، وإلا فالظاهر عدم جوازه، كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللاً في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئراً بقرب بئر جاره فأوجب نقصان مائها.

والظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى، وأن يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الأولى. نعم لا مانع من تعلية البناء وإن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء .

ص: 169

(مسألة 736) : إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره ولم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه. ولو تصرف وجب عليه رفعه.

هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، وأما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ وعدمه وجهان والاحتياط في ترك التصرف لا يترك.

كما أن الأحوط إن لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستنداً إليه عرفاً مثلاً لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها إلا إذا كان فيه ضرر على المالك وعندئذ ففي وجوب طمها وعدمه إشكال والاحتياط لا يترك.

نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة.

(مسألة 737) : من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها ملكها، ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه، وخروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.

(مسألة 738) : قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة إيذائهم. وقد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس وأن حرمته كحرمة أمه، وفي بعضها الآخر أن حسن الجوار يزيد في الرزق، ويعمّر الديار ويزيد في الأعمال، وفي الثالث : من كف أذاه عن جاره أقال الله عثرته يوم القيامة، وفي الرابع : ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره وغيرها مما أكد في الوصية بالجار وتشديد الأمر فيه.

ص: 170

(مسألة 739) : يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة. ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع. وإلا فالظاهر عدم جوازه.

(مسألة 740) : لو تداعيا جداراً لا بد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما مع نكول الآخر. ولو حلفا أو نكلا فهو لهما ولو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.

(مسألة 741) : إذا اختلف مالك العلو ومالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت، وقول مالك العلو في السقف وجدران الغرفة والدرجة، وأما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل وطريق العلو في الصحن بينهما والباقي للأسفل.

(مسألة 742) : يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه. فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي.

(مسألة 743) : راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها، ومالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع واليمين وعدم البينة.

(مسألة 744) : يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره. ولو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها. ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من أبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة، بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

ص: 171

(مسألة 745) : لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة، وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها. وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

(مسألة 746) : التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية ولا يفيد الملكية، ولكن مع ذلك فالظاهر عدم جواز نقل ما تعلق به بما هو كذلك لأنه غير مملوك فكيف يكون قابلاً للنقل بالبيع، بل له أخذ المال تجاه رفع يده.

(مسألة 747) : يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن المحجر من القيام بعمارته وإحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجّره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه.

(مسألة 748) : لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه، لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

(مسألة 749) : لو حجّر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.

(مسألة 750) : لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة، بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستئجار وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير.

(مسألة 751) : إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.

(مسألة 752) : إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه. وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال.

ص: 172

(مسألة 753) : اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير. فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال. فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين: أما الإحياء أو رفع يده عنه. نعم إذا أبدى عذراً مقبولاً يمهل بمقدار زوال عذره. فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحوه فهو، وإلا بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه. وإذا لم يكن الحاكم موجوداً فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يُعدُّ عرفاً تعطيلاً له. والأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 754) : الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك، بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته. فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها، ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها، فهي مباحة للجميع.

(مسألة 755) : لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك. ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار وما شاكلها. وعليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين ويدور مداره وجوداً وعدماً.وعند الشك في حصوله يحكم بعدمه.

(مسألة 756) : الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه.

ص: 173

ص: 174

كتاب المشتركات

المراد بالمشتركات : الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والربط والمياه والمعادن.

(مسألة 757) : الطرق على قسمين: نافذ وغير نافذ، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام والناس فيه شرع سواء، ولا يجوز التصرف لأحد فيه بإحياء أو نحوه، ولا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار ونحو ذلك، وإن لم يكن مضراً بالمارة.

وأما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر ونحوه فلا إشكال في جوازه لكونها من مصالحه ومرافقه.

وكذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه وسقفه. كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك.والضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضراً بالمارة جائز.

(مسألة 758) : لو أحدث جناحاً على الشارع العام، ثم انهدم أو هُدم فإن كان من قصده تجديده ثانياً، فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء. وإن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.

(مسألة 759) : الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة، وهو المسمى بالسكة المرفوعة والدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط داره إليه، وهو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، وحكمه حكم سائر

ص: 175

الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين. نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول.

(مسألة 760) : لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذن أربابها. نعم له فتح ثقبة وشبّاك إليها وأما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة، فلا يخلو عن إشكال

(مسألة 761) : يجوز لكل من أصحاب الدريبة الجلوس فيها والاستطراق والتردد منها إلى داره بنفسه وعائلته ودوابه، وكل ما يتعلق بشؤونه من دون إذن باقي الشركاء، وإن كان فيهم القصر، ومن دون رعاية المساواة معهم.

(مسألة 762) : يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك، ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين، وليس لأحد منعه عن ذلك وإزعاجه، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين ونحو ذلك.

(مسألة 763) : إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقه، وإن كان لحرفة ونحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه، او انه لا ينوي العود بطل حقه أيضاً. فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه.

وإن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناوياً للعود فعندئذ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه. وإن لم يبق منه شيء فبقاء حقه لا يخلو عن إشكال والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد، وأما إذا كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا إشكال في أن الثاني أحق به من الأول.

(مسألة 764) : يتحقق الشارع العام بأمور :

ص: 176

الأول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات.

الثاني : جعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائمياً لسلوك عامة الناس، فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقاً وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث : إحياء جماعة أرضاً مواتاً وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والمساكن.

(مسألة 765) : لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر، واستطرقها الناس حتى أصبحت جادة، فلا يجب على الملاّك توسيعها وإن تضيقت على المارة.

وكذا الحال فيما لو سبّل شخص في وسط ملكه او من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس.

(مسألة 766) : إذا كان الشارع العام واقعاً بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع. وعليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه.

نعم لو أحيى شخص من أحد طرفيه، ثم أحيى آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول.

(مسألة 767) : إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع، زال حكمه، بل ارتفع موضوعه وعنوانه وعليه فيجوز لكل أحد إحياؤه.

ص: 177

(مسألة 768) : إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلاً فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها وتملكه. وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً للحاجة لكثرة المارة، فلا يجوز ذلك أيضاً وإلا فلا مانع منه.

(مسألة 769) : يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد وجميع المسلمين فيه شرع سواء، ولا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الاخر سابقاً عليه، لكنالظاهر تقدم الصلاة على غيرها، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقاً عليه، كما إذا كان جالساً فيه لقراءة القرآن أو الدعاء او التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحاً منه، فلو اختار المصلي مكاناً مشغولاً بغير الصلاة ولو اقتراحاً، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة وإن كان سابقاً عليه بعدما كانت الأولوية للمصلي على الإطلاق.

(مسألة 770) : من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه وإزعاجه، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجماعة إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، ولا يكون منّاعاً للخير.

(مسألة 771) : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه، ولو عاد إليه وقد اخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه. وأما إذا كان ناوياً للعود فان بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال، وإن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال. فالأحوط مراعاة حقه، ولا سيما إذا كان خروجه لضرورة، كتجديد الطهارة أو نحوه.

(مسألة 772) : في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال والاحتياط لا يترك. هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل ومجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان، وإلا فلا أثر له، وجاز لغيره رفعه والصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه.

ص: 178

وهل أنه يضمنه برفعه أم لا ؟ وجهان الظاهر عدم الضمان، إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه.

(مسألة 773) : المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الأحكام

(مسألة 774) : جواز السكنى في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان لكيفية وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أوالعجم، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلاً، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها.

واما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة وسكنها فهو أحق بها، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلاً، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة.

(مسألة 775) : إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة كأن لا يكون معيلاً، أو يكون مشغولاً بالتدريس أو بالتحصيل، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها.والضابط أن حق السكنى - حدوثاً وبقاء - تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءاً.

(مسألة 776) : لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين او أكثر وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر كالسفر إلى الحج أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف.

ص: 179

نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه.

(مسألة 777) : إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة إو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر ولو بات فيه بطل حقه.

(مسألة 778) : لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدّة لسكنى طالب واحد.

(مسألة 779) : الربط وهي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر.

(مسألة 780) : مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات وما شاكلهما، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج، وكذا العيون المتفجرة من الجبال او في أراضي الموات وغير ذلك من المشتركات.

(مسألة 781) : كل ما جرى بنفسه او اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية. فمن حازه بإناء أو غيره ملكه من دون فرق بين المسلم والكافر في ذلك.

(مسألة 782) : مياه الآبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها، ملك للحافر، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها.

(مسألة 783) : إذا شق نهراً من ماء مباح سواء أكان بحفرة في أرض مملوكة له، أو بحفرة في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء.

(مسألة 784) : إذا كان النهر لأشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء

ص: 180

بالسوية، وإن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منها.

(مسألة 785) : الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين.وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي مقدار شاء، جاز له ذلك.

(مسألة 786) : إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر فإن تراضوا بالتناوب والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلاً ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته.

فإن كانت حصة أحدهم سدساً والآخر ثلثاً والثالث نصفاً، فلصاحب السدس ثقب واحد، ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة.

(مسألة 787) : القسمة بحسب الأجزاء لازمة. والظاهر أنها قسمة إجبار، فإن طلبها أحد الشركاء أُجبر الممتنع منهم عليها.

وأما القسمة بالمهاياة والتناوب، فهي ليست لازمة، فيجوز لكل واحد منهم الرجوع عنها. نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.

(مسألة 788) : إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد او نهر أو نحو ذلك، كان للجميع حق السقي منه، وليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين.

ص: 181

وعندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، وإلا قدّم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان عُلم السابق، وإلا قدم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع، وإلا قدم الأسبق فالأسبق أي: من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر.

وهكذا إن كان هناك سابق ولاحق. وإلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه، ثم ما يليه وهكذا.

(مسألة 789) : تنقية النهر المشترك وإصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم، وأما إذا لم يقدم عليها إلا البعض لم يجبر الممتنع.

كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم بالتماس منه وتعهده ببذل حصته.

(مسألة 790) : إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر وغيره، وكان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الإحياء والتعمير ،وبذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته.

(مسألة 791) : يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل، وفي الزرع إلى الشراك، ثم كذلك لمن هو دونه، وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه، وكذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها. وليس لأحد أن يحمي المرعى ويمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكاً له فيجوز له أن يحيمه حينئذ.

ص: 182

(مسألة 792) : المعادن على نوعين :

الأول : المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والمومياء والفيروزج وما شاكل ذلك.

الثاني : المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل وذلك كالذهب والفضة.

(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئاً ملك قليلاً كان او كثيراً، وبقي الباقي على الاشتراك.

و(أما الثانية) فهي تُملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها : واما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

(مسألة 793) : إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله وعطّله أجبره الحاكم او وكيله على إتمام العمل او رفع يده عنه. ولو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثم يلزمه على أحد الأمرين.

(مسألة 794) : المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفاً من توابع الأرض وملحقاتها، وأما إذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها او ما شاكلها، فلا تتبع الأرض ولا تملك بإحيائها.

(مسألة 795) : لو قال المالك اعمل ولك نصف الخارج من المعدن فإن كان بعنوان الإجارة بطل، ولا بأس بعنوان الجعالة لأنه لايظر الجهل في ذلك بمقدار الجعل.

ص: 183

ص: 184

كتاب الدَّيْن والقرض

اشارة

(مسألة 796) : لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالاً إلى أحد بقصد القرض وأخذه المدفوع له بهذا القصد صح القرض.

(مسألة 797) : يكره الدين مع القدرة، ولو استدان، وجبت نية القضاء والإقراض أفضل من الصدقة.

(مسألة 798) : يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً، فلو كان ديناً او منفعة لم يصح القرض. نعم يصح إقراض الكلي في المعين كإقراض درهم من درهمين خارجيين.

(مسألة 799) : يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه، فلا يصح إقراض الخمر والخنزير ولا يعتبر فيه تعيين مقداره وأوصافه وخصوصياته التي تختلف المالية باختلافها، سواء أكان مثلياً أو قيمياً. نعم على المقترض تحصيل العلم بمقداره واوصافه مقدمة لأدائه وهذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض.

(مسألة 800) : يعتبر في القرض القبض، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلا بعد قبضه.

(مسألة 801) : إذا كان المال المقترض مثلياً كالحنطة والشعير والذهب والفضة ونحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، وعليه أداء المثل سواء أبقى على سعره وقت الأداء أو زاد او تنزل، وليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة. نعم يجوز الأداء بها مع التراضي. والعبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء. وإذا كان قيمياً ثبتت في ذمته قيمته وقت القرض.

ص: 185

(مسألة 802) : إذا أقرض إنسان عيناً، وقبضها المقترض، فرجع المقرض وطالب بالعين لا تجب إعادة العين على المقترض. وإن إستحب للمقترض دفع نفس العين إذا كان موجوداً.

(مسألة 803) : لا يتأجل الدين الحال إلا باشتراطه في ضمن عقد لازم، ويصح تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه، ولا يصح تأجيل الحال بإضافة شيء.

(مسألة 804) : ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي وقت كان إذا كان الدين حالاً، وأما إذا كان مؤجلاً فكلذلك بعد حلوله. واما قبل حلوله فهل للدائن حق الامتناع من قبوله فيه وجهان : الظاهر أنه ليس له ذلك إلا إذا علم من الخارج أن التأجيل حق للدائن أيضاً.

(مسألة 805) : يحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض، لكن الظاهر أن القرض لا يبطل بذلك، بل يبطل الشرط فقط، ويحرم أخذ الزيادة، فلو أخذالحنطة مثلاً بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله، وكذا الحال فيما إذا أخذ مالاً بالقرض الربوي، ثم اشترى به ثوباً. نعم لو اشترى شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرف فيه.

(مسألة 806) : لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض وغيره، فلو قال : أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً، او تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يصح، وكذا إذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو نحو ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه يحرم، ويجوز قبولها مطلقاً من غير شرط، كما يجوز اشتراط ما هو واجب على المقترض، مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالاً لازم الأداء، وكذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال، مثل أن تدعو لي او تدعو لزيد أو تصلي أنت او تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض او المقترض وغيرهما، فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال ولم يكن ثابتاً بغير القرض، فيجوز شرط غير ذلك، ولو شرط موضع التسليم

ص: 186

لزم، وكذا إذا اشترط الرهن، ولو شرط تأجيله في عقد لازم صح ولزم الأجل، بل الظاهر جواز اشتراط الأجل في عقد القرض نفسه، فلا يحق للدائن حينئذ المطالبة قبله.

(مسألة 807) : لو أقرضه شيئاً وشرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته أو يؤجره بأقل من أجرته دخل في شرط الزيادة، فلا يجوز.وأما إذا باع المقترض المقرض شيئاً بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئاً بأكثر من قيمته وشرط عليه أن يقرضه مبلغاً من المال جاز ولم يدخل في القرض الربوي.

(مسألة 808) : يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض في قرض المثلى أن يؤديه من غير جنسه، بأن يؤدي الدراهم دنانير وبالعكس ويلزم عليه هذا الشرط إذا كانا متساويين في القيمة، أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه.

(مسألة 809) : إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض

وأما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له.

(مسألة 810) : يجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر عليه. ولو ببيع سلعته ومتاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه او استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه او إجارة أملاكه. وأما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله والأداء منه ؟ الأحوط ذلك. نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه، وثيابه المحتاج إليها ولو للتجمل، وخادمه ونحو ذلك، مما يحتاج إليه ولو بحسب حاله وشؤونه. والضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله وشرفه، وكان بحيث لولاه لوقع في عسر وشدة أو حزازة ومنقصة. ولا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد والمتعدد، فلو كانت عنده دور متعددة واحتاج إلى كل منها لسكناه ولو بحسب حاله وشرفه لم يبع شيئاً منها، وكذا الحال في الخادم ونحوه. نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه وجب عليه بيع

ص: 187

الزائد. ثم إن المقصود من كون الدار ونحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبرعلى بيعها لأدائه ولا يجب عليه ذلك. وأما لو رضي هو بذلك وقضى به دينه جاز للدائن أخذه. وإن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.

(مسألة 811) : لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلاً ولكنها كافية لسكناه، وله دار مملوكة، فإن لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة أيّة حزازة ومنقصة، فالأحوط بل الظهر أن عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه.

(مسألة 812) : لو كانت عنده بضاعة او عقار زائدة على مستثنيات الدين، ولكنها لا تباع إلا بأقل من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه. نعم إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة ولا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.

(مسألة 813) : يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواء أكان حياً او كان ميتاً وتبرأ ذمته، ولا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه، بل وإن منعه المدين عن ذلك.

(مسألة 814) : لا يتعين الدين فيما عينه المدين، وإنما يتعين بقبض الدائن فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، وتبقى ذمته مشغولة به.

(مسألة 815) : إذا مات المدين حل الأجل، ويخرج الدين من أصل ماله، وإذا مات الدائن بقي الأجل على حاله، وليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل. وعلى هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلاً، ومات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته. وهذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل، وهل يلحق بموت الزوج طلاقه ؟ فيه وجهان، الظاهر هو الإلحاق لانصراف اشتراط التأجيل إلى جواز التأخير مع بقاء الزوجية.

ص: 188

(مسألة 816) : لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس، فلو كانت عليه ديون حالة ومؤجلة، قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة ولا يشاركهم أرباب الديون المؤجلة.

(مسألة 817) : لو غاب الدائن وانقطع خبره ،وجب على المستدين نية القضاء والوصية به عند الوفاة، فإن جهل خبره ومضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه إلى ورثته، ومع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم يتصدق به عنهم. ويجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين، وإن لم يقطع بموته، اما جواز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته ولو فحص عنه في هذه المدة ففيه إشكال.

(مسألة 818) : لا تجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص عدة، كما إذا افترضنا انهما باعا مالاً مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما ديناً على أشخاص ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما، وما في ذمة الباقي لآخر لم تصح، ويبقى الدين على الاشتراك السابقبينهما. نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز لأحدهما أن يستوفي حصته منه ويتعين الباقي في حصة الآخر وهذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شيء.

(مسألة 819) : تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً بل عليه الصبر والنظرة إلى الميسرة.

(مسألة 820) : إذا اقترض دنانير مثلاً، ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار وجاءت بدنانير أخرى غيرها، كانت عليه الدنانير الأولى. نعم إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب (اسكنساس) ثم أسقطت عن الاعتبار، لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الإسقاط.

ص: 189

(مسألة 821) : يصح بيع الدين بمال موجود وإن كان أقل منه إذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربوياً، ولا يصح بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل العقد. ولا فرق في المنع بين كونهما حالين ومؤجلين ومختلفين. ولو صار ديناً بالعقد بطل في المؤجلين على الأحوط وصح في غيرهما، ولو كان أحدهما ديناً قبل العقد والآخر ديناً بعد العقد صح إلا في بيع المسلم فيه قبل حلوله، فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً ويجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله ومن بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم.

(مسألة 822) : يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات. ولو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن وليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فإن فعل ضمن العين فيرد ما أخذ ولو تلفت ففي ذمته مثله او قيمته، ولو أذن المولى له لزمه دون المملوك وإن أعتق، وغريم المملوك أحد غرماء المولى، ولو أذن له في التجارة فاستدان لها ألزم المولى مع إطلاق الإذن وإلا تبع به بعد العتق.

(مسألة 823) : يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد، ولم يكن مما يكال أو يوزن بلا فرق بين أن يكون التحويل بأقل مما دفعه أو أكثر.

(مسألة 824) : ما أخذه بالربا في القرض وكان جاهلاً، سواء أكان جهله بالحكم أو بالموضوع، ثم علم بالحال، فإن تاب، فما أخذه له وعليه أن يترك فيما بعد.

(مسألة 825) : إذا ورث مالاً فيه الربا، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شيء،وإن كان معلوماً ومعروفاً وعرف صاحبه رده إليه،وإن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.

ص: 190

خاتمة

إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة منهم لما فيه من قضاء حاجة المؤمن وكشف كربته. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربه يوم القيامة. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض اخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء حسنات وإن رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب ومن شكا إليه أخوه المسلم ولم يقرضه حرّم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين، وعن أبي عبد الله (عليه السلام): ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه، وعنه (عليه السلام) أيضاً : مكتوب على باب الجنة، الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر، إلى غير ذلك من الروايات.

ص: 191

ص: 192

كتاب الرَّهْن

ولا بد فيه من الإيجاب والقبول من أهله، ولا يعتبر في الإيجاب والقبول التلفظ، بل يتحققان بالفعل أيضاً. وفي اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.

(مسألة 826) : يشترط في الرهن أن يكون المرهون عيناً مملوكة يمكن قبضها ويصح بيعها وأن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عيناً كان أو منفعة.

(مسألة 827) : يتوقف رهن غير المملوك للراهن على إجازة مالكه، ولو ضم مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.

(مسألة 828) : يلزم الرهن من جهة الراهن.

(مسألة 829) : رهن الحامل ليس رهناً للحمل وإن تجدد.

(مسألة 830) : فوائد الرهن للمالك والرهن على أحد الدينين ليس رهناً على الآخر، ولو استدان من الدائن ديناً آخر وجعل الرهن على الأول رهناً عليهما صح.

(مسألة 831) : يجوز للولي أن يرهن مال المولّى عليه مع مصلحته.

(مسألة 832) : المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن ولا بأس بتصرف الراهن في المرهون تصرفاً لا ينافي حق الرهانة، ولا يجوز له التصرف المنافي من دون إذن المرتهن وتقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري وجهله في شروط العوضين.

ص: 193

(مسألة 833) : لو شرط المرتهن في عقد استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض، أو في تأجيل الدين صح، وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة، وإذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة وإن برئت ذمة الراهن من الدين.

(مسألة 834) : لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حياً.

(مسألة 835) : لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقه منها لزمت الوصية. وليس للوارث إلزامه برد العين واستيفاء دينه من مال آخر.

(مسألة 836) : حق الرهانة موروث فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.

(مسألة 837) : المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي، ويضمن معه لمثله إن كان مثلياً وإلا فلقيمته يوم التعدي، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التفريط، وقول الراهن في قدر الدين.

(مسألة 838) : المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً، ولو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه.

(مسألة 839) : لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن وعليه الأجرة.

(مسألة 840) : لو أذن الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن إلا بإذن الراهن حتى بعد الأجل. وإذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن الاستيفاء بلا إذن، كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ وامتنع من وفاء

ص: 194

الدين جاز للمرتهن البيع والاستيفاء بلا إذن والأحوط مراجعة الحاكم الشرعي إن أمكن.

(مسألة 841) : لو كان الرهن على الدين المؤجل وكان مما يفسد قبل الأجل كالأثمار فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن، وإلاّ لزم بيعه ويجعل ثمنه رهناً، فإن باعه الراهن أو وكيله فهو، وإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله، ومع فقده باعه المرتهن.

(مسألة 842) : لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن ولا بينة له جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.

(مسألة 843) : إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة وادعاء الآخر الرهن. هذا إذا لم يكن الدين ثابتاً وإلا فالقول قول مدعي الرهن.

ص: 195

ص: 196

كتاب الحجر

وأسبابه أمور :

(الأول) : الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ ويعلم بنبت الشعر الخشن على العانة، أو الاحتلام، أو إكمال خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في الأنثى، والصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته. فلا يصح منه البيع والشراء في الذمة، ولا الاقتراض وإن صادف مدة الاداء من البلوغ، وكذا لا ينفذ منه التزويج والطلاق ولا إجارة نفسه، ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة والمزارعة ونحو ذلك.

(الثاني) : الجنون، فلا يصح تصرفه إلا في أوقات إفاقته.

(الثالث) : السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته ويختص الحجر بأمواله على المشهور.ويُعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات وتقع أفعاله على الوجه الملائم. ولا يزول الحجر مع فقد الرُشد وإن طعن في السن، ويثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، وفي النساء بشهادة الرجال وكذلك بشهادتهن على إشكال.

(الرابع) : الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه. ولو ملّكه مولاه شيئاً ملكه على الأصح وكذا غيره إذا كان بإذن المولى.

(الخامس) : الفَلَس، ويحجر على المُفَلَّس بشروط أربعة : ثبوت ديونه عند الحاكم، وحلولها، وقصور أمواله عنها، ومطالبة أربابها الحجر. وإذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم إجازة الديان ما دام الحجر باقياً.

ص: 197

(مسألة 844) : لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض والبائع الغرماء. ولو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء، وكذا لو أقر بدين سابق أو بعين.

(مسألة 845) : للمفلس إجازة بيع الخيار وفي جواز فسخه إشكال.

(مسألة 846) : من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها مما لا يصلح للانفصال تبعها وما يصلح لذلك كالصوف والثمرة ونحوهما ففيه إشكال. والأظهر عدم التبعية.

(مسألة 847) : من وجد عين ماله وقد خلطها المفلس بجنسها فله عين ماله مطلقاً، وإن كان بالأجود وكذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(مسألة 848) : لا يختص الدائن بعين ماله إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.

(مسألة 849) : يخرج الحب والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.

(مسألة 850) : للشفيع أخذ الشقص ويضرب البائع مع الغرماء، وإذا كان في التركة عين زكوية قُدِّمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس، وإذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

(مسألة 851) : لو أفلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد، وأما قبله ففيه إشكال, والجواز أظهر.

(مسألة 852) : لا يحل مطالبة المعسر ولا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته، وكان عسراً عليه، ولا بيع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا عبد خدمته، ولا غيره مما يعسر عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.

ص: 198

(مسألة 853) : لا يحل بالحجر الدين المؤجل ولو مات من عليه الدين حل ولا يحل بموت صاحبه.

(مسألة 854) : ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة، وعلى عياله. ولو مات قدم الكفن وغيره من واجبات التجهيز.

(مسألة 855) : يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط. ولو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت وشاركهم، ومع القسمة يطلق ويزول الحجر بالأداء.

(مسألة 856) : الولاية في مال الطفل والمجنون والسفيه إذا بلغا كذلك للأب والجد له، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصياً في ذلك فإن فقد فللحاكم. وفي مال السفيه والمجنون اللذين عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية للحاكم خاصة وفيه إشكال.

ص: 199

ص: 200

كتاب الضمان

الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.

(مسألة 857) : يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن، والقبول من المضمون له بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين، ورضا الثاني بذلك

(مسألة 858) : الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فالتعليق لا يخلو عن إشكال. نعم لا تبعد صحة الضمان إذا كان تعهد الضامن للدين فعلياً، ولكن علق أداءه على عدم أداء المضمون عنه، فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المدين.

(مسألة 859) : يعتبر في الضامن والمضمون له البلوغ والعقل والاختيار وعدم السفه، وعدم التفليس أيضاً في خصوص المضمون له واما في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك. فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

(مسألة 860) : إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون عنه إذا كان الضمان بطلبه وإلا لم يرجع.

(مسألة 861) : إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته، ولا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، وإذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه، ولا يرجع إلى المضمون عنه بذلك المقدار. وإذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلا بذلك المقدار دون الزائد، وكذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له. والضابط أن

ص: 201

الضامن لا يطالب المضمون عنه إلا بما خسر دون الزائد. ومنه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

(مسألة 862) : عقد الضمان لازم، فلا يجوز للضامن فسخه ولا للمضمون له.

(مسألة 863) : يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن والمضمون له بالاشتراط أو بغيره، بل الأظهر عدمه.

(مسألة 864) : إذا كان الدين حالاً وضمنه الضامن مؤجلاً

فيكون الأجل للضمان لا للدين، فلو أسقط الضامن الأجل وأدى الدين حالاً، فله مطالبة المضمون عنه كذلك، وكذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.

(مسألة 865) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص كذلك، ثم أسقط الأجل وأدى الدين حالاً، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل، وكذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالاً، ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

(مسألة 866) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص حالاً بإذن المضمون عنه، وأدى الدين، فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

(مسألة 867) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه بأقل من اجله، كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً، وضمنه بمدة شهر وأداهُ بعد هذه المدة وقبل حلول الأجل، فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، وهو أجل الدين. وإذا ضمنه بأكثر من أجله، ثم أسقط الزائد وأداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء المدة الزائدة.

ص: 202

(مسألة 868) : إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خُمْساً أو زكاة بإجازة من الحاكم الشرعي، أو صدقة، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها، وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمته

(مسألة 869) : يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه.

(مسألة 870) : إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان.

(مسألة 871) : إذا ضمن شخصان مثلاً عن واحد، فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما، وعلى الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامناً على نحو تعاقب الأيدي. وعليه فإذا أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الآخر وفيه إشكال، بل الأظهر البطلان.

(مسألة 872) : إذا كان مديوناً لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين، ولا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين، وكذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح، وإن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.

(مسألة 873) : إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم. ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلاً أم لا.

(مسألة 874) : إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

ص: 203

(مسألة 875) : إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان ويخرج المال المضمون من أصل تركته، سواء أكان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.

(مسألة 876) : يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية وأما ضمانه لنفقاتها الآتية، ففي صحته إشكال. وأما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا إشكال.

(مسألة 877) : يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة الضامن فعلاً، وأثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة، وردّ بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها. ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير ،أو ظهر بطلان البيع من جهة أخرى. والضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.

(مسألة 878) : في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال.

(مسألة 879) : إذا قال شخص لآخر إلْقِ متاعك في البحر وعليّ ضمانه، فألقاه ضمنه، سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أخرى من خفتها أو نحوها، وهكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير ،أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

(مسألة 880) : إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان، كما إذا ادعى المديون الضمان وأنكره الدائن، فالقول قول الدائن، وهكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين، وأنكره المضمون له في بعضه.

(مسألة 881) : إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر.وإذا اعترف بالضمان واختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان

ص: 204

الدين مؤجلاً، فالقول قول الضامن، وإذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالاً، أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

(مسألة 882) : إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن وعدمه أو في وفاء الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شيء على المضمون عنه، قدم قول المضمون عنه.

(مسألة 883) : إذا أنكر المدعى عليه الضمان، ولكن استوفى المضمون له الحق منه بإقامة بينة، فليس له مطالبة المضمون عنه لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

(مسألة 884) : إذا ادعى الضامن الوفاء. وأنكر المضمون له وحلف، فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدِّقه في ذلك.

(مسألة 885) : يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو ويضمن بكر عن زيد وهكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير وتشتغل ذمته للدائن. فإذا أداه رجع به إلى سابقه وهو إلى سابقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول. هذا إذا كان الضمانبإذن المضمون عنه وإلا فلا رجوع عليه فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو وكان ضمان بكر بإذن زيد وأدى بكر الدين رجع به إلى زيد ولا يرجع زيد إلى عمرو.

ص: 205

ص: 206

كتاب الحوالة

الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه.

(مسألة 886) : يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل والقبول من المحال بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.

(مسألة 887) : يشترط في المحيل والمحال البلوغ والعقل والرشد ،كما يعتبر فيهما عدم التفليس إلا في الحوالة على البريء، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً أو سفيهاً، ويعتبر في المحيل والمحال الاختيار، وفي اعتباره في المحال عليه إشكال. والأظهر عدم الاعتبار إلا في الحوالة على البريء أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه واختياره.

(مسألة 888) : يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل، فلا تصح الحوالة فيما إذا لم يكن ثابتاً في ذمة المحيل إلا مع قبوله كما أنه لا تصح الحوالة إلى شخص لم يكن مديناً إذا أراد الاستقراض إلا بعد الاستقراض.

(مسألة 889) : يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به مُعيّناً، فإذا كان شخص مديناً لآخر بمنٍّ من الحنطة ودينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 890) : يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعاً، وإن لم يعلم المحيل والمحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة. فإذا كان الدين مسجلاً في الدفتر، فحوله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه وأخبر المحال بجنسه ومقداره صحت الحوالة.

ص: 207

(مسألة 891) : للمحال أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيراً ولا مماطلاً في أداء الحوالة.

(مسألة 892) : لا يجوز للمحال عليه البريء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل أدائه إلى المحال، وإذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن يأخذ من المحيل إلا الأقل.

(مسألة 893) : لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل، أو منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب ونحوها، بل ولو مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة والقراءة وغير ذلك، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البريء أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.

(مسألة 894) : الحوالة عقد لازم، فليس للمحيل والمحال فسخه. نعم لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة، وكان المحال جاهلاً به، جاز له الفسخ بعد علمه بالحالوإن صار غنياً فعلاً. وأما إذا كان حين الحوالة موسراً أو كان المحال عالماً بإعساره، فليس له الفسخ.

(مسألة 895) : يجوز جعل الخيار لكل من المحيل والمحال والمحال عليه.

(مسألة 896) : لو أدى المحيل نفسه الدين، فإذا كان بطلب من المحال عليه وكان مديناً، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. وأما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مديناً له، فليس له ذلك.

(مسألة 897) : إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته، وكذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.

(مسألة 898) : إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه، وادعى المحيل أن له عليه مالاً وأنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على براءته.

ص: 208

(مسألة 899) : تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على مكاتبه، سواء أكانت قبل حلول النجم أو بعده وبها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه، وتشتغل ذمته للمحال، ولا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه مدين لمولاه.

(مسألة 900) : إذا كان للمكاتب دين على أجنبي. فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة، فقبلها صحت الحوالة. وينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.

(مسألة 901) : إذا اختلف الدائن والمدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة. فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة سواء أكان هو الدائن أو المدين.

(مسألة 902) : إذا كان له على زيد دنانير وعليه لعمرو دراهم فأحال عمراً على زيد بالدنانير، فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا عمرو به ثم إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، وإن كان المراد إحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول الحوالة، كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب القبول بل هو من قبيل الحوالة على البريء.

ص: 209

ص: 210

كتاب الكفالة

الكفالة هي التعهد بإحضار المدين وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.

(مسألة 903) : تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده والتزامه، والقبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.

(مسألة 904) : يعتبر في الكفيل العقل والبلوغ والاختيار والقدرة على إحضار المدين، وعدم السفه، ولا يشترط في الدائن البلوغ والرشد والعقل والاختيار، فتصح الكفالة للصبي والسفيه والمجنون إذا قبلها الولي.

(مسألة 905) : تصح الكفالة بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال.

(مسألة 906) : إذا كان المال ثابتاً في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة. وأما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلاً، ولكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة وكالعوض في عقد السبق والرماية وما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال، والصحة أقرب.

(مسألة 907) : الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة، أو بجعل الخيار له.

(مسألة 908) : إذا لم يحضر الكفيل المكفول، فأخذ المكفول له المال من الكفيل، فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة ولا في الأداء فليس للكفيل الرجوع عليه والمطالبة بما أداه. وإذا أذن في الكفالة والأداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن يرجع عليه، وإن أذن له في الكفالة دون الأداء، فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. وإن كان غير متمكن من إحضاره عند طلب المكفول له ذلك.

ص: 211

(مسألة 909) : يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، ولم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به.

(مسألة 910) : إذا كان المكفول غائباً واحتاج حمله إلى مؤنة

فالظاهر أنها على الكفيل، إلا إذا كان صرفها بإذن من المكفول.

(مسألة 911) : إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره ببيع أو صلح أو حوالة، أو هبة، بطلت الكفالة.

(مسألة 912) : إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو حيلة بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، وإلا فيضمن عنه دينه، ويجب عليه تأديته له.

(مسألة 913) : ينحل عقد الكفالة بأمور : (الأول) - أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له (الثاني) - أن يؤدي دينه (الثالث) - ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين (الرابع) - ما إذا مات المدين (الخامس) - ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.

ص: 212

كتاب الصُلح

الصلح عقد شرعي للتراضي والتسالم بين شخصين في أمر : من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجاناً، أو بعوض.

(مسألة 914) : الصلح عقد مستقل ولا يرجع إلى سائر العقود وإن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض وفائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض، وفائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، وفائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين.

(مسألة 915) : إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء أكان مع العوض أو بدونه. وكذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل للانتقال، كحقي التحجير والاختصاص وإذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه. وكذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط وغير قابل للنقل والانتقال، كحق الشفعة ونحوه. وأما ما لايقبل الانتقال ولا الإسقاط، فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 916) : يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماؤه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر والمخرج من داره أوبستانه، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه، أو على أن تكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، وغير ذلك. ولا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.

(مسألة 917) : يجري الفضولي في الصلح، كما يجري في البيع ونحوه

ص: 213

(مسألة 918) : لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف، كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين، ولا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً وما إذا لم يكن متعذراً.

(مسألة 919) : يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر، حتى مع إنكار المدعى عليه، ويسقط بهذا الصلح حق الدعوى، وكذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، ولكن هذا قطع للنزاع ظاهراً ولا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، وذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثم تصالحا على النصف، فهذا الصلح وإن أثر في سقوط الدعوى، ولكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه، ويبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر، إلا أنه إذا كان المنكر معذوراً في اعتقاده لم يكن عليه إثم. نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.

(مسألة 920) : لو قال المدعى عليه للمدعي صالحني : لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار والإنكار. وأما لو قال بعني أو ملكني، كان إقراراً.

(مسألة 921) : يعتبر في المتصالحين البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر لسفه أو غيره.

(مسألة 922) : يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة.

(مسألة 923) : لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلاً، ويتصرف في لبنها ويعطي مقداراً معيناً من الدهن مثلاً صحت

ص: 214

المصالحة، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الإجارة.

(مسألة 924) : لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول. وأما المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.

(مسألة 925) : لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة، حتى لو علم بمقدار الدين أيضاً.

(مسألة 926) : لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما يكال أو يوزن. مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط وكذا مع احتمال الزيادة.

(مسألة 927) : لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. وأما إذا كانا من المكيل أو الموزون أومن جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.

(مسألة 928) : يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقداً. هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون وأما في غير ذلك، فيجوز البيع والصلح بالأقل من المديون وغيره. وعليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر لأن الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

ص: 215

(مسألة 929) : عقد الصلح لازم في نفسه حتى فيما إذا كان بلا عوض وكانت فائدته فائدة الهبة ولا ينفسخ إلا بتراضي المتصالحين بالفسخ، أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.

(مسألة 930) : لا يجري خيار الحيوان ولا خيار المجلس ولا خيار التأخير في الصلح إلا إذا أدخلناه في البيع. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة. وأما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.

(مسألة 931) : لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ. وأما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ففيه إشكال.

(مسألة 932) : لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح، ولزم الوفاء بالشرط.

(مسألة 933) : الأثمار والخضر والزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها في عام واحد من دون ضميمة وإن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.

(مسألة 934) : إذا كان لأحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهماً مثلاً وللآخر سلعة تسوى بثلاثين واشتبهتا ولم تتميز إحداهما عن الأخرى فإن تصالحا على أن يختار إحداهما فلا إشكال. وإن تشاجرا بيعت السلعتان وقسّم الثمن بينهما بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان وللآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان المقصود لكل من المالكين المالية، وأما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته وماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.

ص: 216

كتاب الإقرار

وهو إخبار عن حق ثابت على المخبر أو نفي حق له على غيره ولا يختص بلفظ، بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفاً ولو لم يكن صريحاً، وكذا تكفي الإشارة المعلومة.

(مسألة 935) : لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداء واستفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الألتزامية كان نافذاً أيضاً فإذا قال : الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد كان ذلك إقراراً منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً وهو يدعي انتقالها منه إليه ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر : بِعْنيهِ، فإن ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له.

(مسألة 936) : يعتبر في المقرّ به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه ومطالبته به وذلك بأن يكون المقر به مالاً في ذمته، أو عيناً خارجية أو منفعة، أو عملاً أو حقاً كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره، أو نصب الميزاب على سطح داره وما شاكل ذلك وأما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له، كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 937) : إذا أقر بشيء ثم عقّبه بما يضاده وينافيه فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال : لزيد عليّ عشرون ديناراً ثم قال : لا بل عشرة دنانير ألزم بالعشرين. وأما إذا لم يكن رجوعاً، بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلا بما يستفاد من مجموع الكلام. فلو

ص: 217

قال : لزيد عليّ عشرون ديناراً إلا خمسة دنانير كان هذا إقراراً على خمسة عشر ديناراً فقط ولا ينفذ إقراره إلا بهذا المقدار.

(مسألة 938) : يشترط في المقر التكليف والحرية فلا ينفذ إقرار الصبي والمجنون ولا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقاً ولو كان مما يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً. وأما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالاً كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه. وينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر.

(مسألة 939) : يشترط في المقر له أهلية التملك ولو أقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر.

(مسألة 940) : لو قال : له عليّ مال، ألزم به فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.

(مسألة 941) : لو قال : هذا لفلان بل لفلان كان للأول وغرم القيمة للثاني، وإذا اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد ومع التعدد إلى تفسيره.

(مسألة 942) : لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف ولو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل ولم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل ولو أقر بالمردد بين الأقل والأكثر ثبت الأقل.

(مسألة 943) : لو أبهم المقر له فإن عيّن قُبِل، ولو ادعاه الآخر كانا خصمين وللآخر على المقر اليمين على عدم العلم إن ادعى عليه العلم.

(مسألة 944) : لو أبهم المُقَر به ثم عيّن أو عيّنه من الأول وأنكره المقر له فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار ولا يطالب المقر بشيء وإن كان عيناً خارجية، قيل: أن للحاكم انتزاعها من يده ولكن الأظهر عدمه.

ص: 218

(مسألة 945) : لو ادعى البائع المواطاة على الإشهاد وأنه لم يقبض الثمن كان عليه إقامة البينة عليها، أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن

(مسألة 946) : إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك، نفذ إقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث ونحو ذلك. وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد صغيراً وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه فيثبت بذلك النَسَب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات. وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلا مع تصديق الآخر، فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب وإن صدقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والاحتياط لا يترك وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك.

(مسألة 947) : لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه، ولو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل، ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار ،ولكن تبقى الدعوى قائمة بينهما ولو أقر بأولى منه في الميراث ثم أقر بأولى من المقر له أولاً كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولاً دفع إلى الثاني وإلا فإلى الأول ويغرم للثاني.

(مسألة 948) : لو أقر الولد بآخر ثم أقر بثالث وأنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف وللثاني السدس، ولو كانا معلومي النسب لا يتلفت إلى إنكاره وكذلك الحكم إذا كان للميت ولدان وأقر أحدهما له بثالث وأنكره الآخر فإن نصف التركة حينئذ للمنكر وثلثها للمقر وللمقر له السدس. وإذا كانت للميت زوجة واخوة مثلاً وأقرت الزوجة بولد له فإن صدقتها الاخوة كان ثمن التركة

ص: 219

للزوجة والباقي للولد، وإن لم تصدقها أخذت الاخوة ثلاثة أرباع التركة وأخذت الزوجة ثمنها والباقي وهو الثمن للمقر له.

(مسألة 949) : يثبت النسب بشهادة عدلين ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة رجل ويمين، ولو شهد الأخوان بابن للميت وكانا عدلين كان أولى منهما ويثبتالنسب، ولو كانا فاسقين لم يثبت النسب ويثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث، وإلا كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما.

ص: 220

كتاب الوكالة

ولا بد فيها من الإيجاب والقبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ولا يعتبر فيها اتصال القبول بالإيجاب كما لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة ويصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.

(مسألة 950) : الوكالة جائزة من الطرفين ولكن يعتبر في عزل الموكل له إعلامه به، فلو عزله فلا يجوز له التصرف ولو تصرف قبل علمه به صح تصرفه.

تبطل الوكالة بالموت وتلف متعلقها، وفعل الموكل نفسه كما أنها تبطل بجنون الموكل وبإغمائه حال جنونه وإغمائه، وفي بطلانها مطلقاً حتى بعد رجوع العقل والإفاقة إشكال.

(مسألة 951) : تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه مباشرة، ويعلم ذلك ببناء العرف والمتشرعة عليه.

(مسألة 952) : الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي حتى في تخصيص السوق إلا إذا علم أنه ذكره من باب أحد الأفراد.

(مسألة 953) : لو عمّم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقاً إلا في الإقرار.نعم إذا قال أنت وكيلي في أن تقر عليّ بكذا لزيد مثلاً كان هذا إقراراً منه لزيد به.

(مسألة 954) : الإطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالاً بثمن المثل بنقد البلد وابتياع الصحيح وتسليم المبيع وتسليم الثمن بالشراء والرد بالعيب.

ص: 221

(مسألة 955) : وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض وكذلك العكس.

(مسألة 956) : يشترط أهلية التصرف في الوكيل والموكل، فيصح توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشراً، ويجوز أن يكون الصغير وكيلاً ولو بدون إذن وليه.

(مسألة 957) : لو وكل العبد بإذن مولاه صح.

(مسألة 958) : ليس للوكيل أو يوكل غيره بغير إذن الموكل.

(مسألة 959) : للحاكم التوكيل عن السفهاء والبله.

(مسألة 960) : يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم.

(مسألة 961) : لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور ولكن الأظهر الجواز.

(مسألة 962) : لا يضمن الوكيل إلا بتعدٍ أو تفريط، ولا تبطل وكالته به.

(مسألة 963) : القول قول الوكيل مع اليمين وعدم البيّنة في عدم التعدي والتفريط. وكذلك في العزل والعلم به والتصرف، وفي قبول قوله الرد إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 964) : لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله إلا إذا كان متهماً فيطالب بالبينة.

(مسألة 965) : القول قول منكر الوكالة، وقول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في البيع بثمن معين فإن وجدت العين استعيدت وإن فقدت أو تعذرت فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثلياً.

ص: 222

(مسألة 966) : لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر لها، وعلى الموكل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجية طلاقها ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلقها بعد أمره الزوج بالإنفاق عليها وامتناعه.

(مسألة 967) : لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف إلا إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.

(مسألة 968) : لا تثبت الوكالة عند الاختلاف إلا بشاهدين عدلين.

(مسألة 969) : لو أخّر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن.

(مسألة 970) : الوكيل المفوض إليه بحكم المالك يرجع عليه البائع ويرجع عليه المشتري بالمثمن، وترد عليه العين بالفسخ بعيب ونحوه ويؤخذ منه العوض.

(مسألة 971) : يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلاً شرعاً إذا كان تابعاً لما يتمكن منه كما إذا وكله في شراء دار له وبيعها أو وكله في شراء عبد وعتقه أو في تزويج امرأة وطلاقها ونحو ذلك، وأما التوكيل فيه استقلالاً بأن يوكله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها، أو في طلاق امرأة يتزوجها بعد حين ونحو ذلك ففي صحته إشكال. والأقرب الصحة ويجوز التوكيل في القبض والإقباض في موارد لزومهما كما في القرض والرهن وبيع الصرف وفي موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد ووكل عمرواً في قبض الثمن. فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل ولا يعتبر في صحة التوكيل حينئذ قدرة الموكل على القبض خارجاً، فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أو يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.

ص: 223

(مسألة 972) : تصح الوكالة في حيازة المباحات فإذا وكل أحداً في حيازتها وقد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكاً للموكل دون الوكيل.

(مسألة 973) : إذا وكل شخصاً لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته والمرافعة معه لإثبات الحق عليه إلا إذا كان وكيلاً في ذلك أيضاً.

(مسألة 974) : لا بأس بجعل جعلٍ للوكيل، ولكنه إنما يستحق الجعل بالإتيان بالعمل الموكل فيه. فلو وكله في البيع أو الشراء وجعل له جعلاً لم يكن للوكيل أن يطالب به إلا بعد إتمام العمل. نعم له المطالبة به قبل حصول القبض والاقباض.

(مسألة 975) : لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل الأداء بطلت الوكالة وليس للوكيل مطالبة الورثة. نعم إذا كانت الوكالة عامة وشاملة لأخذ الدين ولو من الورثة لم تبطل الوكالة وكان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.

ص: 224

كتاب الهبة

وهي تمليك عين مجاناً من دون عوض وهي عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول ويكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية، ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.

(مسألة 976) : يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك.

(مسألة 977) : تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد عن الثلث، كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 978) : تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، ولا تبعد أيضاً صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه، ويكون قبضه بقبض مصداقه. ولو وهبه ما في ذمته كان إبراءاً.

(مسألة 979) : يشترط في صحة الهبة القبض ولا بد فيه من إذن الواهب إلا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد، ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير. ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له وإذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 980) : للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً. أما لو جُنَّ بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم على المشهور

ص: 225

وفيه إشكال، ولو وهب شخص لأحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 981) : يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية ورفع الواهب يده عن الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 982) : ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض إن كانت لذي رحم أو بعد التلف أو مع التعويض. وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف، والأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، وله الرجوع في غير ذلك فإن عاب فلا أرش وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له وإن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول والسمن وبلوغالثمرة ونحوها فهي تتبع الموهوب وإن كانت قابلة للانفصال كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال والأظهر عدمها وإن الزيادة للموهوب له، بعد رجوع الواهب أيضاً.

(مسألة 983) : في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة إشكال الأقرب عدمه.

(مسألة 984) : لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلى ورثة الواهب.

(مسألة 985) : لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.

(مسألة 986) : لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب له فيصح الرجوع مع جهله أيضاً.

ص: 226

(مسألة 987) : في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 988) : في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 989) : لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضاً

(مسألة 990) : العوض المشروط إن كان معيناً تعين وإن كان مطلقاً أجزأ اليسير، إلا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.

(مسألة 991) : لا يشترط في العوض أن يكون عيناً بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شيء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.

ص: 227

ص: 228

كتاب الوَصِيَّة

اشارة

وهي قسمان :

1- تمليكية : بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلاً بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.

2-عهدية : بأن يأمر بالتصرف بشيء يتعلق به من بدن او مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحدٌ أو يستناب عنه في الصوم والصلاة من ماله أو يوقف ماله، أو يباع أو نحو ذلك، فإن وَجَّهَ أمره إلى شخص معين فقد جعله وصياً عنه وجعل له ولاية التصرف، وإن لم يوجه أمره إلى شخص معين ولم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني او نحو ذلك فلم يجعل له وصياً معيناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي.

(مسألة 992) : الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول سواء جعل له وصياً أم لم يجعل.

وأما الوصية التمليكية فكما إذا قال : هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه.

(مسألة 993) : تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنية وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.

ص: 229

وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء والإعلام بها على الأقوى إلا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به.

وأما أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلاّ إذا خاف عدم أداء الوارث.

ويجب الإيصاء به والإشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء وإلا لم يجب، ومثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها وإن لم يخف الموت.

(مسألة 994) : يكفي في تحقق الوصية كل ما دلّ عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا قيل لههل أوصيت ؟ فقال : لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البيّنة ولم يعتد بخبره.

نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه.

وكذا الحكم لو قال نعم وقامت البيّنة على عدم الوصية منه، فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة، وإن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء وتحققت الوصية.

(مسألة 995) : المشهور أن ردّ الموصى له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها إذا كان الردّ بعد الموت ولم يسبق بقبوله، ولكنه لا يخلو من إشكال أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له، وكذا الرد حال الحياة.

ص: 230

(مسألة 996) : لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما ورد الآخر صحت فيما قبل وبطلت فيما ردّ على إشكال، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه ورد في البعض الآخر.

(مسألة 997) : لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الرد والقبول وليس لهم إجباره على الاختيار معجلاً.

(مسألة 998) : إذا مات الموصى له قبل قبوله ورده قام وارثه مقامه في ذلك فله القبول أو الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته، ولا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته.

(مسألة 999) :الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديوانه ووصاياه ولا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً وترث قيمته إن كان نخلاً او بناءاً وأما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له. وفي كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي.

وأما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال، والانتقال أظهر.

(مسألة 1000) : إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلاً فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه إشكال والجريان أظهر.

(مسألة 1001) : يشترط في الموصي أمور :

ص: 231

(الأول) : البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشراً وكان قد عقل وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف لأرحامه. وفي نفوذ وصيته لغير أرحامه إشكال.(الثاني) : العقل، فلا تصح وصية المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثم جنّ أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيته. وفي اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.

(الثالث) : الاختيار، فلا تصح وصية المكره.

(الرابع) : الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلا أن يجيز مولاه. ولا فرق بين أن تكون في ماله و أن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، وإذا أوصى ثم انعتق وأجازها فالأقوى عدم الصحة. نعم لو علقها على الحرية صحت.

(الخامس) : أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحت، وكذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد، بل كان خطأ أو سهواً او كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله، وكذا إذا عوفي ثم أوصى، بل الظاهر الصحة أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات.

(مسألة 1002) : إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته وإن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

(مسألة 1003) : تصح الوصية من كل من الأب والجد بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصح مع وجوده.

ص: 232

(مسألة 1004) : لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.

(مسألة 1005) : لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنه جعل أمره إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجد مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما. نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إيّاه صح.

وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.

(مسألة 1006) : يجوز أن يجعل الأب والجد الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.

(مسألة 1007) : إذا قال الموصي لشخص : أنت وليّ وقيم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم، والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.

(مسألة 1008) : إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الأخرى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1009) : يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال والأحوط الترك.

ص: 233

فصل في الموصى به

(مسألة 1010) : يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به سواء أكان عيناً موجودة أو معدومة إذا كانت متوقعة الوجود، كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة، أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير ونحوه، لا مثل حق القذف ونحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.

(مسألة 1011) : إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب، أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كُسِّرت صح

(مسألة 1012) : يشترط في الموصى به أن لا يكون زائداً على الثلث فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلا مع إجازة الوارث. وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر وإذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره.

(مسألة 1013) : لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة. وفي الاجتزاء بها حال الحياة قولان: أقواهما الأول.

(مسألة 1014) : ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته، كما لا أثر للردّ إذا لحقته الإجازة.

(مسألة 1015) : لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته، ولا بين كون الوارث غنياً وفقيراً.

(مسألة 1016) : لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث الذي جعله الشارع له. فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.

ص: 234

(مسألة 1017) : إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشيء وقصد كونه من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً وإلا بطلت.

(مسألة 1018) : إذا أوصى بعين وقصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال : فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو ،وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة وإلا صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.

(مسألة 1019) : إذا أوصى بعين ولم يوصِ بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

(مسألة 1020) : إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية.

فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.

(مسألة 1021) : إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها او لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلا إذا أجاز الورثة.

(مسألة 1022) : إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة.

ص: 235

أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال. وإن كان الأقوى الأول إلا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير.فإذا تبدّلت أعيانها لم يجب إخراج شيء، أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد.

وكذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذٍ على القدر المتيقن وهو الأقل.

(مسألة 1023) : يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شيء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.

(مسألة 1024) : إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها تساوي الثلث نفذت الوصية فيها بتمامها.

(مسألة 1025) : إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.

(مسألة 1026) : إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته او تبرع متبرع في ادائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.

(مسألة 1027) : لا بدّ في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.

(مسألة 1028) : إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين وإذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث.

ص: 236

وإذا لم يحصل منه شيء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلا مع رضا الورثة.

(مسألة 1029) : الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوصِ بها الموصي وهي: الأموال التي اشتغلت بها ذمته، مثل المال الذي اقترضه، والمبيع الذي باعه سلفاً وثمن ما اشتراه نسيئة، وعوض المضمونات، وأروش الجنايات ونحوها، ومنها الخمس والزكاة والمظالم، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر إنها لا تخرج من الأصل.

(مسألة 1030) : إذا تلف من التركة شيء بعد موت الموصي وجب، إخراج الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه، وكذا إذا غصب بعض التركة.

(مسألة 1031) : إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين، لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته، بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه

ثم إذا وفىّ غيره تمام الدين، فإن كان بإذن الحاكم الشرعي، رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته، وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال، وإن كان الأظهر الجواز.

(مسألة 1032) : الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل، وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.

(مسألة 1033) : إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة، كان العمل على الثانية وتكون ناسخة للأولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد، ثم أوصى بها لعمرو، أعطيت لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد، ثم أوصى به لعمرو.

(مسألة 1034) : إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو، كان الثلث بينهما على السوية.

ص: 237

(مسألة 1035) : إذا أوصى بعين شخصية لزيد، ثم أوصى بنصفها لعمرو، كانت الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.

(مسألة 1036) : إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.

(مسألة 1037) : إذا كانت الوصايا كلها واجبات، لا تخرج من الأصل كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث، فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة، أخرجت جميعها، وإن لم يجز الورثة، ورد النقص على الجميع بالنسبة سواءأكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد أخرى كما إذا قال : أعطوا عني صوم عشرين شهراً وصلاة عشرين سنة، أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي.

فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة، فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع، وإن لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث.

وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة، فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة، وجب إخراج الجميع وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.

(مسألة 1038) : إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة، بعضها واجب يخرج من الأصل، وبعضها واجب لا يخرج من الأصل، كما إذا قال : أعطوا عني ستين ديناراً : عشرين ديناراً زكاة وعشرين ديناراً صلاة وعشرين ديناراً صوماً، فإن وسعها الثلث، أخرج الجميع وكذلك إن لم يسعها وأجاز الورثة.

ص: 238

أما إذا لم يسعها ولم يجز الورثة، فيقسم الثلث على الجميع وما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.

فإن كان الميت قد ترك مائة دينار، يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثم يخرج ثلثه ثلاثون ديناراً، فيوزع على الزكاة والصلاة والصوم.

وكذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً، يخرج من الأصل وبعضها تبرعية.

نعم إذا لم يمكن التتميم من التركة، تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.

(مسألة 1039) : إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل، وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يجزها الورثة، ففي تقديم الواجب على غيره إشكال وكلام. والأظهر هو التقديم.

(مسألة 1040) : المراد من الوصية التبرعية: الوصية بما لا يكون واجباً عليه في حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال : فرسي لزيد بعد وفاتي، أم عهدية كما إذا قال : تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.

(مسألة 1041) : إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية،يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث ولهم الثلثان، فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.

(مسألة 1042) : إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات، يكون الثلث باقياً على ملكه، فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزعاً عليه وعلى بقية الورثة، وإن حصل النماء كان له منه الثلث

ص: 239

(مسألة 1043) : إذا عين ثلثه في عين معينة تعين، كما عرفت. فإذا حصل منها نماء، كان النماء له وحده، وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه بقية الورثة.

(مسألة 1044) : إذا أوصى بثلثه مشاعاً، ثم أوصى بشيء آخر معيناً،كما إذا قال : أنفقوا عليّ ثلثي وأعطوا فرسي لزيد، وجب إخراج ثلثه من غير الفرس وتصح وصيته بثلث الفرس لزيد. وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدم.

وإذا كان الشيء الآخر غير معين، كما إذا قال أنفقوا عليّ ثلثي وأعطوا زيداً مائة دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة، فإن أجازوها في الكل، صحت في تمامها، وإن أجازوها في البعض، صحت في بعضها وإن لم يجيزوا منها شيئاً، بطلت في جميعها، ونحوها إذا قال : أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثاً آخر من مالي لعمرو، فإنه تصح وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلا بإجازة الورثة.

أما إذا قال : أعطوا ثلثي لزيد ثم قال : أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولى كما عرفت، والمدار على ما يفهم من الكلام.

(مسألة 1045) : لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبيع ونشر كتب الضلال بطلت الوصية.

(مسألة 1046) : إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية، وإذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.

(مسألة 1047) : إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث، فلم يُجز ذلك البعضُ لم يصح.

ص: 240

نعم إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره. فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي زيد اثنين وأعطي الآخر أربعة.

وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي أخوه السدس وأعطي زيد الثلث وأعطي ولده الآخر النصف.

(مسألة 1048) : إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح وإن أجازها زيد، وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.

(مسألة 1049) : قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم والمتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1050) : إذا دفع إنسان إلى آخر مالاً وقال له إذا مت فأنفقه عني، ولم يعلم أنه اكثر من الثلث أو أقل أو مساو له أو علم أنه أكثر واحتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل أنه كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.

(مسألة 1051) : إذا اوصى بشيء لزيد وتردد بين الأقل والأكثر، اقتصر على الأقل، وإذا تردد بين المتباينين عُيِّنَ بالقرعة.

فصل في الموصى له

(مسألة 1052) : الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل مثل أن يوصي بإعطاء شيء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية ولا حين موت الموصي، فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فإن ولدوا بعد ذلك أعطي لهم وإلا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي.

ص: 241

(مسألة 1053) : الوصية التمليكية لا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي.

(مسألة 1054) : لو أوصى لحمل فإن ولد حياً ملك الموصى به وإلا بطلت الوصية ورجع المال إلى ورثة الموصي.

(مسألة 1055) : تصح الوصية للذمي ولمملوكه وأم ولده ومدبره ومكاتبه، وأمّا للحربي فمحلّ تأمل بل منع.

(مسألة 1056) : لا تصح الوصية لمملوك غيره قناً كان أو غيره وإن أجاز مولاه إلا إذا كان مكاتباً مطلقاً وقد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه.

(مسألة 1057) : إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته اعتق ولا شيء له.

وإذا كان اكثر من قيمته اُعتق وأعطي الزائد، وإن كان أقل منها اعتق واستسعى في الزائد سواء أكان ما أوصى به بقدر نصف قيمته أم اكثر أم أقل.

(مسألة 1058) : إذا أوصى لجماعة ذكوراً أوإناثاً، أو ذكوراً وإناثاً بمال اشتركوا فيه على السوية إلا أن تكون قرينة على التفضيل.

(مسألة 1059) : إذا أوصى لأبنائه وبناته، أو لأعمامه وعماته أو أخواله وخالاته، أو أعمامه وأخواله فإن الحكم في الجميع التسوية، إلا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة.

فصل في الوصي

(مسألة 1060) : يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه

ويقال له : الوصي، ويشترط فيه أمور :

ص: 242

(الأول) : البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً، ولكنه لا يخلو عن إشكال. نعم الأحوط أن يكون تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي.

أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي. فالأظهر صحة الوصية، وتجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي، لكن في الصورة الأولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي.

(الثاني) : العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أكان مطبقاً أم أدواريا.ً وإذا أوصى إليه في حال العقل ثم جُنَّ بطلت الوصاية إليه، وإذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر وأما إذا نصّ الموصي على عودها فلا إشكال.

(الثالث) : الإسلام، إذا كان الموصي مسلماً.

(مسألة 1061) : الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي، بل يكفي فيه الوثوق والأمانة.

هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة والتصرف في مال الأيتام ونحو ذلك.

أما ما يرجع إلى نفسه، كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات والقربات، ففي اعتبار الوثوق به إشكال.

(مسألة 1062) : إذا ارتد الوصي، بطلت وصايته بناء على اعتبار الإسلام في الوصي، ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها.

ص: 243

(مسألة 1063) : إذا اوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية، وإن لم يظهر من القرينة التقيد بالعدالة لم تبطل، وكذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.

(مسألة 1064) : لا تجوز الوصية إلى المملوك إلا بإذن سيده أو معلّقة على حريته.

(مسألة 1065) : تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة والأعمى والوارث.

(مسألة 1066) : إذا أوصى إلى صبي وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم اليه آخر.

(مسألة 1067) : يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى نحو الاستقلال.

فإذا نص على الأول، فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به ولا في بعضه.

وإذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه من الوصاية من موت ونحوه، ضم الحاكم آخر إلى الآخر، وإن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال وأيهما سبق نفذ تصرفه، وإن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين، بأن باع أحدهما على زيد والآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية.

وإذا سقط أحدهما عن الوصاية، انفرد الآخر ولم يضم إليه الحاكم آخر. وإذا أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال : وصيي فلان وفلان، فإذا

ص: 244

ماتا كان الوصي فلاناً، فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي، ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر، وكذا الحكم في ولاية الوقف.

(مسألة 1068) : إذا قال زيد وصيي، فإن مات فعمرو وصيي صح، ويكونان وصيين مترتبين، وكذا يصح إذا قال وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.

(مسألة 1069) : يجوز أن يوصي إلى وصيين أو اكثر ويجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.

(مسألة 1070) : إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما، فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك، وإن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه، وإن كان لكل منهما مانع شرعي لا يجبرهما الحاكم على الانضمام.

(مسألة 1071) : إذا قال أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلاناً إن استمر على طلب العلم مثلاً،صح وكان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم، فإن إنصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.

(مسألة 1072) : إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية، ضم إليه الحاكم من يساعده، وإذا ظهرت منه الخيانة، ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة، فإن لم يمكن ذلك عزله ونصب غيره.

(مسألة 1073) : إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصى اليه

به، نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه.وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.

ص: 245

(مسألة 1074) : ليس للوصي أو يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصي إليه به إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في الإيصاء إلى غيره.

(مسألة 1075) : الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ويكفي في الضمان حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال، بل الأظهر العدم.

(مسألة 1076) : إذا عين الموصي للوصي عملاً خاصاً أو قدراً خاصاً أو كيفية خاصة، وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً، وإذا أطلق له التصرف بأن قال له : أخرج ثلثي وأنفقه. عمل بنظره ولا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء وإن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف ويختلف ذلك باختلاف الأموات، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، وربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية وربما يكون الأصلح أداء حق بعينه إحتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك.

هذا إذا لم يكن من الامور المتعارفة ويكون قرينة على تعيين مصرف بعينه وإلا كان عليها العمل.

(مسألة 1077) : إذا قال أنت وصيي ولم يعين شيئاً ولم يعرف المراد منه وإنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شؤون أخرى كان لغواً، إلا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد، كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصى في إخراج الثلث وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له ورد الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها.

ص: 246

نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال والأحوط أن لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلا بإذن منه.

(مسألة 1078) : يجوز للموصى إليه أن يردّ الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضاً، ولا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أو لم يقبلها.

(مسألة 1079) : الرد السابق على الوصية لا أثر له، فلو قال زيد لعمرو : لا أقبل أن توصي إلي، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردها بعد ذلك.

(مسألة 1080) : لو أوصى إلى أحد فردّ الوصية، فأوصى إليه ثانياً ولم يردّها ثانياً لجهله بها ففي لزومها له قول والأقوى عدم اللزوم.

(مسألة 1081) : إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الأمور الموصى بها أصلح للميت، جاز له تفويض الأمر إليه كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات ويفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها، ويفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا.

وربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها.

وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة، بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه وأوكل تعيين المصرف كماً وكيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف وكيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه، ويفوض إليه تعيين الجهات كماً وكيفاً، كما يتعارف ذلك عند كثير من

ص: 247

الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف ولو بواسطة التفويض إلى الغير.

فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.

(مسألة 1082) : لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره بمعنى عزل نفسه عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت بجعل منه.

(مسألة 1083) : إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه أو تولى الصرف بنفسه، وكذا إذا أوصى ولم يعين وصياً أصلاً.

(مسألة 1084) : إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به وعجز عن معرفته، صرفه في وجه البر الذي اخرج بالقرعة من الوجوه المحتملة التي تكون مصرف المال الموصى به. بلا فرق بين المحصور وغيره.

(مسألة 1085) : يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي مشرفاً ومطلعاً على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلا بإطلاع الناظر وإشرافه عليه. فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي وخيانة له. وإذا عمل بإطلاعه كان مأذوناً فيه وأداء لوظيفته ولا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه ونظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيداً وكان الناظر يريد استنابة عمرو ويراها أرجح، لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد وليس للناظر الإعتراض عليه في ذلك.

نعم لو جعله ناظراً على الوصي بمعنى أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد وتجب استنابة عمرو ،ولكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.

ص: 248

والظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر - بما هو ناظر - مدافعته في كلتا الصورتين. فلو لم يدافع لم يكن ضامناً، وفي كلتا الصورتين إذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1086) : الوصية جائزة من طرف الموصي فإذا أوصى بشيء جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1087) : إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1088) : إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها وعن بعضها، كما يجوز له تبديل جميعها وتبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما.

(مسألة 1089) : إذا أوصى إلى شخص، ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات، فعمل الوصي الأول بالوصية ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث للوصي الثاني.

هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر، أما إذا كان لسبب ظاهر كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الوصي عداوة ومقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه هذا إذا علم بالعدول عنه قبل العمل بالوصية وإلا فهو مشكل.

(مسألة 1090) : يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول : رجعت عن وصيتي إلى زيد، وبالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه، ومثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها

(مسألة 1091) : لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة. فإذا أوصى ثم مات بلا فصل وجب العمل بها، وكذا إذا مات بعد مرور سنين. نعم يعتبر عدم الرجوع عنها، وإذا شك في الرجوع بنى على عدمه.

ص: 249

(مسألة 1092) : إذا قال : إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان ووصيتي كذا وكذا، فإذا لم يمت في ذلك السفر ومات في غيره لم يجب العمل بوصيته ولم يكن له وصي.

(مسألة 1093) : إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته وإن لم يمت في ذلك السفر، ولأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج ومثلهم زوار الرضا عليه السلام والمسافرون أسفاراً بعيدة فإن الظاهر أن هؤلاء وأمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر وإنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.

(مسألة 1094) : يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة، إلا إذا كان أوصى إليه بأن يعمل مجاناً كما لو صرح الموصي بذلك، او كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الأجرة حينئذ ويجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال والأقرب العدم.

هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع والشراء وأداء الديون ونحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته.

أما لو أوصى بأعمال أخرى مثل أن يوصي إلى زيد أن يحج عنه، أو يصلي عنه أو نحو ذلك، لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي. ولو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجاناً مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته.

(مسألة 1095) : إذا جعل له أجرة معينة بأن قال له : حج عني بمائة دينار كان إجارةً ووجب العمل بها وله الأجرة إذا كان قد قبل في حياته وإلا لم يجب.

ص: 250

ولو كان بأجرة غير معينة عندهما بأن قال له : حج عني بأجرة المثل ولم تكن الأجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضاً عدم وجوب العمل وجريان حكم الإجارة الفاسدة.

ولو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الأجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.

(مسألة 1096) : تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمَيْن عادِلَين، وبشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له وبشهادة مسلم عادل مع مُسلِمَتَيْنِ عادلتين كغيرها من الدعاوى المالية.

(مسألة 1097) : تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاثة مسلمات عادلات وتمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات، بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن.

(مسألة 1098) : الوصية العهدية وهي الوصاية بالولاية لا تثبت إلا بشهادة مسلمين عادلين.

(مسألة 1099) : تثبت الوصية التمليكية والعهدية بشهادة كتابيينْ عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين ولا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.

(مسألة 1100) : تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين، وإن لم يكونوا عدولاً.وإذا أقر بعضهم دون بعض، تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر. نعم إذا أقر منهم اثنان وكانا عدلين، ثبتت الوصية بتمامها، وإذا كان عدلاً واحداً، تثبت أيضاً مع يمين الموصى له.

ص: 251

(مسألة 1101) : تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم

وإذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر وينقص من حقه. نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها.

فصل في منجزات المريض

(مسألة 1102) : إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفاً منجزاً، فإن لم يكن مشتملاً على المحاباة، كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأجرة المثل فلا إشكال في صحته ولزوم العمل به.

وإذا كان مشتملاً على نوع من المحاباة والعطاء المجاني، كما إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من أجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله، فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، والقول بأنه يخرج من الثلث، فإذا زاد عليه لم ينفذ إلا بإجازة الوارث ضعيف.

(مسألة 1103) : إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره، فإن كان المقر مأموناً ومصدقاً في نفسه، نفذ الإقرار من الأصل وإن كان متهماً نفذ من الثلث.

هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت. وأما إذا كان في حال صحة أو في مرض غير مرض الموت، أخرج من الأصل وإن كان متهماً.

(مسألة 1104) : إذا قال : هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الإيقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح، وإن أجاز الورثة.

(مسألة 1105) : الإنشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين :

1- إنشاء الملك وهي الوصية التمليكية أو إنشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية.

2- إنشاء العتق وهو التدبير، ولا يصح في غيرهما من أنواع الإنشاء.

ص: 252

(مسألة 1106) : إذا قال : بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل، ولا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف، مثلاً بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته إلا إذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة ووجب العمل بها.

(مسألة 1107) : إذا قال للمدين أبرأت ذمتك بعد وفاتي، ففي إجازة الوارث بعد موته في براءة ذمة المدين إشكال.

ص: 253

ص: 254

كتاب الوقف

اشارة

وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة :

(مسألة 1108) : لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية بل لا بد من إنشاء ذلك بمثل : وقفت، وحبست ونحوهما مما يدل على المقصود.

(مسألة 1109) : الظاهر وقوعه بالمعاطاة مثل أن يعطي إلى قيّم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك.

بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمّر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته.

(مسألة 1110) : الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه وتارة لا يكون كذلك، والثاني كوقف المسجد فإن الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة وإنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص وهو عنوان المسجدية وهذا القسم لا يكون له موقوف عليه.

(مسألة 1111) : إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة فقال : وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المسجد وإنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف ويكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه وهو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة وهو على أقسام :

(الأول) : أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال : هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه

ص: 255

البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع والثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم، تجوز المعاوضة منهم عليها ويرثها وارثهم وتضمن لهم عند طروء سبب الضمان وتجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.

(الثاني) : أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته ولا تجب فيها الزكاة وإن بلغت النصاب ولا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه ولكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان وهذا القسم على نوعين :

(الأول) : أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما إذا قال : هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها، وفي مثله لا يجوز للولي تبديلها والمعاوضة عليها، بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.(الثاني) : أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ الأعمّ منها ومن بدلها كما إذا قال : هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أكان بتبديلها إلى عين أخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم.

(القسم الثالث) : أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين والرباطات والمدارس وكتب العلم والأدعية ونحوها.

وهذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم ولا من الولي، لا توارث فيه. والظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة.

نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً

ص: 256

(مسألة 1112) : الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان الاعتبار أحوط ولا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أكان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصاً مثل الوقف على أولاده، فيقبل في الأول الحاكم الشرعي وفي الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الأولى.

(مسألة 1113) : الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف ولا سيما في مثل الوقف على الذرية.

(مسألة 1114) : يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل، ولا يعتبر في القبض الفورية، والأحوط اعتبار إذن الواقف في القبض.

(مسألة 1115) : يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية مثلاً قبض الطبقة الأولى.

(مسألة 1116) : إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر، وإذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.

(مسألة 1117) : إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 1118) : يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه واستيلاء الموقوف عليهم عليه.

(مسألة 1119) : في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال ولا يبعد عدم اعتباره ولا سيما إذا كان من نية الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على حسب ما وقف.

ص: 257

(مسألة 1120) : بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة فالظاهر عدم الحاجة إلى قبض الحاكم فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها، وإذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها ويتحقق الوقف بما ذكر.

وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.

(مسألة 1121) : إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد وكذا في مثل آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.

(مسألة 1122) : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوهما فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت.

(مسألة 1123) : إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته ولم يصح في حصة الباقين.

(مسألة 1124) : الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل والأنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها وإذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) وإذا ولدت أنثى كانت (منيحة) وهكذا، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة.

وإذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضاً، لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة، لأن وقف المعدوم باطل

ص: 258

وإن خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن يكون صوفها ولبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته.

(مسألة 1125) : لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فإذا قال : داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل، والظاهر عدم صحته حبساً.

(مسألة 1126) : إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صح وقفاً فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لا حين الانقراض. فإذا مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم وابن أخيه.

(مسألة 1127) : لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً وبين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه.نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن إن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين وكونه على نحو خاص، فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق، فإذا قامت القرينة على ذلك وانقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته، بل تبقى العين وقفاً وتصرف منافعها في جهة أخرى الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1128) : إذا وقف عيناً على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان والأظهر البطلان.

(مسألة 1129) : يشترط في صحة الوقف التنجيز فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل. فإذا قال : وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، وإذا علقه على أمر حالي

ص: 259

معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول ولكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد : وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح.

(مسألة 1130) : إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده

(مسألة 1131) : يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل، وإذا قال: داري وقف علي وعلى أخي مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان عل نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثم على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً. وإن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه بطل بالنسبة إلى نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر. وإن قال: هي وقف على أخي، ثم على نفسي، ثم على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه والشخص الآخر، وكان من الوقف المنقطع الوسط.

(مسألة 1132) : إذا وقف على أولاده واشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة والكفارات المالية صح، بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1133) : إذا وقف على جيرانه واشترط عليهم أكل ضيوفه أو القيام بمؤنة أهله وأولاده حتى زوجته صح، وإذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح، بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1134) : إذا وقف عيناً له على وفاء ديونه العرفية والشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال، بل الأظهر البطلان وكذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.

ص: 260

(مسألة 1135) : إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس فله أن يُملّك العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريد من ادرار مؤنته ووفاء ديونه ونحو ذلك. ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك، كما يجوز له أن يؤجرها مدة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم، بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.

(مسألة 1136) : يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد والقناطر والمدارس ومنازل المسافرين وكتب العلم والزيارات والأدعية والآبار والعيون ونحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه، بل قصد مجرد بذل المنفعة وإباحتها للعنوان العام الشامل للواقف. أما إذا كان الوقف على الأنحاء الأُخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاماً ففي جواز مشاركة الواقف إشكال والأظهر الجواز

(مسألة 1137) : إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده وإن زاد على الثلث.

فصل في شرائط الواقف

(مسألة 1138) : يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو رقّ أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي وإن بلغ عشراً. نعم إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر والمعروف لأرحامه وكان قد بلغ عشراً وعقل نفذت وصيته كما تقدم، وإذا كان وقف الصبي بإذن الولي وكان ذا مصلحة ففي بطلانه إشكال والأظهر الصحة.

(مسألة 1139) : يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره على وجه الاستقلال والاشتراك كما يجوز له أيضاً جعل الناظر على الولي بمعنى المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر، والرأي ولا فرق في

ص: 261

المجعول له الولاية والنظارة بين العادل والفاسق. نعم إذا خان الوليّ ضم إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.

(مسألة 1140) : يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد وعدم القبول، بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضاً.

(مسألة 1141) : يجوز أن يجعل الواقف للولي والناظر مقداراً معيناً من ثمرة العين الموقفة أو منفعتها سواء أكان أقل من أجرة المثل أم أكثر أم مساوياً، فإن لم يجعل له شيئاً كانت له أجرة المثل إن كانت لعمله أجرة إلا أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.

(مسألة 1142) : إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي. نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك وكان خاصاً كانت الولاية عليه للموقوف عليه، فإذا قال : هذه الدار وقف لأولادي ومن بعدهم لأولادهم وهكذا، فالولاية عليها، ومنافعها تكون للأولاد، وإذا لم يكن الوقف خاصاً أو كان ولم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف وغيره من الأنواع فالولاية للحاكم الشرعي.

(مسألة 1143) : إذا جعل الواقف ولياً أو ناظراً على الولي فليس له عزله. نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.

(مسألة 1144) : يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص بعينه وأن يجعل الولاية لشخص ويفوض إليه تعيين من بعده.

(مسألة 1145) : إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة، وكان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي. وإن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الإجارة والتعمير وأخذ

ص: 262

العوض ودفع الخراج وجمع الحاصل وقسمته على الموقوف عليهم وغير ذلك مما يكون تحت ولاية الولي. نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك المتعارف.

(مسألة 1146) : لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى. بعد أن لم يعتبر فيه قصد القربة

فصل في شرائط العين الموقوفة

(مسألة 1147) : يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عيناً موجودة فلا يصح وقف الدين ولا وقف الكلي ولا وقف المنفعة. فإذا قال وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما، أو قال وقفت فرساً أو عبداً من دون تعيين أو قال وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.

(مسألة 1148) : يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها فلا يصح وقف الحر والمباحات الأصلية قبل حيازتها ويجوز وقف إبل الصدقة وغنمها وبقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.

(مسألة 1149) : يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة والخضر والفواكه مما لا نفع فيه إلا بإتلاف عينه، كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللاً فلا يصح وقف آلات اللهو وآلات القمار والصلبان ونحوها مما يحرم الانتفاع به ويعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر والخنزير.

(مسألة 1150) : لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال الوقف فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر وتحقق القبض بعده صح الوقف.

ص: 263

(مسألة 1151) : لا إشكال في صحة وقف الثياب والأواني والفرش والدور والبساتين والأراضي الزراعية والكتب والسلاح والحيوانات إذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر والشعر والصوف أو غير ذلك، وكذا غيرها مما له منفعة محللة ،ويجوز وقف الدراهم والدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، وأما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال.

(مسألة 1152) : المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر واللبن ونحوهما، والمنفعة الفعلية مثل الركوب والحرث والسكنى وغيرها

(مسألة 1153) : لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر ووقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.

فصل في شرائط الموقوف عليه

(مسألة 1154) : يشترط في الموقوف عليه أمور :

(الأول) : التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح. نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو أمور صح.

(الثاني) : أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصاً موجوداً حال الوقف فلا يصح الوقف على المعدوم حاله، سواء أكان موجوداً قبل ذلك كما إذا وقف على زيد الذي مات، أو يوجد بعد الوقف مثل أن يوقف على ولده الذي سيولد. وأما إذا كان حملاً لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل. نعم إذا وقف على المعدوم تبعاً للموجود كما إذا وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم وهكذا صح.

ص: 264

(مسألة 1155) : إذا وقف على أولاده الموجودين ثم على من سيوجد على أن يكون بعد وجوده مقدماً على الموجودين فالظاهر الصحة.

(الثالث) : أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا وشرب الخمر ونسخ كتب الضلال ونشرها وتدريسها وشراء آلات الملاهي ونحو ذلك.

(مسألة 1156) : يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة.

(مسألة 1157) : يجوز الوقف على المملوك قناً كان أو غيره أو كان الوقف على نحو التمليك أو الصرف.

(مسألة 1158) : إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه وما يصح على نحو التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول وصح بالنسبة إلى حصة الثاني، وإن كان على نحو الترتيب فإن كان الأول مقدماً فالأقوى بطلانه رأساً وإن كان مؤخراً كان من المنقطع الآخر فيصح فيما يصح الوقف عليه ويبطل فيما بعده.

(مسألة 1159) : إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثم على ما لا يصح الوقف عليه، ثم على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الأول ويبطل فيما بعده مطلقاً حتى في الأخير.

(مسألة 1160) : إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت ولا توجد في وقت آخر صح، وإن لم يكن له فرد حين الوقف.

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

(مسألة 1161) : إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمين، وإذا كان الواقف من الشيعة فالمراد فقراء الشيعة، وإذا كان كافراً فالمراد

ص: 265

فقراء أهل دينه، وإن كان يهودياً فالمراد فقراء اليهود، وإن كان نصرانياً فالمراد فقراء النصارى وهكذا وكذا إذا كان سنياً فالمراد فقراء السنة وإذا كان السنيون على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض فالأقوى الرجوع إلى ما هو المتعارف عندهم.

(مسألة 1162) : إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج أو الزوار أو العلماء أو مجالس العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام) أو خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب وإن كانت الأفراد محصورة. نعم إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن، وإذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم والأحوط له التفتيش والفحص.

(مسألة 1163) : إذا قال : هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري أو أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب.

(مسألة 1164) : إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره وإن أقر بالشهادتين ويعم الوقف المسلمين جميعاً الذكور والإناث والكبار والصغار.

(مسألة 1165) : إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف، فإذا كان الواقف اثني عشرياً اختص الوقف بالإثني عشرية من الإمامية ولا فرق بين الرجال والنساء والأطفال والمستضعفين ولا بين العدول والفساق وكذا إذا وقف على الشيعة. نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الأُخر من الشيعةفالظاهر من الشيعة العموم للإثني عشرية وغيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي (عليه السلام) بلا فصل.

ص: 266

(مسألة 1166) : إذا وقف في سبيل الله تعالى أو في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة وطاعة.

(مسألة 1167) : إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف. وإذا وقف على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث.

(مسألة 1168) : إذا وقف على أولاده اشترك الذكر والأنثى والخنثى. نعم إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الأنثى وكذا الحال إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده.

(مسألة 1169) : إذا وقف على اخوته اشترك الاخوة للأبوين والاخوة للأب فقط والاخوة للأم فقط بالسوية، وكذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه والأجداد لأمه. وكذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين وللأب وللأم وكذلك الأخوال، ولا يشمل الوقف على الاخوة أولادهم ولا الأخوات ولا الوقف على الأعمام والأخوال أعمام الأب والأم وأخوالهما والعمات مطلقاً والخالات كذلك.

(مسألة 1170) : إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات وإذا وقف على ذريته دخل الذكر والأنثى الصُلْبي وغيره.

(مسألة 1171) : إذا قال : هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا فالظاهر منه التشريك، وإذا قال : وقف على أولادي الأعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب، وإذا قال : وقف على أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي كونه للترتيب أو للتشريك قولان والأظهر الأول.

(مسألة 1172) : إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة، وإذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فإن كان هناك إطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك وإن لم يكن فيها إطلاق أعطي أهل المرتبة

ص: 267

المحتملة التقدم حصتهم وأقرع في الحصة المرددة بينهم وبين من بعدهم فيعطى من خرجت القرعة باسمه.

(مسألة 1173) : إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل علماء الطب والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم إلا إذا كان هو منهم ويفهم من عبارته كذلك.

وإذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين والمجاورين منهم ولا يشمل المسافرين وإن نووا إقامة مدة فيه.

(مسألة 1174) : إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه من تعمير وفرش وسراج وكنس ونحو ذلك من مصالحه وفي جواز إعطاء شيء من النماء لإمام الجماعة إشكال، إلا أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه حينئذ.

(مسألة 1175) : إذا وقف على الحسين (ع) صرف في إقامة عزائه مع بذل الطعام فيه وبدونه والأحوط إهداء ثواب ذلك إليه (ع) ولا فرق بين إقامة مجلس للعزاء وأن يعطى الذاكر لعزائه (ع) في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.

(مسألة 1176) : إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في مصالحهم الأخروية من الصدقات عنهم وفعل الخيرات لهم، وإذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضاً في إفراغ ذمتهم.

(مسألة 1177) : إذا وقف على النبي (ص) والأئمة (ع) صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم ومناقبهم ووفياتهم وبيان ظلاماتهم ونحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع والأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم (ع) ولا فرق بين إمام العصر (عج) وآبائه الطاهرين.

ص: 268

(مسألة 1178) : إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده وأولادهم وإن سفلوا.

(مسألة 1179) : إذا قال : هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي وأولاد أولادي فهو على الفقراء، فالأقوى أنه وقف على أولاده الصلبيين وغيرهم على التشريك، وكذا إذا قال : وقف على أولادي فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء على الأقوى.

(مسألة 1180) : إذا قال : هذا وقف على سكنى أولادي فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجرها ويقتسموا الأجرة، بل يتعين عليهم السكنى فيها فإن أمكن سكنى الجميع سكنوا جميعاً وإن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء واختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، وإذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة وإذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للآخر الاستقلال فيها وليس عليه شيء لصاحبه، وإن تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة، وإن اختلفوا في ذلك وتشاحوا فالحكم كما سبق وليس لبعضهم ترك السكنى وعدم الرضا بالمهاياة والمطالبة بالأجرة حينئذ بالنسبة إلى حصته

(مسألة 1181) : إذا قال هذا وقف على الذكور من أولادي أو ذكور أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور ولا يشمل الذكور من الإناث.

(مسألة 1182) : إذا قال وقف على اخوتي نسلاً بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور والإناث.

ص: 269

(مسألة 1183) : إذا قال : هذا وقف على أولادي، ثم أولاد أولادي كان الترتيب بين أولاده الصلبيين وأولادهم ولا يكون بين أولاد أولاده وأولادهم ترتيب، بل الحكم بينهم على نحو التشريك.

(مسألة 1184) : إذا وقف على زيد والفقراء فالظاهر التنصيف، وكذا إذا قال وقف على زيد وأولاد عمرو ،أو قال وقف على أولاد زيد وأولاد عمرو، أو قال وقف على العلماء والفقراء.

(مسألة 1185) : إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة، وفي كونه كذلك إذا قال : وقف على من يزور المشهد الظاهر شموله لمن يزوره ولو كان ساكناً في البلد، إلا إذا كان هناك قرينة بأن المراد به الزائر الخارجي.

فصل في بعض أحكام الوقف

(مسألة 1186) : إذا تم الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم وإخراج بعضهم منه وإدخال أجنبي عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك، أما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته حينئذ فإذا ادخل غيرهم معهم نفذ، وإذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الأولى، وإذا اشترط إخراج بعضهم فالظاهر صحته أيضاً.

(مسألة 1187) : العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف وتدخل في ملك الموقوف عليه ويكون نماؤها له. نعم إذا كان الوقف وقفاً على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيات الوقف.

ص: 270

(مسألة 1188) : إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف، وإذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فإن لم يتهجدوا فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضاً.

(مسألة 1189) : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه وإلا صرف من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم وإذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه وإن أدى إلى حرمان البطن السابق.

(مسألة 1190) : الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق على ملك مالكه ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابة ،واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته.

(مسألة 1191) : إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت ولم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فإن كان الوقف على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة أخرى إن أمكن. وإلا ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1192) : إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول على العلماء العدول وفي الفرض الثاني على العلماء

ص: 271

الفقراء. وإن كانت المحتملات متباينة فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف وإلا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة. وإن كانت الوجوه محصورة كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على المسجد الآخر أو إنه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.

(مسألة 1193) : إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته. والظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأولى، ومن الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط. نعم إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت ونفذت، وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الأجرة.

(مسألة 1194) : إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفسيل ونحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرف فيها إلا على الوجه الذي اشترطه الواقف.

(مسألة 1195) : الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض

ص: 272

الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.

(مسألة 1196) : إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية وإن تعذر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.

(مسألة 1197) : غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها وزوال منفعتها يجوز بيع بعضها وعمارة الباقي للانتفاع به، فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها وتبديلها بما يمكن الانتفاع به وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها

(مسألة 1198) : إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر.

(مسألة 1199) : إذا تعذر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته، ويرجع ملكاً للواقف على ما تقدم فإن لم يكن موجوداً كان لورثته.

(مسألة 1200) : إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته، بل بقيت له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده وإن كان بإجارة مدة وصرف الإجارة في العمارة وجب ذلك، وإن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1201) : إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها أو انقلع شجرها، وبقيت عرصة فإن أمكن إيجارها وجب ذلك وصرفت الأجرة في الجهة الموقوف عليها. نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان، كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها

ص: 273

وشراء بستان أخرى تعين ذلك وإلا بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان وترجع ملكاً للواقف.

(مسألة 1202) : يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منها ويجوز له حينئذ الدخول إليها بمقدار الحاجة، كما أن له إبقاؤها مجاناً وليس للموقوف عليهم وقلعها. وإذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة أخرى مكانها وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها، ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة.

(مسألة 1203) : إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولى القسمة المالك للملك الطلق ومتولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها على مشهد وكذا إذا اتحد الواقف والموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما إذا وقف أرضاً على أولاده وكانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعاً، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً، وهكذا.

(مسألة 1204) : لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرهاإلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك ولو كان بناءه على النحو الأحسن، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا. وقد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام

ص: 274

له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.

(مسألة 1205) : إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه، وإلا ففي الجهة الموقوف عليها. وإذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفاً أو عمداً أو نحو ذلك لم يجز بيعها. وإن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان مع الحاجة ومع عدمها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1206) : الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها، أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين الى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة، وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها وإذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة. نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه ويرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه عند مطالبته وإلى وارثه عند موته وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة واحتمل عدم إذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.

(مسألة 1207) : لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد كما اذا أوقع المتشاحن بين الموقوف عليهم أو خرج من الانتفاع او غير ذلك.

(مسألة 1208) : إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني

ص: 275

أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجباً لبطلان الوقف، وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ.

(مسألة 1209) : الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين ولا على غير أهل العلم.

(مسألة 1210) : تثبت الوقفية بالعلم - وإن حصل من الشياع - وبالبينة الشرعية وبإقرار ذي اليد وان لم تكن اليد مستقلة كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته وإن لم يعترف غيره بها.

(مسألة 1211) : إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه إنه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته. نعم إذا كان بيد شخص وادعى ملكيته واعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل صدق وحكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه والتصرف بإذنه وغير ذلك من أحكام الملك لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1212) : إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها إن الشيء الفلاني وقف فإن كان عليه إمارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها ووضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهراً في الاعتراف بالوقفية، وإلا فلا يحكم بها وإن علم أنها بخط المالك.

(مسألة 1213) : لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف وأن يكون إخباراً بكيفيته من كونه ترتيبياً أو تشريكياً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والإناث وأنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيي أو

ص: 276

التشريكي أو للذكور والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي.

(مسألة 1214) : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم والبقر والإبل لم تجب الزكاة فيها وإن اجتمعت فيها شرائط الزكاة وأما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً فإن كان الوقف على نحو التمليك للأشخاص الموقوف عليهم كما إذا قال : وقفت البستان لأولادي فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت عليه الزكاة وإلا لم تجب، وإن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما إذا قال : وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة على واحد منهم إلا إذا أعطي الولي واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة وكان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحداً كان أو أكثر وكذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف كما إذا قال وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء وكسوتهم ونحو ذلك.

الحاق فيه بابان

الباب الأول في الحبس وأخواته

(مسألة 1215) : يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها على أن يصرف نماؤه فيها ولا يخرج بذلك عن ملكه فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه وكان حبسه مطلقاً أو مقيداً بالدوام لزم ما دامت العين ولم يجز له الرجوعفيه، وإن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة وإذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال : فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية. وإذا جعل المدة عشر سنين مثلاً لزم في العشر وانتهى بانقضائها.

ص: 277

(مسألة 1216) : ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض ولا يخلو من إشكال، بل الأظهر الصحة بدونه، ولكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض.

(مسألة 1217) : إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشرة سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة وبعدها يرجع إلى الحابس. وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثاً، وإذا حبس عليه مدة حياته نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حياً، فإذا مات رجع ميراثاً، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع ميراثاً وجوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1218) : يلحق بالحبس السكنى والعمرى والرقبى والأولى تختص بالمسكن والأخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والأثاث ونحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان فإن كان المجعول الإسكان قيل له (سكنى) فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضاً (عمرى) وإن قيده بمدة معينة قيل له (رقبى) وإذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث ونحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى، بل قيل (عمرى) إن قيد بعمر أحدهما و(رقبى) إن قيد بمدة معينة.

(مسألة 1219) : الظاهر أن القبض فيها ليس شرطاً في الصحة بل في اللزوم كما تقدم في الحبس.

(مسألة 1220) : إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.

ص: 278

(مسألة 1221) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن موجوداً أو عقبه فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار إلى المالك.

(مسألة 1222) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه وتوابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، وإن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حياً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.

(مسألة 1223) : إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له : أسكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.

(مسألة 1224) : إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما صح، ولزم بالقبض ووجب على المالك إسكانه وقتاً ما وجاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء وإذا مات المالك يجوز للورثة أخذ الدار من الساكن، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمرى لاختصاص الأولى بالمدة المعينة والثانية بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله.

(مسألة 1225) : إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وعبيده وضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معدّ لذلك وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة المدار على ما جرت به العادة من توابعه وليس له إجارته ولا إعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك وكون الأجرة له حينئذ إشكال.

ص: 279

(مسألة 1226) : الظاهر أن (السكنى) و(العمرى) و(الرقبى) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى إيجاب وحده، ويعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره، وأما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص وعدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.

(مسألة 1227) : الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس ويجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالاً على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال.

الباب الثاني

في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها. وقد ورد أنها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد أبرم إبراماً، وبها يستنزل الرزق وأنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد وأنها تخلف البركة وبها يقضى الدين وأنها تزيد في المال وأنها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء ويستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل.

(مسألة 1228) : المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب والقبول، ولكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة فإن كان الإحسان بالتمليكاحتاج إلى إيجاب وقبول وإن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل أبرأت ذمتك وإن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف وهكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف موردها.

ص: 280

(مسألة 1229) : المشهور اعتبار القبض فيها مطلقاً ولكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية وإنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض وإذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر، وهكذا.

(مسألة 1230) : يعتبر في الصدقة القربة فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة وإبراء ووقفاً ولا يكون صدقة.

(مسألة 1231) : تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال وزكاة الفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي ولا تحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها وإن كانت غيرهما كردّ المظالم والكفارات وفدية الصوم ففيه إشكال والاحتياط في محله، وأمّا المندوبة إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحو ذلك، مما كان من مراسم الذل والهوان ففي جواز مثل ذلك أيضاً إشكال.

(مسألة 1232) : لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة وإن كانت لأجنبي على الأصح.

(مسألة 1233) : تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر الذمي.

(مسألة 1234) : الصدقة المندوبة سراً أفضل إلا إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواحبة ففي بعض الروايات أن الأفضل إظهارها وقيل الأفضل الإسرار بها، والأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار والإجهار.

ص: 281

(مسألة 1235) : التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم والصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره وأفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لأُجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شيء.

والله سبحانه العالم والموفق.

ص: 282

ص: 283

كتاب النِكاح

وفيه فصول :

الفصل الأول: النكاح ثلاثة

النكاح ثلاثة : دائم، ومنقطع، وملك يمين، ويفتقر الأول إلى العقد وهو الإيجاب والقبول بلفظ الماضي على الاحوط استحباباً كزوجتك وانكحتك وقبلت، وتجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية على الأحوط وجوباً وتجزي الإشارة مع العجز عن النطق. ولو زوجت المرأة نفسها صح ويشترط في تزويج البكر إذن الولي وهو الأب أو الجد للأب على الأحوط وجوباً إلا إذا منعها الولي عن التزويج بالكفؤ شرعاً وعرفاً فإنه تسقط ولايته حينئذ. وإذا تزوجت البكر بدون إذن وليها ثم أجاز وليها العقد صح بلا إشكال.

(مسألة 1236) : يجزي في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج : زوجتك نفسي بمهر دينار. مثلاً، فيقول الزوج، قبلت وإذا كانت الزوجة قد وكلت وكيلاً قال وكيلها للزوج : زوجتك موكلتي هنداً مثلاً بمهر دينار، فيقول الزوج قبلت، وإذا كان الزوج قد وكل وكيلاً قالت الزوجة لوكيل الزوج : زوجت موكلك زيداً مثلاً نفسي بمهر دينار مثلاً، فيقول الوكيل : قبلت، وإذا كان كل من الزوج والزوجة قد وكل وكيلاً قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج : زوجت موكلك زيداً موكلتي هنداً بمهر دينار مثلاً، فيقول وكيل الزوج: قبلت.

ويجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الأحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الإيجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.

ص: 284

(مسألة 1237) : لا يجب التطابق بين الإيجاب والقبول فلو قال : أنكحتك فلانة وقال : قبلت التزويج أو العكس كفى.

(مسألة 1238) : لا يشترط الشهود في صحة النكاح ولا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر وإن تصادقا على الدخول فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها كما أنه يلزم المقر بإقراره على كل حال ولو تصادقا على الزوجية ثبتت.

(مسألة 1239) : القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج للجميع وإلا بطل العقد ويستحب لمن أراد التزويج أن يتخير البكر العفيفة الكريمة الأصل وصلاة ركعتين عند إرادة التزويج والدعاء بالمأثور وهو: (اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي من النساء أعفهن فرجاً وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقاً وأعظمهن بركة) والإشهاد على العقد والإعلان به والخطبة أمام العقد وإيقاعه ليلاً وصلاة ركعتين عند الدخول والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها وهو (اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً ولا تجعله شرك شيطان) وأمرها بمثله ويسأل الله تعالى الولد الذكر.

(مسألة 1240) : يكره إيقاع العقد والقمر في العقرب وتزويج العقيم والجماع في ليلة الخسوف ويوم الكسوف وعند الزوال إلا يوم الخميس وعند الغروب قبل ذهاب الشفق وفي المحاق وبعد الفجر حتى تطلع الشمس وفي أول ليلة من الشهر إلا رمضان وفي ليلة النصف من الشهر وآخره، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها وفي السفينة وعارياً وعقيب الاحتلام قبل الغسل والنظر في فرج المرأة والكلام بغير الذكر والعزل عن الحرة بغير إذنها وأن يطرق المسافر أهله ليلاً ويحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين.

ص: 285

(مسألة 1241) : يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها وكذا إلى نساء أهل الذمة وكذا المبتذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف وإلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبداً لنسب أو مصاهرة أو رضاع بشرط عدم التلذذ في الجميع ويحرم النظر إلى غيرهن بغير تلذذ أيضاً في غير الوجه والكفين بلا إشكال، وفيهما على الأحوط خصوصاً إن كانت شابة حسنة الوجه والمنظر، ومن غير المحارم أخت الزوجة وكذا الربيبة قبل الدخول بأمها، ويحرم على المرأة النظر إلى الرجل على الأحوط في غير الوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين. وأما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بتلذذ أو ريبة وإن كان الأحوط ترك ذلك أيضاً. وكذا يحرم النظر واللمس مع التلذذ ولو إلى المماثل وكذا يحرم اللمس من الرجل والمرأة لغير المحارم، ويجوز النظر واللمس من الرجل للصبيّة غير البالغة ومن المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ في الجميع، أما مع التلذذ فإنه حرام مطلقاً.

(مسألة

1242) : يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين عن غير الزوج والمحارم بل يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذه، بل عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط ولا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

(مسألة 1243) : يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ.

(مسألة 1244) : لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر إذا كانت شابة بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.

الفصل الثاني: في الأولياء

إنما الولاية للأب وإن علا ووصيه والحاكم والمولى.

ص: 286

(مسألة 1245) : للأب الولاية على الصغيرين والمجنونين البالغين كذلك ولا خيار لهما بعد زوال الوصفين إلا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح إلا بإلإجازة بعد البلوغ والعقل نعم إذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية فالعقد وإن كانصحيحاً إلا أن في لزومه عليهما بعد بلوغهما إشكالاً فالاحتياط لا يترك. ولا يبعد ولاية الأب على من جن بعد بلوغه على إشكال، فالأحوط الاستجازة من الحاكم الشرعي أيضاً.

(مسألة 1246) : لا ولاية للأب والجد على البالغ الرشيد ولا على البالغة الرشيدة عدا البكر فإن الأحوط لزوماً في تزويجها اعتبار إذن أحدهما وإذنها معاً كما مر. ويكفي في إثبات إذنها سكوتها إلا إذا كانت هناك قرينة على عدم الرضا وإذا زالت بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر بخلاف ما إذا زالت بالوطء شبهة أو زناً على الأظهر.

(مسألة 1247) : لا تعتبر الاستجازة من الأب في تزويج البكر إذا تعذرت الاستجازة لغيبته أو حبسه ونحوهما وكانت البنت بحاجة إلى الزواج.

(مسألة 1248) : للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي وكذا على المجنون إذا اضطر إلى التزويج والأحوط استئذان الحاكم.

(مسألة 1249) : للحاكم الشرعي الولاية على المجنون إذا لم يكن له ولي مع ضرورته إلى التزويج وفي ولايته على الصبي في ذلك إشكال والأظهر الجواز مع ضرورته إليه.

(مسألة 1250) : في صحة تزويج السفيه إشكال فالأحوط أن لا ينكح إلا بإذن الأب إن كان وإلا فالحاكم وإذا كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالأحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه.

(مسألة 1251) : للمولى الولاية على مملوكه ذكراً كان أم أنثى مطلقاً.

ص: 287

(مسألة 1252) : لو زوج الولي الصغيرين توارثا ولو كان المزوج غيره وقف على الإجازة فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات أحلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعاً في الميراث فإذا حلف على ذلك ورث وإلا فلا

(مسألة 1253) : كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد وإذا لم يجز بطل.

(مسألة 1254) : إذا وكلت المرأة شخصاً على تزويجها لم يصح له أن يتزوجها إلا مع عموم الإذن منها بل لو أذنت له في أن يتزوجها فالأحوط له استحباباً أن لا يتولى الإيجاب والقبول بنفسه بل يوكل عنها من يتولى الإيجاب عنها ولا بأس له أن يوكلها فتتولى الإيجاب منها والقبول منه.

(مسألة 1255) : إذا أكره الزوجان على العقد ثم رضيا وأجازا العقد صح وكذلك الحكم في إكراه أحدهما والأحوط تجديد العقد فيهما.

الفصل الثالث: في المحرمات

في المحرمات : وهي قسمان : نسب وسبب (فالنسب) الأم وإن علت والبنت وإن سفلت والأخت وبناتها وإن نزلن والعمة والخالة وإن علتا كعمة الأبوين والجدين وخالتهما وبنات الأخ وإن نزلن (وأما السبب) فأمور :

(الأول) : ما يحرم بالمصاهرة.

(مسألة 1256) : من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها وإن علت وبناتها وإن نزلن، لابن أو بنت تحريماً مؤبداً سواء سبقن على الوطء أو تأخرن عنه.

(مسألة 1257) : تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أبي الواطيء وإن علا، ولو كان لأمه وعلى أولاده وإن نزلوا وكذا المعقود عليها لأحدهما مطلقاً

ص: 288

فإنها تحرم على الآخر وكذا الأمة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور إلى شيء منها مما يحرم النظر إليه لغير المالك بشهوة فإنها تحرم على الآخر.

(مسألة 1258) : من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها وإن علت أبداً، وتحرم بنتها على الأحوط وإن نزلت من بنت كانت أو من ابن ما دامت الأم في عقده فإن فارقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها ولو دخل حرمت عليه البنت أبداً ولم تحرم البنت على أبيه ولاعلى ابنه.

(مسألة 1259) : تحرم أخت الزوجة جمعاً لا عيناً وكذا بنت أختها وأخيها إلا مع إذن العمة والخالة ولو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى وإن كان الأحوط تجديد العقد.

(مسألة 1260) : من زنا بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها أبداً إذا كان الزنا سابقاً على العقد ويلحق بالزنا بالخالة الزنا بالعمة على الأحوط وجوباً والأحوط استحباباً أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقاً وفي إلحاق الوطء بالشبهة بالزنا وكذلك إلحاق الزنا بعد العقد وقبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان والإلحاق أحوط وأولى والأظهر عدم الإلحاق.

(مسألة 1261) : لا يلحق بالزنا التقبيل واللمس والنظر بشهوة ونحوها فلو قبل خالته أو عمته أو امرأة أخرى ولمسها أو نظر إليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها.

(مسألة 1262) : الزنا والوطء بالشبهة الطارئان على العقد والدخول لا يوجبان التحريم فلو تزوج بنت خالته ودخل بها ثم زنى بخالته أو وطأها شبهة لم تحرم عليه بنتها.

ص: 289

(مسألة 1263) : المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني وأبنائه إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإلا لم تحرم ولكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإن كان الاحوط الوجوبي الترك في هذه الصورة.

(مسألة 1264) : لو ملك الأختين فوطأ إحداهما حرمت الأخرى جمعاً فلو وطأها أيضاً لم تحرم الأولى إلا أن يكون عالماً بالحرمة والموضوع فتحرم حينئذ، ثم إنه إن أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقاً وإن أخرج الثانية عن ملكه لم تحل الأولى إلا إذا كان إخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الأولى، والأحوط في وطء الثانية جهلاً أن لا تحل له الأولى إلا بالشرط المذكور.

(مسألة 1265) : يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر وفي الإماء ما زاد على الأمتين وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وأمة ويحرم على العبد ما زاد على أربع إماء وفي الحرائر ما زاد على حرتين، وله أن ينكح حرة وأمتين ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ولو عقد بدونه كان باطلاً بدون إجازتها وأما معها فالأظهر الصحة ولو أدخل الحرة على الأمة ولم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها ولو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة وتوقف عقد الأمة على إجازة الحرة.

(مسألة 1266) : يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك، ولو تزوجها جاهلاً بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فإن دخل حينئذ حرمت عليه أبداً والولد له وعليه مهر المثل للمرأة مع جهلها والأحوط أن تتم عدة الأول إن كانت معتدة وتستأنف عدة الثاني والاظهر التداخل ولو عقد عالماً بالحكم والموضوع حرمت عليه أبداً بالعقد وكذا إذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما، وأما ذات البعل فلا أثر لعلمها ولا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائناً أو رجعياً وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ولا فرق في المعتدة بين الحرة والأمة ولا في الدخول بين أن يكون في القبل والدبر ولا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة ولا

ص: 290

بالعقد وطء الشبهة ولا الوطء بالملك ولا بالتحليل والمدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.

(مسألة 1267) : لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها وعلمها بوفاته وهل يجري عليها حكم العدة قيل : لا، فلو عقد على امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه وإن كان عالماً ودخل بها فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدة بعده ولكنه محل إشكال جداً، والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1268) : من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً - على الأحوط - أم الغلام وإن علت وأخته وبنته وإن سفلت ولو شك في الدخول لم يحرم عليه، ولو سبق عقدهن لم يحرمن وإن كان الأحوط الاجتناب وفي عموم الحكم للواطىء إذا كان صغيراً أو كان الموطوء كبيراً إشكال والأظهر العدم، ولا تحرم على الواطئ بنت أخت الموطوء ولا بنت أخيه.

(مسألة 1269) : لو دخل بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل حرمت عليه أبداً ولو اندمل الجرح، بل تجب لها النفقة ما دامت حية وإن نشزت أو طلقت، بل وإن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط، ولو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً ولا تجب لها الدية مطلقاً وتجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان قد طلقها والأقوى الحرمة مطلقاً، والأحوط وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، ولو أفضى الأجنبية لم تحرم عليه أيضاً.

(مسألة 1270) : لو زنى بامرأة غير معتدة ولا ذات بعل لم يحرم نكاحها عليه والأحوط وجوباً أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة.

(مسألة 1271) : يجوز التزويج بالزانية والأحوط لزوماً ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.

ص: 291

(مسألة 1272) : لو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبداً على الأحوط، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها والحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والمدخول بها وغيرها والعالمة والجاهلة ولا في البعل بين الحر والعبد والصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل أو في العدة و الجاهل بذلك.

(مسألة 1273) : لا يلحق بذات البعل الأمة الموطوءة بالملك أو التحلل كما لا يلحق بالعدة الرجعية عدة البائنة وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ومدة استبراء الأمة.

(مسألة 1274) : إذا زنت ذات البعل لم تحرم على بعلها.

(مسألة 1275) : لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت عليه أبداً ولو كان جاهلاً بطل العقد ولم تحرم.

(مسألة 1276) : لو طلقت الحرة ثلاثاً حرمت على المطلق حتى تنكح زوجاً غيره، وإن كانت تحت عبد، ولو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره وإن كانت تحت حر.

(مسألة 1277) : المطلقة تسعاً للعدة بينها نكاحان ولو لرجل واحد تحرم على المطلق أبداً، بل لا يبعد تحريم المطلقة تسعاً مطلقاً كما يأتي.

(مسألة 1278) : لو طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً لم يجز أن ينكح بدلها حتى تخرج من العدة ويجوز ذلك في البائن على المشهور ولكنه محل إشكال.

(مسألة 1279) : لو عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنتين مرتباً بطل الثاني، ولو عقد عليهما دفعة لم يبعد أن يكون له الخيار في تعيين أيتهما شاء وكذا الحكم في تزويج الأختين.

(الثاني) : من أسباب التحريم : الرضاع.

ص: 292

(مسألة 1280) : يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب إذا كان اللبن ناتجاً من ولادة عن وطء صحيح وإن كان عن شبهة، يوماً وليلة. أو ما أنبت اللحم وشدّ العظم أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي.

(مسألة 1281) : يشترط في التحريم برضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة أن لا يفصل بينها رضاع آخر، ولا يقدح الفصل بذلك فيما أنبت اللحم وشدّ العظم.

(مسألة 1282) : لا يقدح الفصل بين الرضعات بالأكل والشرب للغذاء في الرضاع بخمس عشرة رضعة وفيما أنبت اللحم وشدّ العظم ولكن يقدح ذلك في رضاع يوم وليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئاً آخر لم يحرّم الرضاع.

(مسألة 1283) : لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم إذا لم يتخلل بينها شيء حتى الأكل والشرب.

(مسألة 1284) : يشترط في حصول التحريم بالرضاع أن يكون في الحولين بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة فالرضاع بعد مضي الحولين على المرتضع لا أثر له، ويعتبر أن يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة صبياً بعض العدد من فحل وأكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة، وكذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل وأكملته الأخرى من ذلك الفحل فإنه لا ينشر الحرمة.

(مسألة 1285) : لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلا مع اتحاد الفحل وإن تعددت المرضعة فلو أرضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما، ولو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما.

ص: 293

(مسألة 1286) : مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة أُمّاً للرضيع وذو اللبن أباً له واخوتهما أخوالاً وأعماماً له، وأخواتهما عمات وخالات له، وأولادهما اخوة له.

(مسألة 1287) : إذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه وجاز له النظر إليها فإن الأم الرضاعية للزوجة بمنزلة الأم النسبية لها وكذلك تحرم زوجة الابن على أبيه الرضاعي فإنها بمنزلة زوجة الابن النسبي.

(مسألة 1288) : يحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً على المرتضع وكذا أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً.

(مسألة 1289) : لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً ولا في أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً فإذا أرضعت زوجة الجد للأم طفلاً من لبن جده لأمه حرمت أم المرتضع على أبيه ولا فرق في المرضعة بين أن تكون أماً لأم المرتضع وأن لاتكون أماً لها، بل تكون زوجة لأبيها.

(مسألة 1290) : في جواز نكاح أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد المرضعة نسباً وفي أولاد الفحل مطلقاً قولان أقربهما الجواز.هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب كما إذا كان الأولاد من زوجة أخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن وإلا لم يجز كما في المثال المتقدم لأن أولاد أبي المرتضع حينئذ أولاد أخت لأولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة.

(مسألة 1291) : لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان قد دخل بالمرضعة أو فرض الإرضاع بلبنه مع عدم الدخول وإلا حرمت هي ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة.

ص: 294

(مسألة 1292) : لو أرضعت الأم من الرضاع الزوجة الصغيرة مع اتحاد الفحل حرمت. وفي حرمة أم أم الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1293) : يستحب اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع.

(مسألة 1294) : إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة أو إحدى بناتها. وإذا كان له أخت لم ترضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن أو أحد أولاده.

(مسألة 1295) : يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع أخاها أو أختها ولا يضر كونها بالرضاع أختاً لولد فحلها وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أختها أو أخيها ولا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها وإن صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها، ولا تحرم أم المرتضع على زوجها ومثل ذلك أن ترضع إحدى زوجتي الفحل إبن ابن الأخرى وكذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها ولا تحرم بذلك على زوجها وإن صار بذلك أباً لعمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، وكذا يجوز لها أن ترضع أخا الزوج أو أخته فتكون بذلك أماً لأخيه أو أخته، وكذا يجوز لها أن ترضع إبن ابن الزوج فتكون بذلك أماً لولد ولده وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها أو أخته وأن ترضع عمه أو عمته أو خاله أو خالته.

(مسألة 1296) : يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل كما يثبت بشهادة عدلين. ولا يثبت بشهادة المرضعة وأمه منفردتين أو منضمتين.

ص: 295

(الثالث) من أسباب التحريم : اللعان ويثبت به التحريم المؤبد وكذا يثبت التحريم المؤبد بقذف الزوج امرأته الخرساء. وفي ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء إشكال.

(الرابع) من أسباب التحريم : الكفر فلا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعاً لا دواماً ولا انقطاعاً وفي الكتابية قولان أظهرهما الجواز في المنقطع. وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه وفي عموم الحكم للمجوسية وإن كانت من الكتابية إشكال.

(مسألة 1297) : لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم وكذا لا يجوز للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال وكذلك بعد الدخول إذا ارتد الزوج عن فطرة. وأما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدة وفيه إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1298) : عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة وعدتها عن المرتد عن ملة عدة الطلاق.

(مسألة 1299) : لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده ولو أسلمت دونه قبل الدخول انفسخ العقد وبعده يقف على انقضاء العدة فإن أسلم فيها كان أملك بها.

(مسألة 1300) : لو كان الزوجان غير كتابيين وأسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، ولو كان بعده توقف على انقضاء العدة.

(مسألة 1301) : لو أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات وأسلمن فاختار أربعاً انفسخ نكاح الباقي.

ص: 296

(مسألة 1302) : لو أسلم الزوج وعنده أربع كتابيات ثبت عقده عليهن ولو كن أكثر تخير أربعاً وبطل نكاح الباقي.

(مسألة 1303) : يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه فإن لم يدخل حتى مات في مرضه بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث سواء مات بمرضه أو بسبب آخر من قتل أو مرض آخر.

أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد وثبت المهر والميراث، ولو برئ من مرضه فمات ولم يدخل بها ورثته وكان لها نصف المهر.

(مسألة 1304) : لو تزوج امرأة وهي مريضة فماتت في مرضها أو بعدما برئت ولم يدخل بها ورثها وكان لها نصف المهر.

(مسألة 1305) : في إرث الزوج لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول بها ثم مات الزوج في مرضه إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1306) : الظاهر أن النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم فلا عدّة عليها بموته، والظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمر سنين أيضاً.

(مسألة 1307) : يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف على كراهة، بل الأحوط تركه إلا إذا خيف عليها الضلال فيحرم، ويجوز العكس إلا إذا خيف الضلال، ويكره تزويج الفاسق وتتأكد الكراهة في شارب الخمر.

(مسألة 1308) : نكاح الشغار باطل وهو جعل نكاح امرأة مهر أخرى.

(مسألة 1309) : يجوز تزويج الحرة بالعبد والهاشمية بغيره والعربية بالعجمي وبالعكس.

ص: 297

(مسألة 1310) : لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل ولا لذات العدة الرجعية ويجوز للمعتدة البائنة، وكذا من الزوج لها إلا أن تكون محرمة أبداً عليه أو تحتاج إلى محلل.

الفصل الرابع: في عقد المتعة

ويشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة : متعتك أو زوجتك أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل : قبلت، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضاً ذكر أجل معين لا يزيد على عمر الزوجين عادة وإلا كان العقد عقد دوام على الأظهر ولو لم يذكر المهر بطل.

(مسألة 1311) : لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان أظهرهما الأول.

(مسألة 1312) : يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار ،والأمة على الحرة من دون إذنها، وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة ويكره على البكر وعلى الزانية، وإذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوماً ترك التمتع بها.

(مسألة 1313) : لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء، كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد،ولا حدّ للمهر قلة وكثرة ويجوز أن يكون المهر عملاً كخياطة ثوب أو تعليم كتابة ونحوهما كما يجوز أن يكون حقاً قابلاً للانتقال كحق التحجير، ولو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على

ص: 298

الأظهر ولو ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شيء وإن كان قبل الدخول.

(مسألة 1314) : تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد وتسليم نفسها للاستمتاع بها، لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته ولا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيام الحيض ونحوها مما يحرم عليه فيها الوطء. والمدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شيء ولو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء فلا يسقط بعض المهر.

(مسألة 1315) : لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول

وبعده لها أقل الأمرين من المهر المسمى ومهر المثل متعة لا دواماً مع جهلها، ولا مهر لها مع علمها بالبطلان.

(مسألة 1316) : يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها وإن كان قد عزل، يلحق بالوطء الإنزال في فم الفرج وليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده منه. ولو نفاه جزماً انتفى ظاهراً بلا لعان إلا إذا كان قد أقر به سابقاً وكذا الحكم في الأمة.

(مسألة 1317) : لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلاناً صح الإبراء وصح الشرط فيجب عليها الوفاء به، لكنها لو تزوجت منه ولو عصياناً صح زواجها على الأظهر.

(مسألة 1318) : لو صالحها على أن يبرئها المدة وأن لا تتزوج بفلان صح الصلح ووجب عليه الإبراء فإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر تولاه الحاكم، ولا يجوز لهاأن تتزوج بفلان لكنها إن تزوجت به صح التزويج وإن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فإن امتنعت أجبرها الحاكم فإن تعذر إجبارها زوجها الحاكم منه. ولو صالحها على أن تكون بريئة من المدة بنحو

ص: 299

شرط النتيجة صحت المصالحة ولو أبرأها معلقاً على شيء مثل أن لا تتزوج من فلان مثلاً أو مطلقاً بطل الإبراء.

(مسألة 1319) : تعتد الحائل بعد الأجل أو بعد الإبراء بحيضتين كاملتين ولا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما فإن كانت في سن من تحيض ولا تحيض فبخمسة وأربعين يوماً وفي الموت بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمسة أيام وتعتد الحامل بأبعد الأجلين من المدة ووضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضاً على الأحوط.

(مسألة 1320) : لا يصح للزوج تجديد العقد على المتمتع بها دائماً أو منقطعاً قبل انقضاء الأجل.

(مسألة 1321) : إذا اختلف الزوجان في الدوام والانقطاع لم يبعد تقديم قول مدعي الانقطاع بيمينه إن لم تكن بينة على الدوام.

(مسألة 1322) : لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد فيتزوجها شهراً بعد شهر العقد وقيل يجوز وهو ضعيف.

(مسألة 1326) : يجوز للمتمتع بها أن تشترط على زوجها أن لا يدخل بها ويجب عليه الوفاء بالشرط، ولكنها إذا أسقطت الشرط جاز له ذلك.

(مسألة 1324) : يجوز التمتع بالصغيرة إن كانت قابلة للاستمتاع وإن كانت المدة قليلة لجواز الاستمتاع بها بغير الوطء وإنما لا يجوز الدخول بها قبل بلوغها.

(مسألة 1325) : صحة العقد متعة للصغير لمدة لا تكون قابلة للاستمتاع فيها محل إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1326) : يجوز لولي الصغير إبراء المدة إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

ص: 300

(مسألة 1327) : لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها إلا إذا اشترط ذلك في عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم.

(مسألة 1328) : لا طلاق ولا لعان في المتعة ولا توارث بينهما إلا إذا اشترط ذلك لهما أو لأحدهما ومع الاشتراط ينفذ الشرط.

الفصل الخامس: في جواز الاستمتاع بالإماء ونكاحهن

(مسألة 1329) : يجوز وطء الأمة بالملك وسائر الاستمتاعات بها كالزوجة إذا لم تكن محرّمة عليه بسبب ما، كما إذا كانت موطوءة الأب أو الابن أو كانت منظورة أوملموسة له بشهوة. ولا فرق في الأمة بين أن تكون مسلمة أو كافرة وقيل إن الأمة إذا كانت مشركة أو مرتدة لا يجوز وطؤها، ودليله غير ظاهر.

(مسألة 1330) : لا يجوز للعبد والأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى فإن فعل أحدهما ذلك وقف على الإجازة.

(مسألة 1331) : لو أذن المولى في العقد للعبد فالمهر والنفقة على المولى ويستقر المهر بالدخول.

(مسألة 1332) : لو تزوّج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف أنه إن كان بإذن السيدين سابقاً أو لاحقاً فالولد لهما وكذا لو لم يأذنا، ولو أذن أحدهما فقط فالولد للآخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين ولكن الخروج في الصور الثلاث عن قاعدة تبعية الولد للأم في الملك لا يخلو من تأمل.

(مسألة 1333) : لو كان أحد الزوجين حراً فالولد مثله، ولو اشترط المولى رقيته فالأقوى إلغاء شرطه.

ص: 301

(مسألة 1334) : لو تزوّج الحر ألأمة من دون إذن المولى عالماً فهو زان والولد رق للمولى، ولو كان جاهلاً سقط الحدّ دون المهر وعليه قيمة الولد لمولاها يوم سقوطه حياً وكذلك الحكم لو ادعت الأمة الحرية وعلى الأب فك أولاده ويلزم المولى دفعهم إليه ولو عجز سعى في القيمة ومع عدم الدخول لا مهر.

(مسألة 1335) : لو تزوجت الحرّة بعبد عالمة من دون إذن المولى فلا مهر لها والولد رق ومع الجهل كان الولد حرّاً على المشهور ولا قيمة عليها وعلى العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول.

(مسألة 1336) : لو زنى الحر أو المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.

(مسألة 1337) : لو اشترى الزوج جزءاً من زوجته بطل العقد وتحل بالتحليل من الشريك على قول قوي، ولو اشترت الزوجة زوجها أو جزءاً منه بطل عقد النكاح بينهما.

(مسألة 1338) : لو أعتقت الأمة المزوّجة كان لها فسخ النكاح إن كان زوجها رقّاً.

(مسألة 1339) : يجوز جعل العتق مهراً لمملوكته سواء قدم العتق أم قدم النكاح والأولى تقديم النكاح. وإذا قدم العتق فليعطها شيئاً للمهر.

(مسألة 1340) : أم الولد رق ولا يجوز بيعها إلاّ في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها على تفصيل، وتنعتق بموت المولى من نصيب الولد ولو عجز النصيب سعت في قيمتها.

(مسألة 1341) : إذا بيعت الأمة المزوّجة كان للمشتري فسخ النكاح وكذا إذا بيع العبد المزوّج بأمة ومع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر، ولو أجاز قبله أو بعده فالمهر للبائع.

ص: 302

(مسألة 1342) : إذا زوّج المولى عبده بحرّة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد ولو كانا لواحد كان للمولى الطلاق والفسخ.

(مسألة 1343) : يحرم لمن زوّج أمته وطؤها ولمسها والنظر إليها بشهوة ما دامت في حبال الزوج، وكذلك إذا كانت في العدة.

(مسألة 1344) : ليس لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بالملك ويجوز بالتحليل من شريكه كما سبق.

(مسألة 1345) : يجب على مشتري الجارية من الرجل استبراؤها بحيضة إذا لم يستبرئها البائع إلا إذا علم بعدم كونها موطوءة وتقدم تفصيل ذلك في مسائل بيع الحيوان.

(مسألة 1346) : لو أعتقها مولاها جاز وطؤها بالعقد من غير استبراء إلا إذا علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فإن الأحوط لزوجها الاستبراء حينئذٍ.

(مسألة 1347) : لو حلل أمته لغيره حلت له ولو كان مملوكه ولا يشترط فيه تعيين مدة ولا ذكر مهر ولا نفقة لها عليه، ولا سلطان له عليها وليس هو عقد نكاح ولا تمليك انتفاع ولاتمليك منفعة، بل هو إذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بان يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه أحكامه الثابتة له بما هو عام.

(مسألة 1348) : يختص التحليل بالإماء ولا يجوز للحرّة أن تحلل نفسها لأحد ولا تحل له بذلك.

(مسألة 1349) : إذا أطلق المالك التحليل حل للمحلل له جميع الاستمتاعات وإن خصصه بمعين اختص الحل به ولا يحل ما سواه ومع حرية المحلل له ينعقد الولد حراً.

ص: 303

الفصل السادس: في العيوب

(مسألة 1350) : العيوب في الرجل التي توجب الخيار للزوجة في فسخ عقد الزواج أربعة :

(1)الجنون وإن تجدد بعد العقد والوطء.

(2)العنن وإن تجدد بعد العقد لكن لو تجدد بعد العقد والوطء - ولو مرة - لم يوجب الخيار.(3)الخصاء إذا سبق على العقد مع تدليس الزوج وجهل الزوجة به.

(4)الجب الذي لا يقدر معه على الوطء أصلاً إذا سبق على العقد أو تجدد قبل الوطء أما إذا كان بعد الوطء ولو مرة فالأقوى أنه لا يقتضي الخيار.

(مسألة 1351) : العيوب في المرأة التي توجب الخيار للزوج في فسخ العقد سبعة : (الجنون) و(الجذام) و(البرص) و(القرن) وهو العفل ومثله الرتق و(الافضاء) و(العمى) و(الاقعاد) ومنه العرج البين ويثبت الخيار للزوج فيما إذا كان العيب سابقاً على العقد وفي ثبوته في المتجدد بعد العقد وقبل الوطء إشكال والأقرب الثبوت وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

(مسألة 1352) : الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في الدائم والمنقطع والأظهر أنه ليس على الفور فلا يسقط بالتأخير.

(مسألة 1353) : ليس الفسخ بطلاق ولا مهر مع فسخ الزوج قبل الدخول وللزوجة المسمى بعده ويرجع به على المدلس إن كان، وإن كانت هي المدلسة نفسها فلا مهر لها كما لا مهر لها مع فسخها قبل الدخول إلا في العنة فيثبت نصفه.

ص: 304

(مسألة 1354) : القول قول منكر العيب مع اليمين وعدم البينة.

(مسألة 1355) : لا بدّ في خصوص العنة من رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ وإلا فسخت إن شاءت وإذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل.

(مسألة 1356) : لو تزوّجها على أنها حرّة فبانت أمة فله الفسخ ولا مهر إلا مع الدخول فيرجع به على المدلس فإن لم يكن المدلس مولاها كان له عُشر قيمتها إن كانت بكراً وإلا فنصف العشر.

(مسألة 1357) : لو تزوّجته على أنه حر فبان عبداً فلها الفسخ ولها المهر بعد الدخول لا قبله. وكذا إذا قال أنا من بني فلان فتزوّجته على ذلك فبان أنه من غيرهم.

(مسألة 1358) : لو تزوجها على أنها بكر فبانت ثيباً لم يكن له الفسخ. نعم ينقص من المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر والثيب للنص الصحيح ولا يثبت الأرش في غير ذلك من العيوب.

الفصل السابع: في المهر

(مسألة 1359) : المرأة تملك المهر بالعقد ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول وكذا في موت أحدهما على الأظهر ولو دخل بها قبلاً أو دبراً استقر المهر، وكذا إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها.

(مسألة 1360) : إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها بالوطء أو بغيره كان عليه مهر المثل بكراً.

ص: 305

(مسألة 1361) : يصح أن يكون المهر عيناً أو ديناً أو منفعة ويجوز أن يكون من غير الزوج، ولو طلقها الزوج قبل الدخول حينئذٍ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج.

(مسألة 1362) : لا يتقدر المهر قلة ولا كثرة ولا بدّ فيه من أن يكون متعيناً وإن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة ولو اجله وجب تعيين الأجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك ولو كان الأجل مبهماً بحتاً مثل إلى زمان ما أو ورود مسافر ما، صح العقد وصح المهر أيضاً على الأظهر وسقط التأجيل.

(مسألة 1363) : لو لم يذكر المهر صح العقد وكان لها مع الدخول مهر المثل. ومع الطلاق قبله لها المتعة على الموسر وعلى الفقير بحسب قدرهما ولو مات أحدهما قبل الدخول فلا مهر ولا متعة.

(مسألة 1364) : لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل سواء أكان الوطء بعقد باطل أو بلا عقد.

(مسألة 1365) : لو تزوّجها بحكم أحدهما صح ويلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنّة إن كانت هي الحاكمة ولو مات الحاكم قبله وقبل الدخول فلها المتعة وبعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى الزوج، واما إن كان إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون مهر السنة.

(مسألة 1366) : لو تزوجها على خادم مطلقاً أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك، ولو قال : على السنة فخمسمائة درهم.

(مسألة 1367) : لو تزوّج الذميان على خمر صح فإن أسلما قبل القبض فللزوجة القيمة، وإن أسلم أحدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضاً، ولو

ص: 306

تزوج المسلم عليها ففيه أقوال أقواها صحة العقد وثبوت مهر المثل مع الدخول بها ولو أمهر المدبر بطل التدبير.

(مسألة 1368) : لو شرط في العقد محرّماً بطل الشرط دون العقد. ولو اشترط أن لا يخرجها من بلدها لزم الشرط، ويجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوج عليها ويلزم الزوج العمل به ولكن لو تزوّج صح تزويجه كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الأمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون حينئذٍ وكيلة على طلاق نفسها ولا يجوز له عزلها فإذا طلقت نفسها صح طلاقها.

(مسألة 1369) : القول قول الزوج في قدر المهر ولو أنكره بعد الدخول لزمه أقل الأمرين مما تدعيه الزوجة ومهر المثل، ولو ادعت المواقعة وأنكرها الزوج فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1370) : لو زوّج الأب ابنه الصغير ضمن المهر إن لم يكن للولد مال وإلا كان المهر على الولد.

(مسألة 1371) : للمرأة الامتناع من التمكين قبل الدخول حتى تقبض المهر إلا أن يكون المهر مؤجلاً فلا يجوز لها الامتناع وإن حل الأجل. ولا فرق بين الموسر والمعسر، وإذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر فلو امتنعت حينئذٍ صارت ناشزاً.

الفصل الثامن: في القسمة والنشوز

(مسألة 1372) : الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداءاً مع تعدد الزوجات بالمبيت ولكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الأخرى ليلة منها. والأحوط القسمة ابتداءاً، بل الأحوط القسمة وإن اتحدت الزوجة. ولو

ص: 307

وهبته إحداهن، وضع ليلتها حيث شاء ولو وهبت ضرتها بات عندها إن رضي بالهبة. والواجب المضاجعة ليلاً لا المواقعة.

(مسألة 1373) : إذا تزوج حرة وأمة أو كتابية كان للحرة ليلتان من ثمان والأمة او الكتابية ليلة من ثمان. ولا قسمة للمتمتع بها ولا للموطوءة بالملك. وتختص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ويستحب التسوية في الإنفاق على الزوجات.

(مسألة 1374) : يجب على الزوجة التمكين وإزالة المنفر، وله ضرب الناشزة من دون إدماء لحم، ولا كسر عظم بعد وعظها وهجرها على الترتيب ولو نشز طالبته ولها ترك بعض حقها أو كله استمالة ويحل قبوله

(مسألة 1375) : لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حَكَمَين من أهلهما أو أجنبيين مع تعذر أهلهما على الأحوط فإن رأيا الصلح أصلحا، وإن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق والبذل. ومع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها إن كان العصيان منها أو منهما، وإن كان من الزوج فقط رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع والإنفاق، أو الطلاق والتسريح، فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم.

الفصل التاسع: في أحكام الأولاد

(مسألة 1376) : يلحق ولد المرأة بزوجها في الدائم والمنقطع بشروط.

(الأول) : الدخول مع العلم بالإنزال أو احتماله أو الإنزال على فم الفرج.

(الثاني) : مضي ستة أشهر من حين الوطء ونحوه.

ص: 308

(الثالث) : عدم التجاوز عن أقصى الحمل وهو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة والمشهور الأول والأظهر الأخير.

(مسألة 1377) : لو غاب الزوج أو اعتزل زوجته أكثر من أقصى الحمل ثم ولدت لم يلحق الولد به.

(مسألة 1378) : القول قول الزوج في عدم الدخول ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف إلا باللعان في الدائم.

(مسألة 1379) : لا يجوز للزاني إلحاق ولد الزنا به وإن تزوج بأُمِّه بعد الزنا، وكذا لو زنى بأمة فأحبلها ثم اشتراها.

(مسألة 1380) : لو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني ودخوله بها، فهو للأول ويظهر كون عقد الثاني في العدة فتحرم عليه مؤبداً. وإن كان الإتيان به لستة أشهر فصاعداً من دخوله بها فهو للأخير، سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصى مدة الحمل من وطء الأول أم لم يمكن بان تجاوز المدة المذكورة من وطئه، ولو كان الاتيان بولد لأقل من ستة أشهر من الثاني وأكثر من أقصى الحمل من وطء الأول فليس الولد لهما، وكذا الأمة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج.

(مسألة 1381) : إذا طلقت المرأة فوطأها رجل في غير العدة الرجعية شبهة ،واشتبه إلحاق الولد بالمطلق والواطئ قيل يقرع بينهما وفي إلحاقه بالثاني مشكل، وكذا المتمتع بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة ووطأها رجل شبهة واشتبه إلحاق الولد بهما. وإذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثم ولدت وعلم لحوقه بالزوج أو الواطئ ألحق به، وإن اشتبه أمره ألحق بالزوج لأنه هو الذي يكون عنده كما في حديث علي بن جعفر.

ص: 309

(مسألة 1382) : لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد ولدين واشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.

(مسألة 1383) : الأمة إذا وطأها المولى فولدت ولداً ألحق به إلا إذا نفاه فيقبل نفيه ظاهراً ولا يجوز له نفيه بغير جزم. ولو وطأها المولى وأجنبي فجوراً فالولد للمولى، ولو وطأها المشتركون فتداعوه أحلق بمن تخرجه القرعة، ويغرم للباقين حصصهم من قيمة الأمة وقيمة ولدها يوم سقوطه حياً.

(مسألة 1384) : لو وطأ المرأة أجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد، فإن كان لها زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني.

(مسألة 1385) : المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق مع بناء الواطئ على استحقاقه له سواء كان معذوراً فيه شرعاً أم عقلاً أم غير معذور.

(مسألة 1386) : إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت ولحق بها الولد وبصاحب المني فإذا كان الولد أنثى لم يجز لصاحب المني تزويجها، وكذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه ولكن لا إثم عليها في ذلك.

(مسألة 1387) : يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن فيه ضرر كثير وإن لم يرض الزوج بذلك.

(مسألة 1388) : لا يجوز إسقاط الحمل وإن كان نطفة وفيه الدية كما يأتي في المواريث.

(مسألة 1389) : إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر استحقت الزوجة الرجم والبكر الجلد وكان على الزوجة مهر البكر ويلحق الولد بصاحب النطفة كما يلحق بالبكر للنص.

ص: 310

(مسألة 1390) : يجب عند الولادة استبداد النساء والزوج بالمرأة.

(مسألة 1391) : يستحب غسل المولود والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى وتحنيكه بتربة الحسين (عليه السلام) وبماء الفرات وتسميته باسم أحد الأنبياء والائمة (عليهم السلام) وتكنيته (ولا يكنى محمد بأبي القاسم) وحلق رأسه في اليوم السابع والعقيقة بعده والتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة وثقب أذنه وختانه فيه ويجب عليه الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله، وخفض الجواري مستحب وإن بلغن والأولى أن يكون بعد بلوغها سبع سنين.

(مسألة 1392) : يستحب أن يعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى وأن تكون سالمة من العيوب سمينة. وفي الروايات، هي شاة لحم يجزئ فيها كل شيء، وإن خيرها أسمنها، ويكره أن يأكل الأب منها أو أحد من عيال الأب والأحوط للأم الترك وتجزي الشاة والبقرة والبدنة والأفضل الكبش ويستحب أن تقطع جداول وقيل يكره أن تكسر العظام ويستحب أن تعطى القابلة منها الربع ويقسم الباقي على المؤمنين. وأفضل منه أن يطبخ ويعمل عليه وليمة. والأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد، كما أن الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماء وملحاً. وأما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء ودفنها فلم نعثر على مستنده.

(مسألة 1393) : من بلغ ولم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه.

(مسألة 1394) : لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها ومن ضحي عنه أجزأته الأضحية عن العقيقة.

(مسألة 1395) : أفضل المراضع الأم. وللحرة الأجرة على الأب إذا لم يكن للولد مال، وإلا فمن ماله. ومع موته فمن مال الرضيع إن كان له مال ،وإلا فمن مال من تجب نفقته عليه كما يأتي بيانه. ولا تجبر على إرضاعه وتجبر الأمة.

ص: 311

(مسألة 1396) : حد الرضاعة حولان وتجوز الزيادة على ذلك وأقله واحد وعشرون شهراً على المشهور. والأم أحق بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به غيرها من أجرة أو تبرع.

(مسألة 1397) : الأم أحق بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة على الولد إلى سنتين، وإن كانت أنثى فالأولى جعلها في حضانة الأم إلى سبع سنين، وتسقط الحضانة لو تزوجت ولا تسقط لو زنت.

(مسألة 1398) : لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو كان مملوكاً أو كافراً أو مجنوناً فالأم أولى به إلى أن يبلغ من الوصي للأب ومن الجد والجدة له وغيرهما من أقاربه وإن تزوجت.

(مسألة 1399) : لو ماتت الأم في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها وأبيها وأمها وغيرهما من أقاربها، وإذا فقد الأبوان فأب الأب أولى به. ومع فقده فالوصي لأحدهما ومع فقده فثبوت حق الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال.

(مسألة 1400) : إذا بلغ الولد رشيداً سقطت ولاية الأبوين عنه وكان له الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما.

(مسألة 1401) : إذا طلبت الأم أجرة للرضاع زائدة على غيرها أو وجد متبرع به وكان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال والأظهر سقوطه.

(مسألة1402) : لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1403) : حق الحضانة الذي يكون للأم ففي إسقاطه بإسقاطها محل تأمل. بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه.

ص: 312

(مسألة 1404) : الظاهر إن الأم تستحق الأجرة على الحضانة إلا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة.

(مسألة 1405) : إذا أخذ الأب أو غيره الطفل من أمه ولو عدواناً لم يكن عليه تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها.

(مسألة 1406) : يصح إسقاط حق الحضانة المستقبلة كما يصح إسقاطه يوماً فيوماً.

الفصل العاشر: في النفقات

وهي أقسام : نفقة الزوجة ونفقة الأقارب ونفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً.أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الإطعام والكسوة والسكنى والفراش والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة. والمشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز وهو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها وإن كان مثل سبه وشتمه وفيه إشكال.

(مسألة 1407) : الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسراً عليها لبرد أو غيره، كما أن منها أجرة مصاريف الولادة والفصد والحجامة عند الاحتياج إليهما، وكذلك أجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقياً، ولو احتاج إلى بذل مال خطير ما لم يكن ذلك حرجياً.

ص: 313

(مسألة 1408) : في وجوب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف إشكال. والاحتياط حسن، فإن الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة.

(مسألة 1409) : تجب النفقة للزوجة الدائمة، وإن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة. فإن طلقت رجعياً بقيت لها النفقة. فإن طلقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل وأما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت، وتقضى مع الفوات فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها.

(مسألة 1410) : يجب على الولد الإنفاق على الأبوين ويجب على الوالد الإنفاق على الولد ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذ الحقوق مثل الزكاة والخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضاً.

نعم لا يجب الإنفاق مع البذل خارجاً كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على الكسب.

(مسألة 1411) : يشترط في وجوب الإنفاق قدرة المنفق على الإنفاق فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الأقارب.

(مسألة 1412) : المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الأم، فإن فقدت فعلى أبيها وأمها بالسوية ولو كانت معهما أم الأب شاركتهما في النفقة وهو لا يخلو من إشكال وإن كان أحوط، ولا تجب النفقة على غير العمودين من الأخوة والأعمام والأخوال ذكوراً أو إناثاً وأولادهم.

(مسألة 1413) : نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة ،وهي مقدمة على نفقة الأقارب والأقرب منهم مقدم على الأبعد، فالولد مقدم على ولد الولد ولو تساووا وعجز عن الإنفاق عليهم تخير بينهم.

ص: 314

(مسألة 1414) : الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه، وله أن يجعلها في كسبه مع الكفاية، وإلا تممه المولى والأحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة.

(مسألة 1415) : الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطاً في صحة النكاح. فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها ولا بواسطة الحاكم، ولكن يجوز لها أن ترجع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق ،فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي وإذا امتنع القادر على النفقة عن الإنفاق جاز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيلزمه بأحد الأمرين من الإنفاق والطلاق، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب. نعم إذا كان الزوج مفقوداً وعلمت حياته وجب عليها الصبر وإن لم يكن له مال ينفق عليها منه ولا ولي ينفق عليها من مال نفسه. ويأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود.

(مسألة 1416) : لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الاستمتاع بها بل مطلقاً على الأقوى. فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزاً ولا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلا أن يكون منافياً لحق الاستمتاع.

(مسألة 1417) : ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والصابون ونحوها تملك الزوجة عينه فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها، ولها الاجتزاء بما يبذله لها منه كما هو المتعارف، فتأكل وتشرب من طعامه وشرابه وأما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن والخادم فلا إشكال في كونه إمتاعاً لا تمليكاً، فليس لها المطالبة بتمليكها إياه والظاهر أن الفراش والغطاء أيضاً كذلك. وأما الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال.

ص: 315

ولا يبعد أن الأول أقرب ولا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها ولا التصرف فيه على غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج، ويجوز لها ذلك كله في القسم الأول.

(مسألة 1418) : مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها ويستمر السقوط ما دامت كذلك، فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.

(مسألة 1419) : إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر وتعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها وامتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ إشكال.

(مسألة 1420) : إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته وكان يتمكن من الكسب وجب عليه، إلا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة ديناً عليه والظاهر وجوب الاستدانةعليه إذا علم التمكن من الوفاء أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب إشكال والأقرب عدم السقوط.

(مسألة 1421) : نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم أما الإسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال وإن كان الجواز أظهر، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الإسقاط لأنها واجبة تكليفاً محضاً.

(مسألة 1422) : يجزئ في الإنفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق ولا يجب عليه تمليكها ولا بذلها في دار أخرى ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته، إلا إذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الإنفاق.

(مسألة 1423) : إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر، ووجب على الزوج القيام بها. أما بذل أجور السفر ونحوها مما تحتاج إليه

ص: 316

من حيث السفر فإن كان السفر لشؤون حياتها بأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر إلى طبيب وجب على الزوج بذل ذلك، وإذا كان السفر أداءاً لواجب في ذمتها فقط كما إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل ذلك كما لا يجب عليه أداء الفدية والكفارة وفداء الإحرام ونحو ذلك من الواجبات التي لا تقوم بها حياتها.

(مسألة 1424) : إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنها وغير ذلك.

(مسألة 1425) : إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلقت رجعياً فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة وادعى الزوج أنه كان قبل الوضع وقد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

(مسألة 1426) : إذا اختلفا في الإعسار واليسار فادعى الزوج الإعسار وأنه لا يقدر على الإنفاق، وادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج موسراً وادعى تلف أمواله وأنه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

(مسألة 1427) : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها على زوجها وإن كانت غنية غير محتاجة.

(مسألة 1428) : يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك مما يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤنة فإذا اختار الثاني كانت مؤنة الإعداد على الزوج دون الزوجة.

ص: 317

كتاب الطلاق

اشارة

(مسألة 1429) : يشترط في المطلق البلوغ والعقل والاختيار والقصد فلا يصح طلاق الصبي وإن بلغ عشراً ولا المجنون وإن كان جنونه أدوارياً إذا كان الطلاق في دور الجنون ولا طلاق المكره وإن رضي بعد ذلك، ولا طلاق السكران ونحوه مما لا قصد له معتداً به ويجوز لولي المجنون أن يطلق عنه مع المصلحة، ولا يجوز لولي الصبي والسكران أن يطلق عنهما. وهل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة فيه إشكال.

(مسألة 1430) : يشترط في المطلقة دوام الزوجية فلا يصح طلاق المتمتع بها، ولا الموطوءة بملك اليمين، ويشترط أيضاً خلوها من الحيض والنفاس إذا كانت مدخولاً بها وكانت حائلاً، وكان المطلق حاضراً فلو كانت غير مدخول بها أو حاملاً مستبينة الحمل جاز طلاقها وإن كانت حائضاً، وكذا إذا كان المطلق غائباً وكان جاهلاً بحالها. ولا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فُوّض إليه أمر الطلاق، نعم يشترط في صحة طلاقه على الأحوط مضي مدة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر والأحوط أن لا يقل ذلك عن شهر. فإذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها وإن كانت حائضاً حال الطلاق وبحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنها حائض أو طاهر كالمحبوس كما أن الغائب الذي يقدر على معرفة أنها

ص: 318

حائض أو طاهر لا يصح طلاقه، وإن وقع الطلاق بعد المدة المزبورة، إلا إذا تبين أنها كانت طاهراً في حال الطلاق.

(مسألة 1431) : اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض فإذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر من الدخول بها وإن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.

(مسألة 1432) : يشترط في المطلقة أيضاً أن تكون طاهراً طهراً لم يجامعها زوجها فيه. فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح إلا إذا كانت صغيرة أو يائسة أو حاملاً مستبينة الحمل. فإن كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها وإن وقع في طهر قد جامعها فيه، ومثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلاً بذلك وكان طلاقها بعد انقضاءالمدة المتقدمة على الأحوط فإنه يصح الطلاق وإن كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض.

(مسألة 1433) : إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله ثم أخبرت أنها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلا بالبينة، ويكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.

(مسألة 1434) : لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح وأما إذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملاً ففي صحة طلاقه إشكال والاحتياط بإعادة الطلاق لا يترك، وكذا الإشكال فيما إذا وطأها حال الحيض عمداً أو خطأ ثم طلقها بعد أن طهرت من الحيض، بل لا يبعد فيه البطلان. وإذا طلقها اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهراً، أما صحته واقعاً فتابعة لتحقق الشرط واقعاً.

ص: 319

(مسألة 1435) : إذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض سواء أكان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في أيام إرضاعها أو في اوائل بلوغها جاز طلقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتى مضت ثلاثة أشهر فإنه إذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها وإن كان في طهر المجامعة.

(مسألة 1436) : يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات فلو كانت له زوجة واحدة فقال : زوجتي طالق صح، ولو كانت له زوجتان أو زوجات فقال زوجتي طالق فإن نوى معينة منهما أو منهن صح وقبل تفسيره وإن نوى غير معينة بطل على الأقوى.

(مسألة 1437) : يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر والغائب للحاضر والغائب.

(مسألة 1438) : الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول : أنت طالق وهي طالق أو فلانة طالق وفي وقوعه بمثل طلقت فلانة أو طلقتك أو أنت مطلقة أو فلانة مطلقة إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 1439) : لا يقع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة للقادر على النطق، ويقع بهما للعاجز عنه. ولو خيّرَ زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعياً، وقيل لا يقع أصلاً وهو الأقوى. ولو قيل له : هل طلقت زوجتك فلانة ؟ فقال : نعم، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك وقيل لا وهو الأقوى.

(مسألة 1440) : يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل الحصول أو الصفة المعلومة الحصول متأخراً فلو قال : إذا جاء زيد فأنت طالق، أو إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل. نعم إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوماً لصحةالطلاق كما إذا قال : إن كنت زوجتي فأنت طالق، أو

ص: 320

كانت الصفة المعلومة الحصول غير متأخرة كما إذا أشار إلى يده وقال إن كانت هذه يدي فأنت طالق، صح.

(مسألة 1441) : يشترط أيضاً في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين ولا يعتبر معرفة المرأة بعينها بحيث تصح الشهادة عليها فلو قال : زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صح وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها ولو طلقها وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج ولا شهادته وتكفي شهادة الوكيل على التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق.

فصل في أقسام الطلاق

الطلاق قسمان بدعة، وسنة :

(مسألة 1442) : الطلاق (بدعة ) هو طلاق الحائض الحائل، أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك، أو قبل المدة المعتبرة والطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس والصغر والحمل وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر وطلاق الثلاث إما مرسلاً بأن يقول : هي طالق ثلاثاً وإما ولاءاً بان يقول هي طالق، هي طالق، هي طالق، والكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة ويبطل الزائد

(مسألة 1443) : إذا طلق المخالف زوجته طلاقاً بدعياً جاز لنا تزويجها إلزاماً له بما ألزم به نفسه. ولو طلقها ثلاثاً بانت منه فلا يجوز له مراجعتها. نعم إذا تبصر بعد الطلاق جرى عليه حكم المتبصر.

(مسألة 1444) : الطلاق (سنةً) قسمان : بائن ورجعي.

(الأول) : طلاق اليائسة والصغيرة غير البالغة تسعاً وغير المدخول بها ولو دبراً والمختلعة والمباراة مع استمرار الزوجة على البذل والمطلقة ثلاثاً بينها

ص: 321

رجعتان ولو كان الرجوع بعقد جديد إن كانت حرة، والمطلقة طلقتين بينهما رجعة ولو بعقد جديد إن كانت أمة.

(الثاني) : ما عدا ذلك ويجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة.

(مسألة 1445) : الطلاق العدي هو أن يطلق زوجته مع اجتماع الشرائط بإتمامها تسع سنين وليست يائسة ولم يواقعها زوجها ثم يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها فيه ويواقعها ثم يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت آخر وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت في التاسعة تحريماً مؤبداً إذا كانت حرة أما إذا كانت أمة فإنها تحرم بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجاً آخر وفي السادسة تحرم مؤبداًوما عدا ذلك فليس بعدّي وإذا لم يكن الطلاق عدّياً فالمشهور أنها لا تحرم المطلقة مؤبداً وإن زاد عدد الطلاق على التسع لكنه لا يخلو من إشكال والاحتياط لا يترك بل التحريم مؤبداً غير بعيد.

(مسألة 1446) : تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقاً حتى تنكح زوجاً غيره والأمة المطلقة تحرم في الثاني كذلك حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1447) : الطلاق السني أقسام : سني بالمعنى الأعم وهو كل طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البدعي وسني مقابل العدّي وهو ما يراجع فيه في العدة من دون جماع، وسني بالمعنى الأخص وهو أن يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي العدة ثم يتزوجها.

(مسألة 1448) : المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللاً للزوجة بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة أمور : بلوغه ووطؤه قبلاً بالعقد الصحيح الدائم. فإذا فقد واحد منها لم تحل للأول ولكنه لا يخلو من إشكال في التزويج بالمراهق والوطء في الدبر نعم الاشتراط أحوط وكما يهدم

ص: 322

نكاحه الطلقات الثلاث يهدم ما دونها، فلو نكحت زوجاً آخر بعد تطليق الأول تطليقتين لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة، بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.

(مسألة 1449) : الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الإيقاعات فيصح إنشاؤه باللفظ مثل : رجعت بك وراجعتك وأرجعتك، إلى نكاحي ونحو ذلك، وبالفعل كالتقبيل بشهوة ونحو ذلك مما لا يحل إلا للزوج. ولا بد في تحقق الرجوع بالفعل من قصده فلو وقع من الساهي أو بظن أنها غير المطلقة أو نحو ذلك لم يكن رجوعاً. نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء وإن لم يقصده به.

(مسألة 1450) : لا يجب الإشهاد في الرجوع فيصح بدونه وإن كان الإشهاد أفضل، ويصح فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل : أرجعتك إلى نكاح موكلي أو رجعت بك، قاصداً ذلك صح.

(مسألة 1451) : يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض وبالشهور، ويقبل قول الرجل في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة إلى أصل الطلاق وعدم الحق له على زوجته. وأما بالنسبة إلى حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة على إخباره بالطلاق فلا يقبل قوله على الأظهر.

(مسألة 1452) : يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج وإخباره به إذا كان في أثناء العدة، أما بعد انقضاء العدة إذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدة فلا يقبل إلا بالبينة، وفي قبول شهادة شاهد ويمين الزوج إشكال وكذا بشهادة شاهد وامرأتين وإن كان الأظهر في الثاني القبول.

(مسألة 1453) : إذا طلقها فادعت الزوجة بعده أن الطلاق كان في الحيض وأنكره الزوج ففي كون القول قوله مع اليمين إشكال وإذا رجع الزوج وادعت الزوجة انقضاء عدتها صدقت وإذا علم بالرجوع وانقضاء العدة وشك في المتقدم والمتأخر فادعى الزوج تقدم الرجوع وادعت الزوجة تأخره كان القول

ص: 323

قول الزوج سواء أكان تاريخ انقضاء العدة معلوماً وتاريخ الرجوع مجهولاً، أم كان الأمر بالعكس أم كانا مجهولي التاريخ.

فصل في العدة

(مسألة 1454) : لا عدة في الطلاق على الصغيرة واليائسة وإن دخل بهما وعلى غير المدخول بها قبلاً ولا دبراً ويتحقق الدخول بإدخال الحشفة وإن لم ينزل، حراماً كان كما إذا دخل في نهار الصوم الواجب المعين، أو في حالة الحيض أو حلالاً.

(مسألة 1455) : عدة طلاق الزوجة الحرة غير الحامل في التي تحيض ثلاثة أطهار إذا كانت مستقيمة الحيض فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدة وأما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة أشهر مثلاً مرة فعدتها ثلاثة أشهر.

(مسألة 1456) : عدة طلاق الزوجة الأمة غير الحامل في التي تحيض وكانت مستقيمة الحيض طُهران فإذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة والأحوط انتظار الحيضة الأخيرة، وإن كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها خمسة وأربعون يوماً.

(مسألة 1457) : عدة طلاق الزوجة غير الحامل في التي لا تحيض - وهي في سن من تحيض لخلقة أو لعارض من رضاع أو غيره - ثلاثة أشهر ولو كانت ملفقة إن كانت حرة، وإن كانت أمة فعدتها خمسة وأربعون يوماً.

(مسألة 1458) : عدة طلاق الزوجة الحامل، وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول، إلى وضع الحمل ولا فرق بين الحرة والأمة.

(مسألة 1459) : عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلاً أربعة أشهر وعشرة أيام، صغيرة كانت أم كبيرة يائسة كانت أم غيرها مسلمة كانت أم

ص: 324

غيرها مدخولاً بها أم غير مدخول دائمة كانت أم متمتعاً بها ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير والحر والعبد والعاقل وغيره والأحوط استحباباً أن تكون الشهور عددية فتكون المدة مائة وثلاثين يوماً وإن كانت حرة حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة ووضع الحمل كما سبق.

(مسألة 1460) : عدة الأمة الحائل ذات الولد من الوفاة كعدة الحرة على الأقوى أربعة أشهر وعشرة أيام سواء أكان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها إذا كانت مزوجة وكذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها إذا كانت موطوءة له. وأما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران وخمسة أيام، أما إذا كانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من عدة الحائل ومن وضع الحمل.

(مسألة 1461) : يجب على المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة بترك الزينة في البدن واللباس مثل الكحل والطيب والخضاب والحمرة وماء الذهب ولبس مثل الأحمر والأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف. وربما يكون لباس الأسود كذلك إما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه مخططاً. وبالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه ومنه الحلي، ولا بأس بما لا يعد زينة مثل تنظيف البدن واللباس وتقليم الأظفار ودخول الحمام، ولا فرق بين المسلمة والذمية، ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير، والأقوى عدم ثبوت الحداد في الصغيرة، كما أن الظاهر اختصاص الوجوب بالحرة فلا يجب على الأمة. نعم الأقوى وجوبه على المتمتع بها كالدائمة. والظاهر أنه ليس شرطاً في العدة، فلو تركته عمداً أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدة، ولا يجب عليها استئنافها والأقوى جواز خروجها من بيتها على كراهية إلا لضرورة أو أداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة.

(مسألة 1462) : إذا وطأ أمته ثم أعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة أطهار إن كانت مستقيمة الحيض وإلا فبثلاثة أشهر.

ص: 325

(مسألة 1463) : إذا طلق زوجته رجعياً فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة. فإن كانت حرة اعتدت عدة الحرة، وإن كانت أمة اعتدت عدة الأمة للوفاة. أما لو كان الطلاق بائناً أكملت عدة الطلاق لا غير، حرة كانت أم أمة.

(مسألة 1464) : الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحامل أعم مما كان سقطاً تاماً وغير تام، حتى لو كان مضغة أو علقة.

(مسألة 1465) : إذا كانت حاملاً باثنين لم تخرج من العدة إلا بوضع الاثنين.

(مسألة 1466) : لا بد من العلم بوضع الحمل فلا يكفي الظن به فضلاً عن الشك. نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة وإن لم تفد الظن

(مسألة 1467) : المشهور أنه يعتبر في انقضاء عدة الحامل بوضع حملها، إلحاق الولد بذي العدة فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيداً عنها بحيث لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدة منه بل تكون عدتها الأقراء أو الشهور. والأقوى الخروج والاحتياط في محله.

(مسألة 1468) : الغائب إن عرف خبره وعلمت حياته صبرت امرأته، وكذا إن جهل خبره وأنفق عليها وليه من مال الغائب أو من مال نفسه، وإن لم يكن للغائب مال ولم ينفق الولي عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، وإن لم تصبر فالمشهور أنها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين ثم يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها فإن علم حياته صبرت وإن علم موته اعتدت عدة الوفاة وإن جهل حاله وانقضت الأربع سنين أمر الحاكم وليه بأن يطلقها فإن امتنع أجبره فإن لم يكن له ولي أو لم يمكنإجباره طلقها الحاكم ثم اعتدت عدة الوفاة، وليس عليها حداد فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية

ص: 326

عن زوجها وجاز لها أن تتزوج من شاءت. وإذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل، وما ذكره المشهور قريب وإن منعه بعض.

(مسألة 1469) : لو كانت للغائب زوجات أخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزي بمضي المدة المذكورة والفحص عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى تأجيل وفحص جديد ؟ وجهان أقربهما الأول.

(مسألة 1470) : لا يبعد الاجتزاء بمضي الأربع سنين بعد فقد الزوج، مع الفحص فيها وإن لم يكن بتأجيل من الحاكم، ولكن الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقداراً ما، ثم يأمر بالطلاق أو يطلق والأحوط الأولى أن يكون التأجيل من قبل الحاكم والفحص في تلك المدة من قبله.

(مسألة 1471) : لو فقد الزوج في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة بحيث دلت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة.

(مسألة 1472) : لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة فإن احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيداً لزم الفحص وإن تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص ولكن يجب الانتظار تمام المدة على الأحوط

(مسألة 1473) : لو تمت المدة واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب، بل يكتفي بالفحص في المدة المضروبة.

(مسألة 1474) : لا فرق في المفقود بين المسافر ومن كان في معركة قتال ومن انكسرت سفينته ففقد.

(مسألة 1475) : يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص وإن كان النائب نفس الزوجة، ويكفي في النائب الوثاقة ولا فرق في الزوج بين الحر والعبد وكذلك الزوجة والظاهر اختصاص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة.

ص: 327

(مسألة 1476) : الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة. وإذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها، وإذا مات أحدهما في العدة ورثه الآخر ولو مات بعد العدة فلا توارث بينهما.

(مسألة 1477) : ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر يجوز للحاكم أن يطلق زوجته وكذلك المحبوس الذي لا يمكن إطلاقه من الحبس أبداً إذا لم تصبر زوجته على هذه الحال وما ذكره قدس سره بعيد. وأبعد منه ما ذكره أيضاً من أن المفقود إذا أمكن إعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الأجل والفحص لكن كان ذلك موجباً للوقوع في المعصية تجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك ولازم كلامه جواز المبادرة إلى طلاق الزوجة بلا إذن من الزوج إذا علم كون بقائها على الزوجية موجباً للوقوع في المعصية، وهو كما ترى.

(مسألة 1478) : مر أن الزوج إذا كان ممتنعاً من الإنفاق على زوجته مع استحقاقها النفقة عليه رفعت أمرها إلى الحاكم فيأمر زوجها بالإنفاق أو الطلاق فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم والظاهر أن الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج الرجوع بها أثناء العدة، وعدتها عدة الطلاق.

(مسألة 1479) : عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وإن كانت حائلاً مستقيمة الحيض فبالأقراء وإلا فبالشهور ،وكذا المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب أو نحوه أو بانفساخ لارتداد أو رضاع أو غيره. نعم إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة. أما إذا كان الفسخ قبل الدخول فلا عدة عليها.

هذا في الحرة وحكم الأمة حكم الحرة فيما ذكرناه على الأحوط.

ص: 328

(مسألة 1480) : لا عدة على المزني بها من الزنا إن كانت حرة ولا استبراء عليها إن كانت أمة، فيجوز لزوجها أن يطأها ويجوز التزويج بها للزاني وغيره، لكن الأحوط لزوماً أن لا يتزوج بها الزاني إلا بعد استبرائها بحيضة.

(مسألة 1481) : الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة وفي جواز سائر الاستمتاعات منع، والظاهر أنه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت خلية.

(مسألة 1482) : مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه، حاضراً كان الزوج أو غائباً. ومبدأ عدة الوفاة في الحاضر من حينها، وفي الغائب ومن بحكمه كالمحبوس من حين بلوغ خبر الوفاة، بل لا يبعد ذلك في الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته إلا بعد مدة، وفي عموم الحكم للأمة إذا مات من له العدة وعلمت به بعد مدة إشكال، وكذا الإشكال في عمومه للصغيرة والمجنونة وهل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر ؟ وجهان أظهرهما ذلك ومبدأ عدة الفسخ من حينه وكذا مبدأ عدة وطء الشبهة من حين زوال الشبهة على الأظهر.

(مسألة 1483) : المطلقة بائناً بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة على زوجها ولا تجب عليها إطاعته ولا يحرم عليها الخروج بغير إذنه أما المطلقة رجعياً فهي بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير إذن ويجوز ،بل يستحب لها إظهار زينتها له، وتجب عليه نفقتها وتجب عليها إطاعته، ويحرم عليها الخروج من بيته بغير إذنه على ما مر ويتوارثان إذا مات أحدهما في أثناء العدة ولا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق إلى بيت آخر إلاّ أن تأتي بفاحشة مبينة، كما إذا كانت بذيئة اللسان وفي ترددها على الأجانب أو ترددهم مشكل بأن يكون سبباً لإخراجها. ولو اضطرت إلى الخروج بغير إذن زوجها فالأحوط أن يكون بعد نصف الليل وترجع قبل الفجر إذا أدت الضرورة بذلك.

ص: 329

(مسألة 1484) : إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة واحتاجت في انتهاء عدتها إلى أطهار ثلاثة أخرى فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة.

(مسألة 1485) : إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول الطهر ومرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدة وكانت عدتها الشهور لا الأطهار، وإذا كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الأطهار لا الشهور، وإذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحر مثلاً أقل من ثلاثة أشهر مرة وفي البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة، اعتدت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضاً. نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها ورأت الدم مرة ثم ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنه حمل أو سبب آخر انتظرت تسعة أشهر من يوم طلاقها فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر وخرجت بذلك عن العدة.

(مسألة 1486) : إذا رأت الدم مرة ثم بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين.

(مسألة 1487) : تختص العدة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلاً سواء كانت الموطوءة عالمة أم جاهلة، أما إذا كان الواطئ عالماً والموطوءة جاهلة فالظاهر أنه لا عدة له عليها.

(مسألة 1488) : إذا طلق زوجته بائناً ثم وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان بأن تستأنف عدة للوطء وتشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحد أو من جنسين بأن يطلقها حاملاً ثم وطأها أو طلقها

ص: 330

حائلاً ثم وطأها فحملت أو لا تتداخل قولان: أشهرهما الثاني والأول أحوط، بل لا يبعد ذلك لو وطأها أجنبي شبهة، ثم طلقها زوجها أو بالعكس ولكن لا يترك الاحتياط بتعدد العدة حينئذ، وكذا إذا وطأها رجل شبهة ثم وطأها آخر كذلك. نعم لا ينبغي الإشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهة مرة بعد أخرى.

(مسألة 1489) : إذا طلق زوجته غير المدخول بها ولكنها كانت حاملاً بإراقته على فم الفرج اعتدت عدة الحامل وكان له الرجوع فيها.

فصل في الخلع والمباراة

وهما نوعان من الطلاق على الأقوى فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1490) : يقع الخلع بقوله : أنت طالق على كذا، وفلانة طالق على كذا، وبقوله : خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتحفيهما وفي الكسر إشكال، وإن لم يلحق بقوله : أنت طالق أو هي طالق وإن كان الأحوط الوجوبي إلحاقه به ولا يقع بالتقايل بين الزوجين.

(مسألة 1491) : يشترط في الخلع الفدية ويعتبر فيها أن تكون مما يصح تمليكه، وأن تكون معلومة قدراً ووصفاً ولو في الجملة على الأحوط، وأن يكون بذلها باختيار المرأة فلا تصح مع إكراهها على بذلها سواء كان الإكراه من الزوج أم من غيره ويجوز أن تكون أكثر من المهر وأقل منه ومساوية له، ويشترط في الخلع أيضاً كراهة الزوجة للزوج فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خلعاً ولم يملك الزوج الفدية. والأحوط أن تكون الكراهة بحد يخاف منها الوقوع في الحرام.

(مسألة 1492) : يشترط في الخلع عدم كراهة الزوج لها وحضور شاهدين عادلين حال إيقاع الخلع، وأن لا يكون معلقاً على شرط مشكوك الحصول ولا معلوم الحصول إذا كان مستقبلاً. وإذا وقع بدون حضور شاهدين

ص: 331

عادلين بطل من أصله وكذا إذا كان معلقاً على شرط. نعم إذا كان معلقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال : خلعتك إن كنت زوجتي أو إن كانت كارهة صح.

(مسألة 1493) : يشترط في الزوج الخالع البلوغ والعقل والاختيار والقصد، ولا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ ولا العقل على الأقوى فيصح خلعها ويتولى الولي البذل.

(مسألة 1494) : يشترط في الخلع أن تكون الزوجة حال الخلع طاهراً من الحيض والنفاس، وأن لا يكون الطهر طهر مواقعة فلو كانت حائضاً أو نفساء أو طاهرة طهراً واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع. نعم اعتبار ذلك إنما هو إذا كانت قد دخل بها بالغة غير آيس حائلاً وكان الزوج حاضراً، أما إذا لم تكن مدخولاً بها أو كانت صغيرة أو يائسة أو حاملاً، أو كان الزوج غائباً صح خلعها وإن كانت حائضاً أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة. نعم الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم الحاضر، والحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب على نحو ما تقدم في الطلاق.

(مسألة 1495) : يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلا أو بعضاً ما دامت في العدة وإذا رجعت كان للزوج الرجوع بها، وإذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى خرجت عن العدة كان رجوعها بها لغواً، وكذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدة، لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً أو كان الزوج قد تزوج بأختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل أو نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة.

(مسألة 1496) : لا توارث بين الزوج والمختلعة لو مات أحدهما في العدة، إلا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة.

ص: 332

(مسألة 1497) : لو كانت الفدية المسلَّمة مما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير بطل الخلع، ولو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع والرجوع إلى البدل وبطلانه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1498) : إذا خلعها على خلًّ فبان خمراً بطل البذل، بل الخلع أيضاً على الأظهر، ولو خلعها على ألف ولم يعين بطل، إلا اذا كانت هناك قرينة تدل بان مراده الدرهم او الدينار او الثوب.

(مسألة 1499) : قد عرفت أنه إذا بذلت له على أن يطلقها وكانت كارهة له فقال : أنت طالق على كذا، صح خلعها وإن تجرد عن لفظ الخلع، أما إذا لم تكن كارهة له فلا يصح خلعها وهل يصح طلاقها فيه إشكال وخلاف. والأقرب البطلان، إلا إذا ملك البذل بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه. كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، والطلاق حينئذ رجعي لا خلعي حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع، إلا أنه يحرم عليه مخالفة الشرط، لكنه إذا خالف ورجع صح رجوعه ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.

(مسألة 1500) : الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع. نعم لا تبعد صحة البذل والطلاق ويكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، وكذا لو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه. نعم إذا ملكها الغير ماله فبذلته صح الخلع ولو بذل السيد لزوج أمته على أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع وإلزام المولى به إشكال.

(مسألة 1501) : لو خالعها على عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب فإن رضي به صح الخلع وإن رده بطل الخلع وصح طلاقها بلا عوض وكذا لو خالعها على عين فتبين أنها معيبة.

ص: 333

(مسألة 1502) : الأحوط المبادرة إلى إيقاع الطلاق والخلع من الزوج بعد إيقاع البذل من الزوجة بلا فصل، فإذا قالت له : طلقني على ألف درهم لزم فوراً أن يقول : أنتِ طالق على ألف درهم.

(مسألة 1503) : يجوز أن يكون البذل والخلع بمباشرة الزوجين وبتوكيلهما وبالاختلاف، فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول :

بذلت لك كذا على أن تطلقني، فيقول الزوج أنت مختلعة على كذا فأنت طالق، وفي جواز ابتداء الزوج بالطلاق وقبول الزوجة بعده إشكال، وإذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة : بذلت لك كذا على أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج موكلتك فلانة زوجة موُكلي مختلعة على كذا فهي طالق، وفي جواز ابتداء وكيل الزوج وقبول وكيل الزوجة بعده إشكال كما تقدم.

(مسألة 1504) : الكراهة المعتبرة في صحة الخلع أعم من أن تكون لذاته، كقبح منظره وسوء خلقه، أو عرضية من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على خلاف ذوق الزوجة من دون أن يكون ظلماً لها واغتصاباً لحقوقها الواجبة كالقسم والنفقة، وأما إذا كان منشأ الكراهة شيئاً من ذلك فالظاهر عدم صحة البذل فلا يقع الطلاق خلعاً.

(مسألة 1505) : المباراة كالخلع وتفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعاً وبلزوم إتباعها بالطلاق فلا يجتزأ بقوله : بارأت زوجتي على كذا حتى يقول : فأنت طالق أو هي طالق كما أنه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق فقط ولا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.

(مسألة 1506) : طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة فإذا رجعت فيه في العدة جاز له الرجوع بها على ما تقدم في الخلع.

ص: 334

ص: 335

كتاب الظِهَار

(مسألة 1507) : الظهار حرام وقيل أنه معفو عنه ولم يثبت.

(مسألة 1508) : يتحقق الظهار بأن يقول لزوجته أو أمته : أنت أو هند أو نحوهما -- مما يميزها عن غيرها -- عليَّ كظهر أمي، وفي ثبوت الظهار ،في التشبيه بغير الظهر من اليد والرجل ونحوهما إشكال. والأحوط تركه، ويلحق بالأم جميع المحرمات النسبية، كالعمة والخالة وغيرهما ولا تلحق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة النسبية في ذلك.

(مسألة 1509) : لو قالت الزوجة لزوجها أنت عليَّ كظهر أبي لم يتحقق الظهار.

(مسألة 1510) : يعتبر في الظهار سماع شاهدي عدل قول المظاهر، وكماله بالبلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب، وإيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضراً. ومثلها تحيض.

(مسألة 1511) : كما يقع الظهار في الزوجة الدائمة يقع في المتمتع بها، وكذلك في الأمة ويصح مع التعليق على الشرط أيضاً حتى الزمان على الأقوى. نعم لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال إن كلمتك فأنتِ عليّ كظهر أمي، أو البعث على فعل كما لو قال إن تركت الصلاة فأنتِ عليَّ كظهر أمي.

(مسألة 1512) : لا يقع الظهار على غير المدخول بها ولا يقع في إضرار على الأحوط.

ص: 336

(مسألة 1513) : لو قُيِّد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته إشكال.

(مسألة 1514) : يحرم الوطء بعد الظهار فلو أراد الوطء لزمه التكفير أولاً ثم يطأها. فإن طلق وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر، ولو خرجت عن العدة أو كان الطلاق بائناً وتزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده وكان المرتد الرجل عن فطرة فلا كفارة.

(مسألة 1515) : لو وطأ المظاهر قبل التكفير عامداً لزمته كفارتان إحداهما للوطء والأخرى لاإرادة العود إليه وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء، كما أنها تتكرر بتكررالظهار مع تعدد المجلس. أما مع اتحاده ففيه إشكال، ولو عجز لم يجزئه الاستغفار على الأحوط.

(مسألة 1516) : إذا رافعت المظاهرة زوجها إلى الحاكم أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة فيضيّق عليه بعدها حتى يكفِّر أو يطلِّق.

(مسألة 1517) : لو ظاهر زوجته الأمة ثم اشتراها ووطأها بالملك فلا كفارة.

ص: 337

كتاب الإيلاء

(مسألة 1518) : الإيلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة. ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى ولا لغير إضرار فلو كان لمصلحة وإن كانت راجعة إلى الطفل لم ينعقد إيلاء، بل انعقد يميناً وجرى عليه حكم الأيمان.

(مسألة 1519) : يشترط في الإيلاء وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد وإن كان عبداً أو خصياً، بل مجبوباً على إشكال قوي فيمن لا يتمكن من الإيلاج.

(مسألة 1520) : لا بد في الإيلاء أن تكون المرأة منكوحة بالدائم مدخولاً بها وأن يولي مطلقاً أو أزيد من أربعة أشهر.

(مسألة 1521) : إذا رافعت الزوجة زوجها بعد الإيلاء إلى الحاكم أنظره الحاكم إلى أربعة أشهر من حين المرافعة فإن رجع وكَفّر بعد الوطء، وإلاّ ألزمه بالطلاق أو الفيئة والتكفير ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يقبل أحدهما فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم ولو طلّق وقع الطلاق رجعياً وبائناً على حسب اختلاف موارده.

(مسألة 1522) : لو آلى مدة فدافع حتى خرجت، فلا كفارة عليه. وعليه الكفارة لو وطأ قبله.

(مسألة 1523) : لو ادعى الوطء فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1524) : فيئة القادر هو الوطء قبلاً، وفيئة العاجز إظهار العزم على الوطء مع القدرة.

ص: 338

(مسألة 1525) : لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

ص: 339

كتاب اللِعَان

(مسألة 1526) : سبب اللعان قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة، وفي ثبوته بإنكار ولد يلحق به ظاهراً بدون القذف إشكال.

(مسألة 1527) : يشترط في الملاعن والملاعنة التكليف وسلامة المرأة من الصمم والخرس ودوام النكاح والدخول، وصورته أن يقول الرجل : أربع مرات

أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة، ثم يقول : إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين، ثم تقول المرأة أربع مرات : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، ثم تقول : إن غضب الله عليّ إن كان من الصادقين فتحرم عليه أبداً، ويجب التلفظ بالشهادة، وقيامهما عند التلفظ وبدء الرجل وتعيين المرأة والنطق بالعربية مع القدرة، ويجوز غيرها مع التعذر والبدأة بالشهادة ثم باللعن في الرجل، والمرأة تبدأ بالشهادة ثم بالغضب ويستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة ووقوف الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره وحضور من يستمع اللعان، والوعظ قبل اللعن والغضب.

(مسألة 1528) : لو أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان فلا يحد للقذف، ولم يزل التحريم. ولو أكذب في أثنائه يحد ولا تثبت أحكام اللعان.

(مسألة 1529) : إذا اعترف الرجل بعد اللعان بالولد ورثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنا أربعاً ففي الحد تردد. والأظهر العدم، ولو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة بإرخاء الستر، فالأقرب ثبوت اللعان والله العالم بحقائق الأحكام.

ص: 340

ص: 341

كتاب العِتْق

وفيه فصول

الفصل الأول: في الرق

(مسألة 1530) : يختص الاسترقاق بأهل الحرب، وبأهل الذمة إن أخلّوا بالشرائط على تفصيل في محله فإن أسلموا بقي الرق بحاله فيهم وفي أعقابهم.

(مسألة 1531) : يحكم على المقر بالرقية إذا كان مختاراً بالغاً.

(مسألة 1532) : لا يقبل قول مدعي الحرية إذا كان يباع في الأسواق إلا ببينة.

(مسألة 1533) : لا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علا، والأولاد وإن نزلوا، ولا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء. ولو ملك أحد هؤلاء عتق، وحكم الرضاع حكم النسب.

الفصل الثاني: في صيغة العتق

(مسألة 1534) : الصريح من صيغة العتق : أنت حر، وفي لفظ العتق إشكال أظهره الوقوع به، ولا يقع بغيرهما ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة، ولا يقع معلقاً على شرط ولا في يمين كما إذا قال إن كلمت زيداً فعبدي حر، ولو شرط مع العتق شيئاً من خدمة وغيرها جاز.

(مسألة 1535) : يشترط في المعتق البلوغ والاختيار والقصد والقربة، ويشترط في المعتَق بالفتح الملك. وفي اشتراط إسلامه إشكال، والأقرب العدم.

ص: 342

ويكره عتق المخالف ويستحب أن يعتق من مضى عليه في ملكه سبع سنين فصاعداً.

(مسألة 1536) : لو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة، ولو أعتق بعض عبده أعتق كله، ولو كان شريك فيه قومت عليه حصة شريكه، ولو كان معسراً سعى العبد في النصيب.

(مسألة 1537) : لو أعتق الحبلى فالوجه تبعية الحمل له.

(مسألة 1538) : من أسباب العتق عمى المملوك وجذامه، وتنكيل المولى به، وإسلام العبد وخروجه عن دار الحرب قبل مولاه، وكذا الإقعاد على المشهور المدعى عليه الإجماع ويحتمل ذلك في الجنون.

(مسألة 1539) : لو مات ذو المال وله وارث مملوك لا غير، اشتري من مولاه وأعتق وأعطي الباقي، ولا فرق بين المملوك الواحد والمتعدد

الفصل الثالث: في التدبير

(مسألة 1540) : التدبير أن يقول المولى لعبده : أنت حر بعد وفاتي، ونحو ذلك مم دل صريحاً على ذلك من العبارات ويعتبر صدروه من الكامل القاصد المختار ،فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية. وله الرجوع متى شاء، وهو متأخر عن الدين.

(مسألة 1541) : لو دبر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل. فلا يدبر بمجرد تدبيرها. هذا فيما لم يعلم المولى بحملها، وإلا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبراً. وحينئذ يصح رجوعه في تدبير الأم ولا يصح رجوعه في تدبير ولدها على الأقوى.

ص: 343

(مسألة 1542) : ولد المدبر المولود بعد تدبير أبيه إذا كان مملوكاً لمولاه مدبر. ولا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه وينعتقون من الثلث فإن قصر استسعوا.

(مسألة 1543) : إباق المدبر إبطال لتدبيره وتدبير أولاده الذين ولدوا بعد الإباق.

الفصل الرابع: في الكتابة

وهي قسمان : مطلقة ومشروطة :

(مسألة 1544) : المكاتبة المطلقة أن يقول المولى لعبده أو أمته : كاتبتك على كذا، على أن تؤديه في نجم كذا، إما في نجم واحد أو نجوم متعددة فيقول العبد : قبلت، فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي، وليس له ولا لمولاه فسخ الكتابة وإن عجز يفك من سهم الرقاب وفي وجوب ذلك تأمل.

(مسألة 1545) : المكاتب المطلق إن أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه من الحرية، وإن مات ولم يتحرر منه شيء كان ميراثه للمولى، وإن تحرر منه شيء كان لمولاه من ماله بقدر الرقية ولورثته الباقي، ويؤدون ما بقي من مال الكتابة إن كانوا تابعين له في الحرية والرقية. ولو لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم، ومع الأداء ينعتقون. ولو أوْصى أو أُوصيَ له بشيء صح بقدر الحرية، وكذا لو وجب عليه حد ولو وطأ المولى أمته المكاتبة حد بنصيب الحرية.

(مسألة 1546) : المكاتبة المشروطة أن يقول المولى بعد ما قاله في المطلقة فإن عجزت فأنت رد في الرق. وهذا لا يتحرر منه شيء إلا بأداء جميع ما عليه فإن عجز رُدَّ في الرق، وحد العجز أن يؤخر نجماً عن وقته لا عن مطل، إلا أن

ص: 344

يكون الشرط عدم التأخير مطلقاً، والمدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط ويستحب للمولى الصبر عليه.

(مسألة 1547) : لا بد في صحة المكاتبة في المولى من جواز التصرف وفي العبد من البلوغ وكمال العقل وفي العوض من كونه ديناً مؤجلاً على قول، عيناً كان أو منفعة كخدمة سنة معلوماً مما يصح تملكه.

(مسألة 1548) : إذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة وكان ماله وأولاده لمولاه.

(مسألة 1549) : ليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلاّ بإذن المولى وينقطع تصرّف المولى عن ماله بغير الاستيفاء بإذنه.

(مسألة 1550) : لو وطأ مكاتبته فلها المهر وليس لها أن تتزوج بدون إذن المولى. وأولادها بعد الكتابة مكاتبون إذا لم يكونوا أحراراً، كما إذا كان زوجها حراً.

ص: 345

ص: 346

كتاب الأَيْمَان والنُذور

وفيه فصول

الفصل الأول في اليمين

(مسألة 1551) : ينعقد اليمين بالله بأسمائه المختصة، أو بما دل عليه جل وعلا مما ينصرف إليه، وكذا مما لا ينصرف إليه على الأحوط وينعقد لو قال : والله لأفعلن أو بالله أو برب الكعبة أو تالله أو أيم الله أو لعمر الله أو أقسم بالله أو أحلف برب المصحف ونحو ذلك، ولا ينعقد ما إذا قال وحق الله إلا إذا قصد به الحلف بالله تعالى، ولا ينعقد اليمين بالبراءة من الله أو من أحد الأنبياء والأئمة عليهم السلام ويحرم اليمين بها

(مسألة 1552) : يشترط في الحالف التكليف والقصد والاختيار، ويصح من الكافر وإنما ينعقد على الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية، ولو تساوى متعلق اليمين وعدمه في الدين والدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضى اليمين.

(مسألة 1553) : لا يتعلق اليمين بفعل الغير وتسمى يمين المناشدة كما إذا قال : والله لتفعلن، ولا بالماضي ولا بالمستحيل فلا يترتب أثر على اليمين في جميع ذلك.

(مسألة 1554) : لو حلف على أمر ممكن ولكن تجدد له العجز مستمراً إلى انقضاء الوقت المحلوف عليه أو إلى الأبد إن لم يكن له وقت انحلت اليمين.

ص: 347

(مسألة 1555) : يجوز أن يحلف على خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة كدفع الظالم عن ماله، أو مال المؤمن ولو مع إمكان التورية، بل قد يجب الحلف إذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك.

(مسألة 1556) : لو حلف واستثنى بالمشيئة انحلت اليمين كما إذا قال : إن شاء الله قاصداً به التعليق. أما إذا كان قصده التبرك لزمت.

(مسألة 1557) : لا يمين للولد مع الأب، ولا للزوجة مع الزوج، ولا للعبد مع المولى بمعنى أن للأب حل يمين الولد، وللزوج حل يمين الزوجة، وللمولى حل يمين العبد، بل لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.

(مسألة 1558) : إنما تجب الكفارة بحنث اليمين بأن يترك ما يجب فعله أو يفعل ما يجب عليه تركه باليمين، لا بالغموس وهي اليمين كذباً على وقوع أمر وقد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذباً ولا يجوز أن يحلف إلا مع العلم.

الفصل الثاني في النذر

(مسألة 1559) : يشترط في الناذر التكليف والاختيار والقصد وإذن المولى للعبد وفي اعتبار إذن الزوج في نذر ما لا ينافي حقه إشكال ولا يبعد عدم اعتباره ولا سيما في نذر الزوجة أمراً لا يتعلق بمالها، أما نذر ما ينافي حق الزوج فلا إشكال في اعتبار إذنه في صحته، ولو كان لاحقاً إذا كان النذر في حال زوجيتها، بل إذا كان قبلها أيضاً على الأظهر. وأما نذر الولد فالظاهر أنه لا ينعقد مع نهي والده عما تعلق به النذر وينحل بنهيه عنه بعد النذر

(مسألة 1560) : النذر إما نذر بر شكراً كقوله : إن رزقت ولداً فلله عليّ كذا، أو استدفاعاً لبلية كقوله : إن برئ المريض فلله علي كذا وإما نذر زجر كقوله : إن فعلت محرماً فللّه عليّ كذا أو إن لم افعل الطاعة فلله عليّ كذا، وإما

ص: 348

نذر تبرع كقوله : لله علي كذا، ومتعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة لله مقدوراً للناذر.

(مسألة 1561) : يعتبر في النذر أن يكون لله فلو قال : علي كذا ولم يقل لله لم يجب الوفاء به. ولو جاء بالترجمة فالأظهر وجوب الوفاء به.

(مسألة 1562) : لو نذر فعل طاعة ولم يعيّن، تصدق بشيء أو صلى ركعتين أو صام يوماً أو فعل أمراً آخر من الخيرات، ولو نذر صَوْمَ حين كان عليه ستة أشهر، أو قال زماناً فخمسة أشهر ففيها تأمل، ولو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي أنه ثمانون درهماً وعليه العمل، ولو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر فصاعداً في ملكه. هذا كله إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه وإلا كان العمل عليها. ولو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة فإن قصد عتق الواحد عيّنه بالقرعة، وإن قصد عتق كل مملوك ملكه أولاً فعليه عتق الجميع.

(مسألة 1563) : لو عجز عما نذر سقط فرضه إذا استمر العجز فلو تجددت القدرة عليه في وقته وجب وإذا أطلق النذر لا يتقيّد بوقت ولو قيده بوقت معين أو مكان معين لزم.

(مسألة 1564) : لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر أو المرض أو حاضت المرأة أو نفست أو كان عيداً أفطر ولزمه القضاء، ولو أفطر عمداً لزمته الكفارة أيضاً.

(مسألة 1565) : لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هدياً لبيت الله تعالى أو المشاهد، استعملت في مصالح البيت أو المشهد فإن لم يمكن ذلك بيعت وصرف ثمنها في مصالحه من سراج وفراش وتنظيف وتعمير وغير ذلك.

ص: 349

(مسألة 1566) : لو نذر شيئاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو لولي فالمدار على قصد الناذر ويرجع في تعيينه مع الشك إلى ظاهر كلام الناذر ولو لم يقصد إلا نفس هذا العنوان يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كالإنفاق على زواره الفقراء أوالإنفاق على حرمه الشريف ونحو ذلك. ولو نذر شيئاً لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه، فينفق على عمارته أو إنارته أو في شراء فراش له وما إلى ذلك من شؤونه.

الفصل الثالث في العهود

(مسألة 1567) : العهد أن يقول عاهدت الله أو عليّ عهد الله أنه متى كان كذا فعليّ كذا، والظاهر انعقاده أيضاً لو كان مطلقاً غير معلّق وهو لازم ومتعلقه كمتعلق النذر على إشكال ولا ينعقد النذر، بل العهد أيضاً إلا باللفظ وإن كان الأحوط فيه أن لا يتخلف عما نواه.

(مسألة 1568) : لو عاهد الله أن يتصدق بجميع ما يملكه وخاف الضرر قوّمه وتصدق به شيئاً فشيئاً حتى يوفي.

ص: 350

كتاب الكفارات

(مسألة 1569) : الكفارة قد تكون مرتبة وقد تكون مخيّرة، وقد يجتمع فيها الأمران، وقد تكون كفارة الجمع.

(مسألة 1570) : كفارة الظهار، وقتل الخطأ، مرتبة ويجب فيهما عتق رقبة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وكذلك كفارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ويجب فيها إطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام والأحوط أن تكون متتابعات.

(مسألة 1571) : كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان أو خالف عهداً مخيرة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1572) : كفارة الإيلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر صوم يوم معين اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1573) : كفارة قتل المؤمن عمداً ظلماً كفارة جمع وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً وكذلك الإفطار على حرام في شهر رمضان على الأحوط.

(مسألة 1574) : إذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة على كل واحد منهم وكذا في قتل الخطأ.

(مسألة 1575) : إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن واللائط والمرتد فقتله غير الإمام لم تجب الكفارة إذا كان بإذنه وأما إن كان بغير إذن الإمام ففيه إشكال.

ص: 351

(مسألة 1576) : قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار فإن عجز فكفارة اليمين. ولا دليل عليه وقيل كفارته إطعام عشرة مساكين وبه رواية معتبرة.

(مسألة 1577) : في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الإفطار في شهر رمضان. وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على الأحوط في جميع ذلك.

(مسألة 1578) : لو تزوّج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها، والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق وإن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 1579) : لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائماً على الأحوط.

(مسألة 1580) : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدّين ليصوم عنه.

(مسألة 1581) : من وجد ثمن الرقبة وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة، ويشترط فيها الإيمان بمعنى الإسلام وجوباً في القتل، وكذا في غيره على الأظهر. والأحوط استحباباً اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص في الجميع ويجزي الآبق. والأحوط استحباباً اعتبار وجود طريق إلى حياته وأم الولد والمدبر إذا نقض تدبيره قبل العتق والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة.

(مسألة 1582) : من لم يجد الرقبة أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في المرتبة، ولا يبيع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه ولا غيرها مما يكون في بيعه ضيق وحرج عليه لحاجته إليه.

ص: 352

(مسألة 1583) : كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر. وهو نصف كفارة الحر.والمشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.

(مسألة 1584) : إذا عجز عن الصيام في المرتبة ولو لأجل كونه حرجاً عليه وجب الإطعام، وكلما كان التكفير بالإطعام، فإن كان بالتسليم لزم لكل مسكين مدّ من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين. وأما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر، والأرز، والاقط، والماش، والذرة، ولا تجزي القيمة والأفضل، بل الأحوط مدّان ولو كان بالإشباع أجزأه مطلق الطعام، ويستحب الأدام وأعلاه اللحم وأوسطه الخل وأدناه الملح.

(مسألة 1585) : يجوز إطعام الصغار بتمليكهم وتسليم الطعام إلى وليهم ليصرفه عليهم، ولو كان بالإشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، والأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.

(مسألة 1586) : يجوز التبعيض في التسليم والإشباع فيشبع بعضهم ويسلم إلى الباقي، ولكن لا يجوز التكرار مطلقاً بأن يشبع واحداً مرات متعددة، أو يدفع إليه أمداداً متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء تمام العدد.

(مسألة 1587) : الكسوة لكل فقير ثوب وجوباً، وثوبان استحباباً، بل هما مع القدرة أحوط.

(مسألة 1588) : لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة ويعتبر التكليف والإسلام في المكفر، كما يعتبر في مصرفها الفقر والأحوط اعتبار الإيمان. ولا يجوز دفعها لواجب النفقة ويجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله أفضل.

(مسألة 1589) : المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء فلو كان قادراً على العتق ثم عجز صام، ولا يستقر العتق في ذمته ويكفي في تحقق الموجب

ص: 353

للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت، فإذا أتى بالبدل ثم طرأت القدرة أجزأ، بل إذا عجز عن الرقبة فصام شهراً ثم تمكن منها اجتزأ بإتمام الصوم.

(مسألة 1590) : في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي وعليه الاستغفار على الأحوط وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال.

(مسألة 1591) : يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد فلا يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً

(مسألة 1592) : الأشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار لا يعد من المسامحة في أداء الواجب، ولكن المبادرة أحوط.

(مسألة 1593) : من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وكفارة المجالس أن تقول عند قيامك منها: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وكفارة الضحك : (اللهم لا تمقتني) وكفارة الاغتياب : الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة : التوكل، وكفارة اللطم على الخدود : الاستغفار والتوبة.

(مسألة 1594) : إذا عجز عن الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان عمداً استغفر وتصدق بما يطيق على الأحوط ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوباً.

ص: 354

كتاب الصيد والذباحة

اشارة

لا يجوز أكل الحيوان بدون تذكية، والتذكية تكون بالصيد والذبح والنحر وغيرها فهنا فصول :

الفصل الأول في الصيد

(مسألة 1595) : لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوان كالعقاب، والباشق، والصقر والبازي، والفهد، والنمر وغيرها ويحل إذا اصطاده الكلب من دون فرق بين السلوقي وغيره والأسود وغيره، فكل حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره وجرحه فهو ذكي ويحل أكله كما إذا ذبح.

(مسألة 1596) : يشترط في حلية صيد الكلب أمور :

(الأول) : أن يكون معلماً للاصطياد ويتحقق ذلك بأمرين : أحدهما استرساله إذا أرسل بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه وانبعث إليه، ثانيهما أن ينزجر إذا زجره. وهل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى إذا كان بعد إرساله ؟ وجهان أقواهما العدم، والأحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد الأكل، ولا بأس بأكله اتفاقاً إذا لم يكن معتاداً.

(الثاني) : أن يكون بإرساله للاصطياد فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله، وكذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو أو سبع فاصطاد حيواناً فإنه لا يحل، وإذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحل صيده وإن أثر الإغراء فيه أثراًكشدّة العدو على الأحوط، وإذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم أغراه وأرسله فاسترسل كفى كذلك في حل مقتوله، وإذا أرسله

ص: 355

لصيد غزال بعينه فصاد غيره حل وكذا إذا صاده وصاد غيره معه فإنهما يحلان فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.

(الثالث) : أن يكون المرسل مسلماً فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحل صيده. ولا فرق في المسلم بين المؤمن والمخالف حتى الصبي كما لا فرق في الكافر بين الوثني وغيره والحربي والذمي.

(الرابع) : أن يسمي عند إرساله والأقوى الاجتزاء بها بعد الإرسال قبل الإصابة. فإذا ترك التسمية عمداً لم يحل الصيد، أما إذا كان نسياناً حل، وكذلك حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم.

(مسألة 1597) : يكفي الاقتصار في التسمية هنا وفي الذبح والنحر على ذكر الله مقترناً بالتعظيم مثل : الله اكبر، والحمد لله، وبسم الله ولا يكفي ذكر الاسم الشريف وحده.

(الخامس) : أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، أما إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحل.

(مسألة 1598) : إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتاً بعد إصابة الكلب حل أكله، وكذا إذا أدركه حياً بعد إصابته ولكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات، أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل، وكذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حياً لكنه كان ممتنعاً بأن بقي منهزماً يعدو فإنه إذا تبعه فوقف فإن أدركه ميتاً حل، وكذا إذا أدركه حياً ولكنه لم يسع الزمان لتذكيته، أما إذا كان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل.

ص: 356

(مسألة 1599) : أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه، أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه أو يده، فإنه إذا أدركه كذلك ولم يذكه والزمان متسع لتذكيته لم يحل إلا بالتذكية.

(مسألة 1600) : إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سلّ السكين ورفع الحائل من شعر ونحوه عن موضع الذبح ونحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حل، كما إذا لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحل. نعم لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حل أكله على الأقوى.

(مسألة 1601) : الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه وفي وجوب المبادرة حينما أوقفه وصيّره غير ممتنع وجهان أحوطهما الأول. هذا إذا احتمل أن في المسارعة إليه إدراك ذكاته أما إذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلا بعد موته بجناية الكلب فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.

(مسألة 1602) : إذا عضّ الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً فيجب غسله ولا يجوز أكله قبل غسله.

(مسألة 1603) : لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حل صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا أرسل شخص واحد كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حل. نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيوناً لم يحل، وكذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما ولم يسم الآخر، أو كان كلب أحدهما معلماً دون كلب الآخر هذا إذا استند القتل إليهما معاً، أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف على الموت ثم جاءه الآخر فأصابه

ص: 357

يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير. وإذا أجهز عليه اللاحق بعد أن أصابه السابق ولم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.

(مسألة 1604) : إذا شك في أن موت الصيد كان مستنداً إلى جناية الكلب أو إلى سبب آخر لم يحل. نعم إذا كانت هناك إمارة عرفية على استناده إليها حل وإن لم يحصل منها العلم.

(مسألة 1605) : لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية إلا إذا كانت الآلة سلاحاً قاطعاً كان كالسيف والسكين والخنجر ونحوها، أو شائكاً كالرمح والسهم والعصا. وإن لم يكن في طرفهما حديدة، بل كانا محددين بنفسهما. نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له دون ما فيه حديدة فإنه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حل وإن لم يجرحه بخلاف ما لا حديدة له فإنه لا يحل إذا وقع معترضاً فالمعراض - وهو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين - إن قتل معترضاً لم يحل ما يقتله وإن قتل بالخرق حل

(مسألة 1606) : الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب والفضة والصفر وغيرها فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.

(مسألة 1607) : لا يحل الصيد المقتول بالحجارة والمقمعة والعمود والشبكة والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة ولا شائكة.

(مسألة 1608) : في الاجتزاء بمثل المخيط والشوكة ونحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفاً وإن كان شائكاً إشكال وأما ما يصدق عليه السلاح فلا إشكال فيه وإن لم يكن معتاداً.

ص: 358

(مسألة 1609) : لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة إذا كانت محددة مخروطة سواء أكانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما. نعم إذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفنا (بالصجم) فلا يحل.

(مسألة 1610) : يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلماً والتسمية حال الرمي واستناد القتل إلى الرمي وأن يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى لا بقصد شيء أو بقصد هدف أو عدو أو خنزير فأصاب غزالاً فقتله لم يحل وكذا إذا أفلت من يده فأصاب غزالاً فقتله ولو رمى بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل. ويعتبر في الحلية أن تستقل الآلة المحللة في القتل. فلو شاركها غيرها لم يحل كما إذا سقط في الماء او سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعدما أصابه السهم فاستند الموت إليهما، وكذا إذا رماه مسلم وكافر ومن سمى ومن لم يسمّ، أو من قصد ومن لم يقصد واستند القتل إليهما معاً وإذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلل بني على الحرمة.

(مسألة 1611) : إذا رمى سهماً فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حل، وإن كان لولا الريح لم يصل، وكذا إذا أصاب السهم الأرض ثم وثب فأصابه فقتله.

(مسألة 1612) : لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة ولا وحدة الصائد فلو رمى أحد صيداً بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معاً حل إذا اجتمعت الشرائط في كل منهما بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره ورماه آخر بسهم فأصابه فمات منهما معاً حل أيضاً.

(مسألة 1613) : إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد وإن أثم باستعمال الآلة وكان عليه أجرة المثل إذا كان للاصطياد بها أجرة، ويكون الصيد ملكاً للصائد لا لصاحب الآلة.

ص: 359

(مسألة 1614) : يختص الحل بالاصطياد بالآلة الحيوانية والجمادية بما كان الحيوان ممتنعاً بحيث لا يقدر عليه إلا بوسيلة كالطير والظبي وبقر الوحش وحماره ونحوها، فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة كالبقر والغنم والإبل والدجاج ونحوها، وإذا استوحش الأهلي حل لحمه بالاصطياد وإذا تأهل الوحشي كالظبي والطير المتأهلين لم يحل لحمه بالإصطياد، وولد الحيوان الوحشي قبل أن يقوى على الفرار وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي، فإذا رمى طيراً وفرخه فماتا حل الطير وحرم الفرخ.

(مسألة 1615) : الثور المستعصي والبعير العاصي والصائل من البهائم يحل لحمه بالإصطياد كالوحشي بالأصل وكذلك كل ما تردى من البهائم في بئر ونحوها وتعذر ذبحه أو نحره فإن تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده وإن لم يكن في موضع النحر أو الذبح، ويحل لحمه حينئذ، ولكن في عموم الحكم للعقر بالكلب إشكال فالأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.

(مسألة 1616) : لا فرق في تحقق الذكاة بالإصطياد بين حلال اللحم وحرامه فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية وجاز الانتفاع بجلدها هذا إذا كان الصيد بالآلة الجمادية، أما إذا كان بالكلب فالأقوى عدم الجواز.

(مسألة 1617) : إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين فإن كانت الآلة مما يجوز الإصطياد بها مثل السيف والكلب فإن زالت الحياة عنهما معاً حلتا جميعاً مع اجتماع سائر شرائط التذكية وكذا، إن بقيت الحياة ولم يتسع الزمن لتذكيته. وإن وسع الزمان لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس، وحل ما فيه الرأس بالتذكية. فإن مات ولم يذك حرم هو أيضاً، وإن كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد بها كالحبالة والشبكة حرم ما ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية. فإن لم يذك حتى مات حرم أيضاً

ص: 360

(مسألة 1618) : الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه كما إذا قبض على يده أو رجله أو رباطه فإنه يملكه الآخذ، وكذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما من الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها فإنه يملكه ناصبها، وكذا إذا رماه بسهم أو نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران فإنه يملكه الرامي ويكون له نماؤه ولا يجوز لغيره التصرف فيه إلا بإذنه، وإذا أفلت من يده أو شبكته أو برأ من العوار الذي أصابه بالرمي فصار ممتنعاً فاصطاده غيره لم يملكه ووجب دفعه إلى مالكه.

نعم إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها، وكذا إذا رمى لا بقصد الاصطياد فإنه لا يملك الرميّة ويجوز لغيره أخذها ولو أخذها لا بقصد الملك ففي تحقق ملكه لها إشكال. والأقرب ذلك.

(مسألة 1619) : إذا توحل الحيوان في أرضه أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً من ذلك. أما إذا أعدّ شيئاً من ذلك للاصطياد كما إذا أجرى الماء في أرضه لتكون موحلة أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها، أو وضع الحبوب في بيته وأعدّه لدخول العصافير فيه فدخلت وأغلق عليها باب البيت أو طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله ونحو ذلك من الاصطياد بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها ففي إلحاق ذلك بآلة الصيد المعتادة في حصول الملك إشكال. وإن كان الإلحاق هو الأظهر.

(مسألة 1620) : إذا سعى خلف حيوان فوقف للإعياء لم يملكه حتى يأخذه فإذا أخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه.

(مسألة 1621) : إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة لضعفها وقوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها.

(مسألة 1622) : إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائراً أو عادياً بحيث بقي على امتناعه ولم يقدر عليه إلا بالاتباع والإسراع لم يملكه الرامي.

ص: 361

(مسألة 1623) : إذا رمى إثنان صيداً دفعة فإن تساويا في الأثر بأن أثبتاه معاً فهو لهما. وإذا كان أحدهما جارحاً والآخر مثبتاً وموقفاً له كان للثاني ولا ضمان على الجارح. وإذا كان تدريجاً فهو ملك من صيّره رميَّة غير ممتنع سابقاً كان أو لاحقاً.

(مسألة 1624) : إذا رمى صيداً حلالاً باعتقاد كونه كلباً أو خنزيراً فقتله لم يحل.

(مسألة 1625) : إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل داراً فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار.

(مسألة 1626) : إذا صنع برجاً في داره ليعشّش فيه الحمام فعشّش فيه، لم يملكه فيجوز لغيره صيده ويملكه بذلك.

(مسألة 1627) : إذا أطلق الصائد صيده من يده فإن لم يكن ذلك عن إعراض عنه بقي على ملكه لا يملكه غيره باصطياده. وإن كان عن إعراض صار كالمباح بالأصل فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك. وليس للأول الرجوع عليه، وكذا الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه حيوناً كان أو غيره، بل الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الإعراض ناشئاً عن عجز المالك عن بقائه في يده وتحت استيلائه لقصور في المال أو المالك وأن يكون لا عن عجز عنه بل لغرض آخر.

(مسألة 1628) : قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحاً بالأصل، أو بمنزلته كما تقدم. ولا يملكه إذا كان مملوكاً لمالك وإذا شك في ذلك بنى على الأول إلا إذا كانت إمارة على الثاني مثل أن يوجد طوق في عنقه أو قرط في أذنه أو حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها. وإذا علم كونه مملوكاً لمالك وجب رده إليه. وإذا جهل جرى عليه حكم اللقطة إن كان ضائعاً، وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك. ولا فرق في ذلك بين الطير وغيره. نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه إلا إذا كان له مالك معلوم معين فيجب رده إليه وإن

ص: 362

كان الأحوط فيما إذا علم أن له مالكاً غير معين أجرى حكم اللقطة أو ومجهول المالك عليه.

فصل في ذكاة السمك والجراد

(مسألة 1629) : ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حياً خارج الماء. إما بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حياً باليد أو شبكة وشص وفالة وغيرها، أو بأخذه خارج الماء باليد أو بالآلة بعدما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك. فإذا وثب في سفينة أو على الأرض فأخذ حياً صار ذكياً، وإذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة وحرم أكله، وإن كان قد نظر إليه وهو حي يضطرب. وإذا ضربها وهي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثم أخرجهما حيين فإن صدق على أحدهما أنه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل دون غيره، وإذا لم يصدق على أحدهما أنه سمكة ففي حلهما إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 1630) : لا يشترط في تذكية السمك الإسلام ولا التسمية فلو أخرجه الكافر حياً من الماء أو أخذه بعد أن خرج فمات صار ذكياً كما في المسلم. ولا فرق في الكافر بين الكتابي وغيره.

(مسألة 1631) : إذا وجد السمك في يد الكافر ولم يعلم أنه ذكاه أم لا بنى على العدم، وإذا أخبره بأنه ذكاه لم يقبل خبره، وإذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما يدل على التذكية أو أخبر بتذكيته بنى على ذلك ويكون حلالاً.

(مسألة 1632) : إذا وثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان ولا صاحب السفينة حتى تؤخذ فيملكها آخذها، وإن كان غيرهما. نعم إذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها وعمل بعض الأعمال المستوجبة لذلك كما إذا وضعها في مجتمع السمك وضرب الماء بنحو يوجب وثوب السمك فيها كان ذلك

ص: 363

بمنزلة إخراجه من الماء حياً في صيرورته ذكياً وفي تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد ونحوها إشكال، وتقدم أنه هو الأظهر.

(مسألة 1633) : إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم أخرجها من الماء ووجد ما فيها ميتاً كله أو بعضه فالظاهر حليته.

(مسألة 1634) : إذا نصب شبكة أو صنع حظيرة لاصطياد السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكياً وحل أكله، أما إذا مات قبل نضوب الماء فقولان أقواهما الحلية.

(مسألة 1635) : إذا اخرج السمك من الماء حياً ثم ربطه بحبل مثلاً وأرجعه إليه فمات فالظاهر الحرمة، وإذا أخرجه ثم وجده ميتاً وشك في أن موته كان في الماء أو في خارجه حكم بحليته سواء علم تاريخ الإخراج أو الموت، أو جهل التاريخان وإذا اضطر السماك إلى إرجاعه إلى الماء وخاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته ولو بأن يقتله هو بضرب أو غيره.

(مسألة 1636) : إذا طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بالزهر أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فإن أخذ حياً صار ذكياً وحل أكله وإن مات قبل ذلك حرم.

(مسألة 1637) : إذا ألقى إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك وطفا لم يملكه إلا إذا أخذه. فإن أخذه غيره ملكه، وأما إذا كان بقصد الاصطياد فالظاهر أيضاً أنه لا يملكه به من دون فرق بين أن يقصد سمكة معينة أو بعضاً غير معين. نعم لو رماه بالبندقية أو بسهم أو طعنه برمح فعجز عن السباحة وطفا على وجه الماء ففي كونه ملكاً للرامي والطاعن محل إشكال.

ص: 364

(مسألة 1638) : لا يعتبر في حل السمك إذا خرج من الماء حياً أن يموت بنفسه فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه فمات حل أيضاً، بل لو شواه في النار حياً فمات حل أكله بل الأقوى جواز أكله حياً.

(مسألة 1639) : إذا اخرج السمك من الماء حياً فقطع منه قطعة وهو حي وألقى الباقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه وحرم الباقي، وإذا قطعت منه قطعةوهو في الماء قبل إخراجه ثم أخرج حياً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه وهو في الماء وحل الباقي.

ذكاة الجراد

(مسألة 1640) : ذكاة الجراد أخذه حياً سواء أكان الأخذ باليد أو بالآلة فما مات قبل أخذه حرم ولا يعتبر في تذكيته التسمية والإسلام، فما يأخذه الكافر حياً فهو أيضاً ذكي حلال، نعم لا يحكم بتذكية ما في يده إلا أن يعلم بها، وإن اخبر بأنه ذكاه لا يقبل خبره.

(مسألة 1641) : لا يحل الدبا من الجراد وهو الذي لم يستقل بالطيران.

(مسألة 1642) : إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حياً حرم أكله، وإذا اشتعلت النار في موضع فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة لذلك وألقى نفسه فيه فمات فالظاهر أنه لا إشكال في حليته إذا جعلت النار مصيدة.

فصل في الذباحة

(مسألة 1643) : يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلماً، فلا تحل ذبيحة الكافر وإن كان كتابياً، ولا يشترط فيه الإيمان، فتحل ذبيحة المخالف إذا كان محكوماً بإسلامه على الأقوى، ولا تحل إذا كان محكوماً بكفره كالناصب والخارجي وبعض أقسام الغلاة.

ص: 365

(مسألة 1644) : يجوز أن تذبح المسلمة وولد المسلم وإن كان طفلاً إذا أحسن التذكية، وكذا الأعمى والأغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق ولا يجوز ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون والنائم والسكران. نعم الظاهر جواز ذبح المجنون ونحوه إذا كان مميزاً في الجملة مع تحقق سائر الشرائط.

(مسألة 1645) : لا يعتبر في الذبح الاختيار فيجوز ذبح المكره وإن كان إكراهه بغير حق، كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب التسمية فيجوز ذبح غيره إذا كان قد سمّى.

(مسألة 1646) : يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلماً بالغاً كان أم غيره.

(مسألة 1647) : لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والصفر والرصاص والذهب والفضة فإن ذبح بغيره مع القدرة عليه لا يحل المذبوح، أما مع عدم القدرة على الحديد فيجوز الذبح بكل ما يفري الأوداج وإن كان ليطة أو خشبة أو حجراً حاداً أو زجاجة. والأظهر عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة وإن كان الاعتبار أحوط. وفي جوازه حينئذ بالسن والظفر إشكال ولا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل ونحوه مما يقطع الأوداج ولو بصعوبة وإن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

(مسألة 1648) : الواجب قطع الأعضاء الأربعة وهي : المريء وهو مجرى الطعام، والحلقوم وهو مجرى النفس، ومحله فوق المريء، والودجان، وهما عرقان محيطان بالحلقوم والمريء، وفي الاجتزاء بفريها من دون قطع إشكال، بل الظاهر وجوب القطع، وكذا الإشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده، وإن كان الأظهر عدمه.

ص: 366

(مسألة 1649) : الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا (بالجوزة) في العنق فلو بقي شيء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك بعض الممارسين المختبرين.

(مسألة 1650) : يعتبر قصد الذبح فلو وقع السكين من يد أحد على الأعضاء الأربعة فقطعها لم يحل وإن سمى حين أصاب الأعضاء، وكذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً غير الذبح فقطع الأعضاء، أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو مجنوناً غير مميز على ما تقدم.

(مسألة 1651) : الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء فلو قطع بعضها، ثم أرسلها، ثم أخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها، ولكن الاحتياط بالتتابع أولى وأحسن.

(مسألة 1652) : ذهب جماعة كثيرة إلى أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة بمعنى إمكان أن يعيش مثلها اليوم والأيام، وذهب آخرون إلى عدم اشتراط ذلك وهو الأقوى. نعم يشترط الحياة حال قطع الأعضاء بالمعنى المقابل للموت فلا تحل الذبيحة بالذبح إذا كانت ميتة. وهذا مما لا إشكال فيه. وعلى هذا فلو قطعت رقبة الذبيحة من فوق وبقيت فيها الحياة فقطعت الأعضاء على الوجه المشروع حلت، وكذا إذا شق بطنها وانتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فإنها إذا ذبحت حلت وكذا إذا عقرها سبع أو ذئب أو ضربت بسيف أو بندقية وأشرفت على الموت فذبحت قبل أن تموت فإنها تحل.

(مسألة 1653) : لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع أمعاءه مقارناً للذبح فالظاهر حل لحمه، وكذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارناً للذبح، ولكن الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1654) : لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معاً، أو يقطع أحدهما بعض الأعضاء والآخر الباقي دفعة، أو على التدريج بأن يقطع أحدهما

ص: 367

بعض الأعضاء، ثم يقطع الآخر الباقي وتجب التسمية عليهما معاً ولا يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.

(مسألة 1655) : إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة والتفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم.

(مسألة 1656) : إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة على غير النهج الشرعي بأن ضربها شخص بآلة فانقطع بعض الأعضاء، أو عضّها الذئب فقطعه بأسنانه، أو غير ذلكوبقيت الحياة وكان بعض الأعضاء سالماً أمكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي وبفري العضو المقطوع، من فوق محل القطع من العضو المقطوع أو من تحته وتحل بذلك. نعم إذا قطع الذئب أو غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلاً للفري حرمت.

(مسألة 1657) : إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم، وليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد عن التذكية بالذبح فإنه يعتبر في الأول العلم باستناد الموت إليها ولا يعتبر ذلك في الثانية.

(مسألة 1658) : يشترط في التذكية بالذبح أمور :

(الأول) : الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجّه مقاديمها ومذبحها إلى القبلة فإن أخلّ بذلك عامداً حرمت، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو خطأً منه في القبلة. بأن وجهها إلى جهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك وكذا إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجهها إليها واضطر إلى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو الواقع في بئر ونحوه.

(مسألة 1659) : لا يشترط استقبال الذابح نفسه وإن كان أحوط.

ص: 368

(مسألة 1660) : إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه.

(مسألة 1661) : يجوز في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح أن يضعها على الجانب الأيمن كهيئة الميت حال الدفن وإن يضعها على الأيسر ويجوز أن يذبحها وهي قائمة مستقبلة القبلة.

الشرط الثاني : التسمية من الذابح مع الالتفات. ولو تركها عمداً حرمت الذبيحة، ولو تركها نسياناً لم تحرم والأحوط استحباباً الإتيان بها عند الذكر، ولو تركها جهلاً بالحكم فالظاهر الحرمة.

(مسألة 1662) : الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية بعنوان كونها على الذبيحة من جهة الذبح ولا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر. والظاهر لزوم الإتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفاً ولا يجزي الإتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح.

(مسألة 1663) : يجوز ذبح الأخرس، وتسميته تحريك لسانه وإشارته بإصبعه.

(مسألة 1664) : يكفي في التسمية الإتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل: الله أكبر، والحمد لله، وبسم الله، وفي الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف إشكال كما تقدم في الصيد.الشرط الثالث : خروج الدم المعتاد على النحو المتعارف على الأحوط لو لم يكن أقوى. فلو لم يخرج الدم أو خرج متثاقلاً أو متقاطراً لم تحل وإن علم حياتها حال الذبح. والعبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان فقد يكون الحيوان ولو من جهة المرض يخرج منه الدم متثاقلاً متقاطراً لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته.

ص: 369

الشرط الرابع : أن يكون الذبح من المذبح فلا يجوز أن يكون من القفا، بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثم قطع الأوداج، فلا يكفي إدخال السكين تحت الأوداج ثم قطعها إلى فوق.

(مسألة 1665) : إذا شك في حياة الذبيحة كفى في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح وإن كانت قليلة، مثل أن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو أذنها أو تركض برجلها أو نحو ذلك، ولا حاجة إلى هذه الحركة إذا علم بحياتها حال الذبح.

(مسألة 1666) : الأحوط لزوماً عدم قطع رأس الذبيحة عمداً قبل موتها ولا بأس به إذا لم يكن عن عمد، بل كان لغفلة أو سبقته السكين أو غير ذلك، كما أن الأحوط أن لا تنخع الذبيحة عمداً بأن يصاب نخاعها حين الذبح. والمراد به الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.

(مسألة 1667) : إذا ذبح الطير فقطع رأسه متعمداً فالظاهر جواز أكل لحمه، ولكن يحرم تعمد ذلك مع عدم الاضطرار تكليفاً.

(مسألة 1668) : تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر ،ولا يجوز ذلك في غيرها فلو ذكى الإبل بالذبح أو ذكى غيرها بالنحر لم يحل. نعم لو أدرك ذكاته بأن نحر غير الإبل وأمكن ذبحه قبل أن يموت فذبحه حل، وكذا لو ذبح الإبل ثم نحرها قبل أن تموت حلت.

(مسألة 1669) : لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة بل يجوز أن يكون في وسطها وفي أسفلها إذا تحقق قطع الأوداج الأربعة.

(مسألة 1670) : كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين وغيره حتى مثل المنجل في اللبة. وهو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلاً بالعنق، ويشترط في الناحر ما يشترط في الذابح، وفي آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح.

ص: 370

ويجب فيه التسمية والاستقبال بالمنحور والحياة حال النحر وخروج الدم المعتاد ويجوز نحر الإبل قائمة وباركة مستقبلاً بها القبلة.

(مسألة 1671) : إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره كالمستعصي والواقع عليه جدار والمتردي في بئر أو نهر ونحوهما على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره جاز أن يعقر بسيف أو خنجر أو سكين أو غيرها، وإن لم يصادف موضع التذكية، ويحل لحمه بذلك. نعم لا بد من التسمية واجتماع شرائط الذابح في العاقر وقد تقدم التعرض لذلك في الصيد فراجع.

(مسألة 1672) : ذكاة الجنين ذكاة أمه. فإذا ماتت أمه بدون تذكية فإن مات هو في جوفها حرم أكله، وكذا إذا اخرج منها حياً فمات بلا تذكية. وأما إذا أخرج حياً فذكي حل أكله وإذا ذكيت أمه فمات في جوفها حل أكله وإذا أخرج حياً فإن ذكي حل أكله وإن لم يذك حرم.

(مسألة 1673) : إذا ذكيت أمه فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالأقوى حرمته. وأما إذا ماتت أمه بلا تذكية فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا إشكال في حرمته.

(مسألة 1674) : الظاهر وجوب المبادرة إلى شق جوف الذبيحة وإخراج الجنين منها على النحو المتعارف. فإذا توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فحرج ميتاً حرم أكله.

(مسألة 1675) : يشترط في حل الجنين بذكاة أمه أن يكون تام الخلقة بأن يكون قد أشعر أو وبر فإن لم يكن تام الخلقة فلا يحل بذكاة أمه. والذي تحصّل مما ذكرناه أن حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بأمور : تذكية أمه وتمام خلقته، وموته قبل خروجه من بطنها، وإلا ففي حليته تشترط التذكية مستقلاً.

ص: 371

(مسألة 1676) : لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة أمه بين محلل الأكل ومحرمه إذا كان مما يقبل التذكية.

(مسألة 1677) : تقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم. فإذا ذكي صار طاهراً وحل أكله، ولا تقع على نجس العين من الحيوان كالكلب والخنزير، فإذا ذكي كان باقياً على النجاسة، ولا تقع على الإنسان فإذا مات نجس وإن ذكي، ولا يطهر بدنه إلا بالغسل إذا كان مسلماً، أما الكافر الذي هو نجس العين فلا يطهر بالغسل أيضاً، وأما غير الأصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع الذكاة عليه إذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس وفرش ونحوهما ويطهر لحمه وجلده بها. ولا فرق بين السباع كالأسد والنمر والفهد والثعلب وغيرها وبين الحيوانات التي تسكن باطن الأرض إذا كان لها جلد على النحو المذكور مثل ابن عرس والجرذ ونحوهما فيجوز استعمال جلدها إذا ذكيت فيما يعتبر فيه الطهارة فيتخذ ظرفاً للسمن والماء، ولا ينجس ما يلاقيها برطوبة.

(مسألة 1678) : الحيوان غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة ويجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به من أجزائه كالجلد على الأظهر، ولكن لا يجوز بيعه، فإذا ذكي جاز بيعه.

(مسألة 1679) : لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية إذا كان له جلد بين الطير وغيره.

(مسألة 1680) : إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم يعلم أنه مذكى أم لا، يبنى على عدم التذكية فلا يجوز أكل لحمه ولا استعمال جلده فيما يعتبر فيهالتذكية ولكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتى إذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم أنه ميتة. نعم إذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع والاستعمال باللبس والفرش ونحوهما يحكم بأنه مذكى حتى يثبت خلافه والظاهر عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقاً بيد الكافر

ص: 372

وعدمه. نعم إذا علم أن المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية. والمأخوذ من مجهول الإسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون، وإذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما إذا رأينا لحماً بيد المسلم لا يدرى أنه يريد أكله أو وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكى، وكذا إذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلاً.

(مسألة 1681) : ما يؤخذ من يد الكافر من جلد ولحم وشحم يحكم بأنه غير مذكى وإن أخبر بأنه مذكى، إلا إذا علم أنه كان في تصرف المسلم الدال على التذكية. وأما دهن السمك المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة إذا اشتري من الكافر. وإن أحرز تذكية السمكة المأخوذ منها الدهن إذا لم يحرز أنها كانت ذات فلس، ويجوز شربه إذا اشتري من المسلم إلا إذا علم أن المسلم، أخذه من الكافر من دون تحقيق

(مسألة 1682) : لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه أمارة على التذكية بين المؤمن والمخالف وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره، وبين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية كالاستقبال والتسمية، وكون المذكي مسلماً وقطع الأعضاء الأربعة وغير ذلك، ومن لا يعتبرها.

(مسألة 1683) : إذا كان الجلد مجلوباً من بلاد الإسلام ومصنوعاً فيها حكم بأنه مذكى، وكذا إذا وجد مطروحاً في أرضهم وعليه أثر استعمالهم له باللباس والفرش والطبخ أو بصنعه لباساً أو فراشاً أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة على التذكية، أو المناسبة لها فإنه يحكم بأنه مذكى، ويجوز استعماله استعمال المذكى من دون حاجة إلى الفحص عن حاله. وفي حكم الجلد اللحم المجلوب من بلاد الإسلام.

ص: 373

(مسألة 1684) : قد ذكر للذبح والنحر آداب فيستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه ورجل واحدة، ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وفي ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق الذنب، وفي الإبل أن تربط أخفافها إلى إباطها وتطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة، وفي الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة ويستحب حدّ الشفرة وسرعة القطع وأن لا يُري الشفرة للحيوان، ولا يحركه من مكان إلى آخر، بل يتركه في مكانه إلى أن يموت وأن يساق إلى الذبح برفق ويعرض عليه الماء قبل الذّبح ويمرّ السكين بقوة ذهاباً وإياباً ويجدّ في الإسراع ليكون أسهل وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. وفي خبر آخر أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر أن تحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم.

(مسألة 1685) : تكره الذباحة ليلاً وكذا نهار الجمعة إلى الزوال.

ص: 374

كتاب الأطعمة والأشربة

وهي على أقسام :

(القسم الأول) : حيوان البحر :

(مسألة 1686) : لا يؤكل من حيوان البحر إلاّ سمك له فلس. وإذا شك في وجود الفلس بني على حرمته، ويحرم الميت الطافي على وجه الماء، والجلال منه حتى يزول الجلل منه عرفاً، والجري والمارماهي والزمير والسلحفاة، والضفدع، والسرطان، ولا بأس بالكنعت والربيثا والطمر والطيراني والابلامي والأربيان.

(مسألة 1687) : يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحاً، ولا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية إلاّ أن يضطرب ويؤخذ حياً خارج الماء والأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.

(مسألة 1688) : البيض تابع لحيوانه، ومع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمى في عرفنا (ثروب) ولا يؤكل الأملس المسمى في عرفنا (حلبلاب) وفيها تأمل. بل الأظهر حرمة كل ما يشتبه منه.

(القسم الثاني) البهائم :

(مسألة 1689) : يؤكل من الأهلية منها : الإبل، والبقر، والغنم، ومن الوحشية كبش الجبل، والبقر، والحمير، والغزلان واليحامير، وفي تخصيص الحل بهذه الخمسة إشكال والحلية غير بعيدة.

(مسألة 1690) : يكره أكل لحوم الخيل والبغال والحمير.

ص: 375

(مسألة 1691) : يحرم الجلال من المباح وهو ما يأكل عذرة الإنسان خاصة، إلا مع الاستبراء وزوال الجلل والأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة بل مطلق الإبل علفاً طاهراً أربعين يوماً والبقر عشرين، والشاة عشرة، والبطة خمسة أو سبعة والدجاجة ثلاثة.

(مسألة 1692) : لو رضع الجدي لبن خنزيرة واشتد لحمه حرم هو ونسله، وإن لم يشتدّ استبرئ سبعة أيام فيلقى على ضرع شاة، وإذا كان مستغنياً عن الرضاع علف ويحل بعد ذلك. ولا يلحق بالحنزيرة الكلبة والكافرة وفي عموم الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 1693) : يحرم كل ذي ناب كالأسد والثعلب ويحرم الأرنب والضب واليربوع والحشرات والقمل والبق والبراغيث.

(مسألة 1694) : إذا وطأ إنسان حيواناً محللاً أكله ومما يطلب لحمه حرم لحمه ولحم نسله ولبنهما ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والحر والعبد والعالم والجاهل والمختار والمكره، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى، ولا يحرم الحمل إذا كان متكوناً قبل الوطء، كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً أو كان من غير ذوات الأربع، ثم إن الموطوء إن كان مما يقصد لحمه كالشاة ذبح فإذا مات أحرق، فإن كان الواطئ غير المالك أغرم قيمته للمالك وإن كان المقصود ظهره نفي إلى بلد غير بلد الوطء وأغرم الواطئ قيمته للمالك إذا كان غير المالك، ثم يباع في البلد الآخر وفي رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ، أو يتصدق به على الفقراء وجوه، خيرها أوسطها، وإذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه أخرج بالقرعة.

(مسألة 1695) : إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه ولا بدّ من غسل ما لاقته الخمرة مع بقاء عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من

ص: 376

القلب والكرش وغيرهما على الأحوط. ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.

(القسم الثالث) : الطيور :

(مسألة 1696) : يحرم السبع منها كالبازي والرخمة وكل ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، فإن تساويا فالأظهر الحلية إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية وإلا فيحرم. والعلامات هي: القانصة والحوصلة والصيصية. وهي الشوكة التي خلف رجل الطائر خارجة عن الكف. والقانصة وهي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، ويكفي في الحل وجود واحدة منها وإذا انتفت كلها حرم، وإذا تعارض انتفاء الجميع مع الدفيف قدم الدفيف فيحل ما كان دفيفه أكثر ،وإن لم تكن له إحدى الثلاث، وإذا كانت له إحدى الثلاث وكان صفيفه أكثر حرم. نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو جميعها وشُكَّ في كيفية طيرانه حكم بالحل. وأما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه والظاهر حليته مع العلم بوجود الثلاث.

(مسألة 1697) : يحرم الخفاش والطاووس والجلال من الطير حتى يستبرأ ويحرم الزنابير والذباب وبيض الطير المحرم وكذا يحرم الغراب على إشكال في بعض أقسامه. وإن كان الأحوط الحرمة في الجميع. وما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام.

(مسألة 1698) : يكره الخطاف والهدهد والصرد والصوام والشقراق والفاختة والقبّرة.

(القسم الرابع) : الجامد :

(مسألة 1699) : تحرم الميتة وأجزاؤها وهي نجسة إذا كان الحيوان ذا نفس سائلة، وكذلك أجزاؤها عدا صوف ما كان طاهراً في حال حياته وشعره

ص: 377

ووبره وريشه، وقرنه وعظمه، وظلفه، وبيضه، إذا اكتسى الجلد الفوقاني وإن كان مما لا يحل أكله والأنفحة.

(مسألة 1700) : يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب والأنثيان والطحال، والفرث، والدم، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، والفرج، والعلباء، والنخاع، والغدد، وخرزة الدماغ، والحدق وفي تحريم بعضها إشكال والإجتناب أحوط، هذا في ذبيحة غير الطيور. وأما الطيور فالظاهر عدم وجود شيء من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع والدم والمرارة والطحال والبيضتين في بعضها، ويكره الكلى، وأذنا القلب.

(مسألة 1701) : تحرم الأعيان النجسة كالعذرة والقطعة المبانة من الحيوان الحي، وكذا يحرم الطين عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء، ولا يحرم غيره من المعادن والأحجار والأشجار.

(مسألة 1702) : تحرم السموم القاتلة وكل ما يضرّ الإنسان ضرراً يعتد به ومنه (الأفيون) المعبّر عنه بالترياك سواء أكان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه، أم من جهة المواظبة عليه. فيحرم ابتداء، أما إذا استمر مدة ولم يمكن تركه وكانت حياته متوقفةً عليه فيجوز شربه.

(القسم الخامس) : في المائع :

(مسألة 1703) : يحرم كل مسكر من خمر وغيره حتى الجامد والفقاع والدم والعلقة وإن كانت في البيضة وكل ما ينجس من المائع وغيره.

(مسألة 1704) : إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن والعسل الجامدين لزم إلقاء النجاسة وما يكنفها من الملاقي ويحل الباقي، وإذا كان المائع غليظاً ثخيناً فهو كالجامد ولا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض الملاقي لها ويبقى الباقي على طهارته.

ص: 378

(مسألة 1705) : الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه والانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة، والأولى الاقتصار على الإستصباح به تحت السماء.

(مسألة 1706) : تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه، بل مما يؤكل لحمه أيضاً على الأحوط، عدا بول الإبل للاستشفاء، وكذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون الإنسان فإنه يحل لبنه.

(مسألة 1707) : لو اشتبه اللحم فلم يُعلم أنه مذكى ولم يكن عليه يد مسلم تشعر بالتذكية اجتنب، ولو اشتبه فلم يعلم أنه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحله.

(مسألة 1708) : يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور وهم : الآباء والأمهات والإخوان والأخوات، والأعمام، والعمّات، والأخوال، والخالات والأصدقاء، والموكل المفوض إليه الأمر، وتلحق بهم الزوجة والولد فيجوز الأكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع عدم العلم بالكراهية، بل مع عدم الظن بها أيضاً على الأحوط، بل مع الشك فيها وإن كان الأظهر الجواز حينئذٍ.

(مسألة 1709) : إذا انقلبت الخمر خلا طهرت وحلت بعلاج كان أو غيره على تفصيل قد مرّ في فصل المطهرات.

(مسألة 1710) : لا يحرم شيء من المربيات وإن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة 1711) : العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نشّ حرم، حتى يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلاً.

(مسألة 1712) : يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه، إلا الباغي وهو الخارج على الإمام أو باغي الصيد لهواً، والعادي وهو قاطع

ص: 379

الطريق، أو السارق ويعاقب عليه. وأما الخارج على الإمام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضاً.

(مسألة 1713) : يحرم الأكل بل الجلوس على مائدة فيها المسكر.

(مسألة 1714) : يستحب غسل اليدين قبل الطعام والتسمية والأكل باليمنى، وغسل اليد بعده والحمد له تعالى والاستلقاء وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.

ص: 380

كتاب الميراث

وفيه فصول

الفصل الأول: وفيه فوائد

(الفائدة الأولى) : في بيان موجباته وهي نوعان : نسب وسبب أما النسب فله ثلاث مراتب :

(المرتبة الأولى) : صنفان : أحدهما الأبوان المتصلان دون الأجداد والجدات. وثانيهما الأولاد وإن نزلوا ذكوراً وإناثاً.

(المرتبة الثانية) : صنفان أيضاً : أحدهما الأجداد والجدات وإن علوا كآبائهم وأجدادهم، وثانيهما الاخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.

(المرتبة الثالثة) : صنف واحد : وهم الأعمام والأخوال وإن علوا كأعمام الآباء والأمهات وأخوالهم، وأعمام الأجداد والجدات وأخوالهم وكذلك أولادهم وإن نزلوا كأولاد أولادهم وأولاد أولاد أولادهم وهكذا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً.

وأما السبب فهو قسمان: زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق، ثم ولاء ضمان الجريرة، ثم ولاء الإمامة.

(الفائدة الثانية) ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام :

(الأول) من يرث بالفرض لا غير دائماً وهو الزوجة فإن لها الربع مع عدم الولد والثمن معه ولا يرد عليها أبداً.

ص: 381

(الثاني) من يرث بالفرض دائماً وربما يرث معه بالرد كالأم فإن لها السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب. وربما يرد عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، وكالزوج فإنه يرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه ويرد عليه إذا لم يكن وارث إلا الإمام.

(الثالث) من يرث بالفرض تارة، وبالقرابة أخرى كالأب فإنه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فإنها ترث مع الإبن بالقرابة وبدونه بالفرض، والأخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنها ترث مع الأخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض وكالأخوة والأخوات من الأم فإنها ترث بالفرض إذا لم يكن جد للأم وبالقرابة معه.

(الرابع) من لا يرث إلا بالقرابة كالابن والأخوة للأبوين أو للأب والجد والأعمام والأخوال.(الخامس) من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق وضامن الجريرة والإمام.

(الفائدة الثالثة) الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد وهو ستة أنواع النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس وأربابها ثلاثة عشر (فالنصف) للبنت الواحدة والأخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل. (والربع) للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل، وللزوجة مع عدم الولد للزوج وإن نزل. فإن كانت واحدة اختصت به وإلا فهو لهن بالسوية (والثمن) للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل. فإن كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية (والثلثان) للبنتين فصاعداً مع دعم الابن المساوي وللأختين فصاعداً للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ. (والثلث) سهم الأم مع دعم الولد وإن نزل وعدم الإخوة على تفصيل يأتي، وللأخ والأخت من الأم مع التعدد (والسدس) لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل وللأم مع

ص: 382

الاخوة للأبوين أو للأب على تفصيل يأتي، وللأخ الواحد من الأم والأخت الواحدة منها.

(الفائدة الرابعة) الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض، وأخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض، وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، وأخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها فالأولى مثل أن يترك الميت أبوين وبنتين فإن سهم كل واحد من الأبوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة. والثانية مثل أن يترك الميت زوجاً وأبوين وبنتين فإن السهام في الفرض الربع والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة وهذه هي مسألة العول. ومذهب المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه، وعندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض، ففي إرث أهل المرتبة الأولى يدخل النقص على البنت أو البنات وفي إرث المرتبة الثانية كما إذا ترك زوجاً وأختاً من الأبوين وأختين من الأم فإن سهم الزوج النصف وسهم الأخت من الأبوين النصف وسهم الأختين من الأم الثلث ومجموعها زائد على الفريضة يدخل النقص على المتقرب بالأبوين كالأخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالأم، والثالثة ما إذا ترك بنتاً واحدة فإن لها النصف وتزيد الفريضة نصفاً وهذه هي مسألة التعصيب. ومذهب المخالفين فيها إعطاء النصف الزائد إلى العصبة وهم الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور وربما عمموها للأنثى على تفصيل عندهم، وأما عندنا فيرد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض، والنصف الآخر بالرد. وإذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض قُسِّم المال بينهم على تفصيل يأتي، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى

ص: 383

الفصل الثاني: موانع الإرث ثلاثة : الكفر، والقتل، والرق.

اشارة

(مسألة 1715) : لا يرث الكافر من المسلم وإن قرب ولا فرق في الكافر بين الأصلي ذمياً كان أو حربياً وبين المرتد فطرياً كان أو ملياً، ولا في المسلم بين المؤمن وغيره.

(مسألة 1716) : الكافر لا يمنع من يتقرب به فلو مات مسلم وله ولد كافر وللولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده. ولو مات المسلم وفقد الوارث المسلم كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1717) : المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم أو عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه ولم يرثه الكافر فإن لم يكن له وارث إلا الإمام كان ميراثه للكافر. هذا إذا كان الكافر أصلياً، أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور أن وارثه الإمام ولا يرثه الكافر، وكان بحكم المسلم، ولكن لا يبعد أن يكو المرتد كالكافر الأصلي ولا سيما إذا كان ملّياً.

(مسألة 1718) : لو أسلم الكافر قبل القسمة فإن كان مساوياً في المرتبة شارك وإن كان أولى انفرد بالميراث ولو أسلم بعد القسمة لم يرث وكذا لو أسلم مقارناً للقسمة ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلماً وكافراً. هذا إذا كان الوارث متعدداً. وأما إذا كان الوارث واحداً لم يرث. نعم لو كان الواحد هو الزوجة وأسلمت قبل القسمة بينها وبين الإمام ورثت وإلا لم ترث.

(مسألة 1719) : لو أسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه أقوال قيل يرث من الجميع وقيل لا يرث من الجميع، وقيل بالتفصيل، وأنه يرث مما لم يقسّم ولا يرث مما قسِّم وهو الأقرب.

ص: 384

(مسألة 1720) : المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب والآراء، والكافرون يتوارثون على ما بينهم وإن اختلفوا في الملل.

(مسألة 1721) : المراد من المسلم والكافر وارثاً وموروثاً وحاجباً ومحجوباً أعم من المسلم والكافر بالأصالة وبالتبعية كالطفل والمجنون. فكل طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من إرث الكافر ولا يرثه الكافر، بل يرثه الإمام إذا لم يكن له وارث مسلم. وكل طفل كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر، فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الإمام. نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الإسلام وجرى عليه حكم المسلمين

(مسألة 1722) : المرتد قسمان فطري وملي فالفطري من انعقدت نطفته وكان أحد أبويه مسلماً ثم كفر. وفي اعتبار إسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان أقربهما العدم. وحكمه أنه يقتل في الحال وتعتد امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة، ويقسم ميراثه بين ورثته ولا تسقط الأحكام المذكورة بالتوبة، نعم إذا تاب تقبل توبته باطناً على الأقوى بل ظاهراً أيضاً بالنسبة إلى غير الأحكام المذكورة فيحكم بطهارة بدنه وصحة تزويجه جديداًحتى بامرأته السابقة. وأما المرتد الملي وهو ما يقابل الفطري فحكمه أنه يستتاب فإن تاب فهو وإلا قتل وينفسخ نكاحه لزوجته فتبين منه إن كانت غير مدخول بها وتعتد عدة الطلاق من حين الارتداد إن كانت مدخولاً بها، ولا تقسم أمواله إلا بعد الموت بالقتل أو بغيره وإذا تاب ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة إشكال بل الأظهر عدم القتل. وأما المرأة المرتدة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلا بالموت، وينفسخ نكاحها فإن كانت مدخولاً بها اعتدت عدة الطلاق، وإلا بانت بمجرد الارتداد وتحبس ويضيق عليها وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب فإن تابت قبلت توبتها. ولا فرق بين أن تكون عن ملة أو عن فطرة.

ص: 385

(مسألة 1723) : يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ وكمال العقل والاختيار فلو أكره على الارتداد فارتد كان لغواً، وكذا إذا كان غافلاً أو ساهياً أو سبق لسانه أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك به نفسه ويخرج به عن الاختيار أو كان عن جهل بالمعنى.

(الثاني) من موانع الإرث القتل.

(مسألة 1724) : القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمداً ظلماً، أما إذا كان خطأ محضاً فلا يمنع كما إذا رمى طائراً فأصاب الموروث، وكذا إذا كان بحقٍ قصاصاً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله. أما إذا كان الخطأ شبيهاً بالعمد كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه غير قاصد قتله فقتل به. ففيه قولان أقواهما أنه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من الإرث وإن كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه على الجاني لا على العاقلة وهم الآباء والأبناء والاخوة من الأب وأولادهم والأعمام وأولادهم بخلاف الخطأ المحض فإن الدية فيه عليهم فإن عجزوا عنها أو عن بعضها تكون الدية أو النقص على الجاني فإن عجز فعلى الإمام والخيار في تعيين الدية من الأصناف الستة للجاني لا المجني عليه والمراد من الأصناف الستة مائة من الإبل، ومائتان من البقر، وألف شاة، وألف دينار وعشرة آلاف درهم، ومائتا حلة هذا للرجل، ودية المرأة نصف ذلك ولا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات وأن يكون بالتسبيب كما لو كتّفه وألقاه إلى السبع فافترسه، أو أمر صبياً غير مميز أو مجنوناً بقتل أحد فقتله.وأما إذا أمر به شخصاً عاقلاً مختاراً فامتثل أمره بإرادته واختياره فقتله فلا إشكال في أنه ارتكب حراماً ويحكم بحبسه إلى أن يموت إلا أنه لا يكون قاتلاً لا عمداً ولا خطأ. وإذا قتل اثنان شخصاً عمداً وكانا وارثين منعا جميعاً وكان لولي المقتول القصاص منهما جميعاً، ورد نصف الدية على كل واحد

ص: 386

منهما، وإذا قتل واحد اثنين منع من إرثهما وكان لولي كل منهما القصاص منه فإذا اقتص منه لأحدهما ثبتت للآخر الدية في مال الجاني.

(مسألة 1725) : القتل خطأ لا يمنع من إرث غير الدية كما مر. وفي منعه عن إرث الدية إشكال. نعم في خصوص الزوج والزوجة الظاهر أنهما لا يرثان من الدية.

(مسألة 1726) : القاتل لا يرث ولا يحجب من هو أبعد منه وإن تقرب به. فإذا قتل الولد أباه ولم يكن له ولد آخر وكان للقاتل عمداً ولد، كان ولده وارثاً لأبيه. فإن كان للمقتول أب أو أم كان الإرث له ولولد القاتل.

(مسألة 1727) : إذا انحصر الوارث في الطبقة الأولى بالولد القاتل انتقل إرث المقتول إلى الطبقة الثانية وهم أجداده واخوته ومع عدمهم فإلى الطبقة الثالثة وهم أعمامه وأخواله ولو لم يكن له وارث إلا الإمام كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1728) : إذا أسقطت الأم جنينها كانت عليها ديته لأبيه أو غيره من ورثته وهي عشرون ديناراً إذا كان نطفة، وأربعون إذا كان علقة، وستون إذا كان مضغة، وثمانون إذا كان عظاماً ومائة إذا تم خلقه ولم تلجه الروح فإن ولجته الروح كانت ديته دية الإنسان الحي. وإذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت ديته لأمه. وفي تحديد المراتب المذكورة خلاف والأظهر أنه أربعون يوماً نطفة، وأربعون علقة، وأربعون مضغة.

(مسألة 1729) : الدية في حكم مال المقتول، تقضى منها ديونه، وتخرج منها وصاياه، سواء أكان القتل خطأ أم كان عمداً أم أخذت الدية صلحاً، أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أونحوهما. ويرثها كل وارث سواء أكان ميراثه بالنسب أو السبب حتى الزوجين وإن كانا لا يرثان من القصاص شيئاً. نعم لا يرثها من يتقرب بالأم سواء الاخوة والأخوات وأولادهم وغيرهم كالأجداد للأم والأخوال.

ص: 387

(مسألة 1730) : إذا جرح أحدٌ شخصاً فمات، لكن المجروح أبرأ الجارح في حياته، لم تسقط الدية عمداً كان الجرح أو خطأ.

(مسألة 1731) : إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام رجع الأمر إليه ،وله المطالبة بالقصاص وله أخذ الدية مع التراضي. وإذا كان الوارث غير الإمام كان له العفو بلا مال. ولو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص ولم تثبت الدية إلا مع رضا الجاني.

(مسألة 1732) : لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل لم يجز لغيره الاستيفاء، وقيل يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن والأظهر الثاني.

(مسألة 1733) : إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن واللائط، فقتله قاتل بغير إذن الإمام قيل لم يثبت القصاص ولا الدية، بل ولا الكفارة وفيه إشكال نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض، أو قتل ساب النبي والأئمة عليهم السلام ونحو ذلك

(مسألة 1734) : إذا كان على المقتول عمداً ديون وليس له تركة توفى منها جاز للولي القصاص وليس للديان المنع عنه.

(مسألة 1735) : إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تعط الدية إلى الورثة بل صرفت في وجوه البر عنه وإذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها إشكال والأظهر الوجوب.

(الثالث من موانع الإرث) الرق

فانه مانع من الوارث والموروث، من غير فرق بين المتشبث بالحرية كأم الولد والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة فإذا مات المملوك كان ماله لسيده، وإذا مات الحر وكان له وارث حر وآخر مملوك كان

ص: 388

ميراثه للحر دون المملوك وإن كان أقرب من الحر، ولو كان الوارث ملوكاً وله ولد حر كان الميراث لولده دونه، وإذا لم يكن له وارث أصلاً كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1736) : إذا أعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة وانفرد بالميراث إذا كان أولى، ولو أعتق بعد القسمة أو مقارناً لها أو كان الوارث واحداً لم يرث. نعم إذا كان الوارث الزوجة والإمام فأعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر.

(مسألة 1737) : إذا انحصر الوارث بالمملوك، اشتري من التركة اتحد أو تعدد على إشكال في ضامن الجريرة إرثاً وحجباً والأحوط عتقه بعد الشراء، فإن زاد من المال شيء دفع إليه، وإذا امتنع مالكه عن بيعه قهر على بيعه، وإذا قصرت التركة عن قيمته لم يفك وكان الإرث للإمام.

(مسألة 1738) : لو كان الوارث المملوك متعدداً ووفت حصة بعضهم بقيمته دون الآخر فلا يبعد لزوم فك الأول، وإذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمته كان الوارث الإمام.

(مسألة 1739) : لو كان المملوك قد تحرر بعضه، ورث من نصيبه بقدر حريته، وإذا مات وكان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته. والباقي لمالكه ولا فرق بين ما جمعه بجزئه الحر وغيره.

الفصل الثالث: (في كيفية الإرث حسب مراتبه)

اشارة

(المرتبة الأولى) : الآباء والأبناء.

(مسألة 1740) : للأب المنفرد تمام المال وللأم المنفردة أيضاً تمام المال الثلث منه بالفرض والزائد عليه بالرد.

ص: 389

(مسألة 1741) : لو اجتمع الأبوان وليس للميت ولد ولا زوج أو زوجة كان للأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس معه على ما يأتي والباقي للأب، ولو كان معهما زوج كان له النصف، ولو كان معهما زوجة كان لها الربع وللأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس معه والباقي للأب.

(مسألة 1742) : للإبن المنفرد تمام المال وللبنت المنفردة أيضاً تمام المال النصف بالفرض والباقي يرد عليها، وللإبنين المنفردين فما زاد تمام المال يقسم بينهم بالسوية، وللبنتين المنفردتين فما زاد الثلثان ويقسم بينهن بالسوية والباقي يرد عليهن كذلك.

(مسألة 1743) : لو اجتمع الابن والبنت منفردين، أو الأبناء والبنات منفردين كان لهما أو لهم تمام المال للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1744) : إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس والباقي للإبن، وإذا اجتمعا مع الأبناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس والباقي يقسّم بين الأبناء بالسوية، وإذا كان مع الإبن الواحد أو الأبناء البنات قسّم الباقي بينهم جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد كان له السدس والباقي للإبن، وإذا اجتمع مع الأبناء الذكور كان له السدس والباقي يقسّم بين الأبناء بالسوية، ولو كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات كان لأحد الأبوين السدس والباقي يقسّم بين الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1745) : إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير كان لأحد الأبوين الربع بالتسمية والرد والثلاثة الأرباع للبنت كذلك، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس بالتسمية والرد والباقي للبنتين أو البنات بالتسمية والرد يقسم بينهن بالسوية، وإذا اجتمع الأبوان معاً مع البنت الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية والرد والباقي

ص: 390

للبنت كذلك، وإذا اجتمعا معاً مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس والباقي للبنتين فما زاد.

(مسألة 1746) : لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين ومعهما البنت الواحدة أو البنات كان للزوج الربع وللزوجة الثمن وللبنت الواحدة النصف وللبنات الثلثان ولأحد الأبوين السدس. فإن بقي شيء يرد عليه وعلى البنت أو البنات وإن كان نقص ورد النقص على البنات.

(مسألة 1747) : إذا اجتمع زوج مع الأبوين والبنت كان للزوج الربع وللأبوين السدسان وللبنت سدسان ونصف سدس ينتقص من سهمها وهو النصف نصف السدس. ولو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان ونصف فينتقص من سهمهما وهو الثلثان سدس ونصف سدس.

(مسألة 1748) : إذا اجتمعت زوجة مع الأبوين وبنتين كان للزوجة الثمن وللأبوين السدسان وللبنتين الباقي. وهو أقل من الثلثين اللذين هما سهم البنتين، وإذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص، بل يزيد ربع السدس فيرد على الأبوين والبنت خمسان منه للأبوين وثلاثة أخماس منه للبنت.

(مسألة 1749) : إذا خلف الميت مع الأبوين أخاً وأختين أو أربع أخوات أو أخوين حجبوا الأم عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين غير مماليك، ويكونوامنفصلين بالولادة لا حملاً ،ويكونوا من الأبوين أو من الأب ويكون الأب موجوداً. فإن فقد بعض هذه الشرائط فلا حجب وإذا اجتمعت هذه الشرائط فإن لم يكن مع الأبوين ولد ذكر أو أنثى كان للأم السدس خاصة والباقي للأب وإن كان معهما بنت فلكل من الأبوين السدس وللبنت النصف والمشهور أن الباقي يرد على الأب والبنت أرباعاً ولا يرد شيء منه على الأم ولكنه لا يخلو من إشكال ولا يبعد أن يرد الباقي على الجميع.

ص: 391

(مسألة 1750) : أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم ويأخذ كل فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلو كان للميت أولاد بنت وأولاد ابن كان لأولاد البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم كذلك ولا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد ولو أنثى، فإذا كان له بنت وابن ابن كان الميراث للبنت والأقرب من أولاد الأولاد يمنع الأبعد، فإذا كان للميت ولد ولد وولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد الولد ويشاركون الأبوين كآبائهم، لأن الآباء مع الأولاد صنفان ولا يمنع قرب الأبوين إلى الميت عن إرثهم، فإذا ترك أبوين وولد ابن كان لكل من الأبوين السدس ولولد الابن الباقي، وإذا ترك أبوين وأولاد بنت كان للأبوين السدسان ولأولاد البنت النصف ويرد السدس على الجميع على النسبة ثلاثة أخماس منه لأولاد البنت وخمسان للأبوين فينقسم مجموع التركة أخماساً، ثلاثة منها لأولاد البنت بالتسمية والرد، واثنان منها للأبوين بالتسمية والرد كما تقدم في صورة ما إذا ترك أبوين وبنتاً، وإذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة بالتسمية والرد، والربع الرابع لأحد الأبوين كما تقدم فيما إذا ترك أحد الأبوين وبنتاً، وهكذا الحكم في بقية الصور فيكون الرد على أولاد البنت كما يكون الرد على البنت، وإذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على أولاد البنت فإذا ترك زوجاً وأبوين وأولاد بنت كان للزوج الربع وللأبوين السدسان ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس فينقص من سهم البنت وهو نصف نصف سدس.

(مسألة 1751) : يحبى الولد الذكر الأكبر وجوباً مجاناً بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه لا غيرها وإذا تعدد الثوب أعطي الجميع ولا يترك الاحتياط عند تعدد غيره من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد على الواحد، وإذا كان على الميت دين مستغرق للتركة جاز للمحبو فكها بما يخصها من الدين، وإذا لم يكن مستغرقاً لها جاز له فكها بالنسبة، فإذا كان دينه عشرة

ص: 392

دراهم وكان مازاد على الحبوة من التركة يساوي ثمانية وقيمة الحبوة أربعة فكها المحبو بثلاثة دراهم وثلث درهم، وإذا كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم فكها المحبو بدرهمين وثلثي درهم وهكذا، وكذا الحكم في الكفن وغيره من مؤنة التجهيز التي تخرج من أصل التركة.

(مسألة 1752) : إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته وحرم المحبو منها، وإذا أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها ومن غيرها، وكذلكإذا أوصى بمائة دينار مثلاً فإنها تخرج من مجموع التركة بالنسبة إن كانت تساوي المائة ثلثها أو تنقص عنه، ولو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فكها من مجموع التركة.

(مسألة 1753) : لا فرق بين الكسوة الشتائية والصيفية ولا بين القطن والجلد وغيرهما، ولا بين الصغيرة والكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة وفي الجورب والحزام والنعل تردد أظهره الدخول، ولا يتوقف صدق الثياب ونحوها على اللبس بل يكفي إعدادها لذلك. نعم إذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته وأولاده وخدّامه لم تكن من الحبوة.

(مسألة 1754) : لا يدخل في الحبوة مثل الساعة وفي دخول مثل الدرع والطاس والمغفر ونحوها من معدات الحرب إشكال، بل الأظهر العدم والأحوط في مثل البندقية والخنجر ونحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة. نعم لا يبعد تبعية غمد السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما. وفي دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير إشكال، وإذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة ولو كان أعمى فالمصحف ليس منها. نعم لو طرأ ذلك اتفاقاً وكان قد أعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

ص: 393

(مسألة 1755) : إذا اختلف الذكر الأكبر وسائر الورثة في ثبوت الحبوة أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد روجعوا إلى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم.

(مسألة 1756) : إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها ولا يخلو من وجه قوي.

(مسألة 1757) : المراد بالأكبر الأسبق ولادة لا علوقاً وإذا اشتبه فالمرجع في تعيينه القرعة، والظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد ولا يشترط انفصاله بالولادة فضلاً عن اشتراط بلوغه حين الوفاة.

(مسألة 1758) : قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيهاً وفيه إشكال، بل الأظهر عدمه وقيل يشترط أن يخلف الميت مالا غيرها وفيه تأمل.

(مسألة 1759) : يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما إطعام الجد والجدة المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس وهل يختص بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده إشكال.

(المرتبة الثانية) الاخوة والأجداد.

(مسألة 1760) : لا ترث هذه المرتبة إلا إذا لم يكن للميت ولد وإن نزل ولا أحد الأبوين المتصلين.

(مسألة 1761) : إذا لم يكن للميت جد ولا جدة فللأخ المنفرد من الأبوين المال كله يرثه بالقرابة ومع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، وللأخت المنفردة من الأبوين المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم ونصفه الآخر رداً بالقرابة، وللأختين أو الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم والثلث الثالث رداً بالقرابة، وإذا ترك أخاً واحداً أو أكثر من الأبوين مع أخت واحدة أو

ص: 394

أكثر كذلك فلا فرض، بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1762) : للأخ المنفرد من الأم والأخت كذلك المال كله يرث السدس بالفرض والباقي رداً بالقرابة وللإثنين فصاعداً من الاخوة للأم ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً المال كله يرثون ثلثه بالفرض الباقي رداً بالقرابة ويقسم بينهم فرضاً وردّاً بالسوية.

(مسألة 1763) : لا يرث الأخ أو الأخت للأب مع وجود الأخ والأخت للأبوين. نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم فللأخ من الأب واحداً كان أو متعدداً تمام المال بالقرابة، وللأخت الواحدة النصف بالفرض والنصف الآخر بالقرابة وللأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض والباقي رداً بالقرابة، وإذا اجتمع الاخوة والأخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1764) : إذا اجتمع الاخوة بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأم فإن كان الذي من الأم واحداً كان له السدس ذكراً كان أو أنثى والباقي لمن كان من الأبوين، وإن كان الذي من الأم متعدداً كان له الثلث يقسّم بينهم بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً والباقي لمن كان من الأبوين واحداً كان أو متعدداً ومع اتفاقهم في الذكورة والأنوثة يقسم بالسوية ومع الاختلاف فيهما يقسّم للذكر مثل حظ الأنثيين. نعم في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثاً وكون الأخ من الأم واحداً كان ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين وبالقرابة السدس وإذا كان المتقرب بالأبوين أنثى واحدة كان لها النصف فرضاً وما زاد على سهم المتقرب بالأم وهو السدس أو الثلث رداً عليها ولا يرد على المتقرّب بالأم وإذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت.

ص: 395

(مسألة 1765) : إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين وكان له إخوة بعضهم من الأب فقط وبعضهم من الأم فقط فالحكم كما سبق في الإخوة من الأبوين من أنه إذا كان الأخ من الأم واحداً كان له السدس، وإذا كان متعدداً كان له الثلث يقسّم بينهم بالسوية. والباقي الزائد على السدس أو الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين مع اختلافهم في الذكورة والأنوثة، ومع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم بالسوية. وفي الصورة التي يكون المتقرب بالأب أنثى واحدة يكون أيضاً ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالأم بعضه بالفرض وبعضه بالردّ بالقرابة.

(مسألة 1766) : في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة سواء كانوا من الأبوين أم من الأب أم من الأم أم بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأب وبعضهم منالأم إذا كان للميت زوج كان له النصف وإذا كانت له زوجة كان لها الربع وللأخ من الأم مع الاتحاد السدس ومع التعدد الثلث والباقي للإخوة من الأبوين أو من الأب إذا كانوا ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً أما إذا كانوا إناثاً ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة كما إذا ترك زوجاً أو زوجة وأختين من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن سهم المتقرّب بالأم الثلث وسهم الأختين من الأبوين أو الأب الثلثان وذلك تمام الفريضة، ويزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة وكذا إذا ترك زوجاً وأختاً واحدة من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن نصف الزوج ونصف الأخت من الأبوين يستوفيان الفريضة ويزيد عليها سهم المتقرب بالأم ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة، ولا يدخل النقص على المتقرب بالأم ولا على الزوج أو الزوجة. وفي بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما إذا ترك زوجة وأختاً من الأبوين وأخاً وأختاً من الأبوين وأخاً أو أختاً من الأم فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف سدس فيرد على الأخت من الأبوين فيكون

ص: 396

لها نصف التركة ونصف سدسها وللزوجة الربع وللأخ أو الأخت من الأم السدس.

(مسألة 1767) : إذا لم يكن للميت أخ أو أخت وانحصر الوارث بالجد أو الجدة للأب أو للأم كان له المال كله. وإذا اجتمع الجد والجدة معاً فإن كانا لأب كان المال لهما يقسّم بينهما للذكر ضعف الأنثى، وإن كانا لأم فالمال أيضاً لهما لكن يقسم بينهما بالسوية، وإذا اجتمع الأجداد بعضهم للأم وبعضهم للأب كان للجد للأم الثلث وإن كان واحداً وللجد للأب الثلثان، ولا فرق فيما ذكرنا بين الجد الأدنى والأعلى. نعم إذا اجتمع الجد الأدنى والجد الأعلى كان الميراث للأدنى ولم يرث الأعلى شيئاً ولا فرق بين أن يكون الأدنى ممن يتقرب به الأعلى كما إذا ترك جدة وأبا جدته وغيره كما إذا ترك جداً وأبا جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى هذا مع المزاحمة، أما مع عدمها كما إذا ترك إخوة لأم وجداً قريباً لأب وجداً بعيداً لأم أو ترك إخوة لأب وجداً قريباً لأم وجداً بعيداً لأب فإن الجد البعيد في الصورتين يشارك الإخوة ولا يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.

(مسألة 1768) : إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه وللزوجة ربعه، ويعطى المتقرب بالأم الثلث والباقي من التركة للمتقرب بالأب.

(مسألة 1769) : إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجد وإن علا كالأخ، والجدة وإن علت كالأخت. فالجد وإن علا يقاسم الإخوة وكذلك الجدة. فإذا اجتمع الإخوة والأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الأجداد والإخوة كلهم للأب أو كلهم للأم أو مع الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب والإخوة للأم وإمّا أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الأجداد والإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأم أو يتعدد نوع أحدهما ويتحد

ص: 397

الآخر بأن يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب وبعضهم للأم والإخوة للأب لا غير، أو للأم لا غير أو يكون الإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأم والأجداد كلهم للأب لا غير، أو للأم لا غير، ثم إن كلاً منهما إما أن يكون واحداً ذكراً أو أنثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً فهنا صور :الأولى : أن يكون الجد واحداً ذكراً أو أنثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً من قبل الأم وكان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً من قبل الأم فيقتسمون المال بينهم بالسوية.

الثانية : أن يكون كل من الجد والأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب فيقتسمون المال بينهم أيضاً بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً، وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين.

الثالثة : أن يكون الجد للأب والأخ للأبوين والحكم فيها كذلك.

الرابعة : أن يكون الأجداد متفرقين بعضهم للأب وبعضهم للأم ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً والإخوة كذلك بعضهم للأب وبعضهم للأم ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً فللمتقرب بالأم من الإخوة والأجداد جميعاً الثلث يقتسمونه بالسوية وللمتقرب بالأب منهم جميعاً الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف بالذكورة والأنوثة وإلا فبالسوية.

الخامسة : أن يكون الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب والأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً للأم فيكون للأخ السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية، والباقي للجد واحداً كان أو متعدداً. ومع الاختلاف في الذكورة والأنوثة يقتسمونه بالتفاضل.

السادسة : أن ينعكس الفرض بأن يكون الجد بأقسامه المذكورة للأم والأخ للأب فيكون للجد الثلث وللأخ الثلثان، وإذا كانت مع الجد للأم أخت للأب فإن كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام، وإن كانت واحدة كان لها النصف

ص: 398

وللجد الثلث وفي السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح ،وإذا كان الأجداد متفرقين وكان معهم أخ أو أكثر لأب كان للجد للأم وإن كان أنثى واحدة الثلث ومع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، والثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا كان معهم أخ لأم كان للجد للأم مع الأخ للأم الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف بالذكورة والأنوثة، وللأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان الجد للأب لا غير والإخوة متفرقين فللإخوة للأم السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان متعدداً يقتسمونه بالسوية وللإخوة للأب مع الأجداد للأب الباقي. ولو كان الجد للأم لا غير والإخوة متفرقين كان للجد مع الإخوة للأم الثلث بالسوية وللأخ للأب الباقي.

(مسألة 1770) : أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئاً فلا يرث ابن الأخ للأبوين مع الأخ من الأب أو الأم، بل الميراث للأخ. هذا إذا زاحمه، أما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جداً لأم وابن أخ لأم مع أخ لأب فابن الأخ يرث مع الجد الثلث، والثلثان للأخ.

(مسألة 1771) : إذا فقد الميت الإخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث وفي مقاسمة الأجداد وكل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به. فلو خلف الميت أولاد أخ أو أخت لأم لا غير كان لهم سدس أبيهم أو أمهم بالفرض والباقي بالرد. ولو خلّف أولاد أخوين أو أختين أو أخ وأخت كان لأولاد كل واحد من الإخوة السدس بالفرضوسدسين بالرد. ولو خلف أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من أولاد واحد منهم حصة أبيه أو أمه. وهكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لأم. وإن اختلفوا بالذكورة والأنوثة والمشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ

ص: 399

الأنثيين إن كانوا أولاد أخ للأبوين أو للأب ولكنه لا يخلو من إشكال، ولا يبعد أن تكون القسمة بينهم أيضاً بالسوية والأحوط هو الرجوع إلى الصلح.

(مسألة 1772) : إذا خلف الميت أولاد أخ لأم وأولاد أخ للأبوين أو للأب كان لأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا ولأولاد الأخ للأبوين أو للأب الباقي وإن قلّوا.

(مسألة 1773) : إذا لم يكن للميت إخوة ولا أولادهم الصلبيون كان الميراث لأولاد الإخوة والأعلى طبقة منهم. وإن كان من الأب يمنع من إرث الطبقة النازلة وإن كانت من الأبوين.

(المرتبة الثالثة) : الأعمام والأخوال.

(مسألة 1774) : لا يرث الأعمام والأخوال مع وجود المرتبتين الأوليين وهم صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.

(مسألة 1775) : للعم المنفرد تمام المال وكذا للعمَّين فما زاد يقسم بينهم بالسوية، وكذا العمة والعمتان والعمات لأب كانوا أم لأم أم لهما.

(مسألة 1776) : إذا اجتمع الذكور والإناث كالعم والعمة والأعمام والعمات فالمشهور والمعروف أن القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا جميعاً للأبوين، أو للأب، لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، والأحوط الرجوع إلى الصلح، أما إذا كانوا جميعاً للأم ففيه قولان أقربهما القسمة بالسوية.

(مسألة 1777) : إذا اجتمع الأعمام والعمات وتفرقوا في جهة النسب بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم سقط المتقرب بالأب ولو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه والمشهور على أن المتقرب بالأم إن كان واحداً كان له السدس، وإن كان متعدداً كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية

ص: 400

والزائد على السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالأبوين واحداً كان أو أكثر يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولكن لا يبعد أن يكون الأعمام والعمات من طرف الأم كالأعمام والعمات من الأبوين ويقتسمون المال بينهم جميعاً بالسوية.

(مسألة 1778) : للخال المنفرد المال كله وكذا الخالان فما زاد يقسم بينهم بالسوية، وللخالة المنفردة المال كله وكذا الخالتان والخالات. وإذا اجتمع الذكور والإناث بأن كان للميت خال فما زاد وخالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية الذكر والأنثى سواء أكانوا للأبوين أم للأب أم للأم. أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم سقط المتقرب بالأب. ولو فقد المتقرب بالأبوين قام مقامه. والمشهور على أنه للمتقرب بالأم السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية والباقيللمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية أيضاً، ولكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالأم كالمتقرب بالأبوين وأنهم يقتسمون المال جميعاً بينهم بالسوية.

(مسألة 1779) : إذا اجتمع الأعمام والأخوال كان للأخوال الثلث وإن كان واحداً ذكراً أو أنثى ،والثلثان للأعمام وإن كان واحداً ذكراً أو أنثى، فإن تعدد الأخوال اقتسموا الثلث على ما تقدم، وإذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين كذلك.

(مسألة 1780) : أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون مقام آبائهم عند فقدهم فلا يرث ولد عم او عمه مع عم، ولا مع عمة ولا مع خال ولا مع خالة، ولا يرث ولد خال أو خالة مع خال، ولا مع خالة ولا مع عم ولا مع عمة، بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد العم لا يرث مع العم والعمة، ولكن يرث مع الخال والخالة، وإن ولد الخال لا يرث مع الخال أو الخالة

ص: 401

ولكن يرث مع العم أو العمة، بل الولد لا يرث مع وجود العم أو الخال ذكراً أو أنثى ويرث مع فقدهم جميعاً.

(مسألة 1781) : يرث كل واحد من أولاد العمومة والخؤولة نصيب من يتقرب به، فإذا اجتمع ولد عمة وولد خال أخذ ولد العمة وإن كان واحداً أنثى الثلثين، وولد الخال وإن كان ذكراً متعدداً الثلث، والقسمة بين أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو المتقدم في أولاد الإخوة في (المسألة رقم 1771).

(مسألة 1782) : قد عرفت أن العم والعمة والخال والخالة يمنعون أولادهم ويستثنى من ذلك صورة واحدة وهي ابن عم لأبوين مع عم لأب فإن ابن العم يمنع العم ويكون المال كله له، ولا يرث معه العم للأب أصلاً، ولو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم وكان الميراث للعم والخال والخالة، ولو تعدد العم أو ابن العم أو كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول إشكال.

(مسألة 1783) : الأقرب من العمومة والخؤولة يمنع الأبعد منهما فإذا كان للميت عم وعم أب، أو عم أم أو خال لأب أو أم كان الميراث لعم الميت ولا يرث معه عم أبيه، ولا خال أبيه ولا عم أمه ولا خال أمه. ولو لم يكن للميت عم أو خال، لكن كان له عم أب وعم جد أو خال جد كان الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله.

(مسألة 1784) : أولاد العم والخال مقدمون على عم أب الميت وخال أبيه، وعم أم الميت وخالها وكذلك من نزلوا من الأولاد وإن بعدوا فإنهم مقدمون على الدرجة الثانية من الأعمام والأخوال.

(مسألة 1785) : إذا اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته، وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان للمتقرب بالأم الثلث يقسم بينهم بالسوية وللمتقرب بالأب الثلثان. والمشهور أن ثلثهما لخال أبيه وخالته يقسم بينهما بالسوية والباقي

ص: 402

يقسم بين عم أبيه وعمته للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا يبعد أن المتقربين بالأب أيضاً يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال والعم.

(مسألة 1786) : إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام والأخوال كان للزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى من النصف أو الربع وللأخوال الثلث وللأعمام الباقي، وأما قسمة الثلث بين الأخوال وكذلك قسمة الباقي بين الأعمام فعلى ما تقدم.

(مسألة 1787) : إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط وكانوا متعددين أخذ نصيبه الأعلى من النصف والربع. والباقي يقسم بينهم على ما تقدم. وهكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام المتعددين.

(مسألة 1788) : إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما معاً سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لأم أم تعددا كما إذا تزوج أخو الشخص لأبيه بأخته لأمه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد الشخص عم وخال وولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب وولد خال لأم وإذا منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع كما إذا تزوج الأخوان زوجتين فولدتا لهما ثم مات أحدهما فتزوجها الآخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني، وأخ لأم فيرث بالأخوة لا بالعمومة.

ص: 403

فصل في الميراث بالسبب
اشارة

وهو اثنان : الزوجية والولاء فهنا مبحثان :

(الأول) : الزوجية.

(مسألة 1789) : يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها والربع مع الولد وإن نزل وترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له والثمن مع الولد وإن نزل.

(مسألة 1790) : إذا لم تترك الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلا الإمام فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الآخر يرد عليه على الأقوى. وإذا لم يترك الزوج وارثاً له ذا نسب أو سبب إلا الإمام فلزوجته الربع فرضاً وهل يرد عليها الباقي مطلقاً أو إذا كان الامام غائباً أو لا يرد عليها، بل يكون الباقي للإمام أقواها الأخير.

(مسألة

1791) : إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية مع الولد وفي الربع بالسوية مع عدم الولد.

(مسألة 1792) : يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في الانقطاع، كما تقدم ولا يشترط الدخول في التوارث فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجاً كان أم زوجة، والمطلقة رجعياً ترثه وتورث بخلاف البائن.

(مسألة 1793) : يصح طلاق المريض لزوجته ولكنه مكروه. فإذا طلقها في مرضه وماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها. ولا يرثها في غير ذلك. وأما إذا مات الزوج فهي ترثه سواء أكان الطلاق رجعياً أم كان بائناً إذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق، ولم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه ولم يكن الطلاق

ص: 404

بسؤالها ولم يكن خلعاً ولا مباراة ولم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة ولو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، وأما إذا كان الطلاق بسؤالها، أو كان الطلاق خلعاً أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال.

(مسألة 1794) : إذا طلق المريض زوجاته وكن أربعاً وتزوج أربعاً أخرى ودخل بهن ومات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.

(مسألة 1795) : إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج أخرى ثم مات واشتبهت المطلقة في الزوجات الأولى ففي الرواية - وعليها العمل - : أنه كان للتي تزوجها أخيراً ربع الثمن وتشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا إذا كان للميت ولد وإلاّ كان لها الربع وتشترك الأربعة الأولى في ثلاثة أرباعه، وهل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان أقواهما الثاني.

(مسألة 1796) : يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولاً وغيره أرضاً وغيرها، وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات والسفن والحيوانات، ولا ترث من الأرض لا عيناً ولا قيمة وترث مما ثبت فيها من بناء وأشجار وآلات وأخشاب ونحو ذلك، ولكن للوارث دفع القيمة إليها ويجب عليها القبول ولا فرق في الأرض بين الخالية والمشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.

(مسألة 1797) : كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتاً من غير أجرة ثم يقوّم على هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.

(مسألة 1798) : الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج، وليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.

ص: 405

(مسألة 1799) : إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان للزوجة المطالبة بأجرة البناء، وإذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عيناً. فلها المطالبة بها، وهكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع والثمرة وغيرهما من النماءات.

(مسألة 1800) : إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز إجبارها على أخذ القيمة فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول. نعم إذا كان البناء معرضاً للهدم والشجر معرضاً للكسر والقطع جاز إجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم ولم ينكسر ،وكذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، وهل يلحق بذلك الدولاب والمحالة والعريش الذي يكون عليه أغصان الكرم وجهان أقواهما ذلك. فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها وكذا بيوت القصب.

(مسألة 1801) : القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاتها وللوارث إجبارها على أخذ القيمة، وأما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه وليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته. ولو حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فمات ورثت منها الزوجة وعليها أخذ القيمة.

(مسألة 1802) : لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة والبناء فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة، ولا يجوز لها المطالبة بالقيمة. ولو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال وإن كان الأظهر العدم.

(مسألة 1803) : المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع.

(مسألة 1804) : قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض ودخل بزوجته ورثته، وإذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث.

ص: 406

(المبحث الثاني) : في الولاء، وأقسامه ثلاثة :
(الأول) : ولاء العتق.

(مسألة 1805) : يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة :

(الشرط الأول) : أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة والنذر، وإلا لم يثبت للمعتق الميراث، وكذا المكاتب إلا إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه. نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.

(مسألة 1806) : الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن أعتق عبده عن نذر بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فأعتق عبداً معيناً وفاءاً بنذره، وأن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فأعتقه وفاءاً بنذره.

(مسألة

1807) : لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.(الشرط الثاني) : أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها ولم يرثه، ولا يشترط في سقوط الضمان الإشهاد على الأقوى. وهل يكفي التبري بعد العتق أو لا بد من أن يكون حال عتق وجهان.

(الشرط الثالث) : أن لا يكون للعتيق قرابة، قريباً كان أو بعيداً فلو كان له قريب كان هو الوارث.

(مسألة 1808) : إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى والباقي للمعتق.

(مسألة 1809) : إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث ذكوراً كانوا أما إناثاً، أم ذكوراً وإناثاً. وإذا عدم المعتق فإن كان ذكراً انتقل الولاء إلى

ص: 407

ورثته الذكور كالأب والبنين دون النساء كالزوجة والأم والبنات، وإذا كان أنثى انتقل إلى عصبتها وهم أولاد أبيها دون أولادها ذكوراً وإناثاً. وفي عدم كون الأب نفسه من العصبة إشكال.

(مسألة 1810) : يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.

(مسألة 1811) : مع فقد الأب والأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للإخوة والأجداد من الأب دون الأخوات والجدات والأجداد من الأم. ومع فقدهم فللأعمام دون الأخوال والعمات والخالات، ومع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له. فإن عدم وكان ذكراً ورثه أولاده الذكور وأبوه وأقاربه من الأب دون الأم وإن كان أنثى ورثته العصبة.

(مسألة 1812) : لا يرث العتيق مولاه، بل إذا لم يكن له قريب ولا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1813) : لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع.

(مسألة 1814) : إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر، وولاؤه لمولى الأمة الذي أعتقها، فإذا أعتق أبوه انجر الولاء من معتق أمه إلى معتق أبيه، فإن فقد فإلى ورثته الذكور، فإن فقدوا فإلى عصبته، فإن فقدوا فإلى معتق معتق أبيه، ثم إلى ورثته الذكور، ثم إلى عصبته، ثم إلى معتق معتق معتق أبيه وهكذا، فإن فقد الموالي وعصباتهم فلمولى عصبة الأب، ثم إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي وعصباتهم ومواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن، فإلى الإمام عليه السلام ولا يرجع إلى مولى الأم ولو كان له زوج رد عليه ولم يرثه الإمام ولو كانت زوجة كان الزائد على نصيبها للإمام.

ص: 408

(مسألة 1815) : إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى أمه ولاء وإذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق أمه فولاؤه لمعتقه.

(مسألة 1816) : إذا فقد معتق الأم كان ولاء الولد لورثته الذكور ،فإذا فقدوا فلعصبة المعتق، ثم إلى معتقه ثم إلى ورثته الذكور.فإن فقدوا فلعصبته فإن فقدوا فلمعتقه، وهكذا فإن فقد الموالي وعصباتهم وموالي عصباتهم فإلى ضامن الجريرة، فإن فقد فإلى الإمام.

(مسألة 1817) : إذا مات المولى عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما اشترك الابن الحي وورثة الميت الذكور لأن الأقوى كون إرثهم من أجل إرث الولاء.

(الثاني) ولاء ضمان الجريرة.

(مسألة 1818) : يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن جريرته أي جنايته فيقول له مثلاً : عاقدتك على أن تعقل عني وترثني فيقول الآخر : قبلت. فإذا عقدا العقد المذكور صح وترتب عليه أثره وهو العقل والإرث ويجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث، فيترتب عليه الإرث. وأما الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته وترتب الإرث عليه إشكال، فضلاً عن ترتب العقل عليه بل الأظهر العدم فيهما. والمراد من العقل الدية، فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.

(مسألة 1819) : يجوز التولي المذكور بين الشخصين على أن يعقل أحدهما بعينه الآخر دون العكس. كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الآخر فيقول مثلاً : عاقدتك على أن تعقل عني وأعقل عنك، وترثني وأرثك فيقول الآخر : قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين والإرث كذلك.

ص: 409

(مسألة 1820) : لا يصح العقد المذكور إلا إذا كان المضمون لا وارث له من النسب ولا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي والمولى المعتق لهما معاً، وإن كان من أحد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح ولأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلا مع فقد القرابة من النسب والمولى المعتق.

(مسألة 1821) : إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولى معتق، ثم ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده وجهان.

(مسألة 1822) : إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلى وكان الباقي للضامن.

(مسألة 1823) : إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.

(الثالث) ولاء الإمامة.

(مسألة 1824) : إذا فقد الوارث المناسب، والمولى المعتق وضامن الجريرة كان الميراث للإمام، إلا إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف بالفرض ويرد الباقي عليه، وإذا كانت له زوجة كان لها الربع والباقي يكون للإمام كما تقدم.

(مسألة 1825) : إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء وكان علي (عليه السلام) يعطيه لفقراء بلده، وإن كان غائباً كان المرجع فيه الحاكم الشرعي وسبيله سبيل سهمه (عليه السلام) من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.

(مسألة 1826) : إذا أوصى من لا وارث له إلا الإمام بجميع ماله في الفقراء والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم وتدل عليه بعض الروايات أو لا كما هو ظاهر الأصحاب إشكال. ولا

ص: 410

يبعد الأول، ولو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية.

والله سبحانه العالم.

فصل في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود

(مسألة 1827) : ولد الملاعنة ترثه أمه ومن يتقرب بها من إخوة وإخوان والزوج والزوجة ،ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به وحده. فإن ترك أمه منفردة كان لها الثلث فرضاً والباقي يرد عليها على الأقوى وإن ترك مع الأم أولاداً كان لها السدس والباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا إذا كان الولد بنتاً فلها النصف ويرد الباقي أرباعاً عليها وعلى الأم، وإذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره، وتجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، ولا فرق بينه وبين غيره من الأموات إلا في عدم إرث الأب ومن يتقرب به وحده كالأعمام والأجداد وإخوة للأب، ولو ترك أخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعاً بالسوية وإن كانوا ذكوراً وإناثاً.

(مسألة 1828) : يرث ولد الملاعنة أمه وقرابتها ولا يرث أباه إلا أن يعترف به الأب بعد اللعان، ولا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به. وهل يرثهم إذا اعترف به الأب قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1829) : إذا تبرأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قيل كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وقيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث وهو الأقوى.

(مسألة 1830) : ولد الزانى لا يرثه أبوه الزاني ولا من يتقرب به ولا يرثهم هو، وفي عدم إرث أمه الزانية ومن يتقرب بها إشكال ويرثه ولده وزوجه

ص: 411

أو زوجته ويرثهم هو، وإذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثم الضامن ثم الإمام. وإذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى ولا يردّ على الزوجة إذا لم يكن له وارث إلا الإمام بل يكون له ما زاد على نصيبها. نعم يردّ على الزوج على ما سبق.

(مسألة 1831) : الحمل وإن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حياً، وإن لم يكن كاملاً. ولا بد من إثبات ذلك وإن كان بشهادة النساء ،وإذا مات بعد أن سقطحياً كان ميراثه لوارثه وإن لم يكن مستقر الحياة، وإذا سقط ميتاً لم يرث وإن علم أنه كان حياً حال كونه حملاً أو تحرك بعدما انفصل إذا لم تكن حركته حركة الحياة.

(مسألة 1832) : إذا خرج نصفه واستهل صائحاً، ثم مات فانفصل ميتاً لم يرث ولم يورث.

(مسألة 1833) : يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطاً ويعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فإن ولد حياً وكان ذكرين فهو. وإن كان ذكراً وأنثى أو ذكراً واحداً أو أنثيين أو أنثى واحدة قسّم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم. هذا إذا رضي الورثة بذلك وإلا يترك له سهم ذكر واحد ويقسّم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل وإمكان أخذه له ولو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حياً.

(مسألة 1834) : دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم.

(مسألة 1835) : المفقود خبره والمجهول حاله يتربص بماله وفي مدة التربص أقوال والأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه فيها، فإذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص، ولا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك، ولا

ص: 412

يرثه إذا مات بعد ذلك. والأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة إلى الفحص.

(مسألة 1836) : إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارثا إذا لم يكن وارث آخر، وإلا فيه إشكال كما تقدم في كتاب الإقرار.

فصل في ميراث الخنثى

(مسألة 1837) : الخنثى - وهو من له فرج الرجال وفرج النساء - إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به، وإلا رجع إلى الأمارات، فمنها : البول من أحدهما بعينه فإن كان يبول من فرج الرجال فهو رجل، وإن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة، وإن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيراً ولا يخلو من إشكال وعلى كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين أعطي نصف سهم رجل ونصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكراً وخنثى فرضتهما ذكرين تارة ثم ذكراً وأنثى، وضربت إحدى الفريضتين في الأخرى فالفريضة على الفرض الأول اثنان وعلى الفرض الثاني ثلاثة فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة. كان حاصل الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف وهو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر وخمسة للخنثى وإذا خلف ذكرين وخنثى فرضتها ذكراً فالفريضة ثلاثة لثلاثة ذكور وفرضتها أنثى فالفريضة خمسة، للذكرين أربعة، وللأنثى واحد، فإذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطى منها للخنثى ثمانية ولكل من الذكرين أحد عشر وإن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت أنثى كان سهمها أربعة من اثني عشر، ولو كانت ذكراً كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف الأربعة ونصف الستة وهو خمسة

وفي الفرض الثاني لو كانتذكراً كان سهمها عشرة ولو كانت أنثى سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة ونصف الستة.

ص: 413

(مسألة 1838) : من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معاً فهما واحد وإلا فإثنان والظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.

(مسألة 1839) : من جهل حاله ولم يعلم أنه ذكر أو أنثى لغرق ونحوه يورث بالقرعة، وكذا من ليس له فرج الرجال ولا فرج النساء يكتب على سهم (عبد الله) وعلى سهم آخر (أمة الله) ثم يقول المقرع : (اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بَيِّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب) ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة وتشوش السهام ثم يجال السهم على ما خرج، ويورث عليه. والظاهر أن الدعاء مستحب وإن كان ظاهر جماعة الوجوب.

فصل (في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)

(مسألة 1840) : يرث الغرقى بعضهم من بعض وكذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة :

(الأول) : أن يكون لهم أو لأحدهم مال.

(الثاني) : أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.

(الثالث) : أن يجهل المتقدم والمتأخر، فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما صاحبه من ماله الذي مات عنه، لا مما ورثه منه. فيفرض كل منهما حياً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا.

مثلاً إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدم والمتأخر وليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة، وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها، فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، ويدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج

ص: 414

إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما. أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض الموروث سابقاً في الموت ويورث الثالث الحي منه، ولا يفرض لاحقاً في الموت، مثلاً، إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث من زوجته الربع وإن لم يكن للزوجة ولد غير البنت ولا يرث النصف، وكذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لأمها التي غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان، وإذا غرق الأب وبنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن ولا يفرض موته بعد البنت.

وأما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه وارثه على هذا التقدير ،ولا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، وإذا كان الموتىثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم وحياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.

(مسألة 1841) : إذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل في معركة قتال، أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب.

(مسألة 1842) : إذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر، إلا على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب وولداه، فإن الولدين لا يتوارثان إلا مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1843) : المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين، كما إذا غرق أخوان

ص: 415

لأحدهما ولد دون الآخر وقيل لا يعتبر ذلك ويحكم بالإرث من أحد الطرفين وهو قوي.

فصل في ميراث المجوس

(مسألة 1844) : لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين. وهل يتوارثون بالنسب والسبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فأولدها قيل نعم. فإذا تزوج أخته فأولدها ومات ورثت أخته نصيب الزوجة وورث ولدها نصيب الولد وقيل لا، ففي المثال لا ترثه أخته الزوجة ولا ولدها، وقيل بالتفصيل بين النسب والسبب فيرثه في المثال المذكور الولد ولا ترثه الزوجة، والأقوال المذكورة كلها مشهورة وأقواها الأول للنص، ولولاه لكان الأخير هو الأقوى.

(مسألة 1845) : إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً كما إذا تزوج المجوسي أمه فمات، ورثته أمه نصيب الأم ونصيب الزوجة، وكذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه نصيب الزوجة ونصيب البنت. وإذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا تزوج أمه فأولدها فإن الولد أخوه من أمه فهو يرث من حيث كونه ولداً، ولا يرث من حيث كونه أخاً، وكما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له وابن بنته فيرث من السبب الأول ولا يرث من السبب الثاني.

(مسألة 1846) : المسلم لا يرث بالسبب الفاسد، ويرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الآخر.والله سبحانه العالم

ص: 416

خاتمة

مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف والثلاثة مخرج الثلث والثلثين، والأربعة مخرج الربع والستة مخرج السدس والثمانية مخرج الثمن.

(مسألة 1847) : لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً كالنصف والربع، فإن مخرج النصف وهو الاثنان يفني مخرج الربع وهو الأربعة، وكالنصف والثمن والثلث والسدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف والربع كانت الفريضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس كانت ستة، وإذا اجتمع النصف والثمن كانت ثمانية، وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً، ولكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرراً من كل منهما كالربع والسدس فإن مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستة. والأربعة لا تفني الستة، ولكن الاثنين يفني كلاً منهما وكسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر وتكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع والسدس ضربت نصف الأربعة في الستة، أو نصف الستة في الأربعة وكذا الحاصل هو عدد الفريضة وهو اثنا عشر. وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، وهو ثلاثة في الثمانية نصف مخرج الثمن وهو الأربعة في الستة.

وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن. ضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة.

ص: 417

ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية.

وإذا اجتمع الثلث والربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.

(مسألة 1848) : إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض، كما إذا ترك أربع زوجات وولداً، فإن الفريضة تكون من اثنين وثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.

وإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانية وأربعين.

وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم.الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ص: 418

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.